الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي

محمد بن أحمد الدسوقي

[مقدمة]

[مُقَدِّمَة] بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَمَّلَ ذَوِي الْأَحْلَامِ بِمَعْرِفَتِهِمْ عِلْمَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ. وَهَدَاهُمْ لِاسْتِخْرَاجِ دُرَرِ الْأَحْكَامِ فَاسْتَخْرَجُوهَا مِنْ بَحْرِهَا وَأَوْدَعُوهَا كَنْزَهَا بِدَقَائِق الْأَفْهَامِ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ أَتَى بِالْكَلَامِ الْحَسَنِ وَاخْتُصِرَ لَهُ الْكَلَامُ. وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْحَافِظِينَ لِشَرِيعَتِهِ مِنْ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ عَلَى مَمَرِّ السِّنِينَ وَالْأَيَّامِ. (وَبَعْدُ) فَيَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ عَرَفَةَ الدُّسُوقِيُّ الْمَالِكِيُّ هَذِهِ تَقْيِيدَاتٌ عَلَى شَرْحِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ مُفِيدِ الطَّالِبِينَ وَمُرَبِّي الْمُرِيدِينَ الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الدَّرْدِيرِ الْعَدَوِيِّ لِمُخْتَصَرِ الْعَلَّامَةِ أَبِي الضِّيَاءِ خَلِيلِ بْنِ إِسْحَاقَ الَّذِي أَلَّفَهُ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِ الْأَئِمَّةِ وَنَجْمِ السُّنَّةِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ اقْتَبَسَهَا مِنْ كُتُبِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ مُشِيرًا بِمَا صُورَتُهُ (بْن) لِلْعَالِمِ الْعَلَّامَةِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الْبُنَانِيِّ مُحَشِّي الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي وَبِمَا صُورَتُهُ (طفى) لِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مُصْطَفَى الرَّمَاصِيِّ مُحَشِّي التَّتَّائِيِّ وَبِمَا صُورَتُهُ (ح) لِلْعَلَّامَةِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الْحَطَّابِ. وَحَيْثُ قُلْت: شَيْخُنَا فَالْمُرَادُ بِهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الصَّعِيدِيُّ الْعَدَوِيُّ مُحَشِّي الْخَرَشِيِّ وَصَاحِبُ التَّآلِيفِ الشَّرِيفَةِ وَالتَّحْقِيقَاتِ الْمُنِيفَةِ وَحَيْثُ ذَكَرْتُ (عبق) فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَاقِي الزَّرْقَانِيُّ وَحَيْثُ ذَكَرْتُ (شب) فَالْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الشَّبْرَخِيتِيُّ وَحَيْثُ ذَكَرْت (خش) فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَلَّامَةُ عِيسَى مُحَمَّدٌ الْخَرَشِيُّ وَحَيْثُ ذَكَرْت (مج) فَالْمُرَادُ بِهِ مَجْمُوعُ خَاتِمَةِ الْمُحَقِّقِينَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْأَمِيرُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لِتَمَامِهَا وَالنَّفْعَ بِهَا كَالنَّفْعِ بِأَصْلِهَا وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) لَا بَأْسَ بِالتَّكَلُّمِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْفَنُّ الْمَشْرُوعُ فِيهِ الْمُؤَلَّفُ فِيهِ هَذَا الْكِتَابُ. فَنَقُولُ: إنَّ مَوْضُوعَ هَذَا الْفَنِّ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ؛ لِأَنَّهُ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْهَا مِنْ جِهَةِ مَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ وُجُوبٍ وَنَدْبٍ وَحُرْمَةٍ وَكَرَاهَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ فِعْلٌ مِنْ الْأَفْعَالِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنَّ حُكْمَ الْبَسْمَلَةِ الْأَصْلِيَّ النَّدْبُ؛ لِأَنَّهَا ذِكْرٌ مِنْ الْأَذْكَارِ وَالْأَصْلُ فِي الْأَذْكَارِ أَنْ تَكُونَ مَنْدُوبَةً وَيَتَأَكَّدُ النَّدْبُ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا فِي أَوَائِلِ ذَوَاتِ الْبَالِ وَلَوْ شِعْرًا كَمَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ح وَحَكَى الْخِلَافَ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَحَمَلَهُ عَلَى شِعْرِ غَيْرِ الْعِلْمِ وَالْوَعْظِ ثُمَّ قَدْ تَعْرِضُ لَهَا الْكَرَاهَةُ وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعِنْدَ الْأُمُورِ الْمَكْرُوهَةِ كَشَرَابِ الْخَلِيطَيْنِ وَتَحْرُمُ إذَا أَتَى بِهَا الْجُنُبُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ لَا عَلَى أَنَّهَا ذِكْرٌ بِقَصْدِ التَّحَصُّنِ وَكَذَا تَحْرُمُ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِالْحَرَامِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَقِيلَ بِكَرَاهَتِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ الْخَرَشِيِّ وَتَحْرُمُ فِي ابْتِدَاءِ بَرَاءَةٌ عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَقَالَ الرَّمْلِيُّ بِالْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا فِي أَثْنَائِهَا فَتُكْرَهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَتُنْدَبُ عِنْدَ الثَّانِي وَلَمْ أَرَ لِأَهْلِ مَذْهَبِنَا شَيْئًا فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا حَالَةُ وُجُوبٍ

الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضْل عُلَمَاء الشَّرِيعَة عَلَى مِنْ سِوَاهُمْ وَجَعَلَهُمْ مَلْجَأ لِعِبَادِهِ فِي الدَّارَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْبَسْمَلَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الذَّكَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْوَاجِبُ مُطْلَقُ ذِكْرِ اللَّهِ لَا خُصُوصُ الْبَسْمَلَةِ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَلَوْ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ رَابِعِ النَّحْرِ وَمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ لَا يَجِبُ أَنْ يُوفِيَ بِذَلِكَ النَّذْرِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ خُصُوصًا وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي الْفَرِيضَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُلَاحَظٍ بِالنَّذْرِ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَإِلَّا كَانَتْ وَاجِبَةً قَوْلًا وَاحِدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مُبَاحَةً؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهَا أَنَّهَا ذِكْرٌ، وَأَقَلَّ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ الْمُوهِمُ لِذَلِكَ وَقَوْلُ الشَّاطِبِيِّ (وَفِي الْإِجْزَاءِ خَيْرُ مَنْ تَلَا) الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ تَأَكُّدِ الطَّلَبِ وَنَفْيُ الْكَرَاهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَصْلَ النَّدْبِ ثَابِتٌ وَأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَهَا حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ، وَكَوْنُ الْإِنْسَانِ يَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا ثَوَابَ لَهُ بَعِيدٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: الَّذِي) نَعْتٌ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَوْصُولَ وَصِلَتَهُ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْتَقِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُفَضِّلِ لِعُلَمَاء الشَّرِيعَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْوَصْفِ الْمُشْتَقِّ لِلْمَوْصُولِ مَعَ أَنَّ الْمُشْتَقَّ أَخْصَرُ؛ لِأَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَأَسْمَائِهِ تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ إلَّا مَا وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ إطْلَاقُهُ وَلَمْ يَرِدْ إطْلَاقُ الْمُفَضِّلِ عَلَيْهِ فَلِذَا تُوُصِّلَ بِالْمَوْصُولِ لِوَصْفِهِ بِصِلَتِهِ. وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمَوْصُولَ وَصِلَتَهُ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْتَقِّ وَأَنَّ الْمَوْصُوفَ وَصِفَتَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْحَمْدَ الْوَاقِعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ نِعَمِهِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ لَا أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ (قَوْلُهُ: الشَّرِيعَةِ) الْمُرَادُ بِهَا الْأَحْكَامُ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ وَبَيَّنَهَا لَهُمْ بِمَعْنَى النِّسَبِ وَهِيَ كَمَا تُسَمَّى شَرِيعَةً بِاعْتِبَارِ تَشْرِيعِ الشَّارِعِ لَهَا تُسَمَّى أَيْضًا مِلَّةً بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تُمْلَى لِتُكْتَبَ وَتُسَمَّى أَيْضًا دِينًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُتَدَيَّنُ وَيُتَعَبَّدُ بِهَا وَالْمُرَادُ بِعُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ الْعُلَمَاءُ الْمُزَاوِلُونَ لَهَا تَقْرِيرًا وَاسْتِنْبَاطًا وَإِفَادَةً (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) أَيْ عَلَى مَنْ كَانَ مُغَايِرًا لَهُمْ: أَيْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ عُلَمَاءَ الشَّرِيعَةِ أَفْضَلَ وَأَشْرَفَ مِمَّنْ كَانَ مُغَايِرًا لَهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ سِوَى بِمَعْنَى غَيْرَ وَقَالَ غَيْرُهُ أَنَّهَا اسْمُ مَكَان وَفِي هَذَا بَرَاعَةُ اسْتِهْلَالٍ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ (قَوْلُهُ: فِي الدَّارَيْنِ) أَيْ

وَاجْتَبَاهُمْ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ الْأَعْظَمِ وَالرَّسُولِ الْأَكْرَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى سَائِرِ إخْوَانِهِ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَآلِ كُلٍّ وَالصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَعَلَى سَائِرِ أَئِمَّةِ الدِّينِ خُصُوصًا الْأَرْبَعَةَ الْمُجْتَهَدِينَ وَمُقَلِّدِيهِمْ إلَى يَوْمِ الدِّينِ (أَمَّا بَعْدُ) فَيَقُولُ أَفْقَرُ الْعِبَادِ إلَى مَوْلَاهُ الْقَدِيرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرْدِيرِ: هَذَا شَرْحٌ مُخْتَصَرٌ عَلَى الْمُخْتَصَرِ لِلْإِمَامِ الْجَلِيلِ الْعَلَّامَةِ أَبِي الضِّيَاءِ سَيِّدِي خَلِيلٍ اقْتَصَرْتُ فِيهِ عَلَى فَتْحِ مُغْلَقِهِ وَتَقْيِيدِ مُطْلَقِهِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَلْجَئُونَ لَهُمْ فِي الدَّارَيْنِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَمَّا لُجُوءُهُمْ إلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَبِالنَّظَرِ لِشَفَاعَتِهِمْ لَهُمْ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَالْمَنَازِلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ لِتَعْلِيمِهِمْ إيَّاهُمْ كَيْفِيَّةَ التَّمَنِّي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قَوْلُهُ: وَاجْتَبَاهُمْ) أَيْ وَاخْتَارَهُمْ فِي أَزَلِهِ لِذَلِكَ عَمَّنْ عَدَاهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: الْأَعْظَمِ) أَيْ مِنْ كُلِّ عَظِيمٍ (قَوْلُهُ: الْأَكْرَمِ) أَيْ مِنْ كُلِّ كَرِيمٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى سَائِرِ إلَخْ) أَيْ بَاقِي مِنْ السُّؤْرِ بِمَعْنَى الْبَقِيَّةِ أَوْ أَنَّ سَائِرَ بِمَعْنَى جَمِيعِ أَخْذًا لَهُ مِنْ سُورِ الْبَلَدِ الْمُحِيطِ بِجَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: وَآلِ كُلٍّ) أَيْ وَعَلَى آلِ كُلٍّ أَيْ أَتْبَاعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَيْ مِنْ الْمُرْسَلِينَ، وَقَوْلُهُ وَالْقَرَابَةِ أَيْ قَرَابَةِ الْأَنْبِيَاءِ أَيْ أَقَارِبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ وَالتَّابِعِينَ أَيْ لِلصَّحَابَةِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى سَائِرِ أَئِمَّةِ الدِّينِ أَيْ بَاقِيهِمْ فَهُوَ عَطْفٌ مُغَايِرٌ أَوْ جَمِيعِهِمْ فَيَكُونُ عَطْفَ عَامٍّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَائِرَ قِيلَ: إنَّهَا بِمَعْنَى بَاقٍ وَقِيلَ بِمَعْنَى جَمِيعٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ هُنَا (قَوْلُهُ: خُصُوصًا) مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفِ أَيْ أَخُصُّ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ بَعْدَ مَنْ تَقَدَّمَ الْأَرْبَعَةَ الْمُجْتَهِدِينَ خُصُوصًا (قَوْلُهُ: إلَى يَوْمِ الدِّينِ) أَيْ الْجَزَاءِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِيَوْمِ الْجَزَاءِ لِوُقُوعِ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ فِيهِ ثُمَّ إنَّ الْغَايَةَ إنْ جُعِلَتْ رَاجِعَةً لِلْمُقَلِّدِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ وَالْمَعْنَى وَمُقَلِّدِيهِمْ حَالَةَ كَوْنِهِمْ مُسْتَمِرِّينَ طَائِفَةً بَعْدَ طَائِفَةٍ إلَى قُرْبِ يَوْمِ الدِّينِ؛ لِأَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ إلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ الْكُفَّارِ وَإِنْ جُعِلَتْ رَاجِعَةً لِلصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ التَّأْبِيدِ أَيْ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ حَالَةَ كَوْنِهَا مُسْتَمِرَّةً إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ مِنْ ذِكْرِ الْغَايَةِ وَإِرَادَةِ التَّأْبِيدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْكُمْ أَسْوَدُ الْعَيْنِ كُنْتُمْ ... كِرَامًا وَأَنْتُمْ مَا أَقَامَ أَلَائِمُ (قَوْلُهُ: أَفْقَرُ الْعِبَادِ) أَيْ أَشَدُّ الْعِبَادِ افْتِقَارًا إلَى مَوْلَاهُ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ إذْ كُلُّ مَخْلُوقٍ مُفْتَقِرٌ إلَى خَالِقِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا فِي كُلِّ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ فَلَيْسَ أَحَدٌ أَشَدَّ افْتِقَارًا مِنْ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: شَرْحٌ مُخْتَصَرٌ) أَيْ مِنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي والشبرخيتي وَالتَّتَّائِيِّ وَمِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى الْخَرَشِيِّ، وَالْعُمْدَةُ فِي ذَلِكَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: عَلَى فَتْحِ مُغْلَقِهِ) أَيْ بَيَانِ تَرَاكِيبِهِ فَالْمُرَادُ مِنْ مُغْلَقِهِ تَرَاكِيبُهُ أَيْ عِبَارَاتُهُ الصَّعْبَةُ وَالْمُرَادُ بِفَتْحِهَا تَبْيِينُهَا وَتَوْضِيحُهَا عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ بِالِاسْتِعَارَةِ فَقَدْ شَبَّهَ صُعُوبَةَ التَّرَاكِيبِ بِغَلْقِ الْأَبْوَابِ بِجَامِعِ عُسْرِ التَّوَصُّلِ لِلْمَطْلُوبِ مَعَ كُلٍّ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ

بِحَيْثُ مَتَى اقْتَصَرْت عَلَى قَوْلٍ كَانَ هُوَ الرَّاجِحَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى وَإِنْ اعْتَمَدَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ خِلَافَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى أَسْتَعِينُ وَعَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ فَإِنَّهُ الْمَوْلَى الْكَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَنَّا بِهِ وَجَمَعَنَا مَعَهُ فِي دَارِ السَّلَامِ بِسَلَامٍ مَعَ مَزِيدِ الْإِنْعَامِ وَالْإِكْرَامِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ أُؤَلِّفُ لِأَنَّ الْأَوْلَى تَقْدِيرُ الْمُتَعَلِّقِ مِنْ مَادَّةِ مَا جُعِلَتْ الْبَسْمَلَةُ مَبْدَأً لَهُ وَالِابْتِدَاءُ بِهَا مَنْدُوبٌ كَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ الِابْتِدَاءُ قِسْمَانِ حَقِيقِيٌّ وَهُوَ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِشَيْءٍ وَإِضَافِيٌّ وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ أَوْ أَنَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ أَمَامَ الْمَقْصُودِ وَإِنْ كَانَ ذَا أَجْزَاءٍ (يَقُولُ) أَصْلُهُ يَقُولُ كَيَنْصُرُ فَخُفِّفَ بِنَقْلِ الضَّمَّةِ الثَّقِيلَةِ عَلَى الْوَاوِ إلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا (الْفَقِيرُ) فَعِيلٌ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ أَوْ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُشَبَّهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ التَّبَعِيَّةِ، وَالْفَتْحُ تَرْشِيحٌ مُسْتَعَارٌ لِلْبَيَانِ فَشَبَّهَ الْبَيَانَ بِالْفَتْحِ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ مَتَى اقْتَصَرْت) أَيْ حَالَةُ كَوْنِ ذَلِكَ الِاخْتِصَارِ مُلْتَبِسًا بِحَالَةٍ هِيَ أَنِّي مَتَى اقْتَصَرْت إلَخْ، وَمَتَى هُنَا شَرْطِيَّةٌ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ ظَرْفُ زَمَانٍ، وَقَدْ يُتَوَسَّعُ فِيهَا فَتُسْتَعْمَلُ لِلْمَكَانِ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْمَكَانُ أَيْ مَحَلُّ الرَّقْمِ أَيْ بِحَيْثُ إنِّي فِي أَيِّ مَكَان اقْتَصَرْتُ فِيهِ عَلَى قَوْلٍ كَانَ هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: وَبِاَللَّهِ تَعَالَى أَسْتَعِينُ) أَيْ وَأَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ عَلَى تَأْلِيفِ هَذَا الشَّرْحِ أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُ الْإِعَانَةَ عَلَى تَأْلِيفِهِ أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَخْلُقَ فِي قُدْرَةً عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ) أَيْ أُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّهَا إلَيْهِ وَقَوْلُهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ أَيْ الِاعْتِمَادُ (قَوْلُهُ: وَعَنَّا بِهِ) أَيْ وَرَضِيَ عَنَّا بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: فِي دَارِ السَّلَامِ) أَيْ دَارِ السَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ وَالْكَدُورَاتِ وَهِيَ الْجَنَّةُ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ بِسَلَامٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِنَا مُلْتَبِسِينَ بِالسَّلَامَةِ مِنْ أَهْوَالِ الْآخِرَةِ وَشَدَائِدِهَا مُصَاحِبِينَ لِمَزِيدِ الْإِنْعَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَقْدِيرِ الْمُتَعَلِّقِ خَاصًّا لَا عَامًّا كَأَبْتَدِئُ مَثَلًا، وَقَدَّرَ فِعْلًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ لِلْأَفْعَالِ وَمُؤَخَّرًا لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَالِاهْتِمَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوْلَى إلَخْ) إنَّمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْمُتَعَلِّقِ مِنْ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَلْيَقُ بِالْمَقَامِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَارِعٍ فِي شَيْءٍ يُضْمِرُ مَا جُعِلَتْ التَّسْمِيَةُ مَبْدَأً لَهُ وَأَوْفَى بِتَأْدِيَةِ الْمَرَامِ أَيْ الْمَطْلُوبِ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ حِينَئِذٍ عَلَى تَلَبُّسِ الْفِعْلِ كُلِّهِ بِالْبَسْمَلَةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ وَالِاسْتِعَانَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَادَّةِ مَا جُعِلَتْ إلَخْ) أَيْ مِنْ مَادَّةِ تَأْلِيفٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَقَوْلُهُ مَبْدَأً لَهُ أَيْ ابْتِدَاءً وَأَوَّلًا لَهُ (قَوْلُهُ: وَالِابْتِدَاءُ بِهَا) أَيْ فِي الْأُمُورِ ذَوَاتِ الْبَالِ وَلَوْ شِعْرًا (قَوْلُهُ: مَنْدُوبٌ) ، وَقَدْ تَعْرِضُ الْكَرَاهَةُ لِلِابْتِدَاءِ بِهَا كَابْتِدَاءِ الْمَكْرُوهَاتِ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَابْتِدَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَلَا يَكُونُ الِابْتِدَاءُ بِهَا وَاجِبًا إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يَكُونُ مُبَاحًا، وَقَدْ عَلِمْت حَاصِلَ مَا فِي الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: إذْ الِابْتِدَاءُ قِسْمَانِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ فُهِمَ مِنْ الْكَلَامِ تَقْدِيرُهُ إذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ بِكُلٍّ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْدُوبًا فَكَيْفَ يَتَأَتَّى الِابْتِدَاءُ بِالثَّلَاثَةِ فِي آنٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِوَاحِدٍ يُفَوِّتُ الِابْتِدَاءَ بِغَيْرِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَتَأَتَّى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ قِسْمَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِشَيْءٍ) أَيْ وَهُوَ ابْتِدَاءٌ لَمْ يُسْبَقْ مُتَعَلَّقُهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: بِالذَّاتِ) أَيْ فَيُجْعَلُ الِابْتِدَاءَ بِالْبَسْمَلَةِ حَقِيقِيًّا لِقُوَّةِ حَدِيثِهَا، وَيُجْعَلُ الِابْتِدَاءُ بِغَيْرِهَا كَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ إضَافِيًّا (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ) أَيْ الِابْتِدَاءَ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِابْتِدَاءِ بِكُلٍّ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ الِابْتِدَاءُ الْعُرْفِيُّ الَّذِي يُعْتَبَرُ مُمْتَدًّا لِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ فَيَكُونُ شَامِلًا لِلْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا يَكُونُ الِابْتِدَاءُ بِوَاحِدٍ مُفَوِّتًا لِلِابْتِدَاءِ بِغَيْرِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: بِنَقْلِ الضَّمَّةِ الثَّقِيلَةِ عَلَى الْوَاوِ) وَإِنَّمَا ثُقِّلَتْ تِلْكَ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ هُنَا

مِنْ الْفَقْرِ أَيْ الْحَاجَةِ أَيْ الدَّائِمِ الْحَاجَةِ أَوْ الْمُحْتَاجِ كَثِيرًا وَفِي نُسْخَةٍ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الْمَمْلُوكُ لِلَّهِ تَعَالَى لِكَوْنِهِ أَوْجَدَهُ مِنْ الْعَدَمِ (الْمُضْطَرُّ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الِاضْطِرَارِ أَيْ شِدَّةُ الِاحْتِيَاجِ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ وَهَذَا اللَّفْظُ مِمَّا يَتَّحِدُ فِيهِ اسْمُ الْفَاعِلِ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ لِزَوَالِ الْحَرَكَةِ الْفَارِقَةِ بَيْنَهُمَا بِالْإِدْغَامِ، وَأَصْلُهُ مُضْتَرَرٌ كَمُخْتَصَرٍ فَأُبْدِلَتْ التَّاءُ طَاءً لِوُقُوعِهَا بَعْدَ الضَّادِ وَأُدْغِمَتْ الرَّاءُ فِي الرَّاءِ (لِرَحْمَةِ رَبِّهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِكَوْنِهَا لَازِمَةً إذْ هِيَ حَرَكَةٌ بِنِيَّةٍ بِخِلَافِ هَذَا دَلْوٌ فَإِنَّ الضَّمَّةَ فِيهِ لَمْ تُسْتَثْقَلْ عَلَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّهَا حَرَكَةُ إعْرَابٍ عَارِضَةٌ بِعُرُوضِ عَامِلِ الرَّفْعِ وَتَزُولُ عِنْدَ عَدَمِهِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الضَّمَّةَ إنَّمَا تُسْتَثْقَلُ عَلَى الْوَاوِ إذَا تَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا لَا إذَا سُكِّنَ وَلِذَا أُعْرِبَ دَلْوٌ بِالْحَرَكَاتِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهَا إنَّمَا ظَهَرَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ فِي الِاسْمِ لِخِفَّتِهِ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فَهُوَ ثَقِيلٌ، وَالثَّقِيلُ لَا يَحْتَمِلُ مَا فِيهِ ثِقَلٌ فَلِذَلِكَ نُقِلَتْ الضَّمَّةُ لِأَجْلِ الثِّقَلِ وَإِنَّمَا كَانَ الْفِعْلُ ثَقِيلًا لِتَرَكُّبِ مَدْلُولِهِ مِنْ الْحَدَثِ وَالزَّمَانِ وَالنِّسْبَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَقْرِ) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَقْرِ وَقَوْلُهُ أَيْ الْحَاجَةِ هِيَ بِمَعْنَى الِاحْتِيَاجِ (قَوْلُهُ: أَيْ الدَّائِمِ الْحَاجَةِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُحْتَاجُ كَثِيرًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ، فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. وَقَوْلُهُ: كَثِيرًا أَيْ احْتِيَاجًا كَثِيرًا أَوْ زَمَنًا كَثِيرًا قِيلَ: وَالثَّانِي أَوْلَى؛ لِأَنَّ دَائِمَ الِاحْتِيَاجِ صَارَ مُتَمَرِّنًا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ شِدَّةُ تَأَلُّمٍ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ لِلَّهِ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَبْدِ هُنَا عَبْدُ الْإِيجَادِ لَا عَبْدُ الْعُبُودِيَّةِ إذًا لَا يَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى إذْ لَا يَصِحُّ لَهُ بَعْدَ وَصْفِهِ نَفْسَهُ أَوَّلًا بِالْعُبُودِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الصِّفَاتِ الْكَمَالِيَّةِ أَعْنِي غَايَةَ التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ أَنْ يَصِفَهَا ثَانِيًا بِقِلَّةِ التَّقْوَى لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّنَافِي وَلَا عَبْدُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ حُرٌّ لَا رِقٌّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ وَهُوَ الذُّلُّ وَالِانْكِسَارُ، وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ عَبْدِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ الَّذِي دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ» إذْ لَا يُسَوَّغُ لِأَحَدٍ أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِيمَنْ دَعَا عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ تَعِسَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ هَلَكَ وَقَوْلُهُ: وَإِذَا شِيكَ أَيْ أَصَابَتْهُ شَوْكَةٌ فِي جِسْمِهِ وَالِانْتِقَاشُ انْتِزَاعُهَا بِالْمِنْقَاشِ كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ: أَيْ شِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمُضْطَرُّ مَعْنَاهُ شَدِيدُ الِاحْتِيَاجِ الْمَجْهُودِ الَّذِي لَا يَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَلَا يَرَى لِإِغَاثَتِهِ إلَّا مَوْلَاهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صِفَةً مُشَبَّهَةً أَوْ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ لِعَدَمِ أَخْذِ الشِّدَّةِ فِي مَفْهُومِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَوْلُهُ: أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ أَيْ أَقَلُّ أَفْرَادًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا اللَّفْظُ) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ اسْمُ مَفْعُولٍ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهُ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا وَقَعَ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهَا بَعْدَ الضَّادِ) أَيْ الَّتِي هِيَ أَحَدُ حُرُوفِ الْإِطْبَاقِ الْأَرْبَعَةِ الصَّادِ وَالضَّادِ وَالطَّاءِ وَالظَّاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَاءَ الِافْتِعَالِ مَتَى وَقَعَتْ بَعْدَ حَرْفٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهَا تُقْلَبُ طَاءً نَحْوُ مُظْطَلِمٍ وَمُطَّلَبٍ وَمُصْطَبَرٍ وَمُضْطَرِبٍ لِتَعَسُّرِ النُّطْقِ بِالتَّاءِ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحْرُفِ، وَاخْتِيرَتْ الطَّاءُ لِقُرْبِهَا مَخْرَجًا مِنْ التَّاءِ (قَوْلُهُ: وَأُدْغِمَتْ الرَّاءُ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ إدْغَامُ الضَّادِ فِي الطَّاءِ لِزَوَالِ اسْتِطَالَةِ الضَّادِ بِالْإِدْغَامِ (قَوْلُهُ: لِرَحْمَةِ رَبِّهِ) تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ الْفَقِيرِ

أَيْ عَفْوِهِ وَإِنْعَامِهِ (الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ) يُقَالُ فُلَانٌ مُنْكَسِرُ الْخَاطِرِ أَيْ حَزِينٌ مِسْكِينٌ ذَلِيلٌ لِكَوْنِهِ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالْخَاطِرِ الْقَلْبُ وَحَقِيقَةُ الِانْكِسَارِ تَفَرُّقُ أَجْزَاءِ الْمُتَّصِلِ الصُّلْبِ الْيَابِسِ كَالْحَجَرِ وَالْعَصَا بِخِلَافِ اللَّيِّنِ فَإِنَّ تَفَرُّقَ أَجْزَائِهِ يُسَمَّى قَطْعًا كَاللَّحْمِ وَالثَّوْبِ فَإِطْلَاقُ الْخَاطِرِ وَهُوَ مَا يَخْطِرُ فِي الْقَلْبِ مِنْ الْوَارِدَاتِ عَلَى الْقَلْبِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ الْحَالِّ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ ثُمَّ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ صُلْبٍ كَحَجَرٍ تَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يُعْبَأُ بِهِ بِجَامِعِ الْإِهْمَالِ فِي كُلٍّ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَكْنِيَّةِ وَإِثْبَاتُ الِانْكِسَارِ تَخْيِيلِيَّةٌ ثُمَّ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ حَزِينًا مِسْكِينًا ذَلِيلًا لِكَوْنِهِ لَا يُعْبَأُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ اللَّهِ الصِّدِّيقِينَ (لِقِلَّةِ الْعَمَلِ) الصَّالِحِ (وَالتَّقْوَى) أَيْ امْتِثَالِ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَهَكَذَا شَأْنُ الْعَبِيدِ الصِّدِّيقِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ عَرَّفُوا أَنْفُسَهُمْ بِالذُّلِّ وَالْهَوَانِ وَلَمْ يُثْبِتُوا لَهَا عَمَلًا وَلَا تَقْوًى وَلَا فَضْلَ إحْسَانٍ فَعَرَفُوا رَبَّهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُضْطَرِّ وَأُعْمِلَ الثَّانِي إذْ لَوْ أُعْمِلَ الْأَوَّلُ لَوَجَبَ أَنْ يُضْمَرَ فِي الثَّانِي بِحَيْثُ يَقُولُ الْمُضْطَرُّ لَهَا لِرَحْمَةِ رَبِّهِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ عِلَّةٌ لِلْغِنَى لَا لِلْفَقْرِ؛ لِأَنَّ رَحْمَتَهُ صِفَةُ جَمَالٍ لَا يَصْدُرُ عَنْهَا الْفَقْرُ وَآثَرَ اللَّامَ عَلَى إلَى لِلِاخْتِصَارِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلتَّعَدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ وَالِاضْطِرَارَ يَتَعَدَّيَانِ بِإِلَى أَيْ غَايَةُ فَقْرِهِ وَاضْطِرَارِهِ إلَى أَنْ يَلُوذَ بِرَحْمَةِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَفْوِهِ وَإِنْعَامِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الرَّحْمَةَ صِفَةُ فِعْلٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا إرَادَةُ إنْعَامِهِ فَتَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ، وَالرَّبُّ مَعْنَاهُ الْمَالِكُ وَالسَّيِّدُ أَوْ بِمَعْنَى الْمُرَبِّي وَالْمُبَلِّغِ لَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا (قَوْلُهُ: خَاطِرُهُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ لِلْمُنْكَسِرِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْبَأُ بِهِ) أَيْ لَا يُعْتَنَى بِهِ (قَوْلُهُ: أَجْزَاءِ الْمُتَّصِلِ) أَيْ أَجْزَاءِ الشَّيْءِ الْمُتَّصِلِ وَقَوْلُهُ: الصُّلْبِ بِضَمِّ الصَّادِ (قَوْلُهُ: مِنْ إطْلَاقِ الْحَالِّ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ) أَيْ وَالْعَلَاقَةُ الْحَالِّيَّةُ بِنَاءً عَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّهَا وَصْفُ الْمُنْتَقَلِ مِنْهُ أَوْ الْمَحَلِّيَّةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا وَصْفُ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ أَوْ الْحَالِّيَّةُ وَالْمَحَلِّيَّةُ مَعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْعَلَاقَةِ وَصْفُ كُلٍّ مِنْ الْمُنْتَقَلِ مِنْهُ وَالْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَبَّهَهُ) أَيْ الْقَلْبَ بِشَيْءٍ صُلْبٍ إلَخْ فَلَفْظُ الْمُشَبَّهِ فِي هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكِنِيَّةِ لَيْسَ مَذْكُورًا بِلَفْظِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَهُوَ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل: 112] اهـ وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنَّهُ أَطْلَقَ الْخَاطِرَ عَلَى الْقَلْبِ مَجَازًا مُرْسَلًا لِعَلَاقَةِ الْحَالِّيَّةِ ثُمَّ شَبَّهَ حُزْنَ الْقَلْبِ بِالِانْكِسَارِ وَاسْتَعَارَ الِانْكِسَارَ لِلْحُزْنِ وَاشْتُقَّ مِنْ الِانْكِسَارِ مُنْكَسِرٌ بِمَعْنَى حَزِينٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى حَزِينُ الْقَلْبِ وَذَلِيلُهُ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ إلَخْ وَعَلَى هَذَا فَلَا كِنَايَةَ وَلَا شَيْءَ اهـ أَوْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ الْمُتَأَلِّمُ قَلْبُهُ فَأَطْلَقَ الْخَاطِرَ وَأَرَادَ مَحَلَّهُ وَهُوَ الْقَلْبُ وَأَطْلَقَ الِانْكِسَارَ الَّذِي هُوَ تَفَرُّقُ الْأَجْزَاءِ عَلَى مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ وَهُوَ التَّأَلُّمُ مَجَازًا مُرْسَلًا لِعَلَاقَةِ الْحَالِّيَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَالسَّبَبِيَّةِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ هُوَ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَعَلَ اللَّفْظَ بِتَمَامِهِ كِنَايَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: لِقِلَّةِ الْعَمَلِ) عِلَّةً لِانْكِسَارِ خَاطِرِهِ، وَإِنَّمَا قَدَّرَ الْوَصْفَ بِالصَّالِحِ لِأَجْلِ صِحَّةِ التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ الْقَلْبَ لَا يَتَأَلَّمُ إلَّا مِنْ قِلَّةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَالْحَذْفُ لِقَرِينَةٍ، وَعَطْفُ التَّقْوَى عَلَى الْعَمَلِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَكُونُ امْتِثَالًا، وَقَدْ لَا يَكُونُ امْتِثَالًا لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: عَرِّفُوا أَنْفُسَهُمْ) أَيْ أَنْ يُعَرِّفُوا أَنْفُسَهُمْ بِالذُّلِّ فَيَتَسَبَّبُ عَنْ ذَلِكَ مَعْرِفَتُهُمْ لِرَبِّهِمْ فَيَتَسَبَّبُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَهُ

فَكَانُوا فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَالْمُصَنِّفُ كَانَ مِنْ أَجَلِّهِمْ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ كَشَيْخِهِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ (خَلِيلُ) اسْمُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ لِلْفَقِيرِ الْمُضْطَرِّ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ (خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ) نَعْتٌ لِخَلِيلٍ أَوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ ابْنِ مُوسَى وَوَهَمَ مَنْ قَالَ ابْنِ يَعْقُوبَ (الْمَالِكِيُّ) نِسْبَةٌ لِمَالِكٍ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتَعَبَّدُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَيَبْحَثُ عَنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا إفَادَةً وَاسْتِفَادَةً وَهُوَ نَعْتٌ ثَانٍ لِخَلِيلٍ لَا لِإِسْحَاقَ لِأَنَّهُ كَانَ حَنَفِيًّا وَشَغَلَ وَلَدَهُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ لِمَحَبَّتِهِ فِي شَيْخِهِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَسَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَكَانَ إِسْحَاقُ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَمِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاقِبِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَنَصُّهُ وَكَانَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْأَخْيَارِ وَكَانَ قَدْ صَحِبَ جَمَاعَةً مِنْ الْأَخْيَارِ مِثْلَ سَيِّدِي الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَسَيِّدِي الشَّيْخِ الصَّالِحِ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ وَكَانَ سَيِّدِي الشَّيْخُ أَيْ الْمَنُوفِيُّ يَأْتِي إلَيْهِ يَزُورُهُ وَمِنْ مُكَاشَفَاتِ الْوَالِدِ أَنِّي قُلْت لَهُ يَوْمًا وَهُوَ ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ يَا وَالِدِي سَيِّدِي أَحْمَدُ بْنُ سَيِّدِي الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ ضَعِيفٌ عَلَى الْمَوْتِ فَقَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ لَا يُصِيبُهُ الْمَرَّةَ شَيْءٌ وَلَكِنَّ سَيِّدِي مُحَمَّدًا أَخُوهُ قَدْ مَاتَ فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُهُمْ كَمَا ذَكَرَ رَجَعُوا مِنْ دَفْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ جَاءَ أَحَدٌ أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَذَكَرَ حِكَايَةً أُخْرَى مِنْ مُكَاشَفَاتِهِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْتَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ وَالِدِهِ وَعَنْ أَشْيَاخِهِ آمِينَ تُوُفِّيَ الْمُصَنِّفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ نَفْسَهُ فِي مَبْدَإِ كِتَابِهِ لِيَكُونَ كِتَابُهُ أَدْعَى لِلْقَبُولِ إذْ التَّأْلِيفُ الْمَجْهُولُ مُؤَلِّفُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ غَالِبًا (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَالْحَمْدُ لُغَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَالَى وَفِيهِ إشَارَةٌ لِمَا وَرَدَ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ (قَوْلُهُ: فَكَانُوا إلَخْ) هَذَا إشَارَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [القمر: 54] {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55] وَهَذِهِ الْعِنْدِيَّةُ عِنْدِيَّةُ مَكَانَةٍ لَا عِنْدِيَّةُ مَكَان لِاسْتِحَالَتِهَا عَلَيْهِ تَعَالَى وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ بِحَيْثُ يَكُونُونَ مُقَرَّبِينَ مِنْهُ تَعَالَى قُرْبًا مَعْنَوِيًّا لَا حِسِّيًّا (قَوْلُهُ: خَلِيلُ) فَعِيلٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْخُلَّةِ بِالضَّمِّ وَهِيَ صَفَاءُ الْمَوَدَّةِ أَيْ الْمَحَبَّةُ الْخَالِصَةُ مِنْ مُشَارَكَةِ الْأَغْيَارِ فَهُوَ فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَهُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ هُوَ خَلِيلُ) وَعَلَى هَذَا فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَنْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْمُضْطَرُّ فَقِيلَ هُوَ خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ (قَوْلُهُ: نَعْتٌ لِخَلِيلٍ) أَيْ خَلِيلٍ الْمَنْسُوبِ لِإِسْحَاقَ بِالْبُنُوَّةِ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِالْمُشْتَقِّ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ ابْنَ جَامِدٌ فَكَيْفَ يَكُونُ نَعْتًا وَالنَّعْتُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا (قَوْلُهُ: أَوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفِ) أَيْ هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَعَلَى هَذَا فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَنْ خَلِيلٌ (قَوْلُهُ: ابْنِ مُوسَى) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَوَهِمَ مَنْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَغَلِطَ مَنْ أَبْدَلَ مُوسَى بِيَعْقُوبَ وَهُوَ ابْنُ غَازِيٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إِسْحَاقَ إنَّمَا كَانَ وَالِدُهُ يُسَمَّى مُوسَى لَا يَعْقُوبَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَانَ حَنَفِيًّا) أَيْ لِأَنَّ إِسْحَاقَ كَانَ حَنَفِيًّا (قَوْلُهُ: وَشَغَلَ وَلَدَهُ) أَيْ خَلِيلًا بِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَفِي شب وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَكَثَ فِي تَأْلِيفِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلَخَّصَهُ أَيْ بَيَّضَهُ فِي حَيَاتِهِ لِلنِّكَاحِ، وَبَاقِيهِ وُجِدَ فِي أَوْرَاقِ مُسَوَّدَةٍ فَجَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَفِي ح أَنَّ لَهُ شَرْحًا عَلَى بَعْضِهِ قَالَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ شَرَحَ أَلْفِيَّةَ ابْنِ مَالِكٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: مَكَثَ الْمُصَنِّفُ عِشْرِينَ سَنَةً بِمِصْرَ لَمْ يَرَ النِّيلَ لِاشْتِغَالِهِ بِمَا يَعْنِي وَكَانَ يَلْبَسُ لُبْسَ الْجُنْدِ الْمُتَقَشِّفِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ نَفْسَهُ) أَيْ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اسْمُهُ فِي مَبْدَإِ كِتَابِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ لِآخِرِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: مَقُولُ الْقَوْلِ) أَيْ فَمَحَلُّهُ نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَهَلْ كُلُّ جُمْلَةٍ مِنْ الْمَقُولِ لَهَا مَحَلٌّ عَلَى حِدَتِهَا أَوْ لَا بَلْ الْمَحَلُّ لِمَجْمُوعِهَا فَقَطْ فِيهِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَمْدُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ وَالثَّنَاءُ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ لُغَةً إمَّا حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَإِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ أَوْ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ إذْ الْأَصْلُ وَتَفْسِيرُ الْحَمْدِ حَالَةَ كَوْنِهِ لُغَةً أَيْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ أَوْ نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ وَالْحَمْدُ فِي اللُّغَةِ

الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ كَانَ نِعْمَةً أَوْ لَا وَاصْطِلَاحًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْحَامِدِ (حَمْدًا) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ أَحْمَدُهُ حَمْدًا لَا بِالْحَمْدِ الْمَذْكُورِ لِفَصْلِهِ عَنْهُ بِالْخَبَرِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْحَمْدِ أَيْ غَيْرُ مَعْمُولٍ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الثَّنَاءُ) هَذَا التَّعْرِيفُ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ الْحَمْدِ وَهُوَ الْحَمْدُ الْحَادِثُ إذْ الْحَمْدُ الْقَدِيمُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ بِلِسَانٍ لِاسْتِحَالَتِهِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَلَوْ قَالَ: الثَّنَاءُ بِالْكَلَامِ لَكَانَ شَامِلًا لِأَنْوَاعِ الْحَمْدِ الْأَرْبَعَةِ: حَمْدِ الْحَادِثِ لِلْحَادِثِ وَالْقَدِيمِ وَحَمْدِ الْقَدِيمِ لِلْقَدِيمِ وَلِلْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ صَادِقٌ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ (قَوْلُهُ: بِاللِّسَانِ) الْمُرَادُ بِهِ آلَةُ النُّطْقِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ نَطَقَتْ الْيَدُ بِالثَّنَاءِ عَلَى زَيْدٍ لِأَجْلِ جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ خَرْقًا لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيلٍ) أَيْ لِأَجْلِ جَمِيلٍ فَعَلَى لِلتَّعْلِيلِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِلْمَحْمُودِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَمِيلًا أَيْ فِي الْوَاقِعِ عِنْدَ الْمَحْمُودِ، وَلَوْ بِحَسَبِ اعْتِقَادِ الْحَامِدِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا وَإِلَّا كَانَ مَدْحًا وَلِذَا يُقَالُ: مَدَحْتُ اللُّؤْلُؤَةَ عَلَى صَفَاءِ لَوْنِهَا وَلَا يُقَالُ: حَمِدْتهَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَحْمُودِ بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا كَأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِصَبَاحَةِ الْوَجْهِ لِأَجْلِ إكْرَامِهِ إيَّاهُ وَلِذَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمَحْمُودَ بِهِ وَعَلَيْهِ تَارَةً يَخْتَلِفَانِ ذَاتًا وَاعْتِبَارًا كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَتَارَةً يَتَّحِدَانِ ذَاتًا وَيَخْتَلِفَانِ اعْتِبَارًا كَأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِالْكَرَمِ لِأَجْلِ كَرَمِهِ فَالْكَرَمُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُثْنًى بِهِ مَحْمُودٌ بِهِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَاعِثٌ عَلَى الْحَمْدِ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَضَمَّنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَرْكَانَ الْحَمْدِ الْخَمْسَةَ وَهِيَ الْحَامِدُ وَالْمَحْمُودُ وَالْمَحْمُودُ بِهِ وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةُ فَالثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ هُوَ الصِّيغَةُ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ مُثْنِيًّا وَهُوَ الْحَامِدُ وَمُثْنًى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَحْمُودُ وَمُثْنًى بِهِ وَهُوَ مَدْلُولُ الصِّيغَةِ الْمَحْمُودِ بِهَا وَقَوْلُهُ: عَلَى جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ إشَارَةٌ لِلْمَحْمُودِ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ تَقْسِيمُهُمْ الْحَمْدَ لِمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَحْمُودَ عَلَيْهِ لَيْسَ رُكْنًا لِتَحَقُّقِ الْحَمْدِ بِدُونِهِ كَمَا فِي الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مُرَادُهُمْ بِالْمُطْلَقِ مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُقَيَّدِ مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا كَانَ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ أَصْلًا فَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَحَقُّقِ الْحَمْدِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَاتَ اللَّهِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ فَالْحَمْدُ مُطْلَقٌ وَإِنْ كَانَ نِعْمَةً فَالْحَمْدُ مُقَيَّدٌ. إنْ قُلْت: إنَّ الذَّاتَ وَالصِّفَاتِ لَيْسَتْ اخْتِيَارِيَّةً، وَالْمَحْمُودُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا قُلْتُ مُرَادُهُمْ بِالِاخْتِيَارِيِّ مَا كَانَ غَيْرَ اضْطِرَارِيٍّ لَا مَا كَانَ حُصُولُهُ بِالِاخْتِيَارِ فَدَخَلَتْ الذَّاتُ وَالصِّفَاتُ فِي الِاخْتِيَارِيِّ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ 1 - (قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ) قِيلَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ عَلَى جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّنَاءُ لِأَجْلِ جَمِيلٍ اخْتِيَارِيٍّ فَلَا يَكُونُ إلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَتَى بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْجِنَانِ لِلِّسَانِ عَلَى الثَّنَاءِ، أَمَّا إذَا أَثْنَى بِلِسَانِهِ، وَقَلْبُهُ مُعْتَقِدٌ خِلَافَهُ فَلَا يَكُونُ حَمْدًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْجَمِيلُ أَيْ الِاخْتِيَارِيُّ نِعْمَةً كَالْعَطَايَا أَوْ لَا كَالْعِبَادَاتِ وَحُسْنِ الْخَطِّ مَثَلًا فَهُوَ تَعْمِيمٌ فِي الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِعْلٌ) أَيْ مِنْ الْحَامِدِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَالِاعْتِقَادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِعْلِ مَا قَابَلَ الِانْفِعَالَ فَيَشْمَلُ الْكَيْفَ كَالِاعْتِقَادَاتِ (قَوْلُهُ: يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ) أَيْ يَدُلُّ مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ عَلَى تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ الَّذِي هُوَ الْمَحْمُودُ فَدَخَلَ الِاعْتِقَادُ فَلَا يُقَالُ: الْإِنْبَاءُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الِاعْتِقَادِ إذْ لَا اطِّلَاعَ لِغَيْرِ الْحَامِدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْحَامِدِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ إنْعَامُهُ عَلَى غَيْرِ الْحَامِدِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مُنْعِمًا؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ التَّعْظِيمُ بِالْمُشْتَقِّ وَهُوَ الْمُنْعِمُ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ (قَوْلُهُ: مَنْصُوبٌ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ

كَذَا قِيلَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَصْدَرِيَّةِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً يَعْنِي أَنَّ عَمَلَ الْحَمْدِ فِي حَمْدًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَعَمَلُهُ فِي لِلَّهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ فَيَكُونُ الْخَبَرُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْحَمْدِ مِنْ جِهَةِ الْمَصْدَرِيَّةِ الَّتِي يَعْمَلُ بِهَا فِي حَمْدًا، وَالْفَصْلُ بِالْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ بِاعْتِبَارٍ يَمْنَعُ عَمَلَ الْمَصْدَرِ (يُوَافِي) أَيْ يُقَابِلُ (مَا تَزَايَدَ) أَيْ زَادَ (مِنْ النِّعَمِ) جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى إنْعَامٍ أَوْ مُنْعَمٍ بِهِ بَيَانٌ لِمَا (وَالشُّكْرُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَفْعُولٌ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ الْعَلَّامَةُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِ خُطْبَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ) أَيْ الْخَبَرَ وَهُوَ لِلَّهِ وَقَوْلُهُ: أَجْنَبِيٌّ أَيْ مِنْ الْحَمْدِ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْمَصْدَرِيَّةِ) أَيْ مَصْدَرِيَّةِ الْحَمْدِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ) أَيْ الْحَمْدِ مُبْتَدَأً أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ مَعْمُولٌ لِلْمُبْتَدَإِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَمْدَ لَهُ جِهَتَانِ جِهَةُ كَوْنِهِ مَصْدَرًا وَجِهَةُ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً وَهُوَ بِهَذِهِ الْجِهَةِ يُغَايِرُ نَفْسَهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، وَقَدْ عَمِلَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً فِي لِلَّهِ فَلَوْ عَمِلَ فِي حَمْدًا لَكَانَ بِالْجِهَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ جِهَةُ الْمَصْدَرِيَّةِ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ التَّغَايُرَ الِاعْتِبَارِيَّ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّغَايُرِ الذَّاتِيِّ مُنِعَ عَمَلُهُ فِي حَمْدًا لِوُجُودِ الْفَصْلِ بِالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ التَّغَايُرَ الِاعْتِبَارِيَّ لَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّغَايُرِ الذَّاتِيِّ صَحَّ عَمَلُهُ فِيهِ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ فَصْلٌ بِأَجْنَبِيٍّ حَقِيقَةً وَالْأَوَّلُ مَلْحَظُ النَّاصِرِ وَالثَّانِي مَلْحَظُ غَيْرِهِ وَهُوَ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: يُوَافِي مَا تَزَايَدَ إلَخْ) أَيْ يُقَابِلُ مَا تَزَايَدَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَيَأْتِي عَلَيْهَا وَلَمَّا كَانَتْ النِّعَمُ لَا تُحْصَى وَلَا تَتَنَاهَى لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَمْدَ لَا يُحْصَى وَلَا يُعَدُّ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتَنَاهَى لَا يُقَابِلُهُ إلَّا مِثْلُهُ إنْ قُلْتَ حَمْدُ الْمُصَنِّفِ جُزْئِيٌّ فَكَيْفَ لَا يَتَنَاهَى؟ قُلْتُ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَنَاهَى بِاعْتِبَارِ مُتَعَلَّقِهِ وَهُوَ الْمَحْمُودُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ الْكَمَالِيَّةِ وَهِيَ لَا تَتَنَاهَى أَوْ يُقَالُ جَعَلَهُ غَيْرَ مُتَنَاهٍ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ لَكِنْ تَخْيِيلًا لَا تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ: أَيْ زَادَ) هُوَ بِمَعْنَى كَثُرَ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُفَاعَلَةَ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّ الْحَمْدَ يَفِي بِالنِّعَمِ لَا الْعَكْسُ، وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ إلَى صِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ لِإِفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْوَفَاءِ بِسَبَبِ مَا فِي الصِّيغَةِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فَكَأَنَّ الْحَامِدَ يُرِيدُ أَنْ يَغْلِبَ النِّعَمَ وَيَزِيدَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إنْعَامٍ أَوْ مُنْعَمٍ بِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ النِّعَمَ جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَلَمَّا كَانَتْ النِّعْمَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْإِنْعَامِ الَّذِي هُوَ إيصَالُ الْمُنْعَمِ بِهِ لِلْمُنْعَمِ عَلَيْهِ وَهُوَ هُنَا فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الشَّيْءِ الْمُنْعَمِ بِهِ نَبَّهَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى إنْعَامٍ أَوْ مُنْعَمٍ بِهِ عَلَى جَوَازِ إرَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا أَنَّ إرَادَةَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ عَلَى الْإِنْعَامِ أَمْكَنُ مِنْ الْحَمْدِ عَلَى الْمُنْعَمِ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَمْدَ عَلَى الْإِنْعَامِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَأَمَّا عَلَى الْمُنْعَمِ بِهِ فَبِوَاسِطَةِ أَنَّهُ أَثَرُ الْإِنْعَامِ وَمَا كَانَ بِلَا وَاسِطَةٍ أَقْوَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُنْعَمَ بِهِ لَا يَكُونُ نِعْمَةً حَقِيقَةً إلَّا إذَا كَانَتْ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ كَذَا قَالَتْ الْأَشَاعِرَةُ فَمِنْ ثَمَّ لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ بَلْ مَا أَلَذَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا فَهُوَ اسْتِدْرَاجٌ لَهُ حَيْثُ يُلِذُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ إلَى الْمَوْتِ، وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: إنَّهَا نِعْمَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الشُّكْرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَلَاذَّ الْوَاصِلَةَ إلَيْهِمْ نِقَمٌ فِي صُورَةِ نِعَمٍ فَسَمَّاهَا الْأَشَاعِرَةُ نِقَمًا نَظَرًا لِحَقِيقَتِهَا وَالْمُعْتَزِلَةُ سَمَّتْهَا نِعَمًا

هُوَ لُغَةً الْحَمْدُ عُرْفًا، وَاصْطِلَاحًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ عَقْلٍ وَغَيْرِهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ (لَهُ) تَعَالَى (عَلَى مَا أَوْلَانَا) أَيْ أَعْطَانَا إيَّاهُ (مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ) بَيَانٌ (لِمَا) وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِمَا النِّعَمُ الْوَاصِلَةُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ إخْوَانِهِ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً إذْ الْكَرَمُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى إعْطَاءِ مَا يَنْبَغِي لَا لِغَرَضٍ وَلَا لِعِوَضٍ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الشَّيْءِ الْمُعْطَى مَجَازًا وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ حَمْدًا يُوَافِي إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ أَحْصَى الثَّنَاءَ عَلَيْهِ تَعَالَى تَفْصِيلًا دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (لَا أُحْصِي) أَيْ لَا أَعُدُّ (ثَنَاءً) هُوَ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ (عَلَيْهِ. هُوَ) تَعَالَى أَيْ لَا قُدْرَةَ لِي عَلَى عَدِّ ذَلِكَ تَفْصِيلًا لِأَنَّ نِعَمَهُ تَعَالَى لَا تُحْصَى ـــــــــــــــــــــــــــــQنَظَرًا لِصُورَتِهَا (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْحَمْدُ عُرْفًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالشُّكْرُ لُغَةً فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الشَّاكِرِ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ قَوْلًا بِاللِّسَانِ أَوْ اعْتِقَادًا بِالْجِنَانِ أَوْ عَمَلًا بِالْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: صَرْفُ الْعَبْدِ إلَخْ) الْمُرَاد بِصَرْفِ تِلْكَ النِّعَمِ فِيمَا خُلِقَتْ لِأَجْلِهِ أَنْ لَا يَصْرِفَهَا أَصْلًا فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِعْمَالَهَا دَائِمًا وَأَبَدًا فِيمَا خُلِقَتْ لِأَجْلِهِ وَإِلَّا لَخَرَجَ مِثْلُ الْأَنْبِيَاءِ إذْ كَانُوا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ يَشْتَغِلُونَ بِنَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ حَدِيثٍ مَعَ النَّاسِ مَعَ أَنَّهُمْ قَطْعًا شَاكِرُونَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ الْقُوَى الْخَمْسِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ وَالْأَعْضَاءِ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ: إيَّاهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ لِأَوْلَى، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ نَا فِي أَوْلَانَا (قَوْلُهُ: النِّعَمُ الْوَاصِلَةُ لَهُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ النِّعَمُ مِمَّا بِهِ كَمَالُ الذَّاتِ مِنْ ذُكُورَةٍ وَسَلَامَةِ أَعْضَاءٍ وَصِحَّةِ بَدَنٍ أَوْ كَانَتْ مِمَّا بِهِ كَمَالُ الصِّفَاتِ مِنْ الْإِيمَانِ وَتَوَابِعِهِ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالطَّاعَاتِ (قَوْلُهُ: إذْ الْكَرَمُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ بِهِمَا النِّعَمُ الْوَاصِلَةُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُوهِمُ) أَيْ يُوقِعُ فِي وَهْمِ السَّامِعِ وَفِي ذِهْنِهِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ أَحْصَى أَيْ ضَبَطَ وَعَدَّ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ تَفْصِيلًا أَيْ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى؛ لِأَنَّ نِعَمَهُ تَعَالَى لَا تُحْصَى فَلَا يَتَأَتَّى إحْصَاءُ الثَّنَاءِ عَلَيْهَا تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ: دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ لَا أُحْصِي إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا وَإِنْ أَشَرْت فِي حَمْدِي إلَى أَنَّهُ مُحْصًى مُتَنَاهٍ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّسَاهُلِ إذْ لَيْسَ فِي قُدْرَتِي أَنْ أَعُدَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَوْلَى مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا قُدْرَةَ لِي عَلَى عَدِّ ذَلِكَ تَفْصِيلًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى سَلْبِ الْعُمُوم أَيْ لَا أَقْدِرُ عَلَى عَدِّ الثَّنَاءَاتِ عَلَيْهِ تَفْصِيلًا، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ السَّلْبِ فَاللَّفْظُ لَمْ يُطَابِقْ الْمُرَادَ مِنْهُ بَلْ يُضَادُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَأْنَ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ

فَكَيْفَ يُحْصَى الثَّنَاءُ عَلَيْهَا تَفْصِيلًا (كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ كَثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّهُ فِي قُدْرَتِهِ تَعَالَى تَفْصِيلًا وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك» (وَنَسْأَلُهُ اللُّطْفَ) مِنْ لَطَفَ كَنَصَرَ مَعْنَاهُ الرِّفْقُ لَا مِنْ لَطُفَ كَكَرُمَ فَإِنَّ مَعْنَاهُ الدِّقَّةُ (وَالْإِعَانَةَ) أَيْ الْإِقْدَارَ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ وَالْمُلِمَّاتِ (فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ اللُّطْفِ وَالْإِعَانَةِ (وَ) فِي (حَالِ حُلُولِ) يَعْنِي مُكْثِ (الْإِنْسَانِ) يَعْنِي نَفْسَهُ وَيُحْتَمَلُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ أَوْلَى فَاللَّامُ لِلْجِنْسِ عَلَى هَذَا (فِي رَمْسِهِ) أَيْ قَبْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّفْيِ تُفِيدُ عُمُومَ السَّلْبِ أَيْ تَسَلُّطَ النَّفْيِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عَدُّ أَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَفْرَادِ الثَّنَاءِ فَضْلًا عَنْ ثَنَاءٍ وَاحِدٍ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اللَّفْظِ إنَّمَا هُوَ سَلْبُ الْعُمُومِ وَهُوَ تَسَلُّطُ النَّفْيِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَفْرَادِ أَيْ لَا أَعُدُّ كُلَّ ثَنَاءٍ عَلَيْك تَفْصِيلًا؛ لِأَنَّ الثَّنَاءَ عَلَيْك أَفْرَادُهُ لَا تَتَنَاهَى فَاللَّفْظُ لَا يُوَافِقُ الْمُرَادَ مِنْهُ بَلْ يُنَاقِضُهُ؛ لِأَنَّ سَلْبَ الْعُمُومِ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتًا جُزْئِيًّا وَعُمُومُ السَّلْبِ يَتَضَمَّنُ سَلْبًا كُلِّيًّا. (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يُحْصَى إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ أَنْ لَا يُمْكِنَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ تَأْكِيدًا لِلضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلَّهِ كَضَمِيرِ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ صِفَةٌ لِثَنَاءٍ أَيْ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ مِثْلَ ثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي عَدَمِ التَّنَاهِي، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مُبْتَدَأً وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى الثَّنَاءِ، فَإِنْ رَجَعَ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَوْلُهُ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ خَبَرُهُ وَالْكَافُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَمَا إمَّا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ وَالْمَصْدَرُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَالتَّقْدِيرُ: اللَّهُ الَّذِي أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ أَوْ اللَّهُ مُثْنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلثَّنَاءِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَمَا أَيْضًا أَيْ الثَّنَاءُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِثْلُ الثَّنَاءِ الَّذِي أَثْنَاهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مِثْلُ ثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَنَاهٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي قُدْرَتِهِ تَفْصِيلًا) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ أَيْ كَثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي عَدَمِ التَّنَاهِي، وَإِنْ كَانَ فِي قُدْرَتِهِ عَدُّ ذَلِكَ تَفْصِيلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ إلَخْ) يَجْرِي فِي الْحَدِيثِ مَا جَرَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِعْرَابِ مَا عَدَا الْوَجْهِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك) أَيْ كَثَنَائِك عَلَى نَفْسِك فِي عَدَمِ التَّنَاهِي، وَإِنْ كَانَ فِي قُدْرَتِك أَنْ تُحْصِيَهُ (قَوْلُهُ: وَنَسْأَلُهُ اللُّطْفَ إلَخْ) أَسْنَدَ الْمُصَنِّفُ الْفِعْلَ مِنْ لَا أُحْصِي إلَى ضَمِيرِ الْوَاحِدِ وَمِنْ وَنَسْأَلُهُ إلَى ضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِالْعَجْزِ، وَالشَّأْنُ أَنَّهُ إنَّمَا يُثْبِتُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ وَالثَّانِي دُعَاءٌ وَالْمَطْلُوبُ فِيهِ مُشَارَكَةُ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ كَذَا قِيلَ، وَالْحَقُّ أَنَّ ضَمِيرَ وَنَسْأَلُهُ لِلْمُصَنِّفِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَكَةَ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ إنَّمَا هِيَ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَطْلُوبِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ لَهُ عَامًّا لَا فِي الطَّلَبِ بِحَيْثُ يَكُونُ الدَّاعِي جَمَاعَةً وَفِي سُؤَالِهِ اللُّطْفَ رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ أَوْجَبُوهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا عَقْلِيًّا لَمْ يَسْأَلْهُ كَمَا لَا يُسْأَلُ الْمَوْتُ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ عَادِيٌّ ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي وَنَسْأَلُهُ لِلِاسْتِئْنَافِ إنْ جَعَلْتَ جُمْلَةَ الْحَمْدِ خَبَرِيَّةً وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا حِينَئِذٍ عَاطِفَةً لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلْتَ جُمْلَةَ الْحَمْدِ إنْشَائِيَّةً كَانَتْ الْوَاوُ عَاطِفَةً لِجُمْلَةٍ إنْشَائِيَّةٍ عَلَى مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: الدِّقَّةُ) أَيْ قِلَّةُ الْأَجْزَاءِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْإِعَانَةَ) هِيَ وَالْعَوْنُ وَالْمَعُونَةُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِقْدَارُ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ إلَخْ وَعَطْفُهَا عَلَى اللُّطْفِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ اللُّطْفِ (قَوْلُهُ: الْإِقْدَارَ) أَيْ خَلْقَ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُلِمَّاتِ) أَيْ الْأُمُورِ الشَّاقَّةِ النَّازِلَةِ بِالْعَبْدِ الَّتِي لَا تُلَائِمُهُ، مِنْ أَلَمَّ إذَا نَزَلَ جَمْعُ مُلِمَّةٍ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) جَمْعُ حَالٍ قَالَ النَّاصِرُ وَالْمُرَادُ بِالْأَحْوَالِ الْأَوْقَاتُ وَقَالَ ح: الْمُرَادُ بِالْأَحْوَالِ صِفَاتُ الشَّخْصِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمُتَّصِلَاتِ أَوْ مِنْ الْإِضَافِيَّاتِ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَّصِلَاتِ الصِّفَاتُ الَّتِي لَهَا قِيَامٌ بِالشَّخْصِ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهَا لَا بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ كَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِضَافِيَّاتِ الصِّفَاتُ الَّتِي لَا اسْتِقْرَارَ لَهَا فِي الشَّخْصِ بِذَاتِهَا بَلْ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ كَالِاسْتِقْرَارِ فِي الزَّمَانِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي نَفْسَهُ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ نَسْأَلُهُ لِلْمُصَنِّفِ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ وَغَيْرُهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى جَعْلِ ضَمِيرِ نَسْأَلُهُ لِلْمُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُهُ: الْإِنْسَانُ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَالْأَصْلُ وَحَالَ حُلُولِي أَوْ حُلُولِنَا (قَوْلُهُ: فِي رَمْسِهِ)

وَإِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْحَالَةَ مَعَ دُخُولِهَا فِيمَا قَبْلَهَا لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ لِلُّطْفِ وَالْإِعَانَةِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا. وَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هُوَ الْوَاسِطَةَ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ وَصَلَتْ إلَيْنَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سِيَّمَا عِلْمُ الشَّرَائِعِ وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَثْنَى عَلَى مَوْلَى النِّعَمِ فَقَالَ (وَالصَّلَاةُ) هِيَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى النِّعْمَةُ الْمَقْرُونَةُ بِالتَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الرَّحْمَةِ وَلِذَا لَا تُطْلَبُ لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ إلَّا تَبَعًا، وَمِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ بِاسْتِغْفَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَالسَّلَامُ) أَيْ التَّحِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْلَمْ أَنَّ الرَّمْسَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ رَمَسَتْ الرِّيحُ الْأَرْضَ بِالتُّرَابِ إذَا سَتَرَتْهُ بِهِ فَهُوَ سَتْرُ الْأَرْضِ بِالتُّرَابِ ثُمَّ نُقِلَ لِتُرَابِ الْقَبْرِ ثُمَّ لِلْقَبْرِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ رَمْسًا؛ لِأَنَّهُ يُرْمَسُ فِيهِ الْمَيِّتُ أَيْ يُغَيَّبُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ وَمَا النُّكْتَةُ هُنَا (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ لِلُّطْفِ وَالْإِعَانَةِ فِيهَا) أَيْ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الْإِنْسَانِ لِلرِّفْقِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُلِمَّاتِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَالَةِ حُلُولِهِ فِي قَبْرِهِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْوَاسِطَةَ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ وَصَلَتْ إلَيْنَا مِنْ اللَّهِ) أَيْ حَتَّى الْهِدَايَةِ لِلْإِسْلَامِ أَيْ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ النِّعَمِ فَهِيَ إنَّمَا حَصَلَتْ لَنَا بِبَرَكَتِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا سِيَّمَا عِلْمَ الشَّرَائِعِ) أَيْ خُصُوصًا عِلْمَ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّ وُصُولَهُ إلَيْنَا مِنْ اللَّهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى يَدَيْهِ وَبِوَاسِطَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَأَصْلُ سِيَّ سِيْوَ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَسِيُّ الشَّيْءِ مِثْلُهُ فَمَعْنَى لَا سِيَّمَا زَيْدٌ لَا مِثْلَ زَيْدٍ فَإِذَا قِيلَ أُحِبُّ الْعُلَمَاءَ لَا سِيَّمَا زَيْدٌ فَمَعْنَاهُ لَا مِثْلَ زَيْدٍ بَلْ مَحَبَّةُ زَيْدٍ أَكْثَرُ مِنْ مَحَبَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلَزِمَتْهَا لَا النَّافِيَةُ وَالْوَاوُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهَا فَاسْتِعْمَالُهَا بِدُونِ لَا أَوْ بِدُونِ وَاوٍ قَلِيلٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا بَعْدَهَا إنْ كَانَ مَعْرِفَةً كَمَا هُنَا جَازَ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ هُوَ صَدْرُ الصِّلَةِ وَفَتْحَةُ سِيَّ فَتْحَةُ إعْرَابٍ لِإِضَافَتِهَا لِمَا الْمَوْصُولَةِ، وَجَازَ فِيهِ الْجَرُّ عَلَى أَنَّ مَا زَائِدَةٌ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَجَازَ فِيهِ النَّصْبُ عَلَى أَنَّ مَا بِمَعْنَى شَيْءٌ وَالْمَعْرِفَةُ مَفْعُولٌ لِمَحْذُوفٍ لَا تَمْيِيزَ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ فَمَنَعَ النَّصْبَ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَاجِبُ التَّنْكِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَهَا نَكِرَةٌ كَمَا فِي وَلَا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جَلْجَلَ جَازَ فِي النَّكِرَةِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ لَكِنَّ النَّصْبَ عَلَى التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ تَأَكَّدَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا تَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَيَبْعُدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَّرَهَا لِزَمَنِ التَّأْلِيفِ وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ تَجِبُ فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ يَعْقُبُهُ سَلَامٌ وَقَالَ قَوْمٌ: إنَّهَا تَجِبُ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَبِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَلِيمِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ بَطَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّبْجِيلِ) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ الصَّلَاةُ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الرَّحْمَةِ أَيْ أَقَلُّ إفْرَادًا مِنْهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَقْرُونَةً بِتَعْظِيمٍ أَوْ لَا، وَعَلَى هَذَا فَعَطْفُ الرَّحْمَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهَا أَخَصَّ (قَوْلُهُ: لَا تُطْلَبُ) أَيْ مِنْ اللَّهِ (قَوْلُهُ: إلَّا تَبَعًا) أَيْ لِطَلَبِهَا لِلْمَعْصُومِ وَطَلَبِهَا لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ اسْتِقْلَالًا قِيلَ حَرَامٌ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ إنْسًا أَوْ جِنًّا أَوْ مَلَكًا (قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ: بِاسْتِغْفَارٍ أَيْ كَانَ الدُّعَاءُ بِاسْتِغْفَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ التَّحِيَّةُ)

أَوْ الْأَمَانُ (عَلَى مُحَمَّدٍ) عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ أَيْ الْمُكَرَّرِ الْعَيْنُ سُمِّيَ بِهِ نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْخِصَالِ فَيَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ ذَلِكَ الرَّجَاءَ (سَيِّدِ) يُطْلَقُ عَلَى الشَّرِيفِ الْكَامِلِ وَعَلَى التَّقِيِّ الْفَاضِلِ وَعَلَى ذِي الرَّأْيِ الشَّامِلِ وَعَلَى الْحَلِيمِ الْكَرِيمِ وَعَلَى الْفَقِيهِ الْعَالِمِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اشْتَمَلَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ (الْعَرَبِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ ضَمٍّ فَسُكُونٍ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً (وَالْعَجَمِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مِنْ اللَّهِ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْجَنَّةِ بِتَحِيَّةٍ لَائِقَةٍ بِهِ كَمَا يُحَيِّي بَعْضُنَا بَعْضًا بِقَوْلِنَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَمَانُ) أَيْ مِنْ الْمَخَاوِفِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بَشَرًا يَلْحَقُهُ الْخَوْفُ مِنْ اللَّهِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ النَّاسِ خَوْفًا؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ وَلِذَا قَالَ: أَنَا أَخْوَفُكُمْ مِنْ اللَّهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مُحَمَّدٍ) خَبَرٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَيْ كَائِنَانِ عَلَى مُحَمَّدٍ أَيْ لَهُ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى فَقَدْ طَلَبَ الْمُصَنِّفُ مِنْ اللَّهِ صَلَاتَهُ أَيْ نِعْمَتَهُ الْمَقْرُونَةَ بِالتَّعْظِيمِ وَسَلَامَهُ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ: عَلَمٌ) أَيْ شَخْصِيٌّ عَلَى الذَّاتِ الشَّرِيفَةِ (قَوْلُهُ: مَنْقُولٌ) أَيْ لَا مُرْتَجَلٌ ثُمَّ إنَّ نَقْلَ الْأَعْلَامِ تَارَةً يَكُونُ مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ كَحَارِثٍ وَحَامِدٍ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ الْمَصْدَرِ كَزَيْدٍ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ زَادَ الْمَالُ يَزِيدُ زَيْدًا وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ كَحَسَنٍ وَسَعِيدٍ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ اسْمِ الْجِنْسِ كَأَسَدٍ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ الْفِعْلِ كَيَزِيدَ وَيَشْكُرَ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ كَمُحَمَّدٍ وَلِذَا قَالَ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ لَا مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَلَا مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: الْمُضَعَّفِ) صِفَةٌ لِمَحْذُوفِ أَيْ الْفِعْلُ الْمُضَعَّفُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُكَرَّرُ الْعَيْنُ) أَيْ وَهُوَ حَمَّدَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَقَوْلُهُ: أَيْ الْمُكَرَّرُ إلَخْ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُضَعَّفِ مَا كَانَتْ لَامُهُ وَعَيْنُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَسَّ وَظَلَّ لِعَدَمِ صِحَّةِ إرَادَةِ ذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْعَلَمِ الْمَنْقُولِ نَبِيُّنَا إلَخْ وَاَلَّذِي سَمَّاهُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ رَجَاءِ ذَلِكَ وَالْمُتَرَجِّي لِذَلِكَ هُوَ جَدُّهُ الْمُسَمِّي لَهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ ذَلِكَ) أَيْ الْأَمْرَ الْمَرْجُوَّ لِجَدِّهِ (قَوْلُهُ: الْكَامِلِ) أَيْ فِي الشَّرَفِ (قَوْلُهُ: الشَّامِلِ) أَيْ لِكُلِّ الْأُمُورِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى التَّقِيِّ) أَيْ الْمُمْتَثِلِ لِلْأَوَامِرِ وَالْمُجْتَنِبِ لِلنَّوَاهِي وَقَوْلُهُ: الْفَاضِلِ أَيْ الَّذِي عِنْدَهُ فَضِيلَةٌ بِعِلْمٍ أَوْ طَاعَةٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحَلِيمِ) أَيْ الَّذِي عِنْدَهُ صَفْحٌ عَنْ الزَّلَّاتِ وَقَوْلُهُ: الْكَرِيمُ أَيْ الَّذِي عِنْدَهُ كَرَمٌ وَسَخَاوَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْفَقِيهِ الْعَالِمِ) الْفَقِيهِ مَنْ عِنْدَهُ دِرَايَةٌ بِالْفِقْهِ وَالْعَالِمُ مَنْ عِنْدَهُ دِرَايَةٌ بِالْعِلْمِ سَوَاءٌ كَانَ فِقْهًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْعُلُومِ فَالْوَصْفُ بِالْعَالِمِ أَبْلَغُ مِنْ الْوَصْفِ بِالْفَقِيهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي، وَالْمُرَادُ أَنَّ السَّيِّدَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ دِرَايَةٌ فِي الْفِقْهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا سُكَّانَ بَادِيَةٍ أَوْ حَاضِرَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْأَعْرَابُ فَهُمْ سُكَّانُ الْبَادِيَةِ بِقَيْدِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَكَلَّمُوا بِالْعَجَمِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ فَبَيْنَ الْعَرَبِ وَالْأَعْرَابِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي سُكَّانِ الْبَادِيَةِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً، وَانْفِرَادُ الْعَرَبِ فِيمَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً وَهُمْ سُكَّانُ الْحَاضِرَةِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَبَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ وَالنِّسْبَةُ إلَى الْعَرَبِ عَرَبِيٌّ وَإِلَى الْأَعْرَابِ أَعْرَابِيٌّ 1 -

فِيهِ مِنْ الضَّبْطِ مَا فِي الْعَرَبِ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ (الْمَبْعُوثِ) أَيْ الْمُرْسَلِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (لِسَائِرِ) أَيْ لِجَمِيعِ لِأَنَّ سَائِرَ قَدْ يَأْتِي لَهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ مَعْنَاهُ بَاقِيَ (الْأُمَمِ) جَمْعُ أُمَّةٍ أَيْ طَائِفَةٍ وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْمُكَلَّفُونَ مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى كَثْرَةِ أَصْنَافِهِمْ وَغَيْرِهِمْ كَالْمَلَائِكَةِ (وَعَلَى آلِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْأَتْبَاعِ لِأَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أُمَّتِهِ (وَأَصْحَابِهِ) جَمْعٌ لِصَاحِبِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ فَاعِلًا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ عَلَى التَّحْرِيرِ وَالْأَخْفَشِ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ وَهُوَ مَنْ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَيَاتِهِ مُؤْمِنًا وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَالصَّاحِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا قَبْلَ إسْمَاعِيلَ وَيُقَالُ لَهُمْ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ وَهُمْ قَبَائِلُ مِنْهُمْ عَادٌ وَثَمُودُ وَقَحْطَانُ وَجُرْهُمُ وَغَيْرُهُمْ، وَأَمَّا الْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ فَهُمْ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ أَخَذَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْ جُرْهُمَ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ إسْمَاعِيلُ فَمُرَادُهُ عَرَبِيَّةُ قُرَيْشٍ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ. وَأَمَّا عَرَبِيَّةُ يَعْرُبَ وَقَحْطَانَ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَجُرْهُمَ فَكَانَتْ قَبْلَ إسْمَاعِيلَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: فِيهِ مِنْ الضَّبْطِ مَا فِي الْعَرَبِ) أَيْ لَكِنَّ الْأَوْلَى إذَا اقْتَرَنَا فَتْحُهُمَا أَوْ ضَمُّهُمَا لِلْمُشَاكَلَةِ، وَأَمَّا فَتْحُ الْأَوَّلِ وَضَمُّ الثَّانِي أَوْ الْعَكْسُ فَهُوَ، وَإِنْ جَازَ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَائِرًا قَدْ يَأْتِي لَهُ) أَيْ لِجَمِيعٍ أَيْ قَدْ يَأْتِي بِمَعْنَى جَمِيعٍ أَخْذًا لَهُ مِنْ سُورِ الْبَلَدِ الْمُحِيطِ بِجَمِيعِهَا وَظَاهِرُ إتْيَانِهِ بِقَدْ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ بِمَعْنَى جَمِيعٍ مَجَازٌ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْقَامُوسِ السَّائِرُ الْبَاقِي لَا الْجَمِيعُ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ لَهُ اهـ، وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ لَهُ أَيْ مَجَازًا كَمَا هُوَ قَاعِدَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَصْلُ مَعْنَاهُ بَاقِيَ) أَيْ لِأَخْذِهِ مِنْ السُّؤْرِ بِالْهَمْزِ بِمَعْنَى الْبَقِيَّةِ، وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ أُمَّتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَقِيَّةُ الْأُمَمِ أَيْ الطَّوَائِفِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ مَضَى قَبْلَهَا وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ الْتَفَتَ لِمَنْ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ مُبَاشَرَةً بِاعْتِبَارِ عَالَمِ الْأَجْسَامِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُ الْأُمَمِ فَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الْبَعْثُ بِالْجِسْمِ لِلْجِسْمِ أَيْضًا وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأُمَمِ طَوَائِفَ أُمَّتِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ جَمِيعُ الْأُمَمِ حَتَّى السَّابِقِينَ وَيُرَادُ بِالْبَعْثِ مَا يَشْمَلُ الْبَعْثَ بِالرُّوحِ؛ لِأَنَّ رُوحَهُ الشَّرِيفَةَ أُرْسِلَتْ لِأَرْوَاحِ مَنْ سَبَقَ وَهَذَا مَعْنَى مَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ نُوَّابُهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِمْ) أَيْ بِجَمِيعِ الْأُمَمِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمْ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَهُوَ قَوْلٌ وَعَلَيْهِ فَإِرْسَالُهُ إلَيْهِمْ رِسَالَةَ تَشْرِيفٍ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مُكَلَّفُونَ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَوْهَرَةِ وَعَلَيْهِ فَتَكْلِيفُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِبَعْضِ الْفُرُوعِ الَّتِي تَتَأَتَّى مِنْهُمْ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ لَا الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُمْ، وَهَذَا أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى آلِهِ) عَطْفٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَفِيهِ إيمَاءٌ لِجَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا لَهُمْ، وَأَمَّا اسْتِقْلَالًا فَقِيلَ: إنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ حَرَامٌ وَقِيلَ تُكْرَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ وَأَصْلُ آلِ أَوَلٌ كَجَمَلٍ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا وَقِيلَ أَصْلُهُ أَهَلٌ قُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً ثُمَّ الْهَمْزَةُ أَلِفًا وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْآلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ أَتْبَاعَهُ هُمْ أُمَّتُهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَأُمَّتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَاقِعٌ فِي مَرْكَزِهِ وَالْمُكَرَّرُ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ هُوَ الْوَاقِعُ بَعْدَ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ سِيبَوَيْهِ عَلَى التَّحْرِيرِ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ أَصْحَابَ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَجَمْعٍ لَهُ عِنْدَ الْأَخْفَشِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّحْرِيرَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشَ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ جَمْعٌ لِصَاحِبٍ وَأَنَّ فَاعِلًا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ، وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي صَحْبٍ فَإِنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَجَمْعٌ لَهُ عِنْدَ الْأَخْفَشِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ) أَيْ أَنَّ صَاحِبًا الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ أَصْحَابٍ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الصَّحَابِيُّ لَا مُطْلَقُ صَاحِبٍ (قَوْلُهُ: مَنْ اجْتَمَعَ بِالنَّبِيِّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ رَآهُ بِبَصَرِهِ أَوْ لَا كَالْعُمْيَانِ (قَوْلُهُ: فِي حَيَاتِهِ) خَرَجَ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ مَنَامًا أَوْ يَقَظَةً كَالْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْمُرْسِيِّ فَلَا يَكُونُ صَحَابِيًّا (قَوْلُهُ: مُؤْمِنًا) أَيْ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ) خَرَجَ مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ

لُغَةً مَنْ بَيْنَك وَبَيْنَهُ مُطْلَقُ مُوَاصَلَةٍ (وَ) عَلَى (أَزْوَاجِهِ) أَيْ نِسَائِهِ الطَّاهِرَاتِ، وَالْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ سَرَارِيَّهُ (وَذُرِّيَّتَهُ) نَسْلُهُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (وَأُمَّتِهِ) أَيْ جَمَاعَتِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ يَوْمِ بُعِثَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (أَفْضَلِ الْأُمَمِ) أَيْ أَكْثَرِهَا فَضْلًا أَيْ ثَوَابًا لِمَزِيدِ فَضْلِ نَبِيِّهَا عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (وَبَعْدُ) هِيَ ظَرْفُ زَمَانٍ هُنَا مَقْطُوعٌ عَنْ الْإِضَافَةِ لَفْظًا لَا مَعْنًى وَلِذَا بُنِيَتْ عَلَى الضَّمِّ، وَالْوَاوُ نَائِبَةٌ عَنْ أَمَّا أَيْ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (فَقَدْ) أَيْ فَأَقُولُ قَدْ (سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ أَبَانَ) أَيْ أَظْهَرَ (اللَّهُ لِي وَلَهُمْ مَعَالِمَ) جَمْعُ مَعْلَمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى رِدَّتِهِ كَابْنِ خَطَلٍ وَاعْتُرِضَ هَذَا الْقَيْدُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الصُّحْبَةَ لَا تَتَحَقَّقُ لِأَحَدٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ قَيْدٌ فَتَنْتَفِي الْحَقِيقَةُ بِانْتِفَائِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَعَدَمُ وَصْفِ الْمُرْتَدِّ بِهَا بَعْدَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ أَحْبَطَتْهَا بَعْدَ وُجُودِهَا كَالْإِيمَانِ سَوَاءً (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) أَيْ فَيَشْمَلُ بَنَاتِهِ الْأَرْبَعَ فَاطِمَةَ وَرُقَيَّةَ وَزَيْنَبَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَأَوْلَادَهُ الذُّكُورَ الثَّلَاثَةَ الْقَاسِمَ وَعَبْدَ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمَ، وَأَمَّا الطَّيِّبُ وَالطَّاهِرُ فَهُمَا لَقَبَانِ لِعَبْدِ اللَّهِ وَكُلُّ أَوْلَادِهِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ خَدِيجَةَ إلَّا إبْرَاهِيمَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ وَيَشْمَلُ جَمِيعَ أَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا (قَوْلُهُ: أَيْ أَكْثَرُهَا ثَوَابًا) أَيْ وَمَنَاقِبُ أَيْ مَفَاخِرُ وَكَمَالَاتٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ أَكْثَرِيَّةُ الْمَنَاقِبِ (قَوْلُهُ: هِيَ ظَرْفُ زَمَانٍ هُنَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ أَيْ فِي الزَّمَانِ الَّذِي ذُكِرَتْ فِيهِ الْبَسْمَلَةُ وَالْحَمْدَلَةُ فَأَقُولُ قَدْ سَأَلَنِي إلَخْ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ هُنَا عَنْهَا فِي قَوْلِك دَارُ زَيْدٍ بَعْدَ دَارِ عَمْرٍو فَإِنَّهَا ظَرْفُ مَكَان هَذَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هُنَا ظَرْفَ مَكَان بِاعْتِبَارِ الرَّقْمِ وَالْمَعْنَى مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي رُسِمَتْ فِيهِ الْبَسْمَلَةُ وَالْحَمْدَلَةُ فَأَقُولُ قَدْ سَأَلَنِي إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهَا هُنَا ظَرْفَ زَمَانٍ بِاعْتِبَارِ النُّطْقِ وَظَرْفَ مَكَان بِاعْتِبَارِ الرَّقَمِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَفْظًا لَا مَعْنًى) أَيْ فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَلِذَا بُنِيَتْ عَلَى الضَّمِّ) أَيْ وَلِأَجْلِ إضَافَتِهَا فِي الْمَعْنَى بُنِيَتْ لِأَدَائِهَا لِمَعْنَى الْإِضَافَةِ الَّذِي هُوَ نِسْبَةُ جُزْئِيَّةٍ حَقُّهَا أَنْ تُؤَدَّى بِالْحَرْفِ فَالْبِنَاءُ لِلشَّبَهِ الْمَعْنَوِيِّ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ مَا ذُكِرَ عِلَّةً لِلْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا ذُكِرَ عِلَّةً لِلْبِنَاءِ، وَأَمَّا الْعِلَّةُ فِي كَوْنِهِ عَلَى الضَّمِّ فَهُوَ تَكْمِيلُ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ لَهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي حَالَةِ إعْرَابِهَا إمَّا أَنْ تُنْصَبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ تُجَرَّ بِمِنْ فَنَاسَبَ أَنْ تَكُونَ مَضْمُومَةً فِي حَالِ بِنَائِهَا لِأَجْلِ أَنْ تُسْتَوْفَى الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ وَالْعِلَّةُ فِي كَوْنِ الْبِنَاءِ عَلَى حَرَكَةِ التَّخَلُّصِ مِنْ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ نَائِبَةٌ عَنْ أَمَّا) أَيْ وَأَمَّا نَائِبَةٌ عَنْ مَهْمَا وَيَكُنْ فَالْعِبَارَةُ فِيهَا حَذْفٌ بِدَلِيلِ التَّفْسِيرِ الَّذِي بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ بَعْدَ مِنْ مَعْمُولَاتِ الشَّرْطِ، وَالْأَحْسَنُ جَعْلُهَا مَعْمُولَةً لِلْجَزَاءِ وَالْمَعْنَى مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَأَقُولُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ قَدْ سَأَلَنِي فَيَكُونُ الْجَزَاءُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ مُعَلَّقًا عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا، وَالدُّنْيَا مَا دَامَتْ مَوْجُودَةً لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ شَيْءٍ فِيهَا فَيَكُونُ الْجَوَابُ مُعَلَّقًا عَلَى مُحَقَّقٍ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى مُحَقَّقٍ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِ جَعْلِهَا مَعْمُولَةً لِلشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَوَابَ مُعَلَّقٌ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ غَيْرُ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَحَذَفَ الْمُضَافَ إلَيْهِ وَنَوَى مَعْنَاهُ وَبَنَى الظَّرْفَ عَلَى الضَّمِّ وَحُذِفَتْ مَهْمَا وَيَكُنْ وَأُقِيمَتْ مَا مَقَامَهُمَا ثُمَّ حُذِفَتْ أَمَّا وَأُقِيمَتْ الْوَاوُ مَقَامَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فَأَقُولُ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَهُ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَاقِعٍ إذْ لَا صِحَّةَ لِتَعْلِيقِ الْوَاقِعِ وَكَوْنُهُ قَدْ سَأَلَهُ جَمَاعَةٌ مُخْتَصَرًا

وَهُوَ لُغَةً الْأَثَرُ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ وَأَرَادَ بِهَا أَدِلَّةَ (التَّحْقِيقِ) مَصْدَرُ حَقَّقَ الشَّيْءَ أَثْبَتَهُ بِالدَّلِيلِ أَوْ أَتَى بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْحَقِّ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّلِيلَ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا كَانَ حَقًّا أَيْ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ فَفِي مَعَالِمَ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْمَعْلَمِ الْأَثَرُ نَفْسُهُ فَفِي التَّحْقِيقِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ بِأَنْ شَبَّهَ التَّحْقِيقَ بِطَرِيقِ سُلُوكٍ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ عَلَى طَرِيقِ الْمَكْنِيَّةِ وَفِي مَعَالِمَ اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ (وَسَلَكَ) أَيْ ذَهَبَ (بِنَا وَبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ) أَيْ طَرِيقًا أَنْفَعَ تَأْلِيفًا (مُخْتَصَرًا) مَفْعُولٌ ثَانٍ لَسَأَلَ وَجُمْلَةُ أَبَانَ وَمَا بَعْدَهَا اعْتِرَاضٌ قُصِدَ بِهَا الدُّعَاءُ لَهُ وَلَهُمْ وَالِاخْتِصَارُ تَقْلِيلُ اللَّفْظِ مَعَ كَثْرَةِ الْمَعْنَى (عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْرٌ وَاقِعِيٌّ فَلَا صِحَّةَ لِتَعْلِيقِهِ وَجَعْلِهِ جَوَابًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ جُمْلَةَ قَوْلِهِ قَدْ سَأَلَنِي مَقُولَةً لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ هُوَ الْجَوَابُ لَا أَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ الْجَوَابُ لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: الْأَثَرُ) أَيْ الْعَلَامَةُ (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهَا أَدِلَّةَ التَّحْقِيقِ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَتَى بِهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّحْقِيقَ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى إثْبَاتِ الْمَسْأَلَةِ بِالدَّلِيلِ وَعَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا دَلِيلٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا كَانَ حَقًّا) أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ) تَقْرِيرُهَا أَنْ يُقَالَ شَبَّهْت الْأَدِلَّةَ بِالْمَعَالِمِ أَيْ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا بِجَامِعِ التَّوَصُّلِ بِكُلٍّ لِلْمَقْصُودِ وَاسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرِّحَةِ وَالْمَعْنَى أَظْهَرَ اللَّهُ لِي وَلَهُمْ أَدِلَّةَ الْأَحْكَامِ الْحَقَّةِ الْمُطَابِقَةِ لِلْوَاقِعِ. لَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ رُتْبَةُ الْمُجْتَهِدِ لَا الْمُقَلِّدِ وَالْمُصَنِّفُ مُقَلِّدٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الِاجْتِهَادُ بَذْلُ الْوُسْعِ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْأَدِلَّةِ لَا إثْبَاتُ الْأَحْكَامِ الْمُقَرَّرَةِ بِأَدِلَّتِهَا وَالْمُصَنِّفُ سَأَلَ ظُهُورَ الْأَدِلَّةِ لِأَجْلِ أَنْ يُثْبِتَ بِهَا الْأَحْكَامَ الْمُقَرَّرَةَ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ سُلُوكِ) أَيْ ذَاتِ مَعَالِمَ (قَوْلُهُ: وَسَلَكَ بِنَا إلَخْ) السُّلُوكُ هُوَ الذَّهَابُ وَالسَّيْرُ فِي الْأَرْضِ اسْتَعَارَهُ هُنَا لِلتَّوْفِيقِ أَيْ وَوَفَّقَنَا وَإِيَّاهُمْ إلَى الطَّرِيقِ الْأَحْسَنِ الْمُوصِلَةِ لِرِضَاهُ تَعَالَى أَيْ خَلَقَ فِينَا وَفِيهِمْ قُدْرَةً عَلَى ارْتِكَابِ أَحْسَنِ الطُّرُقِ الْمُوصِلَةِ إلَى رِضَاهُ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ جُمْلَةُ وَسَلَكَ إلَخْ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى وَالْمَعْنَى اللَّهُمَّ اُسْلُكْ بِنَا وَبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ كَوْنُ الْمَوْلَى يَذْهَبُ مَعَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الْحِسِّيَّةِ الْأَنْفَعِ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ التَّبَعِيَّةِ وَتَقْرِيرُهَا أَنْ يُقَالَ شَبَّهَ صَرْفَ اللَّهِ إرَادَتَهُمْ لِلْوَجْهِ الْأَنْفَعِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِسُلُوكِهِ مَعَهُمْ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ عَلَى فَرْضِ تَحَقُّقِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا وَاسْتَعَارَ اسْمَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ وَاشْتُقَّ مِنْ السُّلُوكِ سَلَكَ بِمَعْنَى اُسْلُكْ مُرَادًا بِهِ صَرْفُ إرَادَتِنَا لِلْوَجْهِ الْأَنْفَعِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنْفَعَ طَرِيقٍ) نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَلَا يُقَالُ أَنْفَعَ لَيْسَ بِظَرْفٍ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ تَفْضِيلٍ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ اسْمُ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ الْمُضَمَّنِ مَعْنَى فِي بِاطِّرَادٍ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا أُضِيفَ أَفْعَلُ إلَى ظَرْفِ الْمَكَانِ كَانَ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ فَقَدْ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ (قَوْلُهُ: أَيْ طَرِيقًا أَنْفَعَ) أَيْ فِي طَرِيقٍ أَنْفَعَ مِنْ غَيْرِهَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَنْفَعَ طَرِيقٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَارْتَكَبَهَا الْمُصَنِّفُ مَعَ كَوْنِهَا خِلَافَ الْأَصْلِ رِعَايَةً لِلسَّجْعِ (قَوْلُهُ: تَأْلِيفًا) قَدَّرَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ مُخْتَصَرًا صِفَةً لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: وَالِاخْتِصَارُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَالْمُخْتَصَرُ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ وَيُقَابِلُهُ الْمُطَوَّلُ وَهُوَ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ وَعَلَى هَذَا فَمَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَقَلَّ مَعْنَاهُ أَوْ قَلَّ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْمُخْتَصَرِ وَالْمُطَوَّلِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ

أَيْ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ إمَامُ الْأَئِمَّةِ (مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ) ابْنُ مَالِكٍ الْأَصْبَحِيُّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُبَيِّنًا) بِكَسْرِ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ اسْمُ فَاعِلٍ نَعْتٌ ثَانٍ لِمُخْتَصَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْمُخْتَصَرَ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ أَمْ لَا وَأَنَّ الْمُطَوَّلَ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ كَثُرَ مَعْنَاهُ أَوْ قَلَّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الِاخْتِصَارُ تَقْلِيلُ اللَّفْظِ مَعَ كَثْرَةِ الْمَعْنَى هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ تَقْلِيلُ اللَّفْظِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَثُرَ الْمَعْنَى أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ عَلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّف بِمَعْنَى فِي وَأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ مَثَلًا عِبَارَةٌ عَمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ أَيْ الَّتِي بَذَلَ وُسْعَهُ فِي تَحْصِيلِهَا فَالْأَحْكَامُ الَّتِي نَصَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي السُّنَّةِ لَا تُعَدُّ مِنْ مَذْهَبِ أَحَدٍ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَفِي ح عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ سُئِلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَلْ يُقَالُ فِي أَقْوَالِ الْأَصْحَابِ: إنَّهَا مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْمُسْتَخْرِجُ لَهَا عَارِفًا بِقَوَاعِدِ إمَامِهِ وَأَحْسَنَ مُرَاعَاتَهَا صَحَّ نِسْبَتُهَا لِلْإِمَامِ وَجَعْلُهَا مِنْ مَذْهَبِهِ وَإِلَّا نُسِبَتْ لِقَائِلِهَا (قَوْلُهُ: إمَامُ الْأَئِمَّةِ) أَمَّا إمَامَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ فَظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَخَذَ عَنْهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ أُسْتَاذِي وَعَنْهُ أَخَذْت الْعِلْمَ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ قَدْ أَخَذَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ فَقَدْ أَلَّفَ السُّيُوطِيّ تَزْيِينَ الْمَمَالِكِ بِتَرْجَمَةِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَثْبَتَ فِيهِ أَخْذَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْهُ قَالَ وَأَلَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ جُزْءًا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَاهَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: ابْنُ مَالِكٍ) أَيْ بْنُ أَبِي عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ غَيْمَانَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ أَوَّلُهُ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ابْنُ خُثَيْمٍ بِالْمُثَلَّثَةِ مُصَغَّرًا أَوَّلُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَيُقَالُ أَيْضًا بِالْجِيمِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: الْأَصْبَحِيُّ) نِسْبَةٌ لِذِي أَصْبَحَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ فَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّ أَذْوَاءَ الْيَمَنِ التَّبَابِعَةَ كَذِي يَزِنَ كَمَا فِي طفى يَزِيدُونَ لِلْمَلِكِ مِنْهُمْ فِي عِلْمِهِ ذُو تَعْظِيمًا كَذِي يَزِنَ أَيْ صَاحِبُ هَذَا الِاسْمِ وَلَمَّا كَانَتْ بُيُوتُ الْمُلُوكِ مِنْ أَصْبَحَ زَادُوا فِيهَا ذُو وَقَالُوا ذُو أَصْبَحَ وَكَانَ أَنَسٌ وَالِدُ الْإِمَامِ فَقِيهًا وَكَانَ جَدُّهُ مَالِكٌ مِنْ التَّابِعِينَ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ حَمَلُوا عُثْمَانَ إلَى قَبْرِهِ لَيْلًا وَدَفَنُوهُ فِي الْبَقِيعِ وَأَبُو عَامِرٍ صَحَابِيٌّ شَهِدَ الْمَغَازِيَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بَدْرًا وَالْإِمَامُ مِنْ تَابِعِ التَّابِعِينَ وَقِيلَ: إنَّهُ تَابِعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَدْ قِيلَ بِصُحْبَتِهَا لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا لَيْسَتْ صَحَابِيَّةً وَحَمَلَتْ أُمُّ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَهِيَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ شَرِيكٍ الْأَزْدِيَّةُ بِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى الْأَشْهَرِ بِذِي الْمَرْوَةِ مَوْضِعٌ بِمَسَاجِدِ تَبُوكَ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَانَ وِلَادَتُهُ سَنَةَ تِسْعِينَ وَوَفَاتُهُ سَنَةَ مِائَةٍ وَتِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَكَانَ عُمْرُهُ تِسْعًا وَثَمَانِينَ (قَوْلُهُ: نَعْتٌ ثَانٍ لِمُخْتَصَرٍ) لَكِنَّ إسْنَادَ الْبَيَانِ لَهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مُبَيِّنٌ فِيهِ لَا مُبَيِّنٌ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ يَاءِ

مَطْلَبٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ مَنْ تَابَعَ التَّابِعِينَ (مَبْحَثٌ) تَفْسِيرُ الرَّاجِحِ وَالْمَشْهُورِ وَحُكْمُ الْفَتْوَى بِكُلٍّ وَغَيْرُ ذَلِكَ (مَبْحَثٌ) مَنْ أَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ شَيْئًا وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ عَلَى الْفُتْيَا وَغَيْرُ ذَلِكَ (لِمَا) أَيْ لِلْقَوْلِ الَّذِي تَجِبُ (بِهِ الْفَتْوَى) لِكَوْنِهِ الْمَشْهُورَ أَوْ الْمُرَجَّحَ (فَأَجَبْت) عَطْفٌ عَلَى سَأَلَنِي (سُؤَالَهُمْ) لَمْ يَقُلْ أَجَبْتُهُمْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْ سُؤَالِهِمْ شَيْئًا بَلْ أَتَى بِهِ مُتَّصِفًا بِالْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ الِاخْتِصَارِ وَكَوْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ وَالتَّبْيِينِ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى (بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَجَبْتُ أَيْ بَعْدَ طَلَبِ الْخِيَرَةِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ فِيهِمَا وَطَلَبِهَا بِصَلَاتِهَا وَدُعَائِهَا الْوَارِدَيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهِيَ مِنْ الْكُنُوزِ الَّتِي أَظْهَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ هَمَّ بِأَمْرٍ تَرْكُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQسَأَلَنِي أَيْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ تَأْلِيفًا مُخْتَصَرًا حَالَةَ كَوْنِي مُبَيِّنًا لَهُمْ فِيهِ الْقَوْلَ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: لِمَا بِهِ الْفَتْوَى) فِيهِ أَنَّ مَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ كُلَّ قَوْلٍ بِهِ الْفَتْوَى، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا إخْبَارٌ عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَعْزِمُ عَلَى أَمْرٍ وَلَا يَتِمُّ لَهُ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ لِنِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُرَجَّحَ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ الْفَتْوَى إمَّا مَشْهُورٌ فَقَطْ أَوْ رَاجِحٌ فَقَطْ أَوْ مَشْهُورٌ وَرَاجِحٌ وَالْمُرَجَّحُ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَقْوَالٌ قِيلَ إنَّهُ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ فَيَكُونُ بِمَعْنَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَتْوَى إنَّمَا تَكُونُ بِالْقَوْلِ الْمَشْهُورِ أَوْ الرَّاجِحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الشَّاذُّ وَالْمُرَجَّحُ أَيْ الضَّعِيفُ فَلَا يُفْتَى بِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا الْحُكْمُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ فِي خَاصَّةِ النَّفْسِ بَلْ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ قَوِيَ فِي مَذْهَبِهِ كَذَا قَالَ الْأَشْيَاخُ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ جَوَازَ الْعَمَلِ بِالشَّاذِّ فِي خَاصَّةِ النَّفْسِ وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمَلِ بِمَذْهَبِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالْأَوَّلُ هُوَ اخْتِيَارُ الْمِصْرِيِّينَ وَالثَّانِي اخْتِيَارُ الْمَغَارِبَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَفِي ح أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ شَيْئًا وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا ضَمِنَ إنْ انْتَصَبَ وَتَوَلَّى فِعْلَ مَا أَفْتَى فِيهِ وَإِلَّا كَانَتْ فَتْوَاهُ غُرُورًا قَوْلِيًّا لَا ضَمَانَ فِيهِ وَيُزْجَرُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ اشْتِغَالٌ بِالْعِلْمِ أُدِّبَ وَتَجُوزُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْفُتْيَا إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ زَرُّوقٍ قَدْ سَمِعْت بِأَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ أَفْتَى بِأَنَّ مَنْ أَفْتَى مِنْ التَّقَايِيدِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَاسْتَظْهَرَ ح حَمْلَهُ عَلَى التَّقَايِيدِ الْمُخَالِفَةِ لِلنُّصُوصِ أَوْ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا التَّقَايِيدُ الْمَنْقُولَةُ مِنْ الشُّرَّاحِ وَالنُّصُوصِ فَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ مِنْهَا قَطْعًا، فَإِنْ جَهِلَ حَالَ تِلْكَ التَّقَايِيدِ فَقَالَ فِي عج الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُعَدُّ نَقْلًا عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ وَفِي شب يَمْتَنِعُ تَتَبُّعُ رُخَصِ الْمَذَاهِبِ وَفَسَّرَهَا بِمَا يُنْقَضُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ مِنْ مُخَالِفِ النَّصِّ وَجَلِيِّ الْقِيَاسِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّ الْمُرَادَ بِتَتَبُّعِ الرُّخَصِ رَفْعُ مَشَقَّةِ التَّكْلِيفِ بِاتِّبَاعِ كُلِّ سَهْلٍ وَفِيهِ أَيْضًا امْتِنَاعُ التَّلْفِيقِ وَاَلَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْ شَيْخِنَا نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُهُ وَهُوَ فُسْحَةٌ اهـ وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي التَّلْفِيقِ فِي الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ طَرِيقَتَانِ: الْمَنْعُ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمَصَارِوَةِ وَالْجَوَازُ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمَغَارِبَةِ وَرُجِّحَتْ. (قَوْلُهُ: فَأَجَبْت سُؤَالَهُمْ) أَيْ بِوَضْعِ جَمِيعِ التَّأْلِيفِ إنْ كَانَتْ الْخُطْبَةُ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ إنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً وَلَيْسَ قَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ مُعَيَّنًا أَنَّ الْإِجَابَةَ بِالشُّرُوعِ لِصِدْقِهِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ (قَوْلُهُ: بَلْ أَتَى بِهِ) أَيْ بِمَا سَأَلُوهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ طَلَبِ الْخِيَرَةِ) أَيْ بَعْدَ طَلَبِ مَا فِيهِ خَيْرٌ أَيْ طَلَبِ بَيَانٍ مَا هُوَ خَيْرٌ لِي وَأَوْلَى لِي هَلْ الِاشْتِغَالُ بِتَأْلِيفِ مُخْتَصَرٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبُوهُ أَوْ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَوْجَهِ الطَّاعَاتِ (قَوْلُهُ: وَطَلَبُهَا) أَيْ وَطَلَبُ بَيَانِهَا (قَوْلُهُ: بِصَلَاتِهَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْكَافِرُونَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَفِي الثَّانِيَة الْإِخْلَاصَ كَذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ السَّلَامِ مِنْهُمَا يَسْتَغْفِرُ

ثُمَّ ذَكَرَ اصْطِلَاحَهُ فِي كِتَابِهِ لِيَقِفَ النَّاظِرُ عَلَيْهِ وَقَصْدُهُ بِذَلِكَ الِاخْتِصَارُ فَقَالَ (مُشِيرًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَجَبْت مُقَدَّرَةٌ أَيْ أَجَبْتُهُمْ حَالَ كَوْنِي مُقَدِّرًا الْإِشَارَةَ (بِفِيهَا) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ ضَمِيرٍ مُؤَنَّثٍ غَائِبٍ عَائِدٍ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ أَوْ إنَّهُ عَبَّرَ بِفِيهَا عَنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ مَجَازًا فَشَمِلَ نَحْوَ حَمَلْت وَقَيَّدْت وَنَحْوَ وَظَاهِرَهَا وَأُقِيمَ مِنْهَا (لِلْمُدَوَّنَةِ الَّتِي) هِيَ الْأُمُّ وَهِيَ تَدْوِينُ سَحْنُونٍ لِلْأَحْكَامِ الَّتِي أَخَذَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ رُبَّمَا ذَكَرَ فِيهَا مَا رَوَاهُ غَيْرُهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ اجْتِهَادِهِ (وَ) مُشِيرًا (بِأُوِّلَ) أَيْ بِمَادَّةِ بِأُوِّلَ (إلَى اخْتِلَافِ شَارِحِيهَا) أَيْ شَارِحِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّوْا لِشَرْحِ سَائِرِهَا (فِي فَهْمِهَا) أَيْ فَهْمِ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْمُؤَدِّي إلَى فَهْمِ كُلٍّ لَهُ إلَى خِلَافِ فَهْمِ الْآخَرِ وَيَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ وَيَصِيرُ قَوْلًا غَيْرَ الْآخَرِ، وَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِكُلٍّ إنْ لَمْ يُرَجِّحْ الْأَشْيَاخُ بَعْضَهَا وَهُوَ وَاضِحٌ لَا خَفَاءَ بِهِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنَّ كُلَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى تَأْوِيلٍ يَكُونُ مُوَافِقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّهَ نَحْوَ الثَّلَاثِ مَرَّاتٍ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك بِعِلْمِك وَأَسْتَقْدِرُك بِقُدْرَتِك وَأَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاصْرِفْهُ عَنْهُ وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ وَرَضِّنِي بِهِ اهـ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ أَيْ الْمُلَاحَظُ فِي ذِهْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْ عَمَلِ الِاسْتِخَارَةِ فَكُلُّ مَا انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُهُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ مَضَى إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِيَقِفَ النَّاظِرُ عَلَيْهِ) أَيْ لِيَقِفَ عَلَى ذَلِكَ الِاصْطِلَاحِ النَّاظِرُ فِي كِتَابِهِ (قَوْلُهُ: مُقَدَّرَةٌ) أَيْ لَا مُقَارَنَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ مُقَارِنَةً لِإِجَابَتِهِمْ بِالشُّرُوعِ فِي التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ إلَخْ) إشَارَةً إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ ضَمِيرٍ مُؤَنَّثٍ غَائِبٍ) أَيْ مِثْلُ أُقِيمُ مِنْهَا وَظَاهِرُهَا وَحُمِلَتْ وَقُيِّدَتْ (قَوْلُهُ: أَوْ إنَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِفِيهَا عَنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ وَصَحَّ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهَا غَيْرَ مَذْكُورَةٍ لِتَقَرُّرِهَا فِي أَذْهَانِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ حَتَّى قَالَ مَشَايِخُهُمْ: إنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ كَالْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ تُجْزِي عَنْ غَيْرِهَا وَلَا يُجْزِي غَيْرُهَا عَنْهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ الْأُمُّ) أَيْ لِكُتُبِ الْمَذْهَبِ أَوْ لِلْمَذْهَبِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: مَا رَوَاهُ غَيْرُهُ) أَيْ مَا رَوَاهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ) أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ اجْتِهَادِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمَادَّةٍ أَوَّلَ) أَيْ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ تَأْوِيلَانِ وَتَأْوِيلَاتٌ (قَوْلُهُ: الْمُؤَدَّى) نَعْتٌ لِمَوْضِعٍ وَقَوْلُهُمْ كُلٌّ أَيْ مِنْ الشُّرَّاحِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ فَاعِلٌ بِالْمُؤَدَّى وَقَوْلُهُ: لَهُ أَيْ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَوْلُهُ: إلَى خِلَافٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُؤَدَّى (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْفَهْمِ (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ) أَيْ ذَلِكَ الْفَهْمُ وَقَوْله بِكُلٍّ أَيْ

لِقَوْلٍ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ قَبْلُ بَلْ يَجُوزُ وَالْأَغْلَبُ عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ (وَ) مُشِيرًا (بِالِاخْتِيَارِ) أَيْ بِمَادَّتِهِ الشَّامِلَةِ لِلِاسْمِ وَالْفِعْلِ (لِ) اخْتِيَارِ الْإِمَامِ (أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ اللَّخْمِيِّ) صَاحِبِ التَّبْصِرَةِ (لَكِنْ إنْ كَانَ) مَادَّةُ الِاخْتِيَارِ الَّتِي أَشَرْت بِهَا مُلْتَبِسَةً (بِصِيغَةِ الْفِعْلِ) كَاخْتَارَهُ (فَذَلِكَ) الِاخْتِيَارُ إشَارَةٌ (لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَا مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (وَ) إنْ كَانَ (بِالِاسْمِ) كَالْمُخْتَارِ (فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ) لِذَلِكَ الْقَوْلِ (مِنْ الْخِلَافِ) بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ بِلَفْظِ الِاخْتِيَارِ أَوْ التَّصْحِيحِ أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ التَّحْسِينِ أَوْ غَيْرِهَا (وَ) مُشِيرًا بِالتَّرْجِيحِ (لِ) تَرْجِيحِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (ابْنِ يُونُسَ) وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ بِلَفْظِ التَّرْجِيحِ أَوْ غَيْرِهِ حَالَ كَوْنِ التَّرْجِيحِ الَّذِي أَشَرْت بِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ مُشَابِهًا لِلِاخْتِيَارِ الْمُشَارِ بِهِ لِلَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ بِالِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ (وَبِالظُّهُورِ لِ) لِإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ (ابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ وَبِالْقَوْلِ لِ) لِإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ (عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْمَازِرِيِّ) نِسْبَةٌ لِمَازَرَةَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا مَدِينَةٌ فِي جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ وَهُوَ تِلْمِيذُ اللَّخْمِيِّ (كَذَلِكَ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُرَادُ مَتَى ذَكَرْت ذَلِكَ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِهِمْ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَتَى رَجَّحَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا أَشَرْت لَهُ بِمَا مَرَّ (وَحَيْثُ) أَيْ وَكُلُّ مَكَان مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ أَوْ وَكُلُّ وَقْتٍ (قُلْت) فِيهِ (خِلَافٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْفَهْمَيْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ) أَيْ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلٍ كَانَ مَوْجُودًا، وَالْأَغْلَبُ أَنْ لَا يَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلٍ مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ: مُلْتَبِسَةً بِصِيغَةِ الْفِعْلِ) أَيْ مِنْ الْتِبَاسِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ (قَوْلُهُ: فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يَقْتَضِي التَّجَدُّدَ وَالْحُدُوثَ الْمُنَاسِبَ لِمَا يُجَدِّدُهُ وَيُحْدِثُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِالِاسْمِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ مَادَّةُ الِاخْتِيَارِ مُلْتَبِسَةً بِصِيغَةِ الِاسْمِ وَقَوْلُهُ: فَذَلِكَ أَيْ الِاخْتِيَارُ إشَارَةٌ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْمَ يَقْتَضِي الثُّبُوتَ الْمُنَاسِبَ لِلثَّابِتِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ لِقَوْلٍ مِنْ اللَّخْمِيِّ بِلَفْظِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُشِيرُ الْمُصَنِّفُ لِاخْتِيَارِهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ أَوْ الْفِعْلِ مِنْ مَادَّةِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: وَمُشِيرًا بِالتَّرْجِيحِ) أَيْ بِمَادَّتِهِ الشَّامِلَةِ لِلِاسْمِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ بِلَفْظِ التَّرْجِيحِ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّرْجِيحُ الْوَاقِعُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ بِلَفْظِ التَّرْجِيحِ أَوْ التَّصْحِيحِ أَوْ الِاخْتِيَارِ أَوْ الِاسْتِحْسَانِ فَإِنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُشِيرُ الْمُصَنِّفُ لِتَرْجِيحِهِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ أَوْ الِاسْمِ مِنْ مَادَّةِ التَّرْجِيحِ (قَوْلُهُ: فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَبِالظُّهُورِ) أَيْ وَبِمَادَّةِ الظُّهُورِ الشَّامِلَةِ لِلِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَبِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الظُّهُورِ الَّذِي أَشَرْت بِهِ لِابْنِ رُشْدٍ مُشَابِهًا لِلِاخْتِيَارِ الْمُشَارِ بِهِ لِلَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: فِي جَزِيرَةِ صِقِلِّيَّةَ) أَيْ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِسِلْسِلِيَّةَ وَهِيَ جَزِيرَةٌ بِالْقُرْبِ مِنْ مَالِطَةَ أَعَادَهَا اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ هَؤُلَاءِ الْأَشْيَاخَ لَهُمْ تَرْجِيحَاتٌ كَثِيرَةٌ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُشِرْ لَهَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مَتَى ذَكَرْت ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَادَّةِ الِاخْتِيَارِ أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ الظُّهُورِ أَوْ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ) أَيْ الْحَالَ وَالشَّأْنَ مَتَى رَجَّحَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا إلَخْ أَيْ حَتَّى يَعْتَرِضَ بِوُجُودِ تَرْجِيحَاتٍ كَثِيرَةٍ لَهُمْ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخَ الْأَرْبَعَةَ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْوُجُودِ وَأَقْدَمُهُمْ ابْنُ يُونُسَ الصَّقَلِّيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعمِائَةٍ وَوَاحِدٍ وَخَمْسِينَ ثُمَّ اللَّخْمِيُّ الصَّفَاقُصِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ ثُمَّ ابْنُ رُشْدٍ الْقُرْطُبِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ ثُمَّ الْمَازِرِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَسِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَخَصَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ التَّعَبِ فِي تَحْرِير الْمَذْهَبِ وَتَهْذِيبِهِ وَخُصَّ ابْنُ يُونُسَ بِالتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ اجْتِهَادِهِ فِي الْمَيْلِ إلَى بَعْضِ أَقْوَالِ مَنْ سَبَقَهُ وَمَا يَخْتَارُهُ لِنَفْسِهِ قَلِيلٌ وَخُصَّ ابْنُ رُشْدٍ بِالظُّهُورِ لِاعْتِمَادِهِ كَثِيرًا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ فَيَقُولُ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ كَذَا كَذَا وَظَاهِرُ مَا فِي سَمَاعِ فُلَانٍ كَذَا وَخُصَّ الْمَازِرِيُّ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَوِيَتْ عَارِضَتُهُ فِي الْعُلُومِ وَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُجْتَهِدِينَ كَانَ صَاحِبَ قَوْلٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَخُصَّ اللَّخْمِيُّ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَجْرَأَهُمْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ وَكُلُّ مَكَان إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ حَيْثُ مُبْتَدَأٌ وَأَنَّهَا إمَّا بِمَعْنَى الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ وَقَوْلُهُ: فَذَلِكَ إلَخْ هُوَ الْخَبَرُ وَدَخَلَتْ الْفَاءُ عَلَيْهِ لِإِجْرَاءِ كَلِمَةِ الظَّرْفِ مَجْرَى كَلِمَةِ الشَّرْطِ فِي الْعُمُومِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

أَيْ هَذَا اللَّفْظُ (فَذَلِكَ) أَيْ قَوْلِي خِلَافٌ إشَارَةً (لِلِاخْتِلَافِ) بَيْنَ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (فِي التَّشْهِيرِ) لِلْأَقْوَالِ إنْ تَسَاوَى الْمُشَهِّرُونَ فِي الرُّتْبَةِ عِنْدَهُ وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُمْ بِلَفْظِ التَّشْهِيرِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَالْمَذْهَبِ كَذَا أَوْ الظَّاهِرِ كَذَا أَوْ الرَّاجِحِ أَوْ الْمَعْرُوفِ أَوْ الْمُعْتَمَدِ كَذَا فَالْمُرَادُ بِالتَّشْهِيرِ التَّرْجِيحُ، فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُرَجِّحُونَ اقْتَصَرَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَقْوَى عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِ (وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا) بِلَا تَرْجِيحٍ (فَذَلِكَ) إشَارَةٌ (لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ) أَيْ الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ (عَلَى أَرْجَحِيَّةِ) أَيْ رَاجِحِيَّةٍ (مَنْصُوصَةٍ) لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ أَيْ لَمْ أَجِدْ تَرْجِيحًا أَصْلًا فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ فِي الْمُصَنَّفِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ فَتَأَمَّلْ أَمَّا لَوْ وَجَدَ رَاجِحِيَّةً أَوْ أَرْجَحِيَّةً لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ لَاقْتَصَرَ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ الْأَرْجَحِ وَلَوْ وَجَدَ رَاجِحِيَّةً لِلْكُلِّ لَعَبَّرَ بِخِلَافٍ كَمَا مَرَّ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (وَأَعْتَبِرُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الشُّيُوخَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي تَشْهِيرِ أَقْوَالٍ فِي مَسْأَلَةٍ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ الْمَشْهُورَةَ وَيَأْتِي بَعْدَهَا بِلَفْظِ خِلَافٌ إشَارَةً لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ هَذَا اللَّفْظُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ " خِلَافٌ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَرْفُوعٌ عَلَى الْحِكَايَةِ إذْ هُوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي لَهُ فِي الْأَبْوَابِ مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَارَةً وَمَذْكُورٌ أُخْرَى، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْصِبْهُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مَقُولَ الْقَوْلِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً فِي مَسْأَلَةٍ كَقَوْلِهِ: اُعْتُدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَقَوْلِهِ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ كَانَتْ تِلْكَ الْأَقْوَالُ مُخْتَلِفَةً فِي التَّشْهِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا يُقَالُ الْقَوْلُ لَا يَنْصِبُ الْمُفْرَدَ. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ يَنْصِبُهُ إذَا أُوِّلَ الْقَوْلُ بِالذِّكْرِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ نَصَبَ خِلَافًا لَكَانَ الْمَعْنَى وَحَيْثُ ذَكَرْت خِلَافًا أَيْ اخْتِلَافًا وَنِزَاعًا فِي مَسْأَلَةٍ سَوَاءٌ عَبَّرَ بِمَادَّةِ الْخِلَافِ أَوْ الْأَقْوَالِ أَوْ لَمْ يُعَبِّرْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُمْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي التَّشْهِيرِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشَهِّرِينَ الْمُتَسَاوِينَ فِي الرُّتْبَةِ عِنْدَهُ بِلَفْظِ التَّشْهِيرِ بِأَنْ عَبَّرَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْمَشْهُورِ كَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَخْ أَيْ بِأَنْ عَبَّرَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِالْمَذْهَبِ كَذَا أَوْ الْمَعْرُوفِ كَذَا أَوْ الْمُعْتَمَدِ كَذَا أَوْ الرَّاجِحِ كَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُرَجِّحُونَ) أَيْ فِي الرُّتْبَةِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: اقْتَصَرَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَقْوَى) أَيْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ أَعْلَاهُمْ فِي الرُّتْبَةِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَقْوَى بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَذْكُرُ أَوَّلًا الْمُعْتَمَدُ وَيَذْكُرُ بَعْدَهُ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ كَقَوْلِهِ فِي الذَّكَاةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا شَهَرَهُ الْأَعْلَى وَشَهَرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءَ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَكُلُّ مَكَان مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَعَ مِنِّي فِيهِ ذِكْرُ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالٍ بِأَنْ قَالَ: هَلْ كَذَا أَوْ كَذَا قَوْلَانِ أَوْ أَقْوَالٌ أَوْ قَالَ هَلْ كَذَا أَوْ كَذَا ثَالِثُهَا كَذَا وَرَابِعُهَا كَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَلَفُّظِهِ بِصِيغَةِ الْقَوْلِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فَذَلِكَ) أَيْ ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ بِلَا تَرْجِيحٍ (قَوْلُهُ: إشَارَةٌ) أَيْ ذُو إشَارَةٍ أَوْ مُشِيرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ) أَشَارَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ لِلْفَرْعِ وَهُوَ الْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ أَيْ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الْمُتَعَلِّقُ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ قَلْبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَالْأَوَّلُ كَثُبُوتِ الْوُجُوبِ لِلنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ تَعَلَّقَ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةٌ لِلنِّيَّةِ الَّتِي هِيَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، وَالثَّانِي كَثُبُوتِ الْوُجُوبِ لِلْوُضُوءِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ تَعَلَّقَ بِالْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ كَيْفِيَّةٌ لِلْعَمَلِ الْغَيْرِ الْقَلْبِيِّ أَعْنِي الْوُضُوءَ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْحُكْمِ شَرْعِيًّا أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الشَّرْعِ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاسْتِنْبَاطِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ أَجِدْ تَرْجِيحًا أَصْلًا) أَيْ لَمْ أَجِدْ فِي تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي ذَلِكَ الْفَرْعِ تَرْجِيحًا لِأَحَدٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ لِصُعُوبَةِ الْمَقَامِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ يَصْدُقُ بِمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى رَاجِحِيَّةٍ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ وَبِمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى رَاجِحِيَّةٍ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ وَجَدَ رَاجِحِيَّةً) أَيْ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَكَانَ مُقَابِلُهُ ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: وَأَرْجَحِيَّةً) أَيْ لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ وَكَانَ مُقَابِلُهُ رَاجِحًا فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) الْأُولَى مَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى رَاجِحِيَّةٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَفِي هَذِهِ

لُزُومًا (مِنْ الْمَفَاهِيمِ) جَمْعُ مَفْهُومٍ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ (مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَقَطْ) أَيْ أَنَّهُ يُنَزِّلُهُ مَنْزِلَةَ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ إلَّا لِنُكْتَةٍ كَمَا سَتَرَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْمَفَاهِيمِ فَلَا يُعْتَبَرُ لُزُومًا بَلْ تَارَةً وَتَارَةً، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَهُ لُزُومًا لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ إلَيْهِ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَكَثْرَتِهِ فِي كَلَامِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ لَفَاتَهُ الِاخْتِصَارُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَفْهُومَ قِسْمَانِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَهُوَ مَا وَافَقَ الْمَنْطُوقَ فِي حُكْمِهِ كَضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وَكَإِحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الضَّرْبِ وَالْإِحْرَاقِ مُوَافِقٌ لِلتَّأْفِيفِ وَالْأَكْلِ فِي الْحُرْمَةِ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى، وَالْأَوَّلُ مَفْهُومٌ بِالْأُولَى وَالثَّانِي بِالْمُسَاوَاةِ وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَهُوَ مَا خَالَفَ الْمَنْطُوقَ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ عَشْرَةُ أَنْوَاعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعَبَّرُ بِخِلَافَ الثَّانِيَةُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ وَفِي الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَقْتَصِرُ عَلَى الرَّاجِحِ وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَرْجَحِ. الرَّابِعَةُ أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَى تَرْجِيحٍ لِقَوْلِ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا وَفِي هَذِهِ يُعَبَّرُ بِقَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ: لُزُومًا) أَيْ دَائِمًا وَفِي كُلِّ مَحَلٍّ مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ بِخِلَافِ غَيْرِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ مِنْ الْمَفَاهِيمِ فَتَارَةً يَعْتَبِرُهُ وَيُنَزِّلُهُ مَنْزِلَةَ الْمَنْطُوقِ وَتَارَةً لَا يَعْتَبِرُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَفَاهِيمِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ مَفْعُولُ اعْتَبَرَ أَوْ أَنَّ الظَّرْفَ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتَبَرَ (قَوْلُهُ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ) أَيْ مَعْنَى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ (قَوْلُهُ: لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) فِي لِلظَّرْفِيَّةِ وَإِضَافَةُ مَحَلٍّ لِلنُّطْقِ بَيَانِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالنُّطْقِ الْمَنْطُوقُ بِهِ أَيْ مَعْنَى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَعْنَى غَيْرَ مَظْرُوفٍ فِي اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ بَلْ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ. وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْمَفْهُومَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ وَذَلِكَ كَضَرْبِ الْأَبَوَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] فَإِنَّهُ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ وَهُوَ لَا تَضْرِبْهُمَا (قَوْلُهُ: مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَقَطْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَفَاهِيمِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ، وَأَمَّا الْمَفَاهِيمُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَهِيَ مَفْهُومُ الْحَصْرِ وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ إذْ قَدْ قِيلَ فِيهَا أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّهُ) أَيْ الْمُصَنِّفَ وَقَوْلُهُ: يُنَزِّلُهُ أَيْ مَفْهُومَ الشَّرْطِ مَنْزِلَةَ الْمَنْطُوقِ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى اعْتِبَارِهِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَعْنَى اعْتِبَارِهِ لَهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ شَرْطًا فَلَا يَذْكُرُ مَفْهُومُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ فَيَصِيرُ ذِكْرُهُ كَالتَّكْرَارِ (قَوْلُهُ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ) مَا وَاقِعَةٌ عَلَى مَعْنًى وَفِي لِلظَّرْفِيَّةِ وَإِضَافَةُ مَحَلٍّ لِلنُّطْقِ بَيَانِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالنُّطْقِ الْمَنْطُوقُ بِهِ أَيْ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَظْرُوفًا فِي مَحَلٍّ هُوَ الْمَنْطُوقُ بِهِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَظْرُوفًا فِي اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ مَظْرُوفًا فِي اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ وَمُتَحَقِّقًا فِيهِ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ وَذَلِكَ كَالتَّأْفِيفِ فَإِنَّهُ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْمَنْطُوقُ بِهِ وَمَظْرُوفٌ فِيهِ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْمَدْلُولِ فِي الدَّالِّ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْمَنْطُوقُ عَلَى حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ) أَيْ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ أَنَّهُ يُنَزِّلُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: لِنُكْتَةٍ أَيْ كَالْمُبَالَغَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْعِلَّةِ وَهِيَ الْإِيذَاءُ وَالْإِتْلَافُ لِمَالِ الْيَتِيمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ التَّأْفِيفِ الْإِيذَاءُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الضَّرْبِ فَيَكُونُ مِثْلَ التَّأْفِيفِ فِي الْحُرْمَةِ بِجَامِعِ الْإِيذَاءِ وَالْعِلَّةُ فِي حُرْمَةِ أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ إتْلَافُهُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي حَرْقِهِ فَيَكُونُ حَرْقُهُ حَرَامًا قِيَاسًا عَلَى أَكْلِهِ بِجَامِعِ الْإِتْلَافِ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ ضَرْبُ الْأَبَوَيْنِ (قَوْلُهُ: مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى) أَيْ مَفْهُومٌ حُكْمُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمَنْطُوقِ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَيْ إحْرَاقُ مَالِ الْيَتِيمِ وَقَوْلُهُ: بِالْمُسَاوَاةِ أَيْ مَفْهُومُ حُكْمِهِ بِالْمُسَاوَاةِ لِلْمَنْطُوقِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ

مَفْهُومُ الْحَصْرِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ أَوْ بِإِنَّمَا وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ نَحْوُ {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَمَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوُ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ نَحْوُ مَنْ قَامَ فَأَكْرِمْهُ وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ نَحْوُ أَكْرِمْ الْعَالِمَ وَمَفْهُومُ الْعِلَّةِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا لِعِلْمِهِ وَمَفْهُومُ الزَّمَانِ نَحْوُ سَافِرْ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَمَفْهُومُ الْمَكَانِ نَحْوُ جَلَسْت أَمَامَهُ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ نَحْوُ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ أَيْ الِاسْمِ الْجَامِدِ نَحْوُ فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ وَكُلُّهَا حُجَّةٌ إلَّا اللَّقَبُ (وَأُشِيرُ بِصُحِّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ إلَى أَنَّ شَيْخًا) مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ (غَيْرِ) الْأَرْبَعَةِ (الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ صَحَّحَ هَذَا) الْفَرْعَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ صَحَّحَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ (أَوْ اسْتَظْهَرَهُ) مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (وَ) أُشِيرُ (بِالتَّرَدُّدِ) لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا (لِتَرَدُّدِ) جِنْسِ (الْمُتَأَخِّرِينَ) ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمَنْ بَعْدَهُ (فِي النَّقْلِ) عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقِسْمَانِ أَحَدُهُمَا يُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ وَالثَّانِي يُسَمَّى لَحْنُ الْخِطَابِ فَفَحْوَى الْخِطَابِ هُوَ الْمَفْهُومُ الْأَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَعْنِي ضَرْبَ الْوَالِدَيْنِ الدَّالُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ التَّأْفِيفِ الْمَنْطُوقِ بِهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ وَهُوَ الْإِيذَاءُ وَالْعُقُوقُ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ أَشَدُّ مِنْ التَّأْفِيفِ فِي الْإِيذَاءِ وَالْعُقُوقِ، وَأَمَّا لَحْنُ الْخِطَابِ فَهُوَ الْمَفْهُومُ الْمُسَاوِي لِلْمَنْطُوقِ فِي الْحُكْمِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَتَحْرِيمِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] الْآيَةَ فَإِنَّ الْإِحْرَاقَ مُسَاوٍ لِلْأَكْلِ فِي الْحُرْمَةِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ الْإِتْلَافُ لِتَسَاوِي الْحَرْقِ وَالْأَكْلِ فِي إتْلَافِهِ عَلَى الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ: مَفْهُومُ الْحَصْرِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ) أَيْ نَحْوُ مَا قَامَ إلَّا زَيْدٌ فَمَنْطُوقُهُ نَفْيُ الْقِيَامِ عَنْ غَيْرِ زَيْدٍ وَمَفْهُومُهُ ثُبُوتُ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِنَّمَا) نَحْوُ {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة: 163] أَيْ مَنْطُوقُهُ قَصْرُ الْإِلَهِ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَمَفْهُومُهُ نَفْيُ تَعَدُّدِ الْإِلَهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مِنْ الْمَنْطُوقِ) أَيْ وَقِيلَ: إنَّ مَفْهُومَ الْحَصْرِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْطُوقِ فَيَكُونُ مَنْطُوقُ الْحَصْرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كُلًّا مِنْ الثُّبُوتِ وَالنَّفْيِ لَا أَحَدُهُمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] أَيْ أَنَّ غَايَةَ الْإِتْمَامِ دُخُولُ اللَّيْلِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا إتْمَامَ بَعْدَ دُخُولِهِ وَقِيلَ: إنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْطُوقِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ مِنْ الْكَلَامِ التَّامِّ الْمُوجِبِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ أَفْرَادِ مَفْهُومِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا) فَمَنْطُوقُهُ ثُبُوتُ الْقِيَامِ لِلْقَوْمِ غَيْرِ زَيْدٍ وَمَفْهُومُهُ نَفْيُ الْقِيَامِ عَنْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ: نَحْوُ مَنْ قَامَ فَأَكْرِمْهُ) أَيْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقُمْ لَمْ يُكْرَمْ (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَكْرِمْ الْعَالِمَ) أَيْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَالِمِ لَا يُكْرَمُ (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا لِعِلْمِهِ) أَيْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَمُ لِغَيْرِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ سَافِرْ يَوْمَ الْخَمِيسِ) أَيْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْخَمِيسِ لَا يُسَافَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ جَلَسْت أَمَامَهُ) أَيْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْلِسْ فِي غَيْرِ أَمَامِهِ كَخَلْفِهِ مَثَلًا قَوْلُهُ: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] أَيْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَا يُجْلَدُونَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ مِنْهُ قَوْلُهُ: «فِي الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» أَيْ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْغَنَمِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَكَمَا فِي قَوْلِك جَاءَ زَيْدٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ زَيْدٍ لَمْ يَجِئْ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا) أَيْ مَفَاهِيمُ الْمُخَالَفَةِ حُجَّةٌ أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا اللَّقَبَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِحُجِّيَّتِهِ إلَّا الدَّقَّاقُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ (قَوْلُهُ: وَبِصُحِّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ) أَيْ مَبْنِيَّيْنِ لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْيِينَ ذَلِكَ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ شَيْخًا مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ) أَيْ كَابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَالْمُؤَلِّفِ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ فَإِنَّهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يُشِيرُ لِاسْتِظْهَارِ نَفْسِهِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ صَحَّحَهُ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ الْوَاقِعِ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ بِأَنْ يَأْتِيَ لِقَوْلٍ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي فِيهِ وَيُصَحِّحُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَظْهَرَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ) أَيْ بِأَنْ يَسْتَظْهِرَ وَاحِدٌ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ قَوْلًا فِي فَرْعٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَجُوزُ إلَخْ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَالْأَوَّلُ يُشِيرُ إلَيْهِ بِصَحَّحَ وَالثَّانِي يُشِيرُ إلَيْهِ بِأَسْتَحْسِنُ يَعْنِي أَنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّصْحِيحِ لِمَا يُصَحِّحُهُ الشَّيْخُ الَّذِي مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَيُشِيرُ بِالِاسْتِحْسَانِ لِمَا يَرَاهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَخِلَافُ الْأَقْرَبِ الشُّمُولُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَبِالتَّرَدُّدِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَوْلَى وَبِتَرَدُّدٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ كَقَوْلِهِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشِرْ بِهِ إلَّا كَذَلِكَ أَيْ مَرْفُوعًا مُجَرَّدًا مِنْ اللَّامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَلِكَ كَانَ فِيهِ حِكَايَةُ الْمُفْرَدِ بِغَيْرِ الْقَوْلِ وَهِيَ شَاذَّةٌ (قَوْلُهُ: إمَّا لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ) أَيْ وَلَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَزَادَ الشَّارِحُ جِنْسٌ لِأَجْلِ أَنْ يَصْدُقَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِتَرَدُّدِ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ: ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَمَنْ بَعْدَهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ

مَطْلَبٌ أَوَّلُ طَبَقَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَأَنْ يَنْقُلُوا عَنْ الْإِمَامِ أَوْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَكَان حُكْمًا ثُمَّ يَنْقُلُوا عَنْهُ فِي مَكَان آخَرَ خِلَافَهُ أَوْ يَنْقُلَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ حُكْمًا وَيَنْقُلَ عَنْهُ آخَرُ خِلَافَهُ وَسَبَبُ ذَلِكَ إمَّا اخْتِلَافُ قَوْلِ الْإِمَامِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قَوْلَانِ وَإِمَّا الِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِ كَلَامِهِ فَيُنْسَبُ لَهُ كُلُّ مَا فَهِمَهُ مِنْهُ وَكَأَنْ يَنْقُلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُمْ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِي حُكْمٍ وَيَنْقُلَ غَيْرُهُ أَنَّهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ فِيهِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُمْ عَلَى أَقْوَالٍ (أَوْ) تَرَدُّدِهِمْ فِي الْحُكْمِ نَفْسِهِ (لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ) عَلَيْهِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ عَطْفًا عَلَى التَّرَدُّدِ بَلْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي النَّقْلِ (وَ) أُشِيرُ غَالِبًا (بِلَوْ) الْمُقْتَرِنَةِ بِالْوَاوِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهَا الْجَوَابَ اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَهَا نَحْوُ الْحُكْمِ كَذَا وَلَوْ كَانَ كَذَا (إلَى) رَدِّ (خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ) بِيَاءِ النِّسْبَةِ مُنَوَّنًا نَعْتٌ لِخِلَافٍ أَيْ خِلَافٍ مَنْسُوبٍ لِلْمَذْهَبِ الَّذِي أَلَّفْت فِيهِ هَذَا الْمُخْتَصَرَ أَيْ لِخِلَافٍ وَاقِعٍ فِيهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِقْرَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوَّلَ طَبَقَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ طَبَقَةُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَمَّا مَنْ قَبْلَهُ فَمُتَقَدِّمُونَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَنْقُلُوا) أَيْ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَلَوْ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: فِي مَكَان) أَيْ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْقُلُوا عَنْهُ) أَيْ النَّاقِلِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ فِي مَكَان آخَرَ أَيْ كَالْإِجَازَةِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ تَعَدَّدَ الْمَكَانُ الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى نَقْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْقُلُ بَعْضُهُمْ عَنْهُ حُكْمًا) أَيْ فِي مَسْأَلَةٍ وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ عَمَّنْ ذُكِرَ مِنْ مَالِكٍ أَوْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَيُنْقَلُ عَنْهُ آخَرُ خِلَافَهُ) أَيْ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا كَأَنْ يَنْقُلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وُجُوبَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَيَنْقُلَ عَنْهُ الْقَابِسِيُّ السُّنِّيَّةَ وَعَدَمَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَسَبَبُ ذَلِكَ) أَيْ سَبَبُ اخْتِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قَوْلَانِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةٍ فَيَنْقُلُ عَنْهُ نَاقِلٌ قَوْلًا وَيَنْقُلُ عَنْهُ النَّاقِلُ الثَّانِي الْقَوْلَ الْآخَرَ وَسَوَاءٌ عُلِمَ رُجُوعُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَنْقُلَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا) أَيْ وَيُنْقَلُ غَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ عَلَى أَقْوَالٍ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَدُّدُهُمْ فِي الْحُكْمِ نَفْسِهِ) أَيْ وَإِمَّا لِتَرَدُّدِ جِنْسِ الْمُتَأَخِّرِينَ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ فِي الْحُكْمِ نَفْسِهِ هَذَا وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ قَدْ حَصَرَ التَّرَدُّدَ هُنَا فِي مَحَلَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِي كَلَامِهِ التَّرَدُّدُ بِمَعْنَى خِلَافٍ مُنْتَشِرٍ كَقَوْلِهِ وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ تَرَدُّدٌ أَيْ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ أَيْ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ التَّرَدُّدَ بِهَذَا الْمَعْنَى نَادِرًا كَانَ كَالْعَدَمِ فَلِذَا تَرَكَهُ أَوْ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَانِعَةُ جَمْعٍ تُجَوِّزُ الْخُلُوَّ لَكِنَّ الْجَوَابَ الثَّانِيَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الشَّارِحِ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ تَأَمَّلْ 1 - (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ قَوْلُهُ: لِعَدَمِ عَطْفًا عَلَى لِتَرَدُّدِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَطْفَ حِينَئِذٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَرَدُّدٌ بَلْ جَزَمُوا كُلُّهُمْ بِحُكْمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِفَقْدِ مَعْنَى التَّرَدُّدِ حِينَئِذٍ إذْ لَا تَرَدُّدَ مَعَ جَزْمِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُقْتَدَى بِهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْحُكْمِ إنْ كَانَ مِنْ وَاحِدٍ كَانَ مَعْنَاهُ التَّحَيُّرَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُتَعَدِّدٍ فَمَعْنَاهُ الِاخْتِلَافُ مَعَ الْجَزْمِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْحُكْمِ نَفْسِهِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي النَّقْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّرَدُّدَيْنِ ظَاهِرٌ إذْ الْأَوَّلُ فِي النَّقْلِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ. وَالثَّانِي لِتَرَدُّدِهِمْ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ عَلَامَةً يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ التَّرَدُّدَيْنِ أَيْ التَّرَدُّدِ فِي النَّقْلِ وَالتَّرَدُّدِ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِهِ أَكْثَرُ وَالثَّانِي أَقَلُّ كَقَوْلِهِ وَفِي حَقِّ غَصْبٍ تَرَدُّدٌ وَفِي رَابِعٍ تَرَدُّدٌ وَفِي إجْزَاءِ مَا وُقِفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ وَفِي جَوَازِ بَيْعِ مَنْ أَسْلَمَ بِخِيَارٍ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: وَبِلَوْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ الْحُكْمُ كَذَا، وَلَوْ كَانَ كَذَا فَإِنَّهُ يُشِيرُ بِإِتْيَانِهِ بِلَوْ إلَى أَنَّ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ قَوْلًا آخَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرَهُ وَفِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ قَلَقٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ وَبِلَوْ أَنَّهَا تُفِيدُ مَا ذُكِرَ حَيْثُمَا وَقَعَتْ، وَلَوْ صَرَّحَ بِجَوَابِهَا بَعْدَهَا، وَلَوْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِوَاوٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا تُفِيدُ مَا ذُكِرَ عِنْدَ اقْتِرَانِهَا بِالْوَاوِ وَالِاكْتِفَاءُ عَنْ جَوَابِهَا بِمَا تَقَدَّمَ وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِلْجَوَابِ بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ الصِّفَةِ وَالْحَالِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ اسْتِقْرَاءُ كَلَامِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِلَوْ وَلَا جَوَابَ بَعْدَهَا إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ كَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ: الْمُقْتَرِنَةِ بِالْوَاوِ) أَيْ الَّتِي لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُذْكَرْ بَعْدَهَا الْجَوَابُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بَعْدَ لَوْ جَوَابُهَا (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَهَا) أَيْ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إلَى رَدِّ خِلَافٍ) أَيْ قَوِيٍّ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَابِلُ ضَعِيفًا فَلَا يُشِيرُ لِرَدِّهِ بِلَوْ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ أَصْلًا لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَة الْعَدَمِ (قَوْلُهُ: أَيْ خِلَافٌ مَنْسُوبٌ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ إلَى خِلَافِ مَنْسُوبِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ نَكِرَةٌ صَادِقٌ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يُشِيرُ بِلَوْ إلَى خِلَافٍ وَاقِعٍ فِي

وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَكُونُ لِمُجَرَّدِ الْمُبَالَغَةِ (وَاَللَّهَ أَسْأَلَ) أَيْ لَا غَيْرَهُ (أَنْ يَنْفَعَ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْمُخْتَصَرِ (مَنْ كَتَبَهُ) لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (أَوْ قَرَأَهُ) بِحِفْظٍ أَوْ مُطَالَعَةٍ تَفَهُّمًا أَوْ تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا (أَوْ حَصَّلَهُ) بِمِلْكٍ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِاسْتِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ (أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُخْتَصَرِ وَالشَّيْءُ صَادِقٌ بِبَعْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ وَبِبَعْضٍ وَاحِدٍ مِنْهَا فَقَطْ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ كَإِعَانَةِ الْكَاتِبِ بِمِدَادٍ أَوْ وَرَقٍ أَوْ إعَانَةِ الْقَارِئِ بِنَفَقَةٍ وَالْمُحَصَّلُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ، وَقَرَائِنُ الْأَحْوَالِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَقَبَّلَ مِنْهُ هَذَا السُّؤَالَ (وَاَللَّهُ يَعْصِمُنَا) أَيْ يَحْفَظُنَا وَيَمْنَعُنَا (مِنْ) الْوُقُوعِ فِي (الزَّلَلِ) كَالزَّلَقِ لَفْظًا وَمَعْنًى يُرِيدُ بِهِ لَازِمَهُ وَهُوَ النَّقْصُ لِأَنَّ مَنْ زَلَقَتْ رِجْلُهُ فِي طِينٍ أَوْ زَلَقَ لِسَانُهُ فِي مَنْطِقٍ فَقَدْ نَقَصَ وَهَذِهِ جُمْلَةٌ طَلَبِيَّةٌ مَعْنًى كَقَوْلِهِ (وَيُوَفِّقُنَا) لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ (فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ) أَيْ أَقْوَالِنَا وَأَعْمَالِنَا بِأَنْ يَخْلُقَ فِينَا قُدْرَةَ الطَّاعَةِ فِي كُلِّ حَالٍ وَمِنْهُ تَأْلِيفُ هَذَا الْكِتَابِ فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَعْصِمَنَا مِنْ وُقُوعِ الْخَلَلِ فِيهِ وَيُوَفِّقَنَا فِيهِ لِمَا يُرْضِيهِ (ثُمَّ) بَعْدُ أَنْ أَعْلَمْتُك بِأَنِّي أَجَبْت سُؤَالَهُمْ وَبِاصْطِلَاحِي فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَلَامَ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَقَطْ بِدَلِيلِ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ تَكُونُ إلَخْ) هَذِهِ الْحَالَةُ الَّتِي ارْتَكَبَهَا فِي لَوْ ارْتَكَبَ عَكْسَهَا فِي أَنَّ فَيَسْتَعْمِلُهَا فِي الْمُبَالَغَةِ غَالِبًا وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَاَللَّهَ أَسْأَلُ) أَيْ وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا غَيْرَهُ) أَخَذَ الْحَصْرَ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ وَهَذَا يَقْتَضِي قِرَاءَةَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرٌ وَالرَّابِطُ لَهَا مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كَتَبَهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَأَهُ بِحِفْظٍ إلَخْ) بَلْ، وَلَوْ قَرَأَهُ بِمُقَابَلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِاسْتِعَارَةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِمِلْكٍ أَوْ عَلَى قَوْلِهِ بِشِرَاءٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَشْمَلُ مِلْكَ الذَّاتِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ شَيْءٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْمُخْتَصَرِ) جَعْلُهُ الضَّمِيرَ رَاجِعًا لِلْمُخْتَصَرِ أَوْلَى مِنْ عَوْدِهِ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَهُ أَيْ أَوْ سَعَى فِي تَحْصِيلِ بَعْضِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ عَوْدَهُ عَلَى الْمُخْتَصَرِ أَعَمُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالشَّيْءُ) أَيْ وَتَحْصِيلُ الشَّيْءِ صَادِقٌ بِبَعْضِ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ صَادِقٌ بِتَحْصِيلِ بَعْضِ كُلِّ وَاحِدٍ بِأَنْ كَتَبَ الْبَعْضُ مِنْهُ وَمَلَكَهُ وَقَرَأَهُ (قَوْلُهُ: وَبِبَعْضٍ وَاحِدٍ مِنْهَا فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ كَتَبَ بَعْضَهُ فَقَطْ أَوْ قَرَأَ بَعْضَهُ أَوْ مَلَكَ بَعْضَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بَعْضٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ كِتَابَةِ كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ أَوْ قِرَاءَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمُحَصِّلُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْقَارِئِ أَيْ وَإِعَانَةُ الْمُحَصِّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَرَائِنُ الْأَحْوَالِ دَالَّةٌ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ نَشَرَ ذِكْرَهُ فِي الْآفَاقِ وَجَبَلَ قُلُوبَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ وَهَذَا مِنْ عَلَامَاتِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: وَاَللَّهُ يَعْصِمُنَا) مَأْخُوذٌ مِنْ الْعِصْمَةِ وَهِيَ لُغَةً الْحِفْظُ وَالْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا مَلَكَةٌ تَمْنَعُ الْفُجُورَ أَيْ كَيْفِيَّةً يَخْلُقُهَا اللَّهُ فِي الْعَبْدِ تَمْنَعُهُ مِنْ ارْتِكَابِ الْفُجُورِ بِطَرِيقِ جَرْيِ الْعَادَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَفْظًا وَمَعْنًى) يُقَالُ زَلَّ يَزِلُّ كَضَرَبَ يَضْرِبُ بِمَعْنَى زَلَقَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَقَصَ) أَيْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي عِرْضِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُحْتَقَرُ بَيْنَ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ جُمْلَةٌ طَلَبِيَّةٌ مَعْنًى) أَيْ فَهِيَ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى وَهِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْإِنْشَائِيَّةِ الدُّعَائِيَّةِ، وَلَوْ تَجَرَّدَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لِلْخَبَرِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ الْعَطْفُ بِاتِّفَاقِ الْبَيَانِيِّينَ وَعَلَى الْخِلَافِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، وَلَوْ نَصَبَ اللَّهَ هُنَا بِأَسْأَلُ لَمْ يَصِحَّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْعَاطِفُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوَاوُ وَسِيبَوَيْهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ أَقْوَالِنَا وَأَعْمَالِنَا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ أَلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ فِي كُلِّ حَالٍ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ تَعْمِيمُ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ كُلِّ حَالٍ أَيْ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِهِ

(أَعْتَذِرُ) أَيْ أُظْهِرُ عُذْرِي (لِذَوِي) أَيْ أَصْحَابِ (الْأَلْبَابِ) جَمْعُ لُبٍّ بِمَعْنَى الْعَقْلِ أَيْ الْعُقُولِ الْكَامِلَةِ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَقْبَلُونَ الْعُذْرَ وَلَا يُلَامُونَ لِكَمَالِ إيمَانِهِمْ (مِنْ) أَجْلِ (التَّقْصِيرِ) أَيْ الْخَلَلِ (الْوَاقِعِ) مِنِّي (فِي هَذَا الْكِتَابِ) وَالْعَقْلُ عَلَى الصَّحِيحِ نُورٌ رُوحَانِيٌّ بِهِ تُدْرِكُ النَّفْسُ الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ وَالنَّظَرِيَّةَ وَابْتِدَاءُ وُجُودِهِ نَفْخُ الرُّوحِ فِي الْجَنِينِ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَنْمُو إلَى أَنْ يَكْمُلَ عِنْدَ الْبُلُوغِ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ وَجَعَلَ نُورَهُ مُتَّصِلًا بِالدِّمَاغِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ كَمَالَهُ عِنْدَ الْأَرْبَعِينَ (وَأَسْأَلُ) حَذَفَ الْمَفْعُولَ اخْتِصَارًا أَيْ أَسْأَلُهُمْ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُسْأَلُونَ (بِلِسَانِ التَّضَرُّعِ) أَيْ ذِي التَّضَرُّعِ أَوْ أَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ تَضَرُّعًا مُبَالَغَةً أَوْ الْمُرَادُ الْمُتَضَرِّعُ الْخَاشِعُ عَلَى حَدِّ زَيْدٌ عَدْلٌ أَوْ الْمُرَادُ بِلِسَانِ تَضَرُّعِي أَيْ تَذَلُّلِي فَيَكُونُ عَلَى هَذَا فِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ (وَالْخُشُوعِ) أَيْ الْخُضُوعِ وَالذُّلِّ (وَخِطَابِ التَّذَلُّلِ) أَيْ التَّضَرُّعِ (وَالْخُضُوعِ) أَيْ الْخُشُوعِ فَالْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَسْنَدَ اللِّسَانَ لِلتَّضَرُّعِ وَالْخِطَابَ لِلتَّذَلُّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَعْتَذِرُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الِاعْتِذَارِ وَهُوَ إظْهَارُ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْعَقْلِ) كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَقَوْلُهُ: أَيْ الْعُقُولُ الْكَامِلَةُ أَخْذُ الْوَصْفِ بِالْكَمَالِ مِنْ جَعْلِ أَلْ فِي الْأَلْبَابِ لِلْكَمَالِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: اللُّبُّ هُوَ الْعَقْلُ الرَّاجِحُ فَيَكُونُ الْكَمَالُ مَأْخُوذًا مِنْ مَعْنَى الْأَلْبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ إلَخْ) ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالِاعْتِذَارِ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلُومُونَ) أَيْ فَلَا يَقُولُونَ أَخْطَأَ الْمُؤَلِّفُ أَوْ خَبَطَ خَبْطَ عَشْوَاءَ وَنَحْوَ ذَلِكَ بَلْ إذَا رَأَوْا خَطَأً قَالُوا هَذَا سَبْقُ قَلَمٍ أَوْ هَذَا سَهْوٌ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ تَأْوِيلُ الْعِبَارَةِ وَصَرْفُهَا عَنْ ظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ: لِكَمَالِ إيمَانِهِمْ) أَيْ الْمُوجِبِ لِشَفَقَتِهِمْ وَرَحْمَتِهِمْ (قَوْلُهُ: مِنْ أَجْلِ التَّقْصِيرِ) هُوَ عَدَمُ بَذْلِ الْوُسْعِ فِي تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِهِ لَا بِالْكِتَابِ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّقْصِيرِ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ الْخَلَلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَعْنِي الْخَلَلَ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ فَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْمَلْزُومَ وَأَرَادَ اللَّازِمَ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا نَظُنُّ أَنَّهُ خَلَلٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ ارْتِكَابُ الْخَطَإِ ثُمَّ يَعْتَذِرُ عَنْهُ أَوْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْوَاقِعُ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَيْ الْمَظْنُونُ وُقُوعُهُ فِيهِ لَا أَنَّهُ وَاقِعٌ فِيهِ بِالْفِعْلِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: رُوحَانِيٌّ) بِضَمِّ الرَّاءِ نِسْبَةٌ لِلرُّوحِ بِضَمِّهَا لَا لِلرَّوْحِ بِفَتْحِهَا الَّذِي هُوَ الرَّائِحَةُ، وَإِنَّمَا نُسِبَ لِلرُّوحِ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ لِإِدْرَاكِهَا وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ نُورٌ أَنَّهُ جَوْهَرٌ لَا عَرَضٌ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ قُوَّةٌ لِلنَّفْسِ مُعَدَّةٌ لِاكْتِسَابِ الْآرَاءِ وَالْعُلُومِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَرَضٌ (قَوْلُهُ: الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا فِي النَّفْسِ عَلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى حَدْسٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ وَالنَّظَرِيَّةُ هِيَ الَّتِي يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا فِي النَّفْسِ عَلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَنْمُو) أَيْ يَتَزَايَدُ (قَوْلُهُ: خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ إلَخْ) وَقِيلَ: إنَّ مَحَلَّهُ الرَّأْسُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ فِي رَأْسِهِ فَأَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ هَلْ تَلْزَمُهُ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ فَقَطْ وَلَا دِيَةَ لِلْعَقْلِ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ أَوْ تَلْزَمُهُ دِيَةٌ لِمُوضِحَةٍ وَدِيَةٌ لِلْعَقْلِ لِتَعَدُّدِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: أَيْ أَسْأَلُهُمْ) أَيْ ذَوِي الْأَلْبَابِ فَأَسْأَلُ مُتَعَلِّقٌ بِمَفْعُولٍ مَعْنًى هُوَ ضَمِيرُ ذَوِي الْأَلْبَابِ السَّابِقِ ذِكْرُهُمْ حَذَفَهُ اخْتِصَارًا أَوْ اقْتِصَارًا لِقَرِينَةِ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ الْفِعْلُ بِمَفْعُولٍ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِيَعُمَّ كُلَّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ السُّؤَالُ مِنْ النَّاظِرِينَ فِي كِتَابِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُسْأَلُونَ) أَيْ لِشَفَقَتِهِمْ وَرَحْمَتِهِمْ وَكَمَالِ إيمَانِهِمْ (قَوْلُهُ: بِلِسَانِ التَّضَرُّعِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّضَرُّعَ هُوَ التَّذَلُّلُ وَلَا لِسَانَ لَهُ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَرْبَعَةِ أَجْوِبَةٍ وَبَقِيَ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَيْ بِلِسَانِي عِنْدَ تَضَرُّعِي وَتَذَلُّلِي (قَوْلُهُ: أَيْ ذَوِي التَّضَرُّعِ) أَرَادَ بِهِ نَفْسَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُتَضَرِّعِ الْخَاشِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُرَادُ بِلِسَانِ تَضَرُّعِي) أَيْ فَأَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ) أَيْ حَيْثُ شَبَّهَ تَضَرُّعَهُ بِإِنْسَانٍ ذِي لِسَانٍ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ عَلَى طَرِيقِ الْمَكْنِيَّةِ وَإِثْبَاتُ اللِّسَانِ تَخْيِيلٌ (قَوْلُهُ: وَالْخُشُوعِ) عَطَفَهُ عَلَى التَّضَرُّعِ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِ فَالْمُرَادُ بِهِمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّذَلُّلُ (قَوْلُهُ: وَخِطَابُ التَّذَلُّلِ) الِاحْتِمَالَاتُ الْأَرْبَعُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ بِلِسَانِ التَّضَرُّعِ تَجْرِي هُنَا (قَوْلُهُ: فَالْأَلْفَاظُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ التَّضَرُّعُ وَالْخُشُوعُ وَالتَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ (قَوْلُهُ: وَأَسْنَدَ)

تَفَنُّنًا وَالْخِطَابُ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ إفْهَامُ الْمُخَاطَبِ وَقِيلَ: الصَّالِحُ لِلْإِفْهَامِ (أَنْ يُنْظَرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ اسْأَلْهُمْ أَنْ يَتَأَمَّلَ هَذَا الْكِتَابَ (بِعَيْنِ) ذِي (الرِّضَا) أَيْ الْقَبُولِ وَالْمَحَبَّةِ (وَالصَّوَابِ) أَيْ الْإِنْصَافِ لَا بِعَيْنِ السَّخَطِ وَالِاعْتِسَافِ أَوْ أَنَّ إضَافَةَ عَيْنٍ لِمَا بَعْدَهُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا قِيلَ وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ... كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا (فَمَا كَانَ) مَا شَرْطِيَّةٌ مُبْتَدَأٌ وَكَانَ تَامَّةٌ فِعْلُ الشَّرْطِ وَفَاعِلُهَا يَعُودُ عَلَى مَا وَ (مِنْ نَقْصٍ) بَيَانٌ لِمَا أَيْ فَمَا وُجِدَ فِيهِ مِنْ نَقْصِ لَفْظٍ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ (كَمَّلُوهُ) فِعْلٌ مَاضٍ جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ كَمَّلُوا ذَلِكَ النَّقْصَ أَيْ اللَّفْظَ النَّاقِصَ أَوْ الْمَنْقُوصَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْصِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ أَيْ التَّرْكَ إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْمِيلِ التَّرْكِ إذْ لَا يَكْمُلُ إلَّا الْمَوْجُودُ نَاقِصًا (وَ) مَا كَانَ (مِنْ خَطَإٍ) فِي الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ وَفِي إعْرَابِ الْأَلْفَاظِ (أَصْلَحُوهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ فِعْلٌ مَاضٍ أَيْ أَصْلَحُوا ذَلِكَ الْخَطَأَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي الشُّرُوحِ أَوْ الْحَاشِيَةِ أَوْ التَّقْرِيرِ بِأَنْ يُقَالَ قَدْ وَقَعَ مِنْهُ هَذَا سَهْوًا أَوْ قَدْ سَبَقَهُ الْقَلَمُ وَصَوَابُهُ كَذَا أَوْ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَثَلًا أَوْ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَتَبْدِيلٍ فِي أَصْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا إذْنَ فِيهِ لِأَحَدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَذَرُ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ كَأَنْ يُقَالَ: هَذَا خَبْطٌ أَوْ كَذِبٌ أَوْ كَلَامٌ فَاسِدٌ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّ قِلَّةَ الْأَدَبِ مَعَ أَئِمَّةِ الدِّينِ لَا تُفِيدُ إلَّا الْوَبَالَ عَلَى صَاحِبِهَا دُنْيَا وَأُخْرَى وَانْظُرْ هَذَا الْإِمَامَ الْكَبِيرَ كَيْفَ اعْتَذَرَ وَتَذَلَّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَضَافَ (قَوْلُهُ: تَفَنُّنًا) أَيْ ارْتِكَابًا لِفَنَّيْنِ وَطَرِيقَتَيْنِ فِي التَّعْبِيرِ مُرَادًا مِنْهُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْخِطَابِ اللِّسَانُ فَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَالْخِطَابُ إلَخْ بَيَانٌ لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ لَا لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الصَّالِحُ لِلْإِفْهَامِ) أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقَالُ لِلْكَلَامِ خِطَابٌ إلَّا إذَا وُجِدَ مَنْ يُخَاطَبُ بِهِ وَكَانَ أَهْلًا لِفَهْمِهِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيُقَالُ لَهُ خِطَابٌ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُخَاطَبُ بِهِ فَكَلَامُ اللَّهِ فِي الْأَزَلِ لَا يُقَالُ لَهُ خِطَابٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُقَالُ لَهُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَنْ يُنْظَرَ) أَيْ أَنْ يُنْظَرَ إلَيْهِ مَنْ نَظَرَهُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: بِعَيْنِ ذِي الرِّضَا) أَيْ فَفِي الْكَلَامِ مَجَازٌ بِالْحَذْفِ أَوْ الْمُرَادِ بِعَيْنِ الرَّاضِي وَالْمُصِيبِ، أَوْ الْكَلَامُ مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَنَّهُ بَالَغَ فِي النَّاظِرِ حَتَّى جَعَلَهُ نَفْسَ الرِّضَا، أَوْ فِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْعَيْنِ تَخْيِيلٌ أَوْ أَنَّ إضَافَةَ عَيْنٍ لِمَا بَعْدَهُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ النَّاظِرُ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ فِي حَالِ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: لَا بِعَيْنِ السَّخَطِ) هُوَ ضِدُّ الرِّضَا وَهُوَ تَصَوُّرُ الْحَقِّ بِصُورَةِ الْبَاطِلِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِسَافِ) هُوَ الْبَاطِلُ فَهُوَ ضِدُّ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ إضَافَةَ عَيْنٍ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ ذِي (قَوْلُهُ: وَعَيْنُ الرِّضَا) أَيْ وَعَيْنُ النَّاظِرِ لِلشَّيْءِ فِي حَالِ رِضَاهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ) أَيْ كَمَا أَنَّ عَيْنَ النَّاظِرِ لِلشَّيْءِ فِي حَالِ سَخَطِهِ عَلَيْهِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا أَيْ الْقَبَائِحَ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْصٍ) أَيْ نَقْصِ لَفْظٍ أَيْ لَفْظٍ نَاقِصٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ كَلِمَةً أَوْ حَرْفًا لَا مَا كَانَ فِيهِ مِنْ نَقْصِ أَحْكَامٍ وَمَسَائِلَ لَمْ تُذْكَرْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا غَايَةَ لَهُ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى تَكْمِيلِ ذَلِكَ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: كَمَّلُوهُ) أَيْ أَذِنْت لَهُمْ فِي تَكْمِيلِهِ بِمَا يُتَمِّمُهُ لِأَجْلِ أَنْ يُفْهَمَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: فِعْلٌ مَاضٍ) أَيْ فَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ أَمْرٍ إذْنًا لِأُولِي الْأَلْبَابِ فِي التَّكْمِيلِ؛ لِأَنَّ مَا شَرْطِيَّةٌ مُبْتَدَأٌ وَالْأَمْرُ لَا يَكُونُ جَوَابًا لِلشَّرْطِ إلَّا إذَا قُرِنَ بِالْفَاءِ وَلَا يَجُوزُ حَذْفُهَا إلَّا فِي الشِّعْرِ (قَوْلُهُ: جَوَابُ الشَّرْطِ) وَهَلْ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ فِعْلُ الشَّرْطِ أَوْ جَوَابُهُ أَوْ هُمَا أَقْوَالٌ (قَوْلُهُ: أَيْ اللَّفْظَ النَّاقِصَ) أَيْ السَّاقِطَ وَتَكْمِيلُهُ بِالْإِتْيَانِ بِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْقُوصَ أَيْ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِسْقَاطِ وَتَكْمِيلُهُ بِالْإِتْيَانِ بِالسَّاقِطِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْصِ إمَّا اللَّفْظُ الْمَحْذُوفُ الْمُسْقِطُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِسْقَاطِ لَا نَفْسُ الْإِسْقَاطِ وَالتَّرْكِ إذْ لَا يَكْمُلُ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْصَ يُطْلَقُ عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الْأَخِيرِ حَقِيقَةٌ وَعَلَى الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْكَامِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ بِاعْتِبَارِ الْمُرَادِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعَانِي فِي حَدِّ ذَاتِهَا أَعَمَّ (قَوْلُهُ: وَفِي إعْرَابِ الْأَلْفَاظِ) كَمَا إذَا رَفَعَ مَا حَقُّهُ النَّصْبُ أَوْ نَصَبَ مَا حَقُّهُ الرَّفْعُ أَوْ الْجَرُّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَيْ أَصْلَحُوا ذَلِكَ الْخَطَأَ) أَيْ أَذِنْت لَهُمْ فِي إصْلَاحِهِ (قَوْلُهُ: بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي الشُّرُوح) أَيْ لِمَنْ تَصَدَّى لِوَضْعِ شَرْحٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَاشِيَةِ) أَيْ أَوْ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ فِي الْحَاشِيَةِ أَيْ الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكْشِطَ أَلْفَاظَهُ وَيَأْتِيَ بِبَدَلِهَا أَوْ يَزِيدَ فِيهَا أَوْ يَنْقُصَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ؛ لِأَنَّ فَتْحَ هَذَا الْبَابِ يُؤَدِّي لِنَسْخِ الْكِتَابِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَنَّ النَّاسِخُ أَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ مَعَ كَوْنِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ قَالَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُجَابُ عَنْهُ بِكَذَا فَلَا بَأْسَ بِهِ أَوْ يُقَالُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ

[باب أحكام الطهارة]

عَلَى عُلُوِّ مَقَامِهِ وَعِظَمِ شَأْنِهِ أَفَيُجَازَى مِثْلُهُ بِقِلَّةِ الْأَدَبِ بِمُجَرَّدِ هَفْوَةٍ لَا يَخْلُو مِنْهَا أَحَدٌ كَمَا عُلِّلَ وَجْهُ اعْتِذَارِهِ وَسُؤَالِهِ التَّأَمُّلَ بِعَيْنِ الرِّضَا بِقَوْلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنَّا بِهِ (فَقَلَّمَا يَخْلُصُ) أَيْ يَنْجُو (مُصَنِّفٌ) أَيْ مُؤَلِّفٌ (مِنْ الْهَفَوَاتِ) جَمْعُ هَفْوَةٍ وَمُرَادُهُ بِهَا الْخَطَأُ (أَوْ يَنْجُو مُؤَلِّفٌ مِنْ الْعَثَرَاتِ) جَمْعُ عَثْرَةٍ بِالْمُثَلَّثَةِ وَمُرَادُهُ بِهَا السُّقُوطُ فِي تَحْرِيفِ الْأَلْفَاظِ وَيَحْتَمِلُ الْعَكْسَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الزَّلَّةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلُّ النِّسْيَانِ وَالْقَلْبُ يَتَقَلَّبُ فِي كُلِّ آنٍ فَرُبَّمَا تَعَلَّقَ الْقَلْبُ بِحُكْمِ أَوَامِرَ مِنْ الْأُمُورِ فَيَكْتُبُ الْإِنْسَانُ خِلَافَ مَقْصُودِهِ أَوْ أَنَّهُ يَنْسَى شَرْطًا أَوْ حُكْمًا أَوْ يَسْهُو عَنْهُ فَيَظُنُّ أَنَّ الصَّوَابَ مَا كَتَبَهُ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ أَوْ يُرِيدُ أَنْ يَكْتُبَ لَفْظَ وُجُوبٍ فَيَسْبِقُهُ الْقَلَمُ فَيَكْتُبُ لَفْظَ سُنَّةٍ أَوْ يُرِيدُ اخْتِصَارَ عِبَارَةٍ فَيَسْقُطُ مِنْهُ مَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ وَقَدْ يَكُونُ الْخَطَأُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُنْسَبُ لَهُ كَأَنْ يُخَرِّجَ عَلَى الْحَاشِيَةِ كَلِمَةً أَوْ كَلَامًا فَيُثْبِتُهَا النَّاسِخُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَيُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ أَخْطَأَ مَعَ أَنَّ الَّذِي أَخْطَأَ غَيْرُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ فَجَزَى اللَّهُ الْمُؤَلِّفِينَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَقُلْنَا مَعْنَاهَا النَّفْيُ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مُؤَلِّفٌ فَمَا كَافَّةٌ لِقَلَّ عَنْ طَلَبِ الْفَاعِلِ وَحِينَئِذٍ فَتُكْتَبُ مُتَّصِلَةً بِقَلَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (بَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ) (هَذَا بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الطَّهَارَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَهُوَ لُغَةً فُرْجَةٌ فِي سَاتِرٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ وَعَكْسُهُ، وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي حُكْمٍ وَالطَّهَارَةُ لُغَةً النَّظَافَةُ مِنْ الْأَوْسَاخِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ كَالْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَاصْطِلَاحًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَاسِدٌ وَيُجَابُ عَنْهُ بِكَذَا فَلَا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا فَالْمُضِرُّ تَرْكُ الْجَوَابِ مَعَ الِاعْتِرَاضِ بِكَلَامٍ شَنِيعٍ (قَوْلُهُ: عَلَى عُلُوِّ مَقَامِهِ) أَيْ مَعَ عُلُوِّ مَقَامِهِ (قَوْلُهُ: وَعَنَّا بِهِ) أَيْ وَرَضِيَ عَنَّا بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: فَقَلَّمَا يَخْلُصُ إلَخْ) الْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَإِنَّمَا اعْتَذَرْت لِذَوِي الْأَلْبَابِ مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ خَلَلٌ وَاقِعٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ مِنْ الْخَلَلِ الَّذِي يُظَنُّ وُقُوعُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُصُ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ إلَخْ فَقَلَّ لِلنَّفْيِ وَمَا كَافَّةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ قَلَّ خُلُوصٌ أَيْ انْتَفَى خُلُوصٌ إلَخْ أَيْ إنَّمَا اعْتَذَرْت إلَيْهِمْ؛ لِأَنِّي مُصَنِّفٌ وَكُلُّ مُصَنِّفٍ لَا يَنْجُو إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ مُؤَلِّفٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُؤَلِّفِ بِمُصَنِّفٍ أَوَّلًا وَبِمُؤَلِّفٍ ثَانِيًا تَفَنُّنٌ فِي التَّعْبِيرِ كَمَا أَنَّ تَعْبِيرَهُ أَوَّلًا بِيَخْلُصُ وَثَانِيًا بِيَنْجُو تَفَنُّنٌ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِهَا الْخَطَأُ) أَيْ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِهَا السُّقُوطُ) أَيْ الْوُقُوعُ فِي تَحْرِيفِ الْأَلْفَاظِ أَيْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعَثْرَةِ الْخَطَأُ فِي اللَّفْظِ وَالتَّحْرِيفُ فِيهِ بِأَنْ يُسْقِطَ كَلِمَةً كَالْمُبْتَدَإِ أَوْ الْخَبَرِ أَوْ جُمْلَةً، فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي تَحْرِيفِ الْأَلْفَاظِ مُرَادُهُ بِتَحْرِيفِهَا إسْقَاطُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ أَوْ إسْقَاطُ الْجُمْلَةِ بِتَمَامِهَا أَوْ إسْقَاطُ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ) أَيْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْهَفَوَاتِ تَحْرِيفَ الْأَلْفَاظِ وَمُرَادُهُ بِالْعَثَرَاتِ الْخَطَأَ فِي الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الزَّلَّةُ) أَيْ النَّقْصُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَنْجُو مُؤَلِّفٌ مِنْ النَّقْصِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَقْصُ كَلِمَةٍ أَوْ جُمْلَةٍ أَوْ نَقْصُ حُكْمٍ بِأَنْ يَتْرُك الْحُكْمَ الصَّوَابَ وَيَأْتِيَ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَيْ كَوْنُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَخْلُصُ مِنْ الْهَفَوَاتِ وَلَا يَنْجُو مِنْ الْعَثَرَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُرِيدُ أَنْ يَكْتُبَ لَفْظَ وُجُوبٍ) أَيْ مَعَ اسْتِحْضَارِ الْقَلْبِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَقَدْ يَكُونُ الْخَطَأُ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمُؤَلِّفِ وَيُنْسَبُ لِلْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَخْرُجَ) أَيْ الْمُؤَلِّفُ أَيْ كَأَنْ يَكْتُبَ عَلَى الْحَاشِيَةِ كَلِمَةً سَاقِطَةً مِنْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ يَخْرُجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَتُكْتَبُ مُتَّصِلَةً) أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً فَيَجُوزُ فِيهَا الِاتِّصَالُ وَالِانْفِصَالُ وَعَلَى ذَلِكَ فَالْفَاعِلُ الْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ مِنْهَا وَمِنْ الْفِعْلِ وَحْدَهَا وَهُوَ يَخْلُصُ أَيْ قَلَّ خَلَاصُ الْمُصَنِّفِ [بَابٌ أَحْكَامُ الطَّهَارَةِ] ِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْبَابُ لُغَةً وَقَوْلُهُ: فِي سَاتِرٍ أَيْ حَائِطٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَسَائِلِ) أَرَادَ بِهَا الْقَضَايَا الْمَخْصُوصَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَدْلُولَ التَّرَاجِمِ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ لَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَكَةِ فِي حُكْمٍ) أَيْ الْمُشْتَرَكِ مَدْلُولُهَا فِي أَمْرٍ كَالْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالطَّهَارَةِ أَوْ بِالْوُضُوءِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ حَقِيقَتَهُ الَّذِي هُوَ ثُبُوتُ أَمْرٍ لِأَمْرٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِأَمْرٍ بَدَلَ حُكْمٍ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْحُكْمِ الْكَوْنَ مُتَعَلِّقًا بِكَذَا فَالْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِفَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ مَثَلًا اشْتَرَكَتْ فِي حُكْمٍ وَهُوَ كَوْنُهَا مُتَعَلِّقَةً بِالْوُضُوءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: النَّظَافَةُ مِنْ الْأَوْسَاخِ) أَيْ الْخُلُوصُ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: الْحِسِّيَّةِ أَيْ الْمُشَاهَدَةِ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ كَالطِّينِ وَالْعَذِرَةِ (قَوْلُهُ: كَالْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ) أَيْ مِثْلُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالْبَاطِنَةِ أَيْ كَالْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، فَإِذَا قِيلَ: فُلَانٌ طَاهِرٌ مِنْ الْعُيُوبِ أَيْ خَالِصٌ مِنْهَا كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّهَارَةَ عَلَى التَّحْقِيقِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ الرَّصَّاعُ وَالتَّتَّائِيُّ عَلَى الْجَلَّابِ وشب وَشَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ مَوْضُوعَةٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ الْخُلُوصُ مِنْ الْأَوْسَاخِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا حِسِّيَّةً أَوْ مَعْنَوِيَّةً خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ح مِنْ أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلنَّظَافَةِ مِنْ الْأَوْسَاخِ بِقَيْدِ كَوْنِهَا حِسِّيَّةً وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِي النَّظَافَةِ مِنْ الْأَوْسَاخِ الْمَعْنَوِيَّةِ مَجَازٌ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] وَالْمَجَازُ لَا يُؤَكِّدُ إلَّا شُذُوذًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]

تُوجِبُ لِمُوصِفِهَا جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ لَهُ فَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٍ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ انْتَهَى أَيْ صِفَةٌ تَقْدِيرِيَّةٌ تُوجِبُ أَيْ تَسْتَلْزِمُ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا جَوَازَ الصَّلَاةِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِمَوْصُوفِهَا) إنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ كَانَتْ اللَّامُ لِلتَّعَدِّيَةِ، وَإِنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ كَانَتْ اللَّامُ لِشِبْهِ الْمِلْكِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ إيجَابَ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ الْمَوْصُوفِ لَا لَهُ وَالْمَعْنَى عَلَى جَعْلِهَا لِشِبْهِ الْمِلْكِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الْمَوْصُوفَ صَارَ كَالْمَالِكِ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهَا (قَوْلُهُ: فَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٍ إلَخْ) أَيْ فَالصِّفَةُ الَّتِي تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ طَهَارَةٌ مِنْ أَجْلِ خَبَثٍ، وَالْأَخِيرَةُ وَهِيَ الصِّفَةُ الَّتِي تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ الصَّلَاةِ لَهُ طَهَارَةً مِنْ أَجْلِ حَدَثٍ (قَوْلُهُ: أَيْ صِفَةٌ تَقْدِيرِيَّةٌ) أَيْ يُقَدِّرُ وَيَفْرِضُ قِيَامَهَا بِمَوْصُوفِهَا أَيْ يُقَدِّرُ الْمُقَدِّرُ قِيَامَهَا بِمَوْصُوفِهَا وَيَفْرِضُ ذَلِكَ فَهِيَ صِفَةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ يَعْتَبِرُهَا الْمُعْتَبِرُ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا وَهُوَ مَا يَقْتَضِي طَهَارَةَ الشَّيْءِ أَصَالَةً كَالْحَيَاةِ وَالْجَمَادِيَّةِ أَوْ التَّطْهِيرِ أَيْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَوْ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ صِفَةً حَقِيقَةً يُمْكِنُ رُؤْيَتُهَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا حُكْمِيَّةً أَنَّ الْعَقْلَ يَحْكُمُ بِثُبُوتِهَا وَحُصُولِهَا فِي نَفْسِهَا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْحَالِ أَوْ مِنْ الصِّفَاتِ الِاعْتِبَارِيَّةِ عِنْدَ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْحَالِ كَالظُّهُورِ وَالشَّرَفِ وَالْخِسَّةِ فَإِنَّهَا صِفَاتٌ حُكْمِيَّةٌ أَيْ اعْتِبَارِيَّةٌ يَعْتَبِرُهَا الْعَقْلُ أَوْ أَنَّهَا أَحْوَالٌ أَيْ لَهَا ثُبُوتٌ فِي نَفْسِهَا وَلَيْسَتْ مَوْجُودَةً يُمْكِنُ رُؤْيَتُهَا كَصِفَاتِ الْمَعَانِي وَلَا سَلْبِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهَا سَلْبَ شَيْءٍ كَالْقَدَمِ مَثَلًا وَقَالَ شب وَلَا يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ صَادِقٌ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالٌ لَا صِفَاتٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ الصِّفَةُ الِاعْتِبَارِيَّةُ الَّتِي تُعْتَبَرُ وَلَيْسَتْ وُجُودِيَّةً وَصَحَّ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهَا لِضَبْطِ أَسْبَابِهَا الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَسْتَلْزِمُ) أَشَارَ بِهَذَا لِدَفْعِ مَا يُقَالُ عَلَى التَّعْرِيفِ إنَّ الَّذِي يُوجِبُ سَبَبٌ وَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تُوجِبُ تُسَبِّبُ بَلْ مَعْنَاهُ تَسْتَلْزِمُ وَالْمُسْتَلْزِمُ لِلشَّيْءِ مَا لَهُ دَخْلٌ فِيهِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ شَرْطًا أَوْ سَبَبًا فَإِنْ قُلْت إنَّ الطَّهَارَةَ كَمَا تَسْتَلْزِمُ جَوَازَ الصَّلَاةِ تَسْتَلْزِمُ أَيْضًا جَوَازَ الطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ لِمَوْصُوفِهَا فَالتَّعْرِيفُ فِيهِ قُصُورٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ جَوَازُ غَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ إلَّا أَنَّهُ يُرَدُّ أَنَّ دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ لَا يُكْتَفَى بِهَا فِي التَّعَارِيفِ (قَوْلُهُ: جَوَازَ الصَّلَاةِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي اسْتِبَاحَةٍ زَائِدَتَانِ وَأَنَّ إضَافَةَ جَوَازَ لِلْإِبَاحَةِ لِلْبَيَانِ قَالَ فِي المج وَهَذَا لَا يَظْهَرُ فِي قَوْلِهِ فِي تَعْرِيفِ النَّجَاسَةِ مَنْعُ اسْتِبَاحَةٍ فَلَعَلَّ الظَّاهِرَ حَمْلُ الِاسْتِبَاحَةِ هُنَا عَلَى الْمُلَابَسَةِ بِالْفِعْلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فَلَأَنْ يَسْتَبِيحَ الدِّمَاءَ وَيَسْتَبِيحُونَ أَعْرَاضَ النَّاسِ أَيْ يَتَلَبَّسُونَ بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ التَّلَبُّسِ بِفِعْلِ الشَّيْءِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ بِالِاسْتِبَاحَةِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ لَا يَفْعَلُ إلَّا الْمُبَاحَ وَجَعَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي اسْتِبَاحَةٍ لِلطَّلَبِ وَالْمَعْنَى تَسْتَلْزِمُ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا جَوَازَ أَنْ يَطْلُبَ الْمُكَلَّفُ إبَاحَةَ الصَّلَاةِ بِهِ إنْ كَانَ ثَوْبًا أَوْ فِيهِ إنْ كَانَ مَكَانًا وَلَهُ إنْ كَانَ شَخْصًا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِطَلَبِ الْإِبَاحَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ مُلَابَسَتُهَا فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّعَرُّضُ لِمَا تَقْتَضِيهِ اهـ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُعَرِّفِ تُوجِبُ جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ يَعْنِي عِنْدَ تَوَفُّرِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ كَالْمَوْتِ وَالْكُفْرِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَشْمَلُ غُسْلَ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ أَوْجَبَتْ جَوَازَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَكَانَ الْوَاجِبُ زِيَادَةً أَوْ عَلَيْهِ وَلَا يَشْمَلُ الصِّفَةَ الْحَاصِلَةَ عِنْدَ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ لِيَطَأَهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهَا طَهَارَةٌ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا التَّعْرِيفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا صِفَةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ الصَّلَاةِ لَهُ لَوْلَا الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: بِهِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ

إنْ كَانَ مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي وَفِيهِ إنْ كَانَ مَكَانًا لَهُ وَلَهُ إنْ كَانَ نَفْسَ الْمُصَلِّي وَيُقَابِلُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى أَمْرَانِ النَّجَاسَةُ وَهِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَدَثُ وَهُوَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ لَهُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ كَالْجَنَابَةِ أَوْ بِبَعْضِهَا كَحَدَثِ الْوُضُوءِ وَيُطْلَقُ فِي مَبْحَثِ الْوُضُوءِ عَلَى الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَشْمَلُ طَهَارَةَ مَا يَحْمِلُهُ الْمُصَلِّي سَوَاءٌ كَانَ مَاءً مُضَافًا أَوْ غَيْرَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ تُوجِبُ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا جَوَازَ الصَّلَاةِ لِلشَّخْصِ بِمُلَابَسَتِهِ وَالْمُرَادُ الْمُلَابَسَةُ الِاتِّصَالِيَّةُ بِحَيْثُ يَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ فَدَخَلَ فِيهِ طَهَارَةُ ظَاهِرِ الْبَدَنِ مِنْ خَبَثٍ وَخَرَجَ عَنْهُ طَهَارَةُ الْمَكَانِ فَلِذَا زَادَ قَوْلَهُ أَوْ فِيهِ لِإِدْخَالِهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ فَلِإِدْخَالِ طَهَارَةِ هَيْكَلِ الشَّخْصِ بِتَمَامِهِ مِنْ حَدَثٍ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي) أَيْ إنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْمُولُ ثَوْبًا أَوْ مَاءً مُضَافًا أَوْ غَيْرَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ مُلَابِسًا لِلْمُصَلِّي لِيَشْمَلَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْمَاءِ وَطَهَارَةِ مَا يَحْمِلُهُ الْمُصَلِّي مِنْ مَاءٍ مُضَافٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَشْمَلُ أَيْضًا طَهَارَةَ ظَاهِرِ الْبَدَنِ مِنْ أَجْلِ خَبَثٍ، فَظَاهِرُ الْبَدَنِ مُتَّصِفٌ بِالطَّهَارَةِ وَهُوَ مُلَابِسٌ لِلْمُصَلِّي وَهُوَ الْهَيْكَلُ بِتَمَامِهِ مِنْ جِسْمٍ وَرُوحٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَكَانًا لَهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَكَانًا لِلْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ نَفْسَ الْمُصَلِّي) أَيْ إنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهَا نَفْسَ الْمُصَلِّي بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَصْدُقُ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ الَّتِي لَا يُصَلِّي بِهَا كَالْوُضُوءِ لِزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالدُّخُولِ عَلَى السَّلَاطِينِ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: التَّعْرِيفُ لِلطَّهَارَةِ الْمُعْتَدِّ بِهَا وَهِيَ الْمُعْتَنَى بِهَا اعْتِنَاءً كَامِلًا شَرْعًا أَوْ يُجْعَلُ تَخْصِيصُ زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ مَثَلًا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ مَانِعًا فَهِيَ تُبِيحُ الصَّلَاةَ لَوْلَا الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: وَيُقَابِلُهَا) أَيْ الطَّهَارَةَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا الطَّهَارَةُ لَا بِهَذَا الْمَعْنَى بَلْ بِمَعْنَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ رَفْعِ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْحَدَثُ بِالْمَاءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ الطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ فَلَا تُقَابِلُ النَّجَاسَةَ وَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّ الطَّهَارَةَ حَقِيقَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ) أَيْ حَكَمَ الْعَقْلُ بِثُبُوتِهَا عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا، وَقَوْلُهُ: تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا أَيْ تَسْتَلْزِمُ لِلْمُتَّصِفِ بِهَا وَقَوْلُهُ: مَنْعُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَيْ مَنْعُ الشَّخْصِ مِنْ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ بِمُلَابَسَةِ ذَلِكَ الْمَوْصُوفِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَحْمُولًا لِلْمُصَلِّي أَوْ فِيهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْصُوفُ بِهَا مَكَانًا لِلْمُصَلِّي وَلَمْ يَقُلْ أَوَّلَهُ كَمَا فِي حَدِّ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ شَرْعًا لِلْحَدَثِ نَجَاسَةٌ وَلَا لِلْمُحْدِثِ نَجِسٌ فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْكَرَ عَلَى مَنْ لَمْ يُجِبْهُ حِينَ دَعَاهُ وَتَعَلَّلَ بِأَنَّهُ كَانَ نَجِسًا أَيْ جُنُبًا فَقَالَ لَهُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» . إنْ قُلْت: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَالُ لَهُ نَجِسٌ بِاعْتِبَارِ الْحَدَثِ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ نَجِسٌ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ النَّجَاسَةِ بِهِ قُلْت: نَجَاسَةُ الْبَدَنِ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِمُلَابَسَتِهِ وَالْمَوْصُوفُ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبَدَنِ مُلَابِسٌ لِلْمُصَلِّي وَهُوَ الْهَيْكَلُ بِتَمَامِهِ مِنْ جِسْمٍ وَرُوحٍ فَإِنْ قُلْت يُرَدُّ عَلَى تَعْرِيفِ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ لِلدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ قَدْ قَامَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَهِيَ الْمَغْصُوبِيَّةُ تَمْنَعُ الصَّلَاةَ بِهِ أَوْ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُتَّصِفًا بِالنَّجَاسَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ الْمَنْعَ الْوَضْعِيَّ وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا التَّكْلِيفِيَّ وَهُوَ الْحُرْمَةُ. وَالدَّارُ الْمَغْصُوبَةُ، وَإِنْ قَامَ بِهَا وَصْفٌ وَهُوَ الْمَغْصُوبِيَّةُ لَكِنَّهُ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ اقْتَضَى حُرْمَتَهَا وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَامَ بِهِ صِفَةٌ اقْتَضَتْ مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْعَ الصَّلَاةِ وَحُرْمَتَهَا فِي الْمَغْصُوبِ إنَّمَا هُوَ لِشَغْلِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهَذَا غَيْرُ قَائِمٍ بِالْمَغْصُوبِ فَفِيهِ أَنَّ الْمَغْصُوبِيَّةَ تَسْتَلْزِمُ الشُّغْلَ الْمَذْكُورَ، وَوُجُودُ الْمَلْزُومِ يَقْتَضِي وُجُودَ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ: مَنْعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ لَهُ) أَيْ مَنْعَهُ مِنْ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِ الْمَنْعِ) أَيْ النَّهْيِ عَنْ التَّلَبُّسِ بِالْعِبَادَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةً أَوْ طَوَافًا أَوْ مَسَّ مُصْحَفٍ فَالْحَدَثُ بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ يَمْتَنِعُ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ صِفَاتِهِ تَوْقِيفِيَّةٌ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِالشَّخْصِ بِاعْتِبَارِ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ أَوْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا هَذَا مُرَادُهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّخْصِ أَيْ الْهَيْكَلِ بِتَمَامِهِ لَا بِالْأَعْضَاءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ فِي مَبْحَثِ الْوُضُوءِ)

وَفِي مَبْحَثِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى خُرُوجِ الْخَارِجِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (يُرْفَعُ الْحَدَثُ) أَيْ الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ الْمُقَدَّرُ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ، أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (وَحُكْمُ الْخَبَثِ) أَيْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ وَعُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْخَبَثِ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ أَنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْجُرْمِ الْمَخْصُوصِ الْقَائِمِ بِهِ الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ (بِ) الْمَاءِ (الْمُطْلَقِ) غَسْلًا أَوْ مَسْحًا أَوْ نَضْحًا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الطَّهَارَةَ قِسْمَانِ حَدَثِيَّةٌ وَخُبْثِيَّةٌ وَالْأُولَى مَائِيَّةٌ وَتُرَابِيَّةٌ وَالْمَائِيَّةُ بِغَسْلٍ وَمَسْحٍ أَصْلِيٍّ أَوْ بَدَلِيٍّ وَالْبَدَلِيُّ اخْتِيَارِيٌّ أَوْ اضْطِرَارِيٌّ وَالتُّرَابِيَّةُ بِمَسْحٍ فَقَطْ، وَالْخَبَثِيَّةُ أَيْضًا مَائِيَّةٌ وَغَيْرُ مَائِيَّةٍ وَالْمَائِيَّةُ بِغَسْلٍ وَنَضْحٍ، وَغَيْرُ الْمَائِيَّةِ بِدَابِغٍ فِي كَيْمَخْتٍ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأُولَى فِي مَبْحَثِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ فِي قَوْلِهِمْ يُنْقَضُ بِالْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَبْحَثِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ آدَابُ الْحَدَثِ كَذَا (قَوْلُهُ: عَلَى خُرُوجِ الْخَارِجِ) أَيْ خُرُوجِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَدَثَ يُطْلَقُ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: يُرْفَعُ الْحَدَثُ) أَيْ يَرْتَفِعُ وَيَزُولُ بِرَفْعِ اللَّهِ لَهُ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ) أَيْ التَّقْدِيرِيُّ (قَوْلُهُ: الْمُقَدَّرُ) أَيْ الْمَفْرُوضُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْأَعْضَاءِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقَائِمَ بِالْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ صِفَةٌ لِلْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَنْعَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّخْصِ لَا بِالْأَعْضَاءِ فَلَا يَصِحُّ مَا قَالَ لِأَنَّا نَقُولُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّخْصِ بِاعْتِبَارِ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ الْمُرَادُ الْقَائِمُ مُقَارِنُهُ وَهُوَ الْوَصْفُ بِالْأَعْضَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمُقَدَّرَ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ مُقَارِنٌ لِلْمَنْعِ الْمُتَعَلِّقِ بِالشَّخْصِ فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَمَتَى حَصَلَ أَحَدُهُمَا حَصَلَ الْآخَرُ وَمَتَى ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا ارْتَفَعَ الْآخَرُ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الْوَصْفِ وَالْمَنْعِ مَعَ أَنَّ الْحَدَثَ يُطْلَقُ عَلَى أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْحَدَثَ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِالْمُطْلَقِ الْحَدَثُ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لَا الْحَدَثُ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْآخَرَيْنِ أَعْنِي الْخَارِجَ وَخُرُوجَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَرْتَفِعَانِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْوَاقِعِ مُحَالٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُمَا إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ يَرْتَفِعَ حُكْمُ الْحَدَثِ أَوْ وَصْفُ الْحَدَثِ لَا يُقَالُ الْحَدَثُ بِمَعْنَى الْمَنْعِ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُكْمُهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ فَلَا يُتَصَوَّرُ ارْتِفَاعُهُ لِأَنَّا نَقُولُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ تَعَلُّقَهُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِهِ كَانَ حَادِثًا لَا قَدِيمًا؛ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَ مِنْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَادِثٌ وَارْتِفَاعُ الْحَادِثِ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ التَّعَلُّقَ قَيْدٌ خَارِجٌ عَنْ مَفْهُومِهِ كَانَ قَدِيمًا وَحِينَئِذٍ فَارْتِفَاعُهُ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَالتَّعَلُّقُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ مُمْكِنُ الِارْتِفَاعِ وَالْمُرَادُ بِارْتِفَاعِ تَعَلُّقِهِ أَنَّهُ إذَا تَطَهَّرَ الْمُحْدِثُ بِالْمُطْلَقِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَيَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْمَنْعِ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ) هُوَ بِالْجَرِّ تَفْسِيرٌ لِلْخَبَثِ (قَوْلُهُ: الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ) أَيْ الْقَائِمَةُ بِالْمُتَنَجِّسِ الَّتِي تَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنْ الصَّلَاةِ بِمُلَابَسَتِهَا إنْ كَانَ ثَوْبًا أَوْ فِيهِ إنْ كَانَ مَكَانًا، وَأَمَّا عَيْنُ النَّجَاسَةِ فَتُزَالُ بِكُلِّ قِلَاعٍ (قَوْلُهُ: إنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْجُرْمِ الْمَخْصُوصِ) أَيْ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْمُكَلَّفَ مِنْ فِعْلِ مَا كُلِّفَ بِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ النَّجَاسَةُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ الْمُتَرَتِّبِ عِنْدَ إصَابَةِ الْعَيْنِ لِلشَّيْءِ الطَّاهِرِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان، وَالنَّجَاسَةُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِحُكْمِ الْخَبَثِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَذَا وَنَقَلَ ح عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ إطْلَاقَ النَّجِسِ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ جِنْسِهِ عَلَيْهِ كَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ مَثَلًا إذْ لَا مَنْعَ فِي الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَاخْتَارَ المج أَنَّ إطْلَاقَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ لَوْلَا الْعُذْرُ نَظِيرُ الرُّخْصَةِ (قَوْلُهُ: الْقَائِمُ بِهِ الْوَصْفُ) أَيْ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ وَإِلَّا فَالْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ لَا يَقُومُ بِهَا (قَوْلُهُ: حَدَثِيَّةٌ) نِسْبَةٌ لِلْحَدَثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَرْفَعُهُ وَقَوْلُهُ: وَخُبْثِيَّةٌ نِسْبَةٌ لِلْخَبَثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَرْفَعُ حُكْمَهُ (قَوْلُهُ: مَائِيَّةٌ) نِسْبَةٌ لِلْمَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَتَحَصَّلُ بِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ تُرَابِيَّةٌ (قَوْلُهُ: بِغَسْلٍ) أَيْ تَحْصُلُ بِغَسْلٍ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: أُصَلِّي) أَيْ كَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: اخْتِيَارِيٌّ) أَيْ كَمَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ اضْطِرَارِيٌّ) أَيْ كَمَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: مَائِيَّةٌ وَغَيْرُ مَائِيَّةٍ) أَيْ تَحْصُلُ بِالْمَاءِ وَبِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَنَضْحٍ) أَيْ وَهُوَ رَشُّ الْمَاءِ عَلَى مَا شَكَّ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي كَيْمَخْتٍ فَقَطْ) أَيْ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ فِي جِلْدِ كُلِّ

وَنَارٍ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُمْ الرَّافِعُ هُوَ الْمُطْلَقُ لَا غَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ وَعَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ رَفْعًا مُقَيَّدًا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ وَإِنَّمَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ لَا وَجْهَ لَهُ إذْ كَيْفَ تَجْتَمِعُ الْإِبَاحَةُ مَعَ الْمَنْعِ أَوْ الْوَصْفِ الْمَانِعِ نَعَمْ الْأَمْرَانِ مَعًا أَيْ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ لَا يَرْفَعُهُمَا إلَّا الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَرْفَعُهُمَا مَعًا لِأَنَّ التُّرَابَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَقَطْ وَالدَّابِغُ وَالنَّارُ إنَّمَا يَرْفَعَانِ حُكْمَ الْخَبَثِ فَقَطْ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ هُنَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ النِّزَاعِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَا قَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ (وَهُوَ) أَيْ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (صَدَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ (اسْمُ مَاءٍ) خَرَجَ الْجَامِدَاتُ وَالْمَائِعَاتُ الَّتِي لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ مَاءٍ كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ (بِلَا قَيْدٍ) لَازِمٍ خَرَجَ نَحْوُ مَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الزَّهْرِ وَالْعَجِينِ لَا مُنْفَكٌّ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَمَاءِ الْبِئْرِ هَذَا إذَا كَانَ لَمْ يُجْمَعْ مِنْ نَدًى وَلَا ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالْمَطَرِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَلَوْ آبَارَ ثَمُودَ وَإِنْ كَانَ التَّطْهِيرُ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ لِكَوْنِهِ مَاءَ عَذَابٍ بَلْ (وَإِنْ جُمِعَ) وَلَوْ فِي يَدِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسِلِ (مِنْ نَدًى) وَاقِعٍ عَلَى أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ رِيحِهِ بِمَا جُمِعَ مِنْ فَوْقِهِ لِأَنَّهُ كَالتَّغَيُّرِ بِقَرَارِهِ (أَوْ ذَابَ) أَيْ تَمَيَّعَ (بَعْدَ جُمُودِهِ) كَالثَّلْجِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ مَائِعًا ثُمَّ يَجْمُدُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْبَرَدِ وَهُوَ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ جَامِدًا كَالْمِلْحِ وَالْجَلِيدِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالْخُيُوطِ (أَوْ كَانَ) الْمُطْلَقُ (سُؤْرَ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ تُسَهَّلُ أَيْ فَضْلَةُ شُرْبِ (بَهِيمَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَيْتَةٍ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْكِيمَخْتَ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَأَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَهُوَ مُقَابِلُ الرَّاجِحِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَنَارٍ) لَوْ زَادَ وَغَيْرِهِمَا أَيْ غَيْرِ الدَّابِغِ وَالنَّارِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ تَحَجُّرُ الْخَمْرِ وَتَخَلُّلُهُ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيَدْخُلُ أَحْجَارُ الِاسْتِجْمَارِ وَنَحْوُهَا وَمَا دُلِكَ بِهِ النَّعْلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كَمَا وَرَدَ وَمَا مُسِحَ بِهِ الصَّقِيلُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ يُطَهِّرُ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُمْ الرَّافِعُ) أَيْ لِلْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى التَّحْقِيقِ) عَطْفٌ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: مُقَيَّدٌ) أَيْ بِدَوَامِهِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْبِيهُ) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَدَقَ عَلَيْهِ) أَيْ حُمِلَ عَلَيْهِ حَمْلًا صَحِيحًا وَقَوْلُهُ: اسْمُ مَاءٍ إضَافَتُهُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ) أَيْ وَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَيْدٍ لَازِمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مُلَازِمٍ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ أَصْلًا، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ أَصْلًا أَوْ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ غَيْرِ لَازِمٍ بَلْ مُنْفَكٌّ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَالْمَطَرِ فَإِنَّ هَذِهِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمَاءِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَمُقَيَّدًا وَخَرَجَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ لَازِمٍ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالزَّهْرِ وَالْعَجِينِ فَإِنَّ هَذِهِ لَا يَصْدُقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهَا إلَّا مُقَيَّدًا فَلَا تَكُونُ مِنْ إفْرَادِ الْمُطْلَقِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا حَدَثٌ وَلَا حُكْمُ خَبَثٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطْلَقَ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ هُوَ مَا صَحَّ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِأَنْ يُقَالَ فِيهِ هَذَا مَاءٌ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَالْمَطَرِ فَخَرَجَ مَا لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ مِنْ الْجَامِدَاتِ وَالْمَائِعَاتِ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَا يَصْدُقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهِ إلَّا بِالْقَيْدِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: لَا مُنْفَكَّ) أَيْ لَا يَخْرُجُ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ مُنْفَكٍّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آبَارَ ثَمُودَ) أَيْ فَمَاؤُهَا طَهُورٌ عَلَى الْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ التَّطْهِيرُ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ) أَيْ فَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَتَطَهَّرَ بِمَائِهَا وَصَلَّى فَهَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ أَوْ لَا اسْتَظْهَرَ عج الصِّحَّةَ وَفِي الرَّصَّاعِ عَلَى الْحُدُودِ عَدَمُهَا وَاعْتَمَدُوهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَعَدَمُ الصِّحَّةِ تَعَبُّدِيٌّ لَا لِنَجَاسَةِ الْمَاءِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ طَهُورٌ وَكَمَا يُمْنَعُ التَّطْهِيرُ بِمَائِهَا يُمْنَعُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي طَبْخٍ أَوْ عَجْنٍ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ آبَارِ ثَمُودَ الْبِئْرُ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا نَاقَةُ صَالِحٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالِانْتِفَاعُ بِمَائِهَا وَكَمَا يُمْنَعُ التَّطْهِيرُ بِمَاءِ آبَارِ ثَمُودَ يُمْنَعُ التَّيَمُّمُ بِأَرْضِهَا أَيْ يَحْرُمُ وَقِيلَ بِجَوَازِهِ وَصَحَّحَهُ التَّتَّائِيُّ وَمَا قِيلَ فِي آبَارِ ثَمُودَ يُقَالُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْآبَارِ الَّتِي فِي أَرْضٍ نَزَلَ بِهَا الْعَذَابُ كَآبَارِ دِيَارِ لُوطٍ وَعَادٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مَاءَ عَذَابٍ) أَيْ مَاءَ أَرْضٍ نَزَلَ بِهَا الْعَذَابُ فَرُبَّمَا يُصِيبُ الْمُسْتَعْمِلَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْعَذَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُمِعَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ مِنْ نَدًى (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي يَدِ الْمُتَوَضِّئِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْجَمْعُ مِنْ النَّدَى فِي إنَاءٍ بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ فِي يَدِ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَدًى) هُوَ الْبَلَلُ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ آخِرَ اللَّيْلِ عَلَى الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ رِيحَهُ) أَيْ النَّدَى وَقَوْلُهُ: بِمَا أَيْ بِشَيْءٍ جُمِعَ النَّدَى مِنْ فَوْقِهِ أَيْ أَوْ مِنْ تَحْتِهِ وَمَفْهُومُ رِيحِهِ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَالْفَرْقُ خِفَّةُ تَغَيُّرِ الرِّيحِ كَذَا فِي النَّفْرَاوِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِتَغَيُّرِ الرِّيحِ بَلْ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ شَيْءٍ مِنْ أَوْصَافِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إلْحَاقِ هَذَا الْفَرْعِ بِمَسْأَلَةَ: وَالْأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: إنَّهُ كَالتَّغَيُّرِ بِالْقَرَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ) عَطْفٌ عَلَى جُمِعَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْمُطْلَقُ جَامِدًا ثُمَّ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْمِلْحِ الذَّائِبِ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ فِي غَيْرِ

أَوْ جَلَّالَةٍ (أَوْ) كَانَ سُؤْرَ (حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ) وَلَوْ كَافِرَيْنِ شَارِبَيْ خَمْرٍ شَرِبَا مِنْهُ مَعًا وَأَوْلَى لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا (أَوْ) كَانَ الْمُطْلَقُ (فَضْلَةَ طَهَارَتِهِمَا) مَعًا وَأَوْلَى أَحَدُهُمَا اغْتَرَفَا أَوْ نَزَلَا فِيهِ. وَالطُّهَارَةُ بِضَمِّ الطَّاءِ مَا فَضَلَ بَعْدَ التَّطْهِيرِ فَإِضَافَةُ فَضَلَ لَهَا لِلْبَيَانِ (أَوْ) كَانَ الْمُطْلَقُ (كَثِيرًا) بِأَنْ زَادَ عَنْ آنِيَةِ غُسْلٍ وَكَذَا يَسِيرٌ عَلَى الرَّاجِحِ (خُلِطَ بِنَجِسٍ) وَأَوْلَى بِطَاهِرٍ (لَمْ يُغَيِّرْهُ) أَحَدَ أَوْصَافِهِ وَإِلَّا سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ (أَوْ) كَانَ الْمَاءُ مُتَغَيِّرًا جَزْمًا وَ (شُكَّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَقَعَ التَّرَدُّدُ عَلَى السَّوَاءِ (فِي مُغَيِّرِهِ) وَبَيَّنَ مَعْنَى الشَّكِّ بِقَوْلِهِ (هَلْ) هَذَا الْمُغَيِّرُ (يَضُرُّ) كَالطَّعَامِ وَالدَّمِ أَوْ لَا كَقَرَارِهِ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَجْزِمْ بِالتَّغَيُّرِ مَعَ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ، وَمَفْهُومُ شُكَّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّ مُغَيِّرَهُ يَضُرُّ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى الظَّنِّ وَلَوْ جَزَمَ بِالتَّغَيُّرِ وَأَنَّهُ بِمُفَارِقٍ وَشُكَّ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ (أَوْ تَغَيَّرَ) الْمَاءُ رِيحُهُ (بِمُجَاوِرِهِ) بِالْهَاءِ وَبِالتَّاءِ أَيْ بِسَبَبِ مُجَاوِرِهِ كَجِيفَةٍ أَوْ وَرَدَ عَلَى شِبَاكِ قُلَّةٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ مُلَاصَقَةٍ لِلْمَاءِ وَلَا يُمْكِنُ عَادَةً تَغَيُّرُ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمُهُ بِمَا ذُكِرَ لِعَدَمِ الْمُمَاسَّةِ لَكِنْ لَوْ فُرِضَ التَّغَيُّرُ مَا ضَرَّ أَيْضًا وَهَذَا إذَا كَانَ تَغَيُّرُ رِيحِهِ بِمُجَاوِرٍ غَيْرَ مُلَاصِقٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ تَغَيُّرُ رِيحِهِ (بِدُهْنٍ لَاصَقَ) سَطْحَ الْمَاءِ بِلَا مُمَازَجَةٍ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُلَاصِقَ لِسَطْحِ الْمَاءِ يَضُرُّ، وَأَمَّا تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ بِالْمُلَاصِقِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ قَطْعًا كَالْمُمَازِجِ حَتَّى عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (أَوْ) كَانَ تَغَيُّرُ رِيحِهِ لَا لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ (بِ) سَبَبِ (رَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْضِعِهِ عَلَى مَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ح وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَاءٌ وَقَوْلُهُ: ذَابَ أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ ذَوَّبَهُ مُذَوِّبٌ بِنَارٍ أَوْ شَمْسٍ وَإِذَا وُجِدَ فِي دَاخِلِ مَا ذَابَ شَيْءٌ مُفَارِقٌ، فَإِنْ غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ سَلَبَهُ طَهُورِيَّتَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ حُكْمَهُ كَمُغَيِّرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ شَيْئًا مِنْ أَوْصَافِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَلَّالَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ جَلَّالَةً تَأْكُلُ الْجِيَفَ وَالنَّجَاسَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرَيْنِ شَارِبِي خَمْرٍ) أَيْ، وَلَوْ رُئِيَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى فَمِهِمَا وَقْتَ الشُّرْبِ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ وَإِلَّا سَلَبَ طَهُورِيَّتَهُ وَكَانَ نَجِسًا (قَوْلُهُ: أَوْ فَضْلَةَ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ الْمُطْلَقُ فَضْلَةَ طَهَارَةِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ سَوَاءٌ تَطَهَّرَا فِيهِ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَسِيرٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ لَمْ تُغَيِّرْهُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ التَّصْرِيحُ بِمَفْهُومِ كَثِيرٍ وَهُوَ الْيَسِيرُ فِي قَوْلِهِ وَيَسِيرٌ كَآنِيَةِ وُضُوءٍ إلَخْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ) أَيْ وَصَارَ حُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَجْزِمْ بِالتَّغَيُّرِ مَعَ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي تَغَيُّرِهِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَغَيُّرِهِ هَلْ هُوَ مُتَغَيِّرٌ بِمَا يَضُرُّ كَالطَّعَامِ أَوْ الْبَوْلِ أَوْ بِمَا لَا يَضُرُّ كَقَرَارِهِ فَالْمَاءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا طَهُورٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْمَاءُ عَنْ أَصْلِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَوْ يُظَنَّ أَنَّ مُغَيِّرَهُ مِمَّا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْمَاءِ وَكَثِيرِهِ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّ مُغَيِّرَهُ يَضُرُّ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّغَيُّرَ مَجْزُومٌ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى الظَّنِّ) سَوَاءٌ قَوِيَ الظَّنُّ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا كَالْبِرْكَةِ أَوْ قَلِيلًا كَالْآبَارِ لَكِنَّ الثَّانِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَالْأَوَّلَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا لَوْ عُلِمَ أَنَّ الْمُغَيِّرَ مِمَّا يَضُرُّ ضَرَّ اتِّفَاقًا كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إذَا جَزَمَ بِالتَّغَيُّرِ وَظَنَّ أَنَّ الْمُغَيِّرَ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى الطَّهُورِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى الظَّنِّ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ قَوِيٍّ وَأَوْلَى إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ مَاءُ الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الَّذِي غَيَّرَهُ مِمَّا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ وَالطَّاهِرِيَّةَ لِقُرْبِهَا مِنْ الْمَرَاحِيضِ وَرَخَاوَةِ أَرْضِهَا فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ مُغَيِّرَهُ مِمَّا لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ فَالْمَاءُ طَهُورٌ، وَأَمَّا الْمَاءُ الْكَثِيرُ كَالْخَلِيجِ يُظَنُّ أَنَّ تَغَيُّرَهُ مِمَّا يُصَبُّ فِيهِ مِنْ الْمَرَاحِيضِ فَهُوَ طَهُورٌ عَلَى مَا قَالَ الْبَاجِيَّ إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ مَسْلُوبُ الطَّهُورِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَزَمَ بِالتَّغَيُّرِ إلَخْ) هَذِهِ صُورَةٌ خَامِسَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ الْمَسْأَلَةِ خَمْسٌ قَدْ عَلِمْتهَا مِنْ الشَّارِحِ وَمِمَّا قُلْنَاهُ لَك (قَوْلُهُ: أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ) أَيْ وَلَوْ فُرِضَ بَقَاءُ التَّغَيُّرِ فِي الْمَاءِ بَعْدَ زَوَالِ الْمُجَاوِرِ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: كَجِيفَةٍ) أَيْ مُجَاوِرَةٍ لِلْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ تَغَيَّرَ رِيحُهُ بِدُهْنٍ لَاصِقٍ) أَيْ بِرَيَاحِينَ مَطْرُوحَةٍ عَلَى سَطْحِ الْمَاءِ فَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ تَغَيُّرُ رِيحِهِ فَلَا يَضُرُّ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَضُرُّ مِثْلُ تَغَيُّرِ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ وَالْحَاصِلُ التَّغَيُّرُ بِالْمُجَاوِرِ الْغَيْرِ الْمُلَاصِقِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ الرِّيحُ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الطَّعْمُ أَوْ الثَّلَاثَةُ كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا أَوْ لَا كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِالْمُجَاوِرِ الْمُلَاصِقِ فَيَضُرُّ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ

أَوْ غَيْرِ مُسَافِرٍ وَضَعَ الْمَاءَ فِيهِ بَعْدَ زَوَالِ الْقَطِرَانِ مِنْهُ وَبَقِيَتْ الرَّائِحَةُ وَكَذَا لَوْ وُضِعَ الْقَطِرَانُ فِي الْمَاءِ فَرَسَبَ أَوْ وَضَعَ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ فِيهِ جُرْمُ الْقَطِرَانِ فَتَغَيَّرَ رِيحُهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُمَازَجَةٍ عَلَى مَا لِسَنَدٍ وَأَمَّا تَغَيُّرُ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَطِرَانُ دِبَاغًا لِلْوِعَاءِ وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ تَغَيَّرَ جَمِيعُ الْأَوْصَافِ كَغَيْرِ الْقَطِرَانِ إذَا كَانَ دِبَاغًا كَمَا لِزَرُّوقٍ (أَوْ) تَغَيَّرَ الْمُطْلَقُ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ أَوْ الْجَمِيعُ (بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ) كَالطُّحْلُبِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا خَضِرَةٌ تَعْلُو الْمَاءَ لِطُولِ مُكْثِهِ وَلَوْ نُزِعَ وَأُلْقِيَ فِيهِ ثَانِيًا أَوْ فِي غَيْرِهِ مَا لَمْ يُطْبَخْ فِيهِ وَكَالسَّمَكِ الْحَيِّ لَا إنْ مَاتَ أَوْ تَغَيَّرَ بِرَوْثِهِ فَيَضُرُّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الضَّرَرِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا (أَوْ) تَغَيَّرَ (بِقَرَارِهِ كَمِلْحٍ) وَتُرَابٍ وَكِبْرِيتٍ وَمَغْرَةٍ وَشَبٍّ بِأَرْضِهِ (أَوْ) تَغَيَّرَ (بِمَطْرُوحٍ) فِيهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ كَأَنْ أَلْقَتْهُ الرِّيَاحُ بَلْ (وَلَوْ) طُرِحَ فِيهِ (قَصْدًا) مِنْ آدَمِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَغَيِّرُ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا أَوْ لَا قَلَّ الْمَاءُ أَوْ كَثُرَ وَفِي تَغَيُّرِ الرِّيحِ خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ الضَّرَرُ، وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِالْمُمَازِجِ فَيَضُرُّ مُطْلَقًا بِاتِّفَاقٍ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الضَّرَرِ تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ قَدْ ارْتَضَاهُ ح وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَدْ ارْتَضَاهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَشَارِحُنَا قَدْ مَشَى عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ مَرْزُوقٍ حَيْثُ جَعَلَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفًا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ مُسَافِرٍ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُسَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَتَغَيُّرُ الْمَاءِ بِرَائِحَةِ الْقَطِرَانِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَانَ الْوِعَاءُ لِمُسَافِرٍ أَوْ لِحَاضِرٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَضَعَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَعْمِلُ الْقَطِرَانَ كَثِيرًا فِي الْمَاءِ عِنْدَ الِاسْتِقَاءِ وَغَيْرِهِ فَتُسُومِحَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ التَّغَيُّرُ بِهِ كَالتَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ وَلَيْسَ غَيْرُ الْقَطِرَانِ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لِسَنَدٍ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالضَّرَرِ فِيهِمَا، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَلَا ضَرَرَ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَغَيُّرُ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ لِمُسَافِرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِذَلِكَ الْمَاءِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَمْ لَا كَمَا حَرَّرَهُ ح وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَغَيَّرَ جَمِيعُ الْأَوْصَافِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا كَمَا فِي عب وشب وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ ح أَنَّهُ كَحَبْلِ السَّانِيَةِ أَيْ إنْ كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ دِبَاغًا أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا كَذَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَغَيْرِ الْقَطِرَانِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِغَيْرِ الْقَطِرَانِ كَالْقَرَظِ وَالزَّيْتِ وَالشَّبِّ وَالْعَفْصِ إذَا كَانَ دِبَاغًا، وَلَوْ تَغَيَّرَ جَمِيعُ أَوْصَافِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نُزِعَ وَأُلْقِيَ فِيهِ ثَانِيًا) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُطْبَخْ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ الَّذِي أُلْقِيَ فِيهِ أَوْ الْمُتَوَلِّدُ فِيهِ، فَإِنْ طُبِخَ فِيهِ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ وَهَذَا الْقَيْدُ لِلطَّرْطُوشِيِّ وَسُلِّمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالطَّعَامِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَكَالسَّمَكِ الْحَيِّ) أَيْ فَتَغَيُّرُ الْمَاءِ بِهِ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ سَوَاءٌ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ أَوْ الثَّلَاثَةُ وَظَاهِرُهُ لَوْ رَمَى قَصْدًا بِمَحَلٍّ مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ مَاتَ) أَيْ فَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مُفَارِقٌ غَالِبًا (قَوْلُهُ: فَيَضُرُّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَا مُتَوَلِّدًا مِنْ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الضَّرَرِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمَاءِ غَالِبًا فَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ عج اضْطَرَبَ فِي التَّغَيُّرِ بِخُرْءِ السَّمَكِ هَلْ يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْ الْمَاءِ وَلَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَوْ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا فَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ اهـ فَالْقَوْلَانِ لَهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ الْأَوَّلَ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا آخِرًا الْأَوَّلَ وَرَجَعَ عَنْ اخْتِيَارِهِ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: بِأَرْضِهِ) أَيْ وَجَرَى الْمَاءُ عَلَيْهِ فَتَغَيَّرَ وَمِثْلُ الْمِلْحِ وَمَا مَعَهُ إذَا كَانَ قَرَارُ الْفَخَّارِ الْمَحْرُوقِ أَوْ النُّحَاسِ إذَا سُخِّنَ الْمَاءُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَغَيَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَلْقَتْهُ الرِّيَاحُ) أَيْ فِي الْمَاءِ فَتَغَيَّرَ بِذَلِكَ وَهَذَا مُتَّفَقٌ فِيهِ عَلَى عَدَمِ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ طُرِحَ فِيهِ قَصْدًا مِنْ آدَمِيٍّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ طُبِخَ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا للمج حَيْثُ أَجْرَاهُ عَلَى الطُّحْلُبِ إذَا

خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ (مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا صِفَةٌ لِمَطْرُوحٍ مَعْدِنِيًّا كَانَ الْمِلْحُ أَوْ مَصْنُوعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَالْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ (السَّلْبُ) لِلطَّهُورِيَّةِ (بِالْمِلْحِ) الْمَطْرُوحِ قَصْدًا خَاصَّةً وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ) أَيْ بِالْمِلْحِ (إنْ صُنِعَ) مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَتُرَابٍ مَالِحٍ سُخِّنَ بِنَارٍ وَاسْتُخْرِجَ مِنْهُ مِلْحٌ لَا إنْ لَمْ يُصْنَعْ بِأَنْ كَانَ مَعْدِنِيًّا فَلَا يَتَّفِقُ فِيهِ عَلَى السَّلْبِ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَعَدَمُ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَالرَّاجِحُ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّرَدُّدِ وَهُوَ عَدَمُ الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهِ كَالْمَعْدِنِيِّ، وَالرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمُ السَّلْبِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ (لَا) يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ (بِ) مَاءٍ (مُتَغَيِّرٍ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَلَمْ يَكُنْ بَيِّنًا (لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (يُفَارِقُهُ غَالِبًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQطُبِخَ فِي الْمَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ طَبْخَ الطُّحْلُبِ فِي الْمَاءِ يَنْشَأُ عَنْهُ حَالَةٌ لِلْمَاءِ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مِنْ قَبْلُ بِخِلَافِ الْمِلْحِ إذَا طُبِخَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مَاءً مُسَخَّنًا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ) أَيْ الْقَائِلِ أَنَّ كُلَّ مَا طُرِحَ قَصْدًا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَمَغْرَةٍ وَكِبْرِيتٍ وَشَبٍّ وَجِيرٍ، وَلَوْ مَحْرُوقًا وَجِبْسٍ، وَلَوْ صَارَتْ عَقَاقِيرَ فِي أَيْدِي النَّاسِ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَعِيفَةٌ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التُّرَابِ وَالْمِلْحِ تَنْبِيهًا بِأَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ لِلْمَاءِ وَهُوَ التُّرَابُ وَأَبْعَدِهَا مِنْهُ وَهُوَ الْمِلْحُ عَلَى حُكْمِ مَا بَيْنَهُمَا فَيُعْلَمُ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: السَّلْبُ بِالْمِلْحِ الْمَطْرُوحِ قَصْدًا) أَيْ، وَأَمَّا الْمَطْرُوحُ قَصْدًا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الِاتِّفَاقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْمِلْحِ الْمَطْرُوحِ قَصْدًا فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَا يَنْقُلُ حُكْمَ الْمَاءِ كَالتُّرَابِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إنَّهُ كَالطَّعَامِ فَيَنْقُلُهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَرْجَحُ السَّلْبُ بِالْمِلْحِ وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْمَعْدِنِيُّ كَالتُّرَابِ وَالْمَصْنُوعُ كَالطَّعَامِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ ثُمَّ اخْتَلَفَ مَنْ بَعْدَهُمْ هَلْ تَرْجِعُ هَذِهِ الطُّرُقُ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ مَنْ جَعَلَهُ كَالتُّرَابِ أَرَادَ الْمَعْدِنِيَّ وَمَنْ جَعَلَهُ كَالطَّعَامِ أَرَادَ الْمَصْنُوعَ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ عَلَى أَنَّ الْمَصْنُوعَ يَضُرُّ وَهَذَا هُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ مِنْ التَّرَدُّدِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ تَرَدُّدٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ قَصْدًا وَتَرْجِعُ هَذِهِ الطُّرُقُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مُتَبَايِنَةٍ فَمَنْ قَالَ لَا يَضُرُّ فَمُرَادُهُ، وَلَوْ مَصْنُوعًا وَمَنْ قَالَ يَضُرُّ فَمُرَادُهُ، وَلَوْ مَعْدِنِيًّا فَالْمَصْنُوعُ فِيهِ خِلَافٌ كَغَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّرَدُّدِ وَهُوَ الْمَحْذُوفُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاتِّفَاقِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الَّذِينَ أَتَوْا بَعْدُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَهْمِ إنْ قُلْت: إنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَبِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُمَا قُلْت هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَقَدِّمِينَ مَنْ تَقَدَّمَ، وَلَوْ تَقَدُّمًا نِسْبِيًّا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا الْمُتَقَدِّمِينَ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا نُسِبَ إلَيْهِمْ، وَلَوْ بِحَسَبِ الْفَهْمِ وَالْحَمْلِ لِكَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ) أَيْ الْمَصْنُوعِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْخِلَافُ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ قَصْدًا جَارٍ فِيهِ كَالْمَعْدِنِيِّ (قَوْلُهُ: عَدَمُ السَّلْبِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعْدِنِيًّا أَوْ مَصْنُوعًا (قَوْلُهُ: لَا يُرْفَعُ الْحَدَثُ بِمَاءٍ مُتَغَيِّرٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِمُتَغَيِّرٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْمُطْلَقِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ عَطْفِ النَّكِرَةِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا) أَيْ قَوِيًّا بِخِلَافِ الْمَشْكُوكِ فِي تَغَيُّرِهِ وَالْمَظْنُونُ تَغَيُّرُهُ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ وَالْمُتَوَهَّمُ تَغَيُّرُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِالْمُفَارِقِ إمَّا لَوْنُ الْمَاءِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُتَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ أَوْ يُظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا أَوْ غَيْرَ قَوِيٍّ أَوْ يُشَكَّ فِيهِ أَوْ يَكُونَ مُتَوَهَّمًا، فَإِنْ كَانَ الْمُتَغَيِّرُ اللَّوْنَ أَوْ الطَّعْمَ ضَرَّ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ التَّغَيُّرُ مُحَقَّقًا أَوْ مَظْنُونًا ظَنًّا قَوِيًّا لَا إنْ كَانَ مَشْكُوكًا أَوْ مُتَوَهَّمًا أَوْ مَظْنُونًا ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَغَيِّرُ الرِّيحَ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تَغَيُّرُ الرِّيحِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا وَنَسَبَ ابْنُ عَرَفَةَ لِسَحْنُونٍ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ كَوْنِ تَغَيُّرِ الرِّيحِ كَثِيرًا فَيَضُرُّ أَوْ خَفِيفًا فَلَا يَضُرُّ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الظَّنِّ الْقَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُوَ مَا لعبق وَلَكِنَّ الْحَقَّ

أَيْ كَثِيرًا وَقَوْلُهُ: (مِنْ طَاهِرٍ) كَلَبَنٍ وَزَعْفَرَانٍ (أَوْ نَجِسٍ) كَبَوْلٍ وَدَمٍ بَيَانٌ لِمَا (كَدُهْنٍ خَالَطَ) أَيْ مَازَجَ مِثَالٌ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ طَاهِرًا وَقَدْ يَكُونُ نَجِسًا وَقَوْلُهُ: (أَوْ بُخَارِ) أَيْ دُخَانِ (مُصْطَكَى) مِثَالٌ لَهُمَا أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَجِسًا أَيْضًا بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ دُخَانَ النَّجِسِ نَجِسٌ لَا عَلَى الرَّاجِحِ وَسَوَاءٌ بُخِّرَ بِهِ الْمَاءُ أَوْ الْإِنَاءُ وَوُضِعَ فِيهِ الْمَاءُ مَعَ بَقَاءِ الدُّخَانِ لَا إنْ لَمْ يَبْقَ فَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ رِيحِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّغَيُّرِ بِالْمُجَاوِرِ (وَحُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْمُتَغَيِّرِ بَعْدَ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ وَعَدَمِهِ (كَمُغَيِّرِهِ) ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعَادَاتِ دُونَ الْعِبَادَاتِ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَجِسٍ فَلَا (وَيَضُرُّ) الْمَاءُ (بَيِّنُ تَغَيُّرِ) أَيْ تَغَيُّرٍ بَيِّنٍ أَيْ ظَاهِرٍ لِأَحَدِ أَوْصَافِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ظَنِّ التَّغَيُّرِ قَوِيًّا أَوْ غَيْرَ قَوِيٍّ فِي أَنَّهُ يَضُرُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَلِذَا أَطْلَقَ الشَّارِحُ فِي الظَّنِّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْقَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ كَثِيرًا) أَيْ فِي أَكْثَرِ الْأَزْمِنَةِ اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ التَّغَيُّرِ بِمَا لَا يُفَارِقُهُ أَصْلًا وَبِمَا يُفَارِقُهُ قَلِيلًا فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ فَالْأَوَّلُ كَالتَّغَيُّرِ بِالْمُقِرِّ وَالثَّانِي كَالتَّغَيُّرِ بِالسَّمَكِ الْحَيِّ وَكَالتَّغَيُّرِ بِالسَّمْنِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ أَوَانِيهِمْ عَنْهُ غَالِبًا فَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: مِثَالٌ لَهُمَا) أَيْ لِلْمُغَيِّرِ الْمُفَارِقِ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ) أَيْ الدُّهْنُ طَاهِرًا إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَدُهْنٍ خَالَطَ وَبُخَارٍ مُصْطَكَى مِثَالَانِ لِلْمُغَيِّرِ الْمُفَارِقِ غَالِبًا هُوَ الْأَوْلَى مِنْ جَعْلِهِمَا مُشَبَّهَيْنِ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِهِ، وَالتَّشْبِيهُ يَقْتَضِي مُغَايَرَةَ الْمُشَبَّهِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ وَيَكْفِي فِي التَّشْبِيهِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ بِالْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَى التَّشْبِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الدُّهْنَ الْمُخَالِطَ يَضُرُّ مُطْلَقًا غَيَّرَ الْمَاءَ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَضُرُّ إلَّا إذَا غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِ الْمَاءِ الثَّلَاثَةِ كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا أَمْ لَا وَكَذَا يُقَالُ فِي بُخَارِ الْمُصْطَكَى (قَوْلُهُ: مُصْطَكَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا لَكِنْ مَعَ الْفَتْحِ يَجُوزُ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ أَمَّا مَعَ الضَّمِّ فَالْقَصْرُ مُتَعَيِّنٌ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبُخَارٌ كَمُصْطَكَى بِالْكَافِ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ غَيْرُهَا كَالْعُودِ وَنَحْوِهِ إذْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِبَخُورِ الْمُصْطَكَى بَلْ بُخَارُ غَيْرِهَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَافَ كَدُهْنٍ الدَّاخِلَةَ عَلَى بُخَارٍ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ مُصْطَكَى تَقْدِيرًا كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَجِسًا أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ دُخَانَ الْمُصْطَكَى قَدْ يَكُونُ نَجِسًا كَمَا يَكُونُ طَاهِرًا، فَإِذَا كَانَتْ الْمُصْطَكَى طَاهِرَةً كَانَ دُخَانُهَا طَاهِرًا، وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَجِّسَةً كَانَ دُخَانُهَا نَجِسًا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ وَجُعِلَ بُخَارُ الْمُصْطَكَى مِثَالًا لِلْمُغَيِّرِ الْمُفَارِقِ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا بِنَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ مِنْ أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ وَأَنَّ دُخَانَ النَّجِسِ طَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَبُخَارٍ مُصْطَكَى مِثَالٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُغَيِّرُ الْمُفَارِقُ طَاهِرًا وَقَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ بُخِّرَ بِهِ الْمَاءُ أَيْ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْإِنَاءِ وَوُضِعَتْ الْمِبْخَرَةُ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى الْخَالِي مِنْ الْمَاءِ وَغَطَّى الْإِنَاءَ بِشَيْءٍ حَتَّى امْتَزَجَ دُخَانُ الْبَخُورِ بِالْمَاءِ فَيَضُرُّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ لَمْ يَبْقَ) أَيْ الدُّخَانُ كَمَا لَوْ بُخِّرَ الْإِنَاءُ وَهُوَ خَالٍ مِنْ الْمَاءِ ثُمَّ بَعْدَ تَبْخِيرِهِ وُضِعَ فِيهِ الْمَاءُ بَعْدَ أَنْ زَالَ الدُّخَانُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْإِنَاءِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَعَلَّقَتْ بِهِ رَائِحَةُ الْبَخُورِ فَتَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ بِرَائِحَةِ الْبَخُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِنَاءِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابًا عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ التَّغَيُّرُ بِالْمُفَارِقِ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ فَهَلْ يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ فِي الْعَادَاتِ أَوْ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ فِيهَا وَهَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ قِسْمَيْنِ مِنْ أَقْسَامِ الْمَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ مُطْلَقٌ وَغَيْرُ مُطْلَقٍ وَالْمُطْلَقُ إمَّا مَكْرُوهُ الِاسْتِعْمَالِ وَسَيَأْتِي وَإِمَّا غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَقَدْ مَرَّ وَغَيْرُ الْمُطْلَقِ إمَّا طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَعْنِي الطَّاهِرَ وَالنَّجِسَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَجِسٍ فَلَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ النَّجِسَ مَمْنُوعُ التَّنَاوُلِ وَمَا تَغَيَّرَ بِهِ وَهُوَ الْمُتَنَجِّسُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ مِنْ سَقْيِ زَرْعٍ وَمَاشِيَةٍ مَثَلًا وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَيْ ظَاهِرٌ) الْأَوْلَى أَيْ

(بِحَبْلِ سَانِيَةٍ) أَيْ سَاقِيَةٍ أَوْ دَلْوٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ وِعَاءٍ يُخْرَجُ بِهِ الْمَاءُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَخُوصٍ أَوْ حَلْفَاءَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَلَوْ بَيِّنًا (كَ) تَغَيُّرِ (غَدِيرٍ) وَلَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ التَّغَيُّرِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَيِّنًا وَهُوَ وَاحِدُ الْغُدْرَانِ قَطَعَ الْمَاءَ يُغَادِرُهَا السَّيْلُ (بِرَوْثِ مَاشِيَةٍ) وَبَوْلِهَا عِنْدَ وُرُودِهَا لَهُ (أَوْ) تَغَيُّرِ مَاءٍ (بِئْرٍ) وَلَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ أَيْضًا (بِوَرَقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ) أَلْقَتْهُ الرِّيَاحُ فِيهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِئْرَ بَادِيَةٍ أَوْ لَا (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ (فِي) تَغَيُّرِ مَاءِ (بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ بِهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ الْبِئْرِ الْغُدْرَانُ فَلَا مَفْهُومَ لِلْبِئْرِ بَلْ وَلَا لِلْبَادِيَةِ، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى عُسْرِ الِاحْتِرَازِ وَغَلَبَةِ السُّقُوطِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ (وَفِي جَعْلِ) أَيْ تَقْدِيرِ الْمُفَارِقِ غَالِبًا (الْمُخَالِطِ) لِلْمُطْلَقِ الْيَسِيرِ قَدْرَ آنِيَةِ الْغُسْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَثِيرٌ مُتَفَاحِشٌ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّغَيُّرُ قَلِيلًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى مَا يَضُرُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بَيِّنًا أَمْ لَا ثُمَّ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَضُرُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ الْبَيِّنُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْبَيِّنِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ تَغَيُّرُ الْبِئْرِ بِمَا يُخْرَجُ الْمَاءُ بِهِ مِنْهَا مِنْ حَبْلٍ أَوْ دَلْوٍ وَفِي بْن اعْلَمْ أَنَّ التَّغَيُّرَ إمَّا بِمُلَازِمٍ غَالِبًا فَيُغْتَفَرُ أَوْ بِمُفَارِقٍ غَالِبًا وَدَعَتْ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ كَحَبْلِ الِاسْتِقَاءِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ قِيلَ: إنَّهُ طَهُورٌ وَهُوَ لِابْنِ زَرْقُونٍ وَقِيلَ لَيْسَ بِطَهُورٍ وَهُوَ لِابْنِ الْحَاجِّ وَالثَّالِثُ لِابْنِ رُشْدٍ التَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْفَاحِشِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الرَّابِعُ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ لَوْ عَبَّرَ بِآلَةِ الِاسْتِقَاءِ كَمَا عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ لِيَشْمَلَ الْحَبْلَ وَالْكُوبَ وَالسَّانِيَةَ وَغَيْرَهَا كَانَ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: بِحَبْلِ سَانِيَةٍ) لَا مَفْهُومَ لِسَانِيَةٍ بَلْ الْبِئْرُ غَيْرُ السَّانِيَةِ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ إذَا كَانَ يُنْقَلُ مِنْهُ الْمَاءُ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِحَبْلٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَلَا لِسَانِيَةٍ كَمَا قُلْنَا بَلْ مَتَى تَغَيَّرَ الْبِئْرُ كَانَتْ سَانِيَةً أَوْ لَا بِمَا يُخْرَجُ بِهِ الْمَاءُ مِنْهَا كَحَبْلِ الِاسْتِقَاءِ وَالدَّلْوِ وَالْكُوبِ، فَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ فَاحِشًا ضَرَّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ لَمْ يَضُرَّ وَيُعْتَبَرُ التَّفَاحُشُ وَعَدَمُهُ بِالْعُرْفِ نَعَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا يُخْرَجُ بِهِ الْمَاءُ الَّذِي حَصَلَ التَّغَيُّرُ بِسَبَبِهِ مُعَدًّا لِتِلْكَ الْبِئْرِ بِعَيْنِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَبْلًا مَثَلًا مُعَدًّا لِغَيْرِهَا ثُمَّ إنَّهُ صَارَ يَنْزِلُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ بَيِّنًا أَمْ لَا خِلَافًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْزَائِهَا) أَيْ كَفَخَّارٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ (قَوْلُهُ: كَتَغَيُّرِ غَدِيرٍ) أَيْ كَمَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ غَدِيرٍ (قَوْلُهُ: فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ التَّغَيُّرِ) أَيْ فِي الضَّرَرِ بِمُطْلَقِ التَّغَيُّرِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَيِّنًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَغَيُّرَ الْغَدِيرِ بِرَوْثِ الْمَاشِيَةِ مُضِرٌّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ بَيِّنًا أَمْ لَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى تَقْيِيدُ الضَّرَرِ بِكَوْنِ التَّغَيُّرِ بَيِّنًا، وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا وَجَعَلَ التَّشْبِيهَ تَامًّا (قَوْلُهُ: يُغَادِرُهَا) أَيْ يَتْرُكُهَا السَّيْلُ وَعَلَى هَذَا فَغَدِيرٌ بِمَعْنَى مَغْدُورٍ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ مَتْرُوكٌ وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ؛ لِأَنَّهَا تَغْدِرُ بِأَهْلِهَا عِنْدَ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ إلَيْهَا وَعَلَيْهِ فَغَدِيرٌ بِمَعْنَى غَادِرٍ اسْمُ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: بِرَوْثِ مَاشِيَةٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهَا الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمَاشِيَةَ بِالذِّكْرِ رَدًّا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ الْقَوْلِ بِطَهُورِيَّةِ الْغَدِيرِ الْمُتَغَيِّر بِرَوْثِ الْمَاشِيَةِ مُطْلَقًا، وَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ اُنْظُرْ ح أَوْ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ هِيَ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تَرِدَ الْغُدْرَانَ أَوْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ وُرُودِهَا لَهُ) أَيْ لِلْغَدِيرِ أَيْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَغَيَّرَ مَاءُ بِئْرٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا) أَيْ بِوَرَقِ الشَّجَرِ وَالتِّبْنِ الْجَوَازُ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِعُرُوقِ شَجَرَةٍ فِي أَصْلِهِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَتْ مُثْمِرَةً أَمْ لَا كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فَهُوَ عِلَّةُ لِعِلَّةِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ أَوْ التَّصْدِيرَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ لِلْبِئْرِ) أَيْ بَلْ مِثْلُهَا الْغَدِيرُ وَالْعُيُونُ وَقَوْلُهُ: وَلَا لِلْبَادِيَةِ أَيْ بَلْ مِثْلُهَا بِئْرُ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى عُسْرِ الِاحْتِرَازِ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَالْمَاءُ الَّذِي فِي الْحَاضِرَةِ فِي الْمِيَضِ وَالْحِيضَانِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَغْطِيَتُهُ مِنْ الْوَرَقِ وَالتِّبْنِ فَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِمَا ذُكِرَ، وَأَمَّا لَوْ أَمْكَنَ تَغْطِيَتُهُ مِمَّا ذُكِرَ وَلَمْ يُغَطَّ فَإِنَّهُ يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَفِي جَعْلِ الْمُخَالِطِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ إذَا خَالَطَهُ أَجْنَبِيٌّ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ مُوَافِقٌ لَهُ فِي أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَاءِ الرَّيَاحِينِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ لِطُولِ إقَامَتِهَا وَكَبَوْلٍ نَسَفَتْهُ الرِّيَاحُ حَتَّى صَارَ كَالْمُطْلَقِ فِي أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ بِمَا خَالَطَهُ لِأَجْلِ الْمُوَافَقَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ الْمُخَالِطُ مُخَالِفًا لِلْمُطْلَقِ فِي أَوْصَافِهِ لِغَيْرِ الْمُطْلَقِ فِي جَمِيعِ أَوْصَافِهِ أَوْ بَعْضِهَا فَهَلْ يُقَدَّرُ ذَلِكَ الْمُخَالِطُ مُخَالِفًا

(الْمُوَافِقِ) لَهُ فِي أَوْصَافِهِ نَجِسًا كَانَ كَبَوْلٍ زَالَتْ رَائِحَتُهُ أَوْ نَزَلَ بِصِفَةِ الْمُطْلَقِ أَوْ طَاهِرًا كَمَاءِ الرَّيَاحِينِ الْمُنْقَطِعَةِ الرَّائِحَةِ (كَالْمُخَالِفِ) فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ ثُمَّ حُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ، وَعَدَمُ جَعْلِهِ كَالْمُخَالِفِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (نَظَرٌ) أَيْ تَرَدُّدٌ مَحَلُّهُ إذَا تُحُقِّقَ أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ الْأَوْصَافُ الْمُخَالِفَةُ لَتَغَيَّرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَشُكُّ فِي التَّغْيِيرِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهَا وَأَوْلَى لَوْ ظُنَّ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فَهُوَ طَهُورٌ اتِّفَاقًا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الرَّاجِحِ الثَّانِي مَا لَمْ يَغْلِبْ الْمُخَالِطُ وَإِلَّا فَلَا إذْ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَقَوْلُ مَنْ أَطْلَقَ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ (وَفِي) جَوَازِ (التَّطْهِيرِ) مِنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ (بِمَاءِ جُعِلَ فِي الْفَمِ) نَظَرًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّغْيِيرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ لِغَلَبَةِ الرِّيقِ فِي الْفَمِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (قَوْلَانِ) وَهَلْ خِلَافُهُمَا حَقِيقِيٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُحْكَمُ بِعَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ وَيُنْظَرُ فِي كَوْنِهِ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا إلَى ذَلِكَ الْمُخَالِطِ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْمُطْلَقِ وَمُخَالِطِهِ مَعًا لَا لِلْمُطْلَقِ فَقَطْ حَتَّى يُحْكَمَ بِالطَّهُورِيَّةِ أَوْ لَا يُقَدِّرُ مُخَالِفًا وَحِينَئِذٍ فَيَحْكُمُ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ إذَا كَانَ الطَّهُورُ قَدْرَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَكَانَ الْمُخَالِطُ الْمُوَافِقَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى صِفَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ لَتَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ بِهِ أَوْ ظُنَّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُخَالِطُ أَقَلَّ مِنْ الْمُطْلَقِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فَالتَّرَدُّدُ فِي صُوَرٍ سِتٍّ وَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ عَدَمَ التَّغَيُّرِ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ جَزْمًا كَانَ الْمُخَالِطُ قَدْرَ الْمُطْلَقِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ لَا ضَرَرَ فِيهَا اتِّفَاقًا، فَلَوْ كَانَ الْمُطْلَقُ الْمَخْلُوطُ بِالْمُوَافِقِ أَكْثَرَ مِنْ آنِيَةِ الْغُسْلِ فَلَا ضَرَرَ فِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً الْمُتَقَدِّمَةِ فَهَذِهِ ثَلَاثُونَ صُورَةً أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُطْلَقُ أَقَلَّ مِنْ آنِيَةِ الْوُضُوءِ فَالصُّوَرُ السِّتَّةُ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ يُحْكَمُ فِيهَا هُنَا بِالضَّرَرِ جَزْمًا وَالصُّوَرُ التِّسْعَةُ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا فِيمَا مَرَّ بِعَدَمِ الضَّرَرِ يُحْكَمُ فِيهَا هُنَا أَيْضًا بِالطَّهُورِيَّةِ جَزْمًا فَهَذِهِ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً فَفِي الْمُصَنِّفِ مِنْهَا سِتُّ صُوَرٍ وَهِيَ الْأُولَى هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ عج وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِالْيَسِيرِ بَلْ هُوَ جَارٍ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ أَصْلًا وَأَيْضًا تَقْيِيدُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِكَوْنِ الْمُخَالِطِ لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا لِغَيْرِ الْمُطْلَقِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا يُوجِبُ اسْتِوَاءَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَارْتَضَى شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ عبق مَا قَالَهُ بْن فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمُخَالِطُ لِلْمُطْلَقِ الْيَسِيرِ قَدْرُ آنِيَةِ الْغُسْلِ تَبِعَ فِيهِ عج، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: الْمُوَافِقُ لَهُ) أَيْ بِالْعَرَضِ كَالْبَوْلِ الَّذِي نَسَفَتْهُ الرِّيَاحُ وَمَاءُ الرَّيَاحِينِ الْمُنْقَطِعَةِ الرَّائِحَةِ بِطُولِ إقَامَتِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُخَالِطُ مُوَافِقًا لِلْمُطْلَقِ بِالْأَصَالَةِ كَمَاءِ الزَّرْجُونِ نَبْتٌ إذَا عُصِرَ نَزَلَ مِنْهُ مَاءٌ مِثْلُ الطَّهُورِ فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ خَلْطُهُ جَزْمًا فَهُوَ بِمَثَابَةِ خَلْطِ طَهُورٍ بِطَهُورٍ كَذَا فِي عبق وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ ح ذَكَرَ عَنْ سَنَدٍ جَرَيَانَ التَّرَدُّدِ فِي الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ بِالْأَصَالَةِ كَمَاءِ الزَّرْجُونِ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُضَافٌ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْمُطْلَقِ فِي أَصْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِ الْمُوَافِقِ بِكَوْنِ مُوَافَقَتِهِ بِالْعَرَضِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا بِالْعَرَضِ أَوْ بِالْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ: كَبَوْلٍ زَالَتْ رَائِحَتُهُ) أَيْ بِنَسْفِ الرِّيَاحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَزَلَ أَيْ الْبَوْلُ مِنْ الْمَخْرَجِ بِصِفَةِ الْمُطْلَقِ قَالَ ح جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ الْبَوْلَ إذَا زَالَتْ رَائِحَتُهُ حَتَّى صَارَ كَالْمَاءِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَذُكِرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَاصِرِ الدِّينِ أَنَّ الْمُخَالِطَ إذَا كَانَ نَجِسًا فَالْمَاءُ نَجِسٌ مُطْلَقًا اهـ قَالَ بْن نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: كَالْمُخَالِفِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ أُرِيدَ مِنْ الْجَعْلِ التَّقْدِيرُ كَانَتْ الْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالْمُخَالِفِ زَائِدَةً أَيْ وَفِي تَقْدِيرِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ مُخَالِفًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) الْأَوْلَى وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَقْوَالِ وَهَذِهِ مُجَرَّدُ احْتِمَالَاتٍ لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ ثُمَّ إنَّ اخْتِيَارَ الشَّارِحِ لِلشِّقِّ الثَّانِي تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق تَبَعًا لِسَنَدٍ الشِّقَّ الْأَوَّلَ وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ) أَيْ لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ: أَيْ تَرَدُّدٌ الْمُرَادُ بِهِ التَّحَيُّرُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّرَدُّدَ إذَا كَانَ مِنْ وَاحِدٍ كَمَا هُنَا كَانَ بِمَعْنَى التَّحَيُّرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَغْلِبْ الْمُخَالِطُ) أَيْ عَلَى الْمُطْلَقِ بِأَنْ كَانَ الْمُطْلَقُ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَيَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمُخَالِطُ غَالِبًا عَلَى الْمُطْلَقِ بِأَنْ كَانَ الْمُخَالِطُ أَكْثَرَ فَلَا يَكُونُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ مَنْ أَطْلَقَ) أَيْ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ الرَّاجِحُ الثَّانِي وَأَطْلَقَ كعبق (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ) أَيْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ بِفَمِهِ ثُمَّ يَغْسِلَ بِهِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَثَلًا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ تَغَيُّرٌ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الرِّيقِ فِي الْفَمِ) أَيْ عَلَى الْمَاءِ لِيَسَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ) فِي بْن لَيْسَ عَدَمُ جَوَازِ

لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ انْفِكَاكِ الْمَاءِ عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّيقِ إلَّا أَنَّ الْمُجِيزَ اعْتَبَرَ صِدْقَ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ، وَالْمَانِعُ اعْتَبَرَ الْمُخَالَطَةَ فِي الْوَاقِعِ أَوْ فِي حَالٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ مَدَارَ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ عَلَى ظَنِّ التَّغَيُّرِ أَوْ تَحَقُّقِهِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِظُهُورِ الرَّغْوَةِ فِيهِ أَوْ بِغِلَظِ قِوَامِهِ مِنْ غَلَبَةِ اللُّعَابِ فَلَا يَصِحُّ التَّطَهُّرُ بِهِ قَطْعًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ فَإِنْ ظُنَّ التَّغْيِيرُ لِكَثْرَةِ الرِّيقِ أَوْ لِطُولِ مُكْثٍ أَوْ لِمَضْمَضَةٍ فَكَذَلِكَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ظَنٌّ بِأَنْ تُحُقِّقَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ أَوْ شُكَّ فَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْبَغِي الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ أَفْرَادِ الْمُطْلَقِ يُكْرَهُ التَّطْهِيرُ بِهَا نَبَّهَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَكُرِهَ مَاءٌ) أَيْ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ يَسِيرٍ وُجِدَ غَيْرُهُ فِي طَهَارَةِ حَدَثٍ أَوْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مَنْدُوبَةٍ لَا خَبَثٍ فَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْأَرْجَحِ (مُسْتَعْمَلٌ) ذَلِكَ الْمَاءُ قَبْلُ (فِي) رَفْعِ (حَدَثٍ) وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ وَكَذَا فِي إزَالَةِ خَبَثٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْمُسْتَعْمَلُ مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْأَعْضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّطْهِيرِ بِهِ قَوْلًا لِأَشْهَبَ إنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ لَهُ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ انْفِكَاكِ الْمَاءِ عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّيقِ) أَيْ وَاخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ حَيْثُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِجَوَازِ التَّطْهِيرِ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِمَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ صِدْقُ إلَخْ) أَيْ وَاخْتِلَاطُهُ بِالرِّيقِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ طَهُورًا (قَوْلُهُ: وَالْمَانِعُ اعْتَبَرَ الْمُخَالَطَةَ فِي الْوَاقِعِ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَاءَ إذَا خَالَطَهُ شَيْءٌ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ إلَّا إذَا غَيَّرَهُ وَأَشْهَبُ قَدْ أَطْلَقَ فِي عَدَمِ التَّطْهِيرِ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا فِي الْمَاءَ الْكَثِيرَ وَمَا يُوضَعُ فِي الْفَمِ قَلِيلٌ جِدًّا فَشَأْنُهُ التَّغَيُّرُ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ اخْتِلَاطُ ذَلِكَ الْمَاءِ الْمَوْضُوعِ فِي الْفَمِ بِالرِّيقِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ طَهُورًا لِصِدْقِ حَدِّ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ: إنَّ اخْتِلَاطَهُ بِالرِّيقِ يُخْرِجُهُ عَنْ صِدْقِ حَدِّ الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ جِدًّا فَشَأْنُهُ أَنْ يَتَغَيَّرَ بِمَا خَالَطَهُ مِنْ الرِّيقِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْخِلَافَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَخْرُجَ الْمَاءُ مِنْ الْفَمِ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بِالرِّيقِ تَغَيُّرًا ظَاهِرًا وَالثَّانِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ فِي الْفَمِ زَمَنًا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ الرِّيقِ مِقْدَارٌ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الرِّيقِ لَغَيَّرَهُ فَإِذَا انْتَفَى الْأَوَّلُ بِأَنْ غَلَبَتْ لُعَابِيَّةُ الْفَمِ عَلَى الْمَاءِ لَانْتَفَى الْخِلَافُ وَجُزِمَ بِعَدَمِ التَّطْهِيرِ وَكَذَا لَوْ انْتَفَى الثَّانِي بِأَنْ طَالَ الْمُكْثُ وَحَصَلَتْ بِهِ مَضْمَضَةٌ لَا يُقَالُ عَلَى جَعْلِ الْخِلَافِ حَقِيقِيًّا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَفِي جَعْلِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَالْمُخَالِفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ جَزَمَ فِيهَا بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ هَذِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي حَالٍ) أَيْ أَوْ مَنْظُورٍ فِيهِ لِحَالٍ وَصِفَةٍ فَابْنُ الْقَاسِمِ حَكَمَ بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِحَالَةٍ لَوْ نَظَرَ لَهَا أَشْهَبُ لَقَالَ بِقَوْلِهِ وَأَشْهَبُ حَكَمَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ نَظَرًا لِحَالَةٍ لَوْ نَظَرَ لَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ لَقَالَ بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُحَقِّقِينَ بِهِ كج وطفى (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ظَنٌّ) أَيْ بِالتَّغَيُّرِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ أَيْ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ التَّغَيُّرِ أَوْ شَكَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِعْمَالُ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَهُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَالْأَحْكَامُ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ لَا بِالذَّوَاتِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ فِي إزَالَةِ حُكْمِ خَبَثٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَهَارَةِ حَدَثٍ أَوْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مَنْدُوبَةٍ لَا فِي إزَالَةِ حُكْمِ خَبَثٍ، وَالْكَرَاهَةُ مُقَيَّدَةٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ قَلِيلًا كَآنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَأَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ إذَا صُبَّ عَلَى الْمَاءِ الْيَسِيرِ الْمُسْتَعْمَلِ مَاءٌ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ، فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ مُسْتَعْمَلٌ مِثْلُهُ حَتَّى كَثُرَ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح وَابْنُ الْإِمَامِ التِّلِمْسَانِيُّ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ لِلْأَجْزَاءِ يَثْبُتُ لِلْكُلِّ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَفْيَهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَرَّقَ حَتَّى صَارَ كُلُّ جُزْءٍ يَسِيرًا فَهَلْ تَعُودُ الْكَرَاهَةُ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا زَالَتْ وَلَا مُوجِبَ لِعَوْدِهَا كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ بَلْ لَهُ مُوجِبٌ وَهُوَ الْقِلَّةُ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُقَالُ نَظِيرُ مَا قِيلَ هُنَا فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي خُولِطَ بِنَجِسٍ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِعِلَلٍ لَا تَخْلُو عَنْ ضَعْفٍ وَالرَّاجِحُ فِي التَّعْلِيلِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ فَإِنَّ أَصْبَغَ يَقُولُ بِعَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ كَالشَّافِعِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْمَنْعِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ح، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ فَهَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَالْكَرَاهَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ

أَوْ اتَّصَلَ بِهَا أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا وَكَانَ يَسِيرًا كَآنِيَةِ وُضُوءٍ غَسَلَ عُضْوَهُ فِيهِ وَاحْتُرِزَ بِالْمَاءِ عَنْ التُّرَابِ فَلَا يُكْرَهُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْأَعْضَاءِ (وَفِي) كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ حَدَثٍ، وَكَذَا حُكْمُ خَبَثٍ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُطْلَقٍ، وَيُقْصَدُ مَعَهُ الصَّلَاةُ كَغُسْلِ إحْرَامٍ وَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَمَاءِ غَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ (تَرَدُّدٌ) . وَأَمَّا الْغَسْلَةُ الرَّابِعَةُ وَمَا غُسِلَ بِهِ إنَاءٌ أَوْ ثَوْبٌ نَظِيفَانِ أَوْ وُضُوءٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ صَلَاةٌ كَوُضُوءِ جُنُبٍ أَوْ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَهُورٍ قَطْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِعَادَةَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّصَلَ بِهَا) أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى اتِّصَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا) أَيْ كَمَاءِ فِي قَصْرِيَّةٍ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فِيهَا وَدَلَكَهَا فِيهَا، فَإِنْ دَلَكَهَا خَارِجَهَا فَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بِالدَّلْكِ لَا بِمُجَرَّدِ إدْخَالِ الْعُضْوِ وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ مَا تَقَاطَرَ إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَمَعَ مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْمَاءِ النَّازِلِ مِنْ أَعْضَائِهِ فِي إنَاءٍ، وَأَمَّا إذَا اغْتَرَفْتَ مِنْ الْإِنَاءِ وَغَسَلْتَ الْأَعْضَاءَ خَارِجَهُ فَهَذَا الْمَاءُ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ وَاغْتَرَفْتَ مِنْهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَسِيرًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ انْفَصَلَ عَنْهَا، وَأَمَّا الْمُتَّصِلُ بِهَا فَلَا يَكُونُ إلَّا يَسِيرًا (قَوْلُهُ: كَآنِيَةِ وُضُوءٍ) أَيْ وَكَذَا آنِيَةُ غُسْلٍ فَهِيَ قَلِيلَةٌ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَوَضِّئِ. (تَنْبِيهٌ) مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْعُضْوِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الطَّهَارَةُ أَوْ اتَّصَلَ بِهِ مُسْتَعْمَلٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَمَّا مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْعُضْوِ غَيْرِ الْأَخِيرِ أَوْ اتَّصَلَ بِهِ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ بَعْدَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ لِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فِي حَدَثٍ أَيْضًا، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ قَبْلَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا اُسْتُعْمِلَ أَوَّلًا فِي غَيْرِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَإِزَالَةِ حُكْمِ الْخَبَثِ بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُطْلَقٍ وَيُقْصَدُ مَعَهُ الصَّلَاةُ كَغُسْلِ الْإِحْرَامِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ ثَانِيًا فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَحُكْمِ خَبَثٍ أَوْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مَنْدُوبَةٍ أَوْ يَكْرَهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَالْكَرَاهَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ وَصَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَعَدَمُهَا لِسَنَدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ كَذَا فِي بْن وَهَذَا التَّرَدُّدُ مُسْتَوٍ لَمْ يُعْتَمَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَاءِ غَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ) جَعَلَهُمَا مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ عج وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح فِي مَاءِ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَيَنْسَحِبُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ لِزِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ سُلْطَانٍ أَيْ أَوْ لِتَبَرُّدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَهُورٍ قَطْعًا) أَيْ مِثْلُ رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ حُكْمِ خَبَثٍ وَالْأَوْضِيَةِ وَالِاغْتِسَالَاتِ الْمَنْدُوبَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ إلَخْ أَيْ فَهَذِهِ خَارِجَةٌ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا أَنَّ مَاءَ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ لِأَجْلِ أَنْ يَطَأَهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ خَارِجَةً مِنْ الْخِلَافِ لِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْمَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ أَوْضِيَةٍ أَوْ اغْتِسَالَاتٍ مَنْدُوبَةٍ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُرِهَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ أَوَّلًا إمَّا فِي حَدَثٍ أَوْ فِي حُكْمِ خَبَثٍ، وَإِمَّا فِي طَهَارَةٍ مَسْنُونَةٍ أَوْ مُسْتَحَبَّةٍ، وَإِمَّا فِي غَسْلِ إنَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ إذَا اُسْتُعْمِلَ ثَانِيًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي أَحَدِهَا فَالْمُسْتَعْمَلُ فِي حَدَثٍ أَوْ فِي حُكْمِ خَبَثٍ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ لَا فِي إزَالَةِ الْخَبَثِ، وَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ وَكَذَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ وَصُوَرُهُ أَرْبَعٌ أَيْضًا وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَسْلٍ كَالْإِنَاءِ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ وَكَذَا فِي الطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ عَلَى أَحَدِ التَّرَدُّدَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ لَا فِي غَيْرِ

(وَ) كُرِهَ مَاءٌ (يَسِيرٌ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ فِي حَدَثٍ وَحُكْمِ خَبَثٍ وَمُتَوَقِّفٍ عَلَى طَهُورٍ لَا فِي عَادَاتٍ وَالْيَسِيرُ (كَآنِيَةِ) وُضُوءِ وَغُسْلٍ (فَأَوْلَى دُونَهُمَا) خُولِطَ (بِنَجِسٍ) كَقَطْرَةٍ فَفَوْقُ لَا دُونَهَا (لَمْ يُغَيِّرْ) إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ كَبِئْرٍ وَلَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَمَفْهُومُ لَمْ يُغَيِّرْ أَنَّهُ إذَا غَيَّرَ سَلَبَهُ الطَّاهِرِيَّةَ وَمَفْهُومٌ بِنَجِسٍ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ بِطَاهِرٍ إنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ وَإِلَّا سَلَبَهُ الطَّاهِرِيَّةَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي الْكَثِيرِ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى آنِيَةِ غُسْلٍ فَقَوْلُ الرِّسَالَةِ وَقَلِيلُ الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ ضَعِيفٌ فَلَوْ اُسْتُعْمِلَ وَصَلَّى بِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الضَّعِيفِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ (أَوْ) يَسِيرٌ (وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ) أَيْ أَدْخَلَ فِيهِ لِسَانَهُ وَحَرَّكَهُ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَةٌ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي غُسْلٍ كَالْإِنَاءِ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ وَهَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ إزَالَةِ حُكْمِ الْخَبَثِ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَفْعِ الْخَبَثِ هُوَ مَا نَقَلَهُ زَرُّوقٌ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا مَا اسْتَظْهَرَهُ ح مِنْ الْكَرَاهَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلَّةَ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ الْخِلَافُ فِي طَهُورِيَّتِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ عبق والمج (قَوْلُهُ: وَيَسِيرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ وَهُوَ مَا كَانَ قَدْرَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ فَمَا دُونَهُمَا إذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَلِيلَةٌ كَالْقَطْرَةِ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ فِي حُكْمِ خَبَثٍ وَمُتَوَقِّفٌ عَلَى طَهُورٍ كَالطَّهَارَةِ الْمَسْنُونَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعَادَاتِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فَالْكَرَاهَةُ خَاصَّةٌ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهُورٍ كَمَا فِي عبق وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا بِأَنَّ مُقْتَضَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ عُمُومُ الْكَرَاهَةِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يُشَدَّدُ فِي الْعِبَادَاتِ مَا لَا يُشَدَّدُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَآنِيَةِ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ) الْآنِيَةُ جَمْعُ إنَاءٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَإِنَاءِ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ؛ لِأَنَّا غَيْرُ مُلْتَفِتِينَ لِلْجَمْعِ بَلْ لِلْمُفْرَدِ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى آنِيَةِ الْوُضُوءِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ آنِيَةَ الْغُسْلِ مِنْ الْكَثِيرِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى آنِيَةِ الْغُسْلِ لِتَوَهُّمِ أَنَّ آنِيَةَ الْوُضُوءِ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى دُونَهُمَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا دُونَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ لَا يُنَجَّسُ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مِثْلُ آنِيَةِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ هُوَ مَا قَالَهُ ح وَابْنُ فُجْلَةَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ تت وطفى نَاقِلًا عَنْ أَبِي الْفَضْلِ رَاشِدٌ نَجَاسَتَهُ لَكِنْ أَبُو الْفَضْلِ كَلَامُهُ تَخْرِيجٌ مِنْ فَهْمِهِ لَا نَصٌّ صَرِيحٌ فَانْظُرْهُ اهـ مج (قَوْلُهُ: كَقَطْرَةٍ فَفَوْقَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَطْرَةُ الْمَطَرِ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَهُوَ مَا كَانَ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَحْدِيدِ النَّجِسِ بِالْقَطْرَةِ فَمَا فَوْقَهَا هُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ مِنْ تَحْدِيدِهِ بِمَا فَوْقَ الْقَطْرَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ قَلِيلٍ حَلَّتْ فِيهِ وَذَكَرَ طفى نَقْلًا عَنْ الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْقَطْرَةَ تُؤَثِّرُ فِي آنِيَةِ الْوُضُوءِ فَيَصِيرُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَالنَّجَاسَةِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِي آنِيَةِ الْغُسْلِ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ سَبْعَةٍ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ يَسِيرًا وَأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ الَّتِي حَلَّتْ فِيهِ قَطْرَةٌ فَمَا فَوْقَهَا وَأَنْ لَا تُغَيِّرَهُ وَأَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَادَّةٌ كَبِئْرٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ جَارِيًا وَأَنْ يُرَادَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهُورٍ كَرَفْعِ حَدَثٍ وَحُكْمِ خَبَثٍ وَأَوْضِيَةٍ وَاغْتِسَالَاتٍ مَنْدُوبَةٍ، فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ بِطَاهِرٍ إنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِالْكَرَاهَةِ تَخْرِيجًا لِلطَّاهِرِ عَلَى النَّجِسِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الرِّسَالَةِ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ أَيْ، فَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ إذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَقَطْ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الرِّسَالَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ) أَيْ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ كَمَا أَفَادَهُ ح وَفِي المج حَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَجَاسَتِهِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لَا أَنَّهَا نَجَاسَةٌ حَقِيقِيَّةٌ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ عِنْدَهُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ) عَطْفٌ عَلَى خُولِطَ الْمُقَدَّرُ فِيهِ قَبْلَ قَوْلِهِ بِنَجِسٍ لِيَصِيرَ قَيْدُ الْيَسَارَةِ مُعْتَبَرًا فِيهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى يَسِيرٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْكَلْبَ إذَا وَلَغَ فِي كَثِيرٍ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَسِيرَ الَّذِي وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ إنَّمَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُطْلَقٍ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعَادَاتِ فَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْيَسِيرِ الَّذِي حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ كَمَا مَرَّ (تَنْبِيهٌ) كَرَاهَةُ الْمَاءِ الْمَوْلُوغِ

لَا إنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ وَلَا إنْ سَقَطَ مِنْهُ لُعَابٌ فِيهِ وَوَلَغَ يَلَغُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْأَوَّلِ (وَ) كُرِهَ مَاءٌ (رَاكِدٌ) أَيْ غَيْرُ جَارٍ وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ اسْتِعْمَالُ رَاكِدٍ وَقَوْلُهُ: (يُغْتَسَلُ فِيهِ) تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكُرِهَ اغْتِسَالٌ بِرَاكِدٍ وَلَوْ كَثِيرًا إنْ لَمْ يُسْتَبْحَرْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ أَوْ لَهُ مَادَّةٌ وَهُوَ قَلِيلٌ كَبِئْرٍ قَلِيلَةِ الْمَاءِ وَلَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فِيهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَالْكَرَاهَةُ تَعَبُّدِيَّةٌ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: يُغْتَسَلُ فِيهِ صِفَةٌ لِرَاكِدٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الِاغْتِسَالِ فِيهِ ابْتِدَاءً بَلْ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ اغْتِسَالٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَ) كُرِهَ (سُؤْرُ) أَيْ بَقِيَّةُ شُرْبِ (شَارِبِ خَمْرٍ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ لَا مَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَشُكَّ فِي فَمِهِ لَا إنْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَتُهُ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا إنْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهُ وَإِلَّا كَانَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ، وَإِنْ رُئِيَتْ إلَخْ (وَ) كُرِهَ (مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ) لِأَنَّهُ كَمَاءٍ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ وَمِثْلُ الْيَدِ غَيْرُهَا كَرِجْلٍ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ طَهَارَةَ الْعُضْوِ كُرِهَ (وَ) كُرِهَ سُؤْرُ (مَا) أَيْ حَيَوَانٍ (لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا) كَطَيْرٍ وَسِبَاعٍ وَقَوْلُهُ: (مِنْ مَاءٍ) يَسِيرٍ بَيَانٌ لِسُؤْرٍ وَلِمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَلِسُؤْرٍ الْمُقَدَّرِ هُنَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ (لَا إنْ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا كَالْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ) أَيْ لَا إنْ أَدْخَلَ لِسَانَهُ فِيهِ وَلَمْ يُحَرِّكْهُ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَا فِي حُكْمِ خَبَثٍ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَرَاكِدٌ) عَطْفٌ عَلَى مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ الرَّاكِدَ وَهُوَ غَيْرُ الْجَارِي يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ: أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَبْحَرًا وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَادَّةٌ أَصْلًا أَوْ لَهُ مَادَّةٌ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ، وَأَنْ لَا يُضْطَرَّ إلَيْهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي بَدَنِهِ وَسَخٌ يُغَيِّرُ الْمَاءَ، فَإِنْ وُجِدَتْ تِلْكَ الْقُيُودُ الْأَرْبَعَةُ كُرِهَ الِاغْتِسَالُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فِيهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يَجُوزُ إنْ انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلِ وَيَحْرُمُ إنْ انْتَفَى الرَّابِعُ (قَوْلُهُ: يَغْتَسِلُ فِيهِ) ظَاهِرُهُ كَانَ الْمُغْتَسِلُ جُنُبًا أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَقَيَّدَ غَيْرُهُ الْكَرَاهَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُغْتَسِلُ جُنُبًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ سَنَدٌ وَمَذْهَبُ أَصْبَغَ خَارِجٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَمَرْدُودٌ مِنْ حَيْثُ السُّنَّةُ وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ اُنْظُرْ ح قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ فِيهِ وَيُعْطَى بِظَاهِرِهِ أَنَّ التَّنَاوُلَ مِنْهُ لِلْغُسْلِ خَارِجَهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ إلَخْ) ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ مَادَّةٌ فَلَا كَرَاهَةَ، وَذَلِكَ كَالْبِئْرِ الْكَثِيرِ الْمَاءِ وَمَغَاطِسِ الْحَمَّامَاتِ وَالْمَسَاجِدِ إذَا دَامَ الْمَاءُ نَازِلًا عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ أَخَلَّ فِي هَذَا الْفَرْعِ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ بِكَرَاهَةِ الِاغْتِسَالِ فِي الرَّاكِدِ إنْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُسْتَبْحَرْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ جَسَدُ الْمُغْتَسِلِ نَقِيًّا مِنْ الْأَذَى أَوْ بِهِ أَذًى وَلَكِنْ لَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ يَسْلُبُهَا مُنِعَ الِاغْتِسَالُ فِيهِ فَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ حَالَةُ جَوَازٍ لِلِاغْتِسَالِ فِيهِ بَلْ إمَّا الْمَنْعُ وَالْكَرَاهَةُ وَهِيَ عِنْدَهُ تَعَبُّدِيَّةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْرُمُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ إنْ كَانَ يَسِيرًا وَبِالْجَسَدِ أَوْسَاخٌ وَإِلَّا جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَاكِدٌ إلَخْ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ حَالَةٌ يُكْرَهُ فِيهَا الِاغْتِسَالُ فِي الرَّاكِدِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى كَلَامِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا اغْتَسَلَ فِيهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فِيهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالْكَرَاهَةُ تَعَبُّدِيَّةٌ) أَيْ لِقَوْلِهِمْ بِكَرَاهَةِ الِاغْتِسَالِ فِيهِ إذَا وُجِدَتْ الْقُيُودُ الْأَرْبَعَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِبَدَنِهِ وَسَخٌ أَوْ كَانَ نَقِيًّا (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ سُؤْرُ إلَخْ) أَيْ كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَحُكْمِ خَبَثٍ وَكُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهُورٍ لَا فِي الْعَادَاتِ (قَوْلُهُ: شَارِبِ خَمْرٍ) أَيْ أَوْ نَبِيذٍ فَلَوْ قَالَ مُسْكِرٌ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا مَنْ وَقَعَ مِنْهُ) أَيْ الشُّرْبُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِهِ (قَوْلُهُ: وَشَكَّ فِي فَمِهِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَتُهُ) أَيْ أَوْ ظُنَّتْ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ كَالتَّحَقُّقِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ) أَيْ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ أَدْخَلَ شَارِبُ الْخَمْرِ يَدَهُ فِيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ شَكَّ فِي طَهَارَةِ تِلْكَ الْيَدِ وَعَدَمِ طَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْيَدِ غَيْرُهَا) أَيْ مِنْ أَعْضَاءِ شَارِبِ الْخَمْرِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْيَدِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ مُزَاوَلَةَ الْخَمْرِ بِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ طَهَارَةَ الْعُضْوِ) أَيْ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الْمَاءِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَمِثْلُ تَحَقُّقِ الطَّهَارَةِ وَظَنِّهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ غَالِبٍ كَمَا مَرَّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِ سُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ يَسِيرًا وَوُجِدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِعْمَالِهِ وَإِذَا تَوَضَّأَ شَخْصٌ بِمَا ذُكِرَ مِنْ السُّؤْرِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ أَعَادَ الْوُضُوءَ نَدْبًا لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَطْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَتَوَقَّى) عُطِفَ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي الْخِيَاطَةِ. وَقَوْلُهُ: وَكُرِهَ سُؤْرُ مَا لَا يَتَوَقَّى فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ كُرِهَ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ. (قَوْلُهُ: كَطَيْرٍ وَسِبَاعٍ) ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْبَهِيمِيُّ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِهِ، وَلَوْ كَانَ لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ سَوَاءٌ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَوْ لَا كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ طفى عِنْدَ قَوْلِهِ سَابِقًا

فَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ مَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَفْهُومِ شَرْطٍ فَقَالَ (أَوْ كَانَ) سُؤْرَ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (طَعَامًا) فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يُرَاقُ إذْ لَا يُطْرَحُ طَعَامٌ بِشَكٍّ (كَمُشَمَّسٍ) فَلَا يُكْرَهُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ فَلْيُجْعَلْ تَشْبِيهًا بِالْمَكْرُوهِ وَيُقَيَّدُ بِكَوْنِهِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ وَالْأَوَانِي الْمُنْطَبِعَةُ وَهِيَ مَا تُمَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ غَيْرُ النَّقْدَيْنِ وَغَيْرُ الْمُغَشَّاةِ بِمَا يَمْنَعُ انْفِصَالَ الزُّهُومَةِ مِنْهَا لَا مُسَخَّنٌ بِنَارٍ فَلَا يُكْرَهُ مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَرَارَتُهُ فَيُكْرَهُ كَشَدِيدِ الْبُرُودَةِ لِمَنْعِهَا كَمَالَ الْإِسْبَاغِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ سُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَسُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا إذَا لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ طَعَامًا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ عَلَى فِيهِ وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ (وَإِنْ رُئِيَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ أَيْ عُلِمَتْ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ إخْبَارٍ (عَلَى فِيهِ) أَيْ عَلَى فَمِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا أَيْ أَوْ عَلَى يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ (وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ) لِلْمَاءِ أَوْ الطَّعَامِ (عُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مُقْتَضَاهَا، فَإِنْ غَيَّرَتْ الْمَاءَ سَلَبَتْ طَاهِرِيَّتَهُ وَإِلَّا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا وَنَجَّسَتْ الطَّعَامَ إنْ كَانَ مَائِعًا كَجَامِدٍ وَأَمْكَنَ السَّرَيَانُ (وَإِذَا) (مَاتَ) حَيَوَانٌ (بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ) أَيْ دَمٍ (سَائِلَةٍ) أَيْ جَارِيَةٍ (بِ) مَاءٍ (رَاكِدٍ) غَيْرِ مُسْتَبْحَرٍ جِدًّا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَادَّةٌ كَبِئْرٍ (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ) الْمَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ كَانَ سُؤْرَ بَهِيمَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ) أَيْ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِهِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَرَّحَ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكُرِهَ سُؤْرُ شَارِبِ خَمْرٍ مِنْ مَاءٍ لَا مِنْ طَعَامٍ وَكُرِهَ مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ إنْ كَانَ مِنْ مَاءٍ لَا مِنْ طَعَامٍ وَكُرِهَ سُؤْرُ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ لَا طَعَامٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ طَعَامًا فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَلَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَاقُ) أَيْ لِشَرَفِهِ. وَيَحْرُمُ طَرْحُهُ فِي قَذَرٍ وَامْتِهَانُهُ الشَّدِيدُ لَا غَيْرُهُ فَيُكْرَهُ كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: كَمُشَمَّسٍ) أَيْ كَمَاءٍ مُسَخَّنٍ بِالشَّمْسِ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَا حُكْمِ خَبَثٍ سَوَاءٌ كَانَ بِوَضْعِ وَاضِعٍ فِيهَا أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ) وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ عَنْ مَالِكٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لَكِنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ طِبِّيَّةٌ لَا شَرْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَرَارَةَ الشَّمْسِ لَا تَمْنَعُ مِنْ إكْمَالِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْكَرَاهَةِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَرَارَتُهُ فَإِنَّهَا شَرْعِيَّةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَرَاهَتَيْنِ أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ يُثَابُ تَارِكُهَا بِخِلَافِ الطِّبِّيَّةِ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا طِبِّيَّةٌ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ ح أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا تُمَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ) أَيْ مِثْلُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِلْقَرَافِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْإِمَامِ الْكَرَاهَةُ خَاصَّةٌ بِالْمُشَمَّسِ فِي النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ وَعِلَّةُ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بِالشَّمْسِ أَنَّ التَّسْخِينَ فِي الْأَوَانِي الْمَذْكُورَةِ يُورِثُ الْمَاءَ زُهُومَةً، فَإِذَا غُسِلَ الْعُضْوُ بِذَلِكَ الْمَاءِ انْحَبَسَ الدَّمُ عَنْ السَّرَيَانِ فِي الْعُرُوقِ وَانْقَلَبَ بَرَصًا، وَأَمَّا الْمُشَمَّسُ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ أَوْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ الْبِرَكِ وَالْأَنْهَارِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِعْمَالِهِ (تَنْبِيهٌ) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُشَمَّسِ مَكْرُوهٌ فَالْكَرَاهَةُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الْبَدَنِ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَطْلُوبٍ وَغَسْلِ نَجَاسَةٍ مِنْ الْبَدَنِ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَالثَّوْبِ وَيُكْرَهُ شُرْبُهُ وَأَكْلُ مَا طُبِخَ بِهِ إنْ قَالَتْ الْأَطِبَّاءُ بِضَرَرِهِ، وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِتَبْرِيدِ الْمَاءِ لِزَوَالِ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ عَلَى مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ انْفِصَالَ الزُّهُومَةِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَوَانِي الْمَذْكُورَةِ لِلْمَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ التَّسْخِينُ فِي أَوَانِي النُّحَاسِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ إنْ لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ عَلَى فِيهِ، فَإِنْ رُئِيَتْ عُمِلَ عَلَيْهَا أَيْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: أَيْ عُلِمَتْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ فِي كَلَامِهِ عِلْمِيَّةٌ لَا بَصَرِيَّةٌ فَلَا يُقَالُ الصَّوَابُ أَنْ يُعَبِّرَ بِتُيُقِّنَتْ بَدَلَ رِيئَتْ وَأَصْلُ رِيئَتْ رُئِيَتْ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْيَاءِ فَفِيهِ قَلْبٌ مَكَانِيٌّ وَضْعُ الْيَاءِ مَكَانَ الْهَمْزَةِ وَالْهَمْزَةُ مَكَانَ الْيَاءِ وَنُقِلَتْ كَسْرَةُ الْهَمْزَةِ لِلرَّاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى فِيهِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُ الْفَمِ غَيْرُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى يَدِهِ) أَيْ شَارِبِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: عُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ) أَيْ دَمٌ يَجْرِي مِنْهُ إنْ ذُبِحَ أَوْ جُرِحَ كَالْآدَمِيِّ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسْتَبْحَرٍ) وَإِلَّا فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مَادَّةٌ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ وَذَلِكَ كَالصِّهْرِيجِ وَالْبِرْكَةِ وَهَذَا جَارٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَبِهِ الْعَمَلُ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ نَدْبَ النَّزْحِ بِقَدْرِهِمَا فِيمَا لَا مَادَّةَ لَهُ أَمَّا مَا لَهُ مَادَّةٌ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يُنْزَحُ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ) أَيْ وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْحُ؛ لِأَنَّ مَيْتَتَهُ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: نُدِبَ نَزْحٌ) أَيْ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمَيْتَةِ أَوْ قَبْلَ إخْرَاجِهَا؛ لِأَنَّ الْفَضَلَاتِ الَّتِي يُنْزَحُ لِأَجْلِهَا خَرَجَتْ مِنْهُ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ خُرُوجِهَا فَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ شَيْءٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ

(نُدِبَ نَزْحٌ) مِنْهُ لِتَزُولَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ فِيهِ عِنْدَ فَتْحِهِ وَقْتَ خُرُوجِ رُوحِهِ وَيُنْقِصُ النَّازِحُ الدَّلْوَ لِئَلَّا تَطْفُوَ الدُّهْنِيَّةُ فَتَعُودَ لِلْمَاءِ وَيَكُونَ النَّزْحُ (بِقَدْرِهِمَا) أَيْ بِقَدْرِ الْحَيَوَانِ وَالْمَاءِ مِنْ قِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ وَصِغَرِ الْحَيَوَانِ وَكِبَرِهِ فَيَقِلُّ النَّزْحُ مَعَ صِغَرِ الْحَيَوَانِ وَكَثْرَةِ الْمَاءِ وَيَكْثُرُ مَعَ كِبَرِهِ وَقِلَّةِ الْمَاءِ وَيُتَوَسَّطُ فِي عِظَمِهِمَا وَصِغَرِهِمَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ظَنِّ زَوَالِ الرُّطُوبَاتِ وَكُلَّمَا كَثُرَ النَّزْحُ كَانَ أَحْسَنَ وَاحْتُرِزَ بِالْبَرِّيِّ عَنْ الْبَحْرِيِّ وَبِذِي النَّفْسِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْعَقْرَبِ وَبِالرَّاكِدِ عَنْ الْجَارِي فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِخَفَائِهِ وَلِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِيهِ بِنَدْبِ النَّزْحِ فَقَالَ: (لَا إنْ) (وَقَعَ) الْبَرِّيُّ فِي الْمَاءِ (مَيِّتًا) أَوْ حَيًّا وَأُخْرِجَ حَيًّا فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ (وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُ) الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَلَا مَادَّةَ لَهُ (النَّجِسِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْمُتَنَجِّسِ (لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ) صُبَّ عَلَيْهِ وَلَا بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ بَلْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ (فَاسْتَحْسَنَ الطَّهُورِيَّةَ) لِذَلِكَ الْمَاءِ لِأَنَّ تَنَجُّسَهُ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ التَّغَيُّرِ، وَقَدْ زَالَ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا كَالْخَمْرِ يَتَخَلَّلُ (وَعَدَمُهَا) أَيْ الطَّهُورِيَّةِ يَعْنِي وَالطَّاهِرِيَّةُ وَكَأَنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى اسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ (أَرْجَحُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ النَّزْحِ مَعَ الْقُيُودِ وَهِيَ كَوْنُ الْحَيَوَانِ الْوَاقِعِ فِي الْمَاءِ بَرِّيًّا ذَا نَفْسٍ سَائِلَةٍ، وَالْمَاءُ الْوَاقِعُ فِيهِ رَاكِدٌ وَغَيْرُ كَثِيرٍ جِدًّا وَمَاتَ فِيهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَجِبُ النَّزْحُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَهُوَ مَكْرُوهُ الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ النَّزْحِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي ح وَابْنِ مَرْزُوقٍ نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: نُدِبَ نَزْحٌ) أَيْ وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ قَبْلَ النَّزْحِ لَا بَعْدَهُ فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَطْفُوَ) أَيْ تَعْلُوَ الدُّهْنِيَّةُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ الَّذِي فِي الدَّلْوِ فَتَسْقُطَ فِي الْبِئْرِ فَتَضِيعَ ثَمَرَةُ النَّزْحِ (قَوْلُهُ: فِي عِظَمِهِمَا) أَيْ الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَالْحَيَوَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّحْقِيقُ) أَيْ وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُنْدَبُ النَّزْحُ بِقَدْرِهِمَا فَهُوَ خِلَافُ التَّحْقِيقِ إذْ لَا يُفِيدُ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ النَّدْبَ عَلَى مَجْهُولٍ وَهُوَ النَّزْحُ بِقَدْرِهِمَا وَهَذَا التَّحْقِيقُ لِلرَّجْرَاجِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَنِّ زَوَالِ الرُّطُوبَاتِ) أَيْ لَا عَلَى النَّزْحِ بِقَدْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِالْبَرِّيِّ إلَخْ) وَاحْتُرِزَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَمَّا إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّزْحُ لِنَجَاسَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُنْزَحُ كُلُّهُ إنْ كَانَ لَا مَادَّةَ لَهُ وَيُغْسَلُ الْجُبُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا لَهُ مَادَّةٌ يُنْزَحُ مِنْهُ مَا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: لَا إنْ وَقَعَ مَيِّتًا) الَّذِي فِي بْن عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوُقُوعَ مَيِّتًا كَالْمَوْتِ فِيهِ اهـ وَلَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ مِنْ تَعْلِيلِ الرُّطُوبَاتِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: وَأُخْرِجَ حَيًّا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ حَيًّا فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ) وَهَلْ جَسَدُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَلَوْ غَلَبَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ مَا غَلَبَتْ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ نُمَيْرٍ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الْإِمَامِ وَقَالَهُ ح، وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَظْهَرُ إذَا وَقَعَ فِي طَعَامٍ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَيُكْرَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ قَلِيلًا وَفِي المج وَجَسَدُ غَالِبِ النَّجَاسَةِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، وَلَوْ فِي الطَّعَامِ خِلَافًا للح؛ لِأَنَّ هَذَا ظَنٌّ لَا شَكٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَ إلَخْ) صُورَتُهَا مَاءٌ كَثِيرٌ وَلَا مَادَّةَ لَهُ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَغَيَّرَتْهُ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا بِمُطْلَقٍ خُلِطَ بِهِ وَلَا بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ بَلْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ قِيلَ: إنَّ الْمَاءَ يَعُودُ طَهُورًا وَقِيلَ بِاسْتِمْرَارِ نَجَاسَتِهِ، فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِصَبِّ مُطْلَقٍ عَلَيْهِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ مَاءٍ مُضَافٍ انْتَفَتْ نَجَاسَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَحَدُ أَوْصَافِ مَا أُلْقِيَ فِيهِ، فَإِنْ ظَهَرَ فَلَا نَصَّ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ نَجَاسَتَهُ وَبَعْضُهُمْ طَهُورِيَّتَهُ (قَوْلُهُ: تَغَيَّرَ الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ نَفْسِ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ جَزْمًا؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ لِبَوْلِيَّتِهِ لَا لِتَغَيُّرِهِ وَلَا وَجْهَ لِمَا حَكَاهُ فِيهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا فِي شب كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَلَا مَادَّةَ لَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَادَّةٌ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ حِينَئِذٍ زَالَ بِكَثْرَةِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَنَجِّسُ) وَهُوَ مَا غَيَّرَهُ النَّجَسُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهَا أَرْجَحُ) أَيْ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَالُ إلَّا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَلَيْسَ حَاصِلًا وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَمِرُّ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ اتَّكَلَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الطَّهُورِيَّةَ أَخَصُّ مِنْ الطَّاهِرِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الطَّهُورِيَّةِ نَفْيُ الطَّاهِرِيَّةِ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ بِنَفْيِهِمَا مَعًا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِنَفْيِ الطَّاهِرِيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الِاسْتِصْحَابِ وَهُوَ تَعَيُّنُ إرَادَةِ الطَّاهِرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي اعْتِمَادِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَتَضْعِيفِ الْأَوَّلِ عج وعبق وشب وَشَيْخَنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَاَلَّذِي فِي بْن تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَتَضْعِيفُ الثَّانِي وَمِنْ بَدِيعِ الِاتِّفَاقِ أَنَّ بْن عَوَّلَ عَلَى مَا فِي ح وَإِنَّ عج اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِكَلَامِ ح وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ

أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ هُنَا تَرْجِيحٌ وَمَفْهُومُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ أَنَّ الْقَلِيلَ بَاقٍ عَلَى تَنْجِيسِهِ بِلَا خِلَافٍ وَمَفْهُومٌ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ أَنَّهُ يَطْهُرُ إذَا زَالَ تَغَيُّرُهُ بِكَثْرَةِ الْمُطْلَقِ وَكَذَا بِقَلِيلِهِ أَوْ بِمُضَافٍ طَاهِرٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا لَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِإِلْقَاءِ طِينٍ أَوْ تُرَابٍ إنْ زَالَ أَثَرُهُمَا فَلَوْ قَالَ لَا بِصَبِّ طَاهِرٍ كَانَ أَوْلَى وَمَفْهُومُ النَّجِسِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الطَّاهِرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِطَاهِرٍ فَهُوَ طَهُورٌ (وَ) إذَا شُكَّ فِي مُغَيِّرِ الْمَاءِ (قُبِلَ خَبَرِ الْوَاحِدِ) الْعَدْلِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ عَبْدًا الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَتِهِ (إنْ بَيَّنَ) الْمُخْبِرُ (وَجْهَهَا) كَأَنْ يَقُولَ تَغَيَّرَ بِدَمٍ أَوْ بَوْلٍ (أَوْ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُخْبِرُ وَجْهَهَا وَلَكِنْ (اتَّفَقَا) أَيْ الْمُخْبِرُ وَالْمُخْبَرُ (مَذْهَبًا) وَالْمُخْبِرُ بِالْكَسْرِ عَالِمٌ بِمَا يُنَجِّسُ وَمَا لَا يُنَجِّسُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ الْوَجْهِ (فَقَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (يُسْتَحْسَنُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ (تَرْكُهُ) لِتَعَارُضِ الْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهُورِيَّةُ وَإِخْبَارُ الْمُخْبِرِ بِتَنْجِيسِهِ وَهَذَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ (وَوُرُودُ الْمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامَ ح فِيهِ تَقْوِيَةٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ عَنْ ابْنِ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ تَشْهِيرَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِالطَّهُورِيَّةِ الَّذِي هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَهَذَا مُسْتَنَدُ عج وَذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالطَّهُورِيَّةِ صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَارْتَضَاهُ سَنَدٌ وَالطُّرْطُوشِيُّ وَهَذَا مُسْتَنَدُ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا وُجِدَ مَاءٌ آخَرُ غَيْرُ ذَلِكَ الْمَاءِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَمُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي يَقُولُ: إنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ وَعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ هُنَا تَرْجِيحٌ) أَيْ وَإِنَّمَا كَلَامُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِيمَا إذَا أُزِيلَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِمُضَافٍ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعَيْنَ زَالَتْ وَهَلْ الْحُكْمُ بَاقٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ رَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ بَقَاءَهُ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ مَا حَدُّ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ: بِلَا خِلَافٍ) أَيْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا مَادَّةَ لَهُ إنَّ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ يَطْهُرُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ قَدْ زَالَ بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ مُطْلَقٌ يَسِيرٌ أَوْ مُضَافٌ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ مَعْنَاهُ لَا بِمُطْلَقٍ كَثِيرٍ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: إنْ زَالَ أَثَرُهُمَا) أَيْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِمَا فِيمَا أُلْقِيَا فِيهِ أَمَّا إنْ وُجِدَ فَلَا يَطْهُرُ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِهِمَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ لَا بِصَبِّ طَاهِرٍ) أَيْ لِيَكُونَ مَفْهُومُهُ شَامِلًا لِمَا إذَا زَالَ بِمُطْلَقٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الطَّاهِرِ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِطَاهِرٍ ثُمَّ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ طَاهِرٍ فَهُوَ طَهُورٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ح وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ جَعْلَهُ مِنْ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَمَا لِبَعْضِهِمْ وَلَكِنَّ الْأَقْوَى مَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا كَانَ مُتَغَيِّرًا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ تَغَيُّرُهُ بِقَرَارِهِ أَوْ بِمُفَارِقٍ فَأَخْبَرَ وَاحِدٌ بِنَجَاسَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ خَبَرُهُ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ يَكُونَ عَدْلَ رِوَايَةٍ وَأَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَهَا أَوْ يَتَّفِقَا مَذْهَبًا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ ظُهُورِ مَا يُنَافِي الطَّهَارَةَ يُقْبَلُ خَبَرُهُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الشَّرْطَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ وَأَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوْ شَكَّ فِي مُغَيِّرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ مُخْبِرٌ يُخْبِرُ بِالطَّهَارَةِ أَوْ النَّجَاسَةِ، وَقَوْلُهُ: وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْإِخْبَارُ وَإِلَّا فَمِثْلُ الْوَاحِدِ الِاثْنَانِ فَمَا زَادَ، وَلَوْ بَلَغَ الْمُخْبِرُونَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْوَاحِدِ تَأْتِي فِي الزَّائِدِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّ الْجِنَّ فِي ذَلِكَ كَبَنِي آدَمَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: الْعَدْلِ الرِّوَايَةِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ غَيْرُ الْفَاسِقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَتِهِ) أَيْ أَوْ بِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَكَذَا الطَّهَارَةُ إنْ ظَهَرَ مُنَافِيهَا وَإِلَّا فَهِيَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا) أَيْ إذَا اخْتَلَفَ مَذْهَبُ السَّائِلِ وَالْمُخْبِرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ نَجِسًا نَجِسًا وَأَوْلَى إذَا اتَّفَقَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا) أَيْ فِي شَأْنِ النَّجَاسَةِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَا مَالِكِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: يُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ) أَيْ وَهَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ إذَا تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى أَوْ لَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اسْتِحْبَابُ التَّرْكِ (قَوْلُهُ: وَوُرُودُ الْمَاءِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَوُرُودُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنْ الْمُشَبَّهِ وَهُنَا بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا وَرَدَ عَلَى

[فصل بيان الأعيان الطاهرة والنجسة]

عَلَى) ذِي (النَّجَاسَةِ) كَثَوْبٍ مَثَلًا مُتَنَجِّسٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ وَيَنْفَصِلُ عَنْهُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَوُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ فِي التَّطْهِيرِ أَيْ لَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي وُرُودِ الْمُطْلَقِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَا فِي وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ كَأَنْ يَغْمِسَ الثَّوْبَ فِي إنَاءِ مَاءٍ وَيَخْرُجُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ فِي الثَّانِي فَقَالَ: إنْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُ الثَّوْبِ إلَّا بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ يُغْمَسَ فِي مَاءٍ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِالطَّاهِرِ طَاهِرٌ وَبِالنَّجِسِ نَجِسٌ نَاسَبَ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ بِقَوْلِهِ (فَصْلٌ) هُوَ لُغَةً الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ مُنْدَرِجَةٍ تَحْتَ بَابٍ أَوْ كِتَابٍ غَالِبًا (الطَّاهِرُ مَيْتُ مَا) أَيْ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ (لَا دَمَ لَهُ) أَيْ ذَاتِيٍّ كَعَقْرَبٍ وَذُبَابٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّجَاسَةِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا إذَا وَرَدَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَفِي نَجَاسَتِهِ الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْفَرْعَ الثَّانِي مُشَبَّهًا بِهِ لَا يُقَالُ إنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ لَا عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُدْخِلُهَا عَلَى الْمُشَبَّهِ بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ قَالَ وَوُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ كَعَكْسِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ فَالِاعْتِرَاضُ بَاقٍ فَتَأَمَّلْ وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ لِاسْتِفَادَتِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ قَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهَا الرَّدَّ عَلَى الْمُخَالِفِ كَالشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِي النَّجَاسَةِ) أَيْ وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُتَنَجِّسُ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَصِلُ عَنْهُ) أَيْ وَيَنْفَصِلُ الْمَاءُ عَنْ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي وُرُودِ) أَيْ فِي حُصُولِ التَّطْهِيرِ بَيْنَ وُرُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَغْمِسَ الثَّوْبَ) أَيْ الْمُتَنَجِّسَ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: إنْ وَرَدَتْ) أَيْ إنْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ قَدْرُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَكَمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَالْقُلَّتَانِ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ رِطْلًا تَقْرِيبًا بِالْمِصْرِيِّ، وَبِالْبَغْدَادِيِّ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ [فَصْلٌ بَيَان الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ] (فَصْلٌ الطَّاهِرُ إلَخْ) (قَوْلُهُ: الْحَاجِزُ) أَيْ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ) أَيْ مِنْ قَضَايَاهُ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ التَّرَاجِمِ الْأَلْفَاظُ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْ الطَّائِفَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْغَيْرِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ تَرْجَمَةٍ بِفَصْلٍ (قَوْلُهُ: أَيْ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ) إنَّمَا فَسَّرَهَا بِحَيَوَانٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمَوْتُ إنَّمَا هُوَ الْحَيَوَانُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِبَرِّيٍّ لِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَالْبَحْرِيُّ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (قَوْلُهُ: لَا دَمَ لَهُ) أَيْ لَا دَمَ مَمْلُوكٌ لَهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَا دَمَ فِيهِ أَصْلًا أَوْ فِيهِ دَمٌ مُكْتَسَبٌ وَسَوَاءٌ مَاتَ مَا ذُكِرَ بِذَكَاةٍ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذَاتِيٌّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَامَ لَا دَمَ لَهُ لِلْمِلْكِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الدَّمِ مَمْلُوكًا لِلْحَيَوَانِ أَنَّهُ ذَاتِيٌّ (قَوْلُهُ: كَعَقْرَبٍ إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ لَيْسَ لَهَا دَمٌ ذَاتِيٌّ وَمَا فِيهَا مِنْ الدَّمِ فَهُوَ مَنْقُولٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالطَّهَارَةِ مَيْتَةُ الْحَيَوَانَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الدَّمِ فَهُوَ نَجِسٌ فَإِذَا حَلَّ قَلِيلٌ مِنْهُ فِي طَعَامٍ نَجَّسَهُ وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِطَهَارَةِ مَيْتَةٍ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ أَنَّهُ يُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ لِقَوْلِهِ: وَافْتَقَرَ نَحْوُ الْجَرَادِ لَهَا بِمَا يَمُوتُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ فِي طَعَامٍ وَكَانَ حَيًّا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مَعَ الطَّعَامِ إلَّا إذَا نَوَى ذَكَاتَهُ بِأَكْلِهِ كَانَ الطَّعَامُ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ تَمَيَّزَ عَنْ الطَّعَامِ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ فِي طَعَامٍ وَمَاتَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُتَمَيِّزًا عَنْهُ أَكَلَ الطَّعَامَ وَحْدَهُ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ الطَّعَامِ وَاخْتَلَطَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ أُكِلَ هُوَ وَالطَّعَامُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، فَإِنْ شُكَّ فِي كَوْنِهِ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ أُكِلَ أَوْ لَا أُكِلَ مَعَ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ وَلَيْسَ هَذَا كَضُفْدَعَةٍ شَكَّ فِي كَوْنِهَا بَحْرِيَّةً أَوْ بَرِّيَّةً فَلَا تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ وَإِبَاحَتُهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ وَالشَّكُّ فِي الطَّارِئِ عَلَيْهَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فَهُوَ لِابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إذَا وَقَعَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فِي طَعَامٍ وَمَاتَ فِيهِ أَوْ كَانَ حَيًّا جَازَ أَكْلُهُ مُطْلَقًا تَمَيَّزَ عَنْ الطَّعَامِ أَمْ لَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، وَقَدْ بَنَى ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ لَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاقِعِ فِي الطَّعَامِ، وَأَمَّا الْمُتَخَلِّقُ مِنْهُ كَسُوسِ الْفَاكِهَةِ وَدُودِ الْمِشِّ وَالْجُبْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَ الطَّعَامِ مُطْلَقًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا كَانَ قَدْرَ الطَّعَامِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ

وَخَنَافِسَ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ لِأَنَّ مَا فِيهِ دَمٌ غَيْرُ ذَاتِيٍّ كَبُرْغُوثٍ مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ (وَ) مَيْتُ (الْبَحْرِيِّ) إنْ لَمْ تَطُلْ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ كَالْحُوتِ بَلْ (وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) كَتِمْسَاحٍ وَضُفْدَعٍ وَسُلَحْفَاةٍ بَحْرِيَّةٍ (وَ) الطَّاهِرُ (مَا) أَيْ حَيَوَانٌ (ذُكِّيَ) ذَكَاةً شَرْعِيَّةً مِنْ ذَبْحٍ وَنَحْرٍ وَعَقْرٍ (وَجُزْؤُهُ) مِنْ عَظْمٍ وَلَحْمٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ وَجِلْدٍ (إلَّا مُحَرَّمُ الْأَكْلِ) كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ الذَّكَاةَ لَا تَنْفَعُ فِيهَا، وَأَمَّا مَكْرُوهُ الْأَكْلِ كَسَبْعٍ وَهِرٍّ فَإِنْ ذُكِّيَ لِأَكْلِ لَحْمِهِ طَهُرَ جِلْدُهُ تَبَعًا لَهُ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ كَاللَّحْمِ، وَإِنْ ذُكِّيَ بِقَصْدِ أَخْذِ جِلْدِهِ فَقَدْ طَهُرَ وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ بِنَاءً عَلَى تَبْعِيضِ الذَّكَاةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَى عَدَمِ تَبْعِيضِهَا يُؤْكَلُ (وَ) الطَّاهِرُ (صُوفٌ) مِنْ غَنَمٍ (وَوَبَرٌ) مِنْ إبِلٍ وَأَرْنَبٍ وَنَحْوِهِمَا (وَزَغَبُ رِيشٍ) وَهُوَ مَا حَوْلَ الْقَصَبَةِ مِمَّا يُشْبِهُ الشَّعْرَ (وَشَعْرٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَقَدْ تُسَكَّنُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ (وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ) وَأَشَارَ إلَى شَرْطِ طَهَارَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِقَوْلِهِ (إنْ جُزَّتْ) وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ وَمَا لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَمُرَادُهُ بِالْجَزِّ مَا قَابَلَ النَّتْفَ فَيَشْمَلُ الْحَلْقَ وَالْإِزَالَةَ بِالنُّورَةِ فَلَوْ نُتِفَتْ لَمْ تَكُنْ طَاهِرَةً أَيْ أَصْلُهَا فَلَوْ جُزَّتْ بَعْدَ النَّتْفِ فَالْأَصْلُ الَّذِي فِيهِ أَجْزَاءُ الْجِلْدِ نَجِسٌ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ (وَ) الطَّاهِرُ (الْجَمَادُ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ) إنْ لَمْ تَحُلَّهُ حَيَاةٌ (وَ) غَيْرُ (مُنْفَصِلٍ عَنْهُ) أَيْ الْحَيِّ فَالْبَيْضُ وَالسَّمْنُ وَعَسَلُ النَّحْلِ لَيْسَتْ مِنْ الْجَمَادِ لِانْفِصَالِهَا عَنْهُ وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ الْمَائِعُ كَالْمَاءِ وَالزَّيْتِ وَالْجَامِدِ كَالتُّرَابِ وَالْحَجَرِ وَالْحَشِيشِ (إلَّا الْمُسْكِرَ) مِنْهُ وَلَا يَكُونُ إلَّا مَائِعًا كَالْخَمْرِ وَكَسُوبْيَا تُرِكَتْ حَتَّى دَخَلَتْهَا الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَبِلَهُ شُرَّاحُهُ وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ الطَّعَامِ، فَإِنْ تَمَيَّزَ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاتِهِ (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ مِمَّا لَا دَمَ لَهُ الْوَزَغُ وَالسَّحَالِي وَشَحْمَةُ الْأَرْضِ بَلْ هِيَ مِمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَهِيَ ذَاتُ لَحْمٍ وَدَمٍ وَكَذَلِكَ الْحَيَّةُ وَالْقَمْلَةُ (قَوْلُهُ: وَخَنَافِسَ) جَمْعُ خُنْفُسَاءَ بِالْمَدِّ (قَوْلُهُ: وَبَنَاتِ وَرْدَانَ) هِيَ دُوَيْبَّةٌ نَحْوُ الْخُنْفُسَاءِ حَمْرَاءُ اللَّوْنِ وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَفِي الْكُنُفِ وَكَذَا الْجَرَادُ وَالدُّودُ وَالنَّمْلُ وَالْبَقُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَيْتُ مَا لَا دَمَ فِيهِ لَاقْتَضَى أَنَّ مَيْتَةَ مَا فِيهِ دَمٌ نَجِسَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ ذَاتِيًّا كَالْقَمْلِ أَوْ غَيْرَ ذَاتِيٍّ كَالْبُرْغُوثِ وَالْبَقِّ، وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلِذَا عَدَلَ عَنْ فِيهِ إلَى لَهُ الْمُفِيدَةِ لِلْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَمَيْتَةُ الْبَحْرِيِّ) ، وَلَوْ كَانَ خِنْزِيرًا أَوْ آدَمِيًّا وَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَهَائِمِ وَيُعَزَّرُ وَاطِئُهُ وَسَوَاءٌ مَاتَ الْبَحْرِيُّ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي الْبَرِّ وَسَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ وُجِدَ طَافِيًا عَلَى الْمَاءِ بِسَبَبِ شَيْءٍ فُعِلَ بِهِ مِنْ اصْطِيَادِ مُسْلِمٍ أَوْ مَجُوسِيٍّ أَوْ أُلْقِيَ فِي النَّارِ أَوْ دُسَّ فِي طِينٍ فَمَاتَ أَوْ وُجِدَ فِي بَطْنِ حُوتٍ أَوْ طَيْرٍ مَيِّتًا إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ إذَا أُرِيدَ أَكْلُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) أَيْ وَمَاتَ بِهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ بِنَجَاسَةِ مَيْتَةِ الْبَحْرِيِّ إذَا طَالَتْ حَيَاتُهُ بِالْبَرِّ وَرِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِطَهَارَةِ مَيْتِهِ إنْ مَاتَ فِي الْمَاءِ وَبِنَجَاسَتِهِ إنْ مَاتَ فِي الْبَرِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَسُلَحْفَاةٍ) بِسِينٍ ثُمَّ لَامٍ ثُمَّ حَاءٍ وَفِي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُ الْحَاءِ عَلَى اللَّامِ وَهِيَ تُرْسُ الْمَاءِ اهـ وَهِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَالْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ (قَوْلُهُ: وَجُزْؤُهُ) إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْجُزْءِ بَعْدَ النَّصِّ عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى الْكُلِّ الْحُكْمُ عَلَى الْجُزْءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِنَجَاسَةِ مَرَارَةِ الْمُبَاحِ الْمُذَكَّى مَعَ قَوْلِهِمْ بِطَهَارَةِ الْكُلِّ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ: وَجُزْؤُهُ الْمَشِيمَةَ وَهِيَ وِعَاءُ الْوَلَدِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَيَجُوزُ أَكْلُهَا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَصَوَّبَهُ الْبُرْزُلِيُّ قَائِلًا: هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ أَكْلِهَا وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: إنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمَوْلُودِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: إلَّا مُحَرَّمَ الْأَكْلِ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَقَوْلُهُ: لَا تَنْفَعُ فِيهَا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَيْتَتُهَا نَجِسَةٌ، وَلَوْ وُجِدَتْ فِيهَا صُورَةُ الذَّكَاةِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لَهُ) أَيْ لِلَّحْمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْجِلْدَ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَالْهِرِّ وَالْفَاقُومِ وَالْفَارِ (قَوْلُهُ: مَا حَوْلَ الْقَصَبَةِ) أَيْ قَصَبَةِ الرِّيشِ (قَوْلُهُ: وَشَعْرٌ) فِي شب عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ بَيْعِ الشَّعْرِ الَّذِي يُحْلَقُ مِنْ رُءُوسِ النَّاسِ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ) كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْمَعْزِ (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْأَشْيَاءُ) أَيْ الصُّوفُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ) غَايَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا إذَا جُزَّتْ مِنْ مَيْتَةٍ عِنْدَ الشَّكِّ فِي طَهَارَتِهَا وَنَجَاسَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نُتِفَتْ) أَيْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جُزَّتْ) أَيْ قُصَّتْ بِمِقَصٍّ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ تَحِلَّهُ حَيَاةٌ) أَيْ أَصْلًا فَخَرَجَ مِنْ التَّعْرِيفِ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَلِكَ الدُّودُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ كُلِّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْعُفُونَاتِ أَوْ التُّرَابِ فَلَا يُقَالُ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهَا جَمَادٌ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَنْفَصِلْ عَنْ حَيٍّ إلَّا أَنَّهَا حَلَّتْهَا الْحَيَاةُ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْ الْجَمَادِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْمُسْكِرُ إلَّا مَائِعًا وَلَا يَكُونُ

مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرَبٍ بِخِلَافِ الْمُفْسِدِ وَيُقَالُ لَهُ الْمُخَدِّرُ وَهُوَ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ لَا مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرَبٍ وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ وَبِخِلَافِ الْمُرْقِدِ وَهُوَ مَا غَيَّبَهُمَا مَعًا كَالدَّاتُورَةِ فَإِنَّهُمَا طَاهِرَانِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُمَا إلَّا مَا أَثَّرَ فِي الْعَقْلِ (وَ) الطَّاهِرُ (الْحَيُّ) وَأَلْ فِيهِ اسْتِغْرَاقِيَّةٌ أَيْ كُلُّ حَيٍّ بَحْرِيًّا كَانَ أَوْ بَرِّيًّا وَلَوْ مُتَوَلِّدًا مِنْ عَذِرَةٍ أَوْ كَلْبًا وَخِنْزِيرًا (وَدَمْعُهُ) وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ عَيْنِهِ (وَعَرَقُهُ) وَهُوَ مَا رَشَحَ مِنْ بَدَنِهِ وَلَوْ مِنْ جَلَّالَةٍ أَوْ سَكْرَانَ حَالَ سُكْرِهِ (وَلُعَابُهُ) وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ فَمِهِ فِي يَقِظَةٍ أَوْ نَوْمٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ بِصُفْرَتِهِ وَنُتُونَتِهِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَلَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ لُعَابًا (وَمُخَاطُهُ) وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ أَنْفِهِ (وَبَيْضُهُ) وَلَوْ مِنْ حَشَرَاتٍ كَحَيَّةٍ تَصَلَّبَ أَوْ لَا (وَلَوْ) (أَكَلَ) الْحَيُّ (نَجِسًا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (إلَّا) الْبَيْضَ (الْمَذِرَ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَهُوَ مَا عَفُنَ أَوْ صَارَ دَمًا أَوْ مُضْغَةً أَوْ فَرْخًا مَيِّتًا فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَأَمَّا مَا اخْتَلَطَ صُفَارُهُ بِبَيَاضِهِ مِنْ غَيْرِ عُفُونَةٍ فَاسْتَظْهَرُوا طَهَارَتَهُ (وَ) إلَّا (الْخَارِجُ بَعْدَ الْمَوْتِ) إنَّمَا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ وَلَمْ يُذَكَّ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ بَيْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذَا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (وَ) الطَّاهِرُ (لَبَنُ آدَمِيٍّ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ كَافِرًا مَيِّتًا سَكْرَانَ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ فَقَوْلُهُ: (إلَّا) الْآدَمِيُّ (الْمَيِّتُ) فَلَبَنُهُ نَجِسٌ لِأَنَّ مَيْتَتَهُ نَجِسَةٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي ضَعِيفٌ (وَلَبَنُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (تَابِعٌ) لِلَحْمِهِ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ فَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ طَاهِرًا بَعْدَهَا وَهُوَ الْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَامِدًا أَصْلًا خِلَافًا لِلْمَنُوفِيِّ فَإِنَّ الْمُسْكِرَ عِنْدَهُ قَدْ يَكُونُ جَامِدًا وَلِذَا جَعَلَ الْحَشِيشَةَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مَعَ نَشْأَةٍ) أَيْ شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ (قَوْلُهُ: وَطَرَبٍ) أَيْ فَرَحٍ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ نَشْأَةٍ) أَيْ شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ) أَيْ وَكَذَا الْبُرْشُ وَالْأَفْيُونُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَعْلِ الْحَشِيشَةِ مِنْ الْمُخَدِّرِ هُوَ مَا لِلْقَرَافِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَنُوفِيِّ فَإِنَّهُ جَعَلَهَا مِنْ الْمُسْكِرِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا أَثَّرَ فِي الْعَقْلِ) أَيْ غَيَّبَهُ وَفِي تَعَاطِيهِ الْأَدَبُ لَا الْحَدُّ، وَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي لَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ مِنْهُمَا فَيَجُوزُ تَعَاطِيهِ بِخِلَافِ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ فَيَحْرُمُ تَعَاطِي الْقَلِيلِ مِنْهُ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ وَالْكَثِيرِ وَفِي تَعَاطِيهِ مُطْلَقًا الْحَدُّ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي المج وَالْقَهْوَةُ فِي ذَاتِهَا مُبَاحَةٌ وَيَعْرِضُ لَهَا حُكْمُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي ح هُنَا وَمِثْلُهَا الدُّخَانُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَثْرَتُهُ لَهْوٌ اهـ وَفِي ح مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَالظَّاهِرُ جَوَازُ أَكْلِ الْمُرْقِدِ لِأَجْلِ قَطْعِ عُضْوٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمُرْقِدِ مَأْمُونٌ وَضَرَرَ الْعُضْوِ غَيْرُ مَأْمُونٍ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ حَيٍّ) ، وَلَوْ كَافِرًا أَوْ كَلْبًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ شَيْطَانًا وَدَخَلَ فِيهِ جَنِينُ الْآدَمِيِّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَقَدْ ادَّعَى الْقُرْطُبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى طَهَارَتِهِ قَالَ: وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي دَعْوَى الْإِجْمَاعِ وَقَالَ: بَلْ الْخِلَافُ الَّذِي فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ يَجْرِي فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَنِينَ الْآدَمِيِّ إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَنَجِّسًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَجَاسَةُ رُطُوبَتِهِ لَكِنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ وَقَالَ الْحَقُّ مَعَ الْقُرْطُبِيِّ؛ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ اهـ، وَأَمَّا جَنِينُ الْبَهِيمَةِ يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ الرُّطُوبَاتُ، فَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةَ الْأَكْلِ فَهُوَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ مَعَهُ مِنْ الرُّطُوبَاتِ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُبَاحَةِ الْأَكْلِ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ لِنَجَاسَةِ الرُّطُوبَاتِ الَّتِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حَالَ سُكْرِهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ عَرَقَ السَّكْرَانِ حَالَ سُكْرِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ سُكْرِهِ نَجِسٌ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ) أَيْ السَّائِلَ مِنْ فَمِهِ حَالَةَ النَّوْمِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نَجِسٌ أَيْ وَيُعْفَى عَنْهُ إذَا لَازَمَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَمُخَاطُهُ) أَيْ وَأَوْلَى خُرْءُ أُذُنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ حَشَرَاتٍ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْضُ مِنْ حَشَرَاتٍ وَقَوْلُهُ: تَصَلَّبَ أَيْ ذَلِكَ الْبَيْضُ بِأَنْ كَانَ صُلْبًا يَابِسًا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ الْعَرَقُ وَالْبَيْضُ خِلَافًا فَقِيلَ: إنَّهُمَا مِنْ آكِلِ النَّجِسِ نَجِسٌ وَرُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ لَهُمَا ظَاهِرٌ لِرَدِّ ذَلِكَ الْخِلَافِ وَبَعْضُهَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ لِرَدِّ التَّوَهُّمِ وَكَوْنُ لَوْ يُرَدُّ بِهَا الْخِلَافُ فَهَذَا أَغْلَبِيٌّ. (تَنْبِيهٌ) لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِثَوْبٍ فِيهِ عَرَقُ شَارِبِ خَمْرٍ أَوْ مُخَاطُهُ أَوْ بَصْقُهُ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي عبق خِلَافًا لِزَرُّوقٍ (قَوْلُهُ: فَاسْتَظْهَرُوا طَهَارَتَهُ) ، وَأَمَّا الْبَيْضُ الَّذِي يُوجَدُ فِي دَاخِلِ بَيَاضِهِ أَوْ صِفَارِهِ نُقْطَةُ دَمٍ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ الطَّهَارَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ خُرُوجُهُ مِمَّا مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ كَالْجَرَادِ وَالتِّمْسَاحِ أَوْ مِنْ مُذَكًّى فَلَا يَكُونُ نَجِسًا (قَوْلُهُ: بَيْضًا كَانَ) أَيْ الْخَارِجُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ مِنْ دَمْعٍ وَعَرَقِ وَلُعَابٍ وَمُخَاطٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُذَكًّى فَهِيَ نَجِسَةٌ، وَلَوْ بَيْضًا يَابِسًا، وَإِنْ كَانَ مُذَكًّى كَانَتْ طَاهِرَةً كَمَا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ حَيَوَانٍ مَيْتَتُهُ طَاهِرَةٌ كَمَا أَنَّهَا تَكُونُ طَاهِرَةً (قَوْلُهُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَّا الْمَذِرَ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْبَيْضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَيْتَتَهُ) أَيْ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَبَنُهُ نَجِسٌ لِنَجَاسَةِ وِعَائِهِ (قَوْلُهُ: وَلَبَنُ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْبَهَائِمِ، وَأَمَّا لَبَنُ الْجِنِّ فَهُوَ كَلَبَنِ الْآدَمِيِّ لَا كَلَبَنِ الْبَهَائِمِ لِجَوَازِ مُنَاكَحَتِهِمْ وَإِمَامَتِهِمْ

فَلَبَنُهُ طَاهِرٌ غَيْرَ أَنَّ لَبَنَ الْمَكْرُوهِ يُكْرَهُ شُرْبُهُ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ نَجِسًا بَعْدَهَا وَهُوَ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ فَلَبَنُهُ نَجِسٌ (وَ) الطَّاهِرُ (بَوْلٌ وَعَذِرَةٌ) يَعْنِي رَوْثًا (مِنْ مُبَاحٍ) أَكْلُهُ (إلَّا الْمُتَغَذِّي) مِنْهُ (بِنَجِسٍ) أَكْلًا أَوْ شُرْبًا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَشَكٍّ وَكَانَ شَأْنُهُ ذَلِكَ كَدَجَاجٍ وَفَارٍ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ كَحَمَامٍ وَخَرَجَ بِالْمُبَاحِ الْمُحَرَّمُ وَالْمَكْرُوهُ وَفَضْلَتُهُمَا نَجِسَةٌ كَمَا يَأْتِي (وَ) مِنْ الطُّهْرِ (قَيْءٌ) وَهُوَ الْخَارِجُ مِنْ الطَّعَامِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ (إلَّا الْمُتَغَيِّرُ) مِنْهُ بِنَفْسِهِ (عَنْ) حَالَةِ (الطَّعَامِ) فَنَجِسٌ وَلَوْ لَمْ يُشَابِهْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ، فَإِنْ كَانَ تَغَيُّرُهُ بِصَفْرَاءَ أَوْ بَلْغَمٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ فَطَاهِرٌ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ فِي التَّفْصِيلِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ وَلَوْ بِحُمُوضَةٍ فَنَجِسٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَالْمَاءِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ تَغَيُّرُهُ بِالْحُمُوضَةِ لَا يَضُرُّ وَرَجَّحَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ وَخَالَفَ شُرَّاحَهُ فِي اعْتِمَادِ نَجَاسَتِهِ (وَ) الطَّاهِرُ (صَفْرَاءُ) وَهِيَ مَاءٌ أَصْفَرُ مُلْتَحِمٌ يُشْبِهُ الصِّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ (وَبَلْغَمٌ) وَهُوَ الْمُنْعَقِدُ كَالْمُخَاطِ يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ يَسْقُطُ مِنْ الرَّأْسِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ عِنْدَنَا طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ فَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا طَاهِرٌ وَعِلَّةُ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ الِاسْتِحَالَةُ إلَى فَسَادٍ (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (مَرَارَةُ مُبَاحٍ) وَكَذَا مَكْرُوهٌ فَلَوْ قَالَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لَشَمِلَهُمَا وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الْكَائِنُ فِي الْجِلْدَةِ الْمَعْلُومَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسَ الْجِلْدَةِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ وَلَيْسَتْ هِيَ الصَّفْرَاءَ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالصَّفْرَاءِ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْحَيَوَانِ حَالَ حَيَاتِهِ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ مَرَارَةُ الْمُذَكَّى وَلِذَا قَيَّدَهَا بِالْمُبَاحِ وَأَطْلَقَ فِي الصَّفْرَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ خش. (قَوْلُهُ: فَلَبَنُهُ طَاهِرٌ) وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِلَبَنِ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ) أَيْ فِي كَرَاهَةِ الشُّرْبِ وَعَدَمِهِ بَلْ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ) هَذَا، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِنْهُ عِنْدَ مَالِكٍ إمَّا لِاسْتِقْذَارِهِ أَوْ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَأَمَّا مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْغَنَمِ وَالسِّبَاعِ أَوْ مِنْ الْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ فَهَلْ تَكُونُ فَضْلَتُهُ طَاهِرَةً أَوْ نَجِسَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْأُمِّ لِقَوْلِهِمْ: كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا اهـ خش وَفِي المج لَيْسَ مِنْ التَّلْفِيقِ الَّذِي قِيلَ بِجَوَازِهِ مُرَاعَاةَ الشَّافِعِيِّ فِي إبَاحَةِ الْخَيْلِ وَمَالِكٍ فِي طَهَارَةِ رَجِيعِ الْمُبَاحِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا عَيَّنَ لِلْإِبَاحَةِ أَشْيَاءَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يَعْنِي رَوْثًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَذِرَةَ إنَّمَا تُقَالُ لِفَضْلَةِ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا فَضْلَةُ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهَا رَوْثٌ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُتَغَذِّي بِنَجِسٍ) أَيْ فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ نَجِسَانِ مُدَّةَ ظَنِّ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي جَوْفِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ شَأْنُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلشَّكِّ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ لَا إنْ شَكَّ فِي اسْتِعْمَالِهِ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُتَغَيِّرُ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ) أَيْ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا، فَإِذَا تَغَيَّرَ بِحُمُوضَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَهُوَ نَجِسٌ، وَإِنْ لَمْ يُشَابِهْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ سَنَدٌ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ حَيْثُ قَالُوا: لَا يَنْجُسُ الْقَيْءُ إلَّا إذَا شَابَهُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْسُ) هُوَ مَاءٌ تَقْذِفُهُ الْمَعِدَةُ أَوْ يَقْذِفُهُ رِيحٌ مِنْ فَمِهَا، وَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ طَعَامٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَغَيَّرَ) أَيْ عَنْ حَالَةِ الْمَاءِ الَّذِي شَرِبَهُ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ) أَيْ وَلَا يَكُونُ الْقَلْسُ نَجِسًا إلَّا إذَا شَابَهُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْقَيْءِ وَالْقَلْسِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ) أَرَادَ بِهِ طفى (قَوْلُهُ: نَجَاسَتُهُ) أَيْ نَجَاسَةُ الْقَلْسِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْحُمُوضَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَلْسَ لَا يَنْجُسُ اتِّفَاقًا إلَّا بِمُشَابَهَةِ الْعَذِرَةِ فَلَا تَضُرُّ حُمُوضَتُهُ لِخِفَّتِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ الْقَيْءُ أَوْ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمُطْلَقِ التَّغَيُّرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ تَأْوِيلًا هَذَا حَاصِلُ مَا حَرَّرَهُ طفى وَرَدَّ عَلَى ح وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُ فِي تَشْهِيرِ التَّنْجِيسِ بِمُطْلَقِ التَّغَيُّرِ فِيهِمَا (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ طَهَارَةَ الْقَيْءِ تَقْتَضِي طَهَارَةَ مَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ مِنْ خَيْطٍ أَوْ دِرْهَمٍ لَكِنْ فِي كَبِيرِ خش أَنَّهُمْ قَالُوا بِنَجَاسَتِهِمَا، وَأَمَّا الَّذِي أُدْخِلَ فِي الدُّبُرِ فَنَجِسٌ قَطْعًا كَمَا فِي ح كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَصَفْرَاءُ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ صَفْرَاءُ وَبَلْغَمٌ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالنُّخَامَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ) أَنَّ سَوَاءً كَانَ كُلٌّ مِنْ الصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ مِنْ آدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِنْ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعِدَةَ) إلَخْ عِلَّةٌ لِطَهَارَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَيْءِ وَالصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ لَا يُقَالُ مُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ طَهَارَةُ الْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ عَنْ الطَّعَامِ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَعِدَةِ طَاهِرًا حَيْثُ خَرَجَ بِحَالِهِ وَلَا يَرِدُ الصَّفْرَاءُ وَالْبَلْغَمُ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَخْرُجَا بِحَالِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْدُرُ خُرُوجُ الصَّفْرَاءِ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا بَقِيَ بِحَالِهِ وَالْبَلْغَمُ لَمَّا كَانَ يَتَكَرَّرُ خُرُوجُهُ وَيَكْثُرُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تُوجِبُ الْمَشَقَّةَ كَذَا قِيلَ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ لَا تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ، وَإِنَّمَا تَقْتَضِي الْعَفْوَ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعِلَّةُ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ) أَيْ إذَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ هِيَ) أَيْ مَرَارَةُ الْمُبَاحِ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ فِي الصَّفْرَاءِ) أَيْ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مُبَاحًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحِ) أَيْ الْعَلَّامَةِ بَهْرَامَ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُ اعْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمَرَارَةِ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ الْمُرَّ الْخَارِجَ مِنْ الْفَمِ فَهُوَ الصَّفْرَاءُ، وَإِنْ أَرَادَ وِعَاءَهُ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا نَخْتَارُ

(وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجْرِ بَعْدَ مُوجِبِ خُرُوجِهِ بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ الْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ وَكَذَا مَا يُوجَدُ فِي قَلْبِ الشَّاةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي بَطْنِهَا فَهُوَ مِنْ الْمَسْفُوحِ فَيَكُونُ نَجِسًا وَكَذَا الْبَاقِي فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَارِي (وَمِسْكٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَأَصْلُهُ دَمٌ انْعَقَدَ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ (وَفَارَتُهُ) بِلَا هَمْزٍ لِأَنَّهُ مِنْ فَارَ يَفُورُ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الْهَمْزُ وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا (وَزَرْعٌ) سُقِيَ (بِنَجِسٍ) وَإِنْ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ فَيُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (خَمْرٌ تَحَجَّرَ) أَيْ جَمَدَ لِزَوَالِ الْإِسْكَارِ مِنْهُ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَلِذَا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ أَوْ بُلَّ وَشُرِبَ أَسْكَرَ لَمْ يَطْهُرْ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ (أَوْ خُلِّلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَالْمُتَخَلِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ وَكَذَا مَا حُجِّرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ وَإِذَا طَهُرَ طَهُرَ إنَاؤُهُ وَلَوْ فَخَّارًا غَاصَ فِيهِ فَهُوَ يُخَصِّصُ قَوْلَهُمْ وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ وَلَوْ وَقَعَ ثَوْبٌ فِي دَنِّ خَمْرٍ فَتَخَلَّلَ طَهُرَ الْجَمِيعُ وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ شَرَعَ فِي ذِكْرِ النَّجِسَةِ فَقَالَ (وَالنَّجَسُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ (مَا اُسْتُثْنِيَ) أَيْ أُخْرِجَ مِنْ الطَّاهِرِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا سَوَاءٌ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِأَدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ وَذَلِكَ فِي سَبْعَةٍ بِمُرَاعَاةِ الْمَعْطُوفِ وَهِيَ إلَّا مُحَرَّمُ الْأَكْلِ إلَّا الْمُسْكِرُ إلَّا الْمَذِرَ وَالْخَارِجَ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا الْمَيِّتَ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجِسٍ إلَّا الْمُتَغَيِّرُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِهَا كَمَفْهُومِ الشَّرْطِ فِي إنْ جُزَّتْ دُرِسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَاءُ الْأَصْفَرُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ نَفْسُ الصَّفْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا الْمَاءُ الْمُرُّ الْأَصْفَرُ الْخَارِجُ مِنْ الْحَيَوَانِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَأَمَّا الْمَرَارَةُ فَإِنَّهَا الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الْخَارِجُ مِنْ بَعْدِ التَّذْكِيَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ وَمَرَارَةُ الْمُذَكَّى الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَارَةِ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ الْخَارِجُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ (قَوْلُهُ: وَدَمٌ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ دَمٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِذَكَاةٍ) الْبَاءُ تَصْوِيرِيَّةٌ أَيْ مُوجِبُ خُرُوجِهِ الْمُصَوَّرِ بِذَكَاتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّمَ إنْ جَرَى بَعْدَ مُوجِبِ خُرُوجِهِ وَهُوَ الذَّكَاةُ كَانَ مَسْفُوحًا وَهُوَ نَجِسٌ كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَعْدَ مُوجِبِ خُرُوجِهِ كَانَ غَيْرَ مَسْفُوحٍ وَهُوَ طَاهِرٌ فَخَرَجَ الدَّمُ الْقَائِمُ بِالْحَيِّ فَلَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مَسْفُوحًا وَلَا غَيْرَ مَسْفُوحٍ وَمِنْ ثَمَرَاتِ طَهَارَةِ غَيْرِ الْمَسْفُوحِ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ لَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا يُوجَدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ وَمَا قَبْلَهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَعْدَ حُصُولِ مُوجِبِ خُرُوجِهِ الَّذِي هُوَ الذَّكَاةُ (قَوْلُهُ: وَمِسْكٌ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ مِسْكٌ (قَوْلُهُ: بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ) أَيْ وَأَمَّا الْمَسْكُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَهُوَ الْجِلْدُ يُقَالُ الْقِنْطَارُ مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَتِهِ) أَيْ اسْتِحَالَةِ أَصْلِهِ أَيْ، وَإِنَّمَا كَانَ طَاهِرًا مَعَ نَجَاسَةِ أَصْلِهِ لِاسْتِحَالَةِ أَصْلِهِ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةُ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: بِلَا هَمْزٍ) أَيْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَارَ يَفُورُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قَوْلَهُ وَفَأْرَتُهُ بِالْهَمْزِ وَعَدَمُهُ خِلَافًا لِمَنْ عَيَّنَ الْأَوَّلَ وَلِمَنْ عَيَّنَ الثَّانِيَ هَذَا وَظَاهِرُ طَهَارَةِ الْمِسْكِ وَفَأْرَتُهُ وَلَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّبَنِ وَالْبَيْضِ الْخَارِجَيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعَ أَنَّ كُلًّا اسْتَحَالَ إلَى صَلَاحٍ وَعَدَمِ اسْتِقْذَارٍ هَذَا وَفِي المج أَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ الِاسْتِحَالَةِ لِصَلَاحٍ فِي الْمِسْكِ فَتَأَمَّلْ هَذَا، وَقَدْ تَوَقَّفَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمِسْكِ قَالَ ح وَلَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ وَجَوَازُهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ حَيْثُ قَالُوا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ الطَّعَامِ الْمُمَسَّكِ إذَا أَمَاتَهُ الطَّبْخُ فَلَوْلَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ الْمِسْكِ مَا جَازَ أَكْلُ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَكُونُ) أَيْ الْمِسْكُ (قَوْلُهُ: وَزَرْعٌ) أَيْ وَمِنْ الطَّاهِرِ زَرْعٌ وَالْبَقْلُ كَالْكُرَّاثِ وَنَحْوِهِ كَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ: سُقِيَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَاءَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَزَرْعٌ مِنْ نَجِسٍ أَيْ نَاشِئٍ مِنْ نَجِسٍ كَمَا لَوْ زَرَعَ قَمْحًا نَجِسًا بِأَنْ ابْتَلَعَهُ إنْسَانٌ وَنَزَلَ بِحَالِهِ وَزَرَعَهُ وَنَبَتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ) أَيْ سَوَاءٌ تَحَجَّرَ فِي أَوَانِيهِ أَمْ لَا بِأَنْ وَقَعَ فَوْقَ ثَوْبٍ وَجَمَدَ عَلَيْهِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عبق تَبَعًا لعج وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بُدَّ مِنْ تَحَجُّرِهِ فِي أَوَانِيهِ، وَأَمَّا إذَا جَمَدَ عَلَى ثَوْبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ حَالَ نَجَاسَتِهِ وَهُوَ مَا فِي شب وَالْقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إذَا نَشَفَ عَلَى الثَّوْبِ لَا يُقَالُ فِيهِ تَحَجُّرٌ إذْ تَحَجُّرُهُ جُمُودُهُ وَصَيْرُورَتُهُ جُرْمًا جَامِدًا (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ تَعْلِيلِ الطَّهَارَةِ بِزَوَالِ الْإِسْكَارِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ) أَيْ وَهُوَ مُتَحَجِّرٌ وَقَوْلُهُ: أَسْكَرَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ اُسْتُعْمِلَ أَوْ بَلَّ (قَوْلُهُ: كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ) أَيْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَتَى تَحَجَّرَ صَارَ طَاهِرًا أَوْ لَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ إذَا بَلَّ يُسْكِرُ أَوْ لَا أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ أَطْبَقُوا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الطِّرْطِيرِ وَهُوَ خَمْرٌ جَامِدٌ وَلَمْ يُقَيِّدُوا جَوَازَ بَيْعِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خُلِّلَ) أَيْ بِطَرْحِ مَاءٍ أَوْ خَلٍّ أَوْ مِلْحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ، وَمَحَلُّ طَهَارَتِهِ بِصَيْرُورَتِهِ خَلًّا مَا لَمْ يَكُنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَبْلَ تَخْلِيلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي عبق مَنْعُ اسْتِعْمَالِ الْخَمْرِ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ بِالطَّبْخِ فِي دَوَاءٍ وَاخْتَلَفُوا فِي تَخْلِيلِهَا فَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْإِبَاحَةِ وَعَلَى كُلٍّ يَطْهُرُ بَعْدَ التَّخْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا حُجِّرَ) أَيْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ طَاهِرًا إلَّا إذَا تَحَجَّرَ بِنَفْسِهِ أَوْ خُلِّلَ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ فِي كَلَامِهِ احْتِبَاكًا فَحُذِفَ مِنْ كُلٍّ نَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: طَهُرَ الْجَمِيعُ) أَيْ الثَّوْبُ وَالْخَمْرُ الَّذِي فِي الدَّنِّ وَالدَّنِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَيْ أُخْرِجَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مُرَادَ

وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا وَإِنْ عُلِمَتْ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ تَعْدَادِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَحَصْرِهَا (وَ) النَّجِسُ (مَيْتُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ) وَهُوَ بَرِّيٌّ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ إذَا كَانَ غَيْرَ قَمْلَةٍ وَآدَمِيٍّ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (قَمْلَةً) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ مَيْتَتِهَا لِأَنَّ الدَّمَ الَّذِي فِيهَا مُكْتَسَبٌ لَا ذَاتِيٌّ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ ذَاتِيٌّ وَيُعْفَى عَنْ الْقَمْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) كَانَ (آدَمِيًّا) ضَعِيفٌ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ كَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى (طَهَارَتُهُ) وَلَوْ كَافِرًا عَلَى التَّحْقِيقِ (وَ) النَّجِسُ (مَا أُبِينَ) أَيْ انْفَصَلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَلَّقَ بِيَسِيرِ لَحْمٍ أَوْ جِلْدٍ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ بِالِاسْتِثْنَاءِ الِاسْتِثْنَاءُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ مُطْلَقُ الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِهَا كَمَفْهُومِ الشَّرْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الِاسْتِثْنَاءُ الْحَقِيقِيُّ أَيْ مَا كَانَ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَعَلَى هَذَا فَيُقَالُ مَا اُسْتُثْنِيَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِنَا أَوْ حُكْمًا أَوْ أَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اصْطِلَاحِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِنَا أَوْ حُكْمًا. وَحَاصِلُ مَا اسْتَثْنَاهُ فِيمَا مَرَّ ثَمَانِيَةٌ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ وَالصُّوفِ الْمَنْتُوفِ وَالْمُسْكِرِ وَالْمَذَرِ وَالْخَارِجِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ دَمْعٍ وَعَرَقٍ وَلُعَابٍ وَمُخَاطٍ وَبَيْضٍ وَلَبَنِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ وَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ مِنْ الْمُتَغَذِّي بِنَجِسٍ وَالْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا) أَيْ هَذِهِ الْمُخَرَّجَاتِ الْمُسْتَثْنَاةَ بِإِلَّا وَغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ عُلِمَتْ أَيْ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالنَّجِسُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَمَيْتُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ عَطْفٌ عَلَى مَا اُسْتُثْنِيَ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ وَاَلَّذِي ذُكِرَ مَيْتَةٌ مَا لَا دَمَ لَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ وَمَيِّتِ الْبَحْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مَيِّتُ الْبَرِّيِّ الَّذِي لَهُ دَمٌ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرَ قَمْلَةٍ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَالطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ وَالْحَيَّةِ وَالْوَزَغِ وَالسَّحَالِي سَوَاءٌ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِذَكَاةٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ كَمُذَكَّى مَجُوسِيٍّ أَوْ كِتَابِيٍّ بِقَصْدِ تَعْظِيمِ صَنَمِهِ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ إلَهُهُ فَذَبَحَهُ تَقَرُّبًا إلَيْهِ أَوْ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ عَمْدًا أَوْ مُرْتَدٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ أَوْ مَصِيدِ كَافِرٍ أَوْ ذَبْحِ مُحْرِمٍ لِصَيْدٍ فَكُلُّ هَذِهِ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ كَانَ) أَيْ مَيِّتُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ الْإِمَامُ سَحْنُونٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّمَ) عِلَّةٌ لِلْقَوْلِ بِطَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ: عَنْ الْقَمْلَتَيْنِ) أَيْ الْمَيْتَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثُ) أَيْ الْمَيْتَاتُ إذَا كَانَتْ فِي ثَوْبٍ وَصَلَّى بِهِ وَكَذَا يُعْفَى عَنْ قَتْلِ الثَّلَاثِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ح وَنَقَلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ لِقَتْلِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ يَنْوِي ذَكَاتَهَا قَالَ ح كَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ مَنْ عَمِلَ الذَّكَاةَ فِي مُحَرَّمِ الْأَكْلِ فَإِنَّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ تَحْرِيمَ أَكْلِ الْقَمْلَةِ إجْمَاعًا، فَإِنْ بَنَى عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ إنَّ الْقَمْلَةَ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّذْكِيَةِ إلَّا زِيَادَةَ احْتِيَاطٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ آدَمِيًّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَيِّتَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ آدَمِيًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُ) ، وَلَوْ كَافِرًا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ فِي مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ الْخِلَافَ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الْجِنِّ فَنَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْآدَمِيَّ فِي الشَّرَفِ، وَإِنْ اقْتَضَى عُمُومُ «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» أَنَّ لَهُ مَا لِلْآدَمِيِّ، وَلَوْ قِيلَ بِطَهَارَةِ مَيْتَةِ الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَلَيْسَ الْفَرْعُ نَصًّا قَدِيمًا اهـ مج (قَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ) قَالَ عِيَاضٌ: لِأَنَّ غَسْلَهُ وَإِكْرَامَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَأْبَى تَنْجِيسَهُ إذْ لَا مَعْنَى لِغُسْلِ الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَذِرَةِ «وَلِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى سَهْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ» وَلِمَا ثَبَتَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ الْمَوْتِ» ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا فَعَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي طَهَارَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ وَعَدَمِهَا عَامٌّ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَقِيلَ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الْكَافِرِ فَنَجِسَةٌ اتِّفَاقًا

(مِنْ) حَيَوَانٍ نَجِسِ الْمَيْتَةِ (حَيٍّ وَمَيِّتٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا طَاهِرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ثُمَّ بَيَّنَ إبْهَامَ مَا بِقَوْلِهِ (مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ وَظِلْفٍ) هُوَ لِلْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ كَالْحَافِرِ لِلْفَرَسِ وَالْحِمَارِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْحَافِرَ (وَظُفْرٍ) لِبَعِيرٍ وَنَعَامٍ وَإِوَزٍّ وَدَجَاجٍ وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الدَّجَاجَ لَيْسَ مِنْ ذِي الظُّفْرِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِلْدَةُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ (وَعَاجٍ) أَيْ سِنِّ فِيلٍ (وَقَصَبِ رِيشٍ) بِتَمَامِهَا وَهِيَ الَّتِي يَكْتَنِفُهَا الزَّغَبُ (وَجِلْدٌ) إذَا لَمْ يُدْبَغْ بَلْ (وَلَوْ دُبِغَ) فَلَا يُؤَثِّرُ دَبْغُهُ طَهَارَةً فِي ظَاهِرِهِ وَلَا بَاطِنِهِ وَخَبَرُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» وَنَحْوُهُ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَلِذَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَرُخِّصَ فِيهِ) أَيْ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدِ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَوْ مُحَرَّمِهِ (إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ) فَلَا يُرَخَّصُ فِيهِ مُطْلَقًا ذُكِّيَ أَمْ لَا لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهِ إجْمَاعًا فَكَذَا الدِّبَاغُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا جِلْدُ الْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ وُجُوبِ دَفْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُمَا طَرِيقَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَلَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ إذْ أَجْسَادُهُمْ بَلْ جَمِيعُ فَضَلَاتِهِمْ طَاهِرَةٌ اتِّفَاقًا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مَتَى ثَبَتَتْ لِذَاتٍ فَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَاسْتِنْجَاؤُهُمْ تَنْزِيهٌ وَتَشْرِيعٌ، وَلَوْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَا حُكْمَ إذْ ذَاكَ لِاصْطِفَائِهِمْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ بَلْ فِي شَرْحِ دَلَائِلِ الْخَيْرَاتِ لِلْفَاسِيِّ أَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيٍّ) مِنْهُ ثَوْبُ الثُّعْبَانِ (قَوْلُهُ: فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْآدَمِيِّ إلَخْ) مِنْ جُمْلَتِهِ مَا نُحِتَ مِنْ الرِّجْلِ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ مِنْ الْجِلْدِ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَقُلَامَةِ الظُّفْرِ بِخِلَافِ مَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَ حَلْقِهِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ وَسَخٌ مُتَجَمِّدٌ مُنْعَقِدٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ مِنْ الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ طَهَارَةِ مَيْتَتِهِ، وَأَمَّا عَلَى الضَّعِيفِ فَمَا أُبِينَ مِنْهُ نَجِسٌ مُطْلَقًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا أُبِينَ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَالْخِلَافِ فِي مَيْتَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّ مَا أُبِينَ مِنْهُ حَيًّا لَا يُخْتَلَفُ فِي نَجَاسَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ (تَنْبِيهٌ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ طَهَارَةِ مَا أُبِينَ مِنْ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا يَجُوزُ رَدُّ سِنٍّ قُلِعَتْ لِمَحَلِّهَا لَا عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الدَّجَاجَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّفْرِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُقَصُّ فَيَدْخُلُ الدَّجَاجُ فِي الظُّفْرِ بِخِلَافِ بَابِ الذَّبَائِحِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالظُّفْرِ فِيهِ الْجِلْدَةُ الَّتِي بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الدَّجَاجُ مِنْ ذِي الظُّفْرِ اهـ فَعَدُّ الدَّجَاجِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ ذِي الظُّفْرِ لَا يُعَارِضُ مَا فِي الذَّبَائِحِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذِي الظُّفْرِ (قَوْلُهُ: بِتَمَامِهَا) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَصْلِهَا وَطَرَفِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ النَّجِسُ أَصْلُهَا لَا طَرَفُهَا كَذَا فِي ح وَيَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يَقْتَضِي ضَعْفَهُ وَاعْتِمَادُ الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّجِسَ أَصْلُهَا لَا طَرَفُهَا اُنْظُرْ بْن وَنَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى نَجَاسَةِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ مِنْ قَرْنٍ إلَخْ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ وَعُرُوقٍ مَعَ شُمُولِ قَوْلِهِ وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ لِذَلِكَ الْغَيْرِ لِلْخِلَافِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ بِطَهَارَةِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَحُلُّهُ بِخِلَافِ اللَّحْمِ وَالْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى نَجَاسَتِهَا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ تَحُلُّهَا. (قَوْلُهُ: وَجِلْدٍ) يَعْنِي أَنَّ الْجِلْدَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ نَجِسٌ (قَوْلُهُ: وَلَا بَاطِنِهِ) خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِينَ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ مُطْلَقًا، وَلَوْ خِنْزِيرًا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ طَهَارَةً شَرْعِيَّةً وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: وَلِذَا جَازَ) أَيْ لِأَجْلِ طَهَارَتِهِ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْإِمَامِ أَيْ وَجَوَّزَ الْإِمَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ) أَيْ فِي اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحَرَّمِهِ) ذُكِّيَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا تَعْمَلُ فِيهِ إجْمَاعًا) أَيْ بِخِلَافِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَإِنَّ الذَّكَاةَ تَنْفَعُ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ، وَمُقَابِلُهُ مَا شَهَّرَهُ الْإِمَامُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ الْفَرَسِ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ كَجِلْدِ غَيْرِهِ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ إذَا دُبِغَ سَوَاءٌ ذُكِّيَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا جِلْدُ الْآدَمِيِّ) أَيْ مِثْلُ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ فِي كَوْنِهِ لَا يُرَخَّصُ فِيهِ مُطْلَقًا جِلْدُ الْآدَمِيِّ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الدَّبْغِ فِي

(بَعْدَ دَبْغِهِ) بِمَا يُزِيلُ الرِّيحَ وَالرُّطُوبَةَ وَيَحْفَظُهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ وَلَا يَفْتَقِرُ الدَّبْغُ إلَى فِعْلِ فَاعِلٍ، فَإِنْ وَقَعَ الْجِلْدُ فِي مَدْبَغَةٍ طَهُرَ أَيْ لُغَةً وَلَا كَوْنُ الدَّابِغِ مُسْلِمًا (فِي يَابِسٍ) كَالْحُبُوبِ (وَ) فِي (مَاءٍ) لِأَنَّ لَهُ قُوَّةَ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ لِطَهُورِيَّتِهِ فَلَا يَضُرُّهُ إلَّا مَا غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ الثَّلَاثَةِ لَا فِي نَحْوِ عَسَلٍ وَلَبَنٍ وَسَمْنٍ وَمَاءِ زَهْرٍ وَيَجُوزُ لُبْسُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا فِيهَا لِنَجَاسَتِهَا (وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ) أَيْ نَابِ الْفِيلِ الْمَيِّتِ قَالَ فِيهَا لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ فَيَكُونُ اسْتِشْهَادًا لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ نَجَاسَتِهِ وَقِيلَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَكُونُ اسْتِشْكَالًا وَأَمَّا الْمُذَكَّى وَلَوْ بِعُقْرٍ فَلَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ كَغَيْرِهِمَا مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ دَبْغِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي يَابِسٍ كَذَلِكَ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ بَعْدَ دَبْغِهِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَفِي قَوْلِهِ فِي يَابِسٍ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِيَابِسٍ وَمَاءٍ بِخِلَافِهَا فِي قَوْلِهِ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنَّ فِي يَابِسٍ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِعْمَالِهِ مَحْذُوفًا (قَوْلُهُ: بَعْدَ دَبْغِهِ) ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِحَالٍ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: بِمَا يُزِيلُ الرِّيحَ وَالرُّطُوبَةَ) ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُزِيلُ لَهُمَا نَجِسًا كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَيَحْفَظُهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ) أَيْ مِنْ التَّلَفِ وَالتَّقْطِيعِ كَمَا تَحْفَظُهُ الْحَيَاةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدِّبَاغِ إزَالَةُ الشَّعْرِ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ إزَالَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ: إنَّ الشَّعْرَ نَجِسٌ وَإِنَّ طَهَارَةَ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ لَا تَتَعَدَّى إلَى طَهَارَةِ الشَّعْرِ؛ لِأَنَّهُ تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ فَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِهِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالشَّعْرُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَحُلُّهُ فَالْفَرْوُ إنْ كَانَ مُذَكَّى مَجُوسِيٍّ أَوْ مَصِيدَ كَافِرٍ قَلَّدَ فِي لُبْسِهِ فِي الصَّلَاةِ أَبَا حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ عِنْدَهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَالشَّعْرُ عِنْدَهُ طَاهِرٌ وَلَا يُقَلِّدُ فِيهِ الشَّافِعِيَّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بِطَهَارَةِ الْجِلْدِ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الشَّعْرِ وَلَا مَالِكًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بِطَهَارَةِ الشَّعْرِ يَقُولُ بِنَجَاسَةِ الْجِلْدِ إلَّا أَنْ يُلَفِّقَ وَيُقَلِّدُ الْمَذْهَبَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ الْجِلْدُ فِي مَدْبَغَةٍ) أَيْ وَخَرَجَ مَدْبُوغًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِآلَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا كَوْنُ الدَّابِغِ مُسْلِمًا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الدَّابِغِ مُسْلِمًا بَلْ دَبْغُ الْكَافِرِ مُطَهِّرٌ. (قَوْلُهُ: كَالْحُبُوبِ) أَيْ بِأَنْ يُوعَى فِيهَا الْعَدَسُ وَالْفُولُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْحُبُوبِ وَيُغَرْبَلُ عَلَيْهَا وَلَا يَطْحَنُ عَلَيْهَا بِأَنْ تُجْعَلَ الرَّحَى فَوْقَهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَحَلُّلِ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْجِلْدِ فَتَخْتَلِطُ بِالدَّقِيقِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ الْجِلْدَ فِي بَيْتِ الدَّقِيقِ فِي الطَّاحُونِ وَيَنْزِلُ الدَّقِيقُ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ) فِي المج أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَاءِ لُبْسُهُ فِي الرِّجْلِ الْمَبْلُولَةِ وِفَاقًا لح (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لُبْسُهَا إلَخْ) أَيْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ أَيْ كَمَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ دُخُولُ النَّجِسِ فِيهِ، وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْ وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ عَلِمْت مِنْ مَسْأَلَةِ الْفِرَاءِ عَدَمَ الْجَوَازِ إلَّا إذَا قُلِّدَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ) أَيْ كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِهِ وَقَوْلُهُ: قَالَ فِيهَا أَيْ مُعَلِّلًا لِلْكَرَاهَةِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ التَّعْلِيلُ وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَجَاسَتِهِ) أَيْ الْعَاجِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْفِيلَ غَيْرُ مُذَكًّى وَقَوْلُهُ: فَيَكُونُ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا إلَخْ اسْتِشْكَالًا أَيْ لِمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ يَأْتِي بِكَلَامِهَا إمَّا اسْتِشْكَالًا أَوْ اسْتِشْهَادًا، وَأَمَّا إتْيَانُهُ بِهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ آخَرَ فَهُوَ قَلِيلٌ وَحَمْلُ الْكَرَاهَةِ فِيهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ أَحْسَنُ خُصُوصًا، وَقَدْ نَقَلَ حَمْلَهَا عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَسَبَبُ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ أَنَّ الْعَاجَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَيْتَةٍ لَكِنْ أُلْحِقَ بِالْجَوَاهِرِ فِي التَّزَيُّنِ فَأُعْطِيَ حُكْمًا وَسَطًا وَهُوَ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ وَمُرَاعَاةً لِمَا قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَعُرْوَةُ مِنْ جَوَازِ الِامْتِشَاطِ بِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْعَجِينَ لَا يَتَنَجَّسُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ) أَيْ لِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ بَلْ اسْتِعْمَالُهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا فَالْخِلَافُ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَاجِ الْمُتَّخَذِ

(وَ) فِيهَا (التَّوَقُّفُ) لِلْإِمَامِ (فِي) الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ (الْكِيمَخْتِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَهُوَ جِلْدُ الْحِمَارِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْبَغْلِ الْمَيِّتِ، وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ لَا سِيَّمَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ وَعَمَلُ السَّلَفِ مِنْ صَلَاتِهِمْ بِسُيُوفِهِمْ وَجَفِيرِهَا مِنْهُ يَقْتَضِي طَهَارَتَهُ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالُوا أَنَّهُ طَاهِرٌ لِلْعَمَلِ لَا نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ جِلْدُ الْمَيْتَةِ نَجِسٌ وَلَوْ دُبِغَ وَانْظُرْ مَا عِلَّةُ طَهَارَتِهِ فَإِنْ قَالُوا: الدَّبْغُ قُلْنَا يَلْزَمُ طَهَارَةُ كُلِّ مَدْبُوغٍ وَإِنْ قَالُوا الضَّرُورَةُ قُلْنَا: إنْ سَلِمَ فَهِيَ لَا تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ بَلْ الْعَفْوَ، وَحَمْلُ الطَّهَارَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ فِي غَيْرِ الْكِيمَخْتِ وَعَلَى الْحَقِيقَةِ فِي الْكِيمَخْتِ تَحَكُّمٌ وَعَمَلُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِمْ الرِّضَا فِي جُزْئِيٍّ يُحَقِّقُ الْعَمَلَ فِي الْبَاقِي (وَ) مِنْ النَّجِسِ (مَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَوَدْيٌ) وَلَوْ مِنْ مُبَاحِ الْأَكْلِ فِي الثَّلَاثَةِ لِلِاسْتِقْذَارِ وَالِاسْتِحَالَةِ إلَى فَسَادٍ وَلِأَنَّ أَصْلَهَا دَمٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ أَصْلِهَا الْعَفْوُ عَنْهَا وَالثَّلَاثَةُ بِوَزْنِ ظَبْيٍ وَصَبِيٍّ (وَقَيْحٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ مِدَّةٌ لَا يُخَالِطُهَا دَمٌ (وَصَدِيدٌ) وَهُوَ مَاءُ الْجُرْحِ الرَّقِيقِ الْمُخْتَلِطِ بِدَمٍ قَبْلَ أَنْ تُغَلَّظَ الْمُدَّةُ، وَقِيلَ بَلْ وَلَوْ غَلُظَتْ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي النَّجَاسَةِ مَا يَسِيلُ مِنْ مَوْضِعِ حَكِّ الْبَثَرَاتِ وَمَا يُرَشَّحُ مِنْ الْجِلْدِ إذَا كُشِطَ وَمَا يَسِيلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ فِيلٍ مَيِّتٍ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا التَّوَقُّفُ) أَيْ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ فِي الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ الْكِيمَخْتِ هَلْ هُوَ الطَّهَارَةُ أَوْ النَّجَاسَةُ كَقَوْلِهَا لَا أَدْرِي وَاخْتُلِفَ هَلْ تَوَقُّفُ الْإِمَامِ يُعَدُّ قَوْلًا أَوْ لَا وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَقِيلَ بِنَجَاسَتِهِ مَعَ الْعَفْوِ عَنْهُ وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ جِلْدُ الْمَيْتَةِ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي اسْتِعْمَالِ الْكِيمَخْتِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا فِي السُّيُوفِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَجَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي السُّيُوفِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ قَالَ فَمَنْ صَلَّى بِهِ فِي غَيْرِ السُّيُوفِ يَسِيرًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا أَعَادَ أَبَدًا كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَكَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِهِ مُطْلَقًا قِيلَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ تَرْكَهُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِهِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ، وَأَمَّا تَوَقُّفُ الْإِمَامِ فَهُوَ فِي حُكْمِهِ مِنْ جِهَةِ طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ فَالتَّوَقُّفُ يُجَامِعُ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ؛ لِأَنَّهُمَا فِي اسْتِعْمَالِهِ وَالتَّوَقُّفُ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ لَا يُنَافِي جَوَازَ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِ وَلَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا أَوْ فِي السُّيُوفِ لَا مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَغْلِ الْمَيِّتِ) أَيْ الْمَدْبُوغِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ) أَيْ تَوَقُّفِ الْإِمَامِ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ وَلَمْ يَجْزِمْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ) أَمَّا الْمُذَكَّى فَقَدْ وُجِدَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ بِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ طَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ (قَوْلُهُ: لِلْعَمَلِ) أَيْ لِعَمَلِ السَّلَفِ أَيْ بِدَلِيلِ عَمَلِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا نَجِسَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ) أَيْ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ) أَيْ لِأَنَّ الْعِلَّةَ يَجِبُ اطِّرَادُهَا مَتَى وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَ غَيْرَ الْكِيمَخْتِ غَيْرُ طَاهِرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَحَمْلُ إلَخْ) هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ حَيْثُ قَالُوا بِطَهَارَةِ الْكِيمَخْتِ طَهَارَةً حَقِيقِيَّةً لِلْعَمَلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ فَهُوَ طَاهِرٌ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً. وَحَاصِلُ الِاعْتِرَاضِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ حَمْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» عَلَى الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَيْمَخْتِ وَعَلَى اللُّغَوِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ وَعَمَلُ السَّلَفِ فِي جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ يُحَقِّقُ الْعَمَلَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ فَمُقْتَضَاهُ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ غَيْرِ الْكِيمَخْتِ بِالدِّبَاغِ طَهَارَةً حَقِيقِيَّةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يُحَقِّقُ الْعَمَلَ) أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ. . . (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ مُبَاحٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ مِنْ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ مُبَاحٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مِنْ الْآدَمِيِّ وَمُحَرَّمِ الْأَكْلِ نَجِسَةٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا مِنْ الْمُبَاحِ فَقِيلَ بِنَجَاسَتِهَا وَقِيلَ بِطَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِقْذَارِ) أَيْ إنَّمَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ نَجِسًا، وَلَوْ مِنْ مُبَاحٍ لِاسْتِقْذَارِهِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي النَّجَاسَةَ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا مُعَارِضٌ كَمَشَقَّةِ التَّكْرَارِ فِي نَحْوِ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحَالَةُ) أَيْ اسْتِحَالَةُ أَصْلِهَا وَهُوَ الدَّمُ إلَى فَسَادٍ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَصْلَهَا دَمٌ إلَخْ) رُدَّ هَذَا التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْفَضَلَاتِ فِي بَطْنِ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ أَيْ لَا بِطَهَارَةٍ وَلَا بِنَجَاسَةٍ وَحِينَئِذٍ فَأَصْلُهَا وَهُوَ الدَّمُ الَّذِي فِي الْحَيَوَانِ لَيْسَ نَجِسًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَفْوِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ مُقْتَضَى كَوْنِ الدَّمِ أَصْلًا لَهَا أَنْ يُعْفَى عَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ مِنْهَا كَمَا عُفِيَ عَنْهُ فِي الدَّمِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْ الدَّمِ الْعَفْوُ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْهَا إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا ثَبَتَ لِأَصْلٍ يَثْبُتُ لِفَرْعِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَفْوِ عَنْ أَصْلِهَا) أَيْ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ: الْعَفْوُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْيَسِيرِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ تَغْلُظَ الْمِدَّةُ) أَيْ فَإِذَا غَلُظَتْ فَلَا اسْمَ لَهَا إلَّا مِدَّةً وَهِيَ نَجِسَةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: الْبَثَرَاتِ) أَيْ الْبَقَابِيقِ

مِنْ نَفْطِ النَّارِ (وَرُطُوبَةِ فَرْجٍ) مِنْ غَيْرِ مُبَاحِ الْأَكْلِ أَمَّا مِنْهُ فَطَاهِرَةٌ إلَّا الْمُتَغَذِّيَ بِنَجِسٍ (وَدَمٌ مَسْفُوحٌ) أَيْ جَارٍ بِسَبَبِ فَصْدٍ أَوْ ذَكَاةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ وَذُبَابٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مَسْفُوحًا (مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) وَقُرَادٍ وَحَلَمٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا قَبْلَ سَيَلَانِهِ مِنْ السَّمَكِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا يُؤْمَنُ بِإِخْرَاجِهِ فَلَا بَأْسَ بِإِلْقَائِهِ فِي النَّارِ حَيًّا (وَسَوْدَاءُ) مَائِعٌ أَسْوَدُ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ أَيْ الْخَالِصِ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ أَوْ كَدَرَ أَوْ أَحْمَرَ غَيْرَ قَانِئٍ أَيْ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ (وَرَمَادُ نَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَبِكَسْرِهَا الْمُتَنَجِّسُ وَلَفْظُهُ هُنَا يَحْتَمِلُهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا تَغَيَّرَتْ أَعْرَاضُهَا لَا تَتَغَيَّرُ عَنْ الْحُكْمِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ (وَدُخَانُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مِنْ نَفْطِ النَّارِ) وَكَذَا مَا يَسِيلُ مِنْ نَفِطَاتِ الْجَسَدِ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ) شَمِلَ ذَلِكَ الْآدَمِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْآدَمِيِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى نَجَاسَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْآدَمِيِّ تَنْجِيسُ ذَكَرِ الْوَاطِئِ أَوْ إدْخَالُ خِرْقَةٍ أَوْ أُصْبُعٍ مَثَلًا فِيهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ أَوْ بِهَا الرُّطُوبَةُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مِنْهُ فَطَاهِرَةٌ) أَيْ لِأَنَّهُ إذْ كَانَ بَوْلُهُ طَاهِرًا فَأَوْلَى رُطُوبَةُ فَرْجِهِ وَمَحَلُّ طَهَارَةِ رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمُبَاحِ مَا لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجِسٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَحِيضُ كَإِبِلٍ وَإِلَّا كَانَتْ نَجِسَةً عَقِبَ حَيْضِهِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَطَاهِرَةٌ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ إلَخْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرَ سَمَكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) أَيْ فَهُوَ نَجِسٌ وَيُعْفَى عَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَهَلْ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ الَّذِي فِي السَّمَكِ هُوَ الْخَارِجُ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الْأَوَّلِ لَا مَا خَرَجَ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الثَّانِي أَوْ الْجَارِي عِنْدَ جَمِيعِ التَّقْطِيعَاتِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ وَهُوَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ جَوَازُ أَكْلِ السَّمَكِ الَّذِي يُوضَعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيَسِيلُ دَمُهُ مِنْ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ وَعَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ فَعَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ إلَّا الصَّفُّ الْأَعْلَى وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ يُؤْكَلُ كُلُّهُ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّمَكِ لَيْسَ بِدَمٍ بَلْ رُطُوبَةٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ طَاهِرٌ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ هَذَا السَّمَكُ كَانَ مِنْ الصَّفِّ الْأَعْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أُكِلَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَوْدَاءُ) أَيْ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ: الصَّفْرَاءُ وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ وَالْبَلْغَمُ وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَالسَّوْدَاءُ وَالدَّمُ نَجِسَانِ وَالصَّفْرَاءُ وَالْبَلْغَمُ طَاهِرَانِ (قَوْلُهُ: مَائِعٌ أَسْوَدُ) أَيْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: كَالدَّمِ الْعَبِيطِ) هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَعْنَاهُ الْخَالِصُ أَيْ الصَّافِي الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ، وَأَمَّا الْغَبِيطُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَهُوَ الْهَوْدَجُ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعًا ... عَقَرْت بَعِيرِي يَا امْرَأَ الْقَيْسِ فَانْزِلْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَدَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ السَّوْدَاءَ تُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الدَّمُ الْخَالِصُ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ، وَالدَّمُ الَّذِي فِيهِ خَلْطٌ؛ لِأَنَّ الْكَدَرَ هُوَ غَيْرُ الصَّافِي وَعَدَمُ الصَّفَاءِ بِالْخَلْطِ، وَالدَّمُ الْأَحْمَرُ الَّذِي لَمْ تَشْتَدَّ حُمْرَتُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ مَائِعٌ أَسْوَدُ إمَّا خَالِصٌ مِنْ الْخَلْطِ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَالدَّمِ الْعَبِيطِ وَإِمَّا غَيْرُ خَالِصٍ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ كَدَرَ) ، وَأَمَّا عَلَى الثَّالِثِ فَهِيَ دَمٌ أَحْمَرُ خَالِصٌ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الدَّمَ وَالسَّوْدَاءَ نَجِسَانِ فَلَوْ خَالَطَ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ أَحَدَهُمَا أَوْ عَذِرَةً حَالَ كَوْنِ الْقَيْءِ أَوْ الْقَلْسِ يَنْقَلِبُ إلَى الْمَعِدَةِ فَإِنَّ الْمَعِدَةَ تُنَجَّسُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَعِدَةِ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا كَانَ الرَّدُّ الْمَذْكُورُ عَمْدًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ) تَفْسِيرٌ لِقَانِئٍ (قَوْلُهُ: وَرَمَادُ نَجِسٍ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ نَجَاسَةِ الرَّمَادِ عَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إنَّهُ لَا يَطْهُرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَمَا كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُفْتَى فِيهِ إلَّا بِمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ طَهَارَتِهِ، وَأَمَّا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَئِمَّةَ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِنَا اهـ نَقَلَهُ بْن ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَمَادُ نَجِسٍ بِالْإِضَافَةِ أَيْ رَمَادُ وَقَيْدُ نَجِسٍ لَا بِالتَّنْوِينِ؛ لِأَنَّ الرَّمَادَ إذَا كَانَ نَجِسًا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً) رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ) أَيْ مُطْلَقًا وَأَنَّ النَّارَ تَطْهُرُ سَوَاءٌ أَكَلَتْ النَّارُ النَّجَاسَةَ أَكْلًا قَوِيًّا أَوْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ كَالْمُصَنِّفِ وَلِمَنْ فَصَلَ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالرَّوْثِ النَّجِسِ طَاهِرٌ، وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ قَبْلَ غَسْلِ الْفَمِ مِنْ أَكْلِهِ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ فِي

ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ طَهَارَتُهُ أَيْضًا (وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَ) مِنْ (مُحَرَّمٍ) كَحِمَارٍ (وَ) مِنْ (مَكْرُوهٍ) كَسَبْعٍ وَهِرٍّ وَوَطْوَاطٍ وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا حَلَّتْ النَّجَاسَةُ بِطَاهِرٍ فَقَالَ (وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ مَائِعٍ) كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ وَلَوْ جَمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقَلِيلُ أَوْلَى (بِنَجِسٍ) أَوْ مُتَنَجِّسٍ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا إذْ لَا يُطْرَحُ الطَّعَامُ بِهِ وَأَوْلَى إذَا عُلِمَ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ كَالْعَظْمِ إذْ الْحُكْمُ عِنْدَنَا لَا يَنْتَقِلُ (قَلَّ) حَلَّ فِيهِ فَالْكَثِيرُ أَوْلَى وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَرَوْثِ فَارٍ، وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَاءُ الْمُضَافُ كَمَاءِ الْعَجِينِ أَوْ سُكَّرٍ حَيْثُ حَلَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْإِضَافَةِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ التَّغَيُّرُ (كَ) طَعَامٍ (جَامِدٍ) وَهُوَ الَّذِي إذَا أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَتَرَادُّ بِسُرْعَةٍ كَثَرِيدٍ وَسَمْنٍ وَعَسَلٍ جَامِدَيْنِ فَيَنْجُسُ (إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ) فِي جَمِيعِهِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةِ وَكَذَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ طَهَارَةُ مَا حَمِيَ مِنْ الْفَخَّارِ بِنَجِسٍ وَكَذَا عَرَقُ حَمَّامٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ) أَيْ دُخَانُ النَّجِسِ طَاهِرٌ الَّذِي فِي ح أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ نَجَاسَةُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَعَمْ ابْنُ رُشْدٍ اخْتَارَ طَهَارَتَهُ كَالرَّمَادِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْآدَمِيِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَكَلَ الصَّغِيرُ الطَّعَامَ أَمْ لَا زَالَتْ رَائِحَةُ الْبَوْلِ مِنْهُ أَمْ لَا كَانَ الْبَوْلُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَلَوْ مُتَطَايِرًا كَرُءُوسِ الْإِبَرِ، وَلَوْ نَزَلَ الْبَوْلُ أَوْ الطَّعَامُ عَلَى حَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ إلَخْ) شَمِلَ مَنْطُوقُهُ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مَنْ فَرَّغَ عَشْرَ قِلَالِ سَمْنٍ فِي زِقَاقٍ جَمْعُ زِقٍّ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ ثُمَّ وَجَدَ فِي قُلَّةٍ فَارِغَةٍ مِنْهَا فَارَةً يَابِسَةً لَا يَدْرِي فِي أَيْ زِقٍّ فَرَّغَهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ الزِّقَاقِ كُلِّهَا وَبَيْعُهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ طَرْحِ الطَّعَامِ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَجَاسَةٍ شَكَّ فِي طُرُوِّهَا عَلَى الطَّعَامِ وَهِيَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ وَلَكِنَّهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَحَلُّهَا تَعَلَّقَ حُكْمُهَا بِالْكُلِّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ فَالْقَلِيلُ أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَفْهُومَ كَثِيرٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَأَنَّهُ مِنْ فَحْوَى الْخِطَابِ (قَوْلُهُ: بِنَجِسٍ) أَيْ بِسُقُوطِ نَجِسٍ فِيهِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّجِسُ السَّاقِطُ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الطَّعَامِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَسَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الْمَائِعِ مَائِعَةً أَوْ يَابِسَةً فَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ إذَا وَقَعَتْ رِيشَةُ غَيْرِ مُذَكًّى فِي طَعَامٍ مَائِعٍ طُرِحَ وَقَوْلُهُ لَا شَكًّا أَيْ فِي التَّحَلُّلِ وَكَذَا فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا عَلِمَ) أَيْ أَوْ ظَنَّ (قَوْلُهُ: إذْ الْحُكْمُ) الْمُرَادُ بِهِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ الْقَائِمُ بِالشَّيْءِ النَّجِسِ كَالْعَظْمِ لَا يَنْتَقِلُ وَحِينَئِذٍ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ الْعَظْمُ وَحْدَهُ دُونَ الطَّعَامِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَنْجِيسَ الْقَمْلَةِ لِلْعَجِينِ حَيْثُ لَمْ تُحْصَرْ فِي مَحَلٍّ خِلَافًا لِمَنْ قَاسَهُ بِمُحَرَّمٍ جُهِلَ عَيْنُهَا بِبَادِيَةٍ فَلَا يَحْرُمُ نِسَاءُ تِلْكَ الْبَادِيَةِ كَمَا فِي ح. إنْ قُلْت: ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الطَّعَامَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ قَمْلَةٌ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِقِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهِ قُلْت: لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ كَثِيرَ الطَّعَامِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ كَذَا نَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْقَمْلَةَ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَيُؤَيِّدُهُ إسْنَادُهُ لَهُ فِي النَّوَادِرِ وَفِي نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُقَيَّدُ بِالْقِلَّةِ إلَّا لِلِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ كَدُونِ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ لِقَصْرِ الْعَفْوِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: كَرَوْثِ فَارٍ) أَيْ شَأْنُهُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ كَفَارِ الْبَيْتِ، فَإِذَا حَلَّ رَوْثُهُ فِي طَعَامٍ نَجَّسَهُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ طَهَارَةِ طَعَامٍ طُبِخَ وَفِيهِ رَوْثُ الْفَارَةِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَاءُ الْمُضَافُ) أَيْ فَإِذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَلَوْ قَلِيلَةً تَنَجَّسَ، وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ النَّاصِرِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ لَيْسَ كَالطَّعَامِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تُنَجِّسُهُ النَّجَاسَةُ إلَّا إذَا غَيَّرَتْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ قَبْلَ الْإِضَافَةِ فَلَا يَتَنَجَّسُ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ، وَقَدْ أَلْغَزَ فِي المج فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: قُلْ لِلْفَقِيهِ إمَامِ الْعَصْرِ قَدْ مَزَجْت ... ثَلَاثَةً بِإِنَاءٍ وَاحِدٍ نَسَبُوا لَهَا الطَّهَارَةَ حَيْثُ الْبَعْضُ قُدِّمَ أَوْ ... إنْ قُدِّمَ الْبَعْضُ فَالتَّنْجِيسُ مَا السَّبَبُ (قَوْلُهُ: لَا يَتَرَادُّ بِسُرْعَةٍ) أَيْ لَا يَتَرَادُّ مِنْ الْبَاقِي مَا يَمْلَأُ مَوْضِعَ الْمَأْخُوذِ بِقُرْبٍ، فَإِنْ تَرَادَّ بِسُرْعَةٍ فَهُوَ مَائِعٌ

بِأَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً كَبَوْلٍ وَالطَّعَامُ مُتَحَلِّلٌ كَسَمْنٍ أَوْ يَطُولُ الزَّمَنُ بِحَيْثُ يُظَنُّ السَّرَيَانُ فِي الْجَمِيعِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ السَّرَيَانُ فِي جَمِيعِهِ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ (فَبِحَسَبِهِ) أَيْ بِحَسَبِ السَّرَيَانِ مِنْ طُولِ مُكْثٍ أَوْ قِصَرِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الظَّنُّ. وَلَمَّا كَانَ الطَّعَامُ إذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَكَانَ بَعْضُ الْأَطْعِمَةِ وَقَعَ فِيهَا خِلَافٌ فِي قَبُولِ التَّطْهِيرِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْقَبُولِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَطْهُرُ) أَيْ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ (زَيْتٌ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْهَانِ (خُولِطَ) بِنَجِسٍ (وَ) لَا (لَحْمٌ طُبِخَ) بِنَجِسٍ مِنْ مَاءٍ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ حَالَ طَبْخِهِ قَبْلَ نُضْجِهِ أَمَّا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ نُضْجِهِ فَيَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِأَنْ يُغْسَلَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الْمَرَقِ (وَ) لَا (زَيْتُونٌ مُلِحَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْجُسُ كُلُّهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ إلَخْ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ بِسَبَبِ كَوْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَائِعَةٌ) لَا إنْ كَانَتْ جَامِدَةً لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ كَعَظْمٍ وَسِنٍّ فَلَا يَتَنَجَّسُ مَا سَقَطَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَنْتَقِلُ وَحِينَئِذٍ فَتُطْرَحُ النَّجَاسَةُ وَحْدَهَا دُونَ الطَّعَامِ وَفِي الْحَاشِيَةِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَائِعَةً فَقَدْ قَالَ ح فَرْعٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْجَامِدِ مَائِعَةً أَوْ غَيْرَ مَائِعَةٍ فِي أَنَّهُ يُنْظَرُ لِإِمْكَانِ السَّرَيَانِ اهـ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى سَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِعُ فِيهِ مَائِعًا أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِ الْبُرْزُلِيِّ أَفْتَى شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَارَةٌ مَيِّتَةٌ بِأَنَّهُ نَجِسٌ كُلُّهُ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ طَالَ الزَّمَانُ بِحَيْثُ يُظَنُّ السَّرَيَانُ فِي الْجَمِيعِ اهـ كَلَامُ الْحَاشِيَةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ شَارِحِنَا؛ لِأَنَّ مُرَادَ شَارِحِنَا بِالْمَائِعَةِ مَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ فِي كَلَامِهِ الْجَامِدَةُ بِمَعْنَى الَّتِي لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمَائِعَةِ فِي كَلَامِ الْحَاشِيَةِ الرَّطْبَةُ وَغَيْرُ الْمَائِعَةِ غَيْرُ الرَّطْبَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: أَوْ يَطُولُ الزَّمَانُ) أَيْ أَوْ كَانَ الطَّعَامُ غَيْرَ مُتَحَلِّلٍ بَلْ كَانَ يَابِسًا كَالْحُبُوبِ وَلَكِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِحَيْثُ يُظَنُّ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ لِجَمِيعِهِ كَانَتْ مَائِعَةً كَالْبَوْلِ أَوْ جَامِدَةً كَمَا لَوْ مَاتَ خِنْزِيرٌ فِي رَأْسٍ مُطَمَّرٍ وَبَقِيَ الْخِنْزِيرُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَظُنَّ أَنَّ الْحَبَّ كُلَّهُ شَرِبَ مِنْ صَدِيدِهِ لَمْ يُؤْكَلْ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ) أَعْنِي كَوْنَ الطَّعَامِ مُتَحَلِّلًا أَوْ جَامِدًا وَمَضَتْ مُدَّةٌ يُظَنُّ فِيهَا السَّرَيَانُ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الطَّعَامُ جَامِدًا غَيْرَ مُتَحَلِّلٍ كَالْحُبُوبِ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُظَنُّ فِيهَا السَّرَيَانُ لِلْجَمِيعِ بَلْ لِلْبَعْضِ وَالْفَرْضُ أَنَّ النَّجَاسَةَ يَتَحَلَّلُ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ رَطْبَةً كَالْبَوْلِ أَوْ يَابِسَةً كَالْفَارِ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ كَالْعَظْمِ فَإِنَّهَا تُطْرَحُ وَحْدَهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَبِحَسَبِهِ) أَيْ فَيُطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ مَا سَرَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَقَطْ بِحَسَبِ طُولِ مُكْثِهَا وَقِصَرِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الظَّنُّ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُؤْكَلُ وَيُبَاعُ لَكِنْ يَجِبُ الْبَيَانُ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَقْذِفُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَغَيَّرَتْهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِصَبِّ مُطْلَقٍ عَلَيْهِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ حَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ أَوْ بِصَبِّ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ فِيهِ حَتَّى يَزُولَ التَّغَيُّرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَطْهُرَ زَيْتٌ إلَخْ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَهُوَ ابْنُ اللَّبَّادِ إنَّهُ يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِصَبِّ مَاءٍ عَلَيْهِ وَخَضْخَضَتِهِ وَثَقْبِ الْإِنَاءِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَصَبِّ الْمَاءِ مِنْهُ وَيُفْعَلُ كَذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْهَانِ) إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى الْأَدْهَانِ فَقَطْ مَعَ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْأَدْهَانِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُخَالِطُهَا ثُمَّ يَنْفَصِلُ عَنْهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُمَازِجُهَا وَلَا يَنْعَزِلُ عَنْهَا فَلَا تَطْهُرُ اتِّفَاقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: خُولِطَ) بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَالَطَ لَا مِنْ خَلَطَ كَزُوحِمَ مِنْ زَاحَمَ لَا مِنْ زَحَمَ، وَأَمَّا طُبِخَ وَمَا بَعْدَهُ فَهُوَ مِنْ طُبِخَ وَمُلِحَ وَصُلِقَ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ خُلِطَ إلَى خُولِطَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْخَلْطُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَمْ لَا بِخِلَافِ خُلِطَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصْدُقُ إذَا كَانَ الْخَلْطُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ: فَيَقْبَلُ التَّطْهِيرَ) أَيْ مَا لَمْ تَطُلْ إقَامَةُ النَّجَاسَةِ فِيهِ بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّهَا سَرَتْ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي اللَّحْمِ بَيْنَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّبْخِ وَانْتِهَائِهِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَطْهُرُ اللَّحْمُ الَّذِي يُطْبَخُ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ تَقَعُ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الطَّبْخِ وَانْتِهَائِهِ وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَطْهُرُ مُطْلَقًا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ طُبِخَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ذُكِّيَتْ دَجَاجَةٌ أَوْ نَحْوُهَا وَقَبْلَ غَسْلِ مَذْبَحِهَا تَصْلِقُهَا لِأَجْلِ نَزْعِ رِيشِهَا ثُمَّ تُطْبَخُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ أَكْلِهَا؛ لِأَنَّهُ سَرَتْ النَّجَاسَةُ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا زَيْتُونٌ مُلِّحَ بِنَجِسٍ) أَيْ بِأَنْ جُعِلَ عَلَيْهِ مِلْحٌ نَجِسٌ يُصْلِحُهُ إمَّا وَحْدَهُ

بِتَخْفِيفِ اللَّامِ بِنَجَسٍ (وَ) لَا (بَيْضٌ صُلِقَ بِنَجَسٍ) عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْجَمِيعِ . ثُمَّ ذَكَرَ مَا أُلْحِقَ بِالطَّعَامِ فِي حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا يَطْهُرُ (فَخَّارٌ) تَنَجَّسَ (بِغَوَّاصٍ) أَيْ كَثِيرِ الْغَوْصِ أَيْ النُّفُوذِ فِي أَجْزَاءِ الْإِنَاءِ كَخَمْرٍ وَبَوْلٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ مَكَثَ فِي الْإِنَاءِ مُدَّةً يُظَنُّ أَنَّهَا قَدْ سَرَتْ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ لَا بِغَيْرِ غَوَّاصٍ وَلَا إنْ لَمْ يَمْكُثْ بِأَنْ أُزِيلَ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ وَخَرَجَ بِالْفَخَّارِ النُّحَاسُ وَنَحْوُهُ الزُّجَاجُ وَالْمَدْهُونُ الْمَانِعُ دِهَانُهُ الْغَوْصَ كَالصِّينِيِّ وَالْمُزَفَّتِ لَا إنْ لَمْ يَمْنَعْ كَالْمَدْهُونِ بِالْخَضِرَةِ أَوْ الصُّفْرَةِ كَأَوَانِي مِصْرَ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ إنْ طَالَ إقَامَةُ الْغَوَّاصِ فِيهِ (وَيُنْتَفَعُ) جَوَازًا (بِمُتَنَجِّسٍ) مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ كَزَيْتٍ وَلَبَنٍ وَخَلٍّ وَنَبِيذٍ (لَا نَجِسٍ) فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا جِلْدُ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ عَلَى مَا مَرَّ أَوْ مَيْتَةٌ تُطْرَحُ لِكِلَابٍ أَوْ شَحْمُ مَيْتَةٍ لِدُهْنِ عَجَلَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ عَظْمُ مَيْتَةٍ لِوَقُودٍ عَلَى طُوبٍ أَوْ حِجَارَةٍ أَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ كَإِسَاغَةِ غُصَّةٍ بِخَمْرٍ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَكَأَكْلِ مَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ أَوْ جَعْلِ عَذِرَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مَعَ مَاءٍ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ بَعْدَ تَمْلِيحِهِ وَاسْتِوَائِهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِغَسْلِهِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْجُبْنِ وَاللَّيْمُونِ وَالنَّارِنْجِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ الَّذِي يُخَلَّلُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّرَرِ إذَا لَمْ تَمْكُثْ النَّجَاسَةُ مُدَّةً يُظَنُّ أَنَّهَا سَرَتْ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ (قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ اللَّامِ) أَيْ مُلِحَ بِوَضْعِ مِلْحٍ نَجِسٍ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِغَسْلِهِ بِالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَبَيْضٌ صُلِقَ) شَامِلٌ لِبَيْضِ النَّعَامِ؛ لِأَنَّ غِلَظَ قِشْرِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَسَامُّ يَسْرِي مِنْهَا الْمَاءُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمَصْلُوقُ فِيهِ مُتَغَيِّرًا بِالنَّجَاسَةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالطَّعَامِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَإِمَّا مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَلِيلُ الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ اهـ عبق عَنْ ز وَقَالَ بْن الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَاءَ إذَا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ ثُمَّ صُلِقَ فِيهِ الْبَيْضُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ حِينَئِذٍ طَهُورٌ، وَلَوْ قَلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إذَا وُجِدَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مَذِرَةٌ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ فَإِنَّ الْبَاقِيَ طَهُورٌ، وَأَمَّا كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ فِي ذَلِكَ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: صُلِقَ بِنَجِسٍ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ بَعْدَ صَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَوَى الْبَيْضَ الْمُتَنَجِّسَ قِشْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ (قَوْلُهُ: وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ) قَالَ بْن أَطْلَقَ فِي الْفَخَّارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَخَّارَ الْبَالِيَ إذْ حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةُ غَوَّاصَةٍ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَمَا فِي نَوَازِلِ الْعَلَّامَةِ سَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَخَّارٍ لَمْ يُسْتَعْمَلْ قَبْلَ حُلُولِ الْغَوَّاصِ فِيهِ أَوْ اُسْتُعْمِلَ قَلِيلًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا حَيْثُ قَالَ وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ، وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْفَخَّارَ يَقْبَلُ الْغَوْصَ دَائِمًا كَمَا فِي كَبِيرِ خش نَقْلًا عَنْ اللَّقَانِيِّ اهـ ثُمَّ إنَّ عَدَمَ قَبُولِ الْإِنَاءِ لِلتَّطْهِيرِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِهِ مَثَلًا، وَأَمَّا الطَّعَامُ يُوضَعُ فِيهِ بَعْدَ غَسْلِهِ أَوْ الْمَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَجْزَاءٌ لِلنَّجَاسَةِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن. وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْفَخَّارِ أَوَانِي الْخَشَبِ الَّذِي يُمْكِنُ سَرَيَانُ النَّجَاسَةِ إلَى دَاخِلِهِ وَلَيْسَ مِثْلُ الْفَخَّارِ بِغَوَّاصٍ الْحَدِيدُ أَوْ النُّحَاسُ يُحْمَى وَيُطْفَأُ فِي النَّجَاسَةِ لِدَفْعِهِ بِالْحَرَارَةِ وَالْقُوَّةِ قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: كَخَمْرٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَجَّرْ فِي الْإِنَاءِ أَمَّا لَوْ تَحَجَّرَ فِي الْفَخَّارِ كَانَ الْوِعَاءُ طَاهِرًا تَبَعًا لِلْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ تَابِعٌ لِلْمَظْرُوفِ (قَوْلُهُ: إنَّهَا قَدْ سَرَتْ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ) لَيْسَ هَذَا شَرْطًا بَلْ لَوْ سَرَتْ فِي الْبَعْضِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا بِغَيْرِ غَوَّاصٍ) أَيْ كَالْعَذِرَةِ وَاللَّحْمِ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: كَأَوَانِي مِصْرَ) أَيْ لِأَنَّ أَوَانِيَ مِصْرَ الْمَدْهُونَةَ تَشْرَبُ قَطْعًا فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْفَخَّارِ (تَنْبِيهٌ) مَا صُبِغَ بِصِبْغٍ نَجِسٍ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ بِأَنْ يُغْسَلَ حَتَّى يَزُولَ طَعْمُهُ فَمَتَى زَالَ طَعْمُهُ فَقَدْ طَهُرَ، وَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ لَوْنِهِ وَرِيحِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لَوْنٌ وَرِيحٌ عَسِرَا (قَوْلُهُ: وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ الِانْتِفَاعَ بِالْبَيْعِ وَجَوَازَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ إذَا بَيَّنَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ كَالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِمُتَنَجِّسٍ) أَيْ وَهُوَ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْأَصْلِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ: لَا نَجِسٍ) وَهُوَ مَا كَانَتْ ذَاتُهُ نَجِسَةً كَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَيْتَةً) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى " جِلْدَ " وَلَا شَكَّ أَنَّ طَرْحَ الْمَيْتَةِ لِكِلَابِك فِيهِ انْتِفَاعٌ لَك لِتَوْفِيرِ مَا كَانَتْ تَأْكُلُهُ الْكِلَابُ مِنْ عِنْدِك (قَوْلُهُ: لِدُهْنٍ عَجَلَةٍ) أَيْ، وَلَوْ قَيْدًا إذَا كَانَ يَتَحَفَّظُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ حِجَارَةٍ) أَيْ لِتَصِيرَ جِيرًا (قَوْلُهُ: وَكَأَكْلِ مَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ) فِي المج أَنَّهُ إذَا جُبِرَ الْكَسْرُ الْحَاصِلُ لِلشَّخْصِ بِكَعَظْمِ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ بِعَدَمِ الِالْتِحَامِ وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ، وَلَوْ تَعَيَّنَ وَفِي التَّدَاوِي بِغَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ إذَا تَعَيَّنَ خِلَافٌ وَأَجَازُوهُ لِلْغُصَّةِ كَمَا قَالَ

بِمَاءِ لِسَقْيِ الزَّرْعِ فَيَجُوزُ (فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) لَا فِيهِ فَلَا يُوقَدُ بِزَيْتٍ تَنَجَّسَ إلَّا إذَا كَانَ الْمِصْبَاحُ خَارِجَهُ وَالضَّوْءُ فِيهِ فَيَجُوزُ وَلَا يُبْنَى بِالْمُتَنَجِّسِ فَإِنْ بُنِيَ بِهِ لَيْسَ بِطَاهِرٍ وَلَا يُهْدَمُ (وَ) فِي غَيْرِ (آدَمِيٍّ) فَلَا يَأْكُلُهُ وَلَا يَشْرَبُهُ وَلَا يُدْهَنُ بِهِ إلَّا أَنَّ الِادِّهَانَ بِهِ مَكْرُوهٌ عَلَى الرَّاجِحِ إنْ عُلِمَ أَنَّ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَمُرَادُهُ بِغَيْرِهِمَا أَنْ يُسْتَصْبَحَ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ وَيُعْمَلَ بِهِ صَابُونٌ ثُمَّ تُغْسَلَ الثِّيَابُ بِالْمُطْلَقِ بَعْدَ الْغَسْلِ بِهِ وَيُدْهَنُ بِهِ حَبْلٌ وَعَجَلَةٌ وَسَاقِيَةٌ وَيُسْقَى بِهِ وَيُطْعَمُ لِلدَّوَابِّ (وَلَا يُصَلَّى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُصَلَّى فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ (بِلِبَاسٍ كَافِرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَاشَرَ جِلْدَهُ أَوْ لَا كَانَ مِمَّا الشَّأْنُ أَنْ تَلْحَقَهُ النَّجَاسَةُ كَالذَّيْلِ وَمَا حَاذَى الْفَرْجَ أَوْ لَا كَعِمَامَتِهِ جَدِيدًا أَوْ لَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ طَهَارَتُهُ (بِخِلَافِ نَسْجِهِ) فَيُصَلَّى فِيهِ لِحَمْلِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَكَذَا سَائِرُ صَنَائِعِهِ يُحْمَلُ فِيهَا عَلَى الطَّهَارَةِ (وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ) أَيْ غَيْرُ مُرِيدٍ الصَّلَاةَ بِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ نَجَاسَتُهُ بِمَنِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَنْ يَنَامُ فِيهِ مُحْتَاطٌ فِي طَهَارَتِهِ وَإِلَّا صَلَّى فِيهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ آخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ لَا لِعَطَشٍ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُهُ (قَوْلُهُ: بِمَاءٍ) أَيْ فِي مَاءٍ مُعَدٍّ لِسَقْيِ الزَّرْعِ وَهَذَا مِنْ الْمُتَنَجِّسِ لَا مِنْ النَّجِسِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيُنْتَفَعُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَنَى إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ كَتَبَ الْمُصْحَفَ بِنَجِسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ فَإِنَّهُ يُبَلُّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ وَفِي غَيْرِ أَكْلِ آدَمِيٍّ فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ أَكْلُهُ، وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَالْخِطَابُ لِوَلِيِّهِ وَمِثْلُ الْأَكْلِ الشُّرْبُ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُ كُلِّ مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ لِجَوَازِ اسْتِصْبَاحِهِ بِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ وَعَمَلِهِ صَابُونًا وَعَلَفِهِ الطَّعَامَ الْمُتَنَجِّسَ لِلدَّوَابِّ وَإِطْعَامِهِ الْعَسَلَ لِلنَّحْلِ وَلُبْسِهِ الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مِنْ مَنَافِعِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ: إنَّ الطِّلَاءَ بِالنَّجَاسَةِ حَرَامٌ وَالْخِلَافُ فِي الطِّلَاءِ بِالنَّجَاسَةِ غَيْرِ الْخَمْرِ أَمَّا هُوَ فَالطِّلَاءُ بِهِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِهِمَا أَيْ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ وَأَكْلِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُسْقَى بِهِ) أَيْ الزَّرْعُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ) إلَى قَوْلِهِ غَيْرِ عَالِمٍ هَذِهِ الْأَحْكَامُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ، فَإِنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ الْأَصْلُ فِيهَا الطَّهَارَةُ، وَالْغَالِبُ فِيهَا النَّجَاسَةُ وَكُلُّ مَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ لَا يُصَلَّى بِهِ وَالشَّأْنُ فِي الْكَافِرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَدَمُ تَوَقِّي النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ لِأَجْلِ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى لِذَلِكَ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ذَلِكَ اللِّبَاسِ حَتَّى يَغْسِلَهُ كَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا جَزَمَ بِعَدَمِ الطَّهَارَةِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا أَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ أَمَّا لَوْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَتُهُ أَوْ ظُنَّتْ فَإِنَّهَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَهَذَا بِخِلَافِ ثِيَابِ شَارِبِ الْخَمْرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ أَوْ ظَنِّهَا لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا فَإِنَّهُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا تَقْدِيمًا لِلْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: بَاشَرَ جِلْدَهُ) أَيْ كَالْقَمِيصِ وَالسِّرْوَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) كَالْعِمَامَةِ وَالشَّالِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَعْلَمَ) أَوْ تَظُنَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَسْجِهِ) أَيْ مَنْسُوجِهِ (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي فِيهِ) أَيْ مَا لَمْ تُتَحَقَّقْ نَجَاسَتُهُ أَوْ تُظَنَّ (قَوْلُهُ: لِحَمْلِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّوْنَ فِيهِ بَعْضَ التَّوَقِّي لِئَلَّا تَفْسُدَ عَلَيْهِمْ أَشْغَالُهُمْ فَيُحْمَلَ فِي حَالَةِ الشَّكِّ عَلَى الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَائِرُ إلَخْ) أَيْ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلنَّسْجِ بَلْ سَائِرُ الصَّنَائِعِ يُحْمَلُونَ فِيهَا عَلَى الطَّهَارَةِ عِنْدَ الشَّكِّ، وَلَوْ صَنَعَهَا فِي بَيْتِ نَفْسِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ ثُمَّ إنَّ تَعْلِيلَهُمْ طَهَارَةَ مَا صَنَعُوهُ بِكَوْنِهِمْ يَتَوَقَّوْنَ فِيهِ بَعْضَ التَّوَقِّي لِئَلَّا تَفْسُدَ عَلَيْهِمْ أَشْغَالُهُمْ بِزُهْدِ النَّاسِ عَنْ صَنْعَتِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يَصْنَعُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ يُحْمَلُ فِيهِ عِنْدَ الشَّكِّ عَلَى النَّجَاسَةِ لَكِنْ فِي الْبُرْزُلِيِّ مَا يُفِيدُ طَهَارَةَ ذَلِكَ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا صَنَعَهُ لِنَفْسِهِ وَمَا صَنَعَهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَا يَنَامُ إلَخْ) أَيْ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ يَنَامُ فِيهَا مُصَلٍّ آخَرُ إذَا تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ أَوْ شَكَّ فِيهَا، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا الَّذِي يَنَامُ فِيهَا يَحْتَاطُ فِي طَهَارَتِهَا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَضَايِفِ وَالْقِيعَانِ وَالْمَقَاعِدِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النَّائِمَ عَلَيْهِ يَلْتَفُّ فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ ذَلِكَ الْفُرُشِ، فَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مَثَلًا فَإِنَّمَا يُصِيبُ مَا هُوَ مُلْتَفٌّ بِهِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ عَلَى طَهَارَتِهَا (قَوْلُهُ: بِمَا يَنَامُ فِيهِ) أَيْ أَوْ عَلَيْهِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ فُرُشٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَلَّى فِيهِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَهُ يَحْتَاطُ فِيهِ كَمَا إذَا كَانَ لِشَخْصٍ فِرَاشٌ يَنَامُ فِيهِ وَلَهُ ثَوْبٌ لِلنَّوْمِ فَإِنَّ فُرُشَهُ ذَلِكَ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَمِثْلُ مَا إذَا عَلِمَ احْتِيَاطَ صَاحِبِهِ مَا إذَا أَخْبَرَ صَاحِبُهُ بِطَهَارَتِهِ إنْ كَانَ ثِقَةً وَبَيَّنَ وَجْهَ

جَوَازَ صَلَاةِ صَاحِبِهِ فِيهِ (وَلَا) يُصَلَّى (بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) أَصْلًا أَوْ غَالِبًا كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَعَدَّهَا لِلنَّوْمِ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَوَقِّيهِ النَّجَاسَةَ غَالِبًا (إلَّا) ثِيَابَ (كَرَأْسِهِ) مِنْ عِمَامَةٍ وَعِرْقِيَّةٍ وَمِنْدِيلٍ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ إذْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ قَبْلَهُ (وَلَا) يُصَلَّى (بِمُحَاذِي) أَيْ بِمُقَابِلِ (فَرْجٍ غَيْرِ عَالِمٍ) بِالِاسْتِبْرَاءِ وَأَحْكَامِ الطَّهَارَةِ كَالسَّرَاوِيلِ وَالْأُزْرَةِ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ طَهَارَتُهُ وَأَمَّا الْعَالِمُ فَيُصَلِّي بِمُحَاذِي فَرْجِهِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ الْفُرُوعَ فِي فَصْلِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَمَّا كَانَ الْمُحَلَّى يُشَارِكُ النَّجِسَ فِي حُرْمَةِ الِاسْتِعْمَالِ ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فَقَالَ (وَحَرُمَ) (اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ) بَالِغٍ (مُحَلًّى) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ نَسْجًا كَانَ أَوْ طَرْزًا أَوْ زَرًّا، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَيُكْرَهُ لِوَلِيِّهِ إلْبَاسُهُ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ وَيَجُوزُ لَهُ إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَبَّهَ بِالْمُحَلَّى عَلَى أَحْرَوِيَّةِ الْحُلِيِّ نَفْسِهِ كَأَسَاوِرَ، وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ لِلْعَاقِبَةِ أَوْ لِزَوْجَةٍ مَثَلًا يَتَزَوَّجُهَا فَجَائِزٌ وَكَذَا التِّجَارَةُ فِيهِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُحَلَّى (مِنْطَقَةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ الَّتِي تُشَدُّ بِالْوَسَطِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّهَارَةِ أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا كَذَا قَالَ بَعْضُ قَالَ بْن وَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: جَوَازُ صَلَاةِ صَاحِبِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مُتَحَفِّظًا سَاغَ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْمَنْعِ عَلَى عَدَمِ الِاحْتِيَاطِ فَمَتَى كَانَ النَّائِمُ فِيهِ لَيْسَ عِنْدَهُ احْتِيَاطٌ مُنِعَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ لِذَلِكَ النَّائِمِ الْغَيْرِ الْمُحْتَاطِ وَلِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ احْتِيَاطٌ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ لِذَلِكَ النَّائِمِ الْمُحْتَاطِ وَلِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) أَيْ يَحْرُمُ وَهَذَا إذَا تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ أَوْ شَكَّ فِيهَا أَمَّا إذَا تَحَقَّقَتْ طَهَارَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مَنْعُ الصَّلَاةِ بِثِيَابِ غَيْرِ الْمُصَلِّي، وَلَوْ أُخْبِرَ بِطَهَارَتِهَا وَدَخَلَ فِي الثِّيَابِ الْخُفُّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَلَوْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ ثَوْبٍ لِلشَّكِّ فِي صَلَاةِ صَاحِبِهَا وَعَدَمِ صَلَاتِهِ صَلَّى فِي ثِيَابِ الرِّجَالِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ صَلَاتُهُمْ دُونَ ثِيَابِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ صَلَاتِهِنَّ وَهَلْ ثِيَابُ الصِّبْيَانِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّجَاسَةِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ قَوْلَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: إلَّا ثِيَابٌ كَرَأْسِهِ) قَالَ بْن بَحَثَ فِي هَذَا ابْنُ مَرْزُوقٍ فَقَالَ لَا يَخْفَى أَنَّهُمْ إنَّمَا مَنَعُوا الصَّلَاةَ بِمَا يُنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ مِنْ أَجْلِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَتِهِ وَالشَّكُّ فِي نَجَاسَةِ ثَوْبِ رَأْسِ غَيْرِ الْمُصَلِّي أَقْوَى بِكَثِيرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُبَالِي أَيْنَ تَصِلُ النَّجَاسَةُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّكَّ فِي نَجَاسَةِ ثَوْبِ رَأْسِ غَيْرِ الْمُصَلِّي أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُبَالِي أَيْنَ تَصِلُ النَّجَاسَةُ إلَّا أَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ لِثَوْبِ الرَّأْسِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِلْفَرْعَيْنِ قَبْلَهُ) وَهُمَا قَوْلُهُ وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّي) أَيْ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمُقَابِلِ فَرْجٍ إلَخْ) أَيْ بِمُقَابِلِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ يَغْلِبُ مَعَهُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَاسَةِ لِمَا فَوْقَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ حَائِلٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ وَلَكِنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَعَهُ وُصُولُ النَّجَاسَةِ لِمَا فَوْقَهُ لِرِقَّتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَعْلَمَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا عُلِمَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ ظُنَّتْ أَوْ شُكَّ فِيهَا، وَأَمَّا إذَا عُلِمَتْ الطَّهَارَةُ أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَالِمُ) أَيْ بِالِاسْتِبْرَاءِ فَيُصَلِّي بِمُحَاذِي فَرْجِهِ وَهَلْ يُقَيَّدُ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي مُحَاذِي فَرْجِ الْعَالِمِ بِالِاسْتِبْرَاءِ بِمَا إذَا اتَّفَقَا مَذْهَبًا أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا اتَّفَقَا مَذْهَبًا أَوْ لَا إلَّا أَنْ يُخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ كَذَا نَظَرَ بَعْضُهُمْ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ فُوَطِ الْحَمَّامِ إنْ كَانَ لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْمُسْلِمُونَ الْمُتَحَفِّظُونَ الطَّهَارَةُ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى غَسْلُ الْجَسَدِ وَالثَّوْبِ الَّذِي يُلْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَ غَسْلِهِ لِلِاحْتِيَاطِ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ: أَوْ طَرْزًا أَوْ زَرًّا) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحِلْيَةِ مُتَّصِلَةً بِالثَّوْبِ أَوْ مُنْفَصِلَةً (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُ الصَّغِيرِ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ وَيُكْرَهُ إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ وَرَجَّحَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الشُّيُوخِ وَشَهَّرَهُ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ نُقُولِ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَأَسَاوِرَ) أَيْ وَخَلَاخِلَ وَقُرْطٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ الْمُحَلَّى أَوْ الْحُلِيِّ (قَوْلُهُ: لِلْعَاقِبَةِ) أَيْ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ وَاحْتُرِزَ عَنْ اقْتِنَائِهِ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ هُوَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِثْلُ اسْتِعْمَالِهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ بِنْتٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُحَلَّى) أَيْ الَّذِي تَحَلَّى بِهِ الذَّكَرُ الْبَالِغُ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا وَالْمِنْطَقَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَلْبُوسِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْمِيمِ) أَيْ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا وَفَتْحِ الطَّاءِ

لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهَا مُفَضَّضَةً (وَ) لَوْ (آلَةَ حَرْبٍ) كَانَتْ مِمَّا يُضَارَبُ بِهَا كَرُمْحٍ وَسِكِّينٍ أَوْ يُتَّقَى بِهَا كَتُرْسٍ أَوْ يُرْكَبُ فِيهَا كَسَرْجٍ أَوْ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْفَرَسِ كَلِجَامٍ (إلَّا الْمُصْحَفَ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِلتَّعْظِيمِ إلَّا أَنَّ تَحْلِيَةَ جِلْدِهِ مِنْ خَارِجٍ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ كِتَابَتِهِ أَوْ كِتَابَةِ أَجْزَائِهِ أَوْ إعْشَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ بِالْحُمْرَةِ فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَارِئَ عَنْ التَّدَبُّرِ وَانْظُرْ هَلْ يَتِمُّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُمْرَةِ وَتَخْصِيصُهُ مُخَرِّجٌ لِسَائِرِ الْكُتُبِ وَلَوْ كُتُبَ الْحَدِيثِ فَيُمْنَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِاسْتِحْسَانِ الْبُرْزُلِيِّ وَشُيُوخِهِ جَوَازَ تَحْلِيَةِ الْإِجَازَةَ (وَ) إلَّا (السَّيْفَ) فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ كَانَتْ فِيهِ كَقَبْضَتِهِ أَوْ كَجَفِيرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِامْرَأَةٍ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْحُلَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تُقَاتِلُ (وَ) إلَّا (الْأَنْفَ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (وَ) إلَّا (رَبْطَ سِنٍّ) تَخَلْخَلَ أَوْ سَقَطَ بِشَرِيطٍ (مُطْلَقًا) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (وَ) إلَّا (خَاتَمَ الْفِضَّةِ) فَيَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ إنْ لَبِسَهُ لِلسُّنَّةِ لَا لِعُجْبٍ وَاتَّحَدَ وَكَانَ دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ وَنُدِبَ جَعْلُهُ فِي الْيُسْرَى (لَا) يَجُوزُ لِلذَّكَرِ (مَا) أَيْ خَاتَمٌ (بَعْضُهُ ذَهَبٌ) (وَلَوْ قَلَّ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا قَلَّ لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ وَلَوْ تَمَيَّزَ الذَّهَبُ وَلَمْ يُخْلَطْ بِالْفِضَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهَا) أَيْ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آلَةَ حَرْبٍ) أَيْ يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهَا عَلَى الرِّجَالِ وَكَذَا عَلَى النِّسَاءِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ بِجَوَازِ تَحْلِيَةِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ آلَةَ الْحَرْبِ مُطْلَقًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إرْهَابِ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) أَيْ لَا لِرَجُلٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ تَحْلِيَةَ جِلْدِهِ) أَيْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَقَوْلُهُ مِنْ خَارِجٍ أَيْ مِنْ خَارِجِ الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَلْ يَتِمُّ ذَلِكَ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُمْرَةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِالْكِتَابَةِ بِالْحُمْرَةِ مُسَلَّمٌ أَوْ لَا يَتِمُّ وَحِينَئِذٍ فَلَا كَرَاهَةَ. قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَأَنَا أَقُولُ لَا وَجْهَ لِلْكَرَاهَةِ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ بَلْ فِي الْبُرْزُلِيِّ مَا يُفِيدُ جَوَازَ كِتَابَتِهِ بِالذَّهَبِ وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ) أَيْ تَحْلِيَتُهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَكَذَلِكَ الْمِقْلَمَةُ وَالدَّوَاةُ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ جَوَازُ تَحْلِيَةِ الدَّوَاةِ إنْ كُتِبَ بِهَا الْمُصْحَفُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ فَقَدْ نَصَّ عَلَى الْمَنْعِ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَسَنَدٌ فِي الطِّرَازِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ فِي الْحَرِيرِ وَتَحْلِيَتِهِ بِهِ وَيَمْتَنِعُ كِتَابَةُ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَيُتَّفَقُ عَلَى الْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّسَاءِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى افْتِرَاشِهِ فَيَكُونُ الْمَشْهُورُ مَنْعَهُ لِلرِّجَالِ وَجَوَازَهُ لِلنِّسَاءِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِاسْتِحْسَانِ الْبُرْزُلِيِّ) أَيْ فَأُلْحِقَ مَنْعُ تَحْلِيَتِهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنْ دَاخِلٍ أَوْ مِنْ خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَلْبُوسًا بَلْ وَكَذَا يَمْتَنِعُ تَحْلِيَتُهَا بِالْحَرِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا السَّيْفُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ إذَا كَانَ اتِّخَاذُهُ لِأَجْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ اتِّخَاذُهُ لِأَجْلِ حَمْلِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَتُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهُ) أَيْ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِتَحْلِيَتِهِ لَا لِكَوْنِهِ أَعْظَمَ آلَاتِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْفَ وَرَبْطَ سِنٍّ) أَشْعَرَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا مَنْعَ غَيْرِهِمَا كَأُنْمُلَةٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ الْأُنْمُلَةَ لَا الْأُصْبُعَ وَقَاسُوهَا عَلَى الْأَنْفِ وَالسِّنِّ الْوَارِدِ فِي النَّصِّ (قَوْلُهُ: وَرَبْطَ سِنٍّ) أَيْ وَلَهُ أَيْضًا اتِّخَاذُ الْأَنْفِ وَرَبْطُ السِّنِّ مَعًا وَالْمُرَادُ بِالسِّنِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَقَطَ) أَيْ فَإِذَا سَقَطَتْ السِّنُّ جَازَ رَدُّهَا وَرَبْطُهَا بِشَرِيطٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ، وَإِنَّمَا جَازَ رَدُّهَا؛ لِأَنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ بَدَلَهَا سِنًّا مِنْ حَيَوَانٍ مُذَكًّى وَأَمَّا مِنْ مَيْتَةٍ فَقَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ، وَعَلَى الثَّانِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْعُهَا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ قَلْعُهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُصْحَفَ إلَى قَوْلِهِ وَرَبْطَ سِنٍّ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ اتِّخَاذِ الْأَنْفِ وَرَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ صَحِيحٌ بِحَسَبِ الْقِيَاسِ لَكِنَّ نُصُوصَ الْمَذْهَبِ إنَّمَا هِيَ فِي إبَاحَةِ الذَّهَبِ لِذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْفِضَّةَ إلَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الذَّهَبِ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَاصِّيَّةِ وَهِيَ عَدَمُ النَّتِنِ دُونَ الْفِضَّةِ فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ مَعَ ظُهُورِ الْفَارِقِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إلْحَاقُ الْفِضَّةِ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ) أَيْ فَإِنْ تَعَدَّدَ مُنِعَ، وَلَوْ كَانَ مَجْمُوعُ الْمُتَعَدِّدِ وَزْنَ دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ عج قَالَ بْن وَانْظُرْ مَا مُسْتَنِدُهُ فِيهِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ ح فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ جَعْلُهُ فِي الْيُسْرَى) أَيْ لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ لُبْسَهُ فِي الْيُسْرَى أَبْعَدُ لِقَصْدِ التَّزَيُّنِ وَلِلتَّيَامُنِ فِي تَنَاوُلِهِ وَكَمَا يُنْدَبُ لُبْسُهُ فِي الْيُسْرَى يُنْدَبُ جَعْلُ فَصِّهِ لِلْكَفِّ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْعُجْبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الذَّهَبُ مُسَاوِيًا لِلْفِضَّةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا كَالثُّلُثِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ بَشِيرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) كَمَا يُكْرَهُ التَّخَتُّمُ بِالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَنَحْوِهِمَا وَقَوْلُهُ

بِخِلَافِ الْمُسَاوِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَطْلِيَّ بِالذَّهَبِ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْفِضَّةِ (وَ) حَرُمَ (إنَاءُ نَقْدٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ (وَ) حَرُمَ (اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ ادِّخَارُهُ وَلَوْ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَكَذَا التَّجَمُّلُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلُنَا وَلَوْ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ هُوَ مُقْتَضَى النَّقْلِ وَيُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ إذْ الْإِنَاءُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ فَلَا مَعْنَى لِادِّخَارِهِ لِلْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ لِلْعَاقِبَةِ فَجَوَازُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ فَيُبَاعُ لَهُنَّ أَوْ لِغَيْرِهِنَّ وَحُرْمَةُ كُلٍّ مِنْ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ النَّقْدِ وَاقْتِنَائِهِ لِلرَّجُلِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ ثَابِتًا (لِامْرَأَةٍ وَفِي) حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاء مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (الْمُغَشَّى) ظَاهِرُهُ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَنَحْوِهِ نَظَرًا لِبَاطِنِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَجَوَازُهُ نَظَرًا لِظَاهِرِهِ قَوْلَانِ (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاءِ النُّحَاسِ وَنَحْوَهُ (الْمُمَوَّهِ) أَيْ الْمَطْلِيِّ ظَاهِرُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ نَظَرًا لِظَاهِرِهِ وَجَوَازِهِ نَظَرًا لِبَاطِنِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ قَوْلَانِ مُسْتَوِيَانِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَ نَظَرًا لِقُوَّةِ الْبَاطِنِ (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاءِ الْفَخَّارِ أَوْ الْخَشَبِ (الْمُضَبَّبِ) أَيْ الْمُشَعَّبِ كَسْرُهُ بِخُيُوطِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَ) الْإِنَاءِ (ذِي الْحَلْقَةِ) تُجْعَلُ فِيهِ وَمِثْلُهُ اللَّوْحُ وَالْمِرْآةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِمَا وَجَوَازُهُ قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُقَابِلَ لِلْمَنْعِ فِيهِمَا الْكَرَاهَةُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ (إنَاءِ الْجَوْهَرِ) كَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَبَلُّورٍ وَجَوَازُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ) وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ وَأَمَّا ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ فَالْعُذْرُ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ وَهُوَ قَدْ قَالَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَدَمُ الْأَرْجَحِيَّةِ فِي الْوَاقِعِ (وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ مُحَلًّى بِهِمَا أَوْ حَرِيرًا وَمَا يَجْرِي مَجْرَى اللِّبَاسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ يُكْرَهُ أَيْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُعْتَمَدُ لِذَلِكَ الْقَوْلِ الْمَوَّاقُ وعج (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَاوِي) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الذَّهَبَ تَابِعٌ لِلْفِضَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّخَتُّمُ بِهِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِعْمَالُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنَاءُ نَقْدٍ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى " اسْتِعْمَالُ " عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى ذِكْرِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْأَوَّلِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالثَّانِي مِنْ إضَافَتِهِ لِمَفْعُولِهِ وَقَوْلُهُ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ وَلَا طَبْخٌ وَلَا طَهَارَةٌ، وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَاقْتِنَاؤُهُ) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى صِيَاغَتِهِ فِي صُوَرِ التَّحْرِيمِ الْآتِيَةِ لَا فِي صُوَرِ الْجَوَازِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ كَسَرَ وَأَتْلَفَهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ عَيْنَهَا تُمْلَكُ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ادِّخَارُهُ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ لِعَاقِبَةِ دَهْرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ) أَيْ وَسَدُّ الذَّرَائِعِ وَاجِبٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَفَتْحُهَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّجَمُّلُ) أَيْ وَكَذَا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ لِأَجْلِ التَّجَمُّلِ أَيْ التَّزَيُّنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اقْتِنَاءَهُ إنْ كَانَ بِقَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ فَحَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ لِقَصْدِ الْعَاقِبَةِ أَوْ التَّجَمُّلِ أَوْ لَا لِقَصْدِ شَيْءٍ فَفِي كُلٍّ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ، وَأَمَّا اقْتِنَاؤُهُ لِأَجْلِ كَسْرِهِ أَوْ لِفَكِّ أَسِيرٍ بِهِ فَجَائِزٌ هَذَا مُحَصَّلُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ بْن رَادًّا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا لِامْرَأَةٍ) أَيْ بَلْ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَابِتًا لِامْرَأَةٍ وَالْأَوْضَحُ جَعْلُ اللَّامِ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَاصِلًا مِنْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اقْتِنَاءِ الْإِنَاءِ النُّحَاسِ) أَيْ كَالْقُدُورِ وَالصُّحُونِ وَالْمَبَاخِرِ وَالْقَمَاقِمِ وَالرِّكَابِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْ النُّحَاسِ وَطُلِيَتْ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الْجَوَازُ وَقَوْلُهُ نَظَرًا لِقُوَّةِ الْبَاطِنِ أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَالْمُتَلَفَّتَ لَهُ الْبَاطِنُ لَا الظَّاهِرُ اهـ وَنَصَّ ح وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ فَالْأَظْهَرُ فِيهِ الْإِبَاحَةُ وَالْمَنْعُ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَظْهَرَهُ فِي الْإِكْمَالِ (قَوْلُهُ: تُجْعَلُ فِيهِ) أَيْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْإِنَاءِ اللَّوْحُ يُجْعَلُ لَهُ حَلْقَةٌ وَالْمِرْآةُ تُجْعَلُ لَهَا حَلْقَةٌ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِمَا) نَصَّ ح وَالْأَصَحُّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ الْمَنْعُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْجَوَازَ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ: لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُقَابِلَ لِلْمَنْعِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَفِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الْجَوْهَرِ) هَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ شَيْخُنَا وَالْخِلَافُ فِي إنَاءِ الْجَوْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي عِلَّةِ مَنْعِ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ اسْتِعْمَالِهَا السَّرَفُ مُنِعَ فِي الْجَوْهَرِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَنْعَ لِأَجْلِ عَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَجَازَ فِي الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ: لَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ الْقَوْلَانِ فِيهَا بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ، وَالْإِجْمَالُ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِهِمَا بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا قَالَهُ بَعْضٌ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ مَعَ أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مُرَجَّحٌ عَلَى الْآخَرِ وَالْمُرَجَّحُ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ

[فصل حكم إزالة النجاسة]

مِنْ زِرٍّ وَفُرُشٍ وَمَسَانِدَ (وَلَوْ نَعْلًا) وَقَبْقَابًا (لَا كَسَرِيرٍ) وَمُكْحُلَةٍ وَمُشْطٍ وَمِرْآةٍ وَمُدْيَةٍ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ مُحَلًّى بِهِمَا فَلَا يَجُوزُ (فَصْلٌ) يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا وَمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَدَّمَ بَيَانَ حُكْمِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ (هَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ) الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا (عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ) يَعْنِي مَحْمُولَهُ فَيَشْمَلُ الْحَجَرَ وَالْحَشِيشَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرَّابِعَةِ الْمَنْعُ وَالْمُرَجَّحُ فِي الثَّانِيَةِ وَالْخَامِسَةِ الْجَوَازُ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الرَّاجِحِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ زِرٍّ) أَيْ وَقُفْلِ جَيْبٍ وَلَفَائِفِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَمَسَانِدَ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَشَيْخُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنْ يَنَامَ مَعَهَا عَلَى الْفُرُشِ الْحَرِيرِ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ حَيْثُ قَالَا: يَجُوزُ لَهُ تَبَعًا لَهَا وَإِذَا قَامَتْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ مِنْ عَلَيْهِ وَأَيْقَظَتْهُ إنْ كَانَ نَائِمًا وَالنَّامُوسِيَّةُ مِنْ قَبِيلِ السَّاتِرِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ إذَا كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ مَا لَمْ يَرْتَكِنْ إلَيْهَا وَفِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ خُرُوجِ النِّسَاءِ لِلْمَحْمَلِ مَنْعُهَا؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَهُوَ وَجِيهٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَزْوِيقَ الْحِيطَانِ وَالسَّقْفِ وَالْخَشَبِ وَالسَّاتِرِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جَائِزٌ فِي الْبُيُوتِ وَفِي الْمَسَاجِدِ مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَشْغَلُ الْمُصَلِّي وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَعْلًا) فِي ح أَنَّ لَوْ لِرَدِّ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي الْمَذْهَبِ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ لَوْ هُنَا لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ، وَإِنْ لَبِسَهَا لِلنَّعْلِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ جَسَدِهَا فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَلَا مِنْ الْمُحَلَّى بِهِ وَجَازَ لَهَا اتِّخَاذُ شَرِيطِ السَّرِيرِ مِنْ حَرِيرٍ لِاتِّصَالِ ذَلِكَ بِجَسَدِهَا كَالْفُرُشِ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ الْمَنْعِ [فَصْلٌ حُكْمَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ] (فَصْلٌ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) دَرْسٌ (قَوْلُهُ: حُكْمِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ) أَيْ الْحَاصِلَةِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ) أَيْ الْحَاصِلَةِ بِالْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ (قَوْلُهُ: الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي فِي غَسْلِهَا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَأَمَّا الْمَعْفُوُّ عَنْهَا فَغَسْلُهَا مَنْدُوبٌ إنْ تَفَاحَشَتْ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ) أَيْ مُرِيدِ الصَّلَاةِ لَا الْمُصَلِّي بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِالْإِزَالَةِ إلَّا إذَا شَرَعَ فِيهَا بِالْفِعْلِ وَهُوَ بَاطِلٌ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلصَّلَاةِ وَكَانَ بِجَسَدِهِ نَجَاسَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُرِيدَ الطَّوَافِ أَوْ مَسَّ مُصْحَفٍ، وَكَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَجَبَتْ الْإِزَالَةُ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْوُضُوءِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا صِحَّةُ الطَّوَافِ وَجَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَجَبَتْ الْإِزَالَةُ فِي الطَّوَافِ وَنُدِبَتْ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ مَكْرُوهٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلطَّوَافِ وَلَا لِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَلَا صَلَاةَ، فَإِنَّهَا تُنْدَبُ الْإِزَالَةُ فَقَطْ كَانَتْ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي) أَيْ بِثَوْبِهِ مَحْمُولَهُ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّوْبِ مَحْمُولُ الْمُصَلِّي لَا خُصُوصُ مَا يَسْلُكُ فِي الْعُنُقِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ عَلَى طَرَفِ الْعِمَامَةِ، وَإِطْلَاقُ الثَّوْبِ عَلَى الْمَحْمُولِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ، أَوْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ وَلَيْسَ مِنْ مَحْمُولِهِ رَسَنُ الدَّابَّةِ الْحَامِلَةِ لِلنَّجَاسَةِ أَوْ الْمُتَنَجِّسَةِ إذَا جَعَلَهُ فِي وَسَطِهِ فَأَوْلَى تَحْتَ قَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُنْسَبُ لِلدَّابَّةِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مَا لَمْ تَكُنْ

وَالْحَبْلَ الْمَحْمُولَ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّوْبُ طَرَفَ عِمَامَتِهِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (طَرَفَ عِمَامَتِهِ) الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَوْ لَا وَشَمِلَ الْمُصَلِّي الصَّبِيَّ وَيَتَعَلَّقُ الْخِطَابُ بِوَلِيِّهِ فَيَأْمُرُهُ بِذَلِكَ وَلَا يُقَالُ: الطَّهَارَةُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ فَالْمُخَاطَبُ الصَّبِيُّ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِإِزَالَتِهَا مُكَلَّفٌ بِهَا فَالْخِطَابُ بِهَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ فَيُخَاطَبُ بِهَا الْوَلِيُّ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا شَرْطٌ خِطَابَ وَضْعٍ (وَ) عَنْ (بَدَنِهِ) الظَّاهِرِ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَدَاخِلِ أَنْفِهِ وَفَمِهِ وَأُذُنِهِ وَعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّجَاسَةُ فِي وَسَطِ الْحَبْلِ الَّذِي فِي وَسَطِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ بِخِلَافِ حَبْلِ السَّفِينَةِ الْحَامِلَةِ لِلنَّجَاسَةِ إذَا جَعَلَهُ فِي وَسَطِهِ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُنْسَبُ إلَيْهِ لِعَدَمِ حَيَاتِهَا. وَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ كَطَرَفِ الْحَصِيرِ قَالَ فِي المج: وَلَعَلَّ الْبُطْلَانَ فِي حَبْلِ السَّفِينَةِ الَّذِي جَعَلَهُ فِي الْوَسَطِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ السَّفِينَةُ صَغِيرَةً يُمْكِنُهُ تَحْرِيكُهَا وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ بِالْفِعْلِ أَيْ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ تَأَمَّلْ وَلَوْ كَانَتْ الْخَيْمَةُ مَضْرُوبَةً عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ مُتَنَجِّسَةٌ وَصَلَّى شَخْصٌ دَاخِلَهَا وَلَاصَقَ سَقْفُ الْخَيْمَةِ رَأْسَ الْمُصَلِّي، فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ حَامِلًا لَهَا عُرْفًا فَهِيَ كَالْعِمَامَةِ لَا كَالْبَيْتِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَالْحَبْلَ) أَيْ وَالسَّيْفَ وَالْخُفَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ) أَيْ الثَّوْبُ بِمَعْنَى مَحْمُولِهِ طَرَفُ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفُ رِدَائِهِ الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ أَنَّ طَرَفَ الْعِمَامَةِ الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ لَا تَجِبُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ أَمَّا إنْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فَكَالثَّوْبِ اتِّفَاقًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ عَاتٍ لَكِنْ نَقَلَ ح عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ مَا يَقْتَضِي إطْلَاقَ الْخِلَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن فَلَوْ كَانَ الْوَسَطُ عَلَى الْأَرْضِ نَجِسًا وَأَخَذَ كُلٌّ طَرَفًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا عَلَى الظَّاهِرِ وَنَظَرَ فِيهِ عبق عِنْدَ قَوْلِهِ وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِجَعْلِ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا كَجَعْلِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجَعْلِ الْحَدَثِ مَانِعًا مِنْ صِحَّتِهَا وَجَعْلِ مِلْكِ النِّصَابِ سَبَبًا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ. وَأَمَّا خِطَابُ التَّكْلِيفِ فَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالطَّلَبِ أَوْ الْإِبَاحَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ أَيْ مِنْ أَفْرَادِ مُتَعَلَّقِ خِطَابِ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ: هِيَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِإِزَالَتِهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلطَّهَارَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هِيَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِهَا وَيَحْذِفُ إزَالَتَهَا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْأَمْرُ بِإِزَالَتِهَا بَلْ بِتَحْصِيلِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَالْخِطَابُ بِهَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ فَيُخَاطَبُ بِهَا الْوَلِيُّ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَقْسَامَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْخَمْسَةَ كُلُّهَا مَشْرُوطَةٌ بِالْبُلُوغِ كَمَا اخْتَارَهُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ عِنْدَنَا إذْ الصَّحِيحُ كَمَا ذَكَرَهُ ح فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالصَّلَاةِ هُوَ الصَّغِيرُ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالْقَرَافِيُّ وَالْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ وَأَنَّ الْبُلُوغَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ بِالْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ لَا فِي الْخِطَابِ بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ فَكَذَلِكَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الْمُخَاطَبُ بِهَا الصَّغِيرُ لَا وَلِيُّهُ لَكِنْ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ كَخِطَابِ الْبَالِغِ الْمَذْكُورِ هُنَا بَلْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يُقْصَرُ كَلَامُهُ عَلَى الْبَالِغِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ هُنَا مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي ح لَا مَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَبِهَذَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: خِطَابَ وَضْعٍ) أَيْ فَالْخِطَابُ بِهَا خِطَابُ وَضْعٍ وَحِينَئِذٍ فَيُخَاطَبُ بِهَا الصَّبِيُّ لَا الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: كَدَاخِلِ أَنْفِهِ إلَخْ) فَمَنْ اكْتَحَلَ بِمَرَارَةِ خِنْزِيرٍ غَسَلَ دَاخِلَ عَيْنَيْهِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا بِالْغَسْلِ وَإِلَّا كَانَتْ مَعْجُوزًا عَنْهَا لَمْ

مِنْ الْبَاطِنِ وَلَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَجَسًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَايَأَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَبَدًا مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَ النَّجَاسَةِ فِي بَطْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّقَايُؤُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا (وَ) عَنْ (مَكَانِهِ) وَهُوَ مَا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ بِالْفِعْلِ لَا الْمُومِي بِمَحَلٍّ بِهِ نَجَاسَةٌ فَصَحِيحَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا إنْ كَانَتْ تَحْتَ صَدْرِهِ أَوْ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ قَدَمَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ أَسْفَلَ فِرَاشِهِ كَمَا لَوْ فَرَشَ حَصِيرًا بِأَسْفَلِهَا نَجَاسَةٌ وَالْوَجْهُ الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ أَعْضَاءَهُ طَاهِرٌ فَلَا يَضُرُّ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ (لَا) عَنْ (طَرَفِ حَصِيرِهِ) وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا زَادَ عَمَّا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْحَصِيرِ مَا فَرَشَهُ مِنْ مَحْمُولِهِ عَلَى مَكَان نَجِسٍ وَسَجَدَ عَلَيْهِ كَكُمِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُطَالَبْ بِإِزَالَتِهَا وَإِنْ نَزَلَ دَمٌ مِنْ أَسْنَانِهِ غَسَلَ دَاخِلَ فَمِهِ وَكَذَا يَغْسِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ صِمَاخَيْهِ إذَا دَخَلَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ وَلَا يَكْفِي غَلَبَةُ الرِّيقِ وَالدَّمْعِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُطْلَقِ وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ بَاطِنَ الْجَسَدِ كَالْمَعِدَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَدْخَلَهُ فِيهَا مِنْ النَّجَاسَةِ وَلِذَا قَالَ: وَلَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ. وَأَمَّا مَا لَمْ يُدْخِلْهُ وَتَوَلَّدَ فِيهَا فَلَا حُكْمَ لَهُ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَاطِنِ) أَيْ وَلِذَا كَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ سُنَّةً لَا وَاجِبًا وَلَمْ يَجْعَلُوا دَاخِلَ الْأُذُنِ وَالْأَنْفِ وَالْفَمِ مِنْ الظَّاهِرِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ لِلْمَشَقَّةِ بِتَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَايَأَهُ) هَذَا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ: ذَلِكَ الْأَكْلُ أَوْ الشُّرْبُ لَغْوٌ فَلَا يُؤْمَرُ بِتَقَايُؤٍ وَلَا بِإِعَادَةٍ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَايَأَهُ) إنْ قُلْتَ قَدْ اسْتَمَرَّتْ الْمَعِدَةُ نَجِسَةً قُلْتُ: إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ تَطْهِيرِ نَفْسِ الْمَعِدَةِ فَأَمَرْنَاهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ التَّقَايُؤِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى تَقَايُؤِ الْبَعْضِ وَجَبَ؛ لِأَنَّ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا يَتَقَايَأَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَبَدًا أَيْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ فَكُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَ النَّجَاسَةِ فِي جَوْفِهِ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَعَاطَى النَّجَاسَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِظَنِّهِ أَنَّهَا غَيْرُ نَجَاسَةٍ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ مَا يَرَى إلَخْ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا وَقَوْلُهُ مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَ النَّجَاسَةِ فِي بَطْنِهِ أَيْ مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَهَا فِي بَطْنِهِ بِصِفَةِ النَّجَاسَةِ فَإِذَا كَانَتْ خَمْرًا مَثَلًا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ مُدَّةَ مَا يَرَى بَقَاءَهَا فِي جَوْفِهِ خَمْرًا. وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ بِمَثَابَةِ الْعَذِرَةِ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا) أَيْ وَالْعَاجِزُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا صَلَّى بِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ تَابَ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ح خِلَافًا لِمَا فِي خش اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مَا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ عَلَيْهَا فَمَسُّ الْأَعْضَاءِ لِلنَّجَاسَةِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْأَعْضَاءِ حَائِلٌ مُضِرٌّ (قَوْلُهُ: فَصَحِيحَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنْ مَحَلِّ إيمَائِهِ لِعَدَمِ مُمَاسَّةِ أَعْضَائِهِ لَهُ بِالْفِعْلِ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْمَسِّ بِزَائِدٍ لَا يُحِسُّ بِالْأَوْلَى مِنْ الْحَائِلِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْمَسُّ بِالشَّعَرِ كَالْمَسِّ لِطَرَفِ الثَّوْبِ فَلَا يَضُرُّ مَسُّهُ لِلنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ كَانَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ وَقَوْلُهُ: تَحْتَ صَدْرِهِ أَيْ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ فَرَشَ حَصِيرًا) أَيْ أَوْ فَرْوَةً وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي هَذِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالضَّرَرِ (قَوْلُهُ: بِأَسْفَلِهَا) أَيْ بِبَاطِنِهَا الْمُقَابِلِ لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ) الْأَوْلَى فَلَا يُطَالَبُ بِإِزَالَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: مَا زَادَ عَمَّا تَمَاسُّهُ أَعْضَاؤُهُ) فَيَشْمَلُ طَرَفَ الْحَصِيرِ الطُّولِيِّ

أَوْ طَرَفِ رِدَائِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ (سُنَّةٌ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ إزَالَةٌ وَشَهَرَهُ فِي الْبَيَانِ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (أَوْ وَاجِبَةٌ) وُجُوبَ شَرْطٍ (إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَإِلَّا) بِأَنْ صَلَّى نَاسِيًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَصْلًا أَوْ عَاجِزًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ (أَعَادَ) نَدْبًا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (الظُّهْرَيْنِ) وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ (لِلِاصْفِرَارِ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ وَالصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَالْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ عَلَى مَذْهَبِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ الظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ وَالْعِشَاءَيْنِ لِلثُّلُثِ وَالصُّبْحَ لِلْأَسْفَارِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ كَالتَّنَفُّلِ فَكَمَا لَا يَتَنَفَّلُ فِي الِاصْفِرَارِ لَا يُعَادُ فِيهِ وَيَتَنَفَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْعَرْضِيِّ وَالسُّمْكِيِّ فَلَا تَجِبُ الْإِزَالَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ طَرَفِ رِدَائِهِ) كَمَا لَوْ الْتَحَفَ بِطَرَفِ حِرَامِهِ وَفَرَشَ الطَّرَفَ الْآخَرَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَصَلَّى فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: فِي الْبَيَانِ) كِتَابٌ لِابْنِ رُشْدٍ شَرْحٌ عَلَى الْعُتْبِيَّةِ وَكَمَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ شَهَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَشَهَرَهُ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ شَهَرَهُ أَنَّهُ حَكَى تَشْهِيرَهُ أَيْ ذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبَةٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ شَرْطٍ) أَيْ بِحَيْثُ إذَا تُرِكَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مُصَلٍّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمُرِيدِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَلِلصَّبِيِّ وَتَرَكَ الْقَوْلَ بِالنَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ شَاذٌّ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ رَابِعٌ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا أَمْ لَا قَادِرًا أَمْ لَا وَهُوَ مِثْلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا الْقَوْلُ لِأَبِي الْفَرَجِ وَعَلَى هَذَا فَمَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ بَطَلَتْ كَانَ ذَاكِرًا أَوْ لَا قَادِرًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ فَهُوَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا قَادِرًا أَمْ لَا كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَح وَالْمِسْنَاوِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَمَا فِي عبق تَبَعًا لعج مِنْ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ مَعًا فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مُقْتَضَى السُّنِّيَّةِ مِنْ نَدْبِ الْإِعَادَةِ فِي الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ فَإِنْ قُلْت: جَعْلُ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ مُطْلَقًا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَاجِزَ وَالنَّاسِيَ مُطَالَبَانِ بِالْإِزَالَةِ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ امْتِنَاعُ تَكْلِيفِهِمَا لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ النَّاسِي وَلِكَوْنِ تَكْلِيفِ الْعَاجِزِ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ قُلْت: مَنْ قَالَ بِالسُّنِّيَّةِ حَالَةَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ أَرَادَ ثَمَرَتَهَا مِنْ نَدْبِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ طَلَبَ الْإِزَالَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنِّيَّةَ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي مَصْرُوفَةٌ لِطَلَبِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا لِطَلَبِ الْإِزَالَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عج نَظَرَ إلَى رَفْعِ طَلَبِ الْإِزَالَةِ عَنْهُمَا حَالَةَ الْعُذْرِ فَقَالَ: إنَّهُ قَيْدٌ فِيهِمَا وَغَيْرُهُ نَظَرَ إلَى طَلَبِ الْإِعَادَةِ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ فَقَالَ: إنَّهُ قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَعَادَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَقَدَرَ) أَيْ عَلَى الْإِزَالَةِ بِوُجُودِ مُطْلَقٍ يُزِيلُ بِهِ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ مَكَانٌ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَاجِزًا) أَيْ عَنْ إزَالَتِهَا (قَوْلُهُ: الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ) مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ تُعَادُ جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَهَلْ تُعَادُ ظُهْرًا أَوْ لَا تُعَادُ قَوْلَانِ وَعَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَلَا تُعَادُ ظُهْرًا قَطْعًا وَهَلْ تُعَادُ جُمُعَةً أَوْ لَا، وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قُلْت هَلْ الْعِبْرَةُ بِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوْ رَكْعَةٍ مِنْهَا قُلْت الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِلِاصْفِرَارِ) أَيْ فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ) أَيْ وَلَوْ صَلَّى الْوِتْرَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إعَادَةُ الْوِتْرِ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) أَيْ وَقِيَاسُ مَذْهَبِهَا أَيْ وَالْمُوَافِقُ لِلْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهَا أَيْ إعَادَةُ الظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ قِيَاسًا عَلَى الْعِشَاءَيْنِ وَعَلَى الصُّبْحِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أُعِيدَ لِآخِرِ الضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْعِشَاءَيْنِ لِلثُّلُثِ وَالصُّبْحِ لِلْإِسْفَارِ) أَيْ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى الظُّهْرَيْنِ فِي إعَادَتِهِمَا لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ فِي الْكُلِّ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فَكَمَا لَا يَتَنَفَّلُ فِي الِاصْفِرَارِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كَرَاهَةَ النَّافِلَةِ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِمَا بَعْدَ الِاصْفِرَارِ بَلْ تُكْرَهُ النَّافِلَةُ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا كَرَاهَةَ النَّفْلِ لَمَا أُعِيدَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَدْ يُقَالُ النَّافِلَةُ وَإِنْ كُرِهَتْ بَعْدَ الْعَصْرِ لَكِنْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ بَعْدَ

فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ، وَالنَّافِلَةُ وَإِنْ كُرِهَتْ بَعْدَ الْأَسْفَارِ لِمَنْ نَامَ عَنْ وِرْدِهِ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ قَوِيٌّ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لِلِاصْفِرَارِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ ثُمَّ عَلِمَ أَوْ قَدَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (خِلَافٌ) لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى إعَادَةِ الذَّاكِرِ الْقَادِرِ أَبَدًا وَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَرُدَّ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْوُجُوبِ وَنَدْبِهَا عَلَى السُّنِّيَّةِ وَبِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَحَدِهِمَا يَرُدُّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْآخَرُ فَالْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ (وَسُقُوطُهَا) أَيْ النَّجَاسَةُ عَلَى الْمُصَلِّي (فِي صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا (مُبْطِلٌ) لَهَا وَيَقْطَعُهَا وَلَوْ مَأْمُومًا إنْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَلَمْ تَكُنْ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ، وَأَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاصْفِرَارِ أَشَدُّ مِنْهَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ قَبْلَهُ وَكَرَاهَتِهِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ) أَيْ فَلِذَا قِيلَ بِإِعَادَةِ الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ (قَوْلُهُ: لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ) أَيْ فَاخْتِيَارِيُّهَا يَمْتَدُّ لِلطُّلُوعِ وَحِينَئِذٍ فَحَقُّهَا أَنْ تُعَادَ فِيهِ فَرُوعِيَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَقُلْنَا بِإِعَادَتِهَا لِلطُّلُوعِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ صَلَّى) أَيْ بِالنَّجَاسَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ نَاسِيًا لَهَا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا أَوْ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا ثُمَّ عَلِمَ أَوْ قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْفَائِتَةَ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا يَخْرُجُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ النَّافِلَةَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَفِي كَبِيرِ خش إنْ صَلَّى النَّفَلَ بِالنَّجَاسَةِ عَامِدًا لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) قَدَّرَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ " خِلَافٌ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَالْمُشَارُ لَهُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِفْهَامِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ فِي جَوَابِ ذَلِكَ الِاسْتِفْهَامِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) أَيْ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لَفْظِيٌّ) أَيْ وَهُوَ لَفْظِيٌّ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا إلَخْ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا ثَمَرَةَ لِذَلِكَ الْخِلَافِ فَهُوَ لَفْظِيٌّ رَاجِعٌ لِلَّفْظِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ بِالسُّنِّيَّةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: الذَّاكِرُ الْقَادِرُ) أَيْ عَلَى إعَادَةِ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ ذَاكِرًا قَادِرًا (قَوْلُهُ: أَبَدًا) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْحَطَّابُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا حَمْلٌ لِلْمُصَنِّفِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِخِلَافٍ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ لَا لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّعْبِيرِ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ خِلَافٌ مَعْنَاهُ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ وَرَدَّ عج مَا قَالَهُ ح قَائِلًا الْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِعَادَةِ أَبَدًا عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَالْعَمْدِ لَكِنَّ الْإِعَادَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَنَدْبًا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَبِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْوُجُوبِ يَرُدُّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْقَائِلُ بِالسُّنِّيَّةِ مِنْ الدَّلِيلِ وَالْقَائِلُ بِالسُّنِّيَّةِ يَرُدُّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْقَائِلُ بِالْوُجُوبِ كَذَا قَالَهُ عج وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْقَوْلَ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ قَالَ وَعَلَيْهِ فَالْمُصَلِّي بِهَا عَامِدًا يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا كَمَا قِيلَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَامِدَ الْقَادِرَ يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ كَمَا قَالَ ح وَبَعْدَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَهُ طَرِيقَةٌ وَالْقُرْطُبِيُّ لَهُ طَرِيقَةٌ فَالْقُرْطُبِيُّ يَقُولُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ يُعِيدُ الْمُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا أَمْ لَا قَادِرًا عَلَى الْإِزَالَةِ أَوْ عَاجِزًا وَابْنُ رُشْدٍ يَقُولُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ يُعِيدُ الْعَامِدُ الْقَادِرُ أَبَدًا وُجُوبًا وَالْعَاجِزُ وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فَقَدْ نَظَرَ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ حَقِيقِيٌّ فَقَدْ نَظَرَ لِطَرِيقَةِ الْقُرْطُبِيِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ وَمِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ تَارَةً وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ تَارَةً أُخْرَى وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عج أَنَّ الْعَامِدَ الْقَادِرَ يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَنَدْبًا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَذَكَرَهُ ابْنَ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا وَفِي الْمَوَّاقِ مِنْ نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ سَحْنُونٍ مَا يُفِيدُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ طفى عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْبُطْلَانِ وَالْمُدَوَّنَةُ قَدْ قَالَتْ: وَإِنْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَهَا وَالْقَطْعُ يُؤْذِنُ بِالِانْعِقَادِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ الْقَطْعُ وُجُوبًا أَوْ اسْتِحْبَابًا اُنْظُرْ بْن (تَنْبِيهٌ) مَوْتُ الدَّابَّةِ وَحَبْلُهَا بِوَسَطِهِ كَسُقُوطِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمَسْأَلَةُ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَأْمُومًا) أَيْ وَيَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ إذَا قَطَعَ (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَطْبَةً وَلَمْ تَنْحَدِرْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ بَاطِلَةٌ وَيَقْطَعُهَا إنْ وَجَدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقُيُودِ الْخَمْسَةِ وَهَلْ وَلَوْ جُمُعَةً وَرَجَّحَهُ سَنَدٌ أَوْ الْجُمُعَةُ لَا يَقْطَعُهَا لِذَلِكَ قَوْلَانِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا فَلَا يَقْطَعُهَا وَيُتِمُّهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَلَا يُعِيدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ) وَإِلَّا لَمْ يَقْطَعْ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ.

اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا بِأَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ وَلَوْ رَكْعَةً وَأَنْ يَجِدَ لَوْ قَطَعَ مَا يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبًا آخَرَ يَلْبَسُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَا فِيهِ النَّجَاسَةُ مَحْمُولًا لِغَيْرِهِ وَتَجْرِي هَذِهِ الْقُيُودُ الْخَمْسَةُ فِي قَوْلِهِ (كَذِكْرِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ أَوْ عِلْمِهَا (فِيهَا) وَهَذَا عَلَى أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فَلَا تَبْطُلُ بِالسُّقُوطِ أَوْ الذِّكْرِ فِيهَا وَكَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الرَّاجِحُ (لَا) إنْ ذَكَرَهَا (قَبْلَهَا) ثُمَّ نَسِيَهَا عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا وَاسْتَمَرَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَكَرَّرَ الذِّكْرُ وَالنِّسْيَانُ قَبْلَهَا وَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (أَوْ كَانَتْ) النَّجَاسَةُ (أَسْفَلَ نَعْلٍ) مُتَعَلِّقَةً بِهِ (فَخَلَعَهَا) أَيْ النَّعْلَ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ مَا لَمْ يَرْفَعْ رِجْلَهُ بِهَا فَتَبْطُلُ لِحَمْلِهِ النَّجَاسَةَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلَعْهَا بَطَلَتْ حَيْثُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ حَمْلُهَا، وَذَلِكَ حَالَ السُّجُودِ وَإِلَّا فَلَا كَمَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ إيمَاءً قَائِمًا وَلَوْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ عَامِدًا هَذَا هُوَ النَّقْلُ وَمَفْهُومُ أَسْفَلَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَعْلَاهُ لَبَطَلَتْ وَلَوْ نَزَعَهَا دُونَ تَحْرِيكٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ مَنْ عَلِمَهَا بِنَعْلِهِ فَأَخْرَجَ رِجْلَهُ دُونَ تَحْرِيكِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي الرُّعَافِ وَتَخْصِيصُ ح لَهُ بِالضَّرُورِيِّ. وَأَمَّا الِاخْتِيَارِيُّ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ فِيهِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ بْن قَالَ فِي المج وَإِذَا تَمَادَى لِضِيقِ الِاخْتِيَارِيِّ فَلَا يُعِيدُ فِي الضَّرُورِيِّ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَاجِزِ وَكَضِيقِ الْوَقْتِ مَا لَا يُقْضَى كَجِنَازَةٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَعِيدٍ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَقْطَعُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبْقَى مِنْهُ) أَيْ بَعْدَ إزَالَتِهَا (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ مَا فِيهِ النَّجَاسَةُ مَحْمُولًا لِغَيْرِهِ) وَإِلَّا فَلَا يَقْطَعُ لِعَدَمِ بُطْلَانِهَا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ سَقَطَ ثَوْبُ شَخْصٍ مُتَنَجِّسٍ لَابِسٍ لَهُ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ تَعَلَّقَ صَبِيٌّ نَجِسُ الثِّيَابِ أَوْ الْبَدَنِ بِمُصَلٍّ، وَالصَّبِيُّ مُسْتَقِرٌّ بِالْأَرْضِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ عَلَى الظَّاهِرِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بْن مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأُولَى قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْخَيْمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخَيْمَةَ مَحْمُولَةٌ لِلْمُصَلِّي بِخِلَافِ الثَّوْبِ النَّجِسِ هُنَا، فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ لِغَيْرِهِ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا إذَا كَانَ الْمُصَلِّي لَمْ يَسْجُدْ عَلَى تِلْكَ الثَّوْبِ وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهَا، فَإِنْ جَلَسَ وَلَوْ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ عَلَيْهَا أَوْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ: وَتَجْرِي هَذِهِ الْقُيُودُ الْخَمْسَةُ) أَيْ مَا عَدَا الْأَوَّلِ وَهُوَ اسْتِقْرَارُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُنَا أَنَّهَا مُسْتَقِرَّةٌ عَلَيْهِ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي مَا إذَا ذَكَرَهَا أَوْ عَلِمَهَا فِيهَا تَكُونُ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَيَقْطَعُ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ، فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا تَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يُعِيدُهَا لِصِحَّتِهَا (قَوْلُهُ: كَذِكْرِهَا فِيهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءً نَسِيَهَا بَعْدَ الذِّكْرِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ فِيهَا تَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْإِزَالَةِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَهَا فِيهَا) شَمِلَ ذَلِكَ عِلْمُهَا فِي عِمَامَتِهِ بَعْدَ أَنْ سَقَطَتْ أَوْ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ بَعْدَ أَنْ رَفَعَ مِنْهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وِفَاقًا لِفَتْوَى ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ (تَنْبِيهٌ) إذَا عَلِمَهَا مَأْمُومٌ بِإِمَامِهِ أَرَاهُ إيَّاهَا وَلَا يَمَسُّهَا، فَإِنْ بَعُدَ فَوْقَ الثَّلَاثِ صُفُوفٍ كَلَّمَهُ وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ، فَإِنْ تَبِعَهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ) أَيْ وَيُنْدَبُ لَهُ إعَادَتُهَا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لعج وَعَلَى مَا لِلْقُرْطُبِيِّ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَعَدَمَ قَطْعِهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقَةً بِهِ) أَيْ لِرُطُوبَتِهَا وَهُوَ حَالٌ مِنْ اسْمِ كَانَ وَهُوَ النَّجَاسَةُ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ مُتَعَلِّقَةً بِالنَّعْلِ لِرُطُوبَتِهَا (قَوْلُهُ: فَخَلَعَهَا) أَيْ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَنْ سَلَّ رِجْلَهُ مِنْ النَّعْلِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلنَّعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَحَرَّكَ) أَيْ النَّعْلُ بِحَرَكَتِهِ حِينَ سَلَّ رِجْلَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْحَصِيرِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَهُوَ ابْنُ قَدَّاحٍ إذَا تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ حِينَ سَلَّ رِجْلَهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ مِثْلَ مَا إذَا رَفَعَهَا فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَدَارَ الْبُطْلَانِ عَلَى رَفْعِهَا فَإِنْ رَفَعَهَا بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلَعْهَا) أَيْ بِأَنْ كَمَّلَ صَلَاتَهُ بِهَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَلْزَمُ إلَخْ) هَذِهِ الْحَيْثِيَّةُ لِلتَّقْيِيدِ أَيْ إذَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ خَلْعِهَا حَمْلُهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَلْزَمْ عَلَيْهِ حَمْلُهَا فَلَا تَبْطُلُ كَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ كَانَ يَخْلَعُ رِجْلَهُ مِنْهَا عِنْدَ السُّجُودِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَفَ بِنَعْلٍ طَاهِرَةٍ عَلَى نَجَاسَةٍ جَافَّةٍ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالنَّعْلِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا رَفَعَ نَعْلَهُ عِنْدَ التَّذَكُّرِ أَوْ الْعِلْمِ وَوَضَعَهَا عَلَى أَرْضٍ طَاهِرَةٍ وَحَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ رَطْبَةً وَتَعَلَّقَتْ بِأَسْفَلِ النَّعْلِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ النَّعْلَ كَالثَّوْبِ سَوَاءٌ خَلَعَ النَّعْلَ مِنْ رِجْلِهِ أَمْ لَا وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ كَمَا فِي طفى قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّعْلِ يَنْزِعُهَا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَالثَّوْبُ تَبْطُلُ وَلَوْ طَرَحَهَا أَنَّ الثَّوْبَ حَامِلٌ لَهَا وَالنَّعْلَ وَاقِفٌ عَلَيْهَا وَالنَّجَاسَةُ فِي أَسْفَلِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ بَسَطَ عَلَى النَّجَاسَةِ حَائِلًا كَثِيفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَازَةِ وَالْإِيمَاءِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي طفى وَسَوَاءٌ تَوَانَى بِخَلْعِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَنْ عَلِمَهَا بِنَعْلِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْعُمُومُ كَمَا إذَا عَلِمَهَا بِأَعْلَاهُ

(وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ) الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ وَلَمَّا كَانَ اسْتِخْرَاجُ الْجُزْئِيَّاتِ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ قَدْ يَخْفَى عَلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ ذَكَرَ لَهَا جُزْئِيَّاتٍ لِلْإِيضَاحِ فَقَالَ (كَحَدَثٍ) بَوْلًا أَوْ مَذْيًا أَوْ غَيْرَهُمَا (مُسْتَنْكِحٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مُلَازِمٍ كَثِيرًا بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ وَيُبَاحُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِهِ مَا لَمْ يَخْشَ تَلَطُّخَهُ فَيُمْنَعَ (وَ) ك (بَلَلِ بَاسُورٍ) بِمُوَحَّدَةٍ حَصَلَ (فِي يَدٍ) فَلَا يَلْزَمُ غَسْلُهَا مِنْهُ (إنْ كَثُرَ الرَّدُّ) بِهَا بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمَرَّةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي غَسْلِ الْيَدِ إلَّا بِالْكَثْرَةِ وَمِثْلُ الْيَدِ الثَّوْبُ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ أَيْ الْخِرْقَةُ (أَوْ) فِي (ثَوْبٍ) أَوْ بَدَنٍ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الرَّدُّ بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ (وَ) ك (ثَوْبِ مُرْضِعَةٍ) أَوْ جَسَدِهَا أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا إنْ احْتَاجَتْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ سِوَاهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِأَسْفَلِهِ (قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ) أَيْ عَمَّا يَشُقُّ الِانْفِكَاكُ مِنْهُ وَالتَّبَاعُدُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَحَدَثٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ سَائِرَهَا وَلَمْ يَقُلْ كَأَحْدَاثِ مُسْتَنْكَحَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ مَقْصُورٌ عَلَى حُصُولِ جَمْعٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ كَغَائِطٍ وَمَنِيٍّ وَفِي الذَّخِيرَةِ فَرْعٌ إذَا عُفِيَ عَنْ الْأَحْدَاثِ فِي حَقِّ صَاحِبِهَا عُفِيَ عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِهَا شَرْعًا وَقِيلَ لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْعَفْوِ الضَّرُورَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي جَوَازِ صَلَاةِ صَاحِبِهَا إمَامًا بِغَيْرِهِ وَعَدَمِ الْجَوَازِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجُوزُ وَتُكْرَهُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِالْبُطْلَانِ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ صَاحِبَ السَّلَسِ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِلْعَفْوِ عَنْ النَّجَاسَةِ فِي حَقِّهِ وَصَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ مُرْتَبِطَةٌ بِصَلَاتِهِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فَالْمُرْتَبِطَةُ بِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ مُلَازِمٌ كَثِيرًا) تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ مَعْنَاهُ الْقَاهِرُ لِلشَّخْصِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَاهِرًا لِلشَّخْصِ إلَّا إذَا لَازَمَهُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ) أَيْ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يُسَنُّ وَقَوْلُهُ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ أَيْ الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ. وَأَمَّا الْمَكَانُ فَقَالَ ح لَمْ يَذْكُرُوهُ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَصَابَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا عَفْوَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَوَّلَ مِنْهُ إلَى مَكَان طَاهِرٍ وَإِنْ أَصَابَهُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا هُوَ مُلَابِسٌ لَهُ وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ اهـ بْن وَقَوْلُهُ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَوْ لَا فَشَيْءٌ آخَرُ لَهُ مَحَلٌّ يَخُصُّهُ يَأْتِي فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَنِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا يَنْقُضُ وَإِنْ لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ نَقَضَ مَعَ الْعَفْوِ عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ وَإِنَّمَا عُفِيَ عَمَّا أَصَابَ مِنْ الْحَدَثِ اللَّازِمِ مُطْلَقًا وَفَصَّلَ فِي نَقْضِهِ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ بَابِ الْأَخْبَاثِ وَذَاكَ مِنْ بَابِ الْأَحْدَاثِ وَالْأَخْبَاثُ أَسْهَلُ مِنْ الْأَحْدَاثِ. (قَوْلُهُ: بَاسُورٍ) جَمْعُهُ بَوَاسِيرُ وَالْمُرَادُ الْبَاسُورُ النَّابِتُ فِي دَاخِلِ مَخْرَجِ الْغَائِطِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ بُلُولَةٌ وَنَجَاسَةٌ فَيَرُدُّهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا كَخِرْقَةٍ إلَى مَحَلِّهِ فَتَتَلَوَّثُ يَدُهُ مِنْ الْبُلُولَةِ الَّتِي عَلَيْهِ أَوْ مِنْ النَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مَعَهُ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْيَدَ أَوْ الْخِرْقَةَ مِنْ ذَلِكَ الْخَارِجِ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ فَلَا مَفْهُومَ لِلْبَلَلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا لِلْيَدِ (قَوْلُهُ: إنْ كَثُرَ الرَّدُّ) أَيْ سَوَاءٌ اُضْطُرَّ لِرَدِّهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ اضْطِرَارُهُ لِرَدِّهِ كَمَا فِي ح وَفِي عبق الظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَ الصَّرْمِ كَالْبَاسُورِ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْيَدَ مِنْ النَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ مَعَهُ إنْ كَثُرَ الرَّدُّ قِيَاسًا لِلصَّرْمِ عَلَى الْبَاسُورِ بَلْ قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ مِثْلَ الْبَاسُورِ أَثَرُ الدُّمَّلِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ) أَيْ ذَلِكَ الزَّائِدُ عَلَى الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْيَدِ) أَيْ فِي اعْتِبَارِ كَثْرَةِ الرَّدِّ فِي الْعَفْوِ عَمَّا أَصَابَهَا الْخِرْقَةُ الْمُتَّخَذَةُ لِلرَّدِّ بِهَا كَالْمِنْدِيلِ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا إذَا رَدَّ بِهَا إلَّا إذَا كَثُرَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي ثَوْبٍ) أَيْ أَوْ حَصَلَ بَلَلُ الْبَاسُورِ فِي ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الرَّدُّ) أَيْ بِالثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ وَذَلِكَ لِمَشَقَّةِ غَسْلِهِمَا بِخِلَافِ غَسْلِ الْيَدِ، فَإِنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ إلَّا بِالْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَثَوْبِ مُرْضِعَةٍ أَوْ جَسَدِهَا) أَيْ لَا مَكَانَهَا فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ إنْ أَمْكَنَهَا التَّحَوُّلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَتْ) أَيْ غَيْرُ الْأُمِّ لِلرَّضَاعِ لِفَقْرِهَا وَهَذَا قَيْدٌ لِلْعَفْوِ عَنْ ثَوْبِ الْمُرْضِعَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ أُمٍّ فَلَا يُعْفَى عَمَّا.

(تَجْتَهِدُ) فِي دَرْءِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ بِأَنْ تُنَحِّيَهُ عَنْهَا حَالَ بَوْلِهِ أَوْ تَجْعَلَ لَهُ خِرَقًا تَمْنَعُ وُصُولَهُ لَهَا، فَإِذَا أَصَابَهَا شَيْءٌ بَعْدَ التَّحَفُّظِ عُفِيَ عَنْهُ لَا إنْ لَمْ تَتَحَفَّظْ وَمِثْلُهَا الْكَنَّافُ وَالْجَزَّارُ (وَنُدِبَ لَهَا) أَيْ لِلْمُرْضِعِ وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهَا (ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ) لَا لِذِي سَلَسٍ وَدُمَّلٍ وَنَحْوِهِمَا لِاتِّصَالِ عُذْرِهِمْ نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُمْ إعْدَادُ خِرْقَةٍ لِدَرْءِ ذَلِكَ (وَ) كَ (دُونِ) مِسَاحَةِ (دِرْهَمٍ) بَغْلِيٍّ وَهِيَ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي ذِرَاعِ الْبَغْلِ (مِنْ) عَيْنٍ أَوْ أَثَرِ دَمٍ (مُطْلَقًا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ دَمَ حَيْضٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا كَانَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْعَفْوُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصَابَهَا عِنْدَ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْعَفْوِ الضَّرُورَةُ خِلَافًا لِلْمَشَذَّالِيِّ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ: تَجْتَهِدُ) الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمُرْضِعَةٍ لَا حَالٌ؛ لِأَنَّ مُرْضِعَةً نَكِرَةٌ بِلَا مُسَوِّغٍ وَمُضَافٌ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ مَجِيئِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تُنَحِّيَهُ) أَيْ الْوَلَدَ وَقَوْلُهُ تَمْنَعُ وُصُولَهُ أَيْ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أَصَابَهَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ بَوْلِهِ أَوْ غَائِطِهِ (قَوْلُهُ: عُفِيَ عَنْهُ) غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا غَسْلُهُ إنْ تَفَاحَشَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ مَا أَصَابَهَا مِنْ بَوْلِهِ أَوْ عَذِرَتِهِ، وَلَوْ رَأَتْهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَا رَأَتْهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا لَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا النَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْإِصَابَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْلَا الْعَفْوُ لَوَجَبَ عَلَيْهَا النَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ وَالْغَسْلُ عِنْدَ التَّحَقُّقِ فَالْعَفْوُ أَسْقَطَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ، نَعَمْ يُنْدَبُ لَهَا الْغَسْلُ إنْ تَفَاحَشَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْكَنَّافُ) أَيْ الَّذِي يَنْزَحُ الْكُنُفَ وَالْجَزَّارُ الَّذِي يَذْبَحُ الْحَيَوَانَ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُمَا بَعْدَ التَّحَفُّظِ لَا إنْ لَمْ يَتَحَفَّظَا فَلَا عَفْوَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغَسْلُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنِّهَا وَالنَّضْحُ عِنْدَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهَا) أَيْ مِنْ الْكَنَّافِ وَالْجَزَّارِ (قَوْلُهُ: لِاتِّصَالِ عُذْرِهِمْ) أَيْ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ فَلَا يُمْكِنُهُمْ التَّحَفُّظُ مِنْ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إعْدَادِهِمْ الثَّوْبَ بِخِلَافِ الْمُرْضِعَةِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا لِلْمُرْضِعَةِ إعْدَادَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لَهَا أَمْرٌ يَتَكَرَّرُ فَأَشْبَهَ حَالُهَا حَالَ الْمُسْتَنْكَحِ وَلِخِفَّةِ أَمْرِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: لِدَرْءِ ذَلِكَ) أَيْ لِدَفْعِ النَّازِلِ مِنْ ذَلِكَ السَّلَسِ وَالدُّمَّلِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ دِرْهَمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَخْلُوطًا بِمَائِعٍ حَيْثُ كَانَ بِالْمَائِعِ دُونَ دِرْهَمٍ. وَأَمَّا لَوْ صَارَ دُونَ الدِّرْهَمِ بِالْمَائِعِ أَكْثَرَ مِنْ مِسَاحَةِ الدِّرْهَمِ فَلَا عَفْوَ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ " مِسَاحَةِ " إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمِسَاحَةُ لَا الْكَمِّيَّةُ فَإِذَا كَانَ دُونَ مِسَاحَةِ الدِّرْهَمِ فَالْعَفْوُ وَلَوْ كَانَ الدَّمُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْكَمْيَّةِ وَذَلِكَ كَنُقْطَةٍ مِنْ الدَّمِ ثَخِينَةٍ قَالَ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا فَهُوَ مُغْتَفَرٌ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ، وَالثَّانِي لِلْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَنَّ اغْتِفَارَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الصَّلَاةِ فَلَا تُقْطَعُ لِأَجْلِهِ إذَا ذَكَرَهُ فِيهَا وَلَا يُعِيدُ. وَأَمَّا إذَا رَآهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَهَا ابْنُ هَارُونَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَحَمَلَهَا عِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْوُجُوبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى هُنَا عَلَى مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَظْهَرُ وَلِمَا فِي ح عَنْ سَنَدٍ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَرَّرَهُ عج وَحِّ بِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا لِلِاسْتِحْبَابِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ هَارُونَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا ثَلَاثُ طُرُقٍ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ سَابِقٍ وَهِيَ أَنَّ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَفِي الدِّرْهَمِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْعَفْوِ، وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ

لَا مَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ وَلَوْ أَثَرًا (وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ) هُمَا كَالدَّمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَ) كَ (بَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ) أَصَابَ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (بِأَرْضِ حَرْبٍ) وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ بَلْ الرَّوْثُ وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ وَالْمُسَافِرُ وَالرَّاعِي وَأَرْضُ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ نَعَمْ حَيْثُ وُجِدَتْ الْقُيُودُ الْأَرْبَعَةُ فَلَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاجْتِهَادِ كَالْمُرْضِعِ كَذَا يَنْبَغِي (وَأَثَرِ) فَمِ وَرِجْلِ (ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ) وَأَوْلَى بَوْلٌ حَلَّ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْجَسَدِ مَا لَمْ يَنْغَمِسْ ثُمَّ يَنْتَقِلْ لِمَا ذُكِرَ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ حَيْثُ زَادَ عَلَى أَثَرِ رِجْلِهِ وَفَمِهِ (وَ) كَ (مَوْضِعِ حِجَامَةٍ) أَيْ مَا بَيْنَ الشَّرَطَاتِ مَعَهَا (مُسِحَ) دَمُهُ حَتَّى يَبْرَأَ (فَإِذَا بَرِئَ غَسَلَ) الْمَوْضِعَ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا مَرَّ (وإلَّا) يَغْسِلْ وَصَلَّى (أَعَادَ فِي الْوَقْتِ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ) فَالْعَامِدُ يُعِيدُ أَبَدًا (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ إطْلَاقِ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مَنْ تَرَكَ الْغَسْلَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لِيَسَارَةِ الدَّمِ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَأْمُرُهُ بِغَسْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالدِّرْهَمُ وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْيَسِيرُ قَدْرُ رَأْسِ الْخِنْصَرِ وَالدِّرْهَمُ كَثِيرٌ، وَالثَّالِثَةُ مَا رَوَاهُ ابْنُ زِيَادٍ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِرْشَادِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ دَمِ غَيْرِ أَثَرِ دُمَّلٍ، وَأَمَّا أَثَرُهُ فَيُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ إذَا لَمْ يَنْكَ، فَإِنْ نَكَى عُفِيَ عَمَّا قَلَّ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا مَا فَوْقَ الدِّرْهَمِ وَلَوْ أَثَرًا) أَيْ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ الْقَائِلِ: إنَّ الْأَثَرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا وَلَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ فَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. (وَقَوْلُهُ: وَقَيْحٍ وَصَدِيدٍ) أَيْ وَعُفِيَ عَنْ دُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ، وَأَمَّا مَا خَرَجَ مِنْ نَفْطِ الْجَسَدِ مِنْ حَرٍّ أَوْ نَارٍ فَلَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ لَكِنَّهُ كَأَثَرِ الدُّمَّلِ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ إذَا لَمْ يَنْكَ، فَإِنْ نَكَى كَانَ الْخَارِجُ حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّمِ فَيُعْفَى عَنْ الدِّرْهَمِ فَدُونَ لَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ غَيْرِهَا مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ مَذْيٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَعْرُوفُ لَا مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ اغْتِفَارِ مِثْلِ رُءُوسِ الْإِبَرِ مِنْ الْبَوْلِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْعَفْوُ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو عَنْهُ؛ لِأَنَّ بَدَنَ الْإِنْسَانِ كَالْقِرْبَةِ الْمَمْلُوءَةِ بِالدَّمِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ فَالِاحْتِرَازُ عَنْ يَسِيرِهَا عُسْرٌ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ، نَعَمْ أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمَعْفُوَّاتِ الْمَذْكُورَةِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ بَوْلِ الطُّرُقَاتِ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ خُفٍّ مِثْلُ أَنْ تَزِلَّ الرِّجْلُ مِنْ النَّعْلِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ فَيُصِيبُهَا مِنْ الْغُبَارِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مُخَالَطَةُ الْبَوْلِ لَهُ إذْ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَلِأَنَّ غُبَارَ الطَّرِيقِ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ فَيُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْقُيُودِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ بَوْلٌ وَفَرَسٌ وَغَازٍ وَأَرْضُ حَرْبٍ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ مُعَانَاةٌ لِلدَّوَابِّ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ بَوْلِهَا وَأَرْوَاثِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ كَانَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ أَوْ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا حَاصِلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الرَّوْثَ كَالْبَوْلِ فِي كَوْنِهِ مَعْفُوًّا عَنْهُ هُوَ مَا فِي الْمُنْتَقَى وَنَقَلَهُ أَيْضًا عج عَنْ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ التَّعْبِيرَ بِالْبَوْلِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاعِي) أَيْ وَالْحِمَارُ وَالْخَادِمُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ اجْتِهَادٌ) أَيْ تَحَفُّظٌ بَلْ الْعَفْوُ مُطْلَقًا تَحَفَّظَ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا لِتَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَأَثَرُ ذُبَابٍ) أَيْ صَغِيرٍ وَمِثْلُهُ مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَبَعُوضٍ وَنَمْلٍ صَغِيرٍ. وَأَمَّا أَثَرُ فَمِ وَرِجْلِ الذُّبَابِ وَالنَّمْلِ الْكَبِيرِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ عَلَى الْإِنْسَانِ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: حَلَّ عَلَيْهَا) أَيْ حَلَّ الذُّبَابُ عَلَى الْعَذِرَةِ ثُمَّ حَلَّ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْجَسَدِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ زَادَ إلَخْ) أَيْ الْمُصِيبُ أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُصِيبُ زَائِدًا عَلَى أَثَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ حِجَامَةٍ) أَيْ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ دَمِ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ أَوْ الْفَصَادَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مُسِحَ عَنْهُ الدَّمُ لِتَضَرُّرِهِ أَيْ الْمُحْتَجِمِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ وَيَسْتَمِرُّ الْعَفْوُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ إذَا كَانَ أَثَرُ الدَّمِ الْخَارِجِ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَفْوِ مَسْحٌ (قَوْلُهُ: مُسِحَ) الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِمَوْضِعٍ، وَمِثْلُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ مَوْضِعُ الْفَصَادَةِ أَوْ قَطْعُ عِرْقٍ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا بَيْنَ الشَّرَطَاتِ مَعَهَا) أَيْ لَا الشَّرَطَاتِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَغْسِلْ وَصَلَّى) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بَرِئَ وَلَمْ يَغْسِلْ الْمَوْضِعَ وَصَلَّى (قَوْلُهُ: بِالنِّسْيَانِ) أَيْ بِمَا إذَا صَلَّى بَعْدَ الْبُرْءِ نَاسِيًا لِلْغَسْلِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ: فَالْعَامِدُ يُعِيدُ أَبَدًا) أَيْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ قَبْلَ الْبُرْءِ وَقَدْ ذَهَبَ عَدَمُ الْبُرْءِ بِوُجُودِ الْبُرْءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلْعَفْوِ (قَوْلُهُ: وَبِالْإِطْلَاقِ) هَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ (قَوْلُهُ: لِيَسَارَةِ الدَّمِ) أَيْ لِيَسَارَةِ أَثَرِ الدَّمِ أَيْ أَنَّ كَوْنَهُ أَثَرًا لَا عَيْنًا هُوَ يَسِيرٌ فِي نَفْسِهِ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ بْن وَنَصُّ عِبَارَتِهِ قَوْلُهُ لِيَسَارَةِ الدَّمِ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ دُونَ دِرْهَمٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ أَثَرًا لَا عَيْنًا هُوَ يَسِيرٌ فِي نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَأْمُرُهُ

وَرُجِّحَ (وَ) عُفِيَ عَنْ (كَطِينِ مَطَرٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ مَاءَ الْمَطَرِ وَمَاءَ الرَّشِّ وَيُقَدَّرُ دُخُولُ الْكَافِ عَلَى مَطَرٍ أَيْضًا فَيَدْخُلُ طِينُ الرَّشِّ وَمُسْتَنْقَعُ الطُّرُقِ يُصِيبُ الرِّجْلَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (وَإِنْ اخْتَلَطْت الْعَذِرَةُ) أَوْ غَيْرُهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (بِالْمُصِيبِ) وَالْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ إذْ لَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ أَوْ الشَّكِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ ثُمَّ إذَا ارْتَفَعَ الْمَطَرُ وَجَفَّ الطِّينُ فِي الطُّرُقِ وَجَبَ الْغَسْلُ (لَا إنْ غَلَبَتْ) النَّجَاسَةُ عَلَى كَالطِّينِ أَيْ كَثُرَتْ أَيْ كَانَتْ أَكْثَرَ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا مِنْ الْمُصِيبِ كَنُزُولِ الْمَطَرِ عَلَى مَحَلٍّ شَأْنُهُ أَنْ يُطْرَحَ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ عَلَى الرَّاجِحِ فَقَوْلُهُ: (وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) ضَعِيفٌ (وَلَا) عَفْوَ أَيْضًا (إنْ) (أَصَابَ عَيْنُهَا) أَيْ عَيْنُ الْعَذِرَةِ أَوْ النَّجَاسَةِ غَيْرَ الْمُخْتَلِطَةِ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَهُ وَأَخَّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا عَفْوَ حِينَئِذٍ قَطْعًا (وَ) عُفِيَ عَنْ مُتَعَلِّقِ (ذَيْلِ) ثَوْبِ (امْرَأَةٍ) يَابِسٍ (مُطَالٍ لِلسَّتْرِ) لَا لِلزِّينَةِ وَلَا غَيْرِ الْيَابِسِ فَلَا عَفْوَ (وَ) عُفِيَ عَنْ (رِجْلٍ بُلَّتْ يَمُرَّانِ) أَيْ الذَّيْلُ وَالرِّجْلُ الْمَبْلُولَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِغَسْلِهِ يَعْنِي مَا مَرَّ عَنْ الْبَاجِيَّ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الدِّرْهَمِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ يَغْسِلُهُ أَيْ الْأَثَرَ لَا الدَّمَ (قَوْلُهُ: وَرُجِّحَ) أَيْ التَّأْوِيلُ بِالْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ طِينُ الرَّشِّ إلَخْ) لَكِنَّ مَاءِ الرَّشِّ وَمُسْتَنْقَعَ الطُّرُقَاتِ الْعَفْوُ فِيهِمَا دَائِمًا بِخِلَافِ مَاءِ الْمَطَرِ وَطِينِهِ، فَإِنَّ الْعَفْوَ فِيهِمَا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْجَفَافِ فِي الطَّرِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: بِالْمُصِيبِ) أَيْ بِالطِّينِ الْمُصِيبِ لِلشَّخْصِ فَمَصْدُوقُ الْمُصِيبِ طِينُ نَحْوِ الْمَطَرِ (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ لِلْحَالِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لِلْمُبَالَغَةِ وَيَكُونُ تَقْدِيرُ مَا قَبْلَهَا هَكَذَا وَكَطِينِ مَطَرٍ اخْتَلَطَتْ بِهِ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا بَلْ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ بِهِ الْعَذِرَةُ فَغَيْرُ الْعَذِرَةِ مِنْ النَّجَاسَاتِ مَأْخُوذٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ الْغَسْلُ) أَيْ لِمَا كَانَ أَصَابَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْجَفَافِ فَالْعَفْوُ عَمَّا أَصَابَهُ يَسْتَمِرُّ إلَى الْجَفَافِ فِي الطَّرِيقِ، فَإِذَا حَصَلَ الْجَفَافُ فِيهَا وَجَبَ غَسْلُ مَا كَانَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ كَانَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ أَكْثَرَ مِنْ الطِّينِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا. وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي أَيِّهِمَا أَكْثَرُ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ كَانَ الطِّينُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ تَسَاوِيًا فَالْعَفْوُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعَةٌ: الْأُولَى: كَوْنُ الطَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ النَّجَاسَةِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا كَذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ فِي الْعَفْوِ فِيهِمَا وَالثَّالِثَةُ غَلَبَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى الطِّينِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَيَغْسِلُ عَلَى مَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَوْلُهُ لَا إنْ غَلَبَتْ إلَخْ، وَالرَّابِعَةُ: أَنْ تَكُونَ عَيْنُهَا قَائِمَةً وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنُهَا، وَكُلُّهَا مَعَ تَحَقُّقِ وُجُودِ النَّجَاسَةِ فِي الطِّينِ. وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ إذْ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: شَأْنُهُ أَنْ يُطْرَحَ إلَخْ) أَيْ نَحْوَ الْمَحَلَّاتِ الَّتِي تُلْقَى فِيهَا النَّجَاسَاتُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْمَرَاحِيضِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ) أَيْ إذَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ وَكَانَتْ مُخَالِطَةً لِلطِّينِ وَغَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ عَنْهُ قَالَ فِيهَا لَا بَأْسَ بِطِينِ الْمَطَرِ الْمُسْتَنْقَعِ فِي السِّكَكِ وَالطُّرُقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ أَوْ النَّعْلَ أَوْ الْجَسَدَ وَفِيهِ الْعَذِرَةُ وَسَائِرُ النَّجَاسَاتِ وَمَا زَالَتْ الطُّرُقُ وَهَذَا فِيهَا وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ يَخُوضُونَ فِيهِ وَلَا يَغْسِلُونَهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ غَالِبَةً أَوْ يَكُنْ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا عَفْوَ) قَالَ ح عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْعِلَّةُ نُدُورُ ذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ، فَإِنْ كَثُرَتْ صَارَ كَرَوْثِ الدَّوَابِّ أَفَادَهُ بْن (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُخْتَلِطَةِ) أَيْ بِالطِّينِ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ هَذَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ أَتَى بِقَوْلِهِ وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ وَلَوْ أَصَابَ عَيْنُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا عَفْوَ فِي هَذِهِ فَلَمَّا أَتَى بِقَوْلِهِ وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنُهَا عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ إذَا غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ وَكَانَتْ مُخَالِطَةً لِلطِّينِ وَلَمْ يُصِبْهُ عَيْنُهَا (تَنْبِيهٌ) قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَنْ طِينِ الْمَطَرِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْخِلْهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا عَفْوَ وَذَلِكَ كَأَنْ يَعْدِلَ عَنْ الطَّرِيقِ السَّالِمَةِ مِنْ الطِّينِ لِلَّتِي فِيهَا طِينٌ بِلَا عُذْرٍ. (قَوْلُهُ: عَنْ مُتَعَلِّقِ ذَيْلِ) أَيْ عَمَّا تَعَلَّقَ بِذَيْلِ ثَوْبِ الْمَرْأَةِ الْيَابِسِ مِنْ الْغُبَارِ النَّجِسِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ خَصَّهُ بِالْحُرَّةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ رَاعَى تَعْلِيلَ السَّتْرِ بِكَوْنِ السَّاقِ عَوْرَةً فَخَصَّهُ بِالْحُرَّةِ، وَغَيْرُهُ رَاعَى جَوَازَ السَّتْرِ فَعَمَّهُ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ (قَوْلُهُ: يَابِسٍ) صِفَةٌ لِذَيْلٍ أَيْ نَاشِفٍ لَا مُبْتَلٍّ (قَوْلُهُ: مُطَالٍ لِلسَّتْرِ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا تُطِيلُهُ لِلسَّتْرِ إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لِخُفٍّ أَوْ جَوْرَبٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ لَابِسَةً لَهُمَا فَلَا عَفْوَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ زِيِّهَا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْبَاجِيَّ (قَوْلُهُ: يَمُرَّانِ بِنَجَسٍ يَبَسٍ) أَيْ ثُمَّ يَمُرَّانِ عَلَى طَاهِرٍ يَابِسٍ بَعْدَ ذَلِكَ رَفَعَتْ الرِّجْلَ عَنْ النَّجَسِ الْيَبَسِ بِالْحَضْرَةِ أَوْ بَعْدَ مُهْلَةٍ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ اللَّبَّادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَحَلُّ

(بِنَجَسٍ) أَيْ عَلَيْهِ (يَبَسٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا وَقَوْلُهُ: (يَطْهُرَانِ) طَهَارَةً لُغَوِيَّةً (بِمَا) يَمُرَّانِ عَلَيْهِ (بَعْدَهُ) مِنْ مَوْضِعٍ طَاهِرٍ يَابِسٍ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ، اسْتِئْنَافٌ لَا مَحَلَّ لَهُ مِنْ الْإِعْرَابِ كَالتَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ وَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّ (وَ) عُفِيَ عَنْ مُصِيبِ (خُفٍّ وَنَعْلٍ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ) حِمَارٍ وَفَرَسٍ وَبَغْلٍ (وَبَوْلِهَا) بِمَوْضِعٍ يَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا (إنْ دُلِكَا) بِتُرَابٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ حَتَّى زَالَتْ الْعَيْنُ وَكَذَا إنْ جَفَّتْ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ الْغَسْلُ سِوَى الْحُكْمِ (لَا) مِنْ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ رَوْثٍ وَبَوْلٍ كَالدَّمِ وَكَفَضْلَةِ آدَمِيٍّ أَوْ كَلْبٍ وَنَحْوِهَا فَلَا عَفْوَ، وَإِذَا كَانَ لَا عَفْوَ وَقَدْ كَانَ فَرْضُهُ الْمَسْحَ عَلَى خُفِّهِ (فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ) أَيْ مَنْ حُكْمُهُ الْمَسْحُ الَّذِي أَصَابَ خُفَّهُ مَا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ حَيْثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَفْوِ إذَا كَانَ الرَّفْعُ بِالْحَضْرَةِ (قَوْلُهُ: بِنَجَسٍ يَبَسٍ) إنْ قُلْتَ: إذَا كَانَ الذَّيْلُ يَابِسًا وَالنَّجَسُ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّيْلِ شَيْءٌ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ قُلْتُ: قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غُبَارُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْبَاءِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ وَكَسْرِهَا أَيْ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ (قَوْلُهُ: طَهَارَةٌ لُغَوِيَّةٌ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَا يَطْهُرَانِ بِمَا يَمُرَّانِ عَلَيْهِ بَعْدُ مِنْ طَاهِرٍ يَابِسٍ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ يَطْهُرَانِ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً لَا شَرْعِيَّةً؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَهُمَا إنَّمَا تَكُونُ بِالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَوْضِعٍ) بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: كَالتَّعْلِيلِ لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ لِأَيِّ شَيْءٍ عُفِيَ عَنْهُمَا فَقَالَ: لِأَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ بِمَا يَمُرَّانِ عَلَيْهِ بَعْدُ مِنْ طَاهِرٍ يَابِسٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّ) أَيْ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ يَطْهُرَانِ وَقَالَ يَمُرَّانِ بِنَجَسٍ يَبَسٍ ثُمَّ يَمُرَّانِ بِطَاهِرٍ بَعْدَهُ مَا ضَرَّ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَنْ مُصِيبِ خُفٍّ) أَيْ عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا لَا عَمَّا أَصَابَ الثِّيَابَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ الْأَبْدَانَ (قَوْلُهُ: بِمَوْضِعٍ يَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا) أَيْ كَالطُّرُقِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ فِيهَا عَمَّا ذُكِرَ قَالَ بْن وَهَذَا الْقَيْدُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَحْنُونٍ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إشَارَةٌ إلَيْهِ لِتَعْلِيلِهِ بِالْمَشَقَّةِ وَالْمَشَقَّةُ إنَّمَا هِيَ مَعَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا هُوَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ بِمَوْضِعٍ لَا تَطْرُقُهُ الدَّوَابُّ كَثِيرًا وَلَوْ دُلِكَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْخِرْقَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ جَفَّتْ) أَيْ وَكَذَا يُعْفَى عَنْ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ إذَا جَفَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ الْمُصِيبُ لِلْخُفِّ وَالنَّعْلِ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ قَالَ ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْعِلَّةُ نُدُورُ ذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ، فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فِيهَا صَارَ كَرَوْثِ الدَّوَابِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ لَا عَفْوَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْخُفَّ إذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ غَيْرِ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا كَخُرْءِ الْكِلَابِ أَوْ فَضْلَةِ الْآدَمِيِّ أَوْ أَصَابَهُ دَمٌ، فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ كَمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْعَفْوِ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حُكْمُهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ بِأَنْ كَانَ لَا مَاءَ مَعَهُ أَصْلًا إلَّا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ قَدْ مَسَحَ عَلَى خُفِّهِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ كَانَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي إلَّا الْوُضُوءَ وَالْمَسْحَ دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ جَمْعُ مَاءِ أَعْضَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرِهِ لِيُزِيلَ بِهِ النَّجَاسَةَ، فَإِنَّهُ يَنْزِعُهُ وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِمُجَرَّدِ النَّزْعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيَنْتَقِلُ لِلتَّيَمُّمِ وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْمَسْحِ فِي حَقِّهِ وَلَا يَكْفِيهِ دَلْكُهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ لَا بَدَلَ لَهُ وَأُخِذَ مِنْ هَذَا تَقْدِيمُ غَسْلِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِيهِ لِإِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى خُفُّهُ مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ مُحَافَظَةً عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ كَانَ فَرْضُهُ) أَيْ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ حُكْمُهُ الْمَسْحُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ خَلْعَ الْخُفِّ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِمَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا بِالْفِعْلِ بَلْ يَدْخُلُ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَسْحٌ أَصْلًا بِأَنْ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ وَأَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ أَوْ بَعْدَ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي إدْخَالِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تت التَّابِعِ لِابْنِ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ طفى وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ مَسْحٌ ووضوؤه بَاقٍ وَأَصَابَ خُفَّهُ نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا وَلَا مَاءَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ يَتَرَدَّدُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَنْزِعُهُ وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالنَّزْعِ وَيَتَيَمَّمُ أَمْ يُبْقِيهِ وَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ مُحَافَظَةً عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْحُكْمَ بِقَوْلِهِ فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَسْحٌ وَوُضُوءُهُ بَاقٍ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَلَا

يَجِدُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِوُضُوئِهِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَيَتَيَمَّمُ) وَلَا يَكْفِيهِ الدَّلْكُ فَيَنْتَقِلُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ لِلتُّرَابِيَّةِ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (إلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ) الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَحْصِيلِ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ بِالْخُفِّ وَالنَّعْلِ فِي الْعَفْوِ عَمَّا أَصَابَ رِجْلَهُ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا وَدَلْكِهَا، وَمِثْلُهُ غَنِيٌّ لَمْ يَجِدْ مَا ذُكِرَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اللُّبْسِ لِمَرَضٍ (وَفِي) إلْحَاقِ رِجْلِ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْفَقِيرِ وَهُوَ غَنِيٌّ يَقْدِرُ عَلَى لُبْسِهِ وَوَجَدَهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى أُصِيبَتْ رِجْلُهُ بِذَلِكَ وَدَلَكَهَا (لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ) فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ وَيَتَعَيَّنُ الْغَسْلُ وَلَوْ قَالَ وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ لَكَانَ أَخْصَرَ مَعَ الْإِتْيَانِ بِاصْطِلَاحِهِ [دَرْسٌ] (وَ) عُفِيَ عَنْ (وَاقِعٍ) مِنْ سَقْفٍ وَنَحْوَهُ لِقَوْمٍ مُسْلِمِينَ أَوْ مَشْكُوكٍ فِي إسْلَامِهِمْ (عَلَى) شَخْصٍ (مَارٍّ) أَوْ جَالِسٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَتَهُ وَلَا نَجَاسَتَهُ بَلْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ (وَإِنْ سَأَلَ) كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ) الْعَدْلُ الرِّوَايَةِ إنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ أَيْ وَبَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا وَإِلَّا نُدِبَ الْغَسْلُ لَا الْكَافِرُ أَوْ الْفَاسِقُ، فَإِنْ قُلْتَ: الْوَاقِعُ مِنْ بَيْتِ مُسْلِمٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِي إسْلَامِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَتَهُ وَلَا نَجَاسَتَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ فَمَا مَعْنَى الْعَفْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإشْكَالَ فِي نَزْعِهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ إذْ نَزْعُهُ لَا يُوجِبُ لَهُ نَقْضًا فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُهُ قَالَ بْن: إنْ قُلْتَ يُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ الْمَسْأَلَةُ بِغَيْرِ الْمَاسِحِ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ وَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَمَعَهُ مَاءٌ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِغَسْلِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِلْوُضُوءِ مَعَ الْمَسْحِ فَهَذَا يَتَرَدَّدُ هَلْ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ فَيُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ أَوْ يَخْلَعُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِقُصُورِ الْمَاءِ عَنْ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ حَمْلُ الْمَاسِحِ عَلَى مَنْ حُكْمُهُ الْمَسْحُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَمَنْ تَبِعَهُ قُلْتُ لَا يَصِحُّ دُخُولُ هَذِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ خَلْعَ الْخُفِّ فِي حَقِّهِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَغْسِلَهُ وَيَتَيَمَّمَ، الثَّانِي: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى التَّرَدُّدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِفَقْدِ شَرْطِ الْمَسْحِ وَهُوَ طَهَارَةُ الْجِلْدِ فَلَا يُتَوَهَّمُ صِحَّةُ الْوُضُوءِ حَتَّى يَتَرَدَّدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّنْصِيصِ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: لَا مَاءَ مَعَهُ) أَيْ الَّذِي لَا مَاءَ مَعَهُ يَكْفِي الْوُضُوءَ أَوْ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَاءٌ أَصْلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ وَبَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ أَوْ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ حِينَ الْإِصَابَةِ غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ وَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِي الْوُضُوءَ وَإِزَالَةَ النَّجَاسَةِ مَعًا، وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الَّذِي مَسَحَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ أَوْ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إذَا لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ وَاسْتَمَرَّتْ وَتَنَجَّسَ الْخُفُّ، فَإِنَّهُ يَخْلَعُهُ وَيُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ أَيْ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِدْ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ) أَيْ أَوْ وَجَدَهُمَا وَلَكِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى أُصِيبَتْ رِجْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِتْيَانِ بِاصْطِلَاحِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ هَذَا تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَوَاقِعٍ عَلَى مَارٍّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَارًّا تَحْتَ سَقَائِفِ مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ طَهَارَةُ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ السَّقَائِفِ أَوْ تُظَنَّ طَهَارَتُهُ أَوْ تَتَحَقَّقَ نَجَاسَتُهُ أَوْ تُظَنَّ أَوْ يَشُكَّ فِيهَا فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً، فَإِنْ تَحَقَّقَتْ طَهَارَةُ الْوَاقِعِ أَوْ ظُنَّتْ أَوْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهُ أَوْ ظُنَّتْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِيهِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَإِنَّمَا كَلَامُهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَارًّا تَحْتَ سَقَائِفِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِمْ وَشَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَيُعْفَى عَنْ الْفَحْصِ عَنْهُ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ مَارًّا تَحْتَ سَقَائِفِ كُفَّارٍ وَشَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا وَلَا يَحْتَاجُ لِسُؤَالِهِمْ، فَلَوْ سَأَلَهُمْ وَأَخْبَرُوا بِالطَّهَارَةِ لَمْ يُصَدَّقُوا وَإِنْ أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْوَاقِعِ مِنْ بُيُوتِهِمْ مُسْلِمٌ صُدِّقَ إنْ كَانَ عَدْلَ رِوَايَةٍ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُسْلِمُ) أَيْ إنْ أَخْبَرَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا مَذْهَبًا. وَأَمَّا إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ صُدِّقَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْوَاقِعِ أَوْ نَجَاسَتِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ بِالطَّهَارَةِ صُدِّقَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ وَبَيَانِهِ لِوَجْهِ النَّجَاسَةِ أَوْ مُوَافَقَتِهِ فِي الْمَذْهَبِ لِمَنْ أَخْبَرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُدِبَ الْغَسْلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَخْبَرَ بِالنَّجَاسَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا وَلَمْ يَتَّفِقَا فِي الْمَذْهَبِ نُدِبَ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ: لَا الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقَانِ.

قُلْنَا: مَعْنَاهُ الْعَفْوُ عَنْ وُجُوبِ السُّؤَالِ إذْ هُوَ الْأَصْلُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ أَوْ يُقَالُ مَعْنَى الْعَفْوِ حَمْلُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ إذْ مُقْتَضَى الشَّكِّ وُجُوبُ الْغَسْلِ كَمَا أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ بَيْتِ كَافِرٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَتَهُ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْمَشْكُوكِ أَحَدٌ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ الْعَدْلُ الرِّوَايَةِ (وَ) عُفِيَ عَنْ (كَسَيْفٍ صَقِيلٍ) دَخَلَ بِالْكَافِ مَا شَابَهَهُ فِي الصِّقَالَةِ كَمُدْيَةٍ وَمِرْآةٍ وَجَوْهَرٍ وَسَائِرِ مَا فِيهِ صِقَالَةٌ وَصَلَابَةٌ مِمَّا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ ثُمَّ صَرَّحَ بِعِلَّةِ الْعَفْوِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ (لَإِفْسَادِهِ) بِالْغَسْلِ وَلَوْ قَالَ لِفَسَادِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ وَسَوَاءٌ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ عَلَّلَهُ بِانْتِفَاءِ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْحِ أَيْ عُفِيَ عَمَّا يُصِيبُهُ (مِنْ دَمِ) شَيْءٍ (مُبَاحٍ) كَجِهَادٍ وَقِصَاصٍ وَذَبْحٍ وَعَقْرِ صَيْدٍ وَخَرَجَ بِكَالسَّيْفِ الثَّوْبُ وَالْجَسَدُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالصَّقِيلِ غَيْرُهُ وَبِدَمِ الْمُبَاحِ دَمُ الْعُدْوَانِ فَيَجِبُ الْغَسْلُ (وَ) عُفِيَ عَنْ (أَثَرِ) أَيْ مِدَّةِ (دُمَّلٍ) وَنَحْوَهُ كَجُرْحٍ (لَمْ يُنْكَ) أَيْ لَمْ يُعْصَرْ وَلَمْ يُقَشَّرْ بَلْ مُصِلَ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ نُكِيَ لَمْ يُعْفَ عَمَّا زَادَ عَنْ الدِّرْهَمِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَمْ يَضْطَرَّ إلَى نَكْئِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا أَخْبَرَ الْأَوَّلُ بِالطَّهَارَةِ وَأَخْبَرَ الثَّانِي بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: قُلْنَا مَعْنَاهُ إلَخْ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْوَاقِعُ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ وَلَا لِوُجُوبِ السُّؤَالِ فَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَاءَ السَّاقِطَ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ النَّجَاسَةَ كَانَ الْأَصْلُ وُجُوبَ غَسْلِهِ لَكِنْ عُفِيَ عَنْهُ لِكَثْرَةِ سُقُوطِ الْمَاءِ مِنْ السَّقَائِفِ وَحَاجَةِ النَّاسِ لِلْمُرُورِ تَحْتَهَا اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ) أَيْ الْوَاقِعِ مِنْ بَيْتِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْمُسْلِمُ الْعَدْلُ) أَيْ وَلَا يُصَدَّقُ الْكَافِرُ فِي إخْبَارِهِ بِطَهَارَتِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعُفِيَ عَنْ كَسَيْفٍ إلَخْ) أَيْ عَنْ مُصَابٍ كَسَيْفٍ إذْ لَا مَعْنَى لِلْعَفْوِ عَنْ ذَاتِ السَّيْفِ وَنَحْوِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صُلْبًا صَقِيلًا وَكَانَ يُخْشَى فَسَادُهُ بِالْغَسْلِ كَالسَّيْفِ وَنَحْوَهُ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا خَوْفًا مِنْ إفْسَادِ الْغَسْلِ لَهُ (قَوْلُهُ: صَقِيلٍ) أَيْ مَصْقُولٍ لَا خَرْبَشَةَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا عَفْوَ (قَوْلُهُ: وَمِرْآةٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهَا؛ لِأَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا مِنْ الدَّمِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ لِتَكَرُّرِ النَّظَرِ فِيهَا الْمَطْلُوبِ شَرْعًا دُونَ السَّيْفِ وَالْمُدْيَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَصْدَ الشَّارِحِ التَّمْثِيلُ لِلْمُشَابِهِ لِلسَّيْفِ فِي الصِّقَالَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحُكْمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ مَا فِيهِ صِقَالَةٌ وَصَلَابَةٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَفْوِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الصَّلَابَةَ؛ لِأَنَّهُ مَثَّلَ بِالسَّيْفِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا صُلْبًا (قَوْلُهُ: لِإِفْسَادِهِ) مُتَعَلِّقُ يُعْفَى أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ إفْسَادِهِ الْحَاصِلِ بِغَسْلِهِ لَا لِتَحْصِيلِ إفْسَادِهِ (قَوْلُهُ: وَأَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ الْإِفْسَادَ فِعْلُ الْفَاعِلِ فَلَا يَتَّصِفُ بِهِ السَّيْفُ وَإِنَّمَا يَتَّصِلُ بِالْفَسَادِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ مَسَحَهُ مِنْ الدَّمِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وح عَنْ النَّوَادِرِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْعَفْوَ بِشَرْطِ الْمَسْحِ نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ عَلَّلَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُ يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ بِشَرْطِ مَسْحِهِ لِانْتِفَاءِ النَّجَاسَةِ بِالْمَسْحِ فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ السَّيْفَ وَنَحْوَهُ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ إلَّا إذَا مَسَحَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الظُّفْرَ وَالْجَسَدَ مِنْ الدَّمِ الْمُبَاحِ لِعَدَمِ صَلَابَتِهِمَا وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُمَا مِنْهُ إذَا مَسَحَ (قَوْلُهُ: مِنْ دَمٍ مُبَاحٍ) أَيْ زَائِدٍ عَلَى دِرْهَمٍ أَمَّا لَوْ كَانَ دِرْهَمًا فَلَا يَتَقَيَّدُ الْعَفْوُ لَا بِالصَّقِيلِ وَلَا بِالصُّلْبِ وَلَا يَكُونُ الدَّمُ مُبَاحًا قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ فَيَدْخُلُ فِيهِ دَمُ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ إذَا زَكَّاهُ بِهِ وَالْمُرَادُ مُبَاحٌ أَصَالَةً فَلَا يَضُرُّ حُرْمَتُهُ لِعَارِضٍ كَقَتْلِ مُرْتَدٍّ بِهِ وَزَانٍ أُحْصِنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَعَقْرِ صَيْدٍ) أَيْ لِأَجَلِ الْعَيْشِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَالظُّفْرِ (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) أَيْ مِمَّا فِيهِ خَرْبَشَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِدَمِ الْمُبَاحِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِالدَّمِ غَيْرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ هُوَ الَّذِي يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لِغَلَبَةِ وُصُولِهِ لِلسَّيْفِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَبِالْمُبَاحِ مِنْ الْعُدْوَانِ (تَنْبِيهٌ) أَلْحَقَ خش الزُّجَاجَ بِالسَّيْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَا يُفْسِدُهُ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَلِذَا قَالَ ح وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِإِفْسَادِهِ الزُّجَاجُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ شَابَهُ السَّيْفَ فِي الصِّقَالَةِ وَالصَّلَابَةِ لَكِنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقْشَرْ) أَيْ لَمْ تَزُلْ قِشْرَتُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ مُصِلَ بِنَفْسِهِ) أَيْ بَلْ سَالَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نُكِيَ) أَيْ عُصِرَ أَوْ قُشِرَ أَيْ أُزِيلَتْ قِشْرَتُهُ فَسَالَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَضْطَرَّ إلَى نَكْئِهِ) أَيْ قَشْرِهِ أَوْ عَصْرِهِ

بَعْدَ أَنْ نُكِئَ سَابِقًا، وَقَدْ كَانَ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَالَ بِنَفْسِهِ وَيَسْتَمِرُّ الْعَفْوُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، فَإِنْ بَرِئَ غَسَلَهُ وَمَحَلُّهُ إنْ دَامَ سَيَلَانُهُ أَوْ لَمْ يَنْضَبِطْ أَوْ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، فَإِنْ انْضَبَطَ وَفَارَقَ يَوْمًا وَأَتَى آخَرَ فَلَا عَفْوَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدُّمَّلِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ فَيُعْفَى مُطْلَقًا وَلَوْ عَصَرَهَا أَوْ قَشَّرَهَا لِاضْطِرَارِهِ لِذَلِكَ كَالْحَكَّةِ وَالْجَرَبِ (وَنُدِبَ) غَسْلُ جَمِيعِ مَا سَبَقَ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ إلَّا كَالسَّيْفِ الصَّقِيلِ لِإِفْسَادِهِ (إنْ تَفَاحَشَ) بِأَنْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ حَتَّى صَارَ يُسْتَقْبَحُ النَّظَرُ إلَيْهِ أَوْ يَسْتَحِي أَنْ يَجْلِسَ بِهِ بَيْنَ الْأَقْرَانِ أَيْ وَكَانَ سَبَبُ الْعَفْوِ قَائِمًا، فَإِنْ انْقَطَعَ وَجَبَ الْغَسْلُ (كَ) نَدْبِ غَسْلِ (دَمِ) أَيْ خُرْءِ (الْبَرَاغِيثِ) إنْ تَفَاحَشَ وَأَمَّا دَمُهَا الْحَقِيقِيُّ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَدُونَ دِرْهَمٍ وَأَمَّا خُرْءُ الْقُمَّلِ وَالْبَقِّ وَنَحْوِهِمَا فَيُنْدَبُ وَلَوْ لَمْ يَتَفَاحَشْ (إلَّا) أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمُتَفَاحِشِ (فِي صَلَاةٍ) فَلَا يُنْدَبُ الْغَسْلُ بَلْ يَحْرُمُ لِوُجُوبِ التَّمَادِي فِيهَا، فَإِنْ أَرَادَ صَلَاةً أُخْرَى نُدِبَ (وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ يَطْهُرُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ (بِغَسْلِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِلَا نِيَّةٍ مُتَعَلِّقًا بِغَسْلِهِ أَيْ يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِغَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِنِيَّةٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ (إنْ عُرِفَ) مَحَلُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ اُضْطُرَّ عُفِيَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الدَّمِ الْخَارِجِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ وَأَشَارَ بِهَذَا لِمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الدُّمَّلَ الْوَاحِدَةَ إذَا اُضْطُرَّ إلَى نَكْئِهَا وَشَقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهَا، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَمَّا سَالَ مِنْهَا مُطْلَقًا اهـ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَالْمُتَعَدِّدَةُ أَوْلَى كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ الِاضْطِرَارِ لِنَكْئِهَا وَضْعَ الدَّوَاءِ عَلَيْهَا فَتَسِيلُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَكَاهُ بَعْدَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمِدَّةِ فَخَرَجَتْ ثُمَّ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّمَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ سَالَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَنَّهُ نَكَاهُ قَبْلَ اجْتِمَاعِ شَيْءٍ مِنْ الْمِدَّةِ فِيهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ صَارَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّمَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ سَالَ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ السَّائِلِ الَّذِي سَالَ بِنَفْسِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَرِئَ غَسَلَهُ) أَيْ غَسَلَ مَا كَانَ أَصَابَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ أَثَرِ الدُّمَّلِ الَّذِي لَمْ يُنْكَ بَلْ نَصَلَ بِنَفْسِهِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُمْ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ: إنْ دَامَ سَيَلَانُهُ) أَيْ وَلَمْ يَنْقَطِعْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْضَبِطْ) أَيْ أَوْ انْقَطَعَ السَّيَلَانُ وَلَكِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ انْقِطَاعُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَأْتِي إلَخْ) أَيْ أَوْ انْضَبَطَ انْقِطَاعُهُ وَلَكِنْ صَارَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً أَمَّا لَوْ انْضَبَطَ وَلَمْ يَنْزِلْ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يُعْفَى إلَّا عَنْ الدِّرْهَمِ فَقَطْ، فَإِنْ نَزَلَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا يُمْكِنُ فَتْلُهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قَطَعَ إنْ رَجَا كَفَّهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَغَسَلَ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ كَفَّهَا تَمَادَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ) أَيْ كَالدُّمَّلَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ غَسْلُ جَمِيعِ مَا سَبَقَ إلَخْ) أَيْ لَا خُصُوصَ أَثَرِ الدُّمَّلِ وَالْجُرْحِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: إنْ تَفَاحَشَ) هَذَا قَيْدٌ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَفَاحَشَ. وَأَمَّا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ فَيُنْدَبُ غَسْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَاحَشْ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ قَالَ فِي المج وَعَلَيْهِ يُقَالُ: إنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِ غَيْرِهِ بِالتَّفَاحُشِ، فَإِنَّ الْعَفْوَ تَخْفِيفٌ فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَحِي إلَخْ) هَذَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَكَانَ سَبَبُ الْعَفْوِ) أَيْ وَهُوَ مَشَقَّةُ الِاحْتِرَازِ وَقَوْلُهُ قَائِمًا أَيْ مَوْجُودًا (قَوْلُهُ: خُرْءِ بَرَاغِيثَ) أَيْ مِنْ ثَوْبٍ تَفَاحَشَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ هَيَجَانِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) أَيْ كَالذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ (قَوْلُهُ: فَيُنْدَبُ) أَيْ غَسْلُهُ مِنْ الثَّوْبِ وَلَوْ لَمْ يَتَفَاحَشْ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ؛ لِأَنَّ خُرْأَهَا نَادِرٌ فَلَا مَشَقَّةَ فِي غَسْلِهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ، فَإِنَّهُ يَكْثُرُ خُرْؤُهُ عَادَةً، فَلَوْ حَكَمْنَا بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا حَصَلَتْ الْمَشَقَّةُ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْحُلَلِ حَيْثُ قَالَ إنَّ خُرْءَ الْقُمَّلِ وَالْبَقِّ وَنَحْوِهِمَا مِثْلُ خُرْءِ الْبَرَاغِيثِ لَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ مِنْ الثَّوْبِ إلَّا إذَا تَفَاحَشَ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ عج كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمُتَفَاحِشِ) مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ السَّابِقَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ حَذْفَ قَوْلِهِ إلَّا فِي صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ قَطْعُ الصَّلَاةِ لِمَنْدُوبٍ (قَوْلُهُ: وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ النَّجَاسَةِ أَيْ يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا أَمْ لَا بِغَسْلِهِ وَلَا يُطْلَبُ بِالتَّثْلِيثِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَاسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيَّةُ لِحَدِيثِ الْقَائِمِ مِنْ النَّوْمِ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ التَّسْبِيعَ فِي كُلِّ نَجَاسَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْكَلْبِ إلَّا الْأَرْضَ فَوَاحِدَةٌ لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِهِ) أَفَادَ أَنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ بِلَا نِيَّةٍ وَقَوْلِهِ بِغَسْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ إلَّا أَنَّ الْجَارَّ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى مَعَ وَالثَّانِي لِلسَّبَبِيَّةِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقًا بِغَسْلِهِ) أَيْ وَقَوْلُهُ بِغَسْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ وَالْمَعْنَى يَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بِغَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ تَعَبُّدٌ لَا مَعْقُولَ الْمَعْنَى وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِيَّةٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ إذَا كَانَ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ كَمَا هُنَا لَا تُطْلَبُ فِيهِ نِيَّةٌ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْغَيْرِ بِخِلَافِ التَّعَبُّدِ الَّذِي لِتَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ فَيَفْتَقِرُ لَهَا وَذَلِكَ كَغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ عُرِفَ مَحَلُّهُ)

وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (وَإِلَّا) يُعْرَفْ بِأَنْ شَكَّ فِي مَحَلَّيْنِ مَثَلًا (فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ) أَيْ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ مَا شَكَّ (فِيهِ) مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنَاءٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا فَرْقَ فِي الْمَشْكُوكِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي جِهَةٍ أَوْ جِهَتَيْنِ مُتَمَيِّزَتَيْنِ (كَكُمَّيْهِ) الْمُتَّصِلَيْنِ بِثَوْبِهِ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّ بِأَحَدِهِمَا نَجَاسَةً وَلَا يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ عَيْنَهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ غَسْلِهِمَا مَعًا أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ إلَّا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا فَيَتَحَرَّى حِينَئِذٍ أَحَدَهُمَا لِيَغْسِلَهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَهُ (بِخِلَافِ) (ثَوْبَيْهِ) الْمُنْفَصِلَيْنِ تُصِيبُ النَّجَاسَةُ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ (فَيَتَحَرَّى) أَيْ يَجْتَهِدُ فِي تَمْيِيزِ الطَّاهِرِ بِعَلَامَةٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا لِيُصَلِّيَ بِهِ وَيَتْرُكَ الثَّانِيَ أَوْ يَغْسِلَهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا صَلَّى بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ كَعَاجِزٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحَرٍّ تَعَيَّنَ غَسْلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلصَّلَاةِ بِهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (بِطَهُورٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلِهِ (مُنْفَصِلٍ) عَنْ مَحَلِّ النَّجَسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ النَّجَسُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهَا) أَيْ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ فَمَتَى تُحُقِّقَ مَحَلُّهَا أَوْ ظُنَّ طَهُرَ بِغَسْلِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ. وَأَمَّا الْمَحَلُّ الْمَوْهُومُ كَمَا لَوْ ظَنَّ النَّجَاسَةَ فِي جِهَةٍ وَتَوَهَّمَهَا فِي أُخْرَى فَلَا يَغْسِلُهُ إذْ لَا تَأْثِيرَ لِلْوَهْمِ فِي الْحَدَثِ فَأَوْلَى الْخَبَثِ كَمَا حَقَّقَهُ طفى رَادًّا عَلَى الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ فِي جَعْلِهِ الْوَهْمَ كَالشَّكِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَذَكَرَ عبق الْقَوْلَيْنِ وَصَدَّرَ بِالْأَوَّلِ وَفِي بْن أَنَّ الْأَوَّلَ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ عج وطفى وَرَجَّحَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ فِي مَحَلَّيْنِ) أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي مَحَلَّيْنِ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنِّهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ مَا شَكَّ فِيهِ) أَيْ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ ثَوْبٍ إلَخْ) أَيْ كَانَ الْمَحَلَّانِ الْمَشْكُوكُ فِيهِمَا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعًا) أَيْ وَلَا يَتَحَرَّى وَاحِدًا لِيَغْسِلَهُ فَقَطْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنَّهُ يَتَحَرَّى فِي الْكُمَّيْنِ وَاحِدًا يَغْسِلُهُ كَالثَّوْبَيْنِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِغَسْلِ الْكُمَّيْنِ وَوَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُهُمَا مَعًا، فَإِنْ لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ إلَّا غَسْلَ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَجِدْ مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْسِلُ وَاحِدًا مِنْهُمَا تَحَرَّى وَاحِدًا يَغْسِلُهُ فَقَطْ اتِّفَاقًا ثُمَّ يَغْسِلُ الثَّانِيَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ وُجُودِ مَاءٍ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي، فَإِنْ لَمْ يَسَعْ الْوَقْتُ غَسْلَ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَسَعْ التَّحَرِّيَ صَلَّى بِدُونِ غَسْلٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْوَقْتِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى طَهَارَةِ الْخَبَثِ. (قَوْلُهُ: الْمُنْفَصِلَيْنِ) أَيْ الْمُنْفَصِلِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَالْقَمِيصَيْنِ وَالْإِزَارَيْنِ أَوْ الْقَمِيصِ وَالْإِزَارِ أَوْ الْقَمِيصِ وَالْمِنْدِيلِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا إلَّا أَنَّهُ مُتَّصِلٌ كَطَرَفَيْ الثَّوْبِ وَكُمَّيْهِ، فَلَوْ فَصَلَ الْكُمَّانِ كَانَا كَالثَّوْبَيْنِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: تُصِيبُ النَّجَاسَةُ أَحَدَهُمَا) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ) أَيْ عَيْنَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ الْمُصَابِ بِالنَّجَاسَةِ هَلْ هُوَ هَذَا أَوْ هَذَا (قَوْلُهُ: فَيَتَحَرَّى) أَيْ فَيَجْتَهِدُ فِي تَمْيِيزِ الطَّاهِرِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا اجْتَهَدَ وَحَصَلَ لَهُ ظَنٌّ بِطَهَارَةِ أَحَدِهِمَا صَلَّى بِهِ الْآنَ وَكَذَا بِوَقْتٍ آخَرَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَتَرْكُ الثَّوْبِ الثَّانِي أَوْ غَسْلُهُ، فَإِنْ اجْتَهَدَ فَلَمْ يَقَعْ لَهُ ظَنٌّ فِي الثَّوْبَيْنِ، فَإِنَّهُ يَنْضَحُ أَحَدَهُمَا وَيُصَلِّي بِهِ عَمَلًا بِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ لِشَكِّهِ فِي الْإِصَابَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ، قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَالَ بْن وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي ح وَمَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّحَرِّي أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ عَلَامَةٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ ظَنٌّ بِطَهَارَةِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ تَعَيَّنَ غَسْلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلصَّلَاةِ بِهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَيَتَحَرَّى. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَقْتَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّسِعًا أَوْ ضَيِّقًا لَا يَسَعُ التَّحَرِّيَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ التَّحَرِّي لِوُجُودِ عَلَامَةٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهَا، وَإِمَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ التَّحَرِّي لِعَدَمِ وُجُودِ عَلَامَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَأَمْكَنَ التَّحَرِّي تَحَرَّى أَحَدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّحَرِّي وَالْفَرْضُ أَنَّ الْوَقْتَ مُتَّسِعٌ تَعَيَّنَ غَسْلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلصَّلَاةِ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لح وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ التَّحَرِّي وَكَانَ يُمْكِنُ التَّحَرِّي أَنْ لَوْ كَانَ مُتَّسِعًا أَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُ صَلَّى بِأَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ التَّحَرِّي فِي الثَّوْبَيْنِ إنْ أَمْكَنَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ طَرِيقَةٌ لِابْنِ شَاسٍ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكُمَّيْنِ يُغْسَلَانِ وَالثَّوْبَيْنِ يَتَحَرَّى أَنَّ الْكُمَّيْنِ لَمَّا اتَّصَلَا صَارَا بِمَثَابَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبَانِ وَاَلَّذِي لِسَنَدٍ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ كَالْكُمَّيْنِ يَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعًا وَلَا يَتَحَرَّى فِيهِمَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ عَدَمِ وُجُودِ مَاءٍ يَغْسِلُ بِهِ الثَّوْبَيْنِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَرَدَّ ابْنُ هَارُونَ طَرِيقَةَ ابْنِ شَاسٍ بِأَنَّهُ إذَا تَحَرَّى وَلَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا فَقَدْ أَدْخَلَ احْتِمَالَ الْخَلَلِ فِي صَلَاتِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ ح وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا

(كَذَلِكَ) أَيْ طَهُورًا وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِالْأَوْسَاخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَالَ مُنْفَصِلٌ طَاهِرٌ لَحَسُنَ (وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) وَلَا عَرْكُهُ إلَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ التَّطْهِيرُ عَلَيْهِ وَيَطْهُرَ مَحَلُّ النَّجَسِ بِغَسْلِهِ (مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ) أَيْ النَّجَسِ مِنْ الْمَحَلِّ وَلَوْ عَسُرَ لِأَنَّ بَقَاءَ الطَّعْمِ دَلِيلٌ عَلَى تَمَكُّنِ النَّجَاسَةِ مِنْ الْمَحَلِّ فَيُشْتَرَطُ زَوَالُهُ (لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا) بِخِلَافِ الْمُتَيَسِّرَيْنِ فَيُشْتَرَطُ (وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ) بِأَحَدِ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ (نَجِسَةٌ) لَا إنْ تَغَيَّرَتْ بِوَسَخٍ أَوْ صَبْغٍ مَثَلًا فَلَوْ غُسِلَتْ قَطْرَةُ بَوْلٍ مَثَلًا فِي جَسَدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَسَالَتْ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ فِي سَائِرِهِ وَلَمْ تَنْفَصِلْ عَنْهُ كَانَ طَاهِرًا (وَلَوْ) (زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) عَنْ الْمَحَلِّ (بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ) مِنْ مُضَافٍ وَبَقِيَ بَلَلُهُ فَلَاقَى جَافًّا أَوْ جَفَّ وَلَاقَى مَبْلُولًا (لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي مَحَلِّهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْحُكْمُ وَهُوَ لَا يَنْتَقِلُ وَفِيهِ أَنَّ الْمُضَافَ قَدْ يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ فَالْبَاقِي نَجِسٌ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِالْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ كَالْمُطْلَقِ لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَلَوْ اسْتَنْجَى بِمُضَافٍ أَعَادَ الِاسْتِنْجَاءَ دُونَ غَسْلِ ثَوْبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصَابَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ أَوْ الْأَثْوَابِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ وَزِيَادَةِ ثَوْبٍ كَالْأَوَانِي وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِفَّةِ الْأَخْبَاثِ عَنْ الْأَحْدَاثِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي مُنْفَصِلٍ أَيْ مُنْفَصِلٍ حَالَةَ كَوْنِهِ طَهُورًا أَيْ مُنْفَصِلٍ عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُهُ بِالْأَوْسَاخِ) وَذَلِكَ كَثَوْبِ الْبَقَّالِ وَاللَّحَّامِ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَطْهِيرِهِ إزَالَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ بِهَا بَلْ مَتَى انْفَصَلَ الْمَاءُ خَالِيًا عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ بَقِيَ فِيهِ غَيْرُهَا مِنْ الْوَسَخِ فَقَدْ طَهُرَتْ وَكَالثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِزُرْقَةٍ مَثَلًا إذَا تَنَجَّسَ قَبْلَ الصَّبْغِ أَوْ بَعْدَهُ فَالشَّرْطُ فِي طَهَارَتِهِ انْفِصَالُ الْمَاءِ عَنْهُ خَالِيًا عَنْ أَعْرَاضِ النَّجَاسَةِ لَا عَنْ الزُّرْقَةِ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ كَالْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ) أَيْ مَحَلِّ النَّجَسِ إذَا كَانَ ثَوْبًا وَلَا عَرْكُهُ إذَا كَانَ أَرْضًا أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ التَّطْهِيرُ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَاَلَّتِي يُمْكِنُ زَوَالُهَا بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ كَثْرَةٍ كَالْبَوْلِ وَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ بِمُكَاثَرَةِ صَبِّ الْمَاءِ كَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ لَا تَحْتَاجُ إلَى عَرْكٍ وَدَلْكٍ وَمَا لَا يَزُولُ إلَّا بِالْعَرْكِ وَالدَّلْكِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَسُرَ) أَيْ زَوَالُ الطَّعْمِ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَعْسُرْ بَلْ وَلَوْ عَسُرَ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ زَوَالُهُ) أَيْ وَيُتَصَوَّرُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَةِ زَوَالِ طَعْمِ النَّجَاسَةِ وَبَقَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ذَوَاقُهَا بِأَنْ تَكُونَ فِي الْفَمِ أَوْ دَمِيَتْ اللِّثَةُ أَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهُ فَجَازَ لَهُ ذَوْقُ الْمَحَلِّ اسْتِظْهَارًا لِأَجْلِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ أَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَارْتَكَبَ النَّهْيَ وَذَاقَهَا. وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي زَوَالِهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَوَاقُهَا أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَمَنْعُ ذَوَاقِ النَّجَاسَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّلَطُّخَ بِهَا حَرَامٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ كَمَا تَقَدَّمَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ زَوَالُ لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا) أَيْ بَلْ يُغْتَفَرُ بَقَاءُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ لَا فِي الْغُسَالَةِ وَلَا يَجِبُ أُشْنَانٌ وَنَحْوُهُ كَمَا فِي ح وَلَا تَسْخِينُ الْمَاءِ كَمَا فِي عبق لِأَجْلِ زَوَالِ لَوْنِ النَّجَاسَةِ أَوْ رِيحِهَا الْمُتَعَسِّرَيْنِ مِنْ الثَّوْبِ وَذَلِكَ لِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ لَا أَنَّهُ نَجَسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَحَدِ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ زَوَالُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مِنْ الْمَحَلِّ مُتَعَسِّرًا وَهَذَا نُكْتَةُ إتْيَانِهِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ مُنْفَصِلٌ كَذَلِكَ الْمُغْنِي عَنْهُ لَكِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِقَوْلِهِ، وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ (قَوْلُهُ: وَسَالَتْ) أَيْ الْغُسَالَةُ وَقَوْلُهُ: فِي سَائِرِهِ أَيْ فِي سَائِرِ الْمَغْسُولِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ (قَوْلُهُ: مِنْ مُضَافٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ زَالَ عَيْنُهَا بِطَعَامٍ كَخَلٍّ أَوْ بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ مُلَاقِي مَحَلِّهَا قَوْلًا وَاحِدًا إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِطَاهِرٍ لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُطْلَقِ يَصْدُقُ بِالطَّعَامِ وَبِالنَّجَسِ وَالْمُتَنَجِّسِ مَعَ أَنَّ مُلَاقِيَ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ الْمُزَالَةِ بِمَا ذُكِرَ يَتَنَجَّسُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمُقَابِلُهُ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ مُلَاقِي مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَرَضٌ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْعَرَضُ شَيْءٌ مَوْجُودٌ يَقُومُ بِمَحَلٍّ مَوْصُوفٍ وَلَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَالْحُكْمُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَالْأُمُورُ الِاعْتِبَارِيَّةُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا تُسَمَّى أَعْرَاضًا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ وَصْفٌ لَا يَنْتَقِلُ (قَوْلُهُ: قَدْ يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاتِهِ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي أُزِيلَتْ عَيْنُهَا بِهِ وَقَدْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ: فَالْبَاقِي نَجِسٌ) أَيْ فَالْبَاقِي مِنْ ذَلِكَ الْمُضَافِ فِي الْمَحَلِّ قَدْ تَنَجَّسَ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا لَاقَى الْمَحَلَّ الْمَبْلُولَ جَافًّا أَوْ لَاقَى الْمَحَلَّ الْجَافَّ شَيْءٌ مَبْلُولٌ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ) أَيْ تَعْلِيلُ عَدَمِ نَجَاسَةِ الْمُلَاقِي لِلْمَحَلِّ بِالْبِنَاءِ إلَخْ أَيْ. وَأَمَّا التَّعْلِيلُ الَّذِي عَلَّلُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْحُكْمُ وَهُوَ عَرَضٌ لَا يَنْتَقِلُ فَلَيْسَ بِأَوْلَى لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ

عَلَى الرَّاجِحِ (وَإِنْ) (شَكَّ) شَخْصٌ (فِي إصَابَتِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (لِثَوْبٍ) أَوْ حَصِيرٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ (وَجَبَ نَضْحُهُ) فَلَوْ غَسَلَهُ أَجْزَأَ وَمِثْلُهُ الظَّنُّ الضَّعِيفُ، فَإِنْ قَوِيَ فَالْغَسْلُ لَا إنْ تَوَهَّمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ تَرَكَ) النَّضْحَ وَصَلَّى (أَعَادَ الصَّلَاةَ كَالْغَسْلِ) أَيْ كَمَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ تَارِكُ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ فَالذَّاكِرُ الْقَادِرُ يُعِيدُ أَبَدًا وَالنَّاسِي أَوْ الْعَاجِزُ فِي الْوَقْتِ، وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ بِالنَّضْحِ (وَهُوَ) أَيْ النَّضْحُ (رَشٌّ بِالْيَدِ) أَوْ الْمَطَرِ رَشَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عُمُومَهَا وَأَعَادَ قَوْلَهُ (بِلَا نِيَّةٍ) مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجَسِ بِلَا نِيَّةٍ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّ النَّضْحَ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا أَوْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَفْتَقِرُ إلَيْهَا (لَا إنْ) تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ وَ (شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ أَوْ) شَكَّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْإِصَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ فَلَا غَسْلَ وَلَا نَضْحَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَعَدَمُ الْإِصَابَةِ (وَ) فِي جَوَابٍ (هَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ) إذَا شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لَهُ فَيَجِبُ نَضْحُهُ (أَوْ) لَيْسَ كَالثَّوْبِ بَلْ (يَجِبُ غَسْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ زَوَالِ النَّجَاسَةِ جَفَافُ الْبَوْلِ بِكَثَوْبٍ وَحِينَئِذٍ إذَا لَاقَى مَحَلًّا مَبْلُولًا نَجَّسَهُ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ الطَّعَامُ الْيَابِسُ كَمَا فِي عبق وَارْتَضَاهُ بْن خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ شب وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) مُقَابَلَةَ قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِإِعَادَةِ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ. (قَوْلُهُ: أَيْ النَّجَاسَةُ) يَعْنِي غَيْرَ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ احْتِرَازًا عَنْ نَجَاسَةِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إصَابَتِهَا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ وَقَدْ خَفِيَتْ عَيْنُهَا، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَجَبَ نَضْحُهُ) أَيْ لِأَجْلِ قَطْعِ الْوَسْوَسَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَلًا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّضْحِ فَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ وَقِيلَ: إنَّ النَّضْحَ تَعَبُّدِيٌّ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا تَقْلِيلٌ لَهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الشَّكِّ فِي وُجُوبِ النَّضْحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَوِيَ) أَيْ ظَنَّ الْإِصَابَةَ وَأَوْلَى إذَا تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا تَحَقَّقَ الْإِصَابَةَ أَوْ ظَنَّهَا ظَنًّا قَوِيًّا وَيَجِبُ النَّضْحُ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا شَكَّ فِي الْإِصَابَةِ أَوْ ظَنَّهَا ظَنًّا ضَعِيفًا وَالْحَالَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ تَوَهُّمُ الْإِصَابَةِ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ (قَوْلُهُ: كَالْغَسْلِ) تَشْبِيهٌ لِتَكْمِيلِ الْحُكْمِ لَا لِإِفَادَةِ حُكْمٍ غَفَلَ عَنْهُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْوُجُوبِ وَالْإِعَادَةِ أَيْ وَجَبَ نَضْحُهُ وُجُوبًا كَوُجُوبِ الْغَسْلِ فَيَكُونُ وُجُوبُ النَّضْحِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَأَعَادَ إعَادَةً كَالْإِعَادَةِ فِي تَرْكِ الْغَسْلِ فَهِيَ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَفِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ بِوُجُوبِ النَّضْحِ (قَوْلُهُ: أَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ) أَيْ بِسُنِّيَّتِهِ أَيْ وَأَشْهَرُ مِنْ الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ؛ لِأَنَّ النَّضْحَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النَّضْحِ أَشْهَرَ مِنْ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا الْقَوْلَ بِسُنِّيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُمَا مَعًا فِي الْغَسْلِ. (قَوْلُهُ: لِوُرُودِ الْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ بِالنَّضْحِ) فِيهِ أَنَّ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَ بِالسُّنِّيَّةِ هُنَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْغَسْلِ لِكَوْنِهِ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَشْهِيرُ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِي النَّضْحِ، لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النَّضْحَ وَصَلَّى أَعَادَ كَإِعَادَةِ تَارِكِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَعِيسَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ النَّضْحَ وَصَلَّى يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ مُطْلَقًا لِخِفَّةِ أَمْرِهِ قَالَ بْن وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ الْإِعَادَةِ لَا تَامًّا حَتَّى يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ الْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَلِخِفَّةِ النَّضْحِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِعَادَةِ النَّاسِي أَبَدًا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي تَرْكِ غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِنْدَنَا قَوْلًا لِأَبِي الْفَرَجِ بِوُجُوبِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ فَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَعَادَ أَبَدًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ النَّضْحِ مُطْلَقًا بَلْ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: أَيْ النَّضْحُ) يَعْنِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لِثَوْبٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ أَرْضٍ (قَوْلُهُ: بِالْيَدِ) أَيْ أَوْ الْفَمِ بَعْدَ إزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْبُصَاقِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَجَبَ نَضْحُهُ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ رَشٌّ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ بِالْيَدِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا نِيَّةٍ مِنْ حَقِيقَةِ النَّضْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَفْتَقِرُ إلَيْهَا) وَذَلِكَ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ فِيهِ إذْ هُوَ تَكْثِيرٌ لِلنَّجَاسَةِ لَا تَقْلِيلٌ لَهَا فَقَدْ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ حِكْمَةً (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ النَّضْحِ وَالْغَسْلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ مِنْ وُجُوبِ النَّضْحِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِمَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ وَالنَّضْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهُوَ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ لَمَّا تَرَكَّبَ مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعُفَ أَمْرُهُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَضْحُهُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ) أَيْ لِأَنَّ الْجَسَدَ لَا يَفْسُدُ بِالْغَسْلِ أَيْ وَلِأَنَّ

وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (خِلَافٌ) (وَإِذَا) (اشْتَبَهَ) أَيْ الْتَبَسَ مَاءٌ (طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجَسٍ) كَبَوْلٍ مُوَافِقٍ لَهُ فِي أَوْصَافِهِ (صَلَّى) مُرِيدُ التَّطْهِيرِ صَلَوَاتٍ (بِعَدَدِ) أَوَانِي (النَّجِسِ) أَوْ الْمُتَنَجِّسِ (وَزِيَادَةِ إنَاءٍ) كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّضْحَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَا وَرَدَ وَهُوَ الْحَصِيرُ وَالثَّوْبُ وَالْخُفُّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَجَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ الْمَذْهَبَ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَالشَّارِحِ عَنْ الْبُقْعَةِ يَشُكُّ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْبُقْعَةِ فَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: لَا يَكْفِي النَّضْحُ فِيهَا اتِّفَاقًا بَلْ يَجِبُ غَسْلُهَا لِيَسْرِيَ الِانْتِقَالُ إلَى الْمُحَقَّقِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّطِّيُّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ثُبُوتُ النَّضْحِ فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَصَدَّرَ بِالْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ بِالْبُقْعَةِ الْأَرْضُ. وَأَمَّا الْفَرْشُ فَكَالثَّوْبِ وَسَبَقَ أَنَّ الشَّكَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَكَذَا فِي نَجَاسَةِ الطُّرُقَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. (تَنْبِيهٌ) ذَكَر فِي المج أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ عَلَى الرَّاجِحِ لَا النَّضْحُ إذَا شَكَّ فِي بَقَاءِ النَّجَاسَةِ وَزَوَالِهَا نَعَمْ مُلَاقِي مَا شَكَّ فِي بَقَائِهَا فِيهِ قَبْلَ غَسْلِهِ يَنْضَحُ مِنْ الرُّطُوبَةِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح اهـ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ تَحَقَّقَ نَجَاسَةَ الْمُصِيبِ لِثَوْبٍ وَشَكَّ فِي إزَالَتِهَا بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي غَسْلِهَا ثُمَّ لَاقَاهَا ثَوْبٌ آخَرُ وَابْتَلَّ بِبَلَلِهَا فَالثَّوْبُ الْأَوَّلُ الْمَشْكُوكُ فِي بَقَاءِ النَّجَاسَةِ بِهَا يَجِبُ غَسْلُهَا عَلَى الرَّاجِحِ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَشْكُوكٌ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهَا فَيَجِبُ نَضْحُهَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ؛ لِأَنَّ الْبَلَلَ الَّذِي فِي الثَّوْبِ الْأَوَّلِ مَشْكُوكٌ فِي نَجَاسَتِهِ، وَالثَّوْبُ الثَّانِي مَشْكُوكٌ فِي نَجَاسَةِ مُصِيبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ قَالَ بْن وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ) كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ جُمْلَةٌ مِنْ الْأَوَانِي تَغَيَّرَ بَعْضُهَا بِتُرَابٍ طَاهِرٍ طُرِحَ فِيهَا، وَبَعْضُهَا تَغَيَّرَ بِتُرَابٍ نَجِسٍ وَاشْتَبَهَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَجَسٍ أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ جُمْلَةٌ مِنْ الْأَوَانِي بَعْضُهَا طَهُورٌ وَبَعْضُهَا بَوْلٌ مَقْطُوعُ الرَّائِحَةِ مُوَافِقٌ لِلْمُطْلَقِ فِي أَوْصَافِهِ وَاشْتَبَهَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأَوْلَى الْخِلَافُ فِيهَا مَنْصُوصٌ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ أَعْنِي مَا إذَا اشْتَبَهَ الطَّهُورُ بِالنَّجَسِ فَلَا نَصَّ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ خَرَّجَهَا عَلَى الْأُولَى وَرَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَبِلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالطُّرْطُوشِيُّ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ أَوَانٍ نَجِسَةٌ أَوْ مُتَنَجِّسَةٌ وَاثْنَانِ طَهُورَانِ وَاشْتَبَهَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ ثَلَاثَ وُضُوآتٍ مِنْ ثَلَاثِ أَوَانٍ عَدَدِ الْأَوَانِي النَّجِسَةِ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءًا رَابِعًا مِنْ إنَاءٍ رَابِعٍ وَيُصَلِّي بِكُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً وَحِينَئِذٍ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْتَبَسَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الِاشْتِبَاهَ وَأَرَادَ الِالْتِبَاسَ تَجَوُّزًا؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ مَعَهُ دَلِيلٌ، وَالِالْتِبَاسُ لَا دَلِيلَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ) كَلَامُهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ مَا ذَكَرَهُ كُلُّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ اثْنَانِ طَهُورَانِ وَاثْنَانِ طَاهِرَانِ وَاثْنَانِ نَجِسَانِ وَالْتَبَسَتْ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الطَّاهِرَ مِنْ جُمْلَةِ النَّجِسِ وَيُصَلِّي خَمْسًا كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ (قَوْلُهُ: كُلَّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ) أَيْ كُلَّ صَلَاةٍ عَقِبَ وُضُوءٍ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ قَاصِرَةً عَلَى صَلَاتِهَا. وَأَمَّا لَوْ جَمَعَ الْأَوْضِيَةَ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ لَاحْتُمِلَ أَنَّ الْوُضُوءَ بِالطَّهُورِ وَقَعَ قَبْلَ النَّجَسِ فَتَبْطُلُ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا لِلنَّجَاسَةِ إنْ قُلْتَ: إنَّ نِيَّتَهُ غَيْرُ جَازِمَةٍ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمَا صَلَّى وَالثَّانِيَةُ إنْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ كَانَ رَفْضًا لِلْأُولَى وَإِنْ نَوَى النَّفَلَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ وَإِنْ نَوَى التَّفْوِيضَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ نِيَّةٍ جَازِمَةٍ كَذَا أَوْرَدَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ عَلَى قَوْلِهِمْ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ عَقِبَ كُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً أُجِيبَ بِأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَ الْجَمِيعُ شَرْعًا جَزَمَ بِالنِّيَّةِ فِي كُلٍّ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَدْرِي عَيْنَهَا (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الْأَوَّلِ بِالْمَاءِ الثَّانِي ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ قَالَ شب: لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ ضَرُورَةٍ

وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ فِيهِ وَهَذَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ، وَلَمْ يَجِدْ طَهُورًا مُحَقَّقًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ وَأَمَّا لَوْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ الطَّاهِرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ (وَنُدِبَ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ وَيُرَاقُ) ذَلِكَ الْمَاءُ نَدْبًا (لَا) إنَاءِ (طَعَامٍ) فَلَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ وَلَا إرَاقَتُهُ بَلْ يَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُرِيقَهُ لِكَلْبٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَلَا يَحْرُمُ (وَ) لَا (حَوْضٍ) فَلَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ وَلَا يُرَاقُ فَهُمَا مَفْهُومَا إنَاءِ مَاءٍ عَلَى النَّشْرِ الْمُشَوَّشِ (تَعَبُّدًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ غَسْلًا (سَبْعًا) أَيْ سَبْعَ مَرَّاتٍ (بِ) سَبَبِ (وُلُوغِ كَلْبٍ مُطْلَقًا) مَأْذُونًا فِي اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا (لَا غَيْرِهِ) أَيْ لَا غَيْرِ الْوُلُوغِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ أَوْ لِسَانَهُ بِلَا تَحْرِيكٍ أَوْ سَقَطَ لُعَابُهُ وَيَحْتَمِلُ لَا غَيْرَ الْكَلْبِ كَخِنْزِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ خِفَّةِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُوَجَّهُ بِإِزَالَتِهَا بِالْوُضُوءِ الثَّانِي لِوُرُودِ مَسْحِ الرَّأْسِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَوَانِي النَّجِسَةِ إذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ الْأَكْثَرِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ سِتَّةٌ أَوْ إنْ عَلِمَ أَنَّ أَرْبَعَةً مِنْهَا مِنْ نَوْعٍ وَاثْنَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَشَكَّ هَلْ الْأَرْبَعَةُ مِنْ نَوْعِ النَّجِسِ أَوْ مِنْ نَوْعِ الطَّهُورِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا مِنْ النَّجِسِ وَيُصَلِّي خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِخَمْسِ وُضُوآتٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ. . . إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يُصَلِّي بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِذَلِكَ وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَيَمَّمَ، وَأَنْ لَا يَجِدَ طَهُورًا مُحَقَّقًا غَيْرَ هَذِهِ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ بِالطَّهُورِ الْمُحَقَّقِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُصَلِّي بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ سَوَاءٌ قَلَّتْ الْأَوَانِي أَوْ كَثُرَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمُقَابِلُهُ مَا عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ لِابْنِ الْقَصَّارِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ تَقِلَّ الْأَوَانِي فَيَتَوَضَّأَ بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَبَيْنَ أَنْ تَكْثُرَ الْأَوَانِي كَالثَّلَاثِينَ فَيَتَحَرَّى وَاحِدًا مِنْهَا يَتَوَضَّأُ بِهِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّحَرِّي وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مُقَابِلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَعْلَمُ أَنَّ تَقْيِيدَ بَعْضِهِمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ تَكْثُرْ الْأَوَانِي وَإِلَّا تَحَرَّى فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن وَحِّ وَمَا قَالَهُ الْمُحَمَّدَانِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ يَتَحَرَّى إنَاءً يَتَوَضَّأُ مِنْهُ مُطْلَقًا قَلَّتْ الْأَوَانِي أَوْ كَثُرَتْ وَقِيلَ يَتْرُكُهَا وَيَتَيَمَّمُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُرِيقَهَا قَبْلَ تَيَمُّمِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ تَنْزِيلًا لِوُجُودِهَا مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُرِيقُهَا لِتَحَقُّقِ عَدَمِ الْمَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا وَجْهَ لِلتَّيَمُّمِ وَمَعَهُ مَاءٌ مُحَقَّقُ الطَّهَارَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ أَيْ بِالْحِيلَةِ كَمَا قَالَ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ صَلَاتِهِ بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ لَوْ أُرِيقَ بَعْضُ الْأَوَانِي بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ عَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي ح قَالَ شب وَيَجْرِي هَذَا أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صَعِيدَاتِ التَّيَمُّمِ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ عَلَى النَّجِسِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْآتِي وَحِينَئِذٍ فَيَتَحَرَّى وَاحِدًا لِخِفَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ إنْ شَكَّ) أَيْ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ إذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ الْأَكْثَرِ كَمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ عَدَدَ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ خَمْسَةٌ وَعَدَدَ الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا الَّذِي عَدَدُهُ خَمْسَةٌ وَمَا الَّذِي عَدَدُهُ أَرْبَعَةٌ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِعَدَدِ أَكْثَرِهَا وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ: وَيُرَاقُ ذَلِكَ الْمَاءُ نَدْبًا) أَيْ إذَا كَانَ يَسِيرًا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ قَلِيلًا أَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِإِرَاقَتِهِ كَذَا قَالَ طفى وَقَوْلُهُ وَيُرَاقُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ أَوْ بِالنَّصْبِ " بِأَنْ مُضْمَرَةً " عَطْفًا عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْمَعِيَّةَ بَلْ الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَهُوَ صَحِيحٌ بَلْ هُوَ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ (قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ قَوْلُهُ لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ (قَوْلُهُ: تَعَبُّدًا) اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْغَسْلِ تَعَبُّدًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَطْلُبْ الْغَسْلَ فِي الْخِنْزِيرِ وَقِيلَ: إنَّ نَدْبَ الْغَسْلِ مُعَلَّلٌ بِقَذَارَةِ الْكَلْبِ، وَقِيلَ لِنَجَاسَتِهِ إلَّا أَنَّ الْمَاءَ لَمَّا لَمْ يَتَغَيَّرْ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ، فَلَوْ تَغَيَّرَ لَوَجَبَ وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُلْحَقُ الْخِنْزِيرُ بِالْكَلْبِ فِي نَدْبِ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ شُرْبُ ذَلِكَ الْمَاءِ وَلَا يَنْبَغِي الْوُضُوءُ بِهِ إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا يَجُوزُ شُرْبُهُ وَلَا الْوُضُوءُ بِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ) أَيْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ نُدِبَ أَيْ أَنَّ النَّدْبَ لِلتَّعَبُّدِ وَهُوَ مِنْ تَعْلِيلِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ طَلَبُ الشَّارِعِ أَمْرًا خَالِيًا عَنْ الْحِكْمَةِ فِي عِلْمِنَا فَالتَّعَبُّدُ خَاصٌّ بِالْخَالِي عَنْ حِكْمَةٍ بِخِلَافِ النَّدْبِ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ (قَوْلُهُ: سَبْعَ مَرَّاتٍ) أَيْ وَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الْمَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ: بِوُلُوغِ كَلْبٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْوُلُوغَ إدْخَالُ فَمِهِ فِي الْمَاءِ وَتَحْرِيكُ لِسَانِهِ فِيهِ فَقَوْلُهُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَيْ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ لَعِقَ الْكَلْبُ الْإِنَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَاءٌ لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَهُ أَوْ لِسَانَهُ) أَيْ فِي الْمَاءِ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ: كَخِنْزِيرٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ السِّبَاعِ فَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْإِنَاءِ بِوُلُوغِهِ فِيهِ

[فصل أحكام الوضوء]

وَوَقْتُ النَّدْبِ (عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ) لَا بِفَوْرِ الْوُلُوغِ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ كَغَسْلِ الْمَيِّتِ (وَلَا تَتْرِيبٍ) بِأَنْ يُجْعَلَ فِي الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةِ أَوْ إحْدَاهُنَّ تُرَابٌ (وَلَا يَتَعَدَّدُ) نَدْبُ الْغَسْلِ (بِوُلُوغِ كَلْبٍ) مَرَّاتٍ (أَوْ كِلَابٍ) لِإِنَاءٍ وَاحِدٍ قَبْلَ الْغَسْلِ لِتَدَاخُلِ الْأَسْبَابِ كَالْأَحْدَاثِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَهِيَ مَائِيَّةٌ وَتُرَابِيَّةٌ صُغْرَى وَكُبْرَى وَبَدَأَ بِالْمَائِيَّةِ الصُّغْرَى فَقَالَ (فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ وَفَضَائِلَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى شُرُوطِهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ فَأَمَّا شُرُوطُهُ فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا وَشُرُوطُ وُجُوبٍ فَقَطْ وَشُرُوطُ صِحَّةٍ فَقَطْ فَالْأَوَّلُ خَمْسَةٌ: الْعَقْلُ وَبُلُوغُ الدَّعْوَةِ وَالْخُلُوُّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالسَّهْوِ، وَوُجُودُ مَا يَكْفِي مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ. وَالثَّانِي خَمْسَةٌ: دُخُولُ الْوَقْتِ، وَالْبُلُوغُ، وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِهِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ، وَثُبُوتُ النَّاقِضِ. وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةٌ: الْإِسْلَامُ، وَعَدَمُ الْحَائِلِ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي وَهُوَ النَّاقِضُ حَالَ الْفِعْلِ وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا التَّيَمُّمُ بِجَعْلِ الصَّعِيدِ مَكَانَ الْمَاءِ الْكَافِي إلَّا أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْوُضُوءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَوَقْتُ النَّدْبِ) أَيْ نَدْبِ غَسْلِ الْإِنَاءِ الْمَوْلُوغِ فِيهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ لِذَلِكَ الْإِنَاءِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْأَكْثَرِ وَلِرِوَايَةِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقِيلَ يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ بِفَوْرِ الْوُلُوغِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ اسْتِعْمَالَهُ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغَسْلُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ الْغَسْلُ إلَّا عِنْدَ التَّوَجُّهِ لِلِاسْتِعْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ فِي كَلَامِهِ أَيْ عِنْدَ قَصْدِ التَّوَجُّهِ لِلِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَكُونُ الْغَسْلُ بِلَا نِيَّةٍ لَا بِالْغَسْلِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الْغَسْلُ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا تَتْرِيبٍ) أَيْ لِأَنَّ التَّتْرِيبَ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي بَعْضِهَا، وَذَلِكَ الْبَعْضُ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ وَقَعَ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَكَمَا لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَلَا تَتْرِيبٍ لَا يَحْتَاجُ أَيْضًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَسْلَ لَيْسَ لِإِزَالَةِ شَيْءٍ مَحْسُوسٍ كَمَا فِي ح بَلْ زَوَالُ النَّجَاسَةِ بِلَا ذَلِكَ كَافٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِتَدَاخُلِ الْأَسْبَابِ) أَيْ مُوجَبَاتِ الْأَسْبَابِ وَقَوْلُهُ كَالْأَحْدَاثِ أَيْ كَتَدَاخُلِ مُوجَبَاتِ الْأَحْدَاثِ بِفَتْحِ الْجِيمِ. [فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ] [شُرُوط الْوُضُوء] (قَوْلُهُ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ) أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ هُنَا التَّطْهِيرَ أَيْ رَفْعَ مَانِعِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ تُطْلَقُ عَلَى التَّطْهِيرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: صُغْرَى إلَخْ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا صُغْرَى أَيْ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَإِمَّا كُبْرَى أَيْ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: وَبَدَأَ بِالْمَائِيَّةِ الصُّغْرَى) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ (فَصْلٌ يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الْوُضُوءِ) (قَوْلُهُ: شُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ) أَيْ شُرُوطٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ مَعًا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالسَّهْوِ) هُمَا شَرْطٌ وَاحِدٌ وَكَذَا الْخُلُوُّ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَّهُمْ عَدَمَ النَّوْمِ وَعَدَمَ السَّهْوِ وَعَدَمَ الْإِكْرَاهِ وَالْخُلُوَّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ شُرُوطًا مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا وُجُودِيًّا فَقَدْ تَسَمَّحَ الْفُقَهَاءُ فِي إطْلَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ شَرْطًا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَدَمُ الْمَانِعِ شَرْطًا حَقِيقَةً لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ فِيمَا إذَا شَكَكْنَا فِي طَرَيَان الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ يُوجِبُ شَكًّا فِي النَّقِيضِ الْآخَرِ فَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ زَيْدٍ فِي الدَّارِ فَقَدْ شَكَّ فِي عَدَمِ كَوْنِهِ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي وُجُودِ الْمَانِعِ شَكٌّ فِي عَدَمِهِ وَعَدَمُهُ شَرْطٌ فَنَكُونُ قَدْ شَكَكْنَا فِي الشَّرْطِ أَيْضًا فَقَدْ اجْتَمَعَ الشَّكُّ فِي الْمَانِعِ وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ، وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْمَانِعِ يَقْتَضِي عَدَمَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ وَالشَّكُّ فِي الْمَانِعِ يَقْتَضِي تَرَتُّبَهُ وَتَرَتُّبُ الْحُكْمِ وَعَدَمُ تَرَتُّبِهِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَثُبُوتُ النَّاقِضِ) أَيْ أَوْ الشَّكُّ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِثُبُوتِهِ تَحَقُّقُهُ أَوْ ظَنُّهُ وَفِي كَلَامِهِ حَذْفُ أَوْ مَعَ مَا عُطِفَتْ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: بِجَعْلِ الصَّعِيدِ مَكَانَ الْمَاءِ الْكَافِي) أَيْ بِجَعْلِ وُجُودِ الصَّعِيدِ مَكَانَ وُجُودِ مَا يَكْفِي مِنْ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ فِيهِ) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا أَيْ. وَأَمَّا فِي الْوُضُوءِ وَالْغَسْلِ فَمِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ فَقَطْ فَعَلَى هَذَا شُرُوطُ الْوُجُوبِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّيَمُّمِ أَرْبَعَةٌ وَشُرُوطُ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا سِتَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ مَا تَعْمُرُ بِسَبَبِهِ الذِّمَّةُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهُ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ مَا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ وَاحِدٌ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا لِلتَّنَاقُضِ وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ لِلْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا يُفَسَّرُ بِمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ وَالصِّحَّةُ مَعًا وَتَفْسِيرُ شَرْطِ الْوُجُوبِ وَشَرْطِ الصِّحَّةِ بِمَا قُلْنَا إنَّمَا

[فرائض الوضوء]

مَثَلًا وَصِحَّتُهُ وَأَمَّا مَكْرُوهَاتُهُ فَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَدَأَ بِالْفَرْضِ لِشَرَفِهِ فَقَالَ (فَرَائِضُ الْوُضُوءِ) جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ، وَالْوُضُوءُ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهَا الْمَاءُ عَلَى الْمَعْرُوفِ لُغَةً وَحُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ فِيهِمَا وَهَلْ هُوَ اسْمٌ لِلْمَاءِ الْمُطْلَقِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَهَا سَبْعَةً فَقَطْ وَقَدَّمَ الْأَرْبَعَةَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا وَأَخَّرَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا وَالْأَوْلَى غَسْلُ جَمِيعِ الْوَجْهِ وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ إلَى آخِرِ الذَّقَنِ أَوْ اللِّحْيَةِ وَعَرْضًا مَا بَيْنَ وَتَدَيْ الْأُذُنَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (غَسْلُ مَا بَيْنَ) وَتَدَيْ (الْأُذُنَيْنِ) فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فَخَرَجَ شَعْرُ الصُّدْغَيْنِ وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُذُنِ مِمَّا فَوْقَ الْوَتَدِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ، وَأَمَّا الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ عَظْمِ الصُّدْغَيْنِ وَالْوَتَدِ فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ وَكَذَا الْبَيَاضُ الَّذِي تَحْتَ الْوَتَدِ وَلَوْ مِنْ الْمُلْتَحِي فَيَجِبُ غَسْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَأَشَارَ إلَى حَدِّهِ طُولًا بِقَوْلِهِ (وَ) غَسْلُ مَا بَيْنَ (مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَ) مُنْتَهَى ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ عِنْدَ انْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ الْغَسْلُ أَوْ التَّيَمُّمُ. [فَرَائِض الْوُضُوء] (قَوْلُهُ: فَرَائِضُ الْوُضُوءِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ فَرَائِضَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَهُوَ لِلْعَشْرَةِ فَفَوْقُ مَعَ أَنَّ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ سَبْعَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ جَمْعَ الْكَثْرَةِ فِي الْقِلَّةِ مَجَازًا أَوْ أَنَّهُ عَبَّرَ بِجَمْعِ الْكَثْرَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ أَصْلًا، فَإِنَّ فَعِيلَةَ لَيْسَ لَهُ جَمْعُ قِلَّةٍ وَمَا لَيْسَ لَهُ جَمْعُ قِلَّةٍ يَنُوبُ فِيهِ جَمْعُ الْكَثْرَةِ عَنْ جَمْعِ الْقِلَّةِ وَبِالْعَكْسِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَبَعْضُ ذِي بِكَثْرَةٍ وَضْعًا يَفِي ... كَأَرْجُلٍ وَالْعَكْسُ جَاءَ كَالصَّفِيِّ (قَوْلُهُ: جَمْعُ فَرِيضَةٍ) أَيْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُرَادِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ جَمْعِ فَعِيلَةٍ عَلَى فَعَائِلَ أَنْ لَا تَكُونَ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ فَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهِ نَحْوُ جَرِيحَةٍ وَقَتِيلَةٍ وَأَنَّ جَمْعَ ذَبِيحَةٍ عَلَى ذَبَائِحَ وَفَرِيضَةٍ عَلَى فَرَائِضَ شَاذٌّ اهـ بْن وَقَوْلُهُ جَمْعُ فَرِيضَةٍ أَيْ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ فَرْضٍ شُذُوذًا لِأَنَّ فِعْلًا وَإِنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى أَفْعَالٍ قِيَاسًا يُجْمَعُ عَلَيْهِ شُذُوذًا (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَاءِ وَفِي الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْوَضُوءُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَدًّا لِلْوُضُوءِ كَمَاءِ الْمَيْضَآتِ وَالْحَنَفِيَّاتِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَدٍّ لَهُ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالسَّمَاءِ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْوُضُوءِ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثَةً وَلَيْسَتْ أَقْوَالًا (قَوْلُهُ: وَالْمُصَنِّفِ ذَكَرَهَا) أَيْ ذَكَرَ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: سَبْعَةٌ) أَيْ وَهِيَ غَسْلُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِلْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُتَّفَقٌ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا وَمُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَالنِّيَّةُ وَالْفَوْرُ وَالدَّلْكُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُخْتَلَفٌ فِي فَرْضِيَّتِهَا بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ: الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا لِثُبُوتِهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ الذَّقَنِ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ بِأَنْ كَانَ نَقِيَّ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ اللِّحْيَةِ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ لِحْيَةٌ (قَوْلُهُ: غَسْلُ مَا بَيْنَ إلَخْ) الْغَسْلُ هُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ مُقَارِنًا لِلْمَاءِ أَوْ عَقِبَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ نَقْلُ الْمَاءِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَسْلُ مُجْزِئًا عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ نَظَرًا لِلْحَالِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نَقْلِ الْمَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِضَعْفِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَسْحُ نَائِبًا عَنْ غَسْلِ مَغْسُولٍ نَظَرًا لِلْحَالِ وَلِأَنَّ هَذَا أَضْعَفُ مِنْ الْمَسْحِ الْغَيْرِ النَّائِبِ (قَوْلُهُ: فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) إنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِأَجْلِ إخْرَاجِ شَعْرِ الصُّدْغَيْنِ وَالْبَيَاضِ الَّذِي فَوْقَ الْوَتَدَيْنِ، فَإِنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي كَلَامِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ) أَيْ بِتَقْدِيرِ هَذَا الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُمْسَحَانِ مَعَهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُغْسَلُ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ غَسْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَيَاضَ الْمُحَاذِيَ لِلْوَتَدِ مِنْ الْوَجْهِ بِاتِّفَاقٍ وَكَذَا مَا كَانَ تَحْتَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُغْسَلُ وَلَا يُمْسَحُ مَعَ الرَّأْسِ، وَأَمَّا الْبَيَاضُ الَّذِي فَوْقَهُ فَهُوَ مِنْ الرَّأْسِ كَشَعْرِ الصُّدْغَيْنِ، وَأَمَّا الْوَتَدَانِ فَلَيْسَا مِنْ الْوَجْهِ وَلَا مِنْ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الْحَدِّ إلَى أَنَّ قَوْلَ

(الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ، فِي نَقِيِّ الْخَدِّ (وَ) مُنْتَهَى (ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) فِيمَنْ لَهُ لِحْيَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَهِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى اللَّحْيَيْنِ تَثْنِيَةٌ لُحَيٍّ بِفَتْحِ اللَّامِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ فَبِتَقْدِيرِ مُنْتَهَى يَدْخُلُ الذَّقَنُ وَظَاهِرُ اللِّحْيَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا وَالْمُرَادُ بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا إمْرَارُ الْيَدِ عَلَيْهَا مَعَ الْمَاءِ وَتَحْرِيكُهَا وَهَذَا التَّحْرِيكُ خِلَافُ التَّخْلِيلِ الْآتِي، فَإِنَّهُ إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَادُ الْأَصْلَعُ وَالْأَنْزَعُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَنَابِتِ شَعْرِهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْجَبْهَةِ إلَّا قَدْرَ مَا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ، وَالْأَغَمُّ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ فِي الْغَسْلِ مَا نَزَلَ عَنْ الْمُعْتَادِ وَيَنْتَهِي إلَى مَحَلِّ الْمُعْتَادِ وَقَدْرِ مَا يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ. وَلَمَّا كَانَ فِي الْوَجْهِ مَوَاضِعُ يَنْبُو عَنْهَا الْمَاءُ نَبَّهَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِيهِ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِمْ بِقَوْلِهِ (فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَهِيَ الْحَائِلُ بَيْنَ طَاقَتَيْ الْأَنْفِ (وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ) أَيْ خُطُوطَهَا جَمْعُ أَسِرَّةٍ وَاحِدُهُ سِرَارٌ كَزِمَامٍ أَوْ جَمْعُ أَسْرَارٍ كَأَعْنَابٍ وَاحِدُهُ سِرَرٌ كَعِنَبٍ فَأَسَارِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْجَبْهَةُ مَا ارْتَفَعَ عَنْ الْحَاجِبَيْنِ إلَى مَبْدَإِ الرَّأْسِ فَتَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ، وَأَمَّا الْجَبْهَةُ فِي السُّجُودِ فَهِيَ مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ فَلَا تَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ (وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ) وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ انْطِبَاقِهِمَا انْطِبَاقًا طَبِيعِيًّا فَيَغْسِلُ مَا ذُكِرَ (بِتَخْلِيلِ) أَيْ مَعَ تَخْلِيلِ (شَعْرٍ) مِنْ لِحْيَةٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ أَوْ هُدْبٍ (تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ) أَيْ الْجِلْدَةُ (تَحْتَهُ) فِي مَجْلِسِ الْمُخَاطَبَةِ وَالتَّخْلِيلُ إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَخَرَجَ بِتَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ، وَهُوَ الْخَفِيفُ، الْكَثِيفُ فَلَا يُخَلِّلُهُ بَلْ يُكْرَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا (لَا) يَغْسِلُ (جُرْحًا بَرِئَ) غَائِرًا (أَوْ) مَوْضِعًا (خُلِقَ غَائِرًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ وَمَنَابِتِ عَطْفٌ عَلَى الْأُذُنَيْنِ (قَوْلُهُ: مُنْتَهَى الذَّقَنِ) فِيهِ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْمُنْتَهَى الْجُزْءُ الْأَخِيرُ لَزِمَ خُرُوجُ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُنْتَهَى الِانْتِهَاءُ فَهُوَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً. وَأُجِيبَ بِأَنَّا نَخْتَارُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُنْتَهَى الِانْتِهَاءُ لَكِنْ نُرِيدُ بِالِانْتِهَاءِ مَا لَاصَقَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مِنْ الْفَرَاغِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ) تَثْنِيَةُ لُحَيٍّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ ضَبَّةَ الْحَنَكِ السُّفْلَى قِطْعَتَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهَا لُحَيٌّ وَمَحَلُّ اجْتِمَاعِهِمَا هُوَ الذَّقَنُ (قَوْلُهُ: فِي نَقِيِّ الْخَدِّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِنَقِيِّ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: وَمُنْتَهَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) إنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِظَاهِرِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَغْسِلُ ظَاهِرَ اللِّحْيَةِ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَجْهِ وَبَاطِنِهَا وَهُوَ أَسْفَلُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِغَسْلِ أَسْفَلِهَا (قَوْلُهُ: وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُثَنَّى فَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ لَا غَيْرُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَعِبَارَةُ خش وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِي الْمُفْرَدِ وَالتَّثْنِيَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فَكُّ الْحَنَكِ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا ذُكِرَ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَفَكُّ أَيْ عَظْمُ الْحَنَكِ الْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ إدْخَالِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مِنْ مَسْحِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ فَلَيْسَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَرْضٌ يُغْسَلُ وَيُمْسَحُ إلَّا الْحَدُّ الَّذِي بَيْنَ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ، فَإِنَّهُ يُغْسَلُ وَيُمْسَحُ لِأَجْلِ تَمَامِ كُلٍّ مِنْ غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ) أَيْ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَهَلْ بِوُجُوبٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ بِوُجُوبِ الْوَاجِبِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: الْأَصْلَعُ) الصَّلَعُ هُوَ خُلُوُّ النَّاصِيَةِ مِنْ الشَّعْرِ وَالنَّاصِيَةُ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْزَعُ) هُوَ الَّذِي لَهُ نَزَعَتَانِ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ نَاصِيَتَهُ فَكَمَا لَا تَدْخُلُ نَاصِيَةُ الْأَصْلَعِ فِي الْوَجْهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْبَيَاضَانِ الْمُكْتَنِفَانِ بِالنَّاصِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَنْزَعِ (قَوْلُهُ: وَالْأَغَمُّ) أَيْ وَخَرَجَ مِنْ حَدِّ الْوَجْهِ بِقَيْدِ الْمُعْتَادِ الْأَغَمُّ فَلَا يُعْتَبَرُ غَمَمُهُ نِهَايَةً بَلْ يَدْخُلُ غَمَمُهُ النَّازِلُ عَنْ الْمُعْتَادِ فِي الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِيهِ) أَيْ فِي الْوَجْهِ أَيْ فِي تَحْدِيدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ جَمْعُ أَسْرَارٍ) أَيْ أَوْ أَنَّ أَسَارِيرَ جَمْعُ أَسْرَارٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ لِأَنَّهُ عَلَى الْحَالِ الْأَوَّلِ سِرَارٌ كَزِمَامٍ يُجْمَعُ عَلَى أَسِرَّةٍ وَأَسِرَّةٌ يُجْمَعُ عَلَى أَسَارِيرَ وَعَلَى الثَّانِي سِرَرٌ كَعِنَبٍ يُجْمَعُ عَلَى أَسْرَارٍ وَأَسْرَارٌ يُجْمَعُ عَلَى أَسَارِيرَ (قَوْلُهُ: وَالْجَبْهَةُ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: فَتَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ) أَيْ وَهُمَا جَانِبَا الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: إلَى النَّاصِيَةِ) أَيْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَشْمَلُ الْجَبِينَيْنِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ إذَا سَجَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُجْزِهِ (قَوْلُهُ: انْطِبَاقًا طَبِيعِيًّا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ (قَوْلُهُ: بِتَخْلِيلِ شَعْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ) أَيْ لِلْجِلْدَةِ النَّابِتِ فِيهَا الشَّعْرُ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إيصَالَ الْمَاءِ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الَّذِي تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ (قَوْلُهُ: الْكَثِيفُ) هُوَ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ خَرَجَ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعَمُّقِ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُنْدَبُ تَخْلِيلُهُ وَلِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَخْلِيلِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ تَخْلِيلِ الْخَفِيفِ وَفِي الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْكَثِيفِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا جُرْحًا بَرِئَ) عَطْفٌ عَلَى الْوَتَرَةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ فِي الْحَدِّ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَحَلِّ مَا مِنْ قَوْلِهِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْضِعًا خُلِقَ غَائِرًا) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ مَوْضِعًا إشَارَةً إلَى أَنَّ جُمْلَةَ خُلِقَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ

إنْ لَمْ يُمْكِنْ دَلْكُهُ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَ) غَسْلُ (يَدْيِهِ بِمِرْفَقَيْهِ) أَيْ مَعَهُمَا تَثْنِيَةُ مِرْفَقٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ آخِرُ عَظْمِ الذِّرَاعِ الْمُتَّصِلِ بِالْعَضُدِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ يَرْتَفِقُ بِهِ إذَا أَخَذَ بِرَاحَتِهِ رَأْسَهُ (وَبَقِيَّةِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى يَدَيْهِ فَالْفَرْضُ إمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ أَوْ غَسْلُ بَقِيَّةِ (مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ) الْمِعْصَمُ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ السِّوَارِ وَمُرَادُهُ بِهِ الْيَدُ إلَى الْمِرْفَقِ وَلَا مَفْهُومَ لِمِعْصَمٍ وَلَا لِقَطْعٍ بَلْ كُلُّ عُضْوٍ سَقَطَ بَعْضُهُ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِبَاقِيهِ غَسْلًا وَمَسْحًا (كَكَفٍّ) خُلِقَتْ (بِمَنْكِبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ مَجْمَعُ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَدٌ سِوَاهَا فَيَجِبُ غَسْلُهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ يَدٌ سِوَاهَا فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْكَفِّ إلَّا إذَا نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَكَانَ لَهَا مِرْفَقٌ فَتُغْسَلُ لِلْمِرْفَقِ لِأَنَّ لَهَا حِينَئِذٍ حُكْمَ الْيَدِ الْأَصْلِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ فَلَا غَسْلَ مَا لَمْ تَصِلْ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ، فَإِنْ وَصَلَتْ غَسَلَ مَا وَصَلَ إلَى مُحَاذَاةِ الْمِرْفَقِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَيُقَالُ فِي الرِّجْلِ الزَّائِدَةِ مَا قِيلَ فِي الْيَدِ وَيُنَزَّلُ الْكَعْبُ مَنْزِلَةَ الْمِرْفَقِ (بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلٍ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْطُوفٍ عَلَى جُرْحًا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ خُلِقَ عَطْفٌ عَلَى بَرِيءَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْجُرْحَ خُلِقَ غَائِرًا وَهُوَ فَاسِدٌ وَقَوْلُهُ غَائِرًا حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ خُلِقَ وَحَذَفَ مِثْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ بَرِئَ فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَلَيْسَ حَالًا مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ بَرِئَ وَخُلِقَ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَسَلُّطُ عَامِلَيْنِ عَلَى مَعْمُولٍ وَاحِدٍ وَلَا مِنْ بَابِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ كَمَا قِيلَ لِامْتِنَاعِ التَّنَازُعِ فِيهَا لِاقْتِضَائِهِ الْإِضْمَارَ فِي الْعَامِلِ الْمُهْمَلِ، وَالضَّمِيرُ لَا يَكُونُ حَالًا لِلُزُومِ تَعْرِيفِهِ وَلُزُومِ تَنْكِيرِ الْحَالِ فَتَنَافَيَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجُرْحَ إذَا بَرِئَ غَائِرًا وَكَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي خُلِقَ غَائِرًا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ يَعْنِي صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ وَدَلْكُهُ حَيْثُ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَلْكُهُ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ فِيهِ بِدُونِ دَلْكٍ حَيْثُ أَمْكَنَ صَبَّهُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ فَلَا يَجِبُ صَبٌّ وَلَا دَلْكٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُ دَلْكُهُ لِاتِّسَاعِهِ وَجَبَ صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ وَدَلْكُهُ (تَنْبِيهٌ) يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فِي حَالِ غَسْلِهِ وَجْهَهُ إزَالَةُ مَا بِعَيْنَيْهِ مِنْ الْقَذَى، فَإِنْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ الْقَذَى بِعَيْنَيْهِ بَعْدَ وُضُوئِهِ وَأَمْكَنَ حُدُوثُهُ لِطُولِ الزَّمَانِ حُمِلَ عَلَى الطَّرَيَانِ حَيْثُ أَمَرَّ يَدَهُ عَلَى مَحَلِّهِ حِينَ غَسَلَ وَجْهَهُ. (قَوْلُهُ: وَغَسَلَ يَدَيْهِ) أَيْ لِلسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَإِنْ صَدَقَتْ الْآيَةُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَخْذًا مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ يَرْتَفِقُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُتَّكِئَ وَالْمُعْتَمِدَ عَلَيْهِ يَرْتَفِقُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: إذَا أَخَذَ بِرَاحَتِهِ رَأْسَهُ أَيْ إذَا وَضَعَ رَأْسَهُ فِي رَاحَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمِعْصَمُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمِعْصَمُ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ السِّوَارِ أَيْ مِنْ الذِّرَاعِ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِهِ الْيَدُ) أَيْ الذِّرَاعُ بِتَمَامِهِ (تَنْبِيهٌ) يَلْزَمُ الْأَقْطَعَ أُجْرَةُ مَنْ يُطَهِّرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَ مَا أَمْكَنَهُ قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ) أَيْ كَمَا يَجِبُ غَسْلُ كَفٍّ خُلِقَتْ فِي مَنْكِبٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ) أَيْ كَانَ لَهَا مِرْفَقٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ لَهَا مِرْفَقٌ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَلَتْ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِرْفَقٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ فِي الرِّجْلِ الزَّائِدَةِ مَا قِيلَ فِي الْيَدِ) أَيْ فَإِنْ نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ غُسِلَتْ مُطْلَقًا وَإِنْ نَبَتَتْ فِي غَيْرِهِ وَكَانَ لَهَا كَعْبٌ غُسِلَتْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَعْبٌ لَمْ تُغْسَلْ مَا لَمْ تَصِلْ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ، فَإِنْ وَصَلَتْ لَهُ غَسَلَ مِنْهَا مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ (تَنْبِيهٌ) مِنْ قَبِيلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَرْعُ كِتَابِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْكَحَّالَةِ مِنْ تَلَامِذَةِ سَحْنُونٍ امْرَأَةٌ خُلِقَتْ بِوَجْهَيْنِ وَأَرْبَعَةِ أَيْدٍ فَيَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ كُلٍّ وَيَجُوزُ نِكَاحُهَا لِاتِّحَادِ مَحَلِّ الْوَطْءِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلٍ) أَيْ الْمُقَدَّرِ مَعَ يَدَيْهِ أَيْ وَغَسَلَ يَدَيْهِ غَسْلًا مُصَاحِبًا لِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَصَابِعِ الزَّائِدَةِ أَحَسَّ بِهَا أَمْ لَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: أَيْ وُجُوبًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ كَتَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ وَالْأَوْلَى فِي تَخْلِيلِهَا كَمَا فِي ح عَنْ الْجُزُولِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ أَنْ يَكُونَ مِنْ ظَاهِرِ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لَا مِنْ بَاطِنِهَا. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِنِهَا تَشْبِيكٌ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيكَ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ لَا فِي الْوُضُوءِ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ صَاحِبِ الْجَمْعِ بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوْلَى تَخْلِيلُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا، وَالتَّخْلِيلُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ حَتَّى تُعَدَّ الْمَرَّةُ

وَيُحَافِظُ عَلَى عُقَدِ الْأَصَابِعِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِأَنْ يَحْنِيَ أَصَابِعَهُ وَعَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ بِأَنْ يَجْمَعَهَا وَيَحُكَّهَا بِوَسَطِ الْكَفِّ (لَا إجَالَةِ) عَطْفٌ عَلَى تَخْلِيلٍ أَيْ لَا مَعَ إجَالَةِ أَيْ تَحْرِيكِ (خَاتَمِهِ) الْمَأْذُونِ فِيهِ أَيْ جِنْسِهِ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ كَمَا لَوْ كَانَ لِامْرَأَةٍ فَلَا يَجِبُ وَلَوْ ضَيِّقًا لَا يَصِلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ، فَإِنْ نَزَعَهُ غَسَلَ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَاءَ وَصَلَ تَحْتَهُ وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ (وَنَقَضَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ (غَيْرَهُ) مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ فَيَجِبُ نَزْعُهُ إنْ كَانَ حَرَامًا وَأَجْزَأَ تَحْرِيكُهُ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَكَذَا الْمَكْرُوهُ كَخَاتَمِ النُّحَاسِ أَوْ الرَّصَاصِ وَدَخَلَ فِي الْغَيْرِ كُلُّ حَائِلٍ مِنْ شَمْعٍ وَزِفْتٍ وَغَيْرِهِمَا الْفَرِيضَةُ الثَّالِثَةُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ) وَهِيَ عَظْمُ الرَّأْسِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدِّمَاغِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ شَعْرٍ وَهِيَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ إلَى نُقْرَةِ الْقَفَا وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَيَاضُ وَاَلَّذِي فَوْقَ وَتَدَيْ الْأُذُنَيْنِ وَاَلَّذِي فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ (بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ) أَيْ مَعَ عَظْمِهِمَا يَعْنِي مَا يَنْبُتُ فِيهِ الشَّعْرُ وَهُوَ مَا فَوْقَ الْعَظْمِ النَّاتِئِ وَأَمَّا الْعَظْمُ النَّاتِئُ فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ فَلَوْ قَالَ بِشَعْرِ صُدْغَيْهِ كَانَ أَوْضَحَ (مَعَ) مَسْحِ (الْمُسْتَرْخِي) مِنْ الشَّعْرِ وَلَوْ طَالَ جِدًّا نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ) أَيْ مَضْفُورَهُ (رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ) أَيْ لَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ وَلَوْ اشْتَدَّ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْغَسْلِ وَأَمَّا مَا ضُفِرَ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ فَيَجِبُ نَقْضُهُ فِي وُضُوءٍ وَغَسْلٍ وَأَمَّا بِالْخَيْطَيْنِ فَلَا يَجِبُ نَقْضُهُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ (وَيُدْخِلَانِ) وُجُوبًا (يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ) أَيْ تَحْتَ الشَّعْرِ (فِي رَدِّ الْمَسْحِ) حَيْثُ طَالَ الشَّعْرُ إذْ لَا يَحْصُلُ التَّعْمِيمُ إلَّا بِهَذَا الرَّدِّ وَيُطَالَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْقَصِيرُ فَيَحْصُلُ التَّعْمِيمُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ فَالرَّدُّ سُنَّةٌ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَسْلَةً كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُحَافِظُ عَلَى عُقَدِ الْأَصَابِعِ) أَيْ وُجُوبًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعُقَدِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى وَالسُّفْلَى (قَوْلُهُ: وَعَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ) عَطْفٌ عَلَى عُقَدِ الْأَصَابِعِ أَيْ وَيُحَافِظُ عَلَى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَيُعْفَى عَنْ الْوَسَخِ الَّذِي تَحْتَ الْأَظْفَارِ فَلَا تَجِبُ إزَالَتُهُ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ (قَوْلُهُ: الْمَأْذُونُ فِيهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي خَاتَمِهِ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَزَعَهُ) أَيْ بَعْدَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَظُنَّ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ وَصَلَ تَحْتَهُ فَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِ مَا تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ فِيهِ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَوْ ضَيِّقًا لَا يَصِلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ وَإِذَا نَزَعَهُ بَعْدَ الْغَسْلِ وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ إنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَاءَ وَصَلَ تَحْتَهُ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِ مَا تَحْتَهُ بَعْدَ نَزْعِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْخَاتَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مَا كَانَ مُبَاحًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَأَسَاوِرَ وَحَدَائِدَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا إجَالَتُهُ وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا لَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغَسْلِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا إذَا نَزَعَتْهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ إنْ كَانَ ضَيِّقًا لَمْ تَظُنَّ وُصُولَ الْمَاءِ تَحْتَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ (قَوْلُهُ: وَنَقْضُ غَيْرِهِ) الْمُرَادُ بِنَقْضِهِ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلِّهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ غَسْلُ مَا كَانَ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَزْعُهُ إنْ كَانَ حَرَامًا) الْمُرَادُ بِنَزْعِهِ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ تَحْرِيكُهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأُصْبُعِ بِهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا فَالدَّلْكُ بِهِ كَافٍ كَالدَّلْكِ بِالْيَدِ مَجْعُولًا عَلَيْهَا خِرْقَةً. وَأَمَّا حُرْمَتُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ إجْزَاءِ تَحْرِيكِ مُحَرَّمِ اللُّبْسِ هُوَ مُفَادُ نَقْلِ ح وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ عج مِنْ لُزُومِ نَزْعِهِ وَاسِعًا كَانَ أَوْ ضَيِّقًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَكْرُوهُ) أَيْ يَجِبُ نَزْعُهُ وَإِجْزَاءُ تَحْرِيكِهِ لِدَلْكِ الْأُصْبُعِ بِهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي الْغَيْرِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَنَقْضُ غَيْرِ الْخَاتَمِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِهِ خَاتَمًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ وَبِكَوْنِهِ غَيْرَ خَاتَمٍ أَصْلًا كَالشَّمْعِ وَالزِّفْتِ وَغَيْرِهِمَا كَمِدَادِ الْحِبْرِ وَالْعَجِينِ. (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ) أَيْ مَسْحُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا بِتَمَامِهَا فَلَا يَكْفِي مَسْحُ الْبَعْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَقَالَ أَشْهَبُ يَكْفِي مَسْحُ النِّصْفِ وَيُنْدَبُ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهِ كَبَلَلِ لِحْيَتِهِ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْجُمْجُمَةُ عَظْمُ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ شَعْرٍ بَيَانٌ لِمَا اسْتَقَرَّ عَلَى الْجُمْجُمَةِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ مَنَابِتِ إلَخْ أَيْ وَالْجُمْجُمَةُ حَدُّهَا مِنْ مَنَابِتِ. إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَظْمُ النَّاتِئُ) أَيْ الْمُرْتَفِعُ عَلَى الْعَارِضَيْنِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَمْسَحُ الصُّدْغَ كُلَّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا يُنْدَبُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَفِي نَقْضِ الشَّعْرِ الْمَضْفُورِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) أَيْ إذَا كَانَ الضَّفْرُ بِنَفْسِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغَسْلِ) أَيْ، فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ نَقْضُ مَا ضُفِرَ بِنَفْسِهِ إذَا اشْتَدَّ الضَّفْرُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا ضُفِرَ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ فِي كُلِّ ضَفِيرَةٍ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَقْضُهُ فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَدَّ الضَّفْرُ أَمْ لَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ضُفِرَ بِخُيُوطٍ ثَلَاثَةٍ يَجِبُ نَقْضُهُ مُطْلَقًا اشْتَدَّ أَمْ لَا فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَمَا ضُفِرَ بِأَقَلَّ مِنْهَا يَجِبُ نَقْضُهُ إنْ اشْتَدَّ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ فَلَا يَجِبُ نَقْضُهُ لَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الْغُسْلِ وَمَا ضُفِرَ بِنَفْسِهِ لَا يُنْقَضُ فِي الْوُضُوءِ مُطْلَقًا اشْتَدَّ أَمْ لَا وَيُنْقَضُ فِي الْغُسْلِ إنْ اشْتَدَّ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلَانِ وُجُوبًا) مَعَ قَوْلِهِ وَيُطَالَبُ بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ التَّعْمِيمِ الْحَاصِلِ بِرَدِّ الْمَسْحِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصَاحِبِ

(وَغَسْلُهُ) أَيْ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ بَدَلَ مَسْحِهِ (مُجْزٍ) عَنْ مَسْحِهِ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ (وَ) الْفَرِيضَةُ الرَّابِعَةُ (غَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ) أَيْ الْبَارِزَيْنِ (بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ) تَثْنِيَةُ مَفْصِلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَاحِدُ مَفَاصِلِ الْأَعْضَاءِ وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ وَالْعُرْقُوبُ مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْعَقِبُ تَحْتَهُ وَيُحَافِظُ وُجُوبًا عَلَيْهِمَا (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِهَا ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِهَا مِنْ أَسْفَلِهَا بِسَبَّابَتَيْهِ (وَلَا يُعِيدُ) مَحَلِّ الظُّفْرِ أَوْ الشَّعْرِ (مَنْ قَلَمَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا (ظُفْرَهُ أَوْ) (حَلَقَ رَأْسَهُ) بَعْدَ وُضُوئِهِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدْ ارْتَفَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَرْخِي مَنْ مَسْحِ رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّةً لِظَاهِرِهِ وَمَرَّةً لِبَاطِنِهِ وَهُمَا وَاجِبَانِ يَحْصُلُ بِهِمَا التَّعْمِيمُ الْوَاجِبُ لِظَاهِرِ الشَّعْرِ وَبَاطِنِهِ الْوَاجِبِ وَالثَّالِثَةُ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَبِهَذَا قَالَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ: إنَّ الشَّعْرَ إنَّمَا يُمْسَحُ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ مَرَّةً لِلْفَرْضِ وَمَرَّةً أُخْرَى لِلسُّنَّةِ، وَأَنَّ الْإِدْخَالَ مِنْ تَتِمَّةِ الرَّدِّ الَّذِي هُوَ سُنَّةٌ وَشَرْطٌ فِيهِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ: وَلَمَّا كَانَ كَلَامُهُ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ الرَّدِّ فِي نَفْسِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَرَدَّ مَسْحَ رَأْسِهِ إلَخْ وَنُصُوصُ الْأَئِمَّةِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ كُلُّهَا ظَاهِرَةٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إشْعَارٌ بِمَا قَالَهُ عج أَصْلًا، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الظَّوَاهِرَ إذَا كَثُرَتْ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ الْفَاكِهَانِيِّ إنَّمَا كَانَ الرَّدُّ سُنَّةً وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي الْمَغْسُولِ مُسْتَحَبَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَمْسَحُهُ فِي الرَّدِّ غَيْرُ الَّذِي يَمْسَحُهُ أَوَّلًا فِي حَقِّ ذِي الشَّعْرِ وَأُلْحِقَ غَيْرُهُ بِهِ بِخِلَافِ الَّذِي غَسَلَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، فَإِنَّهُ عَيْنُ الْأَوَّلِ اهـ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا ادَّعَاهُ عج؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُسْتَرْخِي لَوْ كَانَ يَمْسَحُ فِي الْأُولَى ظَاهِرَ الشَّعْرِ وَبَاطِنَهُ كَمَا زَعَمَهُ عج لَكَانَ الْمَمْسُوحُ أَوَّلًا هُوَ الْمَمْسُوحَ ثَانِيًا وَذَلِكَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَأَيْضًا يَلْزَمُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنْ يَمْسَحَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ التَّعْمِيمِ فِي السُّنَّةِ أَيْضًا وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَغَسْلُهُ مُجْزٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَسْحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْغَسْلَ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ) أَيْ أَنَّ غَسْلَهُ مُجْزٍ عَنْ مَسْحِهِ وَإِنْ كَانَ الْغَسْلُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَيْ لَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ. (وَقَوْلُهُ: بِكَعْبَيْهِ) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ بِمَعْنَى مَعَ بِخِلَافِهَا فِي قَوْلِهِ بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ، فَإِنَّهَا لِلظَّرْفِيَّةِ بِمَعْنَى فِي، أَيْ النَّاتِئَيْنِ فِي مَحَلِّ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ (قَوْلُهُ: وَبِالْعَكْسِ اللِّسَانُ) أَيْ أَنَّ الْمِفْصَلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ اللِّسَانُ (قَوْلُهُ: مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ) أَيْ مَحَلُّ جَمْعِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ أَيْ مَحَلُّ حُصُولِ فَصْلِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّاقَ مُنْفَصِلٌ مِنْ الْعَقِبِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْفِصَالُهُ عَنْ الْقَدَمِ، وَالْكَعْبُ فِي مَحَلِّ انْفِصَالِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ، وَالْعُرْقُوبُ فِي مَحَلِّ انْفِصَالِ السَّاقِ مِنْ الْقَدَمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْعَقِبُ تَحْتَهُ) جُمْلَةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مُبْتَدَإٍ وَخَبَرٍ فِي مَحَلِّ الْحَالِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى غَسْلِهِمَا وَالضَّمِيرُ لِلْعُرْقُوبِ وَالْعَقِبِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ التَّخْلِيلِ فِي الرِّجْلَيْنِ كَالْيَدَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِيهِمَا، وَقِيلَ بِنَدْبِهِ فِيهَا وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ فِي الْيَدَيْنِ وَنَدْبُهُ فِي الرِّجْلَيْنِ وَإِنَّمَا وَجَبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ شِدَّةِ الْتِصَاقِهَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فَقَدْ أَشْبَهَ مَا بَيْنَهُمَا الْبَاطِنَ لِشِدَّةِ الِالْتِصَاقِ فِيمَا بَيْنَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَسْفَلِهَا) أَيْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ تَخْلِيلُهَا مِنْ أَسْفَلِهَا بِخِلَافِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوْلَى فِي تَخْلِيلِهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ مَوْضِعِ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمِثْلُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَنْ حَفَرَ عَلَى شَوْكَةٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ زَوَالِ الْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بَدَلٌ فَسَقَطَ عِنْدَ حُصُولِ مُبْدَلِهِ، وَالْجَبِيرَةُ

(وَفِي) وُجُوبِ إعَادَةِ مَوْضِعِ (لِحْيَتِهِ) وَشَارِبِهِ إذَا حَلَقَهُمَا وَسَقَطَا، وَعَدَمِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ) (وَ) الْفَرِيضَةُ الْخَامِسَةُ (الدَّلْكُ) وَهُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ قَبْلَ جَفَافِهِ وَتُنْدَبُ الْمُقَارَنَةُ هُنَا دُونَ الْغَسْلِ لِلْمَشَقَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا بَاطِنُ الْكَفِّ عَلَى مَا اُسْتُظْهِرَ وَالدَّلْكُ فِي الْغَسْلِ هُوَ إمْرَارُ الْعُضْوِ عَلَى الْعُضْوِ الْفَرِيضَةُ السَّادِسَةُ الْمُوَالَاةُ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ الْمُوَالَاةُ) وَهِيَ فِعْلُهُ فِي زَمَنٍ مُتَّصِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَثِيرٍ لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْفَوْرِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوَالَاةِ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَقْصُودَةٌ بِالْمَسْحِ فَزَوَالُهَا زَوَالٌ لِمَا قُصِدَ (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ إعَادَةِ مَوْضِعِ لِحْيَتِهِ) أَيْ نَظَرًا لِسَتْرِ الشَّعْرِ لِلْمَحَلِّ وَقَدْ زَالَ وَحِينَئِذٍ فَيَغْسِلُ الْمَحَلَّ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ قَدْ ارْتَفَعَ عَنْ مَحَلِّهَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ غَسْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي غَسْلِ مَحَلِّ اللِّحْيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَفِيفَةً أَوْ كَثِيفَةً وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْخَفِيفَةَ غَيْرُ سَاتِرَةٍ إذْ الْبَشَرَةُ تُغْسَلُ تَحْتَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا سَاتِرَةٌ لِمَنْبَتِ الشَّعْرِ وَفِيهِ أَنَّهُ مَغْسُولٌ لِسَرَيَانِ الْمَاءِ وَانْفِتَاحِ الْمَسَامِّ تَأَمَّلْ (تَنْبِيهٌ) يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حَلْقُ لِحْيَتِهِ أَوْ شَارِبِهِ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَلْقُهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَلْقُ الرَّأْسِ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ الْآنَ لِمَنْ عَادَتُهُمْ الْحَلْقُ. (قَوْلُهُ: وَالدَّلْكُ) هُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ وَلَوْ وَصَلَ الْمَاءُ لِلْبَشَرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْغَسْلِ وَإِلَّا كَانَ مُجَرَّدَ إفَاضَةٍ أَوْ غَمْسٍ إنْ قُلْتَ حَيْثُ كَانَ الدَّلْكُ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْغَسْلِ فَفَرِيضَةُ الْغَسْلِ مُغْنِيَةٌ عَنْهُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ قُلْتُ ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَوِيِّ الْقَائِلِ إنَّهُ وَاجِبٌ لِإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ، فَإِنْ وَصَلَ لَهَا بِدُونِهِ لَمْ يَجِبْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ مِنْ غَيْرِ دَلْكٍ يُسَمَّى غَسْلًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ) أَيْ إمْرَارًا مُتَوَسِّطًا وَلَوْ لَمْ تَزُلْ الْأَوْسَاخُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَجَسِّدَةً فَتَكُونَ حَائِلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ إمْرَارُ الْيَدِ مُصَاحِبًا لِلصَّبِّ بَلْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الصَّبِّ قَبْلَ الْجَفَافِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْمَاءُ بَاقِيًا بَلْ يَكْفِي بَقَاءُ الرُّطُوبَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ إمْرَارِ الْيَدِ لِلصَّبِّ (قَوْلُهُ: لِلْمَشَقَّةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ دُونَ الْغَسْلِ أَيْ فَلَا تُنْدَبُ الْمُقَارَنَةُ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا) أَيْ فِي بَابِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ: بَاطِنُ الْكَفِّ أَيْ لَا ظَاهِرُهُ وَلَا إمْرَارُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُ دَلْكُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ بِالْأُخْرَى فِي الْوُضُوءِ وَيُجْزِئُ فِي الْغُسْلِ وَفِي بْن مَا نَصَّهُ كَتَبَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ حَسَنٌ الْمِسْنَاوِيُّ مَا نَصُّهُ وَالدَّلْكُ أَيْ بِالْيَدِ ظَاهِرُهَا أَوْ بَاطِنُهَا وَبِالذِّرَاعِ أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ بِحَكِّ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ الْأُخْرَى خِلَافًا لِتَخْصِيصِ عج وَمَنْ تَبِعَهُ الدَّلْكُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ وَاحْتَجَّ أَبُو عَلِيٍّ لِمَا قَالَهُ بِقَوْلِ الْفَاكِهَانِيِّ الدَّلْكُ إمْرَارُ الْيَدِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ الدَّلْكُ بِالْيَدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ (قَوْلُهُ: إمْرَارُ الْعُضْوِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَدًا أَوْ غَيْرَهَا كَالرِّجْلِ. (تَنْبِيهٌ) لَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْمَاءِ بِسَبَبِ الدَّلْكِ حَيْثُ عَمَّ الْمَاءُ الْعُضْوَ حَالَةَ كَوْنِهِ طَهُورًا إلَّا أَنْ يَتَجَسَّدَ الْوَسَخُ قَالَهُ فِي المج. (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِعْلُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَثِيرٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ أَصْلًا أَوْ مَعَ تَفْرِيقٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ) أَيْ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا

لِأَنَّهَا تُفِيدُ عَدَمَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ خَاصَّةً وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَالْفَوْرُ رُبَّمَا يُفِيدُ فِعْلَهُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَأَيْضًا يُوهِمُ السُّرْعَةَ فِي الْفِعْلِ وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِمُرَادٍ (وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَبَنَى) إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِهِ أَوْ الْبَقَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلَا يَبْتَدِئُهُ أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّفْرِيقَ بِالْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَهْوًا كَانَ أَوْ عَجْزًا أَوْ عَمْدًا؛ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَإِذَا لَمْ يَضُرَّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ فَيُكْرَهُ إنْ كَانَ عَمْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْيَسِيرُ مُقَدَّرٌ بِعَدَمِ الْجَفَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تُفِيدُ عَدَمَ التَّفْرِيقِ إلَخْ) أَيْ تُفِيدُ وُجُوبَ عَدَمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: رُبَّمَا يُفِيدُ فِعْلَهُ) أَيْ رُبَّمَا يُفِيدُ وُجُوبَ فِعْلِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ: أَيْضًا يُوهِمُ السُّرْعَةَ أَيْ وُجُوبَ السُّرْعَةِ فِي الْفِعْلِ وَعَدَمَ اغْتِفَارِ التَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) أَيْ وَأَمَّا النَّاسِي وَالْعَاجِزُ فَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي حَقِّهِمَا وَحِينَئِذٍ إذَا فَرَّقَ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا، فَإِنَّهُ يَبْنِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ طَالَ أَمْ لَا لَكِنَّ النَّاسِيَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ جَدِيدَةٍ. وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ فِي الْعَاجِزِ بَيْنَ الطُّولِ وَعَدَمِهِ كَالْعَامِدِ بَعْدَ تَقْيِيدِ الْوُجُوبِ بِالْقُدْرَةِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ وَلِذَا حَمَلُوا الْعَاجِزَ فِي كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ مَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ تَفْرِيطٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَبَنَى إنْ عَجَزَ مُطْلَقًا كَالنَّاسِي بِنِيَّةٍ كَانَ أَوْلَى وَيُحْمَلُ الْعَجْزُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحَقِيقِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبَنَى) أَيْ وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ بِأَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ مَثَلًا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ نِسْيَانٌ فَتَرَكَ الْغَسْلَ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَنَى إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ الَّذِي فَرَّقَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ) أَيْ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَبَنَى أَيْ اسْتِنَانًا وَأَنَّهُ إذَا رَفَضَ مَا فَعَلَ وَابْتَدَأَ الْوُضُوءَ كَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ وَكَانَ مُرْتَكِبًا لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ مُخَيَّرٌ فِي إتْمَامِ وُضُوئِهِ وَتَرْكِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إلَخْ مَعْنَاهُ وَصَحَّ الْبِنَاءُ بِنِيَّةِ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ قَوْلِهِ وَلَا يَبْتَدِئُهُ إلَخْ إنْ قُلْتَ: إنَّ الْعِبَادَةَ يَلْزَمُ إتْمَامُهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَالْوُضُوءُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ فَكَيْفَ يُخَيَّرُ الْمُتَوَضِّئُ فِي إتْمَامِ وُضُوئِهِ وَتَرْكِهِ قُلْتُ: لَيْسَ كُلُّ عِبَادَةٍ يَلْزَمُ إتْمَامُهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا بَلْ بَعْضُهَا يَلْزَمُ إتْمَامُهَا وَبَعْضُهَا لَا يَلْزَمُ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ

إنْ كَانَ ثُلُثَ الْأَعْضَاءِ غَسْلًا عَلَى مَا يَأْتِي (بِنِيَّةٍ) شَرْطًا، فَإِنْ بَنَى بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ (إنْ نَسِيَ) وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ يَعْنِي تَرَكَ مَا بَعْدَ الْمَفْعُولِ نَاسِيًا إكْمَالَ وُضُوئِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ (مُطْلَقًا) طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَمْ يَطُلْ (وَ) بَنَى بِغَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لِحُصُولِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (إنْ) (عَجَزَ) عَنْ إكْمَالِ وُضُوئِهِ بِأَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَوْ يَشُكُّ فِي كِفَايَتِهِ فَلَمْ يَكْفِهِ فِيهِمَا (مَا لَمْ يَطُلْ) الْفَصْلُ وَكَذَا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا وَقِيلَ لَا يَبْنِي مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُطِلْ فِيهِمَا أَيْ لِتَرَدُّدِ نِيَّتِهِ بَلْ دَاخِلٌ عَلَى عَدَمِ الْإِتْمَامِ وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ عَمْدًا مُخْتَارًا أَيْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ رَفَضَ فَيَبْنِي مَا لَمْ يُطِلْ عَلَى التَّحْقِيقِ وَخِلَافُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ وُضُوءَهُ لِفَقْدِ الْمُوَالَاةِ، وَأَمَّا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَوْ أَرَاقَهُ شَخْصٌ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ أُرِيقَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّفْرِيقِ، فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِالنَّاسِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَبْنِي مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى إكْمَالِ وُضُوئِهِ ثُمَّ زَالَ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِمْ وَكَانَ التَّحْقِيقُ حَيْثُ جَعَلُوا الْمُوَالَاةَ وَاجِبَةً مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَنْ يَجْعَلُوا النَّاسِيَ وَالْعَاجِزَ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَيُفَسِّرُوا الْعَاجِزَ بِهَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي جَعَلُوهَا مُلْحَقَةً بِالنَّاسِي إذْ الْعَجْزُ ظَاهِرٌ فِيهَا وَيَحْكُمُوا بِأَنَّ غَيْرَهُمَا يَبْنِي مَا لَمْ يَطُلْ لِعَدَمِ ضَرَرِ التَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ وَيَجْعَلُوا مَا فَسَّرُوا بِهِ الْعَاجِزَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا، وَالطُّولُ مُقَدَّرٌ (بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ) أَيْ فِي زَمَنٍ (اعْتَدَلَا) أَيْ الْأَعْضَاءُ وَالزَّمَنُ فَاعْتِدَالُ الْأَعْضَاءِ مِنْ حَيْثُ اعْتِدَالُ صَاحِبِهَا بَيْنَ الشُّيُوخَةِ وَالشَّبُوبَةِ حَالَ الصِّحَّةِ، وَاعْتِدَالُ الزَّمَنِ كَوْنُهُ بَيْنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ حَالَ سُكُونِ الرِّيحِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاةٌ وَصَوْمٌ ثُمَّ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ ... طَوَافٌ عُكُوفٌ وَائْتِمَامٌ تَحَتَّمَا وَفِي غَيْرِهَا كَالْوَقْفِ وَالطُّهْرِ خَيِّرَنْ ... فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ وَمَنْ شَاءَ تَمَّمَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ثُلُثَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ ثُلُثَهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ بَنَى وَإِنْ شَاءَ رَفَضَ مَا فَعَلَ وَابْتَدَأَ آخَرَ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةٍ) أَيْ جَدِيدَةٍ، وَقَوْلُهُ شَرْطًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ النِّيَّةِ شَرْطًا فِي الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَنَى بِغَيْرِهَا لَمْ يُجْزِهِ) وَذَلِكَ لَوْ خَاضَ بَحْرًا بَعْدَ تَذَكُّرِهِ بِلَا نِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ كَمَا فِي شب عَنْهَا. (قَوْلُهُ: طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَمْ يَطُلْ) مَحَلُّ الْقَصْدِ هُوَ الطُّولُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الطُّولِ مُوَالَاةٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ أَيْ بَنَى مَا لَمْ يَطُلْ وَلَيْسَتْ الْوَاوُ عَاطِفَةً عَلَى إنْ نَسِيَ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْعَاجِزَ يَبْنِي بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: لِحُصُولِهَا إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّاسِيَ لَمَّا كَانَ عِنْدَهُ إعْرَاضٌ عَنْ الْوُضُوءِ احْتَاجَ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْرِضْ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَذْهَلْ عَنْهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةٍ لِحُصُولِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ انْتِهَاءِ مَا فَعَلَ أَوَّلًا وَبَيْنَ إكْمَالِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا) أَيْ فَإِنَّهُ يَبْنِي بِغَيْرِ نِيَّةٍ إنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: لَا يَبْنِي مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ لِلتَّلَاعُبِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْفَسَادِ وَعَدَمِ جَزْمِ النِّيَّةِ فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ عَمْدِ التَّفْرِيقِ الْمُغْتَفَرِ فِيهِ الْقُرْبُ كَمَا فِي عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَلَكِنَّهُ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ فِي تَقْرِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ فَرَّقَ عَمْدًا إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الصُّوَرِ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ خَمْسَ صُوَرٍ صُورَتَانِ يَبْنِي فِيهِمَا اتِّفَاقًا وَهُمَا صُورَتَا الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ أَعْنِي مَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ وَثَلَاثُ صُوَرٍ يَبْنِي فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ: مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا وَمَنْ فَرَّقَ عَامِدًا مُخْتَارًا غَيْرَ رَافِضٍ لِلنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَخِلَافُهُ) أَيْ وَخِلَافُ التَّحْقِيقِ وَهُوَ عَدَمُ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَطُلْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ) أَيْ التَّفْرِيقُ مِنْ الْعَاجِزِ وَالْعَامِدِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ وُضُوءَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَبَنَى عَلَى مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا وَصَلَّى بِذَلِكَ الْوُضُوءِ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا لِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْمُوَالَاةُ (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّفْرِيقِ) قَالَ طفى فِي أَجْوِبَتِهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ هُنَا يَكُونُ بِمَا يَأْتِي لَلْمُؤَلِّفِ فِي الطَّلَاقِ مِنْ خَوْفِ مُؤْلِمٍ فَأَعْلَى إذْ هَذَا الْإِكْرَاهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعِبَادَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ) أَيْ فَتَكُونُ الصُّوَرُ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا مُطْلَقًا سَبْعَةً: النَّاسِي، وَهَذِهِ الصُّوَرُ السِّتَّةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا الْمُلْحَقَةُ بِهِ (قَوْلُهُ: مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْبِنَاءِ مُطْلَقًا) أَيْ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي حَقِّهِمْ (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الصُّوَرِ إلَخْ) أَيْ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا لَوْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ أَوْ أَرَاقَهُ شَخْصٌ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ أُرِيقَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أُكْرِهُ عَلَى التَّفْرِيقِ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى إكْمَالِ وُضُوئِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُوا بِأَنَّ غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي وَهُوَ الْعَامِدُ حَقِيقَةً أَعْنِي مَنْ فَرَّقَ عَامِدًا مُخْتَارًا أَوْ حُكْمًا وَهُوَ مَنْ أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُوا مَا فَسَّرُوا بِهِ الْعَاجِزَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا مَا إذَا أَعَدَّ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ (قَوْلُهُ: مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا)

كَمَا عَزَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ لِابْنِ حَبِيبٍ فَقِيَامُ الْبَلَلِ عِنْدَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ أَثَرِ الْوُضُوءِ (أَوْ) الْمُوَالَاةُ (سُنَّةٌ) وَعَلَيْهِ إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا عَامِدًا عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا كَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا عَمْدًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ، فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ الْفَرِيضَةُ السَّابِعَةُ النِّيَّةُ وَهِيَ الْقَصْدُ لِلشَّيْءِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا الْمُصَنِّفُ وَإِنْ كَانَ حَقُّهَا التَّقْدِيمَ أَوَّلَ الْفَرَائِضِ لِكَثْرَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَفَرَّغَ مِنْ غَيْرِهَا لَهَا فَقَالَ (وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ الْمَنْحِ الْمُتَرَتِّبِ أَوْ الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ (عِنْدَ) غَسْلِ (وَجْهِهِ) إنْ بَدَأَ بِهِ كَمَا هُوَ السُّنَّةُ وَإِلَّا فَعِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ (أَوْ) نِيَّةِ (الْفَرْضِ) أَيْ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَيْ نِيَّةِ أَدَائِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ لِيَشْمَلَ وُضُوءَ الصَّبِيِّ (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ) أَيْ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ بَلْ الْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ وَيَضُرُّ نِيَّةُ بَعْضِهَا وَإِخْرَاجُ الْبَعْضِ لِلتَّنَافِي كَأَنْ يَقُولَ: نَوَيْتُ فَرْضَ الْوُضُوءِ لَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَإِذَا نَوَى أَحَدَهَا بِلَا إخْرَاجٍ لِغَيْرِهِ أَجْزَأَ (وَإِنْ مَعَ) نِيَّةِ (تَبَرُّدٍ) أَوْ تَدَفٍّ أَوْ نَظَافَةٍ أَوْ تَعْلِيمٍ إذْ نِيَّةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِغَيْرِ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي وَذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْعَامِدُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُهُ مُلْحَقًا بِغَيْرِهِمَا أَيْ مِنْ جِهَةِ الْبِنَاءِ مَا لَمْ يَطُلْ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ: إنْ فَرَّقَ نَاسِيًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ طُولٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ) هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُوَالَاةَ سُنَّةٌ مَنْ فَرَّقَ نَاسِيًا يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا إنْ فَرَّقَ عَامِدًا وَالْحَالُ أَنَّهُ حَصَلَ طُولٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ وَلَا يُطَالَبُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَقِيلَ يُعِيدُ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَإِنْ بَنَى عَلَى مَا فَعَلَ وَصَلَّى أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: مِنْ سُنَنِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي تَرْكِ سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَمْدًا (قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) فَقَدْ شَهَرَ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَ الْقَوْلَ بِالسُّنِّيَّةِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهَذَا الْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ إنْ رَاعَيْنَا قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى السُّنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ فَرَّقَ عَمْدًا وَطَالَ لَا يَبْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ، فَإِنْ بَنَى وَصَلَّى أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ يَبْنِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُفَرِّقَ عَمْدًا إذَا طَالَ تَفْرِيقُهُ لَا يَبْنِي وَيُعِيدُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا إذَا بَنَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَح جَعَلَ الْخِلَافَ مَعْنَوِيًّا وَعِجْ جَعَلَهُ لَفْظِيًّا وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَ كُلٍّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ) أَيْ فَهِيَ مِنْ بَابِ الْقُصُودِ وَالْإِرَادَاتِ لَا مِنْ بَابِ الْعُلُومِ وَالِاعْتِقَادَاتِ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى الشَّيْءِ تَوَجُّهُ النَّفْسُ إلَيْهِ فَقَوْلُ عبق إنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِ الْمُتَوَضِّئِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حَقُّهَا التَّقْدِيمَ إلَخْ) أَيْ لِتَقَدُّمِهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ) أَيْ عَلَى الشَّخْصِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَنْوِي لِلسُّنَنِ السَّابِقَةِ عَلَى الْوَجْهِ نِيَّةً مُنْفَرِدَةً فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَوْنِ النِّيَّةِ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ خُلُوُّهَا عَنْ نِيَّةٍ وَعَلَى هَذَا فَلِلْوُضُوءِ نِيَّتَانِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ: إنَّهُ يَبْدَأُ بِالنِّيَّةِ أَوَّلَ الْفِعْلِ وَيَسْتَصْحِبُهَا لِأَوَّلِ الْفُرُوضِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى بِالنِّيَّةِ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى بِهَا عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ نَكَّسَ وَبَدَأَ بِغَيْرِهِ فَعِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: أَيْ نِيَّةُ أَدَائِهِ) أَيْ تَأْدِيَةُ الْفِعْلِ الْمَفْرُوضِ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ وَهُوَ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ أَوْ الصِّفَةُ الْمُقَدَّرُ قِيَامُهَا بِالْأَعْضَاءِ قِيَامَ الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْحَدَثِ الْوَصْفُ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا اسْتِبَاحَةُ مَا مَنَعَ مِنْهُ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ إلَخْ) فَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ الشَّارِعِ فِي الْوُضُوءِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَدَاءَ الْفَرْضِ وَاسْتِبَاحَةَ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ (قَوْلُهُ: لِلتَّنَافِي) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَنَاقَضَ فِي ذَاتِ النِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَوَيْتُ رَفْعَ الْحَدَثِ نَوَيْتُ عَدَمَ رَفْعِهِ أَوْ نَوَيْتُ لَا نَوَيْتُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ نِيَّةُ مَا ذُكِرَ غَيْرَ مُصَاحِبَةٍ لِنِيَّةِ تَبَرُّدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ مَا ذُكِرَ مُصَاحِبَةً لِنِيَّةِ تَبَرُّدٍ وَمَعَ هُنَا لِمُطْلَقِ الْمُشَارَكَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ

لَا تُنَافِي الْوُضُوءَ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ خَلَلًا (أَوْ) وَإِنْ (أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ) أَيْ مَا أُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ بِالْوُضُوءِ كَمَا إذَا نَوَى بِهِ صَلَاةَ الظُّهْرِ لَا الْعَصْرِ أَوْ الصَّلَاةَ لَا مَسَّ الْمُصْحَفِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدْ ارْتَفَعَ بِاعْتِبَارِ مَا نَوَاهُ فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ وَفِعْلُ غَيْرِهِ (أَوْ) وَإِنْ (نَسِيَ حَدَثًا) أَيْ نَاقِضًا وَنَوَى غَيْرَهُ مِنْ أَحْدَاثٍ حَصَلَتْ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْوِيُّ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ إلَّا الْمَنْسِيُّ وَلَا مَفْهُومَ لِنَسِيَ بَلْ وَلَوْ ذَكَرَهُ فَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ (لَا أَخْرَجَهُ) أَيْ الْحَدَثَ بِأَنْ قَالَ: نَوَيْتُ الْوُضُوءَ مِنْ الْبَوْلِ لَا مِنْ الْغَائِطِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِلتَّنَاقُضِ (أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ) الشَّامِلَةِ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ أَمَّا إنْ قَصَدَ الطَّهَارَةَ لَا بِقَيْدِ الشُّمُولِ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا لِسَنَدٍ إذْ فِعْلُهُ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ (أَوْ) نَوَى (اسْتِبَاحَةَ مَا) أَيْ شَيْءٍ (نُدِبَتْ) الطَّهَارَةُ (لَهُ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ظَاهِرًا أَوْ زِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ عَالِمٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ تَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ تَعَلُّمِهِ أَوْ دُخُولٍ عَلَى سُلْطَانٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ لِأَنَّ مَا نَوَاهُ يَصِحُّ فِعْلُهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ (أَوْ) (قَالَ) أَيْ بِقَلْبِهِ أَيْ نَوَى مَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ (إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَ) هَذَا الْوُضُوءُ (لَهُ) أَيْ لِلْحَدَثِ لَمْ يُجْزِهِ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ حَيْثُ عَلَّقَ الْوُضُوءَ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ إذْ الْوَاجِبُ عَلَى الشَّاكِّ فِي الْحَدَثِ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ (أَوْ) (جَدَّدَ) وُضُوءَهُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ (فَتَبَيَّنَ) لَهُ (حَدَثُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQدُخُولَهَا عَلَى الْمَتْبُوعِ، وَظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ لَا يُتَبَرَّدُ بِهِ عَادَةً كَمَا لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ بِمَاءٍ سَاخِنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا تُنَافِي الْوُضُوءَ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ خَلَلًا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ لِلْوُضُوءِ يَتَضَمَّنُ التَّبَرُّدَ مَثَلًا، فَإِذَا نَوَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُضَادًّا لِلْوُضُوءِ وَلَا مُؤَثِّرًا فِيهِ خَلَلًا (قَوْلُهُ: فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ) أَيْ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا نَوَاهُ وَأَنْ يَفْعَلَ غَيْرَهُ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ، وَإِخْرَاجُهُ لِغَيْرِ مَا نَوَاهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَنَوَى غَيْرَهُ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ إذَا تَعَدَّدَتْ نَابَ أَحَدُهَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَوَّلَ) أَيْ هُوَ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنْهُ إلَّا الْمَنْسِيُّ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ حَدَثٍ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ ذَكَرَهُ) أَيْ وَنَوَى الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا أَخْرَجَهُ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ نَسِيَ حَدَثًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ لَا أَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ الشَّامِلَةِ لِلْحَدَثِ وَالْخَبَثِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ) أَيْ أَوْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِيهِمَا مَعًا أَوْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي الْخَبَثِ فَالضَّرَرُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهَا فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فَالْإِجْزَاءُ فِي صُورَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي ثَلَاثٍ بَقِيَ مَا إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مَعًا وَفِي المج إذَا نَوَاهُمَا مَعًا لِنَجَاسَةِ الْعُضْوِ وَلَمْ يُضِفْ الْمَاءَ فَيُجْزِئُ (قَوْلُهُ: نُدِبَ الطَّهَارَةُ لَهُ) أَيْ نُدِبَ الْوُضُوءُ لَهُ فَالْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ ظَاهِرًا) أَيْ بِدُونِ مُصْحَفٍ نَعَمْ إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَجْزَأَهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ وَأَوْلَى مِنْهُ إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَفِي الْوُضُوءِ إذَا نَوَى الْوُضُوءَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ جَازَ لَهُ الصَّلَاةُ بِهِ وَإِذَا نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ حُدُوثِهِ. وَأَمَّا فِي الْغُسْلِ إذَا نَوَى بِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ فِي الْمُصْحَفِ أَجْزَأَهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ) أَيْ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابٌ كَوُضُوءِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ عَلَى مَا رَدَّ بِهِ عب عَلَى ح وَكُلُّ هَذَا إذَا نَوَى إبَاحَةَ الْأَمْرِ الَّذِي يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ لِيَزُورَ مَثَلًا غَيْرَ مُحْدِثٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ عب هُنَا وَفِي بَابِ الْغُسْلِ. (قَوْلُهُ: إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ) أَيْ حَصَلَ مِنِّي نَاقِضٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَهَذَا الْوُضُوءُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَصَلَ مِنِّي نَاقِضٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا عَلَى شَكِّهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ حِينَ نَوَى إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ فَلَهُ إلَخْ غَيْرُ مُسْتَحْضِرٍ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ غَيْرُ نَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لِذَلِكَ كَانَتْ نِيَّتُهُ جَازِمَةً لَا تَرَدُّدَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ دَالًّا عَلَى التَّرَدُّدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ وُضُوءُهُ صَحِيحًا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ: إذْ الْوَاجِبُ إلَخْ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ بِحَيْثُ يَقُولُ فَالْوَاجِبُ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ شَكِّهِ فِي الْحَدَثِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ

قَبْلَ التَّجْدِيدِ لَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ بَلْ وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يُجْزِهِ لِتَلَاعُبِهِ بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ (أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً) مِنْ مَغْسُولِ فَرَائِضِهِ (فَانْغَسَلَتْ) فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ (بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) فَلَا يُجْزِئُ لِأَنَّ نِيَّةَ غَيْرِ الْفَرْضِ لَا تُجْزِئُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ، وَمِثْلُ الْغَسْلِ الْمَسْحُ (أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ) بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ مَا بَعْدَهُ وَهَكَذَا لَمْ يُجْزِهِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ جَزَّأَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِأَنْ جَعَلَ لِكُلِّ عُضْوٍ رُبْعَهَا مَثَلًا، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَعْنًى لَا تَقْبَلُ التَّجَزِّي (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (فِي) هَذَا الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ) وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ (وَعُزُوبُهَا) أَيْ النِّيَّةِ أَيْ الذُّهُولُ عَنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْوَجْهِ أَيْ بَعْدَ وُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَفْعُولٍ مُغْتَفَرٌ لِمَشَقَّةِ الِاسْتِصْحَابِ (وَرَفْضُهَا) أَيْ إبْطَالُهَا أَيْ تَقْدِيرُهَا مَعَ مَا فُعِلَ مَعَهَا بَاطِلًا كَالْعَدَمِ (مُغْتَفَرٌ) لَا يُؤَثِّرُ بُطْلَانًا إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَلَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اغْتِفَارَهُ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فَيَبْطُلَانِ بِرَفْضِهِمَا فِي الْأَثْنَاءِ قَطْعًا وَفِيمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا تَوَضَّأَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ، فَإِنْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةٍ غَيْرِ جَازِمَةٍ بِأَنْ عَلَّقَهَا بِالْحَدَثِ الْمُحْتَمَلِ كَانَ هَذَا الْوُضُوءُ الثَّانِي بَاطِلًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّجْدِيدِ) مُتَعَلِّقٌ بِحَدَثِهِ أَيْ فَتَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ التَّجْدِيدِ أَنَّهُ أَحْدَثَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَنُوبُ عَنْ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ) أَيْ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَدَثَ عَلَيْهِ فَنِيَّتُهُ رَفْعُ الْحَدَثِ حِينَئِذٍ تَلَاعُبٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ فِعْلِ الْفَضِيلَةِ وَهِيَ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ خَصَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى وَأَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الَّتِي غُسِلَتْ بِهِمَا اللُّمْعَةُ. وَأَمَّا لَوْ نَوَى أَنَّ الْفَرْضَ مَا عَمَّمَ مِنْ الْغَسَلَاتِ وَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ لَمْ تُغْسَلْ بِالْأُولَى وَغُسِلَتْ بِالثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّ الْغَسْلَ يُجْزِي قَالَ عبق وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ مُعْتَبَرَةٌ وَقَالَ سَنَدٌ إذَا نَوَى بِمَا بَعْدَ الْأُولَى الْفَضِيلَةَ وَكَانَتْ الْأُولَى لَمْ تَعُمَّ فَلَا تُعْتَبَرُ تِلْكَ النِّيَّةُ وَلَا يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ إلَّا إذَا عَمَّتْ الْأُولَى فَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ لُمْعَةً فَغُسِلَتْ بِالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ الَّتِي نَوَى بِهَا الْفَضِيلَةَ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ اهـ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَفْعُ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَعْتَبِرُ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ كَغَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغُسْلِ الْمَسْحُ) أَيْ فَإِذَا تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ فَانْمَسَحَتْ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا عِنْدَ رَدِّ الْمَسْحِ كَذَلِكَ لَا يُجْزِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ) أَيْ جِنْسَهَا الْمُتَحَقِّقَ فِي مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَغْسِلُ الْيَدَيْنِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِنِيَّةٍ وَهَكَذَا لِتَمَامِ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ أَيْ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ إتْمَامِهِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا. وَأَمَّا لَوْ خَصَّ كُلَّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ مَعَ قَصْدِهِ إتْمَامَ الْوُضُوءِ عَلَى الْفَوْرِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَلَا يَكْمُلُ وُضُوءُهُ إلَّا بِجَمِيعِ النِّيَّاتِ فَهَذَا مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ فَلَا يَضُرُّ لَا مِنْ بَابِ التَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْزِي؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَقْبَلُ التَّجَزِّي) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَجَعْلُهُ لَغْوٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ؛ لِأَنَّ رُبْعَ النِّيَّةِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فِي اعْتِقَادِ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ أَيْ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ إلَّا بِالْكَمَالِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِذَا غَسَلَ الْوَجْهَ فَفِي قَوْلٍ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَفِي قَوْلٍ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْهُ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَسْتَظْهِرْ فِي مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ شَيْئًا أَصْلًا وَإِنَّمَا اسْتَظْهَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِظْهَارِهِ ذَلِكَ اسْتِظْهَارُ الصِّحَّةِ فِي التَّفْرِيقِ إذْ قَدْ لَا يُسَلِّمُ ابْنُ رُشْدٍ التَّفْرِيعَ الْمَذْكُورَ لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ مَشْرُوطٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِتَقْدِيمِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهِ فَتَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ مُغْتَفَرٌ) اغْتِفَارُ عُزُوبِهَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِنِيَّةٍ مُضَادَّةٍ كَنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ فِي الْأَثْنَاءِ انْقِضَاءَ الطَّهَارَةِ وَكَمَالَهَا وَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ بَعْضَهَا ثُمَّ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَا يُجْزِي كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ مَفْعُولٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَجْهَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اغْتِفَارَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ التَّمَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الرَّفْضِ الْوَاقِعِ فِي الْأَثْنَاءِ إذَا كَمَّلَهُ بِالْقُرْبِ بِالنِّيَّةِ الْأُولَى. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُكَمِّلْهُ أَوْ كَمَّلَهُ بِنِيَّةٍ أُخْرَى أَوْ بَعْدَ طُولٍ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي بُطْلَانِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ)

[سنن الوضوء]

قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَأَمَّا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَلَا يُرْتَفَضَانِ مُطْلَقًا (وَفِي تَقَدُّمِهَا) عَنْ مَحَلِّهَا وَهُوَ الْوَجْهُ (بِيَسِيرٍ) كَنِيَّتِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ إلَى حَمَّامٍ مِثْلِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ (خِلَافٌ) فِي الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِكَثِيرٍ فَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَوْلًا وَاحِدًا كَأَنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ مَحَلِّهَا لِخُلُوِّ الْمَفْعُولِ عَنْهَا ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ سُنَنِهِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَسُنَنُهُ) ثَمَانٍ أُولَاهَا (غَسْلُ يَدْيِهِ) إلَى كُوعَيْهِ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ إنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ جَارٍ وَقَدْرَ آنِيَةِ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ وَأَمْكَنَ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ وَإِلَّا أَدْخَلَهُمَا فِيهِ إنْ كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ أَوْ مُتَنَجِّسَتَيْنِ وَكَانَا لَا يُنَجِّسَانِهِ وَإِلَّا تَحَيَّلَ عَلَى غَسْلِهِمَا خَارِجَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ لِأَنَّهُ كَعَادِمِ الْمَاءِ، وَأَمَّا الْمَاءُ الْجَارِي مُطْلَقًا وَالْكَثِيرُ فَلَا تَتَوَقَّفُ السُّنَّةُ عَلَى غَسْلِهِمَا خَارِجَهُ (ثَلَاثًا) مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ وَرُجِّحَ وَقِيلَ تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْمَرَّةِ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَشَفْعُ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثُهُ وَرُجِّحَ أَيْضًا (تَعَبُّدًا) لَا لِلنَّظَافَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَيُغْتَفَرُ رَفْضُ النِّيَّةِ فِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَثْنَاءِ بَلْ يَضُرُّ وَيُوجِبُ بُطْلَانَهُ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَقْوَى مِنْهُمَا عَدَمَ الْبُطْلَانِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُرْتَفَضَانِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ رَفْضُ النِّيَّةِ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ. وَسَكَتَ عَنْ الِاعْتِكَافِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّلَاةِ لِاحْتِوَائِهِ عَلَيْهَا فَيَبْطُلُ بِالرَّفْضِ فِي الْأَثْنَاءِ اتِّفَاقًا وَبَعْدَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَالْوُضُوءِ. وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَيَبْطُلُ بِرَفْضِ النِّيَّةِ فِي الْأَثْنَاءِ وَبَعْدَهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَعِيفَةٌ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ كَالْوُضُوءِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ رَفْضَ الْوُضُوءِ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَى اللَّمْسِ وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي الْحَجِّ نَظَرٌ. وَأَمَّا الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ فَالْحُرْمَةُ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّفْضِ وَنَقْضِ الْوُضُوءِ فَمَنَعَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَالْوُضُوءُ عَمَلٌ قَالَ شَيْخُنَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْمَالِ الْمَقَاصِدُ لَا الْوَسَائِلُ وَحِينَئِذٍ فَرَفْضُ الْوُضُوءِ كَنَقْضِهِ جَائِزٌ وَاسْتَظْهَرَهُ شب (قَوْلُهُ: وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ) أَيْ عُرْفًا وَالتَّقَدُّمُ بِيَسِيرٍ عُرْفًا مِثْلُ مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْوُضُوءِ مَاذَا تَفْعَلُ؟ لَمْ يُجِبْ بِأَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَإِلَّا فَهِيَ نِيَّةٌ حُكْمًا كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) شَهَرَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ بَزِيزَةَ وَالشَّبِيبِيُّ مِنْهُمَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَشَهَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْجُزُولِيُّ الْإِجْزَاءَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَلَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ مَحَلِّهَا) أَيْ فَلَا تُجْزِي تَأَخَّرَتْ بِيَسِيرٍ أَوْ بِكَثِيرٍ. [سُنَن الْوُضُوء] (قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ سَوَاءٌ تَوَضَّأَ مِنْ نَهْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ إنَاءٍ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّ هَذَا تَرْتِيبُ سُنَنٍ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ كَمَا فِي شب وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْغَسْلِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ قِيلَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَوَضَّأَ مِنْ نَهْرٍ أَوْ مِنْ حَوْضٍ أَوْ مِنْ إنَاءٍ يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ أَمْ لَا كَانَ الْمَاءُ الَّذِي فِي الْإِنَاءِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَقِيلَ لَيْسَ مُطْلَقًا بَلْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ جَارٍ وَقَدْرَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ وَأَمْكَنَ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ، فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فَلَا تَتَوَقَّفُ السُّنَّةُ عَلَى كَوْنِ الْغَسْلِ خَارِجَ الْمَاءِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَشَى الشَّارِحُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَدْخَلَهُمَا فِيهِ) هَذَا رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ أَيْ وَإِلَّا يُمْكِنْ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ أَدْخَلَهُمَا فِيهِ وَلَوْ رَجَعَ لِلثَّلَاثَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ. وَأَمَّا الْمَاءُ الْجَارِي. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَحَيَّلَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا يُنَجِّسَانِهِ تَحَيَّلَ عَلَى غَسْلِهِمَا خَارِجَهُ وَلَوْ بِأَخْذِ الْمَاءِ بِفِيهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَلَا يُقَالُ نَقْلُهُ الْمَاءَ بِفِيهِ يُضِيفُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَإِنْ أَضَافَهُ لَكِنَّهُ يَنْفَعُهُ فِي إزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ بِهِ أَوَّلًا مِنْ بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَرَكَهُ) أَيْ وَإِلَّا يُمْكِنْ التَّحَايُلُ عَلَى غَسْلِهِمَا خَارِجَهُ تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: وَالْكَثِيرُ) أَيْ غَيْرُ الْجَارِي وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى آنِيَةِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَتَوَقَّفُ السُّنَّةُ عَلَى غَسْلِهِمَا خَارِجَهُ) أَيْ بَلْ تَحْصُلُ بِغَسْلِهِمَا دَاخِلَ الْمَاءِ وَخَارِجَهُ (قَوْلُهُ: وَرُجِّحَ أَيْضًا) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: تَعَبُّدًا) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي إنَائِهِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» فَتَعْلِيلُهُ بِالشَّكِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْقُولٌ وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ

(بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) كَغَيْرِهَا مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ (وَلَوْ) كَانَتَا (نَظِيفَتَيْنِ أَوْ) وَلَوْ (أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ) خِلَافًا لِلْمُخَالِفِ فِي ذَلِكَ (مُفْتَرِقَتَيْنِ) نَدْبًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ (وَ) ثَانِيهَا (مَضْمَضَةٌ) وَهِيَ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَخَضْخَضَتُهُ وَمَجُّهُ أَيْ طَرْحُهُ لَا إنْ شَرِبَهُ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى سَالَ مِنْ فَمِهِ وَلَا إنْ أَدْخَلَهُ وَمَجَّهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِهِ فِي الْفَمِ وَلَا إنْ دَخَلَ فَمَهُ بِلَا قَصْدِ مَضْمَضَةٍ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ (وَ) ثَالِثُهَا (اسْتِنْشَاقٌ) وَهُوَ جَذْبُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ إلَى دَاخِلِ أَنْفِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِلَا جَذْبٍ فَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ النِّيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ (وَبَالَغَ) نَدْبًا (مُفْطِرٌ) فِيهِمَا بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى أَقْصَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ لِلصَّائِمِ لِئَلَّا يَفْسُدَ صَوْمُهُ، فَإِنْ وَقَعَ وَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ) مِنْ الْغَرَفَاتِ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ بِثَلَاثٍ هَذَا مُرَادُهُ (أَفْضَلُ) مِنْ فِعْلِهِمَا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَفْعَلُهُمَا بِكُلِّ غَرْفَةٍ مِنْهَا وَإِنْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ (وَجَازَا) مَعًا (أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ) وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَفْضَلِ (وَ) رَابِعُهَا (اسْتِنْثَارٌ) وَهُوَ طَرْحُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلتَّعَبُّدِ بِالتَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَحَمَلَهُ أَشْهَبُ عَلَى أَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَافَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى التَّثْلِيثِ خِلَافًا للح تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَبُّدِ وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى التَّثْلِيثِ وَعَدَمِ بِنَائِهِ عَلَى الْخِلَافِ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثًا عَلَى تَعَبُّدًا وَأَخَّرَ عَنْهُ مَا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَسْلَهُمَا تَعَبُّدٌ لَا مُعَلَّلٌ بِالنَّظَافَةِ إذْ عَلَيْهِ تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِغَسْلِهِمَا وَلَوْ بِمُضَافٍ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ النَّظَافَةِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إذَا كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِغَسْلِهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَسْلَ مُعَلَّلٌ بِالنَّظَافَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْمُخَالِفِ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَبُّدًا إلَى هُنَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُخَالِفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: مُفْتَرِقَتَيْنِ) حَالٌ مِنْ يَدَيْهِ. وَأَمَّا ثَلَاثًا فَهُوَ حَالٌ مِنْ الْغَسْلِ وَقَوْلُهُ: تَعَبُّدًا مَفْعُولٌ لِأَجَلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ طَلَبَ تَفْرِيقِهِمَا فِي الْغَسْلِ هُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْسِلُهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ وَظَاهِرٌ تَقْدِيمُ تَثْلِيثِ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. هَذَا وَقَدْ صَرَّحَ الْأَئِمَّةُ بِأَنَّ غَسْلَهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالتَّعَبُّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَيَكُونُ ابْنُ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ أَنَّ الْغَسْلَ تَعَبُّدٌ وَالْمُنَاسِبُ لَهُ التَّفْرِيقُ فِي الْغَسْلِ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ بِغَسْلِهِمَا مَجْمُوعَتَيْنِ، وَجَمْعُهُمَا إنَّمَا يُنَاسِبُ النَّظَافَةَ وَأَجَابَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّ غَسْلَهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُنَاسِبًا لِلنَّظَافَةِ لَكِنَّهُ لَا يُنَافِي التَّعَبُّدَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ غَسْلُهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ هُوَ الْمُنَاسِبَ لَهُ وَلَيْسَ افْتِرَاقُهُمَا قَوْلًا لِأَشْهَبَ حَتَّى يَكُونَ مُخَالِفًا لِأَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ لَهُ عَنْ مَالِكٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَرِبَهُ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى سَالَ مِنْ فَمِهِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمَجُّهُ وَقَوْلُهُ وَلَا إنْ أَدْخَلَهُ أَيْ الْمَاءَ وَمَجَّهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِهِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَخَضْخَضَتُهُ أَيْ تَحْرِيكُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا إنْ دَخَلَ أَيْ الْمَاءُ فَمَهُ إلَخْ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إدْخَالُ الْمَاءِ إلَخْ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ وَفِي عبق وَلَوْ ابْتَلَعَهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ قَوْلَيْنِ وَاعْتَرَضَهُ بْن قَائِلًا اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ ح الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَذَكَرَ زَرُّوقٌ عَنْ الْقُورِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْمَجِّ مِنْ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا يَتَوَضَّأُ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَبْتَلِعُ الْمَضْمَضَةَ حَتَّى سَمِعْتُهُ مِنْهُ اهـ قَالَ ح وَإِذْ قُلْنَا: إنَّ الظَّاهِرَ إجْزَاءُ الِابْتِلَاعِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي إرْسَالِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ دَفْعِ الْإِجْزَاءِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ النِّيَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ رَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فَلَا يَفْتَقِرَانِ إلَيْهَا وَنِيَّةُ الْفَرْضِ تَتَضَمَّنُ نِيَّتَهُمَا كَنِيَّةِ بَاقِي السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ اهـ خش (قَوْلُهُ: وَبَالَغَ نَدْبًا مُفْطِرٌ فِيهِمَا) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ فِيهِمَا بَهْرَامَ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالِاسْتِنْشَاقِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَاسْتَظْهَرَ فِي المج الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: هَذَا مُرَادُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ صَادِقًا بِكَوْنِهِ يَتَمَضْمَضُ بِغَرْفَةٍ وَيَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى لَكِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ لَهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ إنَّمَا هُوَ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ إنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُمَا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَفْعَلُهُمَا مَعًا بِكُلِّ غَرْفَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ. وَأَمَّا فِعْلُهُمَا بِسِتِّ غَرَفَاتٍ فَهُوَ مِنْ الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَشْيَاخُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَجَازَا) أَيْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَكَانَ الْأَوْلَى

وَاضِعًا أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى عَلَيْهِ عِنْدَ نَثْرِهِ مَاسِكًا لَهُ مِنْ أَعْلَاهُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ (وَ) خَامِسُهَا (مَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ) أَيْ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْوَجْهِ عَلَى الْبَاطِنِ (و) سَادِسُهَا (تَجْدِيدُ مَائِهِمَا) أَيْ الْأُذُنَيْنِ فَلَوْ مَسَحَهُمَا بِلَا تَجْدِيدِ مَاءٍ لَهُمَا كَانَ آتِيًا بِسُنَّةِ الْمَسْحِ فَقَطْ وَبَقِيَ عَلَيْهِ سُنَّةُ مَسْحِ الصِّمَاخَيْنِ إذْ هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَالسُّنَنُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأُذُنَيْنِ ثَلَاثَةٌ (وَ) سَابِعُهَا (رَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَعْرٌ بِأَنْ يَعُمَّهَا بِالْمَسْحِ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ عَمَّهَا أَوَّلًا وَلَا يَحْصُلُ التَّعْمِيمُ إذَا كَانَ الشَّعْرُ طَوِيلًا إلَّا بِالرَّدِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ وَالرَّدَّ كَذَا قِيلَ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَظْهَرُوا مَا لِلزَّرْقَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ فِي الْمُسْتَرْخِي لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ الْبَاطِنِ وَالْمَسْحُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الرَّدِّ سُنَّةً مَا بَقِيَ بِيَدِهِ بَلَلٌ مِنْ الْمَسْحِ الْوَاجِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَقُولَ وَجَازَتَا أَيْ السُّنَّتَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ رَاعَى كَوْنَهُمَا فِعْلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلنَّدْبِ وَقَوْلُهُ بِغَرْفَةٍ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ جَازَا مَعًا بِغَرْفَةٍ وَجَازَ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ فَالْأُولَى كَأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ مِنْ تِلْكَ الْغَرْفَةِ الَّتِي تَمَضْمَضَ مِنْهَا ثَلَاثًا أَيْضًا عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ يَتَمَضْمَضَ وَاحِدَةً وَيَسْتَنْشِقَ أُخْرَى وَهَكَذَا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالثَّانِيَةُ كَأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقَ بِغَرْفَةٍ أُخْرَى ثَلَاثًا وَبَقِيَتْ صِفَةٌ أُخْرَى وَالظَّاهِرُ جَوَازُهَا وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَهَا وَهِيَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ مِنْ غَرْفَةٍ مَرَّتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ مِنْ ثَانِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا مَرَّةً ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ اثْنَتَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ ثَالِثَةٍ. (قَوْلُهُ: وَاضِعًا إصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَنْفِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ إصْبَعَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ وَلَا نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ وَإِنَّمَا نَزَلَ بِنَفَسِهِ فَلَا يُسَمَّى هَذَا اسْتِنْثَارًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْأُصْبُعَيْنِ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى أَخْذِهِ فِي تَعْرِيفِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاذِلِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى) هَذَا مُسْتَحَبٌّ لَا أَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِنْثَارِ تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ كَوْنَ الْأُصْبُعَيْنِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ كَذَلِكَ أَيْ مُسْتَحَبٌّ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا) ظَاهِرُ الْأُذُنِ هُوَ مَا يَلِي الرَّأْسَ وَبَاطِنُهَا هُوَ مَا كَانَ مُوَاجِهًا؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ كَالْوَرْدَةِ ثُمَّ فُتِحَتْ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْوَجْهِ عَلَى الْبَاطِنِ) وَزَادَ لَفْظَ كُلٍّ لِئَلَّا يَتَوَالَى تَثْنِيَتَانِ لَوْ قَالَ وَجْهَيْ أُذُنَيْنِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِثِقَلِهِ وَأَيْضًا لَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَسْحَ بَاطِنِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا) أَيْ مَاءٍ لَهُمَا فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْجَارِ (قَوْلُهُ: كَانَ آتِيًا بِسُنَّةِ الْمَسْحِ فَقَطْ) أَيْ وَتَارِكًا لِسُنَّةِ تَجْدِيدِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الصِّمَاخَيْنِ) الصِّمَاخُ هُوَ الثُّقْبُ الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ رَأْسُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْأُذُنِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ) أَيْ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ لَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ مَسْحَ الصِّمَاخَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ لَا أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ) أَيْ مَسْحُ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَمَسْحُ الصِّمَاخَيْنِ وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ) أَيْ إلَى حَيْثُ بَدَأَ فَيَرُدُّ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْفَوْدَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ وَالرَّدَّ) أَيْ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ لِصَاحِبِ الشَّعْرِ الطَّوِيلِ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَرَّةً لِظَاهِرِهَا وَمَرَّةً لِبَاطِنِهَا وَهُمَا وَاجِبَتَانِ بِهِمَا يَحْصُلُ التَّعْمِيمُ الْوَاجِبُ ثُمَّ يُطَالَبُ بِمَسْحِهَا عَلَى سَبِيلِ السُّنَّةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً لِظَاهِرِهَا وَمَرَّةً لِبَاطِنِهَا لِيَحْصُلَ تَعْمِيمُهَا بِالْمَسْحِ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ عَمَّهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ الْعَلَّامَةُ عج وَمَنْ وَافَقَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ بْن أَنَّ النَّقْلَ لَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: مَا لِلزَّرْقَانِيِّ) الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ فُجْلَةَ وَوَافَقَهُ عَلَى قَوْلِهِ الشَّيْخُ

وَإِلَّا لَمْ يَسُنَّ فَإِنْ بَقِيَ مَا يَكْفِي بَعْضَ الرَّدِّ هَلْ يُسَنُّ بِقَدْرِ الْبَلَلِ فَقَطْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَسْقُطُ (وَ) ثَامِنُهَا (تَرْتِيبُ فَرَائِضِهِ) بِأَنْ يَغْسِلَ الْوَجْهَ قَبْلَ الْيَدَيْنِ وَالْيَدَيْنِ قَبْلَ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَهُوَ قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ، فَإِنْ نَكَّسَ (فَيُعَادُ) اسْتِنَانًا الْفَرْضُ (الْمُنَكَّسُ) لَا السُّنَّةُ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَنْ مَوْضِعِهِ الْمَشْرُوعِ لَهُ (وَحْدَهُ) مَرَّةً دُونَ تَابِعِهِ (إنْ بَعُدَ) أَيْ طَالَ مَا بَيْنَ انْتِهَاءِ وُضُوئِهِ وَتَذَكُّرِهِ بُعْدًا مُقَدَّرًا (بِجَفَافٍ) لِعُضْوٍ أَخِيرٍ وَزَمَنٍ اعْتَدَلَا وَهَذَا إنْ نَكَّسَ سَهْوًا، فَإِنْ نَكَّسَ عَمْدًا وَلَوْ جَاهِلًا أَعَادَ الْوُضُوءَ نَدْبًا فَمَنْ ابْتَدَأَ بِمَسْحِ الرَّأْسِ سَهْوًا وَطَالَ أَعَادَ الْمَسْحَ وَحْدَهُ إنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِهِ أَوْ الْبَقَاءَ عَلَى الطَّهَارَةِ (وَإِلَّا) يَحْصُلْ بَعْدُ بِمَا مَرَّ أَعَادَ الْمُنَكِّسُ اسْتِنَانًا مَرَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ (مَعَ) إعَادَةِ (تَابِعِهِ) شَرْعًا نَدْبًا مَرَّةً مَرَّةً وَسَوَاءٌ نَكَّسَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا، فَإِذَا بَدَأَ بِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ بِوَجْهِهِ فَرَأْسُهُ فَرِجْلَيْهِ وَتَذَكَّرَ بِالْقُرْبِ أَعَادَ الذِّرَاعَيْنِ وَأَعَادَ الْمَسْحَ وَغَسَلَ الرِّجْلَيْنِ مَرَّةً مَرَّةً وَسَوَاءٌ نَكَّسَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ طُولٍ أَعَادَ الذِّرَاعَيْنِ فَقَطْ مَرَّةً إنْ نَكَّسَ سَهْوًا وَابْتَدَأَ الْوُضُوءَ إنْ كَانَ عَمْدًا كَمَا مَرَّ (وَمَنْ) (تَرَكَ فَرْضًا) مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ وَمِثْلُهُ الْغُسْلُ غَيْرَ النِّيَّةِ، أَوْ لُمْعَةً تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَشَكٍّ لِغَيْرِ مُسْتَنْكِحٍ وَإِلَّا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ (أَتَى بِهِ) بَعْدَ تَذَكُّرِهِ فَوْرًا وُجُوبًا وَإِلَّا بَطَلَ وُضُوءُهُ، بِنِيَّةِ إكْمَالِ وُضُوئِهِ (وَبِالصَّلَاةِ) الَّتِي كَانَ صَلَّاهَا بِالنَّاقِصِ، هَذَا إذَا كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا مُطْلَقًا طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَا وَكَذَا عَمْدًا أَوْ عَجْزًا وَلَمْ يَطُلْ، فَإِنْ طَالَ بَطَلَ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ وَيَأْتِي بِهِ وُجُوبًا وَبِمَا بَعْدَهُ نَدْبًا فِي أَحْوَالِ الْقُرْبِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ فَقَطْ فِي الطُّولِ نِسْيَانًا (وَ) مَنْ تَرَكَ (سُنَّةً) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَشَكٍّ لِغَيْرِ مُسْتَنْكِحٍ مِنْ سُنَنِ وُضُوئِهِ غَيْرِ التَّرْتِيبِ وَغَيْرِ نَائِبٍ عَنْهَا غَيْرُهَا وَغَيْرِ مُوقِعٍ فِعْلُهَا فِي مَكْرُوهٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ جَدُّ عج وَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الشَّعْرَ الطَّوِيلَ إنَّمَا يُمْسَحُ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ مَرَّةً لِلْفَرْضِ وَمَرَّةً لِلسُّنَّةِ وَأَنَّ إدْخَالَ الْيَدِ تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ هُوَ السُّنَّةُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ النُّقُولُ كَمَا مَرَّ عَنْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُسَنَّ) أَيْ وَيُكْرَهُ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِلرَّدِّ وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَهُ حَتَّى أَخَذَ الْمَاءَ لِرِجْلَيْهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ الرَّدُّ فَضِيلَةً كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ لِكَوْنِ الْمَمْسُوحِ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَمْسُوحِ أَوَّلًا بِخِلَافِ الْمَغْسُولِ ثَانِيًا، فَإِنَّهُ الْمَغْسُولُ أَوَّلًا فَلِذَا خَفَّ أَمْرُ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ رَدِّ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ بِمَا اسْتَطَعْتُمْ» . (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَّسَ) أَيْ قَدَّمَ بَعْضَ الْفَرَائِضِ عَنْ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: فَيُعَادُ الْمُنَكَّسُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَكَّسَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ أَوْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْقُرْبِ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ اسْتِنَانًا مَرَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ ثَلَاثًا، وَيُعِيدُ نَدْبًا مَا بَعْدَهُ مَرَّةً مَرَّةً لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ نَكَّسَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ اسْتِنَانًا وَحْدَهُ مَرَّةً وَلَا يُعِيدُ مَا بَعْدَهُ هَذَا إذَا نَكَّسَ نَاسِيًا، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ حَصَلَ طُولٌ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ نَدْبًا (قَوْلُهُ: لَا السُّنَّةُ) أَيْ لَا السُّنَّةُ الْمُنَكَّسَةُ فَلَا يُطَالَبُ بِإِعَادَتِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ طَالَ الْأَمْرُ أَوْ قَرُبَ نَكَّسَهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْجَفَافِ لِلْعُضْوِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: مَرَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا قَالَ الشَّيْخ سَالِمٌ وَالطِّخِّيخِيُّ وَارْتَضَاهُ طفى قَائِلًا: إنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ ثَلَاثًا وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ غَسَلَهُ أَوَّلًا ثَلَاثًا وَهُوَ غَسْلٌ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا أُعِيدَ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ فَقَطْ وَمُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ مَا قَالَهُ عج إنَّهُ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ يُعَادُ الْمُنَكَّسُ ثَلَاثًا بِخِلَافِ حَالَةِ الْبُعْدِ، فَإِنَّهُ يُعَادُ مَرَّةً قَالَ طفى وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ نَكَّسَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا) هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: أَعَادَ الذِّرَاعَيْنِ) أَيْ مَرَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا ثَلَاثًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لُمْعَةً) عَطْفٌ عَلَى فَرْضًا (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْفَرْضِ وَغَسَلَ اللُّمْعَةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَرَاخَى فِي الْإِتْيَانِ بِهِ بَطَلَ وُضُوءُهُ وَهَلْ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي أَوْ لَا قَوْلَانِ وَمِنْ اغْتِفَارِ النِّسْيَانِ الثَّانِي فَرَّعَ سَحْنُونٌ: صَلَّى الْخَمْسَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِوُضُوءٍ أَوْ الْأَرْبَعَ الْأُوَلِ بِوُضُوءٍ وَالْعِشَاءَ بِوُضُوءٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ رَأْسِهِ مِنْ وُضُوءٍ وَلَا يَعْلَمُ مَا هُوَ فَيَأْتِي بِهِ وَيُعِيدُ الْخَمْسَ فَنَسِيَ وَأَعَادَهَا بِدُونِهِ أَتَى بِهِ وَأَعَادَ الْعِشَاءَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْخَلَلُ فِي وُضُوئِهَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَقَدْ أُعِيدَ غَيْرُهَا بِصَحِيحٍ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ إكْمَالِ وُضُوئِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ: الَّتِي كَانَ صَلَّاهَا بِالنَّاقِصِ) أَيْ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ النَّاقِصِ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ إتْيَانُهُ بِذَلِكَ الْفَرْضِ الْمَتْرُوكِ وَعَدَمُ بُطْلَانِ وُضُوئِهِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا مُطْلَقًا) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُوَالَاةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى النَّاسِي وَأَنَّهُ يَبْنِي مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَمْدًا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يَأْتِي بِالْفَرْضِ الْمَتْرُوكِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ وَيَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ قَبْلَهُ إذَا كَانَ تَرْكُهُ لِلْفَرْضِ عَمْدًا أَوْ عَجْزًا وَلَمْ يُطِلْ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ) أَيْ الْوَاجِبَةِ فِي حَقِّهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي بِهِ وُجُوبًا وَبِمَا بَعْدَهُ نَدْبًا فِي أَحْوَالِ الْقُرْبِ الثَّلَاثَةِ) أَعْنِي مَا إذَا كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا أَوْ عَجْزًا وَلَمْ يَطُلْ وَفِي النَّفْرَاوِيِّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ

[فضائل الوضوء]

كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ (فَعَلَهَا) اسْتِنَانًا دُونَ مَا بَعْدَهَا طَالَ التَّرْكُ أَوْ لَا لِنَدْبِ تَرْتِيبِ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ (لِمَا يُسْتَقْبَلُ) مِنْ الصَّلَوَاتِ لَا إنْ أَرَادَ مُجَرَّدَ الْبَقَاءِ عَلَى الطَّهَارَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ أَيْ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى إنْ كَانَ التَّرْكُ سَهْوًا اتِّفَاقًا وَكَذَا إنْ كَانَ عَمْدًا عَلَى قَوْلٍ وَالْمُعْتَمَدُ نَدْبُ الْإِعَادَةِ وَقَوْلُنَا وَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ فَقَدْ نَابَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَأَمَّا رَدُّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالِاسْتِنْثَارُ وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فَفِعْلُهَا يُوقِعُ فِي مَكْرُوهٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ فَضَائِلِهِ فَقَالَ (وَفَضَائِلُهُ) أَيْ مُسْتَحَبَّاتُهُ (مَوْضِعٌ طَاهِرٌ) أَيْ إيقَاعُهُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ بِالْفِعْلِ وَشَأْنُهُ الطَّهَارَةُ فَيَخْرُجُ بَيْتُ الْخَلَاءِ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ فَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ (وَقِلَّةُ الْمَاءِ) يَعْنِي تَقْلِيلَهُ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ تَابِعَ اللُّمْعَةِ الَّتِي يُغْسَلُ مَعَهَا فِي حَالَةِ الْقُرْبِ مَا بَعْدَهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ لَا بَقِيَّةُ عُضْوِهَا فَلَا يَفْعَلُ قَالَ فِي المج وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعُضْوَ الْوَاحِدَ لَا يُسَنُّ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ بَلْ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ خش وَغَيْرِهِ عَدَمُ إعَادَةِ الْيَسَارِ كَالسُّنَنِ لِلتَّرْتِيبِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا) كَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُ الْمُوَطَّإِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ قَالَ يَتَمَضْمَضُ وَلَا يُعِيدُ غَسْلَ وَجْهِهِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ نَسِيَ (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا اسْتِنَانًا دُونَ مَا بَعْدَهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَفْعَلُهَا اسْتِنَانًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لعج حَيْثُ قَالَ يَفْعَلُهَا نَدْبًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ سُنَّةً كَالْمَضْمَضَةِ وَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي فَرْضٍ فَلَا يَرْجِعُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرْضِ، نَعَمْ يَفْعَلُهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي وَلِلْقَرَافِيِّ يَفْعَلُهَا بَعْدَ إكْمَالِ الْوُضُوءِ وَلَا يَقْطَعُ الْوُضُوءَ لَهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي النَّفْرَاوِيِّ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا الْخُطْبَةُ لَا تُقْطَعُ لِلْأَذَانِ قَالَهُ فِي المج وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي التَّرْكِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَكَلَامُ عبق يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي التَّرْكِ نِسْيَانًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِفِعْلِ مَا تَرَكَهُ قَبْلَ تَمَامِ وُضُوئِهِ قَطْعًا وَلَا يُعِيدُ مَا بَعْدَهُ وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ (قَوْلُهُ: لِنَدْبِ تَرْتِيبِ السُّنَنِ إلَخْ) عِلَّةً لِقَوْلِهِ دُونَ مَا بَعْدَهَا أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَفْعَلْ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ مَنْدُوبٌ وَالْمَنْدُوبُ إذَا فَاتَ لَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ لِعَدَمِ التَّشْدِيدِ فِيهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ) وَإِلَّا فَعَلَهَا إنْ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى طَهَارَةٍ وَالطُّولُ هُنَا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْقُرْبُ بِعَدَمِ الْفَرَاغِ مِنْهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ نَدْبُ الْإِعَادَةِ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِهَا كَمَا قِيلَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا، فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْإِعَادَةِ لِضَعْفِ أَمْرِ الْوُضُوءِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ السُّنَّةِ الدَّاخِلَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخَارِجَةِ عَنْهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الدَّاخِلَةِ وَالْخَارِجَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَرْكِ الْمُوَالَاةِ عَمْدًا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا (قَوْلُهُ: قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَرْكِهِ بِأَنْ نَكَّسَ فَرْضًا وَقَدَّمَهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَحَيْثُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي كَلَامِهِ هُنَا، وَإِلَّا تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَابَ عَنْهُ الْفَرْضُ) أَيْ وَهُوَ غَسْلُهُمَا بِمِرْفَقَيْهِ (قَوْلُهُ: يُوقِعُ فِي مَكْرُوهٍ) أَيْ وَهُوَ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ فِي الْأَوَّلِ وَإِعَادَةِ الِاسْتِنْشَاقِ فِي الثَّانِي وَتَكْرَارِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فِي الثَّالِثِ وَفِي بْن اُنْظُرْ هَذَا أَيْ قَوْلَهُ وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي ح أَنَّ التَّجْدِيدَ يُفْعَلُ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ مَا نَصُّهُ فَمَنْ مَسَحَهُمَا أَيْ الْأُذُنَيْنِ مَعَ رَأْسِهِ أَوْ تَرَكَهُمَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ إلَّا أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْمَسْحِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَنَعِظُهُ فِي الْعَمْدِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ نَصًّا صَرِيحًا لِاحْتِمَالِ قَصْرِ قَوْلِهِ نَأْمُرُهُ بِالْمَسْحِ عَلَى فَرْعِ التَّرْكِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمَرَّةِ فِي الْأُذُنَيْنِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ. [فَضَائِل الْوُضُوء] (قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَحَبَّاتُهُ) أَيْ خِصَالُهُ وَأَفْعَالُهُ الْمُسْتَحَبَّةُ الَّتِي يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ إيقَاعُهُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ) إنَّمَا قَدَّرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ بَيْتُ الْخَلَاءِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا بِالْفِعْلِ لَكِنْ لَيْسَ شَأْنُهُ الطَّهَارَةَ فَيُكْرَهُ الْوُضُوءُ فِيهِ وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُتَنَجِّسَةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي تَقْلِيلَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِكَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا إنَّمَا هُوَ التَّقْلِيلُ لَا الْقِلَّةُ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُ عَلَى الْعُضْوِ قَلِيلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْلِيلَ الْمَاءِ الْمُعَدِّ لِلْوُضُوءِ

(بِلَا حَدٍّ) فِي التَّقْلِيلِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَقَاطُرُهُ عَنْ الْعُضْوِ بَلْ الشَّرْطُ جَرَيَانُهُ عَلَيْهِ (كَالْغُسْلِ) ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ الْمَوْضِعُ الطَّاهِرُ وَالتَّقْلِيلُ بِلَا حَدٍّ (وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ) بِأَنْ يُقَدِّمَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى (وَ) تَيَمُّنُ (إنَاءٍ) أَيْ جَعْلُهُ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ (إنْ فُتِحَ) فَتْحًا وَاسِعًا يُمْكِنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ لَا كَإِبْرِيقٍ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ عَلَى الْيَسَارِ إلَّا الْأَعْسَرَ فَبِالْعَكْسِ (وَبَدْءٌ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ) فِي الْمَسْحِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِمُقَدَّمِهَا (وَشَفْعُ غَسْلِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ (وَتَثْلِيثُهُ) أَيْ الْغَسْلِ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ إحْكَامِ الْفَرْضِ أَوْ السُّنَّةِ (وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ يُنْدَبُ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَوْ الْمَطْلُوبُ) فِيهِمَا (الْإِنْقَاءُ) مِنْ الْوَسَخِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ خِلَافٌ مَحَلُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا كَانَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ الْبَحْرِ مَثَلًا تَارِكًا لِلْفَضِيلَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: بِلَا حَدٍّ فِي التَّقْلِيلِ) فَلَا يُحَدُّ التَّقْلِيلُ بِسَيَلَانٍ عَنْ الْعُضْوِ أَوْ تَقْطِيرٍ عَنْهُ. وَأَمَّا السَّيَلَانُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ مَسْحًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَيَلَانِ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ وَتَقْطِيرِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ) أَيْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ بِيَمِينِ أَعْضَائِهِ عَلَى الْيَسَارِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ كَمَا يَأْتِي وَهَذَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ دُونَ الْأُذُنَيْنِ وَالْخَدَّيْنِ وَالْفَوْدَيْنِ وَهُمَا جَانِبَا الرَّأْسِ لِاسْتِوَاءِ يَمِينِ مَا ذُكِرَ مَعَ يُسْرَاهُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَدِّمُ يَمِينَ مَا ذُكِرَ عَلَى يُسْرَاهُ وَفِي المج عَنْ الشَّعْرَانِيِّ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا شَمَّرَ يَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِمُلَابَسَةِ عِبَادَةٍ كَالْوُضُوءِ شَمَّرَ يَمِينَهُ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ لِمُلَابَسَةِ أَمْرٍ غَيْرِهَا شَمَّرَ يُسْرَاهُ أَوَّلًا فَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ بَابِ خَلْعِ النَّعْلِ بِحَيْثُ يَبْدَأُ بِالْيُسْرَى مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: إنْ فُتِحَ فَتْحًا وَاسِعًا يُمْكِنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ) أَيْ كَالطَّشْتِ (قَوْلُهُ: لَا كَإِبْرِيقٍ) أَيْ لَا إنْ ضَاقَ عَنْ إدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ كَالْإِبْرِيقِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ عَلَى الْيَسَارِ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ عِيَاضٍ اخْتَارَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا ضَاقَ عَنْ إدْخَالِ الْيَدِ فِيهِ وَضْعَهُ عَلَى الْيَسَارِ اهـ (قَوْلُهُ: فَبِالْعَكْسِ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ الْإِنَاءُ مَفْتُوحًا فَتْحًا وَاسِعًا جَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ وَإِلَّا جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَضْبَطَ وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ مِثْلُ الْأَيْمَنِ لَا مِثْلُ الْأَعْسَرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ يُنْدَبُ الْبَدْءُ بِمُقَدَّمِهَا) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِلرَّأْسِ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِهَا وَعَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ وَسَطِهَا ثُمَّ يَذْهَبُ إلَى حَدِّ مَنَابِتِ شَعْرِهِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ ثُمَّ يَرُدُّ إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدُّ إلَى حَيْثُ بَدَأَ. وَأَمَّا غَيْرُ الرَّأْسِ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِمُقَدَّمِ الْأَعْضَاءِ أَوَّلُهَا عُرْفًا فَأَوَّلُ الْيَدَيْنِ عُرْفًا رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَكَذَلِكَ أَوَّلُ الرِّجْلَيْنِ وَأَوَّلُ الرَّأْسِ مَنَابِتُ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ، فَلَوْ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ أَوْ بِالذَّقَنِ أَوْ بِالْمِرْفَقَيْنِ أَوْ بِالْكَعْبَيْنِ وُعِظَ وَقُبِّحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَالِمًا وَعُلِّمَ إنْ كَانَ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَشَفْعُ غَسْلِهِ) فُهِمَ مِنْ إضَافَةِ شَفْعٍ لِلْغَسْلِ أَنَّ تَكْرَارَ الْمَسْحِ لِكَالْأُذُنَيْنِ وَالرَّأْسِ لَيْسَ بِفَضِيلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَالتَّكْرَارُ يُنَافِيهِ ثُمَّ يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْفَضِيلَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَعْدَ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَى فَرْضَهُ وَقِيلَ لَا يَنْوِي شَيْئًا مُعَيَّنًا وَيُصَمِّمُ اعْتِقَادَهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ الْمُسْبِغَةِ فَهُوَ فَضِيلَةٌ وَاسْتَظْهَرَهُ سَنَدٌ وَأَقَرَّهُ الْقَرَافِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلٌّ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبٌّ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُمَا فَضِيلَتَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَقِيلَ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ فَضِيلَةٌ وَنَقَلَ الزَّيَّاتِيُّ عَنْ أَشْهَبَ فَرْضِيَّةَ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ إنَّهُمَا مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إحْكَامِ الْفَرْضِ) أَيْ إنْ كَانَ الْعُضْوُ الْمَغْسُولُ غَسْلُهُ فَرْضٌ كَالْوَجْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ السُّنَّةِ أَيْ إنْ كَانَ الْمَغْسُولُ غَسْلُهُ سُنَّةٌ كَمَا فِي مَحَلِّ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ إحْكَامِ الْفَرْضِ إلَخْ أَيْ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ) أَيْ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ مِنْ الْوَسَخِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَطْلُوبُ فِيهِمَا الْإِنْقَاءُ مِنْ الْوَسَخِ) وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيْ وَلَا يُطْلَبُ بِشَفْعٍ وَلَا تَثْلِيثٍ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ مِنْ الْوَسَخِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْإِنْقَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لَا حَاجَةَ لَهُ تَأَمَّلْ وَهَذَا

فِي غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ أَمَّا هُمَا فَكَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ اتِّفَاقًا وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْإِنْقَاءُ (وَهَلْ تُكْرَهُ) الْغَسْلَةُ (الرَّابِعَةُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ قَالَ الزَّائِدَةُ لَشَمَلَ غَيْرَ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ فِيهَا الْخِلَافَ أَيْضًا (أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْهَا لِتَبَرُّدٍ أَوْ تَدَفٍّ أَوْ تَنْظِيفٍ وَإِلَّا جَازَ وَحَذَفَ خِلَافٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ وَلَوْ عَبَّرَ فِي هَذَا بِتَرَدُّدٍ لَكَانَ أَنْسَبَ بِاصْطِلَاحِهِ (وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ فِي أَنْفُسِهَا بِأَنْ يُقَدِّمَ الْيَدَيْنِ إلَى الْكُوعَيْنِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَهِيَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ عَلَى مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ (أَوْ) تَرْتِيبُ سُنَنِهِ (مَعَ فَرَائِضِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْفَرَائِضَ الثَّلَاثَةَ عَلَى الْأُذُنَيْنِ وَعَطَفَ بِأَوْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ مُسْتَقِلٌّ (وَسِوَاكٌ) أَيْ الِاسْتِيَاكُ وَهُوَ الْفِعْلُ لِأَنَّهُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآلَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ هَذَا إذَا كَانَ بِعُودٍ مِنْ أَرَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِإِصْبَعٍ) ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَيَكُونُ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَنُدِبَ اسْتِيَاكٌ بِالْيُمْنَى وَابْتِدَاءٌ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ وَطُولًا فِي اللِّسَانِ وَكُرِهَ بِعُودِ الرَّيْحَانِ وَالرُّمَّانِ لِتَحْرِيكِهِمَا عِرْقَ الْجُذَامِ أَوْ بِعُودِ الْحَلْفَاءِ أَوْ قَصَبِ الشَّعِيرِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْأُكْلَةَ وَالْبَرَصَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ عَلَى شِبْرٍ وَلَا يَقْبِضُ عَلَيْهِ (كَصَلَاةٍ) أَيْ كَنَدْبِ السِّوَاكِ لِأَجْلِ صَلَاةٍ (بَعُدَتْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السِّوَاكِ بِمَعْنَى الِاسْتِيَاكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلُ شَهَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ ابْنِ رَاشِدٍ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالْوَسَخِ الْمُتَجَسِّدُ الْحَائِلُ الَّذِي يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ كَطِينٍ مَثَلًا أَمَّا الْوَسَخُ الْغَيْرُ الْحَائِلِ فَلَا يُطْلَبُ إزَالَتُهُ فِي الْوُضُوءِ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا اللَّتَانِ عَلَيْهِمَا وَسَخٌ حَائِلٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا هُمَا) أَيْ النَّقِيَّتَانِ وَهُمَا اللَّتَانِ لَيْسَ عَلَيْهِمَا وَسَخٌ حَائِلٌ بِأَنْ كَانَتَا لَا وَسَخَ عَلَيْهِمَا أَصْلًا أَوْ عَلَيْهِمَا وَسَخٌ غَيْرُ حَائِلٍ وَقَوْلُهُ فَكَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ أَيْ يُنْدَبُ فِيهِمَا الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ النَّقِيَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ) أَيْ بَعْدَ الثَّلَاثِ الْمُوعِبَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ السَّرَفِ فِي الْمَاءِ وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ أَوْ تُمْنَعُ أَيْ وَهُوَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْغَسْلَةِ الْمُحَقَّقُ كَوْنُهَا رَابِعَةً بَعْدَ ثَلَاثٍ مُوعِبَةٍ. وَأَمَّا الْمَشْكُوكُ فِي كَوْنِهَا رَابِعَةً أَوْ ثَالِثَةً بَعْدَ إيعَابِ الْغَسْلِ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهَا بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا يَأْتِي وَالْغَسْلَةُ الْمُحَقَّقُ كَوْنُهَا رَابِعَةً بَعْدَ ثَلَاثٍ غَيْرِ مُوعِبَةٍ وَاجِبَةٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: لَشَمَلَ غَيْرَ الرَّابِعَةِ) أَيْ كَالْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ إيعَابِ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ وَالْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَنْسَبَ بِاصْطِلَاحِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشُّيُوخِ الْمَذْكُورِينَ نَقَلَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَقَدْ تَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ حُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ مَعَ أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ، فَلَوْ حَصَلَ تَنْكِيسٌ بَيْنَ السُّنَنِ أَوْ بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ لَمْ تُطْلَبْ الْإِعَادَةُ لِمَا نَكَّسَهُ وَلَا لِمَا بَعْدَهُ لِلتَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ إذَا فَاتَ لَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ سَوَاءٌ نَكَّسَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ) أَيْ الثَّلَاثَ سُنَنِ الْأُوَلَ وَهِيَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْأَرْبَعَةَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الِاسْتِنْثَارَ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِنَفْسِهِ صَارَ كَأَنَّهُ مَعَ الِاسْتِنْشَاقِ شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَالْفَرَائِضُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ وَيُقَدِّمُ الْفَرَائِضَ الثَّلَاثَةَ غَسْلَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحَ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَسِوَاكٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ مِنْ مُلَازَمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ لِمَرَضِ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَنْ يَكُونَ سُنَّةً وَهُوَ وَجِيهٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ السِّوَاكَ (قَوْلُهُ: يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ اسْتِعْمَالُ عُودٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ كَالْجَرِيدِ وَخَشَبِ التُّوتِ وَالْجُمَّيْزِ وَالزَّيْتُونِ وَالشَّيْءِ الْخَشِنِ كَطَرَفِ الْجُبَّةِ وَالثَّوْبِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْعُودِ الَّذِي مِنْ الْأَرَاكِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: الْأُكْلَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَهِيَ شَيْءٌ يَقُومُ بِالْأَسْنَانِ يَكْسِرُهَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَنَدْبِ السِّوَاكِ لِأَجْلِ صَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا لِتِلْكَ الصَّلَاةِ بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا

أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي وُضُوءٍ أَوْ لَا وَكَذَا يُنْدَبُ لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَانْتِبَاهٍ مِنْ نَوْمٍ وَتَغَيُّرِ فَمٍ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ طُولِ سُكُوتٍ أَوْ كَثْرَةِ كَلَامٍ (وَتَسْمِيَةٌ) بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ بِسْمِ اللَّهِ وَفِي زِيَادَةٍ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلَانِ (وَتُشْرَعُ) أَيْ التَّسْمِيَةُ وَعَبَّرَ بِتُشْرَعُ لِيَشْمَلَ الْوُجُوبَ وَالسُّنَّةَ وَالنَّدْبَ (فِي) (غَسْلٍ وَتَيَمُّمٍ) نَدْبًا (وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) اسْتِنَانًا وَنُدِبَ زِيَادَةُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَزِدْنَا خَيْرًا مِنْهُ (وَذَكَاةٍ) وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ (وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ لَمَنْزِلٍ وَمَسْجِدٍ وَلُبْسٍ) لِكَثَوْبٍ وَنَزْعِهِ (وَغَلْقِ بَابٍ) وَفَتْحِهِ (وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ) وَوَقِيدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَوَطْءٍ) مُبَاحٍ وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ) وَتِلَاوَةٍ وَنَوْمٍ وَابْتِدَاءُ طَوَافٍ وَدُخُولِ خَلَاءٍ نَدْبًا وَالْأَوْلَى إتْمَامُهَا فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالذَّكَاةِ (وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ) وَهِيَ الزِّيَادَةُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ دَوَامُ الطَّهَارَةِ وَالتَّجْدِيدِ (وَ) لَا يُنْدَبُ (مَسْحُ الرَّقَبَةِ) بَلْ يُكْرَه ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُصَلِّي (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ) أَيْ السِّوَاكُ الَّذِي بَعُدَتْ مِنْهُ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةٌ) جَعْلُهَا مِنْ فَضَائِلِ الْوُضُوءِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا فِيهِ وَأَنَّهَا تُكْرَهُ (تَتِمَّةٌ) بَقِيَ مِنْ الْفَضَائِلِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِشْعَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِهِ وَالْجُلُوسُ مَعَ التَّمَكُّنِ وَالِارْتِفَاعُ عَنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِابْتِدَاءِ) أَيْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَابْنُ نَاجِيٍّ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ زِيَادَتِهِمَا وَالْفَاكِهَانِيُّ وَابْنُ الْمُنِيرِ رَجَّحَا الْقَوْلَ بِزِيَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ: اسْتِنَانًا) رَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ سُنِّيَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَيْنِيَّةٌ وَقِيلَ: إنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي الْأَكْلِ. وَأَمَّا فِي الشُّرْبِ فَسُنَّةُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ زِيَادَةُ إلَخْ) أَيْ وَنُدِبَ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ اللَّهُمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَزِدْنَا خَيْرًا مِنْهُ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوبُ أَوْ الْمَأْكُولُ غَيْرَ لَبَنٍ. وَأَمَّا إنْ كَانَ لَبَنًا، فَإِنَّهُ يَزِيدُ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَزِدْنَا مِنْهُ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ أَفْضَلُ الطَّعَامِ اللَّحْمُ وَيَلِيهِ اللَّبَنُ وَيَلِيهِ الزَّيْتُ أَنَّ اللَّبَنَ يُغْنِي عَنْ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَذَكَاةٍ) أَيْ وَتُشْرَعُ وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فِي ذَكَاةٍ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ وَالْعَقْرُ لِلصَّيْدِ الْمَعْجُوزِ عَنْ ذَبْحِهِ وَمَا يُعَجِّلُ الْمَوْتَ كَقَطْعِ جَنَاحٍ لِنَحْوِ جَرَادٍ (قَوْلُهُ: وَرُكُوبِ دَابَّةٍ) أَيْ وَتُشْرَعُ نَدْبًا فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ وَرُكُوبِ سَفِينَةٍ وَكَذَا مَا بَعْدَهُمَا وَفِي شب رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَنْ قَالَ عِنْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [هود: 41] {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] أَمِنَ مِنْ الْغَرَقِ اهـ (قَوْلُهُ: وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ إلَخْ) أَيْ وَتُشْرَعُ نَدْبًا فِي دُخُولِ الْمَنْزِلِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ وَفِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلُبْسٍ لِكَثَوْبٍ) سَوَاءٌ كَانَ قَمِيصًا أَوْ إزَارًا أَوْ عِمَامَةً أَوْ رِدَاءً (قَوْلُهُ: وَغَلْقِ بَابٍ) وَسِرُّهَا دَفْعُ مَنْ يُرِيدُ فَتْحَهُ مِنْ السُّرَّاقِ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ الْوَطْءُ الْمَكْرُوهُ وَالْمُحَرَّمُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ أَيْ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ تَحْرُمُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَقِيلَ تُكْرَهُ فِي الْمَكْرُوهِ وَتَحْرُمُ فِي الْمُحَرَّمِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّمِ لِعَارِضٍ كَالْحَيْضِ لَا زِنًا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ اتِّفَاقًا وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْوَطْءِ الْمَكْرُوهِ وَطْءُ الْجُنُبِ ثَانِيًا قَبْلَ غَسْلِ فَرْجِهِ وَوَطْؤُهُ الْمُؤَدِّي لِلِانْتِقَالِ لِلتَّيَمُّمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ (قَوْلُهُ: وَلَحْدُهُ) أَيْ إلْحَادُهُ فِي قَبْرِهِ أَيْ إرْقَادُهُ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَرُكُوبُ دَابَّةٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالذَّكَاةِ) أَيْ وَإِلَّا عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ فَلَا تَكْمُلُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ) أَيْ الْإِطَالَةُ فِيهَا وَالْمُرَادُ بِالْإِطَالَةِ الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ الْمَغْسُولُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا تُنْدَبُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْسُولِ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنْدَبُ دَوَامُ الطَّهَارَةِ وَالتَّجْدِيدِ لَهَا) أَيْ وَيُسَمَّى ذَلِكَ أَيْضًا إطَالَةَ الْغُرَّةِ كَمَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» فَقَدْ حَمَلُوا الْإِطَالَةَ

[مكروهات الوضوء]

لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَ) لَا يُنْدَبُ (تَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ تَنْشِيفُهَا مِنْ الْبَلَلِ بِخِرْقَةٍ مَثَلًا بَلْ يَجُوزُ (وَإِنْ) (شَكَّ) الْمُتَوَضِّئُ (فِي ثَالِثَةٍ) أَرَادَ فِعْلَهَا هَلْ هِيَ ثَالِثَةٌ أَوْ رَابِعَةٌ (فَفِي كَرَاهَتِهَا) أَيْ كَرَاهَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ وَاسْتُظْهِرَ (وَنَدْبِهَا) اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ كَالشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ (قَوْلَانِ قَالَ) الْمَازِرِيُّ مُخَرِّجًا عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي ثَالِثَةٍ (كَشَكِّهِ) أَيْ الشَّخْصِ الشَّاكِّ (فِي) قَصْدِهِ (صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ) أَيْ شَكَّ عِنْدَ إرَادَتِهِ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ (هَلْ) الْغَدُ نَفْسُ يَوْمِ عَرَفَةَ فَأُبَيِّتُ الصَّوْمَ نَدْبًا أَوْ (هُوَ الْعِيدُ) فَيَحْرُمُ التَّبْيِيتُ فَفِي كَرَاهَتِهِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ وَنَدْبِهِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ الْقَوْلَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كَشَكِّهِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَيْ وَقَعَ شَكُّهُ عَلَى يَوْمِ عَرَفَةَ هَلْ هُوَ هُوَ أَوْ هُوَ الْعِيدُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَالَ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي يَوْمٍ هَلْ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ الْعِيدُ كَانَ أَوْضَحَ وَأَمَّا مَكْرُوهَاتُهُ فَالْإِكْثَارُ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ وَكَثْرَةُ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي الْمَغْسُولِ وَعَلَى وَاحِدَةٍ فِي الْمَمْسُوحِ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِطَالَةُ الْغُرَّةِ وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ وَالْمَكَانِ الْغَيْرُ الطَّاهِرِ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) يَذْكُرُ فِيهِ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَحُكْمُ الِاسْتِبْرَاءِ وَصِفَتُهُ وَالِاسْتِنْجَاءُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (نُدِبَ لِقَاضِي) أَيْ لِمُرِيدِ إخْرَاجِ (الْحَاجَةِ) إذَا كَانَتْ بَوْلًا (جُلُوسٌ) بِرَخْوٍ طَاهِرٍ وَيَجُوزُ الْقِيَامُ إذَا أَمِنَ الِاطِّلَاعَ (وَمُنِعَ) الْجُلُوسُ أَيْ كُرِهَ (بِرَخْوٍ) مُثَلَّثِ الرَّاءِ الْهَشُّ بِكَسْرِ الْهَاءِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَيْ اللَّيِّنُ كَالرَّمْلِ (نَجِسٍ) لِئَلَّا يَتَنَجَّسَ ثَوْبُهُ (وَتَعَيَّنَ الْقِيَامُ) أَيْ نُدِبَ نَدْبًا أَكِيدًا وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الصُّلْبُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الدَّوَامِ وَالْغُرَّةَ عَلَى الْوُضُوءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إطَالَةَ الْغُرَّةِ تُطْلَقُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَغْسُولِ وَتُطْلَقُ عَلَى إدَامَةِ الْوُضُوءِ، وَإِطَالَةُ الْغُرَّةِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ هُوَ الْمَكْرُوهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِطَالَةُ الْغُرَّةِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي مَطْلُوبٌ عِنْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ مُعَارِضًا لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ وَهِيَ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ) أَيْ تَرْكُ الْمَسْحِ أَيْ وَيَجُوزُ أَيْضًا مَسْحُهَا بِمِنْدِيلٍ أَوْ مِنْشَفَةٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فِي اسْتِحْبَابِهِمْ تَرْكَ ذَلِكَ الْمَسْحِ وَكَرَاهَتَهُمْ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ فِي ثَالِثَةٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ شَكَّ مُرِيدُ الْإِتْيَانِ بِغَسْلَةٍ فِي كَوْنِهَا ثَالِثَةً وَرَابِعَةً مَعَ إيعَابِ الْغَسْلِ فَفِي كَرَاهَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا وَنَدْبِهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمَازِرِيُّ عَنْ الشُّيُوخِ وَالْخِلَافُ عَامٌّ فِي الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ) أَيْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ نَهْيَ كَرَاهَةٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَوْ تَحْرِيمٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ اسْتَظْهَرَهُ فِي الشَّامِلِ وَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ إنَّهُ الْحَقُّ وَرَجَّحَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَنَدْبُهَا) أَيْ وَنَدْبُ الْإِتْيَانِ بِهَا (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: كَالشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ هَذِهِ الرَّكْعَةُ ثَالِثَةً أَوْ رَابِعَةً، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فِي قَصْدِهِ) أَيْ عِنْدَ قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ شَكَّ عِنْدَ إرَادَتِهِ إلَخْ) تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ كَشَكِّهِ فِي قَصْدِهِ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: هَلْ الْغَدُ نَفْسُ يَوْمِ عَرَفَةَ) أَيْ وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَدْبُهُ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِيدِ وَالْقَوْلُ بِنَدْبِ الصَّوْمِ وَرَجَّحَهُ الْمَازِرِيُّ. وَأَمَّا آخِرُ رَمَضَانَ فَيَجِبُ صَوْمُهُ اسْتِصْحَابًا وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ يُقْبَلُ الْإِخْبَارُ بِكَمَالِ الْوُضُوءِ وَالصَّوْمِ وَقَيَّدَهُ عبق بِمَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ وَيَجْزِمْ وَسَيَأْتِي رُجِّحَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ إلَخْ. [مَكْرُوهَات الْوُضُوء] (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ مَنْ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا كَشْفُهَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا غَيْرَ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ فَهُوَ حَرَامٌ لَا مَكْرُوهٌ فَقَطْ. [فَصْلٌ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ] (فَصْلٌ) نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ طُلِبَ بَدَلَ قَوْلِهِ نُدِبَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا يَأْتِي وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ بَوْلًا إلَخْ) لَوْ قَالَ الشَّارِحُ فِي خِيَاطَةِ الْمَتْنِ نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا جُلُوسٌ بِرَخْوٍ أَوْ صُلْبٍ طَاهِرَيْنِ وَمُنِعَ بِرَخْوٍ نَجِسٍ وَتَعَيَّنَ الْقِيَامُ فِي الْبَوْلِ وَتَنَحَّى فِي الْغَائِطِ وَاجْتُنِبَ الصُّلْبُ النَّجِسُ مُطْلَقًا بَوْلًا أَوْ غَائِطًا قِيَامًا وَجُلُوسًا كَانَ أَوْضَحَ اهـ (قَوْلُهُ: بِرَخْوٍ طَاهِرٍ) فِي بْن قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَسَّمَ بَعْضُهُمْ مَوْضِعَ الْبَوْلِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ طَاهِرًا رَخْوًا كَالرَّمْلِ جَازَ فِيهِ الْقِيَامُ وَالْجُلُوسُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَإِنْ كَانَ رَخْوًا نَجِسًا بَال قَائِمًا مَخَافَةَ أَنْ تَتَنَجَّسَ ثِيَابُهُ وَإِنْ كَانَ صُلْبًا نَجِسًا تَنَحَّى عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَبُولُ فِيهِ لَا قَائِمًا وَلَا جَالِسًا وَإِنْ كَانَ صُلْبًا طَاهِرًا تَعَيَّنَ الْجُلُوسُ لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْبَوْلِ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الْوَنْشَرِيسِيُّ بِقَوْلِهِ: بِالطَّاهِرِ الصُّلْبِ اجْلِسْ ... وَقُمْ بِرَخْوٍ نَجِسِ وَالنَّجِسُ الصُّلْبُ اجْتَنِبْ ... وَاجْلِسْ وَقُمْ إنْ تَعْكِسْ

الْجُلُوسُ إنْ كَانَ طَاهِرًا أَوْ التَّنَحِّي عَنْهُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ نَجِسًا كَمَا سَيَأْتِي وَمَعْنَى تَعَيَّنَ نُدِبَ نَدْبًا أَكِيدًا فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْبَوْلِ وَأَمَّا الْغَائِطُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْقِيَامُ أَيْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَمِثْلُهُ بَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالْخَصِيِّ (وَ) نُدِبَ لَهُ (اعْتِمَادٌ) حَالَ قَضَائِهَا جَالِسًا وَلَوْ بَوْلًا (عَلَى رِجْلٍ) بِأَنْ يَمِيلَ عَلَيْهَا وَيَرْفَعَ عَقِبَ الْيُمْنَى وَصَدْرُهَا عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى خُرُوجِ الْفَضْلَةِ (وَاسْتِنْجَاءٌ) أَيْ إزَالَةُ مَا فِي الْمَحَلِّ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ (بِيَدٍ) أَعْنِي (يُسْرَيَيْنِ) فَهُوَ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ (وَ) نُدِبَ (بَلُّهَا) أَيْ الْيَدِ الْيُسْرَى (قَبْلَ لُقِيِّ الْأَذَى) أَيْ الْغَائِطِ أَوْ الْبَوْلِ لِئَلَّا يَقْوَى تَعَلُّقُ الرَّائِحَةِ بِهَا (وَ) نُدِبَ (غَسْلُهَا) أَيْ الْيُسْرَى (بِكَتُرَابٍ) مِنْ رَمْلٍ وَغَاسُولٍ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِمَّا يُزِيلُ الرَّائِحَةَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ لُقِيِّ الْأَذَى بِهَا وَلَوْ مَعَ صَبِّ الْمَاءِ، وَأَمَّا إذَا لَاقَى بِهَا حُكْمَ الْأَذَى بِأَنْ اسْتَجْمَرَ أَوَّلًا بِالْأَحْجَارِ ثُمَّ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَلَا يُطْلَبُ بِغَسْلِهَا (وَ) نُدِبَ (سِتْرٌ) أَيْ إدَامَتُهُ حَالَ انْحِطَاطِهِ لِجُلُوسٍ (إلَى مَحَلِّهِ) أَيْ مَحَلِّ سُقُوطِ الْأَذَى (وَ) نُدِبَ (إعْدَادُ مُزِيلِهِ) أَيْ الْأَذَى كَانَ الْمُزِيلُ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا (وَوِتْرُهُ) أَيْ الْمُزِيلِ الْجَامِدِ كَالْحَجَرِ إنْ أَنْقَى الشَّفْعُ وَيَنْتَهِي الْإِيتَارُ لِسَبْعٍ، فَإِنْ أَنْقَى بِثَمَانٍ لَمْ يُطْلَبْ بِتَاسِعٍ وَهَكَذَا وَيَحْصُلُ الْإِيتَارُ بِحَجَرٍ لَهُ ثَلَاثُ جِهَاتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُ التَّوْضِيحِ فِي الصُّلْبِ الطَّاهِرِ يَتَعَيَّنُ بِالْجُلُوسِ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْبَاجِيَّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْقِيَامَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَلِذَا قَالَ شَارِحُنَا وَمَعْنَى تَعَيَّنَ نُدِبَ نَدْبًا أَكِيدًا وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ جُلُوسٌ أَيْ فِي الْمَوْضِعِ الطَّاهِرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ رَخْوًا أَوْ صُلْبًا لَكِنْ نَدْبُ الْجُلُوسُ فِي الصُّلْبِ آكَدُ مِنْهُ فِي الرَّخْوِ فَتَكُونُ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ كُلُّهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ ذَكَرَ هُنَا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمَيْ الطَّاهِرِ وَقِسْمَ الرَّخْوِ النَّجِسِ، وَالرَّابِعُ وَهُوَ الصُّلْبُ النَّجِسُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّنَحِّي عَنْهُ مُطْلَقًا) أَيْ قِيَامًا وَجُلُوسًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْقِيَامُ) أَيْ وَيُنْدَبُ فِيهِ الْجُلُوسُ نَدْبًا أَكِيدًا وَهَذَا فِي الرَّخْوِ وَالصُّلْبِ الطَّاهِرَيْنِ. وَأَمَّا الْمَوْضِعُ النَّجِسُ سَوَاءٌ كَانَ رَخْوًا أَوْ صُلْبًا، فَإِنَّهُ يَتَنَحَّى عَنْهُ بِالْغَائِطِ لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا وَيُكْرَهُ لَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً تَغَوُّطُهُ فِيهِ قَائِمًا أَوْ جَالِسًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَوْلًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ غَائِطًا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ بَوْلًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَمِيلَ إلَخْ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلِاعْتِمَادِ عَلَى الرِّجْلِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ جَالِسًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَعْوَنُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِنَدْبِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الرِّجْلِ فَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَيْ الِاعْتِمَادَ الْمَذْكُورَ أَعْوَنُ أَيْ أَشَدُّ إعَانَةً عَلَى خُرُوجِ الْفَضْلَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ فَإِذَا اعْتَمَدَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى صَارَ الْمَحَلُّ كَالْمَزْلَقِ لِخُرُوجِ الْحَدَثِ فَهِيَ شِبْهُ الْإِنَاءِ الْمَلَآنِ الَّذِي أُقْعِدَ عَلَى جَنْبِهِ لِلتَّفْرِيغِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أُقْعِدَ مُعْتَدِلًا (قَوْلُهُ: أَيْ إزَالَةُ مَا فِي الْمَحَلِّ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ) تَفْسِيرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِذَلِكَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِنْجَاءُ أَعَمُّ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مَا فِي الْمَحَلِّ بِالْأَحْجَارِ (قَوْلُهُ: أَعْنِي) أَيْ بِالرِّجْلِ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَالْيَدِ الَّتِي يَسْتَنْجِي بِهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْمُولَيْنِ لِعَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا يَجُوزُ إتْبَاعُ نَعْتِهِمَا وَالنَّدْبُ مُنَصَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ يُسْرَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبَلُّهَا) أَيْ وَبَلُّ مَا لَاقَى الْأَذَى مِنْهَا وَهُوَ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرُ وَالْبِنْصِرُ كَمَا فِي المج وَلَيْسَ الْمُرَادُ بَلَّهَا كُلِّهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَوْلُهُ وَغَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ إلَخْ أَيْ إذَا لَمْ يَبُلَّهَا قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْأَذَى كَمَا فِي المج وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْدَبُ غَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَلَّهَا قَبْلَ لِقَاءِ الْأَذَى أَوْ لَمْ يَبُلَّهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَوْلُهُ بِمَا يُزِيلُ الرَّائِحَةَ أَيْ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِالْيَدِ عِنْدَ عَدَمِ بَلِّهَا. وَأَمَّا عِنْدَ بَلِّهَا فَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَا رَائِحَةٌ لِانْسِدَادِ الْمَسَامِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ صَبِّ الْمَاءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لُقِيُّ الْأَذَى مُقَارِنًا لِصَبِّ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلُّ سُقُوطِ الْأَذَى) فَإِذَا وَصَلَ لِمَحَلِّ سُقُوطِ الْأَذَى كَشَفَ عَوْرَتَهُ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إعْدَادُ مُزِيلِهِ) أَيْ قَبْلَ جُلُوسِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْمُزِيلُ جَامِدًا) أَيْ كَالْحَجَرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَائِعًا أَيْ كَالْمَاءِ وَفِي بْن الْمَنْدُوبُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ إعْدَادُهُمَا مَعًا لَا إعْدَادُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ فَفِي قَوَاعِدِ عِيَاضٍ مِنْ آدَابِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَنْ يُعِدَّ الْمَاءَ وَالْأَحْجَارَ عِنْدَهُ اهـ إذَا عَلِمْت هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَنُدِبَ إعْدَادُ مُزِيلِهِ مِنْ مَاءٍ وَحَجَرٍ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ يُقَالُ مَحَلُّ نَدْبِ إعْدَادِهِمَا مَعًا قَبْلَ الْجُلُوسِ إنْ تَيَسَّرَا، فَإِنْ تَيَسَّرَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ نُدِبَ إعْدَادُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُزِيلُ الْجَامِدُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامًا حَيْثُ ذَكَرَ الْمُزِيلَ بِمَعْنًى وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ (قَوْلُهُ: إنْ أَنْقَى الشَّفْعُ) أَيْ فَإِذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِاثْنَيْنِ نُدِبَ اسْتِعْمَالُ الثَّالِثِ وَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِأَرْبَعَةٍ نُدِبَ الْخَامِسُ وَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِسِتَّةٍ نُدِبَ السَّابِعُ، فَإِنْ

يَمْسَحُ بِكُلِّ جِهَةٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ الْإِيتَارِ الْوَاحِدُ إنْ أَنْقَى فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ (وَ) نُدِبَ (تَقْدِيمُ قُبُلِهِ) فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى دُبُرِهِ إلَّا أَنْ يَقْطُرَ بَوْلُهُ عِنْدَ مَسِّ الدُّبُرِ (وَتَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ) حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ (وَاسْتِرْخَاؤُهُ) قَلِيلًا حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ لِئَلَّا يَنْقَبِضَ الْمَحَلُّ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى (وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ) وَلَوْ بِكُمِّهِ أَوْ طَاقِيَّةٍ فَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ مَكْشُوفًا حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَقِيلَ بِرِدَاءٍ وَنَحْوِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ (وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِ) بَعْدَ جُلُوسِهِ لِئَلَّا يَرَى مَا يَخَافُ مِنْهُ فَيَقُومَ فَيَتَنَجَّسَ، وَأَمَّا قَبْلَ جُلُوسِهِ فَيُنْدَبُ الِالْتِفَاتُ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ (وَ) نُدِبَ (ذِكْرٌ وَرَدَ) فِي السُّنَّةِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَحَلِّ وَهُوَ اللَّهُمَّ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي (وَ) ذِكْرٌ وَرَدَ (قَبْلَهُ) وَهُوَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ الرِّجْسِ النَّجَسِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَرُوِيَ سُكُونُهَا جَمْعُ خَبِيثٍ ذُكُورُ الشَّيَاطِينِ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ إنَاثُهُمْ (فَإِنْ) (فَاتَ) الذِّكْرُ الْقَبْلِيُّ بِأَنْ نَسِيَ حَتَّى دَخَلَ (فَفِيهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَذْكُرُهُ نَدْبًا فِي الْمَحَلِّ نَفْسِهِ (إنْ لَمْ يُعَدَّ) لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بِأَنْ كَانَ فِي الْفَضَاءِ مَا لَمْ يَجْلِسْ لِقَضَائِهَا وَقِيلَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْحَدَثِ وَإِلَّا فَلَا ذِكْرَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أُعِدَّ كَالْمِرْحَاضِ لَمْ يُنْدَبْ فِيهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْجَوَازِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ الْمَنْحُ أَيْ الْكَرَاهَةُ تَعْظِيمًا لِذِكْرِ اللَّهِ وَهَذَا إذَا دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَكَذَا بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا فِيمَا ظَهَرَ لَهُمْ (وَ) نُدِبَ (سُكُوتٌ) حِينَ قَضَائِهَا وَمُتَعَلَّقِهِ الِاسْتِنْجَاءُ (إلَّا لِمُهِمٍّ) فَيُطْلَبُ الْكَلَامُ نَدْبًا كَطَلَبِ مَا يُزِيلُ بِهِ الْأَذَى أَوْ وُجُوبًا كَإِنْقَاذِ أَعْمَى وَتَخْلِيصِ مَالٍ لَهُ بَالٌ (وَ) نُدِبَ (بِالْفَضَاءِ تَسَتُّرٌ) عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِحَيْثُ لَا يُرَى جِسْمُهُ فَضْلًا عَنْ عَوْرَتِهِ بِشَجَرٍ أَوْ صَخْرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَبُعْدٌ) عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ حَتَّى لَا يُسْمَعَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ (وَاتِّقَاءُ جُحْرٍ) مُسْتَدِيرٍ أَوْ مُسْتَطِيلٍ لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهُ مَا يُؤْذِيهِ أَوْ لِأَنَّهُ مَسْكَنُ الْجِنِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِالْوِتْرِ تَعَيَّنَ وَلَا يَتَأَتَّى نَدْبُهُ (قَوْلُهُ: يَمْسَحُ بِكُلِّ جِهَةٍ) أَيْ يَمْسَحُ الْمَخْرَجَ بِتَمَامِهِ بِكُلِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْحَجَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ قُبُلِهِ) أَيْ خَوْفًا مِنْ تَنْجِيسِ يَدِهِ بِمَا عَلَى مَخْرَجِ الْبَوْلِ لَوْ قَدَّمَ دُبُرَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْطُرَ إلَخْ) أَيْ فَيُقَدِّمُ دُبُرَهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيمِ الْقُبُلِ (قَوْلُهُ: حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ وَكَذَا حَالُ الِاسْتِجْمَارِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَنْقَبِضَ الْمَحَلُّ إلَخْ) أَيْ فَيَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ صَلَاتُهُ بِالنَّجَاسَةِ وَلَرُبَّمَا خَرَجَ ذَلِكَ الْأَذَى الَّذِي انْقَبَضَ عَلَيْهِ الْمَحَلُّ فَيُنَجِّسُ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ أَوْ هُمَا وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الِاسْتِرْخَاءِ لَا نَدْبُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حُصُولُ مَا ذُكِرَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ: وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ) أَيْ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَحَالَ مُتَعَلَّقِهَا مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ وَإِنَّمَا نُدِبَ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِيمَا ذُكِرَ قِيلَ حَيَاءً مِنْ اللَّهِ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لِمَسَامِّ الشَّعْرِ مِنْ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِهَا فَتَضُرُّهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِرِدَاءٍ) أَيْ وَقِيلَ لَا يَحْصُلُ نَدْبُ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِرِدَاءٍ وَنَحْوِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا اعْتَادَهُ فِي الْوَضْعِ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ طَاقِيَّةٍ وَنَحْوِهَا وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي عِلَّةِ نَدْبِ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَهَلْ هُوَ مِنْ الْحَيَاءِ مِنْ اللَّهِ أَوْ خَوْفِ عُلُوقِ الرَّائِحَةِ بِمَسَامِّ الشَّعْرِ قَالَ بْن وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرَى مَا يَخَافُ مِنْهُ) أَيْ غَيْرَ قَادِمٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَذِكْرٌ) أَيْ وَاسْتِعْمَالُ ذِكْرٍ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: غُفْرَانَك) بِالنَّصْبِ أَيْ أَسْأَلُك غُفْرَانَك (قَوْلُهُ: سَوَّغَنِيهِ) أَيْ أَدْخَلَهُ فِي جَوْفِي (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا) الْحَمْدُ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ خُرُوجِهِ وَكَوْنِهِ خَبِيثًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عَدَمِ خُرُوجِهِ وَمِنْ خُرُوجِهِ غَيْرُ خَبِيثٍ فِيهِ مَضَرَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى دَخَلَ) أَيْ لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَجْلِسْ لِقَضَائِهَا) أَيْ وَيَنْكَشِفُ وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَإِنْ فَاتَ فَفِيهِ إنْ لَمْ يُعَدَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا ذِكْرَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَلَسَ مُنْكَشِفًا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ الْحَدَثُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا ذِكْرَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُنْدَبْ فِيهِ) أَيْ لَمْ يُنْدَبْ ذِكْرُهُ فِيهِ إذَا نَسِيَ الذِّكْرَ حَتَّى دَخَلَ لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَسُكُوتٌ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ حِينَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ يُورِثُ الصَّمَمَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَا يَحْمَدُ إنْ عَطَسَ وَلَا يُجِيبُ مُؤَذِّنًا وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا عَلَى مُسَلِّمٍ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلَى الْأَظْهَرِ كَالْمُجَامِعِ بِخِلَافِ الْمُلَبِّي وَالْمُؤَذِّنِ، فَإِنَّهُمَا يَرُدَّانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ. وَأَمَّا الْمُصَلِّي فَيَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَمُتَعَلَّقِهِ) أَيْ وَحِينَ مُتَعَلَّقِهِ وَقَوْلُهُ الِاسْتِنْجَاءُ بَيَانٌ لِمُتَعَلَّقِهِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مِنْ الْبَيَانِيَّةِ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ الِاسْتِنْجَاءُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يُرَى جِسْمُهُ) أَيْ، وَأَمَّا تَسَتُّرُهُ بِحَيْثُ لَا تُرَى عَوْرَتُهُ فَهَذَا وَاجِبٌ لَا مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: لَهُ بَالٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ مُهِمًّا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ (قَوْلُهُ: بِشَجَرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَسَتُّرٍ (قَوْلُهُ: مَا يَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرِّيحِ الشَّدِيدِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْتَطِيلٌ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْجُحْرِ مَا يَشْمَلُ السَّرَبَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ لَا خُصُوصَ الْجُحْرِ لُغَةً وَهُوَ الثَّقْبُ الْمُسْتَدِيرُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهُ مَا يُؤْذِيهِ) أَيْ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ كَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ مَسْكَنُ الْجِنِّ) أَيْ وَقَضَاءُ

(وَ) اتِّقَاءُ مَهَبِّ (رِيحٍ) وَلَوْ سَاكِنَةً لِئَلَّا يَتَطَايَرَ عَلَيْهِ مَا يُنَجِّسُهُ (وَ) اتِّقَاءُ (مَوْرِدٍ) لِلْمَاءِ لِئَلَّا يُؤْذِيَ النَّاسَ بِذَلِكَ (وَ) اتِّقَاءُ (طَرِيقٍ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ (وَشَطٍّ) لِأَنَّ الْمَوْرِدَ يُغْنِي عَنْهُ إذْ الْمُرَادُ بِهِ مَا أَمْكَنَ الْوُرُودُ مِنْهُ لَا مَا اُعْتِيدَ (وَ) اتِّقَاءُ (ظِلٍّ) شَأْنُهُ الِاسْتِظْلَالُ بِهِ مِنْ مَقِيلٍ وَمُنَاخٍ لَا مُطْلَقَ ظِلٍّ وَمِثْلُهُ مَجْلِسُهُمْ بِشَمْسٍ وَقَمَرٍ (وَ) اتِّقَاءُ (صُلْبٍ) بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَوْ سُكُونِهَا وَبِفَتْحِهِمَا كَسُكَّرٍ وَقُفْلٍ وَجَمَلٍ وَلَمْ يُسْمَعْ فَتْحُ الصَّادِ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ كَذَا قِيلَ الْمَوْضِعُ الشَّدِيدُ أَيْ صُلْبٍ نَجِسٍ جُلُوسًا وَقِيَامًا، وَأَمَّا الصُّلْبُ الطَّاهِرُ فَيَتَأَكَّدُ الْجُلُوسُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَبِكَنِيفٍ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِهِ (نَحَّى) أَيْ بَعُدَ (ذِكْرَ اللَّهِ) نَدْبًا فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَكُرِهَ لَهُ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ كَدُخُولِهِ بِوَرَقَةٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ خَاتَمٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَسْتُورًا أَوْ خَافَ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ وَإِلَّا جَازَ، وَوُجُوبًا فِي الْقُرْآنِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ فِيهِ مُطْلَقًا قَبْلَ خُرُوجِ الْحَدَثِ أَوْ حِينَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ دُخُولُهُ بِمُصْحَفٍ كَامِلٍ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَالٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَسِّهِ لِلْمُحْدِثِ إلَّا لِخَوْفِ ضَيَاعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَاجَةِ فِيهِ يُؤْذِيهِمْ وَإِنْ كَانُوا يُحِبُّونَ النَّجَاسَةَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَحَبَّةِ الشَّخْصِ لِلشَّيْءِ مَحَبَّةُ سُقُوطِهِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّبِيخَ يُحِبُّهُ الْإِنْسَانُ وَيَكْرَهُ وُقُوعَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاتِّقَاءُ مَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ اتِّقَاءُ الْمَحَلِّ الَّذِي تَهُبُّ الرِّيحُ مِنْهُ كَالْكَنِيفِ الَّذِي فِي قَصَبَتِهِ طَاقَةٌ، وَمَحَلُّ نَدْبِ اتِّقَاءِ مَهَبِّ الرِّيحِ إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا رَقِيقًا وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَطَايَرَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ الرِّيحُ غَيْرَ سَاكِنَةٍ وَلِاحْتِمَالِ تَحَرُّكِهَا وَهَيَجَانِهَا فَيَتَطَايَرُ إلَخْ إذَا كَانَتْ سَاكِنَةً (قَوْلُهُ: هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا كَانَ الطَّرِيقُ أَعَمَّ مِنْ الْمَوْرِدِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ إمَّا مُوَصِّلَةً لِلْمَاءِ فَتَكُونُ مَوْرِدًا وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُوَصِّلَةٍ فَلَا تَكُونُ مَوْرِدًا وَقَدْ يُقَالُ الطَّرِيقُ عُرْفًا مَا اُعْتِيدَ لِلسُّلُوكِ وَالْمَوْرِدُ مَا يَسْتَقِرُّ فِيهِ لِوُرُودِ الْمَاءِ وَأَخْذِهِ فَهُوَ مُغَايِرٌ لَهَا وَلِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْرِدِ مَا أَمْكَنَ الْوُرُودُ مِنْهُ أَيْ وَهَذَا هُوَ عَيْنُ الشَّطِّ فَقَوْلُهُ: لَا مَا اُعْتِيدَ أَيْ لِلْوُرُودِ مِنْهُ أَيْ حَتَّى يَكُونَ أَخَصَّ مِنْ الشَّطِّ (قَوْلُهُ: شَأْنُهُ الِاسْتِظْلَالُ بِهِ مِنْ مَقِيلٍ وَمُنَاخٍ) أَيْ مِنْ ظِلٍّ مَقِيلٍ وَمُنَاخٍ أَيْ مِنْ ظِلِّ شَأْنُهُ أَنْ يَتَظَلَّلَ بِهِ النَّاسُ وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ وَإِنَاخَةِ الْإِبِلِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ وَمِثْلُ الظِّلِّ فِي النَّهْيِ عَنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ مَجْلِسُهُمْ أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ النَّاسُ فِي الْقَمَرِ لَيْلًا أَوْ يَجْلِسُونَ فِيهِ فِي الشَّمْسِ زَمَنَ الشِّتَاءِ لِلتَّحَدُّثِ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِي الْمَوْرِدِ وَالطَّرِيقِ وَالظِّلِّ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ حَرَامٌ كَمَا يُفِيدُهُ عِيَاضٌ وَقَالَهُ عج خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ اتِّقَاءَهَا مَنْدُوبًا (تَنْبِيهٌ) يَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي الْمَاءِ إذَا كَانَ رَاكِدًا قَلِيلًا، فَإِنْ كَانَ الرَّاكِدُ مُسْتَبْحِرًا أَوْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا فَلَا حُرْمَةَ فِي قَضَائِهَا فِيهِمَا حَيْثُ كَانَ مُبَاحًا أَوْ مَمْلُوكًا وَأَذِنَ رَبُّهُ فِي ذَلِكَ لَا مَمْلُوكًا بِغَيْرِ إذْنٍ فَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ: جُلُوسًا وَقِيَامًا) أَيْ كَانَتْ الْحَاجَةُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا (قَوْلُهُ: فَيَتَأَكَّدُ الْجُلُوسُ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَاجَةُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّخْوَ إذَا كَانَ طَاهِرًا تَعَيَّنَ الْجُلُوسُ بِهِ كَانَتْ الْحَاجَةُ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا وَإِنْ كَانَ نَجِسًا تَعَيَّنَ الْقِيَامُ فِي الْبَوْلِ وَتَنَحَّاهُ فِي الْغَائِطِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَيُّنِ النَّدْبُ الْأَكِيدُ (قَوْلُهُ: أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ إرَادَةِ؛ لِأَنَّ التَّنَحِّيَ عَنْ الذِّكْرِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الدُّخُولِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لَهُ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ) أَيْ فِي الْكَنِيفِ قَبْلَ خُرُوجِ الْحَدَثِ أَوْ حِينَ خُرُوجِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الطُّرُقِ وَفِي الْمَوَاضِعِ الْمُسْتَقْذَرَةِ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِاللِّسَانِ عَنْ الذِّكْرِ بِقَلْبِهِ وَهُوَ فِي الْكَنِيفِ، فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: كَدُخُولِهِ بِوَرَقَةٍ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ دُخُولِهِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ) رَاجِعٌ لِلْوَرَقَةِ وَالدِّرْهَمِ وَالْخَاتَمِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ بَلْ مِثْلُهُ إذَا كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَبَهْرَامَ مِنْ الْحُرْمَةِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا قَالَهُ ح وَتَبِعَهُ عج (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ) الْأَوْلَى وَخَافَ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الدُّخُولِ بِمَا ذُكِرَ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَوُجُوبًا فِي الْقُرْآنِ) أَيْ قِرَاءَةً وَكَتْبًا كَمَا فِي عبق فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ فِيهِ وَكَذَا كَتْبُهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ مَنْعِ دُخُولِ الْكَنِيفِ بِمَا فِيهِ قُرْآنٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ كَانَ بَعْضَهُ كَانَ لِذَلِكَ الْبَعْضِ بَالٌ أَوْ لَا تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحَ وَقَدْ رَدَّهُ ح وعج وَقَالَا: إنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَاسْتَظْهَرَ الْأَوَّلُ كَرَاهَةَ دُخُولِ الْكَنِيفِ بِمَا فِيهِ قُرْآنٌ وَأَطْلَقَ فِي الْكَرَاهَةِ فَظَاهِرُهُ كَانَ كَامِلًا أَوْ بَعْضًا وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِي التَّحْرِيمَ فِي الْكَامِلِ وَمَا قَارَبَهُ وَالْكَرَاهَةَ فِي غَيْرِ ذِي الْبَالِ كَالْآيَاتِ وَاعْتَمَدَ هَذَا الْأَشْيَاخُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ: كَمَسِّهِ لِلْمُحْدِثِ) أَيْ كَمَا يَحْرُمُ مَسُّ الْمُصْحَفِ الْكَامِلِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَالٌ لِلْمُحْدِثِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ قَامَ بِهِ وَصْفٌ مَنَعَهُ مِنْ الْمَسِّ وَلَا كَذَلِكَ مَنْ فِي الْخَلَاءِ حَيْثُ لَمْ يُحْدِثْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ ضَيَاعٍ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ دُخُولُهُ بِمُصْحَفٍ إلَخْ

أَوْ ارْتِيَاعٍ فَيَجُوزُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِكَنِيفٍ بَلْ غَيْرُهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ حُرْمَةَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ خُرُوجِ الْحَدَثِ وَكَذَا بَعْدَهُ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَكَذَا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَكَانِ الَّذِي قَضَى فِيهِ وَلَيْسَ بِمُعَدٍّ وَيُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِيَدٍ فِيهَا خَاتَمٌ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ أَوْ اسْمُ نَبِيٍّ وَقِيلَ يُمْنَعُ (وَيُقَدِّمُ) نَدْبًا (يُسْرَاهُ دُخُولًا) لِلْكَنِيفِ (وَ) يُقَدِّمُ (يُمْنَاهُ خُرُوجًا) مِنْهُ وَذَلِكَ (عَكْسُ مَسْجِدٍ) فِيهِمَا لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ يُنْدَبُ فِيهِ التَّيَامُنُ وَمَا كَانَ بِضِدِّهِ يُنْدَبُ فِيهِ التَّيَاسُرُ وَإِذَا أَخْرَجَ يُسْرَاهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَضَعَهَا عَلَى ظَاهِرِ نَعْلِهِ وَيُخْرِجُ يُمْنَاهُ وَيُقَدِّمُهَا فِي اللُّبْسِ وَعِنْدَ الدُّخُولِ يَخْلَعُ يُسْرَاهُ وَيَضَعُهَا عَلَى ظَاهِرِ نَعْلِهِ ثُمَّ يَخْلَعُ الْيُمْنَى وَيُقَدِّمُهَا دُخُولًا (وَالْمَنْزِلُ) يُقَدِّمُ (يُمْنَاهُ بِهِمَا) أَيْ فِيهِمَا أَيْ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (وَجَازَ بِمَنْزِلٍ) بِمُدُنٍ أَوْ قُرًى (وَطْءٌ وَبَوْلٌ) وَغَائِطٌ حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِرًا) إنْ أُلْجِئَ أَيْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَالْمَرَاحِيضِ الَّتِي يَعْسُرُ التَّحَوُّلُ فِيهَا بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ) بِأَنْ يَتَأَتَّى لَهُ التَّحَوُّلُ مِنْ غَيْرِ عُسْرٍ وَلَا مَشَقَّةٍ كَرَحْبَةِ الدَّارِ وَمَرَاحِيضِ السُّطُوحِ وَفَضَاءِ الْمُدُنِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْزِلِ مَا قَابَلَ الْفَضَاءَ (وَأُوِّلَ) الْجَوَازُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِلْجَاءِ (بِالسَّاتِرِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لِمَرَاحِيضِ السُّطُوحِ سَاتِرٌ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا سَاتِرٌ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالتَّأْوِيلَانِ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَفِي مَرَاحِيضِ السُّطُوحِ خَاصَّةً خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (لَا فِي الْفَضَاءِ) فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالٌ وَاسْتِدْبَارٌ بِوَطْءٍ وَفَضْلَةٍ بِغَيْرِ سَاتِرٍ (وَبِسِتْرٍ قَوْلَانِ) بِالْجَوَازِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالْمَنْعُ (تَحْتَمِلُهُمَا) الْمُدَوَّنَةُ (وَالْمُخْتَارُ) مِنْهُمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (التَّرْكُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ ارْتِيَاعٌ) أَيْ فَزَعٌ مِنْ جِنٍّ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ مَعَ سَاتِرٍ لَهُ يُكِنُّهُ مِنْ وُصُولِ الرَّائِحَةِ إلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَيْبَ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ كَمَا قَالَهُ طفى فِي أَجْوِبَتِهِ وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ جَوَازَ الدُّخُولِ بِالْمُصْحَفِ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ: الْخَوْفِ وَالسَّاتِرِ فَأَحَدُهُمَا لَا يَكْفِي خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق (قَوْلُهُ: بَلْ غَيْرُهُ) أَيْ مِثْلُ الْفَضَاءِ كَذَلِكَ فَإِذَا جَلَسَ فِي الْفَضَاءِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ نَحَّى ذِكْرَ اللَّهِ فِيهِ نَدْبًا فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَوُجُوبًا فِي الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ حُرْمَةَ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدَةٌ إلَخْ) أَيْ. وَأَمَّا فِيهِ فَمُطْلَقَةٌ فَالْقِرَاءَةُ فِيهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْحَدَثِ حَرَامٌ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ قَدْ رَجَّحَهُ ح وَقَوْلُهُ: أَوْ اسْمُ نَبِيٍّ أَيْ مَقْرُونٌ بِمَا يُعَيِّنُهُ كَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا مُجَرَّدُ الِاشْتِرَاكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُمْنَعُ) هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ وَمَا رُوِيَ مِنْ الْجَوَازِ عَنْ مَالِكٍ فَرِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ حَاشَاهُ أَنْ يَقُولَ بِذَلِكَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ لَا تَصِلُ لِلْخَاتَمِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُ نَدْبًا يُسْرَاهُ دُخُولًا لِلْكَنِيفِ) أَيْ وَكَذَا لِكُلِّ دَنِيءٍ كَحَمَّامٍ وَفُنْدُقٍ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَسْجِدٍ فِيهِمَا) أَيْ فَيُنْدَبُ أَنْ يُقَدِّمَ فِي دُخُولِهِ يُمْنَاهُ وَفِي الْخُرُوجِ مِنْهُ يُسْرَاهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ) أَيْ كَالْمَسْجِدِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَلُبْسِ النَّعْلِ وَقَوْلُهُ: وَمَا كَانَ بِضِدِّهِ أَيْ كَدُخُولِ الْحَمَّامِ وَالْفُنْدُقِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَخَلْعِ النَّعْلِ (قَوْلُهُ: وَالْمَنْزِلُ يُمْنَاهُ بِهِمَا) ، فَإِنْ حَصَلَتْ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلِ وَالْمَسْجِدِ كَمَا لَوْ كَانَ بَابُ بَيْتِهِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِبَيْتِهِ كَانَ الْحُكْمُ لِلْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: أَيْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ (قَوْلُهُ: الَّتِي يَعْسُرُ التَّحَوُّلُ فِيهَا) أَيْ عَنْ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ) لَوْ عَبَّرَ بِلَوْ لِرَدِّ مَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا أُلْجِئَ كَانَ أَوْلَى قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: وَفَضَاءُ الْمُدُنِ) أَيْ وَالْفَضَاءُ الَّذِي فِي دَاخِلِ الْمُدُنِ كَالْحَيْشَانِ وَالْخَرَائِبِ الَّتِي بِدَاخِلِ الْبُيُوتِ (قَوْلُهُ: مَا قَابَلَ الْفَضَاءَ) أَيْ مَا قَابَلَ الصَّحْرَاءَ لَا الْمَنْزِلَ الْمَعْرُوفَ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ فَضَاءَ الْمُدُنِ وَرَحْبَةَ الدَّارِ وَمَرَاحِيضَ السُّطُوحِ وَالسَّطْحَ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ بِالسَّاتِرِ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجَازَ بِمَنْزِلٍ وَطْءٌ وَحَدَثٌ مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ وَمُسْتَدْبِرًا وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ لَا فِي الْفَضَاءِ إلَّا بِسَاتِرٍ وَحَذَفَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَالتَّأْوِيلَانِ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ) أَيْ. وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: وَفِي مَرَاحِيضِ السُّطُوحِ خَاصَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يَكُونُ مَعَهَا السَّاتِرُ حِينَئِذٍ تَارَةً وَتَارَةً لَا يَكُونُ، وَأَمَّا رَحْبَةُ الدَّارِ وَفَضَاءُ الْمُدُنِ فَالسَّاتِرُ لَا يُفَارِقُهُمَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مُجَامَعَةٍ إلَّا فِي الْفَلَوَاتِ. وَأَمَّا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى وَالْمَرَاحِيضِ الَّتِي عَلَى السُّطُوحِ فَلَا بَأْسَ بِهَا فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَعَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَمَلَهَا بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلَى التَّقْيِيدِ بِمَا إذَا كَانَ لِتِلْكَ الْمَرَاحِيضِ سَاتِرٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَفِي مَرَاحِيضِ السُّطُوحِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لَا فِي الْفَضَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّحْرَاءُ (قَوْلُهُ: وَبِسِتْرٍ قَوْلَانِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أَقَلُّ السَّاتِرِ طُولًا ثُلُثَا ذِرَاعٍ بُعْدُهُ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَدُونَهُ وَعَرْضًا بِقَدْرِ مَا يَسْتُرُ (قَوْلُهُ: بِالْجَوَازِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّلْقِينِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَنْعُ وَهُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ

[حكم الاستبراء وصفته]

أَيْ تَرْكُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ خَاصَّةً لَا الْوَطْءُ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا حَتَّى فِي قَضَاءِ الْمَنَازِلِ تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَازَ فِي الْوَطْءِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ اخْتَارَ فِيهِ الْجَوَازَ مَعَ السَّاتِرِ فِي الْفَضَاءِ وَغَيْرِهِ، الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ أَيْضًا أَنَّ اخْتِيَارَهُ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ مَعَ أَنَّهُ جَارٍ عِنْدَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَعَ السَّاتِرِ مَا عَدَا الْمِرْحَاضِ، فَإِنَّهُ مَعَ السَّاتِرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ وَمَا لِلَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ أَيْ الصَّحْرَاءِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ فَحَرَامٌ فِي الْوَطْءِ وَالْفَضْلَةِ (لَا) اسْتِقْبَالُ أَوْ اسْتِدْبَارُ (الْقَمَرَيْنِ) الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ (وَ) لَا (بَيْتِ الْمَقْدِسِ) فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا [دَرْسٌ] (وَوَجَبَ) بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (اسْتِبْرَاءٌ) مُصَوَّرٌ ذَلِكَ وَمُفَسَّرٌ (بِاسْتِفْرَاغِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ تَرْكُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطَ) مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا أَيْ فِي الْفَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَأَوْلَى عِنْدَ عَدَمِهِ وَقَوْلُهُ: لَا الْوَطْءُ أَيْ. وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَهُ يَعْنِي مَعَ السَّاتِرِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: تَعْظِيمًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ تَرْكَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَلَوْ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ اللَّخْمِيِّ اخْتَارَ تَرْكَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا فِي الْفَضَاءِ حَتَّى فَضَاءِ الْمَنَازِلِ وَلَوْ مَعَ السَّاتِرِ. وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيهِ مَعَ السَّاتِرِ فَلَا يُمْنَعُ عِنْدَهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ تَرْكَ كُلٍّ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْوَطْءِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا فِي الْفَضَاءِ وَلَوْ بِسَاتِرٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِوَجْهَيْنِ إلَخْ) الْأَوَّلُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَالثَّانِي لح قَالَ بْن وَكِلَاهُمَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اسْتِوَاءُ الْوَطْءِ وَالْحَدَثِ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِالْجِمَاعِ إلَى الْقِبْلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَرَاحِيضِ وَجَوَازُ ذَلِكَ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَالشَّأْنُ فِي كَوْنِ أَهْلِ الْإِنْسَانِ مَعَهُ فَمَعَ انْكِشَافِهِمَا يُمْنَعُ فِي الصَّحْرَاءِ وَيَخْتَلِفُ فِي الْمُدُنِ وَمَعَ الِاسْتِتَارِ يَجُوزُ فِيهِمَا اهـ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَقِبَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ اسْتِوَاءُ الْوَطْءِ وَالْحَدَثِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَصَدَقَ فِي كَوْنِ ذَلِكَ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَمَعَ انْكِشَافِهِمَا يُمْنَعُ فِي الصَّحْرَاءِ ظَاهِرُهُ كَانَ بِسَاتِرٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ مَعَ الِاسْتِتَارِ يَجُوزُ فِيهِمَا إنَّمَا جَوَّزَ الْوَطْءَ مَعَ الِاسْتِتَارِ بِثَوْبَيْهِمَا وَلَمْ يُجَوِّزْ الْغَائِطَ إذَا سَدَلَ ثَوْبَهُ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ أَخَفُّ مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ اهـ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ جَارٍ فِي الْفَضَاءِ يَعْنِي الصَّحْرَاءَ وَفِي غَيْرِهَا كَرَحْبَةِ الدَّارِ وَفَضَاءِ الْمُدُنِ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ خِلَافًا لح وَمَنْ تَبِعَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُدُنِ وَمَنَعَهُ فِي الصَّحْرَاءِ ذَكَرَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي الصَّحْرَاءِ هَلْ هِيَ طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ؛ لِأَنَّهُمْ يَطُوفُونَ فِي الصَّحَارِي، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاتِرٌ جَازَ لِوُجُودِ السَّاتِرِ أَوْ هِيَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ فَقَوْلُهُ وَهَذَا يَسْتَوِي إلَخْ أَيْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ مُخْتَارُهُ يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ الْمَنْعُ فِيهِمَا لَكِنْ أُبِيحَ ذَلِكَ فِي الْمُدُنِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ قَبْلَهُ وَبَقِيَ مَا عَدَا الْمُدُنَ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ كَلَامُ بْن. (قَوْلُهُ: أَنَّ اخْتِيَارَهُ خَاصٌّ بِالْفَضَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ كَرَحْبَةِ الدَّارِ وَفَضَاءِ الْمُدُنِ (قَوْلُهُ: فِيهِ طَرِيقَانِ) الْجَوَازُ لِعِيَاضٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَعَدَمُهُ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ: إنَّ الصُّوَرَ كُلَّهَا جَائِزَةٌ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ سِتَّةٌ: الْأُولَى قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالْوَطْءُ فِي الْفَضَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِدُونِ سَاتِرٍ وَهَذِهِ حَرَامٌ قَطْعًا. الثَّانِيَةُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي بَيْتِ الْخَلَاءِ الَّذِي فِي الْمَنْزِلِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِسَاتِرٍ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا. الثَّالِثَةُ قَضَاؤُهَا فِيهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِدُونِ سَاتِرٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ وَلَوْ كَانَ بَيْتُ الْخَلَاءِ بِالسَّطْحِ. الرَّابِعَةُ قَضَاؤُهَا فِي الْفَضَاءِ، وَمِثْلُهَا الْوَطْءُ فِيهِ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا بِسَاتِرٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ. الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالْوَطْءُ بِحَوْشِ الْمَنْزِلِ بِسَاتِرٍ وَبِدُونِهِ وَفِيهِمَا قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا الْقَمَرَيْنِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا فِي الْفَضَاءِ فَيَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ لِلْقِبْلَةِ لَا لِلْقَمَرَيْنِ إلَخْ فَالْمُقَدَّرُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُنَا لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّخْرَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ قِبْلَةً فَيُتَوَهَّمُ مَنْعُ اسْتِقْبَالِهَا حَالَةَ التَّحَدُّثِ وَالْجِمَاعِ لَا الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إذْ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ أَوْ فِي الْفَضَاءِ بِسَاتِرٍ أَوْ لَا وَإِنَّمَا أَضْرَبَ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْحُرْمَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ لِصِدْقِهِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى. [حُكْم الِاسْتِبْرَاء وصفته] (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ

أَيْ إفْرَاغِ وَإِخْرَاجِ (أَخْبَثَيْهِ) هُمَا الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ (مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ) مَاسِكًا لَهُ مِنْ أَصْلِهِ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مَثَلًا يُمِرُّهُمَا لِرَأْسِ الْكَمَرَةِ (وَنَتْرٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ جَذْبِهِ لِيُخْرِجَ مَا بَقِيَ فِيهِ (خَفَّا) أَيْ السَّلْتُ وَالنَّتْرُ أَيْ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَفِيفًا لَا بِقُوَّةٍ لِأَنَّهُ كَالضَّرْعِ كُلَّمَا سُلِتَ بِقُوَّةٍ أَعْطَى النَّدَاوَةَ وَلِأَنَّ قُوَّةَ ذَلِكَ تُوجِبُ اسْتِرْخَاءَ الْعُرُوقِ وَيَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ أَيْ مُسْتَقَرِّ الْبَوْلِ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ انْقِطَاعُ الْمَادَّةِ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَفِّفَ زَمَنَهُمَا أَيْضًا وَلَا يَتْبَعْ الْأَوْهَامَ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَمَكُّنِ الْوَسْوَسَةِ مِنْ الْقَلْبِ وَهِيَ تَضُرُّ بِالدِّينِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَنُدِبَ) لِلْمُسْتَنْجِي (جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ مَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ مِمَّا يَأْتِي لِإِزَالَتِهِمَا الْعَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَكُونَا لِلطَّلَبِ وَأَنْ تَكُونَا زَائِدَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَا لِلطَّلَبِ فِي الْأَوَّلِ وَزَائِدَتَيْنِ فِي الثَّانِي، فَإِنْ كَانَتَا لِلطَّلَبِ فِيهِمَا أَوْ زَائِدَتَيْنِ فِيهِمَا كَانَتْ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْبَرَاءَةِ هُوَ طَلَبُ الْإِفْرَاغِ وَالْإِخْرَاجِ لِلْأَخْبَثَيْنِ وَكَذَلِكَ الْبَرَاءَةُ هِيَ إخْرَاجُ الْأَخْبَثَيْنِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا حِينَئِذٍ لِلِاسْتِعَانَةِ وَلَا لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعَانَ بِهِ غَيْرُ الْمُسْتَعَانِ عَلَيْهِ وَالسَّبَبَ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ، وَهُنَا الْبَرَاءَةُ وَإِخْرَاجُ الْأَخْبَثَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَكَذَا طَلَبُهُمَا. وَأَمَّا إنْ جَعَلْنَا السِّينَ وَالتَّاءَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِلطَّلَبِ وَفِي الِاسْتِفْرَاغِ زَائِدَتَيْنِ كَانَتْ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ أَيْ وَوَجَبَ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ بِتَفْرِيغِ الْمَحَلَّيْنِ مِنْ الْأَخْبَثَيْنِ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ جَعَلَ الْبَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّصْوِيرِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ نَظَرًا لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: أَيْ إفْرَاغُ وَإِخْرَاجُ أَخْبَثَيْهِ) أَيْ مِنْ مَخْرَجَيْهِمَا، فَلَوْ تَوَضَّأَ وَالْبَوْلُ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ أَوْ الْغَائِطُ فِي دَاخِلِ فَمِ الدُّبُرِ كَانَ الْوُضُوءُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْوُضُوءِ كَمَا مَرَّ عَدَمُ حُصُولِ الْمُنَافِي فَالِاسْتِبْرَاءُ مَطْلُوبٌ لِأَجْلِ إزَالَةِ الْحَدَثِ لَا لِأَجْلِ إزَالَةِ الْخَبَثِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَجَبَ أَيْ وَجَبَ مَا ذُكِرَ مَعَ سَلْتِ ذَكَرِهِ وَنَتْرِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى وُجُوبِهِمَا وَهَذَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ. وَأَمَّا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَضَعُ يَدَهَا عَلَى عَانَتِهَا وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ، وَأَمَّا الْخُنْثَى فَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ احْتِيَاطًا وَقَوْلُهُ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ إلَخْ هَذَا خَاصٌّ بِالْبَوْلِ، وَأَمَّا الْغَائِطُ فَيَكْفِي فِي تَفْرِيغِ الْمَحَلِّ مِنْهُ الْإِحْسَاسُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِمَّا هُوَ بِصَدَدِ الْخُرُوجِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا بَطَنَ مِنْ الْمَخْرَجِ بَلْ يَحْرُمُ لِشِبْهِ ذَلِكَ بِاللِّوَاطِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَشَارَ إلَى أَنَّ السَّلْتَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُصُوصِ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ نَعَمْ هُمَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا أَعْوَنُ عَلَى الْإِفْرَاغِ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُمِرُّهُمَا) أَيْ مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَذْبِهِ) فِيهِ أَنَّ الْجَذْبَ هُوَ السَّحْبُ الَّذِي هُوَ السَّلْتُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ تَحْرِيكُهُ يَمِينًا وَشِمَالًا أَوْ فَوْقُ وَتَحْتُ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّتْرَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ هُوَ التَّحْرِيكُ الْخَفِيفُ وَحِينَئِذٍ فَوَصْفُ الْمُصَنِّفُ لَهُ بِالْخِفَّةِ كَاشِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ لِأَخْذِ الْخِفَّةِ فِي مَفْهُومِهِ وَلَيْسَ وَصْفًا مُخَصَّصًا كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الذَّكَرَ كَالضَّرْعِ (قَوْلُهُ: أَعْطَى النَّدَاوَةَ) أَيْ فَيَتَسَبَّبُ عَدَمَ التَّنْظِيفِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ قُوَّةَ ذَلِكَ) أَيْ السَّلْتِ (قَوْلُهُ: وَيَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ) أَيْ يُصَيِّرُهَا مَرْخِيَّةً سَائِبَةً لَا تُمْسِكُ عَلَى الْبَوْلِ بَلْ كُلَّمَا حَصَلَ فِيهَا شَيْءٌ نَزَلَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ إلَخْ) هَذَا غَايَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ وَنَتْرٍ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الظَّنِّ بِانْقِطَاعِ الْمَادَّةِ فَإِذَنْ لَا يُشْتَرَطُ التَّنْشِيفُ وَأَنَّهُ لَوْ مَكَثَ مُدَّةً بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يُخْرِجُهُ السَّلْتُ كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا وَلَوْ لَمْ يَسْلُتْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعْ الْأَوْهَامَ) أَيْ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ انْقِطَاعُ الْمَادَّةِ مِنْ الذَّكَرِ تَرَكَ ذَلِكَ السَّلْتَ وَالنَّتْرَ وَلَا يَعْمَلُ عَلَى مَا عِنْدَهُ مِنْ تَوَهُّمِ بَقَاءِ شَيْءٍ فِي الذَّكَرِ مِنْ الْمَادَّةِ وَمَا شَكَّ فِي خُرُوجِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ كَنُقْطَةٍ فَمَعْفُوٌّ عَنْهَا، فَإِنْ فَتَّشَ وَرَآهَا فَحُكْمُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَيْ أَنَّهَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ إنْ لَمْ تُلَازِمْ جُلَّ الزَّمَانِ وَيَجِبُ غَسْلُهَا إنْ لَمْ تَعْتَرِهِ كُلَّ يَوْمٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ) أَيْ مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْيَابِسُ الطَّاهِرُ الْمُنَقِّي غَيْرُ الْمُؤْذِي وَغَيْرُ الْمُحْتَرَمِ، وَأَمَّا مَا لَا

وَالْأَثَرَ مَعَ عَدَمِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ فَيُقَدِّمُ الْحَجَرَ ثُمَّ يُتْبِعُهُ بِالْمَاءِ (ثُمَّ) نُدِبَ عِنْدَ إرَادَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا (مَاءٌ) لِأَنَّهُ أَنْقَى لِلْمَحَلِّ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ أَجْزَأَ فِي غَيْرِ مَا تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ (وَتَعَيَّنَ) الْمَاءُ وَلَا يَكْفِي الْحَجَرُ (فِي مَنِيٍّ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَكَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ لِمَرَضٍ أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غَسْلَهُ أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ وَكَانَ يَأْتِي يَوْمًا وَيُفَارِقُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَمَّا إذَا كَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ مَاءٌ وَلَا حَجَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَعْفُوَّاتِ وَوَقَعَ لِلشُّرَّاحِ هُنَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ وَإِمَّا صَحِيحٌ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي غَسْلَهُ وَنَزَلَ الْمَنِيُّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَخَبَثُهُ (وَ) تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي (حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) وَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي الْمَنِيِّ (وَ) فِي (بَوْلِ امْرَأَةٍ) بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لِتَعَدِّيهِ مِنْهَا مَخْرَجَهُ إلَى جِهَةِ الْمَقْعَدَةِ غَالِبًا إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَسًا وَإِلَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ مَاءٌ وَلَا حَجَرٌ إنْ كَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُبَاحُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ يَعْنِي لَا يَكُونُ جَمْعُهُ مَعَ الْمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ الْمَاءِ وَحْدَهُ كَذَا فِي عبق وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ جَمْعُهُ مَعَ الْمَاءِ جَائِزًا كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ زَرُّوقٍ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ الْمَاءِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ النَّدْبِ أَوْلَى اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْأَثَرِ) أَيْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ الْحَجَرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الْحَجَرُ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِعَدَمِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ لِيَدِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْقَى لِلْمَحَلِّ) أَيْ لِإِزَالَتِهِ الْعَيْنَ وَالْحُكْمَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ أَجْزَأَ إلَخْ) وَهَلْ يَكُونُ الْمَحَلُّ طَاهِرًا لِرَفْعِ الْحُكْمِ وَالْعَيْنِ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُ الطِّرَازِ أَنَّ الْحَجَرَ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ لَا يَرْفَعُ الْحُكْمَ وَأَنَّ الْمَحَلَّ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي مَنِيٍّ إلَخْ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَنِيَّ وَالْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ يَتَعَيَّنُ فِيهَا غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهَا كِفَايَةُ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلنَّصِّ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَاءِ فِيهَا وَعَدَمِ كِفَايَةِ الْأَحْجَارِ وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي حَقِّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غَسْلَهُ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ فَيُقَالُ لِمَنْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الذَّكَرِ أَوْ الْفَرْجِ بِالْمَاءِ وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ الدَّاخِلِ فِي الْفَرْجِ بِالْمَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْمَنِيِّ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ كُلِّهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ بَرَكَاتٍ الْحَطَّابِ أَخِي الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْحَطَّابِ شَارِحِ الْمَتْنِ وَتِلْمِيذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غَسْلَهُ) أَيْ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) أَيْ فَهَذَا إنَّمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لَا الْغُسْلَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الذَّكَرِ بِالْمَاءِ مَعَ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَيُوجِبُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَعْفُوَّاتِ) أَيْ مِنْ أَنَّ حَدَثَ الْمُسْتَنْكِحِ إذَا أَتَى كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ إزَالَتِهِ مُطْلَقًا أَوْجَبَ الْوُضُوءَ بِأَنْ فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ لِلشُّرَّاحِ هُنَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ) حَيْثُ قَالُوا مَنِيُّ صَاحِبِ السَّلَسِ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ كَالْبَوْلِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ بِبِلَّةٍ فَقَوْلُهُمْ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ إنْ أَتَى يَوْمًا وَفَارَقَ يَوْمًا تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ وَإِنْ أَتَى كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ حَجَرٌ وَلَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي الْمَنِيِّ) أَيْ فَيُحْمَلَانِ عَلَى مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَوْ نِفَاسُهَا وَفَرْضُهَا التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ أَوْ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِي غُسْلَهَا وَمَعَهَا مِنْ الْمَاءِ مَا تُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ فَلَا بُدَّ فِي غَسْلِ الدَّمِ مِنْ فَرْجِهَا مِنْ الْمَاءِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ (قَوْلُهُ: وَفِي بَوْلِ امْرَأَةٍ) مِثْلُ بَوْلِهَا بَوْلُ الْخَصِيِّ أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ قُطِعَتْ أُنْثَيَاهُ أَيْضًا أَمْ لَا وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَنِيُّ الرَّجُلِ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ غَسْلِهَا فَهُوَ كَبَوْلِهَا لَا يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ وَمِثْلُهُ أَيْضًا الْبَوْلُ الْخَارِجُ مِنْ الثُّقْبَةِ إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَشِرٌ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْأَحْجَارُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَوْلٌ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الْغَائِطِ حُكْمُ الرَّجُلِ وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا كُلَّ مَا ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا حَالَ جُلُوسِهَا. وَأَمَّا قَوْلُ عبق وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ مَا ظَهَرَ مِنْ فَرْجِهَا وَالْبِكْرُ مَا دُونَ الْعُذْرَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ إنَّمَا هِيَ فِي الْحَيْضِ خَاصَّةً كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَاخْتَارَ فِي الْبَوْلِ تَسَاوِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ قَبْلَ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ اُنْظُرْ ح وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ يَدَهَا بَيْنَ شَفْرَيْهَا كَفِعْلِ اللَّوَاتِي لَا دِينَ لَهُنَّ وَكَذَا يَحْرُمُ إدْخَالُ أُصْبُعٍ بِدُبُرِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ لِزَوَالِ الْخَبَثِ كَمَا فِي المج وَلَا يُقَالُ الْحُقْنَةُ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْحُقْنَةَ شَأْنُهَا تُفْعَلُ لِلتَّدَاوِي (قَوْلُهُ: غَالِبًا) أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ عَدَمُ تَعَدِّي بَوْلِهَا لِجِهَةِ الْمَقْعَدَةِ وَعَدَمُ انْتِشَارِهِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ تَعَيُّنُ الْمَاءِ لِبَوْلِ الْمَرْأَةِ ثَابِتٌ مُطْلَقًا حَصَلَ فِيهِ انْتِشَارٌ أَمْ لَا إلْحَاقًا لِغَيْرِ الْغَالِبِ بِالْغَالِبِ

(وَ) يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي حَدَثِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (مُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ) انْتِشَارًا (كَثِيرًا) وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَلْوِيثِهِ كَأَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْأَلْيَةِ أَوْ يَعُمَّ جَمِيعَ الْحَشَفَةِ أَوْ جُلَّهَا (وَ) تَعَيَّنَ فِي (مَذْيٍ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَإِلَّا كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ مَا لَمْ يَكُنْ سَلَسًا لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ (بِغَسْلِ) أَيْ مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ (ذَكَرِهِ كُلِّهِ) لَا مَحَلِّ الْأَذَى خَاصَّةً خِلَافًا لِلْعِرَاقِيَّيْنِ وَإِذَا قُلْنَا بِغَسْلِ كُلِّهِ (فَفِي) وُجُوبِ (النِّيَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي النَّفْسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَعَدَمِ وُجُوبِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ تَعَبُّدٍ بَلْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ التَّعَبُّدِ وَإِلَّا لَاقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ الْأَذَى خَاصَّةً قَوْلَانِ (وَ) فِي (بُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا) أَيْ النِّيَّةِ مَعَ غَسْلِ جَمِيعِ الذَّكَرِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَوْلَانِ (أَوْ) بُطْلَانِ صَلَاةِ (تَارِكِ) غَسْلِ (كُلِّهِ) أَيْ وَغَسَلَ بَعْضَهُ وَلَوْ مَحَلَّ الْأَذَى خَاصَّةً بِنِيَّةٍ أَوْ لَا وَعَدَمِ الْبُطْلَانِ (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ فِي هَذَا الْفَرْعِ، وَقَدْ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْسِلْ مِنْهُ شَيْئًا فَالْبُطْلَانُ قَطْعًا كَمَا أَنَّهُ إذَا غَسَلَهُ كُلَّهُ بِنِيَّةٍ فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَيَجِبُ تَكْمِيلُ غَسْلِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَفِي إعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ قَوْلَانِ وَيَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ ذَكَرِهِ وَلَا نِيَّةَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي مَذْيِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ (وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ) خُرُوجِ (رِيحٍ) أَيْ يُكْرَهُ كَمَا لَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمُنْتَشِرٍ) أَيْ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي هَذَا الْحَدَثِ كُلِّهِ لَا فِي الْمُنْتَشِرِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَغْسِلُ الْكُلَّ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَا جَاوَزَ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَغْتَفِرُونَ الشَّيْءَ مُنْفَرِدًا دُونَهُ مُجْتَمِعًا مَعَ غَيْرِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: يَغْسِلُ الْمُنْتَشِرَ الزَّائِدَ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَلْوِيثِهِ وَيُعْفَى عَنْ الْمُعْتَادِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا بَقِيَ مِنْ الْفَضْلَةِ عَلَى فَمِ الْمَخْرَجِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الْمُعْتَادِ يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا كَثِيرًا غَسَلَ الزَّائِدَ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَلْوِيثِهِ وَعُفِيَ عَنْ الْمُعْتَادِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا لَكِنْ صَارَ يَأْتِي يَوْمًا وَيُفَارِقُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَوْ خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَهَزِّ دَابَّةٍ مَثَلًا كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ (وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ) أَيْ وَلَا يُطْلَبُ فِي إزَالَتِهِ حَجَرٌ وَلَا مَاءٌ (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ) أَيْ وَأَمَّا مَا فِي خش وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ مَا خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ مِنْ الْمَنِيِّ أَوْ مِنْ الْمَذْيِ إنْ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ بِأَنْ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ وَإِنْ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ لِمُلَازَمَتِهِ أَقَلَّ الزَّمَانِ تَعَيَّنَ فِيهِ الْمَاءُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مَتَى أَتَى كُلَّ يَوْمٍ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ لَا يُطْلَبُ فِي إزَالَتِهِ مَاءٌ وَلَا حَجَرٌ وَعُفِيَ عَنْهُ لَازِمُ كُلِّ الزَّمَانِ أَوْ جُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ بَلْ وَلَوْ أَتَى مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: بِغَسْلِ ذَكَرِهِ كُلِّهِ) اعْلَمْ أَنَّ غَسْلَ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ قِيلَ: إنَّهُ مُعَلَّلٌ بِقَطْعِ الْمَادَّةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ تَعَبُّدٌ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ يَتَفَرَّعُ خِلَافٌ هَلْ الْوَاجِبُ غَسْلُ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَيَتَفَرَّعُ أَيْضًا هَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِهِ أَوْ لَا تَجِبُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَبُّدِ تَجِبُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُعَلَّلٌ لَا تَجِبُ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ إذَا غُسِلَ كُلُّهُ بِلَا نِيَّةٍ وَصَلَّى هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ الْأَمْرَ الْوَاجِبَ وَهُوَ النِّيَّةُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَأَنَّ الْغَسْلَ مُعَلَّلٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ كُلِّهِ لَوْ غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَصَلَّى هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ: إنَّمَا يَجِبُ غَسْلُ بَعْضِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَهَلْ تُعَادُ فِي الْوَقْتِ نَدْبًا أَوْ لَا يُطْلَبُ بِإِعَادَتِهَا قَوْلَانِ هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا إلَخْ) هَذَانِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فِي هَذَا الْفَرْعِ مُرَتَّبَانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ فَاَلَّذِي يَقُولُ هُنَا بِالْبُطْلَانِ بَنَاهُ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ وَاَلَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ بَنَاهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَابِقًا وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْسِلْ مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ وَاقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ (قَوْلُهُ: فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا غَسَلَهُ كُلَّهُ بِلَا نِيَّةٍ وَصَلَّى فَقَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ وَإِنْ غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَصَلَّى فَقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا فِي حَالَةٍ وَالْبُطْلَانُ اتِّفَاقًا فِي حَالَةٍ وَالْخِلَافُ فِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ) أَيْ فِيمَا إذَا غَسَلَ بَعْضَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ بِدُونِهَا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ تَكْمِيلُ غَسْلِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ لِمَا يُسْتَقْبَلُ وَصَلَّى بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِدُونِ تَكْمِيلٍ فَفِي صِحَّةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَبُطْلَانِهَا قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي) أَيْ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ أَوْ مَنْ أَرَادَ تَكْمِيلَ غَسْلِ ذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي مَذْيِهَا) أَيْ وَتَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ اسْتِظْهَارِهِ افْتِقَارَ غَسْلِهَا الْمَذْيَ لِنِيَّةٍ. مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْسِلُ مَحَلَّ الْأَذَى فَقَطْ بِلَا نِيَّةٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي عج. (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَنْجِي مِنْ رِيحٍ) هَذَا نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ رِيحٍ» أَيْ لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا وَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا لِلْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُغْسَلُ مِنْهُ الثَّوْبُ)

(وَجَازَ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ بِمَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ إذْ الِاسْتِنْجَاءُ يَشْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ وَالْأَحْجَارِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِهِ فَرْدِهِ الثَّانِي (بِيَابِسٍ) كَانَ مِنْ نَوْعِ الْأَرْضِ كَحَجَرٍ وَمَدَرٍ أَيْ طُوبٍ وَهُوَ مَا حُرِقَ مِنْ الطِّينِ كَالْآجُرِّ أَوْ لَا كَخِرَقٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَإِلَّا كُرِهَ (طَاهِرٍ مُنَقٍّ غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ) (لَا) يَجُوزُ بِ (مُبْتَلٍّ) كَطِينٍ (وَ) لَا (نَجَسٍ) كَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَرَوْثِ مُحَرَّمِ أَكْلٍ وَعَذِرَةٍ (وَ) لَا (أَمْلَسَ) كَزُجَاجٍ وَقَصَبٍ لِعَدَمِ الْإِنْقَاءِ (وَ) لَا (مُحَدَّدٍ) كَمَكْسُورِ زُجَاجٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ وَسِكِّينٍ (وَ) لَا (مُحْتَرَمٍ) إمَّا لِطَعْمِهِ أَوْ لِشَرَفِهِ أَوْ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَبَيَّنَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (مِنْ مَطْعُومٍ) لِآدَمِيٍّ وَلَوْ مِنْ أَدْوِيَةٍ وَعَقَاقِيرَ كَحَزَنْبَلٍ وَمُغَاتٍ وَشَمَلَ الْمِلْحَ وَالْوَرَقَ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّشَا وَبَيَّنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (وَ) مِنْ (مَكْتُوبٍ) لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ وَلَوْ بَاطِلًا كَسِحْرٍ (وَ) مِنْ (ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) يَاقُوتَةٍ وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ وَبَيَّنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَجِدَارٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِطَهَارَتِهِ وَمِثْلُ الرِّيحِ فِي كَوْنِهِ لَا يُسْتَنْجَى مِنْهُ الْحَصَى وَالدُّودُ إذَا خَرَجَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْبِلَّةِ أَوْ كَانَتْ خَفِيفَةً. وَأَمَّا لَوْ كَثُرَتْ الْبِلَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحَجَرِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَمَا يَأْتِي وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ شَيْءٌ خَرَجَ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ أَوْجَبَ قَطْعَ الصَّلَاةِ وَالِاسْتِنْجَاءَ وَالْوُضُوءُ بَاقٍ بِحَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِيَابِسٍ) أَيْ جَازَ بِمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْأَوْصَافُ الْخَمْسَةُ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ بِيَابِسٍ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَافُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ صَلَابَةٌ أَوْ لَا لَا خُصُوصَ مَا فِيهِ صَلَابَةٌ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ بِالْخِرَقِ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إذْ الِاسْتِنْجَاءُ يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْأَثِيرِ إزَالَةُ الْأَذَى مِنْ عَلَى الْمَخْرَجِ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْحَجَرِ وَالِاسْتِجْمَارُ إزَالَةُ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ بِالْأَحْجَارِ فَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ طُوبٍ) تَفْسِيرٌ لِلْمَدَرِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الطُّوبُ مَا حُرِقَ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ كَانَ ذَلِكَ الْيَابِسُ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ كَخِرَقٍ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ جَمْعُ خِرْقَةٍ لَا بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَزَفَ هُوَ الْآجُرُّ وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: لَا بِمُبْتَلٍّ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزِ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي جَوَازِ مَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ لِمَفْهُومِ غَيْرِ الشَّرْطِ كَالصِّفَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ بِمُبْتَلٍّ) أَيْ يَحْرُمُ لِنَشْرِهِ النَّجَاسَةَ وَأَحْرَى الْمَائِعُ، فَإِنْ وَقَعَ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ فَلَا يُجْزِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الْمَحَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَاءِ، فَإِنْ صَلَّى عَامِدًا قَبْلَ غَسْلِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَمَا قِيلَ فِي الْمُبْتَلِّ يُقَالُ فِي النَّجَسِ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُسْتَنْجَى بِهِ وَيَغْسِلُ الْمَحَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَائِعًا وَأَنَّهُ إنْ صَلَّى عَامِدًا بِدُونِ غَسْلٍ أَعَادَ أَبَدًا (قَوْلُهُ: وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ) عَطْفٌ عَلَى زُجَاجٍ أَيْ مَكْسُورِ قَصَبٍ وَمَكْسُورِ حَجَرٍ بِأَنْ كَانَ مُحَرَّفًا (قَوْلُهُ: وَعَقَاقِيرَ) الْعَطْفُ مُغَايِرٌ إنْ أُرِيدَ بِالْأَدْوِيَةِ الْمُرَكَّبَاتُ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالْوَرَقُ) أَيْ وَكَذَلِكَ النُّخَالَةُ غَيْرُ الْخَالِصَةِ مِنْ الدَّقِيقِ. وَأَمَّا النُّحَالَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْخَشَبِ إذَا مَلَّسَهُ النَّجَّارُ أَوْ خَرَطَهُ وَالسُّحَالَةُ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْخَشَبِ عِنْدَ نَشْرِهِ بِالْمِنْشَارِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ بِهِمَا كَذَا قَالَ الشُّرَّاحُ لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي النُّخَالَةِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِأَنَّهَا وَإِنْ خَلَصَتْ مِنْ الطَّعَامِ إلَّا أَنَّهَا مَا زَالَتْ مُحْتَرَمَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ؛ لِأَنَّهَا عَلَفٌ لِلدَّوَابِّ وَإِذَا اُحْتُرِمَ عَلَفُ دَوَابِّ الْجِنِّ فَأَحْرَى عَلَفُ دَوَابِّ الْإِنْسِ اهـ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحُرُوفِ) أَيْ لِشَرَفِهَا قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ مَحَلُّ كَوْنِ الْحُرُوفِ لَهَا حُرْمَةٌ إذَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِالْعَرَبِيِّ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ لَهَا إلَّا إذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ بِهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَقَالَ عج الْحُرُوفُ لَهَا حُرْمَةٌ سَوَاءٌ كُتِبَتْ بِالْعَرَبِيِّ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ ح وَفَتْوَى النَّاصِرِ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاطِلًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَكْتُوبُ بَاطِلًا كَسِحْرٍ وَتَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ مُبَدِّلًا فِيهِمَا أَسْمَاءَ اللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ (قَوْلُهُ: وَجِدَارٍ لِوَقْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْفُ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ وَقَفَهُ أَوْ وَقَفَ غَيْرَهُ كَانَ الِاسْتِجْمَارُ بِجِدَارِ الْوَقْفِ مِنْ دَاخِلِهِ أَوْ مِنْ خَارِجِهِ فَالْحُرْمَةُ بِالِاسْتِجْمَارِ بِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِهَدْمِهِ

[فصل في نواقض الوضوء]

لِوَقْفٍ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَيُكْرَهُ فِي مِلْكِهِ (وَعَظْمٍ وَرَوْثٍ) طَاهِرَيْنِ لِانْدِرَاجِ النَّجَسَيْنِ فِي النَّجَسِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الطَّاهِرَيْنِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُمَا لِأَنَّ الْعَظْمَ طَعَامُ الْجِنِّ وَالرَّوْثَ طَعَامُ دَوَابِّهِمْ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الْحُرْمَةُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا جِدَارَ النَّفْسِ وَالْعَظْمَ وَالرَّوْثَ الطَّاهِرَيْنِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا (فَإِنْ) ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَاسْتَنْجَى بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَ (أَنْقَتْ) الْمَحَلَّ (أَجْزَأَتْ) لِحُصُولِ الْإِزَالَةِ بِهَا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِوَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُنَقِّ كَالنَّجَسِ الَّذِي يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْمُبْتَلُّ وَالْأَمْلَسُ فَلَا يُجْزِي (كَالْيَدِ) ، فَإِنَّهَا تُجْزِي إنْ أَنْقَتْ (وَدُونَ الثَّلَاثِ) مِنْ الْأَحْجَارِ إنْ أَنْقَتْ (فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الرِّدَّةُ وَالشَّكُّ وَابْتَدَأَ بِالْأَوَّلِ لِأَصَالَتِهِ فَقَالَ (نُقِضَ الْوُضُوءُ) أَيْ بَطَلَ حُكْمُهُ عَمَّا كَانَ يُبَاحُ بِهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا (بِحَدَثٍ) وَهُوَ مَا يَنْقُضُ بِنَفْسِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَدَثُ (الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ) مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ، فَإِنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ (فِي الصِّحَّةِ) فَخَرَجَ بِالْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ كَالْجِنْسِ الدَّاخِلُ مِنْ عُودٍ أَوْ أُصْبُعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ إذَا اسْتَجْمَرَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ وَإِنَّمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِذَا اسْتَجْمَرَ بِجِدَارِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ كُرِهَ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ فِي مِلْكِهِ) أَيْ وَيُكْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِالْجِدَارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْجِدَارُ فِي مِلْكِهِ أَيْ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ مِنْ دَاخِلٍ. وَأَمَّا إذَا اسْتَجْمَرَ بِهِ مِنْ خَارِجٍ فَقَوْلَانِ بِالْكَرَاهَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِجِدَارِ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ وَيُصِيبُهُ بَلَلٌ وَيَلْتَصِقُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فَتُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ وَخَوْفًا مِنْ أَذِيَّةِ عَقْرَبٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِي جِدَارِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الطَّاهِرَيْنِ) أَيْ كَمَا قَالَ ح وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَظْمَ طَعَامُ الْجِنِّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِأَوْفَرَ وَأَعْظَمَ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَالرَّوْثُ طَعَامُ دَوَابِّهِمْ) أَيْ فَيَصِيرُ الرَّوْثُ شَعِيرًا أَوْ فُولًا أَوْ تِبْنًا أَوْ عُشْبًا كَمَا كَانَ، وَهَلْ الَّذِي يَصِيرُ كَذَلِكَ كُلُّ رَوْثٍ أَوْ خُصُوصُ رَوْثِ الْمُبَاحِ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْعَظْمُ طَعَامَ الْجِنِّ، وَالرَّوْثُ طَعَامَ دَوَابِّهِمْ صَارَ النَّهْيُ عَنْهُمَا لِحَقِّ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ بِمُبْتَلٍّ إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ أَنْ يُتْبِعَهَا بِالْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إلَّا الْمُحْتَرَمَ وَالْمُحَدَّدَ وَالنَّجَسَ فَالْحُرْمَةُ مُطْلَقًا كَمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ زَرُّوقٍ وَاللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ بْن لَا يُقَالُ: الْجَزْمُ بِحُرْمَةِ النَّجَسِ مُطْلَقًا مُشْكِلٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِجْمَارُ بِالنَّجَاسَةِ فِيهِ قَصْدٌ لِاسْتِعْمَالِ النَّجَسِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ وَالتَّضَمُّخُ الْمَكْرُوهُ لَيْسَ فِيهِ قَصْدُ الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَنْجَى بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ الَّتِي يَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا وَاَلَّتِي يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ، فَإِنَّهَا تُجْزِي إنْ أَنْقَتْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَدُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْأَحْجَارِ) أَيْ، فَإِنَّهَا تُجْزِي إنْ أَنْقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِأَبِي الْفَرَجِ، فَإِنَّهُ أَوْجَبَ الثَّلَاثَةَ مِنْ الْأَحْجَارِ، فَإِنْ أَنْقَى أَقَلُّ مِنْ الثَّلَاثِ فَلَا بُدَّ مِنْ الثَّلَاثِ. [فَصْلٌ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ] (فَصْلٌ نُقِضَ الْوُضُوءُ بِحَدَثٍ إلَخْ) (قَوْلُهُ: أَحْدَاثٌ) جَمْعُ حَدَثٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْأَسْبَابُ فَهِيَ جَمْعُ سَبَبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُؤَدِّي لِمَا يَنْقُضُ وَلَيْسَ نَاقِضًا بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ بَطَلَ حُكْمُهُ) أَيْ بَطَلَ اسْتِمْرَارُ حُكْمِهِ وَهُوَ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بُطْلَانَ ذَاتِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا لَكَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي فُعِلَتْ بِهِ تَبْطُلُ بِنَقْضِهِ (قَوْلُهُ: فِي الصِّحَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُعْتَادِ أَيْ الَّذِي اُعْتِيدَ خُرُوجُهُ فِي الصِّحَّةِ لَا بِالْخَارِجِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى عَدَمَ النَّقْضِ بِالْمُعْتَادِ إذَا خَرَجَ فِي الْمَرَضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْخَارِجِ فِي الصِّحَّةِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهَا فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ وَالْمُرَادُ بِالْمُعْتَادِ مَا اُعْتِيدَ جِنْسُهُ فَإِذَا خَرَجَ الْبَوْلُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُ مُعْتَادُ الْخُرُوجِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُعْتَادًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَوْلَ الْغَيْرَ الْمُتَغَيِّرِ نَجَسٌ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ تَوَقُّفِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ عَلَى التَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كَالْجِنْسِ) أَيْ وَهُوَ يَخْرُجُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ

أَوْ حُقْنَةٍ فَلَا يَنْقُضُ وَمَغِيبُ حَشَفَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ خَاصَّةً بَلْ يُوجِبُ مَا هُوَ أَعَمُّ وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ الشَّدِيدَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَخَرَجَ بِالْمُعْتَادِ مَا لَيْسَ مُعْتَادًا كَدَمٍ وَقَيْحٍ إنْ خَرَجَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى وَحَصًى وَدُودٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لَا حَصًى) تَوَلَّدَ بِالْبَطْنِ (وَدُودٌ) وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى حُكْمِ خُرُوجِهِمَا مُبْتَلَّيْنِ وَالْخِلَافُ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِبِلَّةٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَيْ وَلَوْ خَرَجَا مَعَ أَذًى وَلَوْ كَثُرَ لِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا لَا نَقْضَ فِيهِ وَهُوَ الْحَصَى وَالدُّودُ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ فِي قَوْلِهِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ فَشَمَلَ كَلَامُهُ اثْنَيْنِ مِنْ الدُّبُرِ وَهُمَا الْغَائِطُ وَالرِّيحُ وَسِتَّةٌ مِنْ الْقُبُلِ وَهِيَ الْبَوْلُ وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَالْهَادِي عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْحَيْضِ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي فِي السَّلَسِ وَشَمَلَ خُرُوجَ مَنِيِّ الرَّجُلِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إذَا دَخَلَ بِوَطْءٍ وَخَرَجَ بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَتْ لَا إنْ دَخَلَ بِلَا وَطْءٍ فَلَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ حُقْنَةٍ) هِيَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ بِآلَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ يُوجِبُ مَا هُوَ أَعَمُّ) أَيْ مِنْ الْوُضُوءِ وَهُوَ غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ وَالتَّعْرِيفُ إنَّمَا هُوَ لِلْحَدَثِ الْمُوجِبِ لِلْوُضُوءِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ) عَطْفٌ عَلَى الدَّاخِلِ كَأَنَّهُ يَقُولُ خَرَجَ بِهِ مَا هُوَ دَاخِلٌ كَالْعُودِ إلَخْ وَمَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ وَلَا خَارِجٍ كَالْقَرْقَرَةِ إلَخْ وَالْقَرْقَرَةُ هِيَ حَبْسُ الرِّيحِ وَالْحَقْنُ حَبْسُ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: الشَّدِيدَانِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا لَوْ مَنَعَا مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِعُسْرٍ فَقَدْ أَبْطَلَا الْوُضُوءَ فَمَنْ حَصَرَهُ بَوْلٌ أَوْ رِيحٌ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَصْلًا أَوْ يَأْتِي بِهِ مَعَ عُسْرٍ كَانَ وُضُوءُهُ بَاطِلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ أَيْ الْخَارِجُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْقَرْقَرَةَ وَالْحَقْنَ الْمَانِعَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ يَحْصُلُ بِهِمَا مَشَقَّةٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْحَقْنَ وَالْقَرْقَرَةَ الشَّدِيدَيْنِ يَنْقُضَانِ الْوُضُوءَ وَلَوْ لَمْ يَمْنَعَا الْإِتْيَانَ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَا) أَيْ مِنْ الْمَخْرَجِ خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى أَيْ وَإِلَّا نَقَضَ الْمُخَالِطُ لَهُمَا لِنَدُورَ مُخَالَطَتِهِمَا لِلْأَذَى بِخِلَافِ الْحَصَى وَالدُّودِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ مُخَالِطُهُمَا كَمَا يَأْتِي لِغَلَبَةِ الْمُخَالَطَةِ فِيهِمَا كَذَا فِي عبق وَأَقَرَّهُ الْأَشْيَاخُ وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ بْن قَائِلًا مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الدَّمِ وَالْحَصَى وَالدُّودِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الدَّمُ وَالْحَصَى وَالدُّودُ سَوَاءٌ فَلَا نَقْضَ بِهَا مُطْلَقًا كَانَ مَعَهَا أَذًى أَمْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَح وَهُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَشْهُورِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَفِي نَقْضِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ كَدُودٍ أَوْ حَصًى أَوْ دَمٍ ثَالِثُهَا إنْ قَارَنَهُ أَذًى لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّالِثُ عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ نَافِعٍ اهـ (قَوْلُهُ: تَوَلَّدَ بِالْبَطْنِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً أَوْ دُودَةً فَنَزَلَتْ بِصِفَتِهَا فَالنَّقْضُ وَلَوْ كَانَا خَالِصَيْنِ مِنْ الْأَذَى؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ) أَيْ دُونَ الْقَيْحِ وَالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ فِيهِ) قَالَ بْن لِابْنِ رُشْدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهُمَا لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ خَرَجَتْ الدُّودَةُ نَقِيَّةً أَوْ غَيْرَ نَقِيَّةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الثَّانِي لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ نَقِيَّةٍ، وَالثَّالِثُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَرَجَتْ نَقِيَّةً وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خَاصَّةً مِنْ أَصْحَابِنَا اهـ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِبِلَّةٍ أَيْ وَلَوْ بِأَذًى وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ) أَيْ الْأَذَى بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْحَصَى وَالدُّودِ الْخَارِجِ مَعَهُمَا مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فِي الْكَثْرَةِ وَإِلَّا نَقَضَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (تَنْبِيهٌ) يُعْفَى عَمَّا خَرَجَ مِنْ الْأَذَى مَعَ الْحَصَى وَالدُّودِ إنْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا بِأَنْ كَانَ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ إنْ كَثُرَ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ أَيْ بِحَسَبِ مَحَلِّهِ لَا بِحَسَبِ إصَابَتِهِ لِثَوْبٍ (قَوْلُهُ: فَشَمَلَ كَلَامُهُ) أَيْ شَمَلَ قَوْلُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ ثَمَانِيَةَ أَشْيَاءَ: اثْنَيْنِ مِنْ الدُّبُرِ وَسِتَّةً مِنْ الْقُبُلِ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ كَانَ سَلَسًا وَلَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَانِ لَا إنْ لَازَمَ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ) أَيْ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ مِنْ مَخْرَجَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ)

كَمَا قَالَ شَيْخُنَا النَّقْضُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ مَا إذَا خَرَجَ فِي حَالِ الْمَرَضِ أَيْ خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ، فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) نُقِضَ (بِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ) الزَّمَانِ وَلَازَمَ أَقَلُّهُ، فَإِنْ لَازَمَ النِّصْفَ وَأَوْلَى الْجُلُّ أَوْ الْكُلُّ فَلَا يَنْقُضُ (كَسَلَسِ مَذْيٍ) لِطُولِ عُزُوبَةٍ أَوْ مَرَضٍ فَيَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ أَوْ تَفَكُّرٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا حَيْثُ (قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) بِتَدَاوٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ تَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنُ التَّدَاوِي وَالتَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ بِمَا ذُكِرَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْلَاسِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَمَا فِي خش نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ شَيْخُنَا) أَيْ الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: مَا إذَا خَرَجَ) أَيْ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ مَخْرَجَيْهِ فِي حَالِ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: وَبِسَلَسٍ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ الْخَارِجُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِكَسْرِهَا الشَّخْصُ الَّذِي قَامَ بِهِ السَّلَسُ وَعَطْفُهُ عَلَى الْحَدَثِ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِتَقْيِيدِ الْمَعْطُوفِ بِمُفَارَقَةِ أَكْثَرِ الزَّمَانِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي السَّلَسِ فَيَشْمَلُ سَلَسَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَغَيْرِهِ كَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا التَّقْسِيمُ لَا يَخُصُّ حَدَثًا دُونَ حَدَثٍ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي السَّلَسِ طَرِيقَةُ الْمَغَارِبَةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إلَى أَنَّ السَّلَسَ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ إذَا لَمْ يُلَازِمْ كُلَّ الزَّمَانِ، فَإِنْ لَازَمَ كُلَّهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَازَمَ النِّصْفَ) أَيْ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ هَارُونَ النَّقْضَ فِي الْمُلَازِمِ لِنِصْفِ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) . اعْلَمْ أَنَّ عِنْدَنَا صُوَرًا ثَلَاثَةً: الْأُولَى مَا إذَا كَانَ سَلَسُ الْمَذْيِ لِبُرُودَةٍ وَعِلَّةٍ كَاخْتِلَالِ مِزَاجٍ فَهَذِهِ لَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ مُطْلَقًا قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ. الثَّانِيَةُ مَا إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ مَعَ تَذَكُّرٍ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ وَصَارَ مَهْمَا نَظَرَ أَوْ سَمِعَ أَوْ تَفَكَّرَ أَمَذَى بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ. الثَّالِثَةُ مَا إذَا كَانَ لِطُولِ عُزُوبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ وَتَفَكُّرٍ بَلْ صَارَ الْمَذْيُ مِنْ أَجْلِ طُولِ الْعُزُوبَةِ نَازِلًا مُسْتَرْسِلًا نَظَرَ أَوْ لَا تَفَكَّرَ أَوْ لَا وَالْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَقَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالثَّانِيَةُ مِنْهُمَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ فِيهَا إنْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِزَوَاجٍ أَوْ تَسَرٍّ وَجَبَ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ خِلَافٌ لَهَا فَيَكُونُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. إذَا عَلِمْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِعِلَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا وَلَا عَلَى مَا إذَا كَانَ لِتَذَكُّرٍ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ مَهْمَا رَأَى أَوْ سَمِعَ أَوْ تَفَكَّرَ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ خِلَافًا لخش لِمَا مَرَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ النَّقْضِ فِيهَا مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ بِدُونِ تَفَكُّرٍ وَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ الْجَلَّابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ طفى أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ شَهَرَهُ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي نَقْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ لَك (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَوْمٍ) أَيْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ هَكَذَا قَيَّدَهُ الْمَازِرِيُّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنٌ إلَخْ) فَلَا يُعَدُّ السَّلَسُ الْمَذْكُورُ نَاقِضًا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّزَوُّجُ وَالتَّسَرِّي) أَيْ طَلَبُ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ وَكَذَا يُغْتَفَرُ مُدَّةَ اسْتِبْرَاءِ السُّرِّيَّةِ

فَيَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَلَا مَفْهُومَ لِمَذْيٍ فَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَشْمَلَ إذْ كُلُّ سَلَسٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ نَقَضَ وَإِلَّا فَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ (وَنُدِبَ) الْوُضُوءُ (إنْ لَازَمَ) السَّلَسُ (أَكْثَرَ) الزَّمَنِ وَأَوْلَى نِصْفُهُ لَا إنْ عَمَّهُ وَمَحَلُّ النَّدْبِ فِي مُلَازَمَةِ الْأَكْثَرِ إنْ لَمْ يَشُقَّ (لَا إنْ شَقَّ) الْوُضُوءُ بِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْدَبُ فَقَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَارَقَ أَكْثَرَ (وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ) مِنْ دَوَامٍ وَكَثْرَةٍ وَمُسَاوَاةٍ وَقِلَّةٍ (فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ) خَاصَّةً وَهُوَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي (أَوْ) اعْتِبَارُهَا (مُطْلَقًا) لَا بِقَيْدِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَيُعْتَبَرُ حَتَّى مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الزَّوَالِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ (مِنْ مَخْرَجَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخَارِجِ وَالضَّمِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ، فَإِنْ لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَانِ نَقَضَ وَإِنْ لَازَمَ الْكُلَّ أَوْ الْجُلَّ أَوْ النِّصْفَ لَمْ يَنْقُضْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِمَذْيٍ) أَيْ بَلْ كُلُّ سَلَسٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ بَوْلًا أَوْ مَنِيًّا أَوْ وَدْيًا فَهُوَ كَسَلَسِ الْمَذْيِ الَّذِي قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ فِي كَوْنِهِ نَاقِضًا مُطْلَقًا وَمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ تَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَبِهَذَا صَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَقَوْلُ التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ وَغَيْرِهِ فِي الْبَوْلِ قُصُورٌ كَذَا فِي عبق وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِسَلَسِ الْمَذْيِ الَّذِي يَكُونُ نَاقِضًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى رَفْعِهِ مَا كَانَ لِطُولِ عُزُوبَةٍ فَقَطْ لَا مَا كَانَ لِعِلَّةٍ وَلَا مَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ مَعَ تَذَكُّرٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ) أَيْ، فَلَوْ حَذَفَهُ وَقَالَ بِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ وَإِلَّا يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ فَيَجْرِي فِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْوُضُوءُ إنْ لَازَمَ السَّلَسُ أَكْثَرَ) أَيْ وَنُدِبَ أَيْضًا اتِّصَالُهُ بِالصَّلَاةِ وَهَلْ يُنْدَبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ أَوْ لَا يُنْدَبُ قَوْلَانِ كَذَا فِي عبق عَلَى الْعِزِّيَّةِ وَتَخْصِيصُهُ النَّدْبَ بِالْوُضُوءِ دُونَ غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ يُشْعِرُ بِنَفْيِ غَسْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ: لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنْ الْحَدَثِ وَالْحُكْمُ بِاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ غَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ وَاسْتَحَبَّ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ غَسْلَ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ الْمُلَازِمِ لِجُلِّ الزَّمَانِ أَوْ لِنِصْفِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَمَّهُ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُضُوءِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَقَّ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَنُدِبَ لَازِمُ أَكْثَرِ إنْ لَمْ يَشُقَّ لَا إنْ شَقَّ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ إلَخْ. (فَرْعٌ) إذَا كَانَ فِي جَوْفِهِ عِلَّةٌ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا اسْتَنْكَحَهُ الرِّيحُ، فَإِذَا صَلَّى مِنْ جُلُوسٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا يَخْرُجُ مِنْهُ قَالَ ح الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْأَبْيَانِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا لَا جَالِسًا وَلَا يَكُونُ الرِّيحُ نَاقِضًا لِوُضُوئِهِ كَالْبَوْلِ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ كُلَّمَا تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ أَحْدَثَ بِنُقْطَةِ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ وَلَا يَكُونُ الْحَدَثُ نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ سَلَسٌ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَاسْتَظْهَرَهُ ح وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَتَيَمَّمُ وَالْأَحْوَطُ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ: تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَارَقَ أَكْثَرَ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، فَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ أَكْثَرَ بِأَنْ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ جُلَّهُ فَلَا نَقْضَ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ الثَّلَاثَةَ بَعْضُهَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوُضُوءُ وَهُوَ مَا إذَا لَازَمَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ وَبَعْضُهَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْوُضُوءُ وَهُوَ مَا إذَا لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ مُلَازَمَةِ الْمَوْجُودِ مِنْ الْحَدَثِ دَائِمًا أَوْ جُلِّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا ابْنُ جَمَاعَةَ وَالْبُوذَرِيُّ وَهُمَا مِنْ أَشْيَاخِ مَشَايِخِ ابْنِ عَرَفَةَ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ جَمَاعَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ وَالثَّانِي: قَوْلُ الْبُوذَرِيُّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ أَوَّلُهُمَا وَهَذَا التَّرَدُّدُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دَرَجَةً وَغَيْرَ أَوْقَاتِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ فَأَتَاهُ السَّلَسُ فِيهَا وَفِي مِائَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِمُفَارَقَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَانِ لَا عَلَى الثَّانِي لِمُلَازَمَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَانِ، فَإِنْ لَازَمَهُ وَقْتَ صَلَاةٍ فَقَطْ نُقِضَ وَصَلَّاهَا قَضَاءً كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ فِيمَنْ يَطُولُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَقَالَ الْمَنُوفِيُّ إذَا انْضَبَطَ وَقْتُ إتْيَانِ السَّلَسِ قَدَّمَ تِلْكَ الصَّلَاةَ أَوْ أَخَّرَهَا فَيَجْمَعُهُمَا كَأَرْبَابِ الْأَعْذَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَخْرَجَيْهِ) الضَّمِيرُ لِلْخَارِجِ الْمُعْتَادِ لَا لِلشَّخْصِ وَلَا لِلْمُتَوَضِّئِ؛ لِأَنَّهُ

أَحْرَزَ وَصَفًا مُقَدَّرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ مِنْ مَخْرَجَيْهِ الْمُعْتَادَيْنِ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ مَا إذَا خَرَجَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْرَجَيْنِ كَمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ أَوْ خَرَجَ بَوْلٌ مِنْ دُبُرٍ أَوْ رِيحٌ مِنْ قُبُلٍ وَلَوْ قَبَّلَ امْرَأَةً أَوْ مِنْ ثُقْبَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ وَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) خَرَجَ مِنْ (ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ) وَهُوَ مَوْضِعُ الطَّعَامِ قَبْلَ انْحِدَارِهِ لِلْأَمْعَاءِ فَهِيَ لَنَا بِمَنْزِلَةِ الْحَوْصَلَةِ لِلطَّيْرِ وَالْكِرْشِ لِغَيْرِ الطَّيْرِ فَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَ الْمَعِدَةِ فَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهَا (إنْ انْسَدَّا) أَيْ الْمَخْرَجَانِ بِأَنْ انْقَطَعَ الْخُرُوجُ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّا بِأَنْ انْفَتَحَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَتْ الثُّقْبَةُ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِي الْمَعِدَةِ انْسَدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ انْفَتَحَا (فَقَوْلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى النَّقْضِ فِيمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّا لِأَنَّ الطَّعَامَ لَمَّا انْحَدَرَ إلَى الْأَمْعَاءِ صَارَ فَضْلَةً قَطْعًا وَصَارَتْ الثُّقْبَةُ الَّتِي تَحْتَهُمَا قَائِمَةً مَقَامَهُمَا عِنْدِ انْسِدَادِهِمَا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَحْدَاثِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَسْبَابِهَا فَقَالَ (وَ) نُقِضَ (بِسَبَبِهِ وَهُوَ) أَيْ السَّبَبُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ (زَوَالُ عَقْلٍ) أَيْ اسْتِتَارُهُ لَا بِنَوْمٍ ثَقُلَ بِأَنْ كَانَ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ شِدَّةِ هَمٍّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ زَوَالُهُ (بِنَوْمٍ ثَقُلَ) هَذَا إذَا طَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِ الشَّخْصِ يَكُونُ نَاقِضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الرِّيحُ الْخَارِجُ مِنْ الْقُبُلِ لَا يَنْقُضُ مَعَ أَنَّهُ خَارِجٌ مُعْتَادٌ مِنْ مَخْرَجِ الشَّخْصِ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: أَحْرَزَ وَصْفًا إلَخْ) أَيْ قَامَ مَقَامَهُ لِإِفَادَتِهِ لِمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْعَهْدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ مِنْ مَخْرَجَيْ الْخَارِجِ الْمَعْهُودَيْنِ أَيْ الْمُعْتَادَيْنِ لِذَلِكَ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَمِ) الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْحَدَثُ مِنْ الْفَمِ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ إذَا انْقَطَعَ خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ رَأْسًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ رَأْسًا وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا تَسَاوَى خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ مَعَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَلْقِ وَمَا إذَا كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ أَكْثَرَ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَلْقِ وَعَكْسِهِ فَلَا نَقْضَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا نَقْضَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْتَ: مُقْتَضَى كَوْنِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّقْبَةِ إذَا كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ لَا يَنْقُضُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ الْفَمِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الثُّقْبَةِ الْمَذْكُورَةِ قُلْتُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَمَ عُهِدَ مَخْرَجًا لِلْفَضْلَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلتِّمْسَاحِ بِخِلَافِ الثُّقْبَةِ هَذَا وَذَكَرَ عج أَنَّ قَوْلَهُمْ إذَا كَانَتْ الثُّقْبَةُ فَوْقَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَلَا نَقْضَ عَلَى الرَّاجِحِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ انْسِدَادُ الْمَخْرَجَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لَا دَائِمًا أَمَّا إذَا كَانَ انْسِدَادُهُمَا دَائِمًا فَالنَّقْضُ كَالْفَمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا) أَيْ فِي خُرُوجِ الْحَدَثِ مِنْ الثُّقْبَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ) أَيْ الْحَدَثُ وَقَوْلُهُ مِنْ ثُقْبَةٍ أَيْ مِنْ خَرْقٍ (قَوْلُهُ: فَالسُّرَّةُ مِمَّا تَحْتَ الْمَعِدَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعِدَةُ مِنْ مُنْخَسِفِ الصَّدْرِ لِفَوْقِ السُّرَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الثُّقْبَةَ تَحْتَ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّمَانِيَةِ (قَوْلُهُ: الرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى النَّظَرِ فِي انْسِدَادِ أَحَدِهِمَا نَقْضَ خَارِجِهِ مِنْهَا وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَدُمْ الِانْسِدَادُ وَتُعْتَادُ الثُّقْبَةُ وَإِلَّا نَقَضَ الْخَارِجُ مِنْهَا وَلَوْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ بِالْأَوْلَى مِنْ نَقْضِهِمْ بِالْفَمِ إذَا اُعْتِيدَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَصَارَتْ الثُّقْبَةُ الَّتِي تَحْتَهُمَا) أَيْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَقَوْلُهُ مَقَامَهُمَا أَيْ الْمَخْرَجَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِسَبَبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْحَدَثِ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ كَالنَّوْمِ الْمُؤَدِّي لِخُرُوجِ الرِّيحِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ الْمُؤَدِّيَيْنِ لِخُرُوجِ الْمَذْيِ وَالسَّبَبِيَّةُ فِي زَوَالِ الْعَقْلِ مُشْكِلَةٌ إذْ لَا تُعْقَلُ إلَّا إذَا كَانَ زَوَالُ الْعَقْلِ سَبَبًا فِي انْحِلَالِ الْأَعْصَابِ فَيَتَسَبَّبُ عَنْ ذَلِكَ خُرُوجُ الْحَدَثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَدَّهُ سَبَبًا بِاعْتِبَارِ الْمَظِنَّةِ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمَسِّ وَاللَّمْسِ، فَإِنَّهُمَا كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: زَوَالُ الْعَقْلِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ زَوَالَ الْعَقْلِ بِغَيْرِ النَّوْمِ كَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ وَالْجُنُونِ لَا يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ كَمَا يُفَصِّلُ فِي النَّوْمِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ فَهُوَ نَاقِضٌ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْقَلِيلُ فِي ذَلِكَ كَالْكَثِيرِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِتَارُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِتَارِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ حَقِيقَةً لَمْ يُعِدْ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: قَدْ انْتَقَضَ وُضُوءُك (قَوْلُهُ: أَوْ شِدَّةِ هَمٍّ) أَيْ إنْ كَانَ مُضْطَجِعًا وَهَلْ كَذَا إنْ كَانَ قَاعِدًا أَوْ يُنْدَبُ لَهُ فَقَطْ احْتِمَالَانِ لِسَنَدٍ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى نَقْلِ ح وَاقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَذَا زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ هَمٌّ أَذْهَلَ عَقْلَهُ يَتَوَضَّأُ وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ اهـ. وَأَمَّا مَنْ اُسْتُغْرِقَ عَقْلُهُ فِي حُبِّ اللَّهِ حَتَّى زَالَ عَنْ إحْسَاسِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَزَرُّوقٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَهُ صِفَةُ النَّوْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِهَيْئَةِ النَّائِمِ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَمَتَى كَانَ النَّوْمُ ثَقِيلًا نَقَضَ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَقِيلٍ فَلَا يَنْقُضُ عَلَى أَيْ حَالٍ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا

بَلْ (وَلَوْ قَصُرَ) ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ (لَا) يُنْتَقَضُ بِنَوْمٍ (خَفَّ) وَلَوْ طَالَ (وَنُدِبَ) الْوُضُوءُ (إنْ طَالَ) الْخَفِيفُ وَجُمْلَةُ لَا خَفَّ اسْتِئْنَافِيَّةٌ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِمَّا قَبْلَهَا فَلَيْسَتْ لَا عَاطِفَةً وَالثَّقِيلُ مَا لَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِالْأَصْوَاتِ أَوْ بِسُقُوطِ حَبْوَةٍ بِيَدٍ أَوْ بِسُقُوطِ شَيْءٍ بِيَدِهِ أَوْ بِسَيَلَانِ رِيقِهِ (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي (لَمْسٌ) مِنْ بَالِغٍ لَا مِنْ صَغِيرٍ وَلَوْ رَاهَقَ وَوَطْؤُهُ مِنْ جُمْلَةِ لَمْسِهِ فَلَا يَنْقُضُ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْغُسْلُ كَمَا سَيَأْتِي (يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ) وَهُوَ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ اللَّمْسُ فَيَشْمَلُ الْمَلْمُوسَ (بِهِ عَادَةً) خَرَجَ بِهِ الْمَحْرَمُ عَلَى قَوْلٍ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَخَرَجَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى وَغَيْرُ الْأَمْرَدِ مِمَّنْ طَالَتْ لِحْيَتُهُ وَجَسَدُ الدَّوَابِّ فَلَا نَقْضَ فِي الْكُلِّ وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهِيَ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَاعْتَبَرَ فِي التَّلْقِينِ صِفَةَ النَّوْمِ مَعَ الثِّقَلِ وَصِفَةَ النَّائِمِ مَعَ غَيْرِهِ فَقَالَ: وَأَمَّا النَّوْمُ الثَّقِيلُ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا. وَأَمَّا غَيْرُ الثَّقِيلِ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فِي الِاضْطِجَاعِ وَالسُّجُودِ وَلَا يَجِبُ فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ الثَّانِيَةَ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ قَصُرَ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ: النَّوْمُ الثَّقِيلُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا كَانَ طَوِيلًا (قَوْلُهُ: لَا بِنَوْمٍ خَفَّ) أَيْ لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَالَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْخَفِيفُ قَصِيرًا بَلْ وَلَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إنْ طَالَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: نَشَأَ مِمَّا قَبْلَهَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ وَتَقْرِيرُ السُّؤَالِ، فَإِنْ كَانَ النَّوْمُ خَفِيفًا فَهَلْ يَنْقُضُ كَذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ لَا عَاطِفَةً) ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ عَاطِفَةً لِخَفَّ عَلَى ثَقُلَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهَا قَدْ عَطَفَتْ جُمْلَةً عَلَى جُمْلَةٍ وَلَا إنَّمَا تَعْطِفُ الْمُفْرَدَاتِ وَلَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَإِنْ جُعِلَتْ عَاطِفَةً لِمَحْذُوفٍ مَوْصُوفٍ بِجُمْلَةِ خَفَّ وَالتَّقْدِيرُ لَا بِنَوْمٍ خَفَّ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ حَذْفُ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْجُمْلَةِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ بَعْضَ اسْمٍ مَجْرُورٍ بِمِنْ أَوْ فِي كَقَوْلِك مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ أَيْ مِنَّا فَرِيقٌ وَكَقَوْلِهِ إنْ قُلْتَ مَا فِي قَوْمِهَا لَمْ تَيْئَمِ ... يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمِيسَمٍ أَيْ مَا فِي قَوْمِهَا أَحَدٌ يَفْضُلُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَشْعُرُ صَاحِبُهُ بِالْأَصْوَاتِ) أَيْ الْمُرْتَفِعَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ بِسُقُوطٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْأَصْوَاتِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ، فَإِنْ شَعَرَ بِالْأَصْوَاتِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ أَوْ شَعَرَ بِانْفِكَاكِ حَبْوَتِهِ أَوْ بِسُقُوطِ مَا كَانَ بِيَدِهِ أَوْ شَعَرَ بِسَيَلَانِ رِيقِهِ فَلَا نَقْضَ لِخِفَّتِهِ حِينَئِذٍ (تَنْبِيهٌ) لَا يَنْقُضُ نَوْمُ مَسْدُودِ الدُّبُرِ كَمَا إذَا اسْتَثْفَرَ بِشَيْءٍ تَحْتَ مَخْرَجِهِ وَلَوْ كَانَ النَّوْمُ ثَقِيلًا إذَا لَمْ يَطُلْ، فَإِنْ طَالَ نَقَضَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْسٌ) عَطْفٌ عَلَى زَوَالِ عَقْلٍ وَاللَّمْسُ مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لِجِسْمٍ لِطَلَبِ مَعْنًى فِيهِ كَحَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ أَوْ صَلَابَةٍ أَوْ رَخَاوَةٍ أَوْ عِلْمِ حَقِيقَةٍ كَأَنْ يَلْمِسَ لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ آدَمِيٌّ أَوْ لَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إنْ قَصَدَ لَذَّةً إلَخْ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ الْمَعْنَى. وَأَمَّا الْمَسُّ فَهُوَ مُلَاقَاةُ جِسْمٍ لِآخَرَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلِذَا عَبَّرَ بِهِ فِي الذَّكَرِ لِكَوْنِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ قَصْدٌ وَقَوْلُهُ وَلَمْسٌ أَيْ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ لِأُخْرَى كَمَا فِي المج نَقْلًا عَنْ ح قِيَاسًا عَلَى الْغُلَامَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَلْتَذُّ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ صَغِيرٍ وَلَوْ رَاهَقَ) ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ إنَّمَا نَقَضَ لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي لِخُرُوجِ الْمَذْيِ وَلَا مَذْيَ لِغَيْرِ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْغُسْلُ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ وَاسْتِحْبَابُ الْغُسْلِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْوُضُوءِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (قَوْلُهُ: يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً) الْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْضَ بِاللَّمْسِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ اللَّامِسُ بَالِغًا وَأَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً وَأَنْ يَقْصِدَ اللَّامِسُ اللَّذَّةَ أَوْ يَجِدَهَا فَقَوْلُهُ عَادَةً أَيْ لِكَوْنِ الْمَلْمُوسِ يُشْتَهَى عَادَةً أَيْ فِي عَادَةِ النَّاسِ لَا بِحَسَبِ عَادَةِ الْمُلْتَذِّ وَحْدَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَنْضَبِطُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا عَادَةُ النَّاسِ الْغَالِبَةُ وَإِلَّا لَاخْتَلَفَ الْحُكْمُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً الْمَحْرَمُ أَيْ فَلَمْسُهَا لَا يَنْقُضُ وَلَوْ قَصَدَ اللَّامِسُ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ لَا يُلْتَذُّ بِهَا فِي عَادَةِ النَّاسِ وَقَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ أَيْ ضَعِيفٍ وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلُ لِلْمُصَنِّفِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَمْسَ الْمَحْرَمِ نَاقِضٌ مَعَ وُجُودِ اللَّذَّةِ لَا مَعَ قَصْدِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى) أَيْ خَرَجَ لَمْسُهَا أَيْ لَمْسُ جَسَدِهَا. وَأَمَّا اللَّذَّةُ بِفَرْجِهَا، فَإِنَّهَا نَاقِضَةٌ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ مَنْ الْتَذَّ بِهِ عَدَمَ اللَّذَّةِ قَالَهُ عج وَلَكِنْ سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ) أَيْ وَلَوْ قَصَدَ بِاللَّمْسِ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا؛ لِأَنَّهَا لَذَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ وَهَذَا بِخِلَافِ اللَّذَّةِ بِفُرُوجِ الدَّوَابِّ، فَإِنَّهَا مُعْتَادَةٌ فَيُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِهَا مَعَ الْقَصْدِ أَوْ الْوِجْدَانِ كَمَا يُفِيدُهُ عج وَهُوَ مَا لِلْمَازِرِيِّ وَعِيَاضٍ وَفِي تت أَنَّ فَرْجَ الْبَهِيمَةِ كَجَسَدِهَا لَا يَكُونُ لَمْسُهُ نَاقِضًا وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ وَهُوَ مَا لِلْجَلَّابِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَمْسَ فُرُوجِ الدَّوَابِّ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ خِلَافٌ كَمَا فِي بْن وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اعْتَرَضَ مَا لِلْمَازِرِيِّ بِمُبَايَنَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ اللَّذَّةِ بِجَسَدِ

(وَلَوْ) كَانَ اللَّمْسُ (لَظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ) أَوْ سِنٍّ مُتَّصِلَةٍ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ لَا يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْأَمْرَدُ مَنْ نَبَتَ عَذَارَاهُ، فَإِنَّهُ يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ فَوْقَ (حَائِلٍ) وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ (وَأُوِّلَ) الْحَائِلُ (بِالْخَفِيفِ) أَيْ حُمِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يَحُسُّ اللَّامِسُ فَوْقَهُ بِطَرَاوَةِ الْجَسَدِ بِخِلَافِ الْكَثِيفِ (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ وَلَوْ كَثِيفًا إبْقَاءً لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَمَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَضُمَّ أَوْ يَقْبِضْ بِيَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْجَسَدِ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى النَّقْضِ (إنْ قَصَدَ) صَاحِبُ اللَّمْسِ مِنْ لَامِسٍ وَمَلْمُوسٍ بِلَمْسِهِ (لَذَّةً) وَجَدَهَا أَوْ لَا (أَوْ) لَمْ يَقْصِدْ وَ (وَجَدَهَا) حِينَ اللَّمْسِ لَا إنْ وَجَدَهَا بَعْدَهُ مِنْ التَّفَكُّرِ وَلَا يَنْقُضُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي اللَّمْسِ أَنْ يَكُونَ بِعُضْوٍ أَصْلِيٍّ أَوْ لَهُ إحْسَاسٌ بَلْ مَتَى قَصَدَ أَوْ وَجَدَ وَلَوْ بِعُضْوٍ زَائِدٍ لَا إحْسَاسَ لَهُ نُقِضَ بِخِلَافِ مَنْ مَسَّ بِعُودٍ أَوْ ضَرَبَ شَخْصًا بِكُمٍّ قَاصِدًا اللَّذَّةَ فَلَا نَقْضَ (لَا) إنْ (انْتَفَيَا) أَيْ الْقَصْدُ وَاللَّذَّةُ فَلَا نَقْضَ (إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ) أَيْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا تَنْقُضُ وُضُوءَهُمَا مَعًا (مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ انْتَفَى الْقَصْدُ وَاللَّذَّةُ مَعًا لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ إنْ كَانَ بَالِغَيْنِ أَوْ الْبَالِغَ مِنْهُمَا إنْ كَانَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ، وَأَمَّا الْقُبْلَةُ عَلَى الْخَدِّ فَتَجْرِي عَلَى تَفْصِيلِ اللَّمْسِ وَتَنْقُضُ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَمِ مُطْلَقًا (وَإِنْ) وَقَعَتْ (بِكُرْهٍ أَوْ اسْتِغْفَالٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّوَابِّ جَسَدُ آدَمِيَّةِ الْمَاءِ، فَإِنَّ اللَّذَّةَ بِهِ مُعْتَادَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ تَقْبِيلَ فَمِهَا كَفَمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ اللَّمْسُ لِظُفْرٍ) أَيْ وَكَذَا إنْ كَانَ بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَعْرٍ أَيْ لَا إنْ كَانَ اللَّمْسُ بِهِ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: أَيْ حُمِلَ عَلَيْهِ) أَيْ حُمِلَ الْحَائِلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْخَفِيفِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَثِيفِ) أَيْ فَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالْمَسِّ مِنْ فَوْقِهِ (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ بِالْإِطْلَاقِ) أَيْ وَحُمِلَ الْحَائِلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَيُسْتَثْنَى مَا عَظُمَتْ كَثَافَتُهُ كَاللِّحَافِ فَلَا نَقْضَ بِهِ اتِّفَاقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَضُمَّ) أَيْ اللَّامِسُ الْمَلْمُوسَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْبِضْ) أَيْ اللَّامِسُ وَقَوْلُهُ مِنْ الْجَسَدِ أَيْ جَسَدِ الْمَلْمُوسِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى النَّقْضِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ هُنَاكَ قَصْدًا أَوْ وُجْدَانًا لَا مُطْلَقًا كَمَا تُوُهِّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ لَذَّةً) مِنْ أَفْرَادِ قَصْدِ اللَّذَّةِ الِاخْتِيَارُ هَلْ يَلْتَذُّ أَمْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: مِنْ لَامِسٍ وَمَلْمُوسٍ) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى اللَّامِسِ؛ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَمَّا الْمَلْمُوسُ فَلَا يُنْتَقَضُ إلَّا إذَا وَجَدَ اللَّذَّةَ. وَأَمَّا إذَا قَصَدَهَا فَلَا يُقَالُ لَهُ مَلْمُوسٌ بَلْ لَامِسٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ تَوَسَّطَ بَيْنَ إطْلَاقِ الشَّافِعِيَّةِ النَّقْضَ وَإِطْلَاقِ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمَهُ وَلَوْ قَبَّلَ فَمَهَا إلَّا الْمُلَامَسَةَ الْفَاحِشَةَ وَهِيَ وَضْعُ الذَّكَرِ عَلَى الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: بَلْ مَتَى قَصَدَ أَوْ وَجَدَ وَلَوْ بِعُضْوٍ زَائِدٍ لَا إحْسَاسَ لَهُ نَقَضَ) وَذَلِكَ لِتَقَوِّيهِ بِالْقَصْدِ أَوْ الْوِجْدَانِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي مَسِّ الذَّكَرِ وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ بِالْإِطْلَاقِ فِي الْحَائِلِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ النَّقْضِ بِاللَّمْسِ بِالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ مُطْلَقًا هُوَ مَا فِي عبق وَنَازَعَهُ بْن فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ إنَّ إطْلَاقَهُمْ النَّقْضَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وَإِنْ انْتَفَى الْقَصْدُ وَالْوَجْدُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ اللَّمْسِ وَحِينَئِذٍ فَتَقْيِيدُهُمْ فِي مَسِّ الذَّكَرِ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ بِالْإِحْسَاسِ يُفِيدُ التَّقْيِيدَ هُنَا بِالْأَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ مَسَّ بِعُودٍ إلَخْ) وَلَا يُقَاسُ الْعُودُ عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الَّتِي لَا إحْسَاسَ لَهَا لِانْفِصَالِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي النَّقْضِ أَنْ يَكُونَ اللَّمْسُ بِعُضْوٍ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الزَّائِدِ أَوْ لَا، فِيهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ، فَلَوْ مَسَّ بِغَيْرِ عُضْوٍ فَلَا نَقْضَ وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَالْمُرَادُ بِالْعُضْوِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ اللَّمْسُ بِالظُّفْرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا إنْ انْتَفَيَا) إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومَ شَرْطٍ وَهُوَ يَعْتَبِرُهُ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ) جَعَلَ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى دَفْعًا لِمَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِفَمٍ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقُبْلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْفَمِ أَيْ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ عَلَى الْخَدِّ أَوْ عَلَى أَيِّ عُضْوٍ كَانَ فَتَجْرِي عَلَى الْمُلَامَسَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَلِكَ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَرْجِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ ذَلِكَ وَلَا تَشْتَهِيهِ وَجَزَمَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ بِأَنَّهَا مِثْلُ الْقُبْلَةِ عَلَى الْفَمِ فِي كَوْنِهَا تَنْقُضُ مُطْلَقًا بَلْ هِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ انْتَفَى الْقَصْدُ وَاللَّذَّةُ) أَيْ الْمَوْضُوعُ أَنَّ الْقُبْلَةَ عَلَى فَمِ مَنْ يَلْتَذُّ بِهِ عَادَةً كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُ الشَّارِحِ قَرِيبًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الصَّوْتِ فِي تَحَقُّقِ التَّقْبِيلِ كَمَا يَأْتِي فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَنْتَفِي فِي الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا بَالِغَيْنِ) شَرْطٌ فِي نَقْضِ الْقُبْلَةِ لِوُضُوءِ كُلٍّ مِنْ الْمُقَبِّلِ وَالْمُقَبَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَالِغَ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ أَوْ تَنْقُضُ وُضُوءَ الْبَالِغِ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُقَبِّلَ أَوْ كَانَ الْمُقَبَّلَ إنْ كَانَ غَيْرُ الْبَالِغِ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُبْلَةَ عَلَى الْفَمِ إنَّمَا تَنْقُضُ إذَا كَانَتْ عَلَى فَمِ مَنْ يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً وَلَوْ كَانَ ذَا لِحْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى فَمِ مُلْتَحٍ لِحْيَةً كَبِيرَةً أَوْ عَلَى فَمِ عَجُوزٍ فَلَا تَنْقُضُ وَلَوْ قَصَدَ الْمُقَبِّلُ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا كَمَا أَنَّ الْقُبْلَةَ عَلَى فَمِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى لَا تَنْقُضُ

مِنْ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ الْعَكْسِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّقْضِ بِهَا الطَّوْعُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ وَدَاعٍ وَرَحْمَةٍ (لَا) إنْ كَانَتْ الْقُبْلَةُ بِفَمٍ (لِوَدَاعٍ) عِنْدَ فِرَاقٍ (أَوْ رَحْمَةٍ) أَيْ شَفَقَةٍ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُقَبَّلِ فِي شِدَّةٍ كَمَرَضٍ فَلَا نَقْضَ مَا لَمْ يَلْتَذَّ (وَلَا) يَنْقُضُهُ (لَذَّةٌ بِنَظَرٍ) وَلَوْ تَكَرَّرَ (كَإِنْعَاظٍ) أَيْ قِيَامِ ذَكَرٍ فَلَا يَنْقُضُ وَلَوْ طَالَ مَا لَمْ يُمْذِ (وَ) لَا يَنْقُضُهُ (لَذَّةٌ بِمُحَرَّمٍ) مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) خِلَافَ الرَّاجِحِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ وُجُودَ اللَّذَّةِ بِالْمُحْرِمِ نَاقِضٌ قَصَدَ أَوْ لَا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْقَصْدِ فَلَا يَنْقُضُ مَا لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا نَقَضَهُ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يَلْتَذَّ بِمَحْرَمِهِ لِدَنَاءَةِ أَخْلَاقِهِ لَا كُلُّ مُرْتَكِبِ كَبِيرَةٍ (وَ) النَّوْعُ الثَّالِثُ (مُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ الْمُتَّصِلِ) مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ إنْ كَانَ بَالِغًا (وَلَوْ) كَانَ الْمَاسُّ (خُنْثَى مُشْكِلًا) سَوَاءٌ كَانَ الْمَسُّ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا الْتَذَّ أَوْ لَا مِنْ الْكَمَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَالْإِطْلَاقُ فِي الْمَاسِّ وَالْمَمْسُوسِ لَا إنْ مَسَّ ذَكَرَ غَيْرِهِ فَيَجْرِي عَلَى الْمُلَامَسَةِ وَلَا الْمَقْطُوعُ وَلَوْ الْتَذَّ وَلَا إنْ كَانَ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ وَلَوْ خَفِيفًا مَا لَمْ يَكُنْ كَالْعَدَمِ وَلَا إنْ كَانَ صَبِيًّا وَالْخُنْثَى الْمُحَقَّقُ أَمْرُهُ وَاضِحٌ (بِبَطْنٍ) لِكَفِّ الْمَاسِّ (أَوْ جَنْبٍ لِكَفٍّ) لَا بِظَهْرِهِ وَلَا بِذِرَاعِهِ (أَوْ) بَطْنِ أَوْ جَنْبِ (إصْبَعٍ) وَرُءُوسُ الْأَصَابِعِ كَجَنْبِهَا لَا بِظُفْرٍ (وَإِنْ) كَانَ الْأُصْبُعُ (زَائِدًا حَسَّ) أَيْ وَتَصَرَّفَ كَإِخْوَتِهِ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ وَجَدَهَا الْمُقَبِّلُ فَالْمُعْتَبَرُ عَادَةُ النَّاسِ لَا عَادَةُ الْمُقَبِّلِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَبَّلَ شَيْخٌ شَيْخَةً لَانْتَقَضَ وُضُوءُ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمَشَايِخِ اللَّذَّةُ بِالنِّسَاءِ الْكِبَارِ وَفِي ح لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي تَقْبِيلِ الْمَرْأَةِ لِمِثْلِهَا اهـ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ النَّقْضَ لِتَلَذُّذِ الْمَرْأَةِ بِمِثْلِهَا كَالْغُلَامِ بِمِثْلِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْمَازِرِيِّ مَا نَصُّهُ وَعَلَّلَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ النَّقْضِ بِمَسِّ الْمَحْرَمِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلشَّهْوَةِ فَأَشْبَهَ لَمْسَ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِلْمَرْأَةِ اهـ فَجُعِلَ لَمْسُ الْمَرْأَةِ لِمِثْلِهَا غَيْرَ نَاقِضٍ كَلَمْسِ الرَّجُلِ لِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ الْعَكْسِ) يَعْنِي مَثَلًا أَوْ مِنْ رَجُلٍ لِرَجُلٍ يُشْتَهَى عَادَةً أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ لِمِثْلِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ الْقُبْلَةُ بِفَمٍ) أَيْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ) أَيْ أَوْ قُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ خَلَاصٍ مِنْ يَدِ ظَالِمٍ. (قَوْلُهُ: كَإِنْعَاظٍ) أَيْ عِنْدَ تَفَكُّرٍ فَلَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِمْذَاءَ بِالْإِنْعَاظِ أَوْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ: إنَّ الْإِنْعَاظَ يَنْقُضُ مُطْلَقًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ إنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ لَا يُمْذِي فَلَا نَقْضَ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنَّهُ يُمْذِي نَقَضَ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَصَلَ مُجَرَّدُ الْإِنْعَاظِ مِنْ غَيْرِ إمْذَاءٍ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى النَّقْضِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْقُضُهُ لَذَّةٌ بِمَحْرَمٍ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا أَوْ قَصَدَهَا فَقَطْ أَوْ وَجَدَهَا فَقَطْ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ الْجَلَّابِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَرَابَةٍ) كَعَمَّتِهِ أُخْتِ أَبِيهِ وَخَالَتِهِ أُخْتِ أُمِّهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ صِهْرٍ أَيْ كَعَمَّةِ زَوْجَتِهِ وَخَالَتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ رَضَاعٍ أَيْ كَعَمَّتِهِ أَوْ خَالَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَأُخْتِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْرَمِ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ، فَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ بِلَمْسِهَا لِظَنِّهِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَظَهَرَتْ أَنَّهَا مَحْرَمٌ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَلَوْ قَصَدَ مَسَّهَا لِلَّذَّةِ ظَانًّا أَنَّهَا مَحْرَمٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَلَا نَقْضَ؛ لِأَنَّهَا مَحْرَمٌ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ اللَّامِسِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ وُجُودَ اللَّذَّةِ بِالْمَحْرَمِ إلَخْ) هَذَا مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْقَصْدِ) أَيْ بِخِلَافِ قَصْدِهَا الْمُجَرَّدِ عَنْ وُجُودِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ (قَوْلُهُ: نَقَضَهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَنْقُضُهُ الْوِجْدَانُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْفَاسِقِ. (قَوْلُهُ: وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ) أَيْ وَمَسُّ ذَكَرِهِ مُطْلَقًا وَفَسَّرَ الشَّارِحُ الْإِطْلَاقَ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ وَالْإِضَافَةُ فِي ذَكَرِهِ لِلْجِنْسِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ الْأَصْلِيِّ وَالزَّائِدِ إنْ كَانَ لَهُ إحْسَاسٌ وَقَرُبَ مِنْ الْأَصْلِيِّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إحْسَاسُ الذَّكَرِ إذَا كَانَ أَصْلِيًّا بِخِلَافِ الزَّائِدِ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَالِغًا) أَيْ لِأَنَّ الْمَسَّ إنَّمَا أَوْجَبَ النَّقْضَ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِحُصُولِ الْحَدَثِ وَهُوَ الْمَذْيُ، وَالصَّبِيُّ لَا مَذْيَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ مَسَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ ذَكَرَهُ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَسُّ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ عَمْدٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا وُضُوءَ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَيَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ: فَالْإِطْلَاقُ فِي الْمَاسِّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا الْتَذَّ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَالْمَمْسُوسُ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْمَسِّ لِلْكَمَرَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَذَّ) أَيْ بِمَسِّهِ بَعْدَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ كَانَ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ وَلَوْ خَفِيفًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ النَّقْضِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ الْمَسُّ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ وَهِيَ عَدَمُ النَّقْضِ مُطْلَقًا وَالنَّقْضُ مُطْلَقًا وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ فَيُنْتَقَضُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِبَطْنِ الْكَفِّ الْمَاسِّ) الظَّاهِرُ النَّقْضُ بِمَسِّ الْكَفِّ الَّذِي فِي الْمَنْكِبِ وَاَلَّذِي فِي الْيَدِ الزَّائِدَةِ إنْ كَانَتْ تُغْسَلُ فِي الْوُضُوءِ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: لَا بِظَهْرِهِ وَلَا بِذِرَاعِهِ) أَيْ وَلَوْ قَصَدَ لَذَّةً وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ النَّقْضَ بِذَلِكَ إنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَجَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: حَسَّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَحَسَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِحْسَاسِ لَا مِنْ الْحِسِّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَصَرَّفَ كَإِخْوَتِهِ) أَيْ وَإِنْ شَكًّا قِيَاسًا عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ كَمَا وَجَّهُوا مَسَّ الْخُنْثَى لِذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا إحْسَاسَ لَهُ أَوْ كَانَ فِيهِ إحْسَاسٌ

وَيُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ وَهُوَ شَيْئَانِ: الْأَوَّلُ مَا أَشَارَ لَهُ بِالْعَطْفِ عَلَى بِحَدَثٍ مُعِيدًا لِلْعَامِلِ بِقَوْلِهِ (وَ) نُقِضَ (بِرِدَّةٍ) وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي إبْطَالِهَا الْغُسْلَ قَوْلَانِ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْإِبْطَالَ وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ) أَيْ تَرَدُّدٍ مُسْتَوٍ فَأَوْلَى بِظَنٍّ بِخِلَافِ الْوَهْمِ (فِي) حُصُولِ (حَدَثٍ) أَيْ نَاقِضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ إخْوَتِهِ تَحْقِيقًا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْإِحْسَاسُ فِي الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسَاوِي إخْوَتَهَا فِي التَّصَرُّفِ فَالْمَدَارُ فِي الْأَصْلِيَّةِ عَلَى الْإِحْسَاسِ بِخِلَافِ الزَّائِدَةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا. (قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِرِدَّةٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَرَوَى مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَدْبُ الْوُضُوءِ مِنْ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لِاعْتِبَارِ الرِّدَّةِ مِنْهُ وَصَرَّحَ خش فِي كَبِيرِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي إبْطَالِهَا الْغُسْلَ) أَيْ وَعَدَمُ إبْطَالِهَا لَهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَرَجَّحَهُ بَهْرَامُ فِي صَغِيرِهِ وَالثَّانِي لِابْنِ جَمَاعَةَ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ح تَرْجِيحُهُ وَتَبِعَهُ عج وَوَجْهُ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِحَبْطِ الْأَعْمَالِ بِالرِّدَّةِ أَنَّ الْأَعْمَالَ نَفْسَهَا تَبْطُلُ بَلْ بُطْلَانُ ثَوَابِهَا فَقَطْ فَلِذَا لَا يُطْلَبُ بَعْدَهَا بِقَضَاءِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ فَكَذَا مَا قَدَّمَهُ مِنْ غُسْلٍ فَهُوَ وَإِنْ حَبِطَ ثَوَابُهُ بِهَا لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ بَعْدُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَلَغَ حِينَئِذٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِمُوجِبِهِ وَهُوَ إرَادَةُ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِوُقُوعِ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ نَفْسَ الْأَعْمَالِ، فَإِذَا ارْتَدَّ وَبَطَلَ عَمَلُهُ رَجَعَ الْأَمْرُ لِكَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِالْحَدَثِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ ذَلِكَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْإِبْطَالَ) لَا يُقَالُ إنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا الرِّدَّةَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ بَلْ اقْتَصَرُوا عَلَى الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: وَنُقِضَ بِشَكٍّ فِي حَدَثٍ بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: لَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِذَلِكَ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ فَقَطْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى أَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى اسْتِصْحَابِ مَا كَانَ فَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَأَمَّلَ عَلِمَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ لَا فِيمَا هُوَ شَرْطٌ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْحَدَثُ لَا الْوُضُوءُ وَالْمَعْرُوفُ إلْغَاءُ الشَّكِّ فِي الْمَانِعِ فَكَانَ الْوَاجِبُ طَرْحَ ذَلِكَ الشَّكِّ وَإِلْغَاءَهُ اهـ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّكُّ فِي الْمَانِعِ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى حَالِهِ وَعَدَمُ طُرُوُّ الْمَانِعِ وَكَانَ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ يُؤَثِّرُ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ لَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: الْمَشْكُوكُ فِيهِ الْحَدَثُ لَا الْوُضُوءُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْآخَرِ فَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ زَيْدٍ فِي الدَّارِ فَقَدْ شَكَّ فِي عَدَمِ كَوْنِهِ

فَيَشْمَلُ السَّبَبَ مَا عَدَا الشَّكَّ فِي الرِّدَّةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ لَا فِي وُضُوءٍ وَلَا غَيْرِهِ (بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ إلَّا) الشَّكَّ (الْمُسْتَنْكِحَ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ الَّذِي يَعْتَرِي صَاحِبَهُ كَثِيرًا بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا يَنْقُضُ وَلَا يُضَمُّ شَكٌّ فِي الْمَقَاصِدِ كَالصَّلَاةِ إلَى شَكٍّ فِي الْوَسَائِلِ كَالْوُضُوءِ، فَإِذَا كَانَ يَأْتِيهِ يَوْمًا فِي الصَّلَاةِ وَآخَرَ فِي الْوُضُوءِ نَقَضَ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الشَّكُّ فِي حُصُولِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ حَدَثٍ عُلِمَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَلَوْ مُسْتَنْكِحًا (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا) أَيْ فِي السَّابِقِ مِنْ الطُّهْرِ وَالْحَدَثِ سَوَاءٌ كَانَا مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالثَّانِي مَشْكُوكًا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْمُسْتَنْكِحِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ النَّوَاقِضِ أَتْبَعَهَا بِمَا لَيْسَ مِنْهَا مِمَّا وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ فَقَالَ (لَا) يُنْقَضُ الْوُضُوءُ (بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ) وَلَوْ الْتَذَّ (أَوْ) بِمَسِّ (فَرْجِ صَغِيرَةٍ) وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِالْفِعْلِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا مَسُّ جَسَدِهَا فَلَا يَنْقُضُ وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ أَوْ قَبَّلَهَا بِفَمٍ (وَ) لَا (قَيْءٍ) وَقَلْسٍ (وَأَكْلُ لَحْمِ جَزُورٍ) أَيْ إبِلٍ (وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَفَصْدٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ وَ) لَا (مَسَّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا) أَلْطَفَتْ أَمْ لَا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ) ، فَإِنْ أَلْطَفَتْ انْتَقَضَ وَالْإِلْطَافُ أَنْ تُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ يَدِهَا فِي فَرْجِهَا (وَنُدِبَ) لِكُلِّ أَحَدٍ وَتَأَكَّدَ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ (غَسْلُ فَمٍ) وَيَدٍ (مِنْ لَحْمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا وَمَنْ شَكَّ فِي وُجُودِ الْحَدَثِ فَقَدْ شَكَّ فِي وُجُودِ الطَّهَارَةِ حِينَ شَكِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ وَهُوَ مُؤَثِّرٌ نَقَلَهُ بْن عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي أَحْمَدَ بْنِ مُبَارَكٍ وَقَدْ يُقَالُ الْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ الْمَانِعُ. وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي عَكْسِ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ اللُّزُومَ فَكُلُّ شَكٍّ فِي الْمَانِعِ يَسْتَلْزِمُ الشَّكَّ فِي الشَّرْطِ. إنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ التَّحْقِيقُ: إنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ فَلِمَ اُعْتُبِرَ وَجُعِلَ نَاقِضًا عَلَى الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ يُلْغَى كَالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَحُصُولِ الرَّضَاعِ قُلْتُ كَأَنَّهُمْ رَاعَوْا سُهُولَةَ الْوُضُوءِ وَكَثْرَةَ نَوَاقِضِهِ فَاحْتَاطُوا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا هَذَا وَذَكَرَ ح عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ لَهُ صُورَتَانِ الْأُولَى مَنْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا بَعْدَ وُضُوئِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُتَخَيَّلَ لَهُ أَنَّ شَيْئًا حَاصِلًا مِنْهُ بِالْفِعْلِ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ حَدَثٌ أَوْ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْوَهْمِ فَلِذَا أُلْغِيَ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ السَّبَبَ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ حَصَلَ مِنْهُ لَمْسٌ بِلَذَّةٍ أَوْ مَسٌّ لِذَكَرِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرَهُ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ حَصَلَتْ مِنْهُ رِدَّةٌ أَوْ لَا، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وُضُوءَهُ وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً) . وَأَمَّا لَوْ أَتَى يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ وَقَالَ عج الْأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ أَيْ بِالْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ السَّهْلَةِ أَنَّ إتْيَانَهُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ مُسْتَنْكِحٌ كَالْمُسَاوِي فِي السَّلَسِ فَأَجْرَاهُ عَلَيْهِ لَكِنْ قَدَحَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُضَمُّ شَكٌّ فِي الْمَقَاصِدِ إلَخْ) وَأَمَّا الشَّكُّ فِي الْوَسَائِلِ فَيُضَمُّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ فَإِذَا أَتَاهُ الشَّكُّ يَوْمًا فِي الْغُسْلِ وَيَوْمًا فِي الْوُضُوءِ فَلَا نَقْضَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّهَارَةَ كُلَّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَيُضَمُّ الشَّكُّ فِي الْوُضُوءِ لِلشَّكِّ فِي الْغُسْلِ وَالنَّجَاسَةِ وَكَذَا الْعَكْسِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا) هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا فِي طفى نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَيَّدَهُ بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ وَجَعَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ شَكَّ هَلْ غَسَلَ وَجْهَهُ أَمْ لَا أَتَى بِهِ وَهَلْ وَلَوْ مُسْتَنْكِحًا أَوْ يُلْهَى عَنْهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ) أَيْ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا دُبُرُ الْغَيْرِ فَيَجْرِي عَلَى الْمُلَامَسَةِ وَكَذَا إنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ وَكَانَ لَهُ ثُقْبَةٌ فَلَا يَنْقُضُ مَسُّهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِالْفِعْلِ) أَيْ، فَإِنْ الْتَذَّ بِالْفِعْلِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ اللَّذَّةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ بَعْضِهِمْ) أَرَادَ بِهِ عج قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مَالِكٌ لَا وُضُوءَ فِي قُبْلَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فِي مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا فِي قُبْلَةِ الصَّبِيَّةِ وَمَسِّ فَرْجِهَا إلَّا لِلَّذَّةِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ نَحْوَهُ فِي مَسِّ فَرْجِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَرَوَى عَنْهُ عَلِيٌّ لَا وُضُوءَ فِي مَسِّ فَرْجِ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ يُرِيدُ إلَّا اللَّذَّةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَدَمَ النَّقْضِ مُطْلَقًا) أَيْ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ بِذَلِكَ عَادَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَرَافِيِّ وَرَجَّحَهُ ح وَبَهْرَامُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ رَاجِحٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ) أَيْ كَمَا قَالَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْإِلْطَافِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ تَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَ بِعَدَمِ النَّقْضِ مُطْلَقًا وَجَعْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرَهَا مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ عج ثُمَّ قَالَ بْن وَنَقَلَ الْقَبَّابُ عَنْ عِيَاضٍ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ مَسُّهَا لِفَرْجِهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَسُّ بِلَذَّةٍ وَجَبَ الْوُضُوءُ كَالْمُلَامَسَةِ اهـ كَلَامُ بْن. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُرِيدٍ لِلصَّلَاةِ أَمْ لَا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَوَضِّئِ؛ لِأَنَّ لَهَا تَعَلُّقًا بِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ تَأَكُّدُ النَّدْبِ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ

(وَلَبَنٍ) وَسَائِرُ مَا فِيهِ مِنْ دُسُومَةٍ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بِمَا يَقْطَعُ الرَّائِحَةَ كَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ وَغَاسُولٍ وَيُكْرَهُ بِمَا فِيهِ طَعَامٌ كَدَقِيقِ التُّرْمُسِ (وَ) نُدِبَ (تَجْدِيدُ وُضُوءٍ) لِصَلَاةٍ وَلَوْ نَافِلَةً أَوْ طَوَافٍ لَا لِغَيْرِهِمَا كَمَسِّ مُصْحَفٍ (إنْ صَلَّى بِهِ) وَلَوْ نَفْلًا أَوْ فَعَلَ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَوْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ لَمْ يَجُزْ التَّجْدِيدُ أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ (فِي) أَثْنَاءِ (صَلَاتِهِ) بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا جَازِمًا بِالطُّهْرِ هَلْ نُقِضَ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ هَلْ نُقِضَ بَعْدُ أَوْ لَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي فِيهِمَا (ثُمَّ) إذَا (بَانَ) أَيْ ظَهَرَ لَهُ (الطُّهْرُ) فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا (لَمْ يُعِدْ) صَلَاتَهُ لِبَقَاءِ الطَّهَارَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ أَعَادَهَا لِنَقْضِ وُضُوئِهِ وَلَا يُعِيدُ مَأْمُومُهُ كَالنَّاسِي وَلَوْ شَكَّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ دُخُولُهَا لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الطُّهْرُ وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ إنْ طَرَأَ فِيهَا لِأَنَّ دُخُولَهَا جَازِمًا بِالطُّهْرِ قَوَّى جَانِبَ الصَّلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ اسْمَ الْوُضُوءِ فِي حَدِيثِ «الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ بَرَكَةٌ وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ» (قَوْلُهُ: وَلَبَنٌ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَقَيَّدَهُ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَلِيبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ دَسَمٌ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ مَا فِيهِ دُسُومَةٌ) أَيْ وَدَكٌ كَالطَّبِيخِ بِأَنْوَاعِهِ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الَّذِي لَا دُسُومَةَ فِيهِ كَالتَّمْرِ وَالسَّوِيقِ وَالشَّيْءِ الْجَافِّ الَّذِي يُذْهِبُهُ أَدْنَى الْمَسْحِ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ غَسْلُ فَمٍ وَلَا يَدٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) أَيْ الْغَسْلُ بِمَا فِيهِ طَعَامٌ وَقَوْلُهُ كَدَقِيقِ التُّرْمُسِ أَيْ وَأَوْلَى دَقِيقُ الْعَدَسِ أَوْ الْفُولِ وَإِنَّمَا كَانَ دَقِيقُ التُّرْمُسِ طَعَامًا؛ لِأَنَّ التُّرْمُسَ مِنْ الْقَطَانِيِّ وَهِيَ طَعَامٌ وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ الْغُسْلَ بِدَقِيقِ التُّرْمُسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ عِنْدَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَجْدِيدُ وُضُوءٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ بِالْوُضُوءِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَصَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَهُ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ نَافِلَةً أَوْ أَرَادَ الطَّوَافَ لَا إنْ أَرَادَ مَسَّ الْمُصْحَفِ أَوْ الْقِرَاءَةَ ظَاهِرًا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَانْظُرْ مَا الَّذِي يَنْوِيهِ بِهَذَا الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمُجَدَّدِ إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْفَضِيلَةَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْفَرِيضَةَ، فَإِنْ نَوَاهَا كَانَ الْمُجَدَّدُ بَاطِلًا أَيْ إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ كَانَتْ نِيَّةُ الْفَرِيضَةِ كَافِيَةً فِي التَّجْدِيدِ كَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ السُّنَّةَ فَرْضٌ أَوْ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فَرَائِضُ (قَوْلُهُ: إنْ صَلَّى بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى بِهِ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ زِيَارَةِ وَلِيٍّ أَوْ دُخُولٍ عَلَى أَمِيرٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ التَّجْدِيدُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ تَوَضَّأَ أَوَّلًا وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ بِحَيْثُ يُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ خِلَافٌ وَلَا يُقَالُ: إنَّ التَّجْدِيدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُوقِعُ فِي مَكْرُوهٍ وَهُوَ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ تَكْرَار مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَاءِ جَدِيدٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّرْتِيبِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا هُنَا، فَإِنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ بَيْنَ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا كَمَا فِي خش مَا قَابَلَ الْجَزْمَ فَيَشْمَلُ الظَّنَّ وَلَوْ كَانَ قَوِيًّا فَمَنْ ظَنَّ النَّقْضَ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي وُجُوبِ التَّمَادِي. وَأَمَّا الْوَهْمُ فَلَا أَثَرَ لَهُ بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا حَصَلَ لَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: جَازِمًا بِالطُّهْرِ) أَيْ بِالْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ هَلْ نُقِضَ أَيْ الطُّهْرُ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ لَمْ يُنْقَضْ بَيَانٌ لِلشَّكِّ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُنْتَقَضْ طُهْرُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْعِبَادَةِ وَهَذَا الْوُجُوبُ لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ) أَيْ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ) أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ الْقَائِلَيْنِ بِبُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ وَالْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ تَمَادٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَعَادَهَا (قَوْلُهُ: وَكَالنَّاسِي) أَيْ كَالْإِمَامِ إذَا صَلَّى مُحْدِثًا نَاسِيًا لِلْحَدَثِ، فَإِنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى مَأْمُومِهِ لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ (قَوْلُهُ: لَوْ شَكَّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا) أَيْ كَمَا هُوَ الْفَرْعُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ دُخُولُهَا) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَنْ شَكَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَمَنْ شَكَّ خَارِجَهَا طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِي طَهَارَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ إلَخْ) الْأُولَى وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّمَادِي وَلَمْ يَقْطَعْ إذَا طَرَأَ فِيهَا إلَخْ بَقِيَ مَا إذَا شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَدَثُ فَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي

وَلَوْ شَكَّ فِيهَا هَلْ تَوَضَّأَ أَوْ لَا لَوَجَبَ الْقَطْعُ، وَاسْتَخْلَفَ إنْ كَانَ إمَامًا وَالْأَنْسَبُ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهِ لَا بِمَسِّ دُبُرٍ إلَخْ (وَمَنَعَ حَدَثٌ) أَصْغَرُ وَكَذَا أَكْبَرُ وَسَيَأْتِي أَيْ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالشَّخْصِ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ (صَلَاةً) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا وَمِنْهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ (وَطَوَافًا وَمَسَّ مُصْحَفٍ) كُتِبَ بِالْعَرَبِيِّ لَا بِالْعَجَمِيِّ إنْ مَسَّهُ بِعُضْوٍ بَلْ (وَإِنْ) مَسَّهُ (بِقَضِيبٍ) أَيْ عُودٍ (وَ) مَنَعَ (حَمْلَهُ وَإِنْ بِعِلَاقَةٍ) إنْ لَمْ يُجْعَلْ حِرْزًا وَإِلَّا جَازَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (أَوْ) وَإِنْ حَمَلَهُ فِي (وِسَادَةٍ) مُثَلَّثَةِ الْوَاوِ (إلَّا) أَنْ يَحْمِلَهُ (بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ) فَيَجُوزُ (وَإِنْ) حُمِلَتْ (عَلَى كَافِرٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهِ الْمُصْحَفُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ أَمَّا إنْ قُصِدَا مَعًا وَأَوْلَى إنْ قُصِدَ الْمُصْحَفُ فَقَطْ بِالْحَمْلِ مُنِعَ وَمِثْلُ الْمَسِّ وَالْحَمْلِ كَتْبُهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ عَلَى الرَّاجِحِ (لَا) يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ وَحَمْلَ (دِرْهَمٍ) أَوْ دِينَارٍ فِيهِ قُرْآنٌ فَيَجُوزُ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ لِلْمُحْدِثِ وَلَوْ أَكْبَرَ (وَ) لَا (تَفْسِيرٍ) فَيَجُوزُ وَلَوْ لِجُنُبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدَثِ يَبْطُلُ وُضُوءُهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ كَانَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَوُجُوبُ التَّمَادِي إذَا حَصَلَ الشَّكُّ فِيهَا شَيْءٌ آخَرُ. وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ بَعْدَهَا فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ الْحَدَثَ. وَأَمَّا اسْتِمْرَارُهُ عَلَى شَكِّهِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِيهَا هَلْ تَوَضَّأَ) أَيْ بَعْدَ حُصُولِ الْحَدَثِ الْمُحَقَّقِ وَمِثْلُ هَذَا فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ مَا إذَا شَكَّ فِيهَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا بَعْدَ تَحَقُّقِهِمَا أَوْ ظَنِّهِمَا أَوْ تَحَقُّقِ أَحَدِهِمَا وَظَنِّ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا كَمَا جَزَمَ بِهِ عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ التَّمَادِي. (قَوْلُهُ: وَكَذَا أَكْبَرُ إلَخْ) الْأَوْلَى تَخْصِيصُهُ بِالْأَصْغَرِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْوَصْفُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَرَتُّبُهُ مِنْ أَجْلِ حَدَثٍ أَيْ خَارِجٍ مُعْتَادٍ أَوْ مِنْ أَجْلِ سَبَبٍ أَوْ مِنْ أَجْلِ غَيْرِهِمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَنْعَ الْمُتَرَتِّبَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُوَ الْحُرْمَةُ وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْحُرْمَةِ تُمْنَعُ عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ فِي الْكَلَامِ تَهَافُتٌ (قَوْلُهُ: بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ) أَيْ وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَيَحْرُمُ فِعْلُهُمَا مَعَ وُجُودِ الْحَدَثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَمَسَّ مُصْحَفٍ) قَالَ ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ سَوَاءٌ كَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا أَوْ جُزْءًا أَوْ وَرَقَةً فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ أَوْ لَوْحًا أَوْ كَتِفًا مَكْتُوبَةً اهـ وَلِجِلْدِ الْمُصْحَفِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْهُ حُكْمُهُ وَأَحْرَى طَرَفُ الْمَكْتُوبِ وَمَا بَيْنَ الْأَسْطُرِ (قَوْلُهُ: كُتِبَ بِالْعَرَبِيِّ) أَيْ وَمِنْهُ الْكُوفِيُّ (قَوْلُهُ: لَا بِالْعَجَمِيِّ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كُتِبَ بِالْعَجَمِيِّ لَجَازَ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْقُرْآنِ كَذَا فِي ح كَمَا يَجُوزَ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُبَدَّلَةٍ وَالْأَقْرَبُ مَنْعُ كَتْبِ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ الْقَلَمِ الْعَرَبِيِّ كَمَا تَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ بِغَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِ لِقَوْلِهِمْ الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ قَلَمًا غَيْرَ الْعَرَبِيِّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] اُنْظُرْ بْن وَمَا يَقَعُ مِنْ التَّمَائِمِ وَالْأَوْفَاقِ يُقْصَدُ بِهِ مُجَرَّدُ التَّبَرُّكِ بِالْأَعْدَادِ الْهِنْدِيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِلْحُرُوفِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّ امْتِنَاعِ مَسِّ الْمُحْدِثِ لِلْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ بِالْعَرَبِيِّ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْغَرَقَ أَوْ الْحَرْقَ أَوْ اسْتِيلَاءَ يَدِ كَافِرٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ مَسُّهُ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا جَوَازُ كَتْبِهِ لِلسُّخُونَةِ وَتَبْخِيرِ مَنْ هِيَ بِهِ بِمَا كَتَبَ اللَّازِمَ مِنْهُ حَرَقَهُ حَيْثُ حَصَلَ الدَّوَاءُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ طَرِيقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِقَضِيبٍ) وَأَوْلَى بِحَائِلٍ وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ بَلْ عِنْدَهُمْ قَوْلٌ بِقَصْرِ الْحُرْمَةِ عَلَى مَسِّ النُّقُوشِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ وَالثَّانِي بِالْمَنْعِ وَظَاهِرُ ح تَسَاوِي الْقَوْلَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ وَالْخِلَافُ فِي حَمْلِ الْكَامِلِ الَّذِي جُعِلَ حِرْزًا. وَأَمَّا غَيْرُ الْكَامِلِ الَّذِي جُعِلَ حِرْزًا فَيَجُوزُ حَمْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ وِسَادَةٍ) أَيْ أَوْ حَمَلَهُ بِالْوِسَادَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا كَالْكُرْسِيِّ وَالْمِخَدَّةِ الْمَجْعُولِ فَوْقَهَا وَقَدْ حَرَّمَ الشَّافِعِيَّةُ مَسَّ كُرْسِيِّهِ وَهُوَ عَلَيْهِ وَمَذْهَبُنَا وَسَطٌ وَهُوَ مَنْعُ حَمْلِهِ بِالْكُرْسِيِّ لَا مَسُّ الْكُرْسِيِّ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ وَلَا جَوَازُ مَسِّ الْكُرْسِيِّ وَحَمْلِهِ بِهِ كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْمِلَهُ بِأَمْتِعَةٍ) أَيْ مَعَهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ قُصِدَا مَعًا) أَيْ بِالْحَمْلِ وَقَوْلُهُ مُنِعَ أَيْ مُنِعَ حَمْلُ الْمُحْدِثِ لَهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ كَافِرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَنْعِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى هُوَ الْمُرْتَضَى وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْجَوَازِ حَيْثُ قُصِدَا مَعًا وَجَعَلَ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ خِلَافًا لتت حَيْثُ أَجَازَ كَتْبَهُ لِلْمُحْدِثِ لِمَشَقَّةِ الْوُضُوءِ كُلَّ سَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَفْسِيرٍ فَيَجُوزُ) أَيْ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ وَالْمُطَالَعَةُ فِيهِ لِلْمُحْدِثِ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّفْسِيرِ مَعَانِي الْقُرْآنِ لَا تِلَاوَتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كُتِبَتْ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَقَصَدَهَا بِالْمَسِّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ الْقَائِلِ بِمَنْعِ مَسِّ تِلْكَ التَّفَاسِيرِ الَّتِي فِيهَا الْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ مُتَوَالِيَةً مَعَ قَصْدِ

[فصل موجبات الطهارة الكبرى]

(وَ) لَا (لَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ) حَالَ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا مِمَّا يُضْطَرُّ إلَيْهِ كَحَمْلِهِ لِبَيْتٍ مَثَلًا فَيَجُوزُ لِلْمَشَقَّةِ (وَإِنْ) كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ (حَائِضًا) لَا جُنُبًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَةِ مَانِعِهِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ (وَ) لَا يَمْنَعُ مَسَّ أَوْ حَمْلَ (جُزْءٍ) بَلْ وَلَا كَامِلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (لِمُتَعَلِّمٍ) وَكَذَا مُعَلِّمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَإِنْ بَلَغَ) أَوْ حَائِضًا لَا جُنُبًا (وَ) لَا يَمْنَعُ حَمْلَ (حِرْزٍ) مِنْ قُرْآنٍ (بِسَاتِرٍ) يَقِيهِ مِنْ وُصُولِ أَذًى إلَيْهِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمُسْلِمٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ غَيْرِ حَائِضٍ بَلْ (وَإِنْ لِحَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ وَجُنُبٍ لَا كَافِرٍ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ بِخِلَافِ بَهِيمَةٍ فَيَجُوزُ مِنْ نَظْرَةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْحِرْزِ وَكَاتِبِهِ حُسْنُ النِّيَّةِ وَاعْتِقَادُ النَّفْعِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِبَرَكَتِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حِرْزٌ أَنَّهُ غَيْرُ كَامِلٍ فَالْكَامِلُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ كَمَالَهُ يُبْعِدُ كَوْنَهُ حِرْزًا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَا وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي الْكُبْرَى فَقَالَ دَرْسٌ (فَصْلٌ) يَذْكُرُ فِيهِ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، أَمَّا مُوجِبَاتُهَا أَيْ أَسْبَابُهَا الَّتِي تُوجِبُهَا فَأَرْبَعَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ فِي يَقِظَةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ مُطْلَقًا فِي نَوْمٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (يَجِبُ غُسْلُ) جَمِيعِ (ظَاهِرِ الْجَسَدِ) وَلَيْسَ مِنْهُ الْفَمُ وَالْأَنْفُ وَصِمَاخُ الْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ بَلْ التَّكَامِيشُ بِدُبُرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا وَالسُّرَّةُ وَكُلُّ مَا غَار مِنْ جَسَدِهِ (بِمَنِيٍّ) أَيْ بِسَبَبِ خُرُوجِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَيْ بُرُوزِهِ عَنْ الْفَرْجِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لَا مُجَرَّدُ إحْسَاسِهَا بِانْفِصَالِهِ خِلَافًا لِسَنَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآيَاتِ بِالْمَسِّ (قَوْلُهُ: وَلَا لَوْحٍ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ وَلَا حَمْلَ لَوْحٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ: وَمُتَعَلِّمٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَذَكِّرًا يُرَاجِعُ بِنِيَّةِ الْحِفْظِ (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ حَبِيبٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ قَصْرِ الْجَوَازِ عَلَى حَالَةِ التَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ: لَا جُنُبًا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ لَهُ كَالْحَائِضِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى عبق وَكَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْمُقْرِي وَعَنْ سَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ وَقَالَ عج ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْجُنُبَ كَالْحَائِضِ وَفِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ تَخْصِيصُ الْحَائِضِ بِالذِّكْرِ يُخْرِجُ الْجُنُبَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ رَفْعَ حَدَثِهِ بِيَدِهِ وَلَا يَشُقُّ كَالْوُضُوءِ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى صَغِيرِهِ لَكِنَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ) أَيْ الْحَدَثُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِحِكَايَةِ ابْنِ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْكَامِلِ لِلْمُتَعَلِّمِ وَقَوْلِ التَّوْضِيحِ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ لَيْسَ بِجَيِّدٍ حَيْثُ حَكَى الِاتِّفَاقَ مَعَ وُجُودِ الْخِلَافِ رَدَّهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِمُتَعَلِّمٍ) مِثْلُهُ مَنْ كَانَ يَغْلَطُ فِي الْقُرْآنِ وَيَضَعُ الْمُصْحَفَ عِنْدَهُ وَهُوَ يَقْرَأُ أَوْ كُلَّمَا غَلِطَ رَاجَعَهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُعَلِّمٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْمُعَلِّمِ كَحَاجَةِ الْمُتَعَلِّمِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ قَائِلًا: إنَّ حَاجَةَ الْمُعَلِّمِ صِنَاعَةٌ وَتَكَسُّبٌ لَا الْحِفْظُ كَحَاجَةِ الْمُتَعَلِّمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْنَعُ) أَيْ الْحَدَثُ حَمْلَ حِرْزٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَمُشَمَّعٍ (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٌ) هَذَا الصَّوَابُ وَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ جَوَازِ تَعْلِيقِ الْحِرْزِ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى الْكَافِرِ فَقَدْ رَدَّهُ عج فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: فَالْكَامِلُ لَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِمُحْدِثٍ حَمْلُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَنْعُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْجَوَازُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ ح تَسَاوِيهِمَا [فَصْلٌ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى] (قَوْلُهُ: مِنْ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى) أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ التَّطْهِيرَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ تُطْلَقُ عَلَى التَّطْهِيرِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى فَالتَّطْهِيرُ إنْ تُعَلَّقَ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَالْوُضُوءِ قِيلَ لَهُ طَهَارَةٌ صُغْرَى وَإِنْ تَعَلَّقَ بِكُلِّهَا كَالْغُسْلِ قِيلَ لَهُ طَهَارَةٌ كُبْرَى (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ سُنَنٍ وَمَنْدُوبَاتٍ وَمُبْطِلَاتٍ لِاسْتِمْرَارِ حُكْمِهَا (فَصْلٌ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ إلَخْ) (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ كَمَسْأَلَةِ نَدْبِ غَسْلِ فَرْجِ الْجُنُبِ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ وَمَسْأَلَةُ إجْزَاءِ غُسْلِ الْوُضُوءِ عَنْ غُسْلِ مَحَلِّهِ وَكَالْأُمُورِ الَّتِي تَمْنَعُهَا الْجَنَابَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ أَوْ خُرُوجُهُ مُطْلَقًا فِي نَوْمٍ سَوَاءٌ خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ أَوْ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: غَسْلُ جَمِيعِ إلَخْ) اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا الْمُضَافِ بِإِضَافَةِ ظَاهِرٍ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الِاسْمِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ظَاهِرِ الْجَسَدِ الْوَاجِبِ غَسْلُهُ الْفَمُ إلَخْ وَلِذَا كَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَمَسْحُ الصِّمَاخَيْنِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ لَا مِنْ وَاجِبَاتِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ التَّكَامِيشُ إلَخْ) أَيْ بَلْ مِنْهُ التَّكَامِيشُ بِدُبْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرْخِيَ قَلِيلًا لِأَجْلِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ لِدَاخِلِهَا وَيُدَلِّكُهَا وَمِنْهُ أَيْضًا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: أَيْ بُرُوزِهِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ إشَارَةً إلَى أَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ الرَّجُلِ الْمُوجِبِ لِغُسْلِهِ مُغَايِرٌ لِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَالْمُرَادُ بِبُرُوزِهِ عَنْ فَرْجِهَا وُصُولُهُ لِمَحَلِّ مَا يُغْسَلُ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ مَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْدَ الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، كَمَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدُ إحْسَاسِهَا بِانْفِصَالِهِ) أَيْ عَنْ مَقَرِّهِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَنَدٍ) أَيْ حَيْثُ قَالَ خُرُوجُ مَاءِ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي جَنَابَتِهَا لِأَنَّ عَادَةَ مَنِيِّهَا يَنْعَكِسُ إلَى الرَّحِمِ لِيَتَخَلَّقَ مِنْهُ الْوَلَدُ فَإِذَا أَحَسَّتْ بِانْفِصَالِهِ مِنْ مَقَرِّهِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ

وَانْفِصَالُهُ عَنْ مَقَرِّهِ بِأَنْ وَصَلَ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْ الذَّكَرِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ قَارَنَهَا الْخُرُوجُ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ) خَرَجَ (بِنَوْمٍ) أَيْ فِيهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ لَا بَلْ وَلَوْ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَوْ) وَإِنْ خَرَجَ (بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ) مُعْتَادَةٍ (بِلَا جِمَاعٍ) بِأَنْ نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ أَوْ بَاشَرَ فَالْتَذَّ فَخَرَجَ الْمَنِيُّ مُقَارِنًا لَهَا أَوْ بَعْدَ ذَهَابِهَا وَسُكُونِ إنْعَاظِهِ سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِمُجَرَّدِ اللَّذَّةِ جَهْلًا مِنْهُ أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ لِأَنَّ غُسْلَهُ إنْ وَقَعَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا إذْ وُجُوبُهُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ لَا بِاللَّذَّةِ فَقَوْلُهُ (وَلَمْ يَغْتَسِلْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ (لَا) إنْ خَرَجَ يَقَظَةً (بِلَا لَذَّةٍ) بَلْ سَلِسًا أَوْ بِضَرْبَةٍ أَوْ طَرْبَةٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ فَلَا غُسْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْيَقِظَةِ وَأَمَّا فِي النَّوْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ بُرُوزِهِ مِنْهَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَانْفِصَالُهُ عَنْ مَقَرِّهِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ حَتَّى يَبْرُزَ الْمَنِيُّ عَنْ الذَّكَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ح وَمِثْلُهُ فِي الْعَارِضَةِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا إلَّا بِالْبُرُوزِ خَارِجًا فَإِذَا وَصَلَ مَنِيُّ الرَّجُلِ لِأَصْلِ الذَّكَرِ أَوْ لِوَسَطِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ انْقَطَعَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الرَّجُلِ بِانْفِصَالِهِ عَنْ مَقَرِّهِ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِانْتِقَالِهِ فَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَا تَلْزَمُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ إلَّا بِظُهُورِهِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ وَخِلَافُ سَنَدٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرْأَةِ لَا فِيهَا وَفِي الرَّجُلِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْ الذَّكَرِ) أَيْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا فِي الْقَصَبَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بِأَنْ انْقَطَعَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِخُرُوجٍ أَيْ بِسَبَبِ خُرُوجِ مَنِيٍّ مُتَلَبِّسٍ بِلَذَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِنَوْمٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي يَقَظَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي نَوْمٍ (قَوْلُهُ: بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ لَا) تَبِعَ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ عج مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ح وتت الْقَائِلَيْنِ إذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّ عَقْرَبًا لَدَغَتْهُ فَأَمْنَى أَوْ حَكَّ لِجَرَبٍ فَالْتَذَّ فَأَمْنَى ثُمَّ انْتَبَهَ فَوَجَدَ الْمَنِيَّ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ وَقَبْلَ طفى مَا لعج مِنْ أَنَّ الْأَحْوَطَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَكَانَ وَجْهُ التَّفْرِقَةِ عَلَى هَذَا بَيْنَ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ عَدَمُ ضَبْطِ النَّائِمِ لِحَالِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِهِ فِي صُورَةٍ مَا إذَا لَمْ يَعْقِلْ سَبَبًا أَصْلًا أَيْ بِأَنْ رَأَى الْأَثَرَ وَلَمْ يَعْقِلْ السَّبَبَ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَجَبَ فِي صُورَةِ جَهْلِ السَّبَبِ حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ الْخُرُوجُ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَلَ السَّبَبَ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا نَصَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَمَا تَمَسَّكَ بِهِ عج فِي رَدِّهِ عَلَى ح وتت وَاهٍ جِدًّا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مُقَارِنًا لِلَّذَّةِ بَلْ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَهَابِ اللَّذَّةِ وَسُكُونِ إنْعَاظِهِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْخُرُوجِ بِلَا جِمَاعٍ وَالظَّاهِرُ تَلْفِيقُ حَالَةِ النَّوْمِ لِحَالَةِ الْيَقِظَةِ فَإِذَا الْتَذَّ فِي نَوْمِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ فِي الْيَقَظَةِ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ مِنْ غَيْرِ لَذَّةٍ اغْتَسَلَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِمُجَرَّدِ اللَّذَّةِ جَهْلًا مِنْهُ أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ اللَّذَّةُ نَاشِئَةً عَنْ جِمَاعٍ بِأَنْ أَغَابَ الْحَشَفَةَ وَلَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ أَنْزَلَ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّتِهِ وَسُكُونِ إنْعَاظِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا لَمْ يَكُنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ مُوجِبِ الْغُسْلِ هُوَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ قَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ يَصْدُقُ أَيْضًا بِمَا إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْمَنِيِّ ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا الْبَعْضُ الْبَاقِي فَيَكُونُ هَذَا الْقَيْدُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ يَغْتَسِلُ رَاجِعًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ وَأَمَّا إذَا اغْتَسَلَ لِخُرُوجِ بَعْضِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِ بَاقِيهِ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: بَلْ سَلِسًا) أَيْ فَلَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِتَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ صَوْمٍ لَا يَشُقُّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ

(أَوْ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ (غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) كَنُزُولِهِ بِمَاءٍ حَارٍّ وَلَوْ اسْتَدَامَ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَحَكِّهِ لِجَرَبٍ بِذَكَرِهِ أَوْ هَزِّ دَابَّةٍ لَهُ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ فَيَسْتَدِيمُ فِيهِمَا حَتَّى يُمْنِي فَيَجِبُ كَذَا يَظْهَرُ وَأَمَّا جَرَبٌ وَحِكَّةٌ بِغَيْرِ ذَكَرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْحَارِّ (و) لَكِنْ (يَتَوَضَّأُ) وُجُوبًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِنَقْضِ وُضُوئِهِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ فِيهِمَا لَكِنْ فِي السَّلِسِ إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ ثُمَّ شُبِّهَ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ دُونَ الْغُسْلِ قَوْلُهُ (كَمَنْ) (جَامَعَ) بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُمْنِ (فَاغْتَسَلَ) لِجِمَاعِهِ (ثُمَّ أَمْنَى) فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْتَسِلُ لِتَقَدُّمِ غُسْلِهِ وَالْجَنَابَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَكَرَّرُ لَهَا الْغُسْلُ (و) لَوْ صَلَّى بِغُسْلِهِ ثُمَّ نَزَلَ الْمَنِيُّ بَعْدَهَا (لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ) الْمُوجِبُ الثَّانِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (و) يَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ (بِمَغِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ رَأْسِ ذَكَرٍ (بَالِغٍ) وَلَوْ لَمْ يَنْتَشِرْ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَيَجِبُ عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ بَالِغًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ) قَالَ بْن اعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ ابْنِ بَشِيرٍ قَالَ شَيْخُنَا عَدَمُ تَعَرُّضِ الشُّرَّاحِ لِنَقْلِ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَإِعْرَاضُهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ تَسْلِيمِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ كُلُّ مَا قِيلَ مُسَلَّمًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَدَامَ) أَيْ وَلَوْ حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَمْنَى وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْمُسْتَظْهِرُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَلَوْ حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ عج لِبُعْدِ الْمَاءِ الْحَارِّ عَنْ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ بِخِلَافِ هَزِّ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لِشَهْوَةِ الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمَاءِ الْحَارِّ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَوْ أَحَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ مُطْلَقًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْجَرَبِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ فَهُوَ كَهَزِّ الدَّابَّةِ إنْ أَحَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْحَكِّ لِلْجَرَبِ وَهَزِّ الدَّابَّةِ مَا لَمْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِيمُ وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَالَ عج لَا يَجِبُ الْغُسْلُ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ مُطْلَقًا وَلَوْ اسْتَدَامَ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْجَرَبِ وَهَزِّ الدَّابَّةِ إنْ اسْتَدَامَ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ أَجْمَلَ فِي الْجَرَبِ فَظَاهِرُهُ كَانَ بِذَكَرِهِ أَمْ لَا وَفَصَّلَ فِيهِ شَارِحُنَا فَجَعَلَ الَّذِي فِي الذَّكَرِ كَهَزِّ الدَّابَّةِ وَاَلَّذِي فِي غَيْرِهِ كَالْمَاءِ الْحَارِّ. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ فِي هَزِّ الدَّابَّةِ إذَا حَسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَاسْتَدَامَ حَتَّى أَنْزَلَ فَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَوْ كَانَتْ الِاسْتِدَامَةُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ مِنْ عَلَيْهَا كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ لَا غُسْلَ حِينَئِذٍ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: وُجُوبًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ وَقِيلَ بِنَدْبِهِ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي السَّلَسِ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ نَقْضُ الْوُضُوءِ فِي السَّلَسِ إنْ فَارَقَ أَكْثَرَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ لَازَمَهُ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ وَفَارَقَهُ أَقَلَّ الزَّمَانِ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ لَمْ يُفَارِقْ فَلَا يَكُونُ نَاقِضًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ إلَخْ) مِثْلُ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ الْمَرْأَةُ إذَا خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا مَاءُ الرَّجُلِ بَعْدَ غُسْلِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ أَمْنَى مَعْنَاهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنِيَّهُ أَوْ مَنِيَّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى) أَيْ الْمُجَامِعُ وَقَوْلُهُ بِغُسْلِهِ أَيْ بَعْد غُسْلِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَامَعَ وَاغْتَسَلَ قَبْلَ خُرُوجِ مَنِيِّهِ وَصَلَّى فَخَرَجَ مَنِيُّهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَمِثْلُ هَذَا مَا إذَا الْتَذَّ بِلَا جِمَاعٍ وَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ مَنِيُّهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ غُسْلُهُ لَكِنْ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ إذَا غَيَّبَهَا فِي فَرْجِ غَيْرِهِ أَوْ فِي دُبُرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا بِأَنْ غَيَّبَهَا فِي فَرْجِ نَفْسِهِ فَلَا مَا لَمْ يُنْزِلْ وَاشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّ فَإِذَا غَيَّبَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجِهَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَهِيمَةِ الْبُلُوغُ كَذَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ فِي الْيَقَظَةِ مِنْ جِنِّيٍّ مَا تَرَاهُ مِنْ إنْسِيٍّ مِنْ الْوَطْءِ وَاللَّذَّةِ أَوْ رَأَى الرَّجُلُ فِي الْيَقَظَةِ أَنَّهُ جَامَعَ جِنِّيَّةً قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَى الرَّجُلِ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ وَقَالَ ح الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ أَوْ شَكٌّ فِيهِ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْإِنْزَالِ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَاعْتَرَضَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ الْجِنَّ لَهُمْ حَقِيقَةُ الِاخْتِيَالَاتِ كَمَا تَقُولُ الْحُكَمَاءُ وَأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نَارِيَّةٌ لَهُمْ قُوَّةُ التَّشَكُّلِ وَلِقَوْلِ مَالِكٍ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْجِنِّ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْزَالُ وَلَا شَكٌّ فِيهِ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ تِلْمِيذُهُ عج قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) أَيْ الْغُسْلُ عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ أَيْضًا أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُغَيِّبِ اسْمُ فَاعِلٍ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيْ الْمُغَيَّبُ فِيهِ بَالِغًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُغَيِّبَ إنْ كَانَ بَالِغًا وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهِ وَكَذَا عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْمُغَيِّبِ دُونَ الْمُغَيَّبِ

وَلَوْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً خَفِيفَةً لَا كَثِيفَةً تَمْنَعُ اللَّذَّةَ وَلَا إنْ غَيَّبَ بَعْضَهَا وَلَوْ ثُلُثَيْهَا (لَا مُرَاهِقٌ) أَيْ مُقَارِبٌ لِلْبُلُوغِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ مَا لَمْ تُنْزِلْ (أَوْ) بِمَغِيبِ (قَدْرِهَا) أَيْ قَدْرِ حَشَفَةِ الْبَالِغِ مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مِمَّنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ وَكَذَا لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَهَا وَهَلْ يُعْتَبَرُ طُولُهَا لَوْ انْفَرَدَ وَاسْتُظْهِرَ أَوْ مَثْنِيًّا (فِي فَرْجٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَغِيبِ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (وَإِنْ) كَانَ الْفَرْجُ (مِنْ بَهِيمَةٍ وَ) مِنْ (مَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ يُنْزِلْ كَمَا إذَا غَيَّبَ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ أَوْ الشَّفْرَيْنِ أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ. (وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (لِمُرَاهِقٍ) وَمَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَطِئَ مُطِيقَةً دُونَ مَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً مَا لَمْ تُنْزِلْ (كَصَغِيرَةٍ) مَأْمُورَةٍ بِالصَّلَاةِ (وَطِئَهَا بَالِغٌ) لَا غَيْرُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى امْرَأَةٍ (بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُغَيِّبُ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ غَيَّبَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَمْ لَا مَا لَمْ يُنْزِلْ ذَلِكَ الْمُغَيَّبُ فِيهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِلْإِنْزَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَفَّ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ (قَوْلُهُ: لَا كَثِيفَةَ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ) أَيْ وَلَيْسَتْ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْحَشَفَةِ بِمَثَابَةِ الْخِرْقَةِ الْكَثِيفَةِ فَيَجِبُ مَعَهَا الْغُسْلُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ مَعَهَا لَذَّةٌ عَظِيمَةٌ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثُلُثَيْهَا) الْمُبَالَغَةُ عَلَى ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا غَيَّبَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِهَا بِتَمَامِهَا أَوْ تَغْيِيبِ قَدْرِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ مُقَارِبٌ لِلْبُلُوغِ) وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَوْ حَذَفَ لَا مُرَاهِقَ اسْتِغْنَاءً بِمَفْهُومِ الْوَصْفِ وَبِقَوْلِهِ بَعْدُ وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ لَكَانَ أَنْسَبَ بِاخْتِصَارِهِ اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لَا مُرَاهِقَ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ إنَّ وَطْأَهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُعْتَبَرُ) أَيْ فِيمَا إذَا ثَنَى ذَكَرَهُ وَانْظُرْ لَوْ خُلِقَ ذَكَرُهُ كُلُّهُ بِصِفَةِ الْحَشَفَةِ هَلْ يُرَاعَى قَدْرُهَا أَيْضًا مِنْ الْمُعْتَادِ أَوْ لَا بُدَّ فِي إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِهِ كُلِّهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ وَهُوَ مُرَاعَاةُ قَدْرِهَا مِنْ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دُبُرَ نَفْسِهِ أَوْ دُبُرَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ خُنْثَى مُشْكِلًا وَظَاهِرُهُ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْقُبُلِ فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاشْتَرَطَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ مَحَلَّ الِافْتِضَاضِ وَتَعَقَّبَهُ التَّادَلِيُّ قَائِلًا إنَّ تَغْيِيبَهَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ قُصَارَاهُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَغْيِيبِهَا فِي الدُّبُرِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ فَلَوْ دَخَلَ الشَّخْصُ بِتَمَامِهِ فِي الْفَرْجِ فَلَا نَصَّ عِنْدَنَا وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ إنْ بَدَأَ فِي الدُّخُولِ بِذَكَرِهِ اغْتَسَلَ وَإِلَّا فَلَا كَأَنَّهُمْ رَأَوْهُ كَالتَّغْيِيبِ فِي الْهَوَاءِ وَيُفْرَضُ ذَلِكَ فِي الْفِيَلَةِ وَدَوَابِّ الْبَحْرِ الْهَائِلَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي الدُّبُرِ يُوجِبُ الْغُسْلَ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَفِي ح قَوْلٌ شَاذٌّ لِمَالِكٍ إنَّ التَّغْيِيبَ فِي الدُّبُرِ لَا يُوجِبُ غُسْلًا حَيْثُ لَا إنْزَالَ وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ فَإِذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا وَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الدُّبُرِ وَلَمْ يُنْزِلْ وَغَسَلَ مَا عَدَا أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مَيِّتٍ) أَيْ وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُغَيَّبِ فِيهِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ لَا يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ حِينَ غُسْلِهِ أَوَّلًا فَلِمَ غُسِلَ لِأَنَّا نَقُولُ غُسْلُهُ أَوَّلًا تَعَبُّدٌ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ فِي الْمُغَيَّبِ فِيهِ وَأَمَّا الْمُغَيِّبُ فَإِنْ كَانَ بَهِيمَةً وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بِأَنْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ مَا لَمْ تُنْزِلْ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فَلَا غُسْلَ) أَيْ ذِي الْحَشَفَةِ الْمُغَيِّبِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ) أَيْ أَوْ فِي ثُقْبِهِ بِالْأَوْلَى وَلَوْ انْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ مَا لَمْ يُنْزِلْ بِخِلَافِ تَغْيِيبِهَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ إلَخْ) فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ نَدْبِ الْغُسْلِ لِلْمُرَاهِقِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي وَطِئَهَا بَالِغٌ وَنَصُّهُ إذَا عَدِمَ الْبُلُوغُ فِي الْوَاطِئِ أَوْ الْمَوْطُوءَةِ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لَا غُسْلَ وَيُؤْمَرَانِ بِهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ اهـ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ سَحْنُونٍ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَلَّيَا بِدُونِ غُسْلٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ يُعِيدُ بِقُرْبِ ذَلِكَ لَا أَبَدًا قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي طفى وَالْمُرَادُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِمَا عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ لَا تَرَتُّبِ الْإِثْمِ عَلَى التَّرْكِ (قَوْلُهُ: وَطِئَ مُطِيقَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: دُونَ مَوْطُوءَتِهِ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ لَهَا وَلَوْ بَالِغَةً (قَوْلُهُ: كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا) أَيْ فَيُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ وَيَجِبُ عَلَى وَاطِئِهَا الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: مَأْمُورَةً بِالصَّلَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُرَاهِقَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ مُرَاهِقًا أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغُسْلُ لَهُ وَلِمَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً مَا لَمْ تُنْزِلْ وَلِمَنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ إذَا وَطِئَهَا بَالِغٌ أَوْ غَيْرَهُ يُنْدَبُ لَهَا الْغُسْلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ وَاطِئِهَا بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ فِي نَدْبِ الْغُسْلِ لَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ إمَّا بَالِغَانِ أَوْ بَالِغٌ وَصَغِيرَةٌ أَوْ صَغِيرٌ

وَلَوْ بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَهُ وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ تَحْصُلْ مُلَامَسَةٌ (وَلَوْ الْتَذَّتْ) بِوُصُولِهِ لِفَرْجِهَا مَا لَمْ تُنْزِلْ وَأَشَارَ إلَى الْمُوجِبِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَ) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) أَرَادَ بِهِ تَنَفُّسَ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ فَلِذَا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ (بِدَمٍ) مَعَهُ (وَاسْتُحْسِنَ) الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ النِّفَاسِ بِدَمٍ (وَبِغَيْرِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا انْقِطَاعُ دَمِهِمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِاسْتِحَاضَةٍ) (وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (لِانْقِطَاعِهِ وَيَجِبُ) (غُسْلُ كَافِرٍ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَصْلِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ بَعْدَ اغْتِسَالِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ (بَعْدَ الشَّهَادَةِ) أَيْ بَعْدَ النُّطْقِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ إفْرَادِ اللَّهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّسَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِسْلَامِ لَفْظُ أَشْهَدُ وَلَا النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ وَلَا التَّرْتِيبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (بِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِسَبَبِ مَا (ذُكِرَ) مِنْ الْمُوجِبَاتِ الْأَرْبَعِ لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهَا كَبُلُوغِهِ بِسِنٍّ أَوْ إنْبَاتٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَانِ فَفِي الْأُولَى يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا وَفِي الثَّانِيَةِ الْغُسْلُ عَلَى الْوَاطِئِ وَيُنْدَبُ لِلْمَوْطُوءَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ يُنْدَبُ لِلْوَاطِئِ دُونَ مَوْطُوءَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ أَمَّا وُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا فِي الْأُولَى وَعَلَى الْوَاطِئِ فِي الثَّانِيَةِ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ وَنَدْبَهُ لِلْمَوْطُوءَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ كَصَغِيرَةٍ وَطِئَهَا بَالِغٌ وَنَدْبَهُ لِلْوَاطِئِ دُونَ الْمَوْطُوءَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةُ فَمَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ أَيْ دُونَ مَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بَالِغَةً كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَهُ) أَيْ كَمَا لَوْ أَمْنَى فِي سُرَّتِهَا أَوْ شُفْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَغْيِيبِ حَشَفَةٍ وَسَالَ الْمَنِيُّ حَتَّى وَصَلَ لِفَرْجِهَا وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا شَرِبَ فَرْجُهَا مَنِيًّا مِنْ فَوْقِ بَلَاطِ الْحَمَّامِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ) أَيْ لِأَنَّ وُصُولَ الْمَنِيِّ لِفَرْجِهَا لَيْسَ بِحَدَثٍ وَلَا سَبَبٍ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا يَقْتَضِي الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَذَّتْ بِوُصُولِهِ لِفَرْجِهَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَمْلِهِ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ تَلْتَذَّ عَلَى الْإِنْزَالِ وَأَبْقَاهَا الْبَاجِيَّ وَالتُّونُسِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُنْزِلْ) أَيْ أَوْ تَحْمِلْ مِنْ ذَلِكَ الْمَنِيِّ الَّذِي وَصَلَ لِفَرْجِهَا بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَإِذَا حَمَلَتْ اغْتَسَلَتْ وَأَعَادَتْ الصَّلَاةَ مِنْ يَوْمِ وُصُولِهِ لِأَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ بَعْدَ انْفِصَالِ مَنِيِّهَا مِنْ مَحَلِّهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَهَذَا الْفَرْعُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَنِيَّ فِي حُكْمِ مَا خَرَجَ بِالْفِعْلِ لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ مِنْهُ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَاءَ لَمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخَارِجِ لَوْلَا الْحَمْلُ وَجَبَ الْغُسْلُ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ كَتَحَقُّقِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَمَلَتْ مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا مِنْ كَحَمَّامٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَلَا إعَادَةُ صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ يَسْتَلْزِمُ إمْنَاءَهَا لَكِنَّهُ هُنَا قَدْ خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كَانَ لَهَا مَنْ يُلْحَقُ بِهِ أَوْ زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ وَأَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي جَلَسَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ مَنْ يُلْحَقُ بِهِ أَوْ كَانَ لَهَا وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ فَهُوَ ابْنُ زِنًا وَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا لَا يَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ بَلْ الْحَدُّ وَاجِبٌ لِأَنَّهَا ادَّعَتْ مَا لَا تَعْرِفُ (قَوْلُهُ: بِحَيْضٍ) أَيْ بِوُجُودِ حَيْضٍ فَالْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ وُجُودُ الْحَيْضِ لَا انْقِطَاعُهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: تَنَفُّسُ الرَّحِمِ) أَيْ طَرْحُ الرَّحِمِ لِلْوَلَدِ (قَوْلُهُ: بِدَمٍ) أَيْ مُتَلَبِّسٍ بِدَمٍ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ جَافًّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِتَنَفُّسِ الرَّحِمِ بِدُونِ دَمٍ أَمْ لَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُحْسِنَ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفِ مِنْ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فِي خِيَاطَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِاسْتِحَاضَةٍ) أَيْ بِوُجُودِ دَمِ اسْتِحَاضَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الرِّسَالَةِ وَهَذَا مَفْهُومُ حَيْضٍ وَصَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُ غَيْرِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْغُسْلُ لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ لِأَجْلِ النَّظَافَةِ وَتَطْيِيبًا لِلنَّفْسِ كَمَا يُنْدَبُ غُسْلُ الْمَعْفُوَّاتِ إذَا تَفَاحَشَتْ لِذَلِكَ وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمٌ مِنْ جُمْلَتِهَا وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَالَطَ الِاسْتِحَاضَةَ حَيْضٌ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْغُسْلِ لَا نَدْبَهُ لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي الْجَنَابَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ لَمْ يَصِلْ لِلشَّكِّ عَلَى أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا إذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَلَا يَتَأَتَّى إذَا زَادَ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ قَبْلَ طُهْرٍ فَاصِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ إلَخْ) أَيْ إذَا وَجَدَ مَاءً وَإِلَّا تَيَمَّمَ كَالْجُنُبِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ الْغُسْلَ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ النُّطْقِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ اعْتِقَادِ مُكَفِّرٍ كَاعْتِقَادِ عَدَمِ عُمُومِ رِسَالَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) قَالَ الْبَكْرِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ اخْتَلَفُوا هَلْ يَتَعَيَّنُ لِلدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ لَفْظُ الشَّهَادَتَيْنِ أَوْ لَا بَلْ يَكْفِي مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ عَلَى قَوْلَيْنِ وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَقَاصِدِ كَيْفَ كَانَ

بَلْ يُنْدَبُ (وَصَحَّ) غُسْلُهُ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الشَّهَادَةِ أَيْ قَبْلَ النُّطْقِ بِهَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ أَجْمَعَ) بِقَلْبِهِ أَيْ صَمَّمَ وَعَزَمَ (عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ النُّطْقُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ بِقَلْبِهِ إسْلَامٌ حَقِيقِيٌّ مَتَى عَزَمَ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ إبَاءٍ وَلَوْ مَاتَ لَمَاتَ مُؤْمِنًا لِأَنَّ النُّطْقَ لَيْسَ رُكْنًا مِنْ الْإِيمَانِ وَلَا شَرْطَ صِحَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَسَوَاءٌ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ أَوْ الطَّهَارَةَ أَوْ الْإِسْلَامَ لِأَنَّ نِيَّتَهُ الطُّهْرُ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ فِيهِ حَالَ كُفْرِهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْحَدَثِ وَعَطَفَ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ قَوْلُهُ (لَا الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ بِالتَّصْمِيمِ الْقَلْبِيِّ دُونَ نُطْقٍ بِالشَّهَادَتَيْنِ إذْ النُّطْقُ شَرْطُ صِحَّةٍ فِيهِ أَيْ فِي الْإِسْلَامِ الظَّاهِرِيِّ فَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَنِكَاحٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (إلَّا لِعَجْزٍ) عَنْ النُّطْقِ كَخَرَسٍ مَعَ قِيَامِ الْقَرَائِنِ عَلَى أَنَّهُ أَذْعَنَ بِقَلْبِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ الْمُنْجِي عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَاشٍ عَلَى الصَّحِيحِ (وَإِنْ) (شَكَّ) مَنْ وَجَدَ بِفَرْجِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ فَخِذِهِ شَيْئًا مِنْ بَلَلٍ أَوْ أَثَرٍ (أَمَذْيٌ) هُوَ (أَوْ مَنِيٌّ) وَكَانَ شَكُّهُ فِيهِمَا مُسْتَوِيًا وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَى الرَّاجِحِ مِنْهُمَا (اغْتَسَلَ) وُجُوبًا لِلِاحْتِيَاطِ كَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ الْمَشْرُوعِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» وَحَدِيثُ «خَالِدٍ حَيْثُ قَتَلَ مَنْ قَالَ صَبَأْنَا أَيْ أَسْلَمْنَا وَلَمْ يُحْسِنُوا غَيْرَ هَذَا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا فَعَلَ خَالِدٌ ثُمَّ وَدَاهُمْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعَذَرَ خَالِدًا فِي اجْتِهَادِهِ» (قَوْلُهُ: بَلْ يُنْدَبُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ الزَّرْقَانِيُّ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ آخَرَانِ وُجُوبُ الْغُسْلِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَالثَّالِثُ لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا لِجَبِّ الْإِسْلَامِ لِمَا قَبْلَهُ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ غُسْلُهُ قَبْلَهَا) أَيْ مِنْ مُوجِبٍ حَصَلَ مِنْهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إبَاءٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ بِقَلْبِهِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْلَامِ هُنَا النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْعَزْمَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ النُّطْقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إسْلَامَهُ بِقَلْبِهِ) الْأَوْلَى لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ بِقَلْبِهِ إيمَانٌ حَقِيقِيٌّ مَتَى عَزَمَ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْقِيَادِ الظَّاهِرِيِّ وَأَمَّا التَّصْدِيقُ الْقَلْبِيُّ فَهُوَ إيمَانٌ (قَوْلُهُ: وَلَا شَرْطُ صِحَّةٍ) أَيْ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِنْ غُسْلٍ وَصَلَاةٍ وَإِرْثٍ وَدَفْنٍ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ إنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْإِيمَانِ فَالْإِيمَانُ مُرَكَّبٌ مِنْ الْإِذْعَانِ الْقَلْبِيِّ وَالنُّطْقِ وَقِيلَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَنْطِقَ وَلَا يَصِحُّ غُسْلُهُ قَبْلَ نُطْقِهِ وَلَوْ كَانَ عَازِمًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ نَوَى بِغَسْلِهِ الْجَنَابَةَ) أَيْ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَهَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ قَبْلَهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى الْإِسْلَامِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِذَلِكَ الْغُسْلِ التَّنْظِيفَ أَوْ إزَالَةَ الْوَسَخِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ نِيَّتَهُ الطُّهْرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِسْلَامِ نِيَّةٌ لِلطُّهْرِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مُلْتَبِسًا بِهِ حَالَ كُفْرِهِ مِنْ الْأَقْذَارِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَيْ وَنِيَّتُهُ لِلطُّهْرِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَ فِيهِ حَالَ كُفْرِهِ تَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْحَدَثِ أَيْ الْوَصْفِ الْمَانِعِ مِنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ مِنْ اسْتِلْزَامِ الْكُلِّيِّ لِجُزْئِيِّهِ لِأَنَّ الْوَصْفَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقْذَارِ الَّتِي كَانَ مُلْتَبِسًا بِهَا حَالَ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بِالتَّصْمِيمِ الْقَلْبِيِّ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ بِالْعَزْمِ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ دُونَ نُطْقٍ بِهِمَا بِالْفِعْلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ بِقَلْبِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ) أَيْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّجَاةِ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ فَيَنْفَعُهُ التَّصْمِيمُ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ إبَاءٍ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهُ تَصْدِيقٌ قَلْبِيٌّ وَإِذْعَانٌ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ بِالْإِسْلَامِ الْمَنْفِيِّ حُصُولَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالتَّصْمِيمِ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِالْفِعْلِ الْإِسْلَامَ الْمُنْجِي عِنْدَ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ وَالْإِذْعَانِ وَالْعَزْمِ عَلَى النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ إبَاءٍ أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْإِسْلَامُ الظَّاهِرِيُّ وَهُوَ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْإِسْلَامُ أَيْ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالْفِعْلِ إلَّا لِعَجْزٍ فَتَجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ إسْلَامَهُ بِقَلْبِهِ إسْلَامٌ حَقِيقِيٌّ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ الْمُنْجِي لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى النُّطْقِ بِالْفِعْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْإِسْلَامُ الظَّاهِرِيُّ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ فَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُنْجِي وَالْوَاقِعُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى الظَّاهِرِيِّ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِسْلَامِ الظَّاهِرِيِّ وَهُوَ جَرَيَانُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ كَانَ مَاشِيًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ النُّطْقَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِسْلَامِ الْمُنْجِي كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النُّطْقَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ أَوْ شَطْرٌ مِنْهُ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَى الرَّاجِحِ) أَيْ بِمُقْتَضَى مَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَنِيٌّ اغْتَسَلَ أَوْ مَذْيٌ غَسَلَ ذَكَرَهُ فَقَطْ بِنِيَّةٍ (قَوْلُهُ: اغْتَسَلَ وُجُوبًا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ زِيَادٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: لِلِاحْتِيَاطِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ كَتَحَقُّقِهِ وَمِنْهُ إذَا شَكَّ هَلْ غَابَتْ حَشَفَتُهُ كُلُّهَا

(وَ) لَوْ وَجَدَهُ هَذَا الشَّاكُّ فِي ثَوْبِهِ وَلَمْ يَدْرِ أَيُّ نَوْمَةٍ حَصَلَ فِيهَا؟ اغْتَسَلَ وَ (أَعَادَ) صَلَاتَهُ (مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ) نَامَهَا فِيهِ كَانَ يَنْزِعَهُ أَوَّلًا (كَتَحَقُّقِهِ) أَيْ تَحَقُّقِ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ وَمَحِلُّ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُمْنِي فَقَطْ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ وَدَلَّ قَوْلُهُ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ أَنَّ شَكَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنِيٌّ فَإِنْ دَارَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ كَمَذْيٍ وَمَنِيٍّ وَوَدْيٌ أَوْ بَوْلٌ لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ لِضَعْفِ الشَّكِّ فِي الْمَنِيِّ حِينَئِذٍ إذْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَابِلَيْهِ وَهْمٌ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْمُوجِبَاتِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْوَاجِبَاتِ أَيْ الْفَرَائِضِ وَهِيَ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ تَعْمِيمُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْفَرْجِ أَوْ بَعْضُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهُ هَذَا الشَّاكُّ) أَيْ وَلَوْ وَجَدَ الشَّخْصُ الشَّيْءَ الَّذِي شَكَّ فِيهِ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فِي ثَوْبِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ يَنْزِعُهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ لُبْسِهِ السَّابِقَةِ عَلَى النَّوْمَةِ الْأَخِيرَةِ أَمْ لَا وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ مُطْلَقًا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةُ عَلِيٍّ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَجَعَلَهُ أَبُو عُمَرَ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّهُ يُعِيدُ مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ إنْ كَانَ لَا يَنْزِعُهُ وَإِنْ كَانَ يَنْزِعُهُ فَمِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ كَتَحَقُّقِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَنْزِعُهُ فَمَا بَعْدَ النَّوْمَةِ الْأُولَى قَدْ تَطَرَّقَ لَهُ الشَّكُّ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ إعَادَتُهُ قَالَ الْبَاجِيَّ وَرَأَيْت أَكْثَرَ الشُّيُوخِ يَجْعَلُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِلْمُوَطَّإِ وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِطَرِيقَةِ الْبَاجِيَّ لَا لِمَا حَكَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِ لَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي مُخَالَفَةُ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: كَتَحَقُّقِهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبِ نَوْمِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ كَانَ طَرِيًّا فَمِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَمِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الْغُسْلِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ وَالتَّحَقُّقِ إذَا لَمْ يَلْبَسْهُ غَيْرُهُ إلَخْ وَهَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ لَبِسَا ثَوْبًا وَنَامَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهَا وَلَمْ يُحْتَمَلْ لُبْسُ غَيْرِهِمَا لِتِلْكَ الثَّوْبِ وَوَجَدَا فِيهَا مَنِيًّا وَلِقَوْلِ الْبُرْزُلِيِّ لَوْ نَامَ شَخْصَانِ تَحْتَ لِحَافٍ ثُمَّ وَجَدَا مَنِيًّا عَزَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَا وَصَلَّيَا مِنْ أَوَّلِ مَا نَامَا فِيهِ لِتَطَرُّقِ الشَّكِّ إلَيْهِمَا مَعًا فَلَا يَبْرَآنِ إلَّا بِيَقِينٍ وَإِنْ كَانَا زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا ذَلِكَ اهـ وَمَا جَمَعَ بِهِ عبق بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَغَايِرَانِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي لَا مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: أَنَّ شَكَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنِيٌّ) فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَنِيٍّ بِأَنْ شَكَّ هَلْ مَذْيٌ أَوْ بَوْلٌ أَوْ مَذْيٌ أَوْ وَدْيٌ وَجَبَ غَسْلُ ذَكَرِهِ كُلِّهِ بِنِيَّةٍ وَإِنْ شَكَّ أَبَوْلٌ أَوْ وَدْيٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَارَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ) أَيْ وَكَانَ أَحَدُهُمَا مَنِيًّا كَمَا مَثَّلَ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الشَّكِّ فِي الْمَنِيِّ) أَيْ لِتَعَدُّدِ مُقَابِلِهِ ثُمَّ إنَّهُ إنْ كَانَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُ ذَكَرِهِ كُلِّهِ عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ شَيْخُنَا كَمَا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ لِضَعْفِ الشَّكِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَار الشَّكُّ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنِيٌّ وَجَبَ الْغُسْلُ كَمَا إذَا شَكَّ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ أَوْ بَوْلٌ أَوْ مَنِيٌّ أَوْ وَدْيٌ أَوْ مَنِيٌّ وَإِذَا دَارَ شَكُّهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مَنِيًّا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَذْيًا وَجَبَ غَسْلُ الذَّكَرِ كَمَا إذَا شَكَّ أَمَذْيٌ أَوْ بَوْلٌ أَوْ مَذْيٌ أَوْ وَدْيٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَذْيًا أَيْضًا بِأَنْ شَكَّ هَلْ وَدْيٌ أَوْ بَوْلٌ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَإِنْ دَارَ شَكُّهُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَكَانَتْ أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةً فَالْحُكْمُ لِلْأَوْسَطِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا إذَا شَكَّ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ أَوْ بَوْلٌ أَوْ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ أَوْ وَدْيٌ فَالْوَاجِبُ غُسْلُ الذَّكَرِ فِيهِمَا. وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يَجِبُ غُسْلُ الْجَسَدِ وَلَا غَسْلُ الذَّكَرِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَسَطٌ فَالْحُكْمُ لِلْمُتَّفِقِ لِضَعْفِ الْمُقَابِلِ كَمَا إذَا شَكَّ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ وَدْيٌ أَوْ بَوْلٌ 1 - . (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَمَّا إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ حَيْضًا فِي ثَوْبِهَا وَلَمْ تَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ وَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبِهِ وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ فَتَغْتَسِلُ وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ وَتُعِيدُ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ صَامَتْهُ فِيهِ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وتت فَفَرَّقَا بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ رَأَتْ فِي ثَوْبِهَا حَيْضًا لَا تَذْكُرُ وَقْتَ إصَابَتِهِ إنْ كَانَتْ لَا تَتْرُكُ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَعَادَتْ الصَّلَاةَ مُدَّةَ لُبْسِهِ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا وَقْتَ

[فرائض الغسل]

وَقَدْ تَقَدَّمَ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ النِّيَّةُ وَالْمُوَالَاةُ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ دَرْسٌ (وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَمَّا وَجْهُ الشَّبَهِ فِي النِّيَّةِ فَبِاعْتِبَارِ وَصْفِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أَوَّلُ مَفْعُولٍ وَأَنَّهُ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ أَيْ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ أَوْ الْفَرْضِ وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ أَوْ نِسْيَانُ حَدَثٍ بِخِلَافِ إخْرَاجِهِ أَوْ نِيَّةُ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ وَسَائِرُ مَا مَرَّ فِيهَا لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ لِوُجُوبِ النِّيَّةِ هُنَا اتِّفَاقًا بِخِلَافِهَا فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ جَرَى فِيهَا خِلَافٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا فِي الْمُوَالَاةِ فَبِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ هُنَا أَيْضًا مِنْ الْوُجُوبِ إنْ ذُكِرَ وَقُدِّرَ وَالسُّنَّةُ أَنَّهُ يَبْنِي بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ. (وَإِنْ) (نَوَتْ) امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ بِغُسْلِهَا (الْحَيْضَ) أَوْ النِّفَاسَ (وَالْجَنَابَةَ) مَعًا (أَوْ) نَوَتْ (أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً) أَوْ ذَاكِرَةً (لِلْآخَرِ) وَلَمْ تُخْرِجُهُ حَصَلَا. (أَوْ) (نَوَى) الْمُغْتَسِلُ (الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ) أَوْ الْعِيدَ أَيْ أَشْرَكَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (أَوْ) نَوَى الْجَنَابَةَ (نِيَابَةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوَّلِ صَلَاةٍ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَبِسَتْهُ بِأَنْ أَتَاهَا الدَّمُ دُفْعَةً وَانْقَطَعَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْزِعُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَمِنْ آخِرِ لُبْسَةٍ وَتُعِيدُ صَوْمَ مَا تُعِيدُ صَلَاتَهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ عَادَتَهَا وَإِلَّا اقْتَصَرَتْ عَلَيْهَا ابْنُ حَبِيبٍ لَا تُعِيدُ فِي الصَّوْمِ إلَّا يَوْمًا فَقَطْ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ تَنْزِعُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِإِعَادَةِ الصَّوْمِ مُدَّةَ عَادَتِهَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الدَّمَ أَتَاهَا لَحْظَةً وَانْقَطَعَ فَاَلَّذِي بَطَلَ صَوْمُهُ يَوْمَ نُزُولِهَا فَقَطْ إمْكَانُ تَمَادِي الدَّمِ أَيَّامًا وَلَمْ تَشْعُرْ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَبْيَنُ عِنْدِي لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا أَتَاهَا لَحْظَةً وَانْقَطَعَ إذْ لَوْ اسْتَمَرَّ نُزُولُهُ عَلَيْهَا لَشَعَرَتْ بِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي ثَوْبِهَا فَقَطْ وَاعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ بِأَنَّ الْحَيْضَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَرْفَعُ النِّيَّةَ فَقَدْ صَامَتْ بِلَا نِيَّةٍ فَوَجَبَ إعَادَةُ الْجَمِيعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا حَيْثُ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَهِيَ عَلَى النِّيَّةِ الْأُولَى لَمْ تَرْفَعْهَا فَلَا يَبْطُلُ التَّتَابُعُ [فَرَائِض الْغُسْل] (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ يَجِبُ غُسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ لِلنِّيَّةِ وَالْمُوَالَاةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا أَوَّلُ مَفْعُولٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ أَوَّلِ مَفْعُولٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَنْوِي إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَنَّهَا أَيْ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَنْوِي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْفَرْضُ) أَيْ فَرْضُ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَا الطَّوَافِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ نِسْيَانُ حَدَثٍ) كَمَا لَوْ نَوَتْ رَفْعَ الْحَدَثِ مِنْ الْحَيْضِ نَاسِيَةً لِلْجَنَابَةِ أَوْ الْعَكْسَ أَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ مِنْ الْجِمَاعِ نَاسِيًا لِخُرُوجِ الْمَنِيِّ أَوْ الْعَكْسَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إخْرَاجِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت الْغُسْلَ مِنْ الْجِمَاعِ لَا مِنْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَالْحَالُ أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَا أَخْرَجَهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةُ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ) أَيْ وَبِخِلَافِ نِيَّةِ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ أَوْ فِي الْمَنْدُوبَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِاعْتِبَارِ وَصْفِهَا أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَوَاجِبَةٌ نِيَّةٌ كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ يَعْنِي مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: جَرَى فِيهَا خِلَافٌ) أَيْ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وَذَلِكَ لِظُهُورِ التَّعَبُّدِ هُنَا لِتَعَلُّقِ الْغُسْلِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ لَا بِالْفَرْجِ فَقَطْ وَالنَّظَافَةُ هُنَاكَ لِتَعَلُّقِهِ بِأَعْضَاءِ الْأَوْسَاخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يُحْسِنُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ التَّشْبِيهِ فِي الصِّفَةِ لَا فِي الْحُكْمِ فِي كَلَامِ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِيهَا فِي الْوُضُوءِ لَا فِي كَلَامِ مَنْ لَمْ يَحْكِ ذَلِكَ كَالْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ التَّشْبِيهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي الصِّفَةَ وَالْحُكْمَ قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّشْبِيهَيْنِ مُخْتَلِفٌ لِأَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَفِي الثَّانِي مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَالْحُكْمُ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَتْ امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٌ) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ الْجَنَابَةُ عَلَى الْحَيْضِ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَتْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ نَوَتْ الْحَيْضَ نَاسِيَةً لِلْجَنَابَةِ أَوْ نَوَتْ الْجَنَابَةَ نَاسِيَةً لِلْحَيْضِ وَقَوْلُهُ: حَصَلَا أَيْ فِي الْأُولَى عَلَى الْمَنْصُوصِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَمُفَادُ قَوْلِهِ أَوْ نَوَتْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَنَّ الْمَانِعَيْنِ حَصَلَا لِلْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّهَا نَوَتْ الْغُسْلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَرَكَتْ الْآخَرَ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا أَحَدُهُمَا وَنَوَتْ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا أَجْزَأَ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا لِتَلَاعُبِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ أَوْ الْعِيدَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ هَذِهِ الْأُمُورِ أَعْنِي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ فِي النِّيَّةِ عَلَى الْجَنَابَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صِحَّةُ نِيَّةِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ لِلْفَضِيلَةِ وَالْقَضَاءِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِهَا الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً نَاوِيًا بِهَا الْفَرْضَ وَالرَّدَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ أَشْرَكَهُمَا فِي نِيَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي قَلْبِهِ نَوَيْت الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ أَفْرَدَ كُلًّا بِنِيَّةٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ قَالَهُ

أَيْ وَقَصَدَ بِهَا النِّيَابَةَ (عَنْ الْجُمُعَةِ) مَثَلًا (حَصَلَا) أَيْ حَصَلَ الْغُسْلُ وَتَرَتَّبَ الثَّوَابُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذَا لَيْسَ بِضَرُورِيِّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ كَالْوُضُوءِ فَهُوَ إيضَاحٌ (وَإِنْ) نَوَى الْجُمُعَةَ وَ (نَسِيَ الْجَنَابَةَ) انْتَفَيَا لِعَدَمِ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا ثُبُوتَ لَهُ مَعَ عَدَمِ الْوَاجِبِ (أَوْ) نَوَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَنْسَ الْجَنَابَةَ وَلَكِنْ (قَصَدَ) بِغُسْلِهِ الْجُمُعَةَ (نِيَابَةً عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْجَنَابَةِ (انْتَفَيَا) أَيْ لَمْ يَحْصُلْ مَا نَوَاهُ وَمَا نَسِيَهُ فِي الْأُولَى وَلَا النَّائِبُ وَالْمَنُوبُ عَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ إذْ الضَّعِيفُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَوِيِّ فَكَيْفَ يَنُوبُ عَنْهُ (وَ) الْوَاجِبُ الرَّابِعُ (تَخْلِيلُ شَعْرٍ) وَلَوْ كَثِيفًا فَمَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَمْ يُخَلِّلْ شَعْرَ لِحْيَتِهِ الْكَثِيفَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَخْلِيلُهَا إذَا اغْتَسَلَ (وَضِغْثٌ مَضْفُورَةٌ) أَيْ مَضْفُورُ الشَّعْرِ أَيْ جَمْعُهُ وَضَمُّهُ وَتَحْرِيكُهُ لِيُدَاخِلَهُ الْمَاءُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ وَفِي جَوَازِ الضَّفْرِ سَوَاءٌ مَا لَمْ يَكُنْ ضَفْرًا لِرَجُلٍ عَلَى طَرِيقَةِ ضَفْرِ النِّسَاءِ فِي الزِّينَةِ وَالتَّشَبُّهِ بِهِنَّ فَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُ بِجَوَازِهِ (لَا) يَجِبُ (نَقْضُهُ) أَيْ حَلُّهُ مَا لَمْ يَشْتَدَّ بِنَفْسِهِ أَوْ ضُفِّرَ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ وَكَذَا بِخَيْطٍ أَوْ خَيْطَيْنِ مَعَ الِاشْتِدَادِ لَا مَعَ عَدَمِهِ وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْضُ الْخَاتَمِ وَلَا تَحْرِيكُهُ وَلَوْ ضَيِّقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَتَبُّعُ مَغَابِنِ الْجَسَدِ مِنْ شُقُوقٍ وَسُرَّةٍ وَمَا غَارَ مِنْ أَجْفَانٍ وَسُرَّةٍ وَرَفْعٍ وَغَيْرِهَا فَيَعُمُّهُ الْمَاءُ وَيُدَلِّكُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ فَيَعُمُّهُ الْمَاءُ. (وَ) الْوَاجِبُ الْخَامِسُ (الدَّلْكُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَصَدَ بِهَا النِّيَابَةَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ جَعَلَ نِيَّةَ الْغُسْلِ خَاصَّةً بِالْجَنَابَةِ وَعَلَّقَ بِالْجُمُعَةِ نِيَّةً أُخْرَى بِأَنْ قَصَدَ نِيَابَةَ الْجَنَابَةِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ وَبَعْضُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَكُلُّ هَذَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِضَرُورِيِّ الذِّكْرِ) أَيْ لَيْسَ مُضْطَرًّا لِذِكْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ حَصَلَا لِقَوْلِهِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ نَسِيَ حَدَثًا لَا أَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى الْجُمُعَةَ) أَيْ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ مَا إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ الْجُمُعَةَ وَنَسِيَ الْجَنَابَةَ وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا نَوَى بِغُسْلِهِ الْجُمُعَةَ وَقَصَدَ نِيَابَتَهُ عَنْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: تَخْلِيلُ شَعْرٍ) نَكَّرَهُ لِيَشْمَلَ شَعْرَ الرَّأْسِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَاجِبٍ وَهُدْبٍ وَإِبِطٍ وَعَانَةٍ وَلِحْيَةٍ وَشَارِبٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثِيفًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ خَفِيفًا بِاتِّفَاقٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ يُنْدَبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفِ فَقَطْ وَقِيلَ تَخْلِيلُهُ مُبَاحٌ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي اللِّحْيَةِ فَقَطْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَتَخْلِيلُهُ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا خَفِيفًا أَوْ كَثِيفًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَضِغْثٌ مَضْفُورَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَرُوسًا تُزَيِّنُ شَعْرَهَا وَفِي بْن وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَرُوسَ الَّتِي تُزَيِّنُ شَعْرَهَا لَيْسَ عَلَيْهَا غَسْلُ رَأْسِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ وَيَكْفِيهَا الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَفِي ح عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا تَتَيَمَّمُ إذَا كَانَ الطِّيبُ فِي جَسَدِهَا كُلِّهِ لِأَنَّ إزَالَتَهُ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَنَصَّ بْن هُنَا، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تَنْقُضُ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا الْمَضْفُورَ وَلَكِنْ تَضْغَثُهُ بِيَدِهَا مَا نَصَّهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَرُوسًا وَفِي شَرْحِ ابْنِ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّ الْعَرُوسَ لَيْسَ عَلَيْهَا غَسْلُ رَأْسِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إفْسَادِ الْمَالِ وَإِنَّمَا تَمْسَحُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْوَانُّوغِيُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ التَّرْخِيصِ لِلْعَرُوسِ لَا يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ وَفِي فُرُوعِنَا مَا يَشْهَدُ لَهُ وَنَقَلَهُ ابْن غَازِي فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَسَلَّمَهُ وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ الْعَرُوسَ لَا تَغْسِلُ شَعْرَهَا بَلْ تَمْسَحُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَمْعُهُ وَتَحْرِيكُهُ) أَيْ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ التَّخْلِيلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّعْرَ إذَا كَانَ غَيْرَ مَضْفُورٍ وَجَمَعَهُ وَحَرَّكَهُ لَا يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّخْلِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي ضِغْثِ الْمَضْفُورِ مِنْ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ الضَّفْرِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ الضَّفْرِ لِلرِّجَالِ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَلَنْسِيِّ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ ضَفْرُ شَعْرِهِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ صَادِقٌ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ نَقْضُهُ) أَيْ الْمَضْفُورِ مِنْ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَفْرٌ بِخُيُوطٍ كَثِيرَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَدَّ الضَّفْرُ أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِهَا مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَيْنِ فِي الضَّفِيرَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاشْتِدَادِ) رَاجِعٌ لِلْخَيْطِ وَالْخَيْطَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ عَدَمِهِ) أَيْ فِي الْخَيْطِ أَوْ الْخَيْطَيْنِ وَالْمَضْفُورِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَيِّقًا) أَيْ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَبَاحَ الشَّارِعُ لُبْسَهُ صَارَ كَالْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَدَلَّك) هُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ مَعَ دَلْكٍ

[سنن الغسل]

وَهُوَ هُنَا إمْرَارُ الْعُضْوِ عَلَى الْعُضْوِ بِدَلِيلِ إجْزَاءِ الْخِرْقَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ لَا لِإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِلْمَاءِ بَلْ يُجْزِئُ (وَلَوْ بَعْدَ) صَبِّ (الْمَاءِ) وَانْفِصَالِهِ مَا لَمْ يَجِفَّ الْجَسَدُ (أَوْ) وَلَوْ دَلَكَ (بِخِرْقَةٍ) يُمْسِكُ طَرَفَهَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالطَّرَفَ الْآخَرَ بِالْيُسْرَى وَيُدَلِّكُ بِوَسَطِهَا فَإِنَّهُ يَكْفِي وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّلْكِ بِالْيَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا إنْ لَفَّهَا عَلَى يَدِهِ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي كِيسٍ فَدَلَكَ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ مَعْنَى الدَّلْكِ بِالْيَدِ وَلَا يَنْبَغِي فِيهِ خِلَافٌ (أَوْ اسْتِنَابَةٌ) لَكِنْ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ أَوْ الْخِرْقَةِ فَإِنْ اسْتَنَابَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ (وَإِنْ) (تَعَذَّرَ) الدَّلْكُ بِمَا ذُكِرَ (سَقَطَ) وَيَكْفِيهِ تَعْمِيمُ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْيَدِ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَتَى تَعَذَّرَ بِالْيَدِ سَقَطَ وَلَا يَجِبُ بِالْخِرْقَةِ وَلَا الِاسْتِنَابَةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى السُّنَنِ فَقَالَ (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْغُسْلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَنْدُوبًا كَعِيدٍ خَمْسَةٌ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ زِيَادَةِ الِاسْتِنْثَارِ (غَسْلُ يَدَيْهِ) ثَلَاثًا إلَى كُوعَيْهِ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ (وَصِمَاخٌ) بِكَسْرِ الصَّادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحِينَئِذٍ فَيُغْنِي عَنْهُ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِهِ كَمَا رَوَاهُ مَرْوَانُ الظَّاهِرِيُّ فَإِنَّهُ رَوَى نَدْبَهُ وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ بِالتَّعْمِيمِ فِي الدَّلْكِ عَلَى الصَّوَابِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ عج عَنْ زَرُّوقٍ مِنْ أَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ لَا تَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَزْمِ بِالتَّعْمِيمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي وُصُولِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا فَأَوْلَى الدَّلْكُ وَالْمُسْتَنْكِحُ يُلْهَى عَنْ الشَّكِّ وُجُوبًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بَلْ يَعْمَلُ عَلَى التَّرَدُّدِ وَيَكْفِيهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ هُنَا إمْرَارُ الْعُضْوِ عَلَى الْعُضْوِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا خُصُوصُ الْيَدِ وَأَمَّا فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ إمْرَارُ بَاطِنِ الْيَدِ لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الدَّلْكِ إمْرَارُ الْعُضْوِ عَلَى الْعُضْوِ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَلَوْ غَيْرَ بَاطِنِ الْيَدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ لَا لِإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ تَارِكُهُ أَبَدًا وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ لِطُولِ مُكْثِهِ مَثَلًا فِي الْمَاءِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ وَاجِبٌ لِإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ وَاخْتَارَهُ عج لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَوِيَّ الْمُدْرَكِ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ فِي الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ وَلَوْ كَانَ مُدْرَكُهُ ضَعِيفًا وَالضَّعِيفُ مَا قَلَّ قَائِلُهُ وَلَوْ قَوِيَ مُدْرَكُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يُجْزِئُ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ وَانْفِصَالِهِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ فِي اشْتِرَاطِهِ الْمُقَارَنَةَ لِصَبِّ الْمَاءِ فَإِذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَصَارَ الْمَاءُ مُنْفَصِلًا عَنْ جَسَدِهِ إلَّا أَنَّهُ مُبْتَلٌّ فَيَكْفِي الدَّلْكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بَلْ يُجْزِئُ وَلَوْ إلَخْ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ وَالْمُحْوِجُ لِذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ وَالدَّلْكُ وَاجِبٌ هَذَا إذَا كَانَ مُقَارِنًا لِصَبِّ الْمَاءِ بَلْ وَلَوْ بَعْدَ الصَّبِّ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ أَنَّهُ بَعْدَ الصَّبِّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَنَفْيُ الْوُجُوبِ يُجَامِعُ الْإِجْزَاءَ مَعَ أَنَّ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ يَقُولُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَجِفَّ الْجَسَدُ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ الدَّلْكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ صَارَ مَسْحًا لَا غُسْلًا (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَوْ دَلَكَ بِخِرْقَةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِخِرْقَةٍ عَطْفٌ عَلَى الظَّرْفِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ هُنَا عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَتَدَلَّك بِالْخِرْقَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ سَحْنُونٍ مِنْ عَدَمِ الْكِفَايَةِ بِالْخِرْقَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ عبق وَرَدَّ شَيْخُنَا ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ الْكِفَايَةَ تَبَعًا لِشَيْخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَفَّهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ خَفِيفَةً أَوْ كَانَتْ كَثِيفَةً إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْخَفِيفَةِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ عج (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَنَابَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ الصَّغِيرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِرْقَةَ فِي مَرْتَبَةِ الْيَدِ فَيُخَيَّرُ فِي الدَّلْكِ بِأَيِّهِمَا وَأَمَّا الدَّلْكُ بِالِاسْتِنَابَةِ فَلَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ وَالْخِرْقَةِ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ وَعَلَى هَذَا فَأَوْ الْأُولَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّخْيِيرِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّنْوِيعِ وَقَالَ طفى الْحَقُّ أَنَّ الْخِرْقَةَ وَالِاسْتِنَابَةَ سَوَاءٌ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْيَدِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَمَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي اشْتِرَاطِ تَعَذُّرِ الْيَدِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَحِينَئِذٍ فَأَوْ الْأُولَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّنْوِيعِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّخْيِيرِ اهـ (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْيَدِ وَالْخِرْقَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ قَائِلًا هَذَا هُوَ الْأَصْوَبُ وَالْأَشْبَهُ بِيُسْرِ الدِّينِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ كَلَامِ سَحْنُونٍ [سُنَن الْغُسْل] (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْدُوبًا) أَيْ وَلَا غَرَابَةَ فِي احْتِوَاءِ الْمَنْدُوبِ عَلَى سُنَّةٍ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ فِعْلَ هَذَا الْمَنْدُوبِ سُنَّ لَهُ فِيهِ كَذَا (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا) هَذَا التَّثْلِيثُ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ بَلْ الْأُولَى سُنَّةٌ وَالْبَاقِي مَنْدُوبٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّثْلِيثَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ فِيهِمَا وَرَجَّحَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ إدْخَالِهَا فِي الْإِنَاءِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ جَارٍ وَكَانَ يَسِيرًا وَأَمْكَنَ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا تَتَوَقَّفُ سُنِّيَّةُ غُسْلِهِمَا عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى وَلَوْ بَعْدَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ

[مندوبات الغسل]

وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى غَسْلِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهِ أَيْ وَمَسْحُ صِمَاخٍ أَيْ ثُقْبِ (أُذُنَيْهِ) وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِيهِ طَرَفُ الْأُصْبُعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يُسَنُّ مَسْحُهُ لَا غَسْلُهُ وَلَا صَبُّ الْمَاءِ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَأَمَّا مَا يَمَسُّهُ رَأْسُ الْأُصْبُعِ خَارِجًا فَهُوَ مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْفِئَ أُذُنَهُ عَلَى كَفِّهِ مَمْلُوءَةً بِالْمَاءِ ثُمَّ يَدْلُكُهَا وَلَا يَصُبُّ الْمَاءَ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ (وَمَضْمَضَةٌ) مَرَّةً (وَاسْتِنْشَاقٌ) مَرَّةً وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَاسْتِنْثَارٌ) ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْدُوبَاتِهِ بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ بَدْءٌ) بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ أَوَّلًا لِكُوعَيْهِ (بِإِزَالَةِ الْأَذَى) أَيْ النَّجَاسَةِ إنْ كَانَ فِي جَسَدِهِ نَجَاسَةٌ بِفَرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ مَنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَيَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى مَسِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِيَكُونَ عَلَى وُضُوءٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَدَلْكِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ مَرَّ عَلَى أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ أَوْ بَعْضِهَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَلَا بُدَّ مِنْ إمْرَارِهِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِنِيَّتِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (ثُمَّ) يُنْدَبُ بَدْءٌ بِ (أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً) فَلَا يُؤَخِّرُ رِجْلَيْهِ لِآخِرِ غُسْلِهِ وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ (مَرَّةً) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِذَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَا يُعِيدُ غَسْلَهُمَا فِي وُضُوئِهِ الَّذِي بَعْدَ غَسْلِ الْفَرْجِ لِجَعْلِهِمَا السُّنَّةَ غَسْلَهُمَا قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ أَوْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ بَعْدَ حُصُولِ السُّنَّةِ قَالَ طفى وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّهُ يُعِيدُ غَسْلَهُمَا فِي الْوُضُوءِ لَا مُسَاعِدَ لَهُ إلَّا قَوْلُهُمْ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِتَقَدُّمِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ مَسَّ الذَّكَرِ قَدْ نَقَضَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْغُسْلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنْقَضُ غَسْلُهُمَا بِمَسِّ الْفَرْجِ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالسُّنِّيَّةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ غَسْلُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَاجِبًا لِوُجُوبِ تَعْمِيمِ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ وَالْحَالُ أَنَّ النِّيَّةَ يَأْتِي بِهَا عِنْدَ إزَالَةِ الْأَذَى أَوْ بَعْدَهُ فَغَسْلُ الْيَدَيْنِ السُّنَّةُ لَمْ تُصَادِفْ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ غَسْلِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِهِمَا أَوَّلًا فَلَا يَغْسِلُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَحَصَلَتْ السُّنَّةُ بِتَقْدِيمِهِمَا وِفَاقًا لِلْبِسَاطِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْفُوعٌ إلَخْ) أَيْ لَا مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى يَدَيْهِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الصِّمَاخَ يُغْسَلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُمْسَحُ. وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَمَسْحِ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلَهُ الْوُضُوءَ الْمُسْتَحَبَّ فَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لَا الْغُسْلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ وُضُوءٌ صُورَةً وَفِي الْمَعْنَى قِطْعَةٌ مِنْ الْغُسْلِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ إضَافَةُ السُّنَنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ إتْيَانِهِ بِالْوُضُوءِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ تَكُونُ مُضَافَةً لِلْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا يَمَسُّهُ رَأْسُ الْأُصْبُعِ خَارِجًا فَهُوَ مِنْ الظَّاهِرِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْغُسْلِ مُغَايِرَةٌ لِلسُّنَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْوُضُوءِ مَسْحُ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَصِمَاخِهِمَا وَالسُّنَّةُ هُنَا مَسْحُ الثُّقْبِ الَّذِي هُوَ الصِّمَاخُ وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَيَجِبُ غَسْلُهُ [مَنْدُوبَات الْغُسْل] (قَوْلُهُ: بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا الِابْتِدَاءَ ابْتِدَاءٌ إضَافِيٌّ وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِمَا فِي الْإِنَاءِ أَوْ قَبْلَ إزَالَةِ الْأَذَى فَهُوَ ابْتِدَاءٌ حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ: بِإِزَالَةِ الْأَذَى) أَيْ وَلَا يَكُونُ مَسُّهُ لِلْفَرْجِ لِإِزَالَةِ الْأَذَى نَاقِضًا لِغَسْلِ يَدَيْهِ وَلَا لِكُوعَيْهِ عَلَى التَّحْقِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَيَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ قَبْلَ غَسْلِ فَرْجِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَ مَعَ ارْتِكَابِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ لَا يَحْتَاجَ وَقَوْلُهُ: لِيَكُونَ إلَخْ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَيَكُونُ وُضُوءُهُ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى صَحِيحًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ غَسْلِ ذَكَرِهِ) أَيْ بَلْ نَوَى بَعْدَ غَسْلِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بَطَلَ غُسْلُهُ لِعُرُوِّ غَسْلِ الْفَرْجِ عَنْ نِيَّةٍ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) أَيْ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَى ذَكَرِهِ وَدَلْكِهِ مَرَّ عَلَى أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ أَيْ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى ذَكَرِهِ وَدَلَكَهُ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ ذَلِكَ الْغُسْلِ الَّذِي انْتَقَضَ فِيهِ وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُنْدَبُ بَدْءٌ) أَيْ ثُمَّ يُنْدَبُ بَعْدَ إزَالَةِ الْأَذَى بَدْءٌ بِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ أَيْ مَا عَدَا غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ لِأَنَّهُمَا قَدْ فُعِلَا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِمَا كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي فِي ذَلِكَ الْوُضُوءُ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحِ صِمَاخِ الْأُذُنَيْنِ لِعَدَمِ فِعْلِهِمَا قَبْلُ وَتُعَدُّ هَذِهِ السُّنَنُ حِينَئِذٍ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ لَا الْغُسْلِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى إذْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ غُسْلِهِمَا قَبْلَ تَمَامِ غُسْلِهِ كَذَا قِيلَ قَالَ بْن وَهُوَ خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ نَدْبُ تَأْخِيرِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِتَأْخِيرِ غَسْلِهِمَا فِي الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ مَيْمُونَةَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْإِطْلَاقُ وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ اهـ (قَوْلُهُ: مَرَّةً) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا مَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَضِيلَةَ فِي تَكْرَارِهِ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا قَالَ طفى وَيُرَدُّ عَلَيْهِمَا بِمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِنْ

[صفة الغسل]

بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ فَلَا يُنْدَبُ التَّثْلِيثُ بَلْ يُكْرَهُ (وَأَعْلَاهُ) أَيْ يُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِهِ قَبْلَ أَسْفَلِهِ (وَمَيَامِينِهِ) يُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِهَا قَبْلَ مَيَاسِرِهِ (وَتَثْلِيثُ رَأْسِهِ) أَيْ يَغْسِلُهَا بِثَلَاثِ غَرْفَاتٍ يَعُمُّهَا بِكُلِّ غَرْفَةٍ الْأُولَى هِيَ الْفَرْضُ. فَصِفَتُهُ الْكَامِلَةُ أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ إلَى كُوعَيْهِ ثَلَاثًا قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ يَنْوِي بِهِ السُّنَّةَ فَيَغْسِلُ الْأَذَى فَفَرْجَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَدُبُرَهُ نَاوِيًا رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَيَتَمَضْمَضُ فَيَسْتَنْشِقُ بِنِيَّةِ السُّنِّيَّةِ فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَيَمْسَحُ رَأْسَهُ فَصِمَاخَ أُذْنَيْهِ فَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ مَرَّةً مَرَّةً نَاوِيًا بِهَذَا الْوُضُوءِ الْجَنَابَةَ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنْ الْغُسْلِ فِي صُورَةِ وُضُوءٍ قُدِّمَتْ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ لِشَرَفِهَا عَلَى غَيْرِهَا وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ وُجُوبًا هُنَا ثُمَّ يُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ بِلَا مَاءٍ نَدْبًا لِتَنْسَدَّ مَسَامُّ الرَّأْسِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا يَعُمُّهَا بِكُلِّ غَرْفَةٍ فَيَغْسِلُ أُذْنَيْهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَرَقَبَتَهُ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ يَغْسِلُ عَضُدَهُ إلَى مِرْفَقِهِ وَيَتَعَهَّدُ إبِطَهُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْكَعْبِ لَا الرُّكْبَةِ كَمَا قِيلَ بِهِ وَلَا يَلْزَمُ تَقْدِيمُ الْأَسَافِلِ عَلَى الْأَعَالِي لِأَنَّ الشِّقَّ كُلَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ عُضْوٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا، وَرُدَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَالَ لِمَ قُلْتُمْ بِالِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْبَةِ؟ وَلَمْ تَقُولُوا بِالِانْتِهَاءِ إلَى الْفَخِذِ ثُمَّ مِنْ الْمَنْكِبِ الْأَيْسَرِ إلَى الْفَخِذِ ثُمَّ مِنْ الْفَخِذِ إلَى الرُّكْبَةِ ثُمَّ الْفَخِذِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ مِنْ الرُّكْبَةِ إلَى الْكَعْبِ ثُمَّ مِنْ رُكْبَةِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الِاسْتِنَادِ إلَى حَدِيثٍ يُفِيدُ ذَلِكَ ثُمَّ يَغْسِلُ الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ وَإِذَا غَسَلَ كُلَّ جَانِبٍ يَغْسِلُهُ بَطْنًا وَظَهْرًا حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى غَسْلِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ غَسَلَ ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ مَوْضِعٍ شَكَّ فِيهِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا وَإِلَّا وَجَبَ التَّرْكُ وَإِذَا مَرَّ عَلَى الْعُضْوِ بِعُضْوٍ أَوْ بِخِرْقَةٍ حَصَلَ الدَّلْكُ الْوَاجِبُ وَلَا يَنْبَغِي تَكْرَارُهُ وَالْعَوْدُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى وَلَا شِدَّةُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ (وَقِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ) بِصَاعٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْأَحْكَامِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَجْسَامِ ثُمَّ شُبِّهَ فِي النَّدْبِ قَوْلُهُ: (كَغُسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ) جَامَعَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ فَيُنْدَبُ (لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ) مَرَّةً أُخْرَى فِي الَّتِي جَامَعَهَا أَوْ غَيْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَتَقْوِيَةِ الْعُضْوِ (وَ) يُنْدَبُ (وُضُوءُهُ) أَيْ الْجُنُبِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ـــــــــــــــــــــــــــــQطُرُقٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا وَصَفَتْ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْجَنَابَةِ وَفِيهِ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا» اهـ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مُعْتَمَدَ الْمُصَنِّفِ مَرْدُودٌ فِي الْجُزُولِيِّ أَنَّ التَّكْرَارَ هُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَاعْتَمَدَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: رَفْعِ الْجَنَابَةِ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ نَوَى رَفْعَهَا عِنْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهَا وَقَوْلُهُ: بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ أَيْ أَوْ الْوُضُوءِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَنِيَّةُ الْجَنَابَةِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَإِنْ نَوَى بِغُسْلِهَا الْوُضُوءَ أَجْزَأَهُ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَغُسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غُسْلِ مَحَلِّهِ [صفة الْغُسْل] (قَوْلُهُ: أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ) أَيْ بَدْءً حَقِيقِيًّا (قَوْلُهُ: فَيَغْسِلُ الْأَذَى) أَيْ عَنْ جَسَدِهِ (قَوْلُهُ: نَاوِيًا بِهَذَا الْوُضُوءِ الْجَنَابَةَ) أَيْ إنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ رَفْعَهَا عِنْدَ إزَالَةِ الْأَذَى عَنْ فَرْجِهِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْجَنَابَةِ عِنْدَ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ (قَوْلُهُ: بِلَا مَاءٍ) أَيْ بَلْ بَلَلٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْكَعْبِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ كُلَّهُ بِأَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْيَسَارِ بِأَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَزَرُّوقٌ وَفِي ح ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ تَقْتَضِي أَنَّ الْأَعْلَى بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ لَا أَنَّ الْيَمِينَ بِأَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْيَسَارِ بِأَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ بَلْ هَذَا صَرِيحُ عِبَارَةِ ابْنِ جَمَاعَةَ وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ عَاشِرٍ وَنَصُّهُ ازْدَحَمَ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ فِي التَّقْدِيمِ فَتَعَارَضَ أَعْلَى الْجِهَةِ الْيُسْرَى وَأَسْفَلُ الْجِهَةِ الْيُمْنَى فِي التَّقْدِيمِ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمُ الْأَعْلَى مُطْلَقًا مَعَ تَقْدِيمِ الْجِهَةِ الْيُمْنَى مِنْهُ ثُمَّ الْأَسْفَلُ مَعَ تَقْدِيمِ الْجِهَةِ الْيُمْنَى أَيْضًا اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَغْسِلَ الرَّأْسَ يَغْسِلُ أَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ ظَهْرًا وَبَطْنًا وَجَنْبًا ثُمَّ يَغْسِلُ أَعْلَى الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ أَسْفَلَ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ أَسْفَلَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ فَإِنْ جَعَلْنَا الضَّمِيرَ فِي أَعْلَاهُ لِجَانِبِ الْمُغْتَسَلِ وَفِي مَيَامِنِهِ لِلْمُغْتَسَلِ وَالْمَعْنَى يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ أَعْلَى كُلِّ جَانِبٍ عَلَى أَسْفَلِهِ وَتَقْدِيمُ مَيَامِنِ الْمُغْتَسَلِ عَلَى مَيَاسِرِهِ كَانَ مُوَافِقًا لِطَرِيقَةِ الزَّرْقَانِيِّ وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي أَعْلَاهُ لِلْمُغْتَسَلِ وَفِي مَيَامِنِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَالْمَعْنَى يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ أَعْلَى الْمُغْتَسَلِ عَلَى أَسْفَلِهِ وَتَقْدِيمُ مَيَامِنِ كُلٍّ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ عَلَى مَيَاسِرِهِ كَانَ مُوَافِقًا لِطَرِيقَةِ ح وَقَدْ اعْتَمَدَهَا شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَغْسِلُ الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ) أَيْ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ لِلْكَعْبِ وَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الصِّفَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَحْتَاجَ) أَيْ بَعْدَ غَسْلِ الشِّقَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي غَسْلِهِ الظَّهْرَ وَالْبَطْنَ مَعَ الشِّقَّيْنِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَقِلَّةُ الْمَاءِ) أَيْ وَنُدِبَ تَقْلِيلُ الْمَاءِ الَّذِي يَجْعَلُهُ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ بِصَاعٍ (قَوْلُهُ: فَيُنْدَبُ لِعَوْدِهِ إلَخْ) أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُ غَسْلُ الْفَرْجِ عِنْدَ عَوْدِهِ لِجِمَاعٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ جَامَعَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ إذَا أَرَادَ الْعَوْدَ لِلْجِمَاعِ مَرَّةً أُخْرَى (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) خَصَّ بَعْضُهُمْ النَّدْبَ بِمَا إذَا أَرَادَ الْعَوْدَ لِوَطْءِ الْأُولَى

(لِنَوْمٍ) أَيْ لِأَجْلِ نَوْمِهِ عَلَى طَهَارَةٍ وَلَوْ نَهَارًا وَكَذَا يُنْدَبُ النَّوْمُ عَلَى طَهَارَةٍ لِغَيْرِ الْجُنُبِ (لَا) يُنْدَبُ لَهُ (تَيَمُّمٌ) عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ (وَلَمْ يَبْطُلْ) هَذَا الْوُضُوءُ بِشَيْءٍ مِنْ مُبْطِلَاتِهِ (إلَّا بِجِمَاعٍ) بِخِلَافِ وُضُوءِ غَيْرِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِكُلِّ نَاقِضٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَوْ بَعْدَ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ) أَيْ مَمْنُوعَاتُ الْحَدَثِ (الْأَصْغَرِ) وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ حَدَثٌ صَلَاةً وَطَوَافًا وَمَسَّ مُصْحَفٍ (وَ) تَزِيدُ بِمَنْعِهَا (الْقِرَاءَةَ) بِحَرَكَةِ لِسَانٍ إلَّا لِحَائِضٍ كَمَا يَأْتِي (إلَّا كَآيَةٍ) أَيْ إلَّا الْآيَةَ وَنَحْوَهَا (لِتَعَوُّذٍ) وَمُرَادُهُ الْيَسِيرُ الَّذِي الشَّأْنُ أَنْ يُتَعَوَّذَ بِهِ فَيَشْمَلُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَالْإِخْلَاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ (وَنَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ التَّعَوُّذِ كَرُقْيَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْعَوْدَ لِغَيْرِهَا كَأَنْ غَسَلَ فَرْجَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِيهَا نَجَاسَةُ الْغَيْرِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّلَطُّخُ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ إذَا رَضِيَ بِهَا وَلِذَا كَانَ الْمُعْتَمَدُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لِنَوْمٍ) أَيْ عِنْدَ نَوْمٍ فَلَيْسَتْ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِأَجْلِ نَوْمِهِ عَلَى طَهَارَةٍ) أَيْ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي عِلَّةِ النَّدْبِ وَقِيلَ إنَّمَا نُدِبَ الْوُضُوءُ لِلْجُنُبِ لِأَجْلِ النَّشَاطِ لِلْغُسْلِ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا تَيَمُّمَ إذْ مَنْ قَالَ إنَّهُ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ يَقُولُ إنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُطَهِّرٌ حُكْمًا وَقَوْلُ خش أَنَّ قَوْلَهُ لَا تَيَمُّمَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ غَيْرُ صَوَابٍ وَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُنُبَ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ النَّوْمِ وَهَلْ الْأَمْرُ بِذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ نَدْبٌ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْأَمْرِ فَقِيلَ لِيَنْشَطَ لِلْغُسْلِ وَعَلَى هَذَا لَوْ فَقَدْ الْمَاءَ الْكَافِيَ لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّيَمُّمِ وَقِيلَ لِيَبِيتَ عَلَى طَهَارَةٍ لِأَنَّ النَّوْمَ مَوْتٌ أَصْغَرُ فَشُرِعَتْ فِيهِ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى كَمَا شُرِعَتْ فِي الْمَوْتِ الْأَكْبَرِ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى فَعَلَى هَذَا إنْ فَقَدَ الْمَاءَ يَتَيَمَّمُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَنَصِّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي تَيَمُّمِ الْعَاجِزِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّشَاطِ أَوْ لِتَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ) أَيْ الْكَافِي بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَاءٌ أَصْلًا أَوْ عِنْدَهُ مَاءٌ لَكِنْ لَا يَكْفِي وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْطُلْ) أَيْ بِحَيْثُ يُطَالَبُ بِوُضُوءٍ آخَرَ إلَّا بِجِمَاعٍ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ خُرُوجَ الْمَنِيِّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَعَلِمْت مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْمُطَالَبَةُ بِالْغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِكُلِّ نَاقِضٍ) أَيْ كَمَا قَالَهُ الْأَبِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَنَصُّهُ وَإِنْ نَامَ الرَّجُلُ عَلَى طَهَارَةٍ وَضَاجَعَ زَوْجَتَهُ وَبَاشَرَهَا بِجَسَدِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ اللَّذَّةَ وَقَالَ عِيَاضٌ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ لَا الْوَاقِعُ بَعْدَهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الِاضْطِجَاعِ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ النَّاقِضُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ بِاتِّفَاقٍ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ بَعْدَ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ مُطَالَبَتُهُ بِوُضُوءٍ آخَرَ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَمْنُوعَاتُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مَوَانِعَ جَمْعُ مَانِعٍ بِمَعْنَى مَمْنُوعٍ كَدَافِقٍ بِمَعْنَى مَدْفُوقٍ (قَوْلُهُ: بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا كَانَ يَسْمَعُ نَفْسَهُ فَالشَّارِحُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ، وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ بِالْقَلْبِ فَلَا إثْمَ فِيهَا إذْ لَا تُعَدُّ قِرَاءَةً شَرْعًا وَلَا عُرْفًا وَقَدْ نَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهَا وَتَرَدَّدَ فِيهَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ) أَيْ بِمَا هُوَ كَالْآيَةِ (قَوْلُهُ: الْيَسِيرُ الَّذِي الشَّأْنُ أَنْ يُتَعَوَّذَ بِهِ) أَيْ وَلَا حَدَّ فِيهِ فَيَشْمَلُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَالْإِخْلَاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ قِرَاءَةَ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} [الجن: 1] وَقَوْلُهُ: الَّذِي الشَّأْنُ أَنْ يُتَعَوَّذَ بِهِ فِيهِ مَيْلٌ لِمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ نَحْوِ {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 160] وَنَحْوِ آيَةِ الدَّيْنِ لِلتَّعَوُّذِ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَوَّذُ بِهِ وَتَبِعَهُ عج وَغَيْرُهُ وَنُوقِشَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حِصْنٌ وَشِفَاءٌ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ يُتَعَوَّذُ بِالْقُرْآنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظُ التَّعَوُّذِ وَلَا مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) مِنْ إرَادَةِ الْفَتْحِ عَلَى إمَامٍ وَقَفَ فِي الْفَاتِحَةِ فَيَفْتَحُوا عَلَيْهِ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ كَذَا يَفْتَحُ عَلَيْهِ فِي سُورَةٍ سُنَّةٌ أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَرُقْيَا) قَالَ عج الظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الرُّقَى مَا يُقَالُ عِنْدَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ مِمَّا يَدْفَعُ عَنْهَا مَشَقَّةَ الْحَمْلِ لِأَنَّ

وَاسْتِدْلَالٍ عَلَى حُكْمٍ، (وَ) تَمْنَعُ (دُخُولَ مَسْجِدٍ) وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتٍ هَذَا إذَا أَرَادَ الْمُكْثَ فِيهِ بَلْ (وَلَوْ مُجْتَازًا) أَيْ مَارًّا وَلَيْسَ لِصَحِيحٍ حَاضِرٍ دُخُولَهُ بِتَيَمُّمٍ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا فِي جَوْفِهِ أَوْ يَكُونَ بَيْتُهُ دَاخِلَهُ فَيُرِيدُ الدُّخُولَ أَوْ الْخُرُوجَ لِأَجْلِ الْغُسْلِ أَوْ يُضْطَرَّ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ الْعَادِمُ لِلْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ بِهِ وَلَا يَمْكُثَ فِيهِ بِهِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ (كَكَافِرٍ) فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ (وَإِنْ) (أَذِنَ) لَهُ (مُسْلِمٌ) فِي الدُّخُولِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ لِدُخُولِهِ كَعِمَارَةٍ وَنُدِبَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ جِهَةِ عَمَلِهِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ الْمَنِيَّ ذَكَرَ عَلَامَتَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمَنِيِّ) فِي اعْتِدَالِ مِزَاجِ الرَّجُلِ (تَدَفُّقٌ) عِنْدَ خُرُوجِهِ (وَرَائِحَةُ طَلْعٍ أَوْ) رَائِحَةُ (عَجِينٍ) قِيلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ رَائِحَتُهُ قَرِيبًا مِنْهُمَا وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الطَّبَائِعِ هَذَا كُلُّهُ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ حَالَ رُطُوبَتِهِ وَأَمَّا إذَا يَبِسَ أَشْبَهَتْ رَائِحَتُهُ الْبَيْضَ وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ فَهُوَ رَقِيقٌ أَصْفَرُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ ثَخِينٌ أَبْيَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يُحَصَّنُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُقْصَدُ بِالرُّقْيَةِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْلَالٌ عَلَى حُكْمٍ) أَيْ فِقْهِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتٍ) أَيْ وَلَوْ مَغْصُوبًا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُجْتَازًا) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وِفَاقًا لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ لَا بَأْسَ أَنْ يَمُرَّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ وَأَجَازَ ابْنُ مَسْلَمَةَ دُخُولَ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ مَكَثَ فِيهِ أَوْ كَانَ مُجْتَازًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِصَحِيحٍ حَاضِرٍ دُخُولُهُ بِتَيَمُّمٍ) أَيْ لَا لِلْمُكْثِ وَلَا لِلْمُرُورِ وَلَا لِلصَّلَاةِ وَلَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَأَجَازَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِلْجُنُبِ دُخُولَ الْمَسْجِدِ بِالتَّيَمُّمِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ دَخَلَ مَارًّا أَوْ لِلْمُكْثِ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ: فَيُرِيدُ الدُّخُولَ أَوْ الْخُرُوجَ لِأَجْلِ الْغُسْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ بِهِ. بَقِيَ مَا إذَا كَانَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ وَاحْتَلَمَ فِيهِ فَهَلْ يَتَيَمَّمُ لِخُرُوجِهِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ أَوْ لَا وَهُوَ الْأَقْوَى كَمَا فِي ح فِي بَابِ التَّيَمُّمِ لِمَا فِيهِ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ وَالْإِسْرَاعُ بِالْخُرُوجِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ يُضْطَرَّ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ) أَيْ أَوْ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ نَهَارًا كَمَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إنْ خَرَجَ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ بِهِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْكُثُ فِيهِ بِهِ) أَيْ وَلَا يَمْكُثُ فِي الْمَسْجِدِ بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ) أَيْ لِلْمَبِيتِ بِهِ أَوْ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ نَهَارًا فَيَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: كَكَافِرٍ) تَشْبِيهٌ فِي مَنْعِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا إنْ أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الدُّخُولِ جَازَ دُخُولُهُ وَإِلَّا فَلَا وَخِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ مُطْلَقًا أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ لِدُخُولِهِ كَعِمَارَةٍ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ نَجَّارٌ أَوْ بَنَّاءٌ غَيْرُهُ أَوْ وُجِدَ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ وَلَكِنْ كَانَ هُوَ أَتْقَنَ لِلصَّنْعَةِ فَلَوْ وُجِدَ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ مُمَاثِلٌ لَهُ فِي إتْقَانِ الصَّنْعَةِ لَكِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمُسْلِمِ أَزْيَدَ مِنْ أُجْرَةِ الْكَافِرِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ الضَّرُورَةِ وَإِلَّا كَانَ مِنْهَا عَلَى الظَّاهِرِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَ عَلَامَتَهُ) أَيْ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا وَفَائِدَةُ التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَوْ انْتَبَهَ فَوَجَدَ بَلَلًا رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّعَامِ وَالْعَجِينِ عَلِمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ لَا مَذْيٌ وَلَا بَوْلٌ (قَوْلُهُ: فِي اعْتِدَالِ مِزَاجٍ) أَيْ فِي حَالِ اعْتِدَالِ مِزَاجِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ مَرِيضًا لِانْحِرَافِ مِزَاجِهِ فَإِنَّ مَنِيَّهُ يَتَغَيَّرُ وَتَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ وَالْمُرَادُ بِاعْتِدَالِ الْمِزَاجِ اسْتِوَاءُ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ وَعَدَمُ غَلَبَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى الْبَاقِي وَهِيَ الصَّفْرَاءُ وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ وَالْبَلْغَمُ (قَوْلُهُ: قِيلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ) أَيْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ قُرْبُ رَائِحَةِ طَلْعٍ وَعَجِينٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَخْتَلِفُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ رَائِحَةِ الطَّلْعِ وَرَائِحَةِ الْعَجِينِ فَتَارَةً تَكُونُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ وَتَارَةً تَكُونُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْعَجِينِ وَحِينَئِذٍ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهَا لِلتَّنْوِيعِ (قَوْلُهُ: أَشْبَهَتْ رَائِحَتُهُ الْبَيْضَ) أَيْ رَائِحَةَ الْبَيْضِ أَيْ الْمَشْوِيِّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَقِيقٌ أَصْفَرُ) أَيْ وَيَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ تَدَفُّقٍ بَلْ يَسِيلُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ طَلْعِ الْأُنْثَى مِنْ النَّخْلِ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ عَنْ الْوُضُوءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَإِنَّ الْأَوْلَى لِلْمُغْتَسِلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ غُسْلِهِ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يَسْتَعْمِلُ الْعُلَمَاءُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَعْنِي يُجْزِئُ فِي الْإِجْزَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْكَمَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَضْلَ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ

(وَيُجْزِئُ) غُسْلُ الْجَنَابَةِ (عَنْ الْوُضُوءِ) فَإِنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ مَثَلًا وَدَلَكَ جَسَدَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ الْأَصْغَرَ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ لِأَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْأَكْبَرِ تَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْأَصْغَرِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَحْصُلَ لَهُ نَاقِضٌ مِنْ مَسِّ ذَكَرٍ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ مَرَّ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْضِهَا فَإِنْ حَصَلَ فَلَا يُصَلِّي بِهِ لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ فَإِنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْأَعْضَاءِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً هَذَا إذَا حَصَلَ النَّاقِضُ بَعْدَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ أَوْ بَعْضِهَا وَقَبْلَ تَمَامِ الْغُسْلِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ قَطْعًا فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ بِنِيَّةٍ اتِّفَاقًا مَعَ التَّثْلِيثِ نَدْبًا وَالْإِجْزَاءُ عَنْ الْوُضُوءِ إنْ كَانَ جُنُبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ (وَإِنْ) (تَبَيَّنَ) بَعْدَ غُسْلِهِ (عَدَمَ جَنَابَتِهِ) فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ وَيُصَلِّي بِهِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ (وَ) يُجْزِئُ (غُسْلُ الْوُضُوءِ) فِي الْأَصْغَرِ بِأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ أَعْضَائِهِ رَفْعَ الْأَصْغَرِ وَيَغْسِلَ بَقِيَّةَ الْجَسَدِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَكْبَرِ (عَنْ غُسْلِ مَحِلِّهِ) أَيْ مَحَلِّ الْوُضُوءِ فَلَا يُطْلَبُ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ ثَانِيًا إنْ كَانَ مُتَذَكِّرًا لِجَنَابَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ (نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ) مِنْ جِمَاعٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَتَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ وَلَوْ طَالَ مَا بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّذَكُّرِ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ بَقِيَّةَ الْجَسَدِ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ بِشَرْطِ عَدَمِ الطُّولِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَصَلَّى بِهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَاقِضٌ قَبْلَ تَمَامِ الْغُسْلِ وَاحْتَرَزَ بِغُسْلِ الْوُضُوءِ عَنْ مَسْحِهِ فَإِنَّ مَمْسُوحَ الْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُ عَنْ غَسْلِ مَحِلِّهِ فِي الْأَكْبَرِ وَيُجْزِئُ إنْ كَانَ فَرْضُهُ الْمَسْحُ فِي الْغُسْلِ بِأَنْ مَسَحَ عُضْوًا فِي وُضُوئِهِ لِضَرُورَةٍ فَلَا يَمْسَحُهُ فِي غُسْلِهِ (كَلُمْعَةٍ) تُرِكَتْ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْجَنَابَةِ فِي أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ ثُمَّ غُسِلَتْ فِي وُضُوءٍ بِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ نِيَّةَ الْأَصْغَرِ تُجْزِئُ عَنْ الْأَكْبَرِ كَعَكْسِهِ كَمَا مَرَّ وَاللُّمْعَةُ بِضَمِّ اللَّامِ مَا لَا يُصِيبُهُ الْمَاءُ عِنْدَ الْغُسْلِ (وَإِنْ) كَانَتْ اللُّمْعَةُ الَّتِي فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حَصَلَتْ (عَنْ جَبِيرَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجْزَاءُ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِيَّةِ أَيْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ إذَا تَرَكَ الْوُضُوءَ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ الْوُضُوءَ أَجْزَأَهُ الْغُسْلُ عَنْهُ مَعَ ارْتِكَابِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا فَهِمَ الْمُعْتَرِضُ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْجَنَابَةُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ خُرُوجِ مَنِيٍّ أَوْ مِنْ نُزُولِ دَمِ حَيْضٍ أَوْ كَانَتْ نَاشِئَةً مِنْ نِفَاسٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْغُسْلُ غَيْرَ وَاجِبٍ فَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ مَثَلًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وُضُوءٌ وَكَذَا إذَا أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى جَسَدِهِ ابْتِدَاءً وَذَلِكَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَكْبَرِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ الْأَصْغَرَ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْغُسْلُ يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ فَلَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَبْدَأْ بِالْوُضُوءِ وَلَا خَتَمَ بِهِ لَأَجْزَأَهُ غُسْلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ غَسْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ لَمْ يُحْدِثْ أَصْلًا أَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ غَسْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَمَّا إنْ أَحْدَثَ بَعْدَ أَنْ غَسَلَ شَيْئًا مِنْهَا فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ فَهَذَا لِمُحْدِثٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءَهُ بِنِيَّةٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهِ فَهَذَا إنْ لَمْ يَرْجِعْ فَيَغْسِلْ مَا غَسَلَ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ فَإِنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ وَهَلْ يَفْتَقِرُ هَذَا فِي غُسْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ لِنِيَّةٍ أَوْ تُجْزِئُهُ نِيَّةُ الْغُسْلِ عَنْ ذَلِكَ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ إلَّا بِكَمَالِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ مَرَّ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ حَدَثٌ أَصْلًا أَوْ حَصَلَ قَبْلَ غَسْلِ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ) أَيْ النَّاقِضُ بَعْدَ أَنْ غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ غَسَلَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَلِّي بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ بِاتِّفَاقِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْقَابِسِيِّ وَقَوْلُهُ: بِنِيَّةٍ أَيْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَأَمَّا الْقَابِسِيُّ فَيَقُولُ نِيَّةُ الْغُسْلِ تُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ جَنَابَتِهِ) دَلَّ قَوْلُهُ: وَإِنْ تَبَيَّنَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حِينَ الْغُسْلِ مُعْتَقِدًا تَلَبُّسَهُ بِالْجَنَابَةِ فَنَوَى الْغُسْلَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْجَنَابَةِ وَاغْتَسَلَ وَنَوَى رَفَعَ الْأَكْبَرَ بَدَلًا عَنْ الْأَصْغَرِ الَّذِي لَزِمَهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ لِتَلَاعُبِهِ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ غُسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غُسْلِهِ مَحَلَّهُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَكْسُ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ أَجْزَأَ فِيهَا غُسْلُ الْجَنَابَةِ عَنْ غُسْلِ الْوُضُوءِ وَهَذِهِ أَجْزَأَهُ فِيهَا غُسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ بَعْضِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَقَوْلُهُ: غُسْلُ الْوُضُوءِ الْإِضَافَةُ فِيهِ حَقِيقَةٌ أَيْ وَيُجْزِئُ غُسْلُ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ فِي الْوُضُوءِ وَإِطْلَاقِ الْوُضُوءِ عَلَى غُسْلِ أَعْضَائِهِ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى مَجَازٌ لِأَنَّهُ صُورَةُ وُضُوءٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جُزْءٌ مِنْ الْغُسْلِ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غُسْلِ أَعْضَائِهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ هَذِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ غَسَلَ غَيْرَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ ثُمَّ غَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: وَصَلَّى بِهِ) أَيْ وَجَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: عَنْ مَسْحِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَمْسُوحَ الْوُضُوءِ) أَيْ وَهُوَ الرَّأْسُ (قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ إنْ كَانَ فَرْضُهُ الْمَسْحُ) أَيْ كَمَا قَالَ عَبْدُ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِبَعْضِ أَشْيَاخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ مَسْحِهِ فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْجَنَابَةِ) أَيْ مِنْ غُسْلِهَا

[فصل مسح الخف ومسح الجورب]

مَسَحَ عَلَيْهَا فِي غُسْلِهَا ثُمَّ سَقَطَتْ أَوْ بَرِئَتْ فَغُسِلَتْ فِي الْوُضُوءِ بِنِيَّةٍ فَيُجْزِئُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْأَوْلَى قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَقُولَ وَإِنْ عَنْ غَيْرِ جَبِيرَةٍ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَنُوبُ فِي الصُّغْرَى عَنْ بَعْضٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مَسْحُ الْخُفِّ فَقَالَ دَرْسٌ [فَصْلٌ] (رُخِّصَ) جَوَازًا بِمَعْنَى خِلَافُ الْأَفْضَلِ إذْ الْأَفْضَلُ الْغُسْلُ (لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) غَيْرِ مُسْتَحَاضَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مُسْتَحَاضَةً) لَازَمَهَا الدَّمُ نِصْفَ الزَّمَنِ فَأَكْثَرَ (بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ) الْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَسَحَ (مَسْحِ جَوْرَبٍ) نَائِبُ فَاعِلٍ رُخِّصَ بِتَضْمِينِهِ أُبِيحَ أَوْ أُجِيزَ وَإِلَّا فَرُخِّصَ إنَّمَا يَتَعَدَّى لِلْمُرَخَّصِ فِيهِ بِفِي وَلِلْمُرَخَّصِ لَهُ بِاللَّامِ نَحْو رُخِّصَ لِرَجُلٍ فِي مَسْحِ جَوْرَبٍ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ مِنْ نَحْوِ قُطْنٍ (جِلْدٍ ظَاهِرُهُ) وَهُوَ مَا يَلِي السَّمَاءَ (وَبَاطِنُهُ) وَهُوَ مَا يَلِي الْأَرْضَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ مَا فَوْقَ الْقَدَمِ وَبِالْبَاطِنِ مَا تَحْتَ الْقَدَمِ الْمُبَاشِرِ لِلرِّجْلِ مِنْ دَاخِلِهِ إذْ هَذَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِلَا حَائِلٍ (و) مَسْحُ (خُفٍّ) إنْ كَانَ مُفْرَدًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْخُفُّ (عَلَى خُفٍّ) فِي الرِّجْلَيْنِ مَعًا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَكَذَا جَوْرَبٌ مَعَ خُفٍّ أَوْ جَوْرَبٌ عَلَى جَوْرَبٍ وَفِي الرِّجْلِ الْأُخْرَى خُفٌّ أَوْ جَوْرَبٌ مُفْرَدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي مَا فِيهِمَا جِنْسًا وَلَا عَدَدًا أَنْ يَلْبَسَهُمَا مَعًا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ أَمَّا فِي فَوْرٍ أَوْ بَعْدَ طُولٍ قَبْلَ انْتِقَاضِهَا أَوْ بَعْدَ انْتِقَاضِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: ثُمَّ غُسِلَتْ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِ غُسْلِهِ غُسِلَتْ فِي وُضُوءٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: مَسَحَ عَلَيْهَا فِي غُسْلِهَا) أَيْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ) أَيْ لِأَنَّ نِيَابَةَ غُسْلِ الْوُضُوءِ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي عُضْوٍ صَحِيحٍ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِمَّا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ ذَلِكَ فِي عُضْوِ مَرِيضٍ وَالشَّأْنُ أَنَّ الْمُبَالِغَ عَلَيْهِمَا كَانَ مُتَوَهِّمًا [فَصْلٌ مَسْحُ الْخُفِّ وَمَسْحِ الْجَوْرَب] . (فَصْلٌ رُخِّصَ إلَخْ) (قَوْلُهُ: رُخِّصَ) الرُّخْصَةُ فِي اللُّغَةِ السُّهُولَةُ وَشَرْعًا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ سَهْلٌ اُنْتُقِلَ إلَيْهِ مِنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ صَعْبٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَالْحُكْمُ الصَّعْبُ هُنَا وُجُوبُ غُسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ حُرْمَةُ الْمَسْحِ وَالسَّهْلُ جَوَازُ الْمَسْحِ وَالْعُذْرُ هُوَ مَشَقَّةُ النَّزْعِ وَاللُّبْسِ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ كَوْنُ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِلْغُسْلِ وَمُمْكِنَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا سَقَطَ (قَوْلُهُ: جَوَازًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقَابِلُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ وَمَعْنَى الْوُجُوبِ أَنَّهُ إنْ اتَّفَقَ كَوْنُهُ لَابِسًا لَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَلْبَسَهُ وَيَمْسَحَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: إذْ الْأَفْضَلُ الْغُسْلُ) قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلُ أَمْ غُسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ غُسْلَ الرِّجْلَيْنِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ نَقَلَهُ عج فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ (قَوْلُهُ: لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) مُرَادُهُ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى فَيَشْمَلُ الْمُكَلَّفَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُسْتَحَاضَةً) أَيْ سَوَاءٌ لَبِسَتْهُ بَعْدَ تَطَهُّرِهَا وَقَبْلَ سَيْلَانِ الدَّمِ عَلَيْهَا أَوْ لَبِسَتْهُ وَالدَّمُ سَائِلٌ عَلَيْهَا وَفَصَّلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ إنْ لَبِسَتْهُ بَعْدَ تَطَهُّرِهَا وَقَبْلَ أَنْ يَسِيلَ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ شَيْءٌ مَسَحَتْ كَمَا يَمْسَحُ غَيْرُهَا وَإِنْ لَبِسَتْهُ وَالدَّمُ سَائِلٌ مَسَحَتْ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا عَلَى قَوْلٍ أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى قَوْلٍ حَكَاهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الرُّخْصَتَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ طَلَبَ الصَّلَاةِ مِنْهَا مَعَ وُجُودِ الدَّمِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَمْنَعَ الصَّلَاةَ لَوْ كَانَ حَيْضًا رُخْصَةٌ فَلَوْ أَبَحْنَا لَهَا الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُوَ رُخْصَةٌ لَاجْتَمَعَ لَهَا الرُّخْصَتَانِ فَيُتَوَهَّمُ عَدَمُ جَوَازِ الْجَمْعِ فَبَالَغَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا لِدَفْعِ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ: لَازِمُهَا إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يُرَخَّصُ لَهَا فِي الْمَسْحِ وَلَوْ كَانَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ يَأْتِيهَا أَقَلَّ الزَّمَانِ وَإِنْ كَانَ يُنْقَضُ وُضُوءُهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقَةً بِمَسَحَ) أَيْ لَا بِرَخَّصَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّ التَّرْخِيصَ وَالتَّجْوِيزَ وَالْوَاقِعَ مِنْ الشَّارِعِ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ مَعًا بَلْ فِي أَحَدِهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْحَضَرُ نَعَمْ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِرَخَّصَ عَلَى مَعْنَى رَخَّصَ الشَّارِعُ فِي حَضَرِ الْفَاعِلِ وَسَفَرِهِ مَسْحُ جَوْرَبٍ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَالْأَخَوَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا يَمْسَحُ الْحَاضِرُونَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا يَمْسَحُ الْحَاضِرُونَ وَلَا الْمُسَافِرُونَ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ (قَوْلُهُ: جِلْدٌ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ) أَيْ جَعْلُ جِلْدٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَى بَاطِنِهِ (قَوْلُهُ: مَا فَوْقَ الْقَدَمِ) أَيْ مِنْ دَاخِلِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِلَا حَائِلٍ) أَيْ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ كَانَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَوْقَ الْحَائِلِ الَّذِي عَلَى الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْخُفُّ عَلَى خُفٍّ فِي الرِّجْلَيْنِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا) أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخُفُّ مَلْبُوسًا عَلَى لَفَائِفَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ عَلَى إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: مَعَ خُفٍّ) أَيْ مُصَاحِبٍ لَهُ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا فَوْقَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: إمَّا فِي فَوْرٍ) أَيْ بِأَنْ يَلْبَسَهُمَا مَعًا فِي فَوْرِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ أَوْ يَلْبَسَ الْأَعْلَى بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ طَوِيلٍ مِنْ لُبْسِ الْأَسْفَلِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ انْتِقَاضِهَا أَيْ الطَّهَارَةِ

[شروط المسح على الخفين]

وَالْمَسْحُ عَلَى الْأَسْفَلِ فِي طَهَارَةٍ أُخْرَى (بِلَا حَائِلٍ) أَيْ عَلَى أَعْلَى الْخُفِّ أَوْ الْجَوْرَبِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَسَحَ أَيْ جَازَ الْمَسْحُ مَعَ عَدَمِ الْحَائِلِ (كَطِينٍ) مَثَّلَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ الْمُسَامَحَةِ لَا إنْ كَانَ الْحَائِلُ أَسْفَلَ فَلَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مَسْحُ الْأَسْفَلِ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ إزَالَتُهُ لِيُبَاشِرَهُ الْمَسْحَ (إلَّا الْمِهْمَازَ) فَإِنَّهُ حَائِلٌ وَلَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ أَيْ لِلرَّاكِبِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ رُكُوبُ الدَّوَابِّ الْمُسَافِرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا لَا إنْ كَانَ نَقْدًا (وَلَا حَدَّ) وَاجِبَ بِمِقْدَارِ زَمَنِ الْمَسْحِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ تَعَدِّيهِ وَنَفْيُ الْوُجُوبِ لَا يُنَافِي نَدْبَ نَزْعِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ كَمَا يَأْتِي ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْمَسْحِ وَهِيَ عَشْرَةٌ خَمْسَةٌ فِي الْمَمْسُوحِ وَخَمْسَةٌ فِي الْمَاسِحِ مُقَدَّمًا الْأُولَى بِقَوْلِهِ (بِشَرْطِ جِلْدٍ) لَا مَا صُنِعَ عَلَى هَيْئَتِهِ مِنْ لُبَدٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ (طَاهِرٍ) أَوْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَخُفٌّ وَنَعْلٌ بِرَوْثِ دَوَابَّ إلَخْ لَا نَجِسٌ وَمُتَنَجِّسٌ (خَرَز) لَا مَا لُصِقَ عَلَى هَيْئَتِهِ بِنَحْوِ رَسْرَاسٍ (وَسَتْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ) بِذَاتِهِ لَا مَا نَقَصَ عَنْهُ وَلَوْ خَيْطٌ فِي سَرَاوِيلَ لِعَدَمِ سَتْرِهِ بِذَاتِهِ (وَأَمْكَنَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي لَبِسَ بَعْدَهَا الْأَسْفَلَ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ انْتِقَاضِهَا أَيْ أَوْ لَبِسَ الْأَعْلَى بَعْدَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ الَّتِي لَبِسَ بَعْدَهَا الْأَسْفَلَ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْحُ عَلَى الْأَسْفَلِ) أَيْ وَبَعْدَ الْمَسْحِ عَلَى الْأَسْفَلِ فِي طَهَارَةٍ أُخْرَى مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ الطَّهَارَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الْأَسْفَلُ فَمَنْ تَوَضَّأَ لِلصُّبْحِ مَثَلًا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ الْأَسْفَلَ ثُمَّ تَوَضَّأَ لِلظُّهْرِ وَمَسَحَ عَلَى ذَلِكَ الْخُفِّ وَلَبِسَ الْأَعْلَى مَعَ بَقَاءِ تِلْكَ الطَّهَارَةِ الَّتِي مَسَحَ فِيهَا عَلَى الْأَسْفَلِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الْأَعْلَى بَعْدَ انْتِقَاضِهَا فَإِنْ لَبِسَ الْأَعْلَى بَعْدَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ الَّتِي لَبِسَ فِيهَا الْأَسْفَلَ وَقَبْلَ مَسْحِهِ عَلَى الْأَسْفَلِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْأَعْلَى بَلْ يَنْزِعُهُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَسْحِ الْأَسْفَلِ أَوْ يَنْزِعُهُمَا وَيَأْتِي بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ (قَوْلُهُ: بِلَا حَائِلٍ عَلَى أَعْلَى الْخُفِّ) أَيْ وَأَمَّا الْحَائِلُ عَلَى أَعْلَى الْقَدَمِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى قَدَمَيْهِ لَفَائِفُ وَلَبِسَ الْخُفَّ فَوْقَهَا كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَطِينٍ) أَيْ أَوْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ نَابِتٍ فِي الْجِلْدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ الْمُسَامَحَةِ) أَيْ لِأَنَّ شَأْنَ الطُّرُقِ أَنْ لَا تَخْلُوَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ الْحَائِلُ أَسْفَلَ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَلَى أَعْلَى الْخُفِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُنْدَبُ إزَالَتُهُ) أَيْ إزَالَةُ الْحَائِلِ إذَا كَانَ بِأَسْفَلِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إزَالَةَ الطِّينِ الَّذِي بِأَعْلَى الْخُفِّ وَاجِبَةٌ وَأَمَّا إزَالَتُهُ إذَا كَانَ بِأَسْفَلِهِ فَمَنْدُوبَةٌ فَقَدْ افْتَرَقَ حُكْمُ الطِّينِ الَّذِي فِي أَعْلَى الْخُفِّ مِنْ الطِّينِ الَّذِي فِي أَسْفَلِهِ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمِهْمَازُ) أَيْ إذَا كَانَ فِي أَعْلَى الْخُفِّ (قَوْلُهُ: أَيْ لِلرَّاكِبِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْحَيْلُولَةِ بِالْمِهْمَازِ لَا تَمْنَعُ الْمَسْحَ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا وَشَأْنُهُ رُكُوبُ الدَّوَابِّ وَأَنْ يَكُونَ الْمِهْمَازُ غَيْرَ نَقْدٍ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا وَلَيْسَ شَأْنُهُ رُكُوبُ الدَّوَابِّ أَوْ كَانَ الْمِهْمَازُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ وَالْمُرَادُ بِالْمِهْمَازِ حَدِيدَةٌ عَرِيضَةٌ تَسْتُرُ بَعْضَ الْخُفِّ تُجْعَلُ فِيهِ لِنَخْسِ الدَّابَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّوْكَةُ لِأَنَّ مَحَلَّ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ الْأَوَّلُ وَأَمَّا الشَّوْكَةُ فَلَا أَثَرَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَنَفْيُ الْوُجُوبِ إلَخْ) أَيْ وَنَفْيُ الْحَدِّ الْوَاجِبِ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْحَدِّ الْمَنْدُوبِ [شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ] (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ جِلْدٍ طَاهِرٍ) قَالَ بْن هَذَانِ الشَّرْطَانِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْخُفَّ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِلْدٍ وَالْجَوْرَبُ قَدْ تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُهُ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لَفْظَ جِلْدٍ هُنَا إنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ فَصْلِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُذْكَرُ هُنَا إلَّا مَا هُوَ خَاصٌّ بِالْبَابِ وَبِأَنَّ ذِكْرَهُ هُنَا يُوهِمُ بُطْلَانَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ غَيْرَ طَاهِرٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ عج عَجْزًا كَمَا أَنَّ الشُّرُوطَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ طَاهِرٍ لَهُ حُكْمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَالْعَجْزِ وَالْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ: لَا نَجَسٌ) أَيْ وَلَوْ دُبِغَ إلَّا الْكِيمَخْتَ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا مَا لُصِقَ) أَيْ وَلَا مَا نُسِجَ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى الْوَارِدِ (قَوْلُهُ: وَسِتْرُ مَحَلِّ الْفَرْضِ بِذَاتِهِ) أَيْ وَلَوْ بِمَعُونَةِ زِرٍّ (قَوْلُهُ: لَا مَا نَقَصَ عَنْهُ) أَيْ وَلَا مَا كَانَ وَاسِعًا يَنْزِلُ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِأَنَّ نُزُولَهُ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ يُصَيِّرُهُ غَيْرَ سَاتِرٍ لِمَحِلِّ الْفَرْضِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ خِلَافًا لعبق قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ) أَيْ عَادَةً لِذَوِي الْمُرُوآتِ وَإِلَّا فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ ذَوُو الْمُرُوآتِ وَلَا غَيْرُهُمْ

[شروط الماسح على الخف]

يَأْتِي مَفْهُومُهُ وَأَشَارَ إلَى شُرُوطِ الْمَاسِحِ بِقَوْلِهِ (بِطَهَارَةِ مَاءٍ) لَا غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ وَلَا طَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ (كَمُلَتْ) حِسًّا بِأَنْ تَمَّمَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ قَبْلَ لُبْسِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا ابْتَدَأَ بِرِجْلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَهُمَا وَكَمَّلَ طَهَارَتَهُ أَوْ رِجْلًا فَأَدْخَلَهَا كَمَا يَأْتِي وَمَعْنَى بِأَنْ كَانَتْ تَحِلُّ بِهَا الصَّلَاةُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهَا رَفْعَ الْحَدَثِ بِأَنْ نَوَى زِيَارَةَ وَلِيٍّ مَثَلًا (بِلَا تَرَفُّهٍ) بِأَنْ لَبِسَهُ اسْتِنَانًا أَوْ لِكَوْنِهِ عَادَتَهُ أَوْ لِخَوْفِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَأَوْلَى خَوْفُ شَوْكٍ أَوْ عَقْرَبٍ فَيَمْسَحُ (وَ) بِلَا (عِصْيَانٍ بِلُبْسِهِ) كَمُحْرِمٍ (أَوْ سَفَرِهِ) كَآبِقٍ وَعَاقٍّ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ وَضَابِطُ الرَّاجِحِ أَنَّ كُلَّ رُخْصَةٍ جَازَتْ فِي الْحَضَرِ كَمَسْحِ خُفٍّ وَتَيَمُّمٍ وَأَكْلِ مَيْتَةٍ فَتُفْعَلُ وَإِنْ مِنْ عَاصٍ بِالسَّفَرِ وَكُلُّ رُخْصَةٍ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ كَقَصْرِ الصَّلَاةِ وَفِطْرِ رَمَضَانَ فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِهِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطٍ وَقَوْلَهُ بِطَهَارَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِرَخَّصَ أَوْ بِمَسَحَ مَعَ جَعْلِ إحْدَى الْبَاءَيْنِ سَبَبِيَّةً وَالْأُخْرَى لِلْمُصَاحَبَةِ وَالْبَاءُ فِي بِلَا تَرَفُّهٍ فِي مَحَلِّ الْحَالِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْخُفِّ مَلْبُوسًا بِلَا تَرَفُّهٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَاءَ بِطَهَارَةٍ بِمَعْنَى عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ إنْ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ بِلَا تَرَفُّهٍ وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ الْبَاءَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُ بَعْضِ الشُّرُوطِ خَفِيًّا تَعَرَّضَ لِذِكْرِهِ تَرَكَ الْوَاضِحَ وَلَمْ يُرَتِّبْهَا عَلَى تَرْتِيبِ مُحْتَرَزَاتِهَا اتِّكَالًا عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى فَقَالَ (فَلَا يُمْسَحُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (وَاسِعٌ) لَا تَسْتَقِرُّ الْقَدَمُ أَوْ جُلُّهَا فِيهِ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَتَابُعِ الْمَشْيِ فَهَذَا مَفْهُومُ أَمْكَنَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ وَذِكْرُ مَفْهُومِ سَتْرُ مَحَلِّ الْفَرْضِ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا يُمْسَحُ (مُخَرَّقٌ) أَيْ مُقَطَّعٌ (قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ) فَأَكْثَرَ وَلَوْ الْتَصَقَ بِحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الْقَدَمُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَقْطِيعِ مَا فَوْقَ الْكَعْبِ مِنْ سَاقِ الْخُفِّ وَلَوْ كَثُرَ هَذَا إذَا كَانَ الْخَرْقُ قَدْرَ الثُّلُثِ مَعَ يَقِينٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِشَكٍّ) فِي أَنَّ الْخَرْقَ قَدْرُ الثُّلُثِ أَوْ لَا فَلَا يُمْسَحُ لِأَنَّ الْغُسْلَ هُوَ الْأَصْلُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ (بَلْ) يَمْسَحُ (دُونَهُ) أَيْ دُونَ الثُّلُثِ (إنْ الْتَصَقَ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ عِنْدَ الْمَشْيِ وَعَدَمِهِ كَالشَّقِّ وَقَدْ تَعَدَّدَتْ النُّسَخُ هُنَا وَمَآلُهَا لِمَعْنًى وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: يَأْتِي مَفْهُومُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ لَا يَسْتَقِرُّ الْقَدَمُ فِيهِ [شُرُوط الْمَاسِح عَلَى الْخَفّ] (قَوْلُهُ: بِطَهَارَةِ مَاءٍ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا لَبِسَهُ بَعْدَ طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ وَهِيَ تَشْمَلُ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ كَمَا فِي الطِّرَازِ قَائِلًا وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ إذَا لَبِسَهُ بَعْدَ طَهَارَةِ الْغُسْلِ وَهَذَا غَفْلَةٌ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: لَا غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ) أَيْ لَا إنْ لَبِسَهُ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَوْ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا إذَا ابْتَدَأَ بِرِجْلَيْهِ) أَيْ بِغَسْلِهِمَا أَوْ رِجْلًا أَيْ أَوْ غَسَلَ رِجْلًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَعْنًى) عَطْفٌ عَلَى حِسًّا (قَوْلُهُ: بِلَا تَرَفُّهٍ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَبِسَهُ لِلتَّرَفُّهِ كَلُبْسِهِ لِمَنْعِ بُرْغُوثٍ أَوْ لِمَشَقَّةِ الْغُسْلِ أَوْ لِإِبْقَاءِ حِنَّاءٍ مَثَلًا لِغَيْرِ دَوَاءٍ فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى خَوْفُ شَوْكٍ أَوْ عَقْرَبٍ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأُجْهُورِيِّ قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ لِنَقْلِ ابْنِ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ لَابِسُهُمَا لِخَوْفِ عَقَارِبَ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَبِسَهُ خَوْفَ عَقْرَبٍ فَقَالَ عج يَمْسَحُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ تَرَفُّهًا إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ لُبْسِهِ لِاتِّقَاءِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ السَّنْهُورِيُّ لَا يَمْسَحُ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَاصِيَ بِالسَّفَرِ) أَيْ كَالْآبِقِ وَالْعَاقِّ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: مَعَ جَعْلِ إحْدَى الْبَاءَيْنِ سَبَبِيَّةً وَالْأُخْرَى لِلْمُصَاحَبَةِ) أَيْ فِرَارًا مِنْ تَعَلُّقِ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَالْمَعْنَى رَخَّصَ مَسْحَ خُفٍّ تَرْخِيصًا مُصَاحِبًا لِاشْتِرَاطِ جِلْدٍ أَيْ لِاشْتِرَاطِ الشَّارِعِ ذَلِكَ بِسَبَبِ طَهَارَةٍ أَوْ رَخَّصَ مَسْحَ خُفٍّ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ جِلْدٍ مَعَ طَهَارَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ الْحَالِ) أَيْ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَاءَ بِطَهَارَةٍ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ وَأَمَّا بَاءُ بِشَرْطٍ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَخَّصَ أَوْ بِمَسَحَ عَلَى أَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرَتِّبْهَا) أَيْ الْمَفَاهِيمَ الَّتِي ذَكَرَهَا وَقَوْلُهُ: عَلَى تَرْتِيبِ مُحْتَرَزَاتِهَا أَيْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ الضِّيقِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ الشَّيْخِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ مَتَى مَا أَمْكَنَ لُبْسُهُ مَسَحَ لَكِنَّهُ خَالَفَ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق فَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْسَحُ مَخْرَجَ قَدْرِ ثُلُثِ الْقَدَمِ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْخُفَّ الْمُقَطَّعَ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ إذَا انْقَطَعَ مِنْهُ ثُلُثُ الْقَدَمِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ مُنْفَتِحًا أَوْ كَانَ مُلْتَصِقًا فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الْقَدَمِ مَسَحَ إنْ كَانَ مُلْتَصِقًا أَوْ كَانَ مُنْفَتِحًا صَغِيرًا لَا إنْ كَانَ كَبِيرًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَحْدِيدِ الْخَرْقِ الْمَانِعِ لِلْمَسْحِ بِثُلُثِ الْقَدَمِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَتِحًا أَوْ مُلْتَصِقًا هُوَ مَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَحْدَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِجُلِّ الْقَدَمِ وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْمَنْصُوصِ وَحَدَّهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِمَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ مُدَاوَمَةُ الْمَشْيِ لِذَوِي الْمُرُوءَةِ وَعَوَّلَ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي عُمْدَتِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ اُنْظُرْ شب وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ تَلْفِيقِهِ مِنْ مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْسَحُ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الشَّكِّ فِي الشَّرْطِ وَهُوَ مُضِرٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ دُونَهُ) أَيْ بَلْ يَمْسَحُ مُخَرَّقَ دُونَ الثُّلُثِ أَيْ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ فِي تَحْدِيدِ الْخَرْقِ الْمَانِعِ مِنْ الْمَسْحِ وَعَلَى مُخَرَّقٍ خَرْقُهُ دُونَ جُلِّ الْقَدَمِ عَلَى مَا لِلْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْمُخَرَّقِ الَّذِي لَا يَتَعَذَّرُ فِيهِ مُدَاوَمَةُ الْمَشْيِ لِذَوِي الْمُرُوآتِ عَلَى مَا لِلْعِرَاقِيِّينَ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ)

(كَمُنْفَتِحٍ) يَظْهَرُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْقَدَمِ (صَغُرَ) بِحَيْثُ لَا يَصِلُ بَلَلُ الْيَدِ مِنْهُ إلَى الرِّجْلِ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ لَا إنْ لَمْ يَصْغُرْ بِأَنْ يَصِلَ الْبَلَلُ إلَى الرِّجْلِ وَذُكِرَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَمُلَتْ بِقَوْلِهِ (أَوْ غَسَلَ) أَيْ وَلَا يَمْسَحُ مَنْ غَسَلَ (رِجْلَيْهِ) قَاصِدًا التَّنْكِيسَ أَوْ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ (فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ) الْوُضُوءَ بِفِعْلِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ أَوْ بِفِعْلِ الْعُضْوِ أَوْ اللُّمْعَةِ (أَوْ) غَسَلَ (رِجْلًا) بَعْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ (فَأَدْخَلَهَا) فِي الْخُفِّ قَبْلَ غَسْلِ الْأُخْرَى ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى فَلَبِسَ خُفَّهَا لَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْخُفِّ إنْ أَحْدَثَ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ قَبْلَ الْكَمَالِ (حَتَّى) أَيْ إلَّا أَنْ (يَخْلَعَ) وَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ (الْمَلْبُوسُ قَبْلَ الْكَمَالِ) وَهُوَ الْخُفَّانِ فِي الْأُولَى وَأَحَدُهُمَا فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ يَلْبَسُهُ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَلَهُ الْمَسْحُ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ بِلَا عِصْيَانٍ بِلُبْسِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَمْسَحُ رَجُلٌ (مُحْرِمٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (لَمْ يُضْطَرَّ) لِلُبْسِهِ لِعِصْيَانِهِ يَلْبَسُهُ فَإِنْ اُضْطُرَّ لِلُبْسِهِ كَامِلًا لِمَرَضٍ أَوْ كَانَ الْمُحْرِمُ امْرَأَةً جَازَ الْمَسْحُ (وفِي) إجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى (خُفٍّ غُصِبَ) وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) وَالْمُعْتَمَدُ الْإِجْزَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ وَالثَّانِي مَقِيسٌ عَلَى الْمُحْرِمِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ بِالْجَوَازِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ بِلَا تَرَفُّهٍ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَمْسَحُ (لَابِسٌ لِمُجَرَّدِ) قَصْدِ (الْمَسْحِ) عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّبَعِيَّةِ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا لِخَوْفِ ضَرَرٍ أَوْ لِمَشَقَّةٍ (أَوْ) لَابِسٍ لَهُ (لِيَنَامَ) فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَيُرِيدُ النَّوْمَ فَيَقُولُ أَلْبَسُ الْخُفَّ لِأَنَامَ فِيهِ فَإِنْ اسْتَيْقَظَتْ مَسَحَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا لَبِسَهُ لِحِنَّاءٍ فِي رِجْلِهِ فَإِنْ مَسَحَ فِي الْجَمِيعِ أَعَادَ أَبَدًا (وفِيهَا يُكْرَهُ) الْمَسْحُ لِمَنْ لَبِسَهُ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَوْ لِيَنَامَ أَوْ لِحِنَّاءٍ، وَلَفْظُ الْأُمِّ لَا يُعْجِبُنِي، فَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَأَبْقَاهَا بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهَا وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَكُرِهَ) (غُسْلُهُ) لِئَلَّا يُفْسِدَهُ، وَيُجْزِئُهُ إنْ نَوَى بِهِ أَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْمَسْحِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلَوْ مَعَ نِيَّةِ إزَالَةِ وَسَخٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ الْمَشْيِ وَقَوْلُهُ: كَالشَّقِّ تَمْثِيلٌ لِلْمُلْتَصِقِ (قَوْلُهُ: كَمُنْفَتِحٍ صَغُرَ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ بَلْ بِدُونِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُنْفَتِحَ الصَّغِيرَ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شب أَنَّ الظَّاهِرَ اعْتِبَارُ التَّلْفِيقِ فَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُنْفَتِحُ الصَّغِيرُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ ضُمَّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ كَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَصِلُ بَلَلُ الْيَدِ مِنْهُ لِلرِّجْلِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْسَحُ مَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ) أَيْ أَوَّلًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ مَحْذُوفٍ عَطْفٌ عَلَى وَاسِعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ) أَيْ أَوْ غَسَلَهُمَا مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَرَكَ عُضْوًا أَوْ لَمْعَةً (قَوْلُهُ: فَلَبِسَهُمَا) ثَنَّى بِاعْتِبَارِ فَرْدَتَيْ الْخُفِّ وَلَوْ أَفْرَدَ كَانَ أَخَصْرَ لِأَنَّ الْخُفَّ اسْمٌ لِلْفَرْدَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: بِفِعْلِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ فِيمَا إذَا نَكَّسَ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِفِعْلِ الْبَعْضِ أَوْ اللَّمْعَةِ أَيْ الْمَنْسِيَّيْنِ فِيمَا إذَا غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَلْبَسُهُ) أَيْ الْمَخْلُوعَ وَهُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْإِجْزَاءُ) أَيْ مَعَ الْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ أَيْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الْوُضُوءُ بِهِ مَعَ الْحُرْمَةِ لِلتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ: لِمُجَرَّدِ قَصْدِ الْمَسْحِ) أَيْ لِقَصْدِ الْمَسْحِ الْمُجَرَّدِ عَنْ قَصْدِ السُّنَّةِ وَعَنْ خَوْفِ الضَّرَرِ أَمَّا لَوْ لَبِسَهُ بِقَصْدِ السُّنَّةِ أَوْ لِخَوْفِ ضَرَرِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ عَقَارِبَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَيْ وَمِنْ غَيْرِ خَوْفِ ضَرَرٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِمَشَقَّةٍ أَيْ لِمَشَقَّةِ الْغُسْلِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَنَامَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ الْمَسْحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا لَبِسَهُ لِيَنَامَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ إذَا قَامَ نَزَعَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فَهَذَا لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ لَبِسَهُ خَوْفًا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيهِ فَهَذَا يُبَاحُ لَهُ الْمَسْحُ وَإِنْ كَانَ لَبِسَهُ وَإِذَا قَامَ مَسَحَهُ فَهَذَا لَابِسٌ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ لِحِنَّاءٍ أَوْ لِيَنَامَ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَهُ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَلَفْظُ الْأُمِّ لَا يُعْجِبُنِي) أَيْ الْمَسْحُ لِمَنْ لَبِسَهُ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَوْ لِيَنَامَ فِيهِ أَوْ لِحِنَّاءٍ (قَوْلُهُ: فَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ) أَيْ فَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ مُعَبِّرًا بِالْكَرَاهَةِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ لَا يُعْجِبُنِي إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا يُكْرَهُ أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَعْنَى مُخْتَصَرِهَا لَا الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَأَبْقَاهَا بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ مِنْ احْتِمَالِ الْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ غُسْلُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُخَرَّقًا خَرْقًا يَجُوزُ مَعَهُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُفْسِدَهُ) أَيْ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِهِ) بِالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ نِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا نَوَى

[مبطلات المسح على الخف]

لَا إنْ نَوَى إزَالَةَ وَسَخٍ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَأَسْتَظْهِرُ الْإِجْزَاءَ. (وَ) كُرِهَ (تَكْرَارُهُ) أَيْ الْمَسْحُ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ فَلَوْ جَفَّتْ يَدُ الْمَاسِحِ أَثْنَاءَ مَسْحِهِ لَمْ يُجَدِّدْ لِلْعُضْوِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْجَفَافُ وَيُجَدِّدُ لِمَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ (وَ) كُرِهَ (تَتَبُّعُ غُضُونِهِ) أَيْ تَجْعِيدَاتِهِ إذْ الْمَسْحُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَبَطَلَ) الْمَسْحُ أَيْ حُكْمُهُ أَيْ انْتَهَى حُكْمُهُ (بِغُسْلٍ وَجَبَ) وَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ بِالْفِعْلِ فَلَا يَمْسَحُ إذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ لِلنَّوْمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَلَوْ قَالَ بِمُوجِبِ غُسْلٍ كَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ (وَبِخَرْقِهِ كَثِيرًا) قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ فَأَكْثَرَ وَإِنْ بِشَكٍّ أَيْ إذَا طَرَأَ الْخَرْقُ الْكَثِيرُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ بَعْدَ أَنْ مَسَحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَادِرُ إلَى نَزْعِهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَهَا فَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَمُخَرَّقُ قَدْرِ الثُّلُثِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ وَهَذَا فِي الدَّوَامِ (وَ) بَطَلَ الْمَسْحُ (بِنَزْعِ أَكْثَرِ) قَدَمِ (رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ (لِسَاقِ خُفِّهِ) وَهُوَ مَا سَتَرَ سَاقَ الرِّجْلِ مِمَّا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ بِأَنْ صَارَ أَكْثَرُ الْقَدَمِ فِي السَّاقِ وَأَوْلَى كُلُّ الْقَدَمِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ نَزْعَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ لَا يُبْطِلُ الْمَسْحَ وَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا نَزْعُ كُلِّ الْقَدَمِ لِسَاقِ الْخُفِّ خِلَافًا لِمَنْ قَاسَ الْجُلَّ عَلَى الْكُلِّ التَّابِعِ لَهُ الْمُصَنِّفُ (لَا) بِنَزْعِ (الْعَقِبِ) لِسَاقِ خُفِّهِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ الْمَسْحِ (وَإِنْ) (نَزَعَهُمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ مَعًا لِلْمَسْحِ عَلَيْهِمَا (أَوْ) نَزَعَ لَابِسُ خُفَّيْنِ فَوْقَ خُفَّيْنِ (أَعْلَيَيْهِ) بَعْدَ مَسْحِهِ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَقُلْ أَعْلَيْهِمَا لِئَلَّا يَتَوَالَى تَثْنِيَتَانِ فِي غَيْرِ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ (أَوْ) نَزَعَ (أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ الْمُنْفَرِدَيْنِ أَوْ أَحَدَ الْأَعْلَيَيْنِ (بَادَرَ لِلْأَسْفَلِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ غَسْلُ الرَّجُلَيْنِ فِي الْأُولَى وَكَذَا الثَّالِثَةُ بَلْ يَنْزِعُ الْأُخْرَى وَيَغْسِلُهُمَا لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ غَسْلٍ وَمَسْحٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ فَقَطْ بَلْ وَلَوْ نَوَى ذَلِكَ مَعَ نِيَّةِ إزَالَةِ الْوَسَخِ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَوَى) أَيْ بِغُسْلِهِ إزَالَةَ وَسَخٍ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ كَمَا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالْخُفِّ إذَا مَسَحَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَاوٍ أَنَّهُ إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ نَزَعَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَأَمَّا إذَا نَوَى حِينَ مَسْحِهِ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَكْرَارُهُ) أَيْ الْمَسْحُ أَيْ فَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْخُفِّ لِئَلَّا يُنَافِيَ قَوْلَهُ وَخُفٍّ وَلَوْ عَلَى خُفٍّ وَقَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَكْرَارُهُ أَيْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا فِي أَوْقَاتٍ فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: وَنُدِبَ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ التَّكْرَارِ إذَا كَانَ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُجَدِّدْ لِلْعُضْوِ) أَيْ لِلرِّجْلِ الَّذِي حَصَلَ الْجَفَافُ فِي مَسْحِهَا وَكَمُلَ مَسْحُهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدٍ [مُبْطِلَات الْمَسْح عَلَى الْخَفّ] (قَوْلُهُ: أَيْ انْتَهَى حُكْمُهُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَسْحَ بَطَلَ نَفْسَهُ وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ مَا فَعَلَ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِحُكْمِهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِهِ (قَوْلُهُ: بِغُسْلٍ وَجَبَ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِالْغُسْلِ الْوَاجِبِ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ مُوجِبِهِ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ خُرُوجِ مَنِيٍّ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ بِمُوجِبِ غُسْلٍ وَجَبَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبَطَلَ بِمُوجِبِ غُسْلٍ كَانَ أَوْلَى وَيَتَرَتَّبُ عَلَى بُطْلَانِهِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ لِوُضُوءِ النَّوْمِ وَهُوَ جُنُبٌ (قَوْلُهُ: قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ) أَيْ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ أَوْ قَدَرَ رِجْلِ الْقَدَمِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ مُدَاوَمَةُ الْمَشْيِ كَمَا لِلْعِرَاقِيِّينَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُبَادِرُ إلَى نَزْعِهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّ الْخَرْقَ الْكَثِيرَ بِمُجَرَّدِهِ يَبْطُلُ الْمَسْحُ لَا الطَّهَارَةُ فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ وَتَرَاخَى نِسْيَانًا أَوْ عَجْزًا بَنَى وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ عَمْدًا بَنَى مَا لَمْ يُطِلْ فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: قَطَعَهَا) أَيْ وَبَادَرَ إلَى نَزْعِهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَيَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ الْمَسْحُ) أَيْ لَا الطَّهَارَةُ بِنَزْعِ أَكْثَرِ رِجْلٍ لِسَاقِ خُفِّهِ فَإِذَا وَصَلَ جُلُّ الْقَدَمِ لِسَاقِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ يُبَادِرُ إلَى نَزْعِهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ مَا لَمْ يَتَرَاخَ عَمْدًا وَبَطَلَ وَقَوْلُ عج إذَا نَزَعَ أَكْثَرَ الرِّجْلِ لِسَاقِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ يُبَادِرُ لِرَدِّهَا وَيَمْسَحُ بِالْفَوْرِ غَيْرَ ظَاهِرٍ إذْ بِمُجَرَّدِ نَزْعِ أَكْثَرِ الرِّجْلِ تَحَتَّمَ الْغَسْلُ وَبَطَلَ الْمَسْحُ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ سَاقَ الْخُفِّ مَا سَتَرَ سَاقَ الرِّجْلِ وَقَوْلُهُ: مِمَّا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ بَيَانٌ لِسَاقِ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى كُلُّ الْقَدَمِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا صَارَ كُلُّ الْقَدَمِ فِي السَّاقِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَبَطَلَ الْمَسْحُ بِنَزْعِ كُلِّ الْقَدَمِ لِسَاقِ الْخُفِّ قَالَ الْجَلَّابُ وَالْأَكْثَرُ كَالْكُلِّ قَالَ عج وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهَا أَيْ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْهَا بِأَنْ تَقُولَ وَمِثْلُ الْكُلِّ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا نَزْعُ كُلِّ الْقَدَمِ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي نَصَّتْ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْجَلَّابِ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَاسَ) أَيْ وَهُوَ ابْنُ الْجَلَّابِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: لَا الْعَقِبُ) عَطْفٌ عَلَى أَكْثَرِ رِجْلٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا عَلَى رِجْلٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَيَنْزِعُ أَكْثَرَ رِجْلٍ لِسَاقِ خُفِّهِ لَا أَكْثَرَ الْعَقِبِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا نَزَعَ الْعَقِبَ لِسَاقِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ مَفْهُومُ مُوَافَقَةِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ) هَذَا سَبْقُ قَلَمٍ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَوَالِي التَّثْنِيَتَيْنِ مُمْتَنِعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الثِّقَلِ مُطْلَقًا حَتَّى فِي أَفْعَالِ الْقُلُوبِ كَمَا قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ مَا إذَا نَزَعَ الْخُفَّيْنِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الثَّالِثَةُ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا نَزَعَ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ الْمُنْفَرِدَيْنِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْزِعُ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا الثَّالِثَةُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَجْمَعَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يَغْسِلُ الرِّجْلَ الَّتِي نَزَعَ الْخُفَّ مِنْهَا وَمَسَحَ الْأُخْرَى لِئَلَّا

وَمَسْحُ الْأَسْفَلَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَمَسْحُ أَحَدِ الْأَسْفَلَيْنِ فِي الرَّابِعَةِ (كَالْمُوَالَاةِ) أَيْ كَالْمُبَادَرَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ فَيَبْنِي بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا (وَإِنْ) (نَزَعَ) الْمَاسِحُ (رِجْلًا) أَيْ جَمِيعَ قَدَمِهَا مِنْ الْخُفِّ (وَعَسُرَتْ الْأُخْرَى) أَيْ عَسُرَ عَلَيْهِ نَزْعُهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (وَضَاقَ الْوَقْتُ) الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ اخْتِيَارِيٍّ أَوْ ضَرُورِيٍّ بِحَيْثُ لَوْ تَشَاغَلَ بِنَزْعِهَا لَخَرَجَ (فَفِي تَيَمُّمِهِ) وَيَتْرُكُ الْمَسْحَ وَالْغُسْلَ إعْطَاءً لِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ حُكْمَ مَا تَحْتَ الْخُفِّ وَتَعَذُّرُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَتَعَذُّرِ الْجَمِيعِ وَلَا يُمَزِّقُهُ مُطْلَقًا كَثُرَتْ قِيمَتُهُ أَوْ قَلَّتْ (أَوْ مَسَحَهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا عَسُرَ وَيَغْسِلُ الرِّجْلَ الْأُخْرَى فَيَجْمَعُ بَيْنَ مَسْحٍ وَغُسْلٍ لِلضَّرُورَةِ قِيَاسًا عَلَى الْجَبِيرَةِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ غُسْلِ مَا تَحْتَ الْحَائِلِ لِضَرُورَةِ حِفْظِ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ (أَوْ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ) كَمَسْحٍ كَالْجَبِيرَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَلَّتْ (مُزِّقَ) وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ بِحَالِ الْخُفِّ لَا بِحَالِ اللَّابِسِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ (وَنُدِبَ نَزْعُهُ) أَيْ الْخُفِّ (كُلَّ) يَوْمِ (جُمُعَةٍ) لِأَجْلِ غَسْلِهَا وَلَوْ امْرَأَةً لِأَنَّهَا إنْ حَضَرَتْ سُنَّ لَهَا الْغُسْلُ ثُمَّ أَلْحَقْتُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِمَنْ تَحْضُرْ وَكَذَا يُنْدَبُ نَزْعُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُمُعَةً أَيْ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نُدِبَ لَهُ أَنْ يَنْزِعَهُ فِي مِثْلِ الْيَوْمِ الَّذِي لَبِسَهُ فِيهِ (و) نُدِبَ (وَضْعُ يُمْنَاهُ) أَيْ يَدَهُ الْيُمْنَى (عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ) مِنْ ظَاهِرِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى (وَ) وَضْعُ (يُسْرَاهُ تَحْتَهَا) أَيْ تَحْتَ أَصَابِعِهِ مِنْ بَاطِنِ خُفِّهِ (وَيُمِرُّهُمَا) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَمَرَّ (لِكَعْبَيْهِ) وَيَعْطِفُ الْيُسْرَى عَلَى الْعَقِبِ حَتَّى يُجَاوِزَ الْكَعْبَ وَهُوَ مُنْتَهَى حَدِّ الْوُضُوءِ (وَهَلْ) الرِّجْلُ (الْيُسْرَى كَذَلِكَ) يَضَعُ الْيَدَ الْيُمْنَى فَوْقَ أَصَابِعِهَا وَالْيُسْرَى تَحْتَهَا (أَوْ) الْيَدَ (الْيُسْرَى فَوْقَهَا) أَيْ فَوْقَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَالْيُمْنَى تَحْتَهَا عَكْسَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى لِأَنَّهُ أَمْكَنَ (تَأْوِيلَانِ) (وَ) نُدِبَ (مَسْحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ) أَيْ نُدِبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَمَسْحُ الْأَعْلَى وَاجِبٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَسَحَ الْأَسْفَلَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ فِي الْأُولَى وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ وَهِيَ مَا إذَا نَزَعَ الْأَعْلَيَيْنِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي الرَّابِعَةِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا نَزَعَ أَحَدَ الْأَعْلَيَيْنِ بَعْدَ مَسْحِهَا (قَوْلُهُ: فَيَبْنِي بِنِيَّةٍ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يُبَادِرْ لِلْأَسْفَلِ بَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا أَيْ طَالَ أَوْ لَمْ يُطِلْ أَيْ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ وَيَغْسِلُهُمَا بِنِيَّةٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ) أَيْ وَيَبْنِي عَلَى مَا قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ إنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ وَكَذَا إنْ كَانَ عَامِدًا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَ رِجْلًا) قَالَ بْن يَصِحُّ فَرْضُهُ فِيمَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ وَأَرَادَ نَزْعَهُمَا لِيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ وَيَصِحَّ فَرْضُهُ فِيمَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَأَرَادَ نَزْعَهُمَا لِيَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ) أَيْ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَضَاقَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ اخْتِيَارِيٍّ أَوْ ضَرُورِيٍّ) هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي عبق وَشُبْ وَفِي ح قَصُرَ الْوَقْتُ عَلَى الِاخْتِيَارِيِّ (قَوْلُهُ: إعْطَاءً لِسَائِرِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ: حُكْمُ مَا تَحْتَ الْخُفِّ أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَعَذَّرَ نَزْعُهَا فَلَمَّا تَعَذَّرَ نَزْعُهَا صَارَتْ مُتَعَذِّرَةَ الْغُسْلِ وَحَيْثُ صَارَتْ مُتَعَذِّرَةَ الْغُسْلِ صَارَتْ الْأَعْضَاءُ كُلُّهَا كَأَنَّهَا مُتَعَذِّرَةَ الْغُسْلِ فَلِذَا قِيلَ إنَّهُ يَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ: وَتَعَذُّرِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ وَهِيَ الرِّجْلُ الَّتِي تَعَذَّرَ نَزْعُ خُفَّيْهَا وَهَذَا تَوْضِيحٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَيَجْمَعُ بَيْنَ مَسْحٍ وَغُسْلٍ) اُنْظُرْ لَوْ قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي وَاحْتَاجَ لِطَهَارَةٍ أُخْرَى قَبْلَ نَقْضِ الطَّهَارَةِ الْأُولَى فَهَلْ يَلْبَسُ الْمَنْزُوعَةَ وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: مَا تَحْتَ الْحَائِلِ) أَيْ وَهُوَ الْخُفُّ الَّذِي تَعَذَّرَ نَزْعُهُ وَالْجَبِيرَةُ (قَوْلُهُ: مَسَحَ كَالْجَبِيرَةِ) أَيْ مَسَحَ عَلَى مَا عَسُرَ نَزْعُهُ وَيَغْسِلُ الرِّجْلَ الْأُخْرَى الَّتِي نَزَعَ خُفَّهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ كَالْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ بِحَالِ الْخُفِّ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي ذَاتِهِ قَلِيلَةً مُزِّقَ وَلَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً بِالنِّسْبَةِ لِلَّابِسِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي ذَاتِهِ كَثِيرَةً فَلَا يُمَزَّقُ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً بِالنِّسْبَةِ لِلَّابِسِ وَقِيلَ إنَّ قِيمَةَ الْخُفِّ تُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ اللَّابِسِ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ غَسْلِهَا) أَيْ لِأَجْلِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِنَزْعِهِ كُلُّ مَنْ يُخَاطَبُ بِالْجُمُعَةِ وَلَوْ نَدْبًا كَمَا قَالَ الْجِيزِيُّ ثُمَّ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ قَصْرُ النَّدْبِ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْغُسْلَ بِالْفِعْلِ وَيُحْتَمَلُ نَدْبُ نَزْعِهِ مُطْلَقًا إذْ لَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وُضُوءُهُ لِلْجُمُعَةِ عَارِيًّا عَنْ الرُّخْصَةِ قَالَهُ زَرُّوقٌ. فَإِنْ قُلْت لَمَّا لَمْ يُسَنَّ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لَمْ يُسَنَّ لَهُ غَسْلُهَا لِأَنَّ الْوَسِيلَةَ تُعْطِي حُكْمَ الْمَقْصِدِ. قُلْتُ سُنَّةُ الْغُسْلِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَابِسًا خُفًّا وَإِلَّا كَانَ مَنْدُوبًا كَذَا قَالَ بَعْضٌ لَكِنْ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ اهـ شَيْخُنَا وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ النَّدْبِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُطْلَقِ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إنْ حَضَرَتْ) أَيْ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُنْدَبُ نَزْعُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَزَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُطَالَبُ بِنَزْعِهِ تَمَامَ الْأُسْبُوعِ مِنْ لُبْسِهِ (قَوْلُهُ: وَوَضْعُ يُمْنَاهُ) أَيْ وَيُجَدِّدُ الْمَاءَ لِكُلِّ رِجْلٍ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ الْيُسْرَى فَوْقَهَا وَالْيُمْنَى تَحْتَهَا) أَيْ وَيَمُرُّهُمَا لِكَعْبَيْهِ وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالْأَرْجَحُ مِنْهُمَا الثَّانِي كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ نُدِبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) قَدْ أَخْرَجَ هَذَا

[فصل في التيمم]

(وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (إنْ) (تَرَكَ) مَسْحَ (أَعْلَاهُ) وَاقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ الْأَسْفَلِ (لَا) إنْ تَرَكَ (أَسْفَلَهُ فَفِي الْوَقْتِ) الْمُخْتَارِ يُعِيدُهَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ صُغْرَى وَكُبْرَى انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الطَّهَارَةِ التُّرَابِيَّةِ الَّتِي لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ أَوْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ خَوْفِ خُرُوجِ وَقْتٍ فَقَالَ (فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِنِيَّةٍ، وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ جِنْسُ الْأَرْضِ فَيَشْمَلُ الْحَجَرَ وَغَيْرَهُ مِمَّا يَأْتِي وَاَلَّذِي يَسُوغُ لَهُ التَّيَمُّمُ فَاقِدُ الْمَاءِ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَفَاقِدُ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ الْمَرِيضُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَكُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ فَيَتَيَمَّمُ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَلِلْجُمُعَةِ وَالْجِنَازَةِ تَعَيَّنَتْ أَوَّلًا إلَّا الصَّحِيحُ الْحَاضِرُ الْفَاقِدُ لِلْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ إلَّا لِفَرْضٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَالْجِنَازَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ النَّفَلَ أَوْ جِنَازَةً غَيْرَ مُتَعَيِّنَةً إلَّا تَبَعًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ [دَرَسَ] (يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ) وَلَوْ حُكْمًا كَصَحِيحٍ خَافَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حُدُوثَهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِسَبَبِهِ (وَ) ذُو (سَفَرٍ) وَإِنْ لَمْ تُقْصَرْ فِيهِ الصَّلَاةُ (أُبِيحَ) أَرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ فَيَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالْمَنْدُوبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّقْرِيرَ وَعَزَاهُ لِبَهْرَامَ فِي صَغِيرِهِ وَصَدَّرَ بِأَنَّ مَسْحَ كُلٍّ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَاجِبٌ وَإِنْ مَسَحَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِعْلٌ مَاضٍ وَاسْتَظْهَرَهُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ مَسْحُ أَعْلَاهُ دُونَ أَسْفَلِهِ وَلَا أَسْفَلِهِ دُونَ أَعْلَاهُ إلَّا أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ أَعْلَاهُ وَصَلَّى فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ لَا يَمْسَحُ بُطُونَهُمَا (قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَجْنَابَ الْخُفِّ كَأَعْلَاهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ أَيْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا أَوْ عَجْزًا نَعَمْ لَهُ الْبِنَاءُ فِي النِّسْيَانِ مُطْلَقًا وَفِي الْعَمْدِ وَالْعَجْزِ وَالْجَهْلِ إذَا لَمْ يُطِلْ فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ يُعِيدُهَا) أَيْ الصَّلَاةَ وَيُعِيدُ الْوُضُوءَ أَيْضًا إنْ كَانَ تَرْكُهُ الْأَسْفَلَ عَمْدًا أَوَعَجْزًا أَوْ جَهْلًا وَطَالَ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ فَقَطْ وَكَذَا إنْ كَانَ سَهْوًا طَالَ أَوْ لَا [فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمِ] . (فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمِ) (قَوْلُهُ: أَوْ خَوْفٌ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا فِي مَحَلِّهِ وَقَادِرًا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لَكِنَّهُ خَافَ بِطَلَبِهِ هَلَاكَ نَفْسِهِ مِنْ السِّبَاعِ أَوْ اللُّصُوصِ أَوْ أَخْذَ اللُّصُوصِ لِمَالِهِ أَوْ خَافَ بِاسْتِعْمَالِهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الْقَصْدُ) أَيْ فَيُقَالُ يَمَّمْت فُلَانًا إذَا قَصَدْته وَمِنْهُ مَنْ أَمَّكُمْ لِرَغْبَةِ فِيكُمْ ظَفِرَ ... وَمَنْ تَكُونُوا نَاصِرِيهِ يَنْتَصِرْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالتُّرَابِ) أَيْ الَّذِي نُسِبَتْ لَهُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ) أَيْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي خَافَ بِاسْتِعْمَالِهِ حُدُوثَ مَرَضٍ فَهُوَ بِسَبَبِ خَوْفِهِ الْمَذْكُورِ فِي حُكْمِ غَيْرِ الْقَادِرِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَالْجِنَازَةُ الْمُتَعَيِّنَةُ عَلَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِفَرْضٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَيْ إلَّا لِفَرْضٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا لِلْجِنَازَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَلِّي بِهِ النَّفَلَ) أَيْ وَلَا فَرْضَ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا تَبَعًا) أَيْ لِلْفَرْضِ الَّذِي تَيَمَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ) أَيْ عَاجِزٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِخَوْفِهِ تَأْخِيرَ بُرْئِهِ أَوْ زِيَادَةِ مَرَضِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ مِنْهُ الْمَبْطُونُ الْمُنْطَلِقُ الْبَطْنِ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِأَنَّ هَذَا يَتَوَضَّأُ وَمَا خَرَجَ مِنْهُ غَيْرُ نَاقِضٍ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَسِ وِفَاقًا لح خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَتَيَمَّمُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِسَبَبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْمَرَضِ أَوْ خَوْفِهِ حُدُوثَ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: أُبِيحَ) صِفَةٌ لِسَفَرٍ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَرَضٍ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ كَانَ مَرَضُهُ مِنْ مَعْصِيَةٍ يَتَيَمَّمُ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ

كَسَفَرِ الْحَجِّ وَالْمُبَاحِ كَالتَّجْرِ وَخَرَجَ الْمُحَرَّمُ كَالْعَاقِّ أَوْ الْآبِقِ وَالْمَكْرُوهِ كَسَفَرِ اللَّهْوِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُسَافِرَ الْفَاقِدَ لِلْمَاءِ يَتَيَمَّمُ وَلَوْ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ مِنْ الْقَاعِدَةِ (لِفَرْضٍ) وَلَوْ جُمُعَةً (وَنَفْلٍ) اسْتِقْلَالًا وَهُوَ مَا عَدَا الْفَرْضِ فَيَتَيَمَّمُ كُلٌّ لِلْوِتْرِ وَلِلْفَجْرِ وَلِصَلَاةِ الضُّحَى (وَ) يَتَيَمَّمُ (حَاضِرٌ صَحَّ) لَمْ يَجِدْ مَاءً (لِجِنَازَةٍ) (إنْ تَعَيَّنَتْ) عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ يُصَلِّي عَلَيْهَا بِوُضُوءٍ أَوْ تَيَمَّمَ مِنْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ وَخَشِيَ تَغَيُّرَهَا بِتَأْخِيرِهَا لِوُجُودِ الْمَاءِ أَوْ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا غَيْرُهُ (وَ) لِ (فَرْضٍ غَيْرِ جُمُعَةٍ) مِنْ الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِالتَّيَمُّمِ (وَلَا يُعِيدُ) الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ وَأَوْلَى الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ أَيْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الَّتِي يُعِيدُ الْمُتَيَمِّمُ فِيهَا فِي الْوَقْتِ (لَا سُنَّةً) فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ وَأَوْلَى مُسْتَحَبٌّ فَلَا يَتَيَمَّمُ لِوِتْرٍ وَعِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَيْنَ مَنْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمَّا حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ بِالْفِعْلِ صَارَ لَا يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الرُّجُوعِ مِنْ السَّفَرِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمُسَافِرَ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ تَعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِصْحَابُ الْمَاءِ مَعَهُ فِي السَّفَرِ لِلطَّهَارَةِ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَسَفَرِ الْحَجِّ) مِثَالٌ لِلْفَرْضِ وَالْمَنْدُوبِ لِأَنَّ الْحَجَّ تَارَةً يَكُونُ فَرْضًا وَتَارَةً يَكُونُ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الْمُحَرَّمُ) أَيْ خَرَجَ السَّفَرُ الْمُحَرَّمُ وَالْمَكْرُوهُ فَلَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَى التَّيَمُّمِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: كَالْعَاقِّ) أَيْ كَسَفَرِ الْعَاقِّ وَسَفَرِ الْآبِقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَقْيِيدِ السَّفَرِ بِالْإِبَاحَةِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ حَتَّى لِلنَّوَافِلِ كَمَا فِي ح وَلَوْ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَتَيَمَّمُ حَاضِرُهُ صَحَّ لِجِنَازَةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمَّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ لِأَنَّهَا تَصِيرُ سُنَّةَ عَيْنٍ أَصَالَةً وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا سُنَّةَ وَحِينَئِذٍ فَتُدْفَنُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَإِنْ وَجَدَ مَاءً بَعْدَ ذَلِكَ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِدْ مَاءً) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَخَافَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ بِالِاشْتِغَالِ بِالْوُضُوءِ فَوَاتَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لَهَا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ صَحِبَهَا عَلَى طَهَارَةٍ وَانْتَقَضَتْ تَيَمَّمَ وَإِلَّا فَلَا. اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: أَوْ تَيَمَّمَ مِنْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ وُجُودَ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ يَتَيَمَّمُ لَهَا مُنَافٍ لِتَعَيُّنِهَا هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِي نَقْلِ ح وطفى خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا يَنْفِي تَعَيُّنَهَا وَإِذَا تَعَدَّدَ الْحَاضِرُونَ صَحَّتْ لَهُمْ جَمِيعًا بِالتَّيَمُّمِ وَأَمَّا مَنْ لَحِقَ الصَّلَاةَ فِي أَثْنَائِهَا فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِتَعَيُّنِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَعَدَمِهِ قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: وَلِفَرْضِ غَيْرِ جُمُعَةٍ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْفَرْضُ غَيْرَ مُعَادٍ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهُ لِأَنَّهُ كَالنَّفْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَعَدَمُ إجْزَاءِ تَيَمُّمِهِ لِلْجُمُعَةِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ أَيْ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا فَيَتَيَمَّمُ لَهَا وَهَذَا ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَشْهُورٍ قَالَ بْن وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَح وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا خَشِيَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَوَاتَ الْجُمُعَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَتْرُكُهَا وَيُصَلِّي الظُّهْرَ بِوُضُوءٍ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ وَيُدْرِكُهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَكَانَ بِحَيْثُ إذَا تَرَكَ الْجُمُعَةَ صَلَّى الظُّهْرَ بِالتَّيَمُّمِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَدَعُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ح عَنْ ابْنِ يُونُسَ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ) أَيْ وَهُوَ فَرْضُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَالْجِنَازَةِ الَّتِي تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ) أَيْ فَلَا يُعِيدَانِ مَا صَلَّيَاهُ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ الْفَرْضُ مُطْلَقًا وَالْجِنَازَةُ مُطْلَقًا أَوْ النَّافِلَةُ (قَوْلُهُ: أَيْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ حُرْمَةِ الْإِعَادَةِ هُوَ مَا فِي عبق وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي النَّقْلِ تَصْرِيحٌ بِالْحُرْمَةِ

[شرائط جواز التيمم]

وَجِنَازَةٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَلَا لِفَجْرٍ وَلَا لِتَهَجُّدٍ أَوْ صَلَاةِ ضُحًى اسْتِقْلَالًا ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ عَدِمُوا) أَيْ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْحَاضِرُ الصَّحِيحُ (مَاءً) مُبَاحًا (كَافِيًا) بِأَنْ لَمْ يَجِدُوا مَاءً أَصْلًا أَوْ وَجَدُوا مَاءً غَيْرَ كَافٍ أَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ كَمُسَبَّلٍ لِلشُّرْبِ فَقَطْ أَوْ مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ) لَمْ يَعْدَمُوا وَلَكِنْ (خَافُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ (بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضًا) بِأَنْ يَخَافَ الْمَرِيضُ حُدُوثَ مَرَضٍ آخَرَ مِنْ نَزْلَةٍ وَحُمَّى أَوْ نَحْوِهِ وَاسْتَنَدَ فِي خَوْفِهِ إلَى سَبَبٍ كَتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ وَكَانَ مُوَافِقًا لَهُ فِي الْمِزَاجِ أَوْ خَبَرِ عَارِفٍ بِالطِّبِّ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (أَوْ) خَافَ مَرِيضٌ (زِيَادَتَهُ) فِي الشِّدَّةِ (أَوْ) خَافَ (تَأَخُّرَ بُرْءٍ) أَيْ زِيَادَةً فِي الزَّمَنِ فَزِيَادَتُهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى مَرَضًا وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لَا الشَّكَّ وَالْوَهْمَ وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) خَافَ مَرِيدُ الصَّلَاةِ الَّذِي مَعَهُ الْمَاءُ بِاسْتِعْمَالِهِ (عَطَشَ مُحْتَرَمٍ) مِنْ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ كَلْبٍ مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ (مَعَهُ) وَأَحْرَى عَطَشُ نَفْسِهِ أَيْ وَلَمْ يَتَلَبَّسْ بِالْعَطَشِ بِأَنْ خَافَ حُصُولَهُ فِي الْمَآلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي بْن لَا مَعْنَى لِلْحُرْمَةِ هُنَا إذْ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ أَيْ لَا يُطَالَبُ بِذَلِكَ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا اُنْظُرْ التَّوْضِيحِ اهـ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِعَادَةَ مَكْرُوهَةٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الثَّانِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَجِنَازَةٌ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى سُنِّيَّتِهَا) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فَيَتَيَمَّمُ لَهَا هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى كَانَتْ غَيْرَ مُتَعَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فَلَا يَتَيَمَّمُ لَهَا سَوَاءٌ قُلْنَا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ أَوْ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَأَمَّا إنْ تَعَيَّنَتْ تَيَمَّمَ لَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ لَا يَتَيَمَّمُ لَهَا مُطْلَقًا تَعَيَّنَتْ أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ يَتَيَمَّمُ لَهَا إنْ تَعَيَّنَتْ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ [شَرَائِط جَوَازِ التَّيَمُّم] (قَوْلُهُ: إنْ عَدِمُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ وَهُمْ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْحَاضِرُ الصَّحِيحُ مَاءً كَافِيًا أَيْ مَعَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لَوْ وَجَدُوهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَدِمُوا إلَخْ أَيْ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي قَالَهُ عج وَقَوْلُهُ: أَوْ خَافُوا أَيْ الْمُسَافِرُ وَالصَّحِيحُ وَجُمِعَ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ وَقَوْلُهُ أَوْ زِيَادَتُهُ أَيْ أَوْ خَافَ الْمَرِيضُ بِاسْتِعْمَالِهِ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ فَالضَّمِيرُ الْأَوَّلُ عَائِدٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَالثَّانِي عَلَى اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ عَلَى وَاحِدٍ كَذَا قَرَّرَ خش وطفى وَهَذَا التَّقْرِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ زِيَادَتَهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَرَضًا وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ وَأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَهُوَ أَحْسَنُ وَيَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي خَافُوا لِلثَّلَاثَةِ أَيْضًا كَالْأَوَّلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَمَّا عَوْدُهُ لِلْمُسَافِرِ وَالصَّحِيحُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَوْدُهُ لِلْمَرِيضِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ خَافَ حُدُوثَ مَرَضٍ آخَرَ غَيْرَ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: كَافِيًا) أَيْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ الْوَاجِبَةِ وَهِيَ الْقُرْآنِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَلِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَوْ كَفَى وُضُوءُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ مُبَاحٍ) أَيْ أَوْ وَجَدُوا مَاءً كَافِيًا لَكِنَّهُ غَيْرُ مُبَاحٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نَزْلَةٍ) بِفَتْحِ النُّونِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ خَبَرُ عَارِفٍ) إلَخْ عَطْفٌ عَلَى سَبَبٍ أَيْ أَوْ اسْتَنَدَ فِي خَوْفِهِ إلَى خَبَرِ عَارِفٍ بِالطِّبِّ وَلَوْ كَافِرًا عِنْدَ عَدَمِ الْمُسْلِمِ الْعَارِفِ بِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَيَمُّمِ الثَّلَاثَةِ إذَا خَافُوا بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَرَضًا مَعَ كَوْنِهِ مَوْجُودًا (قَوْلُهُ: وَالْجُمْلَةُ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ خَافَ مَرِيضٌ زِيَادَتَهُ وَقَوْلُهُ: مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضًا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مَعْطُوفًا) أَيْ لَيْسَ قَوْلُهُ أَوْ زِيَادَتُهُ مَعْطُوفًا عَلَى مَرَضًا وَذَلِكَ لِأَنَّ ضَمِيرَ خَافُوا عَائِدٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْمُسَافِرُ وَالْحَاضِرُ الصَّحِيحُ لَا يَخَافُوا زِيَادَةَ الْمَرَضِ إذْ لَا مَرَضَ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ) أَيْ بِخَوْفِ الْمَرَضِ وَخَوْفِ زِيَادَتِهِ وَخَوْفِ تَأَخُّرِ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ مَرِيدُ الصَّلَاةِ الَّذِي مَعَهُ الْمَاءُ) أَيْ وَيَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا (قَوْلُهُ: عَطَشَ مُحْتَرَمٍ) مِثْلُ الْعَطَشِ ضَرُورَةُ الْعَجْنِ وَالطَّبْخِ قَالُوا فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بِقَضَاءِ الْوَطَرِ بِمَاءِ الْوُضُوءِ فَعَلَ قَالَهُ فِي مج (قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْصُومٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ دَابَّةٌ أَيْ مَمْلُوكَةٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْمُحْتَرَمِ وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَالْكَلْبِ الْغَيْرِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَيَدْفَعُ الْمَاءَ لَهُمَا بَلْ يُعَجِّلُ قَتْلَهُمَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ سَقَاهُمَا وَتَيَمَّمَ وَمِثْلُهُمَا الْجَانِي إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ جِنَايَتُهُ وَحَكَمَ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا فَلَا يَدْفَعُ الْمَاءَ إلَيْهِ وَيَتَيَمَّمُ صَاحِبُهُ بَلْ يُعَجِّلُ بِقَتْلِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ دَفَعَ الْمَاءَ لَهُ

[موجبات التيمم]

كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ خَافُوا وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ حِينَئِذٍ الْعِلْمُ وَالظَّنُّ فَقَطْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ. وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ إنْ خَافَ هَلَاكَ الْمَعْصُومِ أَوْ شِدَّةَ الْمَرَضِ وَيَجُوزُ إنْ خَافَ مَرَضًا خَفِيفًا لَا مُجَرَّدَ جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ فَلَا يَجُوزُ كَأَنْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ الْمَوْتَ أَوْ الْمَرَضَ الشَّدِيدَ وَأَمَّا لَوْ تَلَبَّسَ بِالْعَطَشِ فَالْخَوْفُ مُطْلَقًا عِلْمًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا يُوجِبُهُ فِي صُورَتَيْ الْهَلَاكِ وَشَدِيدِ الْمَرَضِ وَيَجُوزُ فِي صُورَةِ مُجَرَّدِ الْمَرَضِ لَا فِي مُجَرَّدِ الْجَهْدِ (أَوْ) خَافَ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ مِنْ حَاضِرٍ أَوْ مُسَافِرٍ (بِطَلَبِهِ تَلَفَ مَالٍ) لَهُ بَالٌ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهَذَا إنْ تَحَقَّقَ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ ظَنَّهُ لَا إنْ شَكَّهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ فَيَتَيَمَّمُ وَلَوْ قَلَّ الْمَاءُ (أَوْ) خَافَ بِطَلَبِهِ (خُرُوجَ وَقْتٍ) وَلَوْ اخْتِيَارِيًّا بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مِنْهُ رَكْعَةً بَعْدَ تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ لَوْ طَلَبَهُ وَالْخَوْفُ فِي هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ يَرْجِعُ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَكَذَا إذَا احْتَاجَ لِلْمَاءِ لِلْعَجِينِ أَوْ الطَّبْخِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إصْلَاحُ بَدَنِهِ (كَعَدَمٍ) أَيْ كَمَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِعَدَمِ (مُنَاوِلٍ أَوْ) لِعَدَمِ (آلَةٍ) مُبَاحَةٍ كَدَلْوٍ وَحَبْلٍ إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَادِمِ الْمَاءِ وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: فَالْآيِسُ أَوْ الْمُخْتَارُ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُعَذِّبُ بِالْعَطَشِ وَلَيْسَ كَجِهَادِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُمْ جَوَّزُوهُ بِقَطْعِ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ لِيَغْرَقُوا أَوْ عَنْهُمْ لِيَهْلَكُوا بِالْعَطَشِ وَالدُّبُّ وَالْقِرْدُ مِنْ قَبِيلِ الْمُحْتَرَمِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقِرْدِ قَوْلٌ بِحُرْمَةِ أَكْلِهِ فَإِنْ كَانَ فِي الرُّفْقَةِ زَانٍ مُحْصَنٍ أَوْ مُسْتَحَقٍّ لِلْقِصَاصِ مِنْهُ لِقَتْلِهِ فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبُ الْمَاءِ حَاكِمًا سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا أَعْطَاهُ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى مَعْمُولِ خَافُوا يَقْتَضِي تَسَلُّطَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَالْخَوْفُ غَمٌّ لِمَا يُسْتَقْبَلُ [مُوجِبَات التَّيَمُّم] (قَوْلُهُ: إنْ خَافَ هَلَاكَ الْمَعْصُومِ أَوْ شِدَّةَ الْمَرَضِ) أَيْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: إنْ خَافَ مَرَضًا خَفِيفًا) أَيْ إنْ تَيَقَّنَهُ أَوْ ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدُ جَهْدٍ إلَخْ) أَيْ لَا إنْ خَافَ عَلَى الْمَعْصُومِ بِاسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ وَتَرْكِهِ حُصُولُ الْجَهْدِ وَالْمَشَقَّةِ لَهُ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ الْمَوْتَ) أَيْ مَوْتَ الْمَعْصُومِ الَّذِي مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ تَلَبَّسَ) أَيْ الْمَعْصُومُ الَّذِي مَعَهُ بِالْعَطَشِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَعْصُومِ الَّذِي مَعَهُ تَارَةً يَتَلَبَّسُ بِالْعَطَشِ بِالْفِعْلِ وَتَارَةً يَخَافُ حُصُولَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَنَّهُ إنْ تَلَبَّسَ بِهِ فَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ وَالظَّنَّ وَالْوَهْمَ وَالْجَزْمَ وَإِنْ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِهِ فَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الْجَزْمُ وَالظَّنُّ فَقَطْ تَبِعَ فِيهِ عج وَهُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنُ نَاجِيٍّ وَمُنَازَعَةُ ح فِي ذَلِكَ قَائِلًا الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الْجَزْمُ وَالظَّنُّ فَقَطْ فِي حَالَةِ التَّلَبُّسِ كَغَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا ذَكَرَهُ بْن عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ عج مِنْ التَّفْصِيلِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَلَبَّسَ بِالْعَطَشِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي خَوْفِهِ إلَى الِاسْتِنَادِ إلَى السَّبَبِ أَوْ قَوْلِ حَكِيمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَلَبَّسْ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: أَوْ بِطَلَبِهِ تَلَفُ مَالٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ مُسَافِرًا وَكَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَنَزَلَ فِي مَكَان أَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَكَان وَكَانَ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ يَتْلَفُ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّ الْمَاءَ مَوْجُودٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ إنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي يَخَافُ تَلَفَهُ لَهُ بَالٌ وَإِنْ كَانَ يَشُكُّ فِي وُجُودِ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ يَتَوَهَّمُ وُجُودَهُ فِيهِ يَتَيَمَّمُ مُطْلَقًا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ الْقَادِرُ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الِاعْتِقَادُ وَالظَّنُّ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: مِنْ حَاضِرٍ أَوْ مُسَافِرٍ) بَيَانٌ لِلْقَادِرِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ قِيمَةُ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ الْمَالُ الَّذِي خَافَ بِطَلَبِ الْمَاءِ تَلَفَهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمَالِ الَّذِي خَشِيَ تَلَفَهُ بِسَبَبِ طَلَبِهِ الْمَاءَ لَهُ بَالٌ وَقَوْلُهُ إنْ تَحَقَّقَ وُجُودُ الْمَاءِ أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ بِطَلَبِهِ) أَيْ أَوْ خَافَ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا بِطَلَبِهِ إلَخْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بَارِدًا وَخَافَ بِتَسْخِينِهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ) وَهُمَا قَوْلُهُ أَوْ بِطَلَبِهِ تَلَفُ مَالٍ أَوْ خُرُوجُ وَقْتٍ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِعَدَمِ الْمَاءِ) أَيْ فَيَكُونُ التَّيَمُّمُ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ لِوُجُودِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الشَّارِحِ سَابِقًا ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا احْتَاجَ لِلْمَاءِ لِلْعَجِينِ أَوْ الطَّبْخِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيَبْقَى الْمَاءُ لِلْعَجِينِ أَوْ الطَّبْخِ وَهَذَا مَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بِقَضَاءِ الْوَطَرِ بِمَاءِ الْوُضُوءِ فَعَلَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِعَدَمِ آلَةٍ مُبَاحَةٍ) أَيْ فَوُجُودُ الْآلَةِ الْمُحَرَّمَةِ كَإِنَاءٍ أَوْ سِلْسِلَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَخْرُجُ بِهِ الْمَاءُ مِنْ الْبِئْرِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهَا وَلَا يَتَيَمَّمُ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ سَتْرُهَا بِهِ كَذَا قَرَّرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ وَقَدْ تَقَوَّى مَا قَالَهُ عبق بِأَنَّ الطَّهَارَةَ الْمَائِيَّةَ لَهَا بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ فَلَا يَسُوغُ لَهُ ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْآلَةِ الْمُحَرَّمَةِ لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُوَ التَّيَمُّمُ بِخِلَافِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ فَلِذَا جَازَ لَهُ

وَهُوَ لَا يُنَافِي قَوْلِنَا إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وِفَاقًا لِلْحَطَّابِ وَخِلَافًا لِلشَّارِحِينَ وَأَشَارَ إلَى الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) يَتَيَمَّمُ وَاجِدُ الْمَاءِ وَلَوْ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ (إنْ خَافَ) أَيْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ (فَوَاتَهُ) أَيْ فَوَاتَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهُ رَكْعَةً (بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُرَاعَاةً لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ أَوْ يَسْتَعْمِلُهُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَوْ الضَّرُورِيُّ فِي ذَلِكَ (خِلَافَ) مَحِلِّهِ إذَا لَمْ يَكُنْ يَتَبَيَّنُ بَقَاؤُهُ أَوْ خُرُوجُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا تَوَضَّأَ (وَجَازَ جِنَازَةٌ) مُتَعَيِّنَةٌ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ (وَسُنَّةٌ) وَأَوْلَى مَنْدُوبٌ (وَمَسُّ مُصْحَفٍ وَقِرَاءَةٌ) لِجُنُبٍ (وَطَوَافٌ) غَيْرُ وَاجِبٍ (وَرَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمٍ فَرْضٌ) وَلَوْ مِنْ حَاضِرٍ صَحِيحٍ (أَوْ نَفْلٍ) مِنْ غَيْرِ حَاضِرٍ صَحِيحٍ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ عَلَى الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَشَرْطُ صِحَّةِ الْفَرْضِ الْمَنْوِيِّ لَهُ التَّيَمُّمُ (إنْ تَأَخَّرَتْ) عَنْهُ لَا إنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ التَّيَمُّمِ لَهُ فَقَوْلُهُ إنْ تَأَخَّرَتْ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فِي الْكَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِعْمَالُ الثَّوْبِ الْمُحَرَّمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يُنَافِي قَوْلَنَا إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ وَيَخَافَ خُرُوجَهُ حَتَّى يَحْصُلَ التَّنَافِي وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَخَافُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ آلَةً فِي الْوَقْتِ وَخَافَ خُرُوجَهُ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْخَوْفُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَ آيِسًا فَفِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى آخِرِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: وِفَاقًا إلَخْ) أَيْ وَتَقْيِيدُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا خَافَ عَادِمُ الْآلَةِ وَالْمُنَاوِلُ خُرُوجَ الْوَقْتِ وِفَاقًا لح وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ فَقَدْ أَطْلَقُوا تَيَمُّمَ عَادِمِ الْمُنَاوِلِ وَالْآلَةِ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِخَوْفِ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَعَلَيْهِ إذَا تَيَقَّنَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُ الْمُنَاوِلِ أَوْ الْآلَةِ فِي الْوَقْتِ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّأْخِيرُ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ ح فَيُنْهَى عَنْ التَّقْدِيمِ وَاَلَّذِي لح هُوَ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّلْقِينِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ فِي الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْقُرْآنِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَفِي جَمِيعِ الْجَسَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَقَامَهُ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَسْتَعْمِلُهُ) أَيْ الْمَاءَ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَيْ وَهُوَ الَّذِي حَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ خِلَافَ (قَوْلِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ) أَيْ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ وَقَدْ تَنَازَعَ الظَّرْفَ بَقَاؤُهُ وَخُرُوجُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ وَأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ مَا تَيَمَّمَ وَدَخَلَ الصَّلَاةَ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ أَوْ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ لِأَنَّهُ دَخَلَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَأَوْلَى إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَجَازَ جِنَازَةٌ) أَيْ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا تُفْعَلُ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ وَلَا النَّفْلِ تَبَعًا تَعَيَّنَتْ أَمْ لَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ ضَعِيفٌ فَيَكُونُ جَوَازُ فِعْلِ الْجِنَازَةِ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ تَبَعًا مَشْهُورًا مُبَيَّنًا عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَسُنَّةٍ) عَطَفَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ جَمِيعَ الْمَذْكُورَاتِ وَأَوْلَى بَعْضُهَا تَعَدَّدَ الْبَعْضُ أَوْ اتَّحَدَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ حَاضِرٍ صَحِيحٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ مُسَافِرٍ أَوْ مَرِيضٍ بَلْ وَلَوْ مِنْ حَاضِرٍ صَحِيحٍ وَجَعْلُهُ الْحَاضِرَ الصَّحِيحَ كَغَيْرِهِ هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْلٍ) أَيْ أَوْ تَيَمَّمَ لِنَفْلٍ وَأَوْلَى لِسُنَّةٍ اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ عَلَى الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ) أَيْ الَّذِي تَيَمَّمَ بِهِ بِقَصْدِهِمَا أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقُدُومَ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ جَائِزٌ لَكِنْ لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ إلَّا إذَا تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ ح أَنَّ الْقُدُومَ عَلَى فِعْلِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ قَبْلَهُ لَا يَجُوزُ وَلِذَا حُمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ تَأَخَّرَتْ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِهِ شَرْطًا فِي الْجَوَازِ لَا فِي مُقَدَّرٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ صِحَّةِ الْفَرْضِ الْمَنْوِيِّ لَهُ التَّيَمُّمُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمَنْوِيِّ لَهُ التَّيَمُّمُ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ تَأَخُّرُ النَّفْلِ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ عَنْهُ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهَا (قَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ) أَيْ فَإِذَا تَأَخَّرَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَنْ الْفَرْضِ الْمَنْوِيِّ لَهُ التَّيَمُّمُ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْفَرْضِ وَتِلْكَ الْأَشْيَاءِ صَحِيحًا وَإِنْ تَقَدَّمَ النَّفَلُ سَوَاءٌ كَانَ صَلَاةً أَوْ طَوَافًا عَلَى الْفَرْضِ صَحَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ التَّيَمُّمِ لَهُ وَلَوْ كَانَ صُبْحًا فَعَلِمْت مِنْ هَذَا قَصْرَ الْمَفْهُومِ عَلَى النَّفْلِ وَأَمَّا تَقَدُّمُ مَسِّ مُصْحَفٍ وَقِرَاءَةٍ لَا تُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ عَلَى الْفَرْضِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ كَمَا فِي مج وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ التَّعْمِيمُ فِي الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَشَرْطُ صِحَّةِ الْفَرْضِ الْمَنْوِيِّ لَهُ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ: لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ) قِيلَ قَوْلُهُ: جَازَتْ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ

وَيُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ وَاتِّصَالُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لَا إنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيَسِيرُ الْفَصْلُ عَفْوٌ مِنْهُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَالْمُعَقِّبَاتِ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ فِي نَفْسِهِ جِدًّا بِالْعُرْفِ (لَا) يَجُوزُ (فَرْضُ آخَرُ) وَمِنْهُ طَوَافٌ وَاجِبٌ (وَإِنْ قُصِدَا) مَعًا بِالتَّيَمُّمِ وَلَمَّا كَانَ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبُطْلَانَ مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ قَالَ (وَبَطَلَ) الْفَرْضُ (الثَّانِي) خَاصَّةً (وَلَوْ) كَانَتْ (مُشْتَرِكَةً) مَعَ الْأُولَى فِي الْوَقْتِ كَالظُّهْرَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَيَمِّمُ مَرِيضًا وَعُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ قَوْلُهُ: (لَا) تَجُوزُ جِنَازَةٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا (بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ) اللَّامُ مَقْحَمَةٌ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ أَيْ بِتَيَمُّمٍ مُسْتَحَبٍّ كَالتَّيَمُّمِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا (وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ) فِي نَفْسِهِ وَلِمَا فُعِلَ لَهُ وَفِعْلَهُ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ فَرَّقَ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ بَطَلَ وَهَذَا أَحَدُ فَرَائِضِ التَّيَمُّمِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ أَشْيَاءَ لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي مَاهِيَّتِه بِقَوْلِهِ (وَ) لَزِمَ (قَبُولُ هِبَةِ الْمَاءِ) لِضَعْفِ الْمِنَّةِ فِيهِ وَلِذَا لَوْ تَحَقَّقَهَا أَوْ ظَنَّهَا لَمْ يَجِبْ (لَا) يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ (ثَمَنٍ) يَشْتَرِيه بِهِ لِقُوَّةِ الْمِنَّةِ فِيهِ (أَوْ قَرْضُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَبُولُ وَالضَّمِيرُ لِلْمَاءِ أَيْ وَلَزِمَ قَرْضُ الْمَاءِ أَوْ لِلثَّمَنِ أَيْ وَلَزِمَ قَرْضُ الثَّمَنِ أَيْ إنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَوَازَ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ فَعِنْدَنَا حُكْمَانِ مُصَرَّحٌ بِأَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ ضِمْنِيٌّ وَهُوَ صِحَّةُ الْفَرْضِ فَقَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ شَرْطٌ فِي الْحُكْمِ الضِّمْنِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجَوَازُ لَا يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْفَرْضِ إلَّا لَوْ كَانَ الْجَوَازُ مُتَعَلِّقًا بِالْفَرْضِ نَفْسِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْجَوَازُ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالصِّحَّةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِذَاتِ الْفَرْضِ. (تَنْبِيهٌ) لَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ لِلْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ كَمَا أَفَادَهُ ح وَانْظُرْ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ وَأَخْرَجَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ مَا أَخْرَجَهُ جَرْيًا عَلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش أَوَّلًا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَخْرَجَ لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ وَاسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق وَانْظُرْ إذَا تَيَمَّمَ لِوَاحِدٍ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ الْجِنَازَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ وَالطَّوَافِ هَلْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ بَاقِيَهَا أَوْ النَّفَلُ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ عج (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ) أَيْ اتِّصَالُ مَا ذُكِرَ بِالْفَرْضِ إذَا فَعَلَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَاتِّصَالُ بَعْضِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ طَالَ) أَيْ لَا إنْ فَصَلَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ أَوْ فَصَلَتْ مِنْ الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ وَطَالَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكْثُرَ) أَيْ ذَلِكَ النَّفَلُ الْمَفْعُولُ بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ وَذَلِكَ كَالزِّيَادَةِ عَلَى التَّرَاوِيحِ مَعَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَأَمَّا التَّرَاوِيحُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرُ فَيَجُوزُ فِعْلُهَا بِتَيَمُّمِ الْعِشَاءِ لِعَدَمِ كَثْرَتِهَا جِدًّا بِالْعُرْفِ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَا فَرْضٌ آخَرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَرْضٌ وَلَوْ كَانَ مَنْذُورًا بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ يَسِيرِ الْفَصْلِ الْمُغْتَفَرِ بِالْفَصْلِ بِآيَةِ الْكُرْسِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصْدًا) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْفَرْضَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ إذَا قُصِدَا مَعًا بِالتَّيَمُّمِ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ بَلْ مُبِيحٌ لِلْعِبَادَةِ أَوْ يَرْفَعُهُ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ الْفَرْضُ الثَّانِي خَاصَّةً) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ إعَادَتُهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُشْتَرِكَةً) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ أَصْبَغُ إذَا صَلَّى فَرْضَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ بِتَيَمُّمٍ فَإِنَّهُ يُعِيدُ ثَانِيَةَ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْتِ وَأَمَّا ثَانِيَةُ غَيْرِهِمَا فَيُعِيدُهَا أَبَدًا وَتَصِحُّ الْأُولَى عَلَى كُلِّ حَالٍّ (قَوْلُهُ: أَيْ بِتَيَمُّمٍ مُسْتَحَبٍّ) أَيْ فَالْمُتَّصِفُ بِالِاسْتِحْبَابِ نَفْسُ التَّيَمُّمِ سَوَاءٌ كَانَ مَا يُفْعَلُ بِهِ عِبَادَةٌ كَالتَّيَمُّمِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَلِزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ لَا كَالتَّيَمُّمِ لِلدُّخُولِ عَلَى السُّلْطَانِ أَوْ لِدُخُولِ السُّوقِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ سَابِقًا بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَإِنَّ الْمُتَّصِفَ بِالِاسْتِحْبَابِ مَا يَفْعَلُ بِالتَّيَمُّمِ وَأَمَّا التَّيَمُّمُ نَفْسُهُ فَهُوَ وَاجِبٌ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ وَبِجَعْلِ اللَّامِ مُقْحَمَةً يَنْدَفِعُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّعَارُضِ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِجَوَابٍ آخَرَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُسْتَحَبِّ هُنَا مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا وَزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَمُرَادُهُ بِالنَّفْلِ فِيمَا مَرَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَهَارَةٍ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَّقَ) أَيْ بَيْنَ أَفْعَالِهِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ وَلَوْ نَاسِيًا بَطَلَ أَيْ اتِّفَاقًا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ هُنَا لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُوَالَاةِ أَحَدُ فَرَائِضِ التَّيَمُّمِ أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ النِّيَّةُ وَالْمُوَالَاةُ وَالضَّرْبَةُ الْأُولَى وَهِيَ اسْتِعْمَالُ الصَّعِيدِ وَتَعْمِيمُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ بِالْمَسْحِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ قَبُولُ هِبَةِ مَاءٍ) فَالْأَوْلَى الصَّدَقَةُ فَإِذَا كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَوَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ بِمَاءٍ يَكْفِي طَهَارَتُهُ لَزِمَهُ قَبُولٌ حَيْثُ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمِنَّةِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ الْمِنَّةَ أَيْ جَزَمَ بِهَا أَوْ ظَنَّهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. إنْ قُلْت كَمَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ الْمَاءِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا اسْتِيهَابُهُ أَيْ طَلَبُ هِبَتِهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ذِكْرُهُ. قُلْت قَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ كَرُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلثَّمَنِ) أَيْ أَوْ الضَّمِيرُ لِلثَّمَنِ

وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى ثَمَنٍ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الثَّمَنِ وَلَا قَبُولُ قَرْضِهِ أَيْ إنْ كَانَ مُعْدِمًا بِبَلَدِهِ تَأَمَّلْ (وَ) لَزِمَ (أَخْذُهُ) أَيْ شِرَاؤُهُ (بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ) هَذَا إذَا كَانَ يَأْخُذُهُ نَقْدًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ يَأْخُذَهُ بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ (بِذِمَّتِهِ) إنْ كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ مَثَلًا لِأَنَّهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ أَشْبَهَ وَاجِدَ الثَّمَنِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَمَا قَارَبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ دِرْهَمًا وَهُوَ مَا لِأَشْهَبَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يَشْتَرِيهِ وَإِنْ زِيدَ عَلَيْهِ مِثْلُ الثُّلُثِ وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ يُبَاعُ بِالْمُعْتَادِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاؤُهُ (وَ) لَزِمَ (طَلَبُهُ) أَيْ الْمَاءِ (لِكُلِّ صَلَاةٍ) إنْ عَلِمَ وُجُودَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ بَلْ (وَإِنْ تَوَهَّمَهُ) أَيْ تَوَهَّمَ وُجُودَهُ وَرَجَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الْقَوْلَ بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَبِ حَالَ تَوَهُّمِ الْوُجُودِ لِأَنَّهُ ظَانُّ الْعَدَمِ وَالظَّنُّ فِي الشَّرْعِيَّاتِ مَعْمُولٌ بِهِ (لَا) إنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ وَحَيْثُ لَزِمَهُ طَلَبُهُ فَيَطْلُبُ (طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ) بِالْفِعْلِ وَهُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ فَإِنْ شَقَّ بِالْفِعْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ رَاكِبًا كَمَا إذَا كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَشُقَّ وَلَوْ رَاكِبًا وَقَبِلَ خَبَرَ عَدْلٍ رِوَايَةً أَرْسَلَهُ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَاءً (كَرُفْقَةٍ) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ مِنْ رُفْقَةٍ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا (قَلِيلَةً) كَأَرْبَعَةِ وَخَمْسَةٍ كَانَتْ حَوْلَهُ أَوْ لَا (أَوْ حَوْلَهُ) كَأَرْبَعَةٍ وَخَمْسَةٍ (مِنْ كَثِيرَةٍ) كَأَرْبَعِينَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ فِي الْقِسْمَيْنِ (إنْ جَهِلَ بُخْلَهُمْ بِهِ) بِأَنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ إعْطَاءَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ وَتَيَمَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَطْفُهُ) أَيْ عَطْفُ قَرْضِهِ عَلَى ثَمَنٍ أَيْ وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ فِي قَرْضِهِ لِلثَّمَنِ لَا لِلْمَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَرْضُهُ وَقَبُولُ قَرْضِهِ مُطْلَقًا كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ أَمْ لَا هَذَا وَيَصِحُّ عَطْفُهُ أَيْضًا عَلَى هِبَةٍ سَوَاءٌ جُعِلَ الضَّمِيرُ لِلْمَاءِ أَوْ لِلثَّمَنِ أَيْ لَزِمَهُ قَبُولُ قَرْضِ الْمَاءِ وَقَبُولُ قَرْضِ ثَمَنِهِ إذَا كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجُهَ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى مُوَالَاتِهِ وَالضَّمِيرُ إمَّا لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْمَاءِ أَيْ لَزِمَ قَرْضُ الْمَاءِ أَوْ قَرْضُ ثَمَنِهِ إذَا كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ وَإِمَّا مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى هِبَةٍ وَالضَّمِيرُ إمَّا لِلْمَاءِ أَوْ لِلثَّمَنِ أَيْ لَزِمَ قَبُولُ قَرْضِ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الْوَفَاءَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَلِيءٍ أَوْ قَبُولُ قَرْضِ الثَّمَنِ إنْ ظَنَّ وَفَاءَ الثَّمَنِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَإِمَّا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى ثَمَنٍ وَالضَّمِيرُ لِلثَّمَنِ لَا غَيْرَ أَيْ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ قَرْضِ الثَّمَنِ وَيُفِيدُ بِمَا إذَا كَانَ مُعْدِمًا بِبَلَدِهِ. وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اقْتِرَاضُ الْمَاءِ وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ قَرْضِهِ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الْوَفَاءَ وَيَلْزَمُهُ اقْتِرَاضُ الثَّمَنِ وَقَبُولُ قَرْضِهِ إذَا كَانَ يَرْجُو وَفَاءَهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا كَانَ يَأْخُذُهُ نَقْدًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ نَقْدًا (قَوْلُهُ: بِذِمَّتِهِ) أَيْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ لَكِنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دِرْهَمًا) أَيْ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ دِرْهَمًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يَشْتَرِيهِ) أَيْ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ وَإِنْ زِيدَ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ مِثْلُ ثُلُثِهِ فَإِنْ زِيدَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَهُ بَالٌ أَمَّا لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا بَالَ لِثَمَنِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ ثَمَنُهُ فَلْسًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ وَلَوْ زِيدَ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ مِثْلُ ثُلُثَيْهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ لِأَجْلِ إنْفَاقِهِ فِي سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ طَلَبُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ إذَا انْتَقَلَ مِنْ مَحَلِّ طَلَبِهِ لِلصَّلَاةِ الْأُولَى إلَى مَحَلٍّ آخَرَ أَوْ بَقِيَ فِي مَحَلِّ طَلَبِهِ أَوَّلًا وَلَكِنْ ظَنَّ، أَوْ تَحَقَّقَ حُدُوثَ مَاءٍ أَوْ شَكَّ فِي حُدُوثِهِ وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ فِي مَحَلِّ طَلَبِهِ أَوَّلًا وَلَمْ يَظُنَّ أَوْ شَكَّ فِي حُدُوثِ مَاءٍ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ فِيمَا بَعْدَ الطَّلَبِ الْأَوَّلِ عَدَمَهُ كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ح (قَوْلُهُ: حَالَ تَوَهُّمِ الْوُجُودِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ إذَا تَحَقَّقَ عَدَمَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ إلَّا فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ إذَا تَحَقَّقَ وُجُودَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ ظَنَّ وُجُودَهُ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ فِيهِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ فِي حَالَتَيْنِ إذَا تَوَهَّمَ وُجُودَهُ أَوْ تَحَقَّقَ عَدَمَهُ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ فِي حَالَةِ التَّوَهُّمِ وَقَوَّاهُ عج وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ التَّوَهُّمُ قَبْلَ الطَّلَبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَهُ وَطَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ تَوَهَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ اتِّفَاقًا كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا تَحَقُّقُ عَدَمِهِ) الْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ لَا التَّحَقُّقُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ) أَيْ وَالطَّلَبُ الَّذِي لَا يَشُقُّ بِالْفِعْلِ الطَّلَبُ الَّذِي عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ فِي مَحَلٍّ عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ الَّذِي ظَنَّهُ عَلَى مِيلَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ وَلَوْ لَمْ يَشُقَّ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ) أَيْ لِلْمَاءِ مِنْ رُفْقَةٍ بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ هِبَتَهُ لَهُ وَالْمُرَادُ بِالرُّفْقَةِ الْجَمَاعَةُ الْمُصْطَحَبُونَ فِي السَّفَرِ نُزُولًا وَارْتِحَالًا مَعَ الِارْتِفَاقِ وَالِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ: كَأَرْبَعَةٍ وَخَمْسَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ لِلْعَشْرَةِ مِنْ الْقَلِيلَةِ وَمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَهُوَ مِنْ الْكَثِيرَةِ فَيُلْحِقُ بِالْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: كَانَتْ حَوْلَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ أَوْ قَرِيبَةً مِنْهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا أَيْ أَوْ لَمْ تَكُنْ حَوْلَهُ وَلَا قَرِيبَةً مِنْهُ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الطَّلَبُ مِنْهُمْ لِكَوْنِهِمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ الْقَلِيلَةُ حَوْلَهُ حَالَ كَوْنِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ مِنْ تِلْكَ الْقَلِيلَةِ وَلَا

[واجبات التيمم]

فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعَادَ أَبَدًا إنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ الْإِعْطَاءَ وَفِي الْوَقْتِ إنْ شَكَّ، وَإِنْ تَوَهَّمَهُ لَمْ يُعَدْ وَهَذَا إنْ تَبَيَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ فَلَا إعَادَةَ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ جَهِلَ بُخْلَهُمْ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ بُخْلُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَبٌ وَأَشَارَ إلَى الْفَرْضِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ [دَرَسَ] (وَ) لَزِمَ (نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ أَوْ فَرْضَ التَّيَمُّمِ وَيُنْدَبُ فَقَطْ تَعْيِينُ الصَّلَاةِ مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ هُمَا فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَإِنْ نَوَى الصَّلَاةَ صَلَّى بِهِ مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضٍ لَا إنْ ذَكَرَ فَائِتَةٍ بَعْدَهُ وَإِنْ نَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ الصَّالِحَةِ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ صَحَّ فِي نَفْسِهِ وَيَفْعَلُ بِهِ النَّفَلَ دُونَ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَتَكُونُ عِنْدَ الضَّرْبَةِ الْأُولَى وَأَجْزَأَتْ عِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَيُنْدَبُ نِيَّةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ (وَ) يَلْزَمُ (نِيَّةُ أَكْبَرَ) مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (إنْ كَانَ) عَلَيْهِ أَكْبَرُ فَإِنْ تَرَكَ نِيَّتَهُ وَلَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُجْزِهِ وَأَعَادَ أَبَدًا فَإِنْ نَوَاهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ أَجْزَأَهُ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ وَمَحَلُّ لُزُومِ نِيَّةِ الْأَكْبَرِ إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ وَأَمَّا إذَا نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ فَيُجْزِي وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنِيَّةٍ أَكْبَرَ وَيَلْزَمُ نِيَّةُ الْأَكْبَرِ إنْ كَانَ (وَلَوْ) (تَكَرَّرَتْ) الطَّهَارَةُ التُّرَابِيَّةُ مِنْهُ لِلصَّلَوَاتِ (وَلَا يَرْفَعُ) التَّيَمُّمُ (الْحَدَثَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَلْزَمُهُ الطَّلَبُ مِنْ الْكَثِيرَةِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الطَّلَبِ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْقَلِيلَةِ وَمَسْأَلَةِ الطَّلَبِ مِمَّنْ حَوْلَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ [وَاجِبَات التَّيَمُّم] (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِيهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِبَاحَةُ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ كَانَ تَيَمُّمُهُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ (قَوْلُهُ: تَعْيِينُ الصَّلَاةِ) أَيْ تَعْيِينُ نَوْعِهَا لَا شَخْصِهَا بِدَلِيلِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى الصَّلَاةَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِفَرْضٍ وَلَا لِنَفْلٍ وَكَذَا إذَا نَوَى الصَّلَاةَ الشَّامِلَةَ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مَعًا كَمَا قَالَ بْن (قَوْلُهُ: لَا إنْ ذَكَرَ فَائِتَةً بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ الصَّالِحَةِ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذَا نَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ إمَّا الْفَرْضُ وَإِمَّا النَّفَلُ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَأَمَّا الصَّالِحَةُ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَل فَهُوَ مِثْلُ الشَّامِلَةِ لَهُمَا وَقَدْ عَلِمْته اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ) أَيْ تَخْصِيصًا حَقِيقِيًّا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ احْتِمَالًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ إنْ نَوَى الصَّلَاةَ أَوْ مُطْلَقَ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِفَرْضٍ وَلَا لِنَفْلٍ أَوْ قَصَدَ الصَّلَاةَ الشَّامِلَةَ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مَعًا صَحَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَرْضِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ النَّفَلَ أَيْضًا وَإِنْ نَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ إمَّا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا صَلَّى بِهِ النَّفَلَ دُونَ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ عِنْدَ الضَّرْبَةِ الْأُولَى) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ اللُّمَعِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَقَالَ زَرُّوقٌ أَنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ وَفِي بْن الْقَوْلُ بِأَنَّهَا عِنْدَ الضَّرْبَةِ الْأُولَى غَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّ الضَّرْبَةَ الْأُولَى إنَّمَا هِيَ وَسِيلَةٌ كَأَخْذِ الْمَاءِ لِلْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ وَمَسْحِ الْوَجْهِ أَوَّلُ وَاجِبٍ مَقْصُودٍ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ فُرُوضُهُ مَسْحُك وَجْهًا وَالْيَدَيْنِ لِلْكُوعِ وَالنِّيَّةُ أُولَى الضَّرْبَتَيْنِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: أُولَى الضَّرْبَتَيْنِ ظَرْفًا لِلنِّيَّةِ بَلْ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ كَمَا قَالَهُ شَارِحُهُ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ زَرُّوقٌ مِنْ أَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ بِلَا خِلَافٍ هُوَ النَّقْلُ اهـ كَلَامُهُ وَقَالَ فِي المج الْأَوْجَهُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ إذْ يَبْعُدُ أَنْ يَضَعَ الْإِنْسَانُ يَدَهُ عَلَى الْحَجَرِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ تَيَمُّمٍ بَلْ تَقْصِدُ الِاتِّكَاءَ أَوْ مُجَرَّدَ اللَّمْسِ مَثَلًا ثُمَّ يَرْفَعُهَا فَيَبْدُو لَهُ بَعْدَ الرَّفْعِ أَنْ يَمْسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَيُقَالُ صَحَّ تَيَمُّمُهُ وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوُضُوءِ الْغَسْلُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وَلَا مَدْخَلَ لِنَقْلِ الْمَاءِ فِي الْغَسْلِ وَقَالَ فِي التَّيَمُّمِ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة: 6] فَأَوْجَبَ قَصْدَ الصَّعِيدِ قَبْلَ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الضَّرْبَةَ الْأُولَى الَّتِي هِيَ مِنْ جُمْلَةِ فَرَائِضِ التَّيَمُّمِ قَدْ خَلَتْ عَنْ نِيَّةٍ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهَا بِمَنْزِلَةِ نَقْلِ الْمَاءِ لِلْأَعْضَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ أَخَّرَ النِّيَّةَ لِمَسْحِ الْوَجْهِ كَانَ التَّيَمُّمُ بَاطِلًا لِخُلُوِّ الضَّرْبَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ فَرْضٌ عَنْ نِيَّةٍ فَبَطَلَ التَّيَمُّمُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ نِيَّةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ) أَيْ إذَا نَوَى نِيَّةَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَا مَنَعَهُ الْحَدَثُ وَأَمَّا لَوْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ فَلَا تُنْدَبُ نِيَّةُ الْأَصْغَرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَ نِيَّتَهُ وَلَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُجْزِهِ) هَذَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ يُجْزِيهِ إذَا تَرَكَهَا نِسْيَانًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ فَيُجْزِي) عُلِمَ مِنْ هُنَا وَمِمَّا مَرَّ أَنَّ نِيَّةَ فَرْضِ التَّيَمُّمِ تَجْزِي عَنْ نِيَّةِ كُلٍّ مِنْ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَكَرَّرَتْ الطَّهَارَةُ)

عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنَّمَا يُبِيحُ الْعِبَادَةَ وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا إذْ كَيْفَ الْإِبَاحَةُ تُجَامِعُ الْمَنْعَ وَلِذَا ذَهَبَ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ فَمَنْ قَالَ لَا يَرْفَعُهُ أَيْ مُطْلَقًا بَلْ إلَى غَايَةٍ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ النَّقِيضَانِ إذْ الْحَدَثُ الْمَنْعُ وَالْإِبَاحَةُ حَاصِلَةٌ إجْمَاعًا (وَ) لَزِمَ (تَعْمِيمُ وَجْهِهِ) بِالْمَسْحِ وَلَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أُصْبُعَ وَيَدْخُلُ فِيهِ اللِّحْيَةُ وَلَوْ طَالَتْ وَتُرَاعَى الْوَتْرَةُ وَمَا غَارَ مِنْ الْعَيْنِ وَلَا يَتَتَبَّعُ الْغُضُونَ (وَ) لَزِمَ تَعْمِيمُ (كَفَّيْهِ) الْأَوْلَى يَدَيْهِ (لِكُوعَيْهِ) مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ عَلَى الرَّاجِحِ لَكِنْ بِبَطْنِ أُصْبُعٍ أَوْ أَكْثَرَ لَا بِجَنْبِهِ إذْ لَمْ يَمَسَّهُ صَعِيدٌ (وَ) يَلْزَمُ (نَزْعُ خَاتَمِهِ) وَلَوْ مَأْذُونًا فِيهِ أَوْ وَاسِعًا وَإِلَّا كَانَ حَائِلًا (وَ) لَزِمَ (صَعِيدٌ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ (طَهُرَ) وَهُوَ مَعْنَى الطَّيِّبِ فِي الْآيَةِ وَالصَّعِيدُ مَا صَعِدَ أَيْ ظَهَرَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ (كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ (وَلَوْ نُقِلَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَفْضَلُ حَتَّى عِنْدَ النَّقْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَعَ النَّقْلِ يَكُونُ غَيْرُهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَفْضَلُ مِنْهُ فَيُجْعَلُ مُبَالَغَةً فِيمَا تَضْمَنَّهُ قَوْلُهُ: كَتُرَابٍ مِنْ الْجَوَازِ لَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَمِثْلُ التُّرَابِ فِي النَّقْلِ السِّبَاخُ وَالرَّمَلُ وَالْحَجَرُ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ هُنَا أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ حَائِلٌ وَسَيَأْتِي مَعْنَى النَّقْلِ فِي الْمَعْدِنِ (وَثَلْجٍ) (وَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَجَعَلَهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ بِالنَّظَرِ لِصُورَتِهِ إذْ هُوَ مَاءٌ جَمَدَ حَتَّى تَحَجَّرَ) (وَخِضْخَاضٍ) وَهُوَ الطِّينُ الرَّقِيقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتُّرَابِيَّةُ) أَيْ كَمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ وَهُوَ جُنُبٌ وَأَرَادَ قَضَاءَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْأَكْبَرَ فِي تَيَمُّمِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَبِفَرَاغِهِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ يَعُودُ جُنُبًا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْأَكْبَرِ إلَّا عِنْدَ التَّيَمُّمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَقِيلَ إنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ (قَوْلُهُ: إذْ كَيْفَ الْإِبَاحَةُ تُجَامِعُ الْمَنْعَ) الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ وَالْمَنْعَ نَقِيضَانِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ رَفْعًا مُطْلَقًا أَيْ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ رَفْعًا مُقَيَّدًا بِالْكَوْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا يُنَافِي فِي أَنَّهُ يَرْفَعُهُ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ يَرْفَعُهُ فَمُرَادُهُ رَفْعًا مُقَيَّدًا بِالْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ لَا مُطْلَقًا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ لَكِنَّهُ يَأْبَاهُ بِنَاءُ الْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ جَوَازُ وَطْءِ الْحَائِضِ بِالتَّيَمُّمِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ وَجَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ إذَا لَبِسَهُ بَعْدَهُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ وَعَدَمُ الْوُضُوءِ إذَا وَجَدَ مَاءً بَعْدَهُ وَإِعَادَةُ الْوُضُوءِ وَإِمَامَةُ الْمُتَيَمِّمِ لِلْمُتَوَضِّئِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَوْ مَعَهَا وَصِحَّةُ وُقُوعِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ وَصَلَاةُ فَرِيضَتَيْنِ بِهِ وَعَدَمُ ذَلِكَ فَهَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَيُجَابُ عَمَّا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ بِمَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ هُنَا أَيْ فِي قَوْلِهِمْ التَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ الْمُقَدَّرُ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ قِيَامَ الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ لَا الْمَنْعِ فَالتَّيَمُّمُ رَافِعٌ لِلْمَنْعِ وَلِذَا حَصَلَتْ الْإِبَاحَةُ وَلَيْسَ رَافِعًا لِلْوَصْفِ الْحُكْمِيِّ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْوَصْفِ الْحُكْمِيِّ وَالْمَنْعِ عَلَى الصَّوَابِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ رَفْعِ أَحَدِهِمَا رَفْعُ الْآخَرِ وَلَا مِنْ ثُبُوتِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ الْآخَرِ خِلَافًا لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُرْفَعُ الْحَدَثُ بِالْمُطْلَقِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ عِنْدَ عَدَمِ ارْتِفَاعِ الْوَصْفِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ رُخْصَةٌ فَهُوَ مُبِيحٌ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْوَصْفُ لَوْلَا الْعُذْرُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى يَدَيْهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ ظَاهِرَ الْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي وَقَبِلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ لَمْ أَرَ الْقَوْلَ بِلُزُومِ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ فِي التَّيَمُّمِ لِغَيْرِ ابْنِ شَعْبَانَ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّخْلِيلَ لَا يُنَاسِبُ الْمَسْحَ الْمَبْنِيَّ عَلَى التَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الطَّاهِرُ الْمَفْهُومُ مِنْ طُهْرِ مَعْنَى الطَّيِّبِ فِي الْآيَةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] أَيْ طَاهِرًا (قَوْلُهُ: كَتُرَابٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تُرَابَ دِيَارِ ثَمُودَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْقُرْطُبِيُّ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَى تُرَابِ مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ إذَا كَانَ نَظِيفًا طَاهِرًا كَمَا فِي ح وَمِنْ التُّرَابِ الطَّفْلُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا وُضِعَ فِي الْمَاءِ يَذُوبُ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ نُقِلَ. خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ طَعَامٌ تَأْكُلُهُ النِّسَاءُ وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ إذَا صَارَ كَالْعَقَاقِيرِ فِي أَيْدِي النَّاسِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ مُبَالِغَةً فِيمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ كَتُرَابٍ مِنْ الْجَوَازِ) أَيْ وَيَكُونُ رَادًّا بِلَوْ عَلَى ابْنِ بُكَيْر الْقَائِلِ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَى التُّرَابِ إذَا نُقِلَ (قَوْلُهُ: فِي النَّقْلِ) أَيْ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ مَعَ النَّقْلِ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَحَجَّرَ) أَيْ حَتَّى صَارَتْ صُورَتُهُ كَصُورَةِ الْحَجَرِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ

إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِنْ تُرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ فِيهَا إذَا عَدِمَ التُّرَابَ وَوَجَدَ الطِّينَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَخَفَّفَ مَا اسْتَطَاعَ وَتَيَمَّمَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِيهَا جَفَّفَ يَدَيْهِ رُوِيَ بِجِيمٍ) بِأَنْ يُجَفِّفَهُمَا بَعْدَ رَفْعِهِمَا عَنْهُ فِي الْهَوَاءِ قَلِيلًا وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِهِ بِالْمُوَالَاةِ (وَخَاءٍ) بِأَنْ يَضَعَهُمَا عَلَيْهِ بِرِفْقٍ وَجَمَعَ فِي الْمُخْتَصَرِ بَيْنَهُمَا (وَجِصٍّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَهُوَ الْحَجَرُ الَّذِي إذَا شُوِيَ صَارَ جِيرًا (لَمْ يُطْبَخْ) أَيْ لَمْ يُشْوَ فَإِنْ شُوِيَ لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِالصَّنْعَةِ عَنْ كَوْنِهِ صَعِيدًا (وَمَعْدِنٍ) عَطْفٌ عَلَى تُرَابٍ ثُمَّ وَصَفَهُ بِثَلَاثِ صِفَاتٍ عَدَمِيَّةٍ بِقَوْلِهِ (غَيْرَ نَقْدٍ) كَتِبْرِ ذَهَبٍ وَنِقَارِ فِضَّةٍ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ (وَ) غَيْرَ (جَوْهَرٍ) كَيَاقُوتٍ وَلُؤْلُؤٍ وَزُمُرُّدٍ وَمَرْجَانَ مِمَّا لَا يَقَعُ بِهِ التَّوَاضُعُ لِلَّهِ (وَ) غَيْرَ (مَنْقُولٍ) مِنْ مَوْضِعِهِ حَتَّى صَارَ فِي أَيْدِي النَّاسِ مُتَمَوَّلًا وَذَلِكَ (كَشَبٍّ وَمِلْحٍ) وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَكُحْلٍ وَقَزْدِيرٍ وَمَغْرَةٍ وَرُخَامٍ وَكِبْرِيتٍ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا بِمَوْضِعِهَا وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا (وَ) جَازَ (لِمَرِيضٍ) وَكَذَا الصَّحِيحُ عَلَى الرَّاجِحِ (حَائِطُ لَبِنٍ) أَيْ عَلَى حَائِطٍ مِنْ طُوبٍ لَمْ يُحْرَقْ وَلَمْ يُخْلَطْ بِنَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ كَثِيرٍ كَتِبْنٍ وَإِلَّا لَمْ يَتَيَمَّمْ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَتَيَمَّمُ عَلَى رَمَادٍ (أَوْ حَجَرٍ) غَيْرِ مَحْرُوقٍ (لَا) يَتَيَمَّمُ (بِحَصِيرٍ) وَلَوْ عَلَيْهِ غُبَارٌ مَا لَمْ يَكْثُرْ مَا عَلَيْهِ مِنْ تُرَابٍ حَتَّى يَسْتُرَهَا فَإِنَّهُ مِنْ التَّيَمُّمِ عَلَى التُّرَابِ الْمَنْقُولِ حِينَئِذٍ (وَ) لَا عَلَى (خَشَبٍ) وَلَا عَلَى حَشِيشٍ وَحَلْفَاءَ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ (وَ) لَزِمَ (فِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ) لَا قَبْلَهُ وَلَوْ اتَّصَلَ وَلَوْ نَفْلًا كَفَجْرٍ وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ تَذَكُّرُهَا وَالْجِنَازَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَرْضِ فَصَحَّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَى ذَلِكَ الطِّينِ هَذَا ظَاهِرُهُ كَعَبِقِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مِمَّا يُسْتَغْرَبُ كَيْفَ يُقَالُ بِصِحَّتِهِ عَلَى الثَّلْجِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَبِصِحَّتِهِ عَلَى الْخِضْخَاضِ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْعَكْسُ وَالْجَوَابُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَيْ وَأَمَّا إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَيَمَّمَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُلَوِّثَ ثِيَابَهُ وَإِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ عَلَيْهِ صَحِيحًا فَلَيْسَ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْخِضْخَاضُ كَالثَّلْجِ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ عَلَى كُلٍّ وَجَدَ غَيْرَهُ أَوْ لَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ فِي الْمُخْتَصَرِ) أَيْ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ يُخَفِّفُ يَدَيْهِ فِي حَالِ وَضْعِهِمَا عَلَيْهِ ثُمَّ يُجَفِّفُهُمَا بَعْدَ رَفْعِهِمَا عَنْهُ فِي الْهَوَاءِ قَلِيلًا اهـ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ خَوْفًا مِنْ تَشْوِيهِ الْوَجْهِ لَا وَاجِبٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ نَقْدٍ إلَخْ) وَجْهُ هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّ الْمَعْدِنَ الَّذِي لَمْ يَتَّصِفْ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَوْصَافِ لَمْ يُبَايِنْ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ فَسَاغَ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ وَمَا اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ مُبَايِنٌ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَتِبْرِ الذَّهَبِ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: حَتَّى صَارَ فِي أَيْدِي النَّاسِ مُتَمَوَّلًا) أَيْ يُبَاعُ بِالْمَالِ فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَالذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ خَرَجَا بِسَبَبِ كَوْنِهَا فِي غَايَةِ الشَّرَفِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ تَيَمُّمِهِ عَلَى مَعْدِنِ النَّقْدِ وَالْجَوْهَرِ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ سِوَاهُ وَهُوَ مَا يُفِيدُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ أَنَّهُ تَيَمَّمَ عَلَيْهِمَا بِمَعْدِنِهِمَا وَرَجَّحَ جَدُّ عج الْأَوَّلَ وَرَجَّحَ ح الثَّانِي فَإِذَا كَانَ الشَّخْصُ فِي أَرْضٍ كُلُّهَا نَقْدٌ وَكَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ وَقَضَاؤُهَا بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ عَلَى الثَّانِي وَيَتَيَمَّمُ عَلَى النَّقْدِ الْمَوْجُودِ (قَوْلُهُ: وَمِلْحٌ) أَيْ مَعْدِنِيٌّ لَا إنْ كَانَ مَصْنُوعًا مُطْلَقًا مِنْ نَبَاتٍ أَوْ تُرَابٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَمْثِيلِ الْمُصَنِّفِ بِهِ لِلْمَعْدِنِ وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي حَكَاهَا فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ مَصْنُوعًا نَظَرًا لِصُورَتِهِ وَعَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَالْجَوَازُ إنْ كَانَ مَعْدِنِيًّا لَا مَصْنُوعًا وَالْجَوَازُ إنْ كَانَ بِأَرْضِهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمَّا مَا فِي عبق مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَصْنُوعًا مِنْ تُرَابٍ أَوْ كَانَ أَصْلُهُ مَاءٌ وَجَمُدَ وَمُنِعَ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَصْنُوعًا مِنْ نَبَاتٍ كَحَلْفَاءَ فَهُوَ اسْتِظْهَارٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَرُخَامٌ) أَيْ وَقِيلَ إنَّ الرُّخَامَ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعَادِنِ النَّفِيسَةِ الْمُتَمَوَّلَةِ الْغَالِيَةِ الثَّمَنِ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَالْخِلَافُ فِي الرُّخَامِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الْأَرْضِ وَلَوْ دَخَلَتْهُ صَنْعَةُ النَّشْرِ وَأَمَّا مَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةُ الطَّبْخِ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا بِمَوْضِعِهَا) أَيْ لَا إنْ نُقِلَتْ وَصَارَتْ فِي أَيْدِي النَّاسِ مُتَمَوَّلَةً كَالْعَقَاقِيرِ فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّحِيحُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَالْجَوَازُ خَاصٌّ بِالْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: حَائِطٌ لَبِنٍ) أَيْ التَّيَمُّمُ عَلَى حَائِطٍ لَبِنٍ (قَوْلُهُ: كَثِيرٌ) نَعْتٌ لِطَاهِرٍ وَنَجِسٍ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يُخْلَطَ بِشَيْءٍ أَصْلًا أَوْ يُخْلَطَ بِنَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ قَلِيلٍ وَهُوَ مَا دُونَ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَتَيَمَّمْ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الطُّوبُ مَحْرُوقًا أَوْ مَخْلُوطًا بِنَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ كَثِيرٍ وَهُوَ الثُّلُثُ لَمْ يَتَيَمَّمْ عَلَيْهِ فَعَلِمْت أَنَّ مَا دُونَ الثُّلُثِ مُغْتَفَرٌ وَالثُّلُثُ فَمَا فَوْقَهُ مُضِرٌّ فِي كُلٍّ مِنْ الْخَلْطِ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ وَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْخَلْطُ نَجِسًا ضَرَّ الثُّلُثُ لَا مَا دُونَهُ وَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ طَاهِرًا فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا كَانَ غَالِبًا لَا إنْ تَسَاوَيَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ) أَيْ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ تَيَمَّمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ بْن وَكَلَامُ ح يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ مِمَّا قَالَهُ

[سنن التيمم]

بَعْدَ التَّكْفِينِ أَوْ تَيَمُّمُهَا وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ التَّيَمُّمَ يَجِبُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَالْمُتَيَمِّمُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ آيِسًا مِنْ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ رَاجِيًا (فَالْآيِسُ) أَيْ الْجَازِمُ أَوْ الْغَالِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمَ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ لُحُوقَهُ أَوْ زَوَالَ الْمَانِعِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ يَتَيَمَّمُ نَدْبًا (أَوَّلَ الْمُخْتَارِ) لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ الْوَقْتِ (وَالْمُتَرَدِّدُ) أَيْ الشَّاكُّ أَوْ الظَّانُّ ظَنًّا قَرِيبًا مِنْهُ (فِي لُحُوقِهِ) مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِهِ أَمَامَهُ (أَوْ) فِي (وُجُودِهِ) يَتَيَمَّمُ نَدْبًا (وَسَطَهُ) وَمِثْلُهُ مَرِيضٌ عَدِمَ مُنَاوِلًا وَخَائِفُ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ وَمَسْجُونٍ فَيُنْدَبُ لَهُمْ التَّيَمُّمُ وَسَطَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ آيِسًا أَوْ رَاجِيًا (وَالرَّاجِي) وَهُوَ الْجَازِمُ أَوْ الْغَالِبُ عَلَى ظَنِّهِ وُجُودُهُ أَوْ لُحُوقُهُ فِي الْوَقْتِ بِتَيَمُّمٍ (آخِرَهُ) نَدْبًا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ حِينَ خُوطِبَ بِالصَّلَاةِ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لِلْمَاءِ فَدَخَلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] (وَفِيهَا تَأْخِيرُهُ) أَيْ الرَّاجِي (الْمَغْرِبَ لِلشَّفَقِ) وَهُوَ كَالْمُعَارِضِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ هُنَا الِاخْتِيَارِيُّ وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مُقَدَّرٌ بِفِعْلِهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا وَعَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ التَّيَمُّمُ بِلَا تَأْخِيرٍ وَقَوْلُنَا كَالْمُعَارِضِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَرْعُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ مُمْتَدٌّ لِلشَّفَقِ فَلَا مُعَارَضَةَ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْفَرْعَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ تَأْخِيرِهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الضَّرُورِيِّ لَتَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ آيِسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وَاجِبَاتِهِ وَهِيَ النِّيَّةُ وَتَعْمِيمُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ وَاسْتِعْمَالُ الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى وَالْمُوَالَاةُ شَرَعَ فِي سُنَنِهِ بِقَوْلِهِ (وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْوَجْهِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ فَإِنْ نَكَّسَ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ إنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّخْمِيُّ وَأَصْلُهُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ الْقَصَّارِ وَالْوَقَارِ فِي الْخَشَبِ وَقَالَهُ سَنَدٌ وَالْقَرَافِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَالشَّبِيبِيُّ هُوَ الْأَرْجَحُ وَالْأَظْهَرُ اهـ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ اعْتَمَدَهُ أَيْضًا طفى وَشَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وعبق (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّكْفِينِ) أَيْ بَعْدَ الْإِدْرَاجِ فِي الْكَفَنِ إذَا غُسِلَتْ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَيَمُّمُهَا أَيْ وَبَعْدَ تَيَمُّمِهَا الْحَاصِلِ بَعْدَ التَّكْفِينِ إذَا لَمْ تُغْسَلْ (قَوْلُهُ: فَالْمُتَيَمِّمُ) أَيْ لِعَدَمِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْجَازِمُ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْآيِسَ لَهُ أَفْرَادٌ سِتَّةٌ وَالْمُتَرَدِّدَ لَهُ أَفْرَادٌ أَرْبَعَةٌ وَأَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ فِي الْحُكْمِ ثَلَاثَةٌ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ وَالرَّاجِي لَهُ أَفْرَادٌ أَرْبَعَةٌ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ لُحُوقُهُ) أَيْ أَوْ الْجَازِمُ أَوْ الْغَالِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ لُحُوقِ الْمَاءِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِهِ أَمَامَهُ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْمُخْتَارِ إلَخْ) فَإِنْ تَيَمَّمَ الْآيِسُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ مَاءً فِي الْوَقْتِ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَجَدَ مَا أَيِسَ مِنْهُ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ ح وَالْمَوَّاقُ وَنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ وُجِدَ مِمَّا أَيِسَ مِنْهُ أَعَادَ لِخَطَئِهِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ حَيْثُ حَكَاهُ بِقِيلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمُتَرَدِّدِ فِي تَيَمُّمِهِ وَسَطَ الْوَقْتِ مَرِيضٌ عَدِمَ مُنَاوِلًا أَيْ أَوْ آلَةً وَقَوْلُهُ: وَخَائِفُ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ أَيْ عَلَى الْمَاءِ وَأَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِلطِّرَازِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ آيِسًا أَوْ رَاجِيًا) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الطِّرَازِ الْمَرِيضُ الَّذِي عَدِمَ مُنَاوِلًا أَوْ آلَةً وَالْخَائِفُ مِنْ لِصٍّ أَوْ مِنْ سَبُعٍ عَلَى الْمَاءِ وَالْمَسْجُونِ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّيَمُّمُ وَسَطَ الْوَقْتِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانُوا آيِسِينَ أَوْ مُتَرَدِّدِينَ أَوْ رَاجِينَ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعَدَمِ مُنَاوِلٍ أَوْ آلَةٍ مِنْ جَرَيَانِ التَّفْصِيلِ وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَدَمُ آلَةِ رَفْعِهِ كَعَدَمِهِ فَجُعِلَ عَدَمُ آلَةِ الْمَاءِ كَعَدَمِ الْمَاءِ فِي التَّفْصِيلِ وَمِثْلُهُ عَدَمُ الْمُنَاوِلِ عَلَى الظَّاهِرِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الطِّرَازِ عَلَى الْمُتَرَدِّدِينَ وَحِينَئِذٍ فَيَتَوَافَقَانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: يَتَيَمَّمُ آخِرَهُ نَدْبًا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: فَدَخَلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] أَيْ فَكَانَ مُقْتَضَى الْأَمْرِ وُجُوبُ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لَكِنَّهُ أَخَّرَ نَظَرًا لِرَجَائِهِ فَجَعَلَ لَهُ حَالَةً وُسْطَى إنْ قُلْت جَعْلُ التَّأْخِيرِ مَنْدُوبًا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَعَادَ الْمُقَصِّرُ أَيْ الْمُخَالِفُ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْوُجُوبُ قُلْت الْمَنْدُوبُ قَدْ تُعَادُ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ فِي الْوَقْتِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّغِيرَةَ تُؤْمَرُ نَدْبًا بِالسِّتْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْحُرَّةِ فَإِنْ تَرَكَتْ ذَلِكَ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ عَلَى أَنَّ الْإِعَادَةَ هُنَا مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ تَأْخِيرِ الرَّاجِي (قَوْلُهُ: وَقَوْلُنَا كَالْمُعَارِضِ) أَيْ وَلَمْ نَقُلْ أَنَّهُ مُعَارِضٌ لَهُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) كَذَا فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ح وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَمَرَهُ بِالتَّأْخِيرِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِالِامْتِدَادِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَرْعُ مَبْنِيًّا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ وَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِمْ الرَّاجِي يُؤَخِّرُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ فَيُقَالُ إلَّا فِي الْمَغْرِب وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا اهـ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ كَانَ) أَيْ عَادِمَ الْمَاءِ [سُنَن التَّيَمُّم] (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي سُنَنِهِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى مَا قَالَ غَيْرُهُ

[فضائل التيمم]

(وَ) سُنَّ الْمَسْحُ مِنْ الْكُوعَيْنِ (إلَى الْمِرْفَقَيْنِ) (وَ) سُنَّ (تَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ) ثَانِيَةٍ (لِيَدَيْهِ) وَبَقِيَ عَلَيْهِ سُنَّةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ نَقْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا مِنْ الْغُبَارِ بِأَنْ لَا يَمْسَحَ عَلَى شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ قَوِيًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ شَرَعَ فِي فَضَائِلِهِ بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ) وَسِوَاكٌ وَصَمْتٌ إلَّا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَاسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ (وَبَدْءٌ بِظَاهِرٍ) أَيْ مِنْ ظَاهِرِ (يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ) بِأَنْ يَجْعَلَ ظَاهِرَ أَطْرَافِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يُمِرُّهَا (إلَى الْمِرْفَقِ) قَابِضًا عَلَيْهَا بِكَفِّ الْيُسْرَى (ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ) أَيْ بَاطِنِ الْيُمْنَى مِنْ طَيِّ الْمِرْفَقِ (لِآخِرِ الْأَصَابِعِ) مِنْ الْيُمْنَى (ثُمَّ) مَسْحُ (يُسْرَاهُ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا فَعَلَ فِي الْيُمْنَى ثُمَّ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ وُجُوبًا كَمَا تَقَدَّمَ [دَرْسٌ] (وَبَطَلَ) التَّيَمُّمُ (بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ) مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُجْزِئُ فِيهِ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ (وَ) بَطَلَ (بِوُجُودِ الْمَاءِ) الْكَافِي أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ (قَبْلَ) الدُّخُولِ فِي (الصَّلَاةِ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَسُنَّ الْمَسْحُ مِنْ الْكُوعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ) قَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ ذَلِكَ الْمَسْحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيُّ الْقَائِلُ إنَّ الْمَسْحَ لِلْمِرْفَقَيْنِ وَاجِبٌ فَكَيْفَ يَجْعَلُهُ الْمُصَنِّفُ سُنَّةً مَعَ أَنَّ النَّقْلَ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ: وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ) الْمُرَادُ بِالضَّرْبِ الْوَضْعُ الْخَفِيفُ لَا حَقِيقَتُهُ وَهُوَ الْإِمْسَاسُ بِعُنْفٍ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَجَوُّزٌ حَيْثُ أَطْلَقَ اسْمَ الْمَلْزُومِ وَأَرَادَ اللَّازِمَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الضَّرْبِ الْوَضْعُ وَالْإِمْسَاسُ وَقَالَ لِيَدَيْهِ رَادًّا عَلَى الْقَائِلِ أَنَّهُ يَمْسَحُ بِالثَّانِيَةِ الْوَجْهَ أَيْضًا مَعَ الْيَدَيْنِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَمْسَحُ بِالضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ الْيَدَيْنِ فَقَطْ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَمْسَحُ الْوَاجِبَ أَعْنِي الْيَدَيْنِ بِالْكُوعَيْنِ بِمَا هُوَ سُنَّةٌ لِأَنَّا نَقُولُ أَثَرُ الْوَاجِبِ بَاقٍ مِنْ الضَّرْبَةِ الْأُولَى مُضَافٌ إلَيْهِ الضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا وَفَعَلَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ مَعًا بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى أَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ: نَقْلُ مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا) أَيْ بِالْيَدَيْنِ مِنْ الْغُبَارِ يَعْنِي لِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ تَيَمُّمُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ كَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْأَعْضَاءِ بَلْ الْمَمْسُوحِ وَشُرِعَ النَّفْضُ الْخَفِيفُ خَشْيَةَ أَنْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ مِنْ الْغُبَارِ فِي عَيْنَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ التَّيَمُّمِ عَلَى الْحَجَرِ وَارْتَضَى هَذَا الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَشَيْخِنَا وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي عَبَقِ وَالْفِيشِيِّ مِنْ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ غَيْرُ ظَاهِرٍ [فَضَائِل التَّيَمُّم] (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم عَلَى الْأَظْهَرِ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْوُضُوءِ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ كَالْوُضُوءِ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْوُضُوءِ وَهِيَ التَّطَايُرُ (قَوْلُهُ: بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ الِابْتِدَائِيَّةِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ مِنْ مُقَدِّمِ ظَاهِرِ يُمْنَاهُ وَأَمَّا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِيُسْرَاهُ فَهِيَ لِلْآلَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَ ظَاهِرَ أَطْرَافِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ إلَخْ) الَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا نَقْلًا مِنْ خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِهِ بِأَنْ يَجْعَلَ أَصَابِعَهُ فَقَطْ دُونَ بَاطِنِ كَفِّهِ عَلَى ظَاهِرِ يُمْنَاهُ ثُمَّ فِي عَوْدِهِ عَلَى بَاطِنِ الذِّرَاعِ يَمْسَحُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ مَسْحِ الْيَدَيْنِ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ فَلَا يُخَلِّلُ كُلَّ يَدٍ بَعْدَ مَسْحِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْلِيلَ يَكُونُ بِبَطْنِ أُصْبُعٍ أَوْ أَكْثَرَ لَا بِجَنْبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهُ صَعِيدٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَحْصُلَ مِنْ تَخْلِيلِ وَاحِدَةٍ تَخْلِيلُ الْأُخْرَى [مُبْطِلَات التَّيَمُّم] (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ التَّيَمُّمُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَيَصِيرُ مَمْنُوعًا مِنْ الْعِبَادَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُبَاحَةً لَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ السَّبَبُ وَالرِّدَّةُ وَالشَّكُّ فِي الْحَدَثِ أَوْ فِي السَّبَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَبْطُلُ بِكُلِّ مَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ فَنَوَاقِضُ الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبْطِلُ الْغُسْلَ لَكِنَّهَا تُبْطِلُ التَّيَمُّمَ الْوَاقِعَ بَدَلًا عَنْهُ وَيَعُودُ جُنُبًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَثَمَرَتُهُ أَنَّهُ يَنْوِي التَّيَمُّمَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَلَوْ قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَعُودُ جُنُبًا يَنْوِي التَّيَمُّمَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَثَمَرَتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عَادَ جُنُبًا لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَعُودُ جُنُبًا يَقْرَؤُهُ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ بِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُهُ فَلَا يَبْطُلُ بِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِيهِ

(لَا) إنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ (فِيهَا) فَلَا يَبْطُلُ بَلْ يَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِدُخُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ (إلَّا) شَخْصٌ (نَاسِيهِ) بِرَجْلِهِ فَيَتَيَمَّمُ وَدَخَلَ فِيهَا فَتَذَكَّرَهُ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَإِلَّا فَلَا لَا إنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَهَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَحُكْمَ مَنْ وَجَدَهُ فِيهَا شَرَعَ يُبَيِّنُ حُكْمَ مَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَقَالَ (وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ) أَيْ كُلُّ مُقَصِّرٍ صَلَاتَهُ نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ وَصَحَّتْ) الصَّلَاةُ (إنْ لَمْ يُعِدْ) وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ الْتِزَامًا وَلَمَّا كَانَ تَحْتَ الْمُقَصَّرِ أَفْرَادٌ فَصَّلَهَا بِالتَّمْثِيلِ بِقَوْلِهِ (كَوَاجِدِهِ) أَيْ الْمَاءِ الَّذِي طَلَبَهُ طَلَبًا لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ (بِقُرْبِهِ) بَعْدَ صَلَاتِهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِتَقْصِيرِهِ إذْ لَوْ تَبَصَّرَ لَوَجَدَهُ فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ (أَوْ) وَجَدَهُ فِي (رَحْلِهِ) بَعْدَ أَنْ طَلَبَهُ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ بِقُرْبِهِ أَوْ رَحْلِهِ أَعَادَ أَبَدًا فَفِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثُ صُوَرٍ (إلَّا إنْ ذَهَبَ) أَيْ ضَلَّ (رَحْلُهُ) بِالْمَاءِ وَفَتَّشَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَرُورِيًّا أَوْ اخْتِيَارِيًّا هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَأَمَّا قَوْلُ عبق لَا يُبْطِلُ تَيَمُّمَهُ فِي الضَّرُورِيِّ فَلَا قَائِلَ بِهِ سِوَاهُ اُنْظُرْ بْن. . (تَنْبِيهٌ) لَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً وَرَأَى مَانِعًا عَلَيْهِ مِنْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ أَبْصَرَ الْمَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ أَبْصَرَ الْمَانِعَ بَعْدَ ذَلِكَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِاحْتِمَالِ تَفْرِيطِهِ وَإِنَّ السَّبُعَ إنَّمَا جَاءَ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ وَأَمَّا لَوْ رَأَى الْمَانِعَ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ أَوْ رَآهُمَا مَعًا لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ وَجَدَهُ) أَيْ أَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بَلْ يَجِبُ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا وَلَا تُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُقَصِّرٍ وَسَوَاءٌ كَانَ آيِسًا مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي وُجُودِهِ أَوْ لُحُوقِهِ أَوْ كَانَ رَاجِيًا فَلَا يَقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ سَنَدٌ مِنْ قَطْعِ الرَّاجِي وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الرَّاجِي لِآخِرِ الْوَقْتِ وَاجِبٌ لَا مَنْدُوبٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا أَنْ تَذْكُرَهُ بَعْدَهَا) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ وَنَاسٍ ذَكَرَ بَعْدهَا (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ) أَيْ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُقَصِّرِ مَنْ قَصَّرَ عَنْ الطَّلَبِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ أَيْ الْمُخْتَارِ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ فَالْآيِسُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعُدْ) أَيْ سَوَاءٌ تَرَكَ الْإِعَادَةَ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي النَّاسِي لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَامِدَ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَعُدْ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنَّ تَارِكَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ نَاسِيًا يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَارَ كَالْمُخَالِفِ لِمَا أُمِرَ بِهِ فَعُوقِبَ بِطَلَبِ الْإِعَادَةِ أَبَدًا وَلَمْ يَرَ النِّسْيَانَ عُذْرًا يُسْقِطُ عَنْهُ التَّفْرِيطَ (قَوْلُهُ: فَصَّلَهَا) أَيْ بَيَّنَهَا بِالتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ وَجَزَمَ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهِ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِي وُجُودِ الْمَاءِ بِهِ ثُمَّ إنَّهُ طَلَبَهُ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِقُرْبِهِ بِأَنْ وَجَدَهُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي طَلَبَهُ فِيهِ طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا لِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ وَكَذَا إنْ طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فَتَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ صَلَاتِهِ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ يَبْطُلُ فَإِنْ صَلَّى بِهِ أَعَادَ أَبَدًا (قَوْلُهُ: أَوْ رَحْلِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَزَمَ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَطَلَبَهُ فِي رَحْلِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ صَلَاتِهِ فِي رَحْلِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَالَ عج وَشَمِلَ قَوْلُهُ: أَوْ رَحْلِهِ مَنْ نَسِيَ الْمَاءَ وَمَنْ جَهِلَهُ كَمَا إذَا وَضَعَتْهُ زَوْجَتُهُ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَنَاسٍ ذُكِرَ بَعْدَهَا بِالنِّسْبَةِ لِصُورَةِ النِّسْيَانِ لِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ طَلَبَ وَقَصَّرَ فِي الطَّلَبِ فَلَمْ يَقِفْ عَلَى عَيْنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ وَمَا سَيَأْتِي لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ طَلَبٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْكَلَامِ عبق قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي فِي النَّصِّ أَنَّهُ يُعِيدُ مُطْلَقًا وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ أَيْ وَجَدَ مَاءً لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ الطَّلَبِ بِأَنْ طَرَأَ بِسَبَبِ وُجُودِ مَطَرٍ أَوْ مَجِيءِ رُفْقَةٍ فَهَذَا لَا إعَادَةَ فِيهِ اهـ كَلَامُهُ أَيْ وَأَمَّا مَا فِي النَّصِّ مِنْ إعَادَةِ مَنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَحَلِّ حِينَ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الَّذِي كَانَ بِرَحْلِهِ بِأَنْ طَرَأَ بِسَبَبِ مَجِيءِ رُفْقَةٍ أَوْ مَطَرٍ (قَوْلُهُ: ثَلَاثُ صُوَرٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَجِدُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِقُرْبِهِ أَوْ رَحْلِهِ

حَتَّى خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ بِمَائِهِ فَلَا إعَادَةَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَ) كَشَخْصٍ (خَائِفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ) أَوْ تِمْسَاحٍ بِأَخْذِهِ الْمَاءَ مِنْ الْبَحْرِ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ إنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ بِأَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ شَجَرٌ مَثَلًا وَأَنْ يُتَحَقَّقَ الْمَاءُ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ خَوْفُهُ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا وَأَنْ يَجِدَ الْمَاءَ بِعَيْنِهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ حَقِيقَةُ مَا خَافَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَاءَ أَوْ وَجَدَ غَيْرَ الْمَاءِ الْمَخُوفِ فَلَا إعَادَةَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ خَوْفُهُ شَكًّا أَوْ وَهْمًا فَالْإِعَادَةُ أَبَدًا (وَ) كَ (مَرِيضٍ) قَادِرٍ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (عَدِمَ مُنَاوِلًا) فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وُجِدَ الْمُنَاوِلُ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ حَيْثُ كَانَ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُونَ لِتَقْصِيرِهِ فِي تَحْصِيلِهِ فَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُونَ فَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ (وَ) كَ (رَاجٍ قَدَّمَ) تَيَمُّمَهُ عَلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَرْجُوهُ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِتَقْصِيرِهِ لَا إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَا إعَادَةَ (وَمُتَرَدِّدٍ فِي لُحُوقِهِ) فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ لَمْ يُقَدِّمْ عَنْ وَقْتِهِ وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ الْقَيْدِ بِخِلَافِ الْمُتَرَدِّدِ فِي الْوُجُودِ فَلَا يُعِيدُ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاسْتِنَادِهِ لِلْأَصْلِ (وَنَاسٍ) لِلْمَاءِ الَّذِي فِي رَحْلِهِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ (ذَكَرَ) الْمَاءَ بِعَيْنِهِ (بَعْدَهَا) فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَهُ فِيهَا يُعِيدُ أَبَدًا (كَمُقْتَصِرٍ) فِي تَيَمُّمِهِ (عَلَى) مَسْحِ (كُوعَيْهِ) فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ (لَا) مُقْتَصِرٍ (عَلَى ضَرْبَةٍ) فَلَا يُعِيدُ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَكَمُتَيَمِّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ) أَيْ عَلَى أَرْضٍ أَصَابَهَا بَوْلٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَاسْتَشْكَلَتْ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ تَيَمَّمَ عَلَى صَعِيدٍ نَجِسٍ فَهُوَ كَمَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ الْإِعَادَةَ أَبَدًا وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا عَلَى اثْنَيْنِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَارَةً لَا يَطْلُبُهُ حِينَ تَيَمُّمِهِ وَتَارَةً يَطْلُبُهُ وَإِذَا طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى تَارَةً يَجِدُ مَا طَلَبَهُ وَتَارَةً يَجِدُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ ضَلَّ رَحْلَهُ لَا يَتَيَمَّمُ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ ضَلَّ رَحْلَهُ كَعَادِمِ الْمَاءِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْآيِسِ وَغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَكَخَائِفِ لِصٍّ) صُورَتُهُ إنْسَانٌ مُسَافِرٌ نَزَلَ بِمَحَلٍّ وَتَحَقَّقَ أَنَّ فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مَاءً لَكِنَّهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ إذَا ذَهَبَ لِذَلِكَ الْمَاءِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ مَا خَافَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَاءِ لِصٌّ وَلَا سَبُعٌ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَاسْتَشْكَلَ كَوْنُ الْخَائِفِ مِمَّا ذُكِرَ مُقَصِّرًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّغْرِيرُ بِنَفْسِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ وَكَانَ خَوْفُهُ كَلَا خَوْفٍ كَانَ عِنْدَهُ تَقْصِيرًا فِي عَدَمِ تَثَبُّتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَبَيَّنَ عَدَمَ مَا خَافَهُ) قَالَ طفى هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ وَاعْتَمَدَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَلَا الْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلِذَا خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَمَرِيضٌ عَدِمَ مُنَاوِلًا) قَالَ ابْنُ نَاجِي الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ مُطْلَقًا عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي عَدِمَ مُنَاوِلًا سَوَاءٌ كَانَ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُونَ أَوْ كَانُوا يَتَكَرَّرُونَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ إنَّمَا تَرَكَ الِاسْتِعْدَادَ لِلْمَاءِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فَلَا إعَادَةَ مُطْلَقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَرَاجٍ قَدَّمَ) مِثْلُهُ الْمُتَرَدِّدُ فِي الْوُجُودِ إذَا قَدَّمَ كَمَا فِي عبق تَبَعًا لِابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الْمُتَرَدِّدُ فِي وُجُودِ الْمَاءِ لَا يُعِيدُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَيَمَّمَ فِي وَقْتِهِ أَوْ قَدَّمَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الشَّامِلِ وَالتَّوْضِيحِ وَارْتَضَاهُ ح أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ الْقَيْدِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ قَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعِيدُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَيَمَّمَ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَدَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَدْ عَلِمْت أَنَّ مُقَابِلَهُ مَا ذَكَرَهُ عبق (قَوْلُهُ: يُعِيدُ أَبَدًا) وَذَلِكَ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ بِمُجَرَّدِ تَذَكُّرِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ الِاخْتِيَارِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَمُتَيَمِّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِإِعَادَةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ وَظَاهِرُ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَإِطْلَاقَاتِهِمْ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ وَجَدَ طَاهِرًا حَالَ تَيَمُّمِهِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَكُونُ كَعَادِمِ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ لِأَنَّ طَهَارَةَ الصَّعِيدِ وَاجِبَةٌ وَالنَّجَسُ مَعْدُومُ الطَّهَارَةِ فَلَا يُطَالَبُ حِينَئِذٍ بِالتَّيَمُّمِ بِهِ فَإِنْ تَيَمَّمَ بِهِ وَوَجَدَ الطَّاهِرَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ وَأَمَّا قَوْلُ عج مَحَلُّ إعَادَةِ الْمُتَيَمِّمِ عَلَى مُصَابِ الْبَوْلِ إذَا وَجَدَ حَالَ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ

(وَأُوِّلَ) قَوْلِهَا الْمُتَيَمِّمُ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ يُعِيدُ بِالْوَقْتِ (بِالْمَشْكُوكِ) فِي إصَابَتِهَا أَيْ هَلْ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ لَا فَلَوْ تَحَقَّقَتْ الْإِصَابَةُ لَأَعَادَ أَبَدًا (وَبِالْمُحَقَّقِ) الْإِصَابَةِ بِالنَّجِسِ (وَاقْتَصَرَ) الْإِمَامُ (عَلَى) إعَادَةِ (الْوَقْتِ) مُرَاعَاةً (لِلْقَائِلِ) مِنْ الْأَئِمَّةِ (بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ) كَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ بِالنَّجِسِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ بِالْمَاءِ إلَّا الْمُقْتَصِرُ عَلَى كُوعَيْهِ وَالْمُتَيَمِّمُ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ وَمَنْ وَجَدَ بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانَهُ نَجَاسَةً وَمَنْ تَذَكَّرَ إحْدَى الْحَاضِرَتَيْنِ بَعْدَ مَا صَلَّى الثَّانِيَةَ مِنْهُمَا وَمَنْ يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَمِنْ يُقَدِّمُ الْحَاضِرَةَ عَلَى يَسِيرِ الْمَنْسِيِّ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُعِيدُونَ وَلَوْ بِالتَّيَمُّمِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الِاخْتِيَارِيُّ إلَّا فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ الضَّرُورِيُّ مَا عَدَا الْمُقْتَصِرِ عَلَى كُوعَيْهِ فَإِنَّهُ الِاخْتِيَارِيُّ. (وَمُنِعَ) أَيْ كُرِهَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (مَعَ عَدَمِ مَاءٍ تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ (وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ) كَذَلِكَ وَلَوْ عَادِمُ مَاءٍ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ تَيَمُّمِ الْأَصْغَرِ لِلْأَكْبَرِ (إلَّا لِطُولٍ) يَنْشَأُ عَنْهُ ضَرَرٌ فَيَجُوزُ الْجِمَاعُ (وَإِنْ) (نَسِيَ) مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ (إحْدَى) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) وَلَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهَا (تَيَمَّمَ خَمْسًا) لِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمُّمٌ لِأَنَّ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَاهِرًا وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ فَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا عَلِمْت اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ بِالْمَشْكُوكِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَأُوِّلَ كَلَامُهَا بِالْمَشْكُوكِ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهُ أَيْ هَلْ خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ لَا فَلَوْ تَحَقَّقَتْ الْإِصَابَةُ لَا إعَادَةَ أَبَدًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ دَرَجَ الْبِسَاطِيُّ وَتت وَابْنُ مَرْزُوقٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشْكُوكِ مَا لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ مَعَ تَحَقُّقِ إصَابَتِهَا لَهُ وَأَمَّا إذَا ظَهَرَتْ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ لَأَعَادَ أَبَدًا وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ أَبِي الْفَرَجِ لَكِنْ يَبْعُدُ إرَادَةُ الْمُصَنِّفِ بِتَأْوِيلِ أَبِي الْفَرَجِ مُقَابَلَةَ الْمَشْكُوكِ بِالْمُحَقَّقِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ الشَّكُّ فِي الْإِصَابَةِ وَلِذَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَبِالْمُحَقَّقِ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ (قَوْلُهُ: مُرَاعَاةً إلَخْ) هَذَا مِنْ بَابِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَلَيْسَ فِيهِ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ لِمُجْتَهِدٍ آخَرَ الَّذِي هُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ إنْ عَلِمَ بِإِصَابَةِ النَّجَاسَةِ لِمَا تَيَمَّمَ عَلَيْهِ حِينَ التَّيَمُّمِ أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حِينَ التَّيَمُّمِ بَلْ جَهِلَ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّيَمُّمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَحَقَّقَ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ) أَيْ الَّذِي تُطْلَبُ فِيهِ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: أَيْ كُرِهَ) عَلَى هَذَا حَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ يُمْنَعُ وَطْءُ الْمُسَافِرِ وَتَقْبِيلُهُ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِيهِمَا قَالَ طفى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاسْتَشْكَلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَنْعِ بِجَوَازِ السَّفَرِ فِي طَرِيقٍ يُتَيَقَّنُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ طَلَبًا لِلْمَالِ وَرَعْيِ الْمَوَاشِي وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ تَجْوِيزِ تَرْكِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِهِ وَالْمَنْعُ مِنْهُ بَعْدَهُ وَالْمَقْدُورُ عَلَيْهِ الَّذِي جَوَّزُوا تَرْكَهُ قَبْلَ حُصُولِهِ هُوَ الطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الطَّهَارَةَ الْمَائِيَّةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُعْتَرَضِ بِهَا غَيْرُ حَاصِلَةٍ بِالْفِعْلِ فَلِذَا جَازَ تَرْكُهَا وَفِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ حَاصِلَةٌ بِالْفِعْلِ فَلِذَا مُنِعَ تَرْكُهَا (قَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) فَيُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ تَقْبِيلِ زَوْجَتِهِ وَالْمَرْأَةُ مِنْ تَقْبِيلِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ وَكَذَا يُمْنَعُ بِمَعْنَى يُكْرَهُ غَيْرُ التَّقْبِيلِ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ كَإِخْرَاجِ الرِّيحِ أَوْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَدَمُ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَأَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ عَدَمُ إخْرَاجِ الرِّيحِ أَوْ الْبَوْلِ فَإِنْ شَقَّ جَازَ إخْرَاجُهُ وَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ يُمْنَعُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَكَذَا إخْرَاجُ الْمَنِيِّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ كَمُبَاشَرَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْجِمَاعُ إذَا كَانَ طَاهِرًا أَوْ عَادِمًا لِلْمَاءِ وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادِمَ مَاءٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُغْتَسِلَ عَادِمٌ لِلْمَاءِ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْجِمَاعِ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: يَنْشَأُ عَنْهُ ضَرَرٌ) أَيْ بِبَدَنِهِ أَوْ خَوْفُ الْعَنَتِ وَقَوْلُهُ: فَيَجُوزُ الْجِمَاعُ أَيْ وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا وَيَنْتَقِلَانِ لِلتَّيَمُّمِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِطُولٍ رَاجِعٌ لِجِمَاعِ مُغْتَسِلٍ لَا لَهُ وَلِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ التَّقْبِيلُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ضَرَرٌ بِتَرْكِ التَّقْبِيلِ وَأَيْضًا الْجِمَاعُ فِيهِ انْكِسَارُ الشَّهْوَةِ وَتَسْكِينُ مَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ التَّقْبِيلِ فَإِنَّهُ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةُ وَيُهَيِّجُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى النَّهَارِيَّاتِ صَلَّى ثَلَاثًا كُلُّ صَلَاةٍ بِتَيَمُّمٍ وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى اللَّيْلَتَيْنِ صَلَّى اثْنَيْنِ كُلُّ صَلَاةٍ بِتَيَمُّمٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا لَا فَرْضَ آخَرَ

[فصل في مسح الجرح أو الجبيرة بدلا عن الغسل للضرورة]

جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ صَلَّى خَمْسًا كَمَا سَيَأْتِي وَكُلُّ صَلَاةٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَيَمُّمٍ (وَقُدِّمَ) فِي الْغُسْلِ (ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ جُنُبٌ) حَيٌّ لِحَقِّيَّةِ الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ لِلْحَيِّ لَكَانَ أَحَقَّ بِهِ (إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ) عَلَى الْحَيِّ آدَمِيًّا أَوْ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَيِّتِ صَاحِبُ الْمَاءِ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ وَيُيَمِّمُ الْمَيِّتَ (كَكَوْنِهِ) أَيْ الْمَاءِ مَمْلُوكًا (لَهُمَا) أَيْ لِلْمَيِّتِ وَالْجُنُبِ الْحَيِّ فَيُقَدَّمُ الْجُنُبُ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْحَيِّ لِخِطَابِهِ وَعَدَمِ خِطَابِ الْمَيِّتِ (وَضَمِنَ) الْحَيُّ الْمُقَدَّمُ فِي خَوْفِ الْعَطَشِ وَفِي كَوْنِهِ لَهُمَا (قِيمَتَهُ) جَمِيعَهَا فِي الْأَوْلَى وَحَظَّ الْمَيِّتِ فِي الثَّانِيَةِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فِيهِمَا (وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ) أَيْ أَدَاؤُهَا فِي الْوَقْتِ (وَقَضَاؤُهَا) فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ أَوْ التُّرَابُ (بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ) كَمَصْلُوبٍ أَوْ فَوْقَ شَجَرَةٍ وَتَحْتَهُ سَبُعٌ مَثَلًا أَوْ مَحْبُوسٌ فِي حَبْسٍ مَبْنِيٍّ بِالْآجُرِّ وَمَفْرُوشٍ بِهِ مَثَلًا [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ (إنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ) بِالضَّمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ جُنُبٌ حَيٌّ) أَيْ فَيُغَسَّلُ الْمَيِّتُ صَاحِبُ الْمَاءِ وَيَتَيَمَّمُ الْجُنُبُ الْحَيُّ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحَقَّ بِهِ) أَيْ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَمَّمَ الْمَيِّتَ وَيَغْتَسِلَ بِالْمَاءِ صَاحِبُهُ الْجُنُبُ الْحَيُّ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ مِنْ عَجْنٍ وَطَبْخٍ مِثْلُ الْعَطَشِ كَذَا فِي كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ الْجُنُبُ) أَيْ فِي الْغُسْلِ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ قِيمَتَهُ) فَيُؤَدِّيهَا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ حَالًا إنْ كَانَ مَلِيًّا وَتُتْبَعُ بِهَا ذِمَّتُهُ إنْ كَانَ مُعْدِمًا وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ الْآتِيَةِ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَخَفُّ مِنْهُ وَأُورِدَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ أَنَّ الْمَاءَ مِثْلِيٌّ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ ضَمَانُ الْمِثْلِ لَا الْقِيمَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ الْمِثْلَ لَكَانَ إمَّا بِمَوْضِعِهِ وَهُوَ غَايَةُ الْحَرَجِ لِإِلْزَامِهِ بِإِيصَالِ الْمَاءِ لِذَلِكَ الْمَحِلِّ وَإِمَّا بِمَوْضِعِ التَّحَاكُمِ أَيْ عِنْدَ الْقُدُومِ لِبَلَدٍ فِيهَا قَاضٍ يَحْكُمُ وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ قِيمَةٌ فِيهِ فَيَكُونُ غَبْنًا عَلَى الْوَرَثَةِ فَارْتُكِبَتْ حَالَةٌ وُسْطَى لَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى أَحَدٍ وَهِيَ لُزُومُ الْقِيمَةِ بِمَحِلِّ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ وَقَضَاؤُهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَمْكَنَ إيمَاؤُهُ لِلْأَرْضِ أَمْ لَا وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ لِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ أَدَائِهَا وَقَدْ عُدِمَ وَشَرْطُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ تَعَلُّقُ الْأَدَاءِ بِالْقَاضِي وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ أَصْبَغُ يَقْضِي وَلَا يُؤَدِّي لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَرْعٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْأَدَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْقَاضِي أَيْ أَنَّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ بِالْأَدَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْقَاضِي مِنْ النَّاسِ وَإِنَّمَا كَانَ لَا يُؤَدِّي لِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ الصَّعِيدِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَقَدْ عُدِمَ وَقَالَ أَشْهَبُ يَجِبُ الْأَدَاءُ فَقَطْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّخْصَ مَطْلُوبٌ بِمَا يُمْكِنُهُ وَالْأَدَاءُ مُمْكِنٌ لَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ احْتِيَاطًا وَقَالَ الْقَابِسِيُّ مَحَلُّ سُقُوطِهَا أَدَاءً وَقَضَاءً إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْإِيمَاءُ لِلتَّيَمُّمِ كَالْمَحْبُوسِ بِمَكَانٍ مَبْنِيٍّ بِالْآجُرِّ وَمَفْرُوشٍ بِهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِيمَاءُ كَالْمَرْبُوطِ وَمَنْ فَوْقَ شَجَرَةٍ وَتَحْتَهُ سَبُعٌ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُومِئُ لِلتَّيَمُّمِ إلَى الْأَرْضِ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَيُؤَدِّيهَا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَصْلُوبٍ إلَخْ) أَيْ وَكَرَاكِبٍ سَفِينَةً لَا يَصِلُ إلَى الْمَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَ شَجَرَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهَا وَإِلَّا تَيَمَّمَ عَلَيْهَا وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْحَشِيشِ أَوْ الْخَشَبِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يُعَدُّ مَنْ كَانَ فَوْقَ الشَّجَرَةِ وَتَحْتَهُ سَبُعٌ عَادِمًا لِلصَّعِيدِ أَوْ يُقَالُ أَنَّ الشَّارِحَ بَنَى كَلَامَهُ هُنَا عَلَى مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ عَلَى الْخَشَبِ [فَصْلٌ فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْغَسْلِ لِلضَّرُورَةِ] . (فَصْلٌ فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ) لَمَّا كَانَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا رُخْصَةٌ فِي الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ وَالتُّرَابِيَّةِ نَاسَبَ تَأْخِيرَ هَذَا الْفَصْلِ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: إنْ خِيفَ) الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ هُنَا

اسْمٌ لِلْمَحَلِّ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَلَيْسَ بِمُرَادِهِ هُنَا خَوْفًا (كَالتَّيَمُّمِ) أَيْ كَالْخَوْفِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَضًا أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ (مَسَحَ) مَرَّةً وُجُوبًا إنْ خِيفَ هَلَاكٌ أَوْ شِدَّةُ أَذًى كَتَعْطِيلِ مَنْفَعَةٍ مِنْ ذَهَابِ سَمْعٍ أَوْ بَصَرٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَنَدْبًا وَمِثْلُ الْجُرْحِ غَيْرُهُ كَالرَّمَدِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَسْحَ عَلَيْهِ مُسِحَتْ (جَبِيرَتُهُ) أَيْ جَبِيرَةُ الْجُرْحِ وَهِيَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَيْهِ وَفَسَّرَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ بِالْأَعْوَادِ الَّتِي تُرْبَطُ عَلَى الْكَسْرِ وَالْجُرْحِ وَيَعُمُّهَا بِالْمَسْحِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ وَيَجُوزُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ الدَّوَاءِ وَتَرْكِ خِرْقَةٍ عَلَى الرَّمَدِ وَلَكِنْ كَانَ الْمَاءُ يَضُرُّهُ أَنْ يَضَعَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَمْسَحَ وَلَا يَرْفَعُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَإِلَّا بَطَلَ وُضُوءُهُ أَوْ غُسْلُهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَسْحِ الْجَبِيرَةِ مُسِحَتْ (عِصَابَتُهُ) الَّتِي تُرْبَطُ فَوْقَ الْجَبِيرَةِ وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ حَلُّهَا وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْعَصَائِبُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنُهُ الْمَسْحُ عَلَى مَا تَحْتَهَا وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ ثُمَّ شَبَّهَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَفَصْدٍ) أَيْ كَمَسْحِهِ عَلَى فَصْدٍ ثُمَّ جَبِيرَتِهِ ثُمَّ عِصَابَتِهِ (وَ) عَلَى (مَرَارَةٍ) تُجْعَلُ عَلَى ظُفْرٍ كُسِرَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ لِلضَّرُورَةِ (وَ) عَلَى (قِرْطَاسِ صُدْغٍ) يُلْصَقُ عَلَيْهِ لِصُدَاعٍ وَنَحْوِهِ (وَ) عَلَى (عِمَامَةٍ خِيفَ بِنَزْعِهَا) ضَرَرٌ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَسْحِ مَا هِيَ مَلْفُوفَةٌ عَلَيْهِ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ أَتَى بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِلْمُ وَالظَّنُّ وَقَوْلُهُ: غَسْلُ جُرْحٍ أَيْ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ فِي جَسَدِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ وَمِثْلُ الْجُرْحِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ الْمَحَلُّ الْمَأْلُومُ مِنْ رَمَدٍ أَوْ دُمَّلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلْمَحَلِّ) أَيْ الْمَجْرُوحِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِمُرَادٍ هُنَا) أَيْ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُمْسَحُ (قَوْلُهُ: أَيْ كَالْخَوْفِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ هُنَا إنْ خِيفَ بِغَسْلِ الْجُرْحِ مَرَضٌ أَوْ زِيَادَتُهُ أَوْ تَأَخَّرَ بُرْءٌ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْخَوْفِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِنَادٍ إلَى سَبَبٍ كَإِخْبَارِ طَبِيبٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ أَوْ إخْبَارِ مُوَافِقٍ لَهُ فِي الْمِزَاجِ (قَوْلُهُ: مَسَحَ) أَيْ ذَلِكَ الْجُرْحَ مُبَاشَرَةً (قَوْلُهُ: مَرَّةً) أَيْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ الْمَجْرُوحُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: إنْ خِيفَ هَلَاكٌ) أَيْ بِغَسْلِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَنَدْبًا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَافَ بِغُسْلِهِ مَرَضًا غَيْرَ شَدِيدٍ كَانَ الْمَسْحُ مَنْدُوبًا وَأَمَّا إنْ خَافَ بِغَسْلِهِ مُجَرَّدَ الْمَشَقَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فَمُجَرَّدُ الْمَشَقَّةِ لَا تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ إلَخْ) الْأُولَى مَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ فِي تَفْسِيرِهَا مِنْ أَنَّهَا مَا يَطِيبُ بِهِ الْجُرْحُ كَانَ ذَرُورًا أَوْ أَعْوَادًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَعُمُّهَا بِالْمَسْحِ) أَيْ وَإِذَا مَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ فَإِنَّهُ يَعُمُّهَا بِالْمَسْحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّمَدِ) أَيْ أَوْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَضَعَهُ) أَيْ أَنْ يَضَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّوَاءِ وَالْخِرْقَةِ عَلَى الرَّمَدِ أَوْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْفَعُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّوَاءِ وَالْخِرْقَةِ أَيْ وَلَا يَرْفَعُهُ مِنْ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الْعَيْنِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عِصَابَتُهُ) هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ إذَا صِيغَ اسْمٌ عَلَى وَزْنِ فَعَالَةٍ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى الشَّيْءِ نَحْوَ الْعِمَامَةِ فَهُوَ بِالْكَسْرِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ فِي حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ عَنْ الزَّجَّاجِ (قَوْلُهُ: الَّتِي تُرْبَطُ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي تُرْبَطُ فَوْقَ الْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ حَلُّهَا) أَيْ وَكَذَا يَمْسَحُ عَلَى الْعِصَابَةِ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَلَكِنْ تَعَذَّرَ حَلُّ الْعِصَابَةِ الْمَرْبُوطَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْعَصَائِبُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ عِصَابَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَمْكَنَهُ الْمَسْحُ عَلَى مَا تَحْتَ لَمْ يُجْزِهِ الْمَسْحُ فَوْقَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ مَنْ كَثُرَتْ عَصَائِبُهُ وَأَمْكَنَ مَسْحُ أَسْفَلِهَا لَمْ يُجْزِهِ عَلَى مَا فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَسْحِهِ عَلَى فَصْدٍ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ مَسْحُهُ عَلَى فَصْدٍ ثُمَّ جَبِيرَتِهِ ثُمَّ عِصَابَتِهِ فَالْفَصْدُ مِثْلُ الْجُرْحِ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ غَسْلَهُ بِأَنْ خَافَ بِغَسْلِهِ مَرَضًا أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَسْحَ عَلَيْهِ مَسَحَ عَلَى جَبِيرَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مَسَحَ عَلَى الْعِصَابَةِ (قَوْلُهُ: وَمَرَارَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى فَصْدٍ أَيْ كَمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى فَصْدٍ وَعَلَى مَرَارَةٍ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ غَسْلَ مَا تَحْتَهَا مِنْ الظُّفْرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ) أَيْ كَمَرَارَةِ خِنْزِيرٍ وَسَوَاءٌ تَعَذَّرَ نَزْعُهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: عَلَى قِرْطَاسِ صُدْغٍ) أَيْ وَكَمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى قِرْطَاسٍ يُلْصَقُ عَلَى صُدْغٍ لِصُدَاعٍ حَيْثُ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ غَسْلَ الصُّدْغِ (قَوْلُهُ: وَعِمَامَةٌ) أَيْ وَكَمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى عِمَامَةٍ خِيفَ بِنَزْعِهَا ضَرَرُ الرَّأْسِ أَيْ بِأَنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ حُدُوثَ مَرَضٍ فِيهَا أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ: كَالْقَلَنْسُوَةِ) أَيْ وَهِيَ الطَّاقِيَّةُ وَقَوْلُهُ: إنْ

[شرط المسح على الجرح]

وَكَمَّلَ عَلَى الْعِمَامَةِ وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَعْضُهُمْ قَرَأَ مَرَارَةً وَمَا بَعْدَهُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى جَبِيرَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسْحِ وَتَرْتِيبِهِ فِي الْوُضُوءِ بَلْ (وَإِنْ بِغُسْلٍ) فَمَنْ بِرَأْسِهِ مَثَلًا نَزْلَةٌ أَوْ جُرْحٌ وَإِذَا غَسَلَهُ حَصَلَ لَهُ الضَّرَرُ مَسَحَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى جَبِيرَتِهِ ثُمَّ عَلَى الْعِصَابَةِ أَوْ الْعِمَامَةِ وَيَجُوزُ الْمَسْحُ إنْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ أَوْ الْعِصَابَةَ عَلَى طُهْرٍ (أَوْ بِلَا طُهْرٍ وَ) إنْ (انْتَشَرَتْ) وَجَاوَزَتْ الْمَحَلَّ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطَ الْمَسْحِ بِقَوْلِهِ (إنْ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ) وَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْبَدَنِ فِي الْغُسْلِ وَجَمِيعُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْمُرَادُ أَعْضَاءُ الْفَرْدِ وَالْمُرَادُ بِالْجُلِّ مَا عَدَا الْأَقَلِّ فَيَشْمَلُ النِّصْفَ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) صَحَّ (أَقَلُّهُ) وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَلَك أَنْ تُدْخِلَ النِّصْفَ فِي الْأَقَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُلِّ حَقِيقَتُهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ) أَيْ الصَّحِيحُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَرَّ غُسْلُ الصَّحِيحِ (فَفَرْضُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَسْحِ مَا هِيَ مَلْفُوفَةٌ عَلَيْهِ أَيْ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ تَعَيَّنَ نَقْضُهَا وَالْمَسْحُ عَلَى مَا هِيَ مَلْفُوفَةٌ عَلَيْهِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِنَقْضِهَا وَعَوْدِهَا وَإِلَّا مَسَحَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكَمَّلَ عَلَى الْعِمَامَةِ وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ فَقَطْ فَقِيلَ يَمْسَحُ عَلَيْهِ فَقَطْ وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّكْمِيلُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَقِيلَ بِاسْتِحْبَابِ التَّكْمِيلِ عَلَيْهَا وَالْقَوْلَانِ ضَعِيفَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ وُجُوبِ التَّكْمِيلِ عَلَيْهَا فَمُقَابِلُ الْمُعْتَمَدِ قَوْلَانِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ) أَيْ الْعَلَّامَةُ الْخَرَشِيُّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى جَبِيرَةٍ) أَيْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَرَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْجَبِيرَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسْحِ) أَيْ مِنْ تَرْخِيصِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَإِنْ بِغُسْلٍ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مِنْ حَرَامٍ لِأَنَّ مَعْصِيَةَ الزِّنَا قَدْ انْقَطَعَتْ فَوَقَعَ الْغُسْلُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ الْمَسْحُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَلَبِّسٍ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَا دَاخِلٍ فِيهَا فَلَا تُقَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَا يُقَصِّرُ وَلَا يُفْطِرُ (قَوْلُهُ: نَزْلَةٌ) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ مَنْ بِرَأْسِهِ ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ جُنُبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا طُهْرٍ) أَيْ بَلْ وَإِنْ وَضَعَهَا مِنْ غَيْرِ طُهْرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَشَرَتْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْعِصَابَةُ قَدْرَ الْمَحَلِّ الْمَأْلُومِ بَلْ وَإِنْ انْتَشَرَتْ الْعِصَابَةُ وَجَاوَزَتْ مَحَلَّ الْأَلَمِ وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ لِأَنَّ انْتِشَارَهَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الشَّدِّ وَمِنْ لَوَازِمِهِ [شَرْط الْمَسْح عَلَى الْجُرْح] (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطَ الْمَسْحِ) أَيْ عَلَى الْمَأْلُومِ وَغَسْلِ مَا سِوَاهُ (قَوْلُهُ: إنْ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ) . حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ خَمْسُ صُوَرٍ اثْنَتَانِ يَغْسِلُ فِيهِمَا الصَّحِيحَ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجَرِيحِ وَثَلَاثٌ يَتَيَمَّمُ فِيهَا فَلَوْ غَسَلَ الصَّحِيحَ وَالْمَأْلُومِ فِي الْجَمِيعِ أَجْزَأَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَ وَأَمَّا لَوْ غَسَلَ الصَّحِيحَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَرِيحِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي يَتَيَمَّمُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّيَمُّمِ أَوْ غَسْلِ الْجَمِيعِ كَمَا فِي عبق وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لَكِنْ نُقِلَ ح عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ الْإِجْزَاءُ قَائِلًا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِجَسَدِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ أَعْضَاءُ الْفَرْضِ أَيْ الْأَعْضَاءُ الَّتِي غَسْلُهَا فَرْضٌ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ الْمُقَابِلَةِ) أَيْ مُقَابِلَتِهِ الْجُلَّ بِالْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ) أَيْ وَالْحَالُ إنْ غَسَلَ الصَّحِيحَ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا يَضُرُّ الْجَرِيحَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفَرْضُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ضَرَّ غَسْلُ الصَّحِيحِ لِلْجَرِيحِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ أَوْ أَقَلُّهُ فَإِذَا كَانَتْ الْجِرَاحَاتُ فِي يَدَيْهِ وَكَانَ غَسْلُ الصَّحِيحِ يَضُرُّ بِيَدَيْهِ لِتَنَاوُلِ الْمَاءِ بِهِمَا تَيَمَّمَ حِينَئِذٍ. (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ كَوْنِ فَرْضِهِ التَّيَمُّمُ عِنْدَ الضَّرَرِ إذَا كَانَ غَسْلُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّحِيحِ يَضُرُّ بِالْجَرِيحِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُ الصَّحِيحِ

أَيْ الْفَرْضُ لَهُ (التَّيَمُّمُ) لِأَنَّهُ صَارَ كَمَنْ عَمَّتُهُ الْجِرَاحُ (كَأَنْ قَلَّ) الصَّحِيحُ (جِدًّا كَيَدٍ) أَوْ رِجْلٍ فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ إذْ التَّافِهُ لَا حُكْمَ لَهُ (وَإِنْ) تَكَلَّفَ وَ (غَسَلَ) الْجُرْحَ أَوْ مَعَ الصَّحِيحِ الضَّارِّ غُسْلُهُ (أَجْزَأَ) لِإِتْيَانِهِ بِالْأَصْلِ (وَإِنْ) (تَعَذَّرَ) أَوْ شَقَّ (مَسُّهَا) أَيْ الْجِرَاحِ (وَهِيَ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ) الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (تَرَكَهَا) بِلَا غُسْلٍ وَلَا مَسْحٍ لِتَعَذُّرِ مَسِّهَا (وَتَوَضَّأَ) وُضُوءًا نَاقِصًا بِأَنْ يَغْسِلَ أَوْ يَمْسَحَ مَا عَدَاهَا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إذْ لَوْ تَيَمَّمَ لِتَرْكِهَا أَيْضًا وَوُضُوءٌ نَاقِصٌ مُقَدَّمٌ عَلَى تَيَمُّمٍ نَاقِصٍ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ وَلَوْ قَالَ تَرَكَهَا وَغَسَلَ الْبَاقِي لَشَمِلَ الْغُسْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا غُسِلَ لَا يَضُرُّ بِالْجَرِيحِ وَبَعْضُهُ إذَا غُسِلَ يَضُرُّ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ مَا يُضَرُّ وَيَغْسِلُ مَا لَا يُضَرُّ وَلَا يَتَيَمَّمُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ بِعَيْنَيْهِ وَكَانَ غَسْلُ بَاقِي وَجْهِهِ يَضُرُّ بِعَيْنَيْهِ وَغَسْلُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ لَا يَضُرُّ بِهِمَا فَإِنَّهُ يَمْسَحُ بَقِيَّةَ وَجْهِهِ وَيُكْمِلُ وُضُوءَهُ وَلَا يَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْفَرْضُ لَهُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَالْفَرْضُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَ (قَوْلُهُ: كَمَنْ عَمَّتْهُ الْجِرَاحُ) أَيْ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحُ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَتَعَذَّرَ الْغُسْلُ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَلَّ جِدًّا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ إذَا قَلَّ الصَّحِيحُ جِدًّا كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ غَسَلَ ذَلِكَ الصَّحِيحَ بِالْجَرِيحِ (قَوْلُهُ: إذْ التَّافِهُ لَا حُكْمَ لَهُ) أَيْ فَكَأَنَّ الْجِرَاحَاتِ عَمَّتْ جَمِيعَ الْجَسَدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غُسِلَ أَجْزَأَ) أَيْ وَإِنْ تَكَلَّفَ مِنْ فَرْضِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغُسْلِ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ فِيمَا عَدَاهُمَا وَغَسَلَ الْجَمِيعَ الْمَأْلُومَ وَغَيْرَهُ أَجْزَأَ لِإِتْيَانِهِ بِالْأَصْلِ كَصَلَاةِ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْجُلُوسُ قَائِمًا (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ الْجُرْحِ) أَيْ مَعَ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا يَضُرُّ غَسْلُهُ الْجُرْحَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَ مَسُّهَا) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ إنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ كَالتَّيَمُّمِ، مَسَحَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ وَقَدَرَ عَلَى مَسِّهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَسَحَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُرْحَ إمَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى مَسِّهِ أَوْ لَا فَالْأَوَّلُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَالثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا تَعَذَّرَ مَسُّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَوْ لَا يَكُونَ فِيهَا وَقَدْ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَعَذَّرَ مَسُّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَ مَسُّهَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا جَبِيرَةَ عَلَيْهَا لِتَأَلُّمِهِ بِهَا أَوْ كَانَتْ لَا تَثْبُتُ لِكَوْنِ الْجُرْحِ تَحْتَ الْمَارِنِ أَوْ لَا يُمْكِنُ وَضْعُهَا لِكَوْنِ الْجُرْحِ بِأَشْفَارِ الْعَيْنِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَعَذَّرَ مَسُّهَا بِكُلٍّ مِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ مَسُّهَا بِالْمَاءِ خَاصَّةً وَأَمْكَنَ مَسُّهَا بِالتُّرَابِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهَا ولَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ التُّرَابِيَّةَ الْكَامِلَةَ خَيْرٌ مِنْ الْمَائِيَّةِ النَّاقِصَةِ كَذَا فِي عبق وخش (قَوْلُهُ: الْوَجْهُ وَالْيَدَيْنِ) أَيْ لِلْمِرْفَقَيْنِ كَمَا قَالَ ح وَالْجِيزِيُّ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مَسْحُهُ فِي التَّيَمُّمِ وَلِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ مِنْ الْكُوعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ عج وعبق أَنَّ الْمُرَادَ بِأَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ لِلْكُوعَيْنِ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِي ذِرَاعِهِ وَتَعَذَّرَ مَسُّهَا فَإِنَّهُ يَتْرُكُهَا وَيَتَيَمَّمُ عَلَى مَا قَالَهُ ح وَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الْآتِيَةُ فِي الْمَتْنِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: تَرَكَهَا) أَيْ لِأَنَّهَا كَعُضْوٍ سَقَطَ (قَوْلُهُ: وَتَوَضَّأَ وُضُوءًا نَاقِصًا) أَيْ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْوُضُوءُ مُمْكِنًا أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِفَقْدِ الْمَاءِ أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ أَوْ يَأْتِي بِتَيَمُّمٍ نَاقِصٍ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ غَسْلُ الصَّحِيحِ لَا يَضُرُّ بِالْجَرِيحِ فَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فَانْظُرْ هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ كَعَادِمِ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ أَوْ يَأْتِي بِتَيَمُّمٍ نَاقِصٍ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَاسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا فَإِنْ كَانَتْ أَعْضَاءُ التَّيَمُّمِ كُلُّهَا مَأْلُومَةً وَلَا يَقْدِرُ عَلَى مَسِّهَا لَا بِمَاءٍ وَلَا بِتُرَابٍ وَالْفَرْضُ إنْ غَسَلَ الصَّحِيحَ يَضُرُّ بِالْجَرِيحِ سَقَطَتْ الصَّلَاةُ عَنْهُ

(وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْجِرَاحُ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ (فَ) فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَوَّلُهَا يَتَيَمَّمُ لِيَأْتِيَ بِطَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ كَامِلَةٍ ثَانِيهَا يَغْسِلُ مَا صَحَّ وَيَسْقُطُ مَحَلُّ الْجِرَاحِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا كَانَ الْجَرِيحُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (ثَالِثُهَا يَتَيَمَّمُ إنْ كَثُرَ) الْجُرْحُ أَيْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ كَثُرَ فِي نَفْسِهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ فَإِنْ قَلَّ الْجُرْحُ غَسَلَ الصَّحِيحَ وَسَقَطَ الْجَرِيحُ (وَرَابِعُهَا يَجْمَعُهُمَا) فَيَغْسِلُ الصَّحِيحَ وَيَتَيَمَّمُ لِلْجَرِيحِ وَيُقَدِّمُ الْمَائِيَّةَ لِئَلَّا يَفْصِلَ بَيْنَ التُّرَابِيَّةِ وَبَيْنَ مَا فُعِلَتْ لَهُ الْمَائِيَّةُ (وَإِنْ) (نَزَعَهَا) أَيْ الْجَبِيرَةَ أَوْ الْمَرَارَةَ أَوْ الْعِصَابَةَ أَوْ الْعِمَامَةَ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا (لِدَوَاءٍ) مَثَلًا (أَوْ سَقَطَتْ) بِنَفْسِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِصَلَاةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِصَلَاةٍ قَطَعَ) أَيْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَأْمُومِهِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ وَلَوْ كَانَ مَأْمُومًا فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَحَدُ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَبَطَلَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى الْكُلِّ وَهَذَا جَوَابُ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ (وَرَدَّهَا وَمَسَحَ) إنْ لَمْ يُطِلْ الزَّمَنَ أَوْ طَالَ نِسْيَانًا وَأَتَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَهَذَا جَوَابُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا (وَإِنْ) (صَحَّ) أَيْ بَرِئَ الْجُرْحُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ (غَسَلَ) الْمَحَلَّ إنْ كَانَ حَقُّهُ الْغَسْلَ كَرَأْسٍ فِي جَنَابَةٍ وَمَسَحَ مَا حَقُّهُ الْمَسْحُ كَصِمَاخِ أُذُنٍ (وَمَسَحَ مُتَوَضِّئٌ) مَاسِحٌ عَلَى عِمَامَتِهِ مَثَلًا (رَأْسَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَعَادِمِ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْجِرَاحُ) أَيْ الَّتِي تَعَذَّرَ مَسُّهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَهَا يَتَيَمَّمُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُ لِيَأْتِيَ بِطَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ كَامِلَةٍ أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ كَانَتْ طَهَارَتُهُ نَاقِصَةً لِتَرْكِهِ الْجَرِيحَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ تَعَذَّرَ مَسُّهُ بِالْمَاءِ وَلَا جَبِيرَةَ عَلَيْهِ لِتَأَلُّمِهِ بِهَا أَوْ لِعَدَمِ ثَبَاتِهَا (قَوْلُهُ: ثَانِيهَا يَغْسِلُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَصَاحِبِ النَّوَادِرِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ هُنَا مَوْجُودٌ وَقَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَرِيحِ (قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا) أَيْ وَهُوَ لِابْنِ بَشِيرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ) أَيْ فَكَأَنَّ الْجَسَدَ كُلَّهُ قَدْ عَمَّتِهِ الْجِرَاحِ (قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا) هُوَ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُ: يَجْمَعُهُمَا أَيْ التَّيَمُّمَ وَغُسْلَ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ قَلَّتْ الْجِرَاحَاتُ أَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ: وَيَتَيَمَّمُ لِلْجَرِيحِ) أَيْ لِأَجْلِهِ فَلَوْ كَانَ يَخْشَى مِنْ الْوُضُوءِ مَرَضًا وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِالتَّيَمُّمِ كَمَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُ الْمَائِيَّةَ) أَيْ وَيُقَدِّمُ الطَّهَارَةَ الْمَائِيَّةَ النَّاقِصَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ التُّرَابِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَفْعَلُهُمَا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَاقِضٌ لَا لِلصَّلَاةِ الْأُولَى فَقَطْ كَذَا قَالَ عج لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَهُوَ هُنَا جُزْءٌ مِنْ الطَّهَارَةِ وَبِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ لِبُطْلَانِ جُزْئِهَا فَيَجِبُ تَجْدِيدُ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ بِتَمَامِهَا وَاَلَّذِي فِي الْبُنَانِيِّ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُمَا لِلصَّلَاةِ الْأُولَى وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يُعِيدُ إلَّا التَّيَمُّمَ إذْ لَا وَجْهَ لِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ نَاقِضٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَهَا) أَيْ الْأُمُورَ الْحَائِلَةَ مِنْ جَبِيرَةٍ وَعِصَابَةٍ وَمَرَارَةٍ وَقِرْطَاسٍ وَعِمَامَةٍ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا وَإِنْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ نَزَعَهَا شَرْطِيَّةٌ وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ رَدَّهَا وَمَسَحَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: قَطَعَ وَرَدَّهَا وَمَسَحَ فَهُوَ جَوَابُ إنْ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ السُّقُوطُ بِصَلَاةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ قَطَعَ جَوَابٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَرَدَّهَا وَمَسَحَ جَوَابُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَذْفِ (قَوْلُهُ: لِدَوَاءٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَوْ نَزَعَهَا عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ لِدَوَاءٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ السُّقُوطُ بِصَلَاةٍ (قَوْلُهُ: وَمَسَحَ) أَيْ مَا كَانَ مَسَحَ عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْ الْجَبِيرَةِ أَوْ الْعِصَابَةِ أَوْ الْمَرَارَةِ أَوْ الْقِرْطَاسِ أَوْ الْعِمَامَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُطِلْ الزَّمَنَ) أَيْ زَمَنَ تَأْخِيرِ الْمَسْحِ سَوَاءٌ كَانَ التَّأْخِيرُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ: نِسْيَانًا) أَيْ لَا عَمْدًا فَتَبْطُلُ الطَّهَارَةُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَخَّرَ الْمَسْحَ جَرَى عَلَى حُكْمِ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ كَوْنِهِ يَبْنِي بِنِيَّةٍ إنْ أَخَّرَ نَاسِيًا مُطْلَقًا أَيْ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ قَصُرَ وَإِنْ أَخَّرَ عَامِدًا بَنَى عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ طَهَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ: كَرَأْسٍ فِي جَنَابَةٍ) أَيْ وَرَجُلٍ فِي وُضُوءٍ فَإِذَا كَانَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَبِيرَةٌ وَمَسَحَ عَلَى رِجْلِهِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ عَلَى رَأْسِهِ فِي الْغُسْلِ ثُمَّ صَحَّ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ الرَّأْسَ أَوْ الرِّجْلَ (قَوْلُهُ: كَصِمَاخِ أُذُنٍ) أَيْ فِي وُضُوءٍ أَوْ غَسْلٍ فَإِذَا كَانَ الصِّمَاخُ مَأْلُومًا عَلَيْهِ جَبِيرَةٌ مَسَحَ عَلَيْهَا فِي الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ ثُمَّ صَحَّ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ الصِّمَاخَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ وَكَمَسْحِ رَأْسٍ فِي غُسْلٍ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ وَمَسَحَ عَلَى الْعِرْقِيَّةِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى

[فصل في بيان الحيض والنفاس والاستحاضة وما يتعلق بذلك]

وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يُطِلْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَهَارَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ جُنُبًا أَوْ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ وَالْمَحَلُّ فِي أَعْضَاءِ الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ لِغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ فِي الْأَوَّلِ وَجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ فِي الثَّانِي وَانْدَرَجَ الْمَحَلُّ فِي ذَلِكَ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (الْحَيْضُ) (دَمٌ كَصُفْرَةِ) شَيْءٍ كَالصَّدِيدِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ (أَوْ كُدْرَةٌ) بِضَمِّ الْكَافِ شَيْءٌ كَدِرٌ وَلَيْسَ عَلَى أَلْوَانِ الدِّمَاءِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ صُفْرَةٌ أَوْ كُدْرَةٌ بِالْعَطْفِ (خَرَجَ بِنَفْسِهِ) لَا بِسَبَبِ وِلَادَةٍ وَلَا افْتِضَاضٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ هُنَا قَالَ سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ إنَّ مَا خَرَجَ بِعِلَاجٍ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ لَا يُسَمَّى حَيْضًا قَائِلًا الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَبْرَأُ بِهِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلَا تَحِلُّ وَتَوَقَّفَ فِي تَرْكِهَا الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ قَالَ الْمُصَنِّفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْحِ الرَّأْسِ دُونَ غَسْلِهَا فَإِنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ صَحَّ فِعْلُ الْأَصْلِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ الْأُذُنَيْنِ وَالرَّأْسِ فِي الْغُسْلِ وَإِنْ صَحَّ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ وَغَسَلَ أَوْ مَسَحَ (قَوْلُهُ: وَبَنَى بِنِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ وَمَسَحَ مُتَوَضِّئٌ رَأْسَهُ فَوْرًا فَإِنْ تَرَاخَى بَنَى بِنِيَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ بَرِئَ الْجُرْحُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَحَلُّ) أَيْ الْمَأْلُومُ الَّذِي كَانَ يَمْسَحُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَمِيعُ الْأَعْضَاءِ) أَيْ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَانْدَرَجَ الْمَحِلُّ) أَيْ الَّذِي كَانَ مَأْلُومًا فِي ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ نَزَعَهَا لِدَوَاءٍ إلَخْ أَنَّ الْجَبِيرَةَ لَوْ دَارَتْ بِأَنْ زَالَتْ عَنْ مَحَلِّ الْجُرْحِ مَعَ بَقَاءِ الْعِصَابَةِ عَلَيْهِ لَيْسَ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَا يُطْلَبُ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا وَيُطْلَبُ بِرَدِّهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهَا فَإِنْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ عَنْ مَحَلِّ الْجُرْحِ بَطَلَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا وَلَوْ رَدَّهَا سَرِيعًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا قَوْلُ عبق بَطَلَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَرُدَّهَا سَرِيعًا فَإِنْ رَدَّهَا سَرِيعًا فَلَا يُعِيدُ الْمَسْحَ فَغَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن وَشَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِمَا [فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [بَيَان الْحَيْض وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْحَيْضِ) (قَوْلُهُ: دَمٌ كَصُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا لِلدَّمِ بِمَا هُوَ مِنْ أَفْرَادِهِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَهُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مِنْ التَّمْثِيلِ بِالْأَخْفَى نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا فَوْقَ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ مِنْ الدَّمِ الْأَحْمَرِ الْقَانِي أَحْرَى بِالدُّخُولِ فِي التَّعْرِيفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسَمَّى الدَّمِ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ الْأَحْمَرُ الْخَالِصُ الْحُمْرَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْفَرِ وَالْأَكْدَرِ لَا يُسَمَّى دَمًا فَيَكُونُ مِنْ تَشْبِيهِ حَقِيقَةٍ بِأُخْرَى عَلَى عَادَتِهِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ وَالْجَلَّابِ وَالثَّانِي ظَاهِرُ التَّلْقِينِ وَالْبَاجِيِّ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ حَيْضٌ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ رَأَتْهُمَا فِي زَمَنِ الْحَيْضِ أَوْ لَا بِأَنْ رَأَتْهُمَا بَعْدَ عَلَامَةِ الطُّهْرِ وَقِيلَ إنْ كَانَا فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ فَحَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَهُ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ إنَّهُمَا لَيْسَا بِحَيْضٍ مُطْلَقًا حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي يُقَالُ إنَّهُمَا لِضَعْفِهِمَا بِالْخِلَافِ فِيهِمَا عَنْ الدَّمِ الْمُتَّفَقِ عَلَى كَوْنِهِ حَيْضًا شَبَّهَهُمَا بِهِ وَلَمْ يَعْطِفْهُمَا عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَقُولُ دَمٌ أَوْ صُفْرَةٌ أَوْ كُدْرَةٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْعَطْفِ الْمُسَاوَاةُ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْوَى قُوَّةَ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَكَانَ الْأَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ) أَيْ فِي كَوْنِهِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ فَهُوَ بَيَانٌ لِوَجْهِ الشَّبَهِ (قَوْلُهُ: شَيْءٌ كَدِرٌ) أَيْ لَيْسَ بِأَبْيَضَ خَالِصٍ وَلَا أَسْوَدَ خَالِصٍ بَلْ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى أَلْوَانِ الدِّمَاءِ) الْمُرَادُ بِالْأَلْوَانِ الْأَنْوَاعُ وَالْمُرَادُ بِالدِّمَاءِ الدَّمُ الْأَحْمَرُ أَيْ لَيْسَ مُمَاثِلًا لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّمِ الْأَحْمَرِ الْخَالِصِ الْحُمْرَةِ فَالدَّمُ الْأَحْمَرُ لَهُ نَوْعَانِ قَوِيُّ الْحُمْرَةِ وَضَعِيفُهَا وَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالُ الدِّمَاءِ بِالدَّمِ لِأَنَّ الْأَنْوَاعَ إنَّمَا هِيَ لِلْمُفْرَدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ كَالْعِلَّةِ وَالْفَسَادِ مِثْلُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ فَإِنَّ خُرُوجَهُ بِسَبَبِ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ فِي الْبَدَنِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ هُنَا) أَيْ مِنْ أَجْلِ اشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: إنَّ مَا خَرَجَ بِعِلَاجٍ) أَيْ كَشَرْبَةٍ (قَوْلُهُ: لَا تَبْرَأُ بِهِ مِنْ الْعِدَّةِ) أَيْ لَا يَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَتُهَا وَخُرُوجُهَا مِنْهَا وَقَوْلُهُ: وَلَا تَحِلُّ أَيْ وَلَا تَحِلُّ بِسَبَبِهِ لِلْأَزْوَاجِ وَهَذَا عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ وَإِنَّمَا قَالَ الْمَنُوفِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِهِ الْمُعْتَدَّةُ وَلَمْ يَجْزِمْ بِعَدَمِ حِلِّهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ اسْتِعْجَالَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحَيْضِ كَإِسْهَالِ الْبَطْنِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ الْخَارِجُ عَنْ كَوْنِهِ حَدَثًا (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ

وَالظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ عَدَمُ تَرْكِهِمَا اهـ أَيْ لِأَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَدَمَ كَوْنِهِ حَيْضًا تَحِلُّ بِهِ الْمُعْتَدَّةُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُهُمَا وَإِنَّمَا قَالَ عَلَى بَحْثِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي نَفْسِهِ تَرْكُهُمَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ حَيْضًا وَقَضَاؤُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ حَيْضًا وَقَدْ يُقَالُ بَلْ الظَّاهِرُ فِعْلُهُمَا وَقَضَاءُ الصَّوْمِ فَقَطْ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِعَدَمِ نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ اسْتَعْمَلَتْ الدَّوَاءَ لِرَفْعِهِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَيُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ كِنَانَةَ فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عَادَتُهَا ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا فَاسْتَعْمَلَتْ الدَّوَاءَ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا لِرَفْعِهِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَيُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ خِلَافًا لِابْنِ فَرْحُونٍ فَلَيْسَ فِي السَّمَاعِ وَلَا فِي كَلَامِ ابْنِ كِنَانَةَ التَّكَلُّمُ عَلَى جَلْبِهِ فَمَا وَقَعَ لِلْأُجْهُورِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ سَهْوٌ (مِنْ قُبُلِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْخَارِجِ مِنْ الدُّبُرِ أَوْ مِنْ ثُقْبَةٍ وَالْخَارِجِ بِنَفْسِهِ مِنْ صَغِيرَةٍ وَهِيَ مَا دُونَ التِّسْعِ أَوْ آيِسَةٍ كَبِنْتِ سَبْعِينَ، وَسُئِلَ النِّسَاءُ فِي بِنْتِ الْخَمْسِينَ إلَى السَّبْعِينَ فَإِنْ قُلْنَ حَيْضٌ أَوْ شَكَكْنَ فَحَيْضٌ (وَإِنْ) كَانَ الْخَارِجُ (دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِ الدَّفْقَةُ وَبِفَتْحِهَا الْمَرَّةُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَقَلِّهِ بِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ فَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادَةِ وَأَمَّا فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ. (وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَأَةٍ) غَيْرِ حَامِلٍ تَمَادَى بِهَا (نِصْفَ شَهْرٍ) خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ طَهُرَتْ مَكَانَهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِتَمَادِيهِ اسْتِغْرَاقُهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ بَلْ إذَا رَأَتْ بِاسْتِمْرَارِهِ قَطْرَةً فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ حَسَبَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَوْمَ دَمٍ وَإِنْ كَانَتْ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي كُلَّمَا انْقَطَعَ (كَأَقَلِّ الطُّهْرِ) فَإِنَّهُ نِصْفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى بَحْثِهِ) أَيْ اسْتِظْهَارِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَالَ عَلَى بَحْثِهِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ لعج قَصَدَ بِهِ بَيَانَ وَجْهِ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ عَلَى بَحْثِهِ وَلَمْ يُطْلِقْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) هَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ عَلَى عج حَيْثُ قَالَ الظَّاهِرُ فِي نَفْسِهِ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ بَحْثِ الْمَنُوفِيِّ تَرْكُهُمَا وَقَضَاؤُهُمَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَغْوٌ وَحِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ فِعْلُهُمَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ غَيْرَ حَيْضٍ فَلَا يَفُوتُ الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ وَقَضَاءُ الصَّوْمِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَيْضٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ) أَيْ الْمَنُوفِيُّ فِي تَرْكِهَا الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عَادَتُهَا) أَيْ فِي الْحَيْضِ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ كِنَانَةَ فِي اسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ لِأَجْلِ تَعْجِيلِ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: فَمَا وَقَعَ لِلْأُجْهُورِيِّ) أَيْ مِنْ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْمَنُوفِيِّ بِأَنَّ تَوَقَّفَهُ قُصُورٌ مِنْهُ وَاسْتِدْلَالُهُ بِمَا فِي السَّمَاعِ وَبِكَلَامِ ابْنِ كِنَانَةَ مِنْ أَنَّ وُجُودَ الدَّمِ بِدَوَاءٍ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْحَيْضِ سَهْوٌ مِنْهُ قَالَ بْن وَنَصَّ السَّمَاعُ كَمَا فِي ح سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ تُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَتَخَافُ تَعْجِيلَ الْحَيْضِ تَشْرَبُ شَرَابًا لِتَأْخِيرِ الْحَيْضِ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ بِصَوَابٍ وَكَرِهَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا كَرِهَهُ مَخَافَةَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهَا ضَرَرًا بِذَلِكَ فِي جِسْمِهَا اهـ وَفِي الْبَيَانِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يُكْرَهُ مَا بَلَغَنِي أَنَّهُنَّ يَصْنَعْنَ مَا يَتَعَجَّلْنَ بِهِ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ شَرَابٍ أَوْ تَعَالُجٍ ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَضُرَّ بِهَا قَالَ ح فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ إلَّا الْكَرَاهَةُ خَوْفًا مِنْ ضَرَرِ جِسْمِهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ الطُّهْرُ لَبَيَّنَهُ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا لِابْنِ فَرْحُونٍ اهـ فَأَنْتَ تَرَى السَّمَاعَ الْمَذْكُورَ وَكَلَامَ ابْنِ كِنَانَةَ يَدُلَّانِ عَلَى تَأْخِيرِ الدَّمِ عَنْ وَقْتِهِ بِدَوَاءٍ أَوْ رَفْعِهِ بَعْدَ حُصُولِهِ بِدَوَاءٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ طَاهِرًا خِلَافًا لِابْنِ فَرْحُونٍ وَلَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِمَسْأَلَةِ وُجُودِهِ بِدَوَاءٍ كَمَا زَعَمَهُ عج وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِمَا ح إلَّا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَكَلَامَ شَيْخِهِ اهـ كَلَامُ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إمَّا أَنْ تَسْتَعْمِلَ الدَّوَاءَ لِرَفْعِ الْحَيْضِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَفِي هَذِهِ يُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ الَّذِي كَانَ يَأْتِيهَا فِيهِ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ السَّمَاعِ وَإِمَّا أَنْ تَسْتَعْمِلَ الدَّوَاءَ لِأَجْلِ تَعْجِيلِ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ كَمَا لَوْ كَانَ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الدَّمُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَاسْتَعْمَلَتْهُ بَعْدَ إتْيَانِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَانْقَطَعَ فَفِي هَذِهِ يُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ ابْنِ كِنَانَةَ وَإِمَّا أَنْ تَسْتَعْمِلَ الدَّوَاءَ لِأَجْلِ تَعْجِيلِ نُزُولِ الْحَيْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمَنُوفِيِّ الَّتِي اسْتَظْهَرَ فِيهَا أَنَّ النَّازِلَ غَيْرَ حَيْضٍ وَأَنَّهَا طَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ثُقْبَةٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسُئِلَ النِّسَاءُ فِي بِنْتِ الْخَمْسِينَ) أَيْ كَمَا أَنَّهُنَّ يُسْأَلْنَ فِي الْمُرَاهِقَةِ الَّتِي رَاهَقَتْ الْبُلُوغَ وَقَارَبَتْهُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَإِنْ جَزَمْنَ أَوْ شَكَكْنَ فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا مَنْ زَادَ سِنُّهَا عَلَى ذَلِكَ إلَى الْخَمْسِينَ فَيُقْطَعُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ (قَوْلُهُ: الدَّفْقَةُ) هُوَ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ الشَّيْءُ الَّذِي يَنْزِلُ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مُخْتَلِفًا لِأَنَّ الدَّفْعَةَ بِالْفَتْحِ أَعَمُّ مِنْ الدُّفْعَةِ بِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ بِالضَّمِّ مَعْنَاهَا الشَّيْءُ النَّازِلُ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَمَعْنَاهَا النَّازِلُ مَرَّةً وَاحِدَةً نَزَلَ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ فَإِذَا نَزَلَ الدَّمُ وَاسْتَرْسَلَ فِي زَمَانٍ مُتَطَاوِلٍ قِيلَ لَهُ دَفْعَةٌ بِالْفَتْحِ لَا بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ الْمَضْمُومُ أَوْلَى لِعِلْمِ الثَّانِي مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إنْ قُلْتَ بَلْ الْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْمَرَّةَ صَادِقَةٌ بِانْقِطَاعِهِ

[مدة الحيض]

شَهْرٍ لِمُبْتَدَأَةٍ وَغَيْرِهَا وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ (وَ) أَكْثَرُهُ (لِمُعْتَادَةٍ) غَيْرِ حَامِلٍ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَلَوْ مَرَّةً لِأَنَّهَا تَتَقَرَّرُ بِالْمَرَّةِ (ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَيَّامِ (اسْتِظْهَارًا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا) أَيَّامًا لَا وُقُوعًا فَإِذَا اعْتَادَتْ خَمْسَةً ثُمَّ تَمَادَى مَكَثَتْ ثَمَانِيَةً فَإِنْ تَمَادَى فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ مَكَثَتْ أَحَدَ عَشَرَ فَإِنْ تَمَادَى فِي الرَّابِعَةِ مَكَثَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِنْ تَمَادَى فِي مَرَّةٍ أُخْرَى فَلَا تَزِيدُ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ الِاسْتِظْهَارِ بِالثَّلَاثَةِ (مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ) أَيْ نِصْفَ الشَّهْرِ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَوْمَانِ وَمَنْ اعْتَادَتْهُ فَلَا اسْتِظْهَارَ عَلَيْهَا (ثُمَّ هِيَ) بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ أَوْ بُلُوغِ نِصْفِ الشَّهْرِ (طَاهِرٌ) حَقِيقَةً فَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَيُسَمَّى الدَّمُ النَّازِلُ بَعْدَ ذَلِكَ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ وَتُسَمَّى هِيَ مُسْتَحَاضَةً وَلَمَّا كَانَ مَا يَنْزِلُ مِنْ الدَّمِ مِنْ الْحَامِلِ يُسَمَّى عِنْدَنَا حَيْضًا وَكَانَتْ دَلَالَةُ الْحَيْضِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ظَنِّيَّةً وَكَانَ يَكْثُرُ الدَّمُ بِكَثْرَةِ أَشْهُرِ الْحَمْلِ كُلَّمَا عَظُمَ الْحَمْلُ كَثُرَ الدَّمُ أَشَارَ إلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (وَ) أَكْثَرُهُ (لِحَامِلٍ) (بَعْدَ) دُخُولِ (ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) إلَى السِّتَّةِ (النِّصْفُ وَنَحْوُهُ) خَمْسَةُ أَيَّامٍ (وَفِي) دُخُولِ (سِتَّةٍ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ (فَأَكْثَرَ) إلَى آخِرِ الْحَمْلِ (عِشْرُونَ يَوْمًا وَنَحْوُهَا) عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَالْجُمْلَةُ ثَلَاثُونَ (وَهَلْ) حُكْمُ (مَا) أَيْ الدَّمِ الَّذِي (قَبْلَ) الدُّخُولِ فِي ثَالِثِ (الثَّلَاثَةِ) بِأَنْ حَاضَتْ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي (كَمَا بَعْدَهَا) أَيْ النِّصْفُ وَنَحْوُهُ (أَوْ كَالْمُعْتَادَةِ) غَيْرِ الْحَامِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِاسْتِمْرَارِهِ كَثِيرًا وَهَذَا لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَالَغُ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ قُلْتُ الْإِغْيَاءُ بِأَنَّ قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى انْقِطَاعِ الْمَرَّةِ لَا اسْتِمْرَارِهَا الَّذِي لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ فَلَا يُحَدُّ بِرِطْلٍ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ تَحْدِيدِهِ بِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ [مُدَّة الْحَيْض] (قَوْلُهُ: حَسِبَتْ ذَلِكَ يَوْمَ دَمٍ) أَيْ حَتَّى تُكْمِلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَمَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ نِصْفُ شَهْرٍ لِمُبْتَدَأَةٍ وَغَيْرِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ نِصْفِ شَهْرٍ وَالْحَالُ أَنَّهَا بَلَغَتْ أَكْثَرَ حَيْضِهَا مِنْ مُبْتَدَأَةٍ وَمُعْتَادَةٍ فَإِنَّهَا تُلْغِي ذَلِكَ الدَّمَ وَلَا تَتْرُكُ الْعِبَادَةَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَتَقَرَّرُ بِالْمَرَّةِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَتَقَرَّرُ بِالْحُصُولِ مَرَّةً (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ اسْتِظْهَارًا) أَيْ وَلَوْ عَلِمَتْ عَقِبَ حَيْضِهَا أَنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ بِأَنْ مَيَّزَتْ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِذَا اعْتَادَتْ خَمْسَةً) أَيْ بِأَنْ أَتَاهَا الدَّمُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: مَكَثَتْ أَحَدَ عَشَرَ) أَيْ لِاسْتِظْهَارِهَا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا زَمَنًا وَهِيَ الثَّمَانِيَةُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ عَادَتُهَا الْأُولَى وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ وُقُوعًا (قَوْلُهُ: مَكَثَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ) أَيْ لِاسْتِظْهَارِهَا عَلَى عَادَتِهَا الثَّالِثَةِ وَهِيَ الْأَحَدَ عَشَرَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ عَادَتِهَا زَمَنًا وَهِيَ الْخَمْسَةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْأَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ) أَيْ مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ بِالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ نِصْفَ شَهْرٍ أَيْ تَزِيدَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيَوْمَانِ) أَيْ تَسْتَظْهِرُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: وَمَنْ اعْتَادَتْهُ) أَيْ نِصْفَ شَهْرٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ) أَيْ إنْ اسْتَظْهَرَتْ عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ بُلُوغُ نِصْفِ الشَّهْرِ أَيْ إذَا لَمْ تَسْتَظْهِرْ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً لِنِصْفِ شَهْرٍ (قَوْلُهُ: طَاهِرٌ حَقِيقَةً) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ طَاهِرٌ حُكْمًا وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ وَطْؤُهَا وَطَلَاقُهَا وَيُجْبَرُ مُطْلَقًا عَلَى رَجْعَتِهَا وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتَغْتَسِلُ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَقْضِي الصَّوْمَ وُجُوبًا وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فَقَدْ صَلَّتْهَا وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا لَمْ تُخَاطَبْ بِهَا (قَوْلُهُ: ظَنِّيَّةً) أَيْ لَا قَطْعِيَّةٍ وَإِلَّا لَمَا تَأَتَّى الْحَيْضُ مِنْ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُ لِحَامِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَوْ مُعْتَادَةً (قَوْلُهُ: بَعْدَ دُخُولِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَهَلْ مَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: النِّصْفُ) أَيْ النِّصْفُ شَهْرٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ) أَيْ فَالْجُمْلَةُ عِشْرُونَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَامِلَ إذَا حَاضَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ مِنْ حَمْلِهَا أَوْ فِي الرَّابِعِ أَوْ فِي الْخَامِسِ مِنْهُ وَاسْتَمَرَّ الدَّمُ نَازِلًا عَلَيْهَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ فِي حَقِّهَا عِشْرِينَ يَوْمًا وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ (قَوْلُهُ: وَفِي سِتَّةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَامِلَ إذَا حَاضَتْ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ مِنْ حَمْلِهَا أَوْ الثَّامِنِ أَوْ التَّاسِعِ مِنْهُ وَاسْتَمَرَّ الدَّمُ نَازِلًا عَلَيْهَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ فِي حَقِّهَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَأَمَّا إذَا حَاضَتْ فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَا إذَا حَاضَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ شُيُوخِ إفْرِيقِيَّةَ وَرَأَوْا أَنَّ حُكْمَ

تَمْكُثُ عَادَتُهَا وَالِاسْتِظْهَارُ عَلَى التَّحْقِيقِ (قَوْلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي (وَإِنْ) (تَقَطَّعَ طُهْرٌ) أَيْ تَخَلَّلَهُ دَمٌ وَتَسَاوَيَا أَوْ زَادَتْ أَيَّامُ الدَّمِ أَوْ نَقَصَتْ (لَفَّقَتْ) أَيْ جَمَعَتْ (أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ) لَا أَيَّامَ الطُّهْرِ (عَلَى تَفْصِيلِهَا) الْمُتَقَدِّمِ مِنْ مُبْتَدَأَةٍ وَمُعْتَادَةٍ وَحَامِلٍ فَتُلَفِّقُ الْمُبْتَدَأَةُ نِصْفَ شَهْرٍ وَالْمُعْتَادَةُ عَادَتَهَا وَاسْتِظْهَارُهَا وَالْحَامِلُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ النِّصْفُ وَنَحْوُهُ وَفِي سِتَّةٍ فَأَكْثَرَ عِشْرِينَ وَنَحْوِهَا (ثُمَّ هِيَ) بَعْدَ ذَلِكَ (مُسْتَحَاضَةٌ وَتَغْتَسِلُ) الْمُلَفِّقَةُ وُجُوبًا (كُلَّمَا انْقَطَعَ الدَّمُ) عَنْهَا فِي أَيَّامِ التَّلْفِيقِ إلَّا أَنْ تَظُنَّ أَنَّهُ يُعَاوِدُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ فِيهِ فَلَا تُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ (وَتَصُومُ) إنْ كَانَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ طَاهِرًا (وَتُصَلِّي) ـــــــــــــــــــــــــــــQالسِّتَّةِ أَشْهُرٍ حُكْمُ مَا بَعْدَهَا لَا حُكْمُ مَا قَبْلَهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَابِلٌ لِلْحَمْلِ عَلَى كَلَامِ الشُّيُوخِ بِأَنْ يُقَالَ وَفِي دُخُولِ سِتَّةٍ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا وَقَابِلٌ لِلْحَمْلِ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنْ يُقَالَ وَفِي مُضِيِّ سِتَّةٍ كَمَا قَالَ عبق وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ ظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ: تَمْكُثُ عَادَتُهَا وَالِاسْتِظْهَارُ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَحِّ وَنَصُّ ابْنُ يُونُسَ الَّذِي يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنْ تَجْلِسَ فِي الشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ قَدْرَ أَيَّامِهَا وَالِاسْتِظْهَارُ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ فِي شَهْرٍ وَلَا فِي شَهْرَيْنِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهَا حَائِلٌ حَتَّى يَظْهَرُ الْحَمْلُ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اهـ وَخِلَافُ التَّحْقِيقِ قَوْلُ عبق تَبَعًا لعج أَوْ كَالْمُعْتَادَةِ تَمْكُثُ عَادَتَهَا لَكِنْ بِغَيْرِ اسْتِظْهَارٍ وَلَا دَلِيلَ لعج فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَا عَلِمْت مَالِكًا قَالَ فِي الْحَامِلِ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةٍ لَا قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا لِأَنَّ كَلَامَهَا فِي ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهَا حَائِلٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَاخْتَارَهُ الْأَبْيَانِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الْحَامِلَ بِعِلْمِهَا بِالْحَمْلِ بِقَرِينَةٍ كَالْوَحَمِ الْمَعْلُومِ عِنْدَ النِّسَاءِ لِظُهُورِ الْحَمْلِ وَالثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الْحَامِلَ إذَا ظَهَرَ الْحَمْلُ وَهُوَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الثَّالِثِ وَمَا بَعْدَهُ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ رَجَّحَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ رَجَّحَ وَلَكِنَّ الثَّانِي أَرْجَحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَطَّعَ طُهْرٌ) أَيْ لِمُبْتَدَأَةٍ أَوْ لِمُعْتَادَةٍ أَوْ لِحَامِلٍ (قَوْلُهُ: وَتَسَاوَيَا) أَيْ تَسَاوَتْ أَيَّامُ الطُّهْرِ وَأَيَّامُ الْحَيْضِ بِأَنْ أَتَاهَا الدَّمُ يَوْمًا وَانْقَطَعَ يَوْمًا وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَتْ أَيَّامُ الدَّمِ) أَيْ بِأَنْ أَتَاهَا الدَّمُ يَوْمَيْنِ وَانْقَطَعَ يَوْمًا وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَتْ) أَيْ أَيَّامُ الدَّمِ عَنْ أَيَّامِ الطُّهْرِ بِأَنْ أَتَاهَا الدَّمُ يَوْمًا وَانْقَطَعَ يَوْمَيْنِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: لَا أَيَّامُ الطُّهْرِ) أَيْ فَلَا تُلَفِّقُهَا بَلْ تَلْغِيهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تُلَفِّقُ الطُّهْرَ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ الَّتِي فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الدَّمِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهَا تُلَفِّقُ أَيَّامَ الدَّمِ وَتَلْغِي أَيَّامَ الطُّهْرِ فَهُوَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إنْ نَقَصَتْ أَيَّامُ الطُّهْرِ عَنْ أَيَّامِ الدَّمِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ زَادَتْ أَوْ تَسَاوَتْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ أَيَّامَ الطُّهْرِ إذَا تَسَاوَتْ أَيَّامُ الْحَيْضِ أَوْ زَادَتْ فَلَا تُلْغَى وَلَوْ كَانَتْ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بَلْ هِيَ فِي أَيَّامِ الطُّهْرِ طَاهِرٌ تَحْقِيقًا وَفِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَائِضٌ تَحْقِيقًا بِحَيْضٍ مُؤْتَنَفٍ وَهَكَذَا مُدَّةُ عُمْرِهَا وَلَا تَلْفِيقَ وَلَا شَيْءَ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الدَّمِ النَّازِلِ بَعْدَ تَلْفِيقِ عَادَتِهَا أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ تَكُونُ طَاهِرًا وَالدَّمُ النَّازِلُ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ حَيْضًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ تَلْفِيقِهَا أَيَّامَ الدَّمِ عَلَى تَفْصِيلِهَا (قَوْلُهُ: وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ عَنْهَا فِي أَيَّامِ التَّلْفِيقِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ يُعَاوِدُهَا دَمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَظُنَّ أَنَّهُ يُعَاوِدُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ فِيهِ) سَوَاءٌ كَانَ ضَرُورِيًّا أَوْ اخْتِيَارِيًّا فَلَا تُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ قَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْكَلَامِ عبق قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِرَجَاءِ الْحَيْضِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَسْقُطُ عَنْهَا إذَا أَخَّرَتْهَا وَأَتَاهَا الْحَيْضُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الَّذِي لِلْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ أَوْ يَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الزُّهْرِيُّ وَذَهَبَ اللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ لِرَجَاءِ الْحَيْضِ مَكْرُوهٌ فَقَطْ نَقَلَ ذَلِكَ ح عَنْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الصَّوْمِ وَيُفْطِرُ بِسَفَرِ قَصْرٍ إلَخْ وَنَقَلَهُ أَيْضًا الْمَوَّاقُ وَحِّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَكِنْ

وَتُوطَأُ) بَعْدَ طُهْرِهَا فَيُمْكِنُ أَنَّهَا تُصَلِّي وَتَصُومُ فِي جَمِيعِ أَيَّامِ الْحَيْضِ بِأَنْ كَانَ يَأْتِيهَا لَيْلًا وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ فَلَا يَفُوتُهَا شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَتَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَتَطُوفُ الْإِفَاضَةَ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ طَلَاقُهَا وَيُجْبَرُ عَلَى مُرَاجَعَتِهَا. (وَ) الدَّمُ (الْمُمَيَّزُ) فِي زَمَنِ الِاسْتِحَاضَةِ بِتَغَيُّرِ رَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِقَّةٍ أَوْ ثِخَنٍ أَوْ بِتَأَلُّمِهَا لَا بِكَثْرَةٍ أَوْ قِلَّةٍ لِتَبَعِيَّتِهِمَا لِلْمِزَاجِ (بَعْدَ طُهْرٍ تَمَّ) خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (حَيْض) فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَلَوْ مَكَثَتْ طُولَ عُمْرِهَا وَكَذَا لَوْ مَيَّزَتْ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ (وَلَا تَسْتَظْهِرُ) الْمُمَيِّزَةُ بَلْ تَقْتَصِرُ عَلَى عَادَتِهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ مَا مَيَّزَتْهُ بِصِفَةِ الْحَيْضِ الْمُمَيَّزِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِصِفَتِهِ اسْتَظْهَرَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ عَلَامَةِ انْتِهَاءِ الْحَيْضِ بِقَوْلِهِ (وَالطُّهْرُ) مِنْ الْحَيْضِ يَحْصُلُ (بِجُفُوفٍ) وَهُوَ عَدَمُ تَلَوُّثِ الْخِرْقَةِ بِالدَّمِ وَمَا مَعَهُ بِأَنْ تُخْرِجَهَا مِنْ فَرْجِهَا جَافَّةً مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ بَلَلُهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ (أَوْ) يَحْصُلُ بِ (قَصَّةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ (وَهِيَ أَبْلَغُ) مِنْ الْجُفُوفِ (لِمُعْتَادَتِهَا) فَقَطْ أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ بَلْ أَبْلَغُ حَتَّى لِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ فَمُعْتَادَتُهُ إذَا رَأَتْهَا لَا تَنْتَظِرُهُ بِخِلَافِ مُعْتَادَتِهَا إذَا رَأَتْهُ وَإِذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا أَبْلَغُ (فَتَنْتَظِرُهَا) نَدْبًا مُعْتَادَتُهَا فَقَطْ أَوْ هِيَ مَعَ الْجُفُوفِ (لِآخِرِ) الْوَقْتِ (الْمُخْتَارِ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ فَلَا تَسْتَغْرِقُ الْمُخْتَارَ بِالِانْتِظَارِ بَلْ تُوقِعُ الصَّلَاةَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُطَابِقُ فَرَاغَهَا مِنْهَا آخِرَهُ (وَفِي) عَلَامَةِ طُهْرِ (الْمُبْتَدَأَةِ) (تَرَدُّدٌ) فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَنَقَلَ عَنْهُ الْبَاجِيَّ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ وَلَا رَيْبَ فِي إشْكَالِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَتِهِ وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ وَلَمْ يَقُلْ إذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ فَهِيَ تَطْهُرُ بِأَيِّهِمَا سَبَقَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَرَاهَةُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مَا لَمْ يُؤَدِّ التَّأْخِيرُ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَالْإِحْرَامِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ إمَّا عَلَى حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ فَظَاهِرٌ وَإِمَّا عَلَى الْكَرَاهَةِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ عَنْهَا أَيْ نَدْبًا عِنْدَ رَجَاءِ الْحَيْضِ وَوُجُوبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ كُلَّمَا انْقَطَعَ وَلَوْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَيْضَ يَأْتِيهَا فِي الْوَقْتِ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ " عبق " بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا تُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ فَإِنْ اغْتَسَلَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ يَأْتِهَا الدَّمُ فَهَلْ تَعْتَدُّ بِغُسْلِهَا إذَا كَانَتْ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ وَبِالصَّلَاةِ أَوْ لَا تَعْتَدُّ بِهِمَا فِيهِ تَرَدُّدُ كَلَامٍ غَيْرِ صَحِيحٍ اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ: وَتُوطَأُ) أَيْ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: وَالدَّمُ الْمُمَيَّزُ) إنَّمَا قُدِّرَ الْمَوْصُوفُ وَالدَّمُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُمَيَّزِ مِنْ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهِمَا عَنْ كَوْنِهَا مُسْتَحَاضَةً إذْ لَا أَثَرَ لَهُمَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: لِتَبَعِيَّتِهِمَا لِلْمِزَاجِ) أَيْ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ (قَوْلُهُ: حَيْضٌ) أَيْ اتِّفَاقًا فِي الْعِبَادَةِ وَعَلَى الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلَيْنِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ) أَيْ بَاقِيَةٌ عَلَى أَنَّهَا طَاهِرٌ وَلَوْ مَكَثَتْ طُولَ عُمْرِهَا وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُرْتَابَةِ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَيَّزَتْ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ) أَيْ وَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ التَّمْيِيزِ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ التُّونُسِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الدَّمَ الْمُمَيِّزَ بَعْدَ طُهْرٍ ثُمَّ حَيْضٍ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ الدَّمُ الْمُمَيَّزُ نَازِلًا عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَكْثَرَ عَادَتِهَا فَقَطْ وَتَرْجِعُ مُسْتَحَاضَةً كَمَا كَانَتْ قَبْلَ التَّمْيِيزِ وَلَا تَحْتَاجُ لِاسْتِظْهَارِهِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ فِي غَيْرِهَا رَجَاءَ أَنْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ وَهَذِهِ قَدْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِمْرَارُهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَ بِاسْتِظْهَارِهَا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ إلَخْ) أَيْ إنْ عُدِمَ الِاسْتِظْهَارُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَغَيَّرَ الدَّمُ الَّذِي مَيَّزَتْهُ بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَلَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حَالَتِهِ وَأَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى حَالَتِهِ فَإِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ عَدَمَ الِاسْتِظْهَارِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَمَا مَعَهُ) أَيْ مِنْ الْكُدْرَةِ وَالصُّفْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَّةٌ) لَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَتِهَا كَمَا قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَالْفَرْجُ وَرُطُوبَتُهُ عِنْدَنَا نَجَسٌ وَلِقَوْلِ صَاحِبِ التَّلْقِينِ وَالْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِمَا كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ فَهُوَ نَجِسٌ نَقَلَهُ ح عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْهَادِي وَلَا سِيَّمَا وَهِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيْضِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَوَّلُهُ دَمٌ وَآخِرُهُ قَصَّةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بَلْ أَبْلَغُ) أَيْ بَلْ هِيَ أَبْلَغُ حَتَّى لِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهِيَ عِنْدَهُ أَبْلَغُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِهِ) أَيْ مِنْ تَقْيِيدِهِ الْأَبْلَغِيَّةَ بِمُعْتَادَةِ الْقَصَّةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ وَأَجَابَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَبْلَغِيَّتِهَا كَوْنُهَا تَنْتَظِرُ لَا أَنَّهَا تَكْتَفِي بِهَا إذَا سَبَقَتْ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ فِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَيْضًا وَالْجُفُوفُ إذَا اُعْتِيدَ وَحْدَهُ صَارَ مُسَاوِيًا لِلْقَصَّةِ لِلِاكْتِفَاءِ بِالسَّابِقِ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ صَحَّ تَقْيِيدُ الْأَبْلَغِيَّةِ بِمُعْتَادَتِهَا فَتَأَمَّلْهُ. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ مُعْتَادَةَ الْجُفُوفِ إذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُهُ وَإِذَا رَأَتْهُ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ وَأَمَّا مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوَّلًا نُدِبَ لَهَا انْتِظَارُ الْقَصَّةِ لَآخِرِ الْمُخْتَارِ وَإِنْ رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا فَلَا تَنْتَظِرُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ تَنْتَظِرُهُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَا تَطْهُرُ بِالْقَصَّةِ (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَتِهِ) أَيْ وَهِيَ أَبْلَغِيَّةُ الْقَصَّةِ

[موانع الحيض]

وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ أَيْضًا (وَلَيْسَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَائِضِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا (نُظِرَ طُهْرُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ) لَعَلَّهَا تُدْرِكُ الْعِشَاءَيْنِ وَالصَّوْمَ بَلْ يُكْرَهُ إذْ هُوَ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَلِقَوْلِ الْإِمَامِ لَا يُعْجِبُنِي (بَلْ) يَجِبُ عَلَيْهَا نَظَرُهُ (عِنْدَ النَّوْمِ) لَيْلًا لِتَعْلَمَ حُكْمَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالصَّوْمِ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ (وَ) عِنْدَ صَلَاةِ (الصُّبْحِ) وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا فِي الْجَمِيعِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ فَيَجِبُ وُجُوبًا مُضَيِّقًا وَلَوْ شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ سَقَطَتْ الصَّلَاةُ يَعْنِي صَلَاةَ الْعِشَاءَيْنِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا فِي الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّهَا الصُّبْحُ إذْ الصُّبْحُ وَاجِبَةٌ قَطْعًا ثُمَّ بَيَّنَ مَوَانِعَ الْحَيْضِ بِقَوْلِهِ (وَمَنَعَ) الْحَيْضُ (صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَ) مَنَعَ (وُجُوبَهُمَا) وَقَضَاءُ الصَّوْمِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ (وَ) مَنَعَ (طَلَاقًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ إيقَاعُهُ زَمَنَهُ إنْ دَخَلَ وَكَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ وَوَقَعَ وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ أَوْقَعَهُ عَلَى مَنْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا يَوْمَ طُهْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُطْلَقًا لِأَنَّهَا أَدَلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ) أَيْ لِإِفَادَتِهِ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْقَصَّةِ وَالْجُفُوفِ مَعَ أَنَّهَا عِنْدَهُ أَبْلَغُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ فِي نَقْلِ الْمَازِرِيُّ لَا يُفِيدُ مُسَاوَاةَ الْجُفُوفِ لِلْقَصَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسَّائِلِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ الْمُبْتَدَأَةِ إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ لَا يُنَافِي أَنَّ الْقَصَّةَ أَبْلَغُ إذْ مَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ أَمْرٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى كَوْنِهِ عَلَامَةً عَلَى الطُّهْرِ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ الْقَصَّةِ لِلْعِلْمِ بِأَبْلَغِيَّتِهَا وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ وَلَا مُخَالَفَةَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: نُظِرَ طُهْرُهَا) أَيْ نُظِرَ عَلَامَةُ طُهْرِهَا (قَوْلُهُ: لِتَعْلَمَ حُكْمَ صَلَاةِ اللَّيْلِ) فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ قَدْ انْقَطَعَ قَبْلَ النَّوْمِ كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَاجِبَةً عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ صَوْمُ صَبِيحَتِهِ وَلَا يُقَالُ يُحْتَمَلُ عَوْدُ الدَّمِ لَيْلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ انْقِطَاعِهِ وَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ بَاقِيًا كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالصَّوْمُ غَيْرُ وَاجِبَيْنِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّتْ) أَيْ مَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَوْلُهُ سَقَطَتْ الصَّلَاةُ هَذَا مَا فِي النَّقْلِ وَقَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ تَفْسِيرٌ لَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي صَلَاةَ الْعِشَاءَيْنِ) أَيْ وَأَمَّا صَلَاةُ الصُّبْحِ فَوَاجِبَةٌ عَلَيْهَا لِطُهْرِهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِي الصَّوْمِ إمْسَاكُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَضَاؤُهُ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الصَّوْمِ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ (قَوْلُهُ: لَا مَا فِي الشَّارِحِ) يَعْنِي عبق وخش تَبَعًا لعج (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةُ السَّاقِطَةُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَاجِبَةً قَطْعًا) أَيْ لِطُهْرِهَا فِي وَقْتِهَا وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ مَا فِي الشُّرَّاحِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الشَّمْسِ وَشَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَ الشَّمْسِ فَتَسْقُطُ عَنْهَا الصُّبْحُ حِينَئِذٍ كَمَا تَسْقُطُ الْعِشَاءَانِ اُنْظُرْ بْن [مَوَانِع الْحَيْض] (قَوْلُهُ: صِحَّةُ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ) أَيْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَفْلًا أَوْ فَرْضًا كَانَ الْفَرْضُ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً (قَوْلُهُ: وَقَضَاءُ الصَّوْمِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) أَيْ لَا بِأَمْرٍ سَابِقٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ إلَّا عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَالْحَيْضُ مُسْقِطٌ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ وُجُوبُ الْأَدَاءِ بِالْحَائِضِ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ وَإِنَّمَا وَجَبَ قَضَاءُ الصَّوْمِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ مِنْ الشَّارِعِ دُونَ الصَّلَاةِ لِخِفَّةِ مَشَقَّتِهِ بِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) أَيْ بِأَمْرٍ مُتَجَدِّدٍ تَعَلَّقَهُ بَعْدَ الطُّهْرِ إذْ الْحَيْضُ مَنْعُ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ الْأَوَّلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ حَالَةِ وُجُودِهِ (قَوْلُهُ: وَطَلَاقًا) عَطْفٌ عَلَى صِحَّةً كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَيْ وَمَنْعُ الْحَيْضِ طَلَاقًا أَيْ حُرْمَةً فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ اسْتَعْمَلَ الْمَنْعَ فِي الصِّحَّةِ بِمَعْنَى الرَّفْعِ وَفِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى التَّحْرِيمِ فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ إيقَاعُهُ زَمَنَهُ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا حُرْمَةَ فِي طَلَاقِهَا فِي الْحَيْضِ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ) أَيْ وَأَمَّا الْحَامِلُ فَلَا حُرْمَةَ فِي طَلَاقِهَا زَمَنَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ لَكِنْ لَا تَطْوِيلَ عَلَيْهَا فِيهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ سَوَاءٌ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ أَوْ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْقَعَهُ عَلَى مَنْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا يَوْمَ طُهْرِهَا) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ طَلَاقًا وَإِنَّمَا مَنَعَ الطَّلَاقَ فِي يَوْمِ طُهْرِهَا لِأَنَّهُ يَوْمُ حَيْضٍ حُكْمًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ طَاهِرَةٌ بَعْدَ أَيَّامِ التَّلْفِيقِ وَحِينَئِذٍ فَحُرْمَةُ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ زَمَانًا لَهُ حُكْمًا وَبِالْجُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق مِنْ حُرْمَةِ الطَّلَاقِ إذَا أَوْقَعَهُ عَلَى مَنْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا يَوْمَ طُهْرِهَا لَهُ وَجْهٌ فَاعْتِرَاضُ بْن بِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْحُرْمَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ فَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فَقَدْ نَقَلَ بْن عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَدَمَ الْجَبْرِ عَلَيْهَا وَنَقَلَ

(وَ) مَعَ (بَدْءٍ) أَيْ ابْتِدَاءِ (عِدَّةٍ) فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فَلَا تَحْسِبُ أَيَّامَ الْحَيْضِ مِنْهَا بَلْ مَبْدَؤُهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَ الْحَيْضِ (وَ) مَنَعَ (وَطْءَ فَرْجٍ أَوْ تَحْتَ إزَارٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَلَوْ عَلَى حَائِلٍ وَهُمَا خَارِجَانِ وَيَجُوزُ بِمَا عَدَا ذَلِكَ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِيَدِهَا وَصَدْرِهَا وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ (وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ) مِنْ الْحَيْضِ (وَ) بَعْدَ (تَيَمُّمٍ) تَحِلُّ بِهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَلَّتْ بِهِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ إلَّا لِطُولٍ يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ فَلَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ نَدْبًا (وَ) مَنَعَ (رَفْعَ حَدَثِهَا) فَلَا يَصِحُّ غُسْلُهَا حَالَ حَيْضِهَا إذَا نَوَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ بَلْ (وَلَوْ جَنَابَةً) كَانَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْحَيْضِ أَوْ بَعْدَهُ (وَ) مَنَعَ (دُخُولَ مَسْجِدٍ) إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُذَّاقِ أَصْحَابِهِ الْجَبْرَ عَلَيْهَا لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ اهـ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ مَرَّ فِيمَا يَأْتِي عَلَى الْجَبْرِ حَيْثُ قَالَ وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الدَّمِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالْمُطَلِّقِ فِي الْحَيْضِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْكَمُ بِالْحُرْمَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبَدْءُ عِدَّةٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ لَا فَائِدَةَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى هَذَا أَصْلًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَرْضُهُ إلَّا فِي الْمُطَلَّقَةِ فِي الْحَيْضِ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَهِيَ الْأَطْهَارُ وَالْحَيْضُ لَيْسَ مِنْهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ بَدْؤُهَا مِنْهُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى نَفْيِهَا (قَوْلُهُ: فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَائِضٌ فَتَحْسِبُ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرَ وَعَشْرًا مِنْ يَوْمِ الْوَفَاةِ وَلَا يَكُونُ الْحَيْضُ مَانِعًا مِنْ ابْتِدَاءِ عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْتَ إزَارٍ) أَيْ أَوْ مَا تَحْتَ إزَارٍ أَيْ أَوْ وَطْءِ مَا تَحْتَ إزَارٍ أَيْ أَوْ وَطْءِ الْمَكَانِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُشَدَّ عَلَيْهِ الْإِزَارُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ إلَخْ) أَتَى بِالْعِنَايَةِ لِإِجْمَالِ الْكَلَامِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَانَ مَسْبُولًا لِلْقَدَمِ فَأَتَى بِهَا لِبَيَانِ الْمَقْصُودِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ بِالْجِمَاعِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ لَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَهُوَ مَا قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِي بْن الَّذِي لِابْنِ عَاشِرٍ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ جَوَازُ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ مِنْ لَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَنَظَرٍ حَتَّى لِلْفَرْجِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ نُصُوصُ الْأَئِمَّةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُمْنَعُ تَحْتَ الْإِزَارِ هُوَ الْوَطْءُ فَقَطْ لَا التَّمَتُّعُ بِغَيْرِهِ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَلَا يَجُوزُ وَطْءُ الْحَائِضِ فِي فَرْجِهَا وَلَا فِيمَا دُونَ فَرْجِهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَطِيَّةَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ خِلَافَ النَّقْلِ وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى حَائِلٍ فَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنْ يَقُولَ أَيْ وَمَنَعَ الْحَيْضُ وَطْئًا لِمَا تَحْتَ إزَارٍ اهـ كَلَامُ بْن لَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ ح ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ أَنَّ الْمَشْهُورَ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّارِحِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْوَطْءَ فِيمَا تَحْتَ الْإِزَارِ سَوَاءٌ كَانَ فَرْجًا أَوْ غَيْرَهُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقٍ وَأَمَّا التَّمَتُّعُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَاللَّمْسِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا تَحْتَ الْإِزَارِ فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ بِالْمَنْعِ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ وَعَدَمِهِ وَمَشْهُورُهُمَا الْمَنْعُ كَمَا ذَكَرَهُ ح وَأَمَّا النَّظَرُ لِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَلَوْ الْفَرْجِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَوْ الْتَذَّ بِالنَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ) أَيْ الِاسْتِمْتَاعُ وَقَوْلُهُ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِيَدِهَا وَصَدْرِهَا أَيْ وَكَذَا عُكَنُ بَطْنِهَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَمْنِيَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ) أَيْ مِنْ وَطْءِ الْفَرْجِ وَمِنْ وَطْءِ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ اهـ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِوَطْءِ الْفَرْجِ وَلِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ لَا لِوَطْءِ الْفَرْجِ فَقَطْ بِحَيْثُ يُقَالُ إذَا انْقَطَعَ يَسُوغُ لَهُ التَّمَتُّعُ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ غَيْرَ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ النَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى ابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِ وَطْءِ الْفَرْجِ وَمَا تَحْتَ الْإِزَارِ بَعْدَ النَّقَاءِ عَلَى ابْنِ بُكَيْر الْقَائِلِ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَتَيَمَّمَ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ إذَا تَيَمَّمْت لِعُذْرٍ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ جَازَ وَطْؤُهَا وَلَوْ لَمْ يَخَفْ الضَّرَرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَإِنْ حَلَّتْ) أَيْ الصَّلَاةُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِطُولٍ) أَيْ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْوَطْءُ بِعَدَمِ التَّيَمُّمِ نَدْبًا) قَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى النَّظَرِ أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ وَاجِبًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لُوحِظَ قَوْلُ مَنْ اكْتَفَى بِالنَّقَاءِ أَوْ يُقَالُ الْمُبِيحُ فِي الْحَقِيقَةِ الطُّولُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ التَّيَمُّمِ هُنَا فِي الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ جَنَابَةً) أَيْ بَلْ وَلَوْ نَوَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْجَنَابَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْحَيْضِ أَوْ حَصَلَتْ لَهَا بَعْدَ حُصُولِهِ فَإِنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ حَدَثَ الْجَنَابَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ يَرْتَفِعُ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَنَّ

[بيان النفاس وما يتعلق به]

(فَلَا تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ) (وَ) مَنَعَ (مَسَّ مُصْحَفٍ) (لَا) يَمْنَعُ (قِرَاءَةً) حَالَ نُزُولِهِ وَلَوْ مُتَلَبِّسَةً بِجَنَابَةٍ قَبْلَهُ وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَلَبِّسَةً بِجَنَابَةٍ قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ نَظَرًا لِلْجَنَابَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى رَفْعِهَا وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْحَيْضِ أَتْبَعَهُ بِالنِّفَاسِ فَقَالَ (وَالنِّفَاسُ) (دَمٌ) أَوْ صُفْرَةٌ أَوْ كُدْرَةٌ (خَرَجَ) مِنْ الْقُبُلِ (لِلْوِلَادَةِ) مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا عَلَى الْأَرْجَحِ بَلْ هُوَ حَيْضٌ لَا يُعَدُّ مِنْ السِّتِّينَ يَوْمًا (وَلَوْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ) وَهُمَا الْوَلَدَانِ فِي بَطْنٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الدَّمَ الَّذِي بَيْنَهُمَا حَيْضٌ وَلَا يُعَدُّ نَفَسًا إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الثَّانِي وَأَقَلُّهُ دَفْعَةٌ (وَأَكْثَرُهُ) سِتُّونَ يَوْمًا وَلَا تَسْتَظْهِرُ (فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا) أَيْ تَخَلَّلَ أَكْثَرَهُ التَّوْأَمَيْنِ بِأَنْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ سِتِّينَ يَوْمًا وَلَوْ بِالتَّلْفِيقِ بِأَنْ لَمْ يَنْقَطِعْ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ وَضَعَتْ الثَّانِي (فَنِفَاسَانِ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِفَاسٌ مُسْتَقِلٌّ فَإِنْ تَخَلَّلَ التَّوْأَمَيْنِ أَقَلُّ مِنْ أَكْثَرِهِ فَنِفَاسٌ وَاحِدٌ وَتَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَائِضَ إذَا كَانَتْ جُنُبًا وَاغْتَسَلَتْ حَالَ الْحَيْضِ مِنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ انْقَطَعَ الْحَيْضُ فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا الْقِرَاءَةُ قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ لَا؟ فَعَلَى الْمَشْهُورِ تُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَتَجُوزُ لَهَا الْقِرَاءَةُ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ) لَيْسَا ضَرُورِيَّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ وَدُخُولُ مَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: وَمَسُّ مُصْحَفٍ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مُعَلِّمَةً أَوْ مُتَعَلِّمَةً وَإِلَّا جَازَ مَسُّهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ) أَيْ وَكَذَا لَا تُمْنَعُ الْقِرَاءَةَ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَلَبِّسَةً بِجَنَابَةٍ قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا جَازَ لَهَا الْقِرَاءَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ جُنُبًا قَبْلَ الْحَيْضِ فَإِنْ كَانَتْ جُنُبًا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْقِرَاءَةُ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَهُوَ أَنَّ الْحَائِضَ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا لَا تَقْرَأُ حَتَّى تَغْتَسِلَ جُنُبًا كَانَتْ أَوْ لَا إلَّا أَنْ تَخَافَ النِّسْيَانَ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْقِرَاءَةُ حَالَ اسْتِرْسَالِ الدَّمِ عَلَيْهَا كَانَتْ جُنُبًا أَمْ لَا خَافَتْ النِّسْيَانَ أَمْ لَا كَمَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَصَوَّبَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ ح وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ الْبَاجِيَّ قَالَ أَصْحَابُنَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَوْ بَعْدَ طُهْرِهَا قَبْلَ غُسْلِهَا وَظَاهِرُهُ كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِجَنَابَةٍ قَبْلَهُ أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن [بَيَان النِّفَاس وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهَا عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ لَا قَبْلَهَا لِأَجْلِهَا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْوِلَادَةِ قَالَ بْن النَّقْلُ فِي ح عَنْ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَجْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ حَيْضٌ لَا نِفَاسٌ وَكَلَامُ ح يُفِيدُ أَنَّ أَرْجَحَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ نِفَاسٌ لِأَنَّهُ عَزَاهُ لِلْأَكْثَرِ وَإِنْ قَدَّمَ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ (قَوْلُهُ: لَا يُعَدُّ مِنْ السِّتِّينَ يَوْمًا) أَيْ لَا يُعَدُّ زَمَنُهُ مِنْ السِّتِّينَ يَوْمًا مُدَّةَ النِّفَاسِ إذَا اسْتَمَرَّ الدَّمُ نَازِلًا عَلَيْهَا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ نِفَاسٌ فَإِنَّ أَيَّامَهُ تُضَمُّ لِمَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَتُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ يَوْمًا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا رَأَتْ هَذَا الدَّمَ الْخَارِجَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَجْلِهَا فَهَلْ هُوَ نِفَاسٌ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَوْ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ تُصَلِّي مَعَهُ وَتَصُومُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا شَهْرَانِ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الَّذِي بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ نِفَاسٌ لَا حَيْضٌ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ فَاخْتَلَفَ هَلْ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى لَهَا وَيَصِيرُ الْجَمِيعُ نِفَاسًا وَاحِدًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَرَاذْعِيُّ أَوْ تَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَأَمَّا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَهْرَانِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا فَنِفَاسَانِ وَهَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ) أَيْ وَلِمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَانَا بَطْنَيْنِ (قَوْلُهُ: إنَّ الدَّمَ الَّذِي بَيْنَهُمَا حَيْضٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَمْكُثُ إذَا اسْتَرْسَلَ الدَّمُ عَلَيْهَا عِشْرِينَ يَوْمًا وَنَحْوِهَا كَمَنْ جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَتَاهَا الْحَيْضُ وَهِيَ حَامِلٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعُدُّ نِفَاسًا إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الثَّانِي) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَمْكُثُ سِتِّينَ يَوْمًا بَعْدَ وِلَادَةِ الثَّانِي إذَا اسْتَمَرَّ الدَّمُ نَازِلًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَسْتَظْهِرُ) أَيْ إذَا بَلَغَتْهَا وَاسْتَمَرَّ الدَّمُ نَازِلًا عَلَيْهَا وَقَدْ عَلِمَ مَا تَقَدَّمَ وَمِنْ هُنَا أَنَّ أَرْبَعَةً لَا تَسْتَظْهِرُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَهِيَ الْمُبْتَدَأَةُ وَالْحَامِلُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ إذَا مَيَّزَتْ الدَّمَ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ وَالنُّفَسَاءُ (قَوْلُهُ: أَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِهِ) أَيْ بِأَنْ تَخَلَّلَهَا خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ أَوْ تِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا سَوَاءٌ كَانَتْ كُلَّهَا أَيَّامَ دَمٍ أَوْ كَانَ فِيهَا أَيَّامُ نَقَاءٍ لَكِنْ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: وَتَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَتَبْنِي

[باب في بيان أوقات الصلاة وما يتعلق بذلك من الأحكام]

وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ عِيَاضٌ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَنْقَطِعْ قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي نِصْفَ شَهْرٍ فَتَسْتَأْنِفُ الثَّانِي نِفَاسًا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ نِصْفُ شَهْرٍ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ كَانَ حَيْضًا (وَتَقَطُّعُهُ) أَيْ النِّفَاسِ كَالْحَيْضِ فَتُلَفِّقُ سِتِّينَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِعَادَةٍ وَتُلْغِي أَيَّامَ الِانْقِطَاعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِصْفَ شَهْرٍ فَالدَّمُ الْآتِي بَعْدَهَا حَيْضٌ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتَطُوفُ وَتُوطَأُ (وَمَنْعُهُ كَالْحَيْضِ) فَيَمْنَعُ كُلَّ مَا مَنَعَهُ الْحَيْضُ وَتَجُوزُ الْقِرَاءَةُ (وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ) وَهُوَ دَمٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ قُرْبَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَوْلِ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ الْوُضُوءِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ هَذَا (بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَالْأَذَانِ وَشُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمُبْطِلَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ) [دَرْسٌ] (الْوَقْتُ) وَهُوَ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لِلْعِبَادَةِ شَرْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ وَضْعِ الثَّانِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا لِلْأَوَّلِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فَعِنْدَهُ تَسْتَأْنِفُ النُّفَسَاءُ لِلتَّوْأَمِ الثَّانِي نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا تَخَلَّلَهُمَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَوْ أَقَلُّهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ قِيلَ إنَّهُ حَيْضٌ وَعَلَيْهِ فَتَمْكُثُ إذَا اسْتَرْسَلَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ يَوْمًا وَنَحْوِهَا وَتَطْهُرُ وَالنِّفَاسُ لَهُمَا وَاحِدٌ بَعْدَ نُزُولِ الثَّانِي هَذَا إذَا تَخَلَّلَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا وَإِلَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِفَاسٌ مُسْتَقِلٌّ مُتَّصِلٌ بِوِلَادَتِهِ وَقِيلَ إنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا تَخَلَّلَهُمَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَوْ أَقَلُّهُ فَعَلَى هَذَا لَا تَضُمُّ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ لِلْآخَرِ وَقِيلَ إنْ تَخَلَّلَهُمَا سِتُّونَ يَوْمًا فَنِفَاسَانِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا كَانَ لَهُمَا نِفَاسٌ وَاحِدٌ وَيُضَمُّ الدَّمُ الْحَاصِلُ مَعَ الثَّانِي لِمَا حَصَلَ مَعَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي نِصْفَ شَهْرٍ بِأَنْ لَمْ يَنْقَطِعْ أَصْلًا أَوْ انْقَطَعَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ (قَوْلُهُ: فَتَسْتَأْنِفُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي نِصْفَ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ نِصْفَ شَهْرٍ فَالدَّمُ الْآتِي بَعْدَهَا حَيْضٌ) أَيْ لَا نِفَاسٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ دَمُ الْوَلَدِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ نِفَاسًا مُسْتَقِلًّا لَا مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَتَقَطُّعُهُ) أَيْ وَتَقَطُّعُ دَمِ النِّفَاسِ كَتَقَطُّعِ الْحَيْضِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تُلَفِّقُ عَادَتَهَا فِي النِّفَاسِ حَيْثُ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَنْقُولُ أَنَّهَا تُلَفِّقُ أَكْثَرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِهِ أَمْ لَا وَتَكُونُ بَعْدَ تَلْفِيقِ أَكْثَرِهِ مُسْتَحَاضَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِظْهَارٍ وَمَحِلُّ التَّلْفِيقِ مَا لَمْ يَأْتِ الدَّمُ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ وَإِلَّا كَانَ حَيْضًا مُؤْتَنَفًا (قَوْلُهُ: فَيَمْنَعُ كُلَّ مَا مَنَعَهُ الْحَيْضُ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَمِنْ وُجُوبِهِمَا وَمِنْ الطَّلَاقِ وَبَدْءِ الْعِدَّةِ وَوَطْءِ الْفَرْجِ وَمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَرَفْعِ حَدَثِهَا وَلَوْ جَنَابَةً وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ مَا لَمْ تَكُنْ مُعَلَّمَةً أَوْ مُتَعَلِّمَةً (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الْقِرَاءَةُ) أَيْ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ وَلَوْ كَانَتْ جُنُبًا قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الْغُسْلِ كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِجَنَابَةٍ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ اعْتِيَادُ الْخَارِجِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ نَفْيُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ دَوَامِ الِاعْتِيَادِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ أَيْ لَيْسَ بِدَائِمِ الِاعْتِيَادِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْدَاثِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ. [بَابٌ فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام] [بَيَان أَوْقَات الصَّلَاة] (بَابٌ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ) (قَوْلُهُ: بَابٌ) خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَالْوَقْتُ مُبْتَدَأٌ وَالْمُخْتَارُ صِفَةٌ لَهُ وَقَوْلُهُ: لِلظُّهْرِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مُبْتَدَإٍ ثَانٍ أَيْ ابْتِدَاؤُهُ لِلظُّهْرِ وَقَوْلُهُ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ الثَّانِي وَالثَّانِي وَخَبَرُهُ خَبَرُ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِآخِرِ الْقَامَةِ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ وَإِنَّمَا بَدَأَ بِبَيَانِ وَقْتِ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَسُمِّيَتْ الظُّهْرُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا أَوَّلَ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْوَقْتِ عِنْدَ الْقَرَافِيِّ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ فَرْضُ عَيْنٍ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ دُخُولَ الْوَقْتِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّقْلِيدِ فِيهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَهُوَ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لِلْعِبَادَةِ شَرْعًا) جَعَلَ الزَّمَانَ جِنْسًا فِي تَعْرِيفِ الْوَقْتِ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّمَانَ أَعَمُّ مِنْ الْوَقْتِ وَالْوَقْتُ أَخَفُّ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّمَانَ مُدَّةُ حَرَكَةِ الْفَلَكِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَدَّرَةً شَرْعًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: الْمُقَدَّرُ لِلْعِبَادَةِ شَرْعًا) خَرَجَ الزَّمَانُ الَّذِي لَيْسَ بِمِقْدَارٍ لِلْعِبَادَةِ فَلَا يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ قَالَ شَيْخُنَا مَا أَفَادَهُ التَّعْرِيفُ مِنْ أَنَّ الزَّمَانَ الْمُقَدَّرَ لِلْفِعْلِ غَيْرُ الْعِبَادَةِ لَا يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ لَا يُسَلَّمُ بَلْ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ لِأَيِّ فِعْلٍ يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ لِذَلِكَ الْفِعْلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُمْ تَعْرِيفُ الْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَيْ الْوَقْتُ الشَّرْعِيُّ الزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ إلَخْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ

(الْمُخْتَارُ) وَيُقَابِلُهُ الضَّرُورِيُّ فَالصَّلَاةُ لَهَا وَقْتَانِ (لِلظُّهْرِ) ابْتِدَاؤُهُ (مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ أَيْ مَيْلُهَا عَنْ وَسَطِ) السَّمَاءِ لِجِهَةِ الْمَغْرِبِ مُنْتَهِيًا (لِآخِرِ الْقَامَةِ) أَيُّ قَامَةٍ كَانَتْ وَقَامَةُ كُلِّ إنْسَانٍ سَبْعَةُ أَقْدَامٍ بِقَدَمِ نَفْسِهِ وَأَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِهِ فَالْمَعْنَى حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ (بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ) فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الْقَامَةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ ظَهَرَ لِكُلِّ شَاخِصٍ ظِلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ فَكُلَّمَا ارْتَفَعَتْ نَقَصَ فَإِذَا وَصَلَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ وَهِيَ حَالَةُ الِاسْتِوَاءِ كَمَّلَ نُقْصَانَهُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَشْهُرِ الْقِبْطِيَّةِ وَهِيَ تُوتُ فَبَابَةُ فَهَاتُورُ فَكِيهَكُ فَطُوبَةُ فَأَمْشِيرُ فَبَرَمْهَاتُ فَبَرْمُودَةُ فَبَشَنْسُ فَبُؤْنَةُ فَأَبِيبُ فَمِسْرَى وَقَدْ لَا يَبْقَى مِنْهُ بَقِيَّةٌ وَذَلِكَ بِمَكَّةَ وَزُبَيْدٍ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَبِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ مَرَّةً وَهُوَ أَطْوَلُ يَوْمٍ فِيهَا فَإِذَا مَالَتْ الشَّمْسُ لِجَانِبِ الْمَغْرِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرَهُ يُقَالُ لَهُ وَقْتٌ إلَّا أَنَّهُ عَادِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ) أَيْ الَّذِي وُكِّلَ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ الْإِثْمِ فَإِنْ شَاءَ أَوْقَعَهَا فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَابِلُهُ الضَّرُورِيُّ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَيْهِ إلَّا لِأَرْبَابِ الضَّرُورَةِ الْآتِي ذِكْرُهُمْ (قَوْلُهُ: لِآخِرِ الْقَامَةِ أَيُّ قَامَةٍ كَانَتْ) كَعُودٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْقَامَةِ مُعْتَبَرَةً بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْسَبُ) أَيْ ظِلُّ الزَّوَالِ مِنْ الْقَامَةِ إنْ وُجِدَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اُعْتُبِرَتْ الْقَامَةُ خَاصَّةً وَإِنْ وُجِدَ اُعْتُبِرَتْ الْقَامَةُ وَذَلِكَ الظِّلُّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَخْتَلِفُ إلَخْ) قَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ ضَابِطًا بِقَوْلِهِ. طزه جبا أبدوحى. فَالطَّاءُ إشَارَةٌ لِإِقْدَامِ ظِلِّ الزَّوَالِ بِطُوبَةٍ وَالزَّايُ إشَارَةٌ لِعَدَمِ إقْدَامِ ظِلِّ الزَّوَالِ بِأَمْشِيرِ وَهَكَذَا لِآخِرِهَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَبِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ مَرَّةً إلَخْ) بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ عَرْضَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَعَرْضَ مَكَّةَ إحْدَى وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَكِلَاهُمَا شَمَالِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ بُعْدُ سَمْتِ رَأْسِ أَهْلِ الْبَلَدِ عَنْ دَائِرَةِ الْمُعَدَّلِ وَالْمَيْلِ الْأَعْظَمِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَالْمُرَادُ بِهِ غَايَةُ بُعْدٍ لِلشَّمْسِ إذَا كَانَتْ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ مِنْ دَائِرَةِ الْمُعَدَّلِ فَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ فِي غَايَةِ الْمِيلِ الشَّمَالِيِّ كَانَتْ مُسَامَتُهُ لِرَأْسِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَنْعَدِمُ الظِّلُّ

أَخَذَ الْفَيْءُ فِي الزِّيَادَةِ لِجِهَةِ الْمَشْرِقِ حَالَ الْأَخْذِ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ إنْ كَانَ (وَهُوَ) أَيْ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ (أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) الِاخْتِيَارِيِّ وَيَنْتَهِي (لِلِاصْفِرَارِ) وَعَلَى هَذَا فَالْعَصْرُ هِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الظُّهْرِ (وَاشْتَرَكَا) أَيْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ (بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا) أَيْ أَنَّ إحْدَاهُمَا تُشَارِكُ الْأُخْرَى بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي الْحَضَرِ وَرَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ (وَهَلْ) الِاشْتِرَاكُ (فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى) قَبْلَ تَمَامِهَا بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ سَنَدٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ بِحَيْثُ إذَا سَلَّمَ مِنْهَا فَرَغَتْ الْقَامَةُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَنْ الْقَامَةِ بِحَيْثُ أَوْقَعَهَا فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ أَثِمَ (أَوْ) فِي (أَوَّلِ) الْقَامَةِ (الثَّانِيَةِ) فَالظُّهْرُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْعَصْرِ فَمَنْ أَخَّرَهَا لِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فَلَا إثْمَ وَمَنْ قَدَّمَ الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْأُولَى بَطَلَتْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوَّلُ الثَّانِيَةِ وَشُهِرَ أَيْضًا (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ (وَ) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ (لِلْمَغْرِبِ) (غُرُوبٌ) أَيْ غِيَابُ جَمِيعِ قُرْصِ (الشَّمْسِ) وَهُوَ مُضَيَّقٌ (يُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا) ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ (بَعْدَ) تَحْصِيلِ (شُرُوطِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَهُمْ وَلَا تَكُونُ الشَّمْسُ كَذَلِكَ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ فِي آخِرِ الْجَوْزَاءِ وَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ وَكَانَ الْمَيْلُ الشَّمَالِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ دَرَجَةً كَانَتْ مُسَامَتُهُ الرَّأْسُ أَهْلِ مَكَّةَ فَيَنْعَدِمُ الظِّلُّ عِنْدَهُمْ فِي يَوْمَيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ يَوْمٌ قَبْلَ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ الشَّمَالِيِّ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ الْجَوْزَاءِ وَيَوْمٌ قَبْلَ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ الْجَنُوبِيِّ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ بُرْجِ الْقَوْسِ فَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ كَمَا فِي مِصْرَ فَإِنَّ عَرْضَهَا ثَلَاثُونَ دَرَجَةً لَمْ يَنْعَدِمْ الظِّلُّ أَصْلًا لِأَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُسَامِتْهُمْ بَلْ دَائِمًا فِي جَنُوبِهِمْ (قَوْلُهُ: أَخْذُ الْفَيْءِ) أَيْ الظِّلِّ الْبَاقِي مِنْ ظِلِّ الشَّاخِصِ (قَوْلُهُ: أَيْ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى بِحَيْثُ يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: لِلِاصْفِرَارِ) أَيْ لِاصْفِرَارِ الشَّمْسِ فِي الْأَرْضِ وَالْجُدُرِ لَا بِحَسَبِ عَيْنِهَا إذْ لَا تَزَالُ عَيْنُهَا نَقِيَّةً حَتَّى تَغْرُبَ (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَكَا) ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الْفَرْضَيْنِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا فَآخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوَّلُ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ تَاللَّهِ مَا بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ وَلَقَدْ زَلَّ فِيهِ أَقْدَامُ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ سَنَدٍ) فِيهِ أَنَّ سَنَدًا إنَّمَا شَهَرَ الثَّانِيَ لَا الْأَوَّلَ نَعَمْ الْأَوَّلُ شَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ اخْتِيَارِيٌّ لَهَا كَمَا أَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ لِلظُّهْرِ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ كَمَا فِي شب وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ مُقَدَّمُ الْعَصْرِ وَلَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّ الضَّرُورِيَّ الْمُقَدَّمَ خَاصٌّ بِالْجَمْعِ لِلْأَعْذَارِ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) أَيْ فَالْأَوَّلُ اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَفِي جَزْمِ الْمُصَنِّفُ بِهِ قَبْلَ إشْعَارٍ بِأَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَالثَّانِي شَهَرَهُ الْقَاضِي سَنَدٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ اهـ بْن. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ فَائِدَةَ هَذَا الْخِلَافِ بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ تَظْهَرُ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ تَأْخِيرِهَا عَنْ الْقَامَةِ الْأُولَى لِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَتَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا إذَا قَدَّمَهَا فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ «فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ مِنْ الْغَدِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ» فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَصَلَّى هَلْ مَعْنَاهُ شَرَعَ فِيهِمَا أَوْ مَعْنَاهُ فَرَغَ مِنْهُمَا فَإِنْ فُسِّرَ بِشَرَعَ كَانَتْ الظُّهْرُ دَاخِلَةً عَلَى الْعَصْرِ وَمُشَارَكَةً لَهَا فِي أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ فُسِّرَ بِفَرَغَ كَانَتْ الْعَصْرُ دَاخِلَةً عَلَى الظُّهْرِ وَمُشَارِكَةً لَهَا فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي نَحْوُهُ فِي الْعِشَاءَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ بِمَغِيبِ الشَّفَقِ لَا عَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ فَإِذَا قِيلَ بِالِاشْتِرَاكِ وَقِيلَ بِدُخُولِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْعِشَاءِ فَالِاشْتِرَاكُ بِمِقْدَارِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَإِنْ قِيلَ بِدُخُولِ الْعِشَاءِ عَلَى الْمَغْرِبِ فَبِمِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ (قَوْلُهُ: غُرُوبُ الشَّمْسِ) أَيْ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَيْ مِنْ مَغِيبِ جَمِيعِ قُرْصِهَا إلَى انْتِهَاءِ وَقْتِ تَحْصِيلِهَا وَشُرُوطِهَا فَقَوْلُهُ بِقَدْرِ حَالِ إشَارَةً إلَى انْتِهَاءِ الْوَقْتِ وَغُرُوبِ جَمِيعِ الْقُرْصِ هُوَ الْغُرُوبُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ جَوَازُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَجَوَازُ الْفِطْرِ

مِنْ طَهَارَتَيْ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَيُزَادُ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يُقَدَّرُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُحَصِّلِهَا التَّأْخِيرُ بِقَدْرِ ذَلِكَ (وَ) الْمُخْتَارُ (لِلْعِشَاءِ) مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ لِلثُّلُثِ (الْأَوَّلِ) مِنْ اللَّيْلِ (وَلِلصُّبْحِ) (مِنْ الْفَجْرِ) أَيْ ظُهُورُ الضَّوْءِ (الصَّادِقِ) وَهُوَ الْمُسْتَطِيرُ أَيْ الْمُنْتَشِرُ ضِيَاؤُهُ حَتَّى يَعُمَّ الْأُفُقَ احْتِرَازًا مِنْ الْكَاذِبِ وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ بِاللَّامِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْتَشِرُ بَلْ يُطْلَبُ وَسَطَ السَّمَاءِ دَقِيقًا يُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلصَّائِمِ وَأَمَّا الْغُرُوبُ الْمِيقَاتِيُّ فَهُوَ مَغِيبُ مَرْكَزِ الْقُرْصِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَحْدِيدُ قَدْرِ اللَّيْلِ وَأَحْكَامٌ أُخَرُ تُذْكَرُ فِي الْمِيقَاتِ وَالْغُرُوبُ الْمِيقَاتِيُّ قَبْلَ الشَّرْعِيِّ بِنِصْفِ دَرَجَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ طَهَارَتَيْ حَدَثٍ وَخَبَثٍ) أَيْ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ أَصْغَرَ إنْ كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ وَأَكْبَرَ إنْ كَانَ جُنُبًا مَائِيَّةً إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ وَتُرَابِيَّةً إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا مُغْتَسِلًا قَدَّرَ لَهُ مِقْدَارَ الْكُبْرَى وَإِنْ كَانَ مُغْتَسِلًا غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ قَدَّرَ لَهُ مِقْدَارَ الصُّغْرَى قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ فَالْوَقْتُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْأَبِيِّ اعْتِبَارَ مِقْدَارِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى مُطْلَقًا كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ كَانَ فَرْضُهُ الْوُضُوءُ أَوْ الْغُسْلُ أَوْ التَّيَمُّمُ وَعَلَيْهِ فَالْوَقْتُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُصَلِّينَ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمُعْتَادِ لِغَالِبِ النَّاسِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَطْوِيلُ مُوَسْوِسٍ وَلَا تَخْفِيفُ مُسْرِعٍ نَادِرٍ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ ح (قَوْلُهُ: وَسِتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ شَرْعًا. . (تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ الْمُخْتَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْتِدَاءِ لِجَوَازِ التَّطْوِيلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا لِمَغِيبِ الشَّفَقِ لَا بَعْدَهُ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُقِيمِ وَأَمَّا الْمُسَافِرُونَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمُدُّوا أَيْ يَسِيرُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ الْمِيلَ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يَنْزِلُونَ وَيُصَلُّونَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بْن وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْمَدُّ لِغَرَضٍ كَمَنْهَلٍ وَإِلَّا صَلُّوا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ ضَيِّقٌ يُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ تَحْصِيلِ شُرُوطِهَا وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ امْتِدَادَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ الْمُخْتَارِ لِلشَّفَقِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِامْتِدَادِ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ قُوَّةٍ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ) أَيْ مِنْ غُرُوبِ الْحُمْرَةِ الَّتِي هِيَ الشَّفَقُ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ قَالَ الشَّاعِرُ إنْ كَانَ يُنْكِرُ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ ... فِي فِيهِ كَذَّبَهُ فِي وَجْهِهِ الشَّفَقُ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَنَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَ مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ مُخْتَارِ الْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ الْبَيَاضِ وَهُوَ يَتَأَخَّرُ عَنْ غُرُوبِ الْحُمْرَةِ لَا أَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ: لِلثُّلُثِ الْأَوَّلِ) أَيْ مَحْسُوبًا مِنْ الْغُرُوبِ وَقِيلَ إنَّ اخْتِيَارِيَّ الْعِشَاءِ يَمْتَدُّ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ فَلَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَفِيهِ فُسْحَةٌ (قَوْلُهُ: الْمُنْتَشِرُ ضِيَاؤُهُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَمِنْ جِهَةِ دُبُرِهَا حَتَّى يَعُمَّ الْأُفُقُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْمُنْتَشِرُ ضِيَاؤُهُ أَنَّ الْفَجْرَ الصَّادِقَ غَيْرَ الضَّوْءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ السَّابِقِ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْذَفَ ضِيَاؤُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَيْ الْمُنْتَشِرُ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَفِي دُبُرِهَا حَتَّى يَعُمَّ الْأُفُقَ (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ وَسَطَ السَّمَاءِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ بَيَاضٌ دَقِيقٌ يَخْرُجُ مِنْ الْأُفُقِ وَيَصْعَدُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ بَلْ بِحِذَائِهِ ظُلْمَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَمَّا الصَّادِقُ فَهُوَ بَيَاضٌ يَخْرُجُ مِنْ الْأُفُقِ وَيَمْتَدُّ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلِدُبُرِهَا وَيَنْتَشِرُ وَيَصْعَدُ لِلسَّمَاءِ مُنْتَشِرًا (قَوْلُهُ: يُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُشْبِهُ ذَنَبَ السِّرْحَانِ الْأَسْوَدِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَجْرَ الْكَاذِبَ بَيَاضٌ مُخْتَلِطٌ بِسَوَادٍ وَالسِّرْحَانُ الْأَسْوَدُ لَوْنُهُ مُظْلِمٌ وَبَاطِنُ ذَنَبِهِ أَبْيَضُ فَالْبَيَاضُ فِيهِ مُخْتَلِطٌ بِسَوَادٍ

وَلَا يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ بَلْ فِي الشِّتَاءِ ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَهُ ظَلَامٌ ثُمَّ يَظْهَرُ الْفَجْرُ الْحَقِيقِيُّ وَيَنْتَهِي الْمُخْتَارُ (لِلْإِسْفَارِ) أَيْ الضَّوْءِ (الْأَعْلَى) أَيْ الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ وَهُوَ الَّذِي تَتَمَيَّزُ فِيهِ الْوُجُوهُ (وَهِيَ) الصَّلَاةُ (الْوُسْطَى) أَيْ الْفُضْلَى عِنْدَ الْإِمَامِ وَعُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَقِيلَ الْعَصْرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ وَمَا مِنْ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ إلَّا قِيلَ فِيهَا هِيَ الْوُسْطَى وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (وَإِنْ) (مَاتَ) الْمُكَلَّفُ (وَسَطَ) يَعْنِي أَثْنَاءَ (الْوَقْتِ) الِاخْتِيَارِيِّ (بِلَا أَدَاءٍ) لَهَا فِيهِ (لَمْ يَعْصِ) لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا وَكَذَا إذَا تَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَمْ يَمُتْ لِأَنَّ الْمُوَسَّعَ صَارَ فِي حَقِّهِ مُضَيَّقًا وَهَذَا إذَا أَمْكَنَهُ الطَّهَارَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمَّا كَانَ الِاخْتِيَارِيُّ يَنْقَسِمُ إلَى فَاضِلٍ وَمَفْضُولٍ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْأَفْضَلُ) (لِفَذٍّ) وَمَنْ فِي حُكْمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: وَيَنْتَهِي الْمُخْتَارُ) أَيْ مُخْتَارُ الصُّبْحِ وَقَوْلُهُ لِلْإِسْفَارِ أَيْ لِدُخُولِ الْإِسْفَارِ وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي تَتَمَيَّزُ فِيهِ الْوُجُوهُ) أَيْ بِالْبَصَرِ الْمُتَوَسِّطِ فِي مَحَلٍّ لَا سَقْفَ فِيهِ وَلَا غِطَاءَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ الصُّبْحُ يَمْتَدُّ لِلْإِسْفَارِ الْأَعْلَى هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَمْتَدُّ اخْتِيَارِيُّ الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَلَيْهِ فَلَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَكْثَرِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى قَالَ وَهُوَ مَشْهُورٌ قَوْلُ مَالِكٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ لَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَشْهَرُ وَأَقْوَى كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. . (تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَبْدَأَ الْمُخْتَارِ لِلظُّهْرِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إلَى هُنَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ زَمَنِ الدَّجَّالِ وَأَمَّا فِي زَمَنِهِ فَيُقَدَّرُ لِلظُّهْرِ وَغَيْرِهَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ زَمَانِهِ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الْبِلَادِ السَّنَةُ فِيهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدِّرُونَ لِكُلِّ صَلَاةٍ كَزَمَنِ الدَّجَّالِ وَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ اللَّيْلُ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْعِشَاءِ فَيَخْرُجُ الْفَجْرُ وَقْتَ الْعِشَاءِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَسْقُطُ عَنْهُمْ الْعِشَاءُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُقَدِّرُونَ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ وَلَا نَصَّ عِنْدَنَا وَلَكِنْ اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الرُّجُوعَ فِي ذَلِكَ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] (قَوْلُهُ: أَيْ الْفُضْلَى) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْوُسْطَى تَأْنِيثُ الْأَوْسَطِ بِمَعْنَى الْمُخْتَارِ وَالْأَفْضَلُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القلم: 28] وَلَا غَرَابَةَ فِي تَفْضِيلِ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ إذْ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ يُفَضِّلُ مَا يَشَاءُ عَلَى مَا يَشَاءُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فَضَّلَ الْقَصْرَ عَلَى الْإِتْمَامِ وَالْوِتْرَ عَلَى الْفَجْرِ وَقِيلَ إنَّهَا تَأْنِيثُ وَسَطٍ بِمَعْنَى مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لِأَنَّ قَبْلَهَا لَيْلَتَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ وَبَعْدَهَا نَهَارَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ وَهِيَ مُنْفَرِدَةٌ بِوَقْتٍ لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ جِهَةِ الْأَحَادِيثِ) أَيْ فَقَدْ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» وَكَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَمَا مِنْ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ إلَخْ) أَيْ فَقِيلَ إنَّهَا الظُّهْرُ لِوُقُوعِهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ وَقِيلَ إنَّهَا الْمَغْرِبُ لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَ ظَلَامِ اللَّيْلِ وَضَوْءِ النَّهَارِ وَقِيلَ إنَّهَا الْعِشَاءُ لِتَوَسُّطِهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لَا يُقَصَّرَانِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ وَقِيلَ إنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَقِيلَ إنَّهَا صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى وَقِيلَ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ وَقِيلَ صَلَاةُ الضُّحَى وَقِيلَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّ مَعْنَى الْوُسْطَى عَلَى هَذَا الْفَاضِلَةُ لَا الْفُضْلَى الَّتِي هِيَ تَأْنِيثُ الْأَفْضَلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَسَطَ الْوَقْتِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِهَا (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَثْنَاءَ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَسَطِ حَقِيقَتُهُ وَهُوَ النِّصْفُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَوْتُ وَاقِعًا فِي مُنْتَصَفِ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُصُورِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْصِ) أَيْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ ظَنَّ السَّلَامَةَ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بِأَنْ كَانَ خَالِي الذِّهْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَازِمًا عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ بَلْ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِهَا وَإِنْ كَانَ يَعْصَى مِنْ حَيْثُ الْعَزْمُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّرْكُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الظَّنُّ غَيْرُ قَوِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ نَقْلِ الْمَوَّاقُ وَقَيَّدَهُ ح بِمَا إذَا كَانَ قَوِيًّا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا تَخَلَّفَ ظَنُّهُ) أَيْ وَكَذَا يَكُونُ عَاصِيًا إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ وَتَخَلَّفَ الظَّنُّ وَلَمْ يَمُتْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَإِنَّمَا أَثِمَ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى ظَنِّهِ لَكِنَّهُ أَدَاءٌ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا قَضَاءً كَمَا قِيلَ نَظَرًا لِمَا اقْتَضَاهُ الظَّنُّ مِنْ الضِّيقِ وَوُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ (قَوْلُهُ: صَارَ فِي حَقِّهِ مُضَيِّقًا) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ لِلْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ أَثِمَ مِنْ ظَنِّ الْمَوْتِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إذَا أَمْكَنَهُ الطَّهَارَةُ وَمَاتَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا وَلَمْ يَفْعَلْ. وَاعْلَمْ أَنَّ ظَنَّ بَقِيَّةِ الْمَوَانِعِ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجُنُونِ كَظَنِّ الْمَوْتِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ شُرَّاحُ الرِّسَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ مِنْ

كَالْجَمَاعَةِ لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا (تَقْدِيمُهَا) أَوَّلَ الْمُخْتَارِ بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولِهِ (مُطْلَقًا) وَلَوْ ظُهْرًا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْمُرَادُ تَقْدِيمًا نِسْبِيًّا فَلَا يُنَافِي نَدْبَ تَقْدِيمِ النَّفْلِ الْوَارِدِ فِي الْأَحَادِيثِ وَهُوَ الْفَجْرُ وَكَذَا الْوَرْدُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَبْلَ الْعَصْرِ وَغَيْرُ هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (وَ) الْأَفْضَلُ لَهُ تَقْدِيمُهَا مُنْفَرِدًا (عَلَى) إيقَاعِهَا فِي (جَمَاعَةٍ) يَرْجُوهَا (آخِرُهُ) لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا أَعَادَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى إطْلَاقِهِ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ بِنَدْبِ تَقْدِيمِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَإِلَّا لَوَجَبَ (وَ) الْأَفْضَلُ (لِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ) وَلَوْ جُمُعَةً (وَ) الْأَفْضَلُ لَهَا (تَأْخِيرُهَا) أَيْ الظُّهْرِ (لِرُبْعِ الْقَامَةِ) بَعْدَ ظِلِّ الزَّوَالِ صَيْفًا وَشِتَاءً لِأَجْلِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فَلَيْسَ هَذَا التَّأْخِيرُ مِنْ مَعْنَى الْإِبْرَادِ وَلِذَا قَالَ (وَيُزَادُ) عَلَى رُبْعِ الْقَامَةِ مِنْ أَجْلِ الْإِبْرَادِ (لِشِدَّةِ الْحَرِّ) وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ الدُّخُولُ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْمُبَادَرَةُ فِي أَوَّلِ الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا إلَّا الظُّهْرَ لِجَمَاعَةٍ تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا فَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا وَتَحْتَهُ قِسْمَانِ تَأْخِيرٌ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ وَتَأْخِيرٌ لِلْإِبْرَادِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَهُ قَالَ الْبَاجِيَّ نَحْوُ الذِّرَاعَيْنِ وَابْنِ حَبِيبٍ فَوْقَهَا بِيَسِيرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ لَا يَخْرُجَهَا عَنْ الْوَقْتِ (وَفِيهَا) (نَدْبُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ) لِلْقَبَائِلِ وَالْحُرُسِ بَعْدَ الشَّفَقِ (قَلِيلًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ لِظَنِّ الْحَيْضِ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ لِظَنِّهِ فَلَيْسَ ظَنُّ بَقِيَّةِ الْمَوَانِعِ كَظَنِّ الْمَوْتِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَلَامَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ بِالتَّأْخِيرِ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَإِلَّا فَلَا، فَيَتَّفِقُ عَلَى الْحُرْمَةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا فِي بْن وَلَا تَرْكَنْ لِغَيْرِهِ. لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ عَلِمَتْ مَجِيءَ الْحَيْضِ فِي الْوَقْتِ وَأَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَامِدَةً وَأَتَاهَا الْحَيْضُ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَسْقُطُ عَنْهَا وَلَا تَقْضِيهَا لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ لَا يُنَافِي الْإِثْمَ (قَوْلُهُ: كَالْجَمَاعَةِ لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا) أَيْ كَأَهْلِ الرَّبْطِ الَّذِينَ لَا يَتَفَرَّقُونَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولٍ) أَيْ لَا فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ لِأَنَّ إيقَاعَهَا إذْ ذَاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظُهْرًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ صُبْحًا أَوْ عَصْرًا أَوْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً أَوْ ظُهْرًا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ ظُهْرًا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لح (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ هَذَا إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ عج أَنَّ الْفَذَّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ الْأَفْضَلُ لَهُمْ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا تَقْدِيمًا حَقِيقِيًّا فَلَا يُطَالَبُونَ بِالنَّوَافِلِ الْقَبَلِيَّةِ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهَا الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَأَكُّدِ النَّفْلِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَمْ لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ ح وَعِجْ فِي كَوْنِ التَّقْدِيمِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ نِسْبِيًّا أَوْ حَقِيقِيًّا إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِأَنَّهُمَا اللَّتَانِ يُتَنَفَّلُ قَبْلَهُمَا دُونَ الْمَغْرِبِ لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَدُونَ الصُّبْحِ إذْ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا إلَّا الْفَجْرَ وَالْوِرْدَ لِنَائِمٍ عَنْهُ بِاتِّفَاقٍ وَدُونَ الْعِشَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ فِي خُصُوصِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِلْفَذِّ تَقْدِيمُهَا أَيْ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا إلَخْ) أَيْ الْجَمَاعَةَ أَعَادَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَيْ فَيَكُونُ مُحَصِّلًا لِلْفَضْلَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَمْ يَكُنْ مُحَصِّلًا إلَّا لِفَضِيلَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِعَادَةِ إذَا وَجَدَ الْجَمَاعَةَ هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي مُغْنِيهِ حَيْثُ قَالَ وَيَتَوَلَّدُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَفِعْلُهَا جَمَاعَةً آخِرَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا أَوَّلَهُ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا إنْ ضَاقَ كَالْمَغْرِبِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَتَعَقَّبَهُ تت بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَقَلَ أَنَّ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي تَرْجِيحِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَذَا عَلَى آخِرِهِ جَمَاعَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ لَا فِي خُصُوصِ الصُّبْحِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُصَنِّفِ سَنَدٌ فِي الْإِطْلَاقِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ مُرَجِّحُ التَّأْخِيرِ كَرَجَاءِ الْمَاءِ وَالْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ أَوْ مُوجِبَةٌ كَذِي نَجَاسَةٍ يَرْجُو مَا يُزِيلُهَا بِهِ عَنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ وَمَنْ بِهِ مَانِعُ الْقِيَامِ يَرْجُو زَوَالَهُ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهَا) أَيْ وَإِنَّ اخْتِيَارِيَّهَا يَمْتَدُّ لِلطُّلُوعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَوَجَبَ) أَيْ وَإِلَّا لَوْ قُلْنَا أَنَّ لَهَا ضَرُورِيًّا مِنْ الْإِسْفَارِ لِلطُّلُوعِ لَوَجَبَ فِعْلُهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَلَا تَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ الَّتِي يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيْ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَأَمَّا الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا فَهِيَ كَالْفَذِّ كَمَا مَرَّ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا حَتَّى لِلظُّهْرِ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ) أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا تَقْدِيمًا نِسْبِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ وَتَقْدِيمًا حَقِيقِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ غَيْرَ الظُّهْرِ صَادِقٌ بِالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ شِتَاءً وَصَيْفًا بِرَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدُّرَرِ مِنْ نَدْبِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ بِرَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ فِي الْفُطُورِ (قَوْلُهُ: لِرُبْعِ الْقَامَةِ) وَهُوَ ذِرَاعٌ بِأَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّخْصِ كَذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى ظِلِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَعْنَى الْإِبْرَادِ) أَيْ لِأَجْلِ مَعْنًى هُوَ الْإِبْرَادُ فَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ وَإِضَافَةُ مَعْنًى لِلْإِبْرَادِ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ الْحَرِّ) أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَيِّ صَلَاةٍ وَفِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَلَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَتَحْتَهُ) أَيْ وَتَحْتَ تَأْخِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرٌ لِلْإِبْرَادِ) أَيْ لِأَجْلِ الدُّخُولِ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ (قَوْلُهُ: قَدَّرَهُ) أَيْ قَدَّرَ التَّأْخِيرَ لِلْإِبْرَادِ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ قَدْ عَيَّنَ قَدْرَهُ بِرُبْعِ الْقَامَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يُخْرِجَهَا عَنْ الْوَقْتِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْقَامَةِ وَأَفَادَ ح أَنَّ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا لِلْإِبْرَادِ لِوَسَطِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ

لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْقَبَائِلُ الْأَرْبَاضُ أَيْ أَطْرَافُ الْمِصْرِ وَالْحُرُسُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُرَابِطُونَ أَيْ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ التَّفَرُّقُ ثُمَّ الرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا (وَإِنْ) (شَكَّ) لَوْ طَرَأَ فِي الصَّلَاةِ أَيْ تَرَدَّدَ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الظَّنَّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ (فِي دُخُولِ الْوَقْتِ) وَصَلَّى (لَمْ تَجُزْ وَلَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهَا (وَقَعَتْ فِيهِ) وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الِاخْتِيَارِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الضَّرُورِيِّ بِقَوْلِهِ (وَالضَّرُورِيُّ) أَيْ ابْتِدَاؤُهُ (بَعْدَ) أَيْ عَقِبَ وَتِلْوَ (الْمُخْتَارِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَيَمْتَدُّ مِنْ مَبْدَإِ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى (لِلطُّلُوعِ فِي التَّصْحِيحِ) (وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الظُّهْرِ الْخَاصِّ بِهَا مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ وَيَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْعَصْرِ مِنْ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَيَسْتَمِرُّ (لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْمَغْرِبِ مِنْ مُضِيِّ مَا يَسَعُهَا وَشُرُوطُهَا وَضَرُورِيُّ الْعِشَاءِ مِنْ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَيَسْتَمِرُّ (لِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي أَخَّرَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَكَلَامُ ح يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ (قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) أَيْ لَا إنْ نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلًا لِلْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ كَلَامَهَا فِي خُصُوصِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ فَلَا يَكُونُ كَلَامُهَا مُعَارِضًا لِمَا مَرَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا يُؤَخِّرُونَ إلَّا الظُّهْرَ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَسَاجِدِ غَيْرِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ وَكِلَاهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ الْمُعَارِضَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَبَائِلُ الْإِرْبَاضُ) أَيْ أَهْلُ الْإِرْبَاضِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَطْرَافُ الْمِصْرِ) أَيْ الْأَمَاكِنُ الَّتِي حَوْلَ الْبَلَدِ خَلْفَ السُّوَرِ كَالْحُسَيْنِيَّةِ وَالنَّاصِرِيَّةِ وَالْفَوَّالَةِ بِمِصْرَ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ) أَيْ وَيُقَالُ أَيْضًا بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقَوْلُهُ: الْمُرَابِطُونَ أَيْ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ التَّفَرُّقُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا) أَيْ ثُمَّ الرَّاجِحُ نَدْبُ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لِلْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا حَتَّى لِأَهْلِ الْإِرْبَاضِ وَالْحَرَسِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ نَدْبِ تَأْخِيرِهَا لَهُمْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَرَدَّدَ هَلْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ لَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَوْ ظَنَّ دُخُولَهُ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ وَتَوَهَّمَ الدُّخُولَ سَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ مَا ذُكِرَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ طَرَأَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَجْزِيهِ لِتَرَدُّدِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا وَقَعَتْ قَبْلَهُ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظَنُّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَوِيًّا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا ظَنَّ دُخُولَهُ سَوَاءٌ كَانَ الظَّنُّ قَوِيًّا أَمْ لَا وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ الصَّلَاةَ جَازِمًا بِدُخُولِ وَقْتِهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ فَرَاغِهَا قَبْلَهُ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَالْإِجْزَاءُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَمْ تُجْزِهِ. . (تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت مَا إذَا شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي خُرُوجِهِ فَيَنْوِي الْأَدَاءَ كَمَا قَالَ عج لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ لَا يَنْوِي أَدَاءً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مَعَ الْمُبَادَرَةِ عَلَى الْفِعْلِ حِرْصًا عَلَى الْوَقْتِ فَلَوْ نَوَى الْأَدَاءَ لِظَنِّهِ بَقَاءَ الْوَقْتِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خُرُوجُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَهُ كَذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَطَرَأَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا بَلْ وَلَوْ طَرَأَ فِيهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا طَرَأَ الشَّكُّ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِحْرَامَ حَصَلَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَ وَتِلْوَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْدَ فِي الْأَصْلِ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَيْنَ الضَّرُورِيِّ وَالِاخْتِيَارِيِّ مُدَّةٌ مُتَّسِعَةٌ مَعَ أَنَّهُ مُلَاصِقٌ لَهُ دَفَعَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِجَعْلِهِ بَعْدَ بِمَعْنَى التِّلْوِ وَالْعَقِبِ فَهِيَ هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الضَّرُورِيَّ عَقِبَ الْمُخْتَارِ فِي غَيْرِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ وَالْمُسَافِرِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا فَالضَّرُورِيُّ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرَكَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَ مَا بَعْدَ الْمُخْتَارِ بِالضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ بِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ) أَيْ وَإِثْمِ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ مُؤَدِّينَ (قَوْلُهُ: لِلطُّلُوعِ) أَيْ لِمَبْدَإِ الطُّلُوعِ (قَوْلُهُ: مِنْ دُخُولِ مُخْتَارِ الْعَصْرِ) أَيْ الْخَاصِّ بِهَا وَهُوَ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتِ الِاشْتِرَاكِ مِنْ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي أَنَّ الْعَصْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الظُّهْرِ أَوْ الظُّهْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَصْرَ لَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ يَحْيَى عَنْهُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ صَلَّيْت الظُّهْرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِأَرْبَعٍ كَانَتْ فَائِتَةً وَقَضَاءً وَلَيْسَتْ حَاضِرَةً

(وَتُدْرَكُ فِيهِ) أَيْ فِي الضَّرُورِيِّ (الصُّبْحُ) أَدَاءً وَوُجُوبًا عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ (بِرَكْعَةٍ) بِسَجْدَتَيْهَا مَعَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةٍ قِرَاءَةً مُعْتَدِلَةً وَطُمَأْنِينَةً وَاعْتِدَالًا وَيَجِبُ تَرْكُ السُّنَنِ كَالسُّورَةِ وَكَذَا الِاخْتِيَارِيُّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ (لَا أَقَلَّ) مِنْ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ (وَالْكُلُّ) مَا فَعَلَ أَيْ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجَهُ (أَدَاءً) حَقِيقَةً لَا حُكْمًا فَمَنْ حَاضَتْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ لِحُصُولِ الْعُذْرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِهِ فِيهَا لَبَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّهَا قَضَاءٌ خَلْفَ أَدَاءً وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَابْنُ قَدَّاحٍ بِالصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَةَ أَدَاءً حُكْمًا وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا أَدَاءٌ حُكْمًا وَبُطْلَانُ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ نِيَّةً وَصِفَةً إذْ صِفَةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَدَاءُ بِاعْتِبَارِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْقَضَاءُ وَأَنَّهَا حَاضَتْ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ حَقِيقَةً (وَ) تُدْرَكُ فِي الضَّرُورِيِّ الْمُشْتَرِكَانِ وَهُمَا الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ (بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى) عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأُخْرَى فِعْلًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا (لَا) بِفَضْلِهَا عَنْ الصَّلَاةِ (الْأَخِيرَةِ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ وَسَقَطَتْ الْأُولَى اتِّفَاقًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي حَائِضٍ مُسَافِرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا أَدَاءَ عَلَى الثَّانِي وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ بَاقٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِالنَّظَرِ لِلْعَصْرِ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ بِالنَّظَرِ لِلظُّهْرِ أَيْ لِقُرْبِ الْغُرُوبِ وَمَا قِيلَ هُنَا مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّقْدِيرِ يُقَالُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا لَكِنَّ الَّذِي فِي بْن أَنَّ الْمَشْهُورَ رِوَايَةُ عِيسَى أَعْنِي عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَتُدْرِكُ فِيهِ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ كَالنَّوْمِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ عَلَى مَا يَأْتِي وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ ضَرُورِيِّ الصُّبْحِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً بِسَجْدَتِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مُدْرَكَةً مِنْ حَيْثُ الْأَدَاءُ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ فِعْلِهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الصُّبْحَ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ الْوَقْتَ الضَّرُورِيَّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ مُطْلَقًا كَانَ لِلصُّبْحِ أَوْ لِغَيْرِهَا لِأَنَّ غَيْرَهَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً وَإِلَّا فَبِرَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: مَعَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ فَالْمُعْتَبَرُ رَكْعَةٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ فَاتِحَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَرْكُ السُّنَنِ كَالسُّورَةِ) أَيْ وَكَالِاعْتِدَالِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاخْتِيَارِيُّ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ الضَّرُورِيَّ بِرَكْعَةٍ لِأَنَّهُ هُنَا بَقِيَّةُ الصَّلَاةِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ ضَرُورِيًّا بِخِلَافِهَا فِي الضَّرُورِيِّ فَإِنَّ بَعْضَهَا يَقَعُ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إنَّ الضَّرُورِيَّ يُدْرَكُ بِالرُّكُوعِ وَحْدَهُ وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ وَإِنْ كَانَ يَكْفِي فِي الرَّدِّ قَوْلُهُ بِرَكْعَةٍ تَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) كَوْنُ الْوَقْتِ لَا يُدْرَكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ مُمْتَدٌّ لِلطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَالْفَجْرِ لِأَنَّ وَقْتَ الصَّلَاةِ أَمْرٌ مُغَايِرٌ لِإِدْرَاكِهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الْحَاصِلَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ الْحَاصِلَةِ خَارِجَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ قَضَاءٌ فِعْلًا) الْأُولَى حَقِيقَةٌ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ حَاضَتْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا فِيهَا وَجَبَ الْقَضَاءُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا فَهُوَ قَضَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ وَثَمَرَةُ كَوْنِ الْأَدَاءِ حُكْمًا رَفْعُ الْإِثْمِ فَقَطْ. وَوَرَدَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ قَدَّاحٍ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ مُخَالِفَةٌ لِنِيَّةِ الْمَأْمُومِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَاوٍ لِلْأَدَاءِ وَالْمَأْمُومَ نَاوٍ لِلْقَضَاءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ تَنُوبُ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا مُتَلَاعِبًا أَوْ سَهْوًا لَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَدَاءُ أَوْ ضِدُّهُ مِمَّا يُفِيدُ خِلَافَهُ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَالتَّحْقِيقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ بَلْ يَقْضِيهَا وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ وَحِّ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّهُ أَقْيَسُ وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ سُقُوطِ الصَّلَاةِ لِحُصُولِ الْعُذْرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ فَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَرَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِفَضْلِ رَكْعَةٍ) أَيْ بِرَكْعَةٍ

طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُدْرَكُ الْعِشَاءُ وَتَسْقُطُ الْمَغْرِبُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ تُدْرِكُهُمَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْعِشَاءِ الْمَقْصُورَةِ وَلِأَرْبَعٍ أَدْرَكَتْهُمَا اتِّفَاقًا وَلِاثْنَتَيْنِ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ فَقَطْ اتِّفَاقًا وَفِي حَائِضٍ حَاضِرٍ طَهُرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تُدْرِكُهُمَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْمَغْرِبِ وَعَلَى الثَّانِي تُدْرِكُ الْعِشَاءَ فَقَطْ إذَا لَمْ يَفْضُلْ لِلْمَغْرِبِ شَيْءٌ فِي التَّقْدِيرِ وَلِخَمْسٍ أَدْرَكَتْهُمَا وَلِثَلَاثٍ سَقَطَتْ الْأُولَى اتِّفَاقًا فِيهِمَا فَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ (كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ) صَوَابُهُ كَحَائِضٍ مُسَافِرَةٍ أَوْ حَاضِرَةٍ طَهُرَتْ وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ ذِي الْعُذْرِ وَلَا يَظْهَرُ لِلتَّقْدِيرِ فِيهِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ سَفَرِيَّةً عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا لِأَقَلَّ لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ وَالْقَادِمُ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ حَضَرِيَّةً وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ فَلَا يَظْهَرُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ لِتَسَاوِيهِمَا (وَأَثِمَ) مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لَهُ (لِعُذْرٍ) فَلَا يَأْثَمُ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَعْذَارَ بِقَوْلِهِ (بِكُفْرٍ) أَصْلِيٍّ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ (بِرِدَّةٍ وَصِبًا) فَإِذَا بَلَغَ فِي الضَّرُورِيِّ وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ صَلَّاهَا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَاضِلَةٍ أَيْ زَائِدَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْفَجْرِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْأَرْبَعُ وَأَمَّا إذَا طَهُرَتْ لِاثْنَتَيْنِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ مِنْ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَسَقَطَتْ الْأُولَى وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ تُدْرَكُ الْعِشَاءُ وَتَسْقُطُ الْمَغْرِبُ) وَذَلِكَ لِأَنَّنَا لَوْ قَدَّرْنَا بِالْأُولَى لَمْ يَبْقَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَالْوَقْتُ إذَا ضَاقَ يَخْتَصُّ بِالْأَخِيرَةِ فَيَكُونُ الْوَقْتُ الْبَاقِي الَّذِي يَسَعُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لِلْأَخِيرَةِ وَتَسْقُطُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلِأَرْبَعٍ) أَيْ وَإِذَا طَهُرَتْ أَدْرَكْتهمَا لِأَرْبَعٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إنْ قَدَّرَ بِالْأُولَى فَضَلَتْ رَكْعَةٌ لِلثَّانِيَةِ وَإِنْ قَدَّرَ بِالثَّانِيَةِ فَضَلَتْ رَكْعَتَانِ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ: وَلِاثْنَتَيْنِ) أَيْ وَإِذَا طَهُرَتْ لِاثْنَتَيْنِ أَدْرَكَتْ الثَّانِيَةَ فَقَطْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا إنْ قُدِّرَتْ بِالْأُولَى لَمْ يَبْقَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَإِنْ قُدِّرَتْ بِالثَّانِيَةِ لَمْ يَبْقَ لِلْأُولَى شَيْءٌ وَالْوَقْتُ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ: طَهُرَ لِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْفَجْرِ) ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ وَأَمَّا لَوْ طَهُرَتْ لِأَرْبَعٍ فَأَقَلَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَقَدْ أَدْرَكَتْ ثَانِيَ الظُّهْرَيْنِ اتِّفَاقًا وَسَقَطَتْ الْأُولَى وَلِخَمْسٍ أَدْرَكَتْهُمَا اتِّفَاقًا وَكَذَا مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ تُدْرِكُهُمَا) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا قُدِّرَتْ بِالْأُولَى بَقِيَ لِلثَّانِيَةِ رَكْعَةٌ فَتَكُونُ قَدْ طَهُرَتْ فِي وَقْتِهِمَا (قَوْلُهُ: كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ لِبَيَانِ مَا يُدْرَكُ بِهِ الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ كَمَا شَرَحَ بِهِ الْمَوَّاقُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وَالشَّيْخُ مَيَّارَةُ وَنَصَّهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ كَمَا تُدْرَكُ الصَّلَاتَانِ مَعًا بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَاهُمَا وَإِلَّا أُدْرِكَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ كَذَلِكَ يُدْرَكُ حُكْمُ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَاهُمَا وَإِلَّا أُدْرِكَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ فَيَقْصُرُهَا مَنْ سَافَرَ وَيُتِمُّهَا مَنْ حَضَرَ مِنْ سَفَرِهِ فَلَوْ سَافَرَ لِثَلَاثٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ صَلَّاهُمَا سَفَرِيَّتَيْنِ وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْعَصْرُ سَفَرِيَّةٌ وَالظُّهْرُ حَضَرِيَّةٌ وَلَوْ قَدِمَ لِخَمْسٍ فَأَكْثَرَ صَلَّاهُمَا حَضَرِيَّتَيْنِ وَلِمَا دُونَهَا صَلَّى الْعَصْرَ حَضَرِيَّةً وَالظُّهْرَ سَفَرِيَّةً وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَاضِرٍ سَافَرَ وَقَادِمٍ وَمَا ذَكَرَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَحَاضِرٍ سَافَرَ إلَخْ تَمْثِيلٌ ثُمَّ اعْتَرَضَ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَصِحُّ وَصَوَّبَهُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ تَكَلُّفٌ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِالْأَخِيرَةِ) بِمَعْنَى أَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخِيرَةُ. إنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ آخِرَ الْوَقْتِ تَخْتَصُّ بِهِ الثَّانِيَةُ اتِّفَاقًا وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْخِلَافِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اخْتِصَاصِ الْعَصْرِ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ عَنْ الطُّهْرِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِسَمَاعِ يَحْيَى وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى وَأَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. قُلْت لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ الِاخْتِصَاصَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ أَوْ السُّقُوطِ لِارْتِفَاعِ الْعُذْرِ أَوْ طُرُوِّه بِاعْتِبَارِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْأَدَاءِ وَعَدَمِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْأُولَى إذَا وَقَعَتْ آخِرَ الْوَقْتِ فَهِيَ أَدَاءٌ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَضَاءٌ عَلَى مُقَابِلِهِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّهَارِيَّتَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتَا حَضَرِيَّتَيْنِ أَوْ سَفَرِيَّتَيْنِ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ أَمْ لَا فَلَا يَظْهَرُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأَوْلَى مِنْهُمَا أَوْ بِالثَّانِيَةِ فَائِدَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا تَظْهَرُ فَائِدَةٌ فِي اللَّيْلَتَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كَانَ الشَّخْصُ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ بِالتَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ إذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ كَحَيْضٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فَالْأَحْوَالُ ثَمَانِيَةٌ سِتَّةٌ لَا يَظْهَرُ فِيهَا فَائِدَةٌ وَاثْنَانِ تَظْهَرُ فِيهِمَا الْفَائِدَةُ (قَوْلُهُ: مَنْ أَوْقَعَ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْقَعَ بَعْضًا مِنْهَا وَلَوْ رَكْعَةً فِي الِاخْتِيَارِيِّ وَبَاقِيهَا فِي الضَّرُورِيِّ فَلَا إثْمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لَهُ) أَيْ لِلضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: بِكُفْرٍ وَإِنْ بِرِدَّةٍ) أَيْ إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَمْ لَا

وَلَوْ كَانَ صَلَّاهَا قَبْلُ (وَإِغْمَاءٍ وَجُنُونٍ وَنَوْمٍ) وَلَا إثْمَ عَلَى النَّائِمِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَوْ عَلِمَ اسْتِغْرَاقَ الْوَقْتِ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ فَلَا يَجُوزُ النَّوْمُ بِلَا صَلَاةٍ إنْ ظَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ (وَغَفْلَةٍ) وَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ مَانِعًا شَرْعِيًّا عُرِفَتْ مَانِعِيَّتُهُ مِنْ الشَّارِعِ وَلَا اسْتِقْلَالَ لِلْعَقْلِ بِهِ جَعَلَهُ أَصْلًا فَشَبَّهَ بِهِ مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ (كَحَيْضٍ) وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ لِتَآخِيهِمَا فِي الْأَحْكَامِ (لَا سُكْرٍ) حَرَامٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا عُذْرُ الْكَافِرِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْحَرَامِ فَهُوَ عُذْرٌ كَالْجُنُونِ (وَالْمَعْذُورُ) مِمَّنْ ذُكِرَ (غَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ) بِالْمَاءِ لِأَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِلَّا فَبِالصَّعِيدِ فَمَنْ زَالَ عُذْرُهُ الْمُسْقِطُ لِلصَّلَاةِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إلَّا إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً بَعْدَ تَقْدِيرِ تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ أَوْ التُّرَابِيَّةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ بَلْ إنْ أَسْلَمَ لِمَا يَسَعُ رَكْعَةً فَقَطْ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ لِأَنَّ تَرْكَ عُذْرِهِ بِالْإِسْلَامِ فِي وُسْعِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدِّيهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ خَارِجَ الْوَقْتِ وَلَا إثْمَ أَيْضًا إنْ بَادَرَ بِالطَّهَارَةِ وَصَلَّى بَعْدَ الْوَقْتِ وَيُرَاعَى فِي الطُّهْرِ الْحَالَةُ الْوُسْطَى لَا حَالَتُهُ هُوَ فِي نَفْسِهِ إذْ قَدْ يَكُونُ مُوَسْوِسًا (وَإِنْ) (ظَنَّ) الْمَعْذُورُ الَّذِي يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ بَعْدَ أَنْ زَالَ وَتَطَهَّرَ (إدْرَاكَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ (فَرَكَعَ) رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا مَثَلًا (فَخَرَجَ الْوَقْتُ) بِالْغُرُوبِ أَوْ الطُّلُوعِ ضَمَّ إلَيْهَا أُخْرَى نَدْبًا وَخَرَجَ عَنْ شَفْعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ صَلَّاهَا قَبْلُ) أَيْ وَلَوْ نَوَى الْفَرْضَ بِحَسَبِ زَعْمِهِ حِينَ صَلَّاهَا صَبِيًّا فَإِنْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا بِكَإِنْبَاتٍ كَمَّلَهَا نَافِلَةً ثُمَّ أَعَادَ فَرْضًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ وَابْتَدَأَهَا (قَوْلُهُ: وَإِغْمَاءٌ وَجُنُونٌ وَنَوْمٌ) أَيْ فَإِذَا أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَوْ الْمَجْنُونُ أَوْ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّوْا فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ) أَيْ لِذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ عَدَمَ الِاسْتِغْرَاقِ جَازَ لَهُ النَّوْمُ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ حَصَلَ اسْتِغْرَاقٌ كَمَا يَجُوزُ لَهُ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ إذَا ظَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ وَوَكَّلَ وَكِيلًا يُوقِظُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَغَفْلَةٌ) أَيْ نِسْيَانٌ فَإِذَا نَسِيَ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً وَلَمْ يَتَذَكَّرْهَا إلَّا فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: كَحَيْضٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا انْقَطَعَ كُلٌّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّتْ فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِعُذْرٍ) أَيْ فَإِذَا سَكِرَ بِحَرَامٍ وَأَفَاقَ مِنْ سُكْرِهِ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ وَسَوَاءٌ سَكِرَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِثْمُ إيقَاعِهَا فِي الضَّرُورِيِّ غَيْرُ إثْمِ تَعَاطِي الْمُسْكِرِ فَهُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ) أَيْ فَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَانِعُ مِنْ الْإِثْمِ إنَّمَا هُوَ الْإِسْلَامُ لَا الْكُفْرُ (قَوْلُهُ: يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ) أَيْ يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ يَسَعُ طُهْرَهُ الَّذِي يَحْتَاجُهُ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ قَدَّرَ لَهُ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَكْبَرَ قَدَّرَ لَهُ مَا يَسَعُ الْغُسْلَ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا أَوْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَإِلَّا قُدِّرَ لَهُ مَا يَسَعُ التَّيَمُّمَ وَلَا يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ يَسَعُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ لِأَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَلَا زَمَنَ يَسَعُ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِبْرَاءَ أَنْ لَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ كَمَا قَالَ عج ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ يَسَعُ الطُّهْرَ زِيَادَةً عَلَى التَّقْدِيرِ السَّابِقِ وَهُوَ مُدَّةٌ تَسَعُ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَفَائِدَةُ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ إسْقَاطُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي زَالَ عُذْرُهُ فِي ضَرُورِيِّهَا وَعَدَمُ إسْقَاطِهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ رَكْعَةً بَعْدَ تَحْصِيلِ الطُّهْرِ لَمْ تَسْقُطْ وَإِلَّا سَقَطَتْ (قَوْلُهُ: لِأَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ) أَيْ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَكَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ زَالَ عُذْرُهُ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: الْمُسْقِطُ لِلصَّلَاةِ) أَيْ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ الْعُذْرِ الَّذِي لَا يُسْقِطُهَا فَالنَّائِمُ أَوْ السَّاهِي لَا يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ بَلْ مَتَى تَنَبَّهَ السَّاهِي أَوْ اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي يَسَعُ رَكْعَةً مَعَ فِعْلِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الطُّهْرِ أَمْ لَا بَلْ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ أَسْلَمَ لِمَا يَسَعُ رَكْعَةً) أَيْ مِنْ الضَّرُورِيِّ (قَوْلُهُ: وَصَلَّى بَعْدَ الْوَقْتِ) أَيْ الَّذِي أَسْلَمَ بِقُرْبِ آخِرِهِ

وَكَذَا يَضُمُّ لِلثَّلَاثَةِ رَابِعَةٌ وَ (قَضَى) الصَّلَاةَ (الْأَخِيرَةَ) لِأَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا مَعًا بَعْدَ تَقْدِيرِ الطَّهَارَةِ فَتَبَيَّنَ إدْرَاكُ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَقَطْ رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ (وَإِنْ تَطَهَّرَ) مَنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا (فَأَحْدَثَ) قَبْلَ الصَّلَاةِ (أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمَ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ) قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَظَنَّ إدْرَاكَ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ أُخْرَى فَفَعَلَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَالْقَضَاءُ فِي الْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ سَحْنُونٍ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِغَيْرِهِ فِي الْأُولَى (أَوْ) تَطَهَّرَ وَ (ذَكَرَ مَا يُرَتِّبُ) مَعَ الْحَاضِرَةِ مِنْ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ أَيْ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ فَقَدَّمَهُ فَخَرَجَ الْوَقْتُ (فَالْقَضَاءُ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِغَيْرِهِ (وَأُسْقِطَ عُذْرٌ حَصَلَ) أَيْ طَرَأَ مِنْ الْأَعْذَارِ السَّابِقَةِ الْمُتَصَوَّرَةِ الطُّرُوِّ فَلَا يُرَدُّ الصِّبَا (غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانِ) الْفَرْضِ (الْمُدْرَكِ) مَفْعُولُ أَسْقَطَ أَيْ أَسْقَطَ الْعُذْرَ مَا يُدْرَكُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى تَقْدِيرِ زَوَالِهِ فَكَمَا تُدْرِكُ الْحَائِضُ مَثَلًا الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ بِطُهْرِهَا لِخَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَالثَّانِيَةُ فَقَطْ لِطُهْرِهَا لِدُونِ ذَلِكَ كَذَلِكَ يَسْقُطَانِ أَوْ تَسْقُطُ الثَّانِيَةُ وَتَبْقَى الْأُولَى عَلَيْهَا إنْ حَاضَتْ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَلَوْ أَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَامِدَةً وَلَا يُقَدَّرُ الطُّهْرُ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ عَلَى الْمُتَعَمَّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَضُمُّ لِلثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةً) أَيْ وَلَا يَكُونُ تَنَفُّلُهُ بِأَرْبَعٍ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّنَفُّلُ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَعْنِي وَقْتَ الْغُرُوبِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا إلَخْ) سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ عَكْسِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا ظَنَّ إدْرَاكَ الْعَصْرِ فَقَطْ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ الْوَقْتِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ لِتَبَيُّنِ إدْرَاكِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعِيدُ الْعَصْرَ أَوْ لَا يُعِيدُهَا وَالظَّاهِرُ وَهُوَ الَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ الْإِعَادَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن وَأَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ يُدْرِكُ رَكْعَةً وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ يُدْرِكُهُمَا أَوْ لَا يُدْرِكُ شَيْئًا مِنْهُمَا فَلَا يُصَلِّي وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ تَبَيَّنَ بَعْدُ أَنَّ الْوَقْتَ كَانَ يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ صَلَّاهُمَا مَعًا قَضَاءً وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدُ أَنَّ الْوَقْتَ كَانَ يَسَعُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَضَى الْأَخِيرَةَ فَقَطْ وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَشَكَّ فِي الْأُخْرَى فَيُخَاطَبُ بِالثَّانِيَةِ فَإِنْ فَعَلَهَا وَبَانَ لَهُ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْأُولَى فَعَلَهَا أَيْضًا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَتَى بِهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَطَعَ صَلَاتَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ رَكْعَةً ضَمَّ إلَيْهَا أُخْرَى نَدْبًا وَخَرَجَ عَنْ شَفْعٍ هَذَا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ إدْرَاكُ الْأَخِيرَةِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمُدْرَكَ الْأَخِيرَةُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ إنْ كَمَّلَ مَا هُوَ فِيهِ نَفْلًا خَرَجَ الْوَقْتُ وَجَبَ الْقَطْعُ وَصَلَّى الثَّانِيَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَطَهَّرَ مَنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا) أَيْ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ وَظَنَّ إدْرَاكَهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَأَحْدَثَ) أَيْ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَقَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَيْ الَّتِي ظَنَّ إدْرَاكَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي تَوَضَّأَ فِيهِ مُضَافٌ أَوْ نَجِسٌ (قَوْلُهُ: فَظَنَّ إدْرَاكَ الصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ أَصْلُهُ لِلتَّوْضِيحِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي تَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ لَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ حَتَّى تُصَلِّي بِهِ الصَّلَاةَ وَلَا كَوْنُهُ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ فَمَتَى حَصَلَ الطُّهْرُ ثُمَّ انْتَقَضَ أَوْ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ فَقَدْ تَقَرَّرَ وُجُوبُهَا وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَأَمَّا أَنَّهَا تَتَيَمَّمُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ تَغْتَسِلُ إذَا ظَنَّتْ اتِّسَاعَهُ فَهَذَا أَمْرٌ زَائِدٌ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا زَائِدًا لَكِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِأَجْلِ حُكْمِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ فَالْقَضَاءُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَيُّنُهُ إلَّا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ إذْ لَوْ عَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِطَهَارَةٍ أُخْرَى لَوَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَيَمَّمَ عَلَى الرَّاجِحِ فَتَقَعُ الصَّلَاةُ أَدَاءً فَتَأَمَّلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ فِي الْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ اعْتِبَارًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ مِنْ الطَّهَارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ طُهْرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ فِي الْأُولَى) أَيْ وَخِلَافًا لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَازِرِيُّ فِي الْأُولَى حَيْثُ قَالَ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ طُهْرٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ اعْتِبَارًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ مِنْ الْفَوَائِتِ وَقَوْلُهُ فَالْقَضَاءُ أَيْ لِلْمُدْرِكِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِطُهْرِهَا لِخَمْسٍ أَوْ أَرْبَعٍ) هَذَا نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ فَالْحَائِضُ تُدْرِكُ الظُّهْرَيْنِ إذَا طَهُرَتْ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَتُدْرِكُ الْعِشَاءَيْنِ بِطُهْرِهَا لِأَرْبَعٍ وَتُدْرِكُ الثَّانِيَةَ مِنْ الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ إذَا طَهُرَتْ لِثَلَاثٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ يَسْقُطَانِ إلَخْ) فَإِذَا حَاضَتْ وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ سَقَطَ الظُّهْرَانِ وَسَقَطَ الْعِشَاءَانِ إنْ حَاضَتْ وَالْبَاقِي لِلْفَجْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَإِنْ حَاضَتْ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ سَقَطَتْ الثَّانِيَةُ مِنْ الظُّهْرَيْنِ وَمِنْ الْعِشَاءَيْنِ وَتَقَرَّرَتْ الْأُولَى فِي ذِمَّتِهَا فَتَقْضِيهَا بَعْدَ طُهْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدَّرُ الطُّهْرُ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ) بَلْ مَتَى حَاضَتْ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَوْ بِدُونِ تَقْدِيرِ طُهْرٍ سَقَطَتْ الْأَخِيرَةُ وَإِنْ حَاضَتْ وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَلَوْ بِدُونِ تَقْدِيرِ طُهْرٍ سَقَطَتَا مَعًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَاخْتَارَهُ عج مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ تَقْدِيرُ الطُّهْرِ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ كَجَانِبِ الْإِدْرَاكِ فَإِذَا حَاضَتْ قَبْلَ الْمَغْرِبِ بِخَمْسِ دَقَائِقَ إنْ لَمْ يُقَدَّرْ الطُّهْرُ وَلِثَلَاثٍ إنْ قُدِّرَ فَعَلَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ تَسْقُطُ عَنْهَا الثَّانِيَةُ فَقَطْ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ

بِخِلَافِهِ فِي جَانِبِ الْإِدْرَاكِ وَأَمَّا النَّوْمُ وَالنِّسْيَانُ فَلَا يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ (وَأُمِرَ) نَدْبًا (صَبِيٌّ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى كَوَلِيٍّ عَلَى التَّحْقِيقِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَأْمُورٌ مَأْجُورٌ (بِهَا) أَيْ بِالصَّلَاةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْمَقَامِ (لِسَبْعٍ) أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا بِلَا ضَرْبٍ (وَضُرِبَ) نَدْبًا عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ بِالْقَوْلِ (لِعَشْرٍ) أَيْ لِدُخُولِهِ فِيهَا ضَرْبًا مُؤْلِمًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ وَإِلَّا فَلَا وَتُنْدَبُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ فِي الْمَضَاجِعِ وَمَعْنَى التَّفْرِقَةِ أَنْ لَا يَنَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ غَيْرِهِ إلَّا وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ فَالْمَكْرُوهُ التَّلَاصُقُ (وَمُنِعَ نَفْلٌ) مُرَادُهُ بِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْمَكْرُوهِ مَا قَابَلَ الْفَرَائِضَ الْخَمْسَ فَشَمِلَ الْجِنَازَةَ وَالنَّفَلَ الْمَنْذُورَةَ (وَقْتَ) أَيْ حَالَ (طُلُوعِ شَمْسٍ) أَيْ ظُهُورِ حَاجِبِهَا إلَى ارْتِفَاعِ جَمِيعِهَا (وَ) وَقْتِ (غُرُوبِهَا) أَيْ اسْتِتَارِ طَرَفِهَا الْمُوَالِي لِلْأُفُقِ إلَى ذَهَابِ جَمِيعِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَسْقُطُ عَنْهَا الظُّهْرَانِ مَعًا وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ضَعِيفٌ وَإِنْ عَبَّرَ عَنْهُ عج بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ فِي ذَلِكَ طفى قَائِلًا أَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ اعْتِبَارَ الطُّهْرِ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ قَالَ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ اللَّخْمِيِّ وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَذْهَبُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَطْ وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ لِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارَاتٌ خَرَجَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا عَنْ الْمَذْهَبِ اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي جَانِبِ الْإِدْرَاكِ) أَيْ بِخِلَافِ الطُّهْرِ فِي جَانِبِ الْإِدْرَاكِ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ اتِّفَاقًا فَإِذَا طَهُرَتْ وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ قَلِيلٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ الطُّهْرَ وَرَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَجَبَتْ الْأَخِيرَةُ وَإِنْ كَانَ يَسَعُ الطُّهْرَ وَخَمْسَ رَكَعَاتٍ وَجَبَتَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ) أَيْ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ النَّوْمُ أَوْ النِّسْيَانُ جَمِيعَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَأْمُورٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ لَكِنَّ الْوَلِيَّ مَأْمُورٌ بِالْأَمْرِ بِهَا وَالصَّبِيَّ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهَا وَهَذَا أَيْ كَوْنُ الصَّبِيِّ مَأْمُورًا مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بِفِعْلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَعَلَى هَذَا فَالصَّبِيُّ مُكَلَّفٌ بِالْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَالْبُلُوغُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي التَّكْلِيفِ بِالْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَكْلِيفِهِ بِالْمَنْدُوبَاتِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى الصَّلَاةِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ يَكُونُ الْوَلِيُّ مَأْمُورًا مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ فَيُؤْجَرُ دُونَ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ لِأَجْلِ تَدْرِيبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ مُكَلَّفًا بِالْمَنْدُوبَاتِ وَلَا ثَوَابَ لَهُ عَلَيْهَا وَالثَّوَابُ عَلَيْهَا لِأَبَوَيْهِ قِيلَ عَلَى السَّوَاءِ وَقِيلَ ثُلُثَاهُ لِلْأُمِّ وَثُلُثُهُ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهَا) أَيْ وَهُوَ سِنُّ الْإِثْغَارِ أَيْ نَزْعُ الْأَسْنَانِ لِإِنْبَاتِهَا (قَوْلُهُ: بِلَا ضَرْبٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ (قَوْلُهُ: ضَرْبًا مُؤْلِمًا) أَيْ وَلَا يُحَدُّ بِعَدَدٍ كَثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الصَّبِيَّانِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُبَرِّحٍ) هُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ) شَرْطٌ فِي ضَرْبِهِ عَلَى تَرْكِهَا إذَا دَخَلَ فِي الْعَشْرِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: وَتُنْدَبُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الدُّخُولِ فِي الْعَشْرِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنَامَ إلَخْ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ التَّفْرِقَةِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِرَاشٌ عَلَى حِدَةٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فِرَاشٌ عَلَى حِدَةٍ أَمْ لَا فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ وَالْآخَرُ عُرْيَانَ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي حُصُولِ نَدْبِ التَّفْرِقَةِ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ يَكْفِي (قَوْلُهُ: فَالْمَكْرُوهُ التَّلَاصُقُ) أَيْ تَلَاصُقُهُمَا بِعَوْرَتَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ دُونَ الْآخَرِ كَانَ كَافِيًا فِي حُصُولِ التَّفْرِقَةِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَقِيلَ إنْ كَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ دُونَ الْآخَرِ كَانَ كَافِيًا فِي حُصُولِ نَدْبِ التَّفْرِقَةِ فَالْمَكْرُوهُ التَّلَاصُقُ كَانَ أَوْلَى فَالْمُخَاطَبُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَلِيُّهُ وَهَمَ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ خِطَابِهِمْ بِالْمَكْرُوهَاتِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدُهُمَا اللَّذَّةَ بِالْمُلَاصَقَةِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُهُ مِنْهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ أَكْلِ مَيْتَةٍ وَمِنْ كُلِّ مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ فِي حَقِّ الْبَالِغِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا فِي خش وعبق مِنْ كَرَاهَةِ تَلَاصُقِهِمَا وَلَوْ مَعَ قَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ وُجُودِهَا فِيهِ نَظَرٌ بَلْ التَّلَاصُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَرَامٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ نَفْلٌ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْعَ النَّفْلِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا إذَا كَانَ النَّفَلُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ كَمَا إذَا شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ مَثَلًا أَوْ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ فَبَعْدَ أَنْ عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا فَإِنَّهُ يَشْفَعُهَا وَلَا حُرْمَةَ لِأَنَّ هَذَا النَّفَلَ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ الْجِنَازَةَ وَالنَّفَلَ الْمَنْذُورَ)

(وَ) وَقْتَ (خُطْبَةِ جُمُعَةٍ) أَيْ حَالَ شُرُوعِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ يُشْغَلُ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ بَلْ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ وَحَالَ صُعُودِهِ لِلْمِنْبَرِ وَحَالَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ كَمَا سَيُنَبَّهُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ وَكَذَا يُمْنَعُ النَّفَلُ عِنْدَ إقَامَةٍ وَضِيقِ وَقْتٍ عَنْ فَرْضٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ (وَكِرْهُ) النَّفَلُ (بَعْدَ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ (وَ) بَعْدَ أَدَاءِ (فَرْضِ عَصْرٍ) (إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ) الشَّمْسُ (قِيدَ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ قَدْرَ (رُمْحٍ) مِنْ رِمَاحِ الْعَرَبِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ شِبْرًا بِشِبْرٍ مُتَوَسِّطٍ (وَ) إلَى أَنْ (تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ) فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ إقَامَتِهَا جَلَسَ (إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) وَالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِلَا شَرْطٍ (وَ) إلَّا (الْوَرْدُ) أَيْ صَلَاةُ اللَّيْلِ (قَبْلَ) صَلَاةِ (الْفَرْضِ) أَيْ الصُّبْحِ (لِنَائِمٍ عَنْهُ) أَيْ لِمَنْ عَادَتُهُ تَأْخِيرُهُ وَنَامَ عَنْهُ غَلَبَةً وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ جَمَاعَةٍ وَلَا إسْفَارًا فَيُصَلِّيهِ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ (وَ) إلَّا (جِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ (قَبْلَ إسْفَارٍ وَ) بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرٍ قَبْلَ (اصْفِرَارٍ) لَا فِيهِمَا فَيُكْرَهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَقَطْعُ مُحْرِمٍ) بِنَافِلَةٍ (بِوَقْتِ نَهْيٍ) وُجُوبًا إنْ كَانَ وَقْتَ تَحْرِيمٍ وَنَدْبًا إنْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَقَضَاءُ النَّفْلِ الْمُفْسِدِ وَسُجُودُ السَّهْوِ الْبَعْدِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى كَوْنِهِ سُنَّةً (قَوْلُهُ: وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ) أَيْ وَأَمَّا خُطْبَةُ غَيْرِهَا فَلَا يَحْرُمُ النَّفَلُ وَقْتَهَا بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّفَلُ يُشْغِلُ عَنْ سَمَاعِهَا الْوَاجِبِ أَيْ عَنْ اسْتِمَاعِهَا الْوَاجِبِ وَالْمُرَادُ بِهِ السُّكُوتُ فَلَوْ تَفَكَّرَ بِدُونِ كَلَامٍ حَتَّى لَمْ يَسْمَعْ مَا قَالَ الْإِمَامُ لَمْ يَأْثَمْ (قَوْلُهُ: بَلْ مِنْ ابْتِدَاءٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُمْنَعُ النَّفَلُ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: وَحَالَ جُلُوسِهِ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ جُلُوسُهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ لِصُعُودِهِ عَلَيْهِ فَلَوْ صَعِدَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ إذَا جَاءَ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِفِعْلِ الْإِمَامِ الْفِعْلُ وَيَحْرُمُ بِكَلَامِهِ الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً) أَيْ وَعِنْدَ تَذَكُّرِ فَائِتَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ) أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا بَأْسَ بِالنَّفْلِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ أَيْ وَكَذَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ عَصْرٍ) أَيْ وَأَمَّا النَّفَلُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَقَبْلَ أَدَائِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ النَّفَلُ إلَى أَنْ يَتَكَامَلَ ظُهُورُ قُرْصِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْمَنْعِ فِي عُمُومِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِوَقْتِ الْمَنْعِ فَلَا يَغْفُلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَرْضِ عَصْرٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْتَدُّ كَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ طَرَفِ الشَّمْسِ فَيَحْرُمُ إلَى اسْتِتَارِ جَمِيعِهَا فَتَعُودُ الْكَرَاهَةُ إلَى أَنْ تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْمَنْعِ فِي عُمُومِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرْضِ) أَيْ فَلَا بَأْسَ بِإِيقَاعِهِمَا قَبْلَ صَلَاةِ الْفَرْضِ فَإِنْ صَلَّى الْفَرْضَ فَاتَ الْوَرْدُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرِ وَأَخَّرَ الْفَجْرَ لِحِلِّ النَّافِلَةِ وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ الْوِرْدَ أَوْ الشَّفْعَ أَوْ الْوِتْرَ فِي أَثْنَاءِ الْفَجْرِ قَطَعَهُ وَإِنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ إذْ لَا يَفُوتُ الْوَرْدُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرُ إلَّا بِصَلَاةِ الْفَرْضِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: لِنَائِمٍ عَنْهُ) أَيْ لَكِنْ جَوَازُ الْوَرْدِ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ جَمَاعَةً) أَيْ وَلَمْ يَخَفْ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَوَاتَ جَمَاعَةِ الصُّبْحِ وَإِلَّا بَادَرَ لِفَرْضِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ أَهَمُّ مِنْ أَلْفِ نَافِلَةٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَادَتِهِ تَأْخِيرُهُ لِآخِرِ اللَّيْلِ وَأَنْ يَكُونَ نَامَ عَنْهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ غَلَبَةً وَأَنْ لَا يَخَافَ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ فِي الصُّبْحِ وَأَنْ لَا يَخَافَ وُقُوعَ الصُّبْحِ فِي الْإِسْفَارِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جِنَازَةٌ وَسُجُودُ تِلَاوَةٍ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ وَقْتَيْ الْكَرَاهَةِ أَيْ مِنْ مَجْمُوعِ قَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ وَفَرْضِ عَصْرٍ (قَوْلُهُ: لَا فِيهِمَا فَيُكْرَهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) فَلَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّهَا لَا تُعَادُ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي وَقْتِ الْمَنْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنْ أَيْ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ تُدْفَنْ وَهَذَا مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ عَلَيْهَا لَوْ أُخِّرَتْ لِوَقْتِ الْجَوَازِ أَمَّا عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا فَيُصَلِّي عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ وَلَا إعَادَةَ دُفِنَتْ أَمْ لَا وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الطِّرَازِ وَقَالَ إنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِنَافِلَةٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَيْ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهَا جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَهَذَا التَّعْمِيمُ فِي غَيْرِ الدَّاخِلِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالنَّافِلَةِ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى لِلدَّاخِلِ أَنْ يَرْكَعَ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ

وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قَطْعُ وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْقَطْعِ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْقَطْعِ مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ وَأُعِيدَتْ الْجِنَازَةُ إنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا بِوَقْتِ مَنْعٍ مَا لَمْ تُدْفَنْ وَمَحَلُّ مَنْعِهَا أَوْ كَرَاهَتِهَا وَقْتَيْهِمَا مَا لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهَا بِتَأْخِيرِهَا وَإِلَّا صُلِّيَ عَلَيْهَا بِلَا خَوْفٍ. (وَجَازَتْ) الصَّلَاةُ (بِمَرْبِضٍ) أَيْ بِمَحَلِّ رُبُوضِ أَيْ بُرُوكِ (بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ) (كَ) جَوَازِهَا بِ (مَقْبَرَةٍ) مُثَلَّثُ الْبَاءِ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ بِلَا حَائِلٍ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً مَنْبُوشَةً أَوْ لَا (وَلَوْ لِمُشْرِكٍ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي مَقْبَرَتِهِمْ (وَمَزْبَلَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِ وَفِي تَالِيَيْهِ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَوْضِعُ طَرْحِ الزِّبْلِ (وَمُحَجَّةٍ) جَادَّةُ الطَّرِيقِ أَيْ وَسَطُهَا (وَمَجْزَرَةٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ مَوْضِعُ الْجَزْرِ أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِذَلِكَ (إنْ أُمِنَتْ) هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ (مِنْ النَّجَسِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَطِيبُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَأَحْرَمَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَأَحْرَمَ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَسَوَاءٌ فِي الْكُلِّ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ) أَيْ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ أَيْ لَيْسَ لِكَوْنِ الْوَقْتِ لَا يَقْبَلُ الْعِبَادَةَ كَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَابِلَةٌ لِلصَّلَاةِ وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ بَلْ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ كَوْنُ السَّاجِدِ فِي وَقْتِ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ شَبِيهًا بِالسَّاجِدِ لِلشَّيْطَانِ وَالِاشْتِغَالِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ النَّهْيَ هُنَا وَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ لَكِنَّهُ مُلَازِمٌ لِلْوَقْتِ فَكَانَ النَّهْيُ لِذَاتِ الْوَقْتِ فَلِذَا اسْتَظْهَرَ الْعَلَّامَةُ يَحْيَى الشَّاوِيُّ وَشَيْخُنَا الْبُطْلَانَ وَعَدَمُ الِانْعِقَادِ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ وَلَا لِمَانِعٍ مِنْ الْعِبَادَةِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُلَازِمٍ لِلْوَقْتِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ بَاطِلٌ وَغَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُدْفَنْ) أَيْ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ فَإِذَا دُفِنَتْ فَلَا تُعَادُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا إعَادَةَ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ فِي الطِّرَازِ (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ فُرُشٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْمَرْبِضُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا مَحَلُّ رُبُوضِهَا أَيْ بُرُوكِهَا حِينَ الْقَيْلُولَةِ وَالْمَبِيتِ وَكَمَا يُسَمَّى مَحَلُّ بُرُوكِ الْغَنَمِ حِينَ الْقَيْلُولَةِ وَالْمَبِيتِ مَرْبِضًا يُسَمَّى أَيْضًا مَرَاحًا بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا حَائِلٍ) أَيْ هَذَا إذَا جُعِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ بَلْ وَلَوْ بِلَا حَائِلٍ يَجْعَلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَرْضِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ هَذَا إذَا صَلَّى بَيْنَ الْقُبُورِ بَلْ وَلَوْ صَلَّى فَوْقَ الْقَبْرِ إنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ وَالصَّلَاةُ تَسْتَلْزِمُ الْمَشْيَ قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَبْرُ غَيْرَ مُسَنَّمٍ وَالطَّرِيقُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: مَنْبُوشَةً أَوْ لَا) فِيهِ أَنَّ الْمَقْبَرَةَ إذَا نُبِشَتْ صَارَ التُّرَابُ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ الدَّمُ وَالْقَيْحُ مِنْ الْمَوْتَى ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى عَلَى تُرَابٍ نَجِسٍ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِالْأَمْنِ مِنْ النَّجَاسَةِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَةَ الْمَحَلِّ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ وَالْمَقْبَرَةُ إذَا نُبِشَتْ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَةَ مَا صَلَّى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَنْبُوشِ أَوْ أَنَّ الدَّمَ وَالصَّدِيدَ النَّازِلَ مِنْ الْمَوْتَى لَمْ يَعُمَّ التُّرَابَ أَوْ يُقَالَ إنَّ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي مَقْبَرَتِهِمْ) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ هَذَا الْقَوْلِ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَفِي تَالِيَيْهِ) أَيْ الْمَحَجَّةِ وَالْمَجْزَرَةِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ طَرْحِ الزِّبْلِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الزِّبْلِ بَلْ فِي مَحَلٍّ لَا زِبْلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمُحَجَّةٌ) مِثْلُهَا فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ قَارِعَةُ الطَّرِيقِ أَيْ جَانِبَهُ فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ الْجَزْرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الدَّمِ بَلْ فِي مَحَلٍّ مِنْ الْمَجْزَرَةِ لَا دَمَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَتْ مِنْ النَّجَسِ) أَيْ بِأَنْ تُحَقِّقَ أَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مِنْهَا وَقَوْلُهُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ إنَّمَا جَعَلَ الْقَيْدَ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَهَا لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَهُوَ مَرْبِضُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ دَائِمًا مَأْمُونٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ بَوْلَهَا وَرَجِيعَهَا طَاهِرَانِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِرُجُوعِ الْقَيْدِ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ بَوْلَهَا وَرَجِيعَهَا وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَكِنْ مَنِيَّهَا نَجِسٌ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الشَّرْطِ

كَمَوْضِعٍ مِنْهَا مُنْقَطِعٌ عَنْ النَّجَاسَةِ (وَإِلَّا) تُؤْمَنُ (فَلَا إعَادَةَ) وَاجِبَةً بَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَهَذَا (إنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ) النَّجَاسَةُ بِأَنْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ تَحَقَّقَتْ بِأَنْ عُلِمَتْ أَوْ ظُنَّتْ أُعِيدَتْ أَبَدًا وُجُوبًا (وَكُرِهَتْ) الصَّلَاةُ (بِكَنِيسَةٍ) يَعْنِي مُتَعَبَّدَ الْكُفَّارِ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً مَا لَمْ يُضْطَرَّ لِنُزُولِهِ فِيهَا لِكَبَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ عَامِرَةً (وَلَمْ تُعَدْ) الصَّلَاةُ بِوَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ بِدَارِسَةٍ مُطْلَقًا كَبِعَامِرَةٍ اُضْطُرَّ لِنُزُولٍ بِهَا كَأَنْ طَاعَ وَصَلَّى عَلَى فُرُشٍ طَاهِرٍ وَإِلَّا أَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْأَرْجَحِ وَقِيلَ لَا إعَادَةَ أَيْضًا (وَ) كُرِهَتْ (بِمَعْطِنِ إبِلٍ) مَوْضِعُ بُرُوكِهَا عِنْدَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ عَلَلًا وَهُوَ الثَّانِي بَعْدَ شُرْبِهَا نَهَلًا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَإِنْ صَلَّى بِهَا أَعَادَ (وَلَوْ أَمِنَ) النَّجَاسَةَ أَوْ فَرَشَ فَرْشًا طَاهِرًا لِلتَّعَبُّدِ (وَفِي) كَيْفِيَّةِ (الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ) قِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَقِيلَ النَّاسِي فِي الْوَقْتِ وَالْعَامِدُ أَوْ الْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ أَبَدًا نَدْبًا (وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا) أَيْ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ كَسَلًا وَطُلِبَ بِفِعْلِهِ بِسَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ وَلَوْ الضَّرُورِيِّ وَتَكَرَّرَ الطَّلَبُ وَلَمْ يَمْتَثِلْ (أُخِّرَ) أَيْ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ مَعَ التَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ وَيُضْرَبُ عَلَى الرَّاجِحِ (لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ) الْوَقْتِ (الضَّرُورِيِّ) إنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضٌ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ اثْنَانِ مُشْتَرَكَانِ أُخِّرَ لِخَمْسٍ فِي الظُّهْرَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَاجِعًا لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَا قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خِلَافَ قَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ الْأَغْلَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَوْضِعٍ مِنْهَا) أَيْ كَأَنْ يُصَلِّيَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمَقْبَرَةِ وَالزَّبْلَةِ وَالْمَحَجَّةِ وَالْمَجْزَرَةِ مُنْقَطِعٌ عَنْ النَّجَاسَةِ أَيْ بَعِيدٌ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُؤْمَنُ) أَيْ بِأَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مِنْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ إنْ أُمِنَتْ مِنْ النَّجَسِ بِأَنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ طَهَارَتَهَا كَانَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا جَائِزَةً وَلَا إعَادَةَ أَصْلًا وَإِنْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَتُهَا أَوْ ظُنَّتْ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا وَإِذَا صَلَّى أَعَادَ أَبَدًا وَإِنْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا وَطَهَارَتِهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الرَّاجِحِ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا تَرْجِيحًا لِلْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَحْسَنِ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا كَمَا عَلِمْت وَهَذَا فِي غَيْرِ مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ إذَا صَلَّى فِيهَا لِضِيقِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا حِينَئِذٍ جَائِزَةٌ وَلَا إعَادَةَ مَعَ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا كَمَا فِي كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ: يَعْنِي مُتَعَبَّدَ الْكُفَّارِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَنِيسَةً أَوْ بَيْعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ (قَوْلُهُ: بِدَارِسَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اُضْطُرَّ لِلنُّزُولِ فِيهَا أَوْ نَزَلَهَا اخْتِيَارًا سَوَاءٌ صَلَّى عَلَى فُرُشِهَا أَوْ فَرَشَ شَيْئًا طَاهِرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي الدَّارِسَةِ لَا إعَادَةَ فِيهَا وَذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعَامِرَةِ أَرْبَعَ صُوَرٍ ثَلَاثَةٌ لَا إعَادَةَ فِيهَا وَالرَّابِعَةُ فِيهَا الْإِعَادَةُ عَلَى الرَّاجِحِ. وَحَاصِلُهَا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَامِرَةً وَاضْطُرَّ لِنُزُولِهِ بِهَا فَلَا إعَادَةَ سَوَاءٌ صَلَّى عَلَى فِرَاشِهَا أَوْ فَرَشَ شَيْئًا طَاهِرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ طَاعَ بِنُزُولِهِ فِيهَا وَصَلَّى عَلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ وَأَمَّا إذَا نَزَلَهَا اخْتِيَارًا وَصَلَّى عَلَى أَرْضِهَا أَوْ عَلَى فِرَاشِهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الرَّاجِحِ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ وَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّمَانِيَةُ مِنْ جِهَةِ إعَادَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي صُلِّيَتْ فِيهَا وَعَدَمِ إعَادَتِهَا وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَعَدَمِهَا فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ الْكَرَاهَةُ إنْ دَخَلَهَا مُخْتَارًا كَانَتْ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً وَإِنْ دَخَلَهَا مُضْطَرًّا فَلَا كَرَاهَةَ عَامِرَةً كَانَتْ أَوْ دَارِسَةً وَمَا ادَّعَاهُ عج مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِيهَا إذَا دَخَلَهَا مُضْطَرًّا فَهُوَ مَمْنُوعٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ أَحَدٌ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَكَيْفَ يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ الِاضْطِرَارِ وَيَكُونُ ذَلِكَ ظَاهِرًا مِنْ كَلَامِهِ وَالْمُضْطَرُّ يُغْتَفَرُ لَهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا كَيْفَ وَمَالِكٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْجَوَازِ هَذَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ لِتَكُونَ الْإِعَادَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ وَقَالَ بِهِ سَحْنُونٌ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَرْجِيحِ الْغَالِبِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا إعَادَةَ أَيْضًا) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي ح بِنَاءً أَيْضًا عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ بُرُوكِهَا) أَيْ وَأَمَّا مَوْضِعُ مَبِيتِهَا وَقَيْلُولَتِهَا فَلَيْسَ بِمَعْطِنٍ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ إنْ أَمِنَ مِنْ النَّجَسِ وَهُوَ مَنِيُّهَا أَوْ صَلَّى عَلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي ح وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَيُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَفِي شب وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَعْطِنِهَا بَلْ كَذَلِكَ مَحَلُّ مَبِيتِهَا وَقَيْلُولَتِهَا وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْمَعْطِنِ مَحَلُّ بُرُوكِهَا مُطْلَقًا فَقَدْ اعْتَمَدَ كَلَامَ ابْنِ الْكَاتِبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الشُّرْبُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوَّلُ أَيْ وَهُوَ الشُّرْبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْإِعَادَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَصَلَّى فِي مَعْطِنِ الْإِبِلِ فَفِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: أَيْ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) أَيْ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا فِي سَفَرٍ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبَهُ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَأْخِيرِهِ وَقَتْلِهِ إنْ كَانَ مَاءً أَوْ صَعِيدًا وَإِلَّا فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ لِسُقُوطِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُضْرَبُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُضْرَبُ وَمَا فِي الشَّرْحِ نَحْوُهُ فِي تت وَتَعَقَّبَهُ طفى بِأَنَّ خِلَافَ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ إنَّمَا هُوَ فِي الْجَاحِدِ فِي زَمَنِ اسْتِتَابَتِهِ هَلْ يُخَوِّفُ بِالضَّرْبِ ثُمَّ يُضْرَبُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ أَوْ يُخَوِّفُ بِهِ فَقَطْ وَلَا يُضْرَبُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكَذَا النَّقْلُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا التَّارِكُ لَهَا كَسَلًا فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا ضَرْبَهُ

وَلِأَرْبَعٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ وَلِثَلَاثٍ بِسَفَرٍ وَيُقَدَّرُ هُنَا بِالْأَخِيرَةِ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ وَتُعْتَبَرُ الرَّكْعَةُ مُجَرَّدَةً عَنْ فَاتِحَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ وَيُقَدَّرُ لَهُ طَهَارَةٌ مَائِيَّةٌ إنْ كَانَ بِحَضَرٍ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ بِدُونِهَا مُجَرَّدَةٌ عَنْ سُنَنٍ وَمَنْدُوبٍ وَتَدْلِيكٍ بَلْ بِقَدْرِ غَمْسِ الْفَرَائِضِ مَعَ تَقْدِيرِ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ (وَقُتِلَ) وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَصَارَتْ فَائِتَةً فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِسَعَةِ وَقْتِهَا لَمْ يُقْتَلْ (بِالسَّيْفِ) لَا بِغَيْرِهِ (حَدًّا) لَا كُفْرًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى قَوْلِهِ لَا أَفْعَلُ بَلْ (وَلَوْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ) وَلَمْ يَفْعَلْ وَإِلَّا تُرِكَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ بِعَدَمِ الْقَتْلِ إنْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ بَلْ يُبَالِغُ فِي أَدَبِهِ (وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلِأَرْبَعٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ) قَالَ عج الصَّوَابُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ لِبَقَاءِ خَمْسٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ اعْتِبَارًا بِكَوْنِ الْوَقْتِ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْدِيرُ بِهَا وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ التَّقْدِيرُ بِالْأَوْلَى وَلَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ أَنْسَبُ بِصَوْنِ الدِّمَاءِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ فِي السَّفَرِ لِلتَّقْدِيرِ بِثَلَاثٍ مُرَاعَاةً لِصَوْنِ الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلِثَلَاثٍ بِسَفَرٍ) أَيْ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ هُنَا بِالْأَخِيرَةِ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ كَمَا اخْتَارَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ يُؤَخَّرُ فِي الْعِشَاءَيْنِ لِأَرْبَعٍ حَضَرًا وَسَفَرًا (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الرَّكْعَةُ مُجَرَّدَةً عَنْ فَاتِحَةٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ) أَيْ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ لِأَنَّنَا لَوْ اعْتَبَرْنَاهَا لَبُودِرَ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِحَضَرٍ) الْأَوْلَى إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَقَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا قُدِّرَ لَهُ الطَّهَارَةُ التُّرَابِيَّةُ هَذَا وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ رَجَّحَ أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ لَهُ الطَّهَارَةُ أَصْلًا صَوْنًا لِلدِّمَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ) أَيْ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَعْنَى ضَرْبِ الرَّقَبَةِ بِهِ لَا أَنَّهُ يُنْخَسُ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِسَعَةِ وَقْتِهَا) أَيْ وَإِنَّمَا طُلِبَ بِضِيقِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مَعَ الظُّهْرِ لَمْ يُقْتَلْ وَكَذَا إنْ طُلِبَ بِسَعَتِهِ طَلَبًا غَيْرَ مُتَكَرِّرٍ ثُمَّ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يُقْتَلْ (قَوْلُهُ: حَدًّا) أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَتْلُهُ حَدًّا لَسَقَطَ بِرُجُوعِهِ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ إقَامَتِهِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى حَدَّ الْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ وَرُجُوعِهِ قَبْلَ إقَامَتِهِ لَكِنَّ الْقَتْلَ هُنَا لَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَوْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ لَيْسَ بِحَدٍّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَعْضَ الْحُدُودِ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ سَبَبِهَا كَحَدِّ الْمُحَارَبِ وَبَعْضُهَا لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ عَنْ السَّبَبِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَكَمَا هُنَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ سَبَبِهِ وَهُوَ التَّرْكُ وَقَالَ أَنَا أَفْعَلُ فَقَوْلُ الْمُعْتَرِضِ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ هُنَا حَدًّا لَسَقَطَ بِرُجُوعِهِ فِيهِ نَظَرًا لِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) أَيْ الْقَائِلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مُكَفِّرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَتْلِهِ أَنَا أَفْعَلُ وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَقَتَلَ لَا لِقَوْلِهِ أَخَّرَ وَلَا لِقَوْلِهِ حَدًّا لِأَنَّ الَّذِي يُتَوَهَّمُ عَلَى هَذَيْنِ إنَّمَا هُوَ إذَا قَالَ أَنَا لَا أَفْعَلُ أَيْ أَخَّرَ وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ وَقُتِلَ حَدًّا لَا كُفْرًا وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْعَلْ) أَيْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُرِكَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ أَنَا أَفْعَلُ وَفَعَلَ تُرِكَ وَلَمْ يُقْتَلْ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى مُكْرَهًا كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَدِينُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ بِعَدَمِ الْقَتْلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ عِنْدَهُ كُفْرٌ فَيَنْدَفِعُ بِأَدْنَى دَافِعٍ

[فصل في الأذان والإقامة وما يتعلق بهما]

وَكُرِهَتْ لِلْفَاضِلِ (وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) بَلْ يُسْنَمُ كَغَيْرِهِ مِنْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لَا فَائِتَةَ) امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا فَلَا يُقْتَلُ بِهَا حَيْثُ لَمْ يُطْلَبْ بِهَا فِي سَعَةِ وَقْتِهَا بَلْ بَعْدَ خُرُوجِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) الْأَوْلَى عَلَى الْمَقُولِ (وَ) التَّارِكُ (الْجَاحِدُ) لِوُجُوبِهَا أَوْ رُكُوعِهَا أَوْ سُجُودِهَا (كَافِرٌ) مُرْتَدٌّ اتِّفَاقًا يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كُفْرًا وَمَالُهُ فَيْءٌ؛ كَجَاحِدٍ كُلَّ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. (فَصْلٌ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ إعْلَامٍ بِشَيْءٍ. وَشَرْعًا الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَشْرُوعَةٍ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْأَلْفَاظِ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (سُنَّ الْأَذَانُ) وَيَصِحُّ إرَادَةُ الثَّانِي عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ فِعْلُهُ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا) لِلصَّلَاةِ بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ تَلَاصَقَتْ أَوْ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَبِكُلِّ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالِاجْتِمَاعِ لَا لِمُنْفَرِدٍ وَلَا لِجَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا بَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ إنْ كَانُوا بِحَضَرٍ وَيُنْدَبُ إنْ كَانُوا بِسَفَرٍ كَمَا سَيَأْتِي (فِي فَرْضٍ) لَا سُنَّةٍ فَيُكْرَهُ (وَقْتِيٍّ) نِسْبَةً إلَى الْوَقْتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ الْمَحْدُودُ الْمُعَيَّنُ فَخَرَجَ الْفَائِتَةُ إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ مَحْدُودٌ بَلْ وَقْتُهَا حَالُ تَذَكُّرِهَا فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ لَهَا وَخَرَجَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكُرِهَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلْفَاضِلِ رَدْعًا لِغَيْرِهِ وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِ الْفَاضِلِ عَلَيْهِ فَهِيَ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) أَيْ لَا يُخْفَى أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَا فَائِتَةَ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِفَرْضًا أَيْ حَاضِرًا لَا فَائِتَةَ أَوْ عَلَى فَرْضًا بِتَأْوِيلِهِ بِحَاضِرًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُطْلَبُ بِهَا فِي سِعَةِ وَقْتِهَا) أَيْ وَإِلَّا أَدَّى إلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ لِأَنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ رَكْعَةٍ ثُمَّ يَتَطَهَّرُ فَيَفُوتُ الْوَقْتُ فَنَقُولُ لَا يُقْتَلُ بِالْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَتْلِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ فِعْلِ الْفَائِتَةِ الْمَازِرِيُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَبِالْقَوْلِ لِلْمَازِرِيِّ أَنِّي مَتَى صَرَّحْت بِالْقَوْلِ كَانَ لِلْمَازِرِيِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ الْتَزَمَ كُلَّ مَا كَانَ لِلْمَازِرِيِّ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ كَذَا أُجِيبَ وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتِمُّ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ وَأُشِيرُ يَصِحُّ أَوْ اُسْتُحْسِنَ إلَى أَنَّ شَيْخَنَا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ فَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إنَّ عَدَمَ الْقَتْلِ بِالْفَائِتَةِ مُعْتَمَدٌ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ فَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ لِاعْتِمَادِ غَيْرِ الْمَازِرِيِّ فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) حُكْمُ مَنْ قَالَ لَا أُصَلِّي مَنْ قَالَ لَا أَتَوَضَّأُ أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَيُؤَخَّرُ إذَا طُلِبَ بِالْفِعْلِ طَلَبًا مُتَكَرِّرًا فِي سِعَةِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ مَعَ الرَّكْعَةِ وَيُقْتَلُ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لَا أَغْسِلُ النَّجَاسَةَ أَوْ لَا أَسْتُرُ عَوْرَتِي خِلَافًا لعبق فِي شَرْحِ الْعِزِّيَّةِ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّوْمِ كَسَلًا وَجَحْدًا كَالصَّلَاةِ أَيْ فَتَارِكُهُ جَحْدًا كَافِرٌ وَتَارِكُهُ كَسَلًا يُؤَخَّرُ لِقُبَيْلِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ مَا يُوقِعُ فِيهِ النِّيَّةَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قُتِلَ وَتَارِكُ الْحَجِّ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَرُبَّ عُذْرٍ فِي الْبَاطِنِ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَدِينُ وَتَارِكُ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ كُرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ كَانَ هَدَرًا وَلَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ وَتَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ: الْجَاحِدُ لِوُجُوبِهَا) أَيْ جُمْلَةً بِأَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ رُكُوعُهَا أَوْ سُجُودُهَا عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ وُجُوبِهَا أَيْ أَوْ جَحَدَ وُجُوبَ رُكُوعِهَا أَوْ وُجُوبَ سُجُودِهَا مَعَ إقْرَارِهِ بِوُجُوبِهَا بِأَنْ قَالَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ لَكِنَّ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ أَوْ الْقِيَامَ لَهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَافِرٌ) قَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ) أَيْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَجَاحِدٍ كُلَّ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّالُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ الْإِجْمَاعُ وَذَلِكَ كَالْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَأَمَّا مَنْ جَحَدَ أَمْرًا مِنْ الدِّينِ وَكَانَ غَيْرَ ضَرُورِيٍّ كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ فَفِي كُفْرِهِ قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْكُفْرِ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ أَمْرًا ضَرُورِيًّا وَلَيْسَ مِنْ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَافِرًا كَمَا إذَا أَنْكَرَ وُجُودَ بَغْدَادَ [فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا] (فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ) (قَوْلُهُ: الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ أَذَّنَ الْعَصْرُ وَإِنَّمَا يُقَالُ أَذَّنَ بِهِ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ: سُنَّ) أَيْ كِفَايَةً وَقَوْلُهُ: الْأَذَانِ أَيْ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَشْرُوعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِعْلُهُ) أَيْ الْأَذَانِ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ الْمَشْرُوعَةِ وَالْمُرَادُ بِفِعْلِهَا الْإِتْيَانُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهَا) أَيْ أَوْ كَانَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَوْ قَسَمَ الْمَسْجِدَ أَهْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً لِارْتِفَاعِ مِلْكِهِمْ عَنْهُ بِالتَّحْبِيسِ (قَوْلُهُ: لَا لِمُنْفَرِدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا بِسَفَرٍ) أَيْ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا يُشْتَرَطُ سَفَرُ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَتْ الْجِنَازَةُ أَيْضًا) أَيْ فَيُكْرَهُ الْأَذَانُ

وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ اخْتِيَارِيٍّ فَيُكْرَهُ فِي الضَّرُورِيِّ وَالْمُرَادُ الِاخْتِيَارِيُّ وَلَوْ حُكْمًا لِتَدْخُلَ الصَّلَاةُ الْمَجْمُوعَةُ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا (وَلَوْ جُمُعَةً) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ لَهَا وَشَمِلَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي الْأَوْكَدَ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَجِبُ فِي الْمِصْرِ كِفَايَةً يُقَاتَلُ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى تَرْكِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَذَانُ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ (مُثَنًّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ (وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الْكَائِنَةَ فِي الصُّبْحِ خَاصَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا وَلَوْ تَعَيَّنَتْ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ اخْتِيَارِيٌّ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ أَيْضًا لَا يَخْشَى بِهِ خُرُوجَهُ إذْ لَوْ خَشِيَ أَيْ ظَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِالْأَذَانِ لَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ حِينَئِذٍ فَإِنْ شَكَّ فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) الْحُكْمِيَّةُ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الْإِثْمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّلَاةِ الْمُقَدَّمَةِ وَالْمُؤَخَّرَةِ قَدْ فُعِلَتْ فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: لِتَدْخُلَ الصَّلَاةُ الْمَجْمُوعَةُ) أَيْ فَإِنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا عِنْدَ فِعْلِهَا قُدِّمَتْ كَالْعَصْرِ فِي عَرَفَةَ أَوْ أُخِّرَتْ كَالْمَغْرِبِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ لَهَا) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: إنَّ الْأَذَانَ الثَّانِيَ فِعْلًا الَّذِي هُوَ أَوَّلٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَاجِبٌ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ أَنَّ خِلَافَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْأَذَانَيْنِ مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ غَيْرُ شَرْطِيٍّ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ كَذَا فِي عبق قَالَ بْن وَالْحُكْمُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْفِعْلِ بِالسُّنِّيَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا أَحْدَثَهُ بَعْدَهُ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ فَهُوَ أَوَّلٌ فِي الْفِعْلِ ثَانٍ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا فَعَلَهُ عُثْمَانُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَأَقَرُّوهُ عَلَيْهِ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا فَالْقَوْلُ بِسُنِّيَّتِهِ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي الْمِصْرِ كِفَايَةُ) أَيْ فَإِذَا حَصَلَ فِي الْبَلَدِ فِي أَيْ مَكَان فَقَدْ حَصَلَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ وَيُطَالَبُونَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسُنِّيَّةِ فِعْلِهِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَإِذَا حَصَلَ فِي الْبَلَدِ فِي مَسْجِدِهَا سَقَطَ الْفَرْضُ وَالسُّنَّةُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ وُجُوبِهِ فِي الْمِصْرِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْمِصْرِ قَالَ ح وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي وُجُوبِهِ فِي الْمِصْرِ خِلَافًا وَجَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ وُجُوبَهُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: يُقَاتِلُ أَهْلَ الْبَلَدِ عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ: بِضَمٍّ فَفَتْحٍ) أَيْ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْمَعْدُولِ عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ زِيَادَةَ كُلِّ جُمْلَةٍ عَنْ اثْنَيْنِ وَأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ تُقَالُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَنَّ مَثْنَى مَعْنَاهُ اثْنَانِ اثْنَانِ كَذَا فِي عبق وخش وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَا قَالُوا إلَّا لَوْ كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْأَذَانِ بِاعْتِبَارِ جُمَلِهِ أَيْ وَجُمَلُ الْأَذَانِ مَثْنَى أَيْ مُثَنَّاةٌ لَا أَنَّهَا اثْنَانِ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَإِلَّا كَانَ التَّكْبِيرُ مُرَبَّعًا وَكَذَا كُلُّ حَيْعَلَةٍ وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لَهُ بِاعْتِبَارِ كَلِمَاتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ ضَبْطُ قَوْلِهِ مَثْنَى بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَالْمَعْنَى وَكَلِمَاتُ الْأَذَانِ مَثْنَى أَيْ اثْنَانِ بَعْدَ اثْنَيْنِ كَمَا تَقُولُ جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ فَتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) : يُعْتَبَرُ فِي كَلِمَاتِ الْأَذَانِ التَّرْتِيبُ فَإِنْ نَكَّسَ شَيْئًا مِنْهُ ابْتَدَأَهُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ إنَّهُ يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ مَحْكِيَّةٌ قُصِدَ لَفْظُهَا فِي مَحَلِّ نَصْبِ خَبَرٍ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُثَنَّى هَذَا اللَّفْظَ وَهُوَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: الْكَائِنَةَ فِي الصُّبْحِ خَاصَّةً) أَيْ قَبْلَ التَّكْبِيرِ الْأَخِيرِ وَيَقُولُهَا الْمُؤَذِّنُ سَوَاءً أَذَّنَ لِجَمَاعَةٍ أَوْ أَذَّنَ وَحْدَهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِتَرْكِهَا رَأْسًا لِمُنْفَرِدٍ بِمَحِلٍّ مُنْعَزِلٍ عَنْ النَّاسِ لِعَدَمِ إمْكَانِ مَنْ يَسْمَعُهَا مِنْ مُضْطَجِعٍ لِيَنْشَطَ لِلصَّلَاةِ كَمَا هُوَ أَصْلُ وَضْعِهَا وَرَدَّهُ سَنَدٌ بِأَنَّ الْأَذَانَ أَمْرٌ يُتْبَعُ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَجَعَلَ الصَّلَاةَ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بِأَمْرٍ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا فِي الِاسْتِذْكَارِ وَغَيْرِهِ فَفِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ بِلَالٍ «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ يُؤَذِّنُهُ بِالصُّبْحِ فَوَجَدَهُ رَاقِدًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا يَا بِلَالُ اجْعَلْهُ فِي أَذَانِك إذَا أَذَّنْت لِلصُّبْحِ» اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لِلْمُؤَذِّنِ حِينَ جَاءَ يُعْلِمُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ فَهُوَ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمُشَرِّعَ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي أَذَانِ الصُّبْحِ

خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِإِفْرَادِهَا إلَّا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ فَمُنْفَرِدَةٌ اتِّفَاقًا فَلَوْ أَوْتَرَهُ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ لَمْ يُجْزِهِ كَالنِّصْفِ فِيمَا يَظْهَرُ (مُرَجَّعٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ، وَهُوَ مُرَجَّعُ (الشَّهَادَتَيْنِ بِأَرْفَعَ) أَيْ أَعْلَى (مِنْ صَوْتِهِ) بِهِمَا (أَوَّلًا) عَقِبَ التَّكْبِيرِ الْمُرْتَفِعِ لِخَفْضِهِ صَوْتَهُ بِهِمَا دُونَ التَّكْبِيرِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْمَاعِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ (مَجْزُومٌ) نَدْبًا أَيْ مَوْقُوفُ الْجُمَلِ سَاكِنُهَا لِأَجْلِ امْتِدَادِ الصَّوْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ رِوَايَةٍ إسْنَادُ صُدُورِهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِوَايَةٍ إسْنَادُ صُدُورِهَا لِعُمَرَ لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْ عُمَرَ لَيْسَ تَشْرِيعًا بَلْ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْأَذَانِ فَبِدْعَةٌ حَسَنَةٌ أَوَّلُ حُدُوثِهَا زَمَنَ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ سَنَةَ إحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَكَانَتْ أَوَّلًا تُزَادُ بَعْدَ أَذَانِ الْعِشَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَطْ ثُمَّ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ زِيدَتْ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ إلَّا الْمَغْرِبَ كَمَا أَنَّ مَا يُفْعَلُ لَيْلًا مِنْ الِاسْتِغْفَارَاتِ وَالتَّسَابِيحِ وَالتَّوَسُّلَاتِ فَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْبِشْبِيشِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالتُّحْفَةِ السَّنِيَّةِ فِي أَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ الْمَرْضِيَّةِ أَنَّ أَوَّلَ مَا زِيدَتْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ عَلَى الْمَنَارَةِ زَمَنَ السُّلْطَانِ الْمَنْصُورِ حَاجِّيُّ بْنُ الْأَشْرَفِ شَعْبَانُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَكَانَ قَدْ حَدَثَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ يُوسُفَ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ أَذَانِ الْفَجْرِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِمِصْرَ وَالشَّامِ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَزِيدَ فِيهِ بِأَمْرِ الْمُحْتَسِبِ صَلَاحِ الدِّينِ الْبُرُلُّسِيُّ أَنْ يُقَالَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ جُعِلَ ذَلِكَ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ. (تَنْبِيهٌ) كَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَزِيدُ (حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ) بَعْدَ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشِّيعَةِ الْآنَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِإِفْرَادِهَا) أَيْ وَهُوَ ابْنُ وَهْبٍ (قَوْلُهُ: إلَّا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مُثَنًّى وَالْمُرَادُ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْتَرَهُ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ) أَيْ وَلَوْ غَلَطًا وَقَوْلُهُ: لَمْ يُجْزِهِ أَيْ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ إنْ كَانَ الْأَذَانُ سُنَّةً أَوْ فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ إنْ كَانَ الْأَذَانُ وَاجِبًا أَوْ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ إنْ كَانَ الْأَذَانُ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: كَالنِّصْفِ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْتَرَ أَقَلَّهُ فَلَا يَضُرُّ وَمَا ذُكِرَ فِي إيتَارِ الْأَذَانِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي شَفْعِ الْإِقَامَةِ فَإِذَا شَفَعَهَا كُلَّهَا أَوْ غَالِبَهَا أَوْ نِصْفَهَا فَلَا تُجْزِي وَإِنْ شَفَعَ أَقَلَّهَا أَجْزَأَتْ (قَوْلُهُ: مُرَجَّعٌ الشَّهَادَتَيْنِ) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُرَجِّعَ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَعْلَى مِنْ صَوْتِهِ بِهِمَا أَوَّلًا وَيَكُونَ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ وَلَا يَبْطُلُ الْأَذَانُ بِتَرْكِ التَّرْجِيعِ قِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُرَجَّعُ الشَّهَادَاتِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُرَجِّعُ بَعْدَ جَمْعٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ مُرَجَّعٌ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَصْدُقُ بِتَكْرِيرِ مَرَّتَيْ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهُ يَذْكُرُ أَوَّلًا أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ ثُمَّ يُعِيدُهَا بِأَرْفَعِ مِنْ صَوْتِهِ بِهَا أَوَّلًا فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِ شَهَادَاتٍ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَى) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ أَرْفَعَ مَأْخُوذٌ مِنْ الِارْتِفَاعِ وَهُوَ الْعُلُوُّ لَا مِنْ الرِّفْعَةِ وَهِيَ الرِّقَّةُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خَفْضَ صَوْتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَرْفَعُ أَوَّلًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِمُنْتَهَاهُ ثُمَّ يَخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ دُونَ التَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ النَّاسَ ثُمَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا بِحَيْثُ يُسَاوِي رَفْعَهُ بِالتَّكْبِيرِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لِخَفْضِهِ صَوْتَهُ بِهِمَا) أَيْ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْمَاعِ) أَيْ إنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ النَّاسَ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا أَوَّلًا قَبْلَ التَّرْجِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ) أَيْ بِسُنَّةِ التَّرْجِيعِ بَلْ يَكُونُ مَا أَتَى بِهِ عَلَى أَنَّهُ تَرْجِيعٌ مُتَمِّمًا لِلْأَذَانِ وَفَاتَتْهُ سُنَّةُ التَّرْجِيعِ (قَوْلُهُ: سَاكِنُهَا) تَفْسِيرُ لِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يَقُولُ إنَّ الْجَزْمَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ مَعَ أَنَّ أَوَاخِرَ الْجُمَلِ الَّتِي يُوقَفُ عَلَيْهَا لَيْسَتْ أَفْعَالًا حَتَّى تُجْزَمَ قَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَّةَ جَزْمَهُ وَشُيُوخُ الْقَرَوِيِّينَ إعْرَابَهُ وَالْجَمِيعُ جَائِزٌ اهـ فَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَالْمَنْدُوبِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِهِ حَتَّى اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَخِيرُ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ غَيْرَ مَوْقُوفٍ وَحِينَئِذٍ فَجَزْمُ مَا عَدَا التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ الْوَاجِبَةِ أَيْ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّتُهُ وَمَا فِي عبق تَبَعًا لح مِنْ أَنَّ جَزْمَهُ لَيْسَ مِنْ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ مُعْتَمِدًا

(بِلَا فَصْلٍ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ فَإِنْ وَجَبَ كَإِنْقَاذِ أَعْمَى فَصَلَ وَبَنَى مَا لَمْ يُطِلْ وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ (وَلَوْ) كَانَ (بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ) أَوْ رَدِّهِ أَوْ تَشْمِيتِ عَاطِسٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِرَدِّهِ إشَارَةً كَالصَّلَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ لِحُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهَا فَأُبِيحَ فِيهَا الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ بِخِلَافِ الْأَذَانِ (وَبَنَى) إنْ فَصَلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (إنْ لَمْ يُطِلْ) الْفَصْلَ وَإِلَّا ابْتَدَأَ وَهُوَ (غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ) وُجُوبًا فَيَحْرُمُ قَبْلَهُ وَيَبْطُلُ لِفَوَاتِ فَائِدَتِهِ (إلَّا الصُّبْحَ) يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ أَذَانِهَا (بِسُدُسٍ) أَيْ فِي أَوَّلِ سُدُسِ (اللَّيْلِ الْأَخِيرِ) فَالْأَذَانُ سُنَّةٌ وَتَقْدِيمُهُ مُسْتَحَبٌّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَادُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالرَّاجِحُ الْإِعَادَةُ قِيلَ نَدْبًا وَالرَّاجِحُ سُنَّةً وَقِيلَ الْأَوَّلُ مَنْدُوبٌ. ثُمَّ شَرَعَ فِي شُرُوطِ صِحَّتِهِ فَقَالَ (وَصِحَّتُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مَا قَالَ الْمَازِرِيُّ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِالنَّقْلِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَعِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رَاشِدٍ وَالْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْوَاجِبَةِ فَانْظُرْهُ وَأُعْرِبَتْ الْإِقَامَةُ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِرَفْعِ الصَّوْتِ لِلِاجْتِمَاعِ عِنْدَهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ فِيهِ لِرَفْعِ الصَّوْتِ وَامْتِدَادِهِ وَالْإِسْكَانُ أَعْوَنُ عَلَى ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا فِي خش وَحِينَئِذٍ فَاللَّحْنُ فِيهِ مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ اللَّحْنُ فِيهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ حَدِيثًا إلَى مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِلَا فَصْلٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِعَدَمِ الْفَصْلِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُتَّصِلٌ لِيَكُونَ هَذَا الْوَصْفُ عَلَى سُنَنِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ سَوَاءً كَانَ الْفَصْلُ قَصِيرًا أَوْ طَوِيلًا إلَّا أَنَّهُ يُبْنَى مَعَ الْفَصْلِ الْقَصِيرِ وَأَمَّا مَعَ الطَّوِيلِ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْأَذَانَ مِنْ أَوَّلِهِ وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِي الْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَصْلِ الطَّوِيلِ مَا لَوْ بَنَى مَعَهُ لِظَنِّ أَنَّهُ غَيْرُ أَذَانٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْفَصْلِ الطَّوِيلِ مُبْطِلًا لِلْأَذَانِ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا هَذَا مَا أَفَادَهُ عج وَظَاهِرُ ح أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ إذَا كَانَ طَوِيلًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعُمْدَةِ عَبَّرَ بِالْمَنْعِ فَحَمَلَهُ عج عَلَى الْكَرَاهَةِ وَأَبْقَاهُ ح عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَيُوَاقِفُهُ كَلَامُ زَرُّوقٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ أَصْلِهِ سُنَّةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ إفْسَادَ الْأَذَانِ بِذَلِكَ الْفَصْلِ الطَّوِيلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِشَارَةٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ فَصَلَ كُرِهَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْفَصْلُ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْإِشَارَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ يُفْصَلُ بِهَا بَيْنَ جُمَلِ الْأَذَانِ أَمَّا إذَا كَانَ يُؤَذِّنُ وَهُوَ يُشِيرُ فَلَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُكْرَهُ مُطْلَقًا وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ بْن. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَإِنْ كَانَ لَا يَرُدُّ فِي حَالِ أَذَانِهِ سَلَامًا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لَكِنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَذَانِ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا وَأَسْمَعَهُ إنْ حَضَرَ وَلَا يَكْتَفِي بِالْإِشَارَةِ فِي حَالَةِ الْأَذَانِ كَمَا يَرُدُّ الْمَسْبُوقُ عَلَى إمَامِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ حَاضِرًا وَالْمُلَبِّي كَالْمُؤَذِّنِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمَجَامِعُ وَإِنْ شَارَكَا الْمُؤَذِّنَ وَالْمُلَبِّيَ فِي كَرَاهَةِ السَّلَامِ عَلَى كُلٍّ إلَّا أَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ وَالْمَجَامِعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا رَدٌّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ بَاقِيًا بِخِلَافِ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُلَبِّي فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَوْ ذَهَبَ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ بِرَدِّهِ) أَيْ بِرَدِّ الْمُؤَذِّنِ لِلسَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: كَالصَّلَاةِ) أَيْ كَالْمُلْتَبِسِ بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَدِّهِ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَطَرَّقُ فِيهَا مِنْ الْإِشَارَةِ لِلرَّدِّ إلَى الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: فَأُبِيحَ) أَيْ أُذِنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَذَانِ) أَيْ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عِبَادَةً لَكِنَّهَا لَيْسَ لَهَا وَقْعٌ فِي النَّفْسِ كَالصَّلَاةِ فَلَوْ أُجِيزَ فِيهِ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ لَتَطَرَّقَ لِلْكَلَامِ لَفْظًا (قَوْلُهُ: وَبَنَى إنْ فَصَلَ) أَيْ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ لِفَوَاتِ فَائِدَتِهِ) أَيْ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ إذَا عَلِمُوا بِبُطْلَانِهِ قَبْلَ أَنْ يُصَلُّوا وَأَمَّا إنْ صَلَّوْا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ عَلِمُوا أَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا يُعِيدُونَ الْأَذَانَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَذَانَ وَالصَّلَاةَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَعَادُوا الْأَذَانَ وَالصَّلَاةَ وُجُوبًا قَالَهُ ح اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا الصُّبْحُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْفِيٍّ (قَوْلُهُ: فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ) أَيْ لِأَنَّهَا تَأْتِي النَّاسَ وَهُمْ نِيَامٌ فَيُحْتَاجُ لِتَقَدُّمِ الْأَذَانِ لِأَجْلِ انْتِبَاهِ النَّاسِ مِنْ نَوْمِهِمْ وَتَأَهُّبِهِمْ لَهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَادُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلٌ لِسَنَدٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمَغَارِبَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: قِيلَ نَدْبًا) هَذَا مَا اخْتَارَهُ طفى فَعِنْدَهُ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَتَقْدِيمُهُ مَنْدُوبٌ وَالْأَذَانُ الثَّانِي مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ سُنَّةٌ) أَيْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَذَانَيْنِ سُنَّةٌ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ عج وَارْتَضَاهُ بْن وَقَوَّاهُ بِالنُّقُولِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْأَوَّلُ مَنْدُوبٌ) أَيْ وَالثَّانِي سُنَّةٌ وَهُوَ مَا فِي الْعِزِّيَّةِ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ

[شروط صحة الأذان ومندوباته]

(بِإِسْلَامٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ شُرُوعِهِ وَإِنْ كَانَ بِأَذَانِهِ مُسْلِمًا عَنْ التَّحْقِيقِ (وَعَقْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا مَيْزَ لَهُ وَسَكْرَانَ طَافِحٍ (وَذُكُورَةٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى لِأَنَّهُ مِنْ مَنَاصِبِ الرِّجَالِ كَالْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ (وَبُلُوغٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ إلَّا أَنْ يَعْتَمِدَ فِيهِ أَوْ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى بَالِغٍ (وَنُدِبَ) (مُتَطَهِّرٌ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ وَالْكَرَاهَةُ مِنْ الْجُنُبِ أَشَدُّ (صَيِّتٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّبْحَ قِيلَ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا إلَّا أَذَانٌ وَاحِدٌ وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُ بِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ فَالْأَذَانُ سُنَّةٌ وَتَقْدِيمُهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَا يُعَادُ الْأَذَانُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهَذَا قَوْلُ سَنَدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُ اللَّقَانِيُّ وَالرَّاجِحُ إعَادَتُهُ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ فَقِيلَ إعَادَتُهُ نَدْبًا فَالْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي مَنْدُوبٌ وَاخْتَارَ هَذَا طفى وَقِيلَ اسْتِنَادًا فَالْأَوَّلُ مَنْدُوبٌ وَالثَّانِي سُنَّةٌ وَهُوَ مَا فِي الْعِزْيَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَقِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَالثَّانِي أَوْكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ عج وَقَوَّاهُ بْن بِالنُّقُولِ. (تَنْبِيهٌ) يَحْرُمُ الْأَذَانُ لِلصُّبْحِ قَبْلَ سُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ عج فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَيُعْتَبَرُ اللَّيْلُ مِنْ الْغُرُوبِ وَقَوْلُ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ السُّدُسُ سَاعَتَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّيْلَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً دَائِمًا وَأَنَّ السَّاعَةَ تَصْغُرُ وَتَكْبُرُ. [شُرُوط صِحَّة الْأَذَان وَمَنْدُوبَاته] (قَوْلُهُ: بِإِسْلَامٍ) أَيْ مُسْتَمِرٍّ فَإِنْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْأَذَانِ أُعِيدَ إنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إعَادَةَ نَعَمْ يَبْطُلُ ثَوَابُهُ كَذَا قَالَ عج قَالَ شَيْخُنَا أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ ثَمَرَتَهُ وَهِيَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَدْ حَصَلَتْ حِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ وَفِي ح عَنْ النَّوَادِرِ أَنَّهُمْ إنْ أَعَادُوا الْأَذَانَ فَحَسَنٌ وَإِنْ اجْتَزَوْا بِهِ أَجْزَأَهُمْ. اهـ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ عج يَقْتَضِي ضَعْفَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ) أَيْ لِوُقُوعِ بَعْضِهِ فِي حَالِ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَبِهِ جَزَمَ ح خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ نَاجِيٍّ الصِّحَّةَ حَيْثُ عَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْغُسْلِ حَيْثُ قَالَ بِصِحَّةِ الْغُسْلِ مَعَ الْعَزْمِ عَلَى الْإِسْلَامِ دُونَ الْأَذَانِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ مُخَبَّرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُقْبَلَ خَبَرُهُ بِخِلَافِ الْمُغْتَسِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ وَقِيلَ لَا يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا هَذَا ظَاهِرُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي خش وعبق قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ فِي كَوْنِهِ مُسْلِمًا بِأَذَانِهِ خِلَافًا نَحْوُهُ لِلْبِسَاطِيِّ وَرَدَّهُ ح بِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا اهـ وَقَالَ عج فَلَوْ أَذَّنَ الْكَافِرُ كَانَ بِأَذَانِهِ مُسْلِمًا عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ كَلَامُهُ ثُمَّ إنَّ مَنْ حَكَمَ بِإِسْلَامِهِ بِالْأَذَانِ إذَا رَجَعَ لِدِينِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ إنْ كَانَ لَمْ يَقِفْ عَلَى الدَّعَائِمِ لَا قَبْلَ الْأَذَانِ وَلَا بَعْدَهُ فَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا كَانَ مُرْتَدًّا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَمَحِلُّ كَوْنِهِ إذَا وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ وَرَجَعَ يَكُونُ مُرْتَدًّا مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَذَّنَ لِعُذْرٍ كَقَصْدِ التَّحَصُّنِ بِالْإِسْلَامِ لِحِفْظِ مَالِهِ مَثَلًا وَإِلَّا قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ مُرْتَدًّا حَيْثُ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَجْنُونِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ جُنَّ فِي حَالِ أَذَانِهِ أَوْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ يُبْتَدَأُ الْأَذَانُ مِنْ أَوَّلِهِ عَلَى الظَّاهِرِ وَقِيلَ بِالْبِنَاءِ عَلَى مَا فَعَلَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ امْرَأَةٍ) أَيْ لِحُرْمَةِ أَذَانِهَا وَأَمَّا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَسَنَدٍ وَالْقَرَافِيِّ يُكْرَهُ أَذَانُهَا فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ح أَنْ تُحْمَلَ الْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ إذْ لَيْسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ اُنْظُرْ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ عَوْرَةً حَقِيقَةً بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ النِّسَاءِ الصَّحَابِيَّاتِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْعَوْرَةِ فِي حُرْمَةِ التَّلَذُّذِ بِكُلٍّ وَحِينَئِذٍ فَحَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَجِيهٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ كَمَا إذَا كَانَ مَعَ نِسَاءٍ بِمَوْضِعٍ وَلَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْتَمِدَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى مَنْ ذَكَرَ صَحَّ أَذَانُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُكَلَّفِينَ بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ مُتَطَهِّرٌ) أَيْ أَذَانُ مُتَطَهِّرٍ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: وَالْكَرَاهَةُ مِنْ الْجُنُبِ) أَيْ بِغَيْرِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ أَشَدُّ أَيْ مِنْ الْكِرْهَةِ مِنْ الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ. إنْ قُلْت مَا فَائِدَةُ شِدَّةِ الْكَرَاهَةِ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ

أَيْ حَسَنُ الصَّوْتِ مُرْتَفِعُهُ (مُرْتَفِعٌ) بِمَكَانٍ عَالٍ إنْ أَمْكَنَ (قَائِمٌ) وَكُرِهَ الْجُلُوسُ (إلَّا لِعُذْرٍ) مِنْ مَرَضٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا لَكِنْ قَالَ فِيهَا فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ (مُسْتَقْبِلٌ إلَّا لِإِسْمَاعٍ) فَيَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ وَلَوْ بِبَدَنِهِ (وَ) نُدِبَ (حِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ) بِأَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا فَلَا يَحْكِي فَإِنْ سَمِعَ الْبَعْضُ اقْتَصَرَ فِي الْحِكَايَةِ عَلَى مَا سَمِعَ (لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ) فَلَا يَحْكِي الْحَيْعَلَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ فِي فِعْلِهِ قُلْت فَائِدَتُهَا أَنَّ مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ يَكُونُ الثَّوَابُ فِي تَرْكِهِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّوَابِ فِي تَرْكِ مَا لَمْ تَشْتَدَّ كَرَاهَةُ فِعْلِهِ أَوْ أَنَّ الْمُعَاتَبَةَ عَلَى مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ عَلَى مَا دُونَهُ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْمُرَادُ الْمُعَاتَبَةُ فِي الدُّنْيَا بِحَسَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدٍ الصَّغِيرِ وَاسْتَظْهَرَ هُوَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُعَاتَبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ حَسَنُ الصَّوْتِ) أَيْ وَكُرِهَ غَلِيظُهُ (قَوْلُهُ: مُرْتَفِعُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَطْرِيبٍ وَإِلَّا كُرِهَ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ وَالْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا مَا لَمْ يُتَفَاحَشْ التَّطْرِيبُ وَالْإِحْرَامُ كَذَا قَالُوا وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالْحُرْمَةِ الْبُطْلَانُ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ مِنْ أَصْلِهِ سُنَّةٌ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِخْفَافُ بِالسُّنَّةِ تَأَمَّلْ وَيَرْجِعُ فِي تَفَاحُشِهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الَّذِينَ لَا تَلْتَبِسُ عَلَيْهِمْ الْأُمُورُ. وَالتَّطْرِيبُ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ وَتَرْعِيدُهُ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُؤَذِّنِينَ بِمِصْرَ ثُمَّ إنَّ تَفْسِيرَ الشَّارِحِ الصَّيِّتَ بِأَمْرَيْنِ الْحُسْنِ وَالِارْتِفَاعِ تَبِعَ فِيهِ عبق وخش قَصَرَهُ عَلَى الِارْتِفَاعِ وَجَعَلَ الْحُسْنَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِمَكَانٍ) أَيْ عَلَى مَكَان عَالٍ عُلُوًّا ظَاهِرًا كَمِئْذَنَةٍ أَوْ سَقْفٍ كَانَ سَقْفَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ عَلَى حَائِطٍ كَانَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ لَا نَحْوِ مِصْطَبَةٍ فَلَا يَكْفِي فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا) أَيْ ظَاهِرُهُ جَوَازُ الْجُلُوسِ لِعُذْرٍ مُطْلَقًا أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِيهَا إلَخْ) لَفْظُهَا قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ أَذَانُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِلنَّاسِ (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبِلٌ) أَيْ لِلْقِبْلَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا لِإِسْمَاعِ أَيْ فَإِنَّهُ يَدُورُ حَوْلَ الْمَنَارِ وَيُؤَذِّنُ كَيْفَ تَيَسَّرَ وَلَوْ أَدَّى لِاسْتِدْبَارِهِ الْقِبْلَةَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَظَاهِرُهَا كَالْمُصَنِّفِ جَوَازُ الدَّوْرَانِ حَالَةَ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَدُورُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْكَلِمَةِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الدَّوَرَانُ لَا يَنْقُصُ مِنْ صَوْتِهِ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي وَرَابِعُهَا لَا يَدُورُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْتَدِئَ الْأَذَانَ لِلْقِبْلَةِ وَابْتِدَاؤُهُ لِغَيْرِهَا خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَنْ يَسْمَعَ الْحَاكِي لِلْأَذَانِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ السَّامِعِ لَا تُنْدَبُ لَهُ الْحِكَايَةُ وَإِنْ أَخْبَرَ بِالْأَذَانِ أَوْ رَأَى الْمُؤَذِّنَ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَلَوْ كَانَ عَدِمَ سَمَاعَهُ لِعَارِضٍ كَصَمَمٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لِسَامِعِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْكِي أَذَانَ نَفْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَحْكِيهِ لِأَنَّهُ سَمِعَ نَفْسَهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ لِآخِرِ الْأَذَانِ يَحْكِيهِ إنْ شَاءَ اهـ فَلَا يَحْكِي أَذَانَ نَفْسِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ وَإِنَّمَا يَحْكِيهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهَلْ يَحْكِي الْمُؤَذِّنُ أَذَانَ مُؤَذِّنٍ آخَرَ سَمِعَهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ وَأَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَكْرِيرَ الْحِكَايَةِ وَقِيلَ تَكْفِيهِ حِكَايَةُ الْأَوَّلِ وَيُجْزِي عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُتَرَدِّدِينَ بِالْحَطَبِ لِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْأَذَانُ مَكْرُوهًا كَمَا لَوْ كَانَ الْأَذَانُ لِفَائِتَةٍ أَوْ لِجِنَازَةٍ أَوْ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ أَوْ كَانَ فِيهِ تَطْرِيبٌ كَأَذَانِ مِصْرَ كَمَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَمِعَ الْبَعْضَ اقْتَصَرَ فِي الْحِكَايَةِ عَلَى مَا سَمِعَ) تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْكِي الْأَذَانَ كُلَّهُ كَمَا يُفِيدُهُ خَبَرُ إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا سَمِعْتُمْ وَلَوْ الْبَعْضَ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ (قَوْلُهُ: لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ فَمَا

وَقِيلَ يُبَدِّلُهُمَا بِحَوْقَلَتَيْنِ وَلَا يَحْكِي الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَلَا يُبَدِّلُهَا بِقَوْلِهِ صَدَقْت وَبَرَرْت وَظَاهِرُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَحْكِي التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ الْأَخِيرَ مَعَ أَنَّهُ ذُكِرَ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَحْكِيهِ وَيُنْدَبُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْحِكَايَةِ (مَثْنَى) فَلَا يَحْكِي التَّرْجِيعَ إلَّا إذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إذَا كَانَ مَذْهَبُهُ تَرْبِيعَ التَّكْبِيرِ أَنَّ الْحَاكِيَ لَا يُرَبِّعُهُ وَيَحْكِيهِ السَّامِعُ (وَلَوْ) كَانَ (مُتَنَفِّلًا) أَيْ مُصَلِّيًا النَّافِلَةَ فَإِنْ حَكَى مَا زَادَ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ صَحَّتْ إنْ أَبْدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِحَوْقَلَتَيْنِ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَأَنْ حَكَى لَفْظَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَكَذَا إنْ أَبْدَلَهَا بِمَا مَرَّ لِأَنَّهُ كَلَامٌ بَعِيدٌ مِنْ الصَّلَاةِ (لَا) إنْ كَانَ (مُفْتَرِضًا) فَيُكْرَهُ لَهُ حِكَايَتُهُ وَيَحْكِيهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ (وَ) نُدِبَ (أَذَانُ فَذٍّ إنْ سَافَرَ) سَفَرًا لُغَوِيًّا فَيَشْمَلُ مَنْ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَمِثْلُهُ جَمَاعَةٌ سَافَرَتْ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا (لَا جَمَاعَةٌ) حَاضِرَةٌ (لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا) فَيُكْرَهُ لَهَا كَالْفَذِّ الْحَاضِرِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) . وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ شَرَعَ فِي الْجَائِزِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ أَعْمَى) أَيْ أَذَانُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَادَ عَلَى ذَلِكَ تُكْرَهُ حِكَايَتُهُ كَمَا فِي كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُبَدِّلُهُمَا بِحَوْقَلَتَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُ بِنَدْبِ حِكَايَةِ الْأَذَانِ لِآخِرِهِ إلَّا أَنَّهُ يُبَدِّلُ الْحَيْعَلَةَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِالْحَوْقَلَةِ وَذَكَرَ فِي المج أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبَدِّلُهَا بِقَوْلِهِ صَدَقْت إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ يُبَدِّلُهَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَحْكِيهِ) الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السَّامِعَ لَا يَحْكِي الْحَيْعَلَتَيْنِ وَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي حِكَايَةِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ إنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي بْن وَفِي التَّوْضِيحِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَحْكِيهِ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَهَلْ يَحْكِيهِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ خَيَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَذَانَ قِيلَ تَنْدُبُ حِكَايَتُهُ لِآخِرِهِ إلَّا أَنَّهُ يُبَدِّلُ الْحَيْعَلَةَ بِحَوْقَلَةٍ وَرَجَّحَهُ فِي المج أَنَّ الْحِكَايَةَ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَحْكِي الْحَيْعَلَتَيْنِ وَلَا يُبَدِّلُهُمَا بِالْحَوْقَلَتَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ لَا يَحْكِي التَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ الْأَخِيرَ وَقِيلَ إنَّهُ يُخَيَّرُ فِي حِكَايَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. إنْ قُلْتَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ظَاهِرٌ فِي حِكَايَةِ كُلِّ الْأَذَانِ. قُلْت الْمِثْلِيَّةُ تَصْدُقُ عِنْدَ الْعَرَبِ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْكُلِّ وَبِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْبَعْضِ فَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ حَمَلُوا الْمِثْلِيَّةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَدْنَى الرُّتَبِ وَهِيَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْبَعْضِ فَجَعَلُوا الْحِكَايَةَ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ وَغَيْرُهُمْ حَمَلُوا الْمِثْلِيَّةَ عَلَى أَعْلَى الرُّتَبِ وَهِيَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْكُلِّ فَجَعَلُوا الْحِكَايَةَ لِآخِرِ الْأَذَانِ اُنْظُرْ الْبَدْرَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْكِي التَّرْجِيعَ) أَيْ إذَا كَانَ سَمِعَ التَّشَهُّدَيْنِ أَوَّلًا وَحَكَاهُمَا فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُمَا حَكَى التَّرْجِيعَ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَرْكِ حِكَايَةِ التَّرْجِيعِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إلَى آخِرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ حِكَايَةِ التَّرْبِيعِ الَّذِي لَيْسَ مَشْرُوعًا فِي الْمَذْهَبِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِ حِكَايَةِ التَّرْجِيعِ الْمَشْرُوعِ فِي الْمَذْهَبِ فَإِذَا لَمْ يَحْكِ التَّرْجِيعَ مَعَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي الْمَذْهَبِ فَالْأَوْلَى تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيهِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ حِكَايَةَ التَّرْبِيعِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَقُولُ تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ وَأَمَّا التَّرْجِيعُ فَلَا يُحْكَى اتِّفَاقًا إلَّا بِالْقَيْدِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحَاكِيَ لَا يُرَبِّعُهُ) أَيْ بَلْ يَحْكِي أَوَّلَيْهِ فَقَطْ إنْ سَمِعَهُمَا وَإِلَّا حَكَى أَخِيرَتَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَنَفِّلًا) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْمُصَلِّيَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَا يَحْكِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مُصَلِّيًا النَّافِلَةَ) أَرَادَ بِهَا مَا قَابَلَ الْفَرْضَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا (قَوْلُهُ: كَأَنْ حَكَى لَفْظَ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) تَشْبِيهٌ فِي الْبُطْلَانِ يَعْنِي إنْ حَكَى ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَبْدَلَهَا بِمَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ صَدَقْت وَبَرَرْت أَيْ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ صَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مُفْتَرِضًا) أَرَادَ بِالْفَرْضِ مَا قَابَلَ النَّفَلَ فَيَشْمَلُ الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ وَالْمَنْذُورَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُفْتَرِضَ لَا يَحْكِي الْأَذَانَ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ سَامِعَهُ يَحْكِيهِ وَلَوْ كَانَ مُفْتَرِضًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا مُفْتَرِضًا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُتَنَفِّلًا دَاخِلًا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْقِسْمَيْنِ. وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى جَعْلِ مُفْتَرِضًا عَطْفًا عَلَى مُتَنَفِّلًا رِكَّةٌ فِي اللَّفْظِ لِأَنَّا نَقُولُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُ حِكَايَتُهُ) أَيْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ حَكَاهُ فَلَا بُطْلَانَ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَإِنْ زَادَ فِي الْحِكَايَةِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ جَرَى فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُتَنَفِّلِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ حَكَى مَا زَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَحْكِيهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ) أَيْ وَيَحْكِيهِ نَدْبًا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَرْضِ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: لَا جَمَاعَةٍ حَاضِرَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا) أَيْ كَأَهْلِ الرُّبُطِ وَالزَّوَايَا (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهَا إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ إعْلَامُ غَيْرِهِمْ بِدُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى أَذَانِهِمْ وَإِلَّا سُنَّ لَهُمْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ

[من يجوز له الأذان]

إنْ كَانَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِيهِ أَوْ قَلَّدَ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ ثِقَةً (وَ) جَازَ (تَعَدُّدُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ حَضَرًا وَسَفَرًا (وَ) جَازَ (تَرَتُّبُهُمْ) أَيْ الْمُؤَذِّنِينَ بِأَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ (إلَّا الْمَغْرِبَ) فَيُكْرَهُ تَرَتُّبُهُمْ لِضِيقِ وَقْتِهَا إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ فَيُمْنَعُ كَغَيْرِهَا (وَ) جَازَ (جَمْعُهُمْ) بِأَنْ يُؤَذِّنُوا سَوِيَّةً فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا (كُلٌّ) مِنْهُمْ يَبْنِي (عَلَى أَذَانِهِ) يَبْتَدِئُ حَيْثُ انْتَهَى غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِأَذَانِ صَاحِبِهِ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ اسْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (وَ) جَازَ (إقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ هُوَ الْمُقِيمَ (وَ) جَازَ لِسَامِعِهِ (حِكَايَتُهُ قَبْلَهُ) بِأَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ فَيَحْكِيَ مَا سَمِعَهُ ثُمَّ يَسْبِقَهُ الْحَاكِي فَيَحْكِيَ الْبَاقِيَ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْهُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَفِي تَسْمِيَةِ هَذَا حِكَايَةً، تَجَوُّزٌ إذْ الْحِكَايَةُ الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا وُجِدَ (وَ) جَازَ لِلْمُؤَذِّنِ (أُجْرَةٌ) أَيْ أَخْذُهَا (عَلَيْهِ) وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ صَلَاةٍ) صَفْقَةً وَاحِدَةً وَكَذَا عَلَى إقَامَةٍ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ صَلَاةٍ وَأَوْلَى أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ آحَادِ النَّاسِ (وَكُرِهَ) أَخْذُ الْأُجْرَةِ (عَلَيْهَا) وَحْدَهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا مِنْ الْمُصَلِّينَ لَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِعَانَةِ لَا الْإِجَارَةِ (وَ) كُرِهَ (سَلَامٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُؤَذِّنِ (كَمُلَبٍّ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ عَلَى مُلَبٍّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَقَاضِي حَاجَةٍ وَمُجَامِعٍ وَأَهْلِ بِدَعٍ وَمُشْتَغِلٍ بِلَهْوٍ كَشِطْرَنْجٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لَا أُحِبُّ الْأَذَانَ لِلْفَذِّ الْحَاضِرِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُنْفَرِدَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَرَّةً أُخْرَى إنْ أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَلَا يُنْهَى عَنْ الذِّكْرِ مَنْ أَرَادَهُ وَحُمِلَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ لَا أُحِبُّ عَلَى مَعْنَى لَا يُؤْمَرُونَ بِهِ كَمَا يُؤْمَرُ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ أَيْ لَا يُؤْمَرُونَ بِهِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ. [مِنْ يَجُوز لَهُ الْأَذَان] (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فِيهِ) أَيْ إنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ فِي أَذَانه (قَوْلُهُ: وَتَعَدُّدُهُ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْأَذَانِ أَيْ وَجَازَ تَعَدُّدُ الْأَذَانِ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَعَلَى هَذَا فَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ تَعَدُّدُهُ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ مَرَّاتٍ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَ سَنَدٌ نَعَمْ اسْتَظْهَرَ ح الْجَوَازَ حَيْثُ انْتَقَلَ لِرُكْنٍ آخَرَ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَيْ جَازَ تَعَدُّدُ الْمُؤَذِّنِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَرْكَبٍ أَوْ مُحْرَسٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ شَخْصَانِ أَوْ أَكْثَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مُؤَذِّنٌ بِجَانِبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: حَضَرًا وَسَفَرًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَغَيْرُ الْمَسْجِدِ فِي الْحَضَرِ كَالْمُحْرَسِ وَفِي السَّفَرِ كَالْمَرْكَبِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَإِنْ أُرِيدَ بِالْمَسْجِدِ مَا أُعِدَّ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا يَتَأَتَّى فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ كَانَ قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَجَازَ تَرَتُّبُهُمْ) أَيْ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ جَمْعِهِمْ الْآتِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ) أَيْ بِأَنْ يُؤَذِّنَ الْأَوَّلُ وَيَفْرُغُ ثُمَّ الثَّانِي وَيَفْرُغُ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ تَرَتُّبُهُمْ لِضِيقِ وَقْتِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا إلَّا وَاحِدٌ مُنْفَرِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ مُجْتَمِعَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ) أَيْ تَرَتُّبُهُمْ إلَى خُرُوجِ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْكَى وَيُكْرَهُ لِلْجَالِسِ عِنْدَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ يَتَنَفَّلَ كَالْأَذَانِ الْمَمْنُوعِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُؤَدِّ) أَيْ اعْتِدَادُهُ وَبِنَاؤُهُ عَلَى أَذَانِ صَاحِبِهِ إلَى تَقْطِيعِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ فَإِنْ أَدَّى لِذَلِكَ كَمَا لَوْ نَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْمِيمِ وَالْحَاءِ مِنْ مُحَمَّدٍ وَالثَّانِي بِالْمِيمِ وَالدَّالِ حَرُمَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ لَمْ أَرَ هَذَا إلَّا لِ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ هَذَا؟ فَإِنَّ الِاسْمَ إذَا تَقَطَّعَ لِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ عَلَى نِيَّةِ التَّلَفُّظِ بِهِ لَا يُمْنَعُ وَقَدْ عَلَّلُوا النَّهْيَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ جَمَاعَةً بِالتَّقْطِيعِ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ لَا أَنَّهُ مَنْعٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِسَامِعِهِ حِكَايَتُهُ قَبْلَهُ) أَيْ وَجَازَ لِسَامِعِ أَوَّلِهِ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَقَوْلُهُ حِكَايَتُهُ أَيْ حِكَايَةُ بَاقِيهِ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ وَسَوَاءً كَانَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْحَاكِي لِلْمُؤَذِّنِ فِي لَفْظِهِ مُسْتَحَبَّةٌ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا نُطْقُهُ بِهِ قَبْلَ نُطْقِ الْمُؤَذِّنِ بِأَوَّلِهِ فَلَا يُسَمَّى حِكَايَةً أَصْلًا فَلَا يَكُونُ آتَيَا بِمَنْدُوبِيَّتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق وَلَا تَفُوتُ الْحِكَايَةُ بِفَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ بَلْ يُحْكَى وَلَوْ فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: تَجُوزُ) أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ مَا ثَبَتَ لِلْجُزْءِ مِنْ الْحِكَايَةِ عَلَى الْكُلِّ هَذَا إنْ لُوحِظَ إطْلَاقُ الْحِكَايَةِ عَلَى الْمَجْمُوعِ أَمَّا إنْ لُوحِظَ إطْلَاقُ الْحِكَايَةِ عَلَى مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ الْمُؤَذِّنُ فَقَطْ كَانَ مِنْ إطْلَاقِ مَا ثَبَتَ لِلْجُزْءِ عَلَى الْجُزْءِ الْمُجَاوِرِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ) بَلْ وَيَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: أَوْ وَقْفُ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَأَمَّا مَا وُقِفَ لِيَسْتَأْجِرَ مِنْ غَلَّتِهِ مَنْ يَؤُمُّ بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَهَذَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ كَمَا قَالَهُ

بِنَاءً عَلَى كَرَاهَتِهِ وَأَهْلُ الْمَعَاصِي لَا فِي حَالِ الْمَعْصِيَةِ وَشَابَّةٌ غَيْرُ مُخَشِّيَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ لَا عَلَى مُصَلٍّ أَوْ مُتَطَهِّرٍ أَوْ آكِلٍ أَوْ قَارِئِ قُرْآنٍ فَلَا يُكْرَهُ (وَ) كُرِهَ (إقَامَةُ رَاكِبٍ) لِأَنَّهُ يَنْزِلُ بَعْدَهَا وَيَعْقِلُ دَابَّتَهُ وَيُصْلِحُ مَتَاعَهُ وَفِيهِ طُولٌ وَفَصْلٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَالسُّنَّةُ اتِّصَالُهُمَا فَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ (أَوْ) إقَامَةُ (مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ) لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا فَذًّا بِخِلَافِ الْمُعِيدِ لِبُطْلَانِهَا (كَأَذَانِهِ) أَيْ الْمُعِيدِ لِلْفَضْلِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُرِدْ الْإِعَادَةَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَنْ أَذَّنَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا بِمَوْضِعٍ آخَرَ. (وَتُسَنُّ إقَامَةٌ) لِلصَّلَاةِ عَيْنًا عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ بَالِغٍ يُصَلِّي فَذًّا أَوْ مَعَ نِسَاءٍ فَقَطْ وَكِفَايَةً لِجَمَاعَةِ ذُكُورٍ بَالِغِينَ (مُفْرَدَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ. (تَنْبِيهٌ) : قَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْأَكَابِرِ بِمِصْرَ وَنَحْوِهَا بِإِجَارَةِ إمَامٍ فِي بُيُوتِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي نَظِيرِ الْتِزَامِ الذَّهَابِ لِلْبَيْتِ كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى كَرَاهَته) أَيْ كَمَا يَقُولُ الْقَرَافِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ لَعِبِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْرُمُ السَّلَامُ عَلَى لَاعِبِيهِ حَالَ لَعِبِهِمْ (قَوْلُهُ: وَأَهْلُ الْمَعَاصِي) أَيْ كَالْكَافِرِ وَالْمَكَّاسِ وَالظَّالِمِ (قَوْلُهُ: لَا فِي حَالِ الْمَعْصِيَةِ) أَيْ لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَرَامٌ لَا مَكْرُوهٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَآكِلٌ أَوْ قَارِئُ قُرْآنٍ فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الرَّدُّ كَمَا قَالَ عج قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ اقْتَصَرَ ح عَلَى الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا قَائِلًا إنَّ ابْنَ نَاجِيٍّ وَشَيْخَهُ أَبَا مَهْدِيٍّ لَمْ يَقِفَا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِمَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِجَوَازِ السَّلَامِ عَلَى الْآكِلِ وَالْقَارِئِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ عج قَائِلًا إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَح اقْتَصَرَ فِيهِمَا عَلَى الْكَرَاهَةِ وَرَجَّحَهُ بْن اهـ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ إقَامَةُ رَاكِبٍ) أَيْ بِخِلَافِ أَذَانِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنْزِلُ إلَخْ) هَذَا تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَلَا يَرِدُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ خَادِمٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا كَانَ لَهُ خَادِمٌ أَمْ لَا وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ بِالْمَظِنَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُعِيدِ لِبُطْلَانِهَا) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْإِقَامَةُ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ الَّتِي يُعِيدُهَا (قَوْلُهُ: كَأَذَانِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَذَّنَ لِصَلَاةٍ وَصَلَّاهَا ثُمَّ أَرَادَ إعَادَتَهَا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيُكْرَهُ أَذَانُهُ ثَانِيًا لِتِلْكَ الْمُعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُرِدْ الْإِعَادَةَ فِيهِمَا) أَيْ فَإِذَا أَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَلَّاهَا وَلَمْ يُرِدْ إعَادَةَ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَيُكْرَهُ لَهُ إقَامَتُهَا لِجَمَاعَةٍ يُصَلُّونَ أَوْ أَذَّنَ لِصَلَاةٍ وَصَلَّاهَا وَلَمْ يُرِدْ إعَادَتَهَا فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ لِجَمَاعَةٍ يُرِيدُونَ صَلَاتَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أَذَّنَ لِصَلَاةٍ وَصَلَّاهَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا ثَانِيًا سَوَاءً أَرَادَ إعَادَتَهَا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا وَكَذَا مَنْ أَقَامَ صَلَاةً وَصَلَّاهَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ لَهَا ثَانِيًا سَوَاءً أَرَادَ إعَادَتَهَا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ أَذَّنَ وَلَمْ يُصَلِّ إلَخْ) هَذِهِ عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ أَذَّنَ لَهَا وَصَلَّاهَا وَهَذِهِ أَذَّنَ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَبَقِيَ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا صَلَّاهَا بِلَا أَذَانٍ وَأَرَادَ إعَادَتَهَا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيُكْرَهُ أَذَانُهُ لِتِلْكَ الْمُعَادَةِ وَهَذِهِ يَتَنَاوَلُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا فَتَحَصَّلَ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْ صَلَاةٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لَهَا أَوْ يُقِيمَ سَوَاءً أَرَادَ إعَادَتَهَا أَمْ لَا وَسَوَاءً أَذَّنَ لَهَا أَوْ لَا وَأَقَامَ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ إقَامَةٌ) قَالَ بْن لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا قَالَ فِي الْإِكْمَالِ وَالْقَوْلُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لِمَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَيْسَ لِوُجُوبِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بَلْ لِلِاسْتِخْفَافِ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ نِسَاءٍ) أَيْ إمَامًا بِهِمْ (قَوْلُهُ: وَكِفَايَةً لِجَمَاعَةِ) قَالَ بْن سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا يُقِيمُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَمَنْ فَعَلَهُ خَالَفَ السُّنَّةَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ دُونَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ وَفِي إرْشَادِ اللَّبِيبِ قَالَ الْمَازِرِيُّ كَانَ السُّيُورِيُّ يُقِيمُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِإِقَامَةِ الْمُؤَذِّنِ وَيَقُولُ إنَّهَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَالْعَامِّيُّ لَا يَنْوِيهَا وَلَا يَعْرِفُ النِّيَّةَ الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ أَنَا أَفْعَلُ فَأُقِيمُ لِنَفْسِي اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِقَامَةَ يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْفِعْلِ كَالْأَذَانِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ وَنِيَّةُ الْفِعْلِ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعَامِّيِّ فَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْمَازِرِي وَالسُّيُورِيُّ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ. (تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ ح أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُقِيمِ طَهَارَةٌ وَقِيَامٌ وَاسْتِقْبَالٌ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ الْبَرْمُونِيِّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ لِأَنَّ اتِّصَالَهَا بِالصَّلَاةِ صَيَّرَهَا كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَلِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ

[فصل شروط صحة الصلاة]

وَلَوْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ وَبَطَلَتْ إنْ شَفَعَهَا أَوْ جُلَّهَا وَلَوْ غَلَطًا (وَثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا) الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ وَهَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ مُفْرَدَةً أَيْ جُمَلُهَا مُفْرَدَةٌ إلَّا تَكْبِيرَهَا فَيُثَنَّى (لِفَرْضٍ) لَا نَفْلٍ فَلَا تُسَنُّ لَهُ بَلْ تُكْرَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ أَدَاءً بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (قَضَاءً) وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ وَمَحِلُّ اسْتِنَانِهَا فِي الْأَدَاءِ مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهِ وَإِلَّا وَجَبَ تَرْكُهَا كَالسُّورَةِ وَنُدِبَ لِإِمَامٍ تَأْخِيرُ إحْرَامٍ بَعْدَهَا بِقَدْرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَاشْتِغَالٌ بِدُعَاءٍ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَلَا يَدْخُلُ الْإِمَامُ الْمِحْرَابَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ (وَصَحَّتْ) صَلَاةُ تَارِكِهَا (وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا) وَلَا إعَادَةَ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ سَجَدَ لَهَا قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ (وَإِنْ) (أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا) لِنَفْسِهَا (فَحَسَنٌ) أَيْ مَنْدُوبٌ وَأَمَّا إنْ صَلَّتْ مَعَ جَمَاعَةٍ فَتَكْتَفِي بِإِقَامَتِهِمْ وَيَسْقُطُ عَنْهَا النَّدْبُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُقِيمَةَ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِإِقَامَتِهَا لَهُمْ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ الْأَذَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِقَامَةَ بِوَصْفِ السِّرِّيَّةِ مَنْدُوبٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقِيلَ السِّرِّيَّةُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَمِثْلُهَا فِي نَدْبِ السِّرِّيَّةِ لِلرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ فَإِذَا أَقَامَ سِرًّا فَقَدْ أَتَى بِسُنَّتِهَا وَمَنْدُوبٍ وَكَذَا تُنْدَبُ لِصَبِيٍّ صَلَّى لِنَفْسِهِ (وَلْيُقِمْ) مَرِيدُ الصَّلَاةِ أَيْ يَشْرَعُ فِي الْقِيَامِ (مَعَهَا) أَوَّلَهَا أَوْ أَثْنَاءَهَا أَوْ آخِرَهَا (أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ فَلَا يُحَدُّ الْقِيَامُ بِحَدٍّ بَلْ (بِقَدْرِ الطَّاقَةِ) . ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ شَرْطَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا مِنْ أَحْكَامِ الرُّعَافِ وَسَيَذْكُرُ شَرْطَيْنِ فِي فَصْلَيْنِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُرُوطُ وُجُوبٍ وَشُرُوطُ صِحَّةٍ وَشُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ الْوُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ وَبِشَرْطِ الصِّحَّةِ مَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ فَشُرُوطُ الْوُجُوبِ اثْنَانِ الْبُلُوغُ وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْإِكْرَاهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَدَائِهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا وَلَوْ بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يُجْرِيَهَا عَلَى قَلْبِهِ كَمَا يَأْتِي وَأَمَّا شُرُوطُ الصِّحَّةِ فَقَطْ فَخَمْسَةٌ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخَبَثِ وَقَدْ اسْتَوْفَى الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهِمَا فِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَإِنَّمَا بَيَّنَ هُنَا شَرْطِيَّتَهُمَا وَالِاسْتِقْبَالَ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ الْحَاضِرَ تُسَنُّ فِي حَقِّهِ دُونَ الْأَذَانِ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ ح كَمَا فِي عبق لَكِنَّ الَّذِي فِي بْن أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِرِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ شَفْعِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: أَوْ جُلَّهَا) أَيْ أَوْ نِصْفَهَا عَلَى الظَّاهِرِ لَا أَقَلَّهَا فَلَا يَضُرُّ كَمَا مَرَّ فِي الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَلَطًا) أَيْ هَذَا إذَا شَفَعَهَا عَمْدًا بَلْ وَلَوْ غَلَطًا لَا إنْ رَأَى الْمُقِيمُ شَفْعَهَا مَذْهَبًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: لِفَرْضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتُسَنُّ لَا بِثُنِّيَ لِإِيهَامِهِ خِلَافَ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى سُنِّيَّةِ الْإِقَامَةِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ يُسَنُّ التَّكْبِيرُ فِيهَا فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ وَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ لِفَرْضٍ فَقَالَ وَتُسَنُّ لِفَرْضٍ إقَامَةٌ إلَخْ لَسَلِمَ مِنْ الْإِيهَامِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَتَتَعَدَّدُ) أَيْ الْإِقَامَةُ بِتَعَدُّدِهِ أَيْ بِتَعَدُّدِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَرَائِضِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِيهِ سَوَاءً كَانَ ضَرُورِيًّا أَوْ اخْتِيَارِيًّا (قَوْلُهُ: وَاشْتِغَالٌ) أَيْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ بِدُعَاءٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ الْإِمَامُ الْمِحْرَابَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا) أَيْ لِيَصْطَفَّ النَّاسُ وَذَلِكَ عَلَامَةٌ عَلَى فِقْهِهِ كَتَخْفِيفِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ لِئَلَّا يَسْبِقَهُ الْمَأْمُومُ فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُ وَتَخْفِيفُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ وَفِي ح وَغَيْرِهِ أَنَّهَا ثَلَاثٌ يُعْرَفُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا فَقِيهٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ الْقَائِلِ بِبُطْلَانِهَا إذَا تُرِكَتْ عَمْدًا لِاسْتِخْفَافِهِ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تُنْدَبُ لِصَبِيٍّ صَلَّى لِنَفْسِهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِقَامَةَ مَنْدُوبَةٌ عَيْنًا لِصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُصَاحِبَا ذُكُورًا بَالِغِينَ فَتَسْقُطُ عَنْهُمَا بِإِقَامَتِهِمْ وَلَمْ تَجُزْ إقَامَةُ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَرْأَةِ لِلْبَالِغِ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَكْفِي عَنْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَلْيُقِمْ) أَيْ نَدْبًا وَقَوْلُهُ مَرِيدُ الصَّلَاةِ أَيْ غَيْرُ الْمُقِيمِ وَأَمَّا هُوَ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُنْدَبُ قِيَامُهُ حَالَ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الطَّاقَةِ) قَصَدَ بِذَلِكَ التَّنْبِيهَ عَلَى مُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَقُومُ عِنْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَعَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ الْقَائِلِ أَنَّهُ يَقُومُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوَّلَهَا اللَّهُ أَكْبَرُ. [فَصْلٌ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ] [الشَّرْط الْأَوَّل وَالثَّانِي طَهَارَة الْحَدَث وَالْخَبَث] (فَصْلٌ: شَرْطُ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا شُرُوطَ صِحَّةٍ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ) أَيْ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ هُنَا يَكُونُ بِمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ مِنْ خَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ إذْ هَذَا الْإِكْرَاهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعِبَادَاتِ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ طفى (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ عبق وَمِثْلُهُ فِي ح قَالَ بْن وَفِي عَدِّهِمَا عَدَمَ الْإِكْرَاهِ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَأَتَّى الْإِكْرَاهُ عَلَى جَمِيعِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَقَدْ نَقَلَ ح نَفْسُهُ أَوَّلَ فَصْلٍ يَجِبُ بِفَرْضِ قِيَامٍ إلَخْ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقَبَّابِ وَسَلَمَةَ أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ سَقَطَ عَنْهُ مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَيَفْعَلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ إحْرَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَإِيمَاءٍ كَمَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا سِوَاهُ اهـ فَالْإِكْرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ الْمُسْقِطِ لِبَعْضِ أَرْكَانِهَا وَلَا يَسْقُطُ بِهِ وُجُوبُهَا اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ أَوْ مَعَ إيمَاءٍ بِطَرَفٍ فَقَالَ وَغَيْرُهُ لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ

وَالْإِسْلَامَ. وَأَمَّا شُرُوطُهُمَا مَعًا فَسِتَّةٌ بُلُوغُ الدَّعْوَةِ وَالْعَقْلُ وَدُخُولُ الْوَقْتِ وَوُجُودُ الطَّهُورِ وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ عَامَّةٌ وَالسَّادِسُ قَطْعُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ (شُرِطَ لِ) صِحَّةِ (صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا أَوْ جِنَازَةً أَوْ سُجُودَ تِلَاوَةٍ (طَهَارَةُ حَدَثٍ) أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا ذَكَرَ وَقَدَرَ أَوْ لَا فَلَوْ صَلَّى مُحْدِثًا أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِيهَا وَلَوْ سَهْوًا بَطَلَتْ (وَ) طَهَارَةُ (خَبَثٍ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِجَسَدِهِ وَثَوْبِهِ وَمَكَانِهِ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ فَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ كَذِكْرِهَا فِيهَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ فَلَيْسَتْ بِشَرْطِ صِحَّةٍ بَلْ شَرْطُ كَمَالٍ أَكِيدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الرُّعَافُ مِنْ الْخَبَثِ الْمُنَافِي لِلصِّحَّةِ وَكَانَ لَهُ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا مُقَسِّمًا لَهُ عَلَى قِسْمَيْنِ فَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (رَعَفَ) مَرِيدُ الصَّلَاةِ أَيْ خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا أَوْ رَاشِحًا (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ (وَدَامَ) أَيْ اسْتَمَرَّ وَرَجَا انْقِطَاعَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ شَكَّ (أَخَّرَ) الصَّلَاةَ وُجُوبًا (لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَصَلَّى) عَلَى حَالَتِهِ بِحَيْثُ يُوقِعُهَا كُلَّهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا فِيهِ وَحَرُمَ تَقْدِيمُهَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِالنَّجَاسَةِ مَعَ احْتِمَالِ قَطْعِهَا آخِرَهُ فَإِنْ ظَنَّ اسْتِغْرَاقَهُ الِاخْتِيَارِيَّ قَدَّمَ إذْ لَا فَائِدَةَ لِلتَّأْخِيرِ ثُمَّ إنْ انْقَطَعَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ الْوَقْتِ لَمْ يَجِبْ الْإِعَادَةُ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ) رَعَفَ (فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ فَرْضٌ عَيْنِيٌّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (عِيدًا أَوْ جِنَازَةً وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (ظَنَّ دَوَامَهُ لَهُ) أَيْ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَهُوَ فِي الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ فَرَاغُ الْإِمَامِ مِنْهُمَا بِأَنْ لَا يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَلَا تَكْبِيرَةً مِنْ الْجِنَازَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْطِيَّةَ بِاعْتِبَارِ الْهَيْئَةِ الْخَارِجِيَّةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامُ) جَعَلَهُ شَرْطَ صِحَّةٍ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِهَا فَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا (قَوْلُهُ: وَالْعَقْلُ) اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَهُ شَرْطًا لَهُمَا حَيْثُ ضَمَّ لَهُ الْبُلُوغَ فَإِنْ لَمْ يَضُمَّ لَهُ فَلَا يَكُونُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ لَازِمٌ لِعَدَمِ الْعَقْلِ كَانَ الْبُلُوغُ مَوْجُودًا أَمْ لَا وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي تَحَقُّقِ شَرْطِيَّتِهِ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ. فَإِنْ قُلْت وُجُودُ الْعَقْلِ لَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْوُجُوبِ إلَّا إذَا ضُمَّ لَهُ الْبُلُوغُ. قُلْت طَرَفُ الْوُجُودِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الشُّرُوطِ وَلَوْ اعْتَبَرْنَاهُ لَزِمَ فِي الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَاحِدًا مِنْهَا شَرْطًا إلَّا مَعَ ضَمِّ الْبَاقِي لَهُ وَلَا مَعْنَى لَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْوَقْتِ) الْحَقُّ أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ سَبَبٌ فِي الْوُجُوبِ وَشَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ لِصِدْقِ تَعْرِيفِ السَّبَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَامَّةً) أَيْ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: طَهَارَةُ حَدَثٍ) الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ أَيْ طَهَارَةٌ مَنْسُوبَةٌ لِحَدَثٍ وَخَبَثٍ لَا عَلَى مَعْنَى مَنْ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ لَيْسَ أَصْلًا لِلْمُضَافِ كَخَاتَمِ حَدِيدٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى قِسْمَيْنِ) أَيْ وَهُمَا مَا إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الرُّعَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَمَا إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ دَمُ الرُّعَافِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَاسْتَمَرَّ نَازِلًا عَلَيْهِ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وُجُوبًا لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَسَوَاءً كَانَ الدَّمُ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا أَوْ رَاشِحًا فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ اعْتَقَدَ دَوَامَهُ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهَا سَوَاءً كَانَ الدَّمُ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا أَوْ رَاشِحًا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً مَوْضُوعُهَا حُصُولُ الرُّعَافِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَدَامَ) أَيْ اسْتَمَرَّ نَازِلًا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَرَجَا انْقِطَاعَهُ) أَيْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ) أَيْ فِي انْقِطَاعِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَعَدَمِ انْقِطَاعِهِ وَهَذَا مَعْلُومٌ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَ الشَّكِّ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ بَعْد تَلَبُّسِهِ بِهَا فَلَأَنْ يُؤَخِّرَهَا مَعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا أَحْرَى وَأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ) أَيْ لِمُقَارِبِ آخِرِهِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ فِيهِ رَكْعَةً وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّأْخِيرِ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ يُؤَخِّرُ لِآخِرِ الضَّرُورِيِّ كَمَا فِي ح وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الضَّرُورِيَّ لَا تَأْخِيرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَنَّ اسْتِغْرَاقَهُ الِاخْتِيَارِيَّ) أَيْ أَوْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ قَدَّمَ أَيْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لَهَا أَصْلًا بَقِيَ مَا إذَا رَعَفَ قَبْلَ دُخُولِهِ صَلَاةَ عِيدٍ أَوْ جِنَازَةٍ وَخَافَ بِانْتِظَارِ انْقِطَاعِهِ فَوَاتَ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ فَهَلْ يُصَلِّي بِحَالِهِ أَوْ يَتْرُكُهُمَا خِلَافٌ فِي ح وَغَيْرِهِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ) أَيْ بَلْ وَلَا تُسْتَحَبُّ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَعَفَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ ظَنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ أَوْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ أَتَمَّهَا عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا سَوَاءً كَانَ الدَّمُ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا أَوْ رَاشِحًا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَمَحِلُّ الْإِتْمَامِ إنْ لَمْ يَخْشَ تَلَطُّخَ فُرُشِ مَسْجِدٍ فَإِنْ خَشِيَ تَلَطُّخَهُ وَلَوْ بِقَطْرَةٍ قَطَعَ وَخَرَجَ مِنْهُ وَابْتَدَأَهَا خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْعِيدِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ ظَنِّ دَوَامِهِ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ فِي الْفَرِيضَةِ ظَنَّ دَوَامَهُ لِفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُدْرِكَ إلَخْ أَيْ بِأَنْ

وَقِيلَ فِي الْعِيدِ الزَّوَالُ (أَتَمَّهَا) عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْوَقْتِ مَعَ النَّجَاسَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ بَعْدَهُ وَمَحِلُّ الْإِتْمَامِ (إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فَرْشَ مَسْجِدٍ) أَوْ بَلَاطَهُ إنْ لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فَإِنْ خَشِيَهُ وَلَوْ بِقَطْرَةٍ قَطَعَ وَخَرَجَ مِنْهُ صِيَانَةً لَهُ وَابْتَدَأَهَا خَارِجَهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُتِمُّهَا فِي الْمُتَرَّبِ وَالْمُحَصَّبِ (وَأَوْمَأَ) الرَّاعِفُ لِرُكُوعٍ مِنْ قِيَامٍ أَوْ لِسُجُودٍ مِنْ جُلُوسٍ (لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ) أَيْ تَأَلُّمِهِ بِحُصُولِ ضَرَرٍ فِي جِسْمِهِ إنْ لَمْ يُومِ وُجُوبًا إنْ ظَنَّ شِدَّةَ أَذًى وَنَدْبًا إنْ شَكَّ (أَوْ) لِخَوْفِ (تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ) وَلَوْ بِدُونِ دِرْهَمٍ حَيْثُ يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ لَا يُومِئُ لِخَوْفِ تَلَطُّخِ (لَا جَسَدِهِ) بَلْ يُصَلِّي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِعَدَمِ ضَرَرِهِ بِغُسْلِهِ وَلَوْ تَلَطَّخَ بِأَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ. وَذَكَرَ قَسِيمَ قَوْلِهِ وَظَنَّ دَوَامَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ) دَوَامَهُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (وَرَشْحٌ) أَيْ لَمْ يَسِلْ وَلَمْ يَقْطُرْ وَأَمْكَنَ فَتْلَهُ بِأَنْ لَمْ يَكْثُرْ وَجَبَ التَّمَادِي فِيهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَخَافَ أَنْ لَا يُدْرِكَ إلَخْ فَإِذَا رَعَفَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ الْجِنَازَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَقَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً ثَانِيَةً مِنْ الْجِنَازَةِ وَخَافَ إنْ خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ لَا يُدْرِكُ مَعَهُ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَلَا تَكْبِيرَةً أُخْرَى مِنْ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ عَلَى حَالَتِهِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ بَعْدَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِيدِ وَبَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ حَصَلَ لَهُ الرُّعَافُ قَبْلَ ذَلِكَ وَظَنَّ أَنَّهُ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ أَوْ تَكْبِيرَةً مِنْ الْجِنَازَةِ غَيْرَ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَخْرُجُ مُطْلَقًا لِغَسْلِهِ وَيُتِمُّ وَحْدَهُ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ بَعْدَ غَسْلِهِ وَذَهَابِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ فِي الْعِيدِ الزَّوَالُ) صَنِيعُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَذًّا هُوَ الزَّوَالُ وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَذًّا هُوَ رَفْعُهَا وَالْوَقْتُ الْمُعْتَبَرُ فِيمَنْ صَلَّاهُمَا جَمَاعَةً هُوَ فَرَاغُ الْإِمَامِ مِنْهُمَا وَأَصْلُهُ لعج وَلَمْ يَتَكَلَّمْ ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَشْهَبُ إلَّا عَلَى الرَّاعِفِ فِي جَمَاعَةٍ قَالَ بْن لَكِنَّ قَوْلَ عج إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَذًّا هُوَ رَفْعُهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ هَذَا الرَّاعِفُ لَمْ يَحْتَجَّ لِهَذَا الرَّاعِفِ وَإِلَّا لَمْ تُرْفَعْ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَلَوْ اعْتَبَرُوا الْوَقْتَ بِخَوْفِ تَغَيُّرِهَا كَانَ ظَاهِرًا اهـ وَقَدْ يُقَالُ بِاخْتِيَارِ الْأَخِيرِ وَيُحْمَلُ الرَّفْعُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِمُقْتَضٍ كَخَوْفِ تَغَيُّرٍ أَوْ هُجُومِ قَوْمٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَتَمَّهَا عَلَى حَالَتِهِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ الدَّمُ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا أَوْ رَاشِحًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَاطَهُ) فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ إنَّ الْبَلَاطَ لَيْسَ كَالْفُرُشِ لِسُهُولَةِ غَسْلِهِ بَلْ هُوَ كَالْحَصْبَاءِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: قَطَعَ وَخَرَجَ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِقَطْعِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُتِمُّهَا فِي الْمُتَرَّبِ وَالْمُحَصَّبِ) أَيْ وَلَوْ نَزَلَ فِي التُّرَابِ وَالْحَصْبَاءِ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ لِأَنَّ التُّرَابَ وَالْحَصْبَاءَ يَشْرَبَانِ الدَّمَ (قَوْلُهُ: لِخَوْفِ تَأَذِّيه) أَيْ لِخَوْفِ تَأَلُّمِهِ بِحُصُولِ ضَرَرٍ فِي جِسْمِهِ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الظَّنُّ وَالشَّكُّ لَا الْوَهْمُ فَلَا يَجُوزُ الْإِيمَاءُ عِنْدَ تَوَهُّمِ الضَّرَرِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَلَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ أَوْمَأَ ثُمَّ ارْتَفَعَ الدَّمُ عَنْهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ) إنَّمَا وَجَبَ الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صِيَانَةً لِلْمَالِ لَا لِكَوْنِ الطَّهَارَةِ شَرْطًا فِي حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ وَجَبَ أَنْ يَتَمَادَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَوْ تَلَطَّخَ بِالْفِعْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ فَضْلًا عَنْ خَوْفِ التَّلَطُّخِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَبِنَّ خِلَافًا لعبق وَمَنْ وَافَقَهُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ ظَنَّ دَوَامَ الدَّمِ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأَرْكَانِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى عَدَمِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَغْوٌ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ اعْتَقَدَ) أَيْ انْقِطَاعَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَقَوْلُهُ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَيْ فِي انْقِطَاعِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّمُ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا أَوْ رَاشِحًا فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ تُضَمُّ لِلسِّتَّةِ قَبْلَهَا تَكُونُ الْجُمْلَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً فِيمَا إذَا طَرَأَ الدَّمُ فِي الصَّلَاةِ تُضَمُّ لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ الَّتِي فِي نُزُولِ الدَّمِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَجُمْلَةُ صُوَرِ الرُّعَافِ ثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ) أَيْ لِأَنَّ الدَّم إمَّا أَنْ يَكُونَ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا أَوْ رَاشِحًا (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ فَتْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُكْثِرْ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ فَتْلُهُ لِكَثْرَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ السَّائِلِ وَالْقَاطِرِ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْبِنَاءِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَجَبَ التَّمَادِي) أَيْ وَحَرُمَ قَطْعُهَا بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ فَإِنْ خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ وَلَا كَلَامٍ فَسَدَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَأْمُومِيهِ (قَوْلُهُ: وَفَتْلُهُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْفَتْلَ

وَ (فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ) بِأَنْ يُدْخِلَ الْأُنْمُلَةَ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ يَفْتِلُهَا بَعْدَ انْفِصَالِهَا بِأُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَخْتَضِبَ الْخَمْسُ وَقِيلَ يَضَعُهَا عَلَى الْأَنْفِ مِنْ غَيْرِ إدْخَالٍ ثُمَّ يَفْتِلُهَا بِالْإِبْهَامِ إلَى آخِرِهَا (فَإِنْ) أَذْهَبَ الْفَتْلُ الدَّمَ تَمَادَى فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ زَادَ مَا فِي الْأَنَامِلِ الْعُلْيَا عَنْ دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُ الْفَتْلُ بِالْأَنَامِلِ الْعُلْيَا فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ الْوُسْطَى فَإِنْ قَطَعَهُ وَهُوَ دُونَ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمٌ فَصَحِيحَةٌ أَيْضًا وَإِنْ (زَادَ) مَا فِي أَنَامِلِ الْوُسْطَى (عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْقَطْعِ قَوْلُهُ (كَأَنْ لَطَّخَهُ) أَيْ كَمَا يَقْطَعُ إنْ لَطَّخَهُ بِالْفِعْلِ بِمَا زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ السَّائِلُ أَوْ الْقَاطِرُ (أَوْ خَشِيَ) وَلَوْ تَوَهُّمًا (تَلَوُّثَ) فُرُشِ (مَسْجِدٍ) وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَشَارَ إلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) يَرْشَحُ بَلْ سَالَ أَوْ قَطَرَ وَلَمْ يَتَلَطَّخْ بِهِ (فَلَهُ الْقَطْعُ) وَلَهُ التَّمَادِي ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا يُؤْمَرُ بِهِ إذَا كَانَ الدَّمُ يَرْشَحُ فَقَطْ وَأَمَّا إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ فَلَا يُؤْمَرُ بِفَتْلِهِ وَلَوْ كَانَ ثَخِينًا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كُلُّ مَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ فَلَا يُقْطَعُ لِأَجْلِهِ الصَّلَاةُ وَيَفْتِلُهُ كَمَا فِي ح عَنْ الطِّرَازِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَتَلَهُ) أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ أَيْ نَدْبًا وَالْفَتْلُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا بِأَنَامِلِ الْيَدَيْنِ مَعًا عَلَى أَرْجَحِ الطَّرِيقَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ وُجُوبِ الْفَتْلِ إذَا كَانَ يُصَلِّي بِغَيْرِ مَسْجِدٍ أَوْ بِمَسْجِدٍ مُحَصَّبٍ غَيْرِ مَفْرُوشٍ لِيَنْزِلَ الدَّمُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ فَإِنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ مَفْرُوشٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفَتْلُ بَلْ يَقْطَعُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَرْشَحُ لِئَلَّا يُنَجِّسَ الْمَسْجِدَ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ سَنَدٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: يَعَضُّهَا عَلَى الْأَنْفِ) أَيْ عَلَى طَاقَةِ الْأَنْفِ لِيُلَاقِيَ الدَّمَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: قَطَعَ صَلَاتَهُ وُجُوبًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَطْعَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَبِهِ قَالَ طفى قَائِلًا جَمِيعُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ يُعَبِّرُونَ بِالْقَطْعِ إذَا تَلَطَّخَ بِغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْقَطْعِ إشَارَةٌ لِصِحَّتِهَا وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْمُوَافِقُ لِلْمَذْهَبِ فِي الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ أَوْ اسْتِحْبَابِهِ فَكَذَلِكَ يُقَالُ هُنَا بَلْ هُنَا أَوْلَى لِلضَّرُورَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ وَيُؤْمَرُ بِقَطْعِهَا فَإِنْ خَالَفَ وَأَتَمَّهَا أَجْزَأَتْهُ وَقَالَ ح وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَمَنْ تَبِعَهُمَا قَوْلُهُ قَطَعَ أَيْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّمَادِي فِيهَا وَلَوْ بَنَى لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَيَحْتَاجُ لِقَطْعِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ وَنُدِبَ الْبِنَاءُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَطْعٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ لِأَنَّهُ لَا بُطْلَانَ مَعَ الْخَوْفِ الْمَذْكُورِ وَكَلَامُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ ح حَيْثُ قَالَ مِنْ شُرُوطِ الْبِنَاءِ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ مِنْ الدَّمِ مَا لَا يُغْتَفَرُ لِكَثْرَتِهِ لِأَنَّهُ إنْ سَقَطَ مِنْ الدَّمِ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ كَثِيرٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِاتِّفَاقٍ اهـ وَهُوَ أَيْضًا سَنَدٌ لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ بَيَانُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إنْ لَطَّخَهُ بِالْفِعْلِ) أَيْ إنْ لَطَّخَ ثَوْبَهُ أَوْ جَسَدَهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ) هَذَا شَرْطٌ فِي الْقَطْعِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ طفى مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَأَمْرِهِ بِالْقَطْعِ لَا عَلَى مَا قَالَهُ ح مِنْ الْبُطْلَانِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: السَّائِلُ أَوْ الْقَاطِرُ) فَاعِلٌ بِقَوْلِهِ لَطَّخَهُ فَالْمَعْنَى كَانَ لَطَّخَ السَّائِلُ أَوْ الْقَاطِرُ ثَوْبَهُ أَوْ جَسَدَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ دِرْهَمٍ أَيْ فَيَقْطَعُ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ زِيَادَةُ الرَّاشِحِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ) رَدَّهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَح إلَى مَا يُفْتَلُ أَيْ فَإِنْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ قَطَعَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَزِدْ وَلَكِنَّهُ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عبق وَغَيْرُهُ مِنْ رَدِّهِ لِسَائِلٍ أَوْ قَاطِرٍ لَا يَفْتِلُ فَغَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّهُ إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ وَلَمْ يُلَطِّخْهُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ مَوْضِعُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْبِنَاءِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى الْخَوْفُ فِيهِ عَلَى الْمَسْجِدِ قَطْعًا لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إمَّا لِلْقَطْعِ أَوْ لِغَسْلِ الدَّمِ وَالْبِنَاءِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّائِلَ وَالْقَاطِرَ إذَا لَمْ يُلَطِّخَاهُ إمَّا أَنْ يَقْطَعَ أَوْ يَبْنِيَ فَيَخْرُجَ لِغَسْلِ الدَّمِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَسْتَقِرُّ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يُلَطِّخَهُ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُعَمَّمَ فِي الْأَوَّلِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَأَنْ لَطَّخَهُ أَيْ السَّائِلُ أَوْ الْقَاطِرُ وَالرَّاشِحُ وَيُخَصَّصُ فِي الثَّانِي أَعْنِي قَوْلَهُ كَأَنْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ أَيْ بِالرَّاشِحِ الَّذِي يَفْتِلُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ) مُبَالَغَةٌ فِي قَطْعِهِ إذَا خَشِيَ تَلَوُّثَ الْمَسْجِدِ أَيْ أَنَّهُ يَقْطَعُ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ قَطْعِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ مِنْ هُنَا لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يَظُنَّ دَوَامَ الدَّمِ لِآخِرِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: بَلْ سَالَ أَوْ قَطَرَ وَلَمْ يَتَلَطَّخْ بِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ فَتْلُهُ وَإِلَّا فَكَالرَّاشِحِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَطْعُ) أَيْ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ مُنَافٍ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ ثُمَّ يَبْتَدِئُهَا مِنْ أَوَّلِهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِسَلَامٍ وَلَا كَلَامٍ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ وَرَجَعَ ابْتَدَأَ صَلَاتَهُ مِنْ أَوَّلِهَا وَأَعَادَهَا ثَالِثًا لِأَنَّ صَلَاتَهُ الثَّانِيَةَ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ ابْتَدَأَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِأَنَّ

(وَنُدِبَ الْبِنَاءُ) أَيْ إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا وَجَبَ الْبِنَاءُ وَإِذَا أَرَادَ الْبِنَاءَ (فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ) مِنْ أَعْلَاهُ وَهُوَ مَارِنُهُ لِئَلَّا يَبْقَى فِيهِ الدَّمُ إنْ أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ (لِيَغْسِلَ) الدَّمَ. وَيَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ) فِيهِ الْغُسْلُ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ تَضُرَّ مُجَاوَرَتُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فِي نَفْسِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (قَرُبَ) لَا إنْ بَعُدَ فِي نَفْسِهِ أَوْ قَرُبَ وَلَكِنْ جَاوَزَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ فَلَا يَبْنِي (وَ) إنْ لَمْ (يَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ) فَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا لِغَيْرِهِ بَطَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَحَكَمْنَا عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فَإِذَا كَانَ قَدْ صَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ ابْتَدَأَ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ أَرْبَعًا صَارَ كَمَنْ صَلَّى خَمْسًا جَاهِلًا قَالَ ح وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الرَّفْضَ مُبْطِلٌ فَيَكْفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ رَفْضُهُ وَإِبْطَالُهَا فَمَحِلُّ كَوْنِهِ إذَا خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ وَلَمْ يَأْتِ بِسَلَامٍ وَلَا كَلَامٍ ثُمَّ رَجَعَ وَابْتَدَأَهَا فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا مَا لَمْ لَوْ يَنْوِ رَفْضَهَا حِينَ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْبِنَاءُ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَحَاصِلُهُ أَيُّ الْأَمْرَيْنِ أَرْجَحُ؟ وَمَا ذَكَره الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الْبِنَاءِ هُوَ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّمَ إذَا كَانَ سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا وَلَمْ يُلَطِّخْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَتْلُهُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْقَطْعِ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَطْعَ فَقَالَ هُوَ أَوْلَى وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ شَأْنَ الصَّلَاةِ اتِّصَالُ عَمَلِهَا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلٍ بِشُغْلٍ وَلَا انْصِرَافٍ عَنْ مَحِلِّهَا قَالَ زَرُّوقٌ وَهُوَ أَيْ الْقَطْعُ أَوْلَى بِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْعِلْمِ لِجَهْلِهِ وَاخْتَارَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ الْبِنَاءَ لِلْعَمَلِ وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ الْبِنَاءِ وَأَنَّ الْإِمَامَ إذَا اسْتَخْلَفَ بِالْكَلَامِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) أَيْ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ وَابْتِدَائِهَا مِنْ أَوَّلِهَا بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ كَمَا عَلِمْت عَدَمُ ظَنِّهِ دَوَامَ الدَّمِ لِآخِرِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ) أَيْ مِنْ هَيْئَتِهِ الْأُولَى أَوْ مِنْ مَكَانِهِ إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ مُلْحَقٌ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ فَلَا تَبْطُلُ الْمُوَالَاةُ وَلِهَذَا لَا يُكَبِّرُ إحْرَامًا إذَا رَجَعَ لِتَكْمِيلِ صَلَاتِهِ بَعْدَ الْغَسْلِ وَسَبَقَ أَنَّ وُجُودَ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا (قَوْلُهُ: مُمْسِكٌ أَنْفَهُ) هَذَا إرْشَادٌ لِأَحْسَنِ الْكَيْفِيَّاتِ الَّتِي تُعِينُ عَلَى تَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا تَمْنَعُ مِنْ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْبِنَاءِ بَلْ الشَّرْطُ التَّحَفُّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ لَوْ لَمْ يُمْسِكْهُ كَمَا اخْتَارَهُ ح وِفَاقًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمَسْكُ مِنْ أَعْلَى الْأَنْفِ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَقَطْ كَمَا فِي خش وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ مِنْ أَنَّ مَسْكَ الْأَنْفِ مِنْ أَعْلَاهُ شَرْطٌ فِي الْبِنَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَاخِلَ الْأَنْفِ حُكْمُهُ حُكْمُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ فِي الْأَخْبَاثِ فَيَجِبُ إزَالَةُ الدَّمِ عَنْهُ وَإِذَا أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ أَوْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ مَسْكٍ صَارَ دَاخِلُ الْأَنْفِ مُتَلَوِّثًا بِالدَّمِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَحِلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَيُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ وَالْعَفْوُ عَنْ بَاطِنِ الْأَنْفِ فَمَسْكُ الْأَنْفِ إنَّمَا طُلِبَ لِلتَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا لِخُصُوصِهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ سَوَاءً أَمْسَكَهُ أَوْ لَمْ يُمْسِكْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَبْقَى فِيهِ) أَيْ فِي الْأَنْفِ الدَّمُ إنْ أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ فَيَصِيرُ فِي حَالِ خُرُوجِهِ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْسَكَهُ مِنْ أَعْلَاهُ فَإِنَّهُ يَحْبِسُ الدَّمَ مِنْ أَصْلِهِ عَنْ النُّزُولِ (قَوْلُهُ: لِيَغْسِلَ الدَّمَ) أَيْ لَا يَخْرُجُ إلَّا لِغَسْلِ الدَّمِ فَإِنْ اشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: وَيَبْنِي) أَيْ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان) فَإِنْ جَاوَزَ الْأَقْرَبَ مَعَ الْإِمْكَانِ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُهَا وَلَوْ كَانَتْ الْمُجَاوَزَةُ بِمِثْلِ مَا يُغْتَفَرُ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْمُنَافَيَاتِ وَلَكِنْ قَالَ ح يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِاغْتِفَارِ الْمُجَاوَزَةِ بِمِثْلِ الْخُطْوَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ شِرَاءُ الْمَاءِ إذَا وَجَدَهُ يُبَاعُ فِي أَقْرَبِ مَكَان بِالْمُعَاطَاةِ بِثَمَنٍ مُعْتَادٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ يَسِيرِ الْأَفْعَالِ وَلَا يَتْرُكُهُ لِلْبَعِيدِ وَقَدْ نَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ الْخَفِيفَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَكَيْفَ بِذَلِكَ هُنَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاؤُهُ بِالْإِشَارَةِ فَبِالْكَلَامِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَلَامٌ لِإِصْلَاحِهَا اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَقْرَبُ يُمْكِنُ الْغَسْلُ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَوْ كَانَ وَلَكِنْ لَا مَاءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ بَعُدَ فِي نَفْسِهِ) أَيْ تَفَاحَشَ بُعْدُهُ كَمَا فِي عِبَارَاتِهِمْ فَمُطْلَقُ الْبُعْدِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْبِنَاءِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ إلَّا الْمُتَفَاحِشُ وَحِينَئِذٍ فَيُرَادُ بِالْقُرْبِ مَا عَدَا الْبُعْدِ الْمُتَفَاحِشِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَسْتَدْبِرْ أَصْلًا أَوْ اسْتَدْبَرَ عَمْدًا لِعُذْرٍ كَكَوْنِ الْمَاءِ جِهَةَ الِاسْتِدْبَارِ فَإِنْ اسْتَدْبَرَ

(وَ) إنْ لَمْ (يَطَأْ نَجِسًا) عَامِدًا مُخْتَارًا (وَ) إنْ لَمْ (يَتَكَلَّمْ) فَإِنْ تَكَلَّمَ (وَلَوْ سَهْوًا) وَإِنْ قَلَّ بَطَلَتْ (وَ) الْخَامِسُ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ) يُصَلِّي (بِجَمَاعَةٍ) أَيْ فِيهَا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا (وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ) نَدْبًا مِنْ يُتِمُّ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ فِي الْجُمُعَةِ وَنُدِبَ فِي غَيْرِهَا فَإِذَا غَسَلَ وَأَدْرَكَ الْخَلِيفَةَ أَتَمَّ خَلْفَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَمْدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ وَلَمْ يَبْنِ وَإِنْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ نَاسِيًا بِلَا عُذْرٍ فَهَلْ هُوَ كَالِاسْتِدْبَارِ عَمْدًا أَوْ يَكُونُ كَالْكَلَامِ نِسْيَانًا قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْبِنَاءِ إلَّا لِعُذْرٍ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ يَخْرُجُ كَيْفَمَا أَمْكَنَهُ وَاسْتَبْعَدُوا اشْتِرَاطَ الِاسْتِقْبَالِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ غَالِبًا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ اشْتِرَاطِ الِاسْتِقْبَالِ يُقَدِّمُ اسْتِدْبَارًا لَا يُلَابِسُ فِيهِ نَجِسًا عَلَى اسْتِقْبَالٍ مَعَ وَطْءِ نَجِسٍ لَا يُغْتَفَرُ لِأَنَّهُ عُهِدَ عَدَمُ تَوَجُّهِ الْقِبْلَةِ لِعُذْرٍ وَلِمَا فِي الِاسْتِقْبَالِ مِنْ الْخِلَافِ كَذَا فِي عبق قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْقَرِيبِ مَعَ مُلَابَسَةِ نَجَاسَةٍ عَلَى بَعِيدٍ خَلَا مِنْهَا لِأَنَّ عَدَمَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ تَقْدِيمُ مَا قَلَّتْ مُنَافَيَاتُهُ كَبَعِيدٍ مَعَ اسْتِقْبَالٍ بِلَا نَجَاسَةٍ عَلَى قَرِيبٍ مُسْتَدْبِرٍ مَعَ نَجَاسَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطَأْ نَجِسًا عَامِدًا مُخْتَارًا) أَيْ فَإِنْ وَطِئَهُ عَامِدًا مُخْتَارًا بَطَلَتْ وَأَمَّا إنْ وَطِئَهُ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا مُضْطَرًّا فَلَا يَضُرُّ فَقَيْدُ بِلَا عُذْرٍ مُعْتَبَرٌ فِي هَذَا أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ النَّجَاسَةِ الَّتِي وَطِئَهَا أَرْوَاثَ دَوَابَّ وَأَبْوَالَهَا أَوْ عَذِرَةً أَوْ نَحْوَهَا رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا فِي ح وَالْمَوَّاقِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا فَهُوَ غَيْرُ مُبْطِلٍ إذَا وَطِئَهَا نِسْيَانًا أَوْ اضْطِرَارًا لِكَثْرَةِ ذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ وَإِنْ وَطِئَهَا عَمْدًا مُخْتَارًا بَطَلَتْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْعَذِرَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ كَانَ رَطْبًا فَمُبْطِلٌ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَكَذَلِكَ إنْ تَعَمَّدَ وَإِنْ نَسِيَ أَوْ اُضْطُرَّ فَقَوْلَانِ الْبُطْلَانُ لِابْنِ سَحْنُونٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالثَّانِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ لِابْنِ عَبْدُوسٍ إذَا عَلِمْت هَذَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالنَّجِسِ الْعَذِرَةُ وَنَحْوُهَا دُونَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِنَفْيِ الْعَذِرَةِ وَلِذَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْقَيْدَ قَبْلَهُ اُنْظُرْ بْن وَقَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ أَوْ اُضْطُرَّ فَقَوْلَانِ ظَاهِرُهُ سَوَاءً عَلِمَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَلَّمَ وَلَوْ سَهْوًا بَطَلَتْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا بَطَلَتْ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ إذَا تَكَلَّمَ نِسْيَانًا فَهَلْ تَبْطُلُ أَيْضًا أَوْ لَا وَالْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ هُنَا وَلَوْ قَلَّ لِكَثْرَةِ الْمُنَافَيَاتِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءً كَانَ الْكَلَامُ فِي حَالِ انْصِرَافِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ أَوْ كَانَ بَعْدَ عَوْدِهِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ إنْ تَكَلَّمَ سَهْوًا حَالَ رُجُوعِهِ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَإِذَا أَدْرَكَ بَقِيَّةً مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ حَمَلَ الْإِمَامُ عَنْهُ سَهْوَهُ وَإِلَّا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِسَهْوِهِ وَأَمَّا إنْ تَكَلَّمَ سَهْوًا فِي حَالِ انْصِرَافِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ فَقَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ وَاحِدٌ مِنْ الصِّحَّةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا. وَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ رَجَّحَ أَنَّ الْكَلَامَ سَهْوًا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا سَوَاءً تَكَلَّمَ حَالَ انْصِرَافِهِ أَوْ حَالَ رُجُوعِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ لَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْكَلَامُ لِإِصْلَاحِهَا فَلَا يُبْطِلُهَا كَمَا ذَكَرَهُ ح وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ نَدْبًا) أَيْ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لتت حَيْثُ قَالَ وَاسْتَخْلَفَ نَدْبًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَوُجُوبًا فِيهَا فَالْوُجُوبُ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى الْإِمَامِ كَالْمَأْمُومِينَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ بِغَيْرِ الْكَلَامِ فَإِنْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ عَلَى الْكُلِّ إنْ كَانَ الْكَلَامُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَعَلَيْهِ دُونَهُمْ فِي السَّهْوِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ح وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَإِنَّمَا قَالَ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ يَرَى وُجُوبَ الْبِنَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا اسْتَخْلَفَ بِالْكَلَامِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا تَبْطُلُ عَلَى الْإِمَامِ وَحْدَهُ قَالَ ح وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ الْقَطْعَ فَكَيْفَ تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ أَمْرٍ مَنْدُوبٍ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ فِي غَيْرِهَا) أَيْ وَنُدِبَ لَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ أَيْ وَجَازَ لَهُمْ تَرْكُهُ وَإِتْمَامُ صَلَاتِهِمْ وُحْدَانًا وَجَازَ لَهُمْ أَيْضًا انْتِظَارُهُ لِيُكْمِلُوا مَعَهُ إنْ لَمْ يَعْمَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ كَمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِخْلَافِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا غَسَلَ) أَيْ الْإِمَامُ وَأَدْرَكَ الْخَلِيفَةَ أَتَمَّ خَلْفَهُ أَيْ وُجُوبًا وَلَمْ يُجَوِّزُوا لَهُ انْفِرَادَهُ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ وَلَا

(وَفِي) صِحَّةِ (بِنَاءِ الْفَذِّ) وَعَدَمِهَا (خِلَافٌ وَإِذَا) (بَنَى) مَنْ لَهُ الْبِنَاءُ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَفَذٍّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (لَمْ يَعْتَدَّ) بِشَيْءٍ فَعَلَهُ قَبْلَ رُعَافِهِ (إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ) بِسَجْدَتَيْهَا بِأَنْ ذَهَبَ لِلْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ بَعْدَ أَنْ يَقُومَ بِالْفِعْلِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّشَهُّدِ فَإِذَا غَسَلَ وَرَجَعَ جَالِسًا إنْ كَانَ حَصَلَ لَهُ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ وَقَائِمًا إنْ كَانَ حَصَلَ فِي الْقِيَامِ فَيَشْرَعُ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ كَانَ قَرَأَ أَوَّلًا الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ فَلَوْ حَصَلَ الرُّعَافُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَقِلَّ جَالِسًا لِلتَّشَهُّدِ أَوْ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ أَلْغَى مَا فَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَبَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَعَلَى مَا قَبْلَهَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا وَيَبْتَدِئُ مِنْ الْقِرَاءَةِ (وَأَتَمَّ مَكَانَهُ) فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وُجُوبًا (إنْ ظَنَّ) وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ (فَرَاغَ إمَامِهِ وَأَمْكَنَ) الْإِتْمَامُ فِيهِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ لِنَجَاسَةٍ أَوْ ضِيقٍ (فَالْأَقْرَبُ) مِنْ الْأَمْكِنَةِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَكَانِ الْغَسْلِ يَجِبُ الْإِتْمَامُ فِيهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ صَحَّتْ (وَإِلَّا) يُتِمُّ فِي الْمَكَانِ الْمُمْكِنِ وَلَا فِي الْأَقْرَبِ إلَيْهِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَوَجَدَ إمَامَهُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ بِمُجَاوَزَةِ الْمَكَانِ الْوَاجِبِ صَارَ كَمُتَعَمِّدِ زِيَادَةً فِيهَا (وَرَجَعَ) وُجُوبًا (إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ) أَيْ بَقَاءَ الْإِمَامِ (أَوْ شَكَّ) فِيهِ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ بِنَاءِ الْفَذِّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَقْطَعُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَشَهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَلِاخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْقَوْلَ قَدَّمَهُ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْفَذَّ لَا يَبْنِي ثُمَّ حَكَى مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ رُخْصَةُ الْبِنَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَنْعِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ أَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْمَسْبُوقُ حَيْثُ لَا يُدْرِكُ الْإِمَامَ كَالْفَذِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ بِنَائِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ صَلَاتِهِ مَعَ جَمَاعَةٍ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ إنَّهُ كَالْمُنْفَرِدِ كَذَا ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: كَمُلَتْ بِسَجْدَتَيْهَا) فَإِنْ كَانَ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ بَعْضَ رَكْعَةٍ فَلَا يَعْتَدُّ بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ إذَا كَمُلَتْ بِسَجْدَتَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَعْتَدِلْ بَعْدَهَا قَائِمًا أَوْ جَالِسًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِدَالِ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ قَائِمًا إنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُمَا جُلُوسٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِدَالِ جَالِسًا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ ذَهَبَ لِلْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْبَانِيَ لَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ فَعَلَهُ قَبْلَ رُعَافِهِ إلَّا إذَا كَانَ رَكْعَةً كَامِلَةً بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ الِاعْتِدَادُ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ كُلِّ الرَّكْعَةِ وَبَعْضِهَا وَلَوْ الْإِحْرَامَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ (قَوْلُهُ: أَلْغَى مَا فَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ) هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَبَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاعْتِدَادِ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ فَإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ لَا أَقَلَّ سَوَاءً كَانَتْ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَيَكُونُ وَلَوْ عَلَى الْإِحْرَامِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِاعْتِدَادِ الْبِنَاءُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ الِاعْتِدَادُ وَخَالَفَ ابْنُ عَبْدُوسٍ حَيْثُ قَالَ إذَا لَمْ يُكْمِلْ الرَّكْعَةَ قَبْلَ الرُّعَافِ ابْتَدَأَ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ وَلَا يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ الرَّاعِفَ إذَا غَسَلَ الدَّمَ قِيلَ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ مُطْلَقًا وَلَوْ لِإِحْرَامٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَعْتَدُّ بِهِ إنْ كَانَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَإِلَّا ابْتَدَأَ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ إنْ كَانَ رَكْعَةً وَإِلَّا بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا فِيهَا فَيَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّ مَكَانَهُ) أَيْ الَّذِي فِيهِ غَسْلُ الدَّمِ وَمِثْلُهُ لَوْ رَجَعَ لِظَنِّ بَقَائِهِ فَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ فِي أَثْنَاءِ الرُّجُوعِ فَرَاغَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فِيهِ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ بِالْفَرَاغِ فَإِنْ تَعَدَّاهُ مَعَ إمْكَانِ الْإِتْمَامِ فِيهِ بَطَلَتْ وَقَوْلُهُ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ سَوَاءً ظَنَّ فَرَاغَهُ بِالْفِعْلِ بِمُجَرَّدِ الْغَسْلِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْدَ الْغَسْلِ لَا يُدْرِكُهُ لِفَرَاغِهِ فِي حَالِ رُجُوعِهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَيَصِيرُ مَأْمُومًا فَيَلْزَمُهُ مِنْ الرُّجُوعِ مَا يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ وَأَمَّا الْفَذُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبِنَائِهِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَكَانَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ) أَيْ بِبَقَاءِ إمَامِهِ صَحَّتْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ سَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الرَّاعِفَ يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ فَلَا يَسْرِي إلَيْهِ سَهْوُهُ وَقِيلَ إنَّهُ فِي حُكْمِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنَّهُ فِي حُكْمِهِ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُتِمُّ فِي الْمَكَانِ الْمُمْكِنِ) أَيْ وَإِلَّا يُتِمُّ فِي مَكَانِ غَسْلِ الدَّمِ الْمُمْكِنِ الْإِتْمَامُ فِيهِ وَلَا فِي الْأَقْرَبِ إلَيْهِ بَلْ رَجَعَ لِمَكَانِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ) أَيْ لِأَدْنَى مَكَان يَصِحُّ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ لَا لِمُصَلَّاهُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ مَشْيٍ فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) إنَّمَا لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَعَ الشَّكِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ مُتَابَعَتِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِعِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ

(وَلَوْ) ظَنَّ أَوْ شَكَّ إدْرَاكَهُ (بِتَشَهُّدٍ) بِحَيْثُ يُدْرِكُ مَعَهُ وَلَوْ السَّلَامَ فَلَوْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ بِأَنْ وَجَدَهُ فَرَغَ مِنْهَا صَحَّتْ (وَ) رَجَعَ (فِي الْجُمُعَةِ) وُجُوبًا إنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً (مُطْلَقًا) وَلَوْ عَلِمَ فَرَاغَهُ (لِأَوَّلِ) جُزْءٍ مِنْ (الْجَامِعِ) الَّذِي ابْتَدَأَهَا بِهِ لَا غَيْرُهُ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَخَرَجَ عَنْ شَفْعٍ وَأَعَادَهَا ظُهْرًا (وَإِلَّا) يَرْجِعُ مَعَ ظَنِّهِ الْبَقَاءَ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ فِي الْأُولَى وَفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا (بَطَلَتَا) أَيْ الصَّلَاةُ فِي الْأُولَى وَالْجُمُعَةِ فِي الثَّانِيَة (وَإِنْ) (لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ) قَبْلَ رُعَافِهِ فَخَرَجَ لِغَسْلِهِ وَظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ (ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ) جَدِيدٍ وَلَا يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فِي أَيْ مَكَان شَاءَ (وَسَلَّمَ) وُجُوبًا (وَانْصَرَفَ إنْ) (رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) لِأَنَّ سَلَامَ حَامِلِ النَّجَاسَةِ أَخَفُّ مِنْ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ (لَا) إنْ رَعَفَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ وَبَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ فَلَا يُسَلِّمُ بَلْ يَخْرُجُ لِغَسْلِهِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَبْلَ الِانْصِرَافِ فَيُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ (وَلَا يَبْنِي) الْمُصَلِّي (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الرُّعَافِ كَسَبْقِ حَدَثٍ أَوْ ذِكْرِهِ أَوْ سُقُوطِ نَجَاسَةٍ أَوْ ذِكْرِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ بَلْ يَسْتَأْنِفُهَا لِأَنَّ الْبِنَاءَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَهُوَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الرُّعَافِ وَكَمَا لَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَرْجِعُ إذَا ظَنَّ بَقَاءَهُ إلَّا إذَا رَجَا إدْرَاكَ رَكْعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَهَا أَتَمَّ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً عَلِمَ أَوْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ فَرَاغَهُ وَمَحِلُّ رُجُوعِهِ فِي الْجُمُعَةِ لِلْجَامِعِ إذَا كَانَ حَصَلَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةٌ أَوْ يَظُنُّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ إذَا رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ وَيَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ بِأَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَوَّلِ جُزْءٍ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ رَجَعَ لِصَدْرِ الْجَامِعِ الَّذِي ابْتَدَأَهَا بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَةِ الْمَشْيِ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ رِحَابٍ أَوْ طُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ فَلَا يَكْفِي رُجُوعُهُ لِلرِّحَابِ وَلَا لِلطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ وَلَوْ كَانَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِضِيقٍ حَيْثُ أَمْكَنَ الرُّجُوعُ لِلْجَامِعِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي الرِّحَابِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَوْ لَمْ يَضِقْ الْمَسْجِدُ وَلَوْ لَمْ تَتَّصِلْ الصُّفُوفُ فَمُقْتَضَاهُ الِاكْتِفَاءُ بِالرُّجُوعِ لَهُمَا إذَا ابْتَدَأَهَا قَبْلَ الرُّعَافِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتَا) وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا فَعَلَهُ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهَا وَلَمْ يَتَخَلَّفْ ظَنُّهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهَا وَلَا يُصَلِّي ظُهْرًا (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ ظُهْرًا) أَيْ قَطَعَهَا وَابْتَدَأَ ظُهْرًا أَيْ مَا لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَ الْجُمُعَةِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى قَرِيبَةٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ بِالْبَلَدِ وَإِلَّا وَجَبَ صَلَاتُهَا جُمُعَةً وَلَا يُصَلِّيهَا ظُهْرًا قَالَهُ الْبَاسِطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بْن وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا اهـ وَالْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سَحْنُونٍ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَوْ الْإِحْرَامَ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي بْن عَنْ الْمَوَّاقِ أَنْ ابْنَ يُونُسَ نَسَبَهُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ أَشْيَاخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ الظُّهْرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَيُصَلِّي أَرْبَعًا بِنَاءً عَلَى إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ الظُّهْرِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْبِنَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ فَلَوْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَصَلَّى أَرْبَعًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا قَالَ ح كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) إنْ قُلْتَ لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ وَانْصَرَفَ وَلَوْ قَالَ وَسَلَّمَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكَفَى ذَلِكَ. قُلْتُ قَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنَّهُ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَذْهَبُ لِيَغْسِلَ الدَّمَ ثُمَّ يَرْجِعُ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَانْصَرَفَ أَيْ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَخْرُجُ لِغَسْلِهِ) أَيْ ثُمَّ يَرْجِعُ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ سَلَامُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَا إذَا كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ خَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ فَلَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ بَلْ يُسَلِّمُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَبْلَ الِانْصِرَافِ) أَيْ قَبْلَ انْصِرَافِ الْمَأْمُومِ أَيْ فَإِنْ سَلَّمَ قَبْلَ انْصِرَافِهِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَهَذَا قَيْدٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالِانْصِرَافِ الْمَشْيُ الْكَثِيرُ فَوَافَقَ قَوْلَ السُّودَانِيِّ وَهُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا لَوْ انْصَرَفَ لِغَسْلِهِ وَجَاوَزَ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَسَمِعَ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ وَأَمَّا لَوْ سَمِعَهُ يُسَلِّمُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ بَلْ يَذْهَبُ لِغَسْلِ الدَّمِ ثُمَّ يَرْجِعُ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لَا قَبْلَهُ هَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا لَوْ رَعَفَ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَوْ الْفَذُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبِنَائِهِ فَقَالَ ح لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنْ حَصَلَ الرُّعَافُ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِمِقْدَارِ السُّنَّةِ مِنْ التَّشَهُّدِ بِأَنْ أَتَى بِبَعْضٍ لَهُ بَالٌ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَالْإِمَامُ وَالْفَذُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ التَّشَهُّدَ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْمُومِ أَمَّا الْفَذُّ فَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيُتِمُّ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا هُوَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ وَمُبْطِلٌ

لَا يَبْنِي بِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَبْطُلُ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي (كَظَنِّهِ) أَيْ الرُّعَافَ (فَخَرَجَ) لِغَسْلِهِ (فَظَهَرَ) لَهُ (نَفِيهِ) أَيْ نَفْيُ الرُّعَافِ فَلَا يَبْنِي وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. (وَمَنْ) (ذَرَعَهُ) أَيْ غَلَبَهُ وَسَبَقَهُ (قَيْءٌ) طَاهِرٌ يَسِيرٌ وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا (لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) فَإِنْ كَانَ نَجِسًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا لَا نِسْيَانًا بَطَلَتْ وَكَذَا غَلَبَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ بَعْدَ السَّلَامِ (وَإِذَا) (اجْتَمَعَ بِنَاءٌ) وَهُوَ مَا فَاتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ (وَقَضَاءٌ) وَهُوَ مَا يَأْتِي بِهِ الْمَسْبُوقُ عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ (لِرَاعِفٍ) وَنَحْوِهِ كَنَاعِسٍ وَغَافِلٍ وَمَزْحُومٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِكَرَاعِفٍ فِي رَبَاعِيَةٍ كَعِشَاءٍ (أَدْرَكَ) مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ (الْوُسْطَيَيْنِ) وَفَاتَتْهُ الْأُولَى قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ فَخَرَجَ لِغَسْلِهِ فَفَاتَتْهُ قَدَّمَ الْبِنَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا أَشَارَ الشَّارِحُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَبْنِي لِلِازْدِحَامِ وَالنُّعَاسِ لِأَنَّهُ خَفِيفٌ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ: لَا يَبْنِي بِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَبْطُلُ إلَخْ) هَذَا مَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ صَرِيحًا إلَّا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْبُطْلَانِ اهـ كَلَامُهُ وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِذَا أَدْرَكَ الْأُولَى وَرَعَفَ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَدْرَكَ الثَّالِثَةَ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْنِي) أَيْ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَبْنِي لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ إمَامًا وَكَذَا تَبْطُلُ صَلَاةُ مَأْمُومِيهِ أَيْضًا مُطْلَقًا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ثَانِيهَا لَا بُطْلَانَ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ بِنَهَارٍ وَتَصِحُّ إنْ كَانَ بِلَيْلٍ لِعُذْرِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِقَوْلِ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ أَوْ الْقَلْسُ فَلَمْ يَرُدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَلَا فِي صِيَامِهِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ تَقَايَأَ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ، ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ: أَيْ غَلَبَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ إخْرَاجُهُ أَوْ إخْرَاجَ الْقَلْسِ فَالْبُطْلَانُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا) أَيْ لَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ: أَوْ ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا فَالْبُطْلَانُ قَوْلًا وَاحِدًا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً فَقَوْلَانِ إلَّا أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي الْغَلَبَةِ وَالرَّاجِحُ الصِّحَّةُ فِي النِّسْيَانِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ فَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي كُلٍّ مِنْ الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا غَلَبَهُ شَيْءٌ مِنْهُ وَكَانَ طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ وَإِنْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَهُ أَوْ كَانَ نَجِسًا أَوْ كَثِيرًا أَبْطَلَ وَإِنْ رَجَعَ مِنْهُ شَيْءٌ جَرَى عَلَى مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً (قَوْلُهُ: وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ) أَيْ لِازْدِرَادِ شَيْءٍ مِنْهُ نِسْيَانًا بَعْدَ السَّلَامِ إنْ كَانَ يَسِيرًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فَاتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ وَهُوَ مَا يَأْتِي بِهِ عِوَضًا عَمَّا فَاتَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَكُلٌّ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ عِوَضٌ عَنْ الْفَائِتِ إلَّا أَنَّ الْبِنَاءَ عِوَضٌ عَنْ الْفَائِتِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَالْقَضَاءُ عِوَضٌ عَنْ الْفَائِتِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْبَاءُ فِي (بِنَاءً) إشَارَةٌ لِبَعْدُ وَالْقَافُ فِي قَضَاءً إشَارَةٌ لِقَبْلُ وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ نَفْسُ الْفَائِتِ فَالْفَائِتُ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ بِنَاءٌ وَالْفَائِتُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ قَضَاءٌ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ الْتَفَتَ فِي الْبِنَاءِ لِلْفَائِتِ وَفِي الْقَضَاءِ لِلْعِوَضِ إشَارَةً لِلْقَوْلَيْنِ وَأَنَّ فِي كَلَامِهِ احْتِبَاكًا فَحَذَفَ مِنْ كُلِّ مَا أَثْبَتَهُ فِي الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ تَفْسِيرَ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ بِنَفْسِ الْفَائِتِ أَوْ بِعِوَضِهِ تَفْسِيرٌ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَأَمَّا تَفْسِيرُهُمَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ فَالْبِنَاءُ فِعْلُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ بِصِفَتِهِ وَالْقَضَاءُ فِعْلُ مَا فَاتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ بِصِفَتِهِ هَذَا وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ تَعْرِيفَ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ بِمَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا أَدْرَكَ حَاضِرٌ ثَانِيَةَ صَلَاةِ مُسَافِرٍ فَإِنَّ مُقْتَضَى التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِنَاءً وَقَضَاءً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ وُجِدَ فِيهَا الْقَضَاءُ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالتَّعْرِيفُ الْجَامِعُ أَنْ يُقَالَ الْبِنَاءُ مَا انْبَنَى عَلَى الْمُدْرَكِ وَالْقَضَاءُ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْمُدْرَكُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَوَاتِ عَدَمُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ فِعْلَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَقَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِ الْبِنَاءِ فِعْلُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ أَيْ سَوَاءً كَانَ الْإِمَامُ فَعَلَ ذَلِكَ الَّذِي فَاتَهُ أَمْ لَا فَظَهَرَ اجْتِمَاعُ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ حِينَئِذٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ فَخَرَجَ لِغَسْلِهِ فَفَاتَتْهُ) أَيْ أَوْ نَعَسَ فِي الرَّابِعَةِ فَفَاتَتْهُ أَوْ زُوحِمَ عَنْهَا فَفَاتَتْهُ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ الْبِنَاءَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِانْسِحَابِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لَهُ فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ الْقَضَاءِ الَّذِي لَمْ يَنْسَحِبْ حُكْمُ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ فِيهِ وَقَالَ

فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ هُوَ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهَا أُولَى الْإِمَامِ وَتُلَقَّبُ بِأُمِّ الْجَنَاحَيْنِ لِوُقُوعِ الْقِرَاءَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَالسُّورَةِ فِي طَرَفَيْهَا (أَوْ) أَدْرَكَ مَعَهُ (إحْدَاهُمَا) وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ تَفُوتَهُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَيُدْرِكَ الثَّالِثَةَ وَتَفُوتَهُ الرَّابِعَةُ بِكَرُعَافٍ فَيَأْتِي بِهَا بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَآخِرَةُ إمَامِهِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ كَذَلِكَ وَتُلَقَّبُ بِالْمَقْلُوبَةِ لِأَنَّ السُّورَتَيْنِ مُتَأَخِّرَتَانِ عَكْسَ الْأَصْلِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَفُوتَهُ الْأُولَى وَيُدْرِكَ الثَّانِيَةَ وَتَفُوتَهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ ثَالِثَةَ الْإِمَامِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ كَذَلِكَ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا رَابِعَةُ الْإِمَامِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ فَصَلَاتُهُ كُلُّهَا مِنْ جُلُوسٍ وَتُسَمَّى ذَاتَ الْجَنَاحَيْنِ (أَوْ لِحَاضِرٍ) عَطْفٌ عَلَى لِرَاعِفٍ أَيْ وَإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ لِشَخْصٍ حَاضِرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَحْنُونٌ يُقَدَّمُ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ سَبَقَ وَشَأْنُهُ يَعْقُبُهُ سَلَامُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ هُوَ) أَيْ بَلْ هِيَ ثَالِثَتُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إذَا قَدَّمَ الْبِنَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَجْلِسُ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ إلَّا إذَا كَانَتْ ثَانِيَتَهُ هُوَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أُولَى الْإِمَامِ) أَيْ وَيَجْلِسُ بَعْدَهَا لِأَنَّهَا أَخِيرَتُهُ (قَوْلُهُ: وَتُلَقَّبُ بِأُمِّ الْجَنَاحَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ مِنْ تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ لِأَنَّهَا أُولَاهُ وَأُولَى إمَامِهِ أَيْضًا ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا أَخِيرَتُهُ وَأَخِيرَةُ إمَامِهِ وَعَلَى مَذْهَبِهِ فَتُلَقَّبُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِالْعَرْجَاءِ لِأَنَّهُ فُصِلَ بَيْنَ رَكْعَتَيْ السُّورَةِ بِرَكْعَةِ الْفَاتِحَةِ وَبَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَاتِحَةِ بِرَكْعَةِ السُّورَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ تَفُوتَهُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِكَرُعَافٍ) أَيْ بِرُعَافٍ وَنَحْوِهِ مِنْ نُعَاسٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ ازْدِحَامٍ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي بِهَا) أَيْ فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كَوْنِهِ يُقَدِّمُ الْبِنَاءَ يَأْتِي بِهَا أَيْ بِالرَّابِعَةِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ أَيْ بِاتِّفَاقِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ) أَيْ وَأُولَى إمَامِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِرَكْعَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا أَخِيرَتُهُ وَثَانِيَةُ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَتُلَقَّبُ بِالْمَقْلُوبَةِ) أَيْ لِأَنَّ السُّورَتَيْنِ مُتَأَخِّرَتَانِ أَيْ وَقَعَتَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ عَكْسَ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِتَقْدِيمِ الْقَضَاءِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَأُولَى إمَامِهِ وَيَجْلِس نَظَرًا لِكَوْنِهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ إمَامِهِ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ خِلَافًا لِمَا فِي خش ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَخِيرَتُهُ وَأَخِيرَةُ إمَامِهِ وَعَلَيْهِ فَتُلَقَّبُ بِالْحُبْلَى لِثِقَلِ وَسَطِهَا بِالْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ تَفُوتَهُ الْأُولَى) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَتَفُوتُهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ) أَيْ بِرُعَافٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ نُعَاسٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ ازْدِحَامٍ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ إلَخْ) أَيْ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِتَقْدِيمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِرَكْعَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَيَجْلِسُ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْبِنَاءِ وَقَعَ خِلَافٌ قِيلَ إنَّهُ يَجْلِسُ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ كَمَا هُنَا فَإِنَّهَا ثَالِثَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إلَّا إذَا كَانَتْ ثَانِيَتَهُ (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى ذَاتَ الْجَنَاحَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَقَعَتْ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِتَقْدِيمِ الْقَضَاءِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ لِأَنَّهَا أُولَى إمَامِهِ وَيَجْلِسُ فِيهَا لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَلَا يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا. (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الثَّانِيَةِ الرَّابِعَةَ بِأَنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ وَأَدْرَكَ مَعَهُ الثَّانِيَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّالِثَةُ بِكَرُعَافٍ وَأَدْرَكَ الرَّابِعَةَ فَالْأَوْلَى قَضَاءٌ بِلَا إشْكَالٍ وَاخْتُلِفَ فِي الثَّالِثَةِ فَعَلَى مَذْهَبِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّهَا بِنَاءٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا قَالَ طفى وَعَلَيْهِ فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الْأُولَى وَيَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَ وَأَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الثَّالِثَةِ قَضَاءٌ نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا قَالَ طفى وَعَلَيْهِ فَيُقَدِّمُ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ فِعْلًا ثُمَّ الثَّالِثَةُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَمِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ أَيْضًا أَنْ يُدْرِكَ الْأُولَى ثُمَّ يُرْعِفُ مَثَلًا فَتَفُوتُهُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ ثُمَّ يُدْرِكُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ هُمَا بِنَاءٌ نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ قَبْلَهُمَا وَعَلَيْهِ فَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُدْرَكَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ

(أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ) إمَامٍ (مُسَافِرٍ) فَيَأْتِي الْحَاضِرُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ الْمُسَافِرِ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا رَابِعَةُ الْإِمَامِ أَنْ لَوْ كَانَ يُصَلِّيهَا ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ (أَوْ خَوْفٍ) عَطْفٌ عَلَى مُسَافِرٍ أَيْ أَوْ أَدْرَكَ الْحَاضِرُ ثَانِيَةَ صَلَاةِ خَوْفٍ (بِحَضَرٍ) قَسَمَ الْإِمَامُ فِيهِ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ فَأَدْرَكَ حَاضِرٌ مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَدَّمَ الْبِنَاءَ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ كَذَلِكَ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا رَابِعَةُ الْإِمَامِ أَنْ لَوْ اسْتَمَرَّ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَتَصِيرُ صَلَاتُهُ كُلُّهَا جُلُوسًا وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الثَّانِيَةِ الرَّابِعَةَ فَلَيْسَ إلَّا قَضَاءً خَاصَّةً (قَدَّمَ الْبِنَاءَ) فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ فَكَانَ أَحَقَّ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْقَضَاءِ (وَجَلَسَ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ) إنْ كَانَتْ ثَانِيَتَهُ كَالصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ) بَلْ ثَالِثَتَهُ كَصُورَةِ مَنْ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ وَكَذَا يَجْلِسُ فِي ثَانِيَتِهِ هُوَ إنْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةَ إمَامِهِ وَلَا آخِرَتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأُولَيَاهُ وَهَاتَانِ اللَّتَانِ فَاتَتَاهُ أَخِيرَتَاهُ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُمَا قَضَاءٌ نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهُمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ وَيَقْرَأُ فِي الثَّالِثَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِ وَقَوْلُ عج إنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ إمَامِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا قَالَ طفى لِمَا عَلِمْت وَلِمُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَفْعَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ وَقَدْ مَشَى شَارِحُنَا فِيمَا يَأْتِي عَلَى كَلَامِ عج وَهُوَ مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ أَنْ يُدْرِكَ الْأُولَى وَتَفُوتَهُ الثَّانِيَةُ بِكَرُعَافٍ وَيُدْرِكَ الثَّالِثَةَ وَتَفُوتَهُ الرَّابِعَةُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الرَّابِعَةَ بِنَاءٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ اهـ هَلْ هِيَ بِنَاءٌ نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَوْ قَضَاءٌ نَظَرًا لِلثَّالِثَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَعَلَى أَنَّهَا قَضَاءٌ يَبْدَأُ بِالرَّابِعَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا آخِرَةُ الْإِمَامِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَ يَجْلِسُ لِأَنَّهَا آخِرَتُهُ وَعَلَى أَنَّهَا بِنَاءٌ يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ نَسَقًا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بَيْنَهُمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فِيهِمَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ عج وَمَنْ تَبِعَهُ خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ إنَّهُ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ: أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ إمَامٍ مُسَافِرٍ) أَيْ وَفَاتَتْهُ الْأُولَى قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَهُ أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ بِكَرُعَافٍ فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا بِنَاءٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي الْحَاضِرُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ الْمُسَافِرِ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّهَا ثَالِثَةُ إمَامِهِ أَنْ لَوْ كَانَ يُتِمُّهَا وَمَا ذَكَرَهُ بِنَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ مِنْ تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ فَيَأْتِي الْحَاضِرُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ الْمُسَافِرِ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ لِأَنَّهَا أُولَى إمَامِهِ وَيَجْلِسُ فِيهَا لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ فِعْلًا ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ وَثَالِثَةُ إمَامِهِ أَنْ لَوْ كَانَ يُصَلِّيهَا ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا رَابِعَتُهُ وَرَابِعَةُ إمَامِهِ وَقَدْ ظَهَرَ لَك فِيمَا تَقَدَّمَ وَجْهُ جَعْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ صُوَرِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: قَسَمَ الْإِمَامُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَضَرِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْخَوْفُ (قَوْلُهُ: وَتَصِيرُ صَلَاتُهُ كُلُّهَا جُلُوسًا) أَيْ إنَّهُ يَجْلِسُ فِيهَا عَقِبَ كُلِّ رَكْعَةٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ مَا قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الثَّانِيَةِ) أَيْ مَعَ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الرَّكْعَةَ الرَّابِعَةَ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَّا قَضَاءً خَاصَّةً) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدْرَكَ آخِرَةَ الْإِمَامِ وَالثَّلَاثَ رَكَعَاتِ كُلَّهَا فَاتَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فَهِيَ قَضَاءٌ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ قَطْعًا لِكَوْنِهَا ثَانِيَتَهُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ إمَامِهِ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ لِأَنَّهَا أَخِيرَةٌ لَهُ فَيَقْضِي الْقَوْلَ وَيَبْنِي الْفِعْلَ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْبِنَاءُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِتَقْدِيمِ الْقَضَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَجْلِسُ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ إلَّا إذَا كَانَتْ ثَانِيَتَهُ وَهَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ فَفِي جُلُوسِهِ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَعَلَيْهِ رَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ وَأَمَّا سَحْنُونٌ فَيَقُولُ بِتَقْدِيمِ الْقَضَاءِ لَكِنْ يُوَافِقُ ابْنَ حَبِيبٍ فِي نَفْيِ الْجُلُوسِ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ وَلَمْ يُشِرْ الْمُصَنِّفُ لِخِلَافِهِ خِلَافًا لتت قَالَهُ طفى قَالَ بْن وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ وَجَلَسَ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ إلَخْ فَرْعٌ مُسْتَقِلٌّ يُخَالِفُ فِيهِ مَنْ يَرَى تَقْدِيمَ الْبِنَاءِ كَابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ لَا يَرَاهُ كَسَحْنُونٍ فَيَصِحُّ قَصْدُ الرَّدِّ بِلَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ: كَصُورَةِ مَنْ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ جَلَسَ فِيهَا فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ وَالْحَالُ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جَلَسَ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ وَلَيْسَتْ ثَانِيَتَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مِنْ

[فصل الشرط الثالث وهو ستر العورة]

كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَفَاته الْوَسِيطَانِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ فِي الرَّابِعَةِ قَضَى الْوُسْطَيَيْنِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ وَالرَّابِعَةَ قَضَى الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَلَا يَجْلِسُ وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ قَدَّمَ الْبِنَاءَ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ وَيَجْلِسُ. هَذَا (فَصْلٌ) فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَافْتَتَحَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى لِسَانِ سَائِلٍ سَأَلَهُ وَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ خِلَافٌ فَقَالَ (هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي الْمُكَلَّفِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا (بِكَثِيفٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ بِأَنْ لَا يَشِفَّ أَصْلًا أَوْ يَشِفَّ بَعْدَ إمْعَانِ النَّظَرِ وَخَرَجَ بِهِ مَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ النَّظَرِ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ وَأَمَّا مَا يَشِفُّ بَعْدَ إمْعَانِ نَظَرٍ فَيُعِيدُ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ كَالْوَاصِفِ (وَإِنْ) كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا (بِإِعَارَةٍ) بِلَا طَلَبٍ (أَوْ طَلَبٍ) بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِعَارَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ بُخْلُهُمْ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ تَكْبِيرٍ لِأَنَّ جُلُوسَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ وَإِنَّمَا جَلَسَ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ ذَكَرَهُ بْن نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا) أَيْ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ جَلَسَ فِيهَا فِي ثَانِيَتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: قَضَى الْوُسْطَيَيْنِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَعْلَهُمَا قَضَاءً مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهُمَا وَقَدْ جَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْأُولَى الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهُمَا وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا قَوْلُ عج وَأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ عَدَمِ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ أُولَاهُمَا وَإِنْ كَانَتْ ثَانِيَةً لِإِمَامِهِ لَكِنَّهَا ثَالِثَةٌ لَهُ فِي الْفِعْلِ وَالْمَأْمُومُ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي رَابِعَةِ إمَامِهِ كَانَتْ ثَانِيَةً لَهُ أَوْ لَا أَوْ فِي ثَانِيَتِهِ هُوَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةً لِإِمَامِهِ وَلَا أَخِيرَةً لَهُ وَأَمَّا ثَانِيَةُ إمَامِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةً لَهُ فَلَا يَجْلِسُ فِيهَا (قَوْلُهُ: قَضَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَلَا يَجْلِسُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ جَعْلَهُمَا قَضَاءً مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَذْهَبُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الْأُولَى قَضَاءٌ وَالثَّالِثَةَ بِنَاءٌ فَالْأُولَى لَا إشْكَالَ فِي كَوْنِهَا قَضَاءً وَالْخِلَافُ فِي الثَّالِثَةِ فَجَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا وَالْمُدَوَّنَةُ جَعَلَتْهَا قَضَاءً نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّابِعَةَ بِنَاءٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ فَجَعَلَهَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا وَجَعَلَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَضَاءً نَظَرًا لِلْمُدْرَكَةِ بَعْدَهَا فَاجْتِمَاعُ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ. [فَصْلٌ الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ] (فَصْلٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ) (قَوْلُهُ: هَلْ سَتْرُ) هُوَ هُنَا بِفَتْحِ السِّينِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَأَمَّا السِّتْرُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَا يُسْتَتَرُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهَا) أَيْ إنْ عَجَزَ عَنْ سَتْرِ كُلِّهَا وَلَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى سَتْرِ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا صَلَّى بِلَا وُضُوءٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا وَقَالَ أَصْبَغُ يُعِيدُ بِالْقُرْبِ لَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَشِفُّ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ) أَيْ مَا لَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ مَا يَشِفُّ) أَيْ مَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ فِي بَادِي النَّظَرِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ وُجُودَهُ كَالْعَدَمِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِيهِ أَبَدًا (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ إنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ صَحِيحَةٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ كَالْوَاصِفِ لِلْعَوْرَةِ الْمُحَدِّدِ لَهَا هَذَا هُوَ الَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ عج وَارْتَضَاهُ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ لَا مَا فِي طفى أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيمِ وَالْإِعَادَةَ أَبَدِيَّةٌ وَلَا مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ ابْنِ عبق مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيمَا يَشِفُّ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَظْهَرُ مِنْهُ لِلتَّأَمُّلِ أَوْ لِغَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَاعْتَمَدَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ بِالثَّوْبِ الشَّفَّافِ فِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ فَقِيلَ إنَّهُ كَالْعَدَمِ وَيُعِيدُ أَبَدًا كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَظْهَرُ مِنْهُ لِلْمُتَأَمِّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْعَوْرَةُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَمَا تَظْهَرُ مِنْهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّأَمُّلِ فَتَصِحُّ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِإِعَارَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا مِنْ غَيْرِ إعَارَةٍ لِوُجُودِهِ عِنْدَهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَا طَلَبٍ) أَيْ فَإِذَا أَعَارَهُ لَهُ صَاحِبُهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْمِنَّةُ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ سَبَبِ الْمَانِّيَّةِ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْإِعَارَةَ بِعَدَمِ الطَّلَبِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ فِيهِ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ. وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبٍ) أَيْ أَوْ كَانَ السَّتْرُ بِهِ حَاصِلًا بِطَلَبٍ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِعَارَةٍ فَيَلْزَمُ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَطْلُبَ السَّاتِرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِإِعَارَةٍ أَوْ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُعْتَادٍ كَالْمَاءِ لَا يَحْتَاجُ لَهُ لَا بِهِبَةٍ

(أَوْ) كَانَ حَاصِلًا (نَجِسٌ وَحْدَهُ) أَيْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ إذَا كَانَ نَجِسَ الذَّاتِ كَجِلْدِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَأَوْلَى مِنْ الْمُتَنَجِّسِ (كَحَرِيرٍ) فَإِنَّهُ يَسْتَتِرُ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِلضَّرُورَةِ فِيهِمَا (وَهُوَ) أَيْ الْحَرِيرُ (مُقَدَّمٌ) عَلَى النَّجِسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الصَّلَاةَ بِخِلَافِ النَّجِسِ (شَرْطٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ سَتْرُ (إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِخَلْوَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِخَلْوَةٍ) لَكِنَّ الرَّاجِحَ التَّقْيِيدُ بِالْقُدْرَةِ فِي فَقَطْ، فَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا أَعَادَ أَبَدًا. (لِلصَّلَاةِ) تُنَازِعُهُ سَتْرٌ وَشَرْطٌ، أَيْ هَلْ السَّتْرُ لِلصَّلَاةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَيَأْثَمُ تَارِكُهُ عَمْدًا وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي بِلَا إثْمٍ (خِلَافٌ) وَالْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ أَوْ النَّدْبِ ضَعِيفٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ وَالْخِلَافُ فِي الْمُغَلَّظَةِ وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ السَّوْأَتَانِ وَهُمَا مِنْ الْمُقَدَّمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ، وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ مَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَيُعِيدُ مَكْشُوفَ الْأَلْيَتَيْنِ وَالْعَانَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِوَقْتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِعِظَمِ مَانِّيَّتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ حَاصِلًا بِنَجِسٍ) أَيْ أَوْ كَانَ السَّتْرُ بِالْكَثِيفِ حَاصِلًا بِنَجِسٍ أَيْ مُتَحَقِّقًا فِي السَّتْرِ بِنَجِسٍ وَقَوْلُهُ وَحْدَهُ حَالٌ مِنْ نَجِسٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ النَّجِسِ مُتَوَعَّدًا فِي الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَتِرَ بِمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَيَكُونُ هَذَا مُخَصِّصًا لِمَا سَبَقَ مِنْ مَنْعِ الِانْتِفَاعِ بِذَاتِ النَّجَاسَةِ قَالَهُ شب (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْ الْمُتَنَجِّسِ) أَيْ إنَّهُ أَوْلَى مِنْ نَجِسِ الذَّاتِ فِي وُجُوبِ الِاسْتِتَارِ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَأَوْلَى مِنْهُمَا الْحَشِيشُ وَالْمَاءُ لِمَنْ فَرْضُهُ الْإِيمَاءُ وَإِلَّا فَالرُّكْنُ مُقَدَّمٌ وَأَمَّا الطِّينُ فَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَجَبَ الِاسْتِتَارُ بِهِ بِأَنْ يَتَمَعَّكَ بِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلسُّقُوطِ وَيُكَبِّرُ الْجُرْمَ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَهَذَا الثَّانِي أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَحَرِيرٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِتَارِ بِهِ أَوْ بِالنَّجِسِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي عُرْيَانًا وَلَا يُصَلِّي بِالْحَرِيرِ وَلَا بِالنَّجِسِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّجِسِ) أَيْ وَكَذَا عَلَى الْمُتَنَجِّسِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُقَدَّمُ كُلٌّ مِنْ النَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ عَلَى الْحَرِيرِ لِأَنَّ الْحَرِيرَ يُمْنَعُ لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَالنَّجِسُ إنَّمَا يُمْنَعُ لُبْسُهُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّجِسِ فِي قَوْلِهِ وَيَنْتَفِعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجِسٍ وَالْمَمْنُوعُ فِي حَالَةٍ أَوْلَى مِنْ الْمَمْنُوعِ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا تَقْدِيمُ الْمُتَنَجِّسِ عَلَى النَّجِسِ لِأَنَّ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ مَطْلُوبٌ مَعَ الْإِمْكَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الصَّلَاةَ) أَيْ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَشَأْنُ الطَّاهِرِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ دُونَ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ) أَيْ فَإِنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا صَحَّتْ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ طفى تَعَقَّبَ الْمُصَنِّفَ فَقَالَ إنَّهُ تَبِعَ ابْنَ عَطَاءِ اللَّهِ فِي تَقْيِيدِهِ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالذِّكْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ وَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِأَنَّهُ شَرْطٌ مَعَ الْقُدْرَةِ ذَاكِرًا أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ اهـ قَالَ ابْنُ قَلْبٍ فِي ح عَنْ الطِّرَازِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ هُوَ فَرْضٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَتَّى إذَا صَلَّى مَكْشُوفًا مَعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا آثِمًا اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَعَقُّبَهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ غَيْرُهُ كُلُّ ذَلِكَ قُصُورٌ اهـ كَلَامُ بْن فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ شَرْطُ صِحَّةٍ مُقَيَّدٌ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَبِالْقُدْرَةِ فَقَطْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَالْمُصَلِّي عُرْيَانًا نَاسِيًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي وَالرَّاجِحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِمَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَاعْلَمْ أَنَّ سُقُوطَ السَّاتِرِ لَيْسَ مِنْ الْعَجْزِ فَيَرُدُّهُ فَوْرًا بَلْ الْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ) هَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَعَلَيْهِ فَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِالشَّرْطِ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ مَعَ عَدَمِ أَحَدِهِمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: كَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي) أَيْ كَإِعَادَةِ الْعَاجِزِ وَالنَّاسِي (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ شَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَائِلًا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي شَهَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَكِنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ فَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَابْنِ بُكَيْر وَالْأَبْهَرِيِّ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ فَنَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَنَصُّ الْمَوَّاقُ ابْنُ شَاسٍ السَّتْرُ وَاجِبٌ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَهَلْ يَجِبُ فِي الْخَلَوَاتِ أَوْ يُنْدَبُ قَوْلَانِ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ فِي الْخَلَوَاتِ فَهَلْ يَجِبُ لِلصَّلَاةِ فِي الْخَلْوَةِ أَوْ يُنْدَبُ لَهَا فِيهَا؟ ذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْهِرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمُغَلَّظَةُ الَّتِي تُعَادُ الصَّلَاةُ لِكَشْفِهَا أَبَدًا عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ) أَيْ وَهُوَ فَمُ الدُّبُرِ وَيُسَمَّى مَا ذَكَرَ بِالسَّوْأَتَيْنِ لِأَنَّ كَشْفَهُمَا يَسُوءُ الشَّخْصَ وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ الْأَحْزَانَ (قَوْلُهُ: بِوَقْتٍ)

وَمِنْ أَمَةٍ الْأَلْيَتَانِ وَالْفَرْجُ وَمَا وَالَاهُ وَمِنْ حُرَّةٍ مَا عَدَا صَدْرَهَا وَأَطْرَافَهَا وَلَيْسَ مِنْهَا السَّاقُ عَلَى الظَّاهِرِ بَلْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الْعَوْرَةَ الشَّامِلَةَ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَلِلرُّؤْيَةِ إجْمَالًا فَقَالَ (وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ) مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ (وَ) مِنْ (أَمَةٍ) مَعَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (وَإِنْ) كَانَتْ الْأَمَةُ (بِشَائِبَةٍ) مِنْ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ (وَ) مِنْ (حُرَّةٍ مَعَ امْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ كَافِرَةً (مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِأَنَّ الْأَلْيَتَيْنِ وَالْعَانَةَ مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ لَا الْمُغَلَّظَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي كَشْفِ الْفَخِذِ وَلَوْ عَمْدًا لَا بِوَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج كَشْفُ مَا فَوْقَ الْعَانَةِ لِلسُّرَّةِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَمَةٍ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ رَجُلٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: الْأَلْيَتَانِ) أَيْ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ فَمِ الدُّبُرِ وَقَوْلُهُ وَمَا وَالَاهُ أَيْ مِنْ الْعَانَةِ وَأَمَّا الْفَخِذُ وَكَذَا مَا فَوْقَ الْعَانَةِ لِلسُّرَّةِ فَلَيْسَ مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ بَلْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ فَتُعِيدُ لِكَشْفِهِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا صَدْرَهَا) أَيْ وَكَذَا مَا حَاذَاهُ مِنْ ظَهْرِهَا أَعْنِي الْكَتِفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَطْرَافُهَا) أَيْ وَمَا عَدَا أَطْرَافَهَا وَهِيَ الذِّرَاعَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْعُنُقُ وَالرَّأْسُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ السَّاقُ بَلْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَدْرَهَا وَمَا حَاذَاهُ مِنْ أَكْتَافِهَا وَأَطْرَافِهَا مِنْ الْمُخَفَّفَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ بَطْنُهَا وَمَا حَاذَاهُ وَمِنْ السُّرَّةِ لِلرُّكْبَةِ وَهِيَ خَارِجَةٌ فَدَخَلَ الْأَلْيَتَانِ وَالْفَخِذَانِ وَالْعَانَةُ وَمَا حَاذَى الْبَطْنَ مِنْ ظَهْرِهَا وَأَمَّا صَدْرُهَا وَمَا حَاذَاهُ مِنْ ظَهْرِهَا سَوَاءً كَانَ كَتِفًا أَوْ غَيْرَهُ وَعُنُقُهَا لِآخِرِ الرَّأْسِ وَرُكْبَتُهَا لِآخِرِ الْقَدَمِ فَعَوْرَةٌ مُخَفَّفَةٌ يُكْرَهُ كَشْفُهَا فِي الصَّلَاةِ وَتُعَادُ فِي الْوَقْتِ لِكَشْفِهَا وَإِنْ حُرِّمَ النَّظَرُ لِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ) أَرَادَ بِهِ الشَّخْصُ الذَّكَرُ وَلَوْ جِنِّيًّا فَعَوْرَتُهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ) أَيْ مِنْ النِّسَاءِ وَأَمَّا عَوْرَتُهُ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ سَوَاءً كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَهِيَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ (قَوْلُهُ: بِشَائِبَةٍ) أَيْ مُلْتَبِسَةٌ بِشَائِبَةٍ (قَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُدَبَّرَةٍ قِيلَ فِي ذِكْرِهِ أُمَّ الْوَلَدِ نَظَرٌ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تُصَلِّي أُمُّ الْوَلَدِ إلَّا بِقِنَاعٍ كَالْحُرَّةِ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ صَدْرَهَا وَعُنُقَهَا عَوْرَةٌ لَا أَنَّ عَوْرَتَهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ سَتْرَهَا مَا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَنْدُوبٌ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِأُمِّ وَلَدٍ وَصَغِيرَةٍ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا هُوَ عَوْرَةٌ يَجِبُ سَتْرُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ امْرَأَةٍ) رَاجِعٌ لِلْحُرَّةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً بَلْ وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الْأَمَةِ وَأَمَّا الْحُرَّةُ الْكَافِرَةُ فَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةُ مَعَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ كَمَا فِي بْن لَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَقَوْلُ عبق مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ مَمْنُوعٌ بَلْ فِي شب حُرْمَةُ جَمِيعِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى

وَهُوَ بَيَانٌ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْأُولَيَيْنِ الشَّامِلَةِ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ فَإِذَا خِيفَ مِنْ أَمَةٍ فِتْنَةٌ وَجَبَ سَتْرُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا لِكَوْنِهَا عَوْرَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظِيرِهِ كَسَتْرِ وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَوْرَةَ يَحْرُمُ النَّظَرُ لَهَا وَلَوْ بِلَا لَذَّةٍ وَغَيْرِهَا إنَّمَا يَحْرُمُ لَهُ النَّظَرُ بِلَذَّةٍ وَعَطَفَ عَلَى مَعَ امْرَأَةٍ قَوْلُهُ (وَ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ) مُسْلِمٍ (غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) مِنْ جَمِيعِ جَسَدِهَا حَتَّى قِصَّتِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّلَذُّذُ وَأَمَّا مَعَ أَجْنَبِيٍّ كَافِرٍ فَجَمِيعُ جَسَدِهَا حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَكَذَا الصَّلَاةُ (وَأَعَادَتْ) الْحُرَّةُ الصَّلَاةَ (لِ) كَشْفِ (صَدْرِهَا وَ) كَشْفِ (أَطْرَافِهَا) مِنْ عُنُقٍ وَرَأْسٍ وَذِرَاعٍ وَظَهْرِ قَدَمٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمِثْلُ الصَّدْرِ مَا حَاذَاهُ مِنْ الظَّهْرِ فِيمَا يَظْهَرُ (بِوَقْتٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَتُعِيدُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا وَأَمَّا بُطُونُ الْقَدَمَيْنِ فَلَا إعَادَةَ لِكَشْفِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَوْرَةِ كَفَخِذِ الرَّجُلِ وَمِثْلُ الْحُرَّةِ أُمُّ الْوَلَدِ (كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخِذًا) فَتُعِيدُ لَهُ بِوَقْتٍ (لَا رَجُلٌ) فَلَا يُعِيدُ لِكَشْفِ فَخِذِهِ أَوْ فَخِذَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً لِخِفَّةِ أَمْرِهِ بِخِلَافِ الْأَلْيَتَيْنِ أَوْ بَعْضِهِمَا فَيُعِيدُ بِوَقْتٍ وَلِلسَّوْأَتَيْنِ أَبَدًا (وَ) مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (مَحْرَمٍ) وَلَوْ بِصِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ (غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ) فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ صَدْرٍ وَلَا ظَهْرٍ وَلَا ثَدْيٍ وَلَا سَاقٍ وَإِنْ لَمْ يُلْتَذَّ بِخِلَافِ الْأَطْرَافِ مِنْ عُنُقٍ وَرَأْسٍ وَظَهْرِ قَدَمٍ إلَّا أَنْ يَخْشَى لَذَّةً فَيَحْرُمُ ذَلِكَ لَا لِكَوْنِهِ عَوْرَةً كَمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَافِرَةِ لِئَلَّا تَصِفَهَا لِزَوْجِهَا الْكَافِرِ فَالتَّحْرِيمُ لِعَارِضٍ لَا لِكَوْنِهِ عَوْرَةً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَيَانٌ لَهَا) أَيْ لِلْعَوْرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ فِي حَقِّ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرَى الْفَخِذَ مِنْ مِثْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ كَشْفِهِ مَعَ مَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ «فَقَدْ كَشَفَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَضْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ سَتَرَهُ وَقَالَ أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْأُولَيَيْنِ) أَيْ وَأَمَّا عَوْرَةُ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَسَيَأْتِي يُشِيرُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَجَبَ سَتْرُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: كَسَتْرِ وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ إذَا خِيفَ الْفِتْنَةُ بِكَشْفِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَوْرَةَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَلَوْ بِلَا لَذَّةٍ) هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَسْتُورَةٍ وَأَمَّا النَّظَرُ إلَيْهَا مَسْتُورَةً فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ جَسِّهَا مِنْ فَوْقِ السَّاتِرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً فَإِنْ انْفَصَلَتْ فَلَا يَحْرُمُ جَسُّهَا (قَوْلُهُ: مَعَ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَلَوْ كَانَ مِلْكَهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَغَيْرُ عَوْرَةٍ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ظَاهِرِ الْكَفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْشَى بِالنَّظَرِ لِذَلِكَ فِتْنَةً وَأَنْ يَكُونَ النَّظَرُ بِغَيْرِ قَصْدِ لَذَّةٍ وَإِلَّا حَرُمَ النَّظَرُ لَهُمَا وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ سَتْرُ وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا وَهُوَ الَّذِي لِابْنِ مَرْزُوقٍ قَائِلًا إنَّهُ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَى الرَّجُلِ غَضُّ بَصَرِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ عِيَاضٍ وَفَصَلَ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْوَغْلِيسِيَّةِ بَيْنَ الْجَمِيلَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا وَغَيْرِهَا فَيُسْتَحَبُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ) أَيْ هَذَا عَوْرَتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ الشَّامِلَةِ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ وَالْمُشَارِ إلَيْهِ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَتْ الْحُرَّةُ الصَّلَاةَ لِكَشْفِ صَدْرِهَا) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ: وَظَهْرَ قَدَمٍ) أَيْ وَكَذَلِكَ سَاقٌ وَنَهْدٌ (قَوْلُهُ: مَا حَاذَاهُ مِنْ الظَّهْرِ) أَيْ وَهُوَ الْكَتِفَانِ وَمَا تَحْتَهُمَا مِمَّا كَانَ غَيْرَ مُحَاذٍ لِلْبَطْنِ فَتُعِيدُ لِكَشْفِ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ مِثْلِ الْأَطْرَافِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِوَقْتٍ) الْمُرَادُ بِهِ الِاصْفِرَارُ فِي الظُّهْرَيْنِ وَإِلَى الْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتُعِيدُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا) قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَعَادَتْ إلَخْ عَوْرَةُ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ حُكْمِهِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِكَشْفِ الْأَطْرَافِ أَنَّهَا عَوْرَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَيُعْلَمُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ أَنَّ غَيْرَ الصَّدْرِ وَالْأَطْرَافِ وَهُوَ الْبَطْنُ لِلرُّكْبَةِ وَمَا حَاذَى ذَلِكَ مِنْ ظَهْرِهَا تُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا لِكَوْنِهِ عَوْرَةً مُغَلَّظَةً (قَوْلُهُ: كَفَخِذِ الرَّجُلِ) أَيْ فَإِنَّهُ عَوْرَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا إعَادَةَ فِي كَشْفِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْحُرَّةِ أُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ فِي كَوْنِهَا تُعِيدُ لِكَشْفِ صَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ (قَوْلُهُ: كَكَشْفِ أَمَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَقَوْلُهُ فَخِذَا أَيْ أَوْ فَخِذَيْنِ (قَوْلُهُ: لِخِفَّةِ أَمْرِهِ) أَيْ لِخِفَّةِ ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ بِخِلَافِهِ مِنْ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ مِنْهَا أَغْلَظُ وَأَفْحَشُ (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ بِوَقْتٍ) أَيْ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا فَكُلُّ مَا أَعَادَ فِيهِ الرَّجُلُ أَبَدًا تُعِيدُ فِيهِ الْأَمَةُ كَذَلِكَ وَكُلُّ مَا أَعَادَ فِيهِ فِي الْوَقْتِ تُعِيدُ فِيهِ أَبَدًا وَمَا لَا يُعِيدُ فِيهِ تُعِيدُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِصِهْرٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مَحْرَمِيَّتُهُ بِنَسَبٍ كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ بِصِهْرٍ كَزَوْجِ أُمِّهَا أَوْ ابْنَتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ صَدْرٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرَى مِنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي مِنْ

(وَتَرَى) الْمَرْأَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (مِنْ) الرَّجُلِ (الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ) الرَّجُلُ (مِنْ مَحْرَمِهِ) الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ إلَّا أَنْ تَخْشَى لَذَّةً (وَ) تَرَى (مِنْ الْمَحْرَمِ) وَلَوْ كَافِرًا (كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ) مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ غَيْرُ أُمِّ وَلَدٍ (بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ) فِي الصَّلَاةِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّأْسِ فَمَطْلُوبٌ (وَنُدِبَ) لِغَيْرِ مُصَلٍّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (سَتْرُهَا) أَيْ الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ (بِخَلْوَةٍ) حَيَاءً مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَكُرِهَ كَشْفُهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ السَّوْأَتَانِ وَمَا قَارَبَهُمَا مِنْ كُلِّ شَخْصٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَحَارِمِهِ صَدْرَهَا إلَخْ وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ رُؤْيَةَ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَذَلِكَ فُسْحَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَعَلَى هَذَا فَيَرَى الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ أَمَةً أَكْثَرَ مِمَّا تَرَى مِنْهُ لِأَنَّهَا تَرَى مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَقَطْ وَهُوَ يَرَى مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِأَنَّ عَوْرَةَ الْأَمَةِ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَرَى مِنْ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ مِنْ مَحْرَمِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْأَطْرَافُ وَأَمَّا لَمْسُهَا ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ لَمْسُهَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ مِنْ الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَجُوزُ لَهَا وَضْعُ يَدِهَا فِي يَدِهِ وَلَا وَضْعُ يَدِهَا عَلَى وَجْهِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ وَضْعُ يَدِهِ فِي يَدِهَا وَلَا عَلَى وَجْهِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَحْرَمِ فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّظَرُ لِلْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ يَجُوزُ مُبَاشَرَةُ ذَلِكَ مِنْهَا بِغَيْرِ لَذَّةٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ مُقَيَّدٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ أَيْ إنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِأَنْ كَانَ مَعَ رَجُلٍ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ أُخِذَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ عَوْرَتَهُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ سَابِقًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ لَهُ لِاخْتِلَافِ مَوْضِعِهِمَا فَمَا سَبَقَ فِي الْعَوْرَةِ وَهَذَا فِي النَّظَرِ فَمَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ وَهِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ سَتْرُهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ النَّظَرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَطْلُبُ أَمَةٌ إلَخْ) لَمَّا قَدَّمَ تَحْدِيدَ عَوْرَةِ الْأَمَةِ الْوَاجِبِ سَتْرُهَا أَشَارَ لِحُكْمِ مَا عَدَاهَا (قَوْلُهُ: غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَيُنْدَبُ لَهَا تَغْطِيَةُ رَأْسِهَا فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِأُمِّ وَلَدٍ وَصَغِيرَةٍ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ فَمَا يَأْتِي مُخَصِّصٌ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ) أَيْ وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيُنْدَبُ كَشْفُهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا) أَيْ بَلْ يَجُوزُ لَهَا كُلٌّ مِنْ الْكَشْفِ وَالتَّغْطِيَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ وَنَصُّهُ وَلِلْأَمَةِ وَمَنْ لَمْ تَلِدْ مِنْ السَّرَارِي وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهَا الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ وَقِيلَ يُنْدَبُ لَهَا كَشْفُ رَأْسِهَا وَعَدَمُ تَغْطِيَتِهَا فِي الصَّلَاةِ كَخَارِجِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَاجِيٍّ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَلَّابِ فَقَالَ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ رَأْسَهَا فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى هَذَا فَتَغْطِيَتُهَا فِي الصَّلَاةِ إمَّا مَكْرُوهَةٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ يُنْدَبُ كَشْفُ رَأْسِهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَيُنْدَبُ تَغْطِيَتُهَا بِهَا لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ وَيَدُلُّ لِنَدْبِ الْكَشْفِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ مَا وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَضْرِبُ الْإِمَاءَ اللَّاتِي كُنَّ يَخْرُجْنَ إلَى السُّوقِ مُغَطَّيَاتِ الرُّءُوسِ وَيَقُولُ لَهُنَّ تَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ يَا لَكَاعُ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْفَسَادِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْإِمَاءِ فَبِاللُّبْسِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْحُرَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] . نَعَمْ حَيْثُ كَثُرَ الْفَسَادُ كَمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَا يَنْبَغِي الْكَشْفُ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بَلْ يَنْبَغِي سَتْرُهَا لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يُمَيِّزُهَا مِنْ الْحَرَائِرِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّأْسِ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ جَسَدِهَا فَإِنَّهَا تُطَالَبُ بِتَغْطِيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا نَدْبًا فَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ وَمَا عَدَاهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ الرَّأْسِ يُنْدَبُ لَهَا سَتْرُهُ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مُصَلٍّ) أَيْ وَأَمَّا الْمُصَلِّي فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ سَتْرَهَا فِي حَقِّهِ وَاجِبٌ صَلَّى فِي خَلْوَةٍ أَوْ جَلْوَةٍ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخَلْوَةٍ) مِنْ جُمْلَتِهَا مُصَاحَبَةُ غَيْرِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) أَيْ وَهُوَ الْأَلْيَتَانِ وَالْعَانَةُ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْفَخِذُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مَرْأَةٍ وَلَا الْبَطْنُ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ شَخْصٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَوْ حُرَّةً أَنْ يَكْشِفَ فِي الْخَلْوَةِ مَا عَدَا السَّوْأَتَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا مِنْ الْعَانَةِ وَالْأَلْيَةِ وَأَمَّا كَشْفُ السَّوْأَتَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا فِي الْخَلْوَةِ فَمَكْرُوهٌ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَعَلَيْهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ الَّتِي يُنْدَبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ فَقَطْ وَلَا مَا يَشْمَلُهَا وَيَشْمَلُ الْمُخَفَّفَةَ وَإِنَّمَا

(وَ) نُدِبَ (لِأُمِّ وَلَدٍ) فَقَطْ (وَ) لِحُرَّةٍ (صَغِيرَةٍ) تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ (سَتْرٌ) فِي الصَّلَاةِ (وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ) الْبَالِغَةِ وَكَذَا الصَّغِيرُ الْمَأْمُورُ بِهَا يُنْدَبُ لَهُ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ (وَأَعَادَتْ) الصَّغِيرَةُ فِي تَرْكِ الْقِنَاعِ (إنْ رَاهَقَتْ) بِوَقْتٍ قَالَهُ أَشْهَبُ (لِلِاصْفِرَارِ) فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا (كَكَبِيرَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ قَالَ كَأُمِّ وَلَدٍ بَلْ لَوْ قَالَ وَأَعَادَتَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ مِنْ أَنَّهَا تُعِيدُ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ (إنْ تَرَكَا) الْأَوْلَى إنْ تَرَكَتَا (الْقِنَاعَ) وَصَلَّتَا بَادِيَتَيْ الشَّعْرِ (كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ) لَابِسًا لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادُ بِهَا عَوْرَةٌ خَاصَّةٌ وَقِيلَ إنَّ الْعَوْرَةَ الَّتِي يُنْدَبُ سَتْرُهَا فِي الْخَلْوَةِ الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَهِيَ السَّوْأَتَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَالْأَمَةِ وَتَزِيدُ الْأَمَةُ الْأَلْيَتَانِ وَالْعَانَةُ وَتَزِيدُ الْحُرَّةُ عَلَى ذَلِكَ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ وَعَلَى هَذَا فَسَتْرُ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ فِي الْخَلْوَةِ مَنْدُوبٌ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ دُونَ الرَّجُلِ وَالْأَمَةِ وَشَارِحُنَا قَدْ لَفَّقَ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ كَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِأُمِّ وَلَدٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ (قَوْلُهُ: تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُرَاهِقَةٍ. (قَوْلُهُ: سَتْرٌ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ) أَيْ كَسَتْرِ رَأْسِهَا وَعُنُقِهَا وَصَدْرِهَا وَأَكْتَافِهَا وَظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا وَسَاقِهَا وَظُهُورِ قَدَمَيْهَا فَالْمُرَادُ السَّتْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ وَهُوَ سَتْرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَسَتْرُ عَوْرَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالصَّغِيرَةِ وَاجِبٌ وَالْوُجُوبُ فِي الصَّغِيرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّغِيرُ الْمَأْمُورُ بِهَا يُنْدَبُ لَهُ سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ) وَهُوَ سَتْرُ السَّوْأَتَيْنِ وَالْعَانَةِ وَالْأَلْيَتَيْنِ فَإِنْ صَلَّى الصَّغِيرُ الْمَأْمُورُ بِهَا كَاشِفًا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَعَادَ بِوَقْتٍ وَالْأَوْلَى إبْدَالُ قَوْلِهِ وَاجِبٌ بِمَطْلُوبٍ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا يُنْدَبُ لِلْكَبِيرِ كَسَتْرِ الْفَخِذِ لَا يُنْدَبُ لِلصَّغِيرِ وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ يُنْدَبُ لَهَا فِي الصَّلَاةِ السَّتْرُ الْوَاجِبُ لِلْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ زِيَادَةً عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ فِي الْوُجُوبِ فَإِنْ تَرَكْنَا ذَلِكَ وَصَلَّتَا بِغَيْرِ قِنَاعٍ مَثَلًا أَعَادَتْ أُمُّ الْوَلَدِ لِلِاصْفِرَارِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ إنْ رَاهَقَتْ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَكَبِيرَةٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأُمِّ وَلَدٍ وَقَوْلُهُ: إنْ تَرَكَتَا الْقِنَاعَ لَا مَفْهُومَ لِلْقِنَاعِ بَلْ الْمُرَادُ إنْ تَرَكَتَا سَتْرَ كُلِّ مَا سَتْرُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ مِمَّا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَدْخُلُ كَشْفُ الصَّدْرِ وَالْأَطْرَافِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالسَّاقِ وَتَرْكِ الْقِنَاعِ السَّاتِرِ لِلرَّأْسِ وَالْعُنُقِ. وَاعْتَرَضَ عج عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ كَلَامَهُ خِلَافُ النَّقْلِ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِنَدْبِ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا وَالْإِعَادَةِ لِخُصُوصِ الْمُرَاهِقَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ نَدْبُ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّهُ سَكَتَ فِيهَا عَنْ الْإِعَادَةِ لِتَرْكِ ذَلِكَ فَظَاهِرُهَا عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَأَشْهَبُ وَإِنْ قَالَ بِنَدْبِ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّهُ زَادَ الْإِعَادَةَ لِتَرْكِهِ فِي الْوَقْتِ وَأَطْلَقَ فِي الْإِعَادَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْمُرَاهِقَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ الْإِعَادَةَ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَتَقْيِيدُهَا بِالْمُرَاهَقَةِ مُخَالِفٌ لِأَشْهَبَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَوَّلَ فِي نَدْبِ عُمُومِ السَّتْرِ لِلْمُرَاهِقَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَوَّلَ فِي الْإِعَارَةِ عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْمُدَوِّنَةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ أَشْهَبَ أَطْلَقَ فِي الْإِعَادَةِ بَلْ قَيَّدَهَا بِالْمُرَاهَقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ فِي مَنَاهِجِ التَّحْصِيلِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ وَنَصَّ الرَّجْرَاجِيُّ كَمَا فِي بْن وَأَمَّا الْحَرَائِرُ غَيْرُ الْبَوَالِغِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مُرَاهِقَةً أَوْ غَيْرَ مُرَاهِقَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَصَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَهَلْ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقَةِ كَبِنْتِ ثَمَانِ سِنِينَ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِأَنْ تَسْتُرَ مِنْ نَفْسِهَا مَا تَسْتُرُ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا إنْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَوْ بَادِيَةَ الصَّدْرِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِلِاصْفِرَارِ) إنَّمَا لَمْ تَكُنْ لِلْغُرُوبِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فَهِيَ كَالنَّافِلَةِ وَلَا تُصَلِّي نَافِلَةً عِنْدَ الِاصْفِرَارِ (قَوْلُهُ: وَلِلطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ فَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَذَكَرَهَا هَا هُنَا بِقَوْلِهِ كَكَبِيرَةٍ حُرَّةٍ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى إنْ تَرَكَتَا) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ الصَّوَابُ تَرَكَتَا مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُسْنِدَ إلَى ضَمِيرٍ مَجَازِيِّ التَّأْنِيثِ أَوْ حَقِيقَتِهِ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَبَ تَأْنِيثُهُ لِإِمْكَانِ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ ذُكِرَ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمَرْأَتَيْنِ بِمَعْنَى الشَّخْصَيْنِ وَالشَّخْصُ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَمِثْلُ الْحَرِيرِ الذَّهَبُ وَلَوْ خَاتَمًا كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: لَابِسًا لَهُ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى بِهِ حَامِلًا لَهُ فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ فَلَا إعَادَةَ

عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا مُخْتَارًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (وَإِنْ انْفَرَدَ) بِلُبْسِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا حِينَئِذٍ وَيَحْتَمِلُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْوُجُودِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ (أَوْ) مُصَلٍّ (بِنَجِسٍ) عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (بِغَيْرِ) أَيْ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَنَجِسٍ (أَوْ) يُعِيدُ فِيهِ (بِوُجُودِ) مَاءٍ (مُطَهِّرٍ) لِلثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّطْهِيرِ وَالْبَاءُ فِي بِوُجُودِ سَبَبِيَّةٌ وَفِيمَا قَبْلَهُ ظَرْفِيَّةٌ وَيُعِيدُ إذَا لَمْ يَظُنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ أَوَّلًا بَلْ (وَإِنْ) (ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ) الَّتِي صَلَّاهَا أَوَّلًا بِالْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ بِأَنْ نَسِيَهَا (وَصَلَّى) ثَانِيًا (بِطَاهِرٍ) غَيْرِ حَرِيرٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فَيُعِيدُ ثَالِثَةً لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَقَعْ جَابِرَةً لِلْأُولَى (لَا) يُعِيدُ بِوَقْتٍ (عَاجِزٌ) عَنْ السَّتْرِ بِطَاهِرٍ أَوْ حَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ. (صَلَّى عُرْيَانًا) ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ بِالْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ عَاجِزًا إذَا كَانَ يُطْلَبُ بِالْإِعَادَةِ مَعَ تَقْدِيمِهِمَا وُجُوبًا عَلَى الْعُرْيِ فَتُطْلَبُ مِنْ الْمُصَلِّي عُرْيَانًا عَاجِزًا بِالْأَوْلَى (كَفَائِتَةٍ) صَلَّاهَا بِنَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ ثُمَّ وَجَدَ ثَوْبًا طَاهِرًا غَيْرَ حَرِيرٍ فَلَا يُعِيدُهَا لِانْقِضَاءِ وَقْتِهَا بِفَرَاغِهَا (وَكُرِهَ) لِبَاسٌ (مُحَدِّدٌ) لِلْعَوْرَةِ بِذَاتِهِ لِرِقَّتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَحِزَامٍ بِالزَّايِ أَوْ لِضِيقِهِ وَإِحَاطَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا إثْمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَجْزًا) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِلُبْسِهِ) أَيْ هَذَا إذَا لَبِسَهُ مَعَ غَيْرِهِ بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ بِلُبْسِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا إذَا لَبِسَ الْحَرِيرَ وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَصَلَّى بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْوُجُودِ) أَيْ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ هَذَا إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ بِالْوُجُودِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ) أَيْ وَهُوَ أَصْبَغُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُصَلٍّ بِنَجِسٍ عَجْزًا أَوْ نِسْيَانًا) أَيْ وَأَمَّا عَمْدًا فَيُعِيدُ أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَخْذِهَا مِمَّا سَبَقَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ حَيْثُ طُلِبَ بِالسَّتْرِ بِالنَّجِسِ لِعَجْزِهِ عَنْ الطَّاهِرِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِ (يُعِيدُ) الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالتَّشْبِيهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَمَا يُعِيدُ مُصَلٍّ فِي حَرِيرٍ أَوْ فِي نَجِسٍ لِلِاصْفِرَارِ فِي غَيْرِهِمَا أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ فَالْمُصَلِّي بِالْحَرِيرِ لَا يُعِيدُ فِي حَرِيرٍ وَلَا فِي نَجِسٍ وَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي فِي نَجِسٍ لَا يُعِيدُ فِي نَجِسٍ وَلَا فِي حَرِيرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ لِعَدَمِ غَيْرِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً مُطَهِّرًا لَهُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلتَّطْهِيرِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِإِعَادَةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَوْلُهُ: أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ عَطْفٌ عَلَى غَيْرٍ وَالْمَعْنَى كَمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُصَلٍّ فِي حَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ بِسَبَبِ وُجُودِ إلَخْ أَيْ أَوْ مُصَلٍّ فِي نَجِسٍ بِمَعْنَى مُتَنَجِّسٍ بِسَبَبِ وُجُودِ مُطَهِّرٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ رَاجِعٌ لِلْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلنَّجِسِ بِمَعْنَى الْمُتَنَجِّسِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ يُعِيدُ فِيهِ أَيْ فِي الْوَقْتِ أَيْ مَنْ كَانَ صَلَّى أَوَّلًا بِنَجِسٍ بِمَعْنَى مُتَنَجِّسٍ بِسَبَبِ وُجُودِ إلَخْ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ عَطْفٌ عَلَى بِغَيْرِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ إذَا لَمْ يَظُنَّ إلَخْ) أَيْ وَيُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فِي الْوَقْتِ إذَا لَمْ يَظُنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ أَوَّلًا بِهِمَا بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ صَلَاتَهُ أَوَّلًا بِهِمَا بَلْ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ إلَخْ فَإِذَا صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ ثُمَّ ذَهِلَ عَنْ كَوْنِهِ صَلَّى بِهِمَا وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَصَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ غَيْرِ حَرِيرٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ قَبْلَ صَلَاتِهِ بِالثَّوْبِ الطَّاهِرِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ ثَالِثَ مَرَّةٍ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ لَمْ تَقَعْ جَابِرَةً لِلْأُولَى فَيَأْتِي بِثَالِثَةٍ لِلْجَبْرِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ جَابِرَةٍ لِأَنَّهُ نَوَى بِهَا الْفَرِيضَةَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ صَلَاتُهَا بِنِيَّةِ النَّدْبِ وَالْوَاجِبُ لَا يُسْقِطُ طَلَبَ الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ إلَخْ) إنْ قُلْت ظَنَّ يَتَعَدَّى لِمَفْعُولَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ عَدَّاهَا لِوَاحِدٍ قُلْت الْأَصْلُ وَإِنْ ظَنَّ صَلَاتَهُ مَعْدُومَةً إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَصْدَرِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي مُضَافًا لِلْأَوَّلِ تَقُولُ فِي ظَنَنْت زَيْدًا قَائِمًا ظَنَنْت قِيَامَ زَيْدٍ (قَوْلُهُ: لَا يُعِيدُ بِوَقْتٍ عَاجِزٌ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّعَرِّي يُقَدَّمُ عَلَى السَّتْرِ بِالْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: عَاجِزًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْ طَاهِرٍ يَسْتَتِرُ بِهِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ. (قَوْلُهُ: صَلَّاهَا بِنَجِسٍ) أَيْ عَاجِزًا أَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِبَاسٌ مُحَدِّدٌ) أَيْ كُرِهَ لُبْسُ لِبَاسٍ مُحَدِّدٍ لِلْعَوْرَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا اللُّبْسَ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ: لِرِقَّتِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا حَدَّدَهَا بِذَاتِهِ لِأَجْلِ رِقَّتِهِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا تَبْدُو مِنْهُ الْعَوْرَةُ أَصْلًا أَوْ تَبْدُو مِنْهُ مَعَ التَّأَمُّلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ كَرَاهَةَ لُبْسِهِ لِلتَّنْزِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: كَحِزَامٍ) أَيْ عَلَى ثَوْبٍ غَيْرِ رَقِيقٍ فَالثَّوْبُ الْمَذْكُورُ مُحَدِّدٌ لِلْعَوْرَةِ بِسَبَبِ الْحِزَامِ وَأَمَّا الْحِزَامُ عَلَى الْقُفْطَانِ فَلَا تَحْدِيدَ فِيهِ لِلْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا كَرَاهَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَوْرَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُغَلَّظَةَ وَالْمُخَفَّفَةَ كَالْأَلْيَتَيْنِ فَيَكُونُ الْحِزَامُ عَلَى الْقُفْطَانِ مَكْرُوهًا وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ الِاحْتِزَامِ عَلَى الثَّوْبِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَةَ قَوْمٍ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِشُغْلٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ كَانَ مُحْتَزِمًا فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاتِهِ مُحْتَزِمًا وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ لُبْسِ الْمُحَدِّدِ لِلْعَوْرَةِ مَا لَمْ يَلْبَسُ فَوْقَ ذَلِكَ الْمُحَدِّدِ شَيْئًا كَقَبَاءٍ

كَسَرَاوِيلَ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ (لَا) إنْ كَانَ التَّحْدِيدُ (بِرِيحٍ) أَوْ بَلَلٍ فَلَا يُكْرَهُ وَكُرِهَ صَلَاةٌ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَ) كُرِهَ (انْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا بِالنِّقَابِ وَهُوَ مَا يَصِلُ لِلْعُيُونِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ وَالرَّجُلُ أَوْلَى مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ (كَكَفِّ) أَيْ ضَمٍّ وَتَشْمِيرٍ (كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ (وَ) كُرِهَ (تَلَثُّمٌ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَاللِّثَامُ مَا يَصِلُ لِآخِرِ الشَّفَةِ السُّفْلَى (كَ) كَرَاهَةِ (كَشْفِ) رَجُلٍ (مُشْتَرٍ) لِأَمَةٍ (صَدْرًا أَوْ سَاقًا) أَوْ مِعْصَمًا خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَحُرِّمَ الْجَسُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: كَسَرَاوِيلَ) هَذَا هُوَ الْمَسْمُوعُ لُغَةً دُونَ سِرْوَالٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَرَاهَةَ لُبْسِهِ إذَا لَمْ يَلْبَسْ فَوْقَهُ ثَوْبًا وَلَوْ تَرَدَّى عَلَى ذَلِكَ بِرِدَاءٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ وَهَلْ لَبِسَهُ نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ وَصَحَّ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا كَمَا فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ لَا لِكَرَاهَةِ الْمُحَدِّدِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَتِهِ التَّحْدِيدُ لِلْعَوْرَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ أَمْرَانِ التَّحْدِيدُ وَكَوْنُهُ لَيْسَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّهُ إلَخْ بِالْوَاوِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ الْمُحَدِّدِ غَيْرَهُ فَلِلتَّحْدِيدِ نَفْسِهِ وَلِذَا قِيلَ بِكَرَاهَةِ لُبْسِ الْمِئْزَرِ وَإِنْ كَانَ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ وَالْمُرَادُ بِالْمِئْزَرِ عَلَى هَذَا الْمِلْحَفَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْوَسَطِ كَفُوطَةِ الْحَمَّامِ أَمَّا إنْ أُرِيدَ بِالْمِئْزَرِ الْمِلْحَفَةُ الَّتِي يَلْتَحِفُ جَمِيعُهُ بِهَا كَبُرْدَةٍ أَوْ حِرَامٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لِانْتِفَاءِ التَّحْدِيدِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ زِيِّ السَّلَفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَسَّرَ الْمِئْزَرَ بِالْمِلْحَفَةِ الَّتِي يَلْتَحِفُ جَمِيعُهُ بِهَا كَابْنِ الْعَرَبِيِّ فَحَكَمَ بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا يُشَدُّ فِي الْوَسَطِ كَفُوطَةِ الْحَمَّامِ فَحَكَمَ بِكَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ التَّحْدِيدُ بِرِيحٍ) أَيْ بِسَبَبِ ضَرْبِ رِيحٍ أَوْ بِسَبَبِ بَلَلٍ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثِّيَابِ الَّتِي يَسْتُرُ أَكْتَافَهُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَانْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِهَا كَانَ الِانْتِقَابُ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ) أَيْ الزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ إذْ لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ السَّمْحَةُ (قَوْلُهُ: وَالرَّجُلُ أَوْلَى) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ الِانْتِقَابُ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ كَأَهْلِ نَفُوسَةَ بِالْمَغْرِبِ فَإِنَّ النِّقَابَ مِنْ دَأْبِهِمْ وَمِنْ عَادَتِهِمْ لَا يَتْرُكُونَهُ أَصْلًا فَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ الِانْتِقَابُ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَأَمَّا فِيهَا فَيُكْرَهُ وَإِنْ اُعْتِيدَ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لِعَادَةٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ خَارِجَهَا بِخِلَافِ تَشْمِيرِ الْكُمِّ وَضَمِّ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ فِيهَا إذَا كَانَ فِعْلُهُ لِأَجْلِهَا وَأَمَّا فِعْلُهُ خَارِجَهَا أَوْ فِيهَا لَا لِأَجْلِهَا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَشْمِيرُ الذَّيْلِ عَنْ السَّاقِ فَإِنْ فَعَلَهُ لِأَجْلِ شُغْلٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الصَّلَاةَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَادَ لِشُغْلِهِ أَمْ لَا وَحَمَلَهَا الشَّبِيبِيُّ عَلَى مَا إذَا عَادَ لِشُغْلِهِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ لِصَلَاةٍ عَنْ قَوْلِهِ وَتَلَثُّمٌ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللِّثَامَ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا فُعِلَ فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِهَا لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَالْحَقُّ كَمَا فِي بْن أَنَّ اللِّثَامَ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا سَوَاءً فُعِلَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ مِنْ النِّقَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: كَكَشْفِ رِجْلِ مُشْتَرٍ) أَيْ مَرِيدِ الشِّرَاءِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهَا فِي الْكَشْفِ الْمَذْكُورِ إذَا أَرَادَتْ شِرَاءَ أَمَةٍ وَأَمَّا إذَا أَرَادَتْ شِرَاءَ عَبْدٍ فَلَا تَنْظُرُ مِنْهُ إلَّا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَدْرًا أَوْ سَاقًا) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَلِكَ كَشْفُ مِعْصَمِهَا وَأَكْتَافِهَا ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَرَاهَةِ كَشْفِ الرِّجْلِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمَةِ الَّتِي أَرَادَ شِرَاءَهَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَفِي بْن لَمْ يَعْرِفْ الْمَوَّاقُ وَلَا غَيْرُهُ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ إلَّا اللَّخْمِيُّ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ وَجَوَازُ نَظَرِ الرَّجُلِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْأَمَةِ بِلَا شَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ) يُقَالُ عَلَيْهِ الْغَالِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِالْكَشْفِ التَّقْلِيبَ لَا اللَّذَّةَ فَهُوَ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ

(وَ) كُرِهَ (صَمَّاءُ) أَيْ اشْتِمَالُهَا وَهِيَ كَمَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ أَنْ يَرِدَ الْكِسَاءَ مِنْ قِبَلِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَرِدُهُ ثَانِيًا مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ يُلْقِيهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مُخْرِجًا يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ جَنْبُهُ بِنَاءً عَلَى مَا لِلْفُقَهَاءِ فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْجَنْبُ كَكَشْفِ الْكُلِّ وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَتْ (بِسِتْرٍ) أَيْ مَعَهَا سِتْرٌ كَإِزَارٍ تَحْتَهَا وَ (إلَّا) تَكُنْ بِسَاتِرٍ تَحْتَهَا (مُنِعَتْ) لِحُصُولِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالصَّمَّاءِ مَا يَشْمَلُ الِاضْطِجَاعَ قَالَ الْإِمَامُ هُوَ أَنْ يَرْتَدِيَ وَيُخْرِجَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ الْيُمْنَى أَيْ يُبْدِي كَتِفَهُ الْأَيْمَنَ بِأَنْ يَجْعَلَ حَاشِيَةَ الرِّدَاءِ تَحْتَ إبْطِهِ ثُمَّ يُلْقِي طَرَفَهُ عَلَى الْكَتِفِ الْأَيْسَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ (كَاحْتِبَاءٍ لَا سِتْرَ مَعَهُ) فَيُمْنَعُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَكَذَا فِيهَا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا كَحَالَةِ التَّشَهُّدِ أَوْ فِي النَّفْلِ إذَا صَلَّى مِنْ جُلُوسٍ أَوْ الْفَرْضُ كَذَلِكَ وَهُوَ إدَارَةُ الْجَالِسِ بِظَهْرِهِ وَرُكْبَتَاهُ إلَى صَدْرِهِ ثَوْبَهُ مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِسِتْرٍ أَجَازَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ. (وَعَصَى) الرَّجُلُ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ (إنْ) (لَبِسَ حَرِيرًا) خَالِصًا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكُرِهَ صَمَّاءُ) أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ اشْتِمَالُهَا) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ الِاشْتِمَالُ بِالثَّوْبِ الَّذِي هُوَ الصَّمَّاءُ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرِدَ الْكِسَاءَ إلَخْ) مُحَصَّلُهُ أَنْ يَلْتَفَّ بِثَوْبٍ كَحِرَامٍ مَثَلًا وَيَسْتُرَ بِهِ جَمِيعَ بَدَنِهِ بِأَنْ يَضَعَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ وَفَوْقَ يَدَيْهِ وَلَا يُخْرِجُ مِنْ تَحْتِهِ شَيْئًا مِنْ يَدَيْهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَرْبُوطِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ كَمَالِ الْأَرْكَانِ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ صَمَّاءَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. (قَوْلُهُ: وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ) هُوَ مَنْكِبُهُ وَكَتِفُهُ (قَوْلُهُ: فَيُغَطِّيهِمَا) أَيْ الْعَاتِقَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِحْدَى يَدَيْهِ) أَيْ أَوْ مُخْرِجًا إحْدَى يَدَيْهِ أَيْ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِهِ وَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يُعَيِّنُ كَوْنَ الْيَدِ الْمُخْرَجَةِ مِنْ تَحْتِهِ الْيُسْرَى وَالثَّانِي لَا يُعَيِّنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَأْتِي عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ الْفُقَهَاءِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْهُ جَنْبُهُ) أَيْ جِهَةَ الْيَدِ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ الْمُشْتَمِلِ بِهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ لَيْسَ لَابِسًا لِقَمِيصٍ تَحْتَ الثَّوْبِ الْمُشْتَمِلِ بِهَا بَلْ لَابِسًا لِإِزَارٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَابِسًا لِقَمِيصٍ فَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ كَوْنُهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَشْفَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْجَنْبُ كَكَشْفِ الْكُلِّ) فِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْبَعْضِيَّةِ هُنَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْكَتِفَيْنِ مَسْتُورَانِ وَاَلَّذِي يَبْدُو مِنْهُ إنَّمَا هُوَ جَنْبُهُ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَالتَّعْلِيلُ بِحُصُولِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّعْلِيلُ وَهُوَ حُصُولُ الْكَشْفِ بِالْفِعْلِ نَعَمْ يُخَافُ حُصُولُهُ وَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ السَّاتِرِ لَهَا وَأَرَادَ إظْهَارَهَا لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالصَّمَّاءِ مَا يَشْمَلُ الِاضْطِبَاعَ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ مَعَهُ سَاتِرٌ وَإِلَّا مُنِعَ فَلَا وَجْهَ لِلنَّصِّ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَنْ يَرْتَدِيَ) أَيْ يَجْعَلَ الرِّدَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ ثَوْبَهُ) أَيْ وَهُوَ الرِّدَاءُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّمَّاءِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا يَمْنَعُ إتْمَامَ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْبُوطِ وَلِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ الْمَسْتُورَةَ بِالرِّدَاءِ انْكَشَفَتْ جَنْبُهُ إنْ كَانَ لَابِسًا لِإِزَارٍ تَحْتَ الرِّدَاءِ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرَ تَحْتِهِ (قَوْلُهُ: كَاحْتِبَاءٍ لَا سَتْرَ مَعَهُ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي احْتَبَى بِهِ غَيْرُ سَاتِرٍ لِعَوْرَتِهِ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِاحْتِمَالِ انْحِلَالِ حَبْوَتِهِ فَتَبْدُو عَوْرَتُهُ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) أَيْ إذَا كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا فِيهَا أَيْ سَوَاءً كَانَ يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَوْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاحْتِبَاءَ الَّذِي لَا سَتْرَ مَعَهُ يُمْنَعُ إذَا كَانَ فِي صَلَاةٍ كَأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ أَوْ لَا وَتَبْطُلُ بِهِ لِظُهُورِ عَوْرَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَيُمْنَعُ إذَا كَانَ يَرَاهُ النَّاسُ وَإِلَّا كُرِهَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِظَهْرِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى وَقَوْلُهُ: إلَى صَدْرِهِ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا مَضْمُومَيْنِ لِصَدْرِهِ وَقَوْلُهُ: ثَوْبُهُ أَيْ ثَوْبًا صَغِيرَةً غَيْرَ لَابِسٍ لَهَا كَفُوطَةِ حَمَّامٍ أَوْ حَبْلٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِسَتْرٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الِاحْتِبَاءُ مَعَهُ سَاتِرًا لِعَوْرَتِهِ كَسِرْوَالٍ أَوْ ثَوْبٍ لَابِسٍ لَهُ جَازَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيْ الْجَوَازُ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْ إذَا كَانَ الِاحْتِبَاءُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا فَلَا يَظْهَرُ الْجَوَازُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِجَوَازِ الِاحْتِبَاءِ فِي النَّوَافِلِ مَعَ السَّاتِرِ فَقَالَ وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِبَاءِ فِي النَّوَافِلِ لِلْجَالِسِ. (قَوْلُهُ: وَعَصَى الرَّجُلُ) أَيْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَالْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ فِي حَقِّهِ مَكْرُوهَانِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَفِي الْمَدْخَلِ الْمَنْعُ أَوْلَى وَأَمَّا إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ فَجَائِزٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَبِسَ حَرِيرًا) أَيْ وَأَمَّا حَمْلُ الْحَرِيرِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ فَالصَّلَاةُ فِيهِ مُتَعَيِّنَةٌ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُعِيدُ أَيْضًا بِوَقْتٍ كَمَا مَرَّ

كَمَا مَرَّ كَحُرْمَةِ لُبْسِهِ بِغَيْرِهَا عَلَى رَجُلٍ أَوْ الْتِحَافٍ بِهِ أَوْ رُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَائِلٍ أَوْ تَبَعًا لِزَوْجَتِهِ أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلدَّوَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَتَعْلِيقِهِ سُتُورًا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ وَكَذَا الْبَشْخَانَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِلَا مَسٍّ وَخَطُّ الْعَلَمِ وَالْخِيَاطَةِ بِهِ وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ قِيطَانُ الْجُوخِ وَالسَّبْحَةُ وَتَجُوزُ الرَّايَةُ فِي الْحَرْبِ وَفِي السِّجَافِ إذَا عَظُمَ نَظَرٌ لَا إنْ كَانَ كَأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ وَالْوَرَعُ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّك لِلْمُتَّقِينَ (أَوْ) لَبِسَ (ذَهَبًا) خَاتَمًا أَوْ غَيْرَهُ لَا إنْ حَمَلَ ذَلِكَ بِكُمٍّ أَوْ جَيْبٍ (أَوْ سَرَقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا) أَيَّ مُحَرَّمٍ كَانَ وَقَوْلُهُ: (فِيهَا) تُنَازِعُهُ الْأَفْعَالُ الثَّلَاثَةُ إلَّا تَعَمُّدَ نَظَرٍ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ فَيُبْطِلُهَا وَإِنْ ذَهِلَ عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ كَعَوْرَتِهِ هُوَ إلَّا أَنْ يَذْهَلَ عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِتْرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ وَإِنْ انْفَرَدَ فَالْمُصَنِّفُ بَيَّنَ هُنَا الْعِصْيَانَ مَعَ الصِّحَّةِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا مُخَالِفٌ لِلْغَرَضِ مِنْ ذِكْرِهَا سَابِقًا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ تَسْتَلْزِمُ الْعِصْيَانَ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ قَدْ تَكُونُ لِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ نَعَمْ تَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ رُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ ارْتِفَاقٍ بِهِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْجُلُوسِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهِ وَالِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ امْتِهَانِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحَائِلٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَ الرُّكُوبَ وَالْجُلُوسَ عَلَيْهِ وَالِارْتِفَاقَ بِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَائِلٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَنَفِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَبًا لِزَوْجَتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِ افْتِرَاشِهِ وَالْغِطَاءِ بِهِ تَبَعًا لِزَوْجَتِهِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا قَامَتْ مِنْ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْشِ لِضَرُورَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ مِنْ عَلَيْهِ لِمَوْضِعٍ يُبَاحُ لَهُ حَتَّى تَرْجِعَ لِفِرَاشِهَا وَإِنْ كَانَ نَائِمًا أَيْقَظَتْهُ أَوْ أَزَالَتْ اللِّحَافَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ) أَيْ لِأَنَّ زَوَالَ الْحَكَّةِ بِهِ وَإِرْهَابُ الْعَدُوِّ بِهِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حُرْمَةِ لُبْسِهِ لَهُمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْحَكَّةِ فَقَدْ أَجَازَ لُبْسَهُ لَهَا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِلدَّوَاءِ وَإِلَّا جَازَ لُبْسُهُ لَهَا اتِّفَاقًا وَخِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْجِهَادِ فَقَدْ أَجَازَ لُبْسَهُ لَهُ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهِ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: كَتَعْلِيقِهِ سُتُورًا إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحَرِيرِ سُتُورًا لِلْحِيطَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ عَلَيْهِ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَشْخَانَةُ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْبَشْخَانَةِ وَهِيَ النَّامُوسِيَّةُ مِنْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَخَطُّ الْعَلَمِ) أَيْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ عَظُمَ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إذَا كَانَ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ أَمَّا الْخَطُّ الرَّقِيقُ دُونَ الْإِصْبَعِ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَلَمِ الْمُتَّصِلِ بِالثَّوْبِ عَلَى وَجْهِ النَّسْجِ كَالطِّرَازِ الَّذِي يَكُونُ بِالثَّوْبِ وَأَمَّا الْمُتَّصِلُ بِهِ لَا عَلَى وَجْهِ النَّسْجِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَفِي السِّجَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قِيطَانُ الْجُوخِ وَالسَّبْحَةُ) أَيْ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ فِيهَا مِنْ التَّسَابِيحِ فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ. (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الرَّايَةُ فِي الْحَرْبِ) أَيْ يَجُوزُ اتِّخَاذُ رَايَةِ الْحَرْبِ مِنْ الْحَرِيرِ وَأَمَّا رَايَاتُ الْفُقَرَاءِ مِنْ الْحَرِيرِ فَمَمْنُوعَةٌ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَوَازِ الطَّوْقُ وَاللَّبِنَةُ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمَازِرِيِّ وَالْمُرَادُ بِالطَّوْقِ الْقُبَّةُ وَالْمُرَادُ بِاللَّبِنَةِ الْبَنِيقَةُ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْإِبْطِ كَالرُّقْعَةِ فَيَجُوزُ جَعْلُهَا مِنْ الْحَرِيرِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَيْبَ وَهُوَ الطَّوْقُ وَالزِّرُّ أَيْ زِرُّ الْجُوخَةِ وَالْقُفْطَانِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْقِيطَانِ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُهُمَا مِنْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَفِي السِّجَافِ) أَيْ وَفِي جَوَازِ السِّجَافِ مِنْ الْحَرِيرِ إذَا عَظُمَ بِأَنْ كَانَ قَدْرَ رُبُعِ الْجُوخَةِ كَمَا نَقَلَهُ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ كَأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ) أَيْ كَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ كَمَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَكِيسِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْحَرِيرِ قِيَاسًا عَلَى النَّامُوسِيَّةِ وَلَا يُعَدُّ هَذَا اسْتِعْمَالًا لِلْحَرِيرِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ) أَيْ وَهُوَ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ مِنْ الْوَبَرِ وَمِثْلُ الْخَزِّ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهِيَ الثِّيَابُ الَّتِي سُدَاهَا حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهَا قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ كَمَا فِي خش تَبَعًا لِشُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهَا وَحُرْمَةِ الْخَزِّ وَهُوَ مُقَابِلُ الرَّاجِحِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقِيلَ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَحُرْمَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ أَرْجَحُهَا الْكَرَاهَةُ فِي الْخَزِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَيَّ مُحَرَّمٍ كَانَ) أَيْ كَمَا لَوْ نَظَرَ لِعَوْرَةِ شَخْصٍ غَيْرِهِ وَغَيْرِ إمَامِهِ وَلَوْ عَمْدًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَذْهَلَ عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا) أَيْ فَإِنْ ذَهِلَ فَلَا بُطْلَانَ هَذَا كُلُّهُ تَبَعًا لعج وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ النُّصُوصَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي مُجَرَّدِ الْعَمْدِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ يَنْسَى أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَوْرَةِ الْإِمَامِ وَعَوْرَةِ نَفْسِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ الرُّؤْيَةَ بَطَلَتْ فِيهِمَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَلَا بُطْلَانَ

فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالُ (يُخَيَّرُ) فِي سِتْرِ أَيِّهِمَا وَثَانِيهَا الْقُبُلُ وَأَوَّلُهَا الدُّبُرُ. (وَمَنْ عَجَزَ) (صَلَّى عُرْيَانًا) وُجُوبًا وَأَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَدْ مَرَّ (فَإِنْ) (اجْتَمَعُوا) أَيْ الْعُرَاةُ (بِظَلَامٍ) (فَكَالْمَسْتُورِينَ) وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَحْصِيلُهُ بِطَفْءِ السِّرَاجِ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَإِلَّا) يَكُونُوا بِظَلَامٍ (تَفَرَّقُوا) وُجُوبًا إنْ أَمْكَنَ وَصَلَّوْا أَفْذَاذًا فَإِنْ تَرَكُوهُ أَعَادُوا أَبَدًا فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) تَفَرُّقُهُمْ (صَلَّوْا) جَمَاعَةً (قِيَامًا) أَيْ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ صَفًّا وَاحِدًا (غَاضِّينَ) أَبْصَارَهُمْ وُجُوبًا (إمَامُهُمْ وَسْطُهُمْ) بِسُكُونِ السِّينِ فَإِنْ لَمْ يَغُضُّوا لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِمَا كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُلْتَذَّ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِأَنَّ اللَّذَّةَ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ هَذَا هُوَ الْفِقْهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعج مِنْ التَّفْرِقَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَظَرَ فِي الصَّلَاةِ لِعَوْرَةِ نَفْسِهِ أَوْ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ ذَاهِلًا عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ نَظَرَ لِعَوْرَةِ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ نَفْسِهِ وَغَيْرِ إمَامِهِ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ لَهَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَا عُلْقَةَ لِلْمَنْظُورِ لَهُ بِالصَّلَاةِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ طَرِيقَةٌ لِسَحْنُونٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ التُّونُسِيُّ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا نَظَرَ لِعَوْرَةِ نَفْسِهِ أَوْ إمَامِهِ، أَوْ لِعَوْرَةِ غَيْرِهِمَا سَوَاءً تَعَمَّدَ النَّظَرَ أَوْ لَا، كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ لَا، وَحِينَئِذٍ فَيَبْقَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا عَلَى إطْلَاقِهِ. (قَوْلُهُ: فَثَالِثُهَا يُخَيَّرُ) لِتُسَاوِيهِمَا فِي الْفُحْشِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْأَقْوَالِ قَوْلٌ مَشْهُورٌ وَلَا مُرَجِّحٌ عِنْدَهُ أَطْلَقَ تِلْكَ الْأَقْوَالَ وَالظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّهُ يَسْتُرُ الْقُبُلَ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ دَائِمًا بِخِلَافِ الدُّبُرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ حَائِطٌ وَإِلَّا سَتَرَ بِهَا الدُّبُرَ وَسَتَرَ الْقُبُلَ بِالثَّوْبِ اتِّفَاقًا أَوْ يَكُنْ أَمَامَهُ شَجَرَةٌ وَإِلَّا سَتَرَ بِهَا الْقُبُلَ وَسَتَرَ بِهَا الدُّبُرَ بِالثَّوْبِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَتَعَقَّبَهُ تت بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ إطْلَاقُهُمْ مِنْ جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ وَلَوْ كَانَ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ أَوْ فِي مَحَلٍّ مُنْفَرِدٍ أَوْ صَلَّى خَلْفَ حَائِطٍ أَوْ لِشَجَرَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ كُلِّ مَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ بِهِ (قَوْلُهُ: صَلَّى عُرْيَانًا) أَيْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. فَإِنْ قِيلَ كُلٌّ مِنْ الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَسْقُطُ عِنْدَ فَقْدِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَلَمْ يَقُولُوا بِسُقُوطِ الصَّلَاةِ عِنْدَ فَقْدِ السَّاتِرِ بَلْ قَالُوا يُطَالَبُ بِالصَّلَاةِ عُرْيَانًا فَمَا الْفَرْقُ. قُلْت إنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا فَإِذَا عَدِمَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْوُجُوبُ وَأَمَّا سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعُوا بِظَلَامٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ ظَلَامَ لَيْلٍ أَوْ ظُلْمَةَ مَكَان (قَوْلُهُ: فَكَالْمَسْتُورِينَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُصَلُّونَ الصَّلَاةَ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَيَتَقَدَّمُهُمْ إمَامُهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَحْصِيلُهُ) أَيْ فَإِنْ تَرَكُوا تَحْصِيلَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَرْكِ السَّتْرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ وَالْحَقُّ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا وَاجِبًا غَيْرَ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُونُوا بِظَلَامٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي ضَوْءٍ كَنَهَارٍ أَوْ لَيْلٍ مُقْمِرٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكُوهُ) أَيْ التَّفَرُّقَ مَعَ إمْكَانِهِ وَقَوْلُهُ: أَعَادُوا أَبَدًا أَيْ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا نَظَرٌ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُمْ تَرَكُوا أَمْرًا وَاجِبًا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ وُجُوبَ التَّفَرُّقِ إنَّمَا هُوَ لِحُرْمَةِ الرُّؤْيَةِ وَالنَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ لَا لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ السَّتْرِ فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَرَكُوا التَّفَرُّقَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ لِتَرْكِهِمْ الْأَمْرَ الْوَاجِبَ الَّذِي لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْمُرَادُ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ إنْ وُجِدَ سَاتِرٌ لَا يَتَفَرَّقُ وَلَا فِي ظَلَامٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَفَرُّقُهُمْ) أَيْ لِخَوْفٍ عَلَى مَالٍ أَوْ عَلَى نَفْسٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِضِيقِ مَكَان كَسَفِينَةٍ (قَوْلُهُ: جَمَاعَةً) إنَّمَا أُمِرُوا بِصَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً لِأَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا أَفْذَاذًا نَظَرَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مَا يَنْظُرُ لَوْ صَلَّوْا جَمَاعَةً فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ) تَقْدِيمًا لِلرُّكْنِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ صَلَاتِهِمْ قِيَامًا عَلَى هَيْئَتِهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُصَلُّونَ مِنْ جُلُوسٍ بِالْإِيمَاءِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُمْ يُصَلُّونَ قِيَامًا بِالْإِيمَاءِ فَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ صَلَّوْا قِيَامًا يُومِئُونَ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمْ غَاضُّونَ أَبْصَارَهُمْ فَلَا وَجْهَ لِلْإِيمَاءِ وَأَيْضًا مَنْ قَالَ بِالْإِيمَاءِ يَقُولُ بِصَلَاتِهِمْ جُلُوسًا (قَوْلُهُ: إمَامُهُمْ وَسَطُهُمْ) أَيْ إمَامُهُمْ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُمْ عَاجِزُونَ عَنْ السَّتْرِ وَالْغَضُّ إنَّمَا وَجَبَ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ فَغَايَةُ الْأَمْرِ

[فصل الشرط الرابع وهو استقبال القبلة]

إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ عَوْرَتَهُ أَوْ عَوْرَةَ إمَامِهِ لِأَنَّ الْغَضَّ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ السَّتْرِ بَلْ لِحُرْمَةِ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ فَتَأَمَّلْ (وَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ) سَابِقٍ عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا أَوْ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ أَمَةٌ (مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ) فَاعِلُ عَلَمَتْ (أَوْ وَجَدَ عُرْيَانٌ) وَهُوَ فِيهَا (ثَوْبًا اسْتَتَرَا) وُجُوبًا (إنْ قَرُبَ) السَّاتِرُ كَقُرْبِ الْمَشْيِ لِلسُّتْرَةِ يَدِبُّ كَالصَّفَّيْنِ وَلَا يُحْسَبُ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَلَا الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الثَّوْبَ (وَإِلَّا) يَسْتَتِرَا مَعَ الْقُرْبِ (أَعَادَا) نَدْبًا (بِوَقْتٍ) وَإِنْ وَجَبَ السَّتْرُ لِدُخُولِهِمَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ (وَإِنْ كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ) يَمْلِكُونَ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ (صَلَّوْا أَفْذَاذًا) بِهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ كَمَا لَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ (وَ) إنْ كَانَ الثَّوْبُ (لِأَحَدِهِمْ نُدِبَ لَهُ) أَيْ لِرَبِّهِ (إعَارَتُهُمْ) أَيْ إعَارَتُهُ لَهُمْ وَيَمْكُثُ عُرْيَانًا حَتَّى يُصَلَّى بِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ وَجَبَ إعَارَتُهُمْ. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ) (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ) (وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) (وَ) شَرْطٌ لِصَلَاتِهِ (مَعَ الْأَمْنِ) مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ وَمَعَ الْقُدْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُمْ تَرَكُوا وَاجِبًا غَيْرَ شَرْطٍ وَهَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ بْن خِلَافًا لِمَا قَالَهُ عج مِنْ الْبُطْلَانِ لِتَرْكِ الْغَضِّ لِأَنَّ الْغَضَّ بِمَثَابَةِ السَّاتِرِ فَإِذَا تُرِكَ الْغَضُّ صَارَ كَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ كَذَا قَالَ وَرَدَّهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْغَضَّ لَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ تَعَمَّدَ بَطَلَتْ وَلَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ لَك أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا بُطْلَانَ وَلَوْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ لِعَوْرَتِهِ أَوْ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ أَوْ لِعَوْرَةِ أَحَدٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ كَمَا قَالَ التُّونُسِيُّ إلَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ قَبْلَ إحْرَامِهَا لَجَرَى فِيهَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ (قَوْلُهُ: مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ) أَيْ أَوْ سَاقٍ أَوْ صَدْرٍ أَوْ عُنُقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُ (قَوْلُهُ: اسْتَتَرَا وُجُوبًا إنْ قَرُبَ) أَيْ بِخِلَافِ وَاجِدِ الْمَاءِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ وَدُخُولِهِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ وَاجِدَ الْمَاءِ لَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الشَّرْطِ إلَّا بِإِبْطَالِ مَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ قَدْ دَخَلَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ إبْطَالٍ وَمَفْهُومُ إنْ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ السَّاتِرُ أَوْ لَمْ تَجِدْ الْأَمَةُ سَاتِرًا فَإِنَّهُمَا يُكْمِلَانِ صَلَاتَهُمَا عَلَى مَا هُمَا عَلَيْهِ ثُمَّ يُعِيدَانِ فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي ح وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ وَقِيلَ إنَّهُمَا يُكْمِلَانِ صَلَاتَهُمَا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَاسْتَظْهَرَهُ طفى قَالَ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ قُرْبِ السَّاتِرِ وَبُعْدِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْعُرْيَانَ إذَا وَجَدَ فِي صَلَاتِهِ ثَوْبًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ السَّاتِرُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُرْيَانَ إذَا وَجَدَ فِي صَلَاتِهِ ثَوْبًا فَقِيلَ يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْتَتِرُ بِهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا لَا إنْ كَانَ بَعِيدًا وَعَلَيْهِ هَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: كَالصَّفَّيْنِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ صَفًّا ثَالِثًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَسْتَتِرَا مَعَ الْقُرْبِ أَعَادَا نَدْبًا بِوَقْتٍ) أَيْ لَا أَنَّهُمَا يُعِيدَانِ أَبَدًا وَإِنْ كَانَ السَّتْرُ وَاجِبًا لِدُخُولِهِمَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وُجُوبِ السَّتْرِ ابْتِدَاءً وَنَدْبِ الْإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ) أَيْ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: يَمْلِكُونَهُ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَمْلِكُ ذَاتَه وَبَعْضُهُمْ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَقَعُ النِّزَاعُ فِي هَذِهِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: صَلَّوْا أَفْذَاذًا بِهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) أَيْ لِأَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى السَّتْرِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ) أَيْ وَإِلَّا يَتَّسِعُ الْوَقْتُ بَلْ كَانَ ضَيِّقًا فَالظَّاهِرُ الْقُرْعَةُ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُسَلِّمَ لِغَيْرِهِ بِدُونِ قُرْعَةٍ كَمَا لَوْ قَالُوا فِي مَاءِ الْمُتَيَمِّمِينَ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْقُرْعَةِ فَالظَّاهِرُ تَرْكُهَا وَيُصَلُّونَ عُرَاةً (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ) أَيْ كَمَا لَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَتَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ أَيْ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ لِأَحَدِهِمْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا فَضْلَ فِيهِ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ لَهُ إعَارَتُهُمْ) أَيْ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِهِ تَعَاوُنًا عَلَى الْبِرِّ وَيَجِبُ عَلَى الْمُعَارِ لَهُ الْقَبُولُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْمِنَّةُ لِيَسَارَةِ سَبَبِهَا وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ بِالثَّوْبِ الْمُعَارِ وَلَا تَجِبُ الْإِعَارَةُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِأَجْلِ سَتْرِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَمْكُثُ) أَيْ رَبُّهُ بَعْدَ إعَارَتِهِ عُرْيَانًا حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِ بَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إتْلَافٍ كَرِدَاءٍ فَلَقَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ إعَارَتُهُمْ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُسْتَحَبُّ الْإِعَارَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ. [فَصْلٌ الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ] (فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ) (قَوْلُهُ: وَمَعَ الْأَمْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَشَرْطٌ مَعَ الْأَمْنِ إلَخْ وَالْجُمْلَةُ إمَّا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ شَرْطٌ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ أَوْ إنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ أَوْلَى لِمَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ (بَانَتْ سُعَادُ) إنَّ الْوَاوَ الْوَاقِعَةَ فِي أَوَّلِ الْقَصَائِدِ وَفُصُولِ الْمُؤَلِّفِينَ الْأَوْلَى فِيهَا أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَسَبُعٍ (قَوْلُهُ: وَمَعَ الْقُدْرَةِ) قِيلَ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُهَا بَدَلَ الْأَمْنِ

(اسْتِقْبَالُ عَيْنِ) أَيْ مُقَابَلَةُ ذَاتِ بِنَاءِ (الْكَعْبَةِ) بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَوْ عُضْوًا (لِمَنْ بِمَكَّةَ) وَمَنْ فِي حُكْمِهَا مِمَّنْ تُمْكِنُهُ الْمُسَامَتَةُ وَلَا يَكْفِي اجْتِهَادٌ وَلَا جِهَتُهَا لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ الْمُعَرِّضَ لِلْخَطَأِ فَإِذَا صُفَّ صَفٌّ مَعَ حَائِطِهَا فَصَلَاةُ الْخَارِجِ بِبَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ عَنْهَا بَاطِلَةٌ فَيُصَلُّونَ دَائِرَةً أَوْ قَوْسًا إنْ قَصَرُوا عَنْ الدَّائِرَةِ وَكَيْفِيَّةُ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ بِالْمَسْجِدِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ أَنْ يَطْلُعَ عَلَى سَطْحٍ مَثَلًا حَتَّى يَرَى الْكَعْبَةَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى طُلُوعِ السَّطْحِ أَوْ كَانَ بِلَيْلٍ اسْتَدَلَّ بِأَعْلَامِ الْبَيْتِ كَجَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمُسَامَتَةِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْحَاجِزُ لَكَانَ مُسَامِتًا ثُمَّ يُحَرِّرُ قِبْلَتَهُ بِذَلِكَ وَحَيْثُ عَرَفَ الْقِبْلَةَ فِي بَيْتِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ كَفَاهُ فِي صَلَاتِهِ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُسَامَتَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا فِي مَسْجِدِهَا وَاحْتَرَزَ بِالْأَمْنِ مِنْ الْمُسَايَفَةِ حِينَ الِالْتِحَامِ مَثَلًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْعَيْنِ (فَإِنْ) قَدَرَ عَلَى الْمُسَامَتَةِ وَلَكِنْ (شَقَّ) عَلَيْهِ ذَلِكَ لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ وَلَوْ تَكَلَّفَ طُلُوعَ سَطْحٍ لَأَمْكَنَهُ (فَفِي) جَوَازِ (الِاجْتِهَادِ) فِي طَلَبِ الْعَيْنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُ الْيَقِينِ وَمَنَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ مِنْ الِاجْتِهَادِ (نَظَرٌ) أَيْ تَرَدُّدٌ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ بِوَجْهٍ كَشَدِيدِ مَرَضٍ أَوْ زَمِنٍ أَوْ مَرْبُوطٍ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي الْعَيْنِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا مَرِيضٌ أَوْ مَرْبُوطٌ أَوْ نَحْوُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَيْسَ ثَمَّ مَنْ يُحَوِّلُهُ إلَى جِهَتِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ الْجِهَةَ قَطْعًا فَهَذَا يُصَلِّي لِغَيْرِ جِهَتِهَا لِعَجْزِهِ وَلِذَا قُلْنَا وَمَعَ الْقُدْرَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ هَذَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ أَقْسَامٌ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ آمِنٌ فَهَذَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ إمَّا بِأَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِأَنْ يَطْلُعَ عَلَى سَطْحٍ لِيَرَى ذَاتَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ يَنْزِلَ فَيُصَلِّيَ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ طُلُوعٌ أَوْ كَانَ بِلَيْلٍ اسْتَدَلَّ عَلَى الذَّاتِ بِالْعَلَامَاتِ الْيَقِينِيَّةِ الَّتِي يَقْطَعُ بِهَا جَزْمًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ أَنَّهُ لَوْ أُزِيلَ الْحِجَابُ لَكَانَ مُسَامِتًا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ صَلَاةٌ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ. الثَّانِي: مَرِيضٌ مَثَلًا يُمْكِنُهُ جَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي الصَّحِيحِ لَكِنْ بِجَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ فَهَذَا فِيهِ التَّرَدُّدُ. الثَّالِثُ: مَرِيضٌ مَثَلًا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَهَذَا يَجْتَهِدُ فِي الْعَيْنِ ظَنًّا وَلَا يَلْزَمُهُ الْيَقِينُ اتِّفَاقًا. الرَّابِعُ: مَرِيضٌ مَثَلًا يَعْلَمُ الْجِهَةَ قَطْعًا وَكَانَ مُتَوَجِّهًا لِغَيْرِ الْبَيْتِ وَلَكِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَمْ يَجِدْ مُحَوِّلًا فَهَذَا كَالْخَائِفِ مِنْ عَدُوِّهِ وَنَحْوِهِ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْجِهَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الِاسْتِقْبَالِ الْأَمْنُ وَالْقُدْرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: ذَاتُ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ) إضَافَةُ ذَاتٍ لِبِنَاءٍ لِلْبَيَانِ وَكَذَلِكَ إضَافَةُ بِنَاءٍ لِلْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ) أَيْ يَقِينًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَوْ عُضْوًا) أَيْ عَنْ سَمْتِهَا هَذَا تَفْسِيرٌ لِاسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا (قَوْلُهُ: مِمَّنْ تُمْكِنُهُ الْمُسَامَتَةُ) أَيْ لِقُرْبِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي اجْتِهَادٌ) أَيْ وَلَا يَكْفِي مَنْ كَانَ فِي مَكَّةَ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا جِهَتَهَا) أَيْ وَلَا يَكْفِيهِ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهَا بِدُونِ مُسَامَتَةٍ لِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: فَصَلَاةُ الْخَارِجِ بِبَدَنِهِ) أَيْ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ أَيْ كَعُضْوٍ وَقَوْلُهُ: عَنْهَا أَيْ عَنْ مُسَامَتَتِهَا (قَوْلُهُ: فَيُصَلُّونَ دَائِرَةً) أَيْ بِإِمَامٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَوْسًا أَيْ نِصْفَ دَائِرَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ بِالْمَسْجِدِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ لِمَنْ يُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ فَظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَعْلَامِ الْبَيْتِ) أَيْ بِالْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ يَقِينًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسَامَتَةِ) أَيْ عَلَى مُسَامَتَةِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالْأَمْنِ مِنْ الْمُسَايَفَةِ حِينَ الِالْتِحَامِ) أَيْ وَمِنْ خَائِفٍ مِنْ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحْوِيلِ لِجِهَتِهَا وَالْمَرْبُوطِ وَمَنْ هُوَ تَحْتَ الْهَدْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ اسْتِقْبَالُ الْعَيْنِ وَلَا الْجِهَةِ وَلَوْ كَانُوا بِمَكَّةَ وَحِينَئِذٍ فَيُصَلُّونَ لِأَيِّ جِهَةٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَرَ) أَيْ مَنْ بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: لَأَمْكَنَهُ) أَيْ الْمُسَامَتَةُ (قَوْلُهُ: فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ) أَيْ فَفِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ عَلَى مُسَامَتَةِ الْعَيْنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ بِمُسَامَتَتِهَا يَقِينًا وَمَنْعُهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ عَلَى مُسَامَتَةِ الْعَيْنِ وَطَلَبُهُ بِالْمُسَامَتَةِ يَقِينًا تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: فِي طَلَبِ الْعَيْنِ) أَيْ فِي مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَلَبُ الْيَقِينِ) أَيْ الطَّلَبُ بِمُسَامَتَتِهَا يَقِينًا (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُسَامَتَتِهِ لَهَا يَقِينًا وَلَا يَكْفِي الِاجْتِهَادُ عَلَى مُسَامَتَةِ الْعَيْنِ لَا يُقَالُ سَيَأْتِي أَنَّ وُجُوبَ الْقِيَامِ يَسْقُطُ بِالْمَشَقَّةِ مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ يَفُوقُ الشَّرْطَ الرُّكْنُ فِي الْقُوَّةِ كَمَا هُنَا وَكَالِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ وَالْقِيَامُ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَرِيضَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ) أَيْ عَلَى الْمُسَامَتَةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى صُعُودِ السَّطْحِ لِيَرَى سَمْتَ الْكَعْبَةِ وَالْحَالُ أَنَّ لَهُ قُدْرَةً عَلَى التَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ لِجِهَتِهَا (قَوْلُهُ: أَقْسَامٌ) أَيْ أَرْبَعَةٌ (قَوْلُهُ: إمَّا بِأَنْ إلَخْ) أَيْ وَاسْتِقْبَالُ الْعَيْنِ إمَّا بِأَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ طُلُوعٌ) أَيْ لِكَوْنِ السَّطْحِ لَا سُلَّمَ لَهُ مَثَلًا وَلَمْ يَجِدْ سُلَّمًا يَصْعَدُ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: اسْتَدَلَّ عَلَى الذَّاتِ) أَيْ عَلَى ذَاتِ الْبَيْتِ أَيْ اسْتَدَلَّ عَلَى مُسَامَتَتِهِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُهُ جَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي الصَّحِيحِ) أَيْ إنَّهُ يُمْكِنُهُ مُسَامَتَةُ الْبَيْتِ لِكَوْنِهِ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ لِلْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ أَوْ الصَّلَاةُ فِي بَيْتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الصُّعُودِ لِلسَّطْحِ لِيَرَى ذَاتَ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا فِيهِ التَّرَدُّدُ) أَيْ قِيلَ يَكْفِيهِ الِاجْتِهَادُ عَلَى مُسَامَتَةِ الْعَيْنِ لِانْتِفَاءِ الْحَرَجِ مِنْ الدِّينِ وَقِيلَ لَا يَكْفِيهِ الِاجْتِهَادُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُسَامَتَتِهِ لِعَيْنِ الْكَعْبَةِ يَقِينًا لِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْقُدْرَةِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رَاشِدٍ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْمُسَامَتَةُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّحَوُّلِ وَالِانْتِقَالِ لِجِهَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْيَقِينُ) أَيْ الْمُسَامَتَةُ

وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلْعَاجِزِ وَالْخَائِفِ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ بِمَكَّةَ فَمَنْ بِغَيْرِهَا أَوْلَى وَيَأْتِي هُنَا فَالْآيِسُ أَوَّلَهُ وَالرَّاجِي آخِرَهُ وَالْمُتَرَدِّدُ وَسَطَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ بِمَكَّةَ بَلْ بِغَيْرِهَا أَيْ وَبِغَيْرِ الْمَدِينَةِ وَجَامِعِ عَمْرٍو بِالْفُسْطَاطِ (فَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (جِهَتُهَا) أَيْ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهَا أَيْ الْجِهَةُ الَّتِي هِيَ فِيهَا لَا سَمْتُهَا خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَالْمُرَادُ بِسَمْتِ عَيْنِهَا عِنْدَهُ أَنْ يَقْدِرَ الْمُصَلِّي الْمُقَابَلَةَ وَالْمُحَاذَاةَ لَهَا إذْ الْجِسْمُ الصَّغِيرُ كُلَّمَا زَادَ بُعْدُهُ اتَّسَعَتْ جِهَتُهُ كَغَرَضِ الرُّمَاةِ فَإِذَا تَخَيَّلْنَا الْكَعْبَةَ مَرْكَزًا خَرَجَ مِنْهُ خُطُوطٌ مُجْتَمِعَةُ الْأَطْرَافِ فِيهِ فَكُلَّمَا بَعُدَتْ اتَّسَعَتْ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ بُطْلَانُ الصَّفِّ الطَّوِيلِ بَلْ جَمِيعُ بِلَادِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَفَرُّقِهَا تَقْدِرُ ذَلِكَ وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ لَوْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعِيدُ أَبَدًا (اجْتِهَادًا) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ وَأَمَّا بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِجَامِعِ عَمْرٍو فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ مِحْرَابِهِمَا وَلَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهُمَا وَلَوْ يَسِيرًا بَطَلَتْ (كَأَنْ نُقِضَتْ) الْكَعْبَةُ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ وَلَمْ تُعْرَفْ الْبُقْعَةُ حَمَاهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِذَاتِ الْبَيْتِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ) أَيْ هَذَا الْقِسْمُ الرَّابِعُ (قَوْلُهُ: فَالْآيِسُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إتْيَانِ مَنْ يُحَوِّلُهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِي إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ ظَنَّ إتْيَانَ مَنْ يُحَوِّلُهُ لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَرَدِّدُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مِنْ شَكَّ هَلْ يَأْتِيهِ أَحَدٌ يُحَوِّلُهُ لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ جِهَتُهَا) أَيْ إنَّ الْوَاجِبَ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الِاسْتِظْهَارَ لِابْنِ رُشْدٍ وَلَمْ أَجِدْهُ لَهُ لَا فِي الْبَيَانِ وَلَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنَّمَا وَجَدْته لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَأَجَابَ تت بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَفِي خش أَنَّ الِاسْتِظْهَارَ وَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي قَوَاعِدِهِ الْكُبْرَى فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ) أَيْ الْقَائِلِ إنَّ الْوَاجِبَ اسْتِقْبَالُ سَمْتِهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِسَمْتِ عَيْنِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْمُرَادُ بِاسْتِقْبَالِ سَمْتِهَا أَيْ عَيْنِهَا عِنْدَهُ أَنْ يَقْدِرَ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ سَمْتَهَا هُوَ عَيْنُهَا فَلَا مَعْنَى لِلْإِضَافَةِ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا أُورِدَ عَلَى ابْنُ الْقَصَّارِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ مُقَابَلَةَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ فَإِنَّ الْكَعْبَةَ طُولُهَا مِنْ الْأَرْضِ لِلسَّمَاءِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا عِشْرُونَ ذِرَاعًا وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ اسْتِقْبَالِ السَّمْتِ لَيْسَ الْمُرَادُ عِنْدَهُ السَّمْتُ الْحَقِيقِيُّ كَالِاجْتِهَادِ لِمَنْ بِمَكَّةَ بَلْ مُرَادُهُ السَّمْتُ التَّقْدِيرِيُّ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْدِرَ الْمُصَلِّي الْمُقَابَلَةَ وَالْمُحَاذَاةَ لَهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا فَكُلُّهُمْ يُحَاذِي بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي الْوَاقِعِ حَتَّى يَلْزَمَ مَا ذَكَرَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّفِّ الطَّوِيلِ يُقَدَّرُ أَنَّهُ مُسَامِتٌ وَمُقَابِلٌ لِلْكَعْبَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مُسَامِتًا لَهَا فِي الْوَاقِعِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مُسَامِتِينَ لَهَا وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي اعْتِقَادُ أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي أَمَامَهُ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ أَنَّهُ مُسَامِتٌ وَمُقَابِلٌ لَهَا (قَوْلُهُ: إذْ الْجِسْمُ الصَّغِيرُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الْكَلَامِ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَلْزَمُ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُفَادَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْجِسْمَ الصَّغِيرَ إذَا بَعُدَ تَحْصُلُ لَهُ مُسَامَتَةُ الْجُمْلَةِ الْكُبْرَى وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ مُسَامَتُهُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ مُسَامَتَةً حَقِيقِيَّةً وَلَا يَكْفِي تَقْدِيرُ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُحَاذَاةِ فَالْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ تُنْتِجُ خِلَافَ الْمَطْلُوبِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: كَغَرَضِ الرُّمَاةِ) أَيْ وَهُوَ مَا يَرْمُونَهُ بِالسِّهَامِ (قَوْلُهُ: مُجْتَمِعَةَ الْأَطْرَافِ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَرْكَزِ وَهُوَ الْكَعْبَةُ (قَوْلُهُ: فَكُلَّمَا بَعُدَتْ) أَيْ الْخُطُوطُ عَنْ الْمَرْكَزِ وَقَوْلُهُ: اتَّسَعَتْ أَيْ الْجِهَةُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ الْوَاجِبُ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهَا بِالِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَى مُقَابِلِهِ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ الْوَاجِبُ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا بِالِاجْتِهَادِ قَالَ بْن الْحَقِّ إنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا ثَمَرَةَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَأَنَّهُ لَوْ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ قِبْلَةُ اجْتِهَادٍ وَالْأَبَدِيَّةُ عِنْدَنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْخَطَأِ فِي قِبْلَةِ الْقَطْعِ وَكَأَنَّ عبق التَّابِعَ لَهُ الشَّارِحُ أَخَذَ ذَلِكَ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهُمَا وَلَوْ يَسِيرًا بَطَلَتْ)

فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْجِهَةَ اتِّفَاقًا فَكَذَلِكَ الْغَائِبُ فَهَذَا كَالِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِقْبَالِ الْجِهَةِ. (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (إنْ) أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ لِجِهَةٍ وَ (خَالَفَهَا) وَصَلَّى لِغَيْرِهَا مُتَعَمِّدًا (وَإِنْ صَادَفَ) الْقِبْلَةَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي خَالَفَ إلَيْهَا وَيُعِيدُ أَبَدًا مَا لَوْ صَلَّى إلَى جِهَةِ اجْتِهَادِهِ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ اسْتَدْبَرَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا (وَصَوْبُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ بَدَلُ أَيْ إنَّ جِهَةَ (سَفَرِ قَصْرٍ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبَدَلِ رُكُوبًا مُعْتَادًا (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِلْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ أَيْ لَا حَاضِرَ وَمُسَافِرَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ عَاصٍ بِهِ وَمَاشٍ وَرَاكِبِ غَيْرِ دَابَّةٍ كَسَفِينَةٍ كَمَا يَأْتِي وَرَاكِبٍ مَقْلُوبًا أَوْ لِجَنْبٍ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الرَّاكِبُ فِي مَحْمَلٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِمَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقْدُفٍ وَنَحْوِهِ وَيُجْلَسُ فِيهِ مُتَرَبِّعًا وَيَرْكَعُ كَذَلِكَ وَيَسْجُدُ (بَدَلٌ) أَيْ عِوَضٌ عَنْ تَوَجُّهِ الْقِبْلَةِ (فِي) صَلَاةِ (نَفْلٍ) فَقَطْ (وَإِنْ) كَانَ (وِتْرًا) لَا فَرْضَ وَلَوْ كِفَائِيًّا هَذَا إذَا عَسِرَ الِابْتِدَاءُ بِالنَّافِلَةِ لِلْقِبْلَةِ بَلْ (وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي إيجَابِهِ الِابْتِدَاءَ لَهَا حِينَئِذٍ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ مَسْكِ عِنَانٍ وَتَحْرِيكِ رِجْلٍ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ وَيُومِئُ لِلْأَرْضِ بِسُجُودِهِ لَا لِقَرَبُوسِ الدَّابَّةِ وِفَاقًا لِلَّخْمِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ طَهَارَتُهَا بَلْ حَسِرَ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ فَإِنْ انْحَرَفَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ السَّفَرِ عَامِدًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بَطَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قِبْلَةُ قَطْعٍ أَيْ لِأَنَّ الْأُولَى بِالْوَحْيِ وَالثَّانِيَةَ بِإِجْمَاعِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوِ الثَّمَانِينَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْجِهَةَ اتِّفَاقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَفِي عبق إذَا كَانَ بِمَكَّةَ اسْتَقْبَلَ السَّمْتَ بِاجْتِهَادٍ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَ الْجِهَةَ بِاجْتِهَادٍ فَالْقِبْلَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قِبْلَةُ اجْتِهَادٍ. (قَوْلُهُ: وَصَلَّى لِغَيْرِهَا مُتَعَمِّدًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ صَلَّى لِغَيْرِهَا نَاسِيًا وَصَادَفَ فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي النَّاسِي إذَا أَخْطَأَ مِنْ الْخِلَافِ أَوْ يُجْزَمُ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ صَادَفَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ إذَا كَانَ اجْتِهَادُهُ مَعَ ظُهُورِ الْعَلَامَاتِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِهَا فَلَا إعَادَةَ كَمَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ تَحَيَّرَ وَاخْتَارَ جِهَةً صَلَّى لَهَا (قَوْلُهُ: وَصَوْبُ سَفَرٍ قَصْرٍ إلَخْ) أَيْ إنَّ جِهَةَ السَّفَرِ عِوَضٌ لِلْمُسَافِرِ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فِي النَّوَافِلِ وَإِنْ وِتْرًا وَأَحْرَى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ يَصِحُّ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ رَاكِبًا لِدَابَّةٍ رُكُوبًا مُعْتَادًا (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِبَدَلٍ) أَيْ وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ جَمْعِ الْقُيُودِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَرَاكِبِ غَيْرِ دَابَّةٍ كَسَفِينَةٍ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ احْتَرَزَ عَنْ رَاكِبِ السَّفِينَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا رَاكِبًا لِجَمَلٍ أَوْ لِإِنْسَانٍ جَازَ لَهُ التَّنَفُّلُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ سَفَرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالدَّابَّةِ الدَّابَّةَ الْعُرْفِيَّةَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَشْمَلُ الْآدَمِيَّ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْآدَمِيِّ وَالسَّفِينَةِ مُحْتَرَزًا عَنْهُ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ رُكُوبُ الدَّابَّةِ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ الْقَصْرِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِسَفِينَةٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا الْمِحْمَلُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ خَاصٌّ بِعَلَّاقَةِ السَّيْفِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَمِحَفَّةٍ وَعَرَبَةٍ وَتَخْتَرْوَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَسْجُدُ) أَيْ عَلَى أَرْضِ الْمَحْمَلِ وَلَا يُومِئُ بِالسُّجُودِ كَالرَّاكِبِ فِي غَيْرِ مَحْمَلٍ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وِتْرًا) أَيْ وَأَوْلَى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: لَا فَرْضٍ) أَيْ لَا فِي صَلَاةِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَقْطُورَةً أَوْ وَاقِفَةً (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا (قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ فِي حَالَةِ تَنَفُّلِهِ عَلَى الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَتَحْرِيكُ رِجْلٍ) أَيْ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَلْتَفِتُ (قَوْلُهُ: وَيُومِئُ لِلْأَرْضِ بِسُجُودِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا فِي مَحْمَلٍ وَإِلَّا سَجَدَ عَلَى أَرْضِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا لِقَرَبُوسِ الدَّابَّةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق. (تَنْبِيهٌ) : تَجُوزُ الصَّلَاةُ فَرْضًا وَنَفْلًا عَلَى الدَّابَّةِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَكَانَ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ كَذَا ذَكَرَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُجْزِي إيقَاعُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ قَائِمًا وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا لِدُخُولِهِ عَلَى الْغُرُورِ وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ هُوَ الرَّاجِحُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ انْحِرَافُهُ لِضَرُورَةٍ كَظَنِّهِ أَنَّهَا طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ وَصَلَ لِمَحِلِّ إقَامَتِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يَسِيرًا كَالتَّشَهُّدِ وَإِلَّا فَلَا يَنْزِلُ عَنْهَا وَإِذَا نَزَلَ عَنْهَا أَتَمَّ بِالْأَرْضِ مُسْتَقْبِلًا رَاكِعًا وَسَاجِدًا لَا بِالْإِيمَاءِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْإِيمَاءَ فِي النَّفْلِ لِلصَّحِيحِ غَيْرِ الْمُسَافِرِ فَيُتِمُّ عَلَيْهَا بِالْإِيمَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَحَلُّ إقَامَةٍ تَقْطَعُ السَّفَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ خِلَافًا لِمَا فِي خش فَإِنْ

إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ دَابَّةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (لَا) لِرَاكِبِ (سَفِينَةٍ) فَلَيْسَ جِهَةُ السَّفَرِ بَدَلًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَيَمْتَنِعُ النَّفَلُ جِهَةَ السَّفَرِ كَالْفَرْضِ لِتَيَسُّرِ اسْتِقْبَالِهِ بِدَوَرَانِهِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا دَارَتْ عَنْهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِقْبَالُ صَوْبِ السَّفَرِ (فَ) يَجِبُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَ (يَدُورُ مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْقِبْلَةِ أَيْ يَدُورُ لِجِهَتِهَا إنْ دَارَتْ السَّفِينَةُ لِغَيْرِهَا أَوْ مَعَ السَّفِينَةِ أَيْ يَدُورُ مَعَ دَوَرَانِهَا أَيْ يَدُورُ لِلْقِبْلَةِ مَعَ دَوَرَانِهَا لِغَيْرِهَا (إنْ أَمْكَنَ) دَوَرَانُهُ وَإِلَّا صَلَّى حَيْثُ تَوَجَّهَتْ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ (وَهَلْ) مُنِعَ النَّفَلُ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ (إنْ أَوْمَأَ) وَأَمَّا إنْ رَكَعَ وَسَجَدَ فَيَجُوزُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ دَوَرَانٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ التَّبَّانِ وَأَبِي إبْرَاهِيمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الْإِيمَاءُ (أَوْ) مَنْعُهُ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ (مُطْلَقًا) صَلَّى إيمَاءً أَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ فَهْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ عَدَمُ التَّوَجُّهِ لِلْقِبْلَةِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا لَا يَنْتَفِلُ فِي السَّفِينَةِ إيمَاءً حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ مِثْلُ الدَّابَّةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِي صَحِيحٍ قَادِرٍ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ لَا فِي عَاجِزٍ عَنْهُمَا وَالْأَظْهَرُ التَّأْوِيلُ الثَّانِي (وَلَا يُقَلَّدُ مُجْتَهِدٌ) وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ مُجْتَهِدًا (غَيْرَهُ) لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الِاجْتِهَادِ تَمْنَعُ مِنْ التَّقْلِيدِ فَالِاجْتِهَادُ وَاجِبٌ (وَلَا) يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ أَيْضًا (مِحْرَابًا إلَّا) أَنْ يَكُونَ (لِمِصْرٍ) مِنْ الْأَمْصَارِ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّ مَحَارِيبَهَا إنَّمَا نُصِبَتْ بِاجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ وَلَوْ خَرِبَتْ كَبَغْدَادَ وَإِسْكَنْدَرِيَّةَ وَالْفُسْطَاطِ بِخِلَافِ خَرَابٍ جُهِلَ نَاصِبُ مِحْرَابِهِ كَعَامِرَةٍ قُطِعَ فِيهَا بِالْخَطَأِ كَرَشِيدٍ وَقَرَافَةِ مِصْرَ وَمُنْيَةِ ابْنِ خُصَيْبٍ فَإِنَّهَا مَقْطُوعٌ بِخَطَئِهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ هَذَا إذَا كَانَ الْمُجْتَهِدُ بَصِيرًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَعْمَى وَ) إذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ (سَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ) لِيَهْتَدِيَ بِهَا إلَى الْقِبْلَةِ (وَقَلَّدَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ الْجَاهِلُ بِالْأَدِلَّةِ أَوْ بِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ (مُكَلَّفًا) عَدْلًا (عَارِفًا) بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ لَا صَبِيًّا وَكَافِرًا وَفَاسِقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَكُنْ مَنْزِلَ إقَامَةٍ خَفَّفَ الْقِرَاءَةَ وَأَتَمَّ عَلَيْهَا لِيَسَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى الْقِبْلَةِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ انْحِرَافُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَى الْقِبْلَةِ فَلَا بُطْلَانَ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ النَّفَلُ) أَيْ فِيهَا جِهَةَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: كَالْفَرْضِ) أَيْ كَمَا يَمْتَنِعُ إيقَاعُ الْفَرْضِ لِجِهَةِ السَّفَرِ سَوَاءً كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ فِي السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِقْبَالُ صَوْبِ السَّفَرِ) أَيْ جِهَةَ السَّفَرِ لِمَنْ فِي السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) أَيْ وَهُوَ جِهَةُ سَفَرِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَرَكَ الدَّوَرَانَ الْمُمْكِنَ لَهُ (قَوْلُهُ: إنْ أَوْمَأَ) أَيْ إنْ صَلَّى بِالْإِيمَاءِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الْإِيمَاءُ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي النَّافِلَةِ لِلصَّحِيحِ إلَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: أَبِي مُحَمَّدٍ) الْمُرَادُ بِهِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ: عَدَمُ التَّوَجُّهِ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَهُوَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَهُوَ الْمُسَافِرُ عَلَى الدَّابَّةِ وَعَلَى كَلَامِهِ فَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَنْتَفِلَ فِي السَّفِينَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا يُومِئُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي السَّفِينَةِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُصَلِّي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ لَا يُصَلِّي لِغَيْرِهَا أَصْلًا وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي السَّفِينَةِ إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ أَوْ لَا يَجُوزُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِيمَاءَ فِي النَّافِلَةِ لِلصَّحِيحِ الَّذِي لَيْسَ بِمُسَافِرٍ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ رَاكِبًا لِدَابَّةٍ قِيلَ إنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَقِيلَ إنَّهُ جَائِزٌ فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ نَظَرَ لِلْمَنْعِ فَجَعَلَ عِلَّةَ مَنْعِ الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مَعَ إمْكَانِ الدَّوَرَانِ وَتَرْكِهِ الْإِيمَاءَ وَالثَّانِي نَظَرَ لِجَوَازِهِ فَجَعَلَ عَلَّه الْمَنْعِ فِيمَا ذَكَرَ عَدَمَ التَّوَجُّهِ لِلْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ أَوْمَأَ أَوْ مُطْلَقًا مَفْرُوضٌ فِي صَحِيحٍ قَادِرٍ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ سَافَرَ فِي سَفِينَةٍ وَتَرَكَ الدَّوَرَانَ مَعَهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ النَّافِلَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ صَلَّى بِالْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ: لَا فِي عَاجِزٍ عَنْهُمَا) أَيْ وَإِلَّا صَلَّى بِالْإِيمَاءِ لِجِهَةِ سَفَرِهِ فِي السَّفِينَةِ قَوْلًا وَاحِدًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدَّوَرَانِ وَقَوْلُهُ: لَا فِي عَاجِزٍ عَنْهُمَا أَيْ خِلَافًا لخش حَيْثُ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لِمِصْرٍ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ تَقْلِيدُهُ وَقَوْلُهُ: عبق فَيَجِبُ تَقْلِيدُهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ وَابْنَ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيَّ إنَّمَا قَالُوا بِجَوَازِ تَقْلِيدِهِ وَلَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْجَوَازَ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِمِصْرٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَنْعِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمِعْيَارِ بِالْجَوَازِ وَنَفَى الْوُجُوبَ قَائِلًا وَهُوَ التَّحْقِيقُ اهـ بْن وَقَوْلُهُ إلَّا لِمِصْرٍ هُوَ بِالتَّنْوِينِ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَيُّ مِصْرٍ كَانَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بَلَدًا مُعَيَّنَةً حَتَّى يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرِبَتْ) أَيْ تِلْكَ الْمِصْرُ فَالْمُعْتَبَرُ فِي مِحْرَابِ الْمِصْرِ الَّذِي يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ تَقْلِيدُهُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ إنَّمَا نُصِبَ بِاجْتِهَادِ جَمْعٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ سَوَاءً كَانَ عَامِرًا أَوْ خَرَابًا وَلَوْ قَيَّدَ بِالْعَامِرِ لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ خَرَابُهُ لَمْ يُقَلَّدْ مِحْرَابُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ فَوَصْفُ الْعَامِرَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَصَّارِ كَمَا فِي نَقْلِ التَّوْضِيحِ عَنْهُ طَرْدِيٌّ لَا مَفْهُومَ لَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: كَرَشِيدٍ) هَذَا بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ الْقَدِيمِ وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ حُرِّرَتْ مَحَارِيبُهَا وَجُعِلَتْ فِي أَرْكَانِ الْمَسَاجِدِ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ) أَيْ سَأَلَ عَدْلًا فِي

وَجَاهِلًا (أَوْ) يُقَلِّدُ (مِحْرَابًا) وَلَوْ لِغَيْرِ مِصْرٍ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا (أَوْ) (تَحَيَّرَ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (مُجْتَهِدٌ) بِأَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْمٍ أَوْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ (تَخَيَّرَ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ لَهُ جِهَةً مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَصَلَّى إلَيْهَا صَلَاةً وَاحِدَةً وَسَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ لِعَجْزِهِ (وَلَوْ صَلَّى) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَرْبَعًا) لِكُلِّ جِهَةٍ صَلَاةً (لَحَسُنَ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (وَاخْتِيرَ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهَذَا إذَا كَانَ تَحَيُّرُهُ وَشَكُّهُ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَإِلَّا تَرَكَ مَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقِبْلَةٍ وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً لِغَيْرِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَرَّرَهَا بِقَدْرِ مَا شَكَّ فِيهِ عَلَى الثَّانِي وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ مُخَالِفًا بِهِ قَوْلَ الْكَافَّةِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ لَا أَنَّهُ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ (وَإِنْ تَبَيَّنَ) لِمُجْتَهِدٍ أَوْ مُقَلِّدٍ وَكَذَا مُتَحَيِّرٍ بِقِسْمَيْهِ فِيمَا يَنْبَغِي (خَطَأٌ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (بِصَلَاةٍ) أَيْ فِيهَا (قَطَعَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا (غَيْرَ أَعْمَى وَ) غَيْرَ (مُنْحَرِفٍ يَسِيرًا) وَهُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا وَيَبْتَدِئُ صَلَاتَهُ بِإِقَامَةٍ وَلَوْ قَالَ قَطَعَ بَصِيرٌ انْحَرَفَ كَثِيرًا لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ وَالِانْحِرَافُ الْكَثِيرُ أَنْ يُشَرِّقَ أَوْ يُغَرِّبَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا الْأَعْمَى مُطْلَقًا أَوْ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا (فَيَسْتَقْبِلَانِهِ ا) وَيَبْنِيَانِ عَلَى صَلَاتِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلَا بَطَلَتْ فِي الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا وَصَحَّتْ فِي الْيَسِيرِ فِيهِمَا مَعَ الْحُرْمَةِ (وَ) إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ (أَعَادَ) نَدْبًا مَنْ يَقْطَعُ أَنْ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِيهَا وَهُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا (فِي الْوَقْتِ) لَا مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَهُوَ الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَالْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا وَقَوْلُنَا لِمُجْتَهِدٍ إلَخْ احْتِرَازًا مِنْ قِبْلَةِ الْقَطْعِ كَمَنْ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بِمَسْجِدِ عَمْرٍو بِالْفُسْطَاطِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ أَعَادَ أَبَدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّوَايَةِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَلِّدُ مِحْرَابًا إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ تَقْلِيدَ الْمُجْتَهِدِ عَلَى مِحْرَابِ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَمِحْرَابَ الْمِصْرِ عَلَى الْمُجْتَهِدِ قَالَهُ الْبَاسِطِيُّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا) أَيْ تَخَيَّرَ لَهُ جِهَةً إلَخْ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ ذَلِكَ الْمُقَلِّدُ مَنْ يُقَلِّدُهُ مِنْ مُجْتَهِدٍ أَوْ مِحْرَابٍ وَتَرَكَ تَقْلِيدَ مَا ذُكِرَ وَاخْتَارَ لَهُ جِهَةً تَرْكَنُ لَهَا نَفْسُهُ وَصَلَّى لَهَا كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأَ فِيهَا قَطَعَ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَهَا فَقَوْلَانِ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا وَفِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَدِلَّةُ مَعَ ظُهُورِهَا أَيْ تَعَارَضَتْ عِنْدَ الْأَمَارَاتِ وَالْأَوْلَى قَصْرُ التَّحَيُّرِ عَلَى هَذَا أَيْ عَلَى مَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَخْتَارُ لَهُ جِهَةً مِنْ الْجِهَاتِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ وَلَا مِحْرَابًا وَأَمَّا مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ فَهَذَا حُكْمُهُ كَالْمُقَلِّدِ كَمَا لِسَنَدٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْتَارُ لَهُ جِهَةً إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا لَحَسُنَ وَاخْتِيرَ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ جَزْمِ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ غَيْرَ الْمُجْتَهِدِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَلِّدَ إمَّا مُكَلَّفًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَقِيلَ يَخْتَارُ لَهُ جِهَةً يُصَلِّي لَهَا صَلَاةً وَاحِدَةً وَقِيلَ يُصَلِّي أَرْبَعًا لِكُلِّ جِهَةٍ صَلَاةً وَأَمَّا الْمُجْتَهِدُ الْمُتَحَيِّرُ وَهُوَ الَّذِي الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ إلَّا أَنْ يَجِدَ مُجْتَهِدًا فَيَتْبَعَهُ إنْ ظَهَرَ صَوَابُهُ أَوْ جَهِلَ وَضَاقَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَبَيَّنَ الْمُجْتَهِدُ) أَيْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْجِهَةَ جِهَةُ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُقَلِّدٍ) أَيْ قَلَّدَ مُكَلَّفًا عَارِفًا فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ قَلَّدَ مِحْرَابًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُتَحَيِّرٌ) أَيْ اخْتَارَ جِهَةً يُصَلِّي إلَيْهَا وَقَوْلُهُ: بِقِسْمَيْهِ أَيْ وَهُمَا الْمُقَلِّدُ إذَا لَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ وَلَا مِحْرَابًا وَالْمُجْتَهِدُ الَّذِي الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ. (قَوْلُهُ: خَطَأٌ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا) احْتَرَزَ عَمَّا إذَا شَكَّ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ بِيَقِينٍ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَيُلْغِي الشَّكَّ الْوَاقِعَ فِيهَا ثُمَّ فَعَلَ بِمُقْتَضَى مَا يَظْهَرُ بَعْدُ مِنْ صَوَابٍ أَوْ خَطَأٍ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا الصَّوَابُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا الْخَطَأُ جَرَى عَلَى قَوْلِهِ بَعْدُ وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ التَّوَجُّهَ لِلشَّرْقِ أَوْ الْغَرْبِ مِنْ الِانْحِرَافِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ إنَّمَا هُوَ التَّوَجُّهُ لِدُبُرِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَعْمَى مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ انْحِرَافُهُ يَسِيرًا أَوْ كَانَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلَا) أَيْ بَلْ أَتَمَّ كُلُّ وَاحِدٍ صَلَاتَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ فِي الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا) أَيْ بَطَلَتْ فِي الْأَعْمَى الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا وَقَوْلُهُ: وَصَحَّتْ فِي الْيَسِيرِ فِيهِمَا أَيْ فِي الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الْأَعْمَى الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا إذَا تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالِانْحِرَافِ الْكَثِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ انْحِرَافَ الْكَثِيرِ مُبْطِلٌ مُطْلَقًا مَعَ الْعِلْمِ بِهِ سَوَاءً عَلِمَ بِهِ حِينَ الدُّخُولِ فِيهَا أَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ دُخُولِهَا خِلَافًا لعبق الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا أَعَادَ) أَيْ غَيْرُ الْأَعْمَى وَغَيْرُ الْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا وَهُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى الْبَصِيرِ الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا إذَا ظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَهَا لِأَنَّ ظُهُورَ الْخَطَأِ فِيهَا كَظُهُورِهِ فِي الدَّلِيلِ قَبْلَ بَتِّ الْحُكْمِ وَظُهُورُ الْخَطَأِ بَعْدَهَا كَظُهُورِهِ فِيهِ بَعْدَ بَتِّ الْحُكْمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا ظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ فِي الدَّلِيلِ قَبْلَ بَتِّ الْحُكْمِ لَا يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِذَا حَكَمَ كَانَ حُكْمُهُ بَاطِلًا وَإِذَا ظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ فِي الدَّلِيلِ بَعْدَ بَتِّ الْحُكْمِ فَقَدْ نَفَذَ الْحُكْمُ وَلَا يُنْقَضُ (قَوْلُهُ: لَا مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ) أَيْ فَلَا تُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْطَعُ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ فِي الصَّلَاةِ يَقْطَعُ هَذَا إذَا كَانَ بَصِيرًا مُنْحَرِفًا كَثِيرًا

وَهُوَ فِي الْعِشَاءَيْنِ اللَّيْلُ كُلُّهُ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَفِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَوْلُهُ: (الْمُخْتَارُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا فِي الْعَصْرِ فَقَطْ (وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي) لِمَطْلُوبِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ لِجِهَةِ قَبْلِهِ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ وَانْحَرَفَ كَثِيرًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا (أَبَدًا) وَانْفَرَدَ بِتَشْهِيرِهِ ابْنَ الْحَاجِبِ أَوْ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (خِلَافٌ) . وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَيُعِيدُ أَبَدًا اتِّفَاقًا كَمَنْ تَذَكَّرَ فِيهَا (وَجَازَتْ سُنَّةٌ) كَوِتْرٍ (فِيهَا) أَيْ فِي الْكَعْبَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا (وَفِي الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَكَذَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قِيلَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَوَازِ الْمُضِيُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَلَا خَفَاءَ فِي بُعْدِهِ وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَالرَّوَاتِبُ كَأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالضُّحَى وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ فَجَائِزٌ بَلْ مَنْدُوبٌ وَقَوْلُهُ: (لِأَيِّ جِهَةٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِيهَا فَقَطْ وَلَوْ لِجِهَةِ بَابِهَا مَفْتُوحًا لَا لِقَوْلِهِ، وَفِي الْحِجْرِ أَيْضًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ جَوَازُ الصَّلَاةِ لِأَيِّ جِهَةٍ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْبَيْتَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَنَازَعَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ فِي ذَلِكَ وَرَجَعَهُ لَهُمَا إذْ الْحِجْرُ جُزْءٌ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَقْتُ الَّذِي يُعِيدُ فِيهِ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي لِمَطْلُوبِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ) وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّهُ ذَهِلَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ زَالَ ذَلِكَ عَنْ مُدْرَكَتِهِ فَقَطْ وَصَلَّى تَارِكًا لِلِاسْتِقْبَالِ لِذُهُولِهِ عَنْ حُكْمِهِ فَالْمُرَادُ بِالنَّاسِي الذَّاهِلُ لَا النَّاسِي حَقِيقَةً وَهُوَ مَنْ زَالَ الْحُكْمُ عَنْ كُلٍّ مِنْ حَافِظَتِهِ وَمُدْرَكَتِهِ وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْجَاهِلَ لِوُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ الْآتِي أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ لِجِهَةِ قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ) وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادٍ أَوْ بِتَقْلِيدٍ لِمُجْتَهِدٍ ثُمَّ إنَّهُ ذَهِلَ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَصَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَبَدًا) أَيْ لِأَنَّ الشُّرُوطَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عِلْمُ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) مَحِلُّهُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا إعَادَةَ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَيُعِيدُ أَبَدًا قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ شب وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى إلَخْ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ ذَلِكَ الِانْحِرَافُ الَّذِي تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَثِيرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا إعَادَةَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ وَاجِبٌ أَوْ غَيْرُ وَاجِبٍ فَإِذَا صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَيُعِيدُ أَبَدًا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. بَقِيَ مَا إذَا جَهِلَ الْجِهَةَ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ وَاجِبٌ وَلَكِنْ جَهِلَ عَيْنَ الْجِهَةِ فَاخْتَارَ لَهُ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ وَصَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَالْحُكْمُ أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُجْتَهِدٌ يُقَلِّدُهُ أَوْ مِحْرَابٌ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ تَقْلِيدِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ أَبَدًا وَقِيلَ إنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَخَيَّرَ كَمَا مَرَّ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ خش جَاهِلُ الْجِهَةِ كَالنَّاسِي فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا خَالَفَ جَاهِلُ الْجِهَةِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ تَقْلِيدِ مُجْتَهِدٍ أَوْ مِحْرَابٍ عِنْدَ وُجُودِهِمَا وَاخْتَارَ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْحِجْرُ وَقَوْلُهُ: جُزْءٌ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ) أَيْ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ السُّنَّةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: قِيَاسًا) أَيْ لِمَا ذُكِرَ مِنْ السُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَيْ بِجَامِعِ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ جَائِزٌ فِيهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ لِذَلِكَ كُلِّهِ أَعْنِي السُّنَّةَ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَالْمُرَادُ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً وَالصِّحَّةُ بَعْدَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْمَنْعِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: الْمُضِيُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ) أَيْ وَهَذَا لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: بَلْ مَنْدُوبٌ) أَيْ لِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا النَّافِلَةَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَقَدْ يُقَالُ صَلَاتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا النَّافِلَةَ غَيْرَ الْمُؤَكَّدَةِ إذْن فِي مُطْلَقِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى فِيهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ حَائِطٍ مِنْهَا يَكْفِي وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ جُمْلَتِهَا وَإِذَا كَفَى اسْتِقْبَالُ الْحَائِطِ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلْيَكُنْ الْبَاقِي كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ) أَيْ اسْتَقْبَلَ الْمَشْرِقَ أَوْ الْمَغْرِبَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مُسْتَدْبِرٍ لِلْقِبْلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا إمَّا عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُنَازِعَ لَهُ الْعَلَامَةُ الشَّيْخُ طفى مُحَشِّي تت وَهُوَ غَيْرُ مُعَاصِرٍ لَهُ لِأَنَّ طفى مُعَاصِرٌ لعج وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ ح وَعِبَارَةُ طفى قَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الْحِجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ مِنْهُ لِنَصِّ الْمَالِكِيَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ كَالْبَيْتِ وَقَدْ نَصُّوا

(لَا فَرْضٌ) فَلَا يَجُوزُ فِيهَا وَلَا فِي الْحِجْرِ وَإِذَا وَقَعَ فِيهِمَا (فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ) وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ (وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ) أَيْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ عَلَى النَّاسِي وَأَمَّا الْعَامِدُ أَوْ الْجَاهِلُ فَيُعِيدُ أَبَدًا (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَبَطَل فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا) فَيُعَادُ أَبَدًا وَمَفْهُومُ فَرْضٍ جَوَازُ النَّفْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْجَلَّابِ قَائِلًا لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ إنْ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ السُّنَنَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَمَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْفَرْضِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الصَّلَاةِ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ يُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَالصَّلَاةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى ظَهْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَمِنْ ثَمَّ نَصَّ تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ عَلَى بُطْلَانِ السُّنَنِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا عَلَى ظَهْرِهَا كَالْفَرْضِ فَيُخَصُّ مَا فِي الْجَلَّابِ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّفْلِ عَلَى أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ أَطْلَقَ الْمَنْعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْفَرْضِ عَلَى الدَّابَّةِ بَاطِلَةً إلَّا فِي مَسَائِلَ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (كَالرَّاكِبِ) أَيْ كَبُطْلَانِ صَلَاةِ فَرْضٍ لِرَاكِبٍ لِتَرْكِهِ كَثِيرًا مِنْ فَرَائِضِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلِذَلِكَ اسْتَثْنَوْا أَرْبَابَ الْأَعْذَارِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِالْتِحَامٍ) فِي قِتَالِ عَدُوٍّ كَافِرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ قِتَالٍ جَائِزٍ (أَوْ) لِأَجْلِ (خَوْفٍ مِنْ كَسَبُعٍ) أَوْ لِصٍّ إنْ نَزَلَ عَنْهَا فَيُصَلِّي إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْجَوَازِ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ لِبَابِهِ مَفْتُوحًا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ شَيْئًا فَكَذَا يُقَالُ فِي الْحِجْرِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّشْبِيهُ اهـ قَالَ بْن وَفِيمَا قَالَهُ طفى نَظَرٌ فَإِنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ وَالْقَرَافِيِّ صَرِيحٌ فِي مَنْعِ الصَّلَاةِ إلَى الْحِجْرِ خَارِجَهُ وَصَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَحِينَئِذٍ فَمَنْعُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَهَذَا لَا يُدْفَعُ بِظَاهِرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ظُهُورِ التَّخْصِيصِ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا فَرْضٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ عَيْنِيًّا أَوْ كِفَائِيًّا كَالْجِنَازَةِ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا تُعَادُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا لَا تُعَادُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ فِيهَا وَلَا فِي الْحِجْرِ) أَيْ يَحْرُمُ وَقِيلَ يُكْرَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ فِي فِعْلِهِ فِيهِمَا خِلَافٌ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ فِي كُلٍّ وَتَزِيدُ السُّنَّةُ قَوْلًا بِالْجَوَازِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا وَقَعَ) أَيْ وَإِذَا فُعِلَ الْفَرْضُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ) أَيْ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِي الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَمَا فِي عبق نَقْلًا عَنْ ح مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ فَهُوَ اسْتِظْهَارٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ) الْمُرَادُ بِهِ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ بِالْإِطْلَاقِ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا) أَيْ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: فَيُعَادُ أَبَدًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ قِطْعَةٌ مِنْ حَائِطِ سَطْحِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ اسْتِقْبَالُ جُمْلَةِ الْبِنَاءِ لَا بَعْضِهِ وَلَا الْهَوَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّمَا يُعَادُ فِي الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى كِفَايَةِ اسْتِقْبَالِ هَوَاءِ الْبَيْتِ أَوْ اسْتِقْبَالِ قِطْعَةٍ مِنْ الْبِنَاءِ وَلَوْ مِنْ حَائِطِ سَطْحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ فَرْضِ جَوَازِ النَّفْلِ) الْأَوْلَى وَمَفْهُومُ فَرْضِ عَدَمِ بُطْلَانِ النَّفْلِ وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا فِي الْجَلَّابِ قَائِلًا لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى كِفَايَةِ اسْتِقْبَالِ الْهَوَاءِ أَوْ اسْتِقْبَالِ قِطْعَةٍ مِنْ الْبِنَاءِ وَلَوْ مِنْ حَائِطِ سَطْحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ يُعَادُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَالسُّنَنُ لَا تُعَادُ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا صَلَّى فِيهَا كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِحَائِطٍ مِنْهَا وَإِذَا صَلَّى عَلَى ظَهْرِهَا كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِهَوَائِهَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهَا) أَيْ مِنْ النَّوَافِلِ الْمُؤَكَّدَةِ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: أَطْلَقَ الْمَنْعَ) أَيْ فَقَالَ وَتُمْنَعُ الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِهَا وَظَاهِرُهُ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا كَانَ النَّفَلُ سُنَّةً أَوْ لَا مُؤَكَّدًا أَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى ظَهْرِهَا مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا النَّفَلُ فَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَالْجَوَازُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ وَالْمَنْعُ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا الْأَخِيرُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ الصَّلَاةِ تَحْتَ الْكَعْبَةِ فِي حُفْرَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحُكْمَ بُطْلَانُهَا مُطْلَقًا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْمَسْجِدِ لَا يُعْطَى حُكْمَهُ بِحَالٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ الدُّخُولُ تَحْتَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الطَّيَرَانُ فَوْقَهُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ كَبُطْلَانِ صَلَاةِ فَرْضٍ لِرَاكِبٍ) أَيْ صَحِيحٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا لِمَرِيضٍ لَا يُطِيقُ إلَخْ وَمَحِلُّ الْبُطْلَانِ إذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ أَوْ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مِنْ جُلُوسٍ وَأَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ قَائِمًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ كَانَتْ صَحِيحَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ قِتَالٍ جَائِزٍ) أَيْ لِأَجْلِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ وَهَذَا بَيَانٌ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ غَيْرِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْلِ خَوْفٍ مِنْ كَسَبُعٍ أَوْ لِصٍّ إنْ نَزَلَ عَنْهَا) قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا الْخَائِفُ مِنْ سِبَاعٍ وَنَحْوِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ مُوقِنٌ بِانْكِشَافِ الْخَوْفِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَيَائِسٌ مِنْ انْكِشَافِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَرَاجٍ لِانْكِشَافِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَالْأَوَّلُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ لِآخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَالثَّانِي يُصَلِّي عَلَيْهَا أَوَّلَهُ وَالثَّالِثُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا لِوَسَطِهِ (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي إيمَاءً) أَيْ بِالْإِيمَاءِ وَيُومِئُ لِلْأَرْضِ لَا لِقَرَبُوسِ الدَّابَّةِ وَقَوْلُهُ: لِلْقِبْلَةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَوَجِّهًا لِلْقِبْلَةِ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّوَجُّهِ

(وَإِنْ لِغَيْرِهَا) حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَاحْتَرَزَ بِالِالْتِحَامِ مِنْ صَلَاةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ لِإِمْكَانِ النُّزُولِ عَنْهَا (وَإِنْ أَمِنَ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ أَمَانٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا (أَعَادَ الْخَائِفُ) مِنْ كَسَبُعٍ (بِوَقْتٍ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ إنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ مَا خَافَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَا إعَادَةَ وَأَمَّا الْمُلْتَحِمُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (وَإِلَّا) رَاكِبًا (لِخَضْخَاضٍ) أَيْ فِيهِ (لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ) أَيْ فِيهِ وَخَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَيُؤَدِّي فَرْضَهُ رَاكِبًا لِلْقِبْلَةِ فَإِنْ أَطَاقَ النُّزُولَ بِهِ لَزِمَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا عَلَى الْأَرْضِ إيمَاءً لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ وَخَشْيَةُ تَلَطُّخِ الثِّيَابِ تُوجِبُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً كَمَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ انْتَهَى فَخِلَافُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (أَوْ) إلَّا (لِمَرَضٍ) يُطِيقُ النُّزُولَ مَعَهُ (وَ) هُوَ (يُؤَدِّيهَا) أَيْ صَلَاةَ الْفَرْضِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً (كَالْأَرْضِ) أَيْ كَمَا يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْإِيمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْإِيمَاءُ بِالْأَرْضِ أَتَمَّ (فَلَهَا) أَيْ فَيُصَلِّيهَا لِلْقِبْلَةِ بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ الدَّابَّةُ لَهُ فِي صُورَتَيْ الْخِضْخَاضِ وَالْمَرَضِ وَيُومِئُ بِالسُّجُودِ لِلْأَرْضِ لَا إلَى كَوْرِ رَاحِلَتِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالْأَرْضِ وَلَوْ مِنْ جُلُوسٍ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ وَأَمَّا مَنْ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ عَنْهَا فَيُصَلِّيهَا عَلَيْهَا وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ يُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عَادَةً (وَفِيهَا كَرَاهَةٌ) الْفَرْعُ (الْأَخِيرُ) مِنْ الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ أَيْ الْمَرِيضُ الْمُؤَدِّي لَهَا عَلَى الدَّابَّةِ كَالْأَرْضِ يُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهَا لَمْ تُصَرَّحْ بِالْكَرَاهَةِ وَإِنَّمَا قَالَ لَا يُعْجِبُنِي فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَوْ قَالَ وَفِيهَا فِي الْأَخِيرِ لَا يُعْجِبُنِي وَهَلْ عَلَى الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَأْوِيلَانِ لَأَفَادَ ذَلِكَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ أَرْكَانِهَا فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِغَيْرِهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَسَبُعٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ اللِّصَّ (قَوْلُهُ: لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ) أَيْ وَلِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَلِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُلْتَحِمُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا يُخَافُ مِنْهُ بِأَنْ ظَنَّ جَمَاعَةٌ أَعْدَاءً فَبَعْدَ الِالْتِحَامِ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَعْدَاءً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَائِفِ مِنْ كَسَبُعٍ وَالْمُلْتَحِمِ قُوَّةُ الْمُلْتَحِمِ بِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ وَالْخَوْفُ مِنْ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ مَقِيسٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَاكِبٌ لِخَضْخَاضٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا وَفَرْضُ الرِّسَالَةِ ذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْخِضْخَاضَ هُوَ الطِّينُ الْمُخْتَلِطُ بِمَاءٍ وَمِثْلُ الْخِضْخَاضِ الْمَاءُ وَحْدَهُ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ إطَاقَةِ النُّزُولِ بِهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ) أَيْ لِخَوْفِ غَرَقِهِ كَمَا قَالَ النَّاصِرُ أَوْ لِخَوْفِ غَرَقِهِ أَوْ تَلَوُّثِ ثِيَابِهِ كَمَا قَالَ تت (قَوْلُهُ: فَيُؤَدِّي فَرْضُهُ) أَيْ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ قَائِمًا بِالْإِيمَاءِ وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَإِلَّا رَكَعَ وَأَوْمَأَ لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَخَشْيَةُ تَلَطُّخِ الثِّيَابِ) أَيْ إذَا صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ بِالسُّجُودِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: تُوجِبُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الدَّابَّةِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا عَلَى الْأَرْضِ إذَا كَانَ غَيْرَ رَاكِبٍ وَهَلْ تُقَيَّدُ الثِّيَابُ بِمَا إذَا كَانَ يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ أَمْ لَا الثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَصًّا وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ تَخْرِيجًا وَهُوَ يُفِيدُ ضَعْفَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَخِلَافُهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ يَسْجُدُ وَإِنْ تَلَطَّخَتْ ثِيَابُهُ وَقَوْلُهُ: لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش تَبَعًا لعج مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ عَنْ الدَّابَّةِ لِخَوْفِ الْغَرَقِ فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ وَإِنْ خَافَ النُّزُولَ مِنْ عَلَى الدَّابَّةِ لِتَلَطُّخِ ثِيَابِهِ فَلَا يُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ النَّاصِرِ بَلْ عَلَى الْأَرْضِ وَعِنْدَ تت يُبَاحُ لَهُ صَلَاتُهُ بِالْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا إذَا كَانَ يُطِيقُ النُّزُولَ لِلْأَرْضِ أَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ غَيْرَ رَاكِبٍ وَكَانَ إذَا صَلَّى بِالْإِيمَاءِ لَا يَخْشَى تَلَوُّثَ ثِيَابِهِ وَإِنْ صَلَّى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَخْشَى تَلَوُّثَهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ يُبَاحُ صَلَاتُهُ بِالْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ إنْ كَانَ رَاكِبًا وَعَلَى الْأَرْضِ إنْ كَانَ غَيْرَ رَاكِبٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: يُطِيقُ النُّزُولَ مَعَهُ) أَيْ عَنْ الدَّابَّةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ يُؤَدِّيهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُؤَدِّيهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فَيُصَلِّيهَا لِلْقِبْلَةِ) يَعْنِي عَلَى الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالْأَرْضِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهُوَ يُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ نُزُولُهُ عَنْهَا وَصَلَاتُهُ بِالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ لَا يُطِيقُ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ يُطِيقُ النُّزُولَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ) أَيْ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَرِيضٌ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِالْأَرْضِ وَإِذَا نَزَلَ حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ يَنْزِلُ (قَوْلُهُ: فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَنْعِ) أَيْ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ لَكِنْ تَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ بِتَأْوِيلٍ آخَرَ فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُعْجِبُنِي أَيْ إذَا صَلَّى حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ الدَّابَّةُ

[فصل فرائض الصلاة]

دَرْسٌ] (فَصْلُ) (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ) أَيْ أَرْكَانُهَا وَأَجْزَاؤُهَا الْمُتَرَكِّبَةُ هِيَ مِنْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً أَوَّلُهَا (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَلَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ إمَامُهُ كَالْفَاتِحَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفَرَائِضِ عَدَمُ الْحَمْلِ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحَمْلِ الْفَاتِحَةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَإِضَافَةُ تَكْبِيرَةٍ لِلْإِحْرَامِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ إنْ قُلْنَا إنَّ الْإِحْرَامَ عِبَارَةٌ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَمِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى مُصَاحِبِهِ إنْ قُلْنَا إنَّهُ النِّيَّةُ فَقَطْ وَأَصْلُ الْإِحْرَامِ الدُّخُولُ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُنَافِيهَا. (تَنْبِيهٌ) الصَّلَاةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ فَجَمِيعُ أَقْوَالِهَا لَيْسَتْ بِفَرَائِضَ إلَّا ثَلَاثَةً تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالْفَاتِحَةَ وَالسَّلَامَ وَجَمِيعُ أَفْعَالِهَا فَرَائِضُ إلَّا ثَلَاثَةً رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ وَالتَّيَامُنَ بِالسَّلَامِ. (وَ) ثَانِيهَا (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ غَيْرِ الْمَسْبُوقِ فَلَا يُجْزِي إيقَاعُهَا جَالِسًا أَوْ مُنْحَنِيًا (إلَّا لِمَسْبُوقٍ) ابْتَدَأَهَا حَالَ قِيَامِهِ وَأَتَمَّهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي الِاعْتِدَالِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ وَهُمَا جَارِيَانِ فِيمَنْ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا لَوْ وَقَفَتْ لَهُ اسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ لَجَازَ وَهُوَ وِفَاقٌ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ بْن. [فَصْلُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ] (فَصْلٌ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ: فَرَائِضُ الصَّلَاةِ) مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ بَعْضُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هَيْئَةٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنْ فَرَائِضَ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: خَمْسَ عَشْرَةَ) أَيْ وِفَاقًا وَخِلَافًا لِأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ وَالِاعْتِدَالَ وَقَعَ فِيهِمَا خِلَافٌ وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيضَةِ هُنَا مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ صَلَاةَ الصَّبِيِّ لَا مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَإِلَّا لَخَرَجَتْ صَلَاةُ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ) فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ شَكَّ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ كَانَ شَكُّهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ كَبَّرَهَا بِغَيْرِ سَلَامٍ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقِرَاءَةَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ وَإِذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ شَكِّهِ أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ جَرَى عَلَى مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ وَإِنْ كَانَ الشَّاكُّ إمَامًا فَقَالَ سَحْنُونٌ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَإِذَا سَلَّمَ سَأَلَهُمْ فَإِنْ قَالُوا لَهُ أَحْرَمْت رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ وَإِنْ شَكُّوا أَعَادَ جَمِيعُهُمْ ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا جَرَى فِي الْفَذِّ يَجْرِي فِي الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: عِبَارَةٌ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ) أَيْ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا إنَّهُ) أَيْ الْإِحْرَامُ النِّيَّةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْإِحْرَامِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ نُقِلَ لَفْظُ الْإِحْرَامِ لِلنِّيَّةِ أَوْ لِمَجْمُوعِ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يَدْخُلُ بِهِمَا فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ) أَيْ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا يَجِبُ الْقِيَامُ لَهَا وَكَذَا لَا يَجِبُ فِي الْفَرْضِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِي إيقَاعُهَا) أَيْ فِي الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ جَالِسًا أَوْ مُنْحَنِيًا أَيْ وَلَا قَائِمًا مُسْتَنِدَ الْعِمَادِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقِيَامُ اسْتِقْلَالًا (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَهَا) أَيْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهَا حَالَ الِانْحِطَاطِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ) بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ فَصْلٌ أَصْلًا أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ فَصْلٌ يَسِيرٌ فَهَذِهِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ: فَتَأْوِيلَانِ) أَيْ فَفِي فَرْضِيَّةِ الْقِيَامِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ تَأْوِيلَانِ وَسَبَبُهُمَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ لِلرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ أَجْزَأَهُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ يَصِحُّ وَإِنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لِلرُّكُوعِ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَسْبُوقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَى الثَّانِي يَسْقُطُ عَنْهُ ثُمَّ إنَّ عج وَمَنْ تَبِعَهُ جَعَلُوا ثَمَرَةَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ تَرْجِعُ لِلِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ عَنْهُ وَأَمَّا ح فَجَعَلَ ثَمَرَةَ التَّأْوِيلَيْنِ تَرْجِعُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَبُطْلَانِهَا وَهُوَ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ عج أَقْوَى

الْعَقْدَ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَهُ حَالَ الِانْحِطَاطِ وَأَتَمَّهُ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ فَالرَّكْعَةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَصَحِيحَةٌ فِي الْقِسْمَيْنِ فَإِنْ حَصَلَ فَصْلٌ بَطَلَتْ فِيهَا فَحَقُّ التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِمَسْبُوقٍ وَفِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ إنْ ابْتَدَأَهُ حَالَ قِيَامِهِ تَأْوِيلَانِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ (وَإِنَّمَا يُجْزِئُ اللَّهُ أَكْبَرُ) بِتَقْدِيمِ الْجَلَالَةِ وَمَدِّهَا مَدًّا طَبِيعِيًّا بِالْعَرَبِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْتَنَدًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: الْعَقْدَ) أَيْ الْإِحْرَامَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَيْ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا مَعَ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِالتَّكْبِيرِ مُجَرَّدَ الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَمَادَى لَحِقَ الْإِمَامَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا انْصَرَفَ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا ابْتَدَأَهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ) أَيْ كَثِيرٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ فَصْلٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ فَصْلٌ يَسِيرٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ الرَّكْعَةُ فِيهَا بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَسَوَاءً نَوَى فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بِالتَّكْبِيرِ الْإِحْرَامَ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ فِيهَا الرَّكْعَةُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: فِي الْقِسْمَيْنِ) الْقَسَمُ الْأَوَّلُ مَا إذَا ابْتَدَأَ التَّكْبِيرَ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي مَا إذَا ابْتَدَأَهُ حَالَ الِانْحِطَاطِ وَإِنَّمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مَعَ عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِحْرَامُ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الِاعْتِدَادِ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الْإِحْرَامِ فَكَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي إحْرَامِهَا بِتَرْكِ الْقِيَامِ لَهُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَا مِنْ أَرْكَانِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْقِيَامُ فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ فَكَانَ الْإِحْرَامُ حَصَلَ حَالَ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ فَتَكُونُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَالشَّرْطُ الَّذِي هُوَ الْقِيَامُ مُقَارِنٌ لِلْمَشْرُوطِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ حُكْمًا وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَحْرَمَ فِي رُكُوعِهَا فَإِنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُقَارِنْ فِيهَا الْمَشْرُوطَ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِعَدَمِ وُجُودِهِ كَذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا حَكَمُوا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقِيَامَ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ غَيْرُ فَرْضٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ إنَّمَا جَاءَ لِلْخَلَلِ فِي رُكُوعِهَا حَيْثُ أَدْمَجَ الْفَرْضَيْنِ الثَّانِيَ فِي الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرِ وَعَلَى هَذَا فَالْقِيَامُ لِلتَّكْبِيرِ إنَّمَا وَجَبَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ لَهُ الرُّكُوعُ فَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ فَصْلٌ) أَيْ كَثِيرٌ بَطَلَتْ أَيْ الصَّلَاةُ بِتَمَامِهَا فِيهِمَا أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ وَتَحْتَ هَذَا صُوَرٌ سِتَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبْتَدِئَ التَّكْبِيرَ حَالَةَ الْقِيَامِ وَيُتِمَّهُ بَعْدَ الِانْحِطَاطِ مَعَ فَصْلٍ كَثِيرٍ أَوْ يَبْتَدِئَهُ فِي حَالَةِ الِانْحِطَاطِ بَعْدَهُ مَعَ الْفَصْلِ الْكَثِيرِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالتَّكْبِيرِ الْإِحْرَامَ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَذِهِ سِتَّةٌ فَجُمْلَةُ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: فَحَقُّ التَّعْبِيرِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْقِيَامَ لِلْإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ اتِّفَاقًا وَأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّأْوِيلَانِ فِي فَرْضِيَّةِ الْقِيَامِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ لَهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا الِاعْتِدَادُ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهَا عَلَى مَا قَالَ عج وَصِحَّةُ الصَّلَاةِ وَبُطْلَانُهَا عَلَى مَا قَالَ ح وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُجْزِئُ اللَّهُ أَكْبَرُ) لَمَّا كَانَ مَعْنَى التَّكْبِيرِ التَّعْظِيمَ فَيُوهِمُ إجْزَاءَ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَ انْحِصَارِ الْمُجْزِي مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ إلَخْ أَيْ إنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُجْزِئُهُ

مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِكَلِمَةِ تَعْظِيمٍ فَلَا يُجْزِي أَكْبَرُ اللَّهُ أَوْ اللَّهُ الْعَظِيمُ أَكْبَرُ أَوْ بِمُرَادِفِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْعَجَمِيَّةِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ النُّطْقِ بِهَا لِخَرَسٍ أَوْ عُجْمَةٍ (سَقَطَ) التَّكْبِيرُ عَنْهُ كَكُلِّ فَرْضٍ عَجَزَ عَنْهُ فَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهِ لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَعْضِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى. (وَ) ثَالِثُهَا (نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ) بِأَنْ يَقْصِدَ بِقَلْبِهِ أَدَاءَ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا وَالتَّعْيِينُ إنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْفَجْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَيَنْصَرِفُ لِلضُّحَى إنْ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلِرَاتِبِ الظُّهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ حِينَ الدُّخُولِ فِيهِ وَلِلتَّهَجُّدِ إنْ كَانَ فِي اللَّيْلِ وَلِلْإِشْفَاعِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْوِتْرِ (وَلَفْظُهُ) أَيْ تَلَفُّظُ الْمُصَلِّي بِمَا يُفِيدُ النِّيَّةَ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت صَلَاةَ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا (وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ شَيْءٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّعْظِيمِ إلَّا لَفْظَ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا غَيْرُهُ مِنْ اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ أَوْ الْكَبِيرُ أَوْ الْأَكْبَرُ لِلْعَمَلِ وَلِأَنَّ الْمَحِلَّ مَحَلُّ تَوْقِيفٍ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا بِهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لِسَائِرِ اللُّغَاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا) قَالَ عبق وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ أَكْبَرُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ اهـ وَقَدْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُضِرٌّ إذْ لَا يُعْطَفُ الْخَبَرُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مُتَعَبَّدٌ بِهِ وَنَحْوُهُ نُقِلَ عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ اهـ بْن نَعَمْ لَا يَضُرُّ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ وَاوًا وَلَوْ لِغَيْرِ الْعَامَّةِ كَإِشْبَاعِ الْبَاءِ وَتَضْعِيفِ الرَّاءِ عَلَى الظَّاهِرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَمَّا نِيَّةُ أَكْبَارٍ جَمْعِ كُبَرٍ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ فَكُفْرٌ وَلْيُحْذَرْ مِنْ مَدِّ هَمْزَةِ الْجَلَالَةِ فَيَصِيرُ اسْتِفْهَامًا كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُرَادِفِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ) بِأَنْ يَقُولَ الذَّاتُ الْوَاجِبَةُ الْوُجُودُ أَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ أَعْظَمُ أَوْ أَجَلُّ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْعَجَمِيَّةُ أَيْ كخداي أَكْبَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ جُمْلَةً (قَوْلُهُ: سَقَطَ التَّكْبِيرُ عَنْهُ) أَيْ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِنِيَّةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَدْخُلُهَا بِمُرَادِفِهِ مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى وَكَمَا يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْبِيرُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ لَهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى) أَيْ الْعَاجِزُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا عَرَبِيَّةً وَقَوْلُهُ: بِمُرَادِفِهِ أَيْ مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَقَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى) أَيْ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ سَوَاءً دَلَّ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ كَأَنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى لَفْظِ اللَّهِ أَوْ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ مِثْلِ بَرٍّ بِمَعْنَى مُحْسِنٍ وَأَمَّا إنْ دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْطِقُ بِهِ مِثْلِ كبر أَوْ كر وَكَذَا إذَا كَانَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى لِكَوْنِهِ مِنْ الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي بِهِ طَرِيقَةٌ لعج وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ إذَا لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الْبَعْضِ فَلَا يَأْتِي بِهِ وَأَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ) فِي الْمَوَّاقِ وح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّعْيِينَ لَهَا يَتَضَمَّنُ الْوُجُوبَ وَالْأَدَاءَ وَالْقُرْبَةَ فَهُوَ يُغْنِي عَنْ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّ اسْتِحْضَارَ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ أَكْمَلُ اهـ بْن قَالَ فِي المج وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّعْيِينِ نِيَّةُ الْيَوْمِ وَمَا يَأْتِي فِي الْفَوَائِتِ وَإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ فَلِيَكُونَ سُلْطَانُ وَقْتِهَا خَرَجَ فَاحْتِيجَ فِي تَعْيِينِهَا لِمُلَاحَظَتِهِ وَأَمَّا الْوَقْتُ الْحَالُّ فَلَا يُقْبَلُ الِاشْتِرَاكُ فَتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ) أَيْ الْخَمْسِ الْوِتْرِ وَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَلَا يَكْفِي فِي الْفَرَائِضِ نِيَّةُ مُطْلَقِ الْفَرْضِ وَلَا فِي السُّنَنِ نِيَّةُ مُطْلَقِ السُّنَّةِ فَإِذَا أَرَادَ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَقَالَ نَوَيْت صَلَاةَ الْفَرْضِ وَلَمْ يُلَاحِظْ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ الظُّهْرُ لَمْ تَجُزْ وَكَانَتْ بَاطِلَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي السُّنَنِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ التَّعْيِينِ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ عَنْ الظُّهْرِ فَإِنَّهَا تَجُوزُ عَنْ الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الظُّهْرَ جُمُعَةٌ فَنَوَاهَا أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْجُمُعَةَ ظُهْرٌ فَنَوَاهُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْبُطْلَانُ فِيهِمَا وَالصِّحَّةُ فِيهِمَا وَالْمَشْهُورُ التَّفْصِيلُ إنْ نَوَى الْجُمُعَةَ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ أَجْزَأَ دُونَ الْعَكْسِ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ أَكْثَرُ مِنْ شُرُوطِ الظُّهْرِ وَنِيَّةُ الْأَخَصِّ تَسْتَلْزِمُ نِيَّةَ الْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَا يَخْلُو عَنْ تَسَمُّحٍ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَانِ وَالظُّهْرَ أَرْبَعٌ فَلَا خُصُوصَ

بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى. وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَلَفَّظَ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَحِلُّهَا الْقَلْبُ وَلَا مَدْخَلَ لِلِّسَانِ فِيهَا (وَإِنْ) تَلَفَّظَ وَ (تَخَالَفَا) أَيْ خَالَفَ لَفْظُهُ نِيَّتَهُ (فَالْعَقْدُ) أَيْ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَا اللَّفْظُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَمُتَلَاعِبٌ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (وَالرَّفْضُ) لِلصَّلَاةِ وَهُوَ نِيَّةُ إبْطَالِ الْعَمَلِ (مُبْطِلٌ) لَهَا اتِّفَاقًا إنْ وَقَعَ فِي الْأَثْنَاءِ وَعَلَى أَحَدِ مُرَجِّحَيْنِ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَأَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَالصَّوْمُ كَالصَّلَاةِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلُهُ: (كَسَلَامٍ) أَوْقَعَهُ عَقِبَ اثْنَيْنِ مِنْ رَبَاعِيَةٍ مَثَلًا لِظَنِّهِ الْإِتْمَامَ وَإِتْمَامٌ فِي الْوَاقِعِ (أَوْ ظَنِّهِ) أَيْ ظَنِّ السَّلَامِ لِظَنِّهِ الْإِتْمَامَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْءٌ فِي الْوَاقِعِ (فَأَتَمَّ) يَعْنِي أَحْرَمَ فِي الصُّورَتَيْنِ (بِنَفْلٍ) أَوْ فَرْضٍ فَالْأَوْلَى لَوْ قَالَ فَشَرَعَ بِصَلَاةٍ بَطَلَتْ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (إنْ طَالَتْ) الْقِرَاءَةُ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ بِأَنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ لَمْ يَرْكَعْ (أَوْ رَكَعَ) بِالِانْحِنَاءِ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ وَإِذَا بَطَلَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ فَيُتِمُّ النَّفَلَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ أَوْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَيَقْطَعُ الْفَرْضَ الْمَشْرُوعَ فِيهِ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً وَإِنَّمَا وَجَبَ إتْمَامُ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً لِأَنَّ النَّفَلَ إذَا لَمْ نَقُلْ بِإِتْمَامِهِ يَفُوتُ إذْ لَا يُقْضَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا عُمُومَ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَوْضُوعَ عِنْدَ الِالْتِبَاسِ لَا عِنْدَ التَّعَمُّدِ فَلَا يُجْزِي قَوْلًا وَاحِدًا لِلتَّلَاعُبِ وَالْأَوْلَى عِنْدَ الِالْتِبَاسِ أَنْ يُحْرِمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا فَإِنْ خَالَفَ جَرَى فِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنًى خِلَافِ الْأَوْلَى) لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُوَسْوِسُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّلَفُّظُ بِمَا يُفِيدُ النِّيَّةَ لِيَذْهَبَ عَنْهُ اللُّبْسُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَهَذَا الْحَلُّ الَّذِي حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى وَاسِعٍ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّلَفُّظِ هُوَ الَّذِي حَلَّ بِهِ بَهْرَامُ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَخِلَافِهِ تَقْرِيرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ التَّلَفُّظَ وَعَدَمَهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ ثَانِيهِمَا أَنَّ مَعْنَى وَاسِعٍ أَنَّهُ غَيْرُ مُضَيَّقٍ فِيهِ فَإِنْ شَاءَ قَالَ أُصَلِّي فَرْضَ الظُّهْرِ أَوْ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَوَيْت أُصَلِّي وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْعَقْدُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ) أَيْ وَيَجِبُ تَمَادِيهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا سَوَاءً تَذَكَّرَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ بَعْدَهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ إذَا خَالَفَ لَفْظُهُ نِيَّتَهُ نِسْيَانًا كَمَا قَالَهُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: فَمُتَلَاعِبٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَصَقَ تَلَاعُبُهُ بِالصَّلَاةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَلَاعِبِ فِيهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَاهِلَ مُلْحَقٌ هُنَا بِالْعَامِدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا إنْ وَقَعَ فِي الْأَثْنَاءِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الْأَثْنَاءِ مُبْطِلٌ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ عَلَى الْمَشْهُورِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَعَلَى أَحَدِ مُرَجِّحَيْنِ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّفْضَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا قِيلَ إنَّهُ يُبْطِلُهَا وَرَجَّحَهُ الْقَرَافِيُّ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُبْطِلُهَا وَرَجَّحَهُ سَنَدٌ وَابْنُ جَمَاعَةَ وَابْنُ رَاشِدٍ وَاللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ كَالصَّلَاةِ) أَيْ فِي بُطْلَانِهِ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا رَفَضَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَأَمَّا إذَا رَفَضَ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَأَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ: كَسَلَامٍ أَوْقَعَهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا شَيْءٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إتْمَامٌ وَلَا سَلَامٌ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِأَتَمَّ دُونَ أَحْرَمَ أَوْ شَرَعَ نَظَرًا لِكَوْنِ إحْرَامِهِ بِالنَّافِلَةِ وَشُرُوعِهِ فِيهَا إتْمَامًا لِلصَّلَاةِ الْأُولَى فِي الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى لَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا يَقِينًا) أَيْ وَهِيَ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا بِالْفِعْلِ لِظَنِّهِ إتْمَامَهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا أَيْ وَاَلَّتِي خَرَجَ مِنْهَا ظَنًّا وَهِيَ الَّتِي ظَنَّ السَّلَامَ مِنْهَا لِظَنِّهِ إتْمَامَهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَلَيْسَ طُولًا كَمَا قَالَ عج وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشُّرُوعَ فِي السُّورَةِ طُولٌ وَلَوْ دَرَجَ فِي الْقِرَاءَةِ وَأَنَّ مُجَرَّدَ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ لَيْسَ طُولًا وَلَوْ مَطَّطَ فِي الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يُطِلْ) أَيْ كَمَا لَوْ رَكَعَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَوْ رَكَعَ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ لِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ سَاقِطَةً عَنْهُ لِعَجْزِهِ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُنْدَبُ لَهُ الْفَصْلُ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ فَقَوْلُهُ: أَوْ رَكَعَ أَيْ وَلَوْ بِدُونِ قِرَاءَةٍ كَعَاجِزٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَطَلَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا لِكَوْنِهِ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ أَوْ رَكَعَ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ مَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ الْأُولَى خَرَجَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (قَوْلُهُ: فَيُتِمُّ النَّفَلَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءً تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً أَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَ عَقْدِهَا إنْ كَانَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ مُتَّسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ إيقَاعُ الْفَرْضِ فِيهِ بَعْدَ إتْمَامِ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَقَدَ رَكْعَةً) أَيْ مِنْ النَّفْلِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَيْ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ فَإِنْ ضَاقَ وَقْتُ الْفَرْضِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً مِنْ النَّفْلِ قَطَعَهُ فَالنَّفَلُ يُتِمُّهُ فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ وَيَقْطَعُهُ فِي حَالَةٍ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً) أَيْ وَكَانَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ مُتَّسِعًا وَإِلَّا قَطَعَ مِنْ غَيْرِ إشْفَاعٍ كَمَا أَنَّهُ يَقْطَعُهُ مِنْ غَيْرِ إشْفَاعٍ إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً مِنْ الْفَرْضِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ كَانَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ مُتَّسِعًا أَوْ لَا فَقَطْعُ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ إشْفَاعٍ فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ فِي حَالَةٍ

وَقِيلَ إنَّ إتْمَامَ الْفَاتِحَةِ طُولٌ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي السُّورَةِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: أَوْ رَكَعَ عَلَى مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْفَاتِحَةُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: إنْ طَالَتْ مَحْمُولًا عَلَى مَنْ يَحْفَظُهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ رَكَعَ إذَا لَمْ يَحْفَظْهَا وَاسْتُبْعِدَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ وَلَمْ يَرْكَعْ (فَلَا) تَبْطُلُ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا الْفَرْضَ فَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَمْسَ مَسَائِلَ فَقَالَ (كَأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ) أَيْ السَّلَامَ بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا فَلَا تَبْطُلُ وَيُجْزِئُهُ مَا صَلَّى بِنِيَّةِ النَّفْلِ عَنْ فَرْضِهِ (أَوْ عَزَبَتْ) نِيَّتُهُ أَيْ غَابَتْ ذَهَبَتْ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا وَلَوْ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ تَقَدَّمَ صَلَاتَهُ فَلَا تَبْطُلُ لِمَشَقَّةِ الِاسْتِصْحَابِ وَكُرِهَ التَّفَكُّرُ بِدُنْيَوِيٍّ (أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ عَدَدَهَا إذْ كُلُّ صَلَاةٍ تَسْتَلْزِمُ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا (أَوْ) لَمْ (يَنْوِ الْأَدَاءَ) فِي حَاضِرَةٍ (أَوْ ضِدِّهِ) وَهُوَ الْقَضَاءُ فِي فَائِتَةٍ بَلْ أَطْلَقَ لِاسْتِلْزَامِ الْوَقْتِ الْأَدَاءَ وَعَدَمِهِ الْقَضَاءَ. (وَ) رَابِعُهَا (نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ) لِإِمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَتَابَعَهُ مُتَابَعَةَ الْمَأْمُومِ بِأَنْ يَتْرُكَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا بَطَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّ تَمَامَ الْفَاتِحَةِ طُولٌ وَلَوْ لَمْ يَشْرَعْ فِي السُّورَةِ) هَذَا الْقَوْلُ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ أَنَّهُ يُلْغَى ذَلِكَ الَّذِي عَمِلَهُ وَيَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا الْفَرْضَ (قَوْلُهُ: فَيَجْلِسُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الْفَاتِحَةَ) أَيْ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ لِفَرْضِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ) أَيْ وَتَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهَا أَنَّهُ فِيهِمَا قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْفَرْضِ لِحُصُولِ السَّلَامِ مِنْهُ أَوْ ظَنَّهُ وَفِي هَذِهِ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ الْخُرُوجِ مِنْ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا ظَنَّ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ فَتَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ لِذَلِكَ سَهْوًا وَأَمَّا لَوْ تَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ عَمْدًا فَإِنْ قَصَدَ بِنِيَّتِهِ رَفْعَ الْفَرِيضَةِ وَرَفْضَهَا بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ رَفْضَهَا لَمْ تَكُنْ نِيَّتُهُ الثَّانِيَةِ مُنَافِيَةً لِلْأُولَى كَذَا فِي ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَوَّاقِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّوْمِ أَوْ رَفَعَ نِيَّتَهُ نَهَارًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ مِنْ أَنَّهُ مَنْ حَالَتْ نِيَّتُهُ إلَى نَافِلَةٍ عَمْدًا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَفْسَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ اهـ فَقَدْ أَطْلَقَ فِي الْعَامِدِ الْبُطْلَانَ وَلَمْ يُفَصِّلْ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ اُنْظُرْ بْن. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ وَإِجْزَاءِ مَا صَلَّى بِنِيَّةِ النَّفْلِ عَنْ فَرْضِهِ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لِتَرْجِيحِهِ عِنْدَهُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ مِنْ بُطْلَانِ تِلْكَ الصَّلَاةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ تَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ مِنْ فَرِيضَةٍ إلَى نَافِلَةٍ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ وَعَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَ ابْنِ فَرْحُونٍ وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَصَحِيحَةُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ وَتَحَوَّلَتْ نِيَّتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ تَحَوُّلِ نِيَّتِهِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ فَقَالَ أَشْهَبُ تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا تَجْزِيهِ نَفْلَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ عَزَبَتْ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاغِلِ عَنْ اسْتِصْحَابِهَا تَفَكُّرُهُ بِدُنْيَوِيٍّ أَوْ أُخْرَوِيٍّ مُتَقَدِّمًا عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ طَارِئًا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ) أَيْ إنَّ مَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فِي نِيَّتِهِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي نِيَّةِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَوْلَانِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِنِيَّةِ عَدَدِهَا أَوْ لَا وَأَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نِيَّةِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَوَى عَدَدًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ وَحُكْمُ التَّخْيِيرِ بَاقٍ فِي حَقِّهِ وَذَلِكَ كَالْمُسَافِرِ يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِنِيَّةِ صَلَاةِ السَّفَرِ وَأَرَادَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إتْمَامَهَا أَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ وَأَرَادَ فِي أَثْنَائِهَا الْقَصْرَ هَلْ يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ وَحُكْمُ التَّخْيِيرِ بَاقٍ فِي حَقِّهِ وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى وَفِي لُزُومِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الَّذِي نَوَاهُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَنْوِ الْأَدَاءَ فِي حَاضِرَةٍ أَوْ ضِدِّهِ) لَيْسَ فِي هَذَا تَعَرُّضٌ لِنِيَابَةِ نِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَالْحُكْمُ صِحَّةُ النِّيَابَةِ إنْ اتَّحَدَتْ الْعِبَادَةُ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ فَلَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ فَنَوَى الْأَدَاءَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ خَرَجَ قَبْلَ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيَّامًا نَاوِيًا الْأَدَاءَ أَعَادَ ظُهْرَ جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَلَا يَكُونُ ظُهْرُ يَوْمٍ قَضَاءً عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ زَمَنِ الْعِبَادَةِ مُؤَدٍّ لِاخْتِلَافِهَا. (قَوْلُهُ: وَرَابِعُهَا) أَيْ رَابِعُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ) أَيْ نِيَّةُ مُتَابَعَتِهِ لِإِمَامِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ رُكْنٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَشَرْطٌ فِي الِاقْتِدَاءِ أَيْ الْمُتَابَعَةُ فَنِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ شَرْطٌ فِي الْمُتَابَعَةِ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْهَا وَرُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ دَاخِلَةٌ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الرُّكْنِيَّةِ وَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي قَوْلِهِ

(وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ (دُخُولٌ) فِي الصَّلَاةِ (عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ) مَحْمُولٌ عَلَى صُورَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى التَّحْقِيقِ الْأُولَى أَنْ يَجِدَ الْمَأْمُومُ إمَامًا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيَنْوِي مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَيُجْزِئُ مَا تَبَيَّنَ مِنْهُمَا الثَّانِيَةُ أَنْ يَجِدَ إمَامًا وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ فَأَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَيُجْزِئُهُ مَا تَبَيَّنَ مِنْ سَفَرِيَّةٍ أَوْ حَضَرِيَّةٍ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُقِيمًا فَإِنَّهُ يُتِمُّ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ الْمُسَافِرِ وَيَلْزَمُهُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا مُتَابَعَةُ إمَامِهِ الْمُقِيمِ (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا (بِسَبْقِهَا) أَيْ النِّيَّةِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (إنْ كَثُرَ) السَّبْقُ كَأَنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهَا (وَإِلَّا) يَكْثُرْ السَّبْقُ بِأَنْ كَانَ يَسِيرًا بِأَنْ نَوَى فِي نِيَّتِهِ الْقَرِيبَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَبَّرَ فِي الْمَسْجِدِ ذَاهِلًا عَنْهَا (فَخِلَافٌ) فِي الْبُطْلَانِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ هُنَا لِوُجُوبِ اتِّصَالِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ اغْتِفَارِ تَفَرُّقٍ يَسِيرٍ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ. (وَ) خَامِسُهَا (فَاتِحَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا (بِحَرَكَةِ لِسَانٍ عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ) أَيْ مُنْفَرِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ مِنْ الشَّرْطِيَّةِ وَإِنَّمَا يَأْتِي التَّعَارُضُ لَوْ اُعْتُبِرَتْ رُكْنِيَّتُهَا وَشَرْطِيَّتُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلِاقْتِدَاءِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ دُخُولُهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ التَّعْيِينَ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَح وَالشَّيْخُ سَالِمٌ خِلَافًا لتت وَبَهْرَامَ حَيْثُ حَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى عُمُومِهِ لِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَلِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَوَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّي وَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ فَيَنْوِي مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَإِذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ الْعَصْرَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ وَيَتَمَادَى عَلَيْهَا وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ فَقَطْ بَعْدَ فِعْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ كَوْنِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ وَاجِبًا شَرْطًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ خِلَافُ النَّقْلِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ لِلْمَأْمُومِ أَنَّ الْإِمَامَ فِي الْعَصْرِ وَعَلَيْهِ الظُّهْرُ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَهُ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ يُصَلِّي بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَأَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَقَدْ كَانَ الْمَأْمُومُ صَلَّاهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِيهِ عَنْ الْعَصْرِ اتِّفَاقًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الِاقْتِدَاءِ الْمُسَاوَاةُ فِي الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ نَافِلَةً بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: فَيَنْوِي مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَوَى إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا الْأُخْرَى فَقَدْ مَرَّ أَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَا مُقِيمَيْنِ أَوْ مُسَافِرَيْنِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَتْ بِسَبْقِهَا) أَيْ عَلَى فَرْضِ حُصُولِ ذَلِكَ إذْ يَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَمْكُثَ زَمَنًا طَوِيلًا ثُمَّ يُصَلِّي بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ سُئِلَ مَاذَا يَفْعَلُ لَمْ يُجِبْ بِأَنَّهُ يُصَلِّي أَمَّا لَوْ كَانَ لَوْ سُئِلَ مَاذَا يَفْعَلُ لَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُصَلِّي كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا لِأَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ مُقَارِنَةٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهَا) أَيْ سَوَاءً كَثُرَ التَّأْخِيرُ أَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ: فِي الْبُطْلَانِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ الْجَلَّابِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ) الْمُرَادُ بِهَا عَدَمُ الْفَصْلِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُصَاحَبَةُ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) أَيْ وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ وَهُوَ اخْتِيَارِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ ابْنُ عَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّيَّةَ إنْ اقْتَرَنَتْ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِجْزَاءِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهَا فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِكَثِيرٍ لَمْ تَجُزْ اتِّفَاقًا وَبِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ قِرَاءَتُهَا) إنَّمَا قَدَّرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَائِنَةٍ بِحَرَكَةِ إلَخْ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا أَجْرَاهَا عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَكْفِي (قَوْلُهُ: عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً جَهْرِيَّةً أَوْ سِرِّيَّةً وَهَلْ تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ عَلَى مَنْ يُلْحِنُ فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا إنَّ اللَّحْنَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنَّهَا تَجِبُ إذْ هِيَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا لَحْنَ فِيهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يُبْطِلُهَا فَلَا يَقْرَؤُهَا وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ يُلْحِنُ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ مَا لَا لَحْنَ فِيهِ وَيَتْرُكُ مَا يُلْحِنُ فِيهِ هَذَا إذَا كَانَ مَا يُلْحِنُ فِيهِ مُتَوَالِيًا وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَتْرُكُ الْكُلَّ قَالَهُ عج قَالَ شَيْخُنَا وَاسْتِظْهَارُهُ وُجُوبَ قِرَاءَتِهَا مَلْحُونَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّحْنَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ اسْتِظْهَارٌ بَعِيدٌ إذْ الْقِرَاءَةُ الْمَلْحُونَةُ لَا تَجُوزُ بَلْ لَا تُعَدُّ قِرَاءَةً فَصَاحِبُهَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعَاجِزِ وَفِي ح

لَا عَلَى مَأْمُومٍ هَذَا إذَا أَسْمَعَ نَفْسَهُ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ) فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ. (وَ) سَادِسُهَا (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ لِلْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ (فَيَجِبُ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ) بِأَنْ قَبِلَ التَّعَلُّمَ وَلَوْ فِي أَزْمِنَةٍ طَوِيلَةٍ وَأَيَّامٍ كَثِيرَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي تَعَلُّمِهَا إنْ كَانَ عَسِرَ الْحِفْظِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ إلَّا أَوْقَاتَ الضَّرُورَةِ وَوَجَدَ مُعَلِّمًا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ التَّعَلُّمُ بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْهُ أَوْ لَمْ يَجِدْ مُعَلِّمًا أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ (ائْتَمَّ) وُجُوبًا بِمَنْ يُحْسِنُهَا إنْ وَجَدَهُ وَتَبْطُلُ إنْ تَرَكَهُ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا) أَيْ التَّعَلُّمُ وَالِائْتِمَامُ وَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِالْإِفْرَادِ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الِائْتِمَامِ الْمُرَتَّبِ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِائْتِمَامُ وَصَلَّى مُنْفَرِدًا (فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهُمَا) أَيْ الْفَاتِحَةُ وَالْقِيَامُ لَهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَابِلَ الْمُخْتَارِ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا حَالَ عَجْزِهِ عَنْهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ إذْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهَا مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْ الذِّكْرِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الثَّانِيَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُ بَدَلِهَا (وَنُدِبَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ قَرَأَ بِالزَّبُورِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ بَطَلَتْ وَهُوَ كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَرَأَ بِمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى مَأْمُومٍ) أَيْ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَانَتْ الصَّلَاةُ جَهْرِيَّةً أَوْ سِرِّيَّةً خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَائِلِ بِلُزُومِهَا لِلْمَأْمُومِ فِي السِّرِّيَّةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ لُزُومِهَا لَهُ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ بِالْمُبَالَغَةِ نَعَمْ إسْمَاعُ نَفْسِهِ أَوْلَى مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ عِنْدَ عَدَمِ إسْمَاعِهِ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَقِيَامٌ لَهَا) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَقِيَامٌ لِأَجْلِ الْفَاتِحَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ لَا أَنَّهُ فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ لَوْ عَجَزَ عَنْهَا سَقَطَ الْقِيَامُ وَقِيلَ إنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يَسْقُطُ عَمَّنْ عَجَزَ عَنْ قِرَاءَتِهَا وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا فَلَوْ اسْتَنَدَ حَالَ قِرَاءَتِهَا لِعِمَادٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ جَازَ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ بِجُلُوسِهِ حَالَ قِرَاءَتِهَا ثُمَّ قِيَامُهُ لِلرُّكُوعِ لِكَثِيرِ الْفِعْلِ لَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ كَمَا قِيلَ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْجَالِسِ بِالْقَائِمِ (قَوْلُهُ: لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقِيَامِ أَيْ وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا فَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ عَلَى الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِبَعْضِهَا وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لِبَعْضِهَا فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ لِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَأْتِي بِهَا كُلِّهَا مِنْ جُلُوسٍ أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَائِمًا وَيَجْلِسُ فِي غَيْرِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ) أَيْ فَبِسَبَبِ وُجُوبِهَا يَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ فَرَّطَ فِي التَّعَلُّمِ مَعَ إمْكَانِهِ قَضَى مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ مَا صَلَّاهُ فَذًّا فِي غَيْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَ فِيهِ وَأَمَّا الزَّمَنُ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَ فِيهِ فَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ الْوَاقِعَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَوَجَدَ مُعَلِّمًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ التَّعَلُّمِ (قَوْلُهُ: ائْتَمَّ وُجُوبًا بِمَنْ يُحْسِنُهَا) أَيْ لِأَنَّ قِرَاءَتَهَا وَاجِبَةٌ وَلَا يُتَوَصَّلُ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ إلَّا بِالِائْتِمَامَ بِمَنْ يُحْسِنُهَا (قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ إنْ تَرَكَهُ) أَيْ إنْ تَرَكَ الِائْتِمَامَ وَصَلَّى فَذًّا (قَوْلُهُ: أَيْ التَّعَلُّمُ وَالِائْتِمَامُ) عَدَمُ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ إمَّا لِعَدَمِ مُعَلِّمٍ أَوْ لِضِيقِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ لِعَدَمِ قَبُولِهِ التَّعَلُّمَ لِبَلَادَةٍ وَعَدَمِ إمْكَانِ الِائْتِمَامِ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَصَلَّى مُنْفَرِدًا) أَيْ وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهَا مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْ الذِّكْرِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْإِمَامِ سَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ وُجُوبِهِ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّعَلُّمِ وَالِائْتِمَامِ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا فَطَرَأَ عَلَيْهِ قَارِئٌ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ سَمِعَ مَنْ قَرَأَهَا فَعَلِقَتْ بِحِفْظِهِ مِنْ مُجَرَّدِ السَّمَاعِ لَمْ يَقْطَعْ وَيُتِمُّهَا كَعَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا

عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (فَصْلٌ) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ وَهُوَ أَوْلَى (بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ) (وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وَهُوَ الْأَرْجَحُ (أَوْ) فِي (الْجُلِّ) وَتُسَنُّ فِي الْأَقَلِّ لَكِنْ لَا كَحُكْمِ السُّنَنِ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا مُبْطِلٌ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا (خِلَافٌ) مَحِلُّهُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ الْجِلِّ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ (وَإِنْ تَرَكَ) الْفَذُّ أَوْ الْإِمَامُ (آيَةً مِنْهَا) أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ تَرَكَهَا كُلَّهَا سَهْوًا وَلَمْ يُمْكِنْ التَّلَافِي بِأَنْ رَكَعَ (سَجَدَ) قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْكُلِّ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّلَافِي تَلَافَاهَا فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ وَلَوْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ أَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ رَبَاعِيَةٍ سَهْوًا تَمَادَى وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَأَعَادَ أَبَدًا احْتِيَاطًا عَلَى الْأَشْهَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهَا مِنْ الذِّكْرِ عَلَى مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهَا وَلَا الِائْتِمَامُ (قَوْلُهُ: فَصْلٌ بَيْنَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقِفَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ وُقُوفًا مَا سَاكِتًا فِيهِ أَوْ ذَاكِرًا فَاصِلًا بِهِ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ وَرَكَعَ أَجْزَأَهُ وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ قَدْرَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مَعَهَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ بَيِّنًا لِأَنَّ الْوُقُوفَ لَمْ يَكُنْ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ ذَلِكَ صَارَ الْقِيَامُ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) أَيْ فَالْفَصْلُ مَنْدُوبٌ وَكَوْنُهُ يَذْكُرُ مَنْدُوبًا آخَرَ فَإِنْ حَفِظَ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرْآنِ كَانَ الْفَصْلُ بِهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْإِذْكَارِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَجِبُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فِي وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهَا فَقِيلَ إنَّهَا لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِحَمْلِ الْإِمَامِ لَهَا وَهُوَ لَا يَحْمِلُ فَرْضًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَبْلُونٍ وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ نَحْوَهُ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ عَنْهُ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي صَلَاةٍ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَقِيلَ إنَّهَا تَجِبُ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ مَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ الرَّكَعَاتِ عَلَى أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ فَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُلِّ وَسُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْبَاقِي وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي النِّصْفِ وَسُنَّةٍ فِي الْبَاقِي وَالْمُصَنِّفُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلَيْنِ لِتَشْهِيرِهِمَا لِأَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْإِرْشَادِ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا عَمْدًا) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ وَقَوْلُهُ مُبْطِلٌ أَيْ لِلصَّلَاةِ لَا لِلرَّكْعَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْبُطْلَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْجُلِّ وَسُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ فَفِي عبق أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا عَمْدًا فَعَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ قِيلَ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ لِلْعَمْدِ وَعَلَى وُجُوبِهَا بِكُلِّ رَكْعَةٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ قَطْعًا وَكَأَنَّ الشَّارِحَ نَزَّلَ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ (قَوْلُهُ: مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ) أَيْ مَحِلُّهُ فِي الرَّبَاعِيَةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ وَأَمَّا الثُّنَائِيَّةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا فِي الْجُلِّ وَسُنِّيَّتُهَا فِي الْأَقَلِّ وَيَتَأَتَّى فِيهَا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ) هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَيْ وَإِنْ تَرَكَ مِنْ الْفَاتِحَةِ آيَةً سَهْوًا وَلَمْ يُمْكِنْ تَلَافِيهَا بِأَنْ رَكَعَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَأَمَّا إنْ أَمْكَنَهُ تَلَافِيهَا بِأَنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ تَلَافَاهَا فَإِنْ تَرَكَ التَّلَافِيَ مَعَ إمْكَانِهِ كَأَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ قَبِيلِ تَرْكِ الْآيَةِ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَوْ كُلِّهَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ حَيْثُ فَاتَ التَّلَافِي وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا هَذَا إذَا كَانَتْ قِرَاءَتُهُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَهَا كُلَّهَا) أَيْ فِي رَكْعَةٍ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رَبَاعِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ التَّلَافِي) رَاجِعٌ لِتَرْكِ الْآيَةِ وَالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَلِتَرْكِهَا كُلِّهَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ سَهْوًا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: سَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَدَلَ رَكْعَةِ النَّقْصِ وَلَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا سَهْوًا مِنْ الْأَقَلِّ كَرَكْعَةٍ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَنَصُّهَا وَاخْتُلِفَ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ مِنْ غَيْرِ

(وَ) سَابِعُ الْفَرَائِضِ (رُكُوعٌ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ) تَثْنِيَةُ رَاحَةٍ وَهِيَ بَطْنُ الْكَفِّ وَالْجَمْعُ رَاحٌ بِغَيْرِ تَاءٍ (فِيهِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ (مِنْ رُكْبَتَيْهِ) إنْ وَضَعَهُمَا أَوْ بِتَقْدِيرِ الْوَضْعِ إنْ لَمْ يَضَعْهُمَا فَإِنْ لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ رُكُوعًا وَإِنَّمَا هُوَ إيمَاءٌ وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ هِيَ الْقَدْرُ الْكَافِي فِي الْوُجُوبِ وَأَكْمَلَهُ أَنْ يُسَوِّيَ ظَهْرَهُ وَعُنُقَهُ فَلَا يُنَكِّسُ رَأْسَهُ وَلَا يَرْفَعُهُ (وَنُدِبَ) (تَمْكِينُهُمَا) أَيْ الرَّاحَتَيْنِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُ (وَنَصْبُهُمَا) أَيْ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يُبْرِزُهُمَا قَلِيلًا. (وَ) ثَامِنُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهِ. (وَ) تَاسِعُهَا (سُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ) وَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصُّبْحِ فَقِيلَ يُجْزِئُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ وَقِيلَ يُلْغِيهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَهُوَ أَحْسَنُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا هُوَ الْمَشْهُورُ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْ الثُّنَائِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ خِلَافًا لِمَا قَالَ إنَّهُ يُلْغِي مَا تَرَكَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَيَأْتِي بِبَدَلِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَيْضًا فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُلْغِي مَا تَرَكَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَيَأْتِي بِبَدَلِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا فَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا مِنْ الْأَقَلِّ أَوْ مِنْ النِّصْفِ أَوْ مِنْ الْجُلِّ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُهَا نَدْبًا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ إذَا تَرَكَهَا مِنْ الْأَقَلِّ وَقَوْلٌ وَاحِدٌ إذَا تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ أَوْ الْجُلِّ وَالْإِعَادَةُ أَبَدِيَّةٌ كَمَا قَالَ طفى وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَإِنَّمَا أَعَادَ أَبَدًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْكُلِّ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ بِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ وَمَا فَهِمَهُ تت وعج مِنْ أَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ قَالَ طفى فَهْمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَرُكُوعٌ) أَيْ انْحِنَاءُ ظَهْرٍ بِحَيْثُ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ إنْ وَضَعَهُمَا بِالْفِعْلِ عَلَى آخِرِ فَخِذَيْهِ أَوْ بِتَقْدِيرِ وَضْعِهِمَا عَلَى آخِرِ فَخِذَيْهِ إنْ لَمْ يَضَعْهُمَا بِالْفِعْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَقْدِيرِ الْوَضْعِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ فِي الرُّكُوعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ سَنَدٌ وَأَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ مِنْهَا مِنْ الْوُجُوبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ رُكُوعًا إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِقْدَارُ الْقُرْبِ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَمْ لَا وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ وَهُوَ مَا إذَا أَحْرَمَ الْمَسْبُوقُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْحَنِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَكِنْ يَخِرُّ سَاجِدًا وَلَا يَرْفَعُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ رَفَعَ مَعَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وَلَا يُقَالُ هُوَ قَاضٍ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يُعَدُّ قَاضِيًا إذَا كَانَ مَا يَفْعَلُهُ يُعْتَدُّ بِهِ وَهَذِهِ الرَّكْعَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ قَالَهُ خش فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ) أَيْ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ انْحِنَاءُ ظَهْرِهِ بِحَيْثُ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ إنْ وَضَعَهُمَا أَوْ بِتَقْدِيرِ الْوَضْعِ إنْ لَمْ يَضَعْهُمَا (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا) أَيْ فَوَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ فَإِنْ قَصَرَتَا لَمْ يَزِدْ عَلَى تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا وَضَعَ الْأُخْرَى عَلَى رُكْبَتِهَا كَمَا فِي الطِّرَازِ لَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مَعًا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَحْصُلَ زِيَادَةُ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: وَنَصْبُهُمَا) أَيْ وَضْعُهُمَا مُعْتَدِلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ إبْرَازٍ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ تَرْكُهُ سَهْوًا فَيَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا حَتَّى يَصِلَ لِحَالَةِ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَسْجُدُ لِحَمْلِ الْإِمَامِ لِسَهْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مُحْدَوْدِبًا وَرَجَعَ قَائِمًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّ تَارِكَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ سَهْوًا يَرْجِعُ قَائِمًا لَا مُحْدَوْدِبًا كَتَارِكِ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ: وَسُجُودٌ إلَخْ) عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ ثَابِتٍ بِالْجَبْهَةِ اهـ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا عَنْ نَحْوِ السَّرِيرِ الْمُعَلَّقِ وَبِقَوْلِهِ مِنْ ثَابِتٍ عَنْ الْفِرَاشِ الْمَنْفُوشِ جِدًّا وَدَخَلَ بِهِ السَّرِيرُ الْكَائِنُ مِنْ خَشَبٍ لَا مِنْ

مُسْتَدِيرُ مَا بَيْنَ الْحَاجِبِينَ إلَى النَّاصِيَةِ أَيْ عَلَى أَيْسَرِ جُزْءٍ مِنْهَا وَنُدِبَ إلْصَاقُهَا بِالْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا كَسَرِيرٍ عَلَى أَبْلَغِ مَا يُمْكِنُهُ وَكُرِهَ شَدُّهَا بِالْأَرْضِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي جَبْهَتِهِ وَيُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُهَا عَلَى مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى تِبْنٍ أَوْ قُطْنٍ إلَّا إذَا انْدَكَّ لِارْتِفَاعِ الْعَجُزَةِ عَنْ الرَّأْسِ بَلْ يَنْدُبُ (وَأَعَادَ) الصَّلَاةَ (لِتَرْكِ) السُّجُودِ عَلَى (أَنْفِهِ بِوَقْتٍ) وَلَوْ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ سَهْوًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا إعَادَةَ لِمُسْتَحَبٍّ (وَسُنَّ) السُّجُودُ (عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ) بِأَنْ يَجْعَلَ صَدْرَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ رَافِعًا عَقِبَيْهِ (وَ) عَلَى (رُكْبَتَيْهِ كَيَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَإِنْ سَجَدَ وَظُهُورُ الْقَدَمَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ جَنْبُهُمَا أَوْ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ عَنْهَا أَوْ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَثَلًا لَمْ تَبْطُلْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَهَلْ هُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ خَفِيفَةٌ وَهَلْ مَا ذُكِرَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ فِي الْمَجْمُوعِ اُسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ فِيهِمَا فَيَتَرَتَّبُ السُّجُودُ إذَا تَكَرَّرَ تَرْكُ الْبَعْضِ لَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَوْ تَرَكَ الْكُلَّ بِأَنْ سَجَدَ وَهُوَ رَافِعٌ رُكْبَتَيْهِ وَيَدَاهُ فَوْقُهُمَا وَجَمِيعُ الْقَدَمِ عَلَى الْأَرْضِ سَهْوًا سَجَدَ وَعَمْدًا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ. (وَ) عَاشِرُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السُّجُودِ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ حَالَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَيْثُ اعْتَدَلَ. (وَ) حَادِي عَشْرَتِهَا (جُلُوسٌ لِسَلَامٍ) أَيْ لِأَجْلِهٍ وَلَوْ قَالَ وَسَلَامٌ وَجُلُوسٌ لَهُ كَانَ أَوْضَحَ. (وَ) ثَانِي عَشْرَتِهَا (سَلَامٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرِيطٍ نَعَمْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لِلْمَرِيضِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا وَلَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْ سَطْحِ رُكْبَتَيْ الْمُصَلِّي وَذَلِكَ كَالْمِفْتَاحِ أَوْ السُّبْحَةِ وَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ وَالْمِحْفَظَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ الْأَكْمَلُ خِلَافُهُ هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِمَّا فِي عبق وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ: مُسْتَدِيرٌ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ) أَيْ فَلَوْ سَجَدَ عَلَى مَا فَوْقَ الْحَاجِبِ لَمْ يَكْفِ (قَوْلُهُ: إلَى النَّاصِيَةِ) هُوَ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى أَيْسَرِ) أَيْ عَلَى أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي السُّجُودِ إلْصَاقٌ فِي الْجَبْهَةِ بِتَمَامِهَا بِالْأَرْضِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ إلْصَاقُ أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: عَلَى أَبْلَغِ مَا يُمْكِنُهُ) أَيْ بِحَيْثُ تَسْتَقِرُّ مُنْبَسِطَةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي إلْصَاقُ جُزْءٍ مِنْهَا بِالْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا وَأَمَّا إلْصَاقُهَا عَلَى أَبْلَغِ مَا يُمْكِنُهُ بِحَيْثُ يُلْصِقُهَا كُلَّهَا فَهُوَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: لَا ارْتِفَاعَ الْعَجَزَةِ) عَطْفٌ عَلَى اسْتِقْرَارِهَا أَيْ لَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْعَجَزَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ الصَّلَاةَ لِتَرْكِ السُّجُودِ عَلَى أَنْفِهِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ التَّرْكُ عَامِدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: بِوَقْتٍ) أَيْ وَهُوَ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَفِي غَيْرِهِمَا لِلطُّلُوعِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوَقْتٍ اخْتِيَارِيٍّ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ مِنْ رَبَاعِيَةٍ وَقَوْلُهُ: سَهْوًا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَأَوْلَى إذَا كَانَ عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) تَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالسُّنَّةِ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَوْنُ السُّجُودِ عَلَيْهِمَا سُنَّةً لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْمَذْهَبِ غَايَتُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ قَالَ الَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّ السُّجُودَ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ وَوَجْهُهُ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ» قَالَ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَوَّلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَرُكْبَتَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَيَدَيْهِ (قَوْلُهُ: كَيَدَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَمَّا الْيَدَانِ فَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَتَخَرَّجُ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى الْيَدَيْنِ قَوْلَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا سَحْنُونٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَعَلَى الْبُطْلَانِ يَكُونُ السُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَاجِبًا وَعَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَقَدْ صَحَّحَ سَنَدٌ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ إشَارَةً لِتَصْحِيحِ سَنَدٍ وَقَالَ تت إنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا فَيَكُونُ إشَارَةً لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِوُجُوبِ ذَلِكَ) أَيْ بِوُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى أَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ) أَيْ السُّجُودُ عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: اسْتَظْهَرَ الْأَوَّلُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الِاسْتِفْهَامَيْنِ وَهَذَا إشَارَةٌ لِقَوْلِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ السُّجُودَ عَلَى مَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ الْغَيْرِ الْخَفِيَّةِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ السُّجُودِ فِي تَرْكِ الْقَدَمَيْنِ أَوْ الرُّكْبَتَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ بَعْضُ سُنَّةٍ اهـ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذَا تَكَرَّرَ تَرْكُ الْبَعْضِ) بِأَنْ تَكَرَّرَ تَرْكُ السُّجُودِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ أَوْ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى خِلَافٍ) أَيْ فِيمَنْ تَرَكَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَرَفْعٌ مِنْهُ) الْمَازِرِيُّ أَمَّا الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَوَاجِبٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَا اثْنَيْنِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا الِاتِّفَاقُ لَا يُعَارِضُ قَوْلَ ابْن عَرَفَة الْبَاجِيَّ فِي كَوْنِ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً خِلَافٌ اهـ لِمَا فِي تت مِنْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الِاعْتِدَالِ لَا فِي أَصْلِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ حَسَنٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ) أَيْ لِأَجْلِ إيقَاعِ السَّلَامِ فَالْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ الْجُلُوسِ

عُرِّفَ بِأَلْ) لَا بِإِضَافَةٍ كَسَلَامِي أَوْ سَلَامُ اللَّهِ وَلَا بِالتَّنْكِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) بِالْعَرَبِيَّةِ وَتَأْخِيرُ عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهِ بَطَلَتْ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَعْضِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ يُعَدُّ سَلَامًا كَمَنْ يَقْلِبُ السِّينَ أَوْ الْكَافَ تَاءً مَثَلًا (وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِهِ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وَهُوَ الْأَرْجَحُ (خِلَافٌ وَأَجْزَأَ فِي تَسْلِيمِهِ الرَّدُّ) عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ عَلَى الْيَسَارِ (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْك السَّلَامُ) وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ أَجْزَأَ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ كَالتَّحْلِيلِ. (وَ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ (طُمَأْنِينَةٌ) فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ وَهِيَ اسْتِقْرَارُ الْأَعْضَاءِ زَمَنًا مَا. (وَ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ (تَرْتِيبُ أَدَاءِ) أَيْ الْمُؤَدَّى مِنْ فَرَائِضِهَا بِأَنْ يُقَدِّمَ النِّيَّةَ عَلَى التَّكْبِيرِ ثُمَّ هُوَ عَلَى الْقِرَاءَةِ ثُمَّ هِيَ عَلَى الرُّكُوعِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ. (وَ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ (اعْتِدَالٌ) بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُنْحَنِيًا فَإِنْ تَرَكَهُ وَلَوْ سَهْوًا بَطَلَتْ (عَلَى الْأَصَحِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي يُوقَعُ فِيهِ السَّلَامُ فَرْضٌ وَمَا قَبْلَهُ سُنَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ إيقَاعُ فَرْضٍ فِي سُنَّةٍ بَلْ فِي فَرْضٍ وَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَاعْتَدَلَ جَالِسًا وَسَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ الْجُلُوسُ هُوَ الْوَاجِبَ وَفَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَلَوْ جَلَسَ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ كَانَ آتِيًا بِالْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَلَوْ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ اسْتَقَلَّ قَائِمًا وَسَلَّمَ كَانَ آتِيًا بِالسُّنَّةِ تَارِكًا لِلْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: عُرِّفَ بِأَلْ) أَيْ وَفِي إجْزَاءِ أَمْ بَدَلَهَا فِي لُغَةِ حِمْيَرَ الَّذِينَ يُبْدِلُونَهَا بِهَا قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى غَيْرِهَا قَطْعًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا بِالتَّنْكِيرِ) أَيْ إنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَا نُوِّنَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَرَّفٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعَرَّفًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِالصِّحَّةِ وَقَالَ تت يَنْبَغِي إجْرَاؤُهُ عَلَى اللَّحْنِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ فَلَوْ أَسْقَطَ الْمِيمَ مِنْ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ صِيغَةِ الْجَمْعِ سَوَاءً كَانَ الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا إذْ لَا يَخْلُو مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُصَاحِبِينَ لَهُ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْحَدِيثُ لِأَنَّهَا لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَلْ ذَكَرَ فِي المج أَنَّ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَأَنَّ زِيَادَةَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ هُنَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ أَيْ لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا وَلَا يَكْفِيهِ الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ وَلَا بِمُرَادِفِهَا مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ قَطْعًا وَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهَا بِالْعَجَمِيَّةِ فَذَكَرَ عج أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الصِّحَّةُ قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ بِالْعَجَمِيَّةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى بِمُرَادِفِهِ) أَيْ مِنْ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا بَطَلَتْ حَيْثُ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَأَوْلَى لَوْ قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْحَدَثِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُنَافِيَاتِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَالَ الْبَاجِيَّ وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَجْزَأَتْهُ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ وَهَذَا مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى، أَمَّا نَقْلًا فَلِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ فِي جَمَاعَةٍ صَلَّوْا خَلْفَ إمَامٍ فَأَحْدَثَ إمَامُهُمْ فَسَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تُجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ أَيْ تُجْزِيهِمْ الْمَأْمُومِينَ فَقَطْ. وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْأُمَّةَ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى لَفْظَ السَّلَامِ بِعَيْنِهِ كَمَالِكٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَاهُ، وَلَكِنْ شَرَطَ أَنْ يَنْوِيَ بِكُلٍّ مُنَافٍ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَمَّا مَا حَكَاهُ الْبَاجِيَّ مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِهِ فَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأُمَّةُ وَقَبِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ زَرْقُونٍ وَهَذَا وَقَدْ يَرِدُ الثَّانِي بِأَنَّ سَبْقِيَّةَ الْخِلَافِ لَا تَمْنَعُ مِنْ نَقْلِ قَوْلٍ ثَالِثٍ أَوْ اخْتِيَارِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ خِلَافٌ) أَيْ إنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِالسَّلَامِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَيَّزَ عَنْ جِنْسِهِ كَافْتِقَارِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَيْهَا لِتَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا فَلَوْ سَلَّمَ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لَمْ يُجْزِهِ قَالَ سَنَدٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ لِانْسِحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُبْحَثُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى نِيَّةٌ مُدْخِلَةٌ وَلَا يُنَاسِبُ السَّلَامَ الَّذِي بِهِ الْخُرُوجُ إلَّا نِيَّةٌ مُخْرِجَةٌ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ كَالتَّحْلِيلِ) أَيْ مُعَرَّفًا بِأَلْ مَعَ تَقْدِيمِ لَفْظِ السَّلَامِ عَلَى عَلَيْكُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: وَطُمَأْنِينَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِفَرْضِيَّتِهَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلِذَا قَالَ زَرُّوقٌ كَمَا فِي بْن مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنَّهَا فَضِيلَةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُؤَدَّى مِنْ فَرَائِضِهَا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ تَرْتِيبُ الْفَرَائِضِ فِي أَنْفُسِهَا وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَمْ تَبْطُلْ وَيُطَالَبُ بِإِعَادَةِ السُّورَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي لُزُومِ السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ فَاتَ التَّلَافِي كَانَ كَإِسْقَاطِ السُّورَةِ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ)

[سنن الصلاة]

وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ وُجُوبِهِ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ سَهْوًا وَبَطَلَتْ بِتَرْكِهِ عَمْدًا قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ شُهِرَتْ فَرْضِيَّتُهَا فَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الْآتِي وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَلَا يُقَالُ يُغْنِي عَنْهُ الطُّمَأْنِينَةُ وَالِاعْتِدَالُ مَعَ الرَّفْعِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى لِأَنَّ ذَلِكَ يَصْدُقُ بِالرَّفْعِ قَائِمًا مَعَ اعْتِدَالٍ وَطُمَأْنِينَةٍ. (وَسُنَنُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ الْفَرْضُ وَكَذَا النَّفَلُ إلَّا الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ السُّورَةُ وَالْقِيَامُ لَهَا وَالْجَهْرُ وَالسِّرُّ (سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ) وَالْمُرَادُ قِرَاءَةُ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَوْ آيَةً أَوْ بَعْضَ آيَةٍ لَهُ بَالٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِانْفِرَادِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَكُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ السُّورَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَقِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ فِي الْفَرْضِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ وَإِنَّمَا تُسَنُّ السُّورَةُ فِي الْفَرْضِ الْوَقْتِيِّ الْمُتَّسِعِ وَقْتُهُ لَا فِي نَفْلٍ أَوْ جِنَازَةٍ أَوْ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ نَخْشَى خُرُوجَهُ بِقِرَاءَتِهَا وَإِلَّا وَجَبَ تَرْكُهَا. (وَ) السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ لِلسُّورَةِ لِأَنَّ حُكْمَ الظَّرْفِ حُكْمُ الظُّرُوفِ فَتَصِحُّ إنْ اسْتَنَدَ حَالَ قِرَاءَتِهَا بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ لَسَقَطَ لَا إنْ جَلَسَ. (وَ) الثَّالِثَةُ (جَهْرٌ) لِرَجُلٍ (أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ) إنْ أَنْصَتَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطُّمَأْنِينَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بِاعْتِبَارِ التَّحَقُّقِ وَإِنْ تَحَالَفَا فِي الْمَفْهُومِ فَيُوجَدَانِ مَعًا إذَا نَصَبَ قَامَتَهُ فِي الْقِيَامِ أَوْ فِي الْجُلُوسِ وَبَقِيَ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ أَعْضَاؤُهُ فِي مَحَالِّهَا زَمَنًا مَا وَيُوجَدُ الِاعْتِدَالُ فَقَطْ إذَا نَصَبَ قَامَتَهُ فِي الْقِيَامِ أَوْ فِي الْجُلُوسِ وَلَمْ يَبْقَ حَتَّى تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ وَتُوجَدَ الطُّمَأْنِينَةُ فَقَطْ فِيمَنْ اسْتَقَرَّتْ أَعْضَاؤُهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ح إلَّا أَنَّ الَّذِي فِي شب أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ فِيهَا الْخِلَافُ الْآتِي) أَيْ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَقَوْلُهُ فَلَا يَجْرِي إلَخْ أَيْ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش. [سُنَنُ الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: إلَّا الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ) أَيْ فَإِنَّ سُنِّيَّتَهَا خَاصَّةٌ بِالْفَرْضِ وَلَا يُسَنُّ شَيْءٌ مِنْهَا فِي النَّفْلِ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ السُّورَةُ إحْدَى مَسَائِلَ خَمْسَةٍ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ قَوْلِهِمْ السَّهْوُ فِي النَّافِلَةِ كَالسَّهْوِ فِي الْفَرِيضَةِ وَالثَّانِيَةُ الْجَهْرُ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَالثَّالِثَةُ السِّرُّ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ وَالرَّابِعَةُ إذَا عَقَدَ رَكْعَةً ثَالِثَةً فِي النَّفْلِ أَتَمَّهَا رَابِعَةً بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ وَالْخَامِسَةُ إذَا نَسِيَ رَكْعَةً مِنْ النَّافِلَةِ وَطَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا (قَوْلُهُ: سُورَةٌ) أَيْ لَا سُورَتَانِ وَلَا سُورَةٌ وَبَعْضُ أُخْرَى بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ وَالسُّنَّةُ حَصَلَتْ بِالْأُولَى وَالْكَرَاهَةُ تَعَلَّقَتْ بِالثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ إنْ كَانَ يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ وَإِلَّا قَرَأَهَا دُونَ فَاتِحَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ) أَيْ وَأَمَّا قِرَاءَتُهَا فِي ثَالِثَةِ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ فِي أَخِيرَتَيْ رَبَاعِيَةٍ فَمَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ سُورَةٌ فِيهِ تَجَوُّزٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آيَةً) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً كَمُدْهَامَّتَانِ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِانْفِرَادِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ الْمَتْنُ مِنْ أَنَّ السُّورَةَ سُنَّةٌ فِي مَجْمُوعِ الرَّكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ السُّورَةِ) أَيْ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) أَيْ عَنْ مَالِكٍ وَالْأُخْرَى الْجَوَازُ وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيِّ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِوَاحِدٍ وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ ح شَهَرَ الْكَرَاهَةَ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَشْهِيرٌ. (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ) أَيْ إلَّا لِمَأْمُومٍ خَشِيَ مِنْ سُكُوتِهِ تَفَكُّرًا مَكْرُوهًا فَلَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ إذَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَقَوْلُهُ فِي الْفَرْضِ أَيْ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَقَدْ جَوَّزَ الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيُّ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ تَكْرِيرَ السُّوَرِ كَالصَّمَدِيَّةِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَوَائِدِ وَلَا يُكْرَهُ الْتِزَامُ سُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِخِلَافِ دُعَاءٍ مَخْصُوصٍ لَا يَعُمُّ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ تَرْتِيبُ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ فَتَنْكِيسُ السُّوَرِ مَكْرُوهٌ وَفِي ح إنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِسُورَةِ النَّاسِ فَقِرَاءَةُ مَا فَوْقَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْلَى مِنْ تَكْرَارِهَا وَحَرُمَ تَنْكِيسُ الْآيَاتِ الْمُتَلَاصِقَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَبْطَلَ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ كَكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ تَرْكُ مَا بَعْدَ السُّورَةِ الْأُولَى هَجْرًا لَهَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ هَجْرٌ لَهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ) أَيْ وَيُطَالَبُ بِإِعَادَةِ السُّورَةِ حَيْثُ لَمْ يَرْكَعْ فَإِنْ رَكَعَ كَانَ تَارِكًا لِسُنَّةِ السُّورَةِ فَيَسْجُدُ لَهَا وَقَوْلُهُ لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ يَقْتَضِي أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ شَرْطٌ فِي تَحَقُّقِ سُنِّيَّتِهَا لَا أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. (قَوْلُهُ: لَا فِي نَفْلٍ) إذْ هِيَ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ تَرْكُهَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يَخْشَى خُرُوجَهُ بِقِرَاءَتِهَا وَجَبَ تَرْكُهَا مُحَافَظَةً عَلَى الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: وَقِيَامٌ لَهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا فَالْقِيَامُ سُنَّةٌ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَرْكَعُ إنْ عَجَزَ عَنْ السُّورَةِ إثْرَ الْفَاتِحَةِ وَلَا يَقُومُ قَدْرَهَا (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ) أَيْ الصَّلَاةُ إنْ اسْتَنَدَ لِكَعِمَادٍ حَالَ قِرَاءَتِهَا إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً (قَوْلُهُ: لَا إنْ جَلَسَ) أَيْ حَالَ قِرَاءَتِهَا ثُمَّ قَامَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا لِلرُّكُوعِ أَيْ فَلَا تَصِحُّ بَلْ تَكُونُ بَاطِلَةً وَإِنَّمَا بَطَلَتْ لِكَثْرَةِ الْفِعْلِ لَا لِتَرْكِ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ وَأَمَّا أَعْلَاهُ فَلَا حَدَّ لَهُ (قَوْلُهُ: إنْ أَنْصَتَ لَهُ) أَيْ

وَجَهْرُ الْمَرْأَةِ إسْمَاعُ نَفْسِهَا فَقَطْ وَمِثْلُهَا رَجُلٌ يَلْزَمُ عَلَى جَهْرِهِ التَّخْلِيطُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ. (وَ) الرَّابِعَةُ (سِرٌّ) أَقَلُّهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ وَأَعْلَاهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ فَقَطْ (بِمَحِلِّهِمَا) أَيْ حَالَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ كَائِنًا فِي مَحِلِّهِ وَمَحِلُّ الْجَهْرِ الصُّبْحُ وَالْجُمُعَةُ وَأَوَّلَتَا الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَمَحِلُّ السِّرِّ مَا عَدَا ذَلِكَ. (وَ) الْخَامِسَةُ (كُلُّ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ التَّكْبِيرِ سُنَّةٌ (إلَّا الْإِحْرَامَ) فَإِنَّهُ فَرْضٌ. (وَ) السَّادِسَةُ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ) حَالَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ عَلَى الْأَشْهَرِ. (وَ) السَّابِعَةُ (كُلُّ تَشَهُّدٍ) أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إلَّا بِجَمِيعِهِ وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ. (وَ) الثَّامِنَةُ (الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ) يَعْنِي مَا عَدَا جُلُوسَ السَّلَامِ. (وَ) التَّاسِعَةُ (الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ) الْجُلُوسِ (الثَّانِي) يَعْنِي جُلُوسَ السَّلَامِ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْ يَلِيهِ (قَوْلُهُ: وَجَهْرُ الْمَرْأَةِ) (إسْمَاعُ نَفْسِهَا فَقَطْ) أَيْ فَيَكُونُ أَعْلَى جَهْرِهَا وَأَدْنَاهُ وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَوِي فِي حَقِّهَا السِّرُّ وَالْجَهْرُ لِأَنَّ صَوْتَهَا كَالْعَوْرَةِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي سَمَاعِهِ فِتْنَةٌ كَذَا فِي عبق وخش وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ جَهْرُهَا مَرْتَبَةً وَاحِدَةً وَهُوَ أَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا فَقَطْ وَلَيْسَ هَذَا سِرًّا لَهَا بَلْ سِرُّهَا مَرْتَبَةً أُخْرَى وَهُوَ أَنْ تُحَرِّكَ لِسَانَهَا فَلَيْسَ لِسِرِّهَا أَعْلَى وَأَدْنَى كَمَا أَنَّ جَهْرَهَا كَذَلِكَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا اقْتَصَرَتْ عَلَى تَحْرِيكِ لِسَانِهَا فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ سَجَدَتْ قَبْلَ السَّلَامِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَقَلُّهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ حَرَكَةُ لِسَانِ وَأَعْلَاهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ هَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ وَإِلَّا فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ أَعْلَى السِّرِّ هُوَ أَقْوَاهُ وَهُوَ أَنْ يُبَالِغَ فِيهِ جِدًّا وَأَدْنَاهُ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ بْن مِنْ أَنَّ فِي الْكَلَامِ قَلْبًا وَالْأَصْلُ أَعْلَى السِّرِّ حَرَكَةُ اللِّسَانِ وَأَقَلُّهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: بِمَحِلِّهِمَا) أَيْ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُنَّةٌ فِي مَحِلِّهِ لَا إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُنَّةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ السُّجُودِ لِتَرْكِ أَحَدِهِمَا فِي الْفَاتِحَةِ مِنْ رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ تَرْكٌ لِبَعْضِ سُنَّةٍ لَهُ بَالٌ وَتَرْكُ الْبَعْضِ الَّذِي لَهُ بَالٌ كَتَرْكِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ فَرْضٍ مِنْ التَّكْبِيرِ سُنَّةٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُلِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْكُلُّ الْجَمِيعِيُّ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لِلْكُلِّ الْمَجْمُوعِيَّ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَالْأَبْهَرِيِّ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُرِئَ بِالْهَاءِ لَا بِالتَّاءِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ السُّجُودُ لِتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ سَهْوًا عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ إنْ تَرَكَ السُّجُودَ لِثَلَاثٍ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) عَطْفٌ عَلَى تَكْبِيرَةٍ أَيْ وَكُلُّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَهُوَ مَاشٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ تَسْمِيَةٍ سُنَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى كُلِّ تَكْبِيرَةٍ أَيْ وَمَجْمُوعُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَالْأَبْهَرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّ تَشَهُّدٍ) أَيْ وَلَوْ فِي السُّجُودِ السَّهْوِ وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهِ كَمَا فِي كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ) هَذَا هُوَ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ أَنَّ مَجْمُوعَ التَّشَهُّدَيْنِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِهِ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَنِسْيَانِهِ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلْيَقُمْ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَأَمَّا إنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ وَلَا يَدْعُو وَيُسَلِّمُ وَسَوَاءً تَذَكَّرَ تَرْكَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ عَنْ مَحِلِّهِ أَوْ بَعْدَ انْصِرَافِهِ عَنْ مَحِلِّهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح فِي سُجُودِ السَّهْوِ نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا مِنْ أَنَّهُ إنْ تَذَكَّرَ تَرْكَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ عَنْ مَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ عَنْ مَحِلِّهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا يَتَشَهَّدُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إلَّا بِجَمِيعِهِ) أَيْ لَا بِبَعْضِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ) أَيْ وَأَوَّلُهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَا عَدَا جُلُوسَ السَّلَامِ) أَيْ إنَّ كُلَّ جُلُوسٍ مِنْ الْجُلُوسَاتِ غَيْرِ الْأَخِيرِ سُنَّةٌ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْجُلُوسِ الْأَوَّلِ مَا عَدَا الْأَخِيرَ. (قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ) أَيْ وَالْجُلُوسُ الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الزَّائِدِ مِنْ الْجُلُوسِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: يَعْنِي) أَيْ بِالْجُلُوسِ الثَّانِي جُلُوسَ السَّلَامِ سَوَاءً كَانَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا (قَوْلُهُ: إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ) أَيْ الْكَائِنُ ذَلِكَ الْجُلُوسُ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَقَدْ بَيَّنَ الشَّارِحُ بِهَذَا مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْجُلُوسَ الثَّانِيَ كُلَّهُ سُنَّةٌ مَا عَدَا الْجُزْءَ الَّذِي يُوقِعُ فِيهِ السَّلَامَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اقْتَصَرَ فِي ذَلِكَ الْجُلُوسِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ دُعَاءً

وَنُدِبَ الْجُلُوسُ لِلدُّعَاءِ وَفِي نَدْبِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَسُنِّيَّتِهِ الْخِلَافُ وَوَجَبَ لِلسَّلَامِ فَالظَّرْفُ لَهُ حُكْمُ الْمَظْرُوفِ. (وَ) الْعَاشِرَةُ الزَّائِدُ (عَلَى) قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ الْفَرْضُ وَيُطْلَبُ تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَنْ الرَّفْعِ مِنْهُمَا. (وَ) الْحَادِيَةَ عَشَرَ (رَدُّ مُقْتَدٍ) أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً (عَلَى إمَامِهِ) مُشِيرًا لَهُ بِقَلْبِهِ لَا بِرَأْسِهِ وَلَوْ إمَامَهُ (ثُمَّ) يُسَنُّ رَدُّهُ عَلَى (يَسَارِهِ وَبِهِ أَحَدٌ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ إمَامِهِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ انْصَرَفَ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَهَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ. (وَ) الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ (جَهْرٌ) لِرَجُلٍ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ كَفَذٍّ فِيمَا يَظْهَرُ (بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ) دُونَ تَسْلِيمِ الرَّدِّ بَلْ يُنْدَبُ السِّرُّ فِيهِ (وَإِنْ) (سَلَّمَ) الْمُصَلِّي مُطْلَقًا (عَلَى الْيَسَارِ) بِقَصْدِ التَّحْلِيلِ (ثُمَّ تَكَلَّمَ) مَثَلًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَاتَهُ فَضِيلَةُ التَّيَامُنِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُومٍ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ لَا إنْ نَوَى الْفَضِيلَةَ فَتَبْطُلُ بِمُجَرَّدِهِ لِتَلَاعُبِهِ بِخِلَافِ مَأْمُومٍ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ تَكَلَّمَ سَهْوًا وَسَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ قُرْبٍ وَسَجَدَ بَعْدَهُ فَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ. (وَ) الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ (سُتْرَةٌ) أَيْ نَصَبَهَا أَمَامَهُ خَوْفَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ اسْتِحْبَابُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا صَلَاةً عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْجُلُوسُ لِلدُّعَاءِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَإِلَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ الدُّعَاءِ وَالْجُلُوسِ لَهُ مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ: وَالزَّائِدُ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ) قَالَ بَعْضُهُمْ اُنْظُرْ مَا قَدْرُ هَذَا الزَّائِدِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِعَدَمِ التَّفَاحُشِ. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ هَلْ هُوَ مُسْتَوٍ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَفِي غَيْرِهِ كَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسَّجْدَةِ الْأُولَى أَمْ لَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُ فِيهِمَا لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَوِيًا بَلْ هُوَ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِيمَا لَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ كَالرَّفْعِ مِنْهُمَا وَعَلَى ذَلِكَ دَرَجَ الشَّارِحُ حَيْثُ قَالَ وَيُطْلَبُ إلَخْ وَاعْتَرَضَ الْعَلَّامَةُ بْن عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي عَدِّهِ الزَّائِدَ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةً فَقَالَ اُنْظُرْ مَنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهَا سُنَّةٌ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِي حُكْمِ الزَّائِدِ عَلَى أَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطُّمَأْنِينَةِ فَقِيلَ فَرْضٌ مُوَسَّعٌ وَقِيلَ نَافِلَةٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَهَكَذَا عِبَارَاتُهُمْ فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُسَنُّ رَدُّهُ عَلَى يَسَارِهِ إلَخْ) عَبَّرَ بِثُمَّ إشَارَةً إلَى أَنَّ رَدَّ الْمُقْتَدِي عَلَى إمَامِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى رَدِّهِ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَحَدٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ فِي يَسَارِهِ أَحَدًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ إمَامِهِ وَهَذَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ مَسْبُوقًا أَوْ غَيْرَ مَسْبُوقٍ وَقَوْلُهُ أَوْ انْصَرَفَ إلَخْ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْبُوقٍ وَالرَّادُّ عَلَيْهِ مَسْبُوقٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِهِ أَحَدٌ مُسَامَتَتِهِ لَهُ لَا تَقَدُّمُهُ أَوْ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا قَرُبَ مِنْهُ أَوْ بَعُدَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَعَمُودٍ أَوْ كُرْسِيٍّ أَمْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ انْصَرَفَ) أَيْ وَلَوْ انْصَرَفَ إلَخْ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَمَنْ عَلَى الْيَسَارِ بَاقِيًا بَلْ وَلَوْ انْصَرَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ) أَيْ وَأَمَّا الْجَهْرُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا وَإِمَّا الْجَهْرُ بِغَيْرِهَا مِنْ التَّكْبِيرِ فَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ الْإِسْرَارُ بِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ نُدِبَ الْجَهْرُ بِهَا وَتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ حَيْثُ سُنَّ الْجَهْرُ بِهَا قُوَّةُ الْأُولَى لِأَنَّهَا قَدْ صَاحَبَتْهَا النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ جَزْمًا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ مَعَهَا خِلَافٌ وَأَيْضًا انْضَمَّ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَالتَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: كَفَذٍّ فِيمَا يَظْهَرُ) فِي بْن ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ عَدَمُ جَهْرِ الْفَذِّ بِهَا وَنَصُّهُ قَالَ بَعْضُهُمْ التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى تَسْتَدْعِي الرَّدَّ وَاسْتِدْعَاؤُهُ يَفْتَقِرُ لِلْجَهْرِ وَتَسْلِيمَةُ الرَّدِّ لَا يُسْتَدْعَى بِهَا رَدٌّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَفْتَقِرْ لِلْجَهْرِ اهـ وَمَعْلُومٌ أَنَّ سَلَامَ الْفَذِّ لَا يَسْتَدْعِي رَدًّا فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ جَهْرٌ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ) أَيْ بِالتَّسْلِيمَةِ الَّتِي يَحِلُّ بِهَا كُلُّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ الْمُصَلِّي) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا سَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَوْ فَعَلَ فِعْلًا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ كَأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ سَلَامُهُ أَوَّلًا عَلَى يَسَارِهِ بِقَصْدِ التَّحْلِيلِ أَوْ بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ بِقَصْدِ التَّحْلِيلِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَاتَهُ التَّيَامُنُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ وَإِنْ كَانَ سَلَامُهُ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ وَلَوْ كَانَ نَاوِيًا أَنَّهُ يَأْتِي بِتَسْلِيمَةٍ أُخْرَى بَعْدَهَا لِلتَّحَلُّلِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ لِتَلَاعُبِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِسَلَامِهِ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا لَا التَّحْلِيلَ وَلَا الْفَضِيلَةَ كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَيْسَ

(لِإِمَامٍ وَفَذٍّ) لَا مَأْمُومٍ لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُ (إنْ خَشِيَا مُرُورًا) بَيْنَ يَدَيْهِمَا وَلَوْ شَكَّ لَا إنْ لَمْ يَخْشَيَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ السَّلَامِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فَإِنْ سَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ قُرْبٍ وَكَانَ كَلَامُهُ قَبْلَهُ سَهْوًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ سَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ بُعْدٍ أَوْ كَانَ كَلَامُهُ قَبْلَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِلَّخْمِيِّ جَمَعَ بِهِ بَيْنَ قَوْلِ الزَّاهِي بِالْبُطْلَانِ وَمُطَرِّفٌ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِيمَنْ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ تَحْلِيلًا وَلَا فَضِيلَةً وَتَكَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِهِ عَنْ يَمِينِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا نَاوِيًا الْفَضِيلَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ نَاوِيًا الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح وَاخْتَارَهُ عج قَائِلًا إنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ بَهْرَامَ اعْتِمَادُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ الْعُودَ لِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ عَلَى يَمِينِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ وَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا الْعَوْدَ فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِكَلَامٍ عَمْدًا فَالصِّحَّةُ وَإِنْ فَصَلَ بِكَلَامٍ عَمْدًا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ كَلَامٌ وَلَكِنْ حَصَلَ طُولٌ فَالْبُطْلَانُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اقْتَصَرَ فِي المج وَمِثْلُ مَا إذَا سَلَّمَ بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ نَاوِيًا الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ سَلَّمَ أَوَّلًا تَسْلِيمَةَ التَّحْلِيلِ فَإِنْ عَادَ لِلتَّحْلِيلِ عَنْ قُرْبٍ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَمْدًا صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: لِإِمَامٍ وَفَذٍّ) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَوْ سُجُودَ سَهْوٍ أَوْ تِلَاوَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ إلَخْ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِ مَالِكٍ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ سُتْرَةَ إمَامِهِ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ وَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ وَحِينَئِذٍ يَبْقَى كَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ كَمَا يُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ فِيهِمَا وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ وَالصَّفِّ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُرُورًا بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِلصُّفُوفِ كُلِّهِمْ إلَّا أَنَّهُ قَدْ حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَهُوَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَالْإِمَامُ سُتْرَةٌ لِمَنْ يَلِيهِ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَاصِلٌ سُتْرَتُهُ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ فِيهِ الْمُرُورُ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُمْ فَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ لِأَنَّ سُتْرَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ سُتْرَةُ الْإِمَامِ لَا الْإِمَامُ نَفْسُهُ وَقَدْ حَالَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَسُتْرَتِهِ الْإِمَامُ كَمَا يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ بَقِيَّةِ الصُّفُوفِ مُطْلَقًا وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي المج وَالْمَيِّتُ فِي الْجِنَازَةِ كَافٍ وَلَا يُنْظَرُ لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا أَنَّهُ لَيْسَ ارْتِفَاعَ ذِرَاعٍ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ كَمَا لِلشَّيْخِ عج (قَوْلُهُ: إنْ خَشِيَا مُرُورًا بَيْنَ يَدَيْهِمَا) أَيْ وَلَوْ بِحَيَوَانٍ غَيْرِ عَاقِلٍ كَهِرَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ) أَيْ هَذَا إذَا جَزَمَ أَوْ ظَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ بَلْ وَلَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَا إنْ تَوَهَّمَهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَخْشَيَا) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ بِهَا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِصَحْرَاءَ لَا يَمُرُّ بِهَا أَحَدٌ أَوْ بِمَكَانٍ عَالٍ وَالْمُرُورُ مِنْ أَسْفَلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ مُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِهِ سُتْرَةٌ ابْنُ نَاجِيٍّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ مَالِكٌ

وَأَشَارَ لِصِفَتِهَا بِقَوْلِهِ (بِطَاهِرٍ) لَا نَجِسٍ (ثَابِتٍ) غَيْرِ حَجَرٍ وَاحِدٍ لَا كَسَوْطٍ (غَيْرِ مُشْغِلٍ) لِلْمُصَلِّي وَأَشَارَ لِقَدْرِهَا بِقَوْلِهِ (فِي غِلَظِ رُمْحٍ وَطُولِ ذِرَاعٍ) لَا مَا دُونَهُمَا (لَا دَابَّةٍ) إمَّا لِنَجَاسَةِ فَضْلَتِهَا كَالْبِغَالِ وَإِمَّا لِخَوْفِ وَزَوَالِهَا وَإِمَّا لَهُمَا فَهُوَ مُحْتَرَزُ طَاهِرٍ أَوْ ثَابِتٍ أَوْ هُمَا فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةَ الْفَضْلَةِ وَثَبَتَتْ بِرَبْطٍ وَنَحْوِهِ جَازَ (وَ) لَا (حَجَرٍ وَاحِدٍ) لَمْ يَذْكُرْ مَا هَذَا مُحْتَرَزُهُ فَيُكْرَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ خَوْفَ التَّشْبِيهِ بِعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَعَلَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا بَلْ جَمِيعُ مَا يَجُوزُ الِاسْتِتَارُ بِهِ كَذَلِكَ وَجَازَ بِأَكْثَرَ مِنْ حَجَرٍ (وَ) لَا (خَطٍّ) يَخُطُّهُ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَوْ مِنْ الْقِبْلَةِ لِدُبُرِهَا وَكَذَا حُفْرَةٌ وَمَاءٌ وَنَارٌ وَلَا مُشْغِلٍ كَنَائِمٍ وَحِلَقِ الْعِلْمِ وَكُلِّ حَلْقَةٍ بِهَا كَلَامٌ بِخِلَافِ السَّاكِتِينَ وَلَا بِكَافِرٍ أَوْ مَأْبُونٍ أَوْ مَنْ يُوَاجِهُهُ فَيُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ (وَ) لَا لِظَهْرِ امْرَأَةٍ (أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مَحْرَمٍ (وَفِي الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ) بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ ثُمَّ الْأَرْجَحُ مَا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُصَلِّيَ سَوَاءً صَلَّى لِسُتْرَةٍ أَمْ لَا لَا يَسْتَحِقُّ زِيَادَةً عَلَى مِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُهُ لِقِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ. (وَأَثِمَ) (مَارٌّ) بَيْنَ يَدَيْهِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ وَكَذَا مُنَاوِلٌ آخَرَ شَيْئًا أَوْ يُكَلِّمُ آخَرَ إنْ كَانَ الْمَارُّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ (لَهُ مَنْدُوحَةٌ) أَيْ سَعَةٌ فِي تَرْكِ ذَلِكَ صَلَّى لِسُتْرَةٍ أَوْ لَا إلَّا طَائِفًا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِلَّا مُصَلِّيًا مَرَّ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ فِي صَفٍّ أَوْ لِرُعَافٍ (وَ) أَثِمَ (مُصَلٍّ تَعَرَّضَ) بِصَلَاتِهِ بِلَا سُتْرَةٍ بِمَحِلٍّ يُظَنُّ بِهِ الْمُرُورُ وَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤْمَرُ بِهَا مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِصِفَتِهَا) أَيْ الَّتِي لَا تُجْزِي بِدُونِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَدْرِهَا (قَوْلُهُ: لَا كَسَوْطٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَبْلَ (قَوْلُهُ: فِي غِلَظِ رُمْحٍ) أَيْ إنَّ أَقَلَّ مَا تَكُونُ أَنْ تَكُونَ فِي غِلَظِ رُمْحٍ فَأَوْلَى مَا كَانَتْ أَغْلَظَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ أَدْنَى مِنْ غِلَظِ الرُّمْحِ فَلَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَطْلُوبُ (قَوْلُهُ: وَطُولِ ذِرَاعٍ) أَيْ مِنْ الْمُرْفَقِ لِآخِرِ الْإِصْبَعِ الْوُسْطَى وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا أَنْ تَكُونَ طُولَ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ فِي الِارْتِفَاعِ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: لَا دَابَّةً) أَيْ فَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ أَوْ الْمَنْدُوبُ بِالِاسْتِتَارِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ بِرَبْطٍ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالِاسْتِتَارِ بِهَا لِعَدَمِ ثَبَاتِهَا (قَوْلُهُ: جَعَلَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا) أَيْ وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ مُقَابِلًا لِوَجْهِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا خَطٌّ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي غِلَظِ رُمْحٍ وَطُولِ ذِرَاعٍ (قَوْلُهُ: كَنَائِمٍ) أَيْ فَهُوَ مُشْغَلٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي أَوْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بِكَافِرٍ) أَيْ وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُوَاجِهٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَحْرَمِ) أَيْ وَفِي الِاسْتِتَارِ بِظَهْرِ الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْجَوَازُ وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِتَارَ بِالشَّخْصِ الْمُوَاجِهِ لَهُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا الِاسْتِتَارُ بِظَهْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً أَوْ كَافِرًا أَوْ مَأْبُونًا فَالْكَرَاهَةُ وَإِنْ كَانَ رَجُلًا غَيْرَ كَافِرٍ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً مَحْرَمًا فَقَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَرْجَحُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي الَّذِي يُمْنَعُ الْمُرُورُ فِيهِ قَالَ ابْنُ هِلَالٍ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ هُوَ مَا لَا يُشَوِّشُ عَلَيْهِ الْمُرُورُ فِيهِ وَيَحُدُّهُ بِنَحْوِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَحْدِيدِ مَالِكٍ حَرِيمَ الْبِئْرِ بِمَا لَا يَضُرُّ تِلْكَ الْبِئْرَ بِحَفْرِ بِئْرٍ أُخْرَى ثُمَّ اخْتَارَ مَا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّ حَرِيمَ الْمُصَلِّي مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُهُ لِقِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَقِيلَ إنَّهُ قَدْرُ رَمْيَةِ الْحَجَرِ أَوْ السَّهْمِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ بِالسَّيْفِ أَقْوَالٌ. (قَوْلُهُ: وَأَثِمَ مَارٌّ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ إمَامِهِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ أَيْ وَهُوَ حَرِيمُهُ الْمُتَقَدِّمُ تَحْدِيدُهُ وَلِلْمُصَلِّي دَفْعُ ذَلِكَ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ دَفْعًا خَفِيفًا لَا يَشْغَلُهُ فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ صَلَاتَهُ وَلَوْ دَفَعَ فَأَتْلَفَ لَهُ شَيْئًا كَمَا لَوْ خَرَقَ ثَوْبَهُ أَوْ سَقَطَ مِنْهُ مَالٌ ضَمِنَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ دَفَعَهُ دَفْعًا مَأْذُونًا فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ دَفَعَهُ فَمَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ دَافِعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ صَارَ كَالْخَطَأِ فَلِذَا لَمْ يَقْتُلْ فِيهِ وَكَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقِيلَ يَكُونُ هَدَرًا وَقِيلَ الدِّيَةُ فِي مَالِ الدَّافِعِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُنَاوِلٌ آخَرَ شَيْئًا) أَيْ وَكَذَا يَأْثَمُ مُنَاوِلٌ آخَرَ شَيْئًا بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَقَوْلُهُ أَوْ يُكَلِّمُ آخَرَ أَيْ بِأَنْ يُكَلِّمَ مَنْ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْ الْمُصَلِّي شَخْصًا بِجَانِبِهِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَارُّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ لَهُ مَنْدُوحَةٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَنْدُوحَةٌ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمُرُورُ صَلَّى الْمُصَلِّي لِسُتْرَةٍ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ صَلَّى الْمُصَلِّي لِسُتْرَةٍ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ حَرُمَ الْمُرُورُ إنْ كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَصَلَّى لِسُتْرَةٍ وَإِلَّا جَازَ الْمُرُورُ هَذَا إذَا كَانَ الْمَارُّ غَيْرَ طَائِفٍ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُصَلِّي سُتْرَةٌ أَمْ لَا، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ سُتْرَةٌ كُرِهَ (قَوْلُهُ: إلَّا طَائِفًا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لَوْ صَلَّى لِسُتْرَةٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ بَعْدَهُ وَهُوَ الْمُصَلِّي يَمُرُّ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ وَالْمُضْطَرُّ لِلْمُرُورِ لِكَرِعَافٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمَا فِي الْمُرُورِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ كَانَ لِلْمُصَلِّي الَّذِي حَصَلَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَثِمَ مُصَلٍّ تَعَرَّضَ) اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرُورَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلِّي لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا فَكَيْفَ يَكُونُ آثِمًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرُورَ وَإِنْ كَانَ فِعْلَ غَيْرِهِ لَكِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ سَدُّ طَرِيقِ الْإِثْمِ

[مندوبات الصلاة]

فَقَدْ يَأْثَمَانِ وَقَدْ لَا يَأْثَمَانِ وَقَدْ يَأْثَمُ أَحَدُهُمَا. (وَ) الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ (إنْصَاتُ مُقْتَدٍ) لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ (وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ) بَيْنَ تَكْبِيرٍ وَفَاتِحَةٍ أَوْ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِعَارِضٍ فَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ (وَنُدِبَتْ) قِرَاءَتُهُ (إنْ أَسَرَّ) الْإِمَامُ أَيْ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سَرِيَّةً وَلَوْ قَالَ فِي السِّرِّيَّةِ لَكَانَ أَقْعَدَ وَنُدِبَ فِي السِّرِّيَّةِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ مُشَبِّهًا لَهَا بِالْمَنْدُوبِ الْمُتَقَدِّمِ فَقَالَ (كَرَفْعِ يَدَيْهِ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا لِلْأَرْضِ (مَعَ إحْرَامِهِ) فَقَطْ لَا مَعَ رُكُوعِهِ وَلَا رَفْعِهِ وَلَا مَعَ قِيَامٍ مِنْ اثْنَتَيْنِ (حِينَ شُرُوعِهِ) فِي التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُ الْعَوَامّ وَنُدِبَ كَشْفُهُمَا وَإِرْسَالُهُمَا بِوَقَارٍ فَلَا يَدْفَعُ بِهِمَا إمَامَهُ (وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ خَوْفِ خُرُوجِ وَقْتٍ (وَالظُّهْرُ تَلِيهَا) فِي التَّطْوِيلِ أَيْ دُونَهَا فِيهِ وَأَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَيَنْبَغِي لَهُ التَّقْصِيرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا بِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَطَلَبُوا مِنْهُ التَّطْوِيلَ (وَتَقْصِيرُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا مِنْ قِصَارِهِ وَأَوَّلُهُ وَالضُّحَى (كَتَوَسُّطٍ بِعِشَاءٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ وَسَطٍ وَأَوَّلُهُ مِنْ عَبَسَ وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ سُوَرِهِ (وَ) نُدِبَ تَقْصِيرُ قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (ثَانِيَةٍ عَنْ) قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (أُولَى) فِي فَرْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَثِمَ لِعَدَمِ سَدِّهَا. (قَوْلُهُ: فَقَدْ يَأْثَمَانِ) وَذَلِكَ إذَا تَعَرَّضَ الْمُصَلِّي بِلَا سُتْرَةٍ وَكَانَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَأْثَمَانِ) كَمَا لَوْ صَلَّى لِسُتْرَةٍ وَلَمْ تَكُنْ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ فِي تَرْكِ الْمُرُورِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَأْثَمُ أَحَدُهُمَا) ، أَيْ فَإِذَا تَعَرَّضَ الْمُصَلِّي وَلَا مَنْدُوحَةَ لِلْمَارِّ أَثِمَ الْمُصَلِّي دُونَ الْمَارِّ وَإِذَا صَلَّى لِسُتْرَةٍ وَكَانَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ أَثِمَ الْمَارُّ دُونَ الْمُصَلِّي. (قَوْلُهُ: وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ إلَخْ) جَعْلُهُ سُنَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ (قَوْلُهُ: فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ) أَيْ وَلَوْ أَسَرَّ الْإِمَامُ فِيهَا الْقِرَاءَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِ سَنَدٍ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ لَا يَقْرَأُ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الصَّلَاةَ جَهْرِيَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِعَارِضٍ) أَيْ كَبُعْدٍ أَوْ أَسَرَّ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَقْعَدَ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مَتَى أَسَرَّ الْإِمَامُ نُدِبَ لِمَأْمُومِهِ الْقِرَاءَةُ وَلَوْ كَانَتْ جَهْرِيَّةً وَخَالَفَ الْإِمَامُ وَأَسَرَّ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ سِرِّيَّةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ فِيهَا عَمْدًا أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ كَذَلِكَ. [مَنْدُوبَاتِ الصَّلَاةِ] (قَوْلُهُ: ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ إلَخْ) أَيْ مَبْسُوطَتَانِ ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا لِلْأَرْضِ عَلَى صِفَةِ الرَّاهِبِ أَيْ الْخَائِفِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا سَحْنُونٌ وَرَجَّحَهَا عج كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَالَ عِيَاضٌ يَجْعَلُ يَدَيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ بُطُونُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ كَالرَّاغِبِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْعَلُ يَدَيْهِ عَلَى صِفَةِ النَّابِذِ بِأَنْ يَجْعَلَ يَدَيْهِ قَائِمَتَيْنِ أَصَابِعَهُ حَذْوَ أُذُنَيْهِ وَكَفَّاهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَصَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِتَشْهِيرِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَرَجَّحَهُ اللَّقَانِيُّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لَا مَعَ رُكُوعِهِ وَلَا رَفْعِهِ) أَيْ وَلَا مَعَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ أَشْهُرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْإِكْمَالِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَفِي التَّوْضِيحِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَالْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ لِوُرُودِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ وَلَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَكُرِهَ رَفْعُهُمَا قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ دُونَهَا فِيهِ) أَيْ دُونَ الصُّبْحِ فِي التَّطْوِيلِ وَحِينَئِذٍ فَيَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ مِنْ أَطْوَلِ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الظُّهْرِ مِنْ أَقْصَرِ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ (قَوْلُهُ: وَأَوَّلِهِ) أَيْ وَأَوَّلِ الْمُفَصَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اسْتِحْبَابُ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْإِمَامِ الْأَوْلَى فِي حَقِّ مَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي لَهُ التَّقْصِيرُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِي النَّاسِ الْكَبِيرَ وَالْمَرِيضَ وَذَا الْحَاجَةِ» وَانْظُرْ إذَا أَطَالَ الْإِمَامُ الْقِرَاءَةَ حَتَّى خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ وَخَشِيَ الْمَأْمُومُ تَلَفَ بَعْضِ مَالِهِ إنْ أَتَمَّ مَعَهُ أَوْ فَوَّتَ مَا يَلْحَقُهُ مِنْهُ ضَرَرٌ شَدِيدٌ هَلْ يَسُوغُ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ أَمْ لَا قَالَ الْمَازِرِيُّ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَحَكَى عِيَاضٌ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَطَلَبُوا مِنْهُ التَّطْوِيلَ) أَيْ وَعَلِمَ إطَاقَتَهُمْ لَهُ وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهَذِهِ قُيُودٌ أَرْبَعَةٌ فِي اسْتِحْبَابِ التَّطْوِيلِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَتَقْصِيرُهَا بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ) أَيْ وَهُمَا سِيَّانِ فِي التَّقْصِيرِ وَقِيلَ فِي الْمَغْرِبِ أَقْصَرُ وَعَكَسَ بَعْضُهُمْ كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ: مِنْ قِصَارِهِ) أَيْ الْمُفَصَّلِ وَقَوْلُهُ وَأَوَّلِهِ أَيْ أَوَّلِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَقَوْلُهُ مِنْ وَسَطِهِ أَيْ الْمُفَصَّلِ وَقَوْلُهُ وَأَوَّلِهِ أَيْ أَوَّلِ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ (قَوْلُهُ: وَتَقْصِيرُ قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ إلَخْ) عَلَى هَذَا لَوْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِمَّا قَرَأَهُ فِي الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ رَتَّلَ فِيهِ حَتَّى طَالَ قِيَامُ الثَّانِيَةِ عَنْ قِيَامِ الْأُولَى فِي الزَّمَانِ كَانَ آتِيًا بِالْمَنْدُوبِ وَقِيلَ إنَّ الْمَنْدُوبَ تَقْصِيرُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى فِي الزَّمَانِ وَإِنْ قَرَأَ فِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا قَرَأَ فِي الْأُولَى وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْقَوْلَ وَيَدُلُّ لَهُ

وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْصِيرِ فَالْأَقَلِّيَّةُ بِالرُّبُعِ فَدُونَ وَكَوْنُ الثَّانِيَةِ أَطْوَلَ وَالْمُسَاوَاةُ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) تَقْصِيرُ (جُلُوسٍ أَوَّلٍ) يَعْنِي غَيْرَ جُلُوسِ السَّلَامِ عَنْ جُلُوسِهِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَرَسُولِهِ (وَ) نُدِبَ (قَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ الْمَسْنُونِ (رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ) وَلَا يَزِيدُهَا الْإِمَامُ فَالْفَذُّ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ (وَ) نُدِبَ (تَسْبِيحٌ) بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ (بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) كَدُعَاءٍ بِهِ (وَتَأْمِينُ فَذٍّ مُطْلَقًا) كَانَتْ صَلَاتُهُ سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً (وَ) تَأْمِينُ (إمَامٍ بِسِرٍّ) أَيْ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ لَا فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ (وَ) نُدِبَ تَأْمِينُ (مَأْمُومٍ بِسِرٍّ) عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (أَوْ جَهْرٍ) عِنْدَ قَوْلِ إمَامِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (إنْ سَمِعَهُ) يَقُولُ وَلَا الضَّالِّينَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَبْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ وَلَا يَتَحَرَّى (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ يَتَحَرَّى فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ (وَ) نُدِبَ (إسْرَارُهُمْ) أَيْ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (بِهِ) أَيْ بِالتَّأْمِينِ. [دَرْسٌ] (وَ) نُدِبَ (قُنُوتٌ) أَيْ دُعَاءٌ (سِرًّا بِصُبْحٍ) (فَقَطْ) لَوْ قَالَ وَإِسْرَارُهُ لَأَفَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَنْدُوبٌ اسْتِقْلَالًا (وَ) نُدِبَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ) نُدِبَ (لَفْظُهُ) الْمَخْصُوصُ (وَهُوَ) أَيْ لَفْظُهُ (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ) وَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَأْتِي فِي الْكُسُوفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْصِيرِ) أَيْ فِي تَقْصِيرِ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ قِرَاءَةِ الْأُولَى عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوْ تَقْصِيرِ زَمَنِ الثَّانِيَة عَنْ زَمَنِ الْأُولَى عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَقَلِّيَّةُ) أَيْ الْمَطْلُوبَةُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: يَعْنِي غَيْرَ جُلُوسِ السَّلَامِ) أَيْ وَمِنْ الْغَيْرِ جُلُوسُ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: فَالْفَذُّ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ) أَيْ وَالْإِمَامُ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةٍ فَقَطْ وَالْمَأْمُومُ مُخَاطَبٌ بِمَنْدُوبٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَدُعَاءٍ بِهِ) أَيْ كَمَا يُنْدَبُ الدُّعَاءُ فِيهِ أَيْ السُّجُودِ فَالرُّكُوعُ لَا يَدَّعِي فِيهِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَيَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ بِمَا شَاءَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّأْمِينُ حِينَئِذٍ بَلْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَرَّى عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى لَرُبَّمَا أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَلَرُبَّمَا صَادَفَ آيَةَ عَذَابٍ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَقَعْ فِيهِ الدُّعَاءُ بِالْعَذَابِ إلَّا عَلَى مُسْتَحِقِّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا ضَرَرَ فِي مُصَادَفَتِهِ بِالتَّأْمِينِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُهُ يَتَحَرَّى) أَيْ إنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ وَلَا الضَّالِّينَ وَسَمِعَ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ) أَيْ لَا لِلْمَنْطُوقِ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إسْرَارُهُمْ بِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالْمَطْلُوبُ فِيهِ الْإِسْرَارُ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ قُنُوتٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ مِنْ تَرْكِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ عِنْدَهُ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: أَيْ دُعَاءٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ هُنَا الدُّعَاءُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى أُمُورٍ مِنْهَا الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ كَمَا فِي {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل: 120] وَمِنْهَا السُّكُوتُ كَمَا فِي {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أَيْ سَاكِتِينَ فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» وَمِنْهَا الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ الْقِيَامُ وَمِنْهَا وَالدُّعَاءُ يُقَالُ قَنَتَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَيْ دَعَا لَهُ وَعَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَأَفَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَنْدُوبٌ اسْتِقْلَالًا) أَيْ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش لَمَّا كَانَ السِّرُّ صِفَةً ذَاتِيَّةً لِلْقُنُوتِ لَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا فِي بْن وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِسْرَارُ بِهِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَهُوَ يُنْدَبُ الْإِسْرَارُ بِهِ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ (قَوْلُهُ: بِصُبْحٍ فَقَطْ) أَيْ لَا بِوِتْرٍ وَلَا يُفْعَلُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَغَلَاءٍ أَوْ وَبَاءٍ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ لِذَلِكَ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْعَطْفَ فِي قَوْلِهِ بِصُبْحٍ لِأَنَّ الصُّبْحَ تَعْيِينٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُشْرَعُ فِيهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَرَاهَتِهِ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ عَطَفَ لَاقْتَضَى أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ فَعَلَ مَنْدُوبًا وَهُوَ أَصْلُ الْقُنُوتِ وَفَاتَهُ مَنْدُوبٌ مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ فِي غَيْرِهِ مَكْرُوهٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ قَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّفْقِ بِالْمَسْبُوقِ وَلَوْ نَسِيَ الْقُنُوتَ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الِانْحِنَاءِ لَمْ يَرْجِعْ لَهُ وَقَنَتَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فَلَوْ رَجَعَ لَهُ بَعْدَ الِانْحِنَاءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يُقَالُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الرَّاجِعِ لِلْجُلُوسِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا لِأَنَّ الْجُلُوسَ أَشَدُّ مِنْ الْقُنُوتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السُّجُودَ لِلْجُلُوسِ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ وَأَيْضًا الرَّاجِعُ لِلْقُنُوتِ قَدْ رَجَعَ مِنْ فَرْضٍ مُتَّفَقٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ وَهُوَ الرُّكُوعُ لِغَيْرِ فَرْضٍ بِخِلَافِ الرَّاجِعِ لِلْجُلُوسِ فَإِنَّهُ رَجَعَ مِنْ فَرْضٍ مُخْتَلَفٍ فِي فَرْضِيَّتِهِ وَهُوَ الْقِيَامُ لِلْفَاتِحَةِ لِغَيْرِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ) أَيْ وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنَخْنَعُ لَك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مِنْ يَكْفُرُك اللَّهُمَّ إيَّاكَ

اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت إلَخْ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ أَتَى بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اهْدِنَا إلَخْ سِرًّا قَبْلَ الرُّكُوعِ يُصْبِحُ لَفَاتَهُ مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ وَهَكَذَا (وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا (فِي) وَقْتِ (الشُّرُوعِ) فِي الرُّكْنِ لِيَعْمُرَهُ بِهِ وَكَذَا تَسْمِيعُهُ (إلَّا) تَكْبِيرَهُ (فِي قِيَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَشَهُّدِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ (فَلِاسْتِقْلَالِهِ) قَائِمًا وَأَخَّرَ مَأْمُومٌ قِيَامَهُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ إمَامُهُ (وَ) نُدِبَ (الْجُلُوسُ كُلُّهُ) وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً وَمَحَطُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ (بِإِفْضَاءِ) إلَخْ أَيْ نُدِبَ كَوْنُهُ بِإِفْضَاءِ وَرِكِ الرِّجْلِ (الْيُسْرَى) وَأَلْيَتَيْهِ (لِلْأَرْضِ وَ) نَصْبِ الرِّجْلِ (الْيُمْنَى عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْيُسْرَى (وَ) بَاطِنُ (إبْهَامِهَا) أَيْ الْيُمْنَى (لِلْأَرْضِ) فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ مَعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مُفَرِّجًا فَخِذَيْهِ (وَ) نُدِبَ (وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ بِرُكُوعِهِ وَجَرُّ لَفْظِ وَضْعِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى فَهُوَ مِنْ تَمَامِ صِفَةِ الْجُلُوسِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَلَى قُرْبِ رُكْبَتَيْهِ (وَ) نُدِبَ (وَضْعُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا) مُتَوَجِّهَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ (بِسُجُودٍ) نَدْبٌ (وَمُجَافَاةُ) أَيْ مُبَاعَدَةُ (رَجُلٍ فِيهِ) أَيْ فِي سُجُودِهِ (بَطْنَهُ فَخِذَيْهِ) أَيْ عَنْ فَخِذَيْهِ (وَ) نُدِبَ مُبَاعَدَةُ (مِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ) أَيْ عَنْهُمَا مُجَافِيًا لَهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ مُجَنِّحًا بِهِمَا تَجْنِيحًا وَسَطًا وَنُدِبَ تَفْرِيقُ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ نُدِبَ مَا ذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ كَنَفْلٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهِ لَا إنْ طَوَّلَ فَلَهُ وَضْعُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ لِطُولِ السُّجُودِ فِيهِ وَمَفْهُومُ رَجُلٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُنْدَبُ كَوْنُهَا مُنْضَمَّةً فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا (وَ) نُدِبَ (الرِّدَاءُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQنَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخَافُ عَذَابَك الْجِدَّ إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَإِنَّمَا ثَبَتَتْ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَنَخْنَعُ بِالنُّونِ مُضَارِعُ خَنَعَ بِالْكَسْرِ ذَلَّ وَخَضَعَ وَنَخْلَعُ أَيْ نُزِيلُ رِبْقَةَ الْكُفْرِ مِنْ أَعْنَاقِنَا وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك أَيْ لَا نُحِبُّ دِينَهُ فَلَا يُعْتَرَضُ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَمُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ، وَنَحْفِدُ نَخْدُمُ وَمُلْحِقٌ بِالْكَسْرِ مَعْنَاهُ لَاحِقٌ وَبِالْفَتْحِ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يُلْحِقُهُ بِالْكَافِرِينَ وَهُمَا رِوَايَتَانِ. (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت إلَخْ) أَيْ كُرِهَتْ وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْت وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْت وَقِنَا وَاصْرِفْ عَنَّا شَرَّ مَا قَضَيْت فَإِنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك وَإِنَّهُ لَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت وَلَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْت نَسْتَغْفِرُك وَنَتُوبُ إلَيْك (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الشُّرُوعِ) أَيْ بِحَيْثُ يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرُ فِي كُلِّ رُكْنٍ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي أَوَّلِهِ وَلَا يَخْتِمُهُ إلَّا مَعَ آخِرِهِ وَيَجُوزُ قَصْرُهُ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَكَذَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَسْمِيعُهُ) أَيْ كَذَا يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ تَسْمِيعُهُ فِي وَقْتِ شُرُوعِهِ فِي الرُّكْنِ لِيَعْمُرَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَلِاسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا) أَيْ فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ عِنْدَ اسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا لِلْعَمَلِ وَلِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ وَحَمَلَ قِيَامَ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الرَّبَاعِيَةِ فَلَوْ كَبَّرَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ فَفِي إعَادَتِهِ بَعْدَهُ قَوْلَانِ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا يُكَبِّرُ حَالَ الْقِيَامِ فَالظَّاهِرُ صَبْرُ الْمَأْمُومِ الْمَالِكِيِّ بِتَكْبِيرِهِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ بَعْدَهُ قَائِمًا (قَوْلُهُ: وَاجِبًا كَانَ) أَيْ كَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلِلسَّلَامِ وَقَوْلُهُ أَوْ سُنَّةً أَيْ كَالْجُلُوسِ لِلتَّشَهُّدَيْنِ (قَوْلُهُ: بِإِفْضَاءٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُصَوَّرًا بِإِفْضَاءٍ أَيْ بِوَضْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى عَلَى الْأَرْضِ وَيَصِحُّ جَعْلُ الْبَاءِ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْجُلُوسِ مُقَارِنًا لِهَذِهِ الْهَيْئَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَارِنًا لَهَا حَصَلَتْ السُّنَّةُ وَفَاتَ الْمُسْتَحَبُّ (قَوْلُهُ: وِرْكِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى) وَيَلْزَمُ مِنْ إفْضَاءِ وِرْكِ الْيُسْرَى بِالْأَرْضِ إفْضَاءُ سَاقِهَا لِلْأَرْضِ فَتَرْكُ النَّصِّ عَلَى إفْضَاءِ السَّاقِ لِذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ وِرْكٍ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ لِلْأَرْضِ بِهِ وَبِالسَّاقِ (قَوْلُهُ: وَأَلْيَتَيْهِ) الْأَوْلَى وَأَلْيَتِهِ بِالْإِفْرَادِ لِأَنَّ الْأَلْيَةَ الْيُمْنَى مَرْفُوعَةٌ عَنْ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي الْكَلَامِ خَذْفَ مُضَافٍ أَيْ وَإِحْدَى أَلْيَتَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَصْبِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى) الْأَوْلَى وَوَضْعِ سَاقِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَيْ عَلَى الْيُسْرَى الْأَوْلَى عَلَى قَدَمِهَا (قَوْلُهُ: وَبَاطِنِ إبْهَامِهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ بَاطِنَ إبْهَامِهَا لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ: مُفَرِّجًا فَخِذَيْهِ) حَالٌ أَيْ فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ مَعًا كَائِنَتَيْنِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُفَرِّجًا فَخِذَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ) هَذِهِ النُّسْخَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ غَازِيٍّ وَكَأَنَّهَا إصْلَاحٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ تَمَامِ صِفَةِ الْجُلُوسِ) أَيْ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى آخِرِ الْفَخِذَيْنِ فِي الْجُلُوسِ مُسْتَحَبٌّ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَّبَهُمَا) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالرِّسَالَةِ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ وَنَصُّ الرِّسَالَةِ تَجْعَلُ يَدَيْك حَذْوَ أُذُنَيْك أَوْ دُونَ ذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِي فِي شب وَكَبِيرِ خش أَنَّ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَأَنَّهُ إشَارَةٌ لِقَوْلٍ آخَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِمَا مِقْدَارُ الْقُرْبِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْمُحَاذَاةِ فِي النَّدْبِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَكُونُ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ مُحَاذِيَةً لِلْأُذُنَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ أَنْزَلَ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَمُجَافَاةِ رِجْلٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ لِلسُّجُودِ سَبْعَ مَنْدُوبَاتٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا اثْنَيْنِ وَهُمَا مُبَاعَدَةُ الْبَطْنِ عَنْ الْفَخِذَيْنِ وَمُبَاعَدَةُ الْمِرْفَقَيْنِ عَنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَبَقِيَ مُجَافَاةُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَمُجَافَاتُهُمَا أَيْضًا عَنْ جَنْبَيْهِ وَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَرَفْعُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ وَتَجْنِيحُهُ بِهِمَا تَجْنِيحًا وَسَطًا وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْضَ ذَلِكَ وَتَرَكَ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: مُجَافِيًا) أَيْ مُبَاعِدًا لَهُمَا أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ (قَوْلُهُ: فِي فَرْضٍ) أَيْ سَوَاءً طُوِّلَ فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ كَوْنُهَا مُنْضَمَّةً)

لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ نَافِلَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَهُوَ مَا يُلْقِيهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ وَبَيْنَ كَتِفِهِ فَوْقَ ثَوْبِهِ وَطُولُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ثَلَاثَةٌ وَتَأَكَّدَ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ فَفَذُّهَا فَأَئِمَّةُ غَيْرِهَا. (وَ) نُدِبَ لِكُلِّ مُصَلٍّ مُطْلَقًا (سَدْلُ) أَيْ إرْسَالُ (يَدَيْهِ) لِجَنْبَيْهِ وَكُرِهَ الْقَبْضُ بِفَرْضٍ (وَهَلْ يَجُوزُ) (الْقَبْضُ) لِكُوعِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَاضِعًا لَهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ (فِي النَّفْلِ) طَوَّلَ أَوْ لَا (أَوْ) يَجُوزُ (إنْ طَوَّلَ) فِيهِ وَيُكْرَهُ إنْ قَصَّرَ تَأْوِيلَانِ (وَهَلْ كَرَاهَتُهُ) أَيْ الْقَبْضِ (فِي الْفَرْضِ) بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ السَّدْلَ لَا مَا سَبَقَ فَقَطْ (لِلِاعْتِمَادِ) إذْ هُوَ شَبِيهٌ بِالْمُسْتَنِدِ فَلَوْ فَعَلَهُ لَا لِلِاعْتِمَادِ بَلْ اسْتِنَانًا لَمْ يُكْرَهْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ بِلَا ضَرُورَةٍ (أَوْ) كَرَاهَتُهُ (خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ) عَلَى الْعَوَامّ وَاسْتُبْعِدَ وَضُعِّفَ (أَوْ) خِيفَةَ (إظْهَارِ خُشُوعٍ) وَلَيْسَ بِخَاشِعٍ فِي الْبَاطِنِ وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْفَرْضِ (تَأْوِيلَاتٌ) خَمْسَةٌ اثْنَانِ فِي الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْعِلَلِ كَوْنَهُ مُخَالِفًا لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (وَ) نُدِبَ (تَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي) هَوِيِّ (سُجُودِهِ وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ) مِنْهُ. (وَ) نُدِبَ (عَقْدُ يُمْنَاهُ) أَيْ عَقْدُ أَصَابِعِهَا (فِي تَشَهُّدَيْهِ) يَعْنِي تَشَهُّدَ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ فِي تَشَهُّدِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (الثَّلَاثِ) مِنْ أَصَابِعِهَا الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى وَأَطْرَافُهَا عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ الْإِبْهَامِ عَلَى صِفَةِ تِسْعَةٍ (مَا عَدَا السَّبَّابَةَ) وَجَاعِلًا جَنْبَهَا لِلسَّمَاءِ (وَالْإِبْهَامَ) بِجَانِبِهَا عَلَى الْوُسْطَى مَمْدُودَةً عَلَى صُورَةِ الْعِشْرِينَ فَتَكُونُ الْهَيْئَةُ صِفَةَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ (وَ) نُدِبَ (تَحْرِيكُهَا) أَيْ السَّبَّابَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِحَيْثُ تَلْصَقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا وَمِرْفَقَيْهَا بِرُكْبَتَيْهَا (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مُصَلٍّ) أَيْ سَوَاءً كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا كَانَ يُصَلِّي فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إلَّا الْمُسَافِرَ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ اسْتِعْمَالُ الرِّدَاءِ كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش. (قَوْلُهُ: عَلَى عَاتِقَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَاتِقَيْنِ غَيْرُ الْكَتِفَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَضَعُ الرِّدَاءَ عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مَا يُلْقِيهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ أَيْ كَتِفَيْهِ دُونَ أَنْ يُغَطِّيَ بِهِ رَأْسَهُ فَإِنْ غَطَّاهَا بِهِ وَرَدَّ طَرَفَهُ عَلَى أَحَدِ كَتِفَيْهِ صَارَ قِنَاعًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ شِعَارُهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِانْتِقَابِ كَذَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ) أَيْ نَدْبُ اسْتِعْمَالِ الرِّدَاءِ. (قَوْلُهُ: أَيْ إرْسَالُ يَدَيْهِ لِجَنْبَيْهِ) أَيْ مِنْ حِينَ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الْقَبْضُ) أَيْ عَلَى كُوعِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَكَذَا عَكْسُهُ وَوَضْعُهُمَا فَوْقَ السُّرَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ طَوَّلَ أَوْ لَا) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِي النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْفَرْضِ مَكْرُوهٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْقَبْضِ النَّفَلُ إذَا لَمْ يُطَوِّلْ الْقَبْضَ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهَا فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ: لِلِاعْتِمَادِ) أَيْ إذَا فَعَلَهُ بِقَصْدِ الِاعْتِمَادِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ: بَلْ اسْتِنَانًا) أَيْ اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ فِي فِعْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الْقَبْضِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُضَعِّفُهُ تَفْرِقَةُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُبْعِدَ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِكَرَاهَةِ كُلِّ الْمَنْدُوبَاتِ لِأَنَّ خِيفَةَ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ مُمْكِنٌ فِي جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا التَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: أَوْ خِيفَةَ إظْهَارِ خُشُوعٍ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِعِيَاضٍ وَهُوَ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الْقَبْضِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُضَعِّفُهُ أَنَّ مَالِكًا فَرَّقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَذَكَرَ أَنَّ الْقَبْضَ فِي النَّفْلِ جَائِزٌ وَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: اثْنَانِ فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَقْدِيمُ يَدَيْهِ إلَخْ) لِمَا فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبْرُكَنَّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلَكِنْ يَضَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ» وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُقَدِّمُ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ انْحِطَاطِهِ لِلسُّجُودِ كَمَا يُقَدِّمُهُمَا الْبَعِيرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهُمَا فِي الْقِيَامِ كَمَا يُؤَخِّرُهُمَا الْبَعِيرُ فِي قِيَامِهِ وَالْمُرَادُ رُكْبَتَا الْبَعِيرِ اللَّتَانِ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُهُمَا فِي بُرُوكِهِ وَيُؤَخِّرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ عَكْسَ الْمُصَلِّي. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ عَقْدُهُ) أَيْ نُدِبَ لِلْمُصَلِّي عَقْدُ يُمْنَاهُ فَالضَّمِيرَانِ لِلْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: وَأَشْمَلَ) أَيْ لِأَنَّ تَشَهُّدَهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: الثَّلَاثِ مِنْ أَصَابِعِهَا) بَدَلٌ مِنْ يُمْنَاهُ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَأَطْرَافُهَا عَلَى اللَّحْمَةِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوُسْطَى) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْإِبْهَامِ مَوْضُوعًا عَلَى الْوُسْطَى (قَوْلُهُ: عَلَى صُورَةِ الْعِشْرِينَ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَدَّ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ صُورَةُ الْعِشْرِينَ وَأَمَّا قَبْضُ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ إجْمَالٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّلَاثَةَ صِفَةَ تِسْعَةٍ وَهُوَ جَعْلُهَا عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ الْإِبْهَامِ فَتَصِيرُ الْهَيْئَةُ هَيْئَةَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَيَحْتَمِلُ جَعْلَ الثَّلَاثَةِ فِي وَسَطِ الْكَفِّ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ الْهَيْئَةُ هَيْئَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ شَارِحُنَا وَأَمَّا احْتِمَالُ جَعْلِهَا فِي وَسَطِ الْكَفِّ مَعَ وَضْعِ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صِفَةُ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ فَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَمْدُودٍ بَلْ هُوَ مُنْحَنٍ عَلَى أُنْمُلَةِ الْأَوْسَطِ

يَمِينًا وَشِمَالًا (دَائِمًا) فِي جَمِيعِ التَّشَهُّدِ وَأَمَّا الْيُسْرَى فَيَبْسُطُهَا مَقْرُونَةَ الْأَصَابِعِ عَلَى فَخِذِهِ (وَ) نُدِبَ (تَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ) عِنْدَ النُّطْقِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ بِحَيْثُ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ صَفْحَةَ وَجْهِهِ وَمَا قَبْلَهُمَا يُشِيرُ بِهِ قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَهَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتَيَامَنُ بِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ) يَعْنِي تَشَهُّدَ السَّلَامِ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّشَهُّدَ بِأَيِّ لَفْظٍ مَرْوِيٍّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُنَّةٌ (وَهَلْ) (لَفْظُ التَّشَهُّدِ) الْمَعْهُودُ وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَجَرَى مَجْرَى الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَلِذَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ الدُّعَاءِ بِأَيِّ صِيغَةٍ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا مَا فِي الْخَبَرِ وَهُوَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ (سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ (وَلَا بَسْمَلَةَ فِيهِ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَجَازَتْ) الْبَسْمَلَةُ (كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ) فِي الْفَاتِحَةِ وَفِي السُّورَةِ (وَكُرِهَا) أَيْ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ (بِفَرْضٍ) قَالَ الْقَرَافِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرُهُمَا الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (كَدُعَاءٍ) بَعْدَ إحْرَامٍ وَ (قَبْلَ قِرَاءَةٍ) فَيُكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَدِّ مَا قَابَلَ الْعَقْدَ. (قَوْلُهُ: يَمِينًا وَشِمَالًا) أَيْ لَا لِأَعْلَى وَلَا لِأَسْفَلَ أَيْ لِفَوْقٍ وَتَحْتٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ التَّشَهُّدِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهِ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ لِآخِرِهِ وَهُوَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحَرِّكُهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ فِي حَالَةِ الدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي عِلَّةِ تَحْرِيكِهَا وَهُوَ أَنَّهُ يُذَكِّرُهُ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ فَلَا يُوقِعُهُ الشَّيْطَانُ فِي سَهْوٍ أَنَّهُ يُحَرِّكُهَا دَائِمًا لِلسَّلَامِ وَإِنَّمَا كَانَ تَحْرِيكُهَا يُذَكِّرُهُ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ عُرُوقَهَا مُتَّصِلَةٌ بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَإِذَا تَحَرَّكَتْ انْزَعَجَ الْقَلْبُ فَيَتَنَبَّهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ النُّطْقِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ) أَيْ مِنْ عَلَيْكُمْ (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُمَا) أَيْ الْكَافُ وَالْمِيمُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَمُقَابِلُهُ مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَيَامَنُ كَالْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي تَشَهُّدَ السَّلَامِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا وَمَحِلُّ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ بِمَعْنَى بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ وَأَمَّا أَصْلُهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ فَهُوَ سُنَّةٌ قَطْعًا وَبِذَلِكَ شَرَحَ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ وح وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَعَلَيْهِ يَنْبَنِي مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ عَنْهُ وَشَرْحُ بَهْرَامَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ فَقَالَ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ وَأَمَّا اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ فَمَنْدُوبٌ قَطْعًا وَعَلَى هَذَا فَالْمُصَنِّفُ جَزَمَ سَابِقًا بِالْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ حَكَى هُنَا الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ وَقَوَّاهُ طفى حَيْثُ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَشْهِيرِ الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَ التَّشَهُّدِ فَضِيلَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ اهـ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَصْلُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ بْن وَخُصُوصُ اللَّفْظِ مَنْدُوبٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ وَبِهَذِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ إذْ هُوَ لَيْسَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ قَطْعًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ إلَخْ) أَيْ هُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ جَرَيَانِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ مَجْرَى الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَاخْتَارَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ إلَى آخِرِ مَا رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَشَهُّدَ نَفْلٍ (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي حَاشِيَةِ خش أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَتَعَوُّذٍ) ظَاهِرُهُ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ السُّورَةِ جَهْرًا أَوْ سِرًّا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِالتَّعَوُّذِ وَمُفَادُ شب تَرْجِيحُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكُرْهًا بِفَرْضٍ) أَيْ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ مَالِكٍ وَمُحَصَّلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَتْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا فِي النَّمْلِ وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهَا وَنَدْبِهَا وَوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوْ الْفَاتِحَةُ) أَيْ وَيَأْتِي بِهَا سِرًّا وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهَا وَلَا يُقَالُ قَوْلُهُمْ: يُكْرَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا أَتَى بِهَا عَلَى وَجْهِ أَنَّهَا فَرْضٌ سَوَاءً قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ أَمْ لَا وَمَحِلُّ النَّدْبِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهَا فَرْضًا

[مكروهات الصلاة]

وَلَوْ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَخْ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ (وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ) قَبْلَ السُّورَةِ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ (وَأَثْنَاءَهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ يُخَلِّلَهَا بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ فَهِيَ أَوْلَى وَقَيَّدَهُ فِي الطِّرَازِ بِالْفَرْضِ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَيَجُوزُ (وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ) لِمَنْ يَقْرَؤُهَا مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ وَجَازَ لِمَأْمُومٍ سِرًّا إنْ قَلَّ عِنْدَ سَمَاعِ سَبَبِهِ كَالْخُطْبَةِ (وَ) أَثْنَاءَ (رُكُوعٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ فِيهِ التَّسْبِيحُ وَجَازَ بَعْدَ رَفْعٍ مِنْهُ (وَ) كُرِهَ (قَبْلَ تَشَهُّدٍ وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ وَ) بَعْدَ (تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ) لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ تَقْصِيرُهُ وَالدُّعَاءُ يَطُولُ (لَا) يُكْرَهُ الدُّعَاءُ (بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) وَلَا بَعْدَ قِرَاءَةٍ وَقَبْلَ رُكُوعٍ وَلَا بَعْدَ رَفْعٍ مِنْهُ وَلَا فِي سُجُودٍ وَبَعْدَ تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ بَلْ يُنْدَبُ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَكَذَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَهُمَا «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاسْتُرْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَاعْفُ عَنِّي وَعَافِنِي» (وَ) حَيْثُ جَازَ لَهُ الدُّعَاءُ (دَعَا بِمَا أَحَبَّ) مِنْ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَادَةً إنْ لَمْ يَكُنْ لِدِينٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِ) طَلَبِ (دُنْيَا وَسَمَّى) جَوَازًا (مَنْ أَحَبَّ) أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ) فِي دُعَائِهِ (يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا لَمْ تَبْطُلْ) إنْ غَابَ فُلَانٌ مُطْلَقًا أَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (وَكُرِهَ) (سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ) أَوْ بِسَاطٍ لَمْ يُعَدَّ لِفَرْشِ مَسْجِدٍ (لَا) عَلَى (حَصِيرٍ) لَا رَفَاهِيَةً فِيهَا كَحُلَفَاءَ فَلَا يُكْرَهُ (وَتَرْكُهُ) أَيْ السُّجُودِ عَلَى الْحَصِيرِ (أَحْسَنُ) وَأَمَّا الْحُصْرُ النَّاعِمَةُ فَيُكْرَهُ (وَ) كُرِهَ (رَفْعُ) مُصَلٍّ (مُومٍ) أَيْ فَرْضُهُ الْإِيمَاءُ لِعَجْزِهِ عَنْ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ (مَا) أَيْ شَيْئًا عَنْ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى جَبْهَتِهِ (يَسْجُدُ عَلَيْهِ) وَسَجَدَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ نَفْلًا لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْفَرْضِيَّةَ كَانَ آتِيًا بِمَكْرُوهٍ وَلَوْ قَصَدَ النَّفْلِيَّةَ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلَا يُقَالُ لَهُ حِينَئِذٍ إنَّهُ مُرَاعٍ لِلْخِلَافِ وَحِينَئِذٍ فَيُكْرَهُ كَمَا إذَا قَصَدَ الْفَرْضِيَّةَ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَخْ) تَمَامُهُ تَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرُك وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ) أَيْ وَإِنْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ قَبْلَ السُّورَةِ) الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ) أَيْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالطِّرَازِ وَقَالَ ح إنَّهُ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُخَلِّلَهَا بِهِ) أَيْ بِالدُّعَاءِ وَقَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ عِلَّةٌ لِكَرَاهَةِ الدُّعَاءِ فِي أَثْنَائِهَا وَقَوْلُهُ فَهِيَ أَوْلَى أَيْ فَهِيَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ أَوْلَى مِنْ دُعَاءِ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِمَأْمُومٍ) أَيْ وَجَازَ الدُّعَاءُ لِمَأْمُومٍ سَوَاءٌ دَعَا فِي حَالِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْفَاتِحَةِ أَوْ لِلسُّورَةِ وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ كَوْنِ الدُّعَاءِ سِرًّا وَقَلِيلًا وَعِنْدَ سَمَاعِ سَبَبِهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ كَمَا أَنَّ جَوَازَ الدُّعَاءِ لِسَامِعِ الْخُطْبَةِ مُقَيَّدٌ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ فِيهِ التَّسْبِيحُ) أَيْ وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيهِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَعْدَ رَفْعٍ مِنْهُ) أَيْ وَجَازَ الدُّعَاءُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَاخْتُلِفَ فِي الدُّعَاءِ الْمَوْصُوفِ بِالْجَوَازِ الْوَاقِعِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهِ دُعَاءٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ لِأَنَّ الْحَامِدَ لِرَبِّهِ طَالِبٌ لِلْمَزِيدِ مِنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ مُطْلَقُ دُعَاءٍ وَالْأَوَّلُ مَا فِي عج وَالثَّانِي مَا فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ) أَيْ وَكُرِهَ الدُّعَاءُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ مَا عَدَا التَّشَهُّدَ الَّذِي يَعْقُبُهُ السَّلَامُ وَمِنْ أَفْرَادِ الدُّعَاءِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِينَئِذٍ فَتُكْرَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَعْدَ رَفْعٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ جَازَ لَهُ الدُّعَاءُ) أَيْ وَفِي أَيِّ مَحَلٍّ جَازَ لَهُ الدُّعَاءُ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَادَةً) احْتَرَزَ مِنْ طَلَبِ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي نَبِيًّا وَالْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَاَللَّهُمِ اجْعَلْنِي سُلْطَانًا أَوْ أَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ عَقْلًا كَاَللَّهُمِ اجْعَلْنِي أَجْمَعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَالدُّعَاءُ بِمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ وَإِنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ بِدُنْيَا) أَيْ بَلْ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَإِنْ كَانَ لِطَلَبِ دُنْيَا) أَيْ كَسَعَةِ رِزْقٍ وَزَوْجَةٍ حَسَنَةٍ (قَوْلُهُ: وَسَمَّى مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ) كَاَللَّهُمِ اُرْزُقْ فُلَانًا أَوْ أَهْلِكْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ فِي دُعَائِهِ) أَيْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا) أَيْ يَا فُلَانُ رَزَقَك اللَّهُ أَوْ أَهْلَكَك اللَّهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إنْ غَابَ فُلَانٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً قَصَدَ خِطَابَهُ أَمْ لَا. [مَكْرُوهَات الصَّلَاة] (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ) أَيْ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ: عَلَى ثَوْبٍ) أَيْ لِأَنَّ الثِّيَابَ مَظِنَّةُ الرَّفَاهِيَةِ فَإِذَا تَحَقَّقَ انْتِفَاؤُهَا مِنْ الثَّوْبِ لِكَوْنِهَا مُمْتَهَنَةً خَشِنَةً لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْمَظِنَّةِ خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: لَمْ يُعَدَّ لِفَرْشِ مَسْجِدٍ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ دَاعِيَةٌ لِلسُّجُودِ عَلَيْهِ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خُشُونَةِ أَرْضٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبِسَاطُ مُعَدًّا لِفِرَاشِ الْمَسْجِدِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي السُّجُودِ عَلَيْهِ سَوَاءً كَانَ الْفَرْشُ بِهِ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَرَشَهُ بِذَلِكَ لِوَقْفِهِ لِذَلِكَ الْفَرْشِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحُصْرُ النَّاعِمَةُ) أَيْ كَحُصْرِ السُّمَّارِ (قَوْلُهُ: أَيْ شَيْئًا عَنْ الْأَرْضِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا أَمْ لَا فَالْأَوَّلُ كَكُرْسِيٍّ مَثَلًا

وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَى السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا يُجْزِيهِ وَلَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ جَاهِلًا (وَ) كُرِهَ (سُجُودٌ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ مُجْتَمَعُ طَاقَاتِهَا مِمَّا شُدَّ عَلَى الْجَبْهَةِ إنْ كَانَ قَدْرَ الطَّاقَتَيْنِ وَلَا إعَادَةَ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الطَّاقَتَيْنِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَتْ فَوْقَ الْجَبْهَةِ إلَّا أَنَّهَا مَنَعَتْ لُصُوقَ الْجَبْهَةِ بِالْأَرْضِ فَبَاطِلَةٌ (أَوْ) عَلَى (طَرَفِ كُمٍّ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَلْبُوسِهِ إلَّا لِضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ (وَ) كُرِهَ (نَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ ظِلٍّ) أَوْ شَمْسٍ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ السُّجُودِ عَلَيْهِ (بِمَسْجِدٍ) لِتَحْقِيرِهِ فَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) لِخَبَرِ «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَادْعُوا فِيهِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» (وَ) كُرِهَ (دُعَاءٌ خَاصٌّ) لَا يَدْعُو بِغَيْرِهِ لِإِنْكَارِ مَالِكٍ التَّحْدِيدَ فِيهِ وَفِي عَدَدِ التَّسْبِيحَاتِ وَفِي تَعْيِينِ لَفْظِهَا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ (أَوْ) دُعَاءٌ بِصَلَاةٍ (بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ) عَلَى الْعَرَبِيَّةِ. (وَ) كُرِهَ (الْتِفَاتٌ) يَمِينًا أَوْ شِمَالًا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجْعَلُهُ عَلَى الْأَرْضِ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ وَالثَّانِي كَكُرْسِيٍّ يَرْفَعُهُ بِيَدِهِ إلَى جَبْهَتِهِ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُعَدَّ وَهَذَا إذَا أَوْمَأَ لَهُ بِجَبْهَتِهِ بِأَنْ انْحَطَّ لَهُ بِهَا كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي الْإِيمَاءِ فَإِنْ رَفَعَ لِجَبْهَتِهِ مِنْ غَيْرِ انْخِفَاضٍ بِهَا لَمْ يُجْزِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ وَمَحِلُّ الْإِجْزَاءِ إذَا أَوْمَأَ لَهُ بِجَبْهَتِهِ إذَا نَوَى حِينَ إيمَائِهِ الْأَرْضَ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِنِيَّةِ الْإِشَارَةِ إلَى مَا رَفَعَ لَهُ دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَى السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ إذَا رَفَعَ شَيْئًا عَنْ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِيهِ وَهُوَ الَّذِي تُفِيدهُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ إنَّهُ مَكْرُوهٌ قَالَ شَيْخُنَا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ عَنْ الْأَرْضِ كَثِيرًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا كَسُبْحَةٍ وَمِفْتَاحٍ وَمِحْفَظَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ السُّجُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا مَرَّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّجُودَ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ عَلَى الْأَرْضِ ارْتِفَاعًا كَثِيرًا مُتَّصِلٍ بِهَا كَكُرْسِيٍّ مُبْطِلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالسُّجُودَ عَلَى أَرْضٍ مُرْتَفِعَةٍ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَأَمَّا السُّجُودُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْأَرْضِ كَسَرِيرٍ مُعَلَّقٍ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا مَرَّ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ وَاقِفٍ فِي ذَلِكَ السَّرِيرِ وَإِلَّا صَحَّتْ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَحْمَلِ (قَوْلُهُ: وَسُجُودٌ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ) أَيْ لِغَيْرِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: مُجْتَمَعُ طَاقَاتِهَا) أَيْ طَبَقَاتِهَا الْمُجْتَمِعَةِ الْمَشْدُودَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ. وَحَاصِلُهُ إنَّ كَوْرَ الْعِمَامَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ اللَّفَّاتِ الْمُحْتَوِي كُلُّ لَفَّةٍ مِنْهَا عَلَى طَبَقَاتٍ وَالْمُرَادُ بِالطَّاقَاتِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اللَّفَّاتُ وَالتَّعْصِيبَاتُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ الْكَوْرُ الْمَشْدُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَقَوْلُهُ قَدْرَ الطَّاقَتَيْنِ أَيْ التَّعْصِيبَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الطَّاقَتَيْنِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ لُصُوقِ الْجَبْهَةِ بِالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهَا مَنَعَتْ إلَخْ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ لِينُ الطَّاقَاتِ الَّتِي عَلَى الْجَبْهَةِ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِقْرَارِهَا بِالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَلْبُوسِهِ) أَيْ كَطَرَفِ رِدَائِهِ (قَوْلُهُ: وَنَقْلُ حَصْبَاءَ إلَخْ) أَيْ وَنَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ مَكَانِ ظِلٍّ أَوْ مَكَانِ شَمْسٍ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ النَّقْلِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ السُّجُودِ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ النَّقْلُ مُؤَدِّيًا لِتَحْقِيرِ الْمَسْجِدِ وَأَوْلَى فِي الْكَرَاهَةِ النَّقْلُ الْمُؤَدِّي لِلتَّحْقِيرِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ سُجُودٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ النَّقْلُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِيهِ إذَا كَانَ لَا يُؤَدِّي لِتَحْقِيرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَقْلَ الْحَصْبَاءِ وَالتُّرَابِ إنْ أَدَّى لِلتَّحْقِيرِ كُرِهَ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ النَّقْلُ لِلسُّجُودِ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلتَّحْقِيرِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ مُطْلَقًا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَانَ النَّقْلُ لِلسُّجُودِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَالْأَحْوَالُ ثَمَانِيَةٌ الْكَرَاهَةُ فِي حَالَتَيْنِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» أَيْ لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ فِي الظَّاهِرِ وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقَارِئِ التَّلَبُّسُ بِحَالَةِ الرِّفْعَةِ وَالْعَظَمَةِ ظَاهِرًا تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ لَا يُقَالُ إنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عِبَادَةٌ فَهِيَ إنَّمَا يُنَاسِبُهَا الذُّلُّ وَالِانْكِسَارُ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالذُّلِّ وَالِانْكِسَارِ الْمُنَاسِبِ لِلْعِبَادَةِ الْقَلْبِيُّ وَهَذَا لَا يُنَافِي طَلَبَ التَّلَبُّسِ بِحَالَةِ الرِّفْعَةِ ظَاهِرًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَقَمِنٌ) أَيْ فَحَقِيقٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ وَإِنْ تَأَخَّرَ حُصُولُ الْمَدْعُوِّ بِهِ عَنْ وَقْتِ الدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ دُعَاءٌ خَاصٌّ) أَيْ كُرِهَ لِلْمُصَلِّي دُعَاءٌ خَاصٌّ يَدْعُو بِهِ فِيهَا فِي السُّجُودِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقَدَّمَ جَوَازُ الدُّعَاءِ فِيهَا وَلَا يَدْعُو بِغَيْرِهِ وَكَذَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُصَلِّي الدُّعَاءُ بِالدُّعَاءِ الْخَاصِّ وَالشَّارِحُ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى خُصُوصِ الْمُصَلِّي وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ الْخَاصُّ مَعْنَاهُ عَامًا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ وَاكْفِنِي هَمَّهُمَا (قَوْلُهُ: لَا يَدْعُو بِغَيْرِهِ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الدُّعَاءِ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: التَّحْدِيدُ فِيهِ) أَيْ فِي الدُّعَاءِ لِأَنَّ الْمَوْلَى وَاسِعُ الْفَضْلِ وَالْكَرْمِ فَمُلَازَمَةُ الدُّعَاءِ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ يُوهِمُ قَصْرَ كَرَمِهِ عَلَى إعْطَاءِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي عَدَدِ التَّسْبِيحَاتِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ دُعَاءٌ بِصَلَاةٍ بِعَجَمِيَّةٍ) أَيْ وَأَمَّا الدُّعَاءُ بِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ وَكَمَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بِهَا فِي الصَّلَاةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِهَا وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا التَّكَلُّمُ بِهَا قِيلَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ خَاصَّةً لِأَنَّهَا مِنْ اللَّغْوِ الَّذِي تُنَزَّهُ عَنْهُ الْمَسَاجِدُ وَقِيلَ إنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا تَكَلَّمَ بِهَا بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُهَا سَوَاءً كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ

وَلَوْ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ حَيْثُ بَقِيَتْ رِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ (بِلَا حَاجَةٍ) وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (وَتَشْبِيكُ أَصَابِعَ) فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ (وَفَرْقَعَتُهَا) فِيهَا لَا فِي غَيْرِهَا وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَ) كُرِهَ (إقْعَاءٌ) فِي جُلُوسِهِ كُلِّهِ بِأَنْ يَرْجِعَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَأَمَّا جُلُوسُهُ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ فَمَمْنُوعٌ (وَ) كُرِهَ (تَخَصُّرٌ) بِأَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ فِي خَصْرِهِ فِي الْقِيَامِ (وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ) لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِيهَا (وَرَفْعُهُ رِجْلًا) عَنْ الْأَرْضِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَطُولِ قِيَامٍ (وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى) لِأَنَّهُ مِنْ الْعَبَثِ (وَإِقْرَانُهُمَا) أَيْ ضَمُّهُمَا مَعًا كَالْمُكَبَّلِ دَائِمًا (وَتَفَكُّرٌ بِدُنْيَوِيٍّ) لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْهَا فَإِنْ شَغَلَهُ حَتَّى لَا يَدْرِيَ مَا صَلَّى أَعَادَ أَبَدًا فَإِنْ شَغَلَهُ زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَدَرَى مَا صَلَّى أَعَادَ بِوَقْتٍ وَإِنْ شَكَّ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَأَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ بِخِلَافِ الْأُخْرَوِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ تَنَاجِي اثْنَيْنِ دُونَ ثَالِثٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِالْتِفَاتُ بِبَعْضِ الْجَسَدِ بَلْ وَلَوْ كَانَ بِجَمِيعِهِ لَكِنْ يَخُصُّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ بِالتَّصَفُّحِ بِالْخَدِّ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا فَفِي الْجَلَّابِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا ظَاهِرُ الطِّرَازِ فَيُحْمَلُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا عَدَا الِالْتِفَاتَ بِالْخَدِّ إلَّا أَنَّ ح قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ أَيْ عَدَمَ كَرَاهَةِ التَّصَفُّحِ بِالْخَدِّ إنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الِالْتِفَاتِ وَإِذَا كَانَ مِنْ الِالْتِفَاتِ فَهُوَ بِالْخَدِّ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْعُنُقِ، وَلَيُّ الْعُنُقِ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الصَّدْرِ وَالصَّدْرُ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْبَدَنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ) أَيْ سَوَاءً كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ أَنَّ التَّشْبِيكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ تَفَاؤُلًا بِتَشْبِيكِ الْأَمْرِ وَصُعُوبَتِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ. (قَوْلُهُ: وَفَرْقَعَتُهَا فِيهَا) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ وَمَا فِي ح مِمَّا يُفِيدُ أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ اتَّفَقَا عَلَى كَرَاهَةِ فَرْقَعَةِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ عج لِأَنَّ هَذَا رِوَايَةُ الْعُتْبِيَّةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ فَرْقَعَتِهَا بِالْمَسْجِدِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ: فِي جُلُوسِهِ كُلِّهِ) أَيْ الشَّامِلِ لِجُلُوسِ التَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْجُلُوسِ لِلصَّلَاةِ لِمَنْ صَلَّى جَالِسًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرْجِعَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَرْجِعَ مِنْ السُّجُودِ لِلْجُلُوسِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَلَوْ قَالَ بِأَنْ يَجْلِسَ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ كَانَ أَوْضَحَ وَالْمُرَادُ بِصُدُورِهِمَا أَطْرَافُهُمَا مِنْ جِهَةِ الْأَصَابِعِ أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ أَصَابِعَهُ عَلَى الْأَرْضِ نَاصِبًا لِقَدَمَيْهِ وَيَجْعَلَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْجُلُوسِ عَلَى صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ فِي كَوْنِهِ إقْعَاءً مَكْرُوهًا جُلُوسُهُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ وَكَذَلِكَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْضِ وَرِجْلَاهُ قَائِمَتَانِ عَلَى أَصَابِعِهِمَا فَلِلْإِقْعَاءِ الْمَكْرُوهِ أَرْبَعُ حَالَاتٍ (قَوْلُهُ: فَمَمْنُوعٌ) أَيْ حَرَامٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَخَصُّرٌ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فِي خَصْرِهِ) هُوَ مَوْضِعُ الْحِزَامِ مِنْ جَنْبِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْقِيَامِ) أَيْ فِي حَالِ قِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ تُنَافِي هَيْئَةَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ) أَرَادَ بِبَصَرِهِ عَيْنَيْهِ إذْ الْبَصَرُ اسْمٌ لِلْقُوَّةِ الْمُدْرِكَةِ لِلْأَلْوَانِ الْقَائِمَةِ بِالْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ يَتَّصِفَانِ بِالتَّغْمِيضِ فَأَطْلَقَ اسْمَ الْحَالِ عَلَى الْمَحِلِّ مَجَازًا. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِيهَا) أَيْ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ هُوَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ غَيْرُهُ إنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّ التَّغْمِيضَ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ فِي الصَّلَاةِ وَمَحِلُّ كَرَاهَةِ التَّغْمِيضِ مَا لَمْ يَخَفْ النَّظَرَ لِمُحَرَّمٍ أَوْ يَكُونُ فَتْحُ بَصَرِهِ يُشَوِّشُهُ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ التَّغْمِيضُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَرَفْعُهُ رَجُلًا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ لِأَنَّهُ وَاقِفٌ بِحَضْرَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَانُهُمَا) اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْرَانَ الَّذِي نَصَّ الْمُتَقَدِّمُونَ عَلَى كَرَاهَتِهِ قَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي حَقِيقَتِهِ فَقِيلَ هُوَ ضَمُّ الْقَدَمَيْنِ مَعًا كَالْمُقَيَّدِ سَوَاءً اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا دَائِمًا أَوْ رَوَّحَ بِهِمَا بِأَنْ صَارَ يَعْتَمِدُ عَلَى هَذِهِ تَارَةً وَهَذِهِ أُخْرَى أَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا دَائِمًا وَعَلَى هَذَا مَشَى الشَّارِحُ وَقِيلَ أَنْ يَجْعَلَ حَظَّهُمَا مِنْ الْقِيَامِ سَوَاءً دَائِمًا، سَوَاءٌ فَرَّقَ بَيْنهُمَا أَوْ ضَمَّهُمَا لَكِنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِقْرَانَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَمْرٌ مَطْلُوبٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنَّمَا كُرِهَ الْقِرَانُ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَفْرِيقَ الْقَدَمَيْنِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى سَوَاءٌ جُعِلَ حَظُّهُمَا مِنْ الْقِيَامِ سَوَاءً أَوْ لَا مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ التَّفْرِيقُ وَإِلَّا كُرِهَ وَضَمُّهَا مَكْرُوهٌ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا دَائِمًا أَوْ لَا وَأَمَّا عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ فَالْكَرَاهَةُ إذَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا دَائِمًا ضَمَّهُمَا أَوْ لَا بِشَرْطِ اعْتِقَادِ أَنَّهُ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا دَائِمًا بِأَنْ رَوَّحَ بِهِمَا أَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا لَا دَائِمًا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَضَمَّهُمَا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: أَعَادَ أَبَدًا) أَيْ وَكَانَ التَّفْكِيرُ حَرَامًا وَإِنَّمَا لَمْ يَبْنِ عَلَى النِّيَّةِ مَعَ أَنَّهَا حَاصِلَةٌ مَعَهُ قَطْعًا لِأَنَّ تَفَكُّرَهُ كَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ قِيَاسًا لِلْأَفْعَالِ الْبَاطِنَةِ عَلَى الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عُمُومَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْبُطْلَانُ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَكَّ) أَيْ فِي عَدَدِ مَا صَلَّى وَقَوْلُهُ بَنَى

[فصل حكم القيام بالصلاة وبدله ومراتبهما]

فَلَا يُكْرَهُ. (وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمٍّ) فِي (أَوْ فَمٍ) مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ إخْرَاجِ الْحُرُوفِ (وَتَزْوِيقُ قِبْلَةٍ) أَيْ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا كِتَابَةٌ فِيهَا وَشَبَهُهُ مَسْجِدٌ بِذَهَبٍ وَتَزْوِيقٌ بِخِلَافِ تَجْصِيصِهِ فَيُسْتَحَبُّ (وَ) كُرِهَ (تَعَمُّدُ مُصْحَفٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِحْرَابِ أَيْ جَعْلُهُ فِيهِ عَمْدًا (لِيُصَلَّى لَهُ) أَيْ إلَى الْمُصْحَفِ وَمَفْهُومُ تَعَمُّدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعَهُ الَّذِي يُعَلَّقُ فِيهِ لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَ) كُرِهَ (عَبَثٌ بِلِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ جَسَدِهِ (كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبَّعٍ) بِأَنْ يَكُونَ دَائِرَةً أَوْ مُثَلَّثَ الزَّوَايَا لِعَدَمِ اسْتِقَامَةِ الصُّفُوفِ فِيهِ وَكَذَا مُرَبَّعٌ قِبْلَتُهُ أَحَدُ أَرْكَانِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَفِي كُرْهِ الصَّلَاةِ بِهِ) لِذَلِكَ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) ذُكِرَ فِيهِ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا (يَجِبُ بِفَرْضٍ) أَيْ فِي صَلَاة فَرْضٍ (قِيَامٌ) اسْتِقْلَالًا لِلْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَهُوِيِّ الرُّكُوعِ إلَّا حَالَ السُّورَةِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنَادُ لَا الْجُلُوسُ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِهَيْئَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْيَقِينِ أَيْ وَهُوَ الْأَقَلُّ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ ثَمَّ إنْ لَمْ يَشْغَلْهُ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ ضَبَطَ عَدَدَ مَا صَلَّى فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا صَلَّى بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّاهُ أَصْلًا ابْتَدَأَهَا مِنْ أَوَّلِهَا كَالتَّفَكُّرِ بِدُنْيَوِيٍّ وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّفَكُّرُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَالْمُرَاقَبَةِ وَالْخُشُوعِ وَمُلَاحَظَةِ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَإِنْ أَدَّاهُ ذَلِكَ التَّفَكُّرُ إلَى عَدَمِ مَعْرِفَةِ مَا صَلَّاهُ أَصْلًا بَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكَحٍ وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِلَّخْمِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى بَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا صَلَّى بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكَحٍ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ تَفَكُّرِهِ بِدُنْيَوِيٍّ أَوْ أُخْرَوِيٍّ أَوْ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي السَّهْوِ مِنْ أَنَّ الشَّاكَّ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوهُ بِكَوْنِ الشَّكِّ نَاشِئًا عَنْ تَفَكُّرٍ بِدُنْيَوِيٍّ أَوْ أُخْرَوِيٍّ أَوْ رُبَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ بَلْ أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَاسْتَصْوَبَ هَذَا الْقَوْلَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَنَقَلَهُ بْن وَسَلَمَةُ. (قَوْلُهُ: وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمٍّ) أَيْ وَلَوْ خُبْزًا خُبِزَ بِرَوْثِ دَوَابَّ نَجِسًا بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ إخْرَاجِ الْحُرُوفِ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ الْحَمْلُ فِي الْفَمِ حَرَامًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا كِتَابَةٌ فِيهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ قُرْآنًا (قَوْلُهُ: وَتَزْوِيقُ مَسْجِدٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْقِبْلَةِ بَلْ كَمَا يُكْرَهُ تَزْوِيقُ الْقِبْلَةِ بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ يُكْرَهُ أَيْضًا تَزْوِيقُ الْمَسْجِدِ سَقْفِهِ أَوْ حِيطَانِهِ بِالذَّهَبِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا تَزْوِيقُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ فَإِنْ كَانَ بِالذَّهَبِ فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ: لَيُصَلِّيَ لَهُ) أَيْ لِجِهَتِهِ أَوْ لَيُصَلِّيَ مُتَوَجِّهًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ لَمْ تُكْرَهْ الصَّلَاةُ لِجِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَعَبَثٌ بِلِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَخَاتَمٍ بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يُحَوِّلَ فِي أَصَابِعِهِ لِضَبْطِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ خَوْفَ السَّهْوِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ فُعِلَ لِإِصْلَاحِهَا وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ فَإِنْ عَبِثَ بِيَدِهِ فِي لِحْيَتِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَخَرَجَ مِنْهَا شَعْرٌ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا نَجِسَةٌ فَلَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ الْخَارِجُ مِنْهَا ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ فَأَقَلَّ كَمَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ ثَلَاثُ قِشْرَاتٍ مِنْ الْقَمْلِ وَهُوَ ذَاكِرٌ قَادِرٌ وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثٍ بَطَلَتْ لِأَنَّ جُذُورَ الشَّعْرِ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبَّعٍ) أَيْ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَكَذَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدٍ بُنِيَ بِمَالٍ حَرَامٍ وَلَمْ تَحْرُمْ لِأَنَّ الْمَالَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَمِ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِعَدَمِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) أَيْ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهَا بِهِ أَيْ لِأَنَّا لَوْ تَرَكْنَا الصَّلَاةَ فِيهِ لِأَجْلِ كَرَاهَةِ بِنَائِهِ لِذَلِكَ وَذَهَبْنَا لِغَيْرِهِ لَضَاعَ الْوَقْتُ. [فَصْلٌ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ وَبَدَلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا] (فَصْلٌ يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ) (قَوْلُهُ ذُكِرَ فِيهِ حُكْمُ الْقِيَامِ بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَهُوَ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ وَبَدَلُهُ أَيْ وَهُوَ الْجُلُوسُ. (قَوْلُهُ وَمَرَاتِبُهُمَا) أَيْ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا أَوْ مُسْتَنِدًا فَالْقِيَامُ لَهُ مَرْتَبَتَانِ وَكَذَلِكَ بَدَلُهُ وَهُوَ الْجُلُوسُ لَهُ مَرْتَبَتَانِ. (قَوْلُهُ أَيْ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ) سَوَاءٌ كَانَ عَيْنِيًّا أَوْ كِفَائِيًّا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا لَا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا فَيُنْدَبُ الْقِيَامُ فَقَطْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ فَرْضِيَّتُهُ أَصْلِيَّةٌ أَوْ عَارِضَةٌ بِالنَّذْرِ إنْ نَذَرَ فِيهِ الْقِيَامَ أَمَّا إنْ نَذَرَ النَّفَلَ فَقَطْ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِيَامِ ثُمَّ إنْ حَمَلَ الشَّارِحُ الْفَرْضَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ بِجَعْلِ الْبَاءِ لِلظَّرْفِيَّةِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لِلْفَهْمِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَنَّ الْمُرَادَ يَجِبُ بِسَبَبِ فَرْضٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالْهُوِيِّ لِلرُّكُوعِ وَقِيَامٍ إلَخْ وَهَذَا

(إلَّا لِمَشَقَّةٍ) لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الْقِيَام (أَوْ) إلَّا (لِخَوْفِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (بِهِ) أَيْ بِالْقِيَامِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْفَرِيضَةِ ضَرَرٌ (أَوْ قَبْلَ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا (ضَرَرًا) مَفْعُولُ خَوْفٍ كَأَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ إذَا قَامَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَيَجْلِسُ مِنْ أَوَّلِهَا فَحُصُولُ الْخَوْفِ إمَّا فِيهَا أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ (كَالتَّيَمُّمِ) أَيْ كَالضَّرَرِ الْمُوجِبِ لِلتَّيَمُّمِ وَهُوَ خَوْفُ حُدُوثِ الْمَرَض أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ وَشَبَّهَ فِي الْمُسْتَثْنَى قَوْلَهُ (كَخُرُوجِ رِيحٍ) مَثَلًا إنْ صَلَّى قَائِمًا لَا جَالِسًا فَيَجْلِسُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي هُوَ الْمُرْتَضَى عِنْدَ ح قَائِلًا لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْ كَلَامِهِ الْوَتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ مَعَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ فِيهِمَا فَرْضٌ لِقَوْلِهَا لَا يُصَلَّيَانِ فِي الْحِجْرِ كَالْفَرْضِ اهـ لَكِنْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَأَنَّ الرَّاجِحَ مَا أَقَامَهُ بَعْضُ التُّونِسِيِّينَ مِنْهَا وَهُوَ جَوَازُ الْجُلُوسِ فِيهِمَا اخْتِيَارًا لِقَوْلِهَا إنَّهُمَا يُصَلَّيَانِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ عَلَى الدَّابَّةِ وَأُورِدَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الْقِيَامِ لِلسُّورَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ هُنَا اتِّكَالًا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ أَوْ أَنَّهُ مَشَى عَلَى مَا أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْقِيَامَ لِلسُّورَةِ فَرْضٌ كَالْوُضُوءِ لِلنَّافِلَةِ وَأُورِدَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِيَامِ فِي النَّافِلَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَجِبُ بِسَبَبِ فَرْضٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فَخَرَجَ النَّفَلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا لِمَشَقَّةٍ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمَشَقَّةَ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا الْمَرَضُ أَوْ زِيَادَتُهُ فَصَحِيحٌ إلَّا أَنَّ مَا بَعْدَهُ يَتَكَرَّرُ مَعَهُ وَإِنْ أَرَادَ الْمَشَقَّةَ الْحَالِيَّةَ وَهِيَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَلَا يُخْشَى عَاقَبَتْهَا وَلَا يَنْشَأُ عَنْهَا مَا ذُكِرَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَخَافُ إلَّا الْمَشَقَّةَ الْحَالِيَّةَ لَا يُصَلِّي إلَّا قَائِمًا عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ الْحَالِيَّةَ تَزُولُ بِزَوَالِ زَمَانِهَا وَتَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ خَفِيفٌ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمَشَقَّةِ الْحَالِيَّةِ فِي خُصُوصِ الْمَرِيضِ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا لَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْمَشَقَّةِ وَتَزُولُ عَنْ قُرْبٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ جُلُوسٍ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ مَا نَصُّهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَشْهَبُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ مَرِيضٍ لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ قَائِمًا لَقَدَرَ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَأَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ اهـ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ عج أَنَّ الَّذِي يُصَلِّي الْفَرْضَ جَالِسًا هُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ جُمْلَةً وَمَنْ يَخَافُ مِنْ الْقِيَامِ الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ كَالتَّيَمُّمِ وَأَمَّا مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْمَشَقَّةُ الْفَادِحَةُ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّيه جَالِسًا إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ مَسْلَمَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ جَالِسًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الْقِيَامَ) حَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ هَذَا عَاجِزٌ عَنْ الْقِيَامِ بَلْ مُرَادُهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْقِيَامِ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ تَحْصُلُ لَهُ فِي الْحَالِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ ضَرَرًا) أَيْ مِنْ إغْمَاءٍ أَوْ حُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ أَوْ حُصُولِ دَوْخَةٍ. (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ أَوْ طَبِيبٌ عَارِفٌ بِالطِّبِّ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ صَلَّيْت مِنْ قِيَامٍ حَصَلَ لَك الْإِغْمَاءُ أَوْ الدَّوْخَةُ مَثَلًا فَخَافَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا حُصُولَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْقِيَامِ. (قَوْلُهُ فَيَجْلِسُ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ سَنَدٌ يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ وَيُغْتَفَرُ لَهُ خُرُوجُ الرِّيحِ لِأَنَّ الرُّكْنَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ

مُحَافَظَةً عَلَى شَرْطِهَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا ف (اسْتِنَادٌ) فِي قِيَامِهِ لِكُلِّ شَيْءٍ وَلَوْ حَيَوَانًا (لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ) مَحْرَمٍ فَيُكْرَهُ لَهُمَا إنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا وَإِلَّا اسْتَنَدَ لَهُمَا وَأَمَّا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَظِنَّةِ اللَّذَّةِ (و) إنْ اسْتَنَدَ (لَهُمَا) أَيْ لِلْحَائِضِ أَوْ الْجُنُبِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا (أَعَادَ بِوَقْتٍ) ضَرُورِيٍّ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِحَالَتَيْهِ وَجَبَ (جُلُوسٌ كَذَلِكَ) أَيْ اسْتِقْلَالًا ثُمَّ اسْتِنَادًا إلَّا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَبَيْنَ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا مَنْدُوبٌ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْقِيَامَيْنِ وَاجِبٌ وَكَذَا بَيْنَ الْجُلُوسَيْنِ وَكَذَا بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَالْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاضْطِجَاعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ خَمْسَةٌ الْقِيَامُ بِحَالَتَيْهِ وَالْجُلُوسُ كَذَلِكَ وَالِاضْطِجَاعُ فَتَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَعَ مَا بَعْدَهَا يَحْصُلُ عَشْرُ مَرَاتِبَ كُلُّهَا وَاجِبَةٌ إلَّا وَاحِدَةً وَهُوَ مَا بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَالْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا وَالْمَرْتَبَةُ الْأَخِيرَةُ تَحْتَهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ مُسْتَحَبَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ مُحَافَظَةً عَلَى شَرْطِهَا) أَيْ عَلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الرُّكْنِ الْوَاجِبِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَا يَجِبُ إلَّا فِي الْفَرْضِ وَبِهَذَا سَقَطَ قَوْلُ سَنَدٍ لِمَ لَمْ يُصَلِّ قَائِمًا وَيُغْتَفَرُ لَهُ خُرُوجُ الرِّيحِ وَيَصِيرُ كَالسَّلَسِ وَلَا يَتْرُكُ الرُّكْنَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ فَاسْتِنَادٌ) أَيْ فَيَجِبُ اسْتِنَادٌ فِي قِيَامِهِ مُحَافَظَةً عَلَى صُورَةِ الْأَصْلِ مَا أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِنَادِ حَالَ تَلَبُّسِهِ بِالصَّلَاةِ إلَّا بِالْكَلَامِ تَكَلَّمَ وَيَصِيرُ مِنْ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يُكْثِرْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ حَيَوَانًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ جَمَادًا بَلْ وَلَوْ كَانَ حَيَوَانًا. (قَوْلُهُ لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ مَحْرَمٍ) أَيْ فَيُكْرَهُ لَهُمَا لِبُعْدِهِمَا عَنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ غَيْرُهُمَا) أَيْ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ مَحَارِمَ لَا حَيْضَ بِهِنَّ وَلَا جَنَابَةَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ) أَيْ كَالزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ وَكَذَا الْأَمْرَدُ وَالْمَأْبُونُ وَقَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَيْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ أَوْ حَائِضٍ فَإِنْ وَقَعَ وَاسْتَنَدَ لِغَيْرِ الْمَحْرَمِ فَإِنْ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ بِالْفِعْلِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ كَالْمَحْرَمِ فَيَجُوزُ اسْتِنَادُهُ إلَيْهِ عَلَى مَا فِي المج أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا) أَيْ وَأَمَّا إذَا اسْتَنَدَ لَهُمَا لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِمَا فَلَا إعَادَةَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ أَعَادَ بِوَقْتٍ) لَا غَرَابَةَ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِارْتِكَابِ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ كَالِاسْتِنَادِ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا أَلَا تَرَى الصَّلَاةَ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ فِي الْوَقْتِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَقْتَضِي الْإِعَادَةَ أَصْلًا فَلَعَلَّ هُنَاكَ قَوْلًا بِالْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ ضَرُورِيٌّ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِعَادَةَ هُنَا كَالْإِعَادَةِ لِلنَّجَاسَةِ فَتُعَادُ الظُّهْرَانِ لِلِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالصُّبْحُ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِوَقْتٍ ضَرُورِيٍّ هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْعَصْرِ وَأَمَّا هِيَ فَإِنَّمَا تُعَادُ فِي الِاخْتِيَارِيِّ فَإِنَّ اخْتِيَارِيَّهَا يَمْتَدُّ لِلِاصْفِرَارِ وَهِيَ لَا تُعَادُ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَنْدُوبٌ فَقَطْ) أَيْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَزَرُّوقٌ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ أَيْ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا هَذَا وَاَلَّذِي فِي ح مَا نَصُّهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ قَائِمًا وَالْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا هُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَالشَّيْخُ زَرُّوقٌ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فَانْظُرْهُ اهـ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ تَرْجِيحُ أَنَّ ابْنَ نَاجِيٍّ اخْتَارَ خِلَافَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي وَأَيْضًا مَا لِابْنِ شَاسٍ هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْقَبَّابُ عَنْ الْمَازِرِيِّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَلْشَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ لَيْسَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَكَذَا بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَبَيْنَ الِاضْطِجَاعِ. (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقِيَامَ اسْتِقْلَالٌ، تَقْدِيمُهُ عَلَى كُلِّ مَا بَعْدَهُ وَاجِبٌ وَكَذَلِكَ الْجُلُوسُ اسْتِقْلَالٌ، تَقْدِيمُهُ عَلَى كُلِّ مَا بَعْدَهُ وَاجِبٌ وَتَقْدِيمُ الظَّهْرِ عَلَى الْبَطْنِ وَاجِبٌ كَتَقْدِيمِ الْجُلُوسِ اسْتِنَادًا عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مَنْدُوبٌ كَمَرَاتِبِ الِاضْطِجَاعِ وَالْقِيَامِ مُسْتَنِدًا عَلَى الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا. (قَوْلُهُ وَالْمَرْتَبَةُ الْأَخِيرَةُ) أَيْ وَهِيَ الِاضْطِجَاعُ. (قَوْلُهُ تَحْتَهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ) أَيْ لِأَنَّ الِاضْطِجَاعَ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ. (قَوْلُهُ مُسْتَحَبَّةٌ) أَيْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَبٌّ أَيْ وَأَمَّا التَّرْتِيبُ

(وَتَرَبَّعَ) الْمُصَلِّي جَالِسًا فِي مَحَلِّ قِيَامِهِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ نَدْبًا (كَالْمُتَنَفِّلِ) مِنْ جُلُوسٍ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ الْبَدَلِ وَجُلُوسِ غَيْرِهِ (وَغَيَّرَ) الْمُتَرَبِّعُ (جِلْسَتَهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ نَدْبًا (بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) كَالتَّشَهُّدِ (وَلَوْ) (سَقَطَ قَادِرٌ) عَلَى الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا إلَّا أَنَّهُ صَلَّى مُسْتَنِدًا لِعِمَادٍ أَيْ قَدْرَ سُقُوطِهِ (بِزَوَالِ عِمَادٍ) اسْتَنَدَ لَهُ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا وَاسْتَنَدَ عَمْدًا فِي فَاتِحَةٍ بِفَرْضٍ فَقَطْ لَا سَاهِيًا فَتَبْطُلُ الرَّكْعَةُ الَّتِي اسْتَنَدَ فِيهَا فَقَطْ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ لَوْ قُدِّرَ زَوَالُ الْعِمَادِ لَمْ يَسْقُطْ (كُرِهَ) اسْتِنَادُهُ وَأَعَادَ بِوَقْتِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ بِحَالَتَيْهِ وَجَبَ اضْطِجَاعٌ و (نُدِبَ عَلَى) شِقٍّ (أَيْمَنَ ثُمَّ) نُدِبَ عَلَى (أَيْسَرَ ثُمَّ) نُدِبَ عَلَى (ظَهْرٍ) وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَى بَطْنِهِ، وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا فَإِنْ قَدَّمَهَا عَلَى الظَّهْرِ بَطَلَتْ (وَأَوْمَأَ) بِالْهَمْزِ (عَاجِزٌ) عَنْ كُلِّ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (إلَّا عَنْ الْقِيَامِ) فَقَادِرٌ عَلَيْهِ فَيُومِئُ مِنْ قِيَامِهِ لِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَيَكُونُ الْإِيمَاءُ لَهُ أَخْفَضَ مِنْ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ (و) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (مَعَ الْجُلُوسِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ كُلٍّ مِنْهَا وَبَيْنَ الْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا فَهُوَ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ وَتَرَبَّعَ الْمُصَلِّي جَالِسًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا أَوْ مُسْتَنِدًا فَيُخَالِفُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ بِأَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى. (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ قِيَامِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَرَبَّعَ. (قَوْلُهُ كَالْمُتَنَفِّلِ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ لِأَجْلِ إفَادَةِ حُكْمِ النَّفْلِ. (قَوْلُهُ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ الْبَدَلِ) أَيْ بَيْنَ الْجُلُوسِ الْوَاقِعِ بَدَلًا عَنْ الْقِيَامِ. (قَوْلُهُ وَجُلُوسُ غَيْرِهِ) أَيْ وَجُلُوسُ غَيْرِ الْبَدَلِ وَهُوَ الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْهَيْئَةُ لَا الْمَرَّةُ حَتَّى يَكُونَ بِفَتْحِ الْجِيمِ. (قَوْلُهُ كَالتَّشَهُّدِ) أَيْ كَمَا يُغَيِّرُهَا فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ نَدْبًا وَبِغَيْرِهَا أَيْضًا فِي حَالِ السُّجُودِ لَكِنْ اسْتِنَانًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقْرَأُ مُتَرَبِّعًا وَيَرْكَعُ كَذَلِكَ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَرْفَعُ كَذَلِكَ ثُمَّ يُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ بِأَنْ يُثْنِيَ رِجْلَيْهِ فِي سُجُودِهِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَيَفْعَلُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَفِي رَفْعٍ مِنْهَا كَذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ مُتَرَبِّعًا لِلْقِرَاءَةِ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى وَيَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ كَجُلُوسِ الْقَادِرِ فَإِذَا كَمَّلَ تَشَهُّدَهُ رَجَعَ مُتَرَبِّعًا قَبْلَ التَّكْبِيرِ الَّذِي يَنْوِي بِهِ الْقِيَامَ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى قَائِمًا لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَتَرَبُّعُهُ بَدَلُ قِيَامِهِ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِتَغْيِيرِ الْجِلْسَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُغَيِّرُهَا فِي السُّجُودِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدِ وَأَنَّ تَغْيِيرَهَا فِي الْأَوَّلِ سُنَّةٌ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ مَنْدُوبٌ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّغَيُّرِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا مُتَرَبِّعًا وَأَمَّا تَغْيِيرُهُ فِي السُّجُودِ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ سُنِّيَّةُ السُّجُودِ عَلَى أَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ سَقَطَ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا إلَّا أَنَّهُ صَلَّى مُسْتَنِدًا لِعِمَادٍ إلَخْ) قَصَرَ كَلَامَهُ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ تَبَعًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ فِي قِسْمَيْ الْبُطْلَانِ وَالْكَرَاهَةِ الْقَادِرُ عَلَى الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا فَصَلَّى مُسْتَنِدًا لِعِمَادٍ. (قَوْلُهُ أَيْ قَدْرَ سُقُوطِهِ) أَيْ وَأَوْلَى لَوْ سَقَطَ بِالْفِعْلِ حِينَ زَوَالِ الْعِمَادِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَنَدَ عَمْدًا) أَيْ أَوْ جَهْلًا. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وخش مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَلَا تَسْتَلْزِمُ الْإِعَادَةَ وَلِذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَجَزَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذِهِ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ الْمَعْطُوفِ بِثُمَّ مَعَ عَاطِفٍ نُدِبَ وَالْأَصْلُ ثُمَّ اضْطِجَاعٌ وَنُدِبَ عَلَى أَيْمَنَ ثُمَّ أَيْسَرَ ثُمَّ ظَهْرٍ وَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّقْدِيمِ وَإِلَّا فَإِحْدَى الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ وَاجِبٌ لَا بِعَيْنِهِ وَحَاصِلُ مَا أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ حَالَةٍ لِمَا بَعْدَهَا إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ فَإِنْ خَالَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَنَقَلَهُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ وَأَلَّا يَجْعَلَ رِجْلَيْهِ لِلْقِبْلَةِ بَلْ جَعَلَ رَأْسَهُ إلَيْهَا وَرِجْلَيْهِ لِدُبُرِهَا بَطَلَتْ لِأَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا) أَيْ كَالسَّاجِدِ فَإِنْ جَعَلَ رِجْلَيْهِ لِلْقِبْلَةِ وَرَأْسَهُ لِدُبُرِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِصَلَاتِهِ لِغَيْرِهَا وَهَذَا أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ لِكَوْنِهِ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَوْ بِمُحَوِّلٍ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ (قَوْلُهُ وَأَوْمَأَ عَاجِزٌ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ) أَيْ اسْتِقْلَالًا أَوْ اسْتِنَادًا فَقَادِرٌ عَلَيْهِ وَمَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَأَمَّا حَلُّ الشَّارِحِ بَهْرَامَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ الْعَاجِزَ يُبَاحُ لَهُ الْإِيمَاءُ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَلِّي الصَّلَاةَ جَالِسًا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الْقِيَامِ فَقَطْ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ إيمَاءٌ حَتَّى يَسْتَثْنِيَهُ وَأَيْضًا هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدُ وَمَعَ الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَيُومِئُ مِنْ قِيَامِهِ لِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) أَيْ وَكَذَا

وَأَمَّا لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ و (أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجُلُوسِ (وَهَلْ يَجِبُ) عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْمُومِئِ لَهُمَا (فِيهِ) أَيْ فِي الْإِيمَاءِ لَهُمَا (الْوُسْعُ) أَيْ انْتِهَاءُ الطَّاقَةِ فِي الِانْحِطَاطِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ عَنْهُ بَطَلَتْ فَلَا يَضُرُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مُسَاوَاةُ الرُّكُوعِ لِلسُّجُودِ وَعَدَمُ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ بَلْ يُجْزِئُ مَا يَكُونُ إيمَاءً مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا بُدَّ عَلَى هَذَا مِنْ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَالسُّجُودُ عَلَى الْأَنْفِ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَاءِ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ (و) هَلْ (يُجْزِئُ) مَنْ فَرْضُهُ الْإِيمَاءُ كَمَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهَا (إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ) وَخَالَفَ فَرْضَهُ وَهُوَ الْإِيمَاءُ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ أَوْ لَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْأَصْلِ وَلَا بِبَدَلِهِ (تَأْوِيلَانِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَهَلْ) الْمُومِئُ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ مِنْ جُلُوسٍ وَلَمْ يَقْدِر عَلَى وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ (يُومِئُ) مَعَ إيمَائِهٍ بِظَهْرِهِ أَوْ رَأْسِهِ (بِيَدَيْهِ) أَيْضًا إلَى الْأَرْضِ (أَوْ) إنْ كَانَ يُومِئُ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ (يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ) بِالْفِعْلِ إنْ قَدَرَ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَقِيَّةُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ أَنَّ هَذَا الْإِيمَاءَ لِلرُّكُوعِ أَوْ لِلسُّجُودِ مَثَلًا أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوَّلًا كَافِيَةٌ نَظَرَ فِيهِ عج. (قَوْلُهُ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جُلُوسِهِ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُومِئُ لِلسَّجْدَتَيْنِ مَعًا مِنْ جُلُوسٍ وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الْقِيَامِ أَيْ أَنَّهُ يُومِئُ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ قِيَامٍ لِأَنَّهُ لَا يَجْلِسُ قَبْلَهَا وَعَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْأَشْيَاخِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْوُسْعِ وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ أَيْ إنْ حَصَلَتْ مِنْهُ التَّقْصِيرُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ يَدُلُّ لَهُ مِنْ حَيْثُ إفْرَادُهُ بِالذِّكْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَاءِ وَأَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَإِلَّا لَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَالتَّأْوِيلَانِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَاءِ لَكِنْ إذَا وَقَعَ وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ هَلْ يُجْزِيه أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَهَلْ يُجْزِئُ مَنْ فَرْضُهُ الْإِيمَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ تَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ فَلَا يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنَّمَا يُومِئُ لِلْأَرْضِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ وَخَالَفَ فَرْضَهُ وَهُوَ الْإِيمَاءُ فَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ أَوْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ هُوَ مُوَافِقٌ لِأَشْهَبَ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ أَيْ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَلَوْ وَقَعَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِحَدٍّ يُنْتَهَى إلَيْهِ وَلَوْ قَارَبَ الْمُومِئُ الْأَرْضَ أَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا فَزِيَادَةُ إمْسَاسِ الْأَرْضِ بِالْأَنْفِ لَا يُؤَثِّرُ وَإِلَى الْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُوَافِقُ أَشْهَبَ عَلَى الْإِجْزَاءِ إذَا نَوَى الْإِيمَاءَ بِالْجَبْهَةِ لَا السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ حَقِيقَةً فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ يُجْزِئُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنَّمَا يُومِئُ بِالسُّجُودِ لِلْأَرْضِ؛ وِفَاقٌ لِقَوْلِ أَشْهَبَ يُجْزِئُهُ وَقَوْلُهُ " أَوْ لَا يُجْزِئُهُ " أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ أَشْهَبَ وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَطْرُوحٌ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ) تَعْلِيلُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ مِنْ مَصْدُوقَاتِ الْإِيمَاءِ وَقَوْلُهُ وَخَالَفَ فَرْضَهُ وَهُوَ الْإِيمَاءُ وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إفْرَادِ الْإِيمَاءِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَهَلْ يُجْزِئُ إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ لِأَنَّهُ إيمَاءٌ وَزِيَادَةٌ وَلَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْأَصْلِ وَلَا بِبَدَلِهِ وَهُوَ الْإِيمَاءُ لِأَنَّهُ الْإِشَارَةُ بِالظَّهْرِ وَالرَّأْسِ لِلْأَرْضِ فَقَطْ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ) ذَكَرَ بْن أَنَّ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَوْلَانِ لِلَّخْمِيِّ لَا تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ مِنْ رَفْعِ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ إذَا أَوْمَأَ جَهْدَهُ صَحَّتْ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهَا يُومِئُ الْقَائِمُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ إيمَائِهِ لِلرُّكُوعِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ فِي جَانِبِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِتَرَدُّدٍ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ عِنْدَنَا مَسْأَلَتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ الْأُولَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَعَجَزَ عَنْ الِانْحِطَاطِ لِلسُّجُودِ وَأَوْمَأَ لَهُ أَيْ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قَدَرَ عَلَى الْجُلُوسِ وَعَجَزَ عَنْ السُّجُودِ وَأَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَضْعِ يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ هَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ لِلْأَرْضِ مَعَ إيمَائِهِ بِظَهْرِهِ وَرَأْسِهِ أَوْ لَا يُومِئُ بِهِمَا بَلْ يُرْسِلُهُمَا إلَى جَنْبَيْهِ قَوْلَانِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْيَدَيْنِ مَدْخَلٌ مَعَ الظَّهْرِ وَالرَّأْسِ فِي الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَلَا مَدْخَلَ لَهُمَا عَلَى الثَّانِي الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَا إذَا كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْجُلُوسِ وَعَجَزَ عَنْ السُّجُودِ وَأَوْمَأَ لَهُ مِنْ الْجُلُوسِ وَكَانَ يَقْدِرُ عَلَى وَضْعِ يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ هَلْ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ بِالْفِعْلِ حِينَ الْإِيمَاءِ لَهُ مَعَ إيمَائِهِ لَهُ بِظَهْرِهِ وَرَأْسِهِ أَوْ لَا يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ بَلْ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَوْلَانِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْيَدَيْنِ مَدْخَلٌ مَعَ الظَّهْرِ وَالرَّأْسِ فِي الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَلَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِيهِ عَلَى الثَّانِي إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ أَيْ إلَى الْأَرْضِ إشَارَةً لِلتَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ أَوْ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ وَيَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْفِعْلِ إشَارَةً لِلتَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ

لَكَانَ أَظْهَرَ فَهَذَا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَوْ لَا يُومِئُ بِهِمَا إنْ كَانَ إيمَاؤُهُ مِنْ قِيَامٍ كَجُلُوسٍ لَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ وَلَا يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ إنْ كَانَ عَنْ جُلُوسٍ بَلْ يَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَيْثُ قَدَرَ (وَهُوَ) أَيْ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ لِلْمُصَنِّفِ بِحَالَتَيْهِ (الْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ دُونَ مَا حَذَفَهُ بِحَالَتَيْهِ ثُمَّ اسْتَشْهَدَ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ بِمَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (كَحَسْرِ عِمَامَتِهِ) أَيْ رَفْعِهَا عَنْ جَبْهَتِهِ حِينَ إيمَائِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حَسْرُهَا (بِسُجُودٍ) تَنَازَعَهُ يُومِئُ وَيَضَعُ وَحَسَرَ وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ التَّشْبِيهِ (وَإِنْ قَدَرَ) الْمُصَلِّيَ (عَلَى الْكُلِّ) أَيْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ (و) لِكُلٍّ (إنْ سَجَدَ) أَيْ أَتَى بِالسُّجُودِ (لَا يَنْهَضُ) أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ (أَتَمَّ رَكْعَةً) بِسَجْدَتَيْهَا وَهِيَ الْأُولَى (ثُمَّ جَلَسَ) أَيْ اسْتَمَرَّ جَالِسًا لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ مِنْهُ لِأَنَّ السُّجُودَ أَعْظَمُ مِنْ الْقِيَامِ وَقِيلَ يُصَلِّي قَائِمًا إيمَاءً إلَّا الْأَخِيرَةَ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فِيهَا (وَإِنْ) (خَفَّ) فِي الصَّلَاةِ (مَعْذُورٌ) بِأَنْ زَالَ عُذْرُهُ عَنْ حَالَةٍ أُبِيحَتْ لَهُ (انْتَقَلَ) وُجُوبًا (لِلْأَعْلَى) فِيمَا التَّرْتِيبُ فِيهِ وَاجِبٌ كَمُضْطَجِعٍ قَدَرَ عَلَى الْجُلُوسِ وَنَدْبًا فِيمَا هُوَ مَنْدُوبٌ فِيهِ كَمُضْطَجِعٍ عَلَى أَيْسَرَ قَدَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ) لِقِرَاءَتِهَا لِأَنَّ الْقِيَامَ كَانَ لَهَا ثُمَّ يَقُومُ لِيَرْكَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِيَةِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَطْوِيٌّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ. (قَوْلُهُ فَهَذَا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ) فِيهِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فَرْدًا تَأْوِيلَانِ ذَكَرَ مِنْ كُلِّ تَأْوِيلٍ طَرَفًا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ مُحَصَّلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ بِيَدَيْهِ شَيْئًا وَمُحَصَّلُ الْمَطْوِيِّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ بِيَدَيْهِ شَيْئًا صَحَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ بَلْ يَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ) أَيْ لِأَنَّ وَضْعَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ حَالَةَ السُّجُودِ تَابِعٌ لِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى جَبْهَتِهِ. (تَنْبِيهٌ) اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْإِيمَاءِ بِالْيَدَيْنِ لِلْأَرْضِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَكَذَا فِي حُكْمِ وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْفِعْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَقِيلَ هُوَ الْوُجُوبُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ السُّنِّيَّةَ وَقِيلَ هُوَ النَّدْبُ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ عَلَى عبق أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالْوُجُوبِ مَاشٍ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْيَدَيْنِ وَاجِبٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا سَبَقَ لِلْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) قَالَ بْن حَقّه التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ دُونَ مَا حَذَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُخْتَارًا لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ مَعَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. (قَوْلُهُ بِحَالَتَيْهِ) أَيْ مَا إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ. (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حَسْرُهَا) أَيْ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْسُرُهَا لَكَانَ مُومِئًا بِهَا لَا بِجَبْهَتِهِ. (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حَسْرُهَا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ بَطَلَتْ مَا لَمْ يَكُنْ الَّذِي عَلَى جَبْهَتِهِ مِنْ الْعِمَامَةِ شَيْئًا خَفِيفًا. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) حَقُّهُ تَرَدُّدٌ لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَنْ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا هَلْ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ إنْ قَدَرَ وَيُومِئُ بِهِمَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ أَوْ لَا يَفْعَلُ بِهِمَا شَيْئًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَلَيْسَ هُنَا خِلَافٌ مُتَعَلِّقٌ بِفَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ حَتَّى يُعَبِّرَ بِتَأْوِيلَانِ اُنْظُرْ بْن وَقَدْ أَشَارَ خش فِي كَبِيرِهِ لِهَذَا الْبَحْثِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ مَحَلُّهُ مَسْأَلَةُ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ فَقَدْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا وَحَاصِلُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا أَنَّهُ إنْ أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ فَإِنَّهُ يُومِئُ بِيَدَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَإِنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَضَعَهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ قَالَهُ عج وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ إشَارَةٌ لِلْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ إنْ سَجَدَ) أَيْ وَلَكِنْ إنْ جَلَسَ وَسَجَدَ لَا يَنْهَضُ. (قَوْلُهُ أَتَمَّ رَكْعَةً ثُمَّ جَلَسَ) أَيْ مُبَادَرَةً لِلْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ وَالتُّونُسِيِّ. (قَوْلُهُ لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ مِنْهُ) أَيْ لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُصَلِّي قَائِمًا إيمَاءً) أَيْ لِلسُّجُودِ وَأَمَّا الرُّكُوعُ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ وَيَلْزَمُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْإِخْلَالُ بِقِيَامِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَيَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي الْإِخْلَالُ بِسُجُودِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ زَالَ عُذْرُهُ عَنْ حَالَةٍ أُبِيحَتْ لَهُ) أَيْ مِنْ اضْطِجَاعٍ وَجُلُوسٍ وَإِيمَاءٍ وَقَوْلُهُ انْتَقَلَ لِلْأَعْلَى أَيْ مِنْ جُلُوسٍ وَقِيَامٍ وَإِتْمَامٍ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيمَا وَجَبَ لَا فِيمَا نُدِبَ. (قَوْلُهُ كَمُضْطَجِعٍ عَلَى أَيْسَرَ) أَيْ وَكَجَالِسٍ مُسْتَقِلًّا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا مَنْدُوبٌ وَتَقَدَّمَ لَبَن أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا وَاجِبٌ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْأَعْلَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ جَلَسَ) أَيْ جَلَسَ بَعْدَ إحْرَامِهِ قَائِمًا إنْ قَدَرَ عَلَى الْجُلُوسِ أَوْ اضْطَجَعَ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ كَانَ لَهَا أَيْ كَانَ

(وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُكَلَّفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِهَا (إلَّا عَلَى نِيَّةٍ) فَقَطْ (أَوْ مَعَ إيمَاءٍ بِطَرَفٍ) مَثَلًا (فَقَالَ) الْمَازِرِيُّ فِي الثَّانِيَةِ (و) قَالَ (غَيْرُهُ) وَهُوَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الْأُولَى (لَا نَصَّ) فِي الْمَذْهَبِ عَلَى وُجُوبِهَا بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ (وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ) أَيْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ إلَّا أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ صَرِيحًا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ فَيَكُونُ مَقُولًا لَهُ ضِمْنًا وَالْمَازِرِيُّ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا نَصَّ صَرِيحًا فَيَكُونُ مَقُولًا لَهُ ضِمْنًا فَقَدْ صَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ بِالْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْمَقُولِ ضِمْنًا وَالْبَعْضُ صَرِيحًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُشَوَّشًا بِالنَّظَرِ لِلْقَائِلِ وَالْمَقُولِ وَمُرَتَّبًا بِالنَّظَرِ لِلتَّصْوِيرِ وَالْمَقُولِ (وَجَازَ) لِمُكَلَّفٍ (قَدْحُ عَيْنٍ) أَيْ إخْرَاجُ مَائِهَا لِلرُّؤْيَةِ أَيْ لِعَوْدِ بَصَرِهِ بِلَا وَجَعٍ وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ أَدَّى إلَى اسْتِلْقَاءٍ اتِّفَاقًا وَلَا مَفْهُومَ لِلْعَيْنِ بَلْ مُدَاوَاةُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاجِبًا لِأَجْلِهَا لَا لِذَاتِهِ وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ جَلَسَ وَلَا ثَمَرَةَ لَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ جَلَسَ لِقِرَاءَتِهَا سَوَاءٌ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ أَمْ لَا لِأَنَّ الْقِيَامَ كَانَ لَهَا فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ نَحْوَهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ جُمْلَةً حَتَّى لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَقُومُ لَهَا ثُمَّ يَجْلِسُ لِلْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَقُومُ لِلرُّكُوعِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ جَلَسَ لِقِرَاءَتِهَا ثُمَّ يَقُومُ لِيَرْكَعَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا أَيْ لِدَوْخَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَنْ كَانَ غَيْرَ حَافِظٍ لَهَا وَيَقْدِرُ عَلَى قِرَاءَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ جَالِسًا اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ) أَيْ إلَّا عَلَى قَصْدِ الصَّلَاةِ وَمُلَاحَظَةِ أَجْزَائِهَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَرَكَةِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ مِنْ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ صَرِيحًا) نَصُّ كَلَامِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَرَكَةِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ مِنْ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَهَذَا لَا خِلَافَ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُومِئُ بِمَا قَدَرَ عَلَى حَرَكَتِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ سِوَى النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ فَهَلْ يُصَلِّي أَمْ لَا هَذِهِ الصُّورَةُ لَا نَصَّ فِيهَا فِي الْمَذْهَبِ وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْدَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ أَحْوَطُ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ إسْقَاطُ الصَّلَاةِ عَمَّنْ وَصَلَ لِهَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا نَصَّ لَا يَقْتَضِي أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ إذْ هُوَ أَعَمُّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَقْتَضِي بِوَاسِطَةِ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْدَ إلَيْهَا وَهُوَ الْأَحْوَطُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الْأَحْوَطُ يَتَضَمَّنُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ نَصٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ فِيهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْوُجُوبِ يَنْبَغِي أَنْ لَا نُخَالِفَهُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَالْمَازِرِيُّ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ إلَخْ) نَصُّ كَلَامِهِ فِي شَرْحِهِ لِلتَّلْقِينِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَرِيضُ أَنْ يُومِئَ بِرَأْسِهِ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُومِئُ بِطَرَفِهِ وَحَاجِبِهِ وَيَكُونُ مُصَلِّيًا بِهِ مَعَ النِّيَّةِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا قُصُورٌ مِنْهُ فَإِنَّ ابْنَ بَشِيرٍ ذَكَر مَسْأَلَتَهُ وَصَرَّحَ فِيهَا بِالْجَوَابِ كَمَا تَقَدَّمَ لَك نَصُّ كَلَامِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَقَدْ صَحَّ إلَخْ) أَيْ وَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ إنَّمَا قَالَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَلَمْ يَقُلْ لَا نَصَّ وَابْنُ بَشِيرٍ قَالَ بِالْعَكْسِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَلَامُهُ فِي مَسْأَلَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّيْخَيْنِ قَالَ كُلًّا مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَجْوِبَةٍ ثَلَاثَةٍ أَوَّلُهَا أَوْلَاهَا لِأَنَّهُ أَتَمُّ فَائِدَةً. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّعْمِيمُ فِي الْقَوْلِ أَيْ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الصَّرَاحَةِ وَالضِّمْنِيَّةِ (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلْقَائِلِ) هُوَ ابْنُ بَشِيرٍ وَالْمَازِرِيُّ وَالْمَقُولُ هُوَ قَوْلُهُ لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ فَالْأَوَّلُ مِنْ الْمَقُولِ رَاجِعٌ لِلثَّانِي مِنْ الْقَائِلَيْنِ وَالثَّانِي مِنْ الْمَقُولِ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ مِنْ الْقَائِلَيْنِ. (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلتَّصْوِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ أَوْ عَلَى نِيَّةٍ مَعَ إيمَاءٍ بِطَرَفٍ. (قَوْلُهُ وَالْمَقُولُ) هُوَ قَوْلُهُ لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ. (قَوْلُهُ بِلَا وَجَعٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا لِوَجَعٍ أَيْ أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْقَدْحُ لِعَوْدِ بَصَرِهِ أَمَّا الْقَدْحُ لِوَجَعٍ أَوْ صُدَاعٍ فَلَا

(أَدَّى) ذَلِكَ الْقَدَحَ (لِجُلُوسٍ) فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ مُومِئًا (لَا) إنْ أَدَّى إلَى (اسْتِلْقَاءٍ) فِيهَا فَلَا يَجُوزُ وَيَجِبُ الْقِيَامُ وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ (فَيُعِيدُ أَبَدًا) إنْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ مَعْذُورٌ فَيَجُوزُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّحَ عُذْرَهُ أَيْضًا وَهُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ) (و) جَازَ (لِمَرِيضٍ سَتْرُ) مَوْضِعٍ (نَجِسٍ) فِرَاشٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِطَاهِرٍ) كَثِيفٍ غَيْرِ حَرِيرٍ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ (لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الطَّاهِرِ (كَالصَّحِيحِ عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ (و) جَازَ (لِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ ابْتِدَاءً بَلْ (وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا) بَعْدَ إيقَاعِ بَعْضِهَا مِنْ قِيَامٍ وَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ اسْتِنَادَهُ فِيهَا بِالْأَوْلَى وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ حُمِلَ النَّفَلُ عَلَى غَيْرِ السُّنَنِ إذْ الْجُلُوسُ فِيهَا مَكْرُوهٌ وَإِنْ أُرِيدَ مَا قَابَلَ الْفَرْضَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْكَرَاهَةِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْإِتْمَامِ) قَائِمًا بِأَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ بِالنَّذْرِ فَإِنْ نَذَرَ الْقِيَامَ بِاللَّفْظِ وَجَبَ الْقِيَامُ وَأَمَّا نِيَّةُ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ بِهَا قِيَامٌ (لَا اضْطِجَاعٌ) فَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَنَفِّلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا فَوْقَهُ وَإِنْ مُسْتَنِدًا هَذَا إنْ اضْطَجَعَ فِي أَثْنَائِهِ بَلْ (وَإِنْ) اضْطَجَعَ (أَوَّلًا) أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ فَيَمْتَنِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَإِنْ أَدَّى لِاسْتِلْقَاءٍ. (قَوْلُهُ أَدَّى لِجُلُوسٍ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُومِئًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ جَالِسٌ مِنْ غَيْرِ إيمَاءٍ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بَلْ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ جَالِسٌ بِالْإِيمَاءِ إلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ الْقَدْحُ وَلَوْ تَحَقَّقَ نَفْعُهُ وَقَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ أَيْ إذَا خَالَفَ وَقَدَحَ وَقَوْلُهُ فَيُعِيدُ أَبَدًا إذَا خَالَفَ وَصَلَّى مُسْتَلْقِيًا هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَلْقِيًا ثُمَّ يُعِيدَ أَبَدًا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ تَوَهُّمٌ فَاسِدٌ بَلْ مَعْنَاهُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْقَدْحِ الْمُؤَدِّي لِلِاسْتِلْقَاءِ وَيُمْنَعُ مِنْ صَلَاتِهِ مُسْتَلْقِيًا فَإِنْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا أَعَادَ أَبَدًا وَإِنَّمَا فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَالِاسْتِلْقَاءِ لِأَنَّ الْجَالِسَ يَأْتِي بِالْعِوَضِ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ الْإِيمَاءُ بِالرَّأْسِ يُطَأْطِئُهُ وَالْمُسْتَلْقِي لَا يَأْتِي بِعِوَضٍ وَإِنَّمَا يَأْتِي عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالنِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِمَرِيضٍ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ جَازَ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَدْحٍ وَإِنْ جَازَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَسِتْرٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ سَتْرُ نَجِسٍ بِطَاهِرٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الطَّاهِرُ لَيْسَ ثَوْبَهُ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا سَبَقَ ذَلِكَ عَنْ شَيْخِنَا ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا عَنْ النَّفْرَاوِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ مَيْلَهُ لِجَوَازِهِ أَخْذًا مِنْ جَوَازِ كَوْنِ النَّجَاسَةِ أَسْفَلَ نَعْلِهِ كَمَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ فِي حَقِّ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُحَرِّكًا لِتِلْكَ النَّجَاسَةِ . (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا بَعْدَ إيقَاعِ بَعْضِهَا مِنْ قِيَامٍ) لَكِنَّ الْجُلُوسَ حِينَئِذٍ أَشَدُّ فِي مُخَالَفَةِ الْأَوْلَى مِنْ الْجُلُوسِ ابْتِدَاءً وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرَاوِيحِ وَكَانَ مَسْبُوقًا بِرَكْعَةٍ وَظَنَّ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِالْمَسْبُوقِ بِهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ قِيَامٍ فَاتَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ أَتَى بِهَا مِنْ جُلُوسٍ لَمْ يَفُتْهُ وَإِلَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ أَوْلَى قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ وَجَازَ لِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا أَيْ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى عَكْسُهُ وَهُوَ قِيَامُ الْمُتَنَفِّلِ مِنْ جُلُوسٍ فِي أَثْنَائِهَا لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ لِأَعْلَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ جُلُوسِ الْمُتَنَفِّلِ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِأَوْ عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ مَنْعِ الْجُلُوسِ اخْتِيَارًا لِمَنْ ابْتَدَأَهُ قَائِمًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ تَكْرَارِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ فِي النَّافِلَةِ وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ هَذَا مَشْرُوعٌ فِيهَا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الثَّانِيَ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ أَشْيَاخِ شَيْخِنَا الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ وَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ) أَيْ جَوَازُ الْجُلُوسِ فِي أَثْنَائِهَا وَقَوْلُهُ جَوَازُ اسْتِنَادِهِ فِيهَا أَيْ قَائِمًا. (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ الْقِيَامَ مُسْتَنِدًا أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنْ الْجُلُوسِ وَلَوْ مُسْتَقِلًّا فَإِذَا جَازَ الْأَدْنَى جَازَ الْأَعْلَى بِالْأَوْلَى ثُمَّ إنَّ جَوَازَ الِاسْتِنَادِ فِي النَّفْلِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاسْتِلْزَامِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْإِتْمَامِ) أَيْ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْإِتْمَامَ قَائِمًا بِالنَّذْرِ فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ عَلَى الْإِتْمَامِ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَنَفْيُهُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: نِيَّةُ الْإِتْمَامِ قَائِمًا، نِيَّةُ الْجُلُوسِ، عَدَمُ نِيَّةِ شَيْءٍ أَصْلًا فَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِيهَا وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَوَاءٌ نَذَرَ أَصْلَ النَّفْلِ أَمْ لَا فَإِنَّ الْتِزَامَ الْإِتْمَامِ بِالنَّذْرِ سَوَاءٌ نَذَرَ أَصْلَ النَّفْلِ كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ لَا كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْقِيَامُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَثَلًا لَزِمَهُ إتْمَامُ ذَلِكَ مِنْ قِيَامٍ فَإِنْ خَالَفَ وَأَتَمَّ جَالِسًا بَعْدَ الْتِزَامِهِ الْإِتْمَامَ قَائِمًا أَتَمَّ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق وَيُعِيدُ لِلنَّذْرِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ طَلَبِ الْمَنْذُورِ بِمَا صَلَّاهُ مِنْ جُلُوسٍ فَتَأَمَّلْ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عُمُومِ مَحَلِّ الْخِلَافِ الْمُشَارِ لَهُ بِلَوْ لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَذَهَبَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ إلَى قَصْرِهِ عَلَى غَيْرِ الْأُولَى وَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِتْمَامَ قَائِمًا فَيَلْزَمُهُ بِاتِّفَاقِهِمَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالنِّيَّةِ كَنَذْرٍ وَذَهَبَ اللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُوَ الْأُولَى فَقَطْ أَمَّا إذَا نَوَى الْجُلُوسَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَهُ الْجُلُوسُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَنَفِّلِ) بَلْ وَلَا يَصِحُّ النَّفَلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا فَوْقَهُ) أَيْ وَلَوْ

[فصل قضاء الفوائت وترتيب الحاضرتين والفوائت في أنفسها ويسيرها مع حاضرة]

دَرْسٌ] فَصْلٌ يُذْكَرُ فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ وَذِكْرُهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَجَبَ) فَوْرًا (قَضَاءُ) صَلَاةٍ (فَائِتَةٍ) عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ مِنْ سَفَرِيَّةٍ وَحَضَرِيَّةٍ وَسِرِّيَّةٍ وَجَهْرِيَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَخَلَ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلًا بِالنَّذْرِ وَظَاهِرُهُ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَتَنَفَّلُ قَادِرٌ عَلَى الْقُعُودِ مُضْطَجِعًا عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْجَلَّابِ لِلْمَرِيضِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي النَّوَادِرِ الْمَنْعُ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا وَأَجَازَهُ الْأَبْهَرِيُّ حَتَّى لِلصَّحِيحِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الْقِيَاسُ عَلَى الرُّخَصِ هَلْ يَصِحُّ أَوْ يَمْتَنِعُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا فَوْقَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى مَا فَوْقَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ مُضْطَجِعًا بِاتِّفَاقٍ وَمَا فِي عبق مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَجَعْلِ الْمَنْعِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا فِي بْن [فَصْلٌ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ وَتَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ] [قَضَاء الْفَوَائِت] (فَصْلٌ وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ) (قَوْلُهُ يُذْكَرُ فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْبَابِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا عَدَاهَا مِنْ تَعَلُّقَاتِهَا. (قَوْلُهُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ) أَيْ حُكْمُ قَضَائِهَا. (قَوْلُهُ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا) عُطِفَ عَلَى الْحَاضِرَتَيْنِ أَيْ وَتَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَكَذَا قَوْلُهُ وَيَسِيرِهَا إلَخْ أَيْ وَتَرْتِيبُ يَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ. (قَوْلُهُ فَوْرًا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى التَّرَاخِي وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْفَوْرِ وَلَا عَلَى التَّرَاخِي بَلْ الْوَاجِبُ حَالَةٌ وُسْطَى فَيَكْفِي أَنْ يَقْضِيَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ صَلَاةَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا يَكْفِي قَضَاءُ صَلَاةِ يَوْمٍ فِي يَوْمٍ إلَّا إذَا خَشِيَ ضَيَاعَ عِيَالِهِ إنْ قَضَى أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فِي يَوْمٍ وَفِي بْن نَقْلًا عَنْ أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِتَعْجِيلِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ خَوْفَ مُعَاجَلَةِ الْمَوْتِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِمُدَّةٍ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وَفَاؤُهُ بِهَا فِيهَا وَعَدَمُ عَدِّهِ مُفْرِطًا اهـ وَاسْتُدِلَّ لِلْفَوْرِيَّةِ بِآيَةِ {فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ مَعْصِيَةٌ يَجِبُ الْإِقْلَاعُ مِنْهَا فَوْرًا. (قَوْلُهُ مِنْ سَفَرِيَّةٍ إلَخْ) فَتُقْضَى السَّفَرِيَّةُ مَقْصُورَةً وَلَوْ قَضَاهَا فِي الْحَضَرِ وَتُقْضَى الْحَضَرِيَّةُ كَامِلَةً وَلَوْ قَضَاهَا فِي السَّفَرِ وَتُقْضَى النَّهَارِيَّةُ سِرًّا وَلَوْ قَضَاهَا لَيْلًا وَتُقْضَى اللَّيْلِيَّةُ جَهْرًا وَلَوْ قَضَاهَا نَهَارًا لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي مَا كَانَ أَدَاءً وَحِينَئِذٍ فَيَقْضِيهَا بِصِفَتِهَا إلَّا حَالَتَيْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَرْكَانِ أَوْ الْمَاءِ وَالْعَجْزِ عَنْهُمَا فَإِنَّهَا عَوَارِضُ حَالِيَّةٌ فَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ حَالَ عَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ أَوْ عَنْ الْمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ قَضَاهَا بِالْقِيَامِ وَالْمَاءِ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ حَالَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ

فَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَّا وَقْتَ الضَّرُورَةِ وَيَحْرُمُ التَّنَقُّلُ لِاسْتِدْعَائِهِ التَّأْخِيرَ إلَّا السُّنَنَ وَالشَّفْعَ الْمُتَّصِلَ بِالْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ (مُطْلَقًا) وَلَوْ وَقْتَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَغُرُوبِهَا وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ سَفَرًا وَحَضَرًا صِحَّةً وَمَرَضًا وَلَوْ فَاتَتْهُ سَهْوًا أَوْ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُهَا أَوْ شَكَّ فِي فَوَاتِهَا لَا مُجَرَّدَ وَهْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْمَاءِ ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ قَضَاهَا بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْجُلُوسِ وَالتَّيَمُّمِ وَيَقْنُتُ فِي قَضَاءِ الصُّبْحِ وَيُقِيمُ لِلْمَقْضِيَّةِ وَفِي التَّطْوِيلِ خِلَافٌ. (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ) أَيْ لِلْقَضَاءِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَوْنِ الْقَضَاءِ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ. (قَوْلُهُ إلَّا وَقْتَ الضَّرُورَةِ) أَيْ إلَّا الْوَقْتَ الَّذِي يَشْغَلُهُ لِتَحْصِيلِ ضَرُورِيَّاتٍ وَمِنْ جُمْلَتِهَا دَرْسُ الْعِلْمِ الْعَيْنِيُّ وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِي دَرْسِ الْعِلْمِ غَيْرِ الْعَيْنِيِّ هَلْ يَكُونُ عُذْرًا أَمْ لَا قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ عُذْرٍ وَأَنَّ قَضَاءَ الْفَائِتَةِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَيْنِيٌّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكِفَائِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعِلْمَ الْكِفَائِيَّ لَمَّا كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ شَدِيدَةً رُبَّمَا يُتَسَامَحُ فِي شَغْلِ الزَّمَانِ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَا يَنْتَظِرُ الْمَاءَ عَادِمُهُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَلَوْ أَقَرَّ الْأَجِيرُ بِفَوَائِتَ لَمْ يُعْذَرْ حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ وَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ لِاتِّهَامِهِ اُنْظُرْ عج. (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ التَّنَفُّلُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ قِيَامَ رَمَضَانَ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ وَلَا يَبْخَسَ نَفْسَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ وَقَالَ الْقُورِيُّ إنْ كَانَ يَتْرُكُ النَّفَلَ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ فَلَا يَتَنَفَّلُ وَإِنْ كَانَ لِلْبَطَالَةِ فَتَنَفُّلُهُ أَوْلَى قَالَ زَرُّوقٌ وَلَمْ أَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) مُرْتَبِطٌ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: قَضَاءُ وَبِقَوْلِهِ فَائِتَةٍ فَهُوَ حَالٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمَحْذُوفٌ مِثْلُهُ مِنْ الْآخَرِ وَالْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَلَوْ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَوَقْتَ غُرُوبِهَا وَوَقْتَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَزَمَنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَحَالَةَ كَوْنِ الْفَائِتَةِ فَاتَتْ مُطْلَقًا أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا لَا وَهْمًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ فَاتَتْهُ سَهْوًا) أَيْ هَذَا إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ فَاتَتْهُ سَهْوًا هَذَا إذَا تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ لَهَا بِالْمَرَّةِ بَلْ وَلَوْ فَعَلَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُهَا هَذَا إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ فَوَاتَهَا بَلْ وَلَوْ شَكَّ فِي فَوَاتِهَا وَفِي ابْنِ نَاجِيٍّ عَلَى الرِّسَالَةِ قَالَ عِيَاضٌ سَمِعْت عَنْ مَالِكٍ قَوْلَةً شَاذَّةً لَا تُقْضَى فَائِتَةُ الْعَمْدِ أَيْ لَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهَا وَلَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الْمَقَالَةُ عَنْ أَحَدٍ سِوَى دَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيّ وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ بِكُفْرِهِ لِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ وَخَرَّجَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ عَلَى يَمِينِ الْغَمُوسِ اهـ وَقَدْ رَدَّ الشَّارِحُ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِالْمُبَالَغَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ فِي فَوَاتِهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِقَرِينَةٍ مِنْ كَوْنِهِ وَجَدَ مَاءَ وُضُوئِهِ بَاقِيًا أَوْ وَجَدَ فِرَاشَ صَلَاتِهِ مَطْوِيًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الشَّكِّ مِنْ غَيْرِ عَلَامَةٍ فَلَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَأَوْلَى الْوَهْمُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ لَا مُجَرَّدَ وَهْمٍ) أَيْ فَإِذَا ظَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مِنْ صَلَاةٍ وَتَوَهَّمَ شَغْلَهَا بِهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْوَهْمِ إنْ قُلْتَ إنَّ مَنْ ظَنَّ تَمَامَ صَلَاتِهِ وَتَوَهَّمَ بَقَاءَ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ

[ترتيب الحاضرتين]

وَتَوَقَّى وَقْتَ النَّهْيِ فِي الْمَشْكُوكَةِ وُجُوبًا فِي الْمُحَرَّمِ وَنَدْبًا فِي الْمَكْرُوهِ وَنُدِبَ لِمُقْتَدًى بِهِ إنْ قَضَى بِوَقْتِ نَهْيٍ أَنْ يُعْلِمَ مَنْ يَلِيه (و) وَجَبَ (مَعَ ذِكْرٍ) وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ (تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ) مُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ وَهُمَا الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ وُجُوبًا (شَرْطًا) يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَكُونَانِ حَاضِرَتَيْنِ إلَّا إذْ وَسِعَهُمَا الْوَقْتُ فَإِنْ ضَاقَ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ إلَّا الْأَخِيرَةَ اخْتَصَّ بِهَا فَيَدْخُلُ فِي قِسْمِ الْحَاضِرَةِ مَعَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ مِنْ الثَّانِيَةِ نُدِبَ إعَادَتُهَا بَعْدَ الْأُولَى بِوَقْتٍ (و) وَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ تَرْتِيبُ (الْفَوَائِتِ) كَثِيرَةً وَيَسِيرَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَمَلُ بِالْوَهْمِ وَالْإِتْيَانُ بِرَكْعَةٍ فَأَيُّ فَرْقٍ قُلْتُ مَا هُنَا ذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ تَحْقِيقًا بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُورَدَةِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ فِيهَا مَشْغُولَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا هُنَا فَهُوَ ظَانٌّ لِلْبَرَاءَةِ وَقَدْ مَضَى الْوَقْتُ فَالْأَصْلُ الْإِتْيَانُ بِهَا كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَتَوَقَّى) أَيْ الشَّخْصُ الْقَاضِي لِلْفَوَائِتِ. (قَوْلُهُ فِي الْمَشْكُوكَةِ) أَيْ فِي الْمَشْكُوكِ فِي فَوَاتِهَا وَأَمَّا الْمَشْكُوكُ فِي عَيْنِهَا فَكَالْمُحَقَّقَةِ كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَوَقَّى فِي قَضَائِهَا وَقْتًا مِنْ الْأَوْقَاتِ. (قَوْلُهُ فِي الْمُحَرَّمِ) أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَكْرُوهِ أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِمُقْتَدًى بِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا تَذَكَّرَ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ الصُّبْحَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا فَلْيَقُمْ وَيُصَلِّهَا بِمَوْضِعِهِ فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ يَلِيه مِنْ النَّاسِ أَنَا أُصَلِّي فَائِتَةً لِئَلَّا يُوقِعَ النَّاسَ فِي إيهَامِ جَوَازِ النَّفْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ إعْلَامُهُمْ [تَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ] (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ) أَيْ وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرِ هَذَا إذَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ بَلْ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ فَإِذَا أَحْرَمَ بِثَانِيَةِ الْحَاضِرَتَيْنِ مَعَ تَذَكُّرِهِ لِلْأُولَى بَطَلَتْ تِلْكَ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ بِالثَّانِيَةِ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ لِلْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ تَذَكُّرِ الْأُولَى وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ تَرْتِيبَ الْحَاضِرَتَيْنِ وَاجِبٌ شَرْطًا فِي الِابْتِدَاءِ وَفِي الْأَثْنَاءِ تَبِعَ فِيهِ عبق وخش حَيْثُ قَالَا وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ ابْتِدَاءً وَكَذَا فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ كَالنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَشَرَفِ الدِّينِ الطَّخِّيخِيِّ وَمَشَى عَلَيْهِ تت فِي قَوْلِهِ إذَا ذَكَرَ الْمَأْمُومُ فَرْضًا بِفَرْضِهِ ... أَوْ الْوِتْرَ أَوْ يَضْحَكْ فَقَدْ أَفْسَدَ الْعَمَلْ وَتَعَقَّبْهُ بْن بِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْحَاضِرَتَيْنِ وَاجِبٌ شَرْطًا فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ فَإِذَا أَحْرَمَ بِالثَّانِيَةِ نَاسِيًا لِلْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ وَيَجْرِي فِيهَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي ذِكْرِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ فِي حَاضِرَةٍ مِنْ الْقَطْعِ أَوْ الْخُرُوجِ عَنْ شَفْعٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فَإِنْ خَالَفَ وَأَتَمَّهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَتُهَا بَعْدَ فِعْلِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ شَرْطًا) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وُجُوبًا شَرْطِيًّا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ تَرْتِيبٍ. (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِي قِسْمِ الْحَاضِرَةِ مَعَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ) أَيْ فَيَكُونُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَاجِبًا غَيْرَ شَرْطٍ فَإِذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لِقُرْبِ الْمَغْرِبِ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي لِلْغُرُوبِ قَدْرَ مَا يَسَعُ صَلَاةً وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَإِنْ تَذَكَّرَ الصَّلَاتَيْنِ قَدَّمَ الظُّهْرَ وُجُوبًا وَلَوْ خَافَ خُرُوجَ وَقْتِ الْعَصْرِ فَإِنْ نَكَّسَ وَصَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ لَمْ يُؤْمَرْ بِإِعَادَةِ الْعَصْرِ بَعْدَ الظُّهْرِ لِخُرُوجِ وَقْتِهَا سَوَاءٌ قَدَّمَ الْعَصْرَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَوَجَبَ شَرْطًا مَعَ ذِكْرٍ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ تَرْتِيبٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ نُدِبَ إعَادَتُهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِهِ مَفْهُومًا أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ لَا تَبْطُلُ نَعَمْ يُنْدَبُ إعَادَتُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ. (قَوْلُهُ بِوَقْتٍ) فَإِنْ تَرَكَ إعَادَتَهَا نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يُعِدْهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُعِيدُهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَالْقَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ وَهْبَانَ. (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ مَنْ قَدَّمَ الثَّانِيَةَ نِسْيَانًا وَتَذَكَّرَ الْأُولَى بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فِي كَوْنِهِ يُنْدَبُ لَهُ إعَادَةُ الثَّانِيَةِ بَعْد فِعْلِ الْأُولَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِ التَّرْتِيبِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ " وَقُدْرَةٍ " بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَعَ ذِكْرٍ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى الْإِكْرَاهُ عَلَى تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَالْعَصْرِ لَا فِي الظُّهْرَيْنِ لِإِمْكَانِ

[ترتيب الفوائت في أنفسها ويسيرها مع حاضرة]

(فِي أَنْفُسِهَا) غَيْرَ شَرْطٍ فَلَوْ نَكَّسَ وَلَوْ عَمْدًا أَتَمَّ فِي الْعَمْدِ وَلَمْ يُعِدْ الْمُنَكَّسَ (و) وَجَبَ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا مَعَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ (يَسِيرِهَا) أَيْ الْفَوَائِتِ (مَعَ حَاضِرَةٍ) كَالْعِشَاءَيْنِ مَعَ الصُّبْحِ فَيُقَدِّمُ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ عَلَى الْحَاضِرَةِ (وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا وَهَلْ) أَكْثَرُ الْيَسِيرِ (أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ) أَصْلًا أَوْ بَقَاءٌ فِي ذَلِكَ (خِلَافٌ) فَالْأَرْبَعُ يَسِيرَةٌ اتِّفَاقًا وَالسِّتُّ كَثِيرَةٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي الْخَمْسِ وَنُدِبَ الْبُدَاءَةُ بِالْحَاضِرَةِ مَعَ الْكَثِيرِ إنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا وَجَبَ (فَإِنْ) (خَالَفَ) وَقَدَّمَ الْحَاضِرَةَ عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ سَهْوًا بَلْ (وَلَوْ عَمْدًا) (أَعَادَ) الْحَاضِرَةَ نَدْبًا وَلَوْ مَغْرِبًا صُلِّيَتْ فِي جَمَاعَةٍ وَعِشَاءً بَعْدَ وَتْرٍ (بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ) الْمُدْرِكِ فِيهِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَأَكْثَرَ (وَفِي) نَدْبِ (إعَادَةِ مَأْمُومِهِ) لِتَعَدِّي خَلَلِ صَلَاةِ إمَامِهِ لِصَلَاتِهِ وَعَدَمِ إعَادَتِهِ لِوُقُوعِ صَلَاةِ الْإِمَامِ تَامَّةً فِي نَفْسِهَا لِاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهَا وَإِنَّمَا أَعَادَ لِعُرُوضِ تَقْدِيمِ الْحَاضِرَةِ عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (خِلَافٌ وَإِنْ) (ذَكَرَ) الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا (الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ) (وَلَوْ) كَانَ الْمَذْكُورُ فِيهَا (جُمُعَةً) وَهُوَ إمَامٌ لَا فَذٌّ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا مِنْهُ وَلَا مَأْمُومٌ لِتَمَادِيهِ (قَطَعَ فَذٌّ) وُجُوبًا (وَشَفَعَ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا (إنْ رَكَعَ) رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَيَضُمُّ لَهَا أُخْرَى وَيَجْعَلُهُ نَافِلَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQنِيَّةِ الْأُولَى بِالْقَلْبِ وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُ [تَرْتِيب الْفَوَائِت فِي أنفسها وَيَسِيرهَا مَعَ حَاضِرَة] . (قَوْلُهُ فِي أَنْفُسِهَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الْفَوَائِتِ مُعْتَبَرَةً وَمُلَاحَظَةً بِاعْتِبَارِ ذَوَاتِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَسَيَأْتِي التَّفْرِيعُ عَلَيْهِ فِي جَهْلِ الْفَوَائِتِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعِدْ الْمُنَكِّسُ) أَيْ لِأَنَّهُ بِالْفَرَاغِ مِنْهُ خَرَجَ وَقْتُهُ وَالْإِعَادَةُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ الْغَيْرِ الشَّرْطِيِّ إنَّمَا هِيَ فِي الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ وَوَجَبَ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّ تَرْتِيبَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ مَعَ الْحَاضِرَةِ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا) أَيْ الْحَاضِرَةِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ أَكْثَرُ الْيَسِيرِ أَرْبَعٌ) أَيْ فَالْخَمْسُ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ لَا يَجِبُ تَرْتِيبُهَا مَعَ الْحَاضِرَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ خَمْسٌ أَيْ وَعَلَيْهِ فَالسِّتَّةُ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ لَا يَجِبُ تَرْتِيبُهَا مَعَ الْحَاضِرَةِ بِخِلَافِ الْخَمْسِ فَإِنَّهَا مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ فَيَجِبُ تَرْتِيبُهَا مَعَ الْحَاضِرَةِ وَاَلَّذِي يَلُوحُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قُوَّةُ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ أَصْلًا) أَيْ كَمَا لَوْ تَرَكَ ذَلِكَ الْقَدْرَ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ أَوْ بَقَاءً أَيْ كَمَا لَوْ تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ ابْتِدَاءً وَقَضَى بَعْضَهُ حَتَّى بَقِيَ ذَلِكَ الْقَدْرُ. (قَوْلُهُ فَالْأَرْبَعُ يَسِيرَةٌ اتِّفَاقًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْأَرْبَعَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ اتِّفَاقًا لِحِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَرْبَعَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا كَالْخَمْسِ لِحِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ هَلْ هُوَ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ وَقَدْ ذَكَرَ الطَّرِيقَتَيْنِ عِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَالْأَرْبَعُ يَسِيرَةٌ اتِّفَاقًا أَيْ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ فِيهَا خِلَافًا خَارِجًا عَنْهُمَا فَقَدْ قِيلَ إنَّ الْيَسِيرَ ثَلَاثٌ فَأَقَلُّ وَأَمَّا الْأَرْبَعُ فَكَثِيرَةٌ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ فِي الْخَمْسِ) أَيْ فَهِيَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ عَلَى الثَّانِي وَمِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَافَ خُرُوجَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ بِفِعْلِ الْكَثِيرِ قَبْلَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا. (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْحَاضِرَةَ عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ سَهْوًا) أَيْ وَتَذَكَّرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَاضِرَةِ وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَهُ فِي أَثْنَائِهَا فَهُوَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ إلَخْ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقَدَّمَ الْحَاضِرَةَ إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَيَسِيرُهَا مَعَ حَاضِرَةٍ بِدُونِ قَوْلِهِ خَرَجَ وَقْتُهَا إذْ لَا يَتَأَتَّى مَعَ خُرُوجِهِ قَوْلُهُ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَمَعَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا وَلَا لِقَوْلِهِ وَالْفَوَائِتُ فِي أَنْفُسِهَا لِعَدَمِ تَأَتِّي قَوْلِهِ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ فِيهِمَا إذْ لِحَاضِرَةٍ مَعَ الْحَاضِرَةِ يُعِيدُ أَبَدًا وَالْفَوَائِتُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا خَرَجَ وَقْتُهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ مَغْرِبًا صُلِّيَتْ فِي جَمَاعَةٍ وَعِشَاءً بَعْدَ وَتْرٍ) وَأَوْلَى إذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ فَذًّا وَالْعِشَاءَ بِدُونِ وَتْرٍ وَلَهُ حِينَ أَرَادَ إعَادَةَ الْحَاضِرَةِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي جَمَاعَةٍ سَوَاءٌ صَلَّاهَا أَوَّلًا فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ لَيْسَتْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ بَلْ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ) أَيْ وَأَوْلَى الْمُخْتَارِ فَيُعِيدُ الظُّهْرَيْنِ هُنَا لِلْغُرُوبِ هُنَا وَالْعِشَاءَيْنِ لِلْفَجْرِ وَالصُّبْحَ لِلطُّلُوعِ كَمَا فِي خش. (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ يُونُسَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ عبق وخش تَبَعًا لِشَيْخِهِمَا اللَّقَانِيِّ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْإِعَادَةُ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَهُوَ إمَامٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الذَّاكِرَ إمَامٌ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَلَوْ جُمُعَةً بَعْدَ وَإِمَامٍ وَمَأْمُومِهِ. (قَوْلُهُ قَطَعَ فَذٌّ وُجُوبًا) أَيْ وَقِيلَ نَدْبًا وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْحَاضِرَةِ وَيَسِيرِ الْفَوَائِتِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَإِنَّمَا أَبْطَلَ

وَلَوْ ثُنَائِيَّةً كَصُبْحٍ لَا مَغْرِبًا فَيَقْطَعُ وَلَوْ رَكَعَ لِشِدَّةِ كَرَاهَةِ النَّفْلِ قَبْلَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (و) قَطَعَ (إمَامٌ) وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ (و) قَطَعَ (مَأْمُومُهُ) تَبَعًا لَهُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ (لَا) يَقْطَعُ (مُؤْتَمٌّ) ذَكَرَ الْيَسِيرَ خَلْفَ إمَامِهِ بَلْ يَتَمَادَى مَعَهُ وَإِذَا أَتَمَّهَا مَعَهُ (فَيُعِيدُ) الصَّلَاةَ نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ) بَعْدَ إتْيَانِهِ بِيَسِيرِ الْفَوَائِتِ لِلتَّرْتِيبِ (وَلَوْ) كَانَتْ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورُ فِيهَا خَلْفَ إمَامِهِ (جُمُعَةً) وَيُعِيدُهَا جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَ (وَكَمَّلَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا ثُمَّ يُعِيدُهَا بِوَقْتٍ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالْيَسِيرِ (فَذٌّ) وَأَوْلَى إمَامٌ ذَكَرَ كُلَّ الْيَسِيرِ (بَعْدَ شَفْعٍ) أَيْ رَكْعَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ (مِنْ الْمَغْرِبِ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا أَوْ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطِي حُكْمَهُ (كَثَلَاثٍ) أَيْ كَمَا يُكَمِّلُ إنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ بَعْد ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِسَجَدَاتِهَا (مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَغْرِبِ فَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ تَمَامِ الثَّالِثَةِ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ عِنْدَ جَهْلِ الْفَوَائِتِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَمَلَ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ أَيْضًا فِي قَطْعِ الْإِمَامِ وَفِي قَطْعِ مَأْمُومِهِ تَبَعًا لَهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ ثُنَائِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْحَاضِرَةُ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا يَسِيرُ الْمَنْسِيَّاتِ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ ثُنَائِيَّةً كَصُبْحٍ أَوْ جُمُعَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يُتِمُّ الثُّنَائِيَّةَ إذَا تَذَكَّرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً وَلَا يَشْفَعُهَا عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ لِإِشْرَافِهَا عَلَى التَّمَامِ. (قَوْلُهُ فَيَقْطَعُ وَلَوْ رَكَعَ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْهَا أَنَّهُ يَشْفَعُهَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ وَضَعُفَ هَذَا الْقَوْلُ وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ يُتِمُّهَا مَغْرِبًا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي الْمَغْرِبِ إذَا عَقَدَ رَكْعَةً ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا. (قَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ) أَيْ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ النَّفَلَ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ مَدْخُولًا عَلَيْهِ لَا إنْ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ كَمَا هُنَا. (قَوْلُهُ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ) هَذَا مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ قَطَعَ فَذٌّ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ إنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ شَفْعٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَقِيلَ يَقْطَعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَكَعَ أَوْ لَمْ يَرْكَعْ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ تَجْرِي فِيمَا إذَا تَذَكَّرَ الْفَذُّ أَوْ الْإِمَامُ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ كَمَا لَوْ تَذَكَّرَ الظُّهْرَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّورَتَيْنِ أَيْ تَذَكُّرَ الْحَاضِرَةِ فِي الْحَاضِرَةِ وَتَذَكُّرَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ فِي الْحَاضِرَةِ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ وَأَنَّ فِيهِمَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْقَطْعُ إنْ لَمْ يَرْكَعْ أَوْ الشَّفْعُ إنْ رَكَعَ فَإِذَا خَالَفَ وَلَمْ يُشْفِعْ وَلَمْ يَقْطَعْ وَأَتَمَّهَا صَحَّتْ إلَّا أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ إعَادَتُهَا بَعْدَ فِعْلِ الَّتِي تَذَكَّرَهَا كَمَا مَرَّ وَهَذَا كُلُّهُ فِي تَذَكُّرِ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ) أَيْ الْإِمَامُ لَهُ مَنْ يُكْمِلُ مَعَهُ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِرِوَايَةِ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَقْطَعُ مَأْمُومَهُ. (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْيَسِيرَ خَلْفَ إمَامِهِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ الْوَاحِدِ أَوْ الْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ بَلْ يَتَمَادَى مَعَهُ) أَيْ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَهُوَ لِابْنِ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَقِيلَ يَقْطَعُ مَا لَمْ تَكُنْ الْحَاضِرَةُ الَّتِي تَذَكَّرَ فِيهَا مَغْرِبًا فَلَا يَقْطَعُهَا بَلْ يَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ لِلْمَازِرِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَمِثْلُ تَذَكُّرِ الْمَأْمُومِ يَسِيرُ الْفَوَائِتِ فِي الْحَاضِرَةِ تَذَكُّرُهُ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ فَيَجْرِي فِيهِمَا الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ تَمَادِيهِ مَعَ إمَامِهِ مُطْلَقًا عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورُ فِيهَا جُمُعَةً) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَيُعِيدُهَا جُمُعَةً بَعْدَ فِعْلِ يَسِيرِ الْمَنْسِيَّاتِ وَقَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ أَيْ إعَادَتُهَا جُمُعَةً وَإِلَّا أَعَادَهَا ظُهْرًا. (قَوْلُهُ وَكَمَّلَ صَلَاتَهُ وُجُوبًا) أَيْ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فَذٌّ وَإِمَامٌ ذَكَرَ كُلَّ الْيَسِيرِ بَعْدَ شَفْعٍ مِنْ الْمَغْرِبِ كَمَا يُكْمِلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَهَذَا كَمَا يَجْرِي فِي تَذَكُّر الْفَذِّ وَالْإِمَامِ يَسِيرَ الْمَنْسِيَّاتِ فِي الْحَاضِرَةِ يَجْرِي أَيْضًا فِي تَذَكُّرِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ فَإِذَا تَذَكَّرَ الْفَذُّ أَوْ الْإِمَامُ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ بَعْدَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُكْمِلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ سَنَدٌ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَكُونُ كَمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ اهـ فَتَكْمِيلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَكَذَا قَوْلُ التَّوْضِيحِ وَيَكُونُ كَمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي صِحَّتِهَا وَإِنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَيْضًا وَهَذَا يُرَشِّحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْحَاضِرَتَيْنِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الذِّكْرِ ابْتِدَاءً فَقَطْ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَا فِي الْأَثْنَاءِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ كَمَا يَجْرِي فِي ذِكْرِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ فِي الْحَاضِرَةِ يَجْرِي فِي ذِكْرِ الْحَاضِرَةِ فِي الْحَاضِرَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْحَاضِرَتَيْنِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الذِّكْرِ ابْتِدَاءً لَا عِنْدَ الذِّكْرِ فِي الْأَثْنَاءِ أَيْضًا كَمَا قِيلَ اُنْظُرْ بْن

[ما تبرأ به الذمة عند جهل الفوائت]

(وَإِنْ) (جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ) يَعْنِي مَتْرُوكَةً وَلَوْ عَمْدًا فَلَمْ يَدْرِ أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ (مُطْلَقًا) أَيْ لَيْلِيَّةٌ هِيَ أَمْ نَهَارِيَّةٌ (صَلَّى خَمْسًا) يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالصُّبْحِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ لَيْلِيَّةٌ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ (وَإِنْ عَلِمَهَا) بِأَنَّهَا الظُّهْرُ مَثَلًا (دُونَ) عِلْمِ (يَوْمِهَا) الَّتِي تُرِكَتْ فِيهِ (صَلَّاهَا نَاوِيًا) بِهَا أَنَّهَا (لَهُ) أَيْ لِلْيَوْمِ الَّذِي تُرِكَتْ مِنْهُ مُجْمَلًا ثُمَّ النِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَنْدُوبَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ (وَإِنْ) (نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا) وَلَمْ يَدْرِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا أَنَّ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ أَوْ عَكْسَهُ (صَلَّى سِتًّا) مُرَتَّبَةً فَيَخْتِمُ بِمَا بَدَأَ بِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ الْمَتْرُوكَ مَعَ مَا قَبْلَهُ (وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ) فِي الْبُدَاءَةِ فَإِذَا بَدَأَ بِهَا فَإِنْ كَانَتَا ظُهْرًا وَعَصْرًا أَوْ عَصْرًا وَمَغْرِبًا أَوْ مَغْرِبًا وَعِشَاءً أَوْ عِشَاءً وَصُبْحًا أَوْ صُبْحًا وَظُهْرًا بَرِئَ لِإِتْيَانِهِ بِأَعْدَادٍ أَحَاطَتْ بِحَالَاتِ الشُّكُوكِ (وَ) صَلَّى (فِي) نِسْيَانٍ صَلَاةً و (ثَالِثَتِهَا) وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا وَاحِدَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا تَبْرَأ بِهِ الذِّمَّة عِنْد جَهْل الْفَوَائِت] قَوْلُهُ وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ) ؛ الْمُرَادُ بِجَهْلِ عَيْنِهَا عَدَمُ عِلْمِهِ فَيَشْمَلُ الشَّكَّ فِيهِ وَمَا إذَا ظَنَّهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ مَنْسِيَّةٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الْمَنْسِيَّةِ مُطْلَقَةً عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا لَيْلِيَّةً أَوْ نَهَارِيَّةً. (قَوْلُهُ صَلَّى خَمْسًا) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَتْرُوكَةَ فَصَارَ عَدَدُ حَالَاتِ الشَّكِّ خَمْسًا فَوَجَبَ اسْتِيفَاؤُهَا وَيَجْزِمُ النِّيَّةَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْفَرْضِيَّةِ لِتَوَقُّفِ الْبَرَاءَةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ صَلَّى ثَلَاثًا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ أَيْ لِلْيَوْمِ الَّذِي تُرِكَتْ مِنْهُ) أَيْ أَوْ لِلْيَوْمِ الَّذِي يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا لَهُ. (قَوْلُهُ مَنْدُوبَةٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ نَاوِيًا لَهُ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْكَمَالِ لَا عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا) أَيْ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ مِنْهَا اثْنَتَانِ لَيْلِيَّتَانِ وَمِنْهَا ثَلَاثٌ نَهَارِيَّاتٌ وَلَا يَدْرِي أَهُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ أَوْ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْأُخْرَى مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَلَا يَدْرِي هَلْ اللَّيْلُ سَابِقٌ عَلَى النَّهَارِ أَوْ النَّهَارُ سَابِقٌ عَلَى اللَّيْلِ فَيُحْتَمَلُ كَوْنُهَا ظُهْرًا وَعَصْرًا أَوْ عَصْرًا وَمَغْرِبًا أَوْ مَغْرِبًا وَعِشَاءً أَوْ عِشَاءً وَصُبْحًا أَوْ صُبْحًا وَظُهْرًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي سِتَّ صَلَوَاتٍ مُتَوَالِيَةً يَخْتِمُ بِمَا بَدَأَ بِهِ وُجُوبًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ الْمَتْرُوكَ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَيَأْتِي بِأَعْدَادٍ تُحِيط بِحَالَاتِ الشَّكِّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ) فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا لَيْلِيَّتَانِ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمَا نَهَارِيَّتَانِ صَلَّى النَّهَارِيَّاتِ الثَّلَاثَ فَقَطْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إحْدَاهُمَا نَهَارِيَّةٌ وَالْأُخْرَى لَيْلِيَّةٌ صَلَّى الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ إنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِيَّةِ وَإِنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِيَّةِ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُتَقَدِّمَ مِنْهُمَا صَلَّى الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ. (قَوْلُهُ وَلَا أَنَّ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ وَأَمَّا إنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ مِنْهُمَا وَتَعَيَّنَ عِنْدَهُ تَقَدُّمُ النَّهَارِ أَوْ اللَّيْلِ صَلَّى خَمْسًا فَقَطْ وَبَدَأَ بِالصُّبْحِ فِي الْأُولَى وَبِالْمَغْرِبِ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ فِي الْبُدَاءَةِ) أَيْ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ فَيَبْدَأُ بِهَا وَيَخْتِمُ بِهَا (قَوْلُهُ بَرِئَ لِإِتْيَانِهِ بِأَعْدَادٍ إلَخْ) إنْ قُلْتَ إنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ تَحَصُّلُ خَمْسِ صَلَوَاتٍ إذْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمَنْسِيَّ الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ فَقَدْ بَرِئَتْ الذِّمَّةُ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوَّلًا وَالصُّبْحِ آخِرًا إذْ مَنْ نَكَّسَ الْفَوَائِتَ وَلَوْ عَمْدًا لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَلَّى سِتًّا صَوَابُهُ صَلَّى خَمْسًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى سِتًّا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَاجِبٌ شَرْطٌ فَهَذَا فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهَذَا الْبِنَاءُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْفَرْعِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ. (قَوْلُهُ وَصَلَّى فِي نِسْيَانِ صَلَاةٍ وَثَالِثَتِهَا) أَيْ

(أَوْ) صَلَاةٌ و (رَابِعَتِهَا أَوْ) صَلَاةٌ وَ (خَامِسَتِهَا) (كَذَلِكَ) أَيْ يُصَلِّي سِتًّا وَنُدِبَ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ حَالَ كَوْنِهِ (يُثَنِّي) بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَعَلَهُ بِفَرْضِ أَنَّهُ الْأَوَّلُ فِي الْوَاقِعِ (بِ) بَاقِي (الْمَنْسِيِّ) حَتَّى يُصَلِّيَ السِّتَّ فَكُلَّمَا شَرَعَ فِي صَلَاةٍ قَدَّرَ أَنَّهَا الْأُولَى مِنْ الْمَنْسِيِّ فَيُثَنِّي بِالْبَاقِي مِنْهُ ثُمَّ يَفْرِضُ أَنَّهَا الْأُولَى وَهَكَذَا فَفِي الْأُولَى يُثَنِّي بِالْمَغْرِبِ فَالصُّبْحِ ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يُكْمِلَ سِتًّا بِإِعَادَةِ الظُّهْرِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يُثَنِّي بِرَابِعَةِ الظُّهْرِ إنْ ابْتَدَأَ بِهَا وَهِيَ الْعِشَاءُ وَيُعْقِبُهَا بِرَابِعَتِهَا إلَى أَنْ يُكْمِلَ سِتًّا بِإِعَادَةِ الْأُولَى وَفِي الثَّالِثَةِ يُعْقِبُهَا بِخَامِسَتِهَا وَهِيَ الصُّبْحُ ثُمَّ كَذَلِكَ (وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ فِي) نِسْيَانِ صَلَاةٍ و (سَادِسَتِهَا) وَهِيَ مُمَاثِلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي (و) فِي نِسْيَانِ صَلَاةٍ و (حَادِيَةَ عَشْرَتِهَا) وَهِيَ مُمَاثِلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَكَذَا فِي سَادِسَةَ عَشْرَتِهَا وَحَادِيَةِ عَشْرَيْهَا وَهَلُمَّ جَرًّا بِأَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ مُتَوَالِيَةً ثُمَّ يُعِيدَهَا لِأَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَدْرِي عَيْنَهَا صَلَّى خَمْسًا وَهَذَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَلَاةٌ لَا يَدْرِي عَيْنَهَا فَيُصَلِّي لِكُلِّ صَلَاةٍ خَمْسًا (وَفِي) نِسْيَانِ (صَلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ بَعْدَ النُّونِ صِفَةٌ لِصَلَاتَيْنِ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ (لَا يَدْرِي السَّابِقَةَ) مِنْهُمَا بِأَنْ لَا يَعْلَمَ أَسْبَقِيَّةَ أَحَدِ الْيَوْمَيْنِ أَوْ عَلِمَ وَلَا يَدْرِي أَيَّ الصَّلَاتَيْنِ لَهُ (صَلَّاهُمَا) نَاوِيًا كُلَّ صَلَاةٍ لِيَوْمِهَا مُعَيِّنًا أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا هُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا الظُّهْرَ وَالْمَغْرِبَ أَوْ الْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ أَوْ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ أَوْ الْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ أَوْ الْعِشَاءَ وَالظُّهْرَ. (قَوْلُهُ أَوْ صَلَاةٌ وَرَابِعَتُهَا) أَيْ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا صَلَاتَانِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ أَوْ الْعِشَاءَ وَالْعَصْرَ أَوْ الْعَصْرَ وَالصُّبْحَ أَوْ الصُّبْحَ وَالْمَغْرِبَ أَوْ الْمَغْرِبَ وَالظُّهْرَ. (قَوْلُهُ أَوْ صَلَاةٌ وَخَامِسَتُهَا) أَيْ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا الظُّهْرَ وَالصُّبْحَ أَوْ الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ أَوْ الْعِشَاءَ وَالْمَغْرِبَ أَوْ الْمَغْرِبَ وَالْعَصْرَ أَوْ الْعَصْرَ وَالظُّهْرَ. (قَوْلُهُ يُثَنِّي بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَعَلَهُ بِفَرْضِ أَنَّهُ الْأَوَّلُ بِبَاقِي الْمَنْسِيِّ) هَذَا إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضَيْنِ وَإِيرَادَيْنِ عَلَى الْمَتْنِ، الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يُثَنِّي بَلْ يُثَنِّي وَيُثَلِّثُ وَيُرَبِّعُ وَيُخَمِّسُ، الثَّانِي أَنَّ التَّثْنِيَةَ لَيْسَتْ بِتَمَامِ الْمَنْسِيِّ بَلْ بِبَعْضِهِ لِأَنَّ الْمَنْسِيَّ مَجْمُوعُ الصَّلَاتَيْنِ أَيْ الْأُولَى وَثَالِثَتُهَا مَثَلًا وَهُوَ لَا يُثَنِّي بِهِمَا بَلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ عَنْ الثَّانِي أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ يُثَنَّى بِبَاقِي الْمَنْسِيِّ أَيْ أَنَّهُ يُوقِعُ بَاقِيَ الْمَنْسِيِّ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ يُثَنِّي بِبَاقِي الْمَنْسِيِّ أَيْ أَنَّهُ يُوقِعُ بَاقِيَ الْمَنْسِيِّ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَعَلَهُ بِفَرْضِ أَنَّهُ الْأَوَّلُ فِي الْوَاقِعِ. (قَوْلُهُ فَفِي الْأُولَى) أَيْ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْ وَهِيَ مَا إذَا نَسِيَ صَلَاةً وَثَالِثَتَهَا (قَوْلُهُ يُثَنِّي بِالْمَغْرِبِ إلَخْ) أَيْ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ثُمَّ يُثَنِّي بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الْمَغْرِبُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا وَهِيَ الصُّبْحُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الْعَصْرُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الْعِشَاءُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِثَالِثَتِهَا وَهِيَ الظُّهْرُ. (قَوْلُهُ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا نَسِيَ صَلَاةً وَرَابِعَتَهَا (قَوْلُهُ يُثَنِّي بِرَابِعَةِ الظُّهْرِ) أَيْ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِرَابِعَتِهَا وَهِيَ الْعِشَاءُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِرَابِعَتِهَا وَهِيَ الْعَصْرُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِرَابِعَتِهَا وَهِيَ الصُّبْحُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِرَابِعَتِهَا وَهِيَ الْمَغْرِبُ ثُمَّ يُثَنِّيهَا بِرَابِعَتِهَا وَهِيَ الظُّهْرُ. (قَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ) أَيْ وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ مَا إذَا نَسِيَ صَلَاةً وَخَامِسَتَهَا. (قَوْلُهُ يُعْقِبُهَا) أَيْ الظُّهْرَ بِخَامِسَتِهَا أَيْ أَنَّهُ يَبْدَأُ أَوَّلًا بِالظُّهْرِ ثُمَّ يُعْقِبُهَا بِخَامِسَتِهَا وَهِيَ الصُّبْحُ ثُمَّ بِالْعِشَاءِ ثُمَّ بِالْمَغْرِبِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ ثُمَّ بِالظُّهْرِ فَيُعْقِبُ كُلَّ صَلَاةٍ بِخَامِسَتِهَا. (قَوْلُهُ فِي نِسْيَانِ صَلَاةٍ وَسَادِسَتِهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا هُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي سَادِسَةَ عَشْرَتَهَا) أَيْ وَهِيَ مُمَاثَلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ وَحَادِيَةَ عَشْرَيْهَا) أَيْ وَهِيَ مُمَاثَلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الْخَامِسِ. (قَوْلُهُ وَهَلُمَّ جَرًّا) أَيْ كَسَادِسِ عَشْرَيْهَا وَهِيَ مُمَاثَلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ السَّادِسِ وَحَادِي ثَلَاثِيهَا وَهِيَ مُمَاثَلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ السَّابِعِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ مُتَوَالِيَةً ثُمَّ يُعِيدَهَا) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ مُحْتَمِلٌ لِأَمْرَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَوَاتِ كُلِّ يَوْمٍ مُتَوَالِيَةً بِأَنْ يُصَلِّيَ خَمْسًا ثُمَّ خَمْسًا وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ وَالثَّانِي أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ فَيُصَلِّيَ الصُّبْحَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ الظُّهْرَ كَذَلِكَ وَهَكَذَا لِلْعِشَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ فَإِنْ قَصَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِاخْتِيَارِ ابْنِ عَرَفَةَ يُرَادُ بِالْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ صَلَاةَ يَوْمَيْنِ وَإِنْ قَصَرَ عَلَى الثَّانِي يُرَادُ بِالْخَمْسِ صَلَوَاتُ يَوْمٍ مُكَرَّرَةً. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ نَسِيَ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ مَنْ نَسِيَ إلَخْ. (قَوْلُهُ صِفَةٌ لِصَلَاتَيْنِ) أَيْ وَأَمَّا الْيَوْمَانِ فَهُمَا إمَّا غَيْرُ مُعَيَّنَيْنِ كَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عَلَيْهِ ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ لَا يَعْلَمُهُمَا وَلَا يَعْلَمُ السَّابِقَ مِنْهُمَا وَإِمَّا مُعَيَّنَيْنِ وَعَرَفَ مَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ السَّابِقَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ كَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ مِنْ يَوْمِ سَبْتٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمِ أَحَدٍ لَكِنْ لَا يَعْلَمُ السَّابِقَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَالْحُكْمُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اتِّفَاقًا وَأَمَّا إنْ عَرَفَ الْيَوْمَيْنِ وَعَرَفَ السَّابِقَ مِنْهُمَا لَكِنْ لَا يَعْرِفُ أَيَّ الصَّلَاتَيْنِ لِأَيِّ يَوْمٍ كَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ وَيَعْلَمَ أَنَّ السَّبْتَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَحَدِ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ مَا الَّذِي لِلسَّبْتِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ وَمَا لِلْأَحَدِ مِنْهُمَا فَهَذِهِ مَحَلُّ خِلَافٍ وَالرَّاجِحُ فِيهَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ يُصَلِّي ظُهْرًا وَعَصْرًا لِلسَّبْتِ مَثَلًا وَظُهْرًا وَعَصْرًا لِلْأَحَدِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ نَاوِيًا كُلَّ صَلَاةٍ لِيَوْمِهَا) أَيْ الَّذِي يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا لَهُ كَانَ الْيَوْمُ

(وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ) فَيَصِيرُ ظُهْرًا بَيْنَ عَصْرَيْنِ أَوْ عَصْرًا بَيْنَ ظُهْرَيْنِ وَهَذَا كَغَيْرِهِ مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْمَبْحَثِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ شَرْطًا وَأَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَلَا يُعِيدُ الْمُبْتَدَأَةَ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يَجِبُ قَبْلَ فِعْلِهَا وَبِالْفَرَاغِ مِنْهَا خَرَجَ وَقْتُهَا (و) إذَا حَصَلَ شَكٌّ مِمَّا سَبَقَ (مَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ) أَيْضًا أَيْ هَلْ كَانَ التَّرْكُ فِي السَّفَرِ فَيَقْصُرُ أَوْ فِي الْحَضَرِ فَيُتِمُّ (أَعَادَ) نَدْبًا (إثْرَ كُلِّ) صَلَاةٍ (حَضَرِيَّةٍ) بَدَأَ بِهَا وَهِيَ مِمَّا يُقْصَرُ (سَفَرِيَّةً) فَإِنْ بَدَأَ بِالسَّفَرِيَّةِ أَعَادَهَا حَضَرِيَّةً وُجُوبًا وَلَا إعَادَةَ فِي صُبْحٍ وَلَا مَغْرِبٍ (و) إنْ نَسِيَ (ثَلَاثًا) مِنْ الصَّلَوَاتِ (كَذَلِكَ) أَيْ مُعَيَّنَاتٍ كَصُبْحٍ وَظُهْرٍ وَعَصْرٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَاتٍ أَمْ لَا وَلَا يَدْرِي السَّابِقَةَ مِنْهَا صَلَّى (سَبْعًا) الثَّلَاثَةُ مُرَتَّبَةٌ وَيُعِيدُهَا ثُمَّ يُعِيدُ الْمُبْتَدَأَةَ لِيُحِيطَ بِحَالَاتِ الشُّكُوكِ وَهِيَ سِتَّةٌ وَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي ذَاتِهِ مُعَيِّنًا لَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا قَالَ الطَّخِّيخِيُّ. (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ ظُهْرًا بَيْنَ عَصْرَيْنِ) أَيْ إنْ بَدَأَ بِالْعَصْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَصْرًا بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ أَيْ إنْ بَدَأَ بِالظُّهْرِ. (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ شَرْطًا) أَيْ وَالْمُصَلِّي لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخَلَّ بِتَرْتِيبِهَا أُمِرَ بِإِعَادَةِ الْمُبْتَدَأَةِ لِأَجْلِ حُصُولِ التَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ وَمَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَسِيَ صَلَاتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي السَّابِقَةَ مِنْهُمَا وَشَكَّ مَعَ ذَلِكَ هَلْ كَانَ التَّرْكُ لَهُمَا فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا حَضَرِيَّةً ثُمَّ سَفَرِيَّةً ثُمَّ عَصْرًا حَضَرِيَّةً ثُمَّ سَفَرِيَّةً ثُمَّ الظُّهْرَ حَضَرِيَّةً ثُمَّ سَفَرِيَّةً وَلَيْسَتْ الْبُدَاءَةُ بِالْحَضَرِيَّةِ مُتَعَيِّنَةً كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَصِحُّ الْعَكْسُ نَعَمْ الْبُدَاءَةُ بِالْحَضَرِيَّةِ مَنْدُوبٌ وَإِعَادَةُ السَّفَرِيَّةِ بَعْدَهَا مَنْدُوبٌ وَأَمَّا إنْ ابْتَدَأَ أَوَّلًا بِالسَّفَرِيَّةِ وَجَبَتْ إعَادَةُ الْحَضَرِيَّةِ لِأَنَّهَا تُجْزِي عَمَّا تَرَتَّبَ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ سَفَرِيَّةً بِخِلَافِ السَّفَرِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَمَّا تَرَتَّبَ فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَتْ حَضَرِيَّةً بَلْ إذَا كَانَتْ سَفَرِيَّةً فَقَطْ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا وَعَصْرًا تَامَّتَيْنِ ثُمَّ مَقْصُورَتَيْنِ ثُمَّ تَامَّتَيْنِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ أَعَادَ نَدْبًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَصْرُ سُنَّةً وَلَا غَرَابَةَ فِي نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِتَرْكِ سُنَّةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَاسْتَشْكَلَ فِي التَّوْضِيحِ هَذِهِ الْإِعَادَةَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَتَمَّ عَمْدًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي وَالْوَقْتُ هُنَا خَرَجَ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحُكْمَ: يُنْدَبُ الْإِعَادَةُ مُرَاعَاةً لِمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ إجْزَاءَ الْحَضَرِيَّةِ عَنْ السَّفَرِيَّةِ خَاصٌّ بِالْوَقْتِيَّةِ وَأَمَّا الْفَائِتَةُ فِي السَّفَرِ فَلَا تُجْزِئُ عَنْهَا الْحَضَرِيَّةُ وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَعِ الْمَنْدُوبِ. (قَوْلُهُ إثْرَ كُلِّ صَلَاةٍ حَضَرِيَّةٍ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لِإِثْرَ بَلْ الْمُرَادُ بَعْدَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِثْرِ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ وَلَوْ عَبَّرَ بِبَعْدَ بَدَلَ إثْرَ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْفَوْرِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةُ تَصْدُقُ بِالتَّرَاخِي. (قَوْلُهُ وَلَا إعَادَةَ فِي صُبْحٍ وَلَا مَغْرِبٍ) أَيْ كَمَا هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُمَا لَا يُقْصَرَانِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِإِعَادَتِهِمَا كَمَا هُوَ قَوْلٌ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا فَائِدَةَ فِيهَا. (قَوْلُهُ صَلَّى سَبْعًا) هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْمُعْتَمَدِ فَيَبْرَأُ بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ وَضَابِطُ مَا يَعْرِفُ بِهِ الصَّلَاةَ الَّتِي تَجِبُ عَلَى النَّاسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْمَنْسِيَّاتِ فِي أَقَلَّ مِنْهَا بِوَاحِدٍ وَتَحْمِلَ عَلَى الْحَاصِلِ بِالضَّرْبِ وَاحِدًا يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ أَوْ تَضْرِبَ عَدَدَهَا فِي مِثْلِهِ ثُمَّ تُنْقِصَ مِنْ حَاصِلِ الضَّرْبِ عَدَدَ الْمَنْسِيَّاتِ إلَّا وَاحِدًا أَوْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْمَنْسِيَّاتِ إلَّا وَاحِدًا فِي مِثْلِهِ وَتَزِيدَ عَلَى حَاصِلِ الضَّرْبِ عَدَدَهَا. (قَوْلُهُ وَهِيَ سِتَّةٌ) أَيْ لِكُلِّ صَلَاةٍ حَالَتَانِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِي الْحَقِيقَةِ حَالَاتُ الشُّكُوكِ سِتَّةٌ أَيْ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ مِنْ الثَّلَاثِ إمَّا مُتَقَدِّمَةٌ وَتَحْتَ هَذَا احْتِمَالَانِ بِالنَّظَرِ لِلصَّلَاتَيْنِ بَعْدَهَا لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَلِيَهَا هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ

لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى هِيَ الصُّبْحُ وَتَلِيهَا الظُّهْرُ فَالْعَصْرُ أَوْ عَكْسُهُ أَيْ يَلِيهَا الْعَصْرُ فَالظُّهْرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى هِيَ الظُّهْرَ وَتَلِيهَا الْعَصْرُ فَالصُّبْحُ أَوْ عَكْسُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى هِيَ الْعَصْرُ وَتَلِيهَا الصُّبْحُ فَالظُّهْرُ أَوْ عَكْسُهُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا طَبِيعِيَّةٌ وَهِيَ صُوَرُ غَيْرِ الْعَكْسِ وَثَلَاثَةٌ غَيْرُ طَبِيعِيَّةٍ وَهِيَ صُوَرُ الْعَكْسِ فَإِذَا صَلَّاهَا مُرَتَّبَةً فَقَدْ حَصَلَتْ صُورَةٌ طَبِيعِيَّةٌ أَوَّلُهَا الصُّبْحُ فَالظُّهْرُ فَالْعَصْر فَإِذَا أَعَادَ الصُّبْحَ حَصَلَتْ صُورَةٌ ثَانِيَةٌ طَبِيعِيَّةٌ لِلظُّهْرِ وَهِيَ ظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَصُبْحٌ فَإِذَا أَعَادَ الظُّهْرَ حَصَلَتْ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ الطَّبِيعِيَّةُ لِلْعَصْرِ وَهِيَ عَصْرٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ وَبِهَا حَصَلَتْ أَيْضًا صُورَةُ الصُّبْحِ الْغَيْرُ الطَّبِيعِيَّةِ وَهِيَ الصُّبْحُ الْأُولَى فَعَصْرٌ فَظُهْرٌ وَبِإِعَادَةِ الْعَصْرِ حَصَلَتْ صُورَةُ الظُّهْرِ الْغَيْرُ الطَّبِيعِيَّةِ وَهِيَ الظُّهْرُ الْأُولَى فَالصُّبْحُ الثَّانِيَةُ فَعَصْرٌ وَبِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَهِيَ السَّابِعَةُ حَصَلَتْ صُورَةُ الْعَصْرِ الْغَيْرُ طَبِيعِيَّةٍ وَهِيَ الْعَصْرُ الْأُولَى فَالظُّهْرُ الثَّانِيَةُ فَالصُّبْحُ الثَّالِثَةُ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّوْجِيهِ فِي قَوْلِهِ (و) إنْ نَسِيَ (أَرْبَعًا) مُعَيَّنَاتٍ كَصُبْحٍ وَظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ وَلَمْ يَدْرِ السَّابِقَةَ مِنْهَا صَلَّى (ثَلَاثَ عَشْرَةَ) صَلَاةً بِأَنْ يُصَلِّيَ الْأَرْبَعَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُرَتَّبَةً وَيُعِيدَ الْمُبْتَدَأَةَ لِيُحِيطَ بِحَالَاتِ الشُّكُوكِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا طَبِيعِيَّةٌ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ غَيْرُ طَبِيعِيَّةٍ إذْ كُلُّ صَلَاةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ مَعَ غَيْرِهَا تَحْتَمِلُ سَبْعَ صُوَرٍ (و) إنْ نَسِيَ (خَمْسًا) كَذَلِكَ صَلَّى (إحْدَى وَعِشْرِينَ) صَلَاةً بِأَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ مُرَتَّبَةً أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيُعِيدَ الْمُبْتَدَأَةَ لِيُحِيطَ بِحَالَاتِ الشُّكُوك وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ خَمْسٌ مِنْهَا عَلَى التَّرْتِيبِ الْأَصْلِيِّ وَالسِّتُّونَ عَلَى خِلَافِهِ إذْ كُلُّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ مَعَ غَيْرِهَا تَحْتَمِلُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ صُورَةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَكْسُ وَإِمَّا مُتَوَسِّطَةٌ وَتَحْتَ هَذِهِ احْتِمَالَانِ لِأَنَّهَا إمَّا مُتَوَسِّطَةٌ مَعَ كَوْنِ هَذِهِ قَبْلَهَا وَهَذِهِ بَعْدَهَا أَوْ الْعَكْسُ وَإِمَّا مُتَأَخِّرَةٌ وَتَحْتَ هَذَا احْتِمَالَانِ أَيْضًا لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الْأُولَى وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ أَوْ الْعَكْسُ فَلِكُلِّ صَلَاةٍ سِتُّ حَالَاتٍ وَلِلثَّلَاثِ صَلَوَاتٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَالًا لَا تُسْتَوْفَى إلَّا بِإِعَادَةِ الثَّلَاثِ وَالْخَتْمِ بِالْمُبْتَدَأَةِ وَلْنُبَيِّنْهُ فِي الصُّبْحِ بَعْدَ وَضْعِهَا هَكَذَا: صُبْحٌ ظُهْرٌ عَصْرٌ صُبْحٌ ظُهْرٌ عَصْرٌ صُبْحٌ فَبِالدَّوْرِ الْأَوَّلِ حَصَلَ لِلصُّبْحِ تَقَدُّمٌ عَلَى ظُهْرٍ ثُمَّ عَصْرٍ وَبِالدَّوْرِ الثَّانِي حَصَلَ لَهَا تَقَدُّمٌ عَلَى عَصْرٍ فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ ثُمَّ ظُهْرٍ فِي الدَّوْرِ الثَّانِي فَهَذَانِ تَقَدُّمَانِ وَحَصَلَ لَهَا فِي الثَّانِي تَوَسُّطٌ بَيْنَ ظُهْرٍ فِي الْأَوَّلِ وَعَصْرٍ فِي الثَّانِي وَحَصَلَ لَهَا أَيْضًا تَوَسُّطٌ بَيْنَ عَصْرٍ فِي الْأَوَّلِ وَظُهْرٍ فِي الثَّانِي فَهَذَانِ تَوَسُّطَانِ وَحَصَلَ لَهَا تَأَخُّرٌ عَنْ ظُهْرٍ وَعَصْرٍ فِي الْأَوَّلِ فَإِذَا خُتِمَ بِهَا فَقَدْ حَصَلَ لَهَا تَأَخُّرٌ عَنْ عَصْرٍ فِي الْأَوَّلِ وَظُهْرٍ فِي الثَّانِي فَهَذَانِ تَأَخُّرَانِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَتْ الصُّبْحُ سِتَّ حَالَاتٍ وَقِسْ عَلَى الصُّبْحِ غَيْرَ هَذَا. حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلًا وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ حَاصِلُهَا إجْمَالًا. (قَوْلُهُ فَإِذَا أَعَادَ الصُّبْحَ) أَيْ فِي أَوَّلِ الدَّوْرِ الثَّانِي وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا أَعَادَ الظُّهْرَ. (قَوْلُهُ وَبِهَا) أَيْ بِإِعَادَةِ الظُّهْرِ حَصَلَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبِإِعَادَةِ الْعَصْرِ) أَيْ فِي الدَّوْرِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَبِإِعَادَةِ الصُّبْحِ) أَيْ فِي أَوَّلِ الدَّوْرِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعًا) فِيهِ حَذْفٌ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ أَيْ وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعًا كَذَلِكَ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُعَيَّنَاتٍ وَلَا يُدْرَى السَّابِقَةُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا طَبِيعِيَّةٌ) وَهِيَ احْتِمَالُ أَوَّلِيَّةِ الصُّبْحِ وَيَلِيهَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَاحْتِمَالُ أَوَّلِيَّةِ الظُّهْرِ وَيَلِيهَا الْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ وَاحْتِمَالُ أَوَّلِيَّةِ الْعَصْرِ وَيَلِيهَا الْمَغْرِبُ وَالصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَاحْتِمَالُ أَوَّلِيَّةِ الْمَغْرِبِ وَيَلِيهَا الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ. (قَوْلُهُ إذْ كُلُّ صَلَاةٍ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ حَالَاتِ الشُّكُوكِ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ تَحْتَمِلُ سَبْعَ صُوَرٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى سِتَّ صُوَرٍ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ أَوَّلِيَّةِ الصُّبْحِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَلِيَهَا الظُّهْرُ وَالْوَاقِعُ بَعْدَهَا أَمَّا الْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ أَوْ الْمَغْرِبُ فَالْعَصْرُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الَّذِي يَلِيهَا الْعَصْرُ وَالْوَاقِعُ بَعْدَهَا الْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ أَوْ الظُّهْرُ فَالْمَغْرِبُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الَّذِي يَلِيهَا الْمَغْرِبُ وَالْوَاقِعُ بَعْدَهَا الظُّهْرُ فَالْعَصْرُ أَوْ الْعَصْرُ فَالظُّهْرُ فَهَذِهِ احْتِمَالَاتٌ سِتٌّ لِلصُّبْحِ وَكَذَا لِكُلِّ صَلَاةٍ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الْأَرْبَعِ الْمُحْتَمَلُ احْتِمَالَاتٌ سِتَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَالْجُمْلَةُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ احْتِمَالًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ طَبِيعِيَّةٌ وَعِشْرُونَ غَيْرُ طَبِيعِيَّةٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ خَمْسًا كَذَلِكَ) أَيْ مُعَيَّنَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَدْرِي السَّابِقَةَ مِنْ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ (قَوْلُهُ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسِتُّونَ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ الْخَمْسَةِ وَقَوْلُهُ إذْ كُلُّ صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ مَعَ غَيْرِهَا تَحْتَمِلُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ صُورَةً لَعَلَّ الْأَوْلَى

مُطْلَقًا وَلَمْ يَدْرِ السَّابِقَةَ صَلَّاهُمَا وَأَعَادَ الْأُولَى وَثَلَاثًا كَذَلِكَ صَلَّاهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعَادَ الْأُولَى وَأَرْبَعًا كَذَلِكَ صَلَّاهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَعَادَ الْأُولَى وَخَمْسًا صَلَّاهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَأَعَادَ الْأُولَى لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَبَرَاءَةُ الذِّمَّةِ تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْفَوَائِتِ مَرَّةً وَالرَّاجِحُ عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ ثُمَّ تَمَّمَ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا صَلَّى سِتًّا إلَى آخِرِ الْمَسَائِلِ وَكَانَ ضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ وَاحِدَةً فِي الْمَنْسِيِّ زَادَهَا عَلَى الْخَمْسِ الثَّابِتَةِ لِلْوَاحِدَةِ بِقَوْلِهِ (وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةٍ مِنْ يَوْمٍ) وَلَيْلَةٍ (لَا يَعْلَمُ الْأُولَى) مِنْهَا وَلَا سَبْقَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ (سَبْعًا) مُرَتَّبَةً بِزِيَادَةِ وَاحِدَةٍ عَلَى السِّتِّ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ عُهْدَةِ الشُّكُوكِ فَإِنْ بَدَأَ بِالصُّبْحِ خَتَمَ بِالظُّهْرِ (و) إنْ نَسِيَ (أَرْبَعًا) مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَدْرِي الْأُولَى وَلَا سَبْقَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ صَلَّى (ثَمَانِيًا) فَيَزِيدُ وَاحِدَةً عَلَى السَّبْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحْتَمِلُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ أَوَّلِيَّةُ الصُّبْحِ مَثَلًا فَالْوَاقِعُ بَعْدَهَا إمَّا الظُّهْرُ أَوْ الْعَصْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ أَوْ الْعِشَاءُ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْوَاقِعَ بَعْدَهَا الظُّهْرُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلِيَهَا الْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ فَالْعِشَاءُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلِيَهَا الْمَغْرِبُ فَالْعِشَاءُ فَالْعَصْرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلِيَهَا الْعِشَاءُ فَالْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِإِعَادَةٍ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى فِعْلِهَا أَوَّلًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَمَّمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ يُصَلِّي خَمْسًا وَأَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا يُصَلِّي سِتًّا إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ وَفِي ثَالِثَتِهَا وَرَابِعَتِهَا وَخَامِسَتِهَا كَذَلِكَ يُثَنِّي بِالْمَنْسِيِّ شَرَعَ فِي تَتْمِيمِ ذَلِكَ وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ ثُمَّ تَمَّمَ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةً مُؤَخَّرٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَحَقُّهُ أَنْ يَصِلَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا صَلَّى سِتًّا لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ وَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ خَرَّجَهُ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يُشَبِّهَ بِقَوْلِهِ صَلَّى سِتًّا قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفِي ثَالِثَتِهَا وَرَابِعَتِهَا وَخَامِسَتِهَا كَذَلِكَ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ. (قَوْلُهُ مُرَتَّبَةٍ) أَيْ مُتَوَالِيَةٍ وَمُتَلَاصِقَةٍ وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ وَفِي ثَالِثَتِهَا وَرَابِعَتِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) فِيهِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ ثَلَاثًا فَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ تَكُونَ كُلُّهَا نَهَارِيَّةً أَوْ بَعْضُهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ وَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا كَانَ جَازِمًا بِأَنَّ بَعْضَهَا مِنْ النَّهَارِ وَبَعْضَهَا مِنْ اللَّيْلِ إلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ سَبْقُ النَّهَارِ عَلَى اللَّيْلِ أَوْ الْعَكْسُ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ هُنَا وَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ وَأَرْبَعًا وَخَمْسًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا سَبْقُ اللَّيْلِ) أَيْ وَلَا يُعْلَمُ سَبْقُ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ وَلَا عَكْسُهُ. (قَوْلُهُ سَبْعًا) أَيْ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةَ مِنْ الثَّلَاثِ خَمْسًا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْنِ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ بِزِيَادَةِ وَاحِدَةٍ عَلَى السِّتِّ) أَيْ الَّتِي لِلْمَنْسِيَّةِ وَثَانِيَتُهَا. (قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ) بِهَا أَيْ بِتِلْكَ السَّبْعَةِ مِنْ عُهْدَةِ الشُّكُوكِ أَيْ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا صُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا ظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ فَلَا تَتِمُّ الْإِحَاطَةُ بِهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الْخَمْسَةِ فِي التَّرْتِيبِ إلَّا بِصَلَاتِهَا سَبْعًا هَكَذَا نَزَّلَهُ عَلَى هَذَا صُبْحٌ ظُهْرٌ عَصْرٌ مَغْرِبٌ عِشَاءٌ صُبْحٌ ظُهْرٌ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ عَلِمَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَجَهِلَ السَّابِقَ صَلَّى سِتًّا فَإِنْ عَلِمَ بِالسَّابِقِ بَدَأَ فِي أَرْبَعٍ فَعَالِمُ سَبْقِ النَّهَارِ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَعَالِمُ سَبْقِ اللَّيْلِ يَبْدَأُ بِالْمَغْرِبِ فَإِنْ جَوَّزَ مَعَ عِلْمِهِ بِالسَّابِقِ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يَكُونُ إلَّا النَّهَارَ صَلَّى خَمْسًا يَبْدَأُ بِالصُّبْحِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ أَرْبَعًا) أَيْ مُتَوَالِيَةً. (قَوْلُهُ صَلَّى ثَمَانِيًا) أَيْ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الْأَرْبَعِ خَمْسًا وَلِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَنْسِيَّاتِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ثَلَاثَةٌ تُزَادُ عَلَى الْخَمْسَةِ. (قَوْلُهُ فَيَزِيدُ وَاحِدَةً عَلَى السَّبْعِ) أَيْ

[فصل حكم سجود السهو وما يتعلق به]

(و) إنْ نَسِيَ (خَمْسًا) كَذَلِكَ صَلَّى (تِسْعًا) فَيَزِيدُ وَاحِدَةً عَلَى الثَّمَانِيَةِ [دَرْسٌ] فَصْلٌ يُذْكَرُ فِيهِ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَالسَّهْوُ الذُّهُولُ عَنْ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَوْ نُبِّهَ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ لَتَنَبَّهَ وَالنِّسْيَانُ هُوَ الذُّهُولُ عَنْ الشَّيْءِ لَكِنْ لَا يَتَنَبَّهُ لَهُ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ وَأَعْقَبَهُ لِلْفَصْلِ السَّابِقِ لِجَامِعِ الذُّهُولِ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ الذُّهُولَ هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْبَعْضِ وَبَدَأَ بِحُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (سُنَّ لِسَهْوٍ) مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ وَلَوْ حُكْمًا كَالْقَاضِي بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ السَّهْوُ بَلْ (وَإِنْ تَكَرَّرَ) مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي سَجْدَتَانِ اللَّاتِي أَيْ سُنَّ سَجْدَتَانِ لِأَجْلِ سَهْوٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ وَيَجُوزُ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي سُنَّ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْوُجُوبِ عِنْدَ التَّكَرُّرِ (بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ) دَاخِلَ الصَّلَاةَ مُحَقَّقًا أَوْ مَشْكُوكًا فِي حُصُولِهِ أَوْ شَكَّ فِيمَا حَصَلَ هَلْ هُوَ نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ (أَوْ) بِنَقْصِ سُنَّةٍ وَلَوْ لِغَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ (مَعَ زِيَادَةِ) وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي لِلْمَنْسِيَّاتِ الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِصَلَاةِ ثَمَانِيَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَنْسِيَّاتُ الْأَرْبَعُ صُبْحًا فَظُهْرًا فَعَصْرًا فَمَغْرِبًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ ظُهْرًا فَعَصْرًا فَمَغْرِبًا فَعِشَاءً وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَلَا يَسْتَوْفِي هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ إلَّا بِصَلَاةِ ثَمَانِيَةٍ نَزَّلَهُ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ صُبْحٌ فَظُهْر فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ خَمْسًا كَذَلِكَ) أَيْ مُتَوَالِيَةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَعْلَمُ الْأَوْلَى وَلَا سَبْقَ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ وَلَا عَكْسَهُ. (قَوْلُهُ صَلَّى تِسْعًا) أَيْ لِأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ الْخَمْسِ خَمْسًا وَمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ فَلِمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ التِّسْعُ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ الْمَنْسِيَّةَ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا صُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا ظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا عِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَلَا يَسْتَوْفِي هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ إلَّا بِتِسْعِ صَلَوَاتٍ فَنَزَلَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ صُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَعِشَاءٌ فَصُبْحٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْخَمْسَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَعَلِمَ الْمُتَقَدِّمَ مِنْهَا اكْتَفَى بِخَمْسٍ وَابْتَدَأَ بِالْمَغْرِبِ إنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ وَبِالصُّبْحِ إنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ [فَصْلٌ حُكْمُ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (فَصْلٌ سُنَّ لِسَهْوٍ) . (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَوْ نُبِّهَ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ الشَّيْءِ قَدْ زَالَ مِنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهِ فِي الْحَافِظَةِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَتَنَبَّهُ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ الشَّيْءِ قَدْ زَالَ مِنْ الْمُدْرِكَةِ وَالْحَافِظَةِ مَعًا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الذُّهُولَ هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْبَعْضِ) أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ تَعَلَّقَ بِكُلِّ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ سُنَّ لِسَهْوٍ) أَرَادَ بِهِ مُوجِبَ السُّجُودِ لِيَشْمَلَ الطُّولَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي لِمَ يُشْرَعْ فِيهِ الطُّولُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهُ وَلَا سَهْوَ هُنَا بَلْ هُوَ عَمْدٌ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُنِّيَّةِ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ بِوُجُوبِ الْقَبْلِيِّ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ) أَيْ السَّهْوُ بِمَعْنَى مُوجِبِ السُّجُودِ وَقَوْلُهُ مِنْ نَوْعٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ السَّهْوِ الْمُتَكَرِّرِ مِنْ نَوْعٍ كَزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ أَيْ كَزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ. (قَوْلُهُ أَيْ سُنَّ سَجْدَتَانِ) أَيْ لَا أَكْثَرُ لِأَجْلِ سَهْوٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ أَيْ قَبْلَ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ أَمَّا إنْ كَانَ التَّكَرُّرُ بَعْدَ السُّجُودِ فَإِنَّ السُّجُودَ يَتَكَرَّرُ كَمَا إذَا سَجَدَ الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ الْقَبْلِيِّ ثُمَّ سَهَا فِي قَضَائِهِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ الثَّانِي وَلَا يَجْتَزِئُ بِسُجُودِهِ السَّابِقِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ تَكَلَّمَ الْمُصَلِّي بَعْدَ سُجُودِهِ الْقَبْلِيِّ وَقَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ أَيْضًا وَكَذَا إذَا سَجَدَ الْقَبْلِيَّ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ أَمَّا الْبَعْدِيُّ إذَا سَجَدَهُ ثَلَاثًا فَلَا يَسْجُدُ لَهُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ بِنَقْصٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِسَهْوٍ أَيْ سُنَّ سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ لِأَجْلِ سَهْوٍ مُلْتَبِسٍ بِنَقْصِ سُنَّةٍ وَتَلَبُّسُهُ بِنَقْصِ السُّنَّةِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ وَهُوَ مُسَبَّبٌ عَنْهُ وَإِضَافَةُ نَقْصٍ إلَى سُنَّةٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ بِنَقْصِ الْمُصَلِّي سُنَّةً أَوْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ لِأَنَّ نَقَصَ يَأْتِي لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا. (قَوْلُهُ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ دَاخِلَةٍ الصَّلَاةَ) وَأَمَّا الْمُؤَكَّدَةُ الْخَارِجَةُ عَنْهَا كَالْإِقَامَةِ فَلَا يَسْجُدُ لِنَقْصِهَا فَإِنْ سَجَدَ لَهَا قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ السُّنَّةُ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ وَكَانَتْ دَاخِلَةً فِيهَا فَلَا يَسْجُدُ لَهَا فَإِنْ سَجَدَ لَهَا قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِتَكْبِيرَةٍ وَيَدْخُلُ فِي السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ الْفَاتِحَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ فَإِذَا

مُحَقَّقًا وَالثَّانِي مَشْكُوكًا (سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ) فِي الصُّوَرِ السَّبْعِ وَيَسْجُدُهُ بِالْجَامِعِ وَغَيْرِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (و) يَسْجُدُهُ (بِالْجَامِعِ) الَّذِي صَلَّى فِيهِ (فِي الْجُمُعَةِ) الْمُتَرَتِّبِ نَقْصُهُ فِيهَا كَمَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَ إمَامٍ رَكْعَةً وَقَامَ لِلْقَضَاءِ فَسَهَا عَنْ السُّورَةِ مَثَلًا وَلَا يَسْجُدُهُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُعَدُّ طُولًا وَإِنَّمَا الطُّولُ بِالْعُرْفِ وَتَسْمِيَتُهُ حِينَئِذٍ قَبْلِيًّا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ وَاقِعٌ بَعْدَهُ وَأَمَّا السُّجُودُ الْبَعْدِيُّ مِنْ الْجُمُعَةِ فَيَسْجُدُهُ فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ (وَأَعَادَ) مَنْ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ (تَشَهُّدَهُ) بَعْدَهُ اسْتِنَانًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ وَلَا يَدْعُو فِيهِ وَهَذِهِ إحْدَى مَوَاضِعَ لَا يُطْلَبُ فِي تَشَهُّدِهَا الدُّعَاءُ وَمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَلَوْ فِي فَرْضٍ أَوْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ وَهُوَ فِي تَشَهُّدِ نَافِلَةٍ وَمَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الدُّعَاءِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَعَادَ أَنَّ الْقَبْلِيَّ يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّشَهُّدِ بَلْ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالدُّعَاءِ ثُمَّ مَثَّلَ لِنَقْصِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ بِقَوْلِهِ (كَتَرْكِ جَهْرٍ) لِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَلَوْ مَرَّةً وَأَوْلَى مَعَ سُورَةٍ أَوْ بِسُورَةٍ فَقَطْ فِي رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِيهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ وَأَتَى بَدَلَهُ بِأَدْنَى السِّرِّ فَإِنْ أَتَى بِأَعْلَاهُ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ فَلَا سُجُودَ كَمَا يَأْتِي (و) تَرْكُ (سُورَةٍ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ (بِفَرْضٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQسَهَا عَنْهَا فِي أَقَلِّ الصَّلَاةِ وَأَتَى بِهَا فِي جُلِّهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ لَهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ. (قَوْلُهُ مُحَقِّقًا) أَيْ ذَلِكَ النَّقْصَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ) أَيْ كَتَكْبِيرَةٍ وَقَوْلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ أَيْ كَقِيَامِهِ مَعَ ذَلِكَ لِخَامِسَةٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ النَّقْصَ مَعَ الزِّيَادَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْقُوصِ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ سَجْدَتَانِ) فَلَا تُجْزِئُ الْوَاحِدَةُ فَلَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ سَجَدَ الْأُخْرَى وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَتَمْتَنِعُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ زَادَ عَلَيْهِمَا قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا وَخَالَفَ اللَّخْمِيُّ فِي الْقَبْلِيِّ فَقَالَ إنْ سَجَدَ ثَلَاثًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَكْفِي عَنْ السَّجْدَتَيْنِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ فَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ سُجُودٌ قَبْلِيٌّ غَيْرُ مُبْطِلٍ تَرَكَهُ أَوْ بَعْدِيٌّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ لَمْ تُجْزِهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ عَنْ ذَلِكَ السُّجُودِ لِتَرَتُّبِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ السُّجُودِ بَعْدَهَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَقَوْلُ الذَّخِيرَةِ تَرْقِيعُ الصَّلَاةِ بِالسُّجُودِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهَا وَإِعَادَتُهَا لِلْعَمَلِ فَقَدْ حَمَلُوا أَوْلَى فِيهِ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ وَبَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَدُعَائِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَيَكْفِيه لَهُ وَلِلصَّلَاةِ تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُهُ بِالْجَامِعِ وَغَيْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ أَوْ أَقَلَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُعَدُّ طُولًا وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ. (قَوْلُهُ وَبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ) مِثْلُ الْجَامِعِ رَحْبَتُهُ وَالطُّرُقُ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا وَلَوْ انْتَفَى الضِّيقُ وَاتِّصَالُ الصُّفُوفِ. (قَوْلُهُ فَسَهَا عَنْ السُّورَةِ) أَيْ ثُمَّ سَلَّمَ وَتَذَكَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ فَلَا يَسْجُدُهُ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَسْجُدُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَلْ يَرْجِعُ لَهُ وَيَسْجُدُ فِيهِ فَإِنْ سَجَدَهُ فِي غَيْرِهِ كَانَ كَتَرْكِهِ فَيَفْصِلُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ إنْ طَالَ بِالْعُرْفِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا بُطْلَان مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ أَوْ غَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي سُجُودُهُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ كَالزَّوَايَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ بَعْدَهُ اسْتِنَانًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ مِنْ عَدَمِ إعَادَةِ التَّشَهُّدِ وَلِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ إعَادَتَهُ مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَثَّلَ لِنَقْصِ السُّنَّةِ) أَيْ الْمُوجِبِ لِلسُّجُودِ الْقَبْلِيِّ. (قَوْلُهُ كَتَرْكِ جَهْرٍ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ تَرْكَ كُلِّ مَا كَانَ مُؤَكَّدًا مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ الثَّمَانِيَةَ عَشْرَ غَيْرِ السِّرِّ فَالْمُؤَكَّدَةُ ثَمَانِيَةٌ السِّرُّ وَالسُّورَةُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ وَالتَّكْبِيرُ غَيْرُ الْإِحْرَامِ وَالتَّسْمِيعُ وَالْجَهْرُ وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ فَتَرْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ لَكِنَّ تَرْكَ السِّرِّ وَإِبْدَالَهُ بِالْجَهْرِ يَسْجُدُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَمَا عَدَاهُ يَسْجُدُ لَهُ قَبْلُ. (قَوْلُهُ فِي رَكْعَتَيْنِ) أَيْ لَا فِي رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ فِيهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ وَتَرْكُهَا لَا يُوجِبُ سُجُودًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ فِيهَا بَعْضُ سُنَّةٍ خَفِيفَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْجَهْرَ سُنَّةٌ فِي مَحَلِّهِ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ وَأَتَى بَدَلَهُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ

لَا نَفْلٍ قَيْدٌ فِيهِمَا (و) تَرْكُ لَفْظِ (تَشَهُّدَيْنِ) وَأَتَى بِالْجُلُوسِ تَأَمَّلْ وَإِلَّا فَتَرْكُهُ مَرَّةً مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَيُتَصَوَّرُ تَرْكُ تَشَهُّدَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ فِي اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ (وَإِلَّا) يَكُنْ بِنَقْصٍ فَقَطْ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ بَلْ تَمَخَّضَتْ الزِّيَادَةُ (فَبَعْدَهُ) أَيْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ مَا لَمْ تَكْثُرْ الزِّيَادَةُ وَإِلَّا أُبْطِلَتْ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ مَثَّلَ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكَةِ فَأَحْرَى الْمُحَقَّقَةُ بِقَوْلِهِ (كَمُتِمِّ) صَلَاتِهِ (لِ) أَجْلِ (شَكٍّ) هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا مَثَلًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَيَشْمَلُ الْوَهْمَ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ السُّنَنِ فَمَنْ تَوَهَّمَ تَرْكَ تَكْبِيرَتَيْنِ مَثَلًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَنَّ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ ظَنِّ الْإِتْيَانِ بِالْفَرَائِضِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْعُهْدَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَبْرِ وَالسُّجُودِ (و) ك (مُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ كَتَرْكِ جَهْرٍ . (قَوْلُهُ تَأَمَّلْ) إنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَرْكُ تَشَهُّدَيْنِ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِالْجُلُوسِ كَانَ مَاشِيًا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَكُونُ لِتَرْكِهِمَا وَلَا يَسْجُدُ لِوَاحِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ أَتَى بِالْجُلُوسِ فَتَرْكُهُ مَرَّةً مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوْلَى اتِّفَاقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ لَهُ سُنَّةٌ فَإِذَا تَرَكَهُمَا مَرَّةً سَجَدَ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَتَى بِالْجُلُوسِ وَتَرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَوْلَانِ بِالسُّجُودِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ السُّجُودُ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ الْمَتْرُوكَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَرْكُ تَشَهُّدَيْنِ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ تَرْكُ الْجُلُوسِ لَهُمَا أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَرَكَ تَشَهُّدًا وَالْجُلُوسَ لَهُ لَا يَسْجُدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يَسْجُدُ اتِّفَاقًا وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِالْجُلُوسِ لَهُمَا وَتَرَكَهُمَا كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا يَكُونُ لِتَرْكِهِمَا لَا لِتَرْكِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ وَيُتَصَوَّرُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ سُجُودٌ قَبْلِيٌّ لِتَرْكِ تَشَهُّدَيْنِ لِأَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ التَّشَهُّدَيْنِ يَتَضَمَّنُ ذِكْرُهُ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ قَبْلَ السَّلَامِ وَمَتَى ذَكَرَهُ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يَعْقِلُ السَّهْوَ عَنْ التَّشَهُّدَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ فِي اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِأُمِّ التَّشَهُّدَاتِ وَذَاتِ الْجَنَاحَيْنِ وَهِيَ مَا إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ لِرُعَافٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ غَسْلِهِ يَأْتِي بِالثَّالِثَةِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ نَفْسِهِ ثُمَّ يَأْتِي بِالرَّابِعَةِ كَذَلِكَ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا آخِرَةُ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْضِي الْأُولَى بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ فِيهَا وَيُسَلِّمُ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ أَرْبَعُ تَشَهُّدَاتٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ بَلْ تَمَخَّضَتْ الزِّيَادَةُ) أَيْ وَكَانَتْ مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا. (قَوْلُهُ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ الْوَاجِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ أَوْ السُّنِّيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ وَالسَّلَامُ السُّنِّيُّ يَشْمَلُ تَسْلِيمَةَ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الْمَأْمُومِينَ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكْثُرْ الزِّيَادَةُ) سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِ غَيْرِ الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ نِسْيَانًا وَيَطُولُ أَوْ كَانَتْ مِنْ أَفْعَالِ غَيْرِ الصَّلَاةِ مِثْلُ أَنْ يَنْسَى كَوْنَهُ فِي صَلَاةٍ فَيَأْكُلَ وَيَشْرَبَ مَعًا أَوْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَقْوَالُ غَيْرَ فَرَائِضَ كَالسُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ السُّورَةِ مَعَ السُّورَةِ الَّتِي تَلِيهَا مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلَا سُجُودَ فِيهِ وَلَا بُطْلَانَ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَقْوَالُ فَرَائِضَ كَالْفَاتِحَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِتَكْرَارِهَا إنْ كَانَ التَّكْرَارُ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَكَانَ سَهْوًا وَأَمَّا لَوْ كَرَّرَهَا عَمْدًا فَلَا سُجُودَ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مَعَ الْإِثْمِ وَمِنْ تَكْرَارِهَا الَّذِي جَرَى فِيهِ مَا تَقَدَّمَ إعَادَتُهَا لِأَجْلِ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ. (قَوْلُهُ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ) هَذَا إذَا شَكَّ قَبْلَ السَّلَامِ وَأَمَّا إنْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَقَالَ الْهَوَّارِيُّ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ الْأَوَّلِ وَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ الطَّارِئِ بَعْدَ السَّلَامِ وَقِيلَ إنَّهُ يُؤَثِّر وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِ) شَكٍّ أَشَارَ إلَى أَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُتِمٍّ أَيْ مُتِمٍّ صَلَاتَهُ لِأَجْلِ وُجُودِ شَكٍّ وَتَحَقُّقِهِ فَوُجُودُهُ وَتَحَقُّقُهُ مُوجِبٌ لِلْإِتْمَامِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِتْمَامُهُ لِأَجْلِ دَفْعِ شَكٍّ لَا لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُتِمٍّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُتِمُّ شَكَّهُ أَيْ يَزِيدُ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ) أَيْ فَلَوْ بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ بَطَلَتْ وَلَوْ ظَهَرَ الْكَمَالُ حَيْثُ سَلَّمَ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ. (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الْمَأْتِيِّ بِهِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَحَقَّقَ سَلَامَةَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ تَرْكِ قِرَاءَتِهِمَا وَالْجُلُوسِ بَعْدَهُمَا وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ لِمَا أَتَى بِهِ وَالنُّقْصَانُ أَيْ نَقْصُ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ أَوْ نَقْصُ الْجُلُوسِ أَوْ الرُّكُوعِ مِنْ الْأُولَيَيْنِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي) أَيْ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَتَوَهَّمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَمِلَ عَلَى الْوَهْمِ فَيَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَيَشْمَلُ الْوَهْمَ تَبِعَ فِيهِ عج وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ الشَّكَّ عَلَى حَقِيقَتِهِ خِلَافًا لعج. (قَوْلُهُ وَمُقْتَصِرٌ عَلَى شَفْعٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْرِ

فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَمَّا كَانَ الِاقْتِصَارُ لَيْسَ عِلَّةً لِلسُّجُودِ بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلزِّيَادَةِ وَجْهٌ مَعَ أَنَّهُ بِصَدَدِ التَّمْثِيلِ لَهَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (شَكَّ أَهُوَ بِهِ) أَيْ فِي ثَانِيَتِهِ (أَوْ بِوَتْرٍ) فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ فِي قُوَّةِ الْعِلَّةِ أَيْ لِشَكِّهِ إلَخْ أَيْ أَنَّ مَنْ شَكَّ كَذَلِكَ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الشَّفْعِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ بِأَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ هِيَ ثَانِيَةَ شَفْعِهِ وَيَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ لِشَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى شَفْعَهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَمِثْلُهُ مُقْتَصِرٌ عَلَى عِشَاءٍ مَثَلًا شَكَّ هَلْ هُوَ فِي آخِرَتِهَا أَوْ فِي الشَّفْعِ وَمُقْتَصِرٌ عَلَى ظُهْرٍ شَكَّ هَلْ هُوَ بِهِ أَوْ بِعَصْرٍ فَالسُّجُودُ لِلزِّيَادَةِ (أَوْ) (تَرْكُ سِرٍّ بِفَرْضٍ) كَظُهْرٍ لَا نَفْلٍ وَإِتْيَانٌ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْجَهْرِ بِفَاتِحَةٍ أَوْ مَعَ سُورَةٍ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَلَا سُجُودَ (أَوْ) (اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ) أَيْ كَثُرَ مِنْهُ بِأَنْ يَعْتَرِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَكِنْ لَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ بَلْ يَبْنِي عَلَى التَّمَامِ وُجُوبًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهِيَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ كَعَمِيَ أَيْ أَعْرَضَ (عَنْهُ) إذْ لَا دَوَاءَ لَهُ مِثْلُ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَإِنْ أَصْلَحَ بِأَنْ أَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ لَمْ تَبْطُلْ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ شَبَّهَ بِمَا يَسْجُدُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ قَوْلُهُ (كَطُولٍ) عَمْدًا (بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ) الطُّولُ كَالْقِيَامِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَشَرَعَ فِي الْوَتْرِ أَوْ هُوَ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ شَفْعِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ إلَى الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى الشَّفْعَ ثَلَاثًا وَهَذَا أَيْ سُجُودُهُ بَعْدَ السَّلَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَالتَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ مَعَهُ نَقْصٌ السَّلَامُ وَالزِّيَادَةُ الْمَشْكُوكَانِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَكَمُتِمٍّ لِشَكٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ فِي قُوَّةِ الْعِلَّةِ) أَيْ فَقَوْلُهُ وَكَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَهُوَ جَعْلُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَيْ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَلِلسُّجُودِ أَيْضًا بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ حَيْثُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ مُتِمٌّ لِشَكٍّ الَّذِي جُعِلَ تَمْثِيلًا لِمَا يَسْجُدُ لَهُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ شَكَّ هَلْ هُوَ بِهِ إلَخْ فِي قُوَّةِ الْعِلَّةِ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ هَلْ هُوَ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ أَوْ فِي الْوَتْرِ. (قَوْلُهُ فَالسُّجُودُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَجْعَلُ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لِلْعِشَاءِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالسُّجُودُ هُنَا لِلزِّيَادَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرَّكْعَةُ مِنْ الشَّفْعِ أَضَافَهَا لِلْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ . (قَوْلُهُ أَوْ تَرْكُ سِرٍّ) أَيْ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ وَأُولَى مَعَ السُّورَةِ أَوْ فِي سُورَةٍ فَقَطْ فِي رَكْعَتَيْنِ لَا فِي رَكْعَةٍ لِأَنَّهَا فِيهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ فَلَا يَسْجُدُ لَهَا. (قَوْلُهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ) أَيْ وَهُوَ إسْمَاعُ نَفْسِهِ وَمَنْ يَلِيه. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ اسْتِحْبَابًا قَالَ شب وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ الْبَغْدَادِيِّينَ وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُطْلِقُونَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ هَذَا جَارِيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ بَلْ يَبْنِي عَلَى التَّمَامِ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا بَنَى عَلَى أَرْبَعَةٍ وُجُوبًا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ حَيْثُ بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَا مُوجِبَ لِلسُّجُودِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكِحُ هُوَ أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا بِأَنْ يَشُكَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَوْ لَا أَوْ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَلَا يَتَيَقَّنُ شَيْئًا يَبْنِي عَلَيْهِ وَحُكْمُهُ أَنْ يُلَهَّى عَنْهُ وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ بَلْ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كَمَا فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلُهِّيَ عَنْهُ وَالشَّكُّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ كَمَنْ شَكَّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَوْ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَوْ لَا فَهَذَا يُصْلِحُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْإِتْيَانِ بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ إلَخْ فَإِنْ بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ بَطَلَتْ وَلَوْ ظَهَرَ الْكَمَالُ حَيْثُ سَلَّمَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ وَالسَّهْوُ الْمُسْتَنْكِحُ هُوَ الَّذِي يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَهُوَ أَنْ يَسْهُوَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيَصْلُحُ؛ وَالسَّهْوُ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هُوَ الَّذِي لَا يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَحُكْمُهُ أَنْ يُصْلِحَ وَيَسْجُدَ حَسْبَمَا سَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ سُنَّ لِسَهْوٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّاهِي وَالشَّاكِّ أَنَّ الْأَوَّلَ يَضْبِطُ مَا تَرَكَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَصْلَحَ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا كَمَا فِي ح لَمْ تَبْطُلْ وَذَلِكَ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِعْرَاضَهُ عَنْ شَكِّهِ تَرْخِيصٌ لَهُ وَقَدْ رَجَعَ لِلْأَصْلِ. (قَوْلُهُ كَطُولٍ عَمْدًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ اسْتِظْهَارَ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِيهِ وَأَمَّا التَّطْوِيلُ سَهْوًا فَالسُّجُودُ بِاتِّفَاقٍ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى مَنْ شَكَّ فِي

السَّجْدَتَيْنِ وَالْمُسْتَوْفِزُ لِلْقِيَامِ عَلَى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ بِأَنْ زَادَ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةِ زِيَادَةً بَيِّنَةً (عَلَى الْأَظْهَرِ) مِنْ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا التَّطْوِيلُ سَهْوًا فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ فَالسُّجُودُ لَهُ بِاتِّفَاقٍ فَإِنْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ يُشْرَعُ فِيهِ كَقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ (وَإِنْ) ذَكَرَهُ (بَعْدَ شَهْرٍ) أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ (بِإِحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةٍ وُجُوبًا شَرْطًا (وَتَشَهُّدٍ) اسْتِنَانًا كَتَكْبِيرِ هُوِيٍّ وَرَفْعٍ (وَسَلَامٍ) وُجُوبًا غَيْرُ شَرْطٍ (جَهْرًا) اسْتِنَانًا وَأَمَّا الْقَبْلِيُّ فَإِنْ أَتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ فَالسَّلَامُ لِلصَّلَاةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِأَنَّهُ دَاخِلُهَا بِخِلَافِ لَوْ أَخَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَمَهَّلَ لِيَتَذَكَّرَ مَا سَهَا عَنْهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ سَهْوًا أَكْمَلَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُطَوِّلْ فِي تَمَهُّلِهِ فَإِنْ طَالَ فَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَى السُّجُودَ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ يَرَاهُ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فَرَأَى عَلَيْهِ السُّجُودَ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ، وَعَدَمَهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ يَشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ اهـ وَهَذَا إذَا طَوَّلَ مُتَفَكِّرًا لِأَجْلِ شَكٍّ حَصَلَ عِنْدَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ وَأَمَّا لَوْ طَوَّلَ فِيمَا لَا يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ عَبَثًا أَوْ لِلتَّذَكُّرِ فِي شَيْءٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِصَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَالسُّجُودُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْحَدِّ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ السُّجُودِ إذَا طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ كَمَا إذَا طَوَّلَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُ التَّطْوِيلِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمِنْ السُّجُودِ زِيَادَةً عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ وَعَلَى الزَّائِدِ عَلَيْهَا اسْتِنَانًا فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ فَقَطْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ كَتَطْوِيلِ الْجِلْسَةِ الْأُولَى فَإِنَّ تَرْكَ التَّطْوِيلِ فِيهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَا سُجُودَ لِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ السُّجُودُ مُقَيَّدًا بِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ يَكُونُ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ لَا بَعْدَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ السُّجُودَ مَنُوطٌ بِالطُّولِ بِالْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعُ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَضَمَّنَ تَرْكَ سُنَّةٍ فَتَضَمُّنُ تَرْكِ السُّنَّةِ شَرْطٌ فِي كَوْنِ الطُّولِ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ وَلَيْسَ السُّجُودُ لِتَرْكِ السُّنَّةِ كَذَا أَجَابَ عبق وَأَجَابَ بْن بِأَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ وُجُودِيَّةٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَقْصٌ وَالسُّنَّةُ هُنَا عَدَمِيَّةٌ فَتَرْكُهَا زِيَادَةٌ لَا نَقْصٌ فَلِذَا كَانَ السُّجُودُ بَعْدِيًّا. (قَوْلُهُ بِأَنْ زَادَ) تَصْوِيرٌ لِلطُّولِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْحَدِّ فَيَسْجُدَ اهـ خش وَالْمُرَادُ أَنَّهُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ طَوَّلَ فِيهِ عَبَثًا أَوْ لِتَذَكُّرِ شَيْءِ فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ قَالَهُ عج قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَيَسْجُدُ. (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ أَيْ وَإِلَّا فَيَسْجُدُ بَعْدَهُ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ التَّأْخِيرُ بِالشَّهْرِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّهْرِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ أَوْ إنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا أَوْ مَعَ مَا عُطِفَتْ أَيْ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ تَأْخِيرِهِ مُدَّةً مَا عَنْ الصَّلَاةِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ مَتَى مَا ذَكَرَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ وَإِلَّا مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ فَإِذَا كَمَّلَهَا سَجَدَ وَلَا يُفْسِدُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَتْ صَاحِبَةُ ذَلِكَ السُّجُودِ جُمُعَةً. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى سُنَّتَيْنِ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ لَا يُؤْتَى بِهِ مَعَ الطُّولِ وَالْبَعْدِيُّ يُؤْتَى بِهِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبَعْدِيَّ لِتَرْغِيمِ أَنْفِ الشَّيْطَانِ وَالْقَبْلِيَّ جَابِرٌ وَالتَّرْغِيمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ وَالْجَابِرُ حَقُّهُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْمَجْبُورِ أَوْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَلِيلًا. (قَوْلُهُ غَيْرُ شَرْطٍ) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْطُلُ السُّجُودُ بِتَرْكِهِ وَأَحْرَى تَرْكُ التَّشَهُّدِ أَوْ تَكْبِيرِ الْهُوِيِّ أَوْ الرَّفْعِ بَلْ لَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ وَسَجَدَ وَتَرَكَ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَكْبِيرٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا فِي خش. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ دَاخِلُهَا) أَيْ فَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ مُنْسَحِبَةٌ عَلَيْهِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَتَى بِالسَّجْدَتَيْنِ ذَاهِلًا عَنْ كَوْنِهِ سَاجِدًا لِلسَّهْوِ لَصَحَّتْ وَمَا فِي عبق مِنْ احْتِيَاجِ الْقَبْلِيِّ لِنِيَّةٍ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ

(وَصَحَّ) السُّجُودُ مِنْ حَيْثُ هُوَ (إنْ) (قَدَّمَ) بَعْدِيَّةً (أَوْ أَخَّرَ) قَبْلِيَّةً فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إلَّا أَنَّ تَعَمُّدَ التَّقْدِيمِ حَرَامٌ وَتَعَمُّدَ التَّأْخِيرِ مَكْرُوهٌ (لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ) بِأَنْ يَأْتِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ مَعَ نَقْصٍ عِنْدَ انْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ لِلْمَشَقَّةِ (وَيُصْلِحُ) إنْ أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ كَسَهْوٍ عَنْ سَجْدَةٍ بِرَكْعَةٍ أُولَى مَثَلًا تَذَكَّرَهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا فَلْيَرْجِعْ جَالِسًا لِلْإِتْيَانِ بِهَا ثُمَّ إذَا قَامَ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِصْلَاحُ بِأَنْ عَقَدَ الرُّكُوعَ مِنْ الَّتِي تَلِيهَا انْقَلَبَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ هَذَا فِي الْفَرْضِ وَأَمَّا فِي السُّنَنِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِصْلَاحُ كَأَنْ كَانَ عَادَتُهُ تَرْكَ التَّشَهُّدِ الْوَسَطِ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ مُفَارِقَتِهِ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ رَجَعَ لِلْإِتْيَانِ كَغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ وَإِلَّا فَقَدْ فَاتَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ (أَوْ) (شَكَّ هَلْ سَهَا) عَنْ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَمْ لَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ (أَوْ) شَكَّ (هَلْ سَلَّمَ) أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ انْحَرَفَ اسْتَقْبَلَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ وَإِنْ طَالَ لَا جِدًّا أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ بَنَى بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ (أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً) عُطِفَ عَلَى اسْتَنْكَحَهُ أَيْ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ سَجَدَ وَاحِدَةً أُخْرَى لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ (فِي) أَيِّ سَبَبٍ (شَكِّهِ فِيهِ) أَيْ فِي سُجُودِ سَهْوِهِ (هَلْ سَجَدَ) لَهُ (اثْنَتَيْنِ) وَوَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ ثَانِيًا مُرَادُهُ أَنَّ مَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ قَبْلِيًّا كَانَ أَوْ بَعْدِيًّا فَسَجَدَ لَهُ ثُمَّ شَكَّ هَلْ شَكُّهُ سَجَدَ لَهُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ فَيَأْتِي بِالثَّانِيَةِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ ثَانِيًا لِهَذَا الشَّكِّ إذْ لَوْ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لَهُ لَأَمْكَنَ أَنْ يَشُكَّ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهُوِيِّ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُقَدِّمُ لَهُ الْمَأْمُومَ دُونَ إمَامِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ لَا مَسْبُوقٌ وَقَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّةً أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُؤَخِّرُ لِلْقَبْلِيِّ مَأْمُومًا بِأَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ فِي مَحَلِّهِ وَيُؤَخِّرَهُ الْمَأْمُومُ وَلَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ فَهَلْ يُقَدِّمُهُ الْمَأْمُومُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ تَبَعًا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّةً) أَيْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْقَائِلِ إنَّ السُّجُودَ دَائِمًا قَبْلِيٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّةً أَيْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْقَائِلِ بِبَعْدِيَّةِ السُّجُودِ دَائِمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ رُفِعَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ فَقِيلَ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ مُطْلَقًا وَقِيلَ قَبْلَهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالتَّخْيِيرِ وَقِيلَ إنْ كَانَ النَّقْصُ خَفِيفًا كَالسِّرِّ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ سَجَدَ بَعْدَهُ كَالزِّيَادَةِ وَإِلَّا فَقَبْلَهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ عَنْ زِيَادَةٍ فَبَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ فَقَطْ أَوْ نَقْصٍ وَزِيَادَةٍ فَقَبْلَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعَلَيْهِ لَوْ قُدِّمَ الْبَعْدِيُّ أَوْ أُخِّرَ الْقَبْلِيُّ صَحَّ مُرَاعَاةً لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَقْوَالِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ تَعَمُّدَ التَّقْدِيمِ حَرَامٌ) أَيْ لِإِدْخَالِهِ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْتِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً) أَيْ وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ سَهَا. (قَوْلُهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) أَيْ مُطْلَقًا أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ أَمْ لَا وَانْظُرْ مَا حُكْمُ سُجُودِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ قَبْلِيًّا وَالثَّانِي إنْ كَانَ بَعْدِيًّا كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَالَ عج فَلَوْ سَجَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ مُعْتَمِدًا أَوْ جَاهِلًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالسُّجُودِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْهُ أَوَّلًا لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِسُجُودِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ هَذَا فِي الْفَرْضِ) أَيْ هَذَا بَيَانٌ لِإِمْكَانِ الْإِصْلَاحِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ سَهْوًا فَرْضًا. (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي السُّنَنِ) أَيْ وَأَمَّا بَيَانُ إمْكَانِ الْإِصْلَاحِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ سُنَّةً. (قَوْلُهُ كَغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ) ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا يَفُوتُ الْإِصْلَاحُ بِمُفَارَقَتِهِ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَوْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا وَلَيْسَ هُوَ كَغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ الَّذِي يَفُوتُ إصْلَاحُهُ بِذَلِكَ . (قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ شَكَّ هَلْ سَهَا فَزَادَ رَكْعَةً أَوْ نَقَصَ سُورَةً مَثَلًا أَوْ لَمْ يَسْهُ أَصْلًا (قَوْلُهُ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ) أَيْ فَتَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّفَكُّرُ قَلِيلًا أَوْ طَالَ لِأَنَّ الشَّكَّ بِانْفِرَادِهِ لَا يُوجِبُ سُجُودَ سَهْوٍ وَتَطْوِيلُ التَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ سُجُودٌ لَكِنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَإِلَّا سَجَدَ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ إنْ قَرُبَ) أَيْ ذَلِكَ السَّلَامُ مِنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ طَالَ) أَيْ شَكُّهُ جِدًّا بِحَيْثُ بَعُدَ الْأَمْرُ مِنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ بِإِحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةٍ. (قَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ أَيْ أَوْ أَتَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ هَلْ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِشَكِّهِ أَيْ وَصُورَةُ شَكِّهِ هَلْ إلَخْ فَقَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً بَيَانٌ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِصُورَةِ

فَيَتَسَلْسَلُ وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لَهُ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لَا فَيَسْجُدُهُمَا وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ (أَوْ) (زَادَ) عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ (سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ) أَوْ سُورَةً أُخْرَى فِي أُولَيَيْهِ (أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ) قَبْلَ تَمَامِهَا (لِغَيْرِهَا) فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِخَارِجٍ عَنْ الصَّلَاةِ وَكُرِهَ تَعَمُّدُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفْتَتِحَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي صَلَاةٍ شُرِعَ فِيهَا التَّطْوِيلُ (أَوْ) (قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ) غَلَبَةً فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا فَإِنْ ازْدَرَدَهُ سَهْوًا تَمَادَى وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَفِي بُطْلَانِهَا بِغَلَبَةِ ازْدِرَادِهِ قَوْلَانِ (وَلَا) يَسْجُدُ (ل) تَرْكِ (فَرِيضَةٍ) لِعَدَمِ جَبْرِهَا بَلْ يَأْتِي بِهَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أَلْغَى الرَّكْعَةَ بِتَمَامِهَا وَأَتَى بِغَيْرِهَا عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَا) لِتَرْكِ سُنَّةٍ (غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ) وَبَطَلَتْ إنْ سَجَدَ لَهَا قَبْلَ السَّلَامِ (كَتَشَهُّدٍ) أَيْ كَتَرْكِ لَفْظِهِ وَأَتَى بِالْجُلُوسِ لَهُ وَإِلَّا سَجَدَ قَطْعًا وَالْمُعْتَمَدُ السُّجُودُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ (و) لَا سُجُودَ فِي (يَسِيرِ جَهْرٍ) فِي سِرِّيَّةٍ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ فَقَطْ (أَوْ) يَسِيرِ (سِرٍّ) فِي جَهْرِيَّةٍ وَالْمُرَادُ أَعْلَى السِّرِّ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ فِيهَا فَقَطْ (و) لَا فِي (إعْلَانٍ) أَوْ إسْرَارٍ (بِكَآيَةٍ) فِي مَحَلِّ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ (و) لَا فِي (إعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ لَهُمَا) أَيْ لِلْجَهْرِ أَوْ السِّرِّ أَيْ أَعَادَهَا لِأَجْلِ تَحْصِيلِ سُنِّيَّتِهَا مِنْ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ إنْ كَانَ قَرَأَهَا عَلَى خِلَافِ سُنِّيَّتِهَا كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ لِعَدَمِ فَوَاتِ مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ إلَى أَنَّهُ إنْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ وَكَذَا إنْ كَرَّرَهَا سَهْوًا ـــــــــــــــــــــــــــــQشَكِّهِ إذْ لَيْسَتْ الْوَاحِدَةُ مَشْكُوكًا فِيهَا أَيْ أَنَّ الْحُكْمَ إذَا شَكَّ هَلْ سَجَدَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ وَاحِدَةً وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَيَتَسَلْسَلُ) أَيْ فَإِذَا تَسَلْسَلَ حَصَلَتْ لَهُ الْمَشَقَّةُ الْكُبْرَى وَلَا نَقُلْ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّ التَّسَلْسُلَ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقَرِّ لَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ وَلَمْ يَسْجُدْ لَهُ أَصْلًا . (قَوْلُهُ أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ) أَيْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِطَلَبِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَيْضًا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ السُّجُودِ إذَا زَادَ السُّورَةَ فِي أُخْرَيَيْهِ وَدَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ زَادَ سُورَةً فِي إحْدَى أُخْرَيَيْهِ لَا سُجُودَ اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ شُرِعَ فِيهَا التَّطْوِيلُ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيَنْتَقِلَ إلَى سُورَةٍ طَوِيلَةٍ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ طَاهِرًا يَسِيرًا) فَإِنْ كَانَ نَجِسًا أَوْ كَثِيرًا بَطَلَتْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَرَجَ غَلَبَةً وَكَذَا إنْ كَانَ طَاهِرًا يَسِيرًا وَازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ ازْدَرَدَهُ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ غَلَبَةً. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ كَذَا فِي خش وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْبُطْلَانُ . (قَوْلُهُ وَلَا لِفَرِيضَةٍ) عُطِفَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ اسْتَنْكَحَهُ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ أَيْ لَا يَسْجُدُ لِاسْتِنْكَاحِ السَّهْوِ وَلَا لِفَرِيضَةٍ وَيَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى سُنَّةٍ مِنْ قَوْلِهِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ أَيْ سُنَّ لِسَهْوٍ سَجْدَتَانِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ لَا لِفَرِيضَةٍ وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ الْفَاتِحَةَ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الْكُلِّ. (قَوْلُهُ وَلَا لِتَرْكِ سُنَّةٍ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ) أَيْ كَتَكْبِيرَةٍ أَوْ تَسْمِيعَةٍ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَرَكَهَا بِمُفْرَدِهَا وَأَمَّا لَوْ تَرَكَهَا مَعَ زِيَادَةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ. (قَوْلُهُ كَتَشَهُّدٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ لِلتَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ إذَا جَلَسَ لَهُ نَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَلَّابِ وَجَعَلَهُ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ الْمَذْهَبَ وَهُوَ بِخِلَافِ مَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ وَإِنْ جَلَسَ لَهُ وَصَرَّحَ ابْنُ جُزَيٍّ والْهَوَّارِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَعَلَى السُّجُودِ لَهُ اقْتَصَرَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ح وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ طَرِيقَتَيْنِ أَظْهَرُهُمَا السُّجُودُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ السُّجُودُ) أَيْ لِتَرْكِ لَفْظِ التَّشَهُّدِ إذَا جَلَسَ لَهُ أَيْ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُ بِاللَّفْظِ الْمَخْصُوصِ سُنَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ وَيَسِيرُ جَهْرٍ أَوْ سِرٍّ) مَعْنَاهُ لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ جَهَرَ خَفِيفًا فِي السِّرِّيَّةِ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه وَلَا عَلَى مَنْ أَسَرَّ خَفِيفًا فِي الْجَهْرِ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ فَقَطْ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ وَكَذَا هُوَ فِي ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَكَذَا قَرَّرَ عج فَقَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ أَيْ اقْتَصَرَ فِي الْجَهْرِيَّةِ عَلَى يَسِيرِ الْجَهْرِ وَفِي السِّرِّيَّةِ عَلَى يَسِيرِ السِّرِّ وَنُسِبَ ذَلِكَ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمُتَابَعَةُ عبق لَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَهْمٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ بِكَآيَةٍ) الْكَافُ وَاقِعَةٌ فِي مَحَلِّهَا مُدْخَلَةٌ لِلْإِعْلَانِ بِآيَتَيْنِ فَهُوَ مِثْلُ الْإِعْلَانِ بِآيَةٍ عَلَى الظَّاهِرِ وَانْظُرْ هَلْ الثَّلَاثُ كَذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَلَيْسَتْ مُؤَخَّرَةً مِنْ تَقْدِيمٍ وَإِنَّ الْأَصْلَ وَكَإِعْلَانٍ فَتَكُونُ مُدْخَلَةً لِلْإِسْرَارِ بِآيَةٍ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِعْلَانَ بِآيَتَيْنِ لَيْسَ كَالْإِعْلَانِ بِآيَةٍ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ إعَادَتِهَا. (قَوْلُهُ إلَى أَنَّهُ إنْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ لِذَلِكَ) أَيْ أَوْ أَعَادَهَا مَعَ السُّورَةِ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ هَذَا هُوَ الَّذِي فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ لَا يَسْجُدُ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا كَالْأَوَّلِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَرَّرَهَا) أَيْ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بِخِلَافِ السُّورَةِ وَمِنْهُ إعَادَتُهَا لِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْفَاتِحَةِ وَلَا

(و) لَا سُجُودَ (ل) تَرْكِ (تَكْبِيرَةٍ) وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرِ الْعِيدِ (وَفِي) سُجُودِهِ فِي (إبْدَالِهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ (بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) سَهْوًا حَالَ هُوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ (أَوْ عَكْسِهِ) بِأَنْ كَبَّرَ حَالَ رَفْعِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ نَقَصَ وَزَادَ وَعَدَمُ سُجُودِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقِصْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَلَمْ يَزِدْ مَا تُوجِبُ زِيَادَتُهُ السُّجُودَ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا أَبْدَلَ فِي أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ كَمَا أَفَادَهُ بِأَوْ وَأَمَّا إنْ أَبْدَلَ فِيهِمَا مَعًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَطْعًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَحَلُّهُمَا أَيْضًا إذَا فَاتَ التَّدَارُكُ بِأَنْ تَلَبَّسَ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَلِيه فَإِنْ لَمْ يَفُتْ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ [دَرْسٌ] (وَلَا) سُجُودَ عَلَى إمَامٍ (لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ) مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ لِيَمِينِهِ مِنْ خَلْفِهِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ لِقَضِيَّةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (و) لَا سُجُودَ ل (إصْلَاحِ رِدَاءٍ) سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ (أَوْ) إصْلَاحِ (سُتْرَةٍ سَقَطَتْ) وَنُدِبَ الْإِصْلَاحُ فِيهِمَا إنْ خَفَّ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَبَطَلَتْ إنْ انْحَطَّ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ (أَوْ) (كَمَشْيِ صَفَّيْنِ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعَوَّلُ عَلَى مَا فِي خش هُنَا وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ كَرَّرَ أُمَّ الْقُرْآنِ عَمْدًا وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ . (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ فَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِهَا بَطَلَتْ إنْ كَانَ ذَلِكَ السُّجُودُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ تَكْبِيرَةٍ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ وَلَا لِغَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ عَنْهُ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْعِيدِ) أَيْ وَأَمَّا تَكْبِيرَةُ الْعِيدِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكٍ فَيَسْجُدُ وَاحِدَةً فَأَكْثَرَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يَتَرَتَّبُ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ عَلَى نَقْصِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ تَكْبِيرِ الْعِيدِ كَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ السُّجُودُ الْبَعْدِيُّ عَلَى زِيَادَتِهَا أَمَّا السُّجُودُ لِلنَّقْصِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَكْبِيرِ الْعِيدِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ اهـ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ مَنْ سَهَا فِي الْعِيدِ فَزَادَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ حَالَ هُوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَبْدَلَ إحْدَى تَكْبِيرَتَيْ السُّجُودِ خَفْضًا أَوْ رَفْعًا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَأَمَّا إذَا أَبْدَلَهُمَا مَعًا بِهَا سَجَدَ اتِّفَاقًا كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَقَصَ) أَيْ مَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ مِنْ التَّكْبِيرِ فِي حَالَةِ الْهُوِيِّ وَالتَّسْمِيعِ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَزَادَ فِي الْأُولَى التَّسْمِيعَ وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ التَّكْبِيرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ اجْتِمَاعَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَزِدْ مَا تُوجِبُ زِيَادَتُهُ السُّجُودَ) أَيْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَهَا قَوْلِيَّةٌ وَهِيَ لَا تُوجِبُ سُجُودًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ نَظَرَ لِكَوْنِهِ نَقَصَ وَزَادَ وَالثَّانِي نَظَرَ لِكَوْنِ الزِّيَادَةِ قَوْلِيَّةً. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا خِلَافٌ وَاقِعٌ فِي الْمَذْهَبِ لَا أَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْ شُرَّاحِهَا فِي فَهْمِهَا إذْ لَا تَأْوِيلَ فِي كَلَامِهَا هَذَا وَالْأَقْوَى مِنْهُمَا عَدَمُ السُّجُودِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَطْعًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ لِنَقْصِهِ سُنَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَلَبَّسَ بِالرُّكْنِ) أَيْ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَوَاتُ التَّدَارُكِ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالسُّجُودِ . (قَوْلُهُ وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ) عُطِفَ عَلَى لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَيْ لَا سُجُودَ عَلَى الْمُصَلِّي إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَلَا سُجُودَ عَلَى إمَامٍ لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ وَفِيهِ أَنَّ الْإِدَارَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَكُونُ فِي فِعْلِ أَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ السُّجُودُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ النَّقْلَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لَهَا مِنْهَا مَا هُوَ مَطْلُوبٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ إلَى قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ إلَى قَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ. (قَوْلُهُ لِقَضِيَّةِ ابْنِ عَبَّاسٍ) أَيْ حَيْثُ قَامَ عَلَى يَسَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدَارَهُ عَنْ يَسَارِهِ لِيَمِينِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ لِإِصْلَاحِ رِدَاءٍ عَنْ ظَهْرِهِ) بَلْ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إذَا أَصْلَحَهُ وَهُوَ جَالِسٌ بِأَنْ يَمُدَّ يَدَهُ يَأْخُذُهُ عَنْ الْأَرْضِ وَيُصْلِحُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَائِمًا يَنْحَطُّ لِذَلِكَ فَثَقِيلٌ كُرِهَ أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ إذَا كَانَ مَرَّةً وَإِلَّا أَبْطَلَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ وَأَمَّا الِانْحِطَاطُ لِأَخْذِ عِمَامَةٍ أَوْ لِقَلْبِ مَنْكِبٍ فَمُبْطِلٌ وَلَوْ مَرَّةً لِأَنَّ الْعِمَامَةَ لَا تَصِلُ لِرُتْبَةِ الرِّدَاءِ فِي الطَّلَبِ إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ لَهَا كَمَا فِي عبق فَلَا تَبْطُلُ بِالِانْحِطَاطِ لِأَخْذِهَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ جَالِسًا بِالْأَرْضِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ قَائِمًا وَأَرَادَ أَنْ يَنْحَطَّ لَهُمَا فَلَا يُنْدَبُ الْإِصْلَاحُ بَلْ يُكْرَهُ كَرَاهَةً ثَقِيلَةً. (قَوْلُهُ أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي النَّقْلِ جَوَازُ الْمَشْيِ لِلسُّتْرَةِ وَلِذَهَابِ الدَّابَّةِ وَدَفْعِ الْمَارِّ إنْ قَرُبَ وَالْقُرْبُ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ سَوَاءٌ كَانَ صَفَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَالتَّحْدِيدُ بِكَالصَّفَّيْنِ إنَّمَا ذُكِرَ فِي الْفُرْجَةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّحْدِيدِ فِي الْجَمِيعِ بِكَالصَّفَّيْنِ خِلَافُ النَّقْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّ الْقُرْبَ فِي الْعُرْفِ قَدْرُ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي النَّقْلِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ وَهُوَ مَشْيٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَتَدْخُلُ الثَّلَاثَةُ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ إبْقَاءٌ الْكَافِ دَاخِلَةً عَلَى الْمُضَافِ فَتَدْخُلُ مَا أَشْبَهَ الْمَشْيَ مِنْ الْفِعْلِ

الثَّلَاثَةَ (لِسُتْرَةٍ) يَسْتُرُ بِهَا مَسْبُوقٌ سَلَّمَ إمَامُهُ وَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ (أَوْ) لِأَجَلِ (فُرْجَةٍ) فِي صَفٍّ يَسُدُّهَا (أَوْ) لِأَجْلِ (دَفْعِ مَارٍّ) بَيْنَ يَدَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَرِيمَ الْمُصَلِّي يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَإِلَّا فَلَا يَمْشِي بَلْ يَرُدُّهُ وَهُوَ مَكَانَهُ وَيُشِيرُ لَهُ إنْ كَانَ بَعِيدًا (أَوْ) لِأَجْلِ (ذَهَابِ دَابَّتِهِ) لِيَرُدَّهَا فَإِنْ بَعُدَتْ قَطَعَهَا وَطَلَبَهَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَإِلَّا تَمَادَى إنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهَا ضَرَرٌ وَدَابَّةُ الْغَيْرِ كَذَلِكَ وَالْمَالُ كَالدَّابَّةِ (وَإِنْ) كَانَ الْمَشْيُ كَالصَّفَّيْنِ فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ (بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةً) بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بِظَهْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِدْبَارَ مُضِرٌّ (و) لَا سُجُودَ فِي (فَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ) الْإِمَامُ فِي قِرَاءَتِهِ وَطَلَبَ الْفَتْحَ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِأَنْ انْتَقَلَ لِآيَةٍ أُخْرَى كُرِهَ الْفَتْحُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَإِلَّا وَجَبَ الْفَتْحُ (و) لَا فِي (سَدِّ فِيهِ) أَيْ فَمِهِ بِيَدِهِ (لِتَثَاؤُبٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَمُثَلَّثَةٍ وَهُوَ مَنْدُوبٌ وَكُرِهَتْ الْقِرَاءَةُ حَالَ التَّثَاؤُبِ وَأَجْزَأَتْهُ إنْ فُهِمَتْ وَإِلَّا أَعَادَهَا فَإِنْ لَمْ يُعِدْهَا أَجْزَأَتْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْفَاتِحَةَ (و) لَا فِي (نَفْثٍ) أَيْ بُصَاقٍ بِلَا صَوْتٍ (بِثَوْبٍ) أَوْ غَيْرِهِ (لِحَاجَةٍ) بِأَنْ امْتَلَأَ فَمُهُ بِالْبُصَاقِ وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ كَانَ بِصَوْتٍ بَطَلَتْ لِعَمْدِهِ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ (كَتَنَحْنُحٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَسِيرِ كَغَمْزٍ أَوْ حَكٍّ وَالْأَوْلَى مُلَاحَظَةُ دُخُولِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَتَدْخُلُ الْأَمْرَيْنِ وَانْظُرْ إذَا حَصَلَ مَشْيٌ لِكُلٍّ مِنْ السُّتْرَةِ وَالْفُرْجَةِ كَمَسْبُوقٍ مَشَى لِفُرْجَةٍ ثُمَّ لِسُتْرَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج اغْتِفَارُ ذَلِكَ وَعَدَمُ السُّجُودِ لَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي إصْلَاحِ الرِّدَاءِ وَإِصْلَاحِ السُّتْرَةِ اهـ كَلَامُهُ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اغْتِفَارِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فَلَا يَضُرُّ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ غَيْرُ الْخَارِجِ مِنْهُ وَاَلَّذِي يَقِفُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَيُشِيرُ لَهُ إنْ كَانَ بَعِيدًا) أَيْ وَلَا يَمْشِي لِرَدِّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا مَشَى إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَشَارَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ ذَهَابُ دَابَّتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ) أَيْ الدَّابَّةُ. (قَوْلُهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) أَيْ الضَّرُورِيُّ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا ذَهَبَتْ وَبَعُدَتْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَيَطْلُبَهَا إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَكَانَ ثَمَنُهَا يُجْحَفُ بِهِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ قَلَّ ثَمَنُهَا فَلَا يَقْطَعُهَا إلَّا إذَا كَانَ يَخَافُ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ بِمَفَازَةٍ وَإِلَّا قَطَعَهَا وَغَيْرُ الدَّابَّةِ مِنْ الْمَالِ يَجْرِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَيْ وَأَجْحَفَ ثَمَنُهَا بِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ قَلَّ ثَمَنُهَا تَمَادَى أَيْ وَإِنْ ذَهَبَتْ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهَا ضَرَرٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي تَرْكِهَا ضَرَرٌ كَمَا لَوْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَيَطْلُبُهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِجَنْبٍ) أَيْ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. (قَوْلُهُ أَوْ قَهْقَرَةً) قِيلَ صَوَابُهُ قَهْقَرَى بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ لَا بِتَائِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ بِظَهْرِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ وَجْهَهُ مُسْتَقْبِلٌ لِلْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ مُضِرٌّ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِدْبَارُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ فَيَجُوزُ لَهُ فِيهَا أَنْ يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّفِّ وَالصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا إلَّا بِالِاسْتِدْبَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِدْبَارَ لِعُذْرٍ مُغْتَفَرٌ وَالْعُذْرُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الدَّابَّةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا . (قَوْلُهُ وَفَتَحَ عَلَى إمَامِهِ) قِيلَ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى إمَامِهِ بَلْ مِثْلُهُ الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ مُصَلٍّ آخَرَ أَخْذًا بِمَفْهُومِ مَا يَأْتِي وَقِيلَ إنَّهُ إنْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ بَطَلَتْ وَهُوَ مَفْهُومُ مَا هُنَا وَارْتَضَى عج وَبَعْضُهُمْ مَفْهُومَ مَا هُنَا وَارْتَضَى الشَّيْخُ سَالِمٌ مَفْهُومَ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ فِي فَتْحٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ الْفَتْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ وَطَلَبَ الْفَتْحَ) أَيْ بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي قِرَاءَتِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ انْتَقَلَ لِآيَةٍ أُخْرَى) أَيْ أَوْ وَقَفَ وَسَكَتَ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ فِي قِرَاءَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُفْتَحْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَتَفَكَّرُ فِيمَا يَقْرَأُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ الْفَتْحُ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَقَفَ أَوْ لَمْ يَقِفْ فَإِنْ تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَرَأَ لَهُ الْعَجْزُ عَنْ رُكْنٍ وَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ تَارِكِ الْفَتْحِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ائْتَمَّ بِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَمْ لَا لَا نَصَّ. (قَوْلُهُ لِتَثَاؤُبٍ) أَيْ وَأَمَّا سَدُّهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا لِتَثَاؤُبٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَلَا سُجُودَ وَلَا بُطْلَانَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا إذَا كَانَ السَّدُّ بِغَيْرِ بَاطِنِ الْيُسْرَى لَا إنْ كَانَ بِهِ فَيَكْرَهُ لِمُلَابَسَتِهِ النَّجَاسَةَ وَلَيْسَ التُّفْلُ عَقِبَ التَّثَاؤُبِ مَشْرُوعًا وَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَتْفُلُ عَقِبَ التَّثَاؤُبِ فَلِاجْتِمَاعِ رِيقٍ عِنْدَهُ إذْ ذَاكَ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ بِأَنْ امْتَلَأَ فَمُهُ) أَيْ وَهُوَ جَائِزٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ بِصَوْتٍ كَمَا فِي المج وَلَا سُجُودَ فِيهِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَكَرِهَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَفِي لُزُومِ السُّجُودِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَوْلَانِ اُنْظُرْ بْن، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ أَيْ الْبُصَاقُ الَّذِي لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِصَوْتٍ، وَقَوْلُهُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ سُجُودِهِ حِينَئِذٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُصَاقَ فِي الصَّلَاةِ إمَّا لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِصَوْتٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ كَانَ بِصَوْتٍ أَوْ لَا وَلَا سُجُودَ فِيهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ صَوْتٍ كَانَ مَكْرُوهًا وَفِي لُزُومِ السُّجُودِ لَهُ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ بِصَوْتٍ بَطَلَتْ إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَإِنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا لَا مَأْمُومًا لِحَمْلِ الْإِمَامِ لَهُ (قَوْلُهُ كَتَنَحْنُحٍ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِحَاجَةٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا سُجُودَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَأَمَّا إذَا تَنَحْنَحَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بَلْ عَبَثًا هَلْ يَكُونُ كَالْكَلَامِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي

لِحَاجَةٍ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالصَّلَاةِ فِيهِ فَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ (وَالْمُخْتَارُ) (عَدَمُ الْإِبْطَالِ) لِصَلَاتِهِ (بِهِ) أَيْ بِالتَّنَحْنُحِ (لِغَيْرِهَا) أَيْ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ (و) لَا سُجُودَ فِي (تَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ) أَيْ لِحَاجَةٍ تَعَلَّقَتْ بِإِصْلَاحِهَا أَمْ لَا بِأَنْ تَجَرَّدَ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَثَلًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ» وَمَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ فَيَشْمَلُ النِّسَاءَ وَلِذَا قَالَ (وَلَا يُصَفِّقْنَ) (وَ) لَا سُجُودَ فِي (كَلَامٍ) قَلَّ عَمْدًا (لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ) لِإِمَامٍ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَانَ الْكَلَامُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمَأْمُومِ أَوْ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَفْهَمْ إلَّا بِهِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَنَشَأَ شَكُّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ لَا مِنْ نَفْسِهِ فَلَا سُجُودَ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ مِنْ جِهَةِ زِيَادَةِ السَّلَامِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَطَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُخْتَصَرِ أَوْ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا وَلَا سُجُودَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ إلَخْ وَالتَّنَخُّمُ كَالتَّنَحْنُحِ (قَوْلُهُ لِحَاجَةٍ) فَسَّرَ ابْنُ عَاشِرٍ الْحَاجَةَ بِضَرُورَةِ الطَّبْعِ قَالَ الْمَازِرِيُّ التَّنَحْنُحُ لِضَرُورَةِ الطَّبْعِ وَأَنِينُ الْوَجَعِ مُغْتَفَرٌ وَأَنْقَالُ ح تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاجَةِ الِاحْتِيَاجُ لِلتَّنَحْنُحِ لِرَفْعِ بَلْغَمٍ مِنْ رَأْسِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ لِتِلْكَ الْحَاجَةِ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ بِأَنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ إلَّا إذَا تَنَحْنَحَ لِرَفْعِ الْبَلْغَمِ وَهُوَ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْحَاجَةُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالصَّلَاةِ كَتَسْمِيعِهِ بِهِ إنْسَانًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ. (قَوْلُهُ فَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ) أَيْ وَلَا بُطْلَانَ فِي عَمْدِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَبَثًا وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَلَّ وَإِلَّا أُبْطِلَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ . (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ فِي تَسْبِيحِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ) أَيْ بَلْ وَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ سَبَّحَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْبِيحِ وَكَذَا لَوْ أَبْدَلَهُ لَهُ نَحْوَ بِحَوْقَلَةٍ أَوْ تَهْلِيلٍ كَمَا فِي عبق وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ لِحَاجَةٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ تَعَلَّقَتْ بِإِصْلَاحِهَا) أَيْ كَمَا لَوْ جَلَسَ الْإِمَامُ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُومُ سُبْحَانَ اللَّهِ لِيُنَبِّهَهُ عَلَى سَهْوِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَجَرَّدَ لِلْإِعْلَامِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قَرَعَ إنْسَانٌ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ لَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ سُبْحَانَ اللَّهِ لِيُنَبِّهَهُ عَلَى أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ اللَّفْظَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَذَكَرَ قَصْدَ التَّفْهِيمِ بِهِ بِمَحَلِّهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَى مَا عَدَا التَّسْبِيحَ أَخْذًا مِمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ وَلَا يُصَفِّقْنَ) فِيهِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ أَوْ امْرَأَةٍ أَنْ يَقُولَ وَلَا تُصَفِّقُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَبَّرَ بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْجِنْسُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْأَةِ جِنْسُ الْمَرْأَةِ الْمُصَلِّيَةِ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يُصَفِّقْنَ بِضَمِيرِ جَمْعِ النِّسْوَةِ مُرَادًا مِنْهُ الْمُصَلِّيَةُ مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَصِيغَةُ الْجَمْعِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ فِي حَقِيقَتِهَا ثُمَّ إنَّ النَّهْيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْكَرَاهَةِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ بِنَدْبِهِ لِلنِّسَاءِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهَا الْجَهْرُ بِالتَّسْبِيحِ وَكُرِهَ لَهَا الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ وَكَلَامٌ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا فَحَصَلَ كَلَامٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمَأْمُومِ أَوْ مِنْهُمَا لِأَجْلِ إصْلَاحِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ لِإِصْلَاحِهَا الْمَأْمُومَ فَيُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكْثُرَ الْكَلَامُ فَإِنْ كَثُرَ بَطَلَتْ وَالثَّانِي أَنْ يَتَوَقَّفَ التَّفْهِيمُ عَلَى الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ لِإِصْلَاحِهَا صَادِرًا مِنْ الْإِمَامِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ أَمْرَانِ أَيْضًا أَنْ يُسَلِّمَ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ وَأَنْ لَا يَطْرَأَ لَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ شَكٌّ فِي نَفْسِهِ بِأَنْ لَا يَحْصُلَ لَهُ شَكٌّ أَصْلًا أَوْ يَحْصُلَ لَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا سُجُودَ فِيهِ وَلَا بُطْلَانَ بِهِ سَوَاءٌ وَقَعَ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَهُ كَأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَفْقَهْ بِالتَّسْبِيحِ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَ بَقِيَّتَهُمْ فَصَدَّقُوهُ أَوْ زَادَ أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْجُلُوسِ وَلَمْ يَفْقَهْ بِالتَّسْبِيحِ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَكَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَاسَةً فَدَنَا مِنْهُ وَأَخْبَرَهُ كَلَامًا لِعَدَمِ فَهْمِهِ بِالتَّسْبِيحِ وَكَالْمُسْتَخْلِفِ بِالْفَتْحِ سَاعَةَ دُخُولِهِ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِمَا صَلَّاهُ الْإِمَامُ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ عَدَدِ مَا صَلَّى إذَا لَمْ يَفْقَهْ بِالْإِشَارَةِ، إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى عَدَمِ السُّجُودِ فِي الْكَلَامِ بَعْدَ السَّلَامِ لِإِصْلَاحِهَا رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ السَّلَامِ لِإِصْلَاحِهَا لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ كَذَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ لَا يَكُونُ بِنَفْيِ السُّجُودِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِثْبَاتِ الْجَوَازِ بِأَنْ يَقُولَ وَجَازَ كَلَامٌ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفْهَمْ إلَّا بِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْإِفْهَامُ يَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ التَّسْبِيحِ فَعَدَلَ عَنْهُ لِصَرِيحِ الْكَلَامِ فَالْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ فِيهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ لَا مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ نَشَأَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ نَفْسِهِ

(وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ) لَا فَذٌّ وَلَا مَأْمُومٌ (لِعَدْلَيْنِ) مِنْ مَأْمُومِيهِ أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ فَشَكَّ فِي ذَلِكَ وَأَوْلَى إنْ ظَنَّ صِدْقَهُمَا فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمَا بِالتَّمَامِ وَلَا يَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ (إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ) خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ التَّمَامِ فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا رَجَعَ لِيَقِينِهِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا وَلَا لِأَكْثَرَ (إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ لَا بِقَيْدِ الْعَدَالَةِ (جِدًّا) بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمْ مَعَ تَيَقُّنِهِ خِلَافَهُ وَأَوْلَى مَعَ شَكِّهِ أَخْبَرُوهُ بِالنَّقْصِ أَوْ بِالتَّمَامِ بَلْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَأْمُومِينَ حِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْمَأْمُومُ فِي خَبَرِ مَنْ بَلَغَ هَذَا الْمِقْدَارَ وَأَمَّا لَوْ أَخْبَرَهُ الْعَدْلَانِ بِالنَّقْصِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ فَكَمَا يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ بِخَبَرِهِمَا يَبْنِي عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَيْضًا وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ لِحُصُولِ الشَّكِّ بِسَبَبِ الْأَخْبَارِ كَمَا لَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ فَيَرْجِعُ لَهُمَا وَلَا يَرْجِعُ لِلْوَاحِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (وَلَا) سُجُودَ (لِحَمْدِ عَاطِسٍ أَوْ) حَمْدِ (مُبَشَّرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فِي صَلَاتِهِ بِمَا يَسُرُّهُ وَلَا اسْتِرْجَاعٍ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا (وَنُدِبَ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ أَوْ الْمُبَشَّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَجُوزُ لِذَلِكَ الْإِمَامِ السُّؤَالُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ فَإِنْ سَأَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ بَقِيَّتَهُمْ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إمَامٌ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَخْبَرَهُ جَمَاعَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِتَمَامِ صَلَاتِهِ أَوْ بِنَقْصِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِخَبَرِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ مَأْمُومِيهِ أَوْ لَا، سَوَاءٌ تَيَقَّنَ صِدْقَهُمْ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ جَزَمَ بِكَذِبِهِمْ وَلَا يَعْمَلُ عَلَى يَقِينِهِ وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْفَذُّ وَالْمَأْمُومُ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ لِخَبَرِ الْجَمَاعَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ مُطْلَقًا وَإِنْ أَخْبَرَ الْإِمَامَ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَلَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِخَبَرِهِمَا سَوَاءٌ أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ أَوْ بِالنَّقْصِ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ بِأَنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُمَا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا فَلَا يَرْجِعُ لِخَبَرِهِمَا بَلْ يَعْمَلُ عَلَى يَقِينِهِ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكَحٍ هَذَا إذَا كَانَا مِنْ مَأْمُومِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ لِخَبَرِهِمَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ أَوْ بِالنَّقْصِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَخْبَرَ الْعَدْلَانِ الْفَذَّ أَوْ الْمَأْمُومَ بِنَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ فَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِخَبَرِهِمَا بَلْ يَعْمَلُ عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ لِلْإِمَامِ وَاحِدًا فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِالتَّمَامِ فَلَا يَرْجِعُ لِخَبَرِهِ بَلْ يَبْنِي عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِالنَّقْصِ رَجَعَ لِخَبَرِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْإِمَامُ غَيْرَ مُسْتَنْكَحٍ لِحُصُولِ الشَّكِّ بِسَبَبِ إخْبَارِهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنْكَحًا بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ وَلَا يَرْجِعُ لِخَبَرِهِ وَإِنْ أَخْبَرَ الْوَاحِدُ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا بِنَقْصٍ أَوْ تَمَامٍ فَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِخَبَرِهِ بَلْ يَبْنِي عَلَى يَقِينِهِ. (قَوْلُهُ لَا فَذٌّ وَلَا مَأْمُومٌ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلْعَدْلَيْنِ إذَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ عِنْدَ شَكِّهِ فِي صَلَاتِهِ بِأَنَّهَا تَمَّتْ أَوْ لَا وَأَوْلَى عِنْدَ جَزْمِهِ بِعَدَمِ تَمَامِهَا بَلْ يَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا قَامَ عِنْدَهُ كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ أَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَنْظُرَانِ لِقَوْلِ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّوَاتُرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَيَتْرُكُ مَا عِنْدَهُ وَلَوْ كَانَ يَقِينًا وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ إنَّ كُلًّا مِنْ الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ يَرْجِعُ لِخَبَرِ الْعَدْلَيْنِ كَالْإِمَامِ وَهُوَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَابْنِ الْجَلَّابِ عَنْ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ لِعَدْلَيْنِ مِنْ مَأْمُومِيهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَا مِنْ غَيْرِ مَأْمُومِيهِ فَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا لِأَنَّ الْمُشَارِكَ فِي الصَّلَاةِ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ شَهَّرَهَا ابْنُ بَشِيرٍ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي التَّوْضِيحِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَهِيَ الرُّجُوعُ لِلْعَدْلَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ مَأْمُومِيهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَبِهَا صَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ ح حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا شَهَّرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ ظَنَّ صِدْقَهُمَا) أَيْ أَوْ جَزَمَ بِهِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بِصِدْقِهِمَا أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ. (قَوْلُهُ رَجَعَ لِيَقِينِهِ إلَخْ) فَإِنْ عَمِلَ عَلَى كَلَامِهِمَا وَكَلَامِ نَحْوِهِمَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَإِذَا عَمِلَ عَلَى يَقِينِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ لِقَوْلِهِمَا فَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالنَّقْصِ فَعَلَا مَعَهُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَإِذَا سَلَّمَ أَتَيَا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ وَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ كَانَ كَإِمَامٍ قَامَ لِخَامِسَةٍ فَيَأْتِي فِيهَا تَفْصِيلُهُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا) أَيْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِمْ وَلَا يَعْمَلُ عَلَى يَقِينِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْ يَقِينِهِ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَثُرُوا إلَّا أَنْ يُخَالِطَهُ رَيْبٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى يَقِينِ الْقَوْمِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَأَوْلَى مَعَ شَكِّهِ) أَيْ فِي خَبَرِهِمْ. (قَوْلُهُ أَخْبَرُوهُ بِالنَّقْصِ أَوْ بِالتَّمَامِ) هَذَا التَّعْمِيمُ مُحَقَّقٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا كَثُرُوا جِدًّا فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ قَوْلَهُمْ أَخْبَرُوا بِالتَّمَامِ أَوْ أَخْبَرُوا بِالنَّقْصِ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا كَانَ إخْبَارُهُمْ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ تَيَقَّنَ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ أَوْ شَكَّ فِيمَا أَخْبَرُوهُ بِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا تَدْخُلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ دُخُولَهَا فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ النَّقْصِ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ . (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَرْكُهُ) أَيْ نُدِبَ تَرْكُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سِرًّا وَجَهَرَا وَكَذَلِكَ يُنْدَبُ تَرْكُ الِاسْتِرْجَاعِ أَيْضًا وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ الْحَمْدِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ

(وَلَا) سُجُودَ (لِجَائِزٍ) ارْتِكَابُهُ فِي الصَّلَاةِ أَيْ جَائِزٍ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ أَيْ غَالِبًا وَالْمُرَادُ بِالْجَائِزِ هُنَا مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا فِي كُلِّ مَا جَازَ (كَإِنْصَاتٍ) مِنْ مُصَلٍّ (قَلَّ لِمُخْبِرٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ اسْمُ فَاعِلٍ كَانَ الْإِخْبَارُ لِلْمُصَلِّي أَوْ لِغَيْرِهِ (وَتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ) بِأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى رِجْلٍ مَعَ عَدَمِ رَفْعِ الْأُخْرَى طَالَ أَمْ لَا وَأَمَّا مَعَ رَفْعِ الْأُخْرَى فَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِطُولِ الْقِيَامِ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يَكْثُرْ فَيَجْرِي عَلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ (وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ) أَيْ مُقْبِلَةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ لَهُ تَعَمُّدُ قَتْلِهَا وَلَا تَبْطُلُ بِانْحِطَاطِهِ لِأَخْذِ حَجَرٍ يَرْمِيهَا بِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ (وَإِشَارَةٍ) بِيَدٍ أَوْ رَأْسٍ (لِسَلَامٍ) أَيْ لِرَدِّهِ لَا ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا رَدُّهُ بِاللَّفْظِ فَمُبْطِلٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ وَاجِبَةٌ (أَوْ) إشَارَةٍ ل (حَاجَةٍ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ لِجَائِزٍ قَوْلُهُ (لَا) الْإِشَارَةِ لِلرَّدِّ (عَلَى مُشَمِّتٍ) أَيْ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ بَلْ مَكْرُوهٌ إذْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ فَيُكْرَهُ تَشْمِيتُهُ إنْ حَمِدَ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْمَدْ فَيُكْرَهُ الرَّدُّ مِنْ الْمُصَلِّي بِالْإِشَارَةِ عَلَى الْمُشَمِّتِ (كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ) أَيْ خُشُوعٍ تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ السُّجُودِ لَا فِي الْجَوَازِ لِأَنَّ مَا وَقَعَ غَلَبَةً لَا يُوصَفُ بِجَوَازٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلِذَا حَسُنَ مِنْ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ دُونَ الْعَطْفِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لِوَجَعٍ وَلَا لِخُشُوعٍ (فَكَالْكَلَامِ) يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَهَذَا فِي الْبُكَاءِ الْمَمْدُودِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ لِجَائِزٍ ارْتِكَابُهُ فِي الصَّلَاةِ) فِيهِ أَنَّ السُّجُودَ لِلْأَمْرِ الْجَائِزِ فِعْلُهُ فِيهَا لَا يُتَوَهَّمُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَى عَدَمِ السُّجُودِ فِيهِ. (قَوْلُهُ أَيْ جَائِزٌ فِي نَفْسِهِ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَعَطْفُ قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ الْجَائِزِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ هُنَا نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الْجَائِزِ وَهُوَ الْجَائِزُ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) أَيْ وَغَيْرُ الْغَالِبِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ كَالْمَشْيِ لِلدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ قَلَّ) الْقِلَّةُ وَالطُّولُ وَالتَّوَسُّطُ مُعْتَبَرَةٌ بِالْعُرْفِ كَمَا فِي خش وَمَفْهُومُ قَلَّ أَنَّهُ إنْ طَالَ الْإِنْصَاتُ جِدًّا وَلَوْ سَهْوًا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ ذَلِكَ إنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَبْطَلَهَا. (قَوْلُهُ لِمُخْبِرٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَعَلَى هَذَا فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ لِسَمَاعِ مُخْبِرٍ وَيَصِحُّ فَتْحُ الْبَاءِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ مِنْ مُخْبَرٍ لَكِنَّهُ قَاصِرٌ لَا يَشْمَلُ الْإِنْصَاتَ لِسَمَاعِ الْأَخْبَارِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ رَفْعِ الْأُخْرَى) أَيْ عَنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ رَفْعِ الْأُخْرَى) أَيْ عَنْ الْأَرْضِ سَوَاءٌ وَضَعَهَا عَلَى قَدَمِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ جَعَلَهَا مُعَلَّقَةً فِي الْهَوَاءِ. (قَوْلُهُ وَقَتْلُ عَقْرَبٍ) أَيْ أَوْ ثُعْبَانٍ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ طَيْرٍ أَوْ دُودَةٍ أَوْ نَحْلَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهَا مُطْلَقًا أَرَادَتْهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ مُقْبِلَةً عَلَيْهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِرَادَتِهَا إقْبَالُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ الْقَصْدَ لِأَنَّهَا بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ خَوَاصِّ الْعُقَلَاءِ كَذَا قِيلَ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ الْحَيَوَانُ جِسْمٌ نَامٍ حَسَّاسٌ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلْمَنَاطِقَةِ التَّابِعِينَ فِيهِ لِلْفَلَاسِفَةِ وَأَهْلُ الشَّرْعِ لَا يَقُولُونَ بِتَدْقِيقَاتِهِمْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ لَهُ تَعَمُّدُ قَتْلِهَا) أَيْ وَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ سَاهِيًا عَنْ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا عَدَمُ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِانْحِطَاطِهِ) أَيْ إذَا كَانَ قَائِمًا وَقَوْلُهُ لِأَخْذِ حَجَرٍ أَيْ أَوْ لِقَتْلِهَا بِخِلَافِ انْحِطَاطِهِ لِأَخْذِ حَجَرٍ يَرْمِي بِهِ طَيْرًا أَوْ لِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ ح أَنَّ الِانْحِطَاطَ مِنْ قِيَامٍ لِأَخْذِ حَجَرٍ أَوْ قَوْسٍ مِنْ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ مُطْلَقًا كَانَ لِقَتْلِ عَقْرَبٍ لَمْ تُرِدْهُ أَوْ لِطَائِرٍ أَوْ صَيْدٍ فَالتَّفْرِيقُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ لَا ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ) الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ كَمَا فِي ح عَنْ سَنَدٍ. (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ وَاجِبَةٌ) أَيْ لَا جَائِزَةٌ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْإِشَارَةُ لِلِابْتِدَاءِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا رَدُّهُ بِاللَّفْظِ فَمُبْطِلٌ) أَيْ إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا إنْ كَانَ سَهْوًا وَيَسْجُدُ لَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ إشَارَةٌ لِحَاجَةٍ) أَيْ لِطَلَبِ حَاجَةٍ أَوْ رَدِّهَا وَهَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ خَفِيفَةً وَإِلَّا مُنِعَتْ. (قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ لِجَائِزٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ جَوَازِ الْإِشَارَةِ لِلْحَاجَةِ قَوْلُهُ إلَخْ لِأَنَّ إخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ أَمْرٍ يَقْتَضِي دُخُولَهُ فِيهِ وَالْإِشَارَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشَمِّتِ لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ لِجَائِزٍ. (قَوْلُهُ كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ) أَيْ كَأَنِينٍ غَلَبَهُ لِأَجْلِ وَجَعٍ وَبُكَاءٍ غَلَبَهُ لِأَجْلِ خُشُوعٍ وَظَاهِرُهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا وَقَعَ غَلَبَةً إلَخْ) أَيْ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ صَوَابُهُ وَكَأَنِينٍ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى إنْصَاتٍ إذْ هُوَ مِمَّا انْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا جَائِزٍ اهـ وَحَاصِلُ رَدِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْجَائِزِ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنِينُ غَلَبَةٍ مِنْ الْمَرِيضِ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالْمَلْجَأِ لِمَا يَصِيرُ مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُنْ لِوَجَعٍ وَلَا لِخُشُوعٍ) أَيْ غَلَبَةٍ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ لِوَجَعٍ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ أَوْ لِخُشُوعٍ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ) أَيْ فَالْعَمْدُ مُبْطِلٌ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَالسَّهْوُ يُبْطِلُ إنْ كَانَ كَثِيرًا وَيَسْجُدُ لَهُ إنْ قَلَّ

وَهُوَ مَا كَانَ بِصَوْتٍ وَأَمَّا الْمَقْصُورُ وَهُوَ مَا كَانَ بِلَا صَوْتٍ فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ اخْتِيَارًا مَا لَمْ يَكْثُرْ الِاخْتِيَارُ (كَسَلَامٍ) أَيْ ابْتِدَائِهِ (عَلَى) مُصَلٍّ (مُفْتَرِضٍ) وَأَوْلَى مُتَنَفِّلٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا بِقَيْدِ الْمَنْفِيِّ عَنْهُ السُّجُودُ لِأَنَّ الْمُسَلِّمَ لَيْسَ بِمُصَلٍّ وَلِذَا تُرِكَ الْعَاطِفُ (وَلَا) سُجُودَ (لِتَبَسُّمٍ) إنْ قَلَّ وَكُرِهَ عَمْدُهُ فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَإِنْ تَوَسَّطَ بِالْعُرْفِ سَجَدَ لِسَهْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَبْطَلَ عَمْدُهُ (و) لَا سُجُودَ فِي (فَرْقَعَةِ أَصَابِعَ وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ) وَتَقَدَّمَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ وَجَازَ الْتِفَاتٌ لَهَا (و) لَا فِي (تَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ) وَلَوْ مَضَغَهُ لِيَسَارَتِهِ وَكَذَا تَعَمُّدُ بَلْعِ لُقْمَةٍ أَوْ تِينَةٍ كَانَتْ بِفِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ رَفَعَ حَبَّةً مِنْ الْأَرْضِ وَابْتَلَعَهَا وَهُوَ فِيهَا بِلَا مَضْغٍ فِيهِمَا وَإِلَّا أَبْطَلَ (و) لَا فِي (حَكِّ جَسَدِهِ) وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ كَثُرَ وَلَوْ سَهْوًا أَبْطَلَ (و) لَا فِي (ذِكْرٍ) قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَتَسْبِيحٍ (قُصِدَ التَّفْهِيمُ بِهِ بِمَحَلِّهِ) كَأَنْ يُسَبِّحَ حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِذَلِكَ أَوْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَهُوَ يَقْرَأُ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45] فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِقَوْلِهِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] لِقَصْدِ الْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ أَوْ يَبْتَدِئُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَحَلِّهِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ بِيَدٍ أَوْ رَأْسٍ لِحَاجَةٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَاسْتُؤْذِنَ عَلَيْهِ فَقَطَعَهَا إلَى آيَةِ {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّسْبِيحِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلَهُ (كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ) وَلَوْ قَالَ كَفَتْحٍ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ ثُمَّ شَرَعَ فِي مُبْطِلَاتِهَا بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا كَانَ بِلَا صَوْتٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُجَرَّدَ إرْسَالِ دُمُوعٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ اخْتِيَارًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَلَبَةً بَلْ وَلَوْ اخْتِيَارًا كَانَ تَخَشُّعًا أَمْ لَا . (قَوْلُهُ لِتَبَسُّمٍ) أَيْ وَهُوَ انْبِسَاطُ الْوَجْهِ وَاتِّسَاعُهُ مَعَ ظُهُورِ الْبُشْرَى مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ وَقَوْلُهُ إنْ قَلَّ أَيْ وَكَانَ سَهْوًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. (قَوْلُهُ وَفَرْقَعَةِ أَصَابِعَ وَالْتِفَاتٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمَا إنْ كَثُرَا أَبْطَلَا الصَّلَاةَ مُطْلَقًا وَإِنْ تَوَسَّطَا أَبْطَلَ عَمْدُهُمَا وَسَجَدَ لِسَهْوِهِمَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى الْيَسِيرِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ وَلَا فِي تَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ) أَيْ لَا سُجُودَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَمْدَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ السُّجُودُ حَتَّى يُنْفَى وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَعَمُّدُهُ فِي ذَاتِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ عَمْدَهُ مِثْلُ الطُّولِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ فِي أَنَّهُ يَسْجُدُ لِعَمْدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَضَغَهُ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَضْغُ عَمَلٌ كَثِيرٌ بِخِلَافِ الْبَلْعِ وَلَمْ أَجِدْ فِي أَبِي الْحَسَنِ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ عبق مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ إذَا مَضَغَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَبَلَعَهُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا تَعَمُّدُ بَلْعِ لُقْمَةٍ أَوْ تِينَةٍ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ كَفَلَقَةِ الْحَبَّةِ فَابْتَلَعَهُ فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ فَلَقَةَ حَبَّةٍ لَيْسَتْ بِأَكْلٍ لَهُ بِأَنْ تَبْطُلَ بِهِ الصَّلَاةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا ابْتَلَعَهَا فِي الصَّوْمِ لَا يُفْطِرُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَإِذَا كَانَ الصَّوْمُ لَا يَبْطُلُ فَأَحْرَى الصَّلَاةُ اهـ فَاسْتِدْلَالُهُ بِالصَّوْمِ يَدُلُّ عَلَى الْبُطْلَانِ فِي الْمَضْغِ وَفِي بَلْعِ اللُّقْمَةِ وَالتِّينَةِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ الصَّوْمِ مَعَ ذَلِكَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَلَا فِي حَكِّ جَسَدِهِ) أَيْ وَهُوَ جَائِزٌ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَقَلَّ وَقَوْلُهُ وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَلِيلٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَثُرَ) أَيْ الْحَكُّ مُطْلَقًا كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ وَلَوْ سَهْوًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ عَمْدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ سَهْوًا أَبْطَلَ فَإِنْ تَوَسَّطَ أَبْطَلَ عَمْدُهُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَكِّ الْيَسِيرِ وَهُوَ بِالْعُرْفِ. (قَوْلُهُ كَتَسْبِيحٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَتَحْمِيدٍ أَوْ تَكْبِيرٍ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّسْبِيحِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَهُوَ يَقْرَأُ إلَخْ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْإِتْيَانُ بِبَاءِ الْبَسْمَلَةِ وَسِينِهَا لِحِيرَةٍ فِي مَحَلِّ الْبَسْمَلَةِ كَأَنْ يَكُونَ بِآيَةِ النَّمْلِ أَوْ أَتَى بِهَا فِي الْفَاتِحَةِ لِلْخِلَافِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ) لَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّفْهِيمَ أَصْلًا لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ تَسْبِيحًا كَانَ الذِّكْرُ أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ التَّسْبِيحِ) مِثْلُ التَّسْبِيحِ التَّهْلِيلُ وَالْحَوْقَلَةُ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ الْإِفْهَامِ بِهِمَا فِي أَيِّ مَحَلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ فَالصَّلَاةُ كُلُّهَا مَحَلٌّ لِذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُصَلِّيًا أَوْ تَالِيًا كَانَ الْمُصَلِّي مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِأَنْ فَتَحَ مَأْمُومٌ عَلَى مَأْمُومٍ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُصَلِّي لَيْسَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَفْتُوحُ عَلَيْهِ تَالِيًا أَوْ مُصَلِّيًا لَيْسَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مُصَلِّيًا مَعَهُ فِيهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ وَقَفَ فِي قِرَاءَتِهِ فَإِنْ

[مبطلات الصلاة]

(وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (بِقَهْقَهَةٍ) وَهُوَ الضَّحِكُ بِصَوْتٍ وَلَوْ مِنْ مَأْمُومٍ سَهْوًا بِخِلَافِ سَهْوِ الْكَلَامِ فَيُجْبَرُ بِالسُّجُودِ إذْ الْكَلَامُ شُرِعَ جِنْسُهُ مِنْ حَيْثُ إصْلَاحُهَا فَاغْتُفِرَ سَهْوُهُ الْيَسِيرُ وَلِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ مِنْ النَّاسِ بِخِلَافِ الضَّحِكِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ بِوَجْهٍ وَقَطَعَ فَذٌّ وَإِمَامٌ وَلَا يَسْتَخْلِفُ مُطْلَقًا (وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ) الضَّاحِكُ مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ (إنْ لَمْ يَقْدِرْ) حَالَ ضَحِكِهِ (عَلَى التَّرْكِ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا بِأَنْ كَانَ غَلَبَةً مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَكَذَا النَّاسِي فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْكِ بِأَنْ وَقَعَ مِنْهُ اخْتِيَارًا وَكَذَا النَّاسِي فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْكِ بِأَنْ وَقَعَ مِنْهُ اخْتِيَارًا وَلَوْ فِي بَعْضِ أَزْمِنَتِهِ قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجُمُعَةِ وَإِلَّا قَطَعَ وَدَخَلَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى تَمَادِيهِ خُرُوجُ الْوَقْتِ لِضِيقِهِ وَإِلَّا قَطَعَ وَدَخَلَ لِيُدْرِكَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى تَمَادِيهِ ضَحِكُ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ وَلَوْ بِالظَّنِّ وَإِلَّا قَطَعَ وَخَرَجَ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ لِلتَّمَادِي ثُمَّ شَبَّهَ فِي التَّمَادِي لَا بِقَيْدِ الْبُطْلَانِ مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى قَوْلُهُ (كَتَكْبِيرِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ فَقَطْ (لِلرُّكُوعِ) فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي أَدْرَكَ فِيهَا الْإِمَامَ أُولَى أَوْ غَيْرَهَا (بِلَا نِيَّةِ) تَكْبِيرَةِ (إحْرَامٍ) بِأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ وَتَرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ نِسْيَانًا ثُمَّ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ هُوَ الْإِمَامَ فَيَفْتَحُ عَلَيْهِ نَدْبًا أَوْ اسْتِنَانًا وَرُبَّمَا وَجَبَ الْفَتْحُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ تَالِيًا أَوْ مُصَلِّيًا لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ فَلَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَتْحُ عَلَيْهِ مُبْطِلٌ وَإِنْ كَانَ مُصَلِّيًا مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِأَنْ فَتَحَ مَأْمُومٌ عَلَى مَأْمُومٍ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ فَاسْتَظْهَرَ عج الْبُطْلَانَ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ اسْتَظْهَرَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ وَعَدَمَ الْبُطْلَانِ عَمَلًا بِمَفْهُومِ مَا هُنَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ مَا لعج لِأَنَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَفْتَحُ مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ إذْ هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا أَوْ كَانَ مَعَهُ فِيهَا [مُبْطِلَات الصَّلَاة] . (قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا لِكَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَلَبَةٍ كَأَنْ يَتَعَمَّدَ النَّظَرَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ الِاسْتِمَاعَ لِمَا يُضْحِكُ فَيَغْلِبُهُ الضَّحِكُ فِيهَا كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَكِنْ إنْ كَانَ فَذًّا قَطَعَ مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ غَلَبَةً وَإِنْ كَانَ إمَامًا قَطَعَ أَيْضًا فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَيَقْطَعُ مَنْ خَلْفَهُ أَيْضًا وَلَا يَسْتَخْلِفُ وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَقْطَعُ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ فِي الْعَمْدِ وَيَسْتَخْلِفُ فِي الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْقَهْقَهَةِ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَإِذَا رَجَعَ مَأْمُومًا أَتَمَّ صَلَاتَهُ مَعَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةِ وَيُعِيدُهَا أَبَدًا لِبُطْلَانِهَا وَأَمَّا مَأْمُومُوهُ فَيُتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ مَعَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِصِحَّتِهَا وَاقْتَصَرَ عج فِي شَرْحِهِ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا قَطَعَ إنْ تَعَمَّدَهَا وَإِنْ كَانَتْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا تَمَادَى فِيهِمَا مَعَ الْإِمَامِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا فِيهِمَا وَيُعِيدُ أَبَدًا لَكِنَّ التَّمَادِيَ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مَأْمُومٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ فَذٍّ أَوْ إمَامٍ بَلْ وَلَوْ مِنْ مَأْمُومٍ هَذَا إذَا كَانَتْ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً بَلْ وَلَوْ سَهْوًا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَهْوِ الْكَلَامِ) أَيْ إذَا كَانَ يَسِيرًا. (قَوْلُهُ إذْ الْكَلَامُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ نِسْيَانًا وَالْكَلَامِ نِسْيَانًا حَيْثُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِالْأَوَّلِ وَلَوْ يَسِيرًا وَلَمْ تَبْطُلْ بِالثَّانِي إذَا كَانَ يَسِيرًا بَلْ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (قَوْلُهُ وَقَطَعَ فَذٌّ وَإِمَامٌ) أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ) أَيْ الْإِمَامُ مُطْلَقًا يَعْنِي فِي الْحَالَاتِ الثَّلَاثَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَقْطَعُ مَأْمُومُهُ أَيْضًا وَقِيلَ إنَّهُ يَقْطَعُ هُوَ وَمَأْمُومُهُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ إذَا كَانَتْ عَمْدًا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا وَصَلَاتُهُ الَّتِي يُتِمُّهَا مَعَ الْخَلِيفَةِ بَاطِلَةٌ وَأَمَّا صَلَاةُ مَأْمُومِيهِ الَّتِي يُتِمُّونَهَا مَعَ الْخَلِيفَةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ. (قَوْلُهُ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا قَالَ الزَّنَاتِيُّ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ اسْتِحْبَابًا وَاسْتَبْعَدَ طفى الْأَوَّلَ وَفِي بْن الرَّاجِحُ الْوُجُوبُ وَهُوَ مَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ تَمَادِيهِ إذَا وَقَعَتْ مِنْهُ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ) أَيْ وَهُوَ سَحْنُونٌ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ الْقَهْقَهَةَ إذَا كَانَتْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ قِيَاسًا لَهَا عَلَى الْكَلَامِ نِسْيَانًا وَإِنَّمَا تُبْطِلُهَا إذَا كَانَتْ عَمْدًا. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا) أَيْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَرْكِهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ضَحِكَ فِيهَا غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ غَيْرَ الْمُدَّةِ الَّتِي ضَحِكَ فِيهَا لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى التَّرْكِ فِيهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّرْكِ رَأْسًا بَلْ اسْتَمَرَّ دَائِمًا وَأَبَدًا يَضْحَكُ وَقَدْ يُقَالُ إذَا ذَهَبَ الضَّحِكُ بَعْدَ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَرْكِهِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي التَّمَادِي بِدُونِ قَطْعٍ مَعَ أَنَّ الْفَائِدَةَ فِي قَطْعِهِ وَابْتِدَائِهَا مِنْ أَوَّلِهَا مَعَ الْإِمَامِ (تَنْبِيهٌ) مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْقَهْقَهَةُ كُلَّمَا صَلَّى فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَالَتِهِ وَلَا يُؤَخِّرُ وَلَا يُقَدِّمُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تُلَازِمُ فِي إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ أَوْ يُؤَخِّرُ أَشَارَ لَهُ عج وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ كُلِّ مَنْ إذَا صَامَ عَطِشَ أَوْ جَاعَ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأَنْ وَقَعَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَكَانَ آخِرَ الْمُدَّةِ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ ثُمَّ شَبَّهَ فِي التَّمَادِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمَأْمُومِ فِي الْقَهْقَهَةِ حُكْمَيْنِ الْبُطْلَانُ وَوُجُوبُ

فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا تُتَصَوَّرُ هَذِهِ الصُّورَةُ لِلْمَأْمُومِ فَقَطْ إذْ هُوَ الَّذِي يَرْكَعُ عَقِبَ دُخُولِهِ لِيُدْرِكَ الْإِمَامَ دُونَ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ كَذَا قُرِّرَ وَالْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَاطِلَةٌ وَأَنَّ التَّمَادِيَ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا، الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ (وَذِكْرِ فَائِتَةٍ) وَهُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَ مُشَارَكَةً فَإِنَّهُ يَتَمَادَى أَيْضًا لَكِنْ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ لِكَوْنِهِ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ (و) بَطَلَتْ (بِحَدَثٍ) أَيْ بِحُصُولِ نَاقِضٍ أَوْ تَذَكُّرِهِ وَلَا يَسْرِي الْبُطْلَانُ لِلْمَأْمُومِ بِحَدَثِ الْإِمَامِ إلَّا بِتَعَمُّدِهِ لَا بِالْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّمَادِي فَشَبَّهَ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّانِي مِنْ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ وُجُوبُ التَّمَادِي بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْبُطْلَانِ مَسْأَلَتَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ التَّشْبِيهَ فِي التَّمَادِي لَا فِي الْبُطْلَانِ عَدَمَ عَطْفِهِمَا عَلَى قَوْلِهِ بِقَهْقَهَةٍ بَلْ قَرَنَ الْأُولَى بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَجَرَّدَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْبَاءِ وَلَمَّا رَجَعَ لِلْعَطْفِ عَلَى الْقَهْقَهَةِ كَرَّرَ الْبَاءَ فَقَالَ وَبِحَدَثٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ) أَيْ وَيُعِيدُهَا احْتِيَاطًا لِأَنَّهَا لَا تَجْزِيهِ عِنْدَ رَبِيعَةَ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ وَفِي عج أَنَّهُ يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا وُجُوبًا عَلَى الرَّاجِحِ وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ التَّمَادِيَ) أَيْ وَأَنَّ وُجُوبَ التَّمَادِي وَقَوْلَهُ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا أَيْ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ كِلَاهُمَا مِنْ أَشْيَاخِ مَالِكٍ فَقَدْ قَالَا إنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ عَنْ الْمَأْمُومِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ إذْ هُوَ الَّذِي يَرْكَعُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ تُتَصَوَّرُ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا فِي الْفَذِّ إذَا كَانَتْ الْقِرَاءَةُ سَاقِطَةً عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ مُعَلِّمًا أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا اقْتَصَرُوا فِي التَّصْوِيرِ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَمَادَى وُجُوبًا مَعَ الْإِمَامِ إذَا تَذَكَّرَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْفَذُّ فَإِنَّهُمَا يَقْطَعَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الَّتِي حَمَلَ الشَّارِحُ عَلَيْهَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِبَهْرَامَ وشب هِيَ عَيْنُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَمَاعَة وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ ذَكَرَهَا هُنَا لِلنَّظَائِرِ وَحَمَلَ عبق كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ غَازِيٍّ عَلَى مَا إذَا نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ ثُمَّ كَبَّرَ قَاصِدًا لِلرُّكُوعِ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ التَّكْبِيرُ لِلرُّكُوعِ وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ مَعْنَاهُ نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ فَيَتَمَادَى الْمَأْمُومُ مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهُ كَمَنْ نَوَى بِالتَّكْبِيرِ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ قَالَ شَيْخُنَا وَالْمَأْخُوذُ مِنْ النُّقُولِ أَنَّ الصَّلَاةَ بَاطِلَةٌ وَيَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ) هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْمُشْتَرِكَتَيْ الْوَقْتِ وَاجِبٌ شَرْطٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ وَاجِبٌ شَرْطٌ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا فَمَنْ ذَكَرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ . (قَوْلُهُ أَيْ بِحُصُولِ نَاقِضٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَدَثًا كَرِيحٍ أَوْ سَبَبًا كَمَسِّ ذَكَرٍ أَوْ لَمْسًا مَعَ قَصْدِ لَذَّةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ حُصُولُ النَّاقِضِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ غَلَبَةً خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ بَلْ يُبْنَى عَلَى مَا فَعَلَ كَالرُّعَافِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِحُصُولِ نَاقِضٍ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخَاصَّ وَأَرَادَ الْعَامَّ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ أَوْ أَنَّهُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ أَوْ اسْتَعْمَلَ الْكَلِمَةَ فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا. (قَوْلُهُ لَا بِالْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ) أَيْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ

(وَبِسُجُودِهِ) قَبْلَ السَّلَامِ (لِفَضِيلَةٍ) وَلَوْ كَثُرَتْ (أَوْ لِ) سُنَّةٍ خَفِيفَةٍ ك (تَكْبِيرَةٍ) وَاحِدَةٍ أَوْ تَسْمِيعَةٍ أَوْ مُؤَكَّدَةٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يَسْجُدُ لَهَا فِي الْجَمِيعِ (وَبِمُشْغِلٍ) أَيْ مَانِعٍ مِنْ حَقْنٍ أَوْ قَرْقَرَةٍ أَوْ غَثَيَانٍ (عَنْ فَرْضٍ) مِنْ فَرَائِضِهَا كَرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ (و) لَوْ أَشْغَلهُ (عَنْ سُنَّةٍ) مُؤَكَّدَةٍ (يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) (وَ) بَطَلَتْ (بِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ) مِنْ الرَّكَعَاتِ مُتَيَقَّنَةٍ سَهْوًا وَلَوْ فِي ثُلَاثِيَّةٍ (كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ) أَصَالَةً كَجُمُعَةٍ وَصُبْحٍ لَا سَفَرِيَّةٍ فَبِأَرْبَعٍ وَبَطَلَ الْوَتْرُ بِزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ لَا وَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ فَإِذَا تَذَكَّرَهُ الْإِمَامُ اسْتَخْلَفَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَكَمَّلَ بِهِمْ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ لِتَعَمُّدِ الْإِمَامِ صَلَاتَهُ بِالْحَدَثِ. (قَوْلُهُ وَبِسُجُودِهِ قَبْلَ السَّلَامِ لِفَضِيلَةٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا إنْ سَجَدَ سَهْوًا فَلَا بُطْلَانَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَثُرَتْ) أَيْ كَقُنُوتٍ وَتَسْبِيحٍ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يَسْجُدُ لَهَا فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فَإِنْ اقْتَدَى بِمَنْ يَسْجُدُ لِذَلِكَ سَجَدَ مَعَهُ وُجُوبًا فَلَوْ سَجَدَ إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ هُوَ فَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ فِي الْبُطْلَانِ بِالسُّجُودِ لِلْفَضِيلَةِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَدْ نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِتَرْكِ فَضِيلَةٍ أَعَادَ أَبَدًا وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ إذَا سَجَدَ لِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَبْلَ السَّلَامِ اهـ وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّ السُّجُودَ لِفَضِيلَةٍ قَدْ ذَكَرَ ح أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَأَنَّهُ صَدَّرَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَأَمَّا السُّجُودُ لِتَرْكِ التَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ فَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ لَا أَعْلَمُ مَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ إذَا سَجَدَ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَقَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ إنَّمَا وَقَفْت عَلَى الْخِلَافِ فِي السُّجُودِ لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِنَفْيِ السُّجُودِ لَهَا بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِالسُّجُودِ لَهَا مَعَ وُجُودِ الْقَوْلِ بِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ نَرَ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْبُطْلَانِ بِالسُّجُودِ لِتَكْبِيرَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَبِمُشْغِلٍ) أَيْ وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِسَبَبِ مُلَابَسَةِ مُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ فَالْمُبْطِلُ مُلَابَسَةُ الْمُشْغِلِ لَا ذَاتُهُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ مِنْ حَقْنٍ) هُوَ بِالْقَافِ وَالنُّونِ الْحُصْرُ بِالْبَوْلِ وَإِمَّا بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ فَهُوَ الْحَصْرُ بِالْغَائِطِ وَبِالْفَاءِ وَالنُّونِ الْحَصْرُ بِهِمَا مَعًا وَيُقَالُ لِلْحَصْرِ بِهِمَا مَعًا أَيْضًا حم وَالْحَصْرُ بِالرِّيحِ يُقَالُ لَهُ حَفْزٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَثَيَانٍ) الْمُرَادُ بِهِ ثَوَرَانُ النَّفْسِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ بِالْمُشْغِلِ عَنْ الْفَرْضِ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْفَرْضِ مَعَهُ أَصْلًا أَوْ يَأْتِي بِهِ مَعَهُ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا دَامَ ذَلِكَ الْمُشْغِلُ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ ثُمَّ زَالَ فَلَا إعَادَةَ كَمَا فِي الْبُرْزُلِيِّ. (قَوْلُهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ) قَالَ ح يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ السُّنَنِ الثَّمَانِ الْمُؤَكَّدَاتِ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ سُنَّةً غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ فَضِيلَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَانَ التَّرْكُ بِمُشْغِلٍ أَوْ بِغَيْرِ مُشْغِلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا فَعَلَ عبق تَبَعًا لعج وَقَوْلُهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَيْ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا وَهَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْقَطْعِ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ . (قَوْلُهُ مُتَيَقَّنَةٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ سَهْوًا أَيْ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَمْدًا فَإِنَّهَا تُبْطِلُ وَلَوْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَة. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي ثُلَاثِيَّةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ فِي رُبَاعِيَّةٍ بَلْ وَلَوْ فِي ثُلَاثِيَّةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّ الثُّلَاثِيَّةَ تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا وَقِيلَ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا وَقِيلَ بِزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ وَإِنَّمَا شُهِرَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ السَّبَبُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا ثَلَاثًا إيتَارُ رَكَعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ اُعْتُنِيَ بِأَمْرِهَا لِتَقَوِّي جَانِبِهَا فَجُعِلَتْ كَالرَّبَاعِيَةِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عبق إنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ هُنَا بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ ثَامِنَةٍ فِي الرَّبَاعِيَةِ أَوْ سَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ كَجُمُعَةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ وَالْقَوْلَانِ أَيْ أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا أَوْ بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ مَشْهُورَانِ. (قَوْلُهُ لَا سَفَرِيَّةٍ فَبِأَرْبَعٍ) أَيْ مُرَاعَاةً لِأَصْلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّبَاعِيَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِصَلَاتِهَا سِتًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَ الْوِتْرُ بِزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ النَّفَلُ الْمَحْدُودُ كَالْفَجْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَلَوْ لَمْ يُكَرِّرْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْمَزِيدَتَيْنِ فِي الْكُسُوفِ وَأَمَّا النَّفَلُ غَيْرُ الْمَحْدُودِ فَلَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ لِقَوْلِهِمْ إذَا قَامَ لِخَامِسَةٍ فِي النَّافِلَةِ

(وَبِتَعَمُّدِ) زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ (كَسَجْدَةٍ) لَا قَوْلِيٍّ فَلَا تَبْطُلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (نَفْخٍ) بِفَمٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ حَرْفٌ لَا بِأَنْفٍ مَا لَمْ يُكْثِرْ أَوْ يَقْصِدْ عَبَثًا فِيمَا يَظْهَرُ (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ) وَلَوْ بِأَنْفٍ (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (قَيْءٍ) (أَوْ) قَلْسٍ (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (كَلَامٍ) وَلَوْ بِحَرْفٍ أَوْ صَوْتٍ سَاذَجٍ إذَا كَانَ اخْتِيَارًا لَمْ يَجِبْ بَلْ (وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى) وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَعَمَّدَ الْكَلَامَ (لِإِصْلَاحِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (ف) لَا تَبْطُلُ إلَّا (بِكَثِيرِهِ) كَذَا بِكَثِيرِهِ سَهْوًا وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ كَثِيرٍ وَلَوْ سَهْوًا (و) بَطَلَتْ (بِسَلَامٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ سَهْوًا لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي كَمَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَرُوِيَ أَيْضًا أَوْ شُرْبٍ بِأَوْ (وَفِيهَا) أَيْضًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْهَا (إنْ) (أَكَلَ أَوْ شَرِبَ) سَهْوًا (انْجَبَرَ) بِالسُّجُودِ (وَهَلْ) مَا بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ (اخْتِلَافٌ) نَظَرًا لِحُصُولِ الْمُنَافِي بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ فَفِي مَحَلِّ حُكِمَ بِالْبُطْلَانِ وَفِي آخَرَ بِعَدَمِهِ (أَوْ لَا) اخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَيُوَفَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْبُطْلَانَ (ل) حُصُولِ (السَّلَامِ فِي) الرِّوَايَة (الْأُولَى) مَعَ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجَعَ وَلَا يُكْمِلُهَا سَادِسَةً وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ وَبِتَعَمُّدِ زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ) أَيْ بِزِيَادَتِهِ عَمْدًا وَكَذَا جَهْلًا وَهَذَا فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ الْمَحْدُودِ كَالْوَتْرِ وَانْظُرْ غَيْرَهُ هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي عج. (قَوْلُهُ لَا قَوْلِيٍّ) أَيْ كَتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ وَقَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ وَقِيلَ تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ أَوْ بِتَعَمُّدِ نَفْخٍ بِفَمٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا ظَهَرَ مَعَهُ حَرْفٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ كَالْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُبْطِلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ أَبْطَلَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُكْثِرْ أَوْ يَقْصِدْ عَبَثًا) أَيْ أَوْ يَقْصِدْ بِفِعْلِهِ الْعَبَثَ وَاللَّعِبَ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الضَّرَرِ بِالْخَارِجِ مِنْ الْأَنْفِ مَا لَمْ يَكُنْ عَبَثًا فَإِنْ كَانَ عَبَثًا جَرَى عَلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ عج عَنْ النَّوَادِرِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ إذَا نَفَخَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَأَمَّا الْفَذُّ وَالْإِمَامُ فَإِنَّهُمَا يَقْطَعَانِ. (قَوْلُهُ أَوْ بِتَعَمُّدِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا وَلَوْ كَانَ الْأَكْلُ أَوْ الشُّرْبُ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِإِنْقَاذِ نَفْسِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ لِأَجَلِ ذَلِكَ وَلَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ كَمَا قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ أَوْ بِتَعَمُّدِ كَلَامٍ) وَفِي إلْحَاقِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ بِهِ ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ الْكَلَامَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِكُرْهٍ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ حَتَّى الْقَيْءَ بِاعْتِبَارِ الْإِكْرَاهِ عَلَى تَعَاطِي سَبَبِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى وَضْعِ إصْبَعِهِ فِي حَلْقِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى) أَيْ أَوْ لِإِجَابَةِ أَحَدِ وَالِدَيْهِ وَهُوَ أَعْمَى أَصَمُّ فِي نَافِلَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نَادَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ فَإِنْ كَانَ أَعْمَى أَصَمَّ وَكَانَ هُوَ يُصَلِّي نَافِلَةً وَجَبَ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ وَقَطَعَ تِلْكَ النَّافِلَةَ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَ مَعَهُ وَاجِبَانِ فَيُقَدِّمُ أَوْكَدَهُمَا وَهُوَ إجَابَةُ الْوَالِدَيْنِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِهَا، وَالْخِلَافُ فِي وُجُوبِ إتْمَامِ النَّافِلَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُنَادِي لَهُ مِنْ أَبَوَيْهِ لَيْسَ أَعْمَى وَلَا أَصَمَّ أَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي فَرِيضَةٍ فَلْيُخَفِّفْ وَيُسَلِّمْ وَيُكَلِّمْهُ اُنْظُرْ ح وَأَمَّا إذَا وَجَبَ لِإِجَابَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَالَةِ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَلْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ لَا تَبْطُلُ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَإِذَا تَرَكَ الْمُصَلِّي الْكَلَامَ لِإِنْقَاذِ الْأَعْمَى وَهَلَكَ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَكَمَا يَجِبُ الْكَلَامُ لِإِنْقَاذِ الْأَعْمَى وَإِنْ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ يَجِبُ أَيْضًا لِتَخْلِيصِ الْمَالِ إذَا كَانَ يَخْشَى بِذَهَابِهِ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا أَوْ لَا وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَخْشَى بِذَهَابِهِ هَلَاكًا وَلَا شَدِيدَ أَذًى فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا يَقْطَعُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قَطَعَ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَالْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِإِصْلَاحِهَا) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ لَا مِنْ خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى كَذَا ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا وَاجِبٌ بِخِلَافِ جَعْلِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُهُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَمَّدَ الْكَلَامَ أَيْ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِإِصْلَاحِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّسْبِيحِ . (قَوْلُهُ حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ سَهْوًا) أَيْ بِأَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بِأَنْ اعْتَقَدَ التَّمَامَ وَسَلَّمَ قَاصِدًا التَّحْلِيلَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ اتِّفَاقًا وَإِنْ سَلَّمَ سَاهِيًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ التَّمَامَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَاهِيًا فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَيَسْجُدُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ كَمَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْهَا) وَنَصَبَهَا فِيهِ وَإِنْ انْصَرَفَ حِينَ سَلَّمَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ ابْتَدَأَ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي اهـ أَبُو الْحَسَنِ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا حِينَ سَلَّمَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ بِأَوْ اهـ وَنَصَبَهَا فِي الْكِتَابِ الثَّانِي وَمَنْ تَكَلَّمَ أَوْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ حُكِمَ بِالْبُطْلَانِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي. (قَوْلُهُ وَفِي آخَرَ بِعَدَمِهِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْمُنَافِي فَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَيْ وَلَا بِالْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ وَالسَّلَامِ وَأَوْلَى بِوُجُودِ أَمْرَيْنِ بَلْ تُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَتَبْطُلُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالسَّلَامِ أَيْ بِالْأَكْلِ وَحْدَهُ وَبِالشُّرْبِ وَحْدَهُ وَبِالسَّلَامِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ مَوْجُودٌ. (قَوْلُهُ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا حُكِمَ بِالْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِشِدَّةِ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الشَّارِعَ

مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا إلَّا بِسَلَامٍ وَحْدَهُ وَلَا بِأَكْلٍ مَعَ شُرْبٍ وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ السَّلَامِ، الْوَجْهُ الثَّانِي قَوْلُهُ (أَوْ) أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الْأُولَى (لِلْجَمْعِ) وَلَوْ بَيْنَ اثْنَيْنِ كَالْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ السَّلَامِ وَلَيْسَ فِي الْكِتَاب الثَّانِي ذَلِكَ لِلْإِتْيَانِ بِأَوْ (تَأْوِيلَانِ) وَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ اتَّفَقَ الْمُوَفَّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ وَكَذَا إنْ حَصَلَ سَلَامٌ مَعَ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَإِذَا حَصَلَ وَاحِدٌ اتَّفَقَ الْمُوَفَّقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِذَا حَصَلَ أَكْلٌ مَعَ شُرْبٍ اخْتَلَفَ الْمُوَفِّقَانِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْخِلَافِ فَيَطْرُقُهُ فِي حُصُولِ الثَّلَاثَةِ وَفِي حُصُولِ وَاحِدٍ مِنْهَا (و) بَطَلَتْ (بِانْصِرَافٍ) أَيْ إعْرَاضٍ عَنْ صَلَاتِهِ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلْ مِنْ مَكَانِهِ (لِحَدَثٍ) تَذَكَّرَهُ أَوْ أَحَسَّ بِهِ (ثُمَّ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ) لِحُصُولِ الْإِعْرَاضِ إذْ هُوَ رَفْضٌ وَلَا يُبْنَى وَلَوْ قَرُبَ (كَمُسَلِّمٍ شَكَّ) حَالَ سَلَامِهِ (فِي الْإِتْمَامِ) وَعَدَمِهِ (ثُمَّ ظَهَرَ) لَهُ (الْكَمَالُ) فَتَبْطُلُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) لِمُخَالَفَتِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ وَأَوْلَى لَوْ ظَهَرَ النُّقْصَانُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ (و) بَطَلَتْ (بِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ) عَمْدًا (مَعَ الْإِمَامِ) سُجُودًا (بَعْدِيًّا) ـــــــــــــــــــــــــــــQجَعَلَ السَّلَامَ بِذَاتِهِ عَلَامَةً عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُ مَعَ غَيْرِهِ أَشَدَّ مِنْ وُجُودِ غَيْرِهِ بِدُونِهِ. (قَوْلُهُ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ) هَذَا نَاظِرٌ لِرِوَايَةِ الْوَاوِ وَفِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ حُصُولِ أَحَدِهِمَا نَاظِرٌ لِرِوَايَةِ أَوْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَيْنَ اثْنَيْنِ) أَوْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ بَلْ وَلَوْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ نَاظِرٌ لِرِوَايَةِ الْوَاوِ وَبَيْنَ اثْنَيْنِ نَاظِرٌ لِرِوَايَةِ أَوْ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةٌ) وَاحِدٌ مِنْهَا بِالْخِلَافِ وَاثْنَانِ بِالْوِفَاقِ. (قَوْلُهُ اتَّفَقَ الْمُوَفَّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ) أَيْ لِحُصُولِ السَّلَامِ مَعَ غَيْرِهِ وَلِوُجُودِ الْجَمْعِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ وَسَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا. (قَوْلُهُ عَلَى الصِّحَّةِ) أَيْ وَيَسْجُدُ الْفَذُّ وَالْإِمَامُ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِحَمْلِ الْإِمَامِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ اخْتَلَفَ الْمُوَفَّقَانِ) أَيْ فَيَنْجَبِرُ عَلَى الْأَوَّلِ لِإِنَاطَتِهِ الْبُطْلَانَ بِالسَّلَامِ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَا عَلَى الثَّانِي لِإِنَاطَتِهِ الْبُطْلَانَ بِالْجَمْعِ وَقَدْ حَصَلَ وَالْجَبْرُ عَلَى الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ لَا الْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ فَيَطْرُقُهُ) أَيْ فَيَجْزِيه أَيْ فَيَجْعَلُ الْخِلَافَ بِالْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ جَارِيًا فِي حُصُولِ الثَّلَاثَةِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْوَاحِدِ وَاعْلَمْ أَنَّ تَعْلِيلَ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْبُطْلَانِ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ بِكَثْرَةِ الْمُنَافِي يُضْعِفُ التَّأْوِيلَ بِالْخِلَافِ وَالتَّأْوِيلَ بِالْوِفَاقِ بِحُصُولِ السَّلَامِ لِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ إذَا حَصَلَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَتْ كَثْرَةُ الْمُنَافِي وَيُرَجَّحُ التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بِالْجَمْعِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ إعْرَاضٍ إلَخْ) الصَّوَابُ حَمْلُ الِانْصِرَافِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ مُفَارَقَةُ مَكَانِهِ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ رَفْضٌ لَهَا وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى رَفْضِهَا فِي قَوْلِهِ وَالرَّفْضُ مُبْطِلٌ اُنْظُرْ بْن وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ هُنَا مَا ضَرَّهُ لِعِلْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ فِي الرُّعَافِ وَلَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ كَمُسَلِّمٍ) أَيْ مِنْ صَلَاتِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَأَمَّا سَهْوًا فَإِنْ تَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ أَصْلَحَ وَإِنْ تَذَكَّرَ عَنْ بُعْدٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ شَكَّ) قَالَ بْن الْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَا مَا قَابَلَ الْجَزْمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عبق إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّلَامَ مَعَ ظَنِّ التَّمَامِ مُبْطِلٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ إلَخْ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ شَكَّ فِي الْإِتْمَامِ إذْ لَوْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا عَدَمَ التَّمَامِ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ لِمُخَالَفَتِهِ إلَخْ) أَيْ أَيْ وَلِأَنَّهُ شَكٌّ فِي السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلسَّلَامِ وَهُوَ الْإِتْمَامُ، وَالشَّكُّ فِي السَّبَبِ يَضُرُّ وَمُقَابِلُهُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ إذَا ظَهَرَ الْكَرَمُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِتْمَامِ وَالشَّكُّ فِي الْمَانِعِ لَا يَضُرُّ وَلَكِنْ رَدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَانِعَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ كَالْحَيْضِ وَعَدَمُ الْإِتْمَامِ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ فَالْحَقُّ أَنَّ الشَّكَّ هُنَا مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ فِي السَّبَبِ . (قَوْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ) هَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ تَبْطُلُ بِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ الْبَعْدِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْإِمَامِ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ سَجَدَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَنَصَّ عَلَى قَوْلِهِ مَعَ الْإِمَامِ لِتَوَهُّمِ الصِّحَّةِ بِاتِّبَاعِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَعَ الْإِمَامِ الْمُصَاحَبَةُ فِي الزَّمَنِ بَلْ الْمُرَادُ الْمُصَاحَبَةُ الْحُكْمِيَّةُ بِأَنْ يُوَافِقَهُ فِي السُّجُودِ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمُصَاحَبَةٍ لِلْإِمَامِ فِي الزَّمَنِ وَبِمَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ عَمْدًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا نِسْيَانًا فَلَا تَبْطُلُ وَأَمَّا جَهْلًا فَلَا تَبْطُلُ كَالنَّاسِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ عِيسَى تَبْطُلُ كَالْعَامِدِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ إلْحَاقِ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ وَعَذَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَهْلِ فَحَكَمَ لَهُ بِحُكْمِ النَّاسِي مُرَاعَاةً لِقَوْلِ سُفْيَانَ بِوُجُوبِ سُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ الْقَبْلِيِّ وَالْبَعْدِيِّ قَالَ شَيْخُنَا وَحَلُّ عبق يَقْتَضِي تَرْجِيحَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَوْلُ عِيسَى مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَمْ لَا وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ مَنْ قَدَّمَ السُّجُودَ الْبَعْدِيَّ فَإِنَّهَا تَصِحُّ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا زَادَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّهُ إنَّمَا زَادَ بَعْد أَنْ أَتَمَّهَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ. (تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ بِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا مُطْلَقًا أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً بُطْلَانُ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ الَّذِي دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا لِظَنِّهِ أَنَّ هَذَا السُّجُودَ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ فِيهِ السُّجُودُ الْأَصْلِيُّ وَالْخِلَافُ مَذْكُورٌ فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْعِزِّيَّةِ اُنْظُرْ المج

مُطْلَقًا (أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ) مَعَهُ (رَكْعَةً) بِسَجْدَتَيْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَحِقَ رَكْعَةً (سَجَدَ) الْقَبْلِيَّ مَعَهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ سَجَدَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَوْ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ كَشَافِعِيٍّ يَرَى التَّقْدِيمَ مُطْلَقًا فَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَهُ فَهَلْ يَفْعَلُهُ مَعَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ وَضُعِّفَ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْقَضَاءِ قَبْلَ سَلَامِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَعَلَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ تَرَدُّدٌ وَيَسْجُدُ الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ رَكْعَةً الْقَبْلِيَّ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ (وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ) السُّجُودَ عَمْدًا أَوْ رَأْيًا أَوْ سَهْوًا (أَوْ) وَلَوْ (لَمْ يُدْرِكْ) الْمَسْبُوقُ (مُوجِبَهُ) وَإِذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَسَجَدَهُ الْمَسْبُوقُ وَكَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ صَحَّتْ لِلْمَسْبُوقِ وَبَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ وَتُزَادُ عَلَى قَاعِدَةِ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ (وَأَخَّرَ) الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ رَكْعَةً (الْبَعْدِيَّ) لِتَمَامِ صَلَاتِهِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَقُومَ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهُ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ فِي الْقَضَاءِ سَهْوٌ بِنَقْصٍ غَلَبَهُ وَسَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ (وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ) أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُوجِبُ سَهْوٍ حَصَلَ لَهُ (حَالَةَ الْقَدْوَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ بِمَعْنَى الِاقْتِدَاءِ وَأَمَّا الشَّخْصُ الْمُقْتَدَى بِهِ فَهُوَ مُثَلَّثُ الْقَافِ، لِحَمْلِهِ الْإِمَامَ عَنْهُ وَلَوْ نَوَى عَدَمَ حَمْلِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِسَهْوٍ فَإِنْ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ بِأَنْ قَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَنْهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَرِدًا وَلَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ رُكْنًا وَلَوْ تَرَكَهُ حَالَةَ الْقُدْوَةِ (و) بَطَلَتْ (بِتَرْكِ) سُجُودِ سَهْوٍ (قَبْلِيٍّ) تَرَتَّبَ عَلَيْهِ (عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ) كَثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ وَكَتَرْكِ السُّورَةِ (وَطَالَ) إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ (لَا) بِتَرْكِ قَبْلِيٍّ تَرَتَّبَ عَنْ (أَقَلَّ) مِنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ كَتَكْبِيرَتَيْنِ وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ وَطَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً رَاجِعٌ لِلْقَبْلِيِّ فَقَطْ وَأَمَّا الْبَعْدِيُّ فَالْبُطْلَانُ وَفِيهِ أَنَّ الْأَوْلَى رُجُوعُ الشَّرْطِ لِكُلٍّ مِنْ الْقَبْلِيِّ وَالْبَعْدِيِّ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ تَعَرُّضُ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا فِي الْمَفْهُومِ حَيْثُ قَالَ وَإِلَّا سَجَدَ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَإِلَّا بِأَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً سَجَدَ الْقَبْلِيَّ وَالْبَعْدِيِّ لَكِنَّ الْقَبْلِيَّ يَسْجُدُ مَعَهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ لِتَمَامِ صَلَاتِهِ وَالْبُطْلَانُ حَيْثُ سَجَدَ الْبَعْدِيَّ قَبْلَ الْقَضَاءِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُؤْذِنُ بِالْوُجُوبِ وَالْأَصْلُ الْبُطْلَانُ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ وَالْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ رُجُوعَ الشَّرْطِ لِلثَّانِي فَقَطْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ وَيُؤَخِّرُهُ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا لَحِقَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ تَرْجِيعِهِ لَهُمَا فَإِنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ وَإِلَّا بِأَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً سَجَدَ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ وَهُوَ سَدِيدٌ. (قَوْلُهُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَأَخَّرَهُ لِتَمَامِ صَلَاةِ نَفْسِهِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ لَا سَهْوًا كَذَا فِي عبق وَاَلَّذِي فِي شب أَنَّهُ إذَا خَالَفَ فِي الْقَبْلِيِّ وَأَخَّرَهُ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَهُ) أَيْ فَإِنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ بَعْدَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ فَهَلْ يَفْعَلُهُ مَعَهُ قَبْلَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ عَجُزُ كَلَامِ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْقَضَاءِ) أَيْ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ وَصَدْرُ كَلَامِ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَوْ لِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِعْلُهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَعْدَهُ فِي فِعْلِهِ قَبْلَ سَلَامِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ إنْ كَانَ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّجُودَ الَّذِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ مِنْهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ سَجْدَةٍ مِنْهَا فَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيَتْبَعُهُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ لِأَبِي مَهْدِيُّ وَارْتَضَاهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَبَعْضُ مَنْ لَقِيَهُ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ قَبْلَهُ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ السُّجُودُ بَعْدِيًّا أَصَالَةً وَقَدَّمَهُ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ تَبِعَهُ الْمَأْمُومُ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ تَأْخِيرَهُ فَانْظُرْ هَلْ يَسْجُدُ مَعَهُ الْمَأْمُومُ نَظَرًا لِفِعْلِهِ أَوْ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ) أَيْ هَذَا إذَا فَعَلَهُ إمَامُهُ بَلْ وَلَوْ تَرَكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ) أَيْ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بِأَنْ سَجَدَهُ مَعَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ أَوْ جَهْلًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ عِيسَى لَا عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْجَاهِلَ كَالنَّاسِي. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَقُومَ) أَيْ الْمَأْمُومُ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهُ أَيْ مِنْ السُّجُودِ الْبَعْدِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ غَلَبَهُ) أَيْ غَلَبَ ذَلِكَ النَّقْصُ عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَصَلَتْ مِنْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ مُوجِبُ سَهْوٍ) أَيْ وَهُوَ السُّجُودُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ أَوْ لَا مُوجِبَ سَهْوٍ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِصِحَّةِ الْمَعْنَى إذْ السَّهْوُ يَقَعُ مِنْ الْمُؤْتَمِّ قَطْعًا فَلَا صِحَّةَ لِنَفْيِهِ. (قَوْلُهُ حَصَلَ لَهُ حَالَةَ الْقُدْوَةِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ حَالَةَ الْقُدْوَةِ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ أَشْعَرَ بِهِ الْكَلَامُ أَيْ عَرَضَ أَوْ حَصَلَ السَّهْوُ لَهُ حَالَةَ الْقُدْوَةِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَا سُجُودَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ حَالَةِ الْقُدْوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ لِحَمْلِهِ الْإِمَامَ عَنْهُ) أَيْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى) أَيْ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِسَهْوٍ) أَيْ بَلْ إذَا تَعَمَّدَ تَرْكَ السُّنَنِ كُلِّهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُهَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَحْمِلُ عَنْهُ رُكْنًا) أَيْ مُطَالَبًا بِهِ كَالنِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَخَرَجَتْ الْفَاتِحَةُ . (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَعْدِيَّ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ طَالَ وَحِينَئِذٍ فَيَسْجُدُهُ مَتَى ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ وَطَالَ) أَيْ التَّرْكُ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ بَعْدَ السَّلَامِ بِقُرْبٍ وَمِثْلُ الطُّولِ مَا إذَا حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ فِعْلِهِ كَالْحَدَثِ وَكَذَا إذَا تَكَلَّمَ أَوْ لَابَسَ نَجَاسَةً أَوْ اسْتَدْبَرَ قِبْلَةً عَمْدًا قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ شَامِلٌ لِلتَّرْكِ سَهْوًا

(فَلَا سُجُودَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثٍ (فِي صَلَاةٍ) شُرِعَ فِيهَا (و) قَدْ (بَطَلَتْ) الْأُولَى لِلطُّولِ الَّذِي حَصَلَ بَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَالشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا (فَكَذَاكِرِهَا) أَيْ فَكَذَاكِرِ صَلَاةٍ فِي أُخْرَى وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةً إلَى آخِرِهِ (وَإِلَّا) تَبْطُلُ لِعَدَمِ الطَّوْلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأُخْرَى (فَكَ) ذَاكِرِ (بَعْضٍ) مِنْ صَلَاةٍ كَرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فِي أُخْرَى وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالِ لِأَنَّ الْأُولَى إمَّا فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ فَأَشَارَ لِكَوْنِ الْأُولَى فَرْضًا تَرَكَ الْقَبْلِيَّ أَوْ الْبَعْضَ مِنْهَا وَتَحْتَهُ وَجْهَانِ بِقَوْلِهِ (ف) إنْ تَرَكَ الْقَبْلِيَّ أَوْ الْبَعْضَ (مِنْ فَرْضٍ) وَذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ ف (إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ) مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ بِأَنْ فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ (أَوْ رَكَعَ) بِالِانْحِنَاءِ فِي غَيْرِ قِرَاءَةِ كَمَأْمُومٍ أَوْ أُمِّيٍّ (بَطَلَتْ) الصَّلَاةُ الْمَتْرُوكُ مِنْهَا لِفَوَاتِ التَّلَافِي بِالْإِتْيَانِ بِمَا فَاتَ مِنْهَا وَالطُّولُ هُنَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْمَوْضُوعِ أَنْ لَا طُولَ وَالطُّولُ الْمُتَقَدِّمُ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِالصَّلَاةِ (و) حَيْثُ بَطَلَتْ الْأُولَى (أَتَمَّ النَّفَلَ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ الْأُولَى عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً أَمْ لَا أَوْ ضَاقَ وَأَتَمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَإِلَّا قَطَعَ وَأَحْرَمَ بِالْأُولَى (وَقَطَعَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ النَّفْلِ وَهُوَ الْفَرْضُ بِسَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ لَا مَأْمُومٌ (وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ) وَلَوْ بِصُبْحٍ وَجُمُعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ (إنْ عَقَدَ رَكْعَةً) بِسَجْدَتَيْهَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ لِأَنَّهُ يُقْضَى بِخِلَافِ النَّفْلِ فَيُتِمُّهُ إنْ عَقَدَ الرَّكْعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَا يُقْضَى (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةُ وَلَمْ يَرْجِعْ (رَجَعَ) لِإِصْلَاحِ الْأُولَى (بِلَا سَلَامٍ) مِنْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ سَلَّمَ بَطَلَتْ الْأُولَى وَأَمَّا قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ فَالسَّلَامُ مِنْ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا السَّهْوُ وَمَا هُنَا مِنْ أُخْرَى بَعْدَهَا فَيَكْثُرُ الْمُنَافِي ثُمَّ أَشَارَ لِكَوْنِ الْأُولَى نَفْلًا بِوَجْهَيْهِ بِقَوْلِهِ (و) إنْ ذَكَرَ الْقَبْلِيَّ الْمُبْطِلَ تَرَكَهُ أَوْ الْبَعْضَ كَرُكُوعٍ (مِنْ نَفْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى) مُطْلَقًا (كَفِي نَفْلٍ) وَإِنْ دُونَ الْمَذْكُورِ مِنْهُ (إنْ أَطَالَهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ (أَوْ رَكَعَ) وَإِلَّا رَجَعَ لِإِصْلَاحِ الْأُولَى وَلَوْ دُونَ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِلَا سَلَامٍ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الثَّانِيَةِ إذْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إبْطَالَهَا (وَهَلْ) تَبْطُلُ (بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ) مُؤَكَّدَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَى سُنِّيَّتِهَا دَاخِلَةٍ الصَّلَاةَ وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْمُتَعَدِّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عَمْدًا لَكِنَّ التَّرْكَ سَهْوًا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ وَطَالَ دُونَ الْعَمْدِ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ لَا فَرْقَ فِي التَّرْكِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّهُ أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّهُ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لَمْ يُعْرِضْ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ بِالْمَرَّةِ وَإِلَّا فَلَا صِحَّةَ (قَوْلُهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا مُلَاءَمَةَ بَيْنَ عَدَمِ الْبُطْلَانِ وَتَرْكِ السُّجُودِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْوَاوِ كَانَ أَحْسَنَ أَيْ لَا أَقَلَّ فَلَا بُطْلَانَ وَلَا سُجُودَ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَا سُجُودَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ السُّجُودِ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ سُنَّةٌ مُرْتَبِطَةٌ بِالصَّلَاةِ وَتَابِعَةٌ لَهَا وَمِنْ حُكْمِ التَّابِعِ أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَتْبُوعِ بِالْقُرْبِ فَإِذَا بَعُدَ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ يَسْجُدُ وَإِنْ طَالَ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبَطَلَتْ هِيَ بِإِبْرَازِ الضَّمِيرِ لِجَرَيَانِ الْحَالِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَلَعَلَّهُ تَرَكَ الْإِبْرَازَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَإِمَّا لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْوَصْفِ وَإِنَّ الْإِبْرَازَ إنَّمَا يَجِبُ مَعَ الْوَصْفِ دُونَ الْفِعْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَيَّانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) أَيْ فَيَقْطَعُ الْفَذُّ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَيَشْفَعُ إنْ رَكَعَ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ وَمَأْمُومُهُ وَأَمَّا الْمُؤْتَمُّ فَلَا يَقْطَعُ بَلْ يَتَمَادَى وَيُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ فِعْلِ الْأُولَى الَّتِي بَطَلَتْ (قَوْلُهُ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورِ فِيهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ أَنَّ الطُّولَ فِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَة عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ دَاخِلَ الصَّلَاةِ) أَيْ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا (قَوْلُهُ رَجَعَ لِإِصْلَاحِ الْأُولَى) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَأْمُومًا (قَوْلُهُ بِلَا سَلَامٍ مِنْ الثَّانِيَةِ) أَيْ لِئَلَّا يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّلَامِ زِيَادَةً فِي الْأُولَى لِانْسِحَابِ حُكْمِ الصَّلَاةِ الْأُولَى عَلَيْهِ وَلِذَا رَجَعَ هُنَا وَلَوْ مَأْمُومًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَإِذَا أَصْلَحَ الْأُولَى سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُهُ فَإِنْ سَلَّمَ بَطَلَتْ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ غَيْرَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ وَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ الْمَتْرُوكَ فَلَا مَانِعَ مِنْ السَّلَامِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ صَارَ بَعْدِيًّا وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ فِي الَّتِي شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ ذِكْرِ الْبَعْدِيِّ وَأَمَّا فِي ذِكْرِ الْقَبْلِيِّ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ لَهُ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ) أَيْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ غَيْرِ مَأْمُومٍ سُنَّةً فَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ دَاخِلَةٍ الصَّلَاةَ) مُقْتَضَى مَا فِي ح عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي تَرْكِ الْإِقَامَةِ فَانْظُرْ اهـ بْن وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَافَ مُطْلَقًا حَتَّى فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا قَالَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي السُّنَّةِ الْوَاحِدَةِ وَالْمُتَعَدِّدَةِ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الْمَوَّاقُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي السُّنَّةِ الْوَاحِدَةِ وَأَمَّا إنْ تَرَكَ أَكْثَرَ عَمْدًا بَطَلَتْ اتِّفَاقًا عِنْدَهُ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى فَإِنْ قِيلَ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ سُنَّةٌ وَقَدْ قَالُوا إذَا تَرَكَهُ وَطَالَ بَطَلَتْ وَلَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا شَابَهُ بَعْضَ

وَمِثْلُهَا السُّنَّتَانِ الْخَفِيفَتَانِ الدَّاخِلَتَانِ مِنْ فَذٍّ أَوْ إمَامٍ (أَوْ لَا) تَبْطُلُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ (وَلَا سُجُودَ) لِعَدَمِ السَّهْوِ وَإِنَّمَا يَسْتَغْفِرُ (خِلَافٌ) وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي سُنِّيَّتِهَا وَوُجُوبِهَا كَالْفَاتِحَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْجُلِّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَالْبُطْلَانُ اتِّفَاقًا (و) بَطَلَتْ (بِتَرْكِ رُكْنٍ) سَهْوًا (وَطَالَ) التَّرْكُ وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ قَوْلُهُ (كَشَرْطٍ) أَيْ كَتَرْكِهِ مِنْ طَهَارَةٍ أَوْ اسْتِقْبَالٍ أَوْ سِتْرِ عَوْرَةٍ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ (و) حَيْثُ لَمْ يُطِلْ تَرَكَ الرُّكْنَ سَهْوًا (تَدَارَكَهُ) أَيْ أَتَى بِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَكْعَةٍ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ طَالَ (إنْ لَمْ يُسَلِّمْ) مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ بِأَنْ يُسَلِّمَ أَصْلًا أَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَلَطًا فَيَأْتِي بِهِ كَسَجْدَةٍ أَخِيرَةٍ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ فَإِنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَلَوْ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّحْلِيلَ أَمْ لَا فَاتَ تَدَارُكُهُ لِأَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ حَصَلَ بَعْدَ رَكْعَةٍ بِهَا خَلَلٌ فَأَشْبَهَ عَقْدَ مَا بَعْدَهَا فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ إنْ قَرُبَ سَلَامُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ هَذَا الشَّرْطِ وَإِلَّا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ (وَلَمْ يَعْقِدْ) تَارِكُ الرُّكْنِ (رُكُوعًا) مِنْ رَكْعَةٍ أَصْلِيَّةٍ تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ فَإِنْ عَقَدَهُ فَاتَ تَدَارُكُهُ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْكَانِ الصَّلَاةِ تَقَوَّى جَانِبُهُ فَلَمْ يَجْرِ فِيهِ الْخِلَافُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَابِهْ شَيْئًا مِنْ الْأَرْكَانِ فَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ قُوَّةٌ أَوْ يُقَالُ اللَّازِمُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ الْمُرَتَّبِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ تَرْكُ أَمْرَيْنِ السُّجُودُ وَمُوجَبُهُ بِخِلَافِ تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَال إنَّمَا حَكَمُوا بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا السُّنَّتَانِ إلَخْ) أَيْ مِثْلُ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي تَرْكِهَا السُّنَّتَانِ الْخَفِيفَتَانِ الدَّاخِلَتَانِ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا تَبْطُلُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْمُشْتَغِلِ عَنْ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ لِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ قَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَإِنْ شَهَّرَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافٍ وَقَدْ شَنَّعَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى آيَةِ الْوُضُوءِ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ قَالَ إنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْوَاجِبِ فَرْقٌ. (قَوْلُهُ خِلَافٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ كِنَانَةَ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَكَذَا شَهَّرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالثَّانِي لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ فَالْبُطْلَانُ اتِّفَاقًا) فِي حِكَايَتِهِ الِاتِّفَاقَ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ وَعَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَكْثَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ سُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهَا سَهْوًا قِيلَ وَيَخْتَلِفُ إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَوْ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا اهـ بْن . (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الصَّلَاةِ سَهْوًا وَطَالَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَالطُّولُ إمَّا بِالْعُرْفِ أَوْ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا فَلَا يَتَقَيَّدُ الْبُطْلَانُ بِالطُّولِ (قَوْلُهُ وَطَالَ التَّرْكُ) أَيْ بِحَيْثُ فَاتَ تَدَارُكُهُ وَمِثْلُ الطُّولِ بَقِيَّةُ الْمُنَافِيَاتِ كَحَدَثٍ مُطْلَقًا أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ كَلَامٍ عَمْدًا. (قَوْلُهُ عَلَى تَفْصِيلِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ تَرْكَ الشَّرْطِ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي أَبْوَابِ الشُّرُوطِ مِنْ كَوْنِ التَّرْكِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْ مَعَ الْعَجْزِ وَمِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ الْمَتْرُوكِ طَهَارَةَ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ أَوْ سِتْرًا أَوْ اسْتِقْبَالًا فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ وَتَدَارَكَهُ) أَيْ إنْ كَانَ مُمْكِنَ التَّدَارُكِ بِأَنْ كَانَ تَرْكُهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ وَانْعِقَادِهَا كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَالنِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَلَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُصَلٍّ وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ التَّدَارُكِ فِي قَوْلِهِ وَتَارِكُ رُكُوعٍ يَرْجِعُ قَائِمًا إلَخْ. (قَوْلُهُ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ طَالَ) أَيْ لَا عَلَى مَنْطُوقِهِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَدَارُكِ الرُّكْنِ مَعَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَصْلًا) أَيْ كَمَا لَوْ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ وَلَمْ يُسَلِّمْ. (قَوْلُهُ كَسَجْدَةٍ أَخِيرَةٍ) أَيْ فَإِذَا تَرَكَهَا وَسَلَّمَ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْجُلُوسَ إنْ قَامَ مِنْ مَحَلِّهِ وَيَسْجُدُ تِلْكَ السَّجْدَةَ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ وَيَسْجُدُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَلَوْ مِنْ اثْنَتَيْنِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ السَّلَامَ يُفِيتُ التَّدَارُكَ وَلَوْ كَانَ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَمَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَدَلَهَا وَلَا يَتَدَارَكُهُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ عبق وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ النُّقُولِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ هَذَا شَرْطٌ فِي تَدَارُكِ الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَعْقِدْ إلَخْ شَرْطٌ فِي تَدَارُكِهِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَحِينَئِذٍ فَالسَّلَامُ مِنْ اثْنَتَيْنِ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ لَا يُفِيتُ تَدَارُكَ الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّ السَّلَامَ يُفِيتُ تَدَارُكَ الرُّكْنِ مِنْ الْأَخِيرَةِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجُلُوسُ بِقَدْرِ السَّلَامِ فَإِذَا سَلَّمَ سَهْوًا وَهُوَ رَافِعٌ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ فَلَا يُفِيتُهُ السَّلَامَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَجْلِسُ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ قَرُبَ تَذَكُّرُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَيْ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ عَلَى مَفْهُومِ هَذَا الشَّرْطِ) أَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ) أَيْ وَإِلَّا يَقْرَبْ سَلَامَهُ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَقَدَهُ) أَيْ تَارِكُ الرُّكْنِ الَّذِي فَاتَ تَدَارُكُهُ وَأَمَّا لَوْ عَقَدَ الْإِمَامُ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِرَكْعَةِ النَّقْصِ وَكَانَ الْمَأْمُومُ التَّارِكَ لِلرُّكْنِ لَمْ يَعْقِدْهُ فَلَا يَفُوتُ عَقْدُ الْإِمَامِ تَدَارُكَ

كَمَا يَأْتِي فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ هَذَا الشَّرْطِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْأَصْلِيَّةِ عَقْدُ خَامِسَةٍ تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ سَهْوًا فَلَا يَمْنَعُ عَقْدَهَا تَدَارُكُ مَا تَرَكَهُ مِنْ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُرْمَةٌ فَيَرْجِعُ لِتَكْمِيلِ رَكْعَةِ النَّقْصِ (وَهُوَ) أَيْ عَقْدُ الرُّكُوعِ الْمُفِيتِ لِتَدَارُكِ الرُّكْنِ الْمُوجِبِ لِبُطْلَانِ رَكْعَتِهِ (رَفْعُ رَأْسٍ) مِنْ الرُّكُوعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا فَإِنْ رَفَعَ دُونَهُمَا فَكَمَنْ لَمْ يَرْفَعْ لَا مُجَرَّدَ الِانْحِنَاءِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (إلَّا) فِي عَشْرِ مَسَائِلَ فَيُوَافِقُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِيهَا أَشْهَبُ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (لِتَرْكِ رُكُوعٍ) مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا سَهْوًا (ف) يَفُوتُ تَدَارُكُهُ (بِالِانْحِنَاءِ) فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فِي انْحِنَائِهِ فَتَبْطُلُ رَكْعَةُ النَّقْصِ وَتَقُومُ هَذِهِ مَقَامَهَا وَتَرْكُ الرُّكُوعِ يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ فَقَطْ فَيَدْخُلُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يُفِيتُهُ الِانْحِنَاءُ وَإِنَّمَا يُفِيتُهُ رَفْعُ الرَّأْسِ فَإِذَا ذَكَرَهُ مُنْحَنِيًا رَفَعَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الرُّكُوعِ السَّابِقِ وَأَعَادَ السُّجُودَ لِبُطْلَانِهِ (كَسِرٍّ) تَرَكَهُ بِمَحَلِّهِ وَأَبْدَلَهُ بِجَهْرٍ وَلَمْ يَتَذَكَّرْهُ حَتَّى انْحَنَى وَمِثْلُهُ تَرْكُ الْجَهْرِ وَالسُّورَةِ وَالتَّنْكِيسِ بِأَنْ يُقَدِّمَ السُّورَةَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى انْحَنَى (وَتَكْبِيرِ عِيدٍ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا (وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ) تَفُوتُ بِانْحِنَائِهِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَرَأَهَا فِيهَا (وَذِكْرِ بَعْضٍ) مِنْ صَلَاةٍ أُخْرَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ وَتَقَدَّمَ سَبْعَةٌ بِمَا زِدْنَاهُ وَشَمِلَ ذِكْرُ الْبَعْضِ سِتَّ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْبَعْضُ أَوْ الْقَبْلِيُّ مِنْ فَرْضٍ وَذَكَرَهُمَا فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَمَا إذَا كَانَا مِنْ نَفْلٍ وَذَكَرَهُمَا فِي نَفْلٍ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا ذَكَرَهُمَا فِي فَرْضٍ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِي فَوَاتِهِمَا مِنْهُ طُولٌ وَلَا رُكُوعٌ كَمَا مَرَّ وَأَشَارَ لِلْعَاشِرَةِ بِقَوْلِهِ (و) ك (إقَامَةِ مَغْرِبٍ) لِرَاتِبِ مَسْجِدٍ (عَلَيْهِ وَهُوَ) مُلْتَبِسٌ (بِهَا) أَيْ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ الِانْحِنَاءَ فِي الثَّالِثَةِ يُفِيتُ الْقَطْعَ وَالدُّخُولَ مَعَ الْإِمَامِ وَيُوجِبُ الْإِتْمَامَ فَإِنْ لَمْ يَحْنِ فِيهَا قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ وَهُوَ بِهَا وَقَدْ أَتَمَّ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ بِسُجُودِهِمَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَغْرِبِ فَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَقَالَ (و) إنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَاتَ التَّدَارُكُ لِلرُّكْنِ و (بَنَى) عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَأَلْغَى رَكْعَةَ النَّقْصِ وَأَتَى بَدَلَهَا بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ (إنْ قَرُبَ) تَذَكُّرُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ بِالْعُرْفِ خَرَجَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الْمَأْمُومِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ. (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى لِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ. (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَكَمَنْ لَمْ يَرْفَعْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي بِالرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إنَّ عَقْدَ الرُّكُوعِ الْمُفِيتِ لِتَدَارُكِ الرُّكْنِ مُجَرَّدُ الِانْحِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ. (قَوْلُهُ فَيُوَافِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا أَشْهَبَ) أَيْ فَيَقُولُ فِيهَا بِقَوْلِهِ مِنْ أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ الْمُفِيتَ لِلتَّدَارُكِ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ وَظَاهِرُ كَلَامِ شب أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُفِيتُهُ الِانْحِنَاءَ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُفِيتُهُ رَفْعُ الرَّأْسِ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا ذَكَرَهُ) أَيْ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ حَالَ كَوْنِهِ مُنْحَنِيًا فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِرَكْعَةِ النَّقْصِ. (قَوْلُهُ حَتَّى انْحَنَى) أَيْ فَإِنَّهُ يُفِيتُ التَّدَارُكَ وَيَلْزَمُهُ السُّجُودُ. (قَوْلُهُ تَرَكَ الْجَهْرَ) أَيْ بِمَحِلِّهِ وَأَبْدَلَهُ بِسِرٍّ. (قَوْلُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا) أَيْ تَرَكَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى انْحَنَى فَإِنَّهُ يَفُوتُ تَدَارُكُ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ لِمَا تَرَكَهُ. (قَوْلُهُ وَذِكْرِ بَعْضٍ) أَيْ فَإِذَا ذَكَرَ بَعْضَ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ أَوْ سُجُودًا قَبْلِيًّا مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ كَانَ الْبَعْضُ أَوْ السُّجُودُ مِنْ نَافِلَةٍ وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي نَافِلَةٍ أُخْرَى بَعْدَ انْحِنَائِهِ لِلرُّكُوعِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ لِإِكْمَالٍ الْأُولَى وَتَبْطُلُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْبَعْضُ) أَيْ الْمَتْرُوكُ سَهْوًا. (قَوْلُهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) أَيْ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ. (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُمَا فِي نَفْلٍ) أَيْ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ. (قَوْلُهُ مَا إذَا ذَكَرَهُمَا فِي فَرْضٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مِنْ نَفْلٍ (قَوْلُهُ فِي فَوَاتِهِمَا) أَيْ فَوَاتِ الْبَعْضِ وَالْقَبْلِيِّ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ النَّفْلِ. (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ نَفْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ فَإِنَّ الِانْحِنَاءَ فِي الثَّالِثَةِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بِهَا إجْمَالٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الِانْحِنَاءَ يُفِيتُ الْقَطْعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بَيَّنَ الشَّارِحُ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ الِانْحِنَاءَ إلَخْ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ جَدّ عج. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْحَنِ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّالِثَةِ بَلْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي قِيَامِهَا أَوْ فِي الْجُلُوسِ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ فِي قِيَامِهِ لِلثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ) أَيْ وَأَمَّا إنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ بِسُجُودِهِمَا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا يُفِيتُهُ الِانْحِنَاءَ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ قَصْدًا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ. (قَوْلُهُ فَاتَ التَّدَارُكُ لِلرُّكْنِ) أَيْ الْمَتْرُوكِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ طُولٌ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ سَهَا عَنْ رَكْعَةٍ أَوْ عَنْ سَجْدَةٍ أَوْ عَنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَام بَنَى فِيمَا قَرُبَ وَإِنْ تَبَاعَدَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ مَا نَصُّهُ حَدُّ الْقُرْب عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّفَّانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ أَوْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِد اهـ نَقَلَهُ طفى وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ طُولٌ بِاتِّفَاقٍ وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى بَابِهَا لِلْجَمْعِ لَا بِمَعْنَى أَوْ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ

الْمَسْجِدِ أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) عِنْدَ أَشْهَبَ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَإِنْ طَالَ بِالْعُرْفِ أَوْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ بَطَلَتْ وَاسْتَأْنَفَهَا فَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ فَالطُّولُ عِنْدَ الثَّانِي أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَكَان لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ فَإِنْ مَكَثَ مَكَانَهُ فَالطُّولُ بِالْعُرْفِ اتِّفَاقًا وَبَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْبِنَاءِ بِقَوْلِهِ (بِإِحْرَامٍ) أَيْ بِنِيَّةِ الْإِكْمَالِ وَتَكْبِيرٍ وَلَوْ قَرُبَ الْبِنَاءُ وَجَدَا وَنُدِبَ رَفْعُ يَدَيْهِ عِنْدَهُ (وَلَمْ تَبْطُلْ) الصَّلَاةُ (بِتَرْكِهِ) أَيْ الْإِحْرَامِ (وَجَلَسَ لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لِيَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السَّلَامِ لِأَنَّهُ الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا الصَّلَاةَ وَأَمَّا قِيَامُهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فَلَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الصَّلَاةِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُكَبِّرُ مِنْ قِيَامٍ وَلَا يَجْلِسُ لَهُ وَلِمَنْ قَالَ يُكَبِّرُ مِنْ قِيَامٍ ثُمَّ يَجْلِسُ. وَلِمَا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا فَإِنَّهُ يَتَدَارَكُهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا وَإِلَّا فَاتَ التَّدَارُكُ كَانَ مَظِنَّةَ سُؤَالٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الرُّكْنُ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ فَلَوْ كَانَ هُوَ السَّلَامَ الَّذِي لَا رُكْنَ بَعْدَهُ فَمَا حُكْمُهُ فَأَشَارَ إلَى جَوَابِهِ وَأَنَّهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ بِقَوْلِهِ وَأَعَادَ تَارِكُ (السَّلَامِ) سَهْوًا (التَّشَهُّدَ) اسْتِنَانًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ جَالِسًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ بَعْدَ تَشَهُّدٍ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَهَذَا إذَا طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ بَعْدَ سَلَامِهِ بِلَا إعَادَةِ تَشَهُّدٍ (إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ) انْحِرَافًا كَثِيرًا بِلَا طُولٍ أَصْلًا فَإِنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا اعْتَدَلَ وَسَلَّمَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبَعًا لِغَيْرِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ بِرِجْلَيْهِ مَعًا بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ أَصْلًا أَوْ خَرَجَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ طَالَ بِالْعُرْفِ) مِثْلُهُ خُرُوجُ الْحَدَثِ وَحُصُولُ بَقِيَّةِ الْمُنَافِيَاتِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ. (قَوْلُهُ أَوْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ) أَيْ بِرِجْلَيْهِ مَعًا وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا أَوْ صَلَّى بِإِزَاءِ بَابِهِ. (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ) أَيْ بِمَنْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَرَى أَفْعَالَ الْإِمَامِ وَلَا الْمَأْمُومِينَ وَلَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ وَلَا قَوْلَهُمْ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَحْصُلُ بِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِ وَبِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِمْ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ رَفْعُ يَدَيْهِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ التَّكْبِيرِ. (قَوْلُهُ أَيْ الْإِحْرَامِ) أَيْ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا اتِّفَاقًا قَالَهُ عبق قَالَ بْن وَفِي الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ بَلْ النِّيَّةُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّلَامَ مَعَ اعْتِقَادِ الْكَمَالِ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا فَلَا يُحْتَاجُ عِنْدَهُ إلَى نِيَّةٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَالتَّوْضِيحَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِلْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وُجُوبُ الْإِحْرَامِ وَلَوْ قَرُبَ الْبِنَاءُ جِدًّا وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْإِحْرَامِ إنْ قَرُبَ جِدًّا وَالظَّاهِرُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ لَا فِي التَّكْبِيرِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ عبق اهـ كَلَامُهُ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا قَائِلًا الَّذِي تُفِيدُهُ النُّقُولُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا أَنَّ اخْتِلَافَ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ لَا فِي التَّكْبِيرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَجَلَسَ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ لِأَنَّهُ الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا الصَّلَاةَ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ شَبْلُونٍ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن وَقَوْلُهُ وَجَلَسَ لَهُ أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ خَالَفَ وَأَحْرَمَ قَائِمًا فَالصِّحَّةُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ يُحْرِمُ قَائِمًا وَإِنْ جَلَسَ لِلْإِحْرَامِ يَجْلِسُ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ بَعْدَ جُلُوسِهِ ثُمَّ يَسْتَقِلُّ قَائِمًا مُكَبِّرًا لِيَأْتِيَ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي بَطَلَتْ وَقَوْلُهُ إنْ تَذَكَّرَ إلَخْ شَرْطٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجَلَسَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ قَالَ يُكَبِّرُ مِنْ قِيَامٍ ثُمَّ يَجْلِسُ) أَيْ ثُمَّ يَسْتَقِلُّ قَائِمًا لِيَأْتِيَ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ عَنْ رَكْعَةِ النَّقْصِ وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا سَلَّمَ مِنْ الْأَخِيرَةِ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ تَارِكًا لِرُكْنٍ مِنْهَا وَتَذَّكَّرهُ بَعْدَ قِيَامِهِ وَيَجْرِي أَيْضًا فِيمَا إذَا سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُك رُكْنًا وَتَذَكَّرَ عَدَمَ كَمَالِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قِيَامِهِ وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ مِنْ وَاحِدَةٍ تَامَّةٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ تَامَّاتٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِحَالَةِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَيُحْرِمُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَهَا فِيهَا وَلَا يَجْلِسُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ تَذَكَّرَ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ تَذَكَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ. (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا) أَيْ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ. (قَوْلُهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ سَلَامِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا فَارَقَ مَوْضِعَهُ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الطُّولِ الْمُتَوَسِّطِ فَجَزَمَ صَاحِبُ شَرْحِ الْمُرْشِدِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ طُولٌ بِمَحَلٍّ يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ اهـ بْن وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ

فَإِنْ طَالَ كَثِيرًا وَهُوَ خَامِسُ الْأَقْسَامِ بَطَلَتْ (وَرَجَعَ) (تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ) أَيْ جُلُوسِ غَيْرِ السَّلَامِ سَهْوًا لِيَأْتِيَ بِهِ (إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) جَمِيعًا بِأَنْ بَقِيَ بِالْأَرْضِ وَلَوْ يَدًا أَوْ رُكْبَةً (وَلَا سُجُودَ) لِهَذَا الرُّجُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ جَمِيعًا (فَلَا) يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ (وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ) وَلَوْ عَمْدًا (وَلَوْ اسْتَقَلَّ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ) وُجُوبًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنْ كَانَ إمَامًا وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِرُجُوعِهِ فَيَتَشَهَّدُ فَإِنْ قَامَ بِلَا تَشَهُّدٍ عَمْدًا بَطَلَتْ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِهَا بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ (وَسَجَدَ) لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ وَالسُّجُودِ بَعْدَهُ قَوْلُهُ (كَنَفْلٍ) قَامَ فِيهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا و (لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ) فَيَرْجِعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَقَدَهَا سَهْوًا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا (كَمَّلَ أَرْبَعًا) وُجُوبًا إلَّا الْفَجْرَ وَالْعِيدَ وَالْكُسُوفَ وَالِاسْتِسْقَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبَعًا لعبق مِنْ السُّجُودِ لِأَنَّ الطُّولَ إنَّمَا يُشْرَعُ فِي التَّشَهُّدِ لِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ وَلَا نُسَلِّم أَنَّ مُجَرَّدَ الطُّولِ مَشْرُوعٌ خُصُوصًا مَعَ الذُّهُولِ وَلِذَا احْتَاجَ فِي رُجُوعِهِ لِإِحْرَامٍ وَأَعَادَ التَّشَهُّدَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ طَالَ كَثِيرًا بَطَلَتْ) أَيْ لِقَوْلِهِ وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ وَسَوَاءٌ انْحَرَفَ فِي هَذَا الْقِسْمِ عَنْ الْقِبْلَةِ أَوْ لَا، فَارَقَ مَكَانَهُ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إلَخْ) الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ أَنَّ الرُّجُوعَ سُنَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِلنَّقْصِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِع عَمْدًا جَرَى عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا وَمَا نَسَبَهُ عبق لح مِنْ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ قَوْلَانِ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ جُلُوسُ غَيْرِ السَّلَامِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ بِأَنْ بَقِيَ بِالْأَرْضِ) أَيْ يَدَاهُ أَوْ رُكْبَتَاهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي يَدًا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ) لِأَنَّهُ تَلَبَّسَ بِرُكْنٍ فَلَا يَقْطَعُهُ لِمَا دُونَهُ وَالرُّجُوعُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِالِاعْتِدَادِ بِرُجُوعِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ أَمَّا هُوَ إذَا قَامَ وَحْدَهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَاسْتَقَلَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَيُفْهَمُ هَذَا بِالْأَحْرَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ) أَيْ لِنَقْصِ الْجُلُوسِ وَالتَّشَهُّدِ. (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ) أَيْ لِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الْفَاتِحَةِ بِخِلَافِ مَنْ رَجَعَ مِنْ الرُّكُوعِ لِلسُّورَةِ أَوْ لِفَضِيلَةِ الْقُنُوتِ لِغَيْرِ اتِّبَاعِ إمَامٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ عَمْدًا) هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ اتِّفَاقًا بَلْ وَكَذَا إنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ سَهْوًا فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا وَأَمَّا عَمْدًا فَعَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلْفَاكِهَانِيِّ الْقَائِلِ بِالْبُطْلَانِ لِرُجُوعِهِ مِنْ فَرْضٍ إلَى سُنَّةٍ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ مُرَاعَاةُ مَنْ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ وَعَدَمَ الِاتِّفَاقِ عَلَى فَرْضِيَّةِ الرُّكْنِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَقَلَّ) مِثْلُ الرُّجُوعِ بَعْدَ الِاسْتِقْلَالِ الرُّجُوعُ بَعْدَ قِرَاءَةٍ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَمَّا لَوْ قَرَأَهَا كُلَّهَا وَرَجَعَ فَالْبُطْلَانُ (قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ) أَيْ فِي رُجُوعِهِ إذَا لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِ إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِهِمَا وَفِي رُجُوعِهِ لَوْ خَالَفَ وَرَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ فَإِنْ خَالَفَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ بَطَلَتْ لِلْعَامِدِ وَالْجَاهِلِ لَا لِلسَّاهِي وَالْمُتَأَوِّلِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ التَّارِكُ لِلْجُلُوسِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَامَ) أَيْ بَعْدَ رُجُوعِهِ بِلَا تَشَهُّدٍ إلَخْ بَطَلَتْ أَيْ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَسَجَدَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ) وَهِيَ قِيَامُهُ سَهْوًا وَذَلِكَ لِأَنَّ رُجُوعَهُ وَتَشَهُّدَهُ مُعْتَدٌّ بِهِمَا فَقَدْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا قِيَامُهُ سَهْوًا وَهُوَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ فَلْيَسْجُدْ لَهَا بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِأَنْ فَارَقَ الْأَرْضَ فَقَطْ وَرَجَعَ وَفِيمَا إذَا اسْتَقَلَّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ فِي الْأُولَى بِعَدَمِ السُّجُودِ لِيَسَارَةِ الزِّيَادَةِ وَخِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ قَالَ إنَّ رُجُوعَهُ بَعْدَ الِاسْتِقْلَالِ حَرَامٌ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فَإِذَا رَجَعَ وَتَشَهَّدَ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِمَا طُلِبَ مِنْهُ مِنْ الْجُلُوسِ وَالتَّشَهُّدِ إذْ مَا فَعَلَهُ مِنْهُمَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَمَعَهُ نَقْصُ التَّشَهُّدِ وَزِيَادَةُ الْقِيَامِ وَحِينَئِذٍ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ وَيَسْجُدُ بَعْدَهُ) فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ كَذَا قَالَ عبق قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ الصَّوَابُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِجَوَازِ النَّفْلِ أَرْبَعًا بَلْ نَحْنُ نَقُولُ بِهِ غَايَتُهُ الْكَرَاهَةُ وَمُخَالَفَةُ الْأَفْضَلِ لَا تَقْتَضِي الْبُطْلَانَ اهـ ثُمَّ إنَّ عبق جَزَمَ هُنَا بِالْبُطْلَانِ وَتَرَدَّدَ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا إذَا قَامَ لِثَالِثَةٍ فِي النَّفْلِ عَمْدًا فَانْظُرْ هَلْ لَا تَبْطُلُ إلَخْ قَالَ بْن وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ رَعْيًا لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ النَّفْلِ أَرْبَعًا وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش أَنَّهُ إذَا قَامَ لِثَالِثَةٍ فِي النَّفْلِ عَمْدًا فَالْبُطْلَانُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِتَعَمُّدٍ

لِأَنَّ زِيَادَةَ مِثْلِهَا يُبْطِلُهَا (و) يَرْجِعُ وُجُوبًا (فِي) قِيَامِهِ فِي النَّفْلِ إلَى (الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا) عَقَدَهَا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعَى مِنْ الْخِلَافِ إلَّا مَا قَوِيَ وَاشْتُهِرَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَرْبَعِ قَوِيٌّ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ (وَسَجَدَ قَبْلُ فِيهِمَا) أَيْ فِي تَكْمِيلِهِ أَرْبَعًا وَفِي قِيَامِهِ لِخَامِسَةٍ لِنَقْصِ السَّلَامِ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ نَقَصَ السَّلَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ حَالَ تَكْمِيلِهِ أَرْبَعًا نَظَرًا لِمَنْ يَقُولُ بِهِ وَكَانَ السَّلَامُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ التَّدَارُكِ حَيْثُ أَمْكَنَ بِقَوْلِهِ (وَتَارِكُ رُكُوعٍ) سَهْوًا (يَرْجِعُ) لَهُ (قَائِمًا) لِيَنْحَطَّ لَهُ مِنْ قِيَامٍ (وَنُدِبَ) لَهُ (أَنْ يَقْرَأَ) شَيْئًا مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لِيَكُونَ رُكُوعُهُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ وَتَارِكُ رَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ يَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا حَتَّى يَصِلَ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ يَرْفَعُ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ وَقِيلَ يَرْجِعُ لَهُ قَائِمًا لِيَنْحَطَّ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ (و) تَارِكُ (سَجْدَةٍ) (يَجْلِسُ) لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَسَجْدَةٍ وَقَدْ رَجَعَ فِي حَاشِيَةِ عبق عَنْ هَذَا لَمَّا قَالَهُ بْن لِأَنَّ غَايَتَهُ كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَمُخَالَفَةُ الْأَفْضَلِ لَا تَقْتَضِي الْبُطْلَانَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ زِيَادَةَ مِثْلِهَا يُبْطِلُهَا) أَيْ لِأَنَّهَا نَفْلٌ مَحْدُودٌ بِحَدٍّ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ فِي قِيَامِهِ إلَى الْخَامِسَةِ) أَيْ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ يَشْفَعُ الْخَمْسَ وَالسَّبْعَ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ فِي الْأَرْبَعِ) أَيْ وَالْخِلَافُ الْمَوْجُودُ عِنْدَنَا فِي الْمَذْهَبِ بِجَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ قَوِيٌّ فَيَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْأَرْبَعِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ النَّفْلِ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ وَثَمَانِ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ شَفْعِ الْخَمْسِ وَالسَّبْعِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِع) أَيْ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ حِينَ قَامَ لِخَامِسَةٍ (قَوْلُهُ لِنَقْصِ السَّلَامِ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلِوُجُودِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا فِي صُورَةِ مَا إذَا قَامَ لِخَامِسَةٍ وَأُورِدَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ السَّلَامُ يَسْجُدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّهُ نَقَصَ السَّلَامَ مِنْ مَحَلِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْفَرَائِضِ مَحْضُ تَعَدٍّ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ بِاتِّفَاقٍ فَكَانَ السَّلَامُ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي النَّفْلِ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ فَهُنَاكَ مَنْ يَقُولُ النَّفَلُ أَرْبَعٌ وَعِنْدَنَا أَنَّهُ اثْنَتَانِ فَهُوَ قَدْ نَقَصَ السَّلَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ عِنْدَنَا حَالَ تَكْمِيلِهِ أَرْبَعًا وَلَا يُقَالُ السَّلَامُ فَرْضٌ وَهُوَ لَا يَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ لِأَنَّا نَقُولُ مُرَاعَاةُ كَوْنِ النَّفْلِ أَرْبَعًا يَصِيرُ السَّلَامُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَسُنَّةٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ تَرْكَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَارِكُ رُكُوعٍ سَهْوًا) أَيْ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِرَكْعَةِ النَّقْصِ. (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لَهُ قَائِمًا) أَيْ لِأَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ وَهَذَا إذَا تَذَكَّرَهُ وَهُوَ فِي السُّجُودِ أَوْ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ رَافِعٌ مِنْ السُّجُودِ وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَهُ وَهُوَ قَائِمٌ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ حَالًا وَقَوْلُهُ يَرْجِعُ قَائِمًا فَلَوْ خَالَفَ وَرَجَعَ مُحْدَوْدِبًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ إنَّ تَارِكَ الرُّكُوعِ يَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا لَا قَائِمًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا) أَيْ قَبْلَ الِانْحِطَاطِ لَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ لَا مِنْهَا لِأَنَّ تَكْرِيرَهَا حَرَامٌ وَلَا يُرْتَكَبُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقْرَأُ السُّورَةَ وَلَوْ كَانَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ إنْ كَانَ الْمَحَلُّ لَهَا وَإِلَّا فَلَا يَقْرَأُ شَيْئًا أَصْلًا وَفِي المج وعبق وَنُدِبَ قِرَاءَتُهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا تَكْرَارَ الْفَاتِحَةِ وَقِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِضَرُورَةِ أَنَّ شَأْنَ الرُّكُوعِ أَنْ يُعْقِبَ قِرَاءَةً فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا) هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فَلَوْ خَالَفَ وَرَجَعَ قَائِمًا لَمْ تَبْطُلْ مُرَاعَاةً لِلْمُقَابِلِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْبُطْلَانِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَرْجِعُ لَهُ قَائِمًا) أَيْ كَتَارِكِ الرُّكُوعِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فَيَقُولُ أَنَّهُ يَرْجِعُ قَائِمًا بِقَصْدِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَسْجُدُ بَعْدَ ذَلِكَ الرَّفْعِ فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَنْ يَنْحَطَّ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ فَإِذَا رَجَعَ إلَى الْقِيَامِ وَانْحَطَّ مِنْهُ إلَى السُّجُودِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَقْرَأ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّهُ يَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا وَلَا قِرَاءَةَ فِي الرُّكُوع وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلِأَنَّهُ يَرْجِعُ قَائِمًا بِقَصْدِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَا قِرَاءَةَ فِي الْقِيَامِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ وَتَارِكُ سَجْدَةٍ) أَيْ سَهْوًا تَذَكَّرَهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ. (قَوْلُهُ وَسَجْدَةٍ) عُطِفَ عَلَى رُكُوعٍ

إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَنْحَطُّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ ثُمَّ يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ فَعَلَهَا أَوَّلًا بِأَنْ كَانَ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فَعَلَ الْأُولَى ثُمَّ سَجَدَ بِقَصْدِ الثَّانِيَةِ (لَا) تَارِكُ (سَجْدَتَيْنِ) ثُمَّ ذَكَرَهُمَا فِي قِيَامِهِ فَلَا يَجْلِسُ لَهُمَا بَلْ يَنْحَطُّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ (وَلَا يَجْبُرُ رُكُوعَ أُولَاهُ) الْمَنْسِيَّ سَجَدَتَاهُ (بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ) الْمَنْسِيِّ رُكُوعُهَا لِأَنَّهُ فَعَلَهُمَا بِنِيَّةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَنْصَرِفَانِ لِلْأُولَى فَإِنْ ذَكَرَهُمَا جَالِسًا أَوْ سَاجِدًا قَامَ لِيَنْحَطَّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَام فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ فَقَدْ نَقَصَ الِانْحِطَاطُ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْحِطَاطَ لِلسُّجُودِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ بِالسُّجُودِ (وَبَطَلَ) (بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ) تَرَكَهَا (مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثَةِ (الْأُوَلِ) لِفَوَاتِ تَدَارُكِ إصْلَاحِ كُلِّ رَكْعَةٍ بِعَقْدِ الَّتِي بَعْدَهَا وَتَصِيرُ الرَّابِعَةُ أُولَى فَيَتَدَارَكُهَا بِأَنْ يَسْجُدَ سَجْدَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ يَجْلِسُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ يَرْجِعُ قَائِمًا فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَارِكٌ لَكِنَّ جِهَةَ الْمَعْمُولِيَّةِ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عَمِلَ فِيهِ بِالْإِضَافَةِ وَالثَّانِي عَمِلَ فِيهِ بِالْخَبَرِيَّةِ وَقَدْ سَبَقَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّ اخْتِلَافَ الْجِهَةِ هَلْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ اخْتِلَافِ الْعَامِلِ أَمْ لَا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَسَجْدَةٍ مُضَافًا لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَتَارِكِ سَجْدَةٍ فَحُذِفَ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى حَالِهِ وَالشَّرْطُ مَوْجُودٌ وَهُوَ كَوْنُ الْمَحْذُوفِ مُمَاثِلًا لِمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ) أَيْ إنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ الْمَتْرُوكَةُ الثَّانِيَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَنْحَطُّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُ الْأُولَى وَفِعْلُ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ أَتَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأُولَى قَطْعًا وَلَوْ جَلَسَ قَبْلَهَا فَجُلُوسُهُ مَلْغِيٌّ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَا يُصَيِّرُهَا الْجُلُوسُ قَبْلَهَا ثَانِيَةً وَلَا فِعْلُهُ لَهَا بِقَصْدِ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَهُوَ وَاضِحٌ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ قِيلَ إنَّهُ يَرْجِعُ لِلْجُلُوسِ مُطْلَقًا وَيَسْجُدُ وَقِيلَ إنَّهُ يَرْجِعُ سَاجِدًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بِأَنْ يَنْحَطَّ لِلسَّجْدَةِ مِنْ قِيَامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَقِيلَ إنْ كَانَ جَلَسَ أَوَّلًا قَبْلَ نَهْضَتِهِ لِلْقِيَامِ وَبَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى كَمَا إذَا سَجَدَ أَوَّلًا وَجَلَسَ بَعْدَ تِلْكَ السَّجْدَةِ ثُمَّ قَامَ وَلَمْ يَسْجُدْ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ لَا يَجْلِسُ بَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا بِغَيْرِ جُلُوسٍ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجْلِسْ قَبْلَ نَهْضَتِهِ لِلْقِيَامِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالثَّانِي رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّالِثُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ يَرْجِعُ جَالِسًا مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ التَّوْضِيحِ مَحَلُّ كَوْنِ تَارِكِ السَّجْدَةِ يَرْجِعُ جَالِسًا إذَا لَمْ يَكُنْ جَلَسَ أَوَّلًا وَإِلَّا خَرَّ سَاجِدًا بِغَيْرِ جُلُوسٍ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِلْمُعْتَمَدِ فَلَا نُسَلِّمُ حِكَايَتَهُ الِاتِّفَاقَ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ يَجْلِسُ لَوْ خَالَفَ وَرَجَعَ سَاجِدًا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ فَاسْتَظْهَرَ خش فِي كَبِيرِهِ الْبُطْلَانَ لِأَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضٌ قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ مُرَاعَاةً لِمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ يَخِرُّ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ وَلَا يَجْلِسُ (قَوْلُهُ بَلْ يَنْحَطُّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ) فَلَوْ فَعَلَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ فَلَا بُطْلَانَ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ فَالِانْحِطَاطُ لَهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وح عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ فَالِانْحِطَاطُ لَهُمَا وَاجِبٌ فَكَيْفَ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَعَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا سُنَّةٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمِثْلِ مَا مَرَّ فِي سَلَامِ النَّفْلِ بِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ صَيَّرَهَا كَالسُّنَّةِ فَلِذَا جُبِرَ بِالسُّجُودِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجْبُرُ رُكُوعَ أُوْلَاهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الرُّكُوعَ الْحَاصِلَ مِنْهُ أَوَّلًا لَا يُضَمُّ إلَى سُجُودِ ثَانِيَتِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَجْمُوعُ كُلُّهُ رَكْعَةً فَأَرَادَ بِالْجَبْرِ الضَّمَّ. (قَوْلُهُ الْمَنْسِيَ سَجْدَتَاهُ) هَذَا الْحَلُّ حَلَّ بِهِ حُلُولُو وَحَلَّ الْمَوَّاقُ بِحَلٍّ آخَرَ حَيْثُ صَوَّرَهُ بِمَا إذَا تَرَكَ سَجْدَةً فَقَطْ مِنْ الْأُولَى وَأَتَى بِرُكُوعٍ وَسَجْدَةٍ وَتَرَكَ الرُّكُوعَ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ لَهَا فَلَا يُجْبَرُ الرُّكُوعُ فِي الْأُولَى بِشَيْءٍ مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ بِقَصْدِ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ لَهَا بَلْ يَأْتِي بِسَجْدَةٍ يُصْلِحُ بِهَا الْأُولَى وَيَبْنِي عَلَيْهَا فَالْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ حَلَّ حُلُولُو هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمَتْنِ فَالْأَنْسَبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ ذَكَرَهُمَا) أَيْ سَجْدَتَيْ أُولَاهُ جَالِسًا أَوْ سَاجِدًا إلَخْ أَيْ وَأَمَّا إنْ ذَكَرَهُمَا وَهُوَ قَائِمٌ انْحَطَّ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ الْقِيَامِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ السَّجْدَتَيْنِ الْوَاقِعَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ لِيَنْحَطَّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ) أَيْ لِأَجْلِ إصْلَاحِ الْأُولَى لِأَنَّ التَّدَارُكَ لَا يَفُوتُ إلَّا بِالرُّكُوعِ وَلَا رُكُوعَ هُنَا (قَوْلُهُ فَيَتَدَارَكُهَا بِأَنْ يَسْجُدَ سَجْدَةً) أَيْ ثُمَّ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسَ

إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَإِلَّا بَطَلَتْ (و) إنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ وَعَقَدَ الَّتِي بَعْدَهَا (رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى بِبُطْلَانِهَا) بِتَرْكِ الرُّكْنِ مِنْهَا وَفَوَاتِ التَّدَارُكِ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ (لِفَذٍّ وَإِمَامٍ) وَتَنْقَلِبُ رَكَعَاتُ مَأْمُومِهِ تَبَعًا لَهُ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ نَقَصَ وَزَادَ وَبَعْدَهُ إنْ زَادَ وَكَذَا تَرْجِعُ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً بِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةُ ثَالِثَةً وَمَفْهُومُ بِفَذٍّ وَإِمَامٍ أَنَّ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ لَا تَنْقَلِبُ حَيْثُ سَلِمَتْ رَكَعَاتُ إمَامِهِ بَلْ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا لِأَنَّ صَلَاته مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ فَيَأْتِي بِبَدَلِ مَا بَطَلَ عَلَى صِفَتِهِ مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ بِسُورَةٍ أَوْ بِغَيْرِ سُورَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَإِنْ) (شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا) (سَجَدَهَا) مَكَانه لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَإِذَا سَجَدَهَا فَقَدْ تَيَقَّنَ سَلَامَةَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَصَارَ الشَّكُّ فِيمَا قَبْلَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَخْلُو ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةً وَهِيَ الرَّكَعَاتُ الْأُوَلُ الْمَلْغِيَّةُ وَنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ الرَّابِعَةِ الَّتِي صَارَتْ أُولَى وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الثَّمَانِ سَجَدَاتٍ أَصْلَحَ رُكُوعَ الرَّابِعَةِ بِسَجْدَتَيْنِ وَبَنَى عَلَيْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَعَ أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَفَاحُشِ النَّقْصِ أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ فَوَاتِ التَّدَارُكِ بِرَكْعَةٍ طَرَأَ فِيهَا فَسَادٌ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ لِأَنَّ بِالسَّلَامِ فَاتَ تَدَارُكُ الْأَخِيرَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْقُرْبِ وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الْأَخِيرَةِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْأَمْرُ بِالْقُرْبِ فَإِنَّهُ يَبْنِي وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْضُ الرَّكَعَاتِ صَحِيحًا لَا إنْ كَانَتْ كُلُّهَا بَاطِلَةً كَمَا هُنَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَادَ أَرْبَعًا سَهْوًا كَذَا فِي ح وَالشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ وَرَدَّهُ طُفَى بِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِيَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ وَالْبِنَاءَ عَلَى الْإِحْرَامِ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا يَجْرِي فِي بُطْلَانِ بَعْضِ الرَّكَعَاتِ يَجْرِي فِي بُطْلَانِ كُلِّهَا وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ عبق . (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعْت إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ بِلَصْقِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِبُطْلَانِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ فَكَيْفَ يُقَالُ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى. (قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ انْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لَا انْقِلَابَ فَعَلَى الْمَشْهُورِ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي بِمَا قَبْلَهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَعَلَى الْمُقَابِلِ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا آخِرَ صَلَاتِهِ قَضَاءً عَنْ الَّتِي بَطَلَتْ فَيَأْتِي بِهَا عَلَى صِفَتِهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ وَبِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ أَوْ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَكِنْ هَلْ هِيَ بِنَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَخْتَلِفُ حَالُ السُّجُودِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَالسُّجُودُ دَائِمًا بَعْدَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ بِبُطْلَانِهَا) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَقَوْلُهُ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ وَرَجَعْت وَقَوْلُهُ بِبُطْلَانِهَا فَأَعْمَلَ الثَّانِيَ وَأَضْمَرَ فِي الْأَوَّلِ وَحَذَفَهُ لِكَوْنِهِ فَضْلَةً أَيْ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى لَهُمَا بِبُطْلَانِهَا لِفَذٍّ وَإِمَامٍ وَمَحَلُّ انْقِلَابِ رَكْعَةِ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ وَافَقَهُ بَعْضُ مَأْمُومِيهِ عَلَى السَّهْوِ وَإِلَّا فَلَا انْقِلَابَ بِبُطْلَانِ الْأُولَى مَثَلًا وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَةٍ بَدَلَهَا لِأَجْلِ يَقِينِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ يَكُونُ فِيهَا قَاضِيًا بِخِلَافِهَا عِنْدَ الِانْقِلَابِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِيهَا بَانِيًا وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يُكْثِرُوا جِدًّا وَإِلَّا فَلَا بِنَاءَ وَلَا قَضَاءَ (قَوْلُهُ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ إنْ نَقَصَ وَزَادَ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ عَقَدَ رُكُوعَ الثَّالِثَةِ وَتَذَكَّرَ بُطْلَانَ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الثَّالِثَةَ ثَانِيَةً وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَلَا يَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ فِي الْفِعْلِ لِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ إنْ زَادَ) أَيْ كَمَا لَوْ عَقَدَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ وَذَكَرَ بُطْلَانَ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الثَّالِثَةَ ثَانِيَةً وَيَقْرَأُ فِيهَا بِسُورَةٍ وَيَجْلِسُ فِيهَا وَالثَّانِيَةُ الَّتِي تَذَكَّرَ فِيهَا لَا يَجْلِسُ فِيهَا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ. (قَوْلُهُ وَالرَّابِعَةُ ثَالِثَةٌ) أَيْ لِبُطْلَانِ الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ سُورَةٍ) فَإِنْ كَانَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا الْخَلَلُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِبَدَلِهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ جَهْرِيَّةً وَسِرًّا إنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً وَإِنْ كَانَ الْخَلَلُ إنَّمَا حَصَلَ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِبَدَلِهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا. (قَوْلُهُ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ سَجَدَهَا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ الْإِتْيَانَ بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ إبْطَالَ رَكْعَةٍ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُهَا فَإِنْ تَحَقَّقَ تَمَامُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ لَمْ يَسْجُدْ فَقَوْلُهُ سَجَدَهَا مَكَانَهَا أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَمَامَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُهَا أَصْلًا وَتَنْقَلِبُ رَكَعَاتُهُ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَقَطْ وَقَوْلُهُ سَجَدَهَا هُنَا تَمَّ الْكَلَامُ وَهُوَ بَيَانٌ لِقَاعِدَةٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ تَفْصِيلٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا قُصِدَ بِهَا إيضَاحُ الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا لَا حَالٌ

إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَخِيرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَسَيَأْتِي (و) إنْ كَانَ شَكُّهُ (فِي الْأَخِيرَةِ) وَلَوْ أَتَى بِالْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى أَيْ فَإِنَّهُ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ فِي تَشَهُّدِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَسْجُدَهَا (يَأْتِي بِرَكْعَةٍ) بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ إحْدَى الثَّلَاثِ وَكُلٌّ مِنْهَا يَبْطُلُ بِعَقْدِ مَا يَلِيهَا وَلَا يَتَشَهَّدُ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالرَّكْعَةِ لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ لَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَيْسَ لَهُ مَحَلُّ تَشَهُّدٍ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ مَعَ احْتِمَالِ النَّقْصِ (و) إنْ كَانَ فِي (قِيَامِ ثَالِثَتِهِ) فَيَجْلِسُ وَيَسْجُدُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ الْأُولَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْهَا وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى فَقَدْ تَمَّ لَهُ بِالسَّجْدَةِ رَكْعَةٌ فَيَأْتِي (بِثَلَاثٍ) مِنْ الرَّكَعَاتِ وَاحِدَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ (و) إنْ كَانَ فِي قِيَامِ (رَابِعَتِهِ) جَلَسَ وَأَتَى بِهَا لِتَتِمَّ لَهُ الثَّالِثَةُ وَيَأْتِي (بِرَكْعَتَيْنِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَقَدْ بَطَلَتْ بِانْعِقَادِ الَّتِي تَلِيهَا فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُحَقَّقٌ سِوَى رَكْعَتَيْنِ (وَتَشَهَّدَ) عَقِبَ السَّجْدَةِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ يَعْقُبُهُمَا تَشَهُّدٌ (وَإِنْ) (سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً) وَاحِدَةً وَتَرَكَ الثَّانِيَةَ سَهْوًا وَقَامَ (لَمْ يُتَّبَعْ) فِي الْقِيَامِ أَيْ لَمْ يَتَّبِعْهُ مَأْمُومُهُ بَلْ يَجْلِسُ (وَسُبِّحَ بِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَخِيرَةِ) أَيْ أَمَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ وَهُوَ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ شَكُّهُ فِي الْأَخِيرَةِ) أَيْ وَهُوَ فِي الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَسْجُدَهَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَأَشْهَبُ فَقَالَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَقَطْ وَلَا يَسْجُدُهَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ رَفْعُ الشَّكِّ بِأَقَلَّ مِمَّا يُمْكِنُ وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَى مَا يَرْتَفِعُ بِهِ الشَّكُّ وَجَبَ طَرْحُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا بِتَشَهُّدٍ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ عَلَى كُلِّ مَا قَالَهُ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي عَدَمِ التَّشَهُّدِ فَقَالَ إنَّهُ يَتَشَهَّدُ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالرَّكْعَةِ لِأَنَّ سُجُودَهُ إنَّمَا هُوَ مُصَحِّحٌ لِلرَّابِعَةِ وَالتَّشَهُّدُ مِنْ تَمَامِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُحَقَّقُ لَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّشَهُّدِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ كَذَا فِي حَاشِيَة شَيْخِنَا (قَوْلُهُ مَعَ احْتِمَالِ النَّقْصِ) أَيْ نَقْصِ السُّورَةِ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ لِتَكْمِلَةِ الرَّابِعَةِ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْخَلَلُ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِي قِيَامِ ثَالِثَتِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ مِنْهُ أَوْ كَانَ فِي تَشَهُّدِ الثَّانِيَةِ فَفِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ يَسْجُدُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ الْأُولَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْهَا وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى فَقَدْ تَمَّ لَهُ بِالسَّجْدَةِ رَكْعَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ أَنْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَلَا يَسْجُدُ لِفَوَاتِ التَّدَارُكِ وَيَتَشَهَّدُ بَعْدَ هَذِهِ الثَّالِثَةِ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ وَالزِّيَادَةِ هَذَا إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَأَمَّا الْمَأْمُومُ الَّذِي شَكَّ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي مَعَ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ وَبَعْدَهُ بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ) أَيْ الَّتِي لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْهَا) أَيْ وَقَدْ بَطَلَتْ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ) هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَأْمُومًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ السَّجْدَةِ الَّتِي جَبَرَ بِهَا الثَّانِيَةَ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَا يَضُرُّ الْمَأْمُومَ إتْيَانُهُ بِالسَّجْدَةِ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ تَلَا فِي إصْلَاحٍ لَا قَضَاءٍ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا جَرَى عَلَى الْمَسَائِلِ اجْتِمَاعُ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِي قِيَامِ رَابِعَتِهِ) أَيْ أَوْ فِي رُكُوعِهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ فَلَا يَسْجُدُهَا لِفَوَاتِ التَّدَارُكِ وَلَا يَتَشَهَّدُ بَعْدَ هَذِهِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ ثَالِثَةً وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ وَالزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ جَلَسَ وَأَتَى بِهَا) هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ مَا لِأَصْبَغَ وَأَشْهَبَ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ) أَيْ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ هَذَا إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِجَبْرِ الثَّالِثَةِ وَلَا يَتَشَهَّدُ بَعْدَهَا وَيُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً) أَيْ مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ كَانَتْ مِنْ الْأُولَى وَقَامَ لِلثَّانِيَةِ أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَامَ لِلثَّالِثَةِ أَوْ مِنْ الثَّالِثَةِ وَقَامَ لِلرَّابِعَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً إلَخْ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْإِمَامُ بِالسَّهْوِ أَوْ شَارَكَهُ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ فِيهِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَتْبَعُهُ فِي قِيَامِهِ الْمَأْمُومُ الْعَالَمُ بِسَهْوِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا وَافَقَ بَعْضُ

أَيْ لَهُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحُوا لَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لَمْ يُكَلِّمُوهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ الَّذِي مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِهِ هُنَا لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا مُبْطِلٌ (فَإِذَا) لَمْ يَرْجِعْ و (خِيفَ عَقْدُهُ) لِلَّتِي قَامَ لَهَا (قَامُوا) لِعَقْدِهَا مَعَهُ وَتَصِيرُ أُولَى لِلْجَمِيعِ إنْ كَانَتْ رَكْعَةُ النَّقْصِ هِيَ الْأُولَى وَلَا يَسْجُدُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ فَإِنْ سَجَدُوهَا لَمْ تُجْزِهِمْ عِنْدَ سَحْنُونٍ لَكِنَّهَا لَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا الْإِمَامُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ إعَادَتُهَا مَعَهُ عِنْدَهُ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَلَا يُعِيدُونَهَا مَعَهُ كَمَا يَأْتِي (فَإِذَا جَلَسَ) لِلثَّانِيَةِ فِي ظَنِّهِ (قَامُوا) وَلَا يَجْلِسُونَ مَعَهُ (كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ) فِي الْوَاقِعِ وَبِالنِّسْبَةِ لَهُمْ وَهِيَ رَابِعَةٌ فِي ظَنِّهِ (فَإِذَا سَلَّمَ) بَطَلَتْ عَلَيْهِ و (أَتَوْا) لِأَنْفُسِهِمْ (بِرَكْعَةٍ) بَعْدَ سَلَامِهِ (وَأَمَّهُمْ) فِيهَا (أَحَدُهُمْ) إنْ شَاءُوا وَإِنْ شَاءُوا أَتَمُّوا أَفْذَاذًا وَصَحَّتْ لَهُمْ دُونَهُ (وَسَجَدُوا قَبْلَهُ) لِنُقْصَانِ السُّورَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ وَالْجَلْسَةِ الْوُسْطَى وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ كَلَّمُوهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَلَامِ يَسْجُدُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يَتَّبِعُونَهُ فِي تَرْكِهَا وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَيَجْلِسُونَ مَعَهُ وَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ فَإِذَا تَذَكَّرَ وَرَجَعَ لِسُجُودِهَا فَلَا يُعِيدُونَهَا مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ مَا إذَا أَخَلَّ الْإِمَامُ بِرُكْنٍ أَخَذَ يُبَيِّنُ حُكْمَ إخْلَالِ الْمَأْمُومِ بِهِ وَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُهُ عَنْهُ وَإِنَّ قَوْلَهُ وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْوَةِ خَاصٌّ بِالسُّنَنِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَأْمُومِينَ الْإِمَامَ فِي سَهْوِهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُشَارِكْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فِي السَّهْوِ كَانَ الْمَأْمُومُونَ مُخَاطَبِينَ بِتِلْكَ السَّجْدَةِ بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ وَتُجْزِيهِمْ وَإِذَا جَلَسَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ جَلَسُوا مَعَهُ وَإِذَا سَلَّمَ سَلَّمُوا وَأَجْزَأَتْهُمْ وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ أَيْ لَهُ) أَيْ لَأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ سَهْوِهِ (قَوْلُهُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَ سَجَدَهَا هُوَ وَمَأْمُومُهُ مَعَهُ. (قَوْلُهُ وَسَبَّحَ بِهِ) أَيْ وَالتَّسْبِيحُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا حَصَلَ مِنْ بَعْضِهِمْ كَفَى. (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ. (قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ) أَيْ بِزِيَادَةِ تِلْكَ السَّجْدَةِ الَّتِي سَجَدُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُمْ يَسْجُدُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا الْإِمَامُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ سَجَدُوهَا. (قَوْلُهُ وَلَا يَجْلِسُونَ مَعَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ كَإِمَامٍ جَلَسَ بَعْدَ الْأُولَى فَلَا يَتْبَعُ. (قَوْلُهُ وَهِيَ رَابِعَةٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا رَابِعَةٌ فِي ظَنِّهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ أَتَى بِرَكْعَةٍ وَتَابَعَهُ فِيهَا الْمَأْمُومُونَ وَصَحَّتْ لِلْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا سَلَّمَ) أَيْ وَلَمْ يَأْتِ بِرَكْعَةٍ بَطَلَتْ عَلَيْهِ أَيْ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ وَلَوْ لَمْ يُطِلْ لِأَنَّ السَّلَامَ عِنْدَ سَحْنُونٍ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ فَقَوْلُ خش فَإِذَا سَلَّمَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ إنْ طَالَ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَإِذَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَحْمِلُ عَنْ الْمَأْمُومِينَ سَهْوًا وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةُ فَيُعِيدُونَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَأَمَّهُمْ فِيهَا أَحَدُهُمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ جَائِزٌ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ وَصَحَّتْ) أَيْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ قَوْلِهِمْ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ وَسَجَدُوا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ مِنْ الرَّكْعَةِ) أَيْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأُولَى لَمَّا بَطَلَتْ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى وَالثَّالِثَةُ ثَانِيَةً فَكَأَنَّ الْإِمَامَ أَسْقَطَ السُّورَةَ وَالْجُلُوسَ الْوَسَطَ نَاسِيًا عَقِبَ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِمَامِ يُوجِبُ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْمَأْمُومُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ لِأَنَّهُ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ إذَا تَرَكُوا فِعْلَ تِلْكَ السَّجْدَةِ لِأَنْفُسِهِمْ صَارُوا مُتَعَمِّدِينَ لِإِبْطَالِ الْأُولَى بِتَرْكِهِمْ السُّجُودَ وَمَنْ تَعَمَّدَ إبْطَالَ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ بَطَلَ جَمِيعُهَا عَلَى أَنَّ جُلُوسَهُمْ حَالَ قِيَامِ الْإِمَامِ وَقِيَامَهُمْ حَالَ جُلُوسِهِ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لَهُ وَمُخَالَفَةُ الْإِمَامِ لَا تَجُوزُ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ) أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفْهَمُ بِالتَّسْبِيحِ كَلَّمُوهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ سَجَدُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ يَقُولُ إنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ جَائِزٌ وَلَا يُبْطِلُهَا يَقُولُ بِعَدَمِ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ لِلْإِمَامِ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ فَإِنْ كَلَّمُوهُ فَلَا بُطْلَانَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ. (قَوْلُهُ فَإِذَا تَذَكَّرَ وَرَجَعَ لِسُجُودِهَا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ رَجَعَ فِي حَالِ قِيَامه لِلثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُعِيدُونَهَا مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَصَحَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ . (قَوْلُهُ وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ مَا إذَا أَخَلَّ الْإِمَامُ بِرُكْنٍ) أَيْ وَكَذَا الْفَذُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا وَتَدَارَكَهُ

(وَإِنْ) (زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ) حَتَّى فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ بِرَفْعِهِ مِنْهُ مُعْتَدِلًا (أَوْ نَعَسَ) نُعَاسًا خَفِيفًا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (أَوْ حَصَلَ لَهُ نَحْوُهُ) كَأَنْ سَهَا أَوْ أُكْرِهَ أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ مَنَعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مَعَهُ (اتَّبَعَهُ) أَيْ فَعَلَ الْمَأْمُومُ مَا فَاتَهُ بِهِ إمَامُهُ لِيُدْرِكَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ إذَا حَصَلَ الْمَانِعُ (فِي غَيْرِ) الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِلْمَأْمُومِ لِانْسِحَابِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ (الْأُولَى) بِرُكُوعِهِ مَعَهُ فِيهَا وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِ فِي غَيْرِهَا (مَا) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِ الْإِمَامِ (لَمْ يَرْفَعْ) رَأْسَهُ (مِنْ) جَمِيعِ (سُجُودِهَا) أَيْ سُجُودِ غَيْرِ الْأُولَى فَإِذَا كَانَ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي ثَانِيَةِ سَجْدَتَيْهِ وَيَفْعَلُ الثَّانِيَةَ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ ثَانِيَتِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا فَاتَهُ وَيَسْجُدُهَا وَيَتْبَعُهُ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا لَمْ يَفْعَلْ مَا زُوحِمَ عَنْهُ بَلْ يَسْتَمِرُّ قَائِمًا وَيَقْضِي رَكْعَةً فَإِنْ خَالَفَ وَتَبِعَهُ فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ صَحَّتْ وَلَا قَضَاءَ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فِيهِ بَطَلَتْ فَإِنْ ظَنَّ الْإِدْرَاكَ فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ أُلْغِيَ مَا فَعَلَ مِنْ التَّكْمِيلِ وَقَضَى رَكْعَةً وَمَفْهُومٌ فِي غَيْرِ الْأُولَى إلْغَاءُ الْأُولَى لِلْمَأْمُومِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ فَيَخِرُّ مَعَهُ سَاجِدًا وَيَقْضِي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنْ فَعَلَ مَا فَاتَهُ وَاتَّبَعَهُ بَطَلَتْ وَلَوْ جَهْلًا كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ وَمَفْهُومُ زُوحِمَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يَتَّبِعْهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْأُولَى كَذِي الْعُذْر فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ الْمَعْذُورَ لَا يَأْثَمُ وَيَأْثَمُ غَيْرُهُ وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَهُ فِي الْأُولَى لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُجْهُورِيُّ لَا الرَّكْعَةُ فَقَطْ وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى حَتَّى رَفَعَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى بُوعِدَ فَعَدَّاهُ بِعَنْ وَإِلَّا فَزُوحِمَ يَتَعَدَّى بِعَلَى لَا بِعَنْ يُقَالُ ازْدَحَمُوا عَلَى الْمَاءِ. (قَوْلُهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) أَيْ حَتَّى فَاتَهُ الرُّكُوعُ مَعَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) فَاعِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ حَصَلَ نَحْوُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَفُ الِاسْمُ عَلَى الْفِعْلِ إلَّا إذَا أَشْبَهَهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلُهُ أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ إلَخْ) أَيْ وَاشْتَغَلَ بِحَلِّ أَزْرَارِهِ أَوْ رَبْطِهَا حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْ فَعَلَ الْمَأْمُومُ مَا فَاتَهُ بِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَتْرُكُ مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ وَسَبَقَهُ بِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَهُ وَلَا يَضُرُّ قَضَاءُ الْمَأْمُومِ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ مَا فَاتَهُ بِهِ لِاغْتِفَارِ ذَلِكَ هُنَا. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى) أَيْ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ بِأَنْ وَقَعَ لَهُ هَذَا فِي رُكُوعِ ثَانِيَتِهِ أَوْ ثَالِثَتِهِ أَوْ رَابِعَتِهِ. (قَوْلُهُ لِانْسِحَابِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ سُجُودِهَا أَيْ مُدَّةَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ عَدَمَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ سُجُودِهَا وَهَذَا ظَرْفٌ لِابْتِدَاءِ الِاتِّبَاعِ لَا لِانْتِهَائِهِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَابْتِدَاءُ الِاتِّبَاعِ مُدَّةَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ عَدَمُ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا رَفَعَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ فَلَا يَشْرَعُ الْمَأْمُومُ فِي الْإِتْيَانِ بِمَا فَاتَهُ وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي ثَانِي السَّجْدَتَيْنِ لَكِنَّهُ يَفْعَلُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَتَّبِعُهُ وَهُوَ النَّقْلُ بِخِلَافِ لَوْ جُعِلَ ظَرْفًا لِانْتِهَاءِ الِاتِّبَاعِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ مَا فَاتَهُ إلَّا إذَا كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ السَّجْدَتَيْنِ مَعًا أَوْ يَسْجُدُ الْأُولَى حَالَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الْأُولَى وَيَسْجُدُ الثَّانِيَةَ مَعَ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ مِنْ سُجُودِهَا) مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ عُمُومًا شُمُولِيًّا فَلِذَا قَالَ مِنْ جَمِيعِ سُجُودِهَا وَأَعَادَ الضَّمِيرَ مُؤَنَّثًا مَعَ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِكَوْنِ الْغَيْرِ وَاقِعًا عَلَى الرَّكْعَةِ فَرَاعَى الْمَعْنَى أَوْ اكْتَسَبَ لَفْظُ غَيْرٍ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ يُدْرِكُ الْإِمَامَ) أَيْ يَظُنُّ إدْرَاكَهُ وَقَوْلُهُ وَيَفْعَلُ إلَخْ أَيْ وَلَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْهَا وَقَوْلُهُ وَيَسْجُدُهَا أَيْ الثَّانِيَةَ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَيَقْضِي رَكْعَةً) أَيْ عِوَضًا عَنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ ظَنَّ الْإِدْرَاكَ) أَيْ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ فَلَمَّا أَتَى بِالرُّكُوعِ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ السُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الرُّكُوعِ وَيَتْبَعُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ وَقَضَى رَكْعَةً. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومٌ فِي غَيْرِ الْأُولَى إلَخْ) حَاصِلُهُ إنَّهُ إذَا فَاتَهُ رُكُوعُ الْأُولَى بِمَا ذُكِرَ مِنْ الِازْدِحَامِ وَمَا مَعَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ يُدْرِك الْإِمَامَ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ بَلْ يَخِرُّ سَاجِدًا وَيُلْغِي هَذِهِ الرَّكْعَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسَحِبْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَأْمُومِيَّةِ فَإِنْ تَبِعَهُ وَأَتَى بِذَلِكَ الرُّكُوعِ وَأَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ أَوْ بَعْدَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ حَيْثُ اعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ لَا إنْ أَلْغَاهَا وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَدَلَهَا وَمِثْلُ مَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ فِي الْأُولَى الْمَسْبُوقُ إذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ فَرَفَعَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَخِرُّ مَعَهُ وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَكَعَ إنْ أَلْغَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَنَّهُمْ يَأْتَمُّونَ فَيَجِدُونَ الْإِمَامَ قَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَيُحْرِمُونَ وَيَرْكَعُونَ وَيُدْرِكُونَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ بَاطِلَةٌ إنْ اعْتَدُّوا بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الْبَاطِلَةِ فَإِنْ أَلْغَوْهَا وَأَتَوْا بِرَكْعَةٍ بَدَلَهَا صَحَّتْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي تَرْكِ الْمَأْمُومِ الرُّكُوعَ مَعَ إمَامِهِ لِعُذْرٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ مُطْلَقًا لَا فِي الْأُولَى وَلَا فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ بِعَدَمِ الِاتِّبَاعِ فِي الْأُولَى فَقَطْ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَقِيلَ بِالِاتِّبَاعِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَعْقِدْ التَّالِيَةَ اُنْظُرْ بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَتَّبِعُهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْأُولَى) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ

سُجُودِهَا (أَوْ) زُوحِمَ مَثَلًا عَنْ (سَجْدَةٍ) مِنْ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا أَوْ عَنْ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ لِمَا يَلِيهَا (فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا) أَيْ فِي الْإِتْيَانِ بِالسَّجْدَةِ (قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ) لِلَّتِي تَلِيهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ (تَمَادَى) عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ وَتَبِعَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ (وَقَضَى رَكْعَةً) بَدَلَهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَمِعَ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ (سَجَدَهَا) وَتَبِعَهُ فِي عَقْدِ مَا بَعْدَهَا فَإِنْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَمْ يُدْرِكْهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ الرَّكْعَةُ الْأُولَى لِعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِسُجُودِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ وَالثَّانِيَةُ لِعَدَمِ إدْرَاكِ رُكُوعِهَا مَعَ الْإِمَامِ (و) إذَا تَمَادَى عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ وَقَضَى رَكْعَةً (لَا سُجُودَ عَلَيْهِ) بَعْدَ سَلَامِهِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةِ النَّقْصِ (إنْ تَيَقَّنَ) أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ وَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي تَرْكِهَا وَقَضَى الرَّكْعَةَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَجَدَهَا وَرَكْعَةُ الْقَضَاءِ هَذِهِ مَحْضُ زِيَادَةٍ فَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ تَمَادَى وَقَضَى رَكْعَةً ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا إذَا زَادَ الْإِمَامُ رَكْعَةً سَهْوًا هَلْ يَتَّبِعُهُ الْمَأْمُومُ أَوْ لَا وَحُكْمُ مَا إذَا فَعَلَ الْمَأْمُومُ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ خَالَفَ فَقَالَ (وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ) فِي رُبَاعِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ لِزَائِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى رُفِعَ مِنْهُ مُعْتَدِلًا فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأُولَى بَطَلَتْ وَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ مِنْ غَيْرِ الْأُولَى فَإِنْ اسْتَمَرَّ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ سُجُودِهَا بَطَلَتْ أَيْضًا وَأَمَّا إنْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ الْأُولَى وَأَتَى بِهِ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ سُجُودِهَا فَالرَّاجِحُ صِحَّتُهَا مَعَ الْإِثْمِ. (قَوْلُهُ أَوْ زُوحِمَ مَثَلًا عَنْ سَجْدَةٍ إلَخْ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا زُوحِمَ عَنْ رُكُوعٍ وَعَنْ سَجْدَةٍ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا زُوحِمَ عَنْ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَهَلْ هُوَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ فَيَأْتِي بِهِ فِي غَيْرِ الْأُولَى مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا أَوْ هُوَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ سَجْدَةٍ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ قَوْلَانِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عَقْدَ الرُّكُوعِ بِرَفْعِ الرَّأْسِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ بِالِانْحِنَاءِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ مِنْ الْأُولَى أَوْ غَيْرُهَا) الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُزَاحَمَةِ عَنْ الرُّكُوعِ حَيْثُ فَصَلَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا وَالْمُزَاحَمَةُ عَنْ السَّجْدَةِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَنَّ الْمُزَاحَمَةَ عَنْ السَّجْدَةِ إنَّمَا حَصَلَتْ بَعْدَ انْسِحَابِ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْمُزَاحَمَةُ عَنْ الرُّكُوعِ تَارَةً تَكُونُ بَعْدَ انْسِحَابِ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ وَتَارَةً قَبْلُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا إلَخْ) الطَّمَعُ هُوَ الرَّجَاءُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الظَّنِّ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الْإِدْرَاكَ لِلسَّجْدَةِ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ بِأَنْ جَزَمَ بِعَدَمِ الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ تَمَادَى) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ وَتَرَكَ تِلْكَ السَّجْدَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهَا فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ الْإِمَامِ وَكَانَ مُحَصِّلًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي فَعَلَ سَجْدَتَهَا وَإِنْ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ كَانَ مُحَصِّلًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَهُ وَفَاتَتْهُ الْأُولَى الْمَتْرُوكُ مِنْهَا السَّجْدَةُ وَمُوَافَقَتُهُ لِلْإِمَامِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ وَتَبِعَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ) فَلَوْ خَالَفَ وَلَمْ يَتَمَادَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ سُجُودَهُ وَقَعَ قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا سِرًّا أَوْ جَهَرًا وَمِنْ كَوْنِهَا بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ أَوْ بِالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ لِعَدَمِ انْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ طَمِعَ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ) بِأَنْ ظَنَّ أَوْ جَزَمَ أَنَّهُ بَعْدَ فِعْلِهَا يُدْرِكُ الْإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ) أَيْ وَهُوَ كَوْنُهُ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ التَّالِيَةِ. (قَوْلُهُ وَإِذَا تَمَادَى عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ) أَيْ لِظَنِّهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا قَبْلَ إتْيَانِهِ بِتِلْكَ السَّجْدَةِ. (قَوْلُهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةِ النَّقْصِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ رَكْعَةَ النَّقْصِ زِيَادَةٌ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ فَيَحْمِلُهَا الْإِمَامُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَيَقَّنَ) فِيهِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ تَيَقَّنَ تَرْكَهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا تَعْمِيمٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَوْضُوعِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَحْضُ زِيَادَةٍ) أَيْ وَلَيْسَتْ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ وَلَا يُقَالُ إنَّ رَكْعَةَ الْقَضَاءِ الْمَأْتِيَّ بِهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ هَذِهِ عَمْدٌ وَلَا سُجُودَ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا. (قَوْلُهُ فَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ تَيَقَّنَ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَامَ لِزَائِدَةٍ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَلِلْمَأْمُومِ حَالَانِ إمَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُ صُوَرٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ يُخَالِفَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ إنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْجُلُوسِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِقَيْدَيْنِ إنْ سَبَّحَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ وُجُوبُ الْمُوجِبِ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِقَوْلِهِ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ وَلِقَوْلِهِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْ وَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا بِأَنْ قَامَ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْمُوجِبُ وَإِلَّا صَحَّتْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْبُطْلَانَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ لَهُ مُوجِبُ قِيَامِ إمَامِهِ أَمْ لَا وَمَا لِابْنِ الْمَوَّازِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَفْهُومِ وَلَمْ يَتَّبِعْ فِي قَوْلِهِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْ وَإِنْ خَالَفَ سَهْوًا فَقَامَ لَمْ تَبْطُلْ اتِّفَاقًا وَكَذَا تَأْوِيلًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ السَّاهِي وَالْمُتَأَوِّلُ عَلَى يَقِينِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا شَيْءٌ وَإِنْ زَالَ يَقِينُهُمَا لِقَوْلِ الْإِمَامِ قُمْت لِمُوجِبٍ فَهَلْ يَكْتَفِيَانِ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي فَعَلَاهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَكْعَةٍ بَدَلَ رَكْعَةِ

لَكَانَ أَشْمَلَ وَاسْتَمَرَّ فَمَأْمُومُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهَا مَحْضُ زِيَادَةٍ أَوْ لَا وَتَحْتَهُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا) أَيْ فَمَنْ جَزَمَ بِعَدَمِ مُوجِبِهَا وَعَلِمَ أَنَّهَا مَحْضُ زِيَادَةٍ (يَجْلِسُ) وُجُوبًا وَتَصِحُّ لَهُ إنْ سُبِّحَ لَهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ فَإِنْ لَمْ يُسَبَّحْ لَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ سُبِّحَ لَرُبَّمَا رَجَعَ الْإِمَامُ فَصَارَ الْمَأْمُومُ بِعَدَمِ التَّسْبِيحِ مُتَعَمِّدَ الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ كَلَّمُوهُ وَأَشَارَ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) يَتَيَقَّنْ الْمَأْمُومُ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّ قِيَامَهُ لِمُوجِبٍ أَيْ نَقْصٍ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ (اتَّبَعَهُ) وُجُوبًا فِي الْأَرْبَعِ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ الْمُوجِبُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخَامِسَةِ عَدَمُهُ وَإِنَّمَا قَامَ سَهْوًا سَجَدَ الْإِمَامُ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُتَّبِعُ لَهُ (فَإِنْ) (خَالَفَ) الْمَأْمُومُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ (عَمْدًا) أَوْ جَهْلًا غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْجُلُوسِ وَالِاتِّبَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَلَلِ وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ كَلَامِهِ بِالثَّانِي فِي السَّاهِي فَأَحْرَى الْمُتَأَوِّلُ لَكِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ لَمْ تُجْزِهِ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا أَنَّ السَّاهِيَ يَجْتَزِي بِهَا دُونَ الْمُتَأَوِّلِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّ قِيَامَهُ لِمُوجِبٍ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْقِيَامِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ خَالَفَ فَجَلَسَ عَمْدًا بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ نَفْسَ الْأَمْرِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح وَإِنْ جَلَسَ سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَإِنْ خَالَفَ مُتَأَوِّلًا فَكَالْعَامِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) أَيْ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا زَادَ رَابِعَةً فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةً فِي ثُنَائِيَّةٍ أَوْ خَامِسَةً فِي رُبَاعِيَّةٍ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْأَخِيرَةِ وَلَا يَصْدُقُ بِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ) أَيْ الْإِمَامُ عَلَى قِيَامِهِ لِعَدَمِ عِلْمه بِزِيَادَتِهَا. (قَوْلُهُ وَتَحْتَهُ أَرْبَعَةُ) أَيْ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ مُوجِبَهَا لِعِلْمِهِ بُطْلَانَ إحْدَى الْأَرْبَعِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبُطْلَانِ أَوْ يَظُنَّ مُوجِبَهَا أَوْ يَظُنَّ عَدَمَهُ أَوْ يَشُكَّ فِي مُوجِبِهَا. (قَوْلُهُ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا وَأَنَّهَا مَحْضُ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ إمَامِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ فَسَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوٌ لَهُمْ وَإِنْ هُمْ فَعَلُوهُ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ سَهْوٍ يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ فَلَا يَكُونُ سَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَسْبُوقًا أَمْ لَا لَكِنَّ غَيْرَ الْمَسْبُوقِ يَجْلِسُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا وَالْمَسْبُوقُ يَجْلِسُ حَتَّى يُسَلِّمَ الْإِمَامُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا فَيَقُومُ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هُنَا لِقَوْلِهِ وَلَمْ تَجْزِ مَسْبُوقًا إلَخْ يَجْرِي فِي الْمَسْبُوقِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ) أَيْ بِانْتِفَاءِ الْمُوجِبِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُسَبِّحْ لَهُ بَطَلَتْ) أَيْ وَكَذَا إنْ تَغَيَّرَ يَقِينُهُ بِأَنْ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَمْ يَتَّبِعْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ كَلَّمُوهُ) الْحَقُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ يُشِيرُونَ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ كَلَّمُوهُ وَالتَّسْبِيحُ وَالْإِشَارَةُ وَكَذَا الْكَلَامُ وَاجِبُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ كَفَى (تَنْبِيهٌ) إذَا كَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَجَبَ الرُّجُوعُ لِقَوْلِهِ إنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي التَّيَقُّنِ وَكَذَا فِي الشَّكِّ إنْ أَجْمَعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فَإِنْ تَيَقَّنَ خِلَافَ خَبَرِهِمْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إنْ كَثُرُوا جِدًّا لِأَنَّ تَيَقُّنَهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّكِّ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يُكْثِرُوا جِدًّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ وَهَلْ يُسَلِّمُونَ قَبْلَهُ أَوْ يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ لِسَهْوِهِ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ أَيْ نَقَصَ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ بُطْلَانَ إحْدَى الرَّكَعَاتِ بِوَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِ الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخَامِسَةِ الْمُوجِبُ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَوَاضِحٌ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَامَ) أَيْ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَفَ الْمَأْمُومُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ وَخَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الِاتِّبَاعِ وَجَلَسَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح وَمَنْ تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ إذَا خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْجُلُوسِ وَاتَّبَعَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَبِعَ فِيهَا الْإِمَامَ لَا تَنُوبُ عَنْ رَكْعَةِ الْخَلَلِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ كَمَا فِي المج وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ أُخْرَى وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْبُطْلَانَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ لَا وَاعْتَمَدَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي إمَامٍ سَهَا فِي الظُّهْرِ فَصَلَّى خَمْسًا فَتَبِعَهُ قَوْمٌ سَهْوًا وَقَوْمٌ عَمْدًا وَقَوْمٌ قَعَدُوا فَلَمْ يَتَّبِعُوهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ مَنْ اتَّبَعَهُ عَمْدًا وَتَمَّتْ صَلَاةُ مَنْ سِوَاهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ بَعْدَ سَلَامِهِ كُنْت سَاهِيًا عَنْ سَجْدَةٍ بَطَلَتْ صَلَاةُ مَنْ

إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي الْوَاقِعِ (لَا) إنْ خَالَفَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (سَهْوًا) فَلَا تَبْطُلُ فِيهِمَا وَحِينَئِذٍ (فَيَأْتِي الْجَالِسُ) أَيْ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاتِّبَاعُ فَجَلَسَ سَهْوًا (بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُهَا) أَيْ الرَّكْعَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ (الْمُتَّبِعُ) لِلْإِمَامِ سَهْوًا إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ فَلَا وَصَلَاةُ كُلٍّ صَحِيحَةٌ فَقَوْلُهُ (وَإِنْ) (قَالَ) الْإِمَامُ (قُمْت لِمُوجِبٍ) لِأَنِّي أَسْقَطْت رُكْنًا مِنْ إحْدَى الرَّكَعَاتِ فَتَغَيَّرَ اعْتِقَادُ الْمُتَّبِعِ وَلَوْ وَهْمًا صَوَابُهُ إسْقَاطُ الْوَاوِ مِنْهُ وَإِدْخَالُهَا عَلَى قَوْلِهِ (صَحَّتْ) أَيْ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ (لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ) أَيْ اتِّبَاعُ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَحَدِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ (وَتَبِعَهُ) عَلَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَيْهِ (و) صَحَّتْ (لِمُقَابِلِهِ) وَهُوَ مَنْ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ وَجَلَسَ (إنْ سَبَّحَ) وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ فَخَالَفَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْمُتَأَوِّلَ لَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ مُشَبِّهًا لَهُ فِي الصِّحَّةِ (كَمُتَّبِعٍ) أَيْ كَصِحَّةِ صَلَاةِ مُتَّبِعٍ لِلْإِمَامِ (تَأَوَّلَ) بِجَهْلِهِ (وُجُوبَهُ) أَيْ وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ لِتَيَقُّنِ انْتِفَاءِ الْمُوجِبِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِعُذْرِهِ بِتَأْوِيلِهِ اتِّبَاعَهُ إذَا لَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ فَأَوْلَى إنْ قَالَ (لَا) تَصِحُّ (لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) وَجَزَمَ بِانْتِفَاءِ الْمُوجِبِ فَجَلَسَ (وَلَمْ يَتَّبِعْ) كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِاعْتِقَادِهِ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْقِيَامُ لِمُوجِبٍ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: فَمُتَيَقِّنٌ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ؛ مَعْنَاهُ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يُسَبَّحَ لِلْإِمَامِ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ يَقِينُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ آنِفًا (وَلَمْ تَجُزْ) تِلْكَ الزَّائِدَةُ (مَسْبُوقًا) بِرَكْعَةٍ مَثَلًا (عَلِمَ) الْمَسْبُوقُ (بِخَامِسِيَّتِهَا) أَيْ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً وَتَبِعَهُ فِيهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى الْمَسْبُوقِ أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQجَلَسَ وَصَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ اتَّبَعَهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ جَلَسَ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ لِأَنَّهُ جَلَسَ مُتَأَوِّلًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُهُ وَهُوَ أَعُذَرُ مِنْ النَّاعِسِ وَالْغَافِلِ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اتَّبَعَهُ عَمْدًا إنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يَظُنُّ أَنَّ عَلَيْهِ اتِّبَاعَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ إلَخْ) هَذَا يُعَيِّنُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَطَلَتْ تَهَيَّأَتْ لِلْبُطْلَانِ لَا أَنَّهَا بَطَلَتْ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ لَا سَهْوٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ إذَا خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْجُلُوسِ فَتَبِعَهُ سَهْوًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَيَقِّنٍ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ إذَا خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الِاتِّبَاعِ وَجَلَسَ سَهْوًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ قُمْت لِمُوجِبٍ فَإِنَّ هَذَا الثَّانِيَ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَكَذَا الْأَوَّلُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَلَا تُجْزِيه الَّتِي فَعَلَهَا مَعَ الْإِمَامِ سَهْوًا وَقِيلَ إنَّهَا تُجْزِيه وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْصُلُ مَعَهُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ سِتُّ رَكَعَاتٍ وَالْقَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ ظَنَّ كَمَالَ صَلَاتِهِ فَأَتَى بِرَكْعَتَيْنِ نَافِلَةٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَتَانِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ والْهَوَّارِيُّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَأَصْلُ الْمَشْهُورِ الْإِعَادَةُ كَذَا فِي ح اهـ قَالَ بْن قُلْت قَدْ أَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُودَ الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَنَصُّهُ وَأَجْزَأَتْ تَابِعَهُ سَهْوًا فِيهَا وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ يَقْضِي رَكْعَةً فِي قَوْلِهِ أَسْقَطْتُ سَجْدَةً لَا أَعْرِفُهُ وَقَوْلُهُ كَالْخِلَافِ فِيمَنْ صَلَّى نَفْلًا إثْرَ فَرْضٍ اعْتَقَدَ تَمَامَهُ فَتَبَيَّنَ نَقْصُهُ رَكْعَتَيْنِ وَاضِحٌ فَرْقُهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَقُلْ الْإِمَامُ ذَلِكَ فَلَا يَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ وَلَا يُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ. (قَوْلُهُ وَصَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ وَتَبِعَهُ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ إنْ سَبَّحَ) أَيْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ. (قَوْلُهُ فَخَالَفَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ وَإِنْ خَالَفَ سَهْوًا لَا تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ تَأَوَّلَ بِجَهْلِهِ وُجُوبَهُ) أَيْ بِأَنْ اسْتَنَدَ لِحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَهُوَ مُحْتَرَزُهُ وَالتَّقْدِيرُ وَصَحَّتْ لِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ اعْتِقَادُهُ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ إلَخْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا إنْ تَغَيَّرَ اعْتِقَادُهُ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا جَلَسَ لِتَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خَطَأُ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ فَهَذَا يُفَارِقُ قَوْلَهُ وَصَحَّتْ لِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ أَيْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يَقِينُهُ وَهَذَا تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ يَعْتَقِدُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ إنْ كَانَ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَهُوَ أَيْ مَنْ تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ مُؤَاخَذٌ بِالظَّاهِرِ تَارَةً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أُمِرَ بِالْجُلُوسِ وَالْبُطْلَانِ إنْ قَامَ وَبِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَارَةً أُخْرَى حَيْثُ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَقُمْ بَعْدَ أَنْ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ (وَقَوْلُهُ وَلَمْ تُجْزِ) أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَأَمَّا الْقُدُومُ عَلَى اتِّبَاعِهِ فَهُوَ حَرَامٌ وَإِنَّمَا لَمْ تُجْزِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا عَلَى أَنَّهَا قَضَاءٌ عَنْ الرَّكْعَةِ وَإِنَّمَا فَعَلَهَا عَلَى أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ إذَا تَبِعَ الْإِمَامَ عَمْدًا فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا خَامِسَةٌ لِإِمَامِهِ لِاعْتِقَادِهِ الْكَمَالَ بِسَبَبِ حُضُورِهِ الْإِمَامَ مِنْ أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ قُمْت لِمُوجِبٍ وَلَمْ يُجْمِعْ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِهِ فَقَالَ مَالِكٌ إنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَهَذِهِ الرَّكْعَةُ لَا تَنُوبُ عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي سَبَقَهُ بِهَا الْإِمَامُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا عَلَى أَنَّهَا قَضَاءٌ عَنْهَا بَلْ عَلَى أَنَّهَا زَائِدَةٌ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ رَكْعَةً

[فصل في سجود التلاوة]

وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَيَأْتِي بِمَا فَاتَهُ إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَلَمْ يُجْمِعْ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ قُمْت لِمُوجِبٍ أَوْ أَجْمَعَ الْمَأْمُومُ عَلَى نَفْيِهِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ ثُمَّ أَفَادَ مَفْهُومُ عَلِمَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ كَذَا) أَيْ لَا تُجْزِئُ الْخَامِسَةُ مَسْبُوقًا (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِخَامِسِيَّتِهَا مُطْلَقًا أَجْمَعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (أَوْ تُجْزِئُ) إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ (إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ قَوْلَانِ) وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ إنَّمَا الْمَوْجُودُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ قُمْت لِمُوجِبٍ هَلْ تُجْزِئُ غَيْرَ الْعَالِمِ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ الْمَأْمُومُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فَلَوْ قَالَ وَأَجْزَأَتْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ إلَخْ لَطَابَقِ النَّقْل فَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبِ لَمْ تَجُزْ الرَّكْعَةُ قَطْعًا وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ (وَتَارِكُ سَجْدَةٍ) مَثَلًا سَهْوًا (مِنْ) رَكْعَةٍ (كَأُولَاهُ) وَفَاتَ التَّدَارُكُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاعْتَقَدَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ (لَا تُجْزِئُهُ) تِلْكَ (الْخَامِسَةُ) عَنْ رَكْعَةِ النَّقْصِ (إنْ تَعَمَّدَهَا) أَيْ تَعَمَّدَ زِيَادَتَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا بِنِيَّةِ الْجَبْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ إتْيَانِهِ بِرَكْعَةٍ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ مَعَ أَنَّ تَعَمُّدَ زِيَادَةٍ كَسَجْدَةٍ مُبْطِلٌ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ انْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ بِتَرْكِ سَجْدَةٍ سَهْوًا وَمَفْهُومُ إنْ تَعَمَّدَهَا الْإِجْزَاءُ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ (سَجَدَ) سَجْدَةً وَاحِدَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَأَنَّهُ قَامَ لَهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّهَا تُجْزِيهِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ مَسْبُوقًا لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ ظَهَرَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَهَذِهِ الْخَامِسَةُ بَدَلُهَا فَهِيَ رَابِعَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ دُونَ الظَّاهِرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَرَابِعَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَالْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ. (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ) لَا يُقَالُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ الَّذِي عَلِمَ بِخَامِسِيَّتِهَا وَتَبِعَ الْإِمَامَ فِيهَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ لِتَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا خَالَفَ وَقَامَ مَعَ الْإِمَامِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ إذَا خَالَفَ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي الْوَاقِعِ وَإِلَّا صَحَّتْ وَهُنَا إنَّمَا صَحَّتْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ قَالَ قُمْت لِمُوجِبٍ وَأَنَّ الْقِيَامَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْوَاقِعِ تَأَمَّلْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجْمِعْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ صَدَّقُوهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ) أَيْ هَذَا إذَا تَأَوَّلَ فِي اتِّبَاعِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ بِأَنْ تَبِعَهُ عَمْدًا وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ لِأَنَّ الْعَمْدَ هُوَ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ وَأَمَّا إذَا تَبِعَهُ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا تَبِعَ الْإِمَامَ فِي خَامِسَةٍ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً فَقِيلَ لَا تُجْزِيه تِلْكَ الرَّكْعَةُ عَمَّا سُبِقَ بِهِ سَوَاءٌ أَجْمَعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا وَقِيلَ إنَّهَا تُجْزِيه إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إجْزَائِهَا وَعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ يُجْمِعْ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ وَأَمَّا إذَا أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ فَقَوْلَانِ وَإِذَا أَجْمَعُوا فَلَا تُجْزِئُ اتِّفَاقًا مَحَلُّهُ إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ قُمْت لِمُوجِبٍ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَا تُجْزِيه تِلْكَ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ إلَخْ الِاعْتِرَاضُ لح وَتَعَقَّبَهُ طفى بِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ ذَكَرَهُ وَحَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرَ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِي إجْزَاءِ الْخَامِسَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمِ إجْزَائِهَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُمَا بِالْعَالِمِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا هُوَ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ وَالْمُؤَلِّفُ جَزَمَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْعَالِمِ وَذُكِرَ فِي غَيْرِ الْعَالِمِ الْخِلَافُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وَالْإِجْزَاءِ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ لَا فِي الْعَالِمِ وَلَا فِي غَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَجْمَعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ) أَيْ لِذَلِكَ التَّرْكِ إلَّا بَعْدَمَا عَقَدَ الرَّكْعَةَ الزَّائِدَةَ وَأَمَّا لَوْ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ قَبْلَ فِعْلِهَا فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي بِهِ زَائِدًا لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا حَصَلَ فِيهِ الْخَلَلُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهَا خَامِسَةٌ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَلَلِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى ذَلِكَ فَلَا تَضُرُّ هَذِهِ النِّيَّةُ كَنِيَّةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَنْ الْمَأْمُومِ مَا يَحْمِلُهُ. (قَوْلُهُ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) أَيْ نَظَرًا لِلْوَاقِعِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ غَلَّابٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الْهَوَّارِيُّ الْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِلتَّلَاعُبِ فِي قَصْدِهِ وَالْقَوْلَانِ فِي ح قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا قَالَهُ الْهَوَّارِيُّ عَلَى الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَمَا لِابْنِ غَلَّابٍ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ مِنْ انْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ) أَيْ وَأَنَّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ رَكْعَةً وَهُمْ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ يُرَاعُونَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ إنْ تَعَمَّدَهَا) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا أَتَى بِهَا سَهْوًا. (قَوْلُهُ الْإِجْزَاءُ) أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُجْزِئُ السَّاهِيَ أَيْضًا لِفَقْدِ قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ وَعَلَى هَذَا جَرَى الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ إنْكَارُهُ اهـ بْن وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ تَعَمَّدَهَا [فَصَلِّ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ] (فَصْلٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ) (قَوْلُهُ سُجُودُ) أَيْ طُلِبَ مِنْهُ إيجَادُ مَاهِيَّةِ السُّجُودِ فِي أَقَلِّ أَفْرَادِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَانْدَفَعَ مَا أُورِدَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْوَحْدَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَقُلْ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ مَثَلًا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْفِعْلَ يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ مَدْلُولِهِ وَاحِدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ إذْ هُوَ عِنْدَهُمْ لَهُ حُكْمُ النَّكِرَاتِ فَفِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لِقَيْدِ الْوَحْدَةِ. (قَوْلُهُ سَجْدَةً وَاحِدَةً) فَلَوْ

(بِشَرْطِ الصَّلَاةِ) مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ (بِلَا إحْرَامٍ) أَيْ تَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهُوِيِّ وَبِلَا رَفْعِ يَدَيْنِ (و) بِلَا (سَلَامِ قَارِئٍ) مُطْلَقًا (وَمُسْتَمِعٍ) أَيْ قَاصِدِ السَّمَاعِ (فَقَطْ) أَيْ لَا مُجَرَّدِ سَامِعٍ وَيَنْحَطُّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ وَلَا يَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْ جُلُوسٍ وَيَنْزِلُ الرَّاكِبُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَمِعِ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ (إنْ جَلَسَ) الْمُسْتَمِعُ (لِيَتَعَلَّمَ) الْقُرْآنَ مِنْ الْقَارِئِ حِفْظًا أَوْ أَحْكَامًا لَا لِمُجَرَّدِ ثَوَابٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَسْجُدُهَا (وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ) الشَّرْطُ الثَّانِي (إنْ صَلَحَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا الْقَارِئُ (لِيَؤُمَّ) أَيْ لِلْإِمَامَةِ بِأَنْ يَكُونَ ذَكَرًا مُحَقِّقًا بَالِغًا عَاقِلًا وَكَذَا مُتَوَضِّئًا عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا مُسْتَمِعًا صَحِيحًا مِنْ قَارِئٍ مُتَوَضِّئٍ عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فَقَوْلُهُ لِيَؤُمَّ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ الشَّرْطُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ (وَلَمْ) (يَجْلِسْ) الْقَارِئُ (لِيَسْمَعَ) النَّاسُ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ (فِي إحْدَى عَشْرَةَ) مِنْ الْمَوَاضِعِ آخِرَ الْإِعْرَافِ {وَالآصَالِ} [الأعراف: 205] فِي الرَّعْدِ وَ {يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] فِي النَّحْلِ وَ {خُشُوعًا} [الإسراء: 109] فِي الْإِسْرَاءِ {وَبُكِيًّا} [مريم: 58] فِي مَرْيَمَ وَ {مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] فِي الْحَجِّ وَ {نُفُورًا} [الفرقان: 60] فِي الْفُرْقَانِ وَ {الْعَظِيمِ} [النمل: 26] فِي النَّمْلِ وَ {لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] فِي السَّجْدَةِ {وَأَنَابَ} [ص: 24] فِي ص وَ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] فِي فُصِّلَتْ (لَا) فِي (ثَانِيَةِ الْحَجِّ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ الْخُرُوجُ مِنْهَا عَلَى سَلَامٍ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ أَيْ بِشُرُوطِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ إلَخْ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ أَيْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ كَتَرْكِ الْكَلَامِ وَتَرْكِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ فَتَبْطُلُ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِالْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ قَضَائِهَا قِيَاسًا عَلَى النَّفْلِ الْمُفْسِدِ. (قَوْلُهُ وَاسْتِقْبَالٌ) يَعْنِي فِي الْجُمْلَةِ وَفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ سُجُودُهَا عَلَى الدَّابَّةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالصَّلَاةِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاج لِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ تَكْبِيرٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْإِحْرَامُ بِمَعْنَى نِيَّةِ الْفِعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ بِلَا تَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهُوِيِّ وَالرَّفْعِ ثُمَّ مَحَلُّ قَوْلِهِ بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ مُرَاعَاةَ خِلَافٍ كَمَا قَالَ عبق. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ سَوَاءٌ صَلَحَ لِلْإِمَامَةِ أَمْ لَا جَلَسَ لِيَسْمَعَ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَمُسْتَمِعٍ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ فَقَطْ) إنَّمَا أَتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ " مُسْتَمِعٍ " صِفَةٌ وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهَا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَأَتَى بِقَوْلِهِ فَقَطْ دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ. (قَوْلُهُ لَا مُجَرَّدُ سَامِعٍ) أَيْ لَا سَامِعٌ مُجَرَّدٌ عَنْ قَصْدِ السَّمَاعِ. (قَوْلُهُ وَيَنْحَطُّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ) أَيْ إذَا كَانَ مَاشِيًا. (قَوْلُهُ وَيَنْزِلُ الرَّاكِبُ) أَيْ فَلَا يَسْجُدُهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَلَا يُومِئُ بِهَا لِلْأَرْضِ إلَّا إذَا كَانَ يَسُوغُ لَهُ النَّافِلَةُ عَلَى الدَّابَّةِ بِأَنْ كَانَ مُسَافِرًا سَفَرَ قَصْرٍ فَلَهُ فِعْلُهَا بِالْإِيمَاءِ لِجِهَةِ سَفَرِهِ وَيُومِئُ بِهَا لِلْأَرْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا إلَى الْإِكَافِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ) عَبَّرَ بِالْجُلُوسِ تَبَعًا لِابْنِ رُشْدٍ إذْ قَسَّمَهُ إلَى ثَلَاثِ أَقْسَامٍ جُلُوسٍ لِلتَّعَلُّمِ وَجُلُوسٍ لِلِاسْتِمَاعِ لِلثَّوَابِ وَجُلُوسٍ لِلسُّجُودِ وَكَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ هُنَا الِانْحِيَازَ لِلْقَارِئِ بِجُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ اضْطِجَاعٍ وَلَكِنْ عَبَّرَ بِالْغَالِبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ أَحْكَامًا) مِنْ إظْهَارٍ وَإِدْغَامٍ وَإِقْلَابٍ وَإِخْفَاءٍ لِأَجْلٍ أَنْ يَصُونَ قِرَاءَتَهُ مِنْ اللَّحْنِ. (قَوْلُهُ لَا لِمُجَرَّدِ ثَوَابٍ) أَيْ لَا إنْ كَانَ اسْتِمَاعُهُ لِمُجَرَّدِ ثَوَابٍ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ اتِّعَاظٍ بِكَلَامِ اللَّهِ وَتَلَذُّذٍ بِهِ أَوْ كَانَ جُلُوسُهُ لِأَجْلِ السُّجُودِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ) أَيْ السُّجُودَ لِأَنَّ تَرْكَهُ لَا يُسْقِطُ مَطْلُوبِيَّتَهُ مِنْ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ إمَامًا وَتَرَكَهُ فَيَتَّبِعُهُ مَأْمُومُهُ عَلَى تَرْكِهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَلَوْ فَعَلَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي عبق وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ الْقَائِلِينَ لَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ إذَا تَرَكَ الْقَارِئُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا مُتَوَضِّئًا) أَيْ فَلَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ مِنْ غَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ وَلَوْ شَكَّ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ الْعَاجِزَ صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ إذْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِمِثْلِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْلِسْ الْقَارِئُ لِيَسْمَعَ النَّاسَ) فَإِنْ جَلَسَ لِيَسْمَعَ النَّاسُ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ فَلَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ لَهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنْ يَدْخُلَ قِرَاءَتَهُ الرِّيَاءُ فَلَا يَكُونُ أَهْلًا لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ إنْ قُلْت غَايَةُ مَا فِيهِ فِسْقُهُ بِالرِّيَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ إمَامَةِ الْفَاسِقِ قُلْت أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ هُنَا كَالصَّلَاةِ فَالْمُرَائِي فِي قِرَاءَتِهِ كَمَنْ تَعَلَّقَ فِسْقُهُ بِالصَّلَاةِ وَالْفَاسِقُ الَّذِي اعْتَمَدُوا صِحَّةَ إمَامَتِهِ مَنْ كَانَ فِسْقُهُ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ كَمَا يَأْتِي قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي إحْدَى) مُتَعَلِّقٌ بِسَجَدَ. (قَوْلُهُ لَا فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ)

(و) لَا (النَّجْمِ) لِعَدَمِ سُجُودِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَقُرَّائِهَا فِيهَا (و) لَا فِي (الِانْشِقَاقِ و) لَا (الْقَلَمِ) تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ عَلَى الْحَدِيثِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَسْخِهِ و (هَلْ) السُّجُودُ (سُنَّةٌ) غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَمُقْتَضَى ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الرَّاجِحُ (أَوْ فَضِيلَةٌ) أَيْ مَنْدُوبٌ (خِلَافَ) وَهُوَ فِي الْبَالِغِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَيُخَاطِب بِهَا نَدْبًا قَطْعًا (وَكَبَّرَ لِخَفْضٍ وَرَفْعٍ) إذَا كَانَ بِصَلَاةٍ بَلْ (وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَص) مَحَلُّهُ فِيهَا {وَأَنَابَ} [ص: 24] خِلَافًا لِمَنْ قَالَ {وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] وَفُصِّلَتْ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] خِلَافًا لِمَنْ قَالَ {لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] (وَكُرِهَ) (سُجُودُ شُكْرٍ) وَكَذَا الصَّلَاةُ لَهُ عِنْدَ بِشَارَةٍ بِمَسَرَّةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ (أَوْ) سُجُودٍ ل (زَلْزَلَةٍ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَلَا تُكْرَهُ بَلْ تُطْلَبُ (و) كُرِهَ (جَهْرٌ) أَيْ رَفْعُ صَوْتٍ (بِهَا) أَيْ بِالْقِرَاءَةِ (بِمَسْجِدٍ) وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (و) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ) أَيْ تَطْرِيبِ صَوْتٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ وَالْإِحْرَامِ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مَذْكُورٍ (ك) كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ (جَمَاعَةٍ) يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَءُونَ مَعًا إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ الْكَلِمَاتِ وَإِلَّا حَرُمَ (و) كُرِهَ (جُلُوسٌ لَهَا) أَيْ لِأَجْلٍ سُجُودِهَا خَاصَّةً (لَا لِتَعْلِيمٍ) أَوْ تَعَلُّمٍ أَوْ قَصْدِ ثَوَابٍ مَعَ قَصْدِ السُّجُودِ فَلَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَلْ يُطْلَبُ ثُمَّ إنْ كَانَ مُعَلِّمًا سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ لَا لِتَعْلِيمٍ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ فَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ فَقَطْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (وَأُقِيمَ) نَدْبًا (الْقَارِئُ) جَهْرًا (فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كُلَّ خَمِيسٍ أَوْ جُمُعَةٍ إنْ قُصِدَ دَوَامُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُقَامُ وَإِنْ كُرِهَ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَجَهَرَ بِهَا بِمَسْجِدٍ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ وَجَهْرٌ بِهَا بِمَسْجِدٍ وَأُقِيمَ إنْ قَصَدَ الدَّوَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَيُكْرَهُ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ يَمْنَعُ مَعْنَاهُ يُكْرَهُ كَذَا قَالَ عج فَلَوْ سَجَدَ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ وَمَا بَعْدَهَا فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِمِنْ يَسْجُدُهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُطْلَانَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلْخِلَافِ فِيهَا فَلَوْ سَجَدَ دُونَ إمَامِهِ بَطَلَتْ وَإِنْ تَرَكَ اتِّبَاعَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَا فِي النَّجْمِ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] . (قَوْلُهُ تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ) أَيْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ تَرَكَ السُّجُودَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْحَدِيثِ أَيْ الدَّالِّ عَلَى طَلَبِ السُّجُودِ فِيهَا وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْعَمَلَ عَلَى الْحَدِيثِ لِدَلَالَةِ الْعَمَلِ عَلَى نَسْخِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ إذْ لَوْ كَانَ بَاقِيًا مِنْ غَيْرِ نَسْخٍ مَا عَدَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ سُنَّةٌ إلَخْ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافِيَّةٌ قُصِدَ بِهَا تَبْيِينُ الْحُكْمِ الَّذِي أَجْمَلَهُ فِي قَوْلِهِ سَجَدَ أَيْ طُلِبَ مِنْهُ سُجُودٌ وَالْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ شَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَابْنِ الْكَاتِبِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِنْ قَاعِدَتِهِ تَشْهِيرُ مَا صَدَرَ بِهِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَقِلَّتُهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُكَبِّرُ لَا فِي حَالِ الْخَفْضِ وَلَا فِي حَالِ الرَّفْعِ بَلْ يَسْجُدُ سَجْدَةً مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ. (قَوْلُهُ وَص وَأَنَابَ إلَخْ) ابْنُ نَاجِيٍّ اخْتَارَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي الْأَخِيرِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَيْ كَمَا يَسْجُدُ فِي الْأَوَّلِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَشَارِقَةِ اهـ بْن . (قَوْلُهُ وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ) وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ فَسُرَّ بِهِ فَخَرَّ سَاجِدًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ الْعَمَلُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) أَيْ لِلزَّلْزَلَةِ فَلَا تُكْرَهُ بَلْ تُطْلَبُ لِأَنَّهَا أَمْرٌ يُخَافُ مِنْهُ وَمِثْلُ الصَّلَاةِ لِلزَّلْزَلَةِ الصَّلَاةُ لِدَفْعِ الْوَبَاءِ أَوْ الطَّاعُونِ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مِنْ أَجْلِ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً لِغَيْرِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ الْبَدْرُ وَيُصَلُّونَ لِذَلِكَ أَفْذَاذًا أَوْ جَمَاعَةً وَهَلْ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ رَكْعَتَانِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ لِمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِمَامُ وَإِلَّا وَجَبَتْ. (قَوْلُهُ أَيْ بِالْقِرَاءَةِ) أَيْ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ وَهَذَا الْحَمْلُ فِي الْمُصَنِّفِ هُوَ الظَّاهِرُ وَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ فِيهِ التَّكْرَارَ مَعَ قَوْلِهِ وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ عَادَةً فَإِقَامَةُ الْقَارِئِ مَشْرُوطَةٌ بِاِتِّخَاذِ ذَلِكَ عَادَةً وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْ الْإِقَامَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُوجِبُ إقَامَةَ الْقَارِئِ. (قَوْلُهُ بِتَلْحِينٍ) أَرَادَ أَيْ بِأَنْغَامٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَى جَوَازِهِ بَلْ قَالَ إنَّهُ سُنَّةٌ وَاسْتَحْسَنَهُ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّ سَمَاعَهُ بِالْأَلْحَانِ يَزِيدُ غِبْطَةً بِالْقُرْآنِ وَإِيمَانًا وَيُكْسِبُ الْقَلْبَ خَشْيَةً وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» وَقَوْلُهُ «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّغَنِّي الِاسْتِغْنَاءُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ مَقْلُوبٌ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ يَجْتَمِعُونَ فَيَقْرَءُونَ مَعًا) إنَّمَا كُرِهَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَمَلِ وَلِلُزُومِ تَخْلِيطِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَعَدَمِ إصْغَاءِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ يَقْرَأُ وَاحِدُ رُبْعَ حِزْبٍ مَثَلًا وَآخَرُ مَا يَلِيهِ وَهَكَذَا فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَهَا قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِ سُجُودِهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ لَيْسَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْجُلُوسِ لِسَمَاعِ الْقِرَاءَةِ إلَّا أَنْ يَسْجُدَ السَّجْدَةَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ) يَعْنِي أَنَّ الْقَارِئَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ غَيْرِهِ يُقَامُ نَدْبًا وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا مُحْتَاجًا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُهُ جَهْرًا بِرَفْعِ صَوْتٍ وَقَصْدِ دَوَامِ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَوْ بِقَرِينَةٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَاقِفٌ إلَّا وَجَبَ فِعْلُهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ وَلَوْ كُرِهَ وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْعِلْمِ فِي الْمَسَاجِدِ فَمِنْ السُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ وَلَا يَرْفَعُ الْمُدَرِّسُ فِي الْمَسْجِدِ صَوْتَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُقَامُ) أَيْ وَإِلَّا يَقْصِدُ دَوَامَ ذَلِكَ فَلَا يُقَامُ وَيُؤْمَرُ بِالسُّكُوتِ أَوْ الْقِرَاءَةِ سِرًّا

لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (وَفِي كُرْهِ) (قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ) مُجْتَمِعِينَ (عَلَى) الشَّيْخِ (الْوَاحِدِ) مَخَافَةَ التَّخْلِيطِ وَجَوَازُهَا (رِوَايَتَانِ) عَنْ الْإِمَامِ (و) كُرِهَ (اجْتِمَاعُ) النَّاسِ (لِدُعَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ) بِمَسْجِدٍ كَغَيْرِهِ إنْ قُصِدَ التَّشْبِيهُ بِالْحَاجِّ أَوْ جُعِلَ مِنْ سُنَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُنْدَبُ (و) كُرِهَ (مُجَاوَزَتُهَا) أَيْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْ تَرْكُ السُّجُودِ عِنْدَ قِرَاءَةِ مَحَلِّهَا (لِمُتَطَهِّرٍ وَقْتَ جَوَازٍ) لَهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ مُتَطَهِّرًا أَوْ لَيْسَ وَقْتَ جَوَازٍ (فَهَلْ يُجَاوِزُ) أَيْ يَتْرُكُ (مَحَلَّهَا) أَيْ مَحَلَّ سُجُودِهَا فَقَطْ وَهُوَ {يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206] فِي الْأَعْرَافِ {وَالآصَالِ} [الأعراف: 205] فِي الرَّعْدِ وَهَكَذَا (أَوْ) يُجَاوِزُ (الْآيَةَ) بِتَمَامِهَا ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى (تَأْوِيلَانِ و) كُرِهَ (اقْتِصَارٌ عَلَيْهَا) قَالَ فِيهَا أَكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتَهَا خَاصَّةً لَا قَبْلَهَا شَيْءٌ وَلَا بَعْدَهَا شَيْءٌ ثُمَّ يَسْجُدُ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَأُوِّلَ بِالْكَلِمَةِ) الدَّالَّةِ عَلَى السُّجُودِ نَحْوُ {خَرُّوا سُجَّدًا} [السجدة: 15] {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ} [فصلت: 37] وَأَمَّا الْآيَةُ بِجُمْلَتِهَا فَلَا كَرَاهَةَ (و) أُوِّلَ أَيْضًا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى (الْآيَةِ) مِثْلُ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} [فصلت: 37] إلَى {تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] وَمِثْلُ {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} [السجدة: 15] إلَى {يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (و) التَّأْوِيلُ بِالْآيَةِ (هُوَ الْأَشْبَهُ) بِالْقَوَاعِدِ مِنْ الْأَوَّلِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَلِمَاتِ السَّجْدَةِ وَجُمْلَةِ الْآيَةِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْآيَةِ فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْكَلِمَةِ فَلَا يَسْجُدُ بِاتِّفَاقِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ دَوَامَ ذَلِكَ كَانَ الْغَالِبُ قَصْدَهُ بِالْقِرَاءَةِ الدُّنْيَا كَذَا قِيلَ وَاعْلَمْ أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَبْوَابِ وَفِي الطُّرُقِ قَصْدًا لِطَلَبِ الدُّنْيَا حَرَامٌ وَلَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ لِفَاعِلِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى ذَلِكَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ) الْمُرَادُ بِهَا مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ مَخَافَةَ التَّخْلِيطِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفُوتَ الشَّيْخَ سَمَاعُ مَا يَقْرَؤُهُ بَعْضُهُمْ حِينَ الْإِصْغَاءِ لِغَيْرِهِ فَقَدْ يُخْطِئُ الْقَارِئُ الَّذِي لَمْ يُصْغِ الشَّيْخُ لِقِرَاءَتِهِ فِي ذَلِكَ الْحِينِ وَيَظُنُّ ذَلِكَ الْقَارِئُ أَنَّ الشَّيْخَ سَمِعَهُ فَيُحْمَلُ عَنْهُ الْخَطَأُ وَيَظُنُّهُ مَذْهَبًا لَهُ. (قَوْلُهُ وَجَوَازُهَا) أَيْ لِلْمَشَقَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْقُرَّاءِ بِانْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ إذْ قَدْ يُكْثِرُونَ فَلَا يَعُمُّهُمْ فَجَمْعُهُمْ أَحْسَنُ مِنْ الْقَطْعِ لِبَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ) أَيْ فَكَانَ أَوَّلًا يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا يَرَاهُ صَوَابًا ثُمَّ رَجَعَ وَخَفَّفَهُ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ رَجَعَ عَنْ الْكَرَاهَةِ فَالْمَعْمُولُ بِهِ الْجَوَازُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مَرْجُوعٌ عَنْهَا فَلَا تُنْسَبُ لِقَائِلِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوَاعِدَ الْمَذْهَبِ لَمَّا كَانَتْ تَقْتَضِيهَا صَحَّ نِسْبَتُهَا لِلْإِمَامِ وَإِنْ رَجَعَ عَنْهَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالظَّاهِرُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ يَنْبَغِي مَزِيدُ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ فِي إفْرَادِ كُلِّ قَارِئٍ بِالْقِرَاءَةِ مَشَقَّةٌ فَإِنْ انْتَفَتْ الْمَشَقَّةُ فَالْكَرَاهَةُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَاجْتِمَاعٌ لِدُعَاءٍ) أَيْ بِأَيِّ دُعَاءٍ كَانَ وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ) أَيْ وَإِنْ لَا يَقْصِدْ التَّشَبُّهَ بِالْحَاجِّ وَلَا جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الْيَوْمِ بَلْ قَصَدَ اغْتِنَامَ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ كَانَ الِاجْتِمَاعُ فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ وَقْتُ جَوَازِهَا) أَيْ وَهُوَ مَا عَدَا وَقْتَ الْإِسْفَارِ وَالِاصْفِرَارِ وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا أَوْ الْآيَةَ) فِي المج وَيَنْبَغِي مُلَاحَظَةُ الْمُتَجَاوِزِ بِقَلْبِهِ لِنِظَامِ التِّلَاوَةِ بَلْ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى) أَيْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَاوَزَةِ مَحَلِّ السُّجُودِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى مُجَاوَزَتِهِ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْمَعْنَى وَإِلَّا فَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مُجَاوَزَةُ مَحَلِّ السُّجُودِ فَقَطْ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) وَعَلَيْهِمَا إذَا جَاوَزَ مَحَلَّهَا أَوْ الْآيَةَ ثُمَّ تَطَهَّرَ أَوْ زَالَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ فَلَا يَرْجِعُ لِقِرَاءَتِهَا لِنَصِّ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ مِنْ شِعَارِ الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلْجَلَّابِ كَذَا فِي عبق نَقْلًا عَنْ تت وَلِأَبِي عِمْرَانَ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِلتَّأْوِيلَيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَارِئَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ لَيْسَ وَقْتَ جَوَازٍ لَهَا فَإِنَّ الْقَارِئَ لَا يَتَعَدَّاهَا بَلْ يَقْرَأُ مَحَلَّهَا لِأَنَّهُ إنْ حُرِمَ أَجْرَ السُّجُودِ فَلَا يُحْرَمُ أَجْرَ الْقِرَاءَةِ قَالَ بْن وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِلَّا يَكُنْ مُتَطَهِّرًا أَوْ لَيْسَ وَقْتَ جَوَازٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ فَهَذَا مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ وَكَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ فَإِنَّهُ يَقْرَؤُهَا وَيَسْجُدُ قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى قِرَاءَةِ مَحَلِّ السَّجْدَةِ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا حَيْثُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَسْجُدَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَصْدَهُ السَّجْدَةُ لَا التِّلَاوَةُ وَهُوَ خِلَافُ الْعَمَلِ وَإِذَا اقْتَصَرَ فَلَا يَسْجُدُ حَيْثُ فَعَلَ مَا يَكْرَهُ. (قَوْلُهُ أَكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتَهَا) أَيْ قِرَاءَةَ مَحَلِّهَا. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْآيَةُ بِجُمْلَتِهَا فَلَا كَرَاهَةَ) أَيْ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا وَيَسْجُدُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ وَأُوِّلَ أَيْضًا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْآيَةِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَلِمَةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ) أَيْ الْمُشَابِهُ وَالْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ فَعُلِمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْآيَةِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَشْبَهِ مِنْ كَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا لَا يَسْجُدُ وَعَلَى الْقَوْلِ

(و) كُرِهَ (تَعَمُّدُهَا) أَيْ السَّجْدَةِ أَيْ قِرَاءَةُ آيَتِهَا (بِفَرِيضَةٍ) وَلَوْ صُبْحَ جُمُعَةٍ (أَوْ خُطْبَةً) لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِهَا (لَا) تَعَمُّدُهَا فِي (نَفْلٍ) فَلَا يُكْرَهُ (مُطْلَقًا) فِي سِرٍّ أَوْ جَهْرًا أَمِنَ التَّخْلِيطَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ أَمْ لَا سَفَرًا أَوْ حَضَرًا (وَإِنْ) (قَرَأَهَا فِي فَرْضٍ) (سَجَدَ) وَلَوْ بِوَقْتِ نَهْيٍ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ حِينَئِذٍ لِلْفَرْضِ (لَا) إنْ قَرَأَهَا فِي (خُطْبَةٍ) فَلَا يَسْجُدُ أَيْ يُكْرَهُ (وَجَهَرَ) نَدْبًا (إمَامُ) الصَّلَاةِ (السِّرِّيَّةِ) بِقِرَاءَتِهِ السَّجْدَةَ لِيَعْلَم النَّاسُ سَبَبُ سُجُودِهِ فَيَتْبَعُوهُ (وَإِلَّا) يَجْهَرْ بِهَا وَسَجَدَ (اُتُّبِعَ) فِي سُجُودِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّهْوِ فَإِنْ لَمْ يُتْبَعْ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ (وَمُجَاوِزُهَا) فِي الْقِرَاءَةِ (بِيَسِيرٍ) كَآيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ (يَسْجُدُ) مَكَانَهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ قِرَاءَتِهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ (و) مُجَاوِزُهَا (بِكَثِيرٍ يُعِيدُهَا) أَيْ يُعِيدُ قِرَاءَتَهَا وَيَسْجُدُهَا فِي مَحَلِّهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَكِنْ إنْ كَانَ بِصَلَاةٍ أَعَادَهَا (بِالْفَرْضِ و) أُولَى النَّفْلِ مَا (لَمْ يَنْحَنِ) لِلرُّكُوعِ فَإِنْ انْحَنَى فَاتَ فِعْلُهَا فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ قِرَاءَتِهَا فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ (و) يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا نَدْبًا (بِالنَّفْلِ فِي ثَانِيَتِهِ) لِيَسْجُدَهَا (فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ) قِرَاءَةِ (الْفَاتِحَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخَرِ وَهُوَ أَوَّلُ التَّأْوِيلَيْنِ يَسْجُدُ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْكَلِمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى السُّجُودِ لَا يَسْجُدُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالْفِعْلِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُخْتَارٌ لِلْمَازِرِيِّ مِنْ خِلَافٍ لِأَنَّهُمَا تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَيْسَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ تَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ فَلَوْ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ عَلَى الْمَقُولِ لَنَاسَبَ اصْطِلَاحَهُ . (قَوْلُهُ وَتَعَمُّدُهَا بِفَرِيضَةٍ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْمُدَاوَمَةِ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ مَرَّةً وَإِنَّمَا كُرِهَ تَعَمُّدُهَا بِالْفَرِيضَةِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْهَا دَخَلَ فِي الْوَعِيدِ أَيْ اللَّوْمِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] وَإِنْ سَجَدَ زَادَ فِي عَدَدِ سُجُودِهَا كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي النَّافِلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السُّجُودَ لَمَّا كَانَ نَافِلَةً وَالصَّلَاةُ نَافِلَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ لَيْسَ زَائِدًا بِخِلَافِ الْفَرْضِ إنْ قُلْت إنَّ مُقْتَضَى الزِّيَادَةِ فِي الْفَرْضِ الْبُطْلَانُ قُلْت إنَّ الشَّارِعَ لَمَّا طَلَبهَا مِنْ كُلِّ قَارِئٍ صَارَتْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ زَائِدَةً مَحْضَةً اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ صُبْحَ جُمُعَةٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِهَا فِيهِ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ كَرَاهَةَ تَعَمُّدِ قِرَاءَةِ آيَتِهَا فِي الْفَرِيضَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهُ لِقِرَاءَتِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَسْجُدُ وَلَيْسَ مِنْ تَعَمُّدِهَا بِفَرِيضَةٍ صَلَاةُ مَالِكِيٍّ خَلْفَ شَافِعِيٍّ يَقْرَؤُهَا بِصُبْحِ جُمُعَةٍ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ رَاتِبٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ مَكْرُوهًا قَالَهُ عبق. (قَوْلُهُ أَوْ خُطْبَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ خُطْبَةً غَيْرَهَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِإِخْلَالِهِ بِنِظَامِهَا) أَيْ إنْ سَجَدَ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ دَخَلَ فِي الْوَعِيدِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ فِي ذَلِكَ النَّفْلِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا أَمِنَ الْإِمَامُ مِنْ التَّخْلِيطِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَرَأَهَا فِي فَرْضٍ) أَيْ وَإِنْ اقْتَحَمَ النَّهْيَ وَقَرَأَهَا عَمْدًا أَوْ قَرَأَهَا غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ وَقَوْلُهُ سَجَدَ وَهَلْ سُجُودُهُ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ غَيْرَ جِنَازَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا مَا يَأْتِي فِي سُجُودِهِ فِي الْخُطْبَةِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ) فَإِنْ وَقَعَ وَسَجَدَ فَهَلْ تَبْطُلُ الْخُطْبَةُ لِزَوَالِ نِظَامِهَا أَمْ لَا وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرَمُونِيُّ (قَوْلُهُ الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. (قَوْلُهُ بِقِرَاءَتِهِ السَّجْدَةَ) مُتَعَلِّقٌ بِجَهَرَ أَيْ جَهَرَ الْإِمَامُ بِقِرَاءَتِهِ الْآيَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالسَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ كُلِّهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ اتَّبَعَ فِي سُجُودِهِ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا فِي كَبِيرِ خش وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَمْتَنِعُ اتِّبَاعُهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَّبِعْ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ) أَيْ لِأَنَّ اتِّبَاعَهُ فِيهَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُقْتَدَى بِهِ فِيهَا أَصَالَةً وَتَرْكُ الْوَاجِبِ الَّذِي لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا يُوجِبُ الْبُطْلَانَ. (قَوْلُهُ كَآيَةٍ وَآيَتَيْنِ) أَيْ لَا أَكْثَرَ فَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ قِرَاءَتِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ. (قَوْلُهُ أَيْ يُعِيدُ قِرَاءَتَهَا) أَيْ قِرَاءَةَ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَسْجُدَ يَعُودُ إلَى حَيْثُ انْتَهَى فِي الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ بِالْفَرْضِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ مُمَاثِلٍ لِلْمَذْكُورِ أَيْ يُعِيدُهَا بِالْفَرْضِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَمَاذَا يَفْعَلُ إذَا جَاوَزَهَا بِكَثِيرٍ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُهَا الْمَذْكُورِ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ عَدَمَ الْإِعَادَةِ فِي مَسْأَلَةِ مُجَاوَزَتِهَا بِكَثِيرٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ) أَيْ يُكْرَهُ فَإِنْ أَعَادَهَا فِي ثَانِيَتِهِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الظَّاهِرِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ لِانْقِطَاعِ السَّبَبِ بِالِانْحِنَاءِ. (قَوْلُهُ وَيَعُودُ لِقِرَاءَتِهَا) أَيْ لِقِرَاءَةِ آيَتِهَا بِالنَّفْلِ فِي ثَانِيَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى عَقَدَ الثَّانِيَةَ فَاتَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ فَفِي إعَادَةِ آيَتِهَا وَفِعْلِهَا قَبْلَ

أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلَانِ وَإِنْ قَصَدَهَا) أَيْ السَّجْدَةَ بِأَنْ انْحَطَّ بِنِيَّتِهَا فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهَا (فَرَكَعَ) أَيْ فَقَصَدَ الرُّكُوعَ (سَهْوًا) عَنْهَا (اُعْتُدَّ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الرُّكُوعِ عِنْدَ مَالِكٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهَا فَيَرْجِعُ لَهُ وَقَدْ فَاتَتْهُ السَّجْدَةُ ثُمَّ إنْ كَانَ فِي أُولَى نَفْلٍ أَعَادَهَا فِي ثَانِيَتِهِ (وَلَا سَهْوَ) أَيْ لَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ لِنَقْصِ الْحَرَكَةِ وَلَا زِيَادَةَ مَعَهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَخِرُّ سَاجِدًا فَإِنْ رَفَعَ سَاهِيًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ أَيْضًا وَيَخِرُّ سَاجِدًا وَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ كَمَا يَأْتِي (بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا) أَيْ السَّجْدَةِ بِأَنْ يَسْجُدَ مَعَهَا أُخْرَى سَهْوًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ (أَوْ) بِخِلَافِ (سُجُودٍ) لَهَا (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ قِرَاءَةِ مَحَلِّهَا يَظُنُّهَا السَّجْدَةَ (سَهْوًا) سَوَاءٌ قَرَأَهَا وَسَجَدَ لَهَا ثَانِيًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَوْلُهُ سَهْوًا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَوْ تَعَمَّدَ بَطَلَتْ فِيهِمَا (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ) أَيْ قَاعِدَتُهُ (تَكْرِيرُهَا) أَيْ السَّجْدَةِ (إنْ كَرَّرَ حِزْبًا) فِيهِ سَجْدَةٌ أَوْ سَجَدَاتٌ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأُولَى (إلَّا الْمُعَلِّمُ وَالْمُتَعَلِّمُ) إذَا كَرَّرَ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِي يَسْمَعُ (فَأَوَّلُ مَرَّةٍ) فَقَطْ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ إلَّا الْمُعَلِّمُ إلَخْ مَقُولًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَوَّلُ مَرَّةٍ عَلَى الْقَوْلِ (وَنُدِبَ لِسَاجِدِ الْأَعْرَافِ) مَثَلًا (قِرَاءَةٌ) بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَاتِحَةِ بِحَيْثُ يَقُومُ مِنْهَا فَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَذَلِكَ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخَّرَهَا حَتَّى قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فَعَلَهَا بَعْدَهَا بَلْ وَكَذَا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ أَوْ يَعُودُ لِقِرَاءَةِ آيَتِهَا وَيَسْجُدُهَا بَعْدَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ بِحَيْثُ يَقُومُ مِنْهَا لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَالْفَاتِحَةُ وَاجِبَةٌ فَمَشْرُوعِيَّتُهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الْفَاتِحَةِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ وَهَلْ يَكْتَفِي بِهَا أَوْ يُعِيدُهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِقَاعِدَتِهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِتَرَدَّدَ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. (قَوْلُهُ فَقَصْدُ الرُّكُوعِ) أَيْ فَتَحَوَّلَ قَصْدُهُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ سَهْوًا عَنْهَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ سَاهِيًا عَنْ قَصْدِهَا وَصَارَ الْمُلَاحِظُ لَهُ بِقَلْبِهِ إنَّمَا هُوَ الرُّكُوعُ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ سَوَاءٌ تَذَكَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ طُمَأْنِينَتِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ. (قَوْلُهُ أَعَادَهَا فِي ثَانِيَتِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي ثَانِيَتِهِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ تَذَكَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ طُمَأْنِينَتِهِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَخِرُّ سَاجِدًا) أَيْ لِلتِّلَاوَةِ وَيَرْجِعُ لِلرُّكُوعِ بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ تَذَكَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ طُمَأْنِينَتِهِ فِيهِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَإِنْ كَانَ تَذَكُّرُهُ قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ خَرَّ سَاجِدًا لِلتِّلَاوَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ أُلْغِيَ ذَلِكَ الرُّكُوعُ وَسَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَ سَاهِيًا) أَيْ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ السَّجْدَةَ إلَّا بَعْدَ رَفْعِهِ. (قَوْلُهُ وَيَخِرُّ سَاجِدًا) أَيْ لِلتِّلَاوَةِ وَيَلْزَمُهُ السُّجُودُ الْبَعْدِيُّ لِزِيَادَةِ ذَلِكَ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ) أَيْ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ تَكْرِيرُهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ بِخِلَافِ تَكْرِيرِ الشَّخْصِ السَّجْدَةَ لِلتِّلَاوَةِ سَهْوًا وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَمَّا لَوْ كَرَّرَهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ أَوْ بِخِلَافِ سُجُودٍ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ فِي آيَةٍ قَبْلَهَا يَظُنُّ أَنَّهَا آيَةُ السَّجْدَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ قَرَأَ آيَتَهَا فِي بَاقِي صَلَاتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَجَدَهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ حِزْبًا) أَيْ جُمْلَةً مِنْ الْقُرْآنِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَإِذَا كَرَّرَ الرُّبْعَ الْأَخِيرَ مِنْ الْأَعْرَافِ مَثَلًا لِصُعُوبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ كُلَّ مَرَّةٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَكْرِيرُ الْحِزْبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَسْمَعُ) فِيهِ أَنَّ الْمُعَلِّمَ إذَا كَانَ سَاكِتًا كَيْفَ يَسْجُدُ مَعَ أَنَّ السَّامِعَ لَا يَسْجُدُ إلَّا إذَا جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ كَمَا مَرَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعَلِّمَ يَسْجُدُ مَعَ كَوْنِهِ سَامِعًا وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا مَرَّ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ أَوْ لِيُعَلِّمَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خَشٍ. (قَوْلُهُ فَأَوَّلُ مَرَّةٍ) أَيْ فَيَسْجُدُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ) أَيْ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ قَالَا لَا سُجُودَ عَلَيْهِمَا وَلَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا حَصَلَ التَّكْرِيرُ لِحِزْبٍ فِيهِ سَجْدَةٌ وَأَمَّا قَارِئُ الْقُرْآنِ بِتَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ جَمِيعَ سَجَدَاتِهِ بِاتِّفَاقٍ وَلَوْ كَانَ مُعَلِّمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ صَدْرَ الْعِبَارَةِ لَيْسَ مُخْتَارًا مِنْ خِلَافٍ فَنَاسَبَ التَّعْبِيرَ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَآخِرُهَا مُخْتَارٌ مِنْ خِلَافٍ فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالِاسْمِ. (قَوْلُهُ مَثَلًا)

[فصل في بيان حكم صلاة النافلة وما يتعلق بها]

الْأَنْفَالِ أَوْ غَيْرِهَا (قَبْلَ رُكُوعِهِ) لِيَقَعَ الرُّكُوعُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ (وَلَا يَكْفِي عَنْهَا) أَيْ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْ بَدَلَهَا (رُكُوعٌ) أَيْ لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ عِوَضًا عَنْهَا لِأَنَّهُ إنْ قُصِدَ بِهِ الرُّكُوعُ لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قُصِدَ بِهِ السُّجُودُ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ (وَإِنْ تَرَكَهَا) عَمْدًا (وَقَصَدَهُ) أَيْ الرُّكُوعَ بِانْحِطَاطٍ (صَحَّ) رُكُوعُهُ (وَكُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ (و) إنْ تَرَكَهَا (سَهْوًا) عَنْهَا وَرَكَعَ فَذَكَرَهَا وَهُوَ رَاكِعٌ (اُعْتُدَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ (عِنْدَ مَالِكٍ) مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ (لَا) عِنْدَ (ابْنِ الْقَاسِمِ) فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ وَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَع وَحِينَئِذٍ (فَيَسْجُدُ) بَعْدَ السَّلَامِ (إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ الَّذِي تَذَكَّرَ فِيهِ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ وَأَوْلَى لَوْ رَفَعَ مِنْهُ سَاهِيًا وَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا إلَخْ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ قَصَدَ السُّجُودَ فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهُ فَرَكَعَ وَفِي هَذِهِ لَمْ يَقْصِدْ السُّجُودَ بَلْ قَصَدَ الرُّكُوعَ سَاهِيًا عَنْ السُّجُودِ فَلَمَّا رَكَعَ تَذَكَّرَهُ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ كَذَا قَرَّرَهُ وَالْحَقُّ التَّكْرَارُ لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الرُّكُوعَ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ فَقَدْ وُجِدَ قَصْدُ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ فَيَتَّفِقُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّخِّيخِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ فَغَيْرُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ [دَرْسٌ] فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (نُدِبَ نَفْلٌ) فِي كُلِّ وَقْتٍ يَحِلُّ فِيهِ (وَتَأَكَّدَ) النَّدْبُ (بَعْدَ) صَلَاةِ (مَغْرِبٍ) وَبَعْدَ الذِّكْرِ الْوَارِدِ (ك) بَعْدَ (ظُهْرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْأَعْرَافِ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِيهَا عَدَمُ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ سُورَةٍ غَيْرِهَا عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى سُورَةٍ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى سُورَةٍ وَعَلَى هَذَا فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَاكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ قِرَاءَةً لِسُنَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هِيَ قِرَاءَةٌ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ وَاقِعًا عَقِبَ قِرَاءَةٍ كَمَا هُوَ طَرِيقَتُهُ وَأَمَّا سُنَّةُ الصَّلَاةِ فَقَدْ حَصَلَتْ بِالْقِرَاءَةِ قَبْلَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ. (قَوْلُهُ لِيَقَعَ الرُّكُوعُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ) أَيْ كَمَا هُوَ سُنَّتُهُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ عِوَضًا عَنْهَا) أَيْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوَّلًا وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ يَكْفِي عَنْهَا الرُّكُوعُ وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّذَلُّلِ وَأَمَّا سُجُودُ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ نِيَابَتُهُ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ. (قَوْلُهُ فَلَمْ يَسْجُدْهَا) أَيْ كَانَ تَارِكًا لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الرُّكُوعِ الَّذِي فَعَلَهُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَقْصِدْ الرُّكُوعَ الرُّكْنِيَّ. (قَوْلُهُ فَقَدْ أَحَالَهَا) أَيْ غَيَّرَهَا. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ وَاسْتَظْهَرَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ الرُّكُوعُ أَوْ يُطَالَبُ بِرُكُوعٍ آخَرَ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. (قَوْلُهُ وَقَصَدَهُ) أَيْ الرُّكُوعَ الرُّكْنِيَّ وَقَصَدَ نِيَابَتَهُ عَنْهَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَقْصِدْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَرَكَعَ) أَيْ قَاصِدًا الرُّكُوعَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ اعْتَدَّ بِهِ) أَيْ فَيَمْضِي عَلَيْهِ وَيَرْفَعُ لِرَكْعَتِهِ. (قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ شَيْئًا) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ. (قَوْلُهُ كَذَا قَرَّرَ) أَيْ كَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَبَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ. (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الطَّخِّيخِيُّ) حَاصِلُ كَلَامِ الطَّخِّيخِيِّ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا نِسْيَانًا وَيَرْكَعَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ مِنْ أَوَّلِ انْحِطَاطِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا عَمْدًا وَيَقْصِدَ الرُّكُوعَ وَأَمَّا أَنْ يَقْصِدَهَا أَوَّلًا وَيَنْحَطَّ بِنِيَّتِهَا فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ ذُهِلَ عَنْهَا فَنَوَى الرُّكُوعَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ بِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَرَكَةِ لِلرُّكُوعِ قَدْ وُجِدَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ أَيْضًا لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ خِلَافٌ بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَيُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَيَتَّفِقُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الصِّحَّةِ) هَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَطَرِيقَتُهُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ فَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ ظَاهِرٌ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقَةِ اُنْظُرْ بْن [فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] (فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ) (قَوْلُهُ نُدِبَ نَفْلٌ) النَّفَلُ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ وَعَلَى السُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ أَيْ يَتْرُكُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَيَفْعَلُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْرُكُهُ رَأْسًا لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ الْبِرِّ لَا يَتْرُكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَأْسًا وَهَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ نَحْوِ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدَاوِمُ عَلَيْهَا وَأَمَّا السُّنَّةُ فَهِيَ لُغَةً الطَّرِيقَةُ وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي جَمَاعَةٍ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ وَالْمُؤَكَّدُ مِنْ السُّنَنِ مَا كَثُرَ ثَوَابُهُ كَالْوَتْرِ وَأَمَّا الرَّغِيبَةُ فَهِيَ لُغَةً مَا حُضَّ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَاصْطِلَاحًا مَا رَغَّبَ فِيهِ الشَّارِعُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فِي جَمَاعَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ حَدَّهُ تَحْدِيدًا بِحَيْثُ لَوْ زِيدَ فِيهِ عَمْدًا أَوْ نُقِصَ عَمْدًا لَبَطَلَ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ صَادِقٌ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ فَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» لَا يُفِيدُ التَّحْدِيدَ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ غَيْرُهَا. (قَوْلُهُ وَتَأَكَّدَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ دَقِيقٍ الْعِيدُ فِي تَقْدِيمِ النَّوَافِلِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَأْخِيرِهَا عَنْهَا مَعْنًى لَطِيفٌ مُنَاسِبٌ أَمَّا فِي التَّقْدِيمِ فَلِأَنَّ النُّفُوسَ لِاشْتِغَالِهَا

(وَقَبْلَهَا ك) قَبْلَ (عَصْرٍ بِلَا حَدٍّ) يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ النَّدْبُ بِحَيْثُ لَوْ نَقَصَ عَنْهُ أَوْ زَادَ فَاتَ أَصْلُ النَّدْبِ بَلْ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ وَبِأَرْبَعٍ وَبِسِتٍّ وَإِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَسِتٍّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ (و) تَأَكَّدَ (الضُّحَى) وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَأَوْسَطُهُ سِتٌّ وَأَكْثَرُهُ ثَمَانِيَةٌ وَكُرِهَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَوَقْتُهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ (و) نُدِبَ (سِرٌّ بِهِ) أَيْ بِالنَّفْلِ (نَهَارًا) وَفِي كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِهِ قَوْلَانِ مَا عَدَا الْوِرْدَ إذَا صَلَّاهُ نَهَارًا فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ (و) نُدِبَ (جَهْرٌ لَيْلًا) مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ وَالسِّرُّ بِهِ جَائِزٌ (وَتَأَكَّدَ) نَدْبُ الْجَهْرِ (بِوَتْرٍ) وَعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ (و) نُدِبَ (تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ) رَكْعَتَانِ لِدَاخِلٍ مُتَوَضِّئٍ وَقْتَ جَوَازٍ يُرِيدُ جُلُوسًا وَكُرِهَ الْجُلُوسُ قَبْلَهَا وَلَا تَسْقُطُ بِهِ فَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَفَتْهُ الْأُولَى إنْ قَرُبَ رُجُوعُهُ عُرْفًا وَإِلَّا كَرَّرَهَا، وَنَكَّرَ مَسْجِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَسْبَابِ الدُّنْيَا بَعِيدَةٌ عَنْ حَالَةِ الْخُشُوعِ وَالْحُضُورِ الَّتِي هِيَ رُوحُ الْعِبَادَةِ فَإِذَا قُدِّمَتْ النَّوَافِلُ عَلَى الْفَرَائِضِ أَنِسَتْ النَّفْسُ بِالْعِبَادَةِ وَتَكَيَّفَتْ بِحَالَةٍ تُقَرِّبُ مِنْ الْخُشُوعِ وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا عَنْهَا فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّوَافِلَ جَابِرَةٌ لِنَقْصِ الْفَرَائِضِ فَإِذَا وَقَعَ الْفَرْضُ نَاسَبَ أَنْ يَقَعَ بَعْدَهُ مَا يُجْبِرُ الْخَلَلَ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ النَّفَلَ الْبَعْدِيَّ وَإِنْ كَانَ جَابِرًا لِلْفَرْضِ فِي الْوَاقِعِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ نِيَّةُ الْجَبْرِ بِهِ لِعَدَمِ الْعَمَلِ بَلْ يُفَوَّضُ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ الْجَبْرَ فِي الْوَاقِعِ كَذَا فِي المج. (قَوْلُهُ وَقَبْلَهَا كَعَصْرٍ) أَيْ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا وَإِلَّا مُنِعَ وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّوَاتِبَ الْقَبْلِيَّةَ يُطَالَبُ بِهَا عِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ كُلُّ مُصَلٍّ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا أَوْ لَا وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَقْدِيمِهَا فِعْلُهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ بَعْدَ النَّفْلِ فَالنَّفَلُ الْقَبْلِيُّ لَا يُنَافِي تَقْدِيمَهَا لَا عُرْفًا وَلَا شَرْعًا لِأَنَّهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِهَا هَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا مَرَّ عَنْ ح خِلَافًا لعج حَيْثُ قَالَ لَا يُطَالَبُ بِالرَّوَاتِبِ الْقَبْلِيَّةِ إلَّا الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا وَأَمَّا الْفَذُّ وَالْجَمَاعَةُ الَّتِي لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا فَالْأَوْلَى لَهُمْ الِابْتِدَاءُ بِالْمَكْتُوبَةِ. (قَوْلُهُ فَاتَ أَصْلُ النَّدْبِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِ ثَوَابٌ أَصْلًا لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِالْمَنْدُوبِ. (قَوْلُهُ وَتَأَكَّدَ الضُّحَى) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الضُّحَى عُطِفَ عَلَى الضَّمِيرِ فِي تَأَكَّدَ لَا عَلَى نَفْلٍ وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِدُخُولِ الضُّحَى فِي عُمُومِ قَوْلِهِ نُدِبَ نَفْلٌ. (قَوْلُهُ وَأَوْسَطُهُ سِتٌّ) الْمُرَادُ أَنَّهَا أَوْسَطُهَا مِنْ جِهَةِ الثَّوَابِ أَيْ أَنَّ مَنْ صَلَّى سِتًّا يَحْصُلُ لَهُ نِصْفُ ثَوَابِ مَنْ صَلَّى ثَمَانِيًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ السِّتَّةِ أَوْسَطَ أَنَّ الثَّمَانِيَةَ تَنْقَسِمُ لِمُتَسَاوِيَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا سِتٌّ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ مِنْ الشَّارِعِ وَلَمْ يَرِدْ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ جَعْلُ السِّتِّ أَوْسَطَهَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ أَكْثَرَهَا اثْنَا عَشَرَ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ مَا زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ إنَّ صَلَاةً بِنِيَّةِ الضُّحَى لَا بِنِيَّةِ نَفْلٍ مُطْلَقٍ إنْ قُلْت الْوَقْتُ يَصْرِفُهَا لِلضُّحَى قُلْت صَرْفُهُ إذَا لَمْ يُصَلِّ فِيهِ الْقَدْرَ الْمَعْلُومَ الَّذِي هُوَ الثَّمَانِ هَذَا وَقَالَ بْن مَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِيَةِ قَوْلُ عج وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْبَاجِيَّ أَنَّهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ وَلَا يُنَافِيه قَوْلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَكْثَرُهَا ثَمَانٍ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَكْثَرُ بِحَسَبِ الْوَارِدِ فِيهَا لَا كَرَاهَةُ الزَّائِدِ عَلَى الثَّمَانِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ سِرٌّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَسِرٌّ عُطِفَ عَلَى نَفْلٍ. (قَوْلُهُ وَفِي كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِهِ) أَيْ وَعَدَمِ الْكَرَاهَةِ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ) أَيْ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ نَوَافِلِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ) أَيْ وَالْإِحْرَامُ. (قَوْلُهُ وَالسِّرُّ بِهِ) أَيْ فِيهِ أَيْ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ جَائِزٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَتَأَكَّدَ بِوَتْرٍ) أَيْ سَوَاءٌ صَلَّاهُ لَيْلًا أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَحِيَّةُ مَسْجِدٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَتَحِيَّةُ مَسْجِدٍ عُطِفَ عَلَى نَفْلٍ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الصَّوَابُ عَطْفُهُ عَلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ الضُّحَى لِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَأَكَّدِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ النَّفْلِ مَعْنًى وَإِنَّمَا كَانَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ مِنْ الْمُتَأَكِّدِ لِمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فِي مُغْنِيهِ مَرْفُوعًا مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا قَالُوا وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسُوا» وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِهِمَا التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا إلَى الْمَسْجِدِ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ تَحِيَّةُ رَبِّ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْمَلِكِ إنَّمَا يُحَيِّي الْمَلِكَ لَا بَيْتَهُ. (قَوْلُهُ لِدَاخِلٍ مُتَوَضِّئٍ إلَخْ) ذَكَرَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ

لِيَعُمَّ مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُرْمَةِ كَمَنْعِ الْجُنُبِ مِنْ جَمِيعِهَا وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ صَلَاةٌ ذَاتُ سَبَبٍ قَالَ عِيَاضٌ ذَوَاتُ السَّبَبِ الصَّلَاةُ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ وَعِنْدَ الْقُدُومِ مِنْهُ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَالِاسْتِخَارَةُ وَالْحَاجَةُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَعِنْدَ التَّوْبَةِ مِنْ الذَّنْبِ رَكْعَتَانِ اهـ وَيُزَادُ رَكْعَتَانِ عِنْدَ الطَّهَارَةِ وَعِنْدَ تَوَقُّعِ الْعُقُوبَةِ كَالزَّلْزَلَةِ وَالرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَيْنِ وَالْوَبَاءِ وَالْخُسُوفِ وَالصَّوَاعِقِ (وَجَازَ) (تَرْكُ مَارٍّ) بِالْمَسْجِدِ وَالتَّحِيَّةُ (وَتَأَدَّتْ) التَّحِيَّةُ (بِفَرْضٍ) أَيْ قَامَ مَقَامَهَا فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ وَإِسْقَاطِ الطَّلَبِ وَيُحَصِّلُ ثَوَابَهَا إنْ نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا حَيْثُ طُلِبَتْ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْفَرْضِ وَإِنْ كَانَتْ الرَّغِيبَةُ وَالسُّنَّةُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهِّمُ (و) نُدِبَ (بَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ حَقِّ الْمَخْلُوقِ وَلِأَنَّهُ مِنْ إكْرَامِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَهِيَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ فَفِيهَا مِنْ إكْرَامِهِ فِي السَّلَامِ عَلَيْهِ (و) نُدِبَ (إيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ) أَيْ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ (بِمُصَلَّاهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَامَتْ مَقَامَ التَّحِيَّةِ فَيَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ لِمَكَانِ الْخِلَافِ اهـ قَالَ ح وَهُوَ حَسَنٌ فَيَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ كِفَايَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَوْ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ إنْ قُلْتَ فِعْلُ التَّحِيَّةِ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ النَّفْلِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَكَيْفَ يُطْلَبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّحِيَّةَ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَفِي وَقْتِ الْجَوَازِ غَيْرَ أَنَّهَا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا صَلَاةً وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ يُطْلَبُ ذِكْرًا. (قَوْلُهُ لِيَعُمَّ مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَسْجِدٌ لُغَةً فَيَشْمَلُ مَا يَتَّخِذُهُ مَنْ لَا مَسْجِدَ لَهُمْ مِنْ بَيْتِ شَعْرٍ أَوْ خُصٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْمَسْجِدُ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَهُ أَنْ يَرْكَعَهُمَا بِحَيْثُ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِي أَقْصَاهُ وَقِيلَ إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَرْكَعَهُمَا عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ يَمْشِي إلَى حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَجْلِسَ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ) أَيْ فِي الِاحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ. (قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ) أَيْ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ وَفِي قَضَاءِ أَيِّ حَاجَةٍ كَانَتْ. (قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ جَوَازٍ فَخَرَجَ الْمَغْرِبُ. (قَوْلُهُ وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ) أَيْ جَازَ لِمَنْ مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَتْرُكَ التَّحِيَّةَ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ لَوْ طَلَبَ بِهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَارَّ مُخَاطَبٌ بِالتَّحِيَّةِ وَأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بَهْرَامُ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّ الْمَارَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ الْمُرِيدِ لِلْجُلُوسِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ صَلَّاهَا الْمَارُّ هَلْ تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَوْ تَحِيَّةً وَهَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا التَّحِيَّةَ أَمْ لَا وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ كَوْنِ مَا صَلَّاهُ الْمَارُّ نَفْلًا مُطْلَقًا لَا تَحِيَّة أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْجُلُوسَ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَهَلْ يُطَالَبُ بِالتَّحِيَّةِ أَوْ لَا اهـ وَفِي بْن أَنَّ التَّحِيَّةَ لَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا فَأَيُّ صَلَاةٍ وَقَعَتْ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَهِيَ التَّحِيَّةُ صَرَّحَ بِهِ ح وَبِهِ يَزُولُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ بِالْمَسْجِدِ فِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ الْمُرُورِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ أَيْ كُرِهَ وَهَذَا إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْمَسَاجِدِ اهـ عج (قَوْلُهُ وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ) أَيْ غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَكَيْفَ تَكُونُ تَحِيَّةً لَهُ كَذَا فِي المج. (قَوْلُهُ حَيْثُ طُلِبَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَالْوَقْتُ وَقْتُ جَوَازٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا حَصَلَ لَهُ ثَوَابُهَا وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ وَقَوْلُهُمْ إنَّ التَّحِيَّةَ تُكْرَهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ مَعْنَاهُ إذَا فُعِلَتْ صَلَاةٌ بِخُصُوصِهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهِّمُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ عَدَمَ كِفَايَتِهِ عَنْهَا بِخِلَافِ السُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ جِنْسِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ كِفَايَةِ أَحَدِهِمَا عَنْهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ وَالرَّغِيبَةُ كَذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ ذَاتَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَخَرَجَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدًا وَفِيهِ جَمَاعَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ التَّحِيَّةِ إلَّا أَنْ يَخْشَى الشَّحْنَاءَ وَإِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ فِعْلِهَا. (قَوْلُهُ وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ إلَخْ) إنْ قُلْت: هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الرَّوَاتِبِ فَإِنَّ فِعْلَهَا فِي الْمَسَاجِدِ أَوْلَى كَالْفَرَائِضِ بِخِلَافِ نَحْوِ عِشْرِينَ رَكْعَةً فِي اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ نَفْلًا مُطْلَقًا فَإِنَّ فِعْلَهَا فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ مَا يَشْغَلُ عَنْهَا أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَنْ صَلَاتُهُ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي الْبَيْتِ كَالْغُرَبَاءِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ النَّافِلَةَ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِمْ لَهَا فِي الْبُيُوتِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ النَّافِلَةُ مِنْ الرَّوَاتِبِ أَوْ كَانَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ فِي بُيُوتِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ فِي الْمَسْجِدِ

أَيْ بِمَوْضِعِ صَلَاتِهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - و) نُدِبَ (إيقَاعُ الْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ) فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ غَيْرِهِ (وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ) (الطَّوَافُ) لِمَنْ طُلِبَ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ أَرَادَهُ آفَاقِيًّا فِيهِمَا أَمْ لَا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ آفَاقِيٌّ فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا فَالصَّلَاةُ إنْ كَانَ وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا جَلَسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ (و) تَأَكَّدَ (تَرَاوِيحُ) وَهُوَ قِيَامُ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ كَالْوَتْرِ وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ (و) نُدِبَ (انْفِرَادٌ بِهَا) أَيْ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَوْ جَمَاعَةً (إنْ لَمْ تُعَطِّلْ الْمَسَاجِدَ) أَيْ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الِانْفِرَادِ تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ عَنْ فِعْلِهَا فِيهَا وَلَوْ فُرَادَى وَكَأَنْ يَنْشَطَ بِبَيْتِهِ (و) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (الْخَتْمُ) لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ (فِيهَا) أَيْ فِي التَّرَاوِيحِ فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ لِيُسْمِعَهُمْ جَمِيعَهُ (وَسُورَةٌ) فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ (تُجْزِئُ) وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَهِيَ (ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ) رَكْعَةً بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ (ثُمَّ جُعِلَتْ) فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (سِتًّا وَثَلَاثِينَ) بِغَيْرِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ سَلَفًا وَخَلَفًا الْأَوَّلُ (وَخَفَّفَ) نَدْبًا (مَسْبُوقُهَا) بِرَكْعَةٍ (ثَانِيَتَهُ) الَّتِي قَامَ لِقَضَائِهَا وَهِيَ أُولَى إمَامِهِ (وَلَحِقَ) الْإِمَامَ فِي أَوَّلِ التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِي مَا وَقَعَ فِيهِ السَّبْقُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ حِينَئِذٍ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ (و) نُدِبَ (قِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ) فِي الْأُولَى (وَالْكَافِرُونَ) فِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا (و) نُدِبَ قِرَاءَةُ (وَتْرٍ) وَهُوَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ (بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ) أَيْ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ بِنَفْلِهِ لَيْلًا (فَمِنْهُ) أَيْ فَيَقْرَأُ مِنْ حِزْبِهِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَيْ بِمَوْضِعِ صَلَاتِهِ) أَيْ وَهُوَ بِجَانِبِ الْعَمُودِ الْمُحَلَّقِ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ مُصَلَّاهُ بِجَانِبِ الْعَمُودِ الْمُحَلَّقِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُصَلَّاهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَجْهُولَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَمْ يَقُلْ بِنَدْبِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَعْلُومَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلِذَا قَالَ بِنَدْبِ الصَّلَاةِ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إيقَاعُ الْفَرْضِ إلَخْ) مِثْلُ الْفَرْضِ النَّفَلُ إذَا صُلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ فِي نَدْبِ إيقَاعِهِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَوْ لَا كَمَا تَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ اسْتِوَاءِ صُفُوفِهَا (قَوْلُهُ وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَحِيَّتَهُ نَفْسُ الطَّوَافِ لَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُزُولِيِّ وَالْقَلْشَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ تَحِيَّتَهُ هِيَ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَكِنْ زِيدَ عَلَيْهِمَا الطَّوَافُ اهـ بْن وَيُؤَيِّدُ مَا لِلْمُصَنِّفِ الْمُبَادَرَةُ بِالطَّوَافِ وقَوْله تَعَالَى {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: 26] وَالرَّكْعَتَانِ تَبَعٌ عَكْسُ مَا فِي بْن وَعَلَيْهِ إذَا رَكَعَهُمَا خَارِجَهُ لَمْ يَأْتِ بِالتَّحِيَّةِ اهـ مج. (قَوْلُهُ لِمَنْ طَلَبَ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا) وَذَلِكَ كَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مَرِيدًا لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَرَادَهُ) أَيْ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِإِرَادَةِ الطَّوَافِ النَّفْلِ. (قَوْلُهُ آفَاقِيًّا فِيهِمَا أَمْ لَا) أَيْ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ آفَاقِيٌّ هَذِهِ خَامِسَةٌ تَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ فِيهَا الطَّوَافُ. (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ) بِأَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِأَجْلِ مُشَاهَدَةِ الْبَيْتِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ قِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ قُرْآنٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا) أَيْ وَدَخَلَهُ لَا لِأَجْلِ الطَّوَافِ بَلْ لِلْمُشَاهَدَةِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِقِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ قُرْآنٍ. (قَوْلُهُ فَالصَّلَاةُ) أَيْ فَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ وَتَرَاوِيحُ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ تَأَكَّدَ تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِبَهْرَامَ حَيْثُ جَعَلَهُ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ نُدِبَ. (قَوْلُهُ وَوَقْتُهُ كَالْوَتْرِ) أَيْ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ وَيَسْتَمِرُّ لِلْفَجْرِ. (قَوْلُهُ أَيْ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَوْ جَمَاعَةً) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْأَئِمَّةُ عَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ الِانْفِرَادِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ وَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ إلَّا إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ وَأَمَّا إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ جَمَاعَةً فَإِنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ نَعَمْ إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ بِزَوْجَتِهِ وَأَهْلِ دَارِهِ فَهَذَا بَعِيدٌ فِي الْغَالِبِ مِنْ الرِّيَاءِ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الِانْفِرَادِ) أَيْ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْبُيُوتِ. (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَنْشَطَ بِبَيْتِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ نَدْبَ فِعْلِهَا فِي الْبُيُوتِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا تُعَطَّلَ الْمَسَاجِدُ وَأَنْ يَنْشَطَ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ آفَاقِيٍّ بِالْحَرَمَيْنِ فَإِنْ تَخَلَّفَ مِنْهَا شَرْطٌ كَانَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلَ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ شَرْطًا وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالشَّارِحُ ذَكَرَ شَرْطًا ثَانِيًا وَتَرَكَ الشَّرْطَ الثَّالِثَ. (قَوْلُهُ وَسُورَةٌ تُجْزِئُ) أَيْ وَقِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي تَرَاوِيحِ جَمِيعِ الشَّهْرِ تُجْزِئُ وَكَذَا قِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ تَرَاوِيحِ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ جَمِيعِ الشَّهْرِ تُجْزِئُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى) أَيْ إذَا كَانَ يَحْفَظُ غَيْرَهَا أَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ غَيْرُهُ وَحَاصِلُهُ مَرْضِيٌّ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ خِلَافَ الْأَوْلَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِمَالِكٍ وَلَيْسَ الْخَتْمُ بِسُنَّةٍ وَلِرَبِيعَةَ لَوْ أُقِيمَ بِسُورَةٍ أَجْزَأَ اللَّخْمِيُّ وَالْخَتْمُ أَحْسَنُ اهـ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَحْفَظُ إلَّا هَذِهِ السُّورَةَ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ أَوْ كَانَ وَلَا يُرْضَى حَالُهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ) أَيْ عَمَلُ الصَّحَابَةِ

وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِالسُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ حِزْبٌ وَلَا عِبْرَةَ بِتَشْنِيعِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عَلَى مَا يَقْرَأُ فِيهِمَا بِالسُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَلَهُ حِزْبٌ (و) نُدِبَ (فِعْلُهُ) أَيْ الْوَتْرِ مَعَ الْحِزْبِ آخِرَ اللَّيْلِ (لِمُنْتَبِهٍ) أَيْ لِمَنْ شَأْنُهُ الِانْتِبَاهُ (آخِرَ اللَّيْلِ) يَتَنَازَعُهُ كُلٌّ مِنْ فِعْلِهِ وَمُنْتَبِهٍ فَمَنْ عَادَتُهُ عَدَمُ الِانْتِبَاهِ أَوْ اسْتَوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ فَيُنْدَبُ التَّقْدِيمُ احْتِيَاطًا فِي الثَّانِيَةِ وَالْأَرْجَحُ مَا فِي الرِّسَالَةِ مِنْ نَدْبِ التَّأْخِيرِ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَمْ يُعِدْهُ) أَيْ الْوَتْرَ شَخْصٌ (مُقَدِّمٌ) لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ إذْ انْتَبَهَ آخِرَهُ (ثُمَّ صَلَّى) نَفْلًا أَيْ يُكْرَهُ إعَادَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَجَازَ) التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْوَتْرِ وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ نَوْمٌ إذَا طَرَأَ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوَتْرِ أَوْ فِيهِ وَلَمْ يُوصِلْهُ بِوَتْرِهِ بِأَنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِفَاصِلٍ عَادِيٍّ وَالْإِكْرَاهُ (و) نُدِبَ فِعْلُهُ (عَقِيبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ) نَدْبًا (بِسَلَامٍ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ) فَيُوصِلُهُ مَعَهُ وَيَنْوِي بِالْأُولَيَيْنِ الشَّفْعَ وَبِالْأَخِيرَةِ الْوَتْرَ وَأَحْدَثَهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ إمَامِهِ لَهُ (وَكُرِهَ وَصْلُهُ) بِغَيْرِ سَلَامٍ لِغَيْرِ مُقْتَدٍ بِوَاصِلٍ (و) كُرِهَ (وَتْرٌ بِوَاحِدَةٍ) مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ شَفْعٍ وَلَوْ لِمَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ (و) كُرِهَ (قِرَاءَةُ) إمَامٍ (ثَانٍ) فِي التَّرَاوِيحِ (مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) إذَا كَانَ حَافِظًا لِأَنَّ الْغَرَضَ إسْمَاعُهُمْ جَمِيعَهُ (و) كُرِهَ (نَظَرٌ بِمُصْحَفٍ) أَيْ قِرَاءَتُهُ فِيهِ (فِي فَرْضٍ أَوْ) فِي (أَثْنَاءِ نَفْلٍ) لِكَثْرَةِ الشُّغْلِ بِذَلِكَ (لَا أَوَّلَهُ) فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي النَّفْلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ (و) كَرِهَ (جَمْعٌ كَثِيرٌ ل) صَلَاةَ (نَفْلٍ) فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ (أَوْ) جَمْعٌ قَلِيلٌ كَالرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ (بِمَكَانٍ مُشْتَهَرٍ) خَوْفَ الرِّيَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمَكَانُ غَيْرَ مُشْتَهَرٍ وَالْجَمْعُ قَلِيلٌ (فَلَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّابِعِينَ . (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَهُوَ اسْتِظْهَارٌ لِلْمَازِرِيِّ مُخَالِفٌ لِلْمَذَاهِبِ. (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ إعَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» . (قَوْلُهُ وَجَازَ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْوَتْرِ وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ نَوْمٌ) أَيْ وَلَا يُعِيدُ الْوَتْرَ بَعْدَ ذَلِكَ النَّفْلِ تَقْدِيمًا لِلنَّهْيِ الْمَأْخُوذِ مِنْ حَدِيثِ «لَا وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» عَلَى الْأَمْرِ فِي حَدِيثِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» (قَوْلُهُ إذَا طَرَأَ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ أَوْ فِيهِ) أَيْ لَا قَبْلَهُ وَهَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالتَّوْضِيحُ وَاتَّبَعَهُ الشُّرَّاحُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَوْتَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَبَّصَ قَلِيلًا فَقَوْلُهُ فَأَرَادَ إلَخْ يُفِيدُ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ طفى إنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ لَا أَصْلَ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِعْلُهُ عَقِيبَ شَفْعٍ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّفْعُ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ وَقِيلَ لِلصِّحَّةِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِهِ قَوْلَانِ التَّوْضِيحُ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُ الشَّفْعِ لِلْفَضِيلَةِ وَاَلَّذِي فِي الْبَاجِيَّ تَشْهِيرُ الثَّانِي فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَكُونُ الْوَتْرُ إلَّا عَقِبَ شَفْعٍ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَهْوِيَ بِوَاحِدَةٍ فَقَوْلُهَا لَا يَنْبَغِي يَقْتَضِي أَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَكَوْنُهُ لَمْ يُرَخَّصْ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ اهـ أَيْ لَمْ يُرَخَّصْ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ لِقَوْلِهَا لَا يُوتِرُ الْمُسَافِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِهِ إلَخْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ اُخْتُلِفَ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِالنِّيَّةِ أَوْ يَكْفِي بِأَيِّ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ قَالَ طفى اُنْظُرْ كَيْفَ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ كَوْنِ الشَّفْعِ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ مَعَ تَوَرُّكِهِ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ بِتَشْهِيرِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ قُلْت لَعَلَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ لِلْفَضِيلَةِ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ اهـ بْن فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَقَدُّمَ الشَّفْعِ شَرْطُ كَمَالٍ وَأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ) أَيْ إلَّا إذَا وَقَعَ وَارْتَكَبَ الْكَرَاهَةَ يُوَاصِلُ فَيُوصِلُهُ مَعَهُ وَاقْتَدَى بِالْوَاصِلِ مَكْرُوهٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي بْن فَإِنْ اقْتَدَى بِالْوَاصِلِ وَلَمْ يُوصِلْهُ مَعَهُ بَلْ خَالَفَهُ وَسَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَحْدَثَهَا) أَيْ نِيَّةَ الْوَتْرِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ بِوَصْلِ الْإِمَامِ وَفِي عج وعبق وخش إنْ فَاتَ الْمَأْمُومَ مَعَ الْإِمَامِ الْوَاصِلِ رَكْعَةً قَضَى رَكْعَةَ الشَّفْعِ وَكَانَ وَتْرُهُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ شَفْعٍ وَإِنْ فَاتَهُ رَكْعَتَانِ قَضَاهُمَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَانَ وَتْرُهُ قَبْلَ شَفْعٍ قَالَ فِي المج وَقَدْ يُقَالُ يَدْخُلُ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ ثَمَّ يَهْوِيَ وَالنَّفَلُ خَلْفَ النَّفْلِ جَائِزٌ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى التَّرْتِيبِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ أَوْلَى وَكَأَنَّهُمْ رَاعَوْا أَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ لَكِنَّ الْمُخَالَفَةَ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الثَّلَاثَ كُلَّهَا وَتْرٌ عِنْدَ الْوَاصِلِ وَقَدْ قَالُوا لَا تَضُرُّ مُخَالَفَةُ الْمَأْمُومِ لَهُ فِي هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ وَصْلُهُ) أَيْ الشَّفْعِ بِالْوَتْرِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ سَلَامٍ تَصْوِيرٌ لِوَصْلِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مُقْتَدٍ بِوَاصِلٍ) أَيْ وَأَمَّا الْمُقْتَدِي بِالْوَاصِلِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي وَصْلِهِ بَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ إمَامٌ ثَانٍ) أَيْ صَلَّى بِالْقَوْمِ نِصْفَ التَّرَاوِيحِ الثَّانِي مَثَلًا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ بِهِمْ نِصْفَ التَّرَاوِيحِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ فِي فَرْضٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجَمْعُ فِي النَّافِلَةِ غَيْرِ التَّرَاوِيحِ إنْ

كَرَاهَةَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِبِدْعَةِ الْجَمْعِ فِيهَا كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَأَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَيْلَةِ عَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا (و) كُرِهَ (كَلَامٌ) بِدُنْيَوِيٍّ (بَعْدَ) صَلَاةِ (صُبْحٍ) (لِقُرْبِ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ بَلْ الْأَفْضَلُ الِاشْتِغَالُ بِالذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاءِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ وَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ ثَوَابُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ كَرَّرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثَلَاثًا» فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ فَوَاتُ هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. وَلَكِنَّهَا الْأَهْوَاءُ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ (لَا) كَرَاهَةَ لِكَلَامٍ (بَعْدَ فَجْرٍ) وَقَبْلَ صُبْحٍ (وَ) كُرِهَ (ضِجْعَةٌ) بِكَسْرِ الضَّادِ أَيْ الْهَيْئَةُ الْخَاصَّةُ بِأَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ (بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ فَجْرٍ) إذَا فَعَلَهُ اسْتِنَانًا لَا اسْتِرَاحَةً فَلَا يُكْرَهُ (وَالْوَتْرُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا (سُنَّةٌ آكَدُ) السُّنَنِ (ثُمَّ عِيدُ) فِطْرٍ وَأَضْحَى وَهُمَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ (ثُمَّ كُسُوفٍ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٍ وَوَقْتُهُ) أَيْ الْوَتْرِ أَيْ الْمُخْتَارُ (بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ و) بَعْدَ (شَفَقٍ) فَفِعْلُهُ قَبْلَ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ شَفَقٍ كَمَا فِي لَيْلَةِ الْمَطَرِ لَغْوٌ وَيَنْتَهِي (لِلْفَجْرِ) أَيْ لِطُلُوعِهِ (وَضَرُورِيُّهُ) مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ (لِلصُّبْحِ) أَيْ لِتَمَامِهَا وَلَوْ لِلْمَأْمُومِ وَكُرِهَ تَأْخِيرُهُ لِوَقْتِ الضَّرُورَةِ بِلَا عُذْرٍ (وَنُدِبَ) (قَطْعُهَا) أَيْ الصُّبْحِ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْوَتْرِ إذَا تَذَكَّرَهُ فِيهَا فَاللَّامُ لِلْعِلَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَطْعِهَا (لِفَذٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ عَقْدُ رَكْعَةٍ أَمْ لَا مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِتَشَاغُلِهِ فَيَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ (لَا مُؤْتَمٍّ) فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ بَلْ يَجُوزُ (وَفِي) نَدْبِ قَطْعِ (الْإِمَامِ) وَجَوَازِهِ (رِوَايَتَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي أُرِيدَ الْجَمْعُ فِيهِ مُشْتَهِرًا كَالْمَسْجِدِ أَوْ لَا كَالْبَيْتِ أَوْ قَلَّتْ وَكَانَ الْمَكَانُ مُشْتَهِرًا فَإِنْ قَلَّتْ وَكَانَ الْمَكَانُ غَيْرَ مُشْتَهِرٍ فَلَا كَرَاهَةَ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِبِدْعَةِ الْجَمْعِ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَلَكِنَّهَا الْأَهْوَاءُ إلَخْ) هَذَا شَطْرُ بَيْتٍ مِنْ تَائِيَّةِ سَيِّدِي عُمَرَ بْنِ الْفَارِضِ وَصَدْرُهُ وَنَهْجُ سَبِيلِي وَاضِحٌ لِمَنْ اهْتَدَى ... وَلَكِنَّهَا الْأَهْوَاءُ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ ضِجْعَةٌ بَعْدَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ فَجْرٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِهَا لِأَنَّهَا تُذَكِّرُ الْقَبْرَ (قَوْلُهُ آكَدُ السُّنَنِ) أَيْ الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْدُ وَأَمَّا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا فَهِيَ آكَدُ مِنْ الْوَتْرِ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاَلَّذِي فِي الْبَيَانِ أَنَّهُ آكَدُ مِنْهَا وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ اُنْظُرْ ح وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ آكَدَ السُّنَنِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ كَالْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِمَا لِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُهُمَا ثُمَّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ لِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِمَا وَسُنِّيَّتِهِمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، ثُمَّ الْعُمْرَةُ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْجَهْمِ بِوُجُوبِهِمَا ضَعِيفٌ ثُمَّ الْوَتْرُ ثُمَّ الْعِيدَانِ ثُمَّ الْكُسُوفُ ثُمَّ الِاسْتِسْقَاءُ وَأَمَّا الْخُسُوفُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ الْمَنْدُوبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ لِلصُّبْحِ) أَيْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَيْ لِتَمَامِ صَلَاتِهِ بِالْفِعْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ضَرُورِيَّ الْوَتْرِ يَمْتَدُّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مُطْلَقًا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَلَا يُقْضَى بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهَا تُقْضَى بَعْدَ الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ فَهُوَ قَوْلٌ خَارِجُ الْمَذْهَبِ لِطَاوُسٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ امْتِدَادِ ضَرُورِيِّهَا لِتَمَامِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَوْ لِلْإِمَامِ هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا قَوْلُ خش إنَّ ضَرُورِيَّهُ مِنْ الْفَجْرِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَيْ لِلشُّرُوعِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلِانْقِضَائِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَذِّ وَالْمَأْمُومُ كَالْإِمَامِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَهُوَ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ لِلْفَرَاغِ مِنْهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ فِي كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ فِي النَّدْبِ وَعَدَمِهِ بَلْ الْإِمَامُ أَوْلَى بِأَنْ يَتَمَادَى ضَرُورِيُّ الْوَتْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ إلَى انْقِضَاءِ الصُّبْحِ مِنْ الْمَأْمُومِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ قَطْعُهَا أَيْ الصُّبْحِ لَهُ إذَا تَذَكَّرَهُ فِيهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَهُ أَيْ الْوَتْرَ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَهَلْ يُتِمُّهَا ثُمَّ يَفْعَلُهُ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ أَوْ يَقْطَعُ كَالصُّبْحِ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا) هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةٍ قَطَعَ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَهَا فَلَا يَقْطَعُ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَخْشَى أَنْ يُوقِعَهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْس فَإِنْ خَشِيَ ذَلِكَ فَلَا يَقْطَعُهَا وَيَفُوتُ الْوَتْرُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ فَيَأْتِي بِالشَّفْعِ) أَيْ وَإِذَا قَطَعَ الْفَذُّ الصُّبْحَ لِأَجْلِ الْوَتْرِ فَيَأْتِي إلَخْ. (قَوْلُهُ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَتَّصِلَ بِالصُّبْحِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُعِيدُهَا بَلْ يَأْتِي بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ. (قَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ بَلْ يَجُوزُ) أَيْ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَطْعِ وَعَدَمِهِ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ وَالْقَوْلُ بِجَوَازِ الْقَطْعِ لِلْمَأْمُومِ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ يُنْدَبُ التَّمَادِي وَعَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ وَقَدْ مَشَى عَلَيْهِ تت فِي نَظْمِهِ الْمَشْهُورِ لِمَسَاجِينِ الْإِمَامِ وَهُوَ إذَا ذَكَرَ الْمَأْمُومُ فَرْضًا بِفَرْضِهِ ... أَوْ الْوَتْرَ أَوْ يَضْحَكْ فَلَا يَقْطَعُ الْعَمَلْ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْفَذَّ يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ اتِّفَاقًا وَالْمَأْمُومَ يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ عَلَى

عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَى الْقَطْعِ فَهَلْ يَقْطَعُ مَأْمُومُهُ أَوْ يَسْتَخْلِفُ قَوْلَانِ (وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ) الضَّرُورِيُّ (إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ) يُدْرِك بِهِمَا الصُّبْحَ (تَرَكَهُ) أَيْ الْوَتْرَ وَصَلَّى الصُّبْحَ وَقَضَى الْفَجْرَ إنْ اتَّسَعَ (لَا لِثَلَاثٍ) أَوْ أَرْبَعٍ فَلَا يَتْرُكُهُ بَلْ يُصَلِّيه وَيُصَلِّي الصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ (و) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (لِخَمْسٍ) أَوْ سِتٍّ (صَلَّى الشَّفْعَ) أَيْضًا مَعَ الْوَتْرِ وَالصُّبْحِ وَقَضَى الْفَجْرَ (وَلَوْ) (قَدَّمَ) الشَّفْعَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَيُعِيدُهُ لِأَجْلِ وَصْلِهِ بِالْوَتْرِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدَّمَهُ لَا يُعِيدُهُ بَلْ يُصَلِّي الْفَجْرَ بَدَلَهُ بَعْدَ الْوَتْرِ (و) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (لِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْفَجْرِ (رَغِيبَةٌ) رُتْبَتُهَا دُونَ السُّنَّةِ وَفَوْقَ النَّافِلَةِ (تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا) أَيْ تُمَيِّزُهَا عَنْ مُطْلَقُ النَّافِلَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ سُمِّيَتْ ضُحًى وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ سُمِّيَتْ تَحِيَّةً وَفِي رَمَضَانَ سُمِّيَتْ تَرَاوِيحَ وَكَذَا النَّوَافِلُ التَّابِعَةُ لِلْفَرَائِضِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَصِيَامٍ لَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةِ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالرَّغِيبَةِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا رَغِيبَةٌ إلَّا الْفَجْرُ (وَلَا تُجْزِئُ) صَلَاةُ الْفَجْرِ (إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ) أَيْ تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ بِهَا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ إنْ لَمْ يَتَحَرَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ بَلْ (وَلَوْ بِتَحَرٍّ) أَيْ اجْتِهَادٍ حَتَّى ظَنَّ الطُّلُوعَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ قَبْلَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ أَجْزَأَتْ مَعَ التَّحَرِّي لَا مَعَ شَكٍّ فَالصُّوَرُ سِتٌّ لَا تُجْزِئُ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا (وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ) فِيهَا (عَلَى الْفَاتِحَةِ وَ) نُدِبَ (إيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّاجِحِ وَالْإِمَامُ فِيهِ رِوَايَتَانِ قِيلَ يُنْدَبُ لَهُ الْقَطْعُ كَالْفَذِّ وَقِيلَ يَجُوزُ فَقَطْ كَالْمَأْمُومِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ تَرْجِيحُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ عَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْإِمَامِ نَدْبُ التَّمَادِي وَعَدَمُ الْقَطْعِ فَإِنَّ هَذَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَكُونُ فِي الْإِمَامِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ نَدْبُ الْقَطْعِ وَنَدْبُ التَّمَادِي وَالتَّخْيِيرُ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَطْعِ) أَيْ عَلَى نَدْبِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَخْلِفُ) أَيْ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ تَرَكَهُ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَالْوَتْرَ. (قَوْلُهُ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ) وَخَالَفَ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَاقِي يَسَعُ أَرْبَعًا أَصْبَغُ فَقَالَ يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ. (قَوْلُهُ أَوْ سِتٌّ) خَالَفَ أَصْبَغُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ سِتًّا فَقَالَ يُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ وَالْفَجْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ. (قَوْلُهُ وَلِسَبْعٍ زَادَ الْفَجْرَ) أَيْ فَيُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوَتْرَ وَالْفَجْرَ وَالصُّبْحَ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ رَغِيبَةٌ) أَيْ مُرَغَّبٌ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى الْمَنْدُوبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ لَهُ قُوَّةٌ أَيْضًا فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا رَغِيبَةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مِنْ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُقَيَّدْ بِزَمَنٍ وَلَا بِسَبَبٍ. (قَوْلُهُ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَعْيِينٍ بِالنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا النَّوَافِلُ التَّابِعَةُ) أَيْ كَالرَّوَاتِبِ. (قَوْلُهُ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ) أَيْ فَيَكْفِي نِيَّةُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ فَرْضِيَّةٍ أَوْ نَفْلِيَّةٍ وَحَالِهِ مِنْ كَوْنِهِ ضَرُورَةً أَوْ لَا يُعَيِّنُ الْفَرْضَ مِنْ النَّفْلِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ) أَيْ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَكَذَلِكَ السُّنَنُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ سِتٌّ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْفَجْرِ فَإِمَّا أَنْ يَتَحَرَّى وَيَجْتَهِدَ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِمَّا أَنْ لَا يَتَحَرَّى بِأَنْ أَحْرَمَ بِهَا وَهُوَ شَاكٌّ فِي دُخُولِ الْوَقْت فَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَنَّ إحْرَامَهُ بِهَا وَقَعَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ وَقَعَ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَ التَّحَرِّي وَالِاجْتِهَادِ فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَنَّ الْإِحْرَامَ بِهَا وَقَعَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَقَعَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَهِيَ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ حَصَلَ عِنْدَهُ بِالتَّحَرِّي جَزْمٌ أَوْ ظَنٌّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيهَا شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ الَّذِي هُوَ قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَقَعَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَلَوْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةً. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ) فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ زَرُّوقٍ ابْنِ وَهْبٍ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِيهَا بِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَقَدْ جُرِّبَ لِوَجَعِ الْأَسْنَانِ فَصَحَّ وَمَا يُذْكَرُ مَنْ قَرَأَ فِيهَا بِ الم وَالَمْ لَمْ يُصِبْهُ أَلَمٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ بِدْعَةٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا اهـ بْن لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ وَسَائِلِ الْحَاجَاتِ وَآدَابِ الْمُنَاجَاةِ مِنْ الْإِحْيَاءِ أَنْ مِمَّا جُرِّبَ لِدَفْعِ الْمَكَارِهِ وَقُصُورِ يَدِ كُلِّ عَدُوٍّ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إلَيْهِ سَبِيلًا قِرَاءَةُ {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: 1] وَ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} [الفيل: 1] فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ) أَيْ فَفِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ لِلْمَسْجِدِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَنَدْبُ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ أَوْ أَنَّهَا رَغِيبَةٌ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ

[فصل حكم صلاة الجماعة وما يتعلق بها]

(وَنَابَتْ) لِمَنْ دَخَلَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ (عَنْ التَّحِيَّةِ) وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ التَّحِيَّةِ إنْ نَوَاهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ (وَإِنْ فَعَلَهَا) أَيْ صَلَّاهَا (بِبَيْتِهِ) ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ (لَمْ يَرْكَعْ) فَجْرًا وَلَا تَحِيَّةً بَلْ يَجْلِسُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ (وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ يَحْرُمُ كَمَا قَالَ بَعْضٌ (إلَّا هِيَ ف) تُقْضَى مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ (لِلزَّوَالِ) وَمَنْ نَامَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَدَّمَ الصُّبْحَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَإِنْ) (أُقِيمَتْ الصُّبْحُ) عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّهَا (وَهُوَ بِمَسْجِدٍ) أَوْ رَحْبَتِهِ (تَرَ كَهَا) وُجُوبًا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ قَضَاهَا وَقْتَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَلَا يَسْكُتُ الْإِمَامُ الْمُقِيمُ لِيَرْكَعَهَا بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَيَسْكُتُهُ (و) إنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصُّبْحُ حَالَ كَوْنِهِ (خَارِجَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَخَارِجَ رَحْبَتِهِ (رَكَعَهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مِنْ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ وَإِلَّا دَخَلَ مَعَهُ نَدْبًا وَقَضَاهَا وَقْتَ حِلِّ النَّافِلَةِ لَا قَبْلَهُ (وَهَلْ الْأَفْضَلُ) فِي النَّفْلِ (كَثْرَةُ السُّجُودِ) أَيْ الرَّكَعَاتِ لِخَبَرِ «عَلَيْك بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَك اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْك خَطِيئَةً» (أَوْ طُولُ الْقِيَامِ) بِالْقِرَاءَةِ لِخَبَرِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ الْقِيَامِ أَيْ مَعَ قِلَّةِ الرَّكَعَاتِ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا مَعَ اتِّحَادِ زَمَانَيْهِمَا وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الْأَوَّلُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الْفَرَائِضِ وَمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَصَلَاةٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الْجَمَاعَةُ) أَيْ فِعْلُ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً أَيْ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ (بِفَرْضٍ) وَلَوْ فَائِتَةً (غَيْرَ جُمُعَةٍ) (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْفَرْضِ فَمِنْهُ مَا الْجَمَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQإظْهَارَ السُّنَنِ خَيْرٌ مِنْ كِتْمَانِهَا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا رَغِيبَةٌ فَلِأَنَّهَا تَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ فَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ مُحَصِّلٌ لِلتَّحِيَّةِ بِخِلَافِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مُخِلٌّ بِذَلِكَ وَأَيْضًا هِيَ أَقْوَى مِنْ الرَّوَاتِبِ الَّتِي يَنْبَغِي إظْهَارُهَا يَفْعَلُهَا فِي الْمَسْجِدِ لِيَقْتَدِيَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فِي فِعْلِهَا فَقَوْلُ عبق إنَّ نَدْبَ إيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا رَغِيبَةٌ فَلَا يُنْدَبُ إيقَاعُهَا بِالْمَسْجِدِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ) أَيْ فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ وَفِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا قَوْلَ الْقَابِسِيِّ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ ثُمَّ يَرْكَعُ الْفَجْرَ. (قَوْلُهُ إنْ نَوَاهَا) أَيْ نَوَى نِيَابَتَهَا عَنْهَا. (قَوْلُهُ لَمْ يَرْكَعْ فَجْرًا) أَيْ لِأَنَّهُ صَلَّاهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا تَحِيَّةَ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالتَّحِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِكَرَاهَةِ النَّافِلَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْكَعُ التَّحِيَّةَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ فِيهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقْلُ ابْنِ بَشِيرٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إعَادَتَهَا بِنِيَّةِ إعَادَةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَا أَعْرِفُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ فَإِذَا فَاتَهُ الْأَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ مَثَلًا فَلَا يَقْضِيهَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ أَيْ يُحْرِمُ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَلَيْسَ مَنْقُولًا لَا سِيَّمَا وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ يُجَوِّزُ الْقَضَاءَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَضَاءَ غَيْرُ الْفَرَائِضِ مَكْرُوهٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَمَنْ نَامَ حَتَّى طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) لَا مَفْهُومَ لَنَامَ بَلْ كَذَلِكَ الْمُؤَخِّرُ لَهَا عَمْدًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَقَوْلُهُ يُقَدِّمُ الصُّبْحَ أَيْ عَلَى الْفَجْرِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْفَجْرَ عَلَى الصُّبْحِ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ. (قَوْلُهُ تَرَكَهَا وُجُوبًا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ وَلَا يُصَلِّيهَا وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ الْقِيَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِحَيْثُ يُدْرِكُهُ فِيهَا وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيَرْكَعَهَا خَارِجَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُسْكِتُ الْإِمَامُ الْمُقِيمَ) هَذَا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ يُسْكِتهُ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ سَنَدٌ. (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا مَعَ اتِّحَادِ زَمَانَيْهِمَا) أَيْ وَأَمَّا إذَا تَفَاوَتَا زَمَنًا فَالْأَفْضَلُ مِنْهُمَا مَا كَانَ أَطْوَلَ زَمَنًا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الْأَوَّلُ) الَّذِي فِي المج أَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي أَيْ أَفْضَلِيَّةُ طُولِ الْقِيَامِ. [فَصْلٌ حُكْمُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] (فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) (قَوْلُهُ وَلَوْ فَائِتَةً) طَلَبُ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَائِتَةِ صَرَّحَ بِهِ عِيسَى وَذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَنَقَلَهُ ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةُ) وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد الظَّاهِرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ بِوُجُوبِهَا فَتَحْرُمُ صَلَاةُ الشَّخْصِ مُنْفَرِدًا عِنْدَهُمْ بَلْ قَالَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ بِالْبُطْلَانِ فَلْيُحَافَظْ عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْبَلَدِ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ وَقِتَالُ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى تَرْكِهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِتَهَاوُنِهِمْ بِالسُّنَّةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَشِيرٍ إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بِالْبَلَدِ يُقَاتَلُ أَهْلُهَا عَلَيْهَا إذَا

كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ أَوْ تَرَاوِيحَ وَمِنْهُ وَمَا تُكْرَهُ فِيهِ كَجَمْعٍ كَثِيرٍ فِي نَفْلٍ أَوْ مُشْتَهَرٍ بِمَكَانٍ قَلِيلٍ وَإِلَّا جَازَتْ وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَهِيَ فِيهَا فَرْضٌ وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِفَرْضٍ الْجِنَازَةَ وَقِيلَ بِنَدْبِهَا فِيهَا (وَلَا تَتَفَاضَلُ) الْجَمَاعَةُ تَفَاضُلًا يَكُونُ سَبَبًا فِي الْإِعَادَةِ وَإِلَّا فَلَا نِزَاعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَالْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا لِشُمُولِ الدُّعَاءِ وَسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَكَثْرَةِ الرَّحْمَةِ وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ لَكِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى جَعْلِ هَذِهِ الْفَضَائِلِ سَبَبًا لِلْإِعَادَةِ (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا) الْوَارِدُ بِهِ الْخَبَرُ وَهُوَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا» وَفِي رِوَايَةٍ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (بِرَكْعَةٍ) كَامِلَةٍ يُدْرِكُهَا مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ يُمَكِّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ أَوْ مِمَّا قَارَبَهُمَا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَ رَفْعِهِ فَمُدْرِكٌ مَا دُونَ رَكْعَةٍ لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ مَأْجُورٌ بِلَا نِزَاعٍ مَا لَمْ يُعِدْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ فَلَا يُؤْجَرُ (وَنُدِبَ) (لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ (كَمُصَلٍّ بِصَبِيٍّ) وَأَوْلَى مُنْفَرِدٌ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ (لَا) مُصَلٍّ مَعَ (امْرَأَةٍ) لِحُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ مَعَهَا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ (أَنْ يُعِيدَ) صَلَاتَهُ وَلَوْ لِوَقْتِ ضَرُورَةٍ لَا بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرَكُوهَا وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَمَنْدُوبَةٌ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ قَالَ الْأَبِيُّ وَهَذَا أَقْرَبُ لِلتَّحْقِيقِ وَحَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كِلْتَا الطَّرِيقَتَيْنِ صَحِيحٌ فَمَعْنَاهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ سُنَّةٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي الْبَلَدِ وَعَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ إقَامَتُهَا بِكُلِّ مَسْجِدٍ سُنَّةٌ. (قَوْلُهُ كَعِيدٍ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ السُّنَنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَصْلُهُ لِلشَّارِحِ بَهْرَامَ وَالصَّوَابُ مَا فِي ح وَنَصُّهُ: أَمَّا إخْرَاجُ النَّوَافِلِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُطْلَبُ فِيهَا إلَّا فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَأَمَّا السُّنَنُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ طفى وَقَدْ صَرَّحَ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ بِالسُّنِّيَّةِ فِي الثَّلَاثِ اهـ نَعَمْ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي بَابِ الْكُسُوفِ قَوْلًا بِاسْتِحْبَابِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا وَسَلَّمَهُ ح هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِفَرْضِ الْجِنَازَةِ) أَيْ فَالْجَمَاعَةُ فِيهَا سُنَّةٌ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ صَلَّوْا عَلَيْهَا وُحْدَانًا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً. (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِنَدْبِهَا فِيهَا) أَيْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا كَالْجُمُعَةِ فَإِنْ صَلَّوْا عَلَيْهَا بِغَيْرِ إمَامٍ أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ مُرَاعَاةً لِلْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ تَفَاضُلًا إلَخْ) أَوْ الْمُرَادُ لَا تَتَفَاضَلُ الْجَمَاعَاتُ فِي الْكَمِّيَّةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي تَفَاضُلَهَا فِي الْكَيْفِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وح مِنْ أَنَّ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ يُدْرَكُ بِجُزْءٍ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ نَعَمْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ حُكْمَهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَكْعَةٍ دُونَ أَقَلَّ مِنْهَا وَحُكْمُهَا هُوَ أَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَأَنْ لَا يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ وَأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ سَهْوُ الْإِمَامِ وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَأَنْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ اُنْظُرْ ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ جُزْءًا) قِيلَ إنَّ الْجُزْءَ أَعْظَمُ مِنْ الدَّرَجَةِ وَحِينَئِذٍ فَمَجْمُوعُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ جُزْءًا مُسَاوِيَةٌ لِلسَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَقِيلَ إنَّ الْجُزْءَ وَالدَّرَجَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ النَّبِيَّ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْأَقَلِّ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَفَضَّلَ الْمَوْلَى بِالزِّيَادَةِ فَأَخْبَرَ بِهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ قَوْلًا مَذْكُورَةً فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ) قَيَّدَهُ حَفِيدُ ابْنِ رُشْدٍ بِالْمَعْذُورِ بِأَنْ فَاتَهُ مَا قَبْلَهَا اضْطِرَارًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَقَالَ عبق مُقْتَضَاهُ اعْتِمَادُهُ وَتَبِعَهُ مَنْ تَبِعَهُ حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي رَكْعَةٍ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْفَضْلُ وَفِي النَّفْسِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يُعِيدَ لِلْفَضْلِ وَهَا هُوَ ح نَقَلَ عَنْ الْأَقْفَهْسِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّسَالَةِ حُصُولُ الْفَضْلِ وَأَنَّهُ يَنْظُرُ هَلْ مَا قَالَهُ الْحَفِيدُ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ أَوْ لَا وَاللَّقَانِيُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش قَالَ إنَّ كَلَامَ الْحَفِيدِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ اهـ مج (قَوْلُهُ بِأَنْ يُمَكِّنَ يَدَهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَنَّهُ لَوْ سَدَلَهُمَا لَصَحَّتْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَحْنِيَ ظَهْرَهُ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَ رَفْعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ سَجْدَتَيْهَا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنْ زُوحِمَ أَوْ نَعَسَ عَنْهُمَا حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ فَعَلَهُمَا بَعْدَ سَلَامِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَمَنْ فَعَلَهُمَا مَعَهُ فَيَحْصُلُ لَهُ أَوَّلًا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا فِي بْن وَعَكَسَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ النِّسْبَةَ لِلشَّيْخَيْنِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعِدْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُعِيدًا إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ فَدَخَلَ مَعَهُ فَظَهَرَ بِسَلَامِهِ أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَمِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إتْمَامُ فَرْضِهِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أَعَادَ مَعَهُمْ إنْ شَاءَ وَكَانَتْ الصَّلَاةُ مِمَّا تُعَادُ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي هَذِهِ أَمْرَهُ لَا بِقَطْعٍ وَلَا بِانْتِقَالٍ إلَى نَفْلٍ وَهُوَ حُكْمٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي فَرْضٍ فَلَا نُبْطِلُهُ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا نَاسِيًا لِلْجِلْسَةِ الْوُسْطَى لَا يَرْجِعُ إلَى الْجُلُوسِ لِأَنَّ

نَاوِيًا الْفَرْضَ (مُفَوِّضًا) أَمْرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَبُولِ أَيِّهِمَا شَاءَ لِفَرْضِهِ (مَأْمُومًا) لَا إمَامًا لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُعِيدِ تُشْبِهُ النَّفَلَ إلَّا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً وَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا مُنْفَرِدًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ فِيهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً أَعَادَ بِهَا جَمَاعَةً لَا فَذًّا وَيُعِيدُ (وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَعَ الْوَاحِدِ إلَّا إذَا كَانَ إمَامًا رَاتِبًا (غَيْرَ مَغْرِبٍ) وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَيَحْرُمُ إعَادَتُهَا لِأَنَّهَا تَصِيرُ مَعَ الْأُخْرَى شَفْعًا وَلِمَا يَلْزَمُ مِنْ النَّفْلِ بِثَلَاثٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ (كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ) فَلَا يُعَادُ أَيْ يُمْنَعُ لِأَنَّهُ إنْ أَعَادَ الْوِتْرَ لَزِمَ مُخَالَفَةُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» . وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ لَزِمَ مُخَالَفَةُ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» وَفِي إفَادَةِ هَذِهِ الْعِلَلِ الْمَنْعَ نَظَرٌ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ إعَادَتُهَا قَبْلَ الْوِتْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا (فَإِنْ أَعَادَ) أَيْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ سَهْوًا عَنْ كَوْنِهِ صَلَّاهَا أَوَّلًا (وَلَمْ يَعْقِدْ) رَكْعَةً (قَطَعَ) وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيَامَهُ فَرْضٌ وَالْجُلُوسَ سُنَّةٌ وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالِانْتِقَالِ إلَى نَفْلِ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ مُعَادَةٍ إذَا كَانَ صَلَّاهَا وَحْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْإِمَامَ جَالِسًا فَدَخَلَ مَعَهُ مُعِيدًا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَظَهَرَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَإِنَّمَا الْتَبَسَتْ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ فَأَجْرَى التَّخْيِيرَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ اهـ بْن نَقْلًا عَنْ الْمِعْيَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً إنْ كَانَ غَيْرَ مُعِيدٍ أَتَمَّ فَرْضَهُ وُجُوبًا ثُمَّ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ مُعِيدًا إنْ شَاءَ قَطَعَ وَإِنْ شَاءَ شَفَعَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُعِيدٍ وَرَجَا جَمَاعَةً أُخْرَى جَازَ لَهُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسَحِبْ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَأْمُومِيَّةِ فَلَا يَسْتَخْلِفُهُ الْإِمَامُ بَلْ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ لَا يَسْرِي الْبُطْلَانُ لَهُ وَفِي ح يُعِيدُ احْتِيَاطًا وَلَعَلَّهُ لِنِيَّتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِذَلِكَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ نَاوِيًا الْفَرْضَ مُفَوِّضًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ مَعَ نِيَّةِ التَّفْوِيضِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ غَيْرِهِمَا أَنَّ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ لَا يُنْوَى بِهَا فَرْضٌ وَلَا غَيْرُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ يَتَضَمَّنُ نِيَّةَ الْفَرْضِ إذْ مَعْنَاهُ التَّفْوِيضُ فِي قَبُولِ أَيِّ الْفَرْضَيْنِ فَمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ لَمْ يُرِدْ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ بَلْ أَشَارَ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ نِيَّةُ التَّفْوِيضِ وَمَنْ قَالَ لَا يُنْوَى مَعَهُ فَرْضٌ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الْفَرْضِ مُطَابَقَةً لِتَضَمُّنِ نِيَّةِ التَّفْوِيضِ لَهَا فَقَوْلُ عبق فَإِنْ تَرَكَ نِيَّةَ الْفَرْضِ صَحَّتْ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَدَمَ الْأُولَى أَوْ فَسَادَهَا فِيهِ نَظَرٌ بَلْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ إلَّا التَّفْوِيضَ وَبَطَلَتْ إحْدَاهُمَا لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ نَقَلَهُ ابْنُ هِلَالٍ فِي نَوَازِلِهِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ التَّفْوِيضَ يَتَضَمَّنُ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ الْمُعِيدِ يَنْوِي التَّفْوِيضَ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَنْوِي الْفَرْضَ وَقِيلَ يَنْوِي النَّفَلَ وَقِيلَ يَنْوِي إكْمَالَ الْفَرْضِيَّةِ وَنَظَّمَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ بِقَوْلِهِ فِي نِيَّةِ الْعَوْدِ لِلْمَفْرُوضِ أَقْوَالٌ ... فَرْضٌ وَنَفْلٌ وَتَفْوِيضٌ وَإِكْمَالٌ وَكُلُّهَا مُشْكِلَةٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ إلَّا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً) أَيْ وَلَا مُنْفَرِدًا وَإِنَّمَا يُعِيدُ بِهَا جَمَاعَةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ فَاضِلٍ وَمَفْضُولٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً أَعَادَ بِهَا جَمَاعَةً) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ إلَخْ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَسَنَدٍ لَا يُعِيدُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِذَا أَعَادَ فِيهَا مَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً فَإِنَّهُ يُعِيدُ مَأْمُومًا إذَا صَلَّى فِي غَيْرِهَا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ إلَّا بِالْإِعَادَةِ الْوَاجِبَةِ كَالظُّهْرِ عِنْدَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَوْ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي نَفْسِ الْإِعَادَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لَا فَذًّا) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ لِمَنْ صَلَّى بِغَيْرِهَا جَمَاعَةً وَأَنْ يُعِيدَ فِيهَا وَلَوْ فَذًّا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا وَرَدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ شَيْءٍ الْإِعَادَةُ لِأَجْلِهِ أَلَا تَرَى مَا سَبَقَ فِي تَفَاوُتِ الْجَمَاعَاتِ. (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَعَ الْوَاحِدِ إلَخْ) فَإِنْ أَعَادَ مَعَ وَاحِدٍ غَيْرِ رَاتِبٍ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِإِمَامِهِ الْإِعَادَةُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمَا الْإِعَادَةَ كَذَا ذَكَرَ عبق فِي صَغِيرِهِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ مَغْرِبٍ كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَجَازُوا إعَادَةَ الْعَصْرِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا وَإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ نَافِلَةً وَكَذَلِكَ الصُّبْحُ لِرَجَاءِ أَنْ تَكُونَ فَرِيضَةً وَكَرِهَ إعَادَةَ الْمَغْرِبِ لِأَنَّ النَّافِلَةَ لَا تَكُونُ ثَلَاثًا مَعَ إمْكَانِ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْفَرِيضَةُ لِأَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ أَخَفُّ مِنْ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ خش اهـ بْن. (قَوْلُهُ نَظَرٌ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ فِي قَوْلِهِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ اجْعَلُوا إلَخْ لِلنَّدْبِ، فَمُخَالَفَةُ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ أَوْ الدُّخُولُ فِي النَّهْيِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْقِدْ) أَيْ

(وَإِلَّا) بِأَنْ عَقَدَهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ (شَفَعَ) نَدْبًا مَعَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ وَتَصِيرُ نَافِلَةً وَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ بِجُلُوسٍ كَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ وَأَمَّا الْعِشَاءُ فَيَقْطَعُ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا كَمَا لَوْ أَعَادَ عَمْدًا (وَإِنْ أَتَمَّ) الْمَغْرِبَ سَهْوًا مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُسَلِّمْ مَعَهُ بَلْ (وَلَوْ سَلَّمَ) مَعَهُ (أَتَى بِرَابِعَةٍ) وُجُوبًا (إنْ قَرُبَ) تَذَكُّرُهُ بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا فَذًّا وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ) صَلَاتَهُ (أَبَدًا) لِأَنَّ الْمُعِيدَ مُتَنَفِّلٌ وَمَنْ ائْتَمَّ بِهِ مُفْتَرِضٌ وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ نَفْلٍ وَإِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَيُعِيدُ وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُعِيدُ الْمُؤْتَمُّ (أَفْذَاذًا) ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ إلَخْ وَقَوْلُهُ قَطَعَ أَيْ وَخَرَجَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَالرَّاعِفِ خَوْفًا مِنْ الطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ بِخُرُوجِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ عَقَدَهَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ صَلَاتَهَا أَوَّلًا مُنْفَرِدًا إلَّا بَعْدَ أَنْ عَقَدَهَا. (قَوْلُهُ شَفَعَ نَدْبًا إلَخْ) وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى الشَّفْعُ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا: وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ فَإِنْ أَعَادَهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُشْفِعَهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً اهـ وَفِي الْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ عِيسَى أَنَّ الْقَطْعَ أَوْلَى وَالْعَجَبُ لِلْمَوَّاقِ كَيْفَ غَفَلَ عَنْ نَصِّهَا مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال بِكَلَامِهَا قَالَهُ طفى ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّاهَا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً يَشْفَعُ وَلَوْ كَانَ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي ذَكَرَ بَعْدَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ خُصُوصًا وَقَدْ قِيلَ إنَّمَا تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ) أَيْ وَلَمْ يَنْظُرْ هُنَا لِخَشْيَةِ الطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فَصَلَ إلَخْ) مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ شَفَعَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعِشَاءُ إلَخْ) أَيْ إذَا شَرَعَ فِي إعَادَتِهَا بَعْدَ الْوِتْرِ سَهْوًا فَيَقْطَعُ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي لِابْنِ عَاشِرٍ أَنَّ الْعِشَاءَ كَالْمَغْرِبِ إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً قَطَعَ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَهَا شَفَعَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ التَّوْضِيحِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ النَّصُّ إنَّمَا وُجِدَ فِي الْمَغْرِبِ وَغَايَةُ هَذَا أَنَّهُ تَنَفَّلَ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا أَرَادَهُ وَحَدَثَتْ لَهُ نِيَّةٌ فَأَحْرَى إنْ كَانَ غَيْرَ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّاهُ شَفَعَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ اهـ بْن وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَعَادَ عَمْدًا) أَيْ أَوْ جَهْلًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا مَا لَمْ يَرْفُضْ الْأُولَى وَإِلَّا فَلَا يَقْطَعُ بِنَاءً عَلَى تَأْثِيرِ الرَّفْضِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَلَوْ رَفَضَ الْأُولَى كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ) أَيْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَسَاجِينِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) إنْ قُلْت أَنَّ الْمُتَنَفِّلَ بِأَرْبَعٍ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ كَمَا مَرَّ لِنَقْصِ السَّلَامِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ قُلْت ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ دَاخِلًا عَلَى النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ) أَيْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ أَنْ أَتَمَّ الْمَغْرِبَ وَسَلَّمَ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ صَلَاتَهُ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْإِعَادَةِ مَأْمُومًا وَصَلَّى إمَامًا فَيُعِيدُ ذَلِكَ الْمُؤْتَمُّ بِهِ أَبَدًا فَذًّا وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْإِمَامُ نَوَى بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ أَوْ التَّفْوِيضَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَفْذَاذًا هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ يُونُسَ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ قَدْ تَكُونُ صَلَاةَ الْإِمَامِ فَصَحَّتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ لِلْمَأْمُومِينَ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُونَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِعَادَةُ خَوْفَ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى صَلَاتَهُ وَهَذِهِ نَافِلَةٌ فَاحْتِيطَ لِلْوَجْهَيْنِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ بَشِيرٍ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ وَاَلَّذِي صَدَّرَ بِهِ الشَّاذِلِيُّ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ جَمَاعَةً إنْ شَاءُوا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ خَلْفَ مُعِيدٍ وَعَدَمُ حِكَايَةِ ابْنِ بَشِيرٍ غَيْرَ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ لَا تُعَادِلُ نِسْبَةَ الْمُقَابِلِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا الْإِمَامُ الْمُرْتَكِبُ لِلنَّهْيِ فَلَا يُعِيدُ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ فَرْضَهُ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَقَوْلُ عبق وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي النَّاصِرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ فِيهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ فِيهَا خِلَافٌ وَأَمَّا مَنْ اقْتَدَى بِمَأْمُومٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا أَمْ لَا كَانَ مُعِيدًا لِصَلَاةٍ أَمْ لَا فَصَلَاةُ ذَلِكَ الْمُقْتَدِي بِهِ بَاطِلَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (تَنْبِيهٌ) مُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي تَبْطُلُ فِيهَا صَلَاةُ الْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ أَنْ يُعِيدَ الْمَأْمُومُ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ لِانْعِدَامِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفِي ح عَنْ الْأَقْفَهْسِيِّ إنْ تَبَيَّنَ حَدَثُ الْإِمَامِ فَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ صَحِيحَةٌ وَلَا يُعِيدُهَا فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ تَبَيَّنَ حَدَثُ الْمَأْمُومِ فَفِي إعَادَةِ الْإِمَامِ خِلَافٌ

وَالْأَوْلَى فَذًّا لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَعْنَى إذْ الْمُؤْتَمُّ قَدْ يَكُونُ جَمَاعَةً (وَإِنْ تَبَيَّنَ) لِلْمُعِيدِ (عَدَمُ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا أَصْلًا (أَوْ) تَبَيَّنَ لَهُ (فَسَادُهَا) لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ (أَجْزَأَتْ) الثَّانِيَةُ الْمُعَادَةُ إنْ نَوَى الْفَرْضَ مَعَ التَّفْوِيضِ أَوْ نَوَى بِالتَّفْوِيضِ التَّسْلِيمَ لِلَّهِ فِي جَعْلِ أَيِّهِمَا فَرْضَهُ. (وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ) أَيْ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطِيلَ الرُّكُوعَ لِأَجْلِ دَاخِلٍ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرَ الدَّاخِلِ إذَا لَمْ يُطِلْ أَوْ فَسَادَ صَلَاتِهِ لِاعْتِدَادِهِ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي لَمْ يُدْرِكْ رُكُوعَهَا مَعَهُ وَأَمَّا الْفَذُّ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ لِلدَّاخِلِ (وَالْإِمَامِ الرَّاتِبِ) بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ مَكَان جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْجَمْعِ فِيهِ وَلَوْ فِي بَعْض الصَّلَوَاتِ (كَجَمَاعَةٍ) فِيمَا هُوَ رَاتِبٌ فِيهِ فَضْلًا وَحُكْمًا فَيَنْوِي الْإِمَامَةَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَلَا يُعِيدُ فِي أُخْرَى وَلَا يُصَلِّي بَعْدَهُ جَمَاعَةً وَيُعِيدُ مَعَهُ مُرِيدُ الْفَضْلِ اتِّفَاقًا وَيَجْمَعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ كَجَمَاعَةٍ إنْ حَصَلَ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ وَانْتَظَرَ النَّاسَ فِي وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ (وَلَا تُبْتَدَأُ صَلَاةٌ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا مِنْ فَذٍّ أَوْ جَمَاعَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَكَذَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَيُنْظَرُ مَا وَجْهُهُ. (قَوْلُهُ وَالْأُولَى إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تُطَابِقَ الْحَالُ صَاحِبَهَا فِي الْإِفْرَادِ لَفْظًا. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَعْنَى) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْتَمِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِمُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ إنْ نَوَى) أَيْ بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ مَعَ التَّفْوِيضِ أَوْ نَوَى التَّفْوِيضَ فَقَطْ بِأَنْ قَصَدَ التَّسْلِيمَ لِلَّهِ فِي أَيِّهِمَا فَرْضُهُ وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ النَّفَلَ أَوْ الْإِكْمَالَ فَلَا تُجْزِئُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ عَنْ فَرْضِهِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا مَأْمُومًا فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَعَادَ وَتَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا أَجْزَأَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ أَيْ وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأَوْلَى أَوْ فَسَادُهَا لِلْمُعِيدِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ أَجْزَأَتْ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ لِأَنَّ صَلَاتَهُ حِينَئِذٍ فَرْضٌ فَلَمْ يَأْتَمُّوا فِي فَرِيضَةٍ بِمُتَنَفِّلٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ) أَيْ وَأَمَّا التَّطْوِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ لِأَجْلِ إدْرَاكِ الدَّاخِلِ أَوْ فِي السُّجُودِ فَذَكَرَ عبق أَنَّهُ كَذَلِكَ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ لِلدَّاخِلِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ وَالْبَرْزَلِيُّ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ إلَّا الْجَوَازَ كَمَا قَالَ بْن وَإِنَّمَا كُرِهَ إطَالَةُ الْإِمَامِ الرُّكُوعَ لِأَجْلِ أَنْ يُدْرِكَ مَعَهُ الدَّاخِلُ الرَّكْعَةَ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّشْرِيكِ فِي الْعَمَلِ لِغَيْرِ اللَّهِ كَذَا قَالَ عِيَاضٌ وَلَمْ يَجْعَلْهُ تَشْرِيكًا حَقِيقَةً حَتَّى يُقْضَى بِالْحُرْمَةِ كَالرِّيَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِيَحُوزَ بِهِ أَجْرَ إدْرَاكِ الدَّاخِلِ. (قَوْلُهُ ضَرَرُ الدَّاخِلِ) أَيْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ عَلَى الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْفَذُّ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الْكَرَاهَةُ بِالْإِمَامِ لِطَلَبِ التَّخْفِيفِ مِنْهُ دُونَ الْفَذِّ. (قَوْلُهُ وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ نَصَبَهُ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ نَصَبَهُ مِنْ وَاقِفٍ أَوْ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ أَوْ بَعْضِهَا عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ بِأَنْ قَالَ جَعَلْت إمَامَ مَسْجِدِي هَذَا فُلَانًا الْأَقْطَعَ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ الْمَكْرُوهَ مَضَى وَكَذَا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ إذَا أَمَرَ بِمَكْرُوهٍ تَجِبُ طَاعَتُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْإِذْنُ لِإِنْسَانٍ بِالْإِمَامَةِ يَتَضَمَّنُ أَمْرَ النَّاسِ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ. (قَوْلُهُ فَضْلًا) أَيْ فَيَحْصُلُ لَهُ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ جُزْءًا وَقَوْلُهُ وَحُكْمًا أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَحَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ كَجَمَاعَةٍ فِي الْفَضْلِ فَيُكْرَهُ لَهُ إذَا لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُصَلِّي مَعَهُ طَلَبُ إمَامٍ آخَرَ بَلْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا. (قَوْلُهُ فَيَنْوِيَ الْإِمَامَةَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا كَانَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَغَيْرُ اللَّخْمِيِّ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ الْفَضْلُ يَحْصُلُ مُطْلَقًا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّتِهِ إيَّاهَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ جَمَاعَةٌ وَكَانَ رَاتِبًا فَاتَّفَقَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَالْجَمَاعَةِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا إلَّا إذَا نَوَى الْإِمَامَةَ لِأَنَّهُ لَا تَتَمَيَّزُ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ صَلَاتِهِ إمَامًا إلَّا بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى مَعَهُ جَمَاعَةً. (قَوْلُهُ وَيَجْمَعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ) وَهَلْ يَجْمَعُ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ أَوْ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ؟ قَوْلَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ جَمْعُهُ بَيْنَهُمَا إذْ لَا مُجِيبَ لَهُ (قَوْلُهُ إنْ حَصَلَ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ

أَيْ يَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهَا بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ (بَعْدَ) الشُّرُوعِ فِي. (الْإِقَامَةِ) لِلرَّاتِبِ (وَإِنْ أُقِيمَتْ) الصَّلَاةُ لِلرَّاتِبِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُصَلِّي (فِي صَلَاةٍ) نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ (قَطَعَ) صَلَاتَهُ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا (إنْ خَشِيَ) بِإِتْمَامِهَا (فَوَاتَ رَكْعَةٍ) قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَهُ (وَإِلَّا) يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مَعَهُ (أَتَمَّ النَّافِلَةَ) عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا (أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُقَامَةِ بِأَنْ كَانَ فِي ظُهْرٍ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرُ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ عَيْنُهَا كَأَنْ أُقِيمَتْ الْعَصْرُ وَهُوَ فِيهَا (انْصَرَفَ فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّالِثَةِ) الَّتِي لَمْ يَعْقِدْهَا (عَنْ شَفْعٍ) بِأَنْ يَرْجِعَ وَيَجْلِسَ وَيُسَلِّمَ ثُمَّ يَدْخُلَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ عَقَدَهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَّلَهَا فَرِيضَةً بِرَكْعَةٍ وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً كَمَا إذَا أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا أَتَمَّ الصُّبْحَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَغْرِبِ يَخْرُجُ وَفِي الصُّبْحِ يَدْخُلُ مَعَهُ وَشُبِّهَ فِي الِانْصِرَافِ عَنْ شَفْعٍ قَوْلُهُ (كَ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا (إنْ عَقَدَهَا) بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا أَيْضًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ وَأَمَّا هُمَا فَيَقْطَعُهُمَا وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً لِئَلَّا يَصِيرَ مُتَنَفِّلًا بِوَقْتِ نَهْيٍ (وَالْقَطْعُ) حَيْثُ قِيلَ بِهِ (بِسَلَامٍ أَوْ) مُطْلَقِ (مُنَافٍ) مِنْ كَلَامٍ أَوْ رَفْضٍ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِسَلَامٍ وَلَا مُنَافٍ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ (أَعَادَ) كُلًّا مِنْ الصَّلَاتَيْنِ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُعِيدُ الْأُولَى حَيْثُ كَانَتْ فَرِيضَةً (وَإِنْ أُقِيمَتْ) صَلَاةُ رَاتِبٍ (بِمَسْجِدٍ) أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ (عَلَى مُحَصِّلِ الْفَضْلِ) فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِأَنْ سَبَقَ لَهُ إيقَاعُهَا بِجَمَاعَةٍ (وَهُوَ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَيْ يَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهَا) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ وَحُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى التَّحْرِيمِ قَالَ ح وَإِذَا فَعَلَ أَجْزَأَتْهُ وَأَسَاءَ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ التَّوْضِيحُ وَالْقَبَّابُ وَالْبَرْزَلِيُّ وَالْأَبِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ رَحْبَتِهِ) أَيْ لَا الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ فَيَجُوزُ عَلَى أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ) أَيْ فَالْمَوْضُوعُ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ ذَاتُ إقَامَةٍ فَهِيَ فَرْضٌ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ نَفْلًا مُنِعَ الشُّرُوعُ فِي النَّفْلِ فَقَطْ فَإِذَا شَرَعَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ فِي التَّرَاوِيحِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الْعِشَاءَ الْحَاضِرَةَ أَوْ الْفَوَائِتَ فِي صُلْبِهِ وَلَوْ أَرَدْت أَنْ تُصَلِّيَ الْوِتْرَ فَقِيلَ لَك ذَلِكَ وَقِيلَ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا لَوْ أَرَدْت صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلُهُ لِلرَّاتِبِ أَيْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ كَيْفَمَا فَعَلَ وَالتَّقْيِيدُ بِهِ يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ النَّهْيِ بِالْمَسْجِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ صَلَاتَيْنِ مَعًا إنَّمَا كَانَ بِالْمَسْجِدِ قَالَهُ بْن وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْجِدِ الْمَوْضِعُ الَّذِي اُعْتِيدَ لِلصَّلَاةِ وَلَهُ رَاتِبٌ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ عِلَّةُ الطَّعْنِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمُقَامَةِ بِأَنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ تِلْكَ الْمُقَامَةَ أَصْلًا أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُخَاطَبٍ بِالدُّخُولِ مَعَهُ كَصَلَاتِهِ لَهَا جَمَاعَةً قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا تُعَادُ لِفَضْلٍ كَالْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ مَا هُوَ فِيهِ لِدُخُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَعَدَمِ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِالْمُقَامَةِ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ وَفِي شب أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يُخَاطَبُ بِالدُّخُولِ أَوْ لَا إذْ تَعَارَضَ أَمْرَانِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهُوَ الطَّعْنُ فِي الْإِمَامِ وَحَقُّ اللَّهِ وَهُوَ لُزُومُ النَّافِلَةِ بِالشُّرُوعِ فِيهَا فَقُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ إنْ خَشِيَ بِإِتْمَامِهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ نَافِلَةً أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَ الْمُقَامَةِ بِالْخُرُوجِ عَنْ شَفْعٍ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُقَامَةُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ إنْ خَشَى بِإِتْمَامِهَا مُطْلَقًا كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَهُ طفى وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْمُقَامَةِ يُطْلَبُ بِتَمَادِيهِ فِيهَا إنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا قَطَعَهَا وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ عَنْ شَفْعٍ قَبْلَ فَوَاتِ رَكْعَةٍ وَالْمُقَامَةُ يُطَالَبُ بِشَفْعِهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا قَطَعَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُقَامَةِ وَغَيْرِهَا كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِإِتْمَامِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا. (قَوْلُهُ فَوَاتَ رَكْعَةٍ) أَيْ مِنْ الْمُقَامَةِ. (قَوْلُهُ أَتَمَّ النَّافِلَةَ) أَيْ وَيَنْدُبُ أَنْ يُتِمَّهَا جَالِسًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ عَيْنَهَا) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَا يَخَافُ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ إذَا شَفَعَ مَا هُوَ فِيهَا عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ) أَيْ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَالشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ وَهُوَ صَوَابٌ إذْ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا لِبَهْرَامَ وتت وَالشَّيْخِ سَالِمٍ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ الْعَقْدَ هُنَا بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ اُنْظُرْ طفى اهـ بْن. (قَوْلُهُ كَمَّلَهَا فَرِيضَةً) أَيْ ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا فَرِيضَةً وَلَا يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُعَادُ. (قَوْلُهُ كَالْأُولَى) أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَنْصَرِفُ عَنْ شَفْعٍ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ إنْ كَانَ قَدْ عَقَدَهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا وَأَمَّا لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ عَقْدِهَا فَإِنَّهُ يَقْطَعُهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ شَفْعُ الْأُولَى إنْ عَقَدَهَا فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ وَأَمَّا هُمَا فَيَقْطَعُهُمَا وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً أَمَّا اسْتِثْنَاؤُهُ الْمَغْرِبَ فَصَحِيحٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَغْرِبُ قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَإِنْ صَلَّى اثْنَتَيْنِ أَتَمَّهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَ وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا سَلَّمَ وَخَرَجَ وَلَمْ يُعِدْهَا وَأَمَّا الصُّبْحُ فَلَمْ يَسْتَثْنِهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا

[شروط الإمامة]

(خَرَجَ) مِنْهُ أَوْ مِنْ رَحْبَتِهِ وُجُوبًا لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي الْإِمَامِ (وَلَمْ يُصَلِّهَا) مَعَهُ لِامْتِنَاعِ إعَادَتِهَا جَمَاعَةً (وَلَا) يُصَلِّي فَرْضًا (غَيْرَهَا وَإِلَّا) يَكُنْ حَصَلَ الْفَضْلُ بِأَنْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ أَوْ بِصَبِيٍّ وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ (لَزِمَتْهُ) مَعَ الْإِمَامِ خَوْفَ الطَّعْنِ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ أَوْ مُكْثه وَيَنْوِي مُفَوِّضًا مَأْمُومًا. فَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ خَرَجَ (كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا) وَقَدْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ (وَ) إنْ أُقِيمَتْ بِالْمَسْجِدِ وَقَدْ أَحْرَمَ بِهَا (بِبَيْتِهِ) يَعْنِي خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ فَإِنَّهُ (يُتِمُّهَا) وُجُوبًا كَانَتْ الْمُقَامَةَ أَوْ غَيْرَهَا عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ أَمْ لَا ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ بِذِكْرِ مَوَانِعِهَا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَا كَأَنْ يَقُولَ وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ وَتَحَقُّقُ ذُكُورَةٍ وَعَقْلٌ وَعَدَالَةٌ إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ فَقَالَ (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ) أَيْ بِإِمَامٍ (بَانَ) أَيْ ظَهَرَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا (كَافِرًا) لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَفِي عَدِّهِ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامِ مُسَامَحَةٌ إذْ هُوَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرُهُ بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا تُقْطَعُ مَا لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَإِلَّا انْصَرَفَ عَنْ شَفْعٍ لِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ نَفْلٍ فِي الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى فِعْلَ الْوَرْدِ لِنَائِمٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ إنَّ اسْتِثْنَاءَ الصُّبْحِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَوْ صَرِيحِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ خَرَجَ وُجُوبًا) أَيْ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَالرَّاعِفِ وَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي الْإِمَامِ أَيْ إنْ بَقِيَ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ وَمِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ مَعَهُ قَالَ شَيْخُنَا وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ وُجُوبَ الْخُرُوجِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا حَصَلَ الطَّعْنُ بِالْفِعْلِ عِنْدَ الْمُكْثِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ لِلرَّاتِبِ فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُكْثِ فِيهِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ كَالْأَزْهَرِ فَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَيُصَلِّي فَرْضًا غَيْرَهَا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الطَّعْنِ عَلَى الْإِمَامِ وَأَمَّا لَوْ صَلَّى خَلْفَهُ نَفْلًا جَازَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُنْ حَصَلَ الْفَضْلُ إلَخْ) بَقِيَ مَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا وَعَلَيْهِ مَا قَبْلَهَا أَيْضًا كَمَا لَوْ أُقِيمَتْ الْعَصْرُ عَلَى مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَقِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْأَوَّلُ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَحَدِ سَمَاعَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا لَا يَتَنَفَّلُ مَنْ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الثَّانِي لَكِنْ فِي ح عَنْ الْهَوَّارِيِّ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ الْجَارِي عَلَى مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ غَيْرِهَا وَخَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ اُنْظُرْ بْن وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ قِيلَ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ بِنِيَّةِ الْعَصْرِ وَيَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَاسْتُبْعِدَ وَقِيلَ يَدْخُلُ مَعَهُ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ وَيُتَابِعُهُ فِي الْأَفْعَالِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُقْتَدِيًا بِهِ صُورَةً فَقَطْ وَهَذَا أَقْوَى الْأَقْوَالِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ) أَيْ إذَا كَانَ مُحَصِّلًا لِشُرُوطِهَا وَلَمْ يَكُنْ إمَامًا بِمَسْجِدٍ آخَرَ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ. (قَوْلُهُ كَانَتْ الْمُقَامَةَ أَوْ غَيْرَهَا) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا التَّعْمِيمِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي أُقِيمَتْ بِالْمَسْجِدِ أَحْرَمَ بِهَا خَارِجَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ وَقَدْ أَحْرَمَ بِهَا بِبَيْتِهِ [شُرُوط الْإِمَامَة] (قَوْلُهُ بِذِكْرِ مَوَانِعِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِكُفْرِ الْإِمَامِ مَثَلًا عُلِمَ أَنَّ الْكُفْرَ مَانِعٌ لِلْإِمَامَةِ وَأَنَّ شَرْطَهَا الْإِسْلَامُ وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ سَوَاءٌ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْمَانِعِ شَرْطٌ أَوْ لَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَافِرًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ وَالتَّقْدِيرُ بَانَ كُفْرُهُ أَوْ بَانَ كَوْنُهُ امْرَأَةً وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا فَهُوَ مِنْ الْقَلِيلِ وَلَيْسَ مَفْعُولًا بِهِ لِأَنَّ بَانَ لَازِمٌ لَا يَنْصِبُ الْمَفْعُولَ بِهِ وَلَا حَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بَانَ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَانَ أَنَّهُ كَافِرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ يَظُنُّهُ مُسْلِمًا فَظَهَرَ أَنَّهُ كَافِرٌ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَفِي إعَادَةِ مَأْمُومٍ كَافِرٍ ظَنَّهُ مُسْلِمًا أَبَدًا مُطْلَقًا وَصِحَّتُهَا فِيمَا جَهَرَ فِيهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ آمِنًا وَأَسْلَمَ لَمْ يُعِدْ، الْأَوَّلُ لِسَمَاعِ يَحْيَى وَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ الْأَخَوَيْنِ وَالثَّانِي لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ يَحْيَى وَعَنْ سَحْنُونٍ وَالثَّالِثُ لِلْعُتْبِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْهُ بِدُونِ قَيْدٍ إنْ كَانَ آمِنًا قَالَ وَتَأَوَّلَ قَوْلَهُ وَأَسْلَمَ بِأَنَّهُ تَمَادَى عَلَى إسْلَامِهِ وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ صَلَّى جُنُبًا جَاهِلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ يَظُنُّهُ مُسْلِمًا فَظَهَرَ أَنَّهُ كَافِرٌ فَقِيلَ يُعِيدُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ زِنْدِيقًا وَطَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا بِالنَّاسِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ مَأْمُومُهُ مَا جَهَرَ فِيهِ وَيُعِيدُ مَا أَسَرَّ فِيهِ وَقِيلَ إنْ كَانَ آمِنًا وَاسْتَمَرَّ عَلَى إسْلَامِهِ بِحَيْثُ طَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا بِالنَّاسِ فَالصَّلَاةُ الَّتِي صُلِّيَتْ خَلْفَهُ صَحِيحَةٌ وَلَا إعَادَةَ لِلْمَشَقَّةِ وَرُدَّ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ قَدْ صَلَّى جُنُبًا جَاهِلًا وَهَذَا الْخِلَافُ بِالنِّسْبَةِ لِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ وَعَدَمِ إعَادَتِهَا وَإِنْ كَانَ يَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ بِحُصُولِ الصَّلَاةِ مِنْهُ إذَا تَحَقَّقَ مِنْهُ النُّطْقُ فِيهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي لَا يُقَالُ حَيْثُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّا نَقُولُ إسْلَامُهُ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ وَلَا يُؤْمِنُ مِنْ صُدُورِ مُكَفِّرٍ مِنْ خِلَالِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ الْإِمَامِ.

وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ مِنْهُ النُّطْقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ (أَوْ) بَانَ (امْرَأَةً) وَلَوْ لِمِثْلِهَا فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (أَوْ) بَانَ (خُنْثَى مُشْكِلًا) وَلَوْ لِمِثْلِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ تَحَقُّقِ الذُّكُورَةِ. وَصَلَاتُهُمَا صَحِيحَةٌ وَلَوْ نَوَى كُلٌّ الْإِمَامَةَ (أَوْ) بَانَ (مَجْنُونًا) مُطْبَقًا أَوْ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَأَمَّ حَالَ جُنُونِهِ وَأَمَّا لَوْ أَمَّ حَالَ إفَاقَتِهِ فَصَحِيحَةٌ عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَيْسَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا وَهَمَ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْعَقْلُ وَفِي عَدِّهِ شَرْطًا هُنَا مُسَامَحَةٌ لِمَا مَرَّ (أَوْ) بَانَ (فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ) كَزَانٍ وَشَارِبِ خَمْرٍ وَعَاقٍّ لِوَالِدَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْعَدَالَةُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ فَتُصْبِحُ إمَامَةُ الْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ فِسْقُهُ بِالصَّلَاةِ كَأَنْ يَقْصِدَ بِتَقَدُّمِهِ الْكِبْرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا صَلَّى فَقِيلَ إنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا بِصَلَاتِهِ فَإِذَا لَمْ يَتَمَادَ عَلَى إسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِجَرَيَانِ حُكْمِ الرِّدَّةِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِصَلَاتِهِ وَلَكِنْ يُنَكَّلُ وَيُطَالُ سِجْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا وَقِيلَ يُنَكَّلُ وَيُطَالُ سِجْنُهُ إنْ كَانَ آمِنًا لَا عُذْرَ لَهُ الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَارِثٍ وَالثَّالِثُ لِلْعُتْبِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِ بِالصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُرْتَدًّا إنْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْأَعْجَمِيِّ يُقَالُ لَهُ صَلِّ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَمُوتُ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَمَا نَصُّهُ هُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى فَقَدْ أَسْلَمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَمَنْ أَبَى فَهُوَ كَافِرٌ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ» اهـ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ نَاجِيٍّ هَذَا الْخِلَافَ قَالَ وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدِي ضَعِيفٌ لِنَقْلِ إِسْحَاقَ ابْنِ رَاهْوَيْهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إيمَانِهِ اهـ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إيمَانِهِ أَيْ إذَا تَحَقَّقَ مِنْهُ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُكَرِّرْ الصَّلَاةَ. (قَوْلُهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) أَيْ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ رَجُلٍ يُؤْتَمُّ بِهِ. (قَوْلُهُ مُشْكِلًا) أَيْ وَلَوْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا إنْ اعْتَقَدَ الْمَأْمُومُ فِي حَالِ الدُّخُولِ مَعَهُ إشْكَالَهُ وَأَمَّا لَوْ اعْتَقَدَ ذُكُورِيَّتَهُ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ بِإِشْكَالِهِ فَاتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا اعْتَقَدَ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُشْكِلِ فَلَهُ حُكْمُ مَا اتَّضَحَ بِهِ. (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ فِي فَرْضٍ أَوْ فِي نَفْلٍ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ شَرْطَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ تَحَقُّقُ الذُّكُورَةِ) مِنْ هَذَا قِيلَ بِعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَةِ الْمَلَكِ وَمَا وَقَعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَلَاةِ جِبْرِيلَ بِهِ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ فَهُوَ خُصُوصِيَّةٌ أَوْ أَنَّهَا صُورَةُ إمَامَةٍ لِلتَّعْلِيمِ وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِتَحْقِيقِ الذُّكُورَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مُحَقَّقَ الْأُنُوثَةِ أَوْ الْخُنُوثَةِ أَوْ يُقَالُ إنَّ وَصْفَ الذُّكُورَةِ شَرْطٌ فِي الْإِمَامِ إذَا كَانَ آدَمِيًّا لَا يُقَالُ إنَّ صَلَاتَهُمْ نَفْلٌ لِأَنَّا نَقُولُ الْحَقُّ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِجَوَازِ الْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ وَكَمَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَلَكِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْجِنِّيِّ لِأَنَّ لَهُمْ أَحْكَامَنَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُمَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَمَّتْ غَيْرَهَا وَالْخُنْثَى الَّذِي أَمَّ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى كُلٌّ الْإِمَامَةَ) إنَّمَا حَكَمَ بِالصِّحَّةِ إذَا نَوَى كُلٌّ الْإِمَامَةَ مَعَ أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ إمَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمِثْلِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ أَوْ بَانَ مَجْنُونًا مُطْبَقًا) أَيْ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ أَبَدًا. (قَوْلُهُ فَصَحِيحَةٌ) أَيْ كَمَا رَوَاهُ فَالشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُخَالِفُهُ) بَلْ كَلَامُهُ مُوَافِقٌ لِذَلِكَ وَنَصُّهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَؤُمُّ الْمَعْتُوهُ سَحْنُونٌ وَيُعِيدُ مَأْمُومُهُ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْمَجْنُونِ حَالَ إفَاقَتِهِ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْتُوهِ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ السَّمَاعَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَبِهِ قَرَّرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْمَعْتُوهَ عَامٌّ يَشْمَلُ الْمَجْنُونَ حَالَ إفَاقَتِهِ فَيَكُونُ خِلَافًا مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْعَقْلُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَانَ مَجْنُونًا. (قَوْلُهُ أَوْ بَانَ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ) أَيْ بِسَبَبِ ارْتِكَابِهِ

أَوْ يُخِلَّ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطِ أَوْ سُنَّةٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا عَمْدًا عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْإِخْلَالِ بِمَا ذُكِرَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا (أَوْ) بَانَ (مَأْمُومًا) بِأَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ أَدْرَكَ رَكْعَةً كَامِلَةً وَقَامَ يَقْضِي أَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَإِذَا هُوَ مَأْمُومٌ. وَلَيْسَ مِنْهُ مَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ فَتَصِحُّ إمَامَتُهُ وَيَنْوِي الْإِمَامَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَ نَوَى الْمَأْمُومِيَّةَ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْمُومًا (أَوْ) بَانَ (مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ) الْحَدَثَ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا وَصَلَّى عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ تَذَّكَّرهُ فِي أَثْنَائِهَا وَعَمِلَ عَمَلًا مِنْهَا لَا إنْ نَسِيَهُ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا أَوْ سَبَقَهُ أَوْ تَذَكَّرَ فِي الْأَثْنَاءِ فَخَرَجَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ عَمَلًا فَهِيَ صَحِيحَةٌ لَهُمْ وَلَوْ جُمُعَةً وَيَحْصُلُ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ إنْ اسْتَخْلَفُوا وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْجُمُعَةِ فَقَطْ (أَوْ) لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَكِنْ (عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ) بِحَدَثِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا وَدَخَلَ مَعَهُ وَلَوْ نَاسِيًا. وَلَيْسَ كَالنَّجَاسَةِ إذَا عَلِمَ بِهَا قَبْلَهَا وَنَسِيَهَا حِينَ الدُّخُولِ لِخِفَّتِهَا (وَ) بَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ (بِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ) قَوْلِيٍّ أَوْ فِعْلِيٍّ (أَوْ) بِعَاجِزٍ عَنْ (عِلْمِ) بِمَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ مِنْ كَيْفِيَّةِ غَسْلٍ وَوُضُوءٍ وَصَلَاةٍ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالْعِلْمُ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا أَنْ يَعْلَمَ كَيْفِيَّةَ مَا ذُكِرَ وَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا أَوْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَثَلًا فَرْضٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ وَأَمَّا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا سُنَنٌ أَوْ أَنَّ الْفَرْضَ سُنَّةٌ وَكَذَا اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا فَرْضٌ عَلَى قَوْلٍ فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَلَا لَهُمْ وَالْأَظْهَرُ فِي هَذَا الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ (إلَّا) أَنْ يُسَاوِيَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِي الْعَجْزِ (كَالْقَاعِدِ) يَقْتَدِي (بِمِثْلِهِ) لِعَجْزٍ (فَجَائِزٌ) فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ رُكْنٍ وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ عِلْمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِاتِّصَالِهِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ شَامِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَبِيرَةً غَيْرَ مُكَفِّرَةٍ لِمَا وَرَدَ «إنَّ أَئِمَّتَكُمْ شُفَعَاؤُكُمْ» وَالْفَاسِقُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلشَّفَاعَةِ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَلَوْ اسْتَغْنَى بِهَذَا الشَّرْطِ عَنْ قَوْلِهِ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا لَأَغْنَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ يُخِلُّ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَتَسَاهَلُ بِالصَّلَاةِ وَيَتْرُكَ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ مَثَلًا أَوْ يُصَلِّيَ بِدُونِ وُضُوءٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَهُ الْإِخْلَالُ بِمَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ قَطْعًا لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْإِمَامَةِ فَقَطْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَانَ شَأْنُهُ الْإِخْلَالَ بِمَا ذُكِرَ إذَا اقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ذُو مَانِعٍ مِنْ صِحَّتِهَا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ اتِّفَاقًا فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ صِحَّتُهَا وَمُقْتَضَى مَا لِلْقَبَّابِ بُطْلَانُهَا. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْإِخْلَالِ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ) عَلَى هُنَا لِلِاسْتِدْرَاكِ بِمَعْنَى لَكِنْ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْسُنُ عَدُّ عَدَمِ الْإِخْلَالِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَأْمُومًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَانَ مَأْمُومًا وَضَمِيرُ شَرْطِهِ رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ. (قَوْلُهُ لَا إنْ نَسِيَهُ) أَيْ لَا إنْ أَحْدَثَ قَبْلَهَا وَنَسِيَهُ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمْ عَمَلًا) أَيْ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ. (قَوْلُهُ إنْ اسْتَخْلَفُوا) اشْتِرَاطُ الِاسْتِخْلَافِ فِي حُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُدْرِكُوا رَكْعَةً مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ حَدَثِهِ وَإِلَّا حَصَلَ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا. (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ بِحَدَثِهِ فِيهَا) أَيْ بِحُصُولِ حَدَثِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ أَعْلَمَهُ إمَامُهُ بِذَلِكَ فَوْرًا وَهُوَ مَا قَالَهُ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَقَلَ ح أَوَّلَ الِاسْتِخْلَافِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ مَنْ عَلِمَ بِحَدَثِ إمَامِهِ حُكْمُ مَنْ رَأَى النَّجَاسَةَ فِي ثَوْبِ إمَامِهِ فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فَوْرًا فَلَا يَضُرُّ وَأَمَّا إنْ عَمِلَ مَعَهُ عَمَلًا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ السَّلَامَ فَقَدْ بَطَلَتْ عَلَيْهِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ بِحَدَثِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَهَا فَلَا بُطْلَانَ وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ بَاطِلَةٌ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ حَدَثُ الْإِمَامِ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ شَكُّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا فَتَبْطُلُ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ حَدَثُ الْإِمَامِ أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ حَدَثِهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِيهَا فِي حَدَثِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَتَبْطُلُ إنْ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ لَا إنْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ أَيْضًا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ فِي إحْدَى عَشَرَةَ وَتَصِحُّ فِي وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ) كَالْفَاتِحَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِعْلِيٍّ أَيْ كَالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ الْقِيَامِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُقْتَدِيَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ الرُّكْنِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إمَامُهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ الْعَاجِزَ عَنْ الْقِيَامِ لَكِنْ يَقُومُ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُمَيِّزْ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ أَخَذَ كُلًّا مِنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ عَنْ عَالِمٍ وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الصَّلَاةَ مَثَلًا فَرْضٌ) أَيْ اعْتَقَدَ فَرْضِيَّةَ جَمِيعِهَا وَالْمَوْضُوعُ سَلَامَتُهَا مِنْ الْخَلَلِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ الْفَرْضَ سُنَّةٌ) قَالَ عبق وَانْظُرْ لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ السُّنَّةَ فَرْضٌ أَوْ فَضِيلَةٌ وَقَدْ يُقَالُ قَدْ ذَكَرُوا الْبُطْلَانَ فِيمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فَرَائِضُ فَوِزَانُ هَذَا أَنْ يُقَالَ هُنَا بِالْبُطْلَانِ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ إنْ سَلِمَتْ مِنْ الْخَلَلِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَكَذَا اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا فَرْضٌ) الْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ذَكَرَهُ الْعَوْفِيُّ قَائِلًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَنَقَلَهُ تت فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَكَلَامُ الْعَوْفِيِّ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا حَصَلَ خَلَلٌ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ صِفَتَهَا عَنْ عَالِمٍ وَلَمْ يُمَيِّزْ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ إذَا سَلِمَتْ مِنْ الْخَلَلِ سَوَاءٌ عَلِمَ

لِعَاجِزٍ مُمَاثِلٍ وَمُخَالِفٍ لِمَنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْعَجْزِ وَلِمَنْ أَمَّ قَادِرًا أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْمُمَاثِلَ وَفَهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اقْتَدَى بِشَيْخٍ مُقَوَّسِ الظَّهْرِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمُومِئٍ (أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ مِنْ أُمِّيٍّ (بِأُمِّيٍّ إنْ وُجِدَ) قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ (قَارِئٌ) وَتَبْطُلُ عَلَيْهِمَا مَعًا (أَوْ قَارِئٌ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ كُلِّ شَاذٍّ مُخَالِفٍ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ لَا شَاذٍّ مُوَافِقٍ لَهُ فَلَا تَبْطُلُ وَإِنْ حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ بِهِ (أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ ب (عَبْدٍ فِي جُمُعَةٍ) لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا أَوْ اعْتَقَدَ فَرْضِيَّةَ جَمِيعِهَا عَلَى الْإِجْمَالِ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا سُنَنٌ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْفَرْضَ سُنَّةٌ أَوْ الْعَكْسَ أَوْ أَنَّهَا فَضِيلَةٌ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا فَرْضٌ وَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ صَلَاتُهُ مِنْ الْخَلَلِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي الْجَمِيعِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ إلَّا بِفِعْلِ مَا رَأَوْا وَأَهْلُ الْعِلْمِ نُوَّابُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَهُمْ مِثْلُهُ فِي الِاقْتِدَاءِ بِكُلٍّ فَكَأَنَّهُ قَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أَوْ رَأَيْتُمْ نُوَّابِي يُصَلُّونَ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ لِعَاجِزٍ مُمَاثِلٍ) أَيْ فِي الْعَجْزِ لِمَنْ اقْتَدَى بِهِ. (قَوْلُهُ وَمُخَالِفٍ إلَخْ) أَيْ وَشَامِلٍ لِعَاجِزٍ مُخَالِفٍ لِمَنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْعَجْزِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ وَعَاجِزٌ عَنْ الرُّكُوعِ بِإِمَامٍ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ وَقَادِرٍ عَلَى الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ وَلِمَنْ أَمَّ قَادِرًا) أَيْ عَلَى الرُّكْنِ الَّذِي عَجَزَ عَنْهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ) وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْعَبْدُوسِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُورِيُّ بِصِحَّةِ إمَامَتِهِ وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ تِلْكَ الْفَتْوَى عَلَى إمَامَةِ صَاحِبِ السَّلَسِ لِلصَّحِيحِ وَالْمَشْهُورُ الْكَرَاهَةُ مَعَ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمُومِئٍ) أَيْ فِي غَيْرِ قِتَالِ الْمُسَايَفَةِ كَمَرِيضٍ مُضْطَجِعٍ صَلَّى بِمِثْلِهِ وَأَمَّا فِيهِ فَيَجُوزُ وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لَا يَنْضَبِطُ فَقَدْ يَكُونُ إيمَاءُ الْمَأْمُومِ أَخْفَضَ مِنْ إيمَاءِ الْإِمَامِ وَهَذَا يَضُرُّ وَقَدْ يَسْبِقُ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الْإِيمَاءِ وَهَذَا الْمَشْهُورُ سَمَاعُ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيِّ. (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ) فِي التَّوْضِيحِ وَأَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَخْرَسِ وَالْأُمِّيِّ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ وُجُودِ الْقَارِئِ وَإِنَّهُمَا إذَا أَمْكَنَهُمَا أَنْ يُصَلِّيَا خَلْفَ الْقَارِئِ فَلَا لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَمَّا كَانَ الْإِمَامُ يَحْمِلُهَا كَانَ تَرْكُهُمَا الصَّلَاةَ خَلْفَهُ تَرْكًا لِلْقِرَاءَةِ اخْتِيَارًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ إذَا أَمْكَنَهُ الِائْتِمَامُ بِالْقَارِئِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجِبُ الِائْتِمَامُ كَالْمَرِيضِ الْجَالِسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْقَائِمِ اهـ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا وُجِدَ قَارِئٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا فَلَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِمِثْلِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَارِئِ فَطَرَأَ قَارِئٌ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ لَمْ يَقْطَعْ لَهُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا وَإِلَّا قَطَعَ. (قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ عَلَيْهِمَا مَعًا) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ إذَا أَمْكَنَهُ الِائْتِمَامُ بِالْقَارِئِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ لَا يَجِبُ عَلَى الْأُمِّيِّ الِائْتِمَامُ بِالْقَارِئِ إذَا أَمْكَنَهُ كَالْمَرِيضِ الْجَالِسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْقَائِمِ صَلَاةُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ قَارِئٌ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ) أَيْ أَوْ بِاقْتِدَاءٍ بِقَارِئٍ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ (قَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ) أَيْ كَقِرَاءَةِ فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ بَدَلَ {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَكَقِرَاءَةِ فَبَرِيءٌ وَاَللَّهِ مِمَّا قَالُوا {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69] . (قَوْلُهُ مُوَافِقٌ لَهُ) أَيْ كَقِرَاءَةِ {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] بِضَمِّ التَّاءِ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالشَّاذِّ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالشَّاذِّ إلَّا إذَا خَالَفَ الرَّسْمَ. (قَوْلُهُ أَوْ بِعَبْدٍ فِي جُمُعَةٍ) أَرَادَ بِالْعَبْدِ ذَا الرِّقِّ وَإِنْ بِشَائِبَةٍ كَمُبَعَّضٍ وَلَوْ أَمَّ فِي الْجُمُعَةِ يَوْمَ حُرِّيَّتِهِ

[من تكره إمامته]

(أَوْ صَبِيٍّ) لِبَالِغِينَ (فِي فَرْضٍ) لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ (وَبِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْفَرْضِ لِلْبَالِغِينَ (تَصِحُّ) إمَامَتُهُ (وَإِنْ لَمْ تَجُزْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ (وَهَلْ) تَبْطُلُ بِاقْتِدَاءٍ (بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا) بِفَاتِحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا غَيَّرَ الْمَعْنَى أَوْ لَا (أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ) فَقَطْ أَوْ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ تَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ كُرِهَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ أُجِيزَ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَالْأَقْوَالُ سِتَّةٌ (وَ) هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مُقْتَدٍ (بِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ) أَوْ صَادَ وَسِينٍ أَوْ ذَالٍ وَزَايٍ مُطْلَقًا أَوْ تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ فَصَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ اخْتِيَارًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (خِلَافٌ) وَظَاهِرُ النَّقْلِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِقَيْدٍ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ نَعَمْ هُوَ فِي غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ (وَأَعَادَ بِوَقْتٍ) اخْتِيَارِيٍّ (فِي) اقْتِدَاءٍ بِإِمَامٍ بِدْعِيٍّ مُخْتَلَفٍ فِي تَكْفِيرِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْكُفْرِ (كَحَرُورِيٍّ) وَقَدَرِيٍّ. وَالْحَرُورِيَّةُ قَوْمٌ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِحَرُورَاءَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْكُوفَةِ عَلَى مِيلَيْنِ مِنْهَا نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي التَّحْكِيمِ وَكَفَّرُوا بِالذَّنْبِ (وَكُرِهَ) (أَقْطَعُ وَأَشَلُّ) يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَيْ إمَامَتُهُمَا وَلَوْ لِمِثْلِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْ صَبِيٍّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا صَلَّى فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ النَّفَلَ فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ إذْ لَا فَرْضَ عَلَيْهِ أَوْ لَا تَبْطُلُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا هَذَا فِي صَلَاتِهِ نَفْسِهِ وَأَمَّا إنْ اقْتَدَى بِهِ وَاحِدٌ فَصَلَاةُ ذَلِكَ الْمُقْتَدِي بِهِ بَاطِلَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ إذَا أَمَّ فِي فَرْضٍ فَإِنْ أَمَّ فِي النَّفْلِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِجَوَازِ إمَامَتِهِ فِي النَّافِلَةِ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُؤْتَمُّ بِهِ بَالِغًا وَأَمَّا إمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ فَجَائِزَةٌ وَلَوْ فِي فَرْضٍ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ فَقَطْ) أَيْ غَيَّرَ الْمَعْنَى أَوْ لَا. (قَوْلُهُ أَوْ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى) أَيْ فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ قَارِئٍ غَيْرِ ذَلِكَ اللَّاحِنِ. (قَوْلُهُ أَوْ كُرِهَ) عَطْفٌ عَلَى امْتَنَعَ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ أُجِيزَ أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً وَإِنْ كُرِهَ ابْتِدَاءً أَوْ أُجِيزَ ابْتِدَاءً وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا بَعْضُهُمْ قَالَ بِالْمَنْعِ ابْتِدَاءً وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْكَرَاهَةِ ابْتِدَاءً وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ. (قَوْلُهُ فَالْأَقْوَالُ سِتَّةٌ) وَهِيَ مُطْلَقَةٌ عَنْ التَّقْيِيدِ إلَّا الْقَوْلَ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً مَعَ الصِّحَّةِ فَقَدْ قَيَّدَهُ بِوُجُودِ الْقَارِئِ خِلَافًا لح فَإِنَّهُ جَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ مُقَيَّدًا بِعَدَمِ وُجُودِ الْقَارِئِ مَعَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْخِلَافِ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ الْمُقَيَّدِ بِوُجُودِ الْقَارِئِ وَكَذَا تَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ عَدَمِ وُجُودِ مُعَلِّمٍ أَصْلُهُ فِي ح وَرَدَّ بِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ إلَّا كَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّاحِنَ إنْ كَانَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا صَحَّتْ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا طَبْعًا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَلْكَنُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ لَا يَلْحَنُ أَمْ لَا وَإِنَّ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ فِيهِ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ خَلْفَهُ وَأَحْرَى صَلَاتَهُ هُوَ لِاتِّفَاقِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا وَأَمَّا حُكْمُ الِاقْتِدَاءِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِاللَّاحِنِ فَبِالْعَامِدِ حَرَامٌ وَبِالْأَلْكَنِ جَائِزٌ وَبِالْجَاهِلِ مَكْرُوهٌ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ وَإِلَّا فَحَرَامٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّحْنِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ إلَخْ) ابْنُ عَاشِرٍ كَانَ الْمُصَنِّفُ صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَجْلِ التَّنْصِيصِ عَلَى عَيْنِهَا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي اللَّاحِنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْ كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ أَوْ وَمِنْهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُمْ لَمَّا ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي اللَّحَّانِ قَالُوا وَمِنْهُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهَا وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ حَمْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وَغَيْرِهِ الْخِلَافَ هُنَا عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ عَيْنُهُ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ يُقَرِّرُ بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ إذْ هُمَا الْقَوْلَانِ الْمَشْهُورَانِ أَفَادَهُ بْن. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ مِنْ تَقْيِيدِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِمَا إذَا وُجِدَ قَارِئٌ وَتَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ عَدَمِ وُجُودِ مُعَلِّمٍ. (قَوْلُهُ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ) هَذَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَأَمَّا الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَقِيلَ مَمْنُوعٌ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ مُخْتَلَفٌ فِي تَكْفِيرِهِ إلَخْ) خَرَجَ الْمَقْطُوعُ بِكُفْرِهِ كَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ مُفَصَّلَةً بَلْ مُجْمَلَةً فَقَطْ فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ بَاطِلٌ وَيُعِيدُ الْمُقْتَدِي بِهِ أَبَدًا وَخَرَجَ الْمَقْطُوعُ بِعَدَمِ كُفْرِهِ كَذِي بِدْعَةٍ خَفِيفَةٍ كَمُفَضِّلٍ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَهَذَا لَا إعَادَةَ عَلَى مَنْ اقْتَدَى بِهِ. (قَوْلُهُ نَقَمُوا عَلَيْهِ) أَيْ عَابُوا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فِي التَّحْكِيمِ) أَيْ بِسَبَبِ تَحْكِيمِهِ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَقَالُوا إنَّ هَذَا ذَنْبٌ صَدَرَ مِنْك وَكُلُّ ذَنْبٍ مُكَفِّرٌ لِفَاعِلِهِ فَأَنْتَ كَافِرٌ فَأَوَّلًا كَفَّرُوا مُعَاوِيَةَ بِخُرُوجِهِ عَلَى عَلِيٍّ ثُمَّ كَفَّرُوا عَلِيًّا بِتَحْكِيمِهِ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَخَرَجُوا عَنْ طَاعَتِهِ فَقَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ قِتَالًا عَظِيمًا [مِنْ تكره إمَامَته] (قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَقْطَعُ) أَيْ وَإِنْ حَسُنَ حَالُهُ كَانَ الْقَطْعُ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ أَوْ لَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا كَانَ الْقَطْعُ بِالْيَدِ أَوْ بِالرِّجْلِ

حَيْثُ لَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا (وَأَعْرَابِيٍّ لِغَيْرِهِ) مِنْ الْحَضَرِيِّينَ وَلَوْ بِسَفَرٍ (وَإِنْ) كَانَ الْأَعْرَابِيُّ (أَقْرَأَ) مِنْ مَأْمُومِهِ أَيْ أَكْثَرَ قُرْآنًا أَوْ أَحْكَمَ قِرَاءَةً (وَ) كُرِهَ (ذُو سَلَسٍ وَقُرُوحٍ) سَائِلَةٍ (لِصَحِيحٍ) وَكَذَا سَائِرُ الْمَعْفُوَّاتِ فَمَنْ تَلَبَّسَ بِشَيْءٍ مِنْهَا كُرِهَ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ سَالِمٌ (وَ) كُرِهَ (إمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ) أَيْ كَرَاهَةُ أَقَلِّ الْقَوْمِ غَيْرِ ذَوِي الْفَضْلِ مِنْهُمْ وَأَمَّا إذَا كَرِهَهُ كُلُّ الْقَوْمِ أَوْ جُلُّهُمْ أَوْ ذَوُو الْفَضْلِ مِنْهُمْ وَإِنْ قَلُّوا فَيَحْرُمُ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَلَمَّا ذَكَرَ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ مُطْلَقًا وَذَكَرَ مَنْ تُكْرَهُ إمَامَتُهُ إنْ كَانَ رَاتِبًا فَقَالَ. (وَ) كُرِهَ (تَرَتُّبُ خَصِيٍّ وَمَأْبُونٍ) فِي الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ بِحَضَرٍ لَا فِي تَرَاوِيحَ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِ رَاتِبٍ وَالْمُرَادُ بِالْمَأْبُونِ مَنْ يَتَكَسَّرُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ أَوْ مَنْ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ بِهِ الْفَاحِشَةُ وَلَمْ يُفْعَلْ بِهِ أَوْ مَنْ كَانَ يُفْعَلُ بِهِ وَتَابَ وَصَارَتْ الْأَلْسُنُ تَتَكَلَّمُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ بِجَارِحَةٍ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا (وَ) تَرَتُّبُ (أَغْلَفَ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَخْتَتِنْ وَالرَّاجِحُ كَرَاهَةُ إمَامَتِهِ مُطْلَقًا. (وَ) تَرَتُّبُ (وَلَدِ زِنَا وَمَجْهُولِ حَالٍ) أَيْ لَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ عَدْلٌ أَوْ فَاسِقٌ وَمِثْلُهُ مَجْهُولُ أَبٍ وَالنَّقْلُ أَنَّ كَرَاهَةَ الْمَجْهُولِ إذَا لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا لَا إنْ كَانَ رَاتِبًا فَلَا يُكْرَهُ (وَعَبْدٌ) قِنٌّ أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ حُرِّيَّةٍ (بِفَرْضٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّلَلُ يُبْسُ الْيَدِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ) أَيْ الْمَقْطُوعَ أَوْ الْأَشَلَّ بِالْأَرْضِ فَإِنْ وَضَعَاهُ عَلَيْهَا فَلَا كَرَاهَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِكَرَاهَةِ إمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ وَلَوْ لِمِثْلَيْهِمَا وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَهُ إذَا كَانَا لَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ الْمَقْطُوعَ بِالْأَرْضِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ) أَيْ فِي الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ لِمِثْلَيْهِمَا وَلِغَيْرِ مِثْلِهِمَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَنَصَّهُ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ لِمِثْلِهِمَا وَلِغَيْرِ مِثْلِهِمَا وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَسَوَاءٌ كَانَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَأَعْرَابِيٌّ) أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ الْأَعْرَابِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ هُوَ الْبَدَوِيُّ كَانَ عَرَبِيًّا أَوْ أَعْجَمِيًّا أَيْ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَحَاصِلُهُ أَنْ يُكْرَهَ إمَامَةُ الْبَدَوِيِّ أَيْ سَاكِنِ الْبَادِيَةِ لِلْحَضَرِيِّ سَوَاءٌ كَانَا فِي الْحَاضِرَةِ أَوْ فِي الْبَادِيَةِ بِأَنْ كَانَ الْحَضَرِيُّ مُسَافِرًا وَلَوْ كَانَ الْأَعْرَابِيُّ أَكْثَرَ قُرْآنًا وَأَحْكَمَ قِرَاءَةً وَلَوْ كَانَا بِمَنْزِلِ ذَلِكَ الْبَدَوِيِّ وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ رَبِّ الْمَنْزِلِ إنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِمَانِعِ نَقْصٍ أَوْ كُرْهٍ كَمَا يَأْتِي وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْغِلْظَةِ وَالْإِمَامُ شَافِعٌ وَالشَّافِعُ ذُو لِينٍ وَرَحْمَةٍ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ ذُو سَلَسٍ) أَيْ إمَامَةُ ذِي سَلَسٍ وَإِمَامَةُ ذِي قُرُوحٍ سَائِلَةٍ لِصَحِيحٍ وَقَوْلُهُ وَكَذَا سَائِرُ الْمَعْفُوَّاتِ أَيْ يُكْرَهُ إمَامَةُ صَاحِبِهَا الْمُتَلَبِّسِ بِهَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَؤُمَّ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ سَالِمٌ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْأَحْدَاثَ إذَا عُفِيَ عَنْهَا فِي حَقِّ صَاحِبِهَا لَا يُعْفَى عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى هَذَا الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ارْتِبَاطٌ صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْهَا فِي حَقِّ صَاحِبِهَا عُفِيَ عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي إمَامَةِ صَاحِبِهَا بِغَيْرِهِ وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِهِ بِثَوْبِهِ فَاقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ قَائِلًا إنَّمَا عُفِيَ عَنْ النَّجَاسَةِ لِلْمَعْذُورِ خَاصَّةً فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ ثُمَّ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةَ بِالصَّحِيحِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ فِي التَّوْضِيحِ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِإِمَامَةِ الصَّحِيحِ ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالصَّحِيحِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِي التَّقْيِيدِ وَأَطْلَقَا وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَقَدْ أَقَرَّا كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ اهـ طفى. (قَوْلُهُ أَيْ كَرِهَهُ أَقَلُّ الْقَوْمِ) أَيْ لِتَلَبُّسِهِ بِالْأُمُورِ الْمُزْرِيَةِ الْمُوجِبَةِ لِلزُّهْدِ فِيهِ وَالْكَرَاهَةِ لَهُ أَوْ لِتَسَاهُلِهِ فِي تَرْكِ السُّنَنِ كَالْوِتْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَتَرْكِ النَّوَافِلِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ) أَيْ لِمَا وَرَدَ مِنْ لَعْنِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ لَأَنْ تُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا رَاتِبًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ بِهِ الْفَاحِشَةُ) أَيْ لِعِلَّةٍ فِي دُبُرِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُنَافَاةَ إنَّمَا تَحْصُلُ إذَا فَسَّرَ الْمَأْبُونَ بِمَنْ يُفْعَلُ بِهِ الْفَاحِشَةُ وَلَمْ يَتُبْ. (قَوْلُهُ وَتَرَتُّبُ وَلَدِ زِنًا) أَيْ وَأَمَّا إمَامَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَرَتُّبٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ وَالنَّقْلُ أَنَّ كَرَاهَةَ الْمَجْهُولِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الدِّينِ أَوْ النَّسَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَجْهُولُ الْأَبِ كَوَلَدِ الزِّنَا إنَّمَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ إنْ كَانَ رَاتِبًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن الْمُرَادُ بِمَجْهُولِ الْأَبِ اللَّقِيطُ لَا الطَّارِئُ لِأَنَّ النَّاسَ مُؤْتَمَنُونَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ. (قَوْلُهُ وَعَبْدٌ) أَيْ وَتَرَتُّبُ عَبْدٍ فِي فَرْضٍ وَإِنَّمَا تَرَتُّبُهُ لِلْإِمَامَةِ فِي النَّوَافِلِ أَوْ جَعْلُهُ إمَامًا غَيْرَ رَاتِبٍ فِي الْفَرَائِضِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا إمَامَتُهُ فِيهَا فَلَا تَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ رَاتِبًا أَوْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ إمَامَةَ الْعَبْدِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ جَائِزَةٍ وَمَكْرُوهَةٍ وَمَمْنُوعَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا فِي النَّوَافِلِ وَإِمَامًا غَيْرَ رَاتِبٍ

[مكروهات صلاة الجماعة]

رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي بَعْضِهَا وَمِثْلُ الْفَرْضِ السُّنَنُ كَعِيدٍ (وَ) كُرِهَتْ لِلْجَمَاعَةِ (صَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ) أَيْ الْأَعْمِدَةِ (أَوْ) صَلَاةٌ (أَمَامَ) أَيْ قُدَّامَ (الْإِمَامِ) أَوْ بِمُحَاذَاتِهِ (بِلَا ضَرُورَةٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (وَ) كُرِهَ (اقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ الْإِمَامِ وَقَدْ تَدُورُ فَيَخْتَلُّ عَلَيْهِمْ أَمْرُ صَلَاتِهِمْ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (كَأَبِي قُبَيْسٍ) اسْمُ جَبَلٍ مِنْ شَرْقِيَّةِ الْحَرَمِ أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ) وَأَوْلَى خَلْفَهُنَّ (وَبِالْعَكْسِ) صَلَاةُ امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ لَا خَلْفَهُمْ (وَ) كُرِهَ (إمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ) يُلْقِيهِ عَلَى كَتِفَيْهِ. (وَ) كُرِهَ (تَنَفُّلُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (بِمِحْرَابِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْفَرَائِضِ وَكُرِهَ أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا فِي الْفَرَائِضِ وَكَذَا فِي السُّنَنِ كَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَإِنْ أَمَّ فِي ذَلِكَ أَجْزَأَتْ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْإِعَادَةِ وَيُمْنَعُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ رَاتِبًا أَوْ غَيْرَ رَاتِبٍ وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ تَرَتُّبِهِ فِي الْفَرْضِ وَلَوْ كَانَ أَصْلَحَ الْقَوْمِ وَأَعْلَمَهُمْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِجَوَازِ تَرَتُّبِهِ فِي الْفَرَائِضِ كَالنَّوَافِلِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ أَصْلَحَهُمْ فَلَا يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتِّ) أَيْ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَرَتُّبُ خَصِيٍّ وَمَأْبُونٍ وَأَغْلَفَ وَوَلَدِ زِنَا وَمَجْهُولِ حَالٍ وَعَبْدٍ. (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي بَعْضِهَا) أَيْ وَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ وَالْأَغْلَفِ (تَنْبِيهٌ) الْأَصْلُ فِيمَا كُرِهَ لِلشَّخْصِ فِعْلُهُ أَنْ يُكْرَهَ لِغَيْرِهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَالْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُقْتَدِي وَالْمُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ الْمُتَرَتِّبُ مِمَّنْ ذُكِرَ قَالَهُ شَيْخُنَا [مَكْرُوهَات صَلَاة الْجَمَاعَة] (قَوْلُهُ وَصَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ) لِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ مُعَدٌّ لِوَضْعِ النِّعَالِ وَهِيَ لَا تَخْلُو غَالِبًا مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ وَمَحَلُّهُمْ يَنْبَغِي التَّبَاعُدُ عَنْهُ فَقَدْ «ارْتَحَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ الْوَادِي الَّذِي نَامُوا فِيهِ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَقَالَ إنَّ بِهِ شَيْطَانًا» . (قَوْلُهُ أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ) أَيْ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْجَمِيعَ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الرُّتْبَةِ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ لَا تَبْطُلُ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ وُقُوفَ الْمَأْمُومِ أَمَامَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةِ مُبْطِلٍ لِصَلَاتِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ جَمِيعُ الْمَأْمُومِينَ عَلَيْهِ تَبْطُلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَلَا بُطْلَانَ كَذَلِكَ ضَعِيفٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ فِي السَّفِينَةِ أَسْفَلَ وَهُمْ فَوْقٌ أَجْزَأَهُمْ إنْ كَانَ إمَامُهُمْ قُدَّامَهُمْ مَا نَصَّهُ مَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قُدَّامَهُمْ لَمْ يُجْزِئْهُمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مُجْزِئَةٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قُدَّامَهُمْ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى إذَا كَانَ قُدَّامَهُمْ يُجْزِئُهُمْ بِلَا كَرَاهَةٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْأَسَاطِينِ وَمَا بَعْدَهَا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِمَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ وَهُوَ اقْتِدَاءُ مَنْ بِأَعْلَى السَّفِينَةِ بِمَنْ أَسْفَلِهَا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَذَلِكَ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ الْإِمَامِ وَسُهُولَةِ ضَبْطِ أَفْعَالِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَيْ لِبُعْدِ أَبِي قُبَيْسٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَيَعْسُرُ عَلَى الْمَأْمُومِ ضَبْطُ أَفْعَالِ الْإِمَامِ وَانْتِقَالَاتِهِ فَإِنْ قُلْت صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ بِأَبِي قُبَيْسٍ مُشْكِلَةٌ لِأَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُسَامَتَةُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ كَمَا مَرَّ وَمَنْ كَانَ بِأَبِي قُبَيْسٍ لَا يَكُونُ مُسَامِتًا لَهَا لِارْتِفَاعِهِ عَنْهَا قُلْت صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ بِأَبِي قُبَيْسٍ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ بِمَكَّةَ اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا وَهُوَ مِنْ الْأَرْضِ لِلسَّمَاءِ أَوْ يُقَالُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ كَانَ بِأَبِي قُبَيْسٍ وَنَحْوِهِ أَنْ يُلَاحِظَ أَنَّهُ مُسَامِتٌ لِلْبِنَاءِ وَقَوْلُهُمْ الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ بِمَكَّةَ مُسَامَتَةُ الْعَيْنِ أَيْ وَلَوْ بِالْمُلَاحَظَةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ. (قَوْلُهُ بَيْنَ نِسَاءٍ) أَيْ بَيْنَ صُفُوفِ النِّسَاءِ وَكَذَا مُحَاذَاتُهُ لَهُنَّ بِأَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ عَنْ يَمِينِهِ وَأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ وَقَوْلُهُ بَيْنَ رِجَالٍ أَيْ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَكَذَا مُحَاذَاتُهَا لَهُمْ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَرْأَةَ الْمُحْرِمَ لِمَنْ تُصَلِّي مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ بِلَا رِدَاءٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ أَكْتَافُهُ مَسْتُورَةً بِثَوْبٍ لَابِسٍ لَهُ وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ تَرْكُ الرِّدَاءِ إذَا كَانَ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمِثْلُ الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ فِيمَا ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَسَفَرٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ) وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ تَنَفُّلُهُ بِمَوْضِعِ فَرِيضَتِهِ كَذَا فِي ح نَقْلًا عَنْ الْمَدْخَلِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَتَنَفَّلُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِهِ وَلْيَقُمْ عَنْهُ بِخِلَافِ الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ فَلَهُمَا ذَلِكَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَكَذَا جُلُوسُهُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ) أَيْ لِئَلَّا يُوهِمَ الْغَيْرَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَرُبَّمَا يَقْتَدِي بِهِ تَنْبِيهٌ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِمَامَ يَقِفُ فِي الْمِحْرَابِ حَالَ صَلَاتِهِ الْفَرِيضَةَ كَيْفَ اتَّفَقَ وَقِيلَ أَنَّهُ يَقِفُ خَارِجَهُ

أَيْ الْمَسْجِدِ وَكَذَا جُلُوسُهُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِتَغْيِيرِ هَيْئَتِهِ لِخَبَرِ «كَانَ إذَا صَلَّى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ» (وَ) كُرِهَ (إعَادَةُ) أَيْ صَلَاةٍ (جَمَاعَةٍ بَعْدَ) صَلَاةِ الْإِمَامِ (الرَّاتِبِ) لِلْمَسْجِدِ وَكَذَا قَبْلَهُ وَحَرُمَ مَعَهُ وَلَوْ رَاتِبًا فِي الْبَعْضِ وَفَعَلَ ذَلِكَ فِيمَا هُوَ رَاتِبٌ فِيهِ فَقَطْ هَذَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ الرَّاتِبُ بِالْجَمْعِ بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ وَلَهُ) هُوَ (الْجَمْعُ إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ) بِغَيْرِ إذْنِهِ (إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ) عَنْ عَادَتِهِ (كَثِيرًا) فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ مَكَانَهُ أَوْ أَخَّرَ عَنْ عَادَتِهِ تَأْخِيرًا كَثِيرًا يَضُرُّ بِالْمُصَلِّينَ فَجَمَعُوا كُرِهَ لَهُ الْجَمْعُ حِينَئِذٍ (وَ) إنْ وَجَدُوا الرَّاتِبَ قَدْ صَلَّى وَقُلْنَا بِعَدَمِ جَمْعِهِمْ بَعْدَهُ (خَرَجُوا) نَدْبًا لِيَجْمَعُوا خَارِجَهُ أَوْ مَعَ رَاتِبٍ آخَرَ وَلَا يُصَلُّونَ فِيهِ أَفْذَاذًا لِفَوَاتِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ (إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) فَلَا يَخْرُجُونَ إلَّا إذَا وَجَدُوا إمَامَهَا قَدْ صَلَّى وَإِذَا لَمْ يَخْرُجُوا (فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا) . لِفَضْلِ فَذِّهَا عَلَى جَمَاعَةِ غَيْرِهَا وَهَذَا (إنْ دَخَلُوهَا) فَوَجَدُوا الرَّاتِبَ قَدْ صَلَّى وَأَمَّا إنْ عَلِمُوا بِصَلَاتِهِ قَبْلَ دُخُولِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُجْمَعُونَ خَارِجَهَا وَلَا يَدْخُلُونَهَا لِيُصَلُّوا أَفْذَاذًا (وَ) كُرِهَ (قَتْلُ كَبُرْغُوثٍ) أَوْ قَمْلَةٍ أَوْ بَقٍّ أَوْ ذُبَابٍ (بِمَسْجِدٍ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ رَحْمَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَسْجُدُ فِيهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ أَيْ بِالْمَسْجِدِ) الْأَوْلَى جَعْلُ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لِلْإِمَامِ كَمَا فِي شب أَيْ فَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِ الْإِمَامِ أَيْ بِمَوْضِعِ صَلَاتِهِ كَانَ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ إعَادَةُ جَمَاعَةٍ) أَيْ وَلَوْ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ صَحْنَهُ مِثْلُهُ وَكَرَاهَةُ الْجَمْعِ قَبْلَ الرَّاتِبِ وَبَعْدَهُ لَا يُنَافِي حُصُولَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ جَمَعَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ بَلْ حُرْمَةُ الْجَمْعِ مَعَهُ لَا تُنَافِي حُصُولَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ جَمَعَ مَعَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَلَا تَرَى الصَّلَاةَ جَمَاعَةً فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ أَيْ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ) سَمَّى صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الرَّوَاتِبِ إعَادَةً بِالنَّظَرِ لِفِعْلِ الْإِمَامِ السَّابِقِ عَلَى فِعْلِهِمْ. (قَوْلُهُ بَعْدَ الرَّاتِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاتِبُ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَزَمَ بِالْكَرَاهَةِ تَبَعًا لِلرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ وَعَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْمَنْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تُجْمَعُ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ إلَّا مَسْجِدًا لَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ وَنَسَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَوَازَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا صَلَّى الرَّاتِبُ فِي وَقْتِهِ الْمَعْلُومِ فَلَوْ قَدَّمَ عَنْ وَقْتِهِ وَأَتَتْ الْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُمْ يُعِيدُونَ فِيهِ جَمَاعَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ رَاتِبًا فِي الْبَعْضِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ كَمَا فِي مَسْجِدِ الْمُؤَيِّدِ بِمِصْرَ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ الَّتِي رَتَّبَ فِيهَا الْوَاقِفُ أَرْبَعَةَ أَئِمَّةٍ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كُلُّ وَاحِدٍ يُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ وَحَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمْ الصَّلَاةَ مَعَ صَلَاةِ الْآخَرِ فَهَذَا لَا نِزَاعَ فِي حُرْمَتِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي فِي مَوْضِعِهِ فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ كَذَلِكَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالْكَرَاهَةِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالْجَوَازِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَوَاضِعَهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ خُصُوصًا وَقَدْ قَرَّرَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالْمَنْعِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ الْأَئِمَّةُ أَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّوَاتِبِ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهَا جَاءَهُ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ فَأَرَادُوا إقَامَةَ تِلْكَ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَأَمَّا حُضُورُ جَمَاعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَامُ الصَّلَاةُ فَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ فَيُصَلِّي وَأُولَئِكَ عُكُوفٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ تَارِكُونَ إقَامَةَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ مُتَشَاغِلُونَ بِالنَّوَافِلِ أَوْ الْحَدِيثِ حَتَّى انْقَضَتْ صَلَاةُ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَبْقَى الْجَمَاعَةُ الْآخَرُونَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فَالْأَئِمَّةُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ اُنْظُرْ بْن وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ اعْتَمَدَهُ عبق وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَارِحُنَا كَذَلِكَ قَالَ فِي المج وَإِذَا تَمَّ إلْحَاقُ الْبِقَاعِ بِالْمَسَاجِدِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُكْثُ فِي بُقْعَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِإِقَامَةِ إمَامِ غَيْرِهَا مِنْ الْبُقَعِ. (قَوْلُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ الرَّاتِبُ) أَيْ لِغَيْرِهِ بِالْجَمْعِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ أَنْ جَمَعَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي جَمَعَ بِهِمْ مِنْ عَادَتِهِ النِّيَابَةُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَمَنْ كَانَ شَأْنُهُ يُصَلِّي إذَا غَابَ إمَامُهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْمُعْتَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ هَذِهِ مُسَابَقَةٌ وَتَعَدٍّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ لِيَجْمَعُوا خَارِجَهُ أَوْ مَعَ رَاتِبٍ آخَرَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً فِي غَيْرِهِ إمَّا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ ثُمَّ إنَّ النَّدْبَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ خَارِجَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ وَلَوْ فِيهِ. (قَوْلُهُ إنْ دَخَلُوهَا) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُفِيدُهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَأَنَّهُمْ مُطَالَبُونَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا أَفْذَاذًا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ عَلِمُوا بِصَلَاتِهِ قَبْلَ دُخُولِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُجْمَعُونَ خَارِجَهَا وَلَا يَدْخُلُونَهَا) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُمْ الْجَمْعُ بِغَيْرِهَا وَإِلَّا دَخَلُوهَا وَصَلَّوْا بِهَا أَفْذَاذًا فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلُوهَا تَفْصِيلٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَدْخُلُوهَا إنْ أَمْكَنَهُمْ الْجَمْعُ بِغَيْرِهَا لَمْ يُطَالَبُوا بِدُخُولِهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ الْجَمْعُ بِغَيْرِهَا طُولِبُوا بِدُخُولِهَا وَالصَّلَاةِ فِيهَا أَفْذَاذًا (قَوْلُهُ وَقَتْلُ كَبُرْغُوثٍ بِمَسْجِدٍ) أَيْ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ وَقَوْلُ خش مَا عَدَا الْقَمْلَةَ يُوهِمُ حُرْمَةَ قَتْلِهَا فِي الصَّلَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ أَكْرَهَ قَتْلَ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلَةِ فِي

وَلِلْقَوْلِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ لِنَجَاسَةِ مَا ذُكِرَ (وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا) أَيْ الْقَمْلَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ الْكَافِ (خَارِجَهُ) حَيَّةً (وَاسْتُشْكِلَ) لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْذِيبِ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَصِيرُ عَقْرَبًا وَمَفْهُومُ خَارِجِهِ كَرَاهَةُ طَرْحِهَا فِيهِ حَيَّةً قَالَ فِيهَا وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ وَلْيَصُرَّهَا انْتَهَى أَيْ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ ثُمَّ يَقْتُلُهَا خَارِجَهُ وَطَرْحُهَا فِيهِ بَعْدَ قَتْلِهَا الْمَكْرُوهِ حَرَامٌ وَقِيلَ يَحْرُمُ طَرْحُهَا حَيَّةً بِمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ (وَجَازَ) بِمَرْجُوحِيَّةٍ (اقْتِدَاءٌ بِأَعْمَى) إذْ إمَامَةُ الْبَصِيرِ الْمُسَاوِي فِي الْفَضْلِ لِلْأَعْمَى أَفْضَلُ (وَ) اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مُخَالِفٍ فِي الْفُرُوعِ) الظَّنِّيَّةِ كَشَافِعِيٍّ وَحَنَفِيٍّ وَلَوْ أَتَى بِمُنَافٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ أَوْ مَسِّ ذَكَرٍ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَالتَّعْوِيلُ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَمَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ فَلَا تَصِحُّ خَلْفَ مُعِيدٍ وَلَا مُتَنَفِّلٍ وَلَا مُفْتَرِضٍ بِغَيْرِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ. (وَ) اقْتِدَاءُ سَالِمٍ بِإِمَامٍ (أَلْكَنَ) وَهُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إخْرَاجَ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا لِعُجْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحُرُوفِ أَلْبَتَّةَ أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُغَيَّرًا كَأَنْ يَجْعَلَ اللَّامَ ثَاءً مُثَلَّثَةً أَوْ تَاءً مُثَنَّاةً أَوْ يَجْعَلَ الرَّاءَ لَامًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (وَ) اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مَحْدُودٍ) بِالْفِعْلِ فِي نَحْوَ شُرْبٍ (وَعِنِّينٍ) وَهُوَ مَنْ لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ أَوْ مَنْ لَهُ ذَكَرٌ صَغِيرٌ لَا يَتَأَتَّى بِهِ جِمَاعٌ. (وَمُجَذَّمٍ) أَيْ قَامَ بِهِ دَاءُ الْجُذَامِ (إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ) جُذَامُهُ بِأَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ (فَلْيُنَحَّ) وُجُوبًا عَنْ الْإِمَامَةِ وَكَذَا عَنْ الْجَمَاعَةِ (وَ) جَازَ اقْتِدَاءُ (صَبِيٍّ بِمِثْلِهِ) لَا بَالِغٍ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) جَازَ (عَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ) مَنْ عَلَى (يَسَارِهِ بِمَنْ حَذْوَهُ) أَيْ خَلْفَهُ رَاجِعٌ لَهُمَا وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ غَيْرُ مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةِ ابْنُ رُشْدٍ وَقَتْلُ الْبُرْغُوثِ أَخَفُّ عِنْدَهُ وَمُقَارَنَتُهَا مَعَ الْبُرْغُوثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قَتْلَ الْقَمْلِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ نَعَمْ قَتْلُ الْقَمْلِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا إنْ كَثُرَ بِأَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَقَدْ سَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلِلْقَوْلِ) أَيْ وَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ طَرْحُهَا حَيَّةً إلَخْ) أَيْ فَالْحَاصِلُ أَنَّ طَرْحَهَا حَيَّةً خَارِجَ الْمَسْجِدِ قِيلَ بِجَوَازِهِ وَقِيلَ بِحُرْمَتِهِ وَأَمَّا طَرْحُهَا حَيَّةً فِي الْمَسْجِدِ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ وَقِيلَ بِحُرْمَتِهِ وَقَتْلُهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ وَرَمْيُ قِشْرِهَا فِيهِ حَرَامٌ لِنَجَاسَتِهِ وَأَمَّا الْبُرْغُوثُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْبَقِّ وَالذُّبَابِ يَجُوزُ طَرْحُهُ حَيًّا فِي الْمَسْجِدِ وَخَارِجِهِ وَيُكْرَهُ قَتْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ رَمْيُ قِشْرِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْفِيشِ بِالطَّاهِرِ وَتَعْفِيشُ الْمَسْجِدِ بِالْيَابِسِ الطَّاهِرِ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ تَعْفِيشِهِ بِالْيَابِسِ النَّجَسِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ كَتَقْذِيرِهِ بِالْمَائِعِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا (قَوْلُهُ أَفْضَلُ) أَيْ لِأَنَّهُ أَشَدُّ تَحَفُّظًا مِنْ النَّجَاسَاتِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّ إمَامَةَ الْأَعْمَى الْمُسَاوِي الْفَضْلَ لِلْبَصِيرِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَخْشَعُ لِبُعْدِهِ عَنْ الِاشْتِغَالِ وَقِيلَ إنَّهُمَا سِيَّانِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى بِمُنَافٍ) أَيْ وَلَوْ أَتَى فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ الْمُخَالِفُ فِي الْفُرُوعِ بِمُنَافٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَيْ بِمُنَافٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ عَلَى مَذْهَبِ ذَلِكَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا) أَيْ خَارِجًا عَنْ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا مَا كَانَ رُكْنًا دَاخِلًا فِي مَاهِيَّتِهَا فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ مِثْلَ شَرْطِ الِاقْتِدَاءِ فَلَوْ اقْتَدَى مَالِكِيٌّ بِحَنَفِيٍّ لَا يَرَى رُكْنِيَّةَ السَّلَامِ وَلَا الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ أَتَى بِهِمَا صَحَّتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ الْمَالِكِيِّ وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْحَنَفِيُّ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَجْنَبِيٍّ كَانَتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ الْمَالِكِيِّ بَاطِلَةً وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَأْمُومُ الْمَذْكُورُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي ح عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ عَلِمْت أَنَّ رَجُلًا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ نَقَلَهُ مِنْ الذَّخِيرَةِ. (قَوْلُهُ وَمَا كَانَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْمَأْمُومِ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ صَلَاةِ مَالِكِيٍّ الظُّهْرَ خَلْفَ شَافِعِيٍّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ لِاتِّحَادِ عَيْنِ الصَّلَاةِ وَالْمَأْمُومُ يَرَاهَا أَدَاءً كَمَا فِي كَبِيرِ خش. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إخْرَاجَ بَعْضِ الْحُرُوفِ) أَيْ لِعَجْزِهِ طَبْعًا عَنْ التَّعَلُّمِ وَمَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ فِيمَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّعَلُّمِ وَعُمْدَةُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْجَوَازِ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ إجَازَةَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَحَكَى فِي الْجَلَّابِ أَيْضًا الْجَوَازَ وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَوَازَ فِي قَلِيلِ اللُّكْنَةِ وَالْكَرَاهَةَ فِي بَيِّنِهَا وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَلْكَنِ لَا يُعِيدُ مَأْمُومُهُ اتِّفَاقًا وَتُكْرَهُ إمَامَتُهُ مَعَ وُجُودِ مَرْضِيٍّ غَيْرِهِ لَكِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَدْ صَدَّرَ بِالْجَوَازِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجْحَانِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَمَحْدُودٌ بِالْفِعْلِ) أَيْ إنْ حَسُنَتْ حَالَتُهُ وَتَابَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ زَوَاجِرُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا جَوَابِرُ فَيَكْفِي الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَهُوَ لَا يَتَضَمَّنُ التَّوْبَةَ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ عَدَمِ الْعَزْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعُودُ وَمَعَ عَدَمِ النَّدَمِ عَلَى مَا فَعَلَهُ وَمَفْهُومُ مَحْدُودٍ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْحَدِّ وَلَمْ يُحَدَّ بِالْفِعْلِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِعَفْوٍ فِي حَقِّ مَخْلُوقٍ أَوْ بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا وَتَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي حِرَابَةٍ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ حَسُنَتْ حَالَتُهُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ) أَيْ بِرَائِحَتِهِ. (قَوْلُهُ فَلْيُنَحَّ وُجُوبًا عَنْ الْإِمَامَةِ) وَكَذَا عَنْ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ أَبَى أُجْبِرَ عَلَى التَّنْحِيَةِ (قَوْلُهُ لَا بَالِغٍ) أَيْ لَا اقْتِدَاءُ بَالِغٍ بِهِ أَيْ بِالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ) أَيْ مَنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ مَنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ لَا الْمُلَاصِقِ لِيَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فَقَطْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَفَتْ طَائِفَةٌ خَلْفَ الْإِمَامِ ثُمَّ جَاءَتْ طَائِفَةٌ فَوَقَفَتْ جِهَةَ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ جِهَةَ يَسَارِهِ وَلَمْ تَلْتَصِقْ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ) أَيْ فَيَجُوزُ

إذْ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْطِيعِ الصُّفُوفِ (وَ) جَازَ (صَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ) إنْ تَعَسَّرَ عَلَيْهِ الدُّخُولُ فِيهِ وَإِلَّا كُرِهَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا (وَلَا يَجْذِبُ) الْمُنْفَرِدُ خَلْفَ الصَّفِّ (أَحَدًا) مِنْ الصَّفِّ وَلَا يُطِيعُهُ الْمَجْذُوبُ (وَهُوَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَذْبِ وَالْإِطَاعَةِ (خَطَأٌ مِنْهُمَا) أَيْ مَكْرُوهٌ (وَ) جَازَ (إسْرَاعٌ) فِي الْمَشْيِ (لَهَا) أَيْ لِلصَّلَاةِ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ (بِلَا خَبَبٍ) أَيْ هَرْوَلَةٍ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ فَيُكْرَهُ الْخَبَبُ وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ إدْرَاكِهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ فَيَجِبُ (وَ) جَازَ (قَتْلُ عَقْرَبٍ) إرَادَته أَمْ لَا (أَوْ فَأْرٍ بِمَسْجِدٍ) لِإِذَايَتِهِمَا وَلَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ (وَ) جَازَ (إحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ شَأْنُهُ (لَا يَعْبَثُ وَيُكَفُّ إذَا نُهِيَ) عَنْهُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِمَنْعِ الْخُلُوِّ فَأَحَدُهُمَا كَافٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ انْتَفَيَا حَرُمَ. (وَ) جَازَ وَلَوْ بِصَلَاةٍ (بَصْقٌ) أَوْ تَنَخُّمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْضًا عَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ بِمِنْ خَلْفَهُ وَكَذَا يَجُوزُ عَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ بِمَنْ عَلَى جِهَةِ يَسَارِهِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا كُلِّهِ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ إذْ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ عَدَمِ الْإِلْصَاقِ. (قَوْلُهُ مِنْ تَقْطِيعِ الصُّفُوفِ) الْأَوْلَى الصَّفُّ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ أَلْ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ لِتَعَسُّرِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فِيهِ أَوْ لَا وَأَمَّا فَضِيلَةُ الصَّفِّ فَلَا تَحْصُلُ لَهُ إلَّا إذَا صَلَّى خَلْفَهُ لِعَدَمِ فُرْجَةٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجْذِبُ إلَخْ) نَصَّ فِي الْقَامُوسِ عَلَى أَنَّ جَذَبَ لَيْسَ مَقْلُوبُ جَبَذَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنَاءَيْنِ كَامِلُ التَّصْرِيفِ وَالْقَلْبُ لَا يَكُونُ فِي كَامِلِ التَّصْرِيفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِلَا خَبَبٍ) أَيْ بَلْ بِسَكِينَةٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ إدْرَاكِهَا أَيْ الْجَمَاعَةِ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ وَقَتْلُ عَقْرَبٍ أَوْ فَأْرٍ بِمَسْجِدٍ) أَيْ مَعَ التَّحَفُّظِ مِنْ تَقْذِيرِهِ وَتَعْفِيشِهِ مَا أَمْكَنَ. (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ) أَيْ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِقَتْلِ مَا ذُكِرَ فِيهَا سَوَاءٌ أَرَادَهُ أَمْ لَا (قَوْله وَيُكَفُّ إلَخْ) أَيْ أَوْ يَعْبَثُ وَلَكِنَّهُ يُكَفُّ عَنْ الْعَبَثِ إذَا نُهِيَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ فَأَحَدُهُمَا كَافٍ) أَيْ فِي الْجَوَازِ فَإِذَا كَانَ لَا يَعْبَثُ أَصْلًا جَازَ إحْضَارُهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَعْبَثُ وَلَكِنْ كَانَ إذَا نُهِيَ عَنْ الْعَبَثِ يَكُفُّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ هُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَكَلَامُهُ يُفِيدُ تَوَقَّفَ الْجَوَازِ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا عَكْسَ مَا نَسَبَهُ لَهُ عبق وَنَصُّهُ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا يُجَنَّبُ الصَّبِيُّ الْمَسْجِدَ إذَا كَانَ يَعْبَثُ أَوْ لَا يُكَفُّ إذَا نُهِيَ انْتَهَى فَإِذَا كَانَ يُجَنَّبُ مَعَ أَحَدِهِمَا لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ إحْضَارُهُ إلَّا مَعَ فَقْدِهِمَا مَعًا بِأَنْ كَانَ لَا يَعْبَثُ أَصْلًا وَكَانَ عَلَى تَقْدِيرِهِ إذَا عَبِثَ يُكَفُّ عَنْهُ إذَا نُهِيَ وَنِسْبَةُ هَذَا الْقَوْلِ لِلْمُدَوَّنَةِ تُفِيدُ تَرْجِيحَهُ وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ عَلَى حَالِهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ فَإِنْ انْتَفَيَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ شَأْنُهُ الْعَبَثَ وَلَا يُكَفُّ عَنْهُ إذَا نُهَى عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَبَصْقٌ بِهِ) مُلَخَّصُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ لَا يَخْلُو الْمَسْجِدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُحَصَّبًا أَوْ مُبَلَّطًا فَالثَّانِي لَا يُبْصَقُ فِيهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي دَفْنِ الْبُصَاقِ فِيهِ وَالْأَوَّلُ إمَّا مُحَصَّرٌ أَوْ لَا فَالْأَوَّلُ يَبْصُقُ تَحْتَ حَصِيرِهِ لَا فَوْقَهُ وَإِنْ دَلَكَ وَالثَّانِي يَبْصُقُ فِيهِ ثُمَّ يُدْفَنُ الْبُصَاقُ فِي الْحَصْبَاءِ وَأَمَّا الْمُبَلَّطُ الْمُحَصَّرُ فَظَاهِرُ نَقْلِ الطِّخِّيخِيِّ عَنْ الْقَرَافِيِّ جَوَازُ الْبَصْقِ تَحْتَ حَصِيرِهِ أَيْضًا وَصَوَّبَهُ طفى وَأَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَاخْتَارَ غَيْرُهُمَا مَنْعَ الْبُصَاقِ فِيهِ أَيْ فِي الْمُبَلَّطِ مُحْصَرًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَرٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَصَّبًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْصَقَ فِيهِ بِحَالٍ وَإِنْ دَلَّكَهُ لِأَنَّ دَلْكَهُ لَا يُذْهِبُ أَثَرَهُ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ التَّنْبِيهَاتِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُطْلَبُ فِي الْبَصْقِ فِي الْمُحَصَّبِ تَرْتِيبٌ فِي الْجِهَاتِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَبْصُقُ أَوَّلًا عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ لِجِهَةِ الْيَمِينِ لِتَنْزِيهِ الْيَمِينِ وَجِهَتِهَا عَنْ الْأَقْذَارِ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَصَقَهُ عَلَى يَمِينِهِ لِكَوْنِ تِلْكَ الْجِهَةِ فِيهَا أَحَدٌ

مَخْطٍ فَيُكْرَهُ (بِهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ (إنْ حُصِبَ) أَيْ فُرِشَ بِالْحَصْبَاءِ (أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ) إنْ فُرِشَ الْمُحَصَّبَ وَمِثْلُهُ الْمُتَرَّبُ فِيمَا يَظْهَرُ بِالْحُصْرِ إنْ وَقَعَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا أَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ كَمُبَلَّطٍ وَفَوْقَ حَصِيرٍ وَحَائِطٍ وَكَتَأَذِّي الْغَيْرِ بِهِ (ثُمَّ) تَحْتَ (قَدَمِهِ) الْيَسَارِ أَوْ الْيَمِينِ وَمِثْلُهُ جِهَةُ يَسَارِهِ (ثُمَّ يَمِينَهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى تَحْتَ لَا عَلَى حَصِيرِهِ لِفَسَادِهِ إذْ الْمُرَادُ جِهَةُ يَمِينِهِ (ثُمَّ أَمَامَهُ) بِالنَّصْبِ كَذَلِكَ وَفَاتَهُ الْبَصْقُ بِطَرَفِ الثَّوْبِ كَمَا فَاتَهُ بِجِهَةِ الْيَسَارِ وَهَذَا التَّرْتِيبُ فِي الْمُصَلِّي إذْ لَا وَجْهَ لَهُ فِي غَيْرِهِ فَالْأَحْسَنُ ذِكْرُ الْمَرْتَبَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُصَلِّي قَبْلُ ثُمَّ الْأَوْلَى إذْ لَيْسَ فِي الْمُحَصَّبِ مَرْتَبَةٌ قَبْلَ الْقَدَمِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَصْقِ خِلَالَ الْحَصْبَاءِ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي بَلْ الَّتِي قَبْلَهَا مَرْتَبَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْبَصْقُ فِي الثَّوْبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِصَلَاةٍ وَغَيْرِهَا بَصْقٌ بِمُحَصَّبٍ فَقَطْ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ كَمَا يَجُوزُ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ أَنْ يَبْصُقَ بِثَوْبِهِ ثُمَّ جِهَةَ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ثُمَّ جِهَةَ يَمِينِهِ ثُمَّ أَمَامَهُ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَسْجِدِ مُحَصَّبًا فَقَطْ إذْ الْمُبَلَّطُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ بِحَالٍ وَلَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ وَتَعَيُّنُ الثَّوْبِ أَوْ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَالْمُتَرَّبُ كَالْمُحَصَّبِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَ) جَازَ (خُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَثَلًا فَأَمَامَهُ لِتَنْزِيهِ الْقِبْلَةِ عَنْ الْقَذَرِ إلَّا لِضَرُورَةٍ لَكِنْ جَزَمَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ خَاصٌّ بِالصَّلَاةِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الْمُصَلِّي بِهِ وَقَرَّرَ الْمِسْنَاوِيُّ وَاخْتَارَ طفى مِثْلَ مَا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ هَذَا التَّرْتِيبَ يُطْلَبُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا قَالَ لِإِطْلَاقِ عِيَاضٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُؤَلِّفِ وَلِقَوْلِ الْأَبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنْ كَانَ النَّهْيُ تَعْظِيمًا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ فَيَعُمُّ غَيْرَ الصَّلَاةِ وَغَيْرَ الْمَسْجِدِ لَكِنْ يَتَأَكَّدُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ قَلَقٌ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ فِي غَيْرِ الْمُحَصَّبِ فَقَطْ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي الْمُحَصَّبِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُبَلَّطُ عَلَى مَا لِلطِّخِّيخِيِّ أَوْ فِي الْمُحَصَّبِ فَقَطْ عَلَى مَا لِغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ فَيَتَكَلَّفُ لَهُ بِتَقْدِيرِ مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ بَعْدَ حَصْبٍ أَيْ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ قَدَّمَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَطْفًا عَلَى حَصِيرِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْحَصِيرِ وَالْقَدَمِ إذْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ لَا نِسْبَةَ بَيْنَ إحْدَاهُمَا وَالْأُخْرَى كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَجَعَلَهُ ح عَطْفًا عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ فِي جِهَةِ يَسَارِهِ ثُمَّ قَدَّمَهُ قَالَ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ الْجِهَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّنْبِيهَاتِ فَلَمَّا ذَكَرَ مَا عَدَاهَا مَعْطُوفًا بِثُمَّ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْأُولَى وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ جِهَةِ الْيَسَارِ عَلَى جِهَةِ الْقَدَمِ مَعَ أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَغَيْرِهَا فَالصَّوَابُ إذَا حَذَفَ " ثُمَّ " الدَّاخِلَةَ عَلَى قَدَمِهِ بِأَنْ يَقُولَ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَكُونَ تَفْصِيلًا لِإِجْمَالِ قَوْلِ وَبَصَقَ بِهِ أَنَّ حَصَبَ لَا لَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُحْصَرِ وَيَكُونُ مَخْصُوصًا بِحَالَةِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لعج أَوْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لطفى وَغَيْرِهِ هَذَا مَا لَخَصَّهُ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن وَأَمَّا شَارِحُنَا فَجَعَلَ قَوْلَهُ ثُمَّ قَدَّمَهُ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ وَالْأَصْلُ وَبَصَقَ بِثَوْبٍ ثُمَّ قَدَّمَهُ وَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ عَامٌّ فِي الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي خَاصٌّ بِالْمُصَلِّي تَأَمَّلْ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ بَصَقَ بِمُحَصَّبٍ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ كَفَى طَرَفُ ثَوْبٍ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ثُمَّ يَمِينِهِ ثُمَّ أَمَامَهُ فِي مُحَصَّبٍ لَا حَصِيرَ بِهِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ لَا مَخْطٍ فَيُكْرَهُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْمَضْمَضَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْمَخْطِ وَالْمَضْمَضَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يُؤَدِّ لِلِاسْتِقْذَارِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا إذَا كَانَ يَتَأَذَّى بِهِمَا الْغَيْرُ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ إنْ وَقَعَ مَرَّةً إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ بَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِّبَ. (قَوْلُهُ كَمُبَلَّطٍ) أَيْ كَمَا لَا يَجُوزُ الْبَصْقُ فِي الْمُبَلَّطِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَفْرُوشًا بِحُصْرٍ أَوْ غَيْرَ مَفْرُوشٍ وَكَمَا لَا يَجُوزُ الْبَصْقُ فَوْقَ الْحَصِيرِ سَوَاءٌ جُعِلَ فُرُشًا لِمُحَصَّبٍ أَوْ مُبَلَّطٍ. (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّرْتِيبُ) أَيْ بَيْنَ طَرَفِ الثَّوْبِ وَجِهَةِ الْيَسَارِ وَالْقَدَمِ وَالْيَمِينِ وَالْأَمَامِ وَقَوْلُهُ إذْ لَيْسَ فِي الْمُحَصَّبِ مَرْتَبَةٌ إلَخْ أَيْ حَتَّى يَعْطِفَ عَلَيْهَا بِثُمَّ الْأُولَى وَقَوْلُهُ بَلْ الَّتِي قَبْلَهَا أَيْ قَبْلَ ثُمَّ الْأُولَى وَقَوْلُهُ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الْعَطْفُ بِثُمَّ الْأُولَى عَلَى مَا قَبْلَهَا وَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْعَطْفُ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لَا مُبَلَّطٍ وَأَمَّا الْمُتَرَّبُ فَكَالْمُحَصَّبِ (قَوْلُهُ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْصَرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ أَيْ إذَا كَانَ مُحْصَرًا (قَوْلُهُ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ) أَيْ فَهُوَ فِي مَرْتَبَةِ جِهَةِ الْيَسَارِ فَيُخَيَّرُ فِي الْبَصْقِ فِي أَيِّهِمَا (قَوْلُهُ وَجَازَ خُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ) أَيْ جَازَ جَوَازًا مَرْجُوحًا بِمَعْنَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ ابْنُ رُشْدٍ تَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي أَنَّ النِّسَاءَ أَرْبَعٌ عَجُوزٌ انْقَطَعَتْ حَاجَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا فَهَذِهِ كَالرَّجُلِ فَتَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرْضِ وَلِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ وَتَخْرُجُ لِلصَّحْرَاءِ لِلْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا وَمُتَجَالَّةٌ لَمْ تَنْقَطِعْ حَاجَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا بِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرَائِضِ وَمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا أَيْ يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ وَشَابَّةٌ غَيْرُ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ جَمَاعَةً وَفِي جِنَازَةِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلَا تَخْرُجُ لِعِيدٍ وَلَا اسْتِسْقَاءٍ وَلَا لِمَجَالِسِ ذِكْرٍ

لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا غَالِبًا (لِعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ) وَالْفَرْضُ أَوْلَى (وَ) جَازَ خُرُوجُ (شَابَّةٍ لِمَسْجِدٍ) لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ وَأَنْ لَا تَكُونَ مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ وَأَنْ تَخْرُجَ فِي خَشِنِ ثِيَابِهَا وَأَنْ لَا تُزَاحِمَ الرِّجَالَ وَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً مِنْ تَوَقُّعِ الْمَفْسَدَةِ وإلَّا حَرُمَ (وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ) أَيْ بِالْخُرُوجِ لِلْمَسْجِدِ إنْ طَلَبَتْهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَجَالَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ السَّمَاعِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لِزَوْجِهَا عَدَمَ مَنْعِهَا وَأَمَّا مَخْشِيَّةُ الْفِتْنَةِ فَيُقْضَى لَهُ بِمَنْعِهَا (وَ) جَازَ (اقْتِدَاءُ ذَوِي سُفُنٍ) مُتَقَارِبَةٍ وَلَوْ سَائِرَةً (بِإِمَامٍ) وَاحِدٍ يَسْمَعُونَ تَكْبِيرَهُ أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ أَوْ مَنْ يُسَمِّعُ عِنْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فِي الَّتِي تَلِي الْقِبْلَةَ (وَ) جَازَ (فَصْلُ مَأْمُومٍ) عَنْ إمَامِهِ (بِنَهْرٍ صَغِيرٍ) لَا يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الْإِمَامِ أَوْ مَأْمُومِهِ أَوْ رُؤْيَةِ فِعْلِ أَحَدِهِمَا (أَوْ طَرِيقٍ وَ) جَازَ (عُلُوُّ مَأْمُومٍ) عَلَى إمَامِهِ (وَلَوْ بِسَطْحٍ) فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ (لَا عَكْسُهُ) وَهُوَ عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ فَلَا يَجُوزُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ) أَيْ بِالْعُلُوِّ (الْكِبْرَ) وَاسْتَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عِلْمٍ وَشَابَّةٌ فَارِهَةٌ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ فَهَذِهِ الِاخْتِيَارُ لَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَخْرُجُ الْمُتَجَالَّةُ إنْ أَحَبَّتْ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ انْقَطَعَتْ حَاجَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ لَا أَرَبَ) أَيْ لَا حَاجَةَ. (قَوْلُهُ غَالِبًا) وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَاجَةٌ لِلرِّجَالِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ وَالْفَرْضُ أَوْلَى) أَيْ وَكَذَا لِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا. (قَوْلُهُ وَخُرُوجُ شَابَّةٍ) أَيْ غَيْرِ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ وَأَمَّا الْفَارِهَةُ لَا تَخْرُجُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَخْرُجُ لِعِيدٍ وَلَا لِاسْتِسْقَاءٍ وَلَا لِجُمُعَةٍ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الِازْدِحَامِ وَلَا لِمَجَالِس عِلْمٍ أَوْ ذِكْرٍ إنْ كَانَتْ مُنْعَزِلَةً عَنْ الرِّجَالِ وَخُرُوجُهَا لِمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ كَمَا فِي شب وَقَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَجَالَّةً) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى زَوْجِ الْمُتَجَالَّةِ بِالْخُرُوجِ إذَا طَلَبَتْهُ لِأَنَّ ضَمِيرَ زَوْجِهَا لِلشَّابَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّابَّةَ غَيْرُ مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ لَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِخُرُوجِهَا إذَا طَلَبَتْهُ وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ فَيُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِخُرُوجِهَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَظَاهِرُ السَّمَاعِ، وَالْأَبِيِّ وَعَدَمُ الْقَضَاءِ لَهَا بِهِ أَيْضًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ يَجْعَلُ الضَّمِيرَ لِلشَّابَّةِ أَوْ لِلْمَرْأَةِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِهِ وَلَوْ اُشْتُرِطَ لَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْوَفَاءَ لَهَا بِهِ كَمَا فِي السَّمَاعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَائِرَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً فِي الْمَرْسَى بَلْ وَلَوْ كَانَتْ سَائِرَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ طُرُوُّ مَا يُغْرِقُهَا مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً لَا إنْ كَانَتْ سَائِرَةً فَإِنْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ اسْتَخْلَفُوا وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا وُحْدَانًا فَإِنْ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا لِإِمَامِهِمْ وَإِلَّا بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا عَمِلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَلَا يَلْغُونَ مَا عَمِلُوا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا أَصْلًا أَوْ عَمِلُوا الْقِرَاءَةَ رَجَعُوا وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ عَمِلَ عَمَلًا جَرَى فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ وَأَمَّا إنْ عَمِلُوا عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْبُوقٍ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ فَقَامَ لِلْقَضَاءِ فَتَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ يُلْغِي مَا فَعَلَهُ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَفْرِيقَ السُّفُنِ ضَرُورِيٌّ فَإِذَا اعْتَدُّوا بِمَا فَعَلُوا بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّ مُفَارَقَتَهُ لِلْإِمَامِ نَاشِئَةٌ عَنْ نَوْعِ تَفْرِيطٍ وَمِثْلَ مَا إذَا عَمِلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا فِي أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ لِلْإِمَامِ مَا لَوْ اسْتَخْلَفُوا وَلَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا فَلَا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ إمَامَتِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ يُسَمِّعُ) أَيْ أَوْ يَسْمَعُونَ مَنْ يُسَمِّعُ النَّاسَ حَالَ كَوْنِهِ عِنْدَهُ فِي سَفِينَةٍ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْإِمَامُ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي تَلِي الْقِبْلَةَ (قَوْلُهُ لَا يُمْنَعُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلصَّغِيرِ وَأَمَّا الْفَصْلُ بِالنَّهْرِ الْكَبِيرِ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ وَمِنْ رُؤْيَةِ فِعْلِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ أَوْ طَرِيقٌ) أَيْ وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً وَإِنْ فَرَّقَتْ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إمَامِهِمْ. (قَوْلُهُ وَجَازَ عُلُوُّ مَأْمُومٍ عَلَى إمَامِهِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ يَضْبِطُ أَحْوَالَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَعَذُّرٍ فَلَا يَشْكُلُ بِكَرَاهَةِ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَبِي قُبَيْسٍ بِمَنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ضَبْطُ أَحْوَالِ إمَامِهِ فَلَوْ فَرَضَ التَّعَذُّرَ أَوْ عَدِمَهُ بِأَنْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فِيهِمَا اسْتَوَيَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِسَطْحٍ) رُدَّ بِلَوْ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ كَرِهَ ذَلِكَ وَبِأَوَّلِ قَوْلَيْهِ أَقُولُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْكِبْرَ بِتَقَدُّمِهِ وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعُلُوُّ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا وَظَاهِرُهُ أَيْضًا

مِنْ قَوْلِهِ لَا عَكْسُهُ قَوْلَهُ (إلَّا بِكَشِبْرٍ) أَوْ قَصْدِ تَعْلِيمٍ أَوْ ضَرُورَةٍ كَضِيقِ مَكَان أَوْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ صَلَّى رَجُلٌ بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا فِي مَكَان عَالٍ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي مَكَان أَسْفَلَ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَى ذَلِكَ. (وَهَلْ يَجُوزُ) عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَثِيرٍ (إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ) فِي الْمَكَانِ الْعَالِي (طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ) أَيْ مُمَاثَلَةٍ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِ فِي الْمَكَانِ السَّافِلِ فِي الشَّرَفِ وَالْمِقْدَارِ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ مَنْ مَعَهُ أَدْنَى رُتْبَةٍ مِنْ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِ فِي الْأَسْفَلِ أَوْ لَا يَجُوزُ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ (وَ) جَازَ (مُسَمِّعٌ) أَيْ اتِّخَاذُهُ وَنَصْبُهُ لِيُسَمِّعَ الْمَأْمُومِينَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ فَيَعْلَمُونَ فِعْلَ الْإِمَامِ (وَ) جَازَ (اقْتِدَاءٌ بِهِ) أَيْ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبِ سَمَاعِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ صَوْتَهُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمُسَمِّعِ (أَوْ) اقْتِدَاءٌ (بِرُؤْيَةٍ) لِلْإِمَامِ أَوْ لِمَأْمُومِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمَأْمُومُ (بِدَارٍ) وَالْإِمَامُ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمَّا ذَكَرَ شُرُوطَ الْإِمَامِ أَتْبَعَهَا بِشُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَالْمُسَاوَاةُ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ وَالْمُتَابَعَةُ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَقَالَ (وَشَرْطُ) صِحَّةِ (الِاقْتِدَاءِ) لِلْمَأْمُومِ بِإِمَامِهِ (نِيَّتُهُ) أَيْ نِيَّةُ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْكِبْرَ بِتَقَدُّمِهِ لِلْإِمَامَةِ أَوْ بِتَقَدُّمِ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ عَلَى بَعْضٍ أَوْ بِصَلَاةٍ عَلَى نَحْوِ سَجَّادَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ وَلَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا نَصَّ فِيهَا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الْبُطْلَانَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلِهِ لَا عَكْسَهُ) أَيْ خِلَافًا لِلطِّخِّيخِيِّ حَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ إلَّا بِكَشِبْرٍ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ لِمَا عَلِمْت مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ مَعَ قَصْدِهِ وَلَوْ بِالْعُلُوِّ الْيَسِيرِ هَذَا وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ عَنْ الْمَازِرِيِّ عَدَمُ بُطْلَانِهَا بِقَصْدِ الْكِبْرِ بِالْعُلُوِّ الْيَسِيرِ وَأَحْرَى إذَا كَانَ بِدُونِ عُلُوٍّ فَانْظُرْهُ اهـ بْن وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى كَبِيرِ عبق وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ إلَّا بِكَشِبْرٍ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ كَمَا قَالَ الطَّخِّيخِيُّ (قَوْلُهُ إلَّا بِكَشِبْرٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ يَسِيرًا بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْعُلُوُّ قَدْرَ شِبْرٍ أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ كَانَ عُلُوُّ الْإِمَامِ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ بِقَصْدِ تَعْلِيمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ كَانَ إلَخْ) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ تَرَدَّدَ أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ عُلُوِّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ كَثِيرًا سَوَاءٌ حَمَلَ الْكَرَاهَةَ أَوْ الْحُرْمَةَ هَلْ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي وَحْدَهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ مِنْ خَوَاصِّ النَّاسِ أَوْ مِنْ عُمُومِهِمْ أَوْ مَحَلِّ النَّهْيِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ أَوْ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ خَوَاصِّ النَّاسِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ عُمُومِ النَّاسِ أَوْ مِثْلَ غَيْرِهِمْ فِي الشَّرَفِ فَلَا مَنْعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ الْعَالِي مُعَدًّا لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ أَمَّا لَوْ كَانَ مُعَدًّا لَهُمَا وَكَسِلَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ فَصَلَّى أَسْفَلَ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا مَنْعَ اتِّفَاقًا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَجَازَ مُسَمِّعٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِتَكْبِيرِهِ وَتَحْمِيدِهِ مُجَرَّدَ إسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا إنْ قَصَدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَصَدَ الذِّكْرَ فَقَطْ أَوْ الذِّكْرَ وَالْإِعْلَامَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ فَبَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ اقْتِدَاءٌ بِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ مُحْدَثًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْمِعَ عَلَامَةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُسْمِعَ نَائِبٌ وَوَكِيلٌ عَنْ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّسْمِيعُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ شَرَائِطَ الْإِمَامِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي زَادَهَا سَيِّدِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي نَظْمِ إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِوَالِدِهِ فَقَالَ: هَلْ الْمُسَمِّعُ وَكِيلٌ أَوْ عَلَمْ ... عَلَى صَلَاةِ مَنْ تَقَدَّمَ فَأَمْ عَلَيْهِ تَسْمِيعُ صَبِيٍّ أَوْ مَرَّهْ ... أَوْ مُحْدِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْكَفَرَهْ اهـ بْن وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّقَانِيُّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَأَنَّ الْبَاءَ فِي بِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا أَنَّهَا صِلَةٌ لِلِاقْتِدَاءِ وَإِلَّا لَأَفَادَ غَيْرَ الْمُرَادِ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ لَا بِالْمُسْمِعِ. (قَوْلُهُ بِسَبَبِ سَمَاعِهِ) أَيْ سَمَاعِ الْمُسْمِعِ وَأَوْلَى سَمَاعُ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ أَوْ اقْتِدَاءً بِرُؤْيَةٍ) أَيْ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبِ رُؤْيَةٍ لَهُ أَوْ لِمَأْمُومِهِ فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَرَاتِبِ الِاقْتِدَاءِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ الِاقْتِدَاءُ بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ وَالِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبِ سَمَاعِ الْمُسْمِعِ أَوْ سَمَاعِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ وَمِمَّا يُلْغَزُ بِهِ هُنَا شَخْصٌ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَذًّا وَإِمَامًا لَا مَأْمُومًا وَهُوَ الْأَعْمَى الْأَصَمُّ. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِدَارٍ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَدِي فِي الْأَرْبَعِ بِدَارٍ وَالْإِمَامُ

[شروط الاقتداء بالإمام]

ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِهِ بَطَلَتْ لِعَدَمِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَمَحَطُّ الشَّرْطِيَّةِ قَوْلُنَا أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ (بِخِلَافِ الْإِمَامِ) فَلَيْسَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطًا فِي إمَامَتِهِ وَلَا فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ (وَلَوْ بِجِنَازَةٍ) إذْ لَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا شَرْطُ صِحَّةٍ بَلْ كَمَالٍ عَلَى التَّحْقِيقِ (إلَّا جُمُعَةً) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ صِحَّةٍ فِيهَا فَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لِانْفِرَادِهِ (وَجَمْعًا) لَيْلَةَ الْمَطَرِ فَقَطْ لِأَنَّهُ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَيْضًا وَتَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا إذْ هِيَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ بِخِلَافِ تَرْكِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُمَا وَإِنْ تَرَكَهَا فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ فَقَطْ (خَوْفًا) أُدِّيَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ الْآتِيَةِ مِنْ قَسْمِهِمْ طَائِفَتَيْنِ إذْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا بِجَمَاعَةٍ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى الطَّائِفَتَيْنِ (وَمُسْتَخْلِفًا) لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ النِّيَّتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ مَعَ كَوْنِهِ مَأْمُومًا فَنُبْطِلُ صَلَاتَهُ لِتَلَاعُبِهِ وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ بَطَلَتْ فِي الْحَالَيْنِ وَإِلَّا فَلَا. وَلَمَّا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي الْأَرْبَعِ السَّابِقَةِ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQخَارِجَهَا كَانَ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ أَمْ لَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا أَرَادَ مَنْ فِي الدَّارِ الَّتِي بِقُرْبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلُّوا بِصَلَاةِ الْمَسْجِدِ جَازَ ذَلِكَ إذَا كَانَ إمَامُ الْمَسْجِدِ فِي قِبْلَتِهِمْ يَسْمَعُونَهُ وَيَرَوْنَهُ وَيُكْرَهُ إذَا كَانَ بَعِيدًا يَرَوْنَهُ وَلَا يَسْمَعُونَهُ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ مَعَهُ عَلَى التَّخْمِينِ وَالتَّقْدِيرِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانُوا عَلَى قُرْبٍ يَسْمَعُونَهُ وَلَا يَرَوْنَهُ لِحَائِلٍ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا يَحْدُثُ عَلَيْهِ وَقَدْ يَذْهَبُ عَلَيْهِمْ عِلْمُ الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَإِنْ تَرَكَ جَمِيعَ ذَلِكَ مَضَتْ وَأَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ اهـ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَأَقَرَّهُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ هُنَا مُطْلَقُ الْإِذْنِ الشَّامِلِ لِلْكَرَاهَةِ اهـ بْن [شُرُوط الِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ] (قَوْلُهُ ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِهِ) أَيْ فِي ثَانِي رَكْعَةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ فَمَحَطُّ الشَّرْطِيَّةِ قَوْلُنَا أَوَّلَ صَلَاتِهِ) أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَتَحَقَّقُ خَارِجًا بِدُونِ النِّيَّةِ لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ خَارِجًا إلَّا بِهَا فَجَعْلُهَا شَرْطًا لَا يَصِحُّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ لَا عَلَى النِّيَّةِ فَلَوْ حَصَلَ تَأْخِيرُ النِّيَّةِ لِثَانِي رَكْعَةٍ حَصَلَ الِاقْتِدَاءُ وَلَكِنْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِفَقْدِ شَرْطِ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ الْأَوَّلِيَّةُ وَأَمَّا كَوْنُ النِّيَّةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا رُكْنًا أَوْ شَرْطًا فَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَلَيْسَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطًا إلَخْ) نَعَمْ لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ ثُمَّ رَفَضَهَا وَنَوَى الْفَذِّيَّةَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ لِتَلَاعُبِهِ وَلِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِجِنَازَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي جِنَازَةٍ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ كَمَالٌ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا مَنْدُوبَةٌ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا فُرَادَى أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ مُرَاعَاةً لِلْمُقَابِلِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِكَوْنِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا شَرْطُ صِحَّةٍ وَهُوَ الْمَرْدُودُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إلَّا جُمُعَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي فَتَقَدُّمُ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمْعِ وَالْخَوْفِ وَالِاسْتِخْلَافِ دَالٌّ عَلَيْهَا فَاشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْإِمَامِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ فِيهَا عَدَمُ نِيَّةِ الِانْفِرَادِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ صِحَّةٍ فِيهَا) أَيْ وَكُلُّ صَلَاةٍ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِيهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِمَامَةِ وَفِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِذَلِكَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ فِي الصَّلَاتَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْجَمْعَ لَا يُعْقَلُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّوْضِيحَ وح لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَكَرَا أَنَّ ابْنَ عَطَاءِ اللَّهِ تَرَدَّدَ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ هَلْ مَحَلُّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ أَوْ هُمَا فَلَعَلَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ اسْتِظْهَارٌ لعج وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَاسِبُ تَعْبِيرَهُ بِالْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ) أَيْ لِظُهُورِ أَثَرِ الْجَمْعِ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَتَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى فَقَطْ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ يُبْعِدُ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّ أَثَرَ الْجَمْعِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيهَا فَالصَّوَابُ أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ تَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى وَتُسْتَصْحَبُ لِلثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُمَا) أَمَّا الْأُولَى فَلِتَرْكِ النِّيَّةِ فِيهَا وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأُولَى وَقَدْ يُقَالُ بُطْلَانُ الثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا أَثَرُ الْجَمْعِ وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَقَدْ وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا فَلَا تَبْطُلُ تَأَمَّلْ وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن إنَّهُ إذَا تَرَكَ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ فِيهَا بَطَلَتْ الثَّانِيَةُ فَقَطْ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْفِقْهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يُعِيدُهَا قَبْلَ الشَّفَقِ عَلَى الظَّاهِرِ لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ بِالْأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ الَّتِي بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى الطَّائِفَتَيْنِ) الصَّوَابُ أَنَّهَا إنَّمَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّهَا فَارَقَتْ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ وَأَمَّا صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ فَصَحِيحَةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ عبق. (قَوْلُهُ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ النِّيَّتَيْنِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ. (قَوْلُهُ لِتَلَاعُبِهِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَهُ خَلِيفَةً يُنَافِي كَوْنَهُ مَأْمُومًا وَكَوْنَهُ مَأْمُومًا يُنَافِي كَوْنَهُ خَلِيفَةً وَنِيَّةُ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ تَلَاعُبٌ. (قَوْلُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ) أَعْنِي مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ سَوَاءٌ نَوَى أَنَّهُ خَلِيفَةٌ عَنْ الْإِمَامِ مَعَ كَوْنِهِ مَأْمُومًا أَوْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ

بِحَيْثُ تَنْعَدِمُ بِعَدَمِهِ وَكَانَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ يَنْعَدِمُ لِلْإِمَامِ بِعَدَمِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ صَحَّ تَشْبِيهُهَا بِهَا وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَقَالَ (كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ) فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ إلَّا بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ فَلَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ جَاءَ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِذَلِكَ لَحَصَلَ الْفَضْلُ لِمَأْمُومِهِ لَا لَهُ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (فِي) هَذَا الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ) وَهُوَ قَوْلُهُ كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ (خِلَافُ) قَوْلِ (الْأَكْثَرِ) وَأَنَّ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ يَحْصُلُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا وَرَجَّحَ (وَ) ثَانِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ (مُسَاوَاةٌ) مِنْ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ (فِي) عَيْنِ (الصَّلَاةِ) فَلَا تَصِحُّ ظُهْرًا خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُسَاوَاةُ بَطَلَتْ. (وَإِنْ) كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ (بِأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ) كَظُهْرٍ قَضَاءٍ خَلْفَ ظُهْرٍ أَدَاءً وَأَمَّا صَلَاةُ مَالِكِيٍّ الظُّهْرَ خَلْفَ شَافِعِيٍّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَصَحِيحَةٌ لِأَنَّهَا فِي الْوَاقِعِ إمَّا أَدَاءٌ وَإِمَّا قَضَاءٌ وَقَوْلُ الْمَالِكِيِّ أَدَاءٌ وَالشَّافِعِيِّ قَضَاءٌ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ (أَوْ بِظُهْرَيْنِ) مَثَلًا (مِنْ يَوْمَيْنِ) مُخْتَلِفَيْنِ كَظُهْرِ يَوْمِ السَّبْتِ الْمَاضِي خَلْفَ ظُهْرِ الْأَحَدِ فَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّحَادِ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ وَصِفَتِهَا وَزَمَنِهَا (إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ) كَضُحَى خَلْفَ صُبْحٍ بَعْدَ شَمْسٍ وَرَكْعَتَيْنِ خَلْفَ سَفَرِيَّةٍ أَوْ أَرْبَعٍ خَلْفَ حَضَرِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ (وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ) بِصَلَاةٍ (لِجَمَاعَةٍ) بِالنِّيَّةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ مَأْمُومًا لِفَوَاتِ مَحَلِّ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ فَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ فَلَوْ فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِالْفَاءِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَانَ أَظْهَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ تَنْعَدِمُ) أَيْ الصِّحَّةُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ بِعَدَمِهِ أَيْ بِعَدَمِ ذَلِكَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ صَحَّ تَشْبِيهُهَا) أَيْ مَسْأَلَةُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ بِالْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ بِجَامِعِ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ فِي كُلِّ شَرْطٍ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ شَرْطًا فِي حُصُولِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ أَوْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي إشَارَةً لِلْجَامِعِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ لَحَصَلَ الْفَضْلُ لِمَأْمُومِهِ لَا لَهُ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ أَيْضًا يُلْغَزُ وَيُقَالُ أَخْبَرَنِي عَنْ إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ وَحَصَلَ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَلَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَوْ عَبَّرَ بِالِاسْمِ لِأَنَّهُ اخْتَارَ قَوْلَ الْأَقَلِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَإِنَّ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ يَحْصُلُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَحْصُلُ لِلْمَأْمُومِ يَعْنِي عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ كَافِيَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى عَدَمُ نِيَّةِ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَةِ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيمَا إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا ثُمَّ جَاءَ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ فَلَمْ تُوجَدْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُسَاوَاةُ بَلْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ بَطَلَتْ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ فِي صِفَتِهَا كَالِاخْتِلَافِ بِأَدَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي زَمَنِهَا كَظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ هَكَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةً لِلْمَنْطُوقِ وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَقَضَاءً بِمَعْنَى أَوْ أَيْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُسَاوَاةِ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً وَيَكْفِي إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَضَاءً وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ يَوْمٍ وَالْآخَرُ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ كَظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَبِهَذَا قَرَّرَ بَهْرَامُ فِي الْوَسَطِ وَالْكَبِيرِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ حَسْبَمَا يَظْهَرُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَلَكِنْ اعْتَرَضَ ح عَلَى بَهْرَامَ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ بِأَنَّ الرَّاجِحَ الْمَنْعُ فِي صُورَةِ ظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ هُوَ مَا فِي صَغِيرِهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الْمُبَالَغَةِ رَاجِعَةً لِلْمَفْهُومِ كَمَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ كَظُهْرٍ قَضَاءً) أَيْ كَمَنْ يُصَلِّي ظُهْرَ أَمْسٍ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي ظُهْرَ الْيَوْمِ أَوْ الْعَكْسِ. (قَوْلُهُ فَصَحِيحَةٌ لِأَنَّهَا فِي الْوَاقِعِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا تَضُرُّ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَدَائِيَّةِ وَالْقَضَائِيَّةِ إذَا كَانَتْ بِاتِّفَاقِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَبِعَ فِيهِ مَا فِي كَبِيرِ خش وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَمَا فِي عبق مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ شَمْسٍ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا لِأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ لِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا هُنَا الْمُخَالَفَةَ فِي الْعَيْنِ فَأَوْلَى الْمُخَالَفَةُ فِي الصِّفَةِ. (قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) هَذَا الْبِنَاءُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لَهُ إذَا قُلْنَا إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي

(كَالْعَكْسِ) أَيْ لَا يَنْتَقِلُ مَنْ فِي جَمَاعَةٍ لِلِانْفِرَادِ فَإِنْ انْتَقَلَ بَطَلَتْ فِيهِمَا وَأَمَّا انْتِقَالُ الْمُنْفَرِدِ لِجَمَاعَةٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ إمَامًا كَأَنْ يَقْتَدِيَ بِالْمُنْفَرِدِ أَحَدٌ فَجَائِزٌ. (وَفِي) لُزُومِ اتِّبَاعِ (مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ) (فَصَحَّ) الْمُقْتَدِي فَقَطْ فَيَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ لَكِنْ مِنْ قِيَامٍ وَعَدَمِ لُزُومِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ وَيُتِمُّهَا فَذًّا كَمَأْمُومٍ طَرَأَ لِإِمَامِهِ عُذْرٌ (قَوْلَانِ) (وَ) ثَالِثُ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ (مُتَابَعَةٌ) مِنْ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ (فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ) بِأَنْ يُوَقِّعَ كُلًّا مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِمَامِ فَإِنْ سَبَقَهُ وَلَوْ بِحَرْفٍ أَوْ سَاوَاهُ فِي الْبَدْءِ كَمَا سَيَجِيءُ بَطَلَتْ وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ فَإِنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِحَرْفٍ صَحَّتْ إنْ خَتَمَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ فَتَبْطُلُ فِي سَبْعٍ وَتَصِحُّ فِي اثْنَيْنِ وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فِيهِمَا إلَّا مَنْ سَلَّمَ سَهْوًا قَبْلَ إمَامِهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ بَعْدَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ ثَانِيًا بَعْدَهُ وَلَوْ سَهْوًا وَطَالَ أُبْطِلَتْ (فَالْمُسَاوَاةُ) مِنْ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ السَّلَامِ وَأَوْلَى السَّبْقُ (وَإِنْ بِشَكٍّ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (فِي الْمَأْمُومِيَّةِ) وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ الْفَذِّيَّةِ (مُبْطِلَةٌ) لِلصَّلَاةِ. وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَإِذَا شَكَّ هَلْ هُوَ مَأْمُومٌ أَوْ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ أَوْ فِي مَأْمُومِيَّةٍ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ سَاوَاهُ أَوْ سَبَقَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا إنْ تَسَاوَيَا وَإِلَّا فَعَلَى السَّابِقِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ لَا تَبْطُلُ بِسَلَامِهِ قَبْلَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُومًا فِي الْوَاقِعِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ أَوْ نَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا إمَامَةَ الْآخَرِ صَحَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (إلَّا الْمُسَاوَقَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ الْجَوَازَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفِيدُ الصِّحَّةَ فَقَطْ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهُوَ الْبُطْلَانُ وَالْمَعْنَى فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُسَاوَاةُ بَطَلَتْ إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ وَتَرَتَّبَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ فِي الْفَرْضِ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ فِي النَّفْلِ كَتَرْكِ سُورَةٍ فَالظَّاهِرُ اتِّبَاعُهُ فِي السُّجُودِ كَمَسْبُوقٍ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ وَمُقْتَدٍ بِمُخَالِفٍ كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ كَالْعَكْسِ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَسَائِلُ: الْخَوْفُ وَالِاسْتِخْلَافُ وَالسَّهْوُ وَالرُّعَافُ وَبِاسْتِثْنَائِهَا يَنْدَفِعُ مَا ذَكَرَهُ ح مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ كَالْعَكْسِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِوُجُوبِ الِاسْتِخْلَافِ إنْ طَرَأَ عُذْرٌ لِلْإِمَامِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُتِمُّوا أَفْذَاذًا فَلَا اهـ أَوْ يُقَالُ وَهُوَ الْأَحْسَنُ قَوْلُهُ كَالْعَكْسِ أَيْ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَائِهَا وَفِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ انْتَقَلَ عَنْهَا بَعْدَ ذَهَابِهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَنْتَقِلُ مِنْ جَمَاعَةٍ لِلِانْفِرَادِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَأْمُومِيَّةَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ ابْتِدَاءً كَالنَّفْلِ وَمَحَلُّ عَدَمِ جَوَازِ الِانْتِقَالِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمَامُ بِالْمَأْمُومِ فِي الطُّولِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الِانْتِقَالُ كَذَا فِي المج فَالْقَاعِدَةُ غَيْرُ كُلِّيَّةٍ. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ وَعَلَى الثَّانِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا قَامَ لِإِكْمَالِ صَلَاتِهِ كَذَا فِي عبق وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ فَعَلَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً قَبْلَ صِحَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتَأَمَّلْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَفِي مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ تَفْصِيلًا فَإِنْ اقْتَدَى الْمَرِيضُ بِصَحِيحٍ ثُمَّ صَحَّ الْمُقْتَدِي أَوْ اقْتَدَى الْمَرِيضُ بِمِثْلِهِ فَصَحَّ الْإِمَامُ أَوْ اقْتَدَى الصَّحِيحُ بِمِثْلِهِ ثُمَّ مَرِضَ الْمَأْمُومُ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَأَمَّا إذَا اقْتَدَى الصَّحِيحُ بِمِثْلِهِ فَمَرِضَ الْإِمَامُ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ إمَامَهُ عَاجِزٌ عَنْ رُكْنٍ فَيَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ وَيُتِمُّهَا فَذًّا (قَوْلُهُ وَمُتَابَعَةٌ إلَخْ) الْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوَقِّعَ كُلًّا مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِمَامِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِحَرْفٍ صَحَّتْ إنْ خَتَمَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ فِي سَبْعٍ) لَكِنَّ الْبُطْلَانَ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا اتِّفَاقًا وَهِيَ مَا إذَا سَبَقَ الْإِمَامُ وَلَوْ بِحَرْفٍ وَخَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ سَاوَاهُ فِي الْبَدْءِ وَالْخَتْمِ قَبْلَهُ وَأَمَّا إذَا سَاوَاهُ فِي الْبَدْءِ وَخَتَمَ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَالْبُطْلَانُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَكَذَلِكَ إذَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ فِي الْبَدْءِ وَخَتَمَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَالْبُطْلَانُ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ عَرَفَةَ الصِّحَّةَ فِيهَا تَبَعًا لِلْبَيَانِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ السَّبْقِ وَالْمُسَاوَاةِ وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِي الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ التِّسْعَ الْمَذْكُورَةَ تَجْرِي فِي كُلٍّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا مُطْلَقًا وَفِي السَّاهِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِحْرَامِ فَيُلْغَى إحْرَامُهُ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ سَهْوًا وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ قَبْلَهُ سَهْوًا فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ بَعْدَهُ وَيَحْمِلُ الْإِمَامُ السَّهْوَ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ إلَّا مَعَ الطُّولِ بَطَلَتْ (قَوْلُهُ فَالْمُسَاوَاةُ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ السَّلَامِ) أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِشَكٍّ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ شَكٌّ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَنْ جَزَمَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ إمَامٌ وَجَزَمَ الْمَأْمُومُ بِأَنَّهُ مَأْمُومٌ بَلْ وَإِنْ حَصَلَ شَكٌّ. (قَوْلُهُ مُبْطِلَةٌ) وَفِي قَطْعِهِ إذَا حَصَلَتْ الْمُسَاوَاةُ أَوْ السَّبْقُ فِي الْإِحْرَامِ بِسَلَامٍ أَوْ دُونِهِ؟ قَوْلَانِ الثَّانِي لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ قَالَ التُّونِيُّ إنَّهُ لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَتَمَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُسَاوِي الْجَازِمُ بالمأمومية أَوْ الشَّاكُّ فِيهَا وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ صَاحِبِهِ وَأَوْلَى إذَا خَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي مَأْمُومِيَّةٍ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ هُوَ مَأْمُومٌ أَوْ إمَامٌ أَوْ هَلْ هُوَ مَأْمُومٌ أَوْ فَذٌّ. (قَوْلُهُ إذَا شَكَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الشَّكُّ مِنْهُمَا فِي الْمَأْمُومِيَّةِ بَطَلَتْ

أَيْ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا فَلَا تَبْطُلُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُحْرِمَ أَوْ يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ سُكُوتِهِ (كَغَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُمَا فِي كَلَامِهِ حَذْفُ مُضَافَيْنِ أَيْ كَعَدَمِ مُتَابَعَتِهِ فِي غَيْرِهِمَا فَإِنَّ السَّبْقَ وَالْمُسَاوَاةَ لَا يَبْطُلُ (لَكِنْ سَبْقُهُ) لِلْإِمَامِ عَمْدًا (مَمْنُوعٌ) أَيْ حَرَامٌ (وَإِلَّا) يَسْبِقُهُ فِي غَيْرِهِمَا بَلْ سَاوَاهُ (كُرِهَ) فَالْمَنْدُوبُ أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَهُ وَيُدْرِكَهُ فِيهِ وَأَمَّا فِعْلُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ فِي غَيْرِ الْأُولَى فَحَرَامٌ كَأَنْ يَسْجُدَ بَعْدَ رَفْعِهِ وَكَذَا اسْتِمْرَارُهُ سَاجِدًا فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى سَلَّمَ. (وَأُمِرَ الرَّافِعُ) لِرَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ رَفْعِ إمَامِهِ (بِعَوْدِهِ) لَمَّا رَفَعَ مِنْهُ وَيَرْفَعُ بَعْدَهُ (إنْ عَلِمَ) الْمَأْمُومُ (إدْرَاكَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ) وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ (لَا إنْ خَفَضَ) قَبْلَ إمَامِهِ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ بَلْ يَثْبُتُ كَمَا هُوَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْإِمَامُ لَا لِأَنَّ الْخَفْضَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ لَهُ كَالرَّافِعِ وَهَلْ الْعَوْدُ سُنَّةٌ وَهُوَ لِمَالِكٍ أَوْ وَاجِبٌ وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَإِلَّا أَعَادَ وُجُوبًا اتِّفَاقًا فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا فَكَمَنْ زُوحِمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ رَفَعَ أَوْ خَفَضَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فَرْضه سَهْوًا وَأَمَّا لَوْ رَفَعَ عَمْدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِمَا مَعًا فِي الْمُسَاوَاةِ وَأَمَّا فِي السَّبْقِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَتَبْطُلُ صَلَاةُ السَّابِقِ مُطْلَقًا وَكَذَا صَلَاةُ الْمُتَأَخِّرِ إنْ خَتَمَهَا قَبْلَ السَّابِقِ وَإِلَّا صَحَّتْ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ الشَّكُّ مِنْ أَحَدِهِمَا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ فِي الْمُسَاوَاةِ وَالسَّبْقِ أَيْضًا وَكَذَا صَلَاةُ الْمُتَأَخِّرِ إنْ خَتَمَ قَبْلَ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ أَيْ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْإِحْرَامِ أَوْ السَّلَامِ عَقِبَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ فَوْرًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِزَمَانٍ لَطِيفٍ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ السَّبْقَ وَالْمُسَاوَاةَ لَا يَبْطُلُ) الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ الَّذِي لَا يَبْطُلُ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا السَّبْقُ لِلرُّكْنِ بِأَنْ يَشْرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْإِمَامِ وَيَسْتَمِرَّ حَتَّى يَأْخُذَ فَرْضَهُ مَعَهُ وَأَمَّا السَّبْقُ بِرُكْنٍ كَأَنْ يَرْكَعَ وَيَرْفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فَرْضَهُ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَهْوًا فَيَرْجِعَ لَهُ كَذَا فِي المج. (قَوْلُهُ فَالْمَنْدُوبُ أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَهُ) عِيَاضٌ اخْتَلَفَ فِي الْمُخْتَارِ فِي اتِّبَاعِهِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ هَلْ هُوَ بِإِثْرِ شُرُوعِهِ أَوْ بِإِثْرِ تَمَامِ فِعْلِهِ كَاسْتِوَائِهِ قَائِمًا. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى) أَيْ وَأَمَّا فِيهَا فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ فِي وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَأُمِرَ الرَّافِعُ إلَخْ) لِمَا ذَكَرَ أَنَّ السَّبْقَ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ لَا يَبْطُلُ ذَكَرَ مَا يَفْعَلُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ الرَّافِعُ أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ ظَنًّا أَنَّ إمَامَهُ رَفَعَ. (قَوْلُهُ بِعَوْدِهِ) أَيْ وَلَا يَقِفُ يَنْتَظِرُهُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِمَا رَفَعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَقَوْلُهُ وَيَرْفَعُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ) أَيْ إدْرَاكَ الْإِمَامِ أَيْ ذَلِكَ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَلِمَ أَيْ أَوْ ظَنَّ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَ إدْرَاكِهِ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ وَعَدَمِهِ لَمْ يَرْجِعْ (قَوْلُهُ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الْقِيَامِ الْمَخْفُوضِ مِنْهُ وَيَعْلَمُ إدْرَاكَ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ الَّذِي فَارَقَهُ فِيهِ أَنْ لَوْ عَادَ. (قَوْلُهُ بَلْ يَثْبُتُ) أَيْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا عَلَى حَالِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَفْضَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ) أَيْ اتِّفَاقًا كَذَا فِي عبق وخش وَبِهَذَا عَلَّلَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ تَأَمَّلْهُ مَعَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْخِلَافِ مِنْ أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ هَلْ هِيَ مَقْصُودَةٌ أَمْ لَا وَعَلَى قَصْدِهَا يَنْبَنِي قَوْلُهُ وَتَارِكُ رُكُوعٍ يَرْجِعُ قَائِمًا قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي جَوَابِهِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ هُنَا قَصْدُهَا فِي نَفْسِهَا وَالْمُثْبَتَ عَلَى الْخِلَافِ قَصْدُهَا لِغَيْرِهَا وَكَأَنَّ الْمُعَلِّلَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ يَحُومُ بِهِ عَلَى أَنَّ الرُّكْنَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إنَّمَا هُوَ الِانْحِنَاءُ وَالِاتِّصَالُ بِالْأَرْضِ وَأَمَّا الْهُوِيُّ نَفْسُهُ فَوَسِيلَةٌ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الرُّكْنِيَّةِ بِخِلَافِ الرَّفْعِ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ نَفْسُ الرُّكْنِ وَلَيْسَ الرُّكْنُ كَوْنَهُ قَائِمًا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَا كَوْنَهُ جَالِسًا بَعْدَ السُّجُودِ فَتَأَمَّلْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُعَلِّلِ بِهَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْخَفْضَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ مَقْصُودٌ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ بِالتَّبَعِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بَلْ هُوَ مَقْصُودٌ لِلرُّكُوعِ إلَخْ. (قَوْلُهُ بَلْ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ) أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْمَقْصُودُ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ فَلَا يَرْجِعُ حَيْثُ انْخَفَضَ وَيَرْجِعُ إذَا رَفَعَ لِأَجْلِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ الَّذِي هُوَ الرُّكُوعُ أَوْ السُّجُودُ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لَا إنْ خَفَضَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَنْ خَفَضَ. (قَوْلُهُ وَهَلْ الْعَوْدُ) أَيْ عَوْدُهُ لِمَا رَفَعَ مِنْهُ قَبْلَ الْإِمَامِ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَلِلْقِيَامِ الَّذِي انْخَفَضَ مِنْهُ قَبْلَ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدًا) أَيْ لَكِنَّ الْمَوَّاقَ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُمَا) أَيْ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ إنْ أَخَذَ أَيْ إنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ قَبْلَ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ اطْمَأَنَّ مَعَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ وَفِي الْقِيَامِ ثُمَّ خَفَضَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَعَادَ وُجُوبًا اتِّفَاقًا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ رَفْعُهُ أَوْ خَفْضُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ مَعَهُ وَجَبَ عَوْدُهُ اتِّفَاقًا أَيْ إنْ كَانَ رَفْعُهُ قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ سَهْوًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ الْعَوْدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ كَمَنْ سَبَقَ الْإِمَامَ بِرُكْنٍ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ رَفَعَ عَمْدًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فَرْضَهُ بَعْدَ انْحِطَاطِ الْإِمَامِ

[الأولى بالإمامة]

فَتَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ بِخِلَافِ مَنْ أَخَذَ فَرْضَهُ. ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَنْ هُوَ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ صَالِحٌ لَهَا فَقَالَ دَرْسٌ (وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ) أَوْ نَائِبِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَلَا نَائِبُهُ نُدِبَ تَقْدِيمُ (رَبِّ مَنْزِلٍ) وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِدَارِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) نُدِبَ تَقْدِيمُ (الْمُسْتَأْجِرِ) أَوْ الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ (عَلَى الْمَالِكِ) هَذَا إذَا كَانَ رَبُّ الْمَنْزِلِ حُرًّا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمَالِكُ لِذَاتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ) أَيْ سَوَاءٌ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ أَوْ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ إنْ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِتَرْكِ رُكْنٍ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ بَلْ أَعَادَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِزِيَادَةِ رُكْنٍ وَاعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ إنَّ مَنْ رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ فَتَارَةً يَكُونُ رَفْعُهُ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِهِ فَرْضَهُ مِنْهُمَا مَعَ الْإِمَامِ وَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ رَفْعُهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ فَرْضَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ الرَّكْعَةُ مُطْلَقًا كَأَنْ انْحَنَى فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ بَعْدَ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَسَوَاءٌ رَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَيُؤْمَرُ الرَّافِعُ فِيهَا بِالْعَوْدِ بِالشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ مَعَ تَمَكُّنِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ رَفَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فَرْضَهُ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ وَهِيَ مَا إذَا انْحَنَى قَبْلَ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ انْحَنَى بَعْدَهُ وَرَفَعَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ تَرْكَ رُكْنٍ إنْ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَلَمْ يُعِدْهُ فَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ وَأَعَادَ فَقَدْ تَعَمَّدَ زِيَادَةَ رُكْنٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ رَفْعُهُ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ سَهْوًا وَجَبَ الرُّجُوعُ اتِّفَاقًا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ سَهْوًا حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زُوحِمَ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ رُكُوعًا فَيَأْتِي بِهِ حَيْثُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ مِنْهَا تَرَكَهُ وَفَعَلَ مَعَ الْإِمَامِ مَا هُوَ فِيهِ وَيَأْتِي بِهِ إنْ كَانَ سُجُودًا مَا لَمْ يَعْقِدْ الْإِمَامُ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا كَانَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ مِنْ غَيْرِهَا. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إمَامِهِ سَهْوًا فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ فَرْضَهُ فِي الْجَمِيعِ اهـ وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَيَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا [الْأُولَى بِالْإِمَامَةِ] (قَوْلُهُ كُلٌّ مِنْهُمْ صَالِحٌ لَهَا) أَيْ لِاسْتِحْقَاقِهَا وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ دُخُولِ الْمَرْأَةِ رَبَّةِ الْمَنْزِلِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِمُبَاشَرَتِهَا. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ لَنَا مَقَامَيْنِ أَحَدُهُمَا مَقَامُ بَيَانِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ فَيُقْضَى لَهُ بِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَشَاحَّ مُتَسَاوُونَ لَا لِكِبْرٍ اقْتَرَعُوا فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَسَاوِينَ يُقْضَى لِلْأَفْضَلِ مِنْهُمْ بِالتَّقْدِيمِ وَثَانِيهِمَا مَقَامُ بَيَانِ مَا تُخَاطَبُ بِهِ الْجَمَاعَةُ دُونَ تَشَاحُحٍ وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبُهُ) فِيهِ حَمْلُ السُّلْطَانِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ كَانَ السُّلْطَانَ الْأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي وَالْبَاشَا وَنَحْوُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ شب فَإِنْ اجْتَمَعَا قُدِّمَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَ الْعِبَادَةِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ ثُمَّ رَبُّ مَنْزِلٍ) وَحُكْمُ إمَامِ الْمَسْجِدِ الرَّاتِبِ حُكْمُ رَبِّ الْمَنْزِلِ وَالْمُرَادُ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي يُقَدَّمُ رَبُّهُ الْمَنْزِلُ الْمُجْتَمَعُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ طَرِيقَةٌ أُخْرَى تُخَالِفُ هَذِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِدَارِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ أَدْرَى بِقِبْلَتِهَا وَعَوْرَتِهَا وَمَا تَلِيقُ الصَّلَاةُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَقْدِيمُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ لِمِلْكِهِ لِمَنْفَعَتِهَا وَخِبْرَتِهِ بِطَهَارَةِ الْمَكَانِ وَالنَّدْبُ لَا يُنَافِي الْقَضَاءَ لَهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ عَبْدًا) مُبَالَغَةٌ فِي تَقْدِيمِ رَبِّ الْمَنْزِلِ عَلَى غَيْرِهِ وَتَقْدِيمِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ هَذَا إذَا كَانَ رَبُّ الْمَنْزِلِ حُرًّا فِيهِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ وَالْأَصْلُ هَذَا إذَا كَانَ رَبُّ الْمَنْزِلِ وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ حُرًّا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا عَبْدًا وَالْمُرَادُ بِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ مَنْ مَلَكَهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ عُمْرَى

أَوْ مَنْفَعَتِهَا (عَبْدًا) مَا لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ حَاضِرًا وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ حَقِيقَةً (كَامْرَأَةٍ) فِي مَنْزِلِهَا (وَاسْتَخْلَفَتْ) نَدْبًا مَنْ يَصْلُحُ لَهَا وَالْأَوْلَى اسْتِخْلَافُهَا الْأَفْضَلَ وَمِثْلُهَا ذَكَرٌ مُسْلِمٌ لَا يَصِحُّ لِلْإِمَامَةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّ مَنْزِلٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ (زَائِدِ فِقْهٍ) أَيْ عِلْمٍ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ دُونَهُ فِيهِ وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ (ثُمَّ) زَائِدِ (حَدِيثٍ) أَيْ وَاسِعِ رِوَايَةٍ وَحِفْظٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ زَائِدِ فِقْهٍ وَلَكِنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ. (ثُمَّ) زَائِدِ (قِرَاءَةٍ) أَيْ أَدْرَى بِالْقِرَاءَةِ وَأَمْكَنَ مِنْ غَيْرِهِ فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ أَوْ أَكْثَرَ قُرْآنًا أَوْ أَشَدَّ إتْقَانًا (ثُمَّ) زَائِدٍ (عِبَادَةٍ) مِنْ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَغَيْرِهِمَا (ثُمَّ) عِنْدَ التَّسَاوِي فَالتَّقْدِيمُ (بِسِنِّ إسْلَامٍ) أَيْ بِتَقَدُّمِهِ فِيهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ أَوْ الْإِسْلَامِ فَابْنُ الْعِشْرِينَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ سِتِّينَ أَسْلَمَ مِنْ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَثَلًا (ثُمَّ بِنَسَبٍ) فَعِنْدَ التَّسَاوِي يُقَدَّمُ الْقُرَشِيُّ عَلَى غَيْرِهِ فَمَعْلُومُ النَّسَبِ عَلَى مَجْهُولِهِ (ثُمَّ بِخَلْقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ الْأَحْسَنِ فِيهِ (ثُمَّ بِخُلُقٍ) بِضَمَّتَيْنِ أَيْ الْأَكْمَلِ فِيهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ عَكَسَ الضَّبْطَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَتْنُ يَحْتَمِلُهُمَا (ثُمَّ بِلِبَاسٍ) حَسَنٍ شَرْعًا وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ لَا كَحَرِيرٍ. وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ مَنْ ذَكَرَ التَّقْدِيمَ (إنْ عَدِمَ نَقْصَ مَنْعٍ) أَيْ إنْ خَلَا مِنْ نَقْصٍ مَانِعٍ مِنْ الْإِمَامَةِ كَالْعَجْزِ عَنْ رُكْنٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ) عَدِمَ نَقْصٍ (كُرِهَ) بِأَنْ سَلِمَ مِنْ نَقْصٍ تُكْرَهُ مَعَهُ الْإِمَامَةُ مِنْ قَطْعٍ وَشَلَلٍ وَأُبْنَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْمُعَارُ وَالْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ يُقَدَّمَانِ عَلَى رَبِّ الْمَنْزِلِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ أَوْ مَنْفَعَتُهَا) أَنَّثَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الْمَنْزِلِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الدَّارِ. (قَوْلُهُ كَامْرَأَةٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي الْإِمَامَةِ لِلْمَرْأَةِ فِي مَنْزِلِهَا. (قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَتْ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الْمَرْأَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ فَذِكْرُهَا هُنَا تَشْوِيشٌ وَحَشْوٌ. (قَوْلُهُ نَدْبًا) أَيْ وَقِيلَ وُجُوبًا وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلْفَ لَفْظِيٌّ لِأَنَّ مَنْ قَالَ وُجُوبًا مُرَادُهُ أَنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْإِمَامَةَ بِنَفْسِهَا وَمَنْ قَالَ نَدْبًا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ الْقَوْمَ هَمْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَتَقَدَّمَ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَنْدُبُ لَهَا أَنْ تُقَدِّمَ رَجُلًا وَلَا تَتْرُكَ الْقَوْمَ هَمْلًا. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ فِي نَدْبِ الِاسْتِخْلَافِ ذَكَرٌ مُسْلِمٌ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ رَبُّ مَنْزِلٍ. (قَوْلُهُ وَاسِعُ رِوَايَةٍ وَحِفْظٍ) كَأَنْ يَكُونَ تَلَقَّى الْكُتُبَ السِّتَّةَ مَثَلًا وَحَفِظَهَا فَوَاسِعُ الرِّوَايَةِ هُوَ الْمُتَلَقِّي لِكَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ سَوَاءٌ حَفِظَ مَا تَلَقَّاهُ أَمْ لَا وَوَاسِعُ الْحِفْظِ هُوَ الَّذِي يَحْفَظُ كَثِيرًا مِنْ الْأَحَادِيثِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ زَائِدُ قِرَاءَةٍ) أَيْ ثُمَّ مَعَ تَسَاوِيهِمْ فِي الْحَدِيثِ وَفِيمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْفِقْهُ يُقَدَّمُ زَائِدُ قِرَاءَةٍ. (قَوْلُهُ أَيْ أَدْرَى بِالْقِرَاءَةِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الْأَحْسَنُ تَجْوِيدًا وَلَوْ كَانَ غَيْرَ حَافِظٍ لَهُ بِتَمَامِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ حَافِظًا لَهُ بِتَمَامِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ قُرْآنًا) فَيُقَدَّمُ حَافِظُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى حَافِظِ النِّصْفِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَشَدُّ إتْقَانًا فَيُقَدَّمُ مَنْ لَا يَغْلَطُ فِيهِ عَلَى مَنْ يَغْلَطُ فِيهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ زَائِدُ عِبَادَةٍ) أَيْ ثُمَّ مَعَ تَسَاوِيهِمْ فِي الْقِرَاءَةِ وَمَا قَبْلَهَا يُقَدَّمُ زَائِدُ عِبَادَةٍ. (قَوْلُهُ ثُمَّ عِنْدَ التَّسَاوِي) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ فَالتَّقْدِيمُ بِسِنِّ إسْلَامٍ أَيْ لِزِيَادَةِ عَمَلِهِ. (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ) أَيْ سِنُّ الْإِسْلَامِ وَالتَّقَدُّمُ فِيهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِنَسَبٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ ثُمَّ بِشَرَفِ نَسَبٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ ثُمَّ بِمَعْرِفَةِ نَسَبٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ وَهُوَ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا وخش حَمَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لتت وعبق وشب حَمَلَاهُ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ) أَيْ وَهِيَ الصُّورَةُ الْحَسَنَةُ لِأَنَّ الْعَقْلَ الْكَامِلَ وَالْخَيْرَ قَدْ يَتْبَعَانِهَا غَالِبًا وَقَدْ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ حُسْنُ التَّرْكِيبِ وَتَنَاسُبُ الْأَعْضَاءِ يَدُلُّ عَلَى اعْتِدَالِ الْمِزَاجِ وَإِذَا اعْتَدَلَ الْمِزَاجُ يَنْشَأُ عَنْهُ كُلُّ فِعْلٍ حَسَنٍ قَالَ بْن نَقْلًا عَنْ عِيَاضٍ قَرَأْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ وَجْهًا حَسَنًا وَاسْمًا حَسَنًا وَخُلُقًا حَسَنًا وَجَعَلَهُ فِي مَوْضِعٍ حَسَنٍ فَهُوَ مِنْ صَفْوَةِ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ» . (قَوْلُهُ ثُمَّ بِخُلُقٍ بِضَمَّتَيْنِ) أَيْ بِحُسْنِ خُلُقٍ أَيْ بِخُلُقٍ حَسَنٍ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْلَى صِفَاتِ الشَّرَفِ وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ شَرْعًا هُوَ التَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ وَالتَّنَزُّهُ عَنْ الرَّذَائِلِ لَا مَا يَعْتَقِدُهُ الْعَوَامُّ مِنْ أَنَّهُ مُسَايَرَةُ النَّاسِ وَالْمَجِيءُ عَلَى رِيحِهِمْ لِأَنَّ هَذَا رُبَّمَا كَانَ مَذْمُومًا. (قَوْلُهُ وَمِنْ النَّاسِ) الْمُرَادُ بِهِ ابْنُ هَارُونَ. (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّ الَّذِي تَلَقَّاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شَيْخِهِ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ اسْتَظْهَرَ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ بِلِبَاسٍ حَسَنٍ) أَيْ جَمِيلٍ وَقَوْلُهُ شَرْعًا الْأَوْلَى عُرْفًا أَيْ وَهُوَ الْجَدِيدُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ لِأَنَّ اللِّبَاسَ الْحَسَنَ شَرْعًا هُوَ الْبَيَاضُ خَاصَّةً جَدِيدًا أَوْ لَا فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ وَإِنَّمَا قَدَّمَ صَاحِبَ اللِّبَاسِ الْحَسَنِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ لِدَلَالَةِ حُسْنِ اللِّبَاسِ

وَإِذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ قُدِّمَ كَذَا إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَنُدِبَ تَقْدِيمُ مَنْ ذُكِرَ إذَا كَانَ كُلٌّ يَصْلُحُ لَهَا بِأَنْ كَانَ سَالِمًا مِنْ نَقْصٍ يُوجِبُ مَنْعَهَا أَوْ كُرْهَهَا (وَ) نُدِبَ (اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ) نَقْصَ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ إنْ كَانَ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ أَصْلِيٌّ فِيهَا وَهُوَ السُّلْطَانُ وَرَبُّ الْمَنْزِلِ فَقَطْ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِيهَا فَالْأَفْقَهُ إنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ سَقَطَ حَقُّهُ وَصَارَ كَالْعَدَمِ وَالْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ وَهَكَذَا ثُمَّ شَبَّهَ فِي النَّدْبِ قَوْلَهُ (كَوُقُوفِ ذَكَرٍ) بَالِغٍ (عَنْ يَمِينِهِ) وَنُدِبَ أَيْضًا تَأَخُّرُهُ عَنْهُ قَلِيلًا. فَإِنْ جَاءَ آخَرُ نُدِبَ لِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ أَنْ يَتَأَخَّرَ حَتَّى يَكُونَ خَلْفَهُ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ (وَ) نُدِبَ وُقُوفُ (اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (خَلْفَهُ) (وَصَبِيٌّ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ (عَقَلَ الْقُرْبَةَ) نَعْتُهُ أَيْ أَدْرَكَ أَنَّ الطَّاعَةَ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهَا وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا (كَالْبَالِغِ) خَبَرُهُ فَيَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ خَلْفَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ الْقُرْبَةَ تُرِكَ يَقِفُ حَيْثُ شَاءَ (وَنِسَاءٌ) وَاحِدَةٌ فَأَكْثَرُ يُنْدَبُ وُقُوفُهُنَّ (خَلْفَ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ فَمَعَ إمَامٍ وَحْدَهُ خَلْفَهُ وَمَعَ رَجُلٍ عَنْ يَمِينِهِ خَلْفَهُمَا وَمَعَ رِجَالٍ خَلْفَهُ خَلْفَهُمْ (وَرَبُّ الدَّابَّةِ) إذَا أَكْرَى شَخْصًا عَلَى حَمْلِهِ مَعَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَقْدِيمَ أَحَدِهِمَا (أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا وَذُكِرَتْ هَذِهِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْأَفْقَهَ مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ وَمَفَاسِدِهَا وَمُقَدَّمُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِكَسْرِ الدَّالِ مُخَفَّفَةً وَبِفَتْحِهَا مُشَدَّدَةً (وَ) قُدِّمَ (الْأَوْرَعُ) وَهُوَ التَّارِكُ لِبَعْضِ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ عَلَى الْوَرِعِ وَهُوَ التَّارِكُ لِلشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى شَرَفِ النَّفْسِ وَالْبُعْدِ عَنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ وَقَدَّمَهُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْجَمِيلِ فِي الْخِلْقَةِ كَأَنَّهُ لِتَعَلُّقِ الثِّيَابِ بِالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ مَنْ ذَكَرَ التَّقْدِيمَ إلَخْ) حَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ مَنْ ذَكَرَ التَّقْدِيمَ وَفِي مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا وُجِدَ نَقْصٌ مَانِعٌ أَوْ مُوجِبٌ لِلْكَرَاهَةِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُمَا وَنُدِبَ لَهُمَا الِاسْتِخْلَافُ وَعَدَمُ إهْمَالِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِمَا إذَا كَانَ النَّقْصُ غَيْرَ كُفْرٍ وَجُنُونٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ. (قَوْلُهُ وَإِذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ) إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ إلَّا إذَا كَانَ خَالِيًا مِنْ الْأُمُورِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَنْعِ أَوْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ) كَوْنُهُ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ نُدِبَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِنَقْصِ الْكُرْهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُتَلَبِّسَ بِنَقْصِ الْمَنْعِ كَالْمَرْأَةِ يَنْدُبُ لَهَا الِاسْتِنَابَةُ وَهُوَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ يَرْجِعُ لِلسُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ لَا لِلسُّلْطَانِ فَقَطْ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ أَحَدَهُمَا لِلْبِسَاطِيِّ وَالْمَوَّاقِ وَبَهْرَامَ أَنَّ مَنْ لَهُ الْمُبَاشَرَةُ لِانْتِفَاءِ نَقْصِ الْمَنْعِ وَالْكُرْهِ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا حَضَرَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَأَوْلَى أَنْ يَسْتَنِيبَهُ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ حَضَرَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَوْ أَعْدَلُ مِنْهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ ذَلِكَ، الْوَجْهُ الثَّانِي لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ عَدَمِ وَلَا يَخْتَصُّ بِنَقْصِ الْكُرْهِ وَعَلَى التَّقْرِيرَاتِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْ قَوْلُهُ وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ مُخْتَصًّا بِرَبِّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِمَا اهـ بْن إنْ قُلْت إنَّ هَذَا الْوَجْهَ الثَّالِثَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ مَنْ ذُكِرَ لِلتَّقْدِيمِ أَنَّ عَدَمَ نَقْصِ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ وَعَدَمِ اسْتِنَابَةِ النَّاقِصِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يُقَدَّمُ بِالْفِعْلِ إلَّا إذَا عَدِمَ اسْتِنَابَةَ النَّاقِصِ فَيَقْتَضِي أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يُقَدَّمُ عَلَى السُّلْطَانِ وَأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يُقَدَّمُ إلَّا إذَا عُدِمَتْ اسْتِنَابَةُ ذَلِكَ الْغَيْرِ إذَا قَامَ بِهِ نَقْصٌ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ اسْتِنَابَةِ النَّاقِصِ شَرْطٌ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ فَقَطْ أَيْ أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَزَائِدُ الْفِقْهِ إنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا عَدِمَ اسْتِنَابَةَ النَّاقِصِ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَرَبُّ الْمَنْزِلِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُخْتَصًّا بِرَبِّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (قَوْلُهُ وَنِسَاءٌ خَلْفَ الْجَمِيعِ) وَيَقِفُ الْخُنْثَى أَمَامَهَا فَيَتَوَسَّطُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَفِي ح وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَؤُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتِ وَحْدَهُنَّ وَالْكَرَاهَةُ فِي الْوَاحِدَةِ أَشَدُّ اهـ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُحَرِّمُوا ذَلِكَ كَالْخَلْوَةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَانِعَةٌ. (قَوْلُهُ خَلْفَهُمَا) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ بَعْضُهَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَبَعْضُهَا خَلْفَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنَّهَا تَقِفُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَخَلْفَ مَنْ بِلَصْقِهِ (قَوْلُهُ وَرَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَالْأَوْلَى بِمُقَدَّمِ الدَّابَّةِ صَاحِبُهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا صَلَّوْا فِي مَنْزِلِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ اهـ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَبِمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا، وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْقِبْلَةِ فِيهَا وَبِالْمَوْضِعِ الطَّاهِرِ مِنْهَا وَكِلَاهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَهِيَ دَلَالَةٌ حَسَنَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَعْلَمَ بِقِبْلَتِهَا كَانَ الْفَقِيهُ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَعْلَمَ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَذُكِرَتْ هَذِهِ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ هُنَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّهَا بَابُ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْرَعُ وَالْعَدْلُ وَالْحُرُّ) مَرْتَبَةُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ زَائِدُ فِقْهٍ ثُمَّ حَدِيثٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَهَا هُنَاكَ وَلَا يَسْتَغْنِيَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلَاثَةِ كَمَا قِيلَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ

(وَ) قُدِّمَ (الْعَدْلُ) عَلَى مَجْهُولِ حَالٍ أَوْ الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلُ أَيْ عَلَى الْعَدْلِ وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا (وَالْحُرُّ) عَلَى الْعَبْدِ (وَالْأَبُ) عَلَى الِابْنِ وَلَوْ زَادَ فِقْهًا (وَالْعَمُّ) عَلَى ابْنِ أَخِيهِ وَلَوْ زَائِدَ فِقْهٍ أَوْ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ عَمِّهِ فَقَوْلُهُ (وَعَلَى غَيْرِهِمْ) رَاجِعٌ لِلْأَوْرَعِ وَمَنْ بَعْدَهُ (وَإِنْ تَشَاحَّ) أَيْ تَنَازَعَ فِي طَلَبِ التَّقْدِيمِ جَمَاعَةٌ (مُتَسَاوُونَ) فِي الْمَرْتَبَةِ (لَا لِكِبْرٍ) بِسُكُونِ الْبَاءِ بَلْ لِطَلَبِ الثَّوَابِ (اقْتَرَعُوا) وَأَمَّا لَوْ تَشَاجَرُوا لِكِبْرٍ سَقَطَ حَقُّهُمْ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ فُسَّاقٌ لَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا بَلْ تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُمْ. (وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ) تَكْبِيرَةً غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لِرُكُوعٍ) وَجَدَ الْإِمَامَ مُتَلَبِّسًا بِهِ وَيَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ إنْ أَدْرَكَهَا (أَوْ سُجُودٍ) أَيْ وَكَبَّرَ لِسُجُودٍ وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَيْضًا وَلَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَةٍ (بِلَا تَأْخِيرٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ وَلَا يُؤَخِّرُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ أَيْ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ فِي الرُّكُوعِ وَكُرِهَ فِي السُّجُودِ إلَّا أَنْ يَشُكَّ فِي إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فَيَنْدُبُ التَّأْخِيرُ (لَا) يُكَبِّرُ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لِجُلُوسٍ) أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ بَلْ يُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ مِنْ قِيَامٍ وَيَجْلِسُ بِلَا تَكْبِيرٍ (وَقَامَ) الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ (بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ) أَيْ ثَانِيَةِ الْمَسْبُوقِ بِأَنْ أَدْرَكَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ فِي أَوَّلَاهُ كَمُدْرِكٍ الرَّابِعَةَ أَوْ الثَّالِثَةَ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ الثَّانِيَةَ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ أَوْ جَلَسَ فِي ثَالِثَتِهِ كَمَنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى مِنْ رُبَاعِيَّةٍ قَامَ بِلَا تَكْبِيرٍ لِأَنَّ جُلُوسَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ وَقَدْ رَفَعَ مَعَهُ بِتَكْبِيرٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ. ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الْمَفْهُومِ قَوْلَهُ (إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ) الْأَخِيرِ أَوْ مَا دُونَ رَكْعَةٍ فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابِ التَّحَلِّي بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهَذِهِ مِنْ بَابِ التَّخَلِّي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا لَكِنَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الْعَدْلُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلُهُ أَزْيَدَ فِقْهًا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَوْرَعِ وَالْحُرِّ وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ وَالْعَدْلُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي يُقَابِلُ الْعَدْلَ هُوَ الْفَاسِقُ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَقَدَّمَ الْعَدْلَ عَلَى الْفَاسِقِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْفَاسِقَ لَهُ حَقٌّ فِي الْإِمَامَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَجَابَ تت بِأَنَّ الْمُرَادَ قَدَّمَ الْعَدْلَ عَلَى مَجْهُولِ الْحَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُقَابَلُ بِنَقِيضِهِ كَقَوْلِك هَذَا إنْسَانٌ أَوْ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ أَوْ بِالْمُسَاوِي لِنَقِيضِهِ كَقَوْلِك هَذَا الشَّيْءُ إمَّا قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ وَمَجْهُولُ الْحَالِ لَيْسَ نَقِيضًا لِلْعَدْلِ وَلَا مُسَاوِيًا لِنَقِيضِهِ بَلْ أَخَصُّ مِنْ نَقِيضِهِ فَإِنَّ عَدْلٌ نَقِيضُهُ لَا عَدْلٌ وَمَجْهُولُ الْحَالِ أَخَصُّ مِنْ لَا عَدْلَ لِصِدْقِهِ بِمَجْهُولِ الْحَالِ وَبِالْمُغَفَّلِ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْأَعْدَلُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَعْدَلُ عَلَى الْعَدْلِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا تَكَلُّفٌ لِأَنَّهُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْعَدْلِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُهُ فَاسِقًا لِأَنَّهُمْ قَابَلُوهُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْمُغَفَّلِ وَهُوَ لَيْسَ بِفَاسِقٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ يُفْعَلُ الْفِعْلُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا يَتَنَبَّهُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَالْأَبُ وَالْعَمُّ إلَخْ) مَرْتَبَةُ هَذَيْنِ بَعْدَ رَبِّ الْمَنْزِلِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَهُمَا هُنَاكَ كَذَا فِي عج وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَبًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ فِقْهًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ زَائِدًا فِي الْفِقْهِ عَلَى أَبِيهِ وَهَذَا عِنْد الْمُشَاحَّةِ وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَالِابْنُ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ أَبِيهِ بِالْإِمَامَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْعَمِّ وَابْنِ أَخِيهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَائِدَ فِقْهٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ابْنُ الْأَخِ زَائِدَ فِقْهٍ أَوْ أَكْبَرَ سِنًّا وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَحْنُونٌ وَقَالَ إنْ كَانَ ابْنُ الْأَخِ زَائِدَ فِقْهٍ أَوْ أَكْبَرَ سِنًّا قُدِّمَ عَلَى عَمِّهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا لِكِبَرٍ) يَدْخُلُ فِي مَنْطُوقِهِ مَا إذَا كَانَ تَشَاحُحُهُمْ لِأَجْلِ حِيَازَةِ فَائِضِهَا وَخَرَاجِهَا كَوَقْفٍ عَلَى الْإِمَامِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُفَسِّقُهُمْ كَمَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ الْبَرْمُونِيِّ إنَّهُ لَوْ كَانَ تَشَاحُحُهُمْ لِأَجْلِ حِيَازَةِ فَائِضِ الْوَظِيفَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْظُرُ لِلْفَقْرِ وَيُقَدِّمُ بِهِ وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ وَيَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ إنْ أَدْرَكَهَا) أَيْ إنْ تَيَقَّنَ إدْرَاكَهَا بِرُكُوعِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ إدْرَاكَهَا أَلْغَاهَا وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَدَلَهَا. (قَوْلُهُ بِلَا تَأْخِيرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَدَخَلَ بِلَا تَأْخِيرٍ. (قَوْلُهُ أَيْ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ فِي الرُّكُوعِ) أَيْ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الدُّخُولِ مَعَهُ وَالتَّأْخِيرِ طَعْنًا فِي الْإِمَامِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْإِمَامَ رَاتِبٌ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ فِي السُّجُودِ) أَيْ وَكُرِهَ التَّأْخِيرُ فِي السُّجُودِ وَقِيلَ إنَّهُ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشُكَّ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ فِي الرُّكُوعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ النَّهْيِ عَنْ التَّأْخِيرِ فِي الرُّكُوعِ مَا لَمْ يَشُكَّ فِي إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ وَإِلَّا نُدِبَ لَهُ التَّأْخِيرُ وَمَحَلُّ النَّهْيِ عَنْ التَّأْخِيرِ فِي السُّجُودِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعِيدًا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا أَخَّرَ دُخُولَهُ فِيهِ حَتَّى يُتِمَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَعْلَمَ هَلْ بَقِيَ مَعَهُ رَكْعَةٌ فَأَكْثَرُ فَيَدْخُلُ أَوْ لَا فَلَا يَدْخُلُ وَهَلْ تَأْخِيرُ الدُّخُولِ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إيقَاعِ صَلَاةٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ وَقَامَ الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) فَإِنْ قَامَ لَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ بَطَلَتْ وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ نِيَّةَ الْمُفَارَقَةِ وَهَذَا إذَا قَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِنْ قَامَ سَهْوًا أَلْغَى مَا فَعَلَ وَرَجَعَ لِلْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا يَرْجِعُ وَيُلْغِي كُلَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ قَامَ بِتَكْبِيرٍ أَيْ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ لَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ حَالَ قِيَامِهِ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ مَا خَرَّجَهُ سَنَدٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إذَا جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ أَنَّهُ هُنَا يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ أَيْضًا وَمَا نَقَلَهُ زَرُّوقٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ يَقُومُ

لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً (وَقَضَى) هَذَا الْمَسْبُوقُ بَعْدَ تَمَامِ سَلَامِ إمَامِهِ (الْقَوْلَ) الَّذِي فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا فَاتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ آخِرَهَا (وَبَنَى الْفِعْلَ) وَهُوَ مَا عَدَا الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ آخِرَهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَيَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْأَفْعَالِ فَمَنْ أَدْرَكَ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ قَامَ بِلَا تَكْبِيرٍ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضِي الْقَوْلِ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهُ بَانٍ فِي الْفِعْلِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضِي الْقَوْلِ وَمَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ مِنْهُ أَتَى بِرَكْعَةٍ كَذَلِكَ وَمَنْ أَدْرَكَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْعِشَاءِ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَأَتَى بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْلِ ثُمَّ يَجْلِسُ لِأَنَّ الَّتِي أَدْرَكَهَا كَالْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلْفِعْلِ فَبَنَى عَلَيْهَا ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهَا الثَّانِيَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْلِ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا الثَّالِثَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِعْلِ بَلْ يَقُومُ يَأْتِيَ بِرَابِعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَمَنْ أَدْرَكَ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَمَنْ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ قَنَتَ فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ وَيَجْمَعُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَرَكَعَ) أَيْ أَحْرَمَ نَدْبًا (مَنْ خَشَى) بِاسْتِمْرَارِهِ بِسَكِينَةٍ إلَى دُخُولِ الصَّفِّ (فَوَاتُ رَكْعَةٍ) إنْ لَمْ يُحْرِمْ (دُونَ الصَّفِّ) مَعْمُولُ رَكَعَ (إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ) أَيْ إدْرَاكَ الصَّفِّ فِي رُكُوعِهِ دَابًّا إلَيْهِ (قَبْلَ الرَّفْعِ) أَيْ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَهُ تَمَادَى إلَيْهِ وَلَا يَرْكَعُ دُونَهُ فَإِنْ فَعَلَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ رَكْعَتُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَخِيرَةَ فَيَرْكَعُ دُونَهُ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا قَالَ وَكَانَ شَيْخُنَا الْقُورِيُّ يُفْتِي بِهِ الْعَامَّةَ لِئَلَّا يُخْطِئُوا كَذَا نَقَلَ ح وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا وَبِغَيْرِ تَكْبِيرٍ مُطْلَقًا وَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ لَا فِي غَيْرِهَا إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ حَتَّى يَسْتَقِلَّ قَائِمًا لَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ حَالَةَ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ) أَيْ أَنَّهُ يَفْعَلُ الْفِعْلَ كَفِعْلِ الْبَانِي الْمُصَلِّي وَحْدَهُ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَّا أَنَّهُ يَقْضِي الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يَبْنِي فِيهِمَا وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ خَبَرُ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» وَرُوِيَ «فَاقْضُوا» فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِرِوَايَةِ «فَأَتِمُّوا» وَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ بِرِوَايَةِ «فَاقْضُوا» وَعَمِلَ مَالِكٌ بِكِلَيْهِمَا لِقَاعِدَةِ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ إذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ جَمَعَ فَحَمَلَ رِوَايَةَ «فَأَتِمُّوا» عَلَى الْأَفْعَالِ وَرِوَايَةَ «فَاقْضُوا» عَلَى الْأَقْوَالِ فَإِذَا أَدْرَكَ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَجْلِسُ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وعَلَى مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَاضٍ فِيهِمَا قَوْلًا وَفِعْلًا وَأَمَّا عَلَى مَا لِمَالِكٍ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ فِيهِمَا وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ فَيَجْمَعُ) أَيْ فِي حَالَةِ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ أَيْ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ وَالْمَسْبُوقُ فِي قَضَاءِ الرَّكَعَاتِ الَّتِي فَاتَتْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَفْعَالِ يَفْعَلُ كَفِعْلِ الْمُنْفَرِدِ وَهُوَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَلَوْ قُلْنَا إنَّ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ الَّتِي تُقْضَى لَاقْتَصَرَ عَلَى رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ لِأَنَّ الرَّكَعَاتِ الَّتِي فَاتَتْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَقْوَالِ يَفْعَلُ فِيهَا فِعْلَ الْمَأْمُومِ وَهُوَ يَقْتَصِرُ عَلَى رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ وَيَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُدْرِكَ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ يَقْنُتُ إذَا قَامَ لِقَضَاءِ الْأُولَى وَإِنَّ الْقُنُوتَ مُلْحَقٌ بِالْأَفْعَالِ تَبِعَ فِيهِ عج وِفَاقًا لِلْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْبَيَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْقَلْشَانِيِّ وَابْنِ نَاجِيٍّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ مُدْرِكَ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ لَا يَقْنُتُ إذَا قَامَ لِقَضَاءِ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الَّذِي يُقْضَى الْقِرَاءَةُ وَالْقُنُوتُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْأَفْعَالِ) الضَّمِيرُ لَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَالْقُنُوتِ. (قَوْلُهُ أَيْ أَحْرَمَ) الْأَوْلَى أَحْرَمَ وَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ وَقَوْلُهُ مَنْ خَشَى فَوَاتَ رَكْعَةٍ أَيْ مَنْ خَافَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ إنْ اسْتَمَرَّ بِسَكِينَةٍ إلَى دُخُولِ الصَّفِّ وَإِنْ رَكَعَ خَارِجَهُ أَدْرَكَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالرُّكُوعِ دُونَ الصَّفِّ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الرَّكْعَةِ وَالصَّفِّ مَعًا خَيْرٌ مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَهُوَ الصَّفُّ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إدْرَاكَ الصَّفِّ إذَا دَبَّ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ تَمَادَى إلَيْهِ) أَيْ إلَى الصَّفِّ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ وَلَا يَرْكَعُ دُونَهُ وَلَوْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ وَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ فَرَأَى الْمُحَافَظَةَ عَلَى الرَّكْعَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّفِّ عَكْسُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَرَجَّحَ التُّونُسِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ أَوْلَى عِنْدِي بِالصَّوَابِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ فَإِنْ رَكَعَ دُونَهُ وَقَوْلُهُ أَيْ أَسَاءَ أَيْ فَعَلَ مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَخِيرَةُ إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ قَالَ ح وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ وَصَرَّحَ ابْنُ حَزْمٍ بِالِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فَلَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا الْأَخِيرَةَ أَوْ لَا فَيَحْتَاطُ بِجَعْلِهَا الْأَخِيرَةِ

(يَدِبُّ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ يَمْشِي. وَلَوْ خَبَبًا (كَالصَّفَّيْنِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَحْسِبُ مَا خَرَجَ مِنْهُ أَوْ دَخَلَ فِيهِ (لِآخِرِ فُرْجَةٍ) إنْ تَعَدَّدَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَامَهُ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ شِمَالَهُ (قَائِمًا) فِي رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ إنْ خَابَ ظَنُّهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فِي دَبِّهِ لِلرُّكُوعِ لَا قَائِمًا فِي رَفْعِهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ (أَوْ رَاكِعًا) فِي أُولَاهُ حَيْثُ لَمْ يَخِبْ ظَنُّهُ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَلَوْ قَالَ رَاكِعًا أَوْ قَائِمًا فِي ثَانِيَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (لَا) يَدِبُّ (سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا) لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ (وَإِنْ) أَحْرَمَ الْمَسْبُوقُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ وَ (شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (فِي الْإِدْرَاكِ) لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ (أَلْغَاهَا) وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَيَرْفَعُ مَعَهُ وَيَقْضِيهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَوَاءٌ اسْتَوَى تَرَدُّدُهُ أَوْ ظَنَّ الْإِدْرَاكَ أَوْ عَدَمَهُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ فَإِنْ جَزَمَ بِالْإِدْرَاكِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ جَزَمَ بِعَدَمِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ إمَامَهُ رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ وَاسْتَقَلَّ قَائِمًا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوعُ حِينَئِذٍ. وَإِنْ رَكَعَ لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّفْعُ فَإِنْ رَفَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا خِلَافٌ لِظُهُورِ تَعَمُّدِ زِيَادَةِ الرُّكْنِ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ ذَلِكَ لِلْعَوَامِّ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا وَرَكَعَ وَجَزَمَ بِعَدَمِ الْإِدْرَاكِ لِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ وَاسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا قَبْلَ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَالْإِلْغَاءُ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هَلْ يَرْفَعُ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ لَا يَرْفَعُ وَعَلَى تَقْدِيرِ الرَّفْعِ هَلْ تَبْطُلُ فَظَاهِرُ مَا لِزَرُّوقٍ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ وَإِنْ رَفَعَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ يَدِبُّ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَاذَا يَفْعَلُ بَعْدَ رُكُوعِهِ دُونَ الصَّفِّ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ يَدِبُّ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَبَبًا أَيْ لِأَنَّ الْخَبَبَ فِيهَا غَيْرُ مُنْهًى عَنْهُ وَإِنَّمَا يُنْهَى عَنْهُ إذَا كَانَ لَهَا أَيْ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا لِأَجْلِهَا كَذَا قِيلَ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ أَوْ فَاسِدٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَبَبَ إنَّمَا كُرِهَ لَهَا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ لِئَلَّا تَذْهَبَ سَكِينَتُهُ وَإِذَا كَانَ الْخَبَبُ يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ السَّكِينَةِ فَكَيْفَ لَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي طُلِبَ فِيهَا الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ لَهُ أَدْنَى تَحْصِيلٍ اهـ بْن وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا الصَّوَابُ أَنَّهُ يَدِبُّ مِنْ غَيْرِ خَبَبٍ لِمُنَافَاتِهِ لِلْخُشُوعِ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ لَا يَخُبُّ فِيهَا فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ بِلَا إحْرَامٍ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ فِي الصَّفِّ وَإِذَا أَحْرَمَ خَارِجَ الصَّفِّ وَدَبَّ فِي رُكُوعِهِ أَدْرَكَهَا مَعَ أَنَّ الزَّمَنَ وَالْفِعْلَ وَاحِدٌ قُلْت إنَّ هَذَا الَّذِي خَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ إذَا تَمَادَى لِلصَّفِّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَشِيَ الْفَوَاتَ عِنْدَ عَدَمِ الدَّبِيبِ أَيْ الْمَشْيِ بِسُرْعَةٍ مِنْ غَيْرِ هَرْوَلَةٍ يُؤْمَرُ بِالرُّكُوعِ خَارِجَ الصَّفِّ وَيَدِبُّ فِي حَالَةِ رُكُوعِهِ وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ يَدِبُّ قَبْلَ الدُّخُولِ لِئَلَّا يَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَتَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ فَقُلْنَا لَهُ أَدْرَكَهَا ثُمَّ دَبَّ لِلصَّفِّ فَإِنْ أَدْرَكَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَدِبُّ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ إدْخَالِهَا لِلصَّفِّ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ لِآخِرِ فُرْجَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِجِهَةِ الدَّاخِلِ وَإِنْ كَانَتْ أُولَى بِالنِّسْبَةِ لِجِهَةِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ إنْ خَابَ ظَنُّهُ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ خَلْفَ الصَّفِّ طَامِعًا فِي إدْرَاكِهِ فَدَبَّ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِلصَّفِّ وَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَإِنَّهُ يَدِبُّ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى يُدْرِكَ الصَّفَّ. (قَوْلُهُ لَا قَائِمًا فِي رَفْعِهِ) مِنْ رُكُوعِ أُولَاهُ فَلَوْ دَبَّ فِي حَالِ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ أَنَّ الدَّبِيبَ مَظِنَّةُ الطُّولِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي الْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ أَوْ رَاكِعًا فِي أُولَاهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا إذْ لَوْ فَعَلَ تَجَافَتْ يَدَاهُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَدِبُّ سَاجِدًا وَلَا جَالِسًا اتِّفَاقًا وَيَدِبُّ فِي حَالِ قِيَامِهِ لِلثَّانِيَةِ وَهَلْ يَدِبُّ فِي حَالِ الرَّفْعِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى أَوْ لَا؟ خِلَافٌ وَهَلْ يَدِبُّ فِي حَالِ الرُّكُوعِ أَوْ لَا؟ خِلَافٌ وَقَدْ عَلِمْت الْمُعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَا سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُدْرِكُ الصَّفَّ بِدَبِيبِهِ فِي رُكُوعِ أُولَاهُ أَوْ تَرَكَ الدَّبِيبَ حَالَ الرُّكُوعِ فَلَا يَدِبُّ حَالَ سُجُودٍ لِأُولَاهُ وَلَا فِي حَالِ جُلُوسِهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهَا بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَقُومَ لِلثَّانِيَةِ وَيَدِبَّ فِي حَالِ قِيَامِهِ لَهَا. (قَوْلُهُ لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَعَلَى كُلٍّ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ مَعَهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ مَعَهُ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ حَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ) أَيْ بَعْدَ إحْرَامِهِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الرُّكُوعِ وَهَذَا الظَّرْفُ تَنَازَعَهُ الْأَفْعَالُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَهُ وَهِيَ تَحَقَّقَ وَرَفَعَ وَاسْتَقَلَّ (قَوْلُهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوعُ حِينَئِذٍ) أَيْ بَلْ يُحْرِمُ وَيَخِرُّ سَاجِدًا مَعَ الْإِمَامِ وَيُلْغِي تِلْكَ الرَّكْعَةَ النَّاقِصَةَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ رَكَعَ لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّفْعُ) أَيْ بَلْ يَهْوِي سَاجِدًا مِنْ ذَلِكَ الرُّكُوعِ بِدُونِ رَفْعٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَ أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا. (قَوْلُهُ لِظُهُورِ تَعَمُّدِ زِيَادَةِ الرُّكْنِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الرُّكُوعُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ. (قَوْلُهُ فَالْإِلْغَاءُ) أَيْ لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ بَطَلَتْ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ جَازِمًا بِالْإِدْرَاكِ أَوْ بِعَدَمِهِ أَوْ ظَانًّا الْإِدْرَاكَ أَوْ عَدَمَهُ أَوْ كَانَ شَاكًّا

بَلْ طَلَبُ الرَّفْعِ وَقِيلَ إنْ كَانَ حِينَ انْحِنَائِهِ جَازِمًا أَوْ ظَانًّا عَدَمَ الْإِدْرَاكِ بَطَلَتْ إنْ رَفَعَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَإِنْ كَانَ جَازِمًا بِالْإِدْرَاكِ أَوْ ظَانًّا لَهُ أَوْ شَاكًّا فِيهِ فَتَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ فَلَا يَرْفَعُ فَإِنْ رَفَعَ لَمْ تَبْطُلْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ ثَلَاثَةٌ بِالْمَنْطُوقِ وَاثْنَتَانِ بِالْمَفْهُومِ وَفِي الْخَامِسَةِ التَّفْصِيلُ الَّذِي عَلِمْته فَلْتُحْفَظْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّهَا مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَلَا حَاجَةَ لَك بِتَكْثِيرِ الصُّوَرِ بِأَنْ تَضْرِبَ الصُّوَرَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي أَحْوَالِ مَا قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ سِوَى تَشْتِيتِ الذِّهْنِ وَعَدَمِ ضَبْطِ الْمَسْأَلَةِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ ثُمَّ مَحَلُّ الْخَمْسَةِ إنْ أَتَى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كُلِّهَا مِنْ قِيَامٍ أَمَّا إنْ أَتَى بِهَا بَعْدَ انْحِنَائِهِ فَالرَّكْعَةُ تُلْغَى قَطْعًا وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَأَمَّا إنْ أَتَى بِهَا عِنْدَ انْحِنَائِهِ وَكَمَّلَهَا أَوْ بَعْدَهُ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ فَالتَّأْوِيلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِمَسْبُوقٍ فَتَأْوِيلَانِ. (وَإِنْ كَبَّرَ) مَنْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا (لِرُكُوعٍ) أَيْ فِيهِ أَوْ عِنْدَهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ (وَنَوَى بِهَا الْعَقْدَ) أَيْ الْإِحْرَامَ فَقَطْ (أَوْ نَوَاهُمَا) أَيْ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ بِهَذَا التَّكْبِيرِ (أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا) أَيْ لَمْ يَنْوِ بِهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا (أَجْزَأَهُ) التَّكْبِيرُ بِمَعْنَى الْإِحْرَامِ أَيْ صَحَّ إحْرَامُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَتُجْزِئُهُ الرَّكْعَةُ أَيْضًا إنْ أَتَى بِهِ كُلَّهُ مِنْ قِيَامٍ لَا إنْ أَتَى بِهِ بَعْدَ الِانْحِطَاطِ وَفِي حَالِهِ التَّأْوِيلَانِ هَذَا إنْ جَزَمَ بِإِدْرَاكِ الْإِمَامِ وَإِلَّا أَلْغَاهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْإِحْرَامَ بِتَكْبِيرِ الرُّكُوعِ (نَاسِيًا لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ) وُجُوبًا عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ جُمُعَةٍ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَقْطَعُ فِي الْجُمُعَةِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَفْهُومُ نَاسِيًا أَنَّ الْعَامِدَ يَقْطَعُ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْفَذَّ يَقْطَعَانِ وَيَسْتَأْنِفَانِ الْإِحْرَامَ مَتَى تَذَكَّرَ أَنَّهُمَا أَتَيَا بِالنِّيَّةِ فَقَطْ أَوْ كَبَّرَا لِلرُّكُوعِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُكَبِّرْ لِلرُّكُوعِ لَا يَتَمَادَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْإِدْرَاكِ أَوْ عَدَمِهِ. (قَوْلُهُ بَلْ طَلَبُ الرَّفْعِ) أَيْ بَلْ يُطْلَبُ الرَّفْعُ فِي الْأَحْوَالِ الْخَمْسَةِ الَّتِي قُلْنَاهَا فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ فَلَا تَبْطُلُ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ لِلْهَوَّارِيِّ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) الَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ زَرُّوقٌ. (قَوْلُهُ فِي أَحْوَالِ مَا قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) أَيْ وَهِيَ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ حِينَ التَّكْبِيرِ إمَّا جَازِمٌ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ أَوْ بِعَدَمِ إدْرَاكِهِ أَوْ يَظُنُّ إدْرَاكَهُ أَوْ يَظُنُّ عَدَمَ إدْرَاكِهِ أَوْ يَشُكُّ فِي الْإِدْرَاكِ وَعَدَمِهِ فَإِذَا أَحْرَمَ فَإِمَّا أَنْ يَظُنَّ الْإِدْرَاكَ أَوْ يَظُنَّ عَدَمَهُ أَوْ يَشُكَّ فِيهِ أَوْ يَجْزِمَ بِالْإِدْرَاكِ أَوْ بِعَدَمِهِ وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً. (قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخَمْسَةِ إلَخْ) صَوَابُهُ ثُمَّ مَحَلُّ صِحَّةِ الرَّكْعَةِ وَالِاعْتِدَادِ بِهَا إنْ جَزَمَ بِإِدْرَاكِهَا إنْ أَتَى إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهِ فَالرَّكْعَةُ بَاطِلَةٌ قَطْعًا وَلَا يَتَأَتَّى التَّأْوِيلَانِ بِصِحَّةِ الرَّكْعَةِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَنْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَسْبُوقًا بِرَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَا وَهَذَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي الْمَأْمُومِ لَا فِي الْفَذِّ وَلَا فِي الْإِمَامِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِمَّنْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْ فِيهِ أَوْ عِنْدَهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَامَ لِرُكُوعٍ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيلِ وَإِلَّا نَافَى مَا بَعْدَهُ بَلْ هِيَ بِمَعْنَى فِي أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ. (قَوْلُهُ أَيْ الْإِحْرَامُ) أَيْ الدُّخُولُ فِي حُرُمَاتِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ أَجْزَأَهُ) أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَظَاهِرٌ لِنِيَّتِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَالْإِحْرَامِ فِيهِمَا وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا انْصَرَفَ لِلْإِحْرَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَانْضَمَّتْ تِلْكَ النِّيَّةُ لِلتَّكْبِيرِ الَّذِي أَوْقَعَهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَشَأْنُ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ أَنْ لَا تُقَارِنَ النِّيَّةَ وَإِنَّمَا هَذَا شَأْنُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لَا إنْ أَتَى بِهِ بَعْدَ الِانْحِطَاطِ) أَيْ وَإِلَّا كَانَتْ الرَّكْعَةُ بَاطِلَةً. (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَلْغَاهَا) أَيْ وَإِلَّا يَجْزِمُ بِإِدْرَاكِ الْإِمَامِ بَلْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهِ أَلْغَاهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنَّهُ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ وَكَبَّرَ نَاوِيًا بِذَلِكَ التَّكْبِيرِ الرُّكُوعَ نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالتَّمَادِي مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ وَأَمَّا الْفَذُّ الَّذِي كَانَ أُمِّيًّا لَا يَقْرَأُ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ الْأُمِّيُّ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَادَى بَلْ يَقْطَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَيْ الْإِحْرَامِ) أَيْ بِمَعْنَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَنِسْيَانِهِ لَهَا وَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ كَمَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُجُوبًا أَيْ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ تت عَنْ الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَادَى نَدْبًا عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَقَوْلُهُ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ أَيْ خِلَافًا لِلْقَانِي الْقَائِلِ إنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ) وَهُوَ ابْنُ شِهَابٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ الْقَائِلَانِ بِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ عَنْ مَأْمُومِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ جُمُعَةٍ وَغَيْرِهَا) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَمَادَى الْمَأْمُومُ أَيْ تَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ تِلْكَ الصَّلَاةِ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأُولَى قَطَعَ وَابْتَدَأَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى تَمَادَى. (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يُخَالِفُ فِي كُلٍّ مِنْ التَّعْمِيمَيْنِ. (قَوْلُهُ أَنَّ الْعَامِدَ يَقْطَعُ) تَعْبِيرُهُ بِالْقَطْعِ يُشْعِرُ بِانْعِقَادِهَا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا وَأَنَّهُ تَجَوَّزَ بِالْقَطْعِ عَنْ الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَبَّرَ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَتَيَا بِالنِّيَّةِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ. (قَوْلُهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُكَبِّرْ إلَخْ) أَيْ بَلْ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ وَرَكَعَ وَلَمْ يُكَبِّرْ أَصْلًا لَا لِلْإِحْرَامِ وَلَا بِقَصْدِ الرُّكُوعِ وَقَوْلُهُ لَا يَتَمَادَى أَيْ

[فصل الاستخلاف في الصلاة]

(وَفِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ) أَيْ إذَا كَبَّرَ الْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ سَاجِدًا لِلسُّجُودِ نَاسِيًا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَهَلْ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وُجُوبًا ثُمَّ يُعِيدُهَا إنْ عَقَدَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَعْدَ هَذَا السُّجُودِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ يَقْطَعُ مُطْلَقًا عَقَدَ الرَّكْعَةَ أَمْ لَا (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ الثَّانِيَةَ اُتُّفِقَ عَلَى الْقَطْعِ كَذَا قِيلَ وَمُقْتَضَى النَّقْلِ الْإِطْلَاقُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَبَّرَ لِلسُّجُودِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَجْزَأَ عَلَى الرَّاجِحِ كَتَكْبِيرٍ بِرُكُوعٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ) الْمُصَلِّي تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَلَا الرُّكُوعِ نَاسِيًا بِأَنْ أَتَى بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ وَدَخَلَ مَعَهُ بِلَا تَكْبِيرِ إحْرَامٍ (اسْتَأْنَفَ) صَلَاتَهُ بِإِحْرَامٍ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِقَطْعٍ بِسَلَامٍ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا لِعَدَمِ حَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْدُوبَاتِ الْإِمَامِ وَكَانَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ طُولٌ أَفْرَدَهُ بِفَصْلٍ لِذِكْرِ حُكْمِهِ وَأَسْبَابِهِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالشُّرُوطِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ وَبَدَأَ بِحُكْمِهِ مُضَمِّنًا لَهُ أَسْبَابَهُ فَقَالَ. دَرْسٌ (فَصْلٌ) (نُدِبَ لِإِمَامٍ) ثَابِتَةٌ إمَامَتُهُ لَا مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ أَوْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ (خَشِيَ) بِتَمَادِيهِ (تَلَفَ مَالَ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إنْ خَشِيَ بِتَرْكِهِ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى مُطْلَقًا أَوْ لَمْ يَخْشَ وَكَثُرَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ لَمْ يَخْشَ وَضَاقَ الْوَقْتُ مُطْلَقًا أَوْ قَلَّ وَاتَّسَعَ تَمَادَى فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي الْقَطْعِ وَعَدَمِهِ الْمَأْمُومُ وَالْفَذُّ (أَوْ) خَشِيَ تَلَفَ أَوْ شِدَّةَ أَذَى (نَفْسٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ يَقْطَعُ وَيَسْتَأْنِفُ وَهَذَا الْمَفْهُومُ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ اسْتَأْنَفَ (قَوْلُهُ وَفِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ وَوَجَدَ الْإِمَامَ سَاجِدًا فَكَبَّرَ بِقَصْدِ السُّجُودِ نَاسِيًا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ تَرْكَهَا إلَّا بَعْدَ عَقْدِ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ لِذَلِكَ السُّجُودِ فَقِيلَ يَقْطَعُ وَقِيلَ لَا يَقْطَعُ وَيَتَمَادَى وُجُوبًا عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَ تَرْكَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الرَّكْعَةَ التَّالِيَةَ لِذَلِكَ السُّجُودِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا لَوْ نَوَى بِذَلِكَ التَّكْبِيرِ الْإِحْرَامَ أَوْ الْإِحْرَامَ وَالسُّجُودَ مَعًا أَوْ لَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ. (قَوْلُهُ أَنْ عَقَدَ) أَيْ إنْ تَذَكَّرَ تَرْكَهُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ إلَخْ وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ يَتَمَادَى. (قَوْلُهُ عَقَدَ الرَّكْعَةَ أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ قَبْلَ عَقْدِهَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ) أَيْ بِأَنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الثَّانِيَةَ اُتُّفِقَ عَلَى الْقَطْعِ، فَالْخِلَافُ مَحَلُّهُ إذَا حَصَلَ التَّذَكُّرُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ هَكَذَا ذَكَرَ عج وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَتَمَادَى مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَذَا قِيلَ وَمُقْتَضَى النَّقْلِ الْإِطْلَاقُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَابْنَ يُونُسَ وَاللَّخْمِيَّ نَقَلُوا عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إذَا كَبَّرَ لِلسُّجُودِ نَاسِيًا لِلْإِحْرَامِ تَمَادَى وَنَقَلَ سَنَدٌ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْطَعُ مَتَى مَا ذَكَرَ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ فَهُوَ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَعَلَى التَّمَادِي فَابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ نَقَلَا عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَتَمَادَى إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ قَطَعَ وَاللَّخْمِيُّ نَقَلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَتَمَادَى مُطْلَقًا كَمَا فِي الرُّكُوعِ وَهَذَا خِلَافٌ لَا تَرَدُّدٌ خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ اسْتَأْنَفَ) وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا لِعَدَمِ حَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ هُنَا بِوُجُوبِ تَمَادِي الْمَأْمُومِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابٍ بِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ مِثْلَ مَا قِيلَ فِيمَا إذَا كَبَّرَ عِنْدَ الرُّكُوعِ نَاوِيًا بِذَلِكَ التَّكْبِيرِ الرُّكُوعَ نَاسِيًا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِ هَذَا أَسْوَأَ حَالًا مِنْ ذَلِكَ لِتَرْكِ هَذَا التَّكْبِيرِ بِالْمَرَّةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ التَّكْبِيرُ فِي الْجُمْلَةِ فَتَأَمَّلْهُ [فَصَلِّ الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة] (قَوْلُهُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالشُّرُوطِ) أَيْ فِي بَعْضِ كُتُبِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ وَمَا يَفْعَلُهُ الْمُسْتَخْلِفُ) أَيْ مِنْ تَقَدُّمِهِ لِمَحَلِّ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ إنْ قَرُبَ وَمِنْ قِرَاءَتِهِ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَهُ. (قَوْلُهُ مُضَمِّنًا لَهُ أَسْبَابَهُ) أَيْ ضَامِنًا لِذَلِكَ الْحُكْمِ أَسْبَابَهُ. (فَصْلٌ فِي الِاسْتِخْلَافِ) . (قَوْلُهُ لِإِمَامٍ) مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ لَا بِاسْتِخْلَافٍ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَقَدُّمِ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ عَلَيْهِ مَعَ كَثْرَةِ الْفَصْلِ وَمَعْمُولُ الْمَصْدَرِ وَإِنْ جَازَ تَقَدُّمُهُ إذَا كَانَ ظَرْفًا لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ لَا مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ) أَيْ فَلَا يَسْتَخْلِفُ لِخَشْيَةِ تَلَفِ الْمَالِ أَوْ النَّفْسِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ مِنْ تَحَقُّقِ تَرْكِ النِّيَّةِ أَوْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ اتِّفَاقًا وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ إمَامَتُهُ بَلْ وَلَا دُخُولُهُ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ) كَانْفِلَاتِ دَابَّةٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَشْيَةِ الظَّنُّ وَالشَّكُّ لَا الْوَهْمُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ لِأَجْلِهِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ عبق قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ كَافِرًا وَلِذَا نُكِّرَ مَالٌ. (قَوْلُهُ إنْ خَشِيَ بِتَرْكِهِ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى) أَيْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَلَّ الْمَالُ أَوْ كَثُرَ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخْشَ وَضَاقَ الْوَقْتُ مُطْلَقًا) أَيْ قَلَّ الْمَالُ أَوْ كَثُرَ. (قَوْلُهُ الْمَأْمُومُ وَالْفَذُّ) أَيْ فَالْإِمَامُ إنَّمَا اخْتَصَّ بِنَدْبِ الِاسْتِخْلَافِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ أَوْ نَفْسٍ) أَيْ مَعْصُومَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَخَوْفِهِ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى أَنْ يَقَعَ

أَوْ مُنِعَ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ) عَنْ رُكْنٍ لَا سُنَّةٍ (أَوْ) مُنِعَ (الصَّلَاةَ بِرُعَافٍ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ إنْ أَوْجَبَ الْقَطْعَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَإِنْ اقْتَضَى الْبِنَاءَ مَعَ الْغُسْلِ اسْتَخْلَفَ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ الصَّلَاةِ بَلْ الْإِمَامَةِ فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ الصَّلَاةِ وَالْبَاءَ لَتَطَابَقَ النَّقْلُ أَيْ وَيَأْتِي بِهِمَا فِي قَوْلِهِ (أَوْ) مَنَعَ الصَّلَاةَ بِسَبَبِ (سَبْقِ حَدَثٍ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْهُ غَلَبَةً فِيهَا. (أَوْ) بِسَبَبِ (ذِكْرِهِ) أَيْ الْحَدَثِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ أَوْ نِسْيَانِهِ وَلَهُ نَظَائِرُ مِنْهَا مَنْ شَكَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ هَلْ دَخَلَهَا بِوُضُوءٍ أَوْ تَحَقَّقَ الْحَدَثَ وَالطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا وَمِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ الِاسْتِخْلَافُ بِالْإِمَامِ جُنُونُهُ أَوْ مَوْتُهُ (اسْتِخْلَافٌ) نَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ أَيْ نُدِبَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ (وَإِنْ) حَصَلَ سَبَبُهُ (بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ بِلَا تَسْمِيعٍ مِنْ الرُّكُوعِ وَبِلَا تَكْبِيرٍ مِنْ السُّجُودِ لِئَلَّا يَقْتَدُوا بِهِ وَإِنَّمَا يَرْفَعُ بِهِمْ الْخَلِيفَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي بِئْرٍ أَوْ نَارٍ فَيَهْلَكُ أَوْ يَحْصُلُ لَهُ شِدَّةُ أَذًى وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ شِدَّةُ أَذًى إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ " أَوْ " مَعَ مَا عَطَفْت وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُنِعَ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ) أَيْ كَعَجْزِهِ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَيْ طَرَيَان عَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ وَأَمَّا طَرَيَان عَجْزِهِ عَنْ الصُّورَةِ فَلَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الِاسْتِخْلَافِ وَقَوْلُهُ الْإِمَامَةَ نُصِبَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ مُنِعَ مِنْ الْإِمَامَةِ لِأَجْلِ طُرُوُّ عَجْزٍ أَوْ مُنِعَ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَبَبِ طُرُوُّ رُعَافٍ (قَوْلُهُ اعْتَرَضَ إلَخْ) قَدْ تَبِعَ الشَّارِحَ فِي ذَلِكَ عج وَشَيْخُهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَلَا مُسْتَنِدَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ التَّحْقِيقُ أَنَّ الرُّعَافَ مُقْتَضٍ لِلِاسْتِخْلَافِ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْقَطْعِ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَقَدْ شَهَّرَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا أَنَّ النَّجَاسَاتِ سَوَاءٌ تَذَكَّرَهَا أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ بَلْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ فِي رُعَافِ الْقَطْعِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُحْمَلُ عَلَى رُعَافِ الْقَطْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ رُعَافُ الْبِنَاءِ بِالْأَوْلَى وَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ لِمُوَافَقَةِ مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ أَوْ ذِكْرِهَا اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الرُّعَافَ الْمُوجِبَ لِلْقَطْعِ يُنْدَبُ فِيهِ الِاسْتِخْلَافُ لِلْإِمَامِ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِسَبَبِهِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَلِكَ سُقُوطُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ تَذَكُّرُهُ لَهَا فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالِاعْتِرَاضُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ التَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ الرُّعَافَ وَقَوْلُهُ إنْ أَوْجَبَ الْقَطْعَ أَيْ بِأَنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ وَلَطَّخَهُ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) أَيْ وَلَا اسْتِخْلَافَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى الْبِنَاءَ) أَيْ أَبَاحَ الْبِنَاءَ أَيْ بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُ فَتْلُهُ أَوْ لَمْ يَزِدْ عَنْ دِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ وَلَهَا نَظَائِرُ) أَيْ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِينَ وَنُدِبَ الِاسْتِخْلَافُ لَهُمْ مِنْ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ مَنْ شَكَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ هَلْ دَخَلَهَا بِوُضُوءٍ أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ اسْتَخْلَفَ وَخَرَجَ. (قَوْلُهُ أَوْ تَحَقَّقَ إلَخْ) وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ لعبق نَفْسِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ الْجَزْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّهُ يَتَمَادَى وَإِنْ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ نَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ) أَيْ وَهُوَ مَحَطُّ النَّدْبِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ اسْتِخْلَافٌ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبٍ مِنْ هَذِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ الِاسْتِخْلَافِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبٍ مِنْ هَذِهِ وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ الِاسْتِخْلَافُ وَيَدَعُ الْقَوْمَ هَمْلًا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُنْدَبُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ عِنْدَ عَدَمِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ الِاسْتِخْلَافِ لِلْإِمَامِ إذَا تَعَدَّدَ مَنْ خَلْفَهُ فَإِنْ كَانَ مَنْ خَلْفَهُ وَاحِدًا فَلَا إذْ لَا يَكُونُ خَلِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ فَيُتِمُّ وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَقِيلَ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَقِيلَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ خَلْفَهُ إذَا كَانَ وَاحِدًا وَحِينَئِذٍ فَيَعْمَلُ عَمَلَ الْخَلِيفَةِ فَإِذَا أَدْرَكَ رَجُلٌ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ وَقَدْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ إكْمَالِ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ كَصَلَاةِ الْفَذِّ وَلَا يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَقْطَعُهَا وَعَلَى الثَّالِثِ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَيَبْنِي فِيهَا عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ وَيَجْلِسُ بَعْدَهَا ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ الِاسْتِخْلَافُ لِمَنْعِ الْإِمَامَةِ لِعَجْزٍ وَإِلَّا اسْتَخْلَفَ مَنْ وَرَاءَهُ وَلَوْ وَاحِدًا لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ وَرَاءَهُ مُؤْتَمًّا كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ سَبَبُهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ خَشْيَةُ تَلَفِ الْمَالِ وَمَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ إلَخْ) أَيْ وَيَرْفَعُ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ وَهُوَ

فَيَدِبُّ كَذَلِكَ لِيَرْفَعَ بِهِمْ (وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاتُهُمْ (إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ) أَيْ بِرَفْعِ الْأَوَّلِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمُوا بِحَدَثِهِ حَالَ رَفْعِهِمْ مَعَهُ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْعَوْدِ مَعَ الْخَلِيفَةِ وَلَوْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْعُذْرِ فَإِنْ لَمْ يَعُودُوا لَمْ تَبْطُلْ إنْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْعُذْرِ وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ رُكُوعِهِ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ. وَإِنْ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ رُكُوعَهُ الْأَوَّلَ صَارَ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ حَيْثُ قَامَ مَقَامَ إمَامِهِ (وَ) نُدِبَ (لَهُمْ) الِاسْتِخْلَافُ (إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ) الْإِمَامُ (وَلَوْ أَشَارَ لَهُمْ بِالِانْتِظَارِ) حَتَّى يَرْجِعَ لَهُمْ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَشَارَ لَهُمْ بِذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُقَدِّمُوا غَيْرَهُ حَتَّى يَرْجِعَ فَيُتِمَّ بِهِمْ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ (وَ) نُدِبَ (اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ) مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ لِيَتَأَتَّى لَهُمْ اقْتِدَاءٌ بِهِ وَلِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَفْعَالِهِ (وَ) نُدِبَ (تَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ) سَبَقَهُ أَوْ ذَكَرَهُ (وَتَأَخَّرَ) الْأَوَّلُ (مُؤْتَمًّا) وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَخْلِفُ بِالْكَسْرِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ بِلَا تَسْمِيعٍ إنْ حَصَلَ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِخْلَافِ فِيهِ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ بِلَا تَكْبِيرٍ إنْ حَصَلَ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِخْلَافِ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَيَدِبُّ كَذَلِكَ) أَيْ فَيَدِبُّ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى يَأْتِيَ مَحَلَّ الْإِمَامِ ثُمَّ يَرْفَعَ بِهِمْ (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَهُ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْبُطْلَانُ مُخَرَّجٌ لِابْنِ بَشِيرٍ عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ اهـ بْن وَقَوْلُهُ إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ أَيْ وَكَذَا إنْ خَفَضُوا بِخَفْضِهِ قَبْلَهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ إلَخْ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ قَبْلَهُ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلِاسْتِخْلَافِ بِأَنْ حَدَثَ الْعُذْرُ فِي الرُّكُوعِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ وَرَفَعَ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ بِأَنْ كَانَ الْعُذْرُ حَصَلَ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَاسْتُخْلِفَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثُمَّ رَفَعَ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمُوا بِحَدَثِهِ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عبق وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ إذَا عَلِمُوا بِحَدَثِهِ وَرَفَعُوا مَعَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ حَيْثُ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ جَهْلًا أَوْ غَلَطًا فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ عَمْدًا مَعَ عِلْمِ حَدَثٍ فَالْبُطْلَانُ بِلَا خِلَافٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُمْ إذَا رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَفْعِ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَوْدِ مَعَ الْخَلِيفَةِ أَيْ فَيَرْكَعُونَ مَعَهُ وَيَرْفَعُونَ بِرَفْعِهِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ بِالْفَتْحِ يُعِيدُ الرُّكُوعَ وَيُعِيدُونَهُ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ مَعَ الْمَأْمُومِينَ قَدْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ لَمْ تَبْطُلْ إنْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ رَكَعُوا وَاطْمَأَنُّوا قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ الْبُطْلَانَ وَأَمَّا لَوْ كَانُوا لَمْ يَأْخُذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ الْعُذْرِ فَالْبُطْلَانُ قَوْلًا وَاحِدًا إنْ كَانَ تَرْكُهُمْ الْعَوْدَ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ لِعُذْرٍ وَفَاتَ التَّدَارُكُ بَطَلَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْأَوَّلِ) أَيْ قَبْلَ الْعُذْرِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ رُكُوعَهُ الْأَوَّلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْخَلِيفَةَ نَزَلَ مَنْزِلَةَ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ وَرُكُوعُ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَيَكُونُ رُكُوعُ الْخَلِيفَةِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لَهُمْ الِاسْتِخْلَافُ) أَيْ وَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا أَفْذَاذًا وَلَيْسَ مُقَابِلُهُ أَنَّ لَهُمْ الِانْتِظَارَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَبْطُلُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ مَبْنَى اعْتِرَاضِ ابْنِ غَازِيٍّ وَمَحَلُّ اسْتِخْلَافِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا بَعْدَ حُصُولِ مَانِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ فَعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا بَعْدَهُ ثُمَّ اسْتَخْلَفُوا بَطَلَتْ كَمَا حَكَى ح تَخْرِيجَ بَعْضِهِمْ لَهُ عَلَى امْتِنَاعِ الِاتِّبَاعِ بَعْدَ الْقَطْعِ فِي النَّحْوِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَشَارَ لَهُمْ إلَخْ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا انْصَرَفَ وَلَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا وَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اُمْكُثُوا لَكَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَقُومُوا حَتَّى يَرْجِعَ فَيُتِمَّ بِهِمْ اهـ فَلَوْ وَقَعَ وَأَشَارَ لَهُمْ بِالِانْتِظَارِ فَانْتَظَرُوهُ حَتَّى عَادَ وَأَتَمَّ بِهِمْ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَسَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هُنَا بَيَانُ نَدْب اسْتِخْلَافِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الِانْتِظَارِ بَلْ جَوَازُ عَدَمِ الِاسْتِخْلَافِ الصَّادِقِ بِجَوَازِ إتْمَامِهِمْ أَفْذَاذًا وَهُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَاسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ) أَيْ إلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ خَالَفَ الْأَوْلَى كَمَا فِي شب. (قَوْلُهُ لِيَتَأَتَّى لَهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) أَيْ بِسُهُولَةٍ وَإِلَّا فَاقْتِدَاؤُهُمْ يَتَأَتَّى بِغَيْرِ الْأَقْرَبِ وَلَوْ قَالَ لِيَسْهُلَ لَهُمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ فِي كَحَدَثٍ) أَيْ فِي اسْتِخْلَافِهِ لِعُذْرٍ مُبْطِلٍ لِصَلَاتِهِ كَحَدَثٍ سَبَقَهُ أَوْ ذَكَرَهُ أَوْ رُعَافٍ قَطَعَ فَيُشِيرُ لِمَنْ يُقَدِّمُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَتِرَ فِي خُرُوجِهِ وَأَمَّا اسْتِخْلَافُهُ لِعُذْرٍ لَا يُبْطِلُهَا كَرُعَافٍ بِنَاءً أَوْ عَجْزٍ فَتَرْكُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَتَأَخَّرَ مُؤْتَمًّا) الْمُرَادُ

(فِي الْعَجْزِ) عَنْ رُكْنٍ وَاغْتُفِرَ تَغْيِيرُ النِّيَّةِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ (وَ) نُدِبَ لَهُ (مَسْكُ أَنْفِهِ فِي) حَالِ (خُرُوجِهِ) لِيُوهِمَ أَنَّ بِهِ رُعَافًا (وَ) نُدِبَ (تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ (إنْ قَرُبَ) مِنْ مَوْضِعِ الْأَصْلِيِّ كَقُرْبِ مَا يَدِبُّ فِيهِ لِفُرْجَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا مُنِعَ وَإِذَا تَقَدَّمَ فَعَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا (وَإِنْ بِجُلُوسِهِ) أَوْ سُجُودِهِ لِلْعُذْرِ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ فِي عَدَمِ دَبِّهِ لِلصَّفِّ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا (وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ وَأَتَمَّ بِهِمْ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُمْ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ أَرْبَعَةَ فُرُوعٍ فَقَالَ (كَأَنْ اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ (وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ) . فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ بَطَلَتْ (أَوْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا) وَتَرَكُوا الْخَلِيفَةَ (أَوْ) أَتَمَّ (بَعْضُهُمْ) وُحْدَانًا وَالْبَعْضُ بِالْخَلِيفَةِ (أَوْ بِإِمَامَيْنِ) فَتَصِحُّ (إلَّا الْجُمُعَةَ) فَلَا تَصِحُّ وُحْدَانًا وَتَصِحُّ لِلْبَعْضِ الَّذِي بِالْإِمَامِ إنْ كَمَّلَ الْعَدَدَ وَأَمَّا فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ فَتَصِحُّ لِمَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ إنْ كَمُلَ مَعَهُ الْعَدَدُ فَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا صَحَّتْ لِلسَّابِقِ إنْ كَمُلَ مَعَهُ الْعَدَدُ وَإِنْ تَسَاوَيَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا فَتَأَمَّلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالتَّأْخِيرِ الصَّيْرُورَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وُجُوبًا لِأَنَّ التَّأَخُّرَ عَنْ الْمَحَلِّ مَنْدُوبٌ أَيْ وَصَارَ الْأَوَّلُ مُؤْتَمًّا أَوْ وَرَجَعَ الْأَوَّلُ مُؤْتَمًّا وُجُوبًا. (قَوْلُهُ فِي الْعَجْزِ) أَيْ فِي الِاسْتِخْلَافِ لِعَجْزٍ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ) أَيْ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ تَغْيِيرُ النِّيَّةِ هُنَا) أَيْ اُغْتُفِرَ كَوْنُ النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَوَّلًا لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ لِيُوهِمَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُوقِعَ فِي وَهْمٍ أَيْ ذِهْنِ مَنْ رَآهُ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ رُعَافٌ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الرِّيَاءِ وَالْكَذِبِ بَلْ مِنْ بَابِ التَّجَمُّلِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ تَكَلُّمِ النَّاسِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَهُ) أَيْ إلَى مَوْضِعِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ. (قَوْلُهُ إنْ قَرُبَ مِنْ مَوْضِعِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ كَالصَّفَّيْنِ فَإِنْ بَعُدَ مَحَلُّ الْخَلِيفَةِ مِنْ مَحَلِّ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ أَتَمَّ بِهِمْ الْخَلِيفَةُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يَمْشِي لِمَحَلِّ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْمَشْيَ الْكَثِيرَ يُفْسِدُهَا (قَوْلُهُ وَإِذَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَإِذَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ لِمَحَلِّ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ لِقُرْبِ مَحَلِّهِ مِنْ مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ فَعَلَى حَالَتِهِ) أَيْ فَيَتَقَدَّمُ وَهُوَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ كَوْنِهِ رَاكِعًا أَوْ رَافِعًا أَوْ جَالِسًا أَوْ سَاجِدًا (قَوْلُهُ لِلْعُذْرِ هُنَا) أَيْ وَهُوَ التَّمْيِيزُ لِئَلَّا يَحْصُلَ لَبْسٌ عَلَى الْقَوْمِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ تَعْيِينِ الْمُسْتَخْلَفِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ) أَيْ هَذَا إذَا تَقَدَّمَ غَيْرُهُ لِاشْتِبَاهٍ كَقَوْلِهِ يَا فُلَانُ يُرِيدُ وَاحِدًا وَفِي الْقَوْمِ أَكْثَرُ مِنْهُ يُسَمَّى بِاسْمِهِ فَتَقَدَّمَ وَأَمَّ بِهِمْ بَلْ وَإِنْ تَقَدَّمَ لِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ بَلْ عَمْدًا. (قَوْلُهُ صَحَّتْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ حَتَّى يَقْبَلَ وَيَفْعَلَ بِهِمْ بَعْضَ الْفِعْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ اللَّقَانِيُّ وَقِيلَ إنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ وَقَوْلِ الْمُسْتَخْلِفِ لَهُ يَا فُلَانُ تَقَدَّمَ حَصَلَ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ فَإِذَا تَقَدَّمَ حِينَئِذٍ غَيْرُهُ بَطَلَتْ وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ بَطَلَتْ) أَيْ فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ وَعَمِلُوا مَعَهُ عَمَلًا بَطَلَتْ إلَّا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ تَبْطُلُ وَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ إمَامًا حَتَّى يَعْمَلَ بِالْمَأْمُومِينَ عَمَلًا فِي الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانَ إمَامًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ كَمَا عِنْدَ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ لَبَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَلَوْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى اعْتَمَدَهَا عج وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ حَتَّى يَقْتَدُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا فَإِذَا اسْتَخْلَفَ لَهُمْ مَجْنُونًا وَاقْتَدَوْا بِهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ عَالِمِينَ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مَشَى عَلَيْهَا الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ أَوْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا وَتَرَكُوا الْخَلِيفَةَ) ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَلَوْ كَانُوا تَرَكُوا الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَإِنَّمَا صَحَّتْ لَهُمْ إذَا أَتَمُّوا وُحْدَانًا وَتَرَكُوا الْخَلِيفَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ كَالْأَصْلِ إلَّا إذَا اُتُّبِعَ أَيْ عَمِلُوا مَعَهُ عَمَلًا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ إثْمِهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ إذَا صَلَّوْا كُلُّهُمْ وُحْدَانًا مَعَ كَوْنِهِ اُسْتُخْلِفَ عَلَيْهِمْ وَصَلَّى الْخَلِيفَةُ وَحْدَهُ وَلَمْ يُدْرِكُوا مَعَ الْأَصْلِيِّ رَكْعَةً فَلِكُلٍّ مِنْ الْخَلِيفَةِ وَالْمَأْمُومِينَ أَنْ يُعِيدُوا فِي جَمَاعَةٍ وَبِهَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ شَخْصٌ صَلَّى بِنِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَمَأْمُومٌ صَلَّى بِنِيَّةِ الْمَأْمُومِيَّةِ وَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ أَوْ بِإِمَامَيْنِ) أَيْ وَقَدْ أَسَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ أَيْ فَعَلَتْ فِعْلًا حَرَامًا بِمَنْزِلَةِ جَمَاعَةٍ وَجَدُوا جَمَاعَةً يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ بِإِمَامٍ فَقَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ. (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ وُحْدَانًا) أَيْ لَا تَصِحُّ لِلْمُتِمِّينَ وُحْدَانًا لِفَقْدِ شَرْطِهَا مِنْ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلَوْ حَصَلَ الْعُذْرُ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَيْسُوا كَالْمَسْبُوقِ الَّذِي أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ يَقْضِي رَكْعَةً تَقَدَّمَتْ بِشَرْطِهَا بِخِلَافِهِمْ فَإِنَّ الرَّكْعَةَ الْمَأْتِيَّ بِهَا بِنَاءٌ وَلَا تَصِحُّ صَلَاةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْجُمُعَةِ مِمَّا هُوَ بِنَاءٌ فَذًّا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهَا تَصِحُّ لِلْمُتِمِّينَ وُحْدَانًا إذَا حَصَلَ الْعُذْرُ بَعْدَ رَكْعَةٍ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ. (قَوْلُهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُونَهَا جُمُعَةً مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا

[صحة الاستخلاف]

(وَقَرَأَ) الْخَلِيفَةُ (مِنْ انْتِهَاءِ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ (وَابْتَدَأَ) وُجُوبًا (بِسِرِّيَّةٍ) أَوْ جَهْرِيَّةٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) فَلَوْ قَالَ مِنْ انْتِهَاءِ (الْأَوَّلِ) إنْ عَلِمَ وَإِلَّا ابْتَدَأَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَأَشْمَلَ. (وَصِحَّتُهُ) أَيْ الِاسْتِخْلَافِ (بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ) تَمَامِ (الرُّكُوعِ) أَيْ بِأَنْ يُدْرِكَ الْمُسْتَخْلَفُ مَعَ الْأَصْلِيِّ قَبْلَ الْعُذْرِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا جَزَاءً قَبْلَ عَقْدِ الرُّكُوعِ بِأَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ أَوْ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ الْإِحْرَامِ فَمَنْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ بِمُجَرَّدِ تَكْبِيرِهِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ فِي السُّجُودِ صَحَّ اسْتِخْلَافُهُ أَوْ أَحْرَمَ حَالَ رَفْعِ الْإِمَامِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِهِ صَحَّ اسْتِخْلَافُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَسْتَمِرُّ رَاكِعًا وَيَرْكَعُ بِهِمْ ثَانِيًا إنْ رَفَعَ لِيَرْفَعَ بِهِمْ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ مُعْتَدٌّ بِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُنَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ فَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةٍ وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا وَاسْتَمَرَّ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى قَامَ لِمَا بَعْدَهَا فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا. (وَإِلَّا) يُدْرِكْ مَا قَبْلَ تَمَامِ الرُّكُوعِ بِأَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ الصَّادِقِ بِالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَغَفَلَ أَوْ نَعَسَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ وَجَوَابُ شَرْطِهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَبَطَلَتْ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ أَصَالَةً فَلَوْ أُجِيزَ اسْتِخْلَافُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَزِمَ ائْتِمَامُ الْمُفْتَرِضِ بِشِبْهِ الْمُتَنَفِّلِ لَا إنْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ فَصَحِيحَةٌ إنْ بَنَى عَلَى فِعْلِ الْأَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقَرَأَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ) أَيْ إنْ عَلِمَ بِانْتِهَاءِ قِرَاءَتِهِ كَمَا إذَا كَانَتْ جَهْرِيَّةً أَوْ أَخْبَرَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ قَدْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَى كَذَا أَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَسَمِعَ قِرَاءَتَهُ. (قَوْلُهُ وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ) خَصَّ السِّرِّيَّةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْجَهْرِيَّةَ شَأْنُهَا الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ فِيهَا قَالَهُ شَيْخُنَا [صِحَّة الِاسْتِخْلَاف] (قَوْلُهُ وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا) أَيْ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ قَبْلَ تَمَامِ الرُّكُوعِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ وَدَخَلَ مَعَهُ الْمَأْمُومُ فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُهُ أَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ مُنْحَنِيًا فَأَحْرَمَ وَهُوَ وَاقِفٌ فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ وَهُوَ مُنْحَنٍ قَبْلَ رُكُوعِ ذَلِكَ الْمَأْمُومِ أَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُنْحَنِيًا وَدَخَلَ مَعَهُ شَخْصٌ وَهُوَ مُنْحَنٍ فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ انْحِنَاءِ الْمَأْمُومِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ حَصَلَ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ أَوْ حَصَلَ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ وَقَبْلَ تَمَامِهِ فَإِذَا دَخَلَ مَعَهُ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ وَقَبْلَ تَمَامِهِ وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ التَّمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ فِيمَا ذُكِرَ وَيَأْتِي بِالرُّكُوعِ مِنْ أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ وَاسْتَخْلَفَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ مِنْهُ وَكَأَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الرَّفْعِ فَمَا يَأْتِي مِنْ السُّجُودِ مُعْتَدٌّ بِهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى اقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ كَانَ لَهُ اسْتِخْلَافُ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ قَبْلَ الْعُذْرِ بِكَثِيرٍ وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُ حِينَ حُصُولِهِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ بَعْدَ تَمَامِ الرَّفْعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إلَّا مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رُكُوعَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِأَنْ انْحَنَى مَعَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْعُذْرِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ كَمَا لَوْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَ تَمَامِ الرَّفْعِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ أَيْضًا بَعْدَ الرَّفْعِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ عَقْدِ الرُّكُوعِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ وَتَمَامُهُ يَكُونُ بِتَمَامِ الرَّفْعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَطْ) أَيْ كَمَا لَوْ جَاءَ الْمَأْمُومُ فَوَجَدَ الْإِمَامَ مُنْحَنِيًا فَدَخَلَ مَعَهُ وَهُوَ مُنْحَنٍ وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ انْحِنَاءِ الْمَأْمُومِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ حَصَلَ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَا قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ هَذَا إذَا كَانَ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ الْقِرَاءَةُ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ أَوْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ بِأَنْ حَصَلَ لَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ أَوْ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ مِنْهُ أَوْ فِي حَالَةِ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا) أَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْهُ بِأَنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ وَفِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَحَصَلَ لِلْإِمَامِ الْعُذْرُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَغَفَلَ أَوْ نَعَسَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ) أَيْ فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ رَفْعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ فِي بَاقِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَقِيَّتِهَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَهُمْ يَعْتَدُّونَ بِهِ فَاقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ كَاقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ) أَيْ وَإِنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ غَيْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ وَتَمَادَى بِالْقَوْمِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ السُّجُودِ إلَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ لِلْإِمَامِ وَلَوْ لَمْ يُحْدِثْ مَثَلًا فَصَارَ بِاسْتِخْلَافِهِ كَأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَذْهَبْ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ السُّجُودَ الَّذِي اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِيهِ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ فَحَصَلَ لَهُ فِيهِ الْعُذْرُ لَا يَعْتَدُّ بِهِ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ وَالْقَوْمُ يَعْتَدُّونَ بِهِ فَلَوْ أُجِيزَ إلَخْ. (قَوْلُهُ إنْ بَنَى عَلَى فِعْلِ الْأَصْلِ) أَيْ بِأَنْ أَتَى بِمَا كَانَ يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ لَوْ لَمْ

وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ نَاسِخِ الْمُبَيَّضَةِ سَهْوًا وَقَوْلُهُ (فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ) إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَحَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ هُنَا وَكَأَنَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ سَهْوًا وَمَسَاقُهُ هَكَذَا وَإِنْ جَاءَ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ وَأَحْرَمَ بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ جُزْءًا أَلْبَتَّةَ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ اتِّفَاقًا وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ مِنْهُمْ وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَاةً مُنْفَرِدًا بِأَنْ ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَبْنِ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ (أَوْ بَنَى) عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ ظَنًّا مِنْهُ صِحَّةَ الِاسْتِخْلَافِ وَكَانَ بِنَاؤُهُ (بِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مُطْلَقًا. (أَوْ الثَّالِثَةِ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ كَالْإِمَامِ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْفَرِدِ لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْجُلُوسِ وَقِيَامُهُ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ السُّنَنِ عَمْدًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ إذَا بَنَى فِي الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ تَكُونُ صَلَاتُهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى الْبِنَاءِ (وَإِلَّا) يَبْنِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ بِأَنْ بَنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْصُلْ لَهُ عُذْرٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ بِجَوَابِ الشَّرْطِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ (قَوْلُهُ فَحَقُّهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ) أَيْ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ وَقَوْلُهُ هُنَا أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ الْمُفَرَّعِ. (قَوْلُهُ وَأَحْرَمَ بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ) أَيْ أَحْرَمَ بَعْدَ حُصُولِ الْعُذْرِ مُقْتَدِيًا بِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ مُقْتَدِيًا بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِعُذْرِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِتَلَاعُبِهِ. (قَوْلُهُ فَكَأَجْنَبِيٍّ) الْكَافُ زَائِدٌ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ صَلَاةَ مُنْفَرِدٍ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَا إشْكَالَ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ قَالَ ح وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْخِلَافُ فِي صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ خَلْفَ شَخْصٍ يَظُنُّهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ مَا نَصُّهُ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَا نَصُّهُ وَلَوْ أَحْرَمَ قَوْمٌ قَبْلَ إمَامِهِمْ ثُمَّ أَحْدَثَ هُوَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَقَدَّمَ أَحَدَهُمْ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ صَلَّوْا فُرَادَى حَتَّى يُجَدِّدُوا إحْرَامًا اهـ بْن وَإِنَّمَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَإِذَا صَلَّوْا فُرَادَى لِاقْتِدَائِهِمْ بِمَنْ ظَنُّوهُ فِي صَلَاةٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبَلْ الِاسْتِخْلَافَ بَلْ صَلَّى نَاوِيًا الْفَذِّيَّةَ. (قَوْلُهُ أَوْ بَنَى عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ نَاوِيًا لِلْإِمَامَةِ وَالْمُرَادُ بِبِنَائِهِ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ بِنَاؤُهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ كَمَّلَهَا وَلَمْ يَبْتَدِئْهَا وَلَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ابْتَدَأَ بِالسُّورَةِ وَلَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ أَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ وَدَخَلَ مَعَهُ فَيَرْكَعُ وَإِنَّمَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَقَدْ خَلَتْ رَكْعَةٌ مِنْ صَلَاتِهِ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْجُلِّ فَإِنْ كَانَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً وَكَانَ الْبِنَاءُ فِي أُولَاهَا فَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ لِأَنَّهُ لَا جُلَّ لَهَا فَحَمَلَ قَوْلَهُ أَوْ بَنَى فِي الْأُولَى عَلَى مَا عَدَا الثُّنَائِيَّةِ وَقِيلَ بِالصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَعَلَى هَذَا يَتَمَشَّى قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى) الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالْأُولَى ظَرْفِيَّةٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ مَعَ اسْمِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَوْ حَالٌ أَيْ بَنَى حَالَ كَوْنِهِ مُسْتَخْلَفًا فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَتْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً أَوْ ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً. (قَوْلُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ كَالْإِمَامِ) يَعْنِي أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ فِي ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَفِي الرَّابِعَةِ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ كَمَا أَنَّ الْإِمَامَ الْأَصْلِيَّ كَانَ يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا فِيهَا لَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ لِاعْتِقَادِهِ صِحَّةَ الِاسْتِخْلَافِ جَهْلًا مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْقِرَاءَةِ بِمَا ذُكِرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ وَاسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ جَهْلًا مِنْهُ وَقَبِلَ هُوَ الِاسْتِخْلَافَ جَهْلًا مِنْهُ أَيْضًا ثُمَّ إنَّهُ بَنَى فِي الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ عَلَى مَا حَصَلَ مِنْ الْإِمَامِ مِنْ الْإِحْرَامِ فَقَطْ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَوْ مِنْ كُلِّهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ كَلَامَ عبق. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ بِنَاؤُهُ بِالثَّالِثَةِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى الْبِنَاءِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا بَنَى فِي الثَّالِثَةِ كَانَ مَا حَصَلَ فِيهِ النِّيَابَةُ عَنْ الْإِمَامِ بِالنَّظَرِ لِمَا اعْتَقَدَهُ جَهْلًا مِنْهُ مِنْ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَيَتْرُكُ السُّورَةَ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَا فِي الْحَقِيقَةِ أُولَيَيْنِ لَهُ وَمُقْتَضَى جَهْلِهِ أَنَّهُ يَقْضِي الْأُولَيَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَارِكَ السُّنَنِ عَمْدًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ اللَّتَيْنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ نَابَ فِيهِمَا عَنْ الْإِمَامِ إذْ هُمَا فِي الْوَاقِعِ أُولَيَانِ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا بَنَى فِي الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ

فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ (فَلَا) تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِاخْتِلَالِ نِظَامِهَا وَأَشْبَهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ قَوْلَهُ (كَعَوْدِ الْإِمَامِ) بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمُبْطِلِ لِصَلَاتِهِ (لِإِتْمَامِهَا) بِهِمْ فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ اسْتَخْلَفَ أَمْ لَا فَعَلُوا فِعْلًا قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُمْ أَمْ لَا إنْ كَانَ رُعَافٌ بِنَاءً فَلَا تَبْطُلُ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ (وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ مِنْ تَقْدِيمِ وَأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوهُ جَوَابَ الشَّرْطِ بَلْ قَدَّرُوهُ وَجَعَلُوا فَإِنْ صَلَّى مُفَرَّعًا عَلَى هَذَا لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا يُعْتَدُّ بِهِ يَسْتَحِيلُ بِنَاؤُهُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ. (وَ) إذَا اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مَسْبُوقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَكُونُ صَلَاتُهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَهُوَ تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَقْضِي الْأُولَيَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ عبق وَلِذَا قَالَ فِي المج ثُمَّ هُوَ إنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِقِيَامِ الْأُولَى أَوْ ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ صَحَّتْ لِجُلُوسِهِ بِمَحَلِّهِ وَلَا يَضُرُّهُ انْقِلَابُ الصَّلَاةِ فِي الصُّورَةِ. (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ. (قَوْلُهُ لِاخْتِلَالِ نِظَامِهَا) أَيْ لِجُلُوسِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْجُلُوسِ. (قَوْلُهُ كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَر وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالصِّحَّةِ ابْنُ رُشْدٍ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ بِالْبِنَاءِ فِي الْحَدَثِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ بُطْلَانُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِحَدَثِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَصَارَ مُبْتَدِئًا لَهَا مِنْ وَسَطِهَا وَعَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا قَبْلَهُ اهـ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: سَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَخْلَفَ لِحَدَثِهِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْرَجَ خَلِيفَتَهُ وَتَقَدَّمَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَجَلَسُوا حَتَّى يُتِمَّ لِنَفْسِهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ صَحَّتْ لِتَأْخِيرِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِقُدُومِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقَدُّمِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَصَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْخِلَافُ عَلَى الْإِمَامِ الرَّاعِفِ غَيْرِ الْبَانِي وَهْمٌ وَقُصُورٌ اهـ فَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ نَصٌّ فِي أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَصْرِهِ عَلَى رُعَافِ غَيْرِ الْبِنَاءِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعج مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْإِمَامِ الرَّاعِفِ الْبَانِي إذَا أَتَمَّ بِالْقَوْمِ بَعْدَ غَسْلِ دَمِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَادَ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ لِإِتْمَامِهَا بِهِمْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الْعُذْرُ حَدَثًا أَوْ رُعَافًا قَطْعًا وَبِنَاءً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْمَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا قَبْلَ عَوْدِهِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا فَعَلُوا فِعْلًا قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُمْ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا كَانَ الْعُذْرُ حَدَثًا أَوْ رُعَافًا مُوجِبًا لِلْقَطْعِ أَوْ رُعَافَ بِنَاءٍ وَقَدْ حَمَلَ عج كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُذْرُ حَدَثًا أَوْ رُعَافَ قَطْعٍ وَأَمَّا رُعَافُ الْبِنَاءِ فَلَا وَفِيهِ مَا عَلِمْته. (قَوْلُهُ اسْتَخْلَفَ أَمْ لَا) أَيْ اسْتَخْلَفَ لَهُمْ عِنْدَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ لَا إنْ كَانَ عُذْرُهُ الَّذِي اسْتَخْلَفَ لِأَجْلِهِ رُعَافَ بِنَاءٍ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمُبْطِلِ لِصَلَاتِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ) أَيْ قَبْلَ الْعُذْرِ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي وَقَعَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا. (قَوْلُهُ يَسْتَحِيلُ بِنَاؤُهُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ بِنَاءَهُ فِيهِمَا يَقْتَضِي إدْرَاكَهُ جُزْءًا مِنْهُمَا قَبْلَ الرَّفْعِ مِنْ رُكُوعِهِمَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا قَبْلَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ هَذَا خَلْفٌ (قَوْلُهُ وَإِذَا اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ) أَيْ الْأَصْلِيُّ

وَكَانَ فِيهِمْ مَسْبُوقٌ أَيْضًا وَأَتَمَّ الْخَلِيفَةُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاةِ الْأَوَّلِ وَأَشَارَ لَهُمْ أَنْ اجْلِسُوا وَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَ (جَلَسَ لِسَلَامِهِ) أَيْ إلَى سَلَامِ الْخَلِيفَةِ (الْمَسْبُوقِ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ إلَى أَنْ يُكْمِلَ صَلَاتَهُ وَيُسَلِّمَ فَيَقُومَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَطَلَتْ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ قَبْلَهُ لِقَضَائِهِ فِي صُلْبِ مَنْ صَارَ إمَامًا لَهُ وَأَشْبَهَ فِي وُجُوبِ الِانْتِظَارِ قَوْلَهُ (كَأَنْ سُبِقَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفُ وَحْدَهُ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ وَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ (لَا) يَجْلِسُ مَأْمُومٌ لِسَلَامِ الْخَلِيفَةِ (الْمُقِيمِ يَسْتَخْلِفُهُ) إمَامٌ (مُسَافِرٌ) عَلَى مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ كَيْفَ يَسْتَخْلِفُ مُقِيمًا مَعَ أَنَّ إمَامَةَ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ مَكْرُوهَةٌ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ (لِتَعَذُّرِ) اسْتِخْلَافِ (مُسَافِرٍ) لِعَدَمِ صَلَاحِيَتِهِ لِلْإِمَامَةِ (أَوْ جَهْلِهِ) أَيْ جَهْلِ تَعَيُّنِهِ مِنْ الْمُقِيمِ أَوْ جَهِلَ أَنَّهُ خَلْفَهُ (فَيُسَلِّمُ) الْمَأْمُومُ (الْمُسَافِرُ) عِنْدَ قِيَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ لِمَا عَلَيْهِ بَعْدَ إكْمَالِهِ لِصَلَاةِ الْأَوَّلِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ (وَيَقُومُ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُسَافِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ (لِلْقَضَاءِ) أَيْ لِلْإِتْيَانِ بِمَا عَلَيْهِ أَفْذَاذًا لِدُخُولِهِمْ عَلَى عَدَمِ السَّلَامِ مَعَ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَكَانَ فِيهِمْ) أَيْ فِي الْمَأْمُومِينَ وَقَوْلُهُ أَيْضًا كَالْخَلِيفَةِ أَيْ وَفِيهِمْ غَيْرُ مَسْبُوقٍ. (قَوْلُهُ وَأَشَارَ لَهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ كُلِّهِمْ مَسْبُوقِينَ وَغَيْرِ مَسْبُوقِينَ (قَوْلُهُ وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ) أَيْ وَإِذَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ جَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ أَيْ وَكَذَا غَيْرُ الْمَسْبُوقِ فَلَا يُسَلِّمُ قَبْلَ سَلَامِهِ. (قَوْلُهُ فَيَقُومُ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ) أَيْ فَإِذَا سَلَّمَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ قَامَ ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مُنْفَرِدًا وَسَلَّمَ غَيْرُ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْخَلِيفَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَطَلَتْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ وَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ عِنْدَ قِيَامِ الْخَلِيفَةِ لِلْقَضَاءِ بَطَلَتْ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لِلَّخْمِيِّ يُخَيَّرُ الْمَسْبُوقُ بَيْنَ أَنْ يَقُومَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ إذَا قَامَ الْخَلِيفَةُ لِلْقَضَاءِ قِيَاسًا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَوْ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِهِ إمَامًا فَيُسَلِّمُ مَعَهُ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا قَاضٍ وَالسَّلَامَانِ وَاحِدٌ أَوْ يَنْتَظِرُ فَرَاغَ إمَامِهِ مِنْ قَضَائِهِ ثُمَّ يَقْضِي مُنْفَرِدًا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ كَأَنْ سَبَقَ هُوَ) أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِأَجْلِ إفَادَةِ قَصْرِ السَّبْقِ فِي الْخَلِيفَةِ وَأَيْضًا لَوْ لَمْ يُبْرِزْ لَتَوَهَّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمَسْبُوقِ أَيْ كَأَنْ سَبَقَ الْمَسْبُوقُ وَلَا مَعْنَى لَهُ فَلِذَا أُبْرِزَ دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ أَيْ الْمُسْتَخْلِفِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ) أَيْ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ وَإِلَّا يَنْتَظِرُوهُ بَلْ سَلَّمُوا حِينَ قَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بَطَلَتْ وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّلَامَ مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ وَقَدْ حَلَّ هَذَا الْخَلِيفَةُ مَحَلَّهُ فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ الْقَوْمُ عَنْ إمَامَتِهِ لِغَيْرِ مَعْنًى يَقْتَضِيهِ وَانْتِظَارُ الْقَوْمِ لِفَرَاغِهِ مِنْ الْقَضَاءِ أَخَفُّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ إمَامَتِهِ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ يَسْتَخْلِفُ لَهُمْ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لَا الْمُقِيمِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ سَلَامٍ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْخَافِضِ أَيْ جَلَسَ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ لِسَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ لَا يَجْلِسُ الْمَأْمُومُ الْمَسْبُوقُ لِسَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ كَذَا قِيلَ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي تَقْيِيدَ الْمَأْمُومِ هُنَا بِالْمَسْبُوقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ يَجْلِسُ الْمَأْمُومُ لِانْتِظَارِهِ لَا الْخَلِيفَةُ الْمُقِيمُ أَوْ عَطْفًا عَلَى الْمَسْبُوقِ فَتَأَمَّلْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ الْمُسَافِرَ إذَا اسْتَخْلَفَ مُقِيمًا عَلَى مُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ وَأَكْمَلَ صَلَاةَ الْأَوَّلِ فَإِنَّ مَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ يَقُومُونَ لِإِتْمَامِ مَا عَلَيْهِمْ أَفْذَاذًا وَيُسَلِّمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ لِدُخُولِهِمْ عَلَى عَدَمِ السَّلَامِ مَعَ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا مَعَ الثَّانِي وَالْمُسَافِرُونَ يُسَلِّمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ عِنْدَ قِيَامِ ذَلِكَ الْمُسْتَخْلَفِ الْمُقِيمِ لِمَا عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَظِرُونَهُ لِلسَّلَامِ مَعَهُ إذْ لَمْ يَدْخُلْ هَذَا الْخَلِيفَةُ الْمُقِيمُ عَلَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْأَوَّلِ فِي السَّلَامِ حَتَّى يَنْتَظِرَهُ الْمُسَافِرُونَ لِيُسَلِّمَ بِسَلَامِهِ. (قَوْلُهُ وَيَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ) إطْلَاقُ الْقَضَاءِ عَلَى إتْيَانِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ هُنَا تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ مُكَمِّلٌ لِصَلَاتِهِ فَهَذَا بِنَاءٌ لَا قَضَاءٌ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ مَا فَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ وَهَذَا لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ مَعَ هَذَا الْإِمَامِ وَلَا مَعَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَوَّلِ صَلَاتِهِ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَقْتَدِيَ الْمَأْمُومُ الْمُقِيمُ بِهَذَا الْمُسْتَخْلَفِ الْمُقِيمِ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ الْمُسَافِرِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَانٍ فِيهِ قُلْت لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اقْتِدَاءِ شَخْصٍ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ بِإِمَامَيْنِ ثَانِيهُمَا غَيْرُ مُسْتَخْلَفٍ عَنْ الْأَوَّلِ فِيمَا يَفْعَلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُتِمُّ بِهِمَا الْمُقِيمُ صَلَاتَهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي السَّهْوِ وَأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ لِأَنَّهُ اسْتِخْلَافٌ حَقِيقَةً لِمَا سَبَقَ أَنَّ سَلَامَ الْإِمَامِ عِنْدَ سَحْنُونٍ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ فَلِذَا طَلَبَ مِنْ الْقَوْمِ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ مَأْمُومِي الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ فِيمَا هُوَ بَانٍ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَخْلِفُ بِالْكَسْرِ يَفْعَلُهُ أَمْ لَا وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيمَا هُوَ قَاضٍ فِيهِ فَإِذَا اسْتَخْلَفَ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا مَسْبُوقًا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِذَلِكَ الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ فِيمَا هُوَ بَانٍ فِيهِ مِمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ إذَا صَلَّى وَهِيَ الرَّكْعَةُ الَّتِي حَصَلَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا الَّتِي هِيَ ثَانِيَةٌ لِلْأَوَّلِ وَأُولَى

وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجْلِسُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ لِسَلَامِ الْخَلِيفَةِ كَالْمَسْبُوقِ الْمُتَقَدِّمِ. (وَإِنْ جَهِلَ) الْخَلِيفَةُ (مَا صَلَّى) الْأَوَّلُ وَقَدْ ذَهَبَ (أَشَارَ) لَهُمْ لِيُعْلِمُوهُ بِعَدَدِ مَا صَلَّى (فَأَشَارُوا) بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فَإِنْ فَهِمَ فَوَاضِحٌ (وَإِلَّا) يَفْهَمْ أَوْ كَانُوا فِي ظَلَامٍ (سَبَّحَ بِهِ) فَإِنْ فَهِمَ وَإِلَّا كَلَّمُوهُ (وَإِنْ قَالَ) الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ (لِلْمَسْبُوقِ) الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ (أَسْقَطْت رُكُوعًا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُبْطِلُ الرَّكْعَةَ (عَمِلَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ (مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ) بِأَنْ عَلِمَ صِحَّةَ قَوْلِهِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّهَا أَوْ تَوَهَّمَهَا وَأَمَّا مَنْ عَلِمَ خِلَافَهُ مِنْ مَأْمُومٍ وَمُسْتَخْلَفٍ فَيَعْمَلُ عَلَى مَا عَلِمَ (وَسَجَدَ) الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ عَلَى الْأَوْجُهِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا بِقَوْلِ الْإِمَامِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ السَّلَامِ لَكِنْ عَقِبَ فَرَاغِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ وَقَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ هُوَ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ (إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلثَّانِي الْمُسْتَخْلَفِ وَمِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ وَهُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَخْلَفَ بَانٍ فِيهِمَا وَأَمَّا الرَّكْعَةُ الرَّابِعَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا ذَلِكَ الْمُسْتَخْلَفُ بَدَلًا عَنْ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ وَهِيَ رَكْعَةُ الْقَضَاءِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهَا فَإِذَا كَانَ اقْتَدَى بِهِ أَجْنَبِيٌّ فِي شَيْءٍ مِنْ رَكَعَاتِ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ إذَا قَامَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ لِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ فَإِذَا أَتَى بِهَا وَسَلَّمَ قَامَ ذَلِكَ الْمُقْتَدِي الْأَجْنَبِيُّ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ كَذَا ذَكَرَ عبق وَالْحَقُّ خِلَافُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأَجْنَبِيِّ بِهِ إلَّا فِيمَا يَبْنِي فِيهِ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْمُسْتَخْلِفُ بِالْكَسْرِ لَا فِيمَا لَا يَفْعَلُهُ وَلَا فِيمَا هُوَ فِيهِ قَاضٍ فَيَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي حَصَلَ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا الَّتِي هِيَ ثَانِيَةُ الْمُسْتَخْلِفِ وَأُولَى لِلْخَلِيفَةِ وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الْخَلِيفَةُ دُونَ الْمُسْتَخْلِفِ وَهُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِيهِمَا كَمَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي الرَّابِعَةِ وَهِيَ رَكْعَةُ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَالْمِصْرِيِّينَ قَاطِبَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ لِسَلَامِ الْخَلِيفَةِ) أَيْ فَإِذَا سَلَّمَ الْخَلِيفَةُ سَلَّمَ مَعَهُ الْمُسَافِرُ وَقَامَ الْمُقِيمُ لِلْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ عَدَدَ مَا صَلَّى. (قَوْلُهُ فَأَشَارُوا بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ) أَيْ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِعَدَدِ مَا صَلَّى فَإِنْ جَهِلُوا أَيْضًا عَمِلَ عَلَى الْمُحَقَّقِ وَلَوْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَيُلْغِي غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَفْهَمُ) أَيْ وَإِلَّا يَفْهَمُ مَا أَشَارُوا لَهُ بِهِ وَهَذَا مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ فَهِمَ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا إلَخْ. (قَوْلُهُ سَبَّحَ بِهِ) أَيْ لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ إفْهَامِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِعَدَدِ مَا صَلَّى فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى وَاحِدَةً سَبَّحُوا لَهُ مَرَّةً وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَاءَ عَلَى حَالِهَا وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ سَبَّحُوا بِعَدَدِهِ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ التَّسْبِيحِ عَلَى الْإِشَارَةِ إذَا تَحَقَّقَ حُصُولُ الْإِفْهَامِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْإِفْهَامُ يَحْصُلُ بِالتَّسْبِيحِ أَيْضًا أَوْ تَحَقَّقَ عَدَمُ حُصُولِهِ بِهِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْبُطْلَانِ فِي الثَّانِيَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن. (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَلَّمُوهُ) أَيْ كَمَا فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُبْطِلٍ لَهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ إنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا وَلَوْ لِإِصْلَاحِهَا قَالَ عبق وَيَضُرُّ تَقْدِيمُ الْكَلَامِ عَلَى التَّسْبِيحِ أَوْ الْإِشَارَةِ إذَا كَانَ يُوجَدُ الْفَهْمُ بِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ) أَيْ مُطْلَقًا مَسْبُوقِينَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ) أَيْ فَإِذَا حَصَلَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَعْلَمُوا خِلَافَ مَا قَالَ الْمُسْتَخْلِفُ جَعَلُوا الثَّانِيَةَ أُولَى وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ وَمُسْتَخْلِفٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ عَلَى مَا عَلِمَ) أَيْ مِنْ خِلَافِ قَوْلِهِ فَإِذَا اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ ثَانِيَةِ الظُّهْرِ وَقَالَ لَهُ الْأَصْلِيُّ بَعْدَ مَا اسْتَخْلَفَهُ قَدْ أَسْقَطْت رُكُوعًا مِنْ الْأُولَى وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَخْلِفُ خِلَافَ قَوْلِهِ فَمَنْ عَلِمَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ خِلَافَ قَوْلِهِ فَلَا يَجْلِسُ مَعَ الْخَلِيفَةِ بَعْدَ فِعْلِ الثَّالِثَةِ الَّتِي صَارَتْ ثَانِيَةً وَيَجْلِسُ مَعَهُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بَعْدَ الثَّالِثَةِ الَّتِي جَلَسَ فِيهَا بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَمَنْ عَلِمَ خِلَافَهُ يَجْلِسُ فِيهَا لِأَنَّهَا رَابِعَتُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ يَقُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَتَبِعَهُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَالسُّجُودِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ دُونَ مَنْ عَلِمَ فَإِذَا سَجَدَ الْإِمَامُ قَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمَ مَعَهُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَكَذَا مَنْ عَلِمَ خِلَافَهُ وَإِنَّمَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الْمُلْغَاةِ هَذَا حُكْمُ مَا إذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ مَعَ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَبَعْضُهُمْ يَعْلَمُ خِلَافَهُ فَلَوْ كَانَ الَّذِي يَعْلَمُ خِلَافَهُ الْخَلِيفَةُ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ فِي الثَّالِثَةِ وَيَقُومُ الْمَأْمُومُونَ ثُمَّ إذَا أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ الثَّالِثَةِ الَّتِي جَلَسَ فِيهَا فَإِنَّهُمْ يَجْلِسُونَ دُونَهُ ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَلَا يَتْبَعُهُ فِيهَا أَحَدٌ وَهَذَا قَوْلٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ فِي الْجُلُوسِ وَفِي الرَّكْعَةِ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ

[فصل في أحكام صلاة السفر]

كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا مَثَلًا فَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ قَدْ بَطَلَتْ وَصَارَ اسْتِخْلَافُهُ عَلَى ثَانِيَةِ الْإِمَامِ وَقَدْ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى فَتَصِيرُ الثَّانِيَةُ أُولَى وَالثَّالِثَةُ ثَانِيَةً وَهِيَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ الزِّيَادَةُ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ قَبْلَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا فَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ. وَكَذَا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ فِي الرَّابِعَةِ وَعَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثَةِ سَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ وَقَوْلُهُ (بَعْدَ) كَمَالِ (صَلَاةِ إمَامِهِ) وَقَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سُجُودِ إمَامِهِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ وَهَذَا نَائِبُهُ فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ (سُنَّ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (لِمُسَافِرٍ) رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (غَيْرِ عَاصٍ بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ فَيَمْنَعُ قَصْرَ عَاصٍ بِهِ كَآبِقٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَعَاقٍّ فَإِنْ تَابَ قَصَرَ إنْ بَقِيَ بَعْدَهَا الْمَسَافَةَ وَإِنْ عَصَى بِهِ فِي أَثْنَائِهِ وَأَتَمَّ وُجُوبًا حِينَئِذٍ فَإِنْ قَصَرَ لَمْ يُعِدْ عَلَى الْأَصْوَبِ (وَ) غَيْرُهُ (لَاهٍ) بِهِ وَكُرِهَ قَصْرُ اللَّاهِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ قَصَرَ لَمْ يُعِدْ بِالْأُولَى مِنْ الْعَاصِي بِهِ (أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) مَعْمُولُ مُسَافِرٍ بَيَانٌ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ كُلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمِيلَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْخِلَافِ فِي هَلْ سَهْوُ الْإِمَامِ عَمَّا لَا يَحْمِلُهُ عَنْ الْمَأْمُومِينَ سَهْوٌ لَهُمْ وَإِنْ هُمْ فَعَلُوهُ أَوْ لَيْسَ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُغْنِي عَنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ إلَخْ وَأَعَادَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ إلَخْ وَإِنَّمَا فَرَضَهَا فِي الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ فِي أَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِ الْمُسْتَخْلِفِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ إذْ لَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ. (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِلنَّفْيِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَيْ الَّتِي اسْتَخْلَفَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَقَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ هُوَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ اسْتِخْلَافُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَ لَهُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الثَّالِثَةَ أَسْقَطْت رُكُوعًا مِنْ الْأُولَى فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسْجُدُ الْقَبْلِيَّ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَقِبَ إتْمَامِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَصَلَاتِهِ هُوَ لِأَنَّ إتْمَامَ صَلَاةِ إمَامِهِ إتْمَامٌ لَهُ إذْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ رَجَعَتْ ثَانِيَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَصَيْرُورَتُهُ مَسْبُوقًا بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ وَصَارَ اسْتِخْلَافُهُ عَلَى ثَانِيَةِ الْإِمَامِ وَقَدْ قَرَأَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ) أَيْ وَجَلَسَ لِأَنَّهُ حِينَ أَخْبَرَهُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ وَقَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ لِلرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ ثُمَّ يُكْمِلُ صَلَاةَ إمَامِهِ بِرَكْعَتَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فَإِذَا تَشَهَّدَ بَعْدَهُمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ قَامَ لِرَكْعَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمَ مَعَهُ مَنْ عَلِمَ خِلَافَ مَا قَالَ الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَيَتْبَعُهُ فِي السُّجُودِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَ قَوْلِهِ دُونَ مَنْ عَلِمَ خِلَافَ قَوْلِهِ. (قَوْلُهُ فَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ نَقْصٌ) أَيْ لِلسُّورَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ وَزِيَادَةٌ أَيْ لِلرَّكْعَةِ الْمُلْغَاةِ. (قَوْلُهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ) أَيْ بَعْدَ كَمَالِ صَلَاةِ إمَامِهِ هَذَا وَاضِحٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ وَقَدْ يُقَالُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَيَصِيرُ مَطْلُوبًا بِمَا يُطْلَبُ بِهِ الْإِمَامُ فَيُطْلَبُ حِينَئِذٍ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ مَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ بِغَيْرِ مَا هُنَا كَذَا فِي عبق وخش [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ] (فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ) (قَوْلُهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ قَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ كَوْنُهُ سُنَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ اهـ وَقِيلَ إنَّ الْقَصْرَ فَرْضٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ مُبَاحٌ وَعَلَى السُّنِّيَّةِ فَفِي آكَدِيَّتِهَا عَلَى سُنِّيَّةِ الْجَمَاعَةِ وَعَكْسِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا تَعَارَضَا كَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُسَافِرُ أَحَدًا يَأْتَمُّ بِهِ إلَّا مُقِيمًا فَهَلْ لَا يَأْتَمُّ بِهِ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةَ الِائْتِمَامِ بِهِ فِيمَا يَأْتِي أَوْ يَأْتَمُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ بَلْ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ لِمُسَافِرٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ كَانَ بِطَيَرَانٍ أَوْ بِخُطْوَةٍ فَمَنْ كَانَ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ الْآتِيَةَ بِسَفَرِهِ قَصَرَ وَلَوْ كَانَ يَقْطَعُهَا فِي لَحْظَةٍ بِطَيَرَانٍ وَنَحْوِهِ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُسَافِرِ مُرِيدَ السَّفَرِ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ. (قَوْلُهُ غَيْرُ عَاصٍ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِهِ أَنَّ الْعَاصِيَ فِيهِ كَالزَّانِي وَشَارِبِ الْخَمْرِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ عَصَى بِهِ) أَيْ طَرَأَ لَهُ الْعِصْيَانُ فِي أَثْنَائِهِ. (قَوْلُهُ أَتَمَّ وُجُوبًا) أَيْ وَلَا يَقْصُرُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَصَرَ) أَيْ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ سَوَاءٌ كَانَ عِصْيَانُهُ فِي أَوَّلِ السَّفَرِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمَسَافَةَ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي قَصْرِ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ قَوْلَيْنِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَفِي قَصْرِ اللَّاهِي قَوْلَيْنِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ وَالرَّاجِحُ فِيهِ الْحُرْمَةُ فِي الْعَاصِي وَالْكَرَاهَةُ فِي اللَّاهِي فَلَوْ قَصَرَ الْعَاصِي فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصْوَبِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح وَغَيْرُهُ فَقَوْلُ خش فَإِنْ قَصَرَ الْعَاصِي أَعَادَ أَبَدًا عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ قَصَرَ اللَّاهِي أَعَادَ فِي

وَهِيَ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ مَرْحَلَتَانِ أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْإِبِلِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ عَلَى الْمُعْتَادِ. (وَلَوْ) كَانَ سَفَرُهَا (بِبَحْرٍ) أَيْ جَمِيعُهَا أَوْ بَعْضُهَا تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ حَيْثُ كَانَ السَّيْرُ فِيهِ بِالْمَجَاذِيفِ أَوْ بِهَا وَبِالرِّيحِ كَأَنْ كَانَ بِالرِّيحِ فَقَطْ وَتَأَخَّرَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ أَوْ تَقَدَّمَتْ وَكَانَتْ قَدْرَ الْمَسَافَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَنْزِلَ الْبَحْرَ وَيَسِيرَ بِالرِّيحِ وَكَانَ فِيهِ الْمَسَافَةُ مُعْتَبَرَةٌ (ذَهَابًا) أَيْ غَيْرَ مَضْمُومٍ إلَيْهَا الرُّجُوعُ (قُصِدَتْ) تِلْكَ الْمَسَافَةُ (دَفْعَةً) بِفَتْحِ الدَّالِ فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَصْلًا كَهَائِمٍ وَطَالِبِ رَعْيٍ أَوْ قُصِدَتْ لَا دَفْعَةً بَلْ نَوَى إقَامَةً فِي أَثْنَائِهَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ لَمْ يَقْصُرْ (إنْ عَدَّى) أَيْ جَاوَزَ (الْبَلَدِيُّ) أَيْ الْحَضَرِيُّ (الْبَسَاتِينَ) الْمُتَّصِلَةَ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَرْتَفِقَ سُكَّانُهُمَا بِالْبَلَدِ ارْتِفَاقَ الِاتِّصَالِ مِنْ نَارٍ وَطَبْخٍ وَخَبْزٍ (الْمَسْكُونَةَ) بِالْأَهْلِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْعَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْتِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَهِيَ) الْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ. (قَوْلُهُ يَوْمَيْنِ مُتَعَادِلَيْنِ) هَذَا هُوَ مَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَقَوْلُهُ أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ هُوَ مَا لِلشَّاذِلِيِّ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لخش فِي كَبِيرِهِ أَنَّ الْيَوْمَ يُعْتَبَرُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ لِلسَّيْرِ غَالِبًا لَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيُغْتَفَرُ وَقْتُ النُّزُولِ الْمُعْتَادِ لِرَاحَةٍ أَوْ إصْلَاحِ مَتَاعٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهَا بِبَحْرٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّحْدِيدِ بِالْمَسَافَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْعِبْرَةُ فِي الْبَحْرِ بِالزَّمَانِ مُطْلَقًا وَلِمَنْ قَالَ الْعِبْرَةُ فِيهِ بِالزَّمَانِ إنْ سَافَرَ فِيهِ لَا بِجَانِبِ الْبَرِّ وَإِنْ سَافَرَ بِجَانِبِهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَلَيْسَتْ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةً لِمُسَافِرٍ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي قَصْرِ الْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ تَقَدَّمَتْ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْعَوْفِيُّ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَبَهْرَامُ وَاعْتَمَدَهُ عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُلَفِّقُ بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَسَافَتَيْنِ مَسَافَةَ قَصْرٍ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى أَوْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا مَسَافَةَ قَصْرٍ إذَا كَانَ السَّيْرُ فِي الْبَحْرِ بِالْمَقَاذِيفِ أَوْ بِهَا وَبِالرِّيحِ وَكَذَا إنْ كَانَ بِالرِّيحِ فَقَطْ وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ مُتَقَدِّمَةً أَوْ تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ وَتَأَخَّرَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ عَلَى حِدَّتِهَا مَسَافَةً شَرْعِيَّةً فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَنْزِلَ الْبَحْرَ وَيَسِيرَ بِالرِّيحِ لِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ الرِّيحِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ فِيهِ الْمَسَافَةُ شَرْعِيَّةً عَلَى حِدَتِهِ ذَهَابًا وَمُقَابِلُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ إنَّهُ إذَا اتَّفَقَ لِلشَّخْصِ سَفَرُ بَرٍّ وَبَحْرٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَيُلَفِّقُ مَسَافَةَ الْبَرِّ لِمَسَافَةِ الْبَحْرِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَتَحَصَّلَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْبَحْرَ قِيلَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَسَافَةُ بَلْ الزَّمَانُ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ بِاعْتِبَارِهَا فِيهِ كَالْبَرِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ إذَا سَافَرَ وَكَانَ بَعْضُ سَفَرِهِ فِي الْبَرِّ وَبَعْضُ سَفَرِهِ فِي الْبَحْرِ فَقِيلَ يُلَفِّقُ مَسَافَةَ أَحَدِهِمَا لِمَسَافَةِ الْآخَرِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ عَلَى مَا مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ حَتَّى يَنْزِلَ الْبَحْرَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ الرِّيحِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ ذَهَابًا) حَالٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا ذَا ذَهَابٍ أَوْ يُؤَوَّلُ ذَهَابًا بِمَذْهُوبًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مَذْهُوبًا فِيهَا أَوْ أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِحَالٍ مَحْذُوفَةٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فَلَوْ كَانَتْ مُلَفَّقَةً مِنْ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ لَمْ يَقْصُرْ. (قَوْلُهُ قُصِدَتْ دَفْعَةً) الْمُرَادُ بِقَصْدِهَا دَفْعَةً أَنْ لَا يَنْوِيَ أَنْ يُقِيمَ فِيمَا بَيْنَهَا إقَامَةً تُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فَمَنْ قَصَدَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ وَنَوَى أَنْ يَسِيرَ مِنْهَا بُرْدَيْنِ ثُمَّ يُقِيمَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ ثُمَّ يُسَافِرَ بَاقِيَهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ فَإِنْ نَوَى إقَامَةَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا قُصِدَتْ دَفْعَةً أَنْ يَقْصِدَ قَطْعَهَا فِي سَيْرَةٍ وَاحِدَةٍ بِحَيْثُ لَا يُقِيمُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهَا أَصْلًا لِأَنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَصْلًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِسَفَرِهِ تِلْكَ الْمَسَافَةَ أَصْلًا (قَوْلُهُ إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ الْبَسَاتِينَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ تَعْدِيَتَهَا إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا وَكَانَ مُحَاذِيًا لَهَا وَإِلَّا فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ كَذَا فِي عبق وَفِي بْن أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا إلَّا إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا إنْ سَافَرَ مِنْ غَيْرِ نَاحِيَتِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَلَوْ كَانَ مُحَاذِيًا لَهَا إذْ غَايَةُ الْبَسَاتِينِ أَنْ تَكُونَ كَجُزْءٍ مِنْ الْبَلَدِ (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْقَرْيَتَانِ اللَّتَانِ يَرْتَفِقُ أَهْلُ إحْدَاهُمَا بِأَهْلِ الْأُخْرَى بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَكُلُّ قَرْيَةٍ تُعْتَبَرُ بِمُفْرَدِهَا إنْ كَانَ عَدَمُ الِارْتِفَاقِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ وَفِي شب إذَا كَانَ بَعْضُ سَاكِنِيهَا يَرْتَفِقُ بِالْبَلَدِ الْأُخْرَى كَالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ دُونَ الْآخَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كُلَّهَا كَحُكْمِ الْمُتَّصِلَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ الْحَضَرِيُّ)

وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَزَارِعِ أَوْ الْبَسَاتِينِ الْمُنْفَصِلَةِ أَوْ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَارِسِ وَالْعَامِلِ فِيهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ حَتَّى يَبْرُزَ مِنْ قَرْيَتِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) بِحَمْلِ قَوْلِهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ عَلَى مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثَةِ فِي قَرْيَتِهَا (وَ) إنْ عَدَّى (الْعَمُودِيُّ حِلَّتَهُ) أَيْ بُيُوتَ حِلَّتِهِ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوْ الدَّارُ فَقَطْ (وَ) إنْ (انْفَصَلَ غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ الْبَلَدِيِّ وَالْعَمُودِيِّ عَنْ مَكَانِهِ كَسَاكِنِ الْجِبَالِ وَقَرْيَةٍ لَا بَسَاتِينَ بِهَا مُتَّصِلَةً (قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ) نَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ لَا صُبْحٍ وَمَغْرِبٍ (وَقْتِيَّةٍ) أَيْ سَافَرَ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ الضَّرُورِيِّ فَيَقْصُرُ الظُّهْرَيْنِ مَنْ عَدَّى الْبَسَاتِينَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ وَلَوْ أَخَّرَهُمَا عَمْدًا وَلِرَكْعَتَيْنِ أَوْ رَكْعَةٍ صَلَّى الْعَصْرَ فَقَطْ سَفَرِيَّةً (أَوْ فَائِتَةً فِيهِ) أَيْ فِي السَّفَرِ وَلَوْ أَدَّاهَا فِي الْحَضَرِ وَلَا فَائِتَةَ فِي الْحَضَرِ فَحَضَرِيَّةٌ وَلَوْ أَدَّاهَا بِسَفَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَهُ بْن الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ إذْ الْمُرَادُ بِالْبَلَدِيِّ مَنْ كَانَ يُكْمِلُ الصَّلَاةَ فِي الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ حَضَرِيًّا أَوْ بَدَوِيًّا فَإِذَا دَخَلَ الْبَلَدِيُّ بَلَدًا وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ ثُمَّ أَرَادَ الِارْتِحَالَ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَ الْبَسَاتِينَ إذَا سَافَرَ مِنْ نَاحِيَتِهَا. (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَزَارِعِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَكَذَا مَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَارِسِ إلَخْ) أَيْ لَا عِبْرَةَ بِإِقَامَتِهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْبَلَدِ. (قَوْلُهُ وَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ حَتَّى يَبْرُزَ مِنْ قَرْيَتِهِ) أَيْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ بُرُوزِهِ مِنْ الْقَرْيَةِ مُجَاوَزَتُهَا بِالْمَرَّةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا جَاوَزَ مَا فِي حُكْمِهَا مِنْ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَزَارِعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ سُورٌ وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بِنَائِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَيَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ وَاخْتُلِفَ هَلْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ خِلَافٌ أَيْ أَوْ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مُوَافِقَةٌ لِلْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَّ قَوْلَهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ بِمُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ وَإِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ أَيْ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ مُطْلَقًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَتْ تَفْسِيرًا لَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْأَرْبَعَةُ بُرُدٍ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهَلْ تُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْصُرُ حَتَّى يُجَاوِزَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ لَا تُحْسَبُ مِنْ جُمْلَتِهَا وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَالَ عبق وخش وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ أَيْ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ فِي قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ حَيْثُ لَمْ تَزِدْ الْبَسَاتِينُ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهَا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ تَزِيدُ عَلَى الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ فَيَجْرِي فِيهَا التَّأْوِيلَانِ فِي اعْتِبَارِ مُجَاوَزَتِهَا وَعَدَمِهِ وَرَدَّ هَذَا بْن بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ فَإِذَا زَادَتْ الْبَسَاتِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ زَادَتْ الثَّلَاثَةُ أَمْيَالٍ عَلَى الْبَسَاتِينِ الْمَسْكُونَةِ جَرَى الْخِلَافُ فِيهِمَا وَنُقِلَ عَنْ الْمَوَّاقِ وَعَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) أَيْ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا وَلَوْ فِي زَمَنٍ مِنْ دُونِ زَمَنِ كَذَا فِي عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ظَاهِرَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ مَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ تُقَامُ فِيهَا بِالْفِعْلِ دَائِمًا. (قَوْلُهُ وَالْعَمُودِيُّ) أَيْ وَهُوَ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ بَيْتَهُ عَلَى عُمُدٍ وَقَوْلُهُ حِلَّتَهُ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ مَحَلَّتُهُ وَهِيَ مَنْزِلُ قَوْمِهِ فَالْحِلَّةُ وَالْمَنْزِلُ بِمَعْنًى. (قَوْلُهُ حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوْ الدَّارُ فَقَطْ) الْمُرَادُ بِالْحَيِّ الْقَبِيلَةُ وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ الْمَنْزِلُ الَّذِي يَنْزِلُونَ فِيهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ أَوْ الدَّارِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ إلَّا إذَا جَاوَزَ جَمِيعَ الْبُيُوتِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْأَبْنِيَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْفَضَاءِ لَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَةِ جَمِيعِ الْبُيُوتِ وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ فِرْقَةٍ فِي دَارٍ فَإِنَّهَا تَعْتَبِرُ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا حَيْثُ كَانَ لَا يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَإِلَّا فَهُمْ كَأَهْلِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُمْ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ حِلَّتِهِ هُوَ. (قَوْلُهُ كَسَاكِنِ الْجِبَالِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ مَحَلَّهُ وَسَاكِنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي لَا بَسَاتِينَ بِهَا مَسْكُونَةً فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا جَاوَزَ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ وَالْأَبْنِيَةَ الْخَرَابَ الَّتِي فِي طَرَفِهَا وَكَذَلِكَ سَاكِنُ الْبَسَاتِينِ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ عَنْ مَسْكَنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْبَسَاتِينُ مُتَّصِلَةً بِالْبَلَدِ أَوْ مُنْفَصِلَةً عَنْهَا. (قَوْلُهُ وَقْتِيَّةٌ) فِيهِ أَنَّ الْأَوْلَى إبْدَالُهُ بِحَاضِرَةٍ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ إنَّمَا تُقَابِلُ الْحَاضِرَةَ لَا الْوَقْتِيَّةَ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ وَقْتِيَّةٌ

(وَإِنْ) كَانَ الْمُسَافِرُ (نُوتِيًّا) أَيْ خَادِمَ سَفِينَةٍ سَافَرَ (بِأَهْلِهِ) ثُمَّ بَيَّنَ نِهَايَةَ الْقَصْرِ بِقَوْلِهِ (إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ) أَيْ جِنْسِهِ فَيَصْدُقُ بِعَوْدِهِ لِمَا قَصَرَ مِنْهُ وَبِدُخُولِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى (لَا أَقَلَّ) مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَلَا يَقْصُرُ أَيْ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا وَصَحَّتْ فِي أَرْبَعِينَ إلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَلَا إعَادَةَ قَطْعًا وَإِنْ حَرُمَ وَتَصِحُّ فِيمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا إعَادَةَ. وَقِيلَ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا كَمَكِّيٍّ) وَمَنْوِيٍّ وَمُزْدَلِفِيٍّ وَمُحَصَّبِيٍّ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ (فِي خُرُوجِهِ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِعَرَفَةَ) لِلْحَجِّ (وَ) فِي (رُجُوعِهِ) لِبَلَدِهِ حَيْثُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ النُّسُكِ بِغَيْرِهَا وَإِلَّا أَتَمَّ حَالَ رُجُوعِهِ كَمَنْوِيٍّ رَاجِعٍ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ لِمِنًى لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الرَّمْيِ إنَّمَا هُوَ فِي مَحَلِّهِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ وَرُجُوعِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ يُتِمُّ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَ يَعْمَلُ بِغَيْرِهِ عَمَلًا كَمَكِّيٍّ رَجَعَ يَوْمَ النَّحْرِ لِمَكَّةَ لِلْإِفَاضَةِ وَيَقْصُرُ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الْعَرَفِيِّ لِقَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْمَكِّيِّ فَيَقْصُرُ فِي خُرُوجِهِ مِنْهَا لِلنُّسُكِ مِنْ إفَاضَةٍ وَغَيْرِهَا وَيُتِمُّ بِهَا ثُمَّ سُنَّ الْقَصْرُ لِمَنْ ذَكَرَ مَعَ قَصْرِ الْمَسَافَةِ لِلسُّنَّةِ (وَلَا) يَقْصُرُ (رَاجِعٌ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَحَلِّهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنًا أَوْ مَحَلَّ إقَامَةٍ (لِدُونِهَا) أَيْ دُونِ الْمَسَافَةِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ يُعْتَبَرُ سَفَرًا بِنَفْسِهِ هَذَا إنْ رَجَعَ تَارِكًا لِلسَّفَرِ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ صَحِيحَةٌ بَلْ. (وَلَوْ) رَجَعَ (لِشَيْءٍ نَسِيَهُ) وَيَعُودُ لِسَفَرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْوَقْتُ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِوَقْتِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَحْرَى غَيْرُ النُّوتِيِّ إذَا سَافَرَ بِأَهْلِهِ وَالنُّوتِيُّ إذَا سَافَرَ بِأَهْلِهِ بِغَيْرِ أَهْلِهِ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ (قَوْلُهُ إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَعْنَى حَتَّى يَأْتِيَ الْمَكَانَ الَّذِي قَصَرَ مِنْهُ فِي خُرُوجِهِ فَإِذَا أَتَاهُ أَتَمَّ وَحِينَئِذٍ فَمُنْتَهَى الْقَصْرِ فِي الرُّجُوعِ وَهُوَ مَبْدَؤُهُ فِي الْخُرُوجِ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَقْصُرْ حَتَّى يَدْخُلَ الْبُيُوتَ أَوْ قُرْبَهَا فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ لَيْسَ كَمَبْدَئِهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ فِي الذَّهَابِ لَا فِي الرُّجُوعِ فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْهُ أَيْ يَقْصُرُ إذَا بَلَغَ مُنْتَهَى سَفَرِهِ إلَى نَظِيرِ مَحَلِّ الْبَدْءِ فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ الْمُرَادُ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ لِبَدْءِ الْقَصْرِ مِنْهُ فِي حَقِّ مَنْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ وَهُوَ الْبَسَاتِينُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ أَوْ الْمَحَلَّةِ فِي الْبَدْوِيِّ وَمَحَلُّ الِانْفِصَالِ فِي غَيْرِهِمَا وَأَمَّا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مُنْتَهَى السَّفَرِ فِي الرُّجُوعِ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ الْقُرْبُ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَى الْعَطْفِ وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْعَطْفَ تَفْسِيرِيٌّ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُخُولِهَا الدُّنُوُّ وَالْقُرْبُ مِنْهَا وَالْمُرَادُ بِالْقُرْبِ أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ وَمِنْهَا أَنَّ الدُّخُولَ لِمَنْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا وَقَوْلُهُ أَوْ قُرْبَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا لِاسْتِرَاحَةٍ مَثَلًا وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يَدْخُلَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَارِبَهَا قَوْلٌ آخَرُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْمِيلِ وَعَلَيْهِ الْعَصْرُ وَلَمْ يَدْخُلْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُصَلِّي الْعَصْرَ سَفَرِيَّةً وَعَلَى الثَّانِي حَضَرِيَّةً وَأَمَّا شَارِحُنَا فَجَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمُنْتَهَى السَّفَرِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى شُمُولِهِ لِمُنْتَهَاهُ فِي الرُّجُوعِ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ جِنْسِهِ) أَيْ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَحَلِّ جِنْسِ الْبَدْءِ فَيَصْدُقَ بِعَوْدِهِ لِلْبَلَدِ الَّذِي قَصَرَ مِنْهُ وَهِيَ الَّتِي ابْتَدَأَ السَّيْرَ مِنْهَا وَهِيَ النِّهَايَةُ فِي الرُّجُوعِ وَبِدُخُولِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى أَيْ وَهِيَ مُنْتَهَى السَّفَرِ فِي الذَّهَابِ. (قَوْلُهُ أَيْ يَحْرُمُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْقَصْرُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ الصَّادِقُ بِجَوَازِهِ وَنَدْبِهِ. (قَوْلُهُ وَتَبْطُلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَصْرَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْإِعَادَةِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ بَلْ مَتَى كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ وَأَفْطَرَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَأَوِّلًا. (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ فِيمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ فِي حَالِ خُرُوجِهِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ أَنْ لَوْ كَانَ فِيهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ إلَخْ) أَيْ كَمَكِّيٍّ فِي حَالِ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى لِبَلَدِهِ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ يَعْمَلُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ النُّزُولُ بِالْمُحَصَّبِ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّقْيِيدِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النُّسُكِ لَا بِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ كَمَا فِي ح فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَكُلٌّ مِنْ الْمُحَصِّبِيِّ وَالْمُزْدَلِفِيِّ يَقْصُرُ فِي حَالِ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى لِبَلَدِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْمَكِّيِّ) أَيْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ مَالِكٍ وَمُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّ الْعُرْفِيَّ لَا يَقْصُرُ وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ (قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ صَحِيحَةٌ) أَيْ صَلَاتُهُ الَّتِي صَلَّاهَا مَقْصُورَةً قَبْلَ رُجُوعِهِ صَحِيحَةٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِدُونِهَا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَهَا قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ يُعْتَبَرُ سَفَرًا بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ) قَالَ طفى هَذَا إذَا رَجَعَ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ رَجَعَ لِغَيْرِهِ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ لَقَصَرَ فِي رُجُوعِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ بْن وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ

(وَلَا) يَقْصُرُ (عَادِلٌ عَنْ) طَرِيقٍ (قَصِيرٍ) دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ إلَى طَوِيلٍ فِيهِ الْمَسَافَةُ (بِلَا عُذْرٍ) بَلْ لِمُجَرَّدِ قَصْدِ الْقَصْرِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ فَإِنْ عَدَلَ لِعُذْرٍ أَوْ لِأَمْرٍ وَلَوْ مُبَاحًا فِيمَا يَظْهَرُ قَصَرَ (وَلَا هَائِمٌ) وَهُوَ الْمُتَجَرِّدُ السَّائِحُ فِي الْأَرْضِ أَيُّ بَلَدٍ طَابَتْ لَهُ أَقَامَ فِيهَا مَا شَاءَ (وَ) لَا (طَالِبُ رَعْيٍ) يَرْتَعُ حَيْثُ وَجَدَ الْكَلَأَ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (قَطْعَ الْمَسَافَةِ) الشَّرْعِيَّةِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ لِلْهَائِمِ وَلِلرَّاعِي أَيْ وَقَدْ عَزَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ (وَلَا مُنْفَصِلٌ) عَنْ الْبَلَدِ (يَنْتَظِرُ رُفْقَةً) يُسَافِرُ مَعَهُمْ (إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا) أَوْ بِمَجِيئِهَا لَهُ قَبْلَ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَوْ عَزَمَ عَلَى السَّيْرِ دُونَهَا لَكِنْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ تَحَقَّقَ مَجِيئَهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَتَمَّ. (وَقَطَعَهُ) أَيْ الْقَصْرَ أَحَدُ أُمُورٍ خَمْسَةٍ أَوَّلُهَا (دُخُولُ بَلَدِهِ) الرَّاجِعِ هُوَ إلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ وَطَنَهُ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إنْ دَخَلَ اخْتِيَارًا بَلْ (وَإِنْ) دَخَلَ مَغْلُوبًا (بِرِيحٍ) مِنْ بَحْرٍ بِخِلَافِ رَدِّهِ بِغَاصِبٍ فَلَا قَطْعَ لِإِمْكَانِ الْخَلَاصِ مِنْهُ بِخِلَافِ الرِّيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ (إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ) مِنْ الْبِلَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا رَجَعَ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ سَفَرَهُ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَدْخُلْ قَبْلَ رُجُوعِهِ وَطَنَهُ الَّذِي نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَإِنْ دَخَلَهُ فَلَا خِلَافَ فِي إتْمَامِهِ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَلَا عَادِلٌ عَنْ قَصِيرٍ) مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ ح مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْرِ اللَّاهِي أَنَّهُ إذَا قَصَرَ لَا يُعِيدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الْقَصِيرِ لِلطَّوِيلِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَفِي التَّوْضِيحِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّاهِيَ بِصَيْدٍ وَشَبَهِهِ لَا يَقْصُرُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقْصُرُ فَلَا شَكَّ فِي قَصْرِ هَذَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُتَجَرِّدُ) أَيْ عَنْ التَّعَلُّقِ بِالدُّنْيَا. (قَوْلُهُ يَرْتَفِعُ) أَيْ يُقِيمُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا خَرَجَ سَائِحًا فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَصِلَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَثَلًا أَوْ سَافَرَ طَالِبًا لِلرَّعْيِ إلَّا أَنْ يَصِلَ لِغَزَّةَ مَثَلًا فَلَهُ الْقَصْرُ حَيْثُ عَلِمَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ قَبْلَ غَزَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ (قَوْلُهُ وَلَا مُنْفَصِلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ قَبْلَ مَسَافَتِهِ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً لَاحِقَةً لَهُ فَإِنْ جَزَمَ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ دُونَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ مَجِيئِهَا فَإِنَّهُ لَا يَقْصُرُ بَلْ يُتِمُّ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ لَهَا فَإِنْ نَوَى انْتِظَارَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ تَأْتِ سَافَرَ دُونَهَا أَوْ جَزَمَ بِمَجِيئِهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَصَرَ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ لَهَا. (قَوْلُهُ لَكِنْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أَيْ بِأَنْ جَلَسَ فِي انْتِظَارِهَا وَعَزَمَ عَلَى أَنَّهَا إنْ جَاءَتْ فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَافَرَ مَعَهَا فَإِنْ لَمْ تَأْتِ سَافَرَ دُونَهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا تَبَعًا لح وَابْنِ غَازِيٍّ وطفى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّخُولِ هُنَا الدُّخُولُ النَّاشِئُ عَنْ الرُّجُوعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَرَجَعَ إلَخْ وَفِي الْآتِيَةِ بِالدُّخُولِ النَّاشِئِ عَنْ الْمُرُورِ فَلَا تَكْرَارَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ خِلَافًا لِلْمَوَّاقِ وعبق وَحَيْثُ حَمَلَا عَلَى دُخُولِ الْمُرُورِ فِيهِمَا فَلَزِمَهُمْ التَّكْرَارُ وَمَا دَفَعُوهُ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِبَلَدِهِ بَلَدُهُ أَصَالَةً وَبِوَطَنِهِ مَحَلٌّ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِنِيَّةِ السَّكَنِ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ إلَخْ بَعِيدٌ مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى مَا لِابْنِ غَازِيٍّ فَالرِّيحُ هُنَا أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الرُّجُوعِ وَفِي الَّتِي بَعْدُ أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الْمُرُورِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وعبق الرِّيحُ أَلْجَأَتْهُ لِدُخُولِ الْمُرُورِ فِيهِمَا ثُمَّ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ رُجُوعُهُ بَعْدَ أَنْ سَارَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ بِدَلِيلِ إسْنَادِهِ الْقَطْعَ لِلدُّخُولِ أَيْ فَلَا يَزَالُ فِي رُجُوعِهِ يَقْصُرُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ فَيَنْقَطِعَ الْقَصْرُ خِلَافًا لِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ح مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ الرُّجُوعُ مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَأَنَّ مُجَرَّدَ الْأَخْذِ فِي الرُّجُوعِ يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَفِيهِ التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا رَاجِعَ لِدُونِهَا. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ وَطَنُهُ) أَيْ مُقِيمًا فِيهَا بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ كَانَتْ بَلَدُهُ الْأَصْلِيَّةُ أَوْ غَيْرَهَا وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ مَكَثَ فِيهَا مُدَّةً طَوِيلَةً لَا بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ وَبِهَذَا التَّعْمِيمِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ لِصُورَتَيْنِ وَالْمُسْتَثْنَى إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ دُخُولُ الْبَلَدِ قَاطِعًا لِلْقَصْرِ لِأَنَّ دُخُولَ الْبَلَدِ مَظِنَّةٌ لِلْإِقَامَةِ فَإِذَا كَفَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي قَطْعِ الْقَصْرِ فَالْفِعْلُ الْمُحَصِّلُ لَهَا بِالظَّنِّ أَوْلَى. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِرِيحٍ) بَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى سَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ غَلَبَتْهُ الرِّيحُ وَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ وَمِثْلُ الرِّيحِ جُمُوحُ الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ الْخَلَاصِ مِنْهُ) أَيْ بِحِيلَةٍ كَأَنْ يَهْرَبَ مِنْهُ أَوْ يَسْتَشْفِعَ بِآخَرَ أَوْ يَسْتَعِينَ عَلَيْهِ بِأَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ بِمَظِنَّةِ عَدَمِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ حِينَئِذٍ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الرِّيحِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُ مَعَهَا حِيلَةٌ. (قَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ) أَيْ فِي هَذَا الْفَرْقِ الَّذِي فَرَّقُوا بِهِ بَيْنَ الرِّيحِ وَالْغَاصِبِ هَلْ هُوَ مُفِيدٌ لِلْمَقْصُودِ أَوْ لِعَكْسِهِ كَمَا ادَّعَاهُ شب قَالَ شَيْخُنَا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي كَوْنُهُ مُفِيدِ الْعَكْسِ الْمَقْصُودِ كَمَا ادَّعَاهُ شب. (قَوْلُهُ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ إلَخْ) حَمَلَهُ ح وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ وَأَقَامَ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَوْطَنَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمَ بِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ يُتِمُّ فِي يَوْمَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَقْصُرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ فِيهَا أَكْسَبَتْهَا حُكْمَ الْوَطَنِ وَوَجَّهَ الثَّانِيَ بِأَنَّهَا

يَعْنِي مُقِيمًا بِهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ كَالْمُجَاوِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ بِمَكَّةَ وَلَوْ قَالَ إلَّا مُقِيمًا بِبَلَدٍ كَانَ أَوْضَحَ (رَفَضَ سُكْنَاهَا) وَخَرَجَ مِنْهَا لِلتَّوَطُّنِ بِغَيْرِهَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ (وَرَجَعَ) لَهَا بَعْدَ سَيْرِ الْمَسَافَةِ أَوْ دُونَهَا (نَاوِيًا السَّفَرَ) فَيَقْصُرُ فِي إقَامَتِهِ بِهَا إقَامَةً غَيْرَ قَاطِعَةٍ وَمِثْلُ نِيَةِ السَّفَرِ خُلُوُّ الذِّهْنِ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ ثَانِيهَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَقَطَعَهُ) أَيْضًا (دُخُولُ وَطَنِهِ) الْمَارِّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ وَطَنِهِ وَسَافَرَ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَوَطَنُهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ دَخَلَهُ فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ ثَالِثُهَا قَوْلُهُ. (أَوْ) دُخُولُ (مَكَانِ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا فَقَطْ) قَيْدٌ فِي " دَخَلَ " إذْ مَا بِهِ سُرِّيَّةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي زَوْجَةٍ أَيْضًا يَحْتَرِزُ بِهِ عَنْ الْأَقَارِبِ كَأُمٍّ أَوْ أَبٍ وَإِنَّمَا كَانَ مَكَانُ الزَّوْجَةِ قَاطِعًا لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوَطَنِ (وَإِنْ) كَانَ دُخُولُهُ (بِرِيحٍ غَالِبَةٍ) أَلْجَأَتْهُ لِذَلِكَ (وَ) رَابِعُهَا (نِيَّةُ دُخُولِهِ) وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ الَّذِي فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ (وَلَيْسَ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ (وَبَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ (الْمَسَافَةُ) الشَّرْعِيَّةُ كَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَوَطَنُهُ أَوْ مَكَانُ زَوْجَتِهِ الْجِعْرَانَةِ مَثَلًا وَسَافَرَ مِنْ مَكَّةَ لِلْمَدِينَةِ وَنَوَى حِينَ خُرُوجِهِ أَنْ يَدْخُلَ الْجِعْرَانَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجِعْرَانَةِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهَا ثُمَّ إذَا خَرَجَ اعْتَبَرَ بَاقِيَ سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ وَإِلَّا أَتَمَّ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَكَانِ الْمَسَافَةُ قَصَرَ وَاعْتَبَرَ بَاقِيَ سَفَرِهِ أَيْضًا فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُنَا أَيْ بَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا طَرَأَتْ نِيَّةُ الدُّخُولِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى الْقَصْرِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولَهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَتْ وَطَنَهُ حَقِيقَةً وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَمَلَ طفى كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَكِنْ اعْتَرَضَ قَوْلَهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهِيَ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ وَطَنِ سُكْنَاهُ لِمَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ رَافِضًا سُكْنَى وَطَنِهِ ثُمَّ رَجَعَ لَهُ غَيْرَ نَاوٍ الْإِقَامَةَ كَانَ نَاوِيًا لِلسَّفَرِ أَوْ خَالِيَ الذِّهْنِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ فَإِنْ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهُ أَتَمَّ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ طفى وَغَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّوَطُّنُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا شَرْطًا مُعْتَبَرًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ يَعْنِي مُقِيمًا بِهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ) أَيْ فَالتَّوَطُّنُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي حَمْلَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا يَكُونُ قَوْلُهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ جَعْلُ التَّوَطُّنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَرْعِ ابْنُ الْمَوَّازِ. (قَوْلُهُ أَوْ دُونَهَا) لَا يُقَالُ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَى الرَّاجِعِ إلَيْهَا كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ سَيْرِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ إذْ لَوْ رَجَعَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَأَتَمَّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا (قَوْلُهُ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَ نَاوِيًا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ دُخُولَ بَلَدِهِ أَوْ وَطَنِهِ يَقْطَعُ الْقَصْرَ وَلَوْ كَانَ نَاوِيًا لِلسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا فَإِنْ رَفَضَ سُكْنَاهَا فَلَا يَكُونُ دُخُولُهُ مُوجِبًا لِلْإِمَامِ إلَّا إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الرَّفْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا أَهْلٌ حِينَ الرَّفْضِ فَإِنْ كَانَ بِهَا لَهُ أَهْلٌ أَيْ زَوْجَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. (قَوْلُهُ وَقَطَعَهُ دُخُولُ وَطَنِهِ أَوْ مَكَانُ زَوْجَةٍ) أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْمُرُورِ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فَلَا يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ حَاذَاهُ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُرُورُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الزَّوْجَةِ الْبَلَدُ الَّتِي هِيَ بِهَا لَا خُصُوصُ الْمَنْزِلِ الَّتِي هِيَ بِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا دُخُولُ مُرُورٍ وَمَا مَرَّ دُخُولٌ نَاشِئٌ عَنْ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا) أَيْ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا أَيْ مَحَلَّ إقَامَةٍ عَلَى الدَّوَامِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي دَخَلَ) أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفِي المج أَنَّ الزَّوْجَةَ النَّاشِزَةَ لَا عِبْرَةَ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ دُخُولُ بَلَدِهَا قَاطِعًا لِلْقَصْرِ. (قَوْلُهُ إذْ مَا بِهِ سُرِّيَّةٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ كَذَلِكَ) رَدَّ بِهِ عَلَى الشَّارِحِ بَهْرَامَ فِي الْوَسَطِ مِنْ إخْرَاجِ السُّرِّيَّةِ قَالَ ح وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَلَى إلْحَاقِهَا بِالزَّوْجَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْأَقَارِبِ) أَيْ لَا عَنْ السُّرِّيَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ وَنِيَّةُ دُخُولِهِ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ جَعْلَ نِيَّةِ الدُّخُولِ قَاطِعَةً لِلْقَصْرِ يَقْتَضِي حُصُولَهُ قَبْلَهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَمَنَعَهُ نِيَّةُ دُخُولِهِ فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْقَطْعِ تَسَمُّحٌ وَالضَّمِيرُ فِي دُخُولِهِ لِلْوَطَنِ وَمَكَانِ الزَّوْجَةِ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَحِينَئِذٍ فَإِفْرَادُ الْمُصَنِّفِ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ أَيْ بَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ) أَيْ وَنَوَى وَهُوَ فِيهِ الدُّخُولَ لِوَطَنِهِ أَوْ لِمَكَانِ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجِعْرَانَةِ أَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى نِيَّةِ دُخُولِهِ الْوَطَنَ أَوْ مَكَانَ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا خَرَجَ) أَيْ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَقَوْلُهُ اعْتَبَرَ بَاقِيَ سَفَرِهِ أَيْ لِلْمَدِينَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ مَحَلُّ النِّيَّةِ) أَيْ وَهُوَ مَكَّةُ وَقَوْلُهُ وَالْمَكَانُ أَيْ الَّذِي نَوَى دُخُولَهُ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ. (قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ) الْأَوَّلُ أَنْ يَسْتَقِلَّ مَا قَبْلَ وَطَنِهِ وَمَا بَعْدَهُ بِالْمَسَافَةِ وَفِي هَذِهِ يَقْصُرُ قَبْلَ دُخُولِهِ لِوَطَنِهِ وَبَعْدَهُ الثَّانِي عَكْسُهُ وَالْمَجْمُوعُ مُسْتَقِلٌّ وَفِي هَذِهِ إنْ نَوَى دُخُولَهُ قَبْلَ سَيْرِهِ أَتَمَّ قَبْلَ دُخُولِهِ

(وَ) خَامِسُهَا (نِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ) مَعَ وُجُوبِ عِشْرِينَ صَلَاةً فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ فَجْرِ السَّبْتِ مَثَلًا وَنَوَى أَنْ يُقِيمَ إلَى غُرُوبِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ وَيَخْرُجَ قَبْلَ الْعِشَاءِ لَمْ يَنْقَطِعْ حُكْمُ سَفَرِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ صِحَاحًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً وَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ عَصْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ وَنَوَى الِارْتِحَالَ بَعْدَ صُبْحِ الْخَامِسِ لَمْ يَنْقَطِعْ حُكْمُ سَفَرِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ الْعِشْرِينَ فَقَطْ هَذَا إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ بَلْ (وَلَوْ) حَدَثَتْ (بِخِلَالِهِ إلَّا الْعَسْكَرَ) يَنْوِي إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَهُوَ (بِدَارِ الْحَرْبِ) فَلَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ سَفَرِهِ (أَوْ الْعِلْمُ بِهَا) أَيْ بِإِقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَحَلٍّ (عَادَةً) فَيَتِمُّ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الشَّكِّ فِيهَا فَيَسْتَمِرُّ عَلَى قَصْرِهِ (لَا الْإِقَامَةُ) الْمُجَرَّدَةُ عَنْ نِيَّةِ مَا يَرْفَعُهُ كَإِقَامَتِهِ لِحَاجَةٍ يَظُنُّ قَضَاءَهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَقْطَعُ الْقَصْرَ. (وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ وَإِنْ نَوَاهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ الْقَاطِعَةَ (بِصَلَاةٍ) أَحْرَمَ بِهَا سَفَرِيَّةً ـــــــــــــــــــــــــــــQوَطَنَهُ وَبَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ دُخُولَهُ قَصَرَ وَإِنْ نَوَى دُخُولَهُ بَعْدَ سَيْرِهِ شَيْئًا فَفِي قَصْرِهِ قَوْلَا سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ، الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ وَبَعْدَهُ مَسَافَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَإِنْ نَوَى الدُّخُولَ قَبْلَ سَفَرِهِ فَلَا يَقْصُرُ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الدُّخُولَ قَصَرَ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَقْصُرُ مُطْلَقًا وَلَوْ نَوَى دُخُولَهُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ فَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذِهِ قَوْلَيْنِ الْقَصْرَ لِسَحْنُونٍ وَالْإِتْمَامَ لِغَيْرِهِ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَطَنِهِ مَسَافَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَبَعْدَهُ أَقَلُّ مِنْهَا فَيَقْصُرُ قَبْلَ وَطَنِهِ مُطْلَقًا نَوَى الدُّخُولَ أَمْ لَا وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَقْصُرُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إلَخْ) الْأَوْلَى وَنُزُولٌ بِمَكَانٍ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ فِيهِ وَلَوْ بِخِلَالِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَنْقَطِعُ حُكْمُ السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّهَا وَمَحَلِّ الْإِقَامَةِ الْمَسَافَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِذَا سَافَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي نَوَى بِهِ الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا يَقْصُرُ إلَّا إذَا وَصَلَ لِمَحَلِّ الْقَصْرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ عَلَى السَّفَرِ عَلَى أَقْوَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَحَلٍّ وَرَجَعَ عَنْ النِّيَّةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ مَعَ وُجُوبِ عِشْرِينَ صَلَاةً فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ) بِأَنْ دَخَلَ قَبْلَ فَجْرِ السَّبْتِ وَنَوَى الِارْتِحَالَ بَعْدَ عِشَاءِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ. (قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ الْعِشْرِينَ فَقَطْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ فَيُتِمُّ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ) أَيْ أَوْ فِي آخِرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ حَدَثَتْ بِخِلَالِهِ) يَعْنِي أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي قَطْعِ الْقَصْرِ وَلَوْ حَدَثَتْ بِخِلَالِ السَّفَرِ أَيْ فِي أَثْنَائِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُقَارِنَةً لِأَوَّلِهِ وَلَا لِآخِرِهِ وَرَدَّ بِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ إقَامَةِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي انْتِهَاءِ السَّفَرِ أَوْ فِي ابْتِدَائِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي خِلَالِهِ فَلَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ فَلَهُ الْقَصْرُ إذَا خَلَّلَ الْمَسَافَةَ بِإِقَامَاتٍ وَكُلَّمَا سَافَرَ قَصَرَ وَلَوْ دُونَ الْمَسَافَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ إلَّا الْعَسْكَرَ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ الْعَسْكَرَ أَنَّ الْأَسِيرَ بِدَارِ الْحَرْبِ يُتِمُّ مَا دَامَ مُقِيمًا بِهَا فَإِنْ هَرَبَ لِلْجَيْشِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ بِنَاءِ الْبَلَدِ وَلَا بَسَاتِينِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْجَيْشِ وَهُوَ يَقْصُرُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ وَإِنْ هَرَبَ لِغَيْرِ الْجَيْشِ قَصَرَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ أَوْ الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ بِدَارِ الْحَرْبِ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَحَلُّ الَّذِي يَخَافُ فِيهِ الْعَدُوَّ سَوَاءٌ كَانَتْ دَارَ كُفْرٍ أَوْ إسْلَامٍ وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ الْعَسْكَرُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَحَلُّ الَّذِي لَا يُخَافُ فِيهِ مِنْ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يُتِمُّ. (قَوْلُهُ أَوْ الْعِلْمَ بِهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عَادَةِ الْحَاجِّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ يُقِيمُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَيُتِمُّ سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ فَلَا يَقْطَعُ الْقَصْرَ) أَيْ لِأَجْلِ تِلْكَ الْإِقَامَةِ وَلَوْ مَكَثَ مُدَّةً طَوِيلَةً. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ) هُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ وَلَوْ كَثُرَتْ إقَامَتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ بِآخِرِ سَفَرِهِ بِبَاءِ الْجَرِّ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ الْمُجَرَّدَةُ بِآخِرِ سَفَرِهِ وَفِيهَا نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَقْصُرُ فِي الْإِقَامَةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ قَالَ ح أَوْ يَظُنَّ وَلَوْ تَخَلَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا مَعَ الِاحْتِمَالِ وَقَدْ سُئِلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ سِرَاجٍ عَنْ الْمُسَافِرِ يُقِيمُ فِي الْبِلَادِ وَلَا يَدْرِي كَمْ يَجْلِسُ هَلْ يَبْقَى عَلَى قَصْرِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنْ كَانَ الْبَلَدُ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ قَصَرَ مُدَّةَ إقَامَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مُنْتَهَاهُ أَتَمَّ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ لَا يُسَلَّمُ. (قَوْلُهُ أَيْ الْإِقَامَةُ الْقَاطِعَةُ) أَيْ وَهِيَ إقَامَةُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَمِثْلُ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا إذَا أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا سَفَرِيَّةً مَحَلًّا يَقْطَعُ دُخُولُهُ حُكْمَ السَّفَرِ مِنْ وَطَنِهِ أَوْ مَحَلِّ

(شَفَعَ) بِأُخْرَى نَدْبًا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَجَعَلَهَا نَافِلَةً (وَلَمْ تُجْزِ حَضَرِيَّةٌ) إنْ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا لِعَدَمِ دُخُولِهِ عَلَيْهَا (وَلَا سَفَرِيَّةٌ) لِتَغَيُّرِ نِيَّتِهِ فِي أَثْنَائِهَا (وَ) إنْ نَوَاهَا (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهَا (أَعَادَ) حَضَرِيَّةً نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ) الْمُخْتَارِ (وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ) أَيْ بِالْمُسَافِرِ (فَكُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى سُنَّتِهِ) أَيْ عَلَى طَرِيقَتِهِ (وَكُرِهَ) ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ نِيَّةَ إمَامِهِ (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ (وَتَأَكَّدَ) الْكُرْهُ لِمُخَالَفَةِ الْمُسَافِرِ سُنَّتَهُ بِلُزُومِهِ الْإِتْمَامَ وَلِذَا قَالَ (وَتَبِعَهُ) بِأَنْ يُتِمَّ مَعَهُ وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ كَمَا فِي النَّقْلِ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً (وَلَمْ يُعِدْ) صَلَاتَهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ بِوَقْتٍ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مَعَهُ قَصَرَ إنْ لَمْ يَنْوِ الْإِتْمَامَ وَإِلَّا أَتَمَّ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ قَالَهُ سَنَدٌ. (وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا) عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (أَعَادَ) صَلَاتَهُ سَفَرِيَّةً إنْ لَمْ يُحْضِرْ وَحَضَرِيَّةً إنْ حَضَرَ (بِوَقْتٍ) وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَتَمَّهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ سَهْوًا لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ حَيْثُ نَوَى الْإِتْمَامَ وَقَوْلُهُ أَعَادَ بِوَقْتٍ هُوَ ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَسَاقِطٌ فِي أَكْثَرِهَا فَيَجِبُ تَقْدِيرُهُ (وَإِنْ) نَوَى الْإِتْمَامَ (سَهْوًا) عَنْ كَوْنِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ عَنْ كَوْنِ الْمُسَافِرِ يَقْصُرُ وَأَتَمَّهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (سَجَدَ) فِي الْأَرْبَعِ مُرَاعَاةً لِحُصُولِ السَّهْوِ فِي نِيَّتِهِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ وَلَا يُعِيدُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ) كَالنَّاوِي عَمْدًا (كَمَأْمُومِهِ) لِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ (بِوَقْتٍ) وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا (وَالْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْوَقْتَ هُنَا (الضَّرُورِيُّ) وَقِيلَ الِاخْتِيَارِيُّ وَمَحَلُّ إعَادَةِ مَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَوْجَةٍ بَنَى بِهَا. (قَوْلُهُ شَفَعَ) أَيْ ثُمَّ يَبْتَدِئُ صَلَاتَهُ حَضَرِيَّةً. (قَوْلُهُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً) أَيْ وَإِلَّا قَطَعَهَا. (قَوْلُهُ وَلَا سَفَرِيَّةً) أَيْ إذَا لَمْ يُتِمَّهَا أَرْبَعًا وَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا أَعَادَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ تَمَامِهَا سَفَرِيَّةً مِثْلَ مَا أَحْرَمَ بِهَا أَعَادَ إلَخْ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ وَقَعَتْ مُسْتَجْمِعَةً لِلشَّرَائِطِ قَبْلَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَرَدُّدٍ قَبْلَهَا فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهَا فَإِذَا جَزَمَ بِالْإِقَامَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَ نِيَّتِهِ الصَّلَاةَ سَفَرِيَّةً عِنْدَهُ تَرَدُّدٌ فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهَا فَاحْتِيطَ لَهُ بِالْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسَافِرُ ذَا فَضْلٍ أَوْ سِنٍّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ ح عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَذَكَرَ طفى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ. (قَوْلُهُ لِمُخَالَفَةِ الْمُسَافِرِ سُنَّتَهُ) أَيْ وَهُوَ الْقَصْرُ وَالْكَرَاهَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْقَصْرِ آكَدُ مِنْ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْجَمَاعَةِ آكَدُ فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ كَمَا فِي النَّقْلِ) اسْتَشْكَلَ إتْمَامَهُ مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَأَنْ أَتَمَّ وَمَأْمُومُهُ إلَخْ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ نَوَى الْقَصْرَ وَأَتَمَّ عَمْدًا وَمَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا إلَخْ وَأَجَابَ طفى بِأَنَّ نِيَّتَهُ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ وَمُخَالَفَةُ فِعْلِهِ لِتِلْكَ النِّيَّةِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَتَارَةً يَلْغُونَهُ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَهُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَرَّ عَلَى قَوْلٍ فَمَرَّ هُنَا عَلَى اغْتِفَار مُخَالَفَةِ الْفِعْلِ لِلنِّيَّةِ لِأَجْلِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَفِيمَا يَأْتِي مَرَّ عَلَى عَدَمِ اغْتِفَارِ مُخَالَفَةِ النِّيَّةِ وَلَا مُعَارَضَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ إنْ أَدْرَكَ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ فَإِنْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مُطْلَقًا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً وَأَمَّا إنْ نَوَى الْقَصْرَ فَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَقْصُرُ وَلَا يُتِمُّ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِ فِي أَخِيرَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ سَوَاءٌ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعِدْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي صَلَاةِ إمَامِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِعَادَةُ إلَخْ) قَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْقَوْلَ هُنَا بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْإِعَادَةِ قَالَ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ وَالْقَصْرَ سُنَّةٌ وَالْفَضِيلَةُ لَا تَسُدُّ لَهُ مَسَدَّ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ عَنْ كَوْنِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ عَنْ كَوْنِ الْمُسَافِرِ يَقْصُرُ) كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُهُ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ مَالِكٍ فَقَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ الصَّوَابُ أَنَّ السَّهْوَ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَنْ السَّفَرِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ) أَيْ فِي السُّجُودِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِالسُّجُودِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ إلَخْ) هَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ لَكَانَ عَلَيْهِ فِي عَمْدِهِ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ لِكَلَامِ سَحْنُونٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا) أَيْ بِالْإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ) فِي جَامِعِ ابْنِ يُونُسَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ النَّهَارُ كُلُّهُ وَقَالَ الْأَبْيَانِيُّ الْوَقْتُ فِي

فِي عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَسُجُودُ السَّهْوِ مَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ (إنْ تَبِعَهُ فِي الْإِتْمَامِ) . (وَإِلَّا) يَتْبَعُهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ إمَامَهُ (كَأَنْ قَصَرَ) الْمُسَافِرُ صَلَاتَهُ (عَمْدًا) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْجَهْلَ وَالتَّأْوِيلَ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ وَلَوْ سَهْوًا فَتَبْطُلُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ (وَ) الْمُقْصِرُ (السَّاهِي) عَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ مُطْلَقًا (كَأَحْكَامِ السَّهْوِ) الْحَاصِلُ لِلْمُقِيمِ يُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ وَإِنْ قَرُبَ جَبَرَهَا وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَعَادَ بِالْوَقْتِ كَمُسَافِرٍ أَتَمَّ (وَكَأَنْ أَتَمَّ) الْمُسَافِرُ (وَ) تَبِعَهُ (مَأْمُومُهُ) فِي الْإِتْمَامِ أَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ (بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ عَمْدًا) مَعْمُولُ أَتَمَّ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّةِ الْقَصْرِ (وَ) إنْ أَتَمَّ (سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) وَأَوْلَى تَأْوِيلًا وَقَدْ نَوَى الْقَصْرَ (فَفِي الْوَقْتِ) وَالتَّأْوِيلُ هُنَا هُوَ مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ أَوْ أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ (وَ) إنْ قَامَ الْإِمَامُ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا لِلْإِتْمَامِ بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ (سَبَّحَ مَأْمُومُهُ) إنْ عَلِمَ بِسَهْوِهِ أَوْ جَهْلِهِ فَإِنْ رَجَعَ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَصَحَّتْ (وَ) إنْ تَمَادَى (لَا يَتْبَعُهُ) بَلْ يَجْلِسُ لِفَرَاغِهِ مُقِيمًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا (وَسَلَّمَ) مَأْمُومُهُ (الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ وَأَتَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُسَافِرِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ سَلَامِهِ (أَفْذَاذًا) لَا مُؤْتَمِّينَ بِغَيْرِهِ لِامْتِنَاعِ إمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ (وَأَعَادَ) الْإِمَامُ (فَقَطْ بِالْوَقْتِ) الضَّرُورِيِّ دُونَ الْمَأْمُومِينَ إذْ لَا خَلَلَ فِي صَلَاتِهِمْ لِعَدَمِ اتِّبَاعِهِمْ لَهُ. (وَإِنْ) دَخَلَ مُصَلٍّ مَعَ قَوْمٍ (ظَنَّهُمْ سَفْرًا) بِسُكُونِ الْفَاءِ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافِرٍ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ (فَظَهَرَ خِلَافُهُ) وَأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ (أَعَادَ أَبَدًا إنْ كَانَ) الدَّاخِلُ (مُسَافِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ إمَامَهُ لِأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا وَإِنْ أَتَمَّ فَقَدْ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفَعَلَ خِلَافَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ احْتِمَالُ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَدْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ يُوجِبُ الْبُطْلَانَ وَمَفْهُومُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ. (قَوْلُهُ فِي عَمْدِهِ) أَيْ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا وَقَوْلُهُ وَسَهْوِهِ أَيْ إذَا نَوَاهُ سَهْوًا. (قَوْلُهُ إنْ تَبِعَهُ فِي الْإِتْمَامِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى الْمَأْمُومُ الْإِتْمَامَ كَمَا نَوَاهُ إمَامُهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَتْبَعُهُ) بِأَنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ ظَانًّا أَنَّ إمَامَهُ أَحْرَمَ كَذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ نَوَى الْإِتْمَامَ فَلَمْ يَتْبَعْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ نِيَّةً وَفِعْلًا. (قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا وَقَصَرَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا. (قَوْلُهُ وَالسَّاهِي إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا ثُمَّ قَصَرَهَا سَهْوًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقِيمِ يُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا (قَوْلُهُ وَكَأَنْ أَتَمَّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا وَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّهُ فِي السَّابِقَةِ نَوَى الْإِتْمَامَ ثُمَّ قَصَرَ وَهُنَا نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ أَتَمَّ ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا أَتَمَّ كَالْإِمَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَبْطُلُ مُطْلَقًا أَتَمَّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَلِذَا خَبَطَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ أَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ اهـ. (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ أَقِفْ فِي الْقَصْرِ إلَّا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْفَرْضِيَّةُ وَالسُّنِّيَّةُ وَالِاسْتِحْبَابُ وَالْإِبَاحَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ بْن وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ فَفِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ كَانَ يَرَى أَنَّ الْقَصْرَ مُقَيَّدٌ بِالْخَوْفِ مِنْ الْكُفَّارِ كَمَا فِي الْآيَةِ وَكَانَتْ عَائِشَةُ لَا تَقْصُرُ وَرُبَّمَا احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَجَمِيعُ الْأَرْضِ وَطَنٌ لَهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سَبَّحَ مَأْمُومُهُ) أَيْ تَسْبِيحًا يَحْصُلُ بِهِ التَّنْبِيهُ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْإِشَارَةِ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّسْبِيحِ كَمَا قِيلَ فَإِنْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّسْبِيحَ فَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ الْبُطْلَانَ حَمْلًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخَامِسَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ لَمْ يُكَلِّمْهُ عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ وَتَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ اتِّبَاعٍ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُكَلِّمُهُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ كَلَّمَهُ وَلَمْ يَرْجِعْ لَمْ يَتْبَعْهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَتْبَعُهُ) أَيْ فَإِنْ تَبِعَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ أَوْ لَا وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عبق جَرْيُهُ عَلَى حُكْمِ قِيَامِ الْإِمَامِ لِخَامِسَةٍ وَتَيَقَّنَ الْمَأْمُومُ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا مِنْ أَنَّهُ إذَا تَبِعَهُ فِيهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بِلَا تَأْوِيلٍ فَالْبُطْلَانُ وَإِنْ تَبِعَهُ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا فَلَا تَبْطُلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا) أَيْ مُسَافِرِينَ فَنَوَى الْقَصْرَ وَدَخَلَ مَعَهُمْ. (قَوْلُهُ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافِرٍ) أَيْ بِمَعْنَى مُسَافِرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافِرٍ لَا جَمْعٌ لَهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ فَعْلًا لَا يَكُونُ جَمْعًا لِفَاعِلٍ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ فَهُوَ جَمْعٌ لَهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ لَيْسَ اسْمُ جَمْعٍ لِمُسَافِرٍ وَلَا جَمْعًا لَهُ. (قَوْلُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ بَلْ ظَهَرَ مَا يُوَافِقُ ظَنَّهُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ) هَذَا هُوَ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وح وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ يَصْدُقُ بِالصِّحَّةِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ مَا إذَا ظَهَرَتْ الْمُوَافَقَةُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَالْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الدَّاخِلَ. (قَوْلُهُ خَالَفَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الدَّاخِلَ الَّذِي نَوَى الْقَصْرَ وَسَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَالْإِمَامُ نَوَى الْإِتْمَامَ وَسَلَّمَ مِنْ أَرْبَعٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَتَمَّ) أَيْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ الَّذِي نَوَى الْقَصْرَ (قَوْلُهُ وَفَعَلَ خِلَافَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ) أَيْ فَهُوَ كَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ وَأَتَمَّ عَمْدًا. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ) أَيْ بِأَنْ ذَهَبُوا حِينَ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَدْرِ أَهِيَ صَلَاتُهُمْ أَوْ أَخِيرَتَا تَامَّةٍ. (قَوْلُهُ احْتِمَالُ حُصُولِ الْمُخَالَفَةِ) أَيْ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ مُوَافَقَةَ الْجَمَاعَةِ لَهُ

أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مُقِيمًا لَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُهُمْ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْإِمَامِ نِيَّةً وَفِعْلًا (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يَظُنَّهُمْ مُقِيمِينَ فَيَنْوِيَ الْإِتْمَامَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَرَ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ وَأَمَّا إنْ أَتَمَّ فَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ الصِّحَّةَ كَاقْتِدَاءِ مُقِيمٍ بِمُسَافِرٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ لَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْمُخَالَفَةِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَاغْتُفِرَ لَهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُقِيمًا صَحَّتْ وَلَا إعَادَةَ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ (وَفِي) صَلَاةِ الْمُسَافِرِ إنْ دَخَلَ عَلَى (تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ) مَعًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا بِأَنْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِنِيَّةِ قَصْرٍ أَوْ إتْمَامٍ (تَرَدُّدٌ) فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ وَعَلَى الصِّحَّةِ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقِيلَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةٌ لَا بِعَيْنِهَا أَيْ أَنَّهُ إنْ صَلَّاهَا أَرْبَعًا أَجْزَأَ وَإِنْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ أَجْزَأَ وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْقَصْرِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِخِلَافِهَا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ فَلَا يَلْزَمُ (وَنُدِبَ) لِلْمُسَافِرِ (تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ) أَيْ الرُّجُوعُ لِوَطَنِهِ بَعْدَ قَضَاءِ وَطَرِهِ وَاسْتِصْحَابِ هَدِيَّةٍ بِقَدْرِ حَالِهِ (وَالدُّخُولُ ضُحًى) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السُّرُورِ وَيُكْرَهُ لَيْلًا فِي حَقِّ ذِي زَوْجَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَوْنِهِمْ مُسَافِرِينَ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ فَيَلْزَمُ إمَّا مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ نِيَّةً وَفِعْلًا إنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ أَتَمَّ يَلْزَمُ مُخَالَفَتُهُ لِإِمَامِهِ نِيَّةً وَمُخَالَفَةُ نِيَّتِهِ لِفِعْلِهِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّاخِلُ) أَيْ الَّذِي ظَنَّهُمْ مُسَافِرِينَ مُقِيمًا فَنَوَى الْإِتْمَامَ وَدَخَلَ مَعَهُمْ فَظَهَرَ خِلَافُ مَا ظَنَّ وَأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ. (قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّاخِلُ مُسَافِرًا (قَوْلُهُ فَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ الصِّحَّةَ) أَيْ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ. (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ) أَيْ الَّذِي ظَنَّهُمْ مُقِيمِينَ فَظَهَرَ خِلَافُهُ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا لَمَّا خَالَفَ سُنَّتَهُ وَهُوَ الْقَصْرُ وَعَدَلَ إلَى الْإِتْمَامِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْإِمَامَ مُتِمٌّ كَانَتْ نِيَّتُهُ مُعَلَّقَةً فَكَأَنَّهُ نَوَى الْإِتْمَامَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُتِمًّا وَقَدْ ظَهَرَ بُطْلَانُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَبْطُلُ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ نِيَّتُهُ الْإِتْمَامَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ نَاوٍ الْإِتْمَامَ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ) أَيْ فِي الْإِتْمَامِ. (قَوْلُهُ لَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فِي الْفِعْلِ وَالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ) أَيْ الَّذِي اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ) أَيْ مَعَ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَنَّهُمْ مُقِيمِينَ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ (قَوْلُهُ تَرَدَّدَ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ) أَيْ سَوَاءٌ صَلَّاهَا حَضَرِيَّةً أَوْ سَفَرِيَّةً هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ إنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ إنْ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً وَإِلَّا صَحَّتْ اتِّفَاقًا قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى الصِّحَّةِ فِيمَا بَعْدُ إذَا قَصَرَ لِأَنَّ نِيَّةَ الْقَصْرِ قَدْ انْسَحَبَتْ عَلَيْهِ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ حُكْمًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ ثُمَّ تَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فِيمَا بَعْدَهَا وَأَتَمَّ (قَوْلُهُ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا) أَيْ وَهُوَ مَا قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْوَاجِبُ إلَخْ) الْأَوْضَحُ وَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي إتْمَامِهَا وَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ لَا بِعَيْنِهَا وَهَذَا الْقَوْلُ لِلَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ وَالْحَقُّ مَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ) أَيْ مُكْثُهُ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ خِلَافُ الْمَنْدُوبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لَيْلًا فِي حَقِّ ذِي زَوْجَةٍ) فَفِي مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ» وَالطُّرُوقُ هُوَ الدُّخُولُ مِنْ بُعْدٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ خَرَجَ لِلسَّفَرِ أَنْ يَذْهَبَ لِإِخْوَانِهِ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذُ خَاطِرَهُمْ وَأَمَّا إذَا قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ فَالْمُسْتَحَبُّ لِإِخْوَانِهِ أَنْ يَأْتُوا إلَيْهِ وَيُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِنْ قِرَاءَةِ

[الجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت وأسباب الجمع]

لِغَيْرِ مَعْلُومِ الْقُدُومِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ بِالسَّفَرِ تَكَلَّمَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ وَلِجَمْعِهِمَا سِتَّةُ أَسْبَابٍ السَّفَرُ وَالْمَطَرُ وَالْوَحْلُ مَعَ الظُّلْمَةِ وَالْمَرَضُ وَعَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَسَيَذْكُرُ الْبَاقِيَ فِي مَحَلِّهِ فَقَالَ (وَرُخِّصَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً جَوَازًا بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ) لِمَشَقَّةِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهِ وَمَشَقَّةِ السَّفَرِ (بِبَرٍّ) أَيْ فِيهِ لَا فِي بَحْرٍ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا إذَا طَالَ سَفَرُهُ بَلْ (وَإِنْ قَصُرَ) عَنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إنْ جَدَّ سَيْرُهُ بَلْ (وَ) إنْ (لَمْ يَجِدَّ بَلَا كُرْهٍ) أَيْ كَرَاهَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ أَيْ بِلَا خِلَافِ الْأَوْلَى (وَفِيهَا شَرْطُ الْجَدِّ) فِي السَّيْرِ (لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ) لَا لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ (بِمَنْهَلٍ) هُوَ مَكَانُ نُزُولِ الْمُسَافِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَاءٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ الْمَوْرِدُ تَرِدُهُ الْإِبِلُ وَهُوَ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ قَوْلِهِ بِبَرٍّ (زَالَتْ) الشَّمْسُ وَهُوَ (بِهِ) أَيْ بِالْمَنْهَلِ. (وَنَوَى) عِنْدَ الرَّحِيلِ (النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) فَيَجْمَعُهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ وَيُقَدِّمَ الْعَصْرَ فَيُصَلِّيَهَا مَعَهَا قَبْلَ رَحِيلِهِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ ضَرُورِيٌّ لَهَا اُغْتُفِرَ إيقَاعُهَا فِيهِ لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ (وَ) إنْ نَوَى النُّزُولَ (قَبْلَ الِاصْفِرَارِ) صَلَّى الظُّهْرَ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَ (أَخَّرَ الْعَصْرَ) وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ لِيُوقِعَهَا فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ فَإِنْ قَدَّمَهَا مَعَ الظُّهْرِ أَجْزَأَتْ (وَ) إنْ نَوَى النُّزُولَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ الِاصْفِرَارِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (خُيِّرَ فِيهَا) أَيْ الْعَصْرِ إنْ شَاءَ جَمَعَ فَقَدَّمَهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّهَا الْأَصْلِيُّ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ فِيمَا إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ بِالْمَنْهَلِ وَأَشَارَ إلَى ثَلَاثَةٍ أَيْضًا فِيمَا إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ رَاكِبًا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ زَالَتْ) عَلَيْهِ الشَّمْسُ (رَاكِبًا) أَيْ سَائِرًا (أَخَّرَهُمَا) بِأَنْ يَجْمَعَ جَمْعَ تَأْخِيرٍ (إنْ نَوَى) بِنُزُولِهِ (الِاصْفِرَارَ أَوْ) نَوَى النُّزُولَ (قَبْلَهُ) أَيْ الِاصْفِرَارِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَأَشَارَ لِلثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ (فَفِي وَقْتَيْهِمَا) الْمُخْتَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَاتِحَةِ عِنْدَ الْوَدَاعِ فَأَنْكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّاجُورِيُّ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي السُّنَّةِ وَقَالَ عج بَلْ وَرَدَ فِيهَا مَا يَدُلُّ لِجَوَازِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُنْكَرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ الْقُدُومِ لَيْلًا فِي حَقِّ ذِي الزَّوْجَةِ ظَاهِرُهُ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ عبق مِنْ اخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ بِطَوِيلِ الْغَيْبَةِ. (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مَعْلُومِ الْقُدُومِ) وَأَمَّا مَنْ أَعْلَمَ أَهْلَهُ بِأَنَّهُ يَقْدَمُ فِي وَقْتِ كَذَا مِنْ اللَّيْلِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْقُدُومُ لَيْلًا [الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْت وَأَسْبَاب الْجَمْع] (قَوْلُهُ وَسَيَذْكُرُ الْبَاقِيَ) أَيْ وَهُوَ عَرَفَةُ وَالْمُزْدَلِفَةُ وَقَوْلُهُ فِي مَحَلِّهِ أَيْ وَهُوَ بَابُ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا عَلَى مَا فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ عِلَاقٍ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالرَّاكِبِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَرَ عَنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرِ عَاصٍ بِالسَّفَرِ وَغَيْرِ لَاهٍ بِهِ فَإِنْ جَمَعَا فَلَا إعَادَةَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْقَصْرِ. (قَوْلُهُ إنْ جَدَّ سَيْرُهُ) أَيْ إنْ جَدَّ فِي سَيْرِهِ لِأَجْلِ إدْرَاكِ رُفْقَةٍ أَوْ لِأَجْلِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَقَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ أَيْ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَجِدَّ فِي سَيْرِهِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ وَفِيهَا شَرْطُ الْجَدِّ) أَيْ الِاجْتِهَادِ فِي السَّيْرِ وَنَصُّهَا وَلَا يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ إلَّا إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَيَخَافُ فَوَاتَ أَمْرٍ فَيَجْمَعُ وَظَاهِرُهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مُهِمًّا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ) أَيْ كَرُفْقَةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَا يَخَافُ فَوَاتَهُ. (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ جَوَازُ الْجَمْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ جَدَّ فِي السَّيْرِ أَمْ لَا كَانَ جَدُّهُ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ أَمْ لِأَجْلِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَاَلَّذِي حَكَى تَشْهِيرَهُ هُوَ الْإِمَامُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَنْهَلُ فِي الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ بَدَلُ بَعْضٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْعَامِلُ فِيهِ مُقَدَّرٌ أَيْ جَمَعَهُمَا بِمَنْهَلٍ وَأَمَّا قَوْلُ عبق إنَّ قَوْلَهُ بِبَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ وَبِمَنْهَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَمْعِ فَهُوَ فَاسِدٌ مَعْنًى وَهُوَ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّرْخِيصَ فِعْلُ الشَّارِعِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَمْعِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ بِبَرٍّ أَوْ بَحْرٍ فَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِهِمَا وَفَاسِدٌ صِنَاعَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ بِالْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ فَيَجْمَعُهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ) أَيْ وَيُؤَذِّنُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَقْتٌ ضَرُورِيٌّ لَهَا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَافِرِ. (قَوْلُهُ لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ) أَيْ لِأَجْلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ. (قَوْلُهُ وَأَخَّرَ الْعَصْرَ وُجُوبًا) أَيْ غَيْرَ شَرْطِيٍّ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَيُؤَذِّنُ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَّمَهَا مَعَ الظُّهْرِ أَجْزَأَتْ) وَنُدِبَ إعَادَتُهَا بِوَقْتٍ. (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ جَمَعَ فَقَدَّمَهَا) أَيْ وَيُؤَذِّنُ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَيْهِ إلَخْ أَيْ وَلَا يُؤَذِّنُ لَهَا حِينَئِذٍ لِمَا مَرَّ فِي الْأَذَانِ مِنْ كَرَاهَتِهِ فِي الضَّرُورِيِّ الْمُؤَخَّرِ. (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ بِالْمَنْهَلِ) أَيْ وَهُوَ نَازِلٌ بِالْمَنْهَلِ. (قَوْلُهُ أَيْ سَائِرًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا وَإِنَّمَا فَسَّرَ الشَّارِحُ رَاكِبًا بِسَائِرًا لِيَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَاتٍ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ جَائِزٌ لِلْمُسَافِرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ أَخَّرَهُمَا) أَيْ وُجُوبًا كَذَا قِيلَ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ جَوَازُ تَأْخِيرِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ الْأُولَى جَائِزٌ وَالثَّانِيَةِ وَاجِبٌ لِنُزُولِهِ بِوَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ كَذَا كَتَبَ وَالِدُ عبق وَلِلَّخْمِيِّ أَنَّ تَأْخِيرَهُمَا جَائِزٌ أَيْ وَيَجُوزُ إيقَاعُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ جَمْعًا صُورِيًّا وَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ لَكِنْ إنْ وَقَعَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ

جَمْعًا صُورِيًّا، الظُّهْرُ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى وَالْعَصْرُ أَوَّلُ الثَّانِيَةِ وَهَذَا حُكْمُ مَنْ يَضْبِطُ نُزُولَهُ ثُمَّ شُبِّهَ فِي حُكْمِ الْأَخِيرِ وَهُوَ الْجَمْعُ الصُّورِيُّ قَوْلُهُ (كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ) . وَقَدْ زَالَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَاكِبٌ فَإِنْ زَالَتْ عَلَيْهِ نَازِلًا صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ رَحِيلِهِ وَأَخَّرَ الْعَصْرَ (وَكَالْمَبْطُونِ) وَنَحْوِهِ فَيَجْمَعُ جَمْعًا صُورِيًّا (وَلِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ) أَيْ الْجَمْعِ الصُّورِيِّ مَعَ فَوَاتِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ دُونَ الْمَعْذُورِ (وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ) أَيْ كَالظُّهْرَيْنِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَنْزِيلِ الْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ وَالثُّلُثِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَمَا بَعْدَهُ وَمَا بَعْدَهُ لِلْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الِاصْفِرَارِ أَوْ لَيْسَا كَذَلِكَ فَلَا يَجْمَعُهُمَا بِحَالٍ بَلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ بِوَقْتِهَا لِأَنَّ وَقْتَهُمَا لَيْسَ وَقْتَ رَحِيلٍ (تَأْوِيلَانِ) فِيمَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ نَازِلًا وَإِلَّا اتَّفَقَ عَلَى أَنَّهُمَا كَذَلِكَ وَالرَّاجِحُ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ (وَقَدَّمَ) الْعَصْرَ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءَ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ جَوَازًا وَقِيلَ نَدْبًا فَيَجْمَعُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ (خَائِفُ) حُصُولِ (الْإِغْمَاءِ) عِنْدَ الثَّانِيَةِ (وَ) خَائِفُ الْحُمَّى (النَّافِضِ وَ) خَائِفُ (الْمَيْدِ) أَيْ الدَّوْخَةَ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الصَّلَاةَ عَلَى وَجْهَانِ فَإِنْ حَصَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالنَّافِضِ وَالْمَيْدِ وَقْتَ الثَّانِيَةِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ سَلِمَ) بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا ذُكِرَ (أَوْ قَدَّمَ) الْمُسَافِرُ الثَّانِيَةَ مَعَ الْأُولَى (وَلَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ) وَأَدْرَكَهُ الزَّوَالُ رَاكِبًا (وَنَزَلَ عِنْدَهُ) وَنَوَى الرَّحِيلَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَظَنَّ جَوَازَ الْجَمْعِ (فَجَمَعَ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ (الثَّانِيَةَ) وَهِيَ الْعَصْرُ أَوْ الْعِشَاءُ (فِي الْوَقْتِ) الضَّرُورِيِّ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثَّانِي أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنُدِبَ إعَادَةُ الثَّانِيَةِ فِي الْوَقْتِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَأْخِيرِهِمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهُمَا مَعًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إيقَاعُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَالْجَوَازُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ جَمْعًا صُورِيًّا) أَيْ فِي الصُّورَةِ لَا أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْجَمْعِ تَأْخِيرُ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ أَوْ تَقْدِيمُهَا عَنْ وَقْتِهَا. (قَوْلُهُ كَمَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ) أَيْ تَارَةً يَنْزِلُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَتَارَةً فِي الِاصْفِرَارِ وَتَارَةً قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَقَدْ زَالَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَاكِبٌ) أَيْ فَيَجْمَعُ جَمْعًا صُورِيًّا وَيَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ زَالَتْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ نَازِلًا. (قَوْلُهُ وَأَخَّرَ الْعَصْرَ) أَيْ لِوَقْتِهَا فَلَوْ أَخَّرَ الظُّهْرَ لِآخِرِ إقَامَةِ الْأُولَى وَجَمَعَ جَمْعًا صُورِيًّا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ أَيْضًا قَبْلَ ارْتِحَالِهِ صَحَّتْ الْعَصْرُ وَنُدِبَ إعَادَتُهَا فِي الْوَقْتِ إنْ نَزَلَ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْوُضُوءِ أَوْ بِالْقِيَامِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَا تَلْحَقُهُ إذَا صَلَّاهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ. (قَوْلُهُ أَيْ كَالظُّهْرَيْنِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ إذَا غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ خُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ وَأَمَّا إنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ سَائِرٌ وَنَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْفَجْرِ أَخَّرَهُمَا جَوَازًا عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَ جَمْعًا صُورِيًّا وَالْجَمْعُ الصُّورِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى امْتِدَادِ مُخْتَارِ الْمَغْرِبِ لِلشَّفَقِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَوْلٌ قَوِيٌّ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي الْجَمْعِ عِنْدَ الرَّحِيلِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ مُسَاوٍ فَقِيلَ إنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ وَقِيلَ خِلَافٌ اهـ وَعَزَا ابْنُ بَشِيرٍ الْأَوَّلَ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالثَّانِي لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ هَارُونَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَإِلَّا اتَّفَقَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ سَائِرٌ. (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْعَصْرَ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءَ أَوَّلَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ) أَيْ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ الْأُولَى فِيهِمَا وَقَوْلُهُ جَوَازًا أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَدْبًا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي بْن مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْجَوَازِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ بِمَنْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ بِوَقْتِهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ وَقْتُهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَاسْتَظْهَرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِغْرَاقِ الْإِغْمَاءِ لِلْوَقْتِ فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو لِلْجَمْعِ وَكَمَا إذَا خَافَتْ أَنْ تَمُوتَ أَوْ تَحِيضَ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ لَهَا الْجَمْعُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِغْمَاءِ وَالْحَيْضِ بِأَنَّ الْحَيْضَ يُسْقِطُ الصَّلَاةَ قَطْعًا بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا وَبِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَيْضِ أَنْ يَعُمَّ الْوَقْتَ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَهَذَا يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ الْجُنُونِ اهـ خش كَبِيرٌ. (قَوْلُهُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ خَافَ اسْتِغْرَاقَهُ لِوَقْتِ الثَّانِيَةِ كُلِّهِ أَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ لِإِمْكَانِ تَخَلُّفِ ظَنِّهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَلَّمَ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَصْبَغُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُعِيدُ وَمِثْلُهُ الْجُزُولِيُّ إنْ سَلَّمَ أَعَادَ فَظَاهِرٌ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا خِلَافُ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قُلْت فِي التَّوْضِيحِ إذَا جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِأَجْلِ الْخَوْفِ عَلَى عَقْلِهِ ثُمَّ لَمْ يَذْهَبْ عَقْلُهُ فَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُعِيدُ الْأَخِيرَةَ قَالَ سَنَدٌ يُرِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يُعِيدُ اهـ وَعَلَى كَلَامِ سَنَدٍ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ قَدَّمَ الْمُسَافِرُ الثَّانِيَةَ مَعَ الْأُولَى) أَيْ لِكَوْنِهِ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَرْتَحِلْ أَيْ طَرَأَ لَهُ عَدَمُ الِارْتِحَالِ إمَّا لِأَمْرٍ أَوْ لِغَيْرِ أَمْرٍ هَذَا ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ وَنَوَى الرَّحِيلَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) أَيْ فَجَمَعَ لِظَنِّهِ جَوَازَ الْجَمْعِ جَهْلًا مِنْهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَنَزَلَ عِنْدَهُ فَجَمَعَ غَيْرَ نَاوٍ الرَّحِيلَ بَعْدَهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَاوِيًا الرَّحِيلَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ أَصْلًا وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْفَرْعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا

[صفة الجمع بين الصلاتين]

لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا (وَ) رَخَّصَ نَدْبًا لِمَزِيدِ الْمَشَقَّةِ (فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ لَا الظُّهْرَيْنِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِمَا غَالِبًا (بِكُلِّ مَسْجِدٍ) وَلَوْ مَسْجِدِ غَيْرِ جُمُعَةٍ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ بِهِ وَبِمَسْجِدِ مَكَّةَ (لِمَطَرٍ) وَاقِعٍ أَوْ مُتَوَقَّعٍ (أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ) لِلشَّهْرِ لَا ظُلْمَةِ غَيْمٍ لِ (طِينٍ) فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ ظُلْمَةٍ) فَقَطْ اتِّفَاقًا. ثُمَّ أَشَارَ لِصِفَةِ الْجَمْعِ بِقَوْلِهِ (أَذَّنَ لِلْمَغْرِبِ) عَلَى الْمَنَارِ أَوَّلَ وَقْتِهَا (كَالْعَادَةِ وَأَخَّرَ) صَلَاتَهَا نَدْبًا (قَلِيلًا) بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ وَقْتُ الِاشْتِرَاكِ لِاخْتِصَاصِ الْأُولَى بِثَلَاثٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ (ثُمَّ صَلَّيَا وَلَاءً) بِلَا فَصْلٍ (إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ) أَيْ فَعَلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (مُنْخَفِضٍ) لِلسُّنَّةِ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ سُنِّيَّتُهُ عِنْدَ وَقْتِهَا (بِمَسْجِدٍ) أَيْ فِيهِ لَا عَلَى الْمَنَارِ لِئَلَّا يَلْبَسَ عَلَى النَّاسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَجْمَعَ نَاوِيًا لِلرَّحِيلِ بَعْدَ الْجَمْعِ لِجَدِّ السَّيْرِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَلَا يَرْتَحِلُ وَالثَّانِيَةَ أَنْ يَجْمَعَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي الرَّحِيلِ بَعْدَ الْجَمْعِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ نَاوِيًا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ أَصْلًا لَكِنَّهُ غَيْرُ رَافِضٍ لِلسَّفَرِ بِالْإِقَامَةِ الَّتِي تَقْطَعُهُ فَفِي الْأُولَى لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْعَيْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ يُعِيدُ الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ وَهَذَا كُلُّهُ يُفْهَمُ مِنْ نَقْلِ ح فَإِنْ حُمِلَ الْفَرْعَانِ فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَنْهُ اهـ بْن وَالِاعْتِرَاضُ الْوَارِدُ عَلَيْهِ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْفَرْعَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ سَوَاءٌ جَمَعَ نَاوِيًا الِارْتِحَالَ بَعْدَهُ وَلَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ جَمَعَ غَيْرَ نَاوٍ الِارْتِحَالَ بَعْدَهُ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي الْفَرْعَيْنِ نَاوِيًا الِارْتِحَالَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا جَمَعَ غَيْرَ نَاوٍ الِارْتِحَالَ بَعْدَهُ فِي الْفَرْعَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ. (قَوْلُهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَصْلًا) أَيْ لَا فِي وَقْتٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ عِنْدَ التَّقْدِيمِ نَاوِيًا الِارْتِحَالَ (قَوْلُهُ وَرُخِّصَ نَدْبًا إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ بَعْدَ الْوَاوِ أَيْ وَرُخِّصَ فِي جَمْعٍ إلَخْ وَالنَّائِبُ عَنْ الْفَاعِلِ بِكُلِّ مَسْجِدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِإِذْنٍ لِلْمَغْرِبِ الْآتِي وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى لَهُ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَرُخِّصَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ جَمْعِ الظُّهْرَيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسَافِرِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَسْجِدِ غَيْرِ جُمُعَةٍ) بَلْ وَلَوْ كَانَ خُصًّا كَاَلَّذِي يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْقُرَى لِلصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ لِمَطَرٍ) أَيْ أَوْ بَرْدٍ أَمَّا الثَّلْجُ فَذَكَرَ فِي الْمِعْيَارِ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْهُ ابْنَ سِرَاجٍ فَأَجَابَ بِأَنِّي لَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصًّا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَثُرَ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ نَقْضُهُ جَازَ الْجَمْعُ وَإِلَّا فَلَا بْن ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ لِمَطَرٍ وَلَوْ حَصَلَ قَبْلَ الْمَجِيءِ لِلْمَسْجِدِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَطَرَ الشَّدِيدَ الْمُسَوِّغَ لِلْجَمْعِ مُبِيحٌ لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ إبَاحَةَ التَّخَلُّفِ لَا تُنَافِي أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ إذَا لَمْ يَتَخَلَّفُوا. (قَوْلُهُ أَوْ مُتَوَقَّعٌ) قُلْت الْمَطَرُ إنَّمَا يُبِيحُ الْجَمْعَ إذَا كَثُرَ وَالْمُتَوَقَّعُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ قُلْت يُمْكِنُ عَلِمَ أَنَّهُ كَذَلِكَ بِالْقَرِينَةِ ثُمَّ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمَطَرُ فَيَنْبَغِي إعَادَةُ الثَّانِيَةِ فِي الْوَقْتِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ وَإِنْ سَلَّمَ أَعَادَ بِوَقْتٍ اهـ خش. (قَوْلُهُ أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ لِلشَّهْرِ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ الطِّينِ كَثِيرًا يَمْنَعُ أَوَاسِطَ النَّاسِ مِنْ مَشْيِ الْمَدَاسِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ لِلطِّينِ مَعَ الظُّلْمَةِ ظَاهِرٌ إذَا عَمَّ الطِّينُ جَمِيعَ الطُّرُقِ فَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا فَهَلْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ الْجَمْعُ تَبَعًا لِمَنْ فِي طَرِيقِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ لَا ظُلْمَةُ غَيْمٍ) إنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ لِأَنَّهَا تَزُولُ وَقَدْ لَا تَشْتَدُّ. (قَوْلُهُ لَا لِطِينٍ أَوْ ظُلْمَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ [صفة الْجَمْع بَيْن الصَّلَاتَيْنِ] (قَوْلُهُ وَأَخَّرَ قَلِيلًا) وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَا يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ أَصْلًا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِهَا قَلِيلًا إذْ فِي ذَلِكَ خُرُوجُ الصَّلَاتَيْنِ مَعًا عَنْ وَقْتِهِمَا الْمُخْتَارِ اُنْظُرْ بْن وَلَعَلَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ الظُّهْرَ قَلِيلًا فِي جَمْعِهَا مَعَ الْعَصْرِ فِي السَّفَرِ رِفْقًا بِالْمُسَافِرِ. (قَوْلُهُ إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ) أَيْ إلَّا بِقَدْرِ أَذَانٍ أَيْ إلَّا بِفِعْلِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مُنْخَفِضٌ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَدْرِهِ فِعْلُهُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالِانْخِفَاضِ وَالِارْتِفَاعِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْأَوْلَى حَذْفُ قَدْرٍ بِأَنْ يَقُولَ إلَّا بِأَذَانٍ مُنْخَفِضٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَلَامَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ الْأَذَانِ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ الْمَطْلُوبُ (قَوْلُهُ لِلسُّنَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَذَانَ لِلْعِشَاءِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ مِنْ جَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا وَلِذَا جَرَى قَوْلَانِ فِي إعَادَتِهِ وَقْتَ الشَّفَقِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ إعَادَتَهُ لِأَجْلِ السُّنَّةِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْأَوَّلِ سُنِّيَّتُهُ عِنْدَ وَقْتِهَا بِخِلَافِ أَذَانِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلسُّنَّةِ أَرَادَ بِهَا طَرِيقَةَ النَّبِيِّ الصَّادِقِ بِالْمُسْتَحَبِّ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُلْبَسَ عَلَى النَّاسِ) أَيْ فَيَظُنُّونَ أَنَّ

بَلْ عِنْدَ مِحْرَابِهِ وَقِيلَ بِصِحَّتِهِ (وَإِقَامَةٍ وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ يُمْنَعُ بِمَعْنَى يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَكَذَا كُلُّ جَمْعٍ يُمْنَعُ فِيهِ التَّنَفُّلُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (وَلَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ أَنَّ التَّنَفُّلَ إنْ وَقَعَ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ (وَلَا) تَنَفُّلَ (بَعْدَهُمَا) أَيْضًا أَيْ يُمْنَعُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْجَمْعِ أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي الضَّوْءِ وَالتَّنَفُّلُ يُفِيتُ ذَلِكَ (وَجَازَ) الْجَمْعُ (لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ) أَيْ عَنْ جَمَاعَةِ الْجَمْعِ وَإِنْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِمْ جَمَاعَةً (يَجِدْهُمْ بِالْعِشَاءِ) فَيَدْخُلُ مَعَهُمْ وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. (وَ) جَازَ الْجَمْعُ (لِمُعْتَكِفٍ) وَمُجَاوِرٍ (بِمَسْجِدٍ) تَبَعًا لَهُمْ وَلِذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُعْتَكِفًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنِيبَ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ وَيَتَأَخَّرَ مَأْمُومًا (كَأَنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) وَلَوْ فِي الْأُولَى فَيَجُوزُ الْجَمْعُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً لَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فَلَا يَجُوزُ (لَا) يَجْمَعُ مُنْفَرِدٌ بِالْمَغْرِبِ (إنْ فَرَغُوا) أَيْ جَمَاعَةُ الْجَمْعِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانُوا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَإِنْ ظَنَّهُ الْأَوَّلَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَإِذَا هُوَ الْأَخِيرُ وَجَبَ أَنْ يَشْفَعَ إذْ مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ الْجَمَاعَةُ وَحِينَئِذٍ (فَيُؤَخِّرُ) الْعِشَاءَ وُجُوبًا (لِلشَّفَقِ) أَيْ لِمَغِيبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتَ الْعِشَاءِ دَخَلَ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُشْعِرُ بِحُرْمَتِهِ عَلَى الْمَنَارِ (قَوْلُهُ بَلْ عِنْدَ مِحْرَابِهِ) أَيْ بَلْ يُؤَذِّنُ إمَامُ مِحْرَابِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ بِصِحَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا) اعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي النَّفْلِ يَمْنَعُ الْفَصْلَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِالنَّفْلِ وَكَذَا بِالْكَلَامِ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ فِي الْفَصْلِ بِكُلٍّ مِنْ النَّفْلِ وَالْكَلَامِ إذْ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ جَمْعٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ) الْأَوْلَى وَلَا يَمْنَعُهُ أَيْ وَلَا يَمْنَعُ التَّنَفُّلُ الْجَمْعَ فَلَمْ لِنَفْيِ الْمَاضِي وَالْفَقِيهُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَمَحَلُّ كَوْنِ التَّنَفُّلِ بَيْنَهُمَا لَا يَمْنَعُ جَمْعَهُمَا مَا لَمْ يُؤَدِّ التَّنَفُّلُ إلَى الشَّكِّ فِي دُخُولِ الشَّفَقِ وَإِلَّا مَنَعَ الْجَمْعَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ أَيْ يَمْنَعُ) يَعْنِي عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ فَلَوْ اسْتَمَرَّ يَتَنَفَّلُ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَهُمَا حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ فَهَلْ يُطَالَبُ بِإِعَادَةِ الْعِشَاءِ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُمْ لَوْ جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْجَهْمِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُونَ وَقِيلَ إنْ قَعَدَ الْجُلُّ أَعَادُوا وَإِلَّا فَلَا وَالرَّاجِحُ الثَّانِي لِأَنَّهُ سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَالثَّالِثُ لِلشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِعَادَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) بَنَى هَذَا الْجَوَازَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ تُجْزِئُ عِنْدَ الثَّانِيَةِ وَبَنَوْا عَلَى مُقَابِلِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَا أَنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْجَوَازِ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ مَنْدُوبٌ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِأَجْلِ الْمُخْرَجَاتِ الْآتِيَةِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَوَجَدَهُمْ فِي الْعِشَاءِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَيُؤَخِّرُهَا لِوَقْتِهَا لِأَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ وَلَا يُصَلِّي الْأُولَى فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً مَعَ صَلَاةِ الْإِمَامِ اهـ خش (قَوْلُهُ وَإِنْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِمْ جَمَاعَةً) أَيْ هَذَا إنْ صَلَّاهَا فَذًّا بَلْ وَإِنْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً مَعَ غَيْرِ جَمَاعَةِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ وَجَازَ الْجَمْعُ لِمُعْتَكِفٍ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالنَّدْبِ وَهُوَ الْمُرَادُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ وَمُجَاوِرٌ) أَيْ وَغَرِيبٌ بَاتَ بِهِ وَخَادِمٌ مَاكِثٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ جَمْعِيَّةَ مَنْ ذُكِرَ لِلتَّبَعِيَّةِ إذَا كَانَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنِيبَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى بِهِمْ لَكَانَ تَابِعًا لَهُمْ وَهُمْ تَابِعُونَ لَهُ وَالتَّابِعُ لَا يَكُونُ مَتْبُوعًا وَمَحَلُّ الِاسْتِخْلَافِ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَإِلَّا صَلَّى بِهِمْ هُوَ كَمَا قَالَهُ طفى عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ (تَنْبِيهٌ) نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ أَنَّ اسْتِخْلَافَ الْمُعْتَكِفِ مُسْتَحَبٌّ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْبَابِ وَبِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ الْوُجُوبُ وَسَلَّمَهُ ح وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُقَالُ جَوَابًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ مَصَبَّ الِاسْتِحْبَابِ فِي كَلَامِهِ هُوَ اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ الْمُعْتَكِفِ لَا تَأَخُّرُهُ عَنْ الْإِمَامَةِ كَمَا فَهِمَهُ مَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَنَصُّهُ وَلِهَذَا اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ لِلْإِمَامِ الْمُعْتَكِفِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَيُصَلِّيَ وَرَاءَ مُسْتَخْلَفِهِ اهـ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ تَأَخُّرُهُ وَاجِبًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ كَأَنْ انْقَطَعَ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ إنْ ظَهَرَ عَدَمُ عَوْدَتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْأُولَى أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ بَلْ وَلَوْ فِي الْأُولَى. (قَوْلُهُ لَا قَبْلَ الشُّرُوعِ) أَيْ لَا إنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْمَطَرِ نَعَمْ إنْ كَانَ هُنَاكَ طِينٌ وَظُلْمَةٌ جَمَعَ لَهُمَا. (قَوْلُهُ وَاجِبٌ أَنْ يَشْفَعَ) أَيْ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ جَرَيَا فِي الْمُعِيدِ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَالْبَاقِي مَعَهُ دُونَ رَكْعَةٍ مِنْ أَنَّهُ يَقْطَعُ أَوْ يَشْفَعُ وَاسْتَحْسَنَ الْمَوَّاقُ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا مَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهِ فَلِذَا شَفَعَ قَطْعًا وَلَا وَجْهَ لِقَطْعِهِ (قَوْلُهُ إذْ مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ لِنَفْسِهِ إذْ مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ الْجَمَاعَةُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُمْ فَرَغُوا مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَادَةِ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ فَلَوْ جَمَعُوا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ فَيُؤَخِّرُ لِلشَّفَقِ) يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَالنَّصْبُ

[فصل في بيان شروط الجمعة وسننها وما يتعلق بذلك]

(إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْجَمْعَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ حَيْثُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهُ جَمَعَ بِهَا مُنْفَرِدًا أَيْضًا لِعِظَمِ فَضْلِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ غَيْرِهَا. (وَلَا) يَجُوزُ الْجَمْعُ (إنْ حَدَثَ السَّبَبُ) مِنْ مَطَرٍ أَوْ سَفَرٍ (بَعْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْأُولَى) وَأَوْلَى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَلَا) تَجْمَعُ (الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا) الْمُجَاوِرِ لِلْمَسْجِدِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي عَدَمِ الْجَمْعِ (وَلَا) يَجْمَعُ (مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجْمَعُ الْمُقَدَّرُ أَيْ بَلْ يَنْصَرِفُ لِيُصَلِّيَ الْعِشَاءَ بِبَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا فَيَجْمَعُ كَمَا تَقَدَّمَ (كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ) أَيْ لَا مَشَقَّةَ (عَلَيْهِمْ) فِي إيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا كَأَهْلِ الزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَكَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ أَوْ تُرْبَةٍ إلَّا أَنْ يَجْمَعُوا تَبَعًا لِمَنْ يَأْتِي لِلصَّلَاةِ مَعَهُمْ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصْلٌ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (شَرْطُ) صِحَّةِ صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا (وُقُوعُ كُلِّهَا) أَيْ جَمِيعِهَا (بِالْخُطْبَةِ) أَيْ مَعَ جِنْسِهَا الصَّادِقِ بِالْخُطْبَتَيْنِ (وَقْتَ الظُّهْرِ) فَلَوْ أَوْقَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يَصِحَّ وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا مِنْ الزَّوَالِ (لِلْغُرُوبِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ مُضْمَرَةٍ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الِاسْتِفْهَامِ، وَالْجَزْمُ عَطْفًا عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ بِالْفَاءِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخِّرْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَالْفِعْلُ مِنْ بَعْدِ الْجَزَا إنْ يَقْتَرِنْ ... بِالْفَا أَوْ الْوَاوِ بِتَثْلِيثٍ قَمِنْ (قَوْلُهُ إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا بِالْفِعْلِ فَوَجَدَ إمَامَهَا قَدْ جَمَعَ وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا قَبْلَ دُخُولِهَا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِ الشَّفَقِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ فَإِنْ دَخَلَهَا بِالْفِعْلِ فَوَجَدَ إمَامَهَا قَدْ جَمَعَ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ صَلَّى الْمَغْرِبَ مَعَ الْعِشَاءِ جَمْعًا مُنْفَرِدًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَعَلِمَ وَهُوَ خَارِجُهَا أَنَّ إمَامَهُ قَدْ جَمَعَ فَلَا يُطَالَبُ بِدُخُولِهَا وَيَبْقَى الْعِشَاءُ لِلشَّفَقِ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا فَيُقَيِّدُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ تَرَدَّدَ فِي الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى) لَكِنْ لَوْ جَمَعُوا لِحُدُوثِ السَّبَبِ بَعْدَ الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا عِنْدَ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا مَرَّ فِي الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَلَا الْمَرْأَةُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَرْأَةِ وَالضَّعِيفِ بِبَيْتِهِمَا الْمُجَاوِرِ لِلْمَسْجِدِ اسْتِقْلَالًا فَإِنْ جَمَعَا تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ جَمْعِهِمَا اهـ خش. (قَوْلُهُ وَلَا مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُقِيمًا بِهِ أَوْ يَنْصَرِفُ مِنْهُ لِمَنْزِلِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِمَنْزِلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجْمَعُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّاتِبَ يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَتَقَدَّمُ وَيُصَلِّي تَبَعًا فَذَاكَ فِي الْمُعْتَكِفِ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهَذَا يَذْهَبُ لِمَنْزِلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِخْلَافٍ بَلْ يَجْمَعُ بِمُفْرَدِهِ وَيَخْرُجُ فِي الضَّوْءِ. (قَوْلُهُ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي إيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا) أَيْ لِإِقَامَتِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ كَأَهْلِ الزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَكَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَمَاكِنُ يَنْصَرِفُونَ إلَيْهَا وَإِلَّا جَازَ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ وَأَفْتَى الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ أَهْلَ الْمَدَارِسِ يَجْمَعُونَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي فِيهِ الْمَدْرَسَةُ اسْتِقْلَالًا وَأَنَّ السَّاكِنَ بِهَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بِهَا إمَامًا قَالَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَالْمُعْتَكِفِ مُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ بَلْ هُمْ جِوَارَ الْمَسْجِدِ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجْمَعُ جَارُ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَبَعِيَّةٍ قَالَ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ فِي الْجَمَاعَةِ الْمُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَا قَالَ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ إمَامًا وَحُجْرَتُهُ مُلْتَصِقَةٌ بِالْمَسْجِدِ وَلَهَا خَوْخَةٌ إلَيْهِ» وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَكَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ عَلَى مَدْرَسَةٍ اتَّحَدَ مَحَلُّ السُّكْنَى بِهَا وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِمِصْرَ قُلْت وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ قَدْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ مِنْ الْمَسْجِدِ إنَّمَا يَجْمَعُ تَبَعًا لِلْبَعِيدِ وَنَصُّهُ وَإِنَّمَا أُبِيحَ الْجَمْعُ لِقَرِيبِ الدَّارِ وَالْمُعْتَكِفِ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ اهـ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ إنْ اتَّحَدَ مَحَلُّ السُّكْنَى بِهَا وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ سُكْنَاهُمْ غَيْرَ مَحَلِّ الصَّلَاةِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا؟ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ مُخْتَارُ بْن ثَانِيهُمَا وَمُخْتَارُ الْبَرْمُونِيِّ وَالْمِسْنَاوِيِّ أَوَّلُهُمَا [فَصْلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [شُرُوط صِحَّة صَلَاة الْجُمُعَةَ] فَصْلٌ فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَمُسْقِطَاتِهَا) أَرَادَ بِهَا الْأَعْذَارَ الْمُبِيحَةَ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا (قَوْلُهُ وُقُوعُ كُلِّهَا) أَيْ وُقُوعُهَا كُلِّهَا فَالْمُؤَكَّدُ مَحْذُوفٌ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ كِلَا الْمُضَافَةَ لِلضَّمِيرِ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ مُؤَكِّدَةً أَوْ مُبْتَدَأً وَلَا تَتَأَثَّرُ بِمُبَاشَرَةِ الْعَوَامِلِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْمُصَنِّفُ اسْتَعْمَلَهَا مُضَافًا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ حَذْفَ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ جَائِزٌ عِنْدَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَالصَّفَّارِ خِلَافًا لِلْأَخْفَشِ وَالْفَارِسِيِّ وَابْنِ جِنِّي وَابْنِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَوْقَعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ كَالْخُطْبَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيْ أَوْقَعَ الْخُطْبَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالصَّلَاةَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ)

(وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ) بَعْدَ صَلَاتِهَا بِخُطْبَتَيْهَا (رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ) فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ مَعْنَاهُ لِقُرْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ سَقَطَ وُجُوبُهَا (وَصُحِّحَ) هَذَا الْقَوْلُ (أَوْ لَا) يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ شَيْءٍ مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَلْ الشَّرْطُ فِعْلُهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ عَلَى هَذَا حَقِيقَةً قَوْلَانِ (رُوِيَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) (بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ (أَوْ أَخْصَاصٍ) جَمْعُ خُصٍّ وَهُوَ الْبَيْتُ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ (لَا) تَصِحُّ بِإِقَامَةٍ فِي (خِيَمٍ) مِنْ قُمَاشٍ أَوْ شَعْرٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِهَا الِارْتِحَالُ فَأَشْبَهَتْ السُّفُنَ، نَعَمْ إذَا كَانُوا مُقِيمِينَ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ بَلَدِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ تَبَعًا وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ. (وَبِجَامِعٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي (مَبْنِيٍّ) بِنَاءً مُعْتَادًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَيَشْمَلُ بِنَاؤُهُ مِنْ بُوصٍ لِأَهْلِ الْأَخْصَاصِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ رَكْعَةٌ لِلْعَصْرِ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: الْوَقْتُ إذَا ضَاقَ يَخْتَصُّ بِالْأَخِيرَةِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجُمُعَةُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَمْتَدُّ لِلِاصْفِرَارِ. وَأَجَازَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِعْلَهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا عِنْدَهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ ثُمَّ إنَّ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ كُلُّهُ اخْتِيَارِيًّا لَهَا بَلْ هِيَ فِيهِ وَفِي الضَّرُورِيِّ كَالظُّهْرِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ أَوْ فَرْضُ يَوْمِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَدَّرَ بِهَذَا الْقَوْلِ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ حَكَى مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْغُرُوبَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَلَا يُقَالُ جَزْمُهُ بِذَلِكَ أَوَّلًا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ) أَيْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ بَعْدَ صَلَاتِهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ سَقَطَ وُجُوبُهَا وَهَذَا رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ هَذَا الْقَوْلُ) أَيْ صَحَّحَهُ عِيَاضٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ بَلْ الشَّرْطُ فِعْلُهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهَذَا رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ التُّونُسِيُّ: فَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَخَرَجَ وَقْتُهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ ذَلِكَ بَنَى وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا وَهَذَا إذَا دَخَلَ مُعْتَقِدًا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ لِرَكْعَتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ أَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةً بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ هَذَا حَاصِلُ مَا ارْتَضَاهُ طفى خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا) فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَتَّابٍ لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ ابْنِ عَتَّابٍ وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ عِيَاضٌ وَهَذِهِ أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وُقُوعُهَا كُلُّهَا بِالْخُطْبَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْوُقُوعِ مُصَاحِبًا لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِقَامَةِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ فِي بَلَدٍ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ وَهُوَ الْعَزْمُ الْمَذْكُورُ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا يَأْتِي وَذِكْرُهُ هُنَا فِي أَثْنَاءِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ إضَافَةُ بَلَدِ الِاسْتِيطَانِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةُ وُقُوعٍ أَيْ وُقُوعُهَا فِي بَلَدٍ مُسْتَوْطَنَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ شَرْطُ وُجُوبٍ فَالْمُرَادُ اسْتِيطَانُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ أَيْ عَزْمُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ فِي الْبَلَدِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِيطَانَ بَلَدِهَا أَيْ كَوْنُ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنَةً شَرْطُ صِحَّةٍ وَاسْتِيطَانُ الشَّخْصِ فِي نَفْسِهِ شَرْطُ وُجُوبٍ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَوْ مَرَّتْ جَمَاعَةٌ بِقَرْيَةٍ خَالِيَةٍ فَنَوَوْا الْإِقَامَةَ فِيهَا شَهْرًا وَصَلَّوْا الْجُمُعَةَ بِهَا لَمْ تَصِحَّ لَهُمْ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْبَلَدُ مُسْتَوْطَنَةً وَالْجَمَاعَةُ مُسْتَوْطِنَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وَصَحَّتْ مِنْهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَلَدُ تَحْتَ حُكْمِ الْكُفَّارِ كَمَا لَوْ تَغَلَّبُوا عَلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَخَذُوهَا وَلَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ الْمُتَوَطِّنِينَ بِهَا مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ (قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا لِأَهْلِ الْخِيَمِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ وَبِجَامِعٍ إلَخْ)

فَلَا تَصِحُّ فِي بَرَاحِ حَجَرٍ بِأَحْجَارٍ مَثَلًا وَلَا فِيمَا بُنِيَ بِمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ بِنَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْبَلَدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِالْعُرْفِ (مُتَّحِدٍ) فَإِنْ تَعَدَّدَ لَمْ تَصِحَّ فِي الْكُلِّ (وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ) أَيْ مَا أُقِيمَتْ فِيهِ أَوَّلًا وَلَوْ تَأَخَّرَ بِنَاؤُهُ (وَإِنْ تَأَخَّرَ) الْعَتِيقُ (أَدَاءً) بِأَنْ أُقِيمَتْ فِيهِمَا وَفَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهَا فِي الْجَدِيدِ قَبْلَ جَمَاعَةِ الْعَتِيقِ فَهِيَ فِي الْجَدِيدِ بَاطِلَةٌ وَمَحَلُّ بُطْلَانِهَا فِي الْجَدِيدِ مَا لَمْ يُهْجَرْ الْعَتِيقُ وَمَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ تَبَعًا لِحُكْمِهِ بِصِحَّةِ عِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ مَثَلًا عُلِّقَ عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ وَمَا لَمْ يَحْتَاجُوا لِلْجَدِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَقِيلَ إنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ مَعًا كَالْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا كَانَ مَبْنِيًّا وَلَهُ سَقْفٌ إذْ قَدْ يُعْدَمُ مَسْجِدٌ يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَقَدْ يُوجَدُ فَإِذَا عَدِمَ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فَصَحَّ كَوْنُهُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ وَإِذَا وُجِدَ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيهِ فَلِذَا كَانَ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا أَفْتَى الْبَاجِيَّ فِي أَهْلِ قَرْيَةٍ إنْ هُدِمَ مَسْجِدُهُمْ وَبَقِيَ لَا سَقْفَ لَهُ فَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ قَبْلَ أَنْ يَبْنُوهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُمْ أَنْ يُجَمِّعُوا فِيهِ وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا جُعِلَ مَسْجِدًا لَا يَعُودُ غَيْرَ مَسْجِدٍ إذَا انْهَدَمَ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخَذُ لِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فِيهِ مَسْجِدًا قَبْلَ أَنْ يُبْنَى وَهُوَ فَضَاءٌ، وَقِيلَ إنَّ الْمَسْجِدَ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ دُونَ الْوُجُوبِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْمَكَانَ مِنْ الْفَضَاءِ يَكُونُ مَسْجِدًا وَيُسَمَّى مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهِ وَتَحْبِيسِهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَلَا يُعْدَمُ مَوْضِعٌ يَصِحُّ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَحِينَئِذٍ فَمَا يَكُونُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَكُونُ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ مَنُوطٌ بِوُجُودِ الْجَامِعِ وَالْجَامِعُ مَوْجُودٌ مُتَحَقِّقٌ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ وَالتَّعْيِينُ لَا كُلْفَةَ فِيهِ فَصَارَ الْجَامِعُ مُتَقَرِّرًا بِالْأَصَالَةِ وَصِحَّتُهَا لَيْسَتْ مَنُوطَةً بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْجَامِعِ الْمُتَحَقِّقِ بِالتَّعْيِينِ بَلْ بِالْأَوْصَافِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ مَبْنِيٍّ إلَخْ حِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الْجَامِعُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا شَرْطَ صِحَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ فِي بَرَاحِ حَجَرٍ) أَيْ أُحِيطَ بِأَحْجَارٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى مَسْجِدًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ مُسَمَّى الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ ذَا بِنَاءٍ وَسَقْفٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ " مَبْنِيٍّ " وَصْفٌ كَاشِفٌ إلَّا أَنْ يُلَاحِظَ قَوْلَهُ " بِنَاءً مُعْتَادًا " وَإِلَّا كَانَ مُخَصَّصًا (قَوْلُهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَنْعَكِسُ عَلَيْهِ دُخَانُهَا وَحَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَوْ بَاعًا فَلَوْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا فَلَا تَصِحُّ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ بُنِيَ أَوَّلًا قَرِيبًا مِنْهَا فَتَهَدَّمَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنْ الْبُنْيَانِ وَصَارَ بَعِيدًا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ بُعْدُهُ (قَوْلُهُ مُتَّحَدٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا مُرَاعَاةً لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَجَمْعًا لِلْكُلِّ وَطَلَبًا لِجَلَاءِ الصُّدُورِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ إنْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ فِي الْجَدِيدِ وَلَوْ صَلَّى فِيهِ السُّلْطَانُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَتِيقٌ بِأَنْ بُنِيَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُصَلِّ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِيمَا أُقِيمَتْ فِيهِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ فَإِنْ أُقِيمَتْ فِيهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّتْ لِلسَّابِقِ بِالْإِحْرَامِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا حُكِمَ بِفَسَادِهَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ وَوَجَبَ إعَادَتُهَا لِلشَّكِّ فِي السَّبْقِ جُمُعَةً إنْ كَانَ وَقْتُهَا بَاقِيًا وَإِلَّا ظُهْرًا (قَوْلُهُ أَيْ مَا أُقِيمَتْ فِيهِ أَوَّلًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْعَتَاقَةَ تُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً) أَيْ فِعْلًا يَعْنِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى الَّتِي أَثْبَتَتْ لَهُ كَوْنَهُ عَتِيقًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَتِيقُ أَدَاءً أَيْ وَأَوْلَى إذَا سَاوَى الْجَدِيدَ أَوْ سَبَقَهُ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُهْجَرْ الْعَتِيقُ) أَيْ وَيَنْقُلُوهَا لِلْجَدِيدِ فَإِنْ هُجِرَ الْعَتِيقُ وَصَلَّوْهَا فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ صَحَّتْ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُهُ كَأَنْ هُجِرَ الْعَتِيقُ لِغَيْرِ مُوجِبٍ أَوْ لِمُوجِبٍ كَخَلَلٍ حَصَلَ فِيهِ وَظَاهِرُهُ دَخَلُوا عَلَى دَوَامِ هِجْرَانِ الْعَتِيقِ أَوْ عَلَى عَدَمِ دَوَامِ ذَلِكَ فَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الْهِجْرَانِ لِلْعَتِيقِ مَعَ الْجَدِيدِ فَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُتَنَاسَى الْعَتِيقُ بِالْمَرَّةِ وَإِلَّا كَانَ الْحُكْمُ لِلثَّانِي كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ تَبَعًا لِحُكْمِهِ بِصِحَّةِ عِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) الْأَوْلَى تَبَعًا لِحُكْمِهِ بِعِتْقِ عَبْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ عُلِّقَ) أَيْ ذَلِكَ الْعِتْقُ (وَقَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْجَدِيدِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَانِيَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرَهُ يَقُولُ لِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ إنْ صَحَّتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَعْدَ

لِضِيقِ الْعَتِيقِ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَوْسِعَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (لِأَذَى بِنَاءٍ خَفَّ) بِأَنْ يَكُونَ أَدْنَى مِنْ بُنْيَانِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَهُ الْبِنَاءُ الْمُعْتَادُ وَالِاتِّحَادُ (وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ) الْمُعْتَادِ لَا صِحَّتِهِ لِصِحَّتِهَا فِيهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ تَرَدُّدٌ (و) فِي اشْتِرَاطِ (قَصْدِ تَأْبِيدِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (بِهِ) وَعَدَمِهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ تَرَدُّدٌ وَمَحَلُّ قَصْدِ التَّأْبِيدِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حَيْثُ نُقِلَتْ مِنْ مَسْجِدٍ إلَى آخَرَ أَمَّا إنْ أُقِيمَتْ فِيهِ ابْتِدَاءً فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَهُ بِأَنْ قَصَدُوا التَّأْبِيدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا (و) فِي اشْتِرَاطِ (إقَامَةِ) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) لِصِحَّتِهَا بِهِ فَإِنْ بُنِيَ عَلَى أَنْ لَا تُقَامَ إلَّا الْجُمُعَةُ أَوْ تَعَطَّلَتْ بِهِ الْخَمْسُ عَنْهُ لَمْ تَصِحَّ بِهِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فَتَصِحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (تَرَدُّدٌ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِيَّيْنِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ (وَصَحَّتْ) لِمَأْمُومٍ لَا لِإِمَامٍ صَلَّى (بِرَحَبَتِهِ) وَهِيَ مَا زِيدَ خَارِجَ مُحِيطِهِ لِتَوْسِعَتِهِ (وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ) بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةِ فِيهِ يَذْهَبُ ذَلِكَ الْعَبْدُ إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ يَرَى صِحَّةَ التَّعَدُّدِ فَيَقُولُ ادَّعَى عَلَيَّ سَيِّدِي أَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقِي عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيُثْبِتُ عِنْدَهُ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ جُمُعَةً صَحِيحَةً فَيَقُولُ ذَلِكَ الْقَاضِي لِاعْتِقَادِهِ صِحَّتَهَا فِي الْجَدِيدِ حَكَمْتُ بِعِتْقِكَ فَيَسْرِي حُكْمُهُ بِالْعِتْقِ إلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الْعِتْقُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْحُكْمِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ فَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ تَابِعٌ لِلْحُكْمِ بِالْعِتْقِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُعَلَّقِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْكَمْ بِالصِّحَّةِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا كَمَا لِلْقَرَافِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ رَاشِدٍ حَيْثُ قَالَ حُكْمُ الْحَاكِمِ يَدْخُلُهَا اسْتِقْلَالًا كَالْمُعَامَلَاتِ (قَوْلُهُ لِضِيقِ الْعَتِيقِ) أَيْ أَوْ لِحُدُوثِ عَدَاوَةٍ فَإِذَا حَصَلَتْ عَدَاوَةٌ بَيْنَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَصَارُوا فِرْقَتَيْنِ وَكَانَ الْجَامِعُ الَّذِي فِي الْبَلَدِ فِي نَاحِيَةِ فِرْقَةٍ وَخَافَتْ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى عَلَى نَفْسِهَا إذَا أَتَوْا ذَلِكَ الْجَامِعَ فَلَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا جَامِعًا فِي نَاحِيَتِهِمْ وَيُصَلُّونَ فِيهِ الْجُمُعَةَ فَإِنْ زَالَتْ الْعَدَاوَةُ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ لِلْكُلِّ لَا فِي الْعَتِيقِ فَإِنْ عَادَتْ الْعَدَاوَةُ صَحَّتْ فِي الْجَدِيدِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَقَدْ أَشَارَ لِمَا قُلْنَاهُ عج وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ) أَشَارَ بِهَذَا لِمَا يَرِدُ عَلَى الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَحْثِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاحْتِيَاجُ لِلْجَدِيدِ لِضِيقِ الْعَتِيقِ لِأَنَّ الْعَتِيقَ إذَا ضَاقَ يُوَسَّعُ وَلَوْ بِالطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ وَيُجْبَرُ الْجَارُ عَلَى الْبَيْعِ لِتَوَسُّعَتِهِ وَلَوْ وَقْفًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَنَّ الْكَلَامَ يُفْرَضُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَتِيقُ بِجِوَارِ بَحْرٍ أَوْ جَبَلٍ فَلَا يُمْكِنُ تَوْسِعَتُهُ أَوْ لَيْسَ بِجِوَارِهِمَا لَكِنَّ تَوْسِعَتَهُ تُؤَدِّي لِلِاخْتِلَاطِ عَلَى الْمُصَلِّينَ لِكَثْرَةِ الْمُسْتَمِعِينَ مَثَلًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ) أَيْ فِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ سَقْفِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الدَّوَامِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْجِدًا إذَا بُنِيَ ابْتِدَاءً إلَّا إذَا كَانَ مَسْقُوفًا فَإِذَا هُدِمَ مَسْجِدٌ فَهَلْ يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الْمَسْجِدِيَّةِ وَهُوَ مَا لِلْبَاجِيِّ أَوَّلًا وَهُوَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ لِصِحَّتِهَا فِيهِ) أَيْ اتِّفَاقًا وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَسْقُوفٍ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ دَوَامِ سَقْفِهِ فَتَصِحُّ فِيمَا هُدِمَ سَقْفُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وتت وعج أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ح عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَعَدَمِهِ) أَيْ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ قَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ قَصْدِ التَّأْبِيدِ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ قَصْدِ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ التَّأْبِيدِ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَطَّلَتْ بِهِ الْخَمْسُ) لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ التَّعْطِيلِ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا لِعُذْرٍ فَالصِّحَّةُ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ لِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ الْقَائِلَ بِالشَّرْطِيَّةِ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ التَّعْطِيلَ إذَا كَانَ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ يُغْتَفَرُ قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فَتَصِحُّ) أَيْ فِي مَسْجِدٍ بُنِيَ لِقَصْدِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فَقَطْ وَفِيمَا بُنِيَ لَهَا وَلِغَيْرِهَا ثُمَّ تَعَطَّلَ غَيْرُهَا وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْمُقَابِلَ مُصَرَّحٌ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ لِمَا ذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ مِنْ الِاشْتِرَاطِ وَسُكُوتِ غَيْرِهِ عَنْهُ فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ إذَا لَوْ كَانَ شَرْطًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا لِإِمَامٍ) أَيْ وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ فَلَا بُدَّ فِي صِحَّتِهَا مِنْ كَوْنِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْخُطْبَةِ بِالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ) أَيْ وَلَا حَدَّ لَهَا وَلَوْ قَدْرَ مِيلَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مُسَاوِيَةً لِلْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ مُرْتَفِعًا عَنْهَا بِحَيْثُ يَنْزِلُ لَهَا مِنْهُ بِدَرَجٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ صِحَّتُهَا فِي الطُّرُقِ وَلَوْ كَانَ فِيهَا أَرْوَاثُ دَوَابَّ وَأَبْوَالُهَا لَكِنْ قَيَّدَهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فِيهَا قَائِمَةً وَإِلَّا أَعَادَ أَبَدًا إذَا وَجَدَ مَا يَبْسُطُهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ، اُنْظُرْ طفى. وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْكَلَامُ

مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ مِنْ بُيُوتٍ أَوْ حَوَانِيتَ وَمِثْلُهَا دُورٌ وَحَوَانِيتُ غَيْرُ مَحْجُورَةٍ وَكَذَا مَدْرَسَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْمَدَارِسِ الَّتِي حَوْلَ جَامِعِ الْأَزْهَرِ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ بِهِمَا (إنْ ضَاقَ) الْجَامِعُ (أَوْ اتَّصَلْت الصُّفُوفُ) وَلَمْ يَضِقْ لِمَنْعِ التَّخَطِّي بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ (لَا انْتَفَيَا) أَيْ الضِّيقُ وَالِاتِّصَالُ فَلَا تَصِحُّ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا قَدْ أَسَاءَ وَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ وَشَبَهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ (كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ (وَسَطْحِهِ) وَلَوْ ضَاقَ (وَدَارٍ وَحَانُوتٍ) مُتَّصِلِينَ إنْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ وَإِلَّا صَحَّتْ كَمَا مَرَّ وَأَشَارَ لِرَابِعِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ عَاطِفًا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ بِجَامِعٍ بِقَوْلِهِ (وَبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى) أَيْ تَسْتَغْنِي وَتَأْمَنُ (بِهِمْ قَرْيَةٌ) بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ الْمَثْوَى صَيْفًا وَشِتَاءً وَالدَّفْعُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِي الْغَالِبِ (بِلَا حَدٍّ) مَحْصُورٌ فِي خَمْسِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوَّلًا) أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا بِالْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ أُقِيمَتْ فَإِنْ حَضَرَ مِنْهُمْ مَا لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وَلَوْ اثْنَيْ عَشَرَ لَمْ تَصِحَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا بَلْ فِيمَا بَعْدَهَا (فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ) رَجُلًا أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ غَيْرَ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآنَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا بَلْ الْكَلَامُ فِي ضَرَرِ الْفَصْلِ بِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْفَاصِلَ النَّجِسَ يَضُرُّ كَالْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ مِنْ بُيُوتٍ أَوْ حَوَانِيتَ) فَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ حِيطَانِهِ وَبَيْنَ الطُّرُقِ بِحَوَانِيتَ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِمِصْرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الْمَغَارِبَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا عَدَمَ الضَّرَرِ إذَا صَلَّى عَلَى مَسَاطِبِ تِلْكَ الْحَوَانِيتِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فِي صِحَّتِهَا بِهَا دُورٌ إلَخْ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ ضَاقَ إلَخْ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالطُّرُقِ وَالرِّحَابِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي كُلِّ مَا خَرَجَ عَنْ الْمَسْجِدِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا أَتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِعِبَارَةٍ عَامَّةٍ فَقَالَ وَخَارِجُهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ مِثْلُهُ إنْ ضَاقَتْ وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ اهـ طفى (قَوْلُهُ كَالْمَدَارِسِ الَّتِي حَوْلَ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ) أَيْ وَأَمَّا الْأَرْوِقَةُ الَّتِي فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورَةً وَإِلَّا كَانَتْ كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَمَقَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ كَمَقَامِ أَبِي مَحْمُودٍ الْحَنَفِيِّ وَالْحُسَيْنِ وَالسَّيِّدَةِ فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فَتَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَقَامُ لَا يُفْتَحُ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ) الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ إسَاءَتَهُ بِالْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ لَا بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ إلَخْ) فِي مَعْنَى ذَلِكَ بَيْتُ الْحُصُرِ وَالْبُسُطِ وَالسِّقَايَةِ لِأَنَّهَا مَحْجُورَةٌ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَلَوْ مَعَ ضِيقِ الْمَسْجِدِ هَذَا وَقَدْ بَحَثَ الْقَاضِي سَنَدٌ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا قُصِرَ عَلَى بَعْضِ مَصَالِحِهِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الصَّلَاةِ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ نِسَاءَهُ كُنَّ يُصَلِّينَ الْجُمُعَةَ فِي حُجَرِهِنَّ عَلَى عَهْدِهِ وَإِلَى أَنْ مُتْنَ وَهِيَ أَشَدُّ تَحْجِيرًا مِنْ بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَلِمَا شَدَّدَ عَلَيْهِنَّ فِي لُزُومِ الْحُجُرَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] جَوَّزَ لَهُنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَسَطْحِهِ وَلَوْ ضَاقَ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّتَهَا بِدِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ مَحْجُورَةً وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُعِيدُ أَبَدًا ابْنُ شَاسٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ سَطْحِهِ وَالطُّرُقِ أَنَّ الطُّرُقَ مُتَّصِلَةٌ بِأَرْضِهِ وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهُوَ لِمَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ قَالُوا إنَّمَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ لِلْمُؤَذِّنِ لَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا وَقِيلَ إنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَى سَطْحِهِ وَهُوَ قَوْلُ حَمْدِيسٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ) أَيْ وَلَوْ أَذِنَ أَهْلُهُمَا بِالدُّخُولِ لِلصَّلَاةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَبِجَمَاعَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِجَامِعٍ وَالْبَاءُ فِيهِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا فِي الْجَامِعِ مَعَ جَمَاعَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ تَكُونَ فِي جَامِعٍ وَفِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ الْمَثْوَى) أَيْ الْإِقَامَةُ (قَوْلُهُ أَوَّلَ جُمُعَةٍ أُقِيمَتْ) أَيْ فِي الْبَلَدِ (وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ مِنْهُمْ) أَيْ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ أُقِيمَتْ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ بَلْ فِيمَا بَعْدَهَا) أَيْ بَلْ فِي الْجُمُعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْأُولَى أَيْ بَعْدَ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي الْبَلَدِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ مُتَوَطِّنِينَ) فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَيْرَ مُتَوَطِّنٍ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الْمُتَوَطِّنُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لِكَوْنِ مَنْزِلِهِ خَارِجًا عَنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ بِكَفَرْسَخٍ فَالْجُمُعَةُ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْإِمَامِ) أَيْ وَأَنْ يَكُونُوا

(بَاقِينَ) مَعَ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (لِسَلَامِهَا) أَيْ إلَى سَلَامِهِمْ مِنْهَا فَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْجَمِيعِ وَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ التَّحْرِيرِ وَالتَّحْرِيرُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ شَرْطُ وُجُوبٍ لِإِقَامَتِهَا وَصِحَّةٌ لَهَا وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَيْضًا حُضُورُ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَلَوْ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ فَلَوْ قَالَ وَبِحُضُورِ اثْنَيْ عَشَرَ إلَخْ مِنْ جَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى إلَخْ لَوَافَقَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ (بِإِمَامٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الِاثْنَيْ عَشَرَ مَعَ إمَامٍ (مُقِيمٍ) بِالْبَلَدِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَيَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ مُسَافِرٌ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِغَيْرِ قَصْدِ الْخُطْبَةِ وَلَوْ سَافَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَكَذَا خَارِجٌ عَنْ قَرْيَتِهَا بِكَفَرْسَخٍ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ بِخِلَافِ الْخَارِجِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ مُقِيمٍ قَوْلَهُ (إلَّا الْخَلِيفَةَ) أَوْ نَائِبَهُ فِي الْحُكْمِ وَالصَّلَاةِ (يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ) مِنْ قُرَى عَمَلِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ (و) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا تَجِبُ عَلَيْهِ) لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا فَيَصِحُّ بَلْ يُنْدَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ أَوْ شَافِعِيِّينَ قَلَّدُوا وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا إنْ لَمْ يُقَلِّدُوا فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْمَالِكِيِّ مَعَ اثْنَيْ عَشَرَ شَافِعِيِّينَ لَمْ يُقَلِّدُوا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ يَحْفَظُونَ الْفَاتِحَةَ بِشَدَّاتِهَا (قَوْلُهُ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ حَصَلَ لِأَحَدِهِمْ رُعَافٌ بِنَاءً اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَدَتْ إلَخْ) فَلَوْ دَخَلَ مَعَهُمْ مَسْبُوقٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَأَحْدَثَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَسْبُوقِ بِحَيْثُ بَقِيَ الْعَدَدُ اثْنَيْ عَشَرَ بِالْمَسْبُوقِ فَهَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ اهـ شب لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَسْبُوقَ لَمْ يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ وَحُضُورُ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَهَا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيرُ إلَخْ) هَذَا التَّحْرِيرُ لح فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَقَدْ ارْتَضَى الْأَشْيَاخُ مَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ شَرْطُ وُجُوبٍ لِإِقَامَتِهَا) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا تَجِبُ إقَامَتُهَا فِي الْبَلَدِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا جَمَاعَةٌ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ حُرًّا وَبَعْضُهُمْ رَقِيقًا وَلَا تَقَعُ صَحِيحَةً مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَحَاصِلُ هَذَا التَّحْرِيرِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وُجُودُهُمْ فِيهَا شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ وَالِاثْنَا عَشَرَ الْأَحْرَارُ حُضُورُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ شَرْطُ صِحَّةٍ تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى حُضُورِ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَعَلَى وُجُودِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا التَّحْرِيرِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ عِنْدَ الطَّلَبِ أَيْ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِهَا وَوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَجُوزُ إلَخْ أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ حَالُ الطَّلَبِ وَالْخِطَابِ بِأَنْ كَانَ حَالُ الْحُضُورِ فِي الْمَسْجِدِ فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَخْ فَلَوْ تَفَرَّقَ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَشْغَالِهِمْ مِنْ حَرْثٍ أَوْ حَصَادٍ وَلَمْ يَبْقَ فِي الْقَرْيَةِ إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ ارْتَحَلُوا مِنْهَا وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا إنْ رَحَلُوا فِي أَمَاكِنَ قَرِيبَةٍ مِنْ قَرْيَتِهِمْ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ الذَّبُّ عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ بِإِمَامٍ إلَخْ) لَوْ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ كَانَ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ) أَيْ مِنْ الْمُتَوَطِّنِينَ فِيهَا (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ إلَخْ) بَلْ وَكَذَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ عَدَمُ وُجُودِ خَطِيبٍ بِالْبَلَدِ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ ح وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِغَيْرِ قَصْدِ الْخُطْبَةِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ لِأَجْلِهَا فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَافَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طُرُوءِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا خَارِجٌ عَنْ قَرْيَتِهَا) أَيْ وَكَذَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ شَخْصٌ مَنْزِلُهُ خَارِجٌ عَنْ قَرْيَتِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ إمَامَةِ الْمُقِيمِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجًا عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ بِكَفَرْسَخٍ هُوَ مَا لِابْنِ غَلَّابٍ وَالشَّيْخِ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الطَّرَابُلُسِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْجُمُعَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْمُقِيمَ وَالْخَارِجَ الْمَذْكُورَيْنِ لَوْ اجْتَمَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَعَ اثْنَيْ عَشَرَ مُتَوَطِّنِينَ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا وَيَؤُمُّهُمْ أَحَدُ الْمُتَوَطِّنِينَ وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ شَخْصٌ إنْ صَلَّى إمَامًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِيهِ وَإِنْ صَلَّى مَأْمُومًا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَارِجِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجًا عَنْ قَرْيَتِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِ قَرْيَتِهَا إلَّا إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِيهَا لَا بِقَصْدِ الْخُطْبَةِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسَافِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبَهُ فِي الْحُكْمِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ وَذَلِكَ كَالْبَاشَا وَخَرَجَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ نَائِبُهُ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ) أَيْ لَهَا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قَدِمَ بَعْدَ صَلَاتِهِمْ لَهَا وَكَانَ وَقْتُهَا بَاقِيًا فَإِنَّهُ لَا يُقِيمُهَا عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ يُصَلِّي ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ الظُّهْرَ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فَلَوْ حَضَرَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهَا بَلْ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ عَقَدُوا رَكْعَةً فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّي هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَلَا يَبْنِي عَلَى الْخُطْبَةِ بَلْ يَبْتَدِئُهَا كَمَا يُفِيدُهُ عج وَقِيلَ تَصِحُّ إنْ قَدِمَ بَعْدَ رَكْعَةٍ

أَنْ يُجَمِّعَ بِهِمْ (و) إنْ مَرَّ (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ قَرْيَةِ جُمُعَةٍ بِأَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهَا الشُّرُوطُ (تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) وَقَوْلُهُ (وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ) وَصْفٌ ثَانٍ لِإِمَامٍ أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا وَأَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبَ (إلَّا لِعُذْرٍ) طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ كَجُنُونٍ وَرُعَافٍ مَعَ بُعْدِ الْمَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ غَيْرُهُ وَلَا يُعِيدُ الْخُطْبَةَ (وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ) زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ كَحَدَثٍ حَصَلَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَوْ رُعَافٍ يَسِيرٍ وَالْمَاءُ قَرِيبٌ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ بَعُدَ وَأَشَارَ لِخَامِسِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ (وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) فَلَوْ خَطَبَ بَعْدَهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ فَقَطْ إنْ قَرُبَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا وَصْلَ الصَّلَاةِ بِهَا وَكَوْنَهَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَكَوْنُهَا عَرَبِيَّةً وَالْجَهْرُ بِهَا وَكَوْنُهَا (مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) بِأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَسْجَعًا يَشْتَمِلُ عَلَى وَعْظٍ فَإِنْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ لَمْ يُجْزِئْ وَنُدِبَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَصَلَاةٌ عَلَى نَبِيِّهِ وَأَمْرٌ بِتَقْوَى وَدُعَاءٌ بِمَغْفِرَةٍ وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُجَمِّعَ بِهِمْ) أَيْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ) أَيْ بِأَنْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهَا شُرُوطُ الْوُجُوبِ أَيْ بِأَنْ كَانَ أَهْلُهَا الْمُقِيمُونَ بِهَا لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ غَالِبًا (قَوْلُهُ تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) أَيْ إذَا جَمَّعُوا مَعَهُ وَلَوْ أَتَمُّوا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَصْفٌ ثَانٍ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ وَصْفًا لِإِمَامٍ لَقَالَ خَاطِبٍ وَإِنْ كَانَ جَعْلُهُ وَصْفًا لِإِمَامٍ مُحْرَزًا لِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الشَّرْطِ شَرْطٌ (قَوْلُهُ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعُذْرَ طَرَأَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَهُ أَمَّا لَوْ حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى أَنْ يَبْقَى لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا يَسَعُ الْخُطْبَةَ وَالْجُمُعَةَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، هَذَا إذَا أَمْكَنَهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ وَأَمَّا إذَا كَانُوا لَا يُمْكِنُهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ مَا يُصَلُّونَ فِيهِ الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ قَرُبَ زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ) اعْتِبَارُ الْقُرْبِ بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ الْقُرْبُ بِقَدْرِ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا بِالْفَاتِحَةِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ السُّورَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ بَعُدَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لَهُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا وُجُوبًا مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ وَلَا يَنْتَظِرُونَهُ فَإِنْ تَقَدَّمَ إمَامٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافِ أَحَدٍ صَحَّتْ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَلَا يَكْفِي إيقَاعُهُمَا فِي رِحَابِهِ وَلَا فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا) أَيْ الْخُطْبَةَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا وَصْلُ الصَّلَاةِ بِهَا) أَيْ وَوَصْلُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَذَلِكَ وَيَسِيرُ الْفَصْلِ مُغْتَفَرٌ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا عَرَبِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ عَجَمًا لَا يَعْرِفُونَ الْعَرَبِيَّةَ فَلَوْ كَانَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْإِتْيَانَ بِالْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً لَمْ يَلْزَمْهُمْ جُمُعَةٌ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْجَهْرُ بِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ فَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ بُكْمًا سَقَطَتْ الْجَمَاعَةُ عَنْهُمْ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْخُطْبَةِ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الْخُطْبَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ تُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَالُ فِي الْمَحَافِلِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُنَبَّهِ بِهِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ لَدَيْهِمْ وَالْمُرْشِدِ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِمْ حَالِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ تَحْذِيرٍ أَوْ تَبْشِيرٍ أَوْ قُرْآنٍ يُتْلَى وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَقَلُّ الْخُطْبَةِ حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ وَقُرْآنٌ اهـ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَكُلٌّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالْقُرْآنِ مُسْتَحَبٌّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَسْجَعًا) الظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَهَا سَجْعًا لَيْسَ شَرْطَ صِحَّةٍ فَلَوْ أَتَى بِهَا نَظْمًا أَوْ نَثْرًا صَحَّتْ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا إنْ لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ صَلَّى فَلَا إعَادَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ يَشْتَمِلُ عَلَى وَعْظٍ) أَيْ وَنُدِبَ كَوْنُهَا عَلَى مِنْبَرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ) أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِإِجْزَاءِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) أَيْ وَكَذَا يُنْدَبُ فِيهَا التَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ

[شروط وجوب الجمعة]

وَأَوْجَبَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فَإِذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا بَعْدُ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَطَاعَتِهِ وَأُحَذِّرُكُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَقُولُ بَعْدَ قِيَامِهِ بَعْدَ الثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَ وَانْتَهُوا عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ لَكَانَ آتِيًا بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِاتِّفَاقٍ (تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ) الِاثْنَا عَشَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوهُمَا أَوْ بَعْضُهُمْ مِنْ أَوَّلِهِمَا لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَتَانِ مَنْزِلَةَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ (وَاسْتَقْبَلَهُ) وُجُوبًا وَقِيلَ سُنَّةٌ وَرُجِّحَ (غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ) بِذَوَاتِهِمْ وَكَذَا الصَّفُّ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَسُنِّيَّتُهُ وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ (تَرَدُّدٌ) . وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ الْخَمْسَةِ شَرَعَ فِي شُرُوطِ وُجُوبِهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ أَيْضًا فَقَالَ (وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ) فِي عَدِّهِ مِنْ شُرُوطِهَا نَظَرٌ إذْ الشَّيْءُ لَا يُعَدُّ شَرْطًا لِشَيْءٍ إلَّا إذَا كَانَ خَاصًّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ (الْحُرَّ الذَّكَرَ) فَإِنْ حَضَرَهَا رَقِيقٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَجْزَأَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالدُّعَاءُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا الدُّعَاءُ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ فَهُوَ بِدْعَةٌ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ اتِّبَاعِهِ وَإِلَّا وَجَبَ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَمَا بَعْدَهُ (تَنْبِيهٌ) لَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى كَمَا فِي كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُمْ إصْغَاءٌ وَاسْتِمَاعٌ أَمْ لَا فَاَلَّذِي هُوَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ الْحُضُورُ لَا الِاسْتِمَاعُ وَالْإِصْغَاءُ وَكَوْنُ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِصْغَاءِ لِلْخُطْبَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ مُطَالَبُونَ بِهِ بَعْدَ الْحُضُورِ لَكِنْ لَا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ اهـ عَدَوِيٌّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَةِ فَرْضُ عَيْنٍ وَلَوْ كَثُرَ الْعَدَدُ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْنِيَّةَ إذَا كَانَ الْعَدَدُ اثْنَيْ عَشَرَ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَقْبَلَهُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَقْبِلُوهُ بِوُجُوهِكُمْ وَاصْغَوْا إلَيْهِ بِأَسْمَاعِكُمْ وَارْمُقُوهُ بِأَبْصَارِكُمْ» وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ طَلَبُ اسْتِقْبَالِهِ بِمُجَرَّدِ قُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَوْ لَمْ يَنْطِقْ لَكِنَّ الَّذِي فِي عبق أَنَّ طَلَبَ اسْتِقْبَالِهِ عِنْدَ نُطْقِهِ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ النُّطْقِ جَالِسًا عَلَى الْمِنْبَرِ وَسَلَّمَهُ مَنْ كَتَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَوَاشِي (قَوْلُهُ وُجُوبًا) أَيْ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا قَالَ ح وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ صَرِيحُهَا، وَنَصُّهَا: وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ قَطْعُ الْكَلَامِ وَاسْتِقْبَالُهُ وَالْإِنْصَاتُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سُنَّةً) أَيْ وَهُوَ قَوْلٌ لِمَالِكٍ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِذَوَاتِهِمْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُغَيِّرُونَ جِلْسَتَهُمْ الَّتِي كَانَتْ لِلْقِبْلَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَلَا يُطَالَبُونَ بِاسْتِقْبَالِهِ وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِثْنَائِهِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ خِلَافَ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ اسْتِقْبَالُ ذَاتِهِ لِلْجَمِيعِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَذَا الصَّفُّ الْأَوَّلُ) أَيْ يَسْتَقْبِلُونَهُ بِذَوَاتِهِمْ مَنْ يَرَاهُ وَمَنْ لَا يَرَاهُ مَنْ سَمِعَهُ وَمَنْ لَا يَسْمَعْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) مُقَابِلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ أَهْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ يَسْتَقْبِلُونَهُ بِوُجُوهِهِمْ لَا بِذَوَاتِهِمْ فَلَا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوْضِعِهِمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ بِطَلَبِ أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِالِاسْتِقْبَالِ اخْتَلَفُوا فَبَعْضُهُمْ قَالَ يَسْتَقْبِلُونَ جِهَتَهُ فَقَطْ وَبَعْضُهُمْ قَالَ يَسْتَقْبِلُونَ ذَاتَهُ كَغَيْرِهِمْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا) أَيْ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ (قَوْلُهُ وَسُنِّيَّتُهُ) أَيْ فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا أَسَاءَ وَصَحَّتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسَاءَةِ الْكَرَاهَةُ لَا الْحُرْمَةُ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُتَبَادِرَةُ مِنْ الْإِسَاءَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ) أَيْ وَابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ [شُرُوط وُجُوب الْجُمُعَةَ] (قَوْلُهُ وَهِيَ خَمْسَةٌ) أَيْ فَمَتَى وُجِدَتْ لَزِمَتْ وَثَبَتَ إثْمُ تَارِكِهَا وَعُقُوبَتُهُ وَهَلْ يُفَسَّقُ بِتَرْكِهَا وَلَوْ مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّ تَرْكَهَا مَرَّةً صَغِيرَةً كَمَا أَنَّ تَرْكَهَا ثَلَاثًا غَيْرَ مُتَوَالِيَةٍ كَذَلِكَ وَلَا يُجَرَّحُ الْعَدْلُ بِصَغَائِرِ الْخِسَّةِ إلَّا إذَا كَثُرَتْ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى تَهَاوُنِهِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ) أَيْ لَا الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَقَوْلُهُ الْحُرَّ أَيْ لَا الرَّقِيقَ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَقَوْلُهُ الذَّكَرَ) أَيْ لَا الْمَرْأَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا (وَقَوْلُهُ الْمُتَوَطِّنَ) أَيْ فَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ وَلَا عَلَى مُقِيمٍ وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ زَمَنًا طَوِيلًا إلَّا تَبَعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الشُّرُوطَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِأَضْدَادِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَصَالَةً إنَّمَا هُوَ الظُّهْرُ لَكِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهُ الْجُمُعَةَ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ فَإِذَا حَضَرَهَا وَصَلَّاهَا حَصَلَ لَهُ ثَوَابٌ مِنْ حَيْثُ الْحُضُورُ وَسَقَطَ عَنْهُ الظُّهْرُ بِفِعْلِ الْبَدَلِ فَفِعْلُهُ الْجُمُعَةَ فِيهِ الْوَاجِبُ

(بِلَا عُذْرٍ) فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِعُذْرٍ مِمَّا سَيَأْتِي لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (الْمُتَوَطِّنُ) بِبَلَدِهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ تَوَطُّنُهُ (بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ) أَيْ بَعِيدَةٍ عَنْ بَلَدِهَا (بِكَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ) الَّذِي فِي طَرَفِ الْبَلَدِ مِمَّا يَلِيهِ إنْ جَازَ تَعَدُّدُ الْمَنَارِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْعَتِيقِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ ثُلُثَ الْمِيلِ لَا أَكْثَرَ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ التَّوَطُّنَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَوُجُوبِهَا مَعًا لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَذَكَرَهُ هُنَا فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْخَارِجَ عَنْ بَلَدِهَا بِكَفَرْسَخٍ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ تَبَعًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي اسْتِيطَانُهَا شَرْطُ صِحَّةٍ فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ مَعْنَاهُ اسْتِيطَانُ بَلَدِهَا فَالْخَارِجُ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ أَرْبَعَةَ فُرُوعٍ فَقَالَ (كَأَنْ أَدْرَكَ الْمُسَافِرَ) أَيْ الَّذِي ابْتَدَأَ السَّفَرَ مِنْ بَلَدِهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا (النِّدَاءُ) أَيْ الْأَذَانُ فَاعِلُ أَدْرَكَ أَيْ وَصْلُ النِّدَاءِ إلَيْهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مُجَاوَزَةٍ كَالْفَرْسَخِ وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ أَذَانٌ بِالْفِعْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إنْ عَلِمَ إدْرَاكَ رَكْعَةً مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَزِيَادَةٌ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَيْسَتْ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةً عَلَى التَّخْيِيرِ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى التَّخْيِيرِ إذْ لَوْ كَانَ حُضُورُهَا مَنْدُوبًا فَقَطْ لَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ أُمُورٍ مُتَسَاوِيَةٍ بِأَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ إمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا، وَالشَّارِعُ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ ابْتِدَاءً لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ فِيهَا الْوَاجِبُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا صَلَاةٌ وَزِيَادَةٌ مِنْ حَيْثُ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ وَالْخُطْبَةِ كَفَتْ عَنْ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ إنَّمَا تَكُونُ مُوجِبَةً لِلْجُمُعَةِ حَيْثُ انْتَفَى الْعُذْرُ وَأَمَّا مَعَهُ فَلَا تَجِبُ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ حُضُورُهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ الْمُتَوَطِّنَ بِبَلَدِهَا) أَيْ النَّاوِيَ الْإِقَامَةَ بِبَلَدِهَا عَلَى جِهَةِ الدَّوَامِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَنْزِلِهِ وَالْمَسْجِدِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ بِاتِّفَاقٍ. (قَوْلُهُ مِمَّا يَلِيهِ) أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ الْمُتَوَطِّنِ أَيْ تَلِي قَرْيَتَهُ الْمُتَوَطِّنَ فِيهَا (قَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ بِالْعَتِيقِ) أَيْ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ الْفَرْسَخُ مِنْ الْقَرْيَةِ النَّائِيَةِ إلَى الْعَتِيقِ (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ) أَيْ فَإِذَا كَانَ مُتَوَطِّنًا فِي قَرْيَةٍ نَائِيَةٍ عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَنِصْفٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا) أَيْ فَإِذَا صَلَّوْهَا فِي بَلَدٍ غَيْرِ مُتَوَطَّنَةٍ كَانَتْ بَاطِلَةً (قَوْلُهُ وَوُجُوبِهَا) أَيْ فَالْخَارِجُ عَنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَرْسَخٍ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ إلَخْ) لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِيطَانِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطَ صِحَّةٍ اسْتِيطَانُ بَلَدِهَا أَيْ كَوْنُ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنَةً، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِيطَانِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطَ وُجُوبٍ اسْتِيطَانُ الشَّخْصِ فِي نَفْسِهِ أَيْ نِيَّتُهُ الْإِقَامَةَ دَائِمًا فَإِذَا نَزَلَ جَمَاعَةٌ فِي بَلْدَةٍ خَرَابٍ وَنَوَوْا الْإِقَامَةَ فِيهَا شَهْرًا فَأَرَادُوا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فِيهَا فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ تَبَعًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا) يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُتَوَطِّنِ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ إذَا خَرَجَ وَأَدْرَكَهُ النِّدَاءُ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ وَمَالَ لِذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ النَّاصِرِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ ذَلِكَ وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ كَانَ مُقِيمًا فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي بْن اهـ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ مُجَاوَزَةٍ كَالْفَرْسَخِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَهُ النِّدَاءُ بَعْدَ مُجَاوَزَةٍ كَالْفَرْسَخِ كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مُسَافِرًا فَسَافَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ وَثُلُثًا وَأَدْرَكَهُ النِّدَاءُ عَلَى رَأْسِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ اعْتِبَارًا بِشَخْصِهِ لِأَنَّ شَخْصَهُ غَيْرُ مُسَافِرٍ شَرْعًا وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ الَّتِي عَلَى رَأْسِ هَذِهِ الْمَسَافَةِ وَبِهِ قَالَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الصَّغِيرُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ ابْنِ تُرْكِيٍّ أَوْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِبَلَدِهِ لِأَنَّ بَلَدَهُ خَارِجَةٌ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَثُلُثٍ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا تَبَعًا وَلَا اسْتِقْلَالًا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ مَا لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ وَاسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ حُكْمًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ وُصُولُ النِّدَاءِ إلَيْهِ حُكْمًا كَدُخُولِ الْوَقْتِ، هَذَا عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ مِنْ تَعْلِيقِ الرُّجُوعِ بِالزَّوَالِ سَمِعَ النِّدَاء أَوْ لَا وَعَلَّقَهُ الْبَاجِيَّ وَسَنَدٌ عَلَى الْأَذَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ

[مندوبات الجمعة]

(أَوْ صَلَّى) الْمُسَافِرُ (الظُّهْرَ) قَبْلَ قُدُومِهِ (ثُمَّ قَدِمَ) وَطَنَهُ أَوْ غَيْرَهُ نَاوِيًا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَهُ فَوَجَدَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ (أَوْ) صَلَّى الصَّبِيُّ الظُّهْرَ ثُمَّ (بَلَغَ) قَبْلَ إقَامَتِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ أَعَادَ الظُّهْرَ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْأَوَّلَ وَلَوْ جُمُعَةً نَفْلٌ لَا يُغْنِي عَنْ الْفَرْضِ (أَوْ) صَلَّى الظُّهْرَ مَعْذُورٌ ثُمَّ (زَالَ عُذْرُهُ) قَبْلَ إقَامَتِهَا (لَا بِالْإِقَامَةِ) أَيْ تَجِبُ بِالتَّوَطُّنِ لَا بِالْإِقَامَةِ بِبَلَدِهَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ (إلَّا تَبَعًا) لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يُعَدُّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَإِنْ صَحَّتْ إمَامَتُهُ وَمِثْلُهُ النَّائِي عَلَى كَفَرْسَخٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَنُدِبَ) لِمُرِيدِ حُضُورِهَا (تَحْسِينُ هَيْئَةٍ) كَقَصِّ شَارِبٍ وَظُفْرٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَاسْتِحْدَادٍ إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ وَسِوَاكٍ؛ وَقَدْ يَجِبُ إنْ أَكَلَ كَثُومٍ (وَجَمِيلُ ثِيَابٍ) وَهُوَ هُنَا الْأَبْيَضُ وَلَوْ عَتِيقًا بِخِلَافِ الْعِيدِ فَيُنْدَبُ الْجَدِيدُ وَلَوْ أَسْوَدَ (و) نُدِبَ (طِيبٌ) لِغَيْرِ نِسَاءٍ فِي الثَّلَاثَةِ (وَمَشْيٌ) فِي ذَهَابِهِ فَقَطْ (وَتَهْجِيرٌ) أَيْ ذَهَابٌ لَهَا فِي الْهَاجِرَةِ أَيْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَيُكْرَهُ التَّبْكِيرُ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ وَالْمُرَادُ الذَّهَابُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ وَهِيَ الَّتِي يَلِيهَا الزَّوَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِسَمَاعِ النِّدَاءِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ صَلَّى الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ) أَيْ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ صَلَّاهَا مَجْمُوعَةً مَعَ الْعَصْرِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ) فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ أَيْضًا وَهُوَ مُسَافِرٌ ثُمَّ قَدِمَ فَوَجَدَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ مَعَهُمْ وَأَمَّا الْعَصْرُ فَالظَّاهِرُ إعَادَتُهُ اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ نِسْيَانًا فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْجُمُعَةَ مَعَهُمْ فَهَلْ يُعِيدُهَا ظُهْرًا قَضَاءً عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ إعَادَتِهَا جُمُعَةً أَوْ لَا لِتَقَدُّمِ صَلَاتِهِ لَهَا قَبْلَ لُزُومِهَا لَهُ جُمُعَةً وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إلَخْ الثَّانِي لِعُذْرِهِ بِالسَّفَرِ الَّذِي أَوْقَعَهَا فِيهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ صَلَّى الصَّبِيُّ الظُّهْرَ ثُمَّ بَلَغَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ بَلَغَ وَوَجَدَ جُمُعَةً أُخْرَى فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جُمُعَةً أُخْرَى صَلَّاهَا ظُهْرًا (قَوْلُهُ نَفْلٌ) أَيْ كَانَ نَفْلًا فِي حَقِّهِ سَاعَةَ إيقَاعِهِ (قَوْلُهُ أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ مَعْذُورٌ) أَيْ لِسِجْنٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ رِقٍّ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَ إقَامَتِهَا فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ أَظْهَرَتْ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ لَا بِالْإِقَامَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لَزِمَتْ بِالِاسْتِيطَانِ لَا بِالْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ النَّائِي) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا يُعَدُّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَإِنْ صَحَّتْ إمَامَتُهُ نَظَرًا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ تَبَعًا [مَنْدُوبَات الْجُمُعَةَ] (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَحْسِينُ هَيْئَةٍ) الْمُرَادُ تَأَكُّدُ النَّدْبِ وَإِلَّا فَتَحْسِينُهَا مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا (وَقَوْلُهُ وَاسْتِحْدَادٍ) أَيْ حَلْقِ عَانَةٍ وَكَذَا حَلْقُ رَأْسٍ (قَوْلُهُ وَسِوَاكٍ) أَيْ مُطْلَقًا وَجَعَلَهُ مِنْ تَحْسِينِ الْهَيْئَةِ لِأَنَّ فِيهِ تَنْظِيفَ الْفَمِ مِنْ اللُّزُوجَاتِ (قَوْلُهُ إنْ أَكَلَ كَثُومٍ) أَيْ وَتَوَقَّفَتْ إزَالَةُ رَائِحَتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَجَمِيلُ ثِيَابٍ) أَيْ وَلُبْسُ ثِيَابٍ جَمِيلَةٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ هُنَا) أَيْ وَالْجَمِيلُ هُنَا أَيْ فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ فَيُنْدَبُ الْجَدِيدُ وَلَوْ أَسْوَدَ) اعْلَمْ أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْدُوبٌ لَا لِأَجْلِ الْيَوْمِ بَلْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فَيَجُوزُ لُبْسُ غَيْرِ الْبَيَاضِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَيُلْبَسُ الْأَبْيَضُ فِيهَا بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ لُبْسَ الْجَدِيدِ فِيهِ مَنْدُوبٌ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ لُبِسَ الْجَدِيدُ غَيْرُ الْأَبْيَضِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَالْأَبْيَضُ عِنْدَ حُضُورِ الْجُمُعَةِ فَإِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ عَادَ لِلْجَدِيدِ وَلَوْ أَسْوَدَ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ طِيبٌ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُؤَنَّثًا كَالْمِسْكِ أَوْ مُذَكَّرًا كَمَاءِ الْوَرْدِ وَإِنَّمَا نُدِبَ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ يَوْمَهَا لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَقِفُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَرُبَّمَا صَافَحُوهُ أَوْ لَمَسُوهُ (قَوْلُهُ فِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ فِي تَحْسِينِ الْهَيْئَةِ وَلُبْسِ جَمِيلِ الثِّيَابِ وَاسْتِعْمَالِ الطِّيبِ وَأَمَّا لِلنِّسَاءِ فَهُوَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَمَشَى فِي ذَهَابِهِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ عَبْدٌ ذَاهِبٌ لِمَوْلَاهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّوَاضُعُ لَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِي إقْبَالِهِ عَلَيْهِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ فِي طَاعَتِهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَشَأْنُ الْمَاشِي الِاغْبِرَارُ وَإِنْ اتَّفَقَ عَدَمُ الِاغْبِرَارِ فِيمَنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبٌ وَاغْبِرَارُ قَدَمَيْ الرَّاكِبِ نَادِرٌ أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ ذَلِكَ غَالِبًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاغْبِرَارَ لَازِمٌ لِلْمَشْيِ فَأُطْلِقَ اسْمُ اللَّازِمِ وَأُرِيدَ بِهِ الْمَلْزُومُ الَّذِي هُوَ الْمَشْيُ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ فِي ذَهَابِهِ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا فِي رُجُوعِهِ فَلَا يُنْدَبُ الْمَشْيُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ قَدْ انْقَضَتْ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ التَّبْكِيرُ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ وَلَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) أَيْ بِالذَّهَابِ فِي الْهَاجِرَةِ الذَّهَابُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ أَيْ وَهِيَ الْمُقَسَّمَةُ إلَى السَّاعَاتِ أَيْ الْأَجْزَاءُ فِي حَدِيثِ الْمُوَطَّإِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ - أَيْ فِي أَوَّلِ السَّابِعَةِ - حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ أَجْزَاءٌ لِلسَّادِسَةِ الَّتِي يَلِيهَا الزَّوَالُ هُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَاجِيَّ وَشَهَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَائِلِ إنَّهُ تَقْسِيمٌ لِلسَّاعَةِ السَّابِعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يُطْلَبُ خُرُوجُهُ فِي أَوَّلِهَا وَبِخُرُوجِهِ تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ لِسَمَاعِ الذِّكْرِ.

(و) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (إقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ) مِنْهُ (مُطْلَقًا) مَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ (بِوَقْتِهَا) أَيْ فِي وَقْتِهَا وَهُوَ الْأَذَانِ الثَّانِي (و) نُدِبَ (سَلَامُ خَطِيبٍ لِخُرُوجِهِ) أَيْ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى النَّاسِ لِيَرْقَى الْمِنْبَرَ وَنَدْبُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي ذَاتِهِ سُنَّةٌ كَقَوْلِنَا يُنْدَبُ الْوِتْرُ آخِرَ اللَّيْلِ وَرَدُّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (لَا) وَقْتَ انْتِهَاءِ (صُعُودِهِ) عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَا يُنْدَبُ بَلْ يُكْرَهُ وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (و) نُدِبَ (جُلُوسُهُ أَوَّلًا) أَيْ إثْرَ صُعُودِهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْأَذَانُ (و) جُلُوسُهُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ لِلْفَصْلِ وَالِاسْتِرَاحَةِ، وَهَذَا مِنْ السَّهْوِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّانِي سُنَّةٌ اتِّفَاقًا بَلْ قِيلَ بِفَرِيضَتِهِ (وَتَقْصِيرُهُمَا وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ) مِنْ الْأُولَى (وَرَفْعُ صَوْتِهِ) بِهِمَا لِلْإِسْمَاعِ وَأَمَّا أَصْلُ الْجَهْرِ فَشَرْطٌ فِيهِمَا (وَاسْتِخْلَافُهُ) أَيْ الْخَطِيبِ (لِعُذْرٍ) حَصَلَ لَهُ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا (حَاضِرَهَا) هُوَ مَحَطُّ النَّدْبِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الِاسْتِخْلَافِ وَاجِبٌ (وَقِرَاءَةٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي خُطْبَتَيْهِ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِيهِمَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْلِهِ {فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] » قِيلَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ (وَخَتَمَ الثَّانِيَةَ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأَجْزَأَ) فِي حُصُولِ النَّدْبِ أَنْ يَقُولَ فِي خَتْمِهَا (اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ. وَتَوَكُّؤٌ) اعْتِمَادٌ (عَلَى كَقَوْسٍ) مِنْ سَيْفٍ وَعَصًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَنُدِبَ لِلْإِمَامِ إقَامَةُ إلَخْ) النَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى إقَامَةِ الْإِمَامِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلٍ مِنْ نَاحِيَتِهِ وَأَمَّا مَنْ فِي السُّوقِ فَمَنْ تَلْزَمُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَالْمُصَنِّفُ سَاكِتٌ عَنْ قِيَامِ مَنْ فِي السُّوقِ وَإِنَّمَا نُدِبَتْ إقَامَةُ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بَالُ مَنْ تَلْزَمُهُ لِاخْتِصَاصِ مَنْ تَلْزَمُهُ بِالْأَرْبَاحِ فَيَدْخُلُ الضَّرَرُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ فَأُقِيمَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ لِأَجْلِ صَلَاحِ الْعَامَّةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَذَانُ الثَّانِي) أَيْ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ الَّذِي يُفْعَلُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ وَهُوَ أَوَّلٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى النَّاسِ) أَيْ مِنْ الْخَلْوَةِ أَوْ مِنْ الْبَيْتِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلْوَةَ قَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِاِتِّخَاذِهَا وَانْظُرْ هَلْ اتِّخَاذُهَا مُسْتَحَبٌّ أَوْ جَائِزٌ فَقَطْ وَعَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ هَلْ يُسْتَحَبُّ جَعْلُهَا عَلَى يَسَارِ الْمِنْبَرِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَدْبُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ فِي حَالَةِ الْخُرُوجِ (وَقَوْلُهُ لَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي ذَاتِهِ سُنَّةٌ) أَيْ فَهُوَ مُتَّصِفٌ بِالسُّنِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَبِالنَّدْبِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى النَّاسِ (قَوْلُهُ وَرَدُّهُ) أَيْ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّاسِ حَالَ خُرُوجِهِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ لَا وَقْتَ انْتِهَاءِ) أَيْ لَا تَأْخِيرَهُ لِوَقْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَ (قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَهُوَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرَمُونِيُّ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ مِنْ وُجُوبِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) قَالَ ابْنُ عَاتٍ قَدْرَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] (قَوْلُهُ وَالِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ مِنْ تَعَبِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَقِيلَ بِنَدْبِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي سُنَّةٌ إلَخْ أَيْ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِنَدْبِهِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ أَقْصَرَ مِنْ الْأُولَى فَهُوَ مَنْدُوبٌ ثَانٍ وَكَذَا يُنْدَبُ تَقْصِيرُ الصَّلَاةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّخْفِيفَ لِكُلِّ إمَامٍ مُجْمَعٌ عَلَى نَدْبِهِ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهِمَا) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الْجَهْرِ وَ (قَوْلُهُ لِلْإِسْمَاعِ) أَيْ وَلِأَجْلِ نَدْبِ رَفْعِ الصَّوْتِ لِلْإِسْمَاعِ نُدِبَ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا عَلَى مِنْبَرٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِخْلَافُهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ وَاسْتِخْلَافٌ إلَخْ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ كَانَ لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُمَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ حَاضِرَهَا) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَيَخْطُبُ الثَّانِي مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا ابْتَدَأَهَا كَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَأَصْلُ الِاسْتِخْلَافِ وَاجِبٌ) ظَاهِرُهُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الِاسْتِحْلَافُ لِلْإِمَامِ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ فِي الْجُمُعَةِ كَغَيْرِهَا فَإِنْ تَرَكَهُ وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقِرَاءَةٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَجْمُوعِهِمَا لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إنَّمَا تُنْدَبُ فِي الْأُولَى كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِيهِمَا إلَخْ) الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ الْأُولَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 102] » إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) قَائِلُهُ ابْنُ يُونُسَ وَنَصُّ كَلَامِهِ وَيَنْبَغِي قِرَاءَةُ سُورَةٍ تَامَّةٍ فِي الْأُولَى مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ (قَوْلُهُ وَأَجْزَأَ فِي حُصُولِ النَّدْبِ) أَيْ وَكَفَى فِيهِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ " يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ " " اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ " وَإِنْ كَانَ هَذَا الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْفَصْلِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْدُوبٌ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى فِي النَّدْبِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِجْزَاءِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَسَنٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُ وَأَمَّا خَتْمُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] الْآيَةَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي خَتْمِهَا وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَ فِي آخِرِهَا {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل: 90] عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَإِنَّهُ أَحْدَثَ ذَلِكَ بَدَلًا عَمَّا كَانَ يَخْتِمُ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ خُطَبَهُمْ مِنْ سَبِّهِمْ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَكِنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ عَلَى كَقَوْسٍ) أَيْ قَوْسِ النُّشَّابِ وَالْمُرَادُ الْقَوْسُ الْعَرَبِيَّةُ لِطُولِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا لَا الْعَجَمِيَّةُ لِأَنَّهَا قَصِيرَةٌ وَغَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ

وَهِيَ أَوْلَى مِنْهُمَا (وَقِرَاءَةُ) سُورَةِ (الْجُمُعَةِ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (وَإِنْ لِمَسْبُوقٍ) فَيُنْدَبُ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ (و) فِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] وَأَجَازَ) الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَقْرَأَ (بِالثَّانِيَةِ بِسَبِّحْ أَوْ الْمُنَافِقُونَ) قِيَاسًا عَلَى {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] (وَ) نُدِبَ (حُضُورُ مُكَاتَبٍ وَ) حُضُورُ (صَبِيٍّ) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ (وَ) حُضُورُ (عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا) كَمُبَعَّضٍ فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا حَضَرَ بِدُونِ إذْنٍ (وَأَخَّرَ الظُّهْرَ) نَدْبًا مَعْذُورٌ (رَاجٍ زَوَالَ عُذْرِهِ) كَمَحْبُوسٍ ظَنَّ الْخَلَاصَ قَبْلَ صَلَاتِهَا (وَإِلَّا) يَرْجُ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِهَا عَلَى تَقْدِيرِ زَوَالِ عُذْرِهِ (فَلَهُ التَّعْجِيلُ) لِلظُّهْرِ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ (وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ) مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ وَالْعَصَا مِنْ الْقَوْسِ وَالسَّيْفِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَيُنْدَبُ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ) ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ قَرَأَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَجَازَ الْإِمَامُ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ أَنْ يَقْرَأَ إلَخْ فَيَكُونُ الْخَطِيبُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الثَّانِيَةِ (هَلْ أَتَاكَ) أَوْ (سَبِّحْ) أَوْ الْمُنَافِقُونَ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهَا أَقْوَالٌ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ كُلًّا يَحْصُلُ بِهِ النَّدْبُ لَكِنَّ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] أَقْوَى فِي النَّدْبِ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ طفى وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ الْقَوْلَيْنِ وَأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْكَافِي (قَوْلُهُ وَحُضُورُ مُكَاتَبٍ وَصَبِيٍّ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَعْتَادَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْحُضُورُ إذَا كَانَ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ كَمَا يَنْبَغِي قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ) أَيْ لِسُقُوطِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلسَّيِّدِ الْإِذْنُ لَهُمَا لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْمَنْدُوبِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا حَضَرَهَا لَزِمَتْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِئَلَّا يَطْعَنَ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَالْأُنْثَى وَالْعَبْدِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إذَا حَضَرُوهَا الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ إذَا دَخَلُوا مَعَ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُمْ عَنْ الظُّهْرِ هَكَذَا اسْتَظْهَرَ عبق اللُّزُومَ فِي الْمُكَاتَبِ قَالَ طفى وَتَبِعَهُ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسَافِرِ وَأَمَّا إذَا حَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ لِزَوَالِ عُذْرِهِ بِحُضُورِهِ قَالَ عج: مَنْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ مِنْ ذِي الْعُذُرِ ... عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فَادْرِ وَمَا عَلَى أُنْثَى وَلَا أَهْلِ السَّفَرْ ... وَالْعَبْدِ فِعْلُهَا وَإِنْ لَهَا حَضَرْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَأَخَّرَ الظُّهْرَ نَدْبًا مَعْذُورٌ رَاجٍ زَوَالَ عُذْرِهِ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ صَلَاتِهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَ صَلَاتِهَا تَنَازَعَهُ زَوَالُ عُذْرِهِ وَظَنُّ الْخَلَاصِ وَقَوْلُهُ وَأَخَّرَ الظُّهْرَ أَيْ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا فَإِنْ خَالَفَ الْمَنْدُوبَ فَقَدَّمَ الظُّهْرَ ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّعْجِيلُ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ صَلَّى الظُّهْرَ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ يَوْمِهَا وَالظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا فِي الْفِعْلِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ عَازِمًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَمْ لَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ إحْرَامِهِ بِالظُّهْرِ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ وَلَوْ سَعَى إلَيْهَا أَجْزَأَتْهُ ظُهْرُهُ وَالْقَابِلُ الْأَصَحُّ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ إذَا صَلَّى الظُّهْرَ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ قَالَ إذْ كَيْفَ يُعِيدُهَا أَرْبَعًا وَقَدْ صَلَّى

[سنن الجمعة]

وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ (إنْ صَلَّى الظُّهْرَ) فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ (مُدْرِكًا) أَيْ ظَانًّا إدْرَاكَهُ (لِرَكْعَةٍ) عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ سَعَى لَهَا (لَمْ يُجْزِهِ) ظُهْرُهُ وَيُعِيدُهُ إنْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ أَبَدًا (وَلَا يَجْمَعُ الظُّهْرَ) مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ أَيْ لَا يُصَلِّيهِ جَمَاعَةً بَلْ أَفْذَاذًا أَيْ يُكْرَهُ جَمْعُهُ (إلَّا ذُو عُذْرٍ) كَثِيرِ الْوُقُوعِ كَمَرَضٍ وَسِجْنٍ وَسَفَرٍ فَالْأَوْلَى لَهُمْ الْجَمْعُ وَيُنْدَبُ صَبْرُهُمْ إلَى فَرَاغِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِخْفَاءُ جَمَاعَتِهِمْ لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ الْجُمُعَةِ (وَاسْتُؤْذِنَ إمَامٌ) أَيْ سُلْطَانٌ نَدْبًا فِي ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا فَإِنْ أَجَابَ فَظَاهِرٌ (وَوَجَبَتْ) إقَامَةُ الْجُمُعَةِ (إنْ مَنَعَ) مِنْ إقَامَتِهَا (وَأَمِنُوا) عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا إنْ مَنَعَ (لَمْ تُجْزِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ مِنْ الْإِجْزَاءِ أَيْ لَمْ تَصِحَّ وَيُعِيدُونَهَا لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ لَا تَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ لَا يُجْزِئُ فِعْلُهُ عَنْ الْوَاجِبِ كَذَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الْإِجْزَاءَ وَضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ شَرَعَ فِي السُّنَنِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهَا فَقَالَ (وَسُنَّ) لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (غُسْلٌ) صِفَتُهُ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْبَعًا لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْأَصْلِ وَهُوَ الظُّهْرُ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الْمَازِرِيَّ بَنَى هَذَا الْفَرْعَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجُمُعَةِ هَلْ هِيَ فَرْضُ يَوْمِهَا أَوْ بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ) أَيْ كَالْمُسَافِرِ الَّذِي أَقَامَ بِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَأَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَعْذُورِينَ أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَتُجْزِئُهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَلَوْ كَانَ يُدْرِكُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ كَثِيرِ الْوُقُوعِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ التَّنْوِينَ فِي عُذْرٍ لِلنَّوْعِيَّةِ أَيْ إلَّا مَنْ فَاتَتْهُ لِنَوْعٍ مِنْ الْعُذْرِ وَهُوَ الْعُذْرُ الْكَثِيرُ الْوُقُوعِ وَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ الْحُضُورُ مَعَهُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّنْ فَاتَتْهُ لِعُذْرٍ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَيُمْكِنُ مَعَهُ حُضُورُهَا كَخَوْفِ بَيْعَةِ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ وَعَمَّنْ فَاتَتْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَنْ فَاتَتْهُ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْجَمْعُ وَإِذَا جَمَعُوا لَمْ يُعِيدُوا عَلَى الْأَظْهَرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِإِعَادَتِهِمْ إذَا جَمَعُوا كَمَا فِي بَهْرَامَ ابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَمْ يَرْجِعْ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِوَصْفِهَا وَهُوَ الْجَمْعُ فَهِيَ مُجْزِئَةٌ بِأَصْلِهَا مَكْرُوهَةٌ بِوَصْفِهَا (قَوْلُهُ كَمَرَضٍ وَسِجْنٍ وَسَفَرٍ) قَصْرُ الْعُذْرِ الْكَثِيرِ الْوُقُوعِ عَلَى الثَّلَاثَةِ هُوَ الْوَاقِعُ فِي الرِّوَايَةِ وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَطَرَ الْغَالِبَ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ اهـ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى لَهُمْ الْجَمْعُ) أَيْ وَلَا يُحْرَمُونَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ وَإِخْفَاءُ جَمَاعَتِهِمْ) أَيْ فَإِذَا جَمَعُوا فَلَا يُؤَذِّنُونَ وَيَجْمَعُونَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ لَا رَاتِبَ لَهُ وَأَمَّا جَمْعُهُمْ فِي مَسْجِدٍ بَعْدَ رَاتِبَةٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فِي ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا) أَيْ فِي بَلَدٍ تَوَفَّرَتْ فِيهَا شُرُوطُ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَجَابَ فَظَاهِرٌ) أَيْ فَظَاهِرٌ وُجُوبُ إقَامَتِهَا عَلَيْهِمْ وَمِثْلُ مَا إذَا أَجَابَ مَا إذَا أَهْمَلَ وَلَمْ يُجِبْ بِإِجَازَةٍ وَلَا بِمَنْعٍ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ تَصِحَّ) مُقْتَضَاهُ دُخُولُ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْعِبَادَاتِ قَصْدًا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ غَازِيٍّ قَائِلًا إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ الْمُخَالَفَةَ مَعَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَمِنُوا وَالنَّصُّ وُجُوبُ إقَامَتِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ وَضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ إقَامَتُهَا فَلَوْ وَقَعَ وَخَالَفُوا وَأَقَامُوهَا صَحَّتْ لَهُمْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ. وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ وَاخْتَارَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ إقَامَتِهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا مِنْهُ بِأَنْ رَأَى أَنَّ شُرُوطَ وُجُوبِهَا غَيْرُ مُتَوَفِّرَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَوْرًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَلَا تَحِلُّ مُخَالَفَتُهُ وَلَوْ أَمِنُوا فَإِنْ خَالَفُوا وَصَلَّوْا لَمْ تُجْزِئْهُمْ وَيُعِيدُونَهَا أَبَدًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ لَهُمْ مُخَالَفَتُهُ وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ أَجْزَأَتْهُمْ وَعَلَى مَا إذَا كَانَ مَنَعَهُمْ جَوْرًا مِنْهُ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهِ فَيُقْرَأُ قَوْلُهُ تَجُزْ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ مِنْ الْجَوَازِ أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ أَجْزَأَتْهُمْ وَهَذَا الْحَمْلُ مُوَافِقٌ لِمَا فِيهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَإِنْ كَانَ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عَنْ اللُّبَابِ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ لِتَأْوِيلِ مَا يُخَالِفُهُ مِنْ النَّصِّ اهـ بْن وَحَاصِلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ إقَامَتُهَا إنْ أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ سَوَاءٌ مَنَعَهُمْ جَوْرًا أَوْ اجْتِهَادًا فَإِنْ مَنَعَهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا وَلَمْ يَأْمَنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْهُ لَمْ تُجْزِئْهُمْ سَوَاءٌ مَنَعَهُمْ جَوْرًا أَوْ اجْتِهَادًا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَقَدْ رَجَّحَ بْن أَوَّلَهُمَا [سُنَن الْجُمُعَةَ] (قَوْلُهُ وَسُنَّ لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ غُسْلٌ) أَيْ لَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الْغُسْلَ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ سُنِّيَّةِ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ لَا يُذْهِبُهَا إلَّا الْغُسْلُ وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِآتِيهَا وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ وَالْمَشْهُورُ شَرْطُ وَصْلِهِ بِالرَّوَاحِ إلَيْهَا وَكَوْنُهُ

(مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ) أَيْ لِذَهَابٍ إلَى الْجَامِعِ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ الْفَصْلِ، وَالتَّحْقِيقُ لُغَةً أَنَّ الرَّوَاحَ وَالذَّهَابَ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ خِلَافًا لِجَمْعٍ إذَا كَانَ مُرِيدُهَا تَلْزَمُهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ) كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ وَصَبِيٍّ وَمَحَلُّ السُّنِّيَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ تَتَوَقَّفُ إزَالَتُهَا عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ (وَأَعَادَ) غُسْلَهُ اسْتِنَانًا لِبُطْلَانِهِ (إنْ تَغَذَّى) بَعْدَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِلْفَصْلِ وَالْغِذَاءِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْأَكْلُ مُطْلَقًا وَبِالْمُهْمَلَةِ الْأَكْلُ وَسَطَ النَّهَارِ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ (أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا) خَارِجَهُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ بِخِلَافِ الْمَغْلُوبِ مَا لَمْ يَطُلْ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَا ذَكَرَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَلَا يُبْطِلُ (لَا) يُعِيدُ (لِأَكْلٍ خَفَّ) كَكُلِّ فِعْلٍ خَفِيفٍ (وَجَازَ) لِدَاخِلٍ (تَخَطٍّ) لِرِقَابِ النَّاسِ لِفُرْجَةٍ وَكُرِهَ لِغَيْرِهَا (قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ) عَلَى الْمِنْبَرِ الْجِلْسَةُ الْأُولَى وَحَرُمَ بَعْدَهُ وَلَوْ لِفُرْجَةٍ وَجَازَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ لِغَيْرِ فُرْجَةٍ كَمَشْيٍ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَلَوْ حَالَ الْخُطْبَةِ (وَ) جَازَ (احْتِبَاءٌ) بِثَوْبٍ أَوْ يَدٍ (فِيهَا) أَيْ حَالَ الْخُطْبَةِ (وَكَلَامٌ بَعْدَهَا) وَمُنْتَهَى الْجَوَازِ (لِ) إقَامَةِ (الصَّلَاةِ) وَكُرِهَ حِينَهَا وَبَعْدَهَا لِلْإِحْرَامِ وَحُرِّمَ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ الْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ قَبْلَهُ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْجُمُعَةِ (وَ) جَازَ (خُرُوجُ) مَعْذُورٍ (كَمُحْدِثٍ) وَرَاعِفٍ لِإِزَالَةِ مَانِعِهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْخَطِيبِ هَذَا هُوَ مَحَطُّ الْجَوَازِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْخُرُوجَ وَاجِبٌ (وَ) جَازَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إقْبَالٌ عَلَى ذِكْرٍ) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَلَّ سِرًّا) وَمُنِعَ الْكَثِيرُ وَالْجَهْرُ بِالْيَسِيرِ، قَالَ بَعْضٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالْكَثِيرِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا وَمِنْهُ مَا يُفْعَلُ بِدَكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ (كَتَأْمِينٍ وَتَعَوُّذٍ) وَاسْتِغْفَارٍ وَتَصْلِيَةٍ (عِنْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ) لَهَا تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلٌ كَمَا قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَهَارًا فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ الْفَجْرِ اهـ وَفِي افْتِقَارِهِ لِنِيَّةٍ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ح عَنْ الْمَازِرِيِّ وَذَكَرَ عَنْ الشَّبِيبِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ افْتِقَارُهُ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ) أَيْ الْمَطْلُوبُ عِنْدَنَا وَهُوَ وَقْتُ الْهَاجِرَةِ فَلَوْ رَاحَ قَبْلَهُ مُتَّصِلًا بِهِ غُسْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنْ اغْتَسَلَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرَاحَ فَلَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُجْزِئُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ الْفَصْلِ) أَيْ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالذَّهَابِ لِلْمَسْجِدِ كَأَكْلٍ خَفَّ وَإِصْلَاحِ ثِيَابِهِ وَتَبْخِيرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ تَتَوَقَّفُ إزَالَتُهَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغُسْلِ (قَوْلُهُ إنْ تَغَدَّى بَعْدَهُ) أَيْ أَوْ حَصَلَ لَهُ عَرَقٌ أَوْ صُنَانٌ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ مُتَبَاعِدًا (قَوْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) أَيْ فِي بَيْتٍ لَا أَنْ تَغَدَّى مَاشِيًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَ (قَوْلُهُ لِلْفَصْلِ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّوَاحِ لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ اخْتِيَارًا) قَالَ عبق يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْأَكْلِ بِهِ قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ خِلَافُ إطْلَاقِهِمْ فِي الْأَكْلِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ النَّوْمَ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَالَهُ اخْتِيَارًا رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا لِلنَّوْمِ فَقَطْ كَمَا قِيلَ (وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَغْلُوبِ) أَيْ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ النَّوْمِ أَيْ فَلَا يُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَلَا يُبْطِلُهُ أَيْ وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَكْلُ فِي الطَّرِيقِ، وَانْظُرْ لَوْ اغْتَسَلَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِهِ وَطَالَ مُكْثُهُ فِيهِ أَوْ نَامَ أَوْ تَغَدَّى ثُمَّ انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يَبْطُلُ غُسْلُهُ أَمْ لَا، وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الثَّانِيَ قَائِلًا لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْأَوَّلِ وَلَا يَبْطُلُ غُسْلُهُ (قَوْلُهُ لَا يُعِيدُ لِأَكْلٍ خَفَّ) أَيْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَقَصْرُهُ الْخِفَّةَ عَلَى الْأَكْلِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّوْمَ الْخَفِيفَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ الْخَفِيفَيْنِ فَالنَّوْمُ إذَا لَمْ يَطُلْ لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ يَضُرُّ نَقْضَ الْوُضُوءِ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ كَرَاهَةِ الْكَلَامِ حِينَ الْإِقَامَةِ وَحُرْمَتِهِ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ عبق وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ فَبَعْدَ ذِكْرِ الشَّارِحِ لَهُ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ إلَخْ وَعِبَارَةُ بْن الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ هُنَا وَح فِي آخِرِ الْأَذَانِ جَوَازُ الْكَلَامِ حِينَ الْإِقَامَةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَفِي ح فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ «كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقَامُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنَاجِي الرَّجُلَ طَوِيلًا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ» وَأَمَّا الْكَلَامُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ نَقَلَهُ ح فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَشْوِيشٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُصَلَّيْنَ فَيَحْرُمُ اهـ بْن وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ رَجَّحَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ الْكَرَاهَةُ) أَيْ كَرَاهَةُ الْكَلَامِ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَازُ قَبْلَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ أَوْ حِينَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَجَازَ خُرُوجٌ كَمُحْدِثٍ بِلَا إذْنٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْذَانُ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ إقْبَالٌ) أَيْ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِقْبَالِ عَلَى الذِّكْرِ فِعْلُهُ مُطْلَقًا عِنْدَ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ الْكَثِيرُ) أَيْ سِرًّا (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ) أَيْ بِمَنْعِ الْكَثِيرِ سِرًّا وَمَنْعِ الْجَهْرِ بِالْيَسِيرِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ بْن (قَوْلُهُ كَتَأْمِينٍ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ تَأْمِينٌ (وَتَعَوُّذٌ

[مكروهات الجمعة]

لِأَنَّ هَذِهِ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالْيَسَارِ وَلِأَنَّ جَوَازَ مَا ذَكَرَ عِنْدَ سَبَبِهِ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّدْبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (كَحَمْدِ عَاطِسٍ) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ بِمَعْنَى النَّدْبِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُمَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى كَمَا فِي النَّقْلِ (سِرًّا) قَيْدٌ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ وَيُكْرَهُ جَهْرًا (وَ) جَازَ (نَهْيُ خَطِيبٍ أَوْ أَمْرُهُ) إنْسَانًا لَغَا أَوْ فَعَلَ مَا لَا يَلِيقُ كَقَوْلِهِ لَا تَتَكَلَّمْ أَوْ أَنْصِتْ يَا فُلَانُ حَالَ خُطْبَتِهِ (وَ) جَازَ (إجَابَتُهُ) فِيمَا يَجُوزُ لَهُ التَّكَلُّمُ فِيهِ كَأَنْ يَقُولَ لِلْخَطِيبِ عِنْدَ نَهْيِهِ أَوْ أَمْرِهِ إنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ مَثَلًا وَلَا يُعَدُّ كُلٌّ مِنْ الْخَطِيبِ وَالْمُجِيبِ لَاغِيًا ثُمَّ ذَكَرَ الْمَكْرُوهَاتِ فَقَالَ (وَكُرِهَ) لِلْخَطِيبِ (تَرْكُ طُهْرٍ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ (فِيهِمَا) فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِمَا الطَّهَارَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ إنَّمَا هِيَ شَرْطُ كَمَالٍ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ جُنُبًا (و) كُرِهَ تَرْكُ (الْعَمَلِ يَوْمَهَا) إنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ وَجَازَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَنُدِبَ لِلِاشْتِغَالِ بِتَحْصِيلِ مَنْدُوبَاتِهَا (و) كُرِهَ (بَيْعُ) مَنْ لَا تَلْزَمُهُ (كَعَبْدٍ) وَمُسَافِرٍ مَعَ مِثْلِهِ (بِسُوقٍ وَقْتَهَا) أَيْ مِنْ حِينِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ لِئَلَّا يَسْتَبِدُّوا بِالرِّبْحِ دُونَ السَّاعِينَ لَهَا لَا بِغَيْرِ سُوقٍ وَلَا بِغَيْرِ وَقْتِهَا وَأَمَّا مَنْ تَلْزَمُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَقْتَهَا (و) كُرِهَ (تَنَفُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا) حَيْثُ دَخَلَ لِيَرْقَى الْمِنْبَرَ فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ وَقْتِهِ أَوْ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ نُدِبَتْ التَّحِيَّةُ (أَوْ) تَنَفُّلُ (جَالِسٍ) بِالْمَسْجِدِ بِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ (عِنْدَ الْأَذَانِ) الْأَوَّلِ خَوْفَ اعْتِقَادِ الْعَامَّةِ وُجُوبَهُ لَا لِدَاخِلٍ عِنْدَهُ وَلَا لِجَالِسٍ تَنَفَّلَ قَبْلَ الْأَذَانِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَنَفُّلِهِ وَلَا لِغَيْرِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَكَذَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ بَعْدَ صَلَاتِهَا إلَى أَنْ يَنْصَرِفَ النَّاسُ أَوْ يَأْتِيَ وَقْتُ انْصِرَافِهِمْ وَلَمْ يَنْصَرِفُوا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي بَيْتِهِ (وَ) كُرِهَ (حُضُورُ شَابَّةٍ) غَيْرِ مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ فِي الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَيَجُوزُ لِقِلَّةِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْمَخْشِيَّةُ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا حُضُورُهَا وَجَازَ لِمُتَجَالَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاسْتِغْفَارٌ وَتَصْلِيَةٌ) أَيْ وَكَذَا دُعَاءٌ وَطَلَبُ جَنَّةٍ أَوْ نَجَاةٍ مِنْ النَّارِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذِهِ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالْيَسَارَةِ) أَيْ بَلْ تَجُوزُ مُطْلَقًا عِنْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا سِرًّا (قَوْلُهُ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّدْبُ) أَيْ لَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ ح (قَوْلُهُ بِمَعْنَى النَّدْبِ) فِيهِ إشَارَةٌ كَمَا قَالَ طفى إلَى أَنَّ الْجَوَازَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُنْصَبٌّ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَطْلُوبٌ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ عَطَسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ حَمِدَ اللَّهَ سِرًّا اهـ بْن وَهَلْ الْحَمْدُ مَطْلُوبٌ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ قَوْلَانِ وَرَجَّحَ عبق وشب الْأَوَّلَ وَاقْتَصَرَ تت عَلَى الثَّانِي وَأَقَرَّهُ طفى (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ التَّأْمِينُ وَالتَّعَوُّذُ عِنْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ التَّأْمِينَ وَالتَّعَوُّذَ عِنْدَ السَّبَبِ لَا يُفْعَلَانِ إلَّا سِرًّا أَوْ الْجَهْرُ بِهِمَا مَمْنُوعٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْعَلَانِ وَلَوْ جَهْرًا لَكِنْ لَيْسَ بِالْعَالِي لِأَنَّ الْعُلُوَّ بِدْعَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَجَازَ إجَابَتُهُ) أَيْ جَازَ لِمَنْ أَمَرَهُ الْخَطِيبُ بِأَمْرٍ أَوْ نَهَاهُ عَنْ أَمْرٍ إجَابَتُهُ وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ الْخَطِيبُ فِي الْخُطْبَةِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِأَنَّهُ إجَابَةٌ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ التَّكَلُّمُ فِيهِ) أَيْ كَمَا إذَا تَكَلَّمَ لِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ لَاغِيًا أَوْ فَاعِلِ فِعْلٍ لَا يَلِيقُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِجَابَتَهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ أَنَّ الْخَطِيبَ إذَا خَاطَبَ إنْسَانًا فِي شَأْنِ أَمْرٍ جَازَ لَهُ إجَابَتُهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ إذَا خَاطَبَهُ أَحَدٌ فِي شَأْنِ أَمْرٍ جَازَ لَهُ إجَابَتُهُ كَقَوْلِ عَلِيٍّ لِسَائِلِهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا [مَكْرُوهَات الْجُمُعَةَ] (قَوْلُهُ وَجَازَ لِلِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ ضَيَاعُ عِيَالِهِ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ بَيْعُ كَعَبْدٍ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ النَّصَّ حَرَّمَ الْبَيْعَ وَقْتَهَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ حُرِّمَ الْبَيْعُ وَحِينَئِذٍ وَمُنِعَ مِنْهُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَقَالَ الْوَانُّوغِيُّ قَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا كَانَ فِي الْأَسْوَاقِ وَتَجُوزُ فِي غَيْرِ الْأَسْوَاقِ لِمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَيَمْتَنِعُ فِي الْأَسْوَاقِ لِلْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ اهـ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا نَقَلَهُ ح عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفَسْخُ بَيْعٍ إلَخْ وَفَهِمَهُ عَلَى الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَتَعَقَّبَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَمُنِعَ مِنْهُ مَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ حَرُمَ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَيُرَدُّ بِأَنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهَا حَرُمَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ وَتَسْوِيَتُهَا مَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَتِهَا الْحُرْمَةَ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا وَعِبَارَةُ الْوَانُّوغِيِّ صَرِيحَةٌ فِي الْحُرْمَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ مِنْ حِينِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ) أَيْ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ تَلْزَمُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَقْتَهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِسُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْبَيْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ تَلْزَمُهُ أَوْ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَتَتَعَلَّقُ بِالْحُرْمَةِ بِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ أَيْضًا كَالْعَبْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ أَشْغَلَ مَنْ تَلْزَمُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ فِي حَقِّ مَنْ تَلْزَمُهُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ أَوْ دَخَلَ بَعْدُ وَلَكِنْ جَلَسَ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ) هَلْ يُقَيَّدُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ يَقْتَدُونَ بِهِ حَاضِرًا أَوْ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ مَظِنَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ اُنْظُرْهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي قَبْلَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ فَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ وَتَقَيُّدُهُ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ

لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا (و) كُرِهَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ (سَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ) يَوْمَهَا (وَجَازَ قَبْلَهُ وَحُرِّمَ بِالزَّوَالِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إدْرَاكَهَا بِبَلَدٍ فِي طَرِيقِهِ أَوْ يَخْشَى بِذَهَابِ رِفْقَتِهِ دُونَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إنْ سَافَرَ وَحْدَهُ (كَكَلَامٍ) مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ (فِي) حَالِ (خُطْبَتَيْهِ) لَا قَبْلَهُمَا وَلَوْ حَالَ جُلُوسِهِ وَلِذَا قَالَ (بِقِيَامِهِ) يَعْنِي فِي حَالِ قِيَامِهِ وَالشُّرُوعُ فِي التَّكَلُّمِ بِهَا (وَ) جُلُوسِهِ (بَيْنَهُمَا) لَا بَعْدَهُمَا وَلَوْ حَالَ التَّرْضِيَةِ وَكَذَا حَالَ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ الْآنَ وَيَحْرُمُ الْكَلَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ (وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ) لَهَا إنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحَبَتِهِ لَا خَارِجِهِمَا وَلَوْ سَمِعَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبِعَ فِيهِ ح وتت وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَذَانِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا يَأْتِي مِنْ تَحْرِيمِ ابْتِدَاءِ صَلَاةٍ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ اهـ وَذَلِكَ لِأَنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَكَلَامُنَا هُنَا فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَاقَضَةَ نَعَمْ لَوْ حُمِلَ الْأَذَانُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَذَانِ الثَّانِي حَصَلَتْ الْمُنَاقَضَةُ (تَنْبِيهٌ) كَمَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ لِلْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ يُكْرَهُ أَيْضًا الْمُبَادَرَةُ بِهِ عِنْدَ الْأَذَانِ لِلْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَفْرُغَ الْأَذَانُ بِخِلَافِ الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا لِلرِّجَالِ فِيهَا أَرَبٌ فَهِيَ كَالشَّابَّةِ غَيْرِ الْمُخَشِّيَةِ الْفِتْنَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ سَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ إبَاحَتِهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْخِطَابِ لَهُ وَ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَهَا) أَيْ وَأَمَّا السَّفَرُ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَكُرِهَ السَّفَرُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَحْرُمُ بَعْدَ طُلُوعِهَا وَقَالَ ح وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَكُونُ السَّفَرُ حَرَامًا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ سُنَّةً وَتَرْكُهَا فِي ذَاتِهَا لَيْسَ حَرَامًا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْعِيدَ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهَا غَيْرُهُ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ اهـ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ وَأَنَّ السَّفَرَ بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِ يَوْمِ الْعِيدِ مَكْرُوهٌ فَقَطْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ يَخْشَى بِذَهَابِ رِفْقَتِهِ دُونَهُ) أَيْ إذَا جَلَسَ لِلصَّلَاةِ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ أَيْ فَيُبَاحُ لَهُ السَّفَرُ حِينَئِذٍ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ) أَيْ لِوُجُوبِ الْإِنْصَاتِ لَهُمَا (قَوْلُهُمَا بِقِيَامِهِ) الْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِخُطْبَتَيْهِ أَيْ الْكَائِنَتَيْنِ فِي حَالِ قِيَامِهِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ خُطْبَتَيْهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْقِيَامَ لَهُمَا يُحَرِّمُ الْكَلَامَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ فِي الْخُطْبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَالَ التَّرْضِيَةِ وَكَذَا حَالَ الدُّعَاءِ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ حُرْمَةِ الْكَلَامِ بَعْدَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَالِ التَّرْضِيَةِ مَكْرُوهٌ وَفِي حَالِ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ جَائِزٌ عَلَى مَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ أَعْنِي حَالَ التَّرْضِيَةِ إذْ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ التَّرْضِيَةَ عَلَى الصَّحَابَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْخُطْبَةِ لِنَدْبِ اشْتِمَالِهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَنْتَفِي حُرْمَةُ الْكَلَامِ حَالَ الْخُطْبَةِ إلَّا إذَا لَغَا الْخَطِيبُ وَاَلَّذِي فِي النَّصِّ أَنَّ اللَّغْوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْنِي النَّاسَ أَوْ يَخْرُجَ إلَى اللَّعْنِ وَالشَّتْمِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَجْمُوعَةِ وَالتَّرَضِّي لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن وَقَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ أَيْ وَكَذَا هُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنَّظَرِ لِلثَّانِي وَهُوَ الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ إذَا كَانَ وَاجِبًا لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اسْتَثْنَى جَوَازَ الْكَلَامِ إذَا لَغَا الْخَطِيبُ وَالتَّرْضِيَةُ وَالدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ لَيْسَا لَغْوًا بَلْ مَطْلُوبَانِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْرُمُ الْكَلَامُ فِي حَالَتَيْهِمَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْخُطْبَةَ قَدْ انْتَهَتْ قَبْلَ التَّرَضِّي وَالدُّعَاءِ لِلْخَلِيفَةِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَجَازَ كَلَامٌ بَعْدَهَا لِأَنَّا نَقُولُ هُمَا مُلْحَقَانِ بِهَا لِطَلَبِ اشْتِمَالِهَا عَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامٌ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ) أَيْ الدُّعَاءُ فِي الْخُطْبَةِ لِلسُّلْطَانِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَيْ الْخَطِيبُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ اتِّبَاعِ السُّلْطَانِ بِتَرْكِ الدُّعَاءِ لَهُ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَإِلَّا كَانَ الدُّعَاءُ لَهُ وَاجِبًا حِينَئِذٍ وَلَا يُعَدُّ لَغْوًا بَلْ مِنْ مُلْحَقَاتِ الْخُطْبَةِ كَالتَّرْضِيَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ) أَبُو الْحَسَنِ إنَّمَا مَنَعَ الْكَلَامَ لِغَيْرِ السَّامِعِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَسْتَرْسِلَ النَّاسُ عَلَى الْكَلَامِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ مَنْ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِرَدِّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِنْ جَوَازِ الْكَلَامِ لِغَيْرِ السَّامِعِ وَلَوْ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا خَارِجَهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ وَلَوْ سَمِعَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّاجِحُ حُرْمَةُ الْكَلَامِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ مُطْلَقًا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي رِحَابِهِ أَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بِالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ وَسَوَاءٌ سَمِعَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِ السَّامِعِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ اهـ مَوَّاقٌ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَتَى

وَمِثْلُ الْكَلَامِ أَكْلٌ وَشُرْبٌ وَتَحْرِيكُ مَا لَهُ صَوْتٌ كَوَرَقٍ (إلَّا أَنْ يَلْغُوَ) الْخَطِيبُ أَيْ يَتَكَلَّمَ بِالْكَلَامِ اللَّاغِي أَيْ السَّاقِطِ أَيْ الْخَارِجِ مِنْ نِظَامِ الْخُطْبَةِ كَسَبِّ مَنْ لَا يَجُوزُ سَبُّهُ أَوْ مَدْحِ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ أَوْ يَقْرَأُ كِتَابًا غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالْخُطْبَةِ أَوْ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَا يَعْنِي فَلَا يَحْرُمُ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَكَسَلَامٍ) فَيَحْرُمُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ (وَرَدُّهُ) عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ (وَنَهْيِ لَاغٍ) يَحْرُمُ مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ يَحْرُمُ عَلَيْكَ اللَّغْوُ حَالَ الْخُطْبَةِ (وَحَصْبِهِ) أَيْ رَمْيِ اللَّاغِي بِالْحَصْبَاءِ زَجْرًا لَهُ (أَوْ إشَارَةٍ لَهُ) أَيْ لِلَّاغِي أَنْ يَسْكُتَ تَحْرُمُ وَأَوْلَى الْكِتَابَةُ لَهُ (وَابْتِدَاءُ صَلَاةِ) نَافِلَةٍ (بِخُرُوجِهِ) لِلْخُطْبَةِ لِجَالِسٍ وَيَقْطَعُ مُطْلَقًا بَلْ (وَإِنْ لِدَاخِلٍ) وَيَقْطَعُ أَيْضًا إنْ أَحْرَمَ عَامِدًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا، لَا إنْ أَحْرَمَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا يَقْطَعُ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا (وَلَا يَقْطَعُ) الْمُتَنَفِّلُ (إنْ دَخَلَ) الْخَطِيبُ لِلْخُطْبَةِ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهَا وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ صَلَاتِهِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ فِي كُلِّ قِسْمٍ سِتُّ صُوَرٍ (وَفُسِخَ بَيْعٌ) حَرَامٍ وَهُوَ مَا حَصَلَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَلَوْ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ (وَإِجَارَةٍ) هِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ (وَتَوْلِيَةٌ) بِأَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ مَا اشْتَرَاهُ بِمَا اشْتَرَاهُ (وَشَرِكَةٌ) بِأَنْ يَبِيعَهُ بَعْضَ مَا اشْتَرَاهُ (وَإِقَالَةٌ) وَهِيَ قَبُولُ رَدِّ السِّلْعَةِ لِرَبِّهَا (وَشُفْعَةٌ) أَيْ أَخَذَ بِهَا لَا تَرَكَهَا إنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِمَّا يَذْكُرَ (بِأَذَانٍ ثَانٍ) أَيْ عِنْدَهُ وَهُوَ مَا يُفْعَلُ حَالَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ لَا قَبْلَهُ إلَّا إذَا بَعُدَتْ دَارُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْجُمُعَةَ اهـ وَقَالَ الْأَخَوَانِ لَا يَجِبُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، وَقِيلَ يَجِبُ إذَا دَخَلَ رِحَابَ الْمَسْجِدِ نَقَلَهُ ح اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُرْمَةَ الْكَلَامِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ قِيلَ خَاصَّةٌ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ وَقِيلَ بِمَنْ فِيهِ وَالرِّحَابِ وَقِيلَ بِمَنْ فِيهِمَا وَفِي الطُّرُقِ وَالثَّانِي رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وبن قَدْ رَجَّحَ الثَّالِثَ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ عبق عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْكَلَامِ) أَيْ فِي الْحُرْمَةِ حَالَ الْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَلْغُوَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ عَلَى النَّاسِ الْإِنْصَاتُ لَهُ وَيَجُوزُ لَهُمْ الْكَلَامُ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ أَكَانَ اللَّغْوُ مُحَرَّمًا كَالْمِثَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِي الشَّارِحِ أَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَالْمِثَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فِيهِ، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّنَفُّلُ كَمَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْمَنْصُوصَ كَذَا فِي عبق. وَكَذَا يَجُوزُ تَخَطِّي رِقَابِ الْجَالِسِينَ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي رِحَابِهِ أَوْ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَرَدِّهِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ) نَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَ الرَّدِّ بِالْإِشَارَةِ وَأَنْكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ أَبَا الْحَسَنِ نَقَلَ جَوَازَ الرَّدِّ بِالْإِشَارَةِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَحَلَّ لِإِنْكَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ابْنِ هَارُونَ اهـ قُلْتُ لَمْ أَجِدْ فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ طفى اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ) أَيْ وَأَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ أَحْرَمَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بِالْحُكْمِ أَوْ نَاسِيًا مَجِيئَهُ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لِدَاخِلٍ) أَيْ بَلْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي ابْتَدَأَ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي حَالِ خُرُوجِ الْخَطِيبِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ قَالَ وَلَوْ لِدَاخِلٍ كَانَ لِأَنَّ السُّيُورِيَّ جَوَّزَهُ لِلدَّاخِلِ حَالَ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِحَدِيثِ سُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ وَفِيهِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لَهُ لَمَّا جَلَسَ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ لِلْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ» وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَى أَنَّ سُلَيْكًا كَانَ صُعْلُوكًا وَدَخَلَ لِيَطْلُبَ شَيْئًا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُصَلِّيَ لِأَجْلِ أَنْ يُتَفَطَّنَ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا عَلِمَ إتْمَامَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ بَلْ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِ تِلْكَ النَّافِلَةِ وَ (قَوْلُهُ عَقَدَ رَكْعَةً) أَيْ قَبْلَ الْخَطِيبِ وَ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ الْخَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً (قَوْلُهُ وَفُسِخَ بَيْعٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ لَا فَسْخَ وَالْبَيْعُ مَاضٍ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا حَصَلَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَلَوْ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ تَبَايَعَ اثْنَانِ تَلْزَمُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فُسِخَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يُفْسَخْ أهـ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِأَنَّ حُكْمَهُ بِالْكَرَاهَةِ فِيمَا مَرَّ عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْفَسْخِ فَاتَّكَلَ عَلَيْهِ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مَبْحُوثًا فِيهَا كَمَا مَرَّ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ الْبَيْعِ إذَا حَصَلَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مَعَ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ وَاحْتَاجَ لِشِرَاءِ مَاءِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الشِّرَاءُ وَاخْتَلَفَ أَشْيَاخُ ابْنِ نَاجِيٍّ فِي جَوَازِهِ لِلْبَائِعِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ نَاجِيٍّ وح جَوَازَهُ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ فِي تَعْلِيلِ الْجَوَازِ مَا نَصُّهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ وَبَيْعُ الْمَاءِ وَشِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ لِلصَّلَاةِ فَلِذَلِكَ جَازَ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْحُرْمَةَ بِالْفَرَاغِ مِنْهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَوَّلِ فِي وُجُوبِ السَّعْيِ وَحُرْمَةِ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى الظَّاهِرِ وَقِيلَ الْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرِ وَظَاهِرُهُ فَسْخُ مَا ذَكَرَ إذَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَذَانِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي حَالَةِ السَّعْيِ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ عَلَى أَحَدٍ وَقَوْلَيْنِ فِي الثَّانِي سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ كَمَا فِي عبق عَنْ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يُفْعَلُ حَالَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ) فَهُوَ ثَانٍ فِي الْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلًا فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ عَلَى الْمَنَارَةِ

[الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة]

بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ فَاشْتُغِلَ بِهِ عَنْ السَّعْيِ فَيُفْسَخُ (فَإِنْ فَاتَ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَغَيُّرِ سُوقٍ (فَالْقِيمَةُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ وَتُعْتَبَرُ (حِينَ الْقَبْضِ) لَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ الْفَوَاتِ (كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) مِنْ غَيْرِ وُقُوعِهِ بِأَذَانٍ ثَانٍ أَوْ الْمُتَّفِقِ عَلَى فَسَادِهِ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (لَا) يُفْسَخُ (نِكَاحٌ) وَإِنْ حُرِّمَ الْعَقْدُ (وَهِبَةٌ وَصَدَقَةٌ) وَكِتَابَةٌ وَخُلْعٌ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا وَعَنْ الْجَمَاعَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالنَّفْسِ أَوْ الْأَهْلِ أَوْ الْمَالِ أَوْ الدِّينِ فَقَالَ (وَعُذْرُ) إبَاحَةِ (تَرْكِهَا و) تَرْكِ (الْجَمَاعَةِ شِدَّةُ وَحَلٍ) بِالتَّحْرِيكِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَهُوَ مَا يَحْمِلُ أَوَاسِطَ النَّاسِ عَلَى تَرْكِ الْمَدَاسِ (و) شِدَّةُ (مَطَرٍ) يَحْمِلُهُمْ عَلَى تَغْطِيَةِ رُءُوسِهِمْ (وَجُذَامٌ) تَضُرُّ رَائِحَتُهُ بِالنَّاسِ (وَمَرَضٌ) يَشُقُّ مَعَهُ الْإِتْيَانِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ (وَتَمْرِيضٌ) لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ وَخُشِيَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ الضَّيْعَةَ أَوْ لِقَرِيبٍ خَاصٍّ كَوَلَدٍ وَوَالِدٍ وَزَوْجٍ فَعُذْرٌ مُطْلَقًا وَغَيْرُ الْخَاصِّ كَالْأَجْنَبِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدَيْنِ فِيهِ (وَإِشْرَافُ قَرِيبٍ) عَلَى الْمَوْتِ (وَنَحْوَهُ) كَصِدِّيقٍ وَمَمْلُوكٍ وَزَوْجٍ وَإِنْ لَمْ يُمَرِّضْهُ وَأَوْلَى مَوْتُ كُلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ أَوَّلٌ فِي الْفِعْلِ وَثَانٍ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ لِأَنَّهُ أَحْدَثَهُ بَنُو أُمَيَّةَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إذَا فَاتَ فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ حِينَ الْعَقْدِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إذَا فَاتَ فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ) أَيْ فِي فَسْخِهِ وَمُضِيِّهِ وَأَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ مَعَ اشْتِغَالِهِ عَنْ السَّعْيِ الْوَاجِبِ فَلَا يُجِيزُهُ أَحَدٌ كَمَا قَالَ ح فَإِنْ قُلْتَ إنَّ الْبَيْعَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ يَقُولُ فَإِنْ فَاتَ مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ مَعَ أَنَّ هَذَا قَدْ مَضَى بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قُلْتُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَلْزَمْ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ) أَيْ لِاخْتِلَافِ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ لِأَنَّ الْمُشَبَّهَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لِوُقُوعِهِ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَالْمُشَبَّهُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ مِنْ غَيْرِ وُقُوعِهِ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي أَوْ يُقَالُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بَيْعٌ فَاسِدٌ مُخْتَلَفٌ فِي فَسَادِهِ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ لَا نِكَاحٌ وَهِبَةٌ) أَيْ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَهِيَ كَالْبَيْعِ وَإِنَّمَا لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ وَمَا مَعَهُ كَالْبَيْعِ وَمَا مَعَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَمَا مَعَهُ لَيْسَ فِي فَسْخِهِ ضَرَرٌ عَلَى أَحَدِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْجِعُ لَهُ عِوَضُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَمَا مَعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عِوَضٌ مُتَمَوَّلٌ فَإِذَا فُسِخَتْ عَادَ الضَّرَرُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٌ وَخُلْعٌ) أَيْ لِإِلْحَاقِ الْخُلْعِ بِالنِّكَاحِ وَالْكِتَابَةِ بِالصَّدَقَةِ [الْأَعْذَار الْمُبِيحَة لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةَ] (قَوْلُهُ وَالْجَمَاعَةِ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِ مِثْلَ قَوْلِهِمْ مَا فِيهَا غَيْرُهُ وَفَرَسِهِ أَيْ وَالْعُذْرُ الْمُبِيحُ لِتَرْكِهَا وَلِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ شِدَّةُ وَحَلٍ أَيْ وَحَلٌ شَدِيدٌ (قَوْلُهُ بِالتَّحْرِيكِ عَلَى الْأَفْصَحِ) أَيْ وَيُجْمَعُ حِينَئِذٍ عَلَى أَوْحَالٍ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ مُقَابِلُ الْأَفْصَحِ السُّكُونُ كَفَلْسٍ وَيُجْمَعُ عَلَى أَوْحُلٍ كَأَفْلُسٍ (قَوْلُهُ وَجُذَامٌ) أَيْ وَشِدَّةُ جُذَامٍ فَالْجُذَامُ غَيْرُ الشَّدِيدِ لَا يَكُونُ عُذْرًا خِلَافًا لعبق وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاخْتُلِفَ فِي الْجُذَامِ فَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ مُسْقِطٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ لَا يُسْقِطُ وَالتَّحْقِيقُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَضُرُّ رَائِحَتُهُ وَمَا لَا تَضُرُّ اهـ فَقَوْل الْمُصَنِّفِ وَجُذَامٍ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى وَحَلٍ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ الْجَذْمَاءِ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ أَوْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا لَا يَجِدُونَ مَوْضِعًا يَتَمَيَّزُونَ فِيهِ أَمَّا لَوْ وَجَدُوا مَوْضِعًا يَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ يَتَمَيَّزُونَ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ ضَرَرُهُمْ بِالنَّاسِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ اتِّفَاقًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ النَّاسِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ وَمَا قِيلَ فِي الْجُذَامِ يُقَالُ فِي الْبَرَصِ (قَوْلُهُ وَمَرَضٌ) أَيْ وَمِنْهُ كِبَرُ السِّنِّ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهَا رَاكِبًا وَمَاشِيًا (قَوْلُهُ يَشُقُّ مَعَهُ الْإِتْيَانُ) أَيْ رَاكِبًا وَمَاشِيًا فَإِنْ شَقَّ مَعَهُ الْإِتْيَانُ مَاشِيًا لَا رَاكِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ لَا تُجْحِفُ بِهِ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَخَشِيَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ الضَّيْعَةَ) أَيْ الْعَطَشَ أَوْ الْجُوعَ أَوْ الْوُقُوعَ فِي نَارٍ أَوْ مَهْوَاةٍ أَوْ التَّمَرُّغَ فِي نَجَاسَةٍ (قَوْلُهُ فَعُذْرٌ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ أَوْ لَا كَانَ يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ بِتَرْكِ تَمْرِيضِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْخَاصِّ) أَيْ وَتَمْرِيضُ الْقَرِيبِ غَيْرِ الْخَاصِّ كَالْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدَيْنِ) أَيْ وَهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ وَأَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ لَوْ تُرِكَ، وَجَعْلُ الْقَرِيبِ الْغَيْرِ الْخَاصِّ كَالْأَجْنَبِيِّ هُوَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ جَعَلَ تَمْرِيضَ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ خَاصًّا أَوْ غَيْرَ خَاصٍّ عُذْرًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَيْءٍ مِنْ الْقَيْدَيْنِ الْمُعْتَبَرَيْنِ فِي تَمْرِيضِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَإِشْرَافُ قَرِيبٍ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَاصًّا وَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُمَرِّضْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الَّذِي يُمَرِّضُهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى مَوْتُ كُلٍّ) ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَيَجُوزُ التَّخَلُّفُ لِأَجْلِ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ مِنْ إخْوَانِهِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ

وَكَذَا شِدَّةُ مَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ فَلَوْ نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى شِدَّةِ مَرَضِهِ لَفُهِمَ مِنْهُ الْإِشْرَافُ بِالْأَوْلَى (وَخَوْفٌ عَلَى مَالٍ) لَهُ بَالٌ وَلَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ حَبْسٌ أَوْ ضَرْبٌ) أَيْ خَوْفُهُمَا (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ فَالْأَوْلَى وَالْمُخْتَارُ (أَوْ حَبْسُ مُعْسِرٍ) أَيْ خَوْفُهُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِلتَّخَلُّفِ بِأَنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ مُعْسِرٌ فَخَافَ بِالْخُرُوجِ أَنْ يُحْبَسَ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ (وَعُرْيٌ) بِأَنْ لَا يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ (و) مِنْ الْأَعْذَارِ (رَجَا) بِالْقَصْرِ أَيْ طَمَعٌ فِي (عَفْوِ قَوَدٍ) وَجَبَ عَلَيْهِ بِاخْتِفَائِهِ وَتَخَلُّفِهِ (و) مِنْهَا (أَكْلٌ كَثُومٍ) وَبَصَلٍ وَكُلُّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ وَحُرِّمَ أَكْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ وَلَوْ فِي خَارِجِ الْمَسْجِدِ وَحُرِّمَ أَكْلُهُ بِمَسْجِدٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ ثُمَّ شَبَّهَ بِمُسْقِطِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ مَا هُوَ خَاصٌّ بِالثَّانِي فَقَالَ (كَرِيحٍ عَاصِفَةٍ) أَيْ شَدِيدَةٍ (بِلَيْلٍ) لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ أَوْ التَّغَيُّرَ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَدْخَلِ مِنْ جَوَازِ التَّخَلُّفِ لِلنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَخَفْ ضَيْعَةً وَلَا تَغَيُّرًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَكَذَا شِدَّةُ مَرَضِهِ) أَيْ الْقَرِيبِ كَأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ لَيْسَ لِأَجْلِ تَمْرِيضِهِ بَلْ لِمَا عُلِمَ مِمَّا يَدْهَمُ وَيُتْعِبُ الْأَقَارِبَ مِنْ شِدَّةِ الْمُصِيبَةِ، وَأَمَّا الصَّدِيقُ فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ شِدَّةُ مَرَضِهِ وَيُبِيحُهُ الْإِشْرَافُ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ فَلَوْ نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى شِدَّةِ مَرَضِهِ) أَيْ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ وَخَوْفٌ عَلَى مَالٍ) أَيْ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ مِنْ نَارٍ وَقَوْلُهُ لَهُ بَالٌ أَيْ وَهُوَ الَّذِي يُجْحِفُ بِصَاحِبِهِ وَمِثْلُ الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ الْخَوْفُ عَلَى الْعِرْضِ أَوْ الدِّينِ كَأَنْ يَخَافَ قَذْفَ أَحَدٍ مِنْ السُّفَهَاءِ لَهُ أَوْ إلْزَامَ قَتْلِ الشَّخْصِ أَوْ ضَرْبِهِ ظُلْمًا أَوْ إلْزَامَ بَيْعَةِ ظَالِمٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ بِيَمِينٍ يَحْلِفُهَا لِلظَّالِمِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ طَاعَتِهِ وَلَا مَنْ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ أَوْ حَبْسٌ أَوْ ضَرْبٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى خَوْفٍ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ أَوْ خَوْفُ حَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَالٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْ خَوْفٌ عَلَى حَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ عَلَى بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَهُوَ أَوْ حَبْسُ مُعْسِرٍ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَرْبٌ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَحَبْسِ مُعْسِرٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْمُخْتَارُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَطَابَقَ النَّقْلَ أَمَّا مُطَابَقَةُ النَّقْلِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ إلَّا مُخْتَارَ اللَّخْمِيِّ لَا مُخْتَارَ غَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ وَأَمَّا كَوْنُهُ أَظْهَرَ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ وَالْأَظْهَرُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِحَبْسِ الْمُعْسِرِ لَا بِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ خَوْفُهُ) أَيْ خَوْفُ حَبْسِ الْمُعْسِرِ مِنْ الْإِعْذَارِ الْمُبِيحَةِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ فَخَافَ بِالْخُرُوجِ إلَخْ) أَيْ فَخَوْفُهُ الْمَذْكُورُ عُذْرٌ يُبِيحُ لَهُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فِي الْبَاطِنِ وَإِنْ كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِحَقٍّ فِي الظَّاهِرِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعَدُّ هَذَا عُذْرًا لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ أَمْرٌ حَقٌّ وَأَمَّا مَنْ عُلِمَ إعْسَارُهُ وَكَانَ ثَابِتًا فَلَا عُذْرَ لَهُ وَلَا يُبَاحُ تَخَلُّفُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ نَعَمْ إنْ خَافَ الْحَبْسَ ظُلْمًا كَانَ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَجِدَ إلَخْ) كَذَا نَقَلَ ح عَنْ بَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ ابْنُ عَاشِرٍ وَلَا يُقَيَّدُ بِمُرَاعَاةِ مَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الْمُرُوءَةِ اهـ بْن فَعَلَى هَذَا إذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخَلُّفُ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ وَ (قَوْلُهُ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ) زَادَ خش الَّتِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا فَعَلَى هَذَا وَلَوْ وَجَدَ خِرْقَةً تَسْتُرُ سَوْأَتَيْهِ دُونَ أَلْيَتَيْهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ كَانَ ذَلِكَ يُزْرِي بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ أَمْ لَا وَهَذَا بَعِيدٌ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُرْيِ الَّذِي جُعِلَ عُذْرًا أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ لِلرُّكْبَةِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ يُزْرِي بِهِ أَمْ لَا وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ قَرَّرَهَا شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الصَّغِيرِ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إنْ وَجَدَ مَا يَلِيقُ بِأَمْثَالِهِ وَلَا يُزْرِي بِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ قَالَ فِي المج: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لَهَا بِالنَّجِسِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا كَمَا قَالُوا لَا يَتَيَمَّمُ لَهَا لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا (قَوْلُهُ قَوَدٍ) يَشْمَلُ النَّفْسَ وَغَيْرَهَا، وَمِثْلُ الْقَوَدِ سَائِرُ مَا يُفِيدُ فِيهِ الْعَفْوُ مِنْ الْحُدُودِ كَحَدِّ الْقَذْفِ عَلَى تَفْصِيلٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُفِيدُ فِيهِ الْعَفْوُ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ بِاخْتِفَائِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجَا (قَوْلُهُ وَأَكْلٌ كَثُومٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ رَائِحَتَهُ (قَوْلُهُ وَحُرِّمَ أَكْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَخْ) وَأَمَّا أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَمَكْرُوهٌ إنْ لَمْ يُرِدْ الذَّهَابَ لِلْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ بِالْحُرْمَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْكَرَاهَةُ، وَمَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا حَرَامٌ اتِّفَاقًا اهـ عَدَوِيٌّ

[فصل حكم صلاة الخوف]

بِخِلَافِهَا نَهَارًا (لَا عِرْسٍ) بِالْكَسْرِ امْرَأَةُ الرَّجُلِ أَيْ لَيْسَ الِابْتِنَاءُ بِهَا مِنْ الْأَعْذَارِ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي إقَامَةِ زَوْجِهَا عِنْدَهَا بِحَيْثُ يُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ (أَوْ عَمًى) إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ قَائِدًا وَلَمْ يَهْتَدِ لِلطَّرِيقِ بِنَفْسِهِ (أَوْ شُهُودِ عِيدٍ) وَافَقَ يَوْمَهَا (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (الْإِمَامُ) فِي التَّخَلُّفِ إذْ لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ [دَرْسٌ] فَصْلٌ يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَصِفَتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (رُخِّصَ) اسْتِنَانًا عَلَى الرَّاجِحِ (لِقِتَالٍ جَائِزٍ) أَيْ مَأْذُونٍ فِيهِ وَاجِبًا كَانَ كَقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْبُغَاةِ الْقَاصِدِينَ الدَّمَ أَوْ هَتْكَ الْحَرِيمِ، أَوْ مُبَاحًا كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا حَرَامٍ (أَمْكَنَ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ الْقِتَالِ (لِبَعْضٍ) مِنْهُمْ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ فِيهِ مُقَاوَمَةٌ لِلْعَدُوِّ (قَسْمُهُمْ) نَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ بَلْ (وَإِنْ) كَانُوا (وِجَاهَ) أَيْ مُتَوَجِّهِينَ جِهَةَ (الْقِبْلَةِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْقَسْمِ حِينَئِذٍ (أَوْ) كَانَ الْمُسْلِمُونَ رُكْبَانًا (عَلَى دَوَابِّهِمْ) يُصَلُّونَ بِالْإِيمَاءِ لِلضَّرُورَةِ (قِسْمَيْنِ) مَعْمُولُ قَسْمِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِخِلَافِهَا نَهَارًا) أَيْ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا مُبِيحًا لِلتَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ، وَكَذَا الْبَرْدُ وَالْحَرُّ مَا لَمْ يَشْتَدَّا جِدًّا بِحَيْثُ يُجَفِّفَانِ الْمَاءَ لِأَهْلِ الْبَوَادِي وَإِلَّا كَانَ كُلٌّ عُذْرًا مُبِيحًا لِلتَّخَلُّفِ كَالزَّحْمَةِ الشَّدِيدَةِ لِإِضْرَارِهَا لَا مُطْلَقِ زَحْمَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ الِابْتِنَاءُ بِهَا مِنْ الْأَعْذَارِ) أَيْ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ قَالَ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي إقَامَةِ زَوْجِهَا عِنْدَهَا سَبْعًا إنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَلَاثًا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ أَوْ عَمًى) أَيْ أَنَّ الْعَمَى لَا يَكُونُ عُذْرًا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ إذَا كَانَ مَنْ قَامَ بِهِ الْعَمَى مِمَّنْ يَهْتَدِي لِلْجَامِعِ بِلَا قَائِدٍ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَقُودُهُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ فَلَوْ وَجَدَ قَائِدًا بِأُجْرَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ حَيْثُ كَانَتْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَكَانَتْ لَا تُجْحِفُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ شُهُودِ عِيدٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُبَاحُ لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا عَنْ جَمَاعَةِ الظُّهْرِ إذَا كَانَ الْعِيدُ غَيْرَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَسَوَاءٌ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ مَنْزِلُهُ فِي الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهَا عَنْ كَفَرْسَخٍ مِنْ النَّارِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ) أَيْ فَإِذْنُهُ لَهُمْ فِي التَّخَلُّفِ لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَكُونُ عُذْرًا يُبِيحُ لَهُمْ التَّخَلُّفَ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مُطَرِّفٍ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِينَ إنَّ الْإِمَامَ إذَا أَذِنَ لِأَهْلِ الْقُرَى الَّتِي حَوْلَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ بِتَخَلُّفِهِمْ عَنْ الْجُمُعَةِ حِينَ سَعَوْا وَأَتَوْا لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَإِنَّ إذْنَهُ يَكُونُ عُذْرًا لَهُمْ وَأَمَّا إذْنُهُ لِأَهْلِ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا [فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْخَوْفِ] (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ صَلَاةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ يُذْكَرُ فِيهِ حُكْمُ صَلَاةِ الْخَوْفِ) أَيْ حُكْمُ إيقَاعِ الصَّلَاةِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُومَةِ الَّتِي تُفْعَلُ حَالَةَ الْخَوْفِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَذَاتِ النَّخِيلِ وَعُسْفَانَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ صَلَّاهَا فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ (قَوْلُهُ اسْتِنَانًا) أَيْ وَهُوَ الَّذِي فِي الرِّسَالَةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَ (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ سَنَدٌ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمُحَارِبِينَ) أَيْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَ (قَوْلُهُ وَالْبُغَاةِ) أَيْ الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ الْقَاصِدِينَ إلَخْ) صِفَةٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُحَارِبِينَ وَالْبُغَاةِ (قَوْلُهُ كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ) إنْ قُلْتَ إنَّ حِفْظَ الْمَالِ وَاجِبٌ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ قِتَالُ مُرِيدِ أَخْذِهِ وَاجِبًا حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْحِفْظُ الْوَاجِبُ قُلْتُ مَعْنَى وُجُوبِ حِفْظِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ بِنَحْوِ إحْرَاقٍ أَوْ تَغْرِيقٍ مَثَلًا وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ تَمْكِينِ غَيْرِهِ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُوجِبٌ لِتَحْرِيمِهِ كَأَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ إنْ أَمْكَنَ غَيْرَهُ مِنْهُ وَ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) حَالٌ مِنْ مُرِيدِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا حَرَامٍ) أَيْ كَقِتَالِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ) أَيْ لِكَوْنِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِيهِ مُقَاوَمَةٌ لِلْعَدُوِّ فَالْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ وَمَفَادُ حِلِّ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِبَعْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَمْكَنَ أَيْ أَمْكَنَ لِبَعْضِهِمْ تَرْكُهُ لِكَوْنِ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِيهِ مُقَاوَمَةُ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ قَسْمُهُمْ) أَيْ وَصَلَّى بِهِمْ فِي الْوَقْتِ، فَالْآيِسُونَ مِنْ انْكِشَافِهِ يُصَلُّونَ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ، وَالْمُتَرَدَّدُونَ وَسَطَهُ، وَالرَّاجُونَ آخِرَهُ، وَفِي بْن طَرِيقَةٌ بِعَدَمِ هَذَا التَّفْصِيلِ هُنَا وَأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ) أَيْ مُتَوَجِّهِينَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْقَسْمِ حِينَئِذٍ) أَيْ وَيُصَلُّونَ جَمَاعَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ يُصَلُّونَ بِالْإِيمَاءِ) أَيْ وَكَذَلِكَ إمَامُهُمْ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَؤُمُّ الْمُومِئَ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى الدَّوَابِّ إيمَاءً مَعَ الْقَسْمِ مُؤْتَمِّينَ لِإِمْكَانِهِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى دَوَابِّهِمْ أَفْذَاذًا لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَسَمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ فِي حَالَةِ عَدَمِ إمْكَانِ الْقَسْمِ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا مُطْلَقًا رُكْبَانًا أَوْ مُشَاةً، وَأَمَّا فِي حَالَةِ إمْكَانِهِ

تَسَاوَيَا أَوْ لَا، كَانُوا مُسَافِرِينَ أَوْ حَاضِرِينَ (وَعَلَّمَهُمْ) الْإِمَامُ كَيْفِيَّتَهَا وُجُوبًا إنْ جَهِلُوا أَوْ خَافَ تَخْلِيطَهُمْ وَإِلَّا فَنَدْبًا لِاحْتِمَالِ تَطَرُّقِ الْخَلَلِ (وَصَلَّى) الْإِمَامُ (بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ بِالْأُولَى) مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ (فِي) الصَّلَاةِ (الثُّنَائِيَّةِ) كَالصُّبْحِ وَالْمَقْصُورَةِ (رَكْعَةً) وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى تَحْرُسُ الْعَدُوَّ (وَإِلَّا) تَكُنْ ثُنَائِيَّةً بَلْ رُبَاعِيَّةً أَوْ ثُلَاثِيَّةً فَ (رَكْعَتَيْنِ) بِالْأُولَى (ثُمَّ قَامَ) الْإِمَامُ بِهِمْ مُؤْتَمِّينَ بِهِ فِي الْقِيَامِ فَإِذَا اسْتَقَلَّ فَارَقُوهُ حَالَ كَوْنِهِ (سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا) أَوْ مُسَبِّحًا (أَوْ قَارِئًا فِي) الصَّلَاةِ (الثُّنَائِيَّةِ وَفِي قِيَامِهِ) لِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَدَمُ قِيَامِهِ بَلْ يَسْتَمِرُّ جَالِسًا سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا وَيُشِيرُ لَهُمْ بِالْقِيَامِ عِنْدَ تَمَامِ التَّشَهُّدِ (تَرَدُّدٌ) وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ قَوْلَانِ إشَارَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ كَانَ أَحْسَنَ (وَأَتَمَّتْ الْأُولَى) صَلَاتَهَا أَفْذَاذًا (وَانْصَرَفَتْ) لِلْعَدُوِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى دَوَابِّهِمْ إيمَاءً بِإِمَامٍ لَكِنْ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الدَّوَابِّ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ لَهَا (قَوْلُهُ تَسَاوَيَا أَوْ لَا) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الطَّائِفَتَيْنِ فِي الْعَدَدِ وَسَوَاءٌ كَثُرُوا أَوْ قَلُّوا كَثَلَاثَةٍ يُصَلِّي اثْنَانِ وَيَحْرُسُ الثَّالِثُ كَمَا فِي الطِّرَازِ وَالذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ كَانُوا مُسَافِرِينَ أَوْ حَاضِرِينَ) أَيْ كَانَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي الْبَرِّ، وَالْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ طَائِفَةٍ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ غَيْرَ الْإِمَامِ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ أَوْ خَافَ تَخْلِيطَهُمْ) الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ فِي ذَلِكَ وَتَوَهُّمَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا) أَيْ وَإِلَّا يَخَفْ التَّخْلِيطَ فَنَدْبًا (قَوْلُهُ وَصَلَّى بِأَذَانٍ) إمَّا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَّمَهُمْ أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُصَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ إذَا قَسَمَهُمْ فَمَا كَيْفِيَّةُ مَا يَفْعَلُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَصَلَّى فَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَذَانٍ لِلْمُلَابَسَةِ، وَفِي قَوْلِهِ بِالْأُولَى لِلْمُصَاحَبَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِصَلَّى، فَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ أَيْ وَصَلَّى الْإِمَامُ مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى صَلَاةً مُتَلَبِّسَةً بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْإِمَامَةُ سُنَّةٌ وَكَذَا الْأَذَانُ إنْ كَانُوا بِحَضَرٍ وَإِلَّا كَانَ مَنْدُوبًا إنْ لَمْ يَطْلُبُوا غَيْرَهُمْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَالصُّبْحِ وَالْمَقْصُورَةِ) أَيْ وَكَالْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا مِنْ الثُّنَائِيَّةِ لَكِنْ لَا يَقْسِمُهُمْ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُسْمِعَ كُلَّ طَائِفَةٍ الْخُطْبَةَ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ طَائِفَةٍ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ لِاثْنَيْ عَشَرَ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً وَتَقُومُ تُكْمِلُ صَلَاتَهَا وَتُسَلِّمُ أَفْذَاذًا ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ تُدْرِكُ مَعَهُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْدَ إكْمَالِ صَلَاتِهِمْ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ فَإِذَا اسْتَقَلَّ فَارَقُوهُ) الْمُرَادُ بِالِاسْتِقْلَالِ تَمَامُ الْقِيَامِ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِتَمَامِهِ الْقِيَامُ مَعَ الِاطْمِئْنَانِ أَوْ مُجَرَّدُ الِانْتِصَابِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي عج كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ قَارِئًا) أَيْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُتِمُّهُ حَتَّى تَفْرُغَ الْأُولَى مِنْ صَلَاتِهَا وَتُكَبِّرُ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ فِي الصَّلَاةِ الثُّنَائِيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ثُمَّ قَامَ الْإِمَامُ بِهِمْ (قَوْلُهُ سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا) أَيْ لَا قَارِئًا لِأَنَّ قِرَاءَتَهُ هُنَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَقَدْ يَفْرُغُ مِنْهَا قَبْلَ مَجِيءِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ لَا تُكَرَّرُ فِي رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ وَفِي قِيَامِهِ) أَيْ وَفِي تَعَيُّنِ قِيَامِهِ لِانْتِظَارِهِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ (وَقَوْلُهُ وَيَسْتَمِرُّ جَالِسًا) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ اسْتِمْرَارُهُ جَالِسًا كَذَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَيَأْتَمُّونَ بِهِ فِي حَالِ قِيَامِهِ فَإِذَا اسْتَقَلَّ فَارَقُوهُ وَوَقَفَ دَاعِيًا أَوْ سَاكِتًا، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِذَا أَحْدَثَ فِي حَالَةِ قِيَامِهِ بَطَلَتْ عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى كَهُوَ وَأَمَّا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ قِيَامِهِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَى الْأُولَى وَتَبْطُلُ عَلَى الثَّانِيَةِ إذَا دَخَلُوا مَعَهُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا تَبْطُلُ عَلَى الْأُولَى إذَا أَحْدَثَ فِي حَالِ قِيَامِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُومُ إذَا جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَذَلِكَ بَعْدَ إكْمَالِ الْأُولَى صَلَاتَهَا (قَوْلُهُ وَعَدَمُ قِيَامِهِ) وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَهَذَا أَعْنِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى الْقِيَامِ فِي الثُّنَائِيَّةِ هُوَ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَعِيَاضٍ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ طَرِيقَةُ ابْنِ بَزِيزَةَ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالِاتِّفَاقَ عَلَى الْجُلُوسِ فِي غَيْرِهَا وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى أَصَحُّ لِمُوَافَقَتِهَا الْمُدَوَّنَةَ (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ إشَارَتَهُ بِالتَّرَدُّدِ لِقَوْلَيْنِ مِنْ أَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمِينَ خِلَافُ اصْطِلَاحِهِ (قَوْلُهُ وَأَتَمَّتْ الْأُولَى) أَيْ وَلَا يَرُدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ السَّلَامَ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنَّمَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ يَمِينَهُ وَعَلَى مَنْ يَسَارَهُ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى

(ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ) بَعْدَ مَجِيئِهَا (مَا بَقِيَ) مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ (وَسَلَّمَ فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ) مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ قَضَاءً فَيَقْرَءُونَ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ (وَلَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ) كُلُّ طَائِفَةٍ بِإِمَامٍ (أَوْ) صَلَّى (بَعْضٌ فَذًّا) وَالْبَعْضُ الْآخَرُ بِإِمَامٍ (جَازَ) وَإِنْ كُرِهَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضٍ لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ (أَخَّرُوا) الصَّلَاةَ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ (لِآخِرِ) الْوَقْتِ كَذَا فِي النَّقْلِ زَادَ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (الِاخْتِيَارِيِّ) وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ هَارُونَ الضَّرُورِيَّ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى رَاجِي الْمَاءِ فَإِنْ انْكَشَفَ الْعَدُوُّ فَظَاهِرٌ (و) إذَا لَمْ يَنْكَشِفْ وَبَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ مَا يَسَعُهَا (صَلُّوا إيمَاءً) أَفْذَاذًا وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ (كَأَنْ دَهِمَهُمْ) أَيْ غَشِيَهُمْ (عَدُوٌّ بِهَا) أَيْ فِيهَا فَيُتِمُّونَ إيمَاءً إنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ لَمْ تَبْطُلْ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ) أَيْ بَعْدَ سَلَامِ الْأُولَى، وَالْمُعْتَبَرُ سَلَامُ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى أُولَى صَلَاتِهِ فَلَا يَنْتَظِرُ بِصَلَاتِهِ مَعَ الثَّانِيَةِ إتْمَامَ صَلَاةِ مَسْبُوقٍ مِنْ الْأُولَى اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ أَفْذَاذًا فَإِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ بِاسْتِخْلَافِهِمْ لَهُ أَمْ لَا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ إلَّا لِتَلَاعُبٍ وَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ كَمَا فِي الطِّرَازِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَأَتَمَّتْ الْأُولَى صَلَاتَهَا أَفْذَاذًا وَانْصَرَفَتْ وَإِنَّمَا فَسَدَتْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْتِيَ بِهِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ بِنَاءٌ وَمَا تَأْتِي بِهِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ قَضَاءٌ فَيَقْرَءُونَ فِيهِ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةِ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ) أَيْ أَوْ بِأَئِمَّةٍ وَهَذَا الْفَرْعُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ خَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى مَا إذَا صَلَّى بَعْضٌ فَذًّا وَبَعْضٌ بِإِمَامٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ مَضَى ذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ عَلَى ذَلِكَ مَكْرُوهًا لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ أَوْ الْمَنْدُوبِ لِمَا مَرَّ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ قِيلَ إنَّهُ سُنَّةٌ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مُبَاحَةٌ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُ الْقِتَالِ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الْعَدُوُّ لَا يُقَاوِمُهُمْ إلَّا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ بِتَمَامِهِمْ (قَوْلُهُ أَخَّرُوا لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ) هَذَا إذَا رَجَوْا الِانْكِشَافَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِحَيْثُ يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ أَيِسُوا مِنْ انْكِشَافِهِ فِي الْوَقْتِ صَلَّوْا صَلَاةَ مُسَايَفَةٍ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَإِنْ تَرَدَّدُوا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ لِوَسَطِهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ أَيْ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُ الْقَوْمِ وَرَجَوْا انْكِشَافَ الْعَدُوِّ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ ذَاتَ قَوْلَيْنِ كَالْخِلَافِ فِي الرَّاعِفِ إذَا تَمَادَى بِهِ الدَّمُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ الِاخْتِيَارِيَّ وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الضَّرُورِيَّ اهـ وَفِي كَلَامِ الذَّخِيرَةِ مَا يُؤَيِّدُ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ الِاخْتِيَارِيُّ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ زَادَ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ صَلَّوْا إيمَاءً) أَيْ رُكْبَانًا وَمُشَاةً وَ (قَوْلُهُ أَفْذَاذًا) أَيْ لِأَنَّ مَشَقَّةَ الِاقْتِدَاءِ هُنَا أَشَدُّ مِنْ مَشَقَّتِهِ فِيمَا إذَا أَمْكَنَ الْقَسْمُ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْكِنْهُمْ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ صَلَّوْا إيمَاءً فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ كَأَنْ دَهِمَهُمْ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي النَّوْعَيْنِ أَعْنِي مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُ الْقَوْمِ طَائِفَتَيْنِ وَمَا إذَا أَمْكَنَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا افْتَتَحُوا صَلَاتَهُمْ آمَنِينَ مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ ثُمَّ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ فِي إثْنَائِهَا فَإِنَّهُمْ يُكْمِلُونَ أَفْذَاذًا عَلَى حَسَبِ مَا يَسْتَطِيعُونَ مُشَاةً وَرُكْبَانًا مِنْ إيمَاءٍ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِلَّا كَمَّلُوا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي الْأَوَّلِ يَصِيرُ بَعْضُهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَبَعْضُهَا بِالْإِيمَاءِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا دَهِمَهُمْ الْعَدُوُّ فَإِنَّهُمْ لَا يَبْنُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَقْطَعُونَ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا دَهِمَهُمْ الْعَدُوُّ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُمْ الْقَسْمُ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ طَائِفَةٍ تَقِفُ وَجَاءَ الْعَدُوُّ وَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْبَاقِيَةِ مَعَهُمْ بَانِيًا عَلَى مَا فَعَلَهُ رَكْعَةً مِنْ الثُّنَائِيَّةِ أَوْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُمْ يَقْطَعُونَ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَا يَبْنِي مَعَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ

(وَحَلَّ لِلضَّرُورَةِ) مَا حُرِّمَ فِي غَيْرِهَا مِنْ ذَلِكَ (مَشْيٌ) وَجَرْيٌ (وَرَكْضٌ) أَيْ تَحْرِيكُ الدَّابَّةِ (وَطَعْنٌ وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ) لِلْقِبْلَةِ (وَكَلَامٌ) احْتَاجَ لَهُ مِنْ تَحْذِيرٍ وَإِغْرَاءٍ وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ (وَإِمْسَاكُ) شَيْءٍ (مُلَطَّخٍ) بِدَمٍ كَبِغَيْرِهِ أَنْ اُحْتِيجَ لَهُ (وَإِنْ أَمِنُوا بِهَا) أَيْ فِيهَا (أُتِمَّتْ صَلَاةَ أَمْنٍ) فَفِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ يُتِمُّ كُلٌّ مِنْهُمْ صَلَاتَهُ عَلَى حِدَتِهِ وَفِي صَلَاةِ الْقَسْمِ فَإِنْ حَصَلَ الْأَمْنُ مَعَ الْأُولَى اسْتَمَرَّتْ مَعَهُ وَدَخَلَتْ الثَّانِيَةُ مَعَهُ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ رَجَعَ إلَيْهِ وُجُوبًا مَنْ لَمْ يَفْعَلْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا انْتَظَرَ الْإِمَامَ حَتَّى يَفْعَلَ مَا فَعَلَهُ ثُمَّ يَقْتَدِي بِهِ فِيمَا بَقِيَ وَلَوْ السَّلَامَ وَإِنْ حَصَلَ مَعَ الثَّانِيَةِ فَصَلَاةُ الْأُولَى الَّتِي أَتَمَّتْ لَا نَفْسُهَا صَحِيحَةٌ (و) إنْ أَمِنُوا (بَعْدَهَا) فَالْحُكْمُ (لَا إعَادَةَ) عَلَيْهِمْ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ (كَسَوَادٍ ظُنَّ) عِنْدَ رُؤْيَتِهِ (عَدُوًّا) فَصَلُّوا صَلَاةَ خَوْفٍ (فَظَهَرَ نَفْيُهُ) أَيْ أَنَّهُ غَيْرُ عَدُوٍّ فَلَا إعَادَةَ (وَإِنْ سَهَا) الْإِمَامُ (مَعَ) الطَّائِفَةِ (الْأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا) صَلَاتَهَا الْقَبْلِيَّ قَبْلَ سَلَامِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُمْ وَمَحَلُّ الْقَسْمِ عَلَى مَا قُلْنَا إنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَشْرَعْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ بَعْدَمَا شَرَعَ فِيهِ وَأَمْكَنَ الْقَسْمُ وَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى جَمَاعَةٍ وُجُوبًا كِفَائِيًّا فَمَتَى بَادَرَتْ جَمَاعَةٌ بِالْقَطْعِ حَصَلَ الْوَاجِبُ وَإِذَا قَطَعَتْ جَمَاعَةٌ وَقَفَتْ تُجَاهَ الْعَدُوِّ وَأَتَمَّ الْبَاقُونَ صَلَاتَهُمْ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا أَتَمُّوا وَقَفُوا تُجَاهَ الْعَدُوِّ وَابْتَدَأَتْ الَّتِي قَطَعَتْ صَلَاتَهَا مِنْ أَوَّلِهَا إمَّا أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ (قَوْلُهُ وَحُلَّ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ فِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَلَامٌ) أَيْ لِغَيْرِ إصْلَاحِهَا وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا إنْ احْتَاجَ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِمْسَاكُ مُلَطَّخٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُحْتَاجًا لِمِسْكِهِ أَوْ فِي غُنْيَةً عَنْهُ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ مَسْكُ الْمُلَطَّخِ بِالنَّجَاسَةِ سَوَاءٌ كَانَ سِلَاحًا أَوْ غَيْرَهُ إلَّا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَبِغَيْرِهِ) أَيْ كَمُلَطَّخٍ بِغَيْرِ الدَّمِ مِنْ النَّجَاسَاتِ (قَوْلُهُ أَيْ فِيهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ مُطْلَقًا كَانَتْ صَلَاةَ مُسَايَفَةٍ أَوْ قَسْمَةً وَ (قَوْلُهُ أُتِمَّتْ) جَوَابُ الشَّرْطِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ رَاجِعٌ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ أَيْ أُتِمَّتْ إنْ سَفَرِيَّةً فَسَفَرِيَّةً وَإِنْ حَضَرِيَّةً فَحَضَرِيَّةً وَ (قَوْلُهُ صَلَاةَ أَمْنٍ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ أُتِمَّتْ (قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ الثَّانِيَةُ مَعَهُ) أَيْ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُولُ يُصَلِّي بِالثَّانِيَةِ بِإِمَامٍ وَلَا تَدْخُلُ مَعَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَقَدَ الْإِحْرَامَ صَلَاةَ خَوْفٍ وَكَانَ إتْمَامُهَا أَمْنًا بِحُكْمِ الْحَالِ صَارَ كَمَنْ أَحْرَمَ جَالِسًا ثُمَّ صَحَّ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَقَامَ فَإِنَّهُ لَا يُحْرِمُ أَحَدٌ خَلْفَهُ قَائِمًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ رَجَعَ إلَيْهِ وُجُوبًا مَنْ لَمْ يَفْعَلْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا) أَيْ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ إذَا فَرَّقَ الرِّيحُ السُّفُنَ ثُمَّ اجْتَمَعُوا فَلَا يَرْجِعُ لِلْإِمَامِ مَنْ عَمِلَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا أَوْ اسْتَخْلَفَ، قَالَ عج وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُمْ هُنَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ الِاسْتِخْلَافُ كَانَ ارْتِبَاطُهُمْ بِالْإِمَامِ أَشَدَّ مِمَّنْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ فِي السُّفُنِ (تَنْبِيهٌ) إذَا حَصَلَ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى سَهْوٌ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ الْإِمَامَ ثُمَّ حَصَلَ الْأَمْنُ قَبْلَ سَلَامِهِمْ وَرَجَعُوا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُهُ عَنْهُمْ وَيَسْجُدُونَ الْقَبْلِيَّ قَبْلَ سَلَامِهِمْ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَالْبَعْدِي بَعْدَ سَلَامِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَهَا الْإِمَامُ وَحْدَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ لَهُ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْهِ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ إلَيْهِ تَبَعًا لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْمَأْمُومِ لِلْإِمَامِ فِي السُّجُودِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجِبَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا انْتَظَرَ الْإِمَامَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهُ وَكَمَّلَ صَلَاتَهُ وَحْدَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ وَإِنْ كَمَّلَهَا قَبْلَهُ سَهْوًا فَلَا بُطْلَانَ وَيُعِيدُ مَا فَعَلَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرْهُ الْإِمَامُ وَدَخَلَ مَعَهُ وَأَعَادَ مَعَ الْإِمَامِ مَا سَبَقَ بِهِ الْإِمَامَ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ لَا سَهْوًا فَهِيَ صَحِيحَةٌ لِحَمْلِ الْإِمَامِ عَنْهُ ذَلِكَ السَّهْوِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا) عَطْفٌ عَلَى الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِالْخِيَاطَةِ وَ (قَوْلُهُ لَا إعَادَةَ) خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْوَاجِبُ إدْخَالَ الْفَاءِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأَسْمِيَةِ لِأَنَّ حَذْفَ الْفَاءِ مِنْهَا شَاذٌّ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْذُوفٌ مَعَ الْفَاءِ وَهُوَ غَيْرُ شَاذٍّ وَالشَّاذُّ إنَّمَا هُوَ حَذْفُهَا وَحْدَهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ إنْ أَمِنُوا بَعْدَهَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَمِنُوا بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهَا عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ كَسَوَادٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ فَصَلَّوْا صَلَاةَ خَوْفٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمُسَايَفَةِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْقَسْمِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ إذَا رَأَوْا جَمَاعَةً مِنْ النَّاسِ مَضْبُوطِينَ بِالْعَدَدِ أَوْ غَيْرَ مَضْبُوطِينَ فَظَنُّوهُمْ عَدُوًّا فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْتِحَامٍ أَوْ صَلَاةَ قَسْمٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عَدُوَّ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا صَلَاتَهَا) فَإِنْ لَمْ تَسْجُدْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إنْ تَرَتَّبَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ ثُمَّ إنْ كَانَ مُوجِبُ السُّجُودِ مِمَّا لَا يَخْفَى كَالْكَلَامِ أَوْ زِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ تَشَهُّدٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِإِشَارَةِ الْإِمَامِ لَهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى أَشَارَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ سَبَّحَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ بِهِ

وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ سَلَامِهَا إلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا سُجُودٌ قَبْلِيٌّ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَتُغَلِّبُ جَانِبَهُ وَتَسْجُدُ قَبْلُ (وَإِلَّا) بِأَنْ سَهَا مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ حُكْمُهَا مَا يَأْتِي وَإِنْ حَصَلَ السَّهْوُ مَعَ الْأُولَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ لُزُومِ السُّجُودِ لِلْمَسْبُوقِ الْمُدْرِكِ رَكْعَةً فَالْوَجْهُ حَذْفُ وَإِلَّا وَيَقُولُ وَ (سَجَدَتْ) الثَّانِيَةُ (الْقَبْلِيَّ مَعَهُ) قَبْلَ إكْمَالِهَا (وَ) سَجَدَتْ (الْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ) (وَإِنْ صَلَّى) الْإِمَامُ (فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ بِكُلٍّ) مِنْ الطَّوَائِفِ (رَكْعَةً بَطَلَتْ) صَلَاةُ الطَّائِفَةِ (الْأُولَى) لِأَنَّهَا فَارَقَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ (وَ) بَطَلَتْ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ (الثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ) لِمَا ذَكَرَ وَصَحَّتْ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ، وَالرَّابِعَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ بَقِيَّةِ الطَّوَائِفِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَغَيْرِهِمَا) وَهُوَ الْإِمَامُ وَبَقِيَّةُ الطَّوَائِفِ (عَلَى الْأَرْجَحِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِتَقْدِيمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَّمَهَا إنْ كَانَ النَّقْصُ مِمَّا يُوجِبُ الْبُطْلَانَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ سَلَامِهَا) وَجَازَ سُجُودُهَا الْقَبْلِيَّ وَالْبَعْدِيَّ قَبْلَ إمَامِهَا لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ سَلَامِهَا وَحَاصِلُهُ أَنْ مَحَلَّ كَوْنِهَا تَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ بَعْدَ سَلَامِهَا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ قَبْلِيٍّ وَكَانَ سَهْوُ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا وَإِلَّا غُلِّبَ جَانِبُ ذَلِكَ الْقَبْلِيِّ وَسَجَدَتْ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ حُكْمُهَا مَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ سَجَدَتْ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ إلَخْ سَوَاءٌ كَانَ سَهْوُهُ مَعَهَا أَوْ مَعَ الْأُولَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ وَإِلَّا سَجَدَتْ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ إلَخْ وَإِلَّا يَسْهُ مَعَ الْأُولَى بِأَنْ سَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ سَجَدَتْ الثَّانِيَةُ الْقَبْلِيَّ إلَخْ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَسْجُدُ إذَا سَهَا مَعَ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّهَا تَسْجُدُ، فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَإِلَّا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النَّفْيَ لَيْسَ رَاجِعًا لِلسَّهْوِ مَعَ الْأُولَى بَلْ رَاجِعٌ لِمُطَالَبَةِ الْأُولَى بِالسُّجُودِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى وَإِلَّا يَكُنْ الْمُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ الْأُولَى بَلْ الثَّانِيَةَ سَجَدَتْ إلَخْ، وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِ الْإِمَامِ سَهَا مَعَهَا أَوْ مَعَ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأُولَى سُجُودٌ لِسَهْوِهِ مَعَ الثَّانِيَةِ لِانْفِصَالِهَا عَنْ إمَامَتِهِ حَتَّى لَوْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهَا كَذَا فِي خش وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ اثْنَا عَشَرَ وَقَدْ كَانَتْ الْأُولَى فِي حَالِ صَلَاتِهَا مَعَهُ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاسْتِظْهَارُ عبق الْبُطْلَانَ فِي الْجُمُعَةِ لَا يَسْلَمُ اهـ عَدَوِيٌّ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى تُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ إذَا سَهَا الْإِمَامُ مَعَهَا فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتُخَاطَبُ بِهِ سَوَاءٌ سَهَا مَعَهَا أَوْ مَعَ الْأُولَى أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأُولَى وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَسَجَدَتْ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ) اُنْظُرْ وَلَوْ أَخَّرَتْهُ لِإِكْمَالِ صَلَاتِهَا وَسَجَدَتْهُ قَبْلَ سَلَامِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْمَسْبُوقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْبُطْلَانَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ عبق وَأَنَّ الصِّحَّةَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَاخْتَارَهُ شب ثُمَّ إنَّهَا تَسْجُدُ الْقَبْلِيَّ وَلَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُمْ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا كَانَ مُتَرَتِّبًا عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَسَجَدَتْ الْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ) أَيْ وَبَعْدَ سَلَامِهَا فَإِنْ سَجَدَتْهُ مَعَهُمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَمَا مَرَّ فِي الْمَسْبُوقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَلَّى فِي ثُلَاثِيَّةٍ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا قَسَمَهُمْ قِسْمَيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَسَمَ الْقَوْمَ أَقْسَامًا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَأَمَّا صَلَاةُ الْقَوْمِ فَتُبْطِلُ صَلَاةَ مَنْ فَارَقَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ وَهِيَ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ، وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَتَصِحُّ صَلَاةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ، وَالثَّالِثَةِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ، وَالرَّابِعَةِ فِي الرَّبَاعِيَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فَارَقَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ) أَيْ وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مَأْمُومِينَ فَصَارُوا يُصَلُّونَهَا أَفْذَاذًا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ أَيْ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةً مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الثَّانِيَةَ فَوَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْبِنَاءِ ثُمَّ رَكْعَةَ الْقَضَاءِ فَذًّا وَقَدْ فَعَلَ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا تَصِحُّ لِلثَّالِثَةِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ لِمُوَافَقَتِهِ بِهِمَا سُنَّةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلِلرَّابِعَةِ فِي الرَّبَاعِيَةِ لِأَنَّهَا كَمَنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةً مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَيَأْتِي بِالثَّلَاثِ رَكَعَاتٍ قَضَاءً وَقَدْ فَعَلَ هَؤُلَاءِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِمَا) أَيْ كَالْبُطْلَانِ عَلَى غَيْرِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لِلثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَهِيَ الثَّانِيَةُ فِيهِمَا وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّابِعَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَكَذَا صَلَاةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ)

[فصل في أحكام صلاة العيد]

[دَرْسٌ] فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ (سُنَّ) عَيْنًا (لِعِيدٍ) أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْكَدَ مِنْ الْآخَرِ، أَيْ سُنَّ فِيهِ أَوْ لِأَجْلِهٍ (رَكْعَتَانِ لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّ أَيْ لِمَنْ يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا فَدَخَلَ مَنْ عَلَى كَفَرْسَخٍ وَمُقِيمٌ بِبَلَدٍ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ لَا عَبْدٌ وَامْرَأَةٌ وَصَبِيٌّ وَمُسَافِرٌ وَخَارِجٌ عَنْ كَفَرْسَخٍ بَلْ تَنْدُبُ لَهُمْ، وَلَا تُشْرَعُ لِحَاجٍّ اسْتِنَانًا وَلَا نَدْبًا وَلَا لِأَهْلِ مِنًى وَلَوْ غَيْرَ حُجَّاجٍ وَوَقْتُهَا (مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ) وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا قَبْلَهُ (وَلَا يُنَادَى) لِإِقَامَتِهَا (الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) أَيْ لَا يُسَنُّ وَلَا يُنْدَبُ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الْمُرَجَّحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ أَيْ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ الْإِمَام وَبَقِيَّةِ الطَّوَائِفِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَ (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) أَشَارَ بِهِ لِتَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَهُوَ قَصْرُ الْبُطْلَانِ عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ دُونَ مَا عَدَاهُمَا مِنْ الطَّوَائِفِ وَدُونَ الْإِمَامِ [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ] [سُنَن صَلَاة الْعِيد] فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ الْعِيدِ) أَيْ فِي أَحْكَامِ الصَّلَاةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي الْيَوْمِ الْمُسَمَّى عِيدًا أَوْ سُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ عِيدًا لِاشْتِقَاقِهِ مِنْ الْعَوْدِ وَهُوَ الرُّجُوعُ لِتَكَرُّرِهِ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ أَيَّامَ الْأُسْبُوعِ وَالشُّهُورِ تَتَكَرَّرُ أَيْضًا وَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْهَا عِيدًا لِأَنَّ هَذِهِ مُنَاسَبَةٌ وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا، وَقَالَ عِيَاضٌ بِعَوْدِهِ عَلَى النَّاسِ بِالْفَرَحِ، وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِأَنْ يَعُودَ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَبَايِنَةً وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَقُلِبَتْ يَاءً كَمِيزَانٍ وَجُمِعَ بِهَا، وَحَقُّهُ أَنْ يُرَدَّ لِأَصْلِهِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ، وَأَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِيدُ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ (قَوْلُهُ سُنَّ عَيْنًا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ إنَّهُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَقِيلَ إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَحَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ ابْنُ رِزْقٍ فَإِنْ قُلْتَ يُؤْخَذُ مِنْ اسْتِحْبَابِ إقَامَتِهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ أَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ إذْ لَوْ كَانَتْ سُنَّةَ عَيْنٍ لَسُنَّتْ فِي حَقِّ مَنْ فَاتَتْهُ قُلْتُ إنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا بِشَرْطِ إيقَاعِهَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يُنَافِي اسْتِحْبَابُهَا لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ يُقَالُ إنَّ اسْتِحْبَابَ فِعْلِهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ لِعِيدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّ، وَكَذَا (قَوْلُهُ لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ) وَلَا يَلْزَمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ الْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ اللَّامَ هُنَا بِمَعْنَى فِي أَوْ لِلتَّعْلِيلِ وَلَامُ لِمَأْمُورٍ بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ أَيْ لِمَنْ يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الذَّكَرُ غَيْرُ الْمَعْذُورِ الْمُسْتَوْطِنُ وَإِنْ لِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ بِكَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ (قَوْلُهُ وَلَا تُشْرَعُ لِحَاجٍّ) أَيْ لِأَنَّ وُقُوفَهُمْ بِالْمَشْعَرِ يَوْمَ النَّحْرِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ صَلَاتِهِمْ فَيَكْفِيهِمْ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا لِأَهْلِ مِنًى) أَيْ لَا تُشْرَعُ فِي حَقِّهِمْ نَدْبًا جَمَاعَةً بَلْ تُنْدَبُ لَهُمْ فُرَادَى إذَا كَانُوا غَيْرَ حُجَّاجٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تُشْرَعْ فِي حَقِّهِمْ جَمَاعَةً لِئَلَّا تَكُونَ ذَرِيعَةً لِصَلَاةِ الْحُجَّاجِ مَعَهُمْ. وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِعِيدِ الْأَضْحَى أَمَّا عِيدُ الْفِطْرِ فَصَلَاتُهُ سُنَّةٌ فِي حَقِّهِمْ جَمَاعَةً كَغَيْرِهِمْ [وَقْت صَلَاة الْعِيد] (قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ) هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَقْتُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ وَقَوْلُهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِوَقْتِهَا الَّذِي لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهَا بَعْدَ الطُّلُوعِ وَقَبْلَ ارْتِفَاعِهَا قَيْدَ رُمْحٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ صَحِيحَةً مَعَ الْكَرَاهَةِ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ وَيَكُونُ الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ هَلْ صَلَاتُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَكْرُوهَةٌ أَمْ لَا، لَا فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ إذْ هِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ) أَيْ طَالِبَةٌ جَمْعَ الْمُكَلَّفِينَ إلَيْهَا، وَإِسْنَادُ الْجَمْعِ إلَيْهَا مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الطَّالِبَ إنَّمَا هُوَ الشَّارِعُ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فِيهَا وَبِالْكَرَاهَةِ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَالْجُزُولِيِّ وَصَرَّحَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَمَا ذَكَرَهُ خش مِنْ أَنَّهُ جَائِزُ هُنَا غَيْرُ صَوَابٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ بِذَلِكَ فِيهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَرِدْ فِي الْعِيدِ وَإِنَّمَا وَرَدَ فِي الْكُسُوفِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الْإِكْمَالِ وَقِيَاسُ الْعِيدِ عَلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِتَكْرَارِ الْعِيدِ وَشُهْرَتِهِ وَنَدُرْ الْكُسُوفِ نَعَمْ فِي الْمَوَّاقِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْأَذَانِ أَنَّ عِيَاضًا اسْتَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لَكِنْ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اهـ بْن وَفِي المج أَنَّ الْإِعْلَامَ بِكَالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ جَائِزٌ وَأَنَّ مَحَلَّ النَّهْيِ فِي الْمَتْنِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِعْلَامَ مَطْلُوبٌ

[كيفية أداء صلاة العيد ومندوباتها]

(وَافْتَتَحَ) قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ بِالْإِحْرَامِ) أَيْ بَعْدَهَا مِنْهَا فَإِذَا اقْتَدَى مَالِكِيٌّ بِشَافِعِيٍّ فَلَا يُكَبِّرُ مَعَهُ الثَّامِنَةَ (ثُمَّ) افْتَتَحَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (بِخَمْسٍ غَيْرِ) تَكْبِيرَةِ (الْقِيَامِ) وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ يُؤَخِّرُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَلَا يُؤَخِّرُهُ تَبَعًا لَهُ خِلَافًا لِلْحَطَّابِ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَا التَّكْبِيرِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يَسْجُدُ الْإِمَامُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ لِتَرْكِهَا سَهْوًا أَوْ يَكُونُ (مُوَالًى) أَيْ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ آحَادِهِ (إلَّا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ) فَيَفْصِلُ الْإِمَامُ (بِلَا قَوْلٍ) حَالَ فَصْلِهِ لِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ مِنْ تَهْلِيلٍ أَوْ تَحْمِيدٍ أَوْ تَكْبِيرٍ أَيْ يُكْرَهُ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَتَحَرَّاهُ مُؤْتَمٌّ لَمْ يَسْتَمِعْ) تَكْبِيرًا مِنْ إمَامٍ وَلَا مَأْمُومٍ (وَكَبَّرَ نَاسِيهِ) حَيْثُ تَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ (إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي أَعَادَهَا فَاسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ إذْ لَا سَبَبَ لَهُ سِوَاهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ رَكَعَ أَيْ انْحَنَى (تَمَادَى) لِفَوَاتِ التَّدَارُكِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ فَاسْتَظْهَرَ الْبُطْلَانُ (وَسَجَدَ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ) وَهُوَ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ (قَبْلَهُ) لِنَقْصِ التَّكْبِيرِ وَأَمَّا الْمُؤْتَمُّ إذَا تَذَكَّرَهُ وَهُوَ رَاكِعٌ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُهُ عَنْهُ (وَمُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ) مَعَ الْإِمَامِ (يُكَبِّرُ) وَأَوْلَى مُدْرِكُ بَعْضِ التَّكْبِيرِ فَيُتَابِعُهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ مِنْهُ ثُمَّ يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ وَلَا يُكَبِّرُ مَا فَاتَهُ فِي خِلَالِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَإِذَا كَانَ مُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ يُكَبِّرُ (فَمُدْرِكُ) قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ خَمْسًا) غَيْرَ الْإِحْرَامِ (ثُمَّ) فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ يُكَبِّرُ (سَبْعًا بِالْقِيَامِ) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ لَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ، وَأُجِيبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخُصُوصِ هَذَا اللَّفْظِ فَانْظُرْهُ [كَيْفِيَّة أَدَاء صَلَاة الْعِيد وَمَنْدُوبَاتهَا] (قَوْلُهُ وَافْتَتَحَ) أَيْ نَدْبًا عَلَى مَا لِلَّقَانِيِّ وعج أَيْ وَأَتَى أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ نَدْبًا بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ مِنْهَا سُنَّةٌ كَمَا يَأْتِي وَتَقْدِيمُ ذَلِكَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْقِرَاءَةِ مَنْدُوبٌ فَلَوْ أَخَّرَ التَّكْبِيرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ فَاتَهُ الْمَنْدُوبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِالْإِحْرَامِ) أَيْ مُتَحَصِّلَةً بِالْإِحْرَامِ فَالْبَاءُ لِلصَّيْرُورَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا لِلْمُصَاحَبَةِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا غَيْرَ الْإِحْرَامِ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ فَلَا يُكَبِّرُ مَعَهُ الثَّامِنَةَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى مَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا زَادَ عَلَى السَّبْعِ أَوْ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ لَا يُتَّبَعُ وَظَاهِرُهُ زَادَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ رَآهُ مَذْهَبًا وَكَذَلِكَ لَا يُتَّبَعُ فِي نَقْصِ التَّكْبِيرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَارِدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُوَطَّإِ وَمَرْفُوعٌ فِي مُسْنَدِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَأَلْت عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَنَفِيَّ يُكَبِّرُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِنْ اقْتَدَى مَالِكِيٌّ بِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ تَبَعًا لَهُ خِلَافًا لح (قَوْلُهُ يَسْجُدُ الْإِمَامُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ لِتَرْكِهَا سَهْوًا) أَيْ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَسْجُدُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِزِيَادَتِهَا بَعْدَ السَّلَامِ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مُوَالًى) خَبَرٌ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ مَعَ اسْمِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَأَصْلُهُ مُوَالِيًا تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُفْصَلُ بَيْنَ آحَادِهِ) أَيْ لَا بِسُكُوتٍ وَلَا بِقَوْلٍ (قَوْلُهُ إلَّا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ) أَيْ إلَّا بِقَدْرِ تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ (قَوْلُهُ بِلَا قَوْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَتَحَرَّاهُ مُؤْتَمٌّ) أَيْ تَحَرَّى تَكْبِيرَ الْعِيدِ نَدْبًا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا هِيَ فَلَا يُجْزِئُ فِيهَا التَّحَرِّي بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْيَقِينِ أَيْ تَيَقُّنِ أَنَّهَا بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَبَّرَ بِلَا تَحَرٍّ فَاتَهُ مَنْدُوبٌ وَأَتَى بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَكَبَّرَ نَاسِيهِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ وَأَعَادَ الْقِرَاءَةَ) أَيْ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ الِافْتِتَاحَ بِالتَّكْبِيرِ مَنْدُوبٌ بِاتِّفَاقِ عج وَاللَّقَانِيِّ فَإِنْ تَرَكَ إعَادَتَهَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي أَعَادَهَا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ سَبَبَ السُّجُودِ الْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ، وَأَمَّا الْأُولَى فَهِيَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَهِيَ السَّبَبُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّبَبَ فِي السُّجُودِ فِي الْحَقِيقَةِ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي لَمْ تُصَادِفْ مَحَلَّهَا فَهِيَ الزَّائِدَةُ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهَا لَأَجْزَأَتْ هَذَا وَقَدْ سَبَقَ لَنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ الْقَوْلِيَّةَ يُسْجَدُ لَهَا إذَا كَانَتْ رُكْنًا كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَمَنْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ قَوْلُ الْقَلْشَانِيِّ عُورِضَ هَذَا بِقَوْلِهَا فِيمَنْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ يُعِيدُ السُّورَةَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ لِفَرْقِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ فِي هَذِهِ قَدَّمَ قُرْآنًا عَلَى قُرْآنٍ وَفِي مَسْأَلَةِ الْعِيدِ قَدَّمَ قُرْآنًا عَلَى غَيْرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ السُّورَةُ وَالْمُقَرَّرُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِيدِ الْفَاتِحَةُ (قَوْلُهُ فَاسْتَظْهَرَ الْبُطْلَانُ) أَيْ وَلَيْسَ كَمَنْ رَجَعَ لِلْجُلُوسِ الْوَسَطِ بَعْدَ أَنْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا لِأَنَّ الرُّكْنَ الْمُتَلَبِّسَ بِهِ هُنَا وَهُوَ الرُّكُوعُ أَقْوَى مِنْ الْمُتَلَبِّسِ بِهِ هُنَاكَ لِوُجُوبِ الرُّكُوعِ بِاتِّفَاقٍ وَالِاخْتِلَافُ فِي الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ) تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ قَوْلِهِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ وَقَوْلِهِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُهُ عَنْهُ) أَيْ وَهُوَ قَدْ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ يُكَبِّرُ) أَيْ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ بِتَمَامِهِ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ يُكَبِّرُ خَمْسًا غَيْرَ الْإِحْرَامِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَ آخِرُ صَلَاتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُكَبِّرُ فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ سَبْعًا بِالْقِيَامِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ وَيَقْضِي خَمْسًا غَيْرَ الْقِيَامِ، فَإِنْ جَاءَ الْمَأْمُومُ فَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ

بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقُومُ بِالتَّكْبِيرِ (وَإِنْ فَاتَتْ) الصَّلَاةُ بِأَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ (قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ وَهَلْ بِغَيْرِ الْقِيَامِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ قَطْعًا وَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا تُعَدُّ مِنْ السِّتِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ وَهَلْ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ (تَأْوِيلَانِ) لَوَافَقَ النَّقْلَ وَوَجْهُ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ لَهُ مَعَ أَنَّ مُدْرِكَ دُونَ رَكْعَةٍ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ أَنَّ تَكْبِيرَهُ لِلْعِيدِ بَعْدَ قِيَامِهِ قَامَ مُقَامَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ فَلَمْ يَخْلُ انْتِهَاءُ قِيَامِهِ مِنْ تَكْبِيرٍ (وَنُدِبَ إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ) بِالْعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةٍ وَذِكْرٍ وَاسْتِغْفَارٍ وَيَحْصُلُ بِالثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ وَالْأَوْلَى كُلُّ اللَّيْلَةِ (وَغُسْلٌ) وَمَبْدَأُ وَقْتِهِ السُّدُسُ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ (و) نُدِبَ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ (وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ) بِالثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ (وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ (وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ) لِلْمُصَلَّى لَا فِي رُجُوعِهِ، وَرُجُوعٌ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ الَّتِي ذَهَبَ مِنْهَا (وَفِطْرٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَهَابِهِ (فِي) عِيدِ (الْفِطْرِ) وَكَوْنُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَقَالَ عج الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ احْتِيَاطًا، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ غَيْرَ الْقِيَامِ وَلَا يَحْسِبُ مَا كَبَّرَهُ زِيَادَةً عَلَى الْخَمْسِ مِنْ تَكْبِيرِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَالَ اللَّقَانِيُّ إنَّهُ يُشِيرُ لِلْمَأْمُومِينَ فَإِنْ أَفْهَمُوهُ عَمِلَ عَلَى مَا فَهِمَ وَإِلَّا رَجَعَ لِمَا قَالَ عج كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقُومُ بِالتَّكْبِيرِ) أَيْ بِأَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ فِي ثَانِيَةِ نَفْسِهِ أَمْ لَا، وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءٍ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ بَلْ قَالَ زَرُّوقٌ كَانَ شَيْخُنَا الْقُورِيُّ يُفْتِي بِهِ الْعَامَّةَ لِئَلَّا يَخْلِطُوا فَفِي ذَلِكَ الْقَوْلِ نَوْعُ قُوَّةٍ وَلَيْسَ ضَعِيفًا بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ) أَيْ قَضَى الْأُولَى بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِسِتِّ تَكْبِيرَاتٍ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ حَيْثُ قَالَ مَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ تُعَدُّ مِنْ السِّتِّ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُكَبِّرُ إلَّا سِتًّا بِتَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ أَيْ أَوْ لَا تُعَدُّ بَلْ سِتًّا غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ بَلْ سِتًّا قَوْلًا وَاحِدًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي هَلْ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا يُكَبِّرُ لَهُ، هَذَا وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لخش وتت حَيْثُ حَمَلَا الْمُصَنِّفَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاسْتَدَلَّا بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ وَرُدَّ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ كَلَامَ التَّوْضِيحِ شَاهِدٌ عَلَيْهِمَا لَا لَهُمَا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ وَهَلْ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ) وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ التَّكْبِيرُ سَبْعًا أَوْ لَا يُكَبِّرُ لَهُ بَلْ يَقُومُ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ وَيَأْتِي بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ بِسِتٍّ فَقَطْ وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا هُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَسَنَدٍ وَابْنِ رَاشِدٍ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْحَقِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَمَعْنَى عَدَمِ مَوْتِ قَلْبِهِ عَدَمُ تَحَيُّرِهِ عِنْدَ النَّزْعِ وَالْقِيَامَةِ بَلْ يَكُونُ قَلْبُهُ عِنْدَ النَّزْعِ مُطْمَئِنًّا، وَكَذَا فِي الْقِيَامَةِ وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِوَقْتِ النَّزْعِ وَوَقْتِ الْقِيَامَةِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا التَّحَيُّرُ (قَوْلُهُ وَذِكْرٍ) مِنْ جُمْلَةِ الذِّكْرِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ بِالثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ) وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ الْفُرَاتِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِإِحْيَاءِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ وَقِيلَ يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ، وَنَحْوُهُ لِلنَّوَوِيِّ فِي الْأَذْكَارِ وَقِيلَ يَحْصُلُ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَقْوَى الْأَقْوَالِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَغُسْلٌ) ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ اسْتِحْبَابُهُ كَمَا هُنَا، وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ اتِّصَالَهُ بِالْغَدِ وَلِأَنَّهُ لِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ قَالَ ح وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ سُنِّيَّتَهُ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ إنَّهُ سُنَّةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ السُّدُسُ الْأَخِيرُ) أَيْ فَلَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَهُ كَانَ كَالْعَدَمِ وَلَا يَكُونُ كَافِيًا فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ أَوْ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ) هَذَا فِي غَيْرِ النِّسَاءِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ إذَا خَرَجْنَ بِأَنْ كُنَّ عَجَائِزَ فَلَا يَتَطَيَّبْنَ وَلَا يَتَزَيَّنَّ لِخَوْفِ الِافْتِتَانِ بِهِنَّ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ حَتَّى الْإِحْيَاءِ كَمَا قَالَهُ وَالِدُ عبق. (تَنْبِيهٌ) لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُ إظْهَارِ الزِّينَةِ وَالتَّطَيُّبِ فِي الْأَعْيَادِ تَقَشُّفًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ قَالَهُ ح وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ وَزِينَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، وَوَرَدَ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» قَالَ ح وَلَا يُنْكَرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَعِبُ الصِّبْيَانِ وَضَرْبُ الدُّفِّ فَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ عَبْدٌ ذَاهِبٌ لِخِدْمَةِ مَوْلَاهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّوَاضُعُ لِأَجْلِ إقْبَالِهِ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ وَإِلَّا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا فِي رُجُوعِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ قَدْ انْقَضَتْ (قَوْلُهُ وَرُجُوعٌ فِي طَرِيقٍ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ كُلٌّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ لِأَجْلِ تَصَدُّقِهِ عَلَى فُقَرَائِهِمَا (قَوْلُهُ وَفِطْرٌ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُقَارِنَ فِطْرُهُ إخْرَاجَ زَكَاةِ فِطْرِهِ الْمَأْمُورِ

عَلَى تَمْرٍ وِتْرًا (وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ) وَإِنْ لَمْ يُضَحِّ فِيمَا يَظْهَرُ (وَخُرُوجٌ بَعْدَ الشَّمْسِ) إنْ قَرُبَتْ دَارُهُ وَإِلَّا خَرَجَ بِقَدْرِ إدْرَاكِهَا، وَمَصَبُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ بَعْدَ الشَّمْسِ، وَأَمَّا أَصْلُ الْخُرُوجِ فَسُنَّةٌ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلسُّنَّةِ نُدِبَ تَأْخِيرُ خُرُوجِ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِينَ (وَتَكْبِيرٌ فِيهِ) أَيْ فِي خُرُوجِهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ بَعْدَ الشَّمْسِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ لَا جَمَاعَةً فَبِدْعَةٌ وَإِنْ اُسْتُحْسِنَ (لَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الطُّلُوعِ إنْ خَرَجَ قَبْلَهُ بَلْ يَسْكُتُ حَتَّى تَطْلُعَ (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) وَأَنَّهُ يُكَبِّرُ إنْ خَرَجَ قَبْلَهُ (و) نُدِبَ (جَهْرٌ بِهِ) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَهُ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ (وَهَلْ) يَنْتَهِي التَّكْبِيرُ (لِمَجِيءِ الْإِمَامِ) لِلْمُصَلَّى (أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ) أَيْ دُخُولِهِ فِيهَا (تَأْوِيلَانِ) . (و) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (نَحْرُهُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى) لِيَعْلَمَ النَّاسُ نَحْرَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يُنْدَبُ بَلْ يَجُوزُ، وَهَذَا فِي الْأَمْصَارِ الْكِبَارِ، وَأَمَّا الْقُرَى الصِّغَارُ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ ذَبْحَهُ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا (و) نُدِبَ (إيقَاعُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (بِهِ) أَيْ بِالْمُصَلَّى أَيْ الصَّحْرَاءِ وَصَلَاتُهَا بِالْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا خُلَفَاؤُهُ (إلَّا بِمَكَّةَ) فَبِالْمَسْجِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْبَيْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِإِخْرَاجِهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ عَلَى تَمْرٍ وِتْرًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْدُوبٌ مُسْتَقِلٌّ، وَقَوْلُهُ عَلَى تَمْرٍ أَيْ إنْ لَمْ يَجِدْ رُطَبًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُضَحِّ) تَعْلِيلُ التَّأْخِيرِ بِقَوْلِهِمْ لِيَكُونَ أَوَّلُ طُعْمَتِهِ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ يُفِيدُ عَدَمَ نَدْبِ التَّأْخِيرِ لِمَنْ لَمْ يُضَحِّ لَكِنَّهُمْ أَلْحَقُوا مَنْ لَا أُضْحِيَّةَ لَهُ بِمَنْ لَهُ أُضْحِيَّةٌ صَوْنًا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ تَأْخِيرُهُ الْفِطْرَ فِيهِ عَنْ التَّرْكِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَأْخِيرُ خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَخْرُجُ لِلْمُصَلَّى إلَّا بَعْدَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ إلَيْهَا تُقَامُ الصَّلَاةُ وَلَا يَنْتَظِرُونَ أَحَدًا لِعَدَمِ غِيَابِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ وَتَكْبِيرٌ فِيهِ) أَيْ بِصِيغَةِ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ لَا جَمَاعَةً فَبِدْعَةٌ) وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الطَّرِيقِ بِدْعَةٌ، وَأَمَّا التَّكْبِيرُ جَمَاعَةً وَهُمْ جَالِسُونَ فِي الْمُصَلَّى فَهَذَا هُوَ الَّذِي اُسْتُحْسِنَ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ افْتَرَقَ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِمَحْضَرِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِذَا فَرَغَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ التَّكْبِيرِ كَبَّرَتْ الْأُخْرَى فَسُئِلَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا إنَّهُ لَحَسَنٌ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ) أَيْ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ الْمَذْكُورَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَلَا يُؤْتَى بِهِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَقَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ إنْ خَرَجَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الطُّلُوعِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَابْتِدَاءُ وَقْتِ التَّكْبِيرِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ الْمُصَحَّحِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَنَصَّ ح وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي ابْتِدَائِهِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الْإِسْفَارِ أَوْ الِانْصِرَافِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَابِعُهَا وَقْتَ غُدُوِّ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ عَنْهَا وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّالِثُ لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَالرَّابِعُ لِابْنِ مَسْلَمَةَ اهـ قَالَ ح وَرِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ هِيَ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ أَيْ وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَا فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ إنَّهُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَهَلْ لِمَجِيءِ الْإِمَامِ لِلْمُصَلَّى) أَيْ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ وَ (قَوْلُهُ أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ) وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ وَالتَّأْوِيلَانِ الْمَذْكُورَانِ جَارِيَانِ فِي تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَفِي تَكْبِيرِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ كَمَا فِي بْن، وَقَوْلُهُ لِلْمُصَلَّى أَيْ لِلْمَحَلِّ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ مِنْ الْمُصَلَّى بِحَيْثُ يَظْهَرُ لِلنَّاسِ وَ (قَوْلُهُ أَيْ دُخُولُهُ فِيهَا) الْمُرَادُ دُخُولُهُ فِي مَحَلِّ صَلَاتِهِ الْخَاصِّ بِهِ كَالْمِحْرَابِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الصَّلَاةَ بِالْفِعْلِ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ خِلَافًا لعج حَيْثُ قَالَ إلَى أَنْ يَدْخُلَ الصَّلَاةَ بِالْفِعْلِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ تَبَعًا لطفى وبن (قَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ بَلْ يَجُوزُ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ لَجَازَ وَكَانَ صَوَابًا وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَوْلُهَا لَجَازَ أَيْ لَكَانَ مَأْذُونًا فِيهِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَيْسَ مِثْلَ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ لِلْإِمَامِ. وَالْحَاصِلُ إنْ ذَبَحَ كُلٍّ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى مَنْدُوبٌ إلَّا أَنَّ ذَبْحَ الْإِمَامِ آكَدُ نَدْبًا اهـ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْقُرَى الصِّغَارُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى مُطْلَقًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَمْصَارِ الْكِبَارِ مَا لَا يُعْلَمُ مَنْ فِيهَا بِذَبْحِهِ إذَا ذَبَحَ وَأَرَادَ بِالْقُرَى الصِّغَارِ مَا يُعْلَمُ مَنْ فِيهَا بِذَبْحِهِ إذَا ذَبَحَ (قَوْلُهُ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الْإِمَامِ ذَلِكَ أَيْ نَحْرُهُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إيقَاعُهَا بِهِ) أَيْ لِأَجْلِ الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ وَإِنْ كَبُرَتْ يَقَعُ الِازْدِحَامُ فِيهَا وَفِي أَبْوَابِهَا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ دُخُولًا وَخُرُوجًا فَتُتَوَقَّعُ الْفِتْنَةُ فِي مَحَلِّ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ صَلَاتُهَا بِالْمَسْجِدِ) أَيْ وَلَوْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ (قَوْلُهُ بِدْعَةٌ) أَيْ مَكْرُوهَةٌ وَأَمَّا صَلَاتُهَا فِي الْمَسْجِدِ لِضَرُورَةٍ كَمَطَرٍ أَوْ وَحَلٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ اللُّصُوصِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا تُصَلَّى الْعِيدُ بِمَوْضِعَيْنِ فِي الْمِصْرِ أَيْ كُلِّ مَوْضِعٍ بِخُطْبَةٍ كَالْجُمُعَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَكَمَا يُشْتَرَطُ فِي إمَامِ الْفَرِيضَةِ كَوْنُهُ غَيْرَ مُعِيدٍ

وَهِيَ عِبَادَةٌ مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهَا. (و) نُدِبَ (رَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ) أَيْ أُولَى التَّكْبِيرِ وَهِيَ تَكْبِيرُهُ الْإِحْرَامِ (فَقَطْ) وَرَفْعُهُ بِغَيْرِهَا مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَقِرَاءَتُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (بِكَسَبِّحْ) فِي الْأُولَى (وَالشَّمْسِ) فِي الثَّانِيَةِ (و) نُدِبَ (خُطْبَتَانِ) لَهَا (كَالْجُمُعَةِ) أَيْ كَخُطْبَتَيْهَا فِي الصِّفَةِ مِنْ الْجُلُوسِ فِي أَوَّلِهِمَا وَبَيْنَهُمَا وَالْجَهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (و) نُدِبَ (سَمَاعُهُمَا) أَيْ اسْتِمَاعُهُمَا أَيْ الْإِنْصَاتُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ (وَ) نُدِبَ (اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ الْخَطِيبِ حَالَ الْخُطْبَةِ (وَ) نُدِبَ (بَعْدِيَّتِهِمَا) أَيْ كَوْنُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالرَّاجِحُ سُنِّيَّةُ الْبَعْدِيَّةِ (وَأُعِيدَتَا) نَدْبًا (إنْ قُدِّمَتَا) وَقَرُبَ ذَلِكَ (وَ) نُدِبَ (اسْتِفْتَاحٌ) لَهَا (بِتَكْبِيرٍ و) نُدِبَ (تَخَلُّلُهُمَا بِهِ) أَيْ بِالتَّكْبِيرِ (بِلَا حَدٍّ) فِي الِاسْتِفْتَاحِ بِسَبْعٍ وَالتَّخَلُّلِ بِثَلَاثٍ كَمَا قِيلَ وَنُدِبَ لِسَامِعِهِ تَكْبِيرُهُ سِرًّا. (و) نُدِبَ (إقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا) أَيْ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا مِنْ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ لِصَلَاةِ الْعِيدِ (أَوْ) يُؤْمَرُ بِهَا وَلَكِنْ (فَاتَتْهُ) صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُنْدَبُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ الْعِيدُ فَلَا يَصِحُّ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي مَحَلٍّ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا ثُمَّ جَاءَ لِمَحَلٍّ آخَرَ أَنْ يُصَلِّيَ إمَامًا بِأَهْلِهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ أُعِيدَتْ مَا لَمْ يَحْصُلْ الزَّوَالُ كَذَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِلنَّفْرَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَهِيَ عِبَادَةٌ إلَخْ) لِخَبَرِ «يَنْزِلُ عَلَى الْبَيْتِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ إلَيْهِ» (قَوْلُهُ أَيْ أُولَى التَّكْبِيرِ) أَيْ الْكَائِنِ فِي الْعِيدِ الشَّامِلِ لِلْمَزِيدِ وَالْأَصْلِيِّ وَحِينَئِذٍ فَأُولَاهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ حَقِيقَةً وَأَمَّا إنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ عَائِدًا عَلَى التَّكْبِيرِ الْمَزِيدِ فِي الْعِيدِ كَأَنْ جَعَلَ الْإِحْرَامَ أُولَى لَهُ مَجَازًا عِلَاقَتُهُ الْمُجَاوِرَةُ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي بَعِيدٌ (قَوْلُهُ بِكَسَبِّحْ) أَيْ {سَبَّحَ} [الحديد: 1] {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] وَمَا شَابَهَهُمَا مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ خُطْبَتَانِ) اُنْظُرْ هَلْ هُمَا مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَنْدُوبٌ مُسْتَقِلٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ، هَذَا وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى سُنِّيَّةِ الْخُطْبَتَيْنِ وَنَصُّهُ خُطْبَةُ الْعِيدِ إثْرَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ اهـ ابْنُ حَبِيبٍ، وَيَذْكُرُ فِي خُطْبَةِ عِيدِ الْفِطْرِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَخُطْبَةِ عِيدِ الْأَضْحَى الضَّحِيَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَإِذَا أَحْدَثَ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا يَسْتَخْلِفُ لِأَنَّ فِعْلَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْجُلُوسِ فِي أَوَّلِهِمَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِمَا مَنْدُوبٌ لَا سُنَّةٌ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ وَانْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتِمَاعُهُمَا) إنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِي قُدْرَةِ الشَّخْصِ دُونَ السَّمَاعِ فَكَيْفَ يُكَلَّفُ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الِاسْتِمَاعِ لَهُمَا وَكَرَاهَةِ الْكَلَامِ فِيهِمَا جَارٍ عَلَى رِوَايَةِ الْقَرِينَيْنِ وَابْنِ وَهْبٍ وَظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْوُجُوبُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْصِتُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ كَالْجُمُعَةِ، وَرُوِيَ الْقَرِينَانِ وَابْنُ وَهْبٍ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِمَا كَالْجُمُعَةِ اهـ وَقَرَّرَ ابْنُ رُشْدٍ السَّمَاعَ الْمَذْكُورَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْوُجُوبِ وَتَأَوَّلَهُ ح بِأَنَّ الْمُرَادَ يُطْلَبُ لَهَا الْإِنْصَاتُ كَمَا يُطْلَبُ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الطَّلَبُ فِيهِمَا قَالَ طفى وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ الْإِنْصَاتُ) فَإِنْ تَكَلَّمَ وَلَمْ يُنْصِتْ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَاسْتِقْبَالُهُ) أَيْ وَنُدِبَ اسْتِقْبَالُ الْإِمَامِ فِي حَالِ الْخُطْبَتَيْنِ أَيْ اسْتِقْبَالُ ذَاتِهِ وَلَا يَكْفِي اسْتِقْبَالُ جِهَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَمَنْ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُنْتَظِرِينَ صَلَاةً حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ كَالْجُمُعَةِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ فِي طَلَبِ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْجُمُعَةِ مِثْلُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ وَأُعِيدَتَا نَدْبًا إنْ قُدِّمَتَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ نَدْبِ إعَادَتِهِمَا إنْ قُدِّمَتَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ بَعْدِيَّتَهُمَا مُسْتَحَبَّةٌ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ بَعْدِيَّتَهُمَا سُنَّةٌ فَتَكُونُ إعَادَتُهُمَا إذَا قُدِّمَتَا سُنَّةٌ (قَوْلُهُ وَاسْتِفْتَاحٌ لَهَا بِتَكْبِيرٍ) أَيْ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ افْتِتَاحُهَا وَتَخْلِيلُهَا بِالتَّحْمِيدِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ خُطْبَةَ الِاسْتِسْقَاءِ تُفْتَتَحُ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ افْتِتَاحَ خُطْبَةِ الْعِيدِ بِالتَّكْبِيرِ مَنْدُوبٌ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ فَإِنَّهُ قَدْ اقْتَصَرَ عَلَى سُنِّيَّتِهِ، وَنَصُّ الْوَاضِحَةِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْتَتِحَ خُطْبَتَهُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ بِالتَّكْبِيرِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ لَعَلَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ هُنَا الطَّرِيقُ فَلَا مُخَالَفَةَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْجُمُعَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أُمِرَ بِالْجُمُعَةِ وُجُوبًا يُؤْمَرُ بِالْعِيدِ اسْتِنَانًا وَمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا وُجُوبًا وَهُمْ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ وَالْمُسَافِرُونَ وَأَهْلُ الْقُرَى الصِّغَارِ أُمِرَ بِالْعِيدِ اسْتِحْبَابًا فَالضَّمِيرُ فِي بِهَا عَائِدٌ عَلَى الْجُمُعَةِ مِنْ قَوْلِهِ لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ لَا عَلَى الْعِيدِ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْعِيدِ وَيُرَادُ بِالْأَمْرِ الْمَنْفِيِّ السُّنِّيَّةُ، وَالْمَعْنَى وَنُدِبَ إقَامَةُ الْعِيدِ لِمَنْ يُؤْمَرُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ اسْتِنَانًا (قَوْلُهُ وَمُسَافِرٍ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحُجَّاجُ فَإِنَّهُمْ لَا يُطَالَبُونَ بِهَا لَا نَدْبًا وَلَا اسْتِنَانًا لَا جَمَاعَةً وَلَا فُرَادَى بَلْ تُكْرَهُ فِي حَقِّهِمْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقَامَةٍ، أَيْ يُنْدَبُ لِمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْجُمُعَةِ أَنْ يُقِيمَ صَلَاةَ الْعِيدِ أَيْ أَنْ يَفْعَلَهَا فَذَا أَوْ وَلَوْ جَمَاعَةً وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَفْعَلُهَا أَصْلًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وُجُوبًا قِيلَ إنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ صَلَاةُ الْعِيدِ فَذًّا لَا جَمَاعَةً فَيُكْرَهُ، وَقِيلَ يُنْدَبُ لَهُ فِعْلُهَا فَذًّا وَجَمَاعَةً، وَقِيلَ لَا يُؤْمَرُ بِفِعْلِهَا أَصْلًا وَيُكْرَهُ لَهُ فِعْلُهَا فَذًّا وَجَمَاعَةً وَالرَّاجِحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوَّلُهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ إقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا رَدَّ بِهِ عَلَى

[مكروهات صلاة العيد]

فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً (و) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي وَلَوْ صَبِيًّا وَتُسْمِعُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِهِ خَاصَّةً وَيُسْمِعُ الذَّكَرُ مَنْ يَلِيهِ (إثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً) حَاضِرَةً (وَ) إثْرَ (سُجُودِهَا الْبَعْدِيِّ) إنْ كَانَ وَقَبْلَ الْمُعَقِّبَاتِ (مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) لِصُبْحِ الرَّابِعِ (لَا) إثْرَ (نَافِلَةٍ وَمَقْضِيَّةٍ فِيهَا مُطْلَقًا) أَيْ كَانَتْ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ أَوْ غَيْرِهَا فَيُكْرَهُ (وَكَبَّرَ نَاسِيهِ) أَوْ مُتَعَمِّدٌ تَرْكَهُ (إنْ قَرُبَ) كَالْمُتَقَدِّمِ فِي الْبِنَاءِ (وَ) كَبَّرَ (الْمُؤْتَمُّ إنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ) وَنُدِبَ لَهُ تَنْبِيهُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْكَلَامِ (و) نُدِبَ (لَفْظُهُ) الْوَارِدُ (وَهُوَ) كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا) مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (وَإِنْ قَالَ) الْمُكَبِّرُ (بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ) مُدْخِلًا عَلَيْهِمَا وَاوَ الْعَطْفِ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) بَعْدَهُمَا (فَحَسَنٌ) وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ اتِّبَاعًا لِلْوَارِدِ. (وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلَّى قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا لَا) إنْ صُلِّيَتْ (بِمَسْجِدٍ) فَلَا يُكْرَهُ (فِيهِمَا) أَيْ لَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَصْلٌ يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (سُنَّ) عَيْنًا لِلْمَأْمُورِ بِالصَّلَاةِ (وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ) وَصَبِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلِ الثَّالِثِ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِقَامَةِ فَلَمْ يُبَيِّنْ كَوْنَهَا فَذًّا فَقَطْ أَوْ فَذًّا وَجَمَاعَةً وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ إطْلَاقِهِ لَكِنْ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِنَدْبِ إقَامَتِهَا لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَذًّا فَقَطْ وَحِكَايَةُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَلَيْسَ فِيهَا إقَامَتُهَا جَمَاعَةً لَا فَذًّا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً) وَقِيلَ بَلْ يُصَلُّونَهَا أَفْذَاذًا فَقَطْ وَرُجِّحَ وَقِيلَ إنْ فَاتَتْهُمْ لِعُذْرٍ صَلُّوهَا جَمَاعَةً وَإِنْ فَاتَتْهُمْ لِغَيْرِ عُذْرٍ صَلُّوهَا أَفْذَاذًا مِثْلَ مَا مَرَّ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، قَالَ ح وَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ صَلَاةِ مَنْ فَاتَتْهُ جَمَاعَةٌ فَمَنْ فَاتَتْهُ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ لَا يَخْطُبُ لَهَا بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا لِعُذْرٍ وَكَذَا الْعَبِيدُ وَالْمُسَافِرُونَ وَاخْتُلِفَ فِي أَهْلِ الْقُرَى الصِّغَارِ عَلَى قَوْلَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ إثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ الْقَائِلِ إثْرَ سِتَّ عَشَرَةَ فَرِيضَةً مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِظُهْرِ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ كَالْمُتَقَدِّمِ) أَيْ كَالْقُرْبِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْبِنَاءِ وَهُوَ بِالْعُرْفِ أَوْ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ رُجُوعُهُ لِمَوْضِعِهِ بَلْ مَتَى كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا رَجَعَ لِلتَّكْبِيرِ سَوَاءٌ رَجَعَ لِمَوْضِعِهِ إنْ كَانَ قَامَ مِنْهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ) أَيْ فَإِنْ زَادَ شَيْئًا كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّكْبِيرَاتِ الثَّلَاثِ كَانَ آتِيًا بِمَنْدُوبَيْنِ نَدْبِ التَّكْبِيرِ وَنَدْبِ لَفْظِهِ الْوَارِدِ وَإِنْ زَادَ شَيْئًا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ فَقَدْ أَتَى بِمَنْدُوبٍ وَتَرَكَ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ فَحَسَنٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ) لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ حَسَنٌ وَالثَّانِي أَحْسَنُ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالرَّاجِحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَوَّلُهُمَا [مَكْرُوهَات صَلَاة الْعِيد] (قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلَّى قَبْلَهَا) أَيْ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِلصَّحْرَاءِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَمَا لَا يُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ نَافِلَةً غَيْرَهُ فَكَذَا لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْخُرُوجِ لِلصَّحْرَاءِ نَافِلَةً غَيْرَ الْعِيدِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا) أَيْ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَرَوْنَ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِ الْمَعْصُومِ (قَوْلُهُ لَا إنْ صُلِّيتَ) أَيْ الْعِيدُ بِمَسْجِدٍ وَ (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ التَّنَفُّلُ فِيهِ قَبْلَ صَلَاتِهَا وَلَا بَعْدَ صَلَاتِهَا، أَمَّا عَدَمُ كَرَاهَتِهِ قَبْلَ صَلَاتِهَا فَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِطَلَبِ التَّحِيَّةِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبِهِ قَالَ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا عِنْدَنَا، وَأَمَّا عَدَمُ كَرَاهَتِهِ بَعْدَ صَلَاتِهَا فَلِنُدُورِ حُضُورِ أَهْلِ الْبِدَعِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ [فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ] (فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ) (قَوْلُهُ الْكُسُوفُ) اعْلَمْ أَنَّ الْكُسُوفَ وَالْخُسُوفَ قِيلَ مُتَرَادِفَانِ وَأَنَّ ذَهَابَ الضَّوْءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا يُقَالُ لَهُ كُسُوفٌ وَخُسُوفٌ، وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الْقَمَرِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَرُدَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: 8] وَقِيلَ الْكُسُوفُ اسْمٌ لِذَهَابِ بَعْضِ الضَّوْءِ وَالْخُسُوفُ اسْمٌ لِذَهَابِ جَمِيعِهِ وَقِيلَ الْكُسُوفُ اسْمٌ لِذَهَابِ الضَّوْءِ كُلِّهِ وَالْخُسُوفُ اسْمٌ لِتَغْيِيرِ اللَّوْنِ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا فِي أَبِي الْحَسَنِ إلَّا أَنَّهُ عَكَسَ الْأَخِيرَ اهـ بْن (قَوْلُهُ عَيْنًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ لِلْمَأْمُورِ بِالصَّلَاةِ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وُجُوبًا وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ صَلَاةُ الْكُسُوفِ بَلْ تُنْدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ) لَمْ يَأْتِ بِلَوْ الْمُشِيرَةِ لِلْخِلَافِ فِي الْمَذْهَبِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ مَا نَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهَا إلَّا مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ صَاحِبَ الطِّرَازِ وَغَيْرَهُ اعْتَرَضُوا عَلَى اللَّخْمِيِّ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ ح اهـ بْن وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ اللَّامَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ إذَا التَّقْدِيرُ سُنَّ لِمَأْمُورِ الصَّلَاةِ، هَذَا إذَا كَانَ بَلَدِيًّا بَلْ وَإِنْ كَانَ عَمُودِيًّا (قَوْلُهُ وَصَبِيٍّ) جَعْلُهُ مُخَاطَبًا بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ السُّنِّيَّةَ

(وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ) أَوْ جَدَّ لِغَيْرِ مُهِمٍّ فَإِنْ جَدَّ لِمُهِمٍّ فَلَا تُسَنُّ (لِكُسُوفِ الشَّمْسِ) أَيْ ذَهَابِ ضَوْئِهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا مَا لَمْ يَقِلَّ جِدًّا (رَكْعَتَانِ) يَقْرَأُ فِيهِمَا (سِرًّا) لِأَنَّهُمَا لَا خُطْبَةَ وَلَا أَذَانَ وَلَا إقَامَةَ لَهُمَا (بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ) أَيْ بِزِيَادَةِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ الْأَصْلِيَّيْنِ (وَرَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ) أَيْ فَرَكْعَتَانِ فَفِيهِ حَذْفُ الْعَاطِفِ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْجَلِيَ أَوْ يَغِيبَ أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَأَصْلُ النَّدْبِ يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ وَمَا زَادَ فَمَنْدُوبٌ آخَرُ (لِخُسُوفِ قَمَرٍ) أَيْ لِذَهَابِ ضَوْئِهِ أَوْ بَعْضِهِ (كَالنَّوَافِلِ) فِي الْحُكْمِ وَهُوَ النَّدْبُ وَالصِّفَةُ، فَقَوْلُهُ وَرَكْعَتَانِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ كَالنَّوَافِلِ خَبَرٌ (جَهْرًا) لِأَنَّهُ نَفْلُ لَيْلٍ (بِلَا جَمْعٍ) أَيْ يُكْرَهُ بَلْ يُنْدَبُ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ. (وَنُدِبَ) صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ (بِالْمَسْجِدِ) لَا بِالْمُصَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَقِّ الصَّبِيِّ إلَّا مَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالسُّنِّيَّةِ تَغْلِيبًا لِغَيْرِ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ بِلَفْظِ يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِهَا فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى النَّدْبِ كَمَا هُوَ حَقِيقَتُهُ وَإِذَا صَحَّ هَذَا سَقَطَ اسْتِغْرَابُ أَمْرِ الصَّبِيِّ بِالْكُسُوفِ اسْتِنَانًا وَبِالْفَرَائِضِ الْخَمْسِ نَدْبًا اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ وَمُسَافِرٍ) أَيْ وَنِسَاءٍ وَعَبِيدٍ مُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ أَوْ جَدَّ لِغَيْرِ مُهِمٍّ) أَيْ كَقَطْعِ الْمَسَافَةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَدَّ لِأَمْرٍ مُهِمٍّ أَيْ كَأَنْ يَجِدَّ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ يَخَافُ فَوَاتَهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلًا تَبَعًا لتت وَعُبِّقَ وَمَفَادُ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ إذَا جَدَّ السَّيْرَ مُطْلَقًا لَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ) أَيْ لَا لِغَيْرِهَا مِنْ الْآيَاتِ وَفِي ح قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُصَلَّى لِلزَّلَازِلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْآيَاتِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقِلَّ) أَيْ مَا ذَهَبَ مِنْ ضَوْئِهَا وَإِلَّا فَلَا يُصَلَّى لِذَلِكَ (قَوْلُهُ سِرًّا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ جَهْرًا لِئَلَّا يَسْأَمَ النَّاسُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ نَاجِيٍّ وَبِهِ عَمِلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِجَامِعِ الزَّيْتُونَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا لَا خُطْبَةَ إلَخْ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ نَهَارِيَّةٍ لَا خُطْبَةَ لَهَا وَلَا إقَامَةَ لَهَا فَالْقِرَاءَةُ فِيهَا سِرًّا (قَوْلُهُ بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ) أَيْ مَعَ زِيَادَةِ قِيَامَيْنِ أَيْ مُصَاحِبَيْنِ لِلزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ أَيْ بِزِيَادَةِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) اعْلَمْ أَنَّ الزَّائِدَ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْقِيَامُ الْأَوَّلُ وَالرُّكُوعُ الْأَوَّلُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَأَمَّا الْقِيَامُ الثَّانِي وَالرُّكُوعُ الثَّانِي فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَهُوَ الْأَصْلِيُّ وَهُوَ وَاجِبٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى سُنِّيَّةِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا السُّجُودُ لِتَرْكِهِ، وَأَمَّا تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ كَالْقِيَامِ وَالسُّجُودِ كَالرُّكُوعِ فَفِيهِ خِلَافٌ بِالنَّدْبِ وَالسُّنِّيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ السُّجُودُ إذَا تُرِكَ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ كَمَا أَنَّ فِيهِ حَذْفَ الْعَاطِفِ (قَوْلُهُ أَيْ لِذَهَابِ ضَوْئِهِ أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقِلَّ الذَّاهِبُ جِدًّا وَإِلَّا لَمْ يَصِلْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ النَّدْبُ وَالصِّفَةُ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَالصِّفَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَاَلَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ: وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ؛ اللَّخْمِيُّ وَالْجَلَّابُ سُنَّةٌ؛ ابْنُ بَشِيرٍ وَالتَّلْقِينُ فَضِيلَةٌ اهـ وَفِي ح أَنَّ الْأَوَّلَ أَعْنِي السُّنِّيَّةَ شَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَالثَّانِي وَهُوَ النَّدْبُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ اهـ بْن. وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ فَلِذَا حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْقَوْلَ بِالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ مُبْتَدَأٌ) أَيْ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى رَكْعَتَانِ مِنْ قَوْلِهِ سُنَّ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ رَكْعَتَانِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي السُّنِّيَّةَ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ صَلَاةَ خُسُوفِ الْقَمَرِ مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَفِعْلُهَا فِي الْمَسَاجِدِ مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَتْ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى إلَّا أَنَّهَا إنْ فُعِلَتْ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَتَيْنِ وَإِنْ فُعِلَتْ فِيهِ فُرَادَى كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَةٍ كَمَا أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْبُيُوتِ جَمَاعَةً مَكْرُوهٌ مِنْ جِهَةٍ (قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ) فِي ح أَنَّ الْجُزُولِيَّ ذَكَرَ فِي صَلَاتِهَا بَعْدَ الْفَجْرِ أَيْ إذَا غَابَ عِنْدَ الْفَجْرِ مُنْخَسِفًا أَوْ طَلَعَ عِنْدَ الْفَجْرِ

[مندوبات صلاة الكسوف والخسوف]

وَهَذَا إنْ وَقَعَتْ فِي جَمَاعَةٍ كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ فَأَمَّا الْفَذُّ فَلَهُ فِعْلُهَا فِي بَيْتِهِ (و) نُدِبَ (قِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكَعَاتِ الْأُولَى (ثُمَّ) نُدِبَ قِرَاءَةُ (مُوَالَيَاتِهَا فِي) بَقِيَّةِ (الْقِيَامَاتِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فَيَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى آلَ عِمْرَانَ وَفِي الْأُولَى مِنْ الثَّانِيَةِ النِّسَاءَ وَفِي الثَّانِي مِنْهَا الْمَائِدَةَ (و) نُدِبَ (وَعْظٌ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ (وَرَكَعَ) فِي كُلِّ رُكُوعٍ (كَالْقِرَاءَةِ) الَّتِي قَبْلَهُ فِي الطُّولِ أَيْ يَقْرَبُ مِنْهُ طُولًا نَدْبًا يُسَبِّحُ فِيهِ (وَسَجَدَ) طَوِيلًا نَدْبًا (كَالرُّكُوعِ) الثَّانِي أَيْ يَقْرَبُ مِنْهُ فِي الطُّولِ وَلَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إجْمَاعًا وَمَحَلُّ نَدْبِ التَّطْوِيلِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمَأْمُومِينَ أَوْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهَا. (وَوَقْتُهَا كَالْعِيدِ) مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ فَإِنْ جَاءَ الزَّوَالُ أَوْ كَسَفَتْ بَعْدَهُ لَمْ تُصَلَّ (وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ) مَعَ الْإِمَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ (بِالرُّكُوعِ) الثَّانِي لِأَنَّهُ الْفَرْضُ كَالْفَاتِحَةِ قَبْلَهُ وَأَمَّا الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ فَسُنَّةٌ كَالْفَاتِحَةِ الْأُولَى وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُنْخَسِفًا قَوْلَيْنِ وَأَنَّ التِّلِمْسَانِيَّ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَازِ وَأَنَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ اقْتَصَرَ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ اهـ بْن، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى نَفْلٌ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْوِرْدُ لِنَائِمٍ عَنْهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ وُجُودُ السَّبَبِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ حُصُولُ الِانْخِسَافِ لِلْقَمَرِ [مَنْدُوبَات صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف] (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ نُدِبَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ قِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ قِرَاءَتُهَا وَمُوَالَيَاتُهَا مِنْ السُّوَرِ بِخُصُوصِهَا وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَنْدُوبَ إنَّمَا هُوَ الطُّولُ بِقَدْرِهَا سَوَاءٌ قَرَأَ تِلْكَ السُّورَةَ أَوْ قَرَأَ غَيْرَهَا لِقَوْلِهَا وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ نَحْوَ الْبَقَرَةِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَيُمْكِنُ رُجُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِكَلَامِهَا بِأَنْ يُجْعَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَقِرَاءَةُ نَحْوِ الْبَقَرَةِ وَقِيلَ إنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَنَّ الْمَنْدُوبَ قِرَاءَةُ خُصُوصِ هَذِهِ السُّورَةِ وَيُرْجَعُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهَا نَحْوَ الْبَقَرَةِ لِلْبَيَانِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ مُوَالَيَاتُهَا فِي الْقِيَامَاتِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ قِيَامٍ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وح، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي إعَادَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي وَالرَّابِعِ قَوْلَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ اهـ فَقَوْلُ خش أَنَّ مَا لِابْنِ مَسْلَمَةَ هُوَ الْمَشْهُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ طُولًا) أَيْ أَنَّهُ يَقْرُبُ فِي رُكُوعِهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ فِي الطِّوَالِ لَا أَنَّهُ يُطَوِّلُ فِي الرُّكُوعِ قَدْرَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي السُّجُودِ قَدْرَ الرُّكُوعِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُفِيدٌ لِلْمُرَادِ لِأَنَّ الْأَصْلَ قُصُورُ الْمُشَبَّهِ عَنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ فِي وَجْهِ الشَّبَهِ أَلَا تَرَى أَنَّكَ إذَا قُلْتَ زَيْدٌ كَالْأَسَدِ فِي الْجُرْأَةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِيهَا بَلْ الْأَصْلُ الْقُصُورُ (قَوْلُهُ نَدْبًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَكَعَ كَالْقِرَاءَةِ إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكُوعِ كَالْقِرَاءَةِ وَتَطْوِيلَ السُّجُودِ كَالرُّكُوعِ قِيلَ إنَّهُ مَنْدُوبٌ وَهُوَ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، وَقَالَ سَنَدٌ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَيَتَرَتَّبُ السُّجُودُ عَلَى تَرْكِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح وَالشَّيْخُ زَرُّوقٌ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ وَلَمْ يَقُلْ وَرُكُوعٌ كَالْقِرَاءَةِ أَيْ وَنُدِبَ رُكُوعٌ كَالْقِرَاءَةِ وَسُجُودٌ كَالرُّكُوعِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهَا) فَإِذَا كَسَفَ وَقَدْ بَقِيَ لِلزَّوَالِ مَا يَسَعُ مِنْهَا رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا إنْ صُلِّيَتْ عَلَى سُنَّتِهَا وَطُوِّلَتْ وَإِنْ تَرَكَ تَطْوِيلَهَا صَلَّاهَا بِتَمَامِهَا بِصِفَتِهَا فَإِنَّهُ يُسَنُّ تَقْصِيرُهَا لِيُدْرِكَ كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ [وَقْت صَلَاة الْكُسُوف] (قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا كَالْعِيدِ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ حَكَى ابْنُ الْجَلَّابِ فِي وَقْتِهَا ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ عَنْ مَالِكٍ إحْدَاهَا أَنَّهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ كَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ، وَالثَّالِثَةُ أَنَّهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْعَصْرِ، وَالْأُولَى هِيَ الَّتِي فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ) أَيْ فَلَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ مَكْسُوفَةً لَمْ يُصَلِّ لَهَا حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ حِلِّ النَّافِلَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا جَاءَ الزَّوَالُ وَهِيَ مَكْسُوفَةٌ أَوْ كَسَفَتْ بَعْدَهُ لَمْ يُصَلِّ لَهَا هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إذَا طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً فَإِنَّهُ يُصَلِّي لَهَا حَالًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ عُلِّقَتْ بِرُؤْيَةِ الْكُسُوفِ وَهِيَ مُمْكِنَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَكَذَا يُصَلِّي لَهَا إذَا جَاءَ الزَّوَالُ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَهِيَ مَكْسُوفَةٌ أَوْ كَسَفَتْ عِنْدَهُمَا وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ يُصَلِّي لَهَا حَالًا إذَا طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً وَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَهِيَ مَكْسُوفَةٌ أَوْ كَسَفَتْ عِنْدَهُ لَمْ يُصَلِّ لَهَا وَاتَّفَقَ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ عَلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ إذَا غَرَبَتْ مَكْسُوفَةً أَوْ كَسَفَتْ عِنْدَ الْغُرُوبِ (قَوْلُهُ وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ الثَّانِي) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ مِنْ الْأُولَى لَمْ يَقْضِ شَيْئًا، وَإِنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَضَى الرَّكْعَةَ الْأُولَى

فَرْضٌ مُطْلَقًا وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ (وَلَا تُكَرَّرُ) الصَّلَاةُ إنْ أَتَمُّوهَا قَبْلَ الِانْجِلَاءِ وَالزَّوَالِ أَيْ يُمْنَعُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ تَنْجَلِ ثُمَّ تَنْكَسِفْ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتُكَرَّرُ كَمَا لَوْ اسْتَمَرَّتْ مَكْسُوفَةً ثَانِيَ يَوْمٍ (وَإِنْ انْجَلَتْ) كُلُّهَا (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا (فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ) بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِعِلَّةٍ وَقَدْ زَالَتْ، أَوْ عَلَى سُنَّتِهَا لَكِنْ بِلَا تَطْوِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ (قَوْلَانِ) بِلَا تَرْجِيحٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا كَالنَّوَافِلِ جَزْمًا، وَالْقَوْلُ بِالْقَطْعِ ضَعِيفٌ جِدًّا حَتَّى قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُقْطَعُ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْأَرْجَحِيَّةِ الْمَنْصُوصَةِ (وَقُدِّمَ) وُجُوبًا عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ (فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ) كَفَجْءِ عَدُوٍّ وَإِنْقَاذِ أَعْمَى وَجِنَازَةٍ خِيفَ تَغَيُّرُهَا إذْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَاجِبَةٌ (ثُمَّ كُسُوفٌ) عَلَى عِيدٍ وَإِنْ كَانَ أَوْكَدَ لِخَوْفِ انْجِلَائِهَا بِتَقْدِيمِ الْأَوْكَدِ عَلَيْهَا فَتَفُوتُ وَالْعِيدُ يَسْتَمِرُّ لِلزَّوَالِ وَلَا بُدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقِيَامِهَا فَقَطْ وَلَا يَقْضِي الْقِيَامَ الثَّالِثَ (قَوْلُهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْقِيَامَاتِ الْأَرْبَعِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ سَنَدٍ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ قِرَاءَةٍ يَعْقُبُهَا رُكُوعٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ، وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ قَوْلَانِ فِي الْفَاتِحَةِ؛ قِيلَ إنَّ الْفَرْضَ الْوَاقِعَةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَأَمَّا الْوَاقِعَةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ، وَقِيلَ إنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْقِيَامَيْنِ وَهُوَ فِي الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ذَكَرُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قِيَامَ الْفَاتِحَةِ تَابِعٌ لَهَا فَتَأَمَّلْ، وَبَقِيَ ثَالِثٌ وَحَاصِلُهُ نَفْيُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَهُوَ شَاذٌّ وَوَجْهُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ وَالرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُكَرَّرُ فِيهَا الْفَاتِحَةُ، وَعُلِمَ مِنْ الشَّارِحِ أَيْضًا أَنَّ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ وَالْفَرْضُ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْفَاتِحَةِ مِنْ قِرَاءَةِ مَنْدُوبٍ أَيْ وَأَنَّ تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ مَنْدُوبٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ كَوْنِ الزَّوَالِ تَارَةً يَكُونُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً أَوْ يَفْصِلَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ الزَّوَالِ فَيُتِمُّهَا عَلَى سُنَّتِهَا لِأَنَّ الْوَقْتَ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِالْقَطْعِ أَوْ بِتَمَامِهَا كَالنَّافِلَةِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي اهـ عَدَوِيٌّ وَ (قَوْلُهُ كُلُّهَا) احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِتْمَامِهَا عَلَى صِفَتِهَا قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ شُرِعَتْ لِعِلَّةٍ أَيْ لِسَبَبٍ وَهُوَ الْكُسُوفُ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِالْقَطْعِ) أَيْ إذَا انْجَلَتْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ قَبْلَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِحَيْثُ يُقَالُ وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا أَيْ وَقَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ أَيْ وَقَطْعِهَا قَوْلَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ ضَعِيفٌ وَهُوَ لَا يُعَبِّرُ بِقَوْلَانِ إلَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ أَرْجَحِيَّةٌ لِأَحَدِهِمَا وَهُنَا قَدْ وُجِدَتْ أَرْجَحِيَّةٌ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ لِوُجُودِ إلَخْ) أَيْ وَعَادَتُهُ لَا يُعَبِّرُ بِقَوْلَانِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْأَرْجَحِيَّةِ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ) أَيْ وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ وُجُوبًا وَ (قَوْلُهُ ثُمَّ كُسُوفٌ) أَيْ عَلَى عِيدٍ أَيْ ثُمَّ يُقَدَّمُ الْكُسُوفُ عَلَى الْعِيدِ نَدْبًا وَ (قَوْلُهُ ثُمَّ عِيدٌ) أَيْ عَلَى اسْتِسْقَاءٍ أَيْ ثُمَّ يُقَدَّمُ الْعِيدُ عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ نَدْبًا، فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ (وَقَوْلُهُ كَفَجْءِ عَدُوٍّ) أَيْ فَإِذَا فَجَأَ الْعَدُوُّ بَلَدًا يَوْمَ كُسُوفٍ وَخِيفَ بِتَقْدِيمِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَى الْجِهَادِ اشْتِغَالُ الْمُسْلِمِينَ وَظَفَرُ الْعَدُوِّ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْجِهَادِ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ، أَوْ وُقُوعِ أَعْمَى فِي بِئْرٍ وَفِي نَهْرٍ وَخِيفَ بِتَقْدِيمِ الْكُسُوفِ عَلَى إنْقَاذِهِ هَلَاكُهُ وَجَبَ تَقْدِيمُ إنْقَاذِهِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا حَضَرَتْ جِنَازَةٌ وَخِيفَ بِتَقْدِيمِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَيْهَا تَغَيُّرُهَا قُدِّمَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَبِحَمْلِ الشَّارِحِ الْفَرْضَ عَلَى مَا ذَكَرَ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ وَهَذَا لَيْسَ وَقْتًا لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْفَرَائِضِ حَتَّى يُخَافَ فَوَاتُهُ بِفِعْلِ الْكُسُوفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ كُسُوفٌ عَلَى عِيدٍ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ أَهْلَ الْهَيْئَةِ أَحَالُوا اجْتِمَاعَ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ لِأَنَّ الْكُسُوفَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْعِيدُ إمَّا أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ عَاشِرَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْكُسُوفَ سَبَبُهُ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّمْسِ وَلَا تَكُونُ الْحَيْلُولَةُ إلَّا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْقَمَرِ مَعَ الشَّمْسِ فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي عِيدِ الْفِطْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَنْزِلَةٌ كَامِلَةٌ ثَلَاثَ عَشَرَةَ دَرَجَةً وَفِي عِيدِ الْأَضْحَى نَحْوَ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى اجْتِمَاعُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لِلَّهِ أَنْ يَخْلُقَ الْكُسُوفَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ فَيَتَصَرَّفُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَا يُرِيدُ وَفِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ لح أَنَّ الرَّافِعِيَّ نَقَلَ أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ يَوْمَ مَاتَ الْحُسَيْنُ وَكَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَوَرَدَ

[فصل حكم صلاة الاستسقاء]

(ثُمَّ عِيدٌ) عَلَى اسْتِسْقَاءٍ (وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ) عَنْ الْعِيدِ نَدْبًا (لِيَوْمٍ آخَرَ) لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ يَوْمُ تَجَمُّلٍ وَزِينَةٍ وَالِاسْتِسْقَاءُ يُنَافِيهِ إنْ لَمْ يَضْطَرَّ لَهُ لِوُجُودِ سَبَبِهِ الْآتِي وَإِلَّا فُعِلَ مَعَ الْعِيدِ. (فَصْلٌ) يَذْكُرُ فِيهِ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (سُنَّ) عَيْنًا لِذَكَرٍ بَالِغٍ وَلَوْ عَبْدًا (الِاسْتِسْقَاءُ) أَيْ صَلَاتُهُ، وَنُدِبَ لِصَبِيٍّ (لِزَرْعٍ) أَيْ لِأَجْلِ إنْبَاتِهِ أَوْ حَيَاتِهِ (أَوْ) لِأَجْلِ (شُرْبٍ) لِآدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (بِنَهْرٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَخَلُّفِهِ أَوْ تَوَقُّفِهِ (أَوْ) بِسَبَبِ تَخَلُّفِ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ النَّهْرِ كَتَخَلُّفِ مَطَرٍ أَوْ جَرْيِ عَيْنٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِسَفِينَةٍ بِأَنْ كَانَ بِبَلَدٍ أَوْ بِصَحْرَاءَ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِسَفِينَةٍ) فِي بَحْرٍ مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ لَا يُصَلِّ إلَيْهِ (رَكْعَتَانِ) بَدَلٌ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ فَالسُّنَّةُ الصَّلَاةُ لِطَلَبِ السَّقْيِ لَا طَلَبُ السَّقْيِ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا (جَهْرًا) نَدْبًا وَنُدِبَ بِسَبِّحْ وَالشَّمْسِ (وَكَرَّرَ) الِاسْتِسْقَاءَ اسْتِنَانًا لِأَحَدِ السَّبَبَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامٍ لَا فِي يَوْمٍ (إنْ تَأَخَّرَ) الْمَطْلُوبُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ أَوْ حَصَلَ دُونَ الْكِفَايَةِ (وَخَرَجُوا) نَدْبًا إلَى الْمُصَلَّى (ضُحًى) لِأَنَّهُ وَقْتُهَا لِلزَّوَالِ (مُشَاةً بِبِذْلَةٍ) أَيْ ثِيَابِ مِهْنَةٍ أَيْ مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ بِالنِّسْبَةِ لِلَابِسِهِ (وَتَخَشُّعٍ) أَيْ إظْهَارِ خُشُوعٍ وَتَضَرُّعٍ وَجِلِينَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ (مَشَايِخُ) الْمُرَادُ بِهِمْ الرِّجَالُ (وَمُتَجَالَّةٌ وَصَبِيَّةٌ) لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ مِنْهُمْ، وَحُرِّمَ عَلَى مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ وَكُرِهَ لِشَابَّةٍ غَيْرِ مَخْشِيَّةٍ فَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ تُمْنَعْ (لَا) يَخْرُجُ (مَنْ لَا يَعْقِلُ) الْقُرْبَةَ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الصَّبِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهَا كَسَفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مَوْتُهُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الشَّهْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ فِي رَابِعِهِ وَقِيلَ فِي رَابِعِ عَشْرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ رَبِيعًا الْأَوَّلَ وَقِيلَ رَمَضَانَ وَقِيلَ ذَا الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ عِيدٌ عَلَى اسْتِسْقَاءٍ) أَيْ لِأَنَّ الْعِيدَ أَوْكَدُ، وَالْأَوْكَدُ يُقَدَّمُ عَلَى خِلَافِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَضٍ لِتَقْدِيمِ غَيْرِ الْأَوْكَدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فُعِلَ مَعَ الْعِيدِ) أَيْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَيُقَدَّمُ الْعِيدُ فِي الْفِعْلِ كَمَا لَوْ اُجْتُمِعَ الِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ فَإِنَّهُمَا يُفْعَلَانِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَيُؤَخَّرُ الِاسْتِسْقَاءُ خَوْفًا مِنْ انْجِلَاءِ الشَّمْسِ [فَصْلٌ حُكْمَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] (فَصْلٌ فِي حُكْمِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ) (قَوْلُهُ سُنَّ عَيْنًا لِذَكَرٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ وُقُوعِهَا سُنَّةً مِمَّنْ ذَكَرَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْجَمَاعَةِ فَمَنْ فَاتَتْهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ نُدِبَتْ لَهُ الصَّلَاةُ فَقَطْ فَهِيَ كَالْعِيدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَيْ صَلَاتُهُ) أَيْ لِأَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ طَلَبُ السَّقْيِ وَطَلَبُهُ لَيْسَ سُنَّةً وَالسُّنَّةُ إنَّمَا هُوَ الصَّلَاةُ الَّتِي تُفْعَلُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِصَبِيٍّ) أَيْ وَكَذَا مُتَجَالَّةٌ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِ تَخَلُّفِهِ إلَخْ) قَالَ بْن هَذَا تَكَلُّفٌ، وَالصَّوَابُ كَمَا لِابْنِ عَاشِرٍ أَنَّ قَوْلَهُ بِنَهْرٍ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِسْقَاءٍ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّقْيِ أَيْ سُنَّ طَلَبُ السَّقْيِ بِنَهْرٍ كَالنِّيلِ لِأَهْلِ مِصْرَ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمَطَرِ لِغَيْرِهِمْ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ لَا لِاحْتِيَاجِ زَرْعٍ وَلَا لِحَاجَةِ شُرْبٍ بَلْ لِطَلَبِ السَّعَةِ وَالْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ لَيْسَ سُنَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، وَمَا فِي عبق مِنْ إبَاحَتِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تُوجَدُ عِبَادَةٌ مُسْتَوِيَةُ الطَّرَفَيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْإِبَاحَةِ الْإِذْنُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَا طَلَبُ السَّقْيِ) أَيْ بِدُونِ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ وَيُقْرَأُ فِيهِمَا جَهْرًا نَدْبًا) أَيْ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ خُطْبَةٍ وَكُلُّ صَلَاةٍ لَهَا خُطْبَةٌ فَالْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرٌ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فَيَسْمَعُونَهَا، وَلَا يَرِدُ الصَّلَاةُ يَوْمَ عَرَفَةَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِأَجْلِ تَعْلِيمِ الْوُقُوفِ وَالِانْصِرَافِ (قَوْلُهُ وَكُرِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ) أَيْ صَلَاتُهُ وَ (قَوْلُهُ لِأَحَدِ السَّبَبَيْنِ) وَهُمَا الِاحْتِيَاجُ لِلشُّرْبِ وَاحْتِيَاجُ الزَّرْعِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق مِنْ أَنَّ تَكْرِيرَ الِاسْتِسْقَاءِ لِأَحَدِ السَّبَبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إنْ تَأَخَّرَ الْمَطْلُوبُ اسْتِنَانًا فَقَدْ اعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ طفى وَتَبِعَهُ بْن بِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ وَغَيْرَهَا إنَّمَا عَبَّرَا بِالْجَوَازِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَجَازَ تَكْرِيرُ الِاسْتِسْقَاءِ لِأَحَدِ السَّبَبَيْنِ إنْ تَأَخَّرَ الْمَطْلُوبُ، وَقَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّدْبِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ وَقَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَأَنَّ الْجَوَازَ بِمَعْنَى الْإِذْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُلِّ أَمْرٍ عَلَى حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ [مَنْدُوبَات صَلَاة الِاسْتِسْقَاء] (قَوْلُهُ وَخَرَجُوا نَدْبًا) النَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ ضُحًى وَمُشَاةً وَإِلَّا فَأَصْلُ الْخُرُوجِ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا لِلزَّوَالِ) أَيْ فَلَا تُفْعَلُ قَبْلَ الضُّحَى وَهُوَ وَقْتُ حِلِّ النَّافِلَةِ وَلَا بَعْدَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ وَجِلِينَ) أَيْ خَائِفِينَ مِنْ الْوَجَلِ وَهُوَ الْخَوْفُ، وَ (قَوْلُهُ مَشَايِخُ) حَالٌ مِنْ الْوَاوِ فِي خَرَجُوا أَيْ خَرَجُوا حَالَ كَوْنِ الْخَارِجِينَ مَشَايِخَ إلَخْ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِمْ الرِّجَالُ) أَيْ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا خُصُوصَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ مَنْ زَادَ عُمُرُهُ عَلَى سِتِّينَ سَنَةً (قَوْلُهُ وَمُتَجَالَّةٌ) إنَّمَا كَرَّرَهَا وَلَمْ يَسْتَغْنِ بِذِكْرِهَا فِي الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ؛ لِكَوْنِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ ذِكْرِهَا الْخَاصِّ بِهَا الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ صِبْيَةٌ يَعْقِلُونَ لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ وَلَا بَهِيمَةٌ فَلَيْسَ خُرُوجُهُمْ بِمَشْرُوعٍ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِ خُرُوجِ مَنْ ذَكَرَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلَوْلَا أَشْيَاخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَوْلَا وُجُودُهُمْ وَلَيْسَ

(و) (بَهِيمَةً و) لَا (حَائِضٌ) وَلَا نُفَسَاءُ (وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ) أَيْ يُكْرَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ (وَانْفَرَدَ) بِمَكَانٍ عَنْ الْمُسْلِمِينَ نَدْبًا (لَا بِيَوْمٍ) أَيْ وَقْتٍ فَيُكْرَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْبِقَ الْقَدَرُ فِي يَوْمِهِ فَيُفْتَنَ بِذَلِكَ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ. (ثُمَّ) إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ (خَطَبَ) خُطْبَتَيْنِ (كَالْعِيدِ) يَجْلِسُ فِي أَوَّلِهِمَا وَوَسَطِهِمَا، وَيَتَوَكَّأُ عَلَى كَعَصًا، وَلَا يَدْعُو لِأَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ بَلْ بِرَفْعِ مَا نَزَلَ بِهِمْ (وَبَدَّلَ التَّكْبِيرَ) الَّذِي فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ (بِالِاسْتِغْفَارِ) بِأَنْ يَسْتَغْفِرَ بِلَا حَدٍّ (وَبَالَغَ) الْإِمَامُ وَكَذَا مَنْ حَضَرَ (فِي الدُّعَاءِ آخِرَ) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلًا) لِلْقِبْلَةِ وَظَهْرُهُ لِلنَّاسِ حَالَ دُعَائِهِ (ثُمَّ حَوَّلَ) الْإِمَامُ (رِدَاءَهُ) يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ فَيَأْخُذُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ مِنْ خَلْفِهِ يَجْعَلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَيَأْخُذُ بِيُسْرَاهُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ يَجْعَلُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ فَيَصِيرُ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ لِلسَّمَاءِ وَبِالْعَكْسِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَجْعَلُ (يَمِينَهُ يَسَارَهُ بِلَا تَنْكِيسٍ) فَلَا يَجْعَلُ حَاشِيَتَهُ الَّتِي عَلَى عَجُزِهِ عَلَى كَتِفَيْهِ تَفَاؤُلًا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَوَّلَ حَالَهُمْ مِنْ الْجَدْبِ إلَى الْخِصْبِ وَالْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّحْوِيلَ بَعْدَ الدُّعَاءِ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الِاسْتِقْبَالِ فَبَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ يَسْتَقْبِلُ فَيُحَوِّلُ فَيَدْعُو (وَكَذَا الرِّجَالُ) يُحَوِّلُونَ عَلَى نَحْوِ تَحْوِيلِ الْإِمَامِ (فَقَطْ) دُونَ النِّسَاءِ حَالَ كَوْنِهِمْ (قُعُودًا وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بِالْأَرْضِ) إظْهَارًا لِلتَّوَاضُعِ وَيُكْرَهُ بِالْمِنْبَرِ. (و) نُدِبَ (صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَبْلَهُ فَيَخْرُجُونَ مُفْطِرِينَ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ كَيَوْمِ عَرَفَةَ (وَ) نُدِبَ (صَدَقَةٌ) قَبْلَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَدْفَعُ الْبَلَاءَ (وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا) أَيْ بِالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ (الْإِمَامُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِهِمَا الْإِمَامُ ثُمَّ إذَا أَمَرَ بِهِمَا وَجَبَتْ طَاعَتُهُ (بَلْ) يَأْمُرُهُمْ (بِتَوْبَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادُ لَوْلَا حُضُورُهُمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا حَائِضٌ وَلَا نُفَسَاءُ) أَيْ فَيُمْنَعَانِ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَالِ جَرَيَانِ دَمِهِمَا وَبَيْنَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ) أَيْ مِنْ الْخُرُوجِ كَمَا لَا يُؤْمَرُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ بِصُحْبَتِهِ أَوْ خَرَجَ مَعَهُ صَلِيبُهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهِ مَعَهُ وَلَا مِنْ إظْهَارِهِ حَيْثُ تَنَحَّى بِهِ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ أَيْ وَقْتٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالْيَوْمِ وَأَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ وَالْمَعْنَى وَانْفَرَدَ بِمَكَانٍ يَجْلِسُ فِيهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا بِوَقْتٍ يَخْرُجُ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَخْرُجُونَ وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ وَيَعْتَزِلُونَ فِي نَاحِيَةٍ وَلَا يَخْرُجُونَ قَبْلَ النَّاسِ وَلَا بَعْدَهُمْ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْعُو) أَيْ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ لَا لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَخْشَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ نُوَّابِهِ وَإِلَّا دَعَا لَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَبَدَّلَ) أَيْ تَرَكَ وَغَيَّرَ التَّكْبِيرَ وَ (قَوْلُهُ بِالِاسْتِغْفَارِ) أَيْ فَيَأْخُذُهُ وَيَفْعَلُهُ فَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ لَا عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَسْتَغْفِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الدُّعَاءِ الْإِطَالَةُ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ رِدَاءَهُ) أَيْ وَأَمَّا الْبَرَانِسُ وَالْغَفَائِرُ فَإِنَّهَا لَا تُحَوَّلُ إلَّا أَنْ تُلْبَسَ كَالرِّدَاءِ (قَوْلُهُ يَجْعَلُ يَمِينَهُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ يَمِينَهُ مَنْصُوبٌ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ وَالْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ حَوَّلَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ، وَلَك أَنْ تَجْعَلَ قَوْلَهُ ثُمَّ حَوَّلَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ مُسْتَقْبِلًا أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الِاسْتِقْبَالِ حَوَّلَ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْمَذْهَبِ كَذَا فِي ح أَوْ أَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ (قَوْلُهُ دُونَ النِّسَاءِ) أَيْ الْحَاضِرَاتِ فَلَا يُحَوِّلْنَ لِئَلَّا يَنْكَشِفْنَ وَلَا يُكَرِّرُ الْإِمَامُ وَلَا الرِّجَالُ التَّحْوِيلَ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بِالْأَرْضِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْخُطْبَةَ فِي ذَاتِهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَكَوْنُهَا بِالْأَرْضِ مُسْتَحَبٌّ آخَرُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُونَ مُفْطِرِينَ لِلتَّقْوَى عَلَى الدُّعَاءِ كَيَوْمِ عَرَفَةَ) فِيهِ أَنَّهُمْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ لِكَوْنِهِمْ مُسَافِرِينَ يُضْعِفُهُمْ الصَّوْمُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا اعْتَمَدَ الْبُنَانِيُّ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ مِنْ خُرُوجِهِمْ صَائِمِينَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِهِمَا الْإِمَامُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصُّ الْبَيَانِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آخِرُهَا الْيَوْمُ الَّذِي يَبْرُزُونَ فِيهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ اهـ بِلَفْظِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ صَائِمِينَ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْمُصَنِّفُ اهـ وَفِي الْمَوَّاقِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيهِ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ الصَّوْمِ عَلَى الْعُمُومِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ يُوَكَّلُونَ لِاخْتِيَارِهِمْ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ فِي الصَّوْمِ قَوْلَيْنِ هَلْ يَأْمُرُ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ لَا وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَأْمُرُ بِهِ الْإِمَامُ إلَّا ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَفِي ح قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَحُضُّ الْإِمَامُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَأْمُرُ بِالطَّاعَةِ وَيُحَذِّرُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ اهـ وَفِي بَهْرَامَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ يَأْمُرُهُمْ بِالتَّقَرُّبِ وَالصَّدَقَةِ بَلْ حَكَى الْجُزُولِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ اهـ قَالَ تت وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ طَرِيقَةٌ فَلَا نَظَرَ قَالَ طفى لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ طَرِيقَةً اهـ بْن إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِهَا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الصَّوْمِ عَدَمُ الْأَمْرِ بِهِ (قَوْلُهُ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ إنْ أَمَرَ بِمَنْدُوبٍ أَوْ مُبَاحٍ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ

[فصل أحكام الموتى]

وَهِيَ النَّدَمُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ الذَّنْبِ وَنِيَّةُ عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهِ فَإِنْ عَادَ لَمْ تُنْتَقَضْ (وَ) بِ (رَدِّ تَبِعَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمَظْلَمَةِ إلَى أَهْلِهَا. (وَجَازَ تَنَفُّلٌ قَبْلَهَا) أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (وَبَعْدَهَا) وَلَوْ بِمُصَلًّى بِخِلَافِ الْعِيدِ فَيُكْرَهُ بِالْمُصَلَّى كَمَا مَرَّ (وَاخْتَارَ) مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ) أَيْ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ نَدْبًا (بِمَحَلِّهِ لِمُحْتَاجٍ) لِجَدْبٍ عِنْدَهُ وَلَوْ بَعُدَ مَكَانُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى (قَالَ) مُعْتَرِضًا عَلَيْهِ (وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ وَلَوْ فَعَلَهُ لَنُقِلَ إلَيْنَا فَالْوَجْهُ الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا الْمَطْلُوبُ الدُّعَاءُ لَهُ كَمَا تُفِيدُهُ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْمَوْتَى (فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ) الْمُسْلِمِ وَلَوْ حُكْمًا الْمُتَقَدِّمِ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ وَلَيْسَ بِشَهِيدِ مُعْتَرَكٍ الْمَوْجُودِ وَلَوْ جُلَّهُ لَا كَافِرٍ وَسَقْطٍ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَشَهِيدٍ وَدُونَ الْجُلِّ كَمَا يَأْتِي وَدَخَلَ كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ كَمَا يَأْتِي (بِمُطَهِّرٍ) أَيْ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ (وَلَوْ بِزَمْزَمَ) خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَجُوزُ بِهِ غُسْلُ مَيِّتٍ وَلَا نَجَاسَةَ (وَ) فِي وُجُوبِ (الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) كِفَايَةٌ فِيهِمَا وَشَبَّةٌ فِي الْوُجُوبِ كِفَايَةٌ فَقَطْ قَوْلُهُ (كَدَفْنِهِ وَكَفْنِهِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ فِيهِمَا أَيْ مُوَارَاتِهِ فِي التُّرَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ أَمَرَ بِمَكْرُوهٍ فَفِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ قَوْلَانِ وَإِنْ أَمَرَ بِمُحَرَّمٍ فَلَا يُطَاعُ قَوْلًا وَاحِدًا إذْ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْإِمَامِ إذَا أَمَرَ بِمُبَاحٍ أَوْ مَنْدُوبٍ تَجِبُ طَاعَتُهُ إذَا كَانَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ إذَا أَمَرَ بِهِمَا وَجَبَتْ طَاعَتُهُ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن، هَذَا وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ زَيْنٌ الْجِيزِيُّ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ حَيْثُ أَمَر الْبَاشَا بِذَلِكَ وَمَالَ تِلْمِيذُهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ لِلْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَهِيَ النَّدَمُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ الذَّنْبِ) أَيْ لِأَجْلِ قُبْحِهِ شَرْعًا لَا لِأَجْلِ إضْرَارِهِ بِالْبَدَنِ أَوْ ازْدِرَاءِ النَّاسِ بِهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَوْبَةً (قَوْلُهُ لَمْ تُنْتَقَضْ) . اعْلَمْ أَنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا وَأَمَّا تَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي فَمَقْبُولَةٌ ظَنًّا عَلَى التَّحْقِيقِ وَقِيلَ قَطْعًا وَعَلَى كُلٍّ إذَا أَذْنَبَ بَعْدَهَا لَا تَعُودُ ذُنُوبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَدَمُ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَمِنْ الْمَعْصِيَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ تَوْبَةَ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مَقْبُولَةٌ وَمَحَلُّ مَا وَرَدَ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَبَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَلَى الْكَافِرِ دُونَ الْمُؤْمِنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَرَدِّ تَبِعَةٍ) أَيْ بَاقِيَةٍ عَيْنُهَا وَهَذَا تَتَضَمَّنَهُ التَّوْبَةُ وَإِلَّا عُدِمَ الْإِقْلَاعُ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ أَرْكَانِهَا، فَإِنْ عُدِمَتْ عَيْنُهَا فَرَدُّ الْعِوَضِ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ لَا تَتَوَقَّفُ التَّوْبَةُ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ التَّوْبَةِ مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ دُونَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ بِمَحَلِّهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ لِمَحَلِّ الْمُخْتَارِ لَصَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُحْتَاجِينَ فَيُخَاطَبُ مَعَهُمْ بِالسُّنَّةِ وَيَجُوزُ لَهُ إقَامَتُهَا بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْمَازِرِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الْخُطْبَةِ [فَصْلٌ أَحْكَامَ الْمَوْتَى] (فَصْلٌ ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْجَنَائِزِ) (قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَمَّا وُجُوبُ الْغُسْلِ فَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَأَمَّا سُنِّيَّتُهُ فَحَكَاهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْجَلَّابِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ وَأَمَّا وُجُوبُ الصَّلَاةِ فَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ ابْنِ نَاجِيٍّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَأَمَّا سُنِّيَّتُهَا فَلَمْ يَعْزُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنِ عَرَفَةَ إلَّا لِأَصْبَغَ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَنْبَطَهُ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ وَذَكَرَ ح عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهَا عَدَمُ الْفَرْضِيَّةِ وَهُوَ يُفِيدُ تَشْهِيرَ السُّنِّيَّةِ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَدَخَلَ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ أَيْ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ) وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلنَّظَافَةِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لِتَشْرِيفِهِ وَتَكْرِيمِهِ لَا لِنَجَاسَتِهِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الْجَوَازِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِيَكُونَ وِفَاقًا لِلْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يُكَفَّنُ مَنْ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ وَبِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَاءِ قَدْ ذَهَبَتْ مِنْهُ اُنْظُرْ ح اهـ بْن وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بِهِ

[كيفية تغسيل الميت]

وَإِدْرَاجِهِ فِي الْكَفَنِ (وَسُنِّيَّتُهُمَا) أَيْ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ أَرْجَحُهُ الْأَوَّلُ (وَتَلَازَمَا) أَيْ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ فَكُلُّ مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ أَيْ أَوْ بَدَلُهُ مِنْ التَّيَمُّمِ طُلِبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يُغَسَّلُ لِفَقْدِ وَصْفٍ مِنْ الْأَوْصَافِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (وَغُسِّلَ) الْمَيِّتُ (كَالْجَنَابَةِ) إجْزَاءً وَكَمَالًا إلَّا مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَيِّتُ مِنْ تَكْرَارِ غُسْلٍ وَسِدْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي وَلَا يَتَكَرَّرُ الْوُضُوءُ بِتَكَرُّرِ الْغُسْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثَلَاثًا ثُمَّ يَبْدَأُ بِغُسْلِ الْأَذَى فَيُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً فَيُثَلِّثُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُقَلِّبُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ يُقَلِّبُهُ عَلَى الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ (تَعَبُّدًا) وَقِيلَ لِلنَّظَافَةِ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّهُ فِعْلٌ فِي الْغَيْرِ. (وَقُدِّمَ) عَلَى الْعَصَبَةِ (الزَّوْجَانِ) أَيْ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا وَلَوْ أَوْصَى بِخِلَافِهِ (إنْ صَحَّ النِّكَاحُ) لَا إنْ فَسَدَ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ) بِوَجْهٍ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ الْآتِيَةِ كَالدُّخُولِ فَيُقَدَّمُ (بِالْقَضَاءِ) إنْ أَرَادَ الْمُبَاشَرَةَ بِنَفْسِهِ لَا التَّوْكِيلَ (وَإِنْ) كَانَ الْحَيُّ مِنْهُمَا (رَقِيقًا أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِي الْغُسْلِ لَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ (أَوْ) وَإِنْ حَصَلَ الْمَوْتُ (قَبْلَ بِنَاءٍ) بِالزَّوْجَةِ (أَوْ) وَإِنْ كَانَ (بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ) وَجَبَ الْخِيَارُ فِي رَدِّ النِّكَاحِ لِفَوَاتِ الرَّدِّ بِالْمَوْتِ (أَوْ) وَإِنْ (وَضَعَتْ) الزَّوْجَةُ (بَعْدَ مَوْتِهِ) فَيُقْضَى لَهَا بِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ بِالزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِدَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغُسْلُ مَيِّتٍ وَلَا نَجَاسَةَ أَيْ لِتَشْرِيفِهِ وَتَكْرِيمِهِ لَا لِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِدْرَاجِهِ فِي الْكَفَنِ) قَالَ ح لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ سَتْرِ عَوْرَةِ الْمَيِّتِ وَمَا حَكَاهُ بَهْرَامُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ أَنَّ كَفَنَهُ سُنَّةٌ يُحْمَلُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ إذْ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ سِتْرِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ أَرْجَحُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ وُجُوبُ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَتَلَازَمَا) أَيْ فِي الطَّلَبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَكُلُّ مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ إلَخْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ فِي الْفِعْلِ وُجُودًا وَعَدَمًا لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ الْغُسْلُ وَتَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (وَقَوْلُهُ وَمَنْ لَا يُغَسَّلُ) أَيْ وَمَنْ لَا يُطْلَبُ تَغْسِيلُهُ لِفَقْدِ إلَخْ وَأَمَّا مَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ كَمَا إذَا كَثُرَتْ الْمَوْتَى جِدًّا فَغُسْلُهُ مَطْلُوبٌ ابْتِدَاءً لَكِنْ يَسْقُطُ لِلتَّعَذُّرِ وَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَبِهَذَا قَرَّرَ طفى فِيمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى [كَيْفِيَّة تَغْسِيل الْمَيِّت] (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) وَعَلَيْهِ فَيُوَضِّئُهُ عِنْدَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى ثَلَاثًا لَا مَرَّةً قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي اسْتِحْبَابِ تَوْضِيئِهِ قَوْلَانِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَفِي تَكَرُّرِهِ مَعَ تَكَرُّرِ الْغُسْلِ قَوْلَانِ اهـ وَنَصَّهُ الْبَاجِيَّ وَيَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْرِيرِهِ بِتَكْرِيرِ الْغُسْلِ أَنَّهُ لَا يُوَضِّئُهُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ ثَلَاثًا بَلْ مَرَّةً مَرَّةً حَتَّى لَا يَقَعَ التَّكْرَارُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَإِذَا لَمْ نَقُلْ بِتَكْرِيرِهِ أُتِيَ بِثَلَاثٍ أَوَّلًا اهـ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَرْجَحِيَّةِ عَدَمِ تَكْرِيرِ الْوُضُوءِ تَبِعَ فِيهَا عج قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَيُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً إلَخْ) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا خِلَافُ نَقْلِ التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ (قَوْلُهُ تَعَبُّدًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْغُسْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ وَغُسِّلَ تَعَبُّدًا أَيْ مُتَعَبَّدًا بِهِ أَيْ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ حِكْمَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ التَّعَبُّدِيَّ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مَا لَا عِلَّةَ لَهُ أَصْلًا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ مَا لَهُ عِلَّةٌ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَمِيعُ أَفْعَالِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدُّنْيَا لَا تَخْلُو عَنْ مَصْلَحَةٍ وَحِكْمَةٍ تَفَضُّلًا مِنْهُ أَوْ يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ طَلَبَ غُسْلِ الْمَيِّتِ تَعَبُّدِيٌّ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ لِلنَّظَافَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ إلَّا ابْنُ شَعْبَانَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ غُسْلُ الذِّمِّيِّ وَعَدَمُ غُسْلِهِ فَمَالِكٌ يَقُولُ لَا يُغَسِّلُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَ الْمُسْلِمُ قَرَابَتَهُ الْمُشْرِكِينَ وَيَدْفِنَهُمْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ: هَلْ الْغُسْلُ تَعَبُّدٌ أَوْ لِلنَّظَافَةِ؟ فَعَلَى التَّعَبُّدِ لَا يَجُوزُ غُسْلُ الْكَافِرِ وَعَلَى النَّظَافَةِ يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي فِعْلِ الْغَيْرِ) أَيْ وَالتَّعَبُّدُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ إذَا كَانَ فِعْلًا فِي النَّفْسِ (قَوْلُهُ أَيْ الْحَيُّ مِنْهُمَا) فَإِنْ كَانَ الْحَيُّ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ تَشَارُكُهُمَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِاقْتِرَاعِهِمَا. (تَنْبِيهٌ) كَمَا يُقَدَّمُ الزَّوْجُ بِالْقَضَاءِ عَلَى أَوْلِيَاءِ زَوْجَتِهِ فِي غُسْلِهَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا بِالْقَضَاءِ فِي إنْزَالِهَا قَبْرَهَا وَلَحْدَهَا وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ زَوْجِهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ قُدِّمَتْ عَلَيْهِمْ فِي غُسْلِهِ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّ النِّكَاحُ) ، أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِأَنْ كَانَ فَاسِدًا أَوْ مَضَى بِالدُّخُولِ أَوْ الطُّولِ (وَقَوْلُهُ لَا إنْ فَسَدَ) أَيْ فَلَا يُقَدَّمُ مَا لَمْ يَمْضِ بِشَيْءٍ مِمَّا يَمْضِي بِهِ الْفَاسِدُ مِنْ دُخُولٍ وَنَحْوِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ إذَا فَسَدَ النِّكَاحُ لَا يُقَدَّمُ الْحَيُّ مِنْهُمَا إذَا وُجِدَ مَنْ يَجُوزُ مِنْهُ الْغُسْلُ فَإِنْ عُدِمَ وَصَارَ الْأَمْرُ لِلنَّجْمِ كَانَ غُسْلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ مِنْ تَحْتِ ثَوْبٍ أَحْسَنَ لِأَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَجَازَهُ، كَذَا نَقَلَ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ الْمُبَاشَرَةَ) هَذَا شَرْطٌ فِي تَقْدِيمِ الْحَيِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَقِيقًا أَذِنَ سَيِّدُهُ فِي الْغُسْلِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي إذْنُهُ لَهُ فِي الزَّوَاجِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي مَاتَتْ غَيْرَ حُرَّةٍ

كَالْمِيرَاثِ (وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ تَغْسِيلِ الزَّوْجِ لَهَا (إنْ) مَاتَتْ وَ (تَزَوَّجَ أُخْتَهَا) عَقِبَ مَوْتِهَا وَقَبْلَ تَغْسِيلِهَا (أَوْ) مَاتَ فَوَضَعَتْ و (تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) فَالْأَحَبُّ نَفْيُ تَغْسِيلِهِ. (لَا) مُطَلَّقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ) فَلَا يُغَسِّلُهَا إنْ مَاتَتْ وَلَا تُغَسِّلُهُ إنْ مَاتَ لِحُرْمَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا (وَ) لَا (كِتَابِيَّةٌ) فَلَا تُغَسِّلُ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ (إلَّا بِحَضْرَةِ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ) عَارِفٍ بِالْغُسْلِ فَيُقْضَى لَهَا بِالْغُسْلِ، وَهَذَا فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلنَّظَافَةِ لَا لِلتَّعَبُّدِ إذْ الْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَقَدْ يُقَالُ مَحَلُّ كَوْنِ الْكَافِرِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فِي التَّعَبُّدِ الْمُفْتَقِرِ إلَى نِيَّةٍ وَهُوَ مَا كَانَ فِي النَّفْسِ كَالصَّلَاةِ لَا مَا كَانَ فِي الْغَيْرِ كَمَا هُنَا (وَإِبَاحَةٍ الْوَطْءِ) إبَاحَةً مُسْتَمِرَّةً (لِلْمَوْتِ بِرِقٍّ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ عَبْدًا (تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَلَهَا عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يُقْضَى لَهَا عَلَى عَصَبَةِ السَّيِّدِ اتِّفَاقًا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِمْ لَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ كَذَلِكَ وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ سَحْنُونًا يُخَالِفُ ابْنَ الْقَاسِمِ إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ مُطْلَقًا، وَيُوَافِقُهُ فِي الْقَضَاءِ إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَهِيَ حُرَّةٌ فَيَقْضِي لِلزَّوْجِ وَلَوْ رَقِيقًا حِينَئِذٍ بِاتِّفَاقِهِمَا حَيْثُ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مَاتَ يُقْضَى لِلزَّوْجَةِ بِتَغْسِيلِهِ مُطْلَقًا كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَذِنَ سَيِّدُهَا، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ يُقْضَى لِلزَّوْجِ بِتَغْسِيلِهَا كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَلَا يُقْضَى لَهَا بِتَغْسِيلِهِ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا يُقْضَى لِلزَّوْجِ بِتَغْسِيلِهَا كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً قُضِيَ لِلزَّوْجِ بِتَغْسِيلِهَا كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَالْمِيرَاثِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلزَّوْجَةِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ) أَيْ وَغُسْلُهَا لَهُ مَكْرُوهٌ كَمَا يُكْرَهُ تَغْسِيلُهُ لَهَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَاسْتِحْبَابُ نَفْيِ التَّغْسِيلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ عِنْدَهُ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمَّا نَقَلَ الِاسْتِحْبَابَ فِي الْأُولَى قَالَ فِي هَذِهِ مَا نَصُّهُ: وَكَذَلِكَ عِنْدِي إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ حَيْثُ قَالَا تُغَسِّلُهُ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ اهـ بْن. وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِي الثَّانِيَةِ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ تَعْلَمُ أَنَّ فِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالِاسْمِ وَهُوَ الْأَحَبُّ الْمُسَلَّطُ عَلَى هَذَا الْمَعْطُوفِ نَظَرًا، فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ أَنْ يُعَبِّرَ فِي جَانِبِ الْمَعْطُوفِ بِرَجَحَ وَقَدْ يُجَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِرَجَحَ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا أَنَّهُ مَتَى كَانَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ يُشِيرُ لَهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ لَا رَجْعِيَّةٌ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ وَيُغَسِّلُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ لَا رَجْعِيَّةٌ فَلَا تَغْسِيلَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا) أَيْ لِانْحِلَالِ عَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُولِي مِنْهَا وَالْمُظَاهِرِ مِنْهَا إذَا كَانَتْ زَوْجَةً فَيُغَسِّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ لِبَقَاءِ عَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ غَيْرِ انْحِلَالٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا فَرْعٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ هَلْ غُسْلُ الْمَيِّتِ تَعَبُّدٌ أَوْ لِلنَّظَافَةِ قَوْلَانِ وَعَلَيْهِمَا اُخْتُلِفَ فِي غُسْلِ الذِّمِّيِّ لَيْسَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ حَتَّى يَتِمَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْبِنَاءِ بَلْ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ كَمَا فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ فِي تَغْسِيلِ الْمُسْلِمِ قَرِيبَهُ الْكَافِرَ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ فَتَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ يَأْتِي عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْفَرْعُ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِبَاحَةُ الْوَطْءِ إبَاحَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ لِلْمَوْتِ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَأَمَةِ الْقِرَاضِ وَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ الْمَدْيُونِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَالْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَلَا تُغَسَّلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ سَيِّدَهَا وَلَا يُغَسِّلُهَا سَيِّدُهَا كَذَا فِي خش، وَكَذَا خَرَجَ بِالْأَمَةِ الْمُولَى مِنْهَا أَيْ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالْأَمَةُ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا لِعَدَمِ إبَاحَةِ الْوَطْءِ فِيهِمَا وَفِي النَّوَادِرِ: كُلُّ أَمَةٍ لَا يَحِلُّ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا لَا يُغَسِّلُهَا وَلَا تُغَسِّلُهُ، وَلَا مَعْنَى لِتَفْرِقَةِ عبق بَيْنَ الْمُولَى مِنْهَا وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا حَيْثُ قَالَ لَا تُغَسِّلُهُ الْأُولَى وَلَا يُغَسِّلُهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَالْحَقُّ مَا اسْتَظْهَرَهُ ح مِنْ الْمَنْعِ فِيهِمَا مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا وَالزَّوْجَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا، وَفَرَّقَ طفى بِأَنَّ الْغُسْلَ فِي الْأَمَةِ وَفِي الْمَالِكِ مَنُوطٌ بِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ وَفِي الزَّوْجَيْنِ بِعَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ اُنْظُرْ بْن، وَلَا يَضُرُّ مَنْعُ الْوَطْءِ بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لَا فِي الْأَمَةِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِبَاحَةُ الْوَطْءِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِبَاحَةِ كَافٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُقْضَى لَهَا إلَخْ) أَيْ بِاتِّفَاقٍ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ طفى وَأَمَّا

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ زَوْجَيْنِ أَوْ أَسْقَطَ حَقُّهُ أَوْ غَابَ قُدِّمَ (أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ) فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ وَشَقِيقٌ عَلَى ذِي أَبٍ عَلَى تَرَتُّبِهِمْ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ بِالْقَضَاءِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ وَلَا قَرِيبٌ أَوْ غَابَ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ غَسَّلَهُ (أَجْنَبِيٌّ) ذَكَرٌ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ غَسَّلَتْهُ (امْرَأَةٌ مَحْرَمُ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَصِهْرٍ كَزَوْجَةِ ابْنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَهَلْ تَسْتُرُهُ) جَمِيعَهُ وُجُوبًا (أَوْ) تَسْتُرُ (عَوْرَتَهُ) فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لَهَا وَهِيَ كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ (تَأْوِيلَانِ) . (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا بَلْ أَجْنَبِيَّةً فَقَطْ (يُمِّمَ لِمِرْفَقَيْهِ) لَا لِكُوعَيْهِ فَقَطْ كَمَا قِيلَ (كَعَدَمِ الْمَاءِ) فَيُيَمَّمَ لِمِرْفَقَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ غُسِّلَ وَإِلَّا فَلَا (وَ) كَخَوْفِ (تَقْطِيعِ الْجَسَدِ) أَيْ انْفِصَالِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ (وَتَزْلِيعِهِ) أَيْ تَسَلُّخِهِ فَيَحْرُمُ تَغْسِيلُهُ وَيُيَمَّمُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِمِرْفَقَيْهِ. (وَصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ) الصَّبُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ تَقَطُّعٍ أَوْ تَزَلُّعٍ (مَاءٌ) مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ (كَمَجْدُورٍ) وَنَحْوِهِ فَيُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَخَفْ تَزَلُّعُهُ) أَوْ تَقَطُّعُهُ رَاجِعٌ لِلْمَجْرُوحِ وَالْمَجْدُورِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ خِيفَ مَا ذَكَرَ يُمِّمَ. (وَالْمَرْأَةُ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ أَوْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهُ لَهَا أَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ تُغَسِّلُهَا (أَقْرَبُ امْرَأَةٍ) بِنْتٌ فَبِنْتُ ابْنٍ فَأُمٌّ فَأُخْتٌ فَبِنْتُ أَخٍ فَجَدَّةٌ فَعَمَّةُ عَمٍّ وَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ تُوجَدْ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ غَسَّلَتْهَا (أَجْنَبِيَّةٌ) فَلَا تُبَاشِرُ عَوْرَتَهَا بِيَدِهَا (وَ) إذَا غُسِّلَتْ (لُفَّ شَعْرُهَا وَلَا يُضَفَّرُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُنْدَبُ ضَفْرُهُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّيِّدُ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَوْلِيَاءِ أَمَتِهِ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ مَعَ إبَاحَةِ وَطْئِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مِنْ الْكُفَّارِ فَلَا إذْ لَا عِلَاقَةَ لَهُمْ بِهِ كَمَا يَأْتِي الْمُصَنِّفُ يَقُولُ وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ، وَقِيلَ إنَّ الْوَلِيَّ الْكَافِرَ يُغَسِّلُ الْمُسْلِمَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ إلَّا النِّسَاءُ الْأَجَانِبُ أَمَّا إنْ وُجِدَ مَعَهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَسِّلَهُ الْكَافِرُ وَلَوْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَهَذَا الْخِلَافُ قَدْ نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَنَصُّهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ تُعَلِّمُهُ النِّسَاءُ وَيُغَسِّلُهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَلِي ذَلِكَ كَافِرٌ وَلَا كَافِرَةٌ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُغَسِّلُهُ الْكَافِرُ ثُمَّ يُحْتَاطُ بِتَيَمُّمِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْأَخَ وَابْنَهُ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْجَدِّ هُنَا وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عج: بِغُسْلٍ وَإِيصَاءٍ وَلَاءِ جِنَازَةٍ ... نِكَاحٍ أَخًا وَابْنًا عَلَى الْجَدِّ قُدِّمَ وَعَقْلٍ وَوَسِّطْهُ بِبَابِ حَضَانَةٍ ... وَسَوِّهِ مَعَ الْآبَاءِ فِي الْإِرْثِ وَالدَّمِ (تَنْبِيهٌ) أَقْرَبُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ الْقَرِيبِ الْأَخِيرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَقْرَبُ مِمَّا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ قَرِيبٌ لَا أَقْرَبُ فَأَقْرَبُ مَجَازٌ فِيهِ (قَوْلُهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَصِهْرٍ) أَيْ وَمَحْرَمُ النَّسَبِ تَقَدَّمَ عَلَى مَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَمَحْرَمُ الرَّضَاعِ تَقَدَّمَ عَلَى مَحْرَمِ الصُّهَارَةِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِسَنَدٍ الْقَائِلُ إنَّ مَحْرَمَهُ مِنْ الصِّهَارَةِ لَا تُغَسِّلُهُ (قَوْلُهُ وَهَلْ تَسْتُرُهُ جَمِيعَهُ) أَيْ وَلَا تُبَاشِرُهُ إلَّا بِخِرْقَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سَاتِرٌ غَضَّتْ بَصَرَهَا وَلَا تَتْرُكُ غُسْلَهُ وَ (قَوْلُهُ وَهِيَ كَرَجُلٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّ عَوْرَتَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ مَعَ رَجُلٍ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ يَمَّمَ لِمِرْفَقَيْهِ) أَيْ يَمَّمَتْهُ تِلْكَ الْأَجْنَبِيَّةُ لِمِرْفَقَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا لَمْ بِأَنْ يُوجَدَ الْمَاءُ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَا يُغَسِّلُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا يَمَّمَتْ الرَّجُلَ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَإِنْ كَانَ مَجِيئُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ غَسَّلَهُ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا فَلَا يُغَسِّلُهُ (قَوْلُهُ وَكَخَوْفِ تَقْطِيعِ الْجَسَدِ إلَخْ) حَمْلُهُ عَلَى الْخَوْفِ تَبِعَ فِيهِ ح وَبَهْرَامَ، وَحَمَلَهُ تت عَلَى حُصُولِ التَّقْطِيعِ وَالتَّزْلِيعِ بِالْفِعْلِ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ فَاحِشًا وَصَوَّبَهُ طفى وَاعْتَرَضَ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ح وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهُ يُوجِبُ التَّكْرَارَ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ مَاءٌ إنْ لَمْ يَخَفْ تَزَلُّعَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لَهُ) أَيْ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ تَزَلُّعَهُ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ) أَيْ أَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ لَكِنْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهُ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ) لِإِسْقَاطِهِ لَحِقَهُ أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ) الْمُرَادُ بِالْأَقْرَبِ مَا يَشْمَلُ الْقَرِيبَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْقَرِيبَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ) أَيْ وَلَوْ كَافِرَةً بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ أَجْنَبِيٍّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعَلِّمُهَا لَا أَنَّهُ يَحْضُرُ الْغُسْلَ (قَوْلُهُ فَلَا تُبَاشِرُ عَوْرَتَهَا بِيَدِهَا) أَيْ بَلْ تَلِفُ عَلَى يَدِهَا خِرْقَةً وَأَمَّا قَوْلُ عبق وَتُبَاشِرُ الْأَجْنَبِيَّةُ غُسْلَهَا بِلَا خِرْقَةٍ حَتَّى عَوْرَتِهَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُمْنَعُ النَّظَرُ فَمَنْعُ الْجَسِّ بِالْيَدِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمَازِرِيِّ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا غُسْلُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تَسْتُرُ مِنْهَا مَا يَسْتُرُ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلُفَّ شَعْرُهَا) أَيْ أُدِيرَ عَلَى رَأْسِهَا كَالْعِمَامَةِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُنْدَبُ ضَفْرُهُ) حَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ

[أركان صلاة الجنازة]

غَسَّلَهَا (مَحْرَمٌ) نَسَبًا أَوْ صِهْرًا أَوْ رَضَاعًا وَيَلُفُّ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً غَلِيظَةً لِئَلَّا يُبَاشِرَ جَسَدَهَا وَيَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلًا كَثَوْبٍ يُعَلَّقُ بِالسَّقْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (فَوْقَ ثَوْبٍ) يَمْنَعُ النَّظَرَ إلَيْهَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَحْرَمٌ وَلَيْسَ إلَّا رِجَالٌ أَجَانِبُ (يُمِّمَتْ) أَيْ يَمَّمَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ (لِكُوعَيْهَا) فَقَطْ وَجَازَ مَسُّهَا لِلضَّرُورَةِ مَعَ ضَعْفِ اللَّذَّةِ بِالْمَوْتِ (وَسُتِرَ) الْغَاسِلِ الْمَيِّتَ (مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتَيْهِ وَإِنْ) كَانَ (زَوْجًا) أَوْ سَيِّدًا وُجُوبًا فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَنَدْبًا فِيمَا بَعْدَهَا فَالْمُبَالَغَةُ فِي مُجَرَّدِ طَلَبِ السَّتْرِ (وَرُكْنُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَرْبَعَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ وَسَيَأْتِي خَامِسٌ أَوَّلُهَا (النِّيَّةُ) بِأَنْ يَقْصِدَ الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ وَلَا اعْتِقَادَ أَنَّهَا ذَكَرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أُنْثَى وَلَا عَكْسُهُ إذْ الْمَقْصُودُ بِالدُّعَاءِ هَذَا الْمَيِّتَ وَلَا عَدَمُ مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَدَعَا حِينَئِذٍ إنْ شَاءَ بِالتَّذْكِيرِ وَإِنْ شَاءَ بِالتَّأْنِيثِ. (وَ) ثَانِيهَا (أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ جِيءَ بِجِنَازَةٍ بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ عَلَى أُخْرَى فَلَا يُشْرِكُهَا مَعَهَا (وَإِنْ زَادَ) الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ تَأْوِيلًا وَكَذَا سَهْوًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ (لَمْ يُنْتَظَرْ) بَلْ يُسَلِّمُونَ وَصَحَّتْ لَهُمْ كَصَلَاتِهِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لَيْسَ كَالرَّكْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنْ اُنْتُظِرَ صَحَّتْ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ نَقَصَ سُبِّحَ لَهُ فَإِنْ رَجَعَ وَكَمَّلَ سَلَّمُوا مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْنَى وَلَا يَضْفِرُ وُجُوبًا بَلْ نَدْبًا لِأَنَّهُ حَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَفْعَلُ بِالشَّعْرِ كَيْفَ شَاءَ مِنْ لَفِّهِ وَأَمَّا الضَّفْرُ فَلَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَسَنٌ فِي الْفِعْلِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ غَسَّلَهَا مَحْرَمٌ) أَيْ رَجُلٌ مِنْ مَحَارِمِهَا (قَوْلُهُ نَسَبًا أَوْ صِهْرًا أَوْ رَضَاعًا) التَّعْمِيمُ فِي الْمَحْرَمِ هُنَا، وَفِي مَحْرَمِ الرَّجُلِ فِيمَا مَرَّ هُوَ ظَاهِرُ الْحَطَّابِ لِإِطْلَاقِهِ لَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ التَّعْمِيمَ فِيهِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَاعْتِرَاضُ بْن سَاقِطٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَوْقَ ثَوْبٍ) الْمُنَاسِبُ تَحْتَ ثَوْبٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَوْقَ خَلْفٌ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِهِ نَاظِرًا فَوْقَ ثَوْبٍ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْغَاسِلُ غَيْرَ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَنَدْبًا فِيمَا بَعْدَهَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِلشَّاذِلِيِّ وَتَبِعَهُ عبق مِنْ وُجُوبِ السَّتْرِ حَتَّى لِلزَّوْجِ [أَرْكَان صَلَاة الْجِنَازَة] (قَوْلُهُ النِّيَّةُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُعَادُ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كَاثْنَيْنِ اعْتَقَدَهُمَا وَاحِدًا إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَتُعَادُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ الْوَاحِدَ مُتَعَدِّدًا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَاحِدَ دُونَ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ كَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ) أَيْ كَمَا لَا يَضُرُّ عَدَمُ وَضْعِهَا عَنْ الْأَعْنَاقِ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَوْنِهِ لَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَ (قَوْلُهُ بِالتَّذْكِيرِ) أَيْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمَيِّتِ شَخْصًا وَ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ بِالتَّأْنِيثِ) أَيْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ نَسَمَةً (قَوْلُهُ وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) أَيْ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ زَمَنَ الْفَارُوقِ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَرَى التَّكْبِيرَ ثَلَاثًا وَبَعْضُهُمْ أَرْبَعًا وَبَعْضُهُمْ خَمْسًا وَهَكَذَا إلَى تِسْعٍ وَاَلَّذِي لِابْنِ نَاجِيٍّ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ بَعْدَ زَمَنِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَرْبَعٍ مَا عَدَا ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّهَا خَمْسٌ وَمِثْلُ مَا لِابْنِ نَاجِيٍّ لِلنَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْرِكُهَا مَعَهَا) أَيْ بَلْ يَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْأُولَى حَتَّى يُتِمَّهَا ثُمَّ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَيَبْتَدِئَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] أَوْ لَا يَقْطَعَ وَيَتَمَادَى عَلَيْهِمَا إلَى أَنْ يُتِمَّ تَكْبِيرَ الْأُولَى وَيُسَلِّمَ وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يُكَبِّرَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ يَتَمَادَى إلَى أَنْ يُتِمَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الثَّانِيَةِ فَيَكُونَ قَدْ كَبَّرَ عَلَى الْأُولَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَلِذَا قِيلَ لَا يَدْخُلُهَا مَعَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ لَمْ يَنْتَظِرْ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ انْتِظَارُهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّهُ يُنْتَظَرُ لِيُسَلِّمُوا مَعَهُ، وَنَصُّ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ أَشْهَبُ لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَمْسًا فَلْيَسْكُتُوا حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُونَ فِي الْخَامِسَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ أَيْ كَبَّرَ الْخَامِسَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا (قَوْلُهُ صَحَّتْ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ) أَيْ سَهْوًا وَأَمَّا عَمْدًا فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَعَادَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَلَّمَ عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ فَإِنَّ مَأْمُومَهُ لَا يَتْبَعُهُ بَلْ إنْ كَانَ نَقَصَ سَاهِيًا سَبَّحَ لَهُ فَإِنْ رَجَعَ وَكَمَّلَ سَلَّمُوا مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَتَرَكَهُمْ كَبَّرُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مُطْلَقًا تَنَبَّهَ عَنْ قُرْبٍ وَكَمَّلَ صَلَاتَهُ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ عَنْ قُرْبٍ فَإِنْ صَلَاتَهُمْ تَبْطُلُ تَبَعًا لِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ نَقَصَ عَمْدًا وَهُوَ يَرَاهُ مَذْهَبًا لَمْ يَتْبَعُوهُ وَأَتَوْا بِتَمَامِ الْأَرْبَعِ وَصَحَّتْ لَهُمْ وَلَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ مَذْهَبًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أَتَوْا بِرَابِعَةٍ تَبَعًا لِبُطْلَانِهَا عَلَى الْإِمَامِ وَحِينَئِذٍ فَتُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنُ فَإِنْ دُفِنَتْ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ

وَإِلَّا كَبَّرُوا وَسَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَقِيلَ تَبْطُلُ لِبُطْلَانِهَا عَلَى إمَامِهِمْ (وَ) ثَالِثُهَا (الدُّعَاءُ) مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ أَقَلُّهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ أَوْ ارْحَمْهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَأَحْسَنُهُ دُعَاءُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَيَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ: اللَّهُمَّ إنَّهَا أَمَتُكَ وَبِنْتُ عَبْدِكَ وَبِنْتُ أَمَتِكَ وَيَتَمَادَى عَلَى التَّأْنِيثِ. وَفِي الطِّفْلِ الذَّكَرِ: اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ أَنْتَ خَلَقْتَهُ وَرَزَقْتَهُ وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا وَلَا تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ. وَغَلَّبَ الْمُذَكَّرَ عَلَى الْمُؤَنَّثِ فِي التَّثْنِيَةِ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّهُمَا عَبْدَاكَ وَابْنَا عَبْدَيْكَ وَابْنَا أَمَتَيْكَ إلَخْ وَكَذَا فِي الْجَمْعِ (وَدَعَا) وُجُوبًا (بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ) الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ الدُّعَاءِ وَخَبَرُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (وَإِنْ) (وَالَاهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ بِلَا دُعَاءٍ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ) عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَطَالَ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ فِيهِمَا لِفَقْدِ رُكْنِهَا وَهُوَ الدُّعَاءُ فِي الْأُولَى وَالتَّكْبِيرَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى الْقَبْرِ) رَاجِعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِلَّا كَبَّرُوا وَسَلَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْقَهْ بِالتَّسْبِيحِ لَا يُكَلِّمُونَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمْ يُكَلِّمُونَهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَبْطُلُ) أَيْ صَلَاتُهُمْ إنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ عَنْ قُرْبٍ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي ح عَنْ سَنَدٍ ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ هَذَا (قَوْلُهُ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ قَالَ فِي المج وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كِفَايَةُ مَنْ سَمِعَ مِنْ الْمَأْمُومِينَ دُعَاءَ الْإِمَامِ فَأَمَّنَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُؤَمَّنَ أَحَدُ الدَّاعِيَيْنِ كَمَا قَالُوهُ فِي {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89] أَنَّ مُوسَى كَانَ يَدْعُو وَهَارُونَ يُؤَمِّنُ (قَوْلُهُ وَأَحْسَنُهُ دُعَاءُ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ بَشِيرٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ دُعَاءٌ مُعَيَّنٌ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَالِكًا فِي الْمُدَوَّنَةِ اسْتَحَبَّ دُعَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ) أَيْ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (قَوْلُهُ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ وَحْدَك لَا شَرِيكَ لَك بَعْدَ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَالْأَحْسَنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ) أَيْ وَهِيَ السُّؤَالُ فِيهِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَطْفَالَ يُسْئِلُونَ، وَقِيلَ لَا يُسْئِلُونَ، وَقِيلَ بِالْوَقْفِ وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِشَيْءٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ يُقَالُ عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ حَتَّى بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَيَزِيدُ بَعْدَهُ لَكِنْ عَقِبَ الرَّابِعَةِ فَقَطْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا وَأَفْرَاطِنَا مَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ثُمَّ يُسَلِّمُ (قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ الدُّعَاءِ) أَيْ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا لِلَّخْمِيِّ لِقَوْلِ سَنَدٍ كَمَا فِي ح وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا لَمْ يَثْبُتْ الدُّعَاءُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ أَثْبَتَ سَحْنُونٌ الدُّعَاءَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ اهـ بْن وَكَانَ شَيْخُنَا أَوَّلًا يُقَرِّرُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَفَاضِلُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ذَكَرَ مُخْتَارَ اللَّخْمِيِّ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْوَاقِعِ لَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى قُوَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَخَبَرُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ) أَيْ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَعَدَمُ الدُّعَاءِ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَطَالَ) رَاجِعٌ لِلنِّسْيَانِ فَقَطْ فَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ نِسْيَانًا وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ رَجَعَ بِالنِّيَّةِ وَأَتَمَّ التَّكْبِيرَ وَلَا يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ الزِّيَادَةُ فِي عَدَدِهِ فَإِنْ كَبَّرَ حَسَبَهُ مِنْ الْأَرْبَعِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِيٍّ رُجُوعَهُ بِتَكْبِيرٍ وَلَا يَحْسِبُ تَكْبِيرَةَ الرُّجُوعِ مِنْ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا قَوْلَهُ وَطَالَ رَاجِعًا لِلنِّسْيَانِ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَمْدًا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى الْقَبْرِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ فَاتَ إخْرَاجُهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ الصَّلَاةَ النَّاقِصَةَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ إمَّا أَنْ نَجْعَلَهَا كَتَرْكِ الصَّلَاةِ رَأْسًا أَوْ لَا، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا كَتَرْكِهَا رَأْسًا كَمَا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ جَرَى فِيهَا مَا جَرَى فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ رَأْسًا، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ مَنْ دُفِنَ دُونَ صَلَاةٍ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ فَفِي الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَشْهَبَ وَشَرْطُ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي كَوْنِ الْفَوْتِ إهَالَةَ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَوْ الْفَرَاغَ مِنْ دَفْنِهِ، ثَالِثُهَا خَوْفُ تَغَيُّرِهِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى مِنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَالثَّالِثُ لِسَحْنُونٍ وَعِيسَى وَابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا لَيْسَتْ كَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَجَبَ أَنْ يُقَالَ فِيهَا أَيْ فِي مَسْأَلَةِ نَقْصِ بَعْضِ

لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ عَلَى الصَّوَابِ وَمَعَ رُجُوعِهِ لَهَا ضَعِيفٌ فَلَوْ قَالَ أَعَادَ مَا لَمْ تُدْفَنْ لَطَابَقَ مَا بِهِ الْفَتْوَى بَلْ قِيلَ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي الْأُولَى أَصْلًا وَرُجِّحَ أَيْضًا (وَ) رَابِعُهَا (تَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ) أَيْ يُسِرُّهَا نَدْبًا (وَسَمَّعَ الْإِمَامُ) نَدْبًا (مَنْ يَلِيهِ وَصَبَرَ الْمَسْبُوقُ) وُجُوبًا إذَا جَاءَ وَقَدْ فَرَغَ الْإِمَامُ وَمَأْمُومُهُ مِنْ التَّكْبِيرِ وَاشْتَغَلُوا بِالدُّعَاءِ (لِلتَّكْبِيرِ) أَيْ إلَى أَنْ يُكَبِّرَ، وَلَا يُكَبِّرُ حَالَ اشْتِغَالِهِمْ بِالدُّعَاءِ، فَإِنْ كَبَّرَ صَحَّتْ وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ أَدْرَكَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ كَبَّرَ مَعَهُمْ (وَدَعَا) بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (إنْ تُرِكَتْ وَإِلَّا) تُتْرَكْ بِأَنْ رُفِعَتْ بِفَوْرٍ (وَالَى) بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَلَا يَدْعُو لِئَلَّا تَصِيرَ صَلَاةً عَلَى غَائِبٍ. وَالرُّكْنُ الْخَامِسُ الْقِيَامُ لَهَا إلَّا لِعُذْرٍ (وَكُفِّنَ) نَدْبًا (بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ) وَقَضَى لَهُ بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ (وَقُدِّمَ) الْكَفَنُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (كَمَئُونَةِ الدَّفْنِ) أَيْ مُؤَنُ الْمُوَارَاةِ مِنْ غُسْلٍ وَحَنُوطٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرِ قَبْرٍ وَحِرَاسَةٍ إنْ اُحْتِيجَ (عَلَى) مَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنْ (دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهَنِ) بِخِلَافِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ كَالرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَأُمِّ الْوَلَدِ وَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَمُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكَفَنِ (وَلَوْ سُرِقَ) الْكَفَنُ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُقَدَّمُ فِي كَفَنٍ آخَرَ وَلَوْ قُسِّمَ الْمَالُ (ثُمَّ إنْ وُجِدَ) الْمَسْرُوقُ (وَ) قَدْ (عُوِّضَ) بِآخَرَ (وُرِّثَ) الْمَوْجُودُ عَلَى الْفَرَائِضِ (إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ) وَإِلَّا جُعِلَ فِيهِ (كَأَكْلِ السَّبْعِ الْمَيِّتَ) فَإِنَّ الْكَفَنَ يُوَرَّثُ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ (وَهُوَ) أَيْ الْكَفَنُ وَمَا مَعَهُ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَاجِبٌ (عَلَى الْمُنْفِقِ) عَلَى الْمَيِّتِ (بِقَرَابَةٍ) مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّكْبِيرِ بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِيهَا كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ مِنْ عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفٌ لِكُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَنْدَفِعُ هَذَا الْإِشْكَالُ بِمَا نَقَلَهُ عبق عَنْ الشَّارِحِ بَهْرَامَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ لَا بِقَوْلِ ح أَنَّهُ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ قَوْلَ الْجُمْهُورِ وَالْمَشْهُورُ إنَّمَا هُوَ فِي إثْبَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْجُمْلَةِ قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ فَعَلَى الْقَبْرِ بِمَا إذَا فَاتَ الْإِخْرَاجُ لِخَوْفِ التَّغَيُّرِ وَقَالَ طفى إنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ مُطْلَقًا وَيُصَلِّي عَلَى الْقَبْرِ كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ مِنْ اللَّهِ شَيْءٌ قَالَ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ اعْتِمَادُ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ وَاسْتِظْهَارِهِ وَتَرْكُ الْمَنْصُوصِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا وَالَى بَيْنَ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهَا تُعَادُ مَا لَمْ تُدْفَنْ فَإِنْ دُفِنَتْ فَقَدْ تَمَّ أَمْرُهَا وَلَا تُعَادُ عَلَى الْقَبْرِ، هَذَا وَجَعَلَهُ رَاجِعًا لِلثَّانِيَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق هُوَ مَا ارْتَضَاهُ طفى وَجَعَلَهُ تت وجد عج رَاجِعًا لِلْأُولَى وَرَدَّهُ طفى بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ ضَعِيفٌ) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَادَ مَا لَمْ تُدْفَنْ فَإِنْ دُفِنَتْ فَلَا إعَادَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَلَى مَا ارْتَضَاهُ طفى وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ إذَا دُفِنَ فَلَا إعَادَةَ لَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَلَا يَرُدُّ الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ وَلَا عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنَّهُ يُنْدَبُ رَدُّهُ عَلَى الْإِمَامِ إنْ سَمِعَهُ وَخِلَافًا لِسَمَاعِ ابْنِ غَانِمٍ مِنْ نَدْبِ رَدِّ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ (قَوْلُهُ وَسَمَّعَ الْإِمَامُ مَنْ يَلِيهِ) الْمُرَادُ بِمَنْ يَلِيهِ جَمِيعُ الْمَأْمُومِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَقَالَ عج أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَقَدْ فَرَغَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي حَالَةِ التَّكْبِيرِ أَوْ وَجَدَ الْمَأْمُومِينَ يُكَبِّرُونَ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَدْرَكَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ كَبَّرَ مَعَهُمْ (قَوْلُهُ وَلَا يُكَبِّرُ حَالَ اشْتِغَالِهِمْ بِالدُّعَاءِ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ) قَالَ عبق وَمُقْتَضَى سَمَاعِ أَشْهَبَ اعْتِدَادُهُ بِهَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ سَمَاعَ أَشْهَبَ يَقُولُ بِالِانْتِظَارِ أَوَّلًا لَكِنْ يُعْتَدُّ بِالتَّكْبِيرَةِ إنْ لَمْ يَنْتَظِرْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ وَقَدْ فَرَغَ الْإِمَامُ وَمَأْمُومُهُ مِنْ التَّكْبِيرِ وَاشْتَغَلُوا بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَلَا يَنْتَظِرُ لِأَنَّهُ لَا تَفُوتُ كُلُّ تَكْبِيرَةٍ إلَّا بِاَلَّتِي بَعْدَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ لِئَلَّا تَصِيرَ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ) اُسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ مَكْرُوهَةٌ كَمَا يَأْتِي وَالدُّعَاءُ رُكْنٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَيْفَ يُتْرَكُ الرُّكْنُ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي مَكْرُوهٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الدُّعَاءَ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا لَكِنْ خَفَّفُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْبُوقِ أَيْ أَنَّهُ رُكْنٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَمَا قَالُوا فِي الْقِيَامِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ أَنَّهُ فَرْضٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا إذَا تُرِكَتْ فَيَدْعُو وَإِذَا لَمْ تُتْرَكْ فَيُوَالِي التَّكْبِيرَ وَجِيهٌ لِنَفْعِ الْمَيِّت بِالدُّعَاءِ أَيَّدَهُ بْن، وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لطفى أَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ فَإِنَّهُ يُوَالِي التَّكْبِيرَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تُرِكَتْ أَوْ رُفِعَتْ فَوْرًا (قَوْلُهُ وَالرُّكْنُ الْخَامِسُ الْقِيَامُ لَهَا) جَعَلَ الْقِيَامَ فِيهَا وَاجِبًا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا فَهُوَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ وَكُفِّنَ نَدْبًا بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَدِيمًا وَهَذَا عِنْدَ اتِّفَاقِ الْوَرَثَةِ عَلَى تَكْفِينِهِ فِيهِ وَ (قَوْلُهُ وَقُضِيَ بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ) أَيْ عِنْدَ تَنَازُعِ الْوَرَثَةِ بِأَنْ

[المندوبات المتعلقة بالمحتضر والميت]

(أَوْ رِقٍّ لَا زَوْجِيَّةٍ) وَلَوْ فَقِيرَةً لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ بِالْمَوْتِ (وَالْفَقِيرُ) مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ الْأَخْذُ مِنْهُ (وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ) فَرْضُ كِفَايَةٍ. [الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ] ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَنْدُوبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ فَقَالَ (وَنُدِبَ) لِمَنْ حَضَرَتْهُ عَلَامَاتُ الْمَوْتِ (تَحْسِينُ ظَنِّهِ) أَيْ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ (بِاَللَّهِ تَعَالَى) بِأَنْ يَرْجُوَ رَحْمَتَهُ وَسَعَةَ عَفْوِهِ زِيَادَةً عَلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ تَغْلِيبُ الْخَوْفِ حَالَ الصِّحَّةِ لِيَحْمِلَهُ عَلَى كَثِيرِ الْعَمَلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَئِسَ مِنْ الْعَمَلِ فَطُلِبَ بِتَغْلِيبِ الرَّجَاءِ (وَ) نُدِبَ لِحَاضِرِهِ (تَقْلِيبُهُ) لِلْقِبْلَةِ (عِنْدَ إحْدَادِهِ) أَيْ شُخُوصِ بَصَرِهِ لِلسَّمَاءِ (عَلَى) شِقٍّ (أَيْمَنَ ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى (ظَهْرٍ) وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ (وَ) نُدِبَ (تَجَنُّبُ حَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ (وَجُنُبٍ لَهُ) لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ وَكَذَا كَلْبٌ وَتِمْثَالٌ وَآلَةُ لَهْوٍ وَكُلُّ شَيْءٍ تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ وَنُدِبَ حُضُورُ طِيبٍ وَأَحْسَنِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْحَاضِرِينَ إذْ هُوَ مِنْ مَوَاطِنِ الْإِجَابَةِ وَعَدَمُ بُكَا وَكَوْنُهُ طَاهِرًا وَمَا عَلَيْهِ طَاهِرًا (وَتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ) فَيُقَالُ بِحَضْرَتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَا يُقَالُ لَهُ قُلْ (وَتَغْمِيضُهُ) لِمَا فِي فَتْحِ عَيْنَيْهِ مِنْ قُبْحِ الْمَنْظَرِ (وَشَدُّ لَحْيَيْهِ) بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ وَيَرْبِطُهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ (إذَا قَضَى) أَيْ تَحَقَّقَ خُرُوجُ رُوحِهِ شَرْطٌ فِي الْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ (وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ) عَقِبَ مَوْتِهِ فَيُرَدُّ ذِرَاعَيْهِ لِعَضُدَيْهِ وَفَخْذَيْهِ لِبَطْنِهِ (بِرِفْقٍ، وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ) لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَلَبَ بَعْضُهُمْ تَكْفِينَهُ فِيهِ وَبَعْضُهُمْ تَكْفِينَهُ فِي غَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِوَاجِبٍ لَا بِمَنْدُوبٍ، وَلِذَا قَالَ بْن مَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ النَّدْبِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ الْوُجُوبُ وَلِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا زَوْجِيَّةٍ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ الزَّوْجَةِ وَلَوْ فَقِيرَةً هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّهُ لَازِمٌ لَهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً لَا إنْ كَانَتْ غَنِيَّةً (قَوْلُهُ لِمَنْ حَضَرَتْهُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ ظَنِّهِ رَاجِعٌ لِلْمَيِّتِ لَا بِمَعْنَى مَنْ قَامَ بِهِ الْمَوْتُ بَلْ بِمَعْنَى مَنْ حَضَرَتْهُ عَلَامَاتُهُ وَإِطْلَاقُ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنْ يُحْسِنَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ إضَافَةَ تَحْسِينٍ لِلظَّنِّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى حَالِ الصِّحَّةِ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى رَجَائِهِ مَا ذَكَرَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا طُلِبَ إلَخْ) ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ الْمُحْتَضَرَ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَلَبِ تَحْسِينِ ظَنِّهِ فَيُرَجِّحُ الرَّجَاءَ عَلَى الْخَوْفِ وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ إنَّهُ مِثْلُ الْمُحْتَضَرِ لِاحْتِمَالِ طُرُوقِ الْمَوْتِ لَهُ فِي كُلِّ نَفَسٍ وَهُوَ الَّذِي لِابْنِ عَرَبِيٍّ الْحَاتِمِيِّ، وَقِيلَ يَعْتَدِلُ عِنْدَهُ جَانِبُ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَيَكُونَانِ كَجَنَاحَيْ الطَّائِرِ مَتَى رَجَّحَ أَحَدَهُمَا سَقَطَ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ غَلَبَةُ الْخَوْفِ لِيَحْمِلَهُ عَلَى كَثْرَةِ الْعَمَلِ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ، وَحُمِلَ حَدِيثُ «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» إلَخْ عَلَى الْمُحْتَضَرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِحَاضِرِهِ) أَيْ لِلْحَاضِرِ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ الَّذِي حَضَرَتْهُ عَلَامَاتُ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ) أَيْ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يُفْزِعَهُ (قَوْلُهُ عَلَى شِقٍّ أَيْمَنَ) أَيْ وَرِجْلَاهُ لِلْمَشْرِقِ وَرَأْسُهُ لِلْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ ظَهْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ قَبْلَ الظَّهْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ مِنْ تَقْدِيمِ الظَّهْرِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَحِينَئِذٍ فَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ أَيْ ثُمَّ أَيْسَرَ (قَوْلُهُ وَتَجَنُّبُ حَائِضٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِتَجَنُّبِ الْمَذْكُورَاتِ لَهُ أَنْ لَا يَكُونُوا فِي الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ) أَيْ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِدَفْعِ الْتِفَاتَاتٍ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ حُضُورُ طِيبٍ) أَيْ عِنْدَهُ كَأَنْ يُطْلَقَ بَخُورٌ عِنْدَهُ مَثَلًا أَوْ يُرَشَّ بِمَاءِ وَرْدٍ (قَوْلُهُ وَأَحْسَنِ أَهْلِهِ) أَيْ خَلْقًا وَخُلُقًا وَلَا يَنْبَغِي حُضُورُ الْوَارِثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنًا أَوْ زَوْجَةً أَوْ نَحْوَهُمَا (قَوْلُهُ وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ) أَيْ بِتَسْهِيلِ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ مِنْ مَوَاطِنِ الْإِجَابَةِ) أَيْ لِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الدُّعَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ بُكَا) بِالْقَصْرِ وَهُوَ مُجَرَّدُ إرْسَالِ الدُّمُوعِ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ وَالْمُرَادُ عَدَمُ بُكَا عِنْدَهُ لَا فِي الْبَيْتِ وَإِنَّمَا نُدِبَ عَدَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّصَبُّرَ أَجْمَلُ وَأَمَّا الْبُكَاءُ بِالْمَدِّ فَهُوَ الْعَوِيلُ وَالصُّرَاخُ وَهُوَ حَرَامٌ فَعَدَمُهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا عِنْدَهُ أَوْ خَارِجَ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ وَتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّسَالَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلَا يُكَرَّرُ التَّلْقِينُ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا إنْ تَكَلَّمَ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ نُطْقِهِ بِهِمَا فَإِنَّهُ يُلَقَّنُ ثَانِيًا لِيَكُونَ آخِرُ كَلَامِهِ مِنْ الدُّنْيَا النُّطْقَ بِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ لَهُ قُلْ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ لِلْفَتَّانَاتِ مَثَلًا لَا فَيُسَاءُ بِهِ الظَّنُّ (قَوْلُهُ إذَا قَضَى) أَيْ إذَا قَضَى أَجَلُهُ أَيْ فَرَغَ أَجَلُهُ (قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي الْأَمْرَيْنِ) وَهُمَا تَغْمِيضُهُ وَشَدُّ لَحْيَيْهِ فَيُكْرَهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْهُمَا قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ لِئَلَّا يُفْزِعَهُ (قَوْلُهُ وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ)

[مندوبات غسل الميت]

الْفَسَادُ وَتَنَالَهُ الْهَوَامُّ (وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ) صَوْنًا لَهُ عَنْ الْأَعْيُنِ (وَوَضْعُ) شَيْءٍ (ثَقِيلٌ) كَسَيْفٍ أَوْ حَدِيدَةٍ أَوْ حَجَرٍ (عَلَى بَطْنِهِ) خَوْفَ انْتِفَاخِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ (وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ) وَدَفْنُهُ خِيفَةَ تَغَيُّرِهِ (إلَّا الْغَرِقَ) وَنَحْوَهُ كَالصَّعِقِ وَمَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ أَوْ بِمَرَضِ السَّكْتَةِ فَلَا يُنْدَبُ الْإِسْرَاعُ بَلْ يَجِبُ تَأْخِيرُهُمْ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَوْتُهُمْ وَلَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِمْ. ثُمَّ شَرَعَ فِي مَنْدُوبَاتِ الْغُسْلِ فَقَالَ (وَ) نُدِبَ (لِلْغُسْلِ سِدْرٌ) وَهُوَ وَرَقُ شَجَرِ النَّبْقِ يُدَقُّ نَاعِمًا وَيُجْعَلُ فِي مَاءٍ وَيُخَضُّ حَتَّى تَبْدُوَ رَغْوَتُهُ وَيُعْرَكُ بِهِ جَسَدُ الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَغَيْرُهُ مِنْ أُشْنَانٍ وَصَابُونٍ وَغَاسُولٍ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَهُ (وَ) نُدِبَ (تَجْرِيدُهُ) مِنْ ثِيَابِهِ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ لِيَسْهُلَ الْإِنْقَاءُ (وَوَضْعُهُ) حَالَ الْغُسْلِ (عَلَى مُرْتَفِعٍ) لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَلِئَلَّا يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ عَلَى غَاسِلِهِ (وَ) نُدِبَ (إيتَارُهُ) أَيْ الْغُسْلِ أَيْ كَوْنُهُ وِتْرًا إنْ حَصَلَ إنْقَاءٌ بِمَا قَبْلَهُ لِلسَّبْعِ ثُمَّ الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ (كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ) رَاجِعٌ لَهُمَا لَكِنَّ السَّبْعَ فِي الْكَفَنِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا سَرَفٌ (وَلَمْ يُعِدْ) غُسْلَهُ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ) خَرَجَتْ مِنْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَالْقَدْرُ الْمَأْمُورُ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ قَدْ حَصَلَ (وَغُسِلَتْ) مِنْ جَسَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ يُرْفَعَ فَوْقَ دَكَّةٍ أَوْ بَابٍ أَوْ طَرَّاحَةٍ أَوْ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ (قَوْلُهُ الْفَسَادُ) أَيْ التَّغَيُّرُ بِسَبَبِ نَيْلِ الْهَوَامِّ لَهُ وَفِي رَفْعِهِ عَنْ الْأَرْضِ بُعْدٌ لِلْهَوَامِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ) أَيْ حَتَّى وَجْهِهِ، وَالْمُرَادُ سَتْرُهُ بِثَوْبٍ زِيَادَةً عَلَى مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ حَالَةَ الْمَوْتِ كَمَا فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ بَهْرَامُ وَارْتَضَاهُ عج، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ح مَا قَالَهُ سَنَدٌ وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ أَنَّهُ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ بَعْدَ نَزْعِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ مَا عَدَا الْقَمِيصَ (قَوْلُهُ خِيفَةَ تَغَيُّرِهِ) أَيْ عِنْدَ التَّأْخِيرِ [مَنْدُوبَاتِ غُسْلِ الْمَيِّت] (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لِلْغُسْلِ سِدْرٌ) أَيْ فِي الْغَسْلَةِ الَّتِي بَعْدَ الْأُولَى إذْ هِيَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ لِلتَّطْهِيرِ وَالثَّانِيَةُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ لِلتَّنْظِيفِ وَالثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ لِأَجْلِ التَّطْيِيبِ وَالْمُرَادُ بِالثَّانِيَةِ مَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ فَيَصْدُقُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَيَعْرُكُ بِهِ جَسَدَ الْمَيِّتِ) أَيْ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَنَصَّ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَخَذَ اللَّخْمِيُّ مِنْهُ جَوَازَ غُسْلِهِ بِالْمُضَافِ كَقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَخْلِطُ الْمَاءَ بِالسِّدْرِ بَلْ يَحُكُّ الْمَيِّتَ بِالسِّدْرِ وَيَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَهَذَا الْجَوَابُ عِنْدِي مُتَّجِهٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَشْيَاخِي وَالْمُدَوَّنَةُ قَابِلَةٌ لِذَلِكَ فَإِنْ قُلْتَ إنَّهُ إذَا عَرَكَ جَسَدَهُ بِالسِّدْرِ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ يَتَغَيَّرُ الْمَاءُ قُلْتُ اخْتَارَ أَشْيَاخُ ابْنِ نَاجِيٍّ أَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ إذَا وَرَدَ عَلَى الْعُضْوِ طَهُورًا أَوْ انْضَافَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ) مِنْ أَطْرَوْنَ وَخِطْمِيٍّ وَهُوَ بَزْرُ الْخُبَّيْزَى (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَجْرِيدُهُ) أَيْ وَلَوْ أَنْحَلَ الْمَرَضُ جِسْمَهُ خِلَافًا لِعِيَاضٍ قَالَ فِي المج وَتَغْسِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَوْبِهِ تَعْظِيمٌ وَغَسَّلَهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ وَشُقْرَانُ مَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْيُنُهُمْ مَعْصُوبَةٌ لِمَا وَرَدَ «مَا رَأَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ» وَمَاتَ ضَحْوَةَ الِاثْنَيْنِ وَانْظُرْ هَلْ غُسِّلَ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَدُفِنَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ فَمَا يُقَالُ اسْتَمَرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا دَفْنٍ فِيهِ جَعَلَ اللَّيْلَةَ يَوْمًا تَغْلِيبًا وَتَأْخِيرُهُ لِأَجْلِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ ثُمَّ بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ الْأَنْصَارُ ثُمَّ أَهْلُ الْقُرَى وَجُمْلَةُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا وَمِنْ غَيْرِهِمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَصَلَّوْا عَلَيْهِ كُلُّهُمْ فُرَادَى لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةٌ يُجْعَلُ إمَامًا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ) فَإِنَّهَا لَا تُجَرَّدُ بَلْ يَجِبُ سَتْرُهَا وَ (قَوْلُهُ لِيَسْهُلَ الْإِنْقَاءُ) أَيْ إنْقَاءُ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ وَالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَلِئَلَّا يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ عَلَى غَاسِلِهِ) أَيْ فَيُنَجِّسَهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ نَجِسًا أَوْ يُقَذِّرُ ثِيَابَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ نَجِسٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِمَرَّتَيْنِ كَانَتْ الْغَسْلَةُ الثَّالِثَةُ مُسْتَحَبَّةً، وَإِذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِأَرْبَعٍ كَانَتْ الْغَسْلَةُ الْخَامِسَةُ مُسْتَحَبَّةً، وَإِذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِسِتٍّ كَانَتْ السَّابِعَةُ مُسْتَحَبَّةً، ثُمَّ بَعْدَ السَّبْعِ فَالْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ لَا الْإِيثَارُ إذْ الْإِيثَارُ يَنْتَهِي نَدْبُهُ لِلسَّبْعِ فَلَا تُنْدَبُ التَّاسِعَةُ إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِثَمَانٍ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) أَيْ بِخِلَافِ السَّبْعِ فِي الْغُسْلِ إذَا اُحْتِيجَ لَهُ فَلَا يُخَصُّ بِالرَّجُلِ وَلَا بِالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعِدْ كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ) أَيْ وَلَا لِإِيلَاجٍ

[مستحبات الكفن]

وَكَفَنِهِ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا مَرَّ فِي إزَالَتِهَا (وَ) نُدِبَ (عَصْرُ بَطْنِهِ) خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ النَّجَاسَةِ بَعْدَ تَكْفِينِهِ (بِرِفْقٍ) لِئَلَّا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْ أَمْعَائِهِ (و) نُدِبَ (صَبُّ الْمَاءِ) مُتَوَالِيًا (فِي) حَالِ (غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ بِخِرْقَةٍ) كَثِيفَةٍ يَلُفُّهَا بِيَدِهِ وُجُوبًا وَلَا يُفْضِ بِيَدِهِ مَا أَمْكَنَهُ (وَلَهُ الْإِفْضَاءُ إنْ اُضْطُرَّ وَ) نُدِبَ (تَوْضِئَتُهُ) قَبْلَ غُسْلِهِ وَبَعْدَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَرَّةً مَرَّةً كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ آنِفًا وَغُسِّلَ كَالْجَنَابَةِ (وَتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ) مَبْلُولَةٍ (وَإِمَالَةُ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ لِمَضْمَضَةٍ) وَعَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِلْغَاسِلِ بَلْ يُكْرَهُ حُضُورُهُ (وَ) نُدِبَ (كَافُورٌ) نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ (فِي) الْغَسْلَةِ (الْأَخِيرَةِ) لِأَنَّهُ لِشِدَّةِ بُرُودَتِهِ يَسُدُّ الْمَسَامَّ فَيَمْنَعُ سُرْعَةَ التَّغَيُّرِ وَلِطِيبِ رَائِحَتِهِ (وَنُشِّفَ) نَدْبًا قَبْلَ تَكْفِينِهِ (وَ) نُدِبَ (اغْتِسَالُ غَاسِلِهِ) بَعْدَ فَرَاغِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ مُسْتَحَبَّاتِ الْكَفَنِ فَقَالَ (وَ) نُدِبَ (بَيَاضُ الْكَفَنِ وَتَجْمِيرُهُ) بِالْجِيمِ أَيْ تَطْيِيبِهِ بِالْبَخُورِ (وَعَدَمُ تَأَخُّرِهِ) أَيْ التَّكْفِينِ (عَنْ الْغُسْلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَكَفَنِهِ) أَيْ إذَا خَرَجَتْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ (قَوْلُهُ وَعَصْرُ بَطْنِهِ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي غُسْلِهِ لِيَغْسِلَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَذَى قَبْلَ تَغْسِيلِهِ (قَوْلُهُ مُتَوَالِيًا) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الصَّبِّ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ بِخِرْقَةٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِخِرْقَةٍ أَوْ مُصَاحِبًا لِخَرِفَةٍ وُجُوبًا (قَوْلُهُ يَلُفُّهَا بِيَدِهِ) أَيْ الْيُسْرَى فَيَغْسِلُ الْمَخْرَجَيْنِ بِيَسَارِهِ وَبَقِيَّةَ الْجَسَدِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفْضِي بِيَدِهِ) أَيْ لِمَخْرَجِ الْمَيِّتِ مَا أَمْكَنَهُ أَيْ مُدَّةَ إمْكَانِهِ الْغُسْلَ بِالْخِرْقَةِ (قَوْلُ وَلَهُ الْإِفْضَاءُ إلَخْ) هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ احْتَاجَ أَنْ يُبَاشِرَ بِيَدِهِ فَعَلَ اهـ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْحَيَّ إذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ إزَالَتَهَا لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا بِمُبَاشَرَةِ غَيْرِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَمَسُّ فَرْجَهُ لِإِزَالَةِ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَالَتِهِ فَهُوَ فِي الْمَوْتِ بِذَلِكَ فَلَا يَكْشِفُ وَيُبَاشِرُ ذَلِكَ مِنْهُ إذْ لَا يَكُونُ الْمَيِّتُ فِي إزَالَةِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ أَعْلَى مِنْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ مَرَّةً مَرَّةً) فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْرِيرِ الْوُضُوءِ بِتَكْرِيرِ الْغُسْلِ لَا يُوَضَّأُ ثَلَاثًا بَلْ مَرَّةً مَرَّةً لِئَلَّا يَقْطَعَ التَّكْرَارَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْرَارِ الْوُضُوءِ بِتَكْرَارِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ آجَرّ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ) أَيْ خِرْقَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْخِرْقَةِ الْأُولَى الَّتِي غُسِّلَ بِهَا مَخْرَجُهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ إعَادَةِ النَّكِرَةِ نَكِرَةً اهـ بْن وَتَعَهُّدُ الْأَسْنَانِ وَالْأَنْفِ بِالْخِرْقَةِ قَبْلَ الْوُضُوءِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِمَالَةُ رَأْسِهِ) أَيْ لِصَدْرِهِ (قَوْلُهُ لِمَضْمَضَةٍ) أَيْ وَكَذَا الِاسْتِنْشَاقُ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ كَافُورٌ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ النَّدْبَ يَحْصُلُ بِوَضْعِ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ الطِّيبِ فِي مَاءِ الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ لَكِنَّ كَوْنَهُ كَافُورًا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ ثَانٍ (قَوْلُهُ يَسُدُّ الْمَسَامَّ) أَيْ كَمَا يُمْسِكُ الْجَسَدَ فَيَمْنَعُ سُرْعَةَ التَّغَيُّرِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الدَّفْنَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا تَبْلِي أَفْضَلُ وَعَكَسَ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا بِأَفْضَلِيَّةِ الَّتِي تَبْلِي فَالدَّفْنُ فِيهَا عِنْدَهُمْ أَوْلَى، وَصِفَةُ الْغُسْلِ بِالْكَافُورِ وَنَحْوَهُ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ أَنْ يُخْلَطَ الْكَافُورُ بِالْمَاءِ وَيُغْسَلَ بِهِ بَدَنُ الْمَيِّتِ وَلَا يُتْبَعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ بِخِلَافِ غَسْلَةِ السِّدْرِ فَإِنَّهَا صَبُّ الْمَاءِ بَعْدَ عَرْكِ الْبَدَنِ بِهِ، كَذَا نَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَدْخَلِ: وَصِفَتُهُ أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ مِنْ الْكَافُورِ فَيُجْعَلَ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٍ وَيُذِيبَهُ فِيهِ ثُمَّ يُغَسِّلُ الْمَيِّتَ بِهِ، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ غَسْلَةَ الْكَافُورِ كَغَسْلَةِ السِّدْرِ فِي الصِّفَةِ وَلَعَلَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَوْلَى (قَوْلُهُ نُشِّفَ نَدْبًا) أَيْ لَا وُجُوبًا كَمَا يُوهِمُهُ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ قَالَ وَتَنْشِيفٌ كَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ وَاغْتِسَالُ غَاسِلِهِ) أَيْ لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِي الْمُوَطَّإِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْأَمْرَ هُنَا تَعَبُّدِيٌّ لَا مُعَلِّلَ وَحَمَلَهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْأَمْرَ مُعَلَّلٌ وَحَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ لِلنَّدْبِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْعِلَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّمَا أَمَرَ بِالْغُسْلِ لِأَجْلِ أَنْ يُبَالِغَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ إذَا غُسِّلَ الْمَيِّتُ مُوَطَّنًا عَلَى الْغُسْلِ لَمْ يُبَالِ بِمَا تَطَايَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ فَكَانَ سَبَبًا لِمُبَالَغَتِهِ فِي غُسْلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَيْسَ مَعْنَى أَمْرِهِ بِالْغُسْلِ أَنْ يَغْسِلَ جَمِيعَ بَدَنِهِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَغْسِلُ مَا بَاشَرَهُ بِهِ أَوْ تَطَايَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ شَعْبَانَ اهـ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا يَحْتَاجُ هَذَا الْغُسْلُ لِنِيَّةٍ فَلَيْسَ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِ ثِيَابِهِ عَلَى الثَّانِي لِلْمَشَقَّةِ [مُسْتَحَبَّات الْكَفَن] (قَوْلُهُ وَبَيَاضُ الْكَفَنِ) أَيْ جَعْلُهُ أَبْيَضَ قَالَ ح عَنْ سَنَدٍ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ قُطْنًا لِأَنَّهُ أَسْتَرُ قَالَ عج وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِنْ الْكَتَّانِ مَا هُوَ أَسْتَرُ مِنْ الْقُطْنِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهِ

خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيُطْلَبُ غُسْلُهُ (وَالزِّيَادَةُ عَلَى) الْكَفَنِ (الْوَاحِدِ) فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ وِتْرًا (وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ) عَلَى الْوَاحِدِ (إنْ شَحَّ الْوَارِثُ) أَوْ الْغَرِيمُ إذْ لَا يُقْضَى بِمُسْتَحَبٍّ (إلَّا أَنْ يُوصِيَ) بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ (فَفِي ثُلُثِهِ) بِالْقَضَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَمْ يُوصِ بِسَرَفٍ بِأَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ أَصْلِهَا (وَهَلْ الْوَاجِبُ) فِي كَفَنِ الرَّجُلِ (ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ) جَمِيعَهُ بِخِلَافِ الْحَيِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (أَوْ) الْوَاجِبُ (سَتْرُ الْعَوْرَةِ) كَالْحَيِّ (وَ) سَتْرُ (الْبَاقِي سُنَّةٌ خِلَافٌ) وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَالْوَاجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهَا اتِّفَاقًا (وَ) نُدِبَ (وِتْرُهُ) وَالْأَفْضَلُ خَمْسَةٌ لِلرَّجُلِ وَسَبْعَةٌ لِلْمَرْأَةِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِيتَارُهُ كَالْكَفَنِ (وَ) نُدِبَ (الِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ) وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ (وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ) لِحُصُولِ الْوِتْرِيَّةِ وَالسَّتْرِ مَعًا وَالْخَمْسَةُ عَلَى السِّتَّةِ (وَ) نُدِبَ (تَقْمِيصُهُ وَتَعْمِيمُهُ) أَيْ جَعْلُ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ مِنْ جُمْلَةِ أَكْفَانِهِ (وَ) نُدِبَ (عَذَبَةٌ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِمَامَةِ قَدْرُ ذِرَاعٍ تُطْرَحُ عَلَى وَجْهِهِ (وَ) نُدِبَ (أُزْرَةٌ) تَحْتَ الْقَمِيصِ (وَلِفَافَتَانِ) فَوْقَهُ فَهَذِهِ خَمْسَةٌ لِلرَّجُلِ (وَالسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ) أُزْرَةٌ وَقَمِيصٌ وَخِمَارٌ وَأَرْبَعُ لَفَائِفَ (وَ) وَنُدِبَ (حَنُوطٌ) بِالْفَتْحِ يُذَرُّ (دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ وَعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَأَنْفِهِ وَفَمِهِ وَمَخْرَجِهِ (وَ) نُدِبَ (الْكَافُورُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحُنُوطِ يَعْنِي الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ كَافُورًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ لَوْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ لَا يُقَالُ الْخَوْفُ مَوْجُودٌ عِنْدَ عَدَمِ التَّأْخِيرِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِنَدْبِ عَدَمِ التَّأْخِيرِ لِأَنَّا نَقُولُ الْخُرُوجُ عِنْدَ عَدَمِ التَّأْخِيرِ نَادِرٌ بِخِلَافِهِ عِنْدَ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ لِأَنَّهُ كُلَّمَا طَالَ الزَّمَانُ كَثُرَ الْخَارِجُ وَ (قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ غُسْلُهُ) أَيْ غُسْلُ ذَلِكَ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَاحِدُ وِتْرًا فَمَحَلُّ كَوْنِ الْإِيتَارِ أَفْضَلَ مِنْ الزَّوْجِ إذَا كَانَ الْوِتْرُ غَيْرَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْغَرِيمِ بِالزَّائِدِ إلَخْ هَذَا التَّقْرِيرُ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ اللَّقَانِيُّ وَقَرَّرَهُ عج بِتَقْرِيرٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ أَيْ فِي الصِّفَةِ عَلَى مَا يَلْبَسُهُ فِي جُمَعِهِ وَأَعْيَادِهِ فَإِذَا تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ فِي أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي بَفْتٍ هِنْدِيٍّ أَوْ مَحَلَّاوِيٍّ فَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ فِي الصِّفَةِ عَلَى مَا يَلْبَسُهُ فِي جُمَعِهِ وَأَعْيَادِهِ، وَأَمَّا الزَّائِدُ فِي الْعَدَدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ وَلَوْ شَحَّ الْوَارِثُ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ فِي ثَلَاثٍ حَقٌّ وَاجِبٌ لِمَخْلُوقٍ كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فَإِذَا تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ فِي وَاحِدٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالثَّلَاثَةِ، وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَ كُلُّ الْوَرَثَةِ عَلَى تَكْفِينِهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَطَلَبَ الْحَاكِمُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ تَكْفِينَهُ فِي الثَّلَاثَةِ قُضِيَ بِهَا، وَاقْتَصَرَ خش عَلَى مَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ الصَّغِيرُ وَاقْتَصَرَ عبق عَلَى مَا قَالَهُ وَاعْتَمَدَهُ بْن وَقَالَ إنَّ هَذَا قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَأَيَّدَهُ بِنُقُولٍ أُخَرَ فَانْظُرْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى إلَّا بِوَاحِدٍ عَلَى مَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَيُقْضَى بِالثَّلَاثِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمَتْنِ مَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ لَا يُقَالُ مَا قَالَهُ عج يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدِ مَنْدُوبٌ وَالْمَنْدُوبُ لَا يُقْضَى بِهِ وَقَوْلُهُ الْآتِي. وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ إلَخْ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقَضَاءِ بِالثَّلَاثِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَطُلِبَ تَكْفِينُهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْوَاحِدِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَاحِدِ مَنْدُوبًا وَأَنَّ الْوَاجِبَ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ أَوْ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَكُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ كَفَّنَهُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) قَالَ عج هُمَا قَوْلَانِ لَمْ يُشْهَرَا فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ قَوْلَانِ اهـ وَأَصْلُهُ قَوْلُ ابْنِ غَازِي سلم فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَنَسَبَ الثَّانِي لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّشْهِيرِ اهـ بْن وَفِي المج أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ سَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْخَمْسَةُ عَلَى السِّتَّةِ) قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى أَنْ يُجَاوِزَ السَّبْعَةَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّرَفِ (قَوْلُهُ وَتَقْمِيصُهُ وَتَعْمِيمُهُ) أَيْ نُدِبَ أَنْ يُجْعَلَ الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ مِنْ جُمْلَةِ أَكْفَانِهِ الْخَمْسَةِ وَهَلْ يُخَيَّطُ الْقَمِيصُ وَيُجْعَلُ لَهُ أَكْمَامٌ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي كَبِيرِ خش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَيِّتَ يُقَمَّصُ وَيُعَمَّمُ، أَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّعْمِيمِ فَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسُئِلَ مَالِكٌ كَيْفَ يُعَمَّمُ أَيْ هَلْ يُلَفُّ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ فَقَالَ لَا أَدْرِي إلَّا أَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ وَأَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّقْمِيصِ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُقَمَّصَ أَوْ لَا يُعَمَّمَ، وَحِكَايَةُ ابْنِ الْقَصَّارِ كَرَاهَةَ التَّقْمِيصِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ أُزْرَةٌ تَحْتَ الْقَمِيصِ) أَيْ وَسَرَاوِيلُ بَدَلَهَا وَهُوَ أَسْتَرُ مِنْهَا وَالْمُرَادُ بِالْأُزْرَةِ هُنَا مَا يَسْتُرُ مِنْ حَقْوَيْهِ إلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ لَا مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَهَذِهِ) أَيْ الْأُزْرَةُ وَاللِّفَافَتَانِ وَالْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ خَمْسَةُ الرَّجُلِ، وَيُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ الرَّجُلِ وَسَبْعَةِ الْمَرْأَةِ الْحِفَاظُ وَهُوَ خِرْقَةٌ تُجْعَلُ فَوْقَ الْقُطْنِ الْمَجْعُولِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ خِيفَةَ مَا يَنْزِلُ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَخِمَارٌ) أَيْ يُخَمَّرُ بِهِ رَأْسُهَا وَعُنُقُهَا (قَوْلُهُ وَحَنُوطٌ) أَيْ طِيبٌ مِثْلَ كَافُورٍ أَوْ مِسْكٍ أَوْ زَبَدٍ أَوْ شند أَوْ عِطْرِ شَاهٍ أَوْ عِطْرِ لَيْمُونٍ أَوْ مَاءِ وَرْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَعَلَى قُطْنٍ) أَيْ وَيُجْعَلُ عَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي الْأَفْضَلَ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلْمَعْنَى

[مندوبات التشييع]

(وَ) يُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يُجْعَلَ (فِي مَسَاجِدِهِ) أَيْ أَعْضَاءِ سُجُودِهِ السَّبْعَةِ مِنْ غَيْرِ قُطْنٍ (وَحَوَاسِّهِ) هِيَ بَعْضِ مَنَافِذِهِ (وَمَرَاقِّهِ) أَيْ مَا رَقَّ مِنْ بَدَنِهِ كَإِبْطَيْهِ وَرَفْغَيْهِ أَيْ بَاطِنِ فَخْذَيْهِ وَعَكْسِ بَطْنِهِ وَخَلْفِ أُذُنَيْهِ وَتَحْتِ حُقِّهِ وَرُكْبَتَيْهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْحَذَرَ ثُمَّ الْحَذَرَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ مِنْ إدْخَالِ الْقُطْنِ دَاخِلَ دُبُرِهِ وَكَذَا يَحْشُونَ بِهِ أَنْفَهُ وَفَمَه فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ انْتَهَى وَيُنْدَبُ الْحَنُوطُ عَلَى مَا مَرَّ (وَإِنْ) كَانَ الْمَيِّتُ (مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً) مِنْ وَفَاةٍ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ (وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْمُعْتَدَّةُ أَيْ إنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ مَحْرَمٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَتَوَلَّيَا تَحْنِيطَهُ لِحُرْمَةِ مَسِّ الطِّيبِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ زَوْجَ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَضَعَتْ إثْرَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَحَنُّطُهُ لِوَفَاءِ عِدَّتِهَا حِينَئِذٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ فَقَالَ (وَ) نُدِبَ (مَشْيُ مُشَيِّعٍ) لِلْجِنَازَةِ فِي ذَهَابِهِ وَكُرِهَ رُكُوبُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي رُجُوعِهِ لِفَرَاغِ الْعِبَادَةِ (وَإِسْرَاعُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ حَامِلًا لِلْمَيِّتِ أَوْ لَا، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَدُونَ الْخَبَبِ (وَتَقَدُّمُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ الْمَاشِي (وَتَأَخُّرُ رَاكِبٍ) عَنْ الْجِنَازَةِ (وَ) تَأَخُّرُ (امْرَأَةٍ) عَنْ الرَّاكِبِ مِنْ الرِّجَالِ (وَ) نُدِبَ (سَتْرُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ (بِقُبَّةٍ) تُجْعَلُ فَوْقَ ظَهْرِ النَّعْشِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي السَّتْرِ (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولًى التَّكْبِيرِ) فَقَطْ (وَ) نُدِبَ (ابْتِدَاءً) لِلدُّعَاءِ الْوَاجِبِ (بِحَمْدٍ) اللَّهِ تَعَالَى (وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ الْحَمْدِ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ وَلَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ أَيْ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ (وَ) نُدِبَ (إسْرَارُ دُعَاءٍ) وَلَوْ لَيْلًا (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى أَكُفٍّ) لَا عَلَى نَعْشٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاخُرِ (وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ لِلْمَيِّتِ الذَّكَرِ (وَمَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ) نَدْبًا إلَّا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ فَقَالَ (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّمًا) أَيْ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَوْلُهُ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى كَرَاهَتِهِ) أَيْ التَّسْنِيمِ وَحِينَئِذٍ (فَيُسَطَّحُ) نَدْبًا ضَعِيفٌ (وَحَثْوُ قَرِيبٍ) مِنْ الْقَبْرِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ (ثَلَاثًا) بِيَدَيْهِ مَعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا إذْ لَا مَعْنَى لِجَعْلِ الْكَافُورِ فِي الْحُنُوطِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَوْنُهُ كَافُورًا كَانَ أَحْسَنَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُنُوطَ فِي ذَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ وَكَوْنُهُ كَافُورًا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ وَجَعَلَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ ضَمِيرَ فِيهِ لِلْقُطْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ وَفِي مَسَاجِدِهِ) عَطْفٌ عَلَى بِمَنَافِذِهِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ قُطْنٍ) أَيْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَوَاسِّ وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ هِيَ بَعْضُ مَنَافِذِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِحَوَاسِّهِ عَيْنَاهُ وَأُذُنَاهُ وَأَنْفُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَرُكْبَتَيْهِ) أَيْ وَتَحْتَ رُكْبَتَيْهِ، وَأَمَّا فَوْقَهُمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَسَاجِدِهِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ مَسِّ الطِّيبِ عَلَيْهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ إذَا تَحَيَّلَا فِي عَدَمِ مَسِّهِ بِيَدٍ وَغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَتَوَلَّاهُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ [مَنْدُوبَاتِ التَّشْيِيعِ] (قَوْلُهُ فِي ذَهَابِهِ) أَيْ فِي حَالِ الذَّهَابِ بِهِ لِلْمَقْبَرَةِ وَلِلْمُصَلَّى (قَوْلُهُ وَدُونَ الْخَبَبِ) أَيْ وَدُونَ الْهَرْوَلَةِ لِأَنَّهَا تُنَافِي السَّكِينَةَ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ الْقُرْبَ مِنْ الْمَيِّتِ فِي حَالِ تَشْيِيعِهِ لِلِاعْتِبَارِ وَاسْتَحَبَّ الْحَنَفِيَّةُ التَّأَخُّرَ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ تَوَاضُعًا فِي الشَّفَاعَةِ (قَوْلُهُ عَنْ الْجِنَازَةِ) أَيْ لَا عَنْ الْمَاشِي الصَّادِقِ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ وَسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ) أَيْ فِي حَالِ الْحَمْلِ وَالدَّفْنِ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى النَّعْشِ أَيْ فَوْقَ الْقُبَّةِ لِلْمَرْأَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وِشَاحٌ أَوْ رِدَاءٌ مَا لَمْ يُجْعَلْ مِثْلُ الْأَخْمِرَةِ الْمُلَوَّنَةِ فَلَا أُحِبُّهُ، وَكَذَا لَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَرَ كَفَنُ الذَّكَرِ بِثَوْبٍ سَاذَجٍ وَنَحْوَهُ وَيُنْزَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ اهـ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ وَضْعِ الثِّيَابِ الْمُلَوَّنَةِ وَالْحُلِيِّ وَالنُّقُودِ وَالْجَوَاهِرِ فَوْقَ النَّعْشِ فَهُوَ أَمْرٌ مُنْكَرٌ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا رَفْعُهُمَا فِي غَيْرِ أُولَاهُ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ لَا يَرْفَعُهُمَا أَصْلًا، وَرَفْعُهُمَا عِنْدَ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ لِلدُّعَاءِ) أَيْ الْحَاصِلِ عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وَابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الطِّرَازِ لَا تَكُونُ الصَّلَاةُ وَالتَّحْمِيدُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ بَلْ فِي الْأُولَى وَيَدْعُو فِي غَيْرِهَا وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلنَّوَادِرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ) أَيْ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَإِنْ قَصَدَ بِقِرَاءَتِهَا الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَلَا كَرَاهَةَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الدُّعَاءِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَيْلًا) أَيْ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا لَيْلًا وَلَا يَتَوَهَّمُ الْجَهْرَ بِالدُّعَاءِ إنْ صَلَّى عَلَيْهَا لَيْلًا كَمَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ) أَيْ عِنْدَ وَسَطِ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ مُلَاصَقَةٍ لَهُ بَلْ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ قَدْرُ شِبْرٍ وَقِيلَ قَدْرُ ذِرَاعٍ (قَوْلُهُ وَمَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْوَسَطِ أَيْ عِنْدَ الْوَسَطِ وَعِنْدَ مَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ وَ (قَوْلُهُ رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ إمَامٍ وَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ رَأْسَ الْمَيِّتِ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ جِهَةَ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ [مَنْدُوبَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْنِ] (قَوْلُهُ فَيُسَطَّحُ) أَيْ فَيُجْعَلُ عَلَيْهِ سَطْحٌ كَالْمِصْطَبَةِ وَلَكِنْ لَا يُسَوَّى ذَلِكَ السَّطْحُ بِالْأَرْضِ بَلْ يُرْفَعُ كَشِبْرٍ وَقَلِيلٍ يُرْفَعُ قَلِيلًا بِقَدْرِ مَا يُعْرَفُ وَاعْلَمْ أَنَّ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رُوِيَ أَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ وَرُوِيَ أَنَّهَا مُسَطَّحَةٌ وَرِوَايَةُ التَّسْنِيمِ أَثْبَتُ (قَوْلُهُ ثَلَاثًا) وَيَقُولُ عِنْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ

مِنْ تُرَابِهِ (وَ) نُدِبَ (تَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَ) نُدِبَ (تَعْزِيَةٌ) لِأَهْلِهِ وَهِيَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ وَإِلَّا مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ وَالصَّبِيَّ الْغَيْرَ الْمُمَيَّزِ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَفِي بَيْتِ الْمُصَابِ وَأَمَدُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا (وَعَدَمُ عُمْقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ (وَاللَّحْدُ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ لَا يُخَافُ تَهَايُلُهَا وَإِلَّا فَالشَّقُّ أَفْضَلُ (وَ) نُدِبَ (ضَجْعٌ) لِلْمَيِّتِ (فِيهِ عَلَى) شِقٍّ (أَيْمَنَ مُقْبِلًا) لِلْقِبْلَةِ، وَقَوْلُ وَاضِعِهِ بِاسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَجَعْلُ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى جَسَدِهِ وَيُسْنِدُ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ التُّرَابِ (وَتُدُورِكَ) نَدْبًا (إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ) وَهِيَ عَدَمُ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ، وَمَثَّلَ لِلْمُخَالَفَةِ بِقَوْلِهِ (كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ) مَوْضِعَ رَأْسِهِ أَوْ غَيْرَ مُقْبِلٍ أَوْ عَلَى ظَهْرٍ وَشَبَهَ فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ قَوْلُهُ (وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ) أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ) فَيُتَدَارَكُ (إنْ لَمْ يُخَفْ) عَلَيْهِ (التَّغَيُّرُ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، وَالْقَيْدُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ كَافِ التَّشْبِيهِ لَا لِخُصُوصِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَالنَّقْلُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ (وَ) نُدِبَ (سَدُّهُ) أَيْ اللَّحْدِ (بِلَبِنٍ) وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ (ثُمَّ لَوْحٍ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لَبِنٌ (ثُمَّ قَرْمُودٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ شَيْءٌ يُجْعَلُ مِنْ الطِّينِ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ (ثُمَّ آجُرٍّ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ الْجِيمِ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَرْمُودٌ ثُمَّ بِحَجَرٍ (ثُمَّ قَصَبٍ وَسُنَّ التُّرَابُ) بِبَابِ اللَّحْدِ عِنْدَ عَدَمِ مَا تَقَدَّمَ (أَوْلَى مِنْ) دَفْنِهِ فِي (التَّابُوتِ) لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النَّصَارَى وَكُرِهَ فُرُشٌ مُضْرَبَةٌ مَثَلًا تَحْتَهُ وَمِخَدَّةٌ تَحْتَ رَأْسِهِ. (وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ) صَبِيًّا (ابْنَ كَسَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّالِثَةِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ مِنْ تُرَابِهِ) الْأَوْلَى مِنْ التُّرَابِ (قَوْلُهُ وَتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ) أَيْ لِكَوْنِهِمْ حَلَّ بِهِمْ مَا يَشْغَلُهُمْ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا لِنِيَاحَةٍ أَيْ بُكَاءٍ بِرَفْعِ صَوْتٍ وَإِلَّا حُرِّمَ إرْسَالُ الطَّعَامِ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ وَأَمَّا جَمْعُ النَّاسِ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ (قَوْلُهُ وَتَعْزِيَةٌ) أَيْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا فَلَا يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ تَعْزِيَةَ الْمُسْلِمِ بِأَبِيهِ الْكَافِرِ مُخَالِفًا لِمَالِكٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَهِيَ الْحَمْلُ إلَخْ) أَيْ يَقُولُ كَأَنْ عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ وَلَيْسَ فِي أَلْفَاظِ التَّعْزِيَةِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ (قَوْلُهُ إلَّا مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ وَالصَّبِيَّ) أَيْ فَإِنَّهُمَا لَا يُعَزَّيَانِ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَفِي بَيْتِ الْمُصَابِ) أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهَا عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ الْآنَ فَخِلَافُ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ وَلِيُّ الْمَيِّتِ الَّذِي يُعَزَّى غَائِبًا وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ عُمْقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ أَيْ لِأَنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا وَشَرُّهَا أَسْفَلُهَا لِأَنَّ أَعْلَى الْأَرْضِ مَحَلٌّ لِلذِّكْرِ وَالطَّاعَاتِ فَيَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بَرَكَةٌ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَاللَّحْدُ) هُوَ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلِ الْقَبْرِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ بِقَدْرِ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ أَيْ الْمَاسِكَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الشَّقِّ) وَهُوَ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلِ الْقَبْرِ أَضْيَقُ مِنْ أَعْلَاهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ ثُمَّ يُغَطَّى فَمُ الشَّقِّ ثُمَّ يُصَبُّ فَوْقَهُ التُّرَابُ وَإِنَّمَا فُضِّلَ اللَّحْدُ عَلَى الشَّقِّ لِخَبَرِ «اللَّحْدُ لَنَا» - أَيْ مَعْشَرِ الْأَمَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ - وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا - أَيْ مَعْشَرِ أَهْلِ الْكِتَابِ - (قَوْلُهُ مُقَبَّلًا) أَيْ وَرَأْسُهُ جِهَةَ الْمَغْرِبِ وَرِجْلَاهُ جِهَةَ الْمَشْرِقِ (قَوْلُهُ عَلَى جَسَدِهِ) أَيْ مُلَاصِقَةً لِجَسَدِهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ عَدَمُ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ) أَيْ فَإِنْ سَوَّى التُّرَابَ فَاتَ التَّدَارُكُ (قَوْلُهُ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ مَوْضِعَ رَأْسِهِ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَهُ جِهَةَ الْمَشْرِقِ وَرِجْلَاهُ جِهَةَ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ وَشَبَهَ فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ) أَيْ لِأَنَّ التَّدَارُكَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ بِالْحَضْرَةِ وَفِي الْمُشَبَّهِ مَا لَمْ يَخَفْ التَّغَيُّرَ (قَوْلُهُ وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُتَدَارَكُ بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ الْقَبْرِ وَيُغَسَّلَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ وَكَذَا إذَا دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الْغُسْلِ فَقَطْ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ، وَإِنَّ الْفَوَاتَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخِفْ عَلَيْهِ التَّغَيُّرَ) أَيْ فَإِنْ خِيفَ فَإِنَّهُ لَا يُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، فِي الْمَسْأَلَةِ تَرْكُ الصَّلَاةِ إذَا غُسِّلَ مَا بَقِيَ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا مَرَّ لَك وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ فَلَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَلَازَمَا، كَذَا قَالَ عج وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ تَرْكُ الْغُسْلِ أَيْضًا، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَلَازَمَا أَيْ فِي الطَّلَبِ فَمَنْ طُلِبَ تَغْسِيلُهُ تُطْلَبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُغَسَّلْ بِالْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ كَافِ التَّشْبِيهِ) وَهُوَ تَرْكُ الْغُسْلِ وَدَفْنُ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ لِأَنَّهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ) وَهُوَ ح قَالَ طفى وَالْعَجَبُ مِنْ ح كَيْفَ جَعَلَ الْقَيْدَ خَاصًّا بِالْأَخِيرَةِ وَأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَسَائِلِ تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنْ الدَّفْنِ الَّذِي هُوَ الْحَضْرَةُ اهـ كَلَامُهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ طفى إلَى أَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فَقَطْ وَحَيْثُ كَانَ مَنْصُوصًا فَلَا عَجَبَ غَايَتُهُ أَنَّ تَمْشِيَةَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ تَمْشِيَةٌ لَهُ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَهُوَ الطُّوبُ النِّيءُ) هَذَا التَّفْسِيرُ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمَوَّاقِ هُوَ مَا يُصْنَعُ مِنْ الطِّينِ بِالتِّبْنِ، وَرُبَّمَا عُمِلَ بِدُونِهِ وَكَمَا يُنْدَبُ سَدُّهُ بِاللَّبِنِ يُنْدَبُ سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي بَيْنَ اللَّبِنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ آجُرٍّ) وَهُوَ الطُّوبُ الْأَحْمَرُ (قَوْلُهُ وَسُنَّ التُّرَابُ) أَيْ وَسَدُّ اللَّحْدِ بِالتُّرَابِ عِنْدَ

وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّامِنَةَ لَا ابْنَ تِسْعٍ وَإِنْ جَازَ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ لِلْمُرَاهِقَةِ (وَ) جَازَ غُسْلُ (رَجُلٍ) صَبِيَّةً (كَرَضِيعَةٍ) وَمَا قَارَبَ مُدَّةَ الرَّضَاعِ كَشَهْرَيْنِ زَائِدَيْنِ إمَّا عَلَى الْحَوْلَيْنِ وَإِمَّا عَلَى الشَّهْرَيْنِ الْمُلْحَقَيْنِ بِهِمَا لَا بِنْتَ ثَلَاثِ سِنِينَ (وَ) جَازَ لِلْغُسْلِ (الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ) كَالْبَارِدِ (وَ) جَازَ (عَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى) كَثْرَةً تُوجِبُ الْمَشَقَّةَ أَيْ الْفَادِحَةَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا عَدَمُ الْغُسْلِ وَيُيَمَّمُ مَنْ أَمْكَنَ تَيَمُّمُهُ مِنْهُمْ وَإِلَّا صَلَّى عَلَيْهِمْ بِلَا غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ عَلَى الْأَصَحِّ (وَتَكْفِينٌ بِمَلْبُوسٍ) نَظِيفٍ طَاهِرٍ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ وَإِلَّا كُرِهَ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَمَا يَأْتِي وَنُدِبَ فِي الْأَخِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مُزَعْفَرٍ) أَيْ مَصْبُوغٍ بِالزَّعْفَرَانِ (أَوْ مُوَرَّسٍ) أَيْ مَصْبُوغٌ بِالْوَرْسِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الطِّيبِ (وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ) لِلنَّعْشِ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِعَدَدٍ عَلَى عَدَدٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِ الْأَرْبَعَةِ (وَ) جَازَ فِي حَمْلِهِ (بَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ) شَاءَ الْحَامِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ بَعْدَ عَجْنِهِ بِالْمَاءِ أَوْ رَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَنْ يَثْبُتَ أَوْلَى مِنْ الدَّفْنِ فِي التَّابُوتِ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الْمُسَمَّاةُ فِي زَمَانِنَا بِالسِّحْلِيَّةِ، وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ بِالتُّرَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ لَا يَكُونُ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ إلَّا لَوْ كَانَ بَعْدَ سَدِّهِ بِالتُّرَابِ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ لَا مَرْتَبَةَ بَعْدَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْمُعْتَرِضُ نَظَرَ لَهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الثَّامِنَةُ) أَيْ مَنْ جَاوَزَ السَّنَةَ الثَّامِنَةَ (قَوْلُهُ لِلْمُرَاهِقَةِ) أَيْ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى حَدِّ الْمُرَاهِقَةِ بِأَنْ يَصِلَ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَمَّا ابْنُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَلَا يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهَا تَغْسِيلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ فَابْنُ ثَمَانِيَةٍ فَأَقَلُّ يَجُوزُ لَهَا تَغْسِيلُهُ وَالنَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ وَابْنُ تِسْعٍ لِاثْنَيْ عَشَرَ يَجُوزُ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ لَا تَغْسِيلُهُ وَأَمَّا ابْنُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَأَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ لَهَا تَغْسِيلُهُ وَلَا النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ لِأَنَّ ابْنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مُنَاهِزٌ وَالْمُنَاهِزُ كَالْكَبِيرِ كَمَا فِي عبق فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ جَوَازُ التَّغْسِيلِ لِأَنَّ فِي التَّغْسِيلِ زِيَادَةَ الْجَسِّ بِالْيَدِ (قَوْلُهُ وَجَازَ غُسْلُ رَجُلٍ صَبِيَّةً إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا كَانَتْ الصَّبِيَّةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ لَمْ يَجُزْ لِلرَّجُلِ تَغْسِيلُهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَتْ رَضِيعَةً جَازَ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُغَسِّلُهَا وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ يُغَسِّلُهَا ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَإِمَّا عَلَى الشَّهْرَيْنِ الْمُلْحَقَيْنِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الْقَرِيبِ لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَ بِنْتَ سَنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ كَمَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تُشْتَهَى كَبِنْتِ سِتِّ سِنِينَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَغْسِيلُهَا وَلَا نَظَرُ عَوْرَتِهَا وَأَمَّا بِنْتُ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَغْسِيلُهَا وَإِنْ جَازَ لَهُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهَا، هَذَا وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ جَوَازُ تَغْسِيلِ الرَّجُلِ لِلذَّكَرِ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا بِقَوْلِهِ ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ وَتَقَدَّمَ لَهُ أَيْضًا جَوَازُ تَغْسِيلِ الْمَرْأَةِ لِلْأُنْثَى بَالِغَةً أَوْ صَبِيَّةً بِقَوْلِهِ وَالْمَرْأَةُ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ فَقَدْ اسْتَوْفَى الْمُصَنِّفُ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ (قَوْلُهُ الْمَشَقَّةَ الْفَادِحَةَ) أَيْ فِي الدَّلْكِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْخَارِجَةُ عَنْ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ وَكَذَا عَدَمُ الْغُسْلِ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ عَدَمُ الْغُسْلِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى كَثْرَةً تُوجِبُ الْمَشَقَّةَ الْفَادِحَةَ فِي تَغْسِيلِهِمْ بِلَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا صَلَّى) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يَشُقُّ تَيَمُّمُهُمْ مَشَقَّةً فَادِحَةً صَلَّى عَلَيْهِمْ بِلَا غُسْلٍ وَبِلَا تَيَمُّمٍ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَتَلَازَمَا لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُرَادَ تَلَازَمَا فِي الطَّلَبِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغُسْلَ مَطْلُوبٌ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمَوْتَى ابْتِدَاءً وَإِنْ اُغْتُفِرَ تَرْكُهُ لِلْمَشَقَّةِ الْفَادِحَةِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَصَوَّبَهُ بْن خِلَافًا لعج الْقَائِلِ بِعَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَلَازَمَا أَيْ فِي الْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَتَكْفِينٌ بِمَلْبُوسٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَدِيدُ أَفْضَلَ فَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْخِلَافِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ طَاهِرًا نَظِيفًا بِأَنْ كَانَ وَسِخًا أَوْ كَانَ نَجِسًا كُرِهَ فِي هَذَيْنِ وَ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِي الْأَخِيرِ) أَيْ إذَا شَهِدَ بِهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ (قَوْلُهُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ) أَيْ كَاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَهُوَ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ، وَفِي خش أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ شَهَرَ قَوْلَ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ بِاسْتِحْبَابِ الْأَرْبَعَةِ، وَمِثْلُهُ فِي عج وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُمَا فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمْ يَشْهَرْ إلَّا مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَنَصُّهُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ حَمْلُ أَرْبَعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُ إنَّمَا شَهَرَ نَفْيَ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَسَبَاهُ لَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ إلَخْ) قَالَ عبق اسْتَعْمَلَ أَيَّ هُنَا بِمَعْنَى كُلِّ الْبَدَلِيَّةِ أَيْ الدَّالَّةِ عَلَى الْعُمُومِ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ لَا الشُّمُولِ مَجَازًا أَيْ وَجَازَ الْبَدْءُ بِكُلِّ نَاحِيَةٍ شَاءَ الْحَامِلُ الْبَدْءَ بِهَا مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ مِنْ مُقَدِّمِهِ أَوْ مُؤَخِّرِهِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا هُنَا مَوْصُولَةٌ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُصْفُورٍ وَابْنِ الصَّائِغِ مِنْ جَوَازِ إضَافَتِهَا لِلنَّكِرَةِ وَجَعَلَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] وَالتَّقْدِيرُ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا الْمُنْقَلَبَ

مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ مِنْ مُقَدِّمِهِ أَوْ مُؤَخِّرِهِ (وَالْمُعَيِّنُ) لِلْبَدْءِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (مُبْتَدِعٌ) لِتَخْصِيصِهِ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا نَصَّ وَلَا إجْمَاعَ وَهَذِهِ سِمَةُ الْبِدْعَةِ (وَ) جَازَ (خُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ) لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا لِجِنَازَةِ كُلِّ أَحَدٍ (أَوْ) شَابَّةٍ (إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي) جِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيْهَا (كَأَبٍ) وَأُمٍّ (وَزَوْجٍ وَابْنٍ) وَبِنْتٍ (وَأَخٍ) وَأُخْتٍ مُطْلَقًا وَكُرِهَ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ وَحُرِّمَ عَلَى الْمَخْشِيَّةِ مُطْلَقًا (وَ) جَازَ لِمُشَيِّعٍ (سَبْقُهَا) لِمَوْضِعِ دَفْنِهَا لَا لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى (وَ) جَازَ (جُلُوسٌ) لِلْمُشَيِّعِينَ مُشَاةً أَوْ رُكْبَانًا (قَبْلَ وَضْعِهَا) مِنْ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ بِالْأَرْضِ (وَ) جَازَ (نَقْلُ) الْمَيِّتِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَكَذَا بَعْدَهُ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْفَجِرَ حَالَ نَقْلِهِ وَأَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ وَأَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ كَأَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَهُ الْبَحْرُ أَوْ تُرْجَى بَرَكَةُ الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوْ لِيُدْفَنَ بَيْنَ أَهْلِهِ أَوْ لِأَجْلِ قُرْبِ زِيَارَةِ أَهْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ النَّقْلُ (مِنْ بَدْوٍ) إلَى حَضَرٍ حَقُّهُ قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ مِنْ بِمَعْنَى إلَى (وَ) جَازَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (بُكًى) بِالْقَصْرِ (عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ) وَقَوْلُهُ (بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ) كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ بُكًى لِأَنَّ مَا كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ لَا يُسَمَّى بُكًى بِالْقَصْرِ بَلْ بُكَاءٌ بِالْمَدِّ (وَ) بِلَا (قَوْلٍ قَبِيحٍ) وَحُرِّمَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي يَنْقَلِبُونَهُ وَكَذَلِكَ التَّقْدِيرُ هُنَا وَبَدْءٌ بِالنَّاحِيَةِ الَّتِي شَاءَ الْحَامِلُ الْبَدْءَ بِهَا غَايَةُ مَا فِيهِ حَذْفُ الصِّلَةِ وَهُوَ جَائِزٌ كَقَوْلِهِ: نَحْنُ الْأُولَى فَاجْمَعْ جُمُو ... عَكَّ ثُمَّ وَجِّهْهُمْ إلَيْنَا أَيْ نَحْنُ الْأُلَى عُرِفُوا بِالشَّجَاعَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْيَمِينِ) أَيْ بِأَنْ يَبْدَأَ مِنْ يَمِينِ النَّعْشِ أَوْ مِنْ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُعَيِّنُ لِلْبَدْءِ) كَأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ فَأَشْهَبُ يَقُولُ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ السَّرِيرِ الْأَيْمَنِ فَيَضَعُهُ الْحَامِلُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُقَدِّمَةِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ بِمُؤَخِّرَةِ الْأَيْسَرِ، وَابْنِ حَبِيبٍ يَقُولُ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ السَّرِيرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَسَارِهِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَمِينِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِ يَمِينِهِ كَذَا فِي عبق (قَوْلُهُ مُبْتَدِعٌ) أَيْ مُخْتَرِعٌ لِأَمْرٍ لَا أَصْلَ لَهُ (قَوْلُهُ لِجِنَازَةِ كُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ أَوْ شَابَّةٍ) وَمِثْلُهَا مُتَجَالَّةٌ لِلرِّجَالِ فِيهَا أَرَبٌ (قَوْلُهُ وَابْنِ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ ابْنَ الِابْنِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ كَابْنِ عَمٍّ وَابْنِ أَخٍ وَابْنِ أُخْتٍ، وَأَمَّا الْعَمُّ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ لَهُ وَلَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ رُشْدٍ تَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَّ تَخْرُجُ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَجَازَ جُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) أَيْ وَجَازَ الْبَقَاءُ عَلَى الْقِيَامِ حَتَّى تُوضَعَ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْفَجِرَ إلَخْ) فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ كَانَ النَّقْلُ حَرَامًا (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ) انْتِهَاكُ حُرْمَتِهِ أَنْ يَكُونَ نَقْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ فِيهِ تَحْقِيرٌ لَهُ، وَعَدَمُ الِانْتِهَاكِ يَتَحَقَّقُ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ وَاعْتِدَالِ الزَّمَنِ وَتَمَامِ الْجَفَافِ مَعَ اللُّطْفِ فِي حَمْلِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ النَّقْلُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ النَّقْلُ مِنْ حَضَرٍ لِبَدْوٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَدْوٍ لِحَضَرٍ (قَوْلُهُ حَقُّهُ قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَإِنْ مِنْ حَضَرٍ لِبَدْوٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَالَغُ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَالْمُتَوَهَّمُ عَدَمُ جَوَازِ النَّقْلِ مِنْ الْحَضَرِ لِلْبَدْوِ لَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ بُكًى بِالْقَصْرِ) هُوَ إرْسَالُ الدُّمُوعِ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ صَوْتٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا كَانَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ إرْسَالَ الدُّمُوعِ الَّذِي بِرَفْعِ صَوْتٍ لَا يُسَمَّى إلَخْ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ هِيَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي اللُّغَةِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ إنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْقَامُوسِ فَإِرْسَالُ الدُّمُوعِ سَوَاءٌ كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ أَوْ بِدُونِهِ يُقَالُ لَهُ بُكًى وَبُكَاءٌ (قَوْلُهُ وَحُرِّمَ مَعَهُمَا) أَيْ حُرِّمَ الْبُكَاءُ بِمَعْنَى إرْسَالِ الدُّمُوعِ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَمَعَ الْقَوْلِ الْقَبِيحِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا

[زيارة القبور]

(وَ) جَازَ (جَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ) وَاحِدٍ (لِضَرُورَةٍ) كَضِيقِ مَكَان أَوْ تَعَذُّرِ حَافِرٍ وَلَوْ بِأَوْقَاتٍ فَلَا يَجُوزُ فَتْحُ قَبْرٍ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ الْبَعْضُ وَلَوْ أَجَانِبَ، وَلَا يَجُوزُ لَمُّ الْعِظَامِ، وَكُرِهَ جَمْعُهُمْ فِي آنٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَوُلِّيَ) نَدْبًا (الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ) وَقُدِّمَ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ (أَوْ بِصَلَاةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِقَبْرٍ لَا بِقَيْدِ الضَّرُورَةِ بَلْ الْجَمْعُ أَفْضَلُ مِنْ إفْرَادِ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ (يَلِي) نَدْبًا (الْإِمَامَ رَجُلٌ) حُرٌّ (فَطِفْلٌ) حُرٌّ (فَعَبْدٌ) كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ (فَخَصِيٌّ كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَمَجْبُوبٌ كَذَلِكَ (فَخُنْثَى كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَالْأُنْثَى كَذَلِكَ فَالْمَرَاتِبُ عِشْرُونَ (وَ) جَازَ (فِي الصِّنْفِ) الْوَاحِدِ كَرِجَالٍ أَحْرَارٍ فَقَطْ أَوْ عَبِيدٍ فَقَطْ إلَى آخِرِ الْمَرَاتِبِ (أَيْضًا الصَّفُّ) أَيْ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ وَيَقِفُ الْإِمَامُ عِنْدَ أَفْضَلِهِمْ وَالْمَفْضُولُ عَلَى يَمِينِهِ رِجْلَاهُ عِنْدَ رَأْسِ الْفَاضِلِ فَالْأَقَلُّ مِنْهُ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ عَلَى يَسَارِهِ وَهَكَذَا، وَجَازَ جَعْلُ الْمَفْضُولِ عَلَى يَمِينِهِ وَالْبَقِيَّةُ إلَى الْمَشْرِقِ بِتَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ لَكِنْ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْمُتَعَدِّدُ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجِنْسِ (وَ) جَازَ (زِيَارَةُ الْقُبُورِ) بَلْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ (بِلَا حَدٍّ) بِيَوْمٍ أَوْ وَقْتٍ أَوْ فِي مِقْدَارِ مَا يَمْكُثُ عِنْدَهَا أَوْ فِيمَا يُدْعَى بِهِ أَوْ الْجَمِيعُ وَيَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِبَارِ حَالَ الزِّيَادَةِ وَالِاشْتِغَالُ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَعَدَمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى الْقُبُورِ خُصُوصًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَلْيُحْذَرْ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْمَقَابِرِ فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ. (وَكُرِهَ) لِحَيٍّ (حَلْقُ شَعْرِهِ) أَيْ شَعْرِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا يَحْرُمُ حَلْقُهُ حَالَ الْحَيَاةِ وَإِلَّا حَرُمَ (وَقَلْمُ ظُفْرِهِ وَهُوَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ (بِدْعَةٌ) قَبِيحَةٌ لَمْ تُعْهَدْ فِي زَمَنِ السَّلَفِ (وَضُمَّ) مَا ذَكَرَ مِنْ الشَّعْرِ وَالْقُلَامَةِ نَدْبًا عَلَى الْأَوْجَهِ (مَعَهُ) مَا ذَكَرَ (إنْ فُعِلَ) فِي كَفَنِهِ (وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ) أَيْ يُكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الْقَبِيحُ كَيَا قَتَّالَ الْأَعْدَاءِ وَيَا نَهَّابَ الْأَمْوَالِ وَمَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ مِنْ التَّعْدِيدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُكَاءَ يَجُوزُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ بِقَيْدَيْنِ عَدَمِ رَفْعِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الْقَوْلِ الْقَبِيحِ وَأَمَّا مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا فَهُوَ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ اللَّطْمُ عَلَى الصَّوَابِ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْبُكَاءِ بِالْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا لَهُ وَإِلَّا كُرِهَ (قَوْلُهُ وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانُوا أَجَانِبَ (قَوْلُهُ كَضِيقِ مَكَان) أَيْ كَمَا فِي قَرَافَةِ مِصْرَ فَإِنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ كُلًّا مِنْ أَهْلِهَا بِقَبْرٍ لَمْ تَسَعْهُمْ الْقَرَافَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَوْقَاتٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ بِأَوْقَاتٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ فَتْحُ قَبْرٍ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ) وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مِنْ مَحَارِمِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ ذُكُورًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْوَاتُ الَّذِينَ جُمِعُوا لِلضَّرُورَةِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ بَعْضُهُمْ ذُكُورًا وَالْبَعْضُ إنَاثًا هَذَا إذَا كَانُوا أَقَارِبَ بَلْ وَلَوْ أَجَانِبَ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ فَتْحُ قَبْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الذَّكَرُ) أَيْ فِي الْإِيلَاءِ لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ فَمَجْبُوبٌ كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ (قَوْلُهُ فَالْأُنْثَى كَذَلِكَ) أَيْ حُرَّةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ فَأَمَةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ أَيْضًا الصَّفُّ) أَيْ وَجَازَ جَعْلُ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ صَفًّا كَمَا جَازَ جَعْلُ الْأَصْنَافِ صَفًّا وَاحِدًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ جَنَائِزُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ رِجَالًا أَحْرَارًا أَوْ عَبِيدًا أَوْ مَخَاصِيَ أَوْ مَجَانِيبَ أَوْ خَنَاثَى أَوْ إنَاثًا جُعِلُوا صَفًّا وَاحِدًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ، وَقَوْلُهُ " أَيْضًا " غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِي الصَّفِّ الْوَاحِدِ شَيْءٌ، وَأَجَابَ تت بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا أَيْ جَازَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مَا تَقَدَّمَ وَجَازَ فِيهِ أَيْضًا الصَّفُّ أَوْ أَنَّ أَلْ فِي الصِّنْفِ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِجَمِيعِهَا كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ وَهَذَا مِنْ ارْتِكَابِ الْحَذْفِ (قَوْلُهُ وَجَازَ جَعْلُ الْمَفْضُولِ عَلَى يَمِينِهِ) أَيْ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ فَوْقَ رَأْسِ الْفَاضِلِ وَ (قَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ) أَيْ مِنْهُمْ فَالْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُتَعَدِّدُ) أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ كَذَلِكَ يَجُوزُ جَعْلُهُمْ صَفًّا وَاحِدًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجِنْسِ) أَيْ فَقَوْلُهُ، وَجَازَ فِي الصِّنْفِ أَيْ فِي جِنْسِ الصِّنْفِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ الْأَصْنَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهَذَا الْحَمْلُ هُوَ الصَّوَابُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَيْ وَجَازَ فِي الْأَصْنَافِ الْمُجْتَمَعَةِ الصَّفُّ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَيْضًا كَمَا جَازَ فِيهِمْ مَا مَرَّ مِنْ جَعْلِهِمْ وَاحِدًا خَلْفَ وَاحِدٍ [زِيَارَة الْقُبُور] (قَوْلُهُ بَلْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» وَلِأَحَادِيثَ أُخَرَ تَقْتَضِي الْحَثَّ عَلَى الزِّيَارَةِ وَذَكَرَ فِي الْمَدْخَلِ فِي زِيَارَةِ النِّسَاءِ لِلْقُبُورِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ، وَالْجَوَازُ عَلَى مَا يُعْلَمُ فِي الشَّرْعِ مِنْ السَّتْرِ وَالتَّحَفُّظِ عَكْسُ مَا يُفْعَلُ الْيَوْمَ، وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَجَالَّةِ وَالشَّابَّةِ اهـ، وَبِهَذَا الثَّالِثِ جَزَمَ الثَّعَالِبِيُّ وَنَصُّهُ: وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيُبَاحُ لِلْقَوَاعِدِ وَيَحْرُمُ عَلَى الشَّوَابِّ اللَّاتِي يُخْشَى مِنْهُمْ الْفِتْنَةُ (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِفِنَاءِ الْمَقَابِرِ فَلَا يَخْتَصُّ زِيَارَتُهَا بِوَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِفَضْلِهِ وَالْفَرَاغِ فِيهِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ وَقَدْ سَهَّلَ فِي الْمِعْيَارِ تَصْبِيحَ الْقُبُورِ مُحْتَجًّا بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ طَاوُسٍ أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلْيُحْذَرْ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ حَمْلِ تُرَابِ الْمَقَابِرِ لِلتَّبَرُّكِ فَذَكَرَ فِي الْمِعْيَارِ أَنَّهُ جَائِزٌ قَالَ مَا زَالَتْ النَّاسُ يَحْمِلُونَهُ وَيَتَبَرَّكُونَ بِقُبُورِ الْعُلَمَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ حَلْقُهُ) أَيْ كَشَعْرِ الرَّأْسِ

(وَيُؤْخَذُ) أَيْ يُزَالُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ نَدْبًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ (عَفْوُهَا) أَيْ مَا يُعْفَى عَنْهُ مِمَّا سَالَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ لِلنَّظَافَةِ (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ) إنْ فُعِلَتْ اسْتِنَانًا (كَتَجْمِيرِ الدَّارِ) أَيْ تَبْخِيرِهَا إلَّا أَنْ يُقْصَدَ زَوَالُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ (وَ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَعَلَى قَبْرِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ لَكِنْ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَجَعْلِ ثَوَابِهِ لِلْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ (وَ) كُرِهَ (صِيَاحٌ خَلْفَهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْجَزَعِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَهَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَبُكًى عِنْدَ مَوْتِهِ إلَخْ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى آخَرَ وَالْأَظْهَرُ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَقَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا) لِمُخَالَفَةِ السَّلَفِ (وَانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ) عَلَيْهَا وَلَوْ طَوَّلُوا أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهَا (أَوْ) بَعْدَ الصَّلَاةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ أَهْلِهَا (إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا) (وَ) كُرِهَ (حَمْلُهَا بِلَا وُضُوءٍ) لِتَأَدِّيهِ إلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنْ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ مَا يُتَوَضَّأُ بِهِ (وَإِدْخَالُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِمَسْجِدٍ) وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ (وَ) كُرِهَ (الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَيِّتُ خَارِجَهُ لِئَلَّا يَكُونَ وَسِيلَةً لِإِدْخَالِهِ فِيهِ فَفِي إدْخَالِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ مَكْرُوهَانِ (وَتَكْرَارُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ إنْ وَقَعَتْ أَوَّلًا جَمَاعَةً بِإِمَامٍ وَإِلَّا نُدِبَ إعَادَتُهَا (وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (كَسَقْطٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَحْرُمُ حَلْقُهُ حَالَ الْحَيَاةِ كَحَلْقِ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا سَالَ مِنْهَا شَيْءٌ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ إزَالَتُهُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَجْلِ النَّظَافَةِ وَإِنْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَالَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ فُعِلَتْ اسْتِنَانًا) ظَاهِرُ السَّمَاعِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى الِاسْتِحْبَابِ وَتَأَوَّلَ مَا فِي السَّمَاعِ مِنْ الْكَرَاهَةِ قَائِلًا إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ إذَا فُعِلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَهُ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ، وَاقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَى السَّمَاعِ وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ لَمْ يَسْتَحِبَّ إلَّا قِرَاءَةَ يس، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهَا أَنَّهُ اسْتَحَبَّ الْقِرَاءَةَ مُطْلَقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ تَبْخِيرِهَا) أَيْ لِأَجْلِ زَوَالِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ فِي زَعْمِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ) أَيْ فَقَدْ كَانَ عَمَلُهُمْ التَّصَدُّقَ وَالدُّعَاءَ لَا الْقِرَاءَةَ، وَنَصَّ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْحَجِّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقُبُورِ وَنَقَلَهُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الْبُخَارِيِّ قَالَ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَ قِيلَ لَهُمْ وَمَاذَا لَقُوا وَمُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ اهـ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْحَجِّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ لِلْمَيِّتِ حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَالشَّيْخُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ اهـ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: تَصِلُ مُطْلَقًا، لَا تَصِلُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَتْ عِنْدَ الْقَبْرِ وَصَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي آخِرِ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي السُّؤَالِ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] قَالَ وَإِنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَأَهْدَى ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ اهـ وَقَالَ ابْنُ هِلَالٍ فِي نَوَازِلِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٌ وَذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الْمَيِّتَ يَنْتَفِعُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَيَصِلُ إلَيْهِ نَفْعُهُ، وَيَحْصُلُ لَهُ أَجْرُهُ إذَا وَهَبَ الْقَارِئُ ثَوَابَهُ لَهُ، وَبِهِ جَرَى عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا وَوَقَفُوا عَلَى ذَلِكَ أَوْقَافًا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ سَالِفَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ اللَّطَائِفِ أَنَّ عِزَّ الدِّينِ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيَّ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِيمَا كُنْتَ تُنْكِرُ مِنْ وُصُولِ مَا يُهْدَى مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْمَوْتَى فَقَالَ هَيْهَاتَ وَجَدْتُ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا كُنْت أَظُنُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ خَلْفَهَا) لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ بَلْ الصِّيَاحُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا بْن (قَوْلُهُ وَهَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصِّيَاحَ أَيْ الْبُكَاءَ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا) وَذَلِكَ كَمَا يَقَعُ بِمِصْرَ يَمْشِي رَجُلٌ قُدَّامَ الْجِنَازَةِ وَيَقُولُ هَذِهِ جِنَازَةُ فُلَانٍ اسْتَغْفِرُوا لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَوَّلُوا) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ فِي تَجْهِيزِهَا (قَوْلُهُ أَوْ لِحَاجَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الِانْصِرَافُ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ كَانَ الِانْصِرَافُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الِانْصِرَافَ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَلَ طُولٌ فِي تَجْهِيزِهَا أَوْ لَا، كَانَ الِانْصِرَافُ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، كَانَ الِانْصِرَافُ بِإِذْنٍ مِنْ أَهْلِهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الِانْصِرَافُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ فَيُكْرَهُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ أَهْلِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يُطَوِّلُوا فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ أَهْلِهَا فَلَا كَرَاهَةَ طَوَّلُوا أَوْ لَا، وَإِنْ طَوَّلُوا فَلَا كَرَاهَةَ كَانَ بِإِذْنِ أَهْلِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِلَا وُضُوءٍ) أَيْ لِلْحَامِلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِ قَذَرٍ مِنْهُ وَمُرَاعَاةٍ لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ) فَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِيهِ كُرِهَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَأُثِيبَ عَلَى الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ فَلَا يَأْثَمُ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يُؤْجَرُ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ فِي إيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يُؤْجَرُ فِي إيقَاعِهَا فِيهِ فَنَفْيُ الْإِثْمِ وَالْأَجْرِ مَصْرُوفٌ إلَى الْإِيقَاعِ فِي الْمَسْجِدِ لَا إلَى الصَّلَاةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا نُدِبَ إعَادَتُهَا) أَيْ وَإِلَّا تَقَعُ أَوَّلًا جَمَاعَةً بِإِمَامٍ بِأَنْ وَقَعَتْ أَوَّلًا مِنْ فَذٍّ نُدِبَ إعَادَتُهَا أَيْ جَمَاعَةً وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفَذُّ (قَوْلُهُ كَسَقْطٍ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ أَيْضًا تَغْسِيلُ سَقْطٍ نَعَمْ يُنْدَبُ غَسْلُ دَمِهِ وَوَجَبَ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتُهُ

وَهُوَ مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَلَوْ وُلِدَ بَعْدَ تَمَامِ أَمَدِ الْحَمْلِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَكَرَاهَةِ تَغْسِيلِ سُقْطٍ (وَ) كُرِهَ (تَحْنِيطُهُ وَتَسْمِيَتُهُ وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ بِدَارٍ وَلَيْسَ) أَيْ دَفْنُهُ فِي الدَّارِ (عَيْبًا) يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي رَدَّهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى (بِخِلَافِ) دَفْنِ (الْكَبِيرِ) وَهُوَ مَنْ اسْتَهَلَّ فَعَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ (لَا) يُكْرَهُ تَغْسِيلُ (حَائِضٍ) لِلْمَيِّتِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِ حَدَثِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَلِذَا لَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا صَارَتْ كَالْجُنُبِ (وَ) كُرِهَ (صَلَاةُ فَاضِلٍ) بِعِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ إمَامَةٍ (عَلَى بِدْعِيٍّ) رَدْعًا لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ (أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ) كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ (وَ) كُرِهَ صَلَاةُ (الْإِمَامِ) وَأَهْلُ الْفَضْلِ (عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ) إمَّا (بِحَدٍّ) كَمُحَارِبٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ (أَوْ قَوَدٍ) كَقَاتِلِ مُكَافِئٍ زَجْرًا لِأَمْثَالِهِمْ (وَلَوْ تَوَلَّاهُ) أَيْ الْقَتْلَ (النَّاسُ دُونَهُ) أَيْ دُونَ الْإِمَامِ (وَإِنْ مَاتَ) مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَتْلِ (فَ) فِيهِ أَيْ فِي كَرَاهَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُ كَرَاهَتِهَا (تَرَدُّدٌ) (وَ) كُرِهَ (تَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ) وَخَزٍّ (أَوْ نَجِسٍ وَكَأَخْضَرَ وَمُعَصْفَرٍ) مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِأَبْيَضَ مَا عَدَا الْمُزَعْفَرَ وَالْمُوَرَّسَ كَمَا مَرَّ (أَمْكَنَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَرِيرِ وَمَا بَعْدَهُ (وَ) كُرِهَ (زِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ) عِمَامَةٍ وَمِئْزَرٍ وَقَمِيصٍ وَلِفَافَتَيْنِ وَكَذَا زِيَادَةُ امْرَأَةٍ عَلَى سَبْعَةٍ (وَ) كُرِهَ (اجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكَى) بِالْقَصْرِ إرْسَالُ الدُّمُوعِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ سِرًّا) لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ (وَتَكْبِيرُ نَعْشٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَاهَاةِ أَوْ إظْهَارِ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ (وَفَرْشُهُ بِحَرِيرٍ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَمَفْهُومُ فَرْشِهِ أَنَّ سَتْرَهُ بِهِ جَائِزٌ (وَإِتْبَاعُهُ بِنَارٍ) لِلتَّشَاؤُمِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَخُورٌ فَكَرَاهَةٌ أُخْرَى لِلسَّرَفِ (وَ) كُرِهَ (نِدَاءٌ بِهِ) أَيْ بِالْمَيِّتِ بِأَنْ يُقَالَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ فُلَانٌ مَاتَ فَاسْعَوْا لِجِنَازَتِهِ (بِمَسْجِدٍ) لِكَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِيهِ (أَوْ بَابِهِ) لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِدُخُولِهِ وَلِأَنَّ النِّدَاءَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ (لَا) النِّدَاءُ (بِكَحِلَقٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ جَمْعُ حَلْقَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (بِصَوْتٍ خَفِيٍّ) فَالْمُرَادُ الْإِعْلَامُ بِمَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُنْدَبُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةُ الْمَطْلُوبِ (وَ) كُرِهَ لِجَالِسٍ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ أَوْ مُشَيِّعٍ سَبَقَهَا لِلْمَقْبَرَةِ وَجَلَسَ (قِيَامٌ لَهَا) وَكَذَا اسْتِمْرَارُ مَنْ مَعَهَا قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ (وَ) كُرِهَ (تَطْيِينُ قَبْرٍ) أَيْ تَلْبِيسُهُ بِالطِّينِ (أَوْ تَبْيِيضُهُ) بِالْجِيرِ (وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَبْرِ كَقُبَّةٍ أَوْ بَيْتٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ (أَوْ تَحْوِيزٌ) عَلَيْهِ بِأَنْ يُبْنَى حَوْلَهُ حِيطَانٌ تُحْدِقُ بِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنٍ أَوْ مَوَاتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنُدِبَ كَوْنُهَا بِغَيْرِ دَارٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ وَدَفْنُهُ بِدَارٍ) إنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْبَشَ مَعَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ دَفْنِ الْكَبِيرِ) رَاجِعٌ إلَى الْحُكْمَيْنِ قَبْلَهُ فَيَجُوزُ دَفْنُهُ فِي الدَّارِ كَمَا قَالَ الْمَوَّاقُ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ مَقَابِرَ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ عَيْبٌ يُوجِبُ رَدَّهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ صَارَتْ كَالْجُنُبِ) أَيْ فِي كَرَاهَةِ تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِي صَلَاةِ الْفَاضِلِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَكُرِهَ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ بِالْجَلْدِ (قَوْلُهُ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ لِأَبِي عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيِّ قَالَ عبق وَنُظِرَ هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ مَاتَ بِالْحَبْسِ قُلْتُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ فَمَاتَ خَوْفًا مِنْ الْقَتْلِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ يَقُولُ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَانْظُرْهُ وَحِينَئِذٍ فَتَنْظِيرُ عبق قُصُورٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَنَجِسٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ طَهَارَتُهُ بَلْ طَهَارَةُ الْمُصَلَّى (قَوْلُهُ وَكُرِهَ زِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ) أَيْ لِأَنَّهُ غُلُوٌّ (قَوْلُهُ وَاجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكًى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا مُقَيَّدٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَجَازَ بُكًى أَيْ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا لَهُ وَإِلَّا كُرِهَ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ هُنَاكَ، وَلَا مَفْهُومَ لِلنِّسَاءِ بَلْ الرِّجَالُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خُصَّ النِّسَاءُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ لِذَلِكَ شَأْنُهُنَّ (قَوْلُهُ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُبَالَغَةُ عَلَى بَابِهَا لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ إنَّمَا هُوَ الْبُكَاءُ بِالصَّوْتِ الْعَالِي، وَأَمَّا مُطْلَقُهُ فَكَعَدِمِهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ كَمَا فِي طفى مِنْ قِبَلِ الْمُبَالَغَةِ اجْتِمَاعُهُنَّ لِلْبُكَاءِ جَهْرًا فَهُوَ مَحْكُومٌ لَهُ بِالْكَرَاهَةِ، وَقَدْ نَصَّ الْبُرْزُلِيُّ عَلَى أَنَّ الصُّرَاخَ الْعَالِيَ مَمْنُوعٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ إنَّ سَتْرَهُ بِهِ جَائِزٌ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَرِيرُ سَاذَجًا غَيْرَ مُلَوَّنٍ وَإِلَّا كُرِهَ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ لِلسَّرَفِ) أَيْ إنْ كَانَ لِذَلِكَ الطِّيبِ بَالٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا النِّدَاءُ بِكَحِلَقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ الْإِعْلَامُ) أَيْ إعْلَامُ الْمَحَافِلِ بِمَوْتِهِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ حَقِيقَتَهُ الَّذِي هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْإِعْلَامُ مَجَازًا (قَوْلُهُ وَقِيَامٌ لَهَا) اعْلَمْ أَنَّ الْقِيَامَ لِلْجِنَازَةِ كَانَ مَطْلُوبًا أَوَّلًا ثُمَّ أَنَّهُ نُسِخَ فَفَهِمَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ نَسْخَهُ مِنْ الْوُجُوبِ لِلْإِبَاحَةِ أَوْ النَّدْبِ قَوْلَانِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَلَعَلَّهُ فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ وَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ» قَالَ ح وَفَهْمُ الْكَرَاهَةِ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَسَنَدٍ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ) أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ فِي تَطْيِينِهِ مِنْ فَوْقُ وَنَقَلَ ابْنُ عَاشِرٍ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّهُ يَشْمَلُ تَطْيِينَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ مَا وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا طُيِّنَ الْقَبْرُ لَمْ يَسْمَعْ صَاحِبُهُ

[من لا يجب تغسيلهم]

لِغَيْرِ مُبَاهَاةٍ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ تَصِيرَ مَأْوًى لِلْفُسَّاقِ وَلَا يُهْدَمُ حِينَئِذٍ (وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّطْيِينِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَوْ صَارَ مَأْوَى لِأَهْلِ الْفَسَادِ أَوْ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ كَقَرَافَةِ مِصْرَ أَوْ مُرْصَدَةٍ لِلدَّفْنِ أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (حَرُمَ) وَوَجَبَ هَدْمُهُ وَمِنْ الضَّلَالِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَغْبِيَاءِ يَبْنُونَ بِقَرَافَةِ مِصْرَ أَسْبِلَةً وَمَدَارِسَ وَمَسَاجِدَ وَيَنْبُشُونَ الْأَمْوَاتَ وَيَجْعَلُونَ مَحَلَّهَا الْأَكْنِفَةَ وَهَذِهِ الْخُرَافَاتُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ فَعَلُوا الْخَيْرَاتِ، كَلًّا مَا فَعَلُوا إلَّا الْمُهْلِكَاتِ (وَجَازَ) مَا ذَكَرَ (لِلتَّمْيِيزِ) وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ كَقُبَّةٍ وَمَدْرَسَةٍ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلُهُ (كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ) يُوضَعُ عَلَى الْقَبْرِ (بِلَا نَقْشٍ) لِاسْمِهِ أَوْ تَارِيخِ مَوْتِهِ وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حُرِّمَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ النَّقْشَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ قُرْآنًا وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى امْتِهَانِهِ كَذَا ذَكَرُوا وَمِثْلُهُ نَقْشُ الْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ فِي الْجُدَرَانِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ وَكَانَا مَطْلُوبَيْنِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ حَاضِرٍ كُلِّهِ أَوْ جُلِّهِ تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِقْرَارُ حَيَاةٍ غَيْرِ شَهِيدِ مُعْتَرَكٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَضْدَادِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا عَنْهَا وَبِنَفْيِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ وَهُوَ الْغُسْلُ عَنْ نَفْيِ الْآخَرِ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَأَطْلَقَ النَّفْيَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِعَيْنِ الْحُكْمِ فَقَالَ (وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ) أَيْ يَحْرُمُ تَغْسِيلُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي قِتَالِ الْحَرْبِيِّينَ (فَقَطْ) وَلَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ مُعْتَرَكٍ (وَلَوْ) قُتِلَ (بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ غَزَا الْحَرْبِيُّونَ الْمُسْلِمِينَ (أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذَانَ وَلَا الدُّعَاءَ وَلَا يَعْلَمُ مَنْ يَزُورُهُ» اهـ بْن (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مُبَاهَاةٍ) أَيْ وَكَانَ التَّحْوِيزُ لِغَيْرِ مُبَاهَاةٍ (قَوْلُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ التَّبْيِيضِ وَالتَّحْوِيزِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ فِي الْأَرْضِي الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ أَوْ صَارَ) أَيْ الْقَبْرُ بِسَبَبِ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ أَوْ حَوْلَهُ مَأْوًى لِأَهْلِ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَبْرُ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ أَوْ مُرْصَدَةٍ أَيْ فَيَحْرُمُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَتَحْوِيزُهُ بِالْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ مُبَاهَاةً، وَمُرَادُهُ بِالْمُحْبَسَةِ لِلدَّفْنِ مَا صُرِّحَ بِوَقْفِيَّتِهَا لَهُ وَبِالْمُرْصَدَةِ لَهُ مَا وُقِفَتْ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِوَقْفِيَّةٍ بَلْ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا وَعَلِمْت مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ فِي أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حُرِّمَ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ مُطْلَقَةٌ (قَوْلُهُ مَا فَعَلُوا إلَّا الْمُهْلِكَاتِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ هَدْمُ مَا بُنِيَ بِالْقَرَافَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَدَارِسِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْبِلَةِ وَالْبُيُوتِ وَالْقُبَبِ وَالْحَيْشَانِ (قَوْلُهُ وَجَازَ مَا ذَكَرَ) مُرَادُهُ بِمَا ذَكَرَ الْبِنَاءُ فَوْقَهُ وَحَوْلَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ وَالْبِنَاءُ لِلتَّمْيِيزِ إنَّمَا جَائِزًا إذَا كَانَ يَسِيرًا لَا إنْ كَانَ كَثِيرًا كَمَدْرَسَةٍ وَقُبَّةٍ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الْبِنَاءِ الْيَسِيرِ لِلتَّمَيُّزِ وَلَوْ فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ لِلدَّفْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي بْن مَا نَصُّهُ الَّذِي اخْتَارَهُ ح أَنَّ التَّحْوِيزَ بِالْبِنَاءِ الْيَسِيرِ لِأَجْلِ تَمْيِيزِ الْقُبُورِ جَائِزٌ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِنْ أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ وَنَقَلَ نَصَّهَا ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ كَلَامِ التَّوْضِيحِ اهـ كَلَامُهُ وَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ حَوْلَهُ فِي الْأَرَاضِي الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ بِإِذْنٍ وَالْمَوَاتِ حَرَامٌ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَجَائِزٌ عِنْدَ قَصْدِ التَّمْيِيزِ وَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ كُرِهَ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَوْقَهُ أَوْ حَوْلَهُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ فَحَرَامٌ إلَّا بِقَصْدِ التَّمْيِيزِ فَجَائِزٌ إنْ كَانَ الْبِنَاءُ يَسِيرًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الْحَجَرِ أَوْ الْخَشَبَةِ نَقْشٌ كُرِهَ وَفِي ح التَّخْفِيفُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا كِتَابَةُ وَرَقَةٍ ذِكْرًا وَدُعَاءً وَتَعْلِيقُهَا فِي عُنُقِ الْمَيِّتِ فَحَرَامٌ وَيَجِبُ إخْرَاجُهَا إنْ لَمْ يَطُلْ الْأَمْرُ وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَيَجِبُ إخْرَاجُهُ مُطْلَقًا [مِنْ لَا يَجِب تَغْسِيلهمْ] (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ شَرَعَ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُسْتَغْنِيًا بِذِكْرِ أَضْدَادِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ عَنْهَا لِأَنَّ الضِّدَّيْنِ مُتَلَازِمَانِ فَإِذَا حُكِمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالِانْتِفَاءِ كَانَ الثَّانِي ثَابِتًا وَلَا مَحَالَةَ لِأَنَّ الضِّدَّيْنِ لَا يَرْتَفِعَانِ (قَوْلُهُ وَبِنَفْيِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذِكْرِ أَيْ وَاسْتِغْنَاءً بِنَفْيِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ) مِمَّنْ صَرَّحَ بِحُرْمَةِ تَغْسِيلِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ فَقَطْ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ بَقِيَّةِ الشُّهَدَاءِ كَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ وَمَيِّتِ الطَّاعُونِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ مُعْتَرَكٍ) أَيْ لِخُرُوجِ الشُّهَدَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِقَوْلِهِ مُعْتَرَكٍ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ يَقْتَضِي أَنَّ مَقْتُولَ الْحَرْبِيِّ الْكَافِرِ بِغَيْرِ مَعْرَكَةٍ يُغَسَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ كَافِرٍ حَرْبِيٍّ بِغَيْرِ مَعْرَكَةٍ لِكَوْنِهِ لَهُ حُكْمُ مَنْ قُتِلَ بِهَا وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَتَبِعَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَيَحْيَى الْقُرْطُبِيُّ فَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَسَّلَ أَبَاهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ حِينَ قَتَلَهُ عَدُوٌّ كَافِرٌ بِقُرْطُبَةَ حِينَ أَغَارَ عَلَيْهَا الْكُفَّارُ

بِأَنْ كَانَ غَافِلًا أَوْ نَائِمًا أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ دَاسَتْهُ الْخَيْلُ أَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ سَيْفُهُ أَوْ سَهْمُهُ أَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ حَالَ الْقِتَالِ (وَإِنْ) كَانَ (أَجْنَبَ) أَيْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا تَعَيَّنَ عَلَيْهَا الْقِتَالُ بِفَجْءِ عَدُوٍّ (عَلَى الْأَحْسَنِ لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا) مِنْ الْمَعْرَكَةِ ثُمَّ مَاتَ (وَإِنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ لَا يُغَسَّلُ وَلَوْ رُفِعَ غَيْرَ مَغْمُورٍ (إلَّا الْمَغْمُورَ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا وَهُوَ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَى أَنْ مَاتَ وَلَمْ تُنْفَذْ مَقَاتِلُهُ (وَدُفِنَ) وُجُوبًا (بِثِيَابِهِ) أَيْ فِيهَا الْمُبَاحَةِ (إنْ سَتَرَتْهُ) أَيْ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَيُمْنَعُ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) تَسْتُرْهُ (زِيدَ) عَلَيْهَا مَا سَتَرَهُ فَإِنْ وُجِدَ عُرْيَانًا سُتِرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ (بِخُفٍّ) الْبَاءُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ خُفٍّ (وَقَلَنْسُوَةٍ) يَعْنِي مَا يَتَعَمَّمُ عَلَيْهِ مِنْ عِرْقِيَّةٍ وَغَيْرِهَا، (وَمِنْطَقَةٍ) مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ (قَلَّ ثَمَنُهَا وَخَاتَمٍ) مِنْ فِضَّةٍ (قَلَّ فَصُّهُ) أَيْ قِيمَةُ فَصِّهِ (لَا) بِآلَةِ حَرْبٍ مِنْ (دِرْعٍ وَسِلَاحٍ) كَسَيْفٍ (وَلَا) يُغَسَّلُ (دُونَ الْجُلِّ) يَعْنِي دُونَ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ وَالْمُرَادُ بِالْجَسَدِ مَا عَدَا الرَّأْسَ فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ الْجَسَدِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ وَدُونَ الثُّلُثَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ لَمْ يُغَسَّلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ يُكْرَهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْغُسْلِ وُجُودُ الْمَيِّتِ فَإِنْ وُجِدَ بَعْضُهُ فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ وَلَا حُكْمَ لِلْيَسِيرِ وَهُوَ مَا دُونَهَا (وَلَا) يُغَسَّلُ (مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ) أَيْ يَحْرُمُ (وَإِنْ صَغِيرًا) مُمَيِّزًا (ارْتَدَّ) لِأَنَّ رِدَّتَهُ مُعْتَبَرَةٌ كَإِسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ يُؤَخَّرُ قَتْلُهُ لِبُلُوغِهِ إنْ لَمْ يَتُبْ (أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ) أَوْ مُشْتَرِيهِ وَلَوْ قَالَ مَالِكُهُ كَانَ أَشْمَلَ (الْإِسْلَامَ) وَهَذَا فِي الْكِتَابِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى غَفْلَةٍ وَالنَّاسُ فِي إحْرَاثِهِمْ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ اتَّفَقَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَلْفٍ أَنَّ أَسْرَى نَصَارَى بِأَيْدِ مُسْلِمِينَ أَغَارُوا عَلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُسْلِمُونَ فِي صَلَاتِهَا فَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَفْتَى عج بِعَدَمِ غُسْلِهِمْ وَعَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا) أَيْ حِينَ الْقِتَالِ (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ دَاسَتْهُ الْخَيْلُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَوَّاقُ وح فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ أَجْنَبَ عَلَى الْأَحْسَنِ) فِي الْمَوَّاقِ قَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَرَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ تَرْكَ غُسْلِ الْجُنُبِ اهـ وَصَوَابُهُ لَوْ قَالَ وَلَوْ أَجْنَبَ عَلَى الْأَظْهَرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا رُفِعَ حَيًّا فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَلَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْمُورًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَطَرِيقَةُ سَحْنُونٍ أَنَّهُ مَتَى رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ أَوْ مَغْمُورًا فَلَا يُغَسَّلُ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ ضَعِيفٌ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِتَغْسِيلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ مَعَ أَنَّهُ رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ ثُمَّ نَقَلَ أَيْ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا ظَاهِرُهُ يُوَافِقُ الْمُصَنِّفَ وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ فَانْظُرْ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ حَالَةَ كَوْنِهَا مُصَاحَبَةً لِخُفٍّ فَدَفْنُهُ بِثِيَابِهِ لَازِمٌ وَجَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِثِيَابِهِ وَكَأَنَّهُ قِيلَ بِخُفِّهِ إلَخْ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ فَيَقْضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُدْفَنُ بِالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَمَا مَعَهُمَا فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا بِآلَةِ حَرْبٍ) أَيْ لَا يُدْفَنُ مَعَ آلَةِ حَرْبٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُغَسَّلُ دُونَ الْجُلِّ) النَّهْيُ هُنَا عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ فَالْعِلَّةُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا دُونَ الْجُلِّ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَكْرُوهِ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ إنْ قُلْتَ إنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا دُونَ الْجُلِّ يُؤَدِّي لِتَرْكِ الصَّلَاةِ رَأْسًا وَكَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ خَوْفَ ارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى غَائِبٍ قُلْتُ أَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا مُحَصِّلُهُ أَنَّا لَا نُخَاطَبُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَّا بِشَرْطِ الْحُضُورِ وَحُضُورُ جُلِّهِ كَحُضُورِ كُلِّهِ وَحُضُورُ الْأَقَلِّ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ عَدَمَ الْغُسْلِ فِي هَذَا إنَّمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَشْهَبَ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ غُسْلُ الْجُلِّ اهـ بْن، فَعَلَى هَذَا الْمُرَادِ بِالْجُلِّ ثُلُثَا الْجَسَدِ وَلَوْ مَعَ الرَّأْسِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ فَلَا يُغَسَّلُ إلَّا الْكَامِلُ، وَأَمَّا الْبَعْضُ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَوْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وُجِدَ بَعْضُهُ فَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ) كَمَا إذَا وُجِدَ ثُلُثَاهُ وَفُقِدَ ثُلُثُهُ فَاسْتَخَفُّوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَسِيرَ تَبَعٌ لِلْكَثِيرِ فَلَا حُكْمَ لِلْيَسِيرِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا دُونَهُمَا) أَيْ مَا دُونَ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُغَسَّلُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ) أَيْ مِنْ زِنْدِيقٍ وَسَاحِرٍ وَمَجُوسِيٍّ وَكِتَابِيٍّ وَمُرْتَدٍّ إلَى أَيِّ دِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى بِهِ) أَيْ بِالصَّغِيرِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ارْتَدَّ أَيْ وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ أَوْ صَغِيرًا نَوَى بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الْكِتَابِيِّ) لِأَنَّ صِغَارَ الْكِتَابِيِّينَ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الرَّاجِحِ وَكِبَارُهُمْ لَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ مَنْ يَعْقِلُ دِينَهُ لَا الْبَالِغُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ) أَيْ الصَّغِيرَ

فَهُوَ فِي الْمَجُوسِ (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) الْكِتَابِيُّ الْمُمَيِّزُ بِالْفِعْلِ فَيُغَسَّلَ (كَأَنْ أَسْلَمَ) مِنْ غَيْرِ سَبْيٍ (وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ) إلَيْنَا بَلْ وَلَوْ مَاتَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (وَإِنْ اخْتَلَطُوا) أَيْ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ مَعَ مُسْلِمِينَ غَيْرِ شُهَدَاءَ (غُسِّلُوا) جَمِيعًا (وَكُفِّنُوا وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ) وَدُفِنُوا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا) يُغَسَّلُ (سَقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ) صَارِخًا (وَلَوْ تَحَرَّكَ) إذْ الْحَرَكَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ إذْ قَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ (أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ) إذْ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ أَيْ يُكْرَهُ (إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ) بِعَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِهَا مِنْ صِيَاحٍ أَوْ طُولِ مُدَّةٍ فَيَجِبُ غُسْلُهُ (وَغُسْلُ دَمِهِ) أَيْ السِّقْطِ (وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ وُورِيَ) وُجُوبًا فِيهِمَا وَفِي غُسْلِ الدَّمِ نَظَرٌ (وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ) أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْأَوْجُهِ (إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وُجُوبًا وَلَا يُخْرَجُ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَإِلَّا أُخْرِجَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يُظَنَّ فِنَاؤُهُ (وَلَا) يُصَلَّى عَلَى (غَائِبٍ) مِنْ غَرِيقٍ وَأَكْلِ سَبُعٍ أَوْ فِي بَلَدٍ أُخْرَى (وَلَا تُكَرَّرُ) الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَتَكْرَارُهَا (وَالْأَوْلَى) أَيْ الْأَحَقُّ (بِالصَّلَاةِ) عَلَى الْمَيِّتِ إمَامٌ (وَصِيٌّ) أَوْصَاهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (رُجِيَ خَيْرُهُ) صِفَةٌ لِوَصِيٍّ تُفِيدُ التَّعْلِيلَ كَأَنَّهُ قَالَ أَوْصَاهُ لِرَجَاءِ خَيْرِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْأَوْلَى (الْخَلِيفَةُ لَا فَرْعُهُ) أَيْ نَائِبُهُ فِي الْحُكْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَهُوَ فِي الْمَجُوسِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهَلْ الْمَجُوسِيُّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ لَهُ وَهُوَ لِابْنِ دِينَارٍ مَعَ رِوَايَةِ مَعْنٍ، أَوْ حَتَّى يَنْوِيَ مَالِكُهُ إسْلَامَهُ وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ، أَوْ حَتَّى يَقْدُمُ مِلْكُهُ وَيُزَيِّيَهُ بِزِيِّ الْإِسْلَامِ وَيُشَرِّعَهُ بِشَرَائِعِهِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ، أَوْ حَتَّى يَعْقِلَ وَيُجِيبَ حِينَ إثْغَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ، خَامِسُهَا حَتَّى يُجِيبَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَا عِيَاضٌ الْأَوَّلَيْنِ لِرِوَايَتَيْنِ فِيهَا فَعُلِمَ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلَيْنِ وَعَلَيْهِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْجَبْرِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّغِيرَ مِنْ سَبْيِ الْمَجُوسِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْجَبْرِ فَعَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ مَاتَ بِدَارِ الْحَرْبِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَقِيَ فِيهَا حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ أَيْضًا، وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمَاكِثِينَ عِنْدَنَا أَهْلَ كِتَابٍ أَمْ لَا وَبَقِيَ عِنْدَ أَهْلِهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ غُسِّلُوا وَكُفِّنُوا إلَخْ) أَيْ وَمُؤْنَةُ غُسْلِهِمْ وَكَفَنِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ، وَلَا يُقَالُ الْكَافِرُ لَهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ غُسْلُ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَمُوَارَاتُهُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِفِعْلِ ذَلِكَ فِي الْكَافِرِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ أَمَّا إنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ مَالٌ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَمْ لَا فَإِنَّ مُؤْنَةَ جَمِيعِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ غَيْرِ شَهِيدٍ عَمَّا إذَا اخْتَلَطَ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ بِشَهِيدِ مَعْرَكَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَدُفِنُوا بِمَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْمُسْلِمِ بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ بِغُسْلِ شَهِيدِ مُعْتَرَكٍ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُغَسَّلَ الْجَمِيعُ وَيُكَفَّنُوا مَعَ دَفْنِهِمْ بِثِيَابِهِمْ احْتِيَاطًا فِي الْجَانِبَيْنِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ يُمَيَّزُ غَيْرُ الشَّهِيدِ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ فَلَيْسَ كَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُغَسَّلُ سَقْطٌ) أَيْ يُكْرَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحَرَّكَ) اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَرَكَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْعُطَاسِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْحَيَاةِ وَعَارَضَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مُحَالٌ بِالْعَادَةِ أَنْ يَرْضِعَ الْمَيِّتُ وَأَجَابَ الْمَوَّاقُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ الْمَيِّتِ لَا أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ رَضَاعِهِ حَقِيقَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ إذْ قَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ) أَيْ وَقَدْ يَكُونُ الْعُطَاسُ مِنْ الرِّيحِ وَقَدْ يَكُونُ الْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ (قَوْلُهُ أَوْ رَضَعَ) أَيْ يَسِيرًا وَأَمَّا كَثْرَةُ الرَّضَاعِ فَمُعْتَبَرَةٌ وَالْكَثِيرُ مَا تَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ إلَّا مِمَّنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ (قَوْلُهُ إذْ وَاحِدٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهَا لَا يَدُلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي لَفِّهِ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتِهِ (قَوْلُهُ وَفِي غُسْلِ الدَّمِ نَظَرٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ) أَيْ بَعْدَ إنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجُهِ) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق أَيْ يُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ إذْ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَا وَقَعَ لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْمَنْعِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَطُلْ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى غَائِبٍ) أَيْ يُكْرَهُ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُهُ بِالْحَبَشَةِ فَذَاكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَوْ أَنَّ صَلَاتَهُ لَمْ تَكُنْ عَلَى غَائِبٍ لِرَفْعِهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَآهُ فَتَكُونُ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَوَابَيْنِ مَعًا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ، وَالرَّفْعُ يَفْتَقِرُ لِدَلِيلٍ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا تُكَرَّرُ الصَّلَاةُ عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا جَمَاعَةً وَإِلَّا نُدِبَ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْصَاهُ لِرَجَاءِ خَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَاهُ لِإِغَاظَةِ مَنْ بَعْدَهُ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا لَمْ تَنْفُذْ وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ جَوَازِهَا وَكَانَ مَنْ بَعْدَهُ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ إنْ رُجِيَ

(إلَّا) أَنْ يُوَلِّيَهُ حُكْمًا (مَعَ الْخُطْبَةِ) لِلْجُمُعَةِ (ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ (وَ) إنْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِجِنَازَةٍ أَوْ أَكْثَرَ قُدِّمَ (أَفْضَلُ وَلِيٍّ) بِزِيَادَةِ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَلَوْ) كَانَ الْأَفْضَلُ (وَلِيَّ امْرَأَةٍ) فَيُقَدَّمُ عَلَى وَلِيِّ الرَّجُلِ الْمَفْضُولِ اعْتِبَارًا بِفَضْلِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ (وَصَلَّى النِّسَاءُ) عَلَى الْجِنَازَةِ عِنْدَ عَدَمِ الرِّجَالِ (دُفْعَةً) أَفْذَاذًا وَلَا يُنْظَرُ لِسَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِالتَّكْبِيرِ أَوْ السَّلَامِ فَإِذَا فَرَغْنَ كُرِهَ لِمَنْ فَاتَتْهُ مِنْهُنَّ أَنْ تُصَلِّيَ (وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ) أَيْ الْقَوْلُ بِتَرَتُّبِهِنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى وَضُعِّفَ بِأَنَّهُ تَكْرَارٌ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ. (وَالْقَبْرُ) لِغَيْرِ السِّقْطِ (حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ) أَيْ يُكْرَهُ حَيْثُ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ بِنَعْلٍ وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ (وَلَا يُنْبَشُ) أَيْ يَحْرُمُ (مَادَامَ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ ظَنِّ دَوَامِ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ غَيْرَ عَجْبِ الذَّنَبِ (بِهِ) أَيْ فِيهِ وَإِلَّا جَازَ الْمَشْيُ وَالنَّبْشُ لِلدَّفْنِ فِيهِ لَا بِنَاؤُهُ دَارًا وَلَا حَرْثُهُ لِلزِّرَاعَةِ وَاسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ النَّبْشِ مَسَائِلَ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ غَصَبَهُ الْمَيِّتُ أَوْ غَيْرُهُ فَيُنْبَشُ إنْ أَبَى مَنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ (أَوْ يَشِحَّ رَبُّ قَبْرٍ) حُفِرَ (بِمِلْكِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ) لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَلَّ أَوْ لَهُ وَشَحَّ الْوَارِثُ وَكَانَ لَهُ بَالٌ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ وَإِلَّا أُجْبِرَ غَيْرُ الْوَارِثِ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ (وَإِنْ كَانَ) الْقَبْرُ الْمَحْفُورُ (بِمَا) أَيْ بِمَكَانٍ (يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ) كَأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ فَدُفِنَ فِيهِ مَيِّتٌ بِغَيْرِ إذْنِ حَافِرِهِ (بَقِيَ) الْمَيِّتُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQخَيْرُهُ أَيْضًا وَإِلَّا قُدِّمَ الْوَصِيُّ لِأَنَّ مَنْ بَعْدَهُ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً فَيُخْشَى أَنْ يُقَصِّرَ فِي الدُّعَاءِ لَهُ، وَالْإِمَامُ عَمُودُ الصَّلَاةِ وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ مُرْتَبِطَةٌ بِهِ (قَوْلُهُ إلَّا مَعَ الْخُطْبَةِ) أَيْ مَعَ مُبَاشَرَتِهَا عَلَى الظَّاهِرِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ مَعَ تَوَلِّيَتِهَا لِلْغَيْرِ كَالْقَاضِي الْمُوَلَّى عَلَى الْحُكْمِ وَالتَّقْرِيرِ فِي الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) أَيْ وَلَا مَدْخَلَ لِلزَّوْجِ وَأَمَّا السَّيِّدُ فَلَهُ مَدْخَلٌ بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِجِنَازَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الْقُرْبِ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ أَوْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِأَكْثَرَ مِنْ جِنَازَةٍ كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَكَانَ لِكُلِّ جِنَازَةٍ وَلِيٌّ فَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَلِيَّ امْرَأَةٍ) كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ مَيِّتَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلِيٌّ وَكَانَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ أَفْضَلَ مِنْ وَلِيِّ الرَّجُلِ فَيُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الْأَفْضَلُ إذَا صَلَّى عَلَيْهِمَا مَعًا صَلَاةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ أَيْ الْقَوْلُ بِتَرَتُّبِهِنَّ) أَيْ بِجَوَازِ تَرَتُّبِهِنَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ إنَّهُنَّ يُصَلِّينَ دُفْعَةً وَيُكْرَهُ تَرَتُّبُهُنَّ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ بِجَوَازِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ صَلَاتُهُنَّ دُفْعَةً وَتَرَتُّبُهُنَّ (قَوْلُهُ وَالْقَبْرُ حَبْسٌ) أَيْ عَلَى الدَّفْنِ فَإِنْ نُقِلَ مِنْهُ الْمَيِّتُ أَوْ بَلِيَ لَمْ يُتَصَرَّفْ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ كَالزَّرْعِ وَبِنَائِهِ بَيْتًا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ) أَيْ وَظُنَّ دَوَامُ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ فِيهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَكَرَاهَةُ الْمَشْيِ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مُسَطَّحًا أَوْ كَانَ مُسَنَّمًا وَكَانَ فِي الطَّرِيقِ أَوْ ظُنَّ فِنَاؤُهُ وَعَدَمُ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْقَبْرِ جَازَ الْمَشْيُ عَلَيْهِ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ مُسَطَّحًا فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَعْلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ مُتَنَجِّسَةً وَلَوْ كَثُرَ الْمُرُورُ وَلَوْ كَانَ الْمَارُّ كَافِرًا وَالظَّاهِرُ جَوَازُ الْمَشْيِ بِالدَّوَابِّ قِيَاسًا عَلَى النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ) أَيْ يَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ح لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمَشْيِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ الْجُلُوسَ كَالْمَشْيِ يُكْرَهُ إنْ كَانَ الْقَبْرُ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَظُنَّ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ فِيهِ فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ جَازَ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ مَا دَامَ بِهِ) هَذَا قَيْدٌ لِلنَّفْيَيْنِ فَقَطْ أَيْ نَفْيِ الْمَشْيِ وَنَفْيِ النَّبْشِ لَا لِقَوْلِهِ أَيْضًا حَبْسٌ إذْ هُوَ حَبْسٌ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا عَجَبُ الذَّنَبِ وَأَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَا بِنَاؤُهُ دَارًا إلَخْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ حِجَارَةِ الْمَقَابِرِ الْفَانِيَةِ لِبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ بِالْأَوْلَى وَ (قَوْلُهُ وَلَا حَرْثُهُ لِلزِّرَاعَةِ) لَكِنْ لَوْ حُرِثَتْ جُعِلَ كِرَاؤُهَا فِي مُؤْنَةِ دَفْنِ الْفُقَرَاءِ اهـ خش (قَوْلُهُ مَسَائِلُ) أَيْ ثَلَاثَةٌ وَتَقَدَّمَتْ رَابِعَةٌ وَهِيَ نَبْشُهُ لِأَجْلِ نَقْلِهِ فَيَجُوزُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَخَامِسَةٌ وَهِيَ نَبْشُهُ لِدَفْنِ غَيْرِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ إنْ أَبَى) أَيْ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يَشِحَّ رَبُّ قَبْرٍ حُفِرَ بِمِلْكِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَالِكِ إخْرَاجُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ أَمْ لَا، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ إخْرَاجُهُ إنْ كَانَ بِالْفَوْرِ وَأَمَّا مَعَ الطُّولِ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ وَجُبِرَ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إنْ كَانَ بِالْقُرْبِ فَلَهُ إخْرَاجُهُ وَإِنْ طَالَ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ الْأَرْضِ وَلَا يُخْرِجُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَوْ نُسِيَ مَعَهُ مَالٌ) أَيْ كَثَوْبٍ غُطِّيَ بِهِ فِي الْقَبْرِ أَوْ خَاتَمٌ أَوْ دَنَانِيرُ، وَفِي الْمَوَّاقِ إنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ بِخِلَافِ الْكَفَنِ الْمَغْصُوبِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ وَقَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ أَنَّ التَّكْفِينَ حَوْزٌ لِوَضْعِ الْيَدِ فَلَا بُدَّ فِي نَقْلِهِ عَنْ الْحَائِزِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ بِخِلَافِ مُصَاحَبَةِ الْمَالِ لَهُ فَلَا يُعَدُّ حَوْزًا (قَوْلُهُ بِمَا يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ) أَيْ مَكَانٌ يَمْلِكُ فِيهِ الْمَيِّتُ الدَّفْنَ خَاصَّةً وَ (قَوْلُهُ كَأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ لَهُ) أَيْ لِلدَّفْنِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْقُبُورَ الَّتِي بِقَرَافَةِ مِصْرَ كَالْمَمْلُوكَةِ لِلْكُلْفَةِ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَيُنْبَشُ الْقَبْرُ وَيُخْرَجُ الْمَيِّتُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيهِ (قَوْلُهُ فَدُفِنَ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْقَبْرِ الْمَحْفُورِ فِي الْأَرْضِ

(وَعَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى وَرَثَةِ الْمَدْفُونِ فِيهِ (قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْحَفْرِ (وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ عُمْقًا (مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ) أَيْ رَائِحَةَ الْمَيِّتِ (وَحَرَسَهُ) مِنْ أَكْلِ كَسَبُعٍ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَنُدِبَ عُمْقُهُ كَمَا مَرَّ (وَبَقَرَ) أَيْ شَقِّ بَطْنَ مَيِّتٍ (عَنْ مَالٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ابْتَلَعَهُ حَيًّا (كَثُرَ) بِأَنْ كَانَ نَصَّابًا (وَلَوْ) ثَبَتَ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) وَمَحَلُّ التَّقْيِيدِ بِالْكَثِيرِ إذَا ابْتَلَعَهُ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ أَوْ لِمُدَاوَاةٍ أَمَّا لِقَصْدِ حِرْمَانِ الْوَارِثِ فَيُبْقَرُ وَلَوْ قَلَّ (لَا) يُبْقَرُ (عَنْ جَنِينٍ) رُجِيَ لِإِخْرَاجِهِ وَلَا تُدْفَنُ بِهِ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ) وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ (إنْ رُجِيَ) خَلَاصُهُ حَيًّا وَكَانَ فِي السَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ فَأَكْثَرَ (وَإِنْ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ) بِحِيلَةٍ (فَعَلَ) اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ (وَالنَّصُّ) الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ) أَيْ أَكْلِ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَافِرًا (لِمُضْطَرٍّ) وَلَوْ مُسْلِمًا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ إذْ لَا تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ آدَمِيٍّ لِآخَرَ (وَصُحِّحَ أَكْلُهُ أَيْضًا) أَيْ صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَ بِجَوَازِ أَكْلِهِ لِلْمُضْطَرِّ. (وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ) أَيْ كَافِرَةٌ (حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) بِوَطْءِ شُبْهَةٍ مُطْلَقًا أَوْ بِنِكَاحٍ فِي كِتَابِيَّةٍ وَتَتَصَوَّرُ بِنِكَاحٍ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا حَيْثُ أَسْلَمَ عَنْهَا (بِمَقْبَرَتِهِمْ) لِعَدَمِ حُرْمَةِ جَنِينِهَا وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَقَوْلُهُ (وَلَا يَسْتَقْبِلُ) بِهَا (قِبْلَتَنَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ) حَقُّهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ (وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ) أَيْ فِيهِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا (مُكَفَّنًا) مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ غَيْرَ مُثْقَلٍ (إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ) وَإِلَّا وَجَبَ تَأْخِيرُهُ إلَيْهِ وَعَلَى وَاجِدِهِ دَفْنُهُ (وَلَا يُعَذَّبُ) مَيِّتٌ (بِبُكَاءٍ) حَرَامٍ (لَمْ يُوصِ بِهِ) فَإِنْ أَوْصَى عُذِّبَ وَكَذَا إنْ عَلِمَهُ مِنْهُمْ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ حَيْثُ ظَنَّ امْتِثَالَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمْ) أَيْ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تَلْزَمُ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهِمْ (قَوْلُهُ أَيْ قِيمَةُ الْحَفْرِ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ قِيمَةَ الْقَبْرِ لِئَلَّا يُنَافِيَ الْمَوْضُوعَ مِنْ أَنَّ الْقَبْرَ حَفْرٌ فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ كُلُّ أَحَدٍ الدَّفْنَ فِيهَا فَالْحَافِرُ كَمَنْ سَبَقَ لِمُبَاحٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ قِيمَةِ الْحَفْرِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ اللَّبَّادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ عَلَيْهِمْ حَفْرُ مِثْلِهِ وَقِيلَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْحَفْرِ وَقِيمَةِ الْأَرْضِ الْمَحْفُورَةِ وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ نِصَابًا) اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نِصَابُ الزَّكَاةِ لَا نِصَابُ السَّرِقَةِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَبَتَ) أَيْ ابْتِلَاعُهُ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا يَمِينٌ اسْتِظْهَارٌ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْمُدَّعَى بِهِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَحِينَئِذٍ فَيُلْغَزُ بِهَا وَيُقَالُ دَعْوَى عَلَى مَيِّتٍ لَيْسَ فِيهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ وَإِذَا بُقِرَ عَنْ الْمَالِ فَلَمْ يُوجَدْ عُزِّرَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ إمَّا لِقَصْدٍ إلَخْ أَيْ إمَّا ابْتِلَاعُهُ لِقَصْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يُبْقَرُ عَنْ جَنِينٍ) أَيْ وَلَوْ رُجِيَ خُرُوجُهُ حَيًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَذَلِكَ لِأَنَّ سَلَامَتَهُ مَشْكُوكَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهَا لِأَجْلِهِ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ) أَيْ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى حَيْثُ كَانَ الْحَمْلُ أُنْثَى أَمَّا إنْ كَانَ ذَكَرًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُمْنَى اهـ عَدَوِيٌّ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي جَنِينِ الْآدَمِيِّ أَمَّا جَنِينُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُبْقَرُ عَنْهُ إذَا رُجِيَ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ إخْرَاجُهُ بِحِيلَةٍ مِنْ الْمَيِّتَةِ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ وَشَرْطُ وُجُودِهَا الْحَيَاةُ إلَّا لِخَرْقِ الْعَادَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ) أَيْ وَلَوْ أَدَّى عَدَمُ الْأَكْلِ لِمَوْتِ ذَلِكَ الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِدْ غَيْرُهُ) هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ أَكْلُهُ) وَعَلَى هَذَا فَانْظُرْ هَلْ يَتَعَيَّنُ أَكْلُهُ نِيئًا أَوْ يَجُوزُ لَهُ طَبْخُهُ بِالنَّارِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ يَحْرُمُ طَبْخُهُ وَشَيَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ مَعَ انْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ أَيْ كَافِرَةٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً (قَوْلُهُ شُبْهَةٍ) أَيْ شُبْهَةِ مِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً (قَوْلُهُ وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَقْبَلُوا بِهَا قِبْلَتَنَا أَوْ قِبْلَتَهُمْ (قَوْلُهُ وَعَلَى وَاجِدِهِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى وَاجِدِ مَيِّتِ الْبَحْرِ الَّذِي رُمِيَ فِيهِ مُكَفَّنًا وَكَذَا مَيِّتُ الْبَحْرِ الْغَرِيقِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ) أَيْ لَا يَتَأَلَّمُ بِهِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّعْذِيبَ بِالنَّارِ أَوْ الْمُنَاقَشَةِ لَكِنْ وَرَدَ أَنَّهُ «يُقَالُ لِلْمَيِّتِ أَجِبْ نَوَائِحَكَ» فَحُمِلَ عَلَى إيصَائِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا يُنَاسِبُ

[باب الزكاة]

(وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُؤَنِ التَّجْهِيزِ بَلْ يَلِيهِ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُسْلِمُونَ (وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا) لَهُ (كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ) يَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ (يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ) وُجُوبًا مُكَفَّنًا فِي شَيْءٍ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ إذْ لَا نُعَظِّمُهَا فَلَا نَقْصِدُ جِهَةً مَخْصُوصَةً (وَالصَّلَاةُ) عَلَى الْجِنَازَةِ (أَحَبُّ) أَيْ أَفْضَلُ عِنْدَ مَالِكٍ (مِنْ) صَلَاةِ (النَّفْلِ) بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ (إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ) وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ الثَّانِي (إنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (كَجَارٍ) لِلْمُصَلِّي مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ (أَوْ) كَانَ (صَالِحًا) تُرْجَى بَرَكَتُهُ وَإِلَّا كَانَ النَّفَلُ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ أَفْضَلَ {بَابٌ} (تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ) الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَقَاءَ الْعَذَابِ عَلَى حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ) أَيْ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ تَعَبُّدٌ لَا لِلنَّظَافَةِ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لِزَوَالِ حُرْمَةِ أَبَوَيْهِ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَبِ) أَيْ بَلْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَقَارِبِ، كَذَلِكَ بَلْ لَوْ وُجِدَ كَافِرٌ مَيِّتٌ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَلَا مِنْ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ وَخِيفَ ضَيَاعُهُ وَجَبَتْ مُوَارَاتُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا وَقِيلَ إنَّ الْحَرْبِيَّ يُتْرَكُ لِلْكِلَابِ تَأْكُلُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ النَّفَلُ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ أَفْضَلَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْفَرْضِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ ثَوَابِ النَّفْلِ فَكَيْفَ يَكُونُ النَّفَلُ أَحَبَّ مِنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ الْغَيْرِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ لَا بِالْفَرَاغِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ بِالدَّاخِلِ فِيهِ يَقَعُ فِعْلُهُ فَرْضًا وَإِنْ قِيلَ بِسُقُوطِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَالْبَحْثُ بَاقٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ بْن وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُمْ تَوَسَّطُوا هُنَا فَلَمْ يَقُولُوا بِأَفْضَلِيَّتِهَا مِنْ النَّفْلِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِمَا قِيلَ إنَّهَا صَلَاةٌ لُغَوِيَّةٌ الْقَصْدُ مِنْهَا الدُّعَاءُ حَتَّى أَجَازَهَا بَعْضُهُمْ بِلَا وُضُوءٍ وَلَيْسَ فِيهَا السُّجُودُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ إذَا كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ وَقَوَّى النَّظَرَ لِفَرْضِيَّتِهَا حَقُّ الْجَارِ وَبَرَكَةُ الصَّالِحِ [بَابُ الزَّكَاةِ] (بَابُ الزَّكَاةِ) (قَوْلُهُ وَشَرْعًا إخْرَاجُ إلَخْ) هَذَا تَعْرِيفٌ لَهَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَقَوْلُهُ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ أَيْ الْجُزْءِ الْمَخْصُوصِ الْمُخْرَجِ مِنْ الْمَالِ الْمَخْصُوصِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا الْمَدْفُوعُ لِمُسْتَحِقِّهِ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحُوِّلَ غَيْرُ الْمَعْدِنِ، وَهَذَا تَعْرِيفٌ لَهَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الْمَأْخُوذُ زَكَاةً مَعَ كَوْنِهِ يُنْقِصُ الْمَالَ حِسًّا لِنُمُوِّهِ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي حَدِيثِ «مَا تَصَدَّقَ عَبْدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ إلَّا كَأَنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ كَالْجَبَلِ» أَوْ لِأَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْمَالِ بِالْبَرَكَةِ وَالتَّنْمِيَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَاحِ أَوْ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَزْكُو بِأَدَائِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] (قَوْلُهُ مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ النَّعَمُ وَالْحَرْثُ وَالنَّقْدَانِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَالْمَعَادِنُ (قَوْلُهُ تَجِبُ زَكَاةُ إلَخْ) هَذَا فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا كُلُّ نِصَابٍ مِنْ أَنْوَاعِ النَّعَمِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَظَاهِرُهُ كَانَ مِلْكًا لِوَاحِدٍ أَوْ لِأَكْثَرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ لَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ نِصَابُ النَّعَمِ) النِّصَابُ لُغَةً الْأَصْلُ وَشَرْعًا الْقَدْرُ الَّذِي إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ وَسُمِّيَ نِصَابًا أَخْذًا لَهُ مِنْ النُّصُبِ لِأَنَّهُ كَعَلَامَةٍ

(بِمِلْكٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى غَاصِبٍ وَمُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَمُلْتَقِطٍ (وَحَوْلٍ كَمُلَا) أَيْ الْمِلْكُ وَالْحَوْلُ فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْمِلْكُ كَمَالِ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَمَالِ الْمَدِينِ بِشَرْطٍ فَلَا تَجِبُ فِيهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكْمُلْ الْحَوْلُ وَأَمَّا جَوَازُ إخْرَاجِهَا قَبْلَهُ بِشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQنُصِبَتْ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَوْ لِأَنَّ لِلْفُقَرَاءِ فِيهِ نَصِيبًا وَالنَّعَمُ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ وَهِيَ الْمَالُ الرَّاعِيَةُ فَيَصْدُقُ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَا ذَكَرَ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ مِنْ النُّمُوِّ وَعُمُومِ الِانْتِفَاعِ وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا اسْمُ جِنْسٍ لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ بَلْ مِنْ مَعْنَاهُ وَاسْمُ الْجِنْسِ هُوَ الَّذِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ بِمِلْكٍ) أَيْ بِسَبَبِ مِلْكٍ لِلنِّصَابِ وَبِسَبَبِ حَوْلٍ أَيْ مُرُورِ حَوْلٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَصْلِهِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ نَعْجَةً تَمَامَ الْحَوْلِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ كَانَ مَلَكَ عِشْرِينَ نَعْجَةً حَوَامِلَ ثُمَّ وَلَدَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى أَصْلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَوْلَ شَرْطٌ بِلَا خِلَافٍ لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُوبُهَا وَلَا عَدَمُهُ لِتَوَقُّفِ وُجُوبِهَا عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ وَفَقْدِ الْمَانِعِ كَالدِّينِ فِي الْعَيْنِ وَأَمَّا الْمِلْكُ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ سَبَبٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْوُجُوبِ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ شَرْطٌ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْوُجُوبِ وَلَا عَدَمُهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى شُرُوطٍ أُخَرَ كَالْحَوْلِ وَانْتِفَاءِ مَانِعٍ كَالدِّينِ وَقَرْنُ الْمُؤَلِّفِ لَهُ بِالشَّرْطِ يُؤَكِّدُ كَوْنَهُ شَرْطًا وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْبَاءِ الَّتِي لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّ جَعْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَهَا فِي حَقِيقَتِهَا وَهُوَ السَّبَبِيَّةُ وَمَجَازُهَا وَهُوَ الْمَعِيَّة. (قَوْلُهُ كَمَا الْعَبْدُ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ) أَيْ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ لَكِنْ مِلْكُهُ غَيْرُ تَامٍّ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَرْدُودٌ لَا لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعَهُ لِعَدَمِ صِدْقِ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ بِأَنَّ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ

فَرُخْصَةٌ هَذَا إذَا كَانَتْ النَّعَمُ سَائِمَةً وَهِيَ الرَّاعِيَةُ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مَعْلُوفَةً) وَلَوْ فِي كُلِّ الْحَوْلِ (وَعَامِلَةً) فِي حَرْثٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ سَقْيٍ (وَنِتَاجًا) بِكَسْرِ النُّونِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا (لَا) تَجِبُ فِي الْمُتَوَلِّدِ (مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ) كَمَا لَوْ ضَرَبَتْ فَحَوْلُ الظِّبَاءِ إنَاثَ الْغَنَمِ أَوْ الْعَكْسِ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ (وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ) مِنْ النَّعَمِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا تَجَدَّدَ مِنْهَا وَلَوْ بِشِرَاءٍ أَوْ دِيَةٍ لَا خُصُوصِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ (لَهُ) أَيْ لِلنِّصَابِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ (وَإِنْ) حَصَلَتْ (قَبْلَ) تَمَامِ (حَوْلِهِ) أَيْ حَوْلِ النِّصَابِ (بِيَوْمٍ) أَيْ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَنِ وَلَوْ لَحْظَةً (لَا لِأَقَلَّ) مِنْ نِصَابٍ فَلَا تُضَمُّ الْفَائِدَةُ لَهُ نِصَابًا كَانَتْ أَوْ أَقَلَّ وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا وَتُضَمُّ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ وَحَوْلُهُمَا مِنْ الثَّانِيَةِ إلَّا النِّتَاجَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا بِخِلَافِ فَائِدَةِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تُضَمُّ لِنِصَابٍ قَبْلَهَا بَلْ يَسْتَقْبِلُ بِهَا وَيَبْقَى كُلُّ مَالٍ عَلَى حَوْلِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَوْكُولَةٌ لِلسَّاعِي فَلَوْ لَمْ تُضَمَّ الثَّانِيَةُ لِلنِّصَابِ الْأَوَّلِ لَأَدَّى ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ مَرَّتَيْنِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ وَاضِحَةٌ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى دُونَ النِّصَابِ وَقُلْنَا يَسْتَقْبِلُ فَلَا مَشَقَّةَ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ النَّعَمِ إجْمَالًا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا مُفَصَّلًا فَقَالَ (الْإِبِلُ) يَجِبُ (فِي كُلِّ خَمْسٍ) مِنْهَا (ضَائِنَةٌ) بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى النُّونِ مِنْ الضَّأْنِ وَهُوَ مَهْمُوزٌ لَا بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَتَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ. (قَوْلُهُ فَرُخْصَةٌ) أَيْ وَلِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الرَّاعِيَةُ) أَيْ الَّتِي تَرْعَى الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ النَّابِتَ. وَاعْلَمْ أَنَّ السَّائِمَةَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْلُوفَةِ فِي كُلِّ الْحَوْلِ أَوْ بَعْضِهِ وَفِي الْعَامِلَةِ فِي حَرْثٍ وَنَحْوُهُ فَمَذْهَبُنَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا عُلِفَتْ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ جُمُعَةً لَا زَكَاةَ فِيهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ إذَا عُلِفَتْ كُلَّ الْحَوْلِ أَوْ غَالِبَهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ وَالْعَامِلَةُ فِيهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ سَائِمَةً. (قَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً) أَيْ وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّائِمَةِ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى مَوَاشِي الْعَرَبِ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ وَعَامِلَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مُهْمَلَةً بَلْ وَإِنْ كَانَتْ عَامِلَةً (قَوْلُهُ وَنِتَاجًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ نِتَاجٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا نِتَاجًا خِلَافًا لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ الْقَائِلِ إنَّ النِّتَاجَ لَا يُزَكَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّتَاجِ الْأَخْذُ مِنْهُ بَلْ يُكَلَّفُ رَبُّهَا شِرَاءَ مَا يُجْزِئُ، وَقَوْلُهُ وَنِتَاجًا وَلَوْ كَانَ النِّتَاجُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِ الْأَصْلِ كَمَا لَوْ نَتَجَتْ الْإِبِلُ أَوْ الْبَقَرُ غَنَمًا وَتُزَكَّى النِّتَاجُ عَلَى حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ إنْ كَانَ فِيهَا نِصَابٌ أَوْ مُكَمِّلَةٌ لِنِصَابِ الْأُمَّهَاتِ فَإِذَا مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ كُلُّهَا زَكَّى النِّتَاجَ عَلَى حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ إذَا كَانَ فِيهَا نِصَابٌ وَكَذَا إذَا مَاتَ بَعْضُ الْأُمَّهَاتِ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهَا مَعَ النِّتَاجِ نِصَابًا زَكَّى الْجَمِيعَ لِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ. (قَوْلُهُ لَا مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ) أَيْ مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِالزَّكَاةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَتْ الْأُمُّ وَحْشِيَّةً فَلَا زَكَاةَ وَإِلَّا فَالزَّكَاةُ (قَوْلُهُ أَوْ بِوَاسِطَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي خش وعبق قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَ نَقْلِ الْمَوَّاقِ قَصْرُ ذَلِكَ النِّتَاجِ الَّذِي لَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْمُتَوَلِّد مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ مُبَاشَرَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ النِّتَاجُ بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَاسْتَظْهَرَ ذَلِكَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ. (قَوْلُهُ وَضُمِنَتْ الْفَائِدَةُ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ وَكَانَتْ نِصَابًا ثُمَّ اسْتَفَادَ مَاشِيَةً أُخْرَى بِشِرَاءٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ هِبَةٍ نِصَابًا أَوْ لَا فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُضَمُّ لِلْأُولَى وَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِهَا سَوَاءٌ حَصَلَ اسْتِفَادَةُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِ الْأَوْلَى بِشَهْرٍ أَوْ بِيَوْمٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا تُضَمُّ الثَّانِيَةُ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ نِصَابًا وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا مِنْ يَوْمِ حُصُولِ الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ حَصَلَتْ الْفَائِدَةُ بِوِلَادَةِ الْأُمَّهَاتِ فَحَوْلُهَا حَوْلُهُنَّ وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّ النِّتَاجَ كَالرِّبْحِ يُقَدَّرُ كَامِنًا فِي أَصْلِهِ ثُمَّ إنَّ ضَمَّ الْفَائِدَةِ لِلنِّصَابِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَإِبِلٍ وَغَنَمٍ لَكَانَ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ اتِّفَاقًا فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَقَبْلَ كَمَالِ حَوْلِهَا وَلَوْ بِيَوْمٍ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ فَيَسْتَقْبِلُ بِالْإِبِلِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا (قَوْلُهُ لَا لِأَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ) فَلَا تُضَمُّ الْفَائِدَةُ لَهُ وَلَوْ صَارَتْ أَقَلَّ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ مِنْ الْآخِرِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَضُمِنَتْ الْفَائِدَةُ مِنْ النَّعَمِ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا) أَيْ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ كُلِّ مَالٍ

[زكاة النعم]

فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْزِ (إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُّ غَنَمِ الْبَلَدِ الْمَعْزَ) بِأَنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا ضَأْنًا أَوْ تَسَاوَيَا فَإِنْ غَلَبَ الْمَعْزُ وَجَبَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَالِكُ بِدَفْعِ الضَّأْنِ فَالْعِبْرَةُ بِغَنَمِ الْبَلَدِ (وَإِنْ خَالَفَتْهُ) أَيْ خَالَفَتْ غَنَمُ الْمَالِكِ جُلَّ غَنَمِ الْبَلَدِ فَإِنْ عُدِمَ الصِّنْفَانِ فِي الْبَلَدِ طُولِبَ بِكَسْبِ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ إجْزَاءُ بَعِيرٍ) عَنْ الشَّاةِ إنْ وَفَّتْ قِيمَتُهُ بِقِيمَتِهَا وَيَنْتَهِي مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْإِبِلِ بِالْغَنَمِ (إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ فَإِذَا بَلَغَتْهَا (فَبِنْتُ مَخَاضٍ) إنْ كَانَتْ سَلِيمَةً (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ (سَلِيمَةٌ) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَصْلًا أَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً (فَابْنُ لَبُونٍ) ذَكَرٌ إنْ كَانَ عِنْدَهُ وَإِلَّا كُلِّفَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَحُكْمُ عَدَمِهِمَا كَحُكْمِ وُجُودِهِمَا إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ (وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ حَوْلِهِ وَهَذَا الْفَرْقُ اعْتَرَضَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ جَارٍ فِيمَنْ لَا سُعَاةَ لَهُمْ أَبُو إِسْحَاقَ وَلَعَلَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ هَكَذَا فِي السُّعَاةِ صَارَ أَصْلًا مُطَّرِدًا اهـ طفى. [زَكَاةِ النَّعَمِ] (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) أَيْ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهُ ضَائِنَةٌ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُهُ هُنَا لِأَنَّ الشَّاةَ الْمَأْخُوذَةَ زَكَاةٌ عَنْ الْإِبِلِ كَالشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ زَكَاةً عَنْ الْغَنَمِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا وَنَصُّ اللُّبَابِ كَمَا فِي ح الشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ عَنْ الْإِبِلِ سِنُّهَا وَصِفَتُهَا كَالشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْغَنَمِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُنْثَى فِي الْبَابَيْنِ وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَقَالَ ح لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ (تَنْبِيهٌ) لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الضَّائِنَةُ بَلَغَتْ السِّنَّ الْمُجْزِئَ بِأَنْ تَكُونَ جَذَعَةً أَوْ جَذَعًا وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا تَرَكَ ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَسَاوَيَا إلَخْ) مِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ إذَا تَسَاوَيَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّأْنِ وَالْأَقْرَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ السَّاعِي. (قَوْلُهُ وَجَبَ مِنْهُ) أَيْ وَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ إمَّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَيُخَيَّرُ فِي إخْرَاجِ الْأَفْضَلِ أَوْ الْأَدْنَى (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَالِكُ بِدَفْعِ الضَّأْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَيُجْبَرُ السَّاعِي عَلَى قَبُولِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَفَ فِي صُورَةِ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ وَأُخْرِجَ مَعْزًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَتْهُ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ كَانَ جُلُّ غَنَمِ الْبَلَدِ الْمَعْزَ وَجَبَ مِنْهُ وَإِنْ خَالَفَتْهُ غَنَمُ الْمَالِكِ بِأَنْ كَانَتْ ضَأْنًا أَوْ مُبَالَغَةً فِي الْمَنْطُوقِ أَيْ تَجِبُ الضَّائِنَةُ حَيْثُ كَانَ غَيْرُ جُلِّهَا غَيْرَ مَعْزٍ وَإِنْ خَالَفَتْ غَنَمُ الْمَالِكِ جُلَّ غَنَمِ الْبَلَدِ بِأَنْ كَانَتْ غَنَمُهُ مَعْزًا أَوْ مُبَالَغَةً فِي الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ مَعًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ فَالْعِبْرَةُ بِغَنَمِ الْبَلَدِ وَإِنْ خَالَفَتْهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا صَحَّ) أَيْ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ الْقَرَوِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَخَرَّجَهُ الْمَازِرِيُّ عَلَى إخْرَاجِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْقِيَمَ بِالْعَيْنِ اهـ قَالَ ح وَلَا بُعْدَ إذْ لَيْسَ مُرَادُهُ حَقِيقَةَ الْقِيَمِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيَمِ وَجَعَلُوا مِنْهُ إخْرَاجَ الْعَرْضِ عَنْ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ إجْزَاءُ بَعِيرٍ) تَعْبِيرُهُ بِالْإِجْزَاءِ يُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ بَعِيرٍ أَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لِإِطْلَاقِ الْبَعِيرِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَظَاهِرُهُ إجْزَاءُ الْبَعِيرِ عَنْ الشَّاةِ وَلَوْ كَانَ سِنُّهُ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ عج قَائِلًا خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَمُرَادُهُ بِهِ ح حَيْثُ قَالَ لَا بُدَّ فِي إجْزَاءِ الْبَعِيرِ عَنْ الشَّاةِ مِنْ بُلُوغِهِ السِّنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا وَقَوْلُهُ عَنْ الشَّاةِ أَيْ وَأَمَّا عَنْ شَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَا يُجْزِئُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَتِهِمَا. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ لَهُ سَلِيمَةً) أَيْ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً مِلْكًا لَهُ حَالَ كَوْنِهَا سَلِيمَةً وَهَلْ وَلَوْ كَانَتْ كَرِيمَةً لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْبَدَلِ مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ كَرِيمَةٌ وَإِلَّا أُخِذَ ابْنُ اللَّبُونِ لِلنَّهْيِ عَنْ أَخْذِ كَرَائِمِ النَّاسِ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ) وَتُجْزِئُ بِنْتُ اللَّبُونِ بِالْأَوْلَى وَهَلْ يُخَيَّرُ السَّاعِي فِي قَبُولِهَا أَوْ لَا يُخَيَّرُ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا؟ قَوْلَانِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَبْرِهِ وَنَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَيْسَ فِي الْإِبِلِ ذَكَرٌ يُؤْخَذُ عَنْ أُنْثَى إلَّا ابْنَ اللَّبُونِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ كَمَا عَلِمْت، وَحِينَئِذٍ لَا يُجْزِئُ ابْنُ الْمَخَاضِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَلَا ابْنُ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ كَحُكْمِ وُجُودِهِمَا) فِي تَعَيُّنِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَإِنَّمَا يَكْتَفِي بِابْنِ اللَّبُونِ إذَا عُدِمَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ فَقَطْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ تَعَيَّنَ وَإِنْ وُجِدَا مَعًا تَعَيَّنَ بِنْتُ الْمَخَاضِ، وَكَذَا إنْ عُدِمَا لَكِنْ إنْ أَتَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ بِابْنِ اللَّبُونِ بَعْدَ إلْزَامِهِ بِنْتَ الْمَخَاضِ كَانَ لِلسَّاعِي أَخْذُهُ إنْ رَآهُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ لَحْمًا لِكِبَرِ سِنِّهِ أَوْ أَكْثَرَ ثَمَنًا وَإِلَّا أَلْزَمَهُ بِنْتَ الْمَخَاضِ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ كَمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ عُدِمَ الْأَمْرَانِ قَبْلَ إلْزَامِهِ بِنْتَ الْمَخَاضِ أَتَى بِابْنِ اللَّبُونِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْبَرُ السَّاعِي عَلَى قَبُولِهِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِيهَا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْبَرُ.

وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا حِقٌّ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ (وَ) فِي (سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ) إلَى سِتِّينَ (وَ) فِي (إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ (وَ) فِي (سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ) إلَى تِسْعِينَ (وَ) فِي (إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ) إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ (وَ) فِي (مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي) إنْ وُجِدَا أَوْ فُقِدَا (وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا) إنْ وُجِدَ (مُنْفَرِدًا) لِلرِّفْقِ (ثُمَّ فِي) تَحَقُّقِ (كُلِّ عَشْرٍ) بَعْدَ الْمِائَةِ وَالتِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ (يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ) فَيَجِبُ (فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ فَإِنْ زَادَتْ عَشَرَةً وَصَارَتْ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ فَإِنْ زَادَتْ عَشَرَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي مِائَتَيْنِ خُيِّرَ السَّاعِي فِي أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَتَيْنِ وَعَشَرَةٍ حِقَّةٌ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهَكَذَا. وَلَمَّا ذَكَرَ الْقَدْرَ الْمَأْخُوذَ فِي النُّصُبِ شَرَعَ فِي بَيَانِ سِنِّهِ فَقَالَ (وَبِنْتُ الْمَخَاضِ) هِيَ (الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً) وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِبِلَ سَنَةً تَحْمِلُ وَسَنَةً تُرَبِّي فَأُمُّهَا حَامِلٌ قَدْ مَخَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا أَوْ فِي حُكْمِهَا (ثَمَّ كَذَلِكَ) بَقِيَّةُ الْأَسْنَانِ الْمُرَتَّبَةِ فَبِنْتُ اللَّبُونِ مَا أَوْفَتْ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّ أُمَّهَا صَارَتْ لَبُونًا أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ وَالْحِقَّةُ مَا أَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْحَمْلَ وَأَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَهْرِهَا وَالْجَذَعَةُ مَا أَوْفَتْ أَرْبَعَةً وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ لِأَنَّهَا تُجْذِعُ أَسْنَانَهَا أَيْ تُسْقِطُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا حِقٌّ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ أَوْ وُجِدَتْ مَعِيبَةً وَأَمَّا أَخْذُ الْحِقَّةِ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ فَتُجْزِئُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ ابْنِ اللَّبُونِ يُجْزِئُ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْحِقُّ لَا يُجْزِئُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ أَنَّ ابْنَ اللَّبُونِ يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَيَرِدُ الْمَاءَ وَيَرْعَى الشَّجَرَ فَقَابَلَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ الْأُنُوثَةَ الَّتِي فِي بِنْتِ الْمَخَاضِ وَالْحِقُّ لَيْسَ فِيهِ مَا يَزِيدُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُعَادِلُ فَضِيلَةَ الْأُنُوثَةِ الَّتِي فِيهَا (قَوْلُهُ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي) اعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقَادِيرِ وَبَيَّنَ أَنَّ فِي الْإِحْدَى وَتِسْعِينَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَيْنِ قَالَ ثُمَّ مَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَفَهِمَ الْإِمَامُ مَالِكٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّيَادَةِ زِيَادَةُ عَقْدٍ أَيْ عَشَرَةٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَحَمَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ الزِّيَادَةَ عَلَى مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ حَصَلَتْ بِوَاحِدَةٍ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةً وَبِنْتَا لَبُونٍ بِاتِّفَاقٍ وَأَمَّا فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ يُخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ أَخْذِ حِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمِائَةَ وَالْوَاحِدَ وَالْعِشْرِينَ يَصْلُحُ فِيهَا حِقَّتَانِ وَيَصْلُحُ فِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إذْ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ وَأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ أَرْبَعِينَاتِ فَلِذَا خُيِّرَ السَّاعِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَعَيَّنُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ. (قَوْلُهُ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي) أَيْ فَإِنْ اخْتَارَ السَّاعِي أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّ الْمَالِ الصِّنْفُ الْآخَرُ أَفْضَلَ أَجْزَأَهُ مَا أَخَذَهُ السَّاعِي وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ زَائِدٍ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَا أَوْ فُقِدَا) فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ تَعَيَّنَ رِفْقًا بِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي وَمِثْلُهُ مَا إذَا وُجِدَ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ فَيَتَعَيَّنُ الصِّنْفُ الْآخَرُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا بِدَفْعِ الْكِرَامِ فَإِنْ وُجِدَ الصِّنْفَانِ سَلِيمَيْنِ وَاخْتَارَ السَّاعِي أَحَدَهُمَا وَكَانَ الصِّنْفُ الْآخَرُ أَفْضَلَ عِنْدَ رَبِّ الْمَاشِيَةِ أَجْزَأَهُ مَا أَخَذَ السَّاعِي وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ زَائِدٍ قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْحِقَّتَانِ أَوْ الثَّلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَالَ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا فِي الْوُجُودِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَفُقِدَ الْآخَرُ أَخَذَ السَّاعِي مَا وَجَدَ وَلَمْ يُكَلِّفْهُ مَا فَقَدَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ فِي تَحَقُّقِ كُلِّ عَشْرٍ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ تَحَقَّقَ لِأَجْلِ أَنْ يَدْخُلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمِائَةُ وَالثَّلَاثُونَ فَإِنَّ الْوَاجِبَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا وَلَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ تَدْخُلْ هَذِهِ الصُّورَةُ فِيهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ ثَمَّ فِي كُلِّ عَشْرٍ بَعْدَ الْمِائَةِ وَالتِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ وَضَابِطُ الْإِخْرَاجِ فِيمَا إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى الْمِائَةِ وَالثَّلَاثِينَ أَنْ تُقْسَمَ عَدَدُ عُقُودِ مَا يُرَادُ تَزْكِيَتُهُ عَلَى عَدَدِ عُقُودِ الْخَمْسِينَ أَوْ عَلَى عَدَدِ عُقُودِ الْأَرْبَعِينَ فَإِنْ انْقَسَمَتْ عَلَى الْخَمْسِ فَقَطْ دُونَ كَسْرٍ فَالْوَاجِبُ عَدَدُ الْخَارِجِ حِقَاقًا أَوْ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَقَطْ دُونَ كَسْرٍ فَعَدَدُ الْخَارِجِ بَنَاتُ لَبُونٍ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا دُونَ كَسْرٍ فَالْوَاجِبُ عَدَدُ خَارِجِ أَحَدِهِمَا وَيَأْتِي الْخِيَارُ كَمَا فِي مِائَتَيْ الْإِبِلِ وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمَا فَأَلْغِ قِسْمَتَهَا عَلَى الْخَمْسَةِ وَاقْسِمْهَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَخُذْ بَعْدَ الْخَارِجِ الصَّحِيحِ بَنَاتَ لَبُونٍ وَانْسُبْ الْكَسْرَ لِلْأَرْبَعَةِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ رُبْعًا فَأَبْدِلْ وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ بِحِقَّةٍ وَإِنْ كَانَ أَرْبَعِينَ فَأَبْدِلْ ثِنْتَيْنِ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ فَأَبْدِلْ ثَلَاثَةً. (قَوْلُهُ هِيَ الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً) وَأَمَّا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَتُسَمَّى حُوَارًا وَلَا يَأْخُذُهَا السَّاعِي عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَعَ زِيَادَةِ ثَمَنٍ وَلَا يَأْخُذُ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ وَيَدْفَعُ ثَمَنًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَنَزَلَ أَجْزَأْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَأُمُّهَا حَامِلٌ) أَيْ فَإِذَا أَتَمَّتْ سَنَةَ التَّرْبِيَةِ عَلَى الْوَلَدِ فَأُمُّهُ حَامِلٌ. (قَوْلُهُ قَدْ مَخَضَ الْجَنِينُ) أَيْ تَحَرَّكَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ أُمَّهَا صَارَتْ لَبُونًا) أَيْ صَارَ لَهَا لَبَنٌ جَدِيدٌ (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّتْ الْحَمْلَ) أَيْ طُرُوقَ الْفَحْلِ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَحْمِلَ أَيْ وَاسْتَحَقَّتْ

(الْبَقَرُ) يَجِبُ (فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ) مِنْهَا (تَبِيعٌ) ذَكَرٌ وَالْأُنْثَى أَفْضَلُ (ذُو سَنَتَيْنِ) أَيْ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ (وَفِي) كُلِّ (أَرْبَعِينَ) بَقَرَةً (مُسِنَّةٌ) أُنْثَى (ذَاتُ ثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ أَيْ أَوْفَتْهَا وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ (وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ) مِنْ الْبَقَرِ يُخَيَّرُ السَّاعِي فِي أَخْذِ ثَلَاثِ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ (كَ) تَخْيِيرِهِ فِي (مِائَتَيْ الْإِبِلِ) الْمَعْلُومِ مِنْ الضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ. (الْغَنَمُ فِي أَرْبَعِينَ) مِنْهَا (شَاةٌ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ وَلَوْ) كَانَ (مَعْزًا) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَتَعَيَّنُ الضَّأْنُ حَتَّى عَنْ الْمَعْزِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ (وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ) إلَى مِائَتَيْنِ (وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثٌ) إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ (وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ) مِنْ الشِّيَاهِ (ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى. (وَلَزِمَ الْوَسَطُ) فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ أَوْ نَوْعَيْنِ (وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ) كَمَاخِضٍ وَذَاتِ لَبَنٍ وَفَحْلٍ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَالِكُ (أَوْ الشِّرَارُ) كَسَخْلَةٍ وَذَاتِ مَرَضٍ وَعَيْبٍ (إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ) لِكَثْرَةِ لَحْمِهَا يَذْبَحُهَا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ ثَمَنِهَا يُرِيدُ بَيْعَهَا لَهُمْ (لَا الصَّغِيرَةِ) الَّتِي تَبْلُغُ سِنَّ الْإِجْزَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا (وَضُمَّ) لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَهْرِهَا فَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ. (قَوْلُهُ الْبَقَرُ) إنَّمَا لَمْ يَعْطِفْهَا فَيَقُولُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ لِأَنَّ هَذِهِ نُصُبٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَ فِيهَا تَابِعٌ وَلَا مَتْبُوعٌ ثُمَّ إنَّ الْبَقَرَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَقْرِ وَهُوَ الشَّقُّ لِأَنَّهُ يَشُقُّ الْأَرْضَ بِحَوَافِرِهِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَالْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ لِأَنَّ تَاءَهُ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ. (قَوْلُهُ وَالْأُنْثَى أَفْضَلُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ السَّاعِي عَلَى قَبُولِهَا وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى دَفْعِهَا (قَوْلُهُ ذُو سَنَتَيْنِ) أَيْ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ سُمِّيَ تَبِيعًا لِأَنَّ قَرِينَهُ يَتْبَعَانِ أُذُنَيْهِ أَوْ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ (قَوْلُهُ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً) وَتَسْتَمِرُّ الْمُسِنَّةُ إلَى تِسْعٍ وَخَمْسِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَتَيْنِ فَفِيهَا تَبِيعَانِ إلَى تِسْعَةٍ وَسِتِّينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ فَإِذَا بَلَغَتْ تِسْعِينَ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً فَفِيهَا تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ فَإِذَا صَارَتْ مِائَةً وَعَشَرَةً فَفِيهَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّتَانِ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَعِشْرِينَ خُيِّرَ السَّاعِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالضَّابِطُ فِي مَعْرِفَةِ وَاجِبِهَا قَسْمُ عُقُودِ مَا أُرِيدَ زَكَاتُهُ فَإِنْ انْقَسَمَتْ عَلَى عَدَدِ عُقُودِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ فَالْوَاجِبُ عَدَدُ الْخَارِجِ مُسِنَّاتٌ وَعَلَى عُقُودِ الثَّلَاثِينَ فَالْوَاجِبُ عَدَدُ الْخَارِجِ أَتْبِعَةٌ، وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهِمَا فَالْوَاجِبُ عَدَدُ خَارِجِ أَحَدِهِمَا وَيَأْتِي الْخِيَارُ كَمَا فِي الْإِبِلِ وَانْكِسَارُهَا عَلَى عُقُودِ الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ يُلْغِي قَسْمَهَا عَلَى عُقُودِ الْأَرْبَعِينَ وَيُقْسَمُ عَلَى عُقُودِ الثَّلَاثِينَ فَالْوَاجِبُ عَدَدٌ صَحِيحٌ خَارِجُهُ أَتْبِعَةٌ وَبَدَلٌ لِكُلِّ ثُلُثٍ مِنْ كَسْرِهِ مُسِنَّةٌ مِنْ صَحِيحِ خَارِجِهِ. (قَوْلُهُ يُخَيَّرُ السَّاعِي إلَخْ) أَيْ إذَا وُجِدَ الصِّنْفَانِ أَوْ عُدِمَا وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا إذَا وُجِدَ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ كَمِائَتَيْ الْإِبِلِ) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ التَّخْيِيرِ وَشَبَّهَ بِمِائَتَيْ الْإِبِلِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرُ التَّخْيِيرِ فِيهَا الْأَخْذُ ذَلِكَ مِنْ ضَابِطِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَلَيْسَ فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ. (قَوْلُهُ الْغَنَمُ) هُوَ مُبْتَدَأٌ أَوَّلُ وَشَاةٌ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ وَفِي أَرْبَعِينَ خَبَرُ الثَّانِي، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْأَوَّلِ وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْغَنَمُ شَاةٌ فِي أَرْبَعِينَ مِنْهَا (قَوْلُهُ شَاةٌ) التَّاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ أَيْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْجِنْسِ وَلَيْسَتْ لِلتَّأْنِيثِ وَلِذَا أَبْدَلَ مِنْ الشَّاةِ الْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ بِقَوْلِهِ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ أَيْ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ ذُو سَنَةٍ) أَيْ تَامَّةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقِيلَ ابْنُ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ ابْنُ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ أَوْ ثَنِيٌّ بِأَنْ يَقُولَ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ أَوْ ثَنِيٌّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي هَلْ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي أَوْ لِلْمَالِكِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ كَوْنُ التَّخَيُّرِ بَيْنَ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ لِلسَّاعِي أَوْ لِرَبِّهَا قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ قَالَهُ طفى وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ وَهُوَ الْجَذَعُ وَأَمَّا الثَّنِيُّ فَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْجَذَعِ لِأَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ذُو سَنَةٍ تَامَّةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنْهُمَا فَهُوَ مَا أَوْفَى سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعْزًا) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِيهِمَا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ وَلَا الْجَذَعَةُ مِنْ الْمَعْزِ لَا عَنْ الضَّأْنِ وَلَا عَنْ الْمَعْزِ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ لَا يُجْزِئُ إلَّا الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ دُونَ الذَّكَرِ مِنْهُ وَلَوْ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ الْقَصَّارِ فَقَطْ لَقَالَ وَلَوْ مَعْزًا ذَكَرًا اهـ عَدَوِيٌّ وَقَوْلُهُ مَعْزًا أَيْ إذَا كَانَتْ الشِّيَاهُ الْمُزَكَّى عَنْهَا مَعْزًا أُخِذَ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ) أَيْ بَعْدَ الْأَرْبَعمِائَةِ شَاةٍ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إلَّا بِزِيَادَةِ الْمِئِينَ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْوَسَطُ) أَيْ أَنَّ الْأَنْعَامَ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ أَوْ مِنْ نَوْعَيْنِ إذَا كَانَ فِيهَا الْوَسَطُ فَلَا إشْكَالَ فِي أَخْذِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَسَطٌ بِأَنْ كَانَتْ كُلُّهَا خِيَارًا أَوْ شِرَارًا فَإِنَّ السَّاعِيَ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا وَيَلْزَمُ رَبَّهَا الْوَسَطُ مَا لَمْ يَتَطَوَّعْ الْمَالِكُ بِدَفْعِ الْخِيَارِ وَمَحِلُّ إلْزَامِهِ بِالْوَسَطِ عِنْدَ عَدَمِ التَّطَوُّعِ بِالْخِيَارِ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ فَلَهُ أَخْذُهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ) أَيْ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ لِبُلُوغِهَا مِنْ الْإِجْزَاءِ وَلَكِنْ بِرِضَا رَبِّهَا ثُمَّ إنَّ هَذَا جَارٍ فِيمَا فِيهِ الْوَسَطُ وَمَا انْفَرَدَ بِالْخِيَارِ وَالشِّرَارِ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْحَالَاتِ كُلِّهَا كَمَا

(بُخْتٌ) إبِلُ خُرَاسَانَ (لِعِرَابٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (وَجَامُوسٌ لِبَقَرٍ وَضَأْنٌ لِمَعْزٍ وَخُيِّرَ السَّاعِي إنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ) فِي صِنْفَيْنِ (وَتَسَاوَيَا) كَخَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْجَامُوسِ وَمِثْلِهَا مِنْ الْبَقَرِ وَكَعِشْرِينَ مِنْ الضَّأْنِ وَمِثْلِهَا مِنْ الْمَعْزِ فِي أَخْذِهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (وَإِلَّا) يَتَسَاوَيَا كَعِشْرِينَ بُخْتًا وَسِتَّةَ عَشَرَ عِرَابًا وَكَعِشْرِينَ جَامُوسًا وَعَشَرَة بَقَرًا وَكَثَلَاثِينَ ضَأْنًا وَعِشْرِينَ مَعْزًا أَوْ الْعَكْسِ (فَمِنْ الْأَكْثَرِ) إذْ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ (وَ) إنْ وَجَبَتْ (ثِنْتَانِ) فِي الصِّنْفَيْنِ أَخَذْنَا (مِنْ كُلٍّ) أَيْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاحِدَةً (إنْ تَسَاوَيَا) كَاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ ضَأْنًا وَمِثْلِهَا (أَوْ) مَعْزًا لَمْ يَتَسَاوَيَا وَ (الْأَقَلُّ نِصَابٌ غَيْرُ وَقَصٍ) كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أَيْ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ بِشَرْطَيْنِ كَوْنُهُ نِصَابًا أَيْ لَوْ انْفَرَدَ لَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَكَوْنُهُ غَيْرُ وَقَصٍ أَيْ أَوْجَبَ الثَّانِيَةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَلَوْ غَيْرَ وَقَصٍ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَثَلَاثِينَ مَعْزًا أَوْ كَانَ نِصَابًا إلَّا أَنَّهُ وَقَصٌ كَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا (فَالْأَكْثَرُ) يُؤْخَذَانِ مِنْهُ (وَ) إنْ وَجَبَ فِي الصِّنْفَيْنِ (ثَلَاثٌ وَتَسَاوَيَا) كَمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ ضَأْنًا وَمِثْلِهَا مَعْزًا (فَ) اثْنَتَانِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ (وَخُيِّرَ) السَّاعِي (فِي) أَخْذِ (الثَّالِثَةِ) مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَكَالْحُكْمِ السَّابِقِ فِي الشَّاتَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا غَيْرَ وَقَصٍ أَخَذَ مِنْهُ شَاةً وَأَخَذَ الْبَاقِيَ مِنْ الْأَكْثَرِ وَإِلَّا أَخَذَ الْجَمِيعَ مِنْ الْأَكْثَرِ (وَ) إنْ وَجَبَ أَرْبَعٌ مِنْ الْغَنَمِ فَأَكْثَرُ (اُعْتُبِرَ فِي) الشَّاةِ (الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ كُلُّ مِائَةٍ) عَلَى حِدَتِهَا فَيُعْتَبَرُ الْخَالِصُ عَلَى حِدَةٍ وَالْمَضْمُونُ عَلَى حِدَةٍ فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ مِنْهَا ثَلَثَمِائَةٍ ضَأْنًا وَمِائَةً بَعْضُهَا ضَأْنٍ وَبَعْضُهَا مَعْزٍ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الضَّأْنِ وَاعْتُبِرَتْ الرَّابِعَةُ عَلَى حِدَتِهَا فَفِي التَّسَاوِي خُيِّرَ السَّاعِي وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ (وَ) يُؤْخَذُ (فِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً) تَبِيعَانِ (مِنْهُمَا) مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعٌ لِأَنَّ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ الْجَوَامِيسِ تَبِيعًا تَبْقَى عَشَرَةٌ فَتُضَمُّ الْعِشْرِينَ مِنْ الْبَقَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَالْجَوَاهِرِ وَتَخْصِيصُ عج رُجُوعَهُ لِغَيْرِ الْأَوْلَى مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَظَوَاهِرِ نُصُوصِهِمْ اهـ طفى (قَوْلُهُ بُخْتٌ) هِيَ إبِلٌ ضَخْمَةٌ مَائِلَةٌ لِلْقِصَرِ لَهَا سَنَامَانِ أَحَدُهُمَا خَلْفَ الْآخَرِ تَأْتِي مِنْ نَاحِيَةِ خُرَاسَانَ وَإِنَّمَا ضُمَّتْ الْبُخْتُ لِلْعِرَابِ لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ نَوْعِ الْإِبِلِ وَكَذَا الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ صِنْفَانِ مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ نَوْعِ الْغَنَمِ وَكَذَلِكَ الْجَامُوسُ صِنْفٌ مِنْ الْبَقَرِ. (قَوْلُهُ وَجَامُوسٌ لِبَقَرٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَامُوسَ وَالْحُمْرَ صِنْفَانِ مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ الْبَقَرِ وَالْحُمْرُ بِسُكُونِ الْمِيمِ جَمْعُ حَمْرَاءَ كَأَنَّهُ لِغَلَبَةِ الْحُمْرَةِ عَلَى لَوْنِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمْ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَجَامُوسٌ لِحُمْرٍ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الصِّنْفَ إنَّمَا يُضَمُّ لِلصِّنْفِ الْآخَرِ الْمُنْدَرِجِ مَعَهُ تَحْتَ نَوْعٍ لَا أَنَّ الصِّنْفَ يُضَمُّ لِلنَّوْعِ الْمُنْدَرِجِ تَحْتَهُ كَذَا فِي الْبِسَاطِيِّ. (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ السَّاعِي) دَلِيلٌ لِجَوَابِ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ وَخُيِّرَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَضُمَّ بُخْتٌ لِعِرَابٍ أَيْ وَإِذَا ضُمَّ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ لِلْآخَرِ فَإِنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ فِي الصِّنْفَيْنِ وَتَسَاوَيَا خُيِّرَ السَّاعِي فِي أَخْذِهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَهَذَا إذَا وُجِدَ السِّنُّ الْوَاجِبُ فِي الصِّنْفَيْنِ أَوْ فُقِدَ مِنْهُمَا وَتَعَيَّنَ الْمُنْفَرِدُ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْبَاجِيَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا اهـ بْن (قَوْلُهُ كَخَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْجَامُوسِ) أَيْ وَكَثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا مِنْ الْبُخْتِ وَمِثْلِهَا مِنْ الْعِرَابِ. (قَوْلُهُ كَعِشْرِينَ بُخْتًا) أَيْ فَالْوَاجِبُ فِيهَا أَيْ فِي السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ بِنْتَ لَبُونٍ (قَوْلُهُ وَكَعِشْرِينَ جَامُوسًا إلَخْ) أَيْ فَالْوَاجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَمِنْ الْأَكْثَرِ) أَيْ فَتُؤْخَذُ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ إذْ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا مُتَّجِهٌ إنْ كَانَتْ الْكَثْرَةُ ظَاهِرَةً وَأَمَّا إنْ كَانَتْ كَالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَاثْنَيْنِ وَسِتِّينَ ضَأْنًا) أَيْ وَكَثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ عِرَابًا وَمِثْلُهَا بُخْتًا فَالْجُمْلَةُ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ فِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ وَكَثَلَاثِينَ جَامُوسًا وَمِثْلُهَا فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ فِيهَا تَبِيعَانِ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ) أَيْ إنَّمَا تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْأَقَلِّ كَمَا تُؤْخَذُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأَكْثَرِ بِشَرْطَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَيْ أَوْجَبَ الثَّانِيَةَ) أَيْ فَالْأَقَلُّ لَمَّا كَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي وُجُوبِ الثَّانِيَةِ صَارَ كَالْمُسَاوِي (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ وَقَصٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْأَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ وَقَصًا كَمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ مَعْزًا وَثَلَاثِينَ ضَأْنًا بَلْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ وَقَصٍ كَمَا مَثَّلَ (قَوْلُهُ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ضَأْنًا) أَيْ وَكَمِائَةٍ مِنْ الضَّأْنِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْمَعْزِ (قَوْلُهُ يُؤْخَذَانِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَكْثَرِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ شَيْءٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ إلَّا (قَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَتَفَاوُتِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِاثْنَيْنِ أَوْ بِثَلَاثَةٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ غَيْرَ وَقَصٍ) بِأَنْ كَانَ هُوَ الْمُوجِبَ لِلشَّاةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ كَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ ضَائِنَةً وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا فَالْجُمْلَةُ مِائَتَانِ وَعَشَرَةٌ فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ مِنْ الْأَكْثَرِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْأَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ وَهُوَ وَقَصٌ كَمِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ضَأْنًا وَثَلَاثِينَ مَعْزًا أَوْ كَانَ غَيْرَ وَقَصٍ كَمِائَتَيْنِ مِنْ الضَّأْنِ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْمَعْزِ أَوْ كَانَ نِصَابًا وَهُوَ وَقَصٌ أَيْ لَمْ يُوجِبْ الثَّالِثَةَ كَمِائَتَيْنِ وَشَاةٍ مِنْ الضَّأْنِ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَكْثَرِ فَيُؤْخَذُ الْكُلُّ مِنْهُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ فِي الشَّاةِ الرَّابِعَةِ) أَيْ فِي مَقَامِ أَخْذِهَا أَوْفِي وُجُوبِهَا وَقَوْلُهُ كُلُّ مِائَةٍ نَائِبُ فَاعِلٍ اُعْتُبِرَ أَيْ أَنَّهُ فِي مَقَامِ أَخْذِ الرَّابِعَةِ تُعْتَبَرُ كُلُّ مِائَةٍ عَلَى حِدَتِهَا مِنْ خُلُوصٍ وَضَمٍّ فَالْمِائَةُ الْخَالِصَةُ يُؤْخَذُ زَكَاتُهَا مِنْهَا شَاةٌ وَالْمِائَةُ الَّتِي فِيهَا ضَمٌّ إنْ تَسَاوَى صِنْفَاهَا خُيِّرَ فِي أَخْذِ

فَيَخْرُجُ التَّبِيعُ الثَّانِي مِنْهَا لِأَنَّهَا الْأَكْثَرُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ بِشَرْطَيْنِ كَوْنِ الْأَقَلِّ نِصَابًا وَهُوَ غَيْرُ وَقَصٍ مَعَ أَنَّ الْأَقَلَّ هُنَا دُونَ النِّصَابِ لِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَمْ تَتَقَرَّرْ النُّصُبُ وَمَا هُنَا بَعْدَ تَقَرُّرِهَا وَهِيَ إذَا تَقَرَّرَتْ نُظِرَ لِكُلِّ مَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِانْفِرَادِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَكْثَرِ إنْ كَانَ وَإِلَّا خُيِّرَ كَمَا مَرَّ فِي الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْغَنَمِ، وَالْمُرَادُ بِتَقَرُّرِ النُّصُبِ أَنْ يَسْتَقِرَّ النِّصَابُ فِي عَدَدٍ مَضْبُوطٍ. (وَمَنْ هَرَبَ) أَيْ فَرَّ مِنْ الزَّكَاةِ (بِإِبْدَالٍ) أَيْ بِبَيْعِ (مَاشِيَةٍ) وَيُعْلَمُ هُرُوبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَانَتْ لِتِجَارَةٍ أَوْ قِنْيَةٍ أَبْدَلَهَا بِنَوْعِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ وَهِيَ نِصَابٌ (أُخِذَ بِزَكَاتِهَا) عَمَلًا لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ لَا بِزَكَاةِ الْمَأْخُوذِ وَلَوْ أَكْثَرَ لِعَدَمِ مُرُورِ الْحَوْلِ (وَلَوْ) وَقَعَ الْإِبْدَالُ (قَبْلَ الْحَوْلِ) بِقُرْبٍ كَقُرْبِ الْخَلِيطَيْنِ كَمَا يَأْتِي (عَلَى الْأَرْجَحِ) لَا يَبْعُدُ فَإِنْ كَانَ الْمُبْدَلُ دُونَ نِصَابٍ لَمْ يُتَصَوَّرْ هُرُوبُهُ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِلْبَدَلِ وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ إلَخْ (وَبَنَى) بَائِعُ الْمَاشِيَةِ وَلَوْ غَيْرَ فَارٍّ (فِي) مَاشِيَةٍ (رَاجِعَةٍ) لَهُ (بِعَيْبٍ أَوْ) رَاجِعَةٍ لَهُ بِسَبَبِ (فَلَسٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQزَكَاتِهَا مِنْ أَيِّ الصِّنْفَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا أُخِذَتْ زَكَاتُهَا مِنْ أَكْثَرِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ التَّبِيعُ الثَّانِي مِنْهَا) نَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعُونَ ضَأْنًا وَسِتُّونَ مَعْزًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَلَاثٌ مِنْ الضَّأْنِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ الْمَعْزِ لِكَوْنِهِ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ فَالْمِائَةُ الرَّابِعَةُ يُنْظَرُ فِيهَا عَلَى حِدَتِهَا كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ وَلِذَا عَقَّبَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ وَاعْتُبِرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ كُلُّ مِائَةٍ. (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْأَقَلَّ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْبَقَرُ (قَوْلُهُ لَمْ تَتَقَرَّرْ النُّصُبُ) أَيْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُوجِبُ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ أَلَا تَرَى لَمَّا مَثَّلَ لَهُ سَابِقًا مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلثَّانِيَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ أَرْبَعِينَ بَلْ يَتَحَقَّقُ فِيهَا وَفِي أَقَلَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا بَعْدَ تَقَرُّرِهَا) هَلْ الْأَنْسَبُ وَمَا هُنَا عِنْدَ تَقَرُّرِ النُّصُبِ أَيْ تَحَقُّقِ الْمُوجِبِ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّبِيعِ الثَّانِي الثَّلَاثُونَ لَا أَقَلَّ مِنْهَا وَتَقَرُّرُ الْمُوجِبِ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ إمَّا انْتِهَاءٌ كَمَا فِي الْغَنَمِ فَإِنَّ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ مِنْ الْأَرْبَعمِائَةِ لِمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَإِمَّا ابْتِدَاءً كَمَا فِي الْبَقَرِ فَإِنَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا وَفِي كُلٍّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً. (قَوْلُهُ نَظَرَ لِكُلِّ مَا يَجِبُ) أَيْ لِكُلِّ قَدْرٍ يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ بِانْفِرَادِهِ رَاجِعٌ لِكُلِّ أَيْ نَظَرَ لِكُلِّ قَدْرٍ بِانْفِرَادِهِ يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ) أَيْ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَكْثَرِ أَيْ مِنْ أَكْثَرِ الصِّنْفَيْنِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ تَسَاوَيَا (قَوْلُهُ أَنْ يَسْتَقِرَّ) أَيْ يَتَحَقَّقُ النِّصَابُ أَيْ الْمُوجِبُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ فَإِنَّ الْمِائَةَ مُوجِبَةٌ لِشَاةٍ وَالثَّلَاثِينَ مُوجِبَةٌ لِتَبِيعٍ وَالْأَرْبَعِينَ مُوجِبَةٌ لِمُسِنَّةٍ دُونَ الْأَقَلِّ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَمَنْ هَرَبَ إلَخْ) الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِإِبْدَالِ مَاشِيَةٍ لِلِاسْتِعَانَةِ لَا بَاءُ السَّبَبِيَّةِ وَلَا الْمُصَاحَبَةِ أَيْ مَنْ هَرَبَ مِنْ الزَّكَاةِ مُسْتَعِينًا عَلَى هُرُوبِهِ بِإِبْدَالِ مَاشِيَةٍ فَالْإِبْدَالُ مَهْرُوبٌ بِهِ وَالزَّكَاةُ مَهْرُوبٌ مِنْهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ الْمَاشِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ أَبْدَلَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ بِقُرْبٍ بِمَاشِيَةٍ أُخْرَى مِنْ نَوْعِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهَا كَانَتْ الْأُخْرَى نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ أَوْ أَبْدَلَهَا بِعَرْضٍ أَوْ بِنَقْدٍ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ أَوْ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْإِبْدَالَ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ زَكَاةَ الْمُبَدَّلَةِ بَلْ يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَلَا يُؤْخَذُ بِزَكَاةِ الْبَدَلِ وَإِنْ كَانَتْ زَكَاتُهُ أَكْثَرَ لِأَنَّ الْبَدَلَ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ الْآنَ لِعَدَمِ مُرُورِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) أَيْ كَأَنْ يَسْمَعَ الْهَارِبَ يَقُولُ يُرِيدُ السَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنِّي زَكَاةً فِي هَذَا الْعَامِ هَيْهَاتَ مَا أَبْعَدَهُ مِنْهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَبْدَلَهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ نِصَابٌ) أَيْ الْمَاشِيَةُ الَّتِي أَبْدَلَهَا نِصَابٌ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أُخِذَ بِزَكَاتِهَا إذْ لَا زَكَاةٍ لِدُونِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ) أَيْ هَذَا إذَا وَقَعَ الْإِبْدَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ بَلْ وَلَوْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِقُرْبٍ أَيْ كَشَهْرٍ وَلَا يَحْتَاجُ فِيمَا بَعْدَهُ لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْهُرُوبِ أَوْ إقْرَارٍ لِأَنَّ الْإِبْدَالَ حِينَئِذٍ نَفْسَهُ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ إلَخْ إلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الْهُرُوبِ وَالْإِبْدَالِ لَا فِي الْأَخْذِ بِالزَّكَاةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُؤْخَذُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَا مِنْ الْفَارِّ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا إلَّا إذَا كَانَ إبْدَالٌ بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي أَمَّا إذَا وَقَعَ الْإِبْدَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَوْ بِقُرْبٍ فَلَا يَكُونُ هَارِبًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ نَقَلَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ مِثْلَ مَا صَوَّبَهُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ فَهُوَ اخْتِيَارٌ مِنْ خِلَافٍ لَا قَوْلٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ لَا بِبُعْدٍ) لَا إنْ كَانَ الْإِبْدَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِبُعْدٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا وَلَوْ قَامَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى هُرُوبِهِ هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُبَدَّلُ دُونَ نِصَابٍ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهِيَ نِصَابٌ (قَوْلُهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ هُرُوبُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِلْبَدَلِ) أَيْ فَهُوَ الَّذِي يُزَكِّي (قَوْلُهُ وَبَنَى بَائِعُ الْمَاشِيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ بَاعَهَا بِعَيْنٍ أَوْ بِنَوْعِهَا أَوْ بِمُخَالِفِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ

وَأَوْلَى بِفَسَادِ بَيْعٍ عَلَى حَوْلِهَا الْأَصْلِيِّ وَيُزَكِّيهَا عِنْدَ تَمَامِهِ وَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ مَفْهُومَ الْفَارِّ بِقَوْلِهِ (كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ) وَكَانَتْ نِصَابًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (دُونَ نِصَابٍ بِعَيْنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُبَدِّلٍ أَيْ أَبْدَلَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ فَيَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ النَّقْدُ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ مَا لَمْ تَجْرِ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا فَإِنْ جَرَتْ فِي عَيْنِهَا بِأَنْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ وَهِيَ نِصَابٌ بُنِيَ عَلَى حَوْلِ زَكَاةِ عَيْنِهَا لِأَنَّهَا أَبْطَلَتْ حَوْلَ الْأَصْلِ (أَوْ) أَبْدَلَهَا بِنِصَابٍ مِنْ (نَوْعِهَا) كَبُخْتٍ بِعِرَابٍ وَمَعْزٍ بِضَأْنٍ فَيَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ هُنَا الْمُبَدَّلَةُ مُطْلَقًا زَكَّى عَيْنَهَا أَمْ لَا، لَا الثَّمَنَ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْإِبْدَالُ الْمَذْكُورُ (لِاسْتِهْلَاكٍ) لَهَا ادَّعَاهُ رَبُّهَا عَلَى شَخْصٍ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا أَوْ أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا (كَنِصَابِ قِنْيَةٍ) مِنْ الْمَاشِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَاعَ مَاشِيَةً بَعْدَ مَا مَكَثَتْ عِنْدَهُ نِصْفَ عَامٍ مَثَلًا سَوَاءٌ بَاعَهَا بِعَيْنٍ أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ بِنَوْعِهَا أَوْ بِمُخَالِفِهَا كَانَ فَارًّا مِنْ الزَّكَاةِ بِهِ أَمْ لَا فَمَكَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُدَّةً ثُمَّ رُدَّتْ عَلَى بَائِعِهَا بِعَيْبٍ أَوْ بِسَبَبِ فَلَسِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِسَبَبِ فَسَادِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِهَا عِنْدَهُ وَلَا يُلْغِي الْأَيَّامَ الَّتِي مَكَثَتْهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ لَا يَحْسِبُهَا مِنْ الْحَوْلِ بَلْ تُحْسَبُ مِنْهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَنَى أَنَّهَا رَجَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَمَا صَوَّرْنَا فَإِنْ رَجَعَتْ بَعْدَهُ زَكَّاهَا حِينَ الرُّجُوعِ فَإِنْ زَكَّاهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهَا رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَدَّاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بِفَسَادِ بَيْعٍ) كَانَ الْفَسَادُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ تِلْكَ الْمَاشِيَةَ الْمَبِيعَةَ لَمْ تَفُتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا كَانَ الرُّجُوعُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ. (قَوْلُهُ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ) لَمَّا كَانَ النَّظَرُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي زَكَاةِ الْبَدَلِ وَأَمَّا الْمُبَدَّلَةُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا قَطْعًا لِعَدَمِ قَصْدِ الْفِرَارِ شَرَطُوا هُنَا فِي الْبَدَلِ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا إذْ لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَأَمَّا الْمُبَدَّلُ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَارِبِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُبَدَّلِ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا وَأَمَّا الْبَدَلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُزَكَّاةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةً لِلتِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَأَمَّا أَنْ يُبَدِّلَهَا بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ بِنَوْعِهَا فَإِنْ أَبْدَلَهَا بِعَرْضٍ أَوْ بِعَيْنٍ وَكَانَ نِصَابًا فَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَقْبِلُ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ أَيْ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ مَاشِيَةُ التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ عَرْضَ تِجَارَةٍ فَالْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ ذَلِكَ الْعَرْضَ وَإِنْ كَانَ عَرْضَ قِنْيَةٍ فَمِنْ يَوْمِ اُشْتُرِيَتْ بِهِ تِلْكَ الْمَاشِيَةُ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِعَيْنٍ فَالْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ إنْ لَمْ يُزَكِّهِ وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ زَكَّاهُ هَذَا كُلُّهُ إنْ أَبْدَلَهَا قَبْلَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِي عَيْنِهَا لِكَوْنِهَا دُونَ نِصَابٍ أَوْ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ الْإِبْدَالُ بَعْدَ أَنْ زَكَّاهَا فَالْحَوْلُ الَّذِي يُزَكِّي فِيهِ بَدَلَهَا الْعَيْنَ وَالْعَرْضَ حَوْلُ زَكَاةِ عَيْنِهَا لِأَنَّ زَكَاةَ عَيْنِهَا أَبْطَلَتْ حَوْلَ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ ثَمَنُهَا وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِنَوْعِهَا كَبُخْتٍ بِعِرَابٍ أَوْ بَقَرٍ بِجَامُوسٍ أَوْ ضَأْنٍ بِمَعْزٍ بَنَى عَلَى حَوْلِ الْمُبَدَّلَةِ وَهُوَ يَوْمُ مِلْكِهَا أَوْ زَكَّاهَا بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ لَا عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَهُوَ الثَّمَنُ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ الْمُبَدَّلَةُ إذَا عَلِمْتَ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْمَالًا لِاخْتِلَافِ كَيْفِيَّةِ بِنَاءِ الْمُبَدَّلِ بِعَيْنٍ وَالْمُبَدَّلِ بِنَوْعِهَا. (قَوْلُهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ) الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا قَابَلَ الْمَاشِيَةَ فَيَشْمَلُ الْعَرْضَ كَمَا فِي كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ فَيَبْنِي) أَيْ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ الَّذِي أَبْدَلَ بِهِ مَاشِيَةَ التِّجَارَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا أَيْ أَصْلِ الْمَاشِيَةِ الْمُبَدَّلَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ النَّقْدُ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ) وَحَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ إنْ لَمْ يُزَكِّهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ زَكَّاهُ إنْ كَانَ قَدْ زَكَّاهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِبْدَالُ الْمَذْكُورُ) وَهُوَ الْإِبْدَالُ بِعَيْنٍ أَوْ نَوْعِهَا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي) أَيْ فِي زَكَاةِ ذَلِكَ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا أَيْ أَصْلِ الْمَاشِيَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فَإِنْ صَالَحَ عَنْهَا بِنَوْعِهَا زَكَّى ذَلِكَ الْبَدَلَ لِحَوْلِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَهُوَ يَوْمُ مِلْكِهَا أَوْ زَكَّاهَا وَإِنْ صَالَحَ عَنْهَا بِعَيْنٍ فَيُزَكِّي تِلْكَ الْعَيْنَ لِحَوْلِ النَّقْدِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُسْتَهْلَكَةَ وَهُوَ يَوْمُ مِلْكِهِ إنْ لَمْ يُزَكِّهِ وَيَوْمُ زَكَاتِهِ إنْ زَكَّاهُ إنْ لَمْ تَجْرِ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ زَكَاتِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ إبْدَالَهَا فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِنَوْعِهَا فِيهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَبْنِي فِي زَكَاةِ الْبَدَلِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ الْمُبَدَّلَةِ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِذَلِكَ الْبَدَلِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ أَخَذَهُ قَالَ بْن وَهَذَا الْقَوْلُ إمَّا مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ وَلِذَا عِيبَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَرَدِّهِ عَلَى الثَّانِي بِلَوْ وَأَمَّا إبْدَالُهَا فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِعَيْنٍ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِيهِ بِالْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَأَشْهَبَ يَقُولُ بِالِاسْتِقْبَالِ فَلَيْسَ الِاسْتِقْبَالُ حِينَئِذٍ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ خِلَافًا لعبق لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَخْذُ الْعَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ كَالْمُبَادَلَةِ اتِّفَاقًا فَقَدْ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى إلْحَاقِ أَخْذِ الْعَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِالْمُبَادَلَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا الْبِنَاءُ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ الِاسْتِقْبَالُ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ `

أَبْدَلَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ أَوْ مَاشِيَةٍ مِنْ نَوْعِهَا وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْمُبَدَّلَةُ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نِصَابًا كَأَرْبَعٍ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنْ أَبْدَلَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ اسْتَقْبَلَ وَبِنِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا بَنَى (لَا) إنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةَ التِّجَارَةِ أَوْ الْقِنْيَةِ (بِمُخَالِفِهَا) نَوْعًا كَإِبِلٍ بِبَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ فَلَا يَبْنِي بَلْ يَسْتَقْبِلُ (أَوْ رَاجِعَةٍ) لِبَائِعِهَا (بِإِقَالَةٍ) فَلَا يَبْنِي لِأَنَّهَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ وَأَوْلَى الرَّاجِعَةُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (أَوْ) أَبْدَلَ (عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ) يَعْنِي اشْتَرَى مَاشِيَةً لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْقِنْيَةِ بِعَيْنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا وَلَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الثَّمَنِ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى زَكَاةِ الْخُلْطَةِ فَقَالَ (وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ) الْمُتَّحِدَةِ النَّوْعِ (كَمَالِكٍ) وَاحِدٍ (فِيمَا وَجَبَ) عَلَيْهِمْ (مِنْ قَدْرٍ) كَثَلَاثَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَعَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ عَلَى كُلٍّ ثُلُثُهَا (وَسِنٍّ) كَاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَعَلَيْهِمَا جَذَعَةٌ عَلَى كُلٍّ نِصْفُهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلٍّ بِنْتُ لَبُونٍ فَحَصَلَ بِهَا تَغَيُّرٌ فِي السِّنِّ كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ (وَصِنْفٍ) كَاثْنَيْنِ لِوَاحِدٍ ثَمَانُونَ مِنْ الْمَعْزِ وَلِلثَّانِي أَرْبَعُونَ مِنْ الضَّأْنِ فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ مِنْ الْمَعْزِ كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلُثَاهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلٍّ وَاحِدَةٌ مِنْ صِنْفِ مَالِهِ فَقَدْ حَصَلَ بِهَا تَغَيُّرٌ فِي الصِّنْفِ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِكِ الضَّأْنِ. وَلَهَا شُرُوطٌ سِتَّةٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِ (إنْ نُوِيَتْ) الْخَلْطَةُ أَيْ نَوَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ لَا وَاحِدٌ فَقَطْ وَفِي الْحَقِيقَةِ الشَّرْطُ عَدَمُ نِيَّةِ الْفِرَارِ وَلِثَانِيهَا وَثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَكُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ رَاجِعَةً لِلْعَيْنِ وَالنَّوْعِ كَمَا قَالَ ح وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْإِبْدَالُ الْمَذْكُورُ وَأَنَّ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِيَ فِي النَّوْعِ وَقَوْلَ أَشْهَبَ بِالِاسْتِقْبَالِ فِي الْعَيْنِ وَالنَّوْعِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ فِي إبْدَالِ الِاسْتِهْلَاكِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ بِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّ الْخِلَافَ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقٌ أَيْ كَانَ الِاسْتِهْلَاكُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَوْ كَانَ ثَابِتًا بِبَيِّنَةٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَبْدَلَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ) فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِأَقَلَّ مِنْ نِصَابِ الْعَيْنِ أَوْ الْمَاشِيَةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا) أَيْ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ رِقَابَهَا أَوْ زَكَّاهَا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي إبْدَالِهِ بِعَيْنٍ أَوْ نَوْعِهَا وَلَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْإِبْدَالُ بِعَيْنٍ إنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمَاشِيَةَ الْمُبَدَّلَةَ أَيْ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ أَوْ زَكَّاهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسَائِلِ التِّجَارَةِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ إذْ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ النَّقْلُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ مَاشِيَةُ الْقِنْيَةِ الْمُبَدَّلَةِ (قَوْلُهُ لَا إنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةَ التِّجَارَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ أَوْ الْقِنْيَةِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا نِصَابٌ بِمُخَالِفِهَا وَهَذَا مُخْرِجٌ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَبَنَى لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ أَوْ نَوْعُهَا وَقَوْلِهِ أَوْ رَاجِعَةٌ بِإِقَالَةٍ عَطْفٌ عَلَى الْمُخْرِجِ لَكِنْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ بِعَيْبٍ فَهُوَ مِنْ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَالتَّقْدِيرُ وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ لَا فِي رَاجِعَةٍ بِإِقَالَةٍ كَمُبَدِّلِهَا بِنَوْعِهَا أَيْ يَبْنِي مُبَدِّلُ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ إذَا أَبْدَلَهَا بِنَوْعِهَا لَا إنْ أَبْدَلَهَا بِمُخَالِفِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ رَاجِعَةٌ بِإِقَالَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي اشْتَرَى مَاشِيَةً لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْقِنْيَةِ بِعَيْنٍ) أَيْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ عِنْدَهُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَاشِيَةٌ بَاعَهَا بِعَيْنٍ ثُمَّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ أَخَذَ فِيهِ مَاشِيَةً مُخَالِفَةً لِنَوْعِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةٍ بِمَاشِيَةٍ فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَنِصَابِ قِنْيَةٍ لَا بِمُخَالِفِهَا وَهَذَا إذَا أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي مَاشِيَةً غَيْرَ الَّتِي بَاعَهَا لَهُ أَمَّا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ نَفْسَ تِلْكَ الْمَاشِيَةِ كَانَ إقَالَةً (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا) أَيْ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا لِلْقِنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ كَمَالِكٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْخُلَطَاءُ فِي غَيْرِهَا فَالْعِبْرَةُ بِمِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ الْمُتَّحِدَةُ النَّوْعِ) قَالَ بَعْضُ هَذَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كَوْنِ الْخَلِيطَيْنِ يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْمَالِكِ الْوَاحِدِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ كَمَالِكٍ فِيمَا وَجَبَ لِأَنَّ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ لَا تُجْمَعُ فِي الزَّكَاةِ وَلَوْ جَمَعَهُمَا فِي مِلْكٍ فَكَيْفَ بِالْخُلْطَةِ (قَوْلُهُ فِيمَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ إلَخْ) أَيْ لَا فِي كُلِّ الْوُجُوهِ الَّتِي يُوجِبُهَا الْمِلْكُ مِنْ ضَمَانٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا إذْ حُكْمُ الْخُلَطَاءِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ وَسِنٍّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَا يَضُرُّ أَنَّ الثَّمَرَةَ مَعَهُ وَمَعَ الصِّنْفِ حَاصِلَةٌ فِي الْقَدْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَحَصَلَ بِهَا تَغَيُّرٌ فِي السِّنِّ) أَيْ وَتَنْقِيصٌ فِي الْقَدْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَقَدْ حَصَلَ بِهَا تَغَيُّرٌ فِي الصِّنْفِ إلَخْ) أَيْ وَتَنْقِيصٌ فِي الْقَدْرِ أَيْضًا فَالثَّمَرَةُ فِي السِّنِّ وَالصِّنْفِ وَهِيَ تَغَيُّرُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُصَاحَبَةً لِلْقَدْرِ وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُلْطَةَ كَمَا تُوجِبُ التَّخْفِيفَ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ قَدْ تُوجِبُ التَّثْقِيلَ كَاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةٌ وَشَاةٌ عَلَيْهِمَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ لَوْ لَمْ تُوجَدْ الْخُلْطَةُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَقَدْ أَوْجَبَتْ الْخُلْطَةُ عَلَيْهِمَا زِيَادَةَ وَاحِدَةٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا وَقَدْ لَا تُوجِبُ الْخُلْطَةُ شَيْئًا كَاثْنَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ شَاةٌ سَوَاءٌ اخْتَلَطَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَفِي الْحَقِيقَةِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ كَافِيَةٌ وَتُوَجِّهُهُمَا لِلْخُلْطَةِ نِيَّةٌ لَهَا حُكْمًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ خُلْطَةٌ بِدُونِ نِيَّةٍ فَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِهَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّةِ الْخُلْطَةِ عَدَمُ نِيَّةِ الْفِرَارِ بِالْخُلْطَةِ (قَوْلُهُ عَدَمُ نِيَّةِ الْفِرَارِ) أَيْ أَنْ لَا يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا الْفِرَارَ بِالْخُلْطَةِ

فَإِنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا عِبْرَةَ بِالْخُلْطَةِ وَزَكَّى مُحَصِّلُ الشُّرُوطِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (مَلَكَ نِصَابًا) وَخَالَطَ بِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ (بِحَوْلٍ) أَيْ مِلْكًا مُصَاحِبًا لِمُرُورِ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ أَوْ زَكَّاهُ فَلَوْ حَالَ عَلَى مَاشِيَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَمْ تُؤَثِّرْ الْخُلْطَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ مُرُورُ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ الِاخْتِلَاطِ بَلْ يَكْفِي اخْتِلَاطُهُمَا فِي الْأَثْنَاءِ مَا لَمْ يَقْرُبْ جِدًّا كَشَهْرٍ وَلِسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَاجْتَمَعَا) أَيْ الْمَالِكَانِ (بِمِلْكٍ) لِلذَّاتِ (أَوْ مَنْفَعَةٍ) بِإِجَارَةٍ أَوْ إبَاحَةٍ لِلنَّاسِ كَنَهْرٍ وَمَرَاحٍ وَمَبِيتٍ بِأَرْضٍ مَوَاتٍ أَوْ بِإِعَارَةٍ وَلَوْ لِفَحْلٍ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ لِمَنْفَعَةِ رَاعٍ تَبَرَّعَ لَهُمَا بِهَا (فِي الْأَكْثَرِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ (مِنْ) خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (مَاءٍ) مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا يُمْنَعُ الْآخَرُ كَمَا مَرَّ (وَمَرَاحٍ) بِالْفَتْحِ الْمَحِلُّ الَّذِي تَقِيلُ فِيهِ أَوْ تَجْتَمِعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ مِنْهُ لِلْمَبِيتِ وَأَمَّا الْمَحَلُّ الَّذِي تَبِيتُ فِيهِ فَبِالضَّمِّ وَسَيَأْتِي (وَمَبِيتٍ) وَلَوْ تَعَدَّدَ إنْ احْتَاجَتْ لَهُ (وَرَاعٍ) لِجَمِيعِهَا أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ رَاعٍ وَتَعَاوَنَا وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُمَا (بِإِذْنِهِمَا) وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عَدُّهُ مِنْ الْأَكْثَرِ (وَفَحْلٍ) يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ إنْ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ (بِرِفْقٍ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ كَمَا تَبَيَّنَ (وَ) إنْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ مَا عَلَيْهِمَا وَأَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ (رَاجَعَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ شَرِيكَهُ) يَعْنِي رَجَعَ عَلَى خَلِيطِهِ (بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا) بِأَنْ تَفِيضَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ عَلَى عَدَدِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى الْآخَرِ بِمَا عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ تَكْثِيرِ الْوَاجِبِ لِتَقْلِيلِهِ سَوَاءٌ نَوَيَا الْخُلْطَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنْ فُقِدَا) بِأَنْ كَانَ أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ عَبْدًا كَافِرًا وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَيْ بِأَنْ كَانَ أَحَدُ الْخِلْطَيْنِ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ حُرًّا كَافِرًا وَالْخَلِيطُ الثَّانِي حُرٌّ مُسْلِمٌ. (قَوْلُهُ وَخَالَطَ بِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ) أَيْ صَاحِبُ نِصَابٍ فَيَضُمُّ مَا لَمْ يُخَالِطْ بِهِ إلَى مَالِ الْخُلْطَةِ وَيُزَكِّي الْجَمِيعَ زَكَاةَ مَالِكٍ وَاحِدٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَ كُلٍّ نِصَابٌ وَخَلَطَ كُلٌّ بَعْضَ نِصَابِهِ بِبَعْضِ نِصَابَ الْآخَرِ بِحَيْثُ صَارَ مَا وَقَعَ فِيهِ الْخُلْطَةُ نِصَابًا هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَالَ مَلَكَ نِصَابًا وَلَمْ يَقُلْ خُلِطَ بِنِصَابٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ يَتَمَشَّى قَوْلُ الْمُصَنِّفُ الْآتِي وَذُو ثَمَانِينَ إلَخْ وَاعْتَمَدَهُ بْن وَشَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَضَعَّفَا قَوْلَ التَّوْضِيحِ شَرْطُ الْخُلْطَةِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصَابٌ وَخَالَطَ بِهِ (قَوْلُهُ مُصَاحِبًا لِمُرُورِ الْحَوْلِ) أَيْ فَالْمُشْتَرَطُ إنَّمَا هُوَ مُصَاحَبَةُ الْحَوْلِ لِلْمِلْكِ لَا لِلْخُلْطَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَوْلَ الَّذِي يُزَكِّي فِي آخِرِهِ الْخَلِيطَانِ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ الْخُلْطَةِ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَلِيطَيْنِ مَلَكَ النِّصَابَ حِينَهَا وَمِنْ وَقْتِ الْمِلْكِ أَوْ التَّزْكِيَةِ لَهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَهَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَإِلَّا زَكَّى كُلٌّ عَلَى انْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ لَمْ تُؤَثِّرْ الْخُلْطَةُ) أَيْ وَيُزَكِّي مَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَاشِيَتِهِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ يُجَاوِزْ مِلْكُهُ حَوْلًا. (قَوْلُهُ بَلْ يَكْفِي إلَخْ) أَيْ فَإِذَا مَكَثَتْ الْمَاشِيَةُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اخْتَلَطَا وَمَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْخُلْطَةِ زَكَّيَا زَكَاةَ خُلْطَةٍ لِأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ صَاحَبَ الْمِلْكَ وَإِنْ لَمْ يُصَاحِبْ الْخُلْطَةَ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْفَعَةٍ) أَيْ أَوْ مِلْكِ مَنْفَعَةٍ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَاعْلَمْ أَنَّ مِلْكَ رَقَبَةِ الْخَمْسِ مُتَأَتٍّ وَكَذَلِكَ مِلْكُ مَنْفَعَتِهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَأَمَّا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ بِالْإِبَاحَةِ لِعُمُومِ النَّاسِ فَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْبَعْضِ أَعْنِي الْمَاءَ وَالْمَرَاحَ وَالْمَبِيتَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مَرَاحٍ) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُمَا ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ أَحَدُهُمَا يَمْلِكُ نِصْفَ ذَاتِهِ وَالْآخَرُ يَمْلِكُ نِصْفَ مَنْفَعَتِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تُسَاقُ مِنْهُ لِلْمَبِيتِ) أَيْ أَوْ لِلسُّرُوحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَرَاحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَبِيتِ وَالْمَرَاحِ مُتَعَدِّدًا فَلَا يَضُرُّ بِشَرْطِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُمَا) أَيْ لِقِلَّةِ الْمَاشِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الِاحْتِيَاجِ فِي تَعَدُّدِ الرَّاعِي وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَوَّاقُ غَيْرَهُ لَكِنْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ الْبَاجِيَّ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّعَاوُنِ فِي تَعَدُّدِ الرَّاعِي كَثُرَتْ الْغَنَمُ أَوْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ بِإِذْنِهِمَا) أَيْ لِلرَّاعِي فِي الرَّعْيِ إنْ كَانَ الرَّاعِي وَاحِدًا أَوْ لِلرُّعَاةِ فِي التَّعَاوُنِ إنْ تَعَدَّدُوا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ هُنَاكَ إذْنٌ مِنْ الْمَالِكِينَ لِلرَّاعِي بِأَنْ اجْتَمَعَتْ مَوَاشٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَرْبَابِهَا وَاشْتَرَكَ رُعَاتُهَا فِي الرَّعْيِ وَالْمُعَاوَنَةِ لَمْ يَصِحَّ عَدَّ الرَّاعِي مِنْ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ أَرْبَابَ الْمَاشِيَةِ لَمْ تَجْمَعْ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي ثَلَاثَةٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَفَحْلٍ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مُشْتَرَكًا أَوْ مُخْتَصًّا بِأَحَدِهِمَا يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ فَحْلٌ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ أَيْ الِاجْتِمَاعُ فِي الْفَحْلِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى ضَرْبُ الْفَحْلِ فِي جَمِيعِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ بِرِفْقٍ) أَيْ بِقَصْدِ التَّرَافُقِ وَالتَّعَاوُنِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَا بِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ) وَالْمُرَادُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَبِيتِ وَالْمَرَاحُ الِارْتِفَاقُ بِكُلٍّ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ إنْ تَعَدَّدَ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمَاءِ الِاشْتِرَاكُ فِي مَنْفَعَةِ الْمَاءِ كَأَنْ يَمْلِكَا بِئْرًا أَوْ يَسْتَأْجِرَاهُ عَلَى أَخْذِ قَدْرٍ مَعْلُومٍ كَكُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ دَلْوٍ مَثَلًا أَوْ يَسْتَأْجِرُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى شِرْبِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا كُلُّ يَوْمٍ كَذَا وَفِي الْفَحْلِ جَعَلَ مَالِكُهُ إيَّاهُ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ وَفِي الرَّاعِي التَّعَاوُنُ حَيْثُ تَعَدَّدَ. (قَوْلُهُ يَعْنِي رَجَعَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُفَاعَلَةَ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِشَرِيكِهِ خَلِيطُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرَجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى صَاحِبِهِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا) أَيْ

إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِوَقَصٍ كَتِسْعٍ مِنْ الْإِبِلِ لِأَحَدِهِمَا وَلِلثَّانِي سِتٌّ فَعَلَيْهِمَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَعَلَى الْآخَرِ خُمُسَاهَا لِأَنَّ خُمُسَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةٌ بَلْ (وَلَوْ انْفَرَدَ وَقَصٌ لِأَحَدِهِمَا) كَتِسْعٍ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ فَعَلَيْهِمَا شَاتَانِ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ تِسْعَةُ أَسْبَاعٍ وَعَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ خَمْسَةُ أَسْبَاعٍ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا عَلَيْهِ وَالرُّجُوعُ يَكُونُ (فِي الْقِيمَةِ) يَوْمَ الْأَخْذِ وَشَبَّهُ فِي التَّرَاجُعِ بِنِسْبَةِ الْعَدَدَيْنِ. قَوْلُهُ (كَتَأَوُّلِ السَّاعِي الْأَخْذَ) لِشَاةٍ (مِنْ نِصَابٍ) فَقَطْ (لَهُمَا) كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ (أَوْ) مِنْ نِصَابٍ (لِأَحَدِهِمَا) كَمِائَةِ شَاةٍ (وَزَادَ) الْآخِذُ عَلَى شَاةٍ مَثَلًا (لِلْخُلْطَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ لِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَأَخَذَ شَاتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنِسْبَةِ عَدَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِ الْعَدَدَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِوَقَصٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا وَقَصَ لِأَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقَصٌ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَقَصُ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ يُتَّفَقُ عَلَى رُجُوعِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالنِّسْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَتَلَفَّقُ مِنْ مَجْمُوعِ الْوَقَصَيْنِ نِصَابٌ كَتِسْعَةٍ وَسِتَّةٍ أَوْ كَانَ لَا يَتَلَفَّقُ مِنْهُمَا نِصَابٌ كَثَمَانِيَةٍ وَسِتَّةٍ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ اغْتِرَارًا بِظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ كَانَ يَتَلَفَّقُ مِنْ مَجْمُوعِ الْوَقَصَيْنِ نِصَابٌ كَانَ رُجُوعُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالنِّسْبَةِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَلَفَّقُ مِنْهُمَا نِصَابٌ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْوَقَصِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبَاجِيِّ وَغَيْرُهُمْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ بِوَقَصٍ غَيْرِ مُؤَثِّرٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَأَجَادَ اهـ بْن (قَوْلُهُ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا) أَيْ الثَّلَاثِ شِيَاهٍ لِأَنَّ نِسْبَةَ التِّسْعَةِ لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَنِسْبَةَ السِّتَّةِ لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ مَجْمُوعُ الْمَاشِيَتَيْنِ خُمُسَانِ فَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي الثَّلَاثَ شِيَاهٍ مِنْ صَاحِبِ التِّسْعَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِ السَّتَهِ بِخُمُسَيْ قِيمَتِهِمَا وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ صَاحِبِ السِّتَّةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا. (قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ انْفَرَدَ وَقَصٌ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْأَوْقَاصَ مُزَكَّاةٌ فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ تِسْعٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعِ شَاةً وَسَبْعِينَ وَعَلَى الْآخَرِ خَمْسَةَ أَسْبَاعِ شَاةٍ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَخِيرُ مِنْهُمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلِذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِلَوْ. (قَوْلُهُ عَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ تِسْعَةُ أَسْبَاعٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ بَعِيرًا إذَا قُسِمَتْ عَلَيْهَا الشَّاتَانِ الْوَاجِبَتَانِ فِيهَا خَرَجَ سُبُعُ شَاةٍ فَكُلُّ بَعِيرٍ مِنْ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ عَلَيْهِ سُبُعُ شَاةٍ فَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ سَبْعًا وَنُسِبَتْ تِسْعَةٌ إلَيْهَا كَانَتْ تِسْعَةَ أَسْبَاعٍ وَإِذَا نُسِبَتْ خَمْسَةٌ إلَيْهَا كَانَتْ خَمْسَةَ أَسْبَاعٍ فَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ التِّسْعَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِسْبَةِ الْخَمْسَةِ لِلْأَرْبَعَةِ عَشَرَ وَهُوَ سُبْعَانِ وَنِصْفُ سُبْعٍ الشَّاتَيْنِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ شَاةٍ وَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِسْبَةِ التِّسْعَةِ لِلْأَرْبَعَةِ عَشَرَ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ وَنِصْفُ سُبْعِ الشَّاتَيْنِ وَهُوَ تِسْعَةُ أَسْبَاعِ شَاةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ شَاةٌ كَامِلَةٌ وَسُبْعَانِ. (قَوْلُهُ وَالرُّجُوعُ يَكُونُ فِي الْقِيمَةِ) أَيْ فِي قِيمَةِ مَا أَخَذَهُ السَّاعِي وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالرُّجُوعُ يَكُونُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْقِيمَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرَاجِعِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ أَوْ شَاةً فَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَّفِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْقِيمَةِ لَكِنْ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَخْذِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَ الشَّاةِ عَنْهُمَا فِي مَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ فَكَانَ أَحَدُهُمَا اسْتَهْلَكَهَا عَلَى دَافِعِهَا وَمَنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَوْمَ التَّرَاجُعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ كَالْمُتَسَلِّفِ وَمَنْ تَسَلَّفَ شَيْئًا وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَتَهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَاجِبُ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ شَاةً كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ فَاخْتَلَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ الرُّجُوعَ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْأَخْذِ كَالْجُزْءِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ كَالْمُتَسَلِّفِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالرُّجُوعُ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْأَخْذِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ بِجُزْءٍ أَوْ بِشَاةٍ كَامِلَةٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ كَتَأَوُّلِ السَّاعِي الْآخِذِ إلَخْ) بِأَنْ رَأَى فِي مَذْهَبِهِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ لَهُمَا نِصَابٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ قَبْلَ الْخُلْطَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ) وَأَخَذَ السَّاعِي وَاحِدَةً مِنْ أَحَدِهِمَا أَيْ أَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ أَحَدِهِمْ وَاحِدَةً فَيَقَعُ التَّرَاجُعُ فِي قِيمَةِ تِلْكَ الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا

فَعَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِمَا وَعَلَى الْآخَرِ خُمُسُهُمَا (لَا) إنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا (غَصْبًا أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ) وَأَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا تُرَاجِعُ وَهِيَ مُصِيبَةٌ مِمَّنْ أُخِذَ مِنْهُ، وَهَذَا مِنْ الْغَصْبِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ الْغَصْبُ فِيهِ مَقْصُودٌ وَهَذَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بَلْ هُوَ جَهْلٌ مَحْضٌ (وَذُو ثَمَانِينَ) مِنْ الْغَنَمِ (خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا) أَيْ بِكُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْهَا (ذَوِي ثَمَانِينَ) أَيْ صَاحِبِي ثَمَانِينَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ مُنْفَرِدًا بِهَا عَنْ الْآخَرِ (أَوْ) خَالَطَ ذُو الثَّمَانِينَ (بِنِصْفٍ) مِنْهَا (فَقَطْ) وَهُوَ أَرْبَعُونَ (ذَا أَرْبَعِينَ) وَأَبْقَى الْأَرْبَعِينَ الْأُخْرَى بِيَدِهِ بِبَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنِ (كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَعَلَى الثَّلَاثَةِ شَاتَانِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الِاثْنَيْنِ شَاةٌ فِي الثَّانِيَةِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ فِي الْأُولَى (شَاةٌ وَعَلَى) كُلٍّ مِنْ (غَيْرِهِ نِصْفٌ) وَحُذِفَ جَوَابُ الثَّانِيَةِ وَهُوَ عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ ثُلُثُهَا وَقَوْلُهُ (بِالْقِيمَةِ) يُغْنِي عَنْهُ فِي الْقِيمَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَتَأَمَّلْ الْمَقَامَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِرُبْعِ قِيمَتِهَا فَلَوْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْ أَحَدِ الْخُلَطَاءِ شَاتَيْنِ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَظْلِمَةً وَتَرَادَّا فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَهُمَا إنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ تُسَاوِي أَرْبَعَةً وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَنِصْفُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَظْلِمَةٌ وَتَرَادَّا النِّصْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ. (قَوْلُهُ فَعَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا) قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمَذْهَبَ لُزُومُ شَاةٍ وَاحِدَةٍ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ أَخْذُهُ بِالتَّأْوِيلِ أَشْبَهَ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ فَلَا يَنْقُصُ (قَوْلُهُ لَا إنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا غَصْبًا) أَيْ فِيمَا مَرَّ وَهُوَ مَا إذَا اجْتَمَعَ لِلْخَلِيطَيْنِ نِصَابٌ أَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ وَلِصَاحِبِهِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ وَأَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاحِدَةً غَيْرَ مُتَأَوَّلٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ) أَيْ أَوْ مِمَّنْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْغَنَمِ وَأَخَذَ السَّاعِي وَاحِدَةً مِنْ أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ كَالْخَيْطِ الْوَاحِدِ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ ذُو وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ كَالْمُخَالِطِ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِاثْنَيْنِ حَقِيقَةً فِي الْأُولَى وَلِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا حَقِيقَةً وَالْآخَرُ حُكْمًا فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ خَلِيطٌ حُكْمًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْبَعَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ لَمْ يُخَالِطْ بِهَا فَلَمْ يَلْزَمْ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَجْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُخَالِطَ لِشَخْصٍ مُخَالِطٌ لِشَخْصٍ آخَرَ مُخَالِطٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ مُخَالِطٌ لِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْ الْأَرْبَعِينَ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ صَاحِبَيْ الْأَرْبَعِينَ مُخَالِطًا لِلْآخَرِ لِأَنَّ مُخَالِطَ الْمُخَالِطِ لِشَخْصٍ مُخَالِطٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إلَّا وَاحِدٌ مُخَالِطٌ لِآخَرَ وَلَيْسَ فِيهَا خَلِيطُ خَلِيطٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِيهَا خَلِيطَ خَلِيطٍ بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا فَذُو الثَّمَانِينَ مَعَهُ خَلِيطٌ وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ وَخَلِيطُ خَلِيطٍ وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ خَلِيطٌ لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ وَالْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا خَلِيطُ خَلِيطٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَقِيلَ إنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ غَيْرُ خَلِيطٍ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا يَخْتَلِفُ إذْ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةٌ وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ أَوْ قُلْنَا إنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ لِشَخْصٍ لَيْسَ بِخَلِيطٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَالْمِثَالُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ ذُو خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا خَالَطَ بِخَمْسَةٍ مِنْهَا صَاحِبَ خَمْسَةٍ وَبِعَشَرَةٍ مِنْهَا صَاحِبَ خَمْسَةٍ عَلَى الْجَمِيعِ بِنْتُ مَخَاضٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ وَعَلَى مُقَابِلِهِ خَمْسُ شِيَاهٍ (قَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ غَيْرِهِ نِصْفٌ وَيَرْجِعُ دَافِعُهَا عَلَى صَاحِبَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَقَالَ خش وَلَيْسَ قَوْلُهُ هُنَا بِالْقِيمَةِ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَرَاجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي تَرَاجُعِ الْخُلَطَاءِ وَهَذِهِ فِي السَّاعِي يَعْنِي إذَا وَجَبَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ شَاةٍ أَوْ مِنْ بَعِيرٍ أَخَذَ الْقِيمَةَ لَا جُزْءًا أَوْ عَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ وَإِنْ وَجَبَ لِلسَّاعِي جُزْءُ شَاةٍ أَوْ جُزْءُ بَعِيرٍ عَلَى أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ أَخْذُ الْقِيمَةِ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: وَنَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذِنَابِ عَيْشٍ ... أَجَبَّ الظَّهْرَ لَيْسَ لَهُ سَنَامٌ اهـ كَلَامُهُ وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ قَالَ طفى لَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْقِيمَةُ وَعَلَى الْوَسَطِ شَاةٌ وَارْتَضَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاسْتَظْهَرَهُ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ إدْرِيسَ الزَّوَاوِيُّ قَائِلًا هَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ إذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ لَمَا كَانَ تَرَاجُعٌ بَيْنَ الْخُلَطَاءِ لِأَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ دَفَعَهَا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ جُزْءٌ دَفَعَ قِيمَتَهُ فَلَا تَرَاجُعَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ وَالْقَوَاعِدِ اهـ فَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى مَا ارْتَضَاهُ هُنَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ اهـ بْن وَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى تَرَاجُعِ الْخُلَطَاءِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَارْتِكَابُ التَّكْرَارِ خَيْرٌ مِنْ ارْتِكَابِ

(وَخَرَجَ السَّاعِي) (وَلَوْ بِجَدْبٍ) أَيْ مَعَ جَدْبٍ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ ضِدُّ الْخِصْبِ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (طُلُوعُ الثُّرَيَّا) أَيْ زَمَنَ طُلُوعِهَا (بِالْفَجْرِ) وَذَلِكَ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ بَشَنْسَ رِفْقًا بِالسَّاعِي وَبِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي لِاجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ إذْ ذَاكَ (وَهُوَ) أَيْ السَّاعِي أَيْ مَجِيئُهُ (شَرْطُ وُجُوبٍ) لِلزَّكَاةِ (إنْ كَانَ) ثَمَّ سَاعٍ (وَبَلَغَ) أَيْ وَصَلَ فَالشَّرْطُ وُصُولُهُ لِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي فَإِذَا مَاتَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوَاشِي أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيئِهِ فَلَا يُحْسَبُ وَإِنَّمَا يُزَكِّي الْبَاقِيَ إنْ كَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَكَذَا إذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعَدِّهِ وَقَبْلَ أَخْذِهِ لِأَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى الْأَخْذِ كَدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَدْ يَطْرَأُ أَثْنَاءَ الْوَقْتِ مَا يُسْقِطُهَا كَالْحَيْضِ كَذَلِكَ الْمَوْتُ مَثَلًا بَعْدَ الْمَجِيءِ وَالْعَدِّ فَالْعَدُّ وَالْأَخْذُ لَيْسَا بِشَرْطٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا الْوُجُوبُ كَمَا وُهِمَ وَأَمَّا لَوْ ذَبَحَ مِنْهَا شَيْئًا بِغَيْرِ قَصْدِ الْفِرَارِ أَوْ بَاعَ شَيْئًا كَذَلِكَ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي وَقَبْلَ الْأَخْذِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَيُحْسَبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَسَادِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَ السَّاعِي) أَيْ لِجِبَايَةِ الزَّكَاةِ كُلَّ عَامٍ وُجُوبًا كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَسُوقَ صَدَقَتَهُ لِلسَّاعِي بَلْ هُوَ يَأْتِيهَا إلَّا أَنْ يَبْعُدَ عَنْ مَحَلِّ اجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسُوقَهَا إلَيْهِ وَهَذَا الْوُجُوبُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ سَاعٍ وَأَمَّا إحْدَاثُ الْإِمَامِ سَاعِيًا وَتَوْلِيَتُهُ فَقَدْ قِيلَ أَنَّهُ وَاجِبٌ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ لِلسَّاعِي فَقِيلَ بِوُجُوبِهِ وَقِيلَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَعَلَى كُلٍّ إذَا وَلَّاهُ وَجَبَ خُرُوجُهُ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَاشِيَةِ سَوْقُ صَدَقَتِهِ إلَيْهِ بَلْ هُوَ يَأْتِيهَا وَكَوْنُ الْخُرُوجِ وَقْتَ طُلُوعِ الثُّرَيَّا فَهُوَ مَنْدُوبٌ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ جَدْبٍ) أَيْ لِأَنَّ الضِّيقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَشَدُّ فَيَحْصُلُ لَهُمْ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يُخْرِجُ سَنَةَ الْجَدْبِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْ أَرْبَابِهَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَوْ لَا تَسْقُطُ وَيُحَاسَبُ بِهَا أَرْبَابُهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي قَوْلَانِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ خُرُوجِهِ عَامَ الْجَدْبِ فَيُقْبَلُ مِنْ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ وَلَوْ الشِّرَارُ (قَوْلُهُ طُلُوعُ الثُّرَيَّا) أَيْ وَنُدِبَ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْ طُلُوعِ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ فَطُلُوعُ مَصْدَرٌ نَائِبٌ عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الثُّرَيَّا عِدَّةُ نُجُومٍ فِي بُرْجِ الثَّوْرِ طُلُوعُهَا تَارَةً يَكُونُ مَعَ الْغُرُوبِ وَتَارَةً عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَتَارَةً عِنْدَ نِصْفِهِ وَتَارَةً عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ دَائِمًا وَلَا تَغِيبُ إلَّا مُدَّةَ الْخَمَاسِينِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَظْهَرُ فِي النَّهَارِ وَتَارَةً يَكُونُ طُلُوعُهَا وَقْتَ الْفَجْرِ وَذَلِكَ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ بَشَنْسَ وَالشَّمْسُ فِي مُنْتَصَفِ بُرْجِ الْجَوْزَاءِ قُبَيْلَ فَصْلِ الصَّيْفِ (قَوْلُهُ رِفْقًا بِالسَّاعِي) أَيْ لِوُجُودِ الْمَوَاشِي مُجْتَمَعَةً عَلَى الْمَاءِ فَلَوْ خَرَجَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَزَمَنِ الرَّبِيعِ مَثَلًا وَجَدَ الْمَاشِيَةَ مُتَفَرِّقَةً بَعْضُهَا عَلَى الْمَاءِ وَبَعْضُهَا فِي الْمَرْعَى فَيَشُقُّ عَلَيْهِ السَّيْرُ لِكُلٍّ (قَوْلُهُ وَبِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي) أَيْ لِأَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سِنٌّ وَلَيْسَ عِنْدَهُ وَاحْتَاجَ لِشِرَائِهِ يَسْهُلُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَتِّشَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَشْتَرِيَهُ لِاجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ. (قَوْلُهُ أَيْ مَجِيئُهُ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ لِأَنَّ السَّاعِيَ اسْمُ ذَاتٍ وَهُوَ لَا يَكُونُ شَرْطًا وَإِنَّمَا الَّذِي يَكُونُ شَرْطًا اسْمُ الْمَعْنَى وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبُلُوغُهُ شَرْطَ وُجُوبٍ إنْ كَانَ وَيَحْذِفُ قَوْلَهُ وَبَلَغَ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَبَلَغَ) أَيْ أَمْكَنَ بُلُوغُهُ وَوُصُولُهُ لِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَبَلَغَ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا لَزِمَ اشْتِرَاطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ بُلُوغَهُ بِالْفِعْلِ عَيْنُ مَجِيئِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْمَوْتِ وَالضَّيَاعِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبُلُوغَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا (قَوْلُهُ كَدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ دُخُولَ وَقْتِ الصَّلَاةِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا. (قَوْلُهُ كَذَلِكَ الْمَوْتُ بَعْدَ الْمَجِيءِ وَالْعَدِّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ زَكَاةَ مَا نَقَصَ بَعْدَهُمَا قَبْلَ الْأَخْذِ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَكَمَا أَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ لِلْحُكْمِ كَذَلِكَ التَّلَفُ قَبْلَ الْأَخْذِ بِدُونِ تَفْرِيطٍ مَانِعٌ لِلْحَقِّ وَقَوْلُهُ مَثَلًا أَيْ أَوْ الضَّيَاعُ (قَوْلُهُ لَيْسَا بِشَرْطٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا الْوُجُوبُ) أَيْ بَلْ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَجِيءِ (قَوْلُهُ كَمَا وُهِمَ) أَيْ أَنَّ بَعْضَهُمْ وَهُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ تَوَهَّمَ أَنَّ الْعَدَّ وَالْأَخْذَ شَرْطَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا الْوُجُوبُ وَأَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ وَبَلَغَ وَعَدَّ وَأَخَذَ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ إذَا تَوَقَّفَ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَدِّ وَالْأَخْذِ لَاسْتَقْبَلَ الْوَارِثُ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ بَعْدَ مَجِيئِهِ وَقَبْلَ عَدِّهِ وَأَخْذِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَيْضًا الْوُجُوبُ هُوَ الْمُقْتَضِي لِلْعَدِّ وَالْأَخْذِ فَهُوَ سَبْقٌ عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْأَخْذَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ لَلَزِمَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ الْأَخْذِ فَيَكُونُ الْأَخْذُ وَاقِعًا قَبْلَ الْوُجُوبِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فَمَبْحَثٌ آخَرُ يَأْتِي (قَوْلُهُ بِغَيْرِ قَصْدِ الْفِرَارِ) أَيْ وَأَمَّا بِقَصْدِ الْفِرَارِ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَيُحْسَبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ وَتَعَذَّرَ وُصُولُهُ فَالْوُجُوبُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ. (وَ) لَوْ مَاتَ رَبُّ مَاشِيَةٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِ السَّاعِي وَلَوْ بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ (يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ) إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ نِصَابٌ وَإِلَّا ضَمَّ مَا وَرِثَهُ لَهُ وَزَكَّى الْجَمِيعَ لِقَوْلِهِ وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْعَدِّ وَالْأَخْذِ فَلَا يَسْتَقْبِلُ بَلْ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ (وَلَا تُبْدَأُ) الْوَصِيَّةُ بِهَا عَلَى مَا يَخْرُجُ قَبْلَهَا مِنْ الثُّلُثِ مِنْ فَكِّ أَسِيرٍ وَصَدَاقِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهِمَا (إنْ أَوْصَى بِهَا) وَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِ السَّاعِي بَلْ تَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ يُقَدَّمُ عَلَيْهَا فَكُّ الْأَسِيرِ وَمَا مَعَهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ إلَخْ وَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهَا تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَاعٍ أَوْ كَانَ وَمَاتَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَقَوْلُهُ (وَلَا تُجْزِئُ) إنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَلَوْ بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ حَقُّهُ التَّقْدِيمُ عَلَى قَوْلِهِ وَقَبْلَهُ يَسْتَقْبِلُ إلَخْ وَشَبَهٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ قَوْلُهُ (كَمُرُورِهِ) أَيْ السَّاعِي (بِهَا) أَيْ بِالْمَاشِيَةِ (نَاقِصَةً) عَنْ نِصَابٍ (ثُمَّ رَجَعَ) عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ الرُّجُوعُ (وَقَدْ كَمُلَتْ) بِوِلَادَةٍ أَوْ بِإِبْدَالٍ مِنْ نَوْعِهَا وَأَوْلَى بِغَيْرِ نَوْعِهَا أَوْ بِفَائِدَةٍ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَإِنَّ رَبَّهَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مُرُورِهِ (فَإِنْ تَخَلَّفَ) لِعُذْرٍ كَفِتْنَةٍ مَعَ إمْكَانِ الْوُصُولِ (وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ) الْإِخْرَاجُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ بَلْ وَجَازَ ابْتِدَاءً (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ بِبَيِّنَةٍ وَأَمَّا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَنْبَغِي الْإِجْزَاء اتِّفَاقًا فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ وَتَخَلَّفَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ وَلَكِنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا أَجْزَأَتْ وَلَيْسَ لِلسَّاعِي الْمُطَالَبَةُ بِهَا إذَا ثَبَتَ الْإِخْرَاجُ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ عَرَفَةَ وَذَلِكَ لِحُصُولِ كُلٍّ مِنْ الذَّبْحِ وَالْبَيْعِ بِصُنْعِهِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالْفِعْلِ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَجِيئُهُ شَرْطٌ إنْ كَانَ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ أَيْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ بُلُوغُهُ فَقَوْلُهُ وَتَعَذَّرَ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَلَغَ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا مَرَّ وَأَمْكَنَ بُلُوغُهُ. (قَوْلُهُ وَلَا تَبْدَأُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ لَهُ مَاشِيَةٌ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَمَاتَ بَعْدَ حَوْلِهَا وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَأَوْصَى بِزَكَاتِهَا فَهِيَ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرَ مُبْدَأَةٍ وَعَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يَصْرِفُوهَا لِلْمَسَاكِينِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ لِلسَّاعِي قَبْضُهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حَوْلِهَا إذْ حَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي بَعْدَ مُضِيِّ عَامٍ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى بِهَا وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَهِيَ مِنْ الثُّلُثِ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلسَّاعِي لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا يَبْدَأُ بِتِلْكَ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوَّلًا بَلْ هِيَ فِي مَرْتَبَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ الْكِتَابِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي دُفِعَتْ لِلسَّاعِي مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْوَصِيَّةِ حِينَئِذٍ وَقُيِّدَ إخْرَاجُهَا مِنْ الثُّلُثِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهَا لِأَنَّ مُرَادَهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ الصَّدَقَةُ فَلِذَلِكَ كَانَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْفُذُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ حِينَئِذٍ مَبْنِيَّةٌ عَلَى نِيَّةٍ فَاسِدَةٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا كَمَا فِي ح وَأَمَّا زَكَاةُ الْعَيْنِ فَمَا فَرَّطَ فِيهِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ مُبْدَأً عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي الْمَرَضِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ اعْتَرَفَ بِحَوْلِهَا عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَرَثَةَ إخْرَاجُهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ. (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهَا) أَيْ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطُ وُجُوبٍ وَعَلَى مُقَابِلِهِ أَيْضًا أَنَّهُ شَرْطُ أَدَاءً أَيْ صِحَّةٍ كَمَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ وابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ إنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي) أَيْ وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآتِي وَقُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا سَاعِيَ لَهُمْ أَوْ لَهُمْ سَاعٍ وَلَمْ يَبْلُغْ بِأَنْ تَخَلَّفَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِفِتْنَةٍ مَثَلًا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ كَمُرُورِهِ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطُ وُجُوبٍ وَقَوْلُهُ كَمُرُورِهِ بِهَا أَيْ بَعْدَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْعَامِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ رَبَّهَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مُرُورِهِ) أَيْ أَوَّلًا لَا مِنْ يَوْمِ رُجُوعِهِ وَلَا مِنْ يَوْمِ التَّمَامِ وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ مِنْ يَوْمِ مُرُورِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ حَوْلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النِّتَاجَ حَوْلُهُ حَوْلُ أُمِّهِ وَأَنَّ مُبَدِّلَ الْمَاشِيَةِ بِمَاشِيَةٍ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمُبَدَّلَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مُرُورَهُ أَوَّلًا حَوْلٌ لِلْمُبَدَّلَةِ (قَوْلُهُ مَعَ إمْكَانِ الْوُصُولِ) أَيْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ لَوْلَا ذَلِكَ الْعُذْرُ (قَوْلُهُ وَأُخْرِجَتْ) أَيْ بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَجَازَ ابْتِدَاءً) أَيْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَقِيلَ يَجِبُ تَأْخِيرُهَا وَلَوْ أَعْوَامًا حَتَّى يَأْتِيَ السَّاعِي فَإِنْ أَخْرَجَهَا فَلَا تُجْزِئُهُ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ) أَيْ رَبُّهَا فِي إخْرَاجِهَا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ مَعَ إمْكَانِ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا أَجْزَأَتْ) أَيْ اتِّفَاقًا فِيمَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَعَلَى الْمُخْتَارِ إذَا كَانَ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلسَّاعِي) أَيْ إذَا أَتَى فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَهَذِهِ ثَمَرَةُ إجْزَائِهَا (قَوْلُهُ إذَا ثَبَتَ الْإِخْرَاجُ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا.

(وَإِلَّا) يُخْرِجْهَا عِنْدَ تَخَلُّفِهِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ أَعْوَامٍ (عَمِلَ عَلَى) مَا وَجَدَ مِنْ (الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ لِلْمَاضِي) مِنْ الْأَعْوَامِ الَّتِي تَخَلَّفَ فِيهَا أَيْ أَخَذَ عَمَّا مَضَى عَلَى حُكْمِ مَا وَجَدَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ حَالَ مَجِيئِهِ كَمَا أَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ عَامِ مَجِيئِهِ عَلَى مَا وَجَدَ اتِّفَاقًا فَلَوْ تَخَلَّفَ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَهَا عِشْرِينَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي الْأُولَى يَأْخُذُ سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً وَفِي الثَّانِي أَرْبَعَ شِيَاهٍ فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةٌ فِيهَا (بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ) فِي الْأَخْذِ ثُمَّ بِمَا بَعْدَهُ إلَى عَامِ الْمَجِيءِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى مَا وَجَدَ لِلْمَاضِي لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ مَا إذَا وَجَدَهَا بِحَالِهَا الَّذِي فَارَقَهَا عَلَيْهِ. ثُمَّ أَشَارَ بِفَائِدَةِ التَّبْدِئَةِ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُنْقِصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ) وَكَانَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعَ بِالْفَاءِ بِأَنْ يَقُولَ فَإِنْ نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ جَاءَ وَهِيَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ ثَلَاثَ شِيَاهٍ وَيَسْقُطُ الرَّابِعُ لِتَنْقِيصِ مَا أَخَذَ عَنْ النِّصَابِ (أَوْ) يَنْقُصُ الْأَخْذُ (الصِّفَةَ فَيُعْتَبَرُ) النَّقْصُ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ سِتِّينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ وَجَاءَ وَقَدْ وَجَدَهَا سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ الْعَامَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ حِقَّتَيْنِ لِبَقَاءِ نِصَابِ الْحِقَاقِ، وَعَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَعْوَامِ الْأُخَرِ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ لِنَقْصِ النِّصَابِ عَنْ الْحِقَاقِ وَلَوْ جَاءَ فَوَجَدَهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَأَخَذَ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعَنْ كُلِّ عَامٍ بَعْدَهُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ سِتِّينَ مِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا فَوَجَدَهَا أَرْبَعِينَ لَأَخَذَ لِلْأَوَّلِ مُسِنَّةً ثُمَّ عَشَرَةً أَتْبِعَةً وَسَقَطَ الْعَامُ الثَّانِي عَشَرَ لِتَنْقِيصِ الْأَخْذِ النِّصَابَ وَالصِّفَةَ مَعًا فَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَقَطْ (كَ) مَا يُعْمَلُ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ فِي (تَخَلُّفِهِ) أَيْ السَّاعِي (عَنْ أَقَلَّ) مِنْ نِصَابٍ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ ثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَ أَعْوَامٍ (فَ) جَاءَ وَقَدْ (كَمُلَ) النِّصَابُ كَأَنْ وَجَدَهَا إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَخْبَرَ أَنَّهَا كَمُلَتْ فِي الْعَامِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَأْخُذُ لِلْعَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَيَسْقُطُ الرَّابِعُ لِتَنْقِيصِ الْأَخْذِ النِّصَابَ كَالْأَوَّلِ لِعَدَمِ كَمَالِهِ فِيهِ (وَصُدِّقَ) فِي تَعْيِينِ وَقْتِ الْكَمَالِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ مُتَّهَمًا وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَصُدِّقَ قَوْلُهُ (لَا إنْ نَقَصَتْ) مَاشِيَةُ الْمَالِكِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (هَارِبًا) بِهَا كَامِلَةً كَثَلَاثِمِائَةِ شَاةٍ فَوَجَدَهَا أَرْبَعِينَ فَلَا يَعْمَلُ عَلَى النَّقْصِ إلَّا فِي عَامِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي النَّقْصِ قَبْلَهُ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ أَخَذَ مِنْهُ عَنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ شَاةً وَعَنْ الْخَامِسِ شَاةً وَاحِدَةً وَيُرَاعَى هُنَا كَوْنُ الْأَخْذِ يَنْقُصُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ بِالنِّسْبَةِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ لَا لِعَامِ الْقُدْرَةِ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى مَا وَجَدَ قَبْلَ الْأَخْرَاجِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ (وَإِنْ زَادَتْ) مَاشِيَةُ الْهَارِبِ (لَهُ) عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ هُرُوبِهِ (فَ) يُؤْخَذُ (لِكُلٍّ) مِنْ الْأَعْوَامِ (مَا) وَجَدَ (فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْعَامِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (بِتَبْدِئَةِ) الْعَامِ (الْأَوَّلِ) فَإِذَا هَرَبَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَكَانَتْ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَرْبَعِينَ شَاةً وَفِي الثَّانِي مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَفِي الثَّالِثِ أَرْبَعَمِائَةٍ أَخَذَ مِنْهُ عَنْ الْأَوَّلِ شَاةً وَعَنْ الثَّانِي شَاتَيْنِ وَعَنْ الثَّالِثِ أَرْبَعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِلَّا يُخْرِجْهَا عِنْدَ تَخَلُّفِهِ) أَيْ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ (قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَةٍ) أَيْ عَلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا حِينَ التَّخَلُّفِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ حَالَ مَجِيئِهِ ظَرْفٌ لِمَا وُجِدَ (قَوْلُهُ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَقِيلَ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَقَطْ) أَيْ فَيَجُوزُ الْجَمْعُ لِأَنَّ الْأَخْذَ إذَا نَقَصَ تَارَةً يُنْقِصُ النِّصَابَ وَتَارَةً يُنْقِصُ الصِّفَةَ وَتَارَةً يُنْقِصُهَا مَعًا وَقَدْ لَا يَنْقُصُ الْأَخْذَ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَأَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ الْغَنَمِ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ يَجِدَهَا مِائَةً وَثَلَاثِينَ عَلَى حَالِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَيَأْخُذُ عَنْ الْأَرْبَعِ سِنِينَ ثَمَانِيًا وَلَا يَنْقُصُ الْأَخْذُ نِصَابًا وَلَا صِفَةً (قَوْلُهُ وَقَدْ كَمُلَ النِّصَابُ) أَيْ بِوِلَادَةٍ أَوْ بَدَلٍ أَوْ بِفَائِدَةٍ كَهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ دُونِ نِصَابٍ فَتَمَّمَ بِوِلَادَةٍ أَوْ بَدَلٍ فَفِي عَدِّهِ كُلًّا مِنْ يَوْمِ تَخَلُّفِهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ كَمَالِهِ مُصَدِّقًا رَبَّهَا فِي وَقْتِهَا قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ كَمَّلَ بِفَائِدَةٍ فَالثَّانِي اتِّفَاقًا أَيْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كُلًّا مِنْ وَقْتِ الْكَمَالِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَصُدِّقَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَقَصَتْ هَارِبًا) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا إنْ نَقَصَتْ هَارِبًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ النَّقْصَ فِي مُدَّةِ الْهُرُوبِ بَلْ يُؤْخَذُ بِزَكَاةِ مَا فَرَّ بِهِ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُصَدَّقُ إذَا جَاءَ تَائِبًا (قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى كُلِّ عَامٍ بِمَا فِيهِ عَمَلٌ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وح (قَوْلُهُ وَيُرَاعَى هُنَا إلَخْ) فَإِذَا هَرَبَ بِهَا وَهِيَ مِائَتَانِ وَتِسْعُ شِيَاهٍ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ فَوَجَدَهَا أَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ تِسْعَ شِيَاهٍ وَعَنْ الرَّابِعِ شَاتَيْنِ وَعَنْ الْخَامِسِ شَاةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ لَا لِعَامِ الْقُدْرَةِ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ عَبِق وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ تُعْتَبَرُ التَّبْدِئَةُ بِهِ حَتَّى عَلَى عَامِ الْقُدْرَةِ وَيُعْتَبَرُ النَّقْصُ فِيمَا بَعْدَ الْعَامِ الْأَوَّلِ حَتَّى فِي عَامِ الْقُدْرَةِ وَنَصُّهُ فِي الْمَوَّاقِ وَاللَّخْمِيِّ إنْ هَرَبَ بِمَاشِيَةٍ وَهِيَ أَرْبَعُونَ شَاةً خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ السَّاعِي وَهِيَ بِحَالِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ مِنْهُ شَاةٌ خَاصَّةٌ لِأَنَّهُ يَبْدَأُ بِأَوَّلِ عَامٍ وَالْبَاقِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُبْدَأُ بِآخِرِ عَامٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَبْدَأُ بِعَامِ الْقُدْرَةِ بَلْ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ نَقْصُ الْأَخْذِ لِلنِّصَابِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِعَامِ الِاطِّلَاعِ اهـ كَلَامُ بْن

وَلَا يَأْخُذُ زَكَاةَ مَا أَفَادَ آخَرُ الْمَاضِيَ مِنْ السِّنِينَ فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا حَصَلَتْ هَذَا الْعَامَ مَثَلًا عَمِلَ عَلَيْهَا (وَ) إنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ فَ (هَلْ يُصَدَّقُ) وَهُوَ الْأَرْجَحُ أَوْ لَا (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ لَمْ يَجِئْ تَائِبًا وَإِلَّا صُدِّقَ اتِّفَاقًا وَيُعْتَبَرُ تَبْدِئَةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ نَقَصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ مِثَالُ تَنْقِيصِ النِّصَابِ أَنْ يَهْرُبُ بِهَا وَهِيَ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ شَاةً وَاسْتَمَرَّتْ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ زَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي شَاتَانِ وَيَسْقُطُ الثَّالِثُ وَيُؤْخَذُ لِمَا زَادَ عَلَى الْأَعْوَامِ الثَّلَاثَةِ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ وَمِثَالُ تَنْقِيصِ الصِّفَةِ أَنْ يَهْرُبَ بِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَاسْتَمَرَّتْ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ وَزَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي حِقَّتَانِ وَلِمَا بَعْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَلِمَا زَادَ مِنْ الْأَعْوَامِ عَلَى حَسَبِ الزِّيَادَةِ. (وَإِنْ سَأَلَ) السَّاعِي رَبَّ الْمَاشِيَةِ عَنْ عَدَدِهَا فَأَخْبَرَهُ بِعَدَدٍ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ فَعَدَّهَا عَلَيْهِ (فَ) وَجَدَهَا (نَقَصَتْ) عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ (أَوْ زَادَتْ فَ) الْمُعْتَبَرُ (الْمَوْجُودُ) مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ (إنْ لَمْ يُصَدِّقْ) السَّاعِي رَبَّهَا حِينَ الْإِخْبَارِ (أَوْ صُدِّقَ) رَبُّهَا (وَنَقَصَتْ) عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ (وَفِي الزَّيْدِ) عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِمِائَةِ شَاةٍ فَوَجَدَهَا مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ (تَرَدُّدٌ) هَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا وَجَدَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْ إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ زَكَاةَ مَا أَفَادَ آخِرَ الْمَاضِي) أَيْ وَلَا يَأْخُذُ زَكَاةَ الْأَرْبَعِمِائَةِ مَثَلًا الَّتِي اسْتَفَادَهَا فِي الْعَامِ الْأَخِيرِ لِمَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ قَبْلَهُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ مَا وَجَدَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ يُؤْخَذُ لِلْمَاضِي عَلَى مَا وَجَدَ وَلَا يَكُونُ الْهَارِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السُّعَاةُ فَإِنَّهُ لَا يُتَّهَمُ وَمَعَ ذَلِكَ أُخِذَ مِنْهُ لِلْمَاضِي عَلَى مَا وُجِدَ فَيَكُونُ هَذَا مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى قَالَ سَنَدٌ وَيَكْفِي فِي رَدِّهِ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ يُقَالُ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ، فَهَذَا التَّفْصِيلُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيَقُولُ يُؤْخَذُ بِزَكَاةِ مَا وُجِدَ لِلْمَاضِي وَالْحَاضِرِ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ عَمِلَ عَلَيْهَا أَيْ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ زَادَتْ فَلِكُلٍّ مَا فِيهِ وَأَقَلُّ الْبَيِّنَةِ هُنَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ لِأَنَّهَا دَعْوَى مَالِيَّةٌ وَقَوْلُهُ إنَّمَا حَصَّلْت هَذَا الْعَامَ أَيْ وَزَادَتْ فِي الْعَامِ الثَّانِي كَذَا وَفِي الْعَامِ الثَّالِثِ كَذَا (قَوْلُهُ فَهَلْ يُصَدَّقُ) أَيْ فِي تَعْيِينِ عَامِ الزِّيَادَةِ بِلَا يَمِينٍ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى كَذِبِهِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ لَا يُصَدَّقُ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةُ مَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ عَلَى مَا وُجِدَ الْآنَ وَكَذَا عَامَ الْقُدْرَةِ وَاسْتَشْكَلَ الْبِسَاطِيُّ هَذَا الْقَوْلَ بِقَوْلِهِ كَيْفَ لَا يُصَدَّقُ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ مَعَ أَنَّ حَالَهَا فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ حَارِثٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا عَدَا الْعَامَ الَّذِي هَرَبَ بِهَا فِيهِ وَأَمَّا هُوَ فَيُصَدَّقُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ بِزَكَاةِ مَا أَقَرَّ بِهِ فِيهِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِلَّا صُدِّقَ اتِّفَاقًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي أَنَّ التَّائِبَ لَا يُصَدَّقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْ مَا إذَا نَقَصَتْ مَاشِيَةُ الْهَارِبِ وَعَيَّنَ عَامَ النَّقْصِ أَوْ زَادَتْ وَعَيَّنَ عَامَ الزِّيَادَةِ وَنَصُّهُ وَفِيهَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ كَتَوْبَتِهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَصْدِيقَ التَّائِبِ دُونَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا فِي عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ وَالْمَالُ أَشَدُّ مِنْ الْعُقُوبَةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ دُونَهُ اُنْظُرْ بْن وَقَوْلُهُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْهَارِبِ وَقَوْلُهُ كَتَوْبَتِهِ أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا يُصَدَّقُ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْعَامِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَوَجَدَهَا نَقَصَتْ) أَيْ بِمَوْتٍ أَوْ ذَبْحٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْفِرَارَ كَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ خش وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الصَّوَابَ قَصْرُ النَّقْصِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِسَمَاوِيٍّ كَالْمَوْتِ وَأَمَّا الْمَذْبُوحُ فَيُحْسَبُ وَأَمَّا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فَخِلَافُ النَّقْلِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا مَا لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَزَادَتْ) أَيْ بِوِلَادَةٍ أَوْ بِفَائِدَةٍ (قَوْلُهُ حِينَ الْإِخْبَارِ) أَيْ حِينَ إخْبَارِهِ أَوَّلًا بِعَدَدِهَا (قَوْلُهُ أَوْ صُدِّقَ رَبُّهَا) أَيْ أَوْ صَدَّقَ السَّاعِي رَبَّهَا فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ أَوَّلًا وَالْحَالُ أَنَّهَا نَقَصَتْ عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ فَالْمُعْتَبَرُ الْمَوْجُودُ أَيْضًا وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ مِنْ عَيْنِهَا وَأَمَّا لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهَا عِشْرُونَ جَمَلًا فَصَدَّقَهُ فِي عَدَدِهَا ثُمَّ رَجَعَ فَوَجَدَهَا قَدْ نَقَصَتْ قَبْلَ الْأَخْذِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ شِيَاهٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفِي الزَّيْدِ) يَعْنِي زِيَادَتَهَا بِوِلَادَةٍ كَمَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ بِفَائِدَةٍ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ وَقَوْلُهُ وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا وُجِدَ أَيْ وَتَصْدِيقُهُ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ لَا يُعَدُّ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُ فِيهِ عُدَّ تَصْدِيقُهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَفِي ح أَنَّ التَّرَدُّدَ يَجْرِي فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْعَدِّ وَقَبْلَ الْأَخْذِ أَيْضًا وَأَنَّ الْعَدَّ وَالتَّصْدِيقَ سَوَاءٌ وَنَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ (تَنْبِيهٌ) لَوْ عَزَلَ مِنْ مَاشِيَتِهِ شَيْئًا لِلسَّاعِي فَوَلَدَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْأَوْلَادِ قَالَهُ سَنَدٌ قَالَ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ طَعَامًا تَعَيَّنَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ بَاعَهُ مَضَى وَلَا يُفْسَخُ وَضَمِنَ مِثْلَهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا كَالدَّيْنِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهَا كَانَ التَّصَرُّفُ مَاضِيًا وَيَضْمَنُهَا كَمُتَسَلِّفِ الْوَدِيعَةِ وَتَسَلُّفِ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ حَذَفَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى مَا وَجَدَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَاوَى ذَلِكَ الْمَوْجُودُ الْعَدَدَ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ رَبُّهَا أَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ وَسَوَاءٌ فِي الثَّلَاثَةِ صَدَّقَهُ السَّاعِي أَوْ

[زكاة الحرث]

(وَأَخَذَ الْخَوَارِجُ) عَلَى الْإِمَامِ (بِالْمَاضِي) مِنْ الْأَعْوَامِ (إنْ لَمْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ) فَيُصَدَّقُونَ (إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ (لِمَنْعِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى زَكَاةِ الْحَرْثِ فَقَالَ (وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) جَمْعِ وَسْقٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَعْنَاهُ لُغَةً الْجَمْعُ وَشَرْعًا سِتُّونَ صَاعًا (فَأَكْثَرَ) فَلَا وَقَصَ فِي الْحَبِّ (وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) فَالنِّصَابُ كَيْلًا ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ كُلُّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَوَزْنًا (أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ) بَغْدَادِيٍّ وَالرِّطْلُ (مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا كُلٌّ) أَيْ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا (خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقِ) أَيْ مُتَوَسِّطِ (الشَّعِيرِ مِنْ حَبٍّ) بَيَانٌ لِلْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ وَدَخَلَ فِيهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ صِنْفًا الْقَطَانِيُّ السَّبْعَةُ وَالْقَمْحُ وَالسُّلْتُ وَالشَّعِيرُ وَالذُّرَةُ وَالدَّخْنُ وَالْأُرْزُ وَالْعَلَسُ وَذَوَاتُ الزُّيُوتِ الْأَرْبَعُ الزَّيْتُونُ وَالسِّمْسِمُ وَالْقُرْطُمُ وَحَبُّ الْفُجْلِ (وَتَمْرٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَأُلْحِقَ بِهِ الزَّبِيبُ فَهَذِهِ عِشْرُونَ هِيَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ (فَقَطْ) فَلَا تَجِبُ فِي جَوْزٍ وَلَوْزٍ وَكَتَّانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (مُنَقًّى) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ مُنَقًّى مِنْ تِبْنِهِ وَصُوَانِهِ الَّذِي لَا يُخَزَّنُ بِهِ كَقِشْرِ الْفُولِ الْأَعْلَى (مُقَدَّرَ الْجَفَافِ) بِالتَّخْرِيصِ إذَا أَخَذَ فَرِيكًا قَبْلَ يُبْسِهِ مِنْ فُولٍ وَحِمَّصٍ وَشَعِيرٍ وَقَمْحٍ وَغَيْرِهَا وَكَذَا الْبَلَحُ وَالْعِنَبُ يُؤْكَلُ قَبْلَ الْيُبْسِ بَعْدَ الطِّيبِ فَيُقَالُ مَا يَنْقُصُ هَذَا إذَا جَفَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَّبَهُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْخَوَارِجُ) أَيْ الطَّوَائِفُ الْخَوَارِجُ أَيْ الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ بِالْمَاضِي مِنْ الْأَعْوَامِ) أَيْ بِزَكَاةِ الْمَاضِي مِنْ الْأَعْوَامِ وَيُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَيُؤْخَذُونَ بِزَكَاةِ مَا وُجِدَ مَعَهُمْ حَالَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلِعَامِ الْقُدْرَةِ وَلَا يُعَامَلُونَ بِمُعَامَلَةِ الْهَارِبِ بِحَيْثُ يُؤْخَذُونَ بِزَكَاةِ مَا كَانَ مَعَهُمْ حَالَ الْخُرُوجِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلِعَامِ الْقُدْرَةِ وَلَا يُلْغَى النَّقْصُ إذَا كَانَ مَا وُجِدَ مَعَهُمْ عَامَ الْقُدْرَةِ أَقَلَّ مِمَّا كَانَ مَعَهُمْ حَالَ الْخُرُوجِ، وَهَذَا إذَا كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِي خُرُوجِهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ خُرُوجُهُمْ لِمَنْعِهَا فَإِنَّهُمْ يُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ (قَوْلُهُ فَيَصَدَّقُونَ) أَيْ وَلَوْ فِي عَامِ الْقُدْرَةِ وَهَذَا إذَا تَأَوَّلُوا فِي خُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ بِأَنْ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّ هَذَا الْإِمَامَ غَيْرُ عَادِلٍ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ الزَّكَاةُ. (قَوْلُهُ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا) أَيْ لِاتِّهَامِهِمْ فِي دَعْوَاهُمْ حِينَئِذٍ. [زَكَاةِ الْحَرْثِ] (قَوْلُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِ وَاحِدٍ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ ثَمَانِيَةُ أَوْسُقٍ وَقُسِمَتْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَتْ مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَيْ فَالْخَرَاجُ الَّذِي عَلَى الْأَرْضِ لَا يُضَيِّعُ زَكَاةَ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ الزَّرْعِ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْخَرَاجَ كِرَاءٌ قَالَ ح وَالْخَرَاجُ نَوْعَانِ مَا وُضِعَ عَلَى أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَالثَّانِي مَا يُصَالَحُ بِهِ الْكُفَّارُ عَلَى أَرْضِهِمْ فَيَشْتَرِيهَا مُسْلِمٌ مِنْ الصُّلْحِيِّ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْخَرَاجَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ لَا زَكَاةَ فِي زَرْعِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَنَّ الزَّرْعَ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ. (قَوْلُهُ كُلُّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ) فَالْجُمْلَةُ أَلْفٌ وَمِائَتَا مُدٍّ وَالْمُدُّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَبِالْوَزْنِ رِطْلٌ وَثُلُثٌ وَقَدْ حُرِّرَ النِّصَابُ بِالْكَيْلِ عَنْ قَرِيبٍ فَوُجِدَ أَرْبَعَةَ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٍ بِكَيْلِ بُولَاقَ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِصْرِيٍّ الْآنَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَالْأَرْبَعَةُ أَرَادِبَ وَوَيْبَةٍ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ وَذَلِكَ قَدْرُ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ (قَوْلُهُ وَوَزْنًا أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ) أَيْ فَيُوزَنُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ مِنْ الشَّعِيرِ وَيُكَالُ وَيُجْعَلُ مِقْدَارُ الْكَيْلِ ضَابِطًا فَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْوَزْنَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ فَيَلْزَمُ اخْتِلَافُ النِّصَابِ بِاخْتِلَافِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ أَيْ مُتَوَسِّطٌ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ الشَّعِيرِ يَصْدُقُ بِالضَّامِرِ وَالْمُمْتَلِئِ أَيْ الْغَلِيظِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّعِيرِ يَصْدُقُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ مِنْهَا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِلْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ) الْأُولَى نَعْتٌ لِلْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِأَنَّ مِنْ هُنَا لَيْسَتْ بَيَانِيَّةً (قَوْلُهُ الْقَطَانِيُّ السَّبْعَةُ) هِيَ الْحِمَّصُ وَالْفُولُ وَاللُّوبِيَا وَالْعَدَسُ وَالتُّرْمُسُ وَالْجُلُبَّانُ وَالْبَسِيلَةُ (قَوْلُهُ وَحَبُّ الْفُجْلِ) أَيْ الْأَحْمَرِ وَأَمَّا الْفُجْلُ الْأَبْيَضُ فَلَا زَكَاةَ فِي حَبِّهِ إذْ لَا زَيْتَ لَهُ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ كَالْبِرْسِيمِ وَالْحُلْبَةِ وَالسَّلْجَمِ وَالتِّينِ خِلَافَا لِمَنْ أَلْحَقَهُ بِالتَّمْرِ كَالزَّبِيبِ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا زُكِّيَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (قَوْلُهُ مُنَقًّى) أَيْ إذَا أُخِذَ بَعْدَ يُبْسِهِ وَقَوْلُهُ مُقَدَّرُ الْجَفَافِ إذَا أُخِذَ فَرِيكًا (قَوْلُهُ الَّذِي لَا يُخَزَّنُ بِهِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ قِشْرِ الْأُرْزِ فَلَا يُشْتَرَطُ النَّقَاءُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَيُقَالُ) أَيْ لِأَهْلِ

فَإِنْ قِيلَ ثُلُثُهُ اُعْتُبِرَ الْبَاقِي، هَذَا إذَا كَانَ لَوْ تُرِكَ جَفَّ كَفُولِ الْأَرْيَافِ وَحِمَّصِهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ لَوْ تُرِكَ (لَمْ يَجِفَّ) كَالْفُولِ الْمَسْقَاوِيِّ وَالْحِمَّصِ كَذَلِكَ وَكَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا وَزَيْتُونِهَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا بَيَانُ مَا يُخْرَجُ (نِصْفُ عُشْرِهِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَيْ نِصْفُ عُشْرِ حَبِّهِ (كَ) إخْرَاجِ نِصْفِ الْعُشْرِ مِنْ (زَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ) مِنْ زَيْتُونٍ وَحَبِّ فُجْلٍ وَقُرْطُمٍ وَسِمْسِمٍ إنْ بَلَغَ حَبُّ كُلٍّ نِصَابًا وَإِنْ قَلَّ زَيْتُهُ فَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَ فِي غَيْرِ الزَّيْتُونِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ زَيْتِهِ إنْ كَانَ لَهُ زَيْتٌ (وَ) نِصْفُ عُشْرِ (ثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ) مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ كَزَيْتُونِ مِصْرَ إنْ بِيعَ وَإِلَّا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ يَوْمَ طِيبِهِ (وَ) نِصْفَ عُشْرِ ثَمَنِ (مَا لَا يَجِفُّ) كَعِنَبِ مِصْرَ وَرُطَبِهَا إنْ بِيعَ وَإِلَّا فَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا مَا يَجِفُّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ حَبِّهِ وَلَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ رُطَبًا (وَ) نِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِ (فُولٍ أَخْضَرَ) وَحِمَّصٍ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ لَا يَيْبَسَ كَالْمِسْقَاوِيِّ الَّذِي يُسْقَى بِالسَّوَاقِي إنْ بِيعَ وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يُبَعْ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا بَعْدَ اعْتِبَارِ جَفَافِهِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ مِمَّا يَيْبَسُ كَاَلَّذِي يُزْرَعُ فِي الْأَرْيَافِ مَوْضِعَ النِّيلِ بِمِصْرَ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ بَعْدَ اعْتِبَارِ جَفَافِهِ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ مُطْلَقًا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْرِفَةِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ التَّخْرِيصُ وَهَذَا بَيَانٌ لَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قِيلَ ثُلُثُهُ) أَيْ مَثَلًا وَقَوْلُهُ اُعْتُبِرَ الْبَاقِي أَيْ فَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ) أَيْ الَّذِي أُخِذَ قَبْلَ يُبْسِهِ (قَوْلُهُ بَيَانُ مَا يُخْرَجُ) أَيْ فِيمَا يَجِفُّ وَمَا لَا يَجِفُّ وَمَا لَهُ زَيْتٌ وَمَا لَا زَيْتَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ (قَوْلُهُ نِصْفُ عُشْرِهِ) ذَكَرَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا نِصَابًا وَهَذَا بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْمُخْرَجِ (قَوْلُهُ خَبَرُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) هُوَ وَاجِبُ التَّقْدِيمِ لِاشْتِمَالِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَيْهِ فَلَوْ أُخِّرَ عَنْ الْمُبْتَدَأِ لَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَى مُتَأَخِّرٍ لَفْظًا وَرُتْبَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ أَيْ نِصْفُ عُشْرِ حَبِّهِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا شَأْنُهُ الْجَفَافُ مِنْ الْحَبِّ سَوَاءٌ تُرِكَ حَتَّى يَجِفَّ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ إنْ بَلَغَ حَبَّ كُلٍّ نِصَابًا) أَيْ فَمَتَى بَلَغَ حَبُّهُ نِصَابًا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ زَيْتِهِ وَإِنْ قَلَّ الزَّيْتُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ زَيْتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَصَرَهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ حَبٍّ أَوْ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَهَذَا إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الزَّيْتِ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي أَوْ بِإِخْبَارِ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِلَّا أَخْرَجَ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَهُ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) أَيْ وَإِلَّا يَبِعْهُ بَلْ أَكَلَهُ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ فَلَوْ أَخْرَجَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا فَلَا يُجْزِئُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَا زَيْتَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَوْ أَخْرَجَ عَنْهُ زَيْتًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ تَعَيُّنُ الْإِخْرَاجِ مِنْ الثَّمَنِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ حَبِّهِ بِأَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ رُطَبًا أَوْ عِنَبًا أَوْ زَيْتُونًا وَهُوَ كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَا يَتَرَتَّبُ قَالَ مُحَمَّدٌ يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَهُ لَا زَبِيبًا وَرَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَ زَبِيبًا فَيَلْزَمُ شِرَاؤُهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ عِنَبًا أَجْزَأَهُ وَكَذَا الزَّيْتُونُ الَّذِي لَا زَيْتَ لَهُ وَالرُّطَبُ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ إنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَهُ اهـ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا يَجِفُّ) أَيْ بِالْفِعْلِ مِنْ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُ الْجَفَافُ أَوْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمُ الْجَفَافِ لَكِنْ فُرِضَ أَنَّهُ بَقِيَ حَتَّى جَفَّ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ رُطَبًا) أَيْ لِمَنْ يُجَفِّفُهُ أَوْ لِمَنْ لَا يُجَفِّفُهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْ تَحَرِّيهِ إذَا بَاعَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا) أَيْ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَعَيُّنِ الْإِخْرَاجِ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ كَالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوَّاهُ بْن وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ خش وَقَوْلُهُ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ هُوَ الْعَلَّامَةُ طفى وَسَلَّمَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْفُولِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَيْبَسَ دُونَ مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يَيْبَسُ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا قَالَ بْن فَإِنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِمَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْفُولَ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ بِالْإِفْرَاكِ فَبَيْعُ ذَلِكَ أَخْضَرَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْحَائِطِ مِنْ النَّخْلِ أَوْ الْكَرْمِ إذَا أَزْهَى ثُمَّ قَالَ وَلِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ أَنَّهُ إنْ أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ فَلَا بَأْسَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ فَتَصْدِيرُهُ بِالْأَوَّلِ مَعَ تَوْجِيهِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَلِذَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ مَا أُكِلَ مِنْ قُطْنِيَّةِ خَضْرَاءَ أَوْ بِيعَ إنْ بَلَغَ خَرْصُهُ يَابِسًا نِصَابًا زَكَّاهُ بِحَبٍّ يَابِسٍ وَرَوَى مُحَمَّدٌ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ بْن. وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْفُولِ الْأَخْضَرِ وَالْفَرِيكِ الْأَخْضَرِ وَالْحِمَّصِ وَالشَّعِيرِ الْأَخْضَرَيْنِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْوُجُوبَ بِيُبْسِ الْحَبِّ ضَعِيفٌ وَحِينَئِذٍ فَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْفُولِ الْأَخْضَرِ وَمَا مَعَهُ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَشْهُورٍ لَا عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا قَالَ عبق (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ مِمَّا يَيْبَسُ) أَيْ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ قَبْلَ

مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ حَبِّهِ إلَّا أَنَّ إخْرَاجَ الْحَبِّ مَلْحُوظٌ ابْتِدَاءً فِيمَا يَيْبَسُ وَالثَّمَنُ فِي عَكْسِهِ (إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ) قَيْدٌ فِي نِصْفِ الْعُشْرِ (وَإِلَّا) يُسْقَى بِآلَةٍ بِأَنْ سُقِيَ بِغَيْرِهَا كَالنِّيلِ وَالْمَطَرِ وَالسَّيْحِ وَالْعُيُونِ (فَالْعُشْرُ وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ) مِمَّنْ نَزَلَ بِأَرْضِهِ (أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ) إلَى أَنْ جَرَى مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ إلَى أَرْضِهِ لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ. وَإِنْ (سُقِيَ) زَرْعٌ (بِهِمَا) أَيْ بِالْآلَةِ وَغَيْرِهَا وَتَسَاوَى عَدَدُهُ أَوْ مُدَّتُهُ أَوْ قَارَبَ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ (فَعَلَى حُكْمَيْهِمَا) فَيُؤْخَذُ لِمَا سُقِيَ بِالسَّيْحِ الْعُشْرُ وَلِمَا سُقِيَ بِآلَةٍ نِصْفُهُ (وَهَلْ) إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا بِأَنْ كَانَ بِأَحَدِهِمْ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ وَبِالْآخِرِ الثُّلُثُ (يُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ) فَيُخْرَجُ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ أَوْ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ (خِلَافٌ) وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الْأَكْثَرُ مُدَّةً وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ فِيهَا أَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرُ سَقْيًا وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ خِلَافُ الْأَظْهَرِ الثَّانِي لِأَنَّ الشَّارِعَ أَنَاطَ الْعُشْرَ وَنِصْفَهُ بِالسَّقْيِ بِالْآلَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ وَلَا وَجْهَ لَهُ. (وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ) كَأَصْنَافِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَكَّاهُ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلٍّ بِحَسَبِهِ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَعْلَى مِنْهَا أَوْ الْمُسَاوِي عَنْ الْأَدْنَى أَوْ الْمُسَاوِي لَا الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى (كَ) ضَمِّ (قَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ) بَعْضِهَا لِبَعْضٍ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَإِنْ) زُرِعَتْ الْأَصْنَافُ الْمَضْمُومَةُ (بِبُلْدَانٍ) مُتَفَرِّقَةٍ وَإِنَّمَا يُضَمُّ صِنْفُ الْآخَرِ (إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ) اسْتِحْقَاقِ (حَصَادِ الْآخَرِ) وَهُوَ وَقْتُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَلَوْ بِقُرْبِهِ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَفَافِ (قَوْلُهُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ حَبِّهِ) الضَّمِيرَانِ لِلْفُولِ الْأَخْضَرِ (قَوْلُهُ إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ) أَيْ كَالسَّوَاقِي وَأَمَّا النَّقَّالَاتُ مِنْ الْبَحْرِ وَهِيَ النَّطَّالَةُ وَالشَّادُوفُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا فَقَالَ عبق وخش إنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْآلَةِ وَفِي شب أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ وَحَرِّرْ الْفِقْهَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْعُشْرُ) وَمِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ مَا يُزْرَعُ مِنْ الذُّرَةِ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ عِنْدَ زَرْعِهِ فَقَطْ قَلِيلٌ مِنْ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ) أَيْ الْمَاءَ الْجَارِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى الْقَائِلِ بِوُجُوبِ نِصْفِ الْعُشْرِ إذَا اشْتَرَى السَّيْحَ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَسَاوَى عَدَدُهُ) أَيْ عَدَدُ السَّقْيِ بِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمُدَّةُ أَوْ تَسَاوَتْ مُدَّةُ السَّقْيِ بِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَارَبَ أَيْ السَّقْيُ بِأَحَدِهِمَا السَّقْيَ بِالْآخِرِ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَيْ السَّقْيُ بِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ السَّقْيِ بِالْآخَرِ فِي الْعَدَدِ أَوْ الْمُدَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ مُقَارِبٌ مِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّ الْأَكْثَرَ مَا بَلَغَ الثُّلُثَيْنِ وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ ابْنِ يُونُسَ عَنْهُ أَنَّ مَا قَارَبَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْأَكْثَرِ وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ بِقَلِيلٍ مِنْ الْمُسَاوِي اهـ (قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ لِمَا سُقِيَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يُقْسَمُ الْحَبُّ نِصْفَيْنِ وَيُزَكِّي أَحَدَهُمَا بِالْعُشْرِ وَالثَّانِي بِنِصْفِ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ أَوْ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ فَيَقْسِمُ الْحَبَّ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ مَثَلًا وَيُزَكِّي أَحَدَهُمَا بِالْعُشْرِ وَالْآخَرَ بِنِصْفِ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا شَهَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَالثَّانِي شَهَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ) أَيْ الَّذِي جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ يَغْلِبُ غَيْرَهُ أَوْ لَا يَغْلِبُ بَلْ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مُدَّةً وَلَوْ كَانَ إلَخْ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ السَّقْيِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِيهَا شَهْرَانِ بِالسَّيْحِ وَأَرْبَعَةٌ بِالْآلَةِ لَكِنْ سَقْيُهُ بِالسَّيْحِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَسَقْيُهُ بِالْآلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ وَالْأَكْثَرِ مُدَّةً إلَخْ هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْمَوَّاقُ وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَكْثَرُ سَقْيًا هُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ الْأَظْهَرُ الثَّانِي) وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْثَرِ الْأَكْثَرُ سَقْيًا وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ. (قَوْلُهُ بِالسَّقْيِ بِالْآلَةِ) أَيْ لَا بِمُدَّةِ السَّقْيِ بِهَا. (قَوْلُهُ كَأَصْنَافِ التَّمْرِ) أَيْ كَمَا تُضَمُّ أَصْنَافُ التَّمْرِ وَأَصْنَافُ الزَّبِيبِ فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلٍّ بِحَسَبِهِ) أَيْ أَخْرَجَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَعْلَى مِنْهَا أَوْ الْمُسَاوِي عَنْ الْأَدْنَى) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مِنْهَا إذْ إخْرَاجُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى إجْزَاؤُهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقَطَانِيِّ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بَلْ مَتَى أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ صِنْفٍ عَنْ صِنْفٍ آخَرَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ جَازَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الْأَعْلَى لَا مِنْ الْأَدْنَى لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَطَانِيِّ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَاخْتِلَافِ الْأَصْنَافِ الْمَضْمُومَةِ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ فَلَا يُجْزِئُ قَمْحٌ عَنْ عَدَسٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى وَالْمُسَاوِي يُعْتَبَرُ بِمَا عِنْدَ أَهْلِ كُلِّ مَحَلٍّ وَإِذَا أُخْرِجَ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى فَإِنَّهُ يُخْرِجُ بِقَدْرِ مَكِيلَةِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْهُ وَلَا يُخْرِجُ عَنْهُ أَقَلَّ مِنْ مَكِيلَتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ رُجُوعًا لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُضَمُّ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ زَرَعَ إلَخْ شَرْطٌ لِضَمِّ الصِّنْفَيْنِ وَالْأَصْنَافِ مُطْلَقًا أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِضَمِّهَا زُرِعَتْ بِبَلَدٍ أَوْ بِبُلْدَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمَضْمُومَانِ مِنْ الْقَطَانِيِّ أَوْ مِنْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسَلْتٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُزْرَعَ إلَخْ وَخَالَفَ تت وَجَعَلَ هَذَا شَرْطًا لِضَمِّ مَا زُرِعَ بِبُلْدَانٍ وَأَمَّا مَا زُرِعَ بِبَلَدٍ فَيُضَمُّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الشَّرْطُ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمَضْمُومَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ يُضَمُّ إلَخْ وَهَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَسَبَهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِقُرْبِهِ) أَيْ بِقُرْبِ اسْتِحْقَاقِهِ الْحَصَادَ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا إلَخْ فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ لِلضَّمِّ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ

إلَى اسْتِحْقَاقِ حَصَادِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يُحْصَدْ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ لِأَنَّهَا كَفَائِدَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ (فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا) أَيْ لِلطَّرَفَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ إذَا كَانَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثَةٌ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَسْقَانِ وَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى حَصَدَ الثَّالِثَ فَيُزَكِّي الْجَمِيعَ زَكَاةً وَاحِدَةً (لَا) يُضَمُّ زَرْعٌ (أَوَّلُ لِثَالِثٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَسَطِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ نِصَابٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلٍّ وَسْقَانِ وَزَرَعَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَسَطِ اثْنَيْنِ وَالْأَوَّلُ ثَلَاثَةٌ وَالثَّالِثُ اثْنَيْنِ أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لَهُ مَا يُكْمِلُهُ نِصَابًا وَلَا زَكَاةَ فِي الْآخَرِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَمُلَ مَعَ الْأَوَّلِ زُكِّيَ الثَّالِثُ مَعَهُمَا دُونَ الْعَكْسِ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَمُلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَالْأَوَّلُ مَضْمُومٌ لِلثَّانِي فَالْحَوْلُ لِلثَّانِي وَهُوَ خَلِيطُ الثَّالِثِ وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالْمَضْمُومُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ فَالْحَوْلُ لِلثَّالِثِ وَلَا خُلْطَةَ لِلْأَوَّلِ وَرُجِّحَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ (لَا) يُضَمُّ قَمْحٌ أَوْ غَيْرُهُ (لِعَلَسٍ) حَبٍّ طَوِيلٍ بِالْيَمَنِ يُشْبِهُ خِلْقَةً الْبُرَّ (وَ) لَا لِ (دُخْنٍ وَ) لَا لِ (ذُرَةٍ وَ) لَا لِ (أُرْزٍ وَهِيَ) فِي نَفْسِهَا (أَجْنَاسٌ) لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (وَالسِّمْسِمُ وَبِزْرُ الْفُجْلِ) الْأَحْمَرِ (وَ) بِزْرُ (الْقُرْطُمِ كَالزَّيْتُونِ) فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَلَوْ قَالَ أَجْنَاسٌ بَدَلَ قَوْلِهِ كَالزَّيْتُونِ كَانَ أَنْسَبَ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي الضَّمِّ وَعَدَمِهِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ كَالزَّيْتُونِ لِإِخْرَاجِ بِزْرِ الْكَتَّانِ بِقَوْلِهِ (لَا) بِزْرُ (الْكَتَّانِ) بِالْفَتْحِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَا فِي زَيْتِهِ كَالسَّلْجَمِ (وَحُسِبَ) فِي النِّصَابِ (قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) الَّذِي يُخَزَّنَانِ بِهِ كَقِشْرِ الشَّعِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ أَيْ مِنْ الثَّانِي فَاعِلِ بَقِيَ. (قَوْلُهُ إلَى اسْتِحْقَاقِ حَصَادِ الثَّانِي) أَيْ إلَى وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِالْإِفْرَاكِ أَوْ يُبْسِ الْحَبِّ أَمَّا لَوْ أَكْمَلَ الْأَوَّلَ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الثَّانِي فَلَا يَضُمُّ الثَّانِيَ لِلْأَوَّلِ بَلْ إنْ كَانَ الثَّانِي نِصَابًا زَكَّى وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا كَفَائِدَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْحَصْدِ فِي الْحَبِّ كَتَمَامِ الْحَوْلِ فِي غَيْرِهِ فَلَوْ زَرَعَ أَحَدَهُمَا بَعْدَ حَصَادِ الْآخَرِ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْحَوْلِ فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ فَيَضُمُّ الْوَسَطَ) أَيْ فَبِسَبَبِ اشْتِرَاطِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْأَرْضِ لِأَجْلِ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي الْمِلْكِ وَالْحَوْلِ لَوْ كَانَتْ الزُّرُوعُ ثَلَاثَةً زُرِعَ ثَانِيهَا قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَثَالِثُهَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي ضُمَّ الْوَسَطُ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَ فِيهِ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ قَبْلَ حَصْدِ الثَّالِثِ فَلَا يُضَمُّ الْوَسَطُ لِذَلِكَ الثَّالِثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ضَمَّ الْوَسَطِ لِلطَّرَفَيْنِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ وَأَنْ لَا يُخْرِجَ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يَحْصُدَ الثَّالِثَ وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الْأَوَّلَيْنِ قَبْلَ حَصْدِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ الْوَسَطَ لِذَلِكَ الثَّالِثِ وَيُزَكِّي الثَّالِثَ وَحْدَهُ إنْ كَانَ نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُ عَدَمِ الضَّمِّ أَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا زُكِّيَ أَوَّلًا وَحَصَلَ فِيهِ نَقْصٌ بِسَبَبِ الزَّكَاةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثَّانِي مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ إنْ ضُمَّ لِلثَّالِثِ فَلَا يُضَمُّ لَهُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ هَذَا مُحَصَّلُ الشَّارِحِ وَبَقِيَ قَيْدٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَبْقَى حَبُّ السَّابِقِ لِحَصَادِ اللَّاحِقِ فَإِنْ أَكَلَ حَبَّ الْأَوَّلِ قَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي أَوْ أَكَلَ حَبَّ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الثَّالِثِ فَلَا يَضُمُّ الْوَسَطَ لَهُمَا (قَوْلُهُ لَا يُضَمُّ زَرْعٌ أَوَّلٌ) أَيْ لَا يُعْتَبَرُ ضَمُّ أَوَّلِ الثَّالِثِ بِحَيْثُ لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ الْجَمِيعِ أَيْ الثَّلَاثَةِ نِصَابٌ زَكَّى كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمَعِيَّةِ نِصَابٌ (قَوْلُهُ وَزَرْعُ الثَّالِثِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ زَرْعُ الثَّالِثِ إلَخْ. (قَوْلُهُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي وَأَمَّا لَوْ كَانَ الثَّالِثُ زُرِعَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ كَمَا أَنَّ الثَّانِيَ كَذَلِكَ زَكَّى الْجَمِيعَ وَإِنْ زَرَعَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الثَّانِي وَقَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ضَمَّ الْأَوَّلَ لِلثَّالِثِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ وَسَطًا حُكْمًا (قَوْلُهُ أَوْ الْعَكْسُ) أَيْ الْأَوَّلُ اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةٌ وَالْوَسَطُ اثْنَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضُمُّ لَهُ) أَيْ لِلْوَسَطِ الطَّرَفَ الَّذِي يُكْمِلُ نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ (قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ فِي الْآخَرِ) أَيْ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ إنْ كَمُلَ) أَيْ النِّصَابُ مِنْ الْوَسَطِ مَعَ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي اثْنَيْنِ وَالثَّالِثُ اثْنَيْنِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ دُونَ الْعَكْسِ) أَيْ دُونَ مَا إذَا كَمُلَ النِّصَابُ مِنْ الْوَسَطِ وَالْأَخِيرِ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ وَسْقَيْنِ وَالثَّانِي اثْنَانِ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةٌ فَيُزَكِّي الْأَخِيرَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لَا يُضَمُّ قَمْحٌ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ الْحُبُوبِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لِعَلَسٍ وَعَدَمُ ضَمِّ الْقَمْحِ لِلْعَلَسِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ إنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَمُخْتَارُ ابْنِ يُونُسَ وَاسْتَقَرَّ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْعَلَسِ وَمَا بَعْدَهُ أَجْنَاسٌ (قَوْلُهُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ) أَيْ فَلَا يُضَمُّ الْعَلَسُ لِدُخْنٍ وَلَا لِذُرَةٍ وَلَا لِأُرْزٍ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ الْأَحْمَرِ) صِفَةٌ لِلْفُجْلِ لَا لِبَزْرِ وَالْفُجْلُ الْأَحْمَرُ مَوْجُودٌ بِالْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ) أَيْ إذَا بَلَغَتْ نِصَابًا (قَوْلُهُ فِي الضَّمِّ وَعَدَمِهِ) أَيْ لَا فِي بَيَانِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا لَا تَجِبُ فِيهِ لِأَنَّ هَذَا قَدْ سَبَقَ فِي قَوْلِهِ مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ (قَوْلُهُ لَا الْكَتَّانِ) أَيْ فَلَيْسَ كَالزَّيْتُونِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَحُسِبَ فِي النِّصَابِ قِشْرُ الْأُرْزِ) أَيْ حُسِبَ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ النِّصَابِ الشَّرْعِيِّ قِشْرُ الْأُرْزِ فَلَوْ كَانَ الْأُرْزُ مَقْشُورًا أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ فَإِنْ كَانَ بِقِشْرِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ زُكِّيَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَلَا زَكَاةَ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْأُرْزِ

(وَ) حَسَبَ (مَا تَصَدَّقَ بِهِ) عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ وَهَبَهُ لِأَحَدٍ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ الزَّكَاةَ (وَ) حَسَبَ مَا (اسْتَأْجَرَ) بِهِ فِي حَصَادِهِ أَوْ دِرَاسِهِ (قَتًّا) أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْ حَذَفَ قَتًّا لَكَانَ أَخْصَرَ (لَا) يَحْسُبُ (أُكُلَ دَابَّةٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى مَأْكُولِهَا (فِي) حَالِ (دَرْسِهَا) وَأَمَّا مَا تَأْكُلُهُ حَالَ اسْتِرَاحَتِهَا فَيُحْسَبُ (وَالْوُجُوبُ) يَتَعَلَّقُ (بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ) لَا بِيُبْسِهِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ الْمُعْتَمَدُ بِيُبْسِهِ لِمُخَالَفَتِهِ النَّقْلَ وَالْعَادَةَ، وَالْمُرَادُ بِإِفْرَاكِهِ طِيبُهُ وَاسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَاءِ وَإِنْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ لِتَمَامِ طِيبِهِ (وَطِيبِ الثَّمَرِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ كَزَهْوِ ثَمَرِ النَّخْلِ وَظُهُورِ حَلَاوَةِ الْكَرْمِ وَإِذَا كَانَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِالْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ (فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ) مَاتَ مُوَرِّثُهُ (قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ وَلَوْ قَالَ قَبْلَهُ أَيْ الْوُجُوبِ كَانَ أَخْصَرَ (لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ) مِمَّا وَرِثَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ فَيَضُمُّهُ لَهُ فَإِنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ بَعْضِهِمْ نِصَابًا دُونَ غَيْرِهِ لَوَجَبَ عَلَى مَنْ بَلَغَ حِصَّتُهُ النِّصَابَ دُونَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ وَمَفْهُومُ قَبْلِهِمَا أَنَّهُ إنْ وَرِثَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ أَمْ لَا حَيْثُ كَانَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمُوَرِّثِ قَبْلَ الْمَوْتِ (وَالزَّكَاةُ) وَاجِبَةٌ (عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُمَا) أَيْ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي مَبْلَغِ مَا حَصَّلَ فِيهِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِلَّا تَحَرَّى الْبَائِعُ قَدْرَهُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (إلَّا أَنْ يُعْدِمَ) الْبَائِعُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ مِنْ أَعْدَمَ وَبِفَتْحِهِمَا مِنْ عَدِمَ أَيْ يَفْتَقِرُ (فَعَلَى الْمُشْتَرِي) زَكَاتُهُ نِيَابَةً إنْ بَقِيَ الْمَبِيعُ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَقْشُورًا وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَ مَقْشُورٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَتَعَيَّنُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَحُسِبَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَاسْتَثْنَى ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ فَإِنَّهُ لَا يَحْسِبُهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ وَهَبَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ ح وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَهْدَى أَوْ وَهَبَ بَعْدَ الطِّيبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُحْسَبُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاتُهُ كَمَا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إذَا تَصَدَّقَ بِالزَّرْعِ كُلِّهِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ بَعْضَ الزَّرْعِ لَا كُلَّهُ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ لَيْسَ تَافِهًا وَأَنْ يَكُونَ التَّصَدُّقُ بِهِ بَعْدَ الطِّيبِ (قَوْلُهُ وَحَسَبَ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ اسْتَأْجَرَ بِهِ عَطْفٌ عَلَى تَصَدَّقَ بِهِ الْوَاقِعِ صِلَةً لِمَا (قَوْلُهُ قَتًّا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ قَتًّا أَيْ مَقْتُوتًا وَمَجْزُومًا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ إغْمَارًا أَوْ كَيْلًا فَكُلُّ هَذَا يُحْسَبُ وَيُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَكَذَلِكَ يُحْسَبُ لَقْطُ اللَّقَّاطُ الَّذِي مَعَ الْحَصَادِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ لَا لَقْطِ اللَّقَّاطِ لِمَا تَرَكَهُ رَبُّهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ وَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ لَا يُحْسَبُ أَكْلُ دَابَّةٍ فِي حَالِ دَرْسِهَا) أَيْ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَأَكْلِ الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَأْكُولَ الدَّابَّةِ حَالَ دَرْسِهَا لَا يُحْسَبُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْمِيمُهَا لِأَنَّهُ يَضْرِبُهَا وَفِي حَاشِيَةِ عج عَلَى الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ نَجَاسَةِ الدَّوَابِّ حَالَ دَرْسِهَا فَلَا يُغْسَلُ الْحَبُّ مِنْ بَوْلِهَا النَّجَسِ (قَوْلُهُ وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمَّهَاتِ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ الزَّكَاةُ تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالطِّيبِ أَيْ بُلُوغِهِ حَدَّ الْأَكْلِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ أَوْ طَابَ الْكَرْمُ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ فَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الزَّرْعِ عَلَى الْإِفْرَاكِ وَذَكَرَ إبَاحَةَ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ كَذَا فِي بْن ثُمَّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا قَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَشْهُورَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْإِفْرَاكِ كَمَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَنَّ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْيُبْسِ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ) أَيْ وَهُوَ عج وَتَبِعَهُ عبق قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيُبْسَ يَرْجِعُ لِلْإِفْرَاكِ إذْ الْمُرَادُ بِالْيُبْسِ بُلُوغُ الْحَبِّ حَدَّ الطِّيبِ وَنِهَايَتِهِ بِحَيْثُ لَوْ حَصَدَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ فَسَادٌ وَلَا تَلَفٌ وَعَلَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ كَمَا حَقَّقَهُ طفى مِنْ أَنَّ الْإِفْرَاكَ بُلُوغُ الْحَبِّ حَدَّ الْأَكْلِ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْيُبْسِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] لِأَنَّ الْمُرَادَ وَأَخْرِجُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ فَالْوُجُوبُ بِالْإِفْرَاكِ وَإِنْ كَانَ الْإِخْرَاجُ بَعْدَ الْيُبْسِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَهُوَ إنَّمَا يُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ فَإِنْ وَرِثَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِنْ وَرِثَ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ يَضُمُّهُ لَهُ وَقَيَّدَ عَبْدُ الْحَقِّ كَوْنَ زَكَاةِ الزَّرْعِ الَّذِي مَاتَ مَالِكُهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ بِمَا إذَا حَصَلَ لِلْوَارِثِ شَيْءٌ مِنْهُ أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَهُمَا وَقَدْ اغْتَرَقَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ لَوَجَبَ أَنْ يُزَكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا مِيرَاثَ لِلْوَارِثِ فِيهِ لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ نَقَلَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ أَخٍ لِأُمٍّ وَعَمٍّ وَتَرَكَ زَرْعًا خَرَجَ مِنْهُ سِتَّةُ أَوْسُقٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ وَعَلَى الْعَمِّ الزَّكَاةُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُوَرِّثَ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَجْمُوعُ الْمَتْرُوكِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَا يَضُمُّ الْوَارِثُ مَا خَصَّهُ مِنْهُ لِزَرْعِهِ وَيُزَكِّيهِ خِلَافًا لعبق لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى مِلْكِ الْمُوَرِّثِ لَا الْوَارِثِ فَلَا وَجْهَ لِلضَّمِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَإِنَّ الْحَبَّ يُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا زُكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ أَيْ يَفْتَقِرُ) تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْ الضَّبْطَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ أَعْدَمَ وَعَدِمَ بِمَعْنَى افْتَقَرَ وَلِعَدِمَ مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا وَهُوَ فَقَدَ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ

بِثَمَنِ مَا أَدَّى مِنْ زَكَاتِهِ فَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَتَّبِعْ بِزَكَاتِهِ الْمُشْتَرِيَ وَاتَّبَعَ بِهَا الْبَائِعَ إذَا أَيْسَرَ. (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ طِيبِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ (عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ) كَزَيْدٍ (بِجُزْءٍ) شَائِعٍ كَنِصْفٍ وَدَخَلَ فِي الْجُزْءِ وَصِيَّتُهُ بِزَكَاةِ زَرْعِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا وَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ الْمُعَيَّنِ بِقَوْلِهِ (لَا الْمَسَاكِينُ) فَإِنَّهَا عَلَى الْمُوصِي سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمْ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ الْجُزْءِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ بِ (كَيْلٍ) كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ زَرْعٍ لِزَيْدٍ (فَعَلَى الْمَيِّتِ) النَّفَقَةُ مِنْ ثُلُثِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْبَابِ ذِكْرُهَا فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَوْ قَبْلَهُ مَاتَ بَعْدَهُ فَعَلَى الْمُوصِي مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ وَمَاتَ قَبْلَهُ فَفِي مَالِهِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ لِمَسَاكِينَ أَوْ لِمُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ كَرُبْعٍ لِمُعَيَّنٍ زَكَّاهَا الْمُعَيَّنُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ بِانْضِمَامٍ لِمَالِهِ وَالْمَسَاكِينُ زُكِّيَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا أُخِذَ مِنْ الزَّكَاةِ. وَلَمَّا كَانَ الْخَرْصُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الْحَزْرُ إنَّمَا يَدْخُلُ فِي الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ دُونَ غَيْرِهِمَا أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ مَعَ بَيَانِ وَقْتِهِ مُشِيرًا لِلْعِلَّةِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ) بِمُثَنَّاةٍ (الْعِنَبُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِثْلُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ إذْ قَالَ إذَا أَعْدَمَ الْبَائِعُ أُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَفِي الْأُمَّهَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَائِعِ شَيْءٌ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُصَدِّقُ وَوَجَدَ الْمُصَدِّقُ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهُ الصَّدَقَةَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ جَائِزًا وَيَتَّبِعُ بِهَا الْبَهَائِمَ إذَا أَيْسَرَ اهـ بِلَفْظِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ أَشْهَبَ وَصَوَّبَهُ سَحْنُونٌ وَالتُّونُسِيُّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا أَيْ قَوْلُ أَشْهَبَ إنْ بَاعَ لِيُخْرِجَ الزَّكَاةَ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مِمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ أُخِذَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَائِمًا اهـ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِثَمَنِ مَا أَدَّى مِنْ زَكَاتِهِ) أَيْ بِثَمَنِ الْقَدْرِ الَّذِي أَدَّاهُ زَكَاةً وَالصَّوَابُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَنُوبُ مَا أَدَّاهُ زَكَاةً مِنْ الثَّمَنِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَتَّبِعْ بِزَكَاتِهِ الْمُشْتَرِيَ) أَيْ فِي الْحَالَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَأُتْبِعَ بِهَا الْبَائِعُ إذَا أَيْسَرَ هَذَا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي مَا إذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ جَائِحَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتْبَعُ بِهَا أَحَدٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يُتَّبَعُ بِهَا الْمُشْتَرِي بَلْ الْبَائِعُ إذَا أَيْسَرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ يَكُونُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا تَتَّبِعُ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِهَا لِسُقُوطِهَا بِالْجَائِحَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ وعبق مِنْ أَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّلَفِ بِسَمَاوِيٍّ يُتْبَعُ بِهَا الْبَائِعُ اُنْظُرْ المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِمَا أَتْلَفَهُ. (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ وَالتَّمْرِ الْمُوصَى بِهِ) أَيْ عَلَى الْجُزْءِ الْمُوصَى بِهِ مِنْ الزَّرْعِ فَالْمُرَادُ بِالزَّرْعِ الْمُوصَى بِهِ الْجُزْءُ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ الْوَصِيَّةُ لَا الزَّرْعُ الَّذِي وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ فَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ زَرْعِهِ أَوْ ثَمَرِهِ قَبْلَ الطِّيبِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ تَكُونُ لَازِمَةً لِزَيْدٍ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْجُزْءَ وَلَهُ فِيهِ النَّظَرُ وَالتَّصَرُّفُ الْعَامُّ فَصَارَ شَرِيكًا (قَوْلُهُ وَدَخَلَ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى جُزْءِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) أَيْ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ بِكَيْلٍ وَالْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ بِجُزْءٍ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَيِّتِ كَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ) أَيْ عَنْ زَكَاةِ الْوَصِيَّةِ هَلْ تَكُونُ لَازِمَةً لِلْمُوصِي أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَكَلَّمَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ زَكَاتِهَا. (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُوصِي) أَيْ فَزَكَاةُ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْمُوصِي فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ بِكَيْلٍ أَوْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَأَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ بِرُبْعِ زَرْعِي أَوْ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُ فَفِي مَالِهِ أَيْضًا هَذَا مُشْكِلٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا مَرَّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالزَّكَاةِ وَصِيَّةٌ وَهُنَا أَوْصَى بِهَا (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ لِمَسَاكِينَ أَوْ لِمُعَيَّنٍ) كَأَوْصَيْتُ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ كَرُبْعٍ لِمُعَيَّنٍ) أَيْ كَأَوْصَيْتُ بِرُبْعِ زَرْعِي لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ وَلِمَسَاكِينَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَزُكِّيَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَسَاكِينِ يَخُصُّهُ مُدٌّ وَاحِدٌ لِأَنَّهُمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَرْجِعُ) أَيْ الْمَسَاكِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَقَوْلُهُ بِمَا أُخِذَ أَيْ بِمَا أَدُّوهُ مِنْ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَزْرُ) أَيْ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنْ الْبَلَحِ تَمْرًا وَأَمَّا الْخِرْصُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ الشَّيْءُ الْمُقَدَّرُ (قَوْلُهُ مُشِيرًا لِلْعِلَّةِ) أَيْ وَهِيَ الِاحْتِيَاجُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يُحَرَّرُ الثَّمَرُ وَالْعِنَبُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ لِيُعْلَمَ هَلْ مِنْهُ نِصَابٌ أَمْ لَا إذَا حَلَّ بَيْعُهُ وَاحْتَاجَ أَهْلُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ

سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُمَا الْجَفَافَ أَوْ لَا كَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا (إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا) بِبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا وَأَشَارَ لِعِلَّةِ التَّخْرِيصِ بِجَعْلِهَا شَرْطًا لِتَوَقُّفِ الْمَعْلُولِ عَلَى عِلَّتِهِ كَتَوَقُّفِ الْمَشْرُوطِ عَلَى شَرْطٍ بِقَوْلِهِ (وَاخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا) لِأَكْلٍ وَبَيْعٍ وَإِهْدَاءٍ وَتَبْقِيَةِ بَعْضٍ لِيَعْلَمَ بِالْخَرْصِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا لَا تَجِبُ وَقَدْرَ الْوَاجِبِ يَعْنِي إنَّمَا خَصَّ الشَّارِعُ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ بِالْخَرْصِ دُونَ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ شَأْنَهُمَا اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ هُنَا مُجَرَّدُ الْحَاجَةِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ لِاحْتِيَاجِ أَهْلِهِمَا وَهَذَا تَعْلِيلٌ بِالشَّأْنِ وَالْمَظِنَّةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ التَّخْرِيصُ عَلَى وُجُودِهَا بِالْفِعْلِ (نَخْلَةً نَخْلَةً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِهِ بِمُفَصِّلًا مِثْلِ بَابًا بَابًا أَيْ أَنَّهُ يَحْزِرُ كُلَّ نَخْلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ فِي التَّخْرِيصِ مَا لَمْ تَتَّحِدْ فِي الْجَفَافِ وَإِلَّا جَازَ جَمْعُ أَكْثَرِ مِنْ نَخْلَةٍ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا يَصِيرُ تَمْرًا لِأَنَّهُ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ تَمْرًا لَا يُخْرَصُ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فَفِي تَخْرِيصِهِ حِينَئِذٍ انْتِقَالٌ مِنْ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ وَقَدْ يُمْنَعُ ضَبْطُهُ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ بَلْ يُضْبَطُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَيَكُونُ مِنْ إطْلَاقِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ وَهُوَ تَمْرُ النَّخْلِ وَاعْتُرِضَ الْحَصْرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالشَّعِيرِ الْأَخْضَرِ إذَا أَفْرَكَ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ وَبِالْفُولِ الْأَخْضَرِ وَالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخْرَصُ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ فِي زَمَنِ الْمَسْغَبَةِ أَوْ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَصْرَ مُنْصَبٌّ عَلَى أَوَّلِ شُرُوطِهِ قَالَ طفى وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لَا وُرُودَ لَهُ أَصْلًا لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي هَذِهِ تَحَرِّي مِقْدَارَ مَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ التَّخْرِيصَ لِأَنَّ التَّخْرِيصَ حَرْزُ الشَّيْءِ عَلَى أُصُولِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْفُولِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ فَإِنَّهُ يُحْرَزُ مَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ مِنْهُ وَهَذَا غَيْرُ التَّخْرِيصِ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ هُنَا إذْ فَرْقٌ بَيْنَ إحْصَاءِ مَا أُكِلَ بِالتَّحَرِّي أَيْ بِالْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ وَبَيْنَ حَزْرِ الشَّيْءِ بَاقِيًا عَلَى أُصُولِهِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُمَا الْجَفَافُ أَمْ لَا) هَذَا التَّعْمِيمُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الثَّمَرَ الَّذِي لَوْ بَقِيَ يَتَتَمَّرُ بِالْفِعْلِ وَالْعِنَبَ الَّذِي يَتَزَبَّبُ بِالْفِعْلِ أَنْ لَوْ بَقِيَ فَخَرَجَ بَلَحُ مِصْرَ وَعِنَبُهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيصِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ مِنْ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ لِتَوَقُّفِ زَكَاتِهِمَا عَلَى تَخْرِيصِهِمَا مِنْ حِلِّ بَيْعِهِمَا اهـ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَخَرَجَ إلَخْ أَنَّ مَا ذُكِرَ خَارِجٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِحَاجَةِ الْأَهْلِ لِلتَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ لَا رَدَّ هَذَا طفى بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ وَلِمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ وَقَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيصِهِمَا غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا لِأَنَّ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ أَهْلُهُمَا لِلْأَكْلِ مَثَلًا يُسْتَغْنَى عَنْ تَخْرِيصِهِمَا بِإِحْصَاءِ الْكَيْلِ فِي الرُّطَبِ وَالْوَزْنِ فِي الْعِنَبِ بَعْدَ الْجَذِّ وَتَقْدِيرِ جَفَافِ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْصَاءِ الْمَذْكُورِ فَاَلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ تَقْدِيرُ جَفَافِهِمَا وَفَرْقٌ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْجَفَافِ وَالتَّخْرِيصِ فَالزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ لَا يُخْرَصُ وَيُقَدَّرُ جَفَافُهُ فَعِنَبُ مِصْرَ وَرُطَبُهَا إنْ خُرِصَا فَعَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُخْرَصَا كِيلَا ثُمَّ قُدِّرَ جَفَافُهُمَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَكَّ فِيمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَفِيمَا لَا يَتَزَبَّبُ هَلْ يَبْلُغُ النِّصَابَ أَمْ لَا أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ بُلُوغُهُ النِّصَابَ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ جَفَافٍ أَصْلًا لِأَنَّ الْمُزَكَّى حِينَئِذٍ ثَمَنُهُ كَمَا مَرَّ اهـ كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِنَبَ وَالتَّمْرَ مُطْلَقًا إنْ احْتَاجَ أَهْلُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ خُرِصَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ فَاَلَّذِي يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ يُنْتَظَرُ جَفَافُهُ وَتُخْرَجُ زَكَاتُهُ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ يُنْتَظَرُ جَذُّهُمَا أَوْ يُكَالُ الْبَلَحُ وَيُوزَنُ الْعِنَبُ ثُمَّ يُقَدَّرُ جَفَافُهُمَا هَذَا إذَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ يَبْلُغُ نِصَابًا أَمْ لَا، أَمَّا مَا تَحَقَّقَ بُلُوغَهُ النِّصَابَ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ جَفَافٍ أَصْلًا. (قَوْلُهُ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا بِبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا) أَيْ وَلَا يَكْفِي هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ مِنْ بُدُوِّ صَلَاحِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ لِيُعْلَمَ بِالْخَرْصِ إلَخْ) أَيْ إنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا لِيُعْلَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ الزَّيْتُونِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَالشَّعِيرِ إذَا أُكِلَ أَخْضَرَ فَهَذِهِ وَإِنْ كَانَ يَجِبُ بِالتَّحَرِّي مَا أُكِلَ مِنْهَا لَكِنَّهَا لَا تُخْرَصُ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ أَطْلَقَ الْمَلْزُومَ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَأَرَادَ لَازِمَهُ وَهُوَ الْوُجُودُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِاخْتِلَافِ الْوُجُودُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ) أَيْ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ يُخْرَصُ أَيْ إنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُفَصَّلًا نَخْلَةً نَخْلَةً (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّهُ يَحْزِرُ كُلَّ نَخْلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا) أَيْ وَلَا يَجْمَعُ الْخَارِصُ الْحَائِطَ فِي الْحَزْرِ وَلَا يُجَزِّئُهُ أَرْبَاعًا أَوْ أَثْلَاثًا مَثَلًا وَيَحْزِرُ كُلَّ رُبْعٍ أَوْ ثُلُثٍ عَلَى حِدَتِهِ وَكَذَا لَا يَجْمَعُ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ كَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ مَثَلًا وَلَوْ عَلِمَ مَا فِيهَا جُمْلَةً هَذَا إذَا اخْتَلَفَتْ فِي الْجَفَافِ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اتَّحَدَتْ فِي الْجَفَافِ جَازَ جَمْعُهَا فِي الْخَرْصِ وَلَوْ كَانَتْ عَشَرَةً وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُهَا فَفِي مَفْهُومِ نَخْلَةٍ تَفْصِيلٌ بَيْنَ تَخْرِيصِ الْحَائِطِ كُلِّهِ وَجُمْلَةٍ مِنْ النَّخْلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَا لَمْ تَتَّحِدْ أَيْ النَّخَلَاتُ الْمَجْمُوعُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ جَمْعُ أَكْثَرِ مِنْ نَخْلَةٍ

(بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا) أَيْ مَا تَنْقُصُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْجَفَافِ لِتَسْقُطَ زَكَاتُهُ (وَلَا سَقَطُهَا) أَيْ السَّاقِطُ بِالْهَوَاءِ وَمَا يَأْكُلُهُ الطَّيْرُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمَالِكِ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ لَكِنْ إنْ حَصَلَ بَعْدَ التَّخْرِيصِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ وَيُنْظَرُ لِلْبَاقِي كَمَا سَيَقُولُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اُعْتُبِرَتْ. (وَكَفَى الْخَارِصُ الْوَاحِدُ) إنْ كَانَ عَدْلًا عَارِفًا لِأَنَّهُ حَاكِمٌ فَلَا يَتَعَدَّدُ (وَإِنْ) تَعَدَّدُوا (اخْتَلَفُوا فَالْأَعْرَفُ) مِنْهُمْ هُوَ الْمَعْمُولُ بِقَوْلِهِ إنْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ (وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِمْ أَعْرَفُ بَلْ اسْتَوَوْا (فَمِنْ) قَوْلِ (كُلٍّ) يُؤْخَذُ (جُزْءٌ) بِنِسْبَةِ عَدَدِهِمْ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أُخِذَ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ الثُّلُثُ وَأَرْبَعَةً الرُّبْعُ وَهَكَذَا فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَالَ أَحَدُهُمْ عَشَرَةٌ وَالثَّانِي تِسْعَةٌ وَالثَّالِثُ ثَمَانِيَةٌ زُكِّيَ عَنْ تِسْعَةٍ. (وَإِنْ أَصَابَتْهُ) أَيْ الْمُخَرَّصَ (جَائِحَةٌ) قَبْلَ إجْذَاذِهِ (اُعْتُبِرَتْ) فِي جَانِبِ السُّقُوطِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا. (وَإِنْ زَادَتْ) الثَّمَرَةُ بَعْدَ جَذَاذِهَا (عَلَى تَخْرِيصِ) عَدْلٍ (عَارِفٍ فَالْأَحَبُّ) كَمَا قَالَ الْإِمَامُ (الْإِخْرَاجُ) عَمَّا زَادَ لِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخُرَّاصِ الْيَوْمَ (وَهَلْ) الْأَحَبُّ (عَلَى ظَاهِرِهِ) مِنْ النَّدْبِ (أَوْ) مَحْمُولٌ عَلَى (الْوُجُوبِ) وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ وَالْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ) فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ تَخْرِيجِهِ فَيُعْمَلُ بِالتَّخْرِيصِ لَا بِمَا وَجَدْت لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْ أَهْلِ الثَّمَرَةِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ (وَأَخَذَ) لَوْ أَحَبَّ (مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ) طَيِّبًا كُلُّهُ أَوْ رَدِيئًا أَوْ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ نَوْعًا كَانَ أَوْ نَوْعَيْنِ أَوْ أَنْوَاعًا وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ لَا مِنْ الْوَسَطِ (كَالتَّمْرِ نَوْعًا) فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ أَيْ الْحَزْرِ (قَوْلُهُ بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا) أَيْ مُصَوِّرًا ذَلِكَ التَّخْرِيصَ بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا إلَخْ يَعْنِي أَنَّ الْخَارِصَ يُسْقِطُ بِاجْتِهَادِهِ مَا يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ إذَا جَفَّ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ يَنْقُصُ مِنْهُ بِفِعْلِ ذَلِكَ فِي كُلِّ نَخْلَةٍ بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ النَّخْلَةُ عَلَيْهَا مِنْ الْبَلَحِ وَالْعِنَبِ وَسْقٌ لَكِنَّهُ إذَا جَفَّ وَصَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا نَقَصَ ثُلُثُهُ وَصَارَ الْبَاقِي ثُلُثَيْ وَسْقٍ وَهَكَذَا وَأَمَّا مَا يَرْمِيهِ الْهَوَاءُ أَوْ يَأْكُلُهُ الطَّيْرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ لِأَجْلِهِ شَيْئًا تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ وَيَنْظُرُ لِلْبَاقِي) أَيْ فَإِنْ بَقِيَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْحَائِطِ حَيْفَ الْخَارِصِ وَأَتَى بِخَارِصٍ آخَرَ لَمْ يُوَافِقْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْخَارِصَ حَاكِمٌ (قَوْلُهُ زَكَّى عَنْ تِسْعَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا ثُلُثُ مَجْمُوعِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّك إنْ لَمْ تَجْمَعْ الْعَشَرَةَ وَالتِّسْعَةَ وَالثَّمَانِيَةَ يَكُنْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ تَأْخُذُ ثُلُثَهَا يَكُنْ تِسْعَةً وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَالَ أَحَدُهُمْ سِتَّةٌ وَقَالَ الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ وَقَالَ الثَّالِثُ عَشَرَةٌ زَكَّى عَنْ ثَمَانِيَةٍ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ مَجْمُوعُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ إلَخْ) حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْعُمُومِ أَيْ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ ثُمَّ أُجِيحَ وَعَلَى مَا لَمْ يُبَعْ أَصْلًا وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بَعْدَ الطَّيِّبِ ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ سَقَطَ عَنْ الْبَائِعِ زَكَاةُ مَا أُجِيحَ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَنَظَرَا لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَتْ دُونَ الثُّلُثِ زَكَّى جَمِيعَ مَا بَاعَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَهَا دُونَ النِّصَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَائِحَةَ الَّتِي لَا تُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي لَا تُوضَعُ عَنْ الْبَائِعِ فِي الزَّكَاةِ وَمَا تُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي تُوضَعُ عَنْ الْبَائِعِ زَكَاتُهَا وَالْحَلُّ الثَّانِي أَوْلَى لِأَنَّ الْحَلَّ الْأَوَّلَ يُؤَدِّي إلَى نَوْعِ تَكْرَارٍ مَعَ مُفَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ فَتْوَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَرْجِعْ بِالْفِعْلِ فَكَأَنَّهُ قَدْ وَهَبَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي مَلَكَ الرُّجُوعَ بِهِ وَالتَّعْلِيلُ الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ يُوَافِقُهُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. (قَوْلُهُ عَلَى تَخْرِيصِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ عَارِفٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا عَمِلَ عَلَى مَا تَبَيَّنَّ أَيْ فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عَمَّا زَادَ اتِّفَاقًا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ النَّدْبِ) أَيْ لِتَعْلِيلِ الْإِمَامِ بِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخَرَّاصِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوبِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى إصَابَةِ الْخَرَّاصِ وَلَا إلَى خَطَئِهِمْ وَهَذَا تَأْوِيلُ عِيَاضٍ وَابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ تَخْرِيصَ الْمُخَرِّصِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ خَطَأٌ (قَوْلُهُ وَأُخِذَ الْوَاجِبُ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ) يَعْنِي أَنَّ الْحَبَّ إذَا اجْتَمَعَ مِنْ أَنْوَاعِهِ نِصَابٌ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقَدْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَبُّ نَوْعًا وَاحِدًا كَالْقَمْحِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَيِّدًا كَانَ أَوْ رَدِيئًا أَوْ وَسَطًا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ نَوْعَيْنِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ فَمِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الْوَسَطَ عَنْ الطَّرَفَيْنِ نَعَمْ إنْ أَطَاعَ بِإِخْرَاجِ النَّوْعِ الْأَعْلَى عَنْ النَّوْعِ الْأَدْنَى أَجْزَأَهُ حَيْثُ كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا وَأَمَّا إنْ أَخْرَجَ النَّوْعَ الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى فَلَا يُجْزِئُ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ جِنْسٍ عَنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ النَّوْعُ الْمُخْرَجُ أَعْلَى مِنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ كَأُرْزٍ عَنْ عَدَسٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ طَيِّبًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ طَيِّبًا إلَخْ (قَوْلُهُ كَالتَّمْرِ نَوْعًا إلَخْ) أَرَادَ بِالنَّوْعِ الصِّنْفَ لِأَنَّ التَّمْرَ نَوْعٌ تَحْتَهُ أَصْنَافٌ: بَرْنِيُّ وَصَيْحَانِيٌّ وَعَجْوَةٌ؛ فَقَوْلُهُ نَوْعًا أَيْ بِأَنْ كَانَ بَرْنِيًّا وَقَوْلُهُ أَوْ نَوْعَيْنِ أَيْ صِنْفَيْنِ مِثْلَ بَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيٍّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالتَّمْرِ نَوْعًا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ أَعْلَى التَّمْرِ أَوْ مِنْ أَدْنَاهُ أُخِذَ

[زكاة النقد]

(أَوْ نَوْعَيْنِ) يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحِسَابِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعَيْنِ (فَمِنْ أَوْسَطِهَا) أَيْ الْأَنْوَاعِ يُؤْخَذُ الْوَاجِبُ قِيَاسًا عَلَى الْمَوَاشِي وَلِكَثْرَةِ أَنْوَاعِ التَّمْرِ فَلَوْ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ أَدَّى لِلْمَشَقَّةِ وَالزَّبِيبُ كَالتَّمْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ زَكَاةِ النَّوْعِ الثَّالِثِ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ النَّقْدُ فَقَالَ (وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ) فَأَكْثَرَ وَهِيَ بِدَرَاهِمِ مِصْرَ لِكِبَرِهَا مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ وَنِصْفٌ وَثُمُنُ دِرْهَمٍ (أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا) شَرْعِيَّةً (فَأَكْثَرَ) فَلَا وَقَصَ فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ (أَوْ مُجَمَّعٍ مِنْهُمَا) كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ يُقَابِلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَهُوَ مُرَادُهُ (بِالْجُزْءِ) أَيْ التَّجْزِئَةِ وَالْمُقَابَلَةِ لَا بِالْجُودَةِ والرَّدَاءَةِ وَالْقِيمَةِ فَلَا زَكَاةَ فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةِ دَنَانِيرَ لِجَوْدَتِهَا قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ (رُبْعُ الْعُشْرِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَشْعَرَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْفُلُوسِ النُّحَاسِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَإِنْ) كَانَ كُلٌّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (لِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ) لِأَنَّ الْخِطَابَ بِهَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْوَصِيِّ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ لَا بِمَذْهَبِ أَبِيهِ وَلَا بِمَذْهَبِ الطِّفْلِ. (أَوْ) وَإِنْ (نَقَصَتْ) الْعَيْنُ فِي الْوَزْنِ نَقْصًا لَا يَحُطُّهَا عَنْ الرَّوَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ وَأَلْحَقَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الصِّنْفَيْنِ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعُ التَّمْرِ عَلَى صِنْفَيْنِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقِسْطِهِ. (قَوْلُهُ كَالتَّمْرِ) تَشْبِيهٌ فِيمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ كَالتَّمْرِ حَالَةَ كَوْنِهِ نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعَيْنِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ اخْتَلَفَ نَوْعُ التَّمْرِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ صِنْفَيْنِ وَقَوْلُهُ فَمِنْ أَوْسَطِهَا أَيْ فَيُؤْخَذُ الْوَاجِبُ مِنْ أَوْسَطِ الْأَصْنَافِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَجْنَاسٌ مِنْ التَّمْرِ أُخِذَ مِنْ أَوْسَطِهَا وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَاسِ فِي كَلَامِهَا الْأَصْنَافُ وَالْحَاصِلُ إنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ أَصْنَافُ حَبٍّ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ قِسْطُهُ كَالتَّمْرِ إذَا كَانَ صِنْفًا أَوْ صِنْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُمَا لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَوْسَطِ تِلْكَ الْأَصْنَافِ (قَوْلُهُ قِيَاسًا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّمْرِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّوْعَيْنِ. [زَكَاةُ النَّقْد] (قَوْلُهُ وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ قَدْرَهُ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ (قَوْلُهُ أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا) قَدْرُهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ (قَوْلُهُ فَأَكْثَرَ) عَطْفٌ عَلَى مِائَتَيْ فَيَكُونُ حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ أَوْ عَطَفَ عَلَى عِشْرِينَ فَحَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَهَذَا أَوْلَى لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ فَلَا وَقَصَ فِي الْعَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ لَا شَيْءَ فِي الزَّائِدِ عَنْ النِّصَابِ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فِي الذَّهَبِ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فِي الْفِضَّةِ وَقَوْلُهُ كَالْحَرْثِ أَيْ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ لَمَّا كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَى كَثْرَةِ كُلْفَةٍ خُفِّفَ عَنْ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الْحَرْثِ فَكُلْفَتُهُ يَسِيرَةٌ وَالْعَيْنُ كَذَلِكَ (فَائِدَةٌ) لَا زَكَاةَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمْ وَدَائِعُ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِنَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ التَّجْزِئَةُ وَالْمُقَابَلَةُ) بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ دِينَارٍ فِي مُقَابَلَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ لَا بِالْجُودَةِ) أَيْ لَا الْجَمْعُ مِنْهُمَا بِالْجُودَةِ (قَوْلُهُ وَالْقِيمَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيمَةَ تَابِعَةٌ لِلْجُودَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَالِالْتِفَاتُ لِأَحَدِهِمَا الْتِفَاتٌ لِلْآخَرِ فَالْعَطْفُ كَالتَّفْسِيرِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِمَا وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي إخْرَاجِهَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَلَدُ أَوْ الْمَجْنُونُ بِنَقْصِ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا يَمِينٍ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْوَصِيِّ) أَيْ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَنُوطٌ بِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا بِمَذْهَبِ أَبِيهِ) أَيْ أَبِي الطِّفْلِ لِمَوْتِهِ وَانْتِقَالِ الْمَالِ عَنْهُ وَلَا بِمَذْهَبِ الطِّفْلِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا فَلَا يُزَكِّيهَا الْوَصِيُّ إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ يَرَى سُقُوطَهَا عَنْ الطِّفْلِ كَالْحَنَفِيِّ وَإِلَّا أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ فِيهَا لَكِنْ كَانَ مَالِكِيًّا فَقَطْ أَوْ كَانَ فِيهَا مَالِكِيٌّ وَحَنَفِيٌّ وَخَفِيَ أَمْرُ الصَّبِيِّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيِّ وَإِلَّا رَفَعَ الْوَصِيُّ فِيهَا الْأَمْرَ لِلْمَالِكِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا حَنَفِيٌّ أَخْرَجَهَا الْوَصِيُّ الْمَالِكِيُّ إنْ خَفِيَ أَمْرُ الصَّبِيِّ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَإِلَّا تُرِكَ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِالْمَذْهَبِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى الْوُجُوبَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي وَإِنْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى السُّقُوطَ سَقَطَتْ عَنْهُ فِي الْمَاضِي وَانْظُرْ إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْوَصِيِّ الْوُجُوبَ وَلَمْ يَخْرُجْهَا حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ وَمَذْهَبُهُ سُقُوطُهَا وَانْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ فَهَلْ تُؤْخَذُ عَنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ مِنْ الْمَالِ أَوْ تُؤْخَذُ مِنْ الْوَصِيِّ أَوْ تَسْقُطُ وَانْظُرْ فِي عَكْسِهِ أَيْضًا وَهُوَ مَا لَوْ كَانَ مَذْهَبُ الْوَصِيِّ عَدَمَ وُجُوبِهَا وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَقَلَّدَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا هَلْ تُؤْخَذُ مِنْ الْمَالِ أَوْ تَسْقُطُ اهـ عج قَالَ بْن وَكُلٌّ مِنْ النَّظَرَيْنِ قُصُورٌ وَالنَّقْلُ اعْتِبَارُ مَذْهَبِ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَيْثُ لَمْ يُخْرِجْهَا وَصِيُّهُ قَبْلَهُ فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ قَالَ بِسُقُوطِهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْوَصِيِّ وَإِنْ قَلَّدَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فِي الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَإِنْ نَقَصَتْ الْعَيْنُ) أَيْ الَّتِي هِيَ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عِشْرُونَ دِينَارٍ أَوْ قَوْلُهُ فِي الْوَزْنِ أَيْ لَا فِي الْعَدَدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الرَّوَاجِ كَكَامِلَةٍ إنَّمَا هُوَ فِي نَاقِصَةِ الْوَزْنِ وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ فِي الْعَدَدِ كَمُلَتْ فِي الْوَزْنِ كَالْمَجُورِ زُكِّيَتْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا أَوْ عَدَدًا فَإِنْ نَقَصَتْ فِي الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ

كَحَبَّةٍ أَوْ حَبَّتَيْنِ (أَوْ) نَقَصَتْ فِي الصِّفَةِ (بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ) مِنْ مَعْدِنِهَا (أَوْ) نَقَصَتْ فِي الْوَاقِعِ بِسَبَبِ كَمَالِهَا فِي الظَّاهِرِ بِ (إضَافَةٍ) مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ وَهِيَ الْمَغْشُوشَةُ (وَرَاجَتْ) كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ نَاقِصَةِ الْوَزْنِ وَمِنْ الْمُضَافَةِ فِي التَّعَامُلِ (كَكَامِلَةٍ) فَتَجِبُ الزَّكَاةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَرُجْ كَالْكَامِلَةِ (حُسِبَ الْخَالِصُ) عَلَى تَقْدِيرِ التَّصْفِيَةِ فِي الْمُضَافَةِ فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا قَطْعًا كَعِشْرِينَ دِينَارًا وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ حَتَّى يَكْمُلَ النِّصَابُ بِأَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ مِنْهَا وَأَمَّا رَدِيئَةُ الْمَعْدِنِ الْكَامِلَةِ وَزْنًا فَالزَّكَاةُ فِيهَا قَطْعًا وَإِنْ لَمْ تَرُجْ وَلَا يُعْقَلُ فِيهَا خُلُوصٌ إذْ لَيْسَ فِيهَا دَخِيلٌ حَتَّى تَخْلُصَ مِنْهُ فَقَوْلُهُ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حُسِبَ الْخَالِصُ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ. وَأَشَارَ لِشَرْطِ وُجُوبِهَا فِي الْعَيْنِ بِقَوْلِهِ (إنْ تَمَّ الْمِلْكُ) وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ الْمِلْكِ وَتَمَامِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى غَاصِبٍ وَمُلْتَقِطٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَلَا عَلَى عَبْدٍ وَمَدِينٍ لِعَدَمِ تَمَامِهِ (وَ) تَمَّ (حَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ) وَالرِّكَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا زَكَاةَ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا فَكَنَاقِصَةِ الْوَزْنِ إنْ رَاجَتْ كَكَامِلَةٍ زُكِّيَتْ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ كَحَبَّةٍ أَوْ حَبَّتَيْنِ) أَيْ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ مِنْ النِّصَابِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ إذَا كَانَ كُلُّ دِينَارٍ نَاقِصًا حَبَّةً أَوْ حَبَّتَيْنِ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا أَوْ وَزْنًا بِشَرْطِ رَوَاجِهَا رَوَاجَ الْكَامِلَةِ بِأَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ الَّتِي تُشْتَرَى بِدِينَارٍ كَامِلٍ تُشْتَرَى بِذَلِكَ الدِّينَارِ النَّاقِصِ لِاتِّحَادِ صَرْفِهِمَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّاقِصَةِ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْمُضَافَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا يُشْتَرَى بِهِ السِّلْعَةُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الصَّرْفُ وَقَوْلُهُ كَحَبَّةٍ أَوْ حَبَّتَيْنِ أَيْ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَالْمَدَارُ عَلَى الرَّوَاجِ كَرَوَاجِ الْكَامِلَةِ قَلَّ نَقْصُ الْوَزْنُ أَوْ كَثُرَ كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَارْتَضَاهُ طفى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الدَّنَانِيرَ إذَا نَقَصَتْ فِي الْوَزْنِ فَقَطْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا أَوْ عَدَدًا إنْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ زُكِّيَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَقَيَّدَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وتت وَتَبِعَهُمَا شَارِحُنَا وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِكَوْنِ النَّقْصِ قَلِيلًا وَإِلَّا سَقَطَتْ وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَقَلَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ قَالَ وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا قَلَّ النَّقْصُ أَوْ كَثُرَ قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا ارْتَضَاهُ طفى مَنْ حَمْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي النَّقْصِ اعْتِمَادًا عَلَى تَشْهِيرِ ابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا عَلِمْت وَقُصُورُهُ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ فَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ وَإِنْ اتَّفَقَتْ الْمَوَازِينُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ الْقَصَّارِ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَوَازِينُ فِي النَّقْصِ وَأَمَّا إذَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْكَثِيرِ اهـ بْن وَقَدْ شَهَرَ فِي الشَّامِلِ الْأَوَّلَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَصَتْ فِي الصِّفَةِ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا دَاعِيَ لِتَقْدِيرِ النَّقْصِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ بَلْ الْمَعْنَى أَوْ كَانَتْ مُلْتَبِسَةً بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ أَوْ إضَافَةِ تَأَمُّلٍ. (قَوْلُهُ مِنْ نَاقِصَةِ الْوَزْنِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَرَاجَتْ إلَخْ رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ وَلَا يَرْجِعُ لِلثَّانِيَةِ أَيْ وَهِيَ النَّاقِصَةُ فِي الصِّفَةِ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا عَدَدُ النِّصَابِ وَلَا تَرُوجُ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ دِينَارٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا لِكَوْنِ النَّقْصِ فِيهَا كَثِيرًا لَا لِكَوْنِهَا لَا تَرُوجُ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَعِشْرِينَ دِينَارًا مِقْصَصَةً كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا نَاقِصٌ قَدْرَ حَبَّةٍ أَوْ حَبَّتَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَا تَرُوجُ كَالْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُعْقَلُ فِيهَا خُلُوصٌ) هَذَا إشَارَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى خش حَيْثُ قَالَ إنَّ الْقَيْدَ وَهُوَ قَوْلُهُ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ رَاجِعٌ لِدَنِيئَةِ الْأَصْلِ أَيْضًا إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ بِالتَّصْفِيَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ بِالتَّصْفِيَةِ زُكِّيَتْ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الْقَيْدِ وَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا إذْ لَا يُعْقَلُ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالتَّصْفِيَةِ إذْ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ دَخِيلٌ كَالْمَغْشُوشَةِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا وَتَخْلُصَ مِنْهُ وَإِنَّمَا مَعْدِنُهَا رَدِيءٌ وَحِينَئِذٍ فَالْقَيْدُ لَيْسَ رَاجِعًا لَهَا. (قَوْلُهُ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ إلَخْ) جَعْلُهُ الْمِلْكَ شَرْطًا طَرِيقَةٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَجَعَلَهُ الْقَرَافِيُّ سَبَبًا قَالَ بَعْضٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ شَرْطُ الْوُجُوبِ الْمَذْكُورِ مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى غَاصِبٍ) قَيَّدَهُ ح بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِمَا يُعَوِّضُهُ بِهِ وَإِلَّا زَكَّاهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ حِينَ غَصَبَهُ فَعَلَى الْغَاصِبِ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ بْن قَالَ بَعْضُهُمْ يُؤْخَذُ مِنْ شَرْطِ تَمَامِ الْمِلْكِ عَدَمُ زَكَاةِ حُلِيِّ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ مِنْ قَنَادِيلَ وَعَلَائِقَ وَصَفَائِحِ أَبْوَابٍ وَصَدَّرَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ قَائِلًا وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُزَكِّيهِ الْإِمَامُ كَالْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْقَرْضِ اهـ عَدَوِيٌّ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي النَّذْرِ أَنَّ نَذْرَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ بَاطِلَةٌ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا فَهُوَ الَّذِي يُزَكِّيهَا لَا خَزَنَةُ الْكَعْبَةِ وَلَا نُظَّارُ الْمَسَاجِدِ وَلَا الْإِمَامُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَمَامِهِ) أَيْ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ وَأَرْبَابِ الدَّيْنِ انْتِزَاعَهُ فَلَهُمْ فِيهِ حَقٌّ.

وَأَمَّا هُمَا فَالزَّكَاةُ بِالْوُجُودِ فِي الرِّكَازِ وَبِإِخْرَاجِهِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ فِي الْمَعْدِنِ كَمَا يَأْتِي (وَتَعَدَّدَتْ) الزَّكَاةُ عَلَى الْمَالِكِ (بِتَعَدُّدِهِ) أَيْ الْحَوْلِ (فِي) عَيْنٍ (مُودَعَةٍ) قَبَضَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى بَعْدَ قَبْضِهَا (وَ) فِي عَيْنٍ (مُتَّجَرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ) وَأَوْلَى بِغَيْرِهِ وَيُزَكِّيهَا وَهِيَ عِنْدَ التَّاجِرِ حَيْثُ عَلِمَ قَدْرَهَا وَكَانَ مُدِيرًا وَلَوْ احْتَكَرَ التَّاجِرُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا صَبَرَ لِعِلْمِهِ (لَا) عَيْنٍ (مَغْصُوبَةٍ) فَلَا تَتَعَدَّدُ الزَّكَاةُ بِتَعَدُّدِ الْأَعْوَامِ وَإِنَّمَا يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ رِبْحَهَا مَعَهَا (وَ) لَا (مَدْفُونَةٍ) بِصَحْرَاءَ أَوْ عُمْرَانٍ ضَلَّ صَاحِبُهَا عَنْهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَتُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ (وَضَائِعَةٍ) سَقَطَتْ مِنْ رَبِّهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَتُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ اُلْتُقِطَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأَمَّا هُمَا فَالزَّكَاةُ بِالْوُجُودِ فِي الرِّكَازِ) كَذَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الرِّكَازَ فِيهِ الْخُمُسُ وَلَيْسَ بِزَكَاةٍ وَأَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ كَمَا يَأْتِي أَيْ إنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُرُورُ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَعْوَامٍ) أَيْ وَلَوْ غَابَ الْمُودَعُ بِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى) أَيْ مُبْتَدِئًا بِالْعَامِ الْأَوَّلِ فَمَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَعَدُّدِ زَكَاةِ الْمُودَعَةِ بِتَعَدُّدِ الْحَوْلِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ زَكَاتِهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا لِعَدَمِ التَّنْمِيَةِ وَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُزَكِّيهَا وَأَنَّهَا إنَّمَا تُزَكَّى بَعْدَ الْقَبْضِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ الْمَالِكَ يُزَكِّيهَا كُلَّ عَامٍ وَقْتَ الْوُجُوبِ مِنْ عِنْدِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمُتَّجِرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ مَالًا لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ وَجَعَلَ لَهُ أُجْرَةً كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةَ أَنْصَافِ فِضَّةٍ مَثَلًا وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى الْمَالِكِ فَيُزَكِّيهِ مِنْ عِنْدِهِ كُلَّ عَامٍ مَضَى عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَ الْعَامِلِ لِأَنَّ تَحْرِيكَ الْعَامِلِ لَهُ كَتَحْرِيكِ رَبِّهِ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ لَكِنْ تَزْكِيَتُهُ كُلَّ عَامٍ وَقْتَ الْوُجُوبِ حَيْثُ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْعَامِلِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ الْأَوَّلُ عِلْمُ الْمَالِكِ بِقَدْرِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ مُدِيرًا فَيَقُومَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مِنْ الْبِضَاعَةِ كُلَّ عَامٍ وَيُزَكِّيَهَا مَعَ مَالِهِ فَإِنْ غَابَ الْعَامِلُ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ الْمَالِ أُخِّرَتْ زَكَاتُهُ إلَى وَقْتِ عِلْمِهِ بِقَدْرِهِ وَيُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُحْتَكِرًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بِغَيْرِهِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَجْرٍ بَلْ يُزَكِّيهَا كُلَّ عَامٍ وَهِيَ عِنْدَ الْعَامِلِ كَانَتْ مَدْفُوعَةً لَهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِدُونِ أَجْرٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ عج مِنْ أَنَّ الْمُتَّجِرَ فِيهَا بِدُونِ أَجْرٍ تَتَعَدَّدُ فِيهَا لَكِنْ إنَّمَا يُزَكِّيهَا بَعْدَ قَبْضِهَا فَغَيْرُ صَوَابٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ) أَيْ مِمَّا مَضَى لَا لِجَمِيعِ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْرِيكِهَا لِنَفْسِهِ فَأَشْبَهَتْ اللُّقَطَةَ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْن شَعْبَانَ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى وَقِيلَ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا كَالْفَوَائِدِ كَمَا فِي بَهْرَامَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يُزَكِّيَهَا كُلَّ سَنَةٍ مِنْ مَالِهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا عِنْدَهُ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَهَذِهِ غَيْرُ زَكَاةِ رَبِّهَا إذَا قَبَضَهَا فَتَحَصَّلَ أَنَّهَا تُزَكَّى زَكَاتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ رَبِّهَا إذَا أَخَذَهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ مِمَّا مَضَى وَالثَّانِيَةُ زَكَاةُ الْغَاصِبِ لَهَا كُلَّ عَامٍ وَلَا يَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَالِكِ بِمَا دَفَعَهُ زَكَاةً عَنْهَا وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ إذَا غُصِبَتْ وَرُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَضَى إلَّا أَنْ تَكُونَ السُّعَاةُ أَخَذُوا زَكَاتَهَا مِنْ الْغَاصِبِ هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ إنَّمَا تُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالْعَيْنِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا النَّخْلَةُ إذَا غُصِبَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ مَعَ ثَمَرَتِهَا فَإِنَّ ثَمَرَتَهَا تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَضَى بِلَا خِلَافٍ إنْ لَمْ يَكُنْ زَكَّاهَا الْغَاصِبُ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ نِصَابًا (قَوْلُهُ وَلَا مَدْفُونَةٍ بِصَحْرَاءَ أَوْ عُمْرَانٍ) أَيْ بِمَوْضِعٍ لَا يُحَاطُ بِهِ أَوْ يُحَاطُ بِهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهَا إذَا دُفِنَتْ بِصَحْرَاءَ أَيْ فِي مَوْضِعٍ لَا يُحَاطُ بِهِ فَهِيَ كَالْمَغْصُوبَةِ تُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ وَإِنْ دُفِنَتْ فِي الْبَيْتِ وَالْمَوْضِعِ الَّذِي يُحَاطُ بِهِ زَكَّاهَا لِكُلِّ عَامٍ وَعَكْسُ هَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ وَزَادَ فِيهِ قَوْلًا رَابِعًا وَهُوَ زَكَاتُهَا لِكُلِّ عَامٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ دُفِنَتْ بِصَحْرَاءَ أَوْ بِبَيْتٍ لَكِنْ الَّذِي نَقَلَهُ بْن عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمَدْفُونَةِ الَّتِي ضَلَّ صَاحِبُهَا عَنْهَا أَعْوَامًا ثُمَّ وَجَدَهَا يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ إذَا دُفِنَتْ بِمَحَلٍّ لَا يُحَاطُ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ يُحَاطُ بِهِ ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَنْ ضَلَّ عَنْهَا أَعْوَامًا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ اتِّفَاقًا، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ اتِّفَاقُ طَرِيقَةٍ إذْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ طَرِيقَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ ضَلَّ صَاحِبُهَا عَنْهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِمَحَلِّهَا وَتَرَكَهَا مَدْفُونَةً اخْتِيَارًا فَإِنَّهَا

مَا لَمْ يَنْوِ الْمُلْتَقَطُ تَمَلُّكَهَا ثُمَّ يَمُرُّ عَلَيْهَا عَامٌ مِنْ يَوْمِ نَوَى التَّمَلُّكَ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَتَسْقُطُ عَنْ رَبِّهَا (وَ) لَا فِي عَيْنٍ (مَدْفُوعَةٍ) قِرَاضًا (عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ) عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ مِنْهَا فَيُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا وَإِلَّا فَلِكُلِّ عَامٍ مَعَ مَا بِيَدِهِ حَيْثُ عَلِمَ بَقَاءَهَا فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّهَا فَهُوَ قَوْلُهُ وَمُتَّجَرٌ فِيهَا بِأَجْرٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ إلَخْ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي الْمُصَنِّفِ إلَّا إنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْقِرَاضِ إلَى الْقَرْضِ. (وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ) وَأَقَامَتْ أَعْوَامًا (إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ وَ (لَمْ تُوقَفْ) أَيْ لَمْ يُوقِفْهَا حَاكِمٌ لِلْوَارِثِ عِنْدَ أَمِينٍ (إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ) يَمْضِي (بَعْدَ قَسْمِهَا) بَيْنَ الْوَرَثَةِ إنْ تَعَدَّدُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQتُزَكَّى لِسَائِرِ الْأَعْوَامِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْوِ الْمُلْتَقِطُ تَمَلُّكَهَا) أَيْ بَلْ نَوَى حَبْسَهَا لِرَبِّهَا أَوْ التَّصَدُّقَ عَنْهُ بِهَا وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) أَيْ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَتِهَا وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهَا) وَأَمَّا الْعَامِلُ فَيَسْتَقْبِلُ بِالرِّبْحِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا) وَإِلَّا فَلِكُلِّ عَامٍ هَكَذَا فِي السَّمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ح وَالْمَوَّاقُ وَبِهِ اعْتَرَضَ طفى وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسَاوِيَةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مُتَّجِرٌ فِيهَا بِأَجْرٍ فِي أَنَّ الْمُدِيرَ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِيقِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَهُمَا اهـ قَالَ بْن قُلْت بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَدْفُوعَةَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا حَالُ الْعَامِلِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ بَلْ هِيَ كَالدَّيْنِ إنْ كَانَ رَبُّهَا مُدِيرًا زَكَّاهَا الْعَامِلُ عَلَى حُكْمِ الْإِدَارَةِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّاهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ عَلَى حُكْمِ الِاحْتِكَارِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ السَّابِقَةِ فَيُرَاعَى فِيهَا كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ فَإِنْ احْتَكَرَ الْعَامِلُ وَأَدَارَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ تَسَاوَيَا أَوْ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ أَكْثَرَ فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ إلَخْ وَإِنْ احْتَكَرَا أَوْ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ وَإِنَّمَا رُوعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكِيلُهُ فَشِرَاؤُهُ كَشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ اهـ كَلَامُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يُزَكِّيهِ الْمُدِيرُ كُلَّ عَامٍ هُوَ دَيْنُ التَّجْرِ كَمَا يَأْتِي وَحَيْثُ كَانَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ فَهُوَ كَالْقَرْضِ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُزَكَّى إلَّا لِعَامٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ مُدِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ التَّوْضِيحِ لَكِنَّهُ خِلَافُ السَّمَاعِ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ مِنْ أَنَّهُ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ حَيْثُ عَلِمَ بَقَاءَهَا) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يَعْلَمَ فَإِنْ عَلِمَ زَكَّاهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَامِلِ) أَيْ وَإِنْ دُفِعَتْ لِلْعَامِلِ يَتَّجِرُ فِيهَا وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً وَشُرِطَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ أَنَّ رَبَّهَا يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ فِي صُورَةِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَى الْعَامِلِ يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يُزَكِّيَ تِلْكَ الْعَيْنَ كُلَّ عَامٍ مِنْ عِنْدِهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يُسَاوِيهَا لِتَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ كَالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي صُورَةِ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَلَا يُزَكِّيهَا الْعَامِلُ أَصْلًا وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يُقَابِلُهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ وَإِنَّمَا يُزَكِّيهَا رَبُّهَا لِعَامٍ بَعْدَ قَبْضِهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ إلَى الْقَرْضِ) أَيْ فَصَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَدَيْنُ الْقَرْضِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُدِيرُ وَالْمُحْتَكِرُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُزَكِّيهِ لِعَامٍ بَعْدَ قَبْضِهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَأَقَامَتْ أَعْوَامًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْوَارِثُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ إنْ انْتَفَى عِلْمُ الْوَارِثِ بِهَا وَانْتَفَى إيقَافُهَا عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْوَاوِ) إنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ أَوْ عَلَى حَالِهَا لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ عَلَى مَعْنَاهَا لَزِمَ عَلَيْهِ خَلَلٌ إذْ مَنْطُوقُ الْأَوَّلِ يُخَالِفُ مَفْهُومَ الثَّانِي وَمَنْطُوقُ الثَّانِي يُخَالِفُ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ إذْ مَنْطُوقُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا زَكَاةَ لِمَا مَضَى وَظَاهِرُهُ وَقَفَتْ أَمْ لَا وَمَنْطُوقُ الشَّرْطِ الثَّانِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تُوقَفْ فَلَا زَكَاةَ لِمَا مَضَى وَظَاهِرُهُ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا وَمَفْهُومُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهَا زُكِّيَتْ لِمَا مَضَى وُقِفَتْ أَمْ لَا وَمَفْهُومُ الثَّانِي أَنَّهَا إذَا وُقِفَتْ زُكِّيَتْ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا فَمَنْطُوقُ الْأَوَّلِ يُخَالِفُ مَفْهُومَ الثَّانِي وَمَنْطُوقُ الثَّانِي يُخَالِفُ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ، كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا تَخَالُفَ وَلَا تَدَافُعَ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ أَحَدِهِمَا فَيَصْدُقُ مَنْطُوقُهُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ نَفْيُ الْعِلْمِ دُونَ الْإِيقَافِ وَعَكْسُهُمَا وَنَفْيُهُمَا مَعًا وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ وُجُودُهُمَا فَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ فِي صُوَرِ الْمَنْطُوقِ الثَّلَاثِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي صُورَةِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ مَحَلُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ إذْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ مَذْهَبَهَا اعْتِبَارُ الْقَبْضِ فَقَطْ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ إلَّا إذَا قُبِضَتْ فَإِذَا قُبِضَتْ اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا وَلَا زَكَاةَ لِمَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ وَلَوْ وُقِفَتْ وَعَلِمَ بِهَا وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا وُقِفَتْ وَعَلِمَ بِهَا فَإِنَّهَا تُزَكَّى لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَبْضِ فَقَطْ فِي الْوُجُوبِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَسْمُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ شُرَكَاءُ فَمَتَى

(أَوْ) بَعْدَ (قَبْضِهَا) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِهَا أَوْ وُقِفَتْ زُكِّيَتْ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ مِنْ يَوْمِ الْوَقْفِ أَوْ الْعِلْمِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْرُوثَةَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ إلَخْ وَاحْتَرَزَ بِهِ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا. (وَلَا) زَكَاةَ فِي عَيْنٍ (مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا) عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَمَرَّ عَلَيْهَا بِيَدِ الْوَصِيِّ حَوْلٌ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ وَمَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ الْحَوْلِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ فُرِّقَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ وَهُوَ حَيٌّ زَكَّاهَا عَلَى مِلْكِهِ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ مَعَ مَا بِيَدِهِ وَلَا يُزَكِّيهَا مَنْ صَارَتْ لَهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهَا لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ، وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ إذَا أَوْصَى بِهَا وَمَاتَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَإِلَّا زُكِّيَتْ إنْ صَارَ لِكُلٍّ نِصَابٌ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ كَإِرْثِهَا وَأَمَّا الْحَرْثُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصِي لَهُ الْمُعَيَّنِ. (وَلَا) فِي (مَالٍ رَقِيقٍ) وَإِنْ بِشَائِبَةٍ كَمُكَاتَبٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ فَإِنْ انْتَزَعَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ اسْتَقْبَلَ بِهِ. (وَ) لَا فِي مَالِ (مَدِينٍ) إنْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ. (وَ) لَا زَكَاةَ فِي قِيمَةِ (سِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ وَجَوْدَةٍ) كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبَضُوهُ وَاسْتَقْبَلُوا حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَقْسِمُوا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَقْبِضُ لِلْأَصَاغِرِ عَيْنًا أَوْ ثَمَنَ عَرْضٍ بَاعَهُ لَهُمْ فَلْيُزَكِّ ذَلِكَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ الْوَصِيُّ اهـ وَقَبْضُ الشُّرَكَاءِ الْبَالِغِينَ لِأَنْفُسِهِمْ كَقَبْضِ الْوَصِيِّ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ بَلْ أَقْوَى، نَعَمْ إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَقَبْضُ الْوَصِيِّ كَلَا قَبْضٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُ عج إنَّ اعْتِبَارَ الْقَسْمِ إنْ كَانَ شُرَكَاءُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقَبْضُ كَافٍ كَمَا قَالَهُ طفى وَارْتَضَاهُ بْن (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَدَّدْ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا) أَيْ وَلَوْ وُقِفَتْ وَعَلِمَ بِهَا. (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ) أَيْ فَإِنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الْإِيقَافِ وَالْعِلْمِ لِحُصُولِ النَّمَاءِ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مُحَاوَلَةٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا) . حَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ قَبْلَ إفْرَاكِ الْحَبِّ أَوْ طِيبِ التَّمْرِ زُكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ فَمَنْ نَابَهُ نِصَابُ مَا مَرَّ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُ بِهِ نِصَابًا مِنْ زَرْعٍ آخَرَ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ زُكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَارِثٍ نِصَابٌ وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَيُزَكِّي كُلَّ عَامٍ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْوَارِثُ إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهَا الْوَارِثُ أَمْ لَا وُقِفَتْ عَلَى يَدِ أَمِينٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَلَا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا) سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا تَجَمَّدَ عِنْدَ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَمَّا مَا تَجَمَّدَ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تُزَكَّى قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ الْحَوْلِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا حِيزَتْ عَنْهُ لِتَفَرُّقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ فُرِّقَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ وَهُوَ حَيٌّ إلَخْ) الْأَوْلَى فَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ الْحَوْلِ وَهِيَ نِصَابٌ أَيْ وَهِيَ مَعَ مَا عِنْدَهُ نِصَابٌ فَإِنَّهَا تُزَكَّى عَلَى مِلْكِهِ لِأَنَّهَا إذَا فُرِّقَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ وَهُوَ حَيٌّ لَا تَكُونُ وَصِيَّةً وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ مُسَلَّمًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يُزَكِّيهَا إلَخْ) أَيْ وَإِذَا فُرِّقَتْ فَلَا يُزَكِّيهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ إذَا أَوْصَى بِهَا إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ زَكَاتِهَا إذَا كَانَتْ لِمُعَيَّنِينَ وَصَارَ لِكُلٍّ نِصَابٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُمْ كَالْخُلَطَاءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ عَدَمُ الزَّكَاةِ فِيهَا مُطْلَقًا كَالْعَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَشَى عَلَيْهِ خش وعبق (قَوْلُهُ تَفْصِيلٌ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ وَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ مِنْ الْحَرْثِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَوْ قَبْلَهُ وَمَاتَ بَعْدَهُ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُوصِي مُطْلَقًا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ أَوْ لِغَيْرِهِ كَانَتْ بِكَيْلٍ أَوْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَمَاتَ الْمُوصِي قَبْلَهُ فَالزَّكَاةُ أَيْضًا فِي مَالِ الْمُوصِي إنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمَسَاكِينَ أَوْ لِمُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ فَإِنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ زَكَّاهَا ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ بِالِانْضِمَامِ لِمَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ لِمَسَاكِينَ زُكِّيَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ إنْ كَانَتْ نِصَابًا. (قَوْلُهُ وَلَا فِي مَالِ رَقِيقٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ حَرْثًا أَوْ تِجَارَةً (قَوْلُهُ اسْتَقْبَلَ بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مَاشِيَةً وَأَمَّا الْحَرْثُ إذَا انْتَزَعَهُ مِنْهُ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ عِنْدَ طِيبِهِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بِمَا بِيَدِهِ مِنْ النَّقْدِ وَالْمَاشِيَةِ وَأَمَّا الْحَرْثُ إذَا عَتَقَ قَبْلَ وُجُوبِهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ عِنْدَ طِيبِهِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ حَرْثًا أَوْ مَاشِيَةً أَوْ مَعْدِنًا فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي أَعْيَانِهَا فَلَا يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ (قَوْلُهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ) أَيْ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ كُتُبًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي تِلْكَ الْعَيْنَ. (قَوْلُهُ وَسِكَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى عَيْنٍ لِأَنَّ الْمَعَاطِيفَ إذَا تَكَرَّرَتْ تَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى التَّحْقِيقِ أَوْ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَلَى خِلَافِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَصْفَ الْقَائِمَ بِالْعَيْنِ يُقَالُ لَهُ سِكَّةٌ وَالْقَائِمُ بِالْحُلِيِّ يُقَالُ لَهُ صِيَاغَةٌ وَأَمَّا الْجُودَةُ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي الْعَيْنِ وَالْحُلِيِّ لَكِنْ تَارَةً يَكُونُ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِمَا وَتَارَةً يَكُونُ بِاعْتِبَارِ السِّكَّةِ أَوْ الصِّيَاغَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جُودَةِ السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ أَيْ حُسْنِهِمَا حُسْنُ الذَّاتِ وَلَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ فِي قِيمَةِ سِكَّةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ قِيمَةِ إلَى أَنَّ النَّفْيَ لَيْسَ مُسَلَّطًا عَلَى السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْجُودَةِ لِأَنَّ

وَلِسِكَّتِهَا أَوْ صِيَاغَتِهَا أَوْ جَوْدَتِهَا تُسَاوِي النِّصَابَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ لِمَا ذُكِرَ يُسَاوِي أَكْثَرَ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الزَّائِدِ. (وَ) لَا فِي (حُلِيٍّ) جَائِزٍ اتِّخَاذُهُ وَلَوْ لِرَجُلٍ (وَإِنْ تَكَسَّرَ إنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ) فَإِنْ تَهَشَّمَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ إلَّا بِسَبْكِهِ وَجَبَتْ فِيهِ لِحَوْلٍ بَعْدَ تَهَشُّمِهِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالتِّبْرِ وَسَوَاءٌ نَوَى إصْلَاحَهُ أَمْ لَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَنْوِ عَدَمَ إصْلَاحِهِ) أَيْ الْمُتَكَسِّرِ بِأَنْ نَوَى إصْلَاحَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَالْمُعْتَمَدُ الزَّكَاةُ فِي الثَّانِيَةِ فَلَوْ قَالَ وَنَوَى إصْلَاحَهُ لَوَافَقَ الْمَذْهَبَ فَالزَّكَاةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ فِي الْمُتَهَشِّمِ مُطْلَقًا وَالْمُتَكَسِّرِ إذَا لَمْ يَنْوِ إصْلَاحَهُ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ الْإِصْلَاحِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (أَوْ كَانَ) الْحُلِيُّ الْجَائِزُ (لِرَجُلٍ) اتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ كَخَاتَمٍ وَأَنْفٍ وَأَسْنَانٍ وَحِلْيَةِ مُصْحَفٍ وَسَيْفٍ أَوْ اتَّخَذَهُ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ كَزَوْجَتِهِ وَابْنَتِهِ وَأَمَتِهِ الْمَوْجُودَاتِ عِنْدَهُ حَالًا وَصَلَحْنَ لِلتَّزَيُّنِ لِكِبَرِهِنَّ فَإِنْ اتَّخَذَهُ لِمَنْ سَيُوجَدُ أَوْ لِمَنْ سَيَصْلُحُ لِصِغَرِهِ الْآنَ فَالزَّكَاةُ (أَوْ) مُتَّخَذًا لِأَجْلِ (كِرَاءٍ) وَلَوْ لِرَجُلٍ فِيمَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِلنِّسَاءِ كَالْأَسَاوِرِ عَلَى الْأَرْجَحِ خِلَافًا لِتَشْهِيرِ الْبَاجِيَّ أَوْ إعَارَةٍ فَلَا زَكَاةَ (إلَّا مُحَرَّمًا) كَالْأَوَانِي وَالْمَبَاخِرِ وَمُكْحُلَةٍ وَمِرْوَدٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ (أَوْ مُعَدًّا لِعَاقِبَةٍ) فَفِيهِ الزَّكَاةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَعْرَاضٌ وَالزَّكَاةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الذَّوَاتِ (قَوْلُهُ وَلِسِكَّتِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ نَقْدًا وَقَوْلُهُ أَوْ صِيَاغَتُهَا أَيْ إذَا كَانَتْ حُلِيًّا وَقَوْلُهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيَاغَةُ مُحَرَّمَةً كَمِبْخَرَةٍ وَقُمْقُمٍ وَإِنَاءٍ أَوْ جَائِزَةً كَالْحُلِيِّ لِلنِّسَاءِ. (قَوْلُهُ وَلَا فِي حُلِيٍّ إلَخْ) حَاصِلُ الْفِقْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّ الْحُلِيَّ إذَا انْكَسَرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَهَشَّمَ أَوْ لَا فَإِنْ تَهَشَّمَ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ سَوَاءٌ نَوَى إصْلَاحَهُ أَوْ نَوَى عَدَمَ إصْلَاحِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يُهَشَّمْ بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ وَعَوْدُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَنْوِيَ عَدَمَ إصْلَاحِهِ أَوْ لَا فَإِنْ نَوَى عَدَمَ إصْلَاحِهِ فَالزَّكَاةُ وَإِنْ نَوَى إصْلَاحَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِلْقِنْيَةِ وَإِنْ تَكَسَّرَ إنْ انْتَفَى تَهَشُّمُهُ وَنِيَّةُ عَدَمِ إصْلَاحِهِ بِأَنْ نَوَى إصْلَاحَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَمَفْهُومُهُ صَادِقٌ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ أَحَدُهَا التَّهَشُّمُ وَنِيَّةُ عَدَمِ إصْلَاحِهِ ثَانِيهَا التَّهَشُّمُ مَعَ نِيَّةِ إصْلَاحِهِ ثَالِثُهَا التَّهَشُّمُ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ شَيْءٍ أَصْلًا رَابِعُهَا عَدَمُ التَّهَشُّمِ مَعَ نِيَّةِ عَدَمِ إصْلَاحِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ نَوَى) أَيْ بَعْدَ تَهَشُّمٍ إصْلَاحَهُ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ أَوْ لَمْ يَنْوِ إصْلَاحَهُ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَى عَدَمَ إصْلَاحِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ إصْلَاحِهِ) قَيَّدَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ تَكَسَّرَ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الزَّكَاةُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا تَكَسَّرَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا إصْلَاحَهُ وَلَا عَدَمَ إصْلَاحِهِ (قَوْلُهُ فَالزَّكَاةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ) أَيْ وَعَدَمُ الزَّكَاةِ فِي صُورَتَيْنِ مَا إذَا كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَتَكَسَّرْ أَوْ تَكَسَّرَ وَنَوَى إصْلَاحَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمُتَهَشِّم مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إصْلَاحُهُ أَوْ عَدَمُ إصْلَاحِهِ أَوْ كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ وَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِعَطْفِهِ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَكَسَّرَ (قَوْلُهُ وَسَيْفٍ) قَالَ النَّاصِرُ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ السَّيْفُ مُحَلًّى وَاِتَّخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا هَلْ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا لَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ الْحُلِيَّ لِنِسَائِهِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ لِأَنَّ الشَّأْنَ اتِّخَاذُ الرَّجُلِ الْحُلِيَّ لِنِسَائِهِ لَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ أَوْ اتَّخَذَهُ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ كَزَوْجَتِهِ وَابْتَنِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَأَمَّا لَوْ مَلَّكَهُمَا إيَّاهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ مُتَّخَذًا لِأَجْلِ كِرَاءٍ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْحُلِيَّ إذَا اتَّخَذَهُ إنْسَانٌ لِأَجْلِ الْكِرَاءِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَّخَذُ لَهُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ كَالْمَنْوِيِّ بِهِ التِّجَارَةَ فَيَكُونُ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُتَّخَذَ لِلْكِرَاءِ لَا زَكَاةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ لِمَالِكِهِ كَأَسَاوِرَ أَوْ خَلْخَالٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ كَانَ لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ لِمَالِكِهِ كَأَسَاوِرَ أَوْ خَلْخَالٍ لِرَجُلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ الْمَشْهُورُ أَنَّ مَا يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ لِلْكِرَاءِ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لطفى أَنَّ الْمُتَّخَذَ لِلْكِرَاءِ لَا زَكَاةَ فِيهِ مُطْلَقًا، كَانَ الْمَالِكُ لَهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ أَمْ لَا وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا مُحَرَّمًا فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ لِلْكِرَاءِ وَارْتَضَى مَا قَالَهُ طفى شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى خش وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ بْن مَا فِي خش وعبق وَهُوَ مَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُعَدِّ لِلْكِرَاءِ لَا زَكَاةَ فِيهِ إذَا كَانَ يُبَاحُ لِمَالِكِهِ اسْتِعْمَالُهُ كَأَسَاوِرَ أَوْ خَلْخَالٍ لِامْرَأَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ لَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ وَنَصُّ بْن بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا عِنْدَ هَذَا الشَّارِحِ أَيْ عبق وَمَنْ وَافَقَهُ أَيْ كخش قَالَهُ الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ طفى مِنْ الْمُعْتَمَدِ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ إلَّا مَا فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي ذَلِكَ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ أَوْ إعَارَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ كِرَاءٍ (قَوْلُهُ إلَّا مُحَرَّمًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِعْمَالِ أَوْ لِلْعَاقِبَةِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحُلِيُّ الَّذِي اتَّخَذَهُ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْمُحَرَّمِ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَالْأَوَانِي) أَيْ كَدَوَاةٍ وَعِدَّةِ فَرَسٍ مِنْ لِجَامٍ وَسَرْجٍ (قَوْلُهُ أَوْ مُعَدًّا لِعَاقِبَةٍ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا كَسَيْفٍ لِرَجُلٍ وَخَلَاخِلَ لِامْرَأَةٍ مُعَدَّيْنِ لِلْعَاقِبَةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ الْمُعَدُّ لِلْعَاقِبَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إلَّا مُحَرَّمًا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَقَوْلُهُ لِعَاقِبَةٍ أَيْ حَوَادِثِ الدَّهْرِ وَقَوْلُهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ

[زكاة نماء العين]

وَلَوْ لِامْرَأَةٍ أَعَدَّتْهُ بَعْدَ كِبَرِهَا لِعَاقِبَتِهَا (أَوْ صَدَاقٍ) لِمَنْ يُرِيدُ نِكَاحَهَا (أَوْ) كَانَ (مَنْوِيًّا بِهِ التِّجَارَةُ) أَيْ الْبَيْعُ وَسَوَاءٌ كَانَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَالزَّكَاةُ هَذَا إنْ لَمْ يُرَصَّعْ أَيْ يُرَكَّبْ شَيْءٌ بَلْ (وَإِنْ رُصِّعَ بِجَوْهَرٍ) كَيَاقُوتٍ وَلُؤْلُؤٍ (وَزَكَّى الزِّنَةَ) أَيْ وَزْنَ مَا فِيهِ مِنْ عَيْنٍ (إنْ نُزِعَ) الْجَوْهَرُ أَيْ أَمْكَنَ نَزْعُهُ (بِلَا ضَرَرٍ) أَيْ فَسَادٍ أَوْ غُرْمٍ وَيُزَكِّي الْجَوْهَرَ زَكَاةَ الْعُرُوضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ أَوْ أَمْكَنَ بِضَرَرٍ (تَحَرَّى) مَا فِيهِ مِنْ الْعَيْنِ وَزَكَّاهُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَمَاءِ الْعَيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ رِبْحٌ وَغَلَّةٌ وَفَائِدَةٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (وَضُمَّ الرِّبْحُ) وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ زَائِدُ ثَمَنِ مَبِيعِ تَجْرٍ عَلَى ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَالْقُيُودُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا مَفْهُومَ لَهَا إلَّا تَجْرٍ فَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ مَبِيعِ الْقِنْيَةِ (لِأَصْلِهِ) أَيْ لِحَوْلِ أَصْلِهِ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ مِنْ حِينِ ظُهُورِهِ فَمَنْ عِنْدَهُ دِينَارٌ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَتَاجَرَ فِيهِ فَصَارَ بِرِبْحِهِ عِشْرِينَ فَحَوْلُهَا الْمُحَرَّمُ فَإِنْ تَمَّ النِّصَابُ بِالرِّبْحِ بَعْدَ الْحَوْلِ زُكِّيَ حِينَئِذٍ وَلَمَّا كَانَتْ غَلَّةُ الْمُكْتَرِي لِلتِّجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ بِعَدَمِهَا فِيهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ لِامْرَأَةٍ، هَذَا إذَا اتَّخَذَتْهُ لِلْعَاقِبَةِ ابْتِدَاءً بَلْ وَلَوْ اتَّخَذَتْهُ لِذَلِكَ انْتِهَاءً كَمَا لَوْ اتَّخَذَتْهُ لِلِّبَاسِ فَلَمَّا كَبِرَتْ اتَّخَذَتْهُ لِلْعَاقِبَةِ (قَوْلُهُ أَوْ صَدَاقٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحُلِيِّ إذَا اتَّخَذَهُ الرَّجُلُ لِأَجْلِ أَنْ يُصْدِقَهُ لِامْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا أَوْ يَشْتَرِي بِهِ أَمَةً يَتَسَرَّى بِهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْوِيًّا بِهِ التِّجَارَةُ) يُرِيدُ وَلَوْ كَانَ أَوَّلًا لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَيُزَكِّيهِ لِعَامٍ مِنْ حِينِ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ كَذَا فِي خش وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ الْحُلِيَّ لِلْقِنْيَةِ ابْتِدَاءً ثُمَّ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ وَأَمَّا إذَا اتَّخَذَهُ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ فَلَا يَنْتَقِلُ بِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِتِلْكَ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ وَالنِّيَّةُ إنَّمَا تَنْقُلُ لِلْأَصْلِ وَلَا تَنْقُلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يُرَصَّعْ إلَخْ) الْمُشَارُ إلَيْهِ الْمُحَرَّمُ وَالْمُعَدُّ لِلْعَاقِبَةِ وَالصَّدَاقُ وَالْمَنْوِيُّ بِهِ التِّجَارَةَ (قَوْلُهُ وَزَكَّى الزِّنَةَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ عَامٍ يَزِنُهُ بَعْدَ قَلْعِ الْجَوَاهِرِ مِنْهُ وَيُزَكِّيهِ إنْ أَمْكَنَ نَزْعُ الْجَوَاهِرِ مِنْهُ بِلَا ضَرَرٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهَا مِنْهُ أَصْلًا أَوْ أَمْكَنَ نَزْعُهَا مِنْهُ لَكِنْ بِتَضَرُّرٍ كَكَسْرِ الْجَوَاهِرِ أَوْ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى نَزْعِهَا مِنْهُ غُرْمُ دَرَاهِمَ لِمَنْ يَنْزِعُهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى الزِّنَةَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا تَحَرَّى أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ إنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ وَيَنْقُصُهُ الِاسْتِعْمَالُ وَإِلَّا اكْتَفَى بِالتَّحَرِّي فِي أَوَّلِ عَامٍ (قَوْلُهُ وَيُزَكِّي الْجَوْهَرَ زَكَاةَ الْعُرُوضِ) أَيْ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ إنْ كَانَ شَأْنُهُ التِّجَارَةَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا أَصْلًا اهـ عَدَوِيٌّ. [زَكَاة نَمَاءِ الْعَيْنِ] (قَوْلُهُ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَمَاءِ الْعَيْنِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْعَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَمَائِهَا (قَوْلُهُ رِبْحٌ وَغَلَّةٌ وَفَائِدَةٌ) أَمَّا الرِّبْحُ فَقَدْ عَرَّفَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا مَا تَجَدَّدَ مِنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ قَبْلَ بَيْعِ رِقَابِهَا كَغَلَّةِ الْعَبْدِ وَنُجُومِ الْكِتَابَةِ وَثَمَرِ النَّخْلِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ وَحُكْمُهَا أَنَّهُ تَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَأَمَّا الْفَائِدَةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا مَا تَجَدَّدَ لَا عَنْ مَالٍ أَوْ عَنْ مَالٍ غَيْرِ مُزَكًّى كَعَطِيَّةٍ وَمِيرَاثٍ وَثَمَنِ عَرْضِ الْقِنْيَةِ وَحُكْمُهَا الِاسْتِقْبَالُ بِهَا مِنْ يَوْمِ حُصُولِهَا. (قَوْلُهُ وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ) مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ الْعَيْنِ فَاتَّجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ أَوْ دُونَ نِصَابٍ مِنْهَا فَاتَّجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ وَصَارَ بِرِبْحِهِ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْأَصْلَ وَالرِّبْحَ لِتَمَامِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِ الْأَصْلِ كَالنِّتَاجِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَا مِنْ يَوْمِ الرِّبْحِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالرِّبْحِ حَوْلًا كَالْفَائِدَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَمْلِكُ أَصْلَهُ أَوْ لَا بِأَنْ تَسَلَّفَهُ فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ اسْتَأْنَفَ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا وَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَلَا يُزَكِّي رِبْحَهُ إلَّا إذَا تَمَّ لَهُ حَوْلٌ (قَوْلُهُ زَائِدُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ زِيَادَةُ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي اصْطِلَاحِهِمْ الْعَدَدُ الزَّائِدُ لَا الزِّيَادَةُ وَاحْتَرَزَ بِثَمَنِ مِنْ زِيَادَةِ ذَاتِ الْمَبِيعِ كَنُمُوِّهِ فِي ذَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى رِبْحًا بَلْ هُوَ غَلَّةٌ فَإِذَا اشْتَرَى صَغِيرًا لِلتِّجَارَةِ بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَهُ بِثَمَانِينَ بَعْدَ كِبَرِهِ زَكَّى مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ مَا يُبَاعُ بِهِ الْآنَ كَسِتِّينَ مَثَلًا وَلَوْ بَقِيَ صَغِيرًا وَمَا بَقِيَ يَنُوبُ نَمَاءَهُ فَلَا يُزَكِّيهِ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ لَا رِبْحٌ (قَوْلُهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) أَيْ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الزَّائِدِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ الزَّائِدُ عَرْضًا فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى رِبْحًا وَهُوَ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ فَالْأَوَّلُ يُقَوَّمُ كُلَّ يَوْمٍ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ لَا مَفْهُومَ لَهَا) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِمَّا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ فَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ مَبِيعِ الْقِنْيَةِ) أَيْ كَمَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْقِنْيَةِ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا لِعِشْرِينَ فَالْعَشَرَةُ الزَّائِدَةُ لَا تُسَمَّى رِبْحًا اصْطِلَاحًا وَلَا تُزَكَّى لِحَوْلِ الْعَشَرَةِ الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ عَلَى ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ زِيَادَةِ ثَمَنِ مَبِيعِ التَّجْرِ إذَا نَمَا ذَلِكَ الثَّمَنُ فِي نَفْسِهِ أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ زَائِدًا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوَّلًا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ فَيَبِيعَهَا بِعِشْرِينَ وَلَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ الْعِشْرِينَ زَائِدَةً عَلَى الْعَشَرَةِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَيْهَا فِي الْوَاقِعِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا اشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَمَّ النِّصَابُ بِالرِّبْحِ بَعْدَ الْحَوْلِ) أَيْ كَمَا لَوْ مَلَكَ دِينَارًا وَأَقَامَ عِنْدَهُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً بَاعَهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يُزَكَّى الْآنَ وَصَارَ حَوْلُهَا فِيمَا يَأْتِي مِنْ يَوْمِ التَّمَامِ

[بيان حكم الفائدة]

رِبْحًا حُكْمًا فَتُضَمُّ لِأَصْلِهِ لَا فَائِدَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَفَادَ حُكْمَهَا مُشَبِّهًا لَهُ بِمَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ (كَغَلَّةِ) شَيْءٍ (مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ) فَتُضَمُّ لِلْأَصْلِ فَيَكُونُ حَوْلُهَا حَوْلَ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَمَنْ عِنْدَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ أَوْ نِصَابٌ زَكَّاهُ فِي الْمُحَرَّمِ ثُمَّ اكْتَرَى بِهِ دَارًا مَثَلًا لِلتِّجَارَةِ فِي رَجَبٍ فَأَكْرَاهَا فِي رَمَضَانَ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَالْحَوْلُ الْمُحَرَّمُ وَاحْتَرَزَ بِمُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ عَنْ غَلَّةِ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ أَوْ مُكْتَرًى لِلْقِنْيَةِ فَأَكْرَاهُ لِأَمْرٍ حَدَثَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا ثُمَّ بَالَغَ عَلَى ضَمِّ الرِّبْحِ لِأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ الرِّبْحُ (رِبْحَ دَيْنٍ) كَأَنْ يَتَسَلَّفَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَاتَّجَرَ فِيهَا أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعِشْرِينَ فِي ذِمَّتِهِ (لَا عِوَضَ لَهُ) أَيْ لِلدَّيْنِ (عِنْدَهُ) فَبَاعَهَا بِخَمْسِينَ بَعْدَ حَوْلٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّي لِثَلَاثِينَ مِنْ يَوْمِ السَّلَفِ أَوْ الشِّرَاءِ وَأَوْلَى إنْ كَانَ عِنْدَهُ عِوَضٌ وَيُزَكِّي الْخَمْسِينَ (وَ) ضُمَّ الرِّبْحُ (لِمُنْفَقٍ) اسْمِ مَفْعُولٍ صِفَةٍ لِمَالٍ مَحْذُوفٍ (بَعْدَ) تَمَامِ (حَوْلِهِ) أَيْ حَوْلِ الْمَالِ الْمُنْفَقِ (مَعَ أَصْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمَامِ الْمُقَدَّرِ لَا بِحَوْلِهِ لِجُمُودِهِ أَيْ أَصْلِ الرِّبْحِ الْمُقَدَّرِ (وَقْتَ) تَقَرُّرِ (الشِّرَاءِ) وَمَتَى كَانَ الْإِنْفَاقُ وَقْتَ تَقَرُّرِ الشِّرَاءِ كَانَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَوْ عَبَّرَ بِبَعْدِ لَكَانَ أَوْضَحَ فَبَعْدُ وَوَقْتُ مُتَعَلِّقَانِ بِمُنْفَقٍ أَيْ ضُمَّ الرِّبْحُ لِمَالٍ أُنْفِقَ بَعْدَ حَوْلِهِ أَصْلُهُ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ السِّلْعَةُ وَبَعْدَ شِرَائِهَا مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ مِنْهَا سِلْعَةً ثُمَّ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي مِنْهَا الْخَمْسَةَ الْمُنْفَقَةَ لَحَوْلَانِ الْحَوْلُ عَلَيْهَا مَعَ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الرِّبْحِ الْمُقَدَّرِ فَلَوْ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ قَبْلَ شِرَاءِ السِّلْعَةِ فَلَا زَكَاةَ إلَّا إذَا بَاعَهَا بِنِصَابٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْفَائِدَةِ بِقَوْلِهِ (وَاسْتَقْبَلَ) حَوْلًا (بِفَائِدَةٍ) وَهِيَ (الَّتِي تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ) فَقَوْلُهُ تَجَدَّدَتْ كَالْجِنْسِ وَقَوْلُهُ لَا عَنْ مَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الرِّبْحَ وَالْغَلَّةَ وَمِثْلُهُ (كَعَطِيَّةٍ) وَمِيرَاثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ رِبْحًا حُكْمًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ رِبْحٌ حَقِيقَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى مَنَافِعَ الدَّارِ بِقَصْدِ الرِّبْحِ وَالتِّجَارَةِ فَإِذَا أَكْرَاهَا فَقَدْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ رَبِحَ حَقِيقَةً لَا حُكْمًا فَقَوْلُهُ مُشَبَّهًا لَهُ الصَّوَابُ أَنَّهُ مِثَالٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا فَائِدَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ أَنَّ غَلَّةَ الْمُكْتَرِي لِلتِّجَارَةِ فَائِدَةٌ يُسْتَقْبَلُ بِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا (قَوْلُهُ فَمَنْ عِنْدَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ) أَيْ مَلَكَهَا فِي الْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ عَنْ غَلَّةِ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ) أَيْ مِثْلُ غَلَّةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَأُجْرَةِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا) أَيْ لِأَنَّهَا غَلَّةٌ لَا رِبْحٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالرِّبْحِ قَبْلَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا كَالِاعْتِرَاضِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ غَلَّةَ الْمُكْتَرِي لِلتِّجَارَةِ لَيْسَتْ رِبْحًا حَقِيقَةً أَيْ ضَمَّ الرِّبْحَ لِأَصْلِهِ وَإِنْ كَانَ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَمَعْنَى ضَمِّهِ هُنَا أَنَّهُ يُزَكَّى لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ السَّلَفِ حَيْثُ تَسَلَّفَ الثَّمَنَ وَاشْتَرَى بِهِ وَمِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ حَيْثُ اشْتَرَى بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَتَسَلَّفَ عِشْرِينَ دِينَارًا) أَيْ فِي الْمُحَرَّمِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَى أَيْ فِي الْمُحَرَّمِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فَبَاعَهَا بِخَمْسِينَ بَعْدَ حَوْلٍ أَيْ مِنْ الْمُحَرَّمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ التَّسَلُّفِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ كَانَ عِنْدَهُ عِوَضٌ) أَيْ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَلَيْسَ دَاخِلًا فِيهَا لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِضَمِّ الرِّبْحِ لِأَصْلِهِ إنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَمْلِكُهُ وَلِذَا بَالَغَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِاسْتِقْبَالِهِ بِالرِّبْحِ حِينَئِذٍ قَالَهُ طفى اهـ بْن وَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ يَمْلِكُهُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ يَمْلِكُهُ كَرِبْحِ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَا يُزَكِّيهِ مِنْ رِبْحِ الدَّيْنِ الَّذِي لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَأَنْ يَكُونَ نِصَابًا كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ وَإِلَّا لَمْ يُزَكِّهِ وَلَوْ كَانَ مَعَ أَصْلِهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ وَلِمُنْفِقِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لِأَصْلِهِ أَيْ وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ وَضُمَّ لِمَالٍ مُنْفَقٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بِيَدِهِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ثُمَّ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ سِلْعَةً وَأَنْفَقَ الْبَعْضَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ بِمَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ إذَا ضُمَّ لِمَا أَنْفَقَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَسَوَاءٌ بَاعَ بِقُرْبِ الشِّرَاءِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَوْلَ قَدْ تَمَّ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَ قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ فَلَا ضَمَّ لِأَنَّ الْمَالَ الْمُنْفَقَ وَالْمُشْتَرَى بِهِ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْحَوْلُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا ضَمَّ وَلَا يُزَكَّى ثَمَنُ مَا بَاعَ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ نِصَابًا (قَوْلُهُ لِجُمُودِهِ) فِيهِ أَنَّ الظَّرْفَ يَكْفِيهِ رَائِحَةُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقَانِ بِمُنْفَقٍ) الْأَقْرَبُ أَنَّ مَعَ وَوَقْتَ حَالَانِ مِنْ مُنْفَقٍ أَيْ ضُمَّ الرِّبْحُ لِمَالِ مُنْفَقٍ حَالَةَ كَوْنِ إنْفَاقِهِ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ الْمُصَاحِبِ لِأَصْلِهِ وَحَالَةَ كَوْنِ إنْفَاقِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ قَبْلَ شِرَاءِ السِّلْعَةِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ. [بَيَان حُكْم الْفَائِدَة] (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي تَجَدَّدَتْ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ الْمُوَصِّلِ وَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِمَا إذْ لَيْسَ لَنَا فَائِدَةٌ غَيْرُ هَذِهِ وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا الْفَائِدَةُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَهِيَ الْعَيْنُ الَّتِي تَجَدَّدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا عَنْ مَالٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَجَدَّدَتْ عَنْ غَيْرِ مَالٍ لَا عَنْ مَالٍ أَيْ لَا إنْ تَجَدَّدَتْ عَنْ مَالٍ فَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِلَا يَجُوزُ حَذْفُهُ إذَا عُلِمَ كَقَوْلِك أَعْطَيْتُك لَا لِتَظْلِمَ أَيْ لِتَعْدِلَ لَا لِتَظْلِمَ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ الرِّبْحَ) أَيْ وَهُوَ زَائِدُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ عَلَى ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ وَالْغَلَّةُ مَا تَجَدَّدَ عَنْ السِّلَعِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ قَبْلَ بَيْعِهَا كَغَلَّةِ عَبْدٍ وَكِتَابَتِهِ وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ كَعَطِيَّةٍ وَمِيرَاثٍ) أَيْ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ مِنْ وَقْفٍ أَوْ وَظِيفَةٍ أَوْ جَامَكِيَّةٍ أَوْ أَرْشِ

(أَوْ) تَجَدَّدَتْ عَنْ مَالٍ (غَيْرِ مُزَكًّى) وَمِثْلُهُ بِمَا لَا فَرْدَ لَهُ غَيْرُهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا تَجَدَّدَ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلَا بَيْعٍ لَا يُسَمَّى فَائِدَةً بِقَوْلِهِ (كَثَمَنِ) عَرْضٍ (مُقْتَنًى) مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بَاعَهُ بِعَيْنٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ وَلَوْ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا عَلَى الرَّاجِحِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْفَائِدَةَ نَوْعَانِ. ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ تَعَدُّدِ الْفَوَائِدِ بِقَوْلِهِ (وَتُضَمُّ) الْفَائِدَةٌ الْأُولَى حَالَ كَوْنِهَا (نَاقِصَةً) عَنْ نِصَابٍ (وَإِنْ) كَانَ نَقْصُهَا (بَعْدَ تَمَامِ) بِأَنْ كَانَتْ نِصَابًا وَنَقَصَتْ قَبْلَ أَنْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ (لِثَانِيَةٍ) نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمَا نِصَابٌ حُسِبَ حَوْلُهُمَا مِنْ يَوْمِ الثَّانِيَةِ وَيَصِيرَانِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُولَى فِي الْمُحَرَّمِ عَشَرَةً وَالثَّانِيَةُ فِي رَمَضَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ حَوْلَهُمَا مَعًا رَمَضَانُ وَتَبْقَى الثَّالِثَةُ عَلَى حَوْلِهَا (أَوْ) يُضَمَّانِ لِ (ثَالِثَةٍ) إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَوَّلَيْنِ نِصَابٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُولَى خَمْسَةً وَالثَّانِيَةُ خَمْسَةً وَالثَّالِثَةُ عَشَرَةً وَهَكَذَا لِرَابِعَةٍ وَخَامِسَةٍ (إلَّا) أَنْ تَنْقُصَ الْأُولَى (بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً) وَتَزْكِيَتُهَا وَفِيهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا نِصَابٌ (فَعَلَى حَوْلِهَا) وَلَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا وَيُزَكِّي كُلًّا عَلَى حَوْلِهَا بِالنَّظَرِ لِلْأُخْرَى مَا دَامَ فِي مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ كَعِشْرِينَ مَحْرَمِيَّةً حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَأَنْفَقَ مِنْهَا عَشَرَةً وَاسْتَفَادَ عَشَرَةً رَجَبِيَّةً فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ زَكَّى عَشَرَتَهُ وَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ زَكَّى الْأُخْرَى (كَالْكَامِلَةِ أَوَّلًا) وَبَقِيَتْ عَلَى كَمَالِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQجِنَايَةٍ أَوْ دِيَةٍ لِنَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ وَصَدَاقٍ قَبَضَتْهُ مِنْ زَوْجٍ وَمُنْتَزَعٍ مِنْ رَقِيقٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَجَدَّدَتْ عَنْ مَالٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرَ مُزَكًّى عَطْفٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ قَبْلَ قَوْلِهِ لَا عَنْ مَالٍ أَيْ تَجَدَّدَتْ عَنْ غَيْرِ مَالٍ أَوْ عَنْ مَالٍ غَيْرِ مُزَكًّى وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مُزَكًّى عَمَّا تَجَدَّدَ عَنْ مَالٍ مُزَكًّى كَرِبْحِ ثَمَنِ سِلَعِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يُزَكَّى لِحُلُولِ أَصْلِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا تَجَدَّدَ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلَا بَيْعٍ) أَيْ لَهَا كَغَلَّةِ عَبْدٍ وَثَمَرِ نَخْلٍ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَلَّةَ الْمُكْتَرَى لِلتِّجَارَةِ لَا يُسَمَّى فَائِدَةً أَيْ بَلْ يُسَمَّى رِبْحًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهُ فَائِدَةٌ فَتَكُونُ الْفَائِدَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ عَنْ مَالٍ غَيْرِ مُزَكًّى لَهَا فَرُدَّ أَنَّ (قَوْلَهُ كَثَمَنٍ مُقْتَنٍ) يَرِدُ عَلَى حَدِّ الْمُؤَلِّفِ الْمُعَشَّرَاتُ بَعْدَ إخْرَاجِ عُشْرِهَا فَإِنَّهَا إذَا بِيعَتْ ثَمَنُهَا فَائِدَةٌ وَهُوَ ثَمَنُ مُزَكًّى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بَعْدَ إخْرَاجِ عُشْرِهَا صَارَتْ غَيْرَ مُزَكًّى لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُزَكَّى مَا تَقَرَّرَ زَكَاتُهُ كُلَّ سَنَةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَثِيَابٍ وَأَسْلِحَةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَالْعَقَارُ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْفَائِدَةَ نَوْعَانِ) أَيْ مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ تَجَدَّدَتْ صِلَةَ مَوْصُولٍ حُذِفَ مَعَ مُبْتَدَئِهِ لَا أَنَّهُ صِفَةٌ لِفَائِدَةٍ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْفَائِدَةَ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ النَّوْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِقْبَالُ إنَّمَا هُوَ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ وَتُضَمُّ نَاقِصَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ أَقْسَامَ الْفَوَائِدِ أَرْبَعَةٌ إمَّا كَامِلَتَانِ أَوْ نَاقِصَتَانِ أَوْ الْأَوْلَى كَامِلَةٌ وَالثَّانِيَةُ نَاقِصَةٌ أَوْ الْعَكْسُ فَالْكَامِلُ لَا يُضَمُّ لِلنَّاقِصِ الَّذِي بَعْدَهُ كَامِلٌ يُضَمُّ إلَيْهِ وَالنَّاقِصُ بَعْدَ الْكَامِلِ لَا يُضَمُّ لِسَبْقِهِ بِالْكَامِلِ وَالنَّاقِصُ يُضَمُّ بَعْدَهُ كَمَا يُضَمُّ لِلْكَامِلِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ فِي رَمَضَانَ كَذَلِكَ) أَيْ عَشَرَةٍ أَيْ أَوْ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَتَبْقَى الثَّالِثَةُ عَلَى حَوْلِهَا) أَيْ فَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ لِأَنَّ الْكَامِلَ لَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ وَالنَّاقِصُ لَا يُضَمُّ لِلْكَامِلِ قَبْلَهُ كَمَا عَلِمْت، وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْنِ وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ فَائِدَتِهَا وَلَوْ بَعْدَ النِّصَابِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَائِدَةَ فِي الْعَيْنِ لَا تُضَمُّ لِمَا قَبْلَهَا إذَا كَانَ نِصَابًا وَتُضَمُّ لَهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَتُضَمُّ الْفَائِدَةُ فِيهَا لِمَا قَبْلَهَا إنْ كَانَ نِصَابًا كَانَتْ هِيَ نِصَابًا أَمْ لَا لَا إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا تُضَمُّ لَهُ مُطْلَقًا كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا الرَّابِعَةُ) أَيْ وَهَكَذَا تُضَمُّ الثَّلَاثَةُ لِرَابِعَةٍ وَالْأَرْبَعَةُ لِخَامِسَةٍ إلَى أَنْ يَكْمُلَ النِّصَابُ فَإِذَا كَمُلَ النِّصَابُ وَقَفَ عَنْ الضَّمِّ وَيَصِيرُ لِمَا بَعْدَهُ حَوْلٌ مُؤْتَنَف فَيُزَكَّى لِحَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَتُضَمُّ نَاقِصَةً لِثَانِيَةٍ أَيْ إلَّا إذَا انْقَضَتْ الْأُولَى بَعْدَ أَنْ حَالَ حَوْلُهَا وَهِيَ كَامِلَةٌ فَإِنَّهَا لَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا وَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِهَا (قَوْلُهُ وَتَزْكِيَتُهَا) أَيْ وَاسْتِحْقَاقُهَا لِلتَّزْكِيَةِ سَوَاءٌ زُكِّيَتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا فَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ كَذَا قَرَّرَ بْن وعبق وَسَلَّمَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ زَكَّى عَشَرَتَهُ) اسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا زَكَّيْنَا الْأُولَى عِنْدَ مَجِيءِ حَوْلِهَا فَإِمَّا أَنْ نَنْظُرَ فِي زَكَاتِهَا لِلثَّانِيَةِ أَوْ لَا فَإِنْ نَظَرْنَا فِي زَكَاتِهَا لِلثَّانِيَةِ قَالَ شَارِحُنَا وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ الْأُولَى فِي كُلِّ الْحَوْلِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ الْمَالِ قَبْلُ فِي حَوْلِهِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ يَحُلْ حَوْلُهَا وَإِنْ لَمْ نَنْظُرْ لِلثَّانِيَةِ لَزِمَ زَكَاةُ مَا دُونَ النِّصَابِ وَلِأَجْلِ اسْتِشْكَالِهِ بِذَلِكَ اسْتَظْهَرَ قَوْلَ ابْنِ مَسْلَمَةَ مِنْ ضَمِّ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ فِي الْحَوْلِ كَمَا لَوْ نُقِصَتْ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَهِيَ كَامِلَةٌ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ الْإِشْكَالِ بِاخْتِبَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَنَقُولُ إنَّ هَذَا فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالَيْنِ الْقَاصِرِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ النِّصَابِ وَمَجْمُوعُهُمَا نِصَابٌ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْمِلْكِ وَبَعْضِ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ زَكَّى الْأُخْرَى) أَيْ وَهَكَذَا مَا دَامَ فِي مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ فَإِنْ نَقَصَتَا ضُمَّتَا لِمَا بَعْدَهُمَا إنْ مَرَّ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ نَاقِصَتَيْنِ وَأَمَّا إنْ كَمُلَتَا قَبْلَ مُرُورِهِ عَلَيْهِمَا نَاقِصَتَيْنِ بَقِيَتَا عَلَى حَوْلَيْهِمَا.

فَلَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا بِالْأُولَى فَهِيَ كَالدَّلِيلِ لِمَا قَبْلَهَا كَأَنَّهُ قَالَ لِأَنَّهَا كَالْكَامِلَةِ (وَإِنْ نَقَصَتَا) مَعًا عَنْ النِّصَابِ بَعْدَ تَقَرُّرِ الْحَوْلِ لَهُمَا كَضَرُورَةٍ الْمَحْرَمِيَّةِ خَمْسَةٌ وَالرَّجَبِيَّةُ مِثْلُهَا فَإِنْ حَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ الثَّانِي نَاقِصَتَيْنِ بَطَلَ حَوْلُهُمَا وَرَجَعَتَا كَمَالٍ وَاحِدٍ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ اتَّجَرَ قَبْلَ مُرُورِ الْحَوْلِ الثَّانِي عَلَيْهِمَا (فَرَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ) فَلَا يَخْلُو وَقْتُ التَّمَامِ مِنْ خَمْسَةٍ أَوْجُهٍ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ حَصَلَ التَّمَامُ (عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى) مُحَرَّمٍ (أَوْ قَبْلَهُ) كَذِي الْحِجَّةِ (فَعَلَى حَوْلَيْهِمَا) مُحَرَّمٍ وَرَجَبٍ (وَفُضَّ رِبْحُهُمَا) عَلَيْهِ عَلَى حَسَبِ عَدَدَيْهِمَا إنْ خَلَطَهُمَا وَإِلَّا زَكَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ وَرِبْحَهَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَأَشَارَ إلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَ) إنْ حَصَلَ الرِّبْحُ (بَعْدَ شَهْرٍ) مِنْ حَوْلِ الْأُولَى كَرَبِيعٍ (فَمِنْهُ) أَيْ انْتَقَلَ إلَيْهِ حَوْلُ الْأُولَى وَصَارَ مِنْهُ (وَ) تَبْقَى (الثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا) وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَ) إنْ حَصَلَ الرِّبْحُ (عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ) رَجَبٍ فَمِنْهُ وَلِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) اتَّجَرَ فِي إحْدَاهُمَا أَوْ فِيهِمَا وَرَبِحَ وَ (شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِ حُصُولِهِ (لِأَيِّهِمَا) أَيْ عِنْدَ حَوْلٍ حَصَلَ هَلْ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ بَيْنَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا (فَمِنْهُ) أَيْ فَيُزَكَّيَانِ مِنْ حَوْلِ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ شَكَّ فِي الرِّبْحِ لِأَيِّ الْفَائِدَتَيْنِ وَإِنْ عَلِمَ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْوَقْتَ اُعْتُبِرَ وَجُعِلَ لِلثَّانِيَةِ وَلِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (كَعَبْدِهِ) أَيْ كَحُصُولِ الرِّبْحِ بَعْدَ الْحَوْلِ أَيْ حَوْلِ الثَّانِيَةِ كَرَمَضَانَ أَيْ يَنْتَقِلُ حَوْلُهَا لِذَلِكَ الْبَعْدِ لَا الثَّانِيَةِ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الِانْتِقَالِ لَا فِي الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ (وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ الْكَامِلَةِ (فَأَنْفَقَهَا) بَعْدَ زَكَاتِهَا أَوْ ضَاعَتْ قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ النَّاقِصَةِ (ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ) الرَّجَبِيَّةِ (نَاقِصَةً فَلَا زَكَاةَ) فِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ الْأُولَى فِي كُلِّ الْحَوْلِ مَعَ نَفَادِهَا بِخِلَافِ لَوْ بَقِيَتْ لَزَكَّى الثَّانِيَةَ نَظَرًا لِلْأُولَى. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْفَوَائِدِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْغَلَّةِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى بِفَائِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَلَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا) أَيْ وَلَا يُضَافُ أَيْضًا مَا بَعْدَهَا إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ نَاقِصًا (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتَا مَعًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَهُمَا مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَرَبِحَ تَمَامَ نِصَابٍ وَأَمَّا إنْ نَقَصَتَا عَنْ النِّصَابِ وَبَقِيَ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِمَا مَعَ مَا بَعْدَهُمَا نِصَابٌ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ أَيْ أَنَّهُ يُزَكِّي الْأُولَى فِي حَوْلِهَا نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالثَّانِيَةُ يُزَكِّيهَا فِي حَوْلِهَا نَظَرًا لِلْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ يُزَكِّيهَا فِي حَوْلِهَا نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ وَالْأُولَى (قَوْلُهُ نَاقِصَتَيْنِ) أَيْ لَيْسَ بَعْدَهُمَا مَا يُضَمَّانِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَتَا كَمَالٍ إلَخْ) فَإِنْ أَفَادَ مِنْ غَيْرِهِمَا مَا يُتِمُّ بِهِ مَعَهُمَا مَا فِيهِ الزَّكَاةُ اسْتَقْبَلَ بِالْجَمِيعِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ أَفَادَ الْمَالَ الثَّالِثَ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَّجِرْ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ الثَّانِي وَيَرْبَحْ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ (قَوْلُهُ عِنْدَ حَوْلِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَهُ) عَدَّ هَذَيْنِ وَجْهًا وَاحِدًا وَعَدَّ قَوْلَهُ وَعِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ أَوْ شَكَّ فِيهِ لِأَيِّهِمَا وَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ الْعَكْسُ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَعَلَى حَوْلَيْهِمَا) أَيْ فَيَبْقَيَانِ عَلَى حَوْلَيْهِمَا أَوْ فَهُمَا بَاقِيَتَانِ عَلَى حَوْلَيْهِمَا لَكِنْ جَعْلُ الْجَوَابِ جُمْلَةً اسْمِيَّةً أَكْثَرُ قَالَهُ الْبَدْرُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَكَّى) أَيْ وَإِلَّا يَخْلِطْهُمَا زَكَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ وَرِبْحَهَا عِنْدَ حَوْلِهَا قَلَّ رِبْحُهَا أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ فَمِنْهُ) أَيْ انْتَقَلَتْ الْأُولَى إلَى حَوْلِ الثَّانِيَةِ وَزُكِّيَتَا مَعًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ أَيِّهِمَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عِنْدَ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ وَقْتَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ) أَيْ وَيَجْرِي عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ وَقَوْلُهُ وَجُعِلَ أَيْ الرِّبْحُ لِلثَّانِيَةِ فَإِنْ حَصَلَ الرِّبْحُ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَهُ وَشَكَّ فِي الرِّبْحِ لِأَيِّ الْفَائِدَتَيْنِ فَكُلٌّ عَلَى حَوْلِهَا وَيُزَكِّي الرِّبْحَ مَعَ الثَّانِيَةِ وَإِنْ حَصَلَ الرِّبْحُ بَعْدَ حَوْلِ الْأُولَى بِشَهْرٍ انْتَقَلَ حَوْلُ الْأُولَى إلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا تُزَكَّى فِيهِ مَعَ الرِّبْحِ وَإِنْ حَصَلَ الرِّبْحُ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ انْتَقَلَتْ الْأُولَى لِحَوْلِ الثَّانِيَةِ وَزُكِّيَتَا مَعًا وَالرِّبْحُ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ أَيْ كَحُصُولِ الرِّبْحِ بَعْدَ الْحَوْلِ إلَخْ) أَيْ حَوْلِ الثَّانِيَةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَبَعْدِهِ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ لَا عَلَى بَعْدُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ بَعْدُ مُلَازِمَةٌ لِلنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَلَا تُجَرُّ إلَّا بِمِنْ فَكَيْفَ يَجُرُّهَا الْمُصَنِّفُ بِالْكَافِ (قَوْلُهُ فِي مُطْلَقِ الِانْتِقَالِ) الْأَوْلَى فِي مُطْلَقِ الِانْتِقَالِ الْمُتَأَخِّرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلشَّخْصِ فَائِدَتَانِ لَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ مَحْرَمِيَّةً حَالَ حَوْلُهَا ثُمَّ صَارَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ عَشَرَةً وَاسْتَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رَجَبٍ عَشَرَةً فَإِنَّهُ إذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ وَعِنْدَهُ الْعِشْرُونَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْعَشَرَةَ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالنَّظَرِ لِلْعَشَرَةِ الرَّجَبِيَّةِ فَإِذَا أَنْفَقَهَا أَيْ الْمَحْرَمِيَّةَ أَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ الزَّكَاةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْعَشْرِ الرَّجَبِيَّةِ لِقُصُورِهَا عَنْ النِّصَابِ لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ تُزَكَّى نَظَرًا لِلْأُولَى وَإِنَّمَا حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْفَائِدَتَانِ لَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لِكُلٍّ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ حَوْلًا، وَهَذَا الْحَمْلُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَالْمَوَّاقُ وتت عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْفَائِدَتَانِ تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى مِثْلَ أَنْ يَسْتَفِيدَ عَشَرَةً فَتَبْقَى بِيَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَسْتَفِيدَ عَشَرَةً فَأَقَامَتْ بِيَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْأُولَى فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ أَقَامَتْ الثَّانِيَةُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَتَمَّ حَوْلُهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْهُمَا حَوْلٌ وَهَذَا التَّقْرِيرُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِقْهًا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ لِانْتِقَالِ الْحَوْلِ لِلْأُولَى لِأَنَّهَا تُضَمُّ لِلثَّانِيَةِ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَثْبَتَ لَهَا حَوْلًا كَمَا أَثْبَت لِلثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ حَوْلًا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأُولَى حَوْلٌ شَرْعًا لِأَنَّ الْحَوْلَ

(وَ) اسْتَقْبَلَ (بِالْمُتَجَدِّدِ) مِنْ نَقْدٍ نَاشِئٍ (عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ) وَأَوْلَى سِلَعُ الْقِنْيَةِ أَوْ الْمُكْتَرَاةُ لِلْقِنْيَةِ وَأَمَّا الْمُكْتَرَاةُ لِلتِّجَارَةِ فَتَقَدَّمَ أَنَّ غَلَّتَهَا كَالرِّبْحِ تُضَمُّ لِأَصْلِهَا حَالَ كَوْنِ الْمُتَجَدِّدِ (بِلَا بَيْعٍ) لَهَا وَإِلَّا كَانَ الزَّائِدُ عَلَى ثَمَنِهَا رِبْحًا يُزَكَّى لِحَوْلِ أَصْلِهِ وَمَثَّلَ لِلْمُتَجَدِّدِ بِلَا بَيْعٍ بِقَوْلِهِ (كَغَلَّةِ عَبْدٍ) مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ فَأَكْرَاهُ وَكِرَاءِ دَارٍ مَثَلًا مُشْتَرَاةٍ لِلتِّجَارَةِ (وَ) نُجُومِ (كِتَابَةٍ) لِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ (وَ) ثَمَنِ (ثَمَرَةِ) شَجَرٍ (مُشْتَرًى) لِلتِّجَارَةِ وُجِدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ تَطِبْ وَصُوفِ غَنَمٍ وَلَبَنٍ وَسَمْنٍ (إلَّا) ثَمَرَةَ الْأُصُولِ (الْمُؤَبَّرَةِ) الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ (وَ) إلَّا (الصُّوفَ التَّامَّ) الْمُسْتَحِقَّ لِلْجَزِّ وَقْتَ شِرَاءِ الْغَنَمِ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِمَا بَلْ يُزَكِّيهِ لِحَوْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْأُصُولَ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ الِاسْتِقْبَالُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ طِيبِهَا كَغَيْرِهَا وَلَوْ زُكِّيَتْ عَيْنُهَا. (وَإِنْ اكْتَرَى) أَرْضًا لِلتِّجَارَةِ (وَزَرَعَ) فِيهَا (لِلتِّجَارَةِ) أَيْضًا (زَكَّى) ثَمَنَ مَا حَصَلَ مِنْ غَلَّتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي عُرْفِهِمْ إنَّمَا يَكُونُ لِلْكَامِلَةِ وَجَعَلَ ح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لَهُمَا فَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَبِالْمُتَجَدِّدِ مِنْ نَقْدٍ نَاشِئٍ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ) أَيْ كَغَلَّةِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى سِلَعُ الْقِنْيَةِ) أَيْ وَأَوْلَى النَّقْدُ النَّاشِئُ عَنْ سِلَعِ الْقِنْيَةِ كَأُجْرَةِ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانِ الْقِنْيَةِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُكْتَرَاةُ لِلْقِنْيَةِ) كَعَقَارٍ اكْتَرَاهُ لِسُكْنَاهُ ثُمَّ اسْتَغْنَى عَنْهُ فَأَكْرَاهُ (قَوْلُهُ كَالرِّبْحِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ لِأَنَّ غَلَّتَهَا رِبْحٌ حَقِيقَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِلَا بَيْعٍ لَهَا) أَيْ لِلسِّلَعِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بِيعَتْ تِلْكَ السِّلَعُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ كَانَ الزَّائِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَنُجُومُ كِتَابَةٍ) أَيْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بَيْعًا حَقِيقِيًّا وَإِلَّا لَرَجَعَ الْعَبْدُ بِمَا دَفَعَ إنْ عَجَزَ (قَوْلُهُ وَثَمَرَةُ مُشْتَرًى) وَسَوَاءٌ بَاعَ الثَّمَرَةَ مُفْرَدَةً أَوْ بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ لَكِنْ إنْ بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ طِيبِهَا فُضَّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ فَمَا نَابَ الْأَصْلَ زَكَّاهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَمَا نَابَ الثَّمَرَةَ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ فَيَصِيرُ حَوْلُ الْأَصْلِ عَلَى حِدَةٍ وَالثَّمَرَةُ عَلَى حِدَةٍ وَإِنْ بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ قَبْلَ طِيبِهَا زَكَّى ثَمَنَهَا لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِحَوْلِ الْأَصْلِ كَثَمَنِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وُجِدَتْ) أَيْ حَدَثَتْ تِلْكَ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ تَطِبْ الْأَوْلَى وَلَمْ تُؤْبَرْ (قَوْلُهُ وَصُوفِ) أَيْ وَثَمَنِ صُوفِ غَنَمٍ اُشْتُرِيَتْ لِلتِّجَارَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا الْمُؤَبَّرَةَ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُؤَبَّرَةِ وَالصُّوفِ التَّامِّ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَثَمَرَةُ مُشْتَرٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَّصِلًا مُنْفَصِلًا مُتَّصِلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤَبَّرَةِ وَمُنْفَصِلًا بِالنِّسْبَةِ لِلصُّوفِ التَّامِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِمَا بَلْ يُزَكِّيهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَالصُّوفِ التَّامِّ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِمَنْزِلَةِ سِلْعَةٍ ثَانِيَةٍ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ لِسَكَنٍ الْمُعْتَمَدُ فِي الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَأْبُورَةِ إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ فَقَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَمَدَهُ هُنَا وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ لِقَوْلِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ شُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَأْبُورَةُ حِينَ الشِّرَاءِ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا غَلَّةٌ وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ أَهْلُ الْمَذْهَبِ قَالُوا إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَأْبُورَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ حِينَ الشِّرَاءِ قَدْ طَابَتْ فَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنَّهَا كَسِلْعَةٍ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّوفِ التَّامِّ فَهُوَ مَنْصُوصٌ لَا مُخَرَّجٌ كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ عَلَى مَا فِي ح وَنَصُّهَا اخْتَلَفَ إذَا اشْتَرَى الْغَنَمَ وَعَلَيْهَا صُوفٌ تَامٌّ فَجَزَّهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهُ مُشْتَرًى يُزَكِّيهِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْغَنَمَ وَعِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّهُ غَلَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى يُزَادُ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً) وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ الْأَصْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ لَكِنْ إنْ بَدَا الصَّلَاحُ اسْتَقْبَلَ بِمَا قَابَلَ الثَّمَرَةَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ الصَّلَاحُ فَلَا عِبْرَةَ بِالثَّمَرَةِ بَلْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَالْعِبْرَةُ بِالْأُصُولِ وَالْحَوْلُ حَوْلُ الْأَصْلِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ طِيبِهَا (قَوْلُهُ كَغَيْرِهَا) أَيْ كَغَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّمَرَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ وَقْتَ شِرَاءِ الشَّجَرِ فَإِنَّ ثَمَنَهُ يُسْتَقْبَلُ بِهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مُؤَبَّرًا فَقِيلَ إنَّ ثَمَنَهُ يُزَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَقِيلَ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا كَثَمَنِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، بِخِلَافِ الصُّوفِ التَّامِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَغَيْرِ التَّامِّ إذْ ثَمَنُ غَيْرِ التَّامِّ غَلَّةٌ يُسْتَقْبَلُ بِهِ بِخِلَافِ ثَمَنِ التَّامِّ فَإِنَّهُ يُزَكَّى لِحَوْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْأَصْلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ زُكِّيَتْ عَيْنُهَا أَيْ عَيْنُ الثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا حَوْلًا خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اكْتَرَى إلَخْ) أَيْ وَإِنْ اكْتَرَى بِمَالِ التِّجَارَةِ أَرْضًا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ زَكَّى ثَمَنَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ نِصَابًا وَكَانَتْ الْغَلَّةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الزَّرْعِ الْمَبِيعَةِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ نِصَابًا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُزَكِّي عَيْنَهَا ثُمَّ إذَا بَاعَهَا زَكَّى ثَمَنًا لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ لَا لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ ثَمَنَ الْحَبِّ يُزَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ مُقَيَّدٌ بِمَا

[زكاة الدين]

لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي اكْتَرَى بِهِ الْأَرْضَ وَلَوْ قَالَ كَأَنْ اكْتَرَى إلَخْ وَحَذَفَ زَكَّى لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَخْصَرَ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ) فِي زَكَاةِ مَا ذُكِرَ لِحَوْلِ الْأَصْلِ (كَوْنُ الْبَذْرِ لَهَا) أَيْ لِلتِّجَارَةِ فَلَوْ كَانَ لِقُوَّتِهِ اسْتَقْبَلَ بِثَمَنِ مَا حَصَلَ مِنْ زَرْعِهَا لِأَنَّهُ كَفَائِدَةٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ (تَرَدُّدٌ) وَالْأَوْلَى تَأْوِيلَانِ (لَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِاكْتِرَاءِ وَالزَّرْعِ (لِلتِّجَارَةِ) بِأَنْ كَانَا مَعًا لِلْقُنْيَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْقِنْيَةِ فَلَا يَسْتَقْبِلُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَالْحَقُّ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْقِنْيَةِ اسْتَقْبَلَ فَلَوْ قَالَ لَا؛ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلْقِنْيَةِ لَطَابَقَ النَّقْلَ (وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا) أَيْ عَيْنِ مَا ذُكِرَ مِنْ ثَمَرِ الْأُصُولِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ مُؤَبَّرَةً أَمْ لَا وَمَا حَصَلَ مِنْ الزَّرْعِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ حَصَلَ نِصَابٌ (زَكَّى) عَيْنَهَا بِأَنْ يُخْرِجَ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ (ثُمَّ) إذَا بَاعَهَا (زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ) أَيْ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى عَيْنَهَا لَكِنْ يَجِبُ تَخْصِيصُ قَوْلِهِ ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ بِمَسْأَلَةِ مَنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ مَا عَدَاهَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ قَبْضِ الثَّمَنِ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى زَكَاةِ الدَّيْنِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ) وَمَحَطُّ الْحَصْرِ قَوْلُهُ الْآتِي لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ شُرُوطٌ لَيْسَتْ مِنْ الْمَحْصُورِ وَلَا مِنْ الْمَحْصُورِ فِيهِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ (إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ) أَوْ يَدِ وَكِيلِهِ فَأَقْرَضَهُ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَطِيَّةً بِيَدِ مُعْطِيهَا أَوْ صَدَاقًا بِيَدِ زَوْجٍ أَوْ أَرْشًا بِيَدِ الْجَانِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَ الْحَبُّ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَإِلَّا زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى الْحَبَّ كَمَا يَأْتِي فَمَا يَأْتِي مُقَيِّدٌ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي اكْتَرَى بِهِ الْأَرْضَ) وَهُوَ يَوْمُ التَّزْكِيَةِ إنْ كَانَ قَدْ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ فَثَمَنُ مَا حَصَلَ مِنْ غَلَّتِهَا مِنْ قَبِيلِ الرِّبْحِ لَا مِنْ قَبِيلِ الْغَلَّةِ وَلَا مِنْ قَبِيلِ الْفَائِدَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ بْن الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ح وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ تَقْدِيمَهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْبَذْرِ) أَيْ الْمَبْذُورِ مِنْ غَلَّةٍ مُشْتَرَاةٍ لِلتِّجَارَةِ فَلَوْ كَانَ الْمَبْذُورُ مِمَّا اتَّخَذَهُ لِقُوتِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ مَا حَصَّلَ مِنْ الزَّرْعِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ) أَيْ لِأَنَّ بَذْرَ الزَّرْعِ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا يُلْتَفَتُ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ لِقُوتِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى تَأْوِيلَانِ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَأْوِيلٌ لِابْنِ يُونُسَ وَأَكْثَرُ الْقَرَوِيِّينَ وَابْنِ شَبْلُونٍ وَالثَّانِي تَأْوِيلٌ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالتَّأْوِيلَانِ لِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الصَّوَابِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْآخَرَ لِكَلَامِ الْأُمَّهَاتِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ) أَيْ لَا إنْ انْتَفَى الْكَوْنُ لِلتِّجَارَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ فَلَا يُزَكِّي ثَمَنَ الزَّرْعِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ بَلْ يَسْتَقْبِلُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلْقِنْيَةِ وَالْآخَرُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقْبِلُ وَيُزَكِّي لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى أَيْ ثَمَنَ الزَّرْعِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُزَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ إلَّا إذَا ثَبَتَ الْكَوْنُ لِلتِّجَارَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا إنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ) أَيْ بِأَنْ اكْتَرَى بِقَصْدِ الْقِنْيَةِ وَزَرَعَ بِقَصْدِهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلْقِنْيَةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَاقْتَضَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَكَالتِّجَارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كَالْقِنْيَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي ح لَا إنْ لَمْ يَكُونَا لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن وَأَجَابَ شَيْخُنَا عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ كَلَامَهُ مِنْ بَابِ سَلْبِ الْعُمُومِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ لَا إنْ انْتَفَتْ الْكَوْنِيَّةُ لِلتِّجَارَةِ عَنْهُمَا مَعًا وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَهَا وَالْآخَرُ لِلتِّجَارَةِ لَا مِنْ بَابِ عُمُومِ السَّلْبِ حَتَّى يَأْتِيَ الِاعْتِرَاضُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُعَمِّمَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ ثُمَّ يُخَصِّصَ فِي آخِرِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الرَّاجِحِ إذْ لَوْ عَمَّمَ فِي آخِرِهِ كَأَوَّلِهِ لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَلَوْ خَصَّصَ أَوَّلًا وَآخِرًا لَكَانَ فِيهِ قُصُورٌ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ مَا عَدَاهَا) أَيْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ ثَمَرِ الْأُصُولِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ. [زَكَاةِ الدَّيْنِ] (قَوْلُهُ عَلَى زَكَاةِ الدَّيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ قَرْضًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مُدِيرٍ أَوْ مُحْتَكِرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ كَانَ ثَمَنُ عَرْضِ تِجَارَةٍ لِمُحْتَكِرٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنَ عَرْضِ تِجَارَةٍ لِمُدِيرٍ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيُزَكِّيهِ كُلَّ عَامٍ فَالْمُدِيرُ وَالْمُحْتَكِرُ إنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي دَيْنِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَمَحَطُّ الْحَصْرِ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى إنَّمَا يُزَكَّى الدَّيْنُ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ أَيْ لِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى أَصْلَهُ إنْ كَانَ قَدْ زَكَّاهُ أَوْ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ أَصْلَهُ إنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَقُمْ عِنْدَهُ حَوْلًا وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ أَعْوَامًا بِشُرُوطٍ أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَأَقْرَضَهُ) أَيْ لِلْمَدِينِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُقْرِضُ مُدِيرًا أَوْ مُحْتَكِرًا أَوْ غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) بِأَنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنْ مِيرَاثٍ وَكَانَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ عَلَى تَفْرِقَةِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ) أَيْ وَلَوْ أَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ (فَائِدَةٌ) لَوْ بَقِيَتْ الْعَطِيَّةُ بِيَدِ مُعْطِيهَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ سِنِينَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ لَا عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَلَا عَلَى الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ بِقَبُولِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَى مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِ الصَّدَقَةِ قَالَهُ

(أَوْ) كَانَ أَصْلُهُ (عَرْضَ تِجَارَةٍ) بَاعَهُ مُحْتَكِرٌ، الشَّرْطُ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَقُبِضَ) فَلَا زَكَاةَ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ أَصْلُهُ قَرْضًا أَوْ عَرْضَ مُحْتَكِرٍ وَأَمَّا دَيْنُ الْمُدِيرِ غَيْرُ الْقَرْضِ فَيُزَكِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ كَمَا يَأْتِي الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَقْبِضَ (عَيْنًا) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً لَا إنْ قَبَضَهُ عَرْضًا حَتَّى يَبِيعَهُ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ احْتِكَارٍ أَوْ إدَارَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَبْضِ الْحِسِّيِّ وَالْحُكْمِيِّ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ قَبَضَهُ (بِهِبَةٍ) لِغَيْرِ الْمَدِينِ فَإِنَّ الْوَاهِبَ يُزَكِّيهِ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ وَيُزَكِّيهِ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ الزَّكَاةَ مِنْهُ فَإِنْ وَهَبَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِعَدَمِ قَبْضِهِ (أَوْ) بِ (إحَالَةٍ) لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ وَيُزَكِّيهِ الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا الْمُحَالُ فَيُزَكِّيهِ مِنْهُ إنْ قَبَضَهُ وَيُزَكِّيهِ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ الشَّرْطُ الرَّابِعُ قَوْلُهُ (كَمَّلَ) الْمَقْبُوضُ نِصَابًا (بِنَفْسِهِ) لَا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ مَعَهُ كَأَنْ يَقْبِضَ عِشْرِينَ دِينَارًا جُمْلَةً أَوْ عَشَرَةً ثُمَّ عَشَرَةً فَيُزَكِّيهِمَا عِنْدَ قَبْضِ الثَّانِيَةِ إذَا بَقِيَتْ الْأُولَى لِقَبْضِ الثَّانِيَةِ بَلْ (وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ) اسْمُ مَفْعُولٍ وَهُوَ الْعَشَرَةُ الْأُولَى قَبْلَ قَبْضِ الثَّانِيَةِ وَكَذَا إنْ تَلِفَتْ الثَّانِيَةُ أَوْ هُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQسَحْنُونٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَصْلُهُ عَرْضَ تِجَارَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَقَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ وَكَانَ مُحْتَكِرًا وَبَاعَهُ بِدَيْنٍ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا إذَا كَانَ أَصْلُ الدَّيْنِ عَرْضًا مِنْ عُرُوضِ الْقِنْيَةِ أَوْ الْمِيرَاثِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التِّجَارَةَ وَبَاعَهُ بِدَيْنٍ فَلَا يُزَكِّيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَصْلُهُ قَرْضًا إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى فَلَا زَكَاةَ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ قَرْضًا لِمُدِيرٍ أَوْ لِمُحْتَكِرٍ أَوْ لِغَيْرِهِمَا أَوْ كَانَ ثَمَنَ عُرُوضِ تِجَارَةٍ لِمُحْتَكِرٍ لَا إنْ كَانَ ثَمَنَ عَرْضِ تِجَارَةِ الْمُدِيرِ وَلَا زَكَاةَ كُلَّ عَامٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضَ مُحْتَكِرٍ) أَيْ أَوْ ثَمَنَ عَرْضِ مُحْتَكِرٍ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْقَرْضِ) بِأَنْ كَانَ ثَمَنَ سِلْعَةٍ بَاعَهَا بِالدَّيْنِ وَأَمَّا الْقَرْضُ فَإِنَّمَا يُزَكِّيهِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَيُزَكِّيهِ) أَيْ لِكُلِّ عَامٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَبَضَهُ عَرْضًا) أَيْ لَا إنْ قَبَضَ عَرْضًا عِوَضًا عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَبِيعَهُ فَإِذَا بَاعَ ذَلِكَ الْعَرْضَ زَكَّى ثَمَنَهُ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الْعَرْضِ لَا مِنْ حَوْلِ الْأَصْلِ وَهَذَا إذَا كَانَ مُحْتَكِرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مُدِيرًا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُ ذَلِكَ الْعَرْضَ الَّذِي قَبَضَهُ كُلَّ عَامٍ وَيُزَكِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ وَافٍ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِهِبَةٍ) أَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ لَا زَكَاةَ فِي الْمَوْهُوبِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْوَاهِبَ يُزَكِّيهِ) أَيْ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ أَيْ إلَّا بِالْقَبْضِ فَكَأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْ قَبَضَهُ حِينَ قَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاهِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى أَيْ الْوَاهِبُ أَنَّهُ حِينَ الْهِبَةِ أَرَادَ أَنَّ زَكَاتَهُ تَكُونُ مِنْهُ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَ حَلِفِهِ اُنْظُرْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَكَاةَ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ مِنْهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ الْوَاهِبُ أَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَكُنْ شَرْطٌ فَإِنَّ الْوَاهِبَ يُزَكِّيهِ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الدَّيْنَ الْمَوْهُوبَ زَكَاتُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَرَطَ الْوَاهِبُ ذَلِكَ أَوْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا نِيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ قَبْضِهِ) أَيْ بَلْ هُوَ إبْرَاءٌ وَكَذَا لَا زَكَاةَ أَيْضًا عَلَى الْمَدِينِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِحَالَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَ قَبَضَهُ بِإِحَالَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْهِبَةِ وَالْحَوَالَةِ قَبْضٌ حُكْمِيٌّ لِلدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ مِنْ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْحَوَالَةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُحِيلِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْحَوَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يُزَكِّيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِحَوْلِ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُحَالُ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَوَالَةِ وَالْهِبَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا مِنْ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ فَلَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُحَالُ فَيُزَكِّيهِ مِنْهُ) أَيْ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ بِمُرُورِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمَالَ الْمُحَالَ بِهِ يُخَاطَبُ بِزَكَاتِهِ ثَلَاثَةً وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَّلَ نِصَابًا) أَيْ كَمَّلَ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا بِنَفْسِهِ أَيْ بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ إلَيْهِ، سَوَاءٌ قَبَضَ النِّصَابَ فِي مَرَّةٍ أَوْ فِي مَرَّاتٍ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ الْبَعْضُ الْمَقْبُوضُ أَوَّلًا عِنْدَهُ لِقَبْضِ الْبَاقِي بَلْ وَلَوْ لَمْ يَسْتَمِرَّ بَلْ تَلِفَ الْمُتِمُّ أَيْ الْبَعْضُ الَّذِي قَبَضَهُ أَوَّلًا قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ لَا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ مَعَهُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ فَائِدَةٌ جَمَعَهَا مَعَهُ مِلْكٌ وَحَوْلٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ مَعَهُ أَيْ غَيْرِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ الْمُتِمُّ) أَيْ حَيْثُ قَبَضَ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ كَمَالِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُتِمِّ اسْمُ مَفْعُولٍ كَمَا إذَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ عَشَرَةً فَتَلِفَتْ مِنْهُ بِإِنْفَاقٍ أَوْ ضَيَاعٍ ثُمَّ إنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ أَيْضًا عَشَرَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ الْعِشْرِينَ عِنْدَ قَبْضِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَضُرُّ تَلَفُ الْعَشَرَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعِشْرِينَ جَمَعَهَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ إذَا تَلِفَ الْمُتِمُّ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ سَقَطَتْ زَكَاتُهُ وَسَقَطَتْ زَكَاةُ بَاقِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِصَابٌ وَأَمَّا إذَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ

إنْ تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ (أَوْ) كَمُلَ (بِفَائِدَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (جَمَعَهُمَا) أَيْ الْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ وَالْفَائِدَةِ (مِلْكٌ وَحَوْلٌ) كَمَا لَوْ مَلَكَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ وَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْحَوْلِ عِنْدَهُ وَبَعْضُهُ عِنْدَ الْمَدِينِ عَشَرَةٌ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِمَا (أَوْ) كَمَّلَ الْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ نِصَابًا (بِمَعْدِنٍ) لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ (عَلَى الْمَنْقُولِ) وَإِنَّمَا يُزَكَّى الدَّيْنُ الْمَقْبُوضُ بِشُرُوطِهِ (لِسَنَةٍ) فَقَطْ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ (مِنْ) يَوْمِ مَلَكَ (أَصْلَهُ) أَوْ تَزْكِيَتُهُ إنْ كَانَ زَكَاةً وَمَحِلُّ تَزْكِيَتِهِ لِعَامٍ فَقَطْ إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ مَضَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَصْلُهُ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً وَاسْتَمَرَّا بِيَدِ الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ أَوْ صَدَاقًا بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ خُلْعًا بِيَدِ دَافِعِهِ أَوْ أَرْشَ جِنَايَةٍ بِيَدِ الْجَانِي أَوْ وَكِيلِ كُلٍّ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ فِرَارًا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَاسْتَقْبَلَ حَوْلًا. (وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ) فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ اسْتَقْبَلَ إنْ إلَخْ وَفِي بَعْضِهَا تَأْخِيرٌ اسْتَقْبَلَ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ أَرْشٍ (لَا) إنْ كَانَ الدَّيْنُ تَرَتَّبَ (عَنْ) عَرْضٍ (مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ) بِنَقْدٍ كَأَنْ اشْتَرَى بَعِيرًا بِدِينَارٍ لَهَا (وَبَاعَهُ لِأَجَلٍ) بِنِصَابٍ فَأَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالزَّكَاةُ اتِّفَاقًا وَقَدْ رَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ إنْ تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ) هَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَلِفَ الْمُتِمُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يُزَكَّى الْمُتَمُّ بِالْفَتْحِ عِنْدَ قَبْضِ مَا يُتَمِّمُهُ وَلَوْ تَلِفَ ذَلِكَ الْمُتَمُّ قَبْلَ قَبْضِ مَا يُتَمِّمُهُ إذَا كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ نِصَابًا كَمَا إذَا كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ حُلُولِ حَوْلِ الْأَصْلِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ تَلَفُهُ قَبْلَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِ حَوْلِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّي مَا قَبَضَ بَعْدَهُ إلَّا إذَا كَانَ نِصَابًا (قَوْلُهُ أَوْ بِفَائِدَةٍ) أَيْ أَوْ كَمَّلَ الْمَقْبُوضَ مِنْ الدَّيْنِ نِصَابًا بِسَبَبِ فَائِدَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَائِدَةِ هُنَا مَا تَجَدَّدَ لَا عَنْ مَالٍ فَقَطْ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا تَجَدَّدَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرِهَا لَا حَاجَةَ لَهُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِلْكٌ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَا يُقَالُ لَهَا فَائِدَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَالدَّيْنُ لَا يَكُونُ إلَّا مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ وَحَوْلٌ) أَيْ وَكَمُلَ الْحَوْلُ ثُمَّ إنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ لِلْفَائِدَةِ عِنْدَهُ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ مَا يُصَيِّرُهَا نِصَابًا فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّي مَا اقْتَضَاهُ إلَّا إذَا بَقِيَ مَا اقْتَضَاهُ لِتَمَامِ حَوْلِ الْفَائِدَةِ وَبَقِيَتْ أَيْضًا لِتَمَامِهِ لِيَحْصُلَ جَمْعُ الْحَوْلِ لِلْفَائِدَةِ وَالِاقْتِضَاءِ وَجَمْعُ الْمِلْكِ لَهُمَا فِيهِ فَلَوْ قَبَضَ عَشَرَةً فَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا وَقَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ أَوْ اسْتَفَادَ وَأَنْفَقَ بَعْدَ حَوْلِهَا ثُمَّ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ فَلَا زَكَاةَ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ مَلَكَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) أَيْ بِعَطِيَّةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِمَا) أَيْ لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ مِلْكِ الْفَائِدَةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْفَائِدَةُ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ لَكِنْ إنْ تَأَخَّرَتْ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الِاقْتِضَاءِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُهَا وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَالشَّرْطُ مُضِيُّ حَوْلٍ بَعْدَهَا سَوَاءٌ بَقِيَتْ الْفَائِدَةُ لِلِاقْتِضَاءِ أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ فَإِذَا اسْتَفَادَ عَشَرَةً فِي مُحَرَّمٍ ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً فِي رَجَبَ الَّذِي فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْعِشْرِينَ حَالًا سَوَاءٌ بَقِيَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ حَتَّى قَبَضَ الرَّجَبِيَّةَ أَوْ أَنْفَقَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ كَمَّلَ الْمَقْبُوضَ مِنْ الدَّيْنِ نِصَابًا بِمَعْدِنٍ) أَيْ فَيُزَكِّي ذَلِكَ الْمَقْبُوضَ بِمُجَرَّدِ كَمَالِهِ نِصَابًا بِالْخَارِجِ مِنْ الْمَعْدِنِ عَلَى الْمَنْقُولِ أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَاخْتَارَ الصَّقَلِّيُّ عَدَمَ ضَمِّ الْمَعْدِنِ لِلْمَقْبُوضِ. (فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ) أَيْ لِأَنَّ خُرُوجَ الْعَيْنِ مِنْ الْمَعْدِنِ بِمَنْزِلَةِ حُلُولِ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ لِسَنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُزَكِّي كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُزَكِّي الدَّيْنَ الْمَقْبُوضَ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَبْضٍ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَبْضٍ وَالْمَعْنَى وَقَبَضَ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ مَا قَبَضَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ لَا يُزَكَّى وَلَا يُضَمُّ لِمَا قُبِضَ بَعْدَهَا فَلَعَلَّ الْأَوْلَى جَعْلُ الْعَامِلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ) أَيْ هَذَا إذَا أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سَنَةً أَوْ بَعْضَهَا كَمَا لَوْ أَقَامَ عِنْدَ مَالِكِهِ بَعْدَ زَكَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مِلْكِهِ لَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَمِثْلَهَا عِنْدَ الْمَدِينِ بَلْ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ (قَوْلُهُ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ لَا مِنْ حِينِ قَبَضَهُ وَقَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ أَصْلَهُ أَيْ إنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ لَا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ لِعَدَمِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ حَوْلًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ مَضَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ أَخَّرَهُ فِرَارًا فَفِيهَا زَكَاةٌ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ لِكُلِّ عَامٍ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ قَوْلِهِ زَكَّاهُ بَعْدَ قَبْضِهِ زَكَاةً وَاحِدَةً مَا نَصُّهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ قَبْضَهُ فِرَارًا وَخُولِفَ اهـ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّ كَلَامَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ) أَيْ إنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي لَيْسَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ وَلَا عَرْضَ تِجَارَةٍ تَرَتَّبَ عَنْ كَهِبَةٍ عِنْدَ الْوَاهِبِ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عِنْدَ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ) أَيْ وَالْكَلَامُ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ لِإِيهَامِ الْفَسَادِ فَلَعَلَّ النُّسْخَةَ

وَأَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا أَوْ أَوْلَى إنْ بَاعَهُ عَلَى الْحَوْلِ (فَلِكُلٍّ) أَيْ فَيُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ مَضَى مِنْ يَوْمِ بَيْعِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى الْحَوْلِ وَأَخَّرَهُ فِرَارًا فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إلَى قَوْلِهِ قَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالْمَسْأَلَةُ الْمُوَافِقَةُ لِلنَّقْلِ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ إلَخْ وَقَيَّدْنَا الْمُشْتَرَى بِالنَّقْدِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى عَرْضَ الْقِنْيَةِ بِعَرْضٍ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ كَهِبَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ حَتَّى عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (وَ) لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ تَرَتَّبَ (عَنْ إجَازَةِ) لِعَبْدٍ مَثَلًا أَوْ عَنْ كِرَاءٍ (أَوْ) كَانَ أَصْلُهُ عَنْ (عَرْضٍ مُفَادٍ) بِكَمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ قَبَضَهُ وَبَاعَهُ بِدَيْنٍ فَفِي الِاسْتِقْبَالِ بِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَتَزْكِيَتِهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ (قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَفِرَّ بِتَأْخِيرِهِ اسْتَقْبَلَ اتِّفَاقًا. (وَحَوْلُ) مَا دُونَ النِّصَابِ الْمُقْتَضَى مِنْ الدَّيْنِ (الْمُتَمِّ) بِفَتْحِ التَّاءِ نِصَابًا بِاقْتِضَاءِ شَيْءٍ آخَرَ (مِنْ) وَقْتِ (التَّمَامِ) ثُمَّ كُلُّ اقْتِضَاءٍ بَعْدُ عَلَى حَوْلِهِ كَأَنْ اقْتَضَى عَشَرَةً فِي الْمُحَرَّمِ فَعَشَرَةً فِي رَجَبٍ تَمَّ بِهَا النِّصَابُ وَزَكَّى وَقْتَ قَبْضِ الثَّانِيَةِ فَالْحَوْلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ وَقْتِ قَبْضِ الثَّانِيَةِ (لَا إنْ نَقَصَ) الْمَقْبُوضُ عَنْ النِّصَابِ (بَعْدَ الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِتَمَامِ النِّصَابِ ثُمَّ قَبَضَ مَا يُكْمِلُهُ فَلَا يَكُونُ حَوْلُهُ مِنْ التَّمَامِ بَلْ يُزَكَّى كُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ فَمَنْ اقْتَضَى عِشْرِينَ فِي الْمُحَرَّمِ فَزَكَّاهَا فَنَقَصَتْ عَنْ النِّصَابِ بِاتِّفَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَبَضَ عَشَرَةً فِي رَجَبٍ وَزَكَّاهَا فِيهِ فَحَالَ حَوْلُ الْأُولَى نَاقِصَةً لَكِنَّهَا مَعَ مَا بَعْدَهَا نِصَابٌ زَكَّى كُلًّا عَلَى حَوْلِهِ مَا دَامَ النِّصَابُ فِيهِمَا (ثُمَّ) بَعْدَ قَبْضِ النِّصَابِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ بَقِيَ أَوْ تَلِفَ (زَكَّى الْمَقْبُوضَ) بَعْدُ (وَإِنْ قَلَّ) وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ حَالَ قَبْضِهِ وَيَبْقَى كُلُّ اقْتِضَاءٍ عَلَى حَوْلِهِ. (وَإِنْ اقْتَضَى) مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْمَدِينِ أَوْ عِنْدَهُمَا (دِينَارًا) فِي مُحَرَّمٍ مَثَلًا (فَآخَرَ) فِي رَجَبٍ مَثَلًا (فَاشْتَرَى بِكُلٍّ) مِنْهُمَا (سِلْعَةً) وَتَحْتَهُ صُوَرٌ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ بِالْأَوَّلِ أَوَّلًا أَوْ بِالْعَكْسِ (بَاعَهَا) أَيْ بَاعَ سِلْعَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِعِشْرِينَ) مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي لَيْسَ فِيهَا قَوْلُهُ اسْتَقْبَلَ تَكُونُ الْمُبَالَغَةُ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ ذَلِكَ اسْتَقْبَلَ بِهِ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ إلَخْ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ الْمَفْهُومِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَقَوْلُهُ وَأَوْلَى إذَا بَاعَهُ عَلَى الْحَوْلِ أَيْ وَأَخَّرَ الْقَبْضَ فِرَارًا (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ) حَاصِلُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبِيعَ الْعَرْضَ الْمُشْتَرَى لِلْقِنْيَةِ بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُتْرَكَ قَبْضُهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ لَا فَإِنْ بَاعَهُ بِحَالٍّ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ فِرَارًا اسْتَقْبَلَ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَإِنْ بَاعَهُ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ يُؤَخِّرْ قَبْضَهُ فِرَارًا زَكَّاهُ لِعَامٍ مِنْ يَوْمِ بَيْعِهِ وَإِنْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا بَاعَهُ بِحَالٍّ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ لَكِنْ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي قَصْدِ الْفِرَارِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَجَزَمَ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ قَصْدَ الْفِرَارِ كَعَدَمِهِ وَمَا قَالَهُ فِي الْبَيْعِ لِأَجَلٍ دُونَ قَصْدِ فِرَارٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ طَرِيقَةٌ مُخَالِفَةٌ لِطَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالثَّمَنِ مِنْ قَبْضِهِ اهـ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ الْمُوَافِقَةُ لِلنَّقْلِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ وَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ تَجَدَّدَتْ وَكَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ غَيْرِ مَالٍ أَوْ عَنْ مَالٍ غَيْرِ مُزَكًّى فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَلَوْ أَخَّرَ قَبْضَهَا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَهَذَا يَشْمَلُ الْعَطِيَّةَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَاقَ وَالْخُلْعَ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَثَمَنَ سِلَعِ الْقِنْيَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا بِنَقْدٍ أَوْ بِعَرْضٍ وَيَشْمَلُ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ وَلَوْ أَخَّرَ قَبْضَهُ أَعْوَامًا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ وَزَكَّى وَقْتَ قَبْضِ الثَّانِيَةِ) وَلَا يَضُرُّ تَلَفُ الْمُتَمَّمِ بِالْفَتْحِ قَبْلَ التَّمَامِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ قَبْضِ الثَّانِيَةِ) خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ كُلًّا مِنْ الْعَشَرَتَيْنِ حَوْلُهُ مِنْ شَهْرِ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ زَكَّى كُلًّا عَلَى حَوْلِهِ) فَيُزَكِّي الْأُولَى عَلَى حَوْلِهَا نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ وَكَذَا تُزَكَّى الثَّانِيَةُ عِنْدَ حَوْلِهَا نَظَرًا لِلْأُولَى (قَوْلُهُ مَا دَامَ النِّصَابُ فِيهِمَا) أَيْ فَلَوْ نَقَصَتَا عَنْهُ بَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى حَوْلِهِ وَزَكَّاهُ إنْ بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ وَقَبَضَ مِنْهُ مَا يُكْمِلُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ بَقِيَ) أَيْ مَا قَبَضَ أَوَّلًا لِمَا قَبَضَهُ ثَانِيًا أَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ ثَانِيًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بَقِيَ ذَلِكَ النِّصَابُ الَّذِي قَبَضَهُ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ لِمَا قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ وَإِنْ قَلَّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحَوْلُهُ الْمُتِمُّ مِنْ التَّمَامِ وَلِقَوْلِهِ لَا إنْ نَقَصَ بَعْدَ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ فِيهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ نِصَابٌ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ قَبْضِ تَمَامِ النِّصَابِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ زَكَّى الْمَقْبُوضَ وَلَوْ قَلَّ وَيَبْقَى كُلُّ مَا اقْتَضَاهُ عَلَى حَوْلِهِ، وَإِذَا نَقَصَ الْمَقْبُوضُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَبَقِيَ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ زَكَّى الْمَقْبُوضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ قَلَّ وَالشَّارِحُ اقْتَصَرَ عَلَى رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ وَحَوْلُ الْمُتِمِّ مِنْ التَّمَامِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا اقْتَضَى نِصَابًا فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ لَا يُزَكَّى الْمَقْبُوضُ بَعْدَهُ إلَّا إذَا كَانَ نِصَابًا نَقَلَهُ الرَّجْرَاجِيُّ قَالَ أَمَّا إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ أَوْ أَنْفَقَهُ فَلَا كَلَامَ فِي تَزْكِيَةِ مَا يُقْبَضُ بَعْدَهُ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى كُلُّ اقْتِضَاءٍ عَلَى حَوْلِهِ) أَيْ مَا دَامَ الْحَوْلُ مَعْلُومًا أَمَّا إنْ جَهِلَ الْحَوْلَ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَضُمَّ لِاخْتِلَاطِ

فَالْمُرَادُ بَاعَ كُلَّ سِلْعَةٍ مِنْهُمَا بِمَا فِيهِ الزَّكَاةُ (فَإِنْ بَاعَهَا مَعًا) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِالْأَرْبَعِينَ (أَوْ) بَاعَ (إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى) بِحَيْثُ اجْتَمَعَتَا فِي الْمِلْكِ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ لِأَنَّ الْمَبِيعَةَ أَوَّلًا إمَّا سِلْعَةُ الدِّينَارِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَهُمَا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِسِتَّةٍ وَهِيَ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَيْ فِيمَا إذَا بَاعَهُمَا مَعًا بِتِسْعَةٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى أَيْ وَبَاعَ الْأُخْرَى أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (زَكَّى الْأَرْبَعِينَ) دِينَارًا فِي الصُّوَرِ التِّسْعِ لِأَنَّ الرِّبْحَ يُقَدَّرُ وُجُودُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنَّ تَزْكِيَةَ الْأَرْبَعِينَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ حِينَ بَيْعِهِمَا مَعًا وَأَمَّا فِي السِّتَّةِ فَيُزَكِّي حِينَ يَبِيعُ الْأُولَى أَحَدًا وَعِشْرِينَ وَحِينَ يَبِيعُ الثَّانِيَةَ تِسْعَةَ عَشَرَ وَحَوْلُ الْجَمِيعِ مِنْ وَقْتِ بَيْعِ الْأُولَى (وَإِلَّا) بِأَنْ بَاعَ الْأُولَى قَبْلَ شِرَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَاعَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ شِرَاءِ الْأُولَى زَكَّى (أَحَدًا وَعِشْرِينَ) عِشْرِينَ ثَمَنُهَا وَالدِّينَارُ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ بِهِ وَيَسْتَقْبِلُ بِالثَّانِيَةِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ زَكَّى فَيُعْتَبَرُ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ زَكَاتِهِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْإِحْدَى عَشَرَةَ صُورَةً الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ ثَلَاثَةٌ فِي الْأَوَّلِ وَسِتٌّ فِي الثَّانِيَةِ وَاثْنَتَانِ فِي الْأَخِيرَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى السِّلْعَتَيْنِ بِالدِّينَارَيْنِ مَعًا وَبَاعَهُمَا إمَّا مَعًا أَوْ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّانِيَةَ قَبْلَ الْأُولَى وَمَا عَدَا هَذِهِ يُزَكِّي أَحَدًا وَعِشْرِينَ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الِاقْتِضَاءَاتِ بَعْدَ تَمَامِ النِّصَابِ تَبْقَى عَلَى أَحْوَالِهَا وَإِنْ قَلَّتْ وَلَا يُضَمُّ مِنْهَا شَيْءٌ لِآخَرَ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إنْ عُلِمَتْ الْأَحْوَالُ لَا إنْ الْتَبَسَتْ فَقَالَ (وَضُمَّ لِاخْتِلَاطِ) أَيْ الْتِبَاسِ (أَحْوَالِهِ) أَيْ أَحْوَالِ الِاقْتِضَاءِ جَمْعُ حَوْلٍ أَيْ أَعْوَامِهِ الَّتِي يُزَكَّى فِيهِمَا لَا جَمْعُ حَالٍ (آخِرٌ) مِنْهَا مُلْتَبِسُ حَوْلِهِ (لِأَوَّلٍ) مِنْهَا عُلِمَ حَوْلُهُ وَيُجْعَلُ الْحَوْلُ مِنْهُ يَعْنِي إذَا اخْتَلَطَتْ عَلَيْهِ أَوْقَاتُ الِاقْتِضَاءَاتِ أَيْ نَسِيَهَا مَعَ عِلْمِهِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُتَأَخِّرَ مِنْهَا أَيْضًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَضُمُّ مَا جَهِلَ وَقْتَهُ لِلْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلَ الْحَقِيقِيَّ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْهُ شَيْءٌ وَالْآخِرَ الْحَقِيقِيَّ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ بَلْ مُطْلَقُ مُتَقَدِّمٍ وَمُتَأَخِّرٍ فَكُلُّ مَنْسِيٍّ وَقْتُهُ يَضُمُّهُ لِمَعْلُومٍ قَبْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحْوَالِهِ آخِرٌ لِأَوَّلٍ. (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا فَرَضَهَا فِي أَقَلَّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ الْعِشْرُونَ لِيَسْهُلَ فَهْمُ ذَلِكَ عَلَى الْمُبْتَدِئِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُمَا مَعًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا مُصْطَحِبَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ اجْتَمَعَتَا أَيْ السِّلْعَتَانِ (قَوْلُهُ وَهُمَا فِي الصُّوَرِ ثَلَاثٌ) أَيْ مَضْرُوبَانِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ أَيْ الشِّرَاءُ بِهِمَا مَعًا بِالْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَوْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا بَاعَهُمَا مَعًا) أَيْ وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا مَعًا أَوْ بِالْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَوْ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا فِي الصُّوَرِ التِّسْعِ) أَيْ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْقَرَافِيِّ وَاللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ فَيُزَكِّي حِينَ يَبِيعُ الْأُولَى أَحَدًا وَعِشْرِينَ) عِشْرُونَ ثَمَنُهَا وَالدِّينَارُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ بِأَنْ يُبَاعَ الْأُولَى) أَيْ السِّلْعَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِالْمَقْبُوضِ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ أَوْ بَاعَ الثَّانِيَةَ أَيْ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ بِالْمَقْبُوضِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَيَسْتَقْبِلُ بِالثَّانِيَةِ) أَيْ بِثَمَنِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ ثَلَاثَةٌ فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ السِّلْعَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ وَسِتٌّ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ إحْدَى السِّلْعَتَيْنِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ فِي الْأَخِيرَةِ) أَيْ فِي الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ الْأُولَى قَبْلَ شِرَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَاعَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ شِرَاءِ الْأُولَى (قَوْلُهُ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ صَاحِبِ النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وح وَاعْتَمَدَهُ طفى وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ اقْتَضَى دِينَارًا فَآخَرَ فَاشْتَرَى بِكُلٍّ سِلْعَةً بَاعَهَا بِعِشْرِينَ فَإِنْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا زَكَّى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا أَحَدًا وَعِشْرِينَ لَطَابَقَ مَا لِابْنِ يُونُسَ. (قَوْلُهُ وَضُمَّ لِاخْتِلَاطِ أَحْوَالِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ نِصَابًا فِي مَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ مِنْ حِينِ التَّمَامِ وَكُلُّ مَا اقْتَضَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ لِحَوْلِهِ، هَذَا إذَا عَلِمَ أَوْقَاتَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَإِذَا نَسِيَ أَوْقَاتَ الِاقْتِضَاءَاتِ مَعَ عِلْمِهِ بِوَقْتِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْهَا سَوَاءٌ عَلِمَ وَقْتَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهَا أَيْضًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَضُمُّ مَا جَهِلَ وَقْتَهُ لِلْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ وَقْتُهُ وَلَا يَضُمُّ الْمَنْسِيَّ وَقْتُهُ لِلْآخَرِ الْمَعْلُومِ وَقْتُهُ كَمَا لَوْ اقْتَضَى ثَلَاثَ اقْتِضَاءَاتٍ كُلُّ اقْتِضَاءٍ عَشَرَةٌ أَوْ أَوَّلُهَا عَشَرَةٌ وَالثَّانِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَالثَّالِثُ خَمْسَةٌ وَعَلِمَ أَنَّ الِاقْتِضَاءَ الْأَوَّلَ فِي الْمُحَرَّمِ وَجَهِلَ وَقْتَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَوْ جَهِلَ وَقْتَ الثَّانِي فَقَطْ وَعَلِمَ أَنَّ وَقْتَ الثَّالِثِ رَجَبٌ أَوْ جَهِلَ وَقْتَ الثَّالِثِ فَقَطْ وَعَلِمَ أَنَّ وَقْتَ الْأَوَّلِ الْمُحَرَّمُ وَوَقْتَ الثَّانِي جُمَادَى فَإِنْ جَهِلَ وَقْتَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ كَانَ حَوْلُ الثَّلَاثَةِ الْمُحَرَّمَ وَإِنْ جَهِلَ وَقْتَ الثَّانِي فَقَطْ وَعَلِمَ وَقْتَ الثَّالِثِ وَالْأَوَّلِ كَانَ حَوْلُ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ الْمُحَرَّمَ وَكَانَ حَوْلُ الثَّالِثِ رَجَبًا وَلَا يَضُمُّ الثَّانِيَ لِلثَّالِثِ بِحَيْثُ يَكُونُ حَوْلُهُمَا رَجَبًا وَإِنْ نَسِيَ وَقْتَ الثَّالِثِ فَقَطْ كَانَ حَوْلُهُ حَوْلَ الثَّانِي وَهُوَ جُمَادَى وَإِنْ نَسِيَ وَقْتَ الْأَوَّلِ مِنْهَا دُونَ مَا بَعْدَهُ ضَمَّ الْأَوَّلَ لِلثَّانِي عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ آخِرٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ (قَوْلُهُ وَيُجْعَلُ الْحَوْلُ) أَيْ حَوْلُ الثَّانِي مِنْهُ أَيْ مِنْ حَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ وَقْتَ الِاقْتِضَاءِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُتَأَخِّرَ أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ وَقْتَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهَا أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ بَلْ مُطْلَقٌ مُتَقَدِّمٌ وَمُتَأَخِّرٌ)

سَوَاءٌ عَلِمَ مَا اقْتَضَى فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ أَمْ لَا وَلَا يَضُمُّ الْمَنْسِيَّ وَقْتُهُ لِلْآخَرِ الْمَعْلُومِ (عَكْسُ الْفَوَائِدِ) الْمَنْسِيِّ أَوْقَاتُهَا مَا عَدَا الْأَخِيرَةَ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْمَنْسِيَّ لِلْأَخِيرَةِ الْمَعْلُومِ وَقْتُهَا يَعْنِي يَضُمُّ الْمَنْسِيَّ وَقْتُهُ لِمَا بَعْدَهُ الْمَعْلُومِ وَقْتُهُ كَانَ أَخِيرًا حَقِيقَةً أَمْ لَا فَالْعَكْسُ قَدْ يَكُونُ فِي الْحُكْمِ لَا فِي التَّصْوِيرِ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِمَا لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمَنْسِيِّ وَقْتُهُ وَمَا بَعْدَهُ قَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْلُومًا فِي الِاقْتِضَاءَاتِ وَالْفَوَائِدِ فَالْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الضَّمُّ فَقَطْ وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْلُومُ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ أَوَّلَهَا فَقَطْ وَفِي الْفَوَائِدِ آخِرَهَا فَقَطْ فَالْعَكْسُ فِيهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا ضُمَّ لِلْآخِرِ فِي الْفَوَائِدِ لِأَنَّ أَوَّلَهَا لَمْ تَجْرِ فِيهِ زَكَاةٌ فَلَوْ ضُمَّ لَهُ كَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمَدِينِ خَوْفَ عَدَمِ الْقَبْضِ. (وَ) ضُمَّ (الِاقْتِضَاءُ) النَّاقِصُ عَنْ النِّصَابِ (لِمِثْلِهِ) فِي الِاقْتِضَاءِ وَإِنْ لَمْ يُمَاثِلْهُ فِي الْقَدْرِ (مُطْلَقًا) بَقِيَتْ الِاقْتِضَاءَاتُ السَّابِقَةُ أَوْ لَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا فَائِدَةٌ أَوْ لَا (وَ) ضُمَّتْ (الْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاقْتِضَاءِ لَا لِلْمُتَقَدِّمِ مِنْهُ الْمُنْفَقِ قَبْلَ حُصُولِهَا أَوْ حَوْلِهَا ثُمَّ أَوْضَحَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ اقْتَضَى) مِنْ دِينِهِ (خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ) مِنْ زَكَاتِهِ أَوْ مَلَكَهُ أَيْ وَأَنْفَقَهَا (ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً) وَحَالَ حَوْلُهَا عِنْدَهُ (وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا) وَأَوْلَى إنْ أَبْقَاهَا (ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً) مِنْ دَيْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْأَعَمُّ مِنْ الْحَقِيقِيِّ وَالْإِضَافِيِّ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي قُلْنَاهُ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَى ثَلَاثَ اقْتِضَاءَاتٍ أَوَّلُهَا فِي الْمُحَرَّمِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ مَجْمُوعَ الِاقْتِضَاءَاتِ ثَلَاثُونَ أَوْ عِشْرُونَ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ كُلِّ اقْتِضَاءٍ عَلَى حِدَتِهِ فَيَجْعَلُ الْمُحَرَّمَ حَوْلًا لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ عَكْسُ الْفَوَائِدِ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَقْسَامَ الْفَوَائِدِ أَرْبَعَةٌ إمَّا نَاقِصَتَانِ أَوْ كَامِلَتَانِ أَوْ الْأُولَى كَامِلَةٌ وَالثَّانِيَةُ نَاقِصَةٌ أَوْ الْعَكْسُ فَالنَّاقِصَتَانِ تُضَمُّ أُولَاهُمَا لِلثَّانِيَةِ فِي الْحَوْلِ بِحَيْثُ يُزَكَّيَانِ عِنْدَ حُلُولِ الثَّانِيَةِ وَالْكَامِلَتَانِ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهَا وَلَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى كَامِلَةً وَالثَّانِيَةُ نَاقِصَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأُولَى نَاقِصَةً وَالثَّانِيَةُ كَامِلَةً ضُمَّتْ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ كَالنَّاقِصَتَيْنِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْكَامِلَةِ لَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا كَانَتْ مَا بَعْدَهَا كَامِلَةً أَوْ نَاقِصَةً، إذَا عَلِمَ حَوْلَ الْأُولَى وَأَمَّا إذَا نَسِيَ فَإِنَّهَا تُضَمُّ لِلثَّانِيَةِ فِي الْحَوْلِ فَإِنْ نَسِيَ وَقْتَ آخِرَ الْفَوَائِدِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُضَمُّ لِمَا قَبْلَهُ الْمَعْلُومِ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَكْسُ الْفَوَائِدِ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْلُومًا فِي الِاقْتِضَاءَاتِ وَالْفَوَائِدِ) وَذَلِكَ كَأَنْ يَقْضِيَ ثَلَاثَ اقْتِضَاءَاتٍ وَيَعْلَمَ وَقْتَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْمُحَرَّمُ وَوَقْتَ الثَّالِثِ وَهُوَ رَجَبٌ وَيَنْسَى وَقْتَ الثَّانِي فَيَضُمُّ الثَّانِيَ لِلْأَوَّلِ وَإِذَا اسْتَفَادَ ثَلَاثَ فَوَائِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَامِلٌ وَعَلِمَ وَقْتَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ ضُمَّتْ الثَّانِيَةُ لِلثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْلُومُ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ أَوَّلَهَا فَقَطْ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ اقْتَضَى ثَلَاثَ اقْتِضَاءَاتٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَشَرَةٌ وَعَلِمَ وَقْتَ الْأُولَى مِنْهَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَنَسِيَ وَقْتَ الثَّانِي مِنْهَا وَالثَّالِثِ فَيَضُمُّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ لِلْأَوَّلِ فِي الْحَوْلِ وَيَجْعَلُ الْمُحَرَّمَ حَوْلَ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا اسْتَفَادَ ثَلَاثَ فَوَائِدَ كَوَامِلَ وَجَهِلَ وَقْتَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَعَلِمَ وَقْتَ الثَّالِثَةِ ضُمَّتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ لِلثَّالِثَةِ فِي الْحَوْلِ وَجُعِلَ حَوْلُ الثَّالِثَةِ الْمَعْلُومِ حَوْلًا لِثَلَاثَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَّا الْمُخْتَلَطُ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ دُونَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فَفِي الِاقْتِضَاءَاتِ تُضَمُّ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ لِلْأُولَى وَيَسْتَمِرُّ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ عَلَى حَالِهِ وَفِي الْفَوَائِدِ عَكْسُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ وَلِنَفْسِهِ فِي الْفَوَائِدِ قَالَهُ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَوْ ضَمَّ لَهُ) أَيْ فَلَوْ ضَمَّ آخِرَهَا لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ كَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ أَيْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْآخِرِ الْمَضْمُومِ لِلْأَوَّلِ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمَدِينِ خَوْفَ عَدَمِ الْقَبْضِ) أَيْ فَإِذَا حَصَّلَ اقْتِضَاءَاتٍ زُكِّيَتْ لِمَا مَضَى فَلَمَّا كَانَتْ الِاقْتِضَاءَاتُ تُزَكَّى لِمَا مَضَى كَانَتْ أَنْسَبَ بِالتَّقْدِيمِ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلَوْ تَلِفَ الْمُتِمُّ لَكِنَّ التَّكْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسِّرَ الْإِطْلَاقَ بِقَوْلِنَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُمَاثِلُ لَهُ فِي الِاقْتِضَاءِ مُمَاثِلًا لَهُ فِي الْقَدْرِ أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ) أَيْ كَمَا لَوْ اسْتَفَادَ عَشَرَةً فِي الْمُحَرَّمِ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً فِي رَجَبٍ ثَانِيَ عَامٍ فَيُزَكِّيهَا فِي رَجَبٍ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِضَاءِ سَوَاءٌ بَقِيَتْ الْفَائِدَةُ لِوَقْتِ اقْتِضَائِهِ أَوْ أُنْفِقَتْ قَبْلَهُ وَفِي هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا هُنَا زَادَ بِتَخْصِيصِ الْفَائِدَةِ بِالْمُتَأَخِّرِ لَا الْمُتَقَدِّمِ إلَّا أَنْ يَبْقَى الْمُتَقَدِّمُ لِحُلُولِ حَوْلِهَا وَإِلَّا ضُمَّتْ لَهُ (قَوْلُهُ لَا لِلْمُتَقَدِّمِ) أَيْ لَا لِلِاقْتِضَاءِ الْمُتَقَدِّمِ الْمُنْفَقِ قَبْلَ حُصُولِهَا لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحَوْلِ وَالْمِلْكِ كَأَنْ اقْتَضَى عَشَرَةً فِي الْمُحَرَّمِ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً فِي رَجَبٍ بَعْدَ إنْفَاقِ الْعَشَرَةِ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى حَالَ حَوْلُهَا قَبْلَ حُصُولِ الثَّانِيَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الْمُنْفَقُ قَبْلَ حُصُولِهَا إلَخْ) أَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ الِاقْتِضَاءُ الْمُتَقَدِّمُ بَاقِيًا حَالَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ حَوْلُهَا) أَيْ أَوْ الْمُنْفَقَةُ بَعْدَ حُصُولِهَا وَقَبْلَ حَوْلِهَا كَمَا لَوْ اقْتَضَى فِي الْمُحَرَّمِ وَاسْتَفَادَ فِي رَجَبٍ وَأَنْفَقَ مَا اقْتَضَاهُ فِي رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَأَنْفَقَهَا) أَيْ قَبْلَ حُصُولِ الْعَشَرَةِ الْمُسْتَفَادَةِ أَوْ بَعْدَ حُصُولِهَا وَقَبْلَ حَوْلِهَا وَلَا بُدَّ فِي هَذَا الْقَيْدِ مِنْ زَكَاةِ الْعَشَرَتَيْنِ دُونَ الْخَمْسَةِ أَمَّا لَوْ بَقِيَتْ إلَى تَمَامِ حَوْلِهَا

[زكاة العروض]

(زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ) الْفَائِدَةَ وَاَلَّتِي اقْتَضَاهَا بَعْدَهَا دُونَ الْخَمْسَةِ الْأُولَى لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ بِالِاقْتِضَاءَيْنِ وَالْفَائِدَةِ الَّتِي بَعْدَ الْخَمْسَةِ لَا تُضَمُّ لَهَا (وَ) إنَّمَا يُزَكِّي الْخَمْسَةَ (الْأُولَى إنْ اقْتَضَى خَمْسَةً) أُخْرَى مَعَ تَزْكِيَةِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْمُقْتَضَاةِ أَيْضًا لِحُصُولِ النِّصَابِ مِنْ مَجْمُوعِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَالْمَوْضُوعُ إنْفَاقُ الْخَمْسَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا قَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ إذْ لَوْ بَقِيَتْ لِحَوْلِهَا ضُمَّتْ إلَيْهَا. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى زَكَاةِ الدَّيْنِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْعُرُوضِ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي حُكْمِهِ لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْهَا وَهُوَ الْمُحْتَكِرُ يُقَاسُ بِزَكَاةِ الدَّيْنِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ) أَيْ عِوَضُ عَرْضٍ فَيَشْمَلُ قِيمَتَهُ فِي الْمُدِيرِ حَيْثُ قَوَّمَ وَثَمَنَهُ فِي الْمُحْتَكِرِ حَيْثُ بَاعَ وَهَذَا هُوَ الْمَحْصُورُ وَالْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلُهُ فَكَالدَّيْنِ إلَخْ أَمَّا شُرُوطُ زَكَاتِهَا فَأَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ) كَثِيَابٍ وَمَا دُونَ نِصَابٍ مِنْ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَكَنِصَابِ حَرْثٍ زُكِّيَ لِعَدَمِ زَكَاةِ عَيْنِهِ بَعْدُ أَمَّا مَا فِي عَيْنِهِ زَكَاةٌ كَنِصَابِ مَاشِيَةٍ وَحُلِيٍّ وَحَرْثٍ فَلَا يُقَوَّمُ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ مُدِيرًا وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ) مَالِيَّةٍ لَا هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صَدَاقٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ كُلٍّ حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ كَمَا مَرَّ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (بِنِيَّةِ تَجْرٍ) أَيْ مِلْكٍ مَعَ نِيَّةِ تَجْرٍ مُجَرَّدَةٍ (أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ) بِأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ شِرَائِهِ أَنْ يُكْرِيَهُ وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَهُ (أَوْ) مَعَ نِيَّةِ (قِنْيَةٍ) بِأَنْ يَنْوِيَ الِانْتِفَاعَ بِهِ مِنْ رُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ عَلَيْهِ أَوْ وَطْءٍ وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ لِأَنَّ انْضِمَامَهُمَا لِنِيَّةِ التَّجْرِ لِانْضِمَامِ أَحَدِهِمَا لَهَا (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْمُرَجَّحِ) فِيهِمَا (لَا) إنْ مَلَكَ (بِلَا نِيَّةٍ) أَصْلًا (أَوْ) مَعَ (نِيَّةِ قِنْيَةٍ) فَقَطْ (أَوْ) نِيَّةِ (غَلَّةٍ) فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّهَا تُضَمُّ لِلْفَائِدَةِ وَتُزَكَّى الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ وَلَا يَحْتَاجُ فِي زَكَاةِ الْخَمْسَةِ إلَى اقْتِضَاءِ خَمْسَةٍ أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ وَرُبَّمَا أَرْشَدَ لِلتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ. (قَوْلُهُ زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ) أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ سَوَاءٌ أُنْفِقَتْ قَبْلَ اقْتِضَائِهِ أَوْ بَقِيَتْ (قَوْلُهُ دُونَ الْخَمْسَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ غَيْرُ خَلِيطٍ وَإِلَّا زَكَّى خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اقْتِضَاءِ خَمْسَةٍ أُخْرَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْمُفَادَةَ خَلِيطٌ لِعَشَرَةِ الِاقْتِضَاءِ وَعَشَرَةُ الِاقْتِضَاءِ خَلِيطٌ لِخَمْسَةِ الِاقْتِضَاءِ وَلَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْحَوْلِ عِنْدَ رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ حَالَ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْمَدِينِ وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَ عَشَرَةِ الْفَائِدَةِ وَخَمْسَةِ الِاقْتِضَاءِ لِأَنَّهَا أُنْفِقَتْ قَبْلَ حَوْلِهَا (قَوْلُهُ وَالْأُولَى إنْ اقْتَضَى خَمْسَةً) أَيْ أَنَّهُ إذَا اقْتَضَى خَمْسَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةَ فَقَطْ إذَا كَانَ زَكَّى الْعِشْرِينَ قَبْلَ الْأَخِيرَةِ وَإِلَّا زَكَّى الْجَمِيعَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَضُمُّ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ مَعَ تَزْكِيَةِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْمُقْتَضَاةِ) أَيْ فَإِنْ اقْتَضَاهَا زَكَّاهَا مَعَ تَزْكِيَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ النِّصَابِ فِي مَجْمُوعِ الِاقْتِضَاءَاتِ) أَيْ وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا سَبَقَ أَنَّ حَوْلَ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ. [زَكَاةِ الْعُرُوضِ] (قَوْلُهُ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي حُكْمِهِ) أَيْ لِمُشَارَكَةِ الْعُرُوضِ لِلدَّيْنِ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ الزَّكَاةُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْهَا) أَيْ لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْ الْعُرُوضِ وَهِيَ عُرُوضُ الْمُحْتَكِرِ زَكَاتُهَا مَقِيسَةٌ عَلَى زَكَاةِ دَيْنِهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُزَكَّى بَعْدَ الْقَبْضِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَيْ عِوَضُ عَرْضٍ) قَدَّرَ الشَّارِحُ عِوَضُ دَفْعًا لِلتَّنَافِي الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ أَثْبَتَ الزَّكَاةَ لِلْعَرْضِ أَوَّلًا ثُمَّ نَفَاهَا عَنْهُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ وَبِتَقْدِيرِ عِوَضٍ دُونَ ثَمَنٍ صَارَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِلْأَمْرَيْنِ بِخِلَافِ تَقْدِيرِ ثَمَنٍ فَإِنَّهُ يُصَيِّرُهُ قَاصِرًا عَلَى أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ كَثِيَابٍ) أَيْ وَعَبِيدٍ وَعَقَارٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا يُقَوَّمُ) الْأَوْلَى فَلَا يُزَكَّى عِوَضُهُ أَيْ ثَمَنُهُ وَلَا قِيمَتُهُ بَلْ تُزَكَّى ذَاتُهُ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ كَنِصَابِ مَاشِيَةٍ وَحَلْيٍ أَنَّ الْحَلْيَ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحَلْيُ لَا يُقَوَّمُ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ وَزْنُهُ مَعَ مَا يَكْمُلُ بِهِ إنْ كَانَ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِلْكٌ فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَا يُزَكَّى لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ مَا يُزَكَّى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا (قَوْلُهُ أَيْ مِلْكٍ مَعَ نِيَّةِ تَجْرٍ مُجَرَّدَةٍ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا غَيْرَ الْقِنْيَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ نِيَّةُ التِّجَارَةِ مُصَاحَبَةً لِنِيَّةِ الْغَلَّةِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مُصَاحَبَةَ نِيَّةِ الْقِنْيَةِ لِنِيَّةِ التِّجَارَةِ حَيْثُ لَمْ تُؤَثِّرْ عَدَمُ الزَّكَاةِ فَأَوْلَى مُصَاحَبَةُ نِيَّةِ الْغَلَّةِ لِنِيَّةِ التِّجَارَةِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْقِنْيَةِ أَقْوَى مِنْ نِيَّةِ الْغَلَّةِ فَإِذَا لَمْ تُؤَثِّرْ مُصَاحَبَةُ الْأَقْوَى فَأَوْلَى مُصَاحَبَةُ الْأَضْعَفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ انْضِمَامَهُمَا لِنِيَّةِ التَّجْرِ) أَيْ بِأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ شِرَائِهِ أَنَّهُ يُكْرِيهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ بِنَفْسِهِ بِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَالِاخْتِيَارُ وَالتَّرْجِيحُ يَرْجِعَانِ لِلتَّجْرِ مَعَ الْقِنْيَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَأَمَّا التَّجْرُ مَعَ الْغَلَّةِ فَهَذَا الْحُكْمُ فِيهِ أَبْيَنُ فَكَأَنَّهُ قَطَعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِلِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهِ بِقَوْلِ مَنْ اخْتَارَهُ وَهُوَ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَصْلًا اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ وَاقِعٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَأَمَّا تَرْجِيحُ ابْنِ يُونُسَ فَإِنَّمَا صَدَرَ مِنْهُ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ لَكِنَّهُ يَجْرِي فِيمَا قَبْلَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَإِذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك صِحَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيهِمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ نِيَّةِ غَلَّةٍ فَقَطْ) أَيْ كَشِرَائِهِ بِنِيَّةِ كِرَائِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ خِلَافًا لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ الزَّكَاةَ فِيهِ قَائِلًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْتِمَاسِ الرِّبْحِ مِنْ رِقَابٍ

(أَوْ هُمَا) أَيْ الْقِنْيَةُ وَالْغَلَّةُ مَعًا فَلَا زَكَاةَ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَكَانَ كَأَصْلِهِ) هَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ أَيْ وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ أَيْ كَانَ أَصْلُهُ عَرْضًا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ سَوَاءٌ كَانَ عَرْضَ تِجَارَةٍ أَوْ قِنْيَةٍ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ عَرْضَ قِنْيَةٍ بَاعَهُ بِعَرْضٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ الثَّانِي فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَرْضًا مُلِكَ بِلَا مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ كَإِرْثٍ وَصَدَاقٍ وَاسْتَقْبَلَ بِثَمَنِهِ حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ (أَوْ) كَانَ أَصْلُهُ (عَيْنًا) بِيَدِهِ اشْتَرَاهُ بِهَا (وَإِنْ قَلَّ) عَنْ نِصَابٍ حَيْثُ بَاعَهُ بِنِصَابٍ وَلِخَامِسِهَا وَسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَبِيعَ بِعَيْنٍ) لَا إنْ لَمْ يُبَعْ أَوْ بِيعَ بِعَرْضٍ لَكِنَّ الْمُحْتَكِرُ لَا بُدَّ أَنْ يَبِيعَ بِنِصَابٍ وَلَوْ فِي مَرَّاتٍ وَبَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ يُزَكِّي مَا بَاعَ بِهِ وَإِنْ قَلَّ وَالْمُدِيرُ لَا يَقُومُ حَتَّى يَبِيعَ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَلَّ كَدِرْهَمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مَنَافِعَ (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا) أَصْلُهُ أَوْ نِيَّتُهُمَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مُقَامَهُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ لَا الْأَصَالَةِ لِأَنَّ هُمَا لَيْسَ مِنْ ضَمَائِرِ الْجَرِّ لِأَنَّ ضَمِيرَ الْجَرِّ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ هَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ) الْمُحْوِجُ لِذَلِكَ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تَشْبِيهَ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّهُ شَبَّهَ الْعَرْضَ الْمَنْوِيَّ بِهِ التِّجَارَةُ الَّذِي قَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ بِأَصْلِهِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ إذْ لَمْ يُعْلَمْ مَا هُوَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَتَشْبِيهُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ عَكْسُ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُشَبَّهُ الْمَجْهُولُ بِالْمَعْلُومِ أَلَا تَرَى لِقَوْلِك زَيْدٌ كَالْأَسَدِ فَإِنَّ الْجَرَاءَةَ مَعْلُومَةٌ فِي الْأَسَدِ وَمَجْهُولَةٌ فِي زَيْدٍ فَشَبَّهَ بِهِ لِإِفَادَةِ ثُبُوتِهَا لَهُ الْأَمْرُ الثَّانِي عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِهِ أَوْ عَيْنًا بِيَدِهِ عِنْدَ إبْقَائِهِ عَلَى حَالِهِ إذْ تَقْدِيرُهُ أَوْ كَانَ الْعَرْضُ عَيْنًا وَفِي هَذَا قَلْبُ الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ أَيْ كَانَ أَصْلُهُ عَرْضًا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ) أَيْ مَالِيَّةٍ وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ إذَا كَانَ عَرْضًا بِكَوْنِهِ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ طَرِيقَةٌ لِابْنِ حَارِثٍ وَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُ عَرْضَ تِجَارَةٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي أَصْلِهِ أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ كَهُوَ فَقَوْلُهُ أَيْ وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ غَيْرُ تَامٍّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تَقْرِيرِ الْمُؤَلِّفِ كَمَا ارْتَضَاهُ ح وطفى خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ الَّذِي أَصْلُهُ عَرْضُ الْقِنْيَةِ لَا يُزَكَّى لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ بَلْ يُسْتَقْبَلُ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ لَا يَكَادُ يُقْبَلُ لِشُذُوذِهِ وَضَعْفِهِ اهـ بْن وَالْقَوْلَانِ لِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ الثَّانِي) أَيْ لَا لِحَوْلِ أَصْلِهِ الْأَوَّلِ، وَالْمُرَادُ بِأَصْلِهِ الثَّانِي عَرْضُ التِّجَارَةِ وَبِأَصْلِهِ الْأَوَّلِ عَرْضُ الْقِنْيَةِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ أَصْلِهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَمْضِ حَوْلٌ مِنْ أَصْلِهِ الثَّانِي فَلَا زَكَاةَ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَرْضًا إلَخْ) هَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ مَا إذَا مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ أَصْلًا كَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ وَمَا إذَا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ كَالْخُلْعِ وَالصَّدَاقِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ إلَخْ هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ أَوْ عَيْنًا بِيَدِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ مَا أَصْلُهُ عَرْضُ تَجْرٍ يُزَكَّى لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ كَالدَّيْنِ اتِّفَاقًا وَمَا أَصْلُهُ عَرْضُ قِنْيَةٍ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ الْمَشْهُورُ زَكَاةُ عِوَضِهِ لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ وَقِيلَ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا وَمَا أَصْلُهُ عَرْضٌ مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ بِأَنْ مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ أَصْلًا أَوْ بِمُعَاوَضَةِ غَيْرِ مَالِيَّةٍ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِلَّخْمِيِّ تَحْكِي الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ حَارِثٍ تَقُولُ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالثَّمَنِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ) أُطْلِقَ فِي الْعَيْنِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا جَاءَتْهُ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَصْلُهُ عَرْضًا. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُحْتَكِرَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ أَقَامَتْ عُرُوضُ الِاحْتِكَارِ أَحْوَالًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا زَكَاةُ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّمَاءِ أَوْ بِالْعَيْنِ لَا بِالْعُرُوضِ فَإِذَا أَقَامَتْ أَحْوَالًا ثُمَّ بِيعَتْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا النَّمَاءُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالْإِخْرَاجِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنْ فَعَلَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ قَوْلَانِ، وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ وَكَذَلِكَ الْقَوْلَانِ عِنْدَنَا فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ أَيْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِجْزَاءُ قَوْلُ أَشْهَبَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَبِيعَ بِعَيْنٍ) أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَرْضِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَ بِهِ عَيْنًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الْمُحْتَكِرَ إلَخْ إلَى أَنَّ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ وَمَا قَبْلَهُمَا تَعُمُّ الْمُدِيرَ وَالْمُحْتَكِرَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُحْتَكِرَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الَّتِي بَاعَ بِهَا نِصَابًا سَوَاءٌ بَقِيَ مَا بَاعَ بِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمُدِيرِ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَيْعُهُ مِنْ الْعَيْنِ وَلَوْ قَلَّ (قَوْلُهُ أَوْ بِيعَ بِعَرْضٍ) أَيْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْهَا أُخِذَ بِهَا كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ وَابْنِ جُزَيٍّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ يُمَلِّكُ مَالَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ لِوَلَدِهِ أَوْ لِعَبْدِهِ ثُمَّ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَّكَ مَالَهُ لِعَبْدِهِ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَهُ لِاغْتِفَارِ الْجَهْلِ فِي التَّبَرُّعِ وَكُلَّمَا أَنْفَقَ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ نَوَى انْتِزَاعَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.

لَا أَقَلَّ فَإِذَا نَضَّ لَهُمْ دِرْهَمٌ فَأَكْثَرَ أُخْرِجَ عَمَّا قَوَّمَهُ عَيْنًا لَا عَرْضًا وَلَوْ نَضَّ آخِرَ الْحَوْلِ فَإِنْ لَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ قُوِّمَ وَيَكُونُ حَوْلُهُ مِنْ حِينَئِذٍ (وَإِنْ لِاسْتِهْلَاكٍ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُعَاوَضَةِ اخْتِيَارِيَّةً أَوْ جَبْرِيَّةً كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ فَأَخَذَ رَبُّهَا فِي قِيمَتِهَا عَرْضًا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ وَأَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ بِيعَ بِعَيْنٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ جَبْرِيًّا كَاسْتِهْلَاكِ شَخْصٍ عَرْضِ تِجَارَةٍ فَأَخَذَ رَبُّهُ مِنْهُ قِيمَتَهُ عَيْنًا (فَكَالدَّيْنِ) إنْ جُعِلَ هَذَا هُوَ الْمَحْصُورَ فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَا كَانَتْ الْفَاءُ زَائِدَةً وَإِنْ جُعِلَ الْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلَهُ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ إلَخْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا يُزَكِّي الْعَرْضَ بِشُرُوطٍ كَانَتْ الْفَاءُ وَاقِعَةً فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا حَصَلَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَيُزَكَّى كَالدَّيْنِ أَيْ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ مَعَ قَبْضِ ثَمَنِهِ عَيْنًا نِصَابًا كَمُلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ أَوْ بِمَعْدِنٍ إنْ تَمَّ النِّصَابُ وَلَوْ تَلِفَ الْمُتِمُّ وَحَوْلُ الْمُتِمِّ مِنْ التَّمَامِ (إنْ رَصَدَ بِهِ) أَيْ بِعَرْضِ التِّجَارَةِ (السُّوقُ) بِأَنْ انْتَظَرَ ارْتِفَاعَ الْأَثْمَانِ وَيُسَمَّى بِالْمُحْتَكِرِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي زَكَاتِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ كَالدَّيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ السَّابِقَةَ شُرُوطٌ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْعَرْضِ كَانَ عَرْضَ احْتِكَارٍ أَوْ إدَارَةٍ وَأَمَّا هَذَا فَشَرْطٌ لِكَوْنِ الزَّكَاةِ كَالدَّيْنِ أَيْ إذَا حَصَلَتْ الشُّرُوطُ زَكَّاهُ رَبُّهُ كَالدَّيْنِ إنْ كَانَ مُحْتَكَرًا (وَإِلَّا) يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ بِأَنْ كَانَ مُدِيرًا وَهُوَ الَّذِي يَبِيعُ بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ وَيُخْلِفُهُ بِغَيْرِهِ كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ (زَكَّى عَيْنَهُ) وَلَوْ حُلِيًّا (وَدَيْنَهُ) أَيْ عَدَدَهُ (النَّقْدُ الْحَالُّ الْمَرْجُوُّ) الْمُعَدُّ لِلنَّمَاءِ (وَإِلَّا) يَكُنْ نَقْدًا حَالًا بِأَنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ مُؤَجَّلًا مَرْجُوَّيْنِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ النَّقْدُ الْحَالُّ فَقَطْ (قَوَّمَهُ) بِمَا يُبَاعُ بِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ الْعَرْضُ بِنَقْدٍ وَالنَّقْدُ بِعَرْضٍ ثُمَّ بِنَقْدٍ وَزَكَّى الْقِيمَةَ وَيَأْتِي الْمَرْجُوُّ (وَلَوْ) كَانَ دَيْنُهُ (طَعَامَ سَلَمٍ) إذْ لَيْسَ تَقْوِيمُهُ لِمَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ بَيْعًا لَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي التَّقْوِيمِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِدَارَةِ قَوْلُهُ (كَسِلَعِهِ) أَيْ الْمُدِيرِ (وَلَوْ بَارَتْ) سِنِينَ إذْ بَوَارُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَا أَقَلَّ) أَصْلُهُ لعج فُهِمَ مِنْ ذِكْرِهِمْ الدِّرْهَمَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ تَحْدِيدٌ لِأَقَلِّ مَا يَكْفِي فِي النَّضُوضِ وَنَصُّهَا وَإِذَا نَضَّ لِلْمُدِيرِ فِي السَّنَةِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فِي وَسَطِ السَّنَةِ أَوْ طَرَأَ فِيهَا قَوَّمَ عُرُوضَهُ لِتَمَامِ السَّنَةِ وَزَكَّى اهـ وَفِي فَهْمِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذِكْرَ الدِّرْهَمِ مِثَالٌ لِلْقَلِيلِ لَا تَحْدِيدٌ وَأَنَّهُ مَهْمَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَخْرَجَ عَمَّا قَوَّمَ عَيْنًا لَا عَرْضًا) أَيْ بِقِيمَتِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَ لَهُ إخْرَاجَهُ عَرْضًا بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ) وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ وَمُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ إلَخْ فَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ شُرُوطٌ لِزَكَاةِ الْعَرْضِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ رَصَدَ إلَخْ فَهُوَ شَرْطٌ لِكَوْنِ زَكَاتِهِ كَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يَبِيعُ بِالسُّعْرِ الْوَاقِعِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ خُسْرٌ (قَوْلُهُ كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ إلَخْ) ابْنُ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ أَنَّ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ كَالْحَاكَةِ وَالدَّبَّاغِينَ مُدِيرُونَ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الْأَسْفَارِ الَّذِينَ يُجَهِّزُونَ الْأَمْتِعَةَ إلَى الْبُلْدَانِ أَنَّهُمْ مُدِيرُونَ وَفِي الْمَوَّاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانِي مَا نَصُّهُ وَرَأَيْت فُتْيَا لِابْنِ لُبٍّ أَنَّ الْبَسْطَرِيِّينَ جَمْعُ بَسْطَرِيٍّ وَهُوَ صَانِعُ الْبُلَغِ وَالنِّعَالِ لَا يُقَوِّمُونَ صَنَائِعَهُمْ بَلْ يَسْتَقْبِلُونَ بِأَثْمَانِهَا لِحَوْلٍ لِأَنَّهَا فَوَائِدُ كَسْبِهِمْ اسْتَفَادُوهَا وَقْتَ بَيْعِهِمْ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الصَّانِعِ الْمَذْكُورِ حُكْمُهُ حُكْمُ التَّاجِرِ الْمُدِيرِ لِأَنَّهُ يَصْنَعُ وَيَبِيعُ أَوْ يَعْرِضُ مَا صَنَعَهُ لِلْبَيْعِ فَيُقَوِّمُ كُلَّ عَامٍ مَا بِيَدِهِ مِنْ السِّلَعِ وَيُضِيفُ الْقِيمَةَ إلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ النَّاضِّ وَيُزَكِّي الْجَمِيعَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا قُلْت وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ فُتْيَا ابْنِ لُبٍّ وَيُمْكِنُ رَدُّهُ إلَيْهِ اُنْظُرْ بْن أَيْ بِأَنْ يَحْمِلَ الصَّانِعُ فِي كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ عَلَى مَنْ يَشْتَرِي لِلتِّجَارَةِ مَالَهُ بَالٌ وَيَعْمَلُ فِيهِ كَالْعَقَّادِينَ بِمِصْرَ وَالْمُرَادُ بِالصَّانِعِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ فِي كَلَامِ ابْنِ لُبٍّ صَانِعٌ لَهُ عَمَلُ الْيَدِ فَقَطْ أَوْ اشْتَرَى مَا لَا بَالَ لَهُ وَعَمِلَ فِيهِ فَيَسْتَقْبِلُ بِمَا يُقَابِلُ عَمَلَ يَدِهِ وَصَرَّحَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ سَنَدٌ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ) إنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى زَكَاةِ الْعَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُدِيرِ بِزَكَاتِهَا لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْكَلَامَ عَلَى أَمْوَالِ الْمُدِيرِ (قَوْلُهُ وَدَيْنَهُ) أَيْ الْكَائِنَ مِنْ التِّجَارَةِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْمُعَدُّ لِلنَّمَاءِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ كُلَّ عَامٍ بَلْ لِسَنَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَزَكَّى الْقِيمَةَ) أَيْ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُمْلَكُ لَوْ قَامَ غُرَمَاءُ ذَلِكَ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَعَامَ سَلَمٍ) كَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ الْأَبْيَانِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ بِعَدَمِ تَقْوِيمِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَسِلَعِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يُقَوِّمُهُ الْمُدِيرُ مِنْ السِّلَعِ هُوَ مَا دَفَعَ ثَمَنَهُ وَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ وَحُكْمُهُ فِي الثَّانِي حُكْمُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِيَدِهِ مَالٌ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ وَلَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ زَكَاةِ مَا حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ دَيْنِ ثَمَنِ هَذَا الْعَرْضِ الَّذِي لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ إذْ بَوَارُهَا لَا يَنْقُلُهَا لِلْقِنْيَةِ وَلَا لِلِاحْتِكَارِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ لَا يُقَوَّمُ مَا بَارَ مِنْهَا وَيَنْتَقِلُ لِلِاحْتِكَارِ وَخَصَّ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ بِمَا إذَا بَارَ الْأَقَلُّ قَالَا فَإِنْ بَارَ النِّصْفُ أَوْ الْأَكْثَرُ لَمْ يُقَوَّمْ اتِّفَاقًا وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ بَلْ الْخِلَافُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لِلنِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ

بِضَمِّ الْبَاءِ أَيْ كَسَادُهَا لَا يَنْقُلُهَا لِلْقِنْيَةِ وَلَا لِلِاحْتِكَارِ (لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْدِمٍ أَوْ ظَالِمٍ فَلَا يُقَوِّمُهُ لِيُزَكِّيَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَإِنْ قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ قِيَاسًا عَلَى الْعَيْنِ الضَّائِعَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ كَذَا اُسْتُظْهِرَ (أَوْ كَانَ) الدَّيْنُ (قَرْضًا) وَلَوْ عَلَى مَلِيءٍ فَلَا يُقَوِّمُهُ لِعَدَمِ النَّمَاءِ فِيهِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ التِّجَارَةِ فَإِنْ قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيُزَكِّيهِ لِكُلِّ سَنَةٍ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِتَقْوِيمِ الْقَرْضِ) وَهُوَ ضَعِيفٌ ثُمَّ أَفَادَ حُكْمَ مَا إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْإِدَارَةُ بَعْدَ مِلْكِ الثَّمَنِ أَوْ تَزْكِيَتِهِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ حَوْلُهُ) أَيْ الْمُدِيرِ الَّذِي يُزَكِّي فِيهِ عَيْنَهُ وَدَيْنُهُ وَسِلَعَهُ إذَا تَأَخَّرَتْ إدَارَتُهُ عَنْ وَقْتِ مِلْكِ الْأَصْلِ أَوْ تَزْكِيَتِهِ (لِلْأَصْلِ) أَيْ ابْتِدَاءُ حَوْلِهِ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ الْأَصْلَ أَوْ زَكَّاهُ (أَوْ) ابْتِدَاؤُهُ وَقْتٌ (وَسَطٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ حَوْلِ الْأَصْلِ (وَمِنْ) وَقْتِ (الْإِدَارَةِ) وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ بِظَاهِرِ الشَّرْعِ وَأَسْلَمُ لِلدِّينِ وَالْعِرْضِ فَيَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ (تَأْوِيلَانِ) مِثَالُهُ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابًا أَوْ يُزَكِّيَهُ فِي الْمُحَرَّمِ وَأَدَارَ فِي رَجَبٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ حَوْلُهُ الْمُحَرَّمُ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ حَوْلُهُ ابْتِدَاءَ رَبِيعٍ الثَّانِي (ثُمَّ) إذَا قَوَّمَ الْمُدِيرُ سِلَعَهُ وَزَكَّى فَلَمَّا بَاعَهَا زَادَ ثَمَنُهَا عَلَى الْقِيمَةِ فَلَا زَكَاةَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ (وَزِيَادَتُهُ مُلْغَاةٌ) لِاحْتِمَالِ ارْتِفَاعِ سُوقٍ أَوْ رَغْبَةِ مُشْتَرٍ فَلِذَا لَوْ تَحَقَّقَ الْخَطَأُ لَمْ تُلْغَ (بِخِلَافِ) زِيَادَةِ (حُلِيِّ التَّحَرِّي) الْمُرَصَّعِ بِالْجَوَاهِرِ إذَا زَكَّى وَزْنَهُ تَحَرِّيًا لِعُسْرٍ نَزَعَهُ فَزَادَ وَزْنُهُ عَلَى مَا تَحَرَّى فِيهِ فَلَا تُلْغَى الزِّيَادَةُ (وَالْقَمْحُ) وَبَقِيَّةُ الْمُعَشَّرَاتِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ يُقَوِّمُهُ الْمُدِيرُ وَيُزَكِّي الْقِيمَةَ إذَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ بِإِنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْعَامِ الَّذِي زُكِّيَتْ عَيْنُهُ فِيهِ وَأَمَّا الْعَامُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَيُزَكِّي عَيْنُهُ وَلَا يُقَوَّمُ وَفِي نُسْخَةٍ وَالْفَسْخُ بَدَلُ الْقَمْحِ أَيْ فَسْخُ بَيْعِ مَا بِيعَ مِنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فِي التَّقْوِيمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُشْتَرِيًا لَبَاعَ أَوْ لِلْمَوْجُودِ وَهُوَ الِاحْتِكَارُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْبَاءِ) أَيْ وَأَمَّا الْبَوَارُ بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْهَلَاكُ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ أَنَّ الْبَوَارَ بِالْفَتْحِ بِمَعْنَى الْكَسَادِ وَالْهَلَاكِ مَعًا (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ) مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ هُوَ قَوْلُهَا فِي زَكَاةِ الْمُدِيرِ وَالْمُدِيرُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَجْتَمِعُ مَالُهُ كُلُّهُ عَيْنًا كَالْخَطَّاطِ وَالْبَزَّازِ وَاَلَّذِي يُجَهِّزُ الْأَمْتِعَةَ لِلْبُلْدَانِ يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ شَهْرًا يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَهُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ فَيُزَكِّي ذَلِكَ مَعَ مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ وَمَالَهُ مِنْ دَيْنٍ يَرْتَجِي قَضَاءَهُ اهـ فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الدَّيْنَ عَلَى الْمُعَدِّ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ دَيْنٌ غَيْرُ الْقَرْضِ وَأَمَّا دَيْنُ الْقَرْضِ فَلَا يُقَوَّمُ لِقَوْلِهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَمَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يُزَكِّهِ حَتَّى أَقْرَضَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ زَكَّاهُ لِعَامَيْنِ فَقَطْ أَسْقَطَ عَنْهُ مَالِكٌ زَكَاتَهُ مُدَّةَ الْقَرْضِ إلَّا سَنَةَ قَبْضِهِ وَبَعْضُهُمْ عَمَّمَ فِي الدَّيْنِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي لِعِيَاضٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا وَالْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ الَّذِي يُزَكِّي فِيهِ عَيْنَهُ) أَيْ النَّاضُّ وَدَيْنُهُ يَعْنِي النَّقْدَ الْحَالَّ الْمَرْجُوَّ وَقَوْلُهُ وَسِلَعَهُ أَيْ وَيُقَوِّمُ عِنْدَهُ سِلَعَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ حَوْلُهُ الَّذِي يُقَوِّمُ عِنْدَ تَمَامِهِ مَا يَجِبُ تَقْوِيمُهُ إذَا تَأَخَّرَتْ إلَخْ لِأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْحَوْلِ الَّذِي يُقَوَّمُ عِنْدَ تَمَامِهِ وَأَمَّا حَوْلُ نَاضِّهِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا فَإِنَّهُ حَوْلُ الْأَصْلِ قَطْعًا كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَتَبِعَهُ عج وعبق وخش وَأَصْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي النَّاضِّ وَالْعَرْضِ مِنْ كُلِّ مَا يُزَكِّيهِ الْمُدِيرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عُمُومُ لَفْظِهَا وَلَمْ تَفْصِلْ هِيَ وَلَا شُرَّاحُهَا بَيْنَ النَّاضِّ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا لِأَشْهَبَ كَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِلْأَصْلِ) أَيْ الْحَوْلِ الْمَنْسُوبِ لِلْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ وَقْتِ الْإِدَارَةِ) الْأَوْلَى وَمِنْ شَهْرِ الْإِدَارَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِثَالُهُ بَعْدَ. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ يُونُسَ حَتَّى قَالَ طفى كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي لِلَّخْمِيِّ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ حَوْلُهُ الْمُحَرَّمَ) أَيْ ابْتِدَاءَ الْمُحَرَّمِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا اخْتَلَفَ وَقْتُ الْمِلْكِ وَالْإِدَارَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَخْتَلِفَا فَحَوْلُهُ الَّذِي يُقَوِّمُ فِيهِ وَيُزَكِّي الشَّهْرَ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ الْأَصْلَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ ارْتِفَاعِ إلَخْ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ ارْتِفَاعِ سُوقٍ أَوْ رَغْبَةِ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ هُنَاكَ خَطَأٌ فِي التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ فَلِذَا إلَخْ) أَيْ فَلِأَجْلِ كَوْنِ الزِّيَادَةِ تَحْتَمِلُ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ لَوْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ لِتَحَقُّقِ الْخَطَأِ لَمْ تَلْغُ (قَوْلُهُ فَلَا تُلْغَى الزِّيَادَةُ) أَيْ لِظُهُورِ الْخَطَأِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَالْقَمْحُ) مُبْتَدَأٌ كَغَيْرِهِ خَبَرُهُ أَيْ كَغَيْرِهِ مِمَّا سَبَقَ فِي التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ وَيُزَكِّي الْقِيمَةَ) أَيْ مُضَافَةً لِمَا مَعَهُ مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ الْعَامِ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ نِصَابًا لَكِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْعَامِ الَّذِي زُكِّيَتْ فِيهِ عَيْنُهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَامُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَيُزَكِّي عَيْنَهُ وَلَا يُقَوِّمُ) أَيْ وَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى عَيْنَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَاشِيَةِ الَّتِي وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا لَا تُقَوَّمُ بَلْ تُزَكَّى مِنْ رِقَابِهَا وَإِذَا بَاعَهَا زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى عَيْنَهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَالْفَسْخُ) وَعَلَيْهَا فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَذُو الْفَسْخِ أَيْ السِّلْعَةُ الَّتِي فُسِخَ بَيْعُهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّنْبِيهِ عَلَى الْفَسْخِ وَالْمُرْتَجَعُ مِنْ الْمُفْلِسِ فِيمَا لَمْ يَنْوِ بِهِ شَيْئًا عِنْدَ رُجُوعِهِ

(وَ) الْعَرْضُ (الْمُرْتَجَعُ) لِمَالِكِهِ (مِنْ مُفْلِسٍ) اشْتَرَاهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فِي التَّقْوِيمِ (وَ) الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ (الْمُكَاتَبُ يَعْجِزُ كَغَيْرِهِ) مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ لِأَنَّ عَجْزَهُ لَيْسَ ابْتِدَاءَ مِلْكٍ فَلَا يَحْتَاجُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةِ تِجَارَةٍ ثَانِيًا بِخِلَافِ رُجُوعِهَا إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ فَهِيَ عَلَى الْقِنْيَةِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةُ (وَانْتَقَلَ) الْعَرْضُ (الْمُدَارُ لِلِاحْتِكَارِ) بِالنِّيَّةِ (وَهُمَا) أَيْ الْمُدَارُ وَالْمُحْتَكَرُ يَنْتَقِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ لَا الْعَكْسُ) أَيْ أَنَّ الْمُحْتَكَرَ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِدَارَةِ بِالنِّيَّةِ وَالْمُقْتَنَى لَا يَنْتَقِلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّيَّةِ (وَلَوْ كَانَ) اشْتَرَاهُ (أَوَّلًا لِلتِّجَارَةِ) ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى التِّجَارَةِ ثَانِيًا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ تَنْقُلُ إلَى الْأَصْلِ وَلَا تَنْقُلُ عَنْهُ وَالْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لَا الْعَكْسُ وَهُوَ مَا إذَا نَوَى بِعَرْضِ الْقِنْيَةِ الْإِدَارَةَ أَوْ الِاحْتِكَارَ وَلَا تَرْجِعُ لِلصُّورَةِ الْأُولَى لِعَدَمِ صِحَّتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ اجْتَمَعَ) عِنْدَ شَخْصٍ (إدَارَةٌ) فِي عَرْضٍ (وَاحْتِكَارٌ) فِي آخَرَ (وَتَسَاوَيَا أَوْ احْتَكَرَ الْأَكْثَرَ) وَأَدَارَ الْأَقَلَّ (فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ) فِيهِمَا يُزَكِّي الْمُدَارَ كُلَّ عَامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ فَعَلَى أَنَّهُ حَلُّ بَيْعٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ يُحْمَلُ عَلَى الْقِنْيَةِ وَأَمَّا إذَا نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ أَوْ التِّجَارَةَ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَالْعَرْضُ الْمُرْتَجَعُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا بَاعَ الْمُدِيرُ سِلْعَةً لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ فَلَّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ فَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُهَا كَغَيْرِهَا مِنْ عُرُوضِ الْإِدَارَةِ الْبَاقِيَةِ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ فَكَاتَبَهُ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نُجُومِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَرْضًا مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَيُقَوَّمُ حَيْثُ كَانَ سَيِّدُهُ مُدِيرًا (قَوْلُهُ لَيْسَ ابْتِدَاءَ مِلْكٍ) أَيْ لِأَنَّ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقِيمَةِ وَالْكِتَابَةُ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَهِيَ السِّلْعَةُ الرَّاجِعَةُ لِفَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ لِفَلَسِ الْمُشْتَرِي وَالْمُكَاتَبُ إذَا عَجَزَ وَإِنَّمَا لَمْ تَحْتَجْ لِتَجْدِيدِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ ثَانِيًا لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ كَمَا يَأْتِي وَلَمْ تَحْصُلْ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَقْوِيمُ الرَّاجِعَةِ بِالْفَسْخِ وَمِنْ الْمُفْلِسِ وَالْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ وَلَوْ حَصَلَ الْفَسْخُ وَالِارْتِجَاعُ مِنْ الْمُفْلِسِ وَالْعَجْزُ لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَيُزَكِّيهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ وَاسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ بِخِلَافِ رُجُوعِهَا) أَيْ سِلْعَةِ التِّجَارَةِ الَّتِي بَاعَهَا إلَيْهِ بِإِقَالَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الْقِنْيَةِ وَتَبْطُلُ نِيَّةُ التِّجَارَةِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةَ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ الْعَرْضُ الْمَدَارُ) أَيْ بِالنِّيَّةِ أَوْ الْفِعْلِ لِلِاحْتِكَارِ بِالنِّيَّةِ فَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِنِيَّةِ الْإِدَارَةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الِاحْتِكَارَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَيُقَوَّمُ كُلَّ عَامٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي عبق وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَثْبُتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ أَمَّا مُجَرَّدُ التُّهْمَةِ فَلَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ نَوَى حُكْرَتَهُ قَبْلَ حَوْلِهِ بِشَهْرٍ صَارَ مُحْتَكَرًا وَتَعَقَّبَهُ الْمَازِرِيُّ بِتُهْمَةِ الْفِرَارِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَصْلَ سُقُوطُ زَكَاةِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ يَنْتَقِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ) فَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا بِنِيَّةِ الْإِدَارَةِ أَوْ بِنِيَّةِ الِاحْتِكَارِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْتَقِلُ إلَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ ابْنُ الْجَلَّابِ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ وَأَنَّهُ يُزَكِّي ثُمَّ أَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ هَلْ يُقَيَّدُ بِغَيْرِ قَصْدِ الْفِرَارِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الْمُحْتَكِرَ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِدَارَةِ بِالنِّيَّةِ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ أَنَّ عَرْضَ الِاحْتِكَارِ يَنْتَقِلُ لِلْإِدَارَةِ بِالنِّيَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ الِاحْتِكَارَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ الْقِنْيَةُ لِدَوَامِ الْعَرْضِ مَعَهَا فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ الْإِدَارَةِ فَإِنَّهَا لِبُعْدِهَا عَنْ الْأَصْلِ لَا يُنْقَلُ إلَيْهَا بِالنِّيَّةِ كَذَا فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ لِابْنِ غَازِيٍّ فَظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا الْعَكْسُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ عَلَى الرَّاجِحِ لَا لِلْأَخِيرَةِ مِنْهُمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ وَالْمُقْتَنَى لَا يَنْتَقِلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّيَّةِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ وَالنِّيَّةُ وَإِنْ نُقِلَتْ لِلْأَصْلِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا تُنْقَلُ عَنْهُ لِأَنَّهَا سَبَبٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى التِّجَارَةِ ثَانِيًا بِالنِّيَّةِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِنَقْلِهَا لِلتِّجَارَةِ كَمَا كَانَتْ أَوَّلًا وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَنِسْبَةُ الْقَوْلِ بَعْدَ النَّقْلِ لِلتِّجَارَةِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَافٍ فِي تَرْجِيحِهِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ مَنْ رَجَّحَهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَرْجِعُ لِلصُّورَةِ الْأُولَى) أَيْ مِنْ صُورَتَيْ الْعَكْسِ وَهُوَ مَا إذَا نَوَى الْإِدَارَةَ بِعَرْضِ الِاحْتِكَارِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَتْ الْمُبَالَغَةُ لِلصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُورَتَيْ الْعَكْسِ كَانَ الْمَعْنَى لَا يَنْتَقِلُ الْعَرْضُ الْمُحْتَكَرُ لِلْإِدَارَةِ بِالنِّيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِهِ أَوَّلًا لِلتِّجَارَةِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا لِلْقَنِيَّةِ ثُمَّ نَوَى بِهِ الْحُكْرَةَ بَلْ وَإِنْ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا لِلتِّجَارَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمُقْتَنَى لَا يَنْتَقِلُ لِلِاحْتِكَارِ بِالنِّيَّةِ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ وَاحْتِكَارٌ فِي آخَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْعَرْضِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ اجْتَمَعَ الْعَرْضَانِ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ وَكِيلِهِ أَوْ كَانَ اجْتِمَاعُهُمَا بِيَدِهِ وَيَدِ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ يُزَكَّى الْمُدَارُ كُلَّ عَامٍ) أَيْ إذَا بَاعَ مِنْهُ

وَالْمُحْتَكَرَ بَعْدَ بَيْعِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) إنْ أَدَارَ الْأَكْثَرَ (فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ) وَيَبْطُلُ حُكْمُ الِاحْتِكَارِ (وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانِي) الَّتِي تُدَارُ فِيهَا الْبَضَائِعُ وَلَا الْآلَاتُ الَّتِي تُصْنَعُ بِهَا السِّلَعُ، وَكَذَا الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُهَا وَبَقَرُ الْحَرْثِ لِبَقَاءِ عَيْنِهَا فَأَشْبَهَتْ الْقِنْيَةَ إلَّا أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا (وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ) الْمُدِيرِ إذَا نَضَّ لَهُ وَلَوْ دِرْهَمًا بَعْدَ إسْلَامِهِ (لِحَوْلٍ مِنْ إسْلَامِهِ أَوْ اسْتِقْبَالُهُ بِالثَّمَنِ) إنْ بَلَغَ نِصَابًا حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ (قَوْلَانِ) وَأَمَّا الْمُحْتَكِرُ إذَا أَسْلَمَ فَيَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بِالثَّمَنِ مِنْ قَبْضِهِ اتِّفَاقًا. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُدِيرُهُ رَبُّهُ أَوْ يَحْتَكِرُهُ بِنَفْسِهِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُدِيرُهُ رَبُّهُ أَوْ يَحْتَكِرُهُ عَامِلُهُ فَقَالَ (وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ) بِبَلَدِ رَبِّهِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ عُلِمَ حَالُهُ فِي غَيْبَةٍ (يُزَكِّيهِ رَبُّهُ) أَيْ تَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَيْهِ زَكَاةَ إدَارَةٍ فَيُزَكِّي رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَأَمَّا الْعَامِلُ فَإِنَّمَا يُزَكِّي حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ لِسَنَةٍ كَمَا يَأْتِي (إنْ أَدَارَا) أَيْ رَبُّ الْقِرَاضِ وَالْعَامِلُ (أَوْ) أَدَارَ (الْعَامِلُ) وَحْدَهُ فَيُقَوِّمُ مَا بِيَدِهِ وَيَدِ الْعَامِلِ فِي الْأُولَى وَمَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ فِي الثَّانِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ بِدِرْهَمٍ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالْمُحْتَكَرَ بَعْدَ بَيْعِهِ) أَيْ وَالْعَرْضُ الْمُحْتَكَرُ يُزَكِّيهِ إذَا بَاعَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ مِنْ أَصْلِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ كُلًّا عَلَى حُكْمِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إذَا تَسَاوَى الْعَرْضَانِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ الْمَشْهُورُ مِنْهَا مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ مُطْلَقًا وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَمُطَرِّفٌ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ مُطْلَقًا وَتَأَوَّلَ ابْنُ لُبَابَةَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْإِدَارَةِ أُدِيرَ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَكْثَرُ أَوْ النِّصْفُ وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَصْبَغَ فَهُوَ قَوْلٌ رَابِعٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا) أَيْ فِي عَيْنِ الْإِبِلِ الْمُعَدَّةِ لِحَمْلِ سِلَعِ التِّجَارَةِ وَالْبَقَرِ الْمُعَدِّ لِلْحَرْثِ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا فَإِذَا بَلَغَتْ نِصَابًا زَكَّى عَيْنَهَا كُلَّ سَنَةٍ (قَوْلُهُ وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ) أَيْ مَنْ كَانَ كَافِرًا إذَا أَسْلَمَ وَكَانَ مُدِيرًا فَقِيلَ إنَّهُ إذَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَوْ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُ عُرُوضَهُ وَدُيُونَهُ وَيُزَكِّيهَا مَعَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِحَوْلٍ مِنْ إسْلَامِهِ وَقِيلَ إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ مَا بَاعَ بِهِ مِنْ عُرُوضِ الْإِدَارَةِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ نِصَابًا لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ) أَيْ وَمَالُ الْقِرَاضِ الْحَاضِرِ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ أَيْ كُلَّ سَنَةٍ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ مُدِيرًا أَوْ كَانَ الْعَامِلُ وَحْدَهُ مُدِيرًا لَكِنْ فِي الْأُولَى يُقَوِّمُ الْمَالِكُ مَا بِيَدِهِ وَمَا بِيَدِ الْعَامِلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةِ الْمَالِكِ مِنْ الرِّبْحِ وَيُزَكِّي عَنْهُمَا وَفِي الثَّانِيَةِ يُقَوِّمُ الْمَالِكُ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ رَأْسَ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيُزَكِّيهِمَا وَأَمَّا حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّمَا تُزَكَّى لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ. هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يُزَكِّيهِ كُلَّ عَامٍ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَهُوَ طَرِيقَةٌ لِابْنِ يُونُسَ وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ حَبِيبٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَ طفى لَا أَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ مَعَ كَوْنِ ابْنِ رُشْدٍ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُزَكَّى إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَيُزَكَّى حِينَئِذٍ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ كُلِّهَا كَالْغَائِبِ فَيَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ فَزُكِّيَ لِسَنَةِ الْفَصْلِ مَا فِيهَا إلَخْ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعَزَاهُ لِقِرَاضِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ وَلِرِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ وَسَمَاعِ عِيسَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ طفى وَقَدْ اشْتَهَرَ عِنْدَ الشُّيُوخ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ سَحْنُونٍ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَلَكِنْ يُزَكِّي لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَالدَّيْنِ حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يُزَكِّي حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ لِسَنَةٍ) نَحْوُهُ لِلْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ زَكَاتُهُ لِكُلِّ عَامٍ أَيْضًا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ إنْ أَدَارَ أَوْ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ إنْ أَدَارَا إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدِيرَ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ أَنْ يَنِضَّ لَهُ وَلَوْ دِرْهَمًا فَهَلْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ مُدِيرًا يَكْفِي النَّضُوضُ لِأَحَدِهِمَا وَإِذَا أَدَارَ الْعَامِلُ فَقَطْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَمْ لَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ يُشْتَرَطُ النَّضُوضُ فِيمَنْ لَهُ الْحُكْمُ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَحْدَهُ) أَيْ وَكَانَ رَبُّ الْقِرَاضِ مُحْتَكِرًا (قَوْلُهُ فَيُقَوِّمُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ مَا بِيَدِهِ كُلَّ سَنَةٍ وَقَوْلُهُ وَيَدِ الْعَامِلِ أَيْ وَمَا بِيَدِ الْعَامِل مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةِ الْمَالِكِ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ وَبَعْدَ أَنْ يُقَوِّمَ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ يُزَكِّي عَنْهَا وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى أَيْ إنْ أَدَارَ وَالْمُرَادُ بِالثَّانِيَةِ مَا إذَا أَدَارَ الْعَامِلُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ) أَيْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةِ الْمَالِكِ مِنْ الرِّبْحِ وَيُزَكِّي عَنْهُمَا وَأَمَّا حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا تُقَوَّمُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يُزَكِّيهَا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ لِسَنَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ

وَسَوَاءٌ كَانَ مَا بِيَدِهِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ مَالُ الْقِرَاضِ فِي ذَاتِهِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ يُزَكِّيهِ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْقِرَاضِ لَا مِنْهُ لِئَلَّا يَنْقُصَ الْقِرَاضُ وَالرِّبْحُ يُجْبِرُهُ وَهُوَ نَقْصٌ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ (وَصَبَرَ) رَبُّهُ بِزَكَاتِهِ وَلَوْ سِنِينَ (إنْ غَابَ) الْمَالُ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى يُعْلِمَهُ وَيَرْجِعَ إلَيْهِ وَلَا يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ رَبُّهُ بِذَلِكَ أَوْ يُؤْخَذُ بِهَا فَتُجْزِيَهُ وَيَحْسِبُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْمَالُ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ فِي السِّنِينَ السَّابِقَةِ عَلَى سَنَةِ الْحُضُورِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لَهَا أَوْ زَائِدًا عَنْهَا أَوْ نَاقِصًا فَأَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَيُزَكِّي لِسَنَةِ الْفَصْلِ) أَيْ عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مُفَاصَلَةٌ (مَا فِيهَا) مِنْ قَلِيلٍ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ إنْ كَانَ مَا قَبْلَهَا مُسَاوِيًا لَهَا زَكَّاهُ عَلَى حُكْمِهِ وَلِوُضُوحِهِ تَرَكَهُ وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْهَا فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ وَيَبْدَأُ فِي الْإِخْرَاجِ سَنَةَ الْفَصْلِ ثُمَّ بِمَا قَبْلَهَا وَهَكَذَا أَوْ يُرَاعِي تَنْقِيصَ الْأَخْذِ النِّصَابَ (وَإِنْ نَقَصَ) مَا قَبْلَهَا فِيهَا (فَلِكُلٍّ) مِنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ (مَا فِيهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا بِيَدِهِ إلَخْ) هَذَا الْإِطْلَاقُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا تَقْيِيدُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِقَوْلِهِ مَحَلُّ كَوْنِ رَبِّهِ يُزَكِّيهِ كُلَّ عَامٍ إنْ أَدَارَ الْعَامِلُ فَقَطْ إنْ كَانَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ رَبِّهِ أَكْثَرَ وَمَا بِيَدِ رَبِّهِ الْمُحْتَكِرِ أَقَلَّ فَخِلَافُ الصَّوَابِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِهِ) قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ زَكَاتُهُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَوْ مِنْ الْمَالِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ فِي إخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْمَالِ زِيَادَةً فِي الْقِرَاضِ وَفِي إخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ نَقْصٌ مِنْهُ وَكُلٌّ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْقِرَاضِ وَالنَّقْصِ مِنْهُ مَمْنُوعٌ وَقَدْ سَبَقَ الرَّجْرَاجِيُّ بِهَذَا الْإِشْكَالِ ابْنِ يُونُسَ وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تَجُوزُ هِيَ الَّتِي تَصِلُ لِيَدِ الْعَامِلِ وَيَنْتَفِعُ بِهَا وَهَذِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي إخْرَاجِهَا مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ اهـ نَقَلَهُ ح عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ عَبِيدُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ يُجْبِرُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُ النَّقْصَ وَالْحَاصِلُ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ) أَيْ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ مِنْهُ أَيْ وَيَحْسِبُهُ رَبُّهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ مِنْ بَقَاءٍ أَوْ تَلَفٍ وَمِنْ رِبْحٍ أَوْ خُسْرٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ دَيْنِ رَبِّهِ أَوْ مَوْتِهِ فَإِنْ وَقَعَ وَزَكَّاهُ رَبُّهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ زِيَادَةُ الْمَالِ عَلَى مَا زَكَّى أَخْرَجَ عَنْ الزِّيَادَةِ وَإِنْ تَبَيَّنَ نَقْصُهُ عَمَّا أَخْرَجَ رَجَعَ بِهَا رَبُّهُ عَلَى الْفَقِيرِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِيَدِهِ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَارْتَضَاهُ بْن مُعْتَرِضًا عَلَى عبق فِي قَوْلِهِ إنْ تَبَيَّنَ نَقْصٌ عَمَّا أَخْرَجَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِإِخْرَاجِهِ قَبْلَ عِلْمِ قَدْرِهِ قَوْلُهُ (أَوْ يُؤْخَذُ بِهَا) أَيْ أَوْ يَأْخُذُهَا السُّلْطَانُ مِنْهُ قَهْرًا عَنْهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْمَالُ) أَيْ وَإِذَا صَبَرَ رَبُّهُ بِزَكَاتِهِ أَعْوَامًا لِغَيْبَتِهِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِهِ ثُمَّ حَضَرَ الْمَالُ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَقَوْلُهُ مُسَاوِيًا لَهَا أَيْ لِسَنَةِ الْحُضُورِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُفَاصَلَةٌ) أَيْ انْفِصَالُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا) أَيْ وَسَقَطَ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ مَا قَبْلَهَا مَا زَادَ فِيمَا قَبْلَهَا يَعْنِي أَنَّ مَا زَادَ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِيَدِهِ وَلَوْ زَكَّاهُ الْعَامِلُ عَنْ رَبِّهِ لَمْ يَرْجِعْ الْعَامِلُ بِمَا أَخْرَجَهُ زَكَّاهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُبْدَأُ فِي الْإِخْرَاجِ بِسَنَةِ الْفَصْلِ) هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَوْلَى فَالْأَوْلَى فَإِذَا كَانَ الْمَالُ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعمِائَةٍ دِينَارًا وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَفِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ سَنَةُ الْحُضُورِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ الْأُولَى فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَا نَقَصَتْهُ الزَّكَاةُ فِيمَا قَبْلَهَا قُلْت وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمَآلَ وَاحِدٌ سَوَاءٌ بَدَأَ بِالسَّنَةِ الْأُولَى أَوْ سَنَةِ الْمُفَاصَلَةِ وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيُرَاعَى) أَيْ فِي غَيْرِ سَنَةِ الْفَصْلِ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ أَيْ وَيُرَاعَى أَيْضًا تَنْقِيصُهُ لِجُزْءِ الزَّكَاةِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا فَغَابَ بِهَا الْعَامِلُ خَمْسَ سِنِينَ وَوُجِدَتْ بَعْدَ الْحُضُورِ كَمَا هِيَ فَيَبْدَأُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ فِي الْإِخْرَاجِ فَمَا بَعْدَهُ وَيُرَاعِي تَنْقِيصَ الْأَخْذِ النِّصَابَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُزَكِّي عَنْ الْأَعْوَامِ الثَّلَاثِ وَالثَّانِي كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَفِي الثَّانِي ثَلَاثَمِائَةٍ وَفِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْعَامُ الَّذِي حَضَرَ فِيهِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَإِذَا زَكَّى عَنْهَا لِعَامِ الْفَصْلِ وَأَخْرَجَ سِتَّةَ دَنَانِيرَ وَرُبْعًا زَكَّى عَنْ الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا سِتَّةَ دَنَانِيرَ وَرُبْعًا الَّتِي أَخْرَجَهَا زَكَاةً عَنْ عَامِ الْفَصْلِ وَزَكَّى عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَنِصْفَ دِينَارٍ تَقْرِيبًا وَلَا يُقَالُ إنَّ اعْتِبَارَ تَنْقِيصِ الْأَخْذِ لِلنِّصَابِ أَوْ لِجُزْءِ الزَّكَاةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَيُزَكِّي عَنْ الْجَمِيعِ كُلَّ عَامٍ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي دَيْنِ الزَّكَاةِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ تَفْرِيطٌ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالذِّمَّةِ بَلْ بِالْمَالِ فَيُعْتَبَرُ نَقْصُهُ مُطْلَقًا وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ النَّقْصِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا وَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ

كَمَا إذَا كَانَ فِي الْأُولَى مِائَةً وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَفِي الثَّالِثَةِ مِائَتَيْنِ (وَ) إنْ كَانَ مَا قَبْلَهَا (أَزْيَدَ) مِمَّا فِيهَا (وَأَنْقَصَ) مِنْهُ كَمَا إذَا كَانَ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا مِائَتَيْنِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا خَمْسُمِائَةٍ (قُضِيَ بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ) فَيُزَكِّي سَنَةَ الْفَصْلِ عَنْ أَرْبَعِمِائَةِ وَعَنْ اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا مِائَتَيْنِ مِائَتَيْنِ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا انْتَفَعَ بِهِ. (وَإِنْ احْتَكَرَا) مَعًا رَبُّ الْمَالِ فِيمَا بِيَدِهِ وَالْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ (أَوْ) احْتَكَرَ (الْعَامِلُ) فَقَطْ (فَكَالدَّيْنِ) وَأَفَادَ بِهِ فَائِدَتَيْنِ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ لِرَبِّهِ بِالِانْفِصَالِ وَلَوْ نَضَّ بِيَدِ الْعَامِلِ وَالثَّانِيَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ أَقَامَ أَعْوَامًا وَهَذَا إذَا كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِلَّا كَانَ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ الَّذِي بِيَدِ رَبِّهِ حَيْثُ كَانَ يَتَّجِرُ بِهِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ (وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ) الْمُشْتَرَاةِ بِهِ أَوْ مِنْهُ وَكَذَا زَكَاةُ حَرْثِهِ (مُطْلَقًا) حَضَرَ أَوْ غَابَ أَدَارَا أَوْ احْتَكَرَا أَوْ اخْتَلَفَا (وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَلَا تُجْبَرُ بِالرِّبْحِ كَالْخَسَارَةِ وَهَذَا إنْ غَابَتْ وَأَمَّا إنْ حَضَرَتْ فَهَلْ يَأْخُذُهَا السَّاعِي أَوْ رَبُّهَا مِنْهَا وَتُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا أَيْضًا أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا تَأْوِيلَانِ (وَهَلْ عَبِيدُهُ) أَيْ زَكَاةُ فِطْرِ رَقِيقِ الْقِرَاضِ إذَا أَخْرَجَهَا الْعَامِلُ (كَذَلِكَ) تُحْسَبُ عَلَى رَبِّهِ وَلَا تُجْبَرُ بِالرِّبْحِ (أَوْ تُلْغَى كَالنَّفَقَةِ) وَالْخُسْرِ وَتُجْبَرُ بِالرِّبْحِ (تَأْوِيلَانِ) هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً وَأَمَّا نَفَقَتُهُمْ فَمِنْ مَالِ الْقِرَاضِ انْتَهَى فَهَذَا صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْهُ أَحَدٌ وَإِنَّمَا التَّأْوِيلَانِ فِي مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ الْحَاضِرَةِ هَلْ تُزَكَّى مِنْهَا وَتُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ مُطْلَقًا وَأُخِذَتْ مِنْ عَيْنِهَا إنْ غَابَتْ وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ حَضَرَتْ أَوْ مِنْ رَبِّهَا كَزَكَاةِ فِطْرِ رَقِيقِهِ تَأْوِيلَانِ لَوْ أَبِقَ النَّقْلُ (وَزُكِّيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُهُ (رِبْحُ الْعَامِلِ) أَيْ يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَلِفَ قَبْلَ عَامِ الْمُفَاصَلَةِ فَلَا زَكَاةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْأُولَى مِائَةٌ إلَخْ) أَيْ فَيُزَكِّي عَنْ مِائَتَيْنِ ثُمَّ عَنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثُمَّ عَنْ مِائَةٍ وَلَا يَتَأَتَّى إذَا زَكَّى عَنْ كُلِّ سَنَةٍ مَا فِيهَا اعْتِبَارُ تَنْقِيصِ الْأَخْذِ النِّصَابَ وَلَا تَنْقِيصُهُ لِجُزْءِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَا قَبْلَهَا أَزْيَدَ مِمَّا فِيهَا وَأَنْقَصَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا قَبْلَ سَنَةِ الِانْفِصَالِ بَعْضُهُ أَزْيَدُ مِمَّا فِيهَا وَبَعْضُهُ أَنْقَصُ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَضَى بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ الْأَزْيَدُ عَلَى الْأَنْقَصِ كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ وَأَمَّا إنْ تَقَدَّمَ الْأَنْقَصُ عَلَى الْأَزْيَدِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي سَنَةِ الْفَصْلِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا خَمْسُمِائَةٍ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ لِسَنَةِ الْفَصْلِ وَلِمَا قَبْلَهَا وَيُزَكِّي عَنْ مِائَتَيْنِ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ وَكَانَ رَبُّ الْمَالِ مُدِيرًا وَقَوْلُهُ فَكَالدَّيْنِ أَيْ فَلَا يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إلَّا لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ بِيَدِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ تَابِعًا لِلْأَكْثَرِ) أَيْ وَيَبْطُلُ حُكْمُ الِاحْتِكَارِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَوِّمُ رَبُّ الْمَالِ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ كُلَّ سَنَةٍ وَيُزَكِّيهِ إنْ عَلِمَ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا بِيَدِ رَبِّهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِ الْعَامِلِ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ أَيْ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ مُدِيرًا زَكَّاهُ رَبُّهُ كُلَّ عَامٍ وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدً بَعْدَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ إلَخْ) أَيْ فَتُخْرَجُ مِنْ عَيْنِهَا كُلَّ عَامٍ حَيْثُ كَانَتْ نِصَابًا وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا الْمُفَاصَلَةُ وَالْعِلْمُ بِحَالِهَا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ حَضَرَ) أَيْ بِبَلَدِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ وَحُسِبَتْ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا اشْتَرَى بِهَا الْعَامِلُ أَرْبَعِينَ شَاةً أَخَذَ السَّاعِي مِنْهَا بَعْدَ مُرُورِ الْحَوْلِ شَاةً تُسَاوِي دِينَارًا ثُمَّ بَاعَ الْبَاقِيَ بِسِتِّينَ دِينَارًا فَالرِّبْحُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَرَأْسُ الْمَالِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ لِحُسْبَانِ الشَّاةِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ الرِّبْحُ عِشْرُونَ وَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ وَيَبْقَى الْمَالُ عَلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ فَلَا تُجْبَرُ بِالرِّبْحِ) أَيْ فَلَا تُلْغَى عَلَيْهِمَا وَتُجْبَرُ بِالرِّبْحِ كَمَا أَنَّ الْخَسَارَةَ إنْ كَانَتْ تُلْغَى عَلَيْهِمَا وَتُجْبَرُ بِالرِّبْحِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ أَنَّهَا تُلْغَى عَلَيْهِمَا وَتُجْبَرُ بِالرِّبْحِ كَالْخَسَارَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ رِقَابِهَا وَحِسَابِهَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَاشِيَةُ غَائِبَةً عَنْ بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَأْخُذُهَا) أَيْ زَكَاةُ تِلْكَ الْمَاشِيَةِ وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ رِقَابِهَا (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا) أَيْ أَوْ تُؤْخَذُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْمَالِ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ رِقَابِهَا (قَوْلُهُ وَتُجْبَرُ بِالرِّبْحِ) بَيَانٌ لِمَعْنَى إلْغَائِهَا (قَوْلُهُ أَيْ يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ) أَيْ لَا رَبُّ الْمَالِ خِلَافًا لِبَهْرَامَ حَيْثُ قَالَ إنَّ مَا خَصَّ الْعَامِلَ مِنْ الرِّبْحِ يُزَكِّيهِ رَبُّ الْمَالِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَزَكَّى الْعَامِلُ رِبْحَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّ مَا يَنْوِ بِهِ مِنْ الزَّكَاةِ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ لَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ كَمَا فِي ح وَقَوْلُهُ وَزَكَّى رِبْحَ الْعَامِلِ أَيْ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرَيْنِ أَوْ مُحْتَكِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَامِلَ هُوَ الَّذِي يُزَكِّي مَا نَابَهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ عَنْ الْمُقَاسَمَةِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ أَقَامَ مَالُ الْقِرَاضِ بِيَدِهِ أَعْوَامًا سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مُدِيرًا أَوْ مُحْتَكِرًا سَوَاءٌ كَانَ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ لَكِنْ الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُمَا إنْ أَدَارَا أَوْ الْعَامِلُ لَزِمَ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ لِكُلِّ عَامٍ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَاقْتَصَرَ

(وَإِنْ قَلَّ) عَنْ النِّصَابِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَقَامَ) مَالُ الْقِرَاضِ (بِيَدِهِ حَوْلًا) فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ التَّجْرِ (وَكَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ) عَلَيْهِمَا (وَحِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابٌ) فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ نَابَهُ نِصَابٌ وَيَسْتَقْبِلُ حَوْلًا كَالْفَائِدَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ رَبِّهِ مَا لَوْ ضُمَّ إلَيْهِ هَذَا النَّاقِصُ لَكَانَ نِصَابًا وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُزَكِّي وَيُزَكِّي الْعَامِلُ أَيْضًا رِبْحَهُ وَإِنْ قَلَّ فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ إلَخْ تَفْصِيلٌ وَبَقِيَ شَرْطٌ سَادِسٌ وَهُوَ أَنْ يَنِضَّ وَيَقْبِضَهُ (وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (شَرِيكًا) لِكَوْنِهِ يُضَمِّنُهُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ لَوْ تَلِفَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِشَيْءٍ وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَتَقَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ وَطِئَ أَمَةَ الْقِرَاضِ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الزَّكَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ حِصَّتِهِ (أَوْ أَجِيرًا) إذْ لَيْسَ لَهُ فِي أَصْلِ الْمَالِ شِرْكٌ وَحَوْلُ رِبْحِ الْمَالِ حَوْلُ أَصْلِهِ وَيُزَكِّي نَصِيبَهُ وَإِنْ قَلَّ وَتَسْقُطُ عَنْهُ تَبَعًا لِسُقُوطِهَا عَنْ رَبِّ الْمَالِ (خِلَافٌ) فَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ أَجِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ فِي مَسَائِلَ مَبْنِيَّةٍ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْ. (وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ) أَيْ حَبٍّ وَثِمَارٍ (وَمَعْدِنٍ وَمَاشِيَةٍ بِدَيْنٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ (أَوْ) بِسَبَبِ (فَقْدٍ أَوْ أَسْرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ) لَوْ عَبَّرَ بِلَوْ كَانَ أَوْلَى لِرَدِّ قَوْلِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا زَكَاةَ فِيمَا قَلَّ وَقَصُرَ عَنْ النِّصَابِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ اهـ قَالَ النَّاصِرُ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ أَجِيرًا يَقْتَضِي اسْتِقْبَالَهُ لَا زَكَاتَهُ لِسَنَةٍ وَكَوْنُهُ شَرِيكًا يَقْتَضِي سُقُوطَ الزَّكَاةِ عَنْهُ إذَا كَانَ جُزْؤُهُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ إذْ لَا زَكَاةَ عَلَى شَرِيكٍ حَتَّى تَبْلُغَ حِصَّتُهُ نِصَابًا قُلْت أَصْلُ الزَّكَاةِ فِي رِبْحِ الْعَامِلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِلَّتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَوُجُوبُهَا فِي الْقَلِيلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى الْعَامِلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ هَذَا هُوَ الَّذِي عَنَاهُ فِي التَّوْضِيحِ فَلَا بَحْثَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ كَمَا عُلِمَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَبَعْضُ شُرُوطِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى الْعَامِلِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ) أَيْ فَرِبْحُ الْعَامِلِ مَنْظُورٌ فِيهِ لِكَوْنِهِ بَعْضًا مِنْ الْمَالِ الَّذِي اتَّجَرَ فِيهِ، أَخَذَهُ أُجْرَةً فَزَكَاةُ ذَلِكَ الرِّبْحِ تَبَعًا لِلْمَالِ فَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهُ نِصَابًا (قَوْلُهُ إنْ قَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا) اشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْعَامِلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ لِرَبِّ الْمَالِ لَا أَجِيرٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ الِاكْتِفَاءُ بِحَوْلِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ بِلَا دَيْنٍ) اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ فِي رَبِّ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ أَمَّا لَوْ نَظَرْنَا لِكَوْنِهِ شَرِيكًا فَلَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ فِي رَبِّ الْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِتَزْكِيَةِ حِصَّةِ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ ذَاتُ الْمَالِكِ وَاشْتِرَاطُهَا فِي الْعَامِلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ إذْ لَوْ قُلْنَا إنَّهُ أَجِيرٌ لَاكْتَفَى بِحُصُولِ مَا ذُكِرَ فِي رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَحِصَّةُ رَبِّهِ) أَيْ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ مَعَ رِبْحِ رَبِّ الْمَالِ مَجْمُوعُهُمَا نِصَابٌ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَحِصَّةُ وَاوُ الْحَالِ أَيْ زُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ إنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا وَالْحَالُ أَنَّ حِصَّةَ رَبِّهِ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِالْحِصَّةِ رَأْسُ الْمَالِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ نَابَهُ نِصَابٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَدَفَعَهَا رَبُّهَا لِلْعَامِلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهَا جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ فَرَبِحَ الْمَالُ مِائَةً فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يُزَكِّي لِأَنَّ مَجْمُوعَ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ أَحَدَ عَشَرَ وَكَذَا الْعَامِلُ لَا يُزَكِّي بَلْ يَسْتَقْبِلُ بِمَا خَصَّهُ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ حَوْلًا مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) هَذَا فِي نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ أَشْهَبُ فِيمَنْ عِنْدَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا فَرَبِحَ فِيهَا خَمْسَةً وَلَهُ مَالٌ حَالَ حَوْلُهُ إنْ ضَمَّهُ إلَى هَذَا صَارَ فِيهِ الزَّكَاةُ يُرِيدُ وَقَدْ حَالَ عَلَى أَصْلِ هَذَا الْمَالِ حَوْلٌ فَلْيُزَكِّ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ لِأَنَّ الْمَالَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَبِهِ أَخَذَ سَحْنُونٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَضُمُّ الْعَامِلُ مَا رَبِحَ إلَى مَالٍ لَهُ آخَرَ لِيُزَكِّيَ بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَنْ يَنِضَّ) أَيْ يَبِيعَ بِنَقْدٍ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ حِصَّتِهِ) أَيْ فَكُلُّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ خِلَافُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ وَحَوْلُ رِبْحِ الْمَالِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ تَبَعًا) كَمَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مَعَ حِصَّةِ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَنَابَ الْعَامِلَ مِنْ الرِّبْحِ نِصَابٌ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْخِلَافُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّشْهِيرِ فِي كَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ أَجِيرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَجِيرٌ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ فَلَمْ يُشْهَرْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَبْنِيِّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَبَعْضُهُمْ شَهَرَ مَا انْبَنَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَبَعْضُهُمْ شَهَرَ مَا انْبَنَى عَلَى الْآخَرِ هَذَا حَاصِلُهُ لَكِنَّ اللَّقَانِيَّ ذَكَرَ أَنَّ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يَشْهَدُ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِ الْخِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ زَكَاةُ حَرْثٍ) أَيْ مَحْرُوثٍ (قَوْلُهُ وَمَعْدِنٍ) مِثْلُهُ الرِّكَازُ إذَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ وَلَا مَا مَعَهُ بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ فِيهِ الْخُمُسُ فَلَا يُسْقِطُهُ دَيْنٌ وَلَا فَقْدٌ وَلَا أَسْرٌ (قَوْلُهُ بِدَيْنٍ) أَيْ بِسَبَبِ دَيْنٍ عَلَى أَرْبَابِهَا سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا بِأَنْ اسْتَقْرَضَهُ أَوْ اشْتَرَى بِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ كَانَ

لِحَمْلِهِ عَلَى الْحَيَاةِ وَكَذَا زَكَاةُ الْفِطْرِ لَا تَسْقُطُ بِمَا ذُكِرَ (وَإِنْ سَاوَى) الدَّيْنُ (مَا بِيَدِهِ) مِنْ ذَلِكَ أَوْ زَادَ كَمَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ خَمْسَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَبِيَدِهِ مِثْلُهَا أَوْ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَبِيَدِهِ خَمْسَةٌ وَأَحْرَى لَوْ خَالَفَ مَا بِيَدِهِ كَمَنْ عَلَيْهِ حَرْثٌ وَبِيَدِهِ مَاشِيَةٌ أَوْ عَكْسُهُ (إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ) وَ (عَلَيْهِ مِثْلُهُ) فَإِنَّهَا تَسْقُطُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَتِهِ (بِخِلَافِ) زَكَاةِ (الْعَيْنِ) فَإِنَّ الدَّيْنَ وَالْفَقْدَ وَالْأَسْرَ يُسْقِطُهَا (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ (دَيْنَ زَكَاةٍ) تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ زَكَاةَ فِطْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (أَوْ) كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ (مُؤَجَّلًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَرْضًا أَوْ طَعَامًا بِأَنْ كَانَ سَلَّمَا فِيهِمَا. (قَوْلُهُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحَيَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا فُقِدَ أَوْ أُسِرَ وَأُخْرِجَتْ زَكَاةُ مَاشِيَتِهِ أَوْ حَرْثِهِ وَهُوَ مَأْسُورٌ أَوْ مَفْقُودٌ فَإِنَّهَا تُجْزِي وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ نِيَّتِهِ لِأَنَّ نِيَّةَ الْمُخْرِجِ تَقُومُ مَقَامَ نِيَّتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَاوَى إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا نَقَصَ الدَّيْنُ عَمَّا بِيَدِهِ مِنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْمَعْدِنِ بَلْ وَإِنْ سَاوَاهُ، وَكَذَا إذَا زَادَ الدَّيْنُ عَلَى مَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمُسَاوَاةِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِمَا الْخِلَافُ فَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ عَلَى الْمُخَالِفِ فِيهَا وَيُعْلَمُ مِنْهُ صُورَةُ الزِّيَادَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَوْ بَالَغَ عَلَى الزِّيَادَةِ لَاقْتَضَى أَنَّ الْمُسَاوَاةَ مُتَّفَقٌ فِيهَا عَلَى عَدَمِ السُّقُوطِ مَعَ أَنَّ فِيهَا الْخِلَافَ كَذَا قِيلَ وَتَأَمَّلْ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ مَا بِيَدِهِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْحَرْثِ وَالْمَعْدِنِ وَالْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ قَالَ الْمُدَوَّنَةُ وَمَنْ لَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ عَبْدٌ مِثْلُهُ فِي صِفَتِهِ فَلَا يُزَكِّي الْفِطْرَ عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرُهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ يُقَابِلُ بِهِ الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَا يُخْرِجُ مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَبْدُ الْحَقِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِهِ لَيْسَ كَالْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ إنَّمَا عَلَيْهِ عَبْدٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ هَلَكَ لَطُولِبَ بِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ إنْ قَدَرَ أَنْ يُزَكِّيَهَا وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَهُ أَدَّى عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ ثَمَنِهِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى بِهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي جَنَى عَبْدُهُ فَمَضَى عَلَيْهِ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ مَعَ كَوْنِ عَيْنِ الْعَبْدِ كَالْمُسْتَحَقَّةِ لِكَوْنِ الْجِنَايَةِ مُتَعَلِّقَةً بِهِ لَا بِالذِّمَّةِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي كَالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ فَكَيْفَ هَذَا الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ وَلَوْ هَلَكَ لَبَقِيَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ يُؤَدِّي مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ اهـ فَقَدْ نَاقَضَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ إنْ حُمِلَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا بِمَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ وَمِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ عَبْدٌ مِثْلُهُ فَأَمَّا إنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُ قِيمَتِهِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ فِطْرِهِ لِمَا عَلَّلُوهُ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِهِ لَيْسَ كَعَيْنٍ مُسْتَحَقَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ عَاشِرٍ فِي ذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ) أَيْ عَبْدٌ مِثْلُهُ أَيْ سَلَمًا أَوْ قَرْضًا وَقَوْلُهُ فِي مُقَابَلَتِهِ أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الْعَبْدِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنُ عَبْدٍ مُمَاثِلٍ لِلْعَبْدِ الَّذِي عَلَيْهِ عِنْدَهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ سِوَى ذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَوْ طُولِبَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِ ذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي عِنْدَهُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَخَالَفَ عَبْدُ الْحَقِّ فَقَالَ بِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِيهَا قِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَتَسْقُطُ زَكَاتُهَا بِالدَّيْنِ مُطْلَقًا وَبِالْفَقْدِ وَالْأَسْرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الدَّيْنَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ مَاشِيَةً وَقَوْلُهُ يُسْقِطُهَا أَيْ يُسْقِطُ زَكَاةَ الْقَدْرِ الْمُسَاوِي لَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَيْسَ كَامِلَ الْمِلْكِ إذْ هُوَ بِصَدَدِ الِانْتِزَاعِ مِنْهُ كَالْعَبْدِ، وَالْمَفْقُودُ وَالْأَسِيرُ مَغْلُوبَانِ عَلَى عَدَمِ التَّنْمِيَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَهُمَا الْأَمْوَالَ الضَّائِعَةَ وَلِأَجْلِ كَوْنِ أَمْوَالِهِمَا كَالْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ وَهُوَ الْفَقْدُ وَالْأَسْرُ أَنْ يُزَكِّيَ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي خش وَخَالَفَ عبق تَبَعًا لعج فَقَالَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْمَفْقُودُ أَوْ الْأَسِيرُ فَلَا يُزَكِّيهَا بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ لِسَنَةٍ بَلْ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بَعْدَ حُضُورِهِ وَزَوَالِ الْمَانِعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الضَّائِعَةِ وَنَحْوِهَا أَنَّ رَبَّ الضَّائِعَةِ عِنْدَهُ مِنْ التَّفْرِيطِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْمَفْقُودِ وَالْمَأْسُورِ قَالَ بْن: وَكُلُّ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا أَفَادَهُ طفى التَّزْكِيَةُ لِكُلِّ عَامٍ وَذَكَرَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْفَقْدِ وَالْأَسْرِ يُسْقِطَانِ الزَّكَاةَ أَنَّهُمَا يُسْقِطَانِ وُجُوبَ إخْرَاجِهَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا حَضَرَ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ فَالْفَقْدُ وَالْأَسْرُ لَيْسَا مُسْقِطَيْنِ لِلزَّكَاةِ بِالْمَرَّةِ وَإِنَّمَا يُوجِبَانِ التَّوَقُّفَ عَنْ إخْرَاجِهَا مَخَافَةَ حُدُوثِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنُ الزَّكَاةِ الْمُتَرَتِّبُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ حَرْثٍ

وَيُعْتَبَرُ عَدَدُهُ لَا قِيمَتُهُ (أَوْ) كَانَ (كَمَهْرٍ) لِزَوْجَةٍ وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَدْخَلَتْ الْكَافُ دَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالصِّدِّيقِ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ لَا يُطْلَبُ (أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ مُطْلَقًا) حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ أَوْ لَا لِأَنَّهَا فِي نَظِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ (أَوْ) نَفَقَةِ (وَلَدٍ إنْ حَكَمَ بِهَا) أَيْ قَضَى بِمَا تَجَمَّدَ مِنْهَا فِي الْمَاضِي حَاكِمٌ غَيْرُ مَالِكِيٍّ يَرَى ذَلِكَ وَصُورَتُهَا أَنَّهُ تَجَمَّدَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ فَطَالَبَ الْوَلَدُ أَبَاهُ بِهِ فَامْتَنَعَ فَرَفَعَ لِحَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَحَكَمَ بِهَا فَانْدَفَعَ مَا أُورِدَ بِأَنَّهُ إنْ حَكَمَ بِالْمُسْتَقْبِلَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُدْخِلُ الْمُسْتَقْبَلَاتِ وَإِنْ حَكَمَ بِالْمَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُ لِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْحُكْمَ صَيَّرَهَا كَالدَّيْنِ فِي اللُّزُومِ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ أَمْ لَا بِإِنْفَاقٍ فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَاكِمٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَسْقُطُ وَقَالَ أَشْهَبُ تَسْقُطُ وَاخْتُلِفَ هَلْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ مُفَرِّعًا عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) عَدَمُ سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْ الْأَبِ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (إنْ تَقَدَّمَ) لِلْوَلَدِ (يُسْرٌ) أَيَّامَ قَطْعِ النَّفَقَةِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ يُسْرٌ فَتَسْقُطُ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فَبَيْنَهُمَا وِفَاقٌ أَوْ يَبْقَى كُلٌّ عَلَى إطْلَاقِهِ فَبَيْنَهُمَا خِلَافٌ (تَأْوِيلَانِ) فَالْمَذْكُورُ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ وَالْمَحْذُوفُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ يُسْرٌ تَأْوِيلَانِ وَصَوَابُهُ وَهَلْ وَإِنْ لَمْ إلَخْ بِوَاوِ قَبْلَ إنْ وَيَكُونُ الْمَذْكُورُ تَأْوِيلَ الْخِلَافِ وَالْمَحْذُوفُ تَأْوِيلَ الْوِفَاقِ وَهِيَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْمَفْهُومِ أَيْضًا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ الْفِقْهُ مِنْ ذَاتِ الْمَتْنِ فَلَوْ قَالَ أَوْ وَلَدٌ إنْ حَكَمَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ يُسْرٌ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ (أَوْ) كَانَ الدَّيْنُ تَجَمَّدَ مِنْ نَفَقَةِ (وَالِدٍ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ فَتَسْقُطُ زَكَاةُ الِابْنِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (بِحُكْمِ إنْ تَسَلَّفَ) الْأَبُ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَأْخُذَ بَدَلَهُ مِنْ وَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا أَوْ حَكَمَ بِهَا وَلَمْ يَتَسَلَّفْ بِأَنْ تَحَيَّلَ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ بِسُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الِابْنِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الدُّيُونِ قَوْلُهُ (لَا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ) وَجَبَتْ عَلَيْهِ (أَوْ هَدْيٍ) وَجَبَ عَلَيْهِ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ بِهَا ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْمُقَدَّرِ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ قَوْلِهِ لَا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عَيْنٍ أَوْ مَاشِيَةٍ (قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ عَدَدُهُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَعَلَيْهِ دِينَارَانِ مُؤَجَّلَانِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا دِينَارًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ لَا قِيمَتُهُ) مِثْلُهُ فِي الْمَوَّاقِ وَهَذَا بِخِلَافِ دَيْنٍ لَهُ مُؤَجَّلٍ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّمَا يَجْعَلُ مَا عَلَيْهِ فِي قِيمَتِهِ كَمَا يَأْتِي وَعِلَّةُ ذَلِكَ فِيهِمَا كَمَا لِابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ وَلَوْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ لَحَلَّ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ وَبِيعَ دَيْنُهُ الْمُؤَجَّلُ لِغُرَمَائِهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ كَمَهْرٍ) هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ دَيْنٍ إلَّا مُهُورَ النِّسَاءِ إذْ لَيْسَ شَأْنُهُنَّ الْقِيَامَ بِهِ إلَّا فِي مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقُوَّةِ كَغَيْرِهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لِزَوْجَةٍ) أَيْ مُطَلَّقَةٍ أَوْ فِي الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ) أَيْ مُتَجَمِّدَةٍ عَلَيْهِ لِمَا مَضَى (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدٍ إنْ حَكَمَ) اُنْظُرْ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ الْحُكْمِ مَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْوَلَدِ شَخْصٌ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ وَانْظُرْ هَلْ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ يَقُومُ مَقَامَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا أُورِدَ) أَيْ مَا أَوْرَدَهُ الْبِسَاطِيُّ وَأَجَابَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَكِنْ الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الْفَرْضُ أَيْ إنْ فَرَضَهَا وَقَدَّرَهَا حَاكِمٌ وَفَرْضُهُ لَيْسَ حُكْمًا حَقِيقَةً وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ فَهُوَ لِلْفِيشِيِّ وَحَاصِلُهُ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الثَّانِي لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَكَمَ بِهَا غَيْرُ الْمَالِكِيِّ كَالْحَنَفِيِّ الَّذِي يَرَى عَدَمَ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَصَوَّبَ بْن وطفى مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ التَّقْدِيرُ فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الْمَاضِيَةُ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ فَرَضَهَا الْقَاضِي وَقَدَّرَهَا وَإِلَّا كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فَتَسْقُطُ بِهَا زَكَاةُ الْعَيْنِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْأَبِ عِشْرُونَ دِينَارًا حَالَ حَوْلُهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ شَهْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِوَلَدِهِ قَدْ فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْقَاضِي قَبْلَ الْحَوْلِ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَلْتُجْعَلْ النَّفَقَةُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ النِّصَابِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاتُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَكَمَ بِالْمَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ) أَيْ وَسَوَاءٌ حَصَلَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ فِي أَيَّامِ تَرْكِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا بِاتِّفَاقٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ حَكَمَ. (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَسْقُطُ) أَيْ لَا تُسْقِطُ تِلْكَ النَّفَقَةُ الزَّكَاةَ فَتُسْقِطُ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ أَسْقَطَ (قَوْلُهُ إنْ تَقَدَّمَ) أَيْ إنْ حَصَلَ (قَوْلُهُ أَوْ يَبْقَى إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِهَا فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْ الْأَبِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَلَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ أَيَّامَ قَطْعِ النَّفَقَةِ عَنْهُ أَمْ لَا وَيُحْمَلُ قَوْلُ أَشْهَبَ بِسُقُوطِهَا عَنْ الْأَبِ عَلَى إطْلَاقِهِ أَيْ حَصَلَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ) وَهُوَ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْخِلَافِ فَهُوَ لِعَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْمَذْكُورُ تَأْوِيلَ الْخِلَافِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ حِينَئِذٍ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ بِحُكْمٍ) الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ هُنَا الْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ حَقِيقَتُهُ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ تَسَلَّفَ الْوَلَدُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الِابْنِ أَيْ لَمْ تَسْقُطْ زَكَاةُ الْعَيْنِ عَنْ الِابْنِ وَإِنَّمَا شُدِّدَ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ حَيْثُ جُعِلَتْ دَيْنًا مُسْقِطًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ بِمُجَرَّدِ الْحُكْمِ بِهَا دُونَ نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ دَيْنًا مُسْقِطًا إلَّا إذَا انْضَمَّ لِلْحُكْمِ بِهَا تَسَلُّفٌ لِأَنَّ الْوَالِدَ يُسَامِحُ وَلَدَهُ أَكْثَرَ مِنْ مُسَامَحَةِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ لِأَنَّ حُبَّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ مَوْرُوثٌ مِنْ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ حُبُّ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ (قَوْلُهُ لَا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ أَوْ هَدْيٍ)

أَوْ مِمَّا أَفْهَمَتْهُ الْمُخَالَفَةُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَدِينِ (مُعَشَّرٌ) أَيْ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ (زُكِّيَ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ وَمِثْلُ الْمُعَشَّرَاتِ مَاشِيَةٌ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْهُ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ مَعْدِنٌ أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ أَوْ) قِيمَةُ (رَقَبَةِ مُدَبَّرٍ) عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ لَا تَدْبِيرَ فِيهِ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ (أَوْ) قِيمَةُ (خِدْمَةِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) عَلَى غَرَرِهَا (أَوْ) قِيمَةُ خِدْمَةِ (مُخْدِمٍ) أَخْدَمَهُ لَهُ الْغَيْرُ سِنِينَ أَوْ حَيَاتَهُ (أَوْ) قِيمَةُ (رَقَبَتِهِ) وَذَلِكَ (لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ) بِأَنْ أَخْدَمَهُ لِزَيْدٍ سِنِينَ مُعَيَّنَةً وَبَعْدَهَا يَكُونُ لِعَمْرٍو مِلْكًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَيَأْخُذُهَا كَرْهًا مِنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ فِيهِمَا ذَلِكَ اهـ وَتَعَقَّبَ هَذَا الْفَرْقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ ابْنِ عَرَفَةَ قَائِلًا لَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَدَيْنِ الْهَدْيِ وَالْكَفَّارَةِ فِي مُطَالَبَةِ الْإِمَامِ بِهِمَا وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ قُلْت وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْكَفَّارَاتِ مِمَّا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى إخْرَاجِهَا وَلَا تُوكَلُ لِأَمَانَتِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي لِلَّهِ فِي الْأَمْوَالِ فَمَنْ كَانَ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ أَوْ هَدْيٌ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إنْفَاذِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِيمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ فَمَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِهَا إنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ اهـ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ فِي إسْقَاطِهِ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ كَدَيْنِ الزَّكَاةِ وَعَدَمِ إسْقَاطِهِ لَهَا طَرِيقَتَانِ الْأُولَى مُخْتَارُ ابْنِ عَتَّابٍ وَالثَّانِيَةُ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ رَاشِدٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِمَّا أَفْهَمَتْهُ الْمُخَالَفَةُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ) فَكَأَنَّهُ قَالَ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ زَكَاتُهَا بِكُلِّ دَيْنٍ مِمَّا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ زُكِّيَ) أَيْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِكَوْنِهِ نِصَابًا كَخَمْسَةٍ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ أَيْ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَشَّرِ وَالنَّعَمِ غَيْرِ الْمُزَكَّى مَا اُشْتُرِطَ فِي الْعَرْضِ وَهُوَ إقَامَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَوْلًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ مَعْدِنٌ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَاتَ الْمَعْدِنِ تُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَعْدِنِ يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ اتِّفَاقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا دَيْنًا وَبِيَدِهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الْكِتَابَةِ عِشْرُونَ جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ عِشْرِينَ مِنْ الدَّيْنِ وَيَجْعَلُ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الدَّيْنِ فِي مُقَابَلَةِ عِشْرِينَ مِمَّا بِيَدِهِ وَيُزَكِّي عَنْ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ عَشَرَةً فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ فِي يَدِهِ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ عَشَرَةٌ فَقَطْ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَعْلِ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْعَلُ فِي قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَقَالَ أَصْبَغُ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ اهـ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ عُرُوضًا قُوِّمَتْ بِعَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا قُوِّمَتْ بِعُرُوضٍ ثُمَّ قُوِّمَتْ بِعَيْنٍ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَفِي رَقَبَتِهِ فَضْلٌ أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الْكِتَابَةِ زَكَّى مِنْ مَالِهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْفَضْلِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِجَعْلِ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ فِي الدَّيْنِ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَبِيَدِهِ أَرْبَعُونَ وَقِيمَةُ الْكِتَابَةِ عَشَرَةٌ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا بِيَدِهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَالْحَالُ أَنَّ رَقَبَتَهُ تُسَاوِي عِشْرِينَ فَفِي رَقَبَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الْكِتَابِ وَهِيَ عَشَرَةٌ فَإِذَا جُعِلَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْعَبْدِ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ كَانَ الْبَاقِي مِمَّا بِيَدِهِ عِشْرِينَ فَيُزَكِّيهَا فَقَدْ زَكَّى الْفَضْلَ بَيْنَ الرِّقِّيَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَهُوَ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَعْلِ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ فِي الدَّيْنِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ التَّدْبِيرُ حَادِثًا بَعْدَ الدَّيْنِ لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ حِينَئِذٍ وَبِيعَ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ فَجَعْلُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ فِي الدَّيْنِ مُشْكِلٌ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ حِينَئِذٍ فَيُقَالُ هَذَا مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الْمُدَبَّرَ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْقِنِّ وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ التَّدْبِيرُ عَلَى الدَّيْنِ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْعَلُ فِي رَقَبَتِهِ أَيْضًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْعَلُ فِي خِدْمَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَاعَى قَوْلَ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ عَلَى إطْلَاقِهِ اتِّفَاقًا فِي تَأْخِيرِ التَّدْبِيرِ عَنْ الدَّيْنِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَخَدَمَهُ لَهُ الْغَيْرُ سِنِينَ أَوْ حَيَاتَهُ) هَكَذَا فِي نَصِّ ابْنِ الْمَوَّازِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ لَكِنْ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ يُجْعَلُ الدَّيْنُ فِي قِيمَةِ الْخِدْمَةِ إذَا كَانَتْ حَيَاتَهُ لَيْسَ بِحُسْنٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنَقْدٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَأَظُنُّهُ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَبَّرِ وَلَيْسَ مِثْلَهُ لِأَنَّ الْجَوَازَ فِي الْمُدَبَّرِ

فَإِنَّ عَمْرًا يَجْعَلُ قِيمَتَهُ فِي نَظِيرِ الدَّيْنِ وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ (أَوْ) يَكُونُ لَهُ (عَدَدُ دَيْنٍ حَلَّ) وَرُجِيَ (أَوْ قِيمَةُ) دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ (مَرْجُوٍّ أَوْ) يَكُونُ لَهُ (عَرْضٌ) بِشَرْطَيْنِ أَفَادَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (حَلَّ حَوْلُهُ) أَيْ الْعَرْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَرْضِ مِمَّا تَقَدَّمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُلُولُ الْحَوْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا حَقَّقَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَالثَّانِي بِقَوْلِهِ (إنْ بِيعَ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ كَثِيَابِ جُمُعَةٍ وَكُتُبِ فِقْهٍ لَا ثِيَابِ جَسَدِهِ وَدَارِ سُكْنَاهُ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا (وَقُوِّمَ) مَا ذُكِرَ أَيْ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ (وَقْتَ الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَهُوَ آخِرُ الْحَوْلِ وَقَوْلُهُ (عَلَى مُفْلِسٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِيعَ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مَالًا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ (لَا) إنْ كَانَ لَهُ (آبِقٌ) أَوْ بَعِيرٌ شَارِدٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَإِنْ رُجِيَ) إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَالٍ (أَوْ دَيْنٌ لَمْ يُرْجَ) لِعُسْرِ الْمَدِينِ أَوْ ظُلْمِهِ فَلَا يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ. (وَإِنْ وَهَبَ الدَّيْنَ) الَّذِي تَسْقُطُ بِهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحُلْ حَوْلُ الْمَوْهُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مُنْشِئٌ لِمِلْكِ النِّصَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِقْبَالِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْهِبَةِ (أَوْ) وُهِبَ لِمَالِكِ النِّصَابِ الْمَدِينِ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (يَجْعَلُ) الدَّيْنَ (فِيهِ) أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ (وَلَمْ يَحِلَّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ (حَوْلُهُ) عِنْدَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَرْضِ الَّذِي يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ عَرْضٌ حَلَّ حَوْلُهُ لَا تَكْرَارَ فَالضَّمِيرُ فِي حَوْلِهِ يَعُودُ لِكُلٍّ مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ وَمَا بَعْدَهُ وَأَفْرَدَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (أَوْ مَرَّ لِكَمُؤَجِّرٍ نَفْسَهُ بِسِتِّينَ دِينَارًا ثَلَاثَ سِنِينَ) كُلَّ سَنَةٍ بِعِشْرِينَ وَقَبَضَهَا مُعَجَّلَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا (حَوْلٌ) فَاعِلُ مَرَّ (فَلَا زَكَاةَ) عَلَيْهِ لِأَنَّ عِشْرِينَ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَتَحَقَّقْ مِلْكُهُ لَهَا إلَّا الْآنَ فَلَمْ يَمْلِكْهَا حَوْلًا كَامِلًا فَإِذَا مَرَّ الْحَوْلُ الثَّانِي زَكَّى عِشْرِينَ وَإِذَا مَرَّ الثَّالِثُ زَكَّى أَرْبَعِينَ إلَّا مَا أَنْقَصَتْهُ الزَّكَاةُ فَإِذَا مَرَّ الرَّابِعُ زَكَّى الْجَمِيعَ فَقَوْلُهُ فَلَا زَكَاةَ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثَةِ عَلَيْهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَخِيرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ فِي الْحَيَاةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُخْدَمِ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الْخِدْمَةَ حَيَاتَهُ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ الدَّيْنَ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ اهـ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْدَمَ إنْ أَخْدَمَهُ صَاحِبُهُ سِنِينَ فَإِنَّ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ تُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَخْدَمَهُ صَاحِبُهُ حَيَاتَهُ فَفِي جَعْلِ قِيمَةِ خِدْمَتِهِ فِي الدَّيْنِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَاللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنَّ عَمْرًا يُجْعَلُ قِيمَتُهُ) بِأَنْ يُقَالَ مَا تُسَاوِي هَذِهِ الرَّقَبَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُبْتَاعُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْخِدْمَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ بَيْعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ قَبْضَ الْمُخْدَمِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ حَلَّ حَوْلُهُ) أَيْ مَضَى لَهُ حَوْلُهُ وَهُوَ عِنْدَهُ الْمُرَادُ بِالْحَوْلِ السَّنَةُ كَمَا هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ طفى وَمَا فِي عبق عَنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ مِنْ أَنَّ حَوْلَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ إلَخْ فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ إذَا مَرَّ عَلَى الدَّيْنِ حَوْلٌ عَلَى الْمَدِينِ وَإِلَّا فَلَا فَالشَّرْطُ مُسَاوَاةُ الدَّيْنِ لِمَا يُجْعَلُ فِيهِ زَمَانًا كَذَا فِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ وَاشْتِرَاطُ مُرُورِ الْحَوْلِ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ مِنْ الْعُرُوضِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بَعْدَ اشْتِرَاطِهِ بَلْ تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ حَوْلٌ عِنْدَهُ قَالَ طفى وَبَنَوْا هَذَا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْعَرْضِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ هَلْ هُوَ مُنْشِئٌ لِمِلْكِ الْعَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ مِنْ الْآنَ وَحِينَئِذٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا لِفَقْدِ الْحَوْلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ كَاشَفَ أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا وَحِينَئِذٍ فَيُزَكِّي وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يُوجِبُ عُمُومَ شَرْطِ الْحَوْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كُلِّ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ مِنْ مُعَشَّرٍ وَمَعْدِنٍ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا مُرُورَ الْحَوْلِ إلَّا فِي الْعَرْضِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْمُعَشَّرِ وَالْمَعْدِنِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَرْضِ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَشَّرُ وَالْمُخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ وَالْكِتَابَةِ وَرَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ وَخِدْمَةِ الْمُخْدَمِ وَرَقَبَتِهِ وَخِدْمَةِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ) أَرَادَ بِهِ الْعَلَّامَةُ طفى وَأَرَادَ بِبَعْضِ الشُّرَّاحِ عبق تَبَعًا لعج (وَكُتُبِ فِقْهٍ) أَيْ وَدَارِ سَكَنٍ فِيهَا فَضْلٌ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ) تَنَازَعَهُ بَيْعٌ وَقُوِّمَ عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كَوْنِهِ يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ أَوَّلًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِيعَ) أَيْ وَالْجُمْلَةُ قَبْلَهُ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ بِيعَ وَمُتَعَلِّقِهِ. (قَوْلُهُ لَا آبِقٌ) عَطْفٌ عَلَى مُعَشَّرٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مُعَشَّرٍ لَا إنْ كَانَ عِنْدَهُ آبِقٌ وَلَوْ قَالَ لَا كَآبِقٍ أَيْ لَا مِثْلُ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُجْعَلُ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ بَلْ تَسْقُطُ زَكَاةُ مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ إذْ لَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ دَيْنٌ لَمْ يُرْجَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَالًا أَوْ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ فَلَا يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُزَكِّيَ مَا مَعَهُ مِنْ النَّقْدِ بَلْ تَسْقُطُ زَكَاتُهُ (قَوْلُهُ مُنْشِئٌ لِمِلْكِ النِّصَابِ) أَيْ الْآنَ فَلَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ أَيْ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ مِنْ اسْتِقْبَالِ حَوْلٍ أَيْ بِذَلِكَ النِّصَابِ (قَوْلُهُ لَا تَكْرَارٌ) أَيْ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُحْتَرَزِ بَعْدَ الْقَيْدِ لَيْسَ تَكْرَارًا وَالْمُصَنِّفُ لَا يَعْتَبِرُ غَيْرَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ فَإِذَا مَرَّ الْحَوْلُ الثَّانِي إلَخْ) . الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُزَكِّ الْعِشْرِينَ الْأُولَى آخِرَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ بِمَثَابَةِ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مِلْكُهُ لَهَا إلَّا فِي آخِرِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِذَا مَرَّ الْحَوْلُ الثَّانِي زَكَّاهَا وَكَذَا الْعِشْرُونَ الثَّانِيَةُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَلَا يَتَمَلَّكُهَا إلَّا فِي آخِرِ الْحَوْلِ الثَّانِي فَإِذَا مَرَّ الْحَوْلُ الثَّالِثُ زَكَّاهَا وَهَكَذَا (قَوْلُهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ إنَّهُ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي وَهَبَ لَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ حَوْلِ الْحَوْلِ

خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ عَلَى الْأُجْهُورِيِّ مِنْ أَنَّهُ تَجِبُ زَكَاةُ الْعِشْرِينَ بِمُرُورِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ مَلَكَهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ. (أَوْ مَدِينٌ مِائَةٍ) أَيْ مَدِينٍ بِمِائَةٍ أَيْ عَلَيْهِ مِائَةٌ (لَهُ) أَيْ يَمْلِكُ مِائَتَيْنِ فِي يَدِهِ (مِائَةً مَحْرَمِيَّةً) أَيْ ابْتِدَاءُ حَوْلِهَا مِنْ مُحَرَّمٍ (وَمِائَةً رَجَبِيَّةً) أَيْ ابْتِدَاءُ حَوْلِهَا رَجَبٌ (يُزَكِّي الْأُولَى) الْمَحْرَمِيَّةَ عِنْدَ حَوْلِهَا وَيَجْعَلُ الرَّجَبِيَّةَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَزُكِّيَتْ) وُجُوبًا (عَيْنُ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ) أَيْ يُزَكِّيهَا الْوَاقِفُ أَوْ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا مِنْهَا إنْ مَرَّ عَلَيْهَا حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا أَوْ زَكَّاهَا وَكَانَتْ نِصَابًا أَوْ هِيَ مَعَ مَا لَمْ يُوقَفْ نِصَابٌ إذْ وَقْفُهَا لَا يُسْقِطُ زَكَاتَهَا عَلَيْهِ مِنْهَا كُلَّ عَامٍ إنْ لَمْ يَتَسَلَّفْهَا أَحَدٌ فَإِنْ تَسَلَّفَهَا أَحَدٌ زُكِّيَتْ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ أَقَامَتْ أَعْوَامًا وَيُزَكِّيهَا الْمُتَسَلِّفُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ وَرِبْحُهَا إنْ مَرَّ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ تَسَلُّفِهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ (كَنَبَاتٍ) أَيْ كَمَا يُزَكَّى نَبَاتٌ أَيْ حَبٌّ وُقِفَ لِيُزْرَعَ كُلَّ عَامٍ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ وَيُفَرَّقُ مَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَوْقُوفِ أَوْ حَوَائِطُ وُقِفَتْ لِيُفَرَّقَ ثَمَرُهَا وَيُزَكَّى الْحَبُّ وَالثَّمَرُ إنْ كَانَ فِيهِ نِصَابٌ وَلَوْ بِالضَّمِّ لِحَبِّ الْوَاقِفِ إنْ وُجِدَ (وَحَيَوَانٍ) مِنْ الْأَنْعَامِ وُقِفَ لِيُفَرَّقَ لَبَنُهُ أَوْ صُوفُهُ أَوْ لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ أَوْ يُرْكَبَ وَنَسْلُهُ تَبَعٌ لَهُ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ (أَوْ) لِتَفْرِقَةِ (نَسْلِهِ) وَقَوْلُهُ (عَلَى مَسَاجِدَ أَوْ) عَلَى (غَيْرِ مُعَيَّنِينَ) كَالْفُقَرَاءِ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَنَبَاتٍ وَلِقَوْلِهِ أَوْ نَسْلُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ دُونَ الْوَسَطِ وَكَذَا قَوْلُهُ (كَعَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ (إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ أَوْ أَفَادَهُ مَالًا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ اهـ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ عج إلَخْ) هَذَا الَّذِي رَجَّحَهُ عج قَوْلٌ لِمَالِكٍ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى لَا مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ الرَّجَبِيَّةَ) أَيْ قَبْلَ حُلُولِ حَوْلِهَا فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ فَلَا يُزَكِّيهَا إذَا جَاءَ حَوْلُهَا رَجَبٌ الثَّانِي (قَوْلُهُ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ) وُقِفَتْ لِكَوْنِ الْمُحْتَاجِ يَتَسَلَّفُهَا وَيَرُدُّ بَدَلَهَا عِنْدَ يَسَارِهِ وَسَوَاءٌ وُقِفَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَمَا ذَكَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ جَوَازِ وَقْفِ الْعَيْنِ لِلسَّلَفِ وَقِيلَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ ذَلِكَ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ يَأْتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا) أَيْ وَهُوَ النَّاظِرُ (قَوْلُهُ إنْ مَرَّ إلَخْ) شَرْطٌ أَوَّلُ وَقَوْلُهُ وَكَانَتْ نِصَابًا شَرْطٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُوقَفْ) أَيْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ إذْ وَقْفُهَا لَا يُسْقِطُ زَكَاتَهَا عَنْهُ مِنْهَا) أَيْ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْوَاقِفِ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَقْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ كُلَّ عَامٍ) أَيْ وَيُزَكِّيهَا مِنْ ذُكِرَ مِنْ الْوَاقِفِ وَالْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا كُلَّ عَامٍ (قَوْلُهُ وَيُزَكِّيهَا الْمُتَسَلِّفُ) أَيْ كُلَّ عَامٍ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَرِبْحَهَا أَيْ وَيُزَكِّي الْمُتَسَلِّفُ رِبْحَهَا أَيْضًا إنْ اتَّجَرَ فِيهَا وَقَوْلُهُ إنْ مَرَّ إلَخْ شَرْطٌ فِي زَكَاةِ رِبْحِهَا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ لِلسَّلَفِ إذَا لَمْ يَتَسَلَّفْهَا أَحَدٌ وَجَبَ عَلَى النَّاظِرِ أَوْ الْوَاقِفِ زَكَاتُهَا كُلَّ عَامٍ إنْ مَرَّ لَهَا حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا أَوْ زُكِّيَتْ وَكَانَتْ نِصَابًا بِذَاتِهَا أَوْ بِانْضِمَامِهَا لِمَا لَمْ يُوقَفْ وَأَمَّا إذَا تَسَلَّفَهَا أَحَدٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهَا لِعَامٍ بَعْدَ قَبْضِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَسَلِّفِ زَكَاتُهَا أَيْضًا كُلَّ عَامٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَتِهَا وَإِذَا اتَّجَرَ فِيهَا فَرَبِحَ زَكَّى رِبْحَهَا إنْ مَضَى حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ تَسَلَّفَهَا وَلَوْ رَدَّهَا قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ لِرِبْحِهَا حَوْلٌ. (قَوْلُهُ إنْ مَرَّ حَوْلٌ إلَخْ) فَلَوْ مَكَثَ الْمَالُ عِنْدَهُ نِصْفَ عَامٍ ثُمَّ رَبِحَ فِيهِ وَرَدَّ الْأَصْلَ ثُمَّ بَقِيَ الرِّبْحُ عِنْدَهُ النِّصْفَ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُزَكِّي عِنْدَ انْقِضَاءِ النِّصْفِ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَرَّ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ تَسَلَّفَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَوْلَ رِبْحِهَا مِنْ السَّلَفِ عَلَى مَا سَبَقَ وَلَوْ رَدَّ الْأَصْلَ قَبْلَ عَامٍ وَهَذَا بِخِلَافِ رِبْحِ الْقِرَاضِ إذَا رَدَّ الْعَامِلُ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْمُفَاصَلَةِ (قَوْلُهُ وُقِفَ لِيُزْرَعَ) وَأَمَّا الْحَبُّ الَّذِي وُقِفَ لِلسَّلَفِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِيُزْرَعَ كُلَّ عَامٍ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ) أَيْ لِلْوَاقِفِ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ أَوْ مَوَاتٌ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ مَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَوْقُوفِ) أَيْ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَيَبْقَى لِيُزْرَعَ كُلَّ سَنَةٍ (قَوْلُهُ وَيُزَكِّي الْحَبَّ) أَيْ الْخَارِجَ مِنْ الزَّرْعِ وَزَكَاتُهُ مِنْ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ فَالنِّصَابُ الْمَذْكُورُ وَزَكَاتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ لِيُفَرَّقَ لَبَنُهُ) أَيْ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الَّذِي وُقِفَ لِتُفَرَّقَ عَيْنُهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ لَا فِي جُمْلَتِهِ وَلَا فِي أَبْعَاضِهِ لَا عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِتَفْرِقَةِ أَعْيَانِهِ وَلَا عَلَى الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَمَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا زَكَّى لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ وَقَفَ الْحَيَوَانَ لِتُفَرَّقَ أَثْمَانُهُ فَلَا زَكَاةَ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا وَلِذَا لَمْ يَحْمِلْ الشَّارِحُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ تَبَعٌ لَهُ) أَيْ فِي الْوَقْفِيَّةِ أَيْ هَذَا إذَا شَرَطَ دُخُولَهَا فِي الْوَقْفِيَّةِ بَلْ وَلَوْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ) قَدَّرَ الشَّارِحُ التَّفْرِقَةَ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ نَسْلِهِ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ حَيَوَانٍ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ أَوْ نَسْلِهِ (قَوْلُهُ دُونَ الْوَسَطِ) أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ الْمَوْقُوفُ لِتُفَرَّقَ غَلَّتُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي وَقْفِ الْحَيَوَانِ لِأَجَلِ تَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ إنْ تَوَلَّى إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ كَعَلَيْهِمْ أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَسَاجِدَ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ

[زكاة المعدن]

وَسَقْيَهُ وَعِلَاجَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ كَانَ أَوْلَى أَيْ بِأَنْ كَانَ النَّبَاتُ تَحْتَ يَدِ الْوَاقِفِ يَزْرَعُهُ وَيُعَالِجُهُ حَتَّى يُثْمِرَ فَيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ، وَكَذَا الْأُمَّهَاتُ تَحْتَ يَدِهِ يَقُومُ بِهَا حَتَّى إذَا حَصَلَ النَّسْلُ فَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ فَيُزَكِّي الْجُمْلَةَ إنْ كَانَ فِيهِ نِصَابٌ أَوْ عِنْدَهُ مِمَّا لَمْ يُوقَفْ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ سَوَاءٌ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُعَيَّنِينَ نِصَابٌ أَمْ لَا (وَإِلَّا) يَتَوَلَّ الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ بَلْ الْمُعَيَّنُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ هُمْ الَّذِينَ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَحَازُوهُ وَصَارُوا يَزْرَعُونَ النَّبَاتَ وَيُفَرِّقُونَ مَا حَصَلَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَكَذَا يُفَرِّقُونَ النَّسْلَ بَعْدَ وَضْعِ أَيْدِيهِمْ عَلَى الْقِيَامِ بِالْأُمَّهَاتِ فَلَا تُزَكَّى الْجُمْلَةُ بَلْ (إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ) زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَضُمُّهُ لَهُ وَيُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ وَأَمَّا الْوَسَطُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَحَيَوَانٍ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ وُقِفَ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ أَوْ لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فِي أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي جُمْلَتِهِ نِصَابٌ زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا تَوَلَّى الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ أَمْ لَا ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النَّبَاتَ وَالنَّسْلَ كَالْحَيَوَانِ تُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ عِنْدَهُ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا تَوَلَّى الْمَالِكُ التَّفْرِقَةَ أَمْ لَا (وَفِي إلْحَاقِ) الْحَبْسِ عَلَى (وَلَدِ فُلَانٍ) كَوَلَدِ زَيْدٍ (بِالْمُعَيَّنِينَ) نَظَرًا إلَى الْأَبِ فَيُزَكِّي جُمْلَتَهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ تَوَلَّى التَّفْرِقَةَ وَإِلَّا زَكَّى مِنْهُمْ مَنْ حَصَلَ لَهُ نِصَابٌ (أَوْ غَيْرِهِمْ) نَظَرًا لِأَنْفُسِهِمْ لَا إلَى أَبِيهِمْ (قَوْلَانِ) وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ وَأَمَّا بَنُو تَمِيمٍ مَثَلًا فَمِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ اتِّفَاقًا وَلِذَا قَالَ وَلَدِ وَلَمْ يَقُلْ بَنِي ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى زَكَاةِ الْمَعْدِنِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنِ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَعَادِنِ كَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ (وَحُكْمُهُ) أَيْ الْمَعْدِنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدٍ (لِلْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ يُقْطِعُهُ لِمَنْ يَشَاءُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالزَّكَاةُ فِي جُمْلَتِهِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ وَكَانَ عِنْدَ الْوَاقِفِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ وَلَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ شَيْءٌ قَلِيلٌ سَوَاءٌ تَوَلَّى الْمَالِكُ عِلَاجَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَسَقْيُهُ وَعِلَاجُهُ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَفْرِقَتُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ التَّفْرِقَةِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَتَوَلَّى تَفْرِقَتَهُ وَغَيْرَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا تَوَلَّى تَفْرِقَتَهُ وَعِلَاجَهُ فَكَأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ الْجُمْلَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْمَالِكُ مَا ذُكِرَ فَكَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ الْمُسَبَّلَةِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مُعْتَبَرٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ كَالنَّبَاتِ كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَنَّ الْعَوْفِيَّ نَقَلَ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ مُعْتَبَرٌ فِي النَّبَاتِ فَقَطْ وَقَوْلُ بَهْرَامَ لَمْ أَرَ هَذَا الْقَيْدَ إلَّا فِي النَّبَاتِ قُصُورٌ لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَحَازُوهُ) الْمُرَادُ بِحَوْزِهِمْ لَهُ تُوَلِّيهِمْ لِذَلِكَ الْمَوْقُوفِ فَقَوْلُهُ وَصَارُوا يَزْرَعُونَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لَهُ لَا قَيْدٌ زَائِدٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ طفى (قَوْلُهُ فَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُعَيَّنَيْنِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ بِإِتْقَانٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي وُقِفَ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ أَوْ لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ فِي نَقْلٍ مِنْ الْأَنْقَالِ التَّفْرِقَةُ فِيهِ بَيْنَ وَقْفِهِ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ بَلْ تُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا وَرَدَ الْخِلَافُ فِي النَّبَاتِ الْمَوْقُوفِ وَالْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ إذَا كَانَ حَيَوَانًا وُقِفَ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ فَإِنَّهُ تُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا تَوَلَّى الْمَالِكُ عِلَاجَهُ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ نَبَاتًا أَوْ حَيَوَانًا وُقِفَ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَاجِدَ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَكَذَلِكَ تُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ، وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ عِلَاجَهُ وَإِنْ تَوَلَّاهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُكْمِلُ بِهِ نِصَابًا، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمُعَيَّنِينَ وَغَيْرِهِمْ تَبِعَ فِيهِ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّتِهِ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَنَسَبُهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ ثُمَّ قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْمُعَيَّنِينَ بِمَا إذَا كَانُوا يَسْقُونَ وَيَلُونَ النَّظَرَ لَهُ لِأَنَّهَا طَابَتْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا الْقَيْدَ تَبَعًا لَهُ وَأَمَّا مُقَابِلُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَالْمَدَنِيِّينَ وَفَهِمَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَبُو عُمَرَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى الْأَبِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُعَيَّنٌ وَقَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَنْفُسِهِمْ أَيْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ وَإِنْ كَانَ أَبُوهُمْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَوْقُوفَ يُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الطَّرِيقَةِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ [زَكَاةِ الْمَعْدِنِ] (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُزَكِّي إلَخْ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكِّي اشْتِرَاطُ مَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّكَاةِ أَيْ مِنْ حُرِّيَّةِ الْمَالِكِ لَهُ وَإِسْلَامِهِ لَا مُرُورِ الْحَوْلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُرِّيَّةٌ وَلَا إسْلَامٌ وَأَنَّ الشُّرَكَاءَ فِيهِ كَالْوَاحِدِ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ نَقَلَهُ ح (قَوْلُهُ مَعْدِنُ عَيْنٍ) أَيْ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ نِصَابٌ زُكِّيَ وَزَكَاتُهُ رُبْعُ الْعُشْرِ كَالزَّكَاةِ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ) أُدْخِلَ بِالْكَافِ الرَّصَاصُ وَالْقَزْدِيرُ وَالْكُحْلُ وَالْعَقِيقُ وَالْيَاقُوتُ وَالزُّمُرُّدُ وَالزِّئْبَقُ وَالزِّرْنِيخُ وَالْمَغْرَةُ وَالْكِبْرِيتُ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَعَادِنَ كُلَّهَا لَا زَكَاةَ فِيهَا (قَوْلُهُ يُقْطِعُهُ لِمَنْ يَشَاءُ) أَيْ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ لِنَفْسِهِ مُدَّةً

إنْ كَانَ بِأَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَيَافِيِ أَوْ مَا انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا وَلَوْ مُسْلِمِينَ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ بَلْ (وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَيَفْتَقِرُ إقْطَاعُهُ فِي الْأَرَاضِيِ الْأَرْبَعِ إلَى حِيَازَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ مَاتَ الْإِمَامُ قَبْلَهَا بَطَلَتْ الْعَطِيَّةُ (إلَّا) أَرْضًا (مَمْلُوكَةً لِمُصَالَحٍ) مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلَهُ) أَيْ فَهِيَ لِلْمُصَالَحِ لَا لِلْإِمَامِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَيَرْجِعَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ (وَضُمَّ) فِي الزَّكَاةِ (بَقِيَّةُ عِرْقِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الزَّمَانِ أَوْ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُقْطَعِ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُقْطَعِ أَوْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَإِذَا أَقْطَعَهُ لِمَنْ شَاءَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنٍ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَأْخُذُ الْإِمَامُ مِنْهَا إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ قَالَ الْبَاجِيَّ وَإِذَا أَقْطَعَهُ لِأَحَدٍ فَإِنَّمَا يُقْطِعُهُ لَهُ انْتِفَاعًا لَا تَمْلِيكًا فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَقْطَعَهُ لَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَبِيعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُورَثُ عَمَّنْ أَقْطَعَهُ لَهُ لِأَنَّ مَا لَا يُمْلَكُ لَا يُورَثُ اهـ بْن وَقَوْلُهُ أَوْ يَجْعَلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ فَيُقِيمُ فِيهِ مَنْ يَعْمَلُ لِلْمُسْلِمِينَ بِأُجْرَةٍ، وَإِذَا جَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْلُوكًا لِمُعَيَّنٍ حَتَّى إنَّهُ يُزَكَّى وَإِنْ أَقْطَعَهُ لِشَخْصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ إنْ خَرَجَ مِنْهُ نِصَابٌ عَلَى مَا مَرَّ وَالْمَعْدِنُ لَا يُزَكَّى مُطْلَقًا بَلْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُكْمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْفَيَافِيِ) أَيْ فَهِيَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ وَلَوْ كَانَتْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ أَوْ مَا انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا) أَيْ بِغَيْرِ قِتَالٍ بِأَنْ مَاتُوا جَمِيعًا بِغَيْرِ قِتَالٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْلِمِينَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ أَهْلُهَا الَّذِينَ انْجَلَوْا عَنْهَا كُفَّارًا بَلْ وَلَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي انْجَلَى عَنْهَا أَصْحَابُهَا الْمُسْلِمُونَ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَسْقُطُ مِلْكُهُمْ عَنْ أَرَاضِيِهِمْ بِانْجِلَائِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ لَهُمْ وَلِوَرَثَتِهِمْ وَفِي الْمُبَالَغَةِ تَسْمَحُ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا الْمُسْلِمُونَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ) فِيهِ أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا تَكُونُ وَقْفًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا مِلْكٌ فَمَا مَعْنَى جَعْلِ الشَّارِحِ لَهَا مَمْلُوكَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمِلْكِ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَقْفَ تُمْلَكُ مَنَافِعُهُ وَإِنْ لَمْ تُمْلَكْ ذَاتُهُ فَأَرْضُ الْعَنْوَةِ لَا تُمْلَكُ ذَاتُهَا وَيَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا كُلُّ مَنْ مَكَّنَهُ مِنْهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَعْدِنُ بِأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ ذَاتُهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ (قَوْلُهُ وَيَفْتَقِرُ إقْطَاعُهُ فِي الْأَرَاضِي الْأَرْبَعِ إلَى حِيَازَةٍ) أَيْ وَيَفْتَقِرُ إقْطَاعُ الْإِمَامِ لِلْمَعْدِنِ إذَا كَانَ فِي الْأَرَاضِيِ الْأَرْبَعِ إلَى حِيَازَةٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ إقْطَاعَاتِ الْإِمَامِ تَفْتَقِرُ لِحِيَازَةٍ وَذَكَرَ فِي المج أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ إمْضَاءَ عَطِيَّةِ تَمِيمٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحُزْهَا فِي حَيَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خُصُوصِيَّةٌ لَهُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا لِابْنِ هِنْدِيٍّ مِنْ أَنَّ عَطِيَّةَ الْإِمَامِ لَا تَفْتَقِرُ لِحَوْزٍ فَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ لَمْ تَبْطُلْ وَقَوَّى بْن الْقَوْلَ بِعَدَمِ الِافْتِقَارِ حَيْثُ قَالَ جَعْلُ الْقَوْلِ بِافْتِقَارٍ هُوَ الْمَشْهُورَ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ مَا يُقْطِعُهُ الْإِمَامُ مَا نَصُّهُ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِقْطَاعُ لِحِيَازَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِيَازَةِ وَبِالْأَوَّلِ الْعَمَلُ اهـ فَظَاهِرُهُ أَنَّ عَدَمَ افْتِقَارِهِ لِحِيَازَةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِوَاهِبٍ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَلِذَا قَالُوا لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْأَمِيرِ اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ إلَّا مَمْلُوكَةً لِمَصَالِحِ) . الْحَاصِلُ أَنَّ مَوَاضِعَ الْمَعْدِنِ خَمْسَةٌ أَرْضٌ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ كَالْفَيَافِيِ وَمَا انْجَلَى عَنْهَا أَهْلُهَا وَأَرْضٌ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ وَأَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِمُعَيَّنٍ وَأَرْضِ الصُّلْحِ فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ دَاخِلَةٌ قَبْلَ لَوْ وَالرَّابِعَةُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالْخَامِسَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ. وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْمَعْدِنَ الَّذِي يُوجَدُ فِيهَا يَكُونُ لِمَالِكِهَا مُطْلَقًا وَعَلَى مَنْ قَالَ إنْ كَانَ الْمَعْدِنُ عَيْنًا فَلِلْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَلِمَالِكِ الْأَرْضِ الْمُعَيَّنِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لِلْإِمَامِ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ قَدْ يَجِدُهَا شِرَارُ النَّاسِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ لَأَدَّى إلَى الْفِتَنِ وَالْهَرْجِ وَقَوْلُهُ لِمَصَالِحِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَمَفْهُومُ مَمْلُوكَةٍ إلَى مَا وُجِدَ مِنْ الْمَعَادِنِ فِي مَوَاتِ أَرْضِ الصُّلْحِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ فَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ فَمَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ الْمَعْدِنِ فَهُوَ لَهُ وَلَا يُزَكَّى فَقَوْلُهُ إلَّا مَمْلُوكَةً مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكَّى مِنْ قَوْلِهِ وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ أَيْ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَيَرْجِعَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِزَوَالِ أَحْكَامِ الصُّلْحِ بِالْإِسْلَامِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ إنَّهَا تَبْقَى لَهُ وَلَا تَرْجِعُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَضُمَّ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْعِرْقَ الْوَاحِدَ مِنْ الْمَعْدِنِ ذَهَبًا كَانَ أَوْ فِضَّةً أَوْ كَانَ

الْمُتَّصِلِ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ أَوَّلًا وَإِنْ تَلِفَ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَقْسَامُ أَرْبَعَةً بِالنَّظَرِ إلَى الْعِرْقِ وَالْعَمَلِ وَهِيَ اتِّصَالُهُمَا وَانْقِطَاعُهُمَا وَانْفِصَالُ الْعِرْقِ دُونَ الْعَمَلِ وَعَكْسُهُ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَضُمَّ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ إنْ اتَّصَلَ الْعَمَلُ بَلْ (وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ) أَيْ انْقَطَعَ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّرَاخِي الْعَمَلَ عَلَى الْهِينَةِ وَإِلَى الثَّانِي وَالرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (لَا مَعَادِنُ) فَلَا يُضَمُّ مَا خَرَجَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا لِمَا خَرَجَ مِنْ آخَرَ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (وَلَا) يُضَمُّ (عِرْقٌ آخَرُ) لِلَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فِيهِ أَوَّلًا فِي مَعْدِنٍ وَاحِدٍ وَيُعْتَبَرُ كُلُّ عِرْقٍ بِانْفِرَادِهِ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ نِصَابٌ يُزَكَّى ثُمَّ يُزَكَّى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ قَلَّ وَسَوَاءٌ اتَّصَلَ الْعَمَلُ أَوْ انْقَطَعَ (وَفِي) وُجُوبِ (ضَمِّ فَائِدَةٍ) أَيْ مَالٌ بِيَدِهِ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ (حَالَ حَوْلُهَا) عِنْدَهُ لِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ مَعْدِنٍ دُونَ نِصَابٍ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَكَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَعَدَمُ ضَمِّهَا لَهُ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا بِاشْتِرَاطِ الْحَوْلِ فِيهَا دُونَ تَرَدُّدٍ وَفِي قَوْلِهِ ضَمُّ إشَارَةٍ إلَى بَقَاءِ الْفَائِدَةِ بِيَدِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ إذْ لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَلَا زَكَاةَ قَطْعًا (وَ) فِي (تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ) بِزَكَاةِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعْدِنِ (بِإِخْرَاجِهِ) مِنْهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّصْفِيَةِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهَا الْإِعْطَاءُ لِلْفُقَرَاءِ (أَوْ تَصْفِيَتُهُ) مِنْ تُرَابِهِ وَسَبْكُهُ (تَرَدُّدٌ) وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ لَوْ أَنْفَقَ شَيْئًا بَعْدَ الْخُرُوجِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْسَبُ دُونَ الثَّانِي. (وَجَازَ دَفْعُهُ) أَيْ مَعْدِنُ الْعَيْنِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (بِأُجْرَةٍ) مَعْلُومَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْ الْعَامِلِ فِي نَظِيرِ أَخْذِهِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْمَعْدِنِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْعَمَلِ مَضْبُوطًا بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ خَاصٍّ كَحَفْرِ قَامَةٍ أَوْ قَامَتَيْنِ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَسُمِّيَ الْعِوَضُ الْمَدْفُوعُ أُجْرَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتٍ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الِاسْتِحْقَاقِ (غَيْرِ نَقْدٍ) لِئَلَّا يُوقِعَ فِي أَخْذِ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ خُصُوصًا وَهِيَ مَجْهُولَةٌ نَظَرًا لِلصُّورَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا هِيَ فِي نَظِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا قَدَّمْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضُهُ ذَهَبًا وَبَعْضُهُ فِضَّةً يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا فَإِذَا أَخْرَجَ مِنْ الْعِرْقِ نِصَابًا زَكَّى مَا يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ شَيْئًا قَلِيلًا وَلَوْ تَلِفَ الْخَارِجُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ الْمُتَّصِلُ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَقِيَّةٌ إذْ لَا يُقَالُ بَقِيَّةٌ إلَّا عِنْدَ اتِّصَالِهِ (قَوْلُهُ أَوْ اضْطِرَارٌ) أَيْ لِفَسَادِ آلَةٍ أَوْ مَرَضِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّرَاخِي الْعَمَلَ عَلَى الْهِينَةِ) أَيْ بِأَنْ يَعْمَلَ كُلَّ يَوْمٍ عَمَلًا قَلِيلًا لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اتِّصَالِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَإِلَى الثَّانِي وَالرَّابِعِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) فِي الْحَقِيقَةِ الْإِشَارَةُ لَهُمَا إنَّمَا هِيَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُضَمُّ عِرْقٌ آخَرُ لِلَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فِيهِ أَوَّلًا فِي مَعْدِنٍ وَاحِدٍ أَيْ سَوَاءٌ انْقَطَعَ الْعَمَلُ أَوْ اتَّصَلَ (قَوْلُهُ فَلَا يُضَمُّ مَا خَرَجَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا لِمَا خَرَجَ مِنْ آخَرَ) أَيْ بَلْ يُعْتَبَرُ كُلُّ مَعْدِنٍ عَلَى حِدَتِهِ وَلَوْ اتَّحَدَ جِنْسُهَا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ نِصَابٌ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي وَقْتٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْخُرُوجُ مِنْهَا فِي أَيَّامٍ لِانْقِطَاعِ الْعَمَلِ بَلْ وَلَوْ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِعَدَمِ انْقِطَاعِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُضَمُّ عِرْقٌ آخَرُ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ ضَمِّ أَحَدِ الْعِرْقَيْنِ لِلْآخَرِ مِنْ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ وَلَوْ وُجِدَ الثَّانِي قَبْلَ فَرَاغِ الْأَوَّلِ وَفِي ح مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُضَمُّ حَيْثُ بَدَا الْعِرْقُ الثَّانِي قَبْلَ انْقِطَاعِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ حَتَّى أَتَمَّ الْأَوَّلُ أَوْ انْتَقَلَ لِلثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَلَا عِرْقٌ آخَرُ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُضَمُّ عِرْقٌ مِنْ مَعْدِنٍ لِعِرْقٍ آخَرَ مِنْهُ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُضَمَّ مَعْدِنٌ لِمَعْدِنٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَفِي وُجُوبِ ضَمِّ فَائِدَةٍ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ دُونَ نِصَابٍ مِنْ فَائِدَةٍ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ، فَهَلْ يَجِبُ أَنْ تُضَمَّ تِلْكَ الْفَائِدَةُ لِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَعْدِنِ وَيُزَكِّيَ أَوْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فَالْقَوْلُ بِالضَّمِّ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ لِسَحْنُونٍ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ ضَمِّ الْمَعْدِنَيْنِ وَفَهِمَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنْ الضَّمِّ (قَوْلُهُ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ) بِهِ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ سَنَدٍ مِنْ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ إنَّمَا يَقُولُ بِالضَّمِّ إذَا كَانَتْ الْفَائِدَةُ دُونَ نِصَابٍ فَإِنْ كَانَتْ نِصَابًا وَأَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ دُونَ نِصَابٍ لَمْ يُزَكِّهِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى مَا قَالَ سَنَدٌ إذَا كَانَتْ الْفَائِدَةُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَإِلَّا فَلَا تُضَمُّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ تَصْفِيَتُهُ) أَيْ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِهِ إلَّا عِنْدَ تَصْفِيَتِهِ مِنْ تُرَابِهِ وَسَبْكِهِ لَا بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْمَعْدِنِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ إلَخْ) مِنْ ثَمَرَتِهِ أَيْضًا كَمَا فِي ح عَنْ الْجُزُولِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يُصَفِّهِ وَبَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْفِيَةٍ أَعْوَامًا ثُمَّ صَفَّاهُ فَعَلَى الثَّانِي يُزَكِّيهِ زَكَاةً وَاحِدَةً وَعَلَى الْأَوَّلِ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ) أَيْ وَكَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ (قَوْلُهُ وَجَازَ دَفْعُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَجَازَ أَنْ يَدْفَعَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُقْطَعُ لَهُ الْمَعْدِنَ (قَوْلُهُ بِأُجْرَةٍ) أَيْ يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُقْطَعِ لَهُ وَقَوْلُهُ فِي نَظِيرِ أَخْذِهِ أَيْ أَخْذِ الْعَامِلِ مَا يُخْرِجُهُ (قَوْلُهُ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ) الْأَوْلَى تَقْلِيلًا لِلْجَهَالَةِ فِي الْقَدْرِ الْمُسْقَطِ فِيهِ الْحَقُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا إجَارَةٌ لِشَيْءٍ لَا يُقَالُ الْمُسْتَأْجَرُ هُنَا الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا الْمَعْدِنُ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ السَّلَامَةُ مِنْ اسْتِيفَاءِ عَيْنِ قَصْدٍ وَإِلَّا فَسَدَتْ (قَوْلُهُ وَسُمِّيَ الْعِوَضُ الْمَدْفُوعُ) أَيْ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ لِرَبِّ الْمَعْدِنِ وَهُوَ الْمُقْطَعُ لَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَسُمِّيَ الْمَدْفُوعُ أُجْرَةً لَا ثَمَنًا لِأَنَّهُ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ فَلَمَّا كَانَ الْمَدْفُوعُ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ وَالِاخْتِصَاصِ عَبَّرَ بِأُجْرَةٍ دُونَ ثَمَنٍ

وَلِذَا كَانَ يَجُوزُ دَفْعُ مَعْدِنٍ غَيْرِ النَّقْدِ كَالنُّحَاسِ بِأُجْرَةٍ نَقْدٍ وَغَيْرِ نَقْدٍ (عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ) مِنْ الْعَيْنِ (لِلْمَدْفُوعِ لَهُ) وَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ لِرَبِّهِ وَالْأُجْرَةُ يَدْفَعُهَا رَبُّهُ لِلْعَامِلِ فَيَجُوزُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ نَقْدٍ (وَاعْتُبِرَ مِلْكُ كُلٍّ) أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعُمَّالِ إنْ تَعَدَّدُوا فَمَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا (وَفِي) جَوَازِ دَفْعِ الْمَعْدِنِ (بِجُزْءٍ) لِلْعَامِلِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ كَنِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ (كَالْقِرَاضِ) وَمَنَعَهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَاضِ بِأَنَّ الْقِرَاضَ فِيهِ رَأْسُ مَالٍ دُونَ مَا هُنَا وَبِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ الْمَنْعُ وَرُدَّ الْجَوَازُ فِي الْقِرَاضِ وَبَقِيَ هَذَا عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلَانِ) رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِخِلَافٍ وَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ لِأَنَّ الْعَامِلَ هُنَا إنَّمَا يُزَكِّي حِصَّتَهُ إذَا كَانَ فِيهَا نِصَابٌ وَإِنْ كَانَ حِصَّةُ رَبِّهِ دُونَ نِصَابٍ، وَعَامِلُ الْقِرَاضِ يُزَكِّي مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ حَيْثُ كَانَ حِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحُهُ نِصَابًا (وَفِي نَدْرَتِهِ) أَيْ مَعْدِنِ الْعَيْنِ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ لِتَصْفِيَةٍ (الْخُمُسُ) مُطْلَقًا وَجَدَهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ بَلَغَتْ نِصَابًا أَمْ لَا (كَالرِّكَازِ) فِيهِ الْخُمُسُ (وَهُوَ) أَيْ الرِّكَازُ (دِفْنٌ) بِكَسْرِ فَسُكُونٍ أَيْ مَدْفُونُ (جَاهِلِيٍّ) أَيْ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَالْمُرَادُ مَالُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُونًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ مِنْ النَّقْدِ الْوُقُوعُ فِي أَخْذِ الْعَيْنِ فِي الْعَيْنِ نَظَرٌ لِلصُّورَةِ جَازَ دَفْعُ إلَخْ (قَوْلُهُ نَقْدٍ وَغَيْرِ نَقْدٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ النَّقْدِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَعْدِنِ وَإِلَّا مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ وَهِيَ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ نَظَرًا لِلصُّورَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْدِنَ الْعَيْنِ يَجُوزُ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ نَقْدٍ وَيَمْتَنِعُ بِهَا لِلنَّسِيئَةِ صُورَةً وَمَعْدِنُ غَيْرِ النَّقْدِ يَجُوزُ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ النَّقْدِ وَمِنْ الْعَرْضِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَعْدِنِ وَإِلَّا مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ صُورَةً. (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ مِلْكُ كُلٍّ مِنْ الْعُمَّالِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَعْدِنُ دُفِعَ لَهُمْ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا كَانَ الْعَامِلُ يُزَكِّيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَا يُزَكِّيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ شِرَاءً حَقِيقَةً بَلْ الَّذِي دَفَعُوهُ إنَّمَا هُوَ فِي نَظِيرِ إسْقَاطِ الْحَقِّ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ بِجُزْءٍ لِلْعَامِلِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ لِمَالِكٍ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعَادِنَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهَا بِجُزْءٍ كَالْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ لِأَصْبَغَ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْقِرَاضِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي الْقِرَاضِ غَرَرٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقِرَاضَ فِيهِ رَأْسُ مَالٍ) أَيْ مَعْلُومٌ فَخَفَّتْ الْجَهَالَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى رِبْحِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَامِلَ هُنَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ دَفْعِهِ لَهُ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ وَفِي نَدْرَتِهِ الْخُمُسُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ فِيهَا الزَّكَاةُ رُبْعُ الْعُشْرِ لِأَنَّ الْخُمُسَ مُخْتَصٌّ بِالرِّكَازِ وَهِيَ عِنْدَهُ لَيْسَتْ مِنْ الرِّكَازِ بَلْ مِنْ الْمَعْدِنِ لِأَنَّ الرِّكَازَ عِنْدَهُ مُخْتَصٌّ بِمَا دَفَنَهُ آدَمِيٌّ وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهِيَ مِنْ الرِّكَازِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مَا وُجِدَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ مُخْلَصًا سَوَاءٌ دُفِنَ فِيهَا أَوْ كَانَ خَالِيًا عَنْ الدَّفْنِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الْقِطْعَةُ إلَخْ) كَذَلِكَ فَسَّرَهَا عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَفَسَّرَهَا أَبُو عِمْرَانَ بِالتُّرَابِ الْكَثِيرِ الذَّهَبِ السَّهْلِ التَّصْفِيَةِ وَهَذَا لَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا نِيلَ مِنْ الْمَعْدِنِ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِكَبِيرِ عَمَلٍ فَهُوَ النَّدْرَةُ وَفِيهِ الْخُمُسُ، وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُهُمْ قَالَهُ طفى وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا نِيلَ مِنْ الْمَعْدِنِ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِكَبِيرِ عَمَلٍ يَشْمَلُ الْقِطْعَةَ الْكَبِيرَةَ الْخَالِصَةَ وَالْقِطَعَ الصِّغَارَ الْخَالِصَةَ الْمَبْثُوثَةَ فِي التُّرَابِ وَيَشْمَلُ التُّرَابَ الْكَثِيرَ الذَّهَبَ السَّهْلَ التَّصْفِيَةِ (قَوْلُهُ الْخَالِصَةُ) أَيْ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْأَرْضِ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا لَا بِوَضْعِ وَاضِعٍ لَهَا فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ كَالرِّكَازِ فِيهِ الْخُمُسُ) . اعْلَمْ أَنَّ مَصْرِفَ الْخُمُسِ فِي النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ غَيْرُ مَصْرِفِ الزَّكَاةِ أَمَّا خُمُسُ الرِّكَازِ فَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّ مَصْرِفَهُ لَيْسَ كَمَصْرِفِ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ كَخُمُسِ الْغَنَائِمِ فَمَصْرِفُهُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ فَيَحِلُّ لِلْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا مَصْرِفُ خُمُسِ النَّدْرَةِ مِنْ الْمَعْدِنِ فَلَمْ أَجِدْهُ وَمُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَالْمَغْنَمِ وَالرِّكَازِ أَيْ فَمَصْرِفُهُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ اهـ بْن فَقَوْلُ عبق وَيُدْفَعُ خُمُسُ كُلٍّ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ لِيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ دِفْنٌ جَاهِلِيٌّ) الْجَاهِلِيَّةُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ مَا عَدَا الْإِسْلَامَ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ أَمْ لَا وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ اصْطِلَاحُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ أَهْلُ الْفَتْرَةِ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ فَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ بِاتِّفَاقِ التَّوْضِيحِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَيُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ عَلَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ لَا عَلَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ دِفْنُهُمْ رِكَازٌ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ دِفْنُ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ مَنْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَدِفْنِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةٌ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) أَيْ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا، وَهَذَا تَفْسِيرُ مُرَادٍ لِلْجَاهِلِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مَالُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُونًا) هَذَا الْكَلَامُ لتت وَتَبِعَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا وُجِدَ فَوْقَ الْأَرْضِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ رِكَازٌ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الدِّفْنِ لِأَنَّهُ شَأْنُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْغَالِبِ قَالَ طفى وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَسَّرَ الرِّكَازَ بِأَنَّهُ دِفْنِ الْجَاهِلِيِّ وَكَذَا

(وَإِنْ بِشَكٍّ) فِي كَوْنِهِ دِفْنِ جَاهِلِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ أَوْ انْطَمَسَتْ (أَوْ) وَإِنْ (قَلَّ) كُلٌّ مِنْ النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ عَنْ نِصَابٍ (أَوْ عَرْضًا) كَنُحَاسٍ وَمِسْكٍ وَرُخَامٍ وَهُوَ خَاصٌّ بِالرِّكَازِ (أَوْ وَجَدَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ (عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ) أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَدِينٌ (إلَّا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ) حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَفْسِهِ (أَوْ) كَبِيرِ (عَمَلٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ عَبِيدِهِ (فِي تَخْلِيصِهِ) أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْأَرْضِ وَفِي نُسْخَةٍ تَحْصِيلُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِلتَّخْلِيصِ احْتِرَازًا عَنْ نَفَقَةِ السَّفَرِ فَإِنَّهَا لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الرِّكَازِ فَيُخَمَّسُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تُخْرِجُهُ أَيْضًا فَيُزَكَّى (فَالزَّكَاة) رُبْعُ الْعُشْرِ دُونَ الْخُمُسِ وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلرِّكَازِ وَالنَّدْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَكُرِهَ حَفْرُ قَبْرِهِ) أَيْ الْجَاهِلِيِّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ وَخَوْفِ مُصَادَفَةِ صَالِحٍ (وَالطَّلَبُ) لِلدُّنْيَا (فِيهِ) كَالْعِلَّةِ لِمَا قَبْلَهُ وَيُخَمَّسُ مَا وُجِدَ فِيهِ (وَبَاقِيهِ) أَيْ الرِّكَازِ الَّذِي فِيهِ الْخُمُسُ أَوْ الزَّكَاةُ (لِمَالِكِ الْأَرْضِ) بِإِحْيَاءٍ لَا بِشِرَاءٍ فَلِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصْوَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَسَّرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَأَهْلُ الْمَذْهَبِ فَلَمْ يَقْتَصِرْ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْغَالِبِ بَلْ غَيْرُ الْمَدْفُونِ لَيْسَ بِرِكَازٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْخُمُسُ قِيَاسًا عَلَيْهِ، نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا وُجِدَ فِي الْأَرْضِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مُخْلَصًا مِنْ غَيْرِ دَفْنٍ بَلْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنَّدْرَةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ الرِّكَازِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَالتَّعْرِيفُ لَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِشَكٍّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِشَكٍّ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الدِّفْنِ أَنْ يَكُونَ دِفْنَ جَاهِلِيٍّ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ) أَيْ أَصْلًا وَقَوْلُهُ أَوْ انْطَمَسَتْ أَيْ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ وَانْطَمَسَتْ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْعَلَامَتَانِ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ أَوْ وَإِنْ قَلَّ كُلٌّ مِنْ النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَخْمِيسِهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْمِيسِهِمَا وَإِنْ قَلَّا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْيَسِيرَ لَا يُخَمَّسُ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضًا) أَيْ أَوْ كَانَ الرِّكَازُ عَرْضًا كَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَجَوْهَرٍ وَرُخَامٍ وَصُخُورٍ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْكِبَارُ كَالْمَجَادِيلِ مَا لَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً وَإِلَّا فَحُكْمُهَا حُكْمُ جُدُرِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ عَنْوَةً كَانَتْ تِلْكَ الصُّخُورُ الْمَبْنِيَّةُ حَبْسًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ فَتِلْكَ الْأَحْجَارُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الرِّكَازَ يُخَمَّسُ إذَا كَانَ عَرْضًا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِي الْعَرْضِ (قَوْلُهُ وَهُوَ خَاصٌّ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعَرْضِ أَيْ أَنَّ الْعَرْضَ خَاصٌّ بِالرِّكَازِ وَلَا يَتَعَدَّاهُ لِلنَّدْرَةِ إذْ لَا تَكُونُ عَرْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِهَا خِلَافُ الرِّكَازِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَيْنًا وَيَكُونُ عَرْضًا (قَوْلُهُ أَيْ إخْرَاجُهُ مِنْ الْأَرْضِ) أَيْ بِالْحَفْرِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ تَخْلِيصُهُ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ تَخْلِيصُهُ بِالتَّصْفِيَةِ وَلَا مَعْنَى لَهَا فِي الرِّكَازِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَالزَّكَاةُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ الْقَدْرُ الْمُخْرَجُ فِي الزَّكَاةِ وَهُوَ رُبْعُ الْعُشْرِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ النِّصَابِ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ إذَا تَوَقَّفَ تَخْلِيصُهُ عَلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ هُوَ تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ وَتَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ مُطْلَقًا وَلَوْ تَوَقَّفَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا قَالَ طفى وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِالنُّقُولِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلرِّكَازِ فَقَطْ فَعَلَيْهِ يَكُونُ فِي النَّدْرَةِ الْخُمُسُ مُطْلَقًا كَمَا أَنَّ الْمَعْدِنَ فِيهِ الزَّكَاةُ مُطْلَقًا وَالرِّكَازُ فِيهِ الْخُمُسُ إلَّا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَهُمَا مَا إذَا تَوَقَّفَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَمَّا فِيهِمَا فَالْوَاجِبُ إخْرَاجُ رُبْعِ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ حَفْرُ قَبْرِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِجَوَازِ نَبْشِ قَبْرِ الْجَاهِلِيِّ وَأَخْذِ مَا فِيهِ مِنْ مَالٍ وَعَرْضٍ وَفِيهِ الْخُمُسُ (قَوْلُهُ أَيْ الْجَاهِلِيِّ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِ مَا فِيهِ مِنْ الدُّنْيَا (قَوْلُهُ وَخَوْفِ مُصَادَفَةِ صَالِحٍ) أَيْ قَبْرِ شَخْصٍ صَالِحٍ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ، وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ قَبْرِ الْجَاهِلِيِّ فِي كَرَاهَةِ الْحَفْرِ لِأَجْلِ أَخْذِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ قَبْرُ مَنْ لَا يُعْرَفُ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْكُفَّارِ وَكَذَا قُبُورُ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَيْ الْكُفَّارِ تَحْقِيقًا وَأَمَّا نَبْشُ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَحَرَامٌ وَحُكْمُ مَا وُجِدَ فِيهَا حُكْمُ اللُّقَطَةِ فَإِنْ عَرَفَ أَنَّ أَرْبَابَهُ مَوْجُودُونَ عُرِّفَ وَإِلَّا وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِدُونِ تَعْرِيفٍ وَمِثْلُ مَا وُجِدَ فِي قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَوْنِهِ لُقَطَةً مَا وُجِدَ فِي قُبُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ فِي قَبْرِ مَنْ شُكَّ فِي كَوْنِهِ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَالْعِلَّةِ إلَخْ) فَالْمَعْنَى كُرِهَ حَفْرُ قَبْرِهِ لِأَجْلِ طَلَبِ الدُّنْيَا فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَالطَّلَبُ فِيهِ بِلَا حَفْرٍ كَفِعْلِ بَخُورِ أَوْ عَزِيمَةٍ أَوْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى حَفْرٍ لِشَيْءٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ وَالثَّانِي عَلَى حَفْرٍ لِطَلَبِ مَا لَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ فِي كُلٍّ بِانْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ وَبَاقِيهِ) أَيْ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الْخُمُسَ وَالْبَاقِي بَعْدَ رُبْعِ الْعُشْرِ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ (قَوْلُهُ لَا بِشِرَاءٍ فَلِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصْوَبِ) قَالَ بَهْرَامُ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ أَرْضًا مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ أَوْ الصُّلْحِ فَوَجَدَ فِيهَا رِكَازًا هَلْ يَكُونُ لَهُ أَوَّلُهُمْ فَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَحَكَى عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّهُ يَكُونُ

وَجَدَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَالِكُ لَهَا (جَيْشًا) افْتَتَحَهَا عَنْوَةً لِأَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ فَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَيْشُ فَلِوَارِثِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْلِمِينَ أَوْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ الْأَرْضَ تُقَسَّمُ كَالْغَنِيمَةِ وَأَمَّا بَاقِي النَّدْرَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ كَمَوَاتِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَأَرْضِ الْحَرْبِ (فَلِوَاجِدِهِ) أَيْ الْبَاقِي ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ قَوْلُهُ (وَإِلَّا دِفْنُ) أَرْضَ (الْمُصَالَحِينَ) يَجِدُهُ وَلَوْ غَيْرَهُمْ (فَلَهُمْ) بِلَا تَخْمِيسٍ وَلَوْ دَفَنَهُ غَيْرُهُمْ (إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ) مِنْهُمْ (بِهَا) أَيْ بِدَارِهِ أَوْ يَجِدُهُ غَيْرُهُ بِهَا (فَلَهُ) أَيْ فَلِمَالِكِهَا دُونَهُمْ فَإِنْ كَانَ دَخِيلًا فِيهِمْ فَلَهُمْ لَا لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصْوَبُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَجَدَهُ هُوَ) أَيْ الْمَالِكُ أَوْ وَجَدَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ جَيْشًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَالِكُ الْأَرْضِ مَالِكًا حَقِيقِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مَالِكًا حُكْمًا بِأَنْ كَانَ جَيْشًا وَجَعَلَهُ مَالِكًا حُكْمًا بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ لَا تُمْلَكُ لِلْجَيْشِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ وَأَنَّ الْمَعْنَى، هَذَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ غَيْرَ جَيْشٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ جَيْشًا وَجَعْلُهُ الْجَيْشَ مَالِكًا حَقِيقِيًّا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ مَمْلُوكَةٌ لِلْجَيْشِ، هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلَيْنِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضَ أَرْضَ عَنْوَةٍ كَانَ الْبَاقِي لِوَاجِدِهِ وَلَا يُدْفَعُ لِلْجَيْشِ وَلَا لِوَارِثِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ لِلْأَرْضِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الرِّكَازُ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ عَنْوَةٍ فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ أَنَّ الْبَاقِيَ يَكُونُ لِوَاجِدِهِ وَلَا يُدْفَعُ لِلْجَيْشِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ يَقُولُ إنَّهُ لِمَالِكِ تِلْكَ الْأَرْضِ حُكْمًا وَهُوَ الْجَيْشُ الَّذِي فَتَحَهَا عَنْوَةً فَيُدْفَعُ الْبَاقِي لِمَنْ وُجِدَ مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَيْشُ فَلِوَارِثِهِ إنْ وُجِدَ فَإِنْ انْقَرَضَ الْوَارِثُ فَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ لُقَطَةٌ فَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَنْ أَرْبَابِهِ وَيَعْمَلُ فِيهِ مَا يَعْمَلُ فِي اللُّقَطَةِ وَحَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ شَاسٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا انْقَرَضَ الْوَارِثُ مَحَلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ لِأَنَّهُ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جَيْشًا وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَاقِي النَّدْرَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا) أَيْ مِنْ الْقِطَعِ الصِّغَارِ الْمَبْثُوثَةِ فِي التُّرَابِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ لِتَصْفِيَةٍ وَقَوْلُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَعْدِنِ أَيْ فَالتَّصَرُّفُ فِيهِ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلِوَاجِدِهِ) أَيْ وَإِلَّا فَالْبَاقِي بَعْدَ التَّخْمِيسِ لِوَاجِدِهِ (قَوْلُهُ كَمَوَاتِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ) أَيْ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُوجَدُ مِنْ الدَّفَائِنِ فِي الْكِيمَانِ الْكُفُرَّى فَهِيَ لِوَاجِدِهَا بَعْدَ التَّخْمِيسِ لِأَنَّ الْكِيمَانَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَمِثْلُهَا فَيَافِي الْعَرَبِ أَيْ الْفَيَافِي الَّتِي تُحِلُّ فِيهَا الْعَرَبُ وَتَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعٍ لِمَوْضِعٍ وَلَمْ تَتَّصِفْ بِالْفَتْحِ عَنْوَةً وَلَا أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا كَالْفَيَافِيِ الَّتِي بَيْنَ بَرْقَةَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة (قَوْلُهُ وَإِلَّا دِفْنِ أَرْضِ الْمُصَالَحِينَ يَجِدُهُ) أَيْ فِي أَرْضِهِمْ شَخْصٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ) أَيْ فَلَوْ انْقَرَضُوا كَانَ كَمَالٍ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ مَحَلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَقَوْلُهُ فَلَهُمْ أَيْ بِتَمَامِهِمْ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَ وَاجِدُهُ مِنْهُمْ شَارَكَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ دَفَنَهُ غَيْرُهُمْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي دَفَنَهُ فِي أَرْضِهِمْ غَيْرَهُمْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ مِنْهُمْ بِهَا أَوْ يَجِدُهُ غَيْرُهُ بِهَا فَلَهُ) حَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ لَصُلْحِي فَوُجِدَ بِهَا رِكَازٌ فَهُوَ لِرَبِّهَا مُطْلَقًا وَجَدَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ كَمُسْتَأْجِرٍ لَهَا أَوْ أَجِيرٍ عَلَى حَفْرٍ أَوْ هَدْمٍ، وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الدَّارَ إذَا كَانَتْ لِصُلْحِيٍّ فَإِنْ وَجَدَهُ بِهَا رَبُّهَا فَهُوَ لَهُ وَإِنْ وَجَدَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ لِجَمِيعِ الْمُصَالَحِينَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَلَمَّا لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ تَبِعَ الثَّانِيَ فَاعْتِرَاضُ عبق وخش عَلَيْهِ تَبَعًا لعج غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَحَاصِلُ اعْتِرَاضِهِمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الرِّكَازَ إنَّمَا يَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ إذَا وَجَدَهُ هُوَ لَا إنْ كَانَ الْوَاجِدُ غَيْرَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ لِرَبِّهَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ وَجَدَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إذْ لَيْسَ الْأَوَّلُ بِأَوْلَى مِنْ الثَّانِي حَتَّى يَجِبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ اُنْظُرْ طفى وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ لِصُلْحِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ وَكَانَتْ لِغَيْرِ صُلْحِيٍّ بِأَنْ كَانَ دَخِيلًا فِيهِمْ أَيْ لَيْسَ مِنْهُمْ وَمَلَكَ مِنْهُمْ دَارًا بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ وَوَجَدَ بِهَا رِكَازًا فَهُوَ لِأَهْلِ الصُّلْحِ لَا لِرَبِّهَا وَجَدَهُ رَبُّهَا أَوْ غَيْرُهُ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهُ لِرَبِّ الدَّارِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فَوَجَدَ فِيهَا دَفِينًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِبَائِعِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ ادَّعَاهُ وَأَشْبَهَ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الدِّفْنُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَمَا هُنَا

[فصل من تصرف له الزكاة وما يتعلق بذلك]

فَإِنْ أَسْلَمَ رَبُّ الدَّارِ عَادَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ كَالْمَعْدِنِ (وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) عُلِّمَ بِعَلَامَةٍ (لُقَطَةٌ وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ) مِمَّا لَمْ يُسْبَقْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ (فَلِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ) فَإِنْ تَقَدَّمَ مِلْكٌ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِجَاهِلِيٍّ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَرِكَازٌ وَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلُقَطَةٌ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (وَمَصْرِفُهَا) أَيْ مَحَلُّ صَرْفِهَا أَيْ الَّذِي تُصْرَفُ إلَيْهِ (فَقِيرٍ) لَا يَمْلِكُ قُوتَ عَامِهِ (وَمِسْكِينٌ، وَهُوَ أَحْوَجُ) مِنْ الْفَقِيرِ لِكَوْنِهِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ (وَصَدَقَا) فِي دَعْوَاهُمَا الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ (إلَّا لِرِيبَةٍ) تُكَذِّبُهُمَا بِأَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُمَا يُخَالِفُ دَعْوَاهُمَا فَلَا يُصَدَّقَانِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (إنْ أَسْلَمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا فَلَا تُعْطَى لِكَافِرٍ وَلَا تُجْزِئُ كَأَهْلِ الْمَعَاصِي إنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ يَصْرِفُونَهَا فِيهَا وَإِلَّا جَازَ الْإِعْطَاءُ لَهُمْ (وَتَحَرَّرَ) فَلَا تُعْطَى لِمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رُقْيَةٍ (وَعَدِمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (كِفَايَةً بِقَلِيلٍ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِ " كِفَايَةً "، وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ قَلِيلٌ أَصْلًا، وَهُوَ الْمِسْكِينُ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيهِ عَامَهُ، وَهُوَ الْفَقِيرُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيهِ عَامَهُ فَلَا يُعْطَى وَلَا تُجْزِئُ وَلَوْ حَذَفَ هَذَا مَا ضَرَّ (أَوْ) عَدِمَ كِفَايَةً بِ (إنْفَاقٍ) عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ وَالِدٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ لَهُ فِيهِ مُرَتَّبٌ لَا يَكْفِيهِ مِنْ أَكْلٍ وَكِسْوَةٍ فَمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيئًا لَا يُعْطَى مِنْهَا (أَوْ صَنْعَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَلِيلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ) أَيْ الصُّلْحِيُّ رَبُّ الدَّارِ الَّتِي وُجِدَ الرِّكَازُ فِيهَا عَادَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ كَالْمَعْدِنِ تَبِعَ الشَّارِحَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْدِنِ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَظِنَّةُ التَّنَازُعِ لِدَوَامِ الْعَمَلِ فِيهِ بِخِلَافِ الرِّكَازِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ بِهَا إلَخْ إنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ إذَا أَسْلَمَ الصُّلْحِيُّ رَبُّ الدَّارِ وَتَنَازَعَ أَهْلُ الصُّلْحِ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ لُقَطَةٌ) أَيْ فَيُعَرَّفُ سَنَةً مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ انْقِرَاضُ أَرْبَابِهَا وُضِعَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِدُونِ تَعْرِيفٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَدِفْنُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَالُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةٌ لِيَشْتَمِلَ غَيْرَ الْمَدْفُونِ كَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَدْفُونِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ رِكَازٌ (قَوْلُهُ كَعَنْبَرٍ) أَيْ وَلُؤْلُؤٍ وَمِرْجَانٍ ويسر (قَوْلُهُ فَلِوَاجِدِهِ) فَلَوْ رَآهُ جَمَاعَةٌ فَبَادَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ كَانَ لَهُ خَاصَّةً كَالصَّيْدِ يَمْلِكُهُ الْمُبَادِرُ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلُقَطَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ النَّظَرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَلَا يَكُونُ لُقَطَةً وَفَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا هُوَ لِمُسْلِمٍ فَقَالَ إنْ كَانَ رَبُّهُ تَرَكَهُ لِكَوْنِهِ مَعْطُوفًا فَلُقَطَةٌ وَإِنْ كَانَ أَلْقَاهُ رَبُّهُ لِلنَّجَاةِ فَلِوَاجِدِهِ اُنْظُرْ ح وَالْمَوَّاقَ اهـ بْن [فَصْلٌ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] (فَصْلٌ وَمَصْرِفُهَا فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ) (قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُ قُوتَ عَامِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هُوَ مَنْ يَمْلِكُ شَيْئًا لَا يَكْفِيهِ قُوتَ عَامِهِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْفَقِيرَ أَعَمُّ مِنْ الْمِسْكِينِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَحْوَجُ إلَخْ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ صِنْفَانِ مُتَغَايِرَانِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَنْ لَا يَمْلِكُ قُوتَ عَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَوْ يَمْلِكُ دُونَ قُوتِ الْعَامِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ إذَا أُوصِيَ بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْعَكْسِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَصَدَقَا فِي دَعْوَاهُمَا إلَخْ) أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُصَدَّقَانِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ يَكْفِي فِيهَا الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي دَعْوَى الْمَدِينِ الْعَدَمَ وَدَعْوَى الْوَلَدِ الْعَدَمَ لِأَجْلِ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ نَفَقَةُ وَالِدَيْهِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهُمَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَوْ لَا يَحْلِفُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْوَالِدِ الْعَدَمَ لِأَجْلِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ (قَوْلُهُ إنْ أَسْلَمَ وَتَحَرَّرَ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْفِعْلِ إشَارَةٌ إلَى كِفَايَتِهِمَا وَلَوْ حَدَثَا بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا قَالَ بْن وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ الْحُرِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ وَعَدَمَ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ عَنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ بَلْ الْإِسْلَامُ شَرْطٌ فِيمَا عَدَا الْمُؤَلَّفَ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطٌ فِي غَيْرِ الرِّقَابِ وَعَدَمُ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ شَرْطٌ فِي الْجَمِيعِ اُنْظُرْ طفى اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ فَلَا تُعْطَى لِكَافِرٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ جَاسُوسًا أَوْ مُؤَلَّفًا (قَوْلُهُ كَأَهْلِ الْمَعَاصِي) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ دَفْعُهَا لِأَهْلِ الْمَعَاصِي إنْ ظَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا تُعْطَى لِمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ رِقِّيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ كَالزَّوْجَةِ بِزَوْجِهَا وَالْوَلَدِ بِوَالِدِهِ وَلَا يُرَدُّ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ كَأَنَّهَا اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ بِكِتَابَتِهِ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَا كَاتَبَهُ بِثَلَاثِينَ مَثَلًا إلَّا لِكَوْنِهِ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَاتَبَهُ كَأَرْبَعِينَ فَالْعَشَرَةُ قَدْ أَسْقَطَهَا السَّيِّدُ عَنْهُ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمَ كِفَايَةٍ بِقَلِيلٍ) أَيْ وَكَانَتْ كِفَايَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَلِيلِ مِنْ الْمَالِ مَعْدُومَةً وَمَنْفِيَّةً (قَوْلُهُ وَلَوْ حُذِفَ هَذَا مَا ضَرَّ) أَيْ بَلْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ مِنْ قَبِيلِ اشْتِرَاطِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْفَاقٍ) عَطْفٌ عَلَى قَلِيلٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى قَلِيلٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُنْفِقٌ يُنْفِقُ نَفَقَةً كَافِيَةً بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مُنْفِقٌ أَصْلًا وَلَهُ مُنْفِقٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مَالًا يَكْفِيهِ فَفِي الْأُولَى يُعْطَى تَمَامَ مَا يَكْفِيهِ (قَوْلُهُ فَمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيئًا) أَيْ أَوْ كَانَ لَهُ مُرَتَّبٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَكْفِيهِ لَا يُعْطَى مِنْهَا وَظَاهِرُهُ

أَيْ عَدَمِ كِفَايَةٍ بِصَنْعَةٍ أَيْ كَسْبٍ فَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى كَسَادَهَا (وَعَدَمِ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ) ثَانِي أَجْدَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ أَبُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (لَا الْمُطَّلِبُ) أَخُو هَاشِمٍ وَهُمَا شَقِيقَانِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَهُمَا وَلَدَا عَبْدِ مَنَافٍ، وَأَمَّا عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لَيْسَا وَلَدَيْ عَبْدِ مَنَافٍ وَإِنَّمَا هُمَا ابنا زَوْجَتِهِ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ وَكَانَا تَحْتَ كَفَالَتِهِ فَنُسِبَا إلَيْهِ فَفَرْعُهُمَا لَيْسَ بِآلٍ قَطْعًا وَفَرْعُ هَاشِمٌ آلٌ قَطْعًا وَفَرْعُ الْمُطَّلِبِ لَيْسَ بِآلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا نَفْسُ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ فَلَيْسَ بِآلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ كُلُّ مَنْ لِهَاشِمٍ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ غَيْرِ أُنْثَى فَلَا يَدْخُلُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَلَدُ بَنَاتِهِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ قَوْلُهُ (كَحَسَبٍ) أَيْ كَمَا لَا يُجْزِئُ أَنْ يَحْسِبَ دَيْنَهُ الْكَائِنَ (عَلَى) مَدِينٍ (عَدِيمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُنْفِقَ لَمْ يَجُزْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ وَقُيِّدَ بِاللُّزُومِ وَلَمْ يَقُلْ فَمَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى مَلِيءٍ لَا يُعْطَى مِنْهَا تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَمَنْ كَانَ لَهُ مُنْفِقٌ مَلِيءٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا فَلَهُ أَخْذُهَا كَمَا ذَكَرَهُ ح فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْمُنْفِقِ الْمَذْكُورِ قَطْعَ النَّفَقَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُنْفِقِ الْمُتَطَوِّعِ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى الشَّيْخُ لَا يُعْطِيهَا لِمَنْ يَأْكُلُ فِي عِيَالِهِ غَيْرَ لَازِمَةٍ نَفَقَتُهُ لَهُ قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ فَعَلَهُ جَهْلًا أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ إنْ بَقِيَ فِي نَفَقَتِهِ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ تَطَوَّعَ بِذَلِكَ لَمْ تُجْزِهِ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ فِي الْقَرِيبِ فَقَطْ وَلَمْ يُقَيِّدْ إجْزَاءَ إعْطَائِهِ بِجَهْلِهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ لَازِمَةً لِمَلِيءٍ لَا يُعْطَى اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهَا مَلِيءٌ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَتُجْزِئُ رَبَّهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ الَّذِي فِي ح، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ مُطْلَقًا، وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ إنْ كَانَ الْمُنْفِقُ قَرِيبًا وَتُجْزِئُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَقِيلَ إنَّهَا تُجْزِئُ مُطْلَقًا مَعَ الْحُرْمَةِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ. (فَائِدَةٌ) نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْفَخَّارِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْءٌ فِي شُوَارِ يَتِيمَةٍ وَفِي ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْجَوَازُ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْيَتِيمَةَ تُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُصْلِحُهَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِ النِّكَاحِ وَالْأَمْرُ الَّذِي يَرَاهُ الْقَاضِي حَسَنًا فِي حَقِّ الْمَحْجُورِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَيْ عَدَمِ كِفَايَةٍ بِصَنْعَةٍ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ يَتَعَاطَاهَا تَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ وَكَانَتْ غَيْرَ كَاسِدَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْهَا (قَوْلُهُ إلَّا الْمُطَّلِب) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ عَدَمُ بُنُوَّةِ الْمُطَّلِبِ فَيَجُوزُ إعْطَاؤُهَا لِمَنْ لِلْمُطَّلِبِ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ (قَوْلُهُ أَخُو هَاشِمٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَبُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ أَخِي الْمُطَّلِبِ وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ اسْمَهُ شَيْبَةَ الْحَمْدِ وَكَانَ فِي لَوْنِهِ سُمْرَةٌ وَمَاتَ أَبُوهُ هَاشِمٌ، وَهُوَ صَغِيرٌ فَكَفَلَهُ عَمُّهُ الْمُطَّلِبُ وَكَانَ يَرْدُفُهُ خَلْفَهُ فَظُنَّ لِسُمْرَةٍ لَوْنِهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَقِيلَ فِيهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ (قَوْلُهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لَيْسَا وَلَدَيْ عَبْدِ مَنَافٍ وَإِنَّمَا هُمَا ابْنَا زَوْجَتِهِ إلَخْ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَيْنَ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ ائْتِلَافًا وَقَدْ سَرَى ذَلِكَ فِي أَوْلَادِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا وَكَذَا عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ؛ وَلِهَذَا لَمَّا كَتَبَتْ قُرَيْشٌ الصَّحِيفَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَحَصَرُوهُمْ فِي الشِّعْبِ دَخَلَ بَنُو الْمُطَّلِبِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بَنُو نَوْفَلٍ وَلَا بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ مَعَهُمْ وَهَذَا يَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ آلٌ وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُ فَالصَّحِيحُ إلَخْ مُقَابِلُهُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ أَوْلَادُ عَبْدِ نَوْفَلٍ وَأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ شَقِيقَانِ أُمِّهِمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَالْأَخِيرَيْنِ شَقِيقَانِ أُمِّهِمَا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ وَاَلَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ فَرْضِ الْخُمُسِ أَنَّ عَبْدَ شَمْسٍ شَقِيقٌ لِهَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَبْدُ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبُ وَهَاشِمٌ إخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لِأَبِيهِمْ وَقَالَ الْكَلَاعِيُّ: وَلَدُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةٌ هَاشِمٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبُ وَنَوْفَلٌ وَكُلُّهُمْ لِعَاتِكَةَ بِنْتِ مُرَّةَ ابْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيَّةِ إلَّا نَوْفَلًا مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لِوَاقِدَةَ بِنْتِ عُمَرَ وَمِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ. (قَوْلُهُ لَيْسَ بِآلٍ قَطْعًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ نَفْيَ خِلَافٍ مُعْتَبَرٍ وَإِلَّا فَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ آلٌ قَطْعًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِآلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُمْ آلٌ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْهَا وَمِنْ جُمْلَةِ فَرْعِ الْمُطَّلِبِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَلَدُ بَنَاتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ الْغَيْرِ وَحِينَئِذٍ فَيُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ إعْطَاءِ بَنِي هَاشِمٍ مِنْهَا إذَا أُعْطَوْا مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا وَأَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أُعْطُوا مِنْهَا وَإِعْطَاؤُهُمْ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ وَقَيَّدَهُ الْبَاجِيَّ بِمَا إذَا وَصَلُوا لِحَالَةٍ يُبَاحُ لَهُمْ فِيهَا أَكْلُ الْمَيِّتَةِ لَا مُجَرَّدَ ضَرَرٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ وَلَوْ لَمْ يَصِلُوا لِحَالَةِ إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيِّتَةِ إذْ عَطَاؤُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ خِدْمَتِهِمْ لِذِمِّيٍّ أَوْ ظَالِمٍ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ كَمَا

لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَسْقَطْت مَا عَلَيْك فِي زَكَاتِي؛ لِأَنَّهُ هَالِكٌ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَهُ قِيمَةٌ دُونَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ سُقُوطِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ، وَأَمَّا مَنْ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِهِ أَوْ بِيَدِ رَبِّ الدَّيْنِ رَهْنًا فَيَجُوزُ حَبْسُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ لَيْسَ بِهَالِكٍ (وَجَازَ) إعْطَاؤُهَا (لِمَوْلَاهُمْ) أَيْ لِعَتِيقِ بَنِي هَاشِمٍ وَلِذَا جَمَعَ الضَّمِيرَ (وَ) جَازَ دَفْعُهَا لِصَحِيحٍ (قَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ) وَلَوْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا (وَمَالِكِ نِصَابٍ) أَوْ أَكْثَرَ حَيْثُ لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ (وَ) جَازَ (دَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النِّصَابِ (وَ) دَفْعُ (كِفَايَةِ سَنَةٍ) فَالْمَدَارُ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ فَلَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ (وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ) عَدِيمٍ (ثُمَّ أَخْذِهَا) مِنْهُ فِي دَيْنِهِ (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَوَاطَآ عَلَى ذَلِكَ وَأَشَارَ إلَى الصِّنْفِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْعَامِلُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ الْمَوْضُوعُ، وَأَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَيَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا يَأْتِي فِي الْخَصَائِصِ مِنْ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِمْ أَيْضًا فَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ شَهَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِلْعَدِيمِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِحِسَابِهَا عَلَى الْمَدِينِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُ قِيمَةٌ دُونَ أَيْ قَلِيلَةٌ جِدًّا فَهِيَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: يُجْزِئُ) قَالَ ح مَتَى عُلِمَ مِنْ حَالِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُحْسَبْ مَا عَلَى الْعَدِيمِ مِنْ زَكَاتِهِ لَمْ يُزَكَّ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِمَا قَالَهُ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ عَلَى قَوْلٍ أَحْسَنَ مِنْ لُزُومِهَا لَهُ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ حَسْبُهُ عَلَيْهِ) هَذَا هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَرَضَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَاوِيًا أَيْ هَالِكًا لَكِنَّ قِيمَتَهُ دُونَ فَلَا يَجُوزُ حَسْبُهُ وَسَلَّمَهُ ح قَالَ وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَدِيمٌ اهـ بْن فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي حَسْبِ مَا عَلَى الْمَدِينِ الْمَلِيءِ مِنْ الزَّكَاةِ قَوْلَيْنِ بِالْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ رُجِّحَ (قَوْلُهُ وَجَازَ إعْطَاؤُهَا لِمَوْلَاهُمْ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَنَعَ مِنْهُ أَصْبَغُ وَالْأَخَوَانِ (قَوْلُهُ وَقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ عَلَى تَكَسُّبِ مَا يَكْفِيهِ بِصَنْعَةٍ تَارِكٌ لَهَا وَغَيْرُ مُشْتَغِلٍ بِهَا وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ التَّكَسُّبَ بِهَا اخْتِيَارًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِيَحْيَى بْنِ عُمَرَ الْقَائِلِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِقَادِرٍ عَلَى التَّكَسُّبِ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَنْعَةٍ أَنَّ لِلشَّخْصِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ: إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ صَنْعَةٌ مُشْتَغِلٌ بِهَا عَيْشُهُ فَهَذَا إنْ كَانَتْ تَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ لَمْ يُعْطَ، وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ أُعْطِيَ تَمَامَ كِفَايَتِهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ قَبْلُ أَوْ صَنْعَةٍ الثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ صَنْعَةٌ أَوْ تَكُونَ وَكَسَدَتْ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَحْتَرِفُ بِهِ فَهَذَا يُعْطَى الثَّالِثَةُ أَنْ يَجِدَ مَا يَحْتَرِفُ بِهِ لَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ مُهْمِلًا لَهَا وَغَيْرَ مُشْتَغِلٍ بِهَا اخْتِيَارًا وَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ هُنَا، وَهَكَذَا فِي نَقْلِ التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَيْضًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمَالِكِ نِصَابٍ) أَيْ وَجَازَ دَفْعُهَا لِمَالِكِ نِصَابٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ كَانَ لَهُ الْخَادِمُ وَالدَّارُ الَّتِي تُنَاسِبُهُ حَيْثُ كَانَ لَا يَكْفِيهِ مَا عِنْدَهُ لِعَامِهِ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ فَيُعْطَى مِنْهَا مَا يُكْمِلُ بِهِ الْعَامَ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُعْطَى لِمَالِكِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ وَدَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ زَكَاتِهِ لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ وَلَوْ صَارَ بِهِ غَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ بِوَصْفٍ جَائِزٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَدَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَكْفِيهِ سِنِينَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَكِفَايَةَ سَنَةٍ أَنَّهُ لَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ وَدَفَعَ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كِفَايَةَ سَنَةٍ لَا أَكْثَرَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَالْمَدَارُ إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ قَوْلُهُ وَكِفَايَةَ سَنَةٍ مُغْنِيًا عَنْ قَوْلِهِ وَدَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَدَفَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ صَارَ مَعْنَاهُ وَدَفَعَ كِفَايَةَ سَنَةٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ، وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ كِفَايَةَ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ بِنِصَابٍ وَبِأَقَلَّ وَبِأَكْثَرَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكِفَايَةَ سَنَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ الزَّكَاةِ لِلْفَقِيرِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ كِفَايَةَ سَنَةٍ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَفِي ح عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إنْ اتَّسَعَ الْمَالُ زِيدَ الْعَبْدُ وَمَهْرُ الزَّوْجَةِ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَقَيَّدُوا السَّنَةَ بِأَنْ يَكُونَ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْتِهِ الْعَامَ شَيْءٌ قَالَ: وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ لَا تُفَرَّقُ كُلَّ عَامٍ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ لَمْ يَبْقَيَا حَتَّى يَأْخُذَ بِهِمَا (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ وَعَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَوَاطَآ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ تَوَاطَآ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطِهَا وَهَذَا الَّذِي قَالَ الشَّارِحُ هُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي فِي ح وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وح لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْجَوَازِ وَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ مِنْ الْمَنْعِ فَهُوَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَجَعَلَ تت مَحَلَّ التَّرَدُّدِ إذَا تَوَاطَآ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا، وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِرَأْيِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْجَوَازِ وَرَأْيُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَنْعِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ فِي دَيْنِهِ ثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ لَا لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي لِقَوْلِ طفى الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ حِينِهِ أَوْ يَتَرَاخَى فِي أَخْذِهِ وَلَمْ أَرَ مِنْ

(وَجَابٍ وَمُفَرِّقٌ) ، وَهُوَ الْقَاسِمُ وَكَذَا كَاتِبٌ وَحَاشِرٌ، وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ لِلْأَخْذِ مِنْهُمْ لَا رَاعٍ وَحَارِسٌ وَأَشَارَ لِشُرُوطِ الْعَامِلِ بِقَوْلِهِ (حُرٌّ) فَلَا يُسْتَعْمَلُ عَلَيْهَا عَبْدٌ (عَدْلٌ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا ضِدُّ الْفَاسِقِ أَيْ عَدَالَةُ كُلِّ أَحَدٍ فِيمَا وُلِّيَ فِيهِ فَعَدَالَةُ الْجَابِي فِي جَبْيِهَا وَعَدَالَةُ الْمُفَرِّقِ فِي تَفْرِقَتِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدْلَ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْحُرِّ وَغَيْرِ الْكَافِرِ وَاقْتَضَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَا مُرُوءَةٍ بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ إلَى آخِرِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا عَدْلُ رِوَايَةٍ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ غَيْرِ كَافِرٍ مُكَرَّرًا أَيْضًا وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَدْلُ رِوَايَةٍ (عَالِمٌ بِحُكْمِهَا) لِئَلَّا يَأْخُذَ غَيْرَ حَقِّهِ أَوْ يُضَيِّعَ حَقًّا أَوْ يَمْنَعَ مُسْتَحِقًّا (غَيْرُ هَاشِمِيٍّ) لِحُرْمَتِهَا عَلَى آلِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَهِيَ تُنَافِي نَفَاسَتَهُمْ (وَ) غَيْرُ (كَافِرٍ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ تَذْكِيرُ الْأَوْصَافِ وَأَنْ يَكُونَ بَالِغًا فَيُعْطَى (وَإِنْ) كَانَ (غَنِيًّا) ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَتُهُ فَلَا تُنَافِي الْغِنَى (وَبُدِئَ بِهِ) أَيْ بِالْعَامِلِ وَيُدْفَعُ لَهُ جَمِيعُهَا إنْ كَانَتْ قَدْرَ عَمَلِهِ فَأَقَلَّ كَمَا يَأْتِي (وَأَخَذَ) الْعَامِلُ (الْفَقِيرُ بِوَصْفَيْهِ) أَيْ وَصْفِ الْفَقْرِ وَالْعَمَلِ إنْ لَمْ يُغْنِهِ حَظُّ الْعَمَلِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ وَصْفَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَلَا يُعْطَى حَارِسٌ) زَكَاةَ (الْفِطْرَةِ مِنْهَا) بَلْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا حَارِسُ زَكَاةِ الْمَالِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحِرَاسَةُ، وَأَمَّا بِغَيْرِهِ كَالْفَقْرِ فَيُعْطَى وَأَشَارَ لِلصِّنْفِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَمُؤَلَّفٌ) قَلْبُهُ، وَهُوَ (كَافِرٌ) يُعْطَى مِنْهَا (لِيُسْلِمَ) وَقِيلَ مُسْلِمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ لِيَتَمَكَّنَ إسْلَامُهُ (وَحُكْمُهُ) ، وَهُوَ تَأْلِيفُهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ (بَاقٍ) لَمْ يُنْسَخْ وَأَشَارَ لِلصِّنْفِ الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْطٌ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ لِلتَّرَاخِي وَسَلَّمَهُ بْن وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْإِجْزَاءَ اتِّفَاقًا إذَا دَفَعَهَا لِلْمَدِينِ وَأَخَذَ غَيْرَهَا أَوْ أَخَذَ دَيْنَهُ دَفَعَهَا لَهُ (قَوْلُهُ وَجَابٍ) أَيْ، وَهُوَ الْقَابِضُ لَهَا (قَوْلُهُ وَحَاشِرٌ، وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ لِلْأَخْذِ مِنْهُمْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ السُّعَاةَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْتُوا أَرْبَابَ الْمَاشِيَةِ، وَهُوَ عَلَى الْمِيَاهِ وَلَا يَقْعُدُونَ فِي قَرْيَةٍ وَيَبْعَثُونَ لِأَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ إذْ لَا يَلْزَمُهُمْ السَّيْرُ لِقَرْيَةٍ أُخْرَى كَمَا فِي ح عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ. . . إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْحَاشِرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ إنَّ الْحَاشِرَ هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ مِنْ مَوَاضِعِهِمْ فِي قَرْيَتِهِمْ إلَى السَّاعِي بَعْدَ إتْيَانِهِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ لَا رَاعٍ وَحَارِسٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ احْتِيَاجِ الزَّكَاةِ لَهُمَا لِكَوْنِهَا تُفَرَّقُ غَالِبًا عِنْدَ أَخْذِهَا بِخِلَافِ الْجَابِي وَمَنْ مَعَهُ فَإِنَّ شَأْنَ الزَّكَاةِ احْتِيَاجُهَا إلَيْهِمْ فَإِنْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِرَاعٍ أَوْ لِسَائِقٍ أَوْ لِحَارِسٍ عَلَى خِلَافِ الشَّأْنِ فَأُجْرَتُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِثْلُ حَارِسِ الْفِطْرَةِ الْآتِي. (قَوْلُهُ أَيْ عَدَالَةُ كُلِّ أَحَدٍ فِيمَا وُلِّيَ فِيهِ) الْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ عَدَمُ الْفِسْقِ أَيْ عَدَمُ فِسْقِ كُلِّ أَحَدٍ فِيمَا وَلِيَ فِيهِ أَيْ عَدَمُ مُخَالَفَتِهِ لِلْأَمْرِ الْمَطْلُوبِ فِيمَا وُلِّيَ فِيهِ إذَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ مَا ذُكِرَ كَانَ هَذَا شَامِلًا لِلْكَافِرِ فَاحْتَاجَ لِإِخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ غَيْرَ كَافِرٍ (قَوْلُهُ عَالِمٍ بِحُكْمِهَا) أَيْ مَنْ تُدْفَعُ لَهُ وَمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ وَقَدْرُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ) أَيْ وَأَخْذُهَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ عَلَيْهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَوْسَاخَ النَّاسِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُجَاهِدِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ وَكَذَا فِي الْجَاسُوسِ حَيْثُ كَانَ مُسْلِمًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يُعْطَى وَلَوْ هَاشِمِيًّا لِخَسَّتِهِ بِالْكُفْرِ وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْعَامِلِ عَدْلًا عَالِمًا بِحُكْمِهَا شَرْطَانِ فِي كَوْنِهِ عَامِلًا وَفِي إعْطَائِهِ مِنْهَا أَيْضًا، وَأَمَّا كَوْنُهُ حُرًّا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ وَغَيْرَ كَافِرٍ فَشُرُوطٌ فِي إعْطَائِهِ مِنْهَا فَقَطْ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ هَاشِمِيًّا صَحَّ كَوْنُهُ عَامِلًا وَلَكِنْ لَا يُعْطَى مِنْهَا بَلْ يُعْطَى أُجْرَةَ مِثْلِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ سَابِقًا وَأَشَارَ لِشُرُوطِ الْعَامِلِ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ وَأَشَارَ لِشُرُوطِ إعْطَاءِ الْعَامِلِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُعْطَى) أَيْ الْعَامِلُ مِنْ جَابٍ وَمُفَرِّقٍ وَكَاتِبٍ وَحَاشِرٍ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْعَامِلِ) الشَّامِلِ لِلْجَابِي وَالْمُفَرِّقِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ بِمَنْ ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ بِهَذَا الْعِنْوَانِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْعَامِلُ الْفَقِيرُ إلَخْ) لَكِنْ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْإِمَامِ وَكَذَا لَا يَأْخُذُ الْعَامِلُ بِوَصْفِ الْغُرْمِ إذَا كَانَ مِدْيَانًا إلَّا بِإِعْطَاءِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَقْسِمُهَا فَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ وَصْفَيْنِ فَأَكْثَرَ) كَأَنْ يَكُونَ فَقِيرًا وَمِدْيَانًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالْوَصْفَيْنِ إنْ لَمْ يَصِرْ غَنِيًّا بِخَطِّ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ كَافِرٌ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) بِهَذَا صَدَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى عَزْوِهِ أَنَّهُ أَرْجَحُ (قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ بَاقٍ لَمْ يُنْسَخْ) هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ طفى وَالرَّاجِحُ خِلَافَةُ فَقَدْ قَالَ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ انْقِطَاعُ سَهْمِ هَؤُلَاءِ بِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ تَرْغِيبُهُ فِي الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ إنْقَاذِ مُهْجَتِهِ مِنْ النَّارِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ تَرْغِيبُهُ فِي الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ إعَانَتِهِ لَنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اسْتِئْلَافِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ رُدَّ إلَيْهِمْ سَهْمُهُمْ وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ يَذْكُرُ الْقَوْلَ الَّذِي ذَكَرَهُ وَيُنَبِّهُ عَلَى تَرْجِيحِ اللَّخْمِيِّ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْوَاقِعَ فِي كَوْنِ التَّأْلِيفِ بِالدَّفْعِ مِنْ الزَّكَاةِ بَاقِيًا أَوْ نَسْخَ مُفَرَّعٍ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُؤَلَّفَ كَافِرٌ يُعْطَى تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لَهُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَحُكْمُهُ بَاقٍ اتِّفَاقًا

(وَرَقِيقٌ مُؤْمِنٌ وَلَوْ بِعَيْبٍ) كَثِيرٍ كَزَمِنٍ (يُعْتَقُ) مِنْهَا بِأَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا وَيَكْفِي عِتْقُ مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ شِرَاءٍ مِنْهَا عَلَى الرَّاجِحِ (لَا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ) كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ (وَوَلَاؤُهُ) أَيْ الْمُعْتَقِ مِنْهَا (لِلْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُمْ (وَإِنْ اشْتَرَطَهُ) الْمُزَكِّي أَيْ اشْتَرَطَ الْوَلَاءَ (لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ وَعِتْقُهُ عَنْ الزَّكَاةِ صَحِيحٌ وَالْوَلَاءُ لَهُمْ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا وَجَوَابُهُ قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ الْآتِي وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ لِلْعِتْقِ لَا لِلْوَلَاءِ وَاللَّامُ فِي لَهُ بِمَعْنَى عَنْ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَنِّي وَوَلَاؤُك لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُجْزِئُهُ الْعِتْقُ عَنْ زَكَاتِهِ وَلَكِنَّهُ يَمْضِي وَالْوَلَاءُ لَهُ إذْ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ (أَوْ فَكَّ) بِهَا (أَسِيرًا) مَعْطُوفًا عَلَى اشْتِرَاطِهِ وَجَوَابُهُمَا قَوْلُهُ (لَمْ يُجْزِهِ) وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ أَيْ أَوْ أَنْ فَكَّ إلَخْ وَأَشَارَ لِلصِّنْفِ السَّادِسِ بِقَوْلِهِ (وَمَدِينٌ) يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ إنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ (وَلَوْ مَاتَ) الْمَدِينُ فَيُوَفِّي دَيْنَهُ مِنْهَا وَوَصَفَ الدَّيْنَ بِقَوْلِهِ (يُحْبَسُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَرَقِيقٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ مُؤْمِنٌ قَالَ عبق ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ هَاشِمِيًّا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ هَاشِمِيٌّ أَمَةَ غَيْرِهِ فَحَمَلَتْ بِهَاشِمِيٍّ رَقِيقٍ لِسَيِّدِهَا اهـ وَتَعَقَّبْ بْن قَوْلَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ وَقَدْ ارْتَضَى شَيْخُنَا مَا قَالَهُ عبق؛ لِأَنَّ تَخْلِيصَ الْهَاشِمِيِّ مِنْ الرِّقِّ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْأَوْسَاخِ شَيْءٌ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤَلَّفَ مِنْهَا الْهَاشِمِيُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ تَخْلِيصَهُ مِنْ الْكُفْرِ أَهَمُّ؛ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ قَدْ حَطَّ قَدْرَهُ فَلَا يَضُرُّ أَخْذُهُ الْأَوْسَاخَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِعَيْبٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَالِمًا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِعَيْبٍ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ أَصْبَغَ بِعَدَمِ اغْتِفَارِ الْعَيْبِ مُطْلَقًا وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِاغْتِفَارِ الْخَفِيفِ فَقَطْ وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ " كَثِيرٍ " أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّنْوِينَ لِلتَّعْظِيمِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا) أَيْ ثُمَّ يُعْتَقُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّقِيقُ لَا يُعْتَقُ بِنَفْسِ الْمَالِكِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ كَالْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَإِنْ اشْتَرَى بِزَكَاتِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَيَرَى هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا وَالِدَ رَبِّ الْمَالِ أَوْ وَلَدَهُ وَيَعْتِقَهُ فَيُجْزِي حَيْثُ لَا تَوَاطُؤَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي عِتْقُ مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ شِرَاءٍ مِنْهَا عَلَى الرَّاجِحِ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَعْتِقَ الْمَالِكُ رَقَبَةً بِقِيمَتِهَا عَنْ زَكَاتِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِقَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ سِوَى اللَّخْمِيِّ بَيْنَ شِرَاءِ الرَّقِيقِ مِنْهَا وَعِتْقِ الْمَالِكِ رَقَبَةً بِقِيمَتِهَا عَنْ زَكَاتِهِ وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَيَّدَ الرَّقِيقَ بِأَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ عَنْ الزَّكَاةِ وَلَا يَرُدَّ الْعَبْدَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الزَّكَاةِ وَلَا يَرُدَّ الْعَبْدَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ بَلْ يَمْضِي عِتْقُهُ كَذَا فِي ح عَنْ النَّوَادِرِ (قَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ ذَلِكَ الْعَتِيقُ وَلَا وَارِثَ لَهُ أَصْلًا أَوْ لَهُ وَارِثٌ لَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْمَالِ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ فِي الْأُولَى وَمَا بَقِيَ عَنْ الْوَارِثِ فِي الثَّانِيَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ لَا لِمُعْتِقِهِ وَقَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ صَرَّحَ الْمُعْتِقُ بِذَلِكَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ بَلْ وَلَوْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَقَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ أَيْ فِي اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُهُ الْعِتْقُ عَنْ زَكَاتِهِ) وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا قَالَ حُرٌّ عَنِّي وَأَطْلَقَ وَلَمْ يَقُلْ وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُجْزِئُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الصُّورَتَيْنِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ فَكَّ بِهَا أَسِيرًا) أَيْ غَيْرَهُ أَوْ نَفْسَهُ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ كشب أَوْ فُكَّ بِهَا أَسِيرٌ أَيْ غَيْرُهُ، وَأَمَّا فَكُّهُ بِزَكَاةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا فِي ح وَنَصُّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا فَأُسِرَ قَبْلَ صَرْفِهَا جَازَ فِدَاؤُهُ بِهَا، وَلَوْ افْتَقَرَ لَمْ يُعْطَ مِنْهَا وَفُرِّقَ بِعَوْدِهَا لَهُ وَفِي الْفِدَاءِ بِغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ اهـ فَقَدْ تَعَقَّبَ بِأَنَّ ح نَقَلَ هَذَا الْفَرْعَ هُنَا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ يُمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجَهَا عَنْ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَذْهَبُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ جَوَازُ فَكِّ الْأَسِيرِ بِالزَّكَاةِ مُطْلَقًا كَمَا لعبق وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَا ذَكَرَهُ ح مُقَابِلًا لِلْمَذْهَبِ لَا مُوَافِقًا لَهُ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ الْعُمُومَ اُنْظُرْ بْن وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ أَوْ فَكَّ أَسِيرًا أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الْأَسِيرَ بِفِدَاءٍ دَيْنًا عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعْطِي مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ وَالْفَكُّ مَاضٍ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ) فَلَا تُدْفَعُ لِلْمَدِينِ إذَا كَانَ هَاشِمِيًّا؛ لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ وَقَذَارَتُهُمْ وَالدَّيْنُ تَصْنَعُهُ النَّاسُ الْأَكَابِرُ فَقَدْ تَدَايَنَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَمَاتَ وَعَلَيْهِ الدَّيْنُ فَمَذَلَّتُهَا أَعْظَمُ مِنْ مَذَلَّةِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يُقْضَى دَيْنُ الْمَيِّتِ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ وَفَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهَا) بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي أَخْذِهِ مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ دَيْنِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ وَوَصَفَ الدَّيْنَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ جُمْلَةَ يُحْبَسُ فِيهِ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَمَدِينٌ دَيْنًا شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ بِالْفِعْلِ لِمَانِعٍ كَثُبُوتِ الْعُسْرِ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُعْدِمٍ وَكَالْعُقُوقِ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ وَحِينَئِذٍ فَتُعْطَى لِلْوَالِدِ لِأَجْلِ قَضَاءِ دَيْنِ وَلَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزِّيَّةِ

أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ (فِيهِ) فَيَدْخُلُ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَخَرَجَ دَيْنُ الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةِ وَعُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَاسْتَدَانَ فِي مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ. قَوْلُهُ (لَا فِي فَسَادٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَقِمَارٍ (وَلَا) إنْ اسْتَدَانَ (لِأَخْذِهَا) كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ وَتَوَسَّعَ فِي الْإِنْفَاقِ بِالدَّيْنِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا فَلَا يُعْطَى مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ قَصْدٌ مَذْمُومٌ بِخِلَافِ فَقِيرٍ تَدَايَنَ لِلضَّرُورَةِ نَاوِيًا الْأَخْذَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا لِحُسْنِ قَصْدِهِ (إلَّا أَنْ يَتُوبَ) عَمَّا ذَكَرَ مِنْ الْفَسَادِ وَالْقَصْدِ الذَّمِيمِ فَإِنَّهُ يُعْطَى (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَإِنَّمَا يُعْطَى الْمَدِينُ (إنْ أُعْطِيَ) لِرَبِّ الدَّيْنِ (مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ) وَفَضَلَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ (وَ) مِنْ (فَضْلِ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْعَيْنِ كَمَنْ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي مِائَةً وَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَتَكْفِيهِ دَارٌ بِخَمْسِينَ فَلَا يُعْطَى حَتَّى تُبَاعَ وَيُدْفَعَ الزَّائِدُ فِي دَيْنِهِ فَلَوْ كَانَ الْفَاضِلُ يَفِي بِدَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى بِوَصْفِ الْفَقْرِ لَا الْغُرْمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْطَاءِ مَا بِيَدِهِ بِالْفِعْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى إعْطَائِهِ مِنْهَا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ إعْطَاءِ مَا بِيَدِهِ وَأَشَارَ لِلسَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَمُجَاهِدٌ) أَيْ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا ذَكَرًا بَالِغًا قَادِرًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُرَابِطُ (وَآلَتُهُ) كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ تُشْتَرَى مِنْهَا (وَلَوْ) كَانَ الْمُجَاهِدُ (غَنِيًّا) حِينَ غَزْوِهِ (كَجَاسُوسٍ) يُرْسَلُ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْعَدُوِّ وَيُعْلِمُنَا بِهَا فَيُعْطَى وَلَوْ كَافِرًا (لَا) تُصْرَفُ الزَّكَاةُ فِي (سُورٍ) حَوْلَ الْبَلَدِ لِيُتَحَفَّظَ بِهِ مِنْ الْكُفَّارِ (وَ) لَا فِي عَمَلِ (مَرْكَبٍ) يُقَاتِلُ فِيهَا الْعَدُوَّ وَأَشَارَ لِلصِّنْفِ الثَّامِنِ، وَهُوَ ابْنُ السَّبِيلِ بِقَوْلِهِ (وَغَرِيبٌ) حُرٌّ مُسْلِمٌ غَيْرُ هَاشِمِيٍّ (مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ) لِبَلَدٍ وَلَوْ غَنِيًّا فِيهَا لَا إنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُوَصِّلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ فِيهِ) هَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ وَإِلَّا خَرَجَ مَنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ وَالْوَالِدُ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ دَيْنُ الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ الْمَدِينُ فِيهِ الدَّيْنَ الَّذِي لِآدَمِيٍّ لَا الدَّيْنُ الَّذِي لِلَّهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَدَانَ فِي مَصْلَحَةٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَقْدِيرُهُ وَمَدِينٌ اسْتَدَانَ دَيْنًا يُحْبَسُ فِيهِ وَصَرْفُهُ فِي مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا فِي فَسَادٍ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ) أَيْ بِالْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ وَتَوَسَّعَ فِي الْإِنْفَاقِ بِالدَّيْنِ) أَيْ فَاسْتَدَانَ وَتَوَسَّعْ فِي الْإِنْفَاقِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ بِحَيْثُ صَرَفَ مَا عِنْدَهُ وَالدَّيْنَ مَعًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ) رَجَّعَهُ بَهْرَامُ أَوْ غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ لَا فِي فَسَادٍ وَهَلْ يُقَالُ أَيْضًا فِيمَنْ تَدَايَنَ لِأَخْذِهَا أَوْ يُقَالُ التَّدَايُنُ لَأَخْذِهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا فَلَا يَحْتَاجُ لِتَوْبَةٍ وَعَلَى هَذَا مَنْ تَدَايَنَ لِأَخْذِهَا لَا يُعْطَى مِنْهَا بِحَالٍ كَذَا ذَكَرَ عبق وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ مَنْ تَدَايَنَ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ كَانَ سَفَهًا وَالسَّفَهُ حَرَامٌ يَحْتَاجُ لِتَوْبَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفَضَلَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ) كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَبِيَدِهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْعِشْرِينَ الَّتِي بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ فَيُعْطَى حِينَئِذٍ وَيَكُونُ مِنْ الْغَارِمِينَ (قَوْلُهُ وَفَضْلِ غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ كَدَارِ السُّكْنَى وَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ وَفَضْلِ غَيْرِهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَضْلًا أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا يَحْتَاجُهُ (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ الزَّائِدَ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ الَّتِي تَكْفِيهِ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُفْلِسَ تُبَاعُ دَارُ سُكْنَاهُ وَيَسْكُنُ بِالْكِرَاءِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيَاعَ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِي الدَّارِ الَّتِي تُسْتَبْدَلُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مُنَاسِبَةً لَهُ أَوْ تَكُونَ صَالِحَةً لِلسُّكْنَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَاسِبَةً قَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْخَادِمِ وَالْمَرْكُوبِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَكْفِيهِ دَارٌ إشَارَةً لِمَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْمُلْتَفَتَ لَهُ كَوْنُ الدَّارِ صَالِحَةً لِلسُّكْنَى مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَكْفِيهِ لَا كَوْنُهَا مُنَاسِبَةً لِمَقَامِهِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ الْفَاضِلُ) أَيْ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ الَّتِي تَكْفِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ) أَيْ وَالتَّلَبُّسُ بِهِ يَحْصُلُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ فِي السَّفَرِ لَهُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لَهُ كَمَا قَالَ عبق وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ أَوْ عَلَى السَّفَرِ لَهُ لَا يُعْطَى مِنْهَا قَالَ بْن، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يُعْطَى مَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ أَوْ السَّفَرِ لَهُ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُجَاهِدُ مِمَّنْ يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ حُرًّا إلَخْ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَصْفٌ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَلَا يُعْطَى ذَلِكَ الْمُجَاهِدُ مِنْهَا شَيْئًا وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْ فِي الْمُجَاهِدِ (قَوْلُهُ وَآلَتُهُ) لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الْمُقَاتِلُ بِهَا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى لِلْجِهَادِ وَلَا يَأْخُذُهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ غَنِيًّا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي غَزْوِهِ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَيُعْطَى) أَيْ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَافِرًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا بَلْ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَكِنْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ بَلْ تُدْفَعُ لَهُ وَلَوْ كَانَ هَاشِمِيًّا لِخَسَّتِهِ بِالْكُفْرِ (قَوْلُهُ لَا سُوَرٍ وَمَرْكَبٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ عَمَلُ الْأَسْوَارِ وَالْمَرَاكِبِ مِنْهَا وَلَمْ يَنْقُلْ اللَّخْمِيُّ غَيْرَهُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هُوَ الصَّحِيحُ وَلِذَا اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَبِعَ تَشْهِيرَ ابْنِ بَشِيرٍ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَ الْمَنْعَ لِغَيْرِ ابْنِ بَشِيرٍ فَضْلًا عَنْ تَشْهِيرِهِ اهـ بْن. (تَنْبِيهٌ) لَا تُعْطَى الزَّكَاةُ لِلْعَالِمِ وَالْمُفْتِي وَالْقَاضِي إلَّا أَنْ يُمْنَعُوا حَقَّهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا جَازَ لَهُمْ الْأَخْذُ بِوَصْفِ

تَغَرَّبَ (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) وَإِلَّا لَمْ يُعْطَ مَا لَمْ يَتُبْ وَلَوْ خُشِيَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ (وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا) فِي غُرْبَتِهِ (وَهُوَ مَلِيٌّ بِبَلَدِهِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ رَأْسًا أَوْ وَجَدَ، وَهُوَ عَدِيمٌ بِبَلَدِهِ فَلَوْ وَجَدَ، وَهُوَ مَلِيءٌ بِهَا لَمْ يُعْطَ (وَصُدِّقَ) فِي دَعْوَاهُ (وَإِنْ جَلَسَ) أَيْ أَقَامَ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ فِي بَلَدِ الْغُرْبَةِ (نُزِعَتْ مِنْهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا بِبَلَدِهِ (كَغَازٍ) جَلَسَ عَنْ الْغَزْوِ فَتُنْتَزَعُ مِنْهُ وَأَتْبَعَ بِهَا إنْ أَنْفَقَهَا وَكَانَ غَنِيًّا (وَفِي) نَزْعِهَا مِنْ (غَارِمٍ) أَيْ مَدِينٍ (يَسْتَغْنِي) بَعْدَ أَخْذِهَا وَقَبْلَ دَفْعِهَا فِي دَيْنِهِ وَعَدَمِ نَزْعِهَا (تَرَدُّدٌ) لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ قَالَ: وَلَوْ قِيلَ تُنْزَعُ مِنْهُ لَكَانَ وَجْهًا فَقَدْ رَجَحَ الْأَوَّلُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَاخْتَارَ نَزْعَهَا مِنْ غَارِمٍ اسْتَغْنَى (وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ) أَيْ الْمُحْتَاجِ عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يُزَادَ فِي إعْطَائِهِ مِنْهَا (دُونَ عُمُومِ الْأَصْنَافِ) الثَّمَانِيَةِ فَلَا يُنْدَبُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ (وَ) نُدِبَ لِلْمَالِكِ (الِاسْتِنَابَةُ) خَوْفَ قَصْدِ الْمَحْمَدَةِ (وَقَدْ تَجِبُ) إنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا (كُرِهَ لَهُ) أَيْ لِلنَّائِبِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاسْتِنَابَةِ (تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ) أَيْ قَرِيبِ رَبِّ الْمَالِ وَكَذَا قَرِيبُهُ هُوَ إنْ كَانَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَقْرِ أَمَّا الْغَنِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَابْنُ رُشْدٍ إذَا مُنِعُوا حَقَّهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُمْ أَخْذُ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانُوا فُقَرَاءَ أَوْ أَغْنِيَاءَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَقَرَّرَ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ تَغَرَّبَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِغَرِيبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ رَائِحَةِ الْفِعْلِ أَيْ تَغَرَّبَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ بِالسَّفَرِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ عَاصٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ عَاصِيًا فِي السَّفَرِ فَيُعْطَى فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَاصِيًا بِالسَّفَرِ لَمْ يُعْطَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: (قَوْلُهُ وَلَوْ خُشِيَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ) أَيْ؛ لِأَنَّ نَجَاتَهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ بِالتَّوْبَةِ وَقِيلَ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَإِنَّهُ يُعْطَى وَلَوْ لَمْ يَتُبْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ عَصَى هُوَ لَا نَعْصِي نَحْنُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ عَنْ التَّبْصِرَةِ مَا يُفِيدُ تَفْصِيلًا وَنَصُّهَا وَلَا يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مِنْهَا إنْ خَرَجَ فِي مَعْصِيَةٍ كَأَنْ يُرِيدَ قَتْلَ نَفْسٍ أَوْ هَتْكَ حُرْمَةٍ، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ وَلَا يُعْطَى مِنْهَا مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَابَ أَوْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فِي بَقَائِهِ إنْ لَمْ يُعْطَ فَقَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْمَسِيرِ وَالرُّجُوعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ يُسَلِّفُ مَا يُوصِلُهُ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ عَدَمِيٌّ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ وُجُودِيٍّ يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى إذَا لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ فَإِنْ وَجَدَ مُسَلِّفًا، وَهُوَ غَنِيٌّ بِبَلَدِهِ فَقَدْ انْتَفَى أَحَدُهُمَا فَيَنْتَفِي الْحُكْمُ، وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ وَجَدَ مُسَلِّفًا، وَهُوَ فَقِيرٌ بِبَلَدِهِ فَقَدْ انْتَفَى الشَّرْطَانِ فَوُجُودُ الْمُسَلِّفِ كَعَدَمِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ، وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ ضِدِّهِ فَضِدُّ الْأَخْذِ عَدَمُهُ وَشَرْطُ الْغَنِيِّ بِبَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا، وَهُوَ فَقِيرٌ بِبَلَدِهِ بِأَنْ انْتَفَى الشَّرْطُ الثَّانِي ثَبَتَ الْحُكْمُ أَيْضًا، وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ فَمَفْهُومُ الثَّانِي مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْغَرِيبَ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِمَا يُوصِلُهُ وَكَانَ تَغَرُّبُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ بِالسَّفَرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا أَصْلًا أُعْطِيَ مِنْهَا كَانَ مُعْدِمًا بِبَلَدِهِ أَوْ مَلِيًّا وَإِنْ وَجَدَ مُسَلِّفًا أُعْطِيَ إنْ كَانَ عَدِيمًا بِبَلَدِهِ لَا إنْ كَانَ مَلِيًّا أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَا يُوصِلُهُ فَلَا يُعْطَى مِنْهَا كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَغَرُّبُهُ فِي مَعْصِيَةٍ لَا يُعْطَى مِنْهَا (قَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ الْغُرْبَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَعْرِفُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ حَتَّى يُكَلَّفَ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ نُزِعَتْ مِنْهُ) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُهُ بِنُزِعَتْ فَإِنْ ذَهَبَتْ لَمْ يُرْجَعْ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ لِلَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا بِبَلَدِهِ) أَيْ فَيَسُوغُ لَهُ أَخْذُهَا لِفَقْرِهِ وَلَا تُنْزَعُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَأُتْبِعَ بِهَا إنْ أَنْفَقَهَا) أَيْ فَهِيَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ فَلَيْسَ الْغَازِي كَالْغَرِيبِ عِنْدَ عَدَمِ بَقَائِهَا فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ وَفِي نَزْعِهَا مِنْ غَارِمٍ يَسْتَغْنِي) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَخْذٌ لِشَيْءٍ وَلَمْ يَحْصُلْ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ نَزْعِهَا أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَخْذٌ بِوَجْهٍ جَائِزٍ (قَوْلُهُ لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّرَدُّدِ هُنَا التَّحَيُّرُ مِنْ شَخْصٍ وَنَصَّ كَلَامُهُ عَلَى مَا فِي الْمَوَّاقِ وح وَفِي الْغَارِمِ يَأْخُذُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ ثُمَّ يَسْتَغْنِي قَبْلَ أَدَائِهِ إشْكَالٌ وَلَوْ قِيلَ تُنْزَعُ مِنْهُ لَكَانَ وَجِيهًا (قَوْلُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ حِكَايَةَ التَّرَدُّدِ إنَّمَا تَحْسُنُ لَوْ كَانَ اللَّخْمِيُّ بَاقِيًا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ اخْتَارَ بَعْدَ التَّرَدُّدِ النَّزْعَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ دُونَ عُمُومِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فَلَا يُنْدَبُ) فَيَجُوزُ دَفْعٌ لِصِنْفٍ وَاحِدٍ إلَّا الْعَامِلَ فَلَا تُدْفَعُ إلَيْهِ كُلُّهَا إلَّا إذَا كَانَتْ قَدْرَ عَمَلِهِ فَأَقَلَّ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ) أَيْ فَيُنْدَبُ التَّعْمِيمُ حِينَئِذٍ فَالْمَنْفِيُّ أَوَّلًا النَّدْبُ الذَّاتِيُّ الْأَصْلِيُّ وَالْمُثْبَتُ النَّدْبُ الْعَرْضِيُّ وَفَهِمَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] . الْآيَةَ بِمَعْنَى أَوْ وَأَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ فِي الْآيَةِ عَدَمُ خُرُوجِهَا عَنْهُمْ قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ خَوْفَ قَصْدِ الْمَحْمَدَةِ) أَيْ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَوَلَّى تَفْرِقَتَهَا بِنَفْسِهِ يَقْصِدُ حَمْدَ النَّاسِ وَثَنَائِهِمْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَا تَلْزَمُهُ) أَيْ يَلْزَمُ رَبُّ الْمَالِ نَفَقَةُ ذَلِكَ الْقَرِيبِ الْمُخَصَّصِ وَإِلَّا مُنِعَ التَّخْصِيصُ بَلْ يُمْنَعُ الْإِعْطَاءُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ النَّائِبِ قَرِيبَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَمْ لَا فَهُوَ

وَإِلَّا مُنِعَ (وَهَلْ يُمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ) زَكَاتَهَا (زَوْجًا) لِعَوْدِهَا عَلَيْهَا فِي النَّفَقَةِ (أَوْ يُكْرَهُ تَأْوِيلَانِ) ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَيُمْنَعُ قَطْعًا وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَكُنْ إعْطَاءُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ لِيَدْفَعَهُ فِي دَيْنِهِ أَوْ يُنْفِقَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا جَازَ (وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ) مِنْ غَيْرِ أَوْلَوِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقِيلَ بِأَوْلَوِيَّةِ الْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ لِتَيَسُّرِ إنْفَاقِهِ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْفُلُوسِ عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ (بِصَرْفِ وَقْتِهِ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ فِي الْإِخْرَاجِ صَرْفُ وَقْتِ الْإِخْرَاجِ وَلَوْ بَعْدَ زَمَنِ الْوُجُوبِ بِمُدَّةٍ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ سَاوَى الصَّرْفَ الشَّرْعِيَّ أَوْ نَقَصَ أَوْ زَادَ وَسَوَاءٌ سَاوَى وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ لَا (بِقِيمَةِ السِّكَّةِ) فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دِينَارٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مَسْكُوكَةً وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ فِضَّةً غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ سِكَّةِ الدِّينَارِ زِيَادَةً عَلَى صَرْفِهِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ الْمَسْكُوكَةَ يَجِبُ فِيهَا وَاحِدٌ مَسْكُوكٌ وَكَذَا إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهَا دِينَارًا غَيْرَ مَسْكُوكٍ مِنْ التِّبْرِ مَثَلًا وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ السِّكَّةِ فَيَزِيدُهَا عَلَى وَزْنِ الدِّينَارِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ فِي نَوْعٍ) أَيْ نَوْعِهِ فَالتَّنْوِينُ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ وَإِلَّا فَصَرْفُ الْوَقْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَكْرُوهٌ حَيْثُ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) فِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ السُّيُورِيِّ مَنْ لَهُ وَلَدٌ غَنِيٌّ وَأَبَى مِنْ طَلَبِ نَفَقَتِهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ الْبُرْزُلِيُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْحُكْمِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ فَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ تَمْنَعُ الْأَخْذَ مِنْ الزَّكَاةِ إنْ حُكِمَ بِهَا وَأَشْهَبُ يَقُولُ وَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا اهـ وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ مِنْ وَلَدِهِ وَلَا عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَخْذُ مِنْ زَكَاةِ الْغَيْرِ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِمَا ادَّعَاهُ عبق مِنْ جَوَازِ أَخْذِ الْأَبِ مِنْ زَكَاةِ وَلَدِهِ وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ فَقْرَ الْأَبِ لَهُ حَالَانِ الْأُولَى أَنْ يَضِيقَ حَالُهُ وَيَحْتَاجَ لَكِنْ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَهَذَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بَلْ تَبْقَى سَاقِطَةً عَنْ ابْنِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَدَّ ضِيقُ حَالِهِ وَيَصِيرَ فِي فَقْرِهِ إلَى الْغَايَةِ وَهَذَا يَجِبُ عَلَى ابْنِهِ أَنْ يُنْفِقَ وَلَا يَجُوزُ لِابْنِهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ زَكَاتَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ زَكَاتِهَا فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي ذَلِكَ فَحَمَلَهَا ابْنُ زَرْقُونٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْمَنْعِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُجْزِئُهَا وَحَمَلَهَا ابْنُ الْقَصَّارِ وَجَمَاعَةٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَكْسِهَا مَا لَمْ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ أَيْ اتِّفَاقًا وَمِثْلُ ذَلِكَ إعْطَاءُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ حَيْثُ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ لِيَدْفَعَهُ فَفِي دَيْنِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَيْضًا كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ) خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عَرَضًا (قَوْلُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَح نَقَلَهُ عَنْ النَّوَادِرِ وَقَالَ وَشَهَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَمْ يَجِدْ الْمَوَّاقُ فِي ذَلِكَ نَصًّا قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ وَهَذَا فِي إخْرَاجِهَا عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَمَّا إخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهَا بِأَنْ تُعْطَى عَنْ الْوَاجِبِ فِيهَا فِيمَا إذَا نَوَى بِهَا التِّجَارَةَ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْإِجْزَاءِ وَلَيْسَتْ مِنْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ اهـ بْن وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِنَقْدِيَّتِهَا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَقُولُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا عَنْهَا مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عَرَضًا (قَوْلُهُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِخْرَاجِ أَيْ مُتَلَبِّسًا ذَلِكَ الْإِخْرَاجُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ، وَأَمَّا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِقِيمَةِ السِّكَّةِ فَهِيَ بِمَعْنَى مَعَ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِخْرَاجٍ أَيْضًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْإِخْرَاجِ مُصَاحِبًا لِقِيمَةِ سِكَّةِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ زَمَنِ الْوُجُوبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ وَقْتُ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ إلَخْ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ سَاوَى الصَّرْفَ الشَّرْعِيَّ) أَيْ، وَهُوَ كُلُّ دِينَارٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ نَقَصَ أَوْ زَادَ وَيُسَمَّى هَذَا الصَّرْفُ أَيْضًا الصَّرْفُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ فِي التَّشْرِيعِ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ يُعْتَبَرُ صَرْفُ وَقْتِ الْخَرَاجِ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الصَّرْفِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الصَّرْفُ الشَّرْعِيُّ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ سَاوَى وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ سَاوَى الصَّرْفُ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ الصَّرْفَ وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ لَا بِأَنْ زَادَ عَنْهُ أَوْ نَقَصَ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ سِكَّةِ الدِّينَارِ إلَخْ) فَإِذَا كَانَ صَرْفُ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَصَرْفُ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ تِسْعَةً اُعْتُبِرَ فِي الْإِخْرَاجِ قِيمَةُ السِّكَّةِ فَيَخْرُجُ عَنْ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي الْأَرْبَعِينَ الْمَسْكُوكَةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ فَيَزِيدُهَا عَلَى وَزْنِ الدِّينَارِ) ؛ لِأَنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ الْمَسْكُوكِ أَزْيَدَ مِنْ صَرْفِهِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ) أَيْ وَإِلَى هَذَا الْفَرْعِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَكَذَا إنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ فِي نَوْعٍ أَيْ هَذَا إذَا أُخْرِجَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ مِنْ نَوْعِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فَفِي بِمَعْنَى مِنْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إخْرَاجِ قِيمَةِ السِّكَّةِ إذَا أُخْرِجَ مِنْ نَوْعِهِ غَيْرُ مَسْكُوكٍ مِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا أُخْرِجَ مِنْ نَوْعِهِ غَيْرُ مَسْكُوكٍ فَلَا يَدْفَعُ قِيمَةَ السِّكَّةِ بَلْ يُخْرِجُ وَزْنَ الْجُزْءِ الَّذِي يَجِبُ إخْرَاجُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بِقِيمَةِ السِّكَّةِ وَلَوْ مِنْ نَوْعِهِ أَنَّهُ

يَتَضَمَّنُ السِّكَّةَ فَلَوْ قَالَ وَبِقِيمَةِ السِّكَّةِ بِحَرْفِ الْعَطْفِ كَانَ أَبْيَنَ، وَأَمَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِثْقَالٌ غَيْرُ مَسْكُوكٍ كَمَنْ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ مِثْقَالًا مِنْ تِبْرٍ فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ مَسْكُوكًا فَالْمُعْتَبَرُ الْوَزْنُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ دِينَارًا وَزْنُهُ أَقَلُّ مِنْ الْمِثْقَالِ وَلِسِكَّتِهِ يُسَاوِي الْمِثْقَالَ قِيمَةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أَخْرَجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ مَسْكُوكًا أَوْ عَنْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ هُوَ الْمَسْكُوكُ اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ سِكَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَكْسَ فَالْمُعْتَبَرُ الْوَزْنُ مُرَاعَاةً لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ (لَا) بِقِيمَةِ (صِيَاغَةٍ فِيهِ) أَيْ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ فَلَا تَلْزَمُ قِيمَتُهَا كَذَهَبٍ مَصُوغٍ وَزْنُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَلِصِيَاغَتِهِ يُسَاوِي خَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْأَرْبَعِينَ وَيَلْغِي الزَّائِدَ (وَفِي) إلْغَاءِ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ النَّوْعِ كَإِخْرَاجِ وَرَقٍ عَنْ ذَهَبٍ مَصُوغٍ كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُ إلْغَائِهِ (أَنْ يَعْتَبِرَ) قِيمَتَهَا مَعَ الْوَزْنِ (تَرَدُّدٌ) وَأُخْرِجَ مِنْ الْجَوَازِ قَوْلُهُ (لَا) يَجُوزُ (كَسْرُ مَسْكُوكٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِيُخْرِجَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ (إلَّا) أَنْ يُكَسِّرَهُ (لِسَبْكٍ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ حُلِيًّا لِزَوْجَتِهِ أَوْ يُحَلِّيَ بِهِ مُصْحَفًا أَوْ سَيْفًا مِمَّا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ (وَوَجَبَ) عَلَى الْمُزَكِّي (نِيَّتُهَا) أَيْ نِيَّةُ الزَّكَاةِ عِنْدَ عَزْلِهَا أَوْ دَفْعِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا وَلَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهُ أَوْ عِلْمُهُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ بَلْ قَالَ اللَّقَانِيُّ: يُكْرَهُ إعْلَامُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ الْفَقِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالِاشْتِرَاطِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَلَوْ جَهْلًا أَوْ نَسِيَانَا لَمْ يُجْزِهِ (وَ) وَجَبَ (تَفْرِقَتُهَا) عَلَى الْفَوْرِ (بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ) ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي جُبِيَتْ مِنْهُ فِي حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ إنْ وُجِدَ بِهِ مُسْتَحِقٌّ وَفِي النَّقْدِ وَمِنْهُ عَرَضُ التِّجَارَةِ مَوْضِعُ الْمَالِكِ (أَوْ قُرْبِهِ) ، وَهُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ سَوَاءٌ وُجِدَ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ لَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ فِيهِ أَعْدَمَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، وَأَمَّا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلَا تُنْقَلُ إلَيْهِ (إلَّا) أَنْ تُنْقَلَ (لِأَعْدَمَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخْرَجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ يَعْنِي غَيَّرَ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَصَرْفُ إلَخْ أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ مَسْكُوكًا مِنْ نَوْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ أَيْ أَخْرَجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ مَسْكُوكًا أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ صَرْفَ الْوَقْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ يَتَضَمَّنُ السِّكَّةَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِقِيمَةِ السِّكَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِصَرْفِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ كَانَ أَبْيَنَ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ مُطْلَقًا فِيمَا إذَا أَخْرَجَ مَسْكُوكًا عَنْ مَسْكُوكٍ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ وَقَوْلُهُ وَبِقِيمَةِ السِّكَّةِ إلَخْ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ عَنْ مَسْكُوكٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ (قَوْله فَالْمُعْتَبَرُ الْوَزْنُ) أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ قِيمَةِ السِّكَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ السِّكَّةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَتْ فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ لَا فِي الْمُخْرَجِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمَسْكُوكُ) أَيْ وَالْمُخْرَجُ غَيْرُ مَسْكُوكٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَكْسُ) أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَ الْمَسْكُوكَ عَنْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ (قَوْلُهُ كَإِخْرَاجِ وَرَقٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ ذَهَبٌ مَصْنُوعٌ وَزْنُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَلِصِيَاغَتِهِ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ وَرَقًا فَهَلْ يُخْرِجُ مِنْ الْوَرَقِ عَنْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا أَوْ خَمْسِينَ؟ تَرَدُّدٌ أَيْ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي عِمْرَانَ فَابْنُ الْكَاتِبِ يَقُولُ تُلْغَى قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَنْ الزِّنَةِ وَأَبُو عِمْرَانَ يَقُولُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَا نَوْعُ الْمُخْرَجِ وَالْمُخْرَجِ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ فَيُزَكِّي عَنْ الزِّنَةِ وَقِيمَةِ الصِّيَاغَةِ (قَوْلُهُ لِيُخْرِجَ قَدْرَ إلَخْ) الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ لِيُخْرِجَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا لِسَبْكٍ) أَيْ إلَّا لِقَصْدِ سَبْكٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ سَبْكٌ بِالْفِعْلِ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَنْتَفِي إلَّا إذَا حَصَلَ سَبْكٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ عَلَى الْمُزَكِّي) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ نِيَّتُهَا بِأَنْ يَنْوِيَ أَدَاءَ مَا وَجَبَ فِي مَالِهِ أَوْ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ وَلَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ أَوْ مَالَ مَحْجُورِهِ أَجْزَأَهُ كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَالنِّيَّةُ الْحَكِيمَةُ كَافِيَةٌ فَإِذَا عَدَّ دَرَاهِمَهُ وَأَخْرَجَ مَا يَجِبُ فِيهَا وَلَمْ يُلَاحِظْ أَنَّ هَذَا الْمُخْرَجَ زَكَاةٌ لَكِنْ لَوْ سُئِلَ مَا يَفْعَلُ لَأَجَابَ أَنَّ هَذَا زَكَاةُ مَالٍ أَجْزَأَهُ إنْ قُلْت إذَا كَانَتْ النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ كَافِيَةً فَمَا الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَوَجَبَ نِيَّتُهَا قُلْت الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ مَا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ يُعْطِي زَيْدًا كُلَّ سَنَةٍ دِينَارًا مَثَلًا فَلَمَّا أَعْطَاهُ لَهُ نَوَى بَعْدَ الدَّفْعِ الزَّكَاةَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عِنْدَ عَزْلِهَا أَوْ دَفْعِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا) هَكَذَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا نَوَى عِنْدَ عَزْلِهَا كَفَاهُ عَنْ النِّيَّةِ عِنْدَ دَفْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ عَزْلِهَا وَجَبَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ دَفْعِهَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الْمَدْفُوعِ لَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَدْفُوعِ لَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ لَا مِنْ الْمُزَكِّي وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) أَيْ لَا عِنْدَ عَزْلِهَا وَلَا عِنْدَ دَفْعِهَا وَإِنَّمَا نَوَى بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُمَا لَمْ تُجْزِهِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَوَى رَبُّ مَالٍ بِمَا يُسْرَقُ مِنْهُ الزَّكَاةَ لَمْ تُفِدْهُ هَذِهِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَنْ تَكُونَ عِنْدَ عَزْلِهَا أَوْ دَفْعِهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْفَوْرِ) ، وَأَمَّا بَقَاؤُهَا عِنْدَهُ وَكُلُّ مَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ يُعْطِيهِ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَدَوِيُّ (قَوْلُهُ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ) أَيْ وَلَوْ لِمُسَافِرٍ لَهَا وَلَيْسَ انْتِقَالُهُ لَهَا كَنَقْلِهَا لَهُ عَلَى أَظْهَرِ الطُّرُقِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ فِي حَرْثٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ بِهِ مُسْتَحِقٌّ) وَإِلَّا نُقِلَتْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَفِي النَّقْدِ) أَيْ وَبِالنِّسْبَةِ لِلنَّقْدِ (قَوْلُهُ مَوْضِعَ الْمَالِكِ) وَقِيلَ بِمَوْضِعِ الْمَالِ وَنَصَّ ابْنُ شَاسٍ وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ مَكَانُ الْمَالِ وَقْتَ تَمَامِ الْحُلُولِ أَوْ مَكَانُ الْمَالِكِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ فِيهِ) أَيْ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَعْدَمَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَلَا تُنْقَلُ إلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ

(فَأَكْثَرُهَا) يُنْقَلُ (لَهُ) وُجُوبًا وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَإِنْ نَقَلَهَا كُلَّهَا لَهُ أَوْ فَرَّقَ الْكُلَّ مَوْضِعَ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ فِيهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَمَفْهُومُ أَعْدَمَ مِنْ مُسَاوٍ أَوْ دُونَ فِي الْعَدَمِ سَيَأْتِي وَتُنْقَلُ (بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) فِي حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ إنْ كَانَ فَيْءٌ وَأَمْكَنَ الْأَخْذُ مِنْهُ (وَإِلَّا بِيعَتْ) هُنَا (وَاشْتَرَى مِثْلَهَا) هُنَاكَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَرَّقَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمْ كَالْعَيْنِ (كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ) بِبَلَدِهِ الزَّكَاةَ فَتُنْقَلُ كُلُّهَا بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِثْلَهَا وَقَدَّمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْإِمَامُ وَالْمُزَكِّي بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ قُدِّمَ الْمَالُ وُجُوبًا قَبْلَ الْحَوْلِ (لِيَصِلَ) لِمَوْضِعِ التَّفْرِقَةِ (عِنْدَ الْحُلُولِ) فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ لَا سَاعِيَ لَهَا وَإِلَّا فَحَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي كَمَا مَرَّ (وَإِنْ قَدَّمَ) أَيْ أَخْرَجَ (مُعَشَّرًا) أَيْ زَكَاةَ مَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفَهُ كَحَبٍّ وَتَمْرٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ بِأَنْ قَدَّمَ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِهِ إذْ الْفَرْضُ عَدَمُ طِيبِهِ وَإِفْرَاكِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَدَّمَ نَقْلَهُ لِبَلَدٍ يَصِلُ عِنْدَ الْحَوْلِ لَمْ يُجْزِهِ (أَوْ) زَكَّى (دَيْنًا) حَالَ حَوْلُهُ (أَوْ عَرَضًا) مُحْتَكَرًا بَعْدَ الْحُلُولِ وَبَيْعُهُ (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَقَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ عَرَضَ الِاحْتِكَارِ فَأَوْلَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَمِثْلُ الْمُحْتَكَرِ دَيْنُ الْمُدَبَّرِ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، وَأَمَّا عَلَى مَلِيءٍ مِنْ بَيْعٍ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ إلَّا لِأَعْدَمَ يُفِيدُ مَنْعَ نَقْلِهَا لِلْمُسَاوِي فِي الْحَاجَةِ وَالْأَدْوَنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَنْعِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لِحُكْمِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ نُقِلَتْ) الزَّكَاةُ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ (لِدُونِهِمْ) فِي الِاحْتِيَاجِ لَمْ يُجْزِهِ، وَأَمَّا لِمِثْلِهِمْ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِي فَقَوْلُهُ لِأَعْدَمَ لَهُ مَفْهُومَانِ نَقَلَهَا لِدُونٍ وَلِمِثْلٍ، وَأَمَّا نَقْلُهَا لِمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا فِي حُكْمِ مَا فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ (أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ) فِي الْوَاقِعِ كَغَنِيٍّ وَذِي رِقٍّ وَكَافِرٍ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ (وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا) مِنْهُ لَمْ تُجْزِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهَا أَخَذَهَا أَوْ أَخَذَ عِوَضَهَا مِنْهُ إنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِهِ وَغَرَّهُ لَا إنْ لَمْ يُغْرِهِ (إلَّا الْإِمَامُ) يَدْفَعُهَا بِاجْتِهَادٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَهَا غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ فَتُجْزِئُ؛ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ حُكْمٌ لَا يُتَعَقَّبُ وَظَاهِرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا لِأَعْدَمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا لَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ فَأَكْثَرُهَا يُنْقَلُ لَهُ وُجُوبًا) الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ الْعَجْمَاوِيُّ مِنْ أَنَّ النَّقْلَ مَنْدُوبٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ إيثَارَ الْمُضْطَرِّ مَنْدُوبٌ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَلَهَا كُلَّهَا لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَعْدَمِ الَّذِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ (قَوْلُهُ وَتُنْقَلُ بِأُجْرَةٍ إلَخْ) أَيْ وَتُنْقَلُ لِلْأَعْدَمِ الَّذِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ، وَأَمَّا نَقْلُهَا لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ مَحَلِّ الْوُجُوبِ فَهِيَ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) أَيْ لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ عِنْدَ مُخْرِجِهَا (قَوْلُهُ مِثْلَهَا) أَيْ فِي الْجِنْسِيَّةِ لَا فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُ هُنَاكَ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالْعَيْنِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَتْ عَيْنًا فَإِنَّهَا تُفَرَّقُ عَلَيْهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُخْرِجِ إذَا ضَاعَ الثَّمَنُ أَوْ الْعَيْنُ الْمَنْقُولَةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَوْ تَلِفَتْ الزَّكَاةُ الَّتِي نَقَلَهَا بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ فَإِنَّهَا تُنْقَلُ كُلُّهَا وُجُوبًا لِمَحَلٍّ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ وَلَوْ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ تَعَيَّنَ تَفْرِقَتُهَا فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِمْ أَعْدَمَ فَيُنْدَبُ نَقْلُ أَكْثَرِهَا لَهُمْ فَإِنْ نَقَلَهَا كُلَّهَا أَوْ فَرَّقَهَا كُلَّهَا بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ إلَخْ) هَذَا تَقْدِيمُ نَقْلٍ أَيْ نَقْلِ الْمُزَكِّي الْمَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ لِمَحَلِّ التَّفْرِقَةِ لِيَصِلَ لِمَوْضِعِ التَّفْرِقَةِ عِنْدَ الْحَوْلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الْبَاجِيَّ: لَا يَنْقُلُ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْلُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَدَّمَ مَعْشَرًا) هَذَا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ أَيْ وَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَا فِيهِ الْعُشْرُ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَدَّمَ نَقْلَهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ تَقْدِيمُ النَّقْلِ عَلَى الْوُجُوبِ هُنَا إذْ لَا يَتَأَتَّى نَقْلُهُ قَبْلَ الْإِفْرَاكِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ تَقْدِيمُ نَقْلٍ وَالْمُتَعَلِّقُ بِالْحَرْثِ تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ عَمَّا لَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا كَامِلًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهَذَا جَوَابُ قَوْلِهِ، وَإِنْ قَدَّمَ (قَوْلُهُ حَالَ حَوْلِهِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ أَوْ زَكَّاهُ (قَوْلُهُ أَوْ عَرَضًا) أَيْ أَوْ زَكَّى ثَمَنَ عَرَضٍ مُحْتَكَرٍ بَعْدَ حَوْلٍ وَبَعْدَ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ عَرَضَ الِاحْتِكَارِ) أَيْ وَزَكَّى قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ دَيْنُ الْمُدَبَّرِ) أَيْ الْكَائِنُ لِلتِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مَلِيءٍ وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَبَّرِ لَا يُزَكِّي دَيْنَ الْقَرْضِ مُطْلَقًا وَلَا دَيْنَ التِّجَارَةِ عَلَى الْمُعْدِمِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ لِعَامٍ مَضَى فَإِذَا زَكَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ زَكَاتِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ عَلَى مُعْسِرٍ) أَيْ إذَا زَكَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ زَكَاتِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا عَلَى مَلِيءٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَرْجُوٌّ (قَوْلُهُ أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ فِي الِاحْتِيَاجِ لَمْ يُجْزِهِ) اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِجْزَاءُ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْكَافِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُخْرَجْ عَنْ مَصَارِفِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ أَخَذَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (قَوْلُهُ بِغَيْرِ سَمَاوِيٍّ) أَيْ بَلْ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ سَوَاءٌ غَرَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَغَرَّهُ) أَيْ وَغَرَّ الْآخِذُ الدَّافِعَ بِأَنْ أَظْهَرَ لَهُ الْفَقْرَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يُغْرِهِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهَا وَيَغْرَمُهَا رَبُّهَا

وَلَوْ أَمْكَنَ رَدَّهَا وَالْوَصِيَّ وَمُقَدَّمَ الْقَاضِي تُجْزِئُ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَأَقْسَامُ الدَّافِعِ ثَلَاثَةٌ رَبُّهَا لَا تُجْزِي مُطْلَقًا وَالْإِمَامُ تُجْزِي مُطْلَقًا وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ تُجْزِي إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا (أَوْ طَاعَ) رَبُّهَا (بِدَفْعِهِمَا لَجَائِرٍ) مَعْرُوفٍ بِالْجَوْرِ (فِي صَرْفِهَا) وَجَارٍ بِالْفِعْلِ لَمْ تُجْزِهِ وَالْوَاجِبُ جَحْدُهَا وَالْهَرَبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يَجُرْ بِأَنْ دَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا أَجْزَأَتْ (أَوْ) طَاعَ (بِقِيمَةٍ) كَعَرُوضٍ دَفَعَهَا عَنْ عَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ (لَمْ تُجْزِ) جَوَابُ الشَّرْطِ فِي الْمَسَائِلِ السَّبْعِ وَالْحَاصِل فِي إخْرَاج الْقِيمَة أَنْ أَخْرُج الْعَيْن عَنْ الْحَرْث وَالْمَاشِيَة يُجَزِّئ مَعَ الْكَرَاهَة، وَأَمَّا إخْرَاج الْعَرْض عَنْهُمَا أَوْ عَنْ الْعَيْن لَمْ يَجُزْ كَإِخْرَاجِ الْحَرْث أَوْ الْمَاشِيَة عَنْ الْعَيْن أَوْ الْحَرْث عَنْ الْمَاشِيَة أَوْ عَكَسَهُ فَهَذِهِ تِسْعٌ الْمُجْزِي مِنْهَا اثْنَتَانِ (لَا إنْ أُكْرِهَ) عَلَى دَفْعِهَا أَوْ دَفَعَ قِيمَتَهَا لِجَائِرٍ فَتُجْزِي فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرَتَيْنِ (أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ) فِي الْحَاجَةِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَتُجْزِي وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ كَمَا مَرَّ (أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ) قَبْلَ الْحَوْلِ الصَّوَابُ حَذْفُ الْكَافِ إذْ لَا تُجْزِي فِي أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فِي) زَكَاةِ (عَيْنٍ) وَمِنْهَا عَرَضُ الْمُدَبَّرِ أَوْ دَيْنُهُ الْمَرْجُوُّ مِنْ بَيْعٍ (وَمَاشِيَةٍ) لَا سَاعِيَ لَهَا فَتُجْزِئُ مَعَ كَرَاهَةِ التَّقْدِيمِ بِخِلَافِ مَا لَهَا سَاعٍ فَكَالْحَرْثِ لَا تُجْزِئُ (فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ) عَلَى الْحَوْلِ مِنْ عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ تَقْدِيمًا لَا يَجُوزُ بِأَنْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ بِأَنْ ضَاعَ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الرَّسُولِ (فَعَنْ الْبَاقِي) يُخْرِجُ إنْ كَانَ فِيهِ النِّصَابُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا فِي التَّقْدِيمِ الْجَائِزِ كَنَقْلِهَا لِلْأَعْدَمِ لِتَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ فَيَكْفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْفُقَرَاءِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا تَلِفَتْ عِنْدَ الْآخِذِ بِسَمَاوِيٍّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْكَنَ رَدُّهَا) فِيهِ نَظَرٌ فَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمَا مَا يُفِيدُ أَنَّهَا تُنْزَعُ مِنْ يَدِ مَنْ دَفَعَ لَهُ الْحَاكِمُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ إنْ أَمْكَنَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ كَيْفَ تَكُونُ الزَّكَاةُ بِيَدِ الْأَغْنِيَاءِ وَلَا تُنْزَعُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِهِ التَّعَذُّرُ اهـ بْن فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ كَالْوَصِيِّ وَمُقَدَّمِ الْقَاضِي وَأَنَّ أَقْسَامَ الدَّافِعِ اثْنَانِ لَا ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا) أَيْ لِإِمَامٍ جَائِرٍ فِي صَرْفِهَا بِأَنْ يَصْرِفَهَا فِي غَيْرِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ (قَوْلُهُ وَأَطَاعَ بِقِيمَةٍ) أَيْ بِدَفْعِ قِيمَةٍ لَمْ تُجِزْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ بَشِيرٍ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ الْمَشْهُورُ فِي إعْطَاءِ الْقِيمَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْطَى عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اشْتِرَاءُ صَدَقَتِهِ اهـ فَجَعَلَهُ مِنْ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الْبَاجِيَّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِقِيمَةٍ لَمْ يُجِزْ خِلَافَ مَا اعْتَمَدَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الرَّاجِحُ وَيَدُلُّ لَهُ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ الْإِجْزَاءُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَتَصْوِيبُ ابْنِ يُونُسَ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ، وَأَمَّا تَفْصِيلُ عج، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ شَارِحُنَا لَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ اهـ بْن أَيْ بَلْ الْمَوْجُودُ فِي الْمَذْهَبِ الطَّرِيقَتَانِ السَّابِقَتَانِ عَدَمُ إجْزَاءِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَإِجْزَاؤُهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهَا أَوْ دَفْعِ قِيمَتَهَا) أَيْ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَلَوْ أَخَذَهَا الْجَائِرُ لِنَفْسِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ إنَّهُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَإِنْ كَانَ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُخَالِفُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَخَذَهَا بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُرْزُلِيُّ وَزَرُّوقٌ وَغَيْرُهُمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ أَوْ بِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ، وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ حَدُّ الْيَسِيرِ الَّذِي يُغْتَفَرُ فِيهِ التَّقْدِيمُ الشَّهْرَانِ وَنَحْوُهُمَا وَقِيلَ يَوْمٌ وَيَوْمَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَقِيلَ عَشَرَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ أَيْ فَتُجْزِي مَعَ كَرَاهَةِ التَّقْدِيمِ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّقْدِيمُ لِأَرْبَابِهَا أَوْ لِوَكِيلٍ يُوَصِّلُهَا لَهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْعٍ) ، وَأَمَّا مِنْ قَرْضٍ إذَا زَكَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُجْزِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ زَكَاتِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَمِثْلُهُ دَيْنُ الْمُحْتَكِرِ الْقَرْضَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَالِهَا فَكَالْحَرْثِ لَا تُجْزِي) أَيْ إذَا قَدَّمَ إخْرَاجَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ لِغَيْرِ السَّاعِي، وَأَمَّا إذَا دُفِعَتْ لِلسَّاعِي قَبْلَ الْحُلُولِ بِكَشَهْرٍ فَإِنَّهَا تُجْزِي كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ح عَنْ الطِّرَازِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدِّمُ فَقَالَ إنَّ الْمَاشِيَةَ إذَا كَانَ لَهَا سَاعٍ وَدُفِعَتْ لَهُ قَبْلَ الْحُلُولِ بِكَشَهْرٍ فَإِنَّهَا تُجْزِي اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ) الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مَا يَشْمَلُ الْكَرَاهَةَ وَالْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّهَا إنْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ كُرِهَ بِأَكْثَرَ حَرُمَ (قَوْلُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِضَاعَ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الرَّسُولِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا التَّفْوِيضُ فِي الْوَكِيلِ دُونَ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ الْجَائِزِ) الْأَوْلَى الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّ نَقْلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ لِلْأَعْدَمِ لِتَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ وَاجِبٌ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْجَائِزِ مَا قَابَلَ الْمَمْنُوعَ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ كَمَا مَثَّلَ وَالْجَائِزَ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا عَجَّلَ الزَّكَاةَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَضَاعَ مَا عَجَّلَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّهَا تُجْزِيهِ وَلَا يَضْمَنُهَا وَذَكَرَ فِي الطِّرَازِ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ قَالَ؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ فِي حُكْمِ وَقْتِ وُجُوبِهَا خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اُنْظُرْ بْن

وَلَا يُخْرِجُ عَنْ الْبَاقِي، وَأَمَّا قَوْلُهُ الْآتِي كَعَزْلِهَا فَضَاعَتْ فَفِيمَا ضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلِ (وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ) بِلَا تَفْرِيطٍ بَعْدَ الْحَوْلِ وَأَوْلَى جَمِيعُهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ) مِنْهُ إمَّا لِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ أَوْ لِعَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ لِغَيْبَةِ الْمَالِ (سَقَطَتْ) الزَّكَاةُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْأَدَاءُ وَفَرَّطَ ضَمِنَ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَيُعْتَبَرُ الْبَاقِي بِلَا تَفْصِيلٍ وَمِنْهُ مَا قَبْلَ هَذِهِ (كَعَزْلِهَا) بَعْدَ الْحَوْلِ لِمُسْتَحِقِّهِمَا فَضَاعَتْ أَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَا إمْكَانِ أَدَاءً سَقَطَتْ فَإِنْ وَجَدَهَا لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ (فَضَاعَتْ) ضَمِنَ أَيْ يَعْتَبِرُ مَا بَقِيَ (لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا) بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَا تَسْقُطُ وَيُعْطِيهَا لِمُسْتَحِقِّهَا فَرَّطَ أَمْ لَا ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ فَقَالَ (وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (عَنْ الْحَوْلِ) أَيَّامًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ لَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا (أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ) أَيْ زَكَاةَ حَرْثِهِ بَيْتَهُ فِي جُمْلَةِ زَرْعِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا (مُفَرِّطًا) فِي دَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ إدْخَالِهِ أَوْ لَا يُمْكِنُهُ وَفَرَّطَ فِي حِفْظِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَاعَ فِي الْجَرِينِ (لَا) إنْ أَدْخَلَهُ (مُحْصَنًا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ وَتَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُدْخِلْهُ مُفَرِّطًا لَا مُحْصِنًا أَيْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ فِي إدْخَالِهِ بَيْتَهُ وَادَّعَى التَّحْصِينَ (فَتَرَدُّدٌ) هَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَوْ لَا (وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيْتِ) عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ فِي قَوْلِهِ ثَمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا وَصِيُّهُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ (وَ) أُخِذَتْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَائِهَا (كُرْهًا) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا (وَإِنْ بِقِتَالٍ) وَأَجْزَأَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ الْمُسْتَحِقُّ بِقَدْرِهَا فَلَا يَكْفِي لِعَدَمِ النِّيَّةِ (وَأُدِّبَ) الْمُمْتَنِعُ (وَدُفِعَتْ) وُجُوبًا (لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) فِي صَرْفِهَا وَأَخْذِهَا، وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي غَيْرِهِمَا إنْ كَانَتْ مَاشِيَةً أَوْ حَرْثًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (عَيْنًا) فَإِنْ طَلَبَهَا الْعَدْلُ فَادَّعَى إخْرَاجَهَا لَمْ يُصَدَّقْ (وَإِنْ غُرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةٍ) فَدُفِعَتْ لَهُ فَظَهَرَ رِقُّهُ (فَجِنَايَةٌ) فِي رَقَبَتِهِ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا يُخْرِجُ عَنْ الْبَاقِي) أَيْ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَكَمَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ) أَيْ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَيْ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ خُوطِبَ بِهَا (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ الْبَاقِي بِلَا تَفْصِيلٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَسَوَاءٌ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ أَمْكَنَ الْأَدَاءُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا قَبْلَ هَذِهِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ فَعَنْ الْبَاقِي وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا قَبْلَ هَذِهِ الَّتِي نَظَرَ فِيهَا لِمَا بَقِيَ فِيمَا إذَا تَلِفَ جُزْءُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ بَعْدَ عَزْلِهَا، وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ تَلِفَ النِّصَابُ أَوْ جُزْؤُهُ قَبْلَ عَزْلِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ حِينَ وَجَدَهَا فَقِيرًا مَدِينًا (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ) أَيْ بِكَشَهْرٍ وَاسْتَمَرَّتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْوَكِيلِ أَوْ الرَّسُولِ الَّذِي يُوَصِّلُهَا فَضَاعَتْ (قَوْلُهُ لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا بَعْدَ الْحَوْلِ) أَيْ دُونَهَا وَذَلِكَ بِأَنْ عَزَلَ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ الَّذِي هُوَ أَصْلُهَا دُونَ الزَّكَاةِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَهَا قَبْلَهُ فَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ أَصْلُهَا قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا) أَيْ أَخَّرَ إخْرَاجَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَأَخَّرَ إخْرَاجَهَا عَنْ الْحَوْلِ أَيَّامًا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِخْرَاجِ فَتَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جُزْءَ الزَّكَاةِ لِتَفْرِيطِهِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَ إخْرَاجَهَا عَنْ الْحَوْلِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِخْرَاجِ حَتَّى تَلِفَ الْمَالُ أَوْ بَعْضُهُ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي حِفْظِ الْمَالِ وَإِلَّا ضَمِنَ جُزْءَ الزَّكَاةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا الْأَوْلَى فِي حِفْظِهِ أَيْ الْمَالِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْأَدَاءُ) أَيْ ثُمَّ ضَاعَ ذَلِكَ الْعُشْرُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ زَرْعِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُمْكِنُهُ وَفَرَّطَ فِي حِفْظِهِ) أَيْ حَتَّى ضَاعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَقِيَّةِ الزَّرْعِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُفْرِطًا أَيْ مَنْسُوبًا لِلتَّفْرِيطِ فَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا عَنْ الْحَوْلِ كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَاعَ فِي الْجَرِينِ) أَيْ وَحْدَهُ لِكَوْنِهِ كَانَ مَعْزُولًا أَوْ ضَاعَ مَعَ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْ إخْرَاجَهُ مَعَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ لَا مُحْصَنًا) أَيْ لَا إنْ أَدْخَلَهُ مُحْصِنًا لَهُ حَتَّى يُفَرِّقَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّحْصِينَ هُوَ الْغَالِبُ فِي إدْخَالِ الْبَيْتِ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الضَّمَانِ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ انْتَفَتْ الْقَرَائِنُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّفْرِيطِ وَالتَّحْصِينِ فَلَا يُعْلَمُ كَوْنُ الْإِدْخَالِ لِلتَّحْصِينِ أَوْ لِغَيْرِهِ إلَّا مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تَخْرُجُ تَارَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَتَارَةً مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا فَمِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَأُخِذَتْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ) أَيْ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَكَانَ مَعْرُوفًا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالُهُ فَإِنْ ظَهَرَ بَعْضٌ وَاتُّهِمَ فِي إخْفَاءِ غَيْرِهِ فَقَالَ مَالِكٌ يُصَدَّقُ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَخْفَى، وَإِنْ اُتُّهِمَ وَأَخْطَأَ مَنْ يُحَلِّفُ النَّاسَ (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا) وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاهٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِقِتَالٍ) أَيْ وَلَا يَقْصِدُ قَتْلَهُ فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ قَتَلَ أَحَدًا قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدٌ كَانَ هَدْرًا (قَوْلُهُ وَأَجْزَأَتْ نِيَّةُ الْإِمَامِ) أَيْ الْآخِذِ لَهَا كُرْهًا (قَوْلُهُ وَأُدِّبَ الْمُمْتَنِعُ) أَيْ مِنْ أَدَائِهَا بَعْدَ أَخْذِهَا مِنْهُ كُرْهًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ وَإِلَّا كَفَى فِي الْأَدَبِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ أُدِّبَ بِأَوْ كَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي غَيْرِهِمَا)

[زكاة الأبدان وهي زكاة الفطر]

(عَلَى الْأَرْجَحِ) فَيُخَيِّرُ سَيِّدَهُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ فَيُبَاعُ فِيهَا وَقِيلَ بِذِمَّتِهِ يَتْبَعُ بِهَا إنْ عَتَقَ يَوْمًا مَا (وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ) مِنْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا (وَمَا غَابَ) عَنْهُ إذَا كَانَ الْجَمِيعُ نِصَابًا فَأَكْثَرَ بِشَرْطَيْنِ فِي الْغَائِبِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (مُخْرَجٌ) عَنْهُ بِتَوْكِيلٍ أَوْ يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ بِبَلَدِهِ وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَلَا ضَرُورَةَ) عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ وَنَحْوِهَا فِيمَا يُخْرِجُهُ مِمَّا مَعَهُ عَنْ الْغَائِبِ فَإِنْ اضْطَرَّ أَيْ احْتَاجَ آخِرَ الْإِخْرَاجِ لِبَلَدِهِ فَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ مَا يَشْمَلُ الْحَاجَةَ لِمَا يُنْفِقُهُ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْحَالِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى زَكَاةِ الْأَمْوَالِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) (يَجِبُ) وُجُوبًا (ثَابِتًا) (بِالسُّنَّةِ) فَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ» وَحَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى التَّقْدِيرِ بَعِيدٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَادِيًا يُنَادِي فِي فِجَاجِ الْمَدِينَةِ أَلَا إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (صَاعٌ) أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ كُلُّ مُدٍّ رِطْلٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقَدْ حُرِّرَ الصَّاعُ فَوُجِدَ أَرْبَعَ حَفَنَاتٍ مُتَوَسِّطَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّفْعَ لَهُ حَيْثُ جَازَ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ وَالْأَخْذِ وَاجِبٌ كَدَفْعِهَا لِلْعَدْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي ح وَالتَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقُ أَنَّ هَذَا تَرْجِيحٌ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ الْأَوْلَى لَوْ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ ثُمَّ رَأَيْت لَفْظَ ابْنِ يُونُسَ وَنَصُّهُ قِيلَ فَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ فَقَالَ إنِّي حُرٌّ فَأَعْطَاهُ مِنْ زَكَاتِهِ فَأَفَاتَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ نَظَرٌ هَلْ يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ أَوْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُتَطَوِّعٌ بِالدَّفْعِ ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ جِنَايَةٌ إلَخْ وَبِهَذَا يَظْهَرُ صِحَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالِاسْمِ دُونَ الْفِعْلِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ مُسَافِرٌ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ الْحَاضِرُ يُزَكِّي مَا مَعَهُ وَمَا غَابَ عَنْهُ كَذَا فِي خش وعبق وَأَصْلُهُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ فِي الْغَائِبِ فَقَطْ فَلَا يُؤَخِّرُ الْحَاضِرُ زَكَاةَ مَا غَابَ عَنْهُ مِنْ الْمَالِ لِضَرُورَةِ إنْفَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لَهُمَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاضِرَ يُزَكِّي مَا حَضَرَ وَمَا غَابَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ مُطْلَقًا وَلَوْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِصَرْفِ مَا حَضَرَ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيهِمَا إلَّا بِشَرْطَيْنِ (قَوْلُهُ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ) هَذَا شَامِلٌ لِلْمَاشِيَةِ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سَاعٍ أَمَّا إنْ كَانَ لَهَا سَاعٍ فَإِنَّهَا تُزَكَّى فِي مَحَلِّهَا فَلَا يَشْمَلُهَا كَلَامُهُ اهـ بْن وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُزَكِّي مَا غَابَ عَنْهُ وَلَا يُؤَخِّرُ زَكَاتَهُ حَتَّى يَرْجِعَ لَهُ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَقَالَ أَيْضًا إنَّهُ يُؤَخِّرُ زَكَاتَهُ مُطْلَقًا اعْتِبَارًا بِمَوَاضِعِ الْمَالِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ مَوْضِعِ الْمَالِ أَوْ الْمَالِكِ لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ بِبَلَدِ سُلْطَانٍ وَمَالُهُ بِبَلَدِ سُلْطَانٍ آخَرَ وَاَلَّذِي فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَالَهُ لِمَنْ مَاتَ بِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ فِي الْغَائِبِ) أَيْ، وَأَمَّا مَا مَعَهُ فَيُزَكِّيهِ بِكُلِّ حَالٍ اتِّفَاقًا لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ مَعَ رَبِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَأْخُذُهَا) بِالْجَزْمِ عَطْفًا عَلَى يَكُنْ أَيْ وَلَمْ يَأْخُذْهَا الْإِمَامُ الَّذِي فِي بَلَدِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَلَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْ الْغَائِبِ مِمَّا مَعَهُ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ الضَّرَرِ وَالِاحْتِيَاجِ بِوُجُودِ مُسَلِّفٍ (قَوْلُهُ أَيْ احْتَاجَ) أَيْ لِمَا يُخْرِجُهُ زَكَاةً عَنْ الْغَائِبِ فِي نَفَقَةٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أُخِّرَ الْإِخْرَاجُ أَيْ عَنْ ذَلِكَ الْغَائِبِ عَنْهُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ إخْرَاجِ الْمُسَافِرِ عَمَّا غَابَ عَنْهُ إنْ لَمْ تَدْعُهُ الضَّرُورَةُ لِعَدَمِ إخْرَاجِهِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا لِمَا يُخْرِجُهُ زَكَاةً عَنْهُ وَلَوْ لِمَا يُوَصِّلُهُ فِي عَوْدِهِ لِوَطَنِهِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ عَمَّا مَعَهُ وَلَا يُخْرِجُ عَمَّا غَابَ عَنْهُ وَيُؤَخِّرُ الْإِخْرَاجَ عَنْهُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ [زَكَاةِ الْأَبْدَانِ وَهِيَ زَكَاةُ الْفِطْرِ] (فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ) (قَوْلُهُ زَكَاةِ الْأَبَدَانِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرِ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ الْفِطْرَةُ بِمَعْنَى الْخِلْقَةِ وَبِهِ قِيلَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُقَابِلُ لِلصَّوْمِ لِوُجُوبِهَا عِنْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَاخْتُلِفَ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْفِطْرُ الْجَائِزُ أَوْ الْوَاجِبُ فَلِذَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ (قَوْلُهُ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ) أَيْ لَا بِالْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ آيَاتِ الزَّكَاةِ الْعَامَّةِ السَّابِقَةِ عَلَيْهَا فَعُلِمَ أَنَّهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ مِنْهَا أَوْ أَنَّهَا غَيْرُ صَرِيحَةٍ فِي وُجُوبِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ وُجُوبَهَا ثَبَتَ بِعُمُومِ {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] الْآيَةَ (قَوْلُهُ فِي رَمَضَانَ) أَيْ الْكَائِنِ فِي رَمَضَانَ أَيْ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ الْفَرْضُ عَلَى التَّقْدِيرِ) كَمَا هُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ سُنَّةً وَقَوْلُهُ بَعِيدٌ أَيْ؛ لِأَنَّ فَرْضَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ بِمَعْنَى قَدْرٌ لِكُلِّ نَقْلٍ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ إلَى الْوُجُوبِ فَيَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي فِجَاجِ الْمَدِينَةِ) أَيْ فِي طُرُقِهَا وَالصَّوَابُ فِي فِجَاجِ مَكَّةَ كَمَا فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَلَا يُقَالُ إنَّ فَرْضَهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَمَكَّةُ حِينَئِذٍ دَارُ حَرْبٍ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى فِيهَا النِّدَاءُ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَعْثُ الْمُنَادِي يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَنَةَ فَتْحِهَا، وَهُوَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَنَةَ حَجِّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ، وَهُوَ سَنَةَ تِسْعٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَنَةَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ سَنَةُ عَشْرٍ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ بَعْثُ الْمُنَادِي عَقِبَ الْقَرْضِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ التِّرْمِذِيُّ بَعَثَ حِينَ فُرِضَتْ وَكَوْنُ الْبَعْثِ عَامَ الْفَتْحِ هُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُبَادَرَةُ بِإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ فِي الْبَلَدِ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا وَلَا مُوجَبَ لِلتَّأْخِيرِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ وَقَدْ حُرِّرَ الصَّاعُ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَقَوْلُهُ فَوُجِدَ أَرْبَعَ حَفَنَاتٍ إلَخْ

[جنس الصاع في زكاة الفطر]

وَذَلِكَ قَدَحٌ وَثُلُثٌ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ (أَوْ جُزْؤُهُ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّاعِ أَوْ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ مُبَعَّضٍ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُخْرَجِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ قَوْلَ صَاعٍ مَعْنَاهُ إخْرَاجُ صَاعٍ (فَضَلَ) أَيْ الصَّاعُ أَوْ جُزْؤُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ) اللَّازِمِ لَهُ وَلَوْ خَشِيَ الْجُوعَ بَعْدَهُ وَهُمْ مَنْ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُمَوِّنُهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقِّ زَوْجِيَّةٍ (وَإِنْ) قَدَرَ عَلَيْهِ (بِتَسَلُّفٍ) يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَى وَفَائِهِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ وَأُخِذَ مِنْهُ عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ تَسَلُّفُهَا فَالدَّيْنُ السَّابِقُ عَلَيْهَا أَوْلَى أَنْ لَا يُسْقِطَهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ (وَهَلْ) تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) ، وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا يَمْتَدُّ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ بِفَجْرِهِ) أَيْ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ (خِلَافٌ) وَلَا يَمْتَدُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَمَنْ وُلِدَ أَوْ اُشْتُرِيَ أَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَمَاتَ أَوْ بِيعَ أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ تَجِبْ وَلَوْ وُلِدَ أَوْ اُشْتُرِيَ أَوْ تُزُوِّجَتْ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَحَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ حَصَلَ مَا ذَكَرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَاسْتَمَرَّ لِلْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ ثُمَّ بَيَّنَ جِنْسَ الصَّاعِ بِقَوْلِهِ (مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ) بِالْبَلَدِ (مِنْ مُعَشَّرٍ) ، وَهُوَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسَّلْتُ وَالذَّرَّةُ وَالدُّخْنُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَرُزُّ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ فَمُرَادُهُ مَعْشَرٌ خَاصٌّ (أَوْ أَقِطٌ) ، وَهُوَ خَثْرُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجِ زُبْدُهُ فَاَلَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ تِسْعَةٌ فَقَطْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ عَلْسٍ) لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي زَادَهُ عَلَى التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (إلَّا أَنْ يُقْتَاتَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمُعَشَّرِ وَالْأَقِطِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَلَسُ وَغَيْرُهُ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ وَفُولٍ وَحِمَّصٍ وَغَيْرِهَا فَيُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ إنْ تَعَدَّدَ أَوْ مِمَّا اتَّحَدَ إنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُرَادُهُ بِالْحَفْنَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْحَفْنَةِ مِلْءُ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَدَحٌ وَثُلُثٌ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا الرُّبْعُ الْمِصْرِيُّ يُجْزِئُ عَنْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ فِي عَبْدٍ إلَخْ) مَا حُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ جُزْؤُهُ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ هُوَ مُخْتَارُ ح وَحَمَلَهُ الشَّارِحَانِ عَلَى الثَّالِثَةِ فَقَطْ وَحَمَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (قَوْلُهُ فَضَلَ) نَعْتٌ لِقَوْلِهِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ أَيْ فَضَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ الصَّاعِ أَوْ جُزْئِهِ فَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرَ أَوْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الزَّكَاةِ يَوْمَهَا أَخْرَجَهَا فَإِنْ دَفَعَهَا لِمُعْطِيهِ فَالظَّاهِرُ تُجْزِيهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ دَفْعِ الزَّكَاةِ لِغَرِيمٍ وَأَخْذِهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ اللَّازِمِ لَهُ صِفَةٌ لِقُوتِ عِيَالِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَوْلُهُ وَهُمْ أَيْ عِيَالُهُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى ذَلِكَ الصَّاعِ أَوْ جُزْئِهِ بِتَسَلُّفٍ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ الصَّاعِ أَوْ جُزْئِهِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ وُجُوبِ التَّسَلُّفِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَالثَّانِي لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَشَهَّرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ فِي خَبَرِ فَرْضِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ الْجَائِزُ، وَهُوَ مَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِغُرُوبِ شَمْسِ رَمَضَانَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْفِطْرُ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ الْفِطْرُ الْوَاجِبُ الَّذِي يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ اهـ وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ شَيْخُنَا بِأَنَّ عَدَمَ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَاجِبٌ فِيهِمَا وَتَنَاوُلَ الْمُفْطِرِ جَائِزٌ فِيهِمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ الْفِطْرِ الْأَوَّلِ جَائِزًا وَالثَّانِي وَاجِبًا فَتَأَمَّلْ وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أُخْرَى أَحَدُهَا أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَا يَمْتَدُّ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا الثَّانِي أَنَّ وَقْتَهُ يَمْتَدُّ مِنْ غُرُوبِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إلَى غُرُوبِ يَوْمِهِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يَمْتَدُّ مِنْ غُرُوبِ لَيْلَةِ الْعِيدِ إلَى زَوَالِ يَوْمِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَمِثْلُ مَنْ ذَكَرَ مَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا تَجِبُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَحَصَلَ الْمَانِعُ) أَيْ، وَهُوَ الْمَوْتُ وَالْبَيْعُ وَالطَّلَاقُ [جنس الصَّاع فِي زَكَاة الْفِطْر] (قَوْلُهُ مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ بِالْبَلَدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِقُوتِ الْمُخْرِجِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ إنَّمَا هُوَ غَالِبُ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي رَمَضَانَ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ ح تَرْجِيحُهُ لَا فِي الْعَامِ كُلِّهِ وَلَا فِي يَوْمِ الْوُجُوبِ اهـ بْن وَاسْتَظْهَرَ فِي المج أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَغْلَبُ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ مُعَشَّرٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْأَغْلَبِ مِنْ مُعَشَّرٍ أَيْ مُزَكًّى بِالْعُشْرِ وَقَوْلُهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: قَمْحٌ شَعِيرٌ وَزَبِيبٌ سَلْتٌ ... تَمْرٌ مَعَ الْأُرْزِ وَدَخْنٌ ذُرَةٌ (قَوْلُهُ خَاصٌّ) أَيْ لَا مُطْلَقُ مُعَشَّرٍ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهَا تُخْرَجُ مِنْ عِشْرِينَ صِنْفًا وَهِيَ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ الَّتِي تَجِبُ زَكَاتُهَا بِالْعُشْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ خَثْرُ اللَّبَنِ) أَيْ ثَخِينِهِ. (قَوْلُهُ الَّذِي زَادَهُ عَلَى التِّسْعَةِ) أَيْ فَأَجَازَ الْإِخْرَاجَ مِنْهُ إنْ غَلَبَ اقْتِيَاتُهُ عَلَى التِّسْعَةِ أَوْ سَاوَى الْمَوْجُودَ مِنْهَا فِي الِاقْتِيَاتِ وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرُهُ) أَيْ فِي زَمَنِ الرَّخَاءِ وَالشِّدَّةِ مَعًا لَا فِي زَمَنِ الشِّدَّةِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ رُشْدٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ غَيْرَ التِّسْعَةِ إذَا كَانَ غَالِبًا لَا يُخْرِجُ مِنْهُ وَإِنَّمَا يُخْرِجُ مِنْهُ إذَا كَانَ عَيْشُهُمْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ التِّسْعَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرُهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَنْفَرِدَ غَيْرُهُ بِالِاقْتِيَاتِ فَيُخْرِجُ مِنْهُ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ فَيُخْرِجُ مِمَّا غَلَبَ أَيْ اقْتِيَاتُهُ مِنْ

وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ فَيُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِهِ فَمَتَى وُجِدَتْ التِّسْعَةُ أَوْ بَعْضُهَا وَتَسَاوَتْ فِي الِاقْتِيَاتِ خُيِّرَ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ وَمَعَ غَلَبَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ كَأَنْ انْفَرَدَ، وَإِنْ وُجِدَتْ أَوْ بَعْضُهَا وَاقْتِيتَ غَيْرُهَا تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْهَا تَخْيِيرًا هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَتَبِعَهُ الْجَمَاعَةُ وَرَدَّهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِأَنَّ ظَاهِرَ النُّصُوصِ كَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَتَى اُقْتِيتَ غَيْرُ التِّسْعَةِ أَخْرَجَ مِمَّا اُقْتِيتَ وَلَوْ وُجِدَتْ التِّسْعَةُ أَوْ بَعْضُهَا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا فِي الْحَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يُخْرِجُ صَاعًا بِالْكَيْلِ مِنْ الْعَلَسِ وَالْقَطَانِيِّ وَبِالْوَزْنِ مِنْ نَحْوِ اللَّحْمِ (وَ) يَجِبُ الْإِخْرَاجُ (عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ) مِنْ مَانَهُ مَوْنًا إذَا احْتَمَلَ مُؤْنَتَهُ وَقَامَ بِكِفَايَتِهِ أَيْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (بِقَرَابَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَمُونُهُ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ كَالْأَوْلَادِ الذُّكُورِ لِلْبُلُوغِ وَالْإِنَاثِ لِلدُّخُولِ أَوْ الدُّعَاءِ لَهُ بِشَرْطِهِ وَالْوَالِدَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ (أَوْ زَوْجِيَّةٍ) هَذَا إذَا كَانَتْ لَهُ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (لِأَبٍ) أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا وَالْمُرَاد الْمَدْخُولُ بِهَا وَلَوْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيًّا أَوْ مَنْ دَعَا لِلدُّخُولِ بِهَا (وَخَادِمِهَا) أَيْ خَادِمِ الْجِهَةِ الَّتِي بِهَا النَّفَقَةُ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ إنْ كَانَ خَادِمُ الزَّوْجَةِ أَوْ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ رَقِيقًا لَا بِأُجْرَةٍ، وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ دُونَ الزَّكَاةِ كَمَنْ يَمُونُهُ الْمُزَكِّي بِالْتِزَامٍ أَوْ بِأُجْرَةٍ كَمَنْ جَعَلَ أُجْرَتَهُ طَعَامَهُ أَوْ بِحَمْلٍ قَوْلُهُ كَمُطَلَّقَةٍ بَائِنٍ حَامِلٍ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ خَارِجَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ حَصَرَ الْأَسْبَابَ فِي ثَلَاثَةٍ الْقَرَابَةُ وَالزَّوْجِيَّةُ وَالرِّقُّ (أَوْ رِقٍّ) خَرَجَ رَقِيقُ رَقِيقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَيْرِ إنْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ الْغَيْرُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُقْتَاتُ فُولًا وَحِمَّصًا وَغَلَبَ أَحَدُهُمَا فِي الِاقْتِيَاتِ وَقَوْلُهُ وَمِمَّا اتَّحَدَ أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُقْتَاتُ فُولًا فَقَطْ أَوْ حِمَّصًا فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجُودِ مِنْ التِّسْعَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَاتٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْيِينِ ضَعِيفٌ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَمَتَى وُجِدَتْ إلَخْ) فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: وَالْحَاصِلُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَتْ إلَخْ وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا الْحَاصِلُ عَلَى خَمْسَةِ صُوَرٍ. (قَوْلُهُ وَمَعَ غَلَبَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا) أَيْ فِي الِاقْتِيَاتِ وَقَوْلُهُ كَأَنْ انْفَرَدَ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي الِاقْتِيَاتِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مَوْجُودًا وَقَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الْجَمَاعَةُ أَيْ جَمَاعَةُ الشُّرَّاحِ كخش وعبق وشب وعج (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ) هُوَ الْعَلَّامَةُ طفى وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَالْبَيَانِ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَيْرَ التِّسْعَةِ إذَا كَانَ غَالِبًا لَا يُخْرِجُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ عَيْشُهُمْ فَقَطْ أَجْزَأَ مِنْهُ وَلَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَقْتَاتُوا غَيْرَهُ أَيْ فَيُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ الْمُقْتَاتِ ظَاهِرُهُ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُقْتَاتِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ يُخْرِجُ صَاعًا بِالْكَيْلِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا لَا يُخْرِجُ مِنْ الدَّقِيقِ ابْنُ حَبِيبٍ يُجْزِئُ بِرِيعِهِ وَكَذَلِكَ الْخُبْزُ الصَّقَلِّيُّ وَبَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ تَفْسِيرٌ وَالْبَاجِيِّ خِلَافٌ أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهَا مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ الدَّقِيقِ وَلَوْ بِرِيعِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحَ الْإِجْزَاءِ، وَهُوَ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا إخْرَاجُ دَقِيقٍ مِنْ غَيْرِ رِيعٍ فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَبِالْوَزْنِ مِنْ نَحْوِ اللَّحْمِ) أَيْ مِنْ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ كَاللَّبَنِ بِأَنْ يُخْرِجَ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا بِالْبَغْدَادِيِّ كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ وَالصَّوَابُ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ مِقْدَارَ عَيْشِ الصَّاعِ فَإِذَا كَانَ الصَّاعُ مِنْ الْحِنْطَةِ يُغَدِّي إنْسَانًا وَيُعَشِّيهِ أَعْطَى مِنْ اللَّحْمِ أَوْ مِنْ اللَّبَنِ مَا يُغَدِّي وَيُعَشِّي وَفِي المج وَهَلْ يُقَدَّرُ نَحْوُ اللَّحْمِ بِجُرْمِ الْمُدِّ أَوْ شِبَعِهِ صُوِّبَ كَمَا فِي ح أَوْ بِوَزْنِهِ خِلَافُ اهـ فَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا خِلَافُ الْمُصَوَّبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ، وَهُوَ إطَاقَةُ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَتْ لَهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ لَهُ بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزَّوْجَةُ لِأَبِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةَ أَبِيهِ وَأُمَّهُ أَوْ كَانَتْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ) فَيَدْخُلُ خَادِمُ أَبِيهِ وَخَادِمُ زَوْجَتِهِ هُوَ وَخَادِمُ زَوْجَةِ أَبِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّهُ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ زَكَاةِ خَادِمٍ مَنْ ذُكِرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ إذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِخْدَامِ وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ لِخَادِمِهَا نَفَقَةٌ وَلَا زَكَاةٌ فَلَوْ كَانَتْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ إلَى أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ فِطْرِ الْجَمِيعِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا زَكَاةُ فِطْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ خَادِمَيْنِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي وُجُوبِهَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ إلَى أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ إنْ اقْتَضَاهُ شَرَفُهَا ثَالِثُهَا عَنْ خَادِمَيْنِ فَقَطْ الْأَوَّلُ لِلْعُتْبِيِّ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ وَالثَّانِي لِيَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِهَا وَالثَّالِثُ لِسَمَاعِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِخْدَامِ أَهْلِهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَوْ لِأَبِيهِ) أَيْ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ أَرَادَ بِأَبِيهِ أَصْلَهُ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ. (قَوْلُهُ لَا بِأُجْرَةٍ) أَيْ لَا إنْ كَانَتْ خِدْمَتُهُ بِأُجْرَةٍ أَيْ غَيْرِ الْمُؤْنَةِ لِيُغَايِرَ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ وَهَذِهِ أَيْ الْمَسْأَلَةُ، وَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْخِدْمَةُ بِالْأُجْرَةِ لَا بِالرِّقِّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ) أَيْ الَّتِي تَلْزَمُ فِيهَا النَّفَقَةُ دُونَ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَرَ الْأَسْبَابَ أَيْ الْمُقْتَضِيَةَ لِلزَّكَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ رِقٍّ) فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ كَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ لِلْقُنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَانَتْ قِيمَتُهُمْ نِصَابًا أَوْ دُونَهُ أَصِحَّاءً أَوْ مَرْضَى أَوْ زَمْنَى وَأَدْرَجَ ح فِي قَوْلِهِ أَوْ رِقٍّ مَنْ أُعْتِقَ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ قَالَ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ بِالرِّقِّ السَّابِقِ وَذَكَرَ خِلَافًا فِيمَنْ أُعْتِقَ زَمِنًا فَانْظُرْهُ

لِأَنَّهُ لَا يَمُونُهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ وَلَا تَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِمْ الرَّقِيقِ أَيْضًا (وَلَوْ) كَانَ رَقِيقُهُ (مُكَاتَبًا) ؛ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ يُقَدَّرُ أَنَّ السَّيِّدَ تَرَكَ لَهُ شَيْئًا فِي نَظِيرِ نَفَقَتِهِ (وَ) لَوْ (آبِقًا رُجِيَ) عَوْدُهُ وَمَغْصُوبًا كَذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْهُ (وَ) لَوْ رَقِيقًا (مَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ) فَجَاءَ وَقْتُ الزَّكَاةِ قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَمَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ فَزَكَاةُ فِطْرِهِمَا عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمَا عَلَيْهِ (وَمُخْدَمًا) بِالْفَتْحِ فَزَكَاتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُخْدِمِ بِالْكَسْرِ (إلَّا) أَنْ يَرْجِعَ بِعَدَمِ الْإِخْدَامِ (لَحَرِيَّةٍ) كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَخْدَمْتُك فُلَانًا مُدَّةً كَذَا وَبَعْدَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ (فَعَلَى مُخْدَمِهِ) بِفَتْحِ الدَّالِ زَكَاتُهُ كَنَفَقَةٍ طَالَتْ مُدَّةُ الْخِدْمَةِ أَوْ قَصُرَتْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرْجِعُهُ لِشَخْصٍ أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْمُخْدِمِ بِالْكَسْرِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا عَلَى مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَنَفَقَتِهِ إنْ قَبِلَ (وَ) الْعَبْدِ (الْمُشْتَرَكِ وَالْمُبَعَّضِ بِقَدْرِ الْمِلْكِ) فِيهِمَا (وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ) فِي الثَّانِيَةِ (وَ) الْعَبْدِ (الْمُشْتَرَى) شِرَاءً (فَاسِدًا) زَكَاتُهُ (عَلَى مُشْتَرِيهِ) إنْ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ (وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَ) نُدِبَ إخْرَاجُهَا (مِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ) مِنْ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ أَغْلَبِ قُوتِهِمْ (وَ) نُدِبَ (غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ) وَغَيْرِهِ (إلَّا الْغَلَثَ) فَيَجِبُ غَرْبَلَتُهُ إنْ زَادَ الْغَلَثُ عَلَى الثُّلُثِ وَقِيلَ بَلْ وَلَوْ كَانَ الثُّلُثَ أَوْ مَا قَارَبَهُ بِيَسِيرٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَ) نُدِبَ (دَفْعُهَا لِزَوَالٍ) أَيْ لِأَجْلِ زَوَالِ (فَقْرٍ وَرِقٍّ يَوْمَهُ) ظَرْفٌ لِزَوَالِ أَيْ نُدِبَ لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ أَوْ رِقُّهُ يَوْمَ الْفِطْرِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ إخْرَاجُهَا عَنْهُ (وَ) نُدِبَ دَفْعُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَوِّنُهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَيْسَ رَقِيقًا إذْ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِانْتِزَاعٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ) أَيْ زَكَاةُ رَقِيقِ الرَّقِيقِ عَلَى سَيِّدِهِمْ الرَّقِيقِ أَيْضًا وَلَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى سَيِّدِهِمْ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلِأَنَّ شَرْطَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا مُوسِرًا فَلَا يُخَاطَبُ بِهَا الْعَبْدُ لَا عَنْ نَفْسِهِ إنْفَاقًا وَلَا عَنْ زَوْجَتِهِ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لعبق وَلَا عَنْ رَقِيقِهِ. (قَوْلُهُ يُقَدَّرُ إلَخْ) أَيْ فَصَدَقَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَنَّ سَيِّدَهُ يُمَوِّنُهُ بِالرِّقِّ (قَوْلُهُ وَآبِقًا رُجِيَ) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزٍ لَوْ مُشَارِكًا لَهُ فِي الْخِلَافِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ إذْ قَدْ قِيلَ فِيهِمَا إنَّهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا يَدْخُلَانِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَنَفَقَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَزَكَاةُ فِطْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مَرْجُوٌّ عَوْدُهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ وَاحِدًا مِنْهُمَا مَرْجُوًّا لَمْ تَلْزَمْهُ زَكَاتُهُ، وَإِذَا خَلَصَ مِنْ غَاصِبِهِ فَلَا يُزَكِّي عَنْهُ رَبُّهُ لِشَيْءٍ مِنْ مَاضِي الْأَعْوَامِ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ إذَا خَلَصَتْ مِنْ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهَا تَنْمُو بِنَفْسِهَا قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ مَرْجِعُهُ لِشَخْصٍ) أَيْ غَيْرِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ كَنَفَقَتِهِ إنْ قَبِلَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُخْدَمَ إنْ كَانَ مَرْجِعُهُ بَعْدَ الْخِدْمَةِ لِسَيِّدِهِ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُخْدِمِ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ السَّيِّدُ، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُ لِحُرِّيَّةٍ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمُخْدَمِ بِالْفَتْحِ، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُ لِشَخْصٍ آخَرَ فَزَكَاتُهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي مَرْجِعُهُ لَهُ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْمُخْدِمِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرَكُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمَالِكِينَ؛ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ فِي هَذَا الْخِلَافِ وَضَابِطُهَا كُلُّ مَا يَجِبُ بِحُقُوقِ مُشْتَرَكِهِ هَلْ اسْتِحْقَاقُ ذَلِكَ الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْحُقُوقِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ قَوْلَانِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ فَالرَّاجِحُ الثَّانِي هُوَ اعْتِبَارُ عَدَدِ الرُّءُوسِ فِي مَسَائِلَ كَأُجْرَةِ الْقَسَّامِ وَكَنْسِ الْمَرَاحِيضِ وَالسَّوَاقِي وَحَارِسِ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ وَبُيُوتِ الطَّعَامِ وَالْجَرِينِ وَالْبَسَاتِينِ وَكَاتِبِ الْوَثِيقَةِ وَكَذَا صَيْدُ الْكِلَابِ فَلَا يُنْظَرُ لِكَثْرَةِ الْكِلَابِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي اشْتِرَاكِ الصَّيْدِ لِرُءُوسِ الصَّيَّادِينَ وَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ اعْتِبَارُ الْمِلْكِ فِي مَسَائِلَ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَالشُّفْعَةِ وَنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ اهـ بْن فَالرَّاجِحُ أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَى الْأَوْلَادِ بِقَدْرِ الْيَسَارِ لَا عَلَى الرُّءُوسِ وَلَا بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَكَذَا زَكَاةُ فِطْرِهِمَا (قَوْلُهُ إنْ قَبَضَهُ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ كَانَتْ زَكَاتُهُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَوْ بَعْدَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى كَذَا قَالَ عبق وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمَنْدُوبَ إنَّمَا هُوَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْغُدُوِّ لِلْمُصَلَّى لَكِنْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَوْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُدُوِّ لِلْمُصَلَّى فَهُوَ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ اهـ ح (قَوْلُهُ: الْأَحْسَنُ مِنْ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ) أَيْ إذَا كَانَ لَهُمْ قُوتٌ وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ أَغْلَبِ قُوتِهِمْ أَيْ أَوْ الْأَحْسَنِ مِنْ أَغْلَبِ قُوتِهِمْ إذَا تَعَدَّدَ قُوتُهُمْ وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ الْأَحْسَنُ مِنْ قُوتِهِ إذَا اخْتَلَفَ لِصِدْقِهِ بِالْأَدْوَنِ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ فَيَجِبُ غَرْبَلَتُهُ إنْ زَادَ الْغَلَثُ عَلَى الثُّلُثِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْغَلَثُ الثُّلُثَ أَوْ دُونَهُ بِيَسِيرٍ كَالرُّبْعِ فَتُسْتَحَبُّ الْغَرْبَلَةُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ بَلْ تَجِبُ الْغَرْبَلَةُ وَلَوْ كَانَ الْغَلَثُ الثُّلُثَ أَوْ مَا قَارَبَهُ كَالرُّبُعِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ ظَرْفٌ لِزَوَالِ) أَيْ لَا لِدَفْعٍ؛ لِأَنَّ نَدْبَ الدَّفْعِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ (قَوْلُهُ أَيْ نُدِبَ لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ أَوْ رِقُّهُ يَوْمَ الْفِطْرِ) أَيْ بَعْدَ فَجْرِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ الزَّوَالُ قَبْلَ فَجْرِهِ لَوَجَبَتْ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ وَيُلْغَزُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُقَالُ زَكَاةُ فِطْرٍ طُلِبَ إخْرَاجُهَا عَنْ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ وَتَوَقَّفَ الْمَوَّاقُ فِي إخْرَاجِ الْعَبْدِ لَهَا مَعَ أَنَّ سَيِّدَهُ أَخْرَجَهَا قَالَ نَعَمْ فِي الْبَعْضِ يَظْهَرُ إخْرَاجُهُ إذَا كَمُلَتْ حُرِّيَّتُهُ يَوْمَ الْعِيدِ عَنْ الْبَعْضِ الَّذِي قُلْنَا لَا شَيْءَ فِيهِ فَانْظُرْ

(لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) لِيُفَرِّقَهَا وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْوُجُوبُ (وَ) نُدِبَ (عَدَمُ زِيَادَةٍ) عَلَى الصَّاعِ بَلْ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَحْدِيدٌ مِنْ الشَّارِعِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَالزِّيَادَةِ فِي التَّسْبِيحِ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَهَذَا إنْ تَحَقَّقَتْ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا مَعَ الشَّكِّ فَلَا (وَ) نُدِبَ (إخْرَاجُ الْمُسَافِرِ) عَنْ نَفْسِهِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُخْرِجُ عَنْهُ أَهْلُهُ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ (وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُسَافِرِ إنْ كَانَ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ أَوْ أَوْصَاهُمْ وَتَكُونُ الْعَادَةُ وَالْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ وَإِلَّا لَمْ تُجْزِ عَنْهُ لِفَقْدِهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَكَذَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ عَنْهُمْ وَالْعِبْرَةُ فِي الْقِسْمَيْنِ بِقُوتِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ اُحْتِيطَ بِإِخْرَاجِ الْأَعْلَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُمْ كَأَهْلِ السُّودَانِ شَأْنُهُمْ أَكْلُ الذُّرَةِ وَالدُّخْنِ فَإِذَا سَافَرَ أَحَدُهُمْ إلَى مِصْرَ وَشَأْنُ أَهْلِ مِصْرَ أَكْلُ الْقَمْحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَ) جَازَ (دَفْعُ صَاعٍ) وَاحِدٍ (لِمَسَاكِينَ وَ) جَازَ دَفْعُ (آصُعٍ) مُتَعَدِّدَةٍ (لَوَاحِدٍ) ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى دَفْعُ الصَّاعِ لِوَاحِدٍ (وَ) جَازَ إخْرَاجُهُ (مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ) أَيْ مِنْ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَلِذَا قَالَ (إلَّا) أَنْ يَقْتَاتَ الْأَدْوَنَ (لَشُحٍّ) فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُجْزِيهِ وَكَذَا لَوْ اقْتَاتَهُ لِهَضْمِ نَفْسٍ أَوْ لِعَادَتِهِ كَبَدْوِيٍّ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ بِحَاضِرَةٍ يَقْتَاتُونَ الْقَمْحَ (وَ) جَازَ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ زَكَاتَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوُجُوبِ (بِكَالْيَوْمَيْنِ) أَوْ الثَّلَاثَةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْيَوْمِ أَوْ الْيَوْمَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ الْجَلَّابَ (وَهَلْ) الْجَوَازُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ دَفَعَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يُفَرِّقُهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ (أَوْ) الْجَوَازُ إنْ دَفَعَهَا (لِمُفَرِّقٍ) فَإِنْ فَرَّقَهَا بِنَفْسِهِ لَمْ تُجْزِ وَلَمْ تُجْزِهِ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ تَبْقَ بِيَدِ الْفَقِيرِ إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا (وَلَا تَسْقُطُ) الْفِطْرَةُ (بِمُضِيِّ زَمَنِهَا) لِتَرَتُّبِهَا فِي الذِّمَّةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَأَثِمَ إنْ أَخَّرَهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ مَعَ الْقُدْرَةِ (وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لَحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ) غَيْرِ هَاشِمِيٍّ فَتُدْفَعُ لِمَالِكِ نِصَابٍ لَا يَكْفِيهِ عَامَهُ فَأَوْلَى مَنْ لَا يَمْلِكُهُ لَا لِعَامِلٍ عَلَيْهَا وَمُؤَلَّفٍ قَلْبُهُ وَلَا فِي الرِّقَابِ وَلَا لِغَارِمٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَرِيبٍ يَتَوَصَّلُ بِهَا لِبَلَدِهِ بَلْ بِوَصْفِ الْفَقْرِ وَجَازَ دَفْعُهَا لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَلِلزَّوْجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) أَيْ فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا (قَوْلُهُ بَلْ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالصَّاعِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ فِي الْحَالَةِ إلَخْ) ، وَذَلِكَ إذَا أَوْصَاهُمْ بِإِخْرَاجِهَا وَوَثِقَ مِنْهُمْ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ الْإِخْرَاجَ عَنْهُ، وَهُوَ غَائِبٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ أَوْصَاهُمْ وَلَمْ يَكُنْ عَادَتُهُمْ الْإِخْرَاجَ عَنْهُ (قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ) أَيْ وَهُمَا إخْرَاجُهُمْ عَنْهُ وَإِخْرَاجُهُ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ قُوتَ الْمُخْرَجِ عَنْهُ (قَوْلُهُ، وَلَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ مِنْهُمْ) وَالْأَوْضَحُ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُمْ عَنْهُ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ، وَهُوَ إخْرَاجُهُ فِي مِصْرَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ مَا ذَكَرَهُ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ، وَهِيَ الْمُقَابِلَةُ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ لَمِسْكِينٍ وَاحِدٍ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ لَا يُجْزِئُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا وَاحِدًا أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ وَرَآهَا كَالْكَفَّارَةِ وَرَوَى مُطَرِّفٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وُلِّيَ تَفْرِقَةَ فِطْرَتِهِ أَنْ يُعْطِيَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَا أَخْرَجَ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ اهـ بْن وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْجَوَازَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَا بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى، وَإِلَّا كَانَ مَاشِيًا عَلَى رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْأَدْوَنِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ اقْتَاتَ الْأَدْوَنَ إنْ اقْتَاتَهُ لِعَجْزٍ عَنْ قُوتِ الْبَلَدِ أَجْزَأَ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ لِشُحٍّ لَمْ يُجْزِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ لِعَادَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمَا الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن وَإِنَّمَا كَانَ الْمُصَنِّفُ مُعْتَمِدًا لِلْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِجَوَازِ الْإِخْرَاجِ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إذَا كَانَ اقْتِيَاتُهُ لِغَيْرِ شُحٍّ صَادِقٌ بِاقْتِيَاتِهِ لِعَجْزٍ أَوْ لِعَادَةٍ أَوْ هَضْمِ نَفْسٍ وَشَارِحُنَا قَصَرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ اقْتِيَاتُهُ لِعَجْزٍ بِحَيْثُ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا لِأَجْلِ تَمْشِيَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِخْرَاجُهُ قَبْلَهُ بِكَالْيَوْمَيْنِ) فَلَوْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ الْوُجُوبِ فَضَاعَتْ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا تُجْزِئُ وَاعْتَرَضَهُ التُّونُسِيُّ وَاخْتَارَ أَنَّهُ مَتَى أَخْرَجَهَا فَضَاعَتْ فِي وَقْتٍ لَوْ أَخْرَجَهَا فِيهِ لَأَجْزَأَتْ أَنَّهَا تُجْزِئُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا فِي الْجَلَّابِ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ دَفَعَهَا بِنَفْسِهِ) أَيْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ دَفَعَهَا لِمَنْ يُفَرِّقُهَا (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالثَّانِي فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَجْزَأَ اتِّفَاقًا) أَيْ؛ لِأَنَّ لِدَافِعِهَا إنْ كَانَتْ لَا تُجْزِيهِ أَنْ يَنْتَزِعَهَا فَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ كَمَنْ ابْتَدَأَ دَفْعَهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا) أَيْ وَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِمُضِيِّ زَمَنِهَا مَعَ يُسْرِهِ فِيهِ بَلْ يُخْرِجُهَا لِمَاضِي السِّنِينَ عَنْهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ عَنْهُ، وَأَمَّا لَوْ مَضَى زَمَنُهَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ فِيهِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِزَمَنِهَا زَمَنُ وُجُوبِهَا، وَهُوَ أَوَّلُ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ فَجْرُهُ (قَوْلُهُ فَتُدْفَعُ لِمَالِكِ نِصَابٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُقَرَاءِ هُنَا فُقَرَاءُ الزَّكَاةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّمَا تُدْفَعُ لِعَادِمِ قُوتِ يَوْمِهِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَبُو مُصْعَبٍ وَشَهَّرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالثَّانِي قَوْلُ اللَّخْمِيِّ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي بَلَدِهَا فُقَرَاءُ نُقِلَتْ لِأَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهَا ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْمُزَكِّي

[باب الصيام]

دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ [دَرْسٌ] (بَابُ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ الصِّيَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) ، وَهُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ عَنْ الشَّيْءِ وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ بِنِيَّةٍ فَلَهُ رُكْنَانِ وَافْتَتَحَهُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ رَمَضَانُ بِقَوْلِهِ (يَثْبُتُ رَمَضَانُ) أَيْ يَتَحَقَّق فِي الْخَارِجِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الثُّبُوتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا (بِكَمَالِ شَعْبَانَ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَذَا مَا قَبْلَهُ إنْ غُمَّ وَلَوْ شُهُورًا لَا بِحِسَابِ نَجْمٍ وَسَيْرِ قَمَرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِكْمَالِ الثَّلَاثِينَ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ» ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا قَالَ مَالِكٌ إذَا تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ انْتَهَى (أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ) الْهِلَالَ الْمُرَادُ بِهِمَا مَا قَابَلَ الْمُسْتَفِيضَةَ فَيَصْدُقُ بِالْأَكْثَرِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ غَيْرَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لَا بِعَدْلٍ وَلَا بِهِ وَبِامْرَأَةٍ وَلَا بِهِ وَبِامْرَأَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مِنْهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ الصَّاعُ هَذَا إنْ أَخْرَجَهَا الْمُزَكِّي فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَفِي نَقْلِهِ لَهَا لِأَقْرَبِ الْبِلَادِ لِبَلَدِهَا حِينَ فَقْدِهِمْ مِنْهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَيْءِ قَوْلَانِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ) إنَّمَا جَزَمَ هُنَا بِجَوَازِ دَفْعِهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ دُونَ زَكَاةِ الْمَالِ فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ لِلْفَرْقِ بِقِلَّةِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فَقِيرَةً؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ وَمَنْ أَيْسَرَ بَعْدَ أَعْوَامٍ لَمْ يَقْضِيهَا اهـ عبق [بَابُ الصِّيَامِ] (بَابٌ فِي الصِّيَامِ) (قَوْلُهُ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ) يَبْطُلُ طَرْدُ هَذَا التَّعْرِيفِ بِمَا إذَا جُومِعَتْ نَائِمَةً أَوْ قَائِمَةً عَمْدًا فَالتَّعْرِيفُ يَقْتَضِي صِحَّةَ صَوْمِهِ لِإِمْسَاكِ كُلٍّ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَهُ رُكْنَانِ) أَيْ الْإِمْسَاكُ وَالنِّيَّةُ وَإِنَّمَا كَانَا رُكْنَيْنِ لِدُخُولِهِمَا فِي مَاهِيَّتِه وَمَفْهُومِهِ، وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ فَالْإِطَاقَةُ وَالْبُلُوغُ وَشُرُوطُ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ وَالزَّمَانُ الْقَابِلُ لِلصَّوْمِ، وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ وَصِحَّتِهِ فَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمَجِيءُ شَهْرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَيْ يَتَحَقَّقُ فِي الْخَارِجِ) سَوَاءٌ حَكَمَ بِثُبُوتِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَكَذَا بِكَمَالِ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ رَجَبٌ ثَلَاثِينَ وَكَذَا مَا قَبْلَ رَجَبٍ وَقَوْلُهُ إنْ غُمَّ شَرْطٌ فِي كَمَالِ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ أَيْ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مُغَيِّمَةً فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً فَلَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى إكْمَالِ ثَلَاثِينَ بَلْ تَارَةً يَثْبُتُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَتَارَةً يَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ فَيَكُونُ شَعْبَانُ أَوْ غَيْرُهُ حِينَئِذٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي بِقَوْلٍ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ لِلْهِلَالِ. (قَوْلُهُ لَا بِحِسَابِ نَجْمٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ وَقَوْلُهُ وَسَيْرِ قَمَرٍ تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَثْبُتُ بِحِسَابِ سَيْرِ الْقَمَرِ، وَإِذَا ثَبَتَ بِالْحِسَابِ أَنَّ قَوْسَ الْقَمَرِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مُرْتَفِعٌ بِحَيْثُ إنَّهُ يُرَى ثَبَتَ الشَّهْرُ وَإِلَّا فَلَا وَالثُّبُوتُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْحَاسِبِ لِسَيْرِ الْقَمَرِ وَلِمَنْ يُصَدِّقُهُ فِي حِسَابِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ الضَّعِيفُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ أَنَاطَ الْحُكْمَ) أَيْ الَّذِي هُوَ ثُبُوتُ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ) قِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَدْ صَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَةَ أَعْوَامٍ مِنْهَا عَامَانِ ثَلَاثُونَ وَسَبْعَةُ أَعْوَامٍ كُلُّ عَامٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَهَكَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ «فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ» أَيْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ قَوْلُهُ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ غَيْمٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ قَوْلُهُ «فَاقْدُرُوا لَهُ» بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ أَيْ فَأَتِمُّوهُ ثَلَاثِينَ وَهَذَا مَحَطُّ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِقْدَارِهِ إتْمَامُهُ ثَلَاثِينَ وَأَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ زَائِدَةٌ مِثْلُ {رَدِفَ لَكُمْ} [النمل: 72] وَإِتْيَانُ التَّقْدِيرِ بِمَعْنَى التَّمَامِ وَاقِعٌ بِكَثْرَةٍ قَالَ تَعَالَى {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3] أَيْ تَمَامًا قَوْلُهُ «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ» أَيْ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً (قَوْلُهُ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا) أَيْ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْإِقْدَارَ يَأْتِي بِمَعْنَى الْإِتْمَامِ وَالْإِكْمَالِ (قَوْلُهُ وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ خِلَافُ مَا هُمْ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ شَعْبَانَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَنَّ رَمَضَانَ كَامِلٌ فَإِنَّهُمْ يَقْضُونَ يَوْمًا وَإِذَا تَبَيَّنَ نَقْصُ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَكَمَالُ رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمَيْنِ قَالَ عج يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِكَمَالِ شَعْبَانَ بِمَا إذَا لَمْ تَتَوَالَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ شَعْبَانَ عَلَى الْكَمَالِ وَإِلَّا جُعِلَ شَعْبَانُ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى خَمْسَةُ أَشْهُرٍ عَلَى الْكَمَالِ كَمَا لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةٌ عَلَى النَّقْصِ عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ اهـ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا غُمَّ لَيْلَةُ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَثْبُتْ رَمَضَانُ إلَّا بِكَمَالِ شَعْبَانَ، وَإِنْ تَوَالَى قَبْلَهُ أَرْبَعَةٌ كَوَامِلُ أَوْ ثَلَاثَةٌ نَوَاقِصُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ اهـ عَدَوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَقَدْ كَانَ هِلَالُهُ ثَبَتَ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ رَجَبٍ فَإِنَّ رَمَضَانَ حِينَئِذٍ لَا يَثْبُتُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ لِتَكْذِيبِ الشَّاهِدَيْنِ أَوَّلًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا

عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكُلِّ أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْعَدْلَ أَوْ هُوَ وَالْمَرْأَةَ الصَّوْمُ، وَأَمَّا الرَّائِي فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا فَقَوْلُهُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ وَيَعُمُّ قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ أَيْ وَلَا يَعُمُّ إلَّا إذَا نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا كَمَا سَيَأْتِي وَيَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ (وَلَوْ) ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ (بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ) أَيْ فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ (فَإِنْ) ثَبَتَ بِرُؤْيَتِهِمَا وَ (لَمْ يَرَ) لِغَيْرِهِمَا (بَعْدَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ رُؤْيَتِهِمَا حَالَ كَوْنِ السَّمَاءِ (صَحْوًا) لَا غَيْمَ فِيهَا (كُذِّبَا) فِي شَهَادَتِهِمَا، وَأَمَّا شَهَادَتُهُمَا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ صَحْوًا فَكَالْعَدِمِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمَا (أَوْ) بِرُؤْيَةِ جَمَاعَةٍ (مُسْتَفِيضَةً) لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَادَةً عَلَى الْكَذِبِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَحْرَارًا عُدُولًا (وَعَمَّ) الصَّوْمُ سَائِرَ الْبِلَادِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَلَا اتِّفَاقُ الْمَطَالِعِ وَلَا عَدَمُهَا فَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى كُلِّ مَنْقُولٍ إلَيْهِ (إنْ نُقِلَ) ثُبُوتُهُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْعَدْلَيْنِ أَوْ بِالْمُسْتَفِيضَةِ (عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْعَدْلَيْنِ أَوْ عَنْ الْمُسْتَفِيضَةِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ اسْتِفَاضَةٌ عَنْ مِثْلِهَا أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ وَعَدْلَانِ عَنْ مِثْلِهِمَا أَوْ عَنْ اسْتِفَاضَةٍ وَلَا بُدَّ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ فَيَكْفِي نَقْلُ اثْنَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ ثُمَّ عَنْ الْآخَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكْمُلْ فِيهِ شَعْبَانُ بِدَلِيلِ تَكْذِيبِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكُلِّ) خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْأَوَّلِ وَلِأَشْهَبَ فِي الثَّانِي وَلِابْنِ مَسْلَمَةَ فِي الثَّالِثِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْعَدْلَ) أَيْ سَمِعَهُ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ. (قَوْلُهُ أَيْ وَيَعُمُّ) ثُبُوتُهُ الْبِلَادَ وَالْأَقْطَارَ (قَوْلُهُ وَلَا يَعُمُّ) أَيْ وَلَا يَعُمُّ ثُبُوتُهُ بِرُؤْيَتِهِمَا بَلْ إنَّمَا يَجِبُ الصَّوْمُ فِي حَقِّ مَنْ أَخْبَرَاهُ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ غَيْرَهُ بِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَقَلَ إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ مَنْ نُقِلَ إلَيْهِ بِعَدْلَيْنِ عَنْهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَيَا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ فِي غَيْمٍ أَوْ فِي صَحْوٍ بِبَلَدٍ صَغِيرَةٍ بَلْ لَوْ ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ بِصَحْوِ مِصْرَ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ الطَّلَبُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ بِرَدِّهِمَا لِلتُّهْمَةِ ابْنُ بَشِيرٍ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالِ أَنَّ نَظَرَ الْكُلِّ إلَى صَوْبٍ وَاحِدٍ رَدَّتْ، وَإِنْ انْفَرَدَ بِالنَّظَرِ إلَى مَوْضِعٍ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمَا وَعَدَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلًا ثَالِثًا وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ثَبَتَ بِرُؤْيَتِهِمَا وَلَمْ يَرَ لِغَيْرِهِمَا بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا) لَيْسَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الصَّحْوِ وَالْمِصْرِ فَقَطْ كَمَا قِيلَ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا مَعَ الْغَيْمِ أَوْ الصَّحْوِ كَانَ الْبَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَكَذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا قِيلَ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَشُرَّاحِهِ حَيْثُ فَرَّعُوهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَا قَبْلَهُ وَاعْتَرَضَ ح إطْلَاقَ ابْنِ غَازِيٍّ بِأَنَّ أَمْرَ الشَّاهِدَيْنِ مَعَ الْغَيْمِ أَوْ صِغَرِ الْمِصْرِ يُحْمَلُ عَلَى السَّدَادِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ) أَيْ لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَقَوْلُهُ كَذِبًا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَصِيَامُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَكْذِيبَهُمَا مَشْرُوطٌ بِأَمْرَيْنِ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ لِغَيْرِهِمَا لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَكَوْنُ السَّمَاءِ صَحْوًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَوْ رَآهُ غَيْرُهُمَا لَيْلَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ أَوْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَكَانَتْ السَّمَاءُ غَيْمًا لَمْ يُكَذَّبَا وَوَقَعَ النِّزَاعُ فِي أَمْرٍ ثَالِثٍ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَكْذِيبِهِمَا أَنْ تَكُونَ رُؤْيَتُهُمَا بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْمٍ أَوْ بِصَحْوٍ فِي بَلَدٍ صَغِيرٍ لَمْ يُكَذَّبَا أَوْ يُكَذَّبَانِ مُطْلَقًا كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا بِصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ كَانَتْ الْبَلَدُ صَغِيرًا أَوْ مِصْرُ الْأَوَّلِ لِشُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاخْتَارَهُ ح وَالثَّانِي لِابْنِ غَازِيٍّ وَمِثْلُ الْعَدْلَيْنِ فِي كَوْنِهِمَا يُكَذَّبَانِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الْمُسْتَفِيضَةِ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِمْ ذَلِكَ لِإِفَادَةِ خَبَرِهِمْ الْقَطْعَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ مِنْ إخْبَارِهِمْ بِالرُّؤْيَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِفَاضَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِمْ وَحِينَئِذٍ فَيُكَذَّبُونَ وَالنِّيَّةُ أَوَّلَ الشَّهْرِ مَعَ التَّكْذِيبِ صَحِيحَةً لِلْعُذْرِ وَلِخِلَافِ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَا يُكَذَّبُ الْعَدْلَانِ وَيُعْمَلُ فِي الْفِطْرِ عَلَى رُؤْيَتِهِمَا أَوَّلًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا يُكَذَّبَانِ وَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا حَاكِمٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَالِكِيًّا أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِهِمَا شَافِعِيًّا لَا يَرَى تَكْذِيبَهُمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ الْفِطْرُ. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا شَهَادَتُهُمَا إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ كَذَبَا فِي شَهَادَتِهِمَا وَلَوْ رُئِيَ لَهُمَا إذْ شَهَادَتُهُمَا بِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ صَحْوٌ كَالْعَدَمِ لِإِتْهَامِهِمَا عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمَا الْأُولَى (قَوْلُهُ مُسْتَفِيضَةً) أَيْ مُنْتَشِرَةً وَقَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ الْخَبَرَ الْمُسْتَفِيضَ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ أَنَّهُ الْمُحَصِّلُ لِلْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الَّذِينَ أَخْبَرُوهُ بِهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَاَلَّذِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الْخَبَرَ الْمُسْتَفِيضَ هُوَ الْمُحَصِّلُ لِلْعِلْمِ لِصُدُورِهِ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى بَاطِلٍ لِبُلُوغِهِمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَبِيُّ وَالْمَوَّاقُ وَكَذَا شَارِحُنَا فَالْأَوَّلُ أَعَمُّ مِنْ الثَّانِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ إلَخْ أَيْ لِبُلُوغِهِمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ وَعَمَّ الصَّوْمُ) أَيْ وَعَمَّ وُجُوبُهُ سَائِرَ الْبِلَادِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا وَأَوْلَى إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْ الْحُكْمِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْجَمَاعَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلِ إذَا نُقِلَ بِهِمَا عَلَى الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ عَلَى مَنْ فِي وِلَايَتِهِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّ النَّقْلَ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ حُكْمٍ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْجَمَاعَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ إنَّمَا يَعُمُّ الْبِلَادَ الْقَرِيبَةَ لَا الْبَعِيدَةَ جِدًّا وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ ح وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِالْبَعِيدِ الْبَعِيدَ لَا جِدًّا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ

وَلَا يَكْفِي نَقْلُ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ فَالْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ النَّقْلَ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ بِشَرْطِهِ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَيْفَ يَصِحُّ لِمَنْ بَلَغَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ عُدُولٍ أَوْ مِنْ عَدْلَيْنِ نَقْلًا عَنْ كُلٍّ مِنْ الْعَدْلَيْنِ أَنَّهُمَا قَدْ رَأَيَا الْهِلَالَ عَدَمُ لُزُومِ الصَّوْمِ فَالْقَوْلُ بَعْدَ الْعُمُومِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَإِنَّمَا يُخَصُّ مَنْ رَأَى وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ دُونَ مَنْ سَمِعَ مِنْ السَّامِعِ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْعُمُومِ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ، وَأَمَّا النَّقْلُ عَنْ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ فَإِنَّهُ يَعُمُّ وَلَوْ نَقَلَ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَاحِدٌ عَلَى الرَّاجِحِ (لَا) يَثْبُتُ رَمَضَانُ (بِ) رُؤْيَةِ (مُنْفَرِدٍ) كَذَا الْفِطْرُ وَلَوْ خَلِيفَةً أَوْ قَاضِيًا أَوْ أَعْدَلَ أَهْلِ الزَّمَانِ (إلَّا كَأَهْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ) أَيْ أَمْرِ الْهِلَالِ مِنْ أَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ فَيَثْبُتُ فِي رُؤْيَتِهِ فِي حَقِّهِمْ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً حَيْثُ تَثْبُتُ الْعَدَالَةُ وَوُثِّقَتْ أَنْفُسُ غَيْرِ الْمُعْتَنِينَ بِخَبَرِهِ وَاعْتُرِضَ عَطْفُ مَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ عَلَى أَهْلِهِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ لِلْأَهْلِ وَلَوْ اعْتَنَوْا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُنْفَرِدُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِغَيْرِ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا دُونَ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا فَلَوْ حُذِفَ كَأَهْلِهِ وَالْعَاطِفِ وَقَالَ إلَّا مَنْ لَا اعْتِنَاءَ إلَخْ لَطَابَقَ الرَّاجِحَ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إنْ نُقِلَ بِهِمَا؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْوَاحِدِ عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ أَوْ ثُبُوتِهِ بِعَدْلَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُعْتَبَرٌ فَيَعُمُّ بِمَحَلٍّ لَا اعْتِنَاءَ فِيهِ وَكَذَا بِمَا يَعْتَنِي فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ نَقْلِ الْوَاحِدِ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ (وَعَلَى عَدْلٍ) رَأَى الْهِلَالَ (أَوْ مَرْجُوٍّ) لَأَنْ يُقْبَلَ بِأَنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ (رَفْعُ رُؤْيَتِهِ) لِلْحَاكِمِ أَيْ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ بِأَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَلَوْ عَلِمَ الْمَرْجُوُّ جُرْحَهُ نَفْسَهُ (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (وَغَيْرِهَا) ، وَهُوَ الْفَاسِقُ الْمُنْكَشِفُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَكِنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَخْتَرْهُ وَإِنَّمَا اخْتَارَ قَوْلَ أَشْهَبَ بِالنَّدْبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَلَى فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلَةٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ أَيْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا أَوْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ وَمَجَازُهَا فِي الثَّالِثِ (وَإِنْ أَفْطَرُوا) أَيْ الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَغَيْرُهُمَا الْمُنْفَرِدُونَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِلَا رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ) لَازِمَانِ لِكُلٍّ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ (إلَّا بِتَأْوِيلٍ) لِظَنِّهِمْ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ كَغَيْرِهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي نَقْلُ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ) أَيْ بِأَنْ يَنْقُلَ وَاحِدٌ عَنْ أَحَدِ الْعَدْلَيْنِ وَيَنْقُلَ وَاحِدٌ آخَرُ عَنْ الْعَدْلِ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يُنْقَلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ وَكَيْفَ إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ وَقَوْلُهُ لِمَنْ بَلَغَهُ إلَخْ أَيْ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بَعْدُ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ عَدْلَانِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَخُصُّ) أَيْ وُجُوبُ الصَّوْمِ مَنْ رَأْي، وَهُوَ الْعَدْلَانِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ أَيْ مِمَّنْ رَأَى وَهُمَا النَّاقِلَانِ (قَوْلُهُ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ) أَيْ بِثُبُوتِهِ وَنَقَلَ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَيْ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِعَدْلَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ مُسْتَفِيضَةٍ وَلَمْ يَحْكُمْ وَنَقَلَ ذَلِكَ الثُّبُوتَ. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا النَّقْلُ عَنْ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ) أَيْ وَالْجَمَاعَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَقَدْ تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ صُوَرَ النَّقْلِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ أَوْ عَنْ الْحُكْمِ وَالنَّاقِلُ فِي الثَّلَاثِ إمَّا عَدْلَانِ أَوْ مُسْتَفِيضَةٌ وَكُلُّهَا تَعُمُّ وَيَشْمَلُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَمَّ إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا أَيْ وَأَوْلَى إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْ الْحُكْمِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ النَّاقِلُ عَدْلًا فَإِنْ نَقَلَ رُؤْيَةَ الْعَدْلَيْنِ كَانَ نَقْلُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ حُكْمٌ أَوْ نُقِلَ ثُبُوتُهُ بِرُؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ فَإِنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ نُقِلَ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ لِلشَّارِحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ نَقْلٌ عَنْ الْحَاكِمِ أَوْ عَنْ الْمُسْتَفِيضَةِ أَوْ عَنْ الْعَدْلَيْنِ فَالتَّعَدُّدُ شَرْطٌ فِي الْأَخِيرِ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ عَنْ الْحَاكِمِ مَا يَشْمَلُ النَّقْلَ لِحُكْمِهِ أَوْ لِمُجَرَّدِ الثُّبُوتِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ لَا بِرُؤْيَةِ مُنْفَرِدٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ رُؤْيَةٍ إلَى أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ الرُّؤْيَةِ لَا مِنْ النَّقْلِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ عَدَدٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ إلَّا كَأَهْلِهِ) أَيْ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِهِ وَلِمَنْ لَا اعْتِنَاءَ بِأَمْرِ الْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَهُ أَوْ كَانُوا غَيْرَهُمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبْدًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ عَبْدًا (قَوْلُهُ حَيْثُ ثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ) أَيْ عَدَمُ الِاشْتِهَارِ بِالْكَذِبِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَهْلًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَطْفًا) أَيْ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا بِمُنْفَرِدٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إنْ نُقِلَ بِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ غَيْرَهُ وَمُقَابِلُهُ لِأَبِي عُمَرَ إنْ قَالَ لَا يَثْبُتُ بِنَقْلِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِهِ الَّذِينَ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ) أَيْ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرْسَلَ لِيَكْشِفَ الْخَبَرَ فَيَكُونُ كَالْوَكِيلِ سَمَاعُهُ بِمَنْزِلَةِ سَمَاعِ الْمُرْسَلِينَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ) أَيْ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى الْعَدْلِ وَالْمَرْجُوِّ أَوْ غَيْرِهِمَا الرَّفْعُ لِأَجْلِ فَتْحِ بَابِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِمَا عَطْفٌ عَلَى عَدْلٍ السَّابِقِ عَطْفَ تَلْقِينٍ (قَوْلُهُ الْمُنْكَشِفُ) أَيْ الظَّاهِرُ الْفِسْقُ لِلنَّاسِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَاسِقِ الرَّفْعُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَدْلِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ لَمْ يَخْتَرْهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الرَّفْعِ (قَوْلُهُ بِالنَّدْبِ) أَيْ بِنَدْبِ رَفْعِ الْفَاسِقِ بِخِلَافِ الْعَدْلِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ فَإِنَّ رَفْعَهُمَا وَاجِبٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ إلَخْ)

(فَتَأْوِيلَانِ) فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا، وَأَمَّا إنْ أَفْطَرَ أَهْلُ الْمُنْفَرِدِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ تَأَوَّلُوا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ بَعْدَ الرَّفْعِ وَلَمْ يَقْبَلُوا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ قَطْعًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ إذْ رَدُّ الْحَاكِمِ يُصَيِّرُ التَّأْوِيلَ بَعِيدًا وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ (لَا) يَثْبُتُ رَمَضَانُ (بِمُنَجِّمٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَلَا يُفْطِرُ) ظَاهِرًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ (مُنْفَرِدٌ بِشَوَّالٍ) أَيْ بِرُؤْيَتِهِ أَيْ يَحْرُمُ فِطْرُهُ (وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ) أَيْ الْإِطْلَاعَ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ التُّهْمَةِ بِالْفِسْقِ، وَأَمَّا فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ فَوَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فَإِنْ أَفْطَرَ ظَاهِرًا وُعِظَ وَشُدِّدَ عَلَيْهِ فِي الْوَعْظِ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ وَإِلَّا عُزِّرَ (إلَّا بِمُبِيحٍ) لِلْفِطْرِ ظَاهِرًا كَسَفَرٍ وَحَيْضٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْطَرَ لِذَلِكَ (وَفِي تَلْفِيقِ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) شَهِدَ بِالرُّؤْيَةِ (أَوَّلَهُ) لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الصَّوْمُ (وَلِآخَرَ) شَهِدَ بِرُؤْيَةِ شَوَّالٍ (آخِرَهُ) وَعَدَمِ تَلْفِيقِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فَكَانَ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ وَلَا يُلَفِّقُ شَاهِدٌ إلَخْ وَفَائِدَةُ التَّلْفِيقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَجَبَ الْفِطْرُ لِاتِّفَاقِ شَهَادَتِهِمَا عَلَى مُضِيِّ الشَّهْرِ بِضَمِّ الْأَوَّلِ لِلثَّانِيَّ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى التَّمَامِ وَفَائِدَةُ عَدَمِ التَّلْفِيقِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُونَ حُرِّمَ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ (وَ) فِي (لُزُومِهِ) أَيْ لِلصَّوْمِ لِلْمَالِكِيِّ (بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ) كَالشَّافِعِيِّ (بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَرَدُّدٌ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ (وَرُؤْيَتُهُ) أَيْ الْهِلَالِ (نَهَارًا) وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (لِلْقَابِلَةِ) فَيَسْتَمِرُّ مُفْطِرًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَصَائِمًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا خِلَافٌ فِي حَالِ هَلْ هَذَا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ) أَيْ، وَهُوَ الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ) أَيْ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ أَيْ إذَا أَفْطَرَ مَنْ ذَكَرَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ لَا بِمُنَجِّمٍ) ، وَهُوَ الَّذِي يَحْسِبُ قَوْسَ الْهِلَالِ هَلْ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَوْ لَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِ وَلَوْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّنَا مَأْمُورُونَ بِتَكْذِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ فَوَاجِبٌ) لَكِنَّهُ لَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا فَإِنْ أَخْبَرَ بِهِ أَحَدًا كَانَ كَمَنْ تَعَاطَى الْمُفْطِرَ ظَاهِرًا فَيُوعَظُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ وَإِلَّا عُزِّرَ (قَوْلُهُ إلَّا بِمُبِيحٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ مُتَلَبِّسًا بِعُذْرٍ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ سَفَرٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ ظَاهِرًا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ كَذَا فِي خش وَمِثْلُهُ فِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ لِمَ لَا يُقَالُ إنَّ الْفِطْرَ بِالنِّيَّةِ يَكْفِي إذَا الَّذِي يَحْرُمُ يَوْمَ الْعِيدِ هُوَ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ بِالنِّيَّةِ مُنَافٍ لَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفِي تَلْفِيقِ إلَخْ) الْقَوْلُ بِالضَّمِّ بَيْنَهُمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمِّ لِيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَجَبَ الْفِطْرُ) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الثَّانِي مُصَدِّقَةٌ لِلْأَوَّلِ إذْ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَوَّلِ لَا تُوجِبُ كَوْنَ هَذَا الْيَوْمِ مِنْ شَوَّالٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الشَّهْرِ كَامِلًا (قَوْلُهُ وَلُزُومُهُ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخَالِفَ إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ بِوُجُوبِ صَوْمِهِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ بِهَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَقَعَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَهُوَ الْعِبَادَاتُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ أَوَّلًا يَلْزَمُ الْمَالِكِيَّ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَحُكْمَهُ فِيهَا بَعْدَ إفْتَاءٍ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ صَلَاةٍ أَوْ بُطْلَانِهَا وَإِنَّمَا يَدْخُلُ حُكْمُهُ حُقُوقَ الْعِبَادِ مِنْ مُعَامَلَاتٍ وَغَيْرِهَا وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْقَرَافِيُّ شَيْخُ ابْنِ رَاشِدٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَوَائِلُ شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدِّيبَاجِ لَا تِلْمِيذُهُ خِلَافًا لِمَا فِي تت وخش وَلِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ قَوْلُ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا فَعَلَى هَذَا إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ الشَّهْرِ لَزِمَ الْمَالِكِيَّ الصَّوْمُ لَا إنْ حَكَمَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لِلْمَالِكِيِّ وَصَامَ النَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالْفِطْرِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَصْعَبُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنْ رُئِيَ قَبْلَهُ فَلِلْمَاضِيَةِ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَالْفِطْرُ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْفِطْرِ إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَعَلَى الصَّوْمِ إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لِلْقَابِلَةِ) أَيْ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ

(وَإِنْ ثَبَتَ) رَمَضَانُ (نَهَارًا أَمْسَكَ) الْمُكَلَّفُ وُجُوبًا عَنْ الْمُفْطِرَاتِ وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهُ فِطْرٌ لِحُرْمَةِ الزَّمَنِ (وَإِلَّا) يُمْسِكْ (كُفِّرَ إنْ انْتَهَكَ) الْحُرْمَةَ بِعِلْمِهِ بِالْحُكْمِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِكْ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ جَازَ لَهُ فِطْرُهُ فَلَا كَفَّارَةَ (وَإِنْ غَيَّمَتْ) السَّمَاءُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ (وَلَمْ يَرَ) الْهِلَالَ (فَصَبِيحَتُهُ) أَيْ الْغَيْمِ (يَوْمُ الشَّكِّ) الَّذِي نُهِيَ عَنْ صَوْمِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً لَمْ يَكُنْ يَوْمَ شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَرَ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» أَيْ أَكْمِلُوا عِدَّةَ مَا قَبْلَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَبِيحَةَ الْغَيْمِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةُ مَا تَحَدَّثَ فِيهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ فَاسِقٍ كَمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (وَصِيمَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ أَيْ جَازَ صَوْمُهُ أَيْ أَذِنَ فِيهِ (عَادَةً) بِأَنْ اعْتَادَ سَرْدَ الصَّوْمِ أَوْ صَادَفَ يَوْمًا جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَصُومَهُ كَخَمِيسٍ (وَتَطَوُّعًا) أَيْ لَا لِعَادَةٍ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ (وَقَضَاءً) عَنْ رَمَضَانَ السَّابِقِ (وَكَفَّارَةً) عَنْ هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَيَمِينٍ وَكَذَا نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ (وَلِنَذْرٍ صَادَفَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا لِلْمَاضِيَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيَسْتَمِرُّ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِهِلَالِ شَوَّالٍ اهـ خش (قَوْلُهُ، وَإِنْ ثَبَتَ رَمَضَانُ) أَيْ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ كَأَنْ يُثْبِتَ بِالنَّقْلِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ عَدْلَانِ أَوْ جَمَاعَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ أَمْسَكَ) أَيْ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَوْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْمَنْوِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ نَهَارًا وَأَمْسَكَ فَإِنَّهُ يُمْسِكُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ صَوْمٍ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّوْمِ وَقْتَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَإِنْ نَوَى نَهَارًا كَانَتْ كَالْعَدَمِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَمْسَكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ نَهَارًا وَنَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عِنْدَ إمْسَاكِهِ وَلَمْ يَجِدْ تِلْكَ النِّيَّةَ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ كَانَ صَوْمُهُ كُلُّهُ بَاطِلًا، وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَالنِّيَّةُ قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ بَاطِلَةٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَصْبَحَ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّهْرِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ بَعْدَ ثُبُوتِهِ يَعْنِي إذَا وَقَعَتْ فِي مَحَلِّهَا بِأَنْ كَانَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِعِلْمِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ (قَوْلُهُ فَلَا كَفَّارَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا تَأْوِيلٌ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ غَيَّمَتْ) الصَّوَابُ ضَبْطُهُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ يَوْمُ الشَّكِّ) أَيْ صَبِيحَةُ يَوْمِ الشَّكِّ لِلشَّكِّ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَانَ أَيْ صَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ جَزْمًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَسْمِيَتِهِ يَوْمَ الشَّكِّ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةُ الثَّلَاثِينَ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ صَحْوًا وَتَحَدَّثَ فِيهَا بِالرُّؤْيَةِ مَنْ لَا يَثْبُتُ بِهِ كَعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الرُّؤْيَةِ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً مَعَ انْضِمَامِ حَدِيثِ مَنْ لَا يَثْبُتُ بِهِ وَقَوْلُهُمْ أَنَّهُ رُئِيَ مُثِيرٌ لِلشَّكِّ بِخِلَافِ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مَعَ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ لَا يُثِيرُ شَكًّا؛ لِأَنَّهُ صَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ أَيْ أُذِنَ فِيهِ) أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ عَادَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَقَضَاءً (قَوْلُهُ وَتَطَوُّعًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ الْقَائِلِ بِكَرَاهَةِ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَطَوُّعًا جَوَازُ الصَّوْمِ تَطَوُّعًا فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْكَرَاهَةِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصِلْهُ» أَيْ كَأَنْ يَصُومَ صَوْمًا مُعْتَادًا لَهُ فَيَسْتَمِرُّ فِيهِ عَلَى مَا كَانَ وَأَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّقْدِيمِ بِقَصْدِ تَعْظِيمِ الشَّهْرِ كَمَا أَنَّ الرَّوَاتِبَ الْقَبْلِيَّةَ فِي الصَّلَاةِ إذَا قُصِدَ بِهَا تَعْظِيمُ الْفَرِيضَةِ بَعْدَهَا تُكْرَهُ (قَوْلُهُ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ) أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ مَا صِيمَ عَادَةً تَطَوُّعٌ فَالْمُتَعَاطِفَانِ غَيْرُ مُتَغَايِرَيْنِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ تَطَوُّعٌ مُعْتَادٌ وَالثَّانِي غَيْرُ مُعْتَادٍ (قَوْلُهُ قَالَ مَالِكٌ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ) أَيْ جَوَازُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا لَا لِعَادَةٍ (قَوْلُهُ وَقَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ السَّابِقِ) وَيُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَلَا الْفَائِتِ وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَقَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْفَائِتِ فَلَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِهِ قَضَاءً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَتَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَنَّهُ قَدْ قَضَى مَا فِي ذِمَّتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ فَإِنْ أَفْطَرَ فَهَلْ يَقْضِيهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَصُوِّبَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ ظَنًّا أَنَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَفَّارَةً عَنْ هَدْيٍ) الْأَوْلَى وَكَفَّارَةً عَنْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ لَا أَنَّهُ كَفَّارَةٌ عَنْهُمَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ صَوْمُهُ إذَا كَانَ نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ فَصَامَ يَوْمَ الشَّكِّ، وَإِذَا صَامَهُ وَثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَضَى مَا فِي ذِمَّتِهِ وَيَوْمًا عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ اهـ خش (قَوْلُهُ وَلِنَذْرٍ صَادَفَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ صَوْمَهُ تَعْيِينًا بِأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَوْمُ الشَّكِّ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ

كَنَذْرِ يَوْمِ خَمِيسٍ أَوْ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَأَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَيَوْمٌ لِلْفَائِتِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ (لَا احْتِيَاطًا) عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ اُحْتُسِبَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ تَطَوُّعًا فَلَا يَجُوزُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الرَّاجِحِ (وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ) بِقَدْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالثُّبُوتِ (لِيَتَحَقَّقَ) الْحَالُ مِنْ صِيَامٍ أَوْ إفْطَارٍ (لَا) يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ (لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ) بِهِ احْتِيَاطًا لَهَا أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْإِمْسَاكِ لِلثُّبُوتِ وَإِلَّا فَهُوَ يُمْسِكُ بِقَدْرِ الْأَوَّلِ كَمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى (أَوْ زَوَالِ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ لِزَوَالِ (عُذْرٍ مُبَاحٍ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْعُذْرِ (الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ كَمُضْطَرٍّ) لِفِطْرٍ مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ فَأَفْطَرَ لِذَلِكَ وَكَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَتَا نَهَارًا أَوْ مَرِيضٍ صَحَّ وَمُرْضِعٍ مَاتَ وَلَدُهَا وَمُسَافِرٍ قَدِمَ وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ وَصَبِيٍّ بَلَغَ نَهَارًا فَلَا يُنْدَبُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ الْإِمْسَاكُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ عَنْ النَّاسِي وَمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ كَصَبِيٍّ بَيَّتَ الصَّوْمَ وَاسْتَمَرَّ صَائِمًا حَتَّى بَلَغَ أَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا قَضَاءَ وَأُورِدَ عَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُكْرَهُ عَلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَعَلَى مَفْهُومِهِ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ إذَا أَفَاقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْصِيَةٍ اُنْظُرْ ح وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا احْتِيَاطًا لَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ صَادَفَ. (قَوْلُهُ كَنَذْرِ يَوْمِ خَمِيسٍ أَوْ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ) أَيْ فَصَادَفَ أَنَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ يَوْمُ الشَّكِّ فَيَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ وَيُجْزِئُهُ عَنْ النَّذْرِ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ فَقَطْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ وَأَجْزَأَهُ) أَيْ إذَا صَامَهُ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ الْفَائِتِ لِكَوْنِهِ نَذْرًا صَادَفَ وَقَوْلُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَالْفَائِتِ إذَا صَامَهُ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ وَلَا عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَالنَّذْرُ إذَا كَانَ صَامَهُ لِنَذْرٍ صَادَفَ (قَوْلُهُ وَيَوْمٍ لِلْفَائِتِ) أَيْ لِرَمَضَانَ الْفَائِتِ وَهَذَا فِيمَا إذَا صَامَهُ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ الْفَائِتِ (قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلنَّذْرِ) أَيْ إذَا صَامَهُ لِنَذْرٍ صَادَفَ (قَوْلُهُ لَا احْتِيَاطًا) أَيْ لَا يُصَامُ احْتِيَاطًا، وَإِذَا صَامَهُ وَصَادَفَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا يُجْزِئُهُ لِتَزَلْزُلِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ وَلَا يُرَدُّ قَوْلُ عَائِشَةَ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ كَنَى بِالْعِصْيَانِ عَنْ شِدَّةِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ) أَيْ يَوْمِ الشَّكِّ أَيْ نُدِبَ الْإِمْسَاكُ فِيهِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالثُّبُوتِ) أَيْ ثُبُوتِ الشَّهْرِ مِنْ الْمَارِّينَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ السِّفَارَةِ وَذَلِكَ بِارْتِفَاعِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَاحْتَاجَ الْأَمْرُ إلَى تَزْكِيَتِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ لِأَجْلِ التَّزْكِيَةِ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي تَزْكِيَتِهِمَا طُولٌ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا فَاسْتِحْبَابُ الْإِمْسَاكِ مُتَعَيِّنٌ كَمَا قَالَ ح بَلْ هُوَ آكَدُ مِنْ الْإِمْسَاكِ فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالرُّؤْيَةِ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا، وَكَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَأُخِّرَ أَمْرُ التَّزْكِيَةِ لِلنَّهَارِ فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا وَلَا يَجِبُ تَبْيِيتُ الصَّوْمِ، وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً وَأُخِّرَ أَمْرُ التَّزْكِيَةِ لِلنَّهَارِ فَالْمَنْفِيُّ إنَّمَا هُوَ الْإِمْسَاكُ الزَّائِدُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْأَمْرُ وَإِنْ زَكَّيَا بَعْدَ ذَلِكَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْإِمْسَاكِ وَالْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفِطْرِ بِأَنْ رَأَيَا هِلَالَ شَوَّالٍ وَاحْتَاجَ الْأَمْرُ لِلتَّزْكِيَةِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ زَكَّيَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمْ فِيمَا صَامُوا (قَوْلُهُ زِيَادَةً عَلَى الْإِمْسَاكِ لِلثُّبُوتِ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَمَا فِي بْن تَبَعًا لح إذَا كَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ شَكٍّ بِأَنْ كَانَ صَبِيحَةَ صَحْوٍ فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا وَكَذَا إنْ شَهِدَا نَهَارًا فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ أَوْ زَوَالِ عُذْرٌ) مُحَصَّلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُفْطِرًا لِأَجْلِ عُذْرٍ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ فَإِذَا زَالَ الْحَيْضُ أَوْ النِّفَاسُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ انْقَضَى السَّفَرُ أَوْ زَالَ الصِّبَا وَبَلَغَ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ زَالَ الْجُنُونُ أَوْ الْإِغْمَاءُ أَوْ قَوِيَ الْمَرِيضُ الْمُفْطِرُ أَوْ زَالَ اضْطِرَارُ الْمُضْطَرِّ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ الْإِمْسَاكُ وَيَجُوزُ لَهُمْ التَّمَادِي عَلَى تَعَاطِي الْمُفْطِرِ (قَوْلُهُ مَعَ الْعِلْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُبَاحٍ أَيْ أُبِيحَ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ لَا بِزَوَالٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ جُوعٍ) أَيْ مِنْ أَجْلِ جُوعٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَصَبِيٍّ) أَيْ بَيَّتَ الْفِطْرَ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ عَنْ النَّاسِي) أَيْ عَمَّنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا (قَوْلُهُ فَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النِّسْيَانِ وَالشَّكِّ عُذْرٌ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ لَكِنْ لَا مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ (قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ بَيَّتَ الصَّوْمَ إلَخْ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ لِانْعِقَادِ الصَّوْمِ لَهُ نَافِلَةً كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ أَوْ أَفْطَرَ نَاسِيًا) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ الْإِمْسَاكُ (قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ) أَيْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَجِبُ فِيهِمَا الْإِمْسَاكُ (قَوْلُهُ وَأُورِدَ عَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُكْرَهُ عَلَى الْفِطْرِ) أَيْ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ عُذْرٌ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ مَعَ أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْفِطْرِ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَفْهُومِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجُنُونَ عُذْرٌ يُبَاحُ لِأَجْلِهِ الْفِطْرُ لَكِنْ لَا مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ

مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِرَمَضَانَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ (فَلِقَادِمٍ) مِنْ سَفَرِهِ نَهَارًا مُفْطِرًا (وَطْءُ زَوْجَةٍ) أَوْ أَمَةٍ (طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ نَهَارًا أَوْ صَبِيَّةٍ لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ أَوْ قَادِمَةٍ مِنْ سَفَرٍ مُفْطِرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ (وَ) نُدِبَ (كَفُّ لِسَانٍ) عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَأَمَّا عَنْ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَيَتَأَكَّدُ فِيهِ (وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ) بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ فَتَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ وَكَوْنُ مَا ذَكَرَ وِتْرًا وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَفِي حَدِيثِ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» (وَ) نُدِبَ (تَأْخِيرُ سُحُورٍ) وَكَذَا يُسْتَحَبُّ أَصْلُ السُّحُورِ (وَ) نُدِبَ (صَوْمٌ) لِرَمَضَانَ (بِسَفَرٍ، وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ) وَطَنَهُ (بَعْدَ الْفَجْرِ) وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ وُجُوبِ صِيَامِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ وَلَا يَجِبُ وَلَوْ عَلِمَ إلَخْ (وَصَوْمُ عَرَفَةَ) ، وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ سَنَةً مَاضِيَةً وَسَنَةً مُسْتَقْبَلَةً وَالْيَوْمُ الثَّامِنُ يُكَفِّرُ سَنَةً (إنْ لَمْ يَحُجَّ) وَكُرِهَ لِحَاجٍّ صَوْمُهُمَا لِلتَّقَوِّي عَلَى الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ (وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ) عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ فِي تَسْمِيَتِهَا عَشْرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا) أَيْ فِعْلَ الْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْفِطْرُ الْحَاصِلُ مَنَعَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ لِعُذْرٍ يُبَاحُ مَعَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ فِطْرَهُمَا مُبَاحٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُكْرَهَ مِنْ أَهْلِ الْإِبَاحَةِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ مَعَ الْعِلْمِ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُكَلَّفٌ وَعُذْرُهُ مُبِيحٌ لِاخْتِيَارِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُكْرَهُ لَمْ يَدْخُلُوا فِي مَنْطُوقٍ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا فِي مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ بَيَّتَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِالصَّوْمِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَلَا يُقَالُ هِيَ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمَرْ بِالصَّوْمِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا لَكِنْ إذَا بَيَّتَتْهُ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا كَمَا مَرَّ عَنْ ح؛ لِأَنَّا نَقُولُ: سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ تَطَوَّعَتْ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ كَافِرَةٍ) قَالَ عبق وَلَوْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا كَانَتْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا لَا يُفَطِّرُهَا فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ إذَا كَانَتْ صَائِمَةً فِي دِينِهَا لَا يُفَطِّرُهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّشَرُّعِ بِدِينِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ) أَيْ عَنْ الْكَلَامِ الْفَاضِلِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْ الْمُبَاحِ فَخَرَجَ ذِكْرُ اللَّهِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِهِ يُشْغِلُ عَنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَتَعَشَّى بَعْدَهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ «إذَا حَضَرَ الْعِشَاءُ وَالْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» فَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ مَالِكٌ لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَحَمَلَ الْعَشَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْأَكْلِ الْكَثِيرِ وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْأَكْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَمْ يَطُلْ كَثَلَاثِ تَمَرَاتٍ أَوْ زَبِيبَاتٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ (قَوْلُهُ فَتَمَرَاتٍ) أَيْ فَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلْوَيَاتِ؛ لِأَنَّ السُّكَّرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْحَلَاوَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَاءِ وَالتَّمْرُ يُقَدَّمُ عَلَى مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ حَسَوَاتٍ) جَمْعُ حُسْوَةٍ كَمُدْيَةٍ وَمُدْيَاتٍ وَالْفَتْحُ فِي الْجَمْعِ لُغَةٌ وَالْحُسْوَةُ مِلْءُ الْفَمِ مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ مَا ذَكَرَ وِتْرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَاحِدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثُ أَوْلَى مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يَقُولَ) أَيْ بَعْدَ فِطْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) هُوَ بِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَبِالْفَتْحِ مَا يُؤْكَلُ آخِرَ اللَّيْلِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ لِقَرْنِهِ بِالْفِطْرِ وَلِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّأْخِيرِ وَقَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ أَيْ لِلثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ السُّحُورِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَكُلَّمَا تَأَخَّرَ كَانَ أَفْضَلَ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤَخِّرُهُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَا بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْفَجْرِ قَدْرُ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ خَمْسِينَ آيَةً وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْأَكْلَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَيْسَ سُحُورًا (قَوْلُهُ وَصَوْمٌ بِسَفَرٍ) أَيْ يُنْدَبُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ فِي سَفَرِهِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ وَسَيَأْتِي شُرُوطُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَيُكْرَهُ الْفِطْرُ، وَأَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا وَذَلِكَ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْقَصْرِ وَعَدَمِ بَرَاءَتِهَا بِالْفِطْرِ فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الصَّوْمِ بِالسَّفَرِ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» قُلْت الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى صَوْمِ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ إذَا شَقَّ وَيُرْوَى الْحَدِيثُ بِاللَّامِ وَالْمِيمِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ عُلِمَ دُخُولُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ) أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ كَمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ لَا يَمُوتُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ؛ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ يُشْعِرُ بِحَيَاتِهِ وَصُدُورِ ذُنُوبٍ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَنُدِبَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ الْمُرَادُ تَأَكُّدُ النَّدْبِ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ مُطْلَقًا مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ وَالْيَوْمُ الثَّامِنُ) أَيْ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَقَوْلُهُ يُكَفِّرُ أَيْ يُكَفِّرُ صَوْمُهُ سَنَةً مَاضِيَةً وَهَذَا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ وَفِي ح أَنَّ صَوْمَهُ يُكَفِّرُ شَهْرًا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ) ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِيَوْمِ

تَغْلِيبٌ أَوْ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمٍ عَلَى الْجُزْءِ وَاخْتُلِفَ هَلْ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ بَقِيَّةِ التِّسْعِ يُكَفِّرُ سَنَةً أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا (وَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ) بِالْمَدِّ فِيهِمَا وَقَدَّمَ عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَاسُوعَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً وَنُدِبَ فِيهِ تَوْسِعَةٌ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالْيَتَامَى بِالْمَعْرُوفِ (وَ) نُدِبَ صَوْمُ (الْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ وَشَعْبَانَ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْحُرُمِ الْأَرْبَعَةِ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ فَرَجَبٌ فَذُو الْقَعْدَةِ وَالْحِجَّةِ (وَ) نُدِبَ (إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِمَنْ أَسْلَمَ) لِتَظْهَرَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ بِسُرْعَةٍ (وَ) نُدِبَ (قَضَاؤُهُ) وَلَمْ يَجِبْ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ (وَ) نُدِبَ (تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ) لِمَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى الطَّاعَةِ أَوْلَى وَإِبْرَاءَ الذِّمَّةِ مِنْ الْفَرَائِضِ أَوْلَى مِنْ النَّافِلَةِ (وَتَتَابُعُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ (كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ) يُنْدَبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَتَمَتُّعٍ وَصِيَامِ جَزَاءٍ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ (وَ) نُدِبَ (بَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ) وَقِرَانٍ وَكُلِّ نَقْصٍ فِي حَجٍّ عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ أَيْ إذَا اجْتَمَعَ صَوْمٌ كَالتَّمَتُّعِ وَقَضَاءِ رَمَضَانِ نُدِبَ تَقْدِيمُ صِيَامِ التَّمَتُّعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ صَوْمِ الْقَضَاءِ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ لِشَعْبَانَ وَنُدِبَ الْبُدَاءَةُ بِمَا ذَكَرَ لِيَصِلَ سَبْعَةَ التَّمَتُّعِ بِالثَّلَاثَةِ الَّتِي صَامَهَا فِي الْحَجِّ فَلَوْ بَدَأَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ لِفَصْلٍ بَيْنَ جُزْأَيْ صَوْمِ التَّمَتُّعِ فَتَأَمَّلْ (إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهُ (وَ) نُدِبَ (فِدْيَةٌ) وَهِيَ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى مُدٌّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ (لِهَرِمٍ وَعَطِشٍ) بِكَسْرِ الرَّاء وَالطَّاء أَيْ لَا يَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الصَّوْمِ فِي زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ فَإِنْ قَدَرَ فِي زَمَنٍ مَا أَخَّرَ إلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَرَفَةَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ إذْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لَيْسَ عَامًّا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ تَغْلِيبٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تِسْعَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ إذْ الْعَاشِرُ، وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ لَا يُصَامُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ تَغْلِيبٌ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ إذْ لَا تَغْلِيبَ هُنَا (قَوْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ التِّسْعِ) أَيْ غَيْرِ الثَّامِنِ وَالتَّاسِعِ، وَأَمَّا هُمَا فَقَدْ مَرَّ مَا يُكَفِّرُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ يُكَفِّرُ سَنَةً أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهْرَيْنِ أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ تت وَقَوْلُهُ أَوْ شَهْرًا أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ح (قَوْلُهُ وَعَاشُورَاءَ) هُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ وَتَاسُوعَاءَ تَاسِعَةٌ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَاشُورَاءُ) أَيْ مَعَ أَنَّ تَاسُوعَاءَ سَابِقٌ فِي الْوُجُودِ عَلَى عَاشُورَاءَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً أَيْ ذُنُوبَ سَنَةٍ مِنْ الصَّغَائِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَغَائِرُ حَتَّتْ مِنْ كَبَائِرِ سَنَةٍ، وَذَلِكَ التَّحْتِيتُ مُوَكَّلٌ لِفَضْلِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَبَائِرَ رَفَعَ لَهُ دَرَجَاتٍ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِيهِ تَوْسِعَةٌ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ يُنْدَبُ عَشْرُ خِصَالٍ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: صُمْ صَلِّ صِلْ زُرْ عَالِمًا ثُمَّ اغْتَسِلْ ... رَأْسَ الْيَتِيمِ امْسَحْ تَصَدَّقْ وَاكْتَحِلْ وَسِّعْ عَلَى الْعِيَالِ قَلِّمْ ظُفْرًا ... وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ قُلْ أَلْفًا تَصِلْ لِقُوَّةِ حَدِيثِ التَّوْسِعَةِ دُونَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَرَجَبٍ) اعْتَرَضَ ح رَجَبَ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي فِطْرِ رَجَبٍ وَلَا فِي صِيَامِهِ وَلَا فِي صِيَامِ شَيْءٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ اُنْظُرْهُ وَلِذَا قَالَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُحَرَّمِ وَشَعْبَانَ لَوَافَقَ الْمَنْصُوصَ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وَنُدِبَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ غَيْرُ الْمَنْصُوصِ قَالَ ح وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأَشْهُرِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا شَوَّالًا وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لَكِنْ وَقَفْت فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ عَلَى حَدِيثٍ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ وَنَصُّهُ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَشَوَّالًا وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ دَخَلَ الْجَنَّةَ» اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَنُدِبَ قَضَاؤُهُ) اُنْظُرْ هَلْ نَدْبُ الْقَضَاءِ خَاصٌّ بِمَا إذَا أَمْسَكَ بَقِيَّتَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْسِكْ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ أَوْ عَامٌّ فِيمَنْ أَمْسَكَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ أَوْ أَفْطَرَ فِيهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِبْ) أَيْ الْإِمْسَاكُ مَعَ أَنَّ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ هُوَ مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ وَزَوَالُ عُذْرٍ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ) أَيْ وَأَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي يَلْزَمُ تَتَابُعُهُ فَتَتَابُعُ قَضَائِهِ وَاجِبٌ مَا عَدَا رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَتَمَتُّعٍ) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَلْزَمُهُ دَمٌ أَوْ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَقَوْلُهُ وَثَلَاثَةٌ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِغْنَاءِ التَّمَتُّعِ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَصِيَامِ جَزَاءٍ) أَيْ إذَا قَتَلَ صَيْدًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ وَقَوَّمَ بِطَعَامٍ وَأَرَادَ أَنْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا (قَوْلُهُ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ مَثَلًا وَأَرَادَ الصَّوْمَ قَدَّمَهُ عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ لِشَعْبَانَ) أَيْ فَقَضَاءُ رَمَضَانَ مُوَسَّعٌ وَصَوْمُ التَّمَتُّعِ وَمَا مَعَهُ مُضَيَّقٌ وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ الْمُضَيَّقِ عَلَى الْمُوَسَّعِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَجْرِي فِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ فِي صَوْمِ الْقِرَانِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَفِيهَا قُصُورٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ فِيهَا شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْفَصْلَ غَيْرُ مُضِرٍّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ الْفَصْلُ بِالرُّجُوعِ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِدْيَةٌ لِهَرِمٍ وَعَطِشٍ) مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الْفِدْيَةِ لَهُمَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلِلْعَطِشِ أَنْ يَتَنَاوَلَ غَيْرَ الشُّرْبِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لِلْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لَا يُنْدَبُ لَهُ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ بَلْ لَهُ تَنَاوُلُ كُلِّ شَيْءٍ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ح عَنْ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ إنَّ الْمُتَعَطِّشَ يَشْرَبُ إذَا بَلَغَ الْجَهْدَ مِنْهُ وَلَا يَعْدِلُ عَنْ الشُّرْبِ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ) أَيْ لَا وُجُوبًا

(وَ) نُدِبَ (صَوْمُ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) وَكَانَ مَالِكٌ يَصُومُ أَوَّلَ يَوْمِهِ وَحَادِي عَشْرَةَ وَحَادِي عَشْرَيْهِ (وَكُرِهَ كَوْنُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (الْبِيضَ) أَيْ أَيَّامَ اللَّيَالِي الْبِيضِ ثَالِثَ عَشْرِهِ وَتَالِيَاهُ مَخَافَةَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبِهَا وَفِرَارًا مِنْ التَّحْدِيدِ وَهَذَا إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ فَلَا كَرَاهَةَ (كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) فَتُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَتَابِعَةً وَأَظْهَرَهَا مُعْتَقِدًا سَنَةَ اتِّصَالِهَا (وَ) كُرِهَ لِلصَّائِمِ (ذَوْقُ مِلْحٍ) لِطَعَامِهِ لِيَنْظُرَ اعْتِدَالَهُ وَلَوْ لِصَانِعٍ وَكَذَا ذَوْقُ عَسَلٍ وَخَلٍّ وَنَحْوِهِمَا (وَ) كُرِهَ مَضْغُ (عِلْكٍ) ، وَهُوَ مَا يُعْلَكُ أَيْ يُمْضَغُ كَتَمْرٍ لِصَبِيٍّ مَثَلًا وَمَضْغُ لِبَانٍ (ثُمَّ يَمُجُّهُ) قَبْلَ أَنْ يَصِلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى حَلْقِهِ فَإِنْ وَصَلَ قَضَى فَقَطْ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا كَفَّرَ أَيْضًا (وَمُدَاوَاةُ حُفَرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ فَسَادُ أُصُولِ الْأَسْنَانِ (زَمَنَهُ) أَيْ الصَّوْمِ، وَهُوَ النَّهَارُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلِمَ فَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْهُ شَيْئًا غَلَبَةً قَضَى، وَإِنْ تَعَمَّدَ كَفَّرَ أَيْضًا (إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) فِي تَأْخِيرِهِ لِلَّيْلِ بِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ شِدَّةِ تَأَلُّمٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ مَرَضٌ فَلَا تُكْرَهُ بَلْ يَجِبُ إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شِدَّةَ أَذًى (وَ) كُرِهَ (نَذْرَ) صَوْمِ (يَوْمٍ مُكَرَّرٍ) كَكُلِّ خَمِيسٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عَلَى كَسَلٍ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا نَدْبًا (قَوْلُهُ وَصَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَيَّامِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ مُسْتَقِلَّانِ (قَوْلُهُ أَوَّلَ يَوْمِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا فَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ بِحَسَنَةٍ، وَهِيَ بِصَوْمِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَحَادِي عَشْرِهِ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ وَحَادِي عَشْرَيْهِ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا صَامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَحَادِي عَشْرِهِ وَحَادِي عَشْرَيْهِ فَكَأَنَّهُ صَامَ الدَّهْرَ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَلَا يُرَدُّ النَّقْضُ بِأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ اهـ تَقْرِيرٌ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَادِي عَشْرَيْهِ) كَذَا قَالَهُ تت لَا أَوَّلَهُ وَعَاشِرَهُ وَيَوْمَ عَشْرَيْهِ كَمَا فِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ كَذَا فِي عبق قَالَ بْن مِثْلُهُ فِي ح عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَالذَّخِيرَةِ وَيَا لَلْعَجَبِ كَيْفَ يَكُونُ مَا لتت أَرْجَحُ مِمَّا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا لتت قَدْ تَأَيَّدَ عِنْدَ عبق نَقْلًا كَمَا تَأَيَّدَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الدِّرَايَةَ كَانَتْ أَغْلَبَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الرِّوَايَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ أَيَّامَ اللَّيَالِي الْبِيضِ) أَيْ فَقَدْ حَذَفَ الْمُضَافَ لِلْمَوْصُوفِ وَقَوْلُهُ ثَالِثَ عَشَرَهِ أَيْ الشَّهْرِ وَتَالِيَاهُ وُصِفَتْ اللَّيَالِي الْمَذْكُورَةُ بِالْبِيضِ لِشِدَّةِ نُورِ الْقَمَرِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَفِرَارًا إلَخْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَلَى قَوْلِهِ مَخَافَةَ إلَخْ. (قَوْلُهُ إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا) بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِصَوْمِهَا خَاصَّةً (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ) بِأَنْ قَصَدَ صِيَامَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لِمُقْتَدًى بِهِ) خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِ الْعَامَّةِ وُجُوبَهَا وَانْظُرْ التَّقْيِيدَ بِهِ مَعَ مَا فِي ح عَنْ مُطَرِّفٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ صَوْمَهَا لِذِي الْجَهْلِ خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا اهـ بْن (مُعْتَقِدًا سُنَّةَ اتِّصَالِهَا) أَيْ مُعْتَقِدًا أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ خَبَرُ أَبِي أَيُّوبَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ تَمَامَ السَّنَةِ» اهـ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى إظْهَارُهَا لَمْ يُكْرَهْ وَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى أَظْهَرَهَا كُرِهَ لَهُ فِعْلُهَا اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا أَوْ لَا، وَكَذَا إنْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّتَهُ كُرِهَ فِعْلُهَا أَظْهَرَهَا أَوْ لَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَيُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ، وَلِمَنْ خَافَ عَلَيْهِ اعْتِقَادَ وُجُوبِهَا إنْ صَامَهَا مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَتَابِعَةً وَأَظْهَرَهَا أَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَضْغُ عِلْكٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنْ عِلْكَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ لَا عَطْفٌ عَلَى مِلْحٍ؛ لِأَنَّ الْعِلْكَ لَا يُذَاقُ اللَّهُمَّ أَنْ يَضْمَنَ ذَوْقَ مَعْنَى تَنَاوُلٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَمُجُّهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا فَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ أَيْ، وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَذَاقَ الْمِلْحَ أَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فَيَمُجُّهُ أَيْ وُجُوبًا وَعَلَيْهِ فَإِنْ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ وَلَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْغُرُوبِ فَهَلْ يَأْثَمُ أَمْ لَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُدَاوَاةُ حُفَرٍ زَمَنَهُ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ مُدَاوَاتِهِ لَيْلًا فَإِنْ وَصَلَ لِحَلْقِهِ نَهَارًا فَهَلْ يَكُونُ مِثْلَ هُبُوطِ الْكُحْلِ نَهَارًا أَمْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ هُبُوطَ الْكُحْلِ لَيْسَ فِيهِ وُصُولُ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ دَوَاءِ الْحُفَرِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلِمَ) أَيْ مِنْ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ لِحَلْقِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الدَّوَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ مُدَاوَاةٍ. (قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) مِنْ ذَلِكَ غَزْلُ الْكَتَّانِ لِلنِّسَاءِ إذَا كُنَّ يُرِقْنَهُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تُضْطَرَّ الْمَرْأَةُ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ طَعْمٌ يَتَحَلَّلُ كَاَلَّذِي يَعْطَنُ فِي الْمُبَلَّاتِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِصْرِيًّا أَيْ يَعْطَنُ فِي الْبَحْرِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَمِنْ ذَلِكَ حَصَادُ الزَّرْعِ إذَا كَانَ يُؤَدِّي لِلْفِطْرِ كُرِهَ مَا لَمْ يُضْطَرَّ الْحَصَّادُ لِذَلِكَ، وَأَمَّا رَبُّ الزَّرْعِ فَلَهُ الْخُرُوجُ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُضْطَرٌّ لِحِفْظِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي تَأْخِيرِهِ) أَيْ فِي تَأْخِيرِ الدَّوَاءِ أَيْ فِي تَأْخِيرِ اسْتِعْمَالِهِ لَيْلًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ أَيْ مِنْ التَّأَلُّمِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ) أَيْ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّ

وَلَا مَفْهُومَ لِيَوْمٍ إذْ مِثْلُهُ أُسْبُوعٌ أَوْ شَهْرٌ أَوْ عَامٌ مُكَرَّرٌ كُلٌّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (وَ) كُرِهَ (مُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ) وَنَظَرٍ (إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ) مِنْ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ (وَإِلَّا) يَعْلَمْ بِأَنْ شَكَّ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ عَدَمَهَا (حُرِّمَتْ) مُقَدِّمَةُ الْجِمَاعِ لَا إنْ تَوَهَّمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ (وَ) كُرِهَتْ (حِجَامَةُ مَرِيضٍ) إنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ فَإِنْ عَلِمَهَا جَازَتْ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حُرِّمَتْ (فَقَطْ) أَيْ لَا صَحِيحٍ فَلَا تُكْرَهُ حِجَامَتُهُ إنْ شَكَّ فِي سَلَامَتِهِ وَأَوْلَى أَنْ عَلِمَهَا فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حُرِّمَتْ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ حَالَةُ الشَّكِّ (وَ) كُرِهَ (تَطَوُّعٌ) بِصِيَامٍ (قَبْلَ) صَوْمِ (نَذْرٍ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ (أَوْ) قَبْلَ (قَضَاءٍ) وَكَفَّارَةٍ بِصَوْمٍ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّكَرُّرَ مَظِنَّةُ التَّرْكِ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُكَرَّرُ فَإِذَا كَانَ أَقَلُّ مَا يُكَرَّرُ نَذْرُ صَوْمِهِ مَكْرُوهًا كَانَ الْمُكَرَّرُ أَكْثَرَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ إذْ مِثْلُهُ أُسْبُوعٌ) أَيْ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أُسْبُوعٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ رَجَبٍ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ عَامٍ فِيهِ خِصْبٌ. (تَنْبِيهٌ) مِنْ جُمْلَةِ الصِّيَامِ الْمَكْرُوهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ صَوْمُ يَوْمِ الْمَوْلِدِ الْمُحَمَّدِيِّ إلْحَاقًا لَهُ بِالْأَعْيَادِ وَكَذَا صَوْمُ الضَّيْفِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَنْزِلِ قَالَهُ فِي المج (قَوْله وإلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْأُسْبُوعُ أَوْ الشَّهْرُ أَوْ الْعَامُ مُعَيَّنًا فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ مُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ) أَيْ لِشَخْصٍ شَابٍّ أَوْ لِشَيْخٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ كَقُبْلَةٍ وَفِكْرٍ وَنَظَرٍ) أَيْ وَمُبَاشَرَةٍ وَمُلَاعَبَةٍ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُبْلَةِ لَتُوُهِّمَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي الْفِكْرِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقُبْلَةِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفِكْرِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْقُبْلَةَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَلَوْ كَانَا غَيْرَ مُسْتَدَامَيْنِ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ وَالْفِكْرَ غَيْرَ الْمُسْتَدَامَيْنِ لَا يُكْرَهَانِ إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ إذَا كَانَا بِقَصْدِ لَذَّةٍ لَا إنْ كَانَا بِدُونِ قَصْدِهَا أَوْ كَانَتْ الْقُبْلَةُ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةً وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ الْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَصَلَ إنعاظ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ لُزُومَ الْقَضَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَقْضِي وَمَا دُونَهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ) أَيْ أَوْ ظُنَّتْ وَقَوْلُهُ وَأُولَى إنْ عُلِمَ عَدَمُهَا أَيْ أَوْ ظُنَّ عَدَمُهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ مَذَى بِالْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَالَةِ الْكَرَاهَةِ أَوْ فِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ فَالْقَضَاءُ اتِّفَاقًا فَإِنْ حَصَلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا مُتَابَعَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْزَلَ فَفِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ اتِّفَاقًا وَفِي حَالَةِ الْكَرَاهَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا قَوْلُ أَشْهَبَ إنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ حَتَّى يُنْزِلَ وَالثَّانِي قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَبَيْنَ النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فَالْإِنْزَالُ النَّاشِئُ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا وَالنَّاشِئُ عَنْ الْأَخِيرَيْنِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ ذَلِكَ حَتَّى يُنْزِلَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن فَإِنْ شَكَّ فِي الْخَارِجِ مِنْهُ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ أَمَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَى الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ قَبِيلِ الْحُدُودِ فَتُدْرَأُ بِالشَّكِّ خُصُوصًا وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَاهَا فِي غَيْرِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ أَصْلُ نَصِّهَا قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ إنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ) أَيْ مِنْ الْمَرَضِ الْمُوجِبِ لِلْفِطْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَهَا جَازَتْ) أَيْ وَكَذَا إذَا ظَنَّهَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حُرِّمَتْ أَيْ وَكَذَا إذَا ظُنَّ عَدَمُهَا أَوْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ فَالْفَرْقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالصَّحِيحَ إذَا عُلِمَتْ سَلَامَتُهُمَا أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الْحِجَامَةُ لَهُمَا، وَإِنْ عُلِمَ أَوْ ظُنَّ عَدَمُ السَّلَامَةِ لَهُمَا حُرِّمَتْ لَهُمَا وَفِي حَالَةِ الشَّكِّ تُكْرَهُ لِلْمَرِيضِ وَتَجُوزُ لِلصَّحِيحِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ فِي ح عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ قَائِلًا إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ اسْتِوَاءُ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ فِي الْكَرَاهَةِ حَالَةَ الشَّكِّ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يُخْشَ بِتَأْخِيرِهَا لِلَّيْلِ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وإلَّا وَجَبَ فِعْلُهَا، وَإِنْ أَدَّتْ لِلْفِطْرِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالْفَصَادَةُ كَالْحِجَامَةِ كَمَا قَالَ ح (قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَطَوُّعٌ بِصِيَامٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ لِمَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَاجِبٌ كَالْمَنْذُورِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَذَلِكَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِ الْوَاجِبِ وَعَدَمِ فَوْرِيَّتِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُحَرَّمُ كَمَا تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ الَّذِي قَدَّمَهُ عَلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ غَيْرَ مُؤَكَّدٍ أَوْ كَانَ مُؤَكَّدًا كَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعِ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي تَرْجِيحِ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ قَضَاءً أَوْ تَطَوُّعًا ثَالِثُهَا سَوَاءٌ وَالْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ فَقِيلَ إنَّ

فَلَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ وَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ فِي زَمَنِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (وَمَنْ) عَلِمَ الشُّهُورَ وَ (لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ) لِلْهِلَالِ (وَلَا غَيْرُهَا) مِنْ إخْبَارٍ بِهِ (كَأَسِيرٍ) وَمَسْجُونٍ (كَمَّلَ الشُّهُورَ) أَيْ بَنَى فِي صِيَامِ رَمَضَانَ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّ الشُّهُورَ كُلَّهَا كَامِلَةٌ كَمَا إذَا تَوَالَى غَيْمُهَا وَصَامَ رَمَضَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا حَيْثُ عُرِفَ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَلْتَبِسْ عَلَيْهِ الشُّهُورُ وَإِنَّمَا الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ كَمَالِ الْأَهِلَّةِ (وَإِنْ الْتَبَسَتْ) عَلَيْهِ الشُّهُورُ فَلَمْ يُعْرَفْ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِهِ عَرَفَ الْأَهِلَّةَ أَمْ لَا (وَظَنَّ شَهْرًا) أَنَّهُ رَمَضَانُ (صَامَهُ وَإِلَّا) يَظُنَّ بَلْ تَسَاوَتْ عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَاتُ (تَخَيَّرَ) شَهْرًا وَصَامَهُ فَإِنْ فَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ فِي صُورَتَيْ الظَّنِّ وَالتَّخَيُّرِ هُوَ مَا بَعْدَ رَمَضَانَ أَجْزَأَ وَيَكُونُ قَضَاءً عَنْهُ وَنَابَتْ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ الْقَضَاءِ وَيَعْتَبِرُ فِي الْإِجْزَاءِ مُسَاوَاتَهُمَا (بِالْعَدَدِ) فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ شَوَّالٌ وَكَانَ هُوَ وَرَمَضَانُ كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ قَضَى يَوْمًا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ، وَإِنْ كَانَ الْكَامِلُ رَمَضَانَ فَقَطْ قَضَى يَوْمَيْنِ وَبِالْعَكْسِ لَا قَضَاءَ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ الْحِجَّةُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلِثَانِيهَا وَثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (لَا) إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ (قَبْلَهُ) وَلَوْ تَعَدَّدَتْ السُّنُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَوْمَهُ قَضَاءً أَرْجَحُ وَأَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا وَصَوْمَهُ تَطَوُّعًا مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لَا أَرْجَحِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالْأَرْجَحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَوَّلُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي سَمَاعُ ابْنِ وَهْبٍ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ آخِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَيْنِ يَبْدَأُ بِأَوَّلِهِمَا وَيُجْزِئُ الْعَكْسُ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ قَبْلَ زَمَنِهِ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ فِي زَمَنِهِ) أَيْ لِتَعَيُّنِ الزَّمَانِ لِلنَّذْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ) أَيْ بَعْدَ فِعْلِ التَّطَوُّعِ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَانْظُرْ هَلْ تَطَوُّعُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا لِتَعَيُّنِ الزَّمَنِ لِغَيْرِهِ اهـ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِصَلَاحِيَّةِ الزَّمَنِ فِي ذَاتِهِ لِلْعِبَادَةِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ مَا عَيَّنَهُ الشَّارِعُ أَقْوَى مِمَّا عَيَّنَهُ الشَّخْصُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَمَّلَ الشُّهُورَ) أَيْ الْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُكْمِلَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِذَا دَخَلَ رَمَضَانَ عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ الْعَدَدِ صَامُوا كَذَلِكَ ثَلَاثِينَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَوَالَى غَيْمُهَا) أَيْ كَمَا إذَا تَوَالَى الْغَيْمُ فِي شُهُورٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِذَا غَيَّمَتْ السَّمَاءُ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَرَجَبَ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَكَمَّلَ عِدَّةَ هَذِهِ الشُّهُورِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ نَاقِصَةٌ قَضَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّتِي أَفْطَرَهَا مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ مِنْ رَمَضَانَ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ الَّتِي صَامَهَا فِي آخِرِ رَمَضَانَ هِيَ يَوْمُ الْعِيدِ وَتَالِيهَا (قَوْلُهُ عَرَفَ الْأَهِلَّةَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَرَاهُ لَكِنْ لَا يَعْرِفُ هِلَالَ أَيِّ شَهْرٍ هُوَ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا تَحْتَ الْأَرْضِ وَلَمْ يَعْرِفْ هُوَ فِي أَيِّ شَهْرٍ (قَوْلُهُ وَظَنَّ شَهْرًا) أَيْ وَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ شَهْرٌ أَنَّهُ رَمَضَانُ إنْ قُلْت كَيْفَ يَحْصُلُ لَهُ الظَّنُّ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الِالْتِبَاسِ، وَهُوَ التَّرَدُّدُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا لَبْسَ مَعَ الظَّنِّ قُلْت مُرَادُهُ بِالِالْتِبَاسِ عَدَمُ التَّحَقُّقِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ صَادِقٌ بِالظَّنِّ (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ شَهْرًا إلَخْ) هَذَا إذَا تَسَاوَتْ جَمِيعُ الشُّهُورِ عِنْدَهُ فِي الشَّكِّ فِيهَا كَمَا فِي ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَكْثَرَ كَالْكُلِّ بَلْ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ كَالْكُلِّ أُخِذَ مِنْ تَحْدِيدِهِمْ الْيَسِيرَ بِالثُّلُثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ فِي شَهْرٍ قَبْلَ صَوْمِهِ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ أَوْ قَطَعَ فِيمَا عَدَاهُمَا بِأَنَّهُ غَيْرُ رَمَضَانَ صَامَ شَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهْرَيْنِ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِهِ رَمَضَانَ وَالذِّمَّةُ لَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ فَإِذَا صَامَ الشَّهْرَيْنِ صَادَفَ رَمَضَانَ وَلَا مَحَالَةَ وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ أَوْ شَوَّالٌ فَإِنَّهُ يَصُومُ شَهْرَيْنِ أَيْضًا فَإِذَا صَامَهُمَا فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُصَادِفَ رَمَضَانَ وَلَوْ شَكَّ فِي شَهْرٍ هَلْ هُوَ شَوَّالٌ أَوْ رَمَضَانُ صَامَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَمَضَانَ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ شَوَّالًا كَانَ قَضَاءً لَهُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا عَنْ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى احْتِمَالِهِ بِالْعَدَدِ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَجَبٌ أَوْ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي أَكْثَرَ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ رَجَبٌ أَوْ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ أَوْ شَوَّالٌ وَبِالْجُمْلَةِ الشَّكُّ فِي رَمَضَانَ وَمَا بَعْدَهُ يَكْفِيهِ شَهْرٌ وَالشَّكُّ فِي رَمَضَانَ وَمَا قَبْلَهُ يَزِيدُ عَلَى مَا قَبْلَهُ شَهْرًا فَإِذَا زَادَهُ فَإِمَّا أَنْ يُصَادِفَ رَمَضَانَ أَوْ قَضَاءَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخَيُّرِهِ شَهْرًا إذَا تَسَاوَتْ عِنْدَهُ الِاحْتِمَالَاتُ وَلَمْ يَظُنَّ شَهْرًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَلْزَمُهُ صَوْمُ سَنَةٍ قِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ أَرْبَعٍ فِي الْتِبَاسِ الْقِبْلَةِ وَفَرَّقَ الْمَشْهُورُ بِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ هُنَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ صَوْمِهِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ رَمَضَانُ أَوْ مَا تَخَيَّرَهُ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي ظَنَّهُ وَصَامَهُ أَوْ تَخَيَّرَهُ وَصَامَهُ رَمَضَانُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ يَسْتَمِرُّ بَاقِيًا عَلَى الْتِبَاسِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ شَيْئًا (قَوْلُهُ مُسَاوَاتَهُمَا بِالْعَدَدِ) بِأَنْ يَكُونَ أَيَّامُ ذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي صَامَهُ مُسَاوِيًا لِأَيَّامِ رَمَضَانَ فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ) أَيْ فَيَقْضِي أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ إنْ كَانَ رَمَضَانُ وَالْحِجَّةُ كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ) أَيْ لَا مَا صَامَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْزِئُ فَالْمَعْطُوفُ بِلَا مَحْذُوفٍ، وَهُوَ مَا الْمَوْصُولَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا عَاطِفَ لِمُفْرَدٍ عَلَى مُفْرَدٍ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ مَعَ أَنَّهُ لَا لَا تُعْطَفُ الْجُمَلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ حَلُّ الشَّارِحِ حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِاتِّفَاقٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ فِي سِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ فَلَا يُجْعَلُ شَعْبَانُ الثَّانِي قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ

[شرط صحة الصوم]

(أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) فِي صَوْمِهِ لِظَنٍّ أَوْ تَخْيِيرٍ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُجْزِيهِ فِي الْبَقَاءِ عَلَى الشَّكِّ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَفِي) الْإِجْزَاءِ عِنْدَ (مُصَادَفَتِهِ) فِي صَوْمِهِ تَخْيِيرًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَدَمُهُ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ صَادَفَهُ فِي صَوْمِهِ ظَنًّا فَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ (وَصِحَّتُهُ) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ (مُطْلَقًا) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (بِنِيَّةٍ) أَيْ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ التَّقَرُّبُ لِلَّهِ (مُبَيَّتَةٍ) بِأَنْ تَقَعَ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ مِنْ الْغُرُوبِ إلَى الْفَجْرِ وَلَا يَضُرُّ مَا حَدَثَ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ نَوْمٍ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ فَيُبْطِلَانِهَا إنْ اسْتَمَرَّ لِلْفَجْرِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَمَّا كَانَ اشْتِرَاطُ التَّبْيِيتِ مُشْعِرًا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا قَارَنَتْ الْفَجْرَ كَمَا قِيلَ بِهِ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) إنْ أَمْكَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَلَا قَضَاءَ عَنْ رَمَضَانَ الثَّانِي لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَاءِ الْجَمِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ حَيْثُ قَالَ بِإِجْزَاءِ مَا صَامَهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ رَمَضَانَ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْأَدَاءِ لَا تَكْفِي عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَكْفِي عَنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) أَيْ الْتِبَاسِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ شَهْرًا فَلَا يُجْزِئُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ قَبْلَهُ وَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ إلَّا بِيَقِينٍ وَيُجْزِئُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَنْكَشِفَ خِلَافُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا حَدَثَ لَهُ أَمْرٌ يُشَكِّكُهُ سِوَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ صَوْمُهُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ مَا صَامَهُ رَمَضَانَ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ كَانَ رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَهُ قَضَاءً (قَوْلُهُ وَفِي الْإِجْزَاءِ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَنَسَبَهُ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ) أَيْ، وَهُوَ مَا نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجَّهَهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعْدَهُ يُجْزِئُ أَنَّ مَا صَادَفَ مِنْ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْقَضَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْبَيَانِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَادَفَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُجْزِئُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَنُقِلَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ إذَا صَادَفَهُ وَكَذَلِكَ صَدَّرَ صَاحِبُ الْإِشْرَاقِ بِذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ قَالَ بْن وَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِجْزَاءِ لَكَانَ أَوْلَى لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ فَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ اخْتَارَ شَهْرًا وَصَامَهُ وَالْحَقُّ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الظَّانِّ أَيْضًا، وَإِنْ جَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالْإِجْزَاءِ فِيهِمَا وَكَلَامُ الْبَيَانِ يُفِيدُ أَنَّ الظَّانَّ مِثْلُ الشَّاكِّ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُتَخَيِّرِ وَالظَّانِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا [شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ] (قَوْلُهُ أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّوْمِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ جَعْلِ النِّيَّةِ شَرْطًا أَظْهَرُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ جَعْلِهَا رُكْنًا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَصْدَ لِلشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَكَانَ التَّلَبُّسُ بِهَا مَشْرُوعًا فَكَانَتْ تَجِبُ الْعِبَادَةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ وَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ فَهُوَ تَسَمُّحٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُلَاحِظْ إلَخْ إلَى أَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ نِيَّةِ الصَّوْمِ الْفِعْلُ لَا نِيَّةُ الْقُرْبَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْصِدَ صَوْمَ غَدٍ جَازِمًا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ نَفْلٌ أَوْ قَضَاءٌ أَوْ عَنْ النَّذْرِ فَإِنْ جَزَمَ بِالصَّوْمِ وَلَمْ يَدْرِ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ نَوَى التَّطَوُّعَ أَوْ النَّذْرَ أَوْ الْقَضَاءَ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا، وَإِنْ دَار شَكُّهُ بَيْنَ الْآخَرِينَ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَوَجَبَ إتْمَامُهُ لِانْعِقَادِهِ نَفْلًا فِيمَا يَظْهَرُ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ مِنْ الْغُرُوبِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلَّيْلِ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ عِنْدَ الْكَافَّةِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْقَصْدُ وَقَصْدُ صَوْمِ الْجُزْءِ الْمَاضِي مِنْ الْيَوْمِ مُحَالٌ. (قَوْلُهُ فَيُبْطِلَانِهَا إنْ اسْتَمَرَّا لِلْفَجْرِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ يُبْطِلَانِ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا لَكِنْ إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّا لِلْفَجْرِ أُعِيدَتْ قَبْلَهُ وإلَّا لَمْ تَصِحَّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) الْمُرَادُ بِوُقُوعِهَا مُصَاحِبَةً لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وُقُوعُهَا فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ الَّذِي يَعْقُبُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَكَفَتْ النِّيَّةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّيَّةِ الْمُقَارَنَةُ لِلْمَنْوِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّيَّةِ هُنَا الْمُقَارَنَةُ لِلْفَجْرِ بَلْ يَجُوزُ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهِ إذَا أَتَى بِهَا لَيْلًا وَالْمُضِرُّ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُقَارَنَةِ أَوْ التَّقَدُّمِ الْيَسِيرِ عَلَى مَا مَرَّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كِفَايَةِ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفَجْرِ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ النِّيَّةَ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَنْوِيِّ؛ لِأَنَّهَا قَصْدٌ إلَيْهِ وَالْقَصْدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَقْصُودِ وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ مَنْوِيٍّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ جَعْلِيَّةٌ وَقَدْ اكْتَفَى الشَّارِعُ بِالْمُقَارَنَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ رُكْنٌ مِنْهَا وَالنِّيَّةَ مُقَارِنَةٌ لَهَا مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بَلْ كَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ

فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ (وَكَفَتْ نِيَّةٌ) وَاحِدَةٌ (لِمَا) أَيْ لِصَوْمٍ (يَجِبُ تَتَابُعُهُ) كَرَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ وَكَالنَّذْرِ الْمُتَتَابِعِ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبُ التَّتَابُعِ كَالْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ حَيْثُ ارْتِبَاطُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَعَدَمُ جَوَازِ التَّفْرِيقِ فَكَفَتْ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا كَالصَّلَاةِ (لَا) صَوْمٍ (مَسْرُودٍ) أَيْ مُتَتَابِعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِبَ التَّتَابُعُ شَرْعًا كَأَيَّامٍ اخْتَارَ صِيَامَهَا مَسْرُودَةً (وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ) كَكُلِّ خَمِيسٍ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ وَكُلِّ خَمِيسٍ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ وَكُلِّ مَا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَصِيَامِ رَمَضَانَ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ كَمَا يَأْتِي فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِكُلِّ لَيْلَةٍ (وَرُوِيَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى الِاكْتِفَاءِ) بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ بَلْ قَالَ الْحَطَّابُ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ رَوَاهَا بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا وَأَخْرَجَ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ يَجِبُ تَتَابُعُهُ تَقْدِيرُهُ إنْ اسْتَمَرَّ أَيْ التَّتَابُعُ. قَوْلُهُ (لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ وُجُوبُهُ (بِكَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ) فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مُفْسِدَ الصَّوْمِ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ (وَ) صِحَّتَهُ (بِنَقَاءٍ) مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَأَفَادَ أَنَّهُ شَرْطُ وُجُوبٍ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) الصَّوْمُ (إنْ طَهُرَتْ) أَيْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مِنْ قِصَّةٍ أَوْ جُفُوفٍ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الْقِصَّةِ (قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ لَحْظَةً) بَلْ إنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ وَنَوَتْ حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَرَافِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقَارَنَةَ لِلْفَجْرِ هِيَ الْأَصْلُ لَكِنْ لِلْمَشَقَّةِ لَمْ تُشْتَرَطْ اهـ بْن وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلْفَجْرِ وَأَوْلَوِيَّةِ تَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ) أَيْ فَإِنْ أَتَى بِهَا نَهَارًا بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ فِي عَاشُورَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ إجْزَاءِ النِّيَّةِ نَهَارًا فِي عَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وبن وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصِحُّ نِيَّةُ النَّافِلَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ تَصِحُّ نِيَّةُ النَّافِلَةِ فِي النَّهَارِ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ «إنِّي إذَنْ صَائِمٌ» بَعْدَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ» وَلِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْغَدَاءَ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ وَلَنَا عُمُومُ حَدِيثِ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعِ «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ فَلَا صِيَامَ لَهُ» وَالْأَصْلُ تَسَاوِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ يَجِبُ تَتَابُعُهُ) صِفَةٌ أَوْ صِلَةٌ لِمَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ مِنْ الصَّوْمِ كَقَضَاءِ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ أَفْطَرَ فِيهَا لِعُذْرٍ وَصِيَامِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فَلَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ (قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَفَتْ نِيَّةٌ إلَخْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ الْمُتَتَابِعِ مِنْ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ كَالْعِبَادَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ فَسَادِ مَا مَضَى مِنْهُ بِفَسَادِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ أَوَّلُهَا عَلَى آخِرِهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ لَا فِي النَّفْيِ (قَوْلُهُ لَا مَسْرُودٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِلَا أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يُقَالُ جَاءَ زَيْدٌ لَا رَجُلٌ وَلَا جَاءَ رَجُلٌ لَا زَيْدٌ وَالْمَسْرُودُ مَعْنَاهُ الْمُتَتَابِعُ، وَهُوَ صَادَقَ بِوَاجِبِ التَّتَابُعِ وَغَيْرِ وَاجِبِهِ فَقَدْ صَدَقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ وَأَجَابَ شَارِحُنَا بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ الصِّفَةِ أَيْ لَا مَسْرُودٍ غَيْرِ وَاجِبِ التَّتَابُعِ فَصَحَّ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ كَأَيَّامٍ اخْتَارَ صِيَامَهَا مَسْرُودَةً) أَيْ كَمَا إذَا نَوَى صَوْمَ رَجَبٍ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّبْيِيتِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَلَا يَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ الْوَاحِدَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ أَوْ بِالنِّيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمَنْوِيِّ وَأَقَرَّهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِسَفَرٍ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) أَيْ لِمُشَابَهَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِرَمَضَانَ أَمَّا الْمَسْرُودُ فَلِأَنَّهُ بِالتَّتَابُعِ يَحْصُلُ لَهُ الشَّبَهُ بِرَمَضَانَ فِي مُطْلَقِ التَّتَابُعِ وَأَمَّا الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ فَلِوُجُوبِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَتَعَيُّنِ زَمَانِهِ أَشْبَهَ رَمَضَانَ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا) أَيْ هَذَا إذَا أَفْطَرَ لِلْمَرَضِ وَالسَّفَرِ بَلْ وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ أَوْ الْمُسَافِرَ إذَا اسْتَمَرَّ صَائِمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ بَقِيَ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ عَامِدًا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أَوْ لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ ح كَمَا أَنَّ مَنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ وَلَوْ نَاسِيًا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهَا لَا إنْ أَفْطَرَ نَهَارًا نَاسِيًا فَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ وَمَنْ أَفْطَرَ مُكْرَهًا فَحُكْمُهُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ حُكْمُ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا وَعِنْدَ ابْنِ يُونُسَ حُكْمُ مَنْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ زَالَ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى لِمَا بَقِيَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهَا نَعَمْ يَكْتَفِي بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِجَمِيعِ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ وَبِنَقَاءٍ) جَعَلَهُ شَرْطًا فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ عَدَمُ مَانِعٍ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا مَا يَتَسَاهَلُونَ فَيُطْلِقُونَ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ شَرْطًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الْقِصَّةِ) أَيْ فَمُعْتَادَةُ الْقِصَّةِ لَا تَنْتَظِرُهَا هُنَا بَلْ مَتَى رَأَتْ أَيَّ عَلَامَةٍ كَانَتْ جُفُوفًا أَوْ قِصَّةً وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ

صَحَّ صَوْمُهَا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ (وَ) وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ (مَعَ الْقَضَاءِ) لَهُ أَيْضًا (إنْ شَكَّتْ) هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (وَ) صِحَّتُهُ (بِعَقْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا فَالْعَقْلُ شَرْطٌ فِيهِمَا وَلَمَّا كَانَ فِي قَضَائِهِمَا تَفْصِيلٌ أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جُنَّ) وَالْأُولَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ يَوْمًا وَأَيَّامًا أَوْ سَنَةً أَوْ سِنِينَ قَلِيلَةً بَلْ (وَلَوْ) جُنَّ (سِنِينَ كَثِيرَةً) فَالْقَضَاءُ أَيْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَقْلَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَالصِّحَّةِ (أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا) مِنْ فَجْرِهِ لِغُرُوبِهِ (أَوْ جُلَّهُ) وَلَوْ سَلِمَ أَوَّلَهُ (أَوْ أَقَلَّهُ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا دُونَ الْجُلِّ فَيَصْدُقُ بِالنِّصْفِ (وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ) بَلْ كَانَ وَقْتَ النِّيَّةِ مُغْمًى عَلَيْهِ (فَالْقَضَاءُ) وَاجِبٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَحْوَالِ بَلْ هِيَ فِي التَّحْقِيقِ خَمْسَةٌ (لَا إنْ سَلِمَ) مِنْ الْإِغْمَاءِ أَوَّلَهُ بِأَنْ كَانَ وَقْتَ النِّيَّةِ سَالِمًا وَلَوْ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ قَبْلَهَا (وَلَوْ) أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ (نِصْفَهُ) أَيْ الْيَوْمِ فَلَا قَضَاءَ فِي الْحَالَتَيْنِ حَيْثُ سَلِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِمِقْدَارِ إيقَاعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى الرَّاجِحِ حَيْثُ تَقَدَّمَتْ لَهُ النِّيَّةُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَلَوْ بِانْدِرَاجِهَا فِي نِيَّةِ الشَّهْرِ وَالْجُنُونُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَا قَضَاءَ عَلَى نَائِمٍ وَلَوْ نَامَ كُلَّ الشَّهْرِ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ أَوَّلَهُ وَالسُّكْرُ كَالْإِغْمَاءِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ بِحَلَالٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِالْإِيقَاظِ فَلَا يَلْحَقُ بِالنَّوْمِ خِلَافًا بِالنَّوْمِ لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْحَرَامِ وَجَعَلَ الْحَلَالَ كَالنَّوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ صَحَّ صَوْمُهَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ الصَّوْمِ بِالنِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفَجْرِ. (قَوْلُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ مَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا شَكَّتْ بَعْدَ الْفَجْرِ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا قَبْلَهُ وَالْقَضَاءُ لِاحْتِمَالِهِ بَعْدَهُ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تُمْسِكْ وَلَيْسَ كَيَوْمِ الشَّكِّ لِظُهُورِ التَّحْقِيقِ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِفِعْلِ مَا شَكَّتْ فِي وَقْتِهِ هَلْ كَانَ الطُّهْرُ فِيهِ أَمْ لَا فَإِذَا شَكَّتْ بَعْدَ الْفَجْرِ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِشَاءُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالشَّكُّ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِمَ وَجَبَ الْأَدَاءُ فِي الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ سُلْطَانَ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا فَلِذَا لَمْ تُؤَدَّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْرِقُ النَّهَارَ فَلِلزَّمَنِ فِيهِ حُرْمَةٌ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ كَمَنْ شَكَّ هَلْ كَانَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ شَكَّتْ) أَرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ أَوْ مَا قَابَلَ الْجَزْمَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ جُنَّ وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً فَالْقَضَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُدَّ بِلَوْ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَدَنِيِّينَ إنْ قَلَّتْ السُّنُونَ كَالْخَمْسَةِ وَنَحْوِهَا فَالْقَضَاءُ، وَإِنْ كَثُرَتْ كَالْعَشَرَةِ فَلَا قَضَاءَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ) فِيهِ أَنَّ الْقَضَاءَ إذَا كَانَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: بَعْدُ لَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا عَلَى شَرْطِ الْعَقْلِ فَالْمُنَاسِبُ إنَّمَا هُوَ الْوَاوُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْأَدَاءِ بِالشَّخْصِ لَنَا أَنَّ الْجُنُونَ مَرَضٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ بِدَلِيلِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا إلَخْ) الْأَوْلَى إبْدَالُ يَوْمٍ بِيَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ يَوْمًا يَقْتَضِي أَنَّ جُنُونَ الْيَوْمِ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْإِغْمَاءِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ جَرَيَانُهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ كَثِيرَةً) إنَّمَا أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ سِنِينَ جَمْعُ قِلَّةٍ يَصْدُقُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أُغْمِيَ عَلَيْهِ كُلَّ الْيَوْمِ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّ الْيَوْمِ سَوَاءٌ سَلِمَ أَوَّلَهُ، وَهُوَ وَقْتُ النِّيَّةِ أَوْ لَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فِيهِمَا فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَاسْتَمَرَّ بَعْدَهُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَ الْيَوْمِ أَوْ أَقَلَّهُ وَسَلِمَ أَوَّلَهُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا فَالصُّوَرُ سَبْعَةٌ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي خَمْسَةٍ وَعَدَمُهُ فِي اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) تَفْسِيرُهُ الْأَقَلُّ بِهَذَا بَعِيدٌ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ إنَّهُ لَوْ كَانَ كَنِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ وَلَمْ يَسْلَمْ إلَخْ لِيُبَيِّنَ أَنَّ النِّصْفَ كَالْأَقَلِّ وَأَنَّ الْقَيْدَ خَاصٌّ بِهِمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ حَالَةِ الْأَقَلِّ الْحَقِيقِيِّ وَحَالَةِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى الرَّاجِحِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنْ حَدَّدَ النِّيَّةَ فِي وَقْتِهَا فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ يُبْطِلَانِ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّفْصِيلَ فِي الْجُنُونِ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَالْيَوْمِ وَعَكَسَ فِي الْإِغْمَاءِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَثِيرِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عِلَل التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْإِغْمَاءِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا تَصِحُّ لَهُ نِيَّةٌ وَالنَّائِمُ مُكَلَّفٌ لَوْ نُبِّهَ تَنَبَّهَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّكْرَ مِثْلُ الْإِغْمَاءِ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْغِيبَةَ فِي حُبِّ اللَّهِ مِثْلُهُ مُطْلَقًا أَيْضًا وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ

(وَ) صِحَّتُهُ (بِتَرْكِ جِمَاعٍ) أَيْ تَغْيِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجِ مُطِيقٍ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (وَ) تَرْكِ (إخْرَاجِ مَنِيٍّ) يَقِظَةً بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ (وَ) تَرْكِ إخْرَاجِ (مَذْيٍ) كَذَلِكَ لَا بِلَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ إنْعَاظٍ (وَ) بِتَرْكِ إخْرَاجِ (قَيْءٍ) فَإِنْ اسْتَدْعَاهُ فَالْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ مَا لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ غَلَبَةً، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ قَهْرًا فَلَا قَضَاءَ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَالْقَضَاءُ فَقَطْ مَا لَمْ يَخْتَرْ فِي إرْجَاعِهِ فَالْكَفَّارَةُ أَيْضًا (وَ) صِحَّتُهُ بِتَرْكِ (إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ) أَيْ مَائِعٍ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ أَوْ سَافِلٍ وَالْمُرَادُ الْوُصُولُ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ طَعَامٍ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ ابْتَلَعَهُ عَمْدًا (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ كَدِرْهَمٍ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَقَطْ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوبن خِلَافًا لعبق وخش تَبَعًا لِاسْتِظْهَارِ شَيْخِهِمَا عج مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَجَعَلَا السُّكْرَ الْحَرَامَ كَالْإِغْمَاءِ فِي تَفْصِيلِهِ وَجَعَلَا الْحَلَالَ كَالنَّوْمِ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَلَالِ فِيهِ وَأَنَّ السَّكْرَانَ بِحَلَالٍ لَوْ نُبِّهَ مَا تَنَبَّهَ بِخِلَافِ النَّائِمِ وَقَدْ جَعَلُوا السُّكْرَ بِحَلَالٍ فِي الْوُضُوءِ كَالْإِغْمَاءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ جِمَاعٍ) قَالَ ح الْأَحْسَنُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنْ يَعُدَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِلشُّرُوطِ مَحَلٌّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالشَّرْطِ وَمَا لَا تَصِحُّ الْمَاهِيَّةُ بِدُونِهِ دَاخِلًا كَانَ أَوْ خَارِجًا (قَوْلُهُ فِي فَرْجِ مُطِيقٍ) سَوَاءٌ كَانَ الْفَرْجُ قُبُلًا أَوْ دُبُرًا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُطِيقُ الْمُغَيَّبُ فِيهِ مُسْتَيْقِظًا أَوْ نَائِمًا سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا كَانَ آدَمِيًّا أَوْ بَهِيمَةً فَلَوْ غَيَّبَهَا بَالِغٌ فِي فَرْجِ غَيْرِ مُطِيقٍ أَوْ غَيَّبَهَا غَيْرُ بَالِغٍ فِي فَرْجِ مُطِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَلَا صَوْمُ مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ حَيْثُ لَمْ تُمْنِ وَلَمْ تُمْذِ قَالَ شَيْخُنَا: اُنْظُرْ لَوْ جَامَعَ لَيْلًا وَنَزَلَ مَنِيُّهُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا ثُمَّ هَبَطَ الْكُحْلُ لِحَلْقِهِ نَهَارًا هَلْ مِثْلُهُ إذَا احْتَلَمَ وَخَرَجَ مَنِيُّهُ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ إخْرَاجَ مَنِيِّ يَقَظَةٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ) أَيْ فَإِنْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَسَدَ الصَّوْمُ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يَقَظَةٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ عَنْ الِاحْتِلَامِ وَالْمَنِيِّ الْمُسْتَنْكَحِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَمَذْيٍ كَذَلِكَ) أَيْ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ فَإِذَا أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَسَدَ الصَّوْمُ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ لَا بِلَا لَذَّةٍ) أَيْ لَا إنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلًا أَوْ خَرَجَ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ مُجَرَّدِ إلَخْ أَيْ أَوْ حَصَلَ مُجَرَّدُ إنْعَاظٍ فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَلَوْ نَشَأَ عَنْ مُقَدِّمَاتٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَذَا رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْقَضَاءِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ رِوَايَةَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَعَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْ الْإِمَامِ قَالَ بْن وَهَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْقَضَاءِ فِي الْإِنْعَاظِ هُوَ الْأَشْهَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقَضَاءِ وَالْإِنْعَاظِ النَّاشِئِ عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ فَإِنْ نَشَأَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ فَقَالَ ح الظَّاهِرُ فِيهِ عَدَمُ الْقَضَاءِ اتِّفَاقًا وَلَوْ اُسْتُدِيمَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَطْلَقَ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ الْخِلَافَ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَدْعَاهُ) أَيْ دَعَاهُ أَيْ طَلَبَ خُرُوجَهُ أَيْ وَخَرَجَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ غَلَبَةً) أَيْ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ غَلَبَةً (قَوْلُهُ أَيْ مَائِعٍ) وَلَوْ فِي الْمَعِدَةِ فَإِنْ وَصَلَ الْمَائِعُ لِلْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ أَوْ سَافِلٍ فَسَدَ الصَّوْمُ، وَوَجَبَ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ) أَيْ ابْتِلَاعُهُ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَهُ عَمْدًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ ابْتِلَاعَ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ لَا يُفَطِّرُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَهُ عَمْدًا شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَذُبَابٌ وَقَدْ اسْتَبْعَدَ ابْنُ رُشْدٍ نَفْيَ الْقَضَاءِ فِي الْعَمْدِ وَالْمُدَوَّنَةُ لَمْ تُصَرِّحْ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْعَمْدِ لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ كَدِرْهَمٍ) أَيْ أَوْ حَصَاةٍ فَإِذَا وَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْمَعِدَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَسَدَ الصَّوْمُ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ وُصُولُهُ لَهَا مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَقَطْ) أَيْ لَا مِنْ سَافِلٍ عَنْ الْمَعِدَةِ كَدُبُرٍ وَفَرْجِ امْرَأَةٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ إنْ كَانَ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ سَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ غَيْرَ مَائِعٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَنْفَذٍ سَافِلٍ فَلَا يَفْسُدُ إلَّا إذَا كَانَ مَائِعًا إلَّا إنْ كَانَ جَامِدًا فَوُصُولُ الْمَائِعِ لِلْمَعِدَةِ مُفْسِدٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَنْفَذُ عَالِيًا أَوْ سَافِلًا وَوُصُولُ الْجَامِدِ لَهَا لَا يُفْسِدُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَنْفَذُ عَالِيًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) هَذَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ كَغَيْرِهِ بِالْكَافِ كَانَ أَوْفَقَ بِعَادَتِهِ وَنَصُّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ فَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطَةِ إلَى أَنَّ لِلْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمَ الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الْقَضَاءُ وَفِي الْعَمْدِ

(لِمَعِدَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِيصَالٍ، وَهِيَ مِنْ الْآدَمِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْحَوْصَلَةِ لِلطَّيْرِ وَالْكِرْشِ لِلْبَهِيمَةِ (بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ) أَيْ تَرْكِ إيصَالِ مَا ذَكَرَ لِمَعِدَةٍ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ مِنْ مَائِعٍ فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ امْرَأَةٍ لَا إحْلِيلٍ وَاحْتُرِزَ بِالْمَائِعِ عَنْ الْحُقْنَةِ بِالْجَامِدِ فَلَا قَضَاءَ وَلَا فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ وَقَوْلُهُ (أَوْ حَلْقٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعِدَةٍ أَيْ تَرْكِ وُصُولِ الْمُتَحَلِّلِ أَوْ غَيْرِهِ لِحَلْقٍ وَلَمَّا قَيَّدَ الْحُقْنَةَ بِالْمَائِعِ عُلِمَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُتَحَلِّلِ وَلَمَّا أَطْلَقَ فِي الْحَلْقِ عُلِمَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرُدَّ غَيْرَ الْمُتَحَلِّلِ فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّ وُصُولَ شَيْءٍ لِلْمَعِدَةِ مِنْ الْحَلْقِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ مَنْفَذٍ أَسْفَلَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَائِعًا أَوْ لِلْحَلْقِ كَذَلِكَ مُفْطِرٌ هَذَا إذَا كَانَ الْوَاصِلُ لِلْحَلْقِ مِنْ الْمَائِعِ مِنْ الْفَمِ بَلْ (وَإِنْ) وَصَلَ لَهُ (مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ) كَالْكُحْلِ نَهَارًا فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِذِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَأَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا وَهَبَطَ لِلْحَلْقِ نَهَارًا أَوْ وَضَعَ دَوَاءً أَوْ دُهْنًا فِي أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ لَيْلًا فَهَبَطَ نَهَارًا وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ مَا يَصِلُ نَهَارًا لِلْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَنَافِذِ لَا شَيْءَ فِيهِ فَمَنْ دَهَنَ رَأْسَهُ نَهَارًا وَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ وَضَعَ حِنَّاءَ فِي رَأْسِهِ نَهَارًا فَاسْتَطْعَمَهَا فِي حَلْقِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَنْ حَكَّ رِجْلَهُ بِحَنْظَلٍ فَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى ثَلْجٍ فَوَجَدَ الْبُرُودَةَ فِي حَلْقِهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَوُصُولُ مَائِعٍ لِحَلْقٍ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ فَمٍ أَوْ لِمَعِدَةٍ مِنْ كَدُبُرِ كُلِّهَا بِغَيْرِهِ مِنْ فَمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيضَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فَيَقْضِي لِتَهَاوُنِهِ بِصَوْمِهِ فَجَعَلَ الْقَضَاءَ مَعَ الْعَمْدِ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْحَصَاةَ تَشْغَلُ الْمَعِدَةَ اشْتِغَالًا مَا وَتُنْقِصُ كَلَبَ الْجُوعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُخْتَارِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لِمَعِدَةٍ) هِيَ مَا انْخَسَفَ مِنْ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ. (قَوْلُهُ بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ) أَيْ فَإِنْ أَوْصَلَ لِلْمَعِدَةِ حُقْنَةً مِنْ مَائِعٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْقَضَاءِ بِسَبَبِ الْحُقْنَةِ مِنْ الْمَائِعِ الْوَاصِلَةِ لِلْمَعِدَةِ مِنْ الدُّبُرِ أَوْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ أَيْ تَرْكُ إيصَالِ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْمُتَحَلِّلِ لِمَعِدَتِهِ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ مِنْ مَائِعٍ أَيْ كَائِنَةً مِنْ مَائِعٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِحُقْنَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِيصَالِ وَأَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِمَائِعٍ بِمَعْنَى مِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِحُقْنَةٍ وَقَوْلُهُ بِسَبَبٍ أَيْ بِسَبَبِ إيصَالِ حُقْنَةٍ كَائِنَةٍ مِنْ مَائِعٍ أَوْ تَرْكِ إيصَالِ هَذَا الْكُلِّيِّ الْمُتَحَقِّقِ بِسَبَبِ إيصَالِ هَذَا الْجُزْئِيِّ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُقْنَةِ الِاحْتِقَانُ وَالْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِمَائِعٍ لِلْمُلَابَسَةِ (قَوْلُهُ فِي دُبُرٍ أَوْ قُبُلٍ) أَيْ أَوْ فِي ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ أَوْ فَوْقَهَا عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَلَا فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ) أَيْ وَلَا فِي فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَلَا قَضَاءَ فِيهَا وَلَا فِي فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ لِخِفَّتِهَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعِدَةٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى حُقْنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَتُرِكَ وُصُولُ مُتَحَلِّلٍ لِمَعِدَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ بِسَبَبِ حُقْنَةٍ أَوْ بِسَبَبِ مُرُورٍ عَلَى حَلْقٍ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْوَاصِلَ مِنْ الْأَعْلَى يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُجَاوِزَ الْحَلْقَ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْطَفُ عَلَى حُقْنَةٍ بَلْ عَلَى مَعِدَةٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُرَدَّ غَيْرُ الْمُتَحَلِّلِ) أَيْ لَكِنَّ مَحَلَّ فَسَادِ الصَّوْمِ بِوُصُولِ غَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ لِلْحَلْقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرُدَّهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْصُلُ الْفِطْرُ بِغَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ إلَّا إذَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ بِخِلَافِ الْمُتَحَلِّلِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الصَّوْمَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ سَوَاءٌ رَدَّهُ أَوْ لَا وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ الْبِسَاطِيَّ وَاخْتَارَهُ فِي المج وَفِي الْمَوَّاقِ وح عَنْ التَّلْقِينِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِوُصُولِ الْجَامِدِ لِلْحَلْقِ كَالْمُتَحَلِّلِ كَانَ الْجَامِدُ مِمَّا يَنْمَاعُ أَوْ مِمَّا لَا يَنْمَاعُ وَصَوَّبَهُ بْن (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْحَلْقِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْمَعِدَةِ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَائِعًا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَصَلَ لَهُ مِنْ أَنْفٍ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا وَاعْلَمْ أَنَّهُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْوُصُولِ يَحْرُمُ الِاسْتِعْمَالُ وَيُكْرَهُ عِنْدَ الشَّكِّ وَقَوْلُهُ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ أَيْ أَوْ مَسَامِّ رَأْسٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّ مَا وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَنْفَذُ وَاسِعًا أَوْ ضَيِّقًا بِخِلَافِ مَا يَصِلُ لِلْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ سَافِلٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ وَاسِعًا كَالدُّبُرِ وَقُبُلِ امْرَأَةٍ وَالثُّقْبَةِ لَا كَإِحْلِيلٍ وَجَائِفَةٍ، وَهِيَ الْخَرْقُ الصَّغِيرُ جِدًّا الْوَاصِلُ لِلْبَطْنِ وَصَلَ لِلْمَعِدَةِ أَوْ لَا ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ إنْ نَبَشَ الْأُذُنَ بِكَعُودٍ لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَوْ أَخْرَجَ خُرْأَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ بِهِ شَيْءٌ لِلْحَلْقِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَدَمُ وُصُولِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِذِ) أَيْ نَهَارًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْكُحْلَ نَهَارًا لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا بَلْ إنْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ لِلْحَلْقِ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَفْطَرَ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُصُولِهِ فَلَا يَفْطُرُ (قَوْلُهُ كَأَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهَا مَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا لَا يَضُرُّهُ هُبُوطُ الْكُحْلِ فِي حَلْقِهِ نَهَارًا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفَصَّلَ ابْنُ هِلَالٍ فَقَالَ فِي الْكُحْلِ وَالْحِنَّاءِ يَجُوزُ فِعْلُهُمَا أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيَحْرُمُ آخِرَ اللَّيْلِ كَالنَّهَارِ وَسُئِلَ عَنْ غَسْلِ الرَّأْسِ بِالْغَاسُولِ فَأَجَابَ لَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَوُصُولُ) أَيْ وَتَرْكُ وُصُولٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ فَمٍ أَيْ كَأَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ

(وَ) بِتَرْكِ إيصَالِ (بَخُورٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ الدُّخَانِ الْمُتَصَاعِدِ مِنْ حَرْقِ نَحْوِ الْعُودِ وَمِثْلُهُ بُخَارُ الْقِدْرِ فَمَتَى وَصَلَ لِلْحَلْقِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ وَمِنْهُ الدُّخَانُ الَّذِي يُشْرَبُ أَيْ يُمَصُّ بِالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَصِلُ لِلْحَلْقِ بَلْ لِلْجَوْفِ بِخِلَافِ شَمِّ رَائِحَةِ الْبَخُورِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ الدُّخَانُ لِلْحَلْقِ فَلَا يُفْطِرُ (وَ) بِتَرْكِ إيصَالِ (قَيْءٍ) أَوْ قَلْسٍ (وَبَلْغَمٍ أَمْكَنَ طَرْحُهُ) أَيْ طَرْحُ مَا ذَكَرَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَيْءُ لِعِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءِ مَعِدَةٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَغَيَّرَ أَمْ لَا رَجَعَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَلْغَمُ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ الرَّأْسِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْبَلْغَمِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَصَلَ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) وُصُولِ أَيْ وَبِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ (غَالِبٍ) سَبَقَهُ لِحَلْقِهِ (مِنْ) أَثَرِ مَاءِ (مَضْمَضَةٍ) أَوْ اسْتِنْشَاقٍ لِوُضُوءٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ عَطَشٍ (أَوْ) غَالِبٍ مِنْ رُطُوبَةِ (سِوَاكٍ) مُجْتَمِعٍ فِي فِيهِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ فِي الْفَرْضِ خَاصَّةً وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اغْتِفَارُهُ لِطَلَبِ الشَّارِعِ الْمَضْمَضَةَ وَالسِّوَاكَ (وَقَضَى) مَنْ أَفْطَرَ (فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ إكْرَاهًا وَسَوَاءٌ كَانَ حَرَامًا أَوْ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا كَمَنْ أَفْطَرَ خَوْفَ هَلَاكٍ وَسَوَاءٌ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا كَانَ الْفَرْضُ أَصْلِيًّا أَوْ نَذْرًا، وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ مُعَيَّنًا كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ مُطْلَقًا أَفْطَرَ عَمْدًا أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ أَوْ لِمَعِدَةٍ مِنْ كَدُبُرٍ أَيْ مِنْ دُبُرٍ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْفَذٍ سَافِلٍ مُتَّسِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ كُلُّهَا أَيْ كَوُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ بِغَيْرِ مَائِعٍ مِنْ فَمٍ (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ إيصَالِ بَخُورٍ) أَيْ لِحَلْقٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ بُخَارُ الْقِدْرِ) أَيْ كَأَنْ اسْتَنْشَقَ قِدْرَ الطَّعَامِ حَتَّى وَصَلَ الْبُخَارُ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ فَمَتَى وَصَلَ) أَيْ دُخَّانُ الْبَخُورِ أَوْ بُخَارُ الْقِدْرِ لِلْحَلْقِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَيْ؛ لِأَنَّ دُخَانَ الْبَخُورِ وَبُخَارَ الْقِدْرِ كُلٌّ مِنْهُمَا جِسْمٌ يَتَكَيَّفُ بِهِ الدِّمَاغُ وَيَتَقَوَّى بِهِ أَيْ تَحْصُلُ لَهُ قُوَّةٌ كَاَلَّتِي تَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَكْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِوُصُولِ الْبَخُورِ وَبُخَارِ الْقِدْرِ لِلْحَلْقِ إذَا وَصَلَ بِاسْتِنْشَاقٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَنْشِقُ صَانِعَهُ أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا لَوْ وَصَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلْحَلْقِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا قَضَاءَ لَا عَلَى الصَّانِعِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا وَصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَى صَانِعِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ الْقَضَاءُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تُرَابِ الْكَيْلِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ قَبِيلِهِ أَيْ وَمِنْ قَبِيلِ الْبَخُورِ الدُّخَانُ وَقَوْلُهُ إلَخْ فَإِنَّهُ يَصِلُ لِلْحَلْقِ أَيْ وَيَتَكَيَّفُ بِهِ الدِّمَاغُ أَيْ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ كَيْفِيَّةً وَقُوَّةً وَكَذَلِكَ الدُّخَانُ الَّذِي يُسْتَنْشَقُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُفْطِرٌ، وَأَمَّا الدُّخَانُ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ غِذَاءٌ لِلْجَوْفِ كَدُخَانِ الْحَطَبِ فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ وَلَوْ تَعَمَّدَ اسْتِنْشَاقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلدِّمَاغِ بِهِ قُوَّةٌ كَاَلَّتِي تَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالزُّبْدِ وَالْأَعْطَارِ (قَوْلُهُ فَلَا يُفْطِرُ) أَيْ وَلَوْ جَاءَتْهُ الرَّائِحَةُ وَاسْتَنْشَقَهَا؛ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ لَا جِسْمَ لَهَا (قَوْلُهُ وَبِتَرْكِ إيصَالِ قَيْءٍ) أَيْ تَرْجِيعِ قَيْءٍ أَوْ قَلْسٍ أَوْ بَلْغَمٍ لِمَعِدَتِهِ أَوْ لِحَلْقِهِ فَإِنْ وَصَلَ لِمَا ذَكَرَ فَالْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْبَلْغَمِ فِيمَا وَصَلَ لِلَّهَوَاتِ جَمْعُ لَهَاةٍ وَهِيَ اللُّحْمَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى الْحَلْقِ فِي أَقْصَى الْفَمِ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَلَا خِلَافَ فِي لَغْوِهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى طَرْحِهِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لَغْوِ ابْتِلَاعِ تَمَامِهِ أَيْ الْبَلْغَمِ وَلَوْ عَمْدًا بَعْدَ إمْكَانِ طَرْحِهِ وَنَقْضِهِ أَيْ الصَّوْمِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَائِلًا أَرَانِي سَمِعْته عَنْ مَالِكٍ وَالشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ اهـ وَفِي الْمَوَّاقِ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وَقَالَ الْقَبَّابُ: هُوَ الرَّاجِحُ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَوْ وَصَلَ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ) قَالَ عبق وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّائِمِ فِي ابْتِلَاعِ رِيقِهِ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا قَضَاءَ مُطْلَقًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ وَبِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ غَالِبٍ) أَيْ وَصِحَّتُهُ بِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ يَغْلِبُ سَبْقُهُ لِحَلْقِهِ مِنْ أَثَرِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ أَوْ رُطُوبَةِ سِوَاكٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ) تَفْسِيرٌ لِكَوْنِهِ غَالِبًا وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ وُصُولُ مَا أَمْكَنَ طَرْحُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى (قَوْلُهُ فِي الْفَرْضِ خَاصَّةً) أَيْ فَإِنْ وَصَلَ لِمَعِدَتِهِ أَوْ لِحَلْقِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالْقَضَاءُ فِي الْفَرْضِ خَاصَّةً، وَأَمَّا وُصُولُ أَثَرِ الْمَضْمَضَةِ أَوْ السِّوَاكِ لِلْحَلْقِ فِي صَوْمِ النَّفْلِ فَلَا يُفْسِدُهُ. (قَوْلُهُ وَنُبِّهَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَبِتَرْكِ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ لِمَعِدَةٍ أَوْ حَلْقٍ (قَوْلُهُ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأُمُورِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى فِطْرِ الصَّائِمِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِطْعَامُ وَالْكَفَّارَةُ وَالتَّأْدِيبُ وَقَطْعُ التَّتَابُعِ وَقَطْعُ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِكُلِّ فِطْرٍ وَصَلَ مِنْ أَيِّ مَنْفَذٍ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ عَمْدٍ أَوْ سَهْوٍ أَوْ غَلَبَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ أَمْ لَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: (قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً) أَيْ بِأَنْ سَبَقَهُ الْمُفْطِرُ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ حَرَامًا) بِأَنْ كَانَ لِغَيْرِ مُقْتَضٍ أَوْ جَائِزًا بِأَنْ كَانَ لِشِدَّةِ تَأَلُّمٍ أَوْ لِخَوْفِ حُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الصَّوْمَ الَّذِي أُفْطِرَ فِيهِ الشَّخْصُ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَفْلًا أَوْ فَرْضًا وَالْفَرْضُ إمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إمَّا وَاجِبُ التَّتَابُعِ أَوْ غَيْرُ وَاجِبِ

كَالتَّطَوُّعِ إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا كَأَنْ تَعَمَّدَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ عَدَمَ وُجُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ كَالظِّهَارِ مِمَّا يَجِبُ تَتَابُعُهُ فَإِنْ أَفْطَرَ عَمْدًا فَلَا إمْسَاكَ لِفَسَادِهِ، وَإِنْ أَفْطَرَ سَهْوًا أَمْسَكَ وُجُوبًا وَكَمَّلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا إذَا كَانَ الْفِطْرُ أَوَّلَ يَوْمٍ فَيُسْتَحَبُّ، وَإِنْ كَانَ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَنَذْرٍ مَضْمُونٍ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ مِمَّا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ خُيِّرَ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَعَدَمِهِ مُطْلَقًا وَيَجِبُ قَضَاءُ الْفَرْضِ (وَإِنْ) حَصَلَ الْفِطْرُ (بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا) فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ (كَمُجَامَعَةِ نَائِمَةٍ) وَلَمْ تَشْعُرْ بِهِ فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ) أَوْ فِي الْغُرُوبِ فَالْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ (أَوْ) أَكَلَ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ حُصُولَ الْغُرُوبِ ثُمَّ (طَرَأَ الشَّكُّ) فَالْقَضَاءُ بِلَا حُرْمَةٍ (وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ) أَيْ الدَّلِيلَ الْمُتَعَلِّقَ بِالصَّوْمِ وُجُودًا أَوْ عَدَمًا مِنْ فَجْرٍ أَوْ غُرُوبٍ (اقْتَدَى بِالْمُسْتَدِلِّ) الْعَدْلِ الْعَارِفِ أَوْ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي مَعْرِفَةِ الدَّلِيلِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَلِذَا قَالَ وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَلَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ غَيْرَهُ لِكَثْرَةِ الْخَطَأِ فِيهَا لِخَفَائِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مُسْتَدِلًّا (احْتَاطَ) فِي سُحُورِهِ وَفِطْرِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ (إلَّا) النَّذْرَ (الْمُعَيَّنَ) يَفُوتُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِالْفِطْرِ (لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَا يَقْضِي لِفَوَاتِ زَمَنِهِ فَإِنْ زَالَ عُذْرُهُ وَبَقِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّتَابُعِ فَالنَّفَلُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ إنْ كَانَ الْفِطْرُ فِيهِ سَهْوًا وَكَذَا إنْ كَانَ عَمْدًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ وَالْفَرْضُ الْمُعَيَّنُ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ الْوَاجِبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ إنْ كَانَ الْفِطْرُ سَهْوًا إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَالْإِمْسَاكُ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا الْفِطْرُ عَمْدًا فَيُفْسِدُهُ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى فَيُخَيَّرُ فِي الْإِمْسَاكِ وَعَدَمِهِ كَانَ الْفِطْرُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. (قَوْلُهُ كَالتَّطَوُّعِ) أَيْ كَمَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ فِي فِطْرِ التَّطَوُّعِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَيْ الْفَرْضُ كَالظِّهَارِ أَيْ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَنَذْرٍ مَضْمُونٍ) ، وَهُوَ النَّذْرُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفِطْرُ عَمْدًا وَسَهْوًا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَيْ الْفَرْعُ الْأَوَّلُ أَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ عَلَى الْفَاعِلِ وَمِثْلُهُ فِي الْقَرَافِيِّ وَفِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ تَرْجِيحُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّابِّ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ فِي الْمُصَنَّفِ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ لِلْفَاعِلِ فِيهِمَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أُكْرِهَ أَوْ كَانَ نَائِمًا فَصُبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءٌ فِي رَمَضَانَ أَوْ جُومِعَتْ امْرَأَةٌ نَائِمَةٌ فِي رَمَضَانَ فَالْقَضَاءُ يُجْزِئُ بِلَا كَفَّارَةٍ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقُ وح قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَسَكَتَ عَنْ الْفَاعِلِ هَلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا وَأَوْجَبَهَا ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْفَاعِلِ فِيهِمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ الثَّالِثِ قَالَ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْفَرْقُ الَّذِي فَرَّقَ بِهِ عبق بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِيمَنْ صَبَّ مَاءً فِي حَلْقِ نَائِمٍ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ لَذَّةِ ذَلِكَ الصَّابِّ وَمَنْ جَامَعَ نَائِمَةً تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا لِلَذَّةِ الْمُجَامِعِ إنَّمَا فَرَّقَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ بَيْنَ مَنْ أَكْرَهَ زَوْجَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَمَنْ أَكْرَهَ شَخْصًا وَصَبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءً وَهُمَا غَيْرُ فَرْعَيْ الْمُصَنِّفِ هُنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَكْلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ أَيْ فَالْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ اللَّيْلِ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ عَدَمُ الْيَقِينِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَكَلْت بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَالَ لَهُ آخَرُ أَكَلَتْ قَبْلَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْلَ يُخَالِفُ الْفَرْضَ فِي هَذَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ قَضَاءٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ الْأَكْلَ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ مِنْ الْعَمْدِ الْحَرَامِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ حَتَّى فِي النَّفْلِ (قَوْلُهُ فَالْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الْحُرْمَةَ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا إذْ قَدْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي خش وَعِنْدَ الشَّكِّ فِي الْغُرُوبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَعَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِي الْأَكْلِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فِي الْأَكْلِ شَاكًّا فِي الْغُرُوبِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَدَمَهَا. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ) أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ شَاكًّا أَيْ وَكَأَكْلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ وَكَأَكْلِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ طَارِئًا لَهُ الشَّكُّ فَهِيَ حَالٌ مُنْتَظِرَةٌ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى مَعْنَى أَكْلِهِ أَيْ وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ أَوْ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ فِيهِ فَالْقَضَاءُ وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي مَسْأَلَةِ طُرُوُّ الشَّكِّ خَاصٌّ بِالْفَرْضِ، وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ مِنْ الْعَمْدِ الْحَرَامِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مِنْ فَجْرٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُجُودًا وَقَوْلُهُ أَوْ غُرُوبٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَدَمًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَجْرَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُودِ الصَّوْمِ وَالْغُرُوبَ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْفِطْرِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُسْتَنِدِ إلَيْهِ) أَيْ أَوْ اقْتَدَى بِالْمُسْتَنِدِ لِلْمُسْتَدِلِّ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِالدَّلِيلِ أَوْ اقْتَدَى بِالْمُقْتَدِي بِالْمُسْتَنِدِ لِذَلِكَ الْمُسْتَدِلِّ الْعَدْلِ الْعَارِفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَعْرِفَةِ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْعَاجِزِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ) أَيْ الشَّامِلُ لِمَا إذَا كَانَ عَدَمُ نَظَرِهِ فِي الدَّلِيلِ لِعَجْزِهِ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ وَلِمَا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مُسْتَدِلًّا) أَيْ أَصْلًا أَيْ أَوْ وَجَدَهُ لَكِنْ فَاقِدًا بَعْضَ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ احْتَاطَ فِي سُحُورِهِ)

[شروط وجوب كفارة الإفطار]

بَعْضُهُ صَامَهُ (أَوْ نِسْيَانٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ أَوْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ وُجُوبِ إمْسَاكِ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ نَوْعًا مِنْ التَّفْرِيطِ وَكَذَا إنْ أَفْطَرَهُ مُكْرَهًا أَوْ لِخَطَأِ وَقْتٍ كَصَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ يَظُنُّهُ الْخَمِيسَ الْمَنْظُورَ وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَضْمُونِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ وَقْتِهِ (وَ) قَضَى (فِي النَّفْلِ بَا) لِفِطْرِ (الْعَمْدِ) وَلَوْ لِسَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ (الْحَرَامُ) لَا بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا أَوْ إكْرَاهًا وَلَا بِحَيْضِ وَنِفَاسٍ أَوْ خَوْفِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ (وَلَوْ) أَفْطَرَ لِحَلِفِ شَخْصٍ عَلَيْهِ (بِطَلَاقِ بَتٍّ) أَوْ بِعِتْقٍ لَتُفْطِرَنَّ فَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ، وَإِنْ أَفْطَرَ قَضَى (إلَّا لِوَجْهٍ) كَتَعَلُّقِ قَلْبِهِ بِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا بِحَيْثُ يَخْشَى أَنْ لَا يَتْرُكَهَا إنْ حَنِثَ فَيَجُوزُ وَلَا قَضَاءَ (كَوَالِدِ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَيْ كَأَمْرِهِ بِالْفِطْرِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ مِنْ إدَامَةِ الصَّوْمِ وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ (وَشَيْخٍ) فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ شَيْخَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ (وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا) أَيْ الْوَلَدُ وَالشَّيْخُ وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ فِي الْفَرْضِ بَيَّنَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ قَدْ تَجِبُ فِي بَعْضِهِ بِقَوْلِهِ (وَكَفَّرَ) الْمُفْطِرُ الْمُكَلَّفُ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى وُجُوبًا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَوَّلُهَا الْعَمْدُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ تَعَمَّدَ) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرَهٍ أَوْ مَنْ أَفْطَرَ غَلَبَةً الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهِكًا لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ فَالْمُتَأَوِّلُ تَأْوِيلًا قَرِيبًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ وَرَابِعُهَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ فَجَاهِلُهَا كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ ظَنَّ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يَحْرُمُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فَجَامَعَ بِلَا كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَ) بِلَا (جَهْلٍ) لِحُرْمَةِ فِعْلِهِ وَأَوْلَى جَهْلُ رَمَضَانَ كَمَنْ أَفْطَرَ يَوْمَ الشَّكِّ قَبْلَ الثُّبُوتِ فَلَا كَفَّارَةَ، وَأَمَّا جَهْلُ وُجُوبِهَا مَعَ عِلْمِ حُرْمَتِهِ فَلَا يُسْقِطُهَا خَامِسُهَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فِي) أَدَاءِ (رَمَضَانَ فَقَطْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِالتَّقْدِيمِ وَقَوْلُهُ وَفِطْرُهُ أَيْ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ أَوْ نِسْيَانٍ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْحَاجِبِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَيْ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ) أَيْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ نَوْعًا مِنْ التَّفْرِيطِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَالْمَرَضِ فَالنَّاسِي عِنْدَهُ نَوْعٌ مِنْ التَّفْرِيطِ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَفْطَرَهُ مُكْرَهًا) أَيْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الطِّرَازِ وَقَالَ ح إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَفِي خش أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي الْإِكْرَاهِ وَأَصْلُهُ فِي التَّلْقِينِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ اهـ بْن لَكِنَّ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ قَضَائِهِ قَائِلَانِ إنَّ الْمُكْرَهَ أَوْلَى مِنْ الْمَرِيضِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ يَظُنُّهُ الْخَمِيسَ الْمَنْذُورَ) أَيْ وَأَصْبَحَ مُفْطِرًا فِي الْخَمِيسِ وَلَمْ يَدْرِ إلَّا فِي أَثْنَائِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُهُ وَقَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ بِالْفِطْرِ الْعَمْدِ) أَيْ وَلَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِوُجُوبِ الْإِمْسَاكِ إذَا أَفْطَرَ عَمْدًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِسَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِي فِطْرِهِ عَمْدًا فِي النَّفْلِ لِأَجْلِ سَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا) هَذَا مُحْتَرَزُ الْعَمْدِ وَمَا بَعْدَهُ كُلُّهُ مُحْتَرَزُ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِطَلَاقٍ إلَخْ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ يُفْطِرَ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا قَضَاءَ وَلَا يُحَنِّثُهُ فِي يَمِينِهِ (قَوْلُهُ كَتَعَلُّقِ قَلْبِهِ إلَخْ) هَذَا مِثَالُ الْوَجْهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوَالِدِ إلَخْ تَشْبِيهٌ بِالْوَجْهِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ح وَاخْتَارَهُ طفى (قَوْلُهُ أَبٍ أَوْ أُمٍّ) أَيْ دَنِيَّةٍ لَا الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْمُرَادُ الْأَبَوَانِ الْمُسْلِمَانِ لَا إنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَلَا يُطِعْهُمَا إلْحَاقًا لِلصَّوْمِ بِالْجِهَادِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الدِّينِيَّاتِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَيْ كَأَمْرٍ بِالْفِطْرِ) أَيْ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَيَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى وَجْهِ الْحَنَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَهْدَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الطَّاعَاتِ وَإِفْسَادُ الصَّوْمِ حَرَامٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إفْسَادِ صَوْمِ النَّفْلِ قُدِّمَ فِيهِ نَظَرُ الشَّيْخِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِجَوَازِ إفْسَادِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» (قَوْلُهُ شَيْخَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَكَذَا آلَتُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فَرْضِيَّتُهُ أَصْلِيَّةً كَرَمَضَانَ أَوْ عَارِضَةً بِالنَّذْرِ [شُرُوطٍ وُجُوب كَفَّارَة الْإِفْطَار] (قَوْلُهُ قَدْ تَجِبُ فِي بَعْضِهِ) أَيْ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ خُصُوصُ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ أَفْطَرَ غَلَبَةً) أَيْ لِشِدَّةِ عَطَشٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ لِزِيَادَةِ مَرَضٍ أَوْ حُدُوثِهِ (قَوْلُهُ مُنْتَهِكًا لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ) أَيْ غَيْرَ مُبَالٍ بِهَا ثُمَّ إنَّ الِانْتِهَاكَ حَالَ الْفِعْلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ فَمَنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مُنْتَهِكًا لِلْحُرْمَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَوْمَ عِيدٍ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ تُفْطِرُ مُتَعَمِّدَةً ثُمَّ تَعْلَمُ أَنَّهَا حَاضَتْ قَبْلَ فِطْرِهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ، وَأَمَّا جَهْلُ وُجُوبِهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ مَعَ عِلْمِهِ حُرْمَةَ الْفِطْرِ فَلَا يُسْقِطُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَقْسَامَ الْجَاهِلِ ثَلَاثَةٌ فَجَاهِلُ حُرْمَةِ الْوَطْءِ وَجَاهِلُ رَمَضَانَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَجَاهِلُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِحُرْمَةِ الْفِعْلِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ. (قَوْلُهُ خَامِسُهَا أَشَارَ لَهُ إلَخْ) أَيْ فَالشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصَّوْمُ أَدَاءَ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَمُّدٍ

لَا فِي قَضَائِهِ وَلَا فِي كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ (جِمَاعًا) يُوجِبُ الْغُسْلَ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ مَفْعُولُ تَعَمَّدَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَمِّدُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (أَوْ) تَعَمَّدَ (رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَارًا) وَأَوْلَى لَيْلًا وَطَلَعَ الْفَجْرُ رَافِعًا لَهَا لَا إنْ عَلَّقَ الْفِطْرَ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَحْصُلْ كَإِنْ وَجَدْت طَعَامًا أَكَلْت فَلَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُفْطِرْ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (أَوْ) تَعَمَّدَ (أَكْلًا) أَوْ بَلْعًا لِنَحْوِ حَصَاةٍ وَصَلَّتْ لِلْجَوْفِ (أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ) فَلَا كَفَّارَةَ فِيمَا يَصِلُ مِنْ نَحْوِ أَنْفِهِ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّلَةٌ بِالِانْتِهَاكِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ. ثُمَّ بَالَغَ عَلَى الْكَفَّارَةِ فِيمَا يَصِلُ مِنْ الْفَمِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) وَصَلَ لِلْجَوْفِ (بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ) ، وَهِيَ الْقِشْرُ الْمُتَّخَذُ مِنْ أُصُولِ الْجَوْزِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا بِقَوْلِهِ كَفَّرَ؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَا تَعَمَّدَهُ فِي رَمَضَانَ (قَوْلُهُ لَا فِي قَضَائِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ وَالْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ فِي الْكَفَّارَاتِ عَلَى مَا قِيلَ أَوْ يَدْخُلُهَا لَكِنَّ لِأَدَاءِ رَمَضَانَ حُرْمَةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ قِسْنَا غَيْرَهُ عَلَيْهِ لَكَانَ قِيَاسًا مَعَ الْفَارِقِ. (قَوْلُهُ وَلَا فِي كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ نَذْرُ الدَّهْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ إنَّ نَاذِرَ الدَّهْرِ يُكَفِّرُ عَنْ فِطْرِهِ عَمْدًا وَعَلَيْهِ فَقِيلَ يُكَفِّرُ كَفَّارَةً صُغْرَى وَقِيلَ كُبْرَى وَعَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ غَيْرِ الصَّوْمِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى نَاذِرِ الدَّهْرِ كَفَّارَةٌ لِرَمَضَانَ وَعَجَزَ عَنْ غَيْرِ الصَّوْمِ رُفِعَ لَهَا نِيَّةُ النَّذْرِ كَالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ رَمَضَانَ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّ نَاذِرَ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ مَثَلًا إذَا أَفْطَرَ عَامِدًا يَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَطْ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجْرَى ح فِيهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ (قَوْلُهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ بَالِغٍ فِي مُطِيقَةٍ وَغَيَّبَ الْحَشَفَةَ بِتَمَامِهَا أَوْ قَدْرَهَا فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ فِي مَسْلَكِ الْبَوْلِ أَوْ فِي الدُّبُرِ لَا فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَلَا مِنْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا مَا لَمْ تُنْزِلْ الْكَبِيرَةُ وَلَا عَلَى بَالِغٍ فِي صَغِيرَةٍ مَا لَمْ يُنْزِلْ فَتَجِبُ مِنْ حَيْثُ الْإِنْزَالُ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَمَّدَ رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَارًا) بِأَنْ قَالَ فِي النَّهَارِ، وَهُوَ صَائِمٌ رَفَعْت نِيَّةَ صَوْمِي أَوْ رَفَعْت نِيَّتِي فَمَنْ عَزَمَ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ نَاسِيًا مَثَلًا ثُمَّ تَرَكَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ رَفْعًا لِلنِّيَّةِ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مُسَافِرٍ صَامَ فِي رَمَضَانَ فَعَطِشَ فَقُرِّبَتْ لَهُ سُفْرَتُهُ لِيُفْطِرَ فَأَهْوَى بِيَدِهِ لِيَشْرَبَ فَقِيلَ لَهُ لَا مَاءَ مَعَك، فَكَفَّ فَقَالَ أُحِبُّ لَهُ الْقَضَاءَ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ سُقُوطَهُ وَقَالَ إنَّهُ غَالِبُ الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى لَيْلًا) الْمُرَادُ بِرَفْعِهَا لَيْلًا أَنْ يُلَاحَظَ أَنَّهُ غَيْرُ نَاوٍ لِلصَّوْمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ نِيَّةٌ لَهُ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ اللَّيْلَ لَمَّا كَانَ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ فَرَفَعَهَا فِي النَّهَارِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا الرَّفْعَ لَا يَضُرُّ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا، وَأَمَّا رَفْعُهَا فِي اللَّيْلِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَهَا فِي مَحَلِّهَا فَلَمْ تَقَعْ النِّيَّةُ فِي مَرْكَزِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) الَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ وعبق أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الْفِطْرَ عَلَى وُجُودِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ نَهَارًا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ، وَأَمَّا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى وُجُودِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَجِدْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَجِيهٌ لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عِنْدَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا فِي الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشَّارِحِ عُلِّقَ الْأَكْلُ عَلَى وُجُودِ مَأْكُولٍ وَوَجَدَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَمَّدَ أَكْلًا) أَيْ وَلَوْ شَيْئًا قَلِيلًا كَفَلَقَةِ طَعَامٍ تُلْقَطُ مِنْ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَلْعًا لِنَحْوِ حَصَاةٍ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ جَرَى فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إنَّ حُكْمَ الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمُ الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الْقَضَاءُ وَفِي الْعَمْدِ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَقْرَبُ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ بِفَمٍ فَقَطْ) أَيْ وَوَصَلَ لِلْجَوْفِ إذْ هُوَ حَقِيقَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَأَمَّا مَا وَصَلَ لِلْحَلْقِ مِنْ الْمُتَحَلِّلِ فَفِيهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيمَا يَصِلُ) أَيْ لِلْجَوْفِ وَقَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ أَنْفٍ أَيْ مِنْ أَنْفٍ وَنَحْوِهِ كَأُذُنٍ وَعَيْنٍ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْعَمْدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ مَوْجُودٌ فِي الْوُصُولِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ وَلَيْسَ هُنَاكَ انْتِهَاكٌ وَفِيهِ أَنَّ الِانْتِهَاكَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِالْحُرْمَةِ وَهَذَا مُتَأَتٍّ فِي الْوُصُولِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ فَلِذَا عَلَّلَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا تَتَشَوَّفُ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَأَصْلُ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِزَجْرِ النَّفْسِ عَمَّا تَتَشَوَّفُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ) أَيْ، وَإِنْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ اسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا كَفَّرَ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا مَا إذَا ابْتَلَعَهَا عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً لَا نِسْيَانًا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ وَإِنْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا لَيْلًا كَفَّرَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا ابْتَلَعَهَا نَهَارًا عَمْدًا لَا غَلَبَةً وَلَا نِسْيَانًا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ هَذَا كَلَامُهُ تَبَعًا لعبق بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا التَّوْضِيحُ إلَّا عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ، وَهُوَ قَيَّدَهَا بِالِاسْتِعْمَالِ نَهَارًا لَا لَيْلًا وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ اهـ كَلَامُهُ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ فِي المج مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق؛ لِأَنَّ

أَيْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا وَابْتَلَعَهَا وَلَوْ غَلَبَةً أَوْ لَيْلًا وَتَعَمَّدَ بَلْعَهَا نَهَارًا لَا غَلَبَةً فَيَقْضِي فَقَطْ كَأَنْ ابْتَلَعَهَا نِسْيَانًا وَلَوْ اسْتَعْمَلَهَا نَهَارًا عَمْدًا (أَوْ) تَعَمَّدَ (مَنِيًّا) أَيْ إخْرَاجَهُ بِتَقْبِيلٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ بَلْ (وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ) أَوْ نَظَرٍ وَكَانَ عَادَتُهُ الْإِنْزَالَ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ مِنْ إدَامَتِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِنْزَالِ مِنْهُمَا لَكِنَّهُ خَالَفَ عَادَتَهُ وَأَنْزَلَ فَقَوْلَانِ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الثَّانِي وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ) فَلَا كَفَّارَةَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) فَإِنْ لَمْ يُدِمْهَا فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ النَّظَرُ، وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْقَيْدِ فِيهِمَا جَرَيَانُهُ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بِالْأَوْلَى وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَيْدُ فِيهِمَا ضَعِيفًا وَفِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ مُعْتَمَدًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَخِيرَيْنِ لِذَلِكَ نَعَمْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقَيْدَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا لِلَّخْمِيِّ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَصَحِّ مَثَلًا (وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ) وَاحِدَةٍ (فَتَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الْكَفَّارَةِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْ عَادَتَهُ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِمْنَاءَ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَوْزَاءَ مَقَامُ تَشْدِيدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَاك بِهَا نَهَارًا نِسْيَانًا فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا إذَا ابْتَلَعَهَا عَمْدًا فَإِنْ ابْتَلَعَهَا غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ اهـ خش (قَوْلُهُ وَكَانَ عَادَتُهُ الْإِنْزَالُ) أَيْ بِالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ الْمُسْتَدَامَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُدِمْهُمَا) أَيْ الْفِكْرَ وَالنَّظَرَ بَلْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ أَوْ النَّظَرِ فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ أَوْ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ لَهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا، وَإِنْ اسْتَدَامَهُمَا حَتَّى أَنْزَلَ فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِنْزَالَ بِهِمَا عِنْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَالْكَفَّارَةُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِنْزَالِ بِهِمَا عِنْدَ الِاسْتِدَامَةِ فَخَالَفَ عَادَتَهُ وَأَمْنَى فَقَوْلَانِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ) أَيْ، وَهُوَ الْفِكْرُ الْمُسْتَدَامُ. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ، وَهُوَ خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِالْقُبْلَةِ أَوْ الْمُبَاشَرَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِنْزَالِ بِهِمَا فَخَالَفَ عَادَتَهُ وَأَمْنَى (قَوْلُهُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى لَهُ ذَلِكَ الِاعْتِمَادُ، وَقَدْ يُقَالُ أَتَى لَهُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ ظَاهِرَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا سَتَرَاهُ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ إذَا أَنْزَلَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ حَكَاهَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْبَيَانِ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامَيْنِ اهـ قَالَ طفى وَلَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مُوَافَقَةِ الْعَادَةِ وَلَا عَلَى مُخَالَفَتِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ قَالَ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَادَتِهِ فَمَنْ عَادَتُهُ أَنْ يُنْزِلَ عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَفَّرَ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ لَمْ يُكَفِّرْ اهـ ثُمَّ قَالَهُ طفى فَالْمُؤَلِّفُ بِاعْتِبَارِ الْمُبَالَغَةِ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت ثُمَّ أَشَارَ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ، وَهُوَ جَارٍ فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ نَعَمْ اللَّخْمِيُّ فِي اخْتِيَارِهِ لَمْ يَنْظُرْ لِلْمُتَابَعَةِ وَلَا لِعَدَمِهَا، وَإِنَّمَا نَظَرَ لِلْعَادَةِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ الْمُؤَلِّفَ بَلْ نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى شَرْطِ الْمُتَابَعَةِ فِي النَّظَرِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِذِكْرِ اخْتِيَارِهِ الرَّاجِحِ لِمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَلَيْسَ اخْتِيَارُهُ خَاصًّا بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كَمَا قِيلَ بَلْ ذَكَرَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لَا التَّخْصِيصِ كَمَا تَرَى فَتَأَمَّلْ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَخْصِيصَ الشَّارِحِ الِاسْتِثْنَاءَ بِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ إنَّ اللَّخْمِيَّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ إلَّا فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ غَيْرُهُمَا أَحْرَى بِذَلِكَ اهـ كَلَامُ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: الْحَقُّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَنِيِّ بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلِمَا بَعْدَهَا، وَهُوَ إخْرَاجُهُ بِإِدَامَةِ الْفِكْرِ وَأَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ إخْرَاجَ الْمَنِيِّ بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ جَرَيَانُهُ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بِالْأَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا أَضْعَفُ مِنْ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَمَا كَانَ قَيْدًا فِي الْأَقْوَى فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى هَذَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ لَا وُرُودَ لَهُ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقَيْدَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَيْدَ لِلَّخْمِيِّ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ بِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفِعْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ إطْلَاقِ أَشْهَبَ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَإِطْلَاقِ الْإِمَامِ الْكَفَّارَةَ صَارَ كَأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ الْخِلَافِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَمْنَى إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ إذَا أَنْزَلَ عَنْ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامَيْنِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُكَفِّرُ إنْ أَمْنَى عَنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْوِفَاقِ فَحَمَلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ النَّظَرَ وَحَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِلَى التَّأْوِيلَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَمْنَى إلَخْ فَالتَّأْوِيلَانِ بِالْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ لَا بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ وَقَدْ يُقَالُ الْمَعْنَى، وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظَرِهِ فَتَأْوِيلَانِ أَيْ قِيلَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْقَابِسِيِّ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْفِطْرَ وَقِيلَ لَا كَفَّارَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ

[أنواع الكفارة ثلاثة على التخيير]

وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا وَلَمَّا كَانَتْ أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ أَفَادَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ مُعَلَّقًا لَهُ بِكُفْرٍ بِقَوْلِهِ (بِإِطْعَامِ) أَيْ تَمْلِيكِ (سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَيْ مُحْتَاجًا فَيَشْمَلُ الْفَقِيرَ (لِكُلٍّ مُدٌّ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ أَوْ عَشَاءٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ لَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَلَوْ حَصَلَ الْمُوجِبُ الثَّانِي بَعْدَ الْإِخْرَاجِ أَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ (وَهُوَ) أَيْ الْإِطْعَامُ (الْأَفْضَلُ) مِنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ وَأَفَادَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ) مُتَتَابِعَيْنِ وَالثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ عُيُوبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَهَا كَامِلَةٌ مُحَرَّرَةٌ لِلْكَفَّارَةِ (كَالظِّهَارِ) رَاجِعٌ لِلصَّوْمِ وَالْعِتْقِ وَالتَّخْيِيرِ فِي الْحُرِّ الرَّشِيدِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ عَجَزَ بَقِيَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَأْمُرُهُ وَلِيُّهُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَوْ أَبَى كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ (وَ) كَفَّرَ (عَنْ أَمَةٍ) لَهُ (وَطِئَهَا) وَلَوْ طَاوَعَتْهُ إلَّا أَنْ تَطْلُبَهُ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ فَيَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ (أَوْ) عَنْ (زَوْجَةٍ) بَالِغَةٍ عَاقِلَةٍ مُسْلِمَةٍ وَلَوْ أَمَةً (أَكْرَهَهَا) الزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا، وَهِيَ حُرَّةٌ وَتَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ إنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَسْلَمَهُ لَهَا أَوْ فَدَاهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ الطَّعَامِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ وَتَصُومَ إذْ لَا ثَمَنَ لِلصَّوْمِ (نِيَابَةً) عَنْهُمَا (فَلَا يَصُومُ) عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذَا لَا يُقْبَلُ النِّيَابَةُ (وَلَا يَعْتِقُ) أَيْ لَا يَصِحُّ عِتْقُ السَّيِّدِ (عَنْ أَمَتِهِ) إذْ لَا وَلَاءَ لَهَا (وَإِنْ أَعْسَرَ) الزَّوْجُ عَمَّا لَزِمَهُ عَنْهَا وَكَذَا لَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ مَعَ يُسْرِهِ (كَفَّرَتْ) عَنْ نَفْسِهَا بِأَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (وَرَجَعَتْ) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ تَصُمْ بِالْأَقَلِّ مِنْ) قِيمَةِ (الرَّقَبَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافٌ كَمَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ظَاهِرُهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ خَالَفَ عَادَتَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الْإِمْنَاءِ فَنَظَرَ نَظْرَةً فَأَمْنَى فَلَا كَفَّارَةَ [أَنْوَاعُ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةً عَلَى التَّخْيِيرِ] (قَوْلُهُ تَمْلِيكِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَمْلِيكِ الْمِسْكِينِ لِلْمُدِّ سَوَاءٌ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ أَوْ عَشَاءٌ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الْمُدِّ (قَوْلُهُ لَا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ) أَيْ فَلَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَكَلَاتِ أَوْ الْوَطَآتِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ) عَطْفٌ عَلَى حَصَلَ أَيْ وَلَوْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَفْعًا لِتَعَدِّيهِ لِأَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدٍّ لِلْغَيْرِ دُونَ الصَّوْمِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَمِيرَ الْأَنْدَلُسِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مِنْ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ بِحَضْرَةِ الْعُلَمَاءِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ وَيُجَامِعَ ثَانِيًا (قَوْلُهُ مُحَرَّرَةٌ لِلْكَفَّارَةِ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا اشْتَرَى أَمَةً اشْتَرَطَ بَائِعُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا عِتْقَهَا فَلَا تُجْزِئُ (قَوْلُهُ وَالتَّخْيِيرِ) أَيْ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ) أَيْ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ) أَيْ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَفَّرَ بِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ التَّكْفِيرُ بِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ وَالْمُرَادُ كَفَّرَ عَنْهُ بِأَقَلِّهِمَا قِيمَةً فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ كَفَّرَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ كَفَّرَ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَبَى الصَّوْمَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا بَيِّنٌ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الصَّوْمِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَلَوْ طَاوَعَتْهُ) أَيْ هَذَا إذَا أَكْرَهَهَا بَلْ وَلَوْ طَاوَعَتْهُ؛ لِأَنَّ طَوْعَهَا إكْرَاهٌ لِأَجْلِ الرِّقِّ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ) أَيْ بِالصَّوْمِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا سَيِّدُهَا فِي الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ أَوْ عَنْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا الزَّوْجُ) أَيْ بِخَوْفِ شَيْءٍ مُؤْلِمٍ كَضَرْبٍ فَأَعْلَى كَالطَّلَاقِ فَقَدْ ذَكَرَ طفى فِي الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ فِي الْعِبَادَاتِ يَكُونُ بِمَا ذَكَرَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بَالِغَةٍ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَغِيرَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ غَيْرَ عَاقِلَةٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهَا نِيَابَةً، وَهِيَ إذَا كَانَتْ بِصِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرِهِهَا عَنْهَا، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي التَّكْفِيرِ عَنْ الزَّوْجَةِ تُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي التَّكْفِيرِ عَنْ الْأَمَةِ الَّتِي أَكْرَهَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا عَاقِلَةً بَالِغَةً مُسْلِمَةً. (قَوْلُهُ أَسْلَمَهُ لَهَا إلَخْ) ، وَإِذَا أَسْلَمَهُ لَهَا فَقَدْ مَلَكَتْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَهَلْ تَعْتِقُهُ حِينَئِذٍ فَيَصِيرُ مُعْتَقًا عَمَّا لَزِمَهُ فِي الْأَصْلِ أَوْ لَا تُكَفِّرُ بِهِ بَلْ تُكَفِّرُ بِعِتْقِ غَيْرِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا تت اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ) أَيْ الزَّوْجَ الْعَبْدَ وَتَصُومَ أَيْ بَلْ مَتَى أَخَذَتْهُ لَا بُدَّ أَنْ تُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ وَكَذَا إذَا أَخَذَتْ مِنْ سَيِّدِهِ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ فَلَا تُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَامَتْ فَقَدْ أَخَذَتْ الْعَبْدَ أَوْ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ ثَمَنًا لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ نِيَابَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تَكْفِيرِ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ الْمَذْكُورَيْنِ نِيَابَةً عَنْهُمَا أَيْ عَنْ الْأَمَةِ وَالزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصُومُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالصَّوْمِ بَلْ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ يُكَفِّرُ عَنْهَا بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْعِتْقِ وَالْأَمَةُ يُكَفِّرُ عَنْهَا بِالْإِطْعَامِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتِقَ عَنْهَا إذْ لَا وَلَاءَ لَهَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ عَمَّا لَزِمَهُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الزَّوْجَةِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ عَسِرَ السَّيِّدُ عَمَّا لَزِمَهُ عَنْ الْأَمَةِ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ كَفَّرَتْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْمَعْنَى كَفَّرَتْ نَدْبًا وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ عِبَارَةَ عَبْدِ الْحَقِّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُطَالَبَةٍ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ لَأَنْ تُكَفِّرَ عَنْ نَفْسِهَا وَلَا مُؤَاخَذَةَ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا مُؤَاخَذَةَ بِذَلِكَ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ، وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَصُمْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَفَّرَتْ بِالصَّوْمِ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ

(وَ) نَفْسِ (كَيْلِ الطَّعَامِ) أَيْ مِثْلِهِ إنْ كَفَّرْت بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ يَرْجِعُ بِهِ وَتَعْلَمُ أَكْثَرِيَّةَ الطَّعَامِ وَأَقَلِّيَّتَهُ بِقِيمَتِهِ هَذَا إذَا أَخْرَجْته مِنْ عِنْدِهَا فَإِنْ اشْتَرَتْهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ رَجَعَتْ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهُمَا رَجَعَتْ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا فَإِنْ كَفَّرَتْ بِالرَّقَبَةِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ إنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِهَا وَإِلَّا فَبِالْأَقَلِّ مِنْهَا وَمِنْ ثَمَنِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ (وَفِي تَكْفِيرِهِ عَنْهَا إنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُبْلَةِ) وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِجِمَاعٍ (حَتَّى أَنْزَلَا) أَوْ أَنْزَلَتْ هِيَ إذْ الْمَدَارُ عَلَى إنْزَالِهَا وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا أَيْضًا عَلَى هَذَا الثَّانِي (تَأْوِيلَانِ وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ (لِيُجَامِعَ) أَيْ هَلْ يُكَفِّرُ عَنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ أَوْ لَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ) ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً قَطْعًا فَإِنْ أَكْرَهَ امْرَأَةً لِنَفْسِهِ كَفَّرَ عَنْهَا وَلِغَيْرِهِ كَفَّرَ عَنْهَا وَاطِئُهَا وَلَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ عَلَى الْأَظْهَرِ (لَا إنْ) اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ إلَى تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، وَهُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ إلَى أَمْرٍ مَوْجُودٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ (أَفْطَرَ نَاسِيًا) فَظَنَّ لِفَسَادِ صَوْمِهِ الْإِبَاحَةَ فَأَفْطَرَ ثَانِيًا عَامِدًا (أَوْ) لَزِمَهُ غُسْلٌ لَيْلًا لِجَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ وَ (لَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ) فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ فَأَفْطَرَ عَمْدًا (أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ) أَيْ قُرْبَ الْفَجْرِ فَظَنَّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ فَأَفْطَرَ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ أَيْ فَاَلَّذِي تَسَحَّرَ قُرْبَهُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَعِيدِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ الْقُرْبَ عَلَى اللَّصْقِ أَيْ بِلَصْقِ الْفَجْرِ فَيُوَافِقُ السَّمَاعَ (أَوْ قَدِمَ) الْمُسَافِرُ (لَيْلًا) فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ صَبِيحَةِ قُدُومِهِ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (أَوْ سَافَرَ دُونَ) مَسَافَةِ (الْقَصْرِ) فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَبَيَّتَهُ (أَوْ رَأَى شَوَّالًا) أَيْ هِلَالَهُ (نَهَارًا) يَوْمَ ثَلَاثِينَ فَاعْتَقَدَ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فَأَفْطَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا ثَمَنَ لَهُ (قَوْلُهُ وَنَفْسُ كَيْلِ الطَّعَامِ) قَدْرُ نَفْسٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَيْلِ الطَّعَامِ عَطْفٌ عَلَى الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ هَذَا إذَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا) أَيْ فَإِذَا أَخْرَجَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَبِمِثْلِ الطَّعَامِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ فَالْأَقَلِّيَّةُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَالرُّجُوعِ بِكَيْلِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ. (قَوْلُهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الطَّعَامِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا هَذَا إذَا أَخْرَجَتْ الرَّقَبَةَ مِنْ عِنْدِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا تَكُنْ الرَّقَبَةُ الَّتِي كَفَّرَتْ بِهَا عِنْدَهَا بَلْ اشْتَرَتْهَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْهَا أَيْ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ ثَمَنِهَا وَمِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ فَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِمِثْلِ الطَّعَامِ إلَّا إذَا كَفَّرَتْ بِهِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ فَإِنْ لَمْ تُكَفِّرْ بِهِ كَانَ الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ لَا بِمِثْلِهِ قَالَ بْن وَهَذَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَوَابٍ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ مُحْرِزٍ أَنَّهَا إنْ كَفَّرَتْ بِالْإِطْعَامِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهُ بِهِ أَوْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهِ، وَإِذَا كَفَّرَتْ بِالْعِتْقِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيَمِهِ الرَّقَبَةِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهُ بِهِ أَوْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهَا أَبَدًا لَا تُعْطِي الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ إذْ الْمَدَارُ إلَخْ) أَيْ مَدَارُ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى إنْزَالِهَا وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى إنْزَالِهِمَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا اتِّفَاقًا فَنَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا) أَيْ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ إذَا أَنْزَلَ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ قَالَ عِيَاضٌ: وَالثَّانِي مِنْهُمَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً قَطْعًا) أَيْ اتِّفَاقًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ: وَالْبَاجِيِّ إنَّ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَأَكْثَرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ ضَعِيفٌ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ قِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ وَقِيلَ لَا يُكَفِّرُ عَنْهُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ كَفَّارَةٌ عَنْ نَفْسِهِ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْجِمَاعِ، وَأَمَّا لَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرِهٍ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ امْرَأَةٍ عَلَى وَطْءٍ وَفِي الرَّجُلِ قَوْلَانِ لَهَا وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ مَنْ أَكْرَهَ شَخْصًا عَلَى الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ وَنَقَلَ عبق هَذَا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي نَقْلِهِ عَنْهُ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ نَصِّ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَ أَيْ وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ إلَى أَمْرٍ مَوْجُودٍ) أَيْ يُعْذَرُ بِهِ شَرْعًا (قَوْلُهُ فَظَنَّ لِفَسَادِ صَوْمِهِ الْإِبَاحَةَ) أَيْ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ) أَيْ تَسَحَّرَ فِي الْجُزْءِ الْمُلَاقِي لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَعِيدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَسَحِّرَ قُرْبَهُ لَمْ يَسْتَنِدْ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ يُعْذَرُ بِهِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ أَيْ بِلَصْقِ الْفَجْرِ) أَيْ الْجُزْءِ الْمُلَاصِقِ لِلْجُزْءِ الَّذِي طَلَعَ فِيهِ الْفَجْرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَسَحَّرَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي طَلَعَ فِيهِ الْفَجْرُ (قَوْلُهُ أَوْ سَافَرَ دُونَ الْقَصْرِ) ، وَأَمَّا مَنْ أَصْبَحَ فِي الْحَضَرِ صَائِمًا فَسَافَرَ

فَقَوْلُهُ (فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ) أَيْ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَأَفْطَرُوا رَاجِعٌ لِلسِّتَّةِ أَمْثِلَةٍ فَإِنْ عَلِمُوا الْحُرْمَةَ أَوْ شَكُّوا فِيهَا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ (بِخِلَافٍ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ، وَهُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ إلَى أَمْرٍ مَعْدُومٍ فَلَا يَنْفَعُ وَمَثَّلَ لَهُ بِخَمْسَةِ أَمْثِلَةٍ بِقَوْلِهِ (كِرَاءُ) لِرَمَضَانَ فَشَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَرَدَّ (وَلَمْ يَقْبَلْ) لِمَانِعٍ فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (أَوْ أَفْطَرَ) أَيْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فِي يَوْمٍ (لِحُمَّى) تَأْتِيهِ فِيهِ عَادَةً (ثُمَّ حُمَّ) فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (أَوْ) وَقَعَ مِنْ امْرَأَةٍ (لِحَيْضِ) اعْتَادَتْهُ (ثُمَّ حَصَلَ) الْحَيْضُ بَعْدَ فِطْرِهَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْصُلْ فَالْكَفَّارَةُ (أَوْ) أَفْطَرَ لِأَجْلِ (حِجَامَةٍ) فَعَلَهَا بِغَيْرِهِ أَوْ فُعِلَتْ بِهِ فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ وَالْمُعْتَمَدُ فِي هَذَا عَدَمُ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَرِيبِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ» فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْقَرِيبِ (أَوْ غِيبَةٍ) لِغَيْرِهِ فَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ تَلَازُمٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ مَعَهَا الْقَضَاءُ إنْ كَانَتْ) الْكَفَّارَةُ (لَهُ) أَيْ عَنْ الْمُكَفِّر لَا إنْ كَانَتْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ فَالْقَضَاءُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَمَّا قَدَّمَ ضَابِطًا لِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا فِي قَوْلِهِ وَفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ ذَكَرَ لَهُ هُنَا ضَابِطًا آخَرَ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ بِقَوْلِهِ (وَالْقَضَاءُ فِي) الصَّوْمِ (التَّطَوُّعِ) ثَابِتٌ (بِمُوجِبِهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ الْفِطْرُ بِرَمَضَانَ عَمْدًا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهِلَ كَمَا مَرَّ فَكُلُّ مَا وَجَبَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْوَاجِبِ وَجَبَ بِهِ الْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ وَهَذِهِ الْكُلِّيَّةُ فَاسِدَةُ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ أَمَّا فَسَادُ الْمَنْطُوقِ فَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ عَبَثَ بِنَوَاةٍ فِي فِيهِ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْفَرْضِ وَلَا يَقْضِي فِي النَّفْلِ وَقَوْلُهُ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ أَيْ عَمْدًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا غَلَبَةً فَلَا كَفَّارَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQدُونَ الْقَصْرِ فَأَفْطَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ سَافَرَ سَفَرَ قَصْرٍ فَأَفْطَرَ لِذَلِكَ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ بَلْ هَذَا أَحْرَى بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ اهـ ح (قَوْلُهُ فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ إلَخْ) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَمْثِلَةً سِتَّةً لِلتَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ وَزِيدَ عَلَيْهَا مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ بَعْدَ ثُبُوتِ الصَّوْمِ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ كَمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا عَدَمَ تَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ وَمَنْ أَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِأَجْلِ حِجَامَةٍ فَعَلَهَا بِغَيْرِهِ أَوْ فُعِلَتْ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّظَرَ فِي قُرْبِ التَّأْوِيلِ لِلشَّأْنِ وَالْمِثَالُ لَا يُخَصِّصُ (قَوْلُهُ بِخِلَافٍ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مَنْطُوقُهُ فَكَيْفَ يَخْرُجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ قَوْلُهُ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ أَعَمُّ مِنْهُ لِصِدْقِهِ بِانْتِفَاءِ التَّأْوِيلِ أَصْلًا وَبِالتَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَّارَةِ انْتِفَاءُ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ فَلَا يُشْتَرَطُ انْتِفَاؤُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لِلْحُرْمَةِ حُكْمًا لِقَوْلِهِ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَعَدَّ هَذَا تَأْوِيلًا قَرِيبًا وَقَدْ اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا إنَّ هَذَا أَقْرَبُ تَأْوِيلًا مِمَّنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ تَسَحَّرَ حَالَ الْفَجْرِ قَالَ عج هُوَ فِي هَذَا الْفَرْعِ قَدْ اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ لِمَوْجُودٍ، وَهُوَ رَدُّ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكُونُ تَأْوِيلًا بَعِيدًا اهـ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ اسْتَنَدَ فِي فِطْرِهِ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْذَرْ بِهِ شَرْعًا وَالتَّأْوِيلُ الْبَعِيدُ هُوَ الْمُسْتَنَدُ فِيهِ لِأَمْرٍ مَعْدُومٍ أَوْ مَوْجُودٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْذَرْ بِهِ شَرْعًا وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ بِأَنَّ رَفْعَهُ لِلْقَاضِي نَاشِئٌ عَنْ رُؤْيَتِهِ لِلْهِلَالِ فَلِذَا عُدَّ هَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ فَالْكَفَّارَةُ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْعِيدِ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَيْضَ أَتَاهَا قَبْلَ الْفِطْرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِحَمْدِيسَ اهـ عَدَوِيٌّ (تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا وَرَآهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ أَوْ أَفْطَرَ لِأَجْلِ حِجَامَةٍ) أَيْ أَوْ أَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِأَجْلِ حِجَامَةٍ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ) فَالْمُتَأَوِّلُ اسْتَنَدَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَادٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا فَعَلَا مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْفِطْرُ أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِمَصِّهِ الدَّمَ، وَأَمَّا الْمُحْتَجِمُ فَلِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ أَوْ غِيبَةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اغْتَابَ شَخْصًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لِأَكْلِهِ لَحْمَ أَخِيهِ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ ح لَوْ جَرَى فِي هَذَا مِنْ الْخِلَافِ مَا جَرَى فِي الْحِجَامَةِ مَا بَعُدَ لَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهَا إلَّا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ اهـ عَدَوِيٌّ وَبَقِيَ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ لِاعْتِقَادِهِ جَوَازَ الْإِفْطَارِ فَقَدْ اسْتَظْهَرُوا وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ بَيَّنَهُ) أَيْ بَيَّنَ عَدَمَ التَّلَازُمِ (قَوْلُهُ فَالْقَضَاءُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ (قَوْلُهُ مُنْعَكِسًا) وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ فِطْرٍ عَمْدًا حَرَامًا فِي النَّفْلِ يُوجِبُ قَضَاءً (قَوْلُهُ ذَكَرَ لَهُ هُنَا ضَابِطًا آخَرَ) حَاصِلُهُ كُلُّ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي التَّطَوُّعِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ هُوَ الْفِطْرُ عَمْدًا بِلَا جَهْلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ (قَوْلُهُ فَكُلُّ مَا إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ فِطْرٍ وَجَبَتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْوَاجِبِ، وَهُوَ الْفِطْرُ عَمْدًا بِلَا

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ فَقَدْ خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَاعِدَتَهُ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ فَمَنْ قَيَّدَهُ بِالْغَلَبَةِ فَقَدْ خَالَفَ النَّفَلَ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ وَلِأَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي الْفَرْضِ لِوَجْهٍ كَالْوَالِدِ وَشَيْخٍ يُكَفِّرُ وَلَا يَقْضِي فِي النَّفْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا فَسَادُ الْمَفْهُومِ فَبِمَسَائِلِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا فِي الْفَرْضِ وَيَقْضِي فِي النَّفْلِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ فَلَا تُرَدُّ وَبِمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَمَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ وَيَقْضِي فِي النَّفْلِ كَمَا يَأْتِي (وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ أَيْ خَرَجَ غَلَبَةً وَلَوْ كَثُرَ مَا لَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا كَمَا مَرَّ (أَوْ) غَالِبِ (ذُبَابٍ) أَوْ بَعُوضٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ وَالذُّبَابُ يَطِيرُ فَيَسْبِقُهُ إلَى حَلْقِهِ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأَشْبَهَ الرِّيقَ (أَوْ) غَالِبِ (غُبَارِ طَرِيقٍ) لِحَلْقِهِ لِلْمَشَقَّةِ (أَوْ) غُبَارِ (دَقِيقٍ أَوْ) غُبَارِ (كَيْلٍ أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ) قَيَّدَ فِي الدَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ (وَ) لَا فِي (حُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ) أَيْ ثُقْبِ الذَّكَرِ وَلَوْ بِمَائِعٍ (أَوْ) لَا فِي (دَهْنِ جَائِفَةٍ) أَيْ دَهْنٍ وُضِعَ عَلَى الْجُرْحِ الْكَائِنِ فِي الْبَطْنِ الْوَاصِلِ لِلْجَوْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ لِمَحَلِّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَإِلَّا لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ (وَ) لَا فِي خُرُوجِ (مَنِيٍّ مُسْتَنْكِحٍ أَوْ مَذْيٍ) بِأَنَّهُ يَعْتَرِيهِ كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ مِنْ غَيْرِ تَتَابُعٍ لِلْمَشَقَّةِ (و) لَا قَضَاءَ فِي (نَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ فَرْجٍ طُلُوعَ الْفَجْرِ) أَيْ حَالَ طُلُوعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَضْمَضْ مِنْ الْأَكْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهْلٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ حُمِلَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى نُزُولِهَا غَلَبَةً أَوْ عَمْدًا. (قَوْلُهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ) أَيْ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَمَنْ قَيَّدَهُ) أَيْ فَمَنْ قَيَّدَ ابْتِلَاعَ الْحَصَاةِ بِالْغَلَبَةِ كخش (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فَسَادُ الْمَفْهُومِ) أَيْ، وَهُوَ كُلُّ فِطْرٍ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً فِي الْفَرْضِ لَا يُوجِبُ قَضَاءً فِي النَّفْلِ (قَوْلُهُ وَمِمَّنْ أَصْبَحَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَسَائِلِ التَّأْوِيلِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ وَمَنْ أَمَذَى فَإِنَّ فِي كُلٍّ الْقَضَاءَ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا شَرَعَ فِي السَّفَرِ) أَيْ السَّفَرِ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَزْدَرِدْ) أَيْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا أَيْ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ وَصَلَ لِمَحَلٍّ يُمْكِنُ طَرْحُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْ لِمَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى طَرْحِهِ مِنْهُ كَمَا إذَا لَمْ يَصِلْ لِحَلْقِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ابْتِلَاعِهِ (قَوْلُهُ وَغَالِبِ ذُبَابٍ) أَيْ وَذُبَابٍ غَالِبٍ وَقَاهِرٍ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا وَقَوْلُهُ أَوْ بِعِوَضٍ أَيْ نَامُوسٍ وَغَيْرِ الذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ كَالْبَرَاغِيثِ، وَالْقَمْلُ لَيْسَ مِثْلُهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ غُبَارِ طَرِيقٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الْغُبَارُ، وَأَمَّا غُبَارُ غَيْرِ الطَّرِيقِ كَغُبَارِ كَنْسِ الْبَيْتِ فَالْقَضَاءُ فِي وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ فِيمَا يَظْهَرُ وَانْظُرْ إذَا كَثُرَ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَأَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِوَضْعِ حَائِلٍ عَلَى فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ وَضْعُ حَائِلٍ عَلَى فِيهِ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ اهـ عَدَوِيٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ كَيْلٍ أَيْ غُبَارِ مَكِيلٍ مِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ (قَوْلُهُ أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ) وَكَذَا غُبَارُ الدِّبَاغِ لِصَانِعِهِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ غُبَارُ الدَّقِيقِ وَمَا مَعَهُ لِلصَّانِعِ نَظَرًا لِضَرُورَةِ الصَّنْعَةِ وَإِمْكَانِ التَّحَفُّظِ لِغَيْرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَلَا لِلصَّانِعِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ. (قَوْلُهُ قُيِّدَ فِي الدَّقِيقِ) ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الدَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّانِعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُغْتَفَرُ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَحُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ لِمَعِدَتِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ إحْلِيلٍ، وَأَمَّا مِنْ الدُّبُرِ أَوْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فَتُوجِبُ الْقَضَاءَ إذَا كَانَتْ بِمَائِعٍ لَا بِجَامِدٍ كَمَا مَرَّ كَذَا قَالَ عبق وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ فَرْجَ الْمَرْأَةِ لَيْسَ مُتَّصِلًا بِالْجَوْفِ فَلَا يَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَيْهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ كَرِهَ مَالِكٌ الْحُقْنَةَ لِلصَّائِمِ فَإِنْ احْتَقَنَ فِي فَرْضٍ بِشَيْءٍ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ فَلْيَقْضِ وَلَا يُكَفِّرُ اهـ وَفِي ح عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ الْإِحْلِيلَ يَقَعُ عَلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ اهـ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحُقْنَةَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا قَضَاءَ فِيهَا كَالْحُقْنَةِ مِنْ ثُقْبِ الذَّكَرِ. (قَوْلُهُ وَمَنِيٍّ) بِالتَّنْوِينِ وَمُسْتَنْكِحٍ بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ غَالِبٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَذْيٍ) لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِهِ بِالْمُسْتَنْكِحِ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدٍ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُقَيَّدِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَيْدُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَنَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَزَعَ الْمَأْكُولَ أَوْ الْمَشْرُوبَ مِنْ فَمِهِ فِي حَالِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إخْرَاجَ الْمَائِعِ مِنْ الْحَلْقِ لَيْسَ إيصَالًا لَهُ وَلَا يُقَالُ إذَا نَزَعَ الْمَأْكُولَ فِي حَالِ الطُّلُوعِ كَانَ نَازِعًا فِي النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نَازِعًا فِي النَّهَارِ إلَّا إذَا كَانَ النَّزْعُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ النَّزْعَ فِي حَالِ الطُّلُوعِ لَا بَعْدَهُ وَلَا فِي الْجُزْءِ الْمُلَاقِي لِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ حِينَئِذٍ لَيْلًا فَلَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ فَرْجٍ) أَيْ أَنَّهُ إذَا نَزَعَ فَرْجَهُ مِنْ فَرْجِ مَوْطُوءَتِهِ فِي حَالِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَزْعَ الذَّكَرِ لَا يُعَدُّ وَطْئًا

[الجائزات للصائم]

أَوْ حَصَلَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ بَعْدَ نَزْعِ الذَّكَرِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ نَزْعَ الذَّكَرِ لَا يُعَدُّ وَطْئًا وَإِلَّا كَانَ وَاطِئًا فِي النَّهَارِ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْجَائِزَاتِ فَقَالَ (وَجَازَ) لِلصَّائِمِ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ الْمُقَابِلَ لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ جَائِزٌ مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ كَالْمَضْمَضَةِ لِلْعَطَشِ وَبَعْضُهُ مَكْرُوهٌ كَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ وَبَعْضُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَالْإِصْبَاحِ بِالْجَنَابَةِ وَبَعْضُهُ مُسْتَحَبٌّ كَالسِّوَاكِ إذَا كَانَ لِمُقْتَضًى شَرْعِيٍّ مِنْ وُضُوءٍ وَصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ أَيْ نُدِبَ (سِوَاكٌ) أَيْ اسْتِيَاكٌ (كُلَّ النَّهَارِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ (وَ) جَازَ لَهُ (مَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ) وَنَحْوَهُ كَحَرٍّ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ مُوجِبٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا (وَإِصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (وَصَوْمُ دَهْرٍ) بِمَعْنَى يُنْدَبُ (وَ) صَوْمُ يَوْمِ (جُمُعَةٍ فَقَطْ) لَا قَبْلَهُ يَوْمٌ وَلَا بَعْدَهُ يَوْمٌ أَيْ يُنْدَبُ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرَ فَلَا خِلَافَ فِي نَدْبِهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا النَّدْبُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَوْمٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (وَ) جَازَ لَهُ بِمَعْنَى كُرِهَ (فِطْرٌ) بِأَنْ يُبَيِّتَ الْفِطْرَ أَوْ يَتَعَاطَى مُفْطِرًا وَلِجَوَازِهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (بِسَفَرِ قَصْرٍ) لَا أَقَلَّ فَلَا يَجُوزُ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (شَرَعَ فِيهِ) بِالْفِعْلِ بِأَنْ وَصَلَ لِمَحَلِّ بَدْءِ الْقَصْرِ الْمُتَقَدِّمِ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ لَا إنْ لَمْ يَشْرَعْ فَلَا يَجُوزُ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) لَا إنْ شَرَعَ بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ وَرَابِعُهَا أَنْ لَا يُبَيِّتَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الصَّوْمَ (فِيهِ) أَيْ فِي السَّفَرِ فَإِنْ بَيَّتَهُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ وَبَقِيَ خَامِسٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِرَمَضَانَ لَا فِي نَحْوِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ (قَضَى) وَذَكَرَهُ، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَوْ تَطَوُّعًا) بِأَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ فِي السَّفَرِ فَأَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَصُّ ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَهُوَ يُجَامِعُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ اسْتَدَامَ فَإِنْ نَزَعَ أَيْ فِي حَالِ الطُّلُوعِ فَفِي إثْبَاتِ الْقَضَاءِ وَنَفْيِهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ الْقَاسِمِ سَبَبُهُ أَنَّ النَّزْعَ هَلْ يُعَدُّ جِمَاعًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَوْ حَصَلَ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ بَعْدَ نَزْعِ الذَّكَرِ) أَيْ إنْ لَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ عَنْ فِكْرٍ مُسْتَدَامٍ بَعْدَ النَّزْعِ وَإِلَّا فَالْكَفَّارَةُ فِي الْأَوَّلِ وَالْقَضَاءُ فِي الثَّانِي اهـ عَدَوِيٌّ [الْجَائِزَاتِ لِلصَّائِمِ] (قَوْلُهُ وَجَازَ سِوَاكٌ) أَيْ بِمَا لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَكُرِهَ بِالرَّطْبِ لِمَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ فَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَوَصَلَ لِحَلْقِهِ فَكَالْمَضْمَضَةِ إنْ وَصَلَ عَمْدًا كَانَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ (قَوْلُهُ كُلَّ النَّهَارِ) أَيْ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» وَهَذَا يَعُمُّ الصَّائِمَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَاسْتَدَلَّا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وَالْخُلُوفُ بِالضَّمِّ مَا يَحْدُثُ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ مِنْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ فِي الْفَمِ وَشَأْنُ ذَلِكَ أَنْ يَحْدُثَ عِنْدَ الزَّوَالِ فَإِذَا اسْتَاك بَعْدَ الزَّوَالِ أَزَالَ ذَلِكَ الْخُلُوفَ الْمُسْتَطَابَ عِنْدَ اللَّهِ فَلِذَا كَانَ مَكْرُوهًا وَقَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْخُلُوفِ خُلُوُّ الْمَعِدَةِ وَخُلُوُّ الْمَعِدَةِ مَوْجُودٌ لَمْ يَذْهَبْ فَلْيَكُنْ الْخُلُوفُ بَاقِيًا لَمْ يُذْهِبْهُ السِّوَاكُ فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى كَوْنِهِ أَطْيَبَ عِنْدَ اللَّهِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ اسْتِطَابَةِ الرَّوَائِحِ وَالِانْبِسَاطِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ صِفَاتِ الْحَيَوَانِ قُلْت هَذَا كِنَايَةٌ عَنْ رِضَاهُ تَعَالَى بِهِ وَثَنَائِهِ عَلَى الصَّائِمِ بِسَبَبِهِ وَتَقْرِيبِهِ مِنْهُ كَتَقْرِيبِ ذِي الرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ وَلَا يُخَصُّ ذَلِكَ بِالْآخِرَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَغْرِيرًا) أَيْ مُخَاطَرَةً لِاحْتِمَالِ سَبْقِ شَيْءٍ مِنْهَا إلَى الْحَلْقِ فَيَفْسُدُ صَوْمُهُ. (قَوْلُهُ وَإِصْبَاحٌ) أَيْ تَعَمَّدَ الْبَقَاءَ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيُصْبِحَ (قَوْلُهُ وَصَوْمُ دَهْرٍ وَجُمُعَةٍ فَقَطْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِمَا وَحُجَّةُ الْقَائِلِ بِجَوَازِ صَوْمِ الدَّهْرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى لُزُومِهِ لِمَنْ نَذَرَهُ وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا أَوْ مَمْنُوعًا لِمَا لَزِمَ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَأَمَّا صَوْمُ الْجُمُعَةِ بِخُصُوصِهَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» فَمَحَلُّ النَّهْيِ عَلَى خَوْفِ فَرْضِهِ وَقَدْ انْتَفَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ بِوَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلصَّائِمِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُبَيِّتَ الْفِطْرَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرِ مَا يَشْمَلُ الْفِطْرَ بِالْفِعْلِ وَتَبْيِيتَ الْفِطْرِ وَعَلَيْهِ فَيُوَزَّعُ فِي الشُّرُوطِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ شَرَعَ فِيهِ إلَخْ شَرْطًا فِي جَوَازِ تَبْيِيتِ الْفِطْرِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ شَرْطًا فِي جَوَازِ الْفِطْرِ بِالْفِعْلِ وَفِي بْن أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرِ هُنَا تَعَاطِي الْمُفْطِرِ إذْ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى تَبْيِيتِ الْفِطْرِ لَمْ يُلَائِمْهُ قَوْلُهُ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَا قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَبْيِيتَ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ يَسْتَلْزِمُ الشُّرُوعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ فِيهِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ اهـ كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَلِجَوَازِهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ) مِنْهَا مَا يَعُمُّ يَوْمَ السَّفَرِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَفَرِ قَصْرٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ وَمِنْهَا مَا يَخُصُّ يَوْمَ السَّفَرِ دُونَ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ بِسَفَرِ قَصْرٍ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلصَّائِمِ الْمُسَافِرِ الْفِطْرُ وَلَوْ أَقَامَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِمَحَلٍّ مَا لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَالصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ الشُّرُوعُ أَيْ الْوُصُولُ لِمَحَلِّ الْبَدْءِ قَبْلَ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قَضَى) الْأَوْلَى وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِعِلْمِ الْقَضَاءِ مِنْ قَوْلِهِ

عَلَى أَنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ رُخْصَةَ الْفِطْرِ خَاصَّةٌ بِرَمَضَانَ (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ الصَّوْمَ بِرَمَضَانَ أَيْ يُبَيِّتَهُ (بِسَفَرٍ) أَيْ فِيهِ ثُمَّ يُفْطِرَ فِيهِ فَإِنْ بَيَّتَهُ فِيهِ وَأَفْطَرَ كَفَّرَ تَأَوَّلَ أَوْ لَا وَأَحْرَى لَوْ رَفَعَ نِيَّةَ الصَّوْمِ بِحَضَرٍ لَيْلًا قَبْلَ الشُّرُوعِ حَتَّى طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ رَافِعًا لَهَا وَلَوْ كَانَ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ أَوْ تَأْوِيلًا، وَأَمَّا لَوْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فَإِنْ لَمْ يُسَافِرْ مِنْ يَوْمِهِ فَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا كَأَنْ سَافَرَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ لَا إنْ تَأَوَّلَ فَلَا كَفَّارَةَ أَوْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَأَفْطَرَ بَعْدَ الشُّرُوعِ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا كَفَّارَةَ تَأَوَّلَ بِفِطْرِهِ أَوْ لَا حَصَلَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَزْمٌ عَلَى السَّفَرِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ فَأَفْطَرَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ مُطْلَقًا أَنَّ الْحَاضِرَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ فَلَمَّا سَارَ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفِطْرِ فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَالْمُسَافِرُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الصَّوْمِ وَعَدَمِهِ فَلَمَّا اخْتَارَ الصَّوْمَ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى أَهْلِ الصِّيَامِ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ تَأَوَّلَ. قَوْلُهُ (كَفِطْرِهِ) أَيْ الصَّائِمِ الْمُسَافِرِ (بَعْدَ دُخُولِهِ) نَهَارًا وَطَنَهُ أَوْ مَحَلَّ إقَامَةٍ تَقَطَّعَ حُكْمُ السَّفَرِ وَذَكَرَ هَذَا تَتْمِيمًا لِلصُّوَرِ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ وَهَذَا أَفْطَرَ فِي الْحَضَرِ (وَ) جَازَ الْفِطْرُ (بِمَرَضٍ خَافَ) أَيْ ظَنَّ لِقَوْلِ طَبِيبٍ عَارِفٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ أَوْ لِمُوَافِقٍ فِي الْمِزَاجِ (زِيَادَتَهُ أَوْ تَمَادِيهِ) بِأَنْ يَتَأَخَّرَ الْبُرْءُ وَكَذَا إنْ حَصَلَ لِلْمَرِيضِ بِالصَّوْمِ شِدَّةٌ وَتَعَبٌ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ (وَوَجَبَ) الْفِطْرُ لِمَرِيضٍ وَصَحِيحٍ (إنْ خَافَ) عَلَى نَفْسِهِ بِصَوْمِهِ (هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى) كَتَعْطِيلِ مَنْفَعَةٍ مِنْ سَمْعٍ أَوْ بَصَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِوُجُوبِ حِفْظِ النَّفْسِ، وَأَمَّا الْجَهْدُ الشَّدِيدُ فَيُبِيحُ الْفِطْرَ لِلْمَرِيضِ قِيلَ وَالصَّحِيحُ أَيْضًا شِبْهٌ فِي الْحُكْمَيْنِ مَعًا وَهُمَا الْجَوَازُ وَالْوُجُوبُ لِلْمَرِيضِ قَوْلُهُ (كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا) أَيْ الْمُرْضِعَ (اسْتِئْجَارٌ) لِعَدَمِ مَالٍ أَوْ مُرْضِعَةٍ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ الِاسْتِئْجَارِ، وَهُوَ إرْضَاعُهَا بِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مَجَّانًا أَيْ لَمْ يُمْكِنْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ لَازِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ تَخَلَّفَ شَيْءٌ مِنْ الشُّرُوطِ أَمْ لَا وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الْقَضَاءَ، وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ) أَيْ لَكِنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ وَإِبْدَالُهُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ وَأَيْضًا الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صَادِقًا عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ الْمُرَادُ بِهِ الْفِطْرُ فِي رَمَضَانَ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ وَلَا كَفَّارَةَ إلَخْ وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ بِسَفَرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَيَّتَ نِيَّةَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فِيهِ ثُمَّ أَفْطَرَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ سَوَاءٌ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا أَوْ لَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ وَأَحْرَى إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَصْبَحَ مُفْطِرًا فِي الْحَضَرِ بِأَنْ رَفَعَ نِيَّةَ الصَّوْمِ لَيْلًا وَطَلَعَ الْفَجْرُ رَافِضًا لَهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى السَّفَرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ سَوَاءٌ سَافَرَ أَمْ لَا كَانَ مُتَأَوِّلًا أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تُضَمُّ لِلِاثْنَيْنِ قَبْلَهَا فَالْجُمْلَةُ سِتَّةٌ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَأَوَّلَ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ كَأَنْ سَافَرَ أَيْ بَعْدَ الْفِطْرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَفْطَرَ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ، وَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِيهَا الْكَفَّارَةُ وَتُضَمُّ لِلسِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعُ صُوَرٍ فِيهَا الْكَفَّارَةُ وَسَيَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ صُورَةٌ عَاشِرَةٌ (قَوْلُهُ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا تُضَمُّ لِلصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ مَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَقَوْلُهُ وَبَيْنَ مَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ فَأَفْطَرَ أَيْ الَّذِي أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ بِسَفَرٍ (قَوْلُهُ فَلَمَّا اخْتَارَ الصَّوْمَ إلَخْ) أَيْ فَلَمَّا شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ بِنِيَّتِهِ الصَّوْمَ وَتَرْكَ الرُّخْصَةِ شُدِّدَ عَلَيْهِ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَفِي ح خِلَافٌ فِيمَنْ سَافَرَ لِأَجْلِ الْفِطْرِ هَلْ يُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَجَازَ الْفِطْرُ بِمَرَضٍ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ لِلصَّائِمِ وَلَوْ حَاضِرًا الْقَصْرُ بِسَبَبِ مَرَضٍ قَائِمٍ بِهِ خَافَ زِيَادَتَهُ فَالْبَاءُ فِي بِمَرَضٍ سَبَبِيَّةٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْجَوَازِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا خَافَ مَا دُونَ الْمَوْتِ عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَشْهُورُ الْإِبَاحَةُ نَقَلَهُ ح فَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَنْ مَنَعَ الصَّوْمَ وَوُجُوبَ الْفِطْرِ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ لِمُوَافِقٍ) أَيْ أَوْ لِإِخْبَارٍ مُوَافِقٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ إذَا حَصَلَ لَهُ بِالصَّوْمِ مُجَرَّدُ شِدَّةِ تَعَبٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ قَوْلٌ آخَرُ بِجَوَازِ فِطْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَافَ الصَّحِيحُ أَصْلَ الْمَرَضِ بِصَوْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَنْزِلُ بِهِ الْمَرَضُ إذَا صَامَ وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ الْفِطْرُ بِمَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَخَافَ هَلَاكًا فَيَجِبُ (قَوْلُهُ أَوْ شَدِيدَ أَذًى) أَيْ أَذًى شَدِيدًا فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِمَوْصُوفِهَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ إرْضَاعُهَا بِنَفْسِهَا) أَيْ مَعَ كِفَايَتِهِ وَقَوْلُهُ إنْ خَافَتَا عَلَيْهِ الْمَرَضَ أَيْ حُدُوثَهُ بِسَبَبِ صَوْمِ الْحَامِلِ أَوْ مِنْ قِلَّةِ اللَّبَنِ بِسَبَبِ صَوْمِ الْمُرْضِعِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُمْكِنْهَا وَاحِدٌ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْمُرْضِعَ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا لَا يَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ إلَّا إذَا انْتَفَى إمْكَانُ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ وَغَيْرِهِ فَكَانَ الْوَاجِبُ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ

عَلَى حَدِّ {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] (خَافَتَا) بِالصَّوْمِ (عَلَى وَلَدَيْهِمَا) فَيَجُوزُ فِطْرُهُمَا إنْ خَافَتَا عَلَيْهِ الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ وَيَجِبُ إنْ خَافَتَا هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى، وَأَمَّا خَوْفُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَهُوَ دَاخِلٌ عُمُومَ قَوْلِهِ وَبِمَرَضٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَرَضٌ وَالرَّضَاعُ فِي حُكْمِهِ وَلِذَا كَانَتْ الْحَامِلُ لَا إطْعَامَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ فَإِنْ أَمْكَنَهَا الِاسْتِئْجَارُ وَجَبَ صَوْمُهَا (وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ) إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَفَقَتِهِ حَيْثُ سَقَطَ رَضَاعُهُ عَنْ أُمِّهِ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لَهَا وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَوُجِدَ مَالُ الْأَبَوَيْنِ (هَلْ) تَكُونُ فِي (مَالِ الْأَبِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ (أَوْ) فِي (مَالِهَا تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا حَيْثُ يَجِبُ الرَّضَاعُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْأَبِ اتِّفَاقًا (وَ) وَجَبَ (الْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ) فَمَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ وَكَانَ ثَلَاثِينَ وَقَضَاهُ بِالْهِلَالِ فَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ صَامَ يَوْمًا آخَرَ (بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ) فَلَا يَقْضِي فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَلَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ شَامِلًا لِرَمَضَانَ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ (غَيْرَ رَمَضَانَ) فَلَا يَقْضِي مُسَافِرٌ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ الْمَاضِي فِيهِ إذْ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَاصِلُ الْوُجُوبِ أَنَّ أَوْ إذَا وَقَعَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ كَانَتْ لِنَفْيِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ وَالْأَحَدُ الدَّائِرُ لَا يَتَحَقَّقُ نَفْيُهُ إلَّا بِنَفْيِ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ عَلَى حَدٍّ) أَيْ عَلَى طَرِيقَةٍ أَيْ فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ وَلَا تُطِعْ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ كَمَا فِي الْمُصَنِّفُ أَوْ بَعْدَ النَّهْيِ كَمَا فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ الْأَحَدِ الدَّائِرِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ (قَوْلُهُ خَافَتَا عَلَى وَلِيدَيْهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ السَّابِقَيْنِ الْمُجَوِّزِ لِلْفِطْرِ وَالْمُوجِبِ لَهُ وَمَفْهُومُ خَافَتَا إلَخْ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا الْفِطْرُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ لَكِنَّ اللَّخْمِيَّ قَدْ صَرَّحَ بِجَوَازِهِ لَهُمَا وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّهُ لِلْمُرْضِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: حَالٌ لَا يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ، وَهُوَ مَا إذَا قَدَرَتْ عَلَى الصَّوْمِ وَلَمْ يُجْهِدْهَا الْإِرْضَاعُ وَلَمْ يَحْصُلْ لِوَلَدِهَا ضَرَرٌ بِسَبَبِهِ وَحَالٌ يَجُوزُ لَهَا فِيهَا الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ، وَهِيَ مَا إذَا جَهَدَهَا الْإِرْضَاعُ وَلَمْ تَخَفْ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ خَافَتْ عَلَيْهِ حُدُوثَ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَةٍ وَلَمْ يُمْكِنْهَا الْإِرْضَاعُ وَحَالٌ يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهَا الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ، وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا الْإِرْضَاعُ وَخَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا شِدَّةَ الْأَذَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْحَمْلِ مَرَضًا حَقِيقَةً وَالرَّضَاعِ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ وَلَيْسَ مَرَضًا حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهَا الِاسْتِئْجَارُ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ) أَيْ أُجْرَةُ إرْضَاعِهِ إذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى إرْضَاعِهِ وَخَافَتْ عَلَيْهِ وَأَجَرَتْ لَهُ مُرْضِعَةً تُرْضِعُهُ وَهَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ أَيْ فَإِنْ أَمْكَنَهَا ذَلِكَ وَجَبَ الصَّوْمُ وَاسْتَأْجَرَتْ وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ إرْضَاعَهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِسَنَدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِتَرَدُّدٍ أَوْ بِقَوْلَيْنِ إذْ لَيْسَ هَذَا خِلَافًا فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَإِنَّ عَدِمَ مَالَ الْأَبِ فَمِنْ مَالِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجِبُ الرَّضَاعُ عَلَيْهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ عَلِيَّةِ الْقَدْرِ وَكَانَتْ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا بَائِنًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا وَكَانَتْ فِي مَالِ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلٍ وَجَبَ الْمُسْتَتِرُ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا إلَخْ وَالشَّرْطُ فِي الْعَطْفِ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ مَوْجُودٌ، وَهُوَ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ بِالْعَدَدِ) أَيْ سَوَاءٌ صَامَ الْقَضَاءَ بِالْهِلَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ إنْ صَامَ بِالْعَدَدِ وَلَمْ يَصُمْ بِالْهِلَالِ، وَإِنْ صَامَ بِالْهِلَالِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الشَّهْرُ سَوَاءً وَافَقَتْ عِدَّةُ أَيَّامِهِ عِدَّةَ رَمَضَانَ أَوْ نَقَصَ عَدَدُ الْقَضَاءِ عَنْهُ (قَوْلُهُ أُبِيحَ صَوْمُهُ) أَيْ بِزَمَنٍ أُبِيحَ الصَّوْمُ فِيهِ فَخَرَجَ الزَّمَانُ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّوْمُ كَيَوْمَيْ الْعِيدِ وَتَالِيَيْ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهَا قَضَاءً وَخَرَجَ أَيْضًا الزَّمَانُ الَّذِي يُكْرَهُ صَوْمُهُ كَرَابِعِ النَّحْرِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَضَاءً وَخَرَجَ أَيْضًا الزَّمَانُ الَّذِي وَجَبَ صَوْمُهُ كَرَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ وَكَذَلِكَ الْأَيَّامُ الْمَعْنِيَّةُ الَّتِي نَذَرَ صَوْمُهَا فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهَا قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ الْمَاضِي وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ شَامِلًا لِرَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَافِرِ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا لَأَغْنَاهُ عَنْ قَوْلِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ وَلَا يُنْتَقَضُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ بِيَوْمِ الشَّكِّ فَإِنَّ صَوْمَهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ مَعَ أَنَّهُ يُصَامُ قَضَاءً كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ صَوْمُهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مُبَاحٌ وَالْحُرْمَةُ أَوْ الْكَرَاهَةُ إنَّمَا عَرَضَتْ لَهُ مِنْ حَيْثُ قَصْدُ الِاحْتِيَاطِ اهـ خش (قَوْلُهُ وَلَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ) أَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ الْقَضَاءِ فِي ثَانِي الْعِيدِ وَثَالِثِهِ فَبِاتِّفَاقٍ لِلنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِمَا نَهْيَ تَحْرِيمٍ، وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ الْقَضَاءِ فِي رَابِعِ الْعِيدِ، وَهُوَ ثَالِثُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ لِكَرَاهَةِ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا وَعَدَمِ إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْضِي إلَخْ) أَيْ فَلَوْ قَضَى الْمُسَافِرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ الْمَاضِي فِي هَذَا الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الْحَاضِرُ إذَا صَامَ رَمَضَانَ

(وَ) وَجَبَ (إتْمَامُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ (إنْ ذَكَرَ قَضَاءَهُ) أَيْ الصَّوْمِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ ذَكَرَ سُقُوطَهُ بِوَجْهٍ فَإِنْ أَفْطَرَ وَجَبَ قَضَاؤُهُ (وَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ) عَلَى مَنْ لَزِمَهُ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ نَفْلٍ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا ثُمَّ أَفْطَرَ فِي قَضَائِهِ عَمْدًا فَيَقْضِي يَوْمَيْنِ يَوْمًا عَنْ الْأَصْلِ وَيَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ فَيَقْضِي يَوْمًا عَنْ الْأَصْلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَصَالَةً، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (خِلَافٌ) فَإِنْ أَفْطَرَ فِي الْقَضَاءِ سَهْوًا فَلَا يَقْضِي اتِّفَاقًا (وَ) وَجَبَ (أَدَبُ الْمُفْطِرِ عَمْدًا) وَلَوْ بِنَفْلٍ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ هُمَا وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ حُدَّ مَعَ الْأَدَبِ وَقُدِّمَ الْأَدَبُ إنْ كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا (إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا) قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ فَلَا أَدَبَ (وَ) وَجَبَ (إطْعَامُ) قَدْرِ (مُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمُفَرِّطٍ) أَيْ عَلَى مُفَرِّطٍ (فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لِمِثْلِهِ) أَيْ إلَى أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ الثَّانِي وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْمِثْلِ (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ وَكَذَا قَوْلُهُ (لِمِسْكِينٍ) فَلَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا مُدَّيْنِ عَنْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا وَلَوْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي يَوْمِهِ لَمْ يُجْزِهِ إنْ كَانَ التَّفْرِيطُ بِعَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ عَامَيْنِ جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَاضِرَ قَضَاءً عَنْ الْمَاضِي فَقِيلَ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ ذَلِكَ الْقَوْلِ فَقِيلَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ كُبْرَى مَعَ كَوْنِ صَوْمِهِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ وَلَا الْمَاضِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَامَهُ وَلَمْ يُفْطِرْ وَصَوَّبَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ كُبْرَى مَعَ الْكَفَّارَةِ الصُّغْرَى عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِفِطْرِهِ فِيهِ عَمْدًا يَرْفَعُهُ نِيَّةُ رَمَضَانَ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ فَيُفْقَدُ اعْتِمَادُهُ كَمَا قَالَ ح وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَاضِرَ إذَا صَامَ رَمَضَانَ الْحَاضِرَ قَضَاءً عَنْ الْفَائِتِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْحَاضِرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَصَوَّبَهُ فِي النُّكَتِ كَمَا قَالَ الْمَوَّاقُ وَعَلَيْهِ لِلْمَاضِي مُدٌّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ قَالَ عبق وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَصَحَّحَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ صُحِّحَ. (قَوْلُهُ وَوَجَبَ إتْمَامُهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ نَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَشَرَعَ فِيهِ فَتَذَكَّرَ قَضَاءَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ تَذَكَّرَ سُقُوطَ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَنْهُ بِأَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ بَلَغَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَبَ إتْمَامُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ نَفْلًا وَالنَّفَلُ يَجِبُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ يَظُنُّهَا عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ شَفْعٍ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً وَفِي الْعَصْرِ يَخْرُجُ عَنْ شَفْعٍ إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَإِلَّا قَطَعَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَصْرَ لَا يُتَنَفَّلُ بَعْدَهَا وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ فَشَرَعَ فِيهِمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فَعَلَهُمَا فَإِنَّهُ يُتِمُّهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُرْتَفَضَانِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَفْطَرَ وَجَبَ قَضَاؤُهُ) أَيْ فَإِنْ أَفْطَرَ عَمْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَقَضَى فِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْخِلَافَ خَاصٌّ بِالْفِطْرِ عَمْدًا، وَأَمَّا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ (قَوْلُهُ وَيَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ) فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا قَضَى يَوْمَيْنِ وَهَكَذَا وَلَوْ تَسَلْسَلَ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) شَهَّرَ الثَّانِي ابْنُ الْحَاجِبِ فِي بَابِ الْحَجِّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَوَّلُ شَهَّرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ فِي وَجِيزِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْضِي اتِّفَاقًا) أَيْ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ وَخَالَفَهُ الْقَاضِي سَنَدٌ فَجَعَلَ الْخِلَافَ جَارِيًا فِيمَنْ أَفْطَرَ فِي الْقَضَاءِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَتَبِعَهُ خش (قَوْلُهُ وَوَجَبَ أَدَبُ الْمُفْطِرِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ وَجَبَ إلَى أَنَّ أَدَبَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى فَاعِلِ وَجَبَ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَفْلٍ) تَبِعَ عج فِي ذِكْرِ النَّافِلَةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِلَّخْمِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ فِي النَّفْلِ عَمْدًا خِلَافًا بَيْنَ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فِطْرُهُ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ) أَيْ كَزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الْأَدَبُ إنْ كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا) اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ سُقُوطَ الْأَدَبِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى الْجَمِيعِ اهـ بْن وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَدَبِ (قَوْلُهُ لِمُفَرِّطٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمِثْلِهِ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ مُرْتَبِطٌ بِمُفَرِّطٍ أَيْ تَفْرِيطًا مُنْتَهِيًا فِيهِ إلَى دُخُولِ مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ لِمُفَرِّطٍ أَيْ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ سَفِيهًا كَانَ التَّفْرِيطُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَنَاسِي الْقَضَاءِ لَا الْمُكْرَهِ عَلَى تَرْكِهِ وَالْجَاهِلِ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى رَمَضَانَ التَّالِي لَهُ فَلَيْسَا بِمُفَرِّطَيْنِ كَمُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْرِيطَ الْمُوجِبَ لِلْإِطْعَامِ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ لِشَعْبَانَ الْوَاقِعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تَلِي سَنَةَ رَمَضَانَ الْمَقْضِيِّ خَاصَّةً فَإِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ فَلَا إطْعَامَ وَلَوْ فَرَّطَ فِيمَا قَبْلَهُ أَوْ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَكَرَّرُ) أَيْ الْمُدُّ بِتَكَرُّرِ الْمِثْلِ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَانِ مِنْ رَمَضَانَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثُ رَمَضَانَاتٍ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مُدَّانِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ لَوَفَّى بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ لِمِثْلِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كُلُّ وَاحِدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّيْنِ دَفَعَهُ لَهُ فِي يَوْمِهِ الَّذِي صَامَهُ قَضَاءً عَمَّا فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا عَنْ عَامَيْنِ) أَيْ

(وَلَا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ) عَلَى مُدٍّ يُدْفَعُ لِمِسْكِينٍ وَيَنْبَغِي نَزْعُهُ مِنْهُ إنْ بَقِيَ وَمَحَلُّ إطْعَامِ الْمُفَرِّطِ (إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ) بِأَنْ يَبْقَى مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ (لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ) الْأَوْلَى عُذْرُهُ لِيَشْمَلَ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ وَالْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْإِكْرَاهَ وَالْجَهْلَ وَالسَّفَرَ بِشَعْبَانَ أَيْ اتَّصَلَ مِنْ مَبْدَأِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ شَعْبَانَ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى رَمَضَانَ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ اتَّصَلَ مِنْ رَمَضَانَ لِرَمَضَانَ وَلَا جَمِيعِ شَعْبَانَ (مَعَ الْقَضَاءِ) فِي الْعَامِ الثَّانِي أَيْ يُنْدَبُ الْإِطْعَامُ أَيْ إخْرَاجُ الْمُدِّ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ يُخْرِجُ جَمِيعَ الْأَمْدَادِ فَإِنْ أَطْعَمَ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ أَجْزَأَ وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ (وَ) وَجَبَ (مَنْذُورُهُ) أَيْ الْوَفَاءُ بِهِ صَوْمًا أَوْ غَيْرَهُ (وَ) وَجَبَ (الْأَكْثَرُ) احْتِيَاطًا (إنْ احْتَمَلَهُ) أَيْ الْأَكْثَرَ (بِلَفْظِهِ) وَاحْتَمَلَ الْأَقَلَّ (بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقَةٍ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى مَا نَوَى وَمَثَّلَ لِلْمُحْتَمَلِ بِقَوْلِهِ (كَشَهْرٍ فَثَلَاثِينَ) أَيْ كَنَذْرِ شَهْرٍ فَيَصُومُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَوْ قَالَ فَثَلَاثُونَ كَانَ أَقْيَسَ أَيْ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثُونَ احْتِيَاطًا، وَإِنْ احْتَمَلَ لَفْظُ شَهْرٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمَحَلُّ لُزُومِ الثَّلَاثِينَ (إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلَالِ) فَإِنْ بَدَأَ بِهِ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ شَهْرٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَوْ نَذَرَهُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِهِ وَجَاءَ الشَّهْرُ نَاقِصًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ نِصْفِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ يَوْمٍ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرَّطَ فِيهِمَا بِأَنْ دَفَعَ لَهُ مُدَّيْنِ عَنْ يَوْمَيْنِ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ عَامٍ جَازَ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُرْضِعِ دَفْعُ كَفَّارَةِ فِطْرِهَا وَتَفْرِيطِهَا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِالزَّائِدِ عَلَى مُدٍّ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ مِثَالُ الْأَوَّلِ إذَا فَرَّطَ، وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ الثَّانِي وَمِثَالُ الثَّانِي مَا إذَا فَرَّطَ فِي رَمَضَانَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَالْمُرَادُ بِالْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ الَّذِي فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ وَبَيَّنَ) أَيْ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ وَبَيَّنَ لَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ إطْعَامُ مُدَّةٍ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُفَرِّطَ إطْعَامُ الْمُدِّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ إذَا كَانَ يُمْكِنُ قَضَاءُ مَا عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ وَذَلِكَ بِأَنْ صَارَ الْبَاقِي مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ خَالٍ مِنْ الْأَعْذَارِ وَلَمْ يَقْضِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ الْآخَرُ وَعَلَى هَذَا فَمَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا مِنْ رَمَضَانَ وَتَرَكَ قَضَاءَهَا أَوَّلَ شَعْبَانَ وَأَخَّرَهَا إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ ثُمَّ لَمَّا بَقِيَ ذَلِكَ مَرِضَ إلَى أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ الثَّانِي فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ إمْكَانُ الْقَضَاءِ فِي شَعْبَانَ الْأَوَّلِ فَإِنْ حَصَلَ فِي آخِرِهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ عُذِرَ وَتَرَاخَى فِي شَعْبَانَ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ إطْعَامٌ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ مِنْ أَوَّلِ شَعْبَانَ ظَانًّا كَمَا لَهُ فَإِذَا هُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ لِيَوْمٍ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِشَعْبَانَ (قَوْلُهُ لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ صَرَّحَ بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ وَالْجَهْلَ) أَيْ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ عَلَى رَمَضَانَ الثَّانِي وَجَعْلُ الْجَهْلِ الْمَذْكُورِ عُذْرًا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي النِّسْيَانِ وَفِي السَّفَرِ وَفِي المج وَلَيْسَ النِّسْيَانُ وَالسَّفَرُ عُذْرًا هُنَا بَلْ الْإِكْرَاهُ اهـ (قَوْلُهُ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُتَمَكِّنًا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَيَّامِ وَلَا عُذْرَ لَهُ (قَوْلُهُ مَعَ الْقَضَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ أَيْ وَوَجَبَ إطْعَامُ مُدِّهِ لِمُفَرِّطٍ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِطْعَامِ مُصَاحِبًا لِلْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (قَوْلُهُ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ) أَيْ فَكُلَّمَا أَخَذَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ أَطْعَمَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَطْعَمَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ أَجْزَأَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا تُفَرَّقُ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ لِحَمْلِهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا تُفَرَّقُ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَمَفْهُومُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ مَنْذُورُهُ) الضَّمِيرُ لِلنَّاذِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْوَصْفِ أَيْ لُزُومِ النَّاذِرِ الْوَفَاءَ بِمَنْذُورِهِ أَيْ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَرَجَّعَهُ بَعْضُهُمْ لِلصَّوْمِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ أَيْ حَالَ كَوْنِ لَفْظِهِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ النِّيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ كَنَذْرِ شَهْرٍ) أَيْ الصَّادِقِ بِثَلَاثِينَ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَقَوْلُهُ فَيَصُومُ ثَلَاثِينَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الثَّلَاثِينَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ إذَا كَانَ نَاقِصًا وَلَوْ قَالَ نَذْرٌ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ يَوْمًا لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَوْ قَدَّمَ الْيَوْمَ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ شَهْرًا فَيُحْتَمَلُ تَكْرَارُهُ فِي أَسَابِيعِ الشَّهْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصُومَهُ ثَلَاثِينَ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ صَامَ ثَلَاثِينَ خَمِيسًا فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ

كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَقِيلَ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذِرْ طَاعَةً (وَ) وَجَبَ (ابْتِدَاءُ سَنَةٍ) أَيْ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ فَيَلْزَمُهُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا وَلَا يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الشُّرُوعَ مِنْ حِينِ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ ابْتِدَاءُ كَانَ أَحْسَنَ (وَقَضَى مَا لَا يَصِحَّ صَوْمُهُ) مِنْهَا كَالْعِيدَيْنِ وَثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثِهِ وَرَمَضَانَ (فِي) قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ (سَنَةٍ) أَوْ حَلِفِهِ بِهَا وَحَنِثَ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا) كَسَنَةِ ثَمَانِينَ، وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا (أَوْ يَقُولَ هَذِهِ) السَّنَةَ، وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا (وَيَنْوِيَ بَاقِيهَا) فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ يَنْوِيَ بِأَوْ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْوَاوِ (فَهُوَ) أَيْ الْبَاقِي لَازِمٌ لَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ يَبْتَدِئُهُ مِنْ حِينِ النَّذْرِ وَيُتَابِعُهُ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ رَابِعِ النَّحْرِ (وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ) أَيْ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَا مَا أَفْطَرَهُ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ (بِخِلَافِ فِطْرِهِ لِسَفَرٍ) أَيْ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ (وَ) وَجَبَ (صَبِيحَةُ) أَيْ صَوْمُ صَبِيحَةِ لَيْلَةِ (الْقُدُومِ) أَيْ قُدُومِ شَخْصٍ مِنْ سَفَرٍ مَثَلًا (فِي) نَذْرِ صَوْمِ (يَوْمِ قُدُومِهِ) أَيْ قُدُومِ الشَّخْصِ الْمُعَلَّقِ الصَّوْمُ عَلَى قُدُومِهِ (إنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ) وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَرَمَضَانَ فَلَوْ قَالَ غَيْرَ عُذْرٍ لَشَمِلَ مَا ذَكَرَ بِأَنْ قَدَّمَ لَيْلَةَ يَوْمٍ يُصَامُ تَطَوُّعًا أَيْ يَلْزَمُهُ صَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَقَطْ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِأَبَدًا فَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ مُمَاثِلُهُ أَيْضًا (وَإِلَّا) يُقَدِّمْ لَيْلًا بِأَنْ قَدَّمَ نَهَارًا أَوْ لَيْلَةَ عُذْرٍ (فَلَا) يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ أَصْلًا إنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِأَبَدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ كَمَا سَبَقَ وَلَوْ قَالَ نَذَرْت غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ عَكْسَهُ أَيْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا فَإِذَا هُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ فِي نِيَّتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ) سَيَأْتِي بِقَوْلِ الْمُصَنِّفُ أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ ذَلِكَ النَّذْرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذِرْ طَاعَةً أَيْ مِنْ حَيْثُ صِيَامُ نِصْفِ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ ابْتِدَاءُ سَنَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ عَامٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ عَامٍ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُ سَنَةٍ وَلَا يَجْتَزِئُ بِبَاقِي سَنَةٍ حَلِفُهُ أَوْ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِيهَا مِنْ حِينِ نَذْرِهِ أَوْ مِنْ حِينِ حِنْثِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ تَتَابُعُهَا وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ مِنْهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ سَنَةٍ فِي الْحَلِفِ بِالسَّنَةِ أَوْ الْعَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ عَلَى عبق قَوْلٌ لِابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِلُزُومِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقِيلَ يَكْتَفِي بِسِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ لِحَدِيثِ «فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ. (قَوْلُهُ وَقَضَى إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْقَضَاءِ تَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لَيْسَتْ أَيَّامًا بِعَيْنِهَا فَاتَتْ تُقْضَى إنَّمَا هِيَ شَيْءٌ فِي الذِّمَّةِ فَلَوْ قَالَ وَصَامَ بَدَلَ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ كَانَ وَاضِحًا وَقَوْلُهُ وَقَضَى مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ يَعْنِي تَطَوُّعًا بِأَنْ كَانَ صَوْمُهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَالْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَوْ كَانَ وَاجِبًا كَرَمَضَانَ وَالْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَلَوْ كَانَ مُكَرَّرًا كَكُلِّ خَمِيسٍ وَكَمَا يَقْضِي مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ يَقْضِي مَا يَصِحُّ صَوْمُهُ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِطْرُهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِأَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا حَرَامًا. (قَوْلُهُ وَثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثِهِ) أَيْ، وَأَمَّا رَابِعُهُ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ وَلَا يَقْضِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ صَوْمُهُ تَنَاوَلَهُ النَّذْرُ وَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَقَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وتت وح إنَّهُ لَا يُصَامُ الرَّابِعُ وَيُقْضَى قَالَ الْمَوَّاقُ، وَهُوَ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِ نَاذِرٍ بِعَيْنِهِ وَنَاذِرُ السَّنَةِ لَيْسَ نَاذِرًا لَهُ بِعَيْنِهِ وَلَا دَاخِلًا فِي ضِمْنِ نَذْرِهِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ مُبْهَمَةٌ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ طفى وَاعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَقَضَى مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَالرَّابِعُ يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ أَصْلًا أَوْ صِحَّةً كَامِلَةً اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ فِي سَنَةٍ) أَيْ فِي نَذْرِ سَنَةٍ أَوْ فِي الْتِزَامِهَا (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْأُولَى نَصٌّ فِي الْبَاقِي، وَأَمَّا هَذِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَوَّلَهَا مِنْ الْآنَ فَلَا تَنْصَرِفُ لِلْبَاقِي إلَّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ يَبْتَدِئُهُ مِنْ حِينِ النَّذْرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُبْهَمَةَ وَالْمُعَيَّنَةَ يَفْتَرِقَانِ فِي ثَلَاثَةِ أُمُورٍ الْفَوْرِيَّةِ وَالْمُتَابَعَةِ وَصَوْمِ رَابِعِ النَّحْرِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَازِمَةٌ فِي الْمُعَيَّنَةِ دُونَ الْمُبْهَمَةِ عَلَى مَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ فِي رَابِعِ النَّحْرِ فِي الْمُبْهَمَةِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ رَابِعِ النَّحْرِ) أَيْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَنْذُورٌ بِعَيْنِهِ فَلَا خِلَافَ فِي صَوْمِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يُصَامُ عَلَى مَا قَالَهُ ح وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا يُصَامُ هُنَا يُصَامُ فِيمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلَا مَا أَفْطَرَهُ لِمَرَضٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ إنْ فَاتَ لِعُذْرٍ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فِطْرِهِ لِسَفَرٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ أَيْ لَا يَلْزَمُ قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ بِخِلَافِ مَا يَصِحُّ إذَا أَفْطَرَهُ لِسَفَرٍ (قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَا أُكْرِهَ عَلَى فِطْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ صَبِيحَةُ الْقُدُومِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُ صَبِيحَةِ لَيْلَةِ قُدُومِهِ إنْ قَدِمَ لَيْلًا وَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا لَيْسَتْ لَيْلَةَ عُذْرٍ بِأَنْ قَدِمَ لَيْلَةَ يَوْمٍ يُصَامُ تَطَوُّعًا فَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَكَانَتْ لَيْلَةَ عُذْرٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ النَّاذِرَ شَيْءٌ وَإِذَا كَانَتْ صَبِيحَةُ الْقُدُومِ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا يَجِبُ صَوْمُهُ لِلنَّذْرِ بَلْ لِرَمَضَان وَسَقَطَ عَنْهُ النَّذْرُ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مُمَاثِلُهُ) أَيْ مُمَاثِلُ يَوْمِ صَبِيحَةِ لَيْلَةِ الْقُدُومِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ

وَإِلَّا لَزِمَهُ مُمَاثِلُهُ وَلَوْ فِي قُدُومِهِ لَيْلَةَ عِيدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) لَزِمَهُ (صِيَامُ الْجُمُعَةِ) أَيْ الْأُسْبُوعِ بِتَمَامِهِ (إنْ) نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَ (نَسِيَ الْيَوْمَ) كَنَاسِي صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ يُصَلِّي خَمْسًا (عَلَى الْمُخْتَارِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي هَذِهِ وَإِنَّمَا اخْتِيَارُهُ فِيمَا إذَا قَالَ مِنْ جُمُعَةٍ، وَأَمَّا إنْ نَذَرَ يَوْمًا مُعَيَّنًا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ جُمُعَةٍ وَنَسِيَهُ فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ أَخْيَارٌ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (وَ) وَجَبَ (رَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ) غَيْرَ مُعَيِّنٍ لِكُلِّ خَمِيسٍ أَوْ الْحِجَّةِ مَثَلًا بَلْ (وَإِنْ) نَذَرَهُ (تَعْيِينًا) لَهُ كَعَلَيَّ صَوْمُ رَابِعِ النَّحْرِ، وَإِنْ كَرِهَ صَوْمَهُ تَطَوُّعًا (لَا) صَوْمَ (سَابِقِيهِ) وَهُمَا ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ فَلَا يَجِبُ إنْ نَذَرَهُ بَلْ وَلَا يَجُوزُ (إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ) أَوْ قَارِنٍ أَوْ مَنْ لَزِمَهُ هَدْيٌ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ وَلَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَيَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُمَا (لَا) يَجِبُ (تَتَابُعُ) نَذْرِ (سَنَةٍ) مُبْهَمَةٍ (أَوْ) تَتَابُعُ نَذْرِ (شَهْرٍ) مُبْهَمٍ (أَوْ أَيَّامٍ) غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مَا لَمْ يَنْوِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمِ صَبِيحَةِ الْقُدُومِ فَإِذَا قَدِمَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ الْقُدُومِ وَكُلُّ اثْنَيْنِ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ دَائِمًا وَأَبَدًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ مُمَاثِلُهُ) أَيْ فِيمَا إذَا قَدِمَ نَهَارًا أَوْ لَيْلَةَ عُذْرٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِالْمُبَالَغَةِ فَإِذَا قَدِمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَوْ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَكَانَتْ لَيْلَةُ الِاثْنَيْنِ صَبِيحَتُهَا يَوْمُ عُذْرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِخُصُوصِهِ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمُهُ وَلَا قَضَاؤُهُ أَيْضًا وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ كُلِّ اثْنَيْنِ دَائِمًا مَا لَمْ يَأْتِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ عِيدٌ أَوْ عُذْرٌ كَحَيْضٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ فَإِنَّهُ لَا يَصُومُ ذَلِكَ الِاثْنَيْنِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْعُذْرُ وَيَصُومُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الِاثْنِينَاتِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي قُدُومِهِ لَيْلَةَ عِيدٍ فِيمَا يَظْهَرُ) هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِمَا فِي عج مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ قُدُومِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْمُمَاثِلُ وَقُدُومِهِ لَيْلَةَ الْحَيْضِ أَوْ نَهَارًا فَيَلْزَمُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ عِنْدَ التَّقْيِيدِ بِأَبَدًا الْمُمَاثَلَةُ فِي الْيَوْمِ لَا فِي الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ عِيدًا أَوْ يَوْمَ حَيْضٍ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ لَسَقَطَ مُطْلَقًا حَتَّى فِي لَيْلَةِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ يُوصَفُ كَوْنُهُ يَوْمَ الْحَيْضِ لَا يُصَامُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى مَا اُخْتِيرَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ سَحْنُونٍ وَنَصُّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ نَذَرَ يَوْمًا بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ فَثَلَاثَةٌ يَتَخَيَّرُ وَجَمِيعُهَا وَآخِرُهَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا هُوَ أَوْ قَضَاؤُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا نُقِلَتْ عَنْ سَحْنُونٍ وَآخِرُ أَقْوَالِهِ إنَّهُ يَصُومُهَا جَمِيعَهَا وَاسْتَظْهَرَ لِلِاحْتِيَاطِ اهـ وَفِي الْمَوَّاقِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَنَسِيَهُ أَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كُلِّهَا لِلِاحْتِيَاطِ اهـ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَوْلٌ لِسَحْنُونٍ لَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ اهـ بْن فَلَوْ نَذَرَ يَوْمًا مُعَيَّنًا وَنَسِيَهُ وَكَانَ مُكَرَّرًا فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ الْمُكَرَّرِ يَصُومُ هُنَا الدَّهْرَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ يَخْتَارُ يَوْمًا يَصُومُهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَصُومُ آخِرَهَا يُفْطِرُ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَيَصُومُ يَوْمًا وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا قَالَ مِنْ جُمُعَةٍ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ مِنْ جُمَيْعَةٍ وَنَسِيَهُ فَيَلْزَمُهُ صَوْمُ الْأُسْبُوعِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ كَكُلِّ خَمِيسٍ أَوْ الْحِجَّةِ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّ خَمِيسٍ فَصَادَفَ خَمِيسَ رَابِعِ النَّحْرِ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرِ الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يَصُومُ رَابِعَ النَّحْرِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ الْمَنْذُورِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَعْيِينًا) بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ مَقْلُوبَةٌ؛ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَهُ مُفْرَدًا يَصُومُهُ اتِّفَاقًا وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ ذِي الْحِجَّةِ مَثَلًا صَامَ رَابِعَ النَّحْرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَأْتِ بِلَوْ الَّتِي لِرَدِّ الْخِلَافِ بَلْ بِأَنْ الَّتِي لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ وَالتَّوَهُّمُ عِنْدَ التَّعْيِينِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَهُ بِعَيْنِهِ فَقَدْ نَذَرَ مَكْرُوهًا وَالنَّذْرُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ فَلَمَّا كَانَ يَتَوَهَّمُ عَدَمَ لُزُومِهِ بَالَغَ عَلَيْهِ إنْ قُلْت مُقْتَضَى كَوْنِهِ يُكْرَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا وَالنَّذْرُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ نَاذِرَهُ قُلْت أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ كَرَاهَةَ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا نَظَرَا لِذَاتِ الْوَقْتِ وَلُزُومِهِ بِالنَّذْرِ وَنَظَرًا لِذَاتِ الْعِبَادَةِ وَقَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ أَيْ إذَا كَانَ لَهُ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ بِاعْتِبَارِهَا تَكُونُ الْكَرَاهَةَ وَيَكُونُ اللُّزُومَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كُرِهَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ وَوَجَبَ صَوْمُ رَابِعِ النَّحْرِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُكْرَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ لَا سَابِقَيْهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ حَقَّهُ لَا سَابِقَاهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى رَابِعِ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ لَا صَوْمُ سَابِقَيْهِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ) الْأَوْلَى إلَّا لِكَمُتَمَتِّعٍ لِيَشْمَلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْقَارِنِ وَمَا بَعْدَهُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ السَّابِقَ هُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِلنَّاذِرِ وَهَذَا فِي غَيْرِ النَّاذِرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ مَنْ لَزِمَهُ هَدْيٌ) مِثْلُ الْهَدْيِ الْفِدْيَةُ عَلَى مَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ) أَيْ بَلْ يُنْدَبُ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّتَابُعُ فِي سَنَةٍ نَذَرَ صَوْمَهَا أَوْ شَهْرٍ نَذَرْ صَوْمَهُ أَيْ وَأَيَّامٍ نَذَرَ صَوْمَهَا فَقَوْلُهُ سَنَةٌ أَوْ شَهْرٌ أَوْ أَيَّامٌ أَيْ مَنْذُورَةٌ فِي الْجَمِيعِ فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ صَوْمُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مُبْهَمَةٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّتَابُعُ فِي صَوْمِ

[باب في الاعتكاف]

وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى التَّحْقِيقِ (وَإِنْ) سَافَرَ فِي رَمَضَانَ سَفَرًا يُبِيحُ الْفِطْرَ فَصَامَهُ وَ (نَوَى بِرَمَضَانَ) أَيْ بِصَوْمِهِ (فِي سَفَرِهِ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ رَمَضَانَ كَتَطَوُّعٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ (أَوْ) نَوَى فِي سَفَرِهِ (قَضَاءَ) رَمَضَانَ (الْخَارِجِ) دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ غَيْرَهُ فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَخْصَرَ إلَّا أَنَّ مَفْهُومَ مُسَافِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الرَّابِعَةِ فِيهِ خِلَافٌ الرَّاجِحُ أَنَّ الْمُقِيمَ إنْ نَوَى فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَاضِرِ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ رَمَضَانَ الْحَاضِرَ (وَنَذْرًا) وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَغَيْرَهُ لَكَانَ شَامِلًا لِمَا إذَا نَوَاهُ وَنَذَرَ أَوْ كَفَّارَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي الْمُسَافِرِ كَالْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَأَجَابَ عَنْ الثَّمَانِيَةِ بِقَوْلِهِ (لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَمِثْلُهَا فِي الْحَاضِرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ مَا عَدَا الصُّورَةَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ (وَلَيْسَ لِمَرْأَةٍ) أَوْ سُرِّيَّةٍ (يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجٌ) أَوْ سَيِّدٌ (تَطَوَّعَ بِلَا إذْنٍ) وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ فَيَدْخُلُ فِيهِ النَّذْرُ كَمَا إذَا نَذَرَتْ صَوْمًا أَوْ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ اعْتِكَافًا فَلَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا بِجِمَاعٍ لَا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لَهَا جَازَ لَهَا التَّطَوُّعُ بِلَا إذْنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [دَرْسٌ] (بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ) (الِاعْتِكَافُ) هُوَ لُزُومُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ مَسْجِدًا مُبَاحًا بِصَوْمٍ كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكْثَرَ لِلْعِبَادَةِ بِنِيَّةٍ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ مُؤَكَّدٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (نَافِلَةٌ) وَالتَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ (وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَوْمِ مَا ذَكَرَ بَلْ يُنْدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ كَمَا قَالَهُ طفى وبن، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لعج وعبق حَيْثُ قَالَا لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ وَلَوْ نَوَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى فِي سَفَرِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ الْخَارِجِ) أَيْ وَنَوَى بِصَوْمِهِ فِي سَفَرِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ الْخَارِجِ فَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ لِلْخَارِجِ إطْعَامُ التَّفْرِيطِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِرَمَضَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَفَّارَةٌ كُبْرَى؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ مَفْهُومَ مُسَافِرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاضِرَ إذَا نَوَى بِصَوْمِ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ رَمَضَانَ الْفَائِتِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْحَاضِرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْجَلَّابِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ صُحِّحَ لَكِنَّ فِي عبق أَنَّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الْحَاضِرِ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا فِي الْحَاضِرِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ صُوَرَ الْمَسْأَلَةِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ وَهُمَا الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ فِي ثَمَانِيَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَنْوِيَ بِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِثَمَانِيَةٍ أَوْ يَنْوِيَ عَامَهُ وَعَامًا قَبْلَهُ أَوْ هُوَ وَنَذْرًا أَوْ هُوَ وَكَفَّارَةً أَوْ هُوَ وَتَطَوُّعًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ مَا عَدَا الصُّورَةَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ) أَيْ انْفِرَادًا أَوْ اجْتِمَاعًا بِأَنْ نَوَى بِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَوْ نَوَى بِهِ الْحَاضِرَ وَقَضَاءَ الْخَارِجِ مَعًا (قَوْلُهُ يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجٌ) أَوْ عَلِمْت أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لَهَا لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ النَّذْرُ إلَخْ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ أَوْ فِدْيَةٌ أَوْ جَزَاءُ صَيْدٍ (قَوْلُهُ تَطَوُّعٌ) أَيْ بِصَوْمٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنِ مِثْلِهِ إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ فَمَنَعَ. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِ) أَيْ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ فَلَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَدِّيَةٌ وَدَاخِلَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ تَفْطِيرَهَا فَكَأَنَّهَا أَفْطَرَتْ عَمْدًا حَرَامًا (قَوْلُهُ لَا بِأَكْلٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ إفْسَادُهُ عَلَيْهَا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَهُ إلَيْهَا الْمُوجِبَ لِتَفْطِيرِهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ [بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ] (بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ) (قَوْلُهُ مُمَيِّزٍ) هُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمُرَادُ بِفَهْمِ الْخِطَابِ وَرَدِّ الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا كُلِّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ (قَوْلُهُ مَسْجِدًا) خَرَجَ لُزُومُ الْبَيْتِ وَقَوْلُهُ مُبَاحًا أَيْ لِكُلِّ النَّاسِ لَا يُحْجَرُ عَلَى أَحَدٍ خَرَجَ مَسْجِدُ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ بِصَوْمٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُسْلِمِ الْمَذْكُورِ مُتَلَبِّسًا بِصَوْمٍ. (قَوْلُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ لُزُومُ أَيْ سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْخُرُوجِ لِأَجْلِهِ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْوُضُوءِ وَغَسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ لِلْعِبَادَةِ) أَيْ لِأَجْلِ الْعِبَادَةِ فِيهِ مِنْ ذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ وَصَلَاةٍ وَلَا يُقَالُ هَذَا يَشْمَلُ لُزُومَ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ تَدْرِيسِ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا عِبَادَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَا تُوقَفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ وَمَا ذَكَرَ لَيْسَ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي خش وعبق وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَائِلًا طَالَعْت شُرَّاحَ الرِّسَالَةِ وَشُرَّاحَ الْمُخْتَصَرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرَهُمْ فَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِتَشْهِيرِهِ وَلَفْظُ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُوَاظِبْ السَّلَفُ عَلَى تَرْكِهِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنَّهُ سُنَّةٌ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي إنَّهُ سُنَّةٌ فِي رَمَضَانَ وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِهِ فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ وَكَانَتْ أَزْوَاجُهُ يَعْتَكِفْنَ بَعْدَهُ» وَالتَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ نَافِلَةٌ عَظِيمَةٌ أَيْ مَنْدُوبٌ مُؤَكَّدٌ [شُرُوط صِحَّة الِاعْتِكَاف] (قَوْلُهُ وَصِحَّتُهُ) مُبْتَدَأٌ

(بِمُطْلَقِ صَوْمٍ) أَيْ أَيِّ صَوْمٍ كَانَ سَوَاءٌ قُيِّدَ بِزَمَنٍ كَرَمَضَانَ أَوْ سَبَبٍ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ أَوْ أَطْلَقَ كَتَطَوُّعٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُفْطِرٍ وَلَوْ لِعُذْرٍ فَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ (وَلَوْ) كَانَ الِاعْتِكَافُ (نَذْرًا) فَلَا يَحْتَاجُ الْمَنْذُورُ إلَى صَوْمٍ يَخُصُّهُ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) بِمُطْلَقِ (مَسْجِدٍ) مُبَاحٍ لَا بِمَسْجِدِ بَيْتٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ (إلَّا لِمَنْ فَرَضَهُ الْجُمُعَةَ) مِنْ ذَكَرٍ حُرٍّ مُقِيمٍ بِلَا عُذْرٍ، وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (تَجِبُ بِهِ) أَيْ فِيهِ أَيْ فِي زَمَنِ اعْتِكَافِهِ الَّذِي يُرِيدُهُ الْآنَ ابْتِدَاءً كَنَذْرِ اعْتِكَافِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ أَوْ انْتِهَاءً كَنَذْرِ أَرْبَعَةٍ أَوَّلُهُنَّ السَّبْتُ فَمَرِضَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ وَصَحَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ (فَالْجَامِعُ) هُوَ الْمُتَعَيِّنُ (مِمَّا) أَيْ فِي كُلِّ مَكَان (تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) اخْتِيَارًا بِالنِّسْبَةِ لِلْجَامِعِ وَلِلْمَسْجِدِ عَلَى تَقْدِيرِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ بِرَحْبَتِهِ وَطُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اعْتَكَفَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ غَيْرَ الْجَامِعِ وَقَدْ نَذَرَ أَوْ نَوَى أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ (خَرَجَ) لَهَا وُجُوبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ لِمُسْلِمٍ خَبَرٌ أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ صِحَّتُهُ كَائِنَةٌ لِمُسْلِمٍ وَصِحَّتُهُ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ (قَوْلُهُ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَصِحَّتُهُ مُتَلَبِّسَةٌ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، وَأَمَّا الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ وَبِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ فَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُلَابَسَةِ وَلِلظَّرْفِيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِصَوْمٍ مُطْلَقٍ لِئَلَّا يَخْرُجَ مَا قُيِّدَ بِزَمَنِهِ كَرَمَضَانَ وَمَا قُيِّدَ بِسَبَبِهِ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ فَمُطْلَقُ الصَّوْمِ أَعَمُّ مِنْ الصَّوْمِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الصَّوْمِ يَشْمَلُ الصَّوْمَ الْمُطْلَقَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ أَوْ بِسَبَبٍ وَيَشْمَلُ مَا كَانَ مُقَيَّدًا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمُقَيَّدَ؛ لِأَنَّهُ مُبَايِنٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمُهُ (قَوْلُهُ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ) أَيْ فَالصَّوْمُ الْمَنْذُورُ وَالْكَفَّارَةُ لَا يُوجَدَانِ إلَّا إذَا وُجِدَ سَبَبُهُمَا، وَهُوَ النَّذْرُ وَمُوجِبُ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أُطْلِقَ) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالزَّمَنِ وَالسَّبَبِ (قَوْلُهُ فَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ) أَيْ لِكِبَرٍ أَوْ لِضَعْفٍ بُنْيَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ الْمَنْذُورَ) أَيْ الِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَ وَقَوْلُهُ بَلْ يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ أَيْ وَفِي غَيْرِهِ بِصَوْمِ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ كَمَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ غَيْرَ الْمَنْذُورِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ مَنْذُورَيْنِ أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهِمَا أَوْ الْأَوَّلُ مَنْذُورٌ وَالثَّانِي مُتَطَوَّعٌ بِهِ وَعَكْسُهُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الصَّوْمِ مَنْذُورًا أَنَّهُ نَذَرَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ وَالْمُرَادُ بِتَطَوُّعِهِ نِيَّتُهُ لِلصَّوْمِ قَبْلَ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ صِحَّتِهِ مُتَوَقِّفَةً عَلَيْهِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لَا بُدَّ لِلِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ مِنْ صَوْمٍ يَخُصُّهُ بِنَذْرِهِ أَيْ يَخُصُّهُ بِسَبَبِ نَذْرِ الِاعْتِكَافِ أَيْ أَنَّ النَّذْرَ كَمَا هُوَ سَبَبٌ فِي وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ سَبَبٌ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَوْمِ مَنْذُورٍ كَالِاعْتِكَافِ فَلَا يَصِحُّ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي كَفَّارَتِهِ وَلَا فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ نَذْرَ الِاعْتِكَافِ نَذْرٌ لِلصَّوْمِ فَلَا يَصِحُّ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا بِصَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَلَا بِالصَّوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا صَوْمُ التَّطَوُّعِ الَّذِي نَوَاهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ الَّذِي نَذَرَهُ فَيَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ الْمَنْذُورُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَنْذُورًا بِنَذْرِ الِاعْتِكَافِ كَذَا أَفَادَهُ عج وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ فِي الِاعْتِكَافِ فَنَذْرُ الِاعْتِكَافِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَرْكَانِهِ وَنَذْرُ الْمَاهِيَّةِ نَذْرٌ لِأَجْزَائِهَا عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَبِمُطْلَقِ مَسْجِدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لَا بِمَسْجِدِ بَيْتٍ أَيْ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ وَلَا فِي مَقَامِ وَلِيٍّ (قَوْلُهُ ابْتِدَاءً) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَيَجِبُ فِيهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ أَيْ لِذَلِكَ الِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي كُلِّ مَكَان) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى فِي وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمِنْ مَعَ أَنَّ فِي أَوْضَحُ؛ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ إدْغَامِ النُّونِ فِي الْمِيمِ سَقَطَ حَرْفٌ فِي الْخَطِّ بِخِلَافِ فِي فَإِنَّ يَاءَهَا لَا تُدْغَمُ فِي الْمِيمِ. (قَوْلُهُ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) رَاجِعٌ لِلْجَامِعِ وَكَذَا لِلْمَسْجِدِ بِتَقْدِيرِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْهُمَا بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بِرَحْبَتِهِ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الِاخْتِيَارِ فِي الصِّحَّةِ وَالصَّوَابِ أَنَّ الرَّحْبَةَ وَالطُّرُقَ خَارِجَةٌ بِنَفْسِ الْمَسْجِدِ إذْ لَا يُقَالُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسْجِدًا وَأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ بَيْتِ الْقَنَادِيلِ وَالسِّقَايَةِ وَالسَّطْحِ مِمَّا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّحْبَةِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ يُقَالُ لَهُمَا مَسْجِدٌ فَقَيْدُ الِاخْتِيَارِ لَا يُخْرِجُهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ فِيهِمَا مُطْلَقًا ضَاقَ الْمَسْجِدُ أَمْ لَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ أَمْ لَا خِلَافًا لِتَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ اُنْظُرْ بْن ثُمَّ ذَكَرُوا هُنَا عَدَمَ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِي الرِّحَابِ وَالطُّرُقِ فَمَا هُنَا فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا خَرَجَ وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ يَجْهَلُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهُ مُبْطِلٌ كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَيُعْذَرُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ قَالَهُ الشَّارْمَسَاحِيُّ وَمِثْلُهُ فِي خش وَقَيَّدَ خش أَيْضًا قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِمَا إذَا نَذَرَ أَوْ نَوَى أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ قَالَ فَلَوْ نَذَرَ

(وَبَطَلَ) اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ بِرِجْلَيْهِ مَعًا سَوَاءٌ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ أَمْ لَا وَيَقْضِيهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ عَلَى الظَّاهِرِ إذْ لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ قَوْلُهُ (كَمَرَضِ) أَحَدِ (أَبَوَيْهِ) دَنِيَّةً فَيَخْرُجُ لِبِرِّهِمَا الْآكَدِ مِنْ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَيَقْضِيهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بَطَلَ لِلْعُقُوقِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ (لَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا) فَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ، وَأَمَّا لِجِنَازَةِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَيًّا خَرَجَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ مَظِنَّةُ عُقُوقِ الْحَيِّ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِالْمَعِيَّةِ مَا يَشْمَلُ مَوْتَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ (وَكَشَهَادَةٍ) تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهَا فَإِنْ خَرَجَ بَطَل اعْتِكَافُهُ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ لِيَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ لَا جِنَازَتِهِمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (وَإِنْ وَجَبَتْ) الشَّهَادَةُ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ غَيْرُهُ أَوْ لَا يَتِمَّ النِّصَابُ إلَّا بِهِ فَلَا يَخْرُجُ (وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ) بِأَنْ يَأْتِيَ إلَيْهِ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا (أَوْ تُنْقَلَ عَنْهُ) ، وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ شُرُوطُ النَّقْلِ مِنْ بَعْدِ غَيْبَةٍ وَمَرَضٍ لِلضَّرُورَةِ وَعُطِفَ عَلَى مَا يُبْطِلُهُ قَوْلُهُ (وَكَرِدَّةٍ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافٌ إذَا تَابَ وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً وَرَجَعَ قَبْلَ مُضِيِّهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا لِتَقْدِيرِهِ كَافِرًا أَصْلِيًّا (وَكَمُبْطِلٍ) بِالتَّنْوِينِ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ وَكَشَخْصٍ مُبْطِلٍ (صَوْمَهُ) مَفْعُولٌ لَهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا فَمَرِضَ فِيهَا بَعْدَ أَنْ شَرَعَ ثُمَّ خَرَجَ ثُمَّ رَجَعَ يُتِمُّ فَصَادَفَ الْجُمُعَةَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ هَذَا يَخْرُجُ إلَيْهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ شَارِحِنَا أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا نَسَبَ هَذَا التَّفْصِيلَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ فِي مُعْتَكَفِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهَا وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ لَهَا وَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ بِذَلِكَ الْخُرُوجُ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْجَهْمِ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ) أَيْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ بِرِجْلَيْهِ مَعًا أَيْ لَا بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ الْمَسْجِدَ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ عَازِمًا عَلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ لِلْجُمُعَةِ وَقَوْلُهُ وَيَقْضِيهِ أَيْ يَقْضِي ذَلِكَ الِاعْتِكَافَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ لِلْجُمُعَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ أَيْ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ) أَيْ بِعَدَمِ خُرُوجِهِ لِلْجُمُعَةِ كَبِيرَةً حَتَّى إنَّ الِاعْتِكَافَ يَبْطُلُ، وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ صَغِيرَةً، وَهِيَ لَا تُبْطِلُهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ كَبِيرَةً إلَّا إذَا كَانَ ثَلَاثَ جُمَعٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَيَجْرِي عَلَى خِلَافِ الْكَبَائِرِ الْآتِي. (قَوْلُهُ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَيْ وَأَحْرَى هُمَا وَقَوْلُهُ فَيَخْرُجُ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَعُودَهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوجُ لِلْعِيَادَةِ لِأَجْلِ بِرِّهِمَا أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ كَمَا فِي عج وَقَوْلُهُ دَنِيَّةً خَرَجَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمُعْتَكَفِ لِعِيَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الِاعْتِكَافِ وَلَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِلْمُعْتَكِفِ عَنْهَا فَهُوَ عَارِضٌ كَالْخُرُوجِ لِتَخْلِيصِ الْغَرْقَى فَإِنَّهُ وَاجِبٌ وَمُبْطِلٌ لِلِاعْتِكَافِ فَكَذَا مَا كَانَ مِثْلَهُ، وَهُوَ الْخُرُوجُ لِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ) أَيْ مِنْ بُطْلَانِهِ بِالْكَبَائِرِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ بِهَا وَالْعُقُوقُ مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ. (قَوْلُهُ لَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا فَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ خُرُوجِهِ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا يَجِبُ خُرُوجُهُ لِزِيَارَتِهِمَا وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ إذَا خَرَجَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَقُيِّدَ الْمَشْهُورُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ التَّجْهِيزُ عَلَى خُرُوجِهِ وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْآخَرُ حَيًّا خَرَجَ) أَيْ وُجُوبًا وَبَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْخُرُوجِ مَظِنَّةُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ يَقُولُ إنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ لِجِنَازَةِ أُمِّهِ فَأَنَا كَذَلِكَ لَا يَمْشِي خَلْفَ جِنَازَتِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الْآخَرُ حَيًّا فَلَا يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ ذَلِكَ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَكَشَهَادَةٍ) عَطْفٌ عَلَى جِنَازَتِهِمَا أَيْ لَا جِنَازَتِهِمَا وَلَا كَشَهَادَةٍ أَيْ وَلَا مِثْلُ شَهَادَةٍ فَالْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلُ وَمِثْلُ الشَّهَادَةِ الدَّيْنُ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُوَفِّهِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِأَدَائِهِ (قَوْلُهُ لِيَكُونَ مُشَبَّهًا بِقَوْلِهِ لَا جِنَازَتِهِمَا) أَيْ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ لَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا كَمَا لَا يَخْرُجُ لِلشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ) مُبَالَغَةً فِي عَدَمِ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ مِنْ بَعْدِ غَيْبَةٍ إلَخْ) أَيْ غَيْبَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَكَرِدَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي أَحَدِ حُكْمَيْهِ، وَهُوَ الْبُطْلَانُ لَا فِي مَجْمُوعِ حُكْمَيْهِ مِنْ وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافٌ) أَيْ لِذَلِكَ الِاعْتِكَافِ الَّذِي بَطَلَ بِالرِّدَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ بْن لَكِنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَلْيَقُ بِالْقَوَاعِدِ إذْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَكَفَّارَتُهُ إذَا ارْتَدَّ فِي رَمَضَانَ وَتَابَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ) أَيْ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَكَشَخْصٍ مُبْطِلٍ) أَيْ وَكَإِبْطَالِ شَخْصٍ مُبْطِلٍ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْمُبْطِلَاتِ (قَوْلُهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ تَعَمَّدَ)

إفْسَادَهُ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ فَيَسْتَأْنِفُهُ لَا بِالْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا أَبْطَلَ الصَّوْمَ وَلَوْ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ أَكَلَ نِسْيَانًا أَوْ مَرَضٍ يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَبْطُلُ وَيَقْضِي مَا حَصَلَ فِيهِ مُتَّصِلًا بِاعْتِكَافِهِ إنْ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا وَلَوْ بِالنَّذْرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا فَكَذَلِكَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالِاعْتِكَافِ، وَإِنْ أَفْطَرَ لِحَيْضٍ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْجِمَاعَ وَمُقَدِّمَاتِهِ عَمْدُهُمَا وَسَهْوُهُمَا سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ (وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا) حَرَامًا، وَإِنْ صَحَا مِنْهُ قَبْلَ الْفَجْرِ (وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ) الْغَيْرِ الْمَفْسَدَةِ لِلصَّوْمِ كَغِيبَةٍ وَسَرِقَةٍ (بِهِ) أَيْ بِالسُّكْرِ الْحَرَامِ فِي الْإِفْسَادِ بِجَامِعِ الْمَعْصِيَةِ وَعَدَمِ الْإِلْحَاقِ بِهِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهَا بِتَعْطِيلِ الزَّمَنِ (تَأْوِيلَانِ) وَفُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ إبْطَالِهِ بِالصَّغَائِرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَ) صِحَّتُهُ (بِعَدَمِ وَطْءٍ) لَيْلًا (وَ) بِعَدَمِ (قُبْلَةِ شَهْوَةٍ وَلَمْسٍ وَمُبَاشَرَةٍ) كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQإفْسَادَهُ) أَيْ الصَّوْمَ وَالْإِفَادَةُ مِنْ حَيْثُ إسْنَادُ الْإِبْطَالِ لِلشَّخْصِ (قَوْلُهُ أَوْ جِمَاعٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ، وَإِنْ كَانَ مُسَلَّمًا لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى خُصُوصِ الْإِفْسَادِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ فَيَسْتَأْنِفُهُ) أَيْ فَإِذَا تَعَمَّدَ إفْسَادَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَيَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يَنْبَنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْإِفْسَادِ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي تَعَمَّدَ إفْسَادَهُ فَرْضًا أَصْلِيًّا أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَيَقْضِي مَا) أَيْ الِاعْتِكَافَ الَّذِي حَصَلَ فِي صَوْمِهِ مَا ذَكَرَ مُتَّصِلًا ذَلِكَ الْقَضَاءُ بِاعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا وَلَوْ بِالنَّذْرِ) أَيْ إنْ كَانَ فَرْضًا أَصْلِيًّا كَرَمَضَانَ أَوْ كَانَ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَيْ وَطَرَأَ الْحَيْضُ أَوْ النِّفَاسُ أَوْ الْمَرَضُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْضِي لَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ قَضَاءِ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ إذَا حَصَلَ فِيهِ مَرَضٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ وَأَفْطَرَ لِذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الصَّوْمُ هُنَا لَمَّا انْضَمَّ الِاعْتِكَافُ تَقَوَّى جَانِبُهُ فَلِذَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَقْضِيهِ مُتَّصِلًا بِاعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالِاعْتِكَافِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مَعَ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا وَأَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَفْطَرَ لِحَيْضٍ) أَيْ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ الْإِفْسَادُ بِالْجِمَاعِ فِي كَلَامِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ وَكَلَامُهُ هُنَا خَاصٌّ بِتَعَمُّدِ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ إفْسَادَ الصَّوْمِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ وَيَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا وَكَذَلِكَ إذَا حَصَلَ مِنْهُ جِمَاعٌ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إفْسَادَ الصَّوْمِ بِأَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَصُوَرُهُ سِتَّةَ عَشْرَ حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَقْسَامِ الصَّوْمِ الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ رَمَضَانُ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ وَالتَّطَوُّعُ فَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ غَيْرَ تَطَوُّعٍ قَضَى الِاعْتِكَافَ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ كَانَ الْفِطْرُ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ نِسْيَانًا، وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا لَمْ يَقْضِ إنْ كَانَ الْفِطْرُ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَقَضَى إنْ كَانَ الْفِطْرُ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا حَرَامًا) وَأَوْلَى سُكْرُهُ نَهَارًا وَمِثْلُ السُّكْرِ بِحَرَامٍ كُلُّ مُخَدِّرٍ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا وَخَدَّرَهُ (قَوْلُهُ حَرَامًا) أَيْ، وَأَمَّا سُكْرُهُ بِحَلَالٍ فَيُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ يَوْمَهُ إنْ كَانَ السُّكْرُ نَهَارًا وَالْحَالُ أَنَّ الشُّرْبَ لَيْلًا كَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ (قَوْلُهُ كَغَيْبَةٍ) أَيْ وَقَذْفٍ وَغَصْبٍ (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْمَعْصِيَةِ) أَيْ بِجَامِعِ الذَّنْبِ فِي كُلٍّ وَالْأَوْلَى بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا كَبِيرَةٌ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) فِيهَا إنْ سَكِرَ لَيْلًا وَصَحَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَالَ الْمَغَارِبَةُ لِتَعْطِيلِ عَمَلِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَهُمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ عَدَمُ إبْطَالِهِ بِالصَّغَائِرِ) أَيْ اتِّفَاقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ، وَأَمَّا فِي نَقْلِ الْأَقَلِّ فَفِيهَا الْخِلَافُ (قَوْلُهُ وَبِعَدَمِ وَطْءٍ لَيْلًا) أَيْ فَإِنْ وَطِئَ لَيْلًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ لِغَيْرِ مُطِيقَةٍ؛ لِأَنَّ أَدْنَاهُ أَنْ يَكُونَ كَقُبْلَةِ الشَّهْوَةِ وَاللَّمْسِ وَقَوْلُهُ لَيْلًا الْأَوْلَى وَلَوْ لَيْلًا وَلَا يُقَالُ الْوَطْءُ نَهَارًا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ بِشَهْوَةٍ فَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الْآخَرِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَبَّلَ وَقَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ بِقَصْدِهَا أَوْ وَجَدَهَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ مِنْ أَوَّلِهِ فَلَوْ قَبَّلَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ لِوَدَاعٍ رَحْمَةً وَلَمْ يَقْصِدْ لَذَّةً وَلَا وَجَدَهَا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ وَطْءَ الْمُكْرَهَةِ وَالنَّائِمَةِ مُبْطِلٌ لِاعْتِكَافِهِمَا كَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الِاحْتِلَامِ وَقَوْلُهُ قُبْلَةِ شَهْوَةٍ مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبِّبِ ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاطَ الشَّهْوَةِ فِي الْقُبْلَةِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْفَمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِيهِ فَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهْوَةُ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ كَمَا فِي ح اُنْظُرْ بْن

وَإِنْ وَقَعَ مَا ذَكَرَ (لِحَائِضٍ) أَيْ مِنْهَا (نَاسِيَةً) فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهَا مُتَعَمِّدَةً، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا مَعْذُورَةٌ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْفِطْرِ وَالنِّسْيَانِ (وَإِنْ أَذِنَ) سَيِّدٌ أَوْ زَوْجٌ (لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ) لِعِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذَرَاهَا (فَلَا مَنْعَ) مِنْ الْوَفَاءِ بِهَا أَيْ لَا يَجُوزُ الْمَنْعُ فَإِنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَإِذْنِ مَنْ ذَكَرَ لَهُمَا فِي غَيْرِ نَذْرٍ بَلْ فِي تَطَوُّعٍ (إنْ دَخَلَا) فِي النَّذْرِ فِي الْأُولَى وَفِي الْمُعْتَكَفِ مَثَلًا فِي الثَّانِيَةِ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَعْنَى الدُّخُولِ فِي النَّذْرِ أَنْ يَنْذِرَا بِاللَّفْظِ (وَ) إنْ اجْتَمَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عِبَادَاتٌ مُتَضَادَّةُ الْأَمْكِنَةِ كَعِدَّةٍ وَإِحْرَامٍ وَاعْتِكَافٍ (أَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَكَذَا مَا سَبَقَ مِنْ إحْرَامٍ عَلَى عِدَّةٍ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ أَوْ مُحْرِمَةٌ فَتَتَمَادَى عَلَى اعْتِكَافِهَا أَوْ إحْرَامِهَا حَتَّى تُتِمَّهُ (أَوْ) مَا سَبَقَ مِنْ (عِدَّةٍ) عَلَى اعْتِكَافٍ كَمَا لَوْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا ثُمَّ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا فَتَسْتَمِرُّ فِي مَنْزِلِ عِدَّتِهَا حَتَّى تُتِمَّهَا ثُمَّ تَفْعَلُ الِاعْتِكَافَ الْمَضْمُونَ، وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْ مُعَيَّنٍ إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَشَارَ لِرَابِعَةٍ، وَهِيَ إذَا سَبَقَتْ الْعِدَّةُ الْإِحْرَامَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ تُحْرِمَ) وَهِيَ بِعِدَّةِ طَلَاقٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُلْتَبِسَةً (بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ) إحْرَامُهَا مَعَ إثْمِهَا فَتَخْرُجُ لَهُ (وَتَبْطُلُ) الْعِدَّةُ أَيْ مَبِيتُهَا وَالْمُكْثُ لَهَا لَا أَصْلُ الْعِدَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ حَقَّهَا فِي الْمَبِيتِ وَبَقِيَ صُورَتَانِ طُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتَ الْحَجِّ فَتُقَدِّمُهُ إنْ كَانَا فَرْضَيْنِ أَوْ نَفْلَيْنِ وَالْإِحْرَامُ فَرْضًا وَالِاعْتِكَافُ نَفْلًا فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ فَرْضًا وَالْإِحْرَامُ نَفْلًا أَتَمَّتْ الِاعْتِكَافَ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ لَا يَخُصَّانِ الْمَرْأَةَ (وَإِنْ مَنَعَ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ نَذْرًا) أَيْ الْوَفَاءَ بِنَذْرٍ نَذَرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَعَلَيْهِ وَفَاؤُهُ إنْ عَتَقَ) لِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَا مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ وَقْتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَقْضِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، وَإِنْ لِحَائِضٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَصِحَّتُهُ بِعَدَمِ مَا ذَكَرَهُ فَإِنْ حَلَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ بَطَلَ الِاعْتِكَافُ هَذَا إذَا حَصَلَ مِنْ غَيْرِ حَائِضٍ بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْ حَائِضٍ نَاسِيَةٍ لِاعْتِكَافِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ إذَا حَاضَتْ وَخَرَجَتْ عَلَيْهَا حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَحَصَلَ مِنْهَا مَا ذَكَرَ نَاسِيَةً لِاعْتِكَافِهَا فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَتَسْتَأْنِفُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَمِثْلُ الْحَائِضِ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الصَّوْمِ كَالْعِيدِ أَوْ الِاعْتِكَافِ كَالْمَرَضِ كَمَا يَأْتِي فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ مِنْ الْحَائِضِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الَّذِي تَضُرُّ عِبَادَتُهُ بِعَمَلِهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا فِي نَذْرِ عِبَادَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذْرَاهَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْعُ الْوَفَاءِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولُ الْمُعْتَكِفِ وَلَا تَلَبَّسَ بِالصَّوْمِ وَلَا بِالْإِحْرَامِ بَلْ حَصَلَ النَّذْرُ خَاصَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ الَّذِي أَذِنَا فِيهِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِأَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ الْمَنْعُ وَلَوْ دَخَلَا فِي الْعِبَادَةِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا نَذَرَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أَوْ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً بِدُونِ نَذْرٍ فَلَا يَقْطَعُهُ عَلَيْهِمَا إنْ دَخَلَا فِيهِ أَيْ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي أَذِنَهُمَا فِيهِ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا أَوْ إحْرَامًا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِيهِ كَانَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ فَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ فِي النَّذْرِ ثُمَّ مَنَعَا مِنْهُ فَقَالَ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَقَعَ مِنِّي النَّذْرُ وَقَالَ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ لَمْ يَقَعْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ) أَيْ وَهِيَ طُرُوُّ عِدَّةٍ عَلَى اعْتِكَافٍ أَوْ عَلَى إحْرَامٍ أَوْ طُرُوُّ اعْتِكَافٍ عَلَى عِدَّةٍ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ تُتِمُّ السَّابِقَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ إلَخْ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ طُرُوُّ الْعِدَّةِ عَلَى الِاعْتِكَافِ أَوْ الْإِحْرَامِ وَطُرُوُّ الِاعْتِكَافِ عَلَى الْعِدَّةِ وَمَا بَعْدَهُ فِي طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ، وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ أَيْ إلَّا أَنْ تُحْرِمَ وَهِيَ مُتَلَبِّسَةٌ بِعِدَّةِ هَذَا إذَا كَانَتْ عِدَّةَ طَلَاقٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ (قَوْلُهُ لَا أَصْلُ الْعِدَّةِ) أَيْ بِحَيْثُ تَتَزَوَّجُ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ أَوْ أَنَّهَا تَتْرُكُ الْإِحْدَادَ وَقَوْلُهُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ فِي قَوْلِهِ يَبْطُلُ (قَوْلُهُ فَتُتِمُّ السَّابِقَ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّةٌ وَأَنَّهَا تُتِمُّ السَّابِقَ فِي خَمْسَةٍ مِنْهَا وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ فِي وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَهِيَ طُرُوُّ الْإِحْرَامِ عَلَى الِاعْتِكَافِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ إتْمَامِهَا لِلِاعْتِكَافِ مَا لَمْ تَخْشَى بِإِتْمَامِهِ فَوَاتَ الْحَجِّ إلَخْ وَهَذَا التَّقْيِيدُ أَصْلُهُ لعج وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ إطْلَاقَ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ يُنَافِيهِ حَيْثُ قَالَا إنْ الْمُعْتَكِفَةَ إذَا أَحْرَمَتْ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهَا وَلَا تَخْرُجُ لَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمَا أَنَّهَا تُتِمُّ الِاعْتِكَافَ مُطْلَقًا خَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ أَمْ لَا وَسَلَّمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ لَكِنَّ كَلَامَ عج أَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إذَا خَشِيَ فَوَاتَهُ عَلَى الصَّلَاةِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَلَّى وَلَوْ فَاتَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لِقَوْلِهِ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ يَفْعَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ بِأَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُ لِلْحَاكِمِ فَيُجْبِرُ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَنَعَهُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَنْصُوصٍ؛ لِأَنَّ طَاعَتَهُ لِسَيِّدِهِ فِيمَا نَذَرَ بِإِذْنِهِ لَا تَجُوزُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ يَجِبُ قَضَاؤُهُ إنْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ وَقْتُهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا وَفَاتَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ

(وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ) أَيْ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ عَجْزٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً) وَأَوْلَى عَكْسُهُ (لَا) إنْ نَذَرَ (بَعْضَ يَوْمٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذْ لَا يُصَامُ بَعْضُ يَوْمٍ وَعُوِّضَ بِمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَةٍ أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ فَيَلْزَمُ إكْمَالُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ لَمَّا كَانَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُمَا مَزِيَّةٌ عَلَى الِاعْتِكَافِ (وَ) لَزِمَ (تَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِتَتَابُعٍ وَلَا عَدَمِهِ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمِلَ بِهِ وَهَذَا فِي الْمَنْذُورِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَ) لَزِمَ (مَنْوِيُّهُ) أَيْ مَا نَوَاهُ مِنْ الْعَدَدِ بِأَنْ نَوَى فِي التَّطَوُّعِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا لَزِمَهُ (حِينَ دُخُولِهِ) الْمُعْتَكَفَ مَا نَوَاهُ فَحِينَ مُتَعَلِّقٌ بِلَزِمَ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِمَنْوِيِّهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ غَيْرُ صَحِيحٍ (كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ فَيَلْزَمُهُ تَتَابُعُهُ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ عَمِلَ بِهِ وَيَلْزَمُ فِيهِ الصَّوْمُ وَيَمْتَنِعُ فِيهِ مَا يَمْتَنِعُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُهُ فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدِ يَوْمًا مَثَلًا فَهُوَ نَذْرُ اعْتِكَافٍ بِلَفْظِ جِوَارٍ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ مُدَّةً كَذَا أَوْ أُجَاوِرُ وَاللَّفْظُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا يُرَادُ لِمَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِنَهَارٍ فَقَطْ وَلَا لَيْلٍ فَقَطْ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ جِوَارٍ كَمَا عَلِمْت وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا أَوْ مَنْوِيًّا وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ بِدُخُولِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ أَطَاعَ سَيِّدَهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ وَيَرْفَعْهُ لِلْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَذِنَهُ فِي النَّذْرِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ) أَيْ مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ قَالَ خش وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ أَيْ الَّتِي يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجُهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ يَسِيرِ الِاعْتِكَافِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ أَذِنَ لَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلَا مَنْعَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ الْمَنْعُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَلَوْ يَسِيرًا وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَأَحْرَى الِاعْتِكَافُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا الزَّوْجُ فَهِيَ كَالْعَبْدِ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْقِسْمَيْنِ أَيْ مِنْ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ لَهَا فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ يَوْمٌ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى عَكْسُهُ) أَيْ فَإِنْ نَذَرَ يَوْمًا لَزِمَهُ لَيْلَةٌ زِيَادَةً عَلَى الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الَّذِي نَذَرَهُ لَا اللَّيْلَةُ الَّتِي بَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُخُولُهُ الْمُعْتَكَفَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ الْجِوَارَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَذَرَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً نَاقِصَةً كَصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَصَوْمِ بَعْضِ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ إكْمَالُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ الثَّانِي فِي غَيْرِ الِاعْتِكَافِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ بِاتِّفَاقِهِمَا لِضَعْفِ أَمْرِ الِاعْتِكَافِ وَبِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ فَإِنَّ أَمْرَهَا قَوِيٌّ لِكَوْنِهَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ حَيْثُ قَالَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ كَالِاعْتِكَافِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِي مُطْلَقِهِ أَيْ فِيمَا إذَا نَذَرَهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَتَابُعٍ وَلَا تَفْرِيقٍ فَإِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الِاعْتِكَافِ وَشَأْنَهُ التَّتَابُعُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا عَمِلَ بِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا نَوَى عَدَمَ التَّتَابُعِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَتَابُعٌ وَلَا تَفْرِيقٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ حِينَ دُخُولِهِ الْمُعْتَكَفَ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مُعْتَكَفَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِلَزِمَ) أَيْ فَيَكُونُ الدُّخُولُ سَبَبًا فِي اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ أَنَّ مَا نَوَاهُ حِينَ دُخُولِهِ لَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَا قِيلَ) الْقَائِلُ لِذَلِكَ خش وَعَلَّلَ بِعِلَّةٍ لَا مَعْنَى لَهَا (قَوْلُهُ كَمُطْلِقِ الْجِوَارِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالْجِوَارِ الْمُطْلَقِ إذْ فَرْقٌ بَيْنَ مُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ وَالْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّ الثَّانِي عِبَارَةٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ كَمُطْلِقِ الْجِوَارِ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا أَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِ الْفِطْرَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ وَكَانَ كَذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ اعْتِكَافٌ بِلَفْظِ الْجِوَارِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيَمْتَنِعُ مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ عَمِلَ بِهَا، وَإِذَا نَوَى فِي قَلْبِهِ أَنْ يُجَاوِرَ فِي الْمَسْجِدِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَنْوِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَلَا فِطْرًا فَهُوَ اعْتِكَافٌ فِي الْمَعْنَى غَيْرُ مَنْذُورٍ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَفْهُومُ لَمْ يُقَيِّدْ بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِذَلِكَ بِالتَّلَفُّظِ أَوْ النِّيَّةِ لَزِمَهُ مَا قَيَّدَ بِهِ فَقَطْ لَكِنْ بِلَا صَوْمٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْجِوَارُ مُطْلَقًا وَلَكِنْ نَوَى الْفِطْرَ أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ وَمَحَلُّ لُزُومِهِ إذَا قَيَّدَ بِالْفِطْرِ أَوْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ إذَا نَذَرَ الْجِوَارَ أَمَّا إذَا نَوَاهُ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِوَارَ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا وَلَمْ يَنْوِ فِيهِ فِطْرًا لَزِمَ بِالنَّذْرِ إذَا نَذَرَهُ وَلَزِمَ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَاهُ، وَإِنْ نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَاهُ وَكَذَا الْمُقَيَّدُ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ إذَا نَوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ

[مكروهات الاعتكاف]

فَإِنْ قَيَّدَهُ أَوْ نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَذْرُهُ بِاللَّفْظِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) الْجِوَارُ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدِ (النَّهَارِ فَقَطْ) أَوْ اللَّيْلِ فَقَطْ وَكَذَا الْمُطْلَقُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ الْفِطْرُ (فَبِاللَّفْظِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّلَفُّظِ بِنَذْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ بِالدُّخُولِ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى النَّهَارِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ تَلَفَّظَ بِالنَّذْرِ (صَوْمٌ) إذْ الْمُقَيَّدُ بِاللَّيْلِ أَوْ الْمُطْلَقُ الَّذِي نَوَى فِيهِ الْفِطْرَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ صَوْمٌ حَتَّى يُحْتَاجَ لِنَفْيِهِ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْمُجَاوِرَ حِينَ لَفَظَ بِنَذْرِهِ صَوْمٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ لَوَازِمِ الِاعْتِكَافِ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي نَذْرَهُ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارَهُ وَيَخْرُجُ لِمَا يَخْرُجُ لَهُ الْمُعْتَكِفُ وَلَا يَخْرُجُ لِمَا لَا يَخْرُجُ لَهُ ثُمَّ إنَّ نَاوِيَ الْجِوَارِ الْمُقَيَّدِ بِالْفِطْرِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ بِدُخُولِهِ مَا بَعْدَ يَوْمِ دُخُولِهِ (وَفِي) لُزُومِهِ إكْمَالُ (يَوْمِ دُخُولِهِ) وَعَدَمِ لُزُومِهِ إذْ لَا صَوْمَ فِيهِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ نَوَى يَوْمًا فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْهُ إكْمَالُهُ قَطْعًا كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فَقَوْلُهُ وَفِي يَوْمٍ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فَبِاللَّفْظِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ فَفِي إلَخْ (وَ) لَزِمَ (إتْيَانُ سَاحِلٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الرِّبَاطِ كَدِمْيَاطِ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة وَنَحْوِهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ (لِنَاذِرِ صَوْمٍ) أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ (بِهِ) أَيْ فِي السَّاحِلِ (مُطْلَقًا) كَانَ فِي مَكَان مَفْضُولٍ أَوْ فَاضِلٍ كَأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَرْضًا كَانَ الصَّوْمُ أَصَالَةً أَمْ لَا (وَ) لَزِمَ إتْيَانُ (الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ) (لِنَاذِرِ عُكُوفٍ) أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ (بِهَا) أَيْ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ نَذَرَ الْعُكُوفَ بِسَاحِلٍ أَوْ عُكُوفًا أَوْ صَوْمًا كَصَلَاةٍ بِغَيْرِهَا كَالْأَزْهَرِ وَجَامِعِ عَمْرٍو (فَبِمَوْضِعِهِ) الَّذِي نَذَرَ فِيهِ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ أَوْ الصَّوْمَ بِفِعْلِ الْمَنْذُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ كَسَاحِلٍ فِي نَذْرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ فَيَفْعَلُهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ السَّاحِلِ وَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَبِمَوْضِعِهِ إنْ بَعُدَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَكْرُوهَاتِهِ فَقَالَ (وَكُرِهَ) لِلْمُعْتَكِفِ (أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) يَعْنِي بِفِنَائِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ فَإِنْ أَكَلَ خَارِجًا عَنْ ذَلِكَ بَطَلَ (وَ) كُرِهَ (اعْتِكَافُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَإِنْ قَيَّدَهُ) أَيْ بِاللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ بِالنَّهَارِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ أَوْ نَوَى أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَلَكِنْ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ بِنَذْرِهِ) أَيْ بِنَذْرِ النَّهَارِ وَكَذَا اللَّيْلِ (قَوْلُهُ الْمُقَيَّدِ بِالْفِطْرِ) أَيْ وَبِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ (قَوْلُهُ وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِوَارَ إذَا كَانَ مُقَيَّدًا بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ بِالْفِطْرِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالنَّذْرِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَلْزَمُ وَلَوْ دَخَلَ إنْ كَانَ مَنْوِيًّا وَهَلْ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمَنْوِيِّ مُطْلَقًا حَتَّى فِي يَوْمِ الدُّخُولِ فَلَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ عَدَمُ اللُّزُومِ أَنَّهُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ يَوْمِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ تَأْوِيلَانِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي يَوْمِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُ اتِّفَاقًا وَهَلْ التَّأْوِيلَانِ فِي يَوْمِ الدُّخُولِ سَوَاءٌ نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ح وَبَهْرَامُ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ اللَّقَانِيُّ أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إذَا نَوَى مُجَاوَرَةَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُ إكْمَالُهُ بِالدُّخُولِ قَطْعًا، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَاعْتَمَدَهُ عج إذَا عَلِمْت ذَلِكَ أَنَّ الشَّارِحَ مَاشٍ عَلَى طَرِيقَةِ عج اهـ (قَوْلُهُ كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا) فَلَا يَلْزَمُ بَقِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا بَقِيَّةُ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ) عَطْفٌ عَلَى يَوْمٍ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِيَوْمٍ (قَوْلُهُ كَدِمْيَاطَ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي اللُّبِّ لِلسُّيُوطِيِّ (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَ مَحَلُّ الرِّبَاطِ سَاحِلًا (قَوْلُهُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ) أَيْ فَالسَّاحِلُ فِي الْأَصْلِ شَاطِئُ الْبَحْرِ الَّذِي يُلْقِي فِيهِ رَمْلَهُ فَأُطْلِقَ هُنَا وَأُرِيدَ بِهِ مَحَلُّ الرِّبَاطِ تَسْمِيَةً لِلْحَالِ بِاسْمِهِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لَا اعْتِكَافٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ لَا يَمْنَعَانِ الْجِهَادَ وَالْحَرَسَ وَالِاعْتِكَافُ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَلِذَا كَانَ نَاذِرُهُ لَا يَأْتِي إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَانَ) أَيْ النَّاذِرُ مُقِيمًا فِي مَكَان مَفْضُولٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَكَانِ الرِّبَاطِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ أَفْضَلَ كَمَا لَوْ كَانَ مَكَانُهُ أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ كَانَ مَكَانُهُ مُسَاوِيًا لِمَكَانِ الرِّبَاطِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ إتْيَانُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَفْضَلُ كَمَنْ بِالْمَدِينَةِ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ مَثَلًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ مَكَّةَ وَبِهِ قِيلَ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَأْتِي مِنْ الْفَاضِلِ لِلْمَفْضُولِ وَيَأْتِي مِنْ الْمَفْضُولِ لِلْفَاضِلِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلَانِ فِي بَابِ النَّذْرِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الثَّانِي. (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ وَقَوْلُهُ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ أَيْ وَفِعْلُ مَا نَذَرَهُ فِيهِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ النَّاذِرِ أَفْضَلَ وَإِلَّا فَعَلَهُ فِيهِ قَوْلَانِ وَقَوْلُهُ كَسَاحِلٍ أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِسَاحِلٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ كَانَ قَرِيبًا، وَهُوَ مَا لَا يَحْتَاجُ لِشَدِّ رَاحِلَةٍ فَقَوْلَانِ فِي فِعْلِ الْمَنْذُورِ بِمَوْضِعِ النَّذْرِ أَوْ بِالْمَحَلِّ الَّذِي نَذَرَ الْفِعْلَ فِيهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَنْذُورُ صَلَاةً أَوْ اعْتِكَافًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ صَوْمًا فَهَلْ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ يَفْعَلُ الصَّوْمَ بِمَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لِلصَّوْمِ بِالْمَكَانِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ ح [مَكْرُوهَاتِ الِاعْتِكَاف] (قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي صَحْنِهِ أَوْ فِي الْمَنَارَةِ وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ كَفِنَائِهِ أَيْ قُدَّامَ بَابِهِ وَرَحْبَتِهِ، وَهِيَ مَا زِيدَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ لِتَوْسِعَتِهِ، وَأَمَّا أَكْلُهُ خَارِجًا عَمَّا يُكْرَهُ أَكْلُهُ فِيهِ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلِاعْتِكَافِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَاَلَّذِي لِلْبَاجِيِّ الْبُطْلَانُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَطْلَقَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْإِطْلَاقُ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ خَارِجَهُ وَلَوْ خَفَّ الْأَكْلُ وَعَدَمُ كَرَاهَةِ الشُّرْبِ خَارِجَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

(غَيْرَ مَكْفِيٍّ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِوَزْنِ مَرْمِيٍّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الْكِفَايَةِ أَصْلُهُ مَكْفَوِيٌّ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُحَصِّلَ مَا يَحْتَاجُ لَهُ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ فَإِنْ اعْتَكَفَ غَيْرَ مَكْفِيٍّ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ أَقْرَبَ مَكَان وَإِلَّا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ كَاشْتِغَالِهِ خَارِجَهُ بِشَيْءٍ مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ وَتَحَدُّثٍ مَعَ أَحَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) كُرِهَ (دُخُولُهُ مَنْزِلَهُ) الْقَرِيبَ وَبِهِ أَهْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يُكْرَهْ فِي الثَّانِي وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ أَهْلُهُ فِي عُلُوِّ الْمَنْزِلِ وَدَخَلَ هُوَ أَسْفَلَهُ (وَإِنْ) كَانَ الدُّخُولُ (لِغَائِطٍ وَ) كُرِهَ (اشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ) مُتَعَلِّمًا أَوْ مُعَلِّمًا غَيْرَ عَيْنِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاعْتِكَافِ صَفَاءُ الْقَلْبِ وَرِيَاضَةُ النَّفْسِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا بِالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ لَا بِالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ (وَ) كُرِهَ (كِتَابَتُهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ (وَإِنْ مُصْحَفًا إنْ كَثُرَ) وَكِتَابَتُهُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعِلْمِ وَلَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى (وَ) كُرِهَ (فِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ) مِنْ تَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَاسْتِغْفَارٍ وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَصَلَاةٍ وَتِلَاوَةٍ) ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ قَوْلُهُ (كَعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ بِالْمَسْجِدِ إنْ بَعُدَ عَنْهُ (وَجِنَازَةٍ وَلَوْ لَاصَقَتْ) بِأَنْ وُضِعَتْ بِقُرْبِهِ أَوْ انْتَهَى زِحَامُهَا إلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْجِنَازَةِ فَقَطْ (وَصُعُودُهُ لِتَأْذِينٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ) بِالْمَسْجِدِ لَا بِمَكَانِهِ أَوْ صَحْنِهِ فَيَجُوزُ (وَتَرَتُّبُهُ أَنَّهُ لِلْإِمَامَةِ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ بَلْ الِاسْتِحْبَابُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْإِقَامَةِ لَكِنَّ النَّصَّ كَرَاهَةُ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ؛ لِأَنَّهُ يَمْشِي إلَى الْإِمَامِ وَذَلِكَ عَمَلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ غَيْرَ مَكْفِيٍّ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ أَوْ مَجَّانًا لَمَا قِيلَ: مَا حَكَّ جِسْمَك مِثْلُ ظُفْرِك ... فَتَوَلَّ أَنْتَ جَمِيعَ أَمْرِك وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَجِدْ كَافِيًا وَعَلَيْهِ إذَا وَجَدَ كَافِيًا وَخَرَجَ لِشِرَاءِ مَا يَحْتَاجُهُ هَلْ يَبْطُلُ أَمْ لَا اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ أَصْلُهُ مَكْفَوِيٌّ) فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْيَاءِ وَسَبَقَ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَقُلِبَتْ الضَّمَّةُ الَّتِي قَبْلَ الْيَاءِ كَسْرَةً لِأَجْلِ أَنْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَكَفَ غَيْرُ مَكْفِيٍّ) أَيْ مُرْتَكِبًا لِلْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَجَاوَزُ أَقْرَبَ مَكَان) أَيْ إذَا تَعَدَّدَتْ الْأَسْوَاقُ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ كَاشْتِغَالِهِ) أَيْ كَمَا يَفْسُدُ إذَا خَرَجَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ فَاشْتَغَلَ خَارِجَهُ بِشَيْءٍ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِمَا ذَكَرَ يُخْرِجُهُ مِنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ وَالْحَالُ أَنَّ حُرْمَةَ الِاعْتِكَافِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَدُخُولُهُ مَنْزَلَهُ) أَيْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْزِلُ قَرِيبًا وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ أَهْلُهُ أَيْ زَوْجَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِهِمْ عَنْ اعْتِكَافِهِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ جَوَازُ مَجِيءِ زَوْجَتِهِ إلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَكْلِهَا مَعَهُ وَحَدِيثِهَا؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَازِعٌ أَيْ مَانِعٌ مِنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ فِي الْبَيْتِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ فِي الْبَيْتِ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ) هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَخْتَصُّ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ بِذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ يُبَاحُ لِلْمُعْتَكِفِ جَمِيعُ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْمُخْتَصَّةِ بِالْآخِرَةِ فَيَجُوزُ لَهُ مُدَارَسَةُ الْعِلْمِ وَعِيَادَةُ الْمَرْضَى فِي مَوْضِعِ مُعْتَكَفِهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَائِزِ إذَا انْتَهَى إلَيْهِ ازْدِحَامُ النَّاسِ وَيَجُوزُ لَهُ كِتَابَةُ الْمَصَاحِفِ لِلثَّوَابِ لَا لِأُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا بَلْ لِيَقْرَأَ فِيهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا مَنْ كَانَ مُحْتَاجًا اهـ بْن (قَوْلُهُ غَيْرَ عَيْنِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ هَذَا الْقَيْدُ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعَيْنِيَّ مُتَعَيِّنٌ لَا تَرْخِيصَ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ فَالنَّصُّ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ غَيْرُ الْعَيْنِيِّ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فَلِمَ كُرِهَ هُنَا وَاسْتُحِبَّتْ هِيَ وَالذِّكْرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ وَرِيَاضَةُ النَّفْسِ) أَيْ تَخْلِيصُهَا مِنْ صِفَاتِهَا الْمَذْمُومَةِ (قَوْلُهُ لَا بِالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لِشَرَفِهِ عِنْدَ النَّفْسِ رُبَّمَا شَمَخَتْ بِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَثُرَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعِلْمِ) أَيْ غَيْرِ الْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ وَكِتَابَتُهُ) الضَّمِيرُ لِلْمُعْتَكِفِ لَا لِلْعِلْمِ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْكِتَابَةِ لَهُ مَا لَمْ تَكُنْ لِمَعَاشِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ لَهُ فِي مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ، وَإِنْ لِعِيَالِهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَذَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُحْتَاجَ لَهُ لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا) أَيْ بِأَنْ يَشْغَلَ الْوَقْتَ تَارَةً بِهَذَا وَتَارَةً بِهَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَفْعَلُ جَمِيعَهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى وَقَوْلُهُ فَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا أَيْ أَخْذًا مِنْ حُكْمِ الْمُصَنِّفِ بِالْكَرَاهَةِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ (قَوْلُهُ كَعِيَادَةٍ لِمَرِيضٍ بِالْمَسْجِدِ) ، وَأَمَّا إنْ كَانَ خَارِجَهُ كَانَتْ الْعِيَادَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَتُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ (قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ عَنْهُ) بِأَنْ كَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ مَحَلِّهِ لِعِيَادَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَجِنَازَةٍ) أَيْ وَصَلَاةٍ عَلَى جِنَازَةٍ وَلَوْ كَانَ جَارًا أَوْ صَالِحًا فَيَخُصُّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحٍ بِغَيْرِ الْمُعْتَكَفِ هَذَا إذَا وُضِعَتْ بَعِيدَةً عَنْهُ بَلْ وَلَوْ لَاصَقَتْهُ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَيِّنَ لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ لَا بِمَكَانِهِ إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ لِرَصْدِ الْأَوْقَاتِ وَإِلَّا كَانَ أَذَانُهُ فِي صَحْنِهِ مَكْرُوهًا كَذَا قَالَ عِيَاضٌ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَذَانَ عَلَى الْمَنَارِ أَوْ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا كَانَ يَرْصُدُ الْأَوْقَاتَ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَذَانُهُ فِي مَحَلِّهِ أَوْ فِي صَحْنِهِ فَجَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ بِرَصْدِ الْأَوْقَاتِ وَإِلَّا كُرِهَ هَذَا هُوَ النَّقْلُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْشِي إلَى الْإِمَامِ) مُفَادُهُ.

[الجائز للمعتكف]

(وَإِخْرَاجُهُ) أَيْ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهُ (لِحُكُومَةٍ) قَبْلَ تَمَامِ اعْتِكَافِهِ مَا لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ بِحَيْثُ تَضُرُّ بِرَبِّ الْحَقِّ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ (إنْ لَمْ يَلُدَّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا؛ لِأَنَّهُ سُمِعَ لَدَّ وَأَلُدُّ (بِهِ) أَيْ بِاعْتِكَافِهِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ وَاللَّدَدُ الْفِرَارُ مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ وَالْمُمَاطَلَةُ بِهِ ثُمَّ بَيَّنَ الْجَائِزَ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) لِلْمُعْتَكِفِ (إقْرَاءُ قُرْآنٍ) عَلَى غَيْرِهِ أَوْ سَمَاعُهُ مِنْ الْغَيْرِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ وَإِلَّا كُرِهَ (وَ) جَازَ (سَلَامُهُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ) أَيْ سُؤَالُهُ عَنْ حَالِهِ كَقَوْلِهِ كَيْفَ حَالُك وَكَيْفَ أَصْبَحْت مَثَلًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ لَهُ عَنْ مَجْلِسِهِ وَإِلَّا كُرِهَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الذِّكْرِ (وَتَطَيُّبُهُ) بِأَنْوَاعِ الطِّيبِ، وَإِنْ كُرِهَ لِصَائِمٍ غَيْرِهِ مُعْتَكِفٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعَهُ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِمَّا يُفْسِدُ اعْتِكَافَهُ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَبُعْدُهُ عَنْ النِّسَاءِ (وَ) جَازَ لَهُ (أَنْ يَنْكِحَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ يَعْقِدَ لِنَفْسِهِ (وَيُنْكِحَ) بِضَمِّهَا أَيْ يُزَوِّجَ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ بِحَجْرٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ قَرَابَةٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ (بِمَجْلِسِهِ بِغَيْرِ انْتِقَالٍ وَلَا طُولٍ) وَإِلَّا كُرِهَ (وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ) أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ عِيدٍ (ظُفْرًا أَوْ شَارِبًا) أَوْ عَانَةً أَوْ إبِطًا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَكُرِهَ فِيهِ كَحَلْقِ رَأْسِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ (فَلْيُخْرِجْ رَأْسَهُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَالْحَلَّاقُ خَارِجَهُ) (وَ) جَازَ لَهُ إذَا خَرَجَ لِغُسْلِ ثَوْبِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ (انْتِظَارُ غُسْلِ ثَوْبِهِ أَوْ تَجْفِيفِهِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ إذَا كَانَ لَا يَمْشِي، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ وَعُورِضَتْ الْكَرَاهَةُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ تَأْذِينِهِ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَلَكِنَّ النَّصَّ مُتَّبِعٌ (قَوْلُهُ وَإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ) أَيْ لِدَعْوَةٍ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ هَذَا إذَا أُخْرِجَ قَهْرًا عَنْهُ، وَأَمَّا خُرُوجُهُ بِاخْتِيَارِهِ لِذَلِكَ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ خَرَجَ يَطْلُبُ حَدًّا أَوْ دَيْنًا أَوْ خَرَجَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ دَيْنٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: إنْ أَخْرَجَهُ قَاضٍ لِحُكُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَارِهًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ اعْتِكَافَهُ، وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ اهـ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهَا سَوَاءٌ أَلَدَّ بِاعْتِكَافِهِ أَوْ لَا وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إنْ أُخْرِجَ كَارِهًا وَكَانَ اعْتِكَافُهُ هَرَبَا مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ فَخُرُوجُهُ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ اتِّفَاقًا اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَيُقَيَّدُ إطْلَاقُ كَلَامِهَا بِذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ) أَيْ فِي إخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلُدَّ بِهِ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ إخْرَاجِهِ لِأَجْلِ سَمَاعِهِ دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَدَدَهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَكَفَ فِرَارًا مِنْ إعْطَاءِ الْحَقِّ وَإِلَّا تَعَيَّنَ إخْرَاجُهُ كَانَ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا كَمَا فِي خش، وَهُوَ الصَّوَابُ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِهَذَا الْخُرُوجِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ طَائِعًا لِطَلَبِ حَقٍّ لَهُ أَوْ لِدَعْوَى مُتَوَجِّهَةٍ عَلَيْهِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُلِدٍّ بِذَلِكَ الِاعْتِكَافِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ قَهْرًا عَنْهُ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ إنْ كَانَ مُلِدًّا بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُلِدٍّ بِهِ فَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا فَعَلَهُ [الْجَائِزَ لِلْمُعْتَكِفِ] (قَوْلُهُ وَجَازَ إقْرَاءُ قُرْآنٍ عَلَى غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ لِغَيْرِهِ بِمَوْضِعِهِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ فَإِنَّهُ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ هَذَا مَكْرُوهٌ كَمَا فِي ح عَنْ سَنَدٍ لَا جَائِزٌ وَمَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ الْجَوَازِ ضَعِيفٌ كَذَا فِي خش وعبق وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْجَلَّابِ قَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمْ وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَيْهِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ لَكِنَّ مَا فِي الْجَلَّابِ قَيَّدَهُ شَارِحُهُ الشَّارْمَسَاحِيُّ وَنَصُّهُ وَإِقْرَاءُ الْقُرْآنِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَاصِدًا لِلتَّعْلِيمِ فَيَمْتَنِعُ كَثِيرُهُ اهـ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ سَنَدٍ وَالْجَلَّابِ اهـ بْن فَقَوْلُ سَنَدٍ إنَّ سَمَاعَهُ مِنْ الْغَيْرِ مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَثِيرًا وَقَوْلُ الْجَلَّابِ إنَّ إقْرَاءَ الْقُرْآنِ لِلْغَيْرِ جَائِزٌ وَلَوْ كَثُرَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيمَهُ وَيُكْثِرُ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ أَيْ سُؤَالُهُ عَنْ حَالِهِ) مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا كَانَ السُّؤَالُ لَطِيفًا لَا طُولَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ وُجِدَ انْتِقَالٌ أَيْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ طُولٌ فِي السُّؤَالِ بِدُونِ انْتِقَالٍ كُرِهَ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ انْتِقَالٌ لِخَارِجِ الْمَسْجِدِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الذِّكْرِ) أَيْ لِمَا قِيلَ إنَّ السَّلَامَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَتَطَيُّبُهُ) أَيْ جَازَ تَطَيُّبُ الْمُعْتَكِفِ بِأَنْوَاعِ الطِّيبِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لحمديس الْقَائِلِ بِكَرَاهَتِهِ فِي حَقِّهِمَا اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ انْتِقَالٍ) أَيْ لِمَحَلِّ آخَرَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا كُرِهَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِانْتِقَالُ بِمَحَلٍّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ (قَوْلُهُ وَأَخْذُهُ) أَيْ قَصُّهُ وَإِزَالَتُهُ وَقَوْلُهُ إذَا خَرَجَ أَيْ مِنْ مُعْتَكَفِهِ (قَوْلُهُ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ عِيدٍ) أَيْ أَوْ لِحَرٍّ أَصَابَهُ فَالْكَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى جُمُعَةٍ كَذَا فِي عبق وَالْأَوْلَى مُلَاحَظَةُ دُخُولِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ لِيَدْخُلَ خُرُوجُهُ لِشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ مَاءٍ تَأَمَّلْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ إذَا خَرَجَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِمُجَرَّدِ قَصِّ الشَّارِبِ وَالظُّفْرِ وَمَا مَعَهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ جَمَعَ ذَلِكَ فِي ثَوْبِهِ وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَهُ وَاَلَّذِي لَهُ فِعْلُهُ إذَا خَرَجَ إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ الظُّفْرِ وَالشَّارِبِ وَالْإِبِطِ وَالْعَانَةِ لَا حَلْقُ الرَّأْسِ كَمَا يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ جَازَ لَهُ حَلْقُ الرَّأْسِ وَلَا يَخْرُجُ لَهَا اسْتِقْلَالًا وَوَافَقَهُ فِي المج عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ انْتِظَارُ إلَخْ) أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ مَنْ يَغْسِلُهَا لَهُ مُنْتَظِرًا غُسْلَهَا وَتَجْفِيفَهَا (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ) أَيْ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ فِي الْجُلُوسِ عِنْدَ الْغَسَّالِ أَوْ عِنْدَ الثَّوْبِ إلَى أَنْ يَجِفَّ فَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ

[ما يندب لمريد الاعتكاف]

وَإِلَّا كُرِهَ (وَنُدِبَ) لَهُ (إعْدَادُ ثَوْبٍ) آخَرَ يَلْبَسُهُ إنْ أَصَابَ الَّذِي عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَثَلًا كَالْمُرْضِعِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُعِدَّ لَهُ ثَوْبًا لِلِاعْتِكَافِ غَيْرَ الَّذِي عَلَيْهِ (وَ) نُدِبَ (مُكْثُهُ) فِي الْمَسْجِدِ (لَيْلَةَ الْعِيدِ) إذَا اتَّصَلَ اعْتِكَافُهُ بِهَا وَكَانَ آخِرُ اعْتِكَافِهِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لِيَمْضِيَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إلَى الْمُصَلَّى لِإِيصَالِ عِبَادَةٍ بِعِبَادَةٍ فَإِنْ كَانَتْ لَيْلَةُ الْعِيدِ أَثْنَاءَ اعْتِكَافِهِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْوُجُوبُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْعِيدِ أَوْ يَوْمَهُ أَثِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ مُرَاعَاةً لِلْمُقَابِلِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) نُدِبَ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ (دُخُولُهُ) الْمَسْجِدَ مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُرِيدُ ابْتِدَاءَ اعْتِكَافِهِ مِنْهَا (قَبْلَ الْغُرُوبِ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْوِيِّ وَلَوْ يَوْمًا فَقَطْ أَوْ لَيْلَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَالرَّاجِحُ الْوُجُوبُ، وَأَمَّا الْمَنْذُورُ فَيَجِبُ دُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ لِلُزُومِ اللَّيْلِ لَهُ (وَصَحَّ) فِي الْمَنْوِيِّ وَالْمَنْذُورِ (إنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ فَقَطْ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ (وَ) نُدِبَ (اعْتِكَافُ عَشَرَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُنْقِصْ عَنْهَا وَهَذَا أَقَلُّ الْمَنْدُوبِ وَأَكْثَرُهُ شَهْرٌ وَكُرِهَ مَا زَادَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْ عَشَرَةٍ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ الْعَشَرَةُ أَكْثَرُ الْمَنْدُوبِ فَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَفِي كَرَاهَةِ مَا دُونَهَا قَوْلَانِ (وَ) نُدِبَ مُكْثُهُ (بِآخِرِ الْمَسْجِدِ) لِيَبْعُدَ عَمَّنْ يَشْغَلُهُ بِالْحَدِيثِ (وَ) نُدِبَ الِاعْتِكَافُ (بِرَمَضَانَ) لِكَوْنِهِ سَيِّدَ الشُّهُورِ (وَبِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ) مِنْهُ فَهُوَ مَنْدُوبٌ ثَالِثٌ (لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ بِهِ) أَيْ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَذِكْرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَيْدَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ الِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ وَلَا بُطْلَانَ فِيهِمَا كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ وَنُدِبَ لَهُ إعْدَادُ ثَوْبٍ آخَرَ يَلْبَسُهُ) أَيْ يَأْخُذُهُ مَعَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُصِيبَ الَّذِي عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَيَلْبَسُهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ آخِرُ اعْتِكَافِهِ إلَخْ) أَشْعَرَ كَلَامُهُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ اعْتِكَافُهُ الْعَشْرَ الْأُوَلَ أَوْ الْأَوَاسِطَ مِنْ رَمَضَانَ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ الْعَشْرَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَخْرُجُ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ آخِرَ أَيَّامِ اعْتِكَافِهِ قَالَهُ تت (قَوْلُهُ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْوُجُوبُ) أَيْ وُجُوبُ مُكْثِهِ فِي الْمَسْجِدِ مُفْطِرًا وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُكْثُ لَيْلَةَ الْعِيدِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِمُجَرَّدِ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ مَا إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْعِيدِ آخِرَ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ وَالثَّانِي مَا إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَالثَّالِثُ مَا إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْعِيدِ لَمْ تَأْتِ فِي مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ أَصْلًا [مَا يَنْدُبُ لِمُرِيدِ الِاعْتِكَافِ] (قَوْلُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الدُّخُولَ مَعَ الْغُرُوبِ بِمَثَابَةِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الْوُجُوبُ) أَيْ وُجُوبُ الدُّخُولِ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَنَّهُ إذَا نَذَرَ يَوْمًا لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَكَذَا إذَا نَذَرَ لَيْلَةً (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمَنْذُورُ فَيَجِبُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ اُعْتُدَّ بِيَوْمِهِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ التَّوْضِيحُ وَاخْتُلِفَ إذَا دَخَلَ بَيْنَهُمَا وَالْمَشْهُورُ الِاعْتِدَادُ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُعْتَدُّ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ سَحْنُونٍ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ عَلَى النَّذْرِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: حَمْلُ قَوْلِ سَحْنُونٍ وَالْمَعُونَةِ عَلَى الْخِلَافِ أَظْهَرُ إذَا عَلِمْت هَذَا لَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ الْمَعُونَةِ بِالِاعْتِدَادِ اُنْظُرْ بْن وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَجَعْلُهُ الرَّاجِحَ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ دَخَلَ إلَخْ) غَايَتُهُ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَنْدُوبَ إنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ غَيْرَ مَنْذُورٍ وَخَالَفَ الْوَاجِبَ إنْ كَانَ مَنْذُورًا ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ لَهُ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ يَوْمًا لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) أَيْ إذَا دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ سَوَاءٌ كَانَ مَنْوِيًّا أَوْ مَنْذُورًا. (تَنْبِيهٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِي أَقَلِّ الِاعْتِكَافِ أَيْ فِي أَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقِيلَ أَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى هَذَا إذَا دَخَلَ الْمُعْتَكِفُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ فَلَا يُجْزِئُهُ مَا لَمْ يَضُمَّ لَهُ لَيْلَةً فِي الْمُسْتَقْبَلِ سَوَاءٌ كَانَ الِاعْتِكَافُ مَنْوِيًّا أَوْ مَنْذُورًا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَأْتِي مَا مَضَى مِنْ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ يَوْمًا لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ إنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ إذَا دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ مَعَهُ أَجْزَأَ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَوْ كَانَ نَاذِرًا لِلْأَقَلِّ لَكِنَّهُ خَالَفَ الْوَاجِبَ إذَا كَانَ نَاذِرًا لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُ بِلُزُومِ اللَّيْلَةِ بِالنَّذْرِ فَلُزُومُهَا لَا مِنْ حَيْثُ أَقَلُّ الِاعْتِكَافِ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ النَّذْرَ أَوْجَبَهَا، وَأَمَّا أَقَلُّهُ كَمَالًا بِحَيْثُ يَكُونُ مَا نَقَصَ عَنْهُ إمَّا مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ كَمَالًا بِحَيْثُ يُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَنُقِلَ هَذَا الْقَوْلُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقِيلَ أَقَلُّهُ كَمَالًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْمَلُهُ عَشَرَةٌ وَقِيلَ أَقَلُّهُ كَمَالًا عَشَرَةٌ وَأَكْثَرُهُ شَهْرٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمْ أَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ فِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ يَوْمٌ فَقَطْ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَإِذَا نَذَرَ أَقَلَّ الِاعْتِكَافِ كَمَالًا لَزِمَهُ أَقَلُّهُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَبِآخِرِ الْمَسْجِدِ) أَيْ عَجُزِهِ الْمُقَابِلِ لِصَدْرِهِ الَّذِي هُوَ أَمَامُهُ (قَوْلُهُ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ) أَيْ لِأَجْلِ الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ إمَّا لِتَقْدِيرِ الْكَوَائِنِ فِيهَا مِنْ أَرْزَاقٍ وَغَيْرِهَا أَيْ إظْهَارِهَا لِلْمَلَائِكَةِ وَلِعَظَمِ قَدْرِهَا أَوْ قَدْرِ الْقَائِمِ بِهَا

[مبطلات الاعتكاف]

(وَفِي كَوْنِهَا) دَائِرَةً (بِالْعَامِ) كُلِّهِ (أَوْ بِرَمَضَانَ) خَاصَّةً (خِلَافٌ وَانْتَقَلَتْ) عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَا تَخْتَصُّ بِلَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي الْعَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا فِي رَمَضَانَ عَلَى الثَّانِي وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَتَنْتَقِلُ أَيْضًا (وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ) أَوْ تَاسِعَةٍ أَوْ خَامِسَةٍ فِي حَدِيث الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ أَوْ السَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ أَيْ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ (مَا بَقِيَ) مِنْ الْعَشْرِ لَا مَا مَضَى فَالْمُرَادُ بِالتَّاسِعَةِ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةِ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةِ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَقِيلَ الْعَدَدُ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ فَالتَّاسِعَةُ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَالسَّابِعَةُ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَامِسَةُ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ سَوَاءٌ عُلِمَتْ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ وَلَهَا عَلَامَاتٌ ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ أَخْذًا مِنْ الْأَحَادِيثِ وَلَمَّا كَانَتْ مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يُبْطِلُ مَا فَعَلَهُ مِنْهُ وَيُوجِبُ اسْتِئْنَافَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا خَرَجَ وَبَطَلَ إلَخْ وَقِسْمٌ يَخُصُّ زَمَنَهُ وَلَا يُبْطِلُ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالْمَسْجِدَ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) إذَا نَذَرَ أَيَّامًا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُعَيَّنَةً مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَحَصَلَ لَهُ عُذْرٌ فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافِهِ وَزَالَ (بَنَى) مُلَاصِقًا لِبِنَائِهِ (بِزَوَالِ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ شَدِيدٍ لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِ مَا حَصَلَ فِيهِ الْمَانِعُ وَتَكْمِيلُ مَا نَذَرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا يَأْتِي بِهِ قَضَاءً عَمَّا مُنِعَ فِيهِ صَوْمُهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً كَالنَّذْرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَتْ هَذِهِ الْأَعْذَارُ فِي التَّطَوُّعِ فَلَا قَضَاءَ وَقَوْلُنَا فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافِهِ أَمَّا لَوْ حَصَلَتْ قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ قَارَنَتْهُ بَنَى فِي الْمُطْلَقِ وَفِي الْمُعَيَّنِ مِنْ رَمَضَانَ لَا فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا فِي التَّطَوُّعِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْبِنَاءِ وَمِنْهَا مَا يَمْنَعُ الْمَسْجِدَ فَقَطْ كَالسَّلَسِ وَتَرْكُهُ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِنْهَا مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ) دُونَ الْمَسْجِدِ (لِمَرَضٍ) خَفِيفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَفِي كَوْنِهَا دَائِرَةٌ بِالْعَامِّ) ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ حَيْثُ قَالَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ أَوْلَى الْأَقَاوِيلِ وَقَوْلُهُ أَوْ دَائِرَةً فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ الَّذِي شَهَّرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ) أَيْ عَمَلَ الطَّاعَاتِ وَقَوْلُهُ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَيْ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ الطَّاعَاتِ أَلْفَ شَهْرٍ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ عُلِمَتْ أَيْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَهَا عَلَامَاتٌ) ذَكَرَهَا الْعُلَمَاءُ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَأَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ لَيْلَتَهَا صَحْوًا لَا غَيْمَ فِيهَا وَأَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ لَيْلَتَهَا مُعْتَدِلًا لَا حَارًّا وَلَا بَارِدًا (قَوْلُهُ، وَإِذَا نَذَرَ إلَخْ) حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى صُوَرِ النَّذْرِ الثَّلَاثِ جَرْيًا عَلَى مَا عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إذَا طَرَأَ فِيهِ عُذْرٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَقْضِي مُطْلَقًا وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ النَّاذِرَ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَإِنْ مَرِضَهَا كُلَّهَا لِوُجُوبِ قَضَاءِ الصِّيَامِ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَرِضَ بَعْضَهَا قَضَى مَا مَرِضَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ فَمَرِضَهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا وُجُوبُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الصَّوْمِ الثَّانِي عَدَمُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ الثَّالِثُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَمْرَضَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الِاعْتِكَافِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا قَضَى مَا مَرِضَ مِنْهَا أَوْ أَفْطَرَهُ سَاهِيًا يَصِلُ ذَلِكَ بِاعْتِكَافِهِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا فَأَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْوِيِّ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ بَنَى كَمَا فِي ابْنِ عَاشِرٍ اهـ بْن (وَحَاصِلُ إيضَاحِ الْمَقَامِ) أَنْ تَقُولَ الْعُذْرُ إمَّا إغْمَاءٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ أَوْ مَرَضٌ وَالِاعْتِكَافُ إمَّا نَذْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ نَذْرٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ تَطَوُّعٌ مُعَيَّنٌ بِالْمُلَاحَظَةِ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَهَذِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَطْرَأَ الْعُذْرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ يُقَارِنَ الشُّرُوعَ فِيهِ فَهَذِهِ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ صُورَةً فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ نَذْرًا مُعَيَّنًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَطَرَأَتْ خَمْسَةُ الْأَعْذَارِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي فِي هَذِهِ الثَّلَاثِينَ صُورَةً، وَإِنْ كَانَ نَذْرًا مُعَيَّنًا بِغَيْرِ رَمَضَانَ فَإِنْ طَرَأَتْ خَمْسَةُ الْأَعْذَارِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ فَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ طَرَأَتْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَالْقَضَاءُ مُتَّصِلًا فَصُوَرُهُ خَمْسَةَ عَشْرَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا مُعَيَّنًا بِالْمُلَاحَظَةِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا قَضَاءَ سَوَاءٌ طَرَأَتْ خَمْسَةُ الْأَعْذَارِ قَبْلَ الشُّرُوعِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مُقَارِنَةً لَهُ فَصُوَرُهُ ثَلَاثُونَ فَالْجُمْلَةُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ صُورَةً وَبَقِيَ حُكْمُ مَا إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَقْضِي سَوَاءً كَانَ الِاعْتِكَافُ نَذْرًا مُعَيَّنًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَ نَذْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا مُعَيَّنًا بِالْمُلَاحَظَةِ أَوْ لَا فَصُوَرُهُ خَمْسَةٌ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانُونَ [مُبْطِلَاتُ الِاعْتِكَافِ] (قَوْلُهُ مُلَاصِقًا لِبِنَائِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلْمُلَاصَقَةِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُصَاحَبَةِ وَعَلَيْهِمَا يَتَفَرَّعُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلسَّبَبِيَّةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ التَّفْرِيغِ الْمَذْكُورِ قَالَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ، وَهُوَ مَا لَا يُعَدُّ بِهِ مُتَوَانِيًا عُرْفًا (قَوْلُهُ كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ لَهُ مَرَضٌ خَفِيفٌ مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَوْ جَاءَ يَوْمُ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ الِاعْتِكَافِ وَزَالَ الْمَرَضُ وَمَضَى يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ عَلَى مَا فَعَلَهُ سَابِقًا وَكَذَلِكَ إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا فَقَوْلُهُ كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ أَيْ لِوُجُودِ مَرَضٍ خَفِيفٍ طَرَأَ عَلَيْهِ

(أَوْ) زَوَالِ (حَيْضٍ) نَهَارًا (أَوْ) دُخُولِ يَوْمِ (عِيدٍ) أَوْ فَطَرَ نِسْيَانًا وَبِقَوْلِنَا زَوَالِ حَيْضٍ نَهَارًا انْدَفَعَ مَا قِيلَ الْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ وَالْمَسْجِدِ مَعًا فَكَيْفَ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مَانِعًا مِنْ الصَّوْمِ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَيْضِ هُنَا الَّذِي طَهُرَتْ مِنْهُ نَهَارًا، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِلْمَسْجِدِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ مُطْلَقَ الْحَيْضِ إذْ هُوَ مَانِعٌ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ (وَخَرَجَ) مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالصَّوْمِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ جَوَازِ الْخُرُوجِ فِي الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ كَعِيدٍ وَمَرَضٍ خَفِيفٍ (وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ) أَيْ حُرْمَةُ الِاعْتِكَافِ فَلَا يَفْعَلُ مَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ رَجَعَ فَوْرًا لِلْبِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ أَخَّرَ الرُّجُوعَ وَلَوْ لِعُذْرٍ مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ (إلَّا) إنْ أَخَّرَ الرُّجُوعَ (لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَؤُمُّهُ) فَلَا يَبْطُلُ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ لَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ وَأَخَّرَ كُلٌّ الرُّجُوعَ فَيَبْطُلُ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ غَيْرِهِمَا (وَإِنْ اشْتَرَطَ) الْمُعْتَكِفُ (لِنَفْسِهِ سُقُوطَ الْقَضَاءِ) عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ عُذْرٍ أَوْ مُبْطِلٍ (لَمْ يُفِدْهُ) شَرْطُهُ وَوَجَبَ الْعَمَلُ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِ الشَّارِعِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ لِوُجُودِ عِيدٍ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ خَرَجَ فَإِذَا صَحَّ بَنَى ثُمَّ قَالَتْ وَلَا يَلْبَثُ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ إذْ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصِيَامٍ فَإِذَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ عَادَ لِمُعْتَكَفِهِ فَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ زَوَالِ حَيْضٍ نَهَارًا) أَيْ فَإِذَا طَرَأَ لَهَا الْحَيْضُ وَخَرَجَتْ لِمَنْزِلِهَا ثُمَّ طَهُرَتْ نَهَارًا فَإِنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْبِنَاءُ وَالرُّجُوعُ لِلْمَسْجِدِ لِتَبْنِيَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ صَائِمَةً فَهَذَا الْحَيْضُ الْمَوْصُوفُ بِالِانْقِطَاعِ نَهَارًا يَمْنَعُ مِنْ الصَّوْمِ لَا مِنْ الِاعْتِكَافِ. (قَوْلُهُ إنَّ مُرَادَهُ بِالْحَيْضِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَيْضِ هُنَا الْحَيْضُ الَّذِي انْقَطَعَ وَاغْتَسَلَتْ مِنْهُ نَهَارًا فَإِذَا اغْتَسَلَتْ رَجَعَتْ لِلْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ صَائِمَةٍ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَيْضَ مَنَعَ مِنْ الصَّوْمِ فِيهِ لَا الْمُكْثِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِلْمَسْجِدِ) أَيْ لِتُكْمِلَ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَائِمَةٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقَ الْحَيْضِ) أَيْ الشَّامِلِ لِلْمُسْتَرْسِلِ عَلَيْهَا جَمِيعَ النَّهَارِ (قَوْلُهُ فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ إلَخْ) أَيْ كَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الْإِقَامَةَ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَلِيِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَبِالْمُعْتَكِفِ فِي الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ فَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخَرَجَ مَنْ طَرَأَ لَهُ عُذْرٌ خَاصٌّ بِالْأَعْذَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا قَوْلُ خش وَخَرَجَ مَنْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ لَكِنْ وُجُوبًا فِي الْمَانِعِ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَجَوَازًا فِي الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الرَّاجِحِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَوْ جَاءَ الْعِيدُ فِي أَثْنَاءِ الِاعْتِكَافِ جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ وَكَذَلِكَ إذَا مَرِضَ مَرَضًا خَفِيفًا، وَهُوَ خِلَافُ الرَّاجِحِ عَلَى مَا قَالَهُ عج وَقَدْ يُقَالُ إنَّ خش ارْتَضَى مَا ذَكَرَ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ جَعَلَ جَوَازَ الْخُرُوجِ فِي الْعُذْرِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّوْمِ فَقَطْ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ كَعِيدٍ وَمَرَضٍ خَفِيفٍ) أَيْ يُطِيقُ مَعَهُ الْإِقَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ الصَّوْمِ فَإِذَا طَرَأَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الرَّجْرَاجِيِّ وَالْمَوَّاقِ وَقِيلَ إنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا الْخُرُوجُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي جَوَازِ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَدَمِ جَوَازِ خُرُوجِهِ قَوْلَيْنِ فَرُوِيَ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَخْرُجُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَخْرُجُ هَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ نَاجِيٍّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخُرُوجُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ أَيْضًا لِظَاهِرِهَا كَمَا نَقَلَهُ ح، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْبَقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي ح وَاخْتَارَهُ عج اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ) أَيْ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا، وَهُوَ مَا يُعَدُّ بِهِ مُتَوَانِيًا عُرْفًا وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتَ خَوْفٍ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَذَلِكَ كَمَا لَوْ زَالَ الْعُذْرُ لَيْلًا وَأَخَّرَ الذَّهَابَ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى طَلَعَ النَّهَارُ لِخَوْفِهِ فِي ذَهَابِهِ لَيْلًا (قَوْلُهُ إلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ) صُورَتُهُ أَنَّ الشَّخْصَ الْمُعْتَكِفَ إذَا حَصَلَ لَهُ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ أَوْ إغْمَاءٌ أَوْ مَرَضٌ شَدِيدٌ فِي أَثْنَاءِ الِاعْتِكَافِ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْبَيْتِ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْعُذْرُ لَيْلَةَ الْعِيدِ فَأَخَّرَ الرُّجُوعَ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى مَضَى يَوْمُ الْعِيدِ وَتَالِيَاهُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ لَا يَبْطُلُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي اللَّبْثِ يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي لَيْلَتِهِ عَلَى اخْتِيَارِ التُّونُسِيِّ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْمَرِيضُ يَصِحُّ وَالْحَائِضُ تَطْهُرُ نَهَارًا غَيْرُ يَوْمِ الْعِيدِ يُؤْمَرَانِ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ أَخَّرَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُمَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ يَتَعَذَّرُ مِنْهُ الصَّوْمُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي طَهُرَتْ فِيهِ الْحَائِضُ وَصَحَّ فِيهِ الْمَرِيضُ يَصِحُّ صَوْمُهُ لِغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ يَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَطَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ إذَا شَرَطَ أَيْ عَزَمَ فِي نَفْسِهِ عَلَى مَا يُنَافِي اعْتِكَافَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَزْمُ قَبْلَ دُخُولِهِ الْمُعْتَكَفَ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ قَالَ إنْ حَصَلَ لِي مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ لَا أَقْضِي أَوْ أَعْتَكِفُ وَلَكِنْ أَطَأُ زَوْجَتِي أَوْ أَعْتَكِفُ وَلَا أَصُومُ بَلْ يُفِدْهُ شَرْطُهُ أَيْ يَبْطُلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاعْتِكَافُهُ صَحِيحٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ اعْتِكَافٌ وَقِيلَ إنْ كَانَ الشَّرْطُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الِاعْتِكَافِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاعْتِكَافُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بَطَلَ الشَّرْطُ.

[باب في أحكام الحج والعمرة]

(بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) (فُرِضَ الْحَجُّ) عَيْنًا إذْ هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ شَرْعًا وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ وَطَوَافٌ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَسَعْيٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كَذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِإِحْرَامٍ (وَسُنَّتْ الْعُمْرَةُ) عَيْنًا وَهِيَ طَوَافٌ وَسَعْيٌ بِإِحْرَامٍ (مَرَّةً) رَاجِعٌ لَهُمَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَنُدِبَ أَنْ يَقْصِدَ إقَامَةَ الْمَوْسِمِ لِيَقَعَ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَالْعُمْرَةُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْوِتْرِ. (وَفِي فَوْرِيَّتِهِ) أَيْ فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِهِ أَوَّلَ عَامِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ وَلَوْ ظَنَّ السَّلَامَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَتَرَاخِيهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ) أَيْ إلَى وَقْتٍ يُخَافُ فِيهِ فَوَاتُهُ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] بَابٌ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ شَرْعًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ مُطْلَقُ الْقَصْدِ يُقَالُ رَجُلٌ مَحْجُوجٌ أَيْ مَقْصُودٌ (قَوْلُهُ: بِإِحْرَامٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْوُقُوفِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ مُصَاحِبًا لِإِحْرَامٍ. (قَوْلُهُ: مَرَّةً) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مَعْمُولٌ لِلْعُمْرَةِ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَصْدَرَانِ يَنْحَلَّانِ إلَى أَنْ وَالْفِعْلِ أَيْ فُرِضَ أَنْ يَحُجَّ مَرَّةً وَسُنَّ أَنْ يَعْتَمِرَ مَرَّةً وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ فَرْضٌ وَلَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّهُمَا يُفِيدَانِ الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ وَقَعَا مِنْ الشَّارِعِ مَرَّةً وَلَيْسَ بِمُرَادٍ؛ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهِ وَيَجُوزُ بِنَصْبِ " مَرَّة " عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ فُرِضَ الْمَرَّةُ مِنْ الْحَجِّ وَسُنَّتْ الْمَرَّةُ مِنْ الْعُمْرَةِ وَيَصِحُّ رَفْعُ " مَرَّةً " عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَفُرِضَ وَسُنَّتْ مَصْدَرَانِ مُبْتَدَآنِ مُؤَوَّلَانِ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ الْمَفْرُوضُ مِنْ الْحَجِّ مَرَّةٌ وَالْمَسْنُونُ مِنْ الْعُمْرَةِ مَرَّةٌ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي ح (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعًا لَا أَنَّهُ مَعْمُولٌ لَهُمَا لِمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِلْعُمْرَةِ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرَّةِ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْصِدَ) بِمَا زَادَ عَلَى الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: لِيَقَعَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَقَعَ الْحَجُّ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَقَعَ الْعُمْرَةُ سُنَّةَ كِفَايَةٍ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْدُوبًا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْوِتْرِ) هَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ ح عَنْ مَنَاسِكِ ابْنِ الْحَاجِّ، وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مِثْلُ الْوِتْرِ. (قَوْلُهُ: وَفِي فَوْرِيَّتِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَقَوْلُهُ: وَتَرَاخِيهِ أَيْ وُجُوبُهُ عَلَى التَّرَاخِي لِمَبْدَأِ خَوْفِ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ: فَيَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ) أَيْ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ أَوَّلِ عَامِ الْقُدْرَةِ وَلَوْ لِثَانِي عَامٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ السَّلَامَةَ) أَيْ إلَى الْعَامِ الَّذِي قَصَدَ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَتَرَاخِيهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي لَوْ أَخَّرَهُ وَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ خَوْفِ الْفَوَاتِ فَقَالَ فِي الطِّرَازِ لَا يَعْصِي وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لَهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ اهـ ح. (قَوْلُهُ: أَيْ إلَى وَقْتٍ) -.

[شروط صحة الحج والعمرة]

وَيَخْتَلِفُ الْفَوَاتُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ (خِلَافٌ) . (وَصِحَّتُهُمَا) مَشْرُوطَةٌ (بِالْإِسْلَامِ) فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ صَبِيًّا ارْتَدَّ (فَيُحْرِمُ) نَدْبًا (وَلِيٌّ) أَبٌ، أَوْ غَيْرُهُ (عَنْ رَضِيعٍ) بِأَنْ يَنْوِيَ إدْخَالَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ عِنْدَ تَجَرُّدِهِ (وَجُرِّدَ) وُجُوبًا مِنْ الْمَخِيطِ إنْ كَانَ ذَكَرًا، وَوَجْهُ الْأُنْثَى وَكَفَّاهَا كَالْكَبِيرَةِ (قُرْبَ الْحَرَمِ) أَيْ مَكَّةَ لَا مِنْ الْمِيقَاتِ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا يُقَدِّمُ الْإِحْرَامَ عِنْدَ الْمِيقَاتِ وَيُؤَخِّرُ التَّجَرُّدَ لِقُرْبِ الْحَرَمِ كَمَا قِيلَ (وَ) يُحْرِمُ وَلِيٌّ أَيْضًا عَنْ مَجْنُونٍ (مُطْبَقٍ) وَهُوَ مَنْ لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَلَا يُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ، وَإِنْ مَيَّزَ بَيْنَ الْفَرَسِ وَالْإِنْسَانِ مَثَلًا، وَجُرِّدَ قُرْبَ الْحَرَمِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانًا اُنْتُظِرَ وَلَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ إحْرَامُ غَيْرِهِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمَجْنُونِ خَاصَّةً الْفَوَاتُ فَكَالْمُطْبَقِ (لَا مُغْمًى) عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَنْهُ وَلَوْ خِيفَ فَوَاتُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الطَّوْلِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ شَبِيهٌ بِالصِّبَا لِطُولِ مُدَّتِهِ، ثُمَّ إنْ أَفَاقَ فِي زَمَنٍ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ فِيهِ أَحْرَمَ وَأَدْرَكَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ إحْرَامِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ. (وَ) يُحْرِمُ الصَّبِيُّ (الْمُمَيِّزُ) وَهُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ مِنْ الْمِيقَاتِ إنْ نَاهَزَ الْبُلُوغَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إلَى مَبْدَأِ وَقْتٍ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) أَيْ مِنْ ضَعْفٍ وَقُوَّةٍ فَبَعْضُهُمْ يَكُونُ كَبِيرًا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ لَا يَمْكُثُ قَوِيًّا إلَّا خَمْسَ سِنِينَ، أَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَرْبَعَةً وَبَعْدَهَا يَضْعُفُ فَيُغْتَفَرُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْعَامِ الَّذِي يَظُنُّ فِيهِ حُصُولَ الضَّعْفِ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ لِمَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُفَادُ ابْنِ الْجَلَّابِ وَابْنِ شَاسٍ فَتَنْظِيرُ ح فِي ذَلِكَ قُصُورٌ اُنْظُرْ بْن، وَلَا خِلَافَ فِي الْفَوْرِيَّةِ إذَا أَفْسَدَ حَجَّهُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْحَجَّ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ الْمُفْسَدُ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَشَهَّرَهُ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَابْنُ بَزِيزَةَ وَالثَّانِي شَهَّرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ وَالتِّلْمِسَانِيّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمَغَارِبَةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ قَالَ ح سِوَى الْمُصَنِّفِ هُنَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ: الظَّاهِرُ قَوْلُ مَنْ شَهَّرَ الْفَوْرِيَّةَ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ مَيْلٌ إلَيْهِ وَكَأَنَّهُ ضَعَّفَ حُجَّةَ الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَوْرِيَّةِ نَقَلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَالْقَوْلَ بِالتَّرَاخِي إنَّمَا أُخِذَ مِنْ مَسَائِلَ وَلَيْسَ الْأَخْذُ مِنْهَا بِقَوِيٍّ، وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَوْرِيَّةِ أَرْجَحُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُرُوعِ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ اهـ كَلَامُهُ. [شُرُوط صِحَّة الْحَجّ وَالْعُمْرَة] (قَوْلُهُ: وَصِحَّتُهُمَا بِالْإِسْلَامِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ النِّيَّةِ وَكُلُّ عِبَادَةٍ كَذَلِكَ فَشَرْطُ صِحَّتِهَا الْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ صِحَّتِهَا الْإِسْلَامُ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ نَدْبًا إلَخْ) أَيْ لَا وُجُوبًا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ يَجُوزُ دُخُولُهُ الْحَرَمَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَلَوْ أَرَادَ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: أَبٌ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ كَوَصِيٍّ وَمُقَدَّمِ قَاضٍ وَأُمٍّ وَغَاصِبٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَظَرٌ فِي الْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَقَرَّهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا الْوَلِيُّ الَّذِي يُحْرِمُ عَنْ الصَّبِيِّ إنَّمَا هُوَ الْوَلِيُّ الَّذِي لَهُ النَّظَرُ فِي الْمَالِ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ وَلَا يَصِحُّ إحْرَامُ الْأُمِّ عَنْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ مُقَدَّمَةً مِنْ الْقَاضِي اُنْظُرْ الزَّرْقَانِيَّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ (قَوْلُهُ: عَنْ رَضِيعٍ) الْمُرَادُ بِهِ الصَّغِيرُ الْغَيْرُ الْمُمَيِّزِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَضِيعٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّضِيعَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِي الْإِحْرَامِ عَنْهُ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ لَا يُحَجُّ عَنْ رَضِيعٍ فَلَمَّا وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْوِيَ إدْخَالَهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ) أَيْ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْتُ إدْخَالَ هَذَا الْوَلَدِ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مُلْتَبِسًا بِالْإِحْرَامِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ أَصْلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُحْرِمُ فِي نَفْسِهِ وَيَقْصِدُ النِّيَابَةَ عَنْ الرَّضِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. (قَوْلُهُ: قُرْبَ الْحَرَمِ) تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ: فَيُحْرِمُ وَقَوْلُهُ وَجُرِّدَ وَمَحَلُّ تَجْرِيدِهِ قُرْبَ الْحَرَمِ إنْ لَمْ يَخَفْ الضَّرَرَ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِلَّا أَحْرَمَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيدِهِ وَيَفْتَدِي. (قَوْلُهُ: أَيْ مَكَّةَ) بَيَانٌ لِلْحَرَمِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدِّمُ الْإِحْرَامَ) أَيْ نِيَّةَ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ) قَائِلُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ قَرَّرْتُ تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قُرْبَ الْحَرَمِ مَعْمُولٌ لِجُرِّدَ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن. (قَوْلُهُ: وَيُحْرِمُ وَلِيٌّ أَيْضًا عَنْ مَجْنُونٍ مُطْبَقٍ) أَيْ وَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبِيِّ مِنْ تَأْخِيرِ إحْرَامِهِ وَتَجْرِيدِهِ إلَى قُرْبِ مَكَّةَ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ بِتَجْرِيدِهِ - قُرْبَهَا - حُصُولَ الضَّرَرِ أَحْرَمَ عَنْهُ بِغَيْرِ تَجْرِيدٍ وَيَفْتَدِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمَجْنُونِ) أَيْ الَّذِي يُفِيقُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَنْهُ) أَيْ لَا بِفَرْضٍ وَلَا بِنَفْلٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الطَّوْلِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ أَفَاقَ) أَيْ الْمُغْمَى، وَقَوْلُهُ: فِي زَمَنٍ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ فِيهِ أَحْرَمَ إلَخْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفِقْ مِنْ إغْمَائِهِ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِحْرَامِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَوُقُوفِهِمْ بِهِ فِي عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُمَيِّزُ) عَطْفٌ عَلَى " وَلِيٌّ " كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ:.

وَإِلَّا فَقُرْبَ الْحَرَمِ (وَإِلَّا) يُحْرِمْ بِإِذْنِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ (فَلَهُ تَحْلِيلُهُ) إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً بِالْحِلَاقِ وَالنِّيَّةِ مَعًا (وَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ إذَا حَلَّلَهُ ثُمَّ بَلَغَ وَمِثْلُهُ فِي التَّحْلِيلِ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ السَّفِيهُ الْبَالِغُ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ (بِخِلَافِ الْعَبْدِ) الْبَالِغِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَحَلَّلَهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أُعْتِقَ، أَوْ أُذِنَ لَهُ بَعْدُ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ قَدَّمَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ صَحَّ وَمِثْلُ الْعَبْدِ الْمَرْأَةُ إذَا أَحْرَمَتْ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَحَلَّلَهَا (وَأَمَرَهُ) وَلِيُّهُ وُجُوبًا (مَقْدُورَهُ) مِنْ أَقْوَالِ الْحَجِّ وَأَفْعَالِهِ، وَيُلَقَّنُ التَّلْبِيَةَ إنْ قَبِلَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا، أَوْ كَانَ مُطْبَقًا (نَابَ) الْوَلِيُّ (عَنْهُ إنْ قَبِلَهَا) أَيْ قَبِلَ ذَلِكَ الشَّيْءُ النِّيَابَةَ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِعْلًا (كَطَوَافٍ) وَسَعْيٍ وَرَمْيٍ وَوُقُوفٍ، وَفِي جَعْلِ هَذَا مِنْ النِّيَابَةِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ حَقِيقَةَ النِّيَابَةِ أَنْ يَأْتِيَ النَّائِبُ بِالْفِعْلِ دُونَ الْمَنُوبِ عَنْهُ، وَالطَّوَافُ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَطُوفُ وَيَسْعَى بِهِ مَحْمُولًا وَيُوقِفُهُ مَعَهُ بِعَرَفَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ بِالرَّمْيِ وَالذَّبْحِ (لَا) إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا (كَتَلْبِيَةٍ) مِنْ الْأَقْوَالِ (وَرُكُوعٍ) مِنْ الْأَفْعَالِ فَيَسْقُطَانِ عَنْهُ حَيْثُ عَجَزَ (وَأَحْضَرَهُمْ) أَيْ أَحْضَرَ الْوَلِيُّ الرَّضِيعَ وَالْمُطْبَقَ وَالصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ (الْمَوَاقِفَ) الْأَوْلَى " الْمَشَاهِدَ "؛ لِأَنَّ الْمَوْقِفَ لَا يَتَعَدَّدُ أَيْ الْمَشَاهِدَ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْحُضُورُ كَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وُجُوبًا بِعَرَفَةَ وَنَدْبًا بِغَيْرِهَا. (وَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ) فِي السَّفَرِ عَلَى الْمَحْجُورِ مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلُبْسٍ وَحَمْلٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ دِرْهَمًا وَفِي السَّفَرِ دِرْهَمَيْنِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَحْجُورِ أَيْ فِي مَالِهِ (إنْ خِيفَ) بِتَرْكِهِ (ضَيْعَةٌ) عَلَيْهِ لِعَدَمِ كَافِلٍ غَيْرِ مَنْ سَافَرَ بِهِ (وَإِلَّا) يُخَفْ عَلَيْهِ (فَوَلِيُّهُ) الْغَارِمُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْجُورِ مَالٌ وَلَا يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي مَالِهِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِهِ تَكُونُ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ (كَجَزَاءٍ صَيْدٍ) صَادَهُ الصَّبِيُّ مُحْرِمًا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَعَلَى وَلِيِّهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا صَيْدُهُ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمًا أَوْ لَا فَكَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ فِي التَّفْصِيلِ (وَفِدْيَةٍ) وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِلُبْسٍ، أَوْ طِيبٍ مَثَلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِإِذْنِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا وَأَرَادَ مَنْعَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي إحْرَامِهِ فَفِي الشَّامِلِ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ بَعْدَ الْإِذْنِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلِأَبِي الْحَسَنِ لَهُ مَنْعُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لَا بَعْدَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ عَدَوِيٌّ وَمِثْلُ الْمُمَيِّزِ فِي كَوْنِهِ لَا يُحْرِمُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْحَجُّ وَاجِبًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقُرْبَ الْحَرَمِ) الْمُرَادُ بِهِ مَكَّةُ لَا مَا وَالَاهَا مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَرَمٌ. (قَوْلُهُ: إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً) أَيْ وَأَمَّا إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي إبْقَائِهِ أَبْقَاهُ عَلَى إحْرَامِهِ، وَإِنْ وُجِدَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي كُلٍّ مِنْ إبْقَائِهِ وَتَحْلِيلِهِ خُيِّرَ الْوَلِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّحْلِيلَ وَاجِبٌ عِنْدَ وُجُودِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ كَمَا أَنَّ عَدَمَ التَّحْلِيلِ كَذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِهَا فِيهِ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَهُ التَّحْلِيلُ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ كَانَ تَحْلِيلُهُ مُخْتَصًّا بِالْوَلِيِّ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُحَلِّلَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ التَّحْلِيلَ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مَمْنُوعًا وَقَدْ يُخَيَّرُ فِيهِ وَلَيْسَتْ اللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ. (قَوْلُهُ: بِالْحِلَاقِ وَالنِّيَّةِ) أَيْ بِأَنْ يَنْوِيَ خُرُوجَ ذَلِكَ الْوَلَدِ مِنْ حُرُمَاتِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ حَلَالٌ، ثُمَّ يَحْلِقَ لَهُ وَلَا يَكْفِي فِي إحْلَالِهِ رَفْضُ الْوَلِيِّ نِيَّةَ الصَّبِيِّ الْحَجَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ إحْلَالِهِ وَالْحَلْقِ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ) الْفَرْقُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ لِحَقِّهِمَا وَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لِغَيْرِهِمَا فَالْأَوَّلُ حَجْرٌ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ حَقَّ النَّفْسِ ثَابِتٌ مَعَ الْحَجْرِ وَبَعْدَهُ فَلَمَّا كَانَ قَوِيًّا اسْتَمَرَّ أَثَرُهُ فَلِذَا سَقَطَ الْقَضَاءُ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ ضَعِيفٌ لِزَوَالِهِ بِالتَّأَيُّمِ وَالْعِتْقِ فَلِذَا وَجَبَ الْقَضَاءُ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّمُهُ) أَيْ الْقَضَاءَ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَّمَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَيْ عَلَى حَجَّةِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: إذَا أَحْرَمَتْ تَطَوُّعًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَتْ بِفَرْضٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مَقْدُورَهُ) أَيْ بِمَقْدُورِهِ أَيْ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَقْوَالِ الْحَجِّ وَأَفْعَالِهِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَأَمَرَهُ بِمَقْدُورِهِ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَيُحْرِمُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ) أَيْ ذَلِكَ الَّذِي يَقْبَلُ النِّيَابَةَ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ السَّعْيِ وَالْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: وَرُكُوعٍ) أَيْ لِإِحْرَامٍ وَطَوَافٍ. (قَوْلُهُ: الْمَشَاهِدَ) أَيْ أَحْضَرَهُمْ الْأَمَاكِنَ الَّتِي يُطْلَبُ مُشَاهَدَتُهَا وَالْحُضُورُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ) أَيْ النَّفَقَةُ فِي الْحَضَرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ خِيفَ بِتَرْكِهِ ضَيْعَةٌ) أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا خَافَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ بِتَرْكِهِ وَالثَّانِي كَمَا إذَا خَافَ عَلَيْهِ إذَا تَرَكَهُ صُحْبَةَ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالِاخْتِلَاطِ بِهِمْ. (قَوْلُهُ: فَوَلِيُّهُ الْغَارِمُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ) أَيْ وَأَمَّا قَدْرُ مَا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي مُقَامِهِ فَهُوَ فِي مَالِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ بِتَرْكِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَالَ لِذَلِكَ الْمَحْجُورِ فَإِنَّ زِيَادَةَ النَّفَقَةِ تَكُونُ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا تَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمَحْجُورِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى وَلِيِّهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ خَافَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ بِتَرْكِهِ أَمْ لَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِثْلُهُ لِبَهْرَامَ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَالْبِسَاطِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلتُّونُسِيِّ وَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ الْأَشْهَرُ وَجَعَلَ بَهْرَامُ فِي وَسَطِهِ وَكَبِيرِهِ التَّشْبِيهَ تَامًّا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ حَمْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ح أَنَّهُ اخْتَارَ الْأَوَّلَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَكَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ) لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْإِحْرَامِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَثَّرَ فِيهِ -.

[شروط وجوب الحج]

فَعَلَى وَلِيِّهِ خَافَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ تَامًّا (بِلَا ضَرُورَةٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا إنْ وَجَبَتْ لِضَرُورَةٍ. وَلَمَّا كَانَتْ شُرُوطُ الْحَجِّ ثَلَاثَةَ أَضْرُبٍ: شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَشَرْطُ وُجُوبِ شَرْطِ وُقُوعِهِ فَرْضًا أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ) أَيْ كَشَرْطِ وُقُوعِهِ (فَرْضًا) لِمَنْ أَحْرَمَ بِهِ (حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ) فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ فَرْضًا وَلَوْ نَوَوْهُ (وَقْتَ إحْرَامِهِ) قَيْدٌ فِي الْوُقُوعِ فَرْضًا فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ وَقْتَ الْإِحْرَامِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا أَوْ مُكَلَّفًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا وَلَوْ عَتَقَ، أَوْ بَلَغَ، أَوْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُرْتَفَضُ إحْرَامُهُ وَلَا يُرْدَفُ عَلَيْهِ إحْرَامٌ آخَرُ (بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ) هُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ إحْرَامٍ أَيْ شَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ خَالِيًا مِنْ نِيَّةِ نَفْلٍ بِأَنْ نَوَى الْفَرْضَ، أَوْ أَطْلَقَ وَيَنْصَرِفُ لِلْفَرْضِ فَإِنْ نَوَى وَقْتَ إحْرَامِهِ النَّفَلَ وَقَعَ نَفْلًا وَالْفَرْضُ بَاقٍ عَلَيْهِ. (وَوَجَبَ) الْحَجُّ (بِاسْتِطَاعَةٍ) لَمْ يَقُلْ " وَاسْتِطَاعَةٌ " بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " حُرِّيَّةٌ " لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا أَنَّهَا تُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ لَوْ تَكَلَّفَهُ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ وَهُوَ ضَرُورَةٌ فَرْضًا فَشَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَعَدَمُ النَّفْلِ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ الْأَوَّلَانِ وَالِاسْتِطَاعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَرَمُ فَلِذَا أَجْرَى فِيهِ التَّفْصِيلَ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ مُحْرِمًا فَإِنَّ الْإِحْرَامَ هُوَ الَّذِي أَثَّرَ فِيهِ فَلِذَا كَانَ فِيهِ الْجَزَاءُ عَلَى الْوَلِيِّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسَبَّبَ فِي إحْرَامِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَهُوَ عَلَى الْوَلِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ خَشِيَ ضَيَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي إدْخَالِهِ الشَّكَّ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَكَذَا إنْ وَجَبَتْ) أَيْ الْفِدْيَةُ لِضَرُورَةٍ أَيْ كَمَا إذَا اسْتَعْمَلَ الطِّيبَ بِقَصْدِ الْمُدَاوَاةِ، أَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْفِدْيَةِ لِلْوَلِيِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ لَزِمَتْهُ لِضَرُورَةٍ، أَوْ لِغَيْرِهَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِضَرُورَةٍ فَهِيَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ تَبَعًا لِبَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ وَنَسَبَهُ بَهْرَامُ لِلْجَوَاهِرِ فَقَدْ رَدَّهُ ح بِأَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ لَمْ يَقُلْ إذَا كَانَتْ لِضَرُورَةٍ فَفِي مَالِ الصَّبِيِّ اُنْظُرْ بْن. [شُرُوط وُجُوب الْحَجّ] (قَوْلُهُ: كَوُقُوعِهِ فَرْضًا) إنْ قُلْت الشَّيْءُ إذَا لَمْ يَجِبْ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا، وَإِذَا وَجَبَ وَقَعَ فَرْضًا فَلِمَ نَصَّ عَلَى قَوْلِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا مَعَ قَوْلِهِ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ الْمُسْتَلْزِمُ لِوُقُوعِهِ فَرْضًا قُلْتُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَقَعَ فَرْضًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَلَا يَقَعَ فَرْضًا كَالْمَنْذُورِ وَكَمَا إذَا نَوَى بِهِ النَّفَلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الشُّرُوعُ فَقَدْ تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُقُوعُ فَرْضًا وَلَمَّا كَانَ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ كَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ وَوُقُوعِهِ مِنْهُ فَرْضًا احْتَاجَ لِلتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا وَكَذَلِكَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَجِبْ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا أَلَا تَرَى الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْجُمُعَةُ، وَإِذَا صَلَّيَاهَا وَنَوَيَا بِهَا الْفَرْضَ وَقَعَتْ فَرْضًا فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالصَّبِيَّ إذَا فَعَلَاهُ يَقَعُ فَرْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ فَرْضًا) أَيْ وَإِنَّمَا يَقَعُ مِنْهُمْ نَفْلًا وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَوَوْهُ أَيْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ لَكِنْ لَوْ صَلَّوْهَا وَنَوَوْا بِهَا الْفَرْضَ وَقَعَتْ مِنْهُمْ فَرْضًا. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْوُقُوعِ) أَيْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا أَنَّ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ كَذَلِكَ، وَفِي جَعْلِهِ وَقْتَ إحْرَامِهِ قَيْدًا لِوُقُوعِهِ أَيْضًا نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ فَرْضًا فِي غَيْرِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ " وَقْتَ إحْرَامِهِ " ظَرْفًا لِحُرِّيَّةٍ وَتَكْلِيفٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا شَرْطَانِ لِوُقُوعِهِ فَرْضًا وَالْمَعْنَى شَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ وَلَيْسَ ظَرْفًا لَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا شَرْطَانِ لِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى شَرْطُ وُجُوبِهِ حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَّصِفِ بِالْحُرِّيَّةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ وَالتَّكْلِيفِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ وَقْتَ إحْرَامٍ) أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاتِّصَافِ بِهِمَا وَقْتَ الْإِحْرَامِ بَلْ مَتَى اتَّصَفَ الشَّخْصُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ وَالِاسْتِطَاعَةِ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ اتِّصَافُهُ بِمَا ذُكِرَ وَقْتَ الْإِحْرَامِ أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ فَرْضًا) أَيْ وَإِنَّمَا يَقَعُ نَفْلًا وَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا إذَا عَتَقَ، أَوْ بَلَغَ، أَوْ أَفَاقَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْتَفِضُ إلَخْ) أَيْ لَوْ رَفَضَ ذَلِكَ الْإِحْرَامَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ وَأَحْرَمَ بَعْدَ الرَّفْضِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ كَانَ إحْرَامُهُ الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُرْتَفَضْ. (قَوْلُهُ: أَيْ إحْرَامٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالشَّرْطُ غَيْرُ مَوْجُودٍ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ وَهُوَ وَقْتٌ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْعَمَلِ فِي الْحَالِ وَلَا جُزْءٌ وَلَا كَجُزْءٍ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُ حَالًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْهَاءُ لَا " إحْرَامٍ " أَيْ غَيْرُ مُلَابِسٍ لِلنَّفْلِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَمَلُ الْمُضَافِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مَصْدَرٌ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ وَقْتَ الْإِحْرَام كَالْجُزْءِ مِنْهُ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ وَعَدَمِ انْفِكَاكِهِ عَنْهُ كَمُلَازَمَةِ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْصَرِفُ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَقَعَ نَفْلًا) أَيْ وَلَا يَقَعُ فَرْضًا وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ يَقَعُ فَرْضًا وَلَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَيُكْرَهُ تَقَدُّمُ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى التَّرَاخِي أَمَّا عَلَى الْفَوْرِيَّةِ فَتَقْدِيمُ النَّفْلِ أَوْ النَّذْرِ عَلَى الْفَرْضِ حَرَامٌ. (قَوْلُهُ: لَوَقَعُ فَرْضًا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ كَانَ مُسْتَطِيعًا فَمَا أَحْرَمَ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِ قَالَهُ سَنَدٌ. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلَانِ) أَيْ الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ وَالِاسْتِطَاعَةُ فَشُرُوطُ -.

وَفَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِقَوْلِهِ (بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) إمْكَانًا عَادِيًّا (بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ) بِأَنْ خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّخْصِ (وَأَمْنٍ) أَيْ وَبِأَمْنٍ (عَلَى نَفْسٍ) مِنْ هَلَاكٍ، أَوْ أَسْرٍ (وَ) عَلَى (مَالٍ) مِنْ مُحَارِبٍ وَغَاصِبٍ لَا سَارِقٍ (إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ) كَعَشَّارٍ (مَا قَلَّ) بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ لَا يُجْحَفُ بِهِ (لَا يَنْكُثُ) صِفَةٌ لِظَالِمٍ أَيْ لَا يَعُودُ لِلْأَخْذِ ثَانِيًا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ، أَوْ جَهِلَ أَمْرَهُ سَقَطَ الْحَجُّ بِاتِّفَاقِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ أَيْ رَاجِعٌ لِمَا أَفْهَمَهُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِ الْحَجِّ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ فَلَا يَسْقُطُ الْحَجُّ عَلَى الْأَظْهَرِ لَا إلَى قَيْدِ عَدَمِ النَّكْثِ لِمَا عَلِمْت مِنْ سُقُوطِهِ مَعَ النَّكْثِ اتِّفَاقًا (وَلَوْ بِلَا زَادٍ وَرَاحِلَةٍ لِذِي صَنْعَةٍ تَقُومُ بِهِ) لَا تُزْرِي بِهِ وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ بِلَا زَادٍ (وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَرَاحِلَةٍ " فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (كَأَعْمَى بِقَائِدٍ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ (وإلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ بِلَا زَادٍ وَلَا رَاحِلَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُوبِهِ فَقَطْ ثَلَاثَةٌ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ وَاحِدٌ وَشَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا ثَلَاثَةٌ وَكُلُّهَا مَعْلُومَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ إلَخْ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ لِلتَّصْوِيرِ. (قَوْلُهُ: إمْكَانًا عَادِيًّا) أَيْ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْوُصُولِ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا لَا طَائِرًا، أَوْ بِخُطْوَةٍ لِأَنَّهُ إمْكَانٌ غَيْرُ عَادِيٍّ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ بِذَلِكَ لَكِنْ إنْ وَقَعَ أَجْزَأَ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَشَقَّةٌ أَصْلًا، أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ مَشَقَّةٌ غَيْرُ عَظِيمَةٍ؛ فَمُطْلَقُ الْمَشَقَّةِ لَا يَشْتَرِطُ عَدَمَهَا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ لَا يَخْلُو عَنْهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْوُصُولِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَالْمَشَقَّةُ الْعَظِيمَةُ هِيَ الْخَارِجَةُ عَنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّخْصِ وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، وَفِي ح التَّشْنِيعُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ سُقُوطَ الْحَجِّ عَنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ إعَانَةُ غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ قَبْلَ سَفَرِهِ بِمَا لَا يَكْفِيهِ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ مَعْصِيَةٌ. (تَنْبِيهٌ) مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ سُلْطَانٌ يَخْشَى مِنْ سَفَرِهِ الْعَدُوَّ، أَوْ اخْتِلَالَ الرَّعِيَّةِ، أَوْ ضَرَرًا عَظِيمًا يَلْحَقُهُ بِعَزْلِهِ مَثَلًا لَا مُجَرَّدَ الْعَزْلِ فِيمَا يَظْهَرُ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَأَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: مِنْ هَلَاكٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ سِبَاعٍ. (قَوْلُهُ: لَا سَارِقٍ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى الْمَالِ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَالتَّحَرُّزُ مِنْهُ بِالْحِرَاسَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَمَالٍ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى الْمَالِ سَقَطَ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ - لَا يَنْكُثُ - مَا قَلَّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآخَرُ سُقُوطُهُ بِأَخْذِ الظَّالِمِ مَا قَلَّ وَلَوْ لَمْ يَنْكُثْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّالِمَ إنْ أَخَذَ كَثِيرًا - كَانَ يَنْكُثُ، أَوْ لَا -، أَوْ أَخَذَ قَلِيلًا - وَكَانَ يَنْكُثُ - كَانَ أَخْذُهُ مُسْقِطًا لِلْحَجِّ اتِّفَاقًا وَأَمَّا إنْ أَخَذَ قَلِيلًا وَكَانَ لَا يَنْكُثُ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ قَدْ عَلِمْتهمَا وَقَوْلُهُ: إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَخْذُ أُجْرَةٍ لِمَنْ يَدُلُّ عَلَى الطَّرِيقِ وَدَفْعُهَا وَاجِبٌ عَلَى الْحُجَّاجِ إنْ تَوَقَّفَ سَفَرُهُمْ عَلَى دَلِيلٍ وَتُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ عَلَى الرُّءُوسِ وَلَا يُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْأَمْتِعَةِ وَلَا قِلَّتُهَا وَكَذَا يَجِبُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ لِلْجُنْدِ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ السَّيْرُ بِدُونِهِمْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ لَا يُجْحِفُ بِهِمْ وَأَنْ يَذْهَبَ الْجُنْدُ، أَوْ خَدَمُهُمْ مَعَهُمْ، وَإِلَّا كَانَ أَخْذًا عَلَى الْجَاهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ مُحَافَظَتِهِمْ عَلَى الْحُجَّاجِ، وَإِلَّا كَانُوا ظَلَمَةً اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا قَلَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ) أَيْ لَوْ كَانَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَعُودُ) أَيْ عُلِمَ مِنْهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ) أَيْ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ كَثِيرًا، أَوْ شُكَّ فِيمَا يَأْخُذُهُ هَلْ هُوَ قَلِيلٌ، أَوْ كَثِيرٌ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ سُقُوطُ الْحَجِّ إذَا كَانَ يَنْكُثُ وَلَوْ كَانَ مَجْمُوعُ مَا يَأْخُذُهُ لَا يُجْحِفُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الظَّالِمِ مِنْهُ مِرَارًا فِيهِ حِطَّةٌ وَإِذْلَالٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ أَمْرَهُ) أَيْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ يَنْكُثُ، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: لِمَا عَلِمْت مِنْ سُقُوطِهِ مَعَ النَّكْثِ اتِّفَاقًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِ لَا يَنْكُثُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَلَوْ جُعِلَ قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعًا لِقَيْدِ عَدَمِ النَّكْثِ لَاقْتَضَى أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ بِأَخْذِ الظَّالِمِ مَا قَلَّ وَلَوْ نَكَثَ وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا زَادٍ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ زَادٍ مَعَهُ وَمِنْ غَيْرِ رَاحِلَةٍ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى سَحْنُونٍ " وَمِنْ " عَلَى الْقَائِلِ بِاشْتِرَاطِ مُصَاحَبَةِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ. (قَوْلُهُ: وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) ظَاهِرُهُ كَاللَّخْمِيِّ وَلَوْ كَانَ الْمَشْيُ غَيْرَ مُعْتَادٍ لَهُ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْبَاجِيِّ اعْتِيَادَهُ لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ لَهُ وَيُزْرِي بِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا قِيَاسًا عَلَى ازْدِرَاءِ الصَّنْعَةِ بِهِ. (قَوْلُهُ: كَأَعْمَى بِقَائِدٍ) أَيْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَالْحَالُ أَنَّ لَهُ مَالًا يُوصِلُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَلَوْ كَانَ يَتَكَفَّفُ أَيْ يَسْأَلُ النَّاسَ الْكَفَافَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ وَجَدَهَا وَلَا تُجْحِفُ وَقَوْلُهُ: كَأَعْمَى أَيْ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهَا وَلَوْ قَدَرَتْ عَلَى الْمَشْيِ مَعَ قَائِدٍ بَلْ يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إلَخْ) لَوْ قَالَ: -

وَلَا وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا (اُعْتُبِرَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ) فِي جَانِبِ السُّقُوطِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الزَّادِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَمِنْ الرَّاحِلَةِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا، فَأَيُّهُمَا عَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا، وَإِذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ وَجَبَ الْحَجُّ (وَإِنْ) كَانَ إمْكَانُهُ (بِثَمَنِ وَلَدِ زِنًا) مِنْ أَمَةٍ (أَوْ) كَانَ بِثَمَنِ (مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ) مِنْ مَاشِيَةٍ وَعَقَارٍ وَكُتُبِ عِلْمٍ وَنَحْوِهَا (أَوْ) كَانَ (بِافْتِقَارِهِ) أَيْ مَعَ صَيْرُورَتِهِ فَقِيرًا بَعْدَ الْحَجِّ (أَوْ تَرْكِ وَلَدِهِ) وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (لِلصَّدَقَةِ) عَلَيْهِمْ مِنْ النَّاسِ (إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا) أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَهُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ. (لَا) يَجِبُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَةٍ (بِدَيْنٍ) وَلَوْ مِنْ وَلَدِهِ إذَا لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ (أَوْ عَطِيَّةٍ) مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ سُؤَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا سَقَطَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ. قَوْلُهُ: (وَلَا وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا) أَيْ مِنْ الصَّنْعَةِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الْمَشْيِ. (قَوْلُهُ: فَأَيُّهُمَا عَجَزَ عَنْهُ إلَخْ) فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الزَّادِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الصَّنْعَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَجُّ وَلَوْ وَجَدَ الرَّاحِلَةَ، أَوْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ وَكَذَا إذَا عَدِمَ الرَّاحِلَةَ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَشْيِ سَقَطَ عَنْهُ وَلَوْ وَجَدَ الزَّادَ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الصَّنْعَةِ وَأَوْلَى إذَا عَجَزَ عَنْ الزَّادِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَعَنْ الرَّاحِلَةِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَقَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا أَيْ انْفِرَادًا أَوْ اجْتِمَاعًا، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي جَانِبِ السُّقُوطِ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا لِأَنَّ مَا كَانَ وُجُودُهُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ كَانَ فَقْدُهُ مَانِعًا مِنْ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِنًا) مُرْتَبِطٌ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ حَلُّ الشَّارِحِ قَالَ ح ثَمَنُ وَلَدِ الزِّنَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَإِثْمُ وَلَدِ الزِّنَا عَلَى أَبَوَيْهِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ كَوْنَهُ نَاشِئًا عَنْ الزِّنَا مَانِعٌ مِنْ الْحَجِّ بِثَمَنِهِ وَلِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ لَا يَحُجَّ بِهِ مَنْ يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ لَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ خُشُونَةَ هَذَا اللَّفْظِ فِي مِثْلِ الْحَجِّ كَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ) فِيهِ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ، أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ غَيْرِ وَلَدِ الزِّنَا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ عَطْفٌ مُغَايِرٌ عَلَى أَنَّ الدَّمَامِينِيَّ أَجَازَ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَكْسَهُ بِأَوْ خِلَافًا لِابْنِ مَالِكٍ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ بِافْتِقَارِهِ) أَيْ أَوْ كَانَ إمْكَانُ الْوُصُولِ مُصَاحِبًا أَوْ مُلْتَبِسًا بِافْتِقَارِهِ أَيْ بِصَيْرُورَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقِيرًا، أَوْ تَرْكِ وَلَدِهِ لِلصَّدَقَةِ فَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ أَوْ الْمُلَابَسَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يُوصِلُهُ فَقَطْ وَلَا يُرَاعِي مَا يَئُولُ أَمْرُهُ وَأَمْرُ أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فَلَا إشْكَالَ فِي تَبْدِيَةِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَالْأَبَوَيْنِ عَلَى الْحَجِّ وَمِثْلُ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي وَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا الْحَجُّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ وَلَوْ خَشِيَ التَّطْلِيقَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ رِيَالَاتٍ إذَا تَرَكَهَا لِلزَّوْجَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحَجِّ، وَإِنْ حَجَّ بِهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ مَا لَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ مُفَارَقَتِهَا الزِّنَا بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا قَوْلُهُ: أَوْ بِافْتِقَارِهِ، أَوْ تَرْكِ وَلَدِهِ لِلصَّدَقَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَبَوَيْهِ. إنْ قِيلَ لِمَ قَيَّدُوا هُنَا بِأَنْ لَا يَخْشَى هَلَاكًا عَلَيْهِمْ وَقَالُوا فِي الْفَلَسِ يُؤْخَذُ مَالُهُ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ وَلَا لِأَوْلَادِهِ إلَّا مَا يَعِيشُونَ بِهِ الْأَيَّامَ، وَإِنْ خَشِيَ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ وَالْهَلَاكَ. قُلْتُ: إنَّ الْمَالَ فِي الْفَلَسِ مَالُ الْغُرَمَاءِ وَالْغُرَمَاءُ لَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ إلَّا الْمُوَاسَاةُ كَبَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْحَجِّ الْمَالُ مَالُهُ وَهُوَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ مِنْ مَالِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ التَّكَسُّبُ وَجَمْعُ الْمَالِ لِأَجْلِ أَنْ يُحَصِّلَ مَا يَحُجُّ بِهِ وَلَا أَنْ يَجْمَعَ مَا فَضَلَ مِنْ كَسْبِهِ مَثَلًا كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَصِيرَ مُسْتَطِيعًا بَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَالْمُعْتَبَرُ الِاسْتِطَاعَةُ الْحَالِيَّةُ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَةٍ بِدَيْنٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِدَيْنٍ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ بِغَيْرِ دَيْنٍ وَلَا يَجِبُ بِاسْتِطَاعَةٍ بِدَيْنٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَسْتَدِينَ مَالًا فِي ذِمَّتِهِ لِيَحُجَّ بِهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، أَوْ حَرَامٌ كَمَا فِي ح قَالَ تت وَظَاهِرُهُ كَانَتْ لَهُ جِهَةٌ وَفَّى مِنْهَا ذَلِكَ الدَّيْنَ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ فِي الثَّانِي وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ قَالَ طفى وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّشْهِيرِ فِي عُهْدَتِهِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ قِيلَ فِي الشَّامِلِ بِكَوْنِ الدَّيْنِ لَا يُرْجَى وَفَاؤُهُ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَقْضِيهِ بِهِ وَلَا جِهَةَ لَهُ يُوَفِّي مِنْهَا، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِهِ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَتَبِعَهُ عج وَشَارِحُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَطِيَّةٍ) أَيْ.

(أَوْ سُؤَالٍ مُطْلَقًا) كَانَ عَادَتُهُ السُّؤَالَ أَمْ لَا، كَانَتْ الْعَادَةُ الْإِعْطَاءَ أَمْ لَا لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ مَنْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ بِالْحَضَرِ وَعَلِمَ، أَوْ ظَنَّ الْإِعْطَاءَ بِالسَّفَرِ مَا يَكْفِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَلَوْ بِالسُّؤَالِ أَوْ الْمَشْيِ (وَاعْتُبِرَ) فِي الِاسْتِطَاعَةِ زِيَادَةً عَلَى إمْكَانِ الْوُصُولِ وُجُودُ (مَا يُرَدُّ بِهِ) مِنْ الْمَالِ إلَى أَقْرَبِ مَكَان يُمْكِنُ فِيهِ التَّمَعُّشُ بِمَا لَا يُزْرِي بِهِ مِنْ الْحِرَفِ (إنْ خَشِيَ) بِبَقَائِهِ بِمَكَّةَ (ضَيَاعًا) . (وَالْبَحْرُ) فِي وُجُوبِ رُكُوبِهِ - إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا -، وَجَوَازِهِ إنْ كَانَ لَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ (كَالْبَرِّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ) فِي نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَمِثْلُ غَلَبَةِ الْعَطَبِ اسْتِوَاءُ الْعَطَبِ وَالسَّلَامَةِ أَيْ فَلَا يَجِبُ إلَّا إذَا غَلَبَتْ السَّلَامَةُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ " وَأَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ " فَلَوْ حَذَفَ الِاسْتِثْنَاءَ هُنَا مُلَاحِظًا فِيهِ الْأَمْنَ كَمَا تَقَدَّمَ كَانَ أَحْسَنَ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُضَيِّعَ رُكْنَ صَلَاةٍ لِكَمَيْدٍ) أَيْ دَوْخَةٍ وَكَضِيقِ مَكَان لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ مَعَهُ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ وَمِثْلُ رُكْنِهَا الْإِخْلَالُ بِشَرْطِهَا كَنَجَاسَةٍ، وَإِخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِهَا. (وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ وَسُنَّةِ الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَالْفَوْرِيَّةِ وَالتَّرَاخِي وَشُرُوطِ الصِّحَّةِ وَالْوُجُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أُمُورًا بِقَوْلِهِ (إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ) فَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ عَطِيَّةٍ تُوصِلُهُ لِمِلْكِهِ فَإِذَا أُعْطِيَ مَالًا عَلَى جِهَةِ الصَّدَقَةِ، أَوْ الْهِبَةِ يُمْكِنُهُ بِهِ الْوُصُولُ إلَى مَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَيَحُجَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ سَاقِطٌ كَذَا حَلُّ ح فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سُؤَالٍ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالٌ مُطْلَقًا أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ وَيَسْأَلَ النَّاسَ مَا يَقْتَاتُ بِهِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ) وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى هَذَا حَيْثُ قَالَ: وَقُدْرَةُ سَائِلٍ بِالْحَضَرِ عَلَى سُؤَالِ كِفَايَتِهِ بِالسَّفَرِ اسْتِطَاعَةٌ، وَقَوَّاهُ طفى وَرَجَّحَهُ عج فَخِلَافُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ بِالْحَضَرِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا فَقِيرٌ غَيْرُ سَائِلٍ بِالْحَضَرِ وَقَادِرٌ عَلَى سُؤَالِ كِفَايَتِهِ بِالسَّفَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، وَفِي إبَاحَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ رِوَايَتَانِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: إلَى أَقْرَبِ مَكَان) أَيْ لِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ: إنْ خَشِيَ شَرْطٌ فِي اعْتِبَارِ مَا يُرَدُّ بِهِ إلَى أَقْرَبِ الْأَمْكِنَةِ لِمَكَّةَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيَاعَ فِي إقَامَتِهِ بِمَكَّةَ لِإِمْكَانِ تَمَعُّشِهِ فِيهَا بِمَا لَا يُزْرِي فَالْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ وُجُودِ مَا يُوصِلُهُ إلَيْهَا مِنْ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَجِبُ الْحَجُّ بَحْرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: 27] وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَحْرَ وَرُدَّ بِأَنَّ الِانْتِهَاءَ إلَى مَكَّةَ لَا يَكُونُ إلَّا بَرًّا لِبُعْدِ الْبَحْرِ مِنْهَا وَتَمَسَّكَ هَذَا الْقَائِلُ أَيْضًا بِالْحَجْرِ عَلَى رَاكِبِ الْبَحْرِ وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ وَالْكَلَامُ عِنْدَ الْأَمْنِ اهـ مج. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عَطَبُهُ بِغَرَقِ السَّفِينَةِ أَيْ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَطَبُهُ فَلَا يَكُونُ كَالْبَرِّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ رُكُوبُهُ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا فِي ح وَأَمَّا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا جُزِمَ بِسَلَامَةِ السَّفِينَةِ أَوْ ظُنَّتْ سَلَامَتُهَا، أَوْ شُكَّ فِي سَلَامَتِهَا مِنْ الْعَطَبِ وَعَدَمِ سَلَامَتِهَا يَكُونُ الْبَحْرُ كَالْبَرِّ فِي وُجُوبِ رُكُوبِهِ لِمَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ، وَجَوَازُهُ بِأَنَّ لَهُ عَنْهُ مَنْدُوحَةً هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ) يَعْنِي أَنَّ غَلَبَةَ الْعَطَبِ تَكُونُ بِأُمُورٍ مِنْهَا رُكُوبُهُ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ وَعِنْدَ هَيَجَانِهِ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ - أَيْ فِي مَعْرِفَةِ الْأُمُورِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا ذَلِكَ، أَيْ غَلَبَةُ الْعَطَبِ - لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ غَلَبَةِ الْعَطَبِ) أَيْ فِي كَوْنِ الْبَحْرِ لَا يَجُوزُ رُكُوبُهُ وَلَا يَكُونُ كَالْبَرِّ اسْتِوَاءُ الْعَطَبِ وَالسَّلَامَةِ أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّسَاوِي يَكُونُ كَالْبَرِّ فَيَجِبُ رُكُوبُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا، وَإِلَّا جَازَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبَحْرَ لَمَّا كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ أَمْنُهُ بِوَجْهٍ كَانَ الْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءَ غَلَبَةِ عَطَبِهِ فَلِذَا بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ وَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: مُلَاحِظًا فِيهِ) أَيْ فِي التَّشْبِيهِ الْأَمْنَ وَالْمَعْنَى وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ الَّذِي يُؤْمَنُ فِيهِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُضَيِّعَ رُكْنَ صَلَاةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " يَغْلِبَ عَطَبُهُ " أَيْ فَإِنْ غَلَبَ عَطَبُهُ، أَوْ كَانَ رُكُوبُهُ يُؤَدِّي لِتَضْيِيعِ رُكْنِ صَلَاةٍ فَلَا يَجُوزُ رُكُوبُهُ وَلَا يَكُونُ كَالْبَرِّ. (قَوْلُهُ: لِكَمَيْدٍ) فِي ح عَنْ ابْنِ الْمُعَلَّى وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ حُصُولَ الْمَيْدِ حَرُمَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهُ جَازَ، وَإِنْ شَكَّ كُرِهَ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ " رُكْنَ صَلَاةٍ " يَشْمَلُ الْقِيَامَ فَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِخْلَالِ بِهِ يُمْنَعُ رُكُوبُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِظَاهِرِ اللَّخْمِيِّ وَسَنَدٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ رُكْنِهَا) أَيْ وَمِثْلُ تَضْيِيعِ رُكْنِهَا الْإِخْلَالُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَنَجَاسَةٍ) فِيهِ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ مُقَيَّدٌ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَهُوَ إذْ ذَاكَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى إزَالَتِهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ نُزِّلَ قُدُومُهُ عَلَى السَّفَرِ فِي الْبَحْرِ مَنْزِلَةَ صَلَاتِهِ بِهَا مُتَعَمِّدًا، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ السَّفَرِ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُهَا) عَطْفٌ عَلَى " الْإِخْلَالُ " لَا عَلَى " نَجَاسَةٍ ". (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ لِدُخُولِهَا فِي النَّاسِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] . (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا إذَا أَمْكَنَهَا الْوُصُولُ إمْكَانًا عَادِيًّا مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ وَلَوْ بِلَا زَادٍ وَرَاحِلَةٍ إنْ كَانَ لَهَا صَنْعَةٌ تَقُومُ بِهَا وَقُدْرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَتْ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ وَلَا رَاحِلَةَ لَهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَشْيُ بَلْ.

بِخِلَافِ الْقَرِيبِ مِثْلِ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا مِمَّا لَا يَكُونُ مَسَافَةَ قَصْرٍ (وَ) إلَّا فِي (رُكُوبِ بَحْرٍ) فَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ بَلْ يُكْرَهُ لَهَا (إلَّا أَنْ تَخْتَصَّ بِمَكَانٍ) عَنْ الرِّجَالِ (وَ) إلَّا فِي (زِيَادَةِ مَحْرَمٍ، أَوْ زَوْجٍ لَهَا) فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ (كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ بِفَرْضٍ) عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجِ، أَوْ الْمَحْرَمِ، أَوْ امْتِنَاعِهِمَا أَوْ عَجْزِهِمَا وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً فِي نَفْسِهَا وَشَمِلَ الْفَرْضُ حَجَّ النَّذْرِ وَالْحِنْثِ وَالْخُرُوجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَسْلَمَتْ، أَوْ أُسِرَتْ (وَفِي الِاكْتِفَاءِ) فِي الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ (بِنِسَاءٍ) فَقَطْ (أَوْ رِجَالٍ) فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَجْمُوعُ أَحْرَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُكْرَهُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالرَّجُلِ فِيمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا كَالرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يَكُونُ مَسَافَةَ قَصْرٍ) أَيْ وَالْبَعِيدُ الَّذِي فِيهِ الْكَرَاهَةُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقَرِيبُ مَسَافَةُ عَشَرَةِ مَرَاحِلَ مِثْلُ مَكَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَالْبَعِيدُ الَّذِي فِيهِ الْكَرَاهَةُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَنِسَاءُ الْبَادِيَةِ لَسْنَ كَنِسَاءِ الْحَاضِرَةِ وَنِسَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ فَهِيَ ثَلَاثُ طُرُقٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لَهَا) أَيْ لِمَا تَحْتَاجُهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالنَّوْمِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّتْرِ وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي حَالِ سَفَرِهَا فِي الْبَحْرِ فَلِذَا كُرِهَ سَفَرُهَا فِيهِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا، وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَنْ تَخْتَصَّ بِمَكَانٍ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ كَالرَّجُلِ فِي جَوَازِ سَفَرِهَا فِي الْبَحْرِ وَوُجُوبِهِ، مِثْلُ اخْتِصَاصِهَا بِمَكَانِ اتِّسَاعِ الْمَرْكَبِ بِحَيْثُ لَا تُخَالِطُ الرَّجُلَ عِنْدَ النَّوْمِ وَلَا عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي زِيَادَةِ مَحْرَمٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ " وَزِيَادَةِ مَحْرَمٍ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " بَعِيدِ مَشْيٍ " أَيْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي بَعِيدِ الْمَشْيِ، وَإِلَّا فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ، وَإِلَّا فِي اعْتِبَارِ زِيَادَةِ الْمَحْرَمِ عَلَى مَا مَرَّ اعْتِبَارُهُ فِي تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ عِبَارَةٌ عَنْ إمْكَانِ الْوُصُولِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَجِدَ مَحْرَمًا مِنْ مَحَارِمِهَا يُسَافِرُ مَعَهَا، أَوْ زَوْجًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» وَأَطْلَقَ فِي الْمَحْرَمِ فَيَعُمُّ الْمَحْرَمَ مِنْ النَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ: لِامْرَأَةٍ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْمُتَجَالَّةَ وَالشَّابَّةَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هِيَ وَالْمَحْرَمُ مُتَرَافِقَيْنِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ الرَّكْبِ وَالثَّانِي فِي آخِرِهِ بِحَيْثُ إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ أَمْكَنَهَا الْوُصُولُ بِسُرْعَةٍ كَفَى عَلَى الظَّاهِرِ اهـ عَدَوِيٌّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ الْبُلُوغُ بَلْ يَكْفِي التَّمْيِيزُ وَوُجُودُ الْكِفَايَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ ح وَهَلْ عَبْدُ الْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ مُطْلَقًا نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَا يَتَزَوَّجُهَا فَتُسَافِرُ مَعَهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، أَوْ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ، أَوْ إنْ كَانَ وَغْدًا فَمَحْرَمٌ فَتُسَافِرُ مَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَعَزَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ لِمَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَصَّارِ. (قَوْلُهُ: كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ الْمَفْهُومِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ فِي السَّفِينَةِ فَيَجُوزَ لَهَا فِيهِ، كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُمْ بِفَرْضٍ لَا بِنَفْلٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّفَرَ إذَا كَانَ فَرْضًا جَازَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَ الْمَحْرَمِ وَالزَّوْجِ وَالرُّفْقَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَنْدُوبًا جَازَ لَهَا السَّفَرُ مَعَ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ دُونَ الرُّفْقَةِ فَقَوْلُهُ بِفَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا قُلْنَا لَا بِأُمِنَتْ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ عَلَى تَقْدِيرِ سَفَرِهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ امْتِنَاعِهِمَا) أَيْ رَأْسًا وَأَمَّا لَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ وَالْمَحْرَمُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ السَّفَرُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ وَمَحَلُّ لُزُومِ الْأُجْرَةِ لَهَا إنْ كَانَتْ لَا تُجْحَفُ بِهَا عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ سَفَرِهَا مَعَ الرُّفْقَةِ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً فِي نَفْسِهَا أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ سَفَرُهَا مَعَ الرُّفْقَةِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ الْفَرْضُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " بِفَرْضٍ " شَامِلٌ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلِلْحَجِّ الْمَنْذُورِ كَمَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ فِي عَامِ كَذَا مَثَلًا وَلِلْوَاجِبِ بِالْحِنْثِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ وَفَعَلَتْ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ إنْ عَدِمَتْ الْمَحْرَمَ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا وَكَذَلِكَ يَشْمَلُ الْخُرُوجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَسْلَمَتْ، أَوْ أُسِرَتْ فَيَجُوزُ لَهَا فِي حَالِ الْخُرُوجِ مِنْهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ إنْ عَدِمَتْ الزَّوْجَ وَالْمَحْرَمَ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَإِنْ عَدِمَتْ الرُّفْقَةَ كَمَا عَدِمَتْ الزَّوْجَ وَالْمَحْرَمَ وَكَانَ يَحْصُلُ لَهَا بِكُلٍّ مِنْ إقَامَتِهَا وَخُرُوجِهَا ضَرَرٌ خُيِّرَتْ إنْ تَسَاوَى الضَّرَرَانِ فَإِنْ خِيفَ أَحَدُهُمَا ارْتَكَبَتْهُ.

(أَوْ بِالْمَجْمُوعِ) يَعْنِي، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ (تَرَدُّدٌ) الْأَوْلَى تَأْوِيلَانِ. (وَصَحَّ) الْحَجُّ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا (بِالْحَرَامِ) مِنْ الْمَالِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ (وَعَصَى) إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْعِصْيَانِ (وَفُضِّلَ حَجٌّ) وَلَوْ تَطَوُّعًا (عَلَى غَزْوٍ) مُتَطَوَّعٍ بِهِ، أَوْ فَرْضِ كِفَايَةٍ وَعَلَى صَدَقَةٍ إلَّا فِي سِنِي الْمَسْغَبَةِ فَتَفْضُلُ حَجَّ التَّطَوُّعِ (إلَّا لِخَوْفٍ) فَيُفَضَّلُ الْغَزْوُ عَلَى الْحَجِّ التَّطَوُّعِ (وَ) فُضِّلَ (رُكُوبٌ) فِي الْحَجِّ عَلَى الْمَشْيِ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَ) فُضِّلَ (مُقَتَّبٌ) عَلَى رُكُوبِ الْمَحْمِلِ وَالْمِحَفَّةِ وَالْقَتَبُ رَحْلٌ صَغِيرٌ عَلَى قَدْرِ السَّنَامِ (وَ) فُضِّلَ (تَطَوُّعُ وَلِيِّهِ) أَوْ قَرِيبِهِ مَثَلًا يَعْنِي وَلِيَّ الْمَيِّتِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَيِّتِ، وَكَذَا عَنْ الْحَيِّ (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْحَجِّ (كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ) وَهَدْيٍ وَعِتْقٍ؛ لِأَنَّهَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلِوُصُولِهَا لِلْمَيِّتِ بِلَا خِلَافٍ فَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ غَيْرُ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَمَا ذُكِرَ لَا كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُهُ عَنْهُ بِالْحَجِّ كَمَا يَأْتِي وَأَمَّا بِالْقُرْآنِ فَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَيْ مَثَلًا وَإِهْدَاءَ ثَوَابِهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكْرُوهٌ وَسُئِلَ ابْنُ حَجَرٍ عَمَّنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَقَالَ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْتُهُ زِيَادَةً فِي شَرَفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مُخْتَرَعٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْقُرَّاءِ لَا أَعْلَمُ لَهُمْ فِيهِ سَلَفًا وَنَحْوُهُ لِزَيْنِ الدِّينِ الْكُرْدِيِّ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِ الْوَسِيلَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثِيرٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ عَلَى الْجَوَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ بِالْمَجْمُوعِ) الْمُعْتَمَدُ الِاكْتِفَاءُ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ وَأَحْرَى الْجَمَاعَةُ مِنْ مَجْمُوعِ الْجِنْسَيْنِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ عِيَاضٍ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ هَلْ الْمُرَادُ مَعَ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ وَأَكْثَرُ مَا نَقَلَهُ أَصْحَابُنَا اشْتِرَاطُ النِّسَاءِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ أَنَّهَا ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ مُوَافَقَتَهُ لَقَالَ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ، أَوْ رِجَالٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ النِّسَاءِ يَعْنِي مُنْفَرِدَاتٍ أَوْ مُصَاحِبَاتٍ لِلرَّجُلِ تَأْوِيلَاتٌ اُنْظُرْ ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَعَصَى) قَالَ ح الْحَجُّ الْحَرَامُ لَا ثَوَابَ فِيهِ وَإِنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ السَّيِّئَةَ لَا تُحْبِطُ ثَوَابَ الْحَسَنَةِ بَلْ يُثَابُ عَلَى حَجِّهِ وَيَأْثَمُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْصِيَةِ اهـ كَلَامُهُ، ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَنْ قَاتَلَ عَلَى فَرَسٍ غَصَبَهُ فَلَهُ الشَّهَادَةُ وَعَلَيْهِ الْمَعْصِيَةُ أَيْ لَهُ أَجْرُ شَهَادَتِهِ وَعَلَيْهِ إثْمُ مَعْصِيَتِهِ وَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَصَى مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ كَثَوَابِ فِعْلِهِ بِحَلَالٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الثَّوَابِ عَنْهُ بِالْمَرَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَظَاهِرُ ح اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَفُضِّلَ حَجٌّ عَلَى غَزْوٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَالْغَزْوَ إمَّا فَرْضَانِ، أَوْ مُتَطَوَّعٌ بِهِمَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ فَرْضًا وَالْغَزْوُ تَطَوُّعًا وَإِمَّا عَكْسُهُ فَإِنْ كَانَ الْجِهَادُ مُتَعَيَّنًا بِفَجْأَةِ الْعَدُوِّ أَوْ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ، أَوْ بِكَثْرَةِ الْخَوْفِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الْحَجِّ سَوَاءٌ كَانَ تَطَوُّعًا، أَوْ وَاجِبًا وَحِينَئِذٍ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِفَوْرِيَّةِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ الْجِهَادُ غَيْرَ مُتَعَيَّنٍ كَانَ الْحَجُّ وَلَوْ تَطَوُّعًا أَفْضَلَ مِنْ الْغَزْوِ وَلَوْ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدَّمُ تَطَوُّعُ الْحَجِّ عَلَى تَطَوُّعِ الْغَزْوِ وَهُوَ الْجِهَادُ فِي الْجِهَاتِ الْغَيْرِ الْمُخِيفَةِ وَعَلَى فَرْضِهِ الْكِفَائِيِّ كَالْجِهَادِ فِي الْجِهَاتِ الْمُخِيفَةِ وَيُقَدَّمُ فَرْضُ الْحَجِّ عَلَى تَطَوُّعِ وَفَرْضِ الْغَزْوِ الْكِفَائِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي إنْ خِيفَ الْفَوَاتُ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ يُقَدَّمُ فَرْضُ الْغَزْوِ الْكِفَائِيِّ عَلَى فَرْضِ الْحَجِّ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ ثَمَرَةَ الْأَفْضَلِيَّةِ تَقْدِيمُ الْفَاضِلِ عَلَى الْمَفْضُولِ فِي الْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضِ كِفَايَةٍ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا كَانَ الْغَزْوُ وَاجِبًا عَلَى الْأَعْيَانِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى صَدَقَةٍ) عَطْفٌ عَلَى " غَزْوٍ " أَيْ وَفُضِّلَ حَجٌّ عَلَى صَدَقَةٍ وَالْمُرَادُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا. (قَوْلُهُ: وَرُكُوبٌ) يَعْنِي أَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا عَلَى الْإِبِلِ، أَوْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ مَاشِيًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْمَعْرُوفِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُضَاعَفَةِ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الشُّكْرِ وَكَذَا الْعُمْرَةُ. (قَوْلُهُ: وَفُضِّلَ مُقَتَّبٌ) أَيْ رُكُوبٌ عَلَى قَتَبٍ فَقَدْ حَجَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى قَتَبٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، وَهِيَ كِسَاءٌ مِنْ شَعْرٍ تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا لَا رِيَاءَ فِيهِ وَلَا سُمْعَةَ» . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَقَوْلُهُ: وَلِوُصُولِهَا لِلْمَيِّتِ أَيْ وَلِوُصُولِ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ الْحَيُّ وَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ) أَيْ مَا كَانَ وُقُوعُهُ مِنْ النَّائِبِ بِمَنْزِلَةِ وُقُوعِهِ مِنْ الْمَنُوبِ عَنْهُ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ. (قَوْلُهُ: فَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ وَقَوْلُهُ: وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ أَيْ وَهُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَخْرُجْ الْقِرَاءَةُ مَخْرَجَ الدُّعَاءِ بِأَنْ يَقُولَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ مَا أَقْرَؤُهُ لِفُلَانٍ، وَإِلَّا كَانَ الثَّوَابُ لِفُلَانٍ قَوْلًا وَاحِدًا وَجَازَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ إلَخْ) قَدْ نَقَلَ ح هُنَا مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنْ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ إهْدَاءِ ثَوَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْقُرَبِ قَالَ وَجُلُّهُمْ أَجَابَ بِالْمَنْعِ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ أَثَرٌ وَلَا شَيْءٌ عَمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ.

وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ " وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ " عَنْهُ بِغَيْرِهِ صِحَّةَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ أَخَذَ يَذْكُرُ أَنْوَاعَهُ الْأَرْبَعَةَ وَهِيَ إجَارَةُ ضَمَانٍ مَضْمُونَةٍ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ، أَوْ بِعَيْنِهِ وَبَلَاغٌ، وَجِعَالَةٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ تُعَيَّنَ السَّنَةُ أَمْ لَا فَأَشَارَ إلَى الْمَضْمُونَةِ بِقَوْلِهِ (وَ) فُضِّلَتْ (إجَارَةُ ضَمَانٍ) وَهِيَ الْإِجَارَةُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ نَحْوُ مَنْ يَأْخُذُ كَذَا فِي حَجَّةٍ وَحِينَئِذٍ يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ إنْ شَاءَ، أَوْ فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ كَ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى أَنْ تَحُجَّ أَنْت عَنِّي بِكَذَا وَسَوَاءٌ عَيَّنَ السَّنَةَ، أَوْ أَطْلَقَ (عَلَى بَلَاغٍ) بِقِسْمَيْهَا أَيْ عَيَّنَ الْعَامَ أَمْ لَا وَهِيَ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا بِالْمَعْرُوفِ كَمَا يَأْتِي وَمَعْنَى كَوْنِ إجَارَةِ الضَّمَانِ أَفْضَلَ مِنْ الْبَلَاغِ أَنَّهَا أَوْلَى لِكَوْنِهَا أَحْوَطَ لِوُجُوبِ مُحَاسَبَةِ الْأَجِيرِ إذَا لَمْ يُتِمَّ لِمَانِعٍ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ صَدٍّ، أَوْ مَرَضٍ وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ إذَا عُجِّلَتْ لَهُ فَإِذَا ضَاعَتْ مِنْهُ لَزِمَتْهُ بِخِلَافِ الْبَلَاغِ، وَإِلَّا فَهُمَا مَكْرُوهَتَانِ (فَالْمَضْمُونَةُ) فِي الْحَجِّ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْمَضْمُونَةِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ فِي اللُّزُومِ وَفِي الصِّفَةِ وَهُوَ كَوْنُ الْعَقْدِ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ الْأَجِيرُ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ وَفِي عَدَمِ جَوَازِ شَرْطِ التَّعْجِيلِ - إذَا تَعَلَّقَتْ بِمُعَيَّنٍ وَتَأَخَّرَ شُرُوعُهُ -، وَجَوَازِ التَّقْدِيمِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ بِسِنِينَ وَيَحْتَمِلُ كَغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ، وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ أَيْ فَالْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ كَغَيْرِ الْمَضْمُونِ وَهُوَ الْبَلَاغُ وَالْجُعْلُ فِي الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَرَاهَةِ (وَتَعَيَّنَتْ) إجَارَةُ الضَّمَانِ عَلَى الْوَصِيِّ (فِي الْإِطْلَاقِ) مِنْ الْمُوصِي كَأَنْ يَقُولَ حُجُّوا عَنِّي وَلَمْ يُبَيِّنْ ضَمَانًا وَلَا بَلَاغًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ السَّلَفِ اُنْظُرْهُ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ ذِكْرِي بِحَدِيثِ ابْنِ عُجْرَةَ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَغَيْرِهَا «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْك فَكَمْ أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ مَا شِئْتَ قُلْتُ الرُّبُعَ قَالَ مَا شِئْت، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَك قُلْت النِّصْفَ قَالَ مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَك قَالَ أَجْعَلُ صَلَاتِي كُلَّهَا لَكَ قَالَ يَذْهَبْ هَمُّكَ وَيُغْفَرْ ذَنْبُكَ» اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِانْدِرَاجُ فِي عُمُومِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَطَوُّعَ الْوَلِيِّ عَنْهُ بِغَيْرِ الْحَجِّ صَادِقٌ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ عَنْهُ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: مَضْمُونَةٌ) أَيْ مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ كَأَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ لِشَخْصٍ اسْتَأْجِرْ مَنْ يَحُجُّ عَنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَالْقَصْدُ تَحْصِيلُ الْحَجِّ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَجِيرِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ ذَلِكَ الْأَجِيرُ شَخْصًا يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَيْنِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ لِشَخْصٍ أَسْتَأْجِرُك عَلَى أَنْ تَحُجَّ أَنْتَ بِذَاتِك عَنْ فُلَانٍ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: وَبَلَاغٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " إجَارَةٌ " وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْوَلِيِّ لِشَخْصٍ حُجَّ عَنْ فُلَانٍ وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك بَدْءًا وَعَوْدًا وَتُسَمَّى هَذِهِ بَلَاغًا مَالِيًّا. (قَوْلُهُ: وَجِعَالَةٌ) أَيْ وَتُسَمَّى بَلَاغًا عَمَلِيًّا كَإِنْ حَجَجْت عَنْ فُلَانٍ أَعْطَيْتُك كَذَا. (قَوْلُهُ: وَفِي كُلٍّ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَأَقْسَامُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ تَرْجِعُ لِثَمَانِيَةٍ. (قَوْلُهُ: فَأَشَارَ إلَى الْمَضْمُونَةِ) أَيْ بِقِسْمَيْهَا وَهِيَ الْمَضْمُونَةُ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ وَالْمَضْمُونَةُ بِعَيْنِهِ سَوَاءٌ عَيَّنَ الْعَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَفُضِّلَتْ إجَارَةُ ضَمَانٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ وَمُتَعَلِّقَةً بِهَا، أَوْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِعَيْنِ الْأَجِيرِ سَوَاءٌ عَيَّنَ الْعَامَ فِيهِمَا، أَوْ لَا، وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ عَاشِرٍ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ إجَارَةِ الضَّمَانِ عَلَى الْبَلَاغِ بِأَنَّ الْمُوصِيَ إذَا عَيَّنَ أَحَدَهُمَا وَجَبَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ تَعَيَّنَ الضَّمَانُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ فَمَا مَحَلُّ التَّفْضِيلِ قُلْت مَحَلُّهُ إذَا أَرَادَ الْمُوصِي أَنْ يُعَيِّنَ فَيَنْبَغِي لَهُ إجَارَةُ الضَّمَانِ وَكَذَا إذَا أَرَادَ الْحَيُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَنْ نَفْسِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى كَوْنِ إجَارَةِ الضَّمَانِ أَفْضَلَ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْحَجِّ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ مَكْرُوهَةٌ، وَالْمَكْرُوهُ لَا أَفْضَلِيَّةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا أَحْوَطَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ مُحَاسَبَةِ الْأَخِيرِ إلَخْ) أَيْ فِيهَا وَالْمَصْدَرُ هُنَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ لِوُجُوبِ مُحَاسَبَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجِيرَ فِيهَا بِحَسَبِ مَا سَارَ مِنْ الطَّرِيقِ مَعَ مُرَاعَاةِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا ضَاعَتْ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَزِمَتْهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَلَاغِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِلْمُحَاسَبَةِ إذَا لَمْ يَتِمَّ لِمَانِعٍ كَمَوْتٍ، أَوْ صَدٍّ بَلْ مَا أَنْفَقَهُ فَازَ بِهِ وَمَا عُجِّلَ لِلْأَجِيرِ مِنْ النَّفَقَةِ إذَا ضَاعَ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ مِنْهُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُمَا مَكْرُوهَتَانِ) أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ مَعْنَى أَفْضَلِيَّةِ الضَّمَانِ عَلَى الْبَلَاغِ مَا ذُكِرَ بَلْ قُلْنَا: إنَّ مَعْنَى أَفْضَلِيَّتِهِ مِنْهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ ثَوَابًا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ وَلَا ثَوَابَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: شَرْطِ التَّعْجِيلِ) أَيْ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ: إذَا تَعَلَّقَتْ بِمُعَيَّنٍ فَإِذَا تَعَلَّقَتْ بِمُعَيَّنٍ كَهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَيَمْتَنِعُ شَرْطُ تَعْجِيلِ تِلْكَ الْأُجْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ إذَا تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ فِي الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: وَتَأَخَّرَ شُرُوعُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَأَخَّرَ شُرُوعُهُ وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ إذَا حَصَلَ الشُّرُوعُ فِي الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: وَجَوَازِ التَّقْدِيمِ) أَيْ تَقْدِيمِ الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَلَّقَتْ أَيْ الْإِجَارَةُ وَقَوْلُهُ: بِالذِّمَّةِ أَيْ بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَالْإِجَارَةِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لَمْ تُعَيَّنْ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ كَغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ) فِي الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي إجَارَةِ الْبَلَاغِ قَدْ عُلِمَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ وَلَا يُقَالُ إنَّ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ إحَالَةً عَلَى مَجْهُولٍ لِتَقَرُّرِ أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ فِي غَيْرِ الْحَجِّ فِي الْأَذْهَانِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَتْ إجَارَةُ الضَّمَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ أَوْ بِعَيْنِهِ -.

فَلَا يَسْتَأْجِرُ النَّاظِرُ بَلَاغًا؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالْمَالِ (كَمِيقَاتِ) بَلَدِ (الْمَيِّتِ) وَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (وَلَهُ) أَيْ لِأَجِيرِ الضَّمَانِ مِنْ الْأُجْرَةِ (بِالْحِسَابِ) فِيمَا سَارَ وَفِيمَا بَقِيَ فَيُعْطَى بِقَدْرِ مَا سَارَ بِحَسَبِ صُعُوبَةِ الْمَسَافَةِ وَسُهُولَتِهَا وَأَمْنِهَا وَخَوْفِهَا (إنْ مَاتَ) أَثْنَاءَ سَفَرِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ (وَلَوْ) مَاتَ (بِمَكَّةَ) وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِهِ، أَوْ بِذِمَّتِهِ وَأَبَى الْوَارِثُ مِنْ الْإِتْمَامِ وَأَمَّا الْأَجِيرُ فِي الْبَلَاغِ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا أَنْفَقَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْجِعَالَةِ وَعَطَفَ عَلَى مَاتَ قَوْلَهُ (أَوْ صُدَّ) بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ (وَ) لَهُ فِي الصَّدِّ (الْبَقَاءُ) عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ (لِقَابِلٍ) إنْ كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَيْ فَالْخِيَارُ لَهُ دُونَ مُسْتَأْجِرِهِ وَهَذَا إنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ لِزَوَالِ الصَّدِّ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ فَإِنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْفَسْخَ مِنْهُمَا فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْبَقَاءِ كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي الصَّدِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَوْ بَعْدَهُ (وَاسْتُؤْجِرَ) إذَا لَمْ يَبْقَ الْأَجِيرُ لِقَابِلٍ فِي الصَّدِّ وَكَذَا إنْ مَاتَ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ وَكَذَا الْبَلَاغُ (مِنْ الِانْتِهَاءِ) فِي الْمَسَافَةِ لَا الْعَمَلِ فَيَبْتَدِئُ الثَّانِي الْعَمَلَ وَلَا يُكْمِلُ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ عَمَلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فِي الْعَامِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَحَصَلَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْوُقُوفِ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ فِيمَا بَقِيَ وَرَدَّ حِصَّتَهُ فَمَحَلُّ الِاسْتِئْجَارِ حَيْثُ أَمْكَنَ فِعْلُ الْحَجِّ وَلَوْ فِي ثَانِي عَامٍ لَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يُمْكِنْ إعَادَتُهُ فِي عَامِهِ فَلَا اسْتِئْجَارَ. (وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ (اشْتِرَاطٌ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ) ، أَوْ قِرَانٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَجِيرِ وَهَذَا إذَا تَمَتَّعَ، أَوْ قَرَنَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَهْلِ الْحَاصِلِ فِي الْأُجْرَةِ لِلْجَهْلِ بِثَمَنِ الْهَدْيِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (فَلَا يَسْتَأْجِرُ النَّاظِرُ) أَيْ عَلَى تَرِكَةِ الْمُوصِي وَهُوَ الْوَصِيُّ وَقَوْلُهُ بَلَاغًا أَيْ لَا مَالِيًّا وَلَا عَمَلِيًّا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالْمَالِ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْبَلَاغِ الْمَالِيِّ دُونَ الْعَمَلِيِّ فَإِنْ خَالَفَ الْوَصِيُّ وَأَجَّرَ بَلَاغًا كَفَى فَإِنْ سَمَّى الْمُوصِي ضَمَانًا وَلَمْ يُعَيِّنْ ضَمَانَ ذِمَّةٍ أَوْ عَيْنٍ فَالْأَحْوَطُ ضَمَانُ الذِّمَّةِ، وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ. (قَوْلُهُ: كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُوصِيَ إذَا عَيَّنَ مَوْضِعَ الْإِحْرَامِ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْأَجِيرُ فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إحْرَامُهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ذَلِكَ وَأَطْلَقَ تَعَيَّنَ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَجِيرُ مِنْ بِلَادِ الْمَيِّتِ، أَوْ مِنْ بِلَادٍ أُخْرَى لَهُمْ مِيقَاتٌ آخَرُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُوصِي مِصْرِيًّا وَالْأَجِيرُ مَدَنِيًّا وَظَاهِرُهُ مَاتَ الْمُوصِي بِبَلَدِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ أَوْ الْإِجَارَةُ بِبَلَدِ الْمَيِّتِ، أَوْ بِغَيْرِهَا كَالْمَدِينَةِ مَثَلًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُعْتَبَرُ مِيقَاتُ بَلَدِ الْعَقْدِ كَانَتْ بَلَدَ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرَهَا وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ قَالَ ح وَهُوَ أَقْوَى. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَكَّةَ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ مَاتَ بَعْدَ دُخُولِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ غَيْرَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِذِمَّتِهِ وَأَبَى الْوَارِثُ) أَيْ وَارِثُ الْأَجِيرِ الَّذِي مَاتَ مِنْ الْإِتْمَامِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ وَمَاتَ فَلَا يَرْجِعُ لِلْحِسَابِ بَلْ إنْ أَتَمَّهُ الْوَارِثُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ أَبَى فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَةِ ذَلِكَ الْأَجِيرِ الْمَيِّتِ أُجْرَةُ مَنْ يَحُجُّ بَدَلَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَجَمِيعُ الْأُجْرَةِ تَرِكَةٌ كَمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَسَنَدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ضَمَانًا فِي عَيْنِهِ تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ لِلْحِسَابِ أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ ضَمَانًا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ أَخَذَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ أُجْرَةَ حِجَّةٍ بَالِغَةٍ مَا بَلَغَتْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَهُ فِي الصَّدِّ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ) أَيْ وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَيَرْجِعُ لِلْحِسَابِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَوَازَ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْمَضْمُونَةِ خِلَافًا لطفى لِمَا فِي مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ لَهُ الْبَقَاءَ لِقَابِلٍ فِي الْبَلَاغِ أَيْضًا وَقَيَّدَهُ ح نَقْلًا عَنْ سَنَدٍ بِمَا إذَا كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَكِنْ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي مُقَامِهِ بِمَكَّةَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْوَقْتُ الَّذِي أَمْكَنَهُ فِيهِ التَّحَلُّلُ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ بَعْدَ إمْكَانِ التَّحَلُّلِ مِنْهُ أَصْلًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْأَجِيرِ فِي الْفَسْخِ وَالْبَقَاءِ لِقَابِلٍ وَقَوْلُهُ: إنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ لِزَوَالِ الصَّدِّ الْأَوْلَى إنْ شَقَّ عَلَيْهِ الْبَقَاءُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ إلَخْ) فَإِنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يُجَبْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا) أَيْ وَصُدَّ فِيهِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ بِالصَّدِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْبَقَاءِ) أَيْ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ تَحَلُّلٍ أَوْ بِدُونِهِ كَانَ لَهُمَا ذَلِكَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ يَقُولُ إذَا كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا وَصُدَّ وَفَاتَهُ الْحَجُّ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْحَجُّ فِي هَذَا الْعَامِ صَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ يَأْخُذُ مِنْهُ مَنَافِعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَدَلَهُ فَمُنِعَ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ تَرَاضِيَهُمَا عَلَى الْبَقَاءِ فِي قُوَّةِ ابْتِدَاءِ عَقْدٍ جَدِيدٍ. (قَوْلُهُ: فِي الْعَامِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ وَهَذَا يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ فِي الْعَامِ إلَخْ. وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَرَثَةِ الِاسْتِئْجَارُ ثَانِيًا عَنْ الْمَيِّتِ الْمُوصِي إلَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوصِي الْعَامَ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ عَيَّنَهُ وَوَقَعَ الصَّدُّ وَنَحْوُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ إعَادَتُهُ فِي عَامِهِ وَإِلَّا فَلَا اسْتِئْجَارَ وَتَعَيَّنَ فَسْخُ إجَارَةِ الْأَوَّلِ فِيمَا بَقِيَ وَرَدُّ حِصَّةِ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ: فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ) أَيْ سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ -

فَهُوَ عَلَى الْأَجِيرِ وَمَحَلُّ مَنْعِ اشْتِرَاطِهِ إنْ لَمْ يَنْضَبِطْ فَإِنْ انْضَبَطَ صِفَةً وَسِنًّا جَازَ عَلَى حَدِّ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ (وَصَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ وَ) إذَا لَمْ يُعَيِّنْ تَعَيَّنَ الْعَامُ (الْأَوَّلُ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِ أَثِمَ وَلَزِمَهُ فِيمَا بَعْدَهُ (وَ) فُضِّلَ عَامٌ مُعَيَّنٌ (عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ) أَيْ أَنَّهُ أَحْوَطُ مِنْ الْمُطْلَقِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْأَجِيرِ وَنَفَادِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ تَرِكَةٍ لَهُ (وَ) فُضِّلَتْ إجَارَةُ ضَمَانٍ بِأَنْوَاعِهَا (عَلَى الْجِعَالَةِ) أَيْ أَنَّهَا أَحْوَطُ لَا أَنَّ ثَوَابَهَا أَكْثَرُ (وَحَجَّ) الْأَجِيرُ ضَمَانًا، أَوْ بَلَاغًا وُجُوبًا (عَلَى مَا فُهِمَ) مِنْ حَالِ الْمُوصِي بِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ، أَوْ حَالِيَّةٍ مِنْ رُكُوبِ مَحْمِلٍ وَمُقَتَّبٍ وَجِمَالٍ وَغَيْرِهَا (وَجَنَى) الْأَجِيرُ أَيْ أَثِمَ (إنْ وَفَّى دَيْنَهُ) مَثَلًا بِالْأُجْرَةِ (وَمَشَى) عَطْفٌ عَلَى وَفَّى أَيْ إنْ وَفَّى دَيْنَهُ وَمَشَى فَقَدْ جَنَى وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ فِي عَامٍ آخَرَ إنْ كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ يَدْفَعُ الْمَالَ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِالْعَيْنِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْأَجِيرِ حِينَ الْعَقْدِ أَنَّ هَدْيَ الْقِرَانِ، أَوْ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ ذَلِكَ مِنْهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ إذَا قَرَنَ، أَوْ تَمَتَّعَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ كَانَ الْهَدْيُ لَازِمًا لَهُ أَصَالَةً فَإِذَا شَرَطَهُ عَلَى الْأَجِيرِ صَارَ مَا يَدْفَعُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِلْأَجِيرِ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْهَدْيِ، وَثَمَنُ الْهَدْيِ مَجْهُولٌ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى الْأَجِيرِ) مِثْلُهُ مَا وَجَبَ مِنْ فِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ فَإِنَّهُ عَلَى الْأَجِيرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَمَّدَ سَبَبَهُ أَمْ لَا، اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مَضْمُونَةً فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْبَلَاغِ فَسَيَأْتِي أَنَّ مَا تَعَمَّدَ سَبَبَهُ يَكُونُ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ يَكُونُ فِي الْمَالِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ) أَيْ بِقِسْمَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ إجَارَةَ ضَمَانٍ مُتَعَلِّقَةً بِالذِّمَّةِ، أَوْ مُتَعَلِّقَةً بِالْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ) أَيْ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَجِّ فِيهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ لِلْجَهْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِ أَثِمَ) أَيْ إنْ تَعَمَّدَ التَّأْخِيرَ وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ فِيمَا بَعْدَهُ نَحْوُهُ فِي الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَحِّ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْيِينَ الْحُكْمِيَّ أَيْ الَّذِي جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ كَمَا هُنَا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْيِينِ الشَّرْطِيِّ وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ لَفُسِخَ الْعَقْدُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ، أَوْ عُدِمَ تَأَمَّلْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَفُضِّلَ عَامٌ مُعَيَّنٌ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ) أَيْ فُضِّلَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ فِي عَامٍ مُطْلَقٍ فَالْأَوَّلُ كَاسْتَأْجَرْتُكَ أَنْ تَحُجَّ عَنِّي، أَوْ عَنْ فُلَانٍ فِي عَامِ كَذَا وَالثَّانِي كَاسْتَأْجَرْتُكَ أَنْ تَحُجَّ عَنِّي، أَوْ عَنْ فُلَانٍ فِي أَيِّ عَامٍ شِئْت. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْأَجِيرِ وَنَفَادِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَامَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ يَجُوزُ لِلْأَجِيرِ قَبْضُ الْأُجْرَةِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبِضُ الْأُجْرَةَ إلَّا إذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا قَبَضَ وَشَرَعَ فِي الْعَمَلِ يُمْكِنُ أَيْضًا مَوْتُهُ وَنَفَادُ الْمَالِ وَعَدَمُ وُجُودِ تَرِكَةٍ لَهُ، عَلَى أَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِي التَّفْضِيلِ بَلْ فِي الصِّحَّةِ وَلِذَا قَرَّرَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى، وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ أَيْ عَلَى أَنْ يَحُجَّ فِي أَيِّ عَامٍ شَاءَ وَارْتَضَاهُ ح وَلَيْسَ هَذَا بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَصَحَّ إنْ لَمْ يُعَيِّنَ الْعَامَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِالْإِطْلَاقِ كَحُجَّ عَنِّي، أَوْ عَنْ فُلَانٍ إنْ شِئْت، وَالْأُولَى مُطْلَقَةٌ عَنْ الْقَيْدِ وَشَارِحُنَا تَبِعَ بَهْرَامَ فِي حَلِّهِ لَلْمَتْنِ فِرَارًا مِنْ التَّكْرَارِ وَقَدْ عَلِمْت انْدِفَاعَهُ. (قَوْلُهُ: وَفُضِّلَتْ إجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى الْجَعَالَةِ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الْحَلِّ؛ لِأَنَّ الْجِعَالَةَ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ لِلْأَجِيرِ إلَّا بَعْدَ الْحَجِّ فَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْجَعَالَةِ كَذَا فِي بْن وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْجِعَالَةَ، وَإِنْ كَانَتْ أَحْوَطَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ لِلْأَجِيرِ إلَّا بَعْدَ الْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ فِي الْجِعَالَةِ لَا يَدْرِي هَلْ الْأَجِيرُ يُوَفِّي أَمْ لَا لِكَوْنِ الْعَقْدِ لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْجِعَالَةِ مُنْحَلٌّ بِخِلَافِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ فَهِيَ أَحْوَطُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ. (قَوْلُهُ: وَحَجَّ) أَيْ الْأَجِيرُ وُجُوبًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ بِقِسْمَيْهَا أَوْ الْبَلَاغِ بِقِسْمَيْهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فُهِمَ) أَيْ عَلَى فَهْمِ النَّاسِ مِنْ حَالِ الْمُوصِي بِالْقَرَائِنِ وَلَا عِبْرَةَ بِفَهْمِ الْأَجِيرِ الْمُخَالِفِ لِفَهْمِ النَّاسِ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ بِشَيْءٍ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَرْكَبَ إلَّا مَا كَانَ يَرْكَبُهُ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ مُسْتَأْنَفًا لِبَيَانِ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ خش تَبَعًا لِبَهْرَامَ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَإِذَا وَفَّى الْأَجِيرُ دَيْنَهُ بِمَا أَخَذَهُ فَقَدْ جَنَى عَلَى الْمَالِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَمْشِي وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالْمَشْيِ بَلْ إنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا رَدَّ الْمَالَ مُطْلَقًا وَلَوْ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَاكِبًا، أَوْ مَاشِيًا لِفَوَاتِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ رُكُوبِ مُقَتَّبٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَكْفِي مَشْيُهُ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ نَعَمْ يُوَافِقُ مَا قَالَهُ ح مِنْ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْمَشْيِ وَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُ الْمَالَ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عبق وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالَ بْن وَلَا أَدْرِي مَا مُسْتَنَدُ الشَّيْخِ عبق فِي الرُّجُوعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عِلِّيّه بَعْدَ الْوَفَاءِ وَالْمَشْيِ أَوْ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْمَشْيِ فَإِنْ.

فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ. ثُمَّ بَيَّنَ إجَارَةَ الْبَلَاغِ بِقَوْلِهِ (وَالْبَلَاغُ إعْطَاءُ) أَيْ وَإِجَارَةُ الْبَلَاغِ عَقْدٌ عَلَى إعْطَاءِ (مَا يُنْفِقُهُ) الْأَجِيرُ عَلَى نَفْسِهِ (بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ) أَيْ بِالْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يُوَسِّعُ وَلَا يُقَتِّرُ عَلَى مُقْتَضَى الْعَادَةِ فَإِذَا رَجَعَ رَدَّ مَا فَضَلَ وَيَرُدُّ الثِّيَابَ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْأُجْرَةِ (وَفِي هَدْيٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَا أَخَذَهُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي هَدْيٍ (وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدُ مُوجِبَهُمَا) أَيْ سَبَبَهُمَا بَلْ فَعَلَهُ سَهْوًا أَوْ اضْطِرَارًا فَإِنْ تَعَمَّدَ مُوجِبَهُمَا فَلَا يَرْجِعُ (وَرُجِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَجِيرِ (بِالسَّرَفِ) أَيْ الزَّائِدِ عَلَى الْعُرْفِ فِيمَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي دُفِعَتْ لَهُ وَهُوَ مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لَا مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُوصِي (وَاسْتَمَرَّ) أَجِيرُ الْبَلَاغِ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ (إنْ فَرَغَ) مَا أَخَذَهُ مِنْ النَّفَقَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَوْ بَعْدَهُ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَرَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ لَا عَلَى الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِ إجَارَةِ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي أَوْصَى بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ (أَوْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ) أَوْ صُدَّ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ فَاتَهُ لِخَطَإِ عَدَدٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ أَيْضًا فِي الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَإِلَّا فُسِخَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ، أَوْ عُدِمَ - أَيْ الْحَجُّ - وَرَجَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْمَشْيِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ يَحُجُّ عَلَى مَا فَهِمَ وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ ح إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَقَعَتْ عَلَى الضَّمَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَأَنَّ مَا فَعَلَهُ يُقَالُ لَهُ خِيَانَةٌ بِالْخَاءِ الْفَوْقِيَّةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْبَلَاغِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَأُجْرَةِ رُكُوبِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَاقِيَ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَخَالَفَهُ عبق وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا فَجَزَمَ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ فِي عَامٍ آخَرَ عَلَى مَا فَهِمَ وَعَلَى مَا قَالَ يَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْخِيَانَةِ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَعَلَى مَا قَالَ ح يَكُونُ مُشْكِلًا كَمَا قَالَ وَاَلَّذِي فِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ خِيَانَةٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ لِلْفَوَاتِ. (قَوْلُهُ: عَقْدٌ عَلَى إعْطَاءِ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ " عَقْدٌ " لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ إذْ إجَارَةُ الْبَلَاغِ لَيْسَتْ إعْطَاءَ مَا يُنْفِقُهُ، وَإِنَّمَا هِيَ عَقْدٌ عَلَى إعْطَاءِ مَا يُنْفِقُهُ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْطَاءِ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ النَّفَقَةِ، أَوْ بَعْضَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بَلَاغًا جَائِزًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ سَلَفًا، وَإِجَارَةً وَسَلَفًا جَرَّ نَفْعًا فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ قَالَهُ سَنَدٌ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: بَدْءًا وَعَوْدًا) مَنْصُوبَانِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ مَا يُنْفِقُ مِنْهُ فِي الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَقَوْلُهُ: بِالْعُرْفِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَتَكُونُ تِلْكَ النَّفَقَةُ بِالْعُرْفِ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَأَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ أَيْ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ قَدْرَ النَّفَقَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: حُجَّ عَنِّي، وَأَدْفَعُ لَك مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا، أَنْفِقْ عَلَى نَفْسِك مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُرْفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَاعَاةَ الْعُرْفِ فِيمَا يُنْفِقُهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ الثِّيَابَ) أَيْ وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْحَلِّ مِنْ التَّكَلُّفِ وَقَرَّرَهُ الْفِيشِيُّ بِجَعْلِهِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بَدْءًا وَعَوْدًا وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا لِلشَّارِحِ وَمِمَّا لتت حَيْثُ جَعَلَهُ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهِ: بِنَفَقَةٍ، أَوْ إعْطَاءِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي هَدْيٍ إلَخْ إنْ قُلْت مَا لتت وَالْفِيشِيُّ يَقْتَضِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مُسَمَّى الْبَلَاغِ مَا يَصْرِفُهُ فِي الْفِدْيَةِ وَالْهَدْيِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قُلْت هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مِنْهُ تَبَعًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: مُقَدَّرَيْنِ) صِفَةٌ لِجَوَابٍ وَشَرْطٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَ مُوجِبَهُمَا فَلَا يَرْجِعُ) فَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ حُمِلَ عَلَى عَدَمِ التَّعَمُّدِ حَيْثُ يَثْبُتُ التَّعَمُّدُ كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ. (قَوْلُهُ: وَرُجِعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَجِيرِ الْبَلَاغِ. (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَائِقًا بِحَالِ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ إنْ فَرَغَ) ضَمِيرُ اسْتَمَرَّ لِأَجِيرِ الْبَلَاغِ وَضَمِيرُ فَرَغَ لِلْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ لِيُنْفِقَ مِنْهُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَجِيرَ الْبَلَاغِ إذَا فَرَغَتْ نَفَقَتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ فِيهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى عَمَلِهِ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لَا عَلَى الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُفَرِّطٌ بِتَرْكِهِ إجَارَةَ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي - وَهُوَ الْمَيِّتُ - أَوْصَى بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحْرَمَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى فَرَغَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ إنْ فَرَغَ مَا أَخَذَهُ وَاسْتَمَرَّ إنْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لِمَرَضٍ أَوْ صَدٍّ، أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ فَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ وَالصَّدُّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ اسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى كَمَالِ الْحَجِّ إنْ كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَيَفُوزُ الْأَجِيرُ بِمَا أَنْفَقَهُ وَيَرْجِعُ لِمَحَلِّهِ وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ مِنْ حَالَةِ رُجُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ، أَوْ الصَّدُّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِالرُّجُوعِ مُطْلَقًا كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ إحْرَامِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " صُدَّ " وَلِقَوْلِهِ " أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ عَدَدٍ " وَقَوْلِهِ " فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ أَيْ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ وَنَفَقَتُهُ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ " وَقَوْلِهِ " وَإِلَّا فُسِخَ " أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ -.

وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ فِي رُجُوعِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَنَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ لِمَكَّةَ وَرُجُوعِهِ لِمَحَلِّ الْمَرَضِ عَلَى نَفْسِهِ وَمِنْ مَحَلِّ الْمَرَضِ لِبَلَدِهِ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَرِضَ، أَوْ صُدَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ وَفِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ لَا إنْ ذَهَبَ لِمَكَّةَ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ لِمَكَانِ الْمَرَضِ. (وَإِنْ ضَاعَتْ) النَّفَقَةُ وَعَلِمَ بِالضَّيَاعِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (رَجَعَ) إنْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَوْضِعِ عِلْمِهِ بِضَيَاعِهَا إلَى عَوْدِهِ إلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ مَوْضِعِ الضَّيَاعِ لِبَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِيهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالْبَلَاغِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ وَكَانَ لَهُ النَّفَقَةُ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى أَحْرَمَ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ فَلَا يَرْجِعُ بَلْ يَسْتَمِرُّ وَإِذَا اسْتَمَرَّ (فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ) أَيْ مُسْتَأْجِرِهِ لَا عَلَى الْمُوصِي (إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ) أَيْ فَالرُّجُوعُ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصِي (وَلَوْ قُسِمَ) مَالُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَعَلَى آجِرِهِ وَصِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَقُلْ حَالَ الْعَقْدِ هَذَا جَمِيعُ مَا أَوْصَى بِهِ لَيْسَ لَك يَا أَجِيرُ غَيْرُهُ فَهَذِهِ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ. (وَأَجْزَأَ) حَجُّ الْأَجِيرِ (إنْ) شُرِطَ عَلَيْهِ عَامٌ مُعَيَّنٌ وَ (قَدَّمَ) الْحَجَّ (عَلَى عَامِ الشَّرْطِ) لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ قُدِّمَ قَبْلَ أَجَلِهِ يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى قَبُولِهِ وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ الْعَامُ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ كَكَوْنِ وَقْفَتِهِ بِالْجُمْلَةِ وَأَمَّا إنْ أَخَّرَهُ عَنْ عَامِ الشَّرْطِ فَلَا يُجْزِئُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ، أَوْ عُدِمَ وَمَعْنَى الْإِجْزَاءِ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَجِيرِ لَا سُقُوطُ الْفَرْضِ عَنْ الْمُوصِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا فُسِخَ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ فِي رُجُوعِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا وَفُسِخَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ بِمَرَضٍ، أَوْ صَدٍّ أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ أَيْ وَبَقِيَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ وَأَرَادَ تَتْمِيمَ الْحَجِّ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ كَوْنُ الْعَامِ مُعَيَّنًا وَفُسِخَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ بِمَرَضٍ، أَوْ صَدٍّ، أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ. (قَوْلُهُ: لِمَحَلِّ الْمَرَضِ) أَيْ أَوْ لِمَحَلِّ الصَّدِّ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ وَلَا يَسْتَمِرُّ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا مَرِضَ أَوْ صُدَّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: فِي ذَهَابِهِ) أَيْ مِنْ مَحَلِّ الْمَرَضِ أَوْ مَحَلِّ الصَّدِّ لِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ " وَرُجُوعِهِ لِمَكَانِ الْمَرَضِ " أَيْ أَوْ الصَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ) أَيْ الْأَجِيرُ بِالضَّيَاعِ، وَقَوْلُهُ: رَجَعَ أَيْ لِمَحَلِّهِ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي حَالِ رُجُوعِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ بَدَلُ تِلْكَ النَّفَقَةِ الَّتِي ضَاعَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُحِجُّوا غَيْرَهُ إنْ كَانَ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِ الْمَيِّتِ بَدَلُهَا وَمَحَلُّ طَلَبِهِ بِالرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرْطٌ عَلَى أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ كَمَّلَ وَأَخَذَ مَا أَنْفَقَهُ، وَإِلَّا عَمِلَ بِالشَّرْطِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ إنْ ضَاعَتْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ فِي الضَّيَاعِ لِتَعَذُّرِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ أَظَهَرَ الضَّيَاعُ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ " كُلُّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا لِحَقِّ نَفْسِهِ وَضَاعَ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ " فَإِنَّهُ هُنَا قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَمَرَّ) أَيْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ وَلَمْ يَرْجِعْ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْأَجِيرِ يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي حَالِ رُجُوعِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) أَيْ أَوْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ) أَيْ أَوْ ضَاعَتْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَعَلِمَ بِضَيَاعِهَا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُوصِي) وَلَوْ بَقِيَ مِنْ ثُلُثِهِ بَقِيَّةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُفَرِّطٌ فِي تَرْكِ إجَارَةِ الضَّمَانِ وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ فَرَاغَ النَّفَقَةِ لَيْسَ كَضَيَاعِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَرَاغِ يَسْتَمِرُّ عَلَى عَمَلِهِ حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ، سَوَاءٌ كَانَ الْفَرَاغُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا فِي الضَّيَاعِ فَإِنَّهُ يُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَيَعْلَمُ بِهِ، أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ إلَّا بَعْدَهُ. وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفَرَاغَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الضَّيَاعِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ فَلِذَا جَرَى فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ) أَيْ الْمَيِّتُ بِالْبَلَاغِ أَيْ وَيَضِيعَ الْمَالُ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ إنْ كَانَ الْبَاقِي فِيهِ كِفَايَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِالْبَلَاغِ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ، وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ رُجُوعِ أَجِيرِ الْبَلَاغِ إذَا ضَاعَتْ النَّفَقَةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَا لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِالْبَلَاغِ فَإِنْ أَوْصَى بِهِ فَلَا يَرْجِعُ بَلْ يُكْمِلُ الْحَجَّ وَنَفَقَتُهُ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ، وَمَحَلُّ كَوْنِ نَفَقَتِهِ عَلَى آجِرِهِ إنْ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَمَا مَعَهُ إذَا لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِالْبَلَاغِ وَإِلَّا فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُقْسَمْ الْمَالُ بَلْ وَلَوْ قُسِمَ عَلَى الْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُسِمَ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى قَوْلٍ مُخَرَّجٍ لِابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ إذَا قُسِمَ الْمَالُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثُّلُثِ بَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ فِيهِ الْكِفَايَةُ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَصْلًا، أَوْ بَقِيَ شَيْءٌ دُونَ الْكِفَايَةِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَوْصَى بِالْبَلَاغِ. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ) أَيْ وَخَرَجَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْبَلَاغِ إلَى الْمَضْمُونَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ قُدِّمَ قَبْلَ أَجَلِهِ) كَذَا عَلَّلَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ كَمَا فِي ح وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُوصِي، أَوْ مِنْ الْوَصِيِّ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَعُدِمَ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ عَاشِرٍ قَالَهُ بْن وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا جَوَازُ التَّقْدِيمِ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْإِجْزَاءِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَا شَكَّ أَنَّ الْفَرْضَ.

(أَوْ تَرَكَ) الْأَجِيرُ (الزِّيَارَةَ) الْمُعْتَادَةَ أَوْ الْمُشْتَرَطَةَ أَيْ زِيَارَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُجْزِئُ الْحَجُّ (وَرَجَعَ) عَلَيْهِ (بِقِسْطِهَا) أَيْ بِعِدْلِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَصَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِعُذْرٍ. (أَوْ خَالَفَ) الْأَجِيرُ (إفْرَادًا) شُرِطَ عَلَيْهِ (لِغَيْرِهِ) مِنْ قِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِمَا (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الْإِفْرَادَ (الْمَيِّتُ) بِأَنْ اشْتَرَطَهُ الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَارِثُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَطَهُ الْمَيِّتُ (فَلَا) يُجْزِئُ غَيْرُ الْإِفْرَادِ (كَتَمَتُّعٍ) شُرِطَ عَلَيْهِ فَأَتَى (بِقِرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ قِرَانٌ فَتَمَتَّعَ (أَوْ هُمَا) أَيْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَيْ التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ فَأَتَى (بِإِفْرَادٍ) لَمْ يَجْزِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ مِنْ الْمَيِّتِ، أَوْ غَيْرِهِ فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَسَوَاءٌ فِيهَا عُيِّنَ الْعَامُ أَمْ لَا فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ (أَوْ) خَالَفَ (مِيقَاتًا شُرِطَ) عَلَيْهِ شَرَطَهُ الْمَيِّتُ، أَوْ غَيْرُهُ عُيِّنَ الْعَامُ أَمْ لَا وَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ أَوْ تَجَاوَزَهُ حَلَالًا، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهُ فَلَا يُجْزِئُهُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ، وَمِثْلُ الشَّرْطِ إذَا تَعَيَّنَ حَالُ الْإِطْلَاقِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا تُجْزِئُ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَيِّتِ الْإِفْرَادَ فَخَالَفَ لِقِرَانٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ عَيَّنَ الْعَامَ أَوْ لَا وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لَا تُجْزِئُ أَشَارَ لِحُكْمِهَا بِاعْتِبَارِ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ بِقَوْلِهِ (وَ) حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ (فُسِخَتْ) الْإِجَارَةُ فِيهَا بَلَاغًا أَوْ ضَمَانًا (إنْ عُيِّنَ) الْعَامُ وَرَدَّ الْمَالَ، وَقَوْلُهُ (أَوْ عُدِمَ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ خَالَفَ الْأَجِيرُ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ أَوْ عُدِمَ أَيْ الْحَجُّ بِأَنْ فَاتَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِمَرَضٍ، أَوْ صَدٍّ، أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ، أَوْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ عُدِمَ الْأَجِيرَ أَيْ عُدِمَ الْأَجِيرُ أَيْ بِمَوْتٍ أَوْ كُفْرٍ، أَوْ جُنُونٍ، وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ لَا عَلَى عَيْنٍ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْعَامِ مَشْرُوطٌ فِي الْعَدَمِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ وَفُسِخَتْ إنْ عُيِّنَ شَامِلٌ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَقَوْلُهُ أَوْ عُدِمَ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَسْقُطُ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَى إجْزَاءِ حَجِّ الْأَجِيرِ وَقَوْلُهُ: بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَجِيرِ أَيْ مِمَّا أَلْزَمَهُ لِيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ إلَخْ) أَيْ وَأَجْزَأَ حَجُّ الْأَجِيرِ إنْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ، أَوْ الْعُمْرَةَ وَلَا يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ لِذَلِكَ نَعَمْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِقِسْطِهَا فَقَوْلُهُ: وَرُجِعَ إلَخْ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُرْجَعُ بِقِسْطِهَا أَيْ بِعِدْلِ مَسَافَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَصَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ) أَيْ بِالْقِسْطِ الْمَأْخُوذِ فِي مُقَابَلَةِ تَرْكِهَا وَقَوْلُهُ: مَا شَاءَ أَيْ مِنْ رَدِّهِ لِلْوَرَثَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِعُذْرٍ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّرْكَ لِعُذْرٍ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ فَابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَقُولُ إذَا تَرَكَ الزِّيَارَةَ لِعُذْرٍ يُجْزِئُهُ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ الزِّيَارَةِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَرْجِعُ مَرَّةً ثَانِيَةً حَتَّى يَزُورَ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالْبِسَاطِيِّ اُنْظُرْ طفى. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِمَا) وَذَلِكَ لِاشْتِمَالِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ عَلَى الْإِفْرَادِ الْمُشْتَرَطِ عَلَى الْأَجِيرِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْمَيِّتِ لَهُ إنَّمَا هُوَ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِهِ فَفِعْلُ غَيْرِهِ كَفِعْلِ غَيْرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الشَّرْطُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْإِفْرَادِ أَيْ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إنْ خَالَفَ لِقِرَانٍ عَيَّنَ الْعَامَ، أَوْ لَا، وَإِنْ خَالَفَ لِتَمَتُّعٍ أَعَادَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَعُدِمَ كَغَيْرِهِ وَقَرَنَ وَأَعَادَ إنْ تَمَتَّعَ، وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ لِأَجْلِ أَنْ يُشَبِّهَ بِهِ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ مَعَ التَّصْرِيحِ أَوْضَحُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ يُنَزِّلُهُ مَنْزِلَةَ الْمَنْطُوقِ. (قَوْلُهُ: كَتَمَتُّعٍ شُرِطَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اشْتِرَاطُهُ مِنْ الْمَيِّتِ، أَوْ مِنْ الْوَصِيِّ، أَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمِيقَاتُ الْآخَرُ مِيقَاتَ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَجَاوَزَهُ حَلَالًا، ثُمَّ أَحْرَمَ بَعْدَهُ) أَيْ بِخِلَافِ إحْرَامِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ كَمَا قَالَ سَنَدٌ لِأَنَّهُ يَمُرُّ عَلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرَطِ مُحْرِمًا. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَتْ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ فَلَا تُفْسَخُ لِمُخَالَفَةِ الْأَجِيرِ مَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ فِي عَامٍ آخَرَ إلَى الْمِيقَاتِ وَيُحْرِمُ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُشْتَرَطِ وَالْمُرَادُ بِالْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنِ بِالْفَوَاتِ وَنَحْوِهِ أَنَّ مَنْ أَرَادَهُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ جَازَ هَذَا هُوَ مُخْتَارُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ وَبِهَذَا يُوَافِقُ مَا هُنَا إطْلَاقَهُ السَّابِقَ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ أَيْ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ بِرِضَاهُمَا فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَعَيُّنَ الْفَسْخِ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْبَقَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ كَمَا يَقُولُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَعْرُجْ عَلَيْهِ سَابِقًا وَقَدْ حَمَلَ ح مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَمَلَ مَا هُنَا عَلَى تَحَتُّمِ الْفَسْخِ فَعَارَضَ مَا بَيْنَهُمَا وَقَدْ عَلِمْتَ دَفْعَ الْمُعَارَضَةِ قَالَهُ طفى. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ وَالْأَصْلُ وَفُسِخَتْ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ إنْ خَالَفَ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ، أَوْ عُدِمَ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتٍ، أَوْ كُفْرٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِهِ مَا يَشْمَلُ مَوْتَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعْيِينَ الْعَامِ مَشْرُوطٌ فِي الْعَدَمِ) أَيْ عَدَمِ الْحَجِّ، أَوْ عَدَمِ الْأَجِيرِ أَيْ فَلَوْ جَعَلْنَاهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ لَاقْتَضَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِعَدَمِ الْحَجِّ وَبِعَدَمِ الْأَجِيرِ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ عِنْدَ عَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ أُجْرَةُ حَجَّةٍ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْوَارِثُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْأَجِيرِ، أَوْ إنْ لَمْ يَحُجَّ ذَلِكَ الْأَجِيرُ ثَانِيًا فِي حَالَةِ عَدَمِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: شَامِلٌ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا شَرَطَ الْمُوصِي إفْرَادًا وَخَالَفَ الْأَجِيرُ لِقِرَانٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ، أَوْ شَرَطَ الْمُوصِي -.

عَلَى أَنَّ فَاعِلَ عُدِمَ هُوَ الْحَجُّ، أَوْ الْأَجِيرُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ أَتَى بِهَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ وَفِي نُسْخَةٍ وَعُدِمَ بِالْوَاوِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي عُدِمَ عَائِدًا عَلَى الْحَجِّ، وَعَدَمُ الْحَجِّ الْمُشْتَرَطُ إمَّا بِمُخَالَفَةِ الْأَجِيرِ، وَإِمَّا بِالْفَوَاتِ فَيَشْمَلُ الْخَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً وَقَوْلُهُ (كَغَيْرِهِ وَقَرَنَ) مَعْنَاهُ كَمَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ إذَا خَالَفَ مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ مِنْ إفْرَادٍ، أَوْ مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمِثْلُهَا فِي الْفَسْخِ مَا إذَا شُرِطَ عَلَيْهِ الْقِرَانُ أَوْ التَّمَتُّعُ مِنْ الْمَيِّتِ، أَوْ غَيْرِهِ فَأَفْرَدَ وَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ وَقَرَنَ أَوْ أَفْرَدَ لَشَمِلَ السَّبْعَةَ بِإِيضَاحٍ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ صَرَفَهُ لَنَفْسِهِ) إلَى أَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُفْسَخُ مُطْلَقًا عُيِّنَ الْعَامُ أَمْ لَا وَيَرُدُّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَمَّا لَمْ يُرْتَفَضْ لَمْ يَنْتَقِلْ لِغَيْرِ مَنْ وَقَعَ لَهُ أَوَّلًا. وَأَشَارَ إلَى ثَلَاثَةٍ لَا فَسْخَ فِيهَا بِقَوْلِهِ (وَأَعَادَ) الْأَجِيرُ الْحَجَّ فِي عَامٍ قَابِلٍ وَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ (إنْ) شَرَطَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ الْإِفْرَادَ، أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ الْقِرَانَ فَخَالَفَ وَ (تَمَتَّعَ) ؛ لِأَنَّ عَدَاءَهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقِرَانِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَالَفَ الْمِيقَاتَ الْمُشْتَرَطَ إلَى غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ فِي قَابِلٍ سَوَاءٌ شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْمُوصِي أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَاتَانِ صُورَتَانِ تَمَّمَتَا الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ. [دَرْسٌ] (وَهَلْ تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (إنْ) (اعْتَمَرَ) أَجِيرُ الْحَجِّ (عَنْ نَفْسِهِ) مِنْ الْمِيقَاتِ (فِي) الْعَامِ (الْمُعَيَّنِ) وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ (أَوْ) تَنْفَسِخُ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْأَجِيرُ (لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمَ) مِنْهُ (عَنْ الْمَيِّتِ فَيَجْزِيَهُ) عَنْهُ (تَأْوِيلَانِ) بِالْفَسْخِ وَعَدَمِهِ مَحَلُّهُمَا فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا فِي عَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ أَيْضًا غَيْرُ تَأْوِيلَيْ الْمُصَنِّفِ وَهُمَا هَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ مِنْهُ، ثُمَّ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ، أَوْ يَكْفِي رُجُوعُهُ لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا سَبِيلَ لِلْفَسْخِ. (وَمُنِعَ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ) أَيْ مُسْتَطِيعٍ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرْجُوًّا صِحَّتُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَلِذَا قَالَ اسْتِنَابَةً وَلَمْ يَقُلْ نِيَابَةً؛ لِأَنَّ الِاسْتِنَابَةَ صِفَةُ الْمُسْتَنِيبِ؛ لِأَنَّهَا طَلَبُ النِّيَابَةِ وَالنِّيَابَةُ صِفَةُ النَّائِبِ؛ لِأَنَّهَا قِيَامُ الْغَيْرِ عَنْك بِفِعْلِ أَمْرٍ فَهَذَا هُوَ تَحْقِيقُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبِهِ تَعْلَمُ وَجْهَ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِمَنْعِ دُونٍ وَلَا يَصِحُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِنَابَةَ لَا تَتَّصِفُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ النِّيَابَةِ يُوَضِّحُ ذَلِكَ الصَّلَاةُ مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ غَيْرُهُ قِرَانًا فَخَالَفَ لِتَمَتُّعٍ، أَوْ الْعَكْسُ، أَوْ شَرَطَ الْمُوصِي أَوْ غَيْرُهُ قِرَانًا، أَوْ تَمَتُّعًا فَخَالَفَ لِإِفْرَادِ، أَوْ خَالَفَ الْأَجِيرُ مِيقَاتًا شَرَطَهُ الْمَيِّتُ، أَوْ غَيْرُهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَامَ مُعَيَّنٌ فِي الْجَمِيعِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً كُلُّهَا مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُسِخَتْ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ، أَوْ خَالَفَ الْأَجِيرُ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ فَاعِلَ " عُدِمَ " هُوَ الْحَجُّ) لِأَنَّ عَدَمَ الْحَجِّ إمَّا لِصَدٍّ، أَوْ لِمَرَضٍ، أَوْ خَطَإِ عَدَدٍ وَعَدَمُ الْأَجِيرِ إمَّا بِمَوْتِهِ أَوْ كُفْرِهِ، أَوْ جُنُونِهِ. (قَوْلُهُ: إمَّا بِمُخَالَفَةِ الْأَجِيرِ) أَيْ وَذَلِكَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالْفَوَاتِ فِي ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِالنِّيَّةِ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ نَفْسِهِ قَطْعًا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا فُسِخَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ فَقَدْ جَزَمَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ بِعَدَمِ الْفَسْخِ إذَا كَانَ الْعَامُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَقَالَ غَيْرُهُمْ بِالْفَسْخِ، وَإِذَا نَوَى الْأَجِيرُ الصَّرُورَةُ الْحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْمَيِّتِ أَجْزَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَعَادَهُ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ عَنْ أَصْبَغَ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَرْجِعُ ثَانِيًا عَنْ الْمَيِّتِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَجَّ إلَخْ) اُنْظُرْ لِعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْأَجِيرِ وَأَمَّا الْعِلَّةُ فِي عَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ شَرْطِهِ حَالَ صَرْفِهِ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِذَا أَمَرْنَاهُ بِالْإِعَادَةِ مُفْرِدًا فِي الْأُولَى، أَوْ قَارِنًا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ الْمُشْتَرَطُ عَلَيْهِ وَخَالَفَ وَتَمَتَّعَ بَطَلَ عَلَيْهِ فَيُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ ثَانِيًا وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقِرَانِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ إفْرَادًا، أَوْ شَرَطَ الْمَيِّتُ، أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ تَمَتُّعًا فَخَالَفَ وَقَرَنَ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَأَمَرْنَاهُ بِالْعَوْدِ فِي عَامٍ قَابِلٍ لِيَحُجَّ مُفْرِدًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَمُتَمَتِّعًا فِي الثَّانِيَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُخَالِفَ وَيُعِيدَ قَارِنًا وَلَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَدَاءَهُ خَفِيٌّ فَلِذَا حَكَمُوا بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ أَيْضًا غَيْرُ تَأْوِيلَيْ الْمُصَنِّفِ) اعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ هُمَا الْمَنْصُوصُ وَالتَّأْوِيلَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ مُخَرَّجَانِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي ح وَالْمَوَّاقِ فَمَنْ قَالَ يَرْجِعُ لِبَلَدِهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ بَعْضُ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ قَالَ بِالْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا وَمَنْ قَالَ يَرْجِعُ لِلْمِيقَاتِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ لِابْنِ يُونُسَ وَسَنَدٍ قَالَ بِعَدَمِ الْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنِ إنْ رَجَعَ لِلْمِيقَاتِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا مَا فِي خش مِنْ الْعَكْسِ فِي التَّفْرِيعِ فَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَطِيعِ أَنْ يَأْذَنَ لِغَيْرِهِ فِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِأُجْرَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي إلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ) أَيْ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَمُنِعَ أَنْ يَسْتَنِيبَ الصَّحِيحُ غَيْرَهُ لِيَحُجَّ عَنْهُ فِي الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ لَا لِلْمَفْعُولِ عَبَّرَ بِالِاسْتِنَابَةِ الَّتِي هِيَ وَصْفٌ لِلْفَاعِلِ لَا بِالنِّيَابَةِ الَّتِي هِيَ وَصْفُ الْمَفْعُولِ تَقُولُ اسْتَنَابَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي الْبَيْعِ لِمَتَاعِهِ فَزَيْدٌ مُتَّصِفٌ بِالِاسْتِنَابَةِ وَهِيَ طَلَبُهُ مِنْ عَمْرٍو أَنْ يَقُومَ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ، وَإِذْنُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَعَمْرٌو مُتَّصِفٌ بِالنِّيَابَةِ وَهِيَ قِيَامُهُ مَقَامَ زَيْدٍ فِي الْبَيْعِ لِمَتَاعِهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا طَلَبُ النِّيَابَةِ) أَيْ طَلَبُك نِيَابَةَ الْغَيْرِ عَنْك فِي أَمْرٍ أَيْ طَلَبُك مِنْ الْغَيْرِ وَإِذْنُك لَهُ فِي أَنْ يَقُومَ عَنْك بِفِعْلٍ.

فَإِنَّ إيقَاعَهَا مِنْ غَيْرِك نِيَابَةً عَنْك لَا يَصِحُّ وَاسْتِنَابَتُك الْغَيْرَ فِيهَا لَا تَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ (فِي فَرْضٍ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَفْوِيضُ حَجَّةِ الْفَرْضِ إلَى النَّائِبِ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ اكْتِفَاءً بِفِعْلِ النَّائِبِ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ فَاسِدَةً يَتَعَيَّنُ فَسْخُهَا وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إنْ أَتَمَّهَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ اسْتَنَابَ الْمُسْتَطِيعُ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى أَدَاءِ الْفَرْضِ لَا يُمْنَعُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَنَابَ فِي نَفْلٍ، أَوْ فِي عُمْرَةٍ (كُرِهَ) وَالْإِجَارَةُ فِيهِ صَحِيحَةٌ، وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ قَوْلَهُ (كَبَدْءِ) صَرُورَةٍ (مُسْتَطِيعٍ بِهِ) أَيْ بِالْحَجِّ (عَنْ غَيْرِهِ) بِغَيْرِ أُجْرَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِجَارَةِ نَفْسِهِ) فِي عَمَلٍ لِلَّهِ تَعَالَى حَجًّا، أَوْ غَيْرَهُ مُسْتَطِيعًا أَوْ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي فِي الْمُسْتَطِيعِ وَالرَّاجِحُ الْحُرْمَةُ بِنَاءً عَلَى الْفَوْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّ إيقَاعَهَا إلَخْ) وَكَذَا يُقَالُ هُنَا إنَّ إيقَاعَ الْحَجِّ مِنْ الْغَيْرِ عَنْك لَا يَصِحُّ، وَطَلَبَك حَجَّ الْغَيْرِ عَنْك مَمْنُوعٌ لَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِنَابَتُك) أَيْ طَلَبُك فِعْلَ الْغَيْرِ عَنْك. (قَوْلُهُ: فِي فَرْضٍ) الْمُرَادُ بِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْحَجُّ الْمَنْذُورُ فَالِاسْتِنَابَةُ عَلَيْهِ مَكْرُوهَةٌ كَالنَّفْلِ اُنْظُرْ مج. (قَوْلُهُ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ) أَيْ بِالِاسْتِنَابَةِ الْمَمْنُوعَةِ فِي الْفَرْضِ تُفَوَّضُ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ فَوَّضَ الْحَجَّ لِلنَّائِبِ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى أَدَاءِ الْفَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ الِاسْتِنَابَةُ حِينَئِذٍ فِي فَرْضٍ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْفَرْضِ مَمْنُوعَةً تَكُونُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنْعِ الْفَسَادُ. (قَوْلُهُ: إنْ أَتَمَّهَا) أَيْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ اسْتِنَابَةِ الصَّحِيحِ غَيْرَهُ فِي الْفَرْضِ، وَكَرَاهَةِ اسْتِنَابَتِهِ فِي غَيْرِهِ قَوْلَ سَنَدٍ: اتَّفَقَ أَرْبَابُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ لَا تَجُوزُ اسْتِنَابَتُهُ فِي فَرْضِ الْحَجِّ، وَالْمَذْهَبُ كَرَاهَةُ اسْتِنَابَتِهِ فِي التَّطَوُّعِ، وَإِنْ وَقَعَتْ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِيهِ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالتِّلْمِسَانِيّ وَالْقَرَافِيُّ وَالتَّادَلِيُّ وَغَيْرُهُمْ كَمَا فِي ج وَأَطْلَقَ غَيْرُ سَنَدٍ مَنْعَ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ قَالَهُ طفى وَنَحْوُهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ. (فَائِدَةٌ) مِنْ الْعِبَادَاتِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ بِإِجْمَاعٍ كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمِنْهَا مَا يَقْبَلُهَا إجْمَاعًا كَالدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَرَدِّ الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ وَاخْتُلِفَ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النِّيَابَةَ فَظَاهِرُهُ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ وَأَمَّا الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُرْجَى صِحَّتُهُ فَقَدْ اعْتَمَدَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ مَا لِابْنِ الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ إجَارَةُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَإِنْ فُعِلَ مَضَى وَفَسَّرَ بِهِ مَا شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ حَمَلَ عَدَمَ الْجَوَازِ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ فِي كَرَاهَةِ النِّيَابَةِ عَنْ الصَّحِيحِ فِي التَّطَوُّعِ قَوْلَ سَنَدٍ، وَفِي كَرَاهَةِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمَرِيضِ كَلَامَ الْجَلَّابِ وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُ النِّيَابَةِ عَنْ الْحَيِّ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا كَانَتْ النِّيَابَةُ فِي الْفَرْضِ، أَوْ فِي النَّفْلِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ طفى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النِّيَابَةُ بِأُجْرَةٍ، أَوْ تَطَوُّعًا كَمَا قَالَهُ طفى أَيْضًا وَمَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ مِنْ أَنَّ النِّيَابَةَ فِي الْحَجِّ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَحَسَنَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ مَعْرُوفٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِأُجْرَةٍ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ فَالظَّاهِرُ حَمْلُ النِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْحَيِّ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ عبق: وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ بِأُجْرَةٍ، وَإِلَّا جَازَ غَيْرُ صَوَابٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ بِالْحَجِّ إلَخْ) أَيْ تَطَوُّعًا قَالَ طفى هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ النِّيَابَةِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا عَنْ الْحَيِّ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا وَلَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى مَا فِيهِ، وَإِلَّا كُرِهَ الْحَجُّ عَنْ الْغَيْرِ الْحَيِّ مُطْلَقًا بَدْءًا أَوْ غَيْرَ بَدْءٍ، وَإِنَّمَا هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ فَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ: وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أُنْفِذَ ذَلِكَ، وَيَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ أَحَبُّ إلَيَّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ الصَّرُورَةُ الْمُسْتَطِيعُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي وَيُمْنَعُ عَلَى الْفَوْرِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ اهـ بْن، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُوصَى بِهِ، وَالدَّاعِي لِذَلِكَ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحَجِّ بِأُجْرَةٍ وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْحَجِّ تَطَوُّعًا بِلَا اسْتِنَابَةً كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَلَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ، وَمَفْهُومُ " بَدْءٍ " أَنَّ تَطَوُّعَ الْمُسْتَطِيعِ بِالْحَجِّ عَنْ شَخْصٍ بَعْدَ سُقُوطِ الْحَجِّ عَنْ ذَلِكَ الْمُتَطَوِّعِ لَا يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةِ نَفْسِهِ) أَيْ يُكْرَهُ لِشَخْصٍ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ طَاعَةٍ مِنْ الطَّاعَاتِ سَوَاءٌ كَانَ حَجًّا، أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ لَأَنْ يُؤَجِّرَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ اللَّبِنِ وَقَطْعِ الْحَطَبِ وَسَوْقِ الْإِبِلِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لِلَّهِ بِأُجْرَةٍ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ جَوَازُ ذَلِكَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ تَعْلِيمِ الْأَطْفَالِ الْقُرْآنَ، وَالْأَذَانِ لِجَوَازِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ " وَإِجَارَةِ نَفْسِهِ " مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ كَمَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ، وَنَصُّهُ إذَا أُجِيزَتْ الْوَصِيَّةُ وَأَنْفَذْنَاهَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، أَوْ يُكْرَهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ كَرَاهَتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ الْعِبَادَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شِيَمِ أَهْلِ -.

(وَنُفِّذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ بِالْحَجِّ (مِنْ الثُّلُثِ) صَرُورَةً، أَوْ غَيْرَهُ سَمَّى مَالًا، أَوْ ثُلُثًا، أَوْ أَطْلَقَ (وَحُجَّ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُوصِي (حِجَجٌ إنْ) سَمَّى الثُّلُثَ (وَسِعَ) الثُّلُثُ حِجَجًا (وَقَالَ) الْمُوصِي (يُحَجُّ بِهِ) أَيْ بِالثُّلُثِ (لَا) إنْ قَالَ يُحَجُّ عَنِّي (مِنْهُ) فَحَجَّةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (وَإِلَّا) يَسَعْ الثُّلُثُ حِجَجًا بِأَنْ لَا يَسَعَ حَجَّةً، أَوْ قَصَرَ عَنْ ثَانِيَةٍ فَأَكْثَرَ أَوْ وَسِعَ وَقَالَ يُحَجُّ مِنْهُ (فَمِيرَاثٌ) أَيْ فَالْقَاصِرُ عَنْ حَجَّةٍ فَأَكْثَرَ فِي الْأُولَى، وَالْبَاقِي بَعْدَ حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا (كَوُجُودِهِ) أَيْ كَمَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا إنْ سَمَّى مَالًا كَمِائَةٍ فَوَجَدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (بِأَقَلَّ) كَخَمْسِينَ عُيِّنَ الْأَجِيرُ أَمْ لَا (أَوْ تَطَوَّعَ غَيْرٌ) عَنْهُ أَيْ يَحُجُّ عَنْهُ مَجَّانًا سَمَّاهُ أَمْ لَا فَيَرْجِعُ الْبَاقِي فِي الْأُولَى وَالْكُلُّ فِي الثَّانِيَةِ مِيرَاثًا (وَهَلْ) رُجُوعُ الْبَاقِي فِي الْأُولَى مِيرَاثًا مُطْلَقًا قُيِّدَ بِحَجَّةٍ بِأَنْ قَالَ: يُحَجُّ بِهِ عَنِّي حَجَّةٌ، أَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ يُحَجُّ بِهِ، أَوْ حُجُّوا بِهِ عَنِّي، أَوْ يَرْجِعُ مِيرَاثًا (إلَّا أَنْ) يُطْلِقَ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِحَجَّةٍ بِأَنْ (يَقُولَ يُحَجُّ) ، أَوْ حُجُّوا (عَنِّي بِكَذَا) أَيْ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَإِنْ أَطْلَقَ (فَحِجَجٌ) حَتَّى يَنْفُذَ وَلَا يَرْجِعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى كَمَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الثَّانِيَةُ - أَعْنِي مَسْأَلَةَ التَّطَوُّعِ - فَالْكُلُّ يَرْجِعُ مِيرَاثًا مُطْلَقًا اتِّفَاقًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (وَدُفِعَ الْمُسَمَّى) جَمِيعُهُ (وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ) أَيْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ (لِمُعَيَّنٍ لَا يَرِثُ) أَيْ غَيْرِ وَارِثٍ بِالْفِعْلِ - وَلَوْ أَخًا - مَعَ وُجُودِ ابْنٍ (فُهِمَ إعْطَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُعَيَّنِ فَلَوْ كَانَ وَارِثًا أَوْ لَمْ يُفْهَمْ بِالنَّصِّ أَوْ الْقَرَائِنِ الْإِعْطَاءُ لَهُ، لَمْ يُزَدْ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَيْرِ. (قَوْلُهُ وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُجِيزُ النِّيَابَةَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِيهِ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَيُصْرَفُ الْقَدْرُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْهَدَايَا وَمَحَلُّ نُفُوذِهَا مِنْ الثُّلُثِ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا وَصِيَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ كَوَصِيَّةٍ بِمَالٍ وَلَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا إحْدَاهُمَا فَتُقَدَّمُ وَصِيَّةُ الْمَالِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ سَوَاءٌ كَانَ لِمُوصًى صَرُورَةٍ، أَوْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: سَمَّى مَالًا، أَوْ ثُلُثًا، أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ كَأَوْصَيْتُ أَنْ يُحَجَّ عَنِّي بِمِائَةٍ أَوْ بِثُلُثِ مَالِي، أَوْ يُحَجَّ عَنِّي. (قَوْلُهُ: حُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ) اُنْظُرْ هَلْ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَعْوَامٍ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يُحَجُّ عَنْهُ تِلْكَ الْحِجَجُ مِنْ بَلَدِهِ إنْ لَمْ يُسَمِّ بَلَدًا، وَإِلَّا فَمِنْهُ فَإِنْ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحُجَّ بِهَا مِنْ بَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِهَا عَنْهُ مِنْ حَيْثُ مَا يَبْلُغُ وَلَوْ مِنْ مَكَّةَ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَسَيَأْتِي فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَا سَمَّى مِنْ مَكَانِهِ حَجَّ مِنْ الْمُمْكِنِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ سَمَّى الثُّلُثَ) أَيْ أَوْ سَمَّى قَدْرًا مِنْ الْمَالِ وَقَوْلُهُ وَوَسِعَ الثُّلُثُ أَيْ أَوْ الْقَدْرُ الَّذِي سَمَّاهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالثُّلُثِ) أَيْ أَوْ بِالْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَوَسِعَ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِوَسِعَ الْمَالُ إمْكَانَ الْحَجِّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ بَلْ الْمُرَادُ كَثْرَتُهُ جِدًّا بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الثُّلُثُ يُشْبِهُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ حَجَّةً وَاحِدَةً وَأَمْكَنَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا كَانَ الزَّائِدُ مِيرَاثًا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ فَقَوْلُهُ: كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ فِي غَيْرِ الْوَاسِعِ وَهُوَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ حَجَّةً وَأَمْكَنَ أَنْ يَحُجَّ بِهِ أَكْثَرَ وَهُوَ مِمَّا يَنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُرْجِعَ لَهُ التَّأْوِيلَيْنِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ بِالثُّلُثِ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَهْرَامُ وتت وَحَمْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ لَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُوصَى بِالْحَجِّ بِهِ وَاسِعًا وَوُجِدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ لَيْسَ الْوَاسِعُ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ حَتَّى يَنْفَدَ الْمَالُ، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُمَا غَيْرُ الْوَاسِعِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ يَرْجِعُ مِيرَاثًا إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ إنْ قَيَّدَ بِحَجَّةٍ رَجَعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَإِنْ أَطْلَقَ حُجَّ عَنْهُ حِجَجٌ حَتَّى يَنْفَدَ الْمَالُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ رَاجِعَانِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي ح وخش وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَيُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُهُ فِي الْمَنَاسِكِ أَيْضًا وَسَاقَ نُقُولًا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَدُفِعَ الْمُسَمَّى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا سَمَّى قَدْرًا مَعْلُومًا وَقَالَ ادْفَعُوهُ لِفُلَانٍ يَحُجَّ بِهِ عَنِّي وَفُلَانٌ غَيْرُ وَارِثٍ بِالْفِعْلِ لِلْمُوصِي فَإِنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ يُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمُوصِي وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ بِالْمُسَمَّى يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ إذَا فُهِمَ مِنْ حَالِ الْمُوصِي إعْطَاءُ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِلْمُوصَى لَهُ وَكَانَ ثُلُثُ الْمَالِ يَحْمِلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِأَقَلَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا فَالْبَاقِي يَرْجِعُ مِيرَاثًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ دَفْعِ الْمُسَمَّى لِلْمُعَيَّنِ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا رَضِيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ ذَلِكَ الْمُسَمَّى مِيرَاثًا فَعُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ دَفْعِ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ لِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ - إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ - مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَنْ يَرْضَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ بِذَلِكَ الْمُسَمَّى، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَارِثًا، وَأَنْ يُفْهَمَ مِنْ حَالِ الْمُوصِي إعْطَاءُ ذَلِكَ الْقَدْرِ لَهُ، وَأَنْ يَحْمِلَهُ الثُّلُثُ، وَأَنْ لَا يَرْضَى بِأَقَلَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ رُتْبَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِمُعَيَّنٍ مُتَعَلِّقٌ بِدُفِعَ فَرُتْبَتُهُ التَّقْدِيمُ. (قَوْلُهُ: لَا يَرِثُ) هَذَا قَيْدٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَأَمَّا قَدْرُ الْأُجْرَةِ فَيُدْفَعُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَرِثُ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى إنْ كَانَ أَحْسَنَ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ لِلْحَالِ وَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا -.

فَإِنْ أَبَى رَجَعَ مِيرَاثًا (وَإِنْ عَيَّنَ) الْمُوصِي (غَيْرَ وَارِثٍ) فَإِنْ سَمَّى لَهُ شَيْئًا لَمْ يُزَدْ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (لَمْ يُسَمِّ) لَهُ شَيْئًا مُعَيَّنًا (زِيدَ إنْ لَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُلُثُهَا) بِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلِ " زِيدَ " إنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ ذَلِكَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَرْضَ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ (تُرُبِّصَ) قَلِيلًا لَعَلَّهُ أَنْ يَرْضَى (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَرْضَ أَيْضًا (أُوجِرَ لِلصَّرُورَةِ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ الْأَحْرَارِ الْمُكَلَّفِينَ وَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا صَرَّا دَرَاهِمَهُمَا فَلَمْ يُنْفِقَاهَا (فَقَطْ) دُونَ مَا لَيْسَ بِصَرُورَةٍ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْمُعَيَّنِ وَيَرْجِعُ الْمَالُ كُلُّهُ مِيرَاثًا وَقَوْلُهُ (غَيْرُ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ، وَإِنْ) كَانَ غَيْرُهُمَا (امْرَأَةً) شَرْطٌ فِي كُلِّ أَجِيرٍ حَاجٍّ عَنْ الصَّرُورَةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالصَّرُورِةِ قَبْلَهُ (وَلَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ دَفَعَ لَهُمَا) الْمَالَ لِيَحُجَّا بِهِ عَنْ الصَّرُورَةِ حَالَ كَوْنِ الْوَصِيِّ (مُجْتَهِدًا) بِأَنْ ظَنَّ الْعَبْدَ حُرًّا وَالصَّبِيَّ بَالِغًا وَحَجَّا أَوْ لَمْ يَحُجَّا وَتَلِفَ الْمَالُ، وَيَضْمَنَانِ إنْ غَرَّا وَلَوْ حَجَّا بِالْفِعْلِ، وَيَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَمَالِ الصَّبِيِّ فَلَوْ وُجِدَ الْمَالُ لَنُزِعَ مِنْهُمَا. (وَإِنْ) سَمَّى قَدْرًا كَأَنْ قَالَ يُحَجُّ عَنِّي بِخَمْسِينَ أَوْ بِثَلَاثِينَ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي فَإِنْ (لَمْ يُوجَدْ) مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (بِمَا سَمَّى مِنْ مَكَانِهِ) أَيْ بَلَدِهِ (حُجَّ) عَنْهُ (مِنْ) الْمَكَانِ (الْمُمْكِنِ) هَذَا إنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكَانَ بَلْ (وَلَوْ سَمَّى) مَكَانًا، وَلَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا (إلَّا أَنْ يَمْنَعَ) الْحَجَّ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى، نَحْوُ لَا تَحُجُّوا عَنِّي بِكَذَا إلَّا مِنْ مَكَان كَذَا (فَمِيرَاثٌ) وَلَا يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ الْمُمْكِنِ. (وَلَزِمَهُ) أَيْ أَجِيرَ الْحَجِّ (الْحَجُّ بِنَفْسِهِ) إنْ عَيَّنَهُ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ كَكَوْنِهِ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْخَيْرُ وَالصَّلَاحُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ (لَا) يَلْزَمُهُ (الْإِشْهَادُ) عِنْدَ إحْرَامِهِ بِأَنَّهُ أَحْرَمَ عَنْ فُلَانٍ، وَقُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ قَبَضَ الْأُجْرَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لَا وَقْتَ الْإِيصَاءِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ مِنْ أَنْ يَحُجَّ بِالْقَدْرِ الَّذِي سَمَّى لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ وَارِثٍ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ شَخْصًا غَيْرَ وَارِثٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ وَسَمَّى لَهُ قَدْرًا فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لَهُ بِتَمَامِهِ وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ شَخْصًا غَيْرَ وَارِثٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا فَإِنْ رَضِيَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ ثُلُثِهَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهَا، فَإِنْ رَضِيَ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا تُرُبِّصَ بِهِ قَلِيلًا لَعَلَّهُ يَرْضَى، ثُمَّ بَعْدَ التَّرَبُّصِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا كُلُّهُ إنْ كَانَ الْحَجُّ غَيْرَ صَرُورَةٍ، وَإِلَّا أُوجِرَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ ذَلِكَ) أَيْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَثُلُثَهَا. (قَوْلُهُ: تُرُبِّصَ قَلِيلًا) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ وَقِيلَ إنَّهُ يُتَرَبَّصُ سَنَةً، ثُمَّ إنَّ زِيَادَةَ الثُّلُثِ وَالتَّرَبُّصَ عَامٌّ فِي الصَّرُورَةِ وَغَيْرِهِ وَمَحَلُّ التَّرَبُّصِ إنْ فُهِمَ مِنْهُ الطَّمَعُ فِي الزِّيَادَةِ وَأَمَّا إنْ عُلِمَ مِنْهُ الْإِبَايَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّرَبُّصِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ بِالصَّرُورِةِ قَبْلَهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي فَرْعِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فَالصَّرُورَةُ فِي غَيْرِ فَرْضِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْجَرُ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ صَبِيٌّ وَلَا عَبْدٌ كَمَا أَنَّهُ فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمَا امْرَأَةً) أَيْ وَاسْتُؤْجِرَتْ عَنْ رَجُلٍ صَرُورَةٍ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي أَصْلِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ فِي صِفَةِ الْإِحْرَامِ وَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ نِيَابَتَهَا عَنْهُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمُخَالَفَةِ. (قَوْلُهُ: لِيَحُجَّا بِهِ عَنْ الصَّرُورَةِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِي اسْتِئْجَارِهِمَا وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ لَهُمَا الْمَالَ لِيَحُجَّا عَنْ غَيْرِ الصَّرُورَةِ، أَوْ عَنْ الصَّرُورَةِ الَّذِي أَذِنَ فِي حَجِّهِمَا فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ دَفَعَ لَهُمَا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ. (قَوْلُهُ: حَالَ كَوْنِ الْوَصِيِّ مُجْتَهِدًا) أَيْ فَإِنْ دَفَعَ لَهُمَا غَيْرَ مُجْتَهِدٍ بِأَنْ دَفَعَ لَهُمَا وَهُوَ عَالِمٌ، أَوْ ظَانٌّ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ. (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ الْمَالُ) وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّهُ اجْتَهَدَ حَقَّ اجْتِهَادٍ وَقَدْ حَصَلَ الثَّوَابُ بِإِنْفَاقِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إنْ حَجَّا وَبِانْتِفَاعِهِمَا إنْ لَمْ يَحُجَّ. (قَوْلُهُ: وَمَالِ الصَّبِيِّ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْدُومًا لَا يُتْبَعُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ بْن الصَّوَابُ أَنَّهُ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ، وَكَذَلِكَ مَهْمَا تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ فَفِي ذِمَّتِهِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي) أَيْ الَّتِي مَاتَ بِهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَيُحَجُّ عَنْهُ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ فَإِنْ قَصَرَ عَنْهُ الْمَالُ فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمَّى مَكَانًا) أَيْ فَيَتَعَيَّنُ الْحَجُّ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحُجُّ مِنْهُ بِمَا سَمَّى حَجَّ مِنْ الْمُمْكِنِ، وَرَدَّ " بِلَوْ " عَلَى مَنْ قَالَ إذَا سَمَّى مَكَانًا تَعَيَّنَ الْحَجُّ مِنْهُ فَإِنْ قَصَرَ الْمَالُ عَنْ الْحَجِّ مِنْهُ رَجَعَ مِيرَاثًا وَهَذَا الْقَوْلُ لِأَشْهَبَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ إذَا قَالَ حُجُّوا عَنِّي مِنْ بَلَدِ كَذَا وَمَاتَ فِيهِ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ غَيْرَ مَا مَاتَ فِيهِ فَهُوَ لَغْوٌ اتِّفَاقًا قَالَهُ طفى. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَرِينَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَعْيِينُهُ بِالنَّصِّ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِلْحَجِّ بِنَفْسِك بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّعْيِينُ بِقَرِينَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ عَيَّنَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى تَعْيِينِهِ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالْخِطَابِ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِلْحَجِّ فَقِيلَ إنَّهُ كَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَا شَهَّرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقِيلَ: إنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَعَلَّقُ الْحَجُّ بِذِمَّتِهِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ الْأَجِيرُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْحَالِ وَكَذَا إذَا مَاتَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَوْ يُسْتَأْجَرُ مِنْ مَالِهِ مَنْ يُتِمُّ وَيَكُونُ الْفَضْلُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ قَوْلِهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ أَحْرَمَ عَنْ فُلَانٍ وَقَوْلُهُ: إنْ قَبَضَ الْأُجْرَةَ أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا، أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ -.

[أركان الحج والعمرة]

أَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ (إلَّا أَنْ يُعْرَفَ) الْإِشْهَادُ أَيْ يَجْرِيَ بِهِ الْعُرْفُ، أَوْ يُشْتَرَطَ فَيَلْزَمَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَهُوَ مُتَّهَمٌ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بِهِ عُرْفٌ وَأَشَارَ إلَى الْمَضْمُونَةِ فِي الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ (وَقَامَ وَارِثُهُ) أَيْ وَارِثُ الْأَجِيرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ (مَقَامَهُ) أَيْ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ أَيْ إنْ شَاءَ (فِي) قَوْلِ الْمُوصِي (مَنْ يَأْخُذُهُ) أَيْ الْأَجْرَ، أَوْ ادْفَعُوهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ (فِي حَجَّةٍ) فَيَرْضَى إنْسَانٌ وَإِنَّمَا قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَضْمُونٌ لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ (وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حُجَّ عَنْهُ) وَلَا يُكْتَبُ لَهُ نَافِلَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ حُجَّ عَنْهُ (أَجْرُ النَّفَقَةِ) الَّتِي أَخَذَهَا الْأَجِيرُ (وَ) لَهُ أَجْرُ (الدُّعَاءِ) الْوَاقِعِ مِنْ الْأَجِيرِ لَهُ وَلَهُ أَيْضًا أَجْرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُتَسَبِّبٌ فِي الْخَيْرِ وَيَقَعُ لِلْأَجِيرِ نَافِلَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَشَرْطِ صِحَّتِهِمَا وَشَرْطِ وُجُوبِ الْحَجِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ مِنْهُمَا وَهُوَ أَرْكَانُهُمَا وَوَاجِبَاتُهُمَا وَسُنَنُهُمَا وَمَنْدُوبَاتُهُمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ: (وَرُكْنُهُمَا) أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثَلَاثَةٌ وَيَخْتَصُّ الْحَجُّ بِرَابِعٍ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، الْأَوَّلُ (الْإِحْرَامُ) وَهُوَ نِيَّةُ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ مُتَعَلِّقَيْنِ بِهِ كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّجَرُّدِ مِنْ الْمَخِيطِ كَمَا يَأْتِي وَالرَّاجِحُ النِّيَّةُ فَقَطْ وَلَهُ مِيقَاتَانِ زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَوَقْتُهُ) أَيْ ابْتِدَاءُ وَقْتِهِ بِالنِّسْبَةِ (لِلْحَجِّ شَوَّالٌ) لِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَمْتَدُّ زَمَنُ الْإِحْلَالِ مِنْهُ (لِآخِرِ الْحَجَّةِ) وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَقْتٌ لِجَوَازِ الْإِحْرَامِ كَمَا يُوهِمُهُ لَفْظُهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ بَعْضَ هَذَا الزَّمَنِ وَقْتٌ لِجَوَازِ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ بِهِ وَهُوَ مِنْ شَوَّالٍ لِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، بَعْضُهُ وَقْتٌ لِجَوَازِ التَّحَلُّلِ وَهُوَ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِآخِرِ الْحَجَّةِ وَالْأَفْضَلُ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ مِنْ أَوَّلِ الْحَجَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ (وَكُرِهَ) الْإِحْرَامُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ شَوَّالٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ) أَيْ وَلَمْ يَقْبِضْهَا وَكَانَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ) إنْ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا، أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَإِنْ أَبَى فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْ تَرِكَةِ ذَلِكَ الْأَجِيرِ مَنْ يَحُجُّ بِأُجْرَةٍ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حُجَّ عَنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَجْرُ الدُّعَاءِ) أَيْ ثَوَابُهُ وَفِيهِ أَنَّ ثَوَابَ الدُّعَاءِ لِلدَّاعِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَوَابُ الْإِعَانَةِ عَلَى التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ فِي الدُّعَاءِ وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ شَيْخُنَا جَعْلُ الدُّعَاءِ عَطْفًا عَلَى " أَجْرُ " أَيْ وَلَهُ الدُّعَاءُ أَيْ لَهُ بَرَكَتُهُ وَهُوَ الْمَدْعُوُّ بِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْأَجِيرُ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْ فُلَانًا، أَوْ اغْفِرْ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعِبَارَةُ ابْنِ فَرْحُونٍ كَمَا فِي ح وَثَوَابُ الْحَجِّ لِلْحَاجِّ لَا لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ بَرَكَةُ الدُّعَاءِ وَثَوَابُ الْمُسَاعَدَةِ. [أَرْكَانُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَرْكَانُهُمَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الرُّكْنَ هُوَ مَا لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا يُجْزِئُ بَدَلًا عَنْهُ دَمٌ وَلَا غَيْرُهُ وَهِيَ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَيَزِيدُ الْحَجُّ عَلَى الْعُمْرَةِ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهِيَ ثَلَاثُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَفُوتُ الْحَجُّ بِتَرْكِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِشَيْءٍ وَهُوَ الْإِحْرَامُ، وَقِسْمٌ يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ بِعُمْرَةٍ وَبِالْقَضَاءِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَهُوَ الْوُقُوفُ، وَقِسْمٌ لَا يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ وَلَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْإِحْرَامِ وَلَوْ وَصَلَ لِأَقْصَى الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ رَجَعَ لِمَكَّةَ لِيَفْعَلَهُ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيُ. (قَوْلُهُ: وَوَاجِبَاتُهُمَا) هِيَ مَا يُطْلَبُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا لَزِمَهُ دَمٌ كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالتَّلْبِيَةِ وَرَمْيِ الْعَقَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَجَزَمَ ابْنُ الْحَاجِّ وَابْنُ فَرْحُونٍ بِالتَّأْثِيمِ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهَا وَتَرَدَّدَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي الْإِثْمِ. (قَوْلُهُ: وَسُنَنُهُمَا) هِيَ مَا يُطْلَبُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَرْكِهَا. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ) هِيَ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ. (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ الْحَجُّ بِرَابِعٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْكَانَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لِلْحَجِّ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَهِيَ الْإِحْرَامُ وَالْوُقُوفُ وَالطَّوَافُ وَأَمَّا السَّعْيُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّهُ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزَادَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْأَرْكَانِ الْوُقُوفَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَرَمْيَ الْعَقَبَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا غَيْرُ رُكْنَيْنِ بَلْ الْأَوَّلُ مُسْتَحَبٌّ وَالثَّانِي وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلًا بِرُكْنِيَّةِ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَاخْتُلِفَ فِي اثْنَيْنِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَهُمَا النُّزُولُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْحِلَاقُ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَرْكَانٍ بَيْنَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ وَخَارِجِهِ قَالَ ح يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إذَا أَتَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ الرُّكْنِيَّةَ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَلِيَكْثُرَ الثَّوَابُ أَشَارَ لَهُ الشَّبِيبِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ النِّيَّةُ فَقَطْ) أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ الْمُنْسَحِبَةِ حُكْمًا لِآخِرِ النُّسُكِ وَأَمَّا التَّلْبِيَةُ وَالتَّجَرُّدُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا وَاجِبٌ عَلَى حِدَتِهِ يُجْبَرُ بِالدَّمِ. (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ) أَيْ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. (قَوْلُهُ: لِفَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) الْأَوْلَى إلَى قَدْرِ الْوُقُوفِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ النَّحْرِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَدُّ زَمَنُ الْإِحْلَالِ مِنْهُ لِآخِرِ الْحَجَّةِ) أَيْ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ لِآخِرِ الْحَجَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَقْتٌ لِجَوَازِ الْإِحْرَامِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إحْرَامٌ لِلْعَامِ الْقَابِلِ قَبْلَ وَقْتِهِ فَيُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا الْمُرَادُ، وَإِنْ انْدَفَعَ بِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي يُبْتَدَأُ فِيهِ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ لَا وَقْتِ التَّحَلُّلِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ مِنْ أَوَّلِ الْحَجَّةِ إلَخْ) .

وَانْعَقَدَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (كَمَكَانِهِ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ قَبْلَ مَكَانِهِ الْآتِي بَيَانُهُ (وَفِي) كَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا مِنْ (رَابِغٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَبْلَ الْجُحْفَةِ، وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ وَمُتَّصِلٌ بِهَا وَهُوَ الْأَرْجَحُ (تَرَدُّدٌ وَصَحَّ) الْإِحْرَامُ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ وَالْمَكَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالٍ لَا وَقْتُ وُجُوبٍ (وَ) وَقْتُهُ بِالنِّسْبَةِ (لِلْعُمْرَةِ أَبَدًا) أَيْ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ السَّنَةِ (إلَّا لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ فَلِتَحَلُّلِهِ) مِنْهُ بِالْفَرَاغِ مِنْ جَمِيعِ أَفْعَالِهِ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَرَمْيِ الرَّابِعِ، أَوْ قَدْرِ رَمْيِهِ لِمَنْ تَعَجَّلَ بِأَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مَا يَسَعُ الرَّمْيَ فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ (وَكُرِهَ) الْإِحْرَامُ بِهَا (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهُ بِالْإِفْرَادِ أَيْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْفَرَاغُ مِنْ جَمِيعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ (وَقَبْلَ غُرُوبِ) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ) فَإِنْ أَحْرَمَ صَحَّ إحْرَامُهُ بِهَا لَكِنْ لَا يَفْعَلُ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ حَتَّى لَوْ تَحَلَّلَ مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَوَطِئَ أَفْسَدَهَا وَقَضَاهَا بَعْدَ إتْمَامِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ شَرَعَ فِي الْمَكَانِيِّ عَاطِفًا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَقْتُهُ فَقَالَ (وَمَكَانُهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ (لَهُ) أَيْ لِلْحَجِّ غَيْرَ قِرَانٍ بِالنِّسْبَةِ (لِلْمُقِيمِ) بِمَكَّةَ مُتَوَطِّنًا بِهَا أَمْ لَا، كَانَتْ الْإِقَامَةُ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَمْ لَا، (بِمَكَّةَ) أَيْ الْأَوْلَى لِغَيْرِ ذِي النَّفْسِ لَا الْمُتَعَيَّنُ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ، أَوْ مِنْ الْحَرَمِ خَالَفَ الْأَوْلَى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الْمُقِيمِ بِهَا مَنْ مَنْزِلُهُ بِالْحَرَمِ كَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ (وَنُدِبَ) لَهُ الْإِحْرَامُ (بِالْمَسْجِدِ) أَيْ فِي جَوْفِهِ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَيُلَبِّي وَهُوَ جَالِسٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ وَشُبِّهَ فِي الِاسْتِحْبَابِ قَوْلُهُ (كَخُرُوجِ) الْمُقِيمِ بِهَا الْآفَاقِيِّ (ذِي التَّفَثِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مَعَهُ سَعَةُ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْخُرُوجُ لِمِيقَاتِهِ، وَإِدْرَاكُ الْحَجِّ فَيُنْدَبُ لَهُ الْخُرُوجُ (لِمِيقَاتِهِ وَ) لِأَنَّ مَكَانَ الْإِحْرَامِ (لَهَا) أَيْ لِلْعُمْرَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ (وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ) لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ فِي كُلِّ إحْرَامٍ، وَلَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْحَرَمِ، وَانْعَقَدَ إنْ وَقَعَ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ كَمَا يَأْتِي (وَالْجِعْرَانَةُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (أَوْلَى) مِنْ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْحِلِّ بِالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مِنْهَا لِاعْتِمَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ اعْتَمَرَ مِنْهَا ثَلَثُمِائَةِ نَبِيٍّ (ثُمَّ) يَلِيهَا فِي الْفَضْلِ (التَّنْعِيمُ) الْمُسَمَّى الْآنَ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْرَةِ أَيْضًا وَأَمَّا الْقِرَانُ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ فَإِنْ أَحْرَمَ لَهَا فِي الْحَرَمِ خَرَجَ لِلْحِلِّ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَوَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَانْعَقَدَ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَنْ مَالِكٍ عَدَمُ انْعِقَادِهِ كَذَا فِي عبق وَمِثْلُهُ فِي ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ شَيْخَيْ الْمُصَنِّفِ فَالْأَوَّلُ لِسَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَالثَّانِي لِسَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ الزَّوَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْإِحْرَامُ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ " وَالْمَكَانِيِّ " أَيْ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالٍ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ قَبْلَ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ وَقْتُ وُجُوبٍ، ثُمَّ إنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَصَحَّ " لَزِمَ وَأَتَى بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ قَطْعِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ زَمَانِهِ، أَوْ مَكَانِهِ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَالصَّلَاةِ بِوَقْتِ نَهْيٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلِتَحَلُّلِهِ) أَيْ فَمِنْ وَقْتِ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: بِالْفَرَاغِ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلتَّحَلُّلِ مِنْهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِحَجٍّ وَلَوْ قَالَ إلَّا لِمُحْرِمٍ بِنُسُكٍ كَانَ أَوْلَى إذْ لَا تَنْعَقِدُ عُمْرَةٌ عَلَى حَجٍّ وَلَا عَلَى عُمْرَةٍ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ) أَيْ وَهُمَا رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى بَعْدَهُ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَبَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ الرَّابِعِ، أَوْ مُضِيِّ قَدْرِهِ تَكُونُ صَحِيحَةً مَعَ الْكَرَاهَةِ مَعَ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: صَحَّ إحْرَامُهُ بِهَا) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَحَلَّلَ مِنْهَا) أَيْ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَفْعَلُ مِنْهَا شَيْئًا إلَخْ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهَا الدُّخُولُ لِلْحَرَمِ بِسَبَبِهَا فَإِذَا دَخَلَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ لِأَجْلِهَا أَعَادَهُ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ قِرَانٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ غَيْرَ قِرَانٍ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَنْ بِمَكَّةَ أَرَادَ الْإِحْرَامَ عَلَى وَجْهِ الْقِرَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ وَيُحْرِمُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَوْلَى لِغَيْرِ ذِي النَّفْسِ) أَيْ مَكَانُهُ الْأَوْلَى لَا الْمُتَعَيَّنُ وَقَوْلُهُ: لِغَيْرِ ذِي النَّفْسِ أَيْ وَأَمَّا ذُو النَّفْسِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ لِمِيقَاتِهِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ ذِي النَّفْسِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ الْآفَاقِيِّ ذِي النَّفْسِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْرَمَ) أَيْ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ مِنْ الْحِلِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْحَرَمِ أَيْ غَيْرِ مَكَّةَ كَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لَهُ) أَيْ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ: " الْإِحْرَامُ بِالْمَسْجِدِ " أَيْ الْإِحْرَامُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: " مَوْضِعِ صَلَاتِهِ " أَيْ الَّتِي يُحْرِمُ بَعْدَهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ) أَيْ ثُمَّ يُلَبِّي بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْحِلُّ) الْمُرَادُ بِهِ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ. (قَوْلُهُ: لِيَجْمَعَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْعُمْرَةِ وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَالْجَمْعُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْرَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْقِرَانُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِعَرَفَةَ إنَّمَا هُوَ لِلْحَجِّ فَقَطْ لَكِنْ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ الْقَارِنُ لِلْحِلِّ لَكَفَاهُ خُرُوجُهُ لِعَرَفَةَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِلْحِلِّ ابْتِدَاءً وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ الشَّرْطُ) أَيْ وَلَا يَرِدُ إحْرَامُ الْمُفْرِدِ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ لِعَرَفَةَ وَهِيَ فِي الْحِلِّ فَقَدْ جَمَعَ فِي إحْرَامِهِ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَلِيهَا إلَخْ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ مَا فِي النَّوَادِرِ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ لَا أَفْضَلِيَّةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا فِي (قَوْلِهِ: الْمُسَمَّى الْآنَ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ) قِيلَ إنَّمَا سُمِّيَ التَّنْعِيمُ بِذَلِكَ -.

(وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ) إنْ فَعَلَهُمَا قَبْلَ خُرُوجِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ وَرُجُوعِهِ لِفَسَادِهِمَا قَبْلَ الْخُرُوجِ (وَأَهْدَى إنْ حَلَقَ) بَعْدَ سَعْيِهِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ حَلَقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَالتَّعْبِيرُ بِأَهْدَى تَجَوُّزٌ عَنْ افْتَدَى وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ الْحَرَمِ فَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِلْحِلِّ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَا يَطُوفُ وَيَسْعَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَالسَّعْيَ بَعْدَهُ يَنْدَرِجُ فِيهِمَا طَوَافُ وَسَعْيُ الْعُمْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى خَرَجَ لِعَرَفَةَ فَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَسَعَى فَاسْتُظْهِرَ الْإِجْزَاءُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ قَبْلَ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِعَرَفَةَ لَمْ يَكُنْ لِلْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحَجِّ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ طَوَافَهَا لَمَّا انْدَرَجَ فِي طَوَافِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الشَّرْطِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ أَغْنَى عَنْ طَوَافِهَا وَكَذَا السَّعْيُ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا سَبَقَ (فَلَهُمَا) أَيْ فَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (ذُو الْحُلَيْفَةِ) تَصْغِيرُ حَلْفَةَ، لِلْمَدَنِيِّ وَمَنْ وَرَاءَهُ (وَالْجُحْفَةُ) لِأَهْلِ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ وَالتَّكْرُورِ وَالشَّامِ وَالرُّومِ (وَيَلَمْلَمُ) لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ (وَقَرْنٌ) لِأَهْلِ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ (وَذَاتُ عِرْقٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَخُرَاسَانَ وَالْمَشْرِقِ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ. (وَ) مَكَانُهُ لَهُمَا (مَسْكَنٌ دُونَهَا) أَيْ الْمَوَاقِيتِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ كَانَ الْمَسْكَنُ أَقْرَبَ لِمَكَّةَ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ فَيُحْرِمُ مِنْ مَسْكَنِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ إنْ أَفْرَدَ كَأَنْ قَرَنَ أَوْ اعْتَمَرَ وَكَانَ بِالْحِلِّ فَإِنْ كَانَ بِالْحَرَمِ خَرَجَ لِلْحِلِّ عَلَى مَا مَرَّ وَمَسْكَنٌ بِالتَّنْوِينِ (وَ) مَكَانُهُ لَهُمَا أَيْضًا (حَيْثُ) أَيْ مَكَانٌ (حَاذَى) أَيْ قَابَلَ فِيهِ (وَاحِدًا) مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ (أَوْ مَرَّ) بِهِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُحَاذِي مُسَافِرًا (بِبَحْرٍ) لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْيِيدُهُ بِبَحْرِ الْقُلْزُمِ وَهُوَ بَحْرُ السُّوَيْسِ وَهُوَ نَاحِيَةُ مِصْرَ حَيْثُ يُحَاذِي بِهِ الْجُحْفَةَ فَإِنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْهُ لِلْبَرِّ لَزِمَهُ دَمٌ وَأَمَّا بَحْرُ عَيْذَابٍ وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ فَلَا يَلْزَمُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ بِمُحَاذَاةِ الْمِيقَاتِ أَيْ الْجُحْفَةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّ الرِّيحَ تَرُدُّهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ لِلْبَرِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُخْرِجَ أُخْتَهُ عَائِشَةَ لَهُ لِتُحْرِمَ مِنْهُ» . (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ لِلْحِلِّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ أَعَادَ (طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ) بَعْدَ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ وَرُجُوعِهِ مِنْهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ لِلْحِلِّ حَتَّى خَرَجَ لِعَرَفَةَ وَطَافَ وَسَعَى فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا فِي ح وشب. (قَوْلُهُ: لِفَسَادِهِمَا قَبْلَ الْخُرُوجِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا فُعِلَا بِغَيْرِ شَرْطِهِمَا. (قَوْلُهُ: عَنْ " افْتَدَى ") أَيْ لِأَنَّ الْحِلَاقَ لَا هَدْيَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ فِيمَا يَتَرَفَّهُ بِهِ، أَوْ يُزِيلُ أَذًى، وَالْحِلَاقُ يَتَرَفَّهُ بِهِ وَقَدْ يُزِيلُ أَذًى كَمَا لَوْ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَاءِ الشَّعْرِ حُصُولُ صُدَاعٍ وَكَانَ الْحِلَاقُ يُزِيلُهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَطُوفُ وَيَسْعَى بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي الْقَارِنِ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ وَهَذَا لَا يَكُونُ سَعْيُهُ إلَّا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ إذْ لَا قُدُومَ عَلَيْهِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْخُرُوجِ لِعَرَفَةَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَجْزَأَ) أَيْ خُرُوجُهُ لِعَرَفَةَ مَعَ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحَجِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَقْصُودُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَجَّ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا السَّعْيُ) أَيْ وَكَذَلِكَ سَعْيُهَا لَمَّا كَانَ مُنْدَرِجًا فِي سَعْيِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الشَّرْطِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ أَغْنَى عَنْ سَعْيِهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي حُكْمِهَا) أَيْ وَهُوَ الَّذِي مَنْزِلُهُ بِالْحَرَمِ كَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: دُونَهَا) نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِمَسْكَنٍ أَيْ مَسْكَنٌ كَائِنٌ دُونَهَا وَقَوْلُهُ: وَمَسْكَنٌ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ذُو الْحُلَيْفَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ " وَمَسْكَنٌ دُونَهَا " أَيْ لِجِهَةِ مَكَّةَ بِأَنْ يَكُونَ الْمِيقَاتُ خَلْفَ مَنْزِلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ دُونَهَا جِهَةَ الذَّاهِبِ لِمَكَّةَ بِحَيْثُ يَكُونُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ كَقُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ وَمَرِّ الظَّهْرَانِ الْمُسَمَّى الْآنَ بِوَادِي فَاطِمَةَ فَمِيقَاتُهُ مَنْزِلُهُ، أَوْ مَسْجِدُهُ إنْ أَفْرَدَ وَتَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ عَنْ مَنْزِلِهِ كَتَأْخِيرِهِ عَنْ الْمَوَاقِيتِ فِي لُزُومِ الدَّمِ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَاذَى وَاحِدًا) حَيْثُ: اسْمُ مَكَان مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَطْفًا عَلَى ذُو مِنْ " ذُو الْحُلَيْفَةِ " أَيْ وَمَكَانٌ حَاذَى فِيهِ وَاحِدًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ الْمُحَاذِي مَسْكَنًا لِذَلِكَ الْمُحْرِمِ أَوْ كَانَ الْمُحْرِمُ مَارًّا فِي ذَلِكَ الْمُحَاذِي. (قَوْلُهُ: أَيْ قَابَلَ فِيهِ وَاحِدًا) الْأَوْلَى سَامَتَ فِيهِ وَاحِدًا أَيْ بِمَيَامِنِهِ، أَوْ مَيَاسِرِهِ وَأَمَّا إذَا حَاذَاهُ بِمُقَابَلَةٍ فَلَا يُحْرِمُ إلَّا إذَا أَتَاهُ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَرَّ) عَطْفٌ عَلَى حَاذَى أَيْ وَمَكَانُهُ لَهُمَا مَكَانٌ مَرَّ بِهِ مِنْهُمَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَغَايَرَ قَوْلَهُ: وَإِلَّا فَلَهُمَا ذُو الْحُلَيْفَةِ إلَخْ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْيِيدُهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُسَافِرَ فِي الْبَحْرِ يُحْرِمُ إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ وَلَا يُؤَخِّرُ إلَى الْبَرِّ سَوَاءٌ كَانَ بَحْرَ الْقُلْزُمِ، أَوْ بَحْرَ عَيْذَابٍ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْيِيدُهُ إلَخْ هَذَا التَّفْصِيلُ لِسَنَدٍ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وح وَقَالَ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُحَاذِي بِهِ) أَيْ فِيهِ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ دَمٌ) فِي بْن خِلَافُهُ وَأَنَّ رَاكِبَ الْبَحْرِ يُرَخَّصُ لَهُ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ لِلْبَرِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا فِي بَحْرِ الْقُلْزُمِ، أَوْ بَحْرِ عَيْذَابٍ نَعَمْ إذَا أَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِلْبَرِّ فَالْمَكَانُ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ الْمَكَانُ الْمُحَاذِي لِمِيقَاتِهِ الَّذِي هُوَ الْجُحْفَةُ. (قَوْلُهُ: عَيْذَابٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ. (قَوْلُهُ: بِمُحَاذَاةِ الْمِيقَاتِ) بَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَرَّ. (قَوْلُهُ: الْجُحْفَةِ أَيْضًا) فِيهِ أَنَّ مِيقَاتَهُ الَّذِي يُحَاذِيهِ يَلَمْلَمُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الرِّيحَ تَرُدُّهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّفَرَ مِنْهُ -.

بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (إلَّا كَمِصْرِيٍّ) وَمَغْرِبِيٍّ وَشَامِيٍّ (يَمُرُّ بِالْحُلَيْفَةِ) قَاصِدًا الْمُرُورَ بِالْجُحْفَةِ، أَوْ مُحَاذَاتَهَا (فَهُوَ) أَيْ إحْرَامُهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ (أَوْلَى) فَقَطْ لَا وَاجِبٌ لِأَنَّ مِيقَاتَهُ أَمَامَهُ. (وَإِنْ لِحَيْضٍ) أَيْ أَوْلَى، وَإِنْ لِذَاتِ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ (رُجِيَ رَفْعُهُ) قَبْلَ الْجُحْفَةِ فَالْأَوْلَى لَهَا الْإِحْرَامُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى إحْرَامِهَا الْآنَ بِلَا صَلَاةٍ؛ لِأَنَّهَا تُقِيمُ فِي الْعِبَادَةِ أَيَّامًا قَبْلَ أَنْ تَصِلَ لِلْجُحْفَةِ فَلَا يَفِي رُكُوعُهَا لِلْإِحْرَامِ الْمُتَأَخِّرِ بِفَضْلِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ مَعَ كَوْنِ إحْرَامِهَا الْمُتَقَدِّمِ مِنْ مِيقَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَارُّ بِالْحُلَيْفَةِ الْمُرُورَ بِالْجُحْفَةِ وَلَا مُحَاذَاتِهَا وَجَبَ إحْرَامُهُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ وَشُبِّهَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ قَوْلُهُ (كَإِحْرَامِهِ) أَيْ مُرِيدِ الْإِحْرَامِ مِنْ أَيِّ مِيقَاتٍ (أَوَّلَهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِلطَّاعَةِ إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَالْأَفْضَلُ الْإِحْرَامُ مِنْ مَسْجِدِهَا، أَوْ فِنَائِهِ لَا مِنْ أَوَّلِهِ (وَ) كَ (إزَالَةِ شَعَثِهِ) مِنْ تَقْلِيمِ ظُفُرٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَحَلْقِ عَانَةٍ وَنَتْفِ إبِطٍ وَإِزَالَةِ شَعْرِ بَدَنِهِ إلَّا شَعْرَ رَأْسِهِ فَالْأَفْضَلُ إبْقَاؤُهُ طَلَبًا لِلشَّعْثِ فِي الْحَجِّ وَالشَّعَثُ الدَّرَنُ وَالْوَسَخُ وَالْقَشَفُ (وَتَرْكِ اللَّفْظِ بِهِ) أَيْ بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى النِّيَّةِ أَوْلَى كَالصَّلَاةِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمِيقَاتِ وَأَهْلِهِ شَرَعَ فِي تَقْسِيمِ الْمَارِّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ إحْرَامِهِ وَعَدَمِهِ إلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُرِيدٌ لِمَكَّةَ، أَوْ لَا، وَالْمُرِيدُ إمَّا أَنْ يَتَرَدَّدَ، أَوْ لَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبًا بِالْحَجِّ، أَوْ لَا فَقَالَ: (وَالْمَارُّ بِهِ) أَيْ بِالْمِيقَاتِ (إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ) بِأَنْ كَانَتْ حَاجَتُهُ دُونَهَا، أَوْ فِي جِهَةٍ أُخْرَى كَانَ مِمَّنْ يُخَاطَبُ بِالْحَجِّ، أَوْ لَا (أَوْ) يُرِيدُهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْحَجِّ (كَعَبْدٍ) وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، أَوْ يُخَاطَبُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَكَافِرٍ (فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ) فِي مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ حَلَالًا (وَإِنْ) بَدَا لَهُ دُخُولُهَا بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ، أَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْعَبْدِ، أَوْ الصَّبِيِّ، أَوْ أُعْتِقَ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَ (أَحْرَمَ) وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِفَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُمْ جَاوَزُوا الْمِيقَاتَ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ الْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ جَاوَزَهُ فِي وَقْتٍ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْإِحْرَامُ. (إلَّا الصَّرُورَةَ الْمُسْتَطِيعَ) الَّذِي أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَعْدَ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ حَلَالًا وَكَانَ حَالَ مُرُورِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ الدُّخُولَ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي لُزُومِ الدَّمِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بِإِحْرَامِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مُرِيدِ الْإِحْرَامِ حَالَ الْمُرُورِ، وَعَدَمُ لُزُومِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي لُجَّةِ الْبَحْرِ لَا مَعَ السَّاحِلِ فَإِذَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ رَدَّتْهُ فَيَبْقَى مُحْرِمًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْبَرِّ وَلِذَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي حَاذَى فِيهِ الْمِيقَاتَ بَلْ يُؤَخِّرُ إحْرَامَهُ حَتَّى يَصِلَ لِلْبَرِّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) أَيْ لِأَنَّ السَّيْرَ فِيهِ مَعَ السَّاحِلِ فَيُمْكِنُهُ إذَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ النُّزُولُ إلَى الْبَرِّ فَلِذَا تَعَيَّنَ إحْرَامُهُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي يُحَاذِي فِيهِ الْمِيقَاتَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ النُّزُولُ لِلْبَرِّ لَكِنَّ فِيهِ مَضَرَّةً بِمُفَارَقَةِ رَحْلِهِ فَلِذَا قِيلَ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي حَاذَى فِيهِ الْمِيقَاتَ بَلْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ حَتَّى يَصِلَ لِلْبَرِّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَّا كَمِصْرِيٍّ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَرَّ بِهِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمَارِّ مِنْ الْمِيقَاتِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ مِيقَاتُهُ أَمَامَهُ كَمِصْرِيٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: الْآنَ) أَيْ مِنْ الْحُلَيْفَةِ. (قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ) أَيْ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ لِآخِرِ الْمِيقَاتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَسْجِدِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ إحْرَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (قَوْلُهُ: وَكَإِزَالَةِ شَعَثِهِ) أَيْ عِنْدَ التَّلَبُّسِ بِالْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبًا بِالْحَجِّ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ السِّتَّةِ أَنَّ الْمَارَّ بِالْمِيقَاتِ إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مُخَاطَبًا بِالْحَجِّ، أَوْ لَا أَوْ أَرَادَهَا وَكَانَ غَيْرَ مُتَرَدِّدٍ وَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالْحَجِّ، أَوْ أَرَادَهَا وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ سَوَاءٌ كَانَ مُخَاطَبًا بِهِ أَوْ لَا فَفِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْخَمْسَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَلَا دَمَ فِي مُجَاوَزَتِهِ حَلَالًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لِمَكَانٍ قَرِيبٍ عَازِمًا عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لَهَا وَلَوْ أَقَامَ بِهِ كَثِيرًا، ثُمَّ عَادَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ، أَوْ خَرَجَ لِمَكَانٍ قَرِيبٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْعَوْدَ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ كَثِيرًا وَأَمَّا إذَا أَرَادَهَا وَهُوَ مِمَّنْ يُخَاطَبُ بِالْحَجِّ وَكَانَ غَيْرَ مُتَرَدِّدٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَأَثِمَ إنْ جَاوَزَهُ حَلَالًا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ أَرَادَهَا لِغَيْرِ نُسُكٍ كَتِجَارَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهَا بَلَدَهُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَهَا لِنُسُكٍ لَزِمَهُ الدَّمُ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ حَلَالًا إذَا لَمْ يَرْجِعْ لَهُ، وَيُحْرِمُ مِنْهُ فَإِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ حَلَالًا وَأَحْرَمَ بَعْدَهُ ثُمَّ رَجَعَ لِلْمِيقَاتِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْهُ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ لِلْمِيقَاتِ فِي سُقُوطِ الدَّمِ إلَّا إذَا رَجَعَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ مِمَّنْ يُخَاطَبُ بِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَدَا لَهُ دُخُولُهَا) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا دَمَ وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ، أَوْ " أَذِنَ إلَخْ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، " أَوْ يُرِيدُهَا إلَخْ " فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْعَبْدِ، أَوْ الصَّبِيِّ) أَيْ فِي الْإِحْرَامِ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْرَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِفَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ) أَيْ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ. . (قَوْلُهُ: إلَّا الصَّرُورَةَ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ لِلْمِيقَاتِ وَالتَّأْوِيلُ بِلُزُومِ الدَّمِ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَالتَّأْوِيلُ بِعَدَمِ لُزُومِهِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ: أَنْ يَحْصُلَ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ حَلَالًا إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَنْ يَكُونَ صَرُورَةً، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَطِيعًا، وَأَنْ يَكُونَ حِينَ مُرُورِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ -.

نَظَرًا لِحَالِ مُرُورِهِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي فَإِنْ أَحْرَمَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَا دَمَ اتِّفَاقًا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةً، أَوْ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ. (وَمُرِيدُهَا) أَيْ مَكَّةَ لَا يَخْلُو (إنْ تَرَدَّدَ) لَهَا مُتَسَبِّبًا بِفَاكِهَةٍ، أَوْ حَطَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ عَادَ لَهَا) مِنْ قَرِيبٍ كَمَسَافَةِ قَصْرٍ فَدُونَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا لَا يُرِيدُ الْعَوْدَ وَلَوْ أَقَامَ بِهِ كَثِيرًا (لَأَمْرٍ) عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ، أَوْ يُرِيدُ الْعَوْدَ وَرَجَعَ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ وَلَمْ يُقِمْ فِيهِ كَثِيرًا وَلَوْ لِغَيْرِ عَائِقٍ (فَكَذَلِكَ) أَيْ كَالْمَارِّ الَّذِي لَمْ يُرِدْهَا لَا يَلْزَمُهُ إحْرَامٌ وَلَا دَمٌ، وَإِنْ أَحْرَمَ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَهَا لِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ لِأَنَّهَا بَلَدُهُ أَوْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، أَوْ عَادَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَتَرْكِ السَّفَرِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْإِحْرَامُ) مِنْ الْمِيقَاتِ إنْ وَصَلَهُ، وَإِلَّا فَدُونَهُ (وَأَسَاءَ) أَيْ أَثِمَ (تَارِكُهُ) مِنْهُ وَلَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَجَبَ بَلْ هُوَ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ؛ إذْ كَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُ أَسَاءَ فِي الْكَرَاهَةِ فَيُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّأْكِيدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا فِي الشُّرَّاحِ مَمْنُوعٌ وَلَمَّا أَوْهَمَ قَوْلُهُ وَجَبَ الْإِحْرَامُ إلَخْ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ فِي مُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ حَلَالًا مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ وَلَوْ صَرُورَةً (إنْ لَمْ يَقْصِدْ) حَالَ مُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ بِدُخُولِهِ مَكَّةَ (نُسُكًا) بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ بِأَنْ قَصَدَ بِدُخُولِهِ التِّجَارَةَ مَثَلًا وَلَوْ بَدَا لَهُ النُّسُكُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْرَمَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ مَكَّةَ لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ قَصْدَ مَكَّةَ كَقَصْدِ النُّسُكِ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَاعْتَمَدُوهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ نُسُكًا (رَجَعَ) وُجُوبًا لِلْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ (وَإِنْ شَارَفَهَا) أَيْ مَكَّةَ بَلْ، وَإِنْ دَخَلَهَا مَا لَمْ يُحْرِمْ فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ دَخَلَهَا كَانَ أَخْصَرَ وَأَفْيَدَ وَأَسْلَمَ مِنْ الْإِيهَامِ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ إذَا رَجَعَ قَبْلَ إحْرَامِهِ إنْ جَهِلَ حُرْمَةَ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ حَلَالًا بَلْ (وَإِنْ عَلِمَ) حُرْمَةَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ (مَا لَمْ يَخَفْ) قَاصِدُ النُّسُكِ بِرُجُوعِهِ (فَوْتًا) لِنُسُكِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّجُوعِ لِكَمَرَضٍ فَإِنْ خَافَ مَا ذُكِرَ (فَالدَّمُ) وَيُحْرِمُ مِنْ مَكَانِهِ وَيَتَمَادَى (كَرَاجِعٍ) أَيْ كَلُزُومِ الدَّمِ لِرَاجِعٍ لِلْمِيقَاتِ وَقَدْ تَعَدَّاهُ حَلَالًا، ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ (بَعْدَ إحْرَامِهِ) وَلَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ رُجُوعُهُ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ (وَلَوْ أَفْسَدَ) حَجَّهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَرْجِعْ (لَا) إنْ (فَاتَ) وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَيَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ غَيْرَ قَاصِدٍ نُسُكًا، ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لِانْقِلَابِ حَجِّهِ لَهَا وَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْإِحْرَامِ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ دُخُولَ مَكَّةَ فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ هَذِهِ الْقُيُودِ فَلَا دَمَ اتِّفَاقًا فِي الثَّلَاثَةِ فِي الْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهُ الدَّمُ اتِّفَاقًا فِي الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِحَالِ مُرُورِهِ) أَيْ عَدَمِ إرَادَتِهِ الدُّخُولَ. (قَوْلُهُ: وَمُرِيدُهَا إنْ تَرَدَّدَ) اللَّخْمِيُّ: يُحْرِمُ الْمُتَرَدِّدُ أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْتِحْبَابًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمُرِيدُهَا إلَخْ لَيْسَ فِي مُتَعَدِّي الْمِيقَاتِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ وَأَمَّا الْمَارُّ عَلَى الْمِيقَاتِ إذَا أَرَادَ مَكَّةَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمُتَرَدِّدِ وَغَيْرِهِ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ اُنْظُرْ طفى اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْقَرِيبِ. (قَوْلُهُ: لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا لَا يُرِيدُ الْعَوْدَ لَهَا وَرَجَعَ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ لِغَيْرِ عَائِقٍ أَحْرَمَ، وَإِلَّا وَجَبَ الدَّمُ بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا يُرِيدُ الْعَوْدَ هَذَا مَا حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ ح وَحَاصِلُ مَا فِي الْمُقَامِ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لِمَحَلٍّ بَعِيدٍ زَائِدٍ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، ثُمَّ رَجَعَ لَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِحْرَامِ أَقَامَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، رَجَعَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ أَمْ لَا كَانَ حِينَ خُرُوجِهِ نَاوِيًا الْعَوْدَ لِمَكَّةَ أَمْ لَا فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْمَتْنِ وَأَمَّا إنْ خَرَجَ مِنْهَا لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَقَلَّ فَإِنْ كَانَ نِيَّتُهُ الْعَوْدَ لَهَا وَرَجَعَ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْرَامِهِ إنْ أَقَامَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ كَثِيرًا، رَجَعَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ أَقَامَ بِهِ قَلِيلًا فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ رَجَعَ لِأَمْرٍ عَاقَهُ أَمْ لَا فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَتْنِ أَيْضًا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ وَلَيْسَ نِيَّتُهُ الْعَوْدَ إلَيْهَا، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ مَكَثَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ عَادَ لَا لِأَمْرٍ عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ بَلْ لِكَوْنِهِ بَدَا لَهُ عَدَمُ السَّفَرِ رَجَعَ بِإِحْرَامٍ، أَقَامَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَبَقِيَ مَا إذَا خَرَجَ مِنْهَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ بِالْعَوْدِ وَلَا بِعَدَمِهِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ بُعْدٍ أَحْرَمَ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ فَمَحَلُّ نَظَرٍ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ مُرِيدُهَا مُتَرَدِّدًا إلَيْهَا وَلَا عَائِدًا إلَيْهَا لِأَمْرٍ عَاقَهُ بِأَنْ أَرَادَهَا لِنُسُكٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ) أَيْ أَوْ عَادَ لِمَكَّةَ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا نَاوِيًا الْعَوْدَ لَهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَوْدُهُ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَدُونَهُ) أَيْ وَإِلَّا أَحْرَمَ دُونَهُ أَيْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَمْ يَصِلْ لِلْمِيقَاتِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الشُّرَّاحِ مَمْنُوعٌ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّأَكُّدُ الصَّادِقُ بِالنَّدْبِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَأَسَاءَ تَارِكُهُ أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ) أَيْ فِي تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَرُورَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ صَرُورَةٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ صَرُورَةً وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، أَوْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الدَّمُ مُطْلَقًا صَرُورَةً أَمْ لَا أَحْرَمَ أَمْ لَا وَقِيلَ إنْ كَانَ صَرُورَةً فَالدَّمُ، أَحْرَمَ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَرُورَةٍ فَلَا دَمَ، أَحْرَمَ أَمْ لَا وَقِيلَ عَلَيْهِ الدَّمُ إنْ كَانَ صَرُورَةً وَأَحْرَمَ، وَإِنْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا دَمَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَكَّةَ) أَيْ أَوْ قَصَدَ مَكَّةَ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى " تِجَارَةٍ ". (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَاتَ) أَيْ حَجُّهُ الَّذِي أَحْرَمَ لَهُ بَعْدَ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ حَلَالًا.

يَتَسَبَّبْ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إفْسَادِهِ فَإِنْ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ فَعَلَيْهِ الدَّمُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَفُتْهُ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِحْرَامُ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ (بِالنِّيَّةِ) إنْ وَافَقَهَا لَفْظُهُ بَلْ (وَإِنْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ) كَأَنْ نَوَى الْإِفْرَادَ وَتَلَفَّظَ بِالْقِرَانِ أَوْ عَكْسَهُ (وَلَا دَمَ) لِهَذِهِ الْمُخَالَفَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّمُ لِشَيْءٍ آخَرَ كَمَا إذَا نَوَى الْقِرَانَ وَتَلَفَّظَ بِالْإِفْرَادِ فَفِيهِ الدَّمُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ وَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ (وَإِنْ) حَصَلَتْ (بِجِمَاعٍ) أَيْ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ وَيَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَيُتِمُّهُ وَيَقْضِيهِ وَيُهْدِي، وَمَصَبُّ الْحَصْرِ قَوْلُهُ (مَعَ قَوْلٍ) كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّهْلِيلِ (أَوْ فِعْلٍ) كَالتَّوَجُّهِ فِي الطَّرِيقِ وَالتَّجَرُّدِ مِنْ الْمَخِيطِ وَالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ حَالَ الْجِمَاعِ يُمْكِنُهُ الْقَوْلُ، أَوْ الْفِعْلُ بِأَنْ يُجَامِعَ عَلَى دَابَّتِهِ حَالَ التَّوَجُّهِ (تَعَلَّقَا بِهِ) أَيْ بِالْإِحْرَامِ مِنْ تَعَلُّقِ الْجُزْءِ بِالْكُلِّ إذْ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ جُزْءٌ مِنْ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ النِّيَّةِ مَعَ قَوْلٍ، أَوْ مَعَ فِعْلٍ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّ الْإِحْرَامَ هُوَ النِّيَّةُ فَقَطْ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ، وَيَنْعَقِدُ بِمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ (بَيَّنَ) مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هُمَا (أَوْ أَبْهَمَ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا كَأَحْرَمْتُ لِلَّهِ لَكِنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ. وَيُنْدَبُ صَرْفُهُ لِلْإِفْرَادِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَرَفَهُ) نَدْبًا (لِحَجٍّ) مُفْرَدٍ إنْ وَقَعَ الصَّرْفُ قَبْلَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَقَدْ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا صَرَفَهُ نَدْبًا لِعُمْرَةٍ، وَكُرِهَ لِحَجٍّ فَإِنْ طَافَ وَجَبَ صَرْفُهُ لِلْإِفْرَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ أَحْرَمَ بَعْدَ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ قَاصِدًا نُسُكًا. (قَوْلُهُ: إنْ وَافَقَهَا لَفْظُهُ) أَيْ بِأَنْ نَوَى الْإِفْرَادَ، أَوْ الْقِرَانَ وَتَلَفَّظَ بِمَا نَوَاهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ، وَإِنْ خَالَفَهَا لَفْظُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَمْدًا فَلَيْسَ كَالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا دَمَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَعَلَى الثَّانِي هَلْ الدَّمُ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّفْظُ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا لَفَظَ بِقِرَانٍ، أَوْ مُطْلَقًا احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا يَدُلُّ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ كَمَا لَوْ نَوَى الْقِرَانَ وَتَلَفَّظَ بِالْإِفْرَادِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا نَقُلْ الْمَنْفِيُّ لُزُومُ الدَّمِ لِهَذِهِ الْمُخَالِفَةِ بَلْ الْمَنْفِيُّ لُزُومُهُ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَتْ بِجِمَاعٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَتْ النِّيَّةُ مَعَ جِمَاعٍ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْإِحْرَامَ عَلَى شَرْطِ أَنَّهُ يُجَامِعُ وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءٌ وَلَا إنْزَالٌ فَهَذَا لَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَذَا فِي ح عَنْ طُرَرِ التَّلْقِينِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الِانْعِقَادُ وَسُقُوطُ الشَّرْطِ كَمَا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِنْ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضَاءِ لَمْ يُفِدْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا رَيْبَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ غَازِيٍّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ بِجِمَاعٍ يَقْتَضِي أَنَّ النِّيَّةَ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ فِي انْعِقَادِهِ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ مَعَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُصَاحِبَهَا قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ تَعَلَّقَا بِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ إلَخْ مَصَبُّ الْحَصْرِ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ بِالنِّيَّةِ وَبِقَوْلِهِ، وَإِنْ بِجِمَاعٍ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْقَوْلُ حَالَةَ الْجِمَاعِ بِأَنْ يُجَامِعَ وَهُوَ يُلَبِّي وَيُمْكِنُهُ الْفِعْلُ حَالَةَ الْجِمَاعِ أَيْضًا بِأَنْ يُجَامِعَ عَلَى دَابَّتِهِ وَهِيَ مُتَوَجِّهَةٌ فِي الطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَا بِهِ) احْتَرَزَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ كَالْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ) أَيْ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ صُرِّحَ فِي التَّلْقِينِ وَالْمُعَلِّمِ وَالْقَبَسِ. (قَوْلُهُ: هُوَ النِّيَّةُ فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ يَنْوِيَ فِي قَلْبِهِ الدُّخُولَ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ، أَوْ هُمَا، وَأَمَّا التَّلْبِيَةُ وَالتَّجَرُّدُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا وَاجِبٌ عَلَى حِدَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْحَجِّ لَا يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْإِحْرَامَ مُرَكَّبًا مِنْ النِّيَّةِ وَالْقَوْلِ، أَوْ الْفِعْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِالنِّيَّةِ لِلْآلَةِ وَإِنْ جُعِلَتْ لِلتَّصْوِيرِ كَانَتْ الْمُصَاحَبَةُ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ شَرْطَ صِحَّةٍ لَا شَرْطَ كَمَالٍ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُقَابِلُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا) أَيْ كَأَنْ يَنْوِيَ الدُّخُولَ فِي حُرُمَاتِ نُسُكٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ إحْرَامُهُ قَبْلَهَا أَيْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِحَجٍّ) أَيْ وَكُرِهَ صَرْفُهُ لِحَجٍّ؛ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ قَبْلَ وَقْتِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَافَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَ إحْرَامَهُ لِشَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَجَبَ صَرْفُهُ لِلْإِفْرَادِ) أَيْ وَيَكُونُ هَذَا الطَّوَافُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الصَّرْفِ وَالتَّعْيِينِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَهُوَ لَيْسَ رُكْنًا مِنْ الْحَجِّ فَلَا يَضُرُّ وُقُوعُهُ قَبْلَ الصَّرْفِ وَلَا يَصِحُّ صَرْفُ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ لِعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ رُكْنٌ مِنْهَا وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ تَعْيِينِهَا وَاعْتَرَضَ بْن مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْوُجُوبِ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الصَّرْفُ بَعْدَ الطَّوَافِ إنَّمَا نُقِلَ عَنْ سَنَدٍ وَالْقَرَافِيِّ وَهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ وُجُوبَ الصَّرْفِ لِحَجٍّ، وَإِنَّمَا قَالَا الصَّوَابُ أَنْ يُجْعَلَ حَجًّا وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ اهـ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مُسَلَّمٌ إلَّا أَنَّ تَعْلِيلَهُمَا عَدَمَ صَرْفِ ذَلِكَ الْإِحْرَامِ لِعُمْرَةٍ بِمَا عَلَّلْنَا بِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ صَرْفِهِ لِلْحَجِّ -.

(وَالْقِيَاسُ) صَرْفُهُ (لِقِرَانٍ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّسُكَيْنِ. (وَإِنْ) عَيَّنَ وَ (نَسِيَ) مَا أَحْرَمَ بِهِ أَهُوَ إفْرَادٌ أَوْ عُمْرَةٌ، أَوْ قِرَانٌ (فَقِرَانٌ) أَيْ يَعْمَلُ عَمَلَهُ وَيُهْدِي لَهُ، لَا أَنَّهُ يَنْوِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَنَوَى الْحَجَّ) فَقَطْ وُجُوبًا أَيْ يُحْدِثُ نِيَّتَهُ وَيَعْمَلُ عَمَلَ الْقِرَانِ احْتِيَاطًا فَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِحَجٍّ، أَوْ قِرَانٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِعُمْرَةٍ فَقَدْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا (وَبَرِئَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَجِّ (فَقَطْ) لَا مِنْ الْعُمْرَةِ فَيَأْتِي بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ بِإِفْرَادٍ وَشَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَنَوَى الْحَجَّ وَبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ قَوْلَهُ (كَشَكِّهِ أَفْرَدَ، أَوْ تَمَتَّعَ) أَيْ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ أَحْرَمَ بِإِفْرَادٍ، أَوْ عُمْرَةٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالتَّمَتُّعِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعُمْرَةِ كَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ يَنْوِي الْحَجَّ وَيَبْرَأُ مِنْهُ فَقَطْ وَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ لِمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا تَشْبِيهًا لَا تَمْثِيلًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفِي هَذِهِ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ قِرَانًا. (وَلَغَا عُمْرَةٌ) لَغَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كَرَمَى فِعْلٌ لَازِمٌ بِمَعْنَى بَطَلَ وَعُمْرَةٌ فَاعِلُهُ أَيْ وَبَطَلَتْ عُمْرَةٌ أُرْدِفَتْ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَجِّ لِضَعْفِهَا وَقُوَّتِهِ (كَالثَّانِي فِي حِجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ) لِأَنَّ الثَّانِيَ حَاصِلٌ بِالْأَوَّلِ وَأَمَّا إرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَيَصِحُّ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهَا (وَ) لَغَا (رَفْضُهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ وَلَوْ حَصَلَ الرَّفْضُ فِي الْأَثْنَاءِ. (وَفِي) جَوَازِ إحْرَامِ شَخْصٍ (كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) وَيَلْزَمُ مِنْ الْجَوَازِ الصِّحَّةُ وَمِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ (تَرَدُّدٌ) حَقُّهُ قَوْلَانِ فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ زَيْدًا لَمْ يُحْرِمْ لَزِمَهُ هُوَ الْإِحْرَامُ وَيَكُونُ مُطْلَقًا يُخَيَّرُ فِي صَرْفِهِ فِيمَا شَاءَ وَكَذَا لَوْ مَاتَ زَيْدٌ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا أَحْرَمَ بِهِ، أَوْ وَجَدَهُ مُحْرِمًا بِالْإِطْلَاقِ عَلَى مَا اُسْتُظْهِرَ. وَلَمَّا كَانَتْ أَوْجُهُ الْإِحْرَامِ ثَلَاثَةً إفْرَادٌ وَقِرَانٌ وَتَمَتُّعٌ بَيَّنَ الْأَفْضَلَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ إفْرَادٌ) أَيْ فُضِّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ لِقِرَانٍ) أَيْ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي صَرْفَهُ لِقِرَانٍ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ؛ لِأَنَّ النَّصَّ صَرَفَهُ لِإِفْرَادٍ إذَا أَبْهَمَ. (قَوْلُهُ: وَنَوَى الْحَجَّ فَقَطْ وُجُوبًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ مَنْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ لَزِمَهُ عَمَلُ الْقِرَانِ سَوَاءٌ نَوَى الْحَجَّ أَيْ أَحْدَثَ نِيَّتَهُ أَمْ لَا وَبَرَاءَتُهُ مِنْ الْحَجِّ إنَّمَا تَكُونُ إذَا أَحْدَثَ نِيَّتَهُ فَإِذَا أَرَادَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ أَحْدَثَ نِيَّتَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ عُهْدَةِ الْحَجِّ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ أَيْضًا إذْ لَيْسَ مُحَقَّقًا عِنْدَهُ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ وَحِّ اهـ بْن وَمَحَلُّ إحْدَاثِهِ لِنِيَّةِ الْحَجِّ إذَا شَكَّ فِيمَا أَحْرَمَ بِهِ حَيْثُ حَصَلَ شَكُّهُ فِي وَقْتٍ يَصِحُّ فِيهِ الْإِرْدَافُ كَمَا لَوْ وَقَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ فَلَا يَنْوِي الْحَجَّ إذْ لَا يَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَى الْعُمْرَةِ إذْ ذَاكَ بَلْ يَلْزَمُهُ عُمْرَةٌ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَكَانَ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) وَهُوَ قَوْلُهُ " لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَوَّلًا إلَخْ " وَالْأَوْلَى لِنَظِيرِ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ يُقَالُ هُنَا: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَوَّلًا أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَقَدْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِالْحَجِّ لَمْ يَضُرَّهُ إحْدَاثُ نِيَّةِ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ) الْمُرَادُ بِلَغْوِهِ عَدَمُ انْعِقَادِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ أَصْلًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ بِالْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ الرَّفْضُ فِي الْأَثْنَاءِ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ أَفْعَالِ الْحَجِّ فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ فِي أَثْنَائِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَقِيَّةِ أَفْعَالِ الْحَجِّ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ كَالسَّعْيِ وَالطَّوَافِ، ثُمَّ أَتَى بِهَا لَمْ يُرْتَفَضْ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا أَتَى بِهَا بِنِيَّتِهِ، أَوْ بِغَيْرِ نِيَّتِهِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الرَّفْضُ فِي أَثْنَاءِ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ كَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ اُرْتُفِضَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فَقَطْ وَيَكُونُ كَالتَّارِكِ لَهُ فَيُطَالَبُ بِغَيْرِهِ وَأَصْلُ الْإِحْرَامِ لَمْ يُرْتَفَضْ وَنَصَّ عَبْدُ الْحَقِّ فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ، ثُمَّ عَادَ لِلْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا فَفَعَلَهَا لَمْ يَحْصُلْ لِرَفْضِهِ حُكْمٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي حِينِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ نَوَى الرَّفْضَ وَفَعَلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ كَالتَّارِكِ لِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: حَقُّهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِأَنَّ الْجَوَازَ نَقَلَهُ سَنَدٌ وَالْقَرَافِيُّ عَنْ أَشْهَبَ وَالْمَنْعَ نَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي النَّقْلِ عَنْ وَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَنْ يَنْقُلَ جَمَاعَةٌ عَنْهُ، أَوْ عَنْهُمْ الْجَوَازَ وَيَنْقُلَ آخَرُونَ عَنْهُ، أَوْ عَنْهُمْ الْمَنْعَ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا نَقْلُ جَمَاعَةٍ عَنْ وَاحِدٍ الْجَوَازَ وَنَقَلَ آخَرُونَ عَنْ آخَرَ الْمَنْعَ، ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ كَمَا فِي المج فَإِنْ قُلْتَ لِمَ جَرَى هُنَا خِلَافٌ دُونَ الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ قُلْتُ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ هُنَا أَشَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَا أَحْرَمَ بِهِ حَجًّا، أَوْ عُمْرَةً وَالْحَجُّ يَحْتَمِلُ الْإِفْرَادَ وَالْقِرَانَ وَالتَّمَتُّعَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهَا فَرْضٌ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ فَخَفَّ الْإِبْهَامُ فِيهَا وَاشْتَدَّ فِي الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَبَيَّنَ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْإِحْرَامِ وَانْعِقَادِهِ وَقَوْلُهُ وَيَكُونُ مُطْلَقًا يُخَيَّرُ إلَخْ قِيلَ الْحَقُّ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْإِبْهَامِ السَّابِقِ فَيَصْرِفُهُ وُجُوبًا لِلْحَجِّ خَاصَّةً - وَإِنْ وَقَعَ الصَّرْفُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ لَا - وَنَدْبًا إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَوَقَعَ الْإِحْرَامُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنْ وَقَعَ فِي غَيْرِهَا كُرِهَ صَرْفُهُ لِحَجٍّ وَنُدِبَ صَرْفُهُ لِعُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَيْ فُضِّلَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مُرَاهَقًا فَالْإِفْرَادُ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ وَأَمَّا مَنْ قَدِمَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ طُولُ زَمَانٍ وَخَافَ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَالتَّمَتُّعُ أَوْلَى لَهُ وَلِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ وَلِمَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَأَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ؛ لِأَنَّ.

عَلَى قِرَانٍ وَتَمَتُّعٍ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ (ثُمَّ) يَلِي الْإِفْرَادَ فِي الْفَضْلِ (قِرَانٌ) لِأَنَّ الْقَارِنَ فِي عَمَلِهِ كَالْمُفْرِدِ، وَالْمُشَابِهُ لِلْأَفْضَلِ يَعْقُبُهُ فِي الْفَضْلِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا) مَعًا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ، أَوْ الْإِحْرَامَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، أَوْ نِيَّةٍ مُرَتَّبَةٍ (وَقَدَّمَهَا) أَيْ قَدَّمَ نِيَّةَ الْعُمْرَةِ وُجُوبًا فِي تَرْتِيبِهِمَا لِيَرْتَدِفَ الْحَجُّ عَلَيْهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا نَعَمْ يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ لَفْظِهَا إنْ تَلَفَّظَ وَهُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَحَبٌّ. (أَوْ) يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَ (يُرْدِفُهُ) أَيْ الْحَجَّ عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهَا وَقَبْلَ طَوَافِهَا، أَوْ (بِطَوَافِهَا) أَيْ فِيهِ قَبْلَ تَمَامِهِ (إنْ صَحَّتْ) هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِرْدَافِ مُطْلَقًا بِجَمِيعِ صُوَرِهِ أَيْ إنَّ شَرْطَ الْإِرْدَافِ صِحَّةُ الْعُمْرَةِ فَإِنْ فَسَدَتْ لَمْ يَصِحَّ (وَكَمَّلَهُ) أَيْ الطَّوَافَ الَّذِي أَرْدَفَ الْحَجَّ فِيهِ وُجُوبًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ (وَلَا يَسْعَى) لِلْعُمْرَةِ بَعْدَ هَذَا الطَّوَافِ لِوُجُوبِ إيقَاعِ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافٍ وَاجِبٍ بِالْإِرْدَافِ سَقَطَ طَوَافُ الْقُدُومِ عَنْهُ وَصَارَ طَوَافُهُ تَطَوُّعًا لِأَنَّهُ صَارَ كَمَنْ أَنْشَأَ الْحَجَّ وَهُوَ بِمَكَّةَ، أَوْ الْحَرَمِ فَيُؤَخِّرُ السَّعْيَ لِلْإِفَاضَةِ (وَتَنْدَرِجُ) الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ أَيْ يَسْتَغْنِي بِطَوَافِهِ وَسَعْيِهِ وَحِلَاقِهِ عَمَّا وَافَقَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِهَا. (وَكُرِهَ) الْإِرْدَافُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ) وَيَصِحُّ إرْدَافُهُ (لَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَلَا يَصِحُّ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ بِصِحَّتِهِ فِي الرُّكُوعِ. (وَصَحَّ) إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ (بَعْدَ سَعْيٍ) لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ حَلْقِهَا، ثُمَّ إنْ أَتَمَّ عُمْرَتَهُ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ يَكُونُ مُفْرِدًا، وَإِنْ فَعَلَ بَعْضَ رُكْنِهَا فِي وَقْتِهِ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا. (وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (الْحَلْقُ) لِلْعُمْرَةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَجِّهِ (وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ) أَيْ لِوُجُوبِ تَأْخِيرِهِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِتَقْدِيمِهِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ أَهْدَى (وَلَوْ فَعَلَهُ) بِأَنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ فَلَا يُفِيدُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQعِبَادَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى قِرَانٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقِرَانُ يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ عَنْهُ بِالنُّسُكَيْنِ وَالْإِفْرَادُ إنَّمَا يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ بِالْحَجِّ فَقَطْ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمَفْضُولِ مَا لَا يَكُونُ فِي الْفَاضِلِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِفْرَادَ لَا يَكُونُ أَفْضَلَ إلَّا إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَهُ فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَتَرَكَ الْعُمْرَةَ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي حَقِيقَةِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْمَنَاسِكِ حَيْثُ قَالَ الْإِفْرَادُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا، ثُمَّ إذَا فَرَغَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةٍ مُرَتَّبَةٍ) الْأَوْلَى: أَوْ نِيَّتَيْنِ مُرَتَّبَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ لَفْظِهَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حِينَئِذٍ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ أَنَّ تَقْدِيمَهَا فِي التَّسْمِيَةِ مُسْتَحَبٌّ إذَا كَانَ أَحْرَمَ بِهِمَا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ عَكَسَ فِي التَّسْمِيَةِ صَحَّ. . (قَوْلُهُ: أَوْ يُرْدِفُهُ) إشَارَةٌ لِلنَّوْعِ الثَّانِي مِنْ نَوْعَيْ الْقِرَانِ وَهُوَ الْإِرْدَافُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَحْتَهُ أَقْسَامٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِطَوَافِهَا قَبْلَ تَمَامِهِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ فَاتَ الْإِرْدَافُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ بِطَوَافِهَا كَانَ أَبْيَنَ وَكَانَ مُشِيرًا لِلْخِلَافِ فِي الْإِرْدَافِ فِي الطَّوَافِ. (قَوْلُهُ: إنْ صَحَّتْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ فَسَدَتْ فَلَا يَرْتَدِفُ الْحَجَّ عَلَيْهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ قَالَهُ سَنَدٌ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى عُمْرَتِهِ وَلَا يَحُجُّ حَتَّى يَقْضِيَهَا فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ تَمَامِهَا وَقَبْلَ قَضَائِهَا صَحَّ حَجُّهُ وَلَوْ فَسَدَتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ قَضَائِهَا فَمُتَمَتِّعٌ وَحَجُّهُ تَامٌّ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ اهـ عج. (قَوْلُهُ: وَكَمَّلَهُ وُجُوبًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ إكْمَالَهُ لِأَنَّ الطَّوَافَ يَجِبُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَلَيْسَ إكْمَالُهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِرْدَافِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إكْمَالُهُ قَالَ طفى: إنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَصَارَ طَوَافُهُ تَطَوُّعًا) أَيْ بَعْدَ أَنْ كَانَ وَاجِبًا فَقَدْ انْقَلَبَتْ صِفَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِمَكَّةَ) أَيْ وَهُوَ لَا قُدُومَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَيُؤَخِّرُ السَّعْيَ لِلْإِفَاضَةِ) وَيَنْدَرِجُ طَوَافُهَا فِي الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَنْدَرِجُ) أَتَى بِهَا لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي إيجَابِهِ عَلَى الْقَارِنِ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ الْقَارِنَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِالْأَفْعَالِ - الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ - أَنَّهَا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَلْ لَوْ لَمْ يَسْتَشْعِرْ الْعُمْرَةَ أَجْزَأَهُ فَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْعُمْرَةَ وَذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ كَمَا ح فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ أَجْزَأَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ إرْدَافُهُ) أَيْ وَيَرْكَعُ لِذَلِكَ الطَّوَافِ وَيَسْعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَتَنْقَلِبُ صِفَةُ ذَلِكَ الطَّوَافِ فَبَعْدَ أَنْ كَانَ وَاجِبًا صَارَ تَطَوُّعًا. . (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بَعْدَ سَعْيٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ لِاسْتِلْزَامِهِ تَأْخِيرَ حَلْقِ الْعُمْرَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهَا كَانَ غَيْرَ قَارِنٍ، وَفِي تَسْمِيَتِهِ ذَلِكَ إرْدَافًا تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ هَذَا حَجٌّ مُؤْتَنَفٌ بَعْدَ عُمْرَةٍ تَمَّتْ وَلِذَا جَعَلَ الشَّارِحُ ضَمِيرَ " صَحَّ " رَاجِعًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ لَا لِلْإِرْدَافِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ أَتَمَّ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَ هَذَا الَّذِي أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ سَعْيِ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ حَلْقِهَا أَتَمَّ عُمْرَتَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ) أَيْ لِفَرَاغِ الْحَجِّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَلَقَ بِالْقُرْبِ كَمَنْ اعْتَمَرَ فِي آخِرِ يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَلَمْ يَحْلِقْ حَتَّى وَصَلَ لِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ فَحَلَقَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ لِلنُّسُكِ الثَّانِي كَمَا فِي ح عَنْ الطِّرَازِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَعَلَهُ) أَيْ الْحَلْقَ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَقَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ أَعْمَالِهِ رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ أَصْحَابِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ تَخْرِيجًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ.

وَلَا بُدَّ مِنْ الْهَدْيِ وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ فِدْيَةٌ أَيْضًا. (ثُمَّ) يَلِي الْقِرَانَ فِي النَّدْبِ (تَمَتُّعٌ) وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ) يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ يُحِلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ (يَحُجَّ بَعْدَهَا) بِإِفْرَادٍ بَلْ (وَإِنْ بِقِرَانٍ) فَيَصِيرَ مُتَمَتِّعًا قَارِنًا وَلَزِمَهُ هَدْيَانِ لِتَمَتُّعِهِ وَقِرَانِهِ وَسُمِّيَ الْمُتَمَتِّعُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ سَفَرَيْنِ أَوْ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ. (وَشَرْطُ) وُجُوبِ (دَمِهِمَا) أَيْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ (عَدَمُ إقَامَةٍ) لِلْمُتَمَتِّعِ، أَوْ الْقَارِنِ (بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ ثَمَّ (وَقْتَ فِعْلِهِمَا) أَيْ وَقْتَ إحْرَامِهِ بِهِمَا فَالْمُقِيمُ لَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ إقَامَتُهُ أَصْلِيًّا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (بِانْقِطَاعٍ) أَيْ بِسَبَبِ انْقِطَاعٍ (بِهَا) أَيْ بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بِأَنْ انْتَقَلَ إلَيْهَا وَسَكَنَهَا بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ مِنْهَا وَأَمَّا الْمُجَاوِرُ بِهَا الَّذِي نِيَّتُهُ الِانْتِقَالُ مِنْهَا، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ (أَوْ) كَانَ مُتَوَطِّنًا بِهَا وَ (خَرَجَ) مِنْهَا (لِحَاجَةٍ) مِنْ غَزْوٍ، أَوْ تِجَارَةٍ وَنِيَّتُهُ الرُّجُوعُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ رَجَعَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ، أَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا قَارِنًا (لَا) إنْ (انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَمَا فِي حُكْمِهَا رَافِضًا سُكْنَاهَا (أَوْ قَدِمَ بِهَا) " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ وَقَدِمَ بِالْعُمْرَةِ (يَنْوِي الْإِقَامَةَ) بِمَكَّةَ وَمَا فِي حُكْمِهَا، وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَنْوِهَا فَعَلَيْهِ الدَّمُ إنْ تَمَتَّعَ، أَوْ قَرَنَ. (وَنُدِبَ) دَمُ التَّمَتُّعِ (لِذِي أَهْلَيْنِ) أَهْلٍ بِمَكَّةَ وَأَهْلٍ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ فِي حُكْمِهَا (وَهَلْ) نَدْبُهُ مُطْلَقًا، أَوْ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمَكَانَيْنِ (أَكْثَرَ) مِنْ إقَامَتِهِ بِالْآخَرِ (فَيُعْتَبَرُ) الْأَكْثَرُ فَيَجِبَ إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ بِغَيْرِ مَكَّةَ وَمَا فِي حُكْمِهَا، وَلَا يَجِبُ إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ بِمَكَّةَ (تَأْوِيلَانِ) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (وَ) شَرْطُ دَمِهِمَا (حَجَّ مِنْ عَامِهِ) فِيهِمَا. (وَ) يُشْتَرَطُ (لِلتَّمَتُّعِ) زِيَادَةً عَلَى الشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِرَانِ (عَدَمُ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ، أَوْ مِثْلِهِ) فِي الْبُعْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِرُجُوعِهِ مَا كَانَ لَازِمًا لَهُ مِنْ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْهَدْيِ) أَيْ لِتَرْكِ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَأْخِيرُ الْحِلَاقِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَيْ لِحَلْقِهِ الَّذِي فَعَلَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ أَصَالَةً تَرْكُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ حَتَّى يَحْلِقَ لِلْعُمْرَةِ فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ الْوَاجِبَ وَأَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ حِلَاقِهَا لَزِمَهُ تَأْخِيرُ الْحَلْقِ لِلْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ وَأَهْدَى، لِتَرْكِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ فَإِنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ لَزِمَهُ هَدْيٌ لِتَرْكِ التَّأْخِيرِ الْوَاجِبِ وَالْفِدْيَةُ لِإِزَالَةِ الْأَذَى. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ يُحِلَّ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعُمْرَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً. (قَوْلُهُ: فَيَصِيرَ مُتَمَتِّعًا قَارِنًا) أَيْ وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْلُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ يُجْزِئُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ) أَيْ انْتَفَعَ وَقَوْلُهُ: مِنْ عُمْرَتِهِ أَيْ بَعْدَ عُمْرَتِهِ وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ مُعْتَمِرٍ يَتَمَتَّعُ بَعْدَ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ سَوَاءٌ حَجَّ بَعْدَهَا، أَوْ لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ لَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُتَمَتِّعًا إلَّا أَنْ يُقَالَ عِلَّةُ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ دَمِهِمَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شُرُوطًا فِي التَّسْمِيَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّهَا شُرُوطٌ فِي التَّسْمِيَةِ وَالدَّمِ مَعًا وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ، أَوْ قَارِنٌ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَحْنَثُ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: عَدَمُ إقَامَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا الِاسْتِيطَانُ وَهُوَ الْإِقَامَةُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ دَمِهِمَا أَنْ لَا يَكُونَ مُقِيمًا وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا بِمَكَّةَ وَلَا بِمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَهُ. (قَوْلُهُ: مَكَانٌ مَعْرُوفٌ ثَمَّ) أَيْ هُنَاكَ وَهُوَ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ مِنْهَا الْمُقْبِرَةُ مَكَّةَ وَالثَّنِيَّةِ الْأُخْرَى الَّتِي إلَى جِهَةِ الزَّاهِرِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذِي طُوًى بَلْ الْمُرَادُ كُلُّ مَكَان فِي حُكْمِ مَكَّةَ مِمَّا لَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَقْتَ إحْرَامِهِ بِهِمَا) أَيْ بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْمُرَادُ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ فَلَوْ قَدِمَ آفَاقِيٌّ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَنِيَّتُهُ السُّكْنَى بِمَكَّةَ أَوْ بِمَا فِي حُكْمِهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيُ التَّمَتُّعِ وَلَيْسَ كَالْمُقِيمِ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَإِنْ كَانَتْ بِانْقِطَاعٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْتَقَلَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلِانْقِطَاعِ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُتَوَطِّنًا بِهَا) أَيْ بِمَكَّةَ سَوَاءٌ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا اسْتَوْطَنَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِمْ وَقَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ إنْ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ انْقَطَعَ) أَيْ الْمَكِّيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا انْقَطَعَ بِغَيْرِ مَكَّةَ رَافِضًا سُكْنَاهَا فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ قَدِمَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ فَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهَا فَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدِمَ بِالْعُمْرَةِ) أَيْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَ بِهَا لِأَشْهُرِ الْحَجِّ وَالْبَاءَ لِلْمُلَابَسَةِ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي بِمَعْنَى فِي وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ قَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إلَّا إذَا كَانَ قُدُومُهُ بِعُمْرَةٍ لَا إنْ كَانَ بِحَجٍّ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ دَمُ التَّمَتُّعِ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْقِرَانُ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْإِطْلَاقُ لِلتُّونُسِيِّ وَالتَّقْيِيدُ لِلَّخْمِيِّ وَقَوْلُهُ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ دَمُهُمَا) أَيْ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ. (قَوْلُهُ: وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ) أَيْ فَلَوْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ إلَّا مِنْ قَابِلٍ، أَوْ فَاتَ الْمُتَمَتِّعَ الْحَجُّ، أَوْ الْقَارِنَ وَتَحَلَّلَا بِعُمْرَةٍ كَمَا هُوَ الْأَفْضَلُ فَلَا دَمَ فَلَوْ بَقِيَ الْقَارِنُ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ لِلتَّمَتُّعِ) أَيْ لِدَمِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ يُشْتَرَطُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ " وَلِلتَّمَتُّعِ إلَخْ ".

إذَا كَانَ الْعَوْدُ لِمِثْلِ بَلَدِهِ بِغَيْرِ الْحِجَازِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (بِالْحِجَازِ) فَإِنْ عَادَ إلَى مِثْلِهِ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ بِمَكَّةَ، ثُمَّ دَخَلَهَا مُحْرِمًا بِحَجٍّ فِي عَامِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ (لَا) إنْ عَادَ إلَى (أَقَلَّ) مِنْ أُفُقِهِ، أَوْ بَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ. (وَ) شُرِطَ لِتَمَتُّعِهِ (فِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ (فِي وَقْتِهِ) أَيْ الْحَجِّ وَيَدْخُلُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ فَإِنْ حَلَّ مِنْهَا الْغُرُوبَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا. (وَفِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا) أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (عَنْ) شَخْصٍ (وَاحِدٍ) - فَلَوْ كَانَا عَنْ اثْنَيْنِ كَأَنْ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ عَكْسِهِ أَوْ اعْتَمَرَ عَنْ زَيْدٍ وَحَجَّ عَنْ عَمْرٍو فَلَا دَمَ -، وَعَدَمِ شَرْطِهِ فَيَجِبُ الدَّمُ وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَرَدُّدٌ) . (وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ) إذْ لَا يَتَحَقَّقُ التَّمَتُّعُ إلَّا بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ، أَيْ فَإِنْ لَمْ يَرْمِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ هَدْيٌ أَصْلًا لَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا طَرِيقَةٌ وَمَا يَأْتِي طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ الرَّاجِحَةُ وَبِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ الْمُوَسَّعِ وَالتَّحَتُّمِ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ مَا يَأْتِي وَمِثْلُ رَمْيِهَا بِالْفِعْلِ فَوَاتُ وَقْتِهِ (وَأَجْزَأَ) دَمُ التَّمَتُّعِ بِمَعْنَى تَقْلِيدِهِ، وَإِشْعَارِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، وَلَوْ حَالَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ، بَلْ وَلَوْ سَاقَهُ فِيهَا تَطَوُّعًا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَجْزَأَ نَحْوُ دَمِ التَّمَتُّعِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. (ثُمَّ الطَّوَافُ) عَطْفٌ عَلَى الْإِحْرَامِ أَيْ وَرُكْنُهُمَا الطَّوَافُ، فَقَوْلُهُ (لَهُمَا) مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَلِلطَّوَافِ مُطْلَقًا رُكْنًا، أَوْ وَاجِبًا، أَوْ مَنْدُوبًا شُرُوطٌ أَوَّلُهَا كَوْنُهُ أَشْوَاطًا (سَبْعًا) وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَاجِبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْعَوْدُ لِمِثْلِ بَلَدِهِ بِغَيْرِ الْحِجَازِ بَلْ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِمِثْلِ بَلَدِهِ وَأَمَّا إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَلَا دَمَ اتِّفَاقًا كَانَتْ بِالْحِجَازِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَكَذَا رُجُوعُهُ لِمِثْلِ بَلَدِهِ وَهِيَ بِغَيْرِ الْحِجَازِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَجَعَلَ تت الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةً لِكُلٍّ مِنْ بَلَدِهِ، وَمِثْلُهُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بَهْرَامَ وَأَصْلِهِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَرَضَهُ ح فَانْظُرْهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْحِجَازِ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَ لِمِثْلِ بَلَدِهِ فِي الْحِجَازِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِعَوْدِهِ لِبَلَدِهِ، أَوْ لِمِثْلِهِ وَخَرَجَ عَنْ أَرْضِ الْحِجَازِ بِالْكُلِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ) أَيْ وَقَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهِ، ثُمَّ عَادَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ لَمْ يَكُنْ لِابْتِدَاءِ حَجٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَدِهِ) الْأَوْلَى أَيْ بَلَدِهِ أَيْ لَا إنْ رَجَعَ لِأَقَلَّ مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ مِثْلِ بَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ) أَيْ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِمَا ذُكِرَ كَالْعَدَمِ. (قَوْلُهُ: وَفِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا) أَيْ وَلَوْ السَّعْيَ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَ أَشْوَاطِهِ فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ قَبْلَهُ وَأَوْقَعَ طَوَافَهَا وَسَعْيَهَا لَيْلَةَ الْعِيدِ أَوْ أَوْقَعَ السَّعْيَ فَقَطْ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَ أَشْوَاطِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ، أَوْ يَوْمَهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) قَالَ ح أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ فَاَلَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَشْهَرُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِمَا عَنْ وَاحِدٍ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمَنَاسِكِ وُجُودَ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: لَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا رَمَى الْعَقَبَةَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ إحْرَامِهِ لِلْحَجِّ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا طَرِيقَةٌ إلَخْ) اعْتَرَضَ هَذَا الْجَوَابَ الْعَلَّامَةُ بْن بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَهْلَ الطَّرِيقَةِ الْأُولَى يَقُولُونَ: إنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ رَمْيِ الْعَقَبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَسَلَّمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ كَعَادَتِهِ فِي عَزْوِ الطُّرُقِ مَعَ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَيَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ يُوهِمُ وُجُوبَهُ عَلَى مَنْ مَاتَ قَبْلَ وُقُوفِهِ وَلَا أَعْلَمُ فِي سُقُوطِهَا خِلَافًا فَالصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْجَوَابُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَحَادِيثِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ عَلَى قَوْلِ الرَّاوِي وَأُمِرْنَا إذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ مَا نَصَّهُ عِيَاضٌ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ يُجَوِّزُ نَحْرَ الْهَدْيِ لِلتَّمَتُّعِ بَعْدَ الْإِحْلَالِ بِالْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَنَا وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ صِحَّةُ إبْقَاءِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَسُقُوطُ تَعَقُّبِ الشُّرَّاحِ عَلَيْهِ وَتَأْوِيلِهِمْ لَهُ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ لِذَلِكَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مُسْتَغْنًى عَنْهُ) قِيلَ: أَعَادَهُ لِطُولِ الْفَصْلِ فَرُبَّمَا يَغْفُلُ عَنْهُ وَأَسْقَطَهُ مِنْ السَّعْيِ لِقُرْبِ ذِكْرِهِ فِي الطَّوَافِ وَثُمَّ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ وَالرُّتْبِيِّ جَمِيعًا وَالْمُرَادُ أَنَّ رُتْبَةَ الطَّوَافِ مُتَأَخِّرَةً عَنْ رُتْبَةِ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا كَوْنُ الطَّوَافِ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: لَهُمَا سَبْعًا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبْعًا، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً وَنِصْفًا فَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا طَافَهُ مِنْ الْأَشْوَاطِ بَنَى غَيْرَ الْمُسْتَنْكَحِ عَلَى الْأَقَلِّ فَإِنْ نَقَصَ شَوْطًا، أَوْ بَعْضَهُ يَقِينًا، أَوْ شَكًّا فِي الطَّوَافِ الرُّكْنِيِّ رَجَعَ لَهُ عَلَى تَفْصِيلٍ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةِ الْحَجِّ قَالَ الْبَاجِيَّ وَمَنْ سَهَا فِي طَوَافِهِ فَبَلَغَ ثَمَانِيَةً، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ لِلْأُسْبُوعِ الْكَامِلِ وَيُلْغِي مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِهِ وَهَكَذَا حُكْمُ الْعَامِدِ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ ح وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي عبق وخش مِنْ بُطْلَانِ الطَّوَافِ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ -.

فَإِنْ ابْتَدَأَهُ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِي مَثَلًا لَغَا مَا قَبْلَ الْحَجَرِ وَأَتَمَّ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ إلَيْهِ أَعَادَهُ وَأَعَادَ سَعْيَهُ بَعْدَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ ثَانِيهَا كَوْنُهُ مُتَلَبِّسًا (بِالطُّهْرَيْنِ) أَيْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فَلَوْ قَالَ بِالطَّهَارَتَيْنِ كَانَ أَحْسَنَ فَإِنْ شَكَّ فِي الْأَثْنَاءِ، ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَالسَّتْرِ) لِلْعَوْرَةِ عَطْفٌ عَلَى الطُّهْرَيْنِ فَهُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ (وَبَطَلَ بِحَدَثٍ) حَصَلَ أَثْنَاءَهُ وَلَوْ سَهْوًا (بِنَاءٌ) فَاعِلُ " بَطَلَ "، وَإِذَا بَطَلَ الْبِنَاءُ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ الطَّوَافِ إنْ كَانَ وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا وَتَعَمَّدَ الْحَدَثَ فَلَوْ قَالَ وَبَطَلَ بِحَدَثٍ وَلَا بِنَاءَ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ أَنَّ هُنَا بِنَاءً بَطَلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ) - بِالْجَرِّ - عَطْفٌ عَلَى الطُّهْرَيْنِ فَهُوَ الشَّرْطُ الرَّابِعُ فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ قُبَالَةَ وَجْهِهِ أَوْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ لَمْ يَجْزِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَنْ يَسَارِهِ وَهُوَ مَاشٍ مُسْتَقِيمًا جِهَةَ أَمَامِهِ فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَسَارِهِ إلَّا أَنَّهُ رَجَعَ الْقَهْقَرَى مِنْ الْأَسْوَدِ الْيَمَانِي لَمْ يَجْزِهِ. الْخَامِسُ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَخُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ) ابْنُ فَرْحُونٍ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ بِنَاءٌ لَطِيفٌ مُلْصَقٌ بِحَائِطِ الْكَعْبَةِ مُرْتَفِعٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ نَقَصَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ أَصْلِ الْجِدَارِ حِينَ بَنَوْا الْبَيْتَ فَهُوَ مِنْ أَصْلِ الْبَيْتِ فَلَوْ طَافَ خَارِجَهُ وَوَضَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَيْهِ أَحْيَانًا لَمْ يَصِحَّ (وَ) خُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ أَيْضًا عَنْ مِقْدَارِ (سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ سُمِّيَ حِجْرًا لِاسْتِدَارَتِهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ وَلَا يُعْتَدُّ بِالطَّوَافِ دَاخِلَهُ (وَنَصَبَ الْمُقَبِّلُ) لِلْحَجَرِ وُجُوبًا وَكَذَا مُسْتَلِمُ الْيَمَانِي (قَامَتَهُ) بِأَنْ يَعْتَدِلَ قَائِمًا عَلَى قَدَمَيْهِ ثُمَّ يَطُوفَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَافَ مُطَأْطِئًا، وَرَأْسُهُ أَوْ يَدُهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) حَالٌ مِنْ الطَّوَافِ وَهُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَهْوٌ، أَوْ بِمُطْلَقِ الزِّيَادَةِ عَمْدًا كَالصَّلَاةِ مُجَرَّدُ بَحْثٍ مُخَالِفٍ لِلنَّصِّ وَقِيَاسُهُمَا لَهُ عَلَى الصَّلَاةِ مَرْدُودٌ بِوُجُودِ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يُخْرَجُ مِنْهَا إلَّا بِالسَّلَامِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ تَمَامِهِ لَغْوٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ابْتَدَأَ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِي) أَيْ الَّذِي هُوَ قِبَلَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ إلَيْهِ أَيْ لِلْحَجَرِ بَلْ أَتَمَّ لِلرُّكْنِ الْيَمَانِي الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ قَوْلُهُ: أَعَادَهُ أَيْ إنْ طَالَ الْأَمْرُ، أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِلَّا بَنَى عَلَى مَا فَعَلَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَأَمَّا مَنْ بَدَأَ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِي عَمْدًا وَأَتَمَّ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُبْنَى إلَّا إذَا رَجَعَ بِالْقُرْبِ جِدًّا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ اُنْظُرْ ح وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ أَيْ هَدْيٌ يُرْسِلُهُ لِمَكَّةَ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ الطُّهْرَ هُوَ الْفِعْلُ وَالطَّهَارَةُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ وَهِيَ الْمُرَادَةُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُصَاحِبَةُ لِلطَّوَافِ لَا الطُّهْرُ الَّذِي هُوَ التَّطْهِيرُ. (قَوْلُهُ: وَالسَّتْرِ) أَيْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ قَالَ بَعْضٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ طَوَافِ الْحُرَّةِ إذَا كَانَتْ بَادِيَةَ الْأَطْرَافِ وَتُعِيدُ اسْتِحْبَابًا مَا دَامَتْ بِمَكَّةَ أَوْ حَيْثُ يُمْكِنُهَا الْإِعَادَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ وَلَوْ كَانَتْ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْهُ يَخْرُجُ وَقْتُهُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَهْوًا) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ عَمْدًا، أَوْ غَلَبَةً بَلْ وَلَوْ حَصَلَ سَهْوًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي الطَّوَافِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا بَطَلَ الْبِنَاءُ) يَعْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْأَشْوَاطِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ الطَّوَافِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ حَدَثَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا بِنَاءَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ: إنَّهُ إذَا أَحْدَثَ تَطَهَّرَ وَبَنَى عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الْأَشْوَاطِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَمَّدَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَطَوُّعًا أَيْ فَالطَّوَافُ الْوَاجِبُ يَلْزَمُ اسْتِئْنَافُهُ مِنْ أَوَّلِهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَإِنْ أَحْدَثَ عَمْدًا لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ وَبَطَلَ بِحَدَثٍ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا كَالْجُزْءِ مِنْهُ، أَوْ كَانَ الْحَدَثُ حَاصِلًا قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَلَا بِنَاءَ أَيْ إذَا حَصَلَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ وَأَشْمَلَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ) قَالَ ح حِكْمَةُ جَعْلِ الطَّائِفِ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ لِيَكُونَ قَلْبُهُ إلَى وَجْهِ الْبَيْتِ إذْ بَابُ الْبَيْتِ هُوَ وَجْهُهُ فَلَوْ جَعَلَ الطَّائِفُ الْبَيْتَ يَمِينَهُ لَأَعْرَضَ عَنْ بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ وَجْهُهُ وَلَا يَلِيقُ بِالْأَدَبِ الْإِعْرَاضُ عَنْ وُجُوهِ الْأَمَاثِلِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجْزِهِ) أَيْ وَرَجَعَ لَهُ وَلَوْ مِنْ بَلَدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ لَا يَرْجِعُ لَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِلَ لَمْ يَرَ التَّيَاسُرَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ التَّيَاسُرَ عِنْدَهُ سُنَّةٌ، فِي تَرْكِهِ دَمٌ إنْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِدُخُولِ بَعْضِ بَدَنِهِ فِي هَوَاءِ الْبَيْتِ وَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ مِنْ الْبَيْتِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ ح وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ كَثُرَ الِاضْطِرَابُ فِي الشَّاذَرْوَانِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ فَيَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي طَوَافِهِ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ إنْ طَافَ وَبَعْضُ بَدَنِهِ فِي هَوَائِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: وَسِتَّةِ أَذْرُعٍ إلَخْ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ اللَّخْمِيَّ قَالَ ح وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَعْتَدُّ بِالطَّوَافِ دَاخِلَ الْحِجْرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ جَمِيعِ الْحِجْرِ السِّتَّةَ أَذْرُعٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا وَجَعَلَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِنَا.

وَأَمَّا الْخُرُوجُ عَنْ الْحِجْرِ فَمِنْ تَمَامِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ الْخُرُوجُ عَنْ الْبَيْتِ وَأَشَارَ لِلسَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَ) حَالَ كَوْنِهِ (وِلَاءً) فَهُوَ مَنْصُوبٌ وَيَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ أَيْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ، وَإِلَّا ابْتَدَأَ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ كَثِير الْعُذْرُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ. (وَابْتَدَأَ) طَوَافَهُ لِبُطْلَانِهِ وَاجِبًا كَانَ، أَوْ تَطَوُّعًا (إنْ قَطَعَ لِجِنَازَةٍ) وَلَوْ قَلَّ الْفَصْلُ لِأَنَّهَا فِعْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ لَهَا اتِّفَاقًا مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَجَبَ الْقَطْعُ إنْ خَشِيَ تَغَيُّرَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَقْطَعُ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَطْعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْنِي كَالْفَرِيضَةِ كَذَا قَالُوا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (أَوْ) قَطَعَ لِأَجْلِ (نَفَقَةٍ) نَسِيَهَا أَوْ سَقَطَتْ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ لَهَا وَاسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ الْجَوَازَ أَيْ إنْ خَافَ ضَيَاعَهَا إنْ لَمْ يَقْطَعْ وَمَحَلُّ ابْتِدَائِهِ إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا بَنَى (أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ) وَلَوْ بَعْضَ شَوْطٍ (إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ) وَطَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ فَرَاغِهِ بِالْعُرْفِ، وَإِلَّا بَنَى فَإِنْ كَانَ الطَّوَافُ لَا سَعْيَ بَعْدَهُ كَالْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ وَالتَّطَوُّعِ فَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ بَطَلَ، وَإِلَّا بَنَى فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ الطُّولُ وَعَدَمُهُ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ " إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ ": إنْ طَالَ الزَّمَنُ كَانَ أَجْوَدَ (وَقَطَعَهُ) أَيْ الطَّوَافَ وُجُوبًا وَلَوْ رُكْنًا (لِلْفَرِيضَةِ) أَيْ لِإِقَامَتِهَا لِلرَّاتِبِ وَدَخَلَ مَعَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا، أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا، وَالْمُرَادُ بِالرَّاتِبِ إمَامُ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَقْطَعُ لَهُ لِأَنَّهُ كَجَمَاعَةِ غَيْرِ الرَّاتِبِ (وَنُدِبَ) لَهُ (كَمَالُ الشَّوْطِ) إنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ أَثْنَاءَهُ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِيَبْنِيَ مِنْ أَوَّلِ الشَّوْطِ فَإِنْ لَمْ يُكْمِلْهُ ابْتَدَأَ مِنْ مَوْضِعٍ خَرَجَ وَنُدِبَ أَنْ يَبْتَدِئَ ذَلِكَ الشَّوْطَ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ. (وَبَنَى إنْ) (رَعَفَ) بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَدَّى مَوْضِعًا قَرِيبًا كَالصَّلَاةِ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ جِدًّا وَأَنْ لَا يَطَأَ نَجَاسَةً وَلَوْ قَالَ وَبَنَى كَإِنْ رَعَفَ بِزِيَادَةِ الْكَافِ كَانَ أَوْلَى لِيُفِيدَ الْبِنَاءَ فِي الْقَطْعِ لِلْفَرِيضَةِ وَيَكُونَ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ وَبَنَى لَا فِي اسْتِحْبَابِ كَمَالِ الشَّوْطِ لِأَنَّ الْبَانِيَ فِي الرُّعَافِ يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ وَيَبْنِي قَبْلَ تَنَفُّلِهِ فَإِنْ تَنَفَّلَ أَعَادَ طَوَافَهُ وَكَذَا إنْ جَلَسَ طَوِيلًا بَعْدَ الصَّلَاةِ (أَوْ عَلِمَ) فِي أَثْنَائِهِ (بِنَجَسٍ) فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ فَطَرَحَهَا، أَوْ غَسَلَهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي إنْ لَمْ يَطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي بَلْ يَبْطُلُ وَيَبْتَدِئُ (وَ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالنَّجَسِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الطَّوَافِ وَرَكْعَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ قَالَ الْأَزْرَقِيُّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ كَانَ الْحِجْرُ زَرْبًا لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا أَدْخَلَتْ فِيهِ أَذْرُعًا مِنْ الْكَعْبَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخُرُوجُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ وُقُوعَهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ شَرْطٌ سَابِعٌ لَا سَادِسٌ إذْ السَّادِسُ خُرُوجُهُ عَنْ الْحَجِّ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ خُرُوجَهُ عَنْ الْحِجْرِ مِنْ تَمَامِ الْخَامِسِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَاصِلَهُ) أَيْ حَاصِلَ الشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَهُ الْخُرُوجُ عَنْ الْبَيْتِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْبَيْتِ الْحِجْرُ. (قَوْلُهُ: إنْ قَطَعَ الْجِنَازَةَ) أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا إذْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ الطَّوَافِ لَهَا فَإِنْ قَطَعَهُ لَهَا ابْتَدَأَهُ وَلَا يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ وَلَوْ كَانَ الطَّوَافُ تَطَوُّعًا وَكَذَا إنْ تَعَيَّنَتْ وَلَمْ يَخْشَ تَغَيُّرَهَا فَلَا يَقْطَعُ، وَإِذَا قَطَعَهُ لَهَا ابْتَدَأَهُ وَأَمَّا إنْ خَشِيَ تَغَيُّرَهَا قَطَعَ الطَّوَافَ لِأَجْلِهَا وُجُوبًا وَيَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ الْأَشْوَاطِ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُ الطَّوَافِ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ وَبَعْدَ إتْمَامِهَا يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْأَشْوَاطِ. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ نَفَقَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ طَلَبِ نَفَقَةٍ. (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ لِأَجْلِ طَلَبِ النَّفَقَةِ (وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بَنَى) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ طَلَبَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بَنَى. (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ السَّعْيَ لَا يُعَدُّ طُولًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَنَى) أَيْ وَإِلَّا يَطُلْ الزَّمَنُ بَنَى. (قَوْلُهُ: كَالْإِفَاضَةِ) أَيْ إذَا كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا) أَيْ فِي بَيْتِهِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً فِي بَيْتِهِ وَأَمَّا لَوْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ لِلرَّاتِبِ وَهُوَ فِي الطَّوَافِ فَهَلْ يَقْطَعُهُ وَيَخْرُجُ؛ لِأَنَّ فِي بَقَائِهِ طَعْنًا عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يَقْطَعُهُ؛ لِأَنَّ تَلَبُّسَهُ بِالطَّوَافِ يَمْنَعُ مِنْ الطَّعْنِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّاتِبَ لَا يَتَعَدَّدُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَالْمُرَادُ وَقَطَعَهُ لِإِقَامَةِ الْفَرِيضَةِ لِلرَّاتِبِ بِأَيِّ مَحَلٍّ كَانَ وَالْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ مَحَلٌّ هُنَاكَ يُصَلَّى فِيهِ بِإِمَامٍ رَاتِبٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحِجْرَ الْمَعْلُومَ. (قَوْلُهُ: لِيَبْنِيَ) أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْفَرِيضَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّوْطِ. (قَوْلُهُ: وَبَنَى) أَيْ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ الْأَشْوَاطِ إنْ رَعَفَ وَغَسَلَ الدَّمَ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَدَّى) أَيْ فِي غَسْلِ الدَّمِ وَقَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ أَيْ الَّذِي يَغْسِلُ فِيهِ الدَّمَ. (قَوْلُهُ: لِيُفِيدَ الْبِنَاءَ فِي الْقَطْعِ لِلْفَرِيضَةِ) أَيْ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَقَالَ لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيَبْنِي قَبْلَ تَنَفُّلِهِ) أَيْ وَيَبْنِي الشَّخْصُ الَّذِي قَطَعَ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْفَرِيضَةِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ جَلَسَ طَوِيلًا بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ جُلُوسُهُ لِذِكْرٍ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي) بَلْ يَبْطُلُ وَيَبْتَدِئُ أَيْ بَعْدَ طَرْحِهَا إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا وَبَعْدَ غَسْلِهَا إنْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهَا سَوَاءٌ طَالَ، أَوْ لَمْ يَطُلْ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الرَّاجِحِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ أَشْهَبَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ أَحَدُهُمَا لِمَالِكٍ كَرَاهَةُ الطَّوَافِ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ قَالَ -

(أَعَادَ) نَدْبًا (رَكْعَتَيْهِ) خَاصَّةً (بِالْقُرْبِ) عُرْفًا فَإِنْ طَالَ، أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْفَرَاغِ مِنْهُمَا. (وَ) بَنَى (عَلَى الْأَقَلِّ إنْ شَكَّ) فِي عَدَدِ الْأَشْوَاطِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا، وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَعْمَلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا. (وَجَازَ بِسَقَائِفَ) وَمِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَقُبَّةِ الشَّرَابِ وَلَا يَضُرُّ حَيْلُولَةُ الْأُسْطُوَانَاتِ وَزَمْزَمَ وَالْقُبَّةِ (لِزَحْمَةٍ) انْتَهَتْ إلَيْهَا (وَإِلَّا) تَكُنْ زَحْمَةٌ (أَعَادَ) وُجُوبًا مَا دَامَ بِمَكَّةَ (وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ) مِنْ بَلَدِهِ، أَوْ مِمَّا يَتَعَذَّرُ مِنْهُ الرُّجُوعُ (وَلَا دَمَ) الْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالسَّقَائِفِ مَا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَيْهَا مِمَّا هُوَ مَوْجُودٌ الْآنَ فَلَا يَجُوزُ الطَّوَافُ فِيهِ لِزَحْمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ فِيهَا خَارِجٌ عَنْ الْمَسْجِدِ. (وَوَجَبَ) أَيْ الطَّوَافُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا طَوَافُ الْقُدُومِ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ (كَالسَّعْيِ) أَيْ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ رُشْدٍ: وَعَلَيْهِ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَلَوْ كَانَ مُتَعَمِّدًا، الثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ الطَّوَافِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ الثَّالِثُ لِأَشْهَبَ إنْ عَلِمَ فِي أَثْنَائِهِ أَعَادَهُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ قَالَ التُّونُسِيُّ يُشْبِهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ فِي أَثْنَائِهِ يَبْنِي بَعْدَ طَرْحِهَا، أَوْ غَسْلِهَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَكَيْفَ يَكُونُ ضَعِيفًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَعَادَ نَدْبًا رَكْعَتَيْهِ) هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنَّجَاسَةِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ فَلَا يُعِيدُهُ. (قَوْلُهُ: لِخُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْفَرَاغِ مِنْهُمَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الطُّولُ إلَّا أَنْ يُلَاحَظَ أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبَنَى عَلَى الْأَقَلِّ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ بَنَى عَلَى مَا طَافَ إنْ رَعَفَ وَبَنَى عَلَى الْأَقَلِّ الْمُحَقَّقِ إنْ شَكَّ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلُ لِلْوَهْمِ كَمَا فِي شب وعبق قَالَ ح وَالْمَنْصُوصُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الشَّاكَّ الْغَيْرَ الْمُسْتَنْكِحِ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ سَوَاءٌ شَكَّ وَهُوَ فِي الطَّوَافِ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ بَلْ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إكْمَالِ طَوَافِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَعْمَلُ) أَيْ الشَّاكُّ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُسْتَنْكِحًا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ وَاحِدًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ لَهُ مُتَعَدِّدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَعَهُ فِي الطَّوَافِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لعبق الْقَائِلِ يَعْمَلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا لَيْسَ مَعَهُ فِي الطَّوَافِ وَرَوَى الْبَاجِيَّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ أَنَّ الطَّائِفَ الشَّاكَّ لَا يَرْجِعُ لِإِخْبَارِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ اثْنَيْنِ مَعَهُ فِي الطَّوَافِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْفِيفَ مَالِكٍ لِلشَّاكِّ فِي قَبُولِ خَبَرِ رَجُلَيْنِ طَافَا مَعَهُ، الشَّيْخُ: وَفِي رِوَايَةٍ قَبُولُ خَبَرِ رَجُلٍ مَعَهُ، الْبَاجِيَّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ: الْقِيَاسُ لَغْوُ قَوْلِ غَيْرِهِ وَبِنَاؤُهُ عَلَى يَقِينِهِ كَالصَّلَاةِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ اهـ ح. (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِسَقَائِفَ) أَيْ وَجَازَ الطَّوَافُ تَحْتَ السَّقَائِفِ الْقَدِيمَةِ وَهِيَ مَحَلٌّ كَانَ بِهِ قِبَابٌ مَعْقُودَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقُبَّةِ الشَّرَابِ) أَيْ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِخَلْوَةِ الشَّمْعِ حِذَاءَ زَمْزَمَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ حَيْلُولَةُ الْأُسْطُوَانَاتِ) أَيْ الْعَوَامِيدِ أَيْ لَا يَضُرُّ حَيْلُولَتُهَا بَيْنَ الطَّائِفِ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الَّذِي يَطُوفُ حَوْلَهُ وَلَا حَيْلُولَةُ زَمْزَمَ وَقُبَّةِ الشَّرَابِ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: انْتَهَتْ إلَيْهَا) أَيْ لِأَنَّ الزِّحَامَ يُصَيِّرُ الْجَمِيعَ مُتَّصِلًا بِالْبَيْتِ فَلَوْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ لِزَحْمَةٍ، ثُمَّ قَبْلَ كَمَالِهِ زَالَتْ الزَّحْمَةُ وَجَبَ كَمَالُهُ فِي الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ كَانَ الْبَاقِي قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَلَوْ كَمَّلَ الْبَاقِيَ فِي السَّقَائِفِ فَهَلْ يُطَالَبُ بِإِعَادَةِ مَا فَعَلَ بَعْدَ زَوَالِ الزَّحْمَةِ عِنْدَ الْبَيْتِ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا كَالشَّوْطَيْنِ وَكَانَ الْأَمْرُ بِالْقُرْبِ أَوْ يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الطَّوَافِ كُلِّهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَكُنْ زَحْمَةٌ) أَيْ بَلْ طَافَ تَحْتَ السَّقَائِفِ اعْتِبَاطًا أَوْ لِحَرٍّ، أَوْ لِبَرْدٍ، أَوْ مَطَرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ هُوَ أَنَّ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ الشَّدِيدَيْنِ كَالزَّحْمَةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: أَعَادَ وُجُوبًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُعِيدُ الْوَاجِبَ وَلَوْ كَانَ وُجُوبُهُ بِالنَّذْرِ لَا التَّطَوُّعِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّطَوُّعَ يَجُوزُ فِي السَّقَائِفِ لِزَحْمَةٍ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: مَا دَامَ بِمَكَّةَ) أَيْ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا مِمَّا لَا يَتَعَذَّرُ فِيهِ الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَيْهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ السَّقَائِفَ كَانَتْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ بَدَّلَهَا بَعْضُ السَّلَاطِينِ مِنْ بَنِي عُثْمَانَ بِعُقُودٍ وَأَمَّا السَّقَائِفُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَسْجِدِ مَزِيدَةٌ فِيهِ فَالطَّوَافُ فِيهَا الْآنَ طَوَافٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ الطَّوَافِ فِي السَّقَائِفِ لِزَحْمَةٍ مُرَادُهُ فِي مَحَلِّهَا الزَّمَنَ الْأَوَّلَ لَا الطَّوَافُ تَحْتَ السَّقَائِفِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ هَذَا حَاصِلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَتْ السَّقَائِفُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ اُشْتُرِطَ فِي جَوَازِ الطَّوَافِ فِيهَا لِزَحْمَةٍ مَعَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ كَمَا مَرَّ وُقُوعُهُ فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ كَالسَّعْيِ) فَاعِلُ وَجَبَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ.

أَيْ تَقْدِيمُهُ (قَبْلَ عَرَفَةَ) وَلِذَلِكَ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ فِيهِمَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَحْرَمَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا (مِنْ الْحِلِّ) وَلَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ خَرَجَ إلَيْهِ (وَلَمْ يُرَاهَقْ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ لَمْ يُزَاحِمْهُ الْوَقْتُ وَبِكَسْرِهَا أَيْ لَمْ يُقَارِبْ الْوَقْتَ بِحَيْثُ يَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ إنْ اشْتَغَلَ بِالْقُدُومِ فَإِنْ خَشِيَهُ خَرَجَ لِعَرَفَةَ وَتَرَكَهُ (وَلَمْ يُرْدِفْ) الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ (بِحَرَمٍ وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ (سَعَى) أَيْ أَخَّرَ السَّعْيَ الرُّكْنِيَّ (بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) وَلَا طَوَافَ قُدُومٍ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى نَاسٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَمَجْنُونٍ حَيْثُ بَقِيَ عُذْرُهُمْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُمْ الْإِتْيَانُ بِالْقُدُومِ وَالسَّعْيِ قَبْلَ الْوُقُوفِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ طَافَ الْمُرْدِفُ بِحَرَمٍ، أَوْ الْمُحْرِمُ مِنْهُ غَيْرُ الْمُرَاهَقِ تَطَوُّعًا (فَدَمٌ) بِشَرْطَيْنِ (إنْ قَدَّمَ) سَعْيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّوَافِ عَلَى الْإِفَاضَةِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يُعِدْ) سَعْيَهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ، فَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. (ثُمَّ) الرُّكْنُ الثَّالِثُ (السَّعْيُ) لَهُمَا (سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّفَا (الْبَدْءُ مَرَّةً) فَإِنْ بَدَأَ مِنْ الْمَرْوَةِ لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ وَأَعَادَ، وَإِلَّا بَطَلَ سَعْيُهُ، وَقَوْلُهُ (وَالْعَوْدُ أُخْرَى) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَالْبَدْءُ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ شَوْطٌ وَالْعَوْدُ إلَى الصَّفَا شَوْطٌ آخَرُ. (وَصِحَّتُهُ) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَائِنَةٌ (بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ) أَيَّ طَوَافٍ كَانَ وَلَوْ نَفْلًا (وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ) أَيْ إنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ الذِّكْرُ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَجِّ طَوَافٌ قَبْلَ عَرَفَةَ إلَّا طَوَافَ الْقُدُومِ وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ فَمُؤَخَّرَانِ عَنْ عَرَفَةَ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَقْدِيمُهُ) أَيْ وَأَمَّا ذَاتُهُ فَهِيَ رُكْنٌ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ عَرَفَةَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَجَبَ أَيْ وَوَجَبَ الطَّوَافُ بِعَرَفَةَ كَمَا يَجِبُ تَقْدِيمُ السَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ فَقَوْلُهُ: كَالسَّعْيِ تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الْقَبْلِيَّةِ فَقَطْ وَلَيْسَ تَشْبِيهًا تَامًّا لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَيْسَ بِرُكْنٍ، وَالسَّعْيَ رُكْنٌ. (قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ) أَيْ لِوُجُوبِ طَوَافِ الْقُدُومِ قَبْلَ عَرَفَةَ وَوُجُوبِ تَقْدِيمِ السَّعْيِ قَبْلَهَا شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ رَاجِعَةٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا لَا لِمَا بَعْدَهَا فَقَطْ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ) أَيْ إنْ أَحْرَمَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ مِنْ الْحِلِّ بِالْفِعْلِ كَانَ إحْرَامُهُ مِنْهُ وَاجِبًا كَالْآفَاقِيِّ الْقَادِمِ مِنْ بَلَدِهِ سَوَاءٌ أَحْرَمَ مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا وَكَالْمُقِيمِ بِمَكَّةَ إذَا أَرَادَ الْقِرَانَ وَخَرَجَ لِلْحِلِّ وَأَحْرَمَ مِنْهُ أَوْ مَنْدُوبًا كَالْمُقِيمِ بِمَكَّةَ إذَا كَانَ مَعَهُ نَفْسٌ مِنْ الْوَقْتِ وَخَرَجَ لِلْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ مُفْرِدًا. (قَوْلُهُ: وَتَرَكَهُ) أَيْ وَأَخَّرَ السَّعْيَ لِلْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْدِفْ بِحَرَمٍ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُرْدِفْ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ مُفْرِدًا، أَوْ أَرْدَفَ بِحِلٍّ قِيلَ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرْدَفَ بِالْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَتَى بِهَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ اعْتِبَارِ الْإِحْرَامِ الْأَصْلِيِّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ إلَخْ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ، أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، أَوْ رَاهَقَ أَيْ ضَاقَ الزَّمَنُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَخْشَى فَوَاتَ الْوُقُوفِ إنْ اشْتَغَلَ بِالْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) أَيْ لِوُجُوبِ إيقَاعِ السَّعْيِ بَعْدَ أَحَدِ طَوَافَيْ الْحَجِّ وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ طَوَافُ الْقُدُومِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ عَقِبَ الْبَاقِي مِنْ طَوَافَيْهِ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَجِبُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ قَبْلَ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَدَمٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ السَّعْيَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ خَالَفَ وَقَدَّمَ السَّعْيَ عَلَى الْإِفَاضَةِ وَعَلَى الْوُقُوفِ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ بِأَنْ أَوْقَعَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، أَوْ وَاجِبٍ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ دَمًا لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا قَدَّمَ إلَخْ الْمُرَاهَقُ إذَا تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَطَافَ وَسَعَى قَبْلَ عَرَفَةَ فَإِنَّ هَذَا لَا إعَادَةَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِالْحَرَمِ أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لَهُ طَوَافُ قُدُومٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ طَافَ الْمُرْدِفُ بِحَرَمٍ) أَيْ طَافَ قَبْلَ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُرَاهَقِ، الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَقَوْلُهُ: تَطَوُّعًا مَعْمُولٌ لِ طَافَ وَلَا مَفْهُومَ لِلتَّطَوُّعِ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ طَافَ قَبْلَ عَرَفَةَ طَوَافًا وَاجِبًا بِالنَّذْرِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ السَّعْيُ لَهُمَا) أَيْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْهُ الْبَدْءُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَقَوْلُهُ " مَرَّةً " حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي مُتَعَلِّقِ الْخَبَرِ أَيْ الْبَدْءُ كَائِنٌ مِنْهُ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَدْءِ مَرَّةً، أَوْ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ أَيْ الْبَدْءُ حَالَ كَوْنِهِ مَرَّةً كَائِنٌ مِنْهُ وَالصَّفَا مُذَكَّرٌ؛ لِأَنَّ أَلِفَهُ ثَالِثَةٌ كَأَلْفِ فَتًى وَعَصًا، وَأَلْفُ التَّأْنِيثِ لَا تَكُونُ ثَالِثَةً. (قَوْلُهُ: مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ " الْعَوْدُ " مُبْتَدَأٌ وَ " أُخْرَى " خَبَرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ " الْعَوْدُ " مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ " وَأُخْرَى " صِفَةٌ لِحَالٍ مَحْذُوفَةٍ أَيْ وَالْعَوْدُ إلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى أَيْ شَوْطًا آخَرَ. (قَوْلُهُ: أَيَّ طَوَافٍ كَانَ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ صِحَّةَ السَّعْيِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ أَيَّ طَوَافٍ كَانَ فَإِنْ سَعَى مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ طَوَافٍ كَانَ ذَلِكَ السَّعْيُ بَاطِلًا لَمْ يُجْزِهِ وَأَمَّا سُقُوطُ الدَّمِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا وَنَوَى وُجُوبَهُ فَلَوْ كَانَ الطَّوَافُ تَطَوُّعًا، أَوْ وَاجِبًا وَلَمْ يُلَاحِظْ وُجُوبَهُ فَالصِّحَّةُ حَاصِلَةٌ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الدَّمُ حَيْثُ لَمْ يُعِدْهُ. (قَوْلُهُ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حَالِ الطَّوَافِ الَّذِي قَالَ فِيهِ وَصِحَّتُهُ بِتَقْدِيمِ طَوَافٍ فَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ مَا حَالُ هَذَا الطَّوَافِ فَقَالَ: وَأَكْمَلُ أَحْوَالِهِ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ فَلَا دَمَ، وَإِلَّا فَالدَّمُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ فَرْضًا) .

فَرْضًا فَلَيْسَ هَذَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ السَّعْيِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ وَلَا يُرِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ يُنْوَى بِهِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ لِعَدَمِ إعَادَتِهِ وَعَدَمِ تَرَتُّبِ دَمٍ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ كَالْقُدُومِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ فَرْضِيَّتَهُ لِكَوْنِهِ نَفْلًا أَوْ وَاجِبًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ فَرْضًا بِأَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهُ كَمَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْجَهَلَةِ (فَدَمٌ) إنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَكَّةَ، وَإِلَّا أَعَادَهُ مَعَ السَّعْيِ. وَلَمَّا قَدَّمَ شُرُوطَ الطَّوَافِ - مِنْ حَيْثُ هُوَ - شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا إذَا فَسَدَ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِأَحَدِ أَطْوِفَةٍ ثَلَاثَةٍ فَقَالَ (وَرَجَعَ) الْمُعْتَمِرُ مِنْ أَيْ مَوْضِعٍ مِنْ الْأَرْضِ (إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ) اعْتَمَرَهَا لِفَقْدِ شَرْطٍ كَفِعْلِهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ (حِرْمًا) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ مُحْرِمًا مُتَجَرِّدًا عَنْ الْمَخِيطِ كَمَا كَانَ عِنْدَ إحْرَامِهِ إذْ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا الْإِحْرَامُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ فَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ فَيُتِمُّهَا، ثُمَّ يَقْضِيهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ وَيُهْدِي وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءُ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ لِلُبْسِهِ وَطِيبِهِ (وَافْتَدَى لِحَلْقِهِ) إنْ كَانَ حَلَقَ وَلَا بُدَّ مِنْ حَلْقِهِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ حَلْقَهُ الْأَوَّلَ لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِتَأْخِيرِهِ. (وَإِنْ أَحْرَمَ) هَذَا الَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَتِهِ (بَعْدَ سَعْيِهِ) الَّذِي سَعَاهُ بَعْدَ طَوَافِهِ الْفَاسِدِ (بِحَجٍّ فَقَارِنٌ) لِأَنَّ طَوَافَهُ الْفَاسِدَ كَالْعَدَمِ فَسَعْيُهُ عَقِبَهُ كَذَلِكَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَهُوَ صِحَّةُ الطَّوَافِ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْإِحْرَامِ، وَالْإِرْدَافُ عَلَيْهِ صَحِيحٌ وَأَوْلَى لَوْ أَرْدَفَ قَبْلَ سَعْيِهَا (كَطَوَافِ الْقُدُومِ) إنْ فَسَدَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ (إنْ سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ) عَلَيْهِ، وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَالرُّجُوعُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ لِلْقُدُومِ بَلْ لِلسَّعْيِ وَلِذَا كَانَ إذَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ بَلْ أَعَادَهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ لَمْ يَرْجِعْ. (وَ) طَوَافُ (الْإِفَاضَةِ) إذَا فَسَدَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ) بِطَوَافٍ صَحِيحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إنْ كَانَ مَطْلُوبًا طَلَبًا أَكِيدًا كَالْإِفَاضَةِ وَالْقُدُومِ فَيُلَاحَظُ فِيهِمَا فَرْضِيَّتُهُ أَوْ وُجُوبُهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُوهِمُ شَرْطِيَّتَهُ لِقَوْلِهِ، وَإِلَّا فَدَمٌ إذْ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَلَزِمَ مِنْ فَقْدِهِ عَدَمُ صِحَّةِ السَّعْيِ وَأَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ دُونَ جَبْرِهِ بِالدَّمِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُرِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ) أَيْ وَهُوَ الطَّوَافُ النَّفَلُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ) أَيْ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى الْوَاجِبِ فَرْضًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الِاصْطِلَاحِ هُنَا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِهَذَا الِاصْطِلَاحِ الْحَادِثِ وَهُوَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى بِأَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ وُجُوبِهِ وَقَوْلُهُ: كَمَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْجَهَلَةِ أَيْ فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ عَدَمَ لُزُومِ الْإِتْيَانِ بِطَوَافِ الْقُدُومِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْوِ فَرْضِيَّتَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ لُزُومَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى نَوَى فَرْضِيَّتَهُ أَوْ وُجُوبَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ عَدَمَ لُزُومِهِ أَوْ اعْتَقَدَ عَدَمَ وُجُوبِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ لَمْ يُعِدْهُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَعَادَهُ مَعَ السَّعْيِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَكَّةَ يُعِيدُ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي فَرْضِيَّتَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ أَعَادَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَنَوَى وُجُوبَهُ وَسَعَى بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ أَعَادَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ وَسَعَى بَعْدَهُ، وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَدَمُ مُسَامَحَةٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ عَدَمُ الْأَمْرِ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا كَانَ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي الْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ: إنَّمَا يَرْجِعُ أَيْ يَرْجِعُ أَيْ مِنْ بَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ) أَيْ لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحَلْقٍ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ صِحَّةِ الطَّوَافِ عَنْ عَمْدٍ، أَوْ سَهْوٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا تَفْسُدُ فِي الْعَمْدِ وَيَقْضِيهَا بَعْدَ إتْمَامِهَا لِانْعِقَادِ إحْرَامِهَا وَعَدَمِ طُرُوءِ مَا يُفْسِدُهُ. (قَوْلُهُ: كَفِعْلِهِ) أَيْ الطَّوَافِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ. أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا أَيْ وَكَتَرْكِ بَعْضِهِ عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَرَجَعَ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَطُفْ طَوَافَ تَطَوُّعٍ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ وَسَعَى بَعْدَهُ وَإِلَّا فَيُجْزِئُ وَلَا يَرْجِعُ لَكِنْ عَلَيْهِ دَمٌ إنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَكَّةَ لِأَنَّهُ سَعَى بَعْدَ طَوَافٍ غَيْرِ فَرْضٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: مُتَجَرِّدًا عَنْ الْمَخِيطِ) تَفْسِيرٌ لِمُحْرِمًا أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا كَانَ عِنْدَ إحْرَامِهِ) أَيْ كَمَا كَانَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ مُحْرِمٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ تِلْكَ الْعُمْرَةِ الَّتِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهَا. (قَوْلُهُ: فَقَارِنٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِحَجٍّ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ كَانَ تَحَلُّلُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ تَحَلُّلًا مِنْ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْإِحْرَامِ) بِهَذَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَصَحَّ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ بَعْدَ سَعْيِ الْعُمْرَةِ وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا إنْ حَلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَإِلَّا فَمُفْرِدٌ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ الْعُمْرَةُ الَّتِي أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهَا صَحِيحَةٌ وَهُنَا فَاسِدَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ) أَيْ حَلَالًا مُحْرِمًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ لَا فِي صِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يَرْجِعُ مُحْرِمًا وَهُنَا يَرْجِعُ حَلَالًا وَحَاصِلُ مَا ذَكَره أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ إذَا تَبَيَّنَ فَسَادُهُ وَقَدْ أَوْقَعَ السَّعْيَ بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَلَا بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ حَلَالًا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ) أَيْ وَلَا بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ وَأَمَّا لَوْ أَعَادَهُ بَعْدَ طَوَافِ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ لَهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ دَمٌ إنْ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ، وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ أَجْزَأَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ رُجُوعٌ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَهَذَا إنْ عَلِمَ بِفَسَادِ طَوَافِ الْقُدُومِ فَأَعَادَ السَّعْيَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَأَمَّا إنْ أَعَادَهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ مَعَ.

فَيُجْزِئَهُ عَنْ الْفَرْضِ الْفَاسِدِ وَلَا يَرْجِعَ لَهُ نَعَمْ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ طُولِبَ بِالْإِعَادَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ (وَلَا دَمَ) إذَا تَطَوَّعَ بَعْدَهُ أَيْ وَكَانَ غَيْرَ ذَاكِرٍ فَسَادَ الْإِفَاضَةِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (حِلًّا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَرْجِعُ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ الْكَافِ أَيْ يَرْجِعُ حَلَالًا مِنْ مَمْنُوعَاتِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَيُكْمِلُ مَا عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُجَدِّدُ إحْرَامًا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، ثُمَّ يَسْعَى وَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ إفَاضَتِهِ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ وَلَا يَحْلِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ حَلَقَ بِمِنًى وَلَا يُلَبِّي حَالَ رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ قَدْ انْقَضَتْ. (إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) فَلَا يَكُونُ حِلًّا بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا بَلْ يَجْتَنِبُهُمَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَحِلَّانِ إلَّا بِالتَّحَلُّلِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَهُوَ لَمْ يَحْصُلْ (وَكُرِهَ) لَهُ (الطِّيبُ) لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (وَاعْتَمَرَ) أَيْ وَأَتَى بِعُمْرَةٍ بَعْدَ أَنْ يُكْمِلَ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا حَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ أَمْ لَا (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ يَعْتَمِرُ (إنْ) كَانَ قَدْ (وَطِئَ) لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ صَحِيحٍ لَا وَطْءَ قَبْلَهُ، وَيُهْدِيَ إنْ لَمْ يَطَأْ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ. اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ فَكَمَّلَ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ وَيُهْدِي وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ الْأَقَلِّ وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَاتَّفَقُوا عِنْدَ عَدَمِ الْوَطْءِ عَلَى عَدَمِ الْعُمْرَةِ وَاخْتَلَفُوا عِنْدَ الْوَطْءِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا عُمْرَةَ وَالْأَقَلُّ إنْ لَمْ يَطَأْ. ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الرُّكْنِ الرَّابِعِ الْمُخْتَصِّ بِالْحَجِّ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَلِلْحَجِّ) خَاصَّةً (حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ) أَيْ الِاسْتِقْرَارُ بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، سَوَاءٌ كَانَ وَاقِفًا، أَوْ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْتِقَادِ صِحَّةِ الْقُدُومِ وَصِحَّةِ السَّعْيِ الَّذِي بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إنْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ، أَوْ تَطَاوَلَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ فَإِنَّهُ يُعِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِسَعْيِهِ الرُّكْنَ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الطَّوَافَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ فَرْضٌ، وَمُلَاحَظَةُ أَنَّهُ نَفْلٌ وَمَحَلُّ إجْزَائِهِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ ذَاكِرٍ لِفَسَادِ الْإِفَاضَةِ وَذَهَبَ لِبَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِهِ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِهِ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِمَكَّةَ) أَيْ وَعَلِمَ بِفَسَادِهِ بَعْدَ طَوَافِهِ التَّطَوُّعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ حِرْمًا " وَلِقَوْلِهِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ إنْ سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ وَلِقَوْلِهِ " وَالْإِفَاضَةُ " وَأَمَّا قَوْلُهُ: حِلًّا فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ - أَعْنِي رُجُوعَهُ لِلْقُدُومِ وَالْإِفَاضَةِ -، وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا دَمَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ أَيْ فَإِنْ تَطَوَّعَ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِمَا تَرَكَهُ مِنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّطَوُّعَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِمُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ نَفْلًا وَعَدَمِ مُلَاحَظَةِ فَرْضِيَّتِهِ وَكُلٌّ مِنْ الْحِلَّيْنِ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ غَيْرَ ذَاكِرٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَطَوَّعَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ الْفَاسِدِ بِطَوَافٍ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ التَّطَوُّعُ نَاسِيًا لِفَسَادِ الْإِفَاضَةِ، أَوْ مُتَذَكِّرًا لَهُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ ح، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ حَمْلَهُ عَلَى النِّسْيَانِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ فِي بَابِ " جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ ": لَا خِلَافَ فِيمَا إذَا طَافَ مُلَاحِظًا أَنَّ ذَلِكَ الطَّوَافَ لِلْوَدَاعِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْإِفَاضَةِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ اهـ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ الِاسْتِظْهَارَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ مَنْ أَفْسَدَ طَوَافَ قُدُومِهِ وَمَنْ أَفْسَدَ طَوَافَ إفَاضَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَاقٍ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ حِلًّا وَحَاصِلُهُ أَنَّ رُجُوعَهُ حِلًّا يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ دُخُولُ مَكَّةَ حَلَالًا وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا حِلٌّ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَصْغَرَ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ التَّحَلُّلَ الْأَكْبَرَ؛ لِأَنَّ الْإِفَاضَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَلَالٌ حُكْمًا وَغَيْرُ حَلَالٍ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ مَنْعِهِ مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَكَرَاهَةِ الطِّيبِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَرَ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ أَوْ إفَاضَتِهِ وَرَجَعَ حَلَالًا وَأَكْمَلَ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِعُمْرَةٍ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ قَبْلَ إكْمَالِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ) فَسَّرَهُمْ أَبُو الْحَسَنِ بِابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٍ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ عَدَمَ ذِكْرِهِمْ لِإِيهَامِ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الطَّوَافِ بِتَقَدُّمِ الْوَطْءِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ الَّذِي رَجَعَ لَهُ حَصَلَ فِيهِ خَلَلٌ بِتَقَدُّمِ الْوَطْءِ أُمِرَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافٍ صَحِيحٍ لَا وَطْءَ قَبْلَهُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ. (قَوْلُهُ: هَذَا قَوْلُ الْأَقَلِّ) أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ الْأَكْثَرُ أَيْ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ خَارِجِ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا عِنْدَ الْوَطْءِ) أَيْ فَعِنْدَ الْأَقَلِّ تَلْزَمُهُ الْعُمْرَةُ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ لَا تَلْزَمُهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَرَ وَالْأَكْثَرُ: إنْ وَطِئَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ قَائِلٌ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَطِئَ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا عُمْرَةَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يَقُولَ وَاعْتَمَرَ إنْ وَطِئَ وَالْأَكْثَرُ عَدَمُهَا. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ الِاسْتِقْرَارُ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مَرَّ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ هَذَا إذَا اسْتَقَرَّ بِعَرَفَةَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فِيهِ " بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ ". (قَوْلُهُ: فِي أَيِّ جُزْءٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْوُقُوفُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ وَذَلِكَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْعِظَامِ الْمَفْرُوشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي وَسَطَ -.

أَوْ رَاكِبًا عَلِمَ أَنَّهَا عَرَفَةُ أَمْ لَا (سَاعَةً) أَيْ لَحْظَةً (لَيْلَةَ النَّحْرِ) وَتَدْخُلُ بِالْغُرُوبِ وَأَمَّا الْوُقُوفُ نَهَارًا فَوَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالزَّوَالِ وَيَكْفِي فِيهِ أَيُّ جُزْءٍ مِنْهُ، هَذَا إذَا اسْتَقَرَّ بِعَرَفَةَ، بَلْ (وَلَوْ مَرَّ) أَيْ كَانَ مَارًّا بِشَرْطَيْنِ أَفَادَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (إنْ نَوَاهُ) وَأَفَادَ الثَّانِيَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ الْآتِي " لَا الْجَاهِلُ " فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ نَوَى الْوُقُوفَ وَعَلِمَ بِأَنَّ الْمَارَّ عَلَيْهِ هُوَ عَرَفَةُ وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَمٌ فَالِاسْتِقْرَارُ مُطْمَئِنًّا وَاجِبٌ (أَوْ) كَانَ مُتَلَبِّسًا (بِإِغْمَاءٍ) حَاصِلٍ (قَبْلَ الزَّوَالِ) وَأَوْلَى بَعْدَهُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ (أَوْ أَخْطَأَ) فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ (الْجَمُّ) أَيْ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْمَوْقِفِ بِرُمَّتِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَكْثَرَهُمْ فَوَقَفُوا (بِعَاشِرٍ) أَيْ فِي عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ ظَنَّا مِنْهُمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْضِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَاكِبًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْوُقُوفُ رَاكِبًا أَفْضَلَ. (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ) أَيْ لَيْلَةُ النَّحْرِ بِالْغُرُوبِ فَمَتَى اسْتَقَرَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ بِعَرَفَةَ لَحْظَةً أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ دَفَعَ مِنْهُ بِدَفْعِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يَدْفَعَ بِدَفْعِهِ وَلَوْ نَفَرَ شَخْصٌ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ أَجْزَأَ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِعَدَمِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ إذْ هِيَ وَاجِبَةٌ فَالِاسْتِقْرَارُ فِي عَرَفَةَ بَعْدَ الْغُرُوبِ رُكْنٌ وَالطُّمَأْنِينَةُ وَاجِبَةٌ كَالْوُقُوفِ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ بَعْدَ الزَّوَالِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْوُقُوفُ نَهَارًا فَوَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ) أَيْ تَرْكُهُ عَمْدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا إنْ كَانَ التَّرْكُ لِعُذْرٍ كَمَا لَوْ كَانَ مُرَاهَقًا فَلَا دَمَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوُقُوفَ نَهَارًا وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ سَاعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ فَرُكْنٌ لَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَمَنَ الْوُقُوفِ مُوَسَّعٌ وَآخِرَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْدَئِهِ فَالْجُمْهُورُ أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَمَالِكٌ يَقُولُ مِنْ الْغُرُوبِ وَوَافَقَ الْجُمْهُورَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ) أَيْ وَقْتُ الْوُقُوفِ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِيهِ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْوُقُوفِ الْوُقُوفِ الْوَاجِبِ، وَقَوْلُهُ: أَيُّ جُزْءٍ مِنْهُ أَيْ الْوُقُوفُ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا اسْتَقَرَّ بِعَرَفَةَ) بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْمَئِنَّ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي حُضُورٍ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي مَرَّ عَائِدٌ عَلَى الْحَاضِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ حُضُورٍ وَضَمِيرُ نَوَاهُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الْحَاضِرِ وَأَمَّا الْبَارِزُ فَهُوَ عَائِدٌ عَلَى الْحُضُورِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَابِلَ يَقُولُ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمُرُورِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا نَوَى الْوُقُوفَ بِهِ أَمْ لَا وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَفِي الْمَارِّ قَوْلَانِ اهـ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ قَوْلًا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِذَا جَعَلَ سَنَدٌ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا فَقَالَ مَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ وَعَرَفَهَا أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُهُ وَالْأَشْهَرُ الْإِجْزَاءُ اهـ وَبَحَثَ ح فِي قَوْلِهِ: وَالْأَشْهَرُ الْإِجْزَاءُ بِأَنَّ سَنَدًا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ الْأَشْهَرُ، وَإِنَّمَا قَالَ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ مَالِكٍ الْإِجْزَاءَ وَهُوَ أَبْيَنُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ نَوَاهُ) إنَّمَا طُلِبَتْ النِّيَّةُ مِنْ الْمَارِّ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ اسْتَقَرَّ مُطْمَئِنًّا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِعْلُهُ لَا يُشْبِهُ فِعْلَ الْحَاجِّ فِي الْوُقُوفِ احْتَاجَ لِنِيَّةٍ لِعَدَمِ انْدِرَاجِ فِعْلِهِ فِي نِيَّةِ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ مَنْ وَقَفَ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ يَنْدَرِجُ فِيهَا الْوُقُوفُ كَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ. (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ بِأَنَّ الْمَارَّ عَلَيْهِ هُوَ عَرَفَةُ) إنْ قُلْت: إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نِيَّةِ الْوُقُوفِ بِهَا مَعْرِفَتُهَا فَلَا حَاجَةَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي قُلْت هَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْوِي الْوُقُوفَ بِهَا عَلَى فَرْضِ أَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ الْمَارَّ بِهِ عَرَفَةُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَتْ جَازِمَةً وَلَا تَكُونُ جَازِمَةً إلَّا مَعَ مَعْرِفَةِ الْمَحَلِّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ) أَيْ الْحَاضِرُ مُتَلَبِّسًا بِإِغْمَاءٍ أَوْ نَوْمٍ، أَوْ جُنُونٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِإِغْمَاءٍ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ عُطِفَ عَلَى مَرَّ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْحَاضِرُ مُتَلَبِّسًا بِإِغْمَاءٍ حَصَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ الْإِغْمَاءُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَاسْتَمَرَّ لِلْغُرُوبِ، أَوْ لِلْفَجْرِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَمِثْلُ الْإِغْمَاءِ الْجُنُونُ وَالنَّوْمُ كَمَا عَلِمْت قَالَ بَعْضٌ وَانْظُرْ لَوْ شَرِبَ مُسْكِرًا قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ بَعْدَهُ حَتَّى غَابَ أَوْ أَطْعَمَهُ لَهُ أَحَدٌ وَفَاتَ الْوُقُوفُ وَهُوَ سَكْرَانُ. هَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْوُقُوفُ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي السُّكْرِ اخْتِيَارٌ فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَلَا يُجْزِئُهُ كَالْجَاهِلِ بَلْ هُوَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: فَوَقَفُوا بِعَاشِرٍ) أَيْ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُمْ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ، أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ الْعَاشِرُ وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا يَذْهَبُوا لِلْوُقُوفِ وَلَا يَجْزِيهِمْ إذَا وَقَفُوا كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَفُرِّقَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَوْقَعَ الْوُقُوفَ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا وَالثَّانِيَ لَوْ وَقَفَ كَانَ وُقُوفُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمَشْرُوعِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ قَالَ بِالْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْوُقُوفِ أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي عَاشِرٍ) أَشَارَ.

[سنن الإحرام بحج أو عمرة]

بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ الْقَعْدَةِ، أَوْ نَظَرُوا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَيَجْزِيهِمْ (فَقَطْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ " الْجَمُّ "، وَفِي قَوْلِهِ " بِعَاشِرٍ " لِيَحْتَرِزَ بِالْأَوَّلِ عَنْ خَطَإِ الْبَعْضِ - وَلَوْ أَكْثَرَهُمْ - وَالثَّانِي عَنْ خَطَئِهِمْ فَوَقَفُوا بِالثَّامِنِ وَلَمْ يَسْتَدْرِكُوا الْوُقُوفَ بِالتَّاسِعِ (لَا) الْمَارُّ (الْجَاهِلُ) بِعَرَفَةَ فَلَا يَجْزِيهِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ مَرَّ أَيْ يَكْفِي الْحُضُورُ وَلَوْ مَرَّ الْعَالِمُ بِأَنَّهُ عَرَفَةُ لَا الْجَاهِلُ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ قَوْلَهُ (كَبَطْنِ عُرَنَةَ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالنُّونِ وَادٍ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ عَرَفَةَ وَالْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى حَدِّ الْحَرَمِ فَلَيْسَتْ عُرَنَةُ بِالنُّونِ مِنْ عَرَفَةَ بَلْ وَلَا مِنْ الْحَرَمِ (وَأَجْزَأَ) الْوُقُوفُ (بِمَسْجِدِهَا) أَيْ عُرَنَةَ بِالنُّونِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَرَفَةَ بِالْفَاءِ وَنُسِبَ لِذَاتِ النُّونِ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ حَائِطُهُ الْقَلْبِيُّ الَّذِي مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ لَسَقَطَ فِي عُرَنَةَ بِالنُّونِ (بِكُرْهٍ) لِمَا قِيلَ: إنَّهُ مِنْ عُرَنَةَ بِالنُّونِ. (وَ) مَنْ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَخَافَ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْفَجْرِ إنْ ذَهَبَ لِعَرَفَةَ، وَإِنْ صَلَّى فَاتَهُ الْحَجُّ (صَلَّى وَلَوْ فَاتَ) لِأَنَّ مَا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ الْقَتْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى تَقْدِيمُ الْوُقُوفِ عَلَى الصَّلَاةِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَرْكَانِ شَرَعَ فِي بَيَانِ السُّنَنِ وَبَدَأَ بِسُنَنِ أَوَّلِهَا فَقَالَ (وَالسُّنَّةُ) لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ صَبِيًّا، أَوْ حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ أَرْبَعٌ: أَوَّلُهَا (غُسْلٌ مُتَّصِلٌ) بِالْإِحْرَامِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ فَلَوْ اغْتَسَلَ غُدْوَةً، وَأَحْرَمَ وَقْتَ الظُّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِشَدِّ رِحَالِهِ، وَإِصْلَاحِ جِهَازِهِ (وَلَا دَمَ) فِي تَرْكِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَقَدْ أَسَاءَ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ " مُتَّصِلٌ " بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (بِالْمَدِينَةِ لِلْحُلَيْفِيِّ) أَيْ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَيَأْتِي لَابِسًا لِثِيَابِهِ فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْهَا تَجَرَّدَ (وَ) نُدِبَ الْغُسْلُ (لِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ (مَكَّةَ) لِأَنَّ الْغُسْلَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ إلَّا مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الطَّوَافُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي لَا أَنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مُسَبَّبٌ عَنْ الْخَطَأِ لَا سَبَبٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةُ الثَّلَاثِينَ مِنْ الْقَعْدَةِ) أَيْ فَكَمَّلُوا عِدَّتَهُ ثَلَاثِينَ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَظَرُوا أَيْ أَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً فَنَظَرُوا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ وَأَكْمَلُوا عِدَّةَ ذِي الْقَعْدَةِ ثَلَاثِينَ. (قَوْلُهُ: فَأَكْمَلُوا الْعِدَّةَ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ وَقَفُوا فِي تَاسِعِ الْحِجَّةِ فِي ظَنِّهِمْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَئُوا فِي الْعَدَدِ بِأَنْ عَلِمُوا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ نَسُوهُ فَوَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِمْ وَأَمَّا مَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُقُوفُ فِي وَقْتِهِ كَالصَّوْمِ قَالَهُ سَنَدٌ وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّوْمِ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِمُنْفَرِدٍ إلَّا كَأَهْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: عَنْ خَطَئِهِمْ فَوَقَفُوا بِالثَّامِنِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْإِجْزَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي إجْزَاءِ الْوُقُوفِ فِي الثَّامِنِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ وَأَمَّا إذَا عَلِمُوا بِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْوَقْتِ فَلَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا اُنْظُرْ ح إذَا عَلِمْت هَذَا فَإِذَا تَذَكَّرُوا فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ فَيَقِفُونَ اتِّفَاقًا لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَذَكَّرُوا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَهَلْ يَقِفُونَ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَيُجْزِئُهُمْ وَبِهِ قِيلَ وَعَلَيْهِ مَشَى عبق، أَوْ لَا يَجْزِيهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا قَالَهُ عبق ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: لَا الْمَارُّ الْجَاهِلُ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ الْمَارِّ إلَى أَنَّ الْجَهْلَ بِعَرَفَةَ إنَّمَا يَضُرُّ الْمَارَّ وَأَمَّا مَنْ اسْتَقَرَّ بِهَا وَاطْمَأَنَّ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِهَا كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْوُقُوفِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: بِكُرْهٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ الْإِجْزَاءِ أَخَذَهُ مِمَّا حَكَاهُ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ وَهَذَا قَوْلٌ صَدَّرَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَرَافِيُّ وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَشَهَّرَهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ جُلِّ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ مُرَاعَاةَ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَلِأَنَّ مَا لَا يُقْضَى إلَّا مِنْ بُعْدٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى مَا يُقْضَى بِسُرْعَةٍ. [سُنَن الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ] (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ السُّنَنِ) أَيْ سُنَنِ كُلِّ رُكْنٍ. (قَوْلُهُ: أَرْبَعٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَيْسَتْ سُنَّةً، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فَالسُّنَنُ خَمْسَةٌ لَا أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الِاتِّصَالُ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: غَدْوَةً أَيْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الِاتِّصَالَ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ وَأَنَّهُ إذَا اغْتَسَلَ غَدْوَةً وَأَخَّرَ الْإِحْرَامَ وَقْتَ الظُّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ حَيْثُ جَعَلَ الِاتِّصَالَ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْإِحْرَامِ بِشَدِّ رِحَالِهِ أَيْ لَا يَكُونُ هَذَا مُبْطِلًا لِلِاتِّصَالِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَسَاءَ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِحْرَامُ مِنْهَا وَاجِبًا كَمَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَدْبًا كَمَا لَوْ كَانَ مِصْرِيًّا مَرَّ بِالْحُلَيْفَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْتِي) أَيْ لِذِي الْحُلَيْفَةِ بَعْدَ غُسْلِهِ فِي الْمَدِينَةِ لَابِسًا لِثِيَابِهِ فَإِذَا أَحْرَمَ مِنْهَا تَجَرَّدَ قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَجَرَّدُ عَقِبَ غُسْلِهِ بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ لِلْحُلَيْفَةِ أَحْرَمَ مِنْهَا كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَاسْتَحَبَّ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَغْتَسِلَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ يَتَجَرَّدَ مَكَانَهُ فَإِذَا وَصَلَ لِذِي الْحُلَيْفَةِ أَحْرَمَ مِنْهَا وَذَلِكَ أَفْضَلُ وَبِالْمَدِينَةِ اغْتَسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَجَرَّدَ وَلَبِسَ ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَلَمَّا وَصَلَ لِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكَعَ وَأَهَلَّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغُسْلَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ) أَيْ لَا لِدُخُولِ مَكَّةَ فَاللَّامُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِدُخُولِ مَكَّةَ بِمَعْنَى " عِنْدَ " -.

(بِطُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَبِطُوًى لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ (وَ) نُدِبَ أَيْضًا (لِلْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَوَقْتُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَيَتَدَلَّكُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ تَدْلِيكًا خَفِيفًا. (وَ) ثَانِي السُّنَنِ (لُبْسُ إزَارٍ) فِي وَسَطِهِ (وَرِدَاءٍ) عَلَى كَتِفَيْهِ (وَنَعْلَيْنِ) أَيْ أَنَّ السُّنَّةَ هَذِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ التَّجَرُّدَ وَاجِبٌ فَلَوْ الْتَحَفَ بِرِدَاءٍ، أَوْ كِسَاءٍ أَجْزَأَهُ وَخَالَفَ السُّنَّةَ. (وَ) ثَالِثُ السُّنَنِ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (تَقْلِيدُ هَدْيٍ) إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ تَطَوُّعًا، أَوْ لِعَامٍ مَضَى وَكَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ لَا غَنَمًا، وَأَمَّا مَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّمَا يُقَلَّدُ بَعْدَهُ (ثُمَّ إشْعَارُهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُشْعَرُ كَالْإِبِلِ فَالتَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ سُنَّةٌ لِلْإِحْرَامِ بِالْقَيْدَيْنِ لَا مُطْلَقًا. (ثُمَّ) رَابِعُ السُّنَنِ (رَكْعَتَانِ وَالْفَرْضُ مُجْزٍ) عَنْهُمَا وَفَاتَهُ الْأَفْضَلُ وَأَفَادَ بِثُمَّ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِشْعَارَ عَنْ التَّقْلِيدِ وَالرَّكْعَتَيْنِ عَنْ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ أَيْ نَدْبًا فِيهِمَا لَكِنَّ النَّصَّ تَقْدِيمُ الرُّكُوعِ عَلَى التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ. ثُمَّ بَيَّنَ الْوَقْتَ الَّذِي يُحْرِمُ فِيهِ نَدْبًا بَعْدَ فِعْلِ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ (يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى) عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشْيِهَا (وَالْمَاشِي إذَا مَشَى) وَلَا يَنْتَظِرُ الْخُرُوجَ إلَى الْبَيْدَاءِ. (وَتَلْبِيَةٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ خَامِسَةٌ وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي " وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ " أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَاتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ يَسِيرُ الْفَصْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ حَقِيقَةً فَإِنْ تَرَكَهُ فَإِنْ انْضَمَّ لِذَلِكَ طُولٌ لَزِمَهُ الدَّمُ فَقَوْلُهُ " وَتَلْبِيَةٌ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَاتِّصَالُ تَلْبِيَةٍ (وَجُدِّدَتْ) نَدْبًا (لِتَغَيُّرِ حَالٍ) كَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَرُكُوبٍ وَمُلَاقَاةِ رِفَاقٍ (وَخَلْفَ صَلَاةٍ) وَلَوْ نَافِلَةً (وَهَلْ) يَسْتَمِرُّ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ يُلَبِّي (لِمَكَّةَ) أَيْ لِدُخُولِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِطُوًى) أَيْ إنْ أَتَى مِنْ جِهَتِهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ جِهَتِهَا فَيُقَدِّرُ مَا بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَيَتَدَلَّكُ) فِيهِمَا أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُسْلًا إلَّا مَعَ الدَّلْكِ وَقَوْلُهُ: تَدْلِيكًا خَفِيفًا أَيْ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ فَيُخَافُ مِنْ شِدَّةِ الدَّلْكِ قَتْلُ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ أَوْ قَلْعُ شَيْءٍ مِنْ الشَّعْرِ وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَتَدَلَّكُ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ: يَتَدَلَّكُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ غُسْلُ الْإِحْرَامِ فَيَتَدَلَّكُ فِيهِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ السُّنَّةَ هَذِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ أَصْلُهُ لح وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ طفى بِأَنَّ جَعْلَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ سُنَّةً يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ وَإِنَّهُ مُعْتَمَدٌ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ أَنَّ تِلْكَ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَمَا نَسَبَهُ التَّوْضِيحُ لِابْنِ شَاسٍ وَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ مِنْ السُّنِّيَّةِ قَالَ طفى الظَّاهِرُ مِنْهُمَا خِلَافُهُ فَالْأَوْلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَهْرَامُ وتت مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ السُّنَّةِ التَّجَرُّدُ وَمِثْلُهُ لِعِيَاضٍ وَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَبِهِ عَبَّرَ فِي مَنَاسِكِهِ، وَقَوْلُ ح - يَبْعُدُ أَنْ يُرِيدَ التَّجَرُّدَ مِنْ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ يَأْثَمُ تَارِكُهُ - غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُنْجَبِرَةِ بِالدَّمِ مُخْتَلِفٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْوَاجِبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالسُّنَّةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّأْثِيمِ وَعَدَمِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ) أَيْ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَأَمَّا مَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا إذَا لَزِمَهُ لِأَجْلِ تَمَتُّعٍ، أَوْ قِرَانٍ وَقَوْلُهُ: إنَّمَا يُقَلَّدُ بَعْدَهُ أَيْ فَإِنْ قُلِّدَ قَبْلَهُ خَالَفَ الْأَوْلَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدَيْنِ) أَيْ كَوْنِ الْهَدْيِ مَسُوقًا لِتَطَوُّعٍ، أَوْ لِأَجْلِ مَا لَزِمَهُ عَنْ مَاضٍ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَلَّدُ، أَوْ يُشْعَرُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَكْعَتَانِ) أَيْ فَأَكْثَرُ فَهُوَ اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ رَكْعَتَانِ فَقَطْ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ وَقْتَ جَوَازٍ، وَإِلَّا انْتَظَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهَقًا، وَإِلَّا أَحْرَمَ وَتَرَكَهُمَا كَمَا أَنَّ الْمَعْذُورَ مِثْلَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ يَتْرُكُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ مُجْزِئٌ) أَيْ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ عَقِبَ نَافِلَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِإِيقَاعِ الْإِحْرَامِ عَقِبَ صَلَاةٍ وَلَوْ فَرْضًا لَكِنْ إنْ كَانَتْ نَفْلًا فَقَدْ أَتَى بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ بَعْدَ فَرْضٍ فَقَدْ أَتَى بِسُنَّةٍ فَقَطْ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ خُصُوصُ الْعَيْنِيِّ، أَوْ وَلَوْ بِالْعُرُوضِ كَجِنَازَةٍ تَعَيَّنَتْ وَنَذْرِ نَفْلٍ وَهَلْ السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ كَالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِشْعَارَ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْهَدْيُ يَجُوزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ كَالْإِبِلِ وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْإِشْعَارُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ التَّقْلِيدُ كَالْبَقَرِ فَلَا يَظْهَرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ. (قَوْلُهُ: أَيْ نَدْبًا فِيهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُنْصَبَّةٌ عَلَى ذَاتِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ التَّعْبِيرَ بِثُمَّ يُفِيدُ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ مَنْدُوبٌ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ النَّصَّ أَيْ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: نَدْبًا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى وَالْمَاشِي إذَا مَشَى " عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَوْ أَحْرَمَ الرَّاكِبُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَحْرَمَ الْمَاشِي قَبْلَ مَشْيِهِ كَفَاهُ ذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْبَيْدَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ وَبَطْنِ الْوَادِي. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا) أَيْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذَاتِهَا وَأَنَّ تَجْدِيدَهَا مُسْتَحَبٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلْبِيَةَ فِي ذَاتِهَا وَاجِبَةٌ، وَعَدَمَ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ بِكَثِيرٍ وَاجِبٌ أَيْضًا، وَمُقَارَنَتَهَا لِلْإِحْرَامِ، وَاتِّصَالَهَا بِهِ سُنَّةٌ، وَتَجْدِيدَهَا مُسْتَحَبٌّ هَذَا هُوَ أَرْجَحُ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ الِاتِّصَالَ وَلَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ الدَّمُ أَيْ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ وَانْضِمَامِ الطُّولِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ يَسِيرًا فَلَا دَمَ إذْ لَمْ يَحْصُلْ سِوَى تَرْكِ السُّنَّةِ وَهُوَ يَسِيرُ الْفَصْلِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ دَمًا. (قَوْلُهُ: أَيْ وَاتِّصَالُ تَلْبِيَةٍ) أَيْ اتِّصَالُهَا وَمُقَارَنَتُهَا لِلْإِحْرَامِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ التَّلْبِيَةَ وَاجِبَةٌ.

فَيَقْطَعُ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى فَيُعَاوِدُهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَرُوحُ إلَى مُصَلَّاهَا (أَوْ لِلطَّوَافِ) أَيْ لِابْتِدَائِهِ وَالشُّرُوعِ فِيهِ (خِلَافٌ) وَالْمُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ إلَخْ. (وَإِنْ تُرِكَتْ) التَّلْبِيَةُ (أَوَّلَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ (فَدَمٌ إنْ طَالَ) وَلَوْ رَجَعَ وَلَبَّى لَا يَسْقُطُ عَنْهُ (وَ) نُدِبَ (تَوَسُّطٌ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ وَ) نُدِبَ تَوَسُّطٌ (فِيهَا) أَيْ فِي التَّلْبِيَةِ فَلَا يُكْثِرُ جِدًّا حَتَّى يَلْحَقَهُ الضَّجَرُ وَلَا يُقَلِّلُ حَتَّى تَفُوتَهُ الشَّعِيرَةُ (وَعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ، وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ (لِرَوَاحِ مُصَلَّى عَرَفَةَ) بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ وَصَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى إلَيْهِ. (وَمُحْرِمُ مَكَّةَ) مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمٍ بِهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُفْرِدًا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ (يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ) أَيْ ابْتِدَاءُ تَلْبِيَتِهِ الْمَسْجِدُ وَانْتِهَاؤُهَا إلَى مُصَلَّى عَرَفَةَ كَغَيْرِهِ. (وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ) مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ (وَفَائِتَ الْحَجِّ) أَيْ الْمُعْتَمِرُ لِفَوَاتِ الْحَجِّ بِأَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَيْهِ بَلْ فَاتَهُ بِحَصْرٍ، أَوْ مَرَضٍ فَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ يُلَبِّي كُلٌّ مِنْهُمَا (لِلْحَرَمِ) أَيْ إلَيْهِ لَا إلَى رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ. (وَ) الْمُعْتَمِرُ (مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ) يُلَبِّي (لِلْبُيُوتِ) أَيْ إلَى دُخُولِ بُيُوتِ مَكَّةَ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُنَنَ الطَّوَافِ فَقَالَ (وَ) السُّنَنُ (لِلطَّوَافِ) أَرْبَعٌ أَيْضًا أَوَّلُهَا (الْمَشْيُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فِي الْوَاجِبِ كَمَا قَالَ (وَإِلَّا) بِأَنْ رَكِبَ، أَوْ حَمَلَ (فَدَمٌ) وَاجِبٌ (لِقَادِرٍ) عَلَى الْمَشْيِ (لَمْ يُعِدْهُ) فَإِنْ أَعَادَهُ مَاشِيًا بَعْدَ رُجُوعِهِ لَهُ مِنْ بَلَدٍ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَمَا دَامَ بَاقِيًا بِمَكَّةَ فَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ مَاشِيًا وَلَوْ مَعَ الْبُعْدِ وَلَا يُجْزِيهِ دَمٌ وَالسَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِي الْمَشْيِ وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. (وَ) ثَانِيهَا (تَقْبِيلُ حَجَرٍ) أَسْوَدَ (بِفَمٍ أَوَّلَهُ) أَيْ أَوَّلَ الطَّوَافِ وَكَذَا يُسَنُّ اسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِي بِيَدِهِ وَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَنَّ السُّنَّةَ اتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ مِثْلُهُ لح قَائِلًا وَأَمَّا التَّلْبِيَةُ فِي نَفْسِهَا فَوَاجِبَةٌ وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ بِطَوِيلٍ، وَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ لُزُومَ الدَّمِ يُنَافِي السُّنِّيَّةَ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ مِنْ أَنَّ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُنْجَبِرَةِ بِالدَّمِ مُخْتَلِفٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرْ عَنْهَا بِالْوَاجِبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالسُّنِّيَّةِ وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّأْثِيمِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَقْطَعُ) أَيْ عِنْدَ دُخُولِهَا وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَطُوفَ أَيْ لِلْقُدُومِ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا وَمِثْلُ الطُّولِ مَا لَوْ تَرَكَهَا جُمْلَةً وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ مَفْهُومُ الظَّرْفِ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِي أَثْنَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَالتُّونُسِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَالُوا: أَقَلُّهَا مَرَّةٌ، وَإِنْ قَالَهَا، ثُمَّ تَرَكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ ح وَشَهَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُوبَ الدَّمِ وَنَصَّهُ فَإِنْ لَبَّى حِينَ أَحْرَمَ وَتَرَكَ فَفِي لُزُومِ الدَّمِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُعَوِّضْهَا بِتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ لِلْمَشْهُورِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ اهـ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَإِنْ ابْتَدَأَ بِهَا وَلَمْ يُعِدْهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ كَلَامُ ح. (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْثِرُ) أَيْ مِنْ التَّلْبِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَاوَدَهَا) أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا قِيلَ، وَفِي المج وَعَاوَدَهَا وُجُوبًا بَعْدَ سَعْيٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْهَا أَصْلًا بَعْدَهُ فَدَمٌ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ التَّلْبِيَةِ مَرَّةٌ فَإِنْ قَالَهَا وَتَرَكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَيْ وَإِنْ كَانَ جَالِسًا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الزَّوَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَوَاحٍ أَيْ إلَى أَنْ يَرُوحَ وَيُصَلِّيَ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِذَا وَصَلَ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ وَزَالَتْ الشَّمْسُ فَلَا يُعَاوِدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَصِلَ لِمَحَلِّ الْوُقُوفِ وَلَا يَقْطَعَ إذَا وَصَلَ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُصَلَّى عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُلَبِّي إلَى أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إذَا كَانَ إحْرَامُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُلَبِّي لِلزَّوَالِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَصَلَ) أَيْ لِمُصَلَّى عَرَفَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى لِلزَّوَالِ فَإِنْ زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَبْلَ وُصُولِهِ لَبَّى لِوُصُولِهِ فَيُعْتَبَرُ الْأَقْصَى مِنْهُمَا وَمُصَلَّى عَرَفَةَ هُوَ مَسْجِدُ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُنْفَرِدًا) أَيْ وَلَا يَكُونُ الْمُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا بِحَجٍّ مُفْرِدًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ وَالْقَارِنَ يُحْرِمَانِ مِنْ الْحِلِّ. (قَوْلُهُ: إلَى مُصَلَّى عَرَفَةَ) أَيْ إلَى وُصُولِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ. (قَوْلُهُ: وَفَائِتَ الْحَجِّ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ مُدْرِكَ الْحَجِّ وَفَائِتَ الْحَجِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ فَاتَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ: فَتَحَلَّلَ أَيْ فَعَزَمَ عَلَى التَّحَلُّلِ. (قَوْلُهُ: لِلْحَرَمِ) أَيْ لِدُخُولِ الْحَرَمِ أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَوْلُهُ: لَا إلَى رُؤْيَةِ الْبُيُوتِ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمِرُ مِنْ الْجِعْرَانَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) قَدْ عَلِمْتَ الْجَوَابَ عَنْهُ مِمَّا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ وَاجِبٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَشْيَ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ فَلَا دَمَ عَلَى عَاجِزٍ طَافَ أَوْ سَعَى رَاكِبًا، أَوْ مَحْمُولًا وَأَمَّا الْقَادِرُ إذَا طَافَ، أَوْ سَعَى مَحْمُولًا أَوْ رَاكِبًا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ مَاشِيًا مَا دَامَ بِمَكَّةَ وَلَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ حِينَئِذٍ كَمَا يُؤْمَرُ الْعَاجِزُ بِإِعَادَتِهِ إنْ قَدَرَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَإِنْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ لِإِعَادَتِهِ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ فَإِنْ رَجَعَ وَأَعَادَهُ مَاشِيًا سَقَطَ الدَّمُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَاجِبِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَأَمَّا الطَّوَافُ غَيْرُ الْوَاجِبِ فَالْمَشْيُ فِيهِ سُنَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَمَ عَلَى تَارِكِ الْمَشْيِ فِيهِ قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَاجِزُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ) قَالَ بْن وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَاجِزِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ الْمَرَضُ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْمَشْيُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ) ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سُنَّةٌ.

مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ أَوَّلَهُ أَيْضًا وَتَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَاسْتِلَامُ الْيَمَانِي فِي بَاقِي الْأَشْوَاطِ مُسْتَحَبٌّ (وَفِي الصَّوْتِ) بِالتَّقْبِيلِ (قَوْلَانِ) بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَكَرِهَ مَالِكٌ السُّجُودَ وَتَمْرِيغَ الْوَجْهِ عَلَيْهِ (وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ) إنْ قَدَرَ (ثُمَّ عُودٍ) إنْ لَمْ يَقْدِرْ بِالْيَدِ فَلَا يَكْفِي الْعُودُ مَعَ إمْكَانِ الْيَدِ وَلَا الْيَدُ مَعَ إمْكَانِ التَّقْبِيلِ (وَوُضِعَا) أَيْ الْيَدُ أَوْ الْعُودُ (عَلَى فِيهِ) مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ وَالْمُعْتَمَدُ التَّكْبِيرُ مَعَ التَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ بِالْيَدِ وَالْعُودِ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ الْعُودُ (كَبَّرَ) فَقَطْ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ بِيَدِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَرَاتِبِ بَيْنَ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ. (وَ) ثَالِثُهَا (الدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ) فِي الدُّعَاءِ وَالْمَدْعُوِّ بِهِ جَمِيعًا فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ. (وَ) رَابِعُهَا وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ (رَمَلُ رَجُلٍ فِي) الْأَشْوَاطِ (الثَّلَاثَةِ) (الْأُوَلِ) فَقَطْ (وَلَوْ) كَانَ الطَّائِفُ (مَرِيضًا وَصَبِيًّا حُمِلَا) عَلَى دَابَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَتُحَرَّكُ الدَّابَّةُ كَمَا تُحَرَّكُ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ (وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ) فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ سُنَنِ السَّعْيِ وَهِيَ أَرْبَعٌ فَقَالَ (وَ) السُّنَّةُ الْأُولَى (لِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَنُدِبَ أَنْ يَمُرَّ بِزَمْزَمَ فَيَشْرَبَ مِنْهَا، ثُمَّ يَخْرُجَ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا نَدْبًا. (وَ) الثَّانِيَةُ (رُقِيُّهُ) أَيْ الرَّجُلِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّمَا وَصَلَ لِأَحَدِهِمَا لَا مَرَّةً فَقَطْ (كَامْرَأَةٍ إنْ خَلَا) الْمَوْضِعُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ مِنْ مُزَاحَمَتِهِمْ، وَإِلَّا وَقَفَتْ أَسْفَلَهُمَا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ السُّنَّةُ الْقِيَامُ عَلَيْهِمَا إلَّا مِنْ عُذْرٍ فَإِنْ جَلَسَ فِي أَعْلَى الصَّفَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَوْ عَبَّرَ بِقِيَامِهِ عَلَيْهِمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرُّقِيِّ الْقِيَامُ الْمَطْلُوبُ وَقِيلَ الْقِيَامُ مَنْدُوبٌ زَائِدٌ عَلَى سُنَّةِ الرُّقِيِّ فَلَا اعْتِرَاضَ. (وَ) السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ لِلرَّجُلِ فَقَطْ (إسْرَاعٌ بَيْنَ) الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى الْمَرْوَةِ حَالَ ذَهَابِهِ فَقَطْ لَا فِي الْعَوْدِ مِنْهَا إلَى الصَّفَا (فَوْقَ الرَّمَلِ) فِي الْأَطْوَافِ الْأَرْبَعَةِ. (وَ) الرَّابِعَةُ (دُعَاءٌ) بِلَا حَدٍّ عِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِمَنْ يَرْقَى وَغَيْرِهِ. (وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ (وَوُجُوبِهِمَا) مُطْلَقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كُلّ طَوَافٍ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا وَهُوَ الَّذِي نَسَبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلتَّلْقِينِ وَلِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ كَالْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ كُلُّهُ خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِلَامٌ أَيْ تَقْبِيلٌ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ إلَّا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ) الَّذِي فِي ح عَنْ زَرُّوقٍ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِبَاحَةِ رَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَتَمْرِيغَ الْوَجْهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. (قَوْلُهُ: وَلِلزَّحْمَةِ) أَيْ وَجَازَ عِنْدَ الزَّحْمَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ لَمْسٌ أَيْ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّهْذِيبِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالرِّسَالَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ إذَا تَعَذَّرَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَالْعُودِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَالصَّوَابُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا عَلِمْتَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَرَمَلُ رَجُلٍ) أَيْ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا رَمَلَ عَلَيْهِنَّ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ لَهُنَّ اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالْعُمْرَةِ فَقَطْ وَنُدِبَ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ فَاتَهُ الْقُدُومُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ) أَيْ وَالْمَطْلُوبُ فِي الرَّمَلِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي السَّعْيِ. (قَوْلُهُ: رُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا) اعْلَمْ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِمُطْلَقِ الرُّقِيِّ وَلَوْ عَلَى سُلَّمٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى أَعْلَاهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ الرُّقِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ فَمَنْ رَقِيَ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ فَقَدْ أَتَى بِبَعْضِ السُّنَّةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَا مَرَّةً فَقَطْ) أَيْ لَا رُقِيُّهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرَّةً فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَامْرَأَةٍ) أَيْ كَمَا يُسَنُّ رُقِيُّ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: السُّنَّةُ الْقِيَامُ) أَيْ الْوُقُوفُ. (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ سُنَّةً وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهَا وَقَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ أَيْ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ بِقِيَامِهِ أَيْ بَدَلَ " رُقِيُّهُ ". (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْقِيَامُ مَنْدُوبٌ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي السُّنَنِ لَا فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ. (قَوْلُهُ: وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ) ذَكَرَ ح عَنْ سَنَدٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِسْرَاعِ يَكُونُ قَبْلَ الْمِيلِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِسْرَاعِ مِنْ عِنْدِ الْمِيلِ الْأَوَّلِ الَّذِي مِنْ رُكْنِ الْمَسْجِدِ نَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي الْمَوَّاقِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ أَيْ وَهُمَا الْعَمُودَانِ اللَّذَانِ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوَّلُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ مَنَارَةِ بَابِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي بَعْدَ قُبَالَةِ رِبَاطِ الْعَبَّاسِ وَهُنَاكَ مِيلَانِ آخَرَانِ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ. (قَوْلُهُ: حَالَ ذَهَابِهِ) أَيْ لِلْمَرْوَةِ وَقَوْلُهُ: لَا فِي الْعَوْدِ أَيْ لَا يُسْرِعُ فِي حَالَةِ الْعَوْدِ مِنْهَا لِلصَّفَا وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ سَنَدٍ وَالْمَوَّاقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِسْرَاعَ خَاصٌّ بِالذَّهَابِ لِلْمَرْوَةِ وَلَا يَكُونُ فِي حَالِ الْعَوْدِ لِلصَّفَا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْإِسْرَاعَ ذَهَابًا، وَإِيَابًا وَارْتَضَى بْن ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَطْوَافِ الْأَرْبَعَةِ) الْأَوْلَى فِي الْأَشْوَاطِ الْأَرْبَعَةِ أَعْنِي الذَّهَابَ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الصَّفَا إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ يُسَنُّ الدُّعَاءُ لِمَنْ يَسْعَى مُطْلَقًا فِي حَالِ رُقِيِّهِ، وَفِي حَالَ سَعْيِهِ أَيْضًا وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالرُّقِيِّ عَلَيْهِمَا.

(تَرَدُّدٌ) الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُمَا فِي الْوَاجِبِ أَيْ وَالتَّرَدُّدُ فِي غَيْرِهِ مُسْتَوٍ (وَنُدِبَا) أَيْ نُدِبَ قِرَاءَتُهُمَا (كَالْإِحْرَامِ) أَيْ كَنَدْبِ قِرَاءَةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ (بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى التَّوْحِيدِ فِي مَقَامِ التَّجْرِيدِ (وَ) نُدِبَا أَيْ إيقَاعُهُمَا (بِالْمَقَامِ) أَيْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَيْ خَلْفَهُ لَا دَاخِلَهُ. (وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ بِالْمُلْتَزَمِ) بَعْدَ الطَّوْفِ وَرَكْعَتَيْهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْحَائِطِ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَعْتَنِقُهُ وَاضِعًا صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ عَلَيْهِ بَاسِطًا كَفَّيْهِ وَيُسَمَّى بِالْحَطِيمِ. (وَ) نُدِبَ (اسْتِلَامُ) أَيْ تَقْبِيلُ (الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ بِكُلِّ شَوْطٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَلَمْسُ الرُّكْنِ (الْيَمَانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ وَ) نُدِبَ (اقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك، وَكَرِهَ مَالِكٌ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا. (وَ) نُدِبَ (دُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا) أَيْ ضُحًى (وَ) دُخُولُ (الْبَيْتِ) أَيْ الْكَعْبَةِ نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا (وَ) نُدِبَ دُخُولُ مَكَّةَ (مِنْ كَدَاءٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ مُنَوَّنًا (لِمَدَنِيٍّ) أَيْ لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ (وَ) دُخُولُ (الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ (وَ) نُدِبَ (خُرُوجُهُ) أَيْ الْمَدَنِيِّ أَيْضًا (مِنْ كُدًى) بِضَمِّ الْكَافِ وَالْقَصْرِ. (وَ) نُدِبَ لِمَنْ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَأَمَرْنَاهُ بِتَأْخِيرِ الرُّكُوعِ لِحِلِّ النَّافِلَةِ بِالْغُرُوبِ وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ (رُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ) صَلَاةِ (الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ غَالِبِ الْعِبَارَاتِ كَذَا ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالثَّانِي اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَهُوَ أَنَّهُمَا وَاجِبٌ بَعْدَ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَسُنَّةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ الْغَيْرِ الْوَاجِبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ قَالَ ح وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمَشْهُورِ فَهُوَ اخْتِيَارُ لعج فَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمَقَالَاتِ أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْبِنَاءِ الْمُحِيطِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَجَرِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَكَانَ إسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَقِيلَ إنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ حِينَ أَذَّنَ لِلنَّاسِ بِالْحَجِّ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَنَّ فِيهِ أَثَرُ أَقْدَامِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. (قَوْلُهُ: بِالْمُلْتَزَمِ) عِنْدَهُ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى " عِنْدَ ". (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى بِالْحَطِيمِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُدْعَى عِنْدَهُ عَلَى الظَّالِمِ فَيُحْطَمُ أَيْ يُهْلَكُ أَوْ لِأَنَّهُ أَيْ تُحْطَمُ عِنْدَهُ الذُّنُوبُ بِالْمَغْفِرَةِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا اسْتِلَامُهُ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ وَقَوْلُهُ: وَلَمْسُ الرُّكْنِ الْيَمَانِي أَيْ فِي كُلِّ شَوْطٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَأَمَّا لَمْسُهُ فِي الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَبَّيْكَ) مَعْنَاهُ إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ أَيْ أَجَبْتُك لِلْحَجِّ حِينَ أَذَّنَ إبْرَاهِيمُ بِهِ فِي النَّاسِ كَمَا أَجَبْتُك أَوَّلًا حِينَ خَاطَبْتَ الْأَرْوَاحَ بِأَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ كَذَا قِيلَ وَالْأَحْسَنُ أَنَّ مَعْنَاهُ امْتِثَالًا لَك بَعْدَ امْتِثَالٍ فِي كُلِّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ. (قَوْلُهُ: إنَّ الْحَمْدَ) رُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى التَّعْلِيلِ وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ ثَعْلَبٌ لِأَنَّ مَنْ كَسَرَ جَعَلَ مَعْنَاهُ إنَّ الْحَمْدَ لَك عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمَنْ فَتَحَ قَالَ مَعْنَاهُ لَبَّيْكَ لِهَذَا السَّبَبِ. (فَائِدَةٌ) تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ بِالتَّلْبِيَةِ لِقَوْلِ التَّهْذِيبِ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُلَبِّيَ مَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَرَآهُ خُرْقًا مِمَّنْ فَعَلَهُ وَالْخُرْقُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْحُمْقُ وَسَخَافَةُ الْعَقْلِ وَأَمَّا إجَابَةُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّلْبِيَةِ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي التَّوْضِيحِ. وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ هَارُونَ أَنَّ الَّذِي كَرِهَهُ الْإِمَامُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُ تَلْبِيَةِ الْحَجِّ فِي غَيْرِهِ كَاِتِّخَاذِهَا وِرْدًا كَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ لَبَّيْكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلْ هُوَ حُسْنُ أَدَبٍ، وَفِي الشِّفَاءِ عَنْ عَائِشَةَ «مَا نَادَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا أَهْلِ مِلَّتِهِ إلَّا قَالَ لَبَّيْكَ» وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: نَهَارًا، أَوْ لَيْلًا) أَيْ كَمَا هُوَ النَّقْلُ وَلِذَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الظَّرْفَ عَلَى الْمَعْطُوفِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ مُقْتَضَى كَوْنِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَقَدْ أَتَى بِهَذَا الْمُسْتَحَبِّ بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحِجْرَ كُلَّهُ مِنْ الْبَيْتِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَيُقْصَرُ عَلَيْهِ إذَا اشْتَدَّتْ الزَّحْمَةُ عَلَى الْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَدَاءٍ) أَيْ وَهِيَ الطَّرِيقُ الصُّغْرَى الَّتِي أَعْلَى مَكَّةَ الَّتِي يُهْبَطُ فِيهَا إلَى الْأَبْطَحِ وَالْمَقْبَرَةُ بَعْضُهَا عَنْ يَسَارِك وَبَعْضُهَا عَنْ يَمِينِك فَإِذَا دَخَلْت مِنْهَا أَخَذْتَ كَمَا أَنْتَ لِلْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ أَتَى مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ لَا وَأَمَّا مَنْ أَتَى مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الدُّخُولُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مَدَنِيًّا وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِكُلِّ حَاجٍّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَرِيقَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا فِيهِ إبْرَاهِيمُ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَمُفَادُ عج اعْتِمَادُ مَا لِلْفَاكِهَانِيِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَحَلُّ نَدْبِ دُخُولِ مَكَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِزَحْمَةٍ، أَوْ ضِيقٍ أَوْ أَذِيَّةِ أَحَدٍ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ تَرْكُ الدُّخُولِ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَنُدِبَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ. (قَوْلُهُ: الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُدًى) وَهِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي بِأَسْفَلِ مَكَّةَ الْمَعْرُوفَةُ بِبَابِ شُبَيْكَةَ.

فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ. (وَ) نُدِبَ صَلَاةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ فَلَوْ صَلَّاهُمَا خَارِجَهُ أَجْزَأَهُ أَوْ أَعَادَهُمَا مَا دَامَ عَلَى وُضُوئِهِ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرَاهَقٍ وَنَحْوَهُ يُسَنُّ لَهُ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ قُدُومِهِ، أَوْ طَوَافِ عُمْرَتِهِ الرُّكْنِيِّ بَيَّنَ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي مَوْضِعَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَ) نُدِبَ (رَمَلُ) رَجُلٍ (مُحْرِمٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ بِهِمَا (مِنْ كَالتَّنْعِيمِ) وَالْجِعْرَانَةِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِهِ (أَوْ) مُحْرِمٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ فَيَرْمُلُ (بِالْإِفَاضَةِ) أَيْ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (لِمُرَاهَقٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، أَوْ نِسْيَانِهِ بَلْ وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ بِخِلَافِ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَتَرَكَ الرَّمَلَ فِيهِ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا فَلَا يُنْدَبُ الرَّمَلُ فِي الْإِفَاضَةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِكَمُرَاهِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ (لَا) يُنْدَبُ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ (تَطَوُّعٍ وَوَدَاعٍ) . (وَ) نُدِبَ (كَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَنَقْلُهُ) إلَى الْبِلَادِ. (وَ) نُدِبَ (لِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) الْمُمْكِنَةُ مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ. (وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (خُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ) يَوْمِ (السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ) فَلَا يَجْلِسُ فِي وَسَطِهَا وَالرَّاجِحُ الْجُلُوسُ فَهُمَا خُطْبَتَانِ وَإِنَّهُمَا سُنَّةٌ (يُخْبِرُ) النَّاسَ (فِيهَا بِالْمَنَاسِكِ) الَّتِي تُفْعَلُ مِنْهَا إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَ) نُدِبَ (خُرُوجُهُ) يَوْمَ الثَّامِنِ وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ (لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ) قَصْرًا بِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ (وَ) نُدِبَ (بَيَاتُهُ بِهَا) وَصَلَاةُ الصُّبْحِ بِهَا (وَ) نُدِبَ (سَيْرُهُ) مِنْهَا (لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ وَلَا يُجَاوِزُ بَطْنَ مُحَسِّرٍ قِبَلَهُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مِنًى (وَ) نُدِبَ (نُزُولُهُ بِنَمِرَةَ) مَوْضِعٌ بِعَرَفَةَ فَالْإِمَامُ يُعَلِّمُهُمْ فِي خُطْبَتَيْهِ جَمِيعَ هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتِ. (وَ) نُدِبَ (خُطْبَتَانِ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ (بَعْدَ الزَّوَالِ) يَوْمَ عَرَفَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ) أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَاسْتِحْبَابُهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِأَجْلِ اتِّصَالِهِمَا بِالطَّوَافِ حِينَئِذٍ وَلَا يَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِتَقْدِيمِهِمَا لِخِفَّتِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَبِالْمَسْجِدِ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَبِالْمَقَامِ وَكَأَنَّهُ حَاوَلَ التَّنْبِيهَ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ نِسْيَانِهِ وَقَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ أَيْ تَرْكَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ لَا قُدُومَ عَلَيْهِ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا، أَوْ آفَاقِيًّا فَإِنَّهُ يَرْمُلُ نَدْبًا فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ اهـ خش. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ مَنْ فَقَدَ شَرْطَهُ، أَوْ نَسِيَهُ أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ. (قَوْلُهُ: الْمُمْكِنَةُ) أَمَّا غَيْرُهَا مِثْلُ الِاسْتِقْبَالِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ إلَخْ) فَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ تَذَكَّرَ حَدَثًا، أَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِيَ فَإِنْ أَتَمَّ سَعْيَهُ كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَاسْتَخَفَّ مَالِكٌ اشْتِغَالَهُ بِالْوُضُوءِ وَلَمْ يَرَهُ مُخِلًّا بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ فِي السَّعْيِ لِيَسَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَاحِدَةٌ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِخُطْبَةٍ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَكِرَةً لِوَصْفِهَا بِالظَّرْفِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ نَدْبِ تِلْكَ الْخُطْبَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا سُنَّةٌ، ثُمَّ إنَّ الْخَطِيبَ يَفْتَتِحُ تِلْكَ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ افْتَتَحَهَا بِالتَّكْبِيرِ وَقِيلَ إنَّهُ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ مُطْلَقًا كَانَ مُحْرِمًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَزَاهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشْهُورَ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَكِنَّ عَزْوَ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِيَ لِلْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: يُخْبِرُ النَّاسَ فِيهَا بِالْمَنَاسِكِ الَّتِي تُفْعَلُ مِنْهَا إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) مِنْ خُرُوجِهِمْ لِمِنًى فِي ثَانِي يَوْمٍ وَصَلَاتِهِمْ بِهَا لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ قَصَرُوا صَلَاتَهُمْ أَيْضًا الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَمَبِيتِهِمْ بِهَا لَيْلَةَ عَرَفَةَ وَصَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ صَبِيحَتَهَا بِمِنًى وَذَهَابِهِمْ لِعَرَفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَحْرِيضِهِمْ عَلَى النُّزُولِ بِنَمِرَةَ. (قَوْلُهُ: وَخُرُوجُهُ لِمِنًى) أَيْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمَنْ بِهِ، أَوْ بِدَابَّتِهِ ضَعْفٌ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ آخِرَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ إذَا خَرَجَ بَعْدَ الزَّوَالِ يَخْرُجُ قَبْلَهُ قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ فِي آخِرِ الْمُخْتَارِ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِلضَّرُورِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُحَصِّلُونَ فِيهِ الْمَاءَ لِعَرَفَةَ وَيُسَمَّى أَيْضًا يَوْمَ النَّقْلَةِ. . (تَنْبِيهٌ) يُكْرَهُ الْخُرُوجُ لَهَا بِقَصْدِ النُّسُكِ قَبْلَ يَوْمِهَا كَمَا يَكْرَهُ الْخُرُوجُ لِعَرَفَةَ بِقَصْدِ النُّسُكِ قَبْلَ يَوْمِهَا وَيَوْمُهَا هُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ فَيَكْرَهُ الْخُرُوجُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ يَوْمِهِ وَلَوْ بِتَقْدِيمِ الْأَثْقَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ إذَا وَافَقَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ صَلَاةُ الظُّهْرِ بِمِنًى لِأَجْلِ الْإِسْرَاعِ بِالْمُنَاسِبِ وَلَا يُصَلِّي جُمُعَةً بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ لِمِنًى لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْحَرَمِ وَهَذَا إذَا كَانُوا مُسَافِرِينَ وَأَمَّا الْمُقِيمُونَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَجَّ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الذَّهَابِ لِمِنًى. (قَوْلُهُ: وَبَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ لَيْلَةَ التَّاسِعِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ نُزُولُهُ) أَيْ فَإِذَا وَصَلَ لِعَرَفَةَ نُدِبَ نُزُولُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي خُطْبَتَيْهِ) أَيْ الَّتِي يَخْطُبُهُمَا فِي مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. (قَوْلُهُ: وَخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ) فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَصَلَّى بَعْدَهُ أَوْ صَلَّى بِغَيْرِ خُطْبَةٍ أَجْزَأَهُ إجْمَاعًا.

يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهِمَا مَا بَقِيَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ مِنْ جَمْعِهِمْ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفِهِمْ بِهَا وَدَفْعِهِمْ مِنْهَا إلَى مُزْدَلِفَةَ وَمَبِيتِهِمْ بِهَا إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ (أُذِّنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِلظُّهْرِ وَأُقِيمَ لَهَا وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِذَا فُرِغَ مِنْ الْإِقَامَةِ نَزَلَ الْإِمَامُ. (وَجَمَعَ) اسْتِنَانًا (بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ (إثْرَ الزَّوَالِ) بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ مِنْ غَيْرِ تَنَفُّلٍ بَيْنَهُمَا وَمَنْ فَاتَهُ الْجَمْعُ مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَ فِي رَحْلِهِ (وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ) أَيْ تَذَلُّلٌ لَعَلَّهُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ (لِلْغُرُوبِ وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ) أَيْ حُضُورُهُ (بِوُضُوءٍ وَرُكُوبُهُ بِهِ) أَيْ بِالْوُقُوفِ (ثُمَّ) يَلِي الرُّكُوبَ (قِيَامٌ) لِلرِّجَالِ (إلَّا لِتَعَبٍ) . (وَ) نُدِبَ (صَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ) جَمْعًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ جَمْعَهُمَا بِهَا سُنَّةٌ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ أَوْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ اخْتِيَارًا فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ، أَوْ تَخَلَّفَ عَجْزًا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ. (وَ) نُدِبَ (بَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ بِمُزْدَلِفَةَ وَأَمَّا النُّزُولُ بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ وَإِنْ لَمْ تُحَطَّ بِالْفِعْلِ فَوَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ، وَلِذَا قَالَ (وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ) بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ (فَالدَّمُ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ إلَّا لِعُذْرٍ. (وَجَمَعَ) الْحَاجُّ الْعِشَاءَيْنِ اسْتِنَانًا (وَقَصَرَ) الْعِشَاءَ (إلَّا أَهْلُهَا) أَيْ الْمُزْدَلِفَةِ فَيُتِمُّونَ (كَمِنًى وَعَرَفَةَ) أَيْ أَهْلِهِمَا يُتِمُّونَ وَيَقْصُرُ غَيْرُهُمْ لِلسُّنَّةِ (وَإِنْ عَجَزَ) مَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ عَنْ لَحَاقِ النَّاسِ فِي سَيْرِهِمْ لِمُزْدَلِفَةَ (فَبَعْدَ الشَّفَقِ) يَجْمَعُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ وَلَوْ فِي غَيْرِ مُزْدَلِفَةَ وَهَذَا (إنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ) وَتَأَخَّرَ عَنْهُ لِعَجْزٍ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ. (قَوْلُهُ: يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) الْمُحْوِجُ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا خُطْبَتَانِ حَقِيقَةً دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الزَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَمَبِيتِهِمْ بِهَا) أَيْ وَجَمْعِهِمْ فِيهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَوُقُوفِهِمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَإِسْرَاعِهِمْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ وَالنَّحْرِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ: مَتَى يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَبَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ أَوْ وَهُوَ يَخْطُبُهَا قَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ مَا يَفْرُغُ مِنْ خُطْبَتِهِ اهـ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ أَذَّنَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ، ثُمَّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ أَذَّنَ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا صَادِقٌ بِكَوْنِ الْأَذَانِ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ) أَيْ بِأَذَانٍ ثَانٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ الْمَوَّازِ. (قَوْلُهُ: جَمَعَ فِي رَحْلِهِ) فَإِنْ تَرَكَ الْجَمْعَ بِالْكُلِّيَّةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا فِي اللُّمَعِ قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ يُسْتَغْرَبُ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ فَلَعَلَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ دُعَاءٌ) أَيْ وَنُدِبَ حَالَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ دُعَاءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ) أَيْ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الظُّهْرَيْنِ مَجْمُوعَتَيْنِ مَقْصُورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَيْ حُضُورُهُ) إنَّمَا فَسَّرَ الْوُقُوفَ بِالْحُضُورِ لَا بِالْقِيَامِ عَلَى أَقْدَامِهِ لِئَلَّا يُنَافِيَ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ " وَرُكُوبُهُ بِهِ ". (قَوْلُهُ: وَرُكُوبُهُ بِهِ) أَيْ لِوُقُوفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ أَعْوَنَ عَلَى مُوَاصَلَةِ الدُّعَاءِ وَأَقْوَى عَلَى الطَّاعَةِ وَيُحْمَلُ النَّهْيُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ كَرَاسِيَّ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ لِلدَّابَّةِ مَشَقَّةٌ، أَوْ أَنَّ نَدْبَ الرُّكُوبِ هُنَا مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِتَعَبٍ) أَيْ مِنْ الْقِيَامِ، أَوْ لِلدَّابَّةِ، أَوْ مِنْ رُكُوبِهَا أَوْ مِنْ إدَامَةِ الْوُضُوءِ فَيَكُونُ عَدَمُ ذَلِكَ أَفْضَلَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ: بِمُزْدَلِفَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَخْذِهَا مِنْ الِازْدِلَافِ وَهُوَ التَّقَرُّبُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّاجَ إذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ ازْدَلَفُوا إلَيْهَا أَيْ تَقَرَّبُوا بِالْمُضِيِّ إلَيْهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّ جَمْعَهُمَا بِهَا سُنَّةٌ) أَيْ فَإِنْ صَلَّى قَبْلَهَا أَعَادَ إذَا أَتَاهَا فَإِذَا أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الشَّفَقِ قَالَ مَالِكٌ هَذَا مِمَّا لَا أَظُنُّهُ أَنْ يَكُونَ وَلَوْ كَانَ مَا أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَابْنُ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ) أَيْ بِأَنْ وَقَفَ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَخَلَّفَ عَجْزًا أَيْ أَوْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَكِنْ تَخَلَّفَ عَنْ السَّيْرِ مَعَهُ لِعَجْزٍ وَقَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ حَاصِلُ مَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَقِفْ مَعَ الْإِمَامِ لَا يَجْمَعُ بِمُزْدَلِفَةَ وَلَا بِغَيْرِهَا وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْحَاجِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأَخَّرَ عَنْ السَّيْرِ مَعَ النَّاسِ لِعَجْزٍ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ جَمْعًا فِي أَيِّ مَحَلٍّ أَرَادَ. (قَوْلُهُ: وَبَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَالْبَيَاتُ هُوَ الْإِقَامَةُ لَيْلًا سَوَاءٌ نَامَ، أَوْ لَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النُّزُولُ بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مُجَرَّدُ إنَاخَةِ الْبَعِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُ النُّزُولِ بِهَا لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ الْحَاجُّ الْعِشَاءَيْنِ) أَيْ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ اسْتِنَانًا وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ " وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ ". (قَوْلُهُ: وَقَصَرَ الْعِشَاءَ) أَيْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ هُنَا مَسَافَةُ قَصْرٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَهْلُهَا) الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْقَصْرِ فَقَطْ وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَهُوَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَهْلَهَا يَجْمَعُونَ وَيُتِمُّونَ وَغَيْرَهُمْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيَقْصُرُ هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي ح مِنْ جَعْلِ الِاسْتِثْنَاءِ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَجَمَعَ وَقَصَرَ أَيْ إلَّا أَهْلَهَا فَلَا يَجْمَعُونَ وَلَا يَقْصُرُونَ فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَهْلِهِمَا يُتِمُّونَ) أَيْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأَهْلَيْنِ فِي بَلَدِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا فَيَقْصُرُ.

لَكَانَ أَحْسَنَ (وَإِلَّا يَقِفْ مَعَهُ فَكُلٌّ) مِنْ الْفَرْضَيْنِ يُصَلَّى (لِوَقْتِهِ) أَيْ فِي وَقْتِهِ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ (وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ وَقَدْ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ (أَعَادَهُمَا) بِمَحَلِّ النُّزُولِ وَهُوَ مُزْدَلِفَةُ نَدْبًا، وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلشَّفَقِ فَقَوْلُهُ أَعَادَهُمَا أَيْ الْمَغْرِبَ نَدْبًا إنْ بَقِيَ وَقْتُهَا وَالْعِشَاءَ وُجُوبًا لِبُطْلَانِهَا. (وَ) نُدِبَ (ارْتِحَالُهُ) مِنْ مُزْدَلِفَةَ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ مُغَلِّسًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِغَلَسٍ أَيْ قَبْلَ حُصُولِ الضَّوْءِ. (وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يُكَبِّرُ) اللَّهَ (وَيَدْعُو) لِنَفْسِهِ وَالْمُسْلِمِينَ أَيْ لِلتَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ (لِلْإِسْفَارِ وَ) نُدِبَ (اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ الْوَاقِفُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَشْعَرِ جَاعِلًا لَهُ عَلَى يَسَارِهِ (وَلَا وُقُوفَ) مَشْرُوعٌ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى (وَلَا قَبْلَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) بَلْ يُكْرَهُ (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعٌ) بِدَابَّةٍ، أَوْ مَشْيٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا (بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ مُشَدَّدَةً وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى بِقَدْرِ رَمْيَةِ الْحَجَرِ. (وَ) نُدِبَ (رَمْيُهُ الْعَقَبَةَ) أَيْ جَمْرَتَهَا (حِينَ وُصُولِهِ) مِنًى (وَإِنْ رَاكِبًا) وَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَنْزِلَ. (وَ) نُدِبَ (الْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَيَشْمَلُ الْمَشْيَ فِيهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ (وَحَلَّ بِهَا) أَيْ بِرَمْيِهَا وَكَذَا بِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهَا (غَيْرُ نِسَاءٍ) بِجِمَاعٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَعَقْدِ نِكَاحٍ (وَ) غَيْرُ (صَيْدٍ) فَحُرْمَتُهُمَا بَاقِيَةٌ وَسَيَأْتِي الْوَاجِبُ فِيهِمَا (وَكُرِهَ الطِّيبُ) فَلَا فِدْيَةَ فِي فِعْلِهِ وَهَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ. (وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ مَعَ) رَمْيِ (كُلِّ حَصَاةٍ) تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ إنَّمَا هُوَ وُقُوفُهُ مَعَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ نَفَرَ مَعَهُ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ النَّقْلُ وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ نُفُورُهُ مَعَ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَنْفِرْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْجَمْعِ لِكَوْنِهِ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى النُّزُولِ) هَذَا الْحَلُّ هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) أَيْ فَإِذَا وَصَلَ لِلْمَشْعَرِ الْحَرَامِ نُدِبَ وُقُوفُهُ بِهِ إلَخْ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوُقُوفَ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ سُنَّةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَشَهَّرَهُ الْقَلْشَانِيُّ بَلْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّ الْوُقُوفَ بِهِ فَرِيضَةٌ وَلِذَا جَعَلَ الْبِسَاطِيُّ النَّدْبَ مُنْصَبًّا عَلَى الْقَيْدِ اُنْظُرْ طفى قَالَ عج وَهَلْ النَّدْبُ يَحْصُلُ بِالْوُقُوفِ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ وَيَدْعُ فَهُمَا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ، أَوْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوُقُوفِ مَعَهُمَا، أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ مَعًا بَلْ يَكْفِي مُقَارَنَتُهُ لِأَحَدِهِمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ هُوَ الْبِنَاءُ الْمَعْلُومُ وَهُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ لِمِنًى الَّذِي بَيْنَ جَبَلِ الْمُزْدَلِفَةِ وَالْجَبَلِ الْمُسَمَّى بِقُزَحَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَشْعَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّعَائِرِ أَيْ الطَّاعَاتِ وَمَعَالِمِ الدِّينِ وَمَعْنَى الْحَرَامِ أَيْ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الصَّيْدُ وَغَيْرُهُ كَقَطْعِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ: بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ أَيْ عِنْدَهُ أَوْ أَنَّ الْمَشْعَرَ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى الْبِنَاءِ يُطْلَقُ عَلَى مَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ الْفَضَاءِ. (قَوْلُهُ: لِلْإِسْفَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُقُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ اسْتِقْبَالُهُ أَيْ الْوَاقِفِ بِهِ) أَيْ نُدِبَ اسْتِقْبَالُ الْوَاقِفِ عِنْدَهُ لِلْقِبْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا وُقُوفَ مَشْرُوعٌ بَعْدَهُ) أَيْ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ وُقُوفِهِمْ بِهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْوُقُوفِ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مُسْتَفَادٌ مِنْ إغْيَائِهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لِلْإِسْفَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ذَهَابًا) أَيْ فِي حَالَةِ الذَّهَابِ مِنْ مِنًى لِعَرَفَةَ فِي حَالَةِ الْإِيَابِ أَيْ الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَةَ لِمِنًى. (قَوْلُهُ: بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) قِيلَ إنَّهُ سُمِّيَ ذَلِكَ الْوَادِي بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ لِحَسْرِ فِيلِ أَصْحَابِ الْفِيلِ فِيهِ أَيْ إعْيَائِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ نَزَلَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ فِيهِ اهـ خش قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْحَقُّ أَنَّ قَضِيَّةَ الْفِيلِ لَمْ تَكُنْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ بَلْ كَانَتْ خَارِجَ الْحَرَمِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. . (قَوْلُهُ: حِينَ وُصُولِهِ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ وَأَمَّا رَمْيُهَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ رَمْيِهَا حِينَ وُصُولِهِ إذَا وَصَلَ لِمِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ وَصَلَ قَبْلَ الطُّلُوعِ كَاَلَّذِي يُرَخَّصُ لَهُ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ لِمِنًى فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مِنًى قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَا يَصِحُّ رَمْيُهُ حِينَئِذٍ فَيَنْتَظِرُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الرَّمْيَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَسَيَأْتِي أَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُ أَدَائِهَا إلَى الْغُرُوبِ وَأَنَّ تَأْخِيرَهَا لِلطُّلُوعِ مَنْدُوبٌ وَأَنَّ اللَّيْلَ وَقْتٌ لِقَضَائِهَا فَإِنْ أَخَّرَ إلَيْهِ قُدِّمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَاكِبًا) أَيْ هَذَا إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَاشِيًا بَلْ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا رَاكِبًا وَهَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ النَّدْبِ أَيْ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَرْمِيَهَا حِينَ وُصُولِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي وَصَلَ عَلَيْهَا مِنْ رُكُوبٍ أَوْ مَشْيٍ فَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَنْزِلَ إذَا وَصَلَ رَاكِبًا وَلَا يَصْبِرُ حَتَّى يَرْكَبَ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا مَاشِيًا؛ لِأَنَّ فِيهِ عَدَمَ الِاسْتِعْجَالِ بِرَمْيِهَا. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْمَشْيَ فِيهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ وَيَوْمَانِ لَهُ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْحَاجُّ رَجُلًا وَمِثْلُهُ الْمَرْأَةُ فَيَحِلُّ بِرَمْيِهَا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ غَيْرُ رِجَالٍ وَصَيْدٍ. (قَوْلُهُ: وَتَكْبِيرُهُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّكْبِيرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ سُنَّةٌ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ قَبْلَ رَمْيِهَا وَلَا بَعْدَهُ وَيَفُوتُ الْمَنْدُوبُ بِمُفَارَقَةِ الْحَصَاةِ لِيَدِهِ قَبْلَ النُّطْقِ بِالتَّكْبِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ رَمْيِ تِلْكَ الْجَمْرَةِ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَنْصَرِفَ.

(وَ) نُدِبَ (تَتَابُعُهَا) أَيْ تَتَابُعُ الرَّمْيِ بِالْحَصَيَاتِ فِي جَمِيعِ الْجِمَارِ (وَلَقْطُهَا) أَيْ لَقْطُ حَصَيَاتِ الْجِمَارِ كُلِّهَا لَا الْعَقَبَةِ فَقَطْ فَيُكْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَجَرًا يَكْسِرُهُ وَيَلْقُطُهَا مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيُنْدَبُ لَقْطُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ. (وَ) نُدِبَ (ذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ) وَلَوْ قَبْلَ الشَّمْسِ (وَطَلَبُ) (بَدَنَتِهِ) إنْ ضَلَّتْ (لَهُ) أَيْ لِلزَّوَالِ أَيْ لِقُرْبِهِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ حَلْقِهِ (لِيَحْلِقَ) قَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ نَحْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا وَخَشِيَ الزَّوَالَ حَلَقَ قَبْلَهُ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ فَكُلٌّ مِنْ الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ مَنْدُوبٌ قَبْلَ الزَّوَالِ مَكْرُوهٌ بَعْدَهُ (ثُمَّ) يُنْدَبُ (حَلْقُهُ) بَعْدَ الذَّبْحِ وَأَمَّا الْحَلْقُ فِي نَفْسِهِ فَوَاجِبٌ وَيَجُوزُ (وَلَوْ بِنُورَةٍ إنْ عَمَّ) الْحَلْقُ بِكُلِّ مُزِيلٍ لِلشَّعْرِ (رَأْسَهُ وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ) لِمَنْ لَهُ الْحَلْقُ أَفْضَلُ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ لِبَقَاءِ الشَّعَثِ فِي الْحَجِّ (وَهُوَ) أَيْ التَّقْصِيرُ (سُنَّةُ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ بِنْتَ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ أَيْ طَرِيقَتُهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّهَا (تَأْخُذُ) مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهَا (قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ) ، أَوْ أَزْيَدَ، أَوْ أَنْقَصَ بِيَسِيرٍ (وَ) يَأْخُذُ (الرَّجُلُ) إنْ قَصَّرَ (مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ نَدْبًا فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَخْطَأَ وَأَجْزَأَ (ثُمَّ) بَعْدَ رَمْيِ الْعَقَبَةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ (يُفِيضُ) أَيْ يَطُوفُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَنُدِبَ فِعْلُهُ فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَعَقِبَ حَلْقِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ إلَّا قَدْرَ مَا يَقْضِي حَوَائِجَهُ وَاعْلَمْ. أَنَّهُ يُفْعَلُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ مُرَتَّبَةٌ رَمْيُ الْعَقَبَةِ فَالنَّحْرُ فَالْحَلْقُ فَالْإِفَاضَةُ فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ عَلَى الْحَلْقِ وَالْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ وَمَا عَدَاهُ مَنْدُوبٌ. (وَحَلَّ بِهِ) أَيْ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ (مَا بَقِيَ) مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَطِيبٍ وَهُوَ التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ (إنْ حَلَقَ) أَوْ قَصَّرَ وَكَانَ قَدْ سَعَى عَقِبَ الْقُدُومِ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمُجَرَّدِ رَمْيِهَا. (قَوْلُهُ: وَتَتَابُعُهَا) أَيْ الْحَصَيَاتِ أَيْ تَتَابُعُ الرَّمْيِ بِهَا بِأَنْ يُتْبِعَ الثَّانِيَةَ لِلْأُولَى فِي الرَّمْيِ وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَرَبُّصٍ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ كَوْنُهُمَا رَمْيَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ إنْ لَزِمَهُ هَدْيٌ أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحٌ أَصْلًا وَيَحْلِقُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الشَّمْسِ) أَيْ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى فَلِذَا جَازَ لَهُمْ نَحْرُ الْهَدْيِ قَبْلَ الشَّمْسِ. (قَوْلُهُ: وَطَلَبُ إلَخْ) أَيْ وَنُدِبَ طَلَبُ بَدَنَتِهِ أَيْ هَدْيِهِ لِيَذْبَحَهُ وَالْمُرَادُ بِطَلَبِهَا تَحْصِيلُهَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ فَضَلَّتْ فَيُفَتِّشَ عَلَيْهَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ فَيَشْتَرِيهَا. (قَوْلُهُ: لِيَحْلِقَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَحْلِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ قَبْلَ الزَّوَالِ هَكَذَا تَمَامُ التَّعْلِيلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُنْدَبُ حَلْقُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّرْتِيبِ وَأَمَّا الْحَلْقُ فِي ذَاتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى مَطْلُوبِيَّةِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تُفْعَلُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ الرَّمْيُ، ثُمَّ الذَّبْحُ ثُمَّ الْحَلْقُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِحْبَابِ إيقَاعِ الْحَلْقِ عَقِبَ الذَّبْحِ بَيْنَ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْجَهْمِ مِنْ أَئِمَّتِنَا اسْتَثْنَى الْقَارِنَ فَقَالَ: لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ كَأَنَّهُ لَاحَظَ عَمَلَ الْعُمْرَةِ وَالْعُمْرَةُ يَتَأَخَّرُ فِيهَا الْحَلْقُ عَنْ الطَّوَافِ وَرَدَّ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ بِالْإِجْمَاعِ وَنَازَعَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، ابْنُ عَرَفَةَ: وَمُؤَخِّرُ السَّعْيِ لِكَوْنِهِ مُرَاهَقًا كَغَيْرِهِ اتِّفَاقًا. (تَنْبِيهٌ) إطْلَاقُهُ الْحَلْقَ يَتَنَاوَلُ الْأَقْرَعَ فَيَجُرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَتَنْتَقِلُ لِلْبَشَرَةِ عِنْدَ عَدَمِهِ كَالْمَسْحِ فِي الْوُضُوءِ وَمَنْ بِرَأْسِهِ وَجَعٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحِلَاقِ أَهْدَى قَالَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ صَحَّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنُورَةٍ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ أَشْهَبَ لَا يَجْزِي الْحَلْقُ بِهَا لِلتَّعَبُّدِ اهـ بْن وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْحَلْقَ فِي مُطْلَقِ إزَالَةِ الشَّعْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ بِنُورَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ الشَّعْرِ بِالْمُوسَى وَلَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ مَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ. (قَوْلُهُ: إنْ عَمَّ الْحَلْقُ) أَيْ وَأَمَّا حَلْقُ بَعْضِهِ فَكَالْعَدَمِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ عَمَّ الْحَلْقُ بِكُلِّ مُزِيلٍ لِشَعْرِ رَأْسِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ عَمَّ قَيْدٌ فِي الْحَلْقِ بِالنُّورَةِ وَغَيْرِهَا - فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَلِمَا قَبْلَهَا - لَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِنُورَةٍ فَقَطْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْحَلْقَ بِالْمُوسَى كَافٍ وَلَوْ لَمْ يَعُمَّ رَأْسَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَعْضَ الْآخَرَ الَّذِي لَمْ يَحْلِقْهُ لَمْ يُقَصِّرْهُ، وَإِلَّا كَفَى مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَبَّدَ شَعْرَهُ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْحَلْقُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ظَفَرَ أَوْ عَقَصَ، أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ وَمِثْلُهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّقْصِيرِ وَرَدَّهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَغْسِلَهُ، ثُمَّ يُقَصِّرَ وَإِنَّمَا عَلَّلَ عُلَمَاؤُنَا تَعَيُّنَ الْحَلْقِ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ بِالسُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَهُ الْحَلْقُ أَفْضَلُ) أَيْ وَهُوَ الرَّجُلُ. (قَوْلُهُ: فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ) مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ عَقِبَ الْعُمْرَةِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: حَلْقُ الْمُعْتَمِرِ أَفْضَلُ مِنْ تَقْصِيرِهِ إلَّا أَنْ يَعْقُبَهُ الْحَجُّ بِيَسِيرِ أَيَّامٍ فَتَقْصِيرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَعْقُبَهُ إحْرَامُ الْحَجِّ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِبَقَاءِ الشَّعَثِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ مُتَعَيَّنٌ) أَيْ وَاجِبٌ فِي حَقِّهَا وَلَوْ لَبَّدَتْ رَأْسَهَا فَإِنْ حَلَقَتْ رَأْسَهَا حَرُمَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ. (قَوْلُهُ: فَتَقْدِيمُ الرَّمْيِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَقْدِيمَ الرَّمْيِ عَلَى الِاثْنَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَأَمَّا تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ، أَوْ تَقْدِيمُ الثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ فَمُسْتَحَبٌّ فَالْمَرَاتِبُ سِتَّةٌ: الْوُجُوبُ فِي اثْنَيْنِ وَالنَّدْبُ فِي أَرْبَعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِهِ) أَيْ وَجَازَ بِسَبَبِهِ مَا بَقِيَ أَيْ مِمَّا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ نِسَاءٍ) أَيْ مِنْ قُرْبَانِ النِّسَاءِ بِوَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَمِنْ عَقْدٍ عَلَيْهِنَّ. (قَوْلُهُ: إنْ حَلَقَ) أَيْ وَكَانَ قَدْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا وَكَانَ.

إلَّا بِسَعْيِهِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ. (وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ حَلَقَ وَ (وَطِئَ قَبْلَهُ) أَيْ الْحَلْقِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ (فَدَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ) إنْ أَصَابَهُ قَبْلَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِخِفَّتِهِ عَنْ الْوَطْءِ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ، أَوْ صَادَ قَبْلَ السَّعْيِ فَالدَّمُ (كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ) وَلَوْ سَهْوًا (لِبَلَدِهِ) وَلَوْ قَرُبَتْ فَدَمٌ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ الرَّمْيِ وَلَوْ مُقِيمًا بِمِنًى (أَوْ) تَأْخِيرِ (الْإِفَاضَةِ) ، أَوْ السَّعْيِ (لِلْمُحْرِمِ وَ) كَتَأْخِيرِ (رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ) مِنْ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ " كُلِّ " (أَوْ) تَأْخِيرِ (الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْحَصَيَاتِ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ (لِلَّيْلِ) وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ، فَأَوْلَى لَوْ فَاتَ الْوَقْتَانِ فَدَمٌ وَاحِدٌ لِتَأْخِيرِ حَصَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ لِكَبِيرٍ يُحْسِنُ الرَّمْيَ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ) أَوْ مَجْنُونٍ أَخَّرَهُ وَلِيُّهُمَا وَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ (أَوْ عَاجِزٍ) عُطِفَ عَلَى صَغِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدْ قَدَّمَ السَّعْيَ عِنْدَ الْقُدُومِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ السَّعْيَ فَلَا يَحِلُّ مَا بَقِيَ إلَّا بِفَعْلِهِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنْ وَطِئَ، أَوْ صَادَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ هَدْيٌ وَفِي الثَّانِي الْجَزَاءُ، وَقَوْلُنَا وَكَانَ قَدْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا أَفَاضَ قَبْلَ رَمْيِهَا فَإِنَّهُ إذَا وَطِئَ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ إنْ وَطِئَ قَبْلَ فَوَاتٍ وَأَمَّا إنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ فِعْلِ الْجَمْرَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَفَاضَ، وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إنْ وَقَعَ بَعْدَ إفَاضَةِ وَعَقَبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَلْقِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ اهـ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْمَوَّاقُ مِنْ عَوْدِ ضَمِيرٍ قَبْلَهُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّيْدِ إذْ الصَّيْدُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فِيهِ الْجَزَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا تَأْخِيرُهُ) أَيْ الْحَلْقِ حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ الرَّمْيِ هَذَا خِلَافُ مَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ وَنَصُّهَا وَالْحِلَاقُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى أَحَبُّ إلَيَّ وَأَفْضَلُ، وَإِنْ حَلَقَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا، أَوْ حَلَقَ فِي الْحِلِّ فِي أَيَّامِ مِنًى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ، أَوْ قَصَّرَ وَأَهْدَى. التُّونُسِيُّ: وَقَوْلُهَا إنْ أَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ بَلَدَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ يُرِيدُ: أَوْ طَالَ ذَلِكَ، وَقِيلَ إنْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَلَمْ يَحْلِقْ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ إلَخْ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لعج فَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ حَتَّى خَرَجَتْ إلَخْ وَقَالَ بَدَلَهُ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ طَوِيلًا لَأَفَادَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَتَقْيِيدُ التُّونُسِيِّ وَقَوْلُ خش كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ الْبَعِيدَةِ تَقْيِيدُهُ بِالْبَعِيدَةِ خِلَافُ الصَّوَابِ بَلْ الطُّولُ عِنْدَ التُّونُسِيِّ يَكْفِي فِي لُزُومِ الدَّمِ مُطْلَقًا اهـ بْن وَقَدْ أَشَارَ شَارِحُنَا لِلرَّدِّ عَلَى الخش بِقَوْلِهِ كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ وَلَوْ قَرُبَتْ. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى حَذْفُ " كُلِّ ") أَيْ وَإِلَّا كَانَ نَفْسُ قَوْلِهِ أَوْ " الْجَمِيعِ " إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ كُلًّا بِمَعْنَى " أَيْ " وَحِينَئِذٍ فَهُوَ صُورَةٌ أُخْرَى. (قَوْلُهُ: جَمِيعِ الْحَصَيَاتِ) أَيْ لِجَمْرَةٍ أَوْ لِلْجِمَارِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِكَبِيرٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِكَبِيرٍ يُحْسِنُ الرَّمْيَ بَلْ، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِصَغِيرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِصَغِيرٍ إلَخْ) وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي لُزُومِ الدَّمِ لِتَأْخِيرِ حَصَاةٍ، أَوْ أَكْثَرَ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَالْمَجْنُونَ يَرْمِي عَنْهُمَا مَنْ أَحَجَّهُمَا كَمَا أَنَّهُ يَطُوفُ عَنْهُمَا وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ إنْ قَبِلَهَا كَطَوَافٍ لَا كَتَلْبِيَةٍ وَرُكُوعٍ فَإِنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْمَجْنُونِ وَلِيُّهُمَا إلَى أَنْ دَخَلَ اللَّيْلُ فَالدَّمُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمَا وَإِنْ رَمَى عَنْهُمَا فِي وَقْتِ الرَّمْيِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَرَمْيُ الْوَلِيِّ كَرَمْيِهِ بِخِلَافِ رَمْيِ النَّائِبِ عَنْ الْعَاجِزِ فَإِنَّ فِيهِ الدَّمَ - وَلَوْ رَمَى عَنْهُ فِي وَقْتِ الرَّمْيِ وَهُوَ وَقْتُ الْأَدَاءِ - إلَّا أَنْ يَصِحَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ رَمَى عَنْهُ نَائِبُهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي يُحْسِنُ الرَّمْيَ فَإِنَّهُ يَرْمِي عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْمِ حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ لَزِمَهُ الدَّمُ فَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِصَغِيرٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّ صَغِيرٍ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ فَكَيْفَ يُوصَفُ رَمْيُهُ بِالتَّأْخِيرِ، أَوْ بِعَدَمِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَرْمِي. (قَوْلُهُ: وَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِالرَّمْيِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: عُطِفَ عَلَى صَغِيرٍ) أَيْ فَهُوَ دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُ الرَّمْيِ بِالنِّسْبَةِ لِنَائِبٍ عَاجِزٍ عَنْهُ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ إغْمَاءٍ طَرَأَ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعَاجِزَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرَّمْيِ فَكَيْفَ يُوصَفُ رَمْيُهُ بِالتَّأْخِيرِ، أَوْ بِعَدَمِهِ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْعَاجِزَ إذَا اسْتَنَابَ فِي الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَا إثْمَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِبْ وَفَاتَهُ الرَّمْيُ بِالْمَرَّةِ لَزِمَهُ الدَّمُ وَأَثِمَ لِتَقْصِيرِهِ، ثُمَّ إذَا اسْتَنَابَ وَأَخَّرَ النَّائِبُ الرَّمْيَ لِلَيْلٍ لَزِمَهُ دَمٌ ثَانٍ لَكِنْ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَانَ دَمُ التَّأْخِيرِ لَازِمًا لِلنَّائِبِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَانَ لَازِمًا لِلْعَاجِزِ كَدَمِ الِاسْتِنَابَةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّمِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ تَأْخِيرِ الرَّمْيِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِدَمِ الِاسْتِنَابَةِ وَعَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ.

وَالدَّمُ فِي مَالِهِ. (وَيَسْتَنِيبُ) الْعَاجِزُ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ بِرَمْيِ النَّائِبِ وَفَائِدَةُ الِاسْتِنَابَةِ سُقُوطُ الْإِثْمِ (فَيَتَحَرَّى) الْعَاجِزُ (وَقْتَ الرَّمْيِ) عَنْهُ (وَيُكَبِّرُ) لِكُلِّ حَصَاةٍ كَمَا يَتَحَرَّى وَقْتَ دُعَاءِ نَائِبِهِ وَيَدْعُو (وَأَعَادَ) الرَّمْيَ (إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ) الْحَاصِلِ (بِالْغُرُوبِ مِنْ) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ) فَإِنْ أَعَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الْأَوَّلِ فَلَا دَمَ وَبَعْدَهُ فَالدَّمُ (وَقَضَاءُ كُلٍّ) مِنْ الْجِمَارِ وَلَوْ الْعَقَبَةَ يَنْتَهِي (إلَيْهِ) أَيْ إلَى غُرُوبِ الرَّابِعِ وَلَا قَضَاءَ لِلْيَوْمِ لِفَوَاتِ الرَّمْيِ بِغُرُوبِهِ (وَاللَّيْلُ) عَقِبَ كُلِّ يَوْمٍ (قَضَاءٌ) لِذَلِكَ الْيَوْمِ يَجِبُ بِهِ الدَّمُ. (وَحُمِلَ) مَرِيضٌ (مُطِيقٌ) لِلرَّمْيِ (وَرَمَى) بِنَفْسِهِ وُجُوبًا. (وَلَا يَرْمِي) الْحَصَاةَ (فِي كَفِّ غَيْرِهِ) لِيَرْمِيَهَا عَنْهُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ. (وَتَقْدِيمِ الْحَلْقِ) عَطْفٌ عَلَى " تَأْخِيرِ " مِنْ قَوْلِهِ كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ أَيْ إنَّ تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى رَمْيِ الْعَقَبَةِ فِيهِ الدَّمُ أَيْ الْفِدْيَةُ لِتَقْدِيمِهِ عَلَى التَّحَلُّلَيْنِ لَا هَدْيٌ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْهَدْيِ (أَوْ) تَقْدِيمِ (الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ) فَدَمٌ أَيْ هَدْيٌ فَالدَّمُ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنْ قَدَّمَهُمَا عَلَى الرَّمْيِ فَفِدْيَةٌ وَهَدْيٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " أَوْ الْإِفَاضَةِ " وُجُوبُ الدَّمِ وَلَوْ أَعَادَ الْإِفَاضَةَ بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَظْهَرُ سُقُوطُهُ بَلْ فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ إعَادَتُهَا بَعْدَ الرَّمْيِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ كَلَا فِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ لَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ (لَا إنْ خَالَفَ) عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا (فِي غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ كَأَنْ حَلَقَ قَبْلَ الذَّبْحِ، أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ الرَّمْيِ، أَوْ أَفَاضَ قَبْلَهُمَا فَلَا دَمَ. (وَعَادَ) وُجُوبًا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ (لِلْمَبِيتِ بِمِنًى) أَيْ فِيهَا وَالْأَفْضَلُ الْفَوْرُ وَلَوْ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَلَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ (فَوْقَ) جَمْرَةِ (الْعَقَبَةِ) بَيَانٌ لِمِنًى لَا أَسْفَلَ مِنْهَا جِهَةَ مَكَّةَ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا (ثَلَاثًا) مِنْ اللَّيَالِي إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالدَّمُ فِي مَالِهِ أَيْ الْعَاجِزِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ كَمَا عَلِمْتَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَالدَّمُ فِي مَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِسَائِرِ الْأَرْكَانِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَنِيبُ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ وَحُكْمُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَلَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ صِفَةً كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ لِكُلِّ حَصَاةٍ) أَيْ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ: كَيْ يَتَحَرَّى إلَخْ) أَيْ أَنَّ النَّائِبَ عَنْ الْعَاجِزِ إذَا وَقَفَ بَعْدَ الرَّمْيِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لِلدُّعَاءِ فَإِنَّ الْعَاجِزَ يَتَحَرَّى وَقْتَ دُعَاءِ نَائِبِهِ وَيَدْعُو. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ) أَيْ الْعَاجِزُ - كَالْمَرِيضِ وَالْمُغَمَّى عَلَيْهِ - الرَّمْيَ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَادَ أَيْ الْعَاجِزُ الَّذِي رُمِيَ عَنْهُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَقَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ فَالدَّمُ أَيْ وَإِنْ أَعَادَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَالدَّمُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ رَمْيَ الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهُ فَالدَّمُ وَكَذَا يُقَالُ فِي رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: اللَّيْلُ قَضَاءٌ) فِيهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ لِإِغْنَائِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ انْتِهَاءَ وَقْتِ الْقَضَاءِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الرَّابِعِ وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِ اللَّيْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُغْنِيًا عَنْهُ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ قَصْدًا لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَهُوَ أَنَّ اللَّيْلَ أَدَاءٌ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ النَّهَارُ وَقْتَ أَدَاءً لِلرَّمْيِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى إلَّا فِي مِثْلِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى لَيْلًا. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ مَرِيضٌ) أَيْ وَكَذَا صَبِيٌّ وَقَوْلُهُ: مُطِيقٌ أَيْ قَادِرٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالصَّبِيَّ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ إطَاقَةٌ أَيْ قُدْرَةٌ عَلَى أَنْ يَرْمِيَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْمِي بِنَفْسِهِ وُجُوبًا إذَا وَجَدَ حَامِلًا يَحْمِلُهُ لِلْجَمْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ) هَذَا نَهْيٌ أَيْ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَالنَّهْيُ قَدْ يُجَامِعُ الصِّحَّةَ وَقَدْ لَا يُجَامِعُهَا وَهُوَ الْغَالِبُ كَمَا هُنَا فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَجْزِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَرْمِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ. (قَوْلُهُ: لِتَقْدِيمِهِ) أَيْ الْحَلْقِ عَلَى التَّحَلُّلَيْنِ أَيْ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْإِفَاضَةِ وَإِذَا وَقَعَ نُزُولٌ وَقَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْيِ وَرَمَى بَعْدَهُ أَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ الْأَوَّلَ الْوَاقِعَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَقَعَ قَبْلَ مَحِلِّهِ. (قَوْلُهُ: فَدَمٌ) أَيْ مَعَ الْإِجْزَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ الْإِفَاضَةُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا بَعْدَهُ وَأَنَّهُ إنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَفْسُدُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ إعَادَتُهَا) أَيْ طَلَبُ إعَادَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ أَعَادَهَا بَعْدَ الرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ كَلَا فِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ لَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ اعْتَرَضَهُ طفى وَنَصُّهُ وَقَدْ وَقَعَ لِلْمَوَّاقِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ إذْ نَسَبَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَقَبِلَ عج كَلَامَهُ مُقَلِّدًا لَهُ وَمَا نَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاللَّفْظُ الَّذِي أَتَى بِهِ لَيْسَ لَفْظَهَا وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَسَبَ إلَيْهَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَقَدْ جَعَلَ ح الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أَفَاضَ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَ الْحَلْقِ أَوْ قَبْلَهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: فَلَا دَمَ) أَيْ فِي صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ الْفَوْرُ) أَيْ وَالْأَفْضَلُ الرُّجُوعُ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمِنًى فَوْرًا فَالتَّأْخِيرُ فِي مَكَّةَ حَيْثُ يُدْرِكُ الْمَبِيتَ بِمِنًى خِلَافُ الْأَفْضَلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرُّجُوعَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى وَاجِبٌ وَالْفَوْرِيَّةَ فِي الرُّجُوعِ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِمِنًى) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى لِأَنَّ الَّذِي فَوْقَ الْعَقَبَةِ هُوَ مِنْ مِنًى؛ لِأَنَّ الْعَقَبَةَ حَدُّ مِنًى مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ وَعَلَى كَوْنِهِ بَيَانًا فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُقَدِّرَ جَمْرَةً لِأَنَّ نَفْسَ الْجَمْرَةِ مِنْ مِنًى. (قَوْلُهُ: جِهَةَ مَكَّةَ) وَأَوْلَى إذَا بَاتَ دُونَهَا جِهَةَ.

(وَإِنْ تَرَكَ) الْمَبِيتَ بِهَا وَبَاتَ دُونَهَا جِهَةَ مَكَّةَ (جُلَّ لَيْلَةٍ) فَأَكْثَرَ (فَدَمٌ) وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ (أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ) وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ. (وَلَوْ بَاتَ) الْمُتَعَجِّلُ (بِمَكَّةَ، أَوْ مَكِّيًّا) . لَكِنْ يُكْرَهُ التَّعْجِيلُ لِلْإِمَامِ (قَبْلَ الْغُرُوبِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَجَّلَ (مِنْ) الْيَوْمِ (الثَّانِي) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِمِنًى لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّعْجِيلُ بَلْ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ وَرَمْيُ الثَّالِثِ وَبَيَّنَ ثَمَرَةَ التَّعْجِيلِ بِقَوْلِهِ (فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ. (وَرُخِّصَ) جَوَازًا (لِرَاعٍ) لِإِبِلٍ فَقَطْ (بَعْدَ) رَمْيِ (الْعَقَبَةِ) يَوْمَ النَّحْرِ (أَنْ يَنْصَرِفَ) إلَى رَعْيِهِ وَيَتْرُكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ (وَيَأْتِيَ) الْيَوْمَ (الثَّالِثَ) مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (فَيَرْمِيَ) فِيهِ (لِلْيَوْمَيْنِ) الْيَوْمِ الثَّانِي الَّذِي فَاتَهُ وَهُوَ فِي رَعْيِهِ وَالثَّالِثِ الَّذِي حَضَرَ فِيهِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ تَعَجَّلَ وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ لِرَمْيِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالثَّالِثِ فِي الْمُصَنَّفِ ثَالِثَ أَيَّامِ الرَّمْيِ إذْ لَوْ أَخَّرَ لَهُ لَمْ يَجُزْ إذْ لَمْ يَتَعَدَّ التَّرْخِيصَ إلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ وَأَتَى ثَالِثَ أَيَّامِ الرَّمْيِ رَمَى لِلْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَ الْحَاضِرَ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ وَكَذَا يُرَخَّصُ لِصَاحِبِ السِّقَايَةِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ خَاصَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ نَهَارًا لِلرَّمْيِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ؛ لِأَنَّ ذَا السِّقَايَةِ يَنْزِعُ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ لَيْلًا وَيُفْرِغُهُ فِي الْحِيَاضِ. (وَ) رُخِّصَ نَدْبًا (تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ) مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَرْضَى وَنَحْوِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَرَفَةَ أَوْ فِي مَكَّةَ لَكِنَّ الشَّارِحَ الْتَفَتَ لِلشَّأْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ) أَيْ لَا نِصْفَهَا وَالْمُرَادُ إنْ تَرَكَ غَيْرُ الْمُتَعَجِّلِ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ أَوْ تَرَكَ الْمُتَعَجِّلُ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ اللَّيْلَتَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ جُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ أَيِّ لَيْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ لِلْمُتَعَجِّلِ وَغَيْرِهِ إذْ الْمُتَعَجِّلُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَاتُ الثَّالِثَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِوُجُوبِ بَيَاتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَعَدَمِ وُجُوبِ بَيَاتِهَا قَصْدُ التَّعْجِيلِ وَعَدَمُ قَصْدِهِ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْجِيلَ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيَاتٌ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْجِيلَ لَزِمَهُ الْبَيَاتُ بِهَا وَيَلْزَمُهُ الدَّمُ إنْ تَرَكَ الْبَيَاتَ جُلَّ لَيْلَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَجِّلِ مَنْ قَصَدَ الذَّهَابَ لِمَكَّةَ كَانَ عُذْرٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً كَامِلَةً، أَوْ الثَّلَاثَ لَيَالِي فَاللَّازِمُ دَمٌ وَاحِدٌ وَلَا يَتَعَدَّدُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِضَرُورَةٍ) أَيْ كَخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ حَسْبَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ فِي مَكَّةَ فَإِنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْلَتَيْنِ) أَيْ أَوْ عَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى لَيْلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ لَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَا خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاتَ الْمُتَعَجِّلُ بِمَكَّةَ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ هَذَا إذَا أَرَادَ الْمُتَعَجِّلُ الْبَيَاتَ لَيْلَةَ رَابِعِ النَّحْرِ بِغَيْرِ مَكَّةَ بَلْ وَلَوْ أَرَادَ الْبَيَاتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِمَكَّةَ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُتَعَجِّلُ آفَاقِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مَكِّيًّا وَرَدَّ بِلَوْ فِي الْأُولَى قَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاتَ بِمَكَّةَ فَقَدْ خَرَجَ بِهِ عَنْ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَرْمِيَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِمَبِيتِهِ بِمَكَّةَ وَرَدَّ بِلَوْ فِي الثَّانِي مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا أَرَى التَّعْجِيلَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ عُذْرٌ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَرَضٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُ لَا بَأْسَ بِتَعْجِيلِهِمْ وَهُمْ كَأَهْلِ الْآفَاقِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ التَّعْجِيلُ لِلْإِمَامِ) أَيْ لِأَمِيرِ الْحَجِّ وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالتَّعْجِيلُ جَائِزٌ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْجَوَازَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْغُرُوبِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ التَّعْجِيلِ أَنْ يُجَاوِزَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهَا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمْيُ الثَّالِثِ وَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ رَمْيَهُ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ شَرْطِ التَّعْجِيلِ إذَا كَانَ الْمُتَعَجِّلُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مِنْ مِنًى قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ إنَّ مَنْ تَعَجَّلَ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ هَلْ يُتِمُّ، أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالْإِتْمَامُ أَحْوَطُ وَأَمَّا مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْحُجَّاجِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النُّسُكِ كَالرُّعَاةِ إذَا رَمَوْا الْعَقَبَةَ وَتَوَجَّهُوا لِلرَّعْيِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْحُجَّاجِ كَذَا فِي كَبِيرِ خش. (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ لِرَاعٍ) هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقَبَةِ مُتَعَلِّقٌ بِرُخِّصَ لَا بِرَاعٍ أَيْ لِرَاعٍ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي بَعْدَ الْعَقَبَةِ إذْ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ رَاعٍ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ وَقَوْلُهُ: وَيَأْتِي الثَّالِثَ أَيْ فِي الثَّالِثِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا لَيْلًا فَيَرْمُوا مَا فَاتَهُمْ رَمْيُهُ نَهَارًا وَاسْتَظْهَرَهُ ح وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ طفى لِقِصَرِ الرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا. (قَوْلُهُ: جَوَازًا) أَيْ مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِرَاعٍ لِإِبِلٍ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرُعَاةِ الْإِبِلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرُّخْصَةَ لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا، وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا نِزَاعٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ) الَّذِي هُوَ ثَانِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ لِرَمْيِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ) أَيْ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ وَلَا لِتَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ خَاصَّةً) أَيْ لَا فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ وَتَرْكِ الْإِتْيَانِ فِي الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالْإِتْيَانِ فِي الثَّانِيَ عَشَرَ كَالرُّعَاةِ. (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ نَدْبًا تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ) مَعْنَى التَّرْخِيصِ لَهُمْ فِي عَدَمِ الْبَيَاتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابُ الْبَيَاتِ بِهَا فَلَا يُعْتَرَضُ.

(فِي الرَّدِّ) إلَى مِنًى (لِلْمُزْدَلِفَةِ) اللَّامُ بِمَعْنَى " مِنْ " وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَانَ أَوْلَى يَعْنِي يُرَخَّصُ فِي عَدَمِ بَيَاتِهِمْ لَيْلَةَ النَّحْرِ فِي مُزْدَلِفَةَ فَيَذْهَبُونَ لَيْلًا لِلْبَيَاتِ بِمِنًى وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّرْخِيصَ فِي عَدَمِ النُّزُولِ فِي مُزْدَلِفَةَ بِالْكُلِّيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ " وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ ". (وَ) رُخِّصَ (تَرْكُ التَّحْصِيبِ) أَيْ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ لَيْلَةَ الرَّابِعَ عَشَرَ (لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ) وَأَمَّا الْمُقْتَدَى بِهِ فَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِهِ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ نَفْرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيَدْخُلْ مَكَّةَ لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِأَهْلِهَا. (وَ) إذَا عَادَ الْحَاجُّ يَوْمَ النَّحْرِ لِمِنًى (رَمَى كُلَّ يَوْمٍ) بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ الْجِمَارَ (الثَّلَاثَ) كُلَّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يَبْدَأُ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى ثُمَّ الْوُسْطَى الَّتِي بِالسُّوقِ (وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ) فَجُمْلَةُ الْحَصَيَاتِ سَبْعُونَ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ وَتِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُتَعَجِّلِ وَوَقْتُ أَدَاءِ كُلٍّ (مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ) . (وَصِحَّتُهُ) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الرَّمْيِ مُطْلَقًا (بِحَجَرٍ) لَا طِينٍ وَمَعْدِنٍ كَمَا يَأْتِي (كَحَصًى) الْخَذْفِ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْحَصْبَاءِ بِالْأَصَابِعِ، أَوْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْحَذْفُ بِالْحَصَى وَهُوَ قَدْرُ الْفُولِ، أَوْ النَّوَاةِ، أَوْ دُونَ الْأُنْمُلَةِ وَلَا يُجْزِي الصَّغِيرُ جِدًّا كَالْحِمَّصَةِ وَيَكْرَهُ الْكَبِيرُ خَوْفَ الْأَذِيَّةِ وَلِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَ (وَرَمْيٍ) مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ عُطِفَ عَلَى " حَجَرٍ " أَيْ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ كَوْنُهُ بِرَمْيٍ لَا وَضْعٍ، أَوْ طَرْحٍ فَلَا يُجْزِئُ (وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ) لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَنُدِبَ إعَادَتُهُ بِطَاهِرٍ (عَلَى الْجَمْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَمْيٍ وَهُوَ الْبِنَاءُ وَمَا تَحْتَهُ مِنْ مَوْضِعِ الْحَصْبَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ الرَّمْيَ عَلَى الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَمَا وَقَفَ مِنْ الْحَصَيَاتِ بِالْبِنَاءِ مُجْزِئٌ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَلَا يَذْكُرُ التَّرَدُّدَ (وَإِنْ أَصَابَتْ) الْحَصَاةُ (غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْجَمْرَةِ ابْتِدَاءً مِنْ مَحْمِلٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُمْنَعُ الْإِجْزَاءُ (إنْ ذَهَبَتْ) بَعْدَ إصَابَتِهَا غَيْرَهَا إلَى الْجَمْرَةِ (بِقُوَّةٍ لَا) إنْ وَقَعَتْ (دُونَهَا) وَلَمْ تَصِلْ فَلَا تُجْزِئُ وَكَذَا إنْ جَاوَزَتْهَا وَوَقَعَتْ بِالْبُعْدِ عَنْهَا وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ دُونَهَا وَتَدَحْرَجَتْ حَتَّى وَصَلَتْ إلَيْهَا أَجْزَأَتْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ وُقُوعِهَا دُونَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَطَارَتْ) الْوَاقِعَةُ حَصَاةً (غَيْرَهَا) فَوَصَلَتْ (لَهَا) أَيْ لِلْجَمْرَةِ لَمْ تُجْزِهِ (وَلَا) يُجْزِئُ (طِينٌ وَ) لَا (مَعْدِنٌ) كَذَهَبٍ وَحَدِيدٍ وَمَغْرَةٍ وَكِبْرِيتٍ لِاشْتِرَاطِ الْحَجَرِيَّةِ (وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ) مِنْ الْحَصَيَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنَّ الْبَيَاتَ بِهَا لَيْسَ أَمْرًا وَاجِبًا حَتَّى يُقَالَ رُخِّصَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي الرَّدِّ) أَيْ فِي الرُّجُوعِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى مِنًى إلَى أَنَّ مُتَعَلِّقَ الرَّدِّ مَحْذُوفٌ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّأْوِيلِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَأَمَّا حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَصِحُّ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الضُّعَفَاءَ يُرَخَّصُ لَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا مِنْ عَرَفَةَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ كَمَا هُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الرُّكْنَ الْوُقُوفُ نَهَارًا لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَيَذْهَبُونَ لَيْلًا لِلْبَيَاتِ بِمِنًى) أَيْ بَعْدَ نُزُولِهِمْ لِمُزْدَلِفَةَ بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الضُّعَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَرُخِّصَ تَرْكُ التَّحْصِيبِ) هَذِهِ الرُّخْصَةُ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحُجَّاجِ إذَا لَمْ يَتَعَجَّلُوا أَنَّهُمْ إذَا رَمَوْا ثَالِثَ يَوْمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ أَنْ يَنْصَرِفُوا لِمَكَّةَ فَإِذَا وَصَلُوا الْمُحَصَّبَ نُدِبَ لَهُمْ النُّزُولُ فِيهِ يُصَلُّونَ بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمَّ يَدْخُلُونَ مَكَّةَ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ مُنْتَهِيًا لِلْمَقْبَرَةِ سُمِّيَ بِالْمُحَصَّبِ لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنْ السَّيْلِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِهِ) أَيْ لِأَجْلِ إحْيَاءِ السُّنَّةِ وَالتَّرْكُ لَهُ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَجِّلًا، أَوْ يُوَافِقْ نَفْرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِي تَرْكِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَادَ الْحَاجُّ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَقْتَ أَدَاءِ كُلٍّ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ) أَيْ وَاللَّيْلُ عَقِيبَ كُلِّ يَوْمٍ قَضَاءٌ لَهُ كَمَا مَرَّ فَيَلْزَمُ الدَّمُ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ وَلَوْ بِحَصَاةٍ مِنْ جَمْرَةٍ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: بِحَجَرٍ) أَيْ كَوْنُ الْمَرْمِيِّ مِنْ جِنْسِ مَا يُسَمَّى حَجَرًا سَوَاءٌ كَانَ زَلَطًا، أَوْ رُخَامًا أَوْ صَوَّانًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخَذْفُ بِمُعْجَمَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِالْأَصَابِعِ) بِأَنْ تَجْعَلَ الْحَصَاةَ بَيْنَ سَبَّابَتِك، وَإِبْهَامِك وَتَرْمِيَ بِهَا. (قَوْلُهُ: الْحَذْفُ بِالْحَصَى) أَيْ وَهُوَ الْحَذْفُ بِالْحَصَى سَوَاءٌ كَانَ بِالْأَصَابِعِ أَوْ بِالْيَدِ بِتَمَامِهَا وَالْأَوْلَى إبْدَالُ الْحَذْفِ بِالرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَدْرُ إلَخْ) الضَّمِيرُ لِحَصَى الْحَذْفِ. (قَوْلُهُ: مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الرَّمْيِ كَوْنُهُ أَيْ الرَّمْيِ بِرَمْيٍ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ شَرْطًا لِنَفْسِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّمْيَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِيصَالُ لِلْجَمْرَةِ، وَالرَّمْيَ الَّذِي اُعْتُبِرَ شَرْطًا بِمَعْنَى الِانْدِفَاعِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِيصَالِ لِلْجَمْرَةِ الِانْدِفَاعُ فَلَا يُجْزِئُ وَضْعُ الْحَصَاةِ بِيَدِهِ عَلَى الْجَمْرَةِ وَلَا طَرْحُهَا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ انْدِفَاعٍ وَلَا بُدَّ مِنْ الِانْدِفَاعِ لِكُلِّ حَصَاةٍ بِانْفِرَادِهَا فَإِنْ رَمَى السَّبْعَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ احْتَسَبَ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِيَدِهِ لَا بِقَوْسٍ، أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْحَجَرُ طَاهِرًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمُتَنَجِّسٍ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَمْرَةِ) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ فَإِنْ رَمَى عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْبِنَاءُ وَمَا تَحْتَهُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّ الْجَمْرَةَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْحَصَى. (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْحَصَى تَحْتَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ الْجَمْرَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ ذَهَبَتْ إلَى الْجَمْرَةِ بِقُوَّةٍ) أَيْ مِنْ الرَّمْيِ لِاتِّصَالِ الرَّمْيِ بِالْجَمْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ دُونَهَا وَتَدَحْرَجَتْ إلَخْ) هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ ثَمَّ قَالَ: وَلَوْ.

(بِالْبِنَاءِ) فِي شُقُوقِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ لِأَرْضِ الْجَمْرَةِ - وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِمَا تَقَدَّمَ -، وَعَدَمِ إجْزَائِهِ (تَرَدُّدٌ) ، ثُمَّ عَطَفَ ثَالِثَ الشُّرُوطِ عَلَى قَوْلِهِ بِحَجَرٍ. بِقَوْلِهِ (وَ) صِحَّتُهُ (بِتَرَتُّبِهِنَّ) أَيْ الْجِمَارِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى، ثُمَّ بِالْوُسْطَى وَيَخْتِمَ بِالْعَقَبَةِ. فَإِنْ نَكَّسَ، أَوْ تَرَكَ الْأُولَى مَثَلًا، أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ خُرُوجِ يَوْمِهَا وَرَمَى الْحَاضِرَةَ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَعَادَ) نَدْبًا (مَا حَضَرَ) وَقْتُهُ (بَعْدَ) فِعْلِ (الْمَنْسِيَّةِ) وُجُوبًا الْأَوْلَى " الْمَتْرُوكَةِ " أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمُنَكَّسَةَ (وَ) إعَادَةِ (مَا بَعْدَهَا) وُجُوبًا أَيْضًا لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْكَائِنِ (فِي يَوْمِهَا فَقَطْ) فَلَا يُعِيدُ مَا رَمَاهُ فِي التَّالِي لِيَوْمِهَا فَلَوْ نَسِيَ مِنْ ثَانِي النَّحْرِ الْجَمْرَةَ الْأُولَى فَقَطْ وَفَعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَرَمَى جَمِيعَ جَمَرَاتِ الثَّالِثِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ فَيَفْعَلُ الْمَنْسِيَّةَ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا مِمَّا هُوَ فِي يَوْمِهَا وَهُوَ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وُجُوبًا وَيُعِيدُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ الْحَاضِرَ اسْتِحْبَابًا وَلَا يُعِيدُ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ. (وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الرَّمْيِ فَإِذَا رَمَى الْأُولَى أَرْدَفَهَا بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ وَلَا يَفْصِلُ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ إلَّا بِقَدْرِ مَا سَيَأْتِي مِنْ الدُّعَاءِ فَالتَّتَابُعُ لَهُ صُورَتَانِ تَتَابُعٌ بَيْنَ الْحَصَيَاتِ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ وَتَتَابُعٌ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ وَهُوَ مَا هُنَا فَلَا تَكْرَارَ وَالْأَصْوَبُ حَمْلُهُ عَلَى تَتَابُعِ الْحَصَيَاتِ بِدَلِيلِ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَالتَّفْرِيعِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ رَمَى) الْجِمَارَ الثَّلَاثَ (بِخَمْسٍ خَمْسٍ) وَتَرَكَ مِنْ كُلِّ جَمْرَةٍ حَصَاتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ أَوْ غَيْرِهِ (اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ) مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَكَمَّلَهَا بِحَصَاتَيْنِ وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَا هَدْيَ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ فَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ " وَصِحَّتُهُ بِتَرَتُّبِهِنَّ "، وَعَلَى قَوْلِهِ " وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ " أَيْ فَلِأَجْلِ نَدْبِ التَّتَابُعِ لَمْ تَبْطُلْ الْخَمْسُ الْأُوَلُ وَلِأَجْلِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَقَعَتَا قَبْلَ إكْمَالِ الْأُولَى وَكَذَا قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ) أَوْ أَكْثَرَ تُرِكَتْ مِنْ أَيُّهَا وَسَوَاءٌ تَيَقَّنَ تَرْكَهَا، أَوْ شَكَّ (اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى) فَإِنْ تَحَقَّقَ إكْمَالَ الْأُولَى وَشَكَّ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَدَحْرَجَتْ فِي مَكَان عَالٍ فَرَجَعَتْ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ شَيْخَيْ الْمُصَنِّفِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَسَيِّدِي خَلِيلٍ الْمَكِّيِّ فَالْأَوَّلُ كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ الْمَنُوفِيُّ وَالثَّانِي كَانَ يُفْتِي بِهِ سَيِّدِي خَلِيلٌ الْمَكِّيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَّسَ، أَوْ تَرَكَ الْأُولَى مَثَلًا، أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يَجْزِهِ) أَيْ مَا دَامَ يَوْمُ الْجَمْرَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْمُنَكَّسِ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عَنْ مَحِلِّهِ، وَإِعَادَةِ مَا بَعْدَهُ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْمُنَكَّسَ وَمَا بَعْدَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَارِكِ الرَّمْيِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ. (قَوْلُهُ: وَرَمَى الْحَاضِرَةَ) أَيْ وَبَعْدَ رَمْيِ الْحَاضِرَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ) أَيْ وَأَعَادَ الرَّمْيَ الَّذِي حَضَرَ وَقْتُهُ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ فِعْلِ الْمَنْسِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِإِعَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِعَادَةِ) أَيْ وَبَعْدَ إعَادَةِ مَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ فِي يَوْمِهَا فَقَطْ نَعْتٌ لِمَا بَعْدَهَا أَيْ وَمَا بَعْدَهَا الْكَائِنِ فِي يَوْمِهَا. (قَوْلُهُ: الْجَمْرَةَ الْأُولَى) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمِثْلُ مَا لَوْ نَكَّسَ بِأَنْ قَدَّمَ الْوُسْطَى عَلَى الْأُولَى فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةَ وُجُوبًا وَيُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الْحَاضِرِ اسْتِحْبَابًا. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْمَنْسِيَّ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ فَلِذَا أَعَادَ مَا بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ الْكَائِنَ فِي يَوْمِهَا وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا) لِأَنَّ إعَادَةَ الرَّابِعِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْمَنْسِيِّ وَمَا حَضَرَ وَقْتُهُ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ لَا مَعَ النِّسْيَانِ فَلِذَا اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَتُّبَ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ مَعَ الْفَائِتِ وَاجِبٌ مَعَ الذِّكْرِ وَأَمَّا تَرْتِيبُ الْفَائِتِ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي يَوْمِهِ فَوَاجِبٌ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعِيدُ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ) أَيْ لِأَنَّ رَمْيَهُ صَحِيحٌ وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهُ اهـ وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لَوْ نَسِيَ الصُّبْحَ وَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِبَقَاءِ وَقْتِهِمَا وَلَا يُعِيدُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لِخُرُوجِ وَقْتِهِمَا. (قَوْلُهُ: أَيْ الرَّمْيِ) أَيْ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ) أَيْ ثُمَّ أَرْدَفَ الثَّانِيَةَ بِالْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ) أَيْ فِي دَرْسِ: وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا وَلَفْظُهَا. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْوَبُ حَمْلُهُ عَلَى تَتَابُعِ الْحَصَيَاتِ) فَالْمَعْنَى وَنُدِبَ تَتَابُعُ الرَّمْيِ فِي حَصَيَاتِ كُلِّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا فَهُوَ فِي تَتَابُعِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ لعج وَمَا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ أَيْ فَإِنْ رَمَى كُلَّ جَمْرَةٍ مِنْ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ بِخَمْسٍ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ: وَلَا هَدْيَ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ) وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ فِي ثَانِي يَوْمٍ كَمَّلَ الْأُولَى بِحَصَاتَيْنِ وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَزِمَهُ هَدْيٌ لِتَأْخِيرِ الرَّمْيِ لِوَقْتِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصِحَّتُهُ بِتَرَتُّبِهِنَّ وَعَلَى قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ فَلِأَجْلِ نَدْبِ التَّتَابُعِ لَمْ تَبْطُلْ السِّتُّ الْأُولَى وَلِأَجْلِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَطَلَ مَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَقَعَا قَبْلَ كَمَالِ الْأُولَى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ تَتَابُعِهِ طَرِيقَةٌ شَهَّرَهَا الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهَا، وَطَرِيقَةُ سَنَدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ أَنَّ الْفَوْرَ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ النِّسْيَانِ وَعَلَيْهَا فَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيُّهَا تَرَكَهَا، أَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ حَصَاةٍ مِنْ وَاحِدَةٍ وَعَدَمِ تَرْكِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِهَا لَمْ يَدْرِ مِنْ أَيُّهَا تَرَكَهَا فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِسِتٍّ مِنْ الْجَمْرَةِ.

اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ. (وَأَجْزَأَ) الرَّمْيُ (عَنْهُ) أَيْ الرَّامِي (وَعَنْ صَبِيٍّ) وَنَحْوَهُ بَعْدَ الرَّمْيِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ سَبْعًا وَعَنْ الصَّبِيِّ سَبْعًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ يَرْمِي جَمْرَةً وَاحِدَةً (حَصَاةً) عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ (حَصَاةً) عَنْ غَيْرِهِ إلَى آخِرِ كُلِّ جَمْرَةٍ لَا إنْ رَمَى الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ؛ لَمْ يُجْزِهِ. وَلَمَّا كَانَ وَقْتُ أَدَاءِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بَيَّنَ هُنَا الْوَقْتَ الْأَفْضَلَ بِقَوْلِهِ (وَ) نُدِبَ (رَمْيُ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ) أَيْ بَعْدَ طُلُوعِهَا إلَى الزَّوَالِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَهُ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ عَقِبَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ بَلْ مَا بَعْدَهُ نُدِبَ (إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ) صَلَاةِ (الظُّهْرِ) فَمَصَبُّ النَّدْبِ قَبْلَ الظُّهْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ دُخُولَ الزَّوَالِ شَرْطُ صِحَّةٍ فِيهَا. (وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ) أَيْ مُكْثُهُ وَلَوْ جَالِسًا (إثْرَ) رَمْيِ كُلٍّ مِنْ (الْأُولَيَيْنِ) لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ (قَدْرَ إسْرَاعِ) سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) وَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ (وَ) نُدِبَ (تَيَاسُرُهُ فِي) وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ (الثَّانِيَةِ) أَيْ يَجْعَلُهَا عَلَى يَسَارِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا بِحَيْثُ تَكُونُ جِهَةَ يَسَارِهِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهَا مُحَاذِيَةً لَهُ عَنْ يَسَارِهِ وَأَمَّا الْأُولَى فَيَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ مُسْتَقْبِلًا وَأَمَّا الْعَقَبَةُ فَيَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ. (وَ) نُدِبَ (تَحْصِيبُ الرَّاجِعِ) مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأُولَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْهَا فَيُكَمِّلُهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ كَمَّلَ الْأُولَى وَفَعَلَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي يَوْمِهِ فَإِنْ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَحَقَّقَ تَرْكَ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ تُرِكَتْ وَهَلْ هِيَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى فِي كِلَا الْيَوْمَيْنِ وَيُكَمِّلُ عَلَيْهَا وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: مَوْضِعَ حَصَاةٍ أَيْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاتَيْنِ اعْتَدَّ بِخَمْسٍ مِنْ الْأُولَى وَهَكَذَا كُلَّمَا زَادَ الشَّكُّ اعْتَدَّ بِغَيْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَهَذَا أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى نَدْبِ التَّتَابُعِ وَأَمَّا عَلَى وُجُوبِهِ فَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ) أَيْ فَيُكَمِّلُهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ كَمَّلَ الثَّانِيَةَ وَأَعَادَ الثَّالِثَةَ فِي يَوْمِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَنْ يُرْمَى عَنْهُ وَلَوْ نِيَابَةً. (قَوْلُهُ: إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ سَبْعًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ سَبْعًا لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَكَ التَّتَابُعَ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ وَذَلِكَ لِفَصْلِهِ بَيْنَ رَمْيِ كُلِّ جَمْرَتَيْنِ بِالرَّمْيِ عَنْ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ كَانَ يَرْمِي إلَخْ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ الْقَابِسِيِّ إنَّهُ يُعِيدُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ وَلَا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَرُدَّ ذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْحَصَيَاتِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسِيرٌ وَتَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ وَعَدَمُ الْفَصْلِ بَيْنَهَا مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ قَالَ عبق فَإِنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ حَصَاتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ وَعَنْ الصَّبِيِّ مِثْلَهُ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ وَانْظُرْ هَلْ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا أَمْ لَا قَالَ بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَابِسِيَّ يَمْنَعُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْحَصَيَاتِ وَهَذَا مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ رَمَى الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ إلَخْ) أَيْ لَا إنْ رَمَى حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ إلَى آخِرِ السَّبْعِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ نَوَى أَنَّهَا عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ رَمْيُ الْعَقَبَةِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ فِيمَا مَرَّ وَأَشَارَ هُنَا إلَى وَقْتِهِ الْأَفْضَلِ وَأَنَّهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَيُكْرَهُ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ عَنْ الزَّوَالِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِي فِعْلِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لَهُ اللَّيْلُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ طُلُوعِهَا) أَيْ لَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِالْمُقَارَنَةِ وَلَيْسَتْ بِمُرَادَةٍ إذْ حُكْمُهَا حُكْمُ مَا قَبْلَ الطُّلُوعِ مِنْ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ النَّفْيَ فِي قَوْلِهِ " وَإِلَّا " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ كَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بَهْرَامُ لَا لَهُ وَلِقَوْلِهِ " طُلُوعَ شَمْسٍ " كَمَا قَالَ تت وَالْبِسَاطِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَرْمِ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ فَيَنْدُبُ رَمْيُهَا إثْرَ الزَّوَالِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ وَقْتَ اسْتِحْبَابِهَا يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ فَإِنْ فَعَلَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَوْ كَانَ بِإِثْرِهِ كَانَ فِعْلًا لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا بِحَيْثُ تَكُونُ جِهَةَ يَسَارِهِ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ ح وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَيَاسُرِهِ ذَهَابُهُ عَنْهَا لِجِهَةِ يَسَارِهَا بِأَنْ يَقِفَ أَمَامَهَا جِهَةَ يَسَارِهَا وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ يَسَارَهَا أَنْ تَكُونَ هِيَ جِهَةَ يَمِينِهِ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَصُّهَا ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ مِنْهَا إلَى الشِّمَالِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَيَقِفُ أَمَامَهَا مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا وَكَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ) وَذَلِكَ لِسَعَةِ مَوْضِعِ الْأَوَّلَيْنِ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ مَوْضِعَهَا ضَيِّقٌ فَالْوُقُوفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ يُضَيِّقُ عَلَى الرَّامِينَ وَلِهَذَا لَا يَنْصَرِفُ الَّذِي يَرْمِيهَا عَلَى طَرِيقِهِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الَّذِي يَأْتِي لِلرَّمْيِ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ مِنْ أَعْلَى الْجَمْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَعَجِّلٍ وَلَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَلَا يُنْدَبُ التَّحْصِيبُ وَمَحَلُّ نَدْبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِهِ إذَا وَصَلَهُ قَبْلَ ضِيقِ وَقْتِهَا بِأَنْ.

أَيْ نُزُولُهُ بِالْمُحَصَّبِ (لِيُصَلِّيَ) بِهِ (أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) الظُّهْرَ وَالْعِشَاءَ وَمَا بَيْنَهُمَا. (وَ) نُدِبَ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَوْ مَكِّيًّا، أَوْ قَدِمَ إلَيْهَا بِتِجَارَةٍ (طَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ) أَيْ أَرَادَ الْخُرُوجَ (لِكَالْجُحْفَةِ) وَنَحْوِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْمَوَاقِيتِ أَرَادَ الْعَوْدَ أَمْ لَا إلَّا الْمُتَرَدِّدَ لِمَكَّةَ لِحَطَبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ (لَا) لِقَرِيبٍ (كَالتَّنْعِيمِ) وَالْجِعْرَانَةِ مِمَّا دُونَ الْمَوَاقِيتِ (وَإِنْ صَغِيرًا) فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْوَدَاعُ (وَتَأَدَّى) الْوَدَاعُ (بِالْإِفَاضَةِ وَ) بِطَوَافِ (الْعُمْرَةِ) أَيْ سَقَطَ طَلَبُهُ بِهِمَا وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ نَوَاهُ بِهِمَا (وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى) بَلْ يَخْرُجُ وَظَهْرُهُ لِلْبَيْتِ وَكَذَا فِي زِيَارَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَبَطَلَ) يَعْنِي كَوْنَهُ وَدَاعًا، وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَحِيحٌ (بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ بِمَكَّةَ) فَيُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ (لَا بِشُغْلٍ خَفَّ) وَلَوْ بَيْعًا فَلَا يَبْطُلُ أَيْ لَا يُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ (وَرَجَعَ لَهُ) إنْ بَطَلَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ (إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) . (وَحُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ) مِنْ زَوْجٍ، أَوْ مَحْرَمٍ أَيْ جَبْرًا عَلَى إقَامَتِهِمَا مَعَ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ، أَوْ النُّفَسَاءِ (لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) مَنَعَهَا مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (قَدْرَهُ) ظَرْفُ " حُبِسَ " أَيْ قَدْرَ زَمَنِهِ فَإِنْ ارْتَفَعَ طَافَتْ الْإِفَاضَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَلَهُ قَبْلَ الْعَصْرِ بِمِقْدَارِ مَا يُصَلِّي صَلَاةَ الظُّهْرِ أَمَّا لَوْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ جِدًّا بِحَيْثُ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ حَيْثُ أَدْرَكَهُ الْوَقْتُ وَلَا يُؤَخِّرُهَا لِلْمُحَصَّبِ وَقَوْلُهُ: وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ مِنْ مِنًى أَيْ سَوَاءٌ كَانَ آفَاقِيًّا، أَوْ مَكِّيًّا أَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَيَقْصُرُ الْمَكِّيُّ الصَّلَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمُنَاسِبِ، وَأَوْلَى غَيْرُ الْمَكِّيِّ. (قَوْلُهُ: لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) اللَّامُ لِلْغَايَةِ لَا لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ نَدْبِ النُّزُولِ بِهِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ نُدِبَ تَحْصِيبُ الرَّاجِعِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُكْرًا لِلَّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُحَصَّبَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَحَالَفَتْ فِيهِ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُبَايِعُونَ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا يُنَاكِحُونَهُمْ وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ وَلَا يُعْطُونَهُمْ فَنَزَلَهُ النَّبِيُّ وَذَكَرَ اللَّهَ فِيهِ شُكْرًا لَهُ حَيْثُ أَظْفَرَهُ وَنَصَرَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ فَكَانَ مَجْلِسًا لِسُوءٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مَجْلِسًا لِخَيْرٍ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَدِمَ إلَيْهَا بِتِجَارَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا قَدِمَ إلَيْهَا بِنُسُكٍ بَلْ وَلَوْ قَدِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ مَكَّةَ إذَا قَصَدَ التَّرَدُّدَ لَهَا فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَصَلَ لِلْمِيقَاتِ أَمْ لَا، وَإِنْ قَصَدَ مَسْكَنَهُ، أَوْ الْإِقَامَةَ طَوِيلًا فَعَلَيْهِ الْوَدَاعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ خَرَجَ لِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ زِيَارَةِ أَهْلٍ نَظَرَ فَإِنْ خَرَجَ لِنَحْوِ أَحَدِ الْمَوَاقِيتِ وَدَّعَ، وَإِنْ خَرَجَ لِدُونِهَا كَالتَّنْعِيمِ فَلَا وَدَاعَ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ ح. (قَوْلُهُ: لَا لِقَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَالْجِعْرَانَةِ) أَيْ مَا لَمْ يَخْرُجْ لِيُقِيمَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَسْكَنَهُ، أَوْ لِيُقِيمَ فِيهِ طَوِيلًا، وَإِلَّا طُلِبَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَغِيرًا) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَنُدِبَ طَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَارِجُ صَغِيرًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَيَفْعَلُهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ. (قَوْلُهُ: وَتَأَدَّى إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ مِنْ الْبَيْتِ الطَّوَافُ فَلِذَلِكَ يَتَأَدَّى بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، أَوْ الْعُمْرَةِ وَلَا يَكُونُ سَعْيُهُ لَهَا طَوْلًا حَيْثُ لَمْ يُقِمْ عِنْدَهَا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ التَّوْدِيعِ وَالْمُرَادُ بِتَأَدِّيهِ بِهِمَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ أَوْ لِلْعُمْرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ أَنْ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ بَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ بِمَا ذُكِرَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْوَدَاعِ إنْ نَوَاهُ بِمَا ذُكِرَ قِيَاسًا عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِإِثْرِ ذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ مِنْ الْبَيْتِ وَوَجْهُهُ إلَيْهِ وَظَهْرُهُ لِخَلْفِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ عِنْدَ مُفَارَقَةِ عَظِيمٍ. (قَوْلُهُ: بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ بِمَكَّةَ) أَيْ أَوْ بِمَحَلٍّ دُونَ ذِي طُوًى وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ بِذِي طُوًى أَوْ بِالْأَبْطَحِ يَوْمًا، أَوْ بَعْضَهُ لَمْ يَبْطُلْ وَدَاعُهُ وَالْمُرَادُ بِبَعْضِ الْيَوْمِ مَا زَادَ عَلَى السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) أَيْ الَّذِينَ يَسِيرُ بِسَيْرِهِمْ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا خَافَ مَنْعًا مِنْ الْكِرَاءِ. . (قَوْلُهُ: وَحُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ) أَيْ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا لِلْوَدَاعِ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً، أَوْ مُعْتَادَةً إذَا حَاضَتْ، أَوْ نَفِسَتْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ كَرِيَّهَا وَوَلِيَّهَا يُجْبَرَانِ عَلَى الْإِقَامَةِ مَعَهَا بِمِقْدَارِ حَيْضِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا أَوْ مِقْدَارِ نِفَاسِهَا فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِظْهَارِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَمَدِ النِّفَاسِ طَافَتْ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْكَرِيُّ بِحَمْلِهَا أَمْ لَا حَمَلَتْ قَبْلَ الْكِرَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ نَفَقَتِهِ وَلَا نَفَقَةِ دَوَابِّهِ قَالَ ح وَيُسْتَحَبُّ لَهَا فِي النِّفَاسِ أَنْ تُعَيِّنَهُ بِالْعَلَفِ لَا فِي الْحَيْضِ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ فَإِنْ مَضَى قَدْرُ حَيْضِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تَطُوفُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ وَلَوْ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ بِمَنْعِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَفَسْخِ كِرَائِهَا لِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اسْتَمَرَّ الدَّمُ نَازِلًا عَلَيْهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَةَ يَوْمًا لِلِاحْتِيَاطِ فَظَهَرَ أَنَّ لِلْفَسْخِ وَعَدَمِ الطَّوَافِ وَجْهًا وَهُوَ مُرَاعَاةُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاحْتِيَاطِ فَقَوْلُ التَّوْضِيحِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطُوفُ وَلَا وَجْهَ لِلْفَسْخِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَبْسِ وَهِيَ أَمَدُ الْحَيْضِ قَدْ مَضَتْ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ قَدْرَ زَمَنِهِ) أَيْ زَمَنِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِظْهَارِ.

[فصل ما يحرم بالإحرام بحج أو عمرة]

(وَقُيِّدَ) الْقَوْلُ بِحَبْسِ مَنْ ذُكِرَ مَعَهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ (إنْ أُمِنَ) الطَّرِيقُ أَيْ قُيِّدَ بِوُجُودِ أَمْنِ الطَّرِيقِ حَالَ رُجُوعِهِمْ بَعْدَ طَوَافِهَا الْإِفَاضَةَ بَعْدَ طُهْرِهَا فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ كَمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ فُسِخَ الْكِرَاءُ اتِّفَاقًا وَلَا يُحْبَسُ مَنْ ذُكِرَ مَعَهَا وَمَكَثَتْ وَحْدَهَا إنْ أَمْكَنَهَا، وَإِلَّا رَجَعَتْ لِبَلَدِهَا وَهِيَ عَلَى إحْرَامِهَا ثُمَّ تَعُودُ فِي الْقَابِلِ لِلْإِفَاضَةِ (وَ) حُبِسَتْ لَهَا (الرُّفْقَةُ) أَيْضًا (فِي كَيَوْمَيْنِ) لَعَلَّهُ مَعَ الْأَمْنِ أَيْضًا لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُحْبَسُونَ. (وَكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ) أَيْ بِحَصًى رُمِيَ بِهِ قَبْلُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي ثَانِي عَامٍ (كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ) أَيْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ وَهُوَ رُكْنٌ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ (أَوْ) يُقَالُ (زُرْنَا قَبْرَهُ) ، أَوْ زُرْنَاهُ (- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَإِنَّمَا حَجَجْنَاهُ أَوْ قَصَدْنَاهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَارَةَ تُشْعِرُ بِالِاسْتِغْنَاءِ وَلَعَلَّ هَذِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَزْمِنَةِ السَّالِفَةِ وَأَمَّا الْآنَ فَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي التَّعْظِيمِ. (وَ) كُرِهَ (رُقِيُّ الْبَيْتِ) أَيْ دُخُولُهُ (أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ (أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَعْلٍ) مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ أَوْ خُفٍّ (بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَ) دُخُولِ (الْحِجْرِ) بِالْكَسْرِ بِنَعْلٍ طَاهِرٍ فَلَا يُكْرَهُ. (وَإِنْ) طَافَ حَامِلُ شَخْصٍ وَ (قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ لَمْ يَجْزِ) الطَّوَافُ (عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ عَنْ اثْنَيْنِ (وَأَجْزَأَ السَّعْيُ) الَّذِي نَوَى بِهِ نَفْسَهُ وَمَحْمُولَهُ (عَنْهُمَا) لِخِفَّةِ أَمْرِ السَّعْيِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ طَهَارَةٌ فَلَيْسَ كَالصَّلَاةِ (كَمَحْمُولَيْنِ) فَأَكْثَرَ لِشَخْصٍ نَوَى بِطَوَافِهِ، أَوْ سَعْيِهِ الْمَحْمُولَيْنِ دُونَ نَفْسِهِ فَيَجْزِي (فِيهِمَا) أَيْ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ كَانَ الْمَحْمُولُ مَعْذُورًا أَمْ لَا لَكِنْ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ الدَّمُ إذَا لَمْ يُعِدْهُ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ (حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَيْ بِسَبَبِهِ (عَلَى الْمَرْأَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَسْتَظْهِرُ وَقَدْرَ زَمَنِ النِّفَاسِ. (قَوْلُهُ: وَقُيِّدَ الْقَوْلُ بِحَبْسِ مَنْ ذُكِرَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ فِي حَبْسِهِمَا خِلَافًا وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ بِعَدَمِ حَبْسِ الْكَرِيِّ فِي النِّفَاسِ أَصْلًا، وَفِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّ فِي حَبْسِ الْكَرِيِّ لِأَجْلِ الْحَيْضِ خِلَافًا أَيْضًا. . (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: وَقُيِّدَ إلَخْ هَذَا التَّقْيِيدُ لِابْنِ اللَّبَّادِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالتُّونُسِيِّ. (قَوْلُهُ: فُسِخَ الْكِرَاءُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ بَلْ يَرْجِعَانِ لِلْمُحَاسَبَةِ وَتَبِعَ الشَّارِحُ فِي حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عبق وتت فِي صَغِيرِهِ نَقْلًا عَنْ عِيَاضٍ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيُخْتَلَفُ هَلْ يُفْسَخُ أَوْ يُكْرَى لَهَا شَخْصٌ آخَرُ وَالْكِرَاءُ الْأَوَّلُ لَازِمٌ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ جَاءَ مِنْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا إنَّهُ لَا يُحْبَسُ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ مَعَ الْخَوْفِ فَهِيَ كَالْمُحْصَرَةِ بِعَدُوٍّ وَلَا تَتَحَلَّلُ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ فَحَجُّهُ تَمَّ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهَا كَالْمُحْصَرَةِ بِعَدُوٍّ فَلَهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ بِنَحْرِ هَدْيٍ فَغَيْرُ صَوَابٍ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَمْكَنَهَا الْمُقَامُ بِمَكَّةَ فُسِخَ الْكِرَاءُ وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ وَيُكْرَى لَهَا شَخْصٌ آخَرُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا لَمْ يَنْفَسِخْ وَرَجَعَتْ لِبَلَدِهَا، ثُمَّ تَعُودُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَحُبِسَتْ الرُّفْقَةُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُحْبَسُ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ. (قَوْلُهُ: فِي كَيَوْمَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ عُذْرُهَا يَزُولُ فِي كَيَوْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْبَسُونَ) أَيْ وَإِنَّمَا يُحْبَسُ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: تُشْعِرُ بِالِاسْتِغْنَاءِ) أَيْ بِاسْتِغْنَاءِ الزَّائِرِ عَنْ الْمَزُورِ. (قَوْلُهُ: أَيْ دُخُولُهُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِرُقِيِّ الْبَيْتِ دُخُولُهُ لَا الصُّعُودُ عَلَى دَرَجِهِ الَّذِي يُطْلَعُ عَلَيْهِ لِلْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ إذَا كَانَ لَابِسًا لِنَعْلٍ طَاهِرٍ أَوْ خُفٍّ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ) أَيْ الصُّعُودُ عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ الصُّعُودُ عَلَى مِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. (قَوْلُهُ: بِنَعْلٍ مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ، أَوْ خُفٍّ) بِخِلَافِ وَضْعِ مُصْحَفٍ عَلَى مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ حَرَامٌ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ عَلَى مَا ذُكِرَ قَالَهُ عبق. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ) سَوَاءٌ كَانَ مَحْمُولُهُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ مَرِيضًا، أَوْ كَبِيرًا لَا عُذْرَ لَهُ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ وَقِيلَ يَجْزِي عَنْهُمَا وَقِيلَ يَجْزِي عَنْ الْحَامِلِ وَالْمَحْمُولِ إذَا كَانَ صَبِيًّا فَقَطْ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ أَرَ مَنْ شَهَّرَهُ غَيْرَهُ قَالَ الْمَوَّاقُ وَظَاهِرُ الطِّرَازِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ عَنْهُمَا وَنَسَبَ الْمَوَّاقُ وَالتَّوْضِيحُ الْإِجْزَاءَ عَنْ الصَّبِيِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ عَنْ اثْنَيْنِ) أُورِدَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ إجْزَاءُ الطَّوَافِ عَنْ الْمَحْمُولَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الْمَحْمُولَيْنِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ السَّعْيُ الَّذِي نَوَى بِهِ نَفْسَهُ وَمَحْمُولَهُ) كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا، أَوْ صَبِيًّا. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ) لَكِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي طَوَافِهِ عَنْ الْمَحْمُولِ طَهَارَةُ الْحَامِلِ وَحْدَهُ إنْ كَانَ الْمَحْمُولُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الْمَحْمُولِ لَا فِي الْحَامِلِ اهـ عَدَوِيٌّ [فَصْلٌ مَا يُحَرِّمَ بِالْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ] (فَصْلٌ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ) . (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلظَّرْفِيَّةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ أَنَّ مَبْدَأَ الْحُرْمَةِ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ أَمَّا إفَادَةُ السَّبَبِيَّةِ ذَلِكَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إفَادَةُ الظَّرْفِيَّةِ ذَلِكَ فَلِأَنَّ الْمَعْنَى حَرُمَ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَبْدَأَهَا مِنْ الْإِحْرَامِ خِلَافًا لعبق الْقَائِلِ إنَّ جَعْلَهَا لِلظَّرْفِيَّةِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُفِيدُ جَعْلُهَا لِلسَّبَبِيَّةِ وَكَأَنَّ شُبْهَتَهُ أَنَّ الظَّرْفَ أَوْسَعُ مِنْ الْمَظْرُوفِ، وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ ظَرْفِيَّةٌ مَجَازِيَّةٌ وَهِيَ تَرْجِعُ

وَلَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً وَتَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهَا (لُبْسُ) مُحِيطٍ بِيَدَيْهَا نَحْوِ (قُفَّازٍ) كَرُمَّانٍ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ لِلْبَرْدِ وَكَذَا سَتْرُ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِهَا فَإِنْ أَدْخَلَتْ يَدَيْهَا فِي قَمِيصِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا (وَسَتْرُ وَجْهٍ) أَوْ بَعْضِهِ (إلَّا لِسَتْرٍ) عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يَجِبُ إنْ ظَنَّتْ الْفِتْنَةَ بِهَا (بِلَا غَرْزٍ) بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا (وَ) لَا (رَبْطٍ) أَيْ عَقْدٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَعَلَتْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ لَبِسَتْ قُفَّازًا، أَوْ سَتَرَتْ كَفَّيْهَا أَوْ وَجْهَهَا، أَوْ بَعْضَهُ لِغَيْرِ سَتْرٍ أَوْ غَرَزَتْ، أَوْ عَقَدَتْ مَا سَدَلَتْهُ (فَفِدْيَةٌ) إنْ طَالَ. (وَ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ (عَلَى الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَلَوْ صَغِيرًا وَتَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّهِ (مُحِيطٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِالْمُهْمَلَةِ (بِعُضْوٍ) مِنْ أَعْضَائِهِ كَيَدِهِ، أَوْ رِجْلِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْمُحِيطِ الصَّرَّارَةُ أَيْ التَّامُوسَةُ وَالْقَبْقَابُ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ سَيْرُهُ عَرِيضًا، وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (وَإِنْ) كَانَتْ إحَاطَتُهُ (بِنَسْجٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ عَلَى صُورَةِ الْمَخِيطِ كَدِرْعِ حَدِيدٍ - فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ نَسْجًا -، أَوْ لِبَدٍ لَصِقَ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ جِلْدِ حَيَوَانٍ سُلِخَ بِلَا شَقٍّ (أَوْ) كَانَتْ بِسَبَبِ (زِرٍّ) يَقْفِلُهُ عَلَيْهِ (أَوْ عَقْدٍ) ، أَوْ تَخْلِيلٍ بِعُودٍ لَا إنْ خِيطَ بِغَيْرِ إحَاطَةٍ كَإِزَارٍ مُرَقَّعٍ وَبُرْدَةٍ مُلَفَّقَةٍ بِفَلْقَتَيْنِ فَيَجُوزُ وَشُبِّهَ فِي الْمَنْعِ وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَوْلُهُ (كَخَاتَمٍ) وَسِوَارٍ لِرَجُلٍ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْمُحِيطِ لِسَائِرِ أَعْضَائِهَا مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ (وَقَبَاءٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ وَقَدْ يُقْصَرُ الثَّوْبُ الْمُنْفَتِحُ (وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كُمًّا) فِي يَدٍ بَلْ وَضَعَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مُخْرِجًا يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ وَمَحِلُّ الْمَنْعِ إنْ أَدْخَلَ الْمَنْكِبَيْنِ فِي مَحِلِّهِمَا فَإِنْ نَكَّسَهُ بِأَنْ جَعَلَ أَسْفَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَلَا فِدْيَةَ. (وَ) حَرُمَ عَلَى الرَّجُلِ (سَتْرُ وَجْهٍ) كُلًّا، أَوْ بَعْضًا (أَوْ رَأْسٍ) كَذَلِكَ (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَطِينٍ) فَأَوْلَى غَيْرُهُ كَقَلَنْسُوَةٍ فَالْوَجْهُ وَالرَّأْسُ يُخَالِفَانِ سَائِرَ الْبَدَنِ إذْ يَحْرُمُ سَتْرُهُمَا بِكُلِّ مَا يُعَدُّ سَاتِرًا مُطْلَقًا وَسَائِرُ الْبَدَنِ إنَّمَا يَحْرُمُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْمُحِيطُ (وَلَا فِدْيَةَ فِي) تَقَلُّدٍ بِ (سَيْفٍ) (وَإِنْ بِلَا عُذْرٍ) ، وَإِنْ حَرُمَ ابْتِدَاءً وَظَاهِرُهَا وُجُوبُ نَزْعِهِ فِي غَيْرِ الْعُذْرِ (وَ) لَا فِي (احْتِزَامٍ) بِثَوْبِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُصَاحَبَةِ تَأَمَّلْ. . (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً، أَوْ صَغِيرَةً) قَالَ عبق، أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا وَفِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِالرَّجُلِ لَا بِالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ دُونَ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ احْتِمَالُ الْأُنُوثَةِ يَقْتَضِي الِاحْتِيَاطَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَحِينَئِذٍ فَالِاحْتِيَاطُ سَتْرُهُ كَالْمَرْأَةِ وَفِدَاؤُهُ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَتْرُ أُصْبُعٍ) أَيْ بِسَاتِرٍ يَسْتُرُهُ بِخُصُوصِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) جَزَمَ فِي بَعْضِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّهُ كَجَمِيعِهِ تَبَعًا لح وَحَكَى فِيمَا يَأْتِي فِي سَتْرِ بَعْضِ وَجْهِ الرَّجُلِ تَأْوِيلَيْنِ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُفِيدُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَاعْتَمَدَهُ طفى. (قَوْلُهُ: إلَّا لِسَتْرٍ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ لِدُخُولِ مَا بَعْدَ إلَّا فِيمَا قَبْلَهَا لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ إلَّا إذَا أَرَادَتْ بِسَتْرِ وَجْهِهَا السَّتْرَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَلَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ حِينَئِذٍ حَيْثُ كَانَ السِّتْرُ مِنْ غَيْرِ غَرْزٍ وَرَبْطٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أَرَادَتْ السَّتْرَ عَنْ أَعْيُنِ الرِّجَالِ جَازَ لَهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا عَلِمَتْ، أَوْ ظَنَّتْ الْفِتْنَةَ بِهَا أَمْ لَا، نَعَمْ إذَا عَلِمَتْ، أَوْ ظَنَّتْ الْفِتْنَةَ بِهَا كَانَ سَتْرُهَا وَاجِبًا قَالَ عبق: وَانْظُرْ إذَا خُشِيَ الْفِتْنَةُ مِنْ وَجْهِ الذَّكَرِ بِأَنْ جُزِمَ بِحُصُولِ الْفِتْنَةِ، أَوْ ظُنَّتْ عِنْدَ نَظَرِ وَجْهِهِ هَلْ يَجِبُ سَتْرُهُ فِي الْإِحْرَامِ كَالْمَرْأَةِ أَمْ لَا، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّنْظِيرِ لِمَا ذَكَرُوا فِي فَصْلِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ وَغَيْرِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمُلْتَحِي لَا يَلْزَمُهُ سَتْرُ وَجْهِهِ، وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سَتْرُ وَجْهِهِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ فَفِي الْإِحْرَامِ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَالتَّنْظِيرُ قُصُورٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ طَالَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ فَعَلَتْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ، ثُمَّ أَزَالَتْهُ بِالْقُرْبِ فَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا الِانْتِفَاعُ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ وَعِنْدَ إزَالَةِ مَا ذُكِرَ بِالْقُرْبِ لَمْ يَحْصُلْ الِانْتِفَاعُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِنَسْجٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِحَاطَةُ بِخِيَاطَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ بِنَسْجٍ. (قَوْلُهُ: يَقْفِلُهُ) أَيْ يَقْفِلُ ذَلِكَ الزِّرُّ الثَّوْبَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ خِيطَ) أَيْ الثَّوْبُ بِغَيْرِ إحَاطَةٍ. (قَوْلُهُ: الثَّوْبُ الْمُنْفَتِحُ) أَيْ كَالْقُفْطَانِ وَالْفَرْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَّسَهُ بِأَنْ جَعَلَ أَسْفَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَلَا فِدْيَةَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ. . (قَوْلُهُ: بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) إنْ أُرِيدَ السَّاتِرُ لُغَةً كَانَ قَوْلُهُ: كَطِينٍ تَمْثِيلًا، وَإِنْ أُرِيدَ السَّاتِرُ عُرْفًا كَانَ تَشْبِيهًا. (قَوْلُهُ: كَطِينٍ) أَيْ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ جِيرٍ يَجْعَلُهُ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جِسْمٌ يَدْفَعُ الْحَرَّ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ لِبَاسًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُحِيطُ) أَيْ مِمَّا يُلْبَسُ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ) أَيْ تَقَلَّدَ بِهِ فِي عُنُقِهِ عَرَبِيٍّ، أَوْ أَعْجَمِيٍّ مَا لَمْ تَكُنْ عِلَاقَتُهُ عَرِيضَةً أَوْ مُتَعَدِّدَةً، وَإِلَّا افْتَدَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ السِّكِّينَ لَيْسَتْ كَالسَّيْفِ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ هَذَا إذَا تَقَلَّدَ بِهِ لِعُذْرٍ بَلْ، وَإِنْ تَقَلَّدَ بِهِ بِلَا عُذْرٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ الْفِدْيَةِ إذَا تَقَلَّدَ بِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ ابْتِدَاءً) أَيْ وَإِنْ حَرُمَ تَقَلُّدُهُ بِهِ ابْتِدَاءً أَيْ إذَا كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّقَلُّدَ بِهِ لِعُذْرٍ جَائِزٌ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا التَّقَلُّدُ بِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا وَفِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ فِيهِ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ عِلَاقَتُهُ غَيْرَ عَرِيضَةٍ وَلَمْ تَكُنْ مُتَعَدِّدَةً، وَإِلَّا فَالْفِدْيَةُ اتِّفَاقًا تَقَلَّدَ بِهِ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا إثْمَ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا وُجُوبُ نَزْعِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ فَلَا فِدْيَةَ وَهَذَا مُفَادُ قَوْلِ ح كُلُّ مَا حَكَمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ كَمَسْأَلَةِ السَّيْفِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ اهـ فَلَمَّا حَكَمَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ

لِعَمَلٍ وَكَذَا بِغَيْرِهِ كَأَنْ يَحْتَزِمَ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوْقَ إزَارِهِ وَلَا فِدْيَةَ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ (وَ) لَا فِي (اسْتِثْفَارٍ) وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ طَرَفَيْ مِئْزَرِهِ بَيْنَ فَخْذَيْهِ مَلْوِيًّا (لِعَمَلٍ فَقَطْ) قَيْدٌ فِيهِمَا وَلِغَيْرِ عَمَلٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ فَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى " احْتِزَامٍ " لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَهَا. (وَجَازَ لِمُحْرِمٍ خُفٌّ) أَيْ لُبْسُهُ وَمِثْلُهُ جُرْمُوقٌ وَجَوْرَبٌ (قُطِعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ) كَانَ الْقَاطِعُ لَهُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ كَانَ مِنْ أَصْلِ صَنْعَتِهِ كَالْبَابُوجِ (لِفَقْدِ نَعْلٍ، أَوْ غُلُوِّهِ) غُلُوًّا (فَاحِشًا) بِأَنْ زَادَ ثَمَنُهُ عَلَى الثُّلُثِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ لَبِسَهُ لِضَرُورَةٍ كَشُقُوقٍ، أَوْ دَمَامِلَ بِرِجْلَيْهِ (وَ) جَازَ (اتِّقَاءُ شَمْسٍ، أَوْ رِيحٍ) عَنْ وَجْهِهِ، أَوْ رَأْسِهِ (بِيَدٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا وَكَذَا بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ وَمَحَارَةٍ كَمَا يَأْتِي لَا بِمُرْتَفِعٍ عَنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ (أَوْ) اتِّقَاءُ (مَطَرٍ) أَوْ بَرْدٍ (بِمُرْتَفِعٍ) عَنْ رَأْسِهِ مِنْ ثَوْبٍ وَدَرَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَأَوْلَى بِيَدٍ وَأَمَّا الْخَيْمَةُ فَجَائِزٌ الدُّخُولُ تَحْتَهَا بِلَا عُذْرٍ فَلَا يَمْثُلُ بِهَا وَلَا يُلْصِقُ يَدَهُ بِرَأْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ. (وَ) جَازَ (تَقْلِيمُ ظُفُرٍ انْكَسَرَ) وَمِثْلُهُ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ أَيْ وَتَأَذَّى بِكَسْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَلْمُهُ فَإِنْ قَلَّمَهُ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي، وَفِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ وَيَقْتَصِرُ عَلَى تَقْلِيمِ مَا يَزُولُ بِهِ الْأَذَى، وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَفْهُومُ انْكَسَرَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فَإِنْ قَلَّمَهُ لِإِمَاطَةِ أَذًى فَفِدْيَةٌ، وَإِلَّا فَحَفْنَةٌ فِي الْوَاحِدِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَالْفِدْيَةُ مُطْلَقًا (وَ) جَازَ (ارْتِدَاءٌ) ، أَوْ ائْتِزَارٌ (بِقَمِيصٍ) وَجُبَّةٍ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَخِيطًا لَمْ يُلْبَسْ لِمَا خِيطَ لَهُ (وَفِي كُرْهِ) ارْتِدَاءِ (السَّرَاوِيلِ) وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ لِقُبْحِ زِيِّهِ وَجَوَازِهِ (رِوَايَتَانِ) . (وَ) جَازَ لِمُحْرِمٍ (تَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ) مِنْ حَائِطٍ وَسَقْفٍ وَقَبْوٍ (وَخِبَاءِ) خَيْمَةٍ وَنَحْوِهَا (وَمَحَارَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَمْنُوعٌ عُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ نَزْعُهُ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْزِعْهُ فَلَا فِدْيَةَ لِلنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِغَيْرِهِ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُحْرِمُ لَا يَحْتَزِمُ بِحَبْلٍ، أَوْ خَيْطٍ إذَا لَمْ يُرِدْ الْعَمَلَ فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى، وَإِنْ أَرَادَ الْعَمَلَ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَحْتَزِمَ اهـ وَعَلَى ظَاهِرِهَا حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا وَقَيَّدَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ الِاحْتِزَامَ بِكَوْنِهِ بِلَا عَقْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مَلْوِيًّا) ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَمَلُ مَعَهُ إلَّا بِالْعَقْدِ كَمَا قَالَهُ ح وَلِذَا فَسَّرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَتَبِعَهُ تت بِقَوْلِهِ أَنْ يَجْعَلَ طَرَفَيْ مِئْزَرِهِ بَيْنَ فَخْذَيْهِ مَلْوِيًّا مَرْشُوقًا فِي وَسَطِهِ كَالسَّرَاوِيلِ اُنْظُرْ بْن. . (قَوْلُهُ: عَلَى الثُّلُثِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الثُّلُثَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَفِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الثُّلُثَ كَثِيرٌ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَزِيدَ ثَمَنُهُ بِالثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ وَجَدَ النَّعْلَ مِنْ غَيْرِ غُلُوٍّ أَصْلًا أَوْ غَالِيًا غُلُوًّا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ وَلَبِسَ الْخُفَّ مَقْطُوعًا أَسْفَلَ مِنْ كَعْبِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ أَصْلًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. (قَوْلُهُ: بِيَدٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إلْصَاقٍ لَهَا عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ رَأْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ كَذَا فِي خش وعبق وَاَلَّذِي فِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي الْيَدِ مُطْلَقًا أَلْصَقَهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا. (تَنْبِيهٌ) كَمَا جَازَ اتِّقَاءُ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ بِالْيَدِ جَازَ لَهُ أَيْضًا سَدُّ أَنْفِهِ مِنْ الْجِيفَةِ كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إذَا مَرَّ بِطِيبٍ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ الِاتِّقَاءُ مِنْ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ أَيْ خَيْمَةٍ وَمَحَارَةٍ كَالْمَحْمِلِ. (قَوْلُهُ: لَا بِمُرْتَفِعٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ اتِّقَاءُ الشَّمْسِ وَالرِّيحِ بِثَوْبٍ يَرْفَعُهُ عَلَى عَصًا وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا يَأْتِي خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: عَنْهُمَا أَيْ عَنْ وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ ثَوْبٍ) أَيْ يَجْعَلُهُ عَلَى عَصًا فَاَلَّذِي يُتَّقَى بِهَا الْمَطَرُ وَالْبَرْدُ أَكْثَرُ مِمَّا يُتَّقَى بِهِ الْحَرُّ؛ لِأَنَّ الْحَرَّ لَا يُتَّقَى بِالثَّوْبِ الْمُرْتَفِعَةِ عَلَى عَصًا بِخِلَافِ الْبَرْدِ وَالْمَطَرِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ وَالْخِبَاءُ وَالْمَحَارَةُ فَيَجُوزُ الِاتِّقَاءُ بِهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَطَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُلْصِقُ يَدَهُ بِرَأْسِهِ) أَيْ إذَا اتَّقَى بِهَا الرِّيحَ، أَوْ الشَّمْسَ، أَوْ الْمَطَرَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْيَدَ يَجُوزُ الِاتِّقَاءُ بِهَا مُرْتَفِعَةً، أَوْ مُلْتَصِقَةً وَأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهَا مُطْلَقًا كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لخش وعبق هَذَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ إذَا انْكَسَرَ وَقَلَّمَهُ هَلْ فِي تَقْلِيمِهِ الْفِدْيَةُ أَمْ لَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْحَاجَةِ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَمَتَى حَصَلَ التَّأَذِّي بِالْكَسْرِ جَازَ الْقَلْمُ وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا فِدْيَةَ. (قَوْلُهُ: وَتَأَذَّى بِكَسْرِهِ) أَيْ بِبَقَائِهِ مَكْسُورًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَتَأَذَّ بِبَقَائِهِ مَكْسُورًا لَمْ يَجُزْ قَلْمُهُ. (قَوْلُهُ: لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَبَثًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّقْلِيمُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَفِدْيَةٌ، وَإِنْ كَانَ عَبَثًا فَحَفْنَةٌ وَهَذَا فِي الظُّفُرِ الْوَاحِدِ أَمَّا الْوَاحِدُ أَمَّا إذَا كَانَ مَا قَلَّمَهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَالْفِدْيَةُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَزَالَ جَمِيعَ الظُّفُرِ، أَوْ زَادَ فِي التَّقْلِيمِ عَلَى مَا يَزُولُ بِهِ الْأَذَى ضَمِنَ مَا فِيهِ مِنْ الْفِدْيَةِ - إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَوْ - الْحَفْنَةِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَبَثًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَحَفْنَةٌ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ عَبَثًا فَحَفْنَةٌ. (قَوْلُهُ: فَالْفِدْيَةُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَوْ كَانَ عَبَثًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَخِيطًا لَمْ يُلْبَسْ لِمَا خِيطَ لَهُ) أَيْ مِنْ اللُّبْسِ وَالْأَوْضَحُ حَذْفُ لَهُ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَابِسًا لِلْمَخِيطِ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ السَّرَاوِيلِ رِوَايَتَانِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ هَلْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرْتَدِيَ السَّرَاوِيلَ لِقُبْحِ الزِّيِّ كَمَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مَعَ الرِّدَاءِ أَوْ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَمَّا لُبْسُ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمِ فَلَا

وَهِيَ الْمَحْمِلُ فَيَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِظِلِّهَا الْخَارِجِ كَمَا يُسْتَظَلُّ بِالْحَائِطِ نَازِلَةً، أَوْ سَائِرَةً سَوَاءٌ بِجَانِبِهَا، أَوْ تَحْتَهَا وَهِيَ فَوْقَهُ وَكَذَا يَجُوزُ تَحْتَ سَقْفِهَا بِأَنْ يَدْخُلَ فِيهَا كَدُخُولِهِ الْخِبَاءَ وَهِيَ مُغَطَّاةٌ بِمَا يُعْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ اللِّبَدِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا فِي الْمِحَفَّةِ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ الْجُوخَ الَّذِي عَلَيْهَا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَوْلُهُ (لَا فِيهَا) ضَعِيفٌ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمِحَفَّةِ وَنَحْوِهَا يُلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبٌ كَكِسَاءٍ غَيْرِ مُسَمَّرٍ عَلَى أَعْوَادِهَا الْمُرْتَفِعَةِ كَمَا تَفْعَلُهُ الْعَرَبُ وَأَمَّا الْمُوهِيَةُ فَإِنْ أُلْقِيَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ غَيْرُ مُسَمَّرٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِهِ بِخِلَافِ جَوَانِبِهَا فَيَجُوزُ الِاسْتِظْلَالُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْحَائِطِ وَكَذَا سَقْفُهَا الَّذِي مِنْ أَصْلِ صَنْعَتِهَا وَشُبِّهَ فِي الْمَنْعِ قَوْلُهُ (كَثَوْبٍ) يُنْصَبُ (بِعَصًا) أَيْ عَلَيْهَا بِأَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ عَلَى الْعَصَا، أَوْ عَلَى أَعْوَادٍ وَيَتَظَلَّلَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ سَائِرًا اتِّفَاقًا وَلَا نَازِلًا عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّوْبَ إذَا رُبِطَ بِحِبَالٍ وَأَوْتَادٍ جَازَ الِاسْتِظْلَال بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْخِبَاءِ قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَإِنْ اسْتَظَلَّ فِي الْمَحَارَةِ، أَوْ ثَوْبٍ بِعَصًا (فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ) وَاسْتِحْبَابِهَا (خِلَافٌ وَ) جَازَ (حَمْلٌ) لِخُرْجٍ وَنَحْوَهُ عَلَى رَأْسِهِ (لِحَاجَةٍ) فِيمَا يَحْمِلُهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُ لَهُ أَوْ وَجَدَ بِأُجْرَةٍ مُحْتَاجٍ لَهَا (أَوْ فَقْرٍ) كَأَنْ يَحْمِلَ حُزْمَةَ حَطَبٍ يَتَعَيَّشُ بِثَمَنِهَا أَوْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ (بِلَا تَجْرٍ) ، وَإِلَّا فَلَا وَافْتَدَى. (وَ) جَازَ (إبْدَالُ ثَوْبِهِ) ، أَوْ رِدَائِهِ بِآخَرَ وَلَوْ كَانَ بِالْأَوَّلِ قَمْلٌ لِأَنَّ مَالِكًا رَأَى نَزْعَهُ بِقَمْلِهِ بِمَثَابَةِ مَنْ ارْتَحَلَ مِنْ بَيْتِهِ وَأَبْقَاهُ بِبَقِّهِ حَتَّى مَاتَ (أَوْ بَيْعُهُ) وَلَوْ لِإِذَايَةِ قَمْلِهِ (بِخِلَافِ غَسْلِهِ) فَلَا يَجُوزُ أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَمْلًا لِلْكَرَاهَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَلَى الْمَنْعِ وَبِهِ صَرَّحَ سَنَدٌ وَيَدُلُّ لَهُ إيجَابُ الْفِدْيَةِ وَهَذَا إنْ شَكَّ فِي دَوَابِّهِ، أَوْ تَحَقَّقَ الْقَمْلَ فَإِنْ غَسَلَهُ وَقَتَلَ شَيْئًا فِي الْقِسْمَيْنِ أَخْرَجَ مَا فِيهِ (إلَّا لِنَجَسٍ) أَصَابَهُ (فَبِالْمَاءِ فَقَطْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَفِي كُرْهِ ارْتِدَاءِ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ - وَإِنْ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُحْرِمِ - وَعَدَمِ الْكَرَاهَةِ رِوَايَتَانِ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَنَاسِكِ وَنَحْوِهِ لِلْبَاجِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْجَوَازَ قَوْلٌ لِغَيْرِ الْإِمَامِ لَا رِوَايَةٌ عَنْهُ فَانْظُرْهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمَحْمِلُ) هُوَ شُقَّتَانِ عَلَى الْبَعِيرِ يُحْمَلَ فِيهِمَا الْعَدِيلَانِ اهـ بْن وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحِمْلِ الْمُغَطَّى وَأَرَادَ الشَّارِحُ مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ وَمَا يَشْمَلُ التَّخْتَرَوَانَ. (قَوْلُهُ: نَازِلَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْمَحَارَةُ نَازِلَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: الَّذِي عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ. (قَوْلُهُ: لَا فِيهَا) أَيْ لَا فِي الْمَحَارَةِ بِأَنْ يَدْخُلَ فِيهَا كَمَا يَدْخُلُ الْخِبَاءَ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسَمَّرٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ التَّظَلُّلُ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ مَا عَلَيْهَا افْتَدَى وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهَا مِنْ الْمُوهِيَةِ. (قَوْلُهُ: كَثَوْبٍ بِعَصًا) أَيْ فَيُمْنَعُ التَّظَلُّلُ بِهِ وَأَمَّا اتِّقَاءُ الْمَطَرِ بِهِ فَيَجُوزُ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَظَلَّ فِي الْمَحَارَةِ) أَيْ الَّتِي أُلْقِيَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ غَيْرُ مُسَمَّرٍ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى الضَّعِيفِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ عَنْ مَنَاسِكِ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ الْأَصَحَّ اسْتِحْبَابُهَا فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ هَذَيْنِ التَّرْجِيحَيْنِ فَعَبَّرَ بِخِلَافٍ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ لَا فِي الْوُجُوبِ وَالسُّقُوطِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِخُرْجٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَمِخْلَةٍ وَجِرَابٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى رَأْسِهِ وَأَوْلَى عَلَى كَتِفِهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَحْمِلُهُ) أَيْ لِحَاجَةٍ كَائِنَةٍ فِي الْخُرُوجِ وَنَحْوِهِ الَّذِي يَحْمِلُهُ، كَائِنَةٌ تِلْكَ الْحَاجَةُ لِنَفْسِهِ فَهُمَا وَصْفَانِ لِحَاجَةٍ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ لِنَفْسِهِ خَبَرٌ لِ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِدْ إلَخْ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ لَهُ وَوَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ لَهُ مَجَّانًا، أَوْ بِأُجْرَةٍ لَا يَحْتَاجُ لَهَا فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَافْتَدَى إنْ حَمَلَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ لِغَيْرِهِ وَحَمَلَهَا لَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِلَا أُجْرَةٍ، أَوْ بِأُجْرَةٍ عَلَى وَجْهِ التَّكَسُّبِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةِ تَمَعُّشِهِ فَلَا فِدْيَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ لَهُ إلَخْ) عَلَى هَذَا لَوْ كَانَ غَنِيًّا وَحَمَلَهُ بُخْلًا أَوْ لِهَضْمِ نَفْسِهِ فَالْمَنْعُ كَذَا فِي عبق وَلَكِنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي حَمْلِهِ لِهَضْمِ نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ يَتَمَعَّشُ بِهَا. (قَوْلُهُ: بِلَا تَجْرٍ) أَشْهَبُ مَا لَمْ يَكُنْ تِجَارَةً لِعَيْشِهِ كَالْعَطَّارِينَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ وَكَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي مَنَاسِكِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ إبْدَالُ ثَوْبِهِ، أَوْ بَيْعُهُ) أَيْ جَازَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُبْدِلَ ثَوْبَهُ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ بِغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ إزَارًا أَوْ رِدَاءً وَلَوْ كَانَ إبْدَالُهُ الْأَوَّلُ بِغَيْرِهِ لِأَجْلِ قَمْلٍ بِهِ آذَاهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ ثَوْبِهِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ وَلَوْ لِأَذِيَّةِ الْقَمْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى مَاتَ) أَيْ حَتْفَ أَنْفِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَسْلِهِ) أَيْ تَرَفُّهًا، أَوْ لِوَسَخٍ. (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لَهُ إيجَابُ الْفِدْيَةِ) فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى وَلَوْ جَهِلَ فَغَسَلَ ثَوْبَهُ أَوْ رَأْسَهُ حَتَّى انْتَفَعَ بِذَلِكَ لَكَانَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فَوُجُوبُ الْفِدْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى التَّحْرِيمِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ حُرْمَةُ الْغَسْلِ إنْ شَكَّ فِي دَوَابِّهِ أَوْ تَحَقَّقَ الْقَمْلَ أَمَّا إنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ الْقَمْلِ جَازَ غَسْلُهُ بِمَا شَاءَ كَانَ الْغَسْلُ لِنَجَاسَةٍ، أَوْ تَرَفُّهًا أَوْ لِوَسَخٍ. (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ مَا فِيهِ) أَيْ وَهُوَ مَا سَيَأْتِي أَنَّ فِي الْقَمْلَةِ لِعَشَرَةٍ حَفْنَةً إنْ كَانَ الْقَتْلُ

دُونَ صَابُونٍ وَنَحْوِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَتَلَ شَيْئًا حِينَئِذٍ وَيُمْنَعُ غَسْلُهُ بِنَحْوِ صَابُونٍ فَإِنْ فَعَلَ وَقَتَلَ شَيْئًا أَخْرَجَ مَا فِيهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيَ الدَّوَابِّ جَازَ مُطْلَقًا وَلَوْ بِصَابُونٍ، أَوْ تَرَفُّهًا فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْغَسْلُ تَرَفُّهًا أَوْ لِوَسَخٍ، أَوْ نَجَاسَةٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ وُجُودَ دَوَابِّهِ، أَوْ عَدَمَهُ، أَوْ يَشُكَّ وَفِي كُلٍّ إمَّا بِالْمَاءِ فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ. (وَ) جَازَ (بَطُّ) أَيْ شَقُّ (جُرْحِهِ) وَدُمَّلِهِ لِإِخْرَاجِ مَا فِيهِ (وَحَكُّ مَا خَفِيَ) عَنْ عَيْنِهِ مِنْ بَدَنِهِ كَرَأْسِهِ (بِرِفْقٍ) خِيفَةَ قَتْلِ شَيْءٍ وَأَمَّا مَا يَرَاهُ فَلَا حَرَجَ فِي حَكِّهِ مُطْلَقًا (وَ) جَازَ (فَصْدٌ) لِحَاجَةٍ وَإِلَّا كُرِهَ فِيمَا يَظْهَرُ (إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ) فَإِنْ عَصَبَهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ وَافْتَدَى وَعَصَبَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ. (وَ) جَازَ (شَدُّ مِنْطَقَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ حِزَامٌ مِثْلُ الْكِيسِ يُجْعَلُ فِيهِ الدَّرَاهِمُ (لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ) أَيْ تَحْتَ إزَارِهِ لَا فَوْقَهُ (وَ) جَازَ (إضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ) لِنَفَقَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ شَدَّهَا لَا لِنَفَقَةٍ لَهُ بَلْ فَارِغَةً، أَوْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَقَطْ، أَوْ شَدَّهُ لَا عَلَى جِلْدِهِ بَلْ فَوْقَ إزَارِهِ (فَفِدْيَةٌ كَعَصْبِ جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ) وَلَوْ جَازَ لِضَرُورَةٍ (أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ) عَلَى جُرْحِهِ، أَوْ رَأْسِهِ كَبُرَتْ (كَدِرْهَمٍ) بَغْلِيٍّ فَأَكْثَرَ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِمَوَاضِعَ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ لَفِّهَا) أَيْ الْخِرْقَةِ (عَلَى ذَكَرٍ) لِمَذْيٍ، أَوْ بَوْلٍ بِخِلَافِ جَعْلِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ النَّوْمِ بِلَا لَفٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) جَعْلِ (قُطْنَةٍ) وَلَوْ صَغِيرَةً غَيْرَ مُطَيَّبَةٍ (بِأُذُنَيْهِ) أَوْ بِوَاحِدَةٍ، وَعُورِضَ هَذَا بِلَصْقِ خِرْقَةٍ دُونَ دِرْهَمٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لِنَفْعِ الْأُذُنِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا لِتَرَفُّهٍ وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ كَمَا أَنَّهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ لِغَيْرِ التَّرَفُّهِ. (قَوْلُهُ: دُونَ صَابُونٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَغَاسُولٍ وَأُشْنَانٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ فَإِنْ غَسَلَهُ بِصَابُونٍ لِنَجَاسَةٍ، أَوْ وَسَخٍ، أَوْ تَرَفُّهًا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ نَفْيَ الدَّوَابِّ جَازَ الْغَسْلُ لِنَجَاسَةٍ، أَوْ وَسَخٍ، أَوْ تَرَفُّهٍ سَوَاءٌ كَانَ الْغَسْلُ بِمَاءٍ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ، وَإِنْ تَحَقَّقَ وُجُودَ الدَّوَابِّ، أَوْ شَكَّ فِي وُجُودِهَا وَعَدَمِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَسْلُ لِوَسَخٍ، أَوْ تَرَفُّهٍ مُنِعَ كَانَ الْغَسْلُ بِالْمَاءِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَهُ غَيْرُهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ، وَإِنْ كَانَ الْغَسْلُ لِنَجَاسَةٍ جَازَ الْغَسْلُ إنْ كَانَ بِالْمَاءِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمَاءِ غَيْرُهُ مُنِعَ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ تَمَامُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ حَالًا ثُمَّ إنَّهُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّمَانِيَةِ إذَا قَتَلَ شَيْئًا مِنْ الْقَمْلِ لَزِمَهُ مَا فِيهِ وَفِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِ الدَّوَابِّ فِي حَالَتَيْ الْجَوَازِ وَفِي حَالَتَيْ الْمَنْعِ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَطُّ إلَخْ) أَيْ إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ لِأَجْلِ إخْرَاجِ مَا فِيهِ بِعَصْرِهِ أَوْ بِوَضْعِ لَزْقَةٍ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِبَطِّهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ " وَقُصِدَ " مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَانَ مَكْرُوهًا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَرَأْسِهِ) أَيْ وَظَهْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: بِرِفْقٍ أَيْ وَأَمَّا بِشِدَّةٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِرِفْقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَوْ أَدْمَاهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا فِدْيَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي كَعَصْبِ جُرْحِهِ فَهُوَ مُغْنٍ عَمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ) الْمُرَادُ بِشَدِّهَا إدْخَالُ سُيُورِهَا، أَوْ خُيُوطِهَا فِي أَثْقَابِهَا، أَوْ فِي الْكَلَّابِ أَوْ الْإِبْزِيمِ مَثَلًا وَأَمَّا لَوْ عَقَدَهَا عَلَى جِلْدِهِ افْتَدَى كَمَا يَفْتَدِي لَوْ شَدَّهَا فَوْقَ الْإِزَارِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ حِزَامٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَالْخِرَقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى جِلْدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِشَدٍّ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ إضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ لِنَفَقَتِهِ) أَيْ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ الَّتِي وَضَعَهَا فِيهَا ظَاهِرُهُ جَوَازُ إضَافَةِ نَفَقَةِ الْغَيْرِ لِنَفَقَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ بِمُوَاطَأَةٍ وَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَلَّابِ وَاللَّخْمِيِّ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ الطِّرَازِ أَيْضًا كَمَا فِي ح فَتَقْيِيدُ عبق جَوَازَ الْإِفَاضَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ مُوَاطَأَةٍ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُوَاطَأَةَ الْمَمْنُوعَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى شَدِّ الْمِنْطَقَةِ نَفَقَةَ الْغَيْرِ، وَالْجَائِزَةَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ عَلَى شَدِّهَا نَفَقَتَهُ وَأَمَّا نَفَقَةُ الْغَيْرِ فَبِطَرِيقِ التَّبَعِ وَحِينَئِذٍ فَالْخُلْفُ لَفْظِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَلْ فَارِغَةً) أَيْ بَلْ شَدَّهَا فَارِغَةً أَوْ شَدَّهَا لِأَجْلِ وَضْعِ مَالِ التِّجَارَةِ فِيهَا، أَوْ لِأَجْلِ وَضْعِ مَالٍ لِغَيْرِهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَعَصْبِ جُرْحِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إذَا عَصَبَ جُرْحَهُ، أَوْ رَأْسَهُ لِضَرُورَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ عَصْبُ مَا ذُكِرَ لِلضَّرُورَةِ جَائِزًا، وَظَاهِرُهُ لُزُومُ الْفِدْيَةِ بِالتَّعْصِيبِ مُطْلَقًا كَانَتْ الْخِرْقَةُ الَّتِي عَصَبَ بِهَا صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْخِرَقِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَجَعَلَ الْفِدْيَةَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا خَاصٌّ بِجِرَاحِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَلَصْقُ الْخِرْقَةِ عَلَى الْجُرْحِ الَّذِي فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ لَا شَيْءَ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَجْهَ وَالرَّأْسَ هُمَا اللَّذَانِ يَجِبُ كَشْفُهُمَا دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ اُنْظُرْ بْن فَقَوْلُ الشَّارِحِ " أَوْ رَأْسِهِ " عُطِفَ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ عَلَى جُرْحِهِ الَّذِي بِوَجْهِهِ، أَوْ رَأْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَبُرَتْ كَدِرْهَمٍ) أَمَّا لَصْقُ الْخِرْقَةِ الصَّغِيرَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَلَصْقُ خِرْقَةٍ كَبُرَتْ كَدِرْهَمٍ يَعْنِي بِمَوْضِعٍ، أَوْ بِمَوَاضِعَ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَتْ كَانَتْ دِرْهَمًا كَذَا قِيلَ لَكِنَّ ظَاهِرَ التَّوْضِيحِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ فِي الْمَوَاضِعِ بِحَيْثُ لَوْ جُمِعَتْ لَكَانَتْ دِرْهَمًا وَهُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِمَذْيٍ أَوْ بَوْلٍ) أَيْ لِأَجْلِ التَّحَفُّظِ مِنْ إصَابَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرَةً غَيْرَ مُطَيَّبَةٍ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُطَيَّبَةٍ وَسَوَاءٌ جَعَلَهَا فِي أُذُنِهِ لِعِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: بِلَصْقِ خِرْقَةٍ) أَيْ عَلَى جُرْحِهِ الَّذِي بِوَجْهِهِ

أَشْبَهَ الْكَبِيرَ (أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ) ، أَوْ بِصُدْغٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ جَازَ لِضَرُورَةٍ (أَوْ تَرْكِ) مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى " عَصْبِ " أَيْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِتَرْكِ (ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبَ) بَعْدَ فَرَاغِ نَفَقَتِهِ وَلَمْ يَدْفَعْهَا لَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِذَهَابِهِ (أَوْ) تَرْكِ (رَدِّهَا لَهُ) مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّدِّ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ صَاحِبُهَا وَلَكِنَّهُ تَعَمَّدَ تَرْكَ رَدِّهَا لَهُ بَعْدَ فَرَاغِ نَفَقَتِهِ. (وَ) جَازَ (لِمَرْأَةٍ) مُحْرِمَةٍ (خَزٌّ) وَحَرِيرٌ وَجَمِيعُ الثِّيَابِ (وَحُلِيٌّ) أَيْ لُبْسُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَحُكْمِهَا قَبْلَهُ إلَّا فِي سَتْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. (وَكُرِهَ) لِمُحْرِمٍ (شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ، أَوْ فَخْذِهِ) وَلَا فِدْيَةَ (وَكَبُّ رَأْسٍ) أَيْ وَجْهٍ كَمَا فِي النَّقْلِ وَبِقَرِينَةِ " كَبُّ " (عَلَى وِسَادَةٍ) وَأَمَّا وَضْعُ خَدِّهِ عَلَيْهَا فَجَائِزٌ. (وَ) كُرِهَ (مَصْبُوغٌ) بِعُصْفُرٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَا طِيبَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ يُشْبِهُ ذَا الطِّيبِ (لِمُقْتَدًى بِهِ) مِنْ إمَامٍ، أَوْ عَالِمٍ خَوْفَ تَطَرُّقِ الْجَاهِلِ إلَى لُبْسِ الْمُحَرَّمِ (وَ) كُرِهَ (شَمُّ) طِيبٍ مُذَكَّرٍ وَهُوَ مَا يَخْفَى أَثَرُهُ وَيَظْهَرُ رِيحُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْوَاعُ الرَّيَاحِينِ (كَرَيْحَانٍ) وَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَكَذَا يُكْرَهُ شَمُّ مُؤَنَّثِهِ بِلَا مَسٍّ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ لَوْنُهُ وَأَثَرُهُ أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ تَعَلُّقًا شَدِيدًا كَمِسْكٍ وَزَعْفَرَانٍ وَكَافُورٍ (وَ) كُرِهَ (تَبَرُّدٌ بِمَكَانٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ رَأْسِهِ، وَقَوْلُهُ: دُونَ دِرْهَمٍ أَيْ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهَا فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقُطْنَةَ إذَا جُعِلَتْ فِي الْأُذُنِ وَكَانَتْ صَغِيرَةً لَا فِدْيَةَ فِيهَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَشْبَهَ الْكَبِيرَ) أَيْ بِخِلَافِ الْخِرْقَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ الْجُرْحُ إلَّا إذَا كَبُرَتْ. (قَوْلُهُ: أَوْ قِرْطَاسٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَعَلَ عَلَى صُدْغِهِ قِرْطَاسًا لِضَرُورَةٍ كَصُدَاعٍ، أَوْ لِغَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَفْتَدِي، وَإِنْ كَانَ لَا إثْمَ مَعَ الضَّرُورَةِ وَظَاهِرُهُ لُزُومُ الْفِدْيَةِ فِي لَصْقِ الْقِرْطَاسِ بِالصُّدْغِ سَوَاءٌ كَانَ الْقِرْطَاسُ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ انْتِفَاعَ الصُّدْغِ بِالْقِرْطَاسِ الصَّغِيرِ كَانْتِفَاعِهِ بِالْكَبِيرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ضَمَّ نَفَقَتَهُ الَّتِي وَضَعَهَا فِي الْمِنْطَقَةِ الَّتِي شَدَّهَا عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ إنَّهُ نَفَذَتْ نَفَقَتُهُ وَتَرَكَ ذَا النَّفَقَةِ ذَهَبَ لِمَحِلٍّ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَهَابِهِ وَلَمْ يَرُدَّهَا لَهُ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَبْقَى نَفَقَةُ الْغَيْرِ مَعَهُ فَلَا يَدْفَعُهَا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرْكِ رَدِّهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ رَدِّهَا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى ذِي الْمُضَافِ إلَيْهِ " تَرْكِ "، ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يُغْنِي عَنْهَا مَا قَبْلَهَا لِعِلْمِ حُكْمِهَا مِمَّا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى. . (قَوْلُهُ: خَزٌّ) هُوَ مَا سَدَاهُ مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ قُطْنٍ، أَوْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَحُلِيٌّ) يَدْخُلُ فِي الْحُلِيِّ الْخَاتَمُ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ ح عِنْدَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَخَاتَمٌ خِلَافًا لِابْنِ عَاشِرٍ حَيْثُ قَالَ لَا يَجُوزُ لَهَا لُبْسُهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِمُحْرِمٍ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ أَوْ فَخْذِهِ) أَيْ وَلَمْ يُوَسِّعْ مَالِكٌ إلَّا فِي شَدِّهَا فِي الْوَسَطِ تَحْتَ الْمِئْزَرِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: مَحِلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الشَّدِّ عَلَى الْعَضُدِ وَمَا مَعَهُ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَةً لِقَوْمٍ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ: وَكَبُّ رَأْسٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلشَّخْصِ الْمُحْرِمِ وَكَذَا غَيْرُهُ أَنْ يَنَامَ عَلَى وَجْهِهِ وَلَيْسَتْ الْكَرَاهَةُ خَاصَّةً بِالْمُحْرِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ النَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ النَّارِ وَالشَّيَاطِينِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَجْهٍ) أَيْ فَهُوَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: وَبِقَرِينَةِ " كَبٍّ عَلَى وِسَادَةٍ ") فَإِنَّ الَّذِي يُكَبُّ عَلَى الْوِسَادَةِ أَيْ يَنْكَفِي عَلَيْهَا الْوَجْهُ لَا الرَّأْسُ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ مَصْبُوغٌ) أَيْ وَكُرِهَ فِي الْإِحْرَامِ لُبْسُ مَصْبُوغٍ إلَخْ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَيَجُوزُ لِلْمُقْتَدَى بِهِ وَغَيْرِهِ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُفْدَمًا أَيْ شَدِيدَ الْحُمْرَةِ، وَإِلَّا كُرِهَ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ كَمَا فِي بْن وَحَرُمَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي عبق إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكُرِهَ لُبْسُ مَصْبُوغٍ بِمُعَصْفَرٍ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مُقَدَّمٍ، وَإِلَّا حَرُمَ كَالْمُطَيَّبِ، وَالْمُفْدَمُ: بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَوِيُّ الصِّبْغِ الَّذِي رُدَّ فِي الْعُصْفُرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. (قَوْلُهُ: بِعُصْفُرٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَا طِيبَ فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا مَا صُبِغَ بِطِيبٍ كَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ فَلَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ لُبْسِهِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْإِحْرَامِ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ يُشْبِهُ ذَا الطِّيبِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِإِخْرَاجِ مَا صُبِغَ بِغَيْرِ ذِي الطِّيبِ وَكَانَ صِبْغُهُ لَا يُشْبِهُ صِبَاغَ ذِي الطِّيبِ كَالْأَسْوَدِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْوَانِ الَّتِي لَا تُشْبِهُ لَوْنَ الْعُصْفُرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ الْقَائِلِ بِكَرَاهَةِ مَا سِوَى الْأَبْيَضِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَخْفَى أَثَرُهُ) أَيْ تَعَلُّقُهُ بِمَا مَسَّهُ مِنْ ثَوْبٍ، أَوْ جَسَدٍ. (قَوْلُهُ: كَرَيْحَانٍ وَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ) وَأَمَّا مَا يُعْتَصَرُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْمِيَاهِ فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمُؤَنَّثِ بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ كَأَصْلِهِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الطِّرَازِ قَالَ ح وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فِيهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّ أَثَرَهُ يَقِرُّ فِي الْبَدَنِ وَاعْتَمَدَ طفى مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ح وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ إذْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي كَرَاهَتِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ اعْتِرَاضَ طفى عَلَى ح غَيْرُ صَوَابٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُكْرَهُ شَمُّ مُؤَنَّثِهِ بِلَا مَسٍّ) هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَعَزَا الْبَاجِيَّ لِلْمَذْهَبِ الْمَنْعَ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي شَمِّ الْمُؤَنَّثِ كَالْمِسْكِ دُونَ مَسٍّ هَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ وَعَنْ الْبَاجِيَّ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ بِالثَّانِي وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ شَمِّهِ أَيْ الْمُؤَنَّثِ دُونَ مَسٍّ مَمْنُوعًا أَوْ مَكْرُوهًا نَقَلَا الْبَاجِيَّ عَنْ

بِهِ (طِيبٌ) مُؤَنَّثٌ (وَ) كُرِهَ (اسْتِصْحَابُهُ) أَيْ الْمُؤَنَّثِ أَيْضًا لَا الْمُذَكَّرِ فَلَا يُكْرَهُ مُكْثُهُ بِمَكَانٍ هُوَ بِهِ وَلَا اسْتِصْحَابُهُ وَلَا مَسُّهُ بِلَا شَمٍّ كَمَا يُفِيدُ الثَّلَاثَةَ قَوْلُهُ " وَشَمُّ كَرَيْحَانٍ " وَسَيَأْتِي حُرْمَةُ مَسِّ الْمُؤَنَّثِ فَأَقْسَامُ كُلٍّ أَرْبَعَةٌ عَلِمْت أَحْكَامَهَا. (وَ) كُرِهَ (حِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ) خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيَ الدَّوَابِّ فَلَا كَرَاهَةَ، وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يُزَلْ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ، وَإِلَّا حَرُمَ بِلَا عُذْرٍ وَافْتَدَى مُطْلَقًا لِعُذْرٍ أَمْ لَا (وَ) كُرِهَ (غَمْسُ رَأْسٍ) فِي الْمَاءِ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ (أَوْ تَجْفِيفُهُ) أَيْ الرَّأْسِ إنْ اغْتَسَلَ مَثَلًا بِخِرْقَةٍ (بِشِدَّةٍ وَ) كُرِهَ (نَظَرٌ بِمِرْآةٍ) أَيْ فِيهَا خِيفَةَ أَنْ يَرَى شَعَثًا فَيُزِيلَهُ. (وَ) كُرِهَ (لُبْسُ مَرْأَةٍ قَبَاءً) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ (مُطْلَقًا) حُرَّةً، أَوْ أَمَةً مُحْرِمَةً أَوْ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ. (وَ) حَرُمَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِالْإِحْرَامِ (دَهْنُ) شَعْرِ (اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ) وَلَوْ بِدُهْنٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ (وَإِنْ) كَانَ الرَّأْسُ (صُلْعًا) إنْ قُرِئَ بِوَزْنِ حَمْرَاءَ لَزِمَ وَصْفُ الْمُذَكَّرِ بِالْمُؤَنَّثِ، وَإِنْ قُرِئَ بِوَزْنِ غُصْنٍ جَمْعًا لِأَصْلَعَ وَرَدَ وَصْفُ الْمُفْرَدِ بِالْجَمْعِ، وَالْجَوَابُ اخْتِيَارُ الثَّانِي وَيُرَادُ بِالرَّأْسِ الْجِنْسُ، أَوْ يُقْرَأُ مَصْدَرًا بِوَزْنِ جَمَلٍ أَيْ ذَا صَلَعٍ أَيْ مُنْحَسِرَ الشَّعْرِ مِنْ الْمُقَدَّمِ. (و) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (إبَانَةُ ظُفُرٍ) لِغَيْرِ عُذْرٍ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ آنِفًا انْكَسَرَ (أَوْ) إزَالَةُ (شَعْرٍ) وَإِنْ قَلَّ بِنَتْفٍ، أَوْ حَلْقٍ، أَوْ قَصٍّ (أَوْ وَسَخٍ) إلَّا مَا تَحْتَ الظُّفُرِ (إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ) مِنْ وَسَخٍ (بِمُزِيلِهِ) أَيْ الْوَسَخِ فَلَا يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُزِيلُ مُطَيِّبًا (وَ) إلَّا (تَسَاقُطَ شَعْرٍ) مِنْ لِحْيَتِهِ مَثَلًا (لِوُضُوءٍ) أَوْ غُسْلٍ وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَتَلَ قَمْلًا مَثَلًا فِي الْوَاجِبَيْنِ كَالْمَنْدُوبَيْنِ عَلَى مَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ (أَوْ رُكُوبٍ) كَأَنْ حَلَقَ الْإِكَافُ مَثَلًا سَاقَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (دَهْنُ الْجَسَدِ) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا بَطْنَ الْكَفِّ وَالْقَدَمَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (كَكَفٍّ وَرِجْلٍ) أَيْ بَاطِنِهِمَا وَأَمَّا ظَاهِرُهُمَا فَدَاخِلٌ فِي الْجَسَدِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُمَا مَظِنَّةُ التَّرْخِيصِ (بِمُطَيِّبٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْهَبِ وَابْنِ الْقَصَّارِ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِهِ طِيبٌ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ، أَوْ فِي ظَرْفٍ كَقَارُورَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَسُّهُ بِلَا شَمٍّ) يَعْنِي لَا كَرَاهَةَ فِي مَسِّ الْمُذَكَّرِ بِدُونِ شَمٍّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَشَمِّهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فِي ح وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْحِنَّاءِ، وَأَمَّا هِيَ فَاسْتِعْمَالُهَا حَرَامٌ كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ فِيهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُذَكَّرُ قِسْمَانِ قِسْمٌ مَكْرُوهٌ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ كَالرَّيْحَانِ وَقِسْمٌ مُحَرَّمٌ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَهُوَ الْحِنَّاءُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: عَلِمْت أَحْكَامَهَا) أَيْ فَالْمُؤَنَّثُ يُكْرَهُ شَمُّهُ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمُكْثٌ فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَحْرُمُ مَسُّهُ، وَالْمُذَكَّرُ يُكْرَهُ شَمُّهُ وَأَمَّا مَسُّهُ مِنْ غَيْرِ شَمٍّ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ هُوَ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيَ الدَّوَابِّ فَلَا كَرَاهَةَ) قِيَاسُهُ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ قَتْلَ الدَّوَابِّ حَرُمَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَفْصِيلُ الشَّارِحِ أَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِ ح الْكَرَاهَةَ وَنَصُّ مَا فِي ح أَنَّ الْحِجَامَةَ بِلَا عُذْرٍ تُكْرَهُ مُطْلَقًا خَشِيَ قَتْلَ الدَّوَابِّ أَمْ لَا زَالَ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا لِعُذْرٍ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا وَهَذَا الْحُكْمُ ابْتِدَاءٌ وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَتَجِبُ إنْ أَزَالَ شَعْرًا أَوْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا وَأَمَّا الْقَلِيلُ فَفِيهِ الْإِطْعَامُ وَسَوَاءٌ احْتَجَمَ فِي ذَلِكَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا اهـ وَفِيهِ أَنَّ لُزُومَ الْفِدْيَةِ إذَا احْتَجَمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَزَالَ شَعْرًا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَالْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ مُشْكِلَةٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ تَحَقُّقِ نَفْيِ الدَّوَابِّ، وَالْجَوَازِ عِنْدَ تَحَقُّقِ نَفْيِهَا إذَا لَمْ يَزُلْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ غَمْسُ رَأْسِهِ فِي الْمَاءِ) فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْإِطْعَامِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ وَاجِبٌ وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَاسْتَظْهَرَهُ طفى لِعَدَمِ ذِكْرِ الْإِطْعَامِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ كَالْحِجَامَةِ وَتَجْفِيفِ الرَّأْسِ بِشِدَّةٍ وَحَمَلَهَا سَنَدٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فَجَعَلَ الْإِطْعَامَ مُسْتَحَبًّا وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً) أَيْ لِأَنَّهُ يَصِفُهَا وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَبِسَتْهُ وَكَانَتْ مَعَ غَيْرِ زَوْجِهَا، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ عَلَيْهِمَا دَهْنُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ) قَدَّرَ " شَعْرِ "؛ لِأَنَّ دَهْنَ بَشَرَتِهِمَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ " وَدَهْنُ الْجَسَدِ " فَغَايَرَ الشَّارِحُ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ. (قَوْلُهُ: شَعْرِ اللِّحْيَةِ) أَيْ إنْ وُجِدَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ صُلْعًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الرَّأْسُ غَيْرَ أَصْلَعَ بِأَنْ كَانَ شَعْرُهُ نَابِتًا مِنْ مُقَدَّمِهِ لِمُؤَخَّرِهِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ ذَا صَلَعٍ انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ مُقَدَّمِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِبَانَةُ ظُفُرٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ) فَإِنْ فَعَلَ فَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ حَفْنَةً إنْ لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ وَهَذَا فِي ظُفُرِ نَفْسِهِ وَأَمَّا تَقْلِيمُ ظُفُرِ غَيْرِهِ فَلَغْوٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَصُّ) أَيْ أَوْ قَرْضُ بِأَسْنَانٍ لَكِنْ إنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا أَطْعَمَ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى عَشَرَةٍ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ وَسَخٍ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً إزَالَةُ الْوَسَخِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَكُونَ شَعْثًا فَإِنْ أَزَالَ الْوَسَخَ لَزِمَهُ فِدْيَةٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَا تَحْتَ الظُّفُرِ) أَيْ مِنْ الْوَسَخِ فَإِنَّهُ لَا تَحْرُمُ إزَالَتُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا عَدَا تَحْتَ الْأَظْفَارِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُزِيلُ مُطَيِّبًا) أَيْ كَالْأُشْنَانِ وَالْغَاسُولِ وَالصَّابُونِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُزِيلُ مُطَيِّبًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ بِهِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَذَلِكَ كَالرَّيَاحِينِ إذَا جُفِّفَتْ وَطُحِنَتْ لِأَجْلِ غَسْلِ الْيَدِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَاجِبَيْنِ بَلْ وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ، وَمُرَادُهُ بِالْمَنْدُوبِ مِنْ الْغُسْلِ مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ

رَاجِعٌ لِلْجَسَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَافْتَدَى فِي دَهْنِهَا بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا (أَوْ) بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (لِغَيْرِ عِلَّةٍ) بَلْ لِلتَّزَيُّنِ (وَ) بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (لَهَا) أَيْ لِلْعِلَّةِ أَيْ الضَّرُورَةِ مِنْ شُقُوقٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ قُوَّةِ عَمَلٍ (قَوْلَانِ) بِالْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَكِنْ فِي الْجَسَدِ لَا فِي بَاطِنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ وَأَمَّا هُمَا فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا (اُخْتُصِرَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ دَهَنَ مَا ذُكِرَ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لَا لِعِلَّةٍ افْتَدَى وَأَمَّا بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَفِي بَاطِنِ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ لَا فِدْيَةَ، وَفِي الْجَسَدِ قَوْلَانِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمِثْلِ هَذَا لَأَفَادَ الْمُرَادَ. (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (تَطَيُّبٌ بِكَوَرْسٍ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُؤَنَّثٍ كَزَعْفَرَانٍ وَمِسْكٍ وَعِطْرٍ وَعُودٍ (وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ) فَيَحْرُمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ (أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) فَالْفِدْيَةُ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ هَذَا مُرَادُهُ بِهَاتَيْنِ الْمُبَالَغَتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَتَطَيُّبٌ بِكَوَرْسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ: الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَالْمُبَالَغَةُ الْأُولَى نَاظِرَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ نَاظِرَةٌ لِلثَّانِي (وَلَوْ) وُضِعَ (فِي طَعَامٍ) أَوْ شَرَابٍ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ فِيهِ فَالْفِدْيَةُ (أَوْ) مَسَّهُ وَ (لَمْ يَعْلَقْ) بِهِ بِفَتْحِ اللَّامِ (إلَّا) مَنْ مَسَّ، أَوْ حَمَلَ (قَارُورَةً) ، أَوْ خَرِيطَةً (سُدَّتْ) سَدًّا وَثِيقًا بِحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا رِيحٌ فَلَا فِدْيَةَ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ (وَ) إلَّا طِيبًا (مَطْبُوخًا) إنْ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَسَاقَطَ الشَّعْرُ لِلْوُضُوءِ، أَوْ الْغُسْلِ الْمُبَاحِ كَاَلَّذِي يُفْعَلُ لِلتَّبَرُّدِ لَا يُغْتَفَرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ قَتَلَ فِيهِ قَمْلًا كَثِيرًا افْتَدَى، وَإِنْ قَتَلَ قَلِيلًا كَعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَزِمَهُ قَبْضَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ الطَّعَامِ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ بَاطِنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَافْتَدَى فِي دَهْنِهَا بِمُطَيِّبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِدْهَانُ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَوَاءٌ كَانَ الْإِدْهَانُ لِكُلِّ الْجَسَدِ، أَوْ لِبَعْضِهِ أَوْ لِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ الرِّجْلِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، وَبِجَعْلِ قَوْلِهِ: بِمُطَيِّبٍ مُتَعَلِّقًا بِالْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ لَا بِقَوْلِهِ وَحَرُمَ دَهْنُ الْجَسَدِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِهَا. وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجَسَدَ وَبَاطِنَ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ يَحْرُمُ دَهْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا إنْ كَانَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ مُطَيِّبًا افْتَدَى مُطْلَقًا كَانَ الْإِدْهَانُ لِعِلَّةٍ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَيِّبٍ إنْ كَانَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ افْتَدَى أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ لِعِلَّةٍ فَقَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: بَلْ لِلتَّزَيُّنِ) أَيْ وَالتَّحْسِينِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِدْهَانُ لِكُلِّ الْجَسَدِ، أَوْ بَعْضِهِ، أَوْ لِبَاطِنِ الْكَفِّ، أَوْ الرِّجْلِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْجَسَدِ) أَيْ لَكِنْ الْقَوْلَانِ فِي دَهْنِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُمَا) أَيْ وَأَمَّا بَاطِنُ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ إذَا دَهَنَهُمَا بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ اتِّفَاقًا) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِمَا كَظَاهِرِ الْجَسَدِ. (قَوْلُهُ: اُخْتُصِرَتْ عَلَيْهِمَا) أَيْ فَالْبَرَاذِعِيُّ اخْتَصَرَهَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ اخْتَصَرَهَا عَلَى وُجُوبِ الْفِدْيَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ دَهَنَ مَا يُذْكَرُ) أَيْ مِنْ الْجَسَدِ، أَوْ بَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ الرِّجْلِ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ لِعِلَّةٍ، أَوْ غَيْرِهَا إنْ كَانَ الْإِدْهَانُ لِكُلِّ مَا ذُكِرَ أَوْ لِبَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِمِثْلِ هَذَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ وَافْتَدَى فِي دَهْنِ الْجَسَدِ وَلَوْ بَعْضًا كَبَعْضِ بَطْنِ كَفٍّ، أَوْ رِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا كَبِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ لَا لَهَا بِبَطْنِ كَفَّيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَفِي جَسَدِهِ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَعُودٍ) جَعَلَهُ مِنْ الْمُؤَنَّثِ اعْتِبَارُ دُخَانِهِ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ حِينَ وَضْعِهِ عَلَى النَّارِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْمَنْعُ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ الْحُكْمُ فِي حَالَةِ وُجُوبِ رِيحِهِ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالْأَصْلُ وَتَطَيَّبَ بِكَوَرْسٍ، وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ وَافْتَدَى إنْ اسْتَعْمَلَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، أَوْ لِضَرُورَةٍ كَكُحْلٍ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَمْنُوعِ؛ إذْ لَا مَنْعَ مِنْ الضَّرُورَةِ، أَوْ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَمْنُوعِ أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ وَيُرْتَكَبُ التَّوْزِيعُ فِي الْمُبَالَغَتَيْنِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْكُحْلَ إذَا كَانَ فِيهِ طِيبٌ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً إذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَالزِّينَةِ وَلَا حُرْمَةَ إذَا اسْتَعْمَلَهُ لِضَرُورَةِ حَرٍّ وَنَحْوِهِ وَالْفِدْيَةُ لَازِمَةٌ لِمُسْتَعْمِلِهِ مُطْلَقًا اسْتَعْمَلَهُ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْكُحْلُ لَا طِيبَ فِيهِ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ الضَّرُورَةِ وَافْتَدَى فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَسَّهُ وَلَمْ يَعْلَقْ) أَيْ أَوْ مَسَّهُ بِيَدٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ أَيْ فَيَحْرُمُ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ. (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ مَسَّ، أَوْ حَمَلَ قَارُورَةً) أَيْ وَكَذَا حَمْلُ فَأْرَةِ الْمِسْكِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَشْقُوقَةٍ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا إنَّ الْفَأْرَةَ نَفْسَهَا طِيبٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ) أَيْ فِي مَسِّهَا وَلَا حُرْمَةَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ) أَيْ إنْ جُعِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسَّ الطِّيبِ وَالْمُسْتَثْنَى مَسَّ الْقَارُورَةِ الَّتِي فِيهَا الطِّيبُ وَالْمَعْنَى حَرُمَ مَسُّ طِيبٍ لَمْ يَعْلَقْ إلَّا مَسَّ قَارُورَةٍ فِيهَا طِيبٌ وَسُدَّتْ، فَمَا بَعْدَ " إلَّا " غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهَا وَأَمَّا إنْ جُعِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُلَابَسَةَ الطِّيبِ أَيْ وَحَرُمَ مُلَابَسَةُ طِيبٍ لَمْ يَعْلَقْ إلَّا مُلَابَسَةَ قَارُورَةٍ سُدَّتْ، كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ الْمُلَابَسَةَ تَعُمُّ الْمَسَّ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَطْبُوخًا) أَيْ مَعَ طَعَامٍ وَقَوْلُهُ: إنْ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ إلَخْ هَذَا التَّفْصِيلُ لِلْبِسَاطِيِّ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاعْتَمَدَهُ ح وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَذْهَبُ نَفْيُ الْفِدْيَةِ فِي الْمَطْبُوخِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَالْمُخْتَصَرِ الْجَوَازَ فِي الْمَطْبُوخِ وَأَبْقَاهُ الْأَبْهَرِيُّ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَيَّدَهُ

وَلَوْ صَبَغَ الْفَمَ فَإِنْ لَمْ يُمِتْهُ فَالْفِدْيَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَاتَتِهِ اسْتِهْلَاكُهُ فِي الطَّعَامِ وَذَهَابُ عَيْنِهِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ سِوَى الرِّيحِ كَالْمِسْكِ، أَوْ أَثَرِهِ كَزَعْفَرَانٍ بِأَرُزٍّ (وَ) إلَّا طِيبًا يَسِيرًا (بَاقِيًا) فِي ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ (مِمَّا) تَطَيَّبَ بِهِ (قَبْلَ إحْرَامِهِ) فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كُرِهَ (وَ) إلَّا طِيبًا (مُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ) عَلَى ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ فَلَا فِدْيَةَ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ إلَّا أَنْ يَتَرَاخَى فِيهِمَا (أَوْ) مُصِيبًا مِنْ (خَلُوقِ كَعْبَةٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ لِطَلَبِ الْقُرْبِ مِنْهَا (وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ) أَيْ الْخَلُوقِ وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ وَأَمَّا الْمُصِيبُ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ نَزْعُ يَسِيرِهِ وَكَثِيرِهِ فَوْرًا فَإِنْ تَرَاخَى فِيهِمَا افْتَدَى فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَبْدُ الْوَهَّابِ بِغَلَبَةِ الْمُمَازِجِ لَهُ وَابْنُ حَبِيبٍ بِغَلَبَةِ الْمُمَازِجِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلَقَ بِالْيَدِ وَلَا بِالْفَمِ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا مَسَّهُ نَارٌ فِي إبَاحَتِهِ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ اُسْتُهْلِكَ ثَالِثُهَا وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُ صَبْغَةٍ بِيَدٍ وَلَا فَمٍ الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ وَالثَّانِي لِلْقَاضِي وَالثَّالِثُ لِلشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ فَقَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ هُوَ لِلْإِبَاحَةِ مُطْلَقًا اُسْتُهْلِكَ أَمْ لَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَبِذَلِكَ اعْتَرَضَ طفى عَلَى ح اعْتِمَادَ قَوْلِ الْقَاضِي بِالتَّفْصِيلِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبَغَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَصْبُغْ الْفَمَ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ صَبَغَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا طِيبًا يَسِيرًا بَاقِيًا فِي ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ مِمَّا تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ ذَلِكَ الطِّيبِ الَّذِي تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، أَثَرُهُ أَوْ رِيحُهُ مَعَ ذَهَابِ جِرْمِهِ وَالْمُرَادُ بِأَثَرِهِ لَوْنُهُ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ سَنَدٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ الْفِدْيَةُ إلَّا فِي بَقَاءِ الرَّائِحَةِ دُونَ الْأَثَرِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي مِمَّا تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ شَيْئًا مِنْ جِرْمِ الطِّيبِ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَكُونُ وَاجِبَةً، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي رَائِحَتَهُ فَلَا فِدْيَةَ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَاقِي أَثَرَهُ أَيْ لَوْنَهُ دُونَ جِرْمِهِ فَقِيلَ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ شَارِحِنَا " وَإِلَّا طِيبًا يَسِيرًا بَاقِيًا إلَخْ "، وَقَوْلُهُ - بَعْدُ - " وَأَمَّا الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَيَفْتَدِي بِهِ فِي كَثِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ " غَيْرُ صَوَابٍ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لخش حَيْثُ قَالَ بَعْدَ تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ: وَهَذَا فِي الْيَسِيرِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ. وَإِنَّمَا كَانَ غَيْرَ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ الطِّيبِ تَقْتَضِي أَنَّ الْبَاقِيَ مِمَّا تَطَيَّبَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ جِرْمِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا فِدْيَةَ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ أَيْ إحْرَامُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ الطِّيبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الرِّيحِ كَإِلْقَاءِ شَخْصٍ عَلَيْهِ طِيبًا وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ وَهُوَ مُسْتَيْقِظٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَرَاخَى) أَيْ فِي طَرْحِهِ عَنْهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ وَقَوْلُهُ: فِيهِمَا أَيْ فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ فِي مَسْأَلَةِ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ خَلُوقِ كَعْبَةٍ) الْخَلُوقُ طِيبٌ مُرَكَّبٌ يُتَّخَذُ مِنْ زَعْفَرَانٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَتَغْلِبُ عَلَيْهِ الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ. (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ) أَيْ الْخَلُوقِ وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ إلَخْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَالشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيُّ وَحَاصِلُ مَا قَالَاهُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ فَالْمُصِيبُ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ، أَوْ مِنْ إلْقَاءِ شَخْصٍ عَلَيْهِ يَجِبُ نَزْعُهُ فَوْرًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى مُطْلَقًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا. وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ يَسِيرًا خُيِّرَ فِي نَزْعِهِ وَإِبْقَائِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ نَزَعَهُ بِسُرْعَةٍ، أَوْ تَرَاخَى أَوْ أَبْقَاهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَالْفِدْيَةُ مُطْلَقًا نَزَعَهُ بِسُرْعَةٍ، أَوْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ. وَخَلُوقُ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ يَسِيرًا خُيِّرَ فِي نَزْعِهِ وَإِبْقَائِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ نَزَعَهُ بِسُرْعَةٍ، أَوْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَالْفِدْيَةُ إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ، وَإِنْ نَزَعَهُ بِسُرْعَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ، أَوْ بَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ فِيمَا بَعْدَهُ فَجَعَلَ الصُّوَرَ الثَّلَاثَةَ مِثْلَ بَعْضِهَا فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الطِّيبُ يَسِيرًا فِي الثَّلَاثَةِ لَا شَيْءَ فِي نَزْعِهِ بِسُرْعَةٍ، أَوْ بَعْدَ تَرَاخٍ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتَبِعَهُ خش وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْخَلُوقِ كَمَا قَالَ ح وتت وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفى؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَ مِنْ إلْقَاءِ الرِّيحِ، أَوْ الْغَيْرِ يَجِبُ نَزْعُهُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى مُطْلَقًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ح حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ لَوْنًا، أَوْ رَائِحَةً لَمْ يَتَأَتَّ نَزْعُهُ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ يَقْتَضِي التَّجَسُّدَ، فَإِنْ قُلْت: نَزْعُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَبْسِهِ فَهُوَ فِي اللَّوْنِ وَالرِّيحِ بِالْغَسْلِ قُلْنَا قَدْ مَرَّ أَنَّ اللَّوْنَ وَالرِّيحَ لَا شَيْءَ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ نَزَعَهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ بِسُرْعَةٍ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي حَرَّمَ الطِّيبَ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَاسْتِدْلَالُ خش تَبَعًا لعج وَالشَّيْخِ سَالِمٍ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ بِكَلَامِ الْبَاجِيَّ غَيْرُ

(وَإِلَّا) يَكُنْ الْخَلُوقُ أَوْ الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ يَسِيرًا بَلْ كَانَ كَثِيرًا (افْتَدَى إنْ تَرَاخَى) فِي نَزْعِهِ لَكِنْ فِي خَلُوقِ الْكَعْبَةِ فَقَطْ وَأَمَّا الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَيَفْتَدِي فِي كَثِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيُخَصُّ قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ بِشَيْئَيْنِ وَيَخُصُّ التَّرَاخِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ قَالَ النَّصُّ فِي خَلُوقِ الْكَعْبَةِ التَّخْيِيرُ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَيُؤْمَرُ بِنَزْعِهِ اسْتِحْبَابًا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ انْتَهَى وَشُبِّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ مَعَ التَّرَاخِي وَعَدَمِهِ بِعَدَمِهِ قَوْلُهُ (كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ) أَيْ رَأْسِ الْمُحْرِمِ بِفِعْلِهِ، أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ (نَائِمًا) فَإِنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ بَعْدَ يَقَظَتِهِ افْتَدَى، وَإِنْ نَزَعَهُ فَوْرًا فَلَا فِدْيَةَ (وَلَا تُخَلَّقُ) الْكَعْبَةُ (أَيَّامَ الْحَجِّ) أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ) نَدْبًا (فِيهَا) أَيْ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ (مِنْ الْمَسْعَى) . (وَافْتَدَى الْمُلْقِي) طِيبًا عَلَى مُحْرِمٍ نَائِمٍ، أَوْ ثَوْبًا عَلَى رَأْسِهِ (الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ إنْ لَمْ تَلْزَمْ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ فِدْيَةٌ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ، وَفِدْيَةُ الْحِلِّ الْمُلْقِي بِإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ نُسُكٍ (بِلَا صَوْمٍ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَكُونُ عَنْ الْغَيْرِ (وَإِنْ) (لَمْ يَجِدْ) الْمُلْقِي الْحِلُّ مَا يَفْتَدِي بِهِ (فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ) بِأَنْوَاعِ الْفِدْيَةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ صَامَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ نِيَابَةً عَنْ الْحِلِّ (كَأَنْ) (حَلَقَ) الْحِلُّ (رَأْسَهُ) أَيْ رَأْسَ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْحِلِّ الْحَالِقِ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْ الْمُحْرِمَ بِأَنْ كَانَ مُكْرَهًا، أَوْ نَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ (وَرَجَعَ) عَلَى الْفَاعِلِ (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَاهُ (إنْ لَمْ يَفْتَدِ) الْمُحْرِمُ (بِصَوْمٍ) ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ (وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقِي) طِيبًا عَلَى مُحْرِمٍ نَائِمٍ لَمْ تَلْزَمْهُ (فِدْيَتَانِ عَلَى الْأَرْجَحِ) فِدْيَةٌ لِمَسِّهِ وَأُخْرَى لِتَطْيِيبِهِ النَّائِمَ فَإِنْ لَزِمَتْ النَّائِمَ بِأَنْ تَرَاخَى بَعْدَ نَوْمِهِ فَعَلَى الْمُلْقِي وَاحِدَةٌ كَأَنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَمْ تَلْزَمْ النَّائِمَ فَإِنْ لَزِمَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (وَإِنْ حَلَقَ) ، أَوْ طَيَّبَ (حِلٌّ مُحْرِمًا بِإِذْنٍ) مِنْ الْمُحْرِمِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِ (فَعَلَى الْمُحْرِمِ) الْفِدْيَةُ (وَإِلَّا) يَأْذَنْ بِأَنْ كَانَ نَائِمًا، أَوْ أُكْرِهَ (فَعَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى) هَذَا أَيْضًا خَاصٌّ بِالْخَلُوقِ كَمَا فِي ح فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِلَّا يَكُنْ الْخَلُوقُ، أَوْ الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ جِرْمِ الطِّيبِ يَجِبُ نَزْعُهُ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ أَمْ لَا هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْفِدْيَةِ فِي الْخَلُوقِ الْكَثِيرِ إذَا تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ قَدْ تَعَقَّبَهُ طفى بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ: وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ اسْتِحْبَابًا إنْ كَانَ كَثِيرًا، وَلَا قَائِلَ بِالْفِدْيَةِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ وَهْبٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ " وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى " غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ) أَرَادَ بِهِ الْعَلَّامَةَ طفى وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمُصِيبَ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ نَزْعُهُ فَوْرًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ فَالْفِدْيَةُ وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ جِرْمًا يَجِبُ نَزْعُهُ فَوْرًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ أَمْ لَا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ وَلَا قَوْلُهُ: وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى، وَأَمَّا خَلُوقُ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي نَزْعِهِ إنْ كَانَ يَسِيرًا، وَيُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ إنْ كَثُرَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ وَلَا فِدْيَةَ وَلَا شَيْءَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ خَاصٌّ بِخَلُوقِ الْكَعْبَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى فَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. (قَوْلُهُ: أَيَّامَ الْحَجِّ) أَيْ وَهِيَ الْعَشَرَةُ الْأَيَّامُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لِكَثْرَةِ ازْدِحَامِ الطَّائِفِينَ فَيُؤَدِّي إلَى مَسِّ الطَّائِفِينَ لِلْخَلُوقِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ تَرَاخَى فَالْفِدْيَةُ لَازِمَةٌ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي. (قَوْلُهُ: بِإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ) أَيْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَانَ وَقَوْلُهُ: أَوْ نُسُكٍ أَيْ بِأَنْ يَذْبَحَ شَاةً تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ) هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهَا الْوُجُوبُ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ لِابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ الْحِلُّ الْمُلْقِي مَا يَفْتَدِي بِهِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي نَزَعَ فَوْرًا وَهِيَ وَجِيهَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَفِي خش قَوْلُهُ: فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ اهـ قَالَ بْن وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى لَهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَقَدْ رَأَيْت مَا لِابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ اهـ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ صَامَ عَنْ نَفْسِهِ) الْأَوْلَى: لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ كَفَّرَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ مُلَابَسَتُهُ لِلطِّيبِ أَوْ الثَّوْبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْحِلِّ) أَيْ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى الْحِلِّ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ) أَيْ الْمُحْرِمُ الَّذِي كَفَّرَ نِيَابَةً عَنْ الْحِلِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ. (قَوْلُهُ: فِدْيَتَانِ عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ طَيَّبَ نَفْسَهُ وَلَا يُقَالُ صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ كَمَا قَالَ تت لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُ أَنَّهُ إنْ قَالَ تَرَدُّدٌ فَقَدْ أَشَارَ بِهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لَا أَنَّهُ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا عَبَّرَ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى لِتَطْيِيبِهِ) أَيْ لِلنَّائِمِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُلْقِي وَاحِدَةٌ) أَيْ وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْقَى عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُحْرِمُ الْمُلْقِي مَسَّ الطِّيبَ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَمَسَّ وَلَمْ تَلْزَمْ النَّائِمَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُلْقِي فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَزِمَتْهُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمُلْقِي لَمْ يَمَسَّ الطِّيبَ وَلَزِمَتْ الْفِدْيَةُ لِلنَّائِمِ بِأَنْ تَرَاخَى بَعْدَ انْتِبَاهِهِ فِي نَزْعِ الطِّيبِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقَى) أَيْ وَعَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ)

أَيْ عَلَى الْحَلَالِ الْفِدْيَةُ وَهَذِهِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ (وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ أَطْعَمَ) الْمُحْرِمُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَ قَمْلًا فِي حِلَاقِهِ فَإِنْ تَيَقَّنَ نَفْيَهُ فَلَا وَلِذَا إذَا قَلَّمَ ظُفُرَ الْحِلِّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَلِّمِ إذْ الظُّفُرُ لَيْسَ فِيهِ دَوَابُّ (وَهَلْ) إطْعَامُهُ (حَفْنَةٌ) أَيْ مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مِنْ طَعَامٍ (أَوْ فِدْيَةٌ) حَقِيقَةً مِنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوْ نُسُكٍ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - افْتَدَى فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ بَدَلَ أَطْعَمَ كَانَ أَوْلَى. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ إبَانَةَ الظُّفُرِ مَمْنُوعَةٌ بَيَّنَ مَا يَلْزَمُ فِي إبَانَتِهِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَفِي) قَلْمِ (الظُّفُرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) وَلَا لِكَسْرِهِ بَلْ عَبَثًا، أَوْ تَرَفُّهًا (حَفْنَةٌ) مِنْ طَعَامٍ، وَفِي قَصِّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فِدْيَةٌ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، أَوْ لَا وَكَذَا إنْ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَلَوْ وَاحِدًا وَإِنْ أَبَانَ وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ فَإِنْ كَانَا فِي فَوْرٍ فَفِدْيَةٌ وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ حَفْنَةٌ (كَشَعْرَةٍ) أَزَالَهَا مِنْ جَسَدِهِ (أَوْ شَعَرَاتٍ) عَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لِغَيْرِ إمَاطَةِ أَذًى فِيهَا حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَلِإِمَاطَتِهِ فِدْيَةٌ كَمَا لَوْ زَادَتْ عَلَى الْعَشَرَةِ مُطْلَقًا (وَ) قَتْلِ (قَمْلَةٍ) وَاحِدَةٍ (أَوْ قَمَلَاتٍ) عَشَرَةٍ فَدُونَ حَفْنَةٍ وَلِإِمَاطَةِ الْأَذَى فِدْيَةٌ كَأَنْ زَادَتْ عَنْ عَشَرَةٍ (وَطَرْحِهَا) أَيْ الْقَمْلَةِ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِقَتْلِهَا (كَحَلْقِ مُحْرِمٍ لِمِثْلِهِ) (مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ) يَلْزَمُ الْحَالِقَ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) الْحَالِقُ (نَفْيَ الْقَمْلِ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَحْلُوقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ الْمُلْقِيَ إمَّا أَنْ يَمَسَّ الطِّيبَ أَوْ لَا يَمَسَّهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُبَادِرَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِنَزْعِهِ عَنْهُ أَمْ لَا فَإِنْ مَسَّهُ الْمُلْقِي وَبَادَرَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِنَزْعِهِ فَفِدْيَتَانِ عَلَى الْمُلْقِي، وَإِنْ مَسَّهُ الْمُلْقِي وَلَمْ يُبَادِرْ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِنَزْعِهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُلْقِي وَالْمُلْقَى عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الْمُلْقِي الطِّيبَ فَإِنْ بَادَرَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِنَزْعِهِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُلْقِي وَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمُلْقَى عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْمُلْقِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ مَسِّهِ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا لِلْمُلْقَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَإِلْقَاءِ الْحِلِّ عَلَى الْمُحْرِمِ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْهُ؛ الَّتِي قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَافْتَدَى الْمُلْقِي الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ تَكْرَارٌ) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهِ تَكْرَارٌ إلَخْ وَقَدْ دَفَعَهُ ح بِأَنَّ مَا هُنَا بَيَّنَ بِهِ مَوْضِعَ لُزُومِهَا لِلْمُحْرِمِ وَمَوْضِعَ لُزُومِهَا لِلْحَلَالِ وَمَا مَرَّ بَيَّنَ بِهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَالِقِ إذَا لَزِمَتْهُ هُوَ حُكْمُ الْمُلْقِي طِيبًا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَهَذِهِ مُحَاوَلَةٌ لَا تَتِمُّ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ التَّشْبِيهِ تَامًّا حَتَّى يُسْتَفَادَ مِنْهُ الْمَعْنَى الْمُرَادُ هُنَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَ نَفْيَهُ فَلَا) مِثْلُهُ فِي ح لَكِنَّهُ زَادَ، وَإِنْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ اهـ بْن: فَيَقْتَضِي أَنَّ مَحِلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا قَتَلَ قَمْلًا قَلِيلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ لِلَّخْمِيِّ وَسَنَدٍ وَهُمَا جَعَلَا مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا زَادَ سَنَدٌ، أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَيْءٌ وَنَصُّ سَنَدٍ: إذَا حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ قَتَلَ يَسِيرًا أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَكَثِيرًا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَقَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْلِيلِ الْفِدْيَةِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَسَنَدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَذَهَبَ الْبَغْدَادِيُّونَ إلَى تَعْلِيلِهَا بِالْحِلَاقِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا أَوْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَهَا وَعَلَى الْإِطْلَاقِ حَمَلَ الشَّيْخُ سَالِمٌ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْحِلَاقِ وَصَوَّبَهُ طفى وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ لِتَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ وَلِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سَنَدٍ مِنْ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلِقَوْلِهِمْ فِي تَقْلِيمِ الْمُحْرِمِ ظُفُرَ حَلَالٍ: إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنَّ هَذَا يُرَجِّحُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْفِدْيَةَ لَيْسَتْ لِلْحَلْقِ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْحَلْقِ لَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ هُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِ الْإِمَامِ افْتَدَى) أَيْ مَعَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُ الْإِمَامِ افْتَدَى الْمُرَادُ مِنْهُ بِحَفْنَةٍ مِنْ الطَّعَامِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُ الْإِمَامِ افْتَدَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي بِالْخِلَافِ لِلْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ وَالْأَوَّلُ بِالْوِفَاقِ، وَتَرْجِيحُ مَا لِلْإِمَامِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِغَيْرِهِمَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ بَدَلَ أَطْعَمَ كَانَ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْفِدْيَةَ مِنْ الْإِطْعَامِ فَقَطْ وَقَدْ يُجَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخَاصَّ - وَهُوَ الْإِطْعَامُ فِي قَوْلِهِ أَطْعَمَ - وَأَرَادَ الْعَامَّ وَهُوَ الِافْتِدَاءُ. . (تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا إذَا حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا وَعَلَى مَا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ: وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا حَلَقَ لَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ، وَإِنْ كَانَ بِرِضَاهُ وَتَحَقَّقَ قَتْلَ قَمْلٍ كَثِيرٍ، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَعَلَى الْمَحْلُوقِ فِدْيَةٌ وَهَلْ عَلَى الْحَالِقِ أَيْضًا فِدْيَةٌ أَوْ حَفْنَةٌ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ بِرِضَاهُ وَتَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ، وَإِنْ كَانَ بِرِضَاهُ وَتَحَقَّقَ قَتْلَ قَمْلٍ يَسِيرٍ افْتَدَى الْمَحْلُوقُ وَأَطْعَمَ الْحَالِقُ حَفْنَةً. (قَوْلُهُ: وَفِي قَلْمِ الظُّفُرِ الْوَاحِدِ إلَخْ) مُرَادُ الْمُصَنِّفِ ظُفُرُ نَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَلْمِ ظُفُرِ حَلَالٍ فَإِنْ قَلَّمَ ظُفُرَ مُحْرِمٍ مِثْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَرَضِيَ أَوْ بِأَمْرِهِ عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا افْتَدَى الْمَقْلُومُ وَإِنْ فُعِلَ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: وَلِإِمَاطَةِ الْأَذَى فِدْيَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَيْسَ فِي الْقَمْلَةِ وَالْقَمَلَاتِ إلَّا حَفْنَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ لِغَيْرِ إمَاطَةِ الْأَذَى أَوْ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَا يُعْلَمُ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلٌ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ اهـ بْن وَالْقَمَلَاتُ جَمْعُ قِلَّةٍ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْفِدْيَةِ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ فَمَا

فِي الْحَالَيْنِ الْفِدْيَةُ (وَ) كَذَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ حَفْنَةٌ فِي (تَقْرِيدِ بَعِيرِهِ) أَيْ إزَالَةِ الْقُرَادِ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ) عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعِيرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ تَعِيشُ فِيهَا (أَوْ) طَرْحِ (بُرْغُوثٍ) نَمْلٍ وَدُودٍ وَذُبَابٍ وَغَيْرِهِمَا سِوَى الْقَمْلِ، وَإِزَالَةِ الْقُرَادِ أَوْ الْحَلَمِ عَنْ دَابَّتِهِ. (وَالْفِدْيَةُ) مُنْحَصِرَةٌ (فِيمَا يَتَرَفَّهُ) أَيْ يَتَنَعَّمُ (بِهِ، أَوْ) فِيمَا (يُزِيلُ) بِهِ (أَذًى كَقَصِّ الشَّارِبِ) يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لَهُمَا (أَوْ ظُفُرٍ) وَاحِدٍ لِإِمَاطَةِ أَذًى وَمُتَعَدِّدٍ، فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِلظُّفُرِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ: قَلَّمَ الْمُنْكَسِرَ لَا شَيْءَ فِيهِ، قَلَّمَهُ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ، قَلَّمَهُ لِإِمَاطَتِهِ فِدْيَةٌ (وَقَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ) بِأَنْ زَادَ عَلَى عَشَرَةٍ وَلَوْ فِي غُسْلِ تَبَرُّدٍ لَا جَنَابَةٍ فَلَا فِدْيَةَ وَلَوْ كَثُرَ وَكَذَا الْمَنْدُوبُ كَمَا مَرَّ اسْتِظْهَارُهُ (وَخَضْبٍ) لِرَأْسٍ وَلِحْيَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا لَا لِجُرْحٍ (بِكَحِنَّاءٍ) بِالْمَدِّ مُنْصَرِفٌ مِثَالٌ صَالِحٌ لِلْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ الرَّأْسَ وَيُرَجِّلَ شَعْرَهُ وَيَقْتُلُ دَوَابَّهُ (وَإِنْ) كَانَ الْخَضْبُ بِهِ (رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ) كَدِرْهَمٍ (وَمُجَرَّدِ) صَبِّ مَاءٍ حَارٍّ عَلَى جَسَدِهِ فِي (حَمَّامٍ) دُونَ إزَالَةِ وَسَخٍ وَلَا تَدَلُّكٍ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَأَسْقَطَ مِنْ كَلَامِهِ قَيْدًا وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْ جُلُوسِهِ فِيهِ حَتَّى يَعْرَقَ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى دَاخِلِهِ إنْ دَلَّكَ وَأَزَالَ الْوَسَخَ. ثُمَّ الْأَصْلُ تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا إلَّا فِي مَوَاضِعَ أَرْبَعَةٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ) الْفَاعِلُ (الْإِبَاحَةَ) بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ إحْرَامِهِ كَأَنْ يَطُوفَ لِعُمْرَتِهِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، ثُمَّ يَسْعَى ـــــــــــــــــــــــــــــQفَوْقَهَا مُطْلَقًا وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الشَّعْرِ فَمُسَلَّمٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ مَا إذَا تَحَقَّقَ نَفْيَ الْقَمْلِ وَمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ. (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ) قَيَّدَهُ الْبِسَاطِيُّ مِمَّا إذَا لَمْ يَقْتُلْهُ، وَإِلَّا فَالْفِدْيَةُ إنْ كَثُرَ وَهُوَ تَقْيِيدٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمَّا قَالَ وَفِي تَقْرِيدِ بَعِيرِهِ يُطْعِمُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الَّذِي حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا هُمَا فِيمَا إذَا قَتَلَ الْقُرَادَ وَأَمَّا إذَا طَرَحَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُطْعِمُ فَقَطْ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كُلِّ مَنْ طَرَحَهُ وَقَتَلَهُ اهـ بْن وَقَوْلُهُ " بَعِيرِهِ " وَأَحْرَى بَعِيرُ غَيْرِهِ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ بَعِيرَهُ لِكَوْنِهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالْقُرَادُ يُضْعِفُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَقْرِيدِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَقَالَ مَالِكٌ يَفْتَدِي فِي الْكَثِيرِ وَيُطْعِمُ حَفْنَةً فِي الْيَسِيرِ وَكَلَامُ الْبَدْرِ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ) أَوْ بُرْغُوثٍ جَرَتْ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُدْخِلَ الْكَافَ عَلَى الْمُضَافِ وَمُرَادُهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَيْ لَا شَيْءَ فِي طَرْحٍ كَعَلَقَةٍ أَوْ بُرْغُوثٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْجَسَدِ كَنَمْلٍ وَذُبَابٍ وَذَرٍّ وَبَعُوضٍ، سَوَاءٌ طَرَحَهَا عَنْ جَسَدِهِ، أَوْ جَسَدِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَطْرُوحُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَقِيلَ بِالْفِدْيَةِ فِي الْعَلَقَةِ إنْ كَثُرَتْ وَقِيلَ بِحَفْنَةٍ فِي الْبَرَاغِيثِ مُطْلَقًا قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً، وَمَفْهُومُ " طَرْحِ " أَنَّ قَتْلَهُمَا - أَيْ الْعَلَقَةِ وَالْبُرْغُوثِ وَكَذَا مَا مَاثَلَهُمَا - فِيهِ فِدْيَةٌ إنْ كَثُرَ وَلَا شَيْءَ فِيهِ إنْ قَلَّ وَقِيلَ لَا شَيْءَ فِيهَا لَا فِدْيَةَ وَلَا طَعَامَ قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ وَقِيلَ الْوَاجِبُ فِيهَا حَفْنَةٌ مِنْ الطَّعَامِ مُطْلَقًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَتَرَفَّهُ بِهِ) أَيْ مُنْحَصِرَةٌ فِي فِعْلِ مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لَهُمَا) أَيْ لِأَنَّ قَصَّ الشَّارِبِ إمَّا لِلتَّرَفُّهِ، وَإِمَّا لِدَفْعِ أَذَاهُ، أَوْ مُدَاوَاةِ قُرْحَةٍ تَحْتَهُ. (قَوْلُهُ: لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَبَثًا وَلَعِبًا. (قَوْلُهُ: وَقَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَرَآهُ مِنْ إمَاطَةِ الْأَذَى وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ كِسْرَةً اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَمِثْلُ قَتْلِهِ طَرْحُهُ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِأَنْ زَادَ عَلَى عَشَرَةٍ) الْأَوْلَى بِأَنْ زَادَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الْعَشَرَةَ كَالْإِحْدَى عَشْرَةَ وَالْاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مُلْحَقٌ بِالْعَشَرَةِ فِي أَنَّ فِيهَا حَفْنَةً كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ) أَيْ وَلَوْ نَزَعَهَا مَكَانَهُ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَيَدٍ، أَوْ رِجْلٍ. (قَوْلُهُ: لَا لِجُرْحٍ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ وَخَضْبٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهَا فِي فَمِ جُرْحٍ، أَوْ اسْتَعْمَلَهَا فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ كَمَا لَوْ شَرِبَهَا أَوْ حَشَا شُقُوقَ رِجْلَيْهِ بِهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَتْ. (قَوْلُهُ: وَيَقْتُلُ دَوَابَّهُ) أَيْ فَهِيَ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ تَكُونُ لِلتَّرَفُّهِ وَبِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي وَهُوَ قَتْلُهَا لِلدَّوَابِّ تَكُونُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُقْعَةً) أَيْ هَذَا إنْ كَانَ الْمَخْضُوبُ بِهَا عُضْوًا بِتَمَامِهِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْمَخْضُوبُ بِهَا رُقْعَةً مِنْ الْعُضْوِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَبُرَتْ) أَيْ فَإِنْ صَغُرَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: كَدِرْهَمٍ أَيْ بَغْلِيٍّ وَهُوَ الدَّائِرَةُ الَّتِي بِبَاطِنِ ذِرَاعِ الْبَغْلِ. (قَوْلُهُ: وَمُجَرَّدِ حَمَّامٍ) أَيْ وَمُجَرَّدِ صَبِّ مَاءٍ عَلَى جَسَدِهِ فِي حَمَّامٍ وَالْمُرَادُ مَاءٌ حَارٌّ وَأَمَّا لَوْ صَبَّ فِيهِ مَاءً بَارِدًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ دَخَلَهُ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ بَلْ لِلتَّدَفِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي ح. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا دَخَلَ حَمَّامًا وَجَلَسَ فِيهِ وَعَرِقَ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى جَسَدِهِ مَاءً حَارًّا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إزَالَةِ الْوَسَخِ سَوَاءٌ تَدَلَّكَ أَمْ لَا أَنْقَى الْوَسَخَ أَمْ لَا وَهَذِهِ إحْدَى رِوَايَاتٍ ثَلَاثٍ حَكَاهَا اللَّخْمِيُّ وَاخْتَارَ مِنْهَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَالثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إنْ تَدَلَّكَ، وَالثَّالِثَةُ إنْ تَدَلَّكَ وَأَنْقَى الْوَسَخَ وَهَذِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِاخْتِيَارِ عِدَّةٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ لِمَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ لَا لِمَا فِيهَا كَذَا قَالَ بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَوَاضِعَ أَرْبَعَةٍ) أَيْ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ فِيهَا تَتَّحِدُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا. (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ) أَيْ إبَاحَةَ مَا فَعَلَهُ لِلْمُحْرِمِ.

وَيُحِلَّ مِنْهَا أَيْ أَوْ لِلْإِفَاضَةِ مُعْتَقِدًا فِيهِمَا أَنَّهُ عَلَى طَهَارَةٍ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، أَوْ يَرْفُضَ حَجَّهُ أَوْ يُفْسِدَهُ بِوَطْءٍ فَيَظُنَّ اسْتِبَاحَةَ مَوَانِعِهِ وَأَنَّ الْإِحْرَامَ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ بِالرَّفْضِ وَالْفَسَادِ فَيَفْعَلَ أُمُورًا، كُلٌّ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ فَتَتَّحِدَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَالْأُولَى وَهِيَ الطَّوَافُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا شَكُّ الْإِبَاحَةِ، وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ يَتَأَتَّى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ فَقَوْلُهُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَيْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ حُرْمَةَ مَا يَحْرُمُ بِالْإِحْرَامِ فَفَعَلَ مُتَعَدِّدًا، أَوْ أَنَّ كُلًّا يُوجِبُ فِدْيَةً إذَا انْفَرَدَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ يُوجِبُ وَاحِدَةً فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ اتِّحَادًا وَأَشَارَ لِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا) أَيْ مِنْ لُبْسٍ وَتَطَيُّبٍ وَقَلْمِ أَظْفَارٍ وَقَتْلِ دَوَابَّ (بِفَوْرٍ) فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْفِعْلِ الْوَاحِدِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّجَرُّدِ مِنْ إحْرَامِهِ ثُمَّ يَلْبَسُ بَعْدَهُ جَمِيعَ مَلْبُوسِهِ مِنْ قَلَنْسُوَةٍ وَعِمَامَةٍ وَقَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ، وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ لَكِنَّهُ عِنْدَ فِعْلِ الْأَوَّلِ، أَوْ إرَادَتِهِ (نَوَى التَّكْرَارَ) أَيْ تَكْرَارَ فِعْلِ الْمُوجِبِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُ كَاللُّبْسِ مَعَ الطِّيبِ، وَكَلَامُهُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ مَا أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ فَيَفْعَلَ الْجَمِيعَ، أَوْ بَعْضًا مِنْهُ، أَوْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْهَا أَوْ يَنْوِيَ مُتَعَدِّدًا مُعَيَّنًا فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَخْرُجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ فِعْلِ الْمُوجِبِ الثَّانِي، وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ، وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ وَلَمْ يَنْوِ التَّكْرَارَ عِنْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ (قَدَّمَ) مَا نَفْعُهُ أَعَمُّ كَأَنْ قَدَّمَ (الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ) ، أَوْ الْقَمِيصَ عَلَى الْجُبَّةِ، أَوْ الْقَلَنْسُوَةَ عَلَى الْعِمَامَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْخَاصِّ زِيَادَةُ نَفْعٍ عَلَى الْعَامِّ كَمَا إذَا طَالَ السَّرَاوِيلُ طُولًا لَهُ بَالٌ يَحْصُلُ بِهِ انْتِفَاعٌ، أَوْ دَفْعُ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ فَتَتَعَدَّدُ كَمَا إذَا عَكَسَ فَقَدَّمَ السَّرَاوِيلَ عَلَى الثَّوْبِ. (وَشَرْطُهَا) أَيْ الْفِدْيَةِ (فِي اللُّبْسِ) لِثَوْبٍ، أَوْ خُفٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا (انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُحِلُّ مِنْهَا) أَيْ ثُمَّ يَفْعَلُ أُمُورًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ ظَانًّا أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهَا لِتَحَلُّلِهِ كَلُبْسِ مُحِيطٍ وَدَهْنٍ بِمُطَيِّبٍ وَتَقْلِيمِ أَظْفَارٍ لِتَرَفُّهٍ وَحَلْقِ شَعْرٍ كَثِيرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْإِفَاضَةِ) أَيْ أَوْ يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَلَى طَهَارَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِالْإِفَاضَةِ يَفْعَلُ أُمُورًا، كُلُّ وَاحِدٍ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ " أَوْ لِلْإِفَاضَةِ " لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ فِي فَسَادِ الْإِفَاضَةِ يَرْجِعُ حِلًّا إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ فَإِذَا فَعَلَ غَيْرَهُمَا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ اتَّحَدَ، أَوْ تَعَدَّدَ تَأَمَّلْهُ اهـ بْن وَلَعَلَّ الشَّارِحَ فَرَضَ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا خَالَفَ الْوَاجِبَ وَقَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى الرَّمْيِ وَطَافَ لَهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مُعْتَقِدًا الطَّهَارَةَ، ثُمَّ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ فَعَلَ أُمُورًا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ. (قَوْلُهُ: فَيَفْعَلُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الطَّوَافُ) أَيْ لِلْعُمْرَةِ، أَوْ لِلْإِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى فِيهَا شَكُّ الْإِبَاحَةِ) أَيْ الشَّكُّ فِي إبَاحَةِ مَا فَعَلَهُ مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ بَلْ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهَا الْجَزْمُ بِالْإِبَاحَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ) أَيْ مَا إذَا رَفَضَ حَجَّهُ أَوْ أَفْسَدَهُ بِوَطْءٍ. (قَوْلُهُ: تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ) أَيْ إذَا شَكَّ فِي إبَاحَةِ مَا فَعَلَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى لَمَّا كَانَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الشَّكُّ فِي إبَاحَةِ مَا فَعَلَهُ اتَّحَدَتْ الْفِدْيَةُ فِيهَا وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فَإِنْ ظَنَّ فِيهِمَا الْإِبَاحَةَ اتَّحَدَتْ أَيْضًا، وَإِنْ شَكَّ فِيهِمَا تَعَدَّدَتْ. (قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ خَاصٍّ) أَيْ وَهُوَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ كُلًّا) أَيْ أَوْ فَعَلَ أَفْعَالًا مُتَعَدِّدَةً وَظَنَّ أَنَّ كُلًّا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِفَوْرٍ) أَيْ دَفَعَهُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَفْعَالُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالْفَوْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ تت مِنْ أَنَّ الْيَوْمَ فَوْرٌ، وَأَنَّ التَّرَاخِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لَا أَقَلُّ. (قَوْلُهُ: مِنْ إحْرَامِهِ) أَيْ بِنِيَّةِ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إرَادَتِهِ) أَيْ أَوْ عِنْدَ إرَادَةِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ " نَوَى التَّكْرَارَ " أَيْ وَلَوْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّحَدَ الْمُوجِبُ كَمَا لَوْ تَدَاوَى بِطِيبٍ لِقُرْحَةٍ وَنَوَى تَكْرَارَ التَّدَاوِي لَهَا كُلَّمَا احْتَاجَ لِلتَّدَاوِي بَلْ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُوجِبُ. (قَوْلُهُ: كَاللُّبْسِ مَعَ الطِّيبِ) أَيْ كَأَنْ يَنْوِيَ اللُّبْسَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ لِلطِّيبِ حَالًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ فِعْلِهِ مُوجِبًا مُعَيَّنًا فِعْلَ كُلِّ مَا أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْوِيَ) أَيْ عِنْدَ فِعْلِهِ مُوجِبًا مُعَيَّنًا فِعْلَ كُلِّ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ الْمُوجِبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ثُمَّ إنَّهُ فَعَلَ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْوِيَ مُتَعَدِّدًا مُعَيَّنًا) أَيْ عِنْدَ تَلَبُّسِهِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ أَيْ ثُمَّ فَعَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا نَوَاهُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اتِّحَادِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ تَرَاخِي الْفِعْلَيْنِ إذَا نَوَى التَّكْرَارَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا فَعَلَ الْمُوجِبَ الثَّانِيَ قَبْلَ إخْرَاجِ كَفَّارَةِ الْمُوجِبِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْخَاصِّ) أَيْ الَّذِي أَخَّرَهُ عَنْ الْعَامِّ الَّذِي فَعَلَهُ أَوَّلًا وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِاتِّحَادِ الْفِدْيَةِ إذَا قَدَّمَ الْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعُ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ) قَالَ بْن هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ، وَإِنْ لَمْ نَجِدْ فِيهِ نَصًّا. (قَوْلُهُ: فَقَدَّمَ السَّرَاوِيلَ عَلَى الثَّوْبِ) أَيْ أَوْ قَدَّمَ الْجُبَّةَ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ قَدَّمَ الْعِمَامَةَ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَجُبَّةٍ أَوْ سِرْوَالٍ، أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ عِمَامَةٍ، أَوْ بَابُوجٍ. (قَوْلُهُ: انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ

فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا رَقِيقًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا أَوْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لِحُصُولِ نَفْعٍ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ الدَّوَامُ (لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَفِي) الْفِدْيَةِ بِلُبْسِهِ فِي (صَلَاةٍ) لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا (قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ عَدَمُ الْفِدْيَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رُبَاعِيَّةً فَإِنْ طَوَّلَ فَالْفِدْيَةُ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ فِي اللُّبْسِ أَيْ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَقَعُ إلَّا مُنْتَفَعًا بِهِ كَالطِّيبِ فَالْفِدْيَةُ بِمُجَرَّدِهِ بِلَا تَفْصِيلٍ (وَلَمْ يَأْثَمْ) مُرْتَكِبُ مُوجِبِ الْفِدْيَةِ (إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ) حَاصِلٍ، أَوْ مُتَرَقَّبٍ. (وَهِيَ) أَيْ الْفِدْيَةُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثٌ (نُسُكُ شَاةٍ) بِالْإِضَافَةِ وَبِالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّ شَاةً بَدَلٌ، أَوْ بَيَانٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِشَاةٍ بِالْبَاءِ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةَ، وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَهِيَ كَالضَّحَايَا لَا كَالْهَدْيِ فَقَوْلُهُ (فَأَعْلَى) أَيْ فِي كَثْرَةِ اللَّحْمِ لَا فِي الْفَضْلِ كَذَا قِيلَ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إنَّ كَثْرَةَ اللَّحْمِ أَفْضَلُ قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ (أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ) فَهِيَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ (كَالْكَفَّارَةِ) فِي الصَّوْمِ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَكَوْنِهَا بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ فِيهَا (وَلَمْ يَخْتَصَّ) النُّسُكُ بِمَعْنَى الْفِدْيَةِ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ (بِزَمَانٍ) كَأَيَّامِ مِنًى (أَوْ مَكَان) كَمَكَّةَ، أَوْ مِنًى بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِمَا (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذِّبْحِ) بِكَسْرِ الذَّالِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ (الْهَدْيَ) الْمُرَادُ بِنِيَّةِ الْهَدْيِ أَنْ يُقَلِّدَهُ، أَوْ يُشْعِرَهُ فِيمَا يُقَلَّدُ، أَوْ يُشْعَرَ لَا حَقِيقَةُ النِّيَّةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَتُهَا فَمُجَرَّدُهَا كَافٍ (فَكَحُكْمِهِ) فِي الِاخْتِصَاصِ بِمِنًى - إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ - وَالْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَتَرْتِيبِهِ وَأَفْضَلِيَّةِ الْأَكْثَرِ لَحْمًا. (وَلَا يُجْزِئُ) عَنْ الْإِطْعَامِ (غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ وَقَالَ أَشْهَبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَامَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) الْأُولَى وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ كَثِيرًا كَمَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا كَثِيفًا يَقِي مِنْ الْبَرْدِ، أَوْ الْحَرِّ، ثُمَّ نَزَعَهُ بَعْدَ التَّرَاخِي بَلْ وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ قَلِيلًا كَمَا لَوْ لَبِسَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَتَرَاخَى فِي نَزْعِهِ) أَيْ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي خش وعبق. (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ) مَفْهُومُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ إذْ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ يُفِيدُ أَنَّ لُبْسَهُ دُونَ الْيَوْمِ لَا شَيْءَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَنْتَفِعْ اهـ خش. (قَوْلُهُ: وَفِي الْفِدْيَةِ بِلُبْسِهِ) أَيْ بِانْتِفَاعِهِ بِلُبْسِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) فِي ح عَنْ سَنَدٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ فَرَأَى مَرَّةً حُصُولَ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ قَالَ ح وَهَذَا هُوَ التَّوْجِيهُ الظَّاهِرُ لَا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ هَلْ تُعَدُّ طُولًا أَوْ لَا وَتَبِعَهُ تت وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا إذْ لَيْسَتْ الصَّلَاةُ بِطُولٍ لِمَا قَدَّمَهُ هُوَ مِنْ أَنَّ الطُّولَ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ، سَوَاءً طَوَّلَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وخش اُنْظُرْ بْن وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَبِسَ رِدَاءً فَوْقَ رِدَاءٍ، أَوْ إزَارًا فَوْق إزَارٍ فَلَا فِدْيَةَ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي أَيْ حَيْثُ لَمْ يَبْسُطْهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ كَالْحِزَامِ وَالرَّبْطِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: إنْ فَعَلَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُوجِبَ لِعُذْرٍ أَيْ كَمَرَضٍ أَوْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ. (قَوْلُهُ: حَاصِلٍ أَوْ مُتَرَقَّبٍ) هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عبق وَسَلَّمَهُ لَهُ بْن وَهُوَ قَوْلُ التَّاجُورِيِّ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ وَأَنَّ خَوْفَ حُصُولِهِ لَا يَكُونُ كَافِيًا فِي عَدَمِ الْإِثْمِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْإِثْمُ بِالْفِدْيَةِ كَمَا أَنَّ الْعُذْرَ لَا يَرْفَعُ الْفِدْيَةَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَيْ الْفِدْيَةُ) أَيْ الْوَاجِبَةُ أَيْ لِإِلْقَاءِ التَّفَثِ وَطَلَبِ الرَّفَاهِيَةِ، وَقَوْلُهُ " نُسُكُ " أَيْ عِبَادَةُ. (قَوْلُهُ: بِالْإِضَافَةِ) أَيْ الْبَيَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ) أَيْ الَّتِي لِلتَّصْوِيرِ أَيْ نُسُكٌ مُصَوَّرٌ بِوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ إلَخْ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذَبْحُهَا فَلَا يَكْفِي إخْرَاجُهَا غَيْرَ مَذْبُوحَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالشَّاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي مَنَاسِكِهِ كَمَا فِي ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ: قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ) وَهَذَا قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ الْأَبِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مُدَّانِ) أَيْ فَجُمْلَةُ الْأَمْدَادِ اثْنَا عَشَرَ مُدًّا وَهِيَ ثَلَاثُ آصُعٍ لِأَنَّ كُلَّ صَاعٍ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى) وَهِيَ ثَانِي النَّحْرِ وَثَالِثُهُ وَرَابِعُهُ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ) أَيْ بِمَنْعِ الصَّوْمِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَصَّ بِزَمَانٍ، أَوْ مَكَان) أَيْ فَيَجُوزُ الصَّوْمُ فِي أَيِّ زَمَانٍ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَفِي أَيِّ مَكَان وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَفِي أَيِّ مَكَان وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ الشَّاةِ، وَإِعْطَاؤُهَا لِلْفُقَرَاءِ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَفِي أَيِّ مَكَان. (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِهِمَا) أَيْ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ فَيَخْتَصُّ الصَّوْمُ بِأَيَّامِ مِنًى وَالذَّبْحُ فِي مِنًى أَوْ مَكَّةَ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَذْبُوحِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْمَذْبُوحِ مِنْ الْفِدْيَةِ الْهَدْيَ. (قَوْلُهُ: لَا حَقِيقَةُ النِّيَّةِ) أَيْ لِأَنَّ نِيَّتَهُ بِالْمَذْبُوحِ مِنْ الْفِدْيَةِ الْهَدْيَ كَالْعَدَمِ كَذَا قَالَ عج: وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ طفى قَائِلًا: مُجَرَّدُ النِّيَّةِ كَافٍ فِي كَوْنِ حُكْمِهِ كَالْهَدْيِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَاجِيَّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ - مِنْ أَنَّ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ - صَحِيحٌ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَصَرَّحَ بِهِ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فَكَحُكْمِهِ الْأَكْلُ فَلَا يُؤْكَلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحِلِّ وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا كَمَا يَأْتِي اهـ بْن. (قَوْلُهُ: غَدَاءً وَعَشَاءً) أَيْ وَكَذَا غَدَاءَانِ وَعَشَاءَانِ.

(إنْ لَمْ يَبْلُغْ) مَا ذُكِرَ (مُدَّيْنِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ وَإِلَّا أَجْزَأَ. (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ) وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ مِنْ مَنِيٍّ، أَوْ مَذْيٍ (وَأَفْسَدَ) الْجِمَاعُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ (مُطْلَقًا) وَلَوْ سَهْوًا، أَوْ مُكْرَهًا فِي آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ لَا كَانَ بَالِغًا، أَوْ لَا (كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ وَيُفْسِدُ إنْ خَرَجَ (وَإِنْ بِنَظَرٍ) ، أَوْ فِكْرٍ اُسْتُدِيمَ فَإِنْ خَرَجَ بِمُجَرَّدِ فِكْرٍ، أَوْ نَظَرٍ لَمْ يُفْسِدْ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وُجُوبًا وَلَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِدَامَةُ فِي غَيْرِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ حَيْثُ حَصَلَ إنْزَالٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْقُبْلَةَ لِلَّذَّةِ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَمَحِلُّ الْفَسَادِ (إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ مُطْلَقًا) فَعَلَ شَيْئًا بَعْدَ إحْرَامِهِ كَالْقُدُومِ وَالسَّعْيِ أَمْ لَا (أَوْ) وَقَعَ (بَعْدَهُ) بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ وَقَعَ) الْجِمَاعُ أَوْ الْمَنِيُّ الْمُسْتَدْعَى (قَبْلَ) طَوَافِ (إفَاضَةٍ) أَوْ سَعْيٍ آخَرَ (وَ) رَمْيِ (عَقَبَةَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ) لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَعَ قَبْلَهُمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ (فَهَدْيٌ) وَاجِبٌ وَلَا فَسَادَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً) أَيْ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ، أَوْ فِكْرٍ مِنْ غَيْرِ إدَامَةٍ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَأَمَّا إنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ، أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِمْذَائِهِ) وَإِنْ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ فِيهِ الْهَدْيُ (وَقُبْلَتِهِ) فِيهَا الْهَدْيُ إنْ كَانَتْ بِفَمٍ وَإِلَّا فَكَالْمُلَامَسَةِ لَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا إذَا أَمَذَى أَوْ كَثُرَتْ (وَوُقُوعِهِ) أَيْ الْمَنِيِّ، أَوْ الْجِمَاعِ (بَعْدَ) تَمَامِ (سَعْيٍ) وَقَبْلَ الْحِلَاقِ (فِي عُمْرَتِهِ) فَالْهَدْيُ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَصَلَ قَبْلَ تَمَامِ السَّعْيِ وَلَوْ بِشَرْطٍ (فَسَدَتْ) وَوَجَبَ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ. (وَوَجَبَ) بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إلَّا دَاوُد (إتْمَامُ الْمُفْسَدِ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَيَتَمَادَى عَلَيْهِ كَالصَّحِيحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَبْلُغْ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَإِلَّا أَجْزَأَ وَيَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ إذَا بَلَغَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَلَوْ حَصَلَ غَدَاءٌ فَقَطْ وَعَشَاءٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ) الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عج كَرَاهَةُ الْمُقَدِّمَاتِ إذَا عُلِمَتْ السَّلَامَةُ كَالصَّوْمِ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا قُلْتُ (قَوْلُهُ: كَانَ بَالِغًا أَوْ لَا) هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مَا يُوَافِقُهُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " وَالْجِمَاعُ وَالْمَنِيُّ فِي الْإِفْسَادِ عَلَى نَحْوِ مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ فِي رَمَضَانَ. اهـ " يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَكَذَا قَوْلُ التَّوْضِيحِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ هُنَاكَ يُوجِبُ الْفَسَادَ هُنَا اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُوجِبَ الْكَفَّارَةِ فِي الصَّوْمِ هُوَ الْجِمَاعُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَيُفْسِدُ الْحَجَّ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ اهـ وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الشَّيْخِ عبق وَيَدْخُلُ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ كَوْنُهُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ، أَوْ لَا اهـ بْن وَعَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْمُفْسِدَ لِلْحَجِّ إنَّمَا هُوَ الْجِمَاعُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ لَوْ حَصَلَ الْجِمَاعُ مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ فِي غَيْرِ مُطِيقَةٍ أَوْ فِي هَوِيِّ فَرْجٍ، أَوْ مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ عَلَى الذَّكَرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا. (قَوْلُهُ: كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَأَفْسَدَ أَيْ كَمَا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِالْجِمَاعِ يَفْسُدُ بِاسْتِدْعَاءِ الْمَنِيِّ هَذَا إذَا اسْتَدْعَاهُ بِيَدٍ أَوْ قُبْلَةٍ، أَوْ مُلَاعَبَةٍ، أَوْ حَضْنٍ بَلْ، وَإِنْ اسْتَدْعَاهُ بِنَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ أَيْ دَائِمٍ حَتَّى أَنْزَلَ وَقَوْلُهُ: كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ أَيْ عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ نِسْيَانًا لِلْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ فِكْرٍ) أَيْ بِفِكْرٍ مُجَرَّدٍ عَنْ الِاسْتِدَامَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَدْعَاهُ بِالْفِكْرِ أَوْ النَّظَرِ فَحَصَلَ وَلَمْ يَسْتَدِمْ الِاسْتِدْعَاءَ أَهْدَى وَلَا إفْسَادَ وَأَمَّا إنْ اسْتَدْعَاهُ بِغَيْرِهِمَا كَقُبْلَةٍ، أَوْ حَضْنٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ فَحَصَلَ فَالْإِفْسَادُ، وَإِنْ لَمْ يَدُمْ الِاسْتِدْعَاءُ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ النَّظَرِ) أَيْ كَالْقُبْلَةِ وَالْحَضْنِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ حُصُولِ الْإِنْزَالِ كَمَا هُوَ فِي الْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ: أَخَّرَ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ سَعْيٍ أَخَّرَ عَنْ الْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ النَّحْرِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ إنْ وَقَعَ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ قَالَ ح لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْفَسَادِ بِيَوْمِ النَّحْرِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهَدْيٌ) هَذَا يَشْمَلُ بِظَاهِرِهِ مَا إذَا وَقَعَ بَعْدَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا هَدْيَ فِي هَذِهِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا تَرَكَ التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَعَ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ وَقَعَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدَّمَ السَّعْيَ. (قَوْلُهُ: كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً) أَيْ كَإِنْزَالِ الْمَنِيِّ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ، أَوْ فِكْرٍ مِنْ غَيْرِ إدَامَةٍ لَهُمَا وَلَوْ قَصَدَ بِهِمَا اللَّذَّةَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ) أَيْ هَذَا إذَا خَرَجَ بَعْدَ مُدَاوَمَةِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ بَلْ، وَإِنْ خَرَجَ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ، أَوْ فِكْرٍ، أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ فَلَيْسَ لُزُومُ الْهَدْيِ فِي الْمَذْيِ مَقْصُورًا عَلَى مَا إذَا خَرَجَ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ إذَا خَرَجَ عَنْ إدَامَةِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ. (قَوْلُهُ: وَقُبْلَتِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إنْزَالٍ، أَوْ مَذْيٍ وَهَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَمِ وَكَانَتْ لِغَيْرِ وَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْفَمِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا إذَا أَمَذَى أَوْ كَثُرَتْ وَكَذَا إنْ كَانَتْ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا مَا لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ، وَإِلَّا فَالْهَدْيُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَتْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا لَوْ فَعَلَ فِي الْعُمْرَةِ أَمْرًا غَيْرَ مُفْسِدٍ لِلْحَجِّ مِمَّا يُوجِبُ هَدْيًا فِيهِ وَذَلِكَ كَالْمَذْيِ وَالْقُبْلَةِ وَطُولِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُلَاعَبَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ أَنَّ فِيهِ الْهَدْيَ وَأَنَّ الْعُمْرَةَ كَالْحَجِّ فِي ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا يَشْهَدُ لَهُ عُمُومُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ الَّذِي نَقَلَهُ ح وَالتَّوْضِيحُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا هَدْيَ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْعُمْرَةِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الَّذِي يُوجِبَ الْهَدْيَ فِي الْعُمْرَةِ مَا أَوْجَبَ فَسَادَ الْحَجِّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مِنْ وَطْءٍ، وَإِنْزَالٍ وَأَمَّا مَا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْحَجِّ فَلَا يُوجِبُ فِي الْعُمْرَةِ لِأَنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا وَهُوَ وَاضِحٌ

إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ بِأَنْ فَاتَهُ لِصَدٍّ وَنَحْوِهِ وَجَبَ تَحَلُّلُهُ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ عَلَى إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ التَّمَادِيَ عَلَى الْفَاسِدِ مَعَ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُتِمَّهُ سَوَاءٌ ظَنَّ إبَاحَةَ قَطْعِهِ أَمْ لَا (فَهُوَ) بَاقٍ (عَلَيْهِ، وَإِنْ أَحْرَمَ) أَيْ جَدَّدَ إحْرَامًا بِغَيْرِهِ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ عَنْهُ أَوَّلًا وَإِحْرَامُهُ الثَّانِي لَغْوٌ (وَ) إذَا كَانَ بَاقِيًا عَلَيْهِ وَأَحْرَمَ بِقَضَائِهِ فِي الْقَابِلِ فَلَا يَجْزِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ وَيَكُونُ فِعْلُهُ فِي الْقَابِلِ مُتَمِّمًا لِلْفَاسِدِ (لَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي) مَرَّةٍ (ثَالِثَةٍ) إنْ كَانَ عُمْرَةً، أَوْ سَنَةٍ ثَالِثَةٍ إنْ كَانَ حَجًّا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَإِلَّا أُمِرَ بِإِتْمَامِ الْأَوَّلِ بِالْإِفَاضَةِ خَاصَّةً لَا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ عَامَ الْفَسَادِ فَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا الْإِفَاضَةُ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ يَقْضِيهِ فِي هَذَا الْعَامِ الثَّانِي (وَ) وَجَبَ (فَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ) لِلْمُفْسَدِ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي (وَإِنْ) كَانَ الْمُفْسَدُ (تَطَوُّعًا وَ) وَجَبَ (قَضَاءُ الْقَضَاءِ) إذَا فَسَدَ وَلَوْ تَسَلْسَلَ فَيَأْتِي بِحُجَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ قَضَاءٌ عَنْ الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ (وَ) وَجَبَ (نَحْرُ هَدْيٍ فِي) زَمَنِ (الْقَضَاءِ) وَلَا يُقَدِّمُهُ زَمَنَ الْفَسَادِ وَإِنْ كَانَ وُجُوبُهُ لِلْفَسَادِ. (وَاتَّحَدَ) الْهَدْيُ (وَإِنْ) (تَكَرَّرَ) وَطْؤُهُ لِامْرَأَةٍ، أَوْ (لِنِسَاءٍ) (بِخِلَافِ) جَزَاءِ (صَيْدٍ) فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الصَّيْدِ (وَ) بِخِلَافِ (فِدْيَةٍ) فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَأَجْزَأَ) هَدْيُ الْفَسَادِ (إنْ عَجَّلَ) زَمَنَ الْفَاسِدِ قَبْلَ قَضَائِهِ. (وَ) وَجَبَ هَدَايَا (ثَلَاثَةٌ إنْ) (أَفْسَدَ) إحْرَامَهُ حَالَ كَوْنِهِ (قَارِنًا) (ثُمَّ) بَعْدَ إفْسَادِهِ وَشُرُوعِهِ فِي إتْمَامِهِ (فَاتَهُ) وَأَوْلَى إنْ فَاتَهُ، ثُمَّ أَفْسَدَ (وَقَضَى) قَارِنًا، هَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ الْقَضَاءِ، وَيَسْقُطُ هَدْيُ الْقِرَانِ الْفَاسِدِ، وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ (وَعُمْرَةٌ) عَطْفٌ عَلَى " هَدْيٌ " مِنْ قَوْلِهِ " وَإِلَّا فَهَدْيٌ " وَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ كَانَ أَحْسَنَ أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسَادُ قَبْلَ الْوَقْفِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِتْمَامُهُ حَيْثُ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِرَمْيِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ) أَيْ وَإِلَّا يُتِمَّهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ بِإِفْسَادِهِ وَتَمَادَى لِلسَّنَةِ الْقَابِلَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ الْمُفْسَدَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُحْرِمْ فِي الْعَامِ الثَّانِي بِشَيْءٍ بَلْ وَإِنْ أَحْرَمَ فِيهِ بِحَجِّ الْقَضَاءِ، أَوْ بِعُمْرَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِحْرَامُ الثَّانِي لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا وَمَا زَالَ بَاقِيًا عَلَى إحْرَامِهِ الْفَاسِدِ وَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً عَنْهُ بَلْ يَكُونُ فِعْلُهُ فِي الْقَابِلِ مُتَمِّمًا لِلْفَاسِدِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ) أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُتِمَّهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ بِإِفْسَادِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى وَقُلْنَا: إنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَا أَفْسَدَ وَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً بَلْ يَكُونُ مَا فَعَلَهُ فِي السُّنَّةِ الْأُخْرَى مُتَمِّمًا لِلْفَاسِدِ فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ الْقَضَاءُ إلَّا فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ حَجَّةَ الْقَضَاءِ تَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ الْمُفْسَدُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَذَكَرَ عج أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقَضَاؤُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَجِّ الْفَائِتِ الَّذِي تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَقَضَاؤُهُ كَافٍ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَاعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي بَعْدَ الْوُقُوفِ بَلْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ إلَخْ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَحِلَّ وُجُوبِ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ إذَا كَانَ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ فِي عَامِ الْفَسَادِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ فَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ) أَيْ بَعْدَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ إنْ كَانَ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ عَامَ الْفَسَادِ وَبَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْفَاسِدِ إنْ كَانَ لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ عَامَ الْفَسَادِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَطَوُّعًا) أَيْ لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ قَضَاءُ الْقَضَاءِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ فِي رَمَضَانَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَجَّ لَمَّا كَانَتْ كُلْفَتُهُ شَدِيدَةً شُدِّدَ فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَضَاءِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ بِهِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ فَلَمَّا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ صَارَتْ حَجَّةُ الْقَضَاءِ كَأَنَّهَا حَجَّةٌ مُعَيَّنَةٌ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي فَسَادِهَا كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا زَمَنُ قَضَاءِ الصَّوْمِ فَلَيْسَ بِمُعَيَّنٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ) أَيْ لِلْحَجَّةِ الْمُفْسَدَةِ أَوْ الْعُمْرَةِ الْمُفْسَدَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدِّمُهُ زَمَنَ الْفَسَادِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يَنْحَرُهُ فِي زَمَنِ الْفَاسِدِ قَبْلَ قَضَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وُجُوبُهُ لِلْفَسَادِ) أَيْ لَكِنْ لَمَّا كَانَ هَدْيُ الْفَسَادِ جَابِرًا لِلْفَسَادِ أُخِّرَ لِزَمَنِ الْقَضَاءِ الْجَابِرِ لِلْفَسَادِ أَيْضًا لِأَجْلِ أَنْ يَجْتَمِعَ لَهُ الْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَالْجَابِرُ النُّسُكِيُّ. (قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ الْهَدْيُ) أَيْ هَدْيُ الْفَسَادِ وَإِنْ تَكَرَّرَ مُوجِبُ الْفَسَادِ كَوَطْئِهِ لِامْرَأَةٍ مِرَارًا مُتَعَدِّدَةً، أَوْ لِنِسَاءٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْوَطْءِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الصَّيْدِ) أَيْ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ عِوَضٌ عَمَّا أَتْلَفَ وَالْأَعْوَاضُ تَتَكَرَّرُ بِحَسَبِ تَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ، وَسَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا، أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ: فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهَا) أَيْ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّكْرَارَ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ هَدَايَا) أَيْ نَحْرُ هَدَايَا ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ: قَارِنًا) أَيْ أَوْ مُتَمَتِّعًا وَقَوْلُهُ: ثُمَّ فَاتَهُ أَيْ الْوُقُوفُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْفَوَاتَ الْوَاقِعَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ إذَا كَانَ فِيهِ هَدْيٌ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ الْفَوَاتُ قَبْلَ الْإِفْسَادِ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ حَصَلَ لِحَجٍّ لَا ثَلْمَ فِيهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَضَى) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَقَضَى وَقَوْلُهُ: قَارِنًا أَيْ أَوْ مُتَمَتِّعًا. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ هَدْيُ الْقِرَانِ الْفَاسِدِ) أَيْ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَكَذَا التَّمَتُّعُ الْفَاسِدُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ بَلْ آلَ أَمْرُهُ لِفِعْلِ

وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا فَسَادَ فَهَدْيٌ وَيَجِبُ مَعَ الْهَدْيِ عُمْرَةٌ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى (إنْ وَقَعَ) الْوَطْءُ (قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ وُقُوعُهُ قَبْلَ الطَّوَافِ وَبَعْدَهُ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ لَا ثَلْمَ فِيهِ وَلِذَا لَوْ وَقَعَ الْوَطْءُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَقَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَهَدْيٌ فَقَطْ لِسَلَامَةِ طَوَافِهِ. (وَ) وَجَبَ عَلَى مَنْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى الْوَطْءِ (إحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ) وَطَوْعُ الْأَمَةِ إكْرَاهٌ مَا لَمْ تَطْلُبْهُ، أَوْ تَتَزَيَّنْ لَهُ (وَإِنْ) طَلَّقَهَا وَ (نَكَحَتْ غَيْرَهُ) وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَى الْإِذْنِ لَهَا (وَ) وَجَبَ (عَلَيْهَا) أَنْ تَحُجَّ (إنْ أَعْدَمَ) الْمُكْرِهُ (وَرَجَعَتْ عَلَيْهِ) إنْ أَيْسَرَ بِالْأَقَلِّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمِمَّا اكْتَرَتْ بِهِ إنْ اكْتَرَتْ، أَوْ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَمِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهَا فِي السَّفَرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ إنْ لَمْ تَكْثُرْ، وَفِي الْفِدْيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ النُّسُكِ وَكَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ، وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَتْهُ، وَإِنْ صَامَتْ لَمْ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ فَقَوْلُهُ (كَالْمُتَقَدِّمِ) تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ إنْ لَمْ تَصُمْ بِالْأَقَلِّ بِالنَّظَرِ لِلْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ إذْ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي مَسْأَلَةِ إلْقَاءِ الْحِلِّ الطِّيبَ عَلَى الْمُحْرِمِ النَّائِمِ وَلَمْ يَجِدْ الْحِلُّ فِدْيَةً (وَفَارَقَ) وُجُوبًا (مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ) خَوْفًا مِنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ مَا مَضَى (مِنْ) حِينِ (إحْرَامِهِ) بِالْقَضَاءِ (لِتَحَلُّلِهِ) بِرَمْيِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ إنْ تَأَخَّرَ. (وَلَا يُرَاعَى) فِي الْقَضَاءِ (زَمَنُ إحْرَامِهِ) بِالْمُفْسَدِ فَلِمَنْ أَحْرَمَ فِي الْمُفْسَدِ مِنْ شَوَّالٍ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ الْحِجَّةِ (بِخِلَافِ مِيقَاتٍ) مَكَانِيٍّ فَإِنَّهُ يُرَاعَى (إنْ شَرَعَ) فَمَنْ أَحْرَمَ بِالْمُفْسَدِ مِنْ الْجُحْفَةِ مَثَلًا تَعَيَّنَ إحْرَامُهُ بِالْقَضَاءِ مِنْهَا بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَشْرَعْ بِأَنْ أَحْرَمَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ فَلَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ إلَّا مِنْهَا (وَإِنْ تَعَدَّاهُ) أَيْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ الْمَشْرُوعَ (فَدَمٌ) وَلَوْ تَعَدَّاهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَا لَوْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الْفَسَادِ بِمَكَّةَ إلَى قَابِلٍ وَأَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ وَأَمَّا لَوْ تَعَدَّاهُ فِي عَامِ الْفَسَادِ فَلَا يَتَعَدَّاهُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ. (وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ) قَضَاءٌ (عَنْ إفْرَادٍ) أُفْسِدَ (وَعَكْسُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعُمْرَةٍ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ قُلْنَا لِإِفْسَادٍ) أَيْ إذَا حَصَلَ الْجِمَاعُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَعْدَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا وَقَبْلَ الْآخَرِ يَوْمَ النَّحْرِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ مَعَ الْهَدْيِ عُمْرَةٌ) أَيْ جَابِرَةٌ لِمَا فَعَلَهُ وَهَذِهِ الْعُمْرَةُ لَا تَكْفِي عَنْ الْعُمْرَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ فِي الْعُمْرِ فَهُوَ حِينَئِذٍ يَأْتِي بِعُمْرَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ إحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ) أَيْ لِتَقْضِيَ حَجَّهَا الَّذِي أَفْسَدَهُ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ " مُكْرَهَتِهِ " أَيْ الَّتِي أَكْرَهَهَا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا وَلَوْ أَكْرَهَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يَطَأَهَا غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى مُكْرِهِهَا، وَعَلَى وَاطِئِهَا إحْجَاجُهَا وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " مُكْرَهَتِهِ " أَيْ مُكْرَهَةٍ لَهُ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي أَكْرَهَهَا، أَوْ غَيْرُهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: مُكْرَهَتِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ أُنْثَى وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَكَرًا فَهَلْ يَجِبُ عَلَى مُكْرِهِهِ إحْجَاجُهُ أَوْ لَا. لَا نَصَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إحْجَاجُهُ وَأَمَّا إنْ طَاعَ فَلَا يَجِبُ إحْجَاجُهُ عَلَى الْفَاعِلِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَطْلُبْهُ أَوْ تَتَزَيَّنْ لَهُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ إحْجَاجُهَا. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَى الْإِذْنِ لَهَا) أَيْ فِي الْخُرُوجِ مَعَ ذَلِكَ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ أَكْرَهَهَا. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ إنْ لَمْ تَصُمْ بِالْأَقَلِّ بِالنَّظَرِ لِلْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ؛ إذْ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْهَدْيَ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ بِالْأَقَلِّ فِي الْفِدْيَةِ وَبَعْدَ هَذَا فَالْأَوْلَى جَعْلُ التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ بِالْأَقَلِّ الْمُتَحَقَّقِ فِي الْجَمِيعِ، وَالْأَقَلُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِلَّةُ يَوْمَ رُجُوعِهَا لَا يَوْمَ الْإِخْرَاجِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ عبق فَفِي التَّوْضِيحِ مَا نَصَّهُ التُّونُسِيُّ: لَوْ كَانَ النُّسُكُ بِالشَّاةِ أَرْفَقَ بِهَا حِينَ نَسَكَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ وَقَدْ غَلَا النُّسُكُ وَرَخُصَ الطَّعَامُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالطَّعَامِ إذْ هُوَ الْآنَ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ الَّذِي نَسَكَتْ بِهِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ يَوْمُ الرُّجُوعِ لَا يَوْمُ الْإِخْرَاجِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: مَعَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِأَفْسَدَ أَيْ مَنْ وَقَعَ الْإِفْسَادُ مَعَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا لَا غَيْرِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهَا بَلْ يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ بِالْقَضَاءِ) مُفَادُهُ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ مُفَارَقَةُ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهَا حَالَةَ إتْمَامِهِ لِذَلِكَ الْمُفْسَدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الطِّرَازِ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ عَامَ الْفَسَادِ كَعَامِ الْقَضَاءِ فِي وُجُوبِ مُفَارَقَةِ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهَا فِيهِمَا وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ: عَامُ الْفَسَادِ أَوْلَى بِالْمُفَارَقَةِ لِكَثْرَةِ التَّهَاوُنِ فِيهِ مَعَ وُجُوبِ إتْمَامِهِ تَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مِيقَاتٍ) أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ مَكَانِ الْإِحْرَامِ لِمُقَابَلَتِهِ بِهِ الزَّمَنَ لَا الْمِيقَاتَ الشَّرْعِيَّ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ إنْ شَرَعَ. (قَوْلَهُ تَعَيَّنَ إحْرَامُهُ بِالْقَضَاءِ مِنْهَا) فَإِنْ تَعَدَّاهَا فِي الْقَضَاءِ لَزِمَهُ دَمٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الْفَسَادِ) هَذَا أَيْ لُزُومُ الدَّمِ لِذَلِكَ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ يُفِيدُ أَنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَاجِبٌ؛ إذْ لَا يَجِبُ الدَّمُ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ وَلَا مَنْدُوبٍ وَهَذَا يُخَصِّصُ قَوْلَهُ سَابِقًا وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ مَكَّةُ وَنُدِبَ مِنْ الْمَسْجِدِ كَخُرُوجِ ذِي النَّفْسِ لِمِيقَاتِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ تَعَدَّاهُ فِي عَامِ الْفَسَادِ) أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَمَّا لَوْ كَانَ تَعَدَّاهُ فِي عَامِ الْفَسَادِ لِعُذْرٍ كَأَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ حَلَالًا لِعَدَمِ إرَادَتِهِ دُخُولَ مَكَّةَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ الدُّخُولَ وَأَحْرَمَ بِحَجٍّ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَإِنَّهُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ يُحْرِمُ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا كَمَا قَالَ الْبَاجِيَّ وَالتُّونُسِيُّ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ شَرَعَ لِأَنَّهُ مَعَ الْعُذْرِ مَشْرُوعٌ اُنْظُرْ خش. (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ) هَذَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) مِثْلُهُ

وَهُوَ إفْرَادٌ عَنْ تَمَتُّعٍ (لَا قِرَانٍ عَنْ إفْرَادٍ) فَلَا يُجْزِئُ (أَوْ) قِرَانٍ عَنْ (تَمَتُّعٍ) فَلَا يُجْزِئُ أَيْضًا (وَ) لَا (عَكْسُهُمَا) وَهُوَ إفْرَادٌ عَنْ قِرَانٍ، أَوْ تَمَتُّعٌ عَنْ قِرَانٍ (وَلَمْ يَنُبْ) لِمَنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ قَبْلَ حَجَّةِ الْفَرْضِ فَاسِدُهُ (قَضَاءُ تَطَوُّعٍ) مُفْسَدٍ (عَنْ وَاجِبٍ) الَّذِي هُوَ حَجَّةُ الْفَرْضِ إذَا نَوَى عِنْدَ إحْرَامِهِ بِالْقَضَاءِ الْقَضَاءَ وَالْفَرْضَ مَعًا، أَوْ نِيَابَةَ الْقَضَاءِ عَنْ الْفَرْضِ وَيُجْزِئُ عَنْ الْقَضَاءِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى الْفَرْضَ فَقَطْ فَيُجْزِئُ عَنْهُ وَالْقَضَاءُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ. (وَكُرِهَ) لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ حَالَةَ إحْرَامِهِ (حَمْلُهَا لِلْمَحْمِلِ) مُحْرِمَةً أَمْ لَا وَأَمَّا مَحْرَمُهَا فَلَا يُكْرَهُ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُمْنَعُ (وَلِذَلِكَ) أَيْ وَلِأَجْلِ كَرَاهَةِ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ (اُتُّخِذَتْ السَّلَالِمُ) لِرُقِيِّ النِّسَاءِ عَلَيْهَا لِلْمَحْمِلِ (وَ) يُكْرَهُ لَهُ (رُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا) لِغَيْرِ لَذَّةٍ وَإِلَّا حَرُمَ (لَا) يُكْرَهُ لَهُ رُؤْيَةُ (شَعْرِهَا) لِخِفَّتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَ) لَا يُكْرَهُ (الْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ) وَلَوْ فِي حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ شَرَعَ فِي مُحَرَّمَاتِهِ مَعَ الْحَرَمِ فَقَالَ. [دَرْسٌ] (وَحَرُمَ بِهِ) أَيْ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ خَارِجَ الْحَرَمِ (وَبِالْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَلَوْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَالْحَرَمُ (مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ، أَوْ خَمْسَةٌ) عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَعَلَى كُلٍّ يَنْتَهِي (لِلتَّنْعِيمِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ يَعْنِي أَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَمْيَالٍ أَوْ الْخَمْسَةَ مُبْتَدَأَةٌ مِنْ الْبَيْتِ مُنْتَهِيَةٌ إلَى التَّنْعِيمِ مِنْ جِهَةِ الْمَدِينَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (وَمِنْ) جِهَةِ (الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةٌ) وَيَنْتَهِي (لِلْمَقْطَعِ) اسْمُ مَكَان أَيْ تَثْنِيَةُ جَبَلٍ بِمَكَانٍ يُسَمَّى الْمَقْطَعَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالطَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ (وَمِنْ) جِهَةِ (عَرَفَةَ تِسْعَةٌ) ، أَوْ ثَمَانِيَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ بَشِيرٍ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهُوَ إفْرَادٌ عَنْ تَمَتُّعٍ) أَيْ بِأَنْ يَقَعَ الْإِفْسَادُ فِي الْحَجِّ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَ أَنْ فَرَغَتْ الْعُمْرَةُ فَإِذَا قَضَاهُ مُفْرِدًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ فَفِي الْحَقِيقَةِ أَجْزَأَ إفْرَادٌ عَنْ إفْرَادٍ وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِلتَّمَتُّعِ يُعَجِّلُهُ وَهَدْيٌ لِلْإِفْسَادِ يُؤَخِّرُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسُهُمَا) قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ سِتُّ صُوَرٍ: اثْنَتَانِ مُجْزِئَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ وَأَصْلُ الصُّوَرِ تِسْعٌ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً وَهِيَ قَضَاءُ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ لِظُهُورِهِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ حَجَّةُ الْفَرْضِ) فِي خش عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " وَاجِبٍ " دُونَ فَرْضٍ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْهُ اللَّازِمُ بِالْأَصَالَةِ لِيَشْمَلَ النَّذْرَ أَيْضًا فَإِذَا نَوَى بِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ الْقَضَاءَ وَالنَّذْرَ مَعًا فَلَا يَنُوبُ عَنْ النَّذْرِ كَمَا لَا يَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْفَرْضِ إذَا نَوَى بِالْقَضَاءِ الْقَضَاءَ وَحَجَّةَ الْفَرْضِ. (قَوْلُهُ: إذَا نَوَى عِنْدَ إحْرَامِهِ بِالْقَضَاءِ الْقَضَاءَ وَالْفَرْضَ إلَخْ) أَيْ وَأَحْرَى إذَا لَمْ يَنْوِ إلَّا الْقَضَاءَ فَلَا يَنُوبُ عَنْ الْوَاجِبِ قَالَ عبق وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " قَضَاءُ تَطَوُّعٍ " أَنَّ قَضَاءَ النَّذْرِ الْمُفْسَدِ إذَا نَوَى بِهِ الْقَضَاءَ وَالْفَرْضَ مَعًا فَإِنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ بْن بَلْ قَضَاءُ التَّطَوُّعِ وَقَضَاءُ النَّذْرِ مُتَسَاوِيَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَاجِبٌ لَا بِالْأَصَالَةِ فَكَيْفَ يُجْزِي الثَّانِي عَنْ الْوَاجِبِ وَأَيْضًا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ فَقَطْ إلَخْ يَرُدُّ كَلَامَهُ؛ إذْ كُلٌّ مِنْ النَّذْرِ وَقَضَائِهِ وَاجِبٌ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: لِلْمَحْمِلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ مَا يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَحْرَمُهَا) أَيْ كَأَبِيهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ حَمْلُهَا وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْجَوَاهِرِ مِنْ اخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ بِالزَّوْجِ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمَحْرَمِ أَيْضًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُمْنَعُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ رُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا) أَيْ يُكْرَهُ لِلزَّوْجِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا رُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا لَا شَعْرِهَا وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ مَسِّهِ لِذِرَاعَيْهَا لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ اللَّذَّةِ أَكْثَرَ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَكَرَاهَةِ مَسِّهِ لِشَعْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) إذْ لَمْ يَحْكِ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ إلَّا الْكَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ الْفَتْوَى إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " لَا شَعْرِهَا " وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِقَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْمِلَهَا لِلْمَحْمِلِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفْتِيَ الْمُفْتِي فِي أُمُورِ النِّسَاءِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ طفى: وَالْمُرَادُ بِ لَا بَأْسَ هُنَا الْإِبَاحَةُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَةِ الْأَئِمَّةِ لَهَا بِالْمَكْرُوهِ وَمَا فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ لَفْظُ الْمَوَّازِيَّةِ كَمَا فِي مَنَاسِكِ الْمُؤَلِّفِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ عَطْفَ خش لَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ غَيْرُ صَوَابٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) أَيْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِفُرُوجِهِنَّ. . (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ) الْبَاءُ الْأُولَى لِلسَّبَبِيَّةِ وَالثَّانِي لِلظَّرْفِيَّةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ) هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَدْرِ الْمِيلِ وَفِي قَدْرِ الذِّرَاعِ هَلْ هُوَ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ، أَوْ ذِرَاعُ الْبَزِّ الْمِصْرِيُّ، وَالثَّانِي أَكْبَرُ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَنْتَهِي) أَيْ الْحَرَمُ لِلتَّنْعِيمِ بِخُرُوجِ الْغَايَةِ؛ لِأَنَّ التَّنْعِيمَ مِنْ الْحِلِّ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُرِيدَ الْعُمْرَةِ يُحْرِمُ مِنْهُ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّ حَدَّ الْحَرَمِ مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ نَحْوُ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ إلَى مُنْتَهَى التَّنْعِيمِ اهـ. مَعْنَاهُ إلَى مُنْتَهَاهُ لِمَنْ أَتَى مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مَبْدَؤُهُ لِلْخَارِجِ مِنْ مَكَّةَ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ الْحَرَمِ اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ مَكَّةَ لِلْمَدِينَةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ إلَى مَبْدَأِ التَّنْعِيمِ، وَالْخَارِجَ مِنْ الْمَدِينَةِ لِمَكَّةَ يَجُوزُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ إلَى مُنْتَهَى التَّنْعِيمِ مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ فَالتَّنْعِيمُ يَجُوزُ فِيهِ الصَّيْدُ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ وَلِمَنْ جَاءَ مِنْ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ مَكَّةَ. (قَوْلُهُ: لِلْمَقْطَعِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ

وَيَنْتَهِي لِلْجِعْرَانَةِ (وَمِنْ جُدَّةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ اسْمُ قَرْيَةٍ (عَشَرَةٌ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَضَبَطَهَا الشَّافِعِيُّ بِالتَّخْفِيفِ وَلَمَّا بَيَّنَ حَدَّهُ بِالْمِسَاحَةِ بَيَّنَهُ بِالْعَلَامَةِ بِقَوْلِهِ (وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ) إذَا جَرَى لِجِهَتِهِ وَلَا يَدْخُلُهُ لِعُلُوِّهِ عَنْ الْحِلِّ (تَعَرُّضٌ) لِحَيَوَانٍ (بَرِّيٍّ) فَاعِلُ حَرُمَ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ أَيْ حَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ تَعَرُّضٌ بِضَمِّ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً لِحَيَوَانٍ بَرِّيٍّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَيَدْخُلُ فِيهِ السُّلَحْفَاةُ وَالضُّفْدَعُ الْبَرِّيَّانِ وَالْجَرَادُ لَا الْكَلْبُ الْإِنْسِيُّ وَيُبَاحُ الْبَحْرِيُّ (وَإِنْ تَأَنَّسَ) الْبَرِّيُّ أَيْ صَارَ كَالْحَيَوَانِ الْإِنْسِيِّ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ طِبَاعِ الْوَحْشِ وَأَلِفَ النَّاسَ (أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ) كَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَلَوْ مَمْلُوكًا وَيُقَوَّمُ لِلْجَزَاءِ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ (أَوْ) كَانَ الْبَرِّيُّ (طَيْرَ مَاءٍ) أَيْ يَأْلَفُ الْمَاءَ وَيُلَازِمُهُ وَيَعِيشُ بِالْبَرِّ (وَجُزْئِهِ) أَيْ بَعْضِهِ فَكَمَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِكُلِّهِ يَحْرُمُ لِبَعْضِهِ كَذَنَبِهِ وَأُذُنِهِ وَرِيشِهِ (وَبَيْضِهِ) وَلَمَّا كَانَ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ حَرَامًا وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الدَّوَامِ نَبَّهَ عَلَى حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (وَلْيُرْسِلْهُ) وُجُوبًا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَكَانَ (بِيَدِهِ أَوْ) بِيَدِ (رُفْقَتِهِ) الَّذِينَ مَعَهُ فِي قَفَصٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَتَلِفَ وَدَاهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (وَ) إذَا أَرْسَلَهُ (زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) حَالًا وَمَآلًا فَلَوْ أَخَذَهُ أَحَدٌ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِالْوَحْشِ فَقَدْ مَلَكَهُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ الْأَصْلِيِّ أَخْذُهُ مِنْهُ (لَا) إنْ كَانَ الصَّيْدُ حَالَ إحْرَامِهِ (بِبَيْتِهِ) فَلَا يُرْسِلُهُ وَمِلْكُهُ بَاقٍ (وَهَلْ) عَدَمُ وُجُوبِ إرْسَالِهِ وَعَدَمُ زَوَالِ مِلْكِهِ مُطْلَقًا (وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ مَحِلُّهُ إنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَ إرْسَالُهُ (تَأْوِيلَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَافِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ: وَهُوَ جَبَلٌ، قِيلَ: سُمِّيَ ذَلِكَ الْجَبَلُ بِالْمَقْطَعِ لِقَطْعِ الْحَجَرِ مِنْهُ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتَهِي لِلْجِعْرَانَةِ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ إذْ لَيْسَتْ الْجِعْرَانَةِ مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ وَصَوَابُهُ لَوْ قَالَ وَيَنْتَهِي إلَى عَرَفَةَ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَأَمَّا حَدُّ الْحَرَمِ مِنْ جِهَةِ الْجِعْرَانَةِ فَهُوَ كَمَا فِي مَنَاسِكِ الْمُؤَلِّفِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ أَيْضًا إلَى مَوْضِعٍ سَمَّاهُ التَّادَلِيُّ شِعْبَ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ وَإِلَّا فَالْحُدَيْبِيَّةُ مِنْ الْحَرَمِ وَهِيَ قَرْيَةٌ صَغِيرَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِحُدَّةَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ) أَيْ وَأَمَّا سَيْلُهُ إذَا جَرَى لِجِهَةِ الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَنْزِلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: تَعَرُّضٌ لِحَيَوَانٍ بَرِّيٍّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَحِّشٌ فَلَا يَجُوزُ اصْطِيَادُهُ وَلَا التَّسَبُّبُ فِي اصْطِيَادِهِ وَقَوْلُنَا وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَحِّشٌ خَرَجَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ وَخَرَجَ بِالْبَرِّيِّ الْحَيَوَانُ الْبَحْرِيُّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ اصْطِيَادُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] . (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الَّذِي يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ السُّلَحْفَاةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا الْكَلْبُ) أَيْ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الَّذِي يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ الْكَلْبُ الْإِنْسِيُّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا بَرِّيًّا لَكِنْ لَيْسَ مِمَّا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَا فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ جَائِزٌ بَلْ يُنْدَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ مُطْلَقًا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَيْسَ مِنْ الصَّيْدِ الْكَلْبُ إلَخْ وإلَّا فَهُوَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ قَطْعًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَنَّسَ) أَيْ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى تَوَحُّشِهِ بَلْ وَإِنْ تَأَنَّسَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ إنْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ إنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِلْمَأْكُولِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَوَّمُ) أَيْ غَيْرُ الْمَأْكُولِ. (قَوْلُهُ: وَيَعِيشُ فِي الْبَرِّ) أَيْ لِكَوْنِهِ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِطَيْرِ الْمَاءِ مَا يَطِيرُ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ لِأَنَّ هَذَا سَمَكٌ يَجُوزُ صَيْدُهُ لِلْمُحْرِمِ. (قَوْلُهُ: وَجُزْئِهِ) عَطْفٌ عَلَى حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْضِهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ " جُزْءِ " فِي الْمَتْنِ يُقْرَأُ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ح وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِ الْمَنَاسِكِ: وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِأَبْعَاضِ الصَّيْدِ وَبَيْضِهِ اهـ وَقَدْ يُبْحَثُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ بِأَنَّ الْجُزْءَ مُسْتَغْنًى عَنْ ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ فُرِضَ مُتَّصِلًا فَالتَّعَرُّضُ لَهُ تَعَرُّضٌ لِلْكُلِّ أَيْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ، وَإِنْ فُرِضَ مُنْفَصِلًا فَإِمَّا مَيْتَةٌ بِأَنْ كَانَ ذَكَّاهُ مُحْرِمٌ، أَوْ حَلَالٌ فِي حَرَمٍ، أَوْ كَانَ بِلَا ذَكَاةٍ فَهَذَا يَأْتِي، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَيْتَةً فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ أَيْ أَكْلُهُ، وَضَبَطَهُ ابْنُ غَازِيٍّ " وَجَرْوِهِ " بِالرَّاءِ وَالْوَاوِ أَيْ أَوْلَادِهِ وَقَدْ يُقَالُ ذِكْرُ الْجَرْوِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَبَيْضِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِلْبَيْضِ فَأَوْلَى جَرْوُهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلِيُرْسِلْهُ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَعْطُوفَةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ وَهِيَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَنْتَ قَدْ ذَكَرْت حُرْمَةَ التَّعَرُّضِ لِلْبَرِّيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَمَا حُكْمُهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فَقَالَ وَلْيُرْسِلْهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي قَفَصٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكَانَ بِيَدِهِ وَلِقَوْلِهِ، أَوْ كَانَ بِيَدِ رُفْقَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَلِفَ) أَيْ قَبْلَ إرْسَالِهِ دِيَتَهُ أَيْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَدَاهُ) أَيْ دَفَعَ دِيَتَهُ أَيْ جَزَاءَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ أَحَدٌ) أَيْ بَعْدَ إفْلَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: قَبْلَ لُحُوقِهِ بِالْوَحْشِ إلَخْ، وَأَوْلَى لَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِهَا وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ مَآلًا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ حَالًا أَنَّهُ لَوْ أَفْلَتَهُ أَحَدٌ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِرَبِّهِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ إذَا فَرَغَ مِنْ إحْرَامِهِ وَخَرَجَ لِلْحِلِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَحِلُّهُ إنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ إرْسَالُهُ) أَيْ وَزَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَهُمَا عَلَى قَوْلِهَا وَمَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا

وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْقَفَصِ مَثَلًا أَنَّ الْقَفَصَ حَامِلٌ لَهُ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ، وَالْبَيْتَ مُرْتَحَلٌ عَنْهُ وَغَيْرُ مُصَاحِبٍ لَهُ، وَإِذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِلْبَرِّيِّ (فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكُهُ) لَا بِشِرَاءٍ وَلَا بِقَبُولِهِ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً، أَوْ إقَالَةً وَأَمَّا دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ جَبْرًا كَالْمِيرَاثِ وَالْمَرْدُودِ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ (وَلَا يُسْتَوْدَعُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَقْبَلُهُ مِنْ الْغَيْرِ وَدِيعَةً فَإِنْ قَبِلَهُ رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَإِلَّا أَوْدَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أَرْسَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ (وَرُدَّ) الصَّيْدُ الْمُودَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ) بِالْكَسْرِ وَلَمْ يَقُلْ " رَبَّهُ " مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِيَشْمَلَ وَكِيلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْدَعَهُ عِنْدَ حَلَالٍ إنْ أَمْكَنَهُ (وَإِلَّا) يَجِدْ رَبَّهُ وَلَا حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ (بَقِيَ) بِيَدِهِ وَلَا يُرْسِلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ " وَرُدَّ " مُفَرَّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ لِتَغَايُرِ التَّصْوِيرِ كَمَا عَلِمْت (فِي صِحَّةِ شِرَائِهِ) أَيْ شِرَاءِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ مِنْ حَلَالٍ وَيُرْسِلُهُ وَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَوْ رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ وَفَسَادُهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ لِلْبَائِعِ (قَوْلَانِ) . ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لِلْبَرِّيِّ قَوْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُرْسِلُهُ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ اهـ بْن وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ قُلْتُمْ إذَا كَانَ الصَّيْدُ فِي بَيْتِهِ حَالَ إحْرَامِهِ فَلَا يُرْسِلُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي قَفَصٍ حَالَ إحْرَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي الْبَيْتِ وَكَوْنِهِ فِي الْقَفَصِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالصَّيْدُ الَّذِي فِيهِ كَالصَّيْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَجِدُّ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا عَلَى قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ وَلَا عَلَى قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِرْسَالِ وَزَوَالَ الْمِلْكِ كَافٍ فِي إفَادَةِ النَّهْيِ عَنْ تَجَدُّدِ مِلْكِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِتَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النَّهْيِ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُ فَلَا يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ فَلِهَذَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ اهـ عَدَوِيٌّ ثُمَّ إنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ زَائِدَتَانِ لِتَأْكِيدِ النَّهْيِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْهَى نَهْيًا مُؤَكَّدًا عَنْ تَجْدِيدِ مِلْكِ الصَّيْدِ أَيْ إحْدَاثِ مِلْكِهِ مَا دَامَ مُحْرِمًا لَا لِلطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ لَا عَنْ طَلَبِ تَجَدُّدِهِ وَمَحِلُّ النَّهْيِ عَنْ اسْتِحْدَاثِ الْمُحْرِمِ مِلْكَ الصَّيْدِ بِشِرَاءٍ أَوْ قَبُولِ هِبَةٍ إلَخْ إذَا كَانَ الصَّيْدُ حَاضِرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَدْخُلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُ الْمُحْرِمِ عَنْ صَيْدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الصَّيْدَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُحْرِمِ جَبْرًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْحُكْمِ وَكَذَا إذَا بَاعَ صَيْدًا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ إحْرَامِهِ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِ إلْزَامًا بِالْحُكْمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ عَيْبًا فِي صَيْدٍ اشْتَرَاهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ وَيُرْسِلُهُ، وَإِحْرَامُهُ يُفِيتُ رَدَّهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَقْبَلُهُ مِنْ الْغَيْرِ وَدِيعَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حَلَالًا، أَوْ مُحْرِمًا. (قَوْلُهُ: رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا فِي ح وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا قَبِلَهُ يُوجِبُ إرْسَالَهُ بِلَا تَفْصِيلٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالشَّارِحُ بَهْرَامُ وَسَلَّمَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ قَبُولِهِ كَانَ مُحْرِمًا، أَوْ لَا أَرْسَلَهُ الْمُحْرِمُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَيَسَّرَ رَفْعُهُ لِلْحَاكِمِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَوْدَعَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَائِبًا أَوْدَعَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ قِيمَتَهُ) أَيْ لِرَبِّهِ وَمَحِلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا كَانَ رَبُّهُ حَلَالًا حِينَ الْإِيدَاعِ وَلَوْ طَرَأَ إحْرَامُهُ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُودَعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ عَمَّا غَابَ مِنْ الصَّيْدِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَبُّهُ مُحْرِمًا حِينَ الْإِيدَاعِ فَإِنَّ الْمُودَعَ يُرْسِلُهُ وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَا يُطَالِبُ بِرَدِّهِ لِيُرْسِلَهُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ) أَيْ حَلَالًا أَوْ مُحْرِمًا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ قَوْلُهُ " وَرُدَّ " مُفَرَّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ ارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ رَدَّهُ إنْ وَجَدَ صَاحِبَهُ، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: لِتَغَايُرِ التَّصْوِيرِ) لِأَنَّ إبْقَاءَهُ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ إذَا لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُودِعُ لَهُ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَبِلَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ وَأَمَّا إذَا قَبِلَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَلَمْ يَجِدْ رَبَّهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُودِعَهُ عِنْدَهُ وَجَبَ إرْسَالُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إبْقَاؤُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تِسْعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ: إمَّا أَنْ يُودِعَهُ حَلَالٌ عِنْدَ حَلَالٍ، ثُمَّ يُحْرِمَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ، أَوْ يُودِعَهُ حَلَالٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ، أَوْ يُودِعَهُ مُحْرِمٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَجِدَ الْمُودَعُ - بِالْفَتْحِ - رَبَّ الصَّيْدِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَجِدَهُ لَكِنْ يَجِدُ حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَجِدَ رَبَّهُ وَلَا مَنْ يُودِعُهُ عِنْدَهُ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعٌ تُفْهَمُ أَحْكَامُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ شِرَائِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَسْتَجِدَّ مِلْكًا لِلصَّيْدِ فَلَوْ وَقَعَ وَاشْتَرَى الْمُحْرِمُ صَيْدًا مِنْ حَلَالٍ فَهَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَوْ فَاسِدٌ وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ لِبَائِعِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَعَلَى الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ وَلَا إرْسَالُهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يَفُتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَلَالٍ) أَيْ وَأَمَّا مِنْ مُحْرِمٍ فَهُوَ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ لِيُرْسِلَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ كَمَا قَالَهُ ح خِلَافًا لِمَا قَالَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمُحْرِمُ لِلْبَائِعِ قِيمَتَهُ لَا ثَمَنَهُ وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ لَنَا بَيْعٌ صَحِيحٌ يُضْمَنُ

(إلَّا الْفَأْرَةَ) وَيُلْحَقُ بِهَا ابْنُ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ مِنْ الدَّوَابِّ (وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ) وَيُلْحَقُ بِهَا الزُّنْبُورُ أَيْ ذَكَرُ النَّحْلِ (مُطْلَقًا) كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً بَدَأَتْ بِالْأَذِيَّةِ أَمْ لَا (وَغُرَابًا) أَسْوَدَ أَوْ أَبْقَعَ وَهُوَ مَا خَالَطَ سَوَادَهُ بَيَاضٌ (وَحِدَأَةً) بِوَزْنِ عِنَبَةٍ فَيَجُوزُ قَتْلُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ لَا بِنِيَّةِ تَذْكِيَتِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهَا (وَفِي) جَوَازِ قَتْلِ (صَغِيرِهِمَا) أَيْ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَصِلْ لِحَدِّ الْإِيذَاءِ (خِلَافٌ) وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ مَا فَسَّرَ بِهِ الْكَلْبَ الْعَقُورَ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ (كَعَادِي سَبُعٍ كَذِئْبٍ) وَأَسَدٍ وَنِمْرٍ وَفَهْدٍ (إنْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَقَتْلُهَا لِدَفْعِ شَرِّهَا فَإِنْ قَتَلَهَا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهَا مُنِعَ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّيْرِ وَالْوَزَغِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (كَطَيْرٍ خِيفَ) مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَلَا يَنْدَفِعُ (إلَّا بِقَتْلِهِ وَ) إلَّا (وَزَغًا) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ (لِحِلٍّ بِحَرَمٍ) إذْ لَوْ تَرَكَهَا الْحَلَالُ بِالْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فِي الْبُيُوتِ وَحَصَلَ مِنْهَا الضَّرَرُ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُطْعِمْ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ أَيْ حَفْنَةً كَسَائِرِ الْهَوَامِّ. ثُمَّ شُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلُهُ (كَأَنْ) (عَمَّ الْجَرَادُ) بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَلَا حُرْمَةَ لِلضَّرُورَةِ (وَاجْتَهَدَ) الْمُحْرِمُ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (وَإِلَّا) يَعُمَّ، أَوْ عَمَّ وَلَمْ يَجْتَهِدْ وَقَتَلَ شَيْئًا (فَقِيمَتُهُ) طَعَامًا بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ (وَفِي) قَتْلِ الْجَرَادَةِ (الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ) مِنْ طَعَامٍ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إلَى الْعَشَرَةِ هَذَا فِي قَتْلِهَا يَقَظَةً بَلْ (وَإِنْ) قَتَلَهَا (فِي نَوْمٍ كَدُودٍ) وَنَمْلٍ وَذَرٍّ وَذُبَابٍ فَفِيهِ حَفْنَةٌ بِيَدٍ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا فَالتَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لَكِنَّ النَّصَّ أَنَّ فِي الدُّودِ وَمَا بَعْدَهُ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ (وَالْجَزَاءُ) وَاجِبٌ (بِقَتْلِهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ (وَإِنْ) قَتَلَهُ (لِمَخْمَصَةٍ) أَيْ شِدَّةِ مَجَاعَةٍ تُبِيحُ الْمَيْتَةَ (وَجَهْلٍ) لِحُكْمِ قَتْلِهِ أَوْ لِعَيْنِهِ (وَنِسْيَانٍ) أَيْ نَسِيَ أَنَّهُ مُحْرِمٌ، أَوْ فِي الْحَرَمِ، أَوْ نَسِيَ أَنَّ هَذَا صَيْدٌ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلَا إثْمَ فِي هَذَيْنِ كَالْمَخْمَصَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ (وَتَكَرَّرَ) الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ قَتْلِ الصَّيْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْفَأْرَةَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهَا لِلْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ قَتْلِ صَغِيرِهِمَا) أَيْ وَعَدَمِ الْجَوَازِ فَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِلَفْظِ غُرَابٍ الْوَاقِعِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ يَتَحَقَّقُ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ وَهِيَ الْإِيذَاءُ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ شَهَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَالثَّانِي شَهَّرَهُ ابْنُ هَارُونَ. (قَوْلُهُ: كَعَادِي سَبُعٍ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُ الْعَادِي مِنْ السِّبَاعِ إنْ كَانَ كَبِيرًا وَكَانَ قَتْلُهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ. (قَوْلُهُ: كَطَيْرٍ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُ الطَّيْرِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ عَلَى النَّفْسِ، أَوْ الْمَالِ وَلَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ إذَا كَانَ قَتْلُهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ لَا بِقَصْدِ ذَكَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ) أَيْ يَحْرُمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَمَا فِي الْمَنَاسِكِ مِنْ الْكَرَاهَةِ قَالَ طفى الْمُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلتَّنْزِيهِ مَا قَالَ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ الْإِطْعَامُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا لِلتَّنْزِيهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ شُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا جَزَاءَ فِي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ. (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ فَالْمَعْنَى عَلَى التَّقْيِيدِ أَيْ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَلَا حُرْمَةَ إذَا كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ وَمَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَفْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ طَعَامًا) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَعَيُّنُ الْحَفْنَةِ فِي الْوَاحِدَةِ لِلْعَشْرِ وَالْقِيمَةِ طَعَامًا فِيمَا زَادَ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَلَوْ شَاءَ الصِّيَامَ لَحُكِمَ عَلَيْهِ بِصَوْمِ يَوْمٍ اُنْظُرْ طفى وَالْمَوَّاقَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ) أَيْ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ النَّصَّ إلَخْ أَجَابَ طفى بِأَنَّ الْقَبْضَةَ وَالْحَفْنَةَ مُتَقَارِبَانِ وَالْخَطْبَ سَهْلٌ. (قَوْلُهُ: قَبْضَةً) أَيْ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ كَمَا فِي حَاشِيَةِ خش وَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْجَرَادَ وَالدُّودَ لَيْسَا كَالْقَمْلَةِ وَالْقَمَلَاتِ؛ لِأَنَّ الْقَمْلَةَ وَالْقَمَلَاتِ لِعَشَرَةٍ فِيهَا حَفْنَةٌ وَمَا زَادَ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَفِي الْجَرَادَةِ الْوَاحِدَةِ لِعَشَرَةٍ حَفْنَةٌ وَمَا زَادَ فِيهِ الْقِيمَةُ وَالدُّودُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ قَبْضَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَ لِلْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ تَارَةً يَقْتُلُهُ وَتَارَةً لَا يَقْتُلُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ فَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ قَالَ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ وَلَا فِيمَا تَكَرَّرَ. (قَوْلُهُ: وَلَا إثْمَ فِي هَذَيْنِ إلَخْ) قَالَ بْن فِي سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالْجَهْلِ نَظَرٌ لِجَزَاءِ الْإِقْدَامِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا سُقُوطَ الْإِثْمِ إلَّا فِي النِّسْيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَالْمَخْمَصَةِ) قَالَ خش فِي كَبِيرِهِ وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ لِلْمَخْمَصَةِ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاهُ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْجَزَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَنَفْيِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: وَتَكَرَّرَ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ قَتْلِ الصَّيْدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ " تَكَرَّرَ " فِعْلٌ مَاضٍ وَالْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى مَخْمَصَةٍ، وَأَنَّ اللَّامَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ مُصَاحِبًا لِتَكَرُّرٍ لَا لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ التَّكَرُّرَ لَيْسَ

(كَسَهْمٍ) رَمَاهُ حِلٌّ بِحِلٍّ وَ (مَرَّ) السَّهْمُ (بِالْحَرَمِ) أَيْ فِيهِ فَجَاوَزَهُ وَأَصَابَ صَيْدًا بِالْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ (وَكَلْبٍ) أَرْسَلَهُ حَلَالٌ عَلَى صَيْدٍ بِالْحِلِّ (تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ) مِنْ الْحَرَمِ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ تُوصِلُهُ لِلصَّيْدِ إلَّا مِنْ الْحَرَمِ فَالْجَزَاءُ، وَإِلَّا فَلَا (أَوْ قَصَّرَ) رَبُّهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَوْ فِي الْحَرَمِ (فِي رَبْطِهِ) فَانْفَلَتَ وَقَتَلَ صَيْدًا (أَوْ أَرْسَلَ) كَلْبَهُ، أَوْ بَازَهُ مِنْ الْحِلِّ (بِقُرْبِهِ) أَيْ قُرْبِ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهُ (فَقَتَلَ خَارِجَهُ) فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ فِي الْكُلِّ، وَأَمَّا لَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ إدْخَالِهِ الْحَرَمَ فَيُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَأْخُذُ الصَّيْدَ قَبْلَ الْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ وَقَتَلَهُ فِيهِ أَوْ أَخْرَجَهُ وَقَتَلَهُ خَارِجَهُ فَلَا جَزَاءَ وَلَكِنْ لَا يُؤْكَلُ (وَطَرْدِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَتْلِهِ أَيْ وَالْجَزَاءُ فِي قَتْلِهِ وَفِي طَرْدِهِ (مِنْ حَرَمٍ) إلَى الْحِلِّ فَصَادَهُ صَائِدٌ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ عَوْدِهِ لِلْحَرَمِ، أَوْ شَكَّ فِي هَلَاكِهِ وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَالْجَزَاءُ عَلَى الطَّارِدِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَنْجُو بِنَفْسِهِ كَالْغَزَالِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى طَارِدِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ طَرْدَهُ لَا أَثَرَ لَهُ (وَرَمْيٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ (أَوْ) رَمْيٍ مِنْ الْحِلِّ (لَهُ) أَيْ لِلْحَرَمِ فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا. (وَتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ) عَطْفٌ عَلَى " قَتْلِهِ " أَيْضًا أَيْ وَالْجَزَاءُ فِي تَعْرِيضِ صَيْدِ لِتَلَفِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِلَّةً لِلْقَتْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَتَلَ صُيُودًا فَإِنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ بِتَكَرُّرِ الْقَتْلِ سَوَاءٌ نَوَى التَّكَرُّرَ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ تَكَرُّرِ الْجَزَاءِ بِتَكَرُّرِ الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: وَكَسَهْمٍ وَكَلْبٍ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْجَزَاءُ) أَيْ وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ قَرُبَ مَحِلُّ الرَّامِي، أَوْ بَعُدَ عَنْهُ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ فَأَشْهَبُ يَقُولُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُوَافِقُ أَشْهَبَ عَلَى الْأَكْلِ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ بِشَرْطِ الْبُعْدِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَحِلِّ الرَّامِي وَالْحَرَمِ قُرْبٌ كَانَ مَيْتَةً وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّامِي وَالْحَرَمِ مَسَافَةٌ لَا يَقْطَعُهَا السَّهْمُ غَالِبًا فَوَافَقَ فِي مَقْدُورِ اللَّهِ أَنَّهُ قَطَعَهَا وَمَرَّ بِطَرَفِ الْحَرَمِ لِقُوَّةٍ حَصَلَتْ لِلرَّامِي اهـ عَدَوِيٌّ وَقَدْ جَعَلَ اللَّخْمِيُّ هَذَا الْخِلَافَ الَّذِي فِي مَسْأَلَةِ السَّهْمِ جَارِيًا فِي مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ الَّذِي مَرَّ مِنْ الْحَرَمِ وَاخْتَارَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَكْلَ وَعَدَمَ الْجَزَاءِ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ طَرِيقُهُ مُتَعَيَّنَةً مِنْ الْحَرَمِ إلَّا أَنَّهُ ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَلَا جَزَاءَ؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ فِعْلًا فَعُدُولُهُ لِلْحَرَمِ مِنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ السَّهْمِ فَمِنْ الرَّامِي عَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ مِنْ الْحَرَمِ قَيْدٌ فِي الْكَلْبِ فَقَطْ وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي تَقْيِيدِ الْكَلْبِ بِمَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهَذَا قَوْلٌ رَابِعٌ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ حِلٌّ كَلْبًا وَهُوَ فِي الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِيهِ فَمَرَّ الْكَلْبُ فِي الْحَرَمِ فَلَمَّا جَاوَزَهُ قَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ مُطْلَقًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ إنْ بَعُدَ مَحِلُّ الْإِرْسَالِ مِنْ الْحَرَمِ، وَإِلَّا فَالْجَزَاءُ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنْ تَعَيَّنَ الْحَرَمُ طَرِيقًا لَهُ فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الِاصْطِيَادِ قُرْبَ الْحَرَمِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ مُبَاحٌ إذَا سَلِمَ مِنْ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إمَّا مَنْعًا، أَوْ كَرَاهَةً بِحَسَبِ فَهْمِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَالرَّاتِعِ يَرْتَعُ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» قَالَ ح وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ وَإِنْ قَتَلَهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالتُّونُسِيِّ وَيُؤْكَلُ حَيْثُ كَانَ الصَّائِدُ حَلَالًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ اُنْظُرْ ح وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُوَ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ لَكِنْ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْجَزَاءِ فِيهَا تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ " خَارِجَهُ " حَالًا مِنْ فَاعِلِ قَتَلَ أَيْ فَقَتَلَ فِي حَالِ كَوْنِهِ خَارِجًا مِنْهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْكَلُ فِي الْكُلِّ) أَيْ لِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ أَرْسَلَهُ بِقُرْبِهِ. (قَوْلُهُ: وَطَرْدِهِ مِنْ حَرَمٍ) أَيْ وَأَمَّا طَرْدُهُ عَنْ طَعَامِك وَرَحْلِك فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِهِ فَالْجَزَاءُ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: فَصَادَهُ صَائِدًا إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي ح أَنَّهُ إنْ طَرَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ فَإِنْ عَادَ إلَى الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ، وَإِنْ صَادَهُ مِنْ الْحِلِّ صَائِدٌ فَالْجَزَاءُ، وَإِنْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا فِي الْحِلِّ فَإِنْ كَانَ فِي مَحِلٍّ مُمَنَّعٍ تَحَقَّقَ مَنْعَتَهُ فِيهِ فَلَا جَزَاءَ، وَإِلَّا فَالْجَزَاءُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَنْجُو إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ يُونُسَ قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الطَّرْدِ وَحِينَئِذٍ فَيُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَصَادَهُ صَائِدٌ وَلِقَوْلِهِ، أَوْ هَلَكَ قَبْلَ عَوْدِهِ وَلِقَوْلِهِ، أَوْ شَكَّ فِي هَلَاكِهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش. (قَوْلُهُ: عَلَى طَارِدِهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ التَّلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ صِيدَ. (قَوْلُهُ: فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ نَظَرًا لِابْتِدَاءِ الرَّمْيَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ نَظَرًا لِمَحِلِّ الْإِصَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْكَلُ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا) أَيْ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْرِيضِهِ) أَيْ تَعْرِيضِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّيْدُ مِنْ مُحْرِمٍ وَحَلَالٍ فِي الْحَرَمِ وَلَيْسَ مِنْ تَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ كَوْنُ الْغَيْرِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ جُرْحِهِ لَهُ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْبِسَاطِيُّ وَسَلَّمَهُ تت؛ لِأَنَّهُ مَهْمَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْ الْجُرْحِ، أَوْ بَرِئَ مِنْهُ بِنَقْصٍ وَالْتَحَقَ.

كَنَتْفِ رِيشِهِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّيَرَانِ وَلَمْ تُعْلَمْ سَلَامَتُهُ (وَجَرْحِهِ) جُرْحًا لَمْ يُنْفِذْ مَقَاتِلَهُ وَغَابَ (وَلَمْ تُتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ) فِيهِمَا فَإِنْ تَحَقَّقَتْ أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ (وَلَوْ بِنَقْصٍ) فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي النَّقْصِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ الْقَائِلِ يَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ (وَكَرَّرَ) الْجَزَاءَ أَيْ أَخْرَجَهُ ثَانِيًا (إنْ أَخْرَجَ) أَوَّلًا (لِشَكٍّ) فِي مَوْتِهِ (ثُمَّ تَحَقَّقَ) أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ (مَوْتُهُ) بَعْدَ الْإِخْرَاجِ حَالَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَكَلَامُهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا تَحَقَّقَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مَوْتُهُ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: ثُمَّ مَاتَ وَحَذَفَ تَحَقَّقَ لَطَابَقَ النَّقْلَ مَعَ الِاخْتِصَارِ (كَكُلٍّ مِنْ) (الْمُشْتَرِكِينَ) فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فَيَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ بِتَعَدُّدِهِمْ أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ (وَ) وَالْجَزَاءُ (بِإِرْسَالٍ) لِكَلْبٍ أَوْ بَازٍ (لِسَبُعٍ) وَنَحْوَهُ مِمَّا يَجُوزُ قَتْلُهُ فَقَتَلَ غَيْرَهُ وَكَذَا إنْ أَرْسَلَهُ عَلَى سَبُعٍ فِي ظَنِّهِ فَإِذَا هُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ صَيْدُهُ كَحِمَارِ وَحْشٍ (أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ) أَيْ لِلسَّبُعِ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ. (وَ) الْجَزَاءُ عَلَى صَيْدٍ مُحَرَّمٍ (بِقَتْلِ غُلَامٍ) أَيْ عَبْدٍ وَمِثْلُهُ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ (أُمِرَ) أَيْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ (بِإِفْلَاتِهِ فَظَنَّ) الْغُلَامُ (الْقَتْلَ) أَيْ الْأَمْرَ بِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ أَيْضًا إنْ كَانَ مُحْرِمًا أَمَّا إنْ أَمَرَهُ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ فَعَلَى السَّيِّدِ جَزَاءَانِ إنْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ وَوَاحِدٌ إنْ كَانَ الْمُحْرِمُ أَحَدَهُمَا (وَهَلْ) لُزُومُ الْجَزَاءِ لِلسَّيِّدِ (إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّيْدِ بِأَنْ كَانَ هُوَ الَّذِي صَادَهُ، أَوْ أَذِنَ فِي اصْطِيَادِهِ ثُمَّ أَمَرَ الْعَبْدَ بِإِفْلَاتِهِ فَظَنَّ الْقَتْلَ فَإِنْ لَمْ يَتَسَبَّبْ بِأَنْ كَانَ هُوَ الَّذِي صَادَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى السَّيِّدِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَبْدِ إذْ لَمْ يَفْعَلْ السَّيِّدُ إلَّا خَيْرًا إذْ أَمَرَهُ بِالْإِفْلَاتِ (أَوْ لَا) بَلْ الْجَزَاءُ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِجِنْسِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِنَقْصٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَنَتْفِ رِيشِهِ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الطَّيَرَانِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ نَتَفَ رِيشَهُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّيَرَانِ إلَّا بِهِ وَأَمْسَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى نَبَتَ بَدَلُهُ وَأَطْلَقَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ وَالْجُرْحِ فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَقْصٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِنَقْصٍ بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ - سَلِيمًا - ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ - وَمَعِيبًا - مُدَّيْنِ لَزِمَهُ مُدٌّ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَخْرَجَ لِشَكٍّ) أَيْ لِأَجْلِ شَكٍّ نَشَأَ عَنْ رَمْيِ الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ) أَيْ حُصُولُ مَوْتِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ حَالَةَ الشَّكِّ وَلَوْ كَانَتْ الرَّمْيَةُ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ قَبْلَ وُجُوبِهِ) أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الشَّكِّ أَيْ أَنَّهُ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ ثَانِيًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا عَلَى شَكِّهِ لَمْ يَتَكَرَّرْ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَمَى صَيْدًا فَشَكَّ فِي مَوْتِهِ فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى شَكِّهِ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ ثَانِيًا، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ مَوْتَهُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ لَزِمَهُ إخْرَاجُ الْجَزَاءِ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ) إمَّا بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ، أَوْ بِالْجَمْعِ وَأَلْ لِلْجِنْسِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فَيَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ بِتَعَدُّدِهِمْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا مُحِلِّينَ فِي الْحَرَمِ أَوْ مُحْرِمِينَ وَلَوْ بِغَيْرِهِ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَكَ حِلٌّ لَيْسَ بِالْحَرَمِ وَمُحْرِمٌ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ كَانَ الْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ عج مَا نَصُّهُ وَمَفْهُومُ الْمُشْتَرِكِينَ أَنَّهُ لَوْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَجَزَاؤُهُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إذَا قَتَلَهُ جَمِيعُهُمْ لِمَنْ فِعْلُهُ أَقْوَى فِي حُصُولِ الْمَوْتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ وَأَمَّا إذَا تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَعُلِمَ، أَوْ ظُنَّ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ ضَرْبَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ اخْتَصَّ بِقَتْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ عَنْ النَّجَاةِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَزَاءٌ بِمَثَابَةِ الْمُشْتَرِكِينَ. (قَوْلُهُ: فَقَتَلَ غَيْرُهُ) أَيْ وَتَرَكَ السَّبُعَ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْجَزَاءُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا جَزَاءَ فِيهِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ كَانَ الْمَحِلُّ يُتَخَوَّفُ فِيهِ عَلَى الصَّيْدِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الشَّرَكِ وَدَاهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِقَتْلِ غُلَامٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَانَ مَعَهُ صَيْدٌ فَأَمَرَ الْغُلَامَ أَنْ يُرْسِلَهُ فَظَنَّ الْغُلَامُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ الْغُلَامُ فَعَلَى سَيِّدِهِ جَزَاؤُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغُلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا فَعَلَى الْغُلَامِ جَزَاءٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِإِفْلَاتِهِ) أَيْ أَمَرَهُ بِالْقَوْلِ، أَوْ أَشَارَ لَهُ إشَارَةً ظَنَّ مِنْهَا الْقَتْلَ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْإِشَارَةُ لَا يَفْهَمُ غَيْرُهُ مِنْهَا الْقَتْلَ. (قَوْلُهُ: فَظَنَّ الْقَتْلَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَمْرِهِ لَهُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْإِفْلَاتِ، ثُمَّ قَتَلَهُ كَانَ الْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ وَحْدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ أَيْضًا إنْ كَانَ مُحْرِمًا) أَيْ وَلَا يَنْفَعُهُ خَطَؤُهُ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يَصُومَ الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ سَيِّدِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِهِ مِنْ مَالِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْهَدْيِ فَإِمَّا أَنْ يُهْدِيَ عَنْهُ السَّيِّدُ أَوْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ مِنْ مَالِهِ كَمَا قَالَ سَنَدٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) نَفْيٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ أَيْ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ لِلسَّيِّدِ تَسَبُّبُهُ فِيهِ بَلْ الْجَزَاءُ لَازِمٌ لَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَسَبَّبَ فِيهِ بِأَنْ أَذِنَ فِي اصْطِيَادِهِ، أَوْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ بِأَنْ

(تَأْوِيلَانِ) الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي. (وَ) الْجَزَاءُ وَاجِبٌ (بِسَبَبٍ) مِنْ أَسْبَابِ تَلَفِ الصَّيْدِ إنْ قَصَدَ بَلْ (وَلَوْ اتَّفَقَ) كَوْنُهُ سَبَبًا لِهَلَاكِ الصَّيْدِ (كَفَزَعِهِ) أَيْ الصَّيْدِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ (فَمَاتَ) وَكَمَا لَوْ رَكَّزَ رُمْحًا فَعَطِبَ فِيهِ الصَّيْدُ فَمَاتَ فَالْجَزَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَ) لَكِنَّ (الْأَظْهَرَ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ لَا ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَابْنِ الْمَوَّازِ (خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ: إنَّهُ لَا جَزَاءَ وَلَكِنْ لَا يُؤْكَلُ. وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ قَوْلُهُ (كَفُسْطَاطِهِ) أَيْ خَيْمَتِهِ إذَا تَعَلَّقَ الصَّيْدُ بَاطِنًا بِهَا فَمَاتَ (وَ) حَفْرِ (بِئْرٍ لِمَاءٍ) فَوَقَعَ الصَّيْدُ فِيهَا (وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَالدَّالُّ لَهُمَا مُحْرِمٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّيْدُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ فِي الْحِلِّ، أَوْ الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ (وَرَمْيِهِ) أَيْ رَمْيِ الْحَلَالِ صَيْدًا (عَلَى فَرْعٍ) فِي الْحِلِّ وَ (أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ) فَلَا جَزَاءَ وَيُؤْكَلُ نَظَرًا إلَى مَحِلِّهِ وَلَا نِزَاعَ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ إذَا كَانَ الْفَرْعُ فِي الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فِي الْحِلِّ (أَوْ) رَمْيِهِ صَيْدًا (بِحِلٍّ) فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِيهِ (وَتَحَامَلَ) وَدَخَلَ الْحَرَمَ (فَمَاتَ بِهِ) فَلَا جَزَاءَ (إنْ أَنْفَذَ) السَّهْمُ (مَقْتَلَهُ) فِي الْحِلِّ وَيُؤْكَلُ (وَكَذَا) لَا جَزَاءَ (إنْ لَمْ يُنْفِذْ) مَقْتَلَهُ فِي الْحِلِّ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَيُؤْكَلُ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الرَّمْيِ لَا بِوَقْتِ الْمَوْتِ (أَوْ) (أَمْسَكَهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ (لِيُرْسِلَهُ) لَا لِيَقْتُلَهُ (فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ) آخَرُ، أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُمْسِكِ بَلْ عَلَى الْقَاتِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَادَهُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَقَالَ لَهُ أَفْلِتْهُ فَقَتَلَهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَبِسَبَبٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ مُبَاشَرَةً وَبِسَبَبٍ هَذَا إذَا كَانَ السَّبَبُ مَقْصُودًا بَلْ وَلَوْ كَانَ اتِّفَاقِيًّا. (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ) أَيْ ذَلِكَ السَّبَبَ بِأَنْ حَفَرَ حُفْرَةً بِقَصْدِ وُقُوعِ الصَّيْدِ فِيهَا فَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ فَالْجَزَاءُ لَازِمٌ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُهُ سَبَبًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ جَعْلِهِ سَبَبًا وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ الصَّيْدَ مَعَ السَّبَبِ أَصْلًا لَكِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِهَلَاكِ الصَّيْدِ، وَأُخِذَ مِنْ كَوْنِ السَّبَبِ الِاتِّفَاقِيِّ يُوجِبُ جَزَاءَ الصَّيْدِ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ إنْسَانٌ بَابَهُ وَكَانَ قَبْلَ فَتْحِهِ مُسْتَنِدًا عَلَيْهِ جَرَّةُ عَسَلٍ مَثَلًا فَانْكَسَرَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَارَنَ الْإِتْلَافَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ نَارًا فِي مَحِلٍّ فَأَحْرَقَتْ دَارَ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُطْلِقِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُقَارِنْ التَّلَفَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ مَعَهُ مُنْدَرِجٌ فِي الْأَصَحِّ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْأَظْهَرِ وَالْأَوْلَى إبْدَالُ الْأَظْهَرِ بِالْأَرْجَحِ بِأَنْ يَقُولَ وَالْأَرْجَحُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ رَجَّحَ هَذَا الثَّانِيَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا جَزَاءَ) أَيْ فِي السَّبَبِ الِاتِّفَاقِيِّ. (قَوْلُهُ: وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ) أَيْ وَعَدَمِ أَكْلِ الصَّيْدِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَبِئْرٍ لِمَاءٍ وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ح. (قَوْلُهُ: وَحَفْرِ بِئْرٍ لِمَاءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَفْرُ فِي مَحِلٍّ يَجُوزُ لَهُ الْحَفْرُ فِيهِ، أَوْ لَا كَالطَّرِيقِ فَلَيْسَ مَا هُنَا كَمَا فِي الدِّيَاتِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّيْدَ لَيْسَ شَأْنُهُ لُزُومَ طَرِيقٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ اهـ عَدَوِيٌّ هَذَا وَقَدْ وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ فِي سُقُوطِ الْجَزَاءِ فِي مَسْأَلَةِ حَفْرِ الْبِئْرِ لِمَاءٍ وَخَالَفَهُ فِي مَسْأَلَةِ فَزَعِهِ فَمَاتَ وَقَالَ بِالْجَزَاءِ كَمَا مَرَّ قَالَ ح: وَهِيَ مُنَاقَضَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ) أَيْ لَا جَزَاءَ فِي أَنْ يَدُلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ صَادَهُ الْمُحْرِمُ، أَوْ الْحَلَالُ الْمَدْلُولُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْمُحْرِمِ الدَّالِّ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَكَذَلِكَ إذَا دَلَّ حِلٌّ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْحِلِّ الدَّالِّ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، وَالْجَزَاءُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَدْلُولِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، أَوْ كَانَ حَلَالًا وَكَانَ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: فَلَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ) أَيْ عَلَى الْمُحْرِمِ الدَّالِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى فَرْعٍ فِي الْحِلِّ) أَيْ خَارِجٍ عَنْ حَدِّ الْحَرَمِ لِدَاخِلِ الْحِلِّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْفَرْعُ مُسَامِتًا لِحَدِّ الْحَرَمِ، وَالطَّيْرُ فَوْقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّيْرُ عَلَى حَدِّ الْحَرَمِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا جَزَاءَ وَيُؤْكَلُ نَظَرًا إلَى مَحِلِّهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ نَظَرًا لِأَصْلِ الْفَرْعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا نِزَاعَ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ وَالْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْفَرْعِ وَأَصْلِهِ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِحِلٍّ) عَطْفٌ عَلَى فَرْعٍ أَيْ وَرَمْيِهِ حَالَ كَوْنِهِ بِحِلٍّ أَيْ وَالصَّائِدُ بِحِلٍّ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: فَمَاتَ بِهِ أَيْ فِي الْحَرَمِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى بِالْحَرَمِ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمَعْنَى: وَرَمْيِهِ عَلَى فَرْعٍ أَصْلُهُ بِالْحِلِّ وَهُوَ فَاسِدٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْحِلِّ وَالْفَرْعُ فِي الْحَرَمِ وَرَمَى عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي فَوْقَ الْفَرْعِ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ قَوْلُ التُّونُسِيِّ بِلُزُومِ الْجَزَاءِ وَلَا يُؤْكَلُ، وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَلَا يُؤْكَلُ، وَالثَّالِثُ قَوْلُ أَشْهَبَ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ وَيُؤْكَلُ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْهَا الثَّالِثَ فَاخْتِيَارُهُ مُنْصَبٌّ عَلَى نَفْيِ

(وَإِلَّا) بِأَنْ قَتَلَهُ مِنْهُ حَلَالٌ بِالْحِلِّ (فَعَلَيْهِ) أَيْ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الصَّيْدُ الَّذِي مَعَ الْمُحْرِمِ مِنْ جَزَاءٍ (وَغَرِمَ الْحِلُّ) الْقَاتِلُ (لَهُ) أَيْ لِلْمُحْرِمِ الْمُمْسِكِ (الْأَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا وَجَزَائِهِ إنْ لَمْ يَصُمْ فَإِنْ صَامَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْحَلَالِ بِشَيْءٍ (وَ) إنْ أَمْسَكَهُ (لِلْقَتْلِ) فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَهُمَا (شَرِيكَانِ) فِي قَتْلِهِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ. (وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ) أَوْ فِي الْحَرَمِ فَمَاتَ بِصَيْدِهِ بِسَهْمِهِ أَوْ كَلْبِهِ، أَوْ ذَبْحِهِ وَلَوْ بَعْدَ إحْلَالِهِ، أَوْ ذَبَحَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِدْهُ، أَوْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ أَوْ بِصَيْدِهِ، أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ (أَوْ) (صِيدَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحْرِمِ وَذَبَحَ حَالَ إحْرَامِهِ، أَوْ ذَبَحَهُ حَلَالٌ لَيُضَيِّفَ بِهِ الْمُحْرِمَ (مَيْتَةٌ) عَلَى كُلِّ أَحَدٍ (كَبَيْضِهِ) أَيْ بَيْضِ الصَّيْدِ كَنَعَامٍ وَحَمَامٍ مَا عَدَا الْإِوَزَّ وَالدَّجَاجَ إذَا كَسَرَهُ مُحْرِمٌ، أَوْ شَوَاهُ فَمَيْتَةٌ لَا يَأْكُلُهُ حَلَالٌ وَلَا مُحْرِمٌ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ وَقِشْرُهُ نَجِسٌ (وَفِيهِ) أَيْ فِيمَا صِيدَ لِلْمُحْرِمِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا (الْجَزَاءُ) عَلَى الْمُحْرِمِ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ وَلَوْ غَيْرَهُ (وَأَكَلَ) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا صَادَهُ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ وَأَمَّا لَوْ صَادَهُ مُحْرِمٌ فَالْجَزَاءُ عَلَيْهِ فَقَطْ أَكَلَ مِنْهُ أَحَدٌ، أَوْ لَا فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْغَيْرِ الْآكِلِ وَلَوْ مُحْرِمًا عَالِمًا؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ لَزِمَ الصَّائِدَ الْمُحْرِمَ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ أَكَلَ مَيْتَةً وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ (لَا) جَزَاءَ عَلَى الْآكِلِ (فِي أَكْلِهَا) أَيْ أَكْلِ مَيْتَةِ الصَّيْدِ الَّتِي تَرَتَّبَ جَزَاؤُهَا عَلَى صَائِدِهَا الْمُحْرِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَزَاءِ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ وَعَلَى الْأَكْلِ خِلَافًا لِلثَّانِي وَالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهِ) اخْتَارَ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ هُنَا قَوْلَ سَحْنُونٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ فَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ فِي الْحِلِّ فَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ وَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ الَّذِي أَمْسَكَهُ وَيَغْرَمُ الْحَلَالُ لَهُ قِيمَتَهُ طَعَامًا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ جَزَائِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا حَلَالَيْنِ فِي الْحَرَمِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا وَالْآخَرُ حَلَالًا بِالْحَرَمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ مِثْلُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَا مُحْرِمَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا بِالْحَرَمِ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْجَزَاءُ عَلَى الْمُحْرِمِ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَا بِالْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ) أَيْ نَظَرًا إلَى التَّسَبُّبِ وَالْمُبَاشَرَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْحَرَمِ) أَيْ أَوْ صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ بِصَيْدِهِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ صَيْدِ الْمُحْرِمِ وَلِمَا صَادَهُ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَبْحِهِ وَلَوْ بَعْدَ إحْلَالِهِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِصَيْدِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَبَحَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِدْهُ عَطْفٌ عَلَى مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِشَارَةٍ) أَيْ أَوْ مُنَاوَلَةِ سَوْطٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ صِيدَ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِهِ صَادَهُ حَلَالٌ، أَوْ حَرَامٌ كَانَ الْمُحْرِمُ الَّذِي صِيدَ لِأَجْلِهِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِيُبَاعَ لَهُ أَوْ يُهْدَى لَهُ، أَوْ لِيُضَيِّفَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَذَبَحَ حَالَ إحْرَامِهِ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَلَ الْمُحْرِمُ مِنْهُ شَيْئًا، أَوْ لَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَذَبَحَ حَالَ إحْرَامِهِ عَمَّا إذَا ذَبَحَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ فَقَطْ كَمَا فِي ح بِخِلَافِ مَا صَادَهُ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ وَلَوْ ذَبَحَ بَعْدَ إحْلَالِهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ ذَبَحَهُ حَلَالٌ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، أَوْ صِيدَ لَهُ أَيْ أَوْ ذَبَحَهُ حَلَالٌ لِيُضَيِّفَ بِهِ مُحْرِمًا وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الْحَلَالَ لَمْ يَصِدْهُ. (قَوْلُهُ: مَيْتَةٌ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيْتَةِ وَقَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِحَلَالٍ وَلَا لِمُحْرِمٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ الْبَيْضَ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ أَيْ جَنِينِ الصَّيْدِ لِكَوْنِهِ نَشَأَ عَنْهُ فَلَمَّا كَانَ الْجَنِينُ نَشَأَ عَنْ الْبَيْضِ نُزِّلَ الْبَيْضُ مَنْزِلَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَقِشْرُهُ نَجِسٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَزَّلُوا الْبَيْضَ مَنْزِلَةَ مَا نَشَأَ عَنْهُ وَهُوَ الْجَنِينُ وَحَكَمُوا عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمَيْتَةِ صَارَ حُكْمُ قِشْرِهِ النَّجَاسَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْضِ الْمَذِرِ، أَوْ مَا خَرَجَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِذَا عَلِمْت السَّبَبَ فِي نَجَاسَةِ الْبَيْضِ وَجَعْلِهِ كَالْمَيْتَةِ تَعْلَمُ أَنَّ بَحْثَ سَنَدٍ خِلَافُ الْمَذْهَبِ حَيْثُ قَالَ: أَمَّا مَنْعُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْبَيْضِ فَبَيِّنٌ وَأَمَّا مَنْعُ غَيْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ حَتَّى يَكُونَ بِفِعْلِ الْمُحْرِمِ مَيْتَةً وَلَا يَزِيدُ فِعْلُ الْمُحْرِمِ فِيهِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ عَلَى فِعْلِ الْمَجُوسِيِّ وَهُوَ إذَا شَوَى بَيْضًا، أَوْ كَسَرَهُ لَمْ يَحْرُمْ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ مَشْرُوعَةٍ وَالْمُحْرِمُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيْضَ يُمْنَعُ مِنْ أَكْلِهِ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُهُ وَقِشْرُهُ نَجِسٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا هَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْبَيْضَ مَيْتَةٌ وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ فَيُمْنَعُ مِنْ أَكْلِهِ الْمُحْرِمُ دُونَ غَيْرِهِ وَقِشْرُهُ طَاهِرٌ حَتَّى لِلْمُحْرِمِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَكَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَيْدٌ لِمُحْرِمٍ وَكَانَ الْآكِلُ مِنْهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ بِأَنْ كَانَ حَلَالًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَزَاءَ إنَّمَا يَلْزَمُ الْآكِلَ مِمَّا صِيدَ لِلْمُحْرِمِ لَهُ بِقَيْدَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْآكِلُ مُحْرِمًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ فَلَوْ كَانَ الْآكِلُ حَلَالًا فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَرُمَ أَكْلُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَكَذَا لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ صَادَهُ مُحْرِمٌ) أَيْ مَاتَ بِصَيْدِهِ، أَوْ ذَبْحِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِدْهُ. (قَوْلُهُ: فَالْجَزَاءُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُحْرِمِ الصَّائِدِ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ صِيدَ لِأَجْلِهِ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا. (قَوْلُهُ: عَالِمًا) أَيْ بِأَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ. (قَوْلُهُ: لَا فِي أَكْلِهَا) أَيْ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي أَكْلِ مَيْتَةِ الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ هُوَ أَوْ صَادَهُ مُحْرِمٌ غَيْرُهُ أَوْ صَادَهُ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ وَأَوْلَى مِنْ الْمُحْرِمِ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْحَلَالُ إذَا أَكَلَ مَيْتَةَ الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ الْمُحْرِمُ، أَوْ ذَبَحَهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ ذَلِكَ الْآكِلُ الْمُحْرِمُ أَوْ الْحَلَالُ أَنَّ

أَوْ فِي الْحَرَمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْآكِلُ مِنْهَا هُوَ الصَّائِدَ أَوْ غَيْرَهُ إذْ لَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ. (وَجَازَ) لِمُحْرِمٍ (مَصِيدُ حِلٍّ) أَيْ أَكْلُ مَصِيدِ حَلَالٍ (لِحِلٍّ) الصَّادِقُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ (وَإِنْ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا (سَيُحْرِمُ) إنْ تَمَّتْ ذَكَاتُهُ، أَوْ مَاتَ بِالصَّيْدِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (وَ) جَازَ (ذَبْحُهُ) أَيْ الْحَلَالِ (بِحَرَمٍ) أَيْ فِيهِ (مَا) أَيْ صَيْدًا (صِيدَ بِحِلٍّ) أَيْ فِيهِ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ وَلَوْ لِمُحْرِمٍ وَهَذَا فِي حَقِّ سَاكِنِي الْحَرَمِ وَأَمَّا الْآفَاقِيُّ الدَّاخِلُ فِي الْحَرَمِ بِصَيْدٍ مَعَهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْحَرَمِ. (وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ) فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ (بِخِلَافِ الْحَمَامِ) وَلَوْ رُومِيًّا مُتَّخَذًا لِلْفِرَاخِ فَلَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ مَا يَطِيرُ. (وَحَرُمَ بِهِ) أَيْ بِالْحَرَمِ (قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ) مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ كَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَشَجَرِ الطَّرْفَاءِ وَلَوْ اسْتُنِبْتَ نَظَرًا لِجِنْسِهِ وَكَمَا يَأْتِي فِي عَكْسِهِ (إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَا) بِالْقَصْرِ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ يُتَدَاوَى بِهِ وَمِثْلُهُمَا الْعَصَا وَالسِّوَاكُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ لِلْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ أَوْ قَطْعُهُ لِإِصْلَاحِ الْحَوَائِطِ (كَمَا يُسْتَنْبَتُ) مِنْ خَسٍّ وَسِلْقٍ وَكُرَّاثٍ وَبِطِّيخٍ وَخَوْخٍ وَنَحْوِهَا فَيَجُوزُ قَطْعُهُ (وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَلَا جَزَاءَ) عَلَى قَاطِعِ مَا حَرُمَ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ (كَصَيْدِ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ فَيَحْرُمُ وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَلَا جَزَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الصَّيْدَ مَصِيدُ مُحْرِمٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْحَرَمِ) أَيْ أَوْ الْحَلَالُ الَّذِي صَادَهُ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُحْرِمًا صِيدَ لِأَجْلِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَيُحْرِمُ) مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: إنْ تَمَّتْ إلَخْ) شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ إنْ كَانَ سَيُحْرِمُ فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ ذَكَاتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بَلْ بَعْدَهُ كَانَ مَيْتَةً لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ إذَا كَانَ تَمَامُ ذَكَاتِهِ بَعْدَ إحْرَامِ الْمَصِيدِ لَهُ الَّذِي كَانَ حَلَالًا وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَادَهُ مُحْرِمٌ إذَا لَمْ تَتِمَّ ذَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الصَّائِدِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَلَالِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ الصَّيْدِ مُطْلَقًا لَا فِي الْحِلِّ وَلَا فِي الْحَرَمِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَجَازَ ذَبْحُهُ أَيْ الشَّخْصِ سَوَاءٌ كَانَ حَلَالًا، أَوْ مُحْرِمًا فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: مَا صِيدَ بِحِلٍّ) أَيْ مَا صَادَهُ حَلَالٌ بِحِلٍّ وَأَمَّا مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَدَخَلَ بِهِ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لَا لِحِلٍّ وَلَا لِمُحْرِمٍ فَقَوْلُ عبق صَادَهُ حَلَالٌ، أَوْ مُحْرِمٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ مُحْرِمٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآفَاقِيُّ الدَّاخِلُ فِي الْحَرَمِ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَهُ مُحْرِمًا، أَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ) فَإِنْ أَبْقَاهُ عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ وَذَبَحَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ وَدَاهُ سَوَاءٌ كَانَ حِينَ دُخُولِهِ الْحَرَمَ بِالصَّيْدِ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا أَمَّا الْمُحْرِمُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الْحَلَالُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ صَارَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَجْرِي فِي الْحَلَالِ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْإِوَزُّ بِصَيْدٍ) أَيْ إذَا كَانَ بَرِّيًّا وَأَمَّا الْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ فَهُوَ صَيْدٌ كَبَقَرِ الْوَحْشِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ بَيْضِهِمَا وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ، وَإِبِلٍ إذَا كَانَتْ مُتَأَنِّسَةً لَا مُتَوَحِّشَةً لِأَنَّهَا صَيْدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رُومِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ وَحْشِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ رُومِيًّا. (قَوْلُهُ: مُتَّخَذًا لِلْفِرَاخِ) هَذَا بَيَانٌ لِلْحَمَامِ الرُّومِيِّ فَهُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلْوِلَادَةِ لَا لِلطَّيَرَانِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُؤْكَلُ أَيْ لَا هُوَ وَلَا بَيْضُهُ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ بِهِ قَطْعُ إلَخْ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِيَنْبُتُ أَيْ حَرُمَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مُحْرِمًا، أَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ أَفَاقِيًّا، أَوْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ فِي الْحَرَمِ بِنَفْسِهِ أَيْ وَلَوْ كَانَ قَطْعُهُ لِإِطْعَامِ الدَّوَابِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ. (قَوْلُهُ: وَشَجَرِ الطَّرْفَاءِ) أَيْ وَكَذَا شَجَرُ أُمِّ غَيْلَانَ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْإِذْخِرَ) نَبْتٌ مَعْرُوفٌ كَالْحَلْفَاءِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَاحِدُهُ إذْخِرَةٌ وَجَمْعُ إذْخِرٍ أَذَاخِرُ كَأَفَاعِلَ وَقَوْلُهُ: إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَا أَيْ فَيَجُوزُ قَطْعُهُمَا وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا أَيْ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُسْتَنْبَتُ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ قَطْعُ مَا يُسْتَنْبَتُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْحِنْطَةِ وَالْقِثَّاءِ وَالْعُنَّابِ وَالْعِنَبِ وَالنَّخْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) أَيْ هَذَا إذَا اسْتُنِبْتَ بِمُعَالَجَةٍ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ إنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَصَيْدِ الْمَدِينَةِ) أَيْ كَمَا يَحْرُمُ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا جَزَاءَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْحَجِّ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا صَادَ صَيْدًا فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْجَزَاءَ كَحَرَمِ مَكَّةَ سَوَاءً وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ الصَّيْدَ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ الصَّيْدِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ فَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ صَادَ فِي حَرَمِهَا إلَّا الِاسْتِغْفَارَ وَالزَّجْرَ مِنْ الْإِمَامِ فَقِيلَ لَهُ هَلْ يُؤْكَلُ الصَّيْدُ الَّذِي يُصَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ مَا هُوَ مِثْلُ مَا يُصَادُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ، وَإِنِّي لَأَكْرَهُهُ فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَدْرِي اهـ. بِلَفْظِهِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْجَزَاءِ فِي صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَنَّهُ لِخِفَّةِ أَمْرِ الْمَدِينَةِ عَنْ مَكَّةَ وَأَنَّ الْإِمَامَ تَوَقَّفَ فِي أَكْلِ مَا صِيدَ بِحَرَمِهَا وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ شَارِحِنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ خش وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ وَهَلْ عَدَمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا أَيْ وَالْجَزَاءُ كَفَّارَةٌ فَلَا يُقَاسُ الْجَزَاءُ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَزَاءِ فِي صَيْدِ مَكَّةَ؛ أَوْ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَدِينَةِ عِنْدَنَا أَشَدُّ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ.، قَوْلَانِ اهـ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورُ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَدَمَ الْجَزَاءِ لِخِفَّةِ أَمْرِ الْمَدِينَةِ فَتَأَمَّلْ

وَبَيَّنَ حَرَمَهَا بِقَوْلِهِ (بَيْنَ الْحِرَارِ) الْأَرْبَعِ الْمُحِيطَةِ بِهَا بِكَسْرِ الْحَاءِ جَمْعُ حَرَّةٍ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ نَخِرَةٍ كَأَنَّهَا أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ وَالْمَدِينَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ دَاخِلَةٌ، وَفِي قَوْلِهِ " الْحِرَارِ " تَجَوُّزٌ إذْ لَيْسَ لَهَا إلَّا حَرَّتَانِ لَكِنْ لِمَا اشْتَمَلَتْ كُلُّ حَرَّةٍ عَلَى طَرَفَيْنِ سَاغَ لَهُ الْجَمْعُ (وَ) كَحُرْمَةِ قَطْعِ (شَجَرِهَا) وَيُعْتَبَرُ الْحَرَمُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (بَرِيدًا) مِنْ طَرَفِ الْبُيُوتِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَسُوَرُهَا الْآنَ هُوَ طَرَفُهَا فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا كَانَ خَارِجًا عَنْهُ مِنْ الْبُيُوتِ يَحْرُمُ قَطْعُ شَجَرِهِ أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ، وَالْمَدِينَةُ خَارِجَةٌ عَنْهُ فَيَجُوزُ قَطْعُ الشَّجَرِ الَّذِي بِهَا وَيُعْتَبَرُ الْبَرِيدُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (فِي بَرِيدٍ) أَيْ بَرِيدًا مَعَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَلَوْ قَالَ بَرِيدًا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَحَذَفَ قَوْلَهُ " فِي بَرِيدٍ " لَكَانَ أَحْسَنَ. (وَالْجَزَاءُ) الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ يَكُونُ (بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ) وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ فَلَا يَكْفِي الْفَتْوَى وَلَا حُكْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا وَاحِدٍ فَقَطْ (فَقِيهَيْنِ) أَيْ عَالِمَيْنِ (بِذَلِكَ) أَيْ بِأَحْكَامِ الصَّيْدِ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الصَّيْدِ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْقَدْرُ فِي الْجُمْلَةِ كَافٍ وَهَذَا هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ أَيْ الْجَزَاءُ وَمَحِلُّهُ مِنًى أَوْ مَكَّةُ كَالْهَدْيِ الْآتِي. وَبَيَّنَ الْمِثْلَ بِقَوْلِهِ (مِنْ النَّعَمِ) الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (أَوْ إطْعَامٍ) ، أَوْ لِلتَّخْيِيرِ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْجَزَاءِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ عَلَى التَّخْيِيرِ (بِقِيمَةِ الصَّيْدِ) نَفْسِهِ أَيْ يُقَوَّمُ حَيًّا كَبِيرًا بِطَعَامٍ لَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يُشْتَرَى بِهَا طَعَامٌ فَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ أَكْلُهُ كَخِنْزِيرٍ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ التَّلَفِ) لَا يَوْمَ تَقْوِيمِ الْحَكَمَيْنِ وَلَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَيَكُونُ مِنْ جُلِّ طَعَامِ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالتَّقْوِيمِ (بِمَحِلِّهِ) أَيْ مَحِلِّ التَّلَفِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ بِمَحِلِّ التَّلَفِ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الْإِطْعَامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ حَرَمَهَا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: وَكَحُرْمَةِ قَطْعِ شَجَرِهَا) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَمَا اُسْتُثْنِيَ فِيمَا مَرَّ فِي النَّابِتِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ يُسْتَثْنَى هُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ بَرِيدًا مَعَ بَرِيدٍ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَلَقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَرِيدَ بَرِيدٌ فَيَكُونُ الْحَرَمُ رُبُعَ بَرِيدٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِأَنَّ الْبَرِيدَ إذَا فُرِّقَ عَلَى الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ نَابَ كُلَّ جِهَةٍ رُبُعُ بَرِيدٍ مَعَ أَنَّ الْحَرَمَ بَرِيدٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ " فِي " بِمَعْنَى " مَعَ " عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] وَالْمَعْنَى بَرِيدًا مُصَاحِبًا لِبَرِيدٍ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ جِهَاتِهَا. (قَوْلُهُ: بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ) فَلَا يَكْفِي إخْرَاجُهُ وَحْدَهُ بِدُونِ حَكَمَيْنِ يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِهِ وَاشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِي الْحَكَمَيْنِ يَسْتَلْزِمُ اشْتِرَاطَ الْحُرِّيَّةِ وَالْبُلُوغِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ) أَيْ فِي كُلِّ نَوْعٍ اخْتَارَهُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ يَقُولَا لَهُ: حَكَمْنَا عَلَيْكَ بِشَاةٍ مَثَلًا قَدْرُهَا كَذَا، أَوْ بِكَذَا مُدًّا مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ بِصَوْمِ كَذَا بَعْدَ أَنْ يَخْتَارَ النَّوْعَ الَّذِي يُكَفِّرُ بِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُكْمٌ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَا مُتَأَكِّدَيْ الْقَرَابَةِ اهـ عَدَوِيٌّ وَفِي ح وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ فِي الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ وَنَقَلَهُ فِي الطِّرَازِ أَيْضًا عَنْ الْبَاجِيَّ قَالَ طفى عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ح قُلْت أَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْخِلَافَ فَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحِلِّهِ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: إنْ أَرَادَ ابْتِدَاءً أَنْ يَصُومَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ فَيُنْظَرَ لِقِيمَةِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الصَّوْمِ إلَّا بِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الطَّعَامِ وَلَا يَكُونُ الطَّعَامُ إلَّا بِحُكْمٍ وَإِنْ أَرَادَ الْإِطْعَامَ فَلَمَّا حَكَمَا بِهِ أَرَادَ الصِّيَامَ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: لَا يُحْتَاجُ لِحُكْمِهِمَا بِالصَّوْمِ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ مِنْ الطَّعَامِ لَا مِنْ الْهَدْيِ وَكَأَنَّ الصَّوْمَ مُتَقَرَّرٌ بِالطَّعَامِ بِتَقْرِيرِ الشَّرْعِ فَلَا حَاجَةَ لِلْحَكَمَيْنِ اهـ فَيُنَزَّلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُنَزَّلُ كَلَامُ الطِّرَازِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْبَاجِيِّ عَلَى الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الْفَتْوَى) أَيْ بِأَنْ يَقُولَا لَهُ: حَيْثُ قُلْتَ كَذَا يَلْزَمُكَ كَذَا. (قَوْلُهُ: وَلَا وَاحِدٍ) أَيْ وَلَا يَكْفِي حُكْمُ وَاحِدٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِأَحْكَامِ الصَّيْدِ) أَيْ لَا بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ) أَيْ أَنَّ " الْجَزَاءُ " مُبْتَدَأٌ وَ " مِثْلُهُ " خَبَرُهُ، وَقَوْلُهُ: بِحُكْمِ إلَخْ حَالٌ إمَّا مِنْ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مِنْ الْخَبَرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ " الْجَزَاءُ " مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ " بِحُكْمِ "، وَ " مِثْلُهُ " بَدَلٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ اسْمٌ بِمَعْنَى الْمُجَازَى بِهِ وَالْمُكَافَأِ بِهِ وَهُوَ مِثْلُهُ يَكُونُ بِحُكْمِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْجَزَاءِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ عَلَى التَّخْيِيرِ) اعْلَمْ أَنَّ النَّقْلَ يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فِي جَمِيعِ الصَّيْدِ مَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ مَتَى اخْتَارَ الْمُكَفِّرُ نَوْعًا مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ بِهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لِلصَّيْدِ مِثْلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خُيِّرَ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَمَتَى اخْتَارَ نَوْعًا مِنْهُمَا أَلْزَمَاهُ بِهِ وَكُلُّ هَذَا فِي غَيْرِ حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِمَا شَاةٌ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَيْ يُقَوَّمُ حَيًّا كَبِيرًا بِطَعَامٍ) بِأَنْ يُقَالَ كَمْ يُسَاوِي هَذَا الصَّيْدُ لَوْ كَانَ حَيًّا كَبِيرًا مِنْ أَغْلَبِ طَعَامِ هَذَا الْمَحِلِّ الَّذِي قُتِلَ بِهِ فَيُقَالَ كَذَا فَيَحْكُمَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يُشْتَرَى بِهَا طَعَامٌ) أَيْ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَأَمَّا لَوْ قَوَّمَهُ بِدَرَاهِمَ، أَوْ عَرَضٍ وَأَخْرَجَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا. (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّقْوِيمِ بِمَحِلِّهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْجَزَاءَ مِنْ النَّعَمِ اُخْتُصَّ بِالْحَرَمِ، وَإِنْ صَامَ فَحَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ

لِعَدَمِ الْمَسَاكِينِ فِيهِ (فَبِقُرْبِهِ) أَيْ فَيُقَوَّمُ، أَوْ يُطْعِمُ بِقُرْبِهِ أَيْ أَقْرَبِ الْأَمْكِنَةِ بِمَحِلِّهِ (وَلَا يُجْزِئُ) تَقْوِيمٌ، أَوْ إطْعَامٌ (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَحِلِّ، أَوْ قُرْبِهِ (وَلَا) يُجْزِئُ (زَائِدٌ عَلَى مُدٍّ) مِنْ أَمْدَادِ الطَّعَامِ الْمُقَوَّمِ بِهِ الْحَيَوَانُ (لِمِسْكِينٍ) وَلَا النَّاقِصُ عَنْ الْمُدِّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُدٍّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَيُكْمِلُ النَّاقِصَ وَلَهُ نَزْعُ الزَّائِدِ إنْ بُيِّنَ (إلَّا أَنْ) يَكُونَ الطَّعَامُ الَّذِي أَخْرَجَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّ التَّلَفِ (يُسَاوِي سِعْرَهُ) فِي مَحِلِّ التَّلَفِ، أَوْ يَزِيدُ بِأَنْ كَانَ قِيمَتُهُ فِي مَحِلِّ التَّلَفِ عَشَرَةَ أَمْدَادٍ وَأَرَادَ إخْرَاجَهَا فِي غَيْرِهِ وَكَانَ سِعْرُهَا فِي الْمَحِلَّيْنِ وَاحِدًا أَوْ فِي مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ أَزْيَدَ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ وَهُمَا فِي الْإِطْعَامِ بِغَيْرِ الْمَحِلِّ الَّذِي قُوِّمَ بِهِ وَهُوَ مَحِلُّ التَّلَفِ وَلَيْسَا جَارِيَيْنِ فِي التَّقْوِيمِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُوِّمَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ التَّلَفِ وَأَخْرَجَ فِي مَحِلِّ التَّلَفِ مَعَ تَسَاوِي الْقِيمَةِ طَعَامًا فِيهِمَا أَجْزَأَ اتِّفَاقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ) صِيَامُ أَيَّامٍ بِعَدَدِ الْأَمْدَادِ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ (لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ) أَيْ كَسْرِ الْمُدِّ وُجُوبًا فِي الصَّوْمِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ صَوْمُ بَعْضِ يَوْمٍ وَنَدْبًا فِي إخْرَاجِ الطَّعَامِ. (فَالنَّعَامَةُ) أَيْ فَجَزَاؤُهَا (بَدَنَةٌ) لِلْمُقَارَبَةِ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ فِي الْجُمْلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَعَامًا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِمَحِلِّ التَّلَفِ، وَإِنْ كَانَ التَّقْوِيمُ بِغَيْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ الطَّعَامِ لِفُقَرَاءِ ذَلِكَ الْمَحِلِّ. (قَوْلُهُ: لَا يَوْمَ تَقْوِيمِ الْحَكَمَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ وَتَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَوْمَ التَّعَدِّي أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى يَوْمِ التَّلَفِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ) أَيْ الطَّعَامُ الَّذِي يُقَوَّمُ بِهِ الصَّيْدُ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمَسَاكِينِ فِيهِ) أَيْ الَّذِينَ تُدْفَعُ لَهُمْ الْقِيمَةُ. (قَوْلُهُ: فَيُقَوَّمُ، أَوْ يُطْعِمُ بِقُرْبِهِ) أَيْ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي بِقُرْبِهِ وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ الْمَحِلِّ الَّذِي بِقُرْبِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ تَقْوِيمٌ) أَيْ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ وَلَا الْإِطْعَامِ بِغَيْرِهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَهُوَ لَا يُنَافِي جَوَازَ التَّقْوِيمِ بِغَيْرِهِ لَكِنْ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَيُكْمِلُ النَّاقِصَ) أَيْ مِنْ الْأَمْدَادِ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ نَزْعُ الزَّائِدِ) أَيْ بِالْقُرْعَةِ كَمَا فِي خش وعبق وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ إذْ لَا تُتَصَوَّرُ الْقُرْعَةُ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَى مُدٍّ لِمِسْكِينٍ بَلْ الزِّيَادَةُ تُنْزَعُ حَيْثُ كَانَتْ، سَوَاءً كَانَتْ عِنْدَ الْبَعْضِ، أَوْ الْجَمِيعِ وَلَا مَحِلَّ لِلْقُرْعَةِ، وَإِنَّمَا مَحِلُّهَا فِيمَا إذَا أَعْطَى عَشَرَةَ أَمْدَادٍ لِعِشْرِينَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْزِعُ مِنْ عَشَرَةٍ بِالْقُرْعَةِ وَيُكْمِلُ لِلْآخَرِينَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ) أَيْ لِلْفَقِيرِ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّ هَذَا جَزَاءٌ أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ بَاقِيًا عِنْدَهُ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ الشَّرْطَيْنِ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: فَتَأْوِيلَانِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُطْلَبُ ابْتِدَاءً أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ بِمَحِلِّ التَّقْوِيمِ - أَيْ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ - وَهُوَ مَحِلُّ التَّلَفِ فَإِنْ أَخْرَجَهُ فِي غَيْرِهِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَصَابَ الصَّيْدَ بِمِصْرَ فَأَخْرَجَ الطَّعَامَ فِي الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ سِعْرَهَا أَعْلَى، وَإِنْ أَصَابَ الصَّيْدَ بِالْمَدِينَةِ فَأَخْرَجَ الطَّعَامَ بِمِصْرَ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ خِلَافًا وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ اهـ بْن فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْإِجْزَاءِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمُدَوَّنَةِ وِفَاقًا وَقَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ حَقٌّ تَقَرَّرَ لِفُقَرَاءِ مَكَانِ الصَّيْدِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الصَّيْدِ بِمَحِلِّ التَّلَفِ عَشَرَةَ أَمْدَادٍ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهَا بِغَيْرِ مَحِلِّ التَّلَفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَمْدَادِ فِي مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَتِهَا فِي مَحِلِّ التَّلَفِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي كُلٍّ مِنْ الْمَحِلَّيْنِ دِينَارًا أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فِي مَحِلِّ التَّلَفِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ دِينَارًا وَفِي مَحِلِّ التَّلَفِ نِصْفَ دِينَارٍ فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنْ مَحِلِّ الْخِلَافِ فَعَلَى الْوِفَاقِ يُجْزِئُ فِيهِمَا وَعَلَى الْخِلَافِ لَا يُجْزِئُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَمْدَادِ الْعَشَرَةِ فِي مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فِي مَحِلِّ التَّلَفِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ نِصْفَ دِينَارٍ وَفِي مَحِلِّ التَّلَفِ دِينَارًا فَلَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ أَيْ وَهَلْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذَا أَخْرَجَ الطَّعَامَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ سِعْرُ الطَّعَامِ فِي بَلَدِ الْإِخْرَاجِ مُسَاوِيًا لِسِعْرِهِ فِي بَلَدِ التَّلَفِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافٌ أَوْ مَحِلُّ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا كَانَ السِّعْرُ فِي بَلَدِ الْإِخْرَاجِ أَقَلَّ مِنْهُ فِي بَلَدِ التَّلَفِ أَمَّا لَوْ كَانَ السِّعْرُ فِي بَلَدِ الْإِخْرَاجِ أَكْثَرَ، أَوْ مُسَاوِيًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَهَذَا تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ. (قَوْلُهُ: وَهُمَا فِي الْإِطْعَامِ) أَيْ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ طَعَامًا وَقَوْلُهُ: الَّذِي قُوِّمَ بِهِ أَيْ الَّذِي اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَا جَارِيَيْنِ فِي التَّقْوِيمِ) أَيْ وَلَيْسَا جَارِيَيْنِ فِيمَا إذَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ بِغَيْرِ مَحِلِّ التَّلَفِ وَلَكِنْ أَرْسَلَ الطَّعَامَ لِمَحِلِّ التَّلَفِ. (قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ) لَوْ قَالَ: أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ لِكُلِّ مُدٍّ كَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ " لِكُلِّ مُدٍّ " مُقَدَّمًا مِنْ تَأْخِيرٍ مُتَعَلِّقًا، بِصَوْمِ وَتَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ الظَّرْفِيِّ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ. (قَوْلُهُ: وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ إلَخْ) فَإِذَا قِيلَ مَا قِيمَةُ هَذَا الظَّبْيِ فَقِيلَ خَمْسَةُ أَمْدَادٍ وَنِصْفٌ فَإِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ أَلْزَمَاهُ سِتَّةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْإِطْعَامَ أَلْزَمَاهُ خَمْسَةَ أَمْدَادٍ وَنِصْفَ مُدٍّ وَنُدِبَ لَهُ كَمَالُ الْمُدِّ السَّادِسِ. (قَوْلُهُ: فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ) أَيْ

(وَالْفِيلُ) أَيْ جَزَاؤُهُ بَدَنَةٌ (بِذَاتِ سَنَامَيْنِ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ، أَوْ " ذَاتِ " (وَحِمَارُ الْوَحْشِ وَبَقَرُهُ) أَيْ جَزَاؤُهُمَا (بَقَرَةٌ وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ شَاةٌ) وَشُبِّهَ فِي وُجُوبِ الشَّاةِ قَوْلُهُ (كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا) أَيْ مَا يُصَادُ بِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ بِهِمَا وَمِنْ الْحَمَامِ الْفَاخِتِ وَالْقُمْرِيِّ بِضَمِّ الْقَافِ (بِلَا حُكْمٍ) كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْتَاجَا لِحُكْمِ خُرُوجِهِمَا عَنْ الِاجْتِهَادِ لِمَا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْجَزَاءِ مِنْ بُعْدِ التَّفَاوُتِ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ (وَلِلْحِلِّ) أَيْ وَجَزَاؤُهُمَا فِي اصْطِيَادِهِمَا فِي الْحِلِّ (وَ) فِي (ضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ) أَيْ طَيْرِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ غَيْرَ حَمَامِ الْحَرَمِ وَيَمَامِهِ (الْقِيمَةُ) حِينَ الْإِتْلَافِ (طَعَامًا) وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي النَّعَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا بَيْنَ إخْرَاجِ مَا ذُكِرَ وَالْإِطْعَامِ وَعِدْلِهِ صِيَامًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَّا حَمَامَ الْحَرَمِ وَيَمَامَهُ فَالشَّاةُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَصِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا فِيمَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ الْأَنْعَامِ وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ كَجَمِيعِ الطَّيْرِ مُطْلَقًا وَالْحَمَامِ وَالْيَمَامِ فِي الْحِلِّ فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصَّوْمِ إلَّا الضَّبَّ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ إلَّا أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَإِخْرَاجِ هَدْيٍ. (وَالصَّغِيرُ) مِنْ الصَّيْدِ (وَالْمَرِيضُ) مِنْهُ (وَالْجَمِيلُ) فِي مَنْظَرِهِ وَالْأُنْثَى وَالْمُعَلَّمُ (كَغَيْرِهِ) مِنْ كَبِيرٍ وَسَلِيمٍ وَقَبِيحٍ وَذَكَرٍ وَغَيْرِ مُعَلَّمٍ فَيُسَاوِي غَيْرَهُ فِي التَّقْوِيمِ كَالدِّيَةِ وَلَا يُلَاحَظُ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِهِ فَلَا بُدَّ فِي الصَّغِيرِ وَالْمَرِيضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ أَرَادَ إخْرَاجَ الْمِثْلِ الْمُخَيَّرِ فِيهِ وَفِي الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ فَالنَّعَامَةُ مِثْلُهَا وَجَزَاؤُهَا بَدَنَةٌ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْدَ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مُقَرَّرًا عَنْ الصَّحَابَةِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ لِصِغَرِهِ فَقِيمَتُهُ طَعَامًا، أَوْ عِدْلُهُ صِيَامًا عَلَى التَّخْيِيرِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ بَيَانٌ لِمَا لَهُ مِثْلٌ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَفِي الْإِطْعَامِ، وَالصَّوْمِ وَقَوْلُهُ: وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ إلَخْ بَيَانٌ لِمَا لَا مِثْلَ لَهُ وَقَوْلُهُ: الْقِيمَةُ طَعَامًا يَعْنِي أَوْ عِدْلُهُ لَهُ صِيَامًا هَذَا حَاصِلُ مَا قَرَّرَ بِهِ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَتَبِعَهُمَا شَارِحُنَا وَقَالَ عج الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي النَّعَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعِدْلُهُ طَعَامًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ التَّخْيِيرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا النَّعَامَةَ فَجَزَاؤُهَا بَدَنَةٌ أَيْ تَعْيِينًا، وَأَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ قَالَ طفى وَمَا قَالَهُ عج خَطَأٌ فَاحِشٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ كُلِّهِمْ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَيْخُهُ الْبَدْرُ؛ إذْ كُتُبُ الْمَالِكِيَّةِ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَالْفِيلُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا نَصَّ فِي الْفِيلِ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: بَدَنَةٌ خُرَاسَانِيَّةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ وَقَالَ الْقَرَوِيُّونَ: الْقِيمَةُ طَعَامًا وَقِيلَ وَزْنُهُ طَعَامًا لِغُلُوِّ عَظْمِهِ. وَكَيْفِيَّةُ وَزْنِهِ: أَنْ يُجْعَلَ فِي سَفِينَةٍ وَيُنْظَرَ إلَى حَيْثُ تَنْزِلُ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يُخْرَجَ مِنْهَا وَتُمْلَأَ بِالطَّعَامِ حَتَّى تَنْزِلَ فِي الْمَاءِ ذَلِكَ الْقَدْرَ. (قَوْلُهُ: أَيْ جَزَاؤُهُ) أَيْ الْمُخَيَّرُ فِيهِ وَفِي الْإِطْعَامِ وَالصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ) يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ مَا إذَا لَمْ يَنْجُ مِنْهُمَا إلَّا بِقَتْلِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ أَصْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي التَّلْقِينِ وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ عَدَتْ عَلَيْهِ سِبَاعُ الطَّيْرِ، أَوْ غَيْرُهَا فَقَتَلَهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا) أَيْ فَجَزَاؤُهُمَا شَاةٌ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ حَمَامَ الْحَرَمِ الْقَاطِنَ بِهِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ لِلْحِلِّ وَخَرَجَ لَهُ حَلَالٌ لِلْحِلِّ وَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ اصْطِيَادُهُ فِي الْحِلِّ لِلْحَلَالِ أَبُو الْحَسَنِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ صَيْدُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِرَاخٌ فِي الْحَرَمِ ابْنُ نَاجِيٍّ: إنْ كَانَ لَهُ فِرَاخٌ فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ صَيْدِهِ لِتَعْذِيبِ فِرَاخِهِ حَتَّى يَمُوتُوا قَالَهُ ح. (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُصَادُ بِهِمَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَيَمَامِهَا لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَجَزَاؤُهُمَا) يَعْنِي الْحَمَامَ وَالْيَمَامَ فِي اصْطِيَادِهِمَا فِي الْحِلِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَهُوَ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَالْبَدْرُ وَارْتَضَاهُ طفى خِلَافًا لِمَا قَالَهُ عج وَقَدْ عَلِمْته. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ خِلَافُ الصَّوَابِ وَإِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ مِنْ الصَّيْدِ لَا مِثْلَ لَهُ لِصِغَرِهِ سَوَاءٌ كَانَ طَيْرًا، أَوْ غَيْرَهُ غَيْرَ حَمَامِ الْحَرَمِ وَيَمَامِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَمَا لَهُ مِثْلٌ يُخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَلَمْ يُفَصِّلْ أَحَدٌ فِيمَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ بَيْنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْدَ إمَّا طَيْرٌ، أَوْ غَيْرُهُ وَالطَّيْرُ إمَّا حَمَامُ الْحَرَمِ وَيَمَامُهُ وَإِمَّا غَيْرُهُمَا فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ حَمَامَ الْحَرَمِ وَيَمَامَهُ تَعَيَّنَ فِيهِ شَاةٌ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ الطَّيْرُ غَيْرَ مَا ذُكِرَ خُيِّرَ بَيْنَ الْقِيمَةِ طَعَامًا وَعِدْلِهِ صِيَامًا، وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ طَيْرٍ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ خُيِّرَ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصَّوْمِ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً خُيِّرَ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصَّوْمِ فَقَطْ كَجَمِيعِ الطَّيْرِ هَذَا حَاصِلُ الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بْن. (قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ دِيَةَ الرَّجُلِ الْكَبِيرِ كَدِيَةِ الرَّضِيعِ، وَدِيَةَ الْجَمِيلِ كَدِيَةِ الْقَبِيحِ وَدِيَةَ الْمَرِيضِ كَدِيَةِ الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُلَاحَظُ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِهِ) أَيْ

مِنْ تَقْوِيمِهِ بِكَبِيرٍ صَحِيحٍ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً (وَ) إذَا كَانَ مَمْلُوكًا (قُوِّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ) الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِهِ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ الْجَزَاءُ لِحَقِّ اللَّهِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَتَانِ قِيمَةٌ لِرَبِّهِ مَلْحُوظٌ فِيهَا الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِهِ وَقِيمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ غَيْرُ مَلْحُوظٍ فِيهَا الْوَصْفُ (وَاجْتَهَدَ) أَيْ الْحَكَمَانِ فِيمَا لَهُمَا فِيهِ دَخْلٌ (وَإِنْ رُوِيَ) عَنْ الشَّارِعِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْجَزَاءِ " فِيهِ " مُتَعَلِّقٌ بِاجْتَهَدَا وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ بِلَصْقِهِ أَيْ وَاجْتَهَدَا فِيهِ مِنْ سِمَنٍ وَسِنٍّ وَضِدِّهِ، وَإِنْ وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ فَالنَّعَامَةُ فِيهَا الْبَدَنَةُ كَمَا وَرَدَ لَكِنْ تَارَةً تَكُونُ صَغِيرَةً وَتَارَةً كَبِيرَةً وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَفَاوِتٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَدَنَةٍ تُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا، ثُمَّ يَجْتَهِدَانِ هَلْ يَكْفِي أَوَّلُ الْأَسْنَانِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ جَذَعَةٍ سَمِينَةٍ جِدًّا أَوْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (أَنْ يَنْتَقِلَ) عَمَّا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ لِغَيْرِهِ فَإِذَا خَيَّرَاهُ فِي أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فَاخْتَارَ أَحَدَهَا وَحَكَمَا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُ، وَيَحْكُمَانِ بِهِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ) مَا حَكَمَا بِهِ وَيَعْرِفَهُ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي الِانْتِقَالِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الِانْتِقَالَ مُطْلَقًا (وَإِنْ) (اخْتَلَفَا) فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا بِهِ، أَوْ نَوْعِهِ (اُبْتُدِئَ) الْحُكْمُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ وَلِذَا بَنَى " اُبْتُدِئَ " لِلْمَجْهُولِ (وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا) حَالَ الْحُكْمِ (بِمَجْلِسٍ) لِيَطَّلِعَ كُلٌّ عَلَى حُكْمِ صَاحِبِهِ (وَنُقِضَ) حُكْمُهُمَا (إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ) تَبَيُّنًا وَاضِحًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَحُكْمِهِمَا بِشَاةٍ فِيمَا فِيهِ بَقَرَةٌ، أَوْ عَكْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوجِبُ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ فَالصَّغِيرُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ وَالْمَرِيضُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ وَالْقَبِيحُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ جَمِيلٌ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْوِيمِهِ بِكَبِيرٍ صَحِيحٍ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً) أَيْ فَالنَّعَامَةُ الصَّغِيرَةُ أَوْ الْقَبِيحَةُ، أَوْ الْمَرِيضَةُ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ وَاخْتَارَ مِثْلَهَا مِنْ الْأَنْعَامِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِبَدَنَةٍ صَحِيحَةٍ كَبِيرَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا طَعَامًا فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ بِطَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ وَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَمَّا فِيهَا مِنْ وَصْفِ الصِّغَرِ، أَوْ الْمَرَضِ، أَوْ الْقُبْحِ وَيَدْفَعُ الْقِيمَةَ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يَصُومُ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا إنْ اخْتَارَ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ مَمْلُوكًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ الَّذِي قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ مَمْلُوكًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: قُوِّمَ لِرَبِّهِ مَلْحُوظٌ إلَخْ) أَيْ فَيُقَوَّمُ لِرَبِّهِ بِدَرَاهِمَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ صِغَرٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ أَوْ صِحَّةٍ وَيُقَوَّمُ لِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ صَحِيحٌ إنْ لَمْ يُخْرِجْ مِثْلَهُ مِنْ النَّعَمِ فَإِذَا كَانَ الصَّيْدُ صَغِيرًا لَمْ يَصِلْ لِسِنِّ الْإِجْزَاءِ ضَحِيَّةً كَثَعْلَبٍ صَغِيرٍ لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِطَعَامٍ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً وَكَذَا يُقَالُ إذَا كَانَ مَرِيضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ لِحَقِّ اللَّهِ بِالطَّعَامِ عَلَى أَنَّهُ كَبِيرٌ صَحِيحٌ وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَغِيرًا كَمَا فِي خش. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَهُمَا فِيهِ دَخْلٌ) بِأَنْ كَانَ الصَّيْدُ غَيْرَ حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْدَ إنْ كَانَ لَمْ يُرْوَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ وَلَا عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ كَالدُّبِّ وَالْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجْتَهِدَانِ فِي الْوَاجِبِ فِيهِ وَفِي أَحْوَالِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ كَالنَّعَامَةِ وَالْفِيلِ فَإِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامٍ وَفِي الثَّانِي بَدَنَةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ فَالِاجْتِهَادُ فِي أَحْوَالِ ذَلِكَ الْمُقَرَّرِ مِنْ سِمَنٍ وَسِنٍّ وَهُزَالٍ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ الْمَقْتُولَةِ بَدَنَةً سَمِينَةً، أَوْ هَزِيلَةً مَثَلًا كَسِمَنِ النَّعَامَةِ أَوْ هُزَالِهَا. (قَوْلُهُ: هَلْ يَكْفِي أَوَّلُ الْأَسْنَانِ) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ وَهِيَ بِنْتُ مَخَاضٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ سَمِينَةٌ لَا جِدًّا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ كَالنَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَخْيِيرٌ قَالَهُ عبق وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ التَّخْيِيرُ فِي الْجَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَا عَلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمَا لَا يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخَيِّرَاهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَاخْتِيَارِهِ وَاحِدًا مِنْهَا وَقَوْلُهُ " فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُ وَيَحْكُمَانِ بِهِ عَلَيْهِ " مَحِلُّ حُكْمِهِمَا عَلَيْهِ إذَا انْتَقَلَ لِغَيْرِ الْأَوَّلِ إذَا انْتَقَلَ مِنْ الْمِثْلِ لِلْإِطْعَامِ، أَوْ إلَى الصَّوْمِ وَأَمَّا لَوْ انْتَقَلَ مِنْ الْإِطْعَامِ لِلصَّوْمِ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ صَوْمَهُ عِوَضٌ عَنْ الْإِطْعَامِ لَا عِوَضٌ عَنْ الصَّيْدِ أَوْ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِالْتِزَامَ يَكُونُ بِاللَّفْظِ بِأَنْ يَقُولَ الْتَزَمْت ذَلِكَ لَا بِالْجَزْمِ الْقَلْبِيِّ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَتَأْوِيلَانِ) مَحِلُّهُمَا إذَا عَلِمَ مَا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ وَالْتَزَمَهُ لَا إنْ الْتَزَمَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ - وَهُوَ الِانْتِقَالُ لِلْأَكْثَرِ -، وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي - وَهُوَ عَدَمُ الِانْتِقَالِ - لِابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ مُحْرِزٍ اهـ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ: لَهُ الِانْتِقَالُ مُطْلَقًا سَوَاءً عَرَفَ مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا الْتَزَمَهُ أَمْ لَا، وَالثَّانِي يَقُولُ: لَهُ الِانْتِقَالُ مَا لَمْ يَعْرِفْ مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ وَيَلْتَزِمْهُ وَإِلَّا لَمْ يَنْتَقِلْ. (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا بِهِ) بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: حَكَمْنَا بِشَاةٍ بِنْتِ ثَلَاثَةِ سِنِينَ وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ بِنْتِ سَنَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ " أَوْ نَوْعِهِ " أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: حَكَمْنَا بِشَاةٍ وَقَالَ الْآخَرُ: حَكَمْنَا بِبَقَرَةٍ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: اُبْتُدِئَ الْحُكْمُ) أَيْ أُعِيدَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً حَتَّى يَقَعَ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى أَمْرٍ لَا خُلْفَ فِيهِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْحُكْمُ ثَانِيًا وَثَالِثًا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: تَبَيُّنًا وَاضِحًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخَطَأُ غَيْرَ بَيِّنٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ كَمَا لَوْ حَكَمَ فِي الضَّبُعِ بِعَنْزٍ ابْنِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يَرَى إجْزَاءَ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُنْقَضُ إذَا وَقَعَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ قَوْلٌ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى تَبَيَّنَ الْخَطَأَ فِي الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ سَوَاءٌ كَانَ وَاضِحًا، أَوْ غَيْرَ وَاضِحٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ

(وَفِي الْجَنِينِ) أَيْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ (وَ) فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ (الْبَيْضِ) غَيْرِ الْمَذِرِ إذَا كَسَرَهَا الْمُحْرِمُ، أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ (عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ وَلَوْ تَحَرَّكَ) الْجَنِينُ بَعْدَ نُزُولِهِ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ، أَوْ الْفَرْخُ بَعْدَ كَسْرِ الْبَيْضِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مَوْتُ الْجَنِينِ مِنْ قَبْلِ الضَّرْبِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ (وَدِيَتُهَا) كَامِلَةٌ (إنْ اسْتَهَلَّ) صَارِخًا بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ أَوْ عَنْ الْبَيْضَةِ فَمَاتَ فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ أَيْضًا فَدِيَتَانِ. وَلَمَّا كَانَتْ دِمَاءُ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ بَعْضُهَا عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُوَ الْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ كَمَا مَرَّ وَبَعْضُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ) أَيْ فِدْيَةِ الْأَذَى (وَ) غَيْرُ جَزَاءِ (الصَّيْدِ) وَذَلِكَ الْغَيْرُ مَا يَجِبُ لِتَرْكِ وَاجِبٍ، أَوْ لِمَذْيٍ، أَوْ قُبْلَةٍ بِفَمٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ (مُرَتَّبٌ) مَرْتَبَتَيْنِ لَا يُنْتَقَلُ عَنْ أُولَاهُمَا إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا لَا ثَالِثَ لَهُمَا (هَدْيٌ) وَهُوَ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى (وَنُدِبَ إبِلٌ) لِأَنَّ كَثْرَةَ اللَّحْمِ فِيهِ أَفْضَلُ (فَبَقَرٌ) فَضَأْنٌ (ثُمَّ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ (صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فِي الْحَجِّ وَهُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَأَوَّلُ وَقْتِهِ (مِنْ) حِينِ (إحْرَامِهِ) بِالْحَجِّ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] (وَ) إنْ فَاتَهُ صَوْمُهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ (صَامَ) وُجُوبًا (أَيَّامَ مِنًى) الثَّلَاثَةَ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَيُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ تَأْخِيرُهَا إلَى أَيَّامِ مِنًى إلَّا لِعُذْرٍ فَإِنْ صَامَ بَعْضَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَّلَهَا أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ صَامَهَا مَتَى شَاءَ وَصَلَهَا بِالسَّبْعَةِ، أَوْ لَا وَقَوْلُهُ (بِنَقْصٍ بِحَجٍّ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ إلَخْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ وَذَلِكَ الْغَيْرُ مِنْ هَدْيٍ، أَوْ صِيَامٍ كَائِنٌ بِسَبَبِ نَقْصٍ فِي حَجٍّ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِالْحَجِّ يُصَيِّرُ الْكَلَامَ قَاصِرًا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ فِيهِ حَذْفَ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ أَيْ " أَوْ عُمْرَةٍ " وَيَكُونُ قَوْلُهُ (إنْ تَقَدَّمَ) النَّقْصُ (عَلَى الْوُقُوفِ) شَرْطًا فِي قَوْلِهِ مِنْ إحْرَامِهِ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذْ لَا بُدَّ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ مِنْ كَوْنِهِ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ) أَيْ فِي الْجَنِينِ بِضَرْبِ مُحْرِمٍ، أَوْ حَلَالٍ فِي الْحَرَمِ أُمَّهُ فَتُلْقِيهِ مَيِّتًا وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيْضِ غَيْرِ الْمَذِرِ إذَا كَسَرَهَا الْمُحْرِمُ، أَوْ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ مِنْ أَيْ طَائِرٍ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ، وَالْمُرَادُ بِدِيَةِ الْأُمِّ قِيمَتُهَا طَعَامًا أَوْ عِدْلُهُ صِيَامًا فِيمَا فِي جَزَاءِ أُمِّهِ طَعَامٌ، وَقِيمَةُ مِثْلِهَا مِنْ النَّعَمِ طَعَامًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَزَائِهَا طَعَامٌ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ بَيْنَ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ مِنْ الطَّعَامِ وَبَيْنَ عِدْلِ ذَلِكَ صِيَامًا؛ يَصُومُ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا إلَّا بَيْضَ حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَجَنِينَهُمَا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا فَإِنْ تَعَذَّرَ صَامَ يَوْمًا اُنْظُرْ ح وَغَيْرَ هَذَا مِمَّا فِي عبق وعج، فَغَيْرُ صَحِيحٍ اهـ بْن ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ " وَالْبَيْضِ " أَنَّ فِيهِ الْعُشْرَ مِنْ غَيْرِ حُكُومَةٍ كَانَ بَيْضَ حَمَامِ حَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ عَدْلَيْنِ فِي الْبَيْضِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بَيْضَ حَمَامِ الْحَرَمِ قَالَ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الصَّيْدِ وَالصَّيْدُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَكَمَيْنِ اهـ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ حَمَامُ الْحَرَمِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجَزَاءِ الْحُكُومَةُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا خَرَجَ حَمَامُ الْحَرَمِ لِقَضَاءِ عُثْمَانَ فِيهِ بِالشَّاةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ وَمِنْهُ الْبَيْضُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَسَرَهَا الْمُحْرِمُ) أَيْ وَلَوْ بِضَرَبَاتٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَنِينِ أَيْ إنَّ فِي كُلِّ جَنِينٍ عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ قَتَلَ الْمُتَعَدِّدَ مِنْهَا بِضَرْبِ الْأُمِّ ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْفِدْيَةُ) أَيْ وَالتَّخْيِيرُ فِيهَا بَيْنَ النُّسُكِ بِشَاةٍ فَأَعْلَى، وَإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدَّانِ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: وَجَزَاءُ الصَّيْدِ) أَيْ وَالتَّخْيِيرُ فِيهِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ وَهِيَ: الْمِثْلُ وَالْإِطْعَامُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّيْدِ وَالصَّوْمُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ الْقِيمَةِ طَعَامًا وَالصَّوْمِ إلَّا حَمَامَ الْحَرَمِ وَيَمَامَهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ شَاةٌ فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: لِتَرْكِ وَاجِبٍ) أَيْ كَتَرْكِ الْجِمَارِ، وَمَبِيتِ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى، وَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وَاجِبَاتِ الْإِحْرَامِ، أَوْ الْوُقُوفِ أَوْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ. (قَوْلُهُ: هَدْيٌ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَقَوْلُهُ " مُرَتَّبٌ " خَبَرٌ عَنْ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ هَدْيٌ إلَخْ وَهُوَ مُرَتَّبٌ أَيْ وَاجِبٌ تَرْتِيبُهُ. (قَوْلُهُ: فَضَأْنٌ) إنَّمَا سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا لِانْحِصَارِ الْهَدْيِ فِي الثَّلَاثَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَغَنَمٌ لَأَشْعَرَ أَنَّ هُنَاكَ مَرْتَبَةً أُخْرَى يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْغَنَمِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ وَيُنْدَبُ فِيهَا التَّتَابُعُ كَمَا يُنْدَبُ فِي السَّبْعَةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ وَقْتِهِ) أَيْ صَوْمِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ الْبَاجِيَّ إنَّ صِيَامَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَحِينَئِذٍ، فَتَأْخِيرُهَا لِأَيَّامِ مِنًى مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ فَمَا وَقَعَ لعبق تَبَعًا لعج وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ مِنْ أَنَّ صِيَامَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِأَيَّامِ مِنًى بِلَا عُذْرٍ ضَعِيفٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: قَاصِرًا) لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ النَّقْصَ فِي الْعُمْرَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ الْغَيْرُ الْكَائِنُ مِنْ هَدْيٍ أَوْ صَوْمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: شَرْطًا فِي قَوْلِهِ مِنْ إحْرَامِهِ) أَيْ أَنَّ مَحِلَّ جَوَازِ صِيَامِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ إحْرَامِهِ إنْ تَقَدَّمَ

وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِصَامَ أَيْ وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِسَبَبِ نَقْصٍ بِحَجٍّ إنْ تَقَدَّمَ النَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ كَتَعَدِّي مِيقَاتٍ وَتَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَمَذْيٍ وَقُبْلَةٍ بِفَمٍ وَفَوَاتِ الْوُقُوفِ نَهَارًا أَمَّا نَقْصٌ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْوُقُوفِ أَوْ وَقَعَ يَوْمَ الْوُقُوفِ كَتَرْكِ مُزْدَلِفَةَ، أَوْ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ، أَوْ مَبِيتٍ بِمِنًى أَوْ وَطْءٍ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَيَصُومُ لَهُ مَتَى شَاءَ (وَ) صِيَامُ (سَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى) سَوَاءٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ أَمْ لَا وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يَرْجِعَ لِأَهْلِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ (وَلَمْ تُجْزِ) السَّبْعَةُ بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مِنْ الْإِجْزَاءِ (إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ) أَوْ عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى ثُمَّ شُبِّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ قَوْلُهُ (كَصَوْمٍ أَيْسَرَ) بِالْهَدْيِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ، أَوْ قَبْلَ كَمَالِ يَوْمٍ (أَوْ وَجَدَ) قَبْلَهُ (مُسْلِفًا) يُسْلِفُهُ مَا يُهْدِي بِهِ وَيُنْظِرُهُ (لِمَالٍ بِبَلَدِهِ) فَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْهَدْيِ (وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ) أَيْ لِلْهَدْيِ إنْ أَيْسَرَ (بَعْدَ) صَوْمِ يَوْمٍ، أَوْ (يَوْمَيْنِ) وَكَذَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَبْلَ إكْمَالِهِ وَأَمَّا بَعْدَ إكْمَالِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهَا قَسِيمَةٌ فَكَانَتْ كَالنِّصْفِ. (وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ بِهِ) أَيْ بِالْهَدْيِ (الْمَوَاقِفَ) كُلَّهَا وَهِيَ عَرَفَةُ وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ وَمِنًى؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ فِيهَا عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى الْجَمِيعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ شَرْطٌ وَهَذَا فِيمَا يُنْحَرُ بِمِنًى وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ بِمَكَّةَ فَالشَّرْطُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ عبق وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَنَازَعَ فِيهِ الْمَصْدَرُ وَالْفِعْلُ فَيَكُونُ مُرَادُهُ أَنَّ تَقَدُّمَ النُّقْصَانِ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ شَرْطٌ فِي أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا كَوْنُ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ مِنْ إحْرَامِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَالثَّانِي كَوْنُهُ إذَا فَاتَهُ صَوْمُهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ صَامَ أَيَّامَ مِنًى. (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ يَوْمَ الْوُقُوفِ) أَيْ كَمَذْيٍ، أَوْ قُبْلَةٍ بِفَمٍ حَصَلَ يَوْمَ الْوُقُوفِ. (قَوْلُهُ: مَتَى شَاءَ) أَيْ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى الثَّلَاثَةِ فَلَوْ صَامَهَا لَمْ تُجْزِهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَصِيَامُ سَبْعَةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ سَبْعَةً بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ أَيْ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْهَدْيِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى، وَإِنْ لَمْ يَصِلْهَا بِالرُّجُوعِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْمُولِ صَامَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَ السَّبْعَةِ بِالْقُيُودِ الَّتِي قَيَّدَ بِهَا قَوْلُهُ: صَامَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ السَّبْعَةُ تُصَامُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تَقَدَّمَ النَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ أَوْ تَأَخَّرَ نَعَمْ قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ السَّبْعَةِ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى) الْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ سَوَاءٌ رَجَعَ لِمَكَّةَ، أَوْ رَجَعَ لِأَهْلِهِ مِنْ مِنًى، أَوْ أَقَامَ بِمِنًى لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهَا مَثَلًا. (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الرُّجُوعِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] فَفَسَّرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى سَوَاءٌ كَانَ لِمَكَّةَ، أَوْ لِبَلَدِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِالرُّجُوعِ لِلْأَهْلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ فَإِذَا أَخَّرَ صِيَامَهَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ لِأَهْلِهِ أَجْزَأَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ أَخَّرَ لِلرُّجُوعِ لِمَكَّةَ مِنْ مِنًى فَتُجْزِئُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُجْزِ إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ) وَهَلْ يَجْتَزِئُ مِنْهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ لَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِلتُّونُسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَصُمْ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ بَلْ قَدَّمَ السَّبْعَةَ أَيَّامٍ عَلَى الْوُقُوفِ وَأَرَادَ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ وَأَمَّا لَوْ قَدَّمَ الْعَشَرَةَ فَإِنَّهُ يَجْتَزِئُ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ وَيَصِيرُ مُطَالَبًا بِالسَّبْعَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى رُجُوعِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ صَامَ بَعْضَهَا فِي أَيَّامِ مِنًى ابْنُ عَاشِرٍ: اُنْظُرْ لَوْ أَوْقَعَ بَعْضَهَا فِي أَيَّامِ مِنًى وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِقَوْلِهِ فِي الصَّوْمِ لَا سَابِقِيَّةَ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ إلَخْ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَنْ وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ أَنْ يَرْجِعَ لِلْهَدْيِ قَالَ طفى وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ: وَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ، ثُمَّ وَجَدَ ثَمَنَ الْهَدْيِ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلْيَمْضِ عَلَى صَوْمِهِ فَإِنْ وَجَدَ ثَمَنَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ شَاءَ أَهْدَى، أَوْ تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ اهـ فَقَدْ أَمَرَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ بِالتَّمَادِي وَخَيَّرَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وَكُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا مِنْ نَدْبِ الرُّجُوعِ لِلْهَدْيِ إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ قُلْت قَدْ يُقَالُ: يَصِحُّ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنْ يُرَادَ بِاسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثِ كَمَا نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخْيِيرِ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ تَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِمَا ذُكِرَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْهَدْيِ إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَقَبْلَ كَمَالِ يَوْمٍ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ بْن فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُنْدَبُ الرُّجُوعُ لِلْهَدْيِ إنْ أَيْسَرَ بِثَمَنِهِ قَبْلَ كَمَالِ صَوْمِ الثَّالِثِ سَوَاءٌ أَيْسَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ وَأَمَّا إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ كَمَالِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ لَهُ لَكِنْ لَوْ رَجَعَ لَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. (قَوْلُهُ: فَمَصَبُّ النَّدْبِ عَلَى الْجَمِيعِ) نَحْوُهُ فِي ح وتت وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفى بِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ لَا يَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ بَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ وُقُوفَهُ بِهِ بِكُلِّ مَوْقِفٍ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِنَحْرِهِ بِمِنًى وَلَيْسَ شَرْطًا فِي كَوْنِهِ هَدْيًا بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ بَطَلَ كَوْنُهُ هَدْيًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ اسْتِحْبَابِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ كَوْنِهِ شَرْطًا فِي نَحْرِهِ بِمِنًى؛ لِأَنَّ النَّحْرَ بِمِنًى لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ إنْ شَاءَ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ

الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَقَطْ (وَ) نُدِبَ (النَّحْرُ) لِلْهَدْيِ وَكَذَا جَزَاءُ الصَّيْدِ (بِمِنًى) بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ هَذَا ظَاهِرُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ النَّحْرِ بِمِنًى عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ فَإِنْ نَحَرَهُ بِمَكَّةَ مَعَ اسْتِيفَائِهَا صَحَّ مَعَ مُخَالَفَةِ الْوَاجِبِ وَأَشَارَ لِلشُّرُوطِ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ) سِيقَ (فِي) إحْرَامِ (حَجٍّ) وَلَوْ كَانَ مُوجِبُهُ نَقْصًا فِي عُمْرَةٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا (وَوَقَفَ بِهِ هُوَ) أَيْ رَبُّهُ (أَوْ نَائِبُهُ كَهُوَ) أَيْ كَوُقُوفِهِ فِي كَوْنِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَقِفَ بِهِ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ، " أَوْ نَائِبُهُ " عَنْ وُقُوفِ التُّجَّارِ إذْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ وَيَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْوُقُوفِ بِهِ عَنْهُ وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ (بِأَيَّامِهَا) أَيْ مِنًى لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَيَّامُ النَّحْرِ إذْ الْيَوْمُ الرَّابِعُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلنَّحْرِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَلَوْ عَبَّرَ بِأَيَّامِ النَّحْرِ كَانَ أَوْلَى (وَإِلَّا) بِأَنْ انْتَفَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ سَاقَهُ فِي عُمْرَةٍ، أَوْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ، أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ (فَ) مَحِلُّ نَحْرِهِ (مَكَّةُ) وُجُوبًا فَلَا يُجْزِئُ بِمِنًى وَلَا غَيْرِهَا (وَأَجْزَأَ) النَّحْرُ بِهَا (إنْ أُخْرِجَ) الْهَدْيُ (لِحِلٍّ) وَلَوْ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ إذْ شَرْطُ كُلِّ هَدْيٍ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرِجُ لَهُ رَبَّهُ، أَوْ غَيْرَهُ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا وَلِذَا بَنَى " أُخْرِجَ " لِلْمَجْهُولِ وَأَمَّا مَا يُذْبَحُ بِمِنًى فَالْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ضَرُورِيٌّ إذْ شَرْطُهُ الْوُقُوفُ بِهِ بِعَرَفَةَ وَهِيَ حِلٌّ، وَشُبِّهَ فِي الْإِجْزَاءِ قَوْلُهُ (كَأَنْ وَقَفَ بِهِ) أَيْ بِالْهَدْيِ كَانَ الْوَاقِفُ بِهِ رَبَّهُ، أَوْ نَائِبَهُ (فَضَلَّ مُقَلَّدًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْهَدْيِ تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ قَبْلَهُ (وَنُحِرَ) بِمِنًى أَيَّامَ النَّحْرِ، أَوْ بِمَكَّةَ يَعْنِي وَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا فَيَجْزِيهِ فَإِنْ وَجَدَهُ مَنْحُورًا فِي مَحِلٍّ لَا يُجْزِئُ النَّحْرُ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ نُحِرَ أَمْ لَا لَمْ يُجْزِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَحَرَهُ بِمِنًى، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقِفْ بِهِ وَنَحَرَهُ بِمَكَّةَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) أَيْ وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يَقِفَ بِهِ الْمَوَاقِفَ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ النَّحْرُ لِلْهَدْيِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا بِأَنْ كَانَ لِنَقْصٍ أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا. (قَوْلُهُ: بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْمُشْتَرَطَةِ فِي ذَبْحِهِ بِمِنًى لَا فِي كَوْنِهِ هَدْيًا فَإِنْ ذَبَحَ بِمِنًى مَعَ فَقْدِ وَاحِدٍ مِنْهَا لَمْ يُجْزِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ، وَمَا قَالَهُ ح مِنْ النَّدْبِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ وَقَفَ بِهَدْيٍ، أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ مُتْعَةٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَحَرَهُ بِهَا جَاهِلًا أَوْ تَرَكَ مِنًى مُتَعَمِّدًا أَجْزَأَهُ اهـ؛ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى النَّدْبِ اهـ طفى. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ الْهَدْيُ وَكَذَا جَزَاءُ الصَّيْدِ سِيقَ فِي إحْرَامِ حَجٍّ، وَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ مُوجِبُهُ نَقْصًا فِي عُمْرَةٍ " أَيْ قَدَّمَهَا عَلَى ذَلِكَ الْحَجِّ كَانَتْ فِي عَامِهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَوَقَفَ بِهِ) أَيْ وَوَقَفَ بِهِ رَبُّهُ الْمُحْرِمُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَوُقُوفِهِ) أَيْ كَوُقُوفِ رَبِّهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ كَوُقُوفِهِ إلَى أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مُقَدَّرٍ فَحُذِفَ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَلَيْسَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقَلِيلِ وَهُوَ جَرُّ الْكَافِ لِلضَّمِيرِ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: أَوْ نَائِبُهُ إلَخْ) أَيْ كَمَا احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَهُوَ عَمَّا إذَا وَقَفَ بِهِ النَّائِبُ بِعَرَفَةَ فِي غَيْرِ لَيْلَةِ النَّحْرِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ بِأَيَّامِهَا) أَيْ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ النَّحْرَ فِي أَيَّامِهَا. (قَوْلُهُ: فِي عُمْرَةٍ) أَيْ فِي إحْرَامِهَا سَوَاءٌ كَانَ نَذْرًا، أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ تَطَوُّعًا، أَوْ عَنْ نَقْصٍ فِي حَجّ. (قَوْلُهُ: مَكَّةُ) أَيْ الْبَلَدُ لَا مَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَأَفْضَلُهَا الْمَرْوَةُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ - أَيْ طُرُقِهَا - مَنْحَرٌ» فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا إلَّا أَنَّهُ مِنْ لَوَاحِقِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا الذَّبْحُ بِمِنًى فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ بِمِنًى وَلَا غَيْرِهَا) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ ذَبْحُهُ بِمَكَّةَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الذَّبْحَ بِهَا بِأَنْ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّهُ بِمِنًى وَلَمْ يُقَيِّدْ بِهَذَا الْعَامِ - وَالْفَرْضُ أَنَّهُ انْتَفَى بَعْضُ شُرُوطِ الذَّبْحِ بِهَا - صَبَرَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ وَذَبَحَ بِمِنًى مَعَ مُرَاعَاةِ شُرُوطِ الذَّبْحِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ إنْ أُخْرِجَ لِحِلٍّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْهَدْيَ إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَوْ سِيقَ فِي إحْرَامِ عُمْرَةٍ أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَتَعَيَّنَ ذَبْحُهُ بِمَكَّةَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ فَإِدْخَالُهُ لِلْحَرَمِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ بِمَكَّةَ فَإِنْ ذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ لِلْحِلِّ مِنْ أَيْ جِهَةٍ كَانَتْ. (قَوْلُهُ: إذْ شَرْطُ كُلِّ هَدْيٍ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ وَقَفَ بِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ كَوُقُوفِهِ بِهِ فَكَافُ التَّشْبِيهِ دَاخِلَةٌ عَلَى اسْمٍ تَأْوِيلًا وَبِكَسْرِهَا عَلَى أَنَّ " إنْ " شَرْطِيَّةٌ وَجَوَابُهَا مَا فِي الْكَافِ مِنْ التَّشْبِيهِ لَا يُقَالُ إنَّ حَرْفَ الْجَرِّ لَا يَدْخُلُ إلَّا عَلَى اسْمٍ صَرِيحٍ، أَوْ مُؤَوَّلٍ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذَا كُسِرَتْ الْهَمْزَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ كَالْحُكْمِ إنْ وَقَفَ بِهِ فَضَلَّ مُقَلَّدًا وَنُحِرَ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: فَضَلَّ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: تَنَازَعَهُ الْفِعْلَانِ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمَعْمُولِ لَهُ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى جَوَازِ التَّنَازُعِ فِي الْحَالِ وَأَمَّا عَلَى مَنْعِهِ فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي، أَوْ الْعَكْسُ. (قَوْلُهُ: وَنُحِرَ) أَيْ لِكَوْنِهِ مُقَلَّدًا وَأَمَّا لَوْ ضَلَّ غَيْرَ مُقَلَّدٍ وَوَجَدَهُ مَذْبُوحًا فِي مَحِلٍّ يُجْزِئُ فِيهِ الذَّبْحُ أَوْ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيُجْزِيهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الذَّابِحُ لَهُ نَوَى بِهِ الْهَدْيَ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَدَهُ مَنْحُورًا فِي مَحِلٍّ لَا يُجْزِئُ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ وَجَدَهُ مَنْحُورًا بِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمَاكِنِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ إذَا ضَلَّ وَلَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ

(وَ) الْمَسُوقُ (فِي الْعُمْرَةِ) كَانَ لِنَقْصٍ فِيهَا أَوْ فِي حَجٍّ، أَوْ نَذْرًا أَوْ تَطَوُّعًا، أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ يُنْحَرُ (بِمَكَّةَ) وَأَعَادَ هَذِهِ، وَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ " وَإِلَّا فَمَكَّةُ " لَيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ (بَعْدَ) تَمَامِ (سَعْيِهَا) فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهُ (ثُمَّ) بَعْدَ نَحْرِ الْهَدْيِ (حَلَقَ) أَوْ قَصَّرَ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ (وَإِنْ) (أَرْدَفَ) الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ حَجًّا عَلَيْهَا (لِخَوْفِ فَوَاتِ) إنْ تَشَاغَلَ بِهَا (أَوْ لِحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ وَمَعَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ (أَجْزَأَ) الْهَدْيُ (التَّطَوُّعُ) الْمَسُوقُ فِيهَا قَبْلَ الْإِرْدَافِ (لِقِرَانِهِ) الْحَاصِلِ بِالْإِرْدَافِ وَلَا مَفْهُومَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ بَلْ كَذَلِكَ إذَا أَرْدَفَ لِغَيْرِهِ (كَأَنْ) (سَاقَهُ) أَيْ الْهَدْيَ (فِيهَا) أَيْ فِي عُمْرَتِهِ وَأَتَمَّهَا قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ (ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ) وَصَارَ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّ ذَلِكَ الْهَدْيَ يُجْزِيهِ عَنْ تَمَتُّعِهِ مُطْلَقًا عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا أَجْزَأَهُ عَنْ قِرَانِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِالْإِطْلَاقِ (بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ) يَشْمَلُ مَا إذَا سِيقَ ابْتِدَاءً بِقَصْدِ التَّمَتُّعِ أَوْ لِلتَّطَوُّعِ، ثُمَّ جَعَلَهُ لِلتَّمَتُّعِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ بَعْدَهُ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ تَطَوُّعًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ فَإِنْ لَمْ يُسَقْ لَهُ بَلْ كَانَ تَطَوُّعًا مَحْضًا لَمْ يُجْزِهِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ. (وَالْمَنْدُوبُ) فِيمَا يُنْحَرُ (بِمَكَّةَ الْمَرْوَةُ) وَأَجْزَأَ فِي جَمِيعِ أَزِقَّتِهَا (وَكُرِهَ) لِلْمُهْدِي (نَحْرُ) أَوْ ذَبْحُ (غَيْرِهِ) عَنْهُ اسْتِنَابَةً إنْ كَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ (كَالْأُضْحِيَّةِ) وَلْيَلِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ تَوَاضُعًا لِرَبِّهِ. (وَإِنْ) (مَاتَ مُتَمَتِّعٌ) وَلَمْ يَكُنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ (فَالْهَدْيُ) وَاجِبٌ إخْرَاجُهُ عَلَى وَارِثِهِ (مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ (إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ) أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا، أَوْ طَافَ الْإِفَاضَةَ فَإِنْ قَلَّدَهُ، أَوْ أَشْعَرَهُ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنْ انْتَفَتْ الثَّلَاثَةُ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ. (وَسِنُّ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ دِمَاءِ الْحَجِّ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (وَعَيْبُهُ) الْمُجْزِئُ مَعَهُ وَغَيْرُ الْمُجْزِئِ (كَالضَّحِيَّةِ) الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا (وَالْمُعْتَبَرُ) أَيْ الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ السِّنُّ وَالْعَيْبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِدْهُ أَصْلًا مَعَ تَحَقُّقِ نَحْرِهِ وَلَا يَدْرِي مَعَ ذَلِكَ فِي أَيِّ مَحِلٍّ نُحِرَ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ شَخْصٌ بِأَنَّهُ نُحِرَ وَذَهِلَ رَبُّهُ عَنْ سُؤَالِهِ فِي أَيِّ مَحِلٍّ نُحِرَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَلَوْ ضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِهِ وَوَجَدَهُ قَدْ ذُبِحَ بِمَكَّةَ أَجْزَأَ حَيْثُ جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِأَنْ ضَلَّ فِي الْحِلِّ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُجْمَعْ فَلَا يُجْزِئُ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إذَا ضَلَّ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَوَجَدَهُ مَذْبُوحًا بِمِنًى إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُ وَقَفَ بِهِ، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقَفَ بِهِ نَائِبُهُ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَسُوقُ فِي الْعُمْرَةِ) أَيْ وَالْهَدْيُ الْمَسُوقُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَهَذَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: يُنْحَرُ بِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ وَأَعَادَ هَذِهِ أَيْ الْمَسْأَلَةَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهُ) أَيْ لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا سَعْيَهَا مَنْزِلَةَ الْوُقُوفِ فِي هَدْيِ الْحَجِّ فِي أَنَّهُ لَا يُنْحَرُ إلَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِحَيْضٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا عَلَى قَوْلِهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ) أَيْ طَرَآ عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ إذَا انْتَظَرَتْ الطُّهْرَ مِنْهُمَا وَتَمَّمَتْ الْعُمْرَةَ. (قَوْلُهُ: وَمَعَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ سَاقَ مَعَهُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِرْدَافِ هَدْيَ تَطَوُّعٍ سَوَاءٌ قَلَّدَهُ، أَوْ أَشْعَرَهُ، أَوْ لَمْ يُقَلِّدْهُ وَلَمْ يُشْعِرْهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ كَذَلِكَ إذَا أَرْدَفَ لِغَيْرِهِ) أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ أَرْدَفَ بِمَحِلٍّ يَصِحُّ فِيهِ الْإِرْدَافُ. (قَوْلُهُ: يُجْزِيهِ عَنْ تَمَتُّعِهِ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ - أَيْ الْإِجْزَاءُ - أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ تَأَوَّلَ سَنَدٌ الْإِجْزَاءَ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَتَأَوَّلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ مَحِلَّ الْإِجْزَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْهَدْيُ سَاقَهُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ فِي تَمَتُّعِهِ وَلَكِنْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ الَّذِي هُوَ إحْرَامُ الْحَجِّ وَأَمَّا لَوْ سَاقَهُ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ) أَيْ بِمَا إذَا سَاقَهُ لِيَجْعَلَهُ فِي تَمَتُّعِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ سَمَّاهُ تَطَوُّعًا لِذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَعَلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَنْدُوبُ بِمَكَّةَ) أَيْ وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ بِمِنًى فَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ نَحْرُهُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهِيَ الْجَمْرَةُ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: الْمَرْوَةُ) أَيْ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ هَذَا هُوَ الْمَنْحَرُ» . (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ فِي جَمِيعِ أَزِقَّتِهَا) وَأَمَّا مَا نُحِرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ كَانَ مِنْ تَوَابِعِهَا كَذِي طُوًى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: نَحْرُ غَيْرِهِ) أَيْ أَوْ ذَبْحُهُ وَمَفْهُومُ تَخْصِيصِ الْكَرَاهَةِ بِالذَّكَاةِ أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ عَلَى السَّلْخِ وَتَقْطِيعِ اللَّحْمِ جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحِلَّ كَرَاهَةِ الِاسْتِنَابَةِ عَلَى الذَّكَاةِ مَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كَكَثْرَةِ الْهَدَايَا، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ «فَقَدْ أَهْدَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِائَةِ بَدَنَةٍ نَحَرَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَنَحَرَ عَلِيٌّ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ اسْتِنَابَةً» . (قَوْلُهُ: اسْتِنَابَةً) أَيْ وَأَمَّا إنْ ذَكَّى الْغَيْرُ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَابَةٍ لَمْ يُكْرَهْ لِرَبِّهِ وَيُجْزِئُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ وَعَلَى ذَلِكَ الْمُسْتَنِيبِ الْبَدَلُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. . (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ قَارِنٌ الْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ حَيْثُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَدِفُ عَلَى الْعُمْرَةِ ثُمَّ مَاتَ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ هَدْيٍ أَوْ عَنْ هَدْيٍ غَيْرِ مُقَلَّدٍ. (قَوْلُهُ: إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ) أَيْ إنْ كَانَ رَمَى الْعَقَبَةَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ فَاتَ وَقْتُهَا بِفَوَاتِ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ رَمْيِهَا بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ أَوْ طَافَ الْإِفَاضَةَ أَيْ أَوْ كَانَ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَ رَمْيِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ رَمْيِهَا فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَفَتْ الثَّلَاثَةُ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ رَمْيِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِهَا وَلَمْ يَطُفْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ إخْرَاجُهُ لِوُجُوبِهِ بِالتَّقْلِيدِ. (قَوْلُهُ: جَمِيعِ دِمَاءِ الْحَجِّ)

(حِينَ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ) أَيْ تَعْيِينِهِ وَذَلِكَ بِالتَّقْلِيدِ فِيمَا يُقَلَّدُ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ لِيَكُونَ هَدْيًا فِيمَا لَا يُقَلَّدُ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ وَالتَّقْلِيدِ هُنَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّعْيِينُ لَا الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَلَا حَقِيقَةُ التَّقْلِيدِ (فَلَا يُجْزِئُ) هَدْيٌ وَاجِبٌ (مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ) يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ السِّنَّ (وَلَوْ سَلِمَ) مِنْ عَيْبِهِ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ قَبْلَ النَّحْرِ بِخِلَافِ هَدْيِ تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ فَيُجْزِئُ إنْ سَلِمَ قَبْلَ ذَبْحِهِ، ثُمَّ يَجِبُ إنْفَاذُ مَا قُلِّدَ مَعِيبًا لِوُجُوبِهِ بِالتَّقْلِيدِ، وَإِنْ لَمْ يُجْزِهِ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يُقَلِّدَهُ أَوْ يُعَيِّنَهُ لِلْهَدْيِ سَلِيمًا ثُمَّ يَتَعَيَّبَ قَبْلَ ذَبْحِهِ فَيُجْزِئَ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَوْلُهُ (إنْ تَطَوَّعَ) بِهِ لَيْسَ شَرْطًا فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِقُصُورِهِ فَكَانَ الْوَجْهُ حَذْفَهُ فَلَعَلَّهُ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرِ، وَمَحِلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ (وَأَرْشُهُ) أَيْ الْهَدْيِ الْمَرْجُوعِ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ لِعَيْبٍ قَدِيمٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَمْ لَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ الْمُفِيتَيْنِ لِرَدِّهِ (وَثَمَنُهُ) الْمَرْجُوعُ بِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ جُعِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا (فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ) ذَلِكَ مِمَّنْ أُهْدِيَ (وَإِلَّا) يَبْلُغْ (تُصُدِّقَ بِهِ) وُجُوبًا وَهَذَا إنْ تَطَوَّعَ بِهِ، أَوْ كَانَ مَنْذُورًا بِعَيْنِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ لِعَدَمِ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِهِ (وَ) الْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ (فِي الْفَرْضِ) الْأَصْلِيِّ، أَوْ الْمَنْذُورِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ (يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ) أَيْ يَجْعَلُهُ فِي بَدَلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إنْ بَلَغَ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ كَمَّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَرَى بِهِ الْبَدَلَ وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ إذْ عَلَيْهِ بَدَلُهُ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ فَكَالتَّطَوُّعِ يَجْعَلُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ. (وَسُنَّ) فِي هَدَايَا الْإِبِلِ (إشْعَارُ) أَيْ شَقُّ (سُنُمِهَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ جَمْعُ سَنَامٍ بِالْفَتْحِ (مِنْ) الْجَانِبِ (الْأَيْسَرِ) أَيْ فِيهِ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ (لِلرَّقَبَةِ) بِمَعْنَى مِنْ أَيْ مُبْتَدَأً مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَبَةِ إلَى نَاحِيَةِ الذَّنَبِ قَدْرَ أُنْمُلَتَيْنِ طُولًا حَتَّى يَدْمَى (مُسَمِّيًا) أَيْ قَائِلًا بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ نَدْبًا (وَ) سُنَّ (تَقْلِيدٌ) أَيْ تَعْلِيقُ قِلَادَةٍ أَيْ حَبْلٍ فِي عُنُقِهَا وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ التَّقْلِيدِ عَلَى الْإِشْعَارِ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ، ثُمَّ إشْعَارُهُ (وَنُدِبَ نَعْلَانِ) يُعَلِّقُهُمَا (بِنَبَاتِ الْأَرْضِ) أَيْ بِحَبْلٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ نَدْبًا كَحَلْفَاءَ لَا مِنْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ خَشْيَةَ تَعَلُّقِهِ بِشَيْءٍ فَيُؤْذِيهِ (وَ) نُدِبَ (تَجْلِيلُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مِنْ فِدْيَةٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ، أَوْ هَدْيٍ كَانَ عَنْ نَقْصٍ، أَوْ كَانَ نَذْرًا أَوْ تَطَوُّعًا. (قَوْلُهُ: حِينَ وُجُوبِهِ إلَخْ) أَيْ لَا يَوْمَ نَحْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: وَتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِسَوْقِهِ لِمَكَّةَ أَوْ نَذْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَقِيقَةُ التَّقْلِيدِ) أَيْ الْآتِيَةُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَعَمُّ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا تَعْيِينُهُ لِلْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّقْلِيدِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْعَامِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ بِالتَّقْلِيدِ هُنَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ - أَعْنِي اعْتِبَارَ السِّنِّ وَالْعَيْبِ حِينَ التَّعْيِينِ - يَعُمُّ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا مَا يُقَلَّدُ مِنْهَا وَمَا لَا يُقَلَّدُ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قُلِّدَ مِنْ الْهَدَايَا يُبَاعُ فِي الدُّيُونِ السَّابِقَةِ مَا لَمْ يُذْبَحْ وَلَا يُبَاعُ فِي اللَّاحِقَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: هَدْيُ وَاجِبٍ أَيْ وَلَا نَذْرٌ مَضْمُونٌ وَقَوْلُهُ: بِعَيْبٍ أَيْ مُلْتَبِسًا بِعَيْبٍ أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ الصِّغَرُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حُكْمًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ إذَا قُلِّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهُوَ مَعِيبٌ عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا كَانَ تَعَيُّبُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ فَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ ضَمِنَ كَمَا فِي ح عَنْ الطِّرَازِ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَمْنَعْ التَّعَيُّبُ بُلُوغَ الْمَحِلِّ فَلَوْ مَنَعَهُ كَعَطَبٍ، أَوْ سَرِقَةٍ لَمْ يُجْزِهِ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ وَالْمَنْذُورُ الْمَضْمُونُ كَمَا يَأْتِي اهـ بْن. (قَوْلُهُ: الْمَرْجُوعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ أَوْ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْجَانِي عَلَى ذَلِكَ الْهَدْيِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ فَكَالتَّطَوُّعِ) هَذَا يَشْمَلُ الْعَيْبَ الْخَفِيفَ مُطْلَقًا وَالْعَيْبَ الشَّدِيدَ الطَّارِئَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ لِأَنَّهُ لِطُرُوِّهِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. وَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ إمَّا تَطَوُّعٌ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، وَإِمَّا وَاجِبٌ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمَضْمُونُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَمْنَعَ الْعَيْبُ الَّذِي فِيهِ الْإِجْزَاءَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا جَعَلَ الْأَرْشَ وَالثَّمَنَ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ بِأَنْ كَانَ شَدِيدًا مُتَقَدِّمًا عَلَى التَّقْلِيدِ، أَوْ كَانَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ بِأَنْ كَانَ خَفِيفًا أَوْ كَانَ طَارِئًا عَلَى التَّقْلِيدِ وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا اشْتَرَى بِالثَّمَنِ، أَوْ الْأَرْشِ هَدْيًا آخَرَ إنْ بَلَغَ ذَلِكَ ثَمَنَ هَدْيٍ وَكَمَّلَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا إنْ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ جَعَلَ الْأَرْشَ، أَوْ الثَّمَنَ فِي هَدْيٍ آخَرَ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ مِثْلَ التَّطَوُّعِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِ ظَاهِرِهِ كَالْمُدَوَّنَةِ وُجُوبًا وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي الْبَدَلِ إنْ شَاءَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ فِي هَدَايَا الْإِبِلِ إشْعَارُ سُنُمِهَا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ لَهَا سَنَامٌ فَإِنْ كَانَتْ لَا سَنَامَ لَهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُشْعَرُ وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِبِلَ يُسَنُّ إشْعَارُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَنَامٌ وَمَا لَهَا سَنَامَانِ يُسَنُّ إشْعَارُهَا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ) قَالَ عبق: وَانْظُرْ مَا حُكْمُ كَوْنِ الْإِشْعَارِ فِي الْأَيْسَرِ اهـ قَالَ بْن: وَهَذَا قُصُورٌ مِنْهُ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ وَفِي أَوْلَوِيَّتِهِ - أَيْ الْإِشْعَارِ - فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ، ثَالِثُهَا أَنَّهُ السُّنَّةُ فِي الْأَيْسَرِ، وَرَابِعُهَا هُمَا سَوَاءٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ التَّقْلِيدِ عَلَى الْإِشْعَارِ) أَيْ فِي الذِّكْرِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ السُّنَّةُ أَيْ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُ التَّقْلِيدِ عَلَى الْإِشْعَارِ فِعْلًا خَوْفًا مِنْ نِفَارِهَا لَوْ أُشْعِرَتْ أَوَّلًا، وَفَعَلَهُمَا بِوَقْتٍ وَاحِدٍ أَوَّلًا، وَفَائِدَةُ التَّقْلِيدِ إعْلَامُ الْمَسَاكِينِ أَنَّ هَذَا هَدْيٌ فَيَجْتَمِعُونَ لَهُ وَقِيلَ

أَيْ الْإِبِلِ أَيْ وَضْعُ الْجِلَالِ عَلَيْهَا - جَمْعُ جُلٍّ بِالضَّمِّ - بِأَنْ يَضَعَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَالْبَيَاضُ أَوْلَى (وَ) نُدِبَ (شَقُّهَا) أَيْ الْجِلَالِ عَنْ الْأَسْنِمَةِ لِيَظْهَرَ الْإِشْعَارُ وَتُمْسَكُ بِالسَّنَامِ مَخَافَةَ سُقُوطِهَا (إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ) قِيمَتُهَا كَدِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ بِأَنْ زَادَتْ عَلَيْهِمَا نُدِبَ عَدَمُ شَقِّهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ إضَاعَةِ مَالِ الْمَسَاكِينِ بِإِفْسَادِهِ عَلَيْهِمْ (وَقُلِّدَتْ الْبَقَرُ) اسْتِنَانًا فِيمَا يَظْهَرُ (فَقَطْ) دُونَ إشْعَارٍ فَهُوَ قَيْدٌ لِقُلِّدَتْ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْبَقَرُ (بِأَسْنِمَةٍ) فَتُشْعَرُ أَيْضًا كَالْإِبِلِ (لَا الْغَنَمُ) فَلَا تُشْعَرُ وَلَا تُقَلَّدُ أَيْ يُكْرَهُ تَقْلِيدُهَا وَيَحْرُمُ إشْعَارُهَا؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ. وَلَمَّا كَانَ الْأَكْلُ مِنْ دِمَاءِ الْحَجِّ يَنْقَسِمُ مَنْعًا، وَإِبَاحَةً بِاعْتِبَارِ بُلُوغِ الْمَحِلِّ وَعَدَمِهِ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ مِنْهَا وَهُوَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُؤْكَلْ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى رَبِّ الْهَدْيِ أَنْ يَأْكُلَ (مِنْ نَذْرِ مَسَاكِينَ عُيِّنَ) لَهُمْ بِاللَّفْظِ، أَوْ النِّيَّةِ بِأَنْ قَالَ: هَذَا نَذْرٌ لِلَّهِ عَلَيَّ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَسَاكِينِ (مُطْلَقًا) بَلَغَ مَحِلَّهُ - وَهُوَ مِنًى بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَوْ مَكَّةُ - أَوْ لَمْ يَبْلُغْ وَمِثْلُ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ هَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا نَوَاهُ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ سَمَّاهُ لَهُمْ عَيَّنَ أَمْ لَا وَكَذَا الْفِدْيَةُ إنْ لَمْ يَجْعَلْ هَدْيًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ يَحْرُمُ الْأَكْلُ مِنْهَا عَلَى مُهْدِيهَا مُطْلَقًا. وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (عَكْسُ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْهَدَايَا غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَطَوُّعٍ، أَوْ وَاجِبٍ لِنَقْصٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فَسَادٍ، أَوْ فَوَاتٍ، أَوْ تَعَدِّي مِيقَاتٍ، أَوْ مُتْعَةٍ، أَوْ قِرَانٍ أَوْ نَذْرٍ لَمْ يُعَيَّنْ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا مُطْلَقًا بَلَغَتْ مَحِلَّهَا أَمْ لَا، وَإِذَا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ فِي الْجَمِيعِ (فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ) وَأَوْلَى غَيْرُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِئَلَّا يَضِيعَ، فَيُعْلَمَ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيُرَدَّ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِبِلِ) أَيْ وَأَمَّا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَلَا تُجَلَّلُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ قَيْدٌ لِقُلِّدَتْ) أَيْ لَا لِلْبَقَرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِبِلَ يُسَنُّ تَقْلِيدُهَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إلَّا بِأَسْنِمَةٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَتُقَلَّدُ الْبَقَرُ وَلَا تُشْعَرُ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَتُشْعَرُ اهـ وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ لَهَا أَنَّ الْبَقَرَ لَا تُشْعَرُ مُطْلَقًا وَتَعَقَّبَهُ طفى بِقَوْلِهَا الْمَذْكُورِ قَالَ عبق: وَإِذَا كَانَ لَهَا أَسْنِمَةٌ وَأُشْعِرَتْ هَلْ تُجَلَّلُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ اهـ، وَهَذَا قُصُورٌ مِنْهُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَا تُجَلَّلُ وَنَقَلَ الْأَبِيُّ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهَا تُجَلَّلُ فَهُمَا قَوْلَانِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مِنْ دِمَاءِ الْحَجِّ) أَيْ وَهِيَ الْهَدْيُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَفِدْيَةُ الْأَذَى وَمَا سِيقَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا، وَقَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ أَيْ مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَمَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَمَا يُؤْكَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحِلِّ لَا بَعْدَهُ وَعَكْسُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤْكَلْ) الْأَوْلَى وَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ لَمْ لِنَفْيِ الْمَاضِي، وَالْمَقْصُودُ النَّهْيُ عَنْ الْأَكْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَحْرُمُ عَلَى رَبِّ الْهَدْيِ) أَيْ وَكَذَا عَلَى رَسُولِهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ مَعَهُ كَمَا يَأْتِي وَعَلَى مَأْمُورِهِمَا أَيْ مَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ فَقِيرًا. (قَوْلُهُ: مِنْ نَذْرِ مَسَاكِينَ) أَيْ مِنْ هَدْيٍ مَنْذُورٍ لِلْمَسَاكِينِ. (قَوْلُهُ: عُيِّنَ لَهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ عَيَّنَ الْمَسَاكِينَ أَيْضًا، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ: هَذَا نَذْرٌ لِلَّهِ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِنَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ لَهُمْ بِالنِّيَّةِ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ لَهُمْ بِاللَّفْظِ فَكَأَنْ يَقُولَ: هَذَا نَذْرٌ عَلَيَّ لِلْمَسَاكِينِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَبْلُغْ) بِأَنْ عَطِبَ قَبْلَهُ أَمَّا عَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَحِلَّ بِأَنْ عَطِبَ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَأَمَّا بَعْدَ الْمَحِلِّ فَلِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ آكِلَهُ - وَهُمْ الْمَسَاكِينُ -، وَلِأَجْلِ أَنَّ نَذْرَ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنَ غَيْرُ مَضْمُونٍ إذَا مَاتَ، أَوْ سُرِقَ قَبْلَ الْمَحِلِّ لَا يَلْزَمُ رَبَّهُ بَدَلُهُ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ هَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا نَوَاهُ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ سَمَّاهُ لَهُمْ) أَيْ هَدْيُ التَّطَوُّعِ الَّذِي جَعَلَهُ لِلْمَسَاكِينِ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ كَمَا إذَا قَالَ: هَذَا الْهَدْيُ تَطَوُّعٌ لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ هَدْيُ تَطَوُّعٍ لِلَّهِ وَنَوَى بِهِ الْمَسَاكِينَ، أَوْ عَيَّنَهُمْ بِاللَّفْظِ؛ كَهَذَا تَطَوُّعٌ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ عَلَيَّ هَدْيُ تَطَوُّعٍ لِلْمَسَاكِينِ وَقَوْلُهُ " عَيَّنَ أَمْ لَا " أَيْ عَيَّنَ ذَلِكَ الْهَدْيَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَيَّنَ الْمَسَاكِينَ أَيْضًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ يَحْرُمُ إلَخْ) أَمَّا حُرْمَةُ الْأَكْلِ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا فَقَدْ عَلِمْتَ وَجْهَهُ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْأَكْلِ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ الَّذِي جَعَلَهُ لِلْمَسَاكِينِ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ فَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ بِالْمَسَاكِينِ، وَأَمَّا الْفِدْيَةُ إذَا لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا فَعَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ التَّرَفُّهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَكْلِ مِنْهَا وَالتَّرَفُّهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ قَالَ بْن وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَكَذَا الْفِدْيَةُ إذَا لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ أَيْنَمَا ذُبِحَتْ فَذَلِكَ مَحِلُّهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا ذَبْحٌ إلَّا بَعْدَ الْمَحِلِّ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ بَعْدَ الْمَحِلِّ فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا وَاعْلَمْ أَنَّ النَّذْرَ قَسَّمَهُ الشَّارِحُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُسَمِّيَهُ لِلْفُقَرَاءِ بِاللَّفْظِ، أَوْ النِّيَّةِ، أَوْ لَا يُسَمِّيَهُ لَهُمْ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، أَوْ لَا فَإِنْ سَمَّاهُ لَهُمْ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ وَكَانَ مُعَيَّنًا فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ مُطْلَقًا لَا قَبْلَ الْمَحِلِّ وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ لِلْمَسَاكِينِ كَانَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَسَمَّاهُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَحِلِّ بَلْ قَبْلَهُ، وَإِنْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحِلِّ بَلْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً بَلَغَتْ الْمَحِلَّ أَوْ عَطِبَتْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: عَكْسُ الْجَمِيعِ) أَيْ وَهَذَا الْمُتَقَدِّمُ عَكْسُ جَمِيعِ هَدَايَا الْحَجِّ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيَتَزَوَّدَ وَيُطْعِمَ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَسَوَاءٌ بَلَغَتْ الْمَحِلَّ أَوْ عَطِبَتْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَطَوُّعٍ، أَوْ وَاجِبٍ) عَمَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي بَعْدَهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ) أَيْ كَالتَّلْبِيَةِ وَالنُّزُولِ بِعَرَفَةَ نَهَارًا، أَوْ النُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ لَيْلًا وَكَالْجِمَارِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرٍ لَمْ يُعَيَّنْ) أَيْ وَلَمْ يُسَمِّهِ لِلْمَسَاكِينِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ إطْعَامُ إلَخْ) أَيْ فَبِسَبَبِ هَذِهِ الْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ لَهُ إطْعَامٌ إلَخْ

(وَكُرِهَ) إطْعَامُهُ مِنْهَا (لِذِمِّيٍّ) ثُمَّ اسْتَثْنَى مِمَّا يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ فِي حَالٍ دُونَ آخَرَ وَتَحْتَهُ قِسْمَانِ: أَوَّلُهُمَا ثَالِثُ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ (إلَّا) ثَلَاثَةً (نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ) بِأَنْ كَانَ مَضْمُونًا وَسَمَّاهُ لِلْمَسَاكِينِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ نَوَاهُ لَهُمْ (وَالْفِدْيَةَ) إذَا جُعِلَتْ هَدْيًا (وَالْجَزَاءَ) لِلصَّيْدِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (بَعْدَ) بُلُوغِ (الْمَحِلِّ) سَالِمَةً وَأَمَّا إنْ عَطِبَتْ قَبْلَهُ فَيَأْكُلُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا. وَأَشَارَ لِرَابِعِ الْأَقْسَامِ بِقَوْلِهِ (وَهَدْيُ تَطَوُّعٍ) وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ الَّذِي لَمْ يُجْعَلْ لَهُمْ كَذَلِكَ (إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ) فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ أَمَّا إنْ وَصَلَ لِمَحِلِّهِ سَالِمًا فَإِنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ (فَتُلْقَى قِلَادَتُهُ بِدَمِهِ) لِتَكُونَ قِلَادَتُهُ دَالَّةً عَلَى كَوْنِهِ هَدْيًا يُبَاحُ أَكْلُهُ (وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ) مُطْلَقًا وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَكُفَّارًا (كَرَسُولِهِ) الْأَوْلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَا فِي خُصُوصِ الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ فَحُكْمُهُ فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ رَبِّهِ إلَّا إذَا عَطِبَ الْوَاجِبُ قَبْلَ الْمَحِلِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ ظَاهِرًا لِتُهْمَةِ أَنْ يَكُونَ تَسَبَّبَ فِي عَطَبِهِ أَمَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي عَطَبِهِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ لَا يَتَّهِمُهُ أَوْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغُرْمِ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (وَضَمِنَ) رَبُّهُ (فِي غَيْرِ) مَسْأَلَةِ (الرَّسُولِ) وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِرَبِّهِ (بِأَمْرِهِ) أَيْ أَمْرِ رَبِّهِ (بِأَخْذِ شَيْءٍ) مِنْ الْمَمْنُوعِ الْأَكْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكُرِهَ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ مَضْمُونًا وَسَمَّاهُ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ نَوَاهُ لَهُمْ) فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ لِلْمَسَاكِينِ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ وَنَوَى أَنَّهُ لِلْمَسَاكِينِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ سَمَّاهُ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ نَوَاهُ لَهُمْ عَنْ النَّذْرِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ لَا بِاللَّفْظِ وَلَا بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ هَذَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحِلِّ وَبَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَالْفِدْيَةَ إذَا جُعِلَتْ هَدْيًا) أَيْ وَفِدْيَةَ الْأَذَى إذَا جَعَلَهَا هَدْيًا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ بِهَا الْهَدْيَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذَّبْحِ الْهَدْيَ فَكَحُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْمَحِلِّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا) أَيْ يَبْعَثُهُ إلَى الْمَحِلِّ فَهُوَ لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ بُلُوغِهَا لَلْمَحِلِّ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ الْمَضْمُونَ الْمَجْعُولَ لِلْمَسَاكِينِ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِمْ، وَالْفِدْيَةُ بَدَلٌ عَنْ التَّرَفُّهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَكْلِ مِنْهَا وَالتَّرَفُّهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ، وَالْجَزَاءُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ. . (قَوْلُهُ: إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لَهُ لَوْ تَلِفَ فَلَوْ أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحِلِّ لَاتُّهِمَ عَلَى عَطَبِهِ (قَوْلُهُ: فَتُلْقَى إلَخْ) أَيْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ الْمَحِلِّ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَنْحَرُهُ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ وَخِطَامَهُ وَجِلَالَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهُ، وَإِنَّمَا خُصَّ إلْقَاءُ الْقِلَادَةِ بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ وَلَمْ يُجْعَلْ عَامًّا فِي كُلِّ ذَبْحٍ يَحْرُمُ الْأَكْلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحِلِّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ الشَّامِلِ لِلْفَقِيرِ وَالْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْهَدَايَا الَّتِي يَحْرُمُ عَلَى رَبِّهَا الْأَكْلُ مِنْهَا فَإِنَّ إبَاحَةَ الْأَكْلِ مِنْهَا مَخْصُوصَةٌ بِالْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَكُفَّارًا) أَيْ فَإِبَاحَتُهُ لَا تَخْتَصُّ بِالْفَقِيرِ قَالَ ح وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ خَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ مُخْتَصٌّ بِالْفُقَرَاءِ وَنَقَلَهُ ح عَنْهُ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ فَالرَّسُولُ فِيهَا كَرَبِّهِ فَالرَّسُولُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ لَا قَبْلَ الْمَحِلِّ وَلَا بَعْدَهُ وَفِي الثَّانِي يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مُطْلَقًا وَفِي الثَّالِثِ يَجُوزُ لَهُ قَبْلُ لَا بَعْدُ وَفِي الرَّابِعِ يَجُوزُ لَهُ بَعْدُ لَا قَبْلُ وَفِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُلْقِيَ قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمِيعِ النَّاسِ كَمَا أَنَّ رَبَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ رَبِّهِ) هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ غَيْرَ فَقِيرٍ أَمَّا لَوْ كَانَ فَقِيرًا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِمَّا لَا يَجُوزُ لِرَبِّهِ الْأَكْلُ مِنْهُ قَالَ سَنَدٌ وَكُلُّ هَدْيٍ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ نَائِبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِصِفَةٍ مُسْتَحِقَّةٍ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا مِثْلَ رَبِّهِ وَجَعَلَ طفى هَذَا الْقَوْلَ هُوَ النَّقْلُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَطِبَ الْوَاجِبُ) أَرَادَ بِهِ النَّذْرَ الْمَضْمُونَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلْمَسَاكِينِ وَالْفِدْيَةَ الَّتِي جَعَلَهَا هَدْيًا وَجَزَاءَ الصَّيْدِ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ، وَإِنْ جَازَ لِرَبِّهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَيُحْكَمُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ لِلتُّهْمَةِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ إلَخْ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ السَّابِقَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْأَكْلُ مِنْ الْهَدْيِ عَلَى صَاحِبِهِ وَرَسُولِهِ ابْتِدَاءً فَكَأَنَّ سَائِلًا قَالَ وَمَا الْحُكْمُ لَوْ وَقَعَ وَأَكَلَ رَبُّ الْهَدْيِ مِنْهُ، أَوْ أَكَلَ مِنْهُ رَسُولُهُ، أَوْ أَمَرَ أَحَدُهُمَا بِأَخْذِ شَيْءٍ أَوْ بِأَكْلِهِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَضَمِنَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الرَّسُولِ) اعْتَرَضَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ " فِي " أَيْ ضَمِنَ غَيْرُ الرَّسُولِ - وَهُوَ رَبُّهُ -، وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ، وَغَيْرُهَا الْمَسْأَلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِرَبِّ الْهَدْيِ. (قَوْلُهُ: يَأْمُرُهُ بِأَخْذِ شَيْءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُورُ مُسْتَحِقًّا كَفَقِيرٍ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ كَغَنِيٍّ وَهَذَا خَاصٌّ بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ الْمَحِلِّ وَأَمَّا غَيْرُ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا

(كَأَكْلِهِ) أَيْ رَبِّهِ (مِنْ مَمْنُوعٍ) أَكْلُهُ (بَدَلَهُ) مَفْعُولُ ضَمِنَ أَيْ ضَمِنَ هَدْيًا كَامِلًا بَدَلَهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ فِي غَيْرِ التَّطَوُّعِ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الرَّسُولُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أَكَلَ، أَوْ أَمَرَ وَكَانَ هُوَ، أَوْ مَأْمُورُهُ مُسْتَحِقًّا، وَإِلَّا ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ، أَوْ قَدْرَ أَخْذِ مَأْمُورِهِ فَقَطْ (وَهَلْ) عَلَى رَبِّهِ الْبَدَلُ كَامِلًا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ (إلَّا نَذْرَ مَسَاكِينَ عُيِّنَ فَقَدْرُ أَكْلِهِ) فَقَطْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ مُطْلَقًا (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ. (وَالْخِطَامُ) أَيْ الزِّمَامُ (وَالْجِلَالُ) بِالْكَسْرِ فِيهِمَا جَمْعُ جُلٍّ بِالضَّمِّ (كَاللَّحْمِ) فِي الْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ فَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى مِنْ التَّفْصِيلِ؛ فَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ خِطَامِهِ، أَوْ جِلَالِهِ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا، أَوْ أَمَرَ بِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَخَذَ فَقَطْ إنْ تَلِفَ، وَإِلَّا رَدَّهُ فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ. (وَإِنْ) (سُرِقَ) الْهَدْيُ الْوَاجِبُ، أَوْ تَلِفَ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) ، أَوْ نَحْرِهِ (أَجْزَأَ) لِأَنَّهُ بَلَغَ مَحِلَّهُ (لَا قَبْلَهُ) فَلَا يُجْزِيهِ وَأَمَّا الْمُتَطَوَّعُ بِهِ - وَمِثْلُهُ نَذْرٌ عُيِّنَ - فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ إنْ سُرِقَ قَبْلَهُ (وَحُمِلَ الْوَلَدُ) الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ إلَى مَكَّةَ وُجُوبًا وَنُدِبَ حَمْلُهُ (عَلَى غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ أُمِّهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ وَأَمَّا الْمَوْلُودُ قَبْلَ التَّقْلِيدِ فَيُسْتَحَبُّ نَحْرُهُ وَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ وَهَلْ يُنْدَبُ وَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ، أَوْ لَا؟ مَحِلُّ نَظَرٍ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا حَمَلَ (عَلَيْهَا) إنْ قَوِيَتْ فَإِنْ نَحَرَهُ دُونَ الْبَيْتِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيصَالِهِ بِوَجْهٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ بَدَلَهُ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى أُمِّهِ لِضَعْفِهَا وَلَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَا بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِ رَبِّهِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ) عِنْدَ أَمِينٍ إنْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ (لِيَشْتَدَّ) ثُمَّ يَبْعَثُهُ إلَى مَحِلِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَإِنْ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَأَكْلِهِ مِنْ مَمْنُوعٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْأَكْلِ مِنْهُ قَبْلُ وَبَعْدُ، أَوْ بَعْدُ لَا قَبْلُ، أَوْ قَبْلُ لَا بَعْدُ فَمَتَى أَكَلَ مِنْ مَمْنُوعٍ لَزِمَهُ هَدْيٌ كَامِلٌ وَهَلْ ضَمَانُ بَدَلِ الْهَدْيِ فِي الْمَمْنُوعَاتِ مُطْلَقًا حَتَّى فِي أَكْلِهِ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ أَكْلِهِ فَقَطْ خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْهَدْيِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْهُ إنْ أَكَلَ لَزِمَهُ هَدْيٌ كَامِلٌ إلَّا فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ إذَا أَكَلَ مِنْهُ فَقَوْلَانِ فِي قَدْرِ اللَّازِمِ لَهُ، وَإِنْ أَمَرَ أَحَدًا بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَإِنْ أَمَرَ غَنِيًّا لَزِمَهُ هَدْيٌ كَامِلٌ إلَّا فِي نَذْرٍ مُعَيَّنٍ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَدْرُ أَكْلِهِ كَذَا يَنْبَغِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْجَارِيَانِ فِي أَكْلِهِ هُوَ، وَإِنْ أَمَرَ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا إلَّا فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ هَدْيٌ كَامِلٌ عَلَى الْمُرْتَضَى، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفَقِيرُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَكْلِ صَاحِبِهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْأَكْلُ أَوْ الْأَمْرُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا الرَّسُولُ فَإِنْ أَمَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَمَرَ مُسْتَحِقًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْإِثْمُ إذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي كَبِيرِ خش، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرَّسُولِ بَيْنَ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ النُّقُولِ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّسُولَ مِثْلُ رَبِّهَا فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَلَوْ فَقِيرًا وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَذَكَرَ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ رَبُّهُ، أَوْ وَكِيلُهُ قَدْرًا مِمَّا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ، أَوْ أَمَرَا غَيْرَهُمَا بِالْأَخْذِ مِنْهُ رَدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَيْنَ مَا أَخَذَ وَلَوْ مَطْبُوخًا يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّسُولُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا فِي الرَّسُولِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ، أَوْ أَمَرَ بِالْأَخْذِ وَكَانَ هُوَ أَوْ مَأْمُورُهُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قَدْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا فِي خش اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَقَدْرُ أَكْلِهِ) أَيْ فَقَدْرُ مَا أَكَلَهُ مِنْ اللَّحْمِ - إنْ عُرِفَ وَزْنُهُ -، وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) أَيْ فَالْأَوَّلُ شَهَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَالثَّانِي شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ قِيمَةَ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ صَرْفُهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَهَذَا فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأَمَّا مَا لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَا يُطَالَبُ بِقِيمَةِ الْخِطَامِ وَالْجِلَالِ إذَا أَخَذَهُمَا، وَيَفْعَلُ بِهِمَا مَا شَاءَ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عبق مِنْ صَرْفِهَا لَهُمْ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: غَيْرُ تَامٍّ) لِأَنَّ فِي أَخْذِ رَبِّهِ مِنْ لَحْمِ الْمَمْنُوعِ الْأَكْلِ مِنْهُ وَكَذَا فِي أَمْرِهِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ هَدْيًا كَامِلًا وَفِي أَخْذِهِ الْخِطَامَ وَالْجِلَالَ، أَوْ أَمْرِهِ بِأَخْذِهِمَا قِيمَةَ مَا أَخَذَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سُرِقَ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ) أَيْ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالنَّذْرِ الْمَضْمُونِ لِلْمَسَاكِينِ وَمَا وَجَبَ لِقِرَانٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَلَغَ مَحِلَّهُ) أَيْ وَقَدْ وَقَعَ التَّعَدِّي فِي حَقِّ الْمَسَاكِينِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ مِمَّنْ ثَبَتَ أَنَّهُ سَرَقَهُ، وَصَرَفَهَا لِلْمَسَاكِينِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأَمَّا مَا لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ سَنَدٍ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عبق مِنْ تَعَيُّنِ صَرْفِهَا لِلْمَسَاكِينِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِيهِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ أُمُّهُ هَدْيًا وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا لِوُجُوبِ ذَبْحِهِ فِيهَا كَأَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرٍ أَيْ غَيْرِ أُمِّهِ) أَيْ وَأُجْرَةُ الْحَمْلِ إنْ اقْتَضَاهَا الْحَالُ مِنْ مَالِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ) أَيْ لِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ: وَهَلْ يُنْدَبُ أَيْ حَمْلُهُ لِمَكَّةَ لِيُنْحَرَ مَعَ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ: مَحِلُّ نَظَرٍ) قَالَ بْن عِبَارَةُ الْإِمَامِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ كَمَا فِي نَقْلِ ح تَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ حَمْلِهِ مَعَهَا وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْحَرَهُ مَعَهَا إنْ نَوَى ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي إنْ نَوَى بِهِ الْهَدْيَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: عَلَى إيصَالِهِ بِوَجْهٍ) مِثْلُ سَوْقِهِ

(فَكَالتَّطَوُّعِ) يَعْطَبُ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَيَنْحَرُهُ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَكَذَا إنْ أَمَرَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ وَاجِبَةً أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهَا. (وَلَا يَشْرَبُ) الْمُهْدِي بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ (مِنْ اللَّبَنِ) (- وَإِنْ فَضَلَ -) عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا أَيْ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَفْضُلْ، أَوْ أَضَرَّ وَيُكْرَهُ إنْ فَضَلَ (وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ، أَوْ) أَضَرَّ (الْوَلَدَ مُوجَبُ فِعْلِهِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ تَلَفٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ أَوْ الْبَدَلُ (وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا) وَالْحَمْلِ عَلَيْهَا (بِلَا عُذْرٍ) بَلْ يُكْرَهُ فَإِنْ اُضْطُرَّ لِرُكُوبِهَا لَمْ يُكْرَهْ فَإِنْ رَكِبَ حِينَئِذٍ (وَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ) ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ (وَ) نُدِبَ (نَحْرُهَا) أَيْ الْإِبِلِ (قَائِمَةً) عَلَى قَوَائِمِهَا غَيْرَ مَعْقُولَةٍ (أَوْ) قَائِمَةً (مَعْقُولَةً) مَثْنِيَّةً ذِرَاعُهَا الْيُسْرَى إلَى عَضُدِهَا إنْ خَافَ ضَعْفَهُ عَنْهَا فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ) أَوْ نَحَرَ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرٌ الْهَدْيَ عَنْهُ أَيْ عَنْ رَبِّهِ مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَأَ (مُقَلِّدًا) أَنَابَهُ عَنْهُ أَمْ لَا (وَلَوْ نَوَى) الْغَيْرُ الذَّبْحَ (عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ) فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْأَصْلِ أَنَابَهُ أَمْ لَا وَلَا عَنْ الْمُتَعَمِّدِ أَيْضًا بِخِلَافِ الضَّحِيَّةِ فَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَلَوْ تَعَمَّدَ غَيْرُهُ ذَبْحَهَا عَنْ نَفْسِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إنَابَةِ رَبِّهَا لَهُ دُونَ الْهَدْيِ فَهِيَ تُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ. (وَلَا يُشْتَرَكُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ (فِي هَدْيٍ) وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا وَأَوْلَى الْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ لَا فِي الذَّاتِ وَلَا فِي الْأَجْرِ وَالْأَقَارِبُ وَالْأَبَاعِدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِنْ اشْتَرَكَ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِنْ) (وُجِدَ) الْهَدْيُ الضَّالُّ، أَوْ الْمَسْرُوقُ (بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ) (نُحِرَ) الْمَوْجُودُ أَيْضًا (إنْ قُلِّدَ) لِتَعَيُّنِهِ بِالتَّقْلِيدِ (وَ) إنْ وُجِدَ الضَّالُّ (قَبْلَ نَحْرِهِ) أَيْ نَحْرِ الْبَدَلِ (نُحِرَا مَعًا إنْ قُلِّدَا) لِتَعَيُّنِهِمَا بِالتَّقْلِيدِ (وَإِلَّا) يَكُونَا مُقَلَّدَيْنِ وَالْمَوْضُوعُ وُجُودُ الضَّالِّ قَبْلَ نَحْرِ الْبَدَلِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَقْلِيدٌ أَصْلًا، أَوْ الْمُقَلَّدُ أَحَدَهُمَا (بِيعَ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا عَلَى التَّخْيِيرِ فِي الْأُولَى وَيَتَعَيَّنُ لِلنَّحْرِ الْمُقَلَّدُ فِي الْأَخِيرَةِ وَجَازَ بَيْعُ الْآخَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ هَدْيٌ أَيْ كَبِيرٌ تَامٌّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَكَالتَّطَوُّعِ) هَذَا جَوَابُ " إنْ " الثَّانِيَةِ وَهِيَ وَجَوَابُهَا جَوَابُ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ) أَيْ هَدْيٌ كَبِيرٌ تَامٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ) أَيْ مِنْ لَبَنِ الْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ أَوْ مِمَّا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ كَذَا حَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ طفى، وَتَعْلِيلُهُمْ النَّهْيَ بِخُرُوجِ الْهَدْيِ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَبِخُرُوجِهِ خَرَجَتْ الْمَنَافِعُ فَشُرْبُهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الصَّدَقَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ فِي الصَّدَقَةِ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ شُرْبُ اللَّبَنِ بِالْأُمِّ، أَوْ بِوَلَدِهَا بِأَنْ أَضْعَفَهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا وَإِلَّا كَانَ شُرْبُهُ مَمْنُوعًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا بَلْ وَإِنْ فَضَلَ فَيُكْرَهُ الشُّرْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِهَا وَلَا بِوَلَدِهَا وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ) أَيْ أَوْ بِحَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ أَوْ بِإِبْقَائِهِ بِضَرْعِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَكِبَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ مُضْطَرًّا فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ فَإِنْ نَزَلَ بَعْدَ الرَّاحَةِ فَلَا يَرْكَبُهَا ثَانِيًا إلَّا إذَا اُضْطُرَّ كَالْأَوَّلِ فَإِنْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَإِنْ رَكِبَهَا لِعُذْرٍ وَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَتَى أَتْلَفَهَا بِرُكُوبِهِ ضَمِنَهَا، وَإِنَّمَا ثَمَرَةُ الْعُذْرِ عَدَمُ الْإِثْمِ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مَعْقُولَةٍ) أَيْ بَلْ مُقَيَّدَةً فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ) أَيْ لِأَنَّ نَحْرَهَا قَائِمَةً غَيْرَ مَعْقُولَةٍ - إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُذْرٌ -، وَنَحْرَهَا قَائِمَةً مَعْقُولَةً مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ كَضَعْفِهِ عَنْهَا وَامْتِنَاعِهَا مِنْ الصَّبْرِ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَأَ) لَا بِذَبَحَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ الْمُبَالَغَةُ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ فَيَقُولُ: وَأَجْزَأَ عَنْهُ إنْ ذَبَحَهُ، أَوْ نَحَرَهُ غَيْرُهُ مُقَلِّدًا، أَوْ مُشْعِرًا وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، وَمَحِلُّ الْإِجْزَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُسْلِمًا لَا إنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا يُجْزِئُ وَعَلَى رَبِّهِ بَدَلُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْغَيْرُ الذَّبْحَ عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ) أَيْ لِأَنَّهُ نَاوٍ لِلْقُرْبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ وَلِرَبِّهِ أَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ) أَعْنِي الذَّبْحَ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا وَالِاسْتِنَابَةَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَدْيَ إذَا ذَبَحَهُ الْغَيْرُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ صَاحِبَهُ، سَوَاءٌ وَكَّلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى ذَبْحِهِ أَمْ لَا وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ إذَا ذَبَحَهَا الْغَيْرُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا فَإِنَّهَا تُجْزِي صَاحِبَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا وَكَّلَهُ عَلَى ذَبْحِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى الْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي دَمٍ لَكَانَ أَشْمَلَ. (قَوْلُهُ: لَا فِي الذَّاتِ) أَيْ بِأَنْ يَحْصُلَ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ) أَيْ فَالْهَدْيُ يُخَالِفُ الْأُضْحِيَّةَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا فِي الْأَجْرِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ حَتَّى بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْأَجْرِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ اهـ خش. (قَوْلُهُ: الْهَدْيُ الضَّالُّ إلَخْ) أَيْ أَوْ جَزَاءُ الصَّيْدِ الضَّالُّ، أَوْ الْمَسْرُوقُ. (قَوْلُهُ: نُحِرَ الْمَوْجُودُ أَيْضًا) أَيْ وَيَصِيرُ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ نَابَ عَنْ الْوَاجِبِ الْمَوْجُودِ، وَقَوْلُهُ: نُحِرَ الْمَوْجُودُ أَيْ وُجُوبًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ لِمَالِهِ لِتَعَيُّنِهِ بِالتَّقْلِيدِ. (قَوْلُهُ: بِيعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) لَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي أَحَدِهِمَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ.

[فصل موانع الحج والعمرة بعد الإحرام]

دَرْسٌ (فَصْلٌ) فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ الْحَجِّ ذِكْرُ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَيُقَالُ لِلْمَمْنُوعِ مَحْصُورٌ، وَلَمَّا كَانَ الْحَصْرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عَنْ الْبَيْتِ، وَعَرَفَةَ مَعًا، وَعَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، وَعَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا مُصَدِّرًا بِوَاوِ الِاسْتِئْنَافِ فَقَالَ (وَإِنْ) (مَنَعَهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ (عَدُوٌّ) كَافِرٌ (أَوْ فِتْنَةٌ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَالْوَاقِعَةِ بَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ (أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ) بَلْ ظُلْمًا كَثُبُوتِ عُسْرِهِ فَخَرَجَ حَبْسُهُ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ عُسْرِهِ (بِحَجٍّ) أَيْ فِيهِ (أَوْ عُمْرَةٍ فَلَهُ التَّحَلُّلُ) بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ لَهُ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَمْ لَا (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) حِينَ إحْرَامِهِ (بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَدُوِّ، وَمَا بَعْدَهُ فَإِنْ عَلِمَ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ (وَأَيِسَ) وَقْتَ حُصُولِ مَنْعٍ (مِنْ زَوَالِهِ) بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ لَا إنْ شَكَّ (قَبْلَ فَوْتِهِ) أَيْ الْحَجِّ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الْحَجِّ بِحَصْرِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمَشْهُورِ (بِنَحْرِ هَدْيِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ يَتَحَلَّلُ بِنَحْرِ هَدْيِهِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ بِأَنْ سَاقَهُ عَنْ شَيْءٍ مَضَى أَوْ تَطَوُّعًا فِي أَيِّ مَكَان إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ (وَحَلْقِهِ) رَأْسَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ] فَصْلٌ: فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ الْحَجِّ) (قَوْلُهُ: أَوْ حَبْسٌ) يَصِحُّ كَوْنُهُ مَصْدَرًا عَطْفًا عَلَى عَدُوٍّ، وَكَوْنُهُ فِعْلًا مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ عَطْفًا عَلَى مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ حَبْسُهُ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ عُسْرِهِ) أَيْ فَهُوَ كَالْمَنْعِ لِمَرَضٍ فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحَبْسِ بِحَقٍّ ظَاهِرُ الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى إنَّهُ إذَا حُبِسَ لِتُهْمَةٍ ظَاهِرَةٍ فَهُوَ كَالْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ بَرِيءٌ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ ح قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَفِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُحَالَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ وَالْإِحْرَامَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُ الطِّرَازِ يُوَافِقُهُ. اهـ. بْن، وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ الرِّيحَ إذَا تَعَذَّرَ عَلَى أَصْحَابِ السُّفُنِ لَا يَكُونُ تَعَذُّرُهُ كَحَصْرِ الْعَدُوِّ بَلْ هُوَ مِثْلُ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْبَرِّ فَيَمْشُونَ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي؛ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُتَلَبِّسًا بِذَلِكَ وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقَةً بِمَنْعِهِ أَيْ أَنَّ مَنْعَهُ مَا ذُكِرَ عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ بِأَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ وَالْبَيْتِ مَعًا أَوْ عَنْ إكْمَالِ عُمْرَةٍ بِأَنْ أَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ أَوْ السَّعْيِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ بِالنِّيَّةِ مِمَّا هُوَ مُحْرِمٌ بِهِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ، قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ لَا دَخَلَهَا أَوْ لَا، وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ أَيْضًا إلَّا أَنَّ تَحَلَّلَهُ أَفْضَلُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ (قَوْلُهُ: قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ التَّحَلُّلِ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ مُطْلَقًا قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ لَا دَخَلَهَا أَوْ لَا؛ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا قَوْلُ خش: وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ، وَيُكْرَهُ لَهُ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا فَغَيْرُ صَوَابٍ غَرَّهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي مَعَ أَنَّ مَا يَأْتِي إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَجَازَ لَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ لِمَشَقَّةِ السَّيْرِ لِلْعُمْرَةِ، وَأَمَّا هَذَا فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ) أَيْ، وَيَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَحُجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ حِينَئِذٍ بِالنِّيَّةِ كَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» عَالِمًا بِالْعَدُوِّ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا مَنَعَهُ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَفْهُومُهُ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ: وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَنْعَ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ، وَالْحَالُ أَنَّ إحْرَامَهُ بِوَقْتٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ لَوْلَا الْحَصْرُ، وَأَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِوَقْتٍ لَا يُدْرَكُ فِيهِ الْحَجُّ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَإِنْ أُحْصِرَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ، وَقَوْلُهُ: وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ هَذَا خَاصٌّ بِالْحَجِّ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَالْمَدَارُ فِي التَّحَلُّلِ مِنْهَا عَلَى ظَنِّ حُصُولِ الضَّرَرِ لَهُ إذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِزَوَالِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَكَّ) أَيْ فِي أَنَّ ذَلِكَ الْمَنْعَ يَزُولُ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ أَوْ بَعْدَ فَوَاتِهِ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ إذَا شَكَّ فِي زَوَالِ الْمَانِعِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا بِشَرْطِ الْإِحْلَالِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَوْتِهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَلَهُ التَّحَلُّلُ رَدًّا لِقَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَكُونُ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِزَوَالِهِ، وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحِلُّ إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَوْ زَالَ الْمَانِعُ لَأَدْرَكَ فِيهِ الْحَجَّ، وَهُوَ ظَاهِرُ أَوَّلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَنَدٌ مَا فِي آخِرِ كَلَامِهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَكُونَ فِي زَمَنٍ يُخْشَى فِيهِ فَوَاتُ الْحَجِّ، وَقَالَا إنَّ كَلَامَهَا الثَّانِيَ مُفَسِّرٌ لِكَلَامِهَا الْأَوَّلِ قَالَ ح إذَا عُلِمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ، وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَيْلَةِ النَّحْرِ زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ السَّيْرُ لَوْ زَالَ الْعُذْرُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ وَاسْتَدَلَّ بِآيَةٍ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وَأُجِيبُ عَنْ دَلِيلِهِ بِأَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ، وَإِنَّمَا

وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ (إنْ أَخَّرَهُ) أَيْ التَّحَلُّلَ أَوْ تَحَلَّلَ وَأَخَّرَ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ إذْ الْقَصْدُ بِهِ التَّحَلُّلُ لَا النُّسُكُ. (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُحْصَرُ مُطْلَقًا لَا خُصُوصَ الْمُحْصَرِ عَنْ عَرَفَةَ وَالْبَيْتِ مَعًا فَقَطْ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (طَرِيقٌ مَخُوفٌ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُونَةِ فَيَلْزَمُهُ سُلُوكُهَا، وَإِنْ بَعُدَتْ إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُ الْحَجِّ، وَلَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا (وَكُرِهَ) لِمَنْ يَتَحَلَّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَهُوَ الَّذِي تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ (إبْقَاءُ إحْرَامِهِ) بِالْحَجِّ لِقَابِلٍ مِنْ غَيْرِ تَحَلُّلٍ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا) فَالْوَجْهُ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا إلَى مَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِلَا فِعْلِ عُمْرَةٍ، وَهُوَ الْمَحْصُورُ عَنْهُمَا الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَلُّلَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا أَمْ لَا (وَلَا يَتَحَلَّلُ) بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (إنْ) اسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ حَتَّى (دَخَلَ وَقْتُهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ (، وَإِلَّا) بِأَنْ خَالَفَ، وَتَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ (فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يَمْضِي) تَحَلُّلُهُ (، وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ) فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَحَلُّلِهِ بِتَمَتُّعِهِ، وَأَوَّلُهَا يَمْضِي وَبِئْسَمَا صَنَعَ، وَلَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَهَذَا مِنْ حَجٍّ إلَى حَجٍّ أَيْ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ كَلَا عُمْرَةٍ إذْ شَرْطُهَا الْإِحْرَامُ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا وَثَانِيهَا لَا يَمْضِي، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالْإِنْشَاءِ. (وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُحْصَرِ الَّذِي تَحَلَّلَ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ أَوْ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ (الْفَرْضُ) الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَاقَهُ بَعْضُهُمْ تَطَوُّعًا فَأُمِرُوا بِذَبْحِهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا يَقُولُ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ) أَيْ فَلَوْ نَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَقَ، وَلَمْ يَنْوِ التَّحَلُّلَ لَمْ يَتَحَلَّلْ كَمَا نَقَلَهُ ح عَلَى الطِّرَازِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ) أَيْ وَحْدَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ انْضِمَامُ حَلْقٍ أَوْ هَدْيٍ لَهَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِ رَأْسِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحَلْقُ وَالنَّحْرُ سُنَّةٌ، وَلَيْسَا شَرْطًا فَقَصَدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ التَّوَرُّكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِ رَأْسَهُ لِلْمُصَاحَبَةِ، وَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ، وَالْأَصْلُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ مَعَ نَحْرِ هَدْيِهِ أَيْ الْمُصَاحَبَةُ هَدْيُهُ وَحَلْقُ رَأْسِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيُفِيدُ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ. (قَوْلُهُ: إذْ الْقَصْدُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحَلْقَ لَمَّا لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا بَلْ تَحَلُّلًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا دَمَ فِي تَأْخِيرِهِ لِرُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مَخُوفٌ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُحْصَرَ سُلُوكُ طَرِيقٍ يُدْرِكُ مِنْهَا الْحَجَّ حَيْثُ كَانَتْ مَخُوفَةً يَخَافُ السَّالِكُ فِيهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ الْكَثِيرِ أَوْ الْقَلِيلِ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ يَنْكُثُ بَلْ سُلُوكُهَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِمَنْ يَتَحَلَّلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ، وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ لِخَطَرِ عَدُوٍّ أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ، وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْبَيْتِ فَهَؤُلَاءِ يَتَحَلَّلُونَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَيُكْرَهُ لَهُمْ الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ لِقَابِلٍ إنْ قَارَبُوا مَكَّةَ وَدَخَلُوهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، وَلَمْ يُقَارِبُوهَا كَانَ لَهُمْ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ، وَأَمَّا الْمَحْصُورُ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ لَا دَخَلَهَا أَوْ لَا، وَيُكْرَهُ لَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ مُطْلَقًا، وَوَجْهُ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِعُمْرَةٍ خُيِّرَ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ لِتَعَارُضِ مَشَقَّةِ الْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ، وَمَشَقَّةِ الْوُصُولِ لِلْبَيْتِ، وَكُرِهَ الْبَقَاءُ مَعَ الْقُرْبِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيْتِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُقَارَبَةِ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ فَإِحْلَالُهُ أَوْلَى لَهُ وَأَسْلَمُ، وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْعُتْبِيَّةِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَلَّلُ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَلَّلَ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَالْوُقُوفِ مَعًا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ، وَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ فَلَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ، وَزَالَ الْمَانِعُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيْتِ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُهُ سَوَاءٌ بَعُدَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لِيَسَارَةِ مَا بَقِيَ فَهَذَا أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ يَجْرِي فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ، وَفِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: مُتَمَتِّعٌ) تَمَتُّعُهُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْعُمْرَةِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الْإِحْلَالُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي آلَ إلَيْهَا الْأَمْرُ فِي التَّحَلُّلِ كَإِنْشَاءِ عُمْرَةٍ ابْتِدَاءً بِنِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْحَجِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إنْشَاء الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ لَغْوٌ فِي قَوْلِهِ وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ، فَلِذَا قِيلَ لَا يَمْضِي تَحَلُّلُهُ بِالْعُمْرَةِ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ. وَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَمَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ أَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي آلَ إلَيْهَا الْأَمْرُ فِي التَّحَلُّلِ، وَهِيَ مُرَادُهُ بِالدَّوَامِ لَيْسَتْ كَإِنْشَاءِ عُمْرَةٍ ابْتِدَاءً بِنِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْحَجِّ، وَإِلَّا كَانَتْ لَاغِيَةً لِمَا سَبَقَ، وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ فَلِذَا قِيلَ إنَّ تَحَلُّلَهُ بِفِعْلِ الْعُمْرَةِ يَمْضِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ: فِيهَا ثَلَاثًا إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ) أَيْ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَبِي مُصْعَبٍ وَابْنِ سَحْنُونٍ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَقْدُورَهُ وَبَذَلَ وُسْعَهُ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ بِلُزُومِ الْإِسْقَاطِ إذَا حَصَلَ الْحَصْرُ قَبْلَ

مِنْ حَجَّةِ إسْلَامٍ أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ أَوْ عُمْرَةِ إسْلَامِ (وَلَمْ يَفْسُدْ) إحْرَامُهُ (بِوَطْءٍ) حَصَلَ مِنْهُ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ (إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ) عَلَى إحْرَامِهِ بِأَنْ نَوَى عَدَمَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ مَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَنْ نَوَى الْبَقَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَيَفْسُدُ إحْرَامُهُ فَلَوْ قَالَ إنْ نَوَى التَّحَلُّلَ كَانَ أَحْسَنَ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَوَانِعِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (وَقَفَ) بِعَرَفَةَ (وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ) لِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ وَلَوْ بِحَقٍّ (فَحَجُّهُ تَمَّ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَرَفَةَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ إذْ الرُّكْنُ الَّذِي يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ قَدْ فُعِلَ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا الْإِفَاضَةُ الَّتِي يَصِحُّ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الزَّمَانِ فَيَبْقَى مُحْرِمًا، وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ (وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ) أَيْ طَوَافِهَا (وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ، وَمَبِيتِ) لَيَالِي (مِنًى وَ) نُزُولِ (مُزْدَلِفَةَ) لِحَصْرٍ عَمَّا ذَكَرَهُ (هَدْيٌ) وَاحِدٌ (كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بَلْ، وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا فَهَدْيٌ وَاحِدٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ، وَذَكَرَ الْمَانِعَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَ (حُصِرَ) بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (عَنْ الْإِفَاضَةِ) يَعْنِي عَرَفَةَ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ (أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بِغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ الْعَدُوِّ، وَمَا مَعَهُ (كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ) فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ) إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ، وَلَمَّا كَانَ فِعْلُ الْعُمْرَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ يُجَدِّدُ إحْرَامًا رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (بِلَا) تَجْدِيدِ (إحْرَامٍ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهَا فَيَطُوفُ، وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَيَكْفِيهِ الْإِحْرَامُ السَّابِقُ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكُرِهَ إبْقَاءَ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا هُنَا فَإِنَّ هَذَا مَحَلُّهُ (وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ) أَيْ طَوَافُ قُدُومِهِ وَسَعْيِهِ بَعْدَهُ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَسَعْيِهَا الَّتِي طَلَبَ بِهَا لِلْإِحْلَالِ بَعْدَ الْفَوَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِحْرَامِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقْ بِأَنَّ الْمَشَقَّةَ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَعْظَمُ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَجَّةِ إسْلَامٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ صُدَّ فِيهِ إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا إنْ تَحَلَّلَ بَعْدَ الْفَوَاتِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَكَذَلِكَ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ صُدَّ فِيهِ لِفَوَاتِ زَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْسُدْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُحْصِرَ، وَقُلْنَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ فَتَارَةً يَنْوِي الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ وَتَارَةً لَا يَنْوِي ذَلِكَ فَإِنْ نَوَى الْبَقَاءَ ثُمَّ أَصَابَ النِّسَاءَ فَقَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ، وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ، وَقَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ بِأَنْ نَوَى عَدَمَ الْبَقَاءِ، وَأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنْ إحْرَامِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى أَصَابَ النِّسَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ حَجِّهِ، وَلَا قَضَاؤُهُ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَمَّا بَعْدَهُ لَأَفَادَ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ أَيْ سَوَاءٌ حُصِرَ عَمَّا قَبْلَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ، وَعَلَيْهِ الرَّمْيُ إلَخْ أَيْ حَيْثُ مُنِعَ مِمَّا قَبْلَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ، وَلَوْ بِحَقٍّ) أَيْ أَوْ فِتْنَةٍ فَالْمَمْنُوعُ بِهِ هُنَا أَعَمُّ مِمَّا سَبَقَ لِزِيَادَةِ مَا هُنَا بِالْحَبْسِ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: فَحَجُّهُ تَمَّ) أَيْ، وَيُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ) أَيْ بِتَمَامِهِ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ أَيْ الْحَجَّ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَالْمُرَادُ بِتَمَامِهِ أَمْنُهُ مِنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنٍ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِتَمَامِهِ مَا ذَكَرَهُ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ) هَذَا إذَا كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ عِنْدَ الْقُدُومِ ثُمَّ حُصِرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ حُصِرَ قَبْلَ سَعْيِهِ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ (قَوْلُهُ: وَنُزُولُ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْهَدْيَ لِتَرْكِ الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ مَعَ أَنَّ الْهَدْيَ إنَّمَا هُوَ لِتَرْكِ النُّزُولِ بِهَا بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُ وَمُزْدَلِفَةَ عَطْفٌ عَلَى مَبِيتٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَتَعَدَّدُ الْهَدْيُ بِتَعَدُّدِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ وَالْحَبْسِ ظُلْمًا (قَوْلُهُ: يَعْنِي عَرَفَةَ) أَيْ فَسَمَّاهَا إفَاضَةً مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ يَتَسَبَّبُ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرِ) قَالَ ح هَذَا، وَإِنْ كَانَ كَالْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فِي كَوْنِهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لَكِنْ يُخَالِفُهُ الْمُحْصَرُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِلتَّطَوُّعِ كَالْمُحْصَرِ عَنْهُمَا الْمُتَقَدِّمِ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَغَيْرِهَا. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) صُورَتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْ يَعْلَمُوا أَوَّلَ الشَّهْرِ ثُمَّ إنَّهُمْ سَهَوْا وَوَقَفُوا فِي الثَّامِنِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ الْخَطَأُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْعَاشِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُبِسَ بِحَقٍّ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ قَوْلِهِ بِغَيْرِ، وَمَفْهُومُهُ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ حُصِرَ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ عَنْ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ) أَيْ، وَإِنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لَكِنْ إنْ دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ قَارَبَهَا فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَيُكْرَهُ بَقَاؤُهُ لِقَابِلٍ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْبَقَاءِ وَالْإِحْلَالِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) أَيْ، وَهُوَ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إلَخْ) أَيْ، وَلَا يَكْفِي طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ الْحَاصِلَيْنِ قَبْلَ الْفَوَاتِ عَنْ طَوَافِ وَسَعْيِ الْعُمْرَةِ الَّتِي يَنْوِي بِهَا التَّحَلُّلَ بَعْدَ الْفَوَاتِ. قَالَ خش لَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَوَّلِهِ

(وَحَبَسَ) مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ نَدْبًا (هَدْيَهُ مَعَهُ) لِيَأْخُذَهُ مَعَهُ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ (إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) مِنْ عَطَبِهِ عِنْدَهُ، وَلَوْ أَمْكَنَ إرْسَالَهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ بَعَثَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَهَذَا فِي الْمَرِيضِ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ، وَلَمْ يَصِلْ مَكَّةَ (وَلَمْ يُجْزِهِ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ هَدْيٌ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ (عَنْ) هَدْيِ (فَوَاتٍ) لِلْحَجِّ سَوَاءٌ بَعَثَهُ إلَى مَكَّةَ أَوْ أَبْقَاهُ حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يُجْزِي عَنْ الْفَوَاتِ بَلْ عَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ. (وَخَرَجَ) وُجُوبًا كُلُّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، وَأَرَادَ التَّحَلُّلَ بِعُمْرَةٍ (لِلْحِلِّ) ، وَيُلَبِّي مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ (إنْ أَحْرَمَ) بِحَجَّةٍ أَوْ لَا (بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ) الْحَجَّ فِيهِ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَقْضِي حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ (وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهٍ (لِلْقَضَاءِ) أَيْ لِعَامِهِ لِيَجْتَمِعَ لَهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْمَالِيُّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَلَوْ كَانَ الْفَائِتُ نَفْلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ عَنْ النَّفْلِ فَلَا قَضَاءَ (وَأَجْزَأَ إنْ قَدِمَ) عَامُ الْفَوَاتِ وَخَافَ الْوَاجِبَ (وَإِنْ أَفْسَدَ) إحْرَامَهُ أَوَّلًا، وَقُلْنَا يَجِبُ إتْمَامُهُ فَتَمَادَى (ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ فَاتَهُ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ مِنْهُ الْإِفْسَادُ (بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ) أَيْ شَرَعَ فِيهَا فَلَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى أَفْسَدَ (تَحَلَّلَ) وُجُوبًا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْفَسَادِ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَقَضَاهُ) أَيْ الْحَجَّ (دُونَهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَقْضِيهَا؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحَلُّلٌ لَا عُمْرَةٌ (وَعَلَيْهِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (هَدْيَانِ) هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ يُؤَخِّرُهُ لِلْقَضَاءِ، وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِي هَذَا فَقَالَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَتَى عَرَفَةَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلْيَرْجِعْ إلَى مَكَّةَ، وَيَطُوفُ، وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ، وَيَنْوِي بِهَا عُمْرَةً، وَهَلْ تَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِ الْإِحْرَامِ أَوْ مِنْ وَقْتِ يَنْوِي فِعْلَ الْعُمْرَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. اهـ. فَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ وَبَيَّنَ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَوَى الْعُمْرَةَ. (قَوْلُهُ: وَحُبِسَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمَحْبُوسَ بِحَقٍّ إذَا فَاتَ كُلًّا مِنْهُمَا الْوُقُوفُ، وَكَانَ مَعَهُ هَدْيٌ سَاقَهُ فِي إحْرَامِهِ تَطَوُّعًا أَوْ لِنَقْصٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ لِطُولِ زَمَنِ الْمَرَضِ وَالْحَبْسِ أَوْ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَطَبَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يُرْسِلُهُ لِمَكَّةَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ عِنْدَهُ رَجَاءَ أَنْ يَخْلُصَ، وَيَنْحَرَ هَدْيَهُ فِي مَحِلِّهِ أَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ إنْ أَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ أَرْسَلَهُ، وَإِلَّا ذَبَحَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الْوُقُوفِ عَدُوًّا أَوْ فِتْنَةً أَوْ حَبْسًا ظُلْمًا فَمَتَى قَدَرَ عَلَى إرْسَالِهِ لِمَكَّةَ بِأَنْ وَجَدَ مَنْ يُرْسِلَهُ مَعَهُ إلَيْهَا أَرْسَلَهُ كَأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُرْسِلَهُ مَعَهُ ذَبَحَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ أَمْ لَا فَعَلِمَ أَنَّ الْهَدْيَ لَا يُحْبَسُ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ، وَكَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ، وَلَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ حَبْسَ هَدْيِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِحَقٍّ مَنْدُوبٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا كَمَا فِي نَقْلِ ح عَنْ سَنَدٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ الْحَبْسُ وَاجِبٌ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ، وَمَنْدُوبٌ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ الْحَبْسَ وَاجِبًا، وَأَطْلَقَ وَلَكِنْ حَمَلَ عج كَلَامَهُ عَلَى الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَشَارِحُنَا مَشَى عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ، وَكَانَ عِنْدَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ وَسَاقَهُ فِي إحْرَامِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ دَمِ الْفَوَاتِ سَوَاءٌ بَعَثَهُ إلَى مَكَّةَ أَوْ تَرَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْهَدْيَ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ مَعَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ) أَيْ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ أَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ) أَيْ إنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا مِنْ الْحَرَمِ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَوْ كَانَ آفَاقِيًّا، وَدَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَقْضِي حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) أَيْ، وَيَقْضِي ذَلِكَ الَّذِي فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَوَاتُ الْوُقُوفِ لِعَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا فَلَا يُطَالَبُ بِالْقَضَاءِ، وَهَذَا فِي التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا حَجَّةُ الْفَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: مَا إذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ) أَيْ أَوْ الْفِتْنَةُ أَوْ الْحَبْسُ ظُلْمًا. (قَوْلُهُ: فَتَمَادَى) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ لِيُتِمَّهُ (قَوْلُهُ: تَحَلَّلَ وُجُوبًا) أَيْ بِعُمْرَةٍ فَيَغْلِبُ الْفَوَاتُ عَلَى الْفَسَادِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفَسَادُ سَابِقًا عَلَى الْفَوَاتِ أَوْ كَانَ لَاحِقًا لَهُ، وَلَا يَغْلِبُ الْفَسَادُ بِحَيْثُ يُطَالَبُ بِإِتْمَامِ الْمُفْسَدِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ) أَيْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَحَلَّلَ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْإِفْسَادُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحَلُّلٌ لَا عُمْرَةٌ) أَيْ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَجْدِيدِ إحْرَامٍ لَهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ) أَيْ إنْ

يُؤَخِّرُهُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ ثَالِثٌ أَيْضًا لِقِرَانِ الْقَضَاءِ أَوْ تَمَتُّعِهِ إنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُتَمَتِّعًا أَوْ مُفْرِدًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا أَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَارِنًا، وَقَضَى قَارِنًا، وَلَا هَدْيَ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَاسِدِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) يَجِبُ (دَمُ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (لِلْفَائِتِ) ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَتِمَّ الْقِرَانُ أَوْ التَّمَتُّعُ (وَلَا يُفِيدُ) الْمُحْرِمُ (لِمَرَضٍ) أَصَالَةً بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَيَنْوِي إنْ مَرِضَ تَحَلَّلَ أَوْ زِيَادَةً بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا، وَيَنْوِي إنْ زَادَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ تَحَلَّلَ (أَوْ غَيْرِهِ) كَعَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ (نِيَّةُ التَّحَلُّلِ) مِنْ الْإِحْرَامِ (بِحُصُولِهِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ إتْمَامِ الْحَجِّ، وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّحَلُّلِ أَيْ فَهُوَ عِنْدَ حُصُولِهِ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا تَكْفِيهِ النِّيَّةُ السَّابِقَةُ عَلَى وُجُودِ الْعُذْرِ. (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ (دَفْعُ مَالٍ) ، وَلَوْ قَلَّ (لِحَاصِرٍ) لِيُخَلِّيَ الطَّرِيقَ (إنْ كَفَرَ) ؛ لِأَنَّهُ ذِلَّةٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ الدَّفْعِ قَالَ؛ لِأَنَّ وَهْنَ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ، وَمَفْهُومُ إنْ كَفَرَ جَوَازُ الدَّفْعِ لِمُسْلِمٍ، وَيَجِبُ مَا قَالَ إنْ كَانَ لَا يَنْكُثُ. (وَفِي جَوَازِ) (الْقِتَالِ) لِلْحَاصِرِ (مُطْلَقًا) أَسْلَمَ أَوْ كَفَرَ، وَمَنْعِهِ (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحَاصِرُ بِالْحَرَمِ، وَلَمْ يَبْدَأْ بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا وَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَافِرِ. (وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ) مِنْ حَجٍّ، وَلَوْ فَرْضًا (كَزَوْجٍ) لَهُ مَنْعُ زَوْجَتِهِ الرَّشِيدَةِ (فِي تَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا فَرْضٍ، وَأَمَّا السَّفِيهَةُ فَدَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا (وَإِنْ) (لَمْ يَأْذَنْ) كُلٌّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ لَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ، وَأَحْرَمَا (فَلَهُ التَّحَلُّلُ) لَهُمَا مِمَّا أَحْرَمَا بِهِ كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ (وَعَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْقَضَاءُ) لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهُمَا وَلِيُّهُمَا فَلَا قَضَاءَ (كَعَبْدٍ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ عَتَقَ (وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ) مَا أَمَرَ بِهِ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ مِنْ التَّحَلُّلِ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ التَّحَلُّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَضَى مُفْرِدًا سَوَاءٌ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُفْرِدًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُتَمَتِّعًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَارِنًا، وَقَضَى قَارِنًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُفْرِدًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ هَدَايَا فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْحَاصِلِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَاسِدِ الَّذِي فَاتَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا دَمَ قِرَانٍ أَوْ مُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ، وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ ثَالِثٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُؤَخِّرُهُ أَيْضًا) الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ يُقَدِّمُهُ، وَهَدْيَ الْفَوَاتِ يُؤَخِّرُهُ إلَى الْقَضَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعَمْرُوسِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ) أَيْ أَمْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى عِنْدَ إحْرَامِهِ أَوْ شَرَطَ بِاللَّفْظِ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ حُصِرَ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ نُسُكِهِ كَانَ مُتَحَلِّلًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ فِي الْحَصْرِ عَنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَمِنْ غَيْرِ فِعْلِ عُمْرَةٍ فِي الْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فَإِنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ، وَذَلِكَ الِاشْتِرَاطُ لَا يُفِيدُهُ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَانِعُ فَهُوَ عِنْدَ وُجُودُهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ أَوْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ أَوْ الشَّرْطَ السَّابِقَ يُفِيدُهُ حِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ تَحَلُّلٍ أَوْ لِإِحْدَاثِ عُمْرَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَهْنَ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ) قَالَ ح قَدْ لَا يَسْلُمُ هَذَا؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ رِضًا بِالذُّلِّ كَالْجِزْيَةِ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَهُوَ كَسِجَالِ الْحَرْبِ لَا يُوهِنُ الدِّينَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الرُّجُوعَ وَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِنْ أَصْحَابِهِ دُونَ دَفْعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ الدَّفْعِ لِمُسْلِمٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَكِنَّ الْقَلِيلَ يَجِبُ دَفْعُهُ إذَا كَانَ لَا يَمْكُثُ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ لِلْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ فِي النَّقْلِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي جَوَازِ قِتَالِ غَيْرِ بَادٍ نَقْلًا عَنْ سَنَدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَوَّلُ وَهُوَ الْجَوَازُ هُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ مِنْ الْمَنْعِ لِحَدِيثِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» . اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْحَاصِرُ) بِالْحَرَمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا جَازَ أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الْحِلِّ أَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ وَبَدَأَنَا بِالْقِتَالِ جَازَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَدَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ فَاَلَّذِي يَمْنَعُهَا فِي الْفَرْضِ وَلِيُّهَا، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا وَلِيَّهَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَلِيٌّ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زَوْجٌ (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّحَلُّلُ لَهُمَا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِأَنْ يَتَحَلَّلَا بِالنِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَتَحَلَّلُ لَهُمَا بِأَنْ يَنْوِيَ تَحْلِيلَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَحْجُورِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكْفِي كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ مَا يَأْتِي عَنْ بْن لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهُمَا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ تَحَلُّلَهُمَا وَرَفْضَ إحْرَامِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَيُحْرِمُ وَلِيٌّ عَنْ رَضِيعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ) أَيْ عَنْ الْوُقُوفِ وَالْبَيْتِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ سَنَدٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ مِنْ لُزُومِ الْقَضَاءِ فِي السَّفِيهِ وَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَعَزَاهُ لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَعَزَا الْقَوْلَ

(مُبَاشَرَتُهَا) كَارِهَةً، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا وَشَبَهٌ فِي جَوَازِ تَحْلِيلِهَا مِنْ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ: (كَفَرِيضَةٍ) أَحْرَمَتْ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَبْلَ الْمِيقَاتِ) الزَّمَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِيِّ بِبُعْدٍ وَاحْتَاجَ لَهَا، وَلَمْ يُحْرِمْ، وَإِلَّا لَمْ يُحْلِلْهَا فَإِنْ حَلَّلَهَا لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلسَّفِيهِ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي التَّطَوُّعِ (فَلَا) مَنْعَ لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ (إنْ دَخَلَ) كُلٌّ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي النَّذْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. (وَلِلْمُشْتَرِي) لِعَبْدٍ مُحْرِمٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) حِينَ الشِّرَاءِ بِإِحْرَامِهِ (رَدُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ كَتَمَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَقْرُبَ زَمَنُ الْإِحْرَامِ فَلَا رَدَّ (لَا تَحْلِيلُهُ) فَلَيْسَ لَهُ (وَإِنْ) (أَذِنَ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ فِي الْإِحْرَامِ (فَأَفْسَدَهُ) أَيْ الرَّقِيقُ مَا أَحْرَمَ بِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ) ثَانٍ (لِلْقَضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إذْنِهِ (وَمَا لَزِمَهُ) أَيْ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ (عَنْ خَطَأٍ) صَدَرَ مِنْهُ كَأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ هِلَالٍ أَوْ خَطَأِ طَرِيقٍ (أَوْ) عَنْ (ضَرُورَةٍ) كَلُبْسٍ أَوْ تَطَيُّبٍ لِلتَّدَاوِي (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ) لِذَلِكَ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ بِنُسُكٍ أَوْ إطْعَامٍ فَعَلَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِهِ، وَمَالِ السَّيِّدِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى إذْنٍ فِي الْإِخْرَاجِ (وَإِلَّا) يَأْذَنُ لَهُ فِي الْإِخْرَاجِ (صَامَ بِلَا مَنْعٍ) مِنْ السَّيِّدِ لَهُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ عَمَلُهُ (وَإِنْ) (تَعَمَّدَ) الرَّقِيقُ مُوجِبَ الْهَدْيِ أَوْ الْجَزَاءِ أَوْ الْفِدْيَةِ (فَلَهُ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِخْرَاجِ أَوْ الصَّوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِسُقُوطِهِ فِي الْجَمِيعِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَوَّازِ اُنْظُرْ ح. اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: لُزُومُ الزَّوْجَةِ وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ الْقَضَاءَ. وَعَدَمُ لُزُومِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقَضَاءَ. وَلُزُومُ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ دُونَ السَّفِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِسَنَدٍ ثُمَّ إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى طَرِيقَةِ سَنَدٍ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَلِذَا لَمْ يُطْلَبْ بِالْقَضَاءِ، وَالْحَجْرُ عَلَى الزَّوْجَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَلِذَا طُلِبَتْ بِالْقَضَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ مِنْ غَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ كَانَ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ أَوْ الْمَنْذُورِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُطَالَبُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِزَائِدٍ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَضَاءً عَمَّا وَقَعَ التَّحَلُّلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَتُهَا) قَالَ خش، وَيَنْوِي بِتِلْكَ الْمُبَاشَرَةِ التَّحَلُّلَ وَتَكْفِي نِيَّةُ الزَّوْجِ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَحَلُّلَهَا بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا إتْمَامُهُ، وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَمْكِينُهَا مِنْ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي المج قَالَ بْن، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ نِيَّةَ الزَّوْجِ تَحْلِيلُهَا لَا يَكْفِي، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُحْرِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ إنْ لَمْ تَقْبَلْ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ أَثِمَتْ لِمَنْعِهَا حَقَّهُ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ الْمُحْرِمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. اهـ كَلَامُهُ. وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ أَيْ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْإِحْرَامِ فَلَا اعْتِرَاضَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ إذَا أُمِرُوا بِعَدَمِ الْإِحْرَامِ فَخَالَفُوا، وَأَحْرَمُوا فَإِنَّ الْإِثْمَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ مَا أُمِرُوا بِهِ (قَوْلُهُ: كَفَرِيضَةٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا، وَمُبَاشَرَتَهَا إذَا أَحْرَمَتْ بِفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُهَا فِي الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهَا قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا لِلْجِمَاعِ، وَأَنْ لَا يُحْرِمَ هُوَ أَيْضًا فَإِنْ تَخَلَّفَ قَيْدٌ مِنْ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُحْلِلْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا أَوْ كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا، وَأَذِنَ لَهَا أَوْ أَحْرَمَ فَالنَّفْيُ رَاجِعٌ لِلْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَلَّلَهَا أَيْ فَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا، وَلَمْ يُحْرِمْ وَحَلَّلَهَا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ أَيْ لَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَقْضِيَ إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَمِثْلُ مَا إذَا حَلَّلَهَا مَا إذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهَا بِأَنْ بَاشَرَهَا، وَلَمْ يَنْوِ بِهَا التَّحَلُّلَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا إتْمَامُهَا، وَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهَا إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا حَجَّتَانِ إحْدَاهُمَا قَضَاءٌ لِلْمُفْسَدَةِ وَالْأُخْرَى حَجَّةُ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ جَازَ بَيْعُهُ، وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُحَلِّلَهُمَا، وَلَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِإِحْرَامِهَا الرَّدُّ كَعَيْبٍ بِهِمَا إلَّا أَنْ يَقْرَبَا مِنْ الْإِحْلَالِ. اهـ. فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَهَا جَوَازُ بَيْعِ الْعَبْدِ مُحْرِمًا سَوَاءٌ قَرُبَ الْإِحْلَالُ أَوْ لَا، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُفْسَخُ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ إذَا آجَرَ عَبْدَهُ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُحْرِمَ مَنَافِعُهُ لِمُشْتَرِيهِ، وَفِي الْإِجَارَةِ مَنَافِعُهُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَقَيَّدَ ابْنُ بَشِيرٍ خِلَافَ سَحْنُونٍ بِأَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الْإِحْرَامِ زَمَنٌ كَثِيرٌ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَظَاهِرُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ الْعُمُومُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ ثَانٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عِبَادَةٌ ثَانِيَةٌ غَيْرَ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَمُقَابِلُهُ لِأَصْبَغَ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَأٍ) أَيْ مِنْ هَدْيٍ أَوْ فِدْيَةٍ، وَقَوْلُهُ، وَمَا لَزِمَهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ

[باب الذكاة]

(إنْ أَضَرَّ) الصَّوْمُ (بِهِ فِي عَمَلِهِ) لِلسَّيِّدِ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الرُّبُعِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ شَرَعَ فِي الرُّبُعِ الثَّانِي وَبَدَأَ مِنْهُ بِالذَّكَاةِ فَقَالَ دَرْسٌ (بَابُ الذَّكَاةِ) بِمَعْنَى التَّذْكِيَةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ ذَبْحٌ وَنَحْرٌ، وَعَقْرٌ، وَمَا يَمُوتُ بِهِ نَحْوُ الْجَرَادِ، وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (قَطْعُ مُمَيِّزٍ) تَحْقِيقًا لَا غَيْرُهُ مِنْ صَغِيرٍ، وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ (يُنَاكَحُ) أَيْ تُنْكَحُ أُنْثَاهُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى فَدَخَلَ الْكِتَابِيُّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلَوْ أَمَةً فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا (تَمَامَ) أَيْ جَمِيعَ (الْحُلْقُومِ) ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى، وَهُوَ الْقَصَبَةُ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا النَّفَسُ فَلَوْ انْحَازَتْ الْجَوْزَةُ كُلُّهَا إلَى الْبَدَنِ لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الرَّاجِحِ، وَذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ إلَى جَوَازِ أَكْلِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَقَطْعُ الْحُلْقُومِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُمْ كَذَا قِيلَ لَكِنَّ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْجَوْزَةِ مَعَ الرَّأْسِ قَدْرُ حَلْقَةِ الْخَاتَمِ أُكِلَتْ قَطْعًا وَلَوْ بَقِيَ قَدْرُ نِصْفِ الدَّائِرَةِ بِأَنْ كَانَ الْمُنْحَازُ إلَى الرَّأْسِ مِثْلَ الْقَوْسِ، جَرَى عَلَى قَوْلِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ، وَعَدَمِهِ (وَ) قَطْعُ جَمِيعِ (الْوَدَجَيْنِ) ، وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ يَتَّصِلُ بِهِمَا أَكْثَرُ عُرُوقِ الْبَدَنِ، وَيَتَّصِلَانِ بِالدِّمَاغِ فَلَوْ قَطَعَ أَحَدَهُمَا، وَأَبْقَى الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ تُؤْكَلْ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَطْعُ الْمَرِيءِ بِهَمْزٍ فِي آخِرِهِ وَقِيلَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ بِوَزْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ عِرْقٌ أَحْمَرُ تَحْتَ الْحُلْقُومِ مُتَّصِلُ بِالْفَمِ وَرَأْسِ الْمَعِدَةِ وَالْكَرِشِ يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ إلَيْهَا، وَيُسَمَّى الْبُلْعُومُ وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ قَطْعَهُ (مِنْ الْمُقَدَّمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعٍ فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ مِنْ الْقَفَا، وَكَذَا إذَا لَمْ تُسَاعِدْهُ السِّكِّينُ عَلَى قَطْعِ مَا ذَكَرَهُ فَقَلَّبَهَا، وَأَدْخَلَهَا تَحْتَ الْأَوْدَاجِ، وَقَطَعَ بِهَا مَا ذُكِرَ لَمْ تُؤْكَلْ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لَمْ تُسَاعِدْهُ السِّكِّينُ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ ذَلِكَ مِنْ الْجَهَلَةِ فِي ذَبْحِ الطَّيْرِ (بِلَا رَفْعٍ) لِلْآلَةِ (قَبْلَ التَّمَامِ) فَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَهُ ثُمَّ عَادَ لَمْ تُؤْكَلْ إنْ طَالَ، وَسَوَاءٌ رَفَعَ يَدَهُ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أُكِلَتْ رَفَعَ يَدَهُ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا، وَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ بِالْعُرْفِ فَالْقُرْبُ مِثْلُ أَنْ يَسُنَّ السِّكِّينَ أَوْ يَطْرَحَهَا وَيَأْخُذَ أُخْرَى مِنْ حِزَامِهِ أَوْ قَرَّبَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ أَنْفَذَ بَعْضَ الْمَقَاتِلِ كَأَنْ قَطَعَ بَعْضَ الْوَدَجَيْنِ أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَذَ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ؛ لِأَنَّهَا ابْتِدَاءُ ذَكَاةٍ مُسْتَقِلَّةٍ حِينَئِذٍ لَكِنْ إنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْطِيَّةُ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ إلَخْ جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَعَلَ كَمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: إنْ أَضَرَّ بِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابُ الذَّكَاةِ] (بَابُ الذَّكَاةِ) (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى التَّذْكِيَةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الذَّكَاةَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَالْمُرَادُ الذَّكَاةُ الْمُتَحَقِّقَةُ فِي الذَّبْحِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْعَقْرَ وَالنَّحْرَ مِنْ أَفْرَادِ الذَّكَاةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ، وَخَرَجَ عَنْ قَوْلِهِ قَطْعُ الْخَنْقُ وَالنَّهْشُ فَلَا يُسَمَّى ذَبْحًا، وَقَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ أَيْ لَا قَطْعُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: تُنْكَحُ أُنْثَاهُ) أَيْ يَجُوزُ لَنَا نِكَاحُ أُنْثَاهُ، وَقَوْلُهُ فَدَخَلَ الْكِتَابِيُّ أَيْ وَخَرَجَ الْمَجُوسِيُّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابِيَّ يَجُوزُ لَنَا نِكَاحُ أُنْثَاهُ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَعْنَى يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ أُنْثَانَا، وَيَجُوزُ لَنَا نِكَاحُ أُنْثَاهُ، وَإِلَّا لَخَرَجَ الْكِتَابِيُّ مَعَ أَنَّ ذَبْحَهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ بَقِيَ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي الِاكْتِفَاءِ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَالِاكْتِفَاءُ رَاجِعٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَدَمُهُ رَاجِعٌ لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ مِنْ الْقَفَا) أَيْ، وَلَا مِنْ إحْدَى صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ؛ لِأَنَّهُ نُخِعَ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ النُّخَاعُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ، وَالنُّخَاعُ مُخٌّ أَبْيَضُ فِي فَقَارِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ مِنْ الْقَفَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الذَّبْحُ فِي ضَوْءٍ أَوْ ظَلَامٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَوْ ذَبَحَ مِنْ الْقَفَا فِي ظَلَامٍ، وَظَنَّ أَنَّهُ أَصَابَ وَجْهَ الذَّبْحِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خِلَافُ ذَلِكَ لَمْ تُؤْكَلْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي النَّوَادِرِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إحْدَى صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ، وَلَا مِنْ الْمُؤَخَّرِ فَلَا يَضُرُّ انْحِرَافُ الْقَطْعِ مِنْ الْمُقَدَّمِ لِلْحُلْقُومِ حَيْثُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّ الذَّبْحَ مِنْ الصَّفْحَةِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لَمْ تُسَاعِدْهُ) أَيْ بَلْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً مَعَ كَوْنِ السِّكِّينِ حَادَّةً لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمُخَالَفَةِ سُنَّةِ الذَّكَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أُكِلَتْ رَفَعَ يَدَهُ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهَا بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَتْ لَمْ تَعِشْ، وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ لَمْ تَعْمَلْ فِيهِ ذَكَاةٌ هُوَ فِي مَنْفُوذِهَا بِغَيْرِ ذَكَاةٍ، وَمَا هُنَا بِذَكَاةٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَحَدُ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ سِرَاجٍ قِيَاسًا عَلَى مَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا، وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ، وَأَصْلَحُهَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ الثَّانِي قَوْلُ سَحْنُونٍ لَا تُؤْكَلُ إذَا رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ التَّمَامِ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مَتَى رَفَعَ الذَّابِحُ يَدَهُ قَبْلَ التَّمَامِ لَمْ تُؤْكَلْ عَادَ لَهَا عَنْ بُعْدٍ أَوْ قُرْبٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح، وَقِيلَ يُكْرَهُ أَكْلُهَا مُطْلَقًا عَادَ لَهَا عَنْ قُرْبٍ أَوْ عَنْ بُعْدٍ، وَقِيلَ إنْ رَفَعَ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ لَمْ تُؤْكَلْ أَوْ مُخْتَبِرًا أُكِلَتْ، وَقِيلَ عَكْسُهُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ) أَيْ رَفَعَ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا. فَعُلِمَ أَنَّ أَقْسَامَ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ رَفْعَ يَدِهِ قَبْلَ تَمَامِ التَّذْكِيَةِ

فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ رَفَعَ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا، وَلَا يُحَدُّ الْقُرْبُ بِثَلَثِمِائَةِ بَاعٍ كَمَا قِيلَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُوَافِقُهُ عَقْلٌ، وَلَا نَقْلٌ إذْ الثَّلَثُمِائَةِ بَاعٍ أَلْفٌ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ؛ لِأَنَّ الْبَاعَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فَكَيْفَ يَسَعُ الْعَاقِلَ أَنْ يَقُولَ إنَّ هَذَا مِنْ الْقَرِيبِ بَلْ الْمِائَةُ بَاعٍ مِنْ الطُّولِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. فَإِنْ قُلْت يُحْمَلُ الْحَالُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ انْقِلَابِ الثَّوْرِ مِنْ الْجَزَّارِ مُنْطَلِقًا فِي غَايَةِ سُرْعَةِ الْجَرْيِ وَالْجَزَّارُ خَلْفَهُ كَذَلِكَ فَالزَّمَنُ حِينَئِذٍ يَسِيرٌ قُلْنَا بَطَلَ التَّحْدِيدُ بِمَا ذُكِرَ وَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْعُرْفِ تَأَمَّلْ، وَلَا تَغْتَرَّ. (وَ) الذَّكَاةُ (فِي النَّحْرِ) (طَعْنٌ) مِنْ مُمَيِّزٍ يُنَاكَحُ (بِلَبَّةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ بِلَا رَفْعٍ قَبْلَ التَّمَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ مُقَابِلَ الْأَرْجَحِ بِقَوْلِهِ (وَشُهِّرَ أَيْضًا) تَشْهِيرًا لَا يُسَاوِي الْأَوَّلَ (الِاكْتِفَاءُ) فِي الذَّبْحِ (بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ، وَ) جَمِيعِ (الْوَدَجَيْنِ) فَلَوْ قَطَعَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ مَعَ تَمَامِ الْوَدَجَيْنِ لَمْ يُكْتَفَ بِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ، وَلَمْ يَبْلُغْ التَّمَامَ، لَمْ يُكْتَفَ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدِ وَتَصِحُّ ذَكَاةُ الْمُمَيِّزِ (وَإِنْ) كَانَ (سَامِرِيًّا) نِسْبَةٌ لِلسَّامِرَةِ فِرْقَةٌ مِنْ الْيَهُودِ (أَوْ مَجُوسِيًّا تَنَصَّرَ) أَوْ تَهَوَّدَ رَاجِعٌ لِلْمَجُوسِيِّ فَقَطْ. (وَذَبْحُ) الْكِتَابِيِّ أَصَالَةً أَوْ انْتِقَالًا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى يُنَاكَحُ يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْرُهُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (لِنَفْسِهِ) أَيْ مَا يَمْلِكُهُ لَا إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُسْلِمٍ فَيُكْرَهُ لَنَا أَكْلُهُ عَلَى أَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (مُسْتَحَلُّهُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَا يُحَلُّ لَهُ بِشَرْعِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQإمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَقَاتِلِ أَوْ قَبْلَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعُودَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا فَتُؤْكَلُ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا دُونَ اثْنَيْنِ. وَهُمَا مَا إذَا كَانَ الرَّفْعُ بَعْدَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَقَاتِلِ، وَعَادَ عَنْ بُعْدٍ كَانَ رَفَعَهُ اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِعُ ثَانِيًا هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ إنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ قُرْبٍ، وَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ إنْ كَانَ الرَّاجِعُ ثَانِيًا هُوَ الْأَوَّلَ أَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُحَدُّ الْقُرْبُ إلَخْ) أَيْ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ عِنْدَ عَدَمِ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ وَتُؤْكَلُ فِيهِ عِنْدَ إنْفَاذِهَا، وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ) أَيْ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ فَتْوَى ابْنِ قَدَّاحٍ فِي ثَوْرٍ أَضْجَعَهُ الْجَزَّارُ وَجَرَحَهُ فَقَامَ هَارِبًا وَالْجَزَّارُ وَرَاءَهُ ثُمَّ أَضْجَعَهُ ثَانِيًا، وَكَمَّلَ ذَبْحَهُ فَأَفْتَى ابْنُ قَدَّاحٍ بِأَكْلِهِ، وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْهُرُوبِ ثَلَثُمِائَةِ بَاعٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ فَتْوَى ابْنِ قَدَّاحٍ بِالْأَكْلِ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ تَقْتَضِي أَنَّ حَدَّ الْقُرْبِ ثَلَثُمِائَةِ بَاعٍ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِمَا قَالَ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ لَا يُوَافِقُهُ عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ، عَلَى أَنَّ فَتْوَى ابْنِ قَدَّاحٍ هَذِهِ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى التَّحْدِيدِ لِمَسَافَةِ الْقُرْبِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الذَّبِيحَةُ فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا عَادَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ عَنْ بُعْدٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَطَلَ التَّحْدِيدُ) أَيْ بَطَلَ تَحْدِيدُ الْقُرْبِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الثَّلَثِمِائَةِ بَاعٍ. (قَوْلُهُ: وَالذَّكَاةُ فِي النَّحْرِ) أَيْ الْمُتَحَقِّقَةِ فِي النَّحْرِ مِنْ تَحْقِيقِ الْكُلِّيِّ فِي جُزْأَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُمَيِّزٍ يُنَاكَحُ) اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ ذِكْرِ التَّمْيِيزِ وَكَوْنُهُ يُنَاكَحُ هُنَا، لِذِكْرِهِمَا فِي الذَّبْحِ فَلَعَلَّ أَصْلَهُ طَعَنَهُ أَيْ طَعَنَ مَنْ تَقَدَّمَ فَحَذَفَ فَاعِلَ الْمَصْدَرِ اتِّكَالًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَشُهِرَ أَيْضًا إلَخْ) لَمَّا قَدَّمَ الْقَوْلَ الْمُعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَالرِّسَالَةِ أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْوَدَجَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى نِصْفِ الْحُلْقُومِ أَيْ الِاكْتِفَاءِ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَتَمَامِ الْوَدَجَيْنِ كَذَا قَرَّرَ ابْنُ غَازِيٍّ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا فَجَعَلَا الْكَلَامَ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ حَكَى ابْنُ بَزِيزَةَ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ التَّشْهِيرَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ نِصْفُ الْحُلْقُومِ فَقَطْعٌ مَعَ تَمَامِ الْوَدَجَيْنِ، وَفِي تَمَامِ الْحُلْقُومِ مَعَ نِصْفِ كُلِّ وَدَجٍ، وَفِي نِصْفِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا قَطْعُ الْحُلْقُومِ مَعَ أَحَدِ الْوَدَجَيْنِ فَقَطْ فَلَمْ يُشْهَرْ الْأَكْلُ، وَقَدْ قَرَّرَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ فَقَالَ وَشُهِرَ الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ يَعْنِي مَعَ تَمَامِ الْوَدَجَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَالْوَدَجَيْنِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى يَعْنِي نِصْفَ الْوَدَجَيْنِ مَعَ تَمَامِ الْحُلْقُومِ أَوْ مَعَ نِصْفِهِ، وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْأَوْلَى اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ انْتِقَالًا) أَيْ كَالْمَجُوسِيِّ إذَا تَنَصَّرَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى يُنَاكَحُ) أَيْ لَا عَلَى تَنَصَّرَ أَيْ لِإِيهَامِهِ قَصْرَ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَلَى الْمَجُوسِيِّ مَعَ أَنَّهَا شُرُوطٌ فِي إبَاحَةِ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ ذَبْحُهُ) أَيْ الْكِتَابِيُّ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ جَازَ ذَبْحُهُ أَيْ جَازَ أَكْلُ مَذْبُوحِهِ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ تُجَامِعُ الصِّحَّةَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ لِنَفْسِهِ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِمُسْلِمٍ) أَيْ أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ، وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا حَلَّ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ حَمَلَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْجَوَازِ

لَا إنْ ذَبَحَ الْيَهُودِيُّ ذَا الظُّفُرِ فَلَا يَحِلُّ لَنَا أَكْلُهُ، الثَّالِثُ أَنْ لَا يَذْبَحُهُ لِصَنَمٍ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطَ جَازَ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْرُهُ (وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ) أَيْ اسْتَحَلَّ أَكْلَهَا (إنْ لَمْ يَغِبْ) عَلَى الذَّبِيحَةِ عِنْدَ ذَبْحِهَا بِأَنْ ذَبَحَهَا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ عَارِفٍ بِالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ. (لَا) (صَبِيٍّ) مُمَيِّزٍ (ارْتَدَّ) أَيْ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ لِاعْتِبَارِ رِدَّتِهِ، وَعَدَمِ مُنَاكَحَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَأَوْلَى الْكَبِيرُ (وَ) لَا (ذِبْحَ) بِكَسْرِ الذَّالِ أَيْ مَذْبُوحٍ (لِصَنَمٍ) فَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ بِأَنْ قَصَدَ التَّقَرُّبَ أَيْ التَّعَبُّدَ لَهُ لِكَوْنِهِ إلَهًا كَمَا يَقْصِدُ الْمُسْلِمُ التَّقَرُّبَ لِلْإِلَهِ الْحَقِّ. (أَوْ) ذِبْحَ (غَيْرِ حِلٍّ لَهُ) (إنْ ثَبَتَ) تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ (بِشَرْعِنَا) ، وَهُوَ ذُو الظُّفُرِ فِي حَقِّ الْيَهُودِ الثَّابِتِ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا أَكْلُ مَا ذَبَحَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالنَّعَامُ وَالْإِوَزُّ لَا الدَّجَاجُ (وَإِلَّا) يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا بَلْ هُمْ الَّذِينَ أَخْبَرُونَا بِأَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمْ فِي شَرْعِهِمْ (كُرِهَ) أَكْلُهُ لَنَا وَشِرَاؤُهُ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَفْسَخْ (كَجِزَارَتِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ جَعْلِهِ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي الْبُيُوتِ فَيُكْرَهُ، وَكَذَا بَيْعُهُ فِي الْأَسْوَاقِ لِعَدَمِ نُصْحِهِ. (وَ) كُرِهَ لَنَا (بَيْعُ) الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ كَثِيَابٍ (وَإِجَارَةُ) الدَّوَابِّ وَسَفِينَةٍ وَغَيْرِهَا (لِعِيدِهِ) أَيْ الْكَافِرِ، وَكَعِيدِهِ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ كُلِّ مَا يَعْظُمُ بِهِ شَأْنُهُ. (وَ) كُرِهَ لَنَا (شِرَاءُ ذِبْحِهِ) أَيْ مَا ذَبَحَهُ لِنَفْسِهِ مِمَّا يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا ذَبَحَهُ لِغَيْرِهِ مِمَّا يَحِلُّ ذَبْحُهُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَنْعِ نَعَمْ كُلٌّ مِنْ الْحِلَّيْنِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ ذَبَحَ الْيَهُودِيُّ إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ ذَبَحَهُ نَصْرَانِيٌّ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَنَا أَكْلُهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُسْتَحِلُّهُ خَاصٌّ بِالْيَهُودِيِّ، وَالشَّرْطُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ، وَمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الذَّبْحِ لِلصَّنَمِ عَامٌّ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَى الذَّبِيحَةِ) أَيْ فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا لَمْ تُؤْكَلْ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ ابْنُ رَاشِدٍ الْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْتَحِلُّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ أَنَّهُ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ، وَإِذَا اسْتَحَلَّ الْمَيْتَةَ فَكَيْفَ يَنْوِي الذَّكَاةَ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَاهَا فَكَيْفَ يَصْدُقُ، وَقَبِلَهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ عَرَفَةَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ، وَإِنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ إنْ لَمْ يَغِيبُوا عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الذَّكَاةِ لَا تُشْتَرَطُ مِنْ الْكَافِرِ، وَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ الْأَكْلِ مُطْلَقًا غَابُوا عَلَيْهَا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الذَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي حَقِّ كُلِّ مُذَكٍّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ الْخِلَافُ. (قَوْلُهُ: لَا صَبِيٍّ ارْتَدَّ) عَطْفٌ عَلَى يُنَاكَحُ أَيْ قَطْعُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ يُنَاكَحُ لَا قَطْعُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ ارْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا نِكَاحُ أُنْثَاهُ أَوْ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ قَطْعُ مُمَيِّزٍ بَاقٍ عَلَى دِينِهِ لَا قَطْعُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ ارْتَدَّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُنَاكَحُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُقْتَلُ حَالًا بِرِدَّتِهِ كَانَتْ رِدَّتُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ، وَأَنَّ ذَكَاتَهُ صَحِيحَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ مُنَاكَحَتِهِ) أَيْ، وَعَدَمُ جَوَازِ نِكَاحِ أُنْثَاهُ. (قَوْلُهُ: لِصَنَمٍ) أَرَادَ بِهِ كُلَّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ الصَّنَمَ وَالصَّلِيبَ وَغَيْرَهُمَا كَعِيسَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَصْدَ التَّقَرُّبَ لَهُ) أَيْ، وَأَمَّا مَا ذَبَحُوهُ بِقَصْدِ أَكْلِهِمْ مِنْهُ، وَلَوْ فِي أَعْيَادِهِمْ، وَلَكِنْ سُمِّيَ عَلَيْهِ اسْمُ عِيسَى أَوْ الصَّنَمُ تَبَرُّكًا فَهَذَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ، وَهُوَ الْآتِي فِي الْمُصَنَّفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَبْحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ لِآلِهَتِهِمْ بِأَنْ ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ قُرْبَانًا وَتَرَكُوهُ لَهَا لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَنَا أَكْلُهُ إذْ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي ذَبْحٍ لِصَلِيبٍ فَالْمُرَادُ مَا ذَبَحُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ بِقَصْدِ أَكْلِهِمْ مِنْهُ، وَلَوْ فِي أَعْيَادِهِمْ لَكِنْ سَمُّوا عَلَيْهِ اسْمَ آلِهَتِهِمْ مَثَلًا تَبَرُّكًا فَهَذَا يُؤْكَلُ بِكُرْهٍ؛ لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ عُمُومُ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ بْن فَلَمْ يُعَوِّلُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَلَا عَلَى ذِكْرِ آلِهَتِهِمْ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَشْيَاخُنَا الْمِصْرِيُّونَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَبْحِ الْكِتَابِيِّ لِلصَّنَمِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ هُوَ الَّذِي ذُكِرَ اسْمُ الصَّنَمِ عِنْدَ ذَبْحِهِ بِأَنْ قِيلَ بِاسْمِ الصَّنَمِ مَثَلًا بَدَلَ بِسْمِ اللَّهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مُحَلِّلًا كَاَللَّهِ أَوْ مُتَبَرَّكًا بِهِ تَبَرُّكَ الْأُلُوهِيَّةِ، وَأَمَّا مَا ذُبِحَ لِلصَّنَمِ قَاصِدًا إهْدَاءَ ثَوَابِهِ لَهُ كَذَبْحِ الْمُسْلِمِينَ لِأَوْلِيَائِهِمْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَهُوَ الْمَكْرُوهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ، وَذَبْحٍ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى، وَكَلَامُ شَارِحِنَا يَمِيلُ فِيمَا يَأْتِي لِمَا قَالَهُ الْمِصْرِيُّونَ، وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ هُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَا يَتْرُكُونَ مَا يَذْبَحُونَهُ قُرْبَانًا لِآلِهَتِهِمْ هَدَرًا بَلْ يُطْعِمُونَهُ لِفُقَرَائِهِمْ عَلَى أَنَّ كَلَامَ بْن يَقْتَضِي عَدَمَ الْأَكْلِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَلَوْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ عُمُومِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» كَمَا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْأَكْلَ مِنْ الثَّانِي، وَلَوْ ذَكَرَ اسْمَ آلِهَتِهِمْ فَقَطْ، وَهُوَ خِلَافُ عُمُومِ {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] . (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِبِلُ) أَيْ، وَكَذَا حِمَارُ الْوَحْشِ وَالْمُرَادُ بِذِي الظُّفُرِ كُلُّ مَا كَانَ لَيْسَ بِمَشْقُوقِ الْخُفِّ، وَلَا مُنْفَرِجِ الْأَصَابِعِ فَخَرَجَ الدَّجَاجُ لِانْفِرَاجِ أَصَابِعِهَا، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: كُلُّ ذِي ظُفُرٍ أَيْ كُلُّ ذِي مِخْلَبٍ وَحَافِرٍ، وَيُسَمَّى الْحَافِرُ ظُفُرًا مَجَازًا، وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ حُمُرُ الْوَحْشِ (قَوْلُهُ: وَشِرَاؤُهُ مِنْهُمْ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَرَاهَةِ شِرَاءِ ذَلِكَ مِنْهُمْ هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: كَجِزَارَتِهِ) الضَّمِيرُ لِلْمُمَيِّزِ الَّذِي يُنَاكَحُ أَيْ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَهُ جَزَّارًا أَيْ ذَبَّاحًا يَذْبَحُ مَا يَسْتَحِلُّهُ لِيَبِيعَهُ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبُيُوتِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى كَرَاهَةِ اسْتِنَابَتِهِ، وَقَوْلُهُ، وَكَذَا بَيْعُهُ أَيْ لِلَّحْمِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يُعَظَّمُ بِهِ شَأْنُهُ)

فَلَا يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمَذْبُوحِ لَهُ. (وَ) كُرِهَ لَنَا (تَسَلُّفُ ثَمَنِ خَمْرٍ) مِنْ كَافِرٍ بَاعَهُ أَوْ مُسْلِمٍ لَكِنَّ هَذَا أَشَدُّ كَرَاهَةً (وَ) كُرِهَ لَنَا (بَيْعُ) السِّلْعَةِ (بِهِ) أَيْ بِثَمَنِ الْخَمْرِ (لَا) (أَخْذُهُ) أَيْ ثَمَنِ الْخَمْرِ مِنْ كَافِرٍ (قَضَاءً) عَنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَصْلُهُ بَيْعًا. (وَ) كُرِهَ لَنَا (شَحْمُ يَهُودِيٍّ) أَيْ أَكْلُهُ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ ذَبَحَهُمَا لِنَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّحْمُ الْخَالِصُ كَالثَّرْبِ بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ وَالْأَمْعَاءَ لَا مَا اخْتَلَطَ بِالْعَظْمِ، وَلَا الْحَوَايَا، وَهِيَ الْأَمْعَاءُ. (وَ) كُرِهَ لَنَا (ذِبْحُ) أَيْ مَا ذَبَحَهُ النَّصْرَانِيُّ (لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى) - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَيْ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ بِنَفْعِهِمَا كَمَا يَقْصِدُ الْمُسْلِمُ الذَّبْحَ لِوَلِيٍّ لِلَّهِ أَيْ لِنَفْعِهِ بِالثَّوَابِ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُشْتَرَطُ مِنْ كَافِرٍ فَلِذَا لَوْ قَصَدَ بِالصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى التَّعَبُّدَ لَمُنِعَ كَالصَّنَمِ أَوْ النَّفْعَ لِلصَّنَمِ لَكُرِهَ، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (وَ) كُرِهَ لَنَا (قَبُولُ مُتَصَدِّقٍ بِهِ لِذَلِكَ) أَيْ لِلصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى وَأَوْلَى لِأَمْوَاتِهِمْ، وَكَذَا قَبُولُ مَا يَهْدُونَهُ فِي أَعْيَادِهِمْ مِنْ نَحْوِ كَعْكٍ وَبَيْضٍ. (وَ) كُرِهَ (ذَكَاةُ خُنْثَى وَخَصِيٍّ) ، وَأَوْلَى مَجْبُوبٍ (وَفَاسِقٍ) لِنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ فِعْلِهِمْ ذَكَّى كُلٌّ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا وَالصَّبِيُّ وَالْكَافِرُ إنْ ذَبَحَ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا. (وَفِي) حِلِّ (ذِبْحِ كِتَابِيٍّ) حَيَوَانًا مَمْلُوكًا (لِمُسْلِمٍ) ، وَكَّلَهُ عَلَى ذَبْحِهِ فَيَجُوزُ أَكْلُهَا وَعَدَمُ حِلِّهِ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلَانِ) . ثُمَّ ذَكَرَ النَّوْعَ الثَّالِثَ، وَهُوَ الصَّيْدُ بِقَوْلِهِ (وَجَرْحُ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مِثْلَ صَبْغِ الْبَيْضِ فِي أَيَّامِ أَعْيَادِهِمْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمَذْبُوحِ لَهُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَوْضُوعُ الْخِلَافِ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ: وَتَسَلُّفُ ثَمَنِ خَمْرٍ مِنْ كَافِرٍ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخَمْرُ لِمُسْلِمٍ فَبَاعَهُ فَيَحْرُمُ تَسَلُّفُ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إذْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ ثَمَنِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِرَاقَتُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا) أَيْ لَكِنَّ تَسَلُّفَ هَذَا الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ لِلْمُسْلِمِ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِمَّا إذَا كَانَ بَاعَهُ بِهِ لِكَافِرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَصْلُهُ) أَيْ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ بَيْعًا أَيْ مِنْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ: وَشَحْمُ يَهُودِيٍّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ أَيْ لَا تَتَعَلَّقُ بِبَعْضِ الشَّاةِ مَثَلًا دُونَ بَعْضٍ فَلَمَّا صَحَّتْ ذَكَاتُهُ فِي اللَّحْمِ شَمَلَتْ الْكُلَّ فَلَمْ يَحْرُمْ الشَّحْمُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكًّى، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ أَنَّ فِي شُحُومِ الْيَهُودِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْإِجَازَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْمَنْعُ، وَأَنَّهَا تَرْجِعُ لِقَوْلَيْنِ الْمَنْعُ وَالْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مِنْ قَبِيلِ الْإِجَازَةِ قَالَ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ ذَبَائِحُهُمْ أَوْ مَا يَأْكُلُونَ فَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ ذَبَائِحُهُمْ أَجَازَ أَكْلَ شُحُومِهِمْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ، وَمُحَالٌ أَنْ تَقَعَ الذَّكَاةُ عَلَى بَعْضِ الشَّاةِ دُونَ بَعْضٍ قَالَ: وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَأْكُلُونَ لَمْ يُجِزْ أَكْلَ شُحُومِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ فَلَيْسَتْ مِمَّا يَأْكُلُونَ. (قَوْلُهُ: أَيْ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ بِنَفْعِهِمَا) أَيْ بِثَوَابِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ بَلْ ذَكَرَ عَلَيْهِ اسْمَ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ اسْمَ اللَّهِ، وَلَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَعُودَ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ لِمَنْ ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: وَفَاسِقٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِالْجَارِحَةِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ أَوْ بِالِاعْتِقَادِ كَبِدْعِيٍّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ ذَكَاتِهِمَا قَالَ ح هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ كَرَاهَةُ ذَبْحِهِمَا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَصَرَّحَ فِي آخِرِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْجَوَازِ فِيهِمَا، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ الْأَغْلَفِ فَلَا تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ح قَالَ وَحُكِيَ فِي الْبَيَانِ كَرَاهَةَ ذَكَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا) مِثْلُ الْحَائِضِ النُّفَسَاءُ فِي جَوَازِ ذَبْحِهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْكَافِرُ إنْ ذَبَحَ لِنَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ لَنَا أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ كَوْنُهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعُمُومِ، وَأَمَّا جَزْرُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي حِلِّ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ، وَفِي إبَاحَةِ مَا ذَبَحُوهُ لِمُسْلِمٍ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ، وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ فَفِي جَوَازِ أَكْلِهَا، وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ وَجَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الْكَرَاهَةَ قَوْلًا ثَالِثًا، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي حِلِّ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ لِمُسْلِمٍ مَلَكَهُ بِإِذْنِهِ وَحُرْمَتِهَا ثَالِثُهَا يُكْرَهُ. اهـ. وَالرَّاجِحُ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ بِالْكَرَاهَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ جَارٍ فِي ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ مَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِتَمَامِهِ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ بِأَنْ كَانَ شَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِيِّ الذَّابِحِ أَمَّا ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ لِكَافِرٍ آخَرَ، وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَسْلَمَ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ ذَبَحَ مَا لَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَبْحِهِ، وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اُتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ ذَبْحِهِ فَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ حَالِ الذَّابِحِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ: مُسْلِمٌ مُمَيِّزٌ) الْمُرَادُ مُسْلِمٌ حَالَ إرْسَالِ السَّهْمِ أَوْ الْحَيَوَانِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي التَّمْيِيزِ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِرْسَالِ، وَقَبْلَ الْوُصُولِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْجِنَايَةِ مَعْصُومًا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ لِلْإِصَابَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَأْكُلُهُ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا أَخَفُّ أَلَا تَرَى الْخِلَافَ هُنَا فِي اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَصْلِهِ فَإِنَّ أَشْهَبَ وَابْنَ وَهْبٍ لَا يَشْتَرِطَانِ

أَيْ إدْمَاؤُهُ، وَلَوْ بِإِذْنٍ، وَلَوْ لَمْ يَنْشَقَّ الْجِلْدُ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ إدْمَاءٌ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ شُقَّ الْجِلْدُ، وَأَمَّا صَيْدُ الْكَافِرِ وَلَوْ كِتَابِيًّا فَلَا يُؤْكَلُ أَيْ إنْ مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ فَلَوْ جَرَحَهُ مِنْ غَيْرِ إنْفَاذِ مَقْتَلٍ ثُمَّ أُدْرِكَ فَذُكِّيَ أُكِلَ، وَلَوْ بِذَكَاةِ الْكِتَابِيِّ (مُمَيِّزٍ) لَا غَيْرُهُ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ حَيَوَانًا (وَحْشِيًّا، وَإِنْ) كَانَ (تَأَنَّسَ) ثُمَّ تَوَحَّشَ (عَجَزَ عَنْهُ) صِفَةٌ لِوَحْشِيًّا أَيْ وَحْشِيًّا مَعْجُوزًا عَنْهُ لَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (إلَّا بِعُسْرٍ) قَالَ فِيهَا مَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفِرَارِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَسِيرًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ (لَا نَعَمٍ شَرَدَ) بِالْجَرِّ أَيْ لَا جُرْحِ نَعَمٍ شَرَدَ فَحَذَفَ الْمَعْطُوفَ، وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ، وَأَرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ الْوَحْشِيَّ فَيَشْمَلُ الْإِوَزَّ وَالْحَمَامَ الْبَيْتِيَّ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ وَلَوْ تَوَحَّشَ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فَلَوْ قَالَ لَا إنْسِيٍّ لَكَانَ أَبَيْنَ (أَوْ) نَعَمٍ (تَرَدَّى) أَيْ هَلَكَ (بِكَوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا أَيْ طَاقَةٍ يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسِيَّ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ فِي حُفْرَةٍ وَنَحْوِهَا كَالطَّاقَةِ فِي الْحَائِطِ وَعَجَزَ عَنْ إخْرَاجِهِ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ (بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ) أَيْ بِشَيْءٍ لَهُ حَدٌّ، وَلَوْ حَجَرًا لَهُ حَدٌّ، وَعَلِمَ إصَابَتَهُ بِحَدِّهِ لَا خُصُوصَ الْحَدِيدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ نَدْبِهِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ الْعَصَا وَالْبُنْدُقِ أَيْ الْبِرَامِ الَّذِي يُرْمَى بِالْقَوْسِ، وَأَمَّا الرَّصَاصُ فَيُؤْكَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ السِّلَاحِ كَذَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ (وَحَيَوَانٍ) طَيْرًا أَوْ غَيْرِهِ (عُلِّمَ) بِالْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَالنَّمِرِ وَالْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ: أَيْ إدْمَاؤُهُ، وَلَوْ بِإِذْنٍ) وَالْحَالُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَقَّ الْجِلْدَ إلَخْ) ، وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ صَحِيحًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَرِيضًا فَشَقُّ الْجِلْدِ مِنْ غَيْرِ إدْمَاءٍ كَافٍ (قَوْلُهُ: عَجَزَ عَنْهُ) أَيْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا فِي حَالِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) كَمَا لَوْ أَمْسَكَ صَيْدًا بِحِبَالَةٍ مَثَلًا، وَصَارَ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ أَسِيرًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ كَالشَّاةِ، وَيَضْمَنُ هَذَا الَّذِي رَمَاهُ فَقَتَلَهُ لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا (قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ) أَيْ بِمُضَافٍ مُقَدَّرٍ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ بَعْدُ، وَذَلِكَ الْمُضَافُ الْمُقَدَّرُ مَعْطُوفٌ عَلَى جُرْحِ مُسْلِمٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَبَقِيَ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ، وَيُمْكِنُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِهِ) أَيْ بِالنَّعَمِ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْإِوَزَّ) أَيْ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْإِبِلَ الْمُتَأَنَّسَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَمِيعَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُتَأَنَّسَةِ إذَا نَدَّتْ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنْ نَدَّ غَيْرُ الْبَقَرِ لَمْ يُؤْكَلْ بِالْعَقْرِ، وَإِنْ نَدَّ الْبَقَرُ جَازَ أَكْلُهُ بِالْعَقْرِ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهَا أَصْلٌ فِي التَّوَحُّشِ تَرْجِعُ إلَيْهِ لِشَبَهِهَا بِبَقَرِ الْوَحْشِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (قَوْلُهُ: وَالْحَمَامُ الْبَيْتِيُّ) فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْحَجِّ أَنَّ الْحَمَامَ كُلَّهُ صَيْدٌ وَحِينَئِذٍ إذَا تَوَحَّشَ أُكِلَ بِالْعَقْرِ بِخِلَافِ النَّعَمِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ، وَلَوْ تَوَحَّشَتْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهَا، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ. اهـ. بْن وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَكْلِ حَمَامِ الْبُيُوتِ بِالْعَقْرِ إذَا تَوَحَّشَتْ قَوْلٌ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ صَيْدًا فِي الْحَجِّ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا هُنَا عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ فِي الْبَابَيْنِ فَالْحَقُّ مَعَ الشَّارِحِ تَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَيَوَانَ إمَّا وَحْشِيٌّ أَصَالَةً أَوْ إنْسِيٌّ أَصَالَةً، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ تَوَحُّشُهُ دَائِمًا أَوْ تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ، وَإِنْ تَأَنَّسَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَأَنُّسِهِ كَالنَّعَامَةِ فِي الْقُرَى لَا يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ بَلْ بِالذَّبْحِ، وَإِلَى الْأَوَّلَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَحْشِيًّا، وَإِنْ تَأَنَّسَ، وَإِلَى الثَّالِثِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَذَبْحُ غَيْرِهِ. النَّوْعُ الثَّانِي الْإِنْسِيُّ أَصَالَةً إنْ اسْتَمَرَّ دَائِمًا عَلَى تَأَنُّسِهِ أَوْ تَوَحَّشَ ثُمَّ تَأَنَّسَ أَوْ تَوَحَّشَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَوَحُّشِهِ لَا يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ بَلْ بِالذَّبْحِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا نَعَمٍ شَرَدَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ وَلَوْ تَوَحَّشَ دَائِمًا (قَوْلُهُ: بِكُوَّةٍ) أَيْ بِسَبَبِ إدْخَالِ رَأْسِهِ فِي كُوَّةٍ، وَقَوْلُهُ هَلَكَ أَيْ أَشْرَفَ عَلَى الرَّدَى وَالْهَلَاكِ، وَقَوْلُهُ أَوْ نَعَمٍ تَرَدَّى، الْأَوْلَى أَوْ حَيَوَانٍ تَرَدَّى أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ وَحْشِيًّا أَوْ غَيْرَ وَحْشِيٍّ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغَ مَا اضْطَرَّهُ الْجَارِحُ لِحُفْرَةٍ لَا خُرُوجَ مِنْهَا أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ فَكَنَعَمٍ أَيْ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِالذَّكَاةِ، وَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ (قَوْلُهُ: فِي حُفْرَةٍ) أَيْ بِسَبَبِ وُقُوعِهِ فِي حُفْرَةٍ، وَقَوْلُهُ كَالطَّاقَةِ أَيْ يُدْخِلُ رَأْسَهُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ أَيْ بِالطَّعْنِ بِحَرْبَةٍ مَثَلًا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاتِهِ بِالذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْحَرُ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ أَكْلِ الْمُتَرَدِّي بِالْعَقْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤْكَلُ الْحَيَوَانُ الْمُتَرَدِّي الْمَعْجُوزُ عَنْ ذَكَاتِهِ مُطْلَقًا بَقَرًا أَوْ غَيْرَهُ بِالْعَقْرِ صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ: بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَجُرْحُ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: عَنْ نَحْوِ الْعَصَا وَالْبُنْدُقِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرَحُ، وَإِنَّمَا يَرَضُّ، وَيَكْسِرُ (قَوْلُهُ: فَيُؤْكَلُ بِهِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ مَا صِيدَ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ السِّلَاحِ) أَيْ فِي إنْهَارِ الدَّمِ وَالْإِجْهَازِ بِسُرْعَةِ الَّذِي شُرِعَتْ الذَّكَاةُ مِنْ أَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: كَذَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصَّيْدَ بِبُنْدُقِ الرَّصَاصِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ قِيَاسًا عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيِّ وَابْنِ غَازِيٍّ وَالشَّيْخُ الْمَنْجُورُ وَسَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ

وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ (بِإِرْسَالٍ) لَهُ (مِنْ يَدِهِ) مَعَ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ فَلَوْ كَانَ مَفْلُوتًا فَأَرْسَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ، وَيَدُ خَادِمِهِ كَيَدِهِ، وَكَفَتْ نِيَّةُ الْآمِرِ وَتَسْمِيَتُهُ وَحْدَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ يَدَ غُلَامِهِ كَيَدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مُسْلِمًا فِيمَا يَظْهَرُ (بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ) مِنْ الْجَارِحِ قَبْلَ الْوُصُولِ فَإِنْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ ثُمَّ انْطَلَقَ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِذَكَاةٍ (وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصْيَدُهُ) أَيْ الْجَارِحُ إنْ نَوَى الصَّائِدُ الْجَمِيعَ فَلَوْ صَادَ شَيْئًا لَمْ يَنْوِهِ الصَّائِدُ لَمْ يُؤْكَلْ بِصَيْدِهِ. (أَوْ) ، وَلَوْ (أَكَلَ) الْجَارِحُ شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ، وَلَوْ جُلَّهُ. (أَوْ) وَلَوْ (لَمْ يَرَ) أَيْ يَعْلَمْ الصَّيْدَ (بِغَارٍ) نَقْبٌ فِي الْجَبَلِ (أَوْ غَيْضَةٍ) شَجَرٍ مُلْتَفٍّ تُسَمَّى أَجَمَةً فَأَوْلَى إنْ عَلِمَ بِهِ فِيهِمَا تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمَعْلُومِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا مَنْفَذٌ آخَرُ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِهِ أَوْ قَصْدِ مَا وُجِدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِنْهَارِ وَالْإِجْهَازِ بِسُرْعَةِ الَّذِي شُرِعَتْ الذَّكَاةُ لِأَجْلِهِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ فَاسِدٌ لِوُجُودِ الْفَارِقِ، وَهُوَ وُجُودُ الْخَرْقِ وَالنُّفُوذِ فِي الرَّصَاصِ تَحْقِيقًا، وَعَدِمَ ذَلِكَ فِي بُنْدُقِ الطِّينِ، وَإِنَّمَا شَأْنُهُ الرَّضُّ وَالْكَسْرُ، وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ لَا يُسْتَعْمَلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَقْذِ الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. اهـ. بْن ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْعَصَا وَبُنْدُقِ الطِّينِ إذَا لَمْ يُؤْخَذْ الصَّيْدُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ، وَيُذَكَّى، وَيُسَمَّى ثَانِيًا عِنْدَ ذَكَاتِهِ، وَإِلَّا أَكَلَ فَإِذَا نَفَذَ مَقْتَلٌ مِنْ مَقَاتِلِهِ لَمْ يُؤْكَلْ عِنْدَنَا، وَلَوْ أُدْرِكَ حَيًّا وَذُكِّيَ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا أُدْرِكَ حَيًّا، وَلَوْ مَنْفُوذَ جَمِيعِ الْمَقَاتِلِ، وَذُكِّيَ يُؤْكَلُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مَا مَاتَ بِهِ لَا يُؤْكَلُ، وَفِي أَنَّ مَا لَمْ يَنْفُذْ بِسَبَبِهِ مَقْتَلٌ مِنْ مَقَاتِلِهِ، وَأُدْرِكَ حَيًّا، وَذُكِّيَ يُؤْكَلُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِذَا زَجَرَ انْزَجَرَ) هَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْبَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بَلْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ اعْتِبَارِ الِانْزِجَارِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِصْيَانَ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِإِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: بِإِرْسَالٍ لَهُ مِنْ يَدِهِ إلَخْ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ أَوْ حَيَوَانٌ إنْ عَلِمَ مُتَلَبِّسٌ بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ أَيْ مِنْ يَدِ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَتُهَا، وَمِثْلُهَا إرْسَالُهُ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ لَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ أَوْ الْمِلْكُ فَقَطْ ثُمَّ إنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِرْسَالِ مِنْ يَدِهِ وَنَحْوِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَفْلُوتًا فَأَرْسَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ أَوْ لَا يُؤْكَلُ، وَلَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَاللَّخْمِيِّ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ، وَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ لِقُوَّتِهِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَكَفَتْ نِيَّةُ الْآمِرِ) أَيْ سَيِّدِ الْغُلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مُسْلِمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّاوِيَ الْمُسَمِّيَ هُوَ سَيِّدُهُ فَالْإِرْسَالُ مِنْهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ: بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ مُلْتَبِسٌ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ بِعَدَمِ ظُهُورِ التَّرْكِ مِنْهُ لِمَا أُرْسِلَ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُنْبَعِثًا مِنْ حِينِ الْإِرْسَالِ إلَى حِينِ أَخْذِهِ الصَّيْدَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ إذَا قَتَلَهُ الْجَارِحُ أَنْ يَكُونَ مُنْبَعِثًا مِنْ حِينِ الْإِرْسَالِ إلَى حِينِ أَخْذِ الصَّيْدِ فَلَوْ ظَهَرَ فِيهِ تَشَاغُلٌ بِغَيْرِ الصَّيْدِ ثُمَّ انْبَعَثَ ثَانِيًا فَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ التَّشَاغُلِ، وَكَثِيرِهِ وَرَأْيُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ قَلِيلَ التَّشَاغُلِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْوُصُولِ) أَيْ لِلصَّيْدِ (قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَحْشِيًّا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَصِيدُ الْوَحْشِيُّ وَاحِدًا بَلْ، وَلَوْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ الْمَصِيدُ أَيْ إنْ نَوَى الْجَمِيعَ كَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُؤْكَلُ إلَّا الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَالَ عج فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي وَاحِدٍ، وَلَا فِي الْجَمِيعِ لَمْ يُؤْكَلْ شَيْءٌ، وَقَالَ جَدّ عج يُؤْكَلُ جَمِيعُ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ أَيْضًا فَأَدْخَلَهَا فِي تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ قَصْدُ مَا وُجِدَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَالْمَوْضُوعُ هُنَا تَحَقُّقُهَا فَلَوْ نَوَى وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا إيَّاهُ، وَإِنْ عَرَفَ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا الْأَوَّلُ أَيْضًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ، وَلَوْ شَكَّ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَادَ شَيْئًا لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنًا فَأَتَى بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْكَلْ بِصَيْدِهِ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ بِذَكَاةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ الْمُعَلَّمَ عَلَى غَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهَا صَيْدًا وَنَوَى ذَكَاةَ مَا وَجَدَهُ فِيهَا فَدَخَلَ ذَلِكَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازُ الْغَارَ أَوْ الْغَيْضَةَ فَوَجَدَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمَعْلُومِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا عَلِمَ أَنَّ فِي الْغَارِ أَوْ الْغَيْضَةِ صَيْدًا، وَلَمْ يَرَهُ بِبَصَرِهِ، وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عِلْمُهُ وَإِبْصَارُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَالْمُبَالَغُ عَلَيْهِ انْتِفَاؤُهُمَا فَالْمَعْنَى إذَا كَانَ الصَّائِدُ الَّذِي هُوَ الْمُسْلِمُ الْمُمَيِّزُ عَالِمًا بِالصَّيْدِ وَرَآهُ أَوْ عَلِمَ بِهِ بِدُونِ رُؤْيَةٍ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ مُخْبِرٌ، بَلْ وَلَوْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ حَالَةَ كَوْنِهِ بِغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا لَكِنْ نَوَى إنْ أَتَى مِنْهُ بِشَيْءٍ فَهُوَ مُذَكًّى فَأَرْسَلَ الْجَارِحُ فَوَجَدَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ، وَمَحَلُّ جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ فِي حَالَتَيْ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَارِ أَوْ لِلْغَيْضَةِ مَنْفَذٌ آخَرُ

(أَوْ لَمْ يَظُنَّ نَوْعَهُ) أَيْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَيَّ نَوْعٍ هُوَ (مِنْ) أَنْوَاعِ (الْمُبَاحِ) بِأَنْ شَكَّ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ فَإِنْ تَرَدَّدَ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ كَظَبْيٍ أَوْ حَرَامٌ كَخِنْزِيرٍ فَصَادَهُ فَإِذَا هُوَ مُبَاحٌ لَمْ يُؤْكَلْ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (أَوْ) أَرْسَلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ ظَنَّهُ ظَبْيًا ثُمَّ (ظَهَرَ خِلَافَهُ) مِنْ الْمُبَاحِ كَبَقَرٍ فَيُؤْكَلُ (لَا إنْ ظَنَّهُ) حَالَ الْإِرْسَالِ أَوْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَهُ (حَرَامًا) كَخِنْزِيرٍ فَإِذَا هُوَ حَلَالٌ فَلَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ (أَوْ) (أَخَذَ) الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ (غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ) تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا. (أَوْ) (لَمْ يَتَحَقَّقْ) صَائِدُهُ أَوْ غَيْرُهُ (الْمُبِيحَ) لِأَكْلِهِ (فِي) حَالِ (شَرِكَةِ غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ الْمُبِيحِ لِلْمُبِيحِ فِي قَتْلِهِ فَلَا يُؤْكَلُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمُحَرِّمِ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَمَاءٍ) أَيْ كَشَرِكَةِ مَاءٍ بِأَنْ جَرَحَهُ الْمُسْلِمُ الْمُمَيِّزُ فَتَحَامَلَ الصَّيْدُ وَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ رَمَاهُ، وَهُوَ فِي الْمَاءِ فَمَاتَ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ هَلْ هُوَ الْجُرْحُ أَوْ الْمَاءُ (أَوْ) شَرِكَةِ سُمٍّ فِي (ضَرْبٍ) لَهُ (بِمَسْمُومٍ) أَيْ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ بِالسَّهْمِ فَمَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ (أَوْ) شَرِكَةِ (كَلْبٍ مَجُوسِيٍّ) لِكَلْبِ الْمُسْلِمِ، وَمِثْلُ الْكَلْبِ السَّهْمُ وَلَوْ قَالَ كَافِرٌ بَدَلَ مَجُوسِيٍّ كَانَ أَحْسَنَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ هُوَ الَّذِي أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوَّلًا أَكَلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ) شَرِكَةُ نَهْشِ جَارِحٍ لِلذَّكَاةِ (بِنَهْشِهِ) أَيْ الْجَارِحِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عِنْدَ (مَا) أَيْ صَيْدًا (قَدَرَ) الصَّائِدُ (عَلَى خَلَاصِهِ) أَيْ خَلَاصِ الصَّيْدِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَارِحِ فَتَرَكَ تَخْلِيصَهُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ (أَوْ أَغْرَى) الصَّائِدُ جَارِحَهُ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ بِنَفْسِهِ (فِي الْوَسَطِ) أَيْ أَثْنَاءَ إطْلَاقِهِ بَلْ، وَلَوْ أَغْرَاهُ ابْتِدَاءً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ، وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ عُطِفَ عَلَى ظَنِّهِ فَلَيْسَ مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّرِكَةِ لَا مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ بِالْعَطْفِ عَلَى مَاءٍ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّرِكَةِ (أَوْ) (تَرَاخَى) الصَّائِدُ (فِي اتِّبَاعِهِ) أَيْ اتِّبَاعِ الْجَارِحِ بَعْدَ إرْسَالِهِ حَتَّى وَجَدَهُ مَيْتًا فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ إدْرَاكِ ذَكَاتِهِ لَوْ جَدَّ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ) إنْ جَدَّ (لَا يَلْحَقُهُ) حَيًّا (أَوْ حَمَلَ الْآلَةَ) لِلذَّبْحِ (مَعَ غَيْرٍ) ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ ذَلِكَ الْغَيْرَ (أَوْ) وَضَعَهَا (بِخَرْجٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْتَدْعِي طُولًا فَمَاتَ بِنَفْسِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ أَوْ حِزَامِهِ لَأَدْرَكَهُ (أَوْ) (بَاتَ) الصَّيْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَظُنَّ إلَخْ) صُورَتُهُ أَرْسَلَ جَارِحَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُبَاحٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَظُنَّ نَوْعَهُ أَيْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَيُّ نَوْعٍ هُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ بِأَنْ شَكَّ فِيهِ وَتَرَدَّدَ هَلْ هُوَ بَقَرُ وَحْشٍ أَوْ حِمَارُهُ فَإِنْ أَخَذَ الْجَارِحُ صَيْدًا، وَقَتَلَهُ جَازَ أَكْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ الْعِلْمُ بِنَوْعِهِ حِينَ الْإِرْسَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ) أَيْ فِي أَنَّ الصَّيْدَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ أَيْ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ كَمَا إذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَتَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ حِمَارَ وَحْشٍ أَوْ بَقَرَ وَحْشٍ أَوْ ظَبْيًا فَأَرْسَلَ الْجَارِحَ فَقَتَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ حَيْثُ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحِ الَّتِي تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ فَإِنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَتَرَدَّدَ هَلْ هُوَ نَعَمٌ أَوْ حِمَارُ وَحْشٍ أَوْ غَزَالٌ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُبَاحُ بِالْعَقْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْكَلْ) أَيْ مَا لَمْ يُدْرِكْ مَا ظَنَّهُ حَرَامًا غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ، وَيُذَكِّيهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ حَلَالٌ، وَإِلَّا أَكَلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ، وَأَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِي مُحَرَّمِ الْأَكْلِ فَلَمَّا ذَكَّاهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَلَالٌ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ، وَمِثْلُ ظَنِّهِ حَرَامًا ظَنُّهُ حَجَرًا أَوْ خَشَبَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا) بِأَنْ صَادَ مَا نَوَاهُ، وَمَا لَمْ يَنْوِهِ أَوْ مَا لَمْ يَنْوِهِ فَقَطْ تَحْقِيقًا، وَقَوْلُهُ أَوْ شَكَّ كَمَا لَوْ نَوَى وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّيْدِ ثُمَّ بَعْدَ وُقُوعِهِ مَيِّتًا شَكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ هَذَا هُوَ الَّذِي نَوَاهُ أَوْ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ هَلْ هُوَ الْجُرْحُ أَوْ الْمَاءُ) مَحَلُّ عَدَمِ الْأَكْلِ حَيْثُ لَمْ يَنْفُذْ شَيْءٌ مِنْ الْمَقَاتِلِ، وَأَمَّا إذَا نَفَذَتْ مَقَاتِلُهُ ثُمَّ شَارَكَ الْمُبِيحَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ) أَيْ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ أَوْ السُّمِّ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةِ كَلْبٍ مَجُوسِيٍّ) أَيْ كَلْبٍ أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ، وَقَوْلُهُ لِكَلْبِ الْمُسْلِمِ أَيْ لِلْكَلْبِ الَّذِي أَرْسَلَهُ الْمُسْلِمُ كَانَ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَجُوسِيٍّ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُؤْكَلُ إذَا شَارَكَ كَلْبُ الْكِتَابِيِّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرِكَةِ نَهْشٍ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إنْ شَارَكَ نَهْش الْجَارِحِ الذَّكَاةَ كَمَا لَوْ نَهَشَ الْجَارِحُ صَيْدًا قَدَرَ الصَّائِدُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ فَتَرَكَ تَخْلِيصَهُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ جَرَحَهُ أَوَّلًا قَبْلَ النَّهْشِ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَاتَ مِنْ نَهْشِهِ لَهُ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ لَا أَوْ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ الَّذِي حَصَلَتْ لَهُ بِهِ الذَّكَاةُ أَوْ لَا؟ . وَكَذَا لَوْ ذَبَحَهُ فِي حَالِ نَهْشِ الْجَارِحِ لَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلَاصِ الصَّيْدِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ إذَا ذَكَّاهُ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْحَيَاةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ الْجَارِحِ حَتَّى مَاتَ مِنْ نَهْشِهِ أُكِلَ إنْ كَانَ الْجَارِحُ قَدْ جَرَحَهُ. (قَوْلُهُ: بِنَهْشِهِ) أَيْ، وَذَلِكَ عِنْدَ نَهْشِ الْجَارِحِ صَيْدًا قَدَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عُطِفَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا، وَلَا إنْ أَغْرَى الصَّائِدُ جَارِحَهُ فِي الْوَسَطِ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ سَوَاءٌ زَادَهُ الْإِغْرَاءُ قُوَّةً وَاسْتِيلَاءً أَمْ لَا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حِلِّ الصَّيْدِ مِنْ إرْسَالِ الصَّائِدِ الْجَارِحَ مِنْ يَدِهِ إمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَلَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ أَوْ أَغْرَاهُ فِي الْوَسَطِ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَسْتَدْعِي طُولًا) أَيْ فِي إخْرَاجِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى وَجَدَهُ مَيْتًا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ وَجَدَ السَّهْمَ فِي مَقَاتِلِهِ، وَقَدْ أَنْفَذَهَا، وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ غَوْصِ السَّهْمِ فِي الْمَقَاتِلِ بِحَرَكَاتِ الصَّيْدِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقَاتِلَهُ وَإِنْ بَاتَ قَالَهُ أَصْبَغُ قَالَ

ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ الْغَدِ مَيْتًا لَمْ يُؤْكَلْ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْهَوَامِّ مَثَلًا (أَوْ) (صَدَمَ أَوْ عَضَّ) الْجَارِحُ الصَّيْدَ (بِلَا جُرْحٍ) فِيهِمَا أَيْ بِلَا إدْمَاءٍ، وَلَوْ مَعَ شَقٍّ لِجِلْدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مَرِيضًا فَشَقَّ جِلْدَهُ، وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ دَمٌ فَيَكْفِي (أَوْ) أَرْسَلَهُ عَلَى غَيْر مَرْئِي، وَلَيْسَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا أَوْ (قَصَدَ مَا وَجَدَ) جَارِحُهُ أَوْ سَهْمُهُ فِي طَرِيقِهِ (أَوْ) أَرْسَلَ جَارِحًا فَمَسَكَ الصَّيْدَ ثُمَّ (أَرْسَلَ) جَارِحًا (ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكٍ أَوَّلٍ) لِلصَّيْدِ (وَقَتَلَ) الثَّانِي أَوْ قَتَلَا جَمِيعًا فَلَا يُؤْكَلُ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ (أَوْ) (اضْطَرَبَ) الْجَارِحُ (فَأَرْسَلَ) الصَّائِدُ جَارِحَهُ عَلَيْهِ (وَلَمْ يُرَ) الصَّيْدُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَلَيْسَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا مِنْ غَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ فَصَادَ شَيْئًا لَمْ يُؤْكَلْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمُضْطَرِبِ عَلَيْهِ وَصَيْدُهُ غَيْرُ مَنْوِيٍّ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرَبَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ (وَغَيْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ) بِالْأَكْلِ إذْ صَيْدُهُ مَنْوِيٌّ حِينَئِذٍ، وَعَدَمُهُ إذْ شَرْطُهُ الرُّؤْيَةُ أَوْ انْحِصَارُ الْمَكَانِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. (وَوَجَبَ) فِي الذَّكَاةِ بِأَنْوَاعِهَا (نِيَّتُهَا) أَيْ قَصْدُهَا، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ حِلِّيَّةٌ الْأَكْلِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ ضَرَبَ حَيَوَانًا بِآلَةٍ فَأَصَابَتْ مَنْحَرَهُ أَوْ أَصَابَتْ صَيْدًا أَوْ قَصَدَا مُجَرَّدَ إزْهَاقِ رُوحِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَذْكِيَةٍ لَمْ يُؤْكَلْ (وَتَسْمِيَةٌ) عِنْدَ التَّذْكِيَةِ وَعِنْدَ الْإِرْسَالِ فِي الْعَقْرِ (إنْ ذَكَرَ) ، وَقَدَرَ فَلَا تَجِبُ عَلَى نَاسٍ، وَلَا أَخْرَسَ، وَلَا مُكْرَهَ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلتَّسْمِيَةِ فَقَطْ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِهَا إنْ كَانَ الْمُذَكِّي مُسْلِمًا، وَأَمَّا النِّيَّةُ أَيْ قَصْدُ الْفِعْلِ لِتُؤْكَلَ لَا قَتْلُهَا أَيْ مُجَرَّدُ إزْهَاقِ رُوحِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ أَمِنَ عَلَيْهِ مِمَّا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ بِسَبَبِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ السَّهْمِ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ ذِكْرًا فِي كِتَابِ السَّمَاعِ، وَلَا رَوَاهَا عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ نَشُكَّ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَهِمَ فِيهَا ابْنُ الْمَوَّازِ وَبِهِ أَقُولُ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ الصَّوَابُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ قَالَ سُلَيْمَانُ الْبَاجِيَّ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا. اهـ. مَوَّاقٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ الْغَدِ مَيْتًا) الْغَدُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ مُدَّةً مِنْ اللَّيْلِ فِيهَا طُولٌ بِحَيْثُ يَلْتَبِسُ الْحَالُ، وَلَا يَدْرِي هَلْ مَاتَ مِنْ الْجَارِحِ أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ شَيْءٌ مِنْ الْهَوَامِّ الَّتِي تَظْهَرُ فِيهِ كَالْأَفَاعِي فَلَوْ رَمَاهُ فَغَابَ عَنْهُ يَوْمًا كَامِلًا ثُمَّ وَجَدَهُ مَيْتًا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَاخَ فِي اتِّبَاعِهِ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ بَاتَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنَّ الصَّيْدَ يَمْنَعُ نَفْسَهُ مِنْ الْهَوَامِّ فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ فَإِذَا غَابَ لَيْلًا احْتَمَلَ مُشَارَكَةَ الْهَوَامِّ الَّتِي تَظْهَرُ فِيهِ لِلسَّهْمِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَابَ نَهَارًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ) كَذَا عَلَّلُوا عَدَمَ الْأَكْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَحْسَنُ لَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْفَرْعَ وَجَعَلَهُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ فِي شَرِكَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ صُدِمَ) أَيْ بِأَنْ ضَرَبَهُ فَرَمَاهُ وَصَارَ يُمَرِّغُهُ حَتَّى مَاتَ (قَوْلُهُ: بِلَا جُرْحٍ فِيهِمَا) أَيْ، وَمَاتَ الصَّيْدُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِلَا جُرْحٍ هُنَا مُكَرَّرًا مَعَ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَجُرْحُ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَهُوَ لَا يَعْتَبِرُهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ بِلَا جُرْحٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ صُدِمَ أَوْ عُضَّ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَجُرْحُ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ مَرْأًى) أَيْ فَذَهَبَ الْجَارِحُ فَأَتَى بِصَيْدٍ مَيِّتٍ فَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْأَكْلِ رُؤْيَةُ الصَّيْدِ وَقْتَ الْإِرْسَالِ أَوْ كَوْنُ الْمَكَانِ الَّذِي أُرْسِلَ فِيهِ الْجَارِحُ مَحْصُورًا، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ الثَّانِي) إنَّمَا لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ قَتَلَ الصَّيْدَ، وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ حِينَ إرْسَالِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ أَكْلِ الصَّيْدِ بِالْعَقْرِ أَنْ يَكُونَ مَعْجُوزًا عَنْهُ حِينَ الْإِرْسَالِ فَلَوْ أُرْسِلَ ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكِ الْأَوَّلِ لَهُ فَقَتَلَهُ الْأَوَّلُ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي إلَيْهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُؤْكَلُ لِلْعَجْزِ عَنْهُ حِينَ إرْسَالِ قَاتِلِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ الثَّانِيَ قَبْلَ مَسْكِ الْأَوَّلِ فَقَتَلَهُ الثَّانِي قَبْلَ مَسْكِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَتَلَاهُ مَعًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْكَلْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي يُؤْكَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقَّقِ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْجَارِحَ إنَّمَا أَخَذَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْأَكْلِ، وَهُوَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ حَيْثُ قَالَتْ، وَلَوْ رَأَى الْجَارِحُ مُضْطَرِبًا، وَلَمْ يَرَ الصَّائِدُ شَيْئًا فَأَرْسَلَهُ فَصَادَ شَيْئًا فَلَا أُحِبُّ أَكْلَهُ، وَكَلَامُهَا هُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ حَمَلَهَا عَلَى مَا إذَا نَوَى الْمُضْطَرِبُ عَلَيْهِ فَقَطْ قَالَ فَإِنْ نَوَاهُ وَغَيْرَهُ أَكَلَ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ نَوَى جَمَاعَةً وَمَا وَرَاءَهَا مِمَّا لَمْ يَرَهُ أَكَلَ الْجَمِيعَ، وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ لَيْسَا عَلَى إصْلَاحِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا هُمَا عَلَى قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ خِلَافٌ أَوْ هُوَ مُقَيَّدٌ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُضْطَرِبُ عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرِبُ هُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ فَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ لَا مَحْذُوفٌ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ نِيَّتُهَا) أَيْ وُجُوبًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِذِكْرٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ بِأَنْوَاعِهَا أَيْ الْأَرْبَعَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ حِلِّيَّةٌ الْأَكْلِ إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ نِيَّةُ الْفِعْلِ لَا نِيَّةُ التَّحْلِيلِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّذْكِيَةِ) أَيْ فِي الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَى نَاسٍ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ بِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] أَيْ لَا تَأْكُلُوا مِمَّا تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَا تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ نِسْيَانًا أَوْ عَجْزًا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ

فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا حَتَّى مِنْ الْكِتَابِيِّ وَالْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ ذِكْرُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا خُصُوصَ بِاسْمِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ الْأَفْضَلُ، وَكَذَا زِيَادَةُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. (وَ) وَجَبَ (نَحْرُ إبِلٍ) وَزَرَافَةٍ (وَ) وَجَبَ (ذَبْحُ) (غَيْرِهِ) مِنْ غَنَمٍ وَطَيْرٍ، وَلَوْ نَعَامَةً فَإِنْ نُحِرَتْ، وَلَوْ سَهْوًا لَمْ تُؤْكَلْ (إنْ قَدَرَ وَجَازَا لِلضَّرُورَةِ) أَيْ جَازَ الذَّبْحُ فِي الْإِبِلِ وَالنَّحْرِ فِي غَيْرِهَا لِلضَّرُورَةِ كَوُقُوعٍ فِي مُهْوَاةٍ أَوْ عَدَمِ آلَةِ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ، وَذَبْحُ غَيْرِهِ قَوْلُهُ: (إلَّا) (الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ) فِيهَا (الذَّبْحُ) (كَالْحَدِيدِ) فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ حَتَّى الْعَقْرِ، وَأَجْزَأَ بِحَجَرٍ مَحْدُودٍ وَزُجَاجٍ وَغَيْرِهِمَا (وَإِحْدَادُهُ) أَيْ سَنَّهُ يُنْدَبُ (وَقِيَامُ إبِلٍ) حَالَ نَحْرِهَا مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى لِعُذْرٍ يُنْدَبُ (وَضَجْعُ ذِبْحٍ) بِفَتْحِ الضَّادِ، وَكَسْرِ الذَّالِ أَيْ مَذْبُوحٍ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَغَيْرِهِمَا (عَلَى) شِقِّهِ الـ (أَيْسَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ لِلذَّابِحِ (وَتَوَجُّهُهُ) لِلْقِبْلَةِ (وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ) أَيْ مَحَلِّ الذَّبْحِ مِنْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى تَظْهَرَ الْبَشَرَةُ (وَفَرْيُ وَدَجَيْ صَيْدٍ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ) أَيْ يُنْدَبُ لِإِرَاحَتِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ فَرْيِ الْوَدَجَيْنِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ فَالْمُرَادُ تَذْكِيَتُهُ فَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ ، وَفِي جَوَازِ (الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ) أَرَادَ بِهِ الظُّفُرَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ ذَكَّى بِقِطْعَةِ عَظْمٍ مُحَدَّدَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ (وَالسِّنِّ) مُطْلَقًا مُتَّصِلَيْنِ أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ (أَوْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ بِهِمَا (إنْ انْفَصِلَا أَوْ) الْجَوَازِ (بِالْعَظْمِ) أَيْ الظُّفُرِ مُطْلَقًا إلَّا بِالسِّنِّ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ يَعْنِي يُكْرَهُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ (وَمَنْعُهُمَا) فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ بِهِمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (خِلَافُ) مَحَلِّهِ إنْ وُجِدَتْ آلَةٌ غَيْرُ الْحَدِيدِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا جَازَ بِهِمَا جَزْمًا كَذَا قِيلَ. (وَحُرِّمَ) عَلَى الْمُكَلَّفِ (اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ) مِنْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ كَالْعَامِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَلَيْسَتْ التَّسْمِيَةُ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الذَّكَاةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] أَيْ لَا تَأْكُلُوا الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ تُقْصَدْ ذَكَاتُهَا؛ لِأَنَّهَا فِسْقٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 118] أَيْ كُلُوا مِمَّا قُصِدَتْ ذَكَاتُهُ فَكَنَّى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ التَّذْكِيَةِ بِذِكْرِ اسْمِهِ كَمَا كَنَّى عَنْ رَمْيِ الْجِمَارِ بِذِكْرِهِ حَيْثُ قَالَ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] لِلْمُصَاحَبَةِ بَيْنَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ فِي الذَّكَاةِ بَلْ تَصْدُقُ، وَلَوْ بِالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ النِّيَّةَ الْمَطْلُوبَةَ فِي الذَّكَاةِ قِيلَ هِيَ قَصْدُ الْفِعْلِ أَيْ قَصْدُ الذَّكَاةِ احْتِرَازًا عَنْ قَصْدِ الْقَتْلِ، وَإِزْهَاقِ الرُّوحِ، وَعَلَى هَذَا فَالنِّيَّةُ لَا بُدَّ مِنْهَا حَتَّى فِي الْكِتَابِيِّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُتَأَتِّيَةٌ مِنْهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَنَسَبَ عج لِحَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ مِنْ الْكِتَابِيِّ، وَمَذْهَبُ الْحَفِيدِ كَمَا كَتَبَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَدْرِ أَنَّ النِّيَّةَ الْمَطْلُوبَةَ نِيَّةُ التَّحْلِيلِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقُرْطُبِيِّ وَجَنَحَ لَهُ الْبَدْرُ فَهُوَ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِيِّ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَمَتَى قَصَدَ الْفِعْلَ أَيْ الذَّكَاةَ الشَّرْعِيَّةَ كَانَ نَاوِيًا لِلتَّحْلِيلِ حُكْمًا إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الذَّكَاةِ شَرْعِيَّةً إلَّا كَوْنَهَا السَّبَبَ الْمُبِيحَ لِأَكْلِ الْحَيَوَانِ، وَالنِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ كَافِيَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ، وَلَوْ حُكْمًا فَإِنْ شَكَّ فِي التَّحْلِيلِ ارْتَدَّ، وَإِنْ نَفَاهُ عَمْدًا عَنْ قَصْدِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ فَمُتَلَاعِبٌ، وَكِلَاهُمَا لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إبَاحَةِ الصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ، وَأَمَّا الْكِتَابِيُّ فَيَكْفِي مِنْهُ قَصْدُ الْفِعْلِ الْمَعْهُودِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّحْلِيلَ فِي قَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ حِلَّ الْمَيْتَةِ أُكِلَتْ ذَبِيحَتُهُ حَيْثُ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا. انْتَهَى. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ الْأَفْضَلُ، وَكَذَا زِيَادَةُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَلَكِنَّهُ الْأَفْضَلُ مَعَ زِيَادَةٍ إلَخْ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَطْ أَوْ لَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ أَجْزَأَهُ، وَلَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ النَّاسُ أَحْسَنُ، وَهُوَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نُحِرَتْ، وَلَوْ سَهْوًا) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِصِفَةِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُ آلَةِ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ) أَيْ، وَكَجَهْلِ صِفَةِ الذَّبْحِ لَا نِسْيَانِهَا أَوْ جَهْلِ حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْبَقَرَ فَيَنْدُبُ فِيهَا الذَّبْحُ) أَيْ وَنَحْوُهَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَمِنْ الْبَقَرِ الْجَامُوسُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ كُلٌّ مِنْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ فِيهِمَا وَمِثْلُ الْبَقَرِ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، وَنُدِبَ ذَبْحُ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ حِمَارِ الْوَحْشِ وَالتَّيْتَلِ وَالْخَيْلِ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ أَكْلِهَا، وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ الْإِنْسِيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ أَكْلِهَا كَمَا قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ بِحَجَرٍ) أَيْ أَجْزَأَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ بِحَجَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِحْدَادُهُ) إنَّمَا نُدِبَ لِأَجْلِ سُرْعَةِ قَطْعِهِ فَيَكُونُ أَهْوَنَ عَلَى الْمَذْبُوحِ لِخُرُوجِ رُوحِهِ بِسُرْعَةٍ فَتَحْصُلُ لَهُ الرَّاحَةُ (قَوْلُهُ: وَتَوَجُّهَهُ) أَيْ مَا يُذَكَّى (قَوْلُهُ:، وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ) أَيْ بِنَتْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرْيُ) أَيْ قَطْعُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ بِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا عَبَّرَ بِفَرْيٍ إشَارَةً إلَى تَحَقُّقِ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوَّلًا بِإِنْفَاذِ مَقْتَلِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُجَرَّدُ الْفَرْيِ وَالْقَطْعِ تَسْهِيلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلُّ الْجَوَازِ بِهِمَا إنْ انْفَصَلَا) أَيْ، وَأَمَّا إنْ اتَّصَلَا بِأَنْ كَانَا مُرَكَّبَيْنِ فَيُكْرَهُ الذَّبْحُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي السِّنِّ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: خِلَافُ) الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ لِمَالِكٍ وَالْأَوَّلُ اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالثَّانِي صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالثَّالِثُ شَهَرَهُ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَالرَّابِعُ صَحَّحَهُ الْبَاجِيَّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إنْ وُجِدَتْ آلَةٌ غَيْرُ الْحَدِيدِ) أَيْ مَعَهُمَا كَحَجَرٍ مَحْدُودٍ وَقَزَازٍ، وَهَذَا الْكَلَامُ لعبق

بَلْ بِلَا نِيَّةِ شَيْءٍ أَوْ نِيَّةِ حَبْسِهِ أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ نِيَّةِ الذَّكَاةِ الْقِنْيَةُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ أَيْ جَائِزٍ شَرْعًا، وَكُرِهَ لِلَّهْوِ وَجَازَ لِتَوْسِعَةٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَأَكْلِ الْفَوَاكِهِ وَنُدِبَ لِتَوْسِعَةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ سَدِّ خَلَّةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ أَوْ كَفِّ وَجْهٍ عَنْ سُؤَالٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَوَجَبَ لِسَدِّ خَلَّةٍ وَاجِبَةٍ فَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الِاصْطِيَادُ مُتَعَلِّقًا (بِكَخِنْزِيرٍ) مِمَّا لَا يُؤْكَلُ (فَيَجُوزُ) إذَا كَانَ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ، وَأَمَّا بِنِيَّةٍ غَيْرِ ذَلِكَ كَحَبْسِهِ أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اصْطِيَادُ الْقِرْدِ وَالدُّبِّ لِأَجْلِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ وَالتَّمَعُّشِ بِهِ لِإِمْكَانِ التَّمَعُّشِ بِغَيْرٍ، وَيَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ، نَعَمْ يَجُوزُ صَيْدُهُ لِلتَّذْكِيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ (كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ) كَحِمَارٍ وَبَغْلٍ (إنْ أَيِسَ مِنْهُ) فَيَجُوزُ تَذْكِيَتُهُ بَلْ يَنْدُبُ لِإِرَاحَتِهِ. (وَكُرِهَ) (ذَبْحُ بِدَوْرِ حُفْرَةٍ) لِعَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ فِي بَعْضِ مَا يُذْبَحُ وَلِنَظَرِ بَعْضِهَا بَعْضًا حَالَ الذَّبْحِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ. (وَ) كُرِهَ (سَلْخٌ أَوْ قَطْعٌ) لِعُضْوٍ مَثَلًا مِنْ الذَّبِيحِ (قَبْلَ الْمَوْتِ) (كَقَوْلِ مُضَحٍّ) حَالَ ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ (اللَّهُمَّ مِنْكَ) هَذَا أَيْ مِنْ فَضْلِكَ، وَإِحْسَانِك (وَإِلَيْك) التَّقَرُّبُ بِهِ بِلَا رِيَاءٍ، وَلَا سُمْعَةٍ فَيُكْرَهُ إنْ قَالَهُ اسْتِنَانًا لَا إنْ قَصَدَ الدُّعَاءَ وَالشُّكْرَ فَيُؤْجَرُ قَائِلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (وَتَعَمُّدُ) (إبَانَةِ رَأْسٍ) لِلذَّبِيحَةِ أَيْ، وَأَبَانَهَا بِالْفِعْلِ فَيُكْرَهُ وَتُؤْكَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ بَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا فَقَدَ الْحَدِيدَ، وَلَوْ وُجِدَتْ آلَةٌ غَيْرُهُمَا فَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ بِهِمَا يُسَوِّيهِمَا مَعَ غَيْرِهِمَا غَيْرَ الْحَدِيدِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ الذَّبْحُ بِهِ أَيْ نُدِبَ نَدْبًا مُؤَكَّدًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَدِيدٌ سَوَاءٌ وُجِدَتْ آلَةٌ غَيْرُهُمَا أَوْ لَمْ تُوجَدْ فَالْخِلَافُ خِلَافًا لعبق فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ تُوجَدْ آلَةٌ غَيْرُهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهِمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اتِّفَاقًا، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى التَّبَرِّي مِنْ هَذَا الْكَلَامِ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْبَحْثِ فِيهِ بِقَوْلِهِ كَذَا قِيلَ. (قَوْلُهُ: بَلْ بِلَا نِيَّةِ شَيْءٍ) أَيْ أَوْ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةِ حَبْسِهِ) أَيْ بِقَفَصٍ، وَلَوْ لِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ لِسَمَاعِ صَوْتِهِ كَدُرَّةٍ، وَقُمْرِيٍّ وَكَرَوَانٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمْنَعُ شِرَاءَ دُرَّةٍ أَوْ قُمْرِيٍّ أَوْ كَرَوَانٍ أَوْ بُلْبُلٍ مُعَلَّمٍ لِيَحْبِسَهَا لِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ لِسَمَاعِ صَوْتِهَا كَالِاصْطِيَادِ لِذَلِكَ، وَلَا يَحْرُمُ عِتْقُهَا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق، وَفِي تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهَا مِنْ السَّائِبَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السَّائِبَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالْأَنْعَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ بِنِيَّةِ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ كَغَزَالٍ أَوْ قِرْدٍ أَوْ نَسْنَاسٍ لَكِنْ فِي ح مَا يُفِيدُ جَوَازَ اصْطِيَادِ الصَّيْدِ بِنِيَّةِ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَعْذِيبَ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ أَخَذَ الْجَوَازَ مِنْ حَدِيثِ «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» كَمَا فِي شَمَائِلِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ نِيَّةِ الذَّكَاةِ) أَيْ مِثْلُ اصْطِيَادِهِ بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ فِي الْجَوَازِ اصْطِيَادُهُ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَتَعْلِيمِهِ الذَّهَابَ لِبَلَدٍ بِكِتَابٍ يُعَلَّقُ بِجَنَاحِهِ أَوْ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَفْسَدَةٍ أَوْ تَعْلِيمِ الْبَازِي أَوْ غَيْرِهِ الِاصْطِيَادَ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ) أَيْ الِاصْطِيَادُ لِلَّهْوِ، وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُرِّمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يُؤْكَلُ) أَيْ فَيَجُوزُ اصْطِيَادُهُ لَا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ بَلْ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ. وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا فِي اصْطِيَادِ الْمَأْكُولِ، وَمَا بَعْدَهَا غَيْرُ مَأْكُولٍ، وَأُدْخِلَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ إلَّا بِكَخِنْزِيرٍ الْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَيْدُهَا بِنِيَّةِ قَتْلِهَا لَا ذَكَاتِهَا، وَإِنْ جَازَ أَكْلُهَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ) أَيْ، وَلَيْسَ صَيْدُهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ مِنْ الْعَبَثِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ) الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ الْقِرْدَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ يَجُوزُ التَّمَعُّشِ بِهِ بِتَلْعِيبِهِ وَالْفُرْجَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ التَّمَعُّشُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ح (قَوْلُهُ: كَذَكَاةٍ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الذَّكَاةَ هُنَا بِمَعْنَى الذَّبْحِ لَا بِمَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ السَّبَبُ الْمُبِيحُ لِأَكْلِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ. (قَوْلُهُ: مَا لَا يُؤْكَلُ) أَيْ مِنْ الْحَيَوَانِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِشَرَفِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَيِسَ مِنْهُ) أَيْ أَيِسَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَقِيقَةً لِمَرَضٍ أَوْ عَمًى أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ فِي مَغَارَةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا عَلَفَ فِيهَا، وَلَا يُرْجَى أَخْذُ أَحَدٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِدَوْرٍ إلَخْ) أَيْ كُرِهَ ذَبْحٌ اجْتَمَعُوا فِيهِ عَلَى دَوْرٍ حُفْرَةٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بَلَغَ مَالِكًا أَنَّ الْجَزَّارِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْحُفْرَةِ يَدُورُونَ بِهَا فَيَذْبَحُونَ حَوْلَهَا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ بِتَوْجِيهِهَا لِلْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِنَظَرِ بَعْضِهَا بَعْضًا) أَيْ فَالْكَرَاهَةُ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ فَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا وَتَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ سَلْخٌ أَوْ قَطْعٌ) أَيْ، وَكَذَا حَرْقٌ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْمَوْتِ) أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ الرُّوحِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْذِيبِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنْ تُتْرَكَ حَتَّى تَبْرُدَ إلَّا السَّمَكَ فَيَجُوزُ تَقْطِيعُهُ، وَكَذَلِكَ إلْقَاؤُهُ فِي النَّارِ قَبْلَ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَحْتَاجُ لِذَكَاةٍ صَارَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الْإِبْقَاءِ وَمَا مَعَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا وَقَعَ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ تَمَامِ ذَكَاتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ فَضْلِك، وَإِحْسَانِك) أَيْ لَا مِنْ حَوْلِي، وَقُوَّتِي، وَقَوْلُهُ، وَإِلَيْك التَّقَرُّبُ بِهِ أَيْ لَا إلَى مَنْ سِوَاك (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَصَدَ الدُّعَاءَ وَالشُّكْرَ) أَيْ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (قَوْلُهُ: وَتَعَمُّدُ إبَانَةِ رَأْسٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ إبَانَةَ الرَّأْسِ، وَأَبَانَهَا فَهَلْ تُؤْكَلُ تِلْكَ الذَّبِيحَةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ لَا تُؤْكَلُ أَصْلًا قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا حَكَمَ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ

لَا إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَوْ لَمْ يُبِنْهَا بِالْفِعْلِ، وَأَشَارَ لِمُقَابِلِ الرَّاجِحِ بِقَوْلِهِ (وَتَأَوَّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ إنْ قَصَدَهُ) أَيْ إبَانَةَ الرَّأْسِ بِمَعْنَى انْفِصَالِهَا (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ أَيْ، وَأَبَانَهَا بِالْفِعْلِ (وَدُونَ نِصْفٍ) مِنْ صَيْدٍ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جَنَاحٍ (أُبِينَ) أَيْ أَبَانَهُ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ، وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَلَّقَ بِيَسِيرِ جِلْدٍ أَوْ لَحْمٍ (مَيْتَةٌ) لَا يُؤْكَلُ، وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ الدُّونِ إنْفَاذُ مَقْتَلِ، وَإِلَّا أَكَلَ كَالْبَاقِي، وَصَارَ كَالرَّأْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا الرَّأْسَ) فَلَيْسَ بِمَيْتَةٍ. (وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ) لَهُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوْ حَوْزِهِ فِي دَارِهِ أَوْ كَسْرِ رِجْلِهِ، وَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ، وَهَمَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَكُلُّ سَابِقٍ لِمُبَاحٍ فَهُوَ لَهُ. (وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ) يَعْنِي تَدَافَعُوا عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا التَّنَازُعُ بِالْقَوْلِ فَقَطْ فَهُوَ لِلْمُبَادِرِ (فَبَيْنَهُمْ) يُقَسَّمُ، وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُهُمْ الْآخَرَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِخِلَافِ الْمُسَابَقَةِ بِلَا تَدَافُعٍ فَلَوْ جَاءَ غَيْرُ الْمُتَدَافِعِينَ حَالَ التَّدَافُعِ، وَأَخَذَهُ لَاخْتُصَّ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (وَإِنْ نَدَّ) أَيْ شَرَدَ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْ صَاحِبِهِ بَلْ (وَلَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) لَهُ مِنْ صَاحِبِهِ فَاصْطَادَهُ غَيْرُهُ (فَلِلثَّانِي) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ إبَانَةَ الرَّأْسِ بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ بِمَثَابَةِ قَطْعِ عُضْوٍ بَعْدَ انْتِهَاءِ الذَّبْحِ، وَقَبْلَ الْمَوْتِ، وَهَذَا مَكْرُوهٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِمَالِكٍ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ؟ . فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَهُمَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ وَرُدَّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْإِبَانَةَ ابْتِدَاءً بَلْ تَعَمَّدَهَا بَعْدَ الذَّكَاةِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَهَا ابْتِدَاءً فَلَا تُؤْكَلُ كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَعَمُّدُ إبَانَةِ رَأْسٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ، وَقَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ هَذَا إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ بِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَوْ لَمْ يُبِنْهَا) أَيْ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى انْفِصَالِهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الْإِبَانَةِ نَظَرًا لِكَوْنِهَا بِمَعْنَى الِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ نِصْفٍ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّ دُونَ هُنَا لِلْمَكَانِ الْمَجَازِيِّ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فَإِنْ رُفِعَ كَانَ مُبْتَدَأً، وَإِنْ نُصِبَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ مُقَدَّرٍ أَيْ، وَمَا هُوَ دُونَ نِصْفِ مَيْتَةٍ. اهـ. بْن وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَدُونَ نِصْفٍ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ الْجَارِحُ الطَّيْرَ نِصْفَيْنِ مِنْ وَسَطِهِ أُكِلَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَذَلِكَ فِيهِ إنْفَاذُ مَقْتَلٍ كَذَا قَالُوا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَكْلُ لِلنِّصْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نِصْفٌ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ فَالْمَدَارُ عَلَى إنْفَاذِ الْمَقْتَلِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَبَانَ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ دُونَ النِّصْفِ، وَأَنْفَذَ مَقْتَلًا أُكِلَ ذَلِكَ الدُّونُ كَالْبَاقِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَلَوْ أَبَانَ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ ثُلُثًا ثُمَّ سُدُسًا فَهَلْ يُؤْكَلَانِ أَوْ الْأَخِيرُ أَوْ يَطْرَحَانِ؟ لَا نَصَّ، وَقَدْ يُقَالُ الْمَدَارُ عَلَى إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ فَاَلَّذِي نَفَذَ بِهِ مَقْتَلٌ يُؤْكَلُ، وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ إنَّ الْفَرْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ أَمَّا الْجَرَادُ مَثَلًا إذَا قُطِعَ جَنَاحُهُ فَمَاتَ أُكِلَ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ ذَكَاتُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الرَّأْسَ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ نِصْفُ الرَّأْسِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمَلَكَ الصَّيْدَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَسَرَ رِجْلَهُ) أَيْ أَوْ قَفَلَ مَطْمُورَةً أَوْ سَدَّ جُحْرَهُ عَلَيْهِ فَلَوْ سَدَّ جُحْرَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا يَحْفِرُ بِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَفَتَحَهُ، وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِمَنْ سَدَّهُ كَمَا أَنَّ مَا فِي الْحِبَالَةِ بِغَيْرِ طَرْدِ أَحَدٍ يَكُونُ لِمَالِكِهَا إلَّا لِمَنْ سَبَقَ بِالْأَخْذِ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ إلَخْ) فَإِنْ أَخَذَ الصَّيْدَ إنْسَانٌ فَنَازَعَهُ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَعَلَى مُدَّعِي وَضْعِ الْيَدِ إثْبَاتُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ كَذَا قَالَهُ تت، وَقَالَ بْن: الْمُطَابِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْآخِذِ فَقَطْ لِحِيَازَتِهِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَاضِعٌ الْيَدَ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ) أَيْ عَلَى الْمُبَادَرَةِ فَبَيْنَهُمْ يُقَسَّمُ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ بِمَحَلٍّ غَيْرِ مَمْلُوكٍ وَأَمَّا بِمَمْلُوكٍ فَلِرَبِّهِ. اهـ. وَهَذَا مَا لَمْ يَقَعْ فِي حِجْرِ شَخْصٍ جَالِسٍ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الْمَمْلُوكِ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّ حَوْزَهُ أَخَصُّ وَصَاحِبُ الْحَوْزِ الْأَخَصِّ، وَهُوَ مَا انْتَقَلَ الْمَحُوزِ بِانْتِقَالِهِ يُقَدَّمُ عَلَى صَاحِبِ الْحَوْزِ الْأَعَمِّ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ قَالَ عبق، وَأَخَصُّ مِنْ تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ مَا تَكَرَّرَتْ شَكْوَى شَخْصٍ لِآخَرَ فَإِنَّ لِلْمَشْكُوِّ أَنْ يَرْفَعَ الشَّاكِيَ لِلْحَاكِمِ، وَيَقُولَ إنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ فَيَدَّعِي بِهِ فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ شَكْوَى قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَقَدْ حَكَمَ بِهَا الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَالْبَرْمُونِيُّ، وَقَالَا هِيَ مَشْهُورَةٌ فِي الْمُحَاكِمِ بِمَسْأَلَةِ قَطْعِ النِّزَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا التَّنَازُعِ بِالْقَوْلِ) أَيْ بِأَنْ رَآهُ اثْنَانِ فَحَازَهُ أَحَدُهُمَا وَتَنَازَعَا فَصَارَ الْحَائِزُ يَدَّعِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ لِحَوْزِهِ وَالثَّانِي يَدَّعِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ رَآهُ أَوَّلًا، وَكَانَ هَامًّا عَلَى أَخْذِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَابَقَةِ بِلَا تَدَافُعٍ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَابَقُوا مِنْ غَيْرِ تَدَافُعٍ فَإِنَّ وَضْعَ يَدِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْآخَرِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ صَاحِبِهِ) أَيْ الَّذِي مَلَكَهُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْكَاتِبِ إنَّهُ لِلْأَوَّلِ أَيْ الْمُشْتَرِي قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَحْيَا أَرْضًا بَعْدَ انْدِرَاسِ بِنَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَلَكَهَا بِإِحْيَاءٍ فَلِلثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مَلَكَهَا بِاشْتِرَاءِ عَمَّنْ أَحْيَاهَا فَهِيَ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي

وَلَوْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْوَحْشِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَأَنَّسَ عِنْدَ الْأَوَّلِ (لَا إنْ) كَانَ (تَأَنَّسَ) عِنْدَ الْأَوَّلِ فَنَدَّ مِنْهُ (وَلَمْ يَتَوَحَّشْ) بَعْدَ نُدُودِهِ أَيْ لَمْ يَصِرْ وَحْشِيًّا بِأَنْ لَمْ يَتَطَبَّعْ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي أُجْرَةُ تَحْصِيلِهِ فَقَطْ. (وَاشْتَرَكَ) فِي الصَّيْدِ (طَارِدٌ) لَهُ (مَعَ ذِي حِبَالَةٍ) بِالْكَسْرِ شَبَكَةٍ أَوْ فَخٍّ أَوْ حُفْرَةٍ جُعِلَتْ لِلصَّيْدِ (قَصَدَهَا) الطَّارِدُ لِإِيقَاعِ الصَّيْدِ فِيهَا (وَلَوْلَاهُمَا) أَيْ الطَّارِدُ، وَذُو الْحِبَالَةِ (لَمْ يَقَعْ) الصَّيْدُ فِيهَا فَالطَّارِدُ آيَسَ مِنْهُ لَوْلَاهَا (بِحَسَبِ) أَيْ بِقَدْرِ أُجْرَةٍ (فَعَلَيْهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتِرَاكٍ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الطَّارِدِ دِرْهَمَيْنِ وَأُجْرَةُ الْحِبَالَةِ دِرْهَمًا كَانَ لِلطَّارِدِ الثُّلُثَانِ وَلِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ الثُّلُثُ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) الطَّارِدُ الْحِبَالَةَ (وَأَيِسَ) الطَّارِدُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّيْدِ فَوَقَعَ فِيهَا (فَلِرَبِّهَا) ، وَلَا شَيْءَ لِلطَّارِدِ (وَ) إنْ كَانَ الطَّارِدُ (عَلَى تَحْقِيقٍ) مِنْ أَخْذِهِ (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْحِبَالَةِ، وَسَوَاءٌ قَصَدَهَا أَوْ لَا فَهُوَ مَفْهُومٌ لَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ (فَلَهُ) دُونَ رَبِّهَا (كَالدَّارِ) أَيْ أَنَّ مَنْ طَرَدَ صَيْدَ الدَّارِ وَنَحْوِهَا فَأَدْخَلَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الدَّارِ أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ بِدُونِهَا أَوْ لَا إذْ لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلصَّيْدِ كَالْحِبَالَةِ (إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ لَهَا) أَيْ لِلدَّارِ بِأَنْ طَرَدَهُ لِغَيْرِهَا فَهَرَبَ مِنْهُ وَدَخَلَهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى تَحْقِيقٍ مِنْ أَخْذِهِ بِدُونِهَا (فَلِرَبِّهَا) أَيْ مَالِكِ ذَاتِ الدَّارِ لَا مَالِكِ مَنْفَعَتِهَا مَسْكُونَةً أَوْ خَالِيَةً خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَإِنْ كَانَ عَلَى تَحْقِيقٍ مِنْ أَخْذِهِ بِغَيْرِهَا فَهُوَ لِلطَّارِدِ. (وَضَمِنَ) (مَارٌّ) عَلَى صَيْدٍ مَجْرُوحٍ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلَهُ (أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ) بِوُجُودِ آلَةٍ، وَعِلْمِهِ بِهَا، وَهُوَ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ، وَلَوْ كِتَابِيًّا (وَتَرَكَ) تَذْكِيَتَهُ حَتَّى مَاتَ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَارُّ غَيْرَ بَالِغٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَانْدِرَاسُهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِهِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْوَحْشِ) أَيْ هَذَا إذَا اُلْتُحِقَ فِي حَالِ نُدُودِهِ بِالْوَحْشِ بِأَنْ تَطَبَّعَ بِطِبَاعِهَا بَلْ وَلَوْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْوَحْشِ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ كَمَا قَالَ بَعْدُ إنَّهُ لَمْ يَتَأَنَّسْ، وَإِذَا كَانَ لَمْ يَتَأَنَّسْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى تَطَبُّعِهِ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَاشْتَرَكَ طَارِدٌ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ طَرْدُهُ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا (قَوْلُهُ: وَأَيِسَ الطَّارِدُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الصَّيْدِ) أَيْ، وَذَلِكَ بِأَنْ أَعْيَا الصَّيْدُ الطَّارِدَ وَانْقَطَعَ الطَّارِدُ عَنْهُ فَهَرَبَ حَيْثُ شَاءَ فَسَقَطَ فِي الْحِبَالَةِ فَهُوَ لِرَبِّهَا، وَلَوْ كَانَ الطَّارِدُ قَصَدَهَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الطَّارِدُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ بِأَنْ أَعْيَا الصَّائِدَ الصَّيْدُ وَصَارَ الصَّائِدُ عَلَى تَحْقِيقٍ أَوْ غَلَبَةِ ظَنٍّ مِنْ إمْسَاكِهِ بِغَيْرِ الْحِبَالَةِ فَقَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا بِقَصْدِهِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدِهِ فَهُوَ لِلطَّارِدِ خَاصَّةً، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ نَعَمْ إذَا قَصَدَ الطَّارِدُ إيقَاعَهُ فِيهَا لِأَجْلِ إرَاحَةِ نَفْسِهِ مِنْ التَّعَبِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهَا لِصَاحِبِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ مَفْهُومُهُ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ مَا لَوْ كَانَ السَّبَبُ فِي الْوُقُوعِ الْحِبَالَةَ فَقَطْ، وَهَذِهِ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَيِسَ إلَخْ وَالثَّانِي أَنْ لَا تَكُونَ الْآلَةُ مُتَوَقِّفًا عَلَيْهَا الْوُقُوعُ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِقَوْلِهِ، وَعَلَى تَحْقِيقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالدَّارِ) تَشْبِيهٌ فِي اخْتِصَاصِ الطَّارِدِ كَالَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الدَّارِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّارِدَ أُجْرَتُهَا نَظَرًا لِمَا خَفَّفَتْهُ عَنْهُ مِنْ التَّعَبِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِأَجْلِ الصَّيْدِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بَانِيهَا تَحْصِيلَهُ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ مَالِكُ ذَاتِ الدَّارِ) أَرَادَ الْمَالِكُ، وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْوَاقِفَ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ فِي الْبُيُوتِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى عَمَلٍ فَمَا يَقَعُ مِنْ الطَّيْرِ فِيهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْرُودٍ إلَيْهَا مِنْ أَحَدٍ يَكُونُ لِلْوَاقِفِ أَوْ النَّاظِرِ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ، وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْصِدِ عَلَيْهِمْ الْبَيْتَ مِنْ إمَامٍ، وَمُؤَذِّنٍ مَثَلًا كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: أَوْ خَالِيَةً) بَلْ، وَلَوْ خَرَابًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ فَلِمَالِك الدَّارِ أَيْ مَالِكِ مَنْفَعَتِهَا سَوَاءٌ مَلَكَ الذَّاتَ أَيْضًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ مَارٌّ) أَيْ تَعَلَّقَ ضَمَانُ الصَّيْدِ بِالْمَارِّ إذَا أَمْكَنَهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْكَ فِعْلٌ أَيْ أَنَّ التَّرْكَ كَفِعْلِ التَّفْوِيتِ، وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْكَ لَيْسَ فِعْلًا، وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ، وَعَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ فَيَأْكُلُهُ رَبُّهُ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الضَّمَانِ فَلَا يَأْكُلُهُ رَبُّهُ، وَلَا يَنْتَفِي الضَّمَانُ عَنْ التَّارِكِ، وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ غَفْلَةً عَنْ كَوْنِهِ مَيْتَةً أَوْ عَمْدًا أَوْ ضِيَافَةً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ إنْسَانٌ مَالَهُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ ضِيَافَةً فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ مَشَايِخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ عَدَمَ ضَمَانِ الْمَارِّ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ وَاعْتَمَدَ الْأَوَّلَ اللَّقَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ) أَنَّثَ الْفِعْلَ وَجَعَلَ الْفَاعِلَ الذَّكَاةَ وَضَمِيرَ الْمَارِّ مَفْعُولًا، وَلَمْ يُجَرِّدْ الْفِعْلَ مِنْ التَّاءِ، وَيَجْعَلُ الذَّكَاةَ مَفْعُولًا وَضَمِيرَ الْمَارِّ فَاعِلًا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْإِسْنَادِ لِلْمَعْنَى وَالذَّاتِ فَالْإِسْنَادُ لِلْمَعْنَى أَوْلَى مِنْ الْإِسْنَادِ لِلذَّاتِ فَيُقَالُ أَمْكَنَنِي السَّفَرُ دُونَ أَمْكَنْت السَّفَرَ (قَوْلُهُ: بِوُجُودِ آلَةٍ) أَيْ بِوُجُودِ مَا يُذَكِّي بِهِ فَإِذَا كَانَ لَيْسَ مَعَهُ مَا يُذَكِّي بِهِ إلَّا الظُّفُرَ أَوْ السِّنَّ وَتَرَكَ التَّذْكِيَةَ بِهِمَا ضَمِنَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ تَصِحُّ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَرَكَ، نَعَمْ إذَا ذَكَّاهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُهُ بِذَكَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيًّا) أَيْ فَالْكِتَابِيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي وُجُوبِ ذَكَاةِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا ذَكَاةٌ لَا عَقْرٌ، وَلَا يَأْتِي الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ، وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ يَضْمَنُ بِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ: لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَارَّ لَمَّا أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ نُزِّلَ

لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَأَمَّا غَيْرُ الصَّيْدِ فَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ، وَلَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَكَاتُهُ كَالصَّيْدِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى خَوْفِ مَوْتِهِ ضَمِنَهُ إنْ ذَكَّاهُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ إلَّا الرَّاعِيَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ، وَشُبِّهَ فِي الضَّمَانِ قَوْلُهُ: (كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ (بِيَدِهِ) أَيْ قُدْرَتِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ فَيَضْمَنُ النَّفْسَ فِي الدِّيَةِ، وَفِي الْمَالِ الْقِيمَةَ (أَوْ) تَرَكَ التَّخْلِيصَ بِ (شَهَادَتِهِ) أَيْ بِتَرْكِهَا حَيْثُ طُلِبَتْ مِنْهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّ تَرْكَهَا يُؤَدِّي لِلْهَلَاكِ، وَكَذَا إنْ تَرَكَ تَجْرِيحَ شَاهِدِ الزُّورِ (أَوْ) تَرَكَ التَّخْلِيصَ (بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ) بِمَالٍ أَوْ بِعَفْوٍ عَنْ دَمٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ شَاهِدُهَا لَا يَشْهَدُ لَا بِهَا أَوْ نَسِيَ الشَّاهِدُ مَا يَشْهَدُ بِهِ، وَلَا يَذْكُرُ الْوَاقِعَةَ إلَّا بِهَا (أَوْ تَقْطِيعَهَا) أَيْ الْوَثِيقَةِ فَضَاعَ الْحَقُّ فَيَضْمَنُهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سِجِلٌّ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا يَغْرَمُهُ عَلَى إخْرَاجِهَا. (وَفِي) (قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ) عَمْدًا أَوْ خَطَأً حَتَّى فَاتَ الْحَقُّ بِقَتْلِهِمَا (تَرَدُّدٌ) فِي ضَمَانِ قَاتِلِهِمَا لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَيُعْلَمُ كَوْنُهُمَا شَاهِدَيْ حَقٍّ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِقَتْلِهِمَا إبْطَالَ الْحَقِّ بَلْ لِلْعَدَاوَةِ وَلِذَا لَوْ قَصَدَ بِقَتْلِهِمَا ضَيَاعَ الْحَقِّ لَضَمِنَ قَطْعًا وَالْأَظْهَرُ مِنْ التَّرَدُّدِ ضَمَانُ الْمَالِ، وَمِثْلُ قَتْلِهِمَا قَتْلُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ. (وَ) يَضْمَنُ بِسَبَبِ (تَرْكِ مُوَاسَاةٍ وَجَبَتْ بِخَيْطٍ) وَنَحْوَهُ (لِجَائِفَةٍ) بِعَاقِلٍ إنْ خَاطَ بِهِ سَلِمَ فَتَرَكَ الْمُوَاسَاةَ حَتَّى تَلِفَ، وَمِثْلُ الْخَيْطِ الْإِبْرَةُ، وَمِثْلُ الْجَائِفَةِ كُلُّ جَرْحٍ يُخْشَى مِنْهُ الْمَوْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْزِلَةَ رَبِّهِ، وَهُوَ لَوْ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ بَلْ يَكُونُ مَيْتَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ التَّرْكَ سَبَبًا فِي الضَّمَانِ فَيَتَنَاوَلُ الْبَالِغَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَهُ) أَيْ، وَإِلَّا يُذْكِهِ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى خَوْفِ مَوْتِهِ) أَيْ فَالْوَاجِبُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ وَضَمِنَهُ إنْ ذَكَّاهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَارِّ وَالْوَدِيعِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ فَذَبَحَ لِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ) أَيْ مُتَوَقَّعٍ لِلْهَلَاكِ، وَلَوْ كَانَ التَّارِكُ لِلتَّخْلِيصِ صَبِيًّا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ كَمَا عَلِمْتَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ تَخْلِيصُ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّهِ حَيْثُ تَوَقَّفَ الْخَلَاصُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِخَلَاصِهِ، وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ دَفَعَ غَرَامَةً عَنْ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لِلدَّافِعِ الرُّجُوعُ بِمَا دَفَعَهُ عَلَى الْمَدْفُوعِ عَنْهُ إنْ حَمَى بِتِلْكَ الْغَرَامَةِ مَالَهُ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ فِي النَّفْسِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ تَخْلِيصَ الْمَالِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ مَالِهِ حَتَّى ضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَى رَبِّهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لَهُ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَأَمَّا إذَا تَرَكَ تَخْلِيصَ النَّفْسِ حَتَّى قُتِلَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ إنْ تَرَكَ التَّخْلِيصَ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ تَرَكَهُ مُتَأَوِّلًا، وَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَلَوْ تَرَكَ التَّخْلِيصَ عَمْدًا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَازَالَ الشُّيُوخُ يُنْكِرُونَ حِكَايَتَهُ عَنْ مَالِكٍ، وَيَقُولُونَ إنَّهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ نَقَلَهُ ح، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ ذَلِكَ عَنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ تَعَمَّدَ الزُّورَ فِي شَهَادَتِهِ حَتَّى قُتِلَ بِهَا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَالَ فَقَدْ قِيلَ يُقْتَلُ الشَّاهِدُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ. اهـ. وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ خش، وَلَوْ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِإِهْلَاكِهِ بِتَرْكِ تَخْلِيصِهِ قُتِلَ غَيْرُ صَوَابٍ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ) أَيْ، وَلَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ، وَلَكِنْ عَلِمَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ يُؤَدِّي لِلْهَلَاكِ أَيْ هَلَاكِ الْحَقِّ أَوْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقْطِيعُهَا) قَالَ طفى تَقْطِيعُ الْوَثِيقَةِ، وَقَتْلُ شَاهِدَيْ الْحَقِّ لَيْسَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا هَلْ التَّرْكُ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُمَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا يُخَلَّلُ بِهِمَا الْمَسَائِلُ الْجَارِيَةُ عَلَى الْقَانُونِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ خَطَأً) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ كَوْنُهُمَا شَاهِدَيْ حَقٍّ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ) أَيْ، وَكَذَا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِأَنَّهُمَا شَاهِدَا حَقٍّ حَيْثُ لَا يَشْهَدُ الِاثْنَانِ بِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ قَتْلِهِمَا) أَيْ فِي جَرَيَانِ التَّرَدُّدِ قَتْلُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ اكْتِسَابُهُ فَفِي تَضْمِينِ الْقَاتِلِ لَهُ الْحَقُّ، وَعَدَمُ تَضْمِينِهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَظْهَرُ تَضْمِينُهُ، قَالُوا: وَمِثْلُ قَتْلِهِمَا قَتْلُ أَحَدِهِمَا حَيْثُ كَانَ الْحَقُّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ أَيْ فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ غُرْمَهُ جَمِيعَ الْحَقِّ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كُلُّ جُرْحٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا جُرِحَ إنْسَانٌ جُرْحًا يُخْشَى مِنْهُ الْمَوْتُ سَوَاءٌ كَانَ جَائِفَةً أَفَضْت لِجَوْفِهِ أَوْ غَيْرَ جَائِفَةٍ، وَاقْتَضَى الْحَالُ خِيَاطَتَهُ بِفَتْلَةِ خَيْطٍ أَوْ حَرِيرٍ وَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مَعَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ حَالًا وَمَآلًا أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لَهُ الثَّوْبُ أَوْ لِجَائِفَةِ دَابَّةٍ لَا يَمُوتُ بِمَوْتِهَا أَوْ كَانَ مَعَهُ الْإِبْرَةُ، وَكَانَ مُوَاسَاةُ الْمَجْرُوحِ بِذَلِكَ فَإِنْ تَرَكَ مُوَاسَاتَهُ بِمَا ذُكِرَ، وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَمَحَلُّ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَجْرُوحُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ بِتَرْكِ الْمُوَاسَاةِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْأَدَبُ بِتَرْكِهَا، وَالدِّيَةُ أَوْ الْقِصَاصُ عَلَى الْجَارِحِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَبُّ الْخَيْطِ مُحْتَاجًا لَهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ دَابَّةٍ يَمُوتُ بِمَوْتِهَا وَتَرَكَ الْإِعْطَاءَ

(وَ) تَرْكُ (فَضْلٍ) أَيْ زَائِدِ (طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ) عَمَّا يُمْسِكُ الصِّحَّةَ لَا فَاضِلٍ عَنْ الْعَادَةِ، وَهُوَ الشِّبَعُ فِي الْأَكْلِ (لِمُضْطَرٍّ) حَتَّى مَاتَ فَيَضْمَنُ دِيَةُ خَطَإٍ إنْ تَأَوَّلَ فِي الْمَنْعِ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ (وَ) بِتَرْكِ دَفْعِ (عُمُدٍ وَخَشَبٍ) لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ لِإِسْنَادِ جِدَارٍ مَائِلٍ (فَيَقَعَ) بِالنَّصْبِ لِعَطْفِهِ عَلَى الِاسْمِ الْخَالِصِ أَيْ تَرْكِ (الْجِدَارِ) فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَائِلًا، وَمَهْدُومًا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُوَاسِي (الثَّمَنُ) أَيْ ثَمَنُ مَا وَاسَى بِهِ مِنْ خَيْطٍ، وَمَا بَعْدَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ (إنْ وَجَدَ) الثَّمَنَ عِنْدَ الْمُضْطَرِّ حَالَ الِاضْطِرَارِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا يَشْمَلُ الْأُجْرَةَ فِي الْعُمُدِ وَالْخَشَبِ. (وَأَكْلُ الْمُذَكَّى) ، (وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ) بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ لَمَاتَ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ تَرْدِيَةٍ مِنْ شَاهِقٍ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ أَوْ أَكْلِهِ عُشْبًا فَانْتَفَخَ (بِتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ) كَخَبْطِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (مُطْلَقًا) صَحِيحَةٍ أَوْ مَرِيضَةٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْقَوِيِّ كَحَرَكَةِ الِارْتِعَاشِ أَوْ حَرَكَةِ طَرَفِ عَيْنِهَا أَوْ مَدِّ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَبْضِ وَاحِدَةٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ بِخِلَافِ مَدٍّ وَقَبْضٍ مَعًا فَيُعْتَبَرُ بَلْ قِيلَ بِاعْتِبَارِ قَبْضِ أَوْ مَدِّ وَاحِدَةٍ فَقَطْ (وَسَيْلِ دَمٍ) ، وَلَوْ بِلَا شَخْبٍ (إنْ صَحَّتْ) الذَّبِيحَةُ لَا إنْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَيْ أَضْنَاهَا الْمَرَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَاسَاةِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ فَضْلٍ إلَخْ) أَيْ وَتَرْكُ إعْطَاءِ طَعَامِ فَاضِلٍ وَزَائِدٍ عَمَّا يُمْسِكُ صِحَّتَهُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يُمْسِكُ صِحَّتَهُ، وَكَانَ مَعَهُ مُضْطَرٌّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَاسَاتُهُ بِذَلِكَ الزَّائِدِ فَإِنْ مَنَعَ، وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: عَمَّا يُمْسِكُ الصِّحَّةَ) قَالَ خش أَيْ فَاضِلًا عَمَّا يُمْسِكُ الصِّحَّةَ حَالًا، وَمَآلًا إلَى مَحَلٍّ يُوجَدُ فِيهِ الطَّعَامُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ اعْتِبَارُ الْفَضْلِ عَنْهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَمَنْ فِي عِيَالِهِ لَا عَنْهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَا فَاضِلَ عَنْ الْعَادَةِ) أَيْ عَنْ عَادَتِهِ فِي الْأَكْلِ، وَهُوَ الْفَاضِلُ بَعْدَ شِبَعِهِ (قَوْلُهُ: لِمُضْطَرٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ حَيَوَانًا غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَلَا مَفْهُومَ لِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ بَلْ وَكَذَا فَضْلُ لِبَاسٍ أَوْ رَكُوبٍ بِأَنْ كَانَ لَوْ لَمْ يُدْفِئْهُ أَوْ يُرْكِبْهُ يَمُوتُ، وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ فِي الضَّمَانِ مِنْ سُؤَالِ الْمُضْطَرِّ أَوْ يَكْفِي الْعِلْمُ بِاضْطِرَارِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) هَذَا يُقَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي تَقَدَّمَتْ. وَقَوْلُهُ دِيَةُ خَطَإٍ إنْ تَأَوَّلَ فِي الْمَنْعِ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَأَوَّلَ فِي الْمَنْعِ لَزِمَهُ دِيَةُ خَطَإٍ فَتَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْمَانِعُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ، وَإِلَّا يَتَأَوَّلُ فِي الْمَنْعِ بَلْ مَنَعَ عَمْدًا قَاصِدًا قَتْلَهُ اقْتَصَّ مِنْهُ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّأْوِيلِ، وَعَدَمِهِ، وَأَنَّ عَلَى الْمَانِعِ الدِّيَةَ فِي الْحَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ إلَخْ) ، وَكَذَا يَضْمَنُ رَبُّ الْعُمُدِ وَالْخَشَبِ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِ الْجِدَارِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يُنْذِرَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ مِنْ حِينِ الْإِنْذَارِ إلَى حِينِ سُقُوطِ الْجِدَارِ يُمْكِنُ فِيهِ إسْنَادُ الْجِدَارِ، وَلَوْ مَكَّنَ رَبُّ الْعُمُدِ وَالْخَشَبِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مِنْ خَيْطٍ، وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ فَضْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمُضْطَرِّ، وَالْعُمُدُ وَالْخَشَبُ الَّتِي دَفَعَهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ لِإِسْنَادِهِ جِدَارَهُ الْمَائِلِ (قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ الثَّمَنُ عِنْدَ الْمُضْطَرِّ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ مَعَهُ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانَاتٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ، وَإِلَّا يُوجَدُ الثَّمَنُ عِنْدَ الْمُضْطَرِّ لِلْخَيْطِ أَوْ الْإِبْرَةِ أَوْ لِفَضْلِ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ أَوْ الْعُمُدِ أَوْ الْخَشَبِ وَقْتَ اضْطِرَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُحَاسَبُ عَلَى مَا مَضَى أَمَّا مِنْ وَقْتِ الْيَسَارِ فَقَدْ زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْعُمُدِ وَالْخَشَبِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وَجَدَ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ عبق تَبَعًا لِشَيْخِهِ عج أَنَّهُ إذَا لَمْ تُوجَدْ الْأُجْرَةُ عِنْدَهُ وَقْتَ الِاضْطِرَارِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ أَصْلًا، وَلَوْ أَيْسَرَ لَا عَنْ مُدَّةِ الْإِعْسَارِ، وَلَا عَنْ مُدَّةِ الْيَسَارِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ أَخَذَهُ مَجَّانًا بِوَجْهٍ مَأْذُونٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ) دَخَلَ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مُحَقَّقُ الْحَيَاةِ، وَمَرْجُوُّهَا وَمَشْكُوكُهَا، وَلَوْ عَبَّرَ بِلَوْ لَأَفَادَ رَدَّ قَوْلِ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ لَا تَصِحُّ ذَكَاةُ الْمَيْئُوسِ مِنْ حَيَاتِهِ التَّوْضِيحِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَذْكِيَةٍ لَمَاتَ (قَوْلُهُ: بِتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّحَرُّكُ مِنْ أَعَالِيهَا، وَمِنْ أَسَافِلِهَا سَوَاءٌ سَالَ دَمٌ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ التَّحَرُّكُ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى مَا لِابْنِ غَازِيٍّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَحِيحَةً أَوْ مَرِيضَةً (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ سَيَلَانُ دَمٍ أَوْ لَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَيْئُوسٌ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ بَعْدُ بَلْ قِيلَ إلَخْ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَسَيْلُ دَمٍ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهَا وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ شَاةٍ وُضِعَتْ لِلذَّبْحِ فَذُبِحَتْ، وَسَالَ دَمُهَا فَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا شَيْءٌ هَلْ تُؤْكَلُ قَالَا نَعَمْ تُؤْكَلُ إذَا كَانَتْ حِينَ تَذْبَحُ حَيَّةً فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ ثَقِيلَ الْيَدِ عِنْدَ الذَّبْحِ حَتَّى لَا تَتَحَرَّكَ الذَّبِيحَةُ وَآخَرُ يَذْبَحُ فَتَقُومُ الذَّبِيحَةُ تَمْشِي ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا فِي الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا شَخْبٍ) الشَّخْبُ خُرُوجُ الدَّمِ بِصَوْتٍ وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ، وَلَوْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ سَيَلَانَ الدَّمِ بِالشَّخْبِ فِي الْمَرِيضَةِ لَا يَكْفِي فِي الْمَرِيضَةِ الْمَيْئُوسِ مِنْهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ لِلْحَالِ، وَلَوْ زَائِدَةً (قَوْلُهُ: إنْ صَحَّتْ) الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ الْمَيْئُوسِ مِنْهَا فَالْمَرِيضَةُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَيْئُوسٍ مِنْهَا فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ تُؤْكَلُ بِسَيَلَانِ الدَّمِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ، وَإِذَا كَانَتْ مَيْئُوسًا مِنْهَا فَفِي إعْمَالِ الذَّكَاةِ فِيهَا خِلَافٌ، وَعَلَى

فَلَا يَكْفِي فِيهَا سَيْلُ الدَّمِ، وَلَمَّا أَوْهَمَ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ شُمُولَهُ لِمَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ مَعَ أَنَّ ذَكَاتَهَا لَغْوٌ اتِّفَاقًا اسْتَثْنَاهَا مُشِيرًا لِتَفْسِيرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْمَوْقُوذَةَ) أَيْ الْمَضْرُوبَةَ بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا (وَمَا) ذُكِرَ (مَعَهَا) فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا كَالْمُنْخَنِقَةِ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بِئْرٍ أَوْ حُفْرَةٍ وَالنَّطِيحَةِ مِنْ أُخْرَى، وَمَا أَكَلَ بَعْضَهَا السَّبُعُ (الْمَنْفُوذَةَ) بَعْضَ (الْمَقَاتِلِ) فَلَا تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفُوذَةَ مَقْتَلٍ عَمِلَتْ فِيهَا وَجَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ وَسَيْلِ الدَّمِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهَا تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ مُطْلَقًا مَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ أَمْ لَا مَتَى كَانَ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ ثُمَّ بَيَّنَ مَنْفُوذَةَ الْمَقْتَلِ بِقَوْلِهِ (بِقَطْعِ نُخَاعٍ) مُثَلَّثُ النُّونِ الْمُخُّ الَّذِي فِي فَقَارِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ بِفَتْحِ الْفَاءِ جَمْعُ فَقَرَةٍ فَكَسْرُ الصُّلْبِ دُونَ قَطْعِ النُّخَاعِ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ (وَنَثْرُ دِمَاغٍ) ، وَهُوَ مَا تَحُوزُهُ الْجُمْجُمَةُ لَا شَدْخُ الرَّأْسِ، وَلَا خَرْقُ خَرِيطَتِهِ دُونَ انْتِثَارٍ (وَ) نَثْرُ (حُشْوَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ كُلُّ مَا حَوَاهُ الْبَطْنُ مِنْ كَبِدٍ وَطِحَالٍ وَأَمْعَاءٍ وَقَلْبٍ، أَيْ إزَالَةِ مَا ذُكِرَ عَنْ مَوْضِعِهِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى وَجْهٍ يَعِيشُ مَعَهُ (وَفَرْيِ وَدَجٍ) أَيْ إبَانَةِ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ (وَثَقْبِ) أَيْ خَرْقِ (مُصْرَانٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ جَمْعُ مَصِيرٍ كَرَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ وَجَمْعُ الْجَمْعِ مَصَارِينُ كَسُلْطَانٍ وَسَلَاطِينَ، وَأَحْرَى قَطْعُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ شَقِّهِ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ وَاحْتَرَزَ بِالْمُصْرَانِ عَنْ ثَقْبِ الْكَرْشِ فَلَيْسَ بِمَقْتَلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْبَهِيمَةُ الْمُنْتَفِخَةُ إذَا ذُكِّيَتْ ثُمَّ وُجِدَتْ مَثْقُوبَةَ الْكَرْشِ تُؤْكَلُ عَلَى الصَّوَابِ (وَفِي) (شَقِّ الْوَدَجِ) مِنْ غَيْرِ إبَانَةِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلَانِ) لَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ مَقْتَلٌ فِي الْوَدَجَيْنِ مَعًا، وَأَنَّهُ فِي الْوَاحِدِ غَيْرُ مَقْتَلٍ. ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلًا لِقَوْلِهِ وَأَكْلُ الْمُذَكَّى، وَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَلِقَوْلِهِ إلَّا الْمَوْقُوذَةَ إلَخْ بِقَوْلِهِ (وَفِيهَا) يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِيهَا، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَأَكْلُ الْمُذَكِّي، وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ فَإِنْ شَخَبَ دَمُهَا أُكِلَتْ كَمَا تُؤْكَلُ بِالْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ السَّيَلَانُ فَقَطْ لَمْ تُؤْكَلْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسِيلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي فِيهَا سَيْلُ الدَّمِ) أَيْ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّحَرُّكِ الْقَوِيِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ وَشَخْبِ الدَّمِ يَكْفِي فِي الصَّحِيحَةِ وَالْمَرِيضَةِ كَانَ مَرْجُوًّا حَيَاتُهَا أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَيَاتِهَا أَوْ مَيْئُوسًا مِنْ حَيَاتِهَا، وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرُ مَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ، وَأَمَّا سَيَلَانُ الدَّمِ، وَكَذَلِكَ الْحَرَكَةُ غَيْرُ الْقَوِيَّةِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا لَا يَكْفِي ذَلِكَ إلَّا فِي الصَّحِيحَةِ وَالْمُلْتَحَقِ بِهَا، وَهِيَ الْمَرِيضَةُ غَيْرُ الْمَيْئُوسِ مِنْهَا، وَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي الْمَرِيضَةِ الْمَيْئُوسِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: الْمَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ) صِفَةٌ لِلْمَوْقُوذَةِ، وَمَا مَعَهَا وَجَمْعُ الْمَقَاتِلِ نَظَرًا لِلْمَوْقُوذَةِ، وَمَا مَعَهَا فَهُوَ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فَتَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفُوذَةَ مَقْتَلٍ عَمِلَتْ فِيهَا) أَيْ اتِّفَاقًا إنْ كَانَتْ مَرْجُوَّةَ الْحَيَاةَ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ مَيْئُوسًا مِنْهَا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ، ثَالِثُهَا تَعْمَلُ فِي الْمَشْكُوكِ فِيهَا دُونَ الْمَيْئُوسِ مِنْهَا، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَيْ، وَعَلَيْهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] مُتَّصِلٌ أَيْ إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْهَا، وَعِنْدَنَا الِاسْتِثْنَاءُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا أَيْ إلَّا مَا كَانَتْ ذَكَاتُكُمْ عَامِلَةً فِيهِ مِنْهَا وَاَلَّذِي تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنْهَا هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا وَالْمَعْنَى لَكِنَّ مَا ذَكَّيْتُمْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْكُمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لَيْسَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَنْسُوبَ لِلشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهَا تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ مُطْلَقًا هُوَ مَذْهَبُهُ حَقِيقَةً خِلَافًا لِمَا يَقَعُ فِيهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ نِسْبَةِ غَيْرِ ذَلِكَ لَهُ، وَعَلَامَةُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ انْفِتَاحُ الْعَيْنِ وَحَرَكَةُ الْأَطْرَافِ. وَأَمَّا الْحَيَاةُ الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الَّتِي لَوْ تُرِكَ صَاحِبُهَا بِلَا ذَكَاةٍ لَعَاشَ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى وَجْهٍ يَعِيشُ مَعَهُ) أَيْ بِأَنْ يُزِيلَ الْتِزَاقَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ أَوْ يُزِيلَ الْتِزَاقَهَا بِمُعْقِرِ الْبَطْنِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ شَقِّ الْبَطْنِ وَظُهُورِ الْأَمْعَاءِ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ لِحُصُولِ الْحَيَاةِ إذَا خُيِّطَتْ الْبَطْنُ (قَوْلُهُ: وَثَقْبُ مُصْرَانٍ) خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ مِنْ أَنَّ ثَقْبَ الْمُصْرَانِ وَشَقَّهُ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَلْتَئِمُ، وَإِنَّمَا الْمَقْتَلُ فِيهِ قَطْعُهُ وَانْتِشَارُهُ هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَثَقْبُ مَصِيرٍ؛ لِأَنَّ مُصْرَانًا جَمْعُ مَصِيرٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَتَعْبِيرُهُ بِالْجَمْعِ يَقْتَضِي أَنَّ خَرْقَ الْوَاحِدِ لَا يَضُرُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللِّيَّةَ الْوَاحِدَةَ يُقَالُ لَهَا مَصِيرٌ وَاللِّيَّتَانِ يُقَالُ لَهُمَا مَصِيرَانِ بِالتَّثْنِيَةِ وَالثَّلَاثَةُ يُقَالُ لَهَا مُصْرَانٌ وَخَرْقُ الْمَصِيرِ مُضِرٌّ مُطْلَقًا كَانَ مِنْ أَسْفَلِهِ أَوْ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ مِنْ وَسَطِهِ (قَوْلُهُ: عَنْ ثَقْبِ الْكَرْشِ) أَيْ خَرْقِهَا، وَأَوْلَى شَقِّهَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ فِي الْوَاحِدِ غَيْرُ مَقْتَلٍ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ مَوْجُودًا فِي الْوَاحِدِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَطْعِ فِي الْوَدَجِ الْوَاحِدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَقْتَلٌ قَوْلًا وَاحِدًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي شَقِّ الْوَدَجَيْنِ قَوْلَيْنِ، وَكَذَا فِي شَقِّ الْوَدَجِ وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا عَلِمْته مِنْ الشَّارِحِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّقَّ فِي الْوَدَجَيْنِ مَقْتَلٌ، وَفِي الْوَاحِدِ غَيْرُ مَقْتَلٍ بِخِلَافِ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ مَقْتَلٌ اتِّفَاقًا، وَلَوْ فِي وَدَجٍ وَاحِدٍ، وَفِي الْمِعْيَارِ، وَلَمْ يَعُدُّوا جُرْحَ الْقَلْبِ مِنْ الْمَقَاتِلِ، وَاَلَّذِي انْفَصَلَ الْبَحْثُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْهَا فَإِذَا وُجِدَتْ الذَّبِيحَةُ مَجْرُوحَةَ الْقَلْبِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَالْكُلْيَتَانِ وَالرِّئَةُ فِي مَعْنَى الْقَلْبِ فَإِذَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا مَجْرُوحًا

(أَكْلُ مَا دُقَّ عُنُقُهُ أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ) ، وَهَذَا شَاهِدُ الْأَوَّلِ (إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا) أَيْ يَقْطَعْ نُخَاعَهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَخَعَهَا لَمْ تَعْمَلْ فِيهَا الذَّكَاةُ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِلثَّانِي (وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) يُوجَدُ مَيْتًا بِسَبَبِ ذَكَاةِ أُمِّهِ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا لَا إنْ كَانَ مَيْتًا مِنْ قِبَلِ حَاصِلِهِ (بِذَكَاةِ أُمِّهِ) فَذَكَاةُ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ (إنْ تَمَّ) خَلْقُهُ أَيْ اسْتَوَى خَلْقُهُ، وَلَوْ كَانَ نَاقِصَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِشَعْرٍ) أَيْ مَعَ نَبَاتِ شَعْرِهِ أَيْ شَعْرِ جَسَدِهِ، وَلَوْ بَعْضَهُ لَا شَعْرِ عَيْنَيْهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ حَاجِبِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ (وَإِنْ) (خَرَجَ) تَامًّا بِشَعْرِهِ (حَيًّا) حَيَاةً مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكَةً (وَذُكِّيَ) وُجُوبًا، وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ (إلَّا أَنْ يُبَادَرَ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ إلَّا أَنْ يُسَارَعَ لِذَكَاتِهِ (فَيَفُوتُ) أَيْ يُسْبَقُ بِالْمَوْتِ فَيُؤْكَلُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ حَيَاتَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِضَعْفِهَا بِأَخْذِهِ فِي السِّيَاقِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ وُجِدَ مَيْتًا فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ حَيًّا لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ مَا لَمْ يُبَادَرْ فَيَفُوتُ فَإِنْ لَمْ يُبَادَرْ حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ بُودِرَ لَمْ يُدْرَكْ كُرِهَ أَكْلُهُ (وَذُكِّيَ) الْجَنِينُ (الْمُزْلِقُ) ، وَهُوَ مَا أَلْقَتْهُ أُمُّهُ فِي حَيَاتِهَا لِعَارِضٍ (إنْ حَيِيَ مِثْلُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَعِيشُ بِأَنْ كَانَ تَامَّ الْخِلْقَةِ مَعَ نَبَاتِ شَعْرٍ، وَكَانَتْ حَيَاتُهُ مُحَقَّقَةً أَوْ مَظْنُونَةً لَا مَشْكُوكَةً (وَافْتَقَرَ) عَلَى الْمَشْهُورِ (نَحْوُ الْجَرَادِ) مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ (لَهَا) أَيْ لِلذَّكَاةِ بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ لَكِنَّ ذَكَاتَهُ (بِمَا) أَيْ بِأَيِّ فِعْلٍ (يَمُوتُ بِهِ) إنْ عَجَّلَ الْمَوْتَ كَقَطْعِ الرَّقَبَةِ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ) أَيْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمَ تَعْجِيلِهِ (كَقَطْعِ جَنَاحٍ) أَوْ رِجْلٍ أَوْ إلْقَاءٍ فِي مَاءٍ بَارِدٍ، وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَعْجِيلٌ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاةٍ أُخْرَى بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ، كَذَا قَيَّدَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ الْإِطْلَاقَ. وَلَمَّا كَانَتْ الذَّكَاةُ سَبَبًا فِي إبَاحَةِ أَكْلِ الْحَيَوَانِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ فَقَالَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مُنْقَطِعًا أَوْ مُفَرَّقًا لَمْ تُؤْكَلْ (قَوْلُهُ: أُكِلَ مَا دُقَّ عُنُقُهُ) أَيْ بِضَرْبٍ بِعَصَا أَوْ بِتَرَدٍّ مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَا عُلِمَ أَيْ أَوْ أَصَابَهُ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: شَاهِدٌ لِلثَّانِي) فَأَوَّلُ الْكَلَامِ دَلِيلٌ لِمَنْطُوقِهِ لِلْجَوَازِ وَآخِرُهُ دَلِيلٌ لِمَفْهُومِهِ لِلْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مَيْتًا مِنْ قَبْلِ) أَيْ مِنْ قَبْلِ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: فَذَكَاةُ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ اكْتِفَاءً بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَفِي الْمَشِيمَةِ، وَهِيَ وِعَاؤُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْوَلَدِ إنْ أُكِلَ الْوَلَدُ أُكِلَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا بَيْضُ الدَّجَاجَةِ الْمُذَكَّاةِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَلَوْ لَمْ يَتِمَّ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَّ) أَيْ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ نَبَاتِ شَعْرِهِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَالْقَيْدُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى تَمَّ خَلْقُهُ نَبَتَ شَعْرُهُ عَادَةً فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ جَعْلُ الْبَاءِ لِلْمَعِيَّةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ انْفِرَادُ تَمَامِ الْخَلْقِ عَنْ نَبَاتِ الشَّعْرِ وَانْفِرَادِ نَبَاتِ الشَّعْرِ عَنْ تَمَامِ الْخَلْقِ مَعَ أَنَّهُ مَتَى نَبَتَ شَعْرُهُ لَزِمَ تَمَامُ خَلْقِهِ وَالْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا) أَيْ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: حَيَاةً مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكَةً) لَوْ قَالَ كَغَيْرِهِ حَيَاةً مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا أَوْ مَيْئُوسًا مِنْهَا كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ ذُكِّيَ وُجُوبًا أَيْ فِي الْمَرْجُوِّ وَالْمَشْكُوكِ وَاسْتِحْبَابًا فِي الْمَيْئُوسِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ، وَإِلَّا يُذَكَّ لَمْ يُؤْكَلْ أَيْ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُبَادِرَ) أَيْ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ ضَعِيفَةً بِأَنْ كَانَتْ مَيْئُوسًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ وُجِدَ مَيْتًا) أَيْ بِمَنْزِلَةِ مَا نَزَلَ مَيْتًا مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَ ذَكَاتِهَا فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّ ذَكَاتَهُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُدْرَكْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ بُودِرَ لَأُدْرِكَ فَلَا يُؤْكَلُ، وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الرَّجَاءِ وَالشَّكِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَنِينَ إذَا خَرَجَ حَيًّا بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ حَيَاتُهُ مَرْجُوًّا بَقَاؤُهَا أَوْ مَشْكُوكًا فِي بَقَائِهَا أَوْ مَيْئُوسًا مِنْ بَقَائِهَا فَفِي الْأَوَّلَيْنِ تَجِبُ ذَكَاتُهُ، وَلَا يُؤْكَلُ إذَا مَاتَ بِدُونِهَا، وَفِي الثَّالِثِ تُنْدَبُ ذَكَاتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ نَقْلًا عَنْ عِيسَى مَتَى خَرَجَ حَيًّا لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا شَامِلٌ لِلْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ أَيْ إنْ خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مَرْجُوًّا بَقَاؤُهَا أَوْ مَشْكُوكًا فِي بَقَائِهَا أَوْ مَيْئُوسًا مِنْ بَقَائِهَا، وَقَوْلُهُ ذُكِّيَ أَيْ وُجُوبًا فِي الْأَوَّلَيْنِ وَنَدْبًا فِي الثَّالِثِ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ خَاصٌّ بِالْمَيْئُوسِ مِنْهُ أَيْ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ لِذَكَاتِهِ فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُذَكَّى فَيَفُوتُ نَدْبُ ذَكَاتِهِ، وَيُؤْكَلُ بِدُونِهَا فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ كُرِهَ أَكْلُهُ (قَوْلُهُ: إنْ حَيِيَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَحْيَا أَوْ شُكَّ فِي أَمْرِهِ هَلْ تَسْتَمِرُّ حَيَاتُهُ أَمْ لَا لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَوْ ذُكِّيَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْإِزْلَاقِ، وَقَوْلُهُ، وَكَانَتْ حَيَاتُهُ مُحَقَّقَةً أَوْ مَظْنُونَةً لَا مَشْكُوكَةً يَعْنِي أَنَّهُ تَحَقَّقَ اسْتِمْرَارُ حَيَاتِهِ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ لَا إنْ شَكَّ فِي اسْتِمْرَارِهَا، وَعَدَمِهِ، وَأَوْلَى إذَا تَوَهَّمَ اسْتِمْرَارَهَا فَلَا يُؤْكَلُ، وَلَوْ ذُكِّيَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ مِنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ دُونَ نِصْفٍ أُبِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّأْسُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ عبق أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَدُونَ نِصْفٍ أُبِينَ مَيْتَةٌ مَخْصُوصٌ بِمَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ بِهِ) أَيْ بِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُعَجِّلَ الْمَوْتَ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ. اهـ كَلَامُهُ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يُرِدْ التَّعْجِيلَ الْحَقِيقِيَّ بَلْ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ لَا مِنْ إنْزَائِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَيَّدَهَا) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ.

[باب المباح من الأطعمة]

دَرْسٌ (بَابُ) (الْمُبَاحِ) حَالَ الِاخْتِيَارِ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا (طَعَامٌ طَاهِرٌ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الطَّاهِرِ أَوَّلَ الْكِتَابِ (وَالْبَحْرِيُّ) بِأَنْوَاعِهِ، وَلَوْ آدَمِيُّهُ وَخِنْزِيرُهُ (وَإِنْ مَيْتًا وَطَيْرٌ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ (وَلَوْ) كَانَ (جَلَّالَةً) أَيْ مُسْتَعْمِلًا لِلنَّجَاسَةِ وَالْجَلَّالَةُ لُغَةً الْبَقَرَةُ الَّتِي تَسْتَعْمِلُ النَّجَاسَةَ وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي كُلِّ حَيَوَانٍ يَسْتَعْمِلُهَا (وَ) لَوْ (ذَا مِخْلَبٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ كَالْبَازِ وَالْعُقَابِ وَالرَّخَمِ، وَهُوَ لِلطَّائِرِ وَالسَّبُعِ بِمَنْزِلَةِ الظُّفْرِ لِلْإِنْسَانِ إلَّا الْوَطْوَاطَ فَيُكْرَهُ أَكْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ (وَنَعَمٌ) إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ، وَلَوْ جَلَّالَةً (وَوَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ) كَغَزَالٍ وَحُمُرِ وَحْشٍ، وَيَأْتِي حُكْمُ الْمُفْتَرِسِ، وَالِافْتِرَاسُ عَامٌّ فِيمَا يَفْتَرِسُ الْإِنْسَانَ وَغَيْرَهُ، وَالْعَدَّاءُ خَاصٌّ بِمَا يَعْدُو عَلَى الْآدَمِيِّ فَلِذَا لَمْ يَقُلْ لَمْ يَعْدُ (كَيَرْبُوعٍ) هُوَ، وَمَا بَعْدَهُ تَمْثِيلٌ، وَيَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْوَحْشِ مَا كَانَ كَبَقَرٍ وَغَزَالٍ وَالْيَرْبُوعُ دَابَّةٌ قَدْرُ بِنْتِ عِرْسٍ رِجْلَاهَا أَطْوَلُ مِنْ يَدَيْهَا (وَخُلْدٌ) مُثَلَّثُ الْمُعْجَمَةِ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ، وَفَتْحِهَا فَأْرٌ أَعْمَى لَا يَصِلْ لِلنَّجَاسَةِ أُعْطِيَ مِنْ الْحِسِّ مَا يُغْنِي عَنْ الْبَصَرِ، وَكَذَا الْفَأْرُ الْمَعْهُودُ مُبَاحٌ حَيْثُ لَا يَصِلُ لِلنَّجَاسَةِ، وَمَا يَصِلُ إلَيْهَا كَفَأْرِ الْبُيُوتِ يُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ شُكَّ فِي وُصُولِهِ لَهَا لَمْ يُكْرَهْ (وَوَبْرٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْبَاءِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا أَيْضًا فَوْقَ الْيَرْبُوعِ وَدُونَ السِّنَّوْرِ طَحْلَاءُ اللَّوْنِ أَيْ لَوْنُهَا بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالْغَبَرَةِ (وَأَرْنَبٌ، وَقُنْفُذٌ) بِضَمِّ الْقَافِ مَعَ ضَمِّ الْفَاءِ، وَفَتْحِهَا آخِرُهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ أَكْبَرُ مِنْ الْفَأْرِ كُلُّهُ شَوْكٌ إلَّا رَأْسَهُ وَبَطْنَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (وَضُرْبُوبٌ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَالْقُنْفُذِ فِي الشَّوْكِ إلَّا أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ خِلْقَةِ الشَّاةِ (وَحَيَّةٌ أَمِنَ سُمَّهَا) إنْ ذُكِّيَتْ بِحَلْقِهَا كَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ، وَأَمِنَ سُمَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِمُسْتَعْمَلِهَا فَيَجُوزُ أَكْلُهَا بِسُمِّهَا لِمَنْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ لِمَرَضٍ (وَخِشَاشُ أَرْضٍ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى طَعَامٍ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ أَيْ وَالْمُبَاحُ خِشَاشُ أَرْضٍ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ كَعَقْرَبٍ وَخُنْفُسَاءَ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَجُنْدُبٍ وَنَمْلٍ وَدُودٍ وَسُوسٍ (، وَعَصِيرٌ) أَيْ مَعْصُورُ مَاءِ الْعِنَبِ أَوَّلَ عَصْرِهِ (، وَفُقَّاعٌ) شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ (وَسُوبْيَا) شَرَابٌ يَمِيلُ إلَى الْحُمُوضَةِ بِمَا يُضَافُ إلَيْهِ مِنْ عَجْوَةٍ وَنَحْوِهَا (، وَعَقِيدٌ) ، وَهُوَ مَاءُ الْعِنَبِ يُغْلَى عَلَى النَّارِ حَتَّى يَنْعَقِدَ، وَيَذْهَبَ إسْكَارُهُ يُسَمَّى بِالرَّبِّ الصَّامِتِ (أُمِنَ سُكْرُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِمَّا بَعْدَ الْعَصِيرِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ سُكْرٌ (وَ) الْمُبَاحُ مَا أُذِنَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجِبُ (لِلضَّرُورَةِ) ، وَهِيَ الْخَوْفُ عَلَى النَّفْسِ مِنْ الْهَلَاكِ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا (مَا يَسُدُّ) الرَّمَقَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الشِّبَعُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْبَعَ، وَيَتَزَوَّدَ مِنْ الْمَيْتَةِ فَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا طَرَحَهَا كَمَا فِي الرِّسَالَةِ (غَيْرُ آدَمِيٍّ) بِالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ مَا وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنْهَا (وَ) غَيْرَ (خَمْرٍ) مِنْ الْأَشْرِبَةِ، وَدَخَلَ فِي غَيْرِهِمَا الدَّمُ وَالْعَذِرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الْمُبَاحِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ] بَابُ الْمُبَاحِ) (قَوْلُهُ: حَالَ الِاخْتِيَارِ) أَيْ الْمُبَاحُ تَنَاوُلُهُ حَالَ الِاخْتِيَارِ مِنْ جِهَةِ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ، وَقَدَّرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ لِأَجْلِ عَطْفِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ إلَخْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ إلَخْ) أَخْرَجَ الْمَغْصُوبَ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَكِنَّهُ غَيْرُ مُبَاحٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَالِكِ بِهِ، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ الْمُبَاحِ فِي نَفْسِهِ لَا الْمُبَاحِ بِاعْتِبَارِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَالْمَغْصُوبُ مُبَاحٌ فِي ذَاتِهِ وَحُرْمَتُهُ عَارِضَةٌ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: مُسْتَعْمِلًا لِلنَّجَاسَةِ) أَيْ كَالرَّخَمِ فَإِنَّهَا تَأْكُلُ الْعَذَرَةَ (قَوْلُهُ: إلَّا الْوَطْوَاطَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَطَيْرٌ (قَوْلُهُ: فَلِذَا لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ مَا صَحَّ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَعْدُو، وَقَدْ يَكُونُ مُفْتَرِسًا فَيَقْتَضِي إبَاحَتَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِنَاءً) أَيْ فَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْوَحْشِ مُطْلَقَ وَحْشٍ بَلْ نَوْعٌ مِنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ مُطْلَقِ الْوَحْشِ، وَيَكُونُ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَخَصِّيَّةَ تَقْتَضِي التَّمْثِيلَ لَا التَّشْبِيهَ (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ فِي الْفَأْرِ وَالْوَطْوَاطِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَهُ، وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ التَّحْرِيمَ. اهـ. بْن وَقَوْلُهُ أَنَّ فِي الْفَأْرِ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ يَصِلُ لِلنَّجَاسَةِ أَوْ لَا، وَأَمَّا بِنْتُ عِرْسٍ فَذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَكَلَهَا عَمِيَ أَيْ فَحُرْمَتُهَا عَارِضَةٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَعْمَى وَانْظُرْهُ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: سَمِّهَا) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا، وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَجَمْعُهُ سِمَامٌ وَسُمُومٌ. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ ذُكِّيَتْ إلَخْ) الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الذَّكَاةِ الَّتِي يُؤْمَنُ بِهَا السُّمُّ أَنْ تَكُونَ فِي حَلْقِهَا، وَفِي قَدْرٍ خَاصٍّ مِنْ ذَنَبِهَا بِأَنْ يَتْرُكَ قَدْرَ أَرْبَعَةِ قَرَارِيطَ مِنْ ذَنَبِهَا وَرَأْسِهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ تُطْرَحَ حَالَ ذَكَاتِهَا عَلَى ظَهْرِهَا، وَأَمَّا لَوْ طُرِحَتْ عَلَى بَطْنِهَا، وَقُطِعَ حَلْقُهَا فَلَا يُجْزِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الذَّكَاةِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُقَدَّمِ. انْتَهَى خش (قَوْلُهُ: وَأَمِنَ سَمَّهَا) أَيْ وَاعْتِبَارُ أَمْنِ سَمِّهَا بِالنِّسْبَةِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَكْلُهَا بِسَمِّهَا لِمَنْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ أَيْ كَمَنْ بِهِ دَاءُ الْجُذَامِ أَيْ، وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهَا بِسَمِّهَا لِمَنْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَخِشَاشُ أَرْضٍ) أُضِيفَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ يَخُشُّ أَيْ يَدْخُلُ فِيهَا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمُخْرِجٍ، وَيُبَادِرُ بِرُجُوعِهِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى طَعَامٍ) أَيْ لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى يَرْبُوعٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْوَحْشِ الَّذِي لَمْ يَفْتَرِسْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِشَاشَ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا، وَمَيْتَةً طَاهِرَةً لَكِنَّهُ يُفْتَقَرُ أَكْلُهُ لِذَكَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: شَرَابٌ يَمِيلُ إلَى الْحُمُوضَةِ) أَيْ يُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ أَوْ مِنْ الْأَرُزِّ (قَوْلُهُ: وَيَذْهَبُ إسْكَارُهُ) أَيْ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ عِنْدَ غَلَيَانِهِ عَلَى النَّارِ قَبْلَ انْعِقَادِهِ لَا أَنَّهُ كَانَ فِيهِ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ سُكْرٌ) أَيْ حَتَّى تُقَيَّدَ إبَاحَتُهُ بِالْأَمْنِ مَنْ سُكْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ)

وَضَالَّةُ الْإِبِلِ، نَعَمْ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ، وَكَذَا الْخَمْرُ (إلَّا لِغُصَّةٍ) فَيَجُوزُ إزَالَتُهَا بِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُسِيغُهَا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَقُدِّمَ) وُجُوبًا (الْمَيِّتُ) مِنْ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ (عَلَى خِنْزِيرٍ) عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ لِذَاتِهِ وَحُرْمَةُ الْمَيْتَةِ عَارِضَةٌ (وَ) عَلَى (صَيْدٍ لِمُحْرِمٍ) أَيْ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ عَانَ عَلَيْهِ وَوَجَدَهُ حَيًّا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لَحْمَهُ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ مُحْرِمًا فَإِنْ كَانَ حَلَالًا قُدِّمَ صَيْدُ الْمُحْرِمِ عَلَى الْمَيْتَةِ قَالَ الْبَاجِيَّ مَنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَكَلَ الْمَيْتَةَ، وَلَمْ يُذَكِّ الصَّيْدَ (لَا لَحْمُهُ) أَيْ لَا يُقَدِّمُ الْمُحْرِمُ الْمُضْطَرُّ الْمَيْتَةَ عَلَى لَحْمِ صَيْدٍ صَادَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ أَوْ صِيدَ لَهُ بِأَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ مَا ذُبِحَ بَلْ يُقَدَّمُ لَحْمُ الصَّيْدِ عَلَى الْمَيْتَةِ (وَ) لَا يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَى (طَعَامِ غَيْرٍ) بَلْ يُقَدَّمُ نَدْبًا طَعَامُ الْغَيْرِ عَلَى الْمَيْتَةِ (إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ) أَوْ الضَّرْبَ أَوْ الْأَذَى وَإِلَّا قَدَّمَ الْمَيْتَةَ (وَقَاتَلَ) الْمُضْطَرُّ جَوَازًا رَبَّ الطَّعَامِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ لَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهِ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَ رَبَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مَا يَحْفَظُ الْحَيَاةَ فَالْمُرَادُ بِالرَّمَقِ الْحَيَاةُ وَبِسَدِّهَا حِفْظِهَا قَالَ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَعْزُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَنَصِّ الْمُوَطَّإِ. وَمِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْتُ فِي الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إلَى الْمَيْتَةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ، وَيَتَزَوَّدَ مِنْهَا فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ عَزْوَ تت وخش مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِمَالِكٍ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. بْن لَكِنْ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ نَقَلَ عَنْ عِيَاضٍ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ نَقَلَهُ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ، وَتَنَاوَلَ قَوْلَهُ وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ الْمُتَلَبِّسَ بِالْمَعْصِيَةِ كَمَا هُوَ مُخْتَارُ ابْنِ يُونُسَ وَشَهَرَهُ الْقَرَافِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يُبَاحُ لَهُ تَنَاوُلَ الْمَيْتَةِ وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: 173] {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: 3] ، وَأَجَابَ الْمَشْهُورُ بِأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرَ بَاغٍ فِي نَفْسِ الضَّرُورَةِ بِأَنْ يَتَجَانَفَ، وَيَمِيلَ فِي الْبَاطِنِ لِشَهْوَتِهِ، وَيَتَمَسَّكَ فِي الظَّاهِرِ بِالضَّرُورَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ فَمَنْ اُضْطُرَّ اضْطِرَارًا صَادِقًا فَإِذَا عَصَى فِي نَفْسِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ كَأَنْ كَذَبَ فِي الضَّرُورَةِ وَبَغَى وَتَعَدَّى فِيهَا وَتَجَانَفَ الْإِثْمَ كَانَتْ كَالْعَدَمِ. (قَوْلُهُ: وَضَالَّةُ الْإِبِلِ) وَدَخَلَ أَيْضًا جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ الْمَيِّتَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى ضَالَّةِ الْإِبِلِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ضَالَّةَ الْإِبِلِ تَتَعَيَّنُ عِنْدَ انْفِرَادِهَا وَتُقَدَّمُ عَلَيْهَا الْمَيْتَةُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيْتًا، وَلَوْ مَاتَ الْمُضْطَرُّ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ آخِرَ الْجَنَائِزِ أَنَّ بَعْضَهُمْ صَحَّحَ أَكْلَهُ لِلْمُضْطَرِّ إذَا كَانَ مَيْتًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ مَا يُسِيغُهَا بِهِ) ، وَيَصْدُقُ فِي أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلْغُصَّةِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا، وَإِلَّا فَلَا إلَّا لِقَرِينَةٍ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا. اهـ. خش (قَوْلُهُ: عَلَى خِنْزِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْخِنْزِيرُ حَيًّا أَوْ مَيْتًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ) الْمُرَادُ بِالصَّيْدِ هُنَا الْمَصِيدُ يَعْنِي الْحَيَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لَحْمَهُ، وَأَمَّا الِاصْطِيَادُ فَهُوَ أَحْرَى بِتَقْدِيمِ الْمَيْتَةِ عَلَيْهِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا كَانَ مُحْرِمًا وَوَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا حَيًّا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ الْحَيِّ الَّذِي صَادَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ أَعَانَهُ عَلَيْهِ، وَمَحِلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ الْمَيْتَةُ مُتَغَيِّرَةً يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَكْلِهَا، وَإِلَّا قَدَّمَ الصَّيْدَ الْمَذْكُورَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَلَالًا فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ صَيْدَ الْمُحْرِمِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُذَكَّ الصَّيْدُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِذَكَاتِهِ يَكُونُ مَيْتَةً. (قَوْلُهُ: لَا لَحْمِهِ) أَيْ إذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ الْمُحْرِمُ مَيْتَةً وَصَيْدًا قَدْ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ وَصَارَ لَحْمًا فَلَا يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَيْهِ بَلْ يُقَدِّمُهُ عَلَيْهَا، وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ الْأُولَى الِاصْطِيَادُ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ وَحُرْمَةِ ذَبْحِ الصَّيْدِ. الثَّانِيَةُ الصَّيْدُ الْحَيُّ الَّذِي صَادَهُ الْمُحْرِمُ قَبْلَ اضْطِرَارِهِ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ أَيْضًا عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَبَحَهُ صَارَ مَيْتَةً فَلَا فَائِدَةَ فِي ارْتِكَابِ هَذَا الْمُحَرَّمِ. الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ صَادَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ لِمُحْرِمٍ، وَذُبِحَ قَبْلَ اضْطِرَارِهِ فَهَذَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَلَا تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ صَيْدِ الْمُحْرِمِ وَحُرْمَتُهُ عَارِضَةٌ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ فَحُرْمَتُهَا أَصْلِيَّةٌ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ لَا لَحْمِهِ هَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَرَّرُ بِهِ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُقَدِّمُ) أَيْ طَعَامَ الْغَيْرِ نَدْبًا عَلَى الْمَيْتَةِ هَذَا عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَأَمَّا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَيَتَعَيَّنُ مَا وُجِدَ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَكَلَ مَالَ مُسْلِمٍ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ طُولَ الطَّرِيقِ فَلْيَتَزَوَّدْ؛ لِأَنَّ مُوَاسَاتَهُ تَجِبُ إذَا جَاعَ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ خَوْفِ الْقَطْعِ إنَّمَا هُوَ إذَا وَجَدَ الْمَيْتَةَ، وَإِلَّا أَكَلَهُ، وَلَوْ خَافَ الْقَطْعَ كَمَا فِي عج؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ مُقَدَّمٌ عَلَى حِفْظِ الْعُضْوِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَحَيْثُ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْأَكْثَرِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يَضْمَنُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُضْطَرُّ مُعْدَمًا وَقْتَ الْأَكْلِ أَمَّا إنْ وُجِدَ مَعَهُ الثَّمَنُ أُخِذَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ) أَيْ فِيمَا فِي سَرِقَتِهِ الْقَطْعُ كَتَمْرِ الْجَرِينِ وَغَنَمِ الْمَرَاحِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الضَّرْبَ أَوْ الْأَذَى فِيمَا لَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ. فَإِنْ قُلْت الْمُضْطَرُّ إذَا ثَبَتَ اضْطِرَارُهُ لَا يُقْطَعُ، وَلَا يُضْرَبُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَيْتَةٌ فَكَيْفَ يَخَافُ الْقَطْعَ -

[المحرم من الأطعمة]

وَلَوْ مُسْلِمًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِهِ قَاتَلَهُ فَإِنْ قَتَلَ رَبَّهُ فَهَدَرٌ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمُبَاحِ أَخَذَ فِي بَيَانِ ضِدِّهِ، وَهُوَ الْمُحَرَّمُ بِقَوْلِهِ (وَالْمُحَرَّمُ النَّجَسُ) مِنْ جَامِدٍ أَوْ مَائِعٍ (وَخِنْزِيرٌ) بَرِيٌّ (وَبَغْلٌ وَفَرَسٌ وَحِمَارٌ، وَلَوْ وَحْشِيًّا دَجَنَ) أَيْ تَأَنَّسَ فَإِنْ تَوَحَّشَ بَعْدَ ذَلِكَ أُكِلَ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَصَارَتْ فَضْلَتُهُ حِينَئِذٍ طَاهِرَةً. (وَالْمَكْرُوهُ) (سَبُعٌ وَضَبُعٌ وَثَعْلَبٌ، وَذِئْبٌ وَهِرٌّ، وَإِنْ وَحْشِيًّا وَفِيلٌ) ، وَفَهْدٌ وَدُبٌّ وَنِمْرٌ وَنِمْسٌ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَوَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ مَا عَدَا الْهِرَّ (وَكَلْبُ مَاءٍ وَخِنْزِيرُهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مِنْ الْمُبَاحِ كَمَا مَرَّ وَالْمُعْتَمَدُ أَيْضًا أَنَّ الْكَلْبَ الْإِنْسِيَّ مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ حَرَامٌ، وَلَمْ يَرِدْ قَوْلٌ بِإِبَاحَتِهِ. (وَ) مِنْ الْمَكْرُوهِ (شَرَابُ) أَيْ شُرْبُ شَرَابِ (خَلِيطَيْنِ) خُلِطَا عِنْدَ الِانْتِبَاذِ أَوْ الشُّرْبِ كَتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ مَعَ تِينٍ أَوْ رُطَبٍ، وَكَحِنْطَةٍ مَعَ شَعِيرٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ عَسَلٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ تِينٍ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ أَمْكَنَ الْإِسْكَارُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ. (وَ) مِنْ الْمَكْرُوهِ (نَبْذٌ) أَيْ طَرْحُ شَيْءٍ وَاحِدٍ كَتِينٍ فَقَطْ (بِكَدُبَّاءَ) بِضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةُ وَالْمَدِّ، وَهُوَ الْقَرْعُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَنْتَمَ جَمْعُ حَنْتَمَةٍ، وَهِيَ الْأَوَانِي الْمَطْلِيَّةُ بِالزُّجَاجِ وَالنَّقِيرَ، وَهُوَ جِذْعُ النَّخْلَةِ يُنْقَرُ وَالْمُقَيَّرَ، وَهُوَ الْإِنَاءُ الْمَطْلِيُّ بِالْقَارِ أَيْ الزِّفْتِ، وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَمِيعِ خَوْفُ تَعْجِيلِ الْإِسْكَارِ لِمَا يُنْبَذُ فِيهَا إذْ هِيَ شَأْنُهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَمِنْ الْأَوَانِي مِنْ فَخَّارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُكْرَهُ، وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ مَا لَمْ يُظَنُّ بِهِ الْإِسْكَارُ. (وَفِي كُرْهِ) أَكْلُ (الْقِرْدِ) وَالنَّسْنَاسِ (وَالطِّينِ) ، (وَمَنْعِهِ) أَيْ الْأَكْلِ (قَوْلَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت الْقَطْعُ قَدْ يَكُونُ بِالتَّغَلُّبِ وَالظُّلْمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْلِمًا) أَيْ، وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ الْمُقَاتَلُ بِفَتْحِ التَّاءِ مُسْلِمًا. [الْمُحَرَّمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ] (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَحْشِيًّا دَجَنَ) أَيْ فَلَا يُؤْكَلُ نَظَرًا لِتِلْكَ الْحَالَةِ الْعَارِضَةِ، وَهِيَ حَالَةُ التَّأَنُّسِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَوَازِ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ، وَأَمَّا الْحِمَارُ الْإِنْسِيُّ إذَا تَوَحَّشَ فَتَوَحُّشُهُ لَا يَنْقُلُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ قَبْلَ التَّوَحُّشِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْكَرَاهَةُ عَلَى مُقَابِلِهِ. [الْمَكْرُوهُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ] (قَوْلُهُ: وَالْمَكْرُوهُ سَبُعٌ إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ فِي كَرَاهَةِ أَكْلِ السِّبَاعِ، وَمَنْعِ أَكْلِهَا ثَالِثُهَا حُرْمَةُ عَادِيهَا كَالْأَسَدِ وَالْفَهْدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ، وَكَرَاهَةُ غَيْرِهِ كَالدُّبِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ وَالْهِرِّ مُطْلَقًا الْأَوَّلُ لِرِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ مَعَهَا وَالثَّانِي لِابْنِ كِنَانَةَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ لِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْمَدَنِيِّينَ (قَوْلُهُ: وَفِيلٌ) تَشْهِيرُهُ الْكَرَاهَةَ فِي الْفِيلِ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ قَوْلَيْنِ بِالْإِبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ وَصَحَّحَ فِي التَّوْضِيحِ الْإِبَاحَةَ فِيهِ، وَفِي كُلِّ مَا قِيلَ إنَّهُ مَمْسُوخٌ كَالْقِرْدِ وَالضَّبِّ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ لَا أَعْرِفُ مَنْ شَهَرَ الْكَرَاهَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ تَشْهِيرُ الْكَرَاهَةِ فِي الْفِيلِ فِي عُهْدَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْهِرَّ) فِيهِ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُفْتَرِسِ لِافْتِرَاسِهِ نَحْوَ الْفَأْرِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَرَامٌ) الَّذِي حَصَّلَهُ ح فِي الْكَلْبِ قَوْلَانِ الْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ التَّحْرِيمَ، قَالَ ح: وَلَمْ أَرَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ نَقَلَ إبَاحَةَ أَكْلِ الْكِلَابِ. اهـ. لَكِنْ نُقِلَ قَبْلَهُ الْقَوْلُ بِإِبَاحَتِهِ وَاعْتَرَضَهُ فَانْظُرْهُ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: شُرْبُ شَرَابِ خَلِيطَيْنِ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ شُرْبُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْخَلِيطَيْنِ الْمَكْرُوهِ شُرْبُهُ مَا يُبَلُّ لِلْمَرِيضِ إذَا كَانَ نَوْعَيْنِ كَزَبِيبٍ وَتِينٍ وَنَحْوِهِمَا فَقَوْلُهُ وَشُرْبُ شَرَابِ خَلِيطَيْنِ أَيْ لِصَحِيحٍ أَوْ لِمَرِيضٍ، وَكَمَا يُكْرَهُ شُرْبُ شَرَابِ الْخَلِيطَيْنِ يُكْرَهُ أَيْضًا نَبْذُهُمَا مَعًا خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْخِلَافُ فِي نَبْذِهِمَا مَعًا لِلشُّرْبِ وَأَمَّا لِلتَّخْلِيلِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي نَبْذِهِمَا مَعًا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ فِي الْجَلَّابِ عَلَى الْكَرَاهَةِ خِيفَةَ التَّطَرُّقِ لِخَلْطِهِمَا مَعًا لِغَيْرِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خَلْطًا عِنْدَ الِانْتِبَاذِ أَوْ الشُّرْبِ) أَمَّا الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَ الْخَلْطُ عِنْدَ الشُّرْبِ فَلَا كَلَامَ فِيهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَ الِانْتِبَاذِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَجُوزُ شُرْبُ شَرَابِ الْخَلِيطَيْنِ إنْ نَبَذَهُمَا مَعًا قَالَ الْبَاجِيَّ ظَاهِرُهَا التَّحْرِيمُ، وَحَمَلَهَا قَوْمٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَعَلَى الثَّانِي يُعَمَّمُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. اهـ. بْن وَالثَّانِي هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْخَلْطُ عِنْدَ الشُّرْبِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَلْطِ وَالشُّرْبِ مَكْرُوهًا، وَإِنْ وَقَعَ عِنْدَ الِانْتِبَاذِ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ خِلَافٌ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَمْكَنَ الْإِسْكَارُ) أَيْ لِطُولِ الْمُدَّةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ لِقِصَرِ مُدَّةِ الِانْتِبَاذِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ احْتِمَالُ الْإِسْكَارِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ هَذَا تَعَبُّدٌ لَا لِعِلَّةٍ، وَعَلَيْهِ فَيُكْرَهُ شُرْبُ شَرَابِ الْخَلِيطَيْنِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ إسْكَارُهُ أَمْ لَا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ اسْتَصْوَبَ بْن الثَّانِيَ. (تَنْبِيهٌ) إذَا طُرِحَ الشَّيْءُ فِي نَبِيذِ نَفْسِهِ كَطَرْحِ الْعَسَلِ فِي نَبِيذِ نَفْسِهِ أَوْ التَّمْرِ فِي نَبِيذِ نَفْسِهِ كَانَ شُرْبُهُ جَائِزًا، وَلَيْسَ مِنْ شَرَابِ الْخَلِيطَيْنِ الَّذِي يُكْرَهُ شُرْبُهُ كَمَا أَنَّ اللَّبَنَ الْمَخْلُوطَ بِالْعَسَلِ كَذَلِكَ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ إلَخْ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ تت وَاعْتَرَضَهُ طفى قَائِلًا الصَّوَابُ قَصْرُ الْكَافِ عَلَى إدْخَالِ الْمُزَفَّتِ فَقَطْ، وَهُوَ الْمُقَيَّرِ، وَعَدَمِ إدْخَالِ الْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ لِيُوَافِقَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ، وَإِدْخَالُهُمَا يُوجِبُ إجْرَاءِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا تُعْرَفُ كَرَاهَتُهُمَا إلَّا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُنْبَذُ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ، وَلَا أَكْرَهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْفَخَّارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الظُّرُوفِ. انْتَهَى. وَقَدْ قَرَّرَهُ خش عَلَى الصَّوَابِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ نَبْذُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِيهَا، وَقَوْلُهُ، وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ -

[باب الأضحية]

أَرْجَحُهُمَا فِي الطِّينِ الْمَنْعُ لِأَذِيَّتِهِ لِلْبَدَنِ وَأَظْهَرُهُمَا فِي الْقِرْدِ الْكَرَاهَةُ، وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهِ بَلْ صَحَّحَ الْقَوْلَ بِالْإِبَاحَةِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَالْمَأْخُوذُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ لِلْفُرْجَةِ عَلَى الصَّيْدِ، وَلَا لِحَبْسِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّكَسُّبُ بِهِ، وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ صَيْدٍ بِأَنْ كَانَ إنْسِيًّا يَظْهَرُ جَوَازُ التَّكَسُّبِ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الذَّكَاةِ، وَعَلَى الْمُبَاحِ، وَكَانَتْ الذَّكَاةُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْأُضْحِيَّةِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَحْكَامِهَا فَقَالَ دَرْسٌ (بَابٌ فِي الضَّحَايَا) (سُنَّ) عَيْنًا، وَلَوْ حُكْمًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْأَجْرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِدْخَالِ كَفِعْلِ النَّفْسِ (لِحُرٍّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا لَا رَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ (غَيْرِ حَاجٍّ) لَا حَاجٍّ؛ لِأَنَّ سُنَّتَهُ الْهَدْيُ (بِمِنًى) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَاجِّ تُسَنُّ لَهُ الضَّحِيَّةُ مُطْلَقًا كَانَ بِمِنًى أَوْ لَا، وَالْحَاجُّ لَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا (ضَحِيَّةٌ) نَائِبُ فَاعِلٍ يُسَنُّ أَيْ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ الذَّكَرُ، وَيَدْخُلُ بِالْأُنْثَى زَوْجُهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لَا عَنْ زَوْجَةٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ تَابِعَةٍ لِلنَّفَقَةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ فِطْرَتِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِ لِتَبَعِيَّتِهَا لَهَا (لَا تُجْحِفُ) بِالْمُضَحِّي أَيْ بِمَالِهِ بِأَنْ لَا يَحْتَاجَ لِثَمَنِهَا فِي ضَرُورِيَّاتِهِ فِي عَامِهِ وَتُسَنُّ لِحُرٍّ (وَإِنْ) كَانَ (يَتِيمًا) ، وَيُخَاطَبُ وَلِيُّهُ بِفِعْلِهَا عَنْهُ مِنْ مَالِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ كَمَا يُقْبَلُ فِي زَكَاةِ مَالِهِ. (بِجَذَعِ ضَأْنٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمُبَالَغَةً فِي مَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ نَبْذُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِيهَا، وَلَا يُكْرَهُ شُرْبُ شَرَابِهِ، وَإِنْ طَالَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا فِي الطِّينِ الْمَنْعُ) أَيْ، وَمِثْلُهُ التُّرَابُ وَالْعِظَامُ وَالْخُبْزُ الْمُحْرَقُ بِالنَّارِ فَفِيهَا الْخِلَافُ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَالرَّاجِحُ الْحُرْمَةُ، وَمَحَلُّ مَنْعِ الطِّينِ مَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا وَتَشْتَاقُ لِأَكْلِهِ وَتَخَافُ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَإِلَّا رُخِّصَ لَهَا أَكْلُهُ (قَوْلُهُ:، وَأَظْهَرُهُمَا فِي الْقِرْدِ الْكَرَاهَةُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ قَالَ الْبَاجِيَّ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ، وَمُرَاعَاةُ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ حُرْمَتِهِ، وَمُرَاعَاةُ قَوْلِ الْمُخَالِفِ بِالْمَنْعِ تَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهِ) أَيْ مُطْلَقًا، وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهِ إنْ أَكَلَ الْكَلَأَ، وَإِلَّا كَانَ مَكْرُوهًا فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ فِيهِ أَرْبَعَةٌ حَكَاهَا فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ: بَلْ صُحِّحَ قَوْلٌ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ مُطْلَقًا كَأَنْ يَرْعَى الْكَلَأَ أَوْ لَا فِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ) أَيْ، وَيُكْرَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ كَذَا ذَكَرَهُ عبق وَغَيْرُهُ، وَقَدْ حَمَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ وَغَيْرُهُ التَّكَسُّبَ عَلَى الصَّيْدِ بِهِ مَثَلًا، وَأَمَّا اللَّعِبُ الْمَعْلُومُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا رَابَطَ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالصَّيْدِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُصَادُ بِالْكَلْبِ إجْمَاعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاكْتِسَابُ بِلَعِبِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. [بَابٌ الْأُضْحِيَّةِ] (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الذَّكَاةُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأُضْحِيَّةِ. (بَابٌ فِي الضَّحَايَا) (قَوْلُهُ: سُنَّ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِدْخَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ دُخُولِ الْغَيْرِ مَعَهُ فِي الْأَجْرِ كَفِعْلِهَا عَنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى حَذْفُهُ) أَيْ سَوَاءٌ جَعَلْتَهُ حَالًا مِنْ غَيْرِ حَاجٍّ أَوْ صِفَةً لِحَاجٍّ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ صِفَةً لِحَاجٍّ انْحَلَّ الْمَعْنَى لِقَوْلِنَا سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ كَائِنٍ فِي مِنًى، وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ حَاجٍّ أَصْلًا أَوْ حَاجًّا فِي غَيْرِ مِنًى، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاجًّا بِمِنًى لَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ، وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْحَاجَّ لَا يُطَالَبُ بِهَا كَانَ بِمِنًى أَوْ بِغَيْرِهَا، وَإِنْ جُعِلَ حَالًا مِنْ غَيْرِ حَاجٍّ انْحَلَّ الْمَعْنَى لِقَوْلِنَا سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فِي مِنًى فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ غَيْرَ الْحَاجِّ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مِنًى لَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ غَيْرُ الْحَاجِّ تُسَنُّ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا كَانَ بِمِنًى أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُجَابُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ مَفْهُومَ بِمِنًى أَحْرَى بِالْحُكْمِ، وَقَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِحَاجٍّ أَيْ غَيْرُ حَاجٍّ مَطْلُوبٍ كَوْنُهُ بِمِنًى فَيَشْمَلُ غَيْرَ الْحَاجِّ أَصْلًا، وَلَوْ مُعْتَمِرًا وَالْحَاجُّ الَّذِي لَا يُطْلَبُ كَوْنُهُ بِمِنًى، وَهُوَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَيَخْرُجُ الْحَاجُّ الْبَاقِي عَلَى إحْرَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِمِنًى يَوْمَئِذٍ أَمْ لَا كَذَا قَرَّرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ (قَوْلُهُ: ضَحِيَّةٌ) هِيَ بِمَعْنَى التَّضْحِيَةِ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ وَضَمِيرٍ، لَا تُجْحِفُ يَعُودُ عَلَيْهَا بِهَذَا الْمَعْنَى إذْ الَّذِي يُوصَفُ بِكَوْنِهِ يُجْحِفُ أَوْ لَا يُجْحِفُ إنَّمَا هُوَ الْفِعْلُ لَا الذَّاتُ وَالْمَعْنَى لَا تُتْعِبُهُ، وَلَا تُكَلِّفُهُ فَوْقَ وُسْعِهِ، وَالْإِجْحَافُ الْإِتْعَابُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ الذَّكَرُ، وَيَدْخُلَ بِالْأُنْثَى زَوْجُهَا) ظَاهِرُهُ سُقُوطُهَا عَنْهُ بِمُجَرَّدِ احْتِلَامِ الذَّكَرِ، وَلَوْ فَقِيرًا عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَبِمُجَرَّدِ دُخُولِ الزَّوْجِ بِالْأُنْثَى، وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى النَّفَقَةِ فَكَمَا أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الِابْنِ الَّذِي بَلَغَ فَقِيرًا عَاجِزًا عَلَى الْكَسْبِ لَازِمَةٌ، وَكَذَا نَفَقَةُ الْأُنْثَى الَّتِي طَلُقَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَكَذَا الضَّحِيَّةُ عَنْهُمَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ أَبِيهِمَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ سُقُوطِهَا فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُضَحِّيَ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهَا فَقِيرٌ قَدَرَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِهَا، وَكَذَا يُخَاطَبُ بِهَا

مُتَعَلِّقٌ بِضَحِيَّةٍ إذْ مَعْنَاهُ التَّضْحِيَةُ أَوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَهِيَ بِجَذَعِ ضَأْنٍ (وَثَنِيِّ مَعْزٍ، وَ) ثَنِيِّ (بَقَرٍ وَإِبِلٍ ذِي سَنَةٍ) رَاجِعٌ لِجَمْعِ الضَّأْنِ وَثَنِيِّ الْمَعْزِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُوَفِّيَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَةً لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي ثَنِيِّ الْمَعْزِ أَنْ يَدْخُلَ فِي الثَّانِيَةِ دُخُولًا بَيِّنًا كَشَهْرٍ بِخِلَافِ الضَّأْنِ فَيَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ، وَالْعِبْرَةُ بِالسَّنَةِ فَلَوْ وُلِدَ الضَّأْنُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي كَفَى ذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكَذَا لَوْ وُلِدَ يَوْمَ النَّحْرِ لَجَازَ ذَبْحُهُ فِي ثَانِيهِ وَثَالِثِهِ فِي الْقَابِلِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) ذِي (ثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ رَاجِعٌ لِثَنِيِّ الْبَقَرِ (وَ) ذِي (خَمْسٍ) وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ رَاجِعٌ لِثَنِيِّ الْإِبِلِ. (بِلَا شِرْكٍ) فِي ثَمَنِهَا أَوْ لَحْمِهَا فَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الثَّمَنِ بِأَنْ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنْهُ أَوْ فِي اللَّحْمِ بِأَنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (إلَّا) الِاشْتِرَاكَ (فِي الْأَجْرِ) قَبْلَ الذَّبْحِ فَيُجْزِي، وَيَسْقُطُ طَلَبُهَا عَنْهُ، وَعَنْ كُلِّ مَنْ أَدْخَلَهُ مَعَهُ (وَإِنْ) كَانَ الْمُشْرَكُ فِي الْأَجْرِ (أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ لِلْإِدْخَالِ مَعَهُ (إنْ سَكَنَ) الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ أَوْ كَالْوَاحِدِ بِأَنْ كَانَ يُغْلَقُ عَلَيْهِ مَعَهُ بَابٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ يُنْفِقُ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وُجُوبًا لَمْ تُعْتَبَرْ سُكْنَاهُ مَعَهُ (وَ) الثَّانِي إنْ (قَرَبَ لَهُ) بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْقَرَابَةِ، وَلَهُ إدْخَالُ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ، وَمِثْلُ الْقَرِيبِ الزَّوْجَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ (وَ) الثَّالِثُ إنْ (أَنْفَقَ) الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وُجُوبًا كَأَبَوَيْهِ وَصِغَارِ وَلَدِهِ الْفُقَرَاءِ بَلْ (وَإِنْ) أَنْفَقَ (تَبَرُّعًا) كَأَغْنِيَاءٍ مِنْ ذَكَرٍ، وَكَعَمٍّ وَأَخٍ وَخَالٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا قَبْلَ الذَّبْحِ أَنَّهُ لَوْ شَرَكَ بَعْدَ الذَّبْحِ لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وَتُجْزِي عَنْ رَبِّهَا، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ فِيمَا إذَا أُدْخِلَ الْغَيْرُ مَعَهُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ أَمَّا إنْ ذَبَحَ ضَحِيَّةً عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ بِلَا شَرْطٍ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ، وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ وَأَجْزَأَتْ بِالْأَسْنَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (وَإِنْ) كَانَتْ (جَمَّاءَ) ، وَهِيَ مَا لَا قَرْنَ لَهَا فِي نَوْعٍ مَالَهُ قَرْنٌ كَالْبَقَرِ (وَمُقْعَدَةً) أَيْ عَاجِزَةً عَنْ الْقِيَامِ (لِشَحْمٍ) كَثُرَ عَلَيْهَا (وَمَكْسُورَةَ قَرْنٍ) مِنْ أَصْلِهِ أَوْ طَرَفِهِ إنْ بَرِئَ (لَا إنْ أَدْمَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَمَّنْ وُلِدَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا عَمَّنْ فِي الْبَطْنِ، وَكَذَا يُخَاطَبُ بِهَا مَنْ أَسْلَمَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِبَقَائِهِ وَقْتَ الْخِطَابِ بِالتَّضْحِيَةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ. اهـ. عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِضَحِيَّةٍ) ، وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ أَيْضًا بِسِنٍّ أَيْ التَّضْحِيَةُ تُسَنُّ بِجَذَعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالسَّنَةِ الْعَرَبِيَّةِ) أَيْ، وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ، وَأَرْبَعَةُ وَخَمْسُونَ يَوْمًا لَا بِالسَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ، وَقَدْرُهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا. (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الدُّخُولُ غَيْرَ بَيِّنٍ. (قَوْلُهُ: بِلَا شِرْكٍ فِي ثَمَنِهَا أَوْ لَحْمِهَا) هَذَا حِلٌّ بِالنَّظَرِ لِلْفِقْهِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بَيَانَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَبْلَ إلَّا يُجْعَلُ عَامًّا، وَقَوْلُهُ بِلَا شِرْكٍ حَالٌ مِنْ ضَحِيَّةٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِي عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مِثْلَ مَا إذَا ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا (قَوْلُهُ: وَعَنْ كُلِّ مَنْ أَدْخَلَهُ مَعَهُ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ عَمَّنْ أَشْرَكَهُمْ مَعَهُ إعْلَامُهُ لَهُمْ بِالتَّشْرِيكِ أَوْ لَا قَوْلَانِ الْبَاجِيَّ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَصِحُّ لَهُ التَّشْرِيكُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُمْ بِذَلِكَ، وَلِذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهَا صِغَارُ وَلَدِهِ، وَهُمْ لَا يَصِحَّ مِنْهُمْ قَصْدُ الْقُرْبَةِ (قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ) أَيْ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا فَلَا تُجْزِئُ عَنْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ، وَلَا عَنْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) مِثْلُهُ فِي عبق وخش قَالَ بْن وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُمَا هَذَا الْقَيْدُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرُ مَا نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ الْعَوْفِيِّ مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السُّكْنَى مَعَهُ شَرْطٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُسَاكَنَةِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ، وَعَزَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَخَالَفَ ابْنُ بَشِيرٍ فَجَعَلَ الْمُسَاكَنَةَ لَغْوًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْقَرِيبِ الزَّوْجَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْلَى حَذْفُ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ لَا يُطَالَبُ بِالضَّحِيَّةِ عَنْهَا، وَالْكَلَامُ فِيمَنْ يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ بِالضَّحِيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الشَّارِحَ أَرَادَ التَّنْبِيهَ عَلَى صِحَّتِهَا عَنْهَا، وَأَنَّ لَهَا مُجَرَّدُ ثَوَابٍ قَالَ بْن، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ إدْخَالِ الزَّوْجَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لتت وَبَهْرَامَ فِي إخْرَاجِهَا، وَإِخْرَاجِ مَا فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ح بِقَوْلِهِ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى عِيَاضٌ لِلزَّوْجَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْقَرِيبِ ابْنُ حَبِيبٍ ذُو الرِّقِّ كَأُمِّ الْوَلَدِ فِي صِحَّةِ إدْخَالِهَا اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُقَابِلًا، وَقَالَ فِي الْبَيَانِ مَا نَصُّهُ: وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهُ مَعَهُ فِي أُضْحِيَّتِهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَزْوَاجُهُ، وَمَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ كَانُوا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ أَوْ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ غَيْرَ أَنَّ مَنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إنْ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي أُضْحِيَّتِهِ حَاشَا الزَّوْجَةَ. اهـ. مِنْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَتْ) أَيْ التَّضْحِيَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَمَّاءُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ جَمَّاءَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى إجْزَائِهَا ابْنُ مَرْزُوقٍ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُسْتَأْصَلَةَ الْقَرْنَيْنِ غَيْرَ خِلْقَةٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ بِالْإِجْزَاءِ، وَهُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَعَدَمُ الْجَزَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ إجْمَاءٌ، وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَالْبَقَرِ) أَيْ وَالْغَنَمِ -

أَيْ لَمْ يَبْرَأْ فَلَا تُجْزِئُ (كَبَيِّنِ مَرَضٍ) أَيْ مَرَضٍ بَيِّنٍ فَلَا تُجْزِئُ، وَهُوَ مَا لَا تَتَصَرَّفُ مَعَهُ تَصَرُّفَ السَّلِيمَةِ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ (وَ) بَيْنَ (جَرَبٍ وَبَشَمٍ) أَيْ تُخَمَةٍ بِخِلَافِ خَفِيفِهِمَا (وَ) بَيْنَ (جُنُونٍ) بِأَنْ فَقَدَتْ الْإِلْهَامَ بِحَيْثُ لَا تَهْتَدِي لِمَا يَنْفَعُهَا، وَلَا تُجَانِبُ مَا يَضُرُّهَا (وَ) بَيْنَ (هُزَالٍ) ، وَهِيَ الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا (وَ) بَيْنَ (عَرَجٍ) ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَسِيرُ بِسَيْرِ صَوَاحِبَاتِهَا (، وَعَوَرٍ) وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ بَصَرُ إحْدَى عَيْنَيْهَا، وَلَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْعَيْنِ قَائِمَةً، وَكَذَا ذَهَابُ أَكْثَرِهِ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ لَا يَمْنَعُهَا النَّظَرَ أَجْزَأَتْ (وَفَائِتِ جُزْءٍ) لَا يُجْزِئُ كَفَائِتِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَصَالَةً أَوْ طُرُوًّا (غَيْرَ خُصْيَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ، وَكَسْرِهَا، وَهِيَ الْبَيْضَةُ، وَأَمَّا بِخُصْيَةٍ فَيُجْزِئُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا مَرَضٌ بَيِّنٌ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِمَنْفَعَةٍ فِي لَحْمِهَا فَيُجْبَرُ مَا نَقَصَ (وَصَمْعَاءَ) بِالْمَدِّ صَغِيرَةُ الْأُذُنَيْنِ (جِدًّا) كَأَنَّهَا خُلِقَتْ بِلَا أُذُنٍ (، وَذِي أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ) ، وَأَبُوهَا مِنْ الْإِنْسِيِّ بِأَنْ ضَرَبَتْ فُحُولَ الْإِنْسِيِّ فِي إنَاثِ الْوَحْشِيِّ اتِّفَاقًا، وَكَذَا عَكْسُهُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَبَتْرَاءَ) ، وَهِيَ الَّتِي لَا ذَنْبَ لَهَا خِلْقَةً أَوْ طُرُوًّا (وَبَكْمَاءَ) فَاقِدَةُ الصَّوْتِ (وَبَخْرَاءَ) مُتَغَيِّرَةُ رَائِحَةِ الْفَمِ. (وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ) أَيْ جَمِيعِهِ فَإِنْ أَرْضَعَتْ بِبَعْضِهِ فَلَا تَضُرَّ (وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ) أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثٍ فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا أَجْزَأَتْ (وَمَكْسُورَةِ سِنٍّ) إنْ زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا كَسْرُ وَاحِدَةٍ فَلَا يَمْنَعُ الْجَزَاءَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَرَادَ بِالْكَسْرِ مَا يَشْمَلُ الْقَلْعَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ) ، وَأَمَّا لَهُمَا فَتُجْزِئُ، وَلَوْ لِجَمِيعِهَا (وَذَاهِبَةُ ثُلُثِ ذَنْبٍ) فَصَاعِدًا (لَا) ثُلُثُ (أُذُنٍ) فَلَا يَضُرُّ. وَابْتِدَاءُ وَقْتِهَا كَائِنٌ (مِنْ) فَرَاغِ (ذَبْحِ الْإِمَامِ) فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يَذْبَحْ اُعْتُبِرَ زَمَنُ ذَبْحِهِ، وَأَمَّا وَقْتُ ذَبْحِهِ هُوَ فَبَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فَلَوْ ذَبَحَ قَبْلَهَا لَمْ يُجْزِهِ، وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُهَا (لِآخِرِ) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ وَالْمُعْتَبَرُ إمَامُ الطَّاعَةِ إنْ تَوَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ فَإِنْ تَوَلَّاهَا غَيْرُهُ فَخِلَافٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ (هُوَ الْعَبَّاسِيُّ) ، وَهُوَ إمَامُ الطَّاعَةِ أَوْ نَائِبُهُ (أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلَانِ) رَجَّحَ الثَّانِيَ، وَمَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يُخْرِجْ إمَامُ الطَّاعَةِ ضَحِيَّتَهُ لِلْمُصَلَّى، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ هُوَ قَوْلًا وَاحِدًا (وَلَا يُرَاعَى قَدْرُهُ) أَيْ قَدْرُ ذَبْحِ الْإِمَامِ (فِي غَيْرِ) الْيَوْمِ (الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ بَلْ يَدْخُلُ وَقْتُ الذَّبْحِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ لَكِنْ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِحَلِّ النَّافِلَةِ (وَأَعَادَ) أُضْحِيَّتَهُ لِبُطْلَانِهَا (سَابِقُهُ) أَيْ سَابِقُ الْإِمَامِ بِالذَّبْحِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا مُسَاوِيهِ، وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ، وَكَذَا إنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ إنْ خَتَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يَبْرَأْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِدْمَاءِ عَدَمُ الْبُرْءِ، وَإِنْ لَمْ يَسِلْ مِنْهُ دَمٌ لَا سَيَلَانُ الدَّمِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ بَرِئَ، وَيُدْخِلُ لَا عَلَى قَوْلِهِ كَبَيِّنِ مَرَضٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: وَبَيِّنِ جَرَبٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَيْدَ الْبَيْنِيَّةِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَعْطُوفَاتِ فَلَا يَضُرُّ الْخَفِيفُ مِنْ جَمِيعِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: وَبَيِّنِ جُنُونٍ) قَالَ ح كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَدَائِمِ جُنُونٍ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ غَيْرَ الدَّائِمِ لَا يَضُرُّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَفَائِتِ جُزْءٍ) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَبَيِّنِ مَرَضٍ فَأَوَّلًا ذَكَرَ الْمَعْطُوفَاتِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمَعْطُوفَاتِ عَلَى الْمُضَافِ، وَقَوْلُهُ أَصَالَةً أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَوَاتُ الْجُزْءِ أَصَالَةً أَيْ خِلْقَةً أَوْ كَانَ طَارِئًا بِقَطْعٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُزْءُ الْفَائِتُ بِالْقَطْعِ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِخُصْيَةٍ) أَيْ، وَأَمَّا فَوَاتُ الْجُزْءِ بِخُصْيَةٍ فَيُجْزِي سَوَاءٌ كَانَ فَوَاتُهُ خِلْقَةً أَوْ كَانَ بِقَطْعٍ، وَقَوْلُهُ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ أَيْ فَائِتُ الْخُصْيَةِ (قَوْلُهُ: جِدًّا) أَيْ بِأَنْ تُقْبَحَ بِهَا الْخِلْقَةُ. اهـ خش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الشَّقُّ، وَقَوْلُهُ ثُلُثًا أَجْزَأَ أَيْ بِالْأَوْلَى مِنْ مَقْطُوعَةِ ثُلُثِ الْأُذُنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَهُمَا فَتُجْزِئُ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَلْعَ الْأَسْنَانِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لَا يَضُرُّ إذَا كَانَ لِإِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ، وَأَمَّا لِغَيْرِهِمَا فَقَلْعُ الْوَاحِدَةِ لَا يَضُرُّ، وَيَضُرُّ قَلْعُ مَا زَادَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ إلَخْ) الْأَوْلَى إمَامُ الطَّاعَةِ إلَّا إنَّهُ تَبَعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْعَبَّاسِيِّ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُمَا عَبَّرَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي زَمَنِ وِلَايَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِخِلَافِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ الشَّارِحَ بَهْرَامَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فَقَالَ يُسْتَحَبُّ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَوْنُهُ عَبَّاسِيًّا وَتَبِعَهُ عج، وَقَدْ خَرَجَا بِذَلِكَ عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ قُرَشِيًّا، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَبَّاسِيًّا فَلَا يُشْتَرَطُ، وَلَا يُسْتَحَبُّ. اهـ. طفى (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) أَيْ كَالْبَاشَا فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهَا إمَامُ الطَّاعَةِ بَلْ نَائِبُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَتَعَيَّنُ إمَامُ الطَّاعَةِ أَوْ عَامِلُهُ عَلَى الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فَالْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ فَهُوَ مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إمَامُ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فِي الْبَلَدِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ فَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ النَّاحِيَةِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا إمَامًا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُمَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وُجِدَا مَعًا فِي الْبَلَدِ، وَلَمْ يُخْرِجْ إمَامُ الطَّاعَةِ ضَحِيَّتَهُ لِلْمُصَلَّى، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ هُوَ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إمَامُ الطَّاعَةِ، وَلَا نَائِبُهُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ إمَامَ الصَّلَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَتْ الْبَلَدُ لَيْسَ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْ الْإِمَامَيْنِ تَحَرَّوْا ذَبْحَ إمَامِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إمَامٌ وَاحِدٌ فَإِنْ تَعَدَّدَ تَحَرَّوْا أَقْرَبَ الْأَئِمَّةِ لِبَلَدِهِمْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَيْ سَابِقُ الْإِمَامِ بِالذَّبْحِ) أَيْ بِابْتِدَائِهِ سَوَاءٌ خَتَمَ الذَّبْحَ قَبْلَ خَتْمِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَ خَتْمِهِ أَوْ مَعَهُ فَلَا تُجْزِئُ حَيْثُ ابْتَدَأَ قَبْلَ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُسَاوِيهِ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الذَّبْحِ فَلَا تُجْزِيهِ هَذَا إذَا خَتَمَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ

قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ لَا بَعْدَهُ فَتُجْزِئُ (إلَّا) الذَّابِحَ (الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إمَامٍ) لِكَوْنِهِ لَا إمَامَ لَهُ فِي بَلَدِهِ وَلَا عَلَى كَفَرْسَخٍ بِأَنْ خَرَجَ عَنْهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ سَبَقَهُ فَيُجْزِي لِعُذْرِهِ بِبَذْلِ وُسْعِهِ (كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا) الْإِمَامُ لِلْمُصَلَّى وَتَحَرَّى، وَإِنْ تَبَيَّنَ سَبْقَهُ كَأَنْ عَلِمَ بِعَدَمِ ذَبْحِهِ (وَتَوَانَى) فِي ذَبْحِهَا (بِلَا عُذْرٍ) وَانْتَظَرَ (قَدْرَهُ) أَيْ قَدْرَ وَقْتِ الذَّبْحِ فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ (وَ) إنْ تَوَانَى (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ عُذْرٍ (انْتَظَرَ) بِالذَّبْحِ (لِلزَّوَالِ) أَيْ لِقُرْبِهِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ مَا يُذْبَحُ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ الْأَفْضَلُ. (وَالنَّهَارُ شَرْطٌ) فِي الضَّحَايَا كَالْهَدَايَا فَلَا يُجْزِي مَا وَقَعَ مِنْهُمَا لَيْلًا، وَأَوَّلُ النَّهَارِ طُلُوعُ الْفَجْرِ (وَنُدِبَ) لِلْمُصَلِّي وَتَأَكَّدَ لِلْإِمَامِ (إبْرَازُهَا) لِلْمُصَلَّى لِيَعْلَمَ النَّاسُ ذَبْحَهُ وَلَا يُكْرَهُ عَدَمُ الْإِبْرَازِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ. (وَ) نُدِبَ (جَيِّدٌ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَعْلَى النَّعَمِ (وَسَالِمٌ مِنْ الْعُيُوبِ) الَّتِي تُجْزِي مَعَهَا كَخَفِيفِ مَرَضٍ، وَكَسْرِ قَرْنٍ بَرِئَ، وَمِنْهُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَغَيْرُ خَرْقَاءَ) ، وَهِيَ الَّتِي فِي أُذُنِهَا خَرْقٌ مُسْتَدِيرٌ (وَ) غَيْرُ (شَرْقَاءَ) مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ (وَ) غَيْرُ (مُقَابَلَةٍ) ، وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا، وَتُرِكَ مُعَلَّقًا (وَ) غَيْرُ (مُدَابَرَةٍ) قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ خَلْفِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا (وَ) نُدِبَ (سَمِينٌ) وَتَسْمِينُهَا (وَذَكَرٌ) ، عَلَى أُنْثَى (وَأَقْرَنُ) عَلَى أَجَمَّ (وَأَبْيَضُ) إنْ وُجِدَ (وَفَحْلٌ) عَلَى خَصِيٍّ (إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ) ، وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ. (وَ) نُدِبَ (ضَأْنٌ مُطْلَقًا) فَحْلُهُ فَخَصِيُّهُ فَأُنْثَاهُ (ثُمَّ) يَلِيهِ (مَعْزٌ) كَذَلِكَ (ثُمَّ هَلْ) يَلِيهِ (بَقَرٌ) كَذَلِكَ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (أَوْ إبِلٌ خِلَافٌ) ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَهَلْ الْبَقَرُ أَطْيَبُ لَحْمًا فَهُوَ أَفْضَلُ أَوْ الْإِبِلُ. (وَ) نُدِبَ (تَرْكُ حَلْقٍ) لِشَعْرٍ مِنْ سَائِرِ بَدَنِهِ (وَ) تَرْكُ (قَلْمٍ لِمُضَحٍّ) أَيْ لِمُرِيدِهَا وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ مُشْرَكًا بِالْفَتْحِ (عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ) ظَرْفٌ لِتَرَكَ إلَى أَنْ يُضَحِّيَ أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ، وَمُرَادُهُ التِّسْعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَإِنَّمَا نُدِبَ لِلتَّشْبِيهِ بِالْحَاجِّ (وَ) فُضِّلَتْ (ضَحِيَّةٌ) لِكَوْنِهَا سُنَّةً وَشَعِيرَةً مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ (عَلَى صَدَقَةٍ وَعِتْقٍ) ، وَلَوْ زَادَ ثَمَنُ الرَّقَبَةِ عَلَى أَضْعَافِ ثَمَنِ الضَّحِيَّةِ. (وَ) نُدِبَ لِلْمُضَحِّي، وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا (ذَبْحُهَا بِيَدِهِ) اقْتِدَاءً بِسَيِّدِ الْعَالَمِينَ؛ وَلِمَا فِيهِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ لَا بَعْدَهُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَزَاءِ فِي صُورَةِ مَا إذَا ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ مَعَهُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَدْ تَقَدَّمَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِيمَا إذَا ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ مَعَهُ فَالْإِجْزَاءُ فِي الضَّحِيَّةِ أَوْلَى. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَقْرَبُ إمَامٍ) أَيْ أَقْرَبُ إمَامِ بَلَدٍ يَذْبَحُ إمَامُهَا بَعْدَ خُطْبَتِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَقْرَبَ بَلَدٍ لَهَا إمَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْ بِحَيْثُ يَتَحَرَّوْنَ ذَبْحَهُ إنْ لَوْ ذَبَحَ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى كَفَرْسَخٍ) أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إمَامٌ خَارِجٌ عَنْ بَلَدِهِ عَلَى كَفَرْسَخٍ أَيْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَرُبُعٍ بَلْ الْمَوْجُودُ إمَامٌ خَارِجٌ عَنْ بَلَدِهِ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فَتَحَرَّى ذَبْحَهُ، وَذَبِيحٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ سَبَقَهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ إمَامٌ خَارِجٌ عَنْ بَلَدِهِ بِكَفَرْسَخٍ فَقَطْ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ كَإِمَامِ الْبَلَدِ لِمُخَاطَبَةِ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْإِمَامِ بِالسَّعْيِ لِذَلِكَ الْإِمَامِ وَالصَّلَاةِ خَلْفَهُ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا تَحَرَّى وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ لَمْ تُجْزِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ حُكْمُهُ كَالْبَلَدِ الَّذِي لَهُ إمَامٌ فَلَا يُذْبَحُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ ذَبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالصَّلَاةِ مَعَهُ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُتَحَرِّي، وَيُجْزِئُهُ تَحَرِّيهِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَبَقَ الْإِمَامَ مَنْ كَانَ عَلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَانَى) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ عُذْرٍ) أَيْ كَقِتَالِ عَدُوٍّ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، وَهَلْ مِنْ الْعُذْرِ طَلَبُ الْإِمَامِ لِلْأُضْحِيَّةِ بِشِرَاءِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا يُنْتَظَرُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّحَرِّيَ لِذَبْحِ الْإِمَامِ حَيْثُ لَمْ يُبْرِزْ أُضْحِيَّتَهُ، وَأَمَّا إنْ أَبْرَزَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِإِبْرَازِهَا أَوْ لَا، وَتَحَرِّيهِ وَعَدَمُهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ إنْ بَانَ سَبْقُهُ لَا إنْ بَانَ تَأَخُّرُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ عَدَمُ الْإِبْرَازِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ) أَيْ، وَأَمَّا عَدَمُ الْإِبْرَازِ لَهُ فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ: فَأُنْثَاهُ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَخُنْثَاهُ فَمَرَاتِبُ الضَّأْنِ أَرْبَعَةٌ، وَكَذَا الْمَعْزُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) ابْنِ غَازِيٍّ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَشْهُورِيَّةِ الْأَوَّلِ، وَلَا أَعْلَمُ مَنْ شَهَرَ الثَّانِيَ، وَنَقَلَ عَنْ الْمُؤَلِّفِ بِطَرِيقِ نُسْخَتِهِ وَشَهَرَ الرَّجْرَاجِيُّ الْأَوَّلَ وَشَهَرَ ابْنُ بَزِيزَةَ الثَّانِيَ. اهـ. وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي فَضْلِ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ، وَعَكْسُهُ ثَالِثُهَا لِغَيْرِ مَنْ بِمِنًى الْأَوَّلُ لِلْمَشْهُورِ مَعَ رِوَايَةِ الْمُخْتَصَرِ وَالْقَابِسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ شَعْبَانَ وَالثَّالِثُ لِلشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فَالْإِبِلُ فِي بِلَادِ الْحِجَازِ أَطْيَبُ لَحْمًا مِنْ الْبَقَرِ، وَفِي مِصْرَ بِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ التِّسْعُ) أَيْ مُرَادُهُ بِعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ التِّسْعَةُ أَيَّامٍ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَهُوَ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، وَلَيْسَ هَذَا تَغْلِيبًا كَمَا فِي عبق، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّغْلِيبُ فِي عَكْسِهِ (قَوْلُهُ: وَضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ضَحِيَّةٍ عَلَى صَدَقَةٍ بِثَمَنِهَا، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الضَّحِيَّةَ سُنَّةٌ فَتَقْدِيمُهَا عَلَى الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ مَنْدُوبَةٌ سُنَّةٌ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ ضَحِيَّةً فَاعِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَفَضَلَتْ ضَحِيَّةٌ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَنُدِبَ إبْرَازُهَا، وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَضَحِيَّةٌ عَطْفًا عَلَى إبْرَازِهَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ ثَمَنُ الرَّقَبَةِ إلَخْ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ، وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ السُّنَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُنَا أَفْضَلُ مِنْ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَالْمَنْدُوبَ قَدْ يَكُونَانِ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ كَالتَّطَهُّرِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَالِابْتِدَاءِ بِالسَّلَامِ، وَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ، وَإِذَا كَانَ الْمَنْدُوبُ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ هُنَا أَفْضَلُ مِنْ السُّنَّةِ تَأَمَّلْ -.

مَزِيدِ التَّوَاضُعِ وَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّبْحِ (وَ) نُدِبَ (لِلْوَارِثِ) إنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ ذَبْحِهَا (إنْفَاذُهَا) كَسَائِرِ الْقُرَبِ الَّتِي مَاتَ قَبْلَ إنْفَاذِهَا حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا تَعَيَّنَتْ وَعَلَى الْوَرَثَةِ إنْفَاذُهَا فَيُقَسِّمُونَ لَحْمَهَا، وَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنٍ، وَلَوْ سَابِقًا عَلَى الذَّبْحِ. (وَ) نُدِبَ لِلْمُضَحِّي (جَمْعُ أَكْلٍ) أَيْ جَمْعٌ بَيْنَ أَكْلٍ مِنْهَا (وَصَدَقَةٍ، وَإِعْطَاءٍ) أَيْ إهْدَاءٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ أَعَمُّ (بِلَا حَدٍّ) فِي ذَلِكَ بِثُلُثٍ، وَلَا غَيْرِهِ (وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ) لِغُرُوبِهِ أَفْضَلُ مِمَّا عَدَاهُ ثُمَّ أَوَّلُ الثَّانِي مِنْ فَجْرِهِ إلَى الزَّوَالِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِ الثَّالِثِ (وَفِي أَفْضَلِيَّةِ) (أَوَّلَ الثَّالِثِ) إلَى زَوَالِهِ (عَلَى آخِرِ الثَّانِي) مِنْ زَوَالِهِ لِلْغُرُوبِ أَوْ عَكْسِهِ، وَهُوَ أَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي جَمِيعِهِ عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. (وَ) نُدِبَ (ذَبْحُ وَلَدٍ) لِلضَّحِيَّةِ (خَرَجَ) أَيْ، وُلِدَ (قَبْلَ الذَّبْحِ) لَهَا، وَلَوْ مَنْذُورَةً وَلَا يَجِبُ (وَ) الْوَلَدُ الْخَارِجُ مِنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ (جُزْءٌ) أَيْ كَجُزْءٍ مِنْهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا إنْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا بَعْدَ ذَبْحِهَا حَيَاةً مُحَقَّقَةً وَجَبَ ذَبْحُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِنَفْسِهِ. (وَكُرِهَ) لِلْمُضَحِّي (جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الذَّبْحِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْصِ جَمَالِهَا (إنْ لَمْ يَنْبُتْ) مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ (لِلذَّبْحِ) أَيْ لِوَقْتِ الذَّبْحِ (وَلَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْجَزَّ حِينَ أَخَذَهَا بِشِرَاءٍ، وَكَذَا (حِينَ أَخَذَهَا) مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ مُعْطِيهَا لَهُ أَوْ تَعْيِينِهَا مِنْ غَنَمِهِ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا فَرْقَ فَإِنْ نَبَتَ مِثْلُهُ لِلذَّبْحِ أَوْ نَوَاهُ حِينَ الْأَخْذِ لَمْ يُكْرَهْ (وَ) كُرِهَ لِلْمُضَحِّي (بَيْعُهُ) أَيْ الصُّوفِ الْمَكْرُوهِ الْجَزُّ (وَشُرْبُ لَبَنٍ) مِنْهَا، وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ الْأَخْذِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ قُرْبَةً لِلَّهِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَعُودُ فِي قُرْبَتِهِ. (وَإِطْعَامُ كَافِرٍ) مِنْهَا (وَهَلْ) مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ (إنْ بُعِثَ لَهُ) مِنْهَا فِي بَيْتِهِ لَا إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ كَأَجِيرٍ، وَقَرِيبٍ وَزَوْجَةٍ فَلَا يُكْرَهُ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (أَوْ) الْكَرَاهَةُ (وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (فِي عِيَالِهِ) أَيْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ (تَرَدُّدٌ) (وَ) كُرِهَ (التَّغَالِي فِيهَا) أَيْ فِي كَثْرَةِ ثَمَنِهَا زِيَادَةً عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ، وَكَذَا زِيَادَةُ الْعَدَدِ فَإِنْ نَوَى بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْعَدَدِ الثَّوَابَ وَكَثْرَةَ الْخَيْرِ جَازَ، بَلْ نُدِبَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) كُرِهَ (فِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّبْحِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الذَّبْحَ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اسْتَنَابَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ نَائِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا) أَيْ إذَا عَيَّنَهَا مُوَرِّثُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِغَيْرِ النَّذْرِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إنْفَاذُهَا كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا، وَإِذَا أَنْفَذَهَا الْوَارِث فَلَا تُجْزِئُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَجَمْعُ أَكْلٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ جَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ أَشَقَّ عَلَى النَّفْسِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَدِيثُ «أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزُهَا» لَيْسَ كُلِّيًّا، وَقَالَ عج الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِهَا أَفْضَلُ مُتَّجَهٌ إذْ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحَمْزُهَا أَيْ أَشَقُّهَا عَلَى النَّفْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إلَّا بِالذَّبْحِ، وَلَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ، وَإِذَا عَمِلَ بِالْمَنْدُوبِ، وَذَبَحَ ذَلِكَ الْوَلَدَ مَعَ أُمِّهِ فَحُكْمُ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ حُكْمُهَا مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِهْدَاءِ وَنُدِبَ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَمُنِعَ الْبَيْعُ، وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِالْمَنْدُوبِ، وَأَبْقَى ذَلِكَ الْوَلَدَ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ لِعَامٍ آخَرَ صَحَّ أَنْ يُضَحِّيَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا) أَيْ سَوَاءٌ جَزَّهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ أَوْ لَا خِلَافًا فالعبق حَيْثُ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الْجَزُّ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ التَّصَرُّفَ الْمَمْنُوعَ، وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا وَنَسَبَ ذَلِكَ لتت وح وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَبَتَ مِثْلُهُ لِلذَّبْحِ أَوْ نَوَاهُ حِينَ الْأَخْذِ لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْجَزُّ إذَا تَضَرَّرَتْ بِبَقَاءِ الصُّوفِ لِحَرٍّ وَنَحْوِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ، وَمَفْهُومِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الضَّحِيَّةُ مَنْذُورَةً أَمْ لَا وَارْتَضَاهُ عج، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ بِغَيْرِ الْمَنْذُورَةِ، وَأَمَّا الْمَنْذُورَةُ فَيَحْرُمُ جَزُّهَا سَوَاءٌ نَوَاهُ أَمْ لَا وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهَا، وَلَدٌ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْإِنْسَانُ لَا يَعُودُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ الْعَوْدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ) الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يُشِيرُ الْمُصَنِّفُ لِلْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِالتَّرَدُّدِ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ رُوِيَ عَنْهُ إبَاحَةُ أَكْلِ الْكَافِرِ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا إلَى الْكَرَاهَةِ، وَهِيَ الْأَشْهَرُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ اخْتِلَافُ قَوْلَيْ مَالِكٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ أَمَّا إنْ كَانَ فِيهِمْ أَوْ غَشِيَهُمْ، وَهُمْ يَأْكُلُونَ فَلَا بَأْسَ بِهِ دُونَ خِلَافٍ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافُ الْمَرْوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مُطْلَقٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ بُعِثَ إلَيْهِ، وَأَمَّا ابْنُ حَبِيبٍ فَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ قَوْلَيْ مَالِكٍ فَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَبُعِثَ إلَيْهِمْ وَالْقَوْلُ بِالْإِبَاحَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَخَافُ مِنْهُ قَصْدَهَا فَإِنْ تَحَقَّقَ قَصْدُهَا بِالتَّغَالِي حُرِّمَ، وَإِنْ تَحَقَّقَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمُ قَصْدِهَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ كَثْرَةَ اللَّحْمِ أَوْ الْأَجْرِ كَانَ التَّغَالِي مَنْدُوبًا، لِلْحَدِيثِ، فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ خَوْفُ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ، وَقَصْدِهَا بِالْفِعْلِ، وَتَحَقُّقِ عَدَمِ قَصْدِهَا، وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي التَّغَالِي فِيهَا، وَفِي زِيَادَةِ عَدَدِهَا. (قَوْلُهُ: وَفَعَلَهَا عَنْ مَيِّتٍ) فَإِنْ فُعِلَتْ عَنْهُ، وَعَنْ الْمَيِّتِ لَمْ يُكْرَهْ قَالَهُ عبق، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ عَلَّلُوا كَرَاهَةَ فِعْلِهَا عَنْ الْمَيِّتِ بِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا شَامِلٌ لِصُورَةِ الْإِفْرَادِ وَالتَّشْرِيكِ، وَأَيْضًا شُرُوطُ التَّشْرِيكِ

وَإِلَّا نُدِبَ لِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا (كَعَتِيرَةٍ) كَجَبِيرَةِ شَاةٍ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِرَجَبٍ، وَكَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالضَّحِيَّةِ. (وَإِبْدَالُهَا) بِدُونٍ مِنْهَا وَكَذَا بِمُسَاوٍ عَلَى الرَّاجِحِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِبْدَالُ اخْتِيَارًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ اضْطِرَارًا (لِاخْتِلَاطٍ) لَهَا مَعَ غَيْرِهَا فَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ لِصَاحِبِهِ إلَّا بِقُرْعَةٍ فَلَا يُكْرَهُ لَكِنْ يَنْدُبُ لَهُ ذَبْحُ أُخْرَى أَفْضَلَ، وَيُكْرَهُ لَهُ ذَبْحُهَا، فَأَخْذُ الدُّونِ بِلَا قُرْعَةٍ وَذَبْحُهُ فِيهِ كَرَاهَتَانِ (قَبْلَ الذَّبْحِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِبْدَالٍ (وَجَازَ) لِرَبِّهَا (أَخْذُ الْعِوَضِ) عَنْهَا وَتَرْكُهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يَجُوزُ أَخْذُ إحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ أَوْ لَا (إنْ) اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَكْلُ ذَبِيحَتِهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ؛ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَأَشْبَهَتْ شَرِكَةَ الْوَرَثَةِ فِي لَحْمِ ضَحِيَّةِ مُوَرِّثِهِمْ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْعِوَضِ كَيْفَ شَاءَ عَلَى الرَّاجِحِ، وَمُقَابِلُ الْأَحْسَنِ هُوَ الظَّاهِرُ. (وَصَحَّ) لِرَبِّهَا، وَكُرِهَ بِلَا ضَرُورَةٍ (إنَابَةٌ) يَعْنِي نِيَابَةَ غَيْرِهِ (بِلَفْظٍ) كَاسْتَنَبْتُك وَوَكَّلْتُك وَاذْبَحْ عَنِّي (إنْ أَسْلَمَ) النَّائِبُ، وَكَانَ مُصَلِّيًا بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ مَا ذَبَحَهُ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تُجْزِهِ (أَوْ نَوَى) أَيْ، وَلَوْ نَوَى النَّائِبُ ذَبْحَهَا (عَنْ نَفْسِهِ) وَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا (أَوْ) نِيَابَةٌ (بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ) أَيْ بِعَادَةٍ مِثْلُ قَرِيبٍ فَعَادَةٌ مُضَافٌ لِلْكَافِ الَّتِي بِمَعْنَى مِثْلِ، وَالْمُرَادُ بِمِثْلِ الْقَرِيبِ هُوَ الصَّدِيقُ الْمُلَاطِفُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ كَقَرِيبٍ، وَلَا عَادَةَ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا لَهُ عَادَةً (فَتَرَدُّدٌ) فِي صِحَّةِ كَوْنِهَا ضَحِيَّةً وَعَدَمِهَا نَظَرًا لِعَدَمِ الِاسْتِنَابَةِ، وَأَمَّا أَجْنَبِيٌّ لَا عَادَةَ لَهُ فَلَا تُجْزِئُ قَطْعًا (لَا إنْ غَلِطَ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ وَصَحَّ كَوْنُهَا ضَحِيَّةً إنْ اسْتَنَابَ لَا إنْ غَلِطَ الذَّابِحُ فِي ذَبْحِ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ، وَالْغَرَضُ أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ عَلَى ذَبْحِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَقَدِّمَةِ غَيْرُ مُجْتَمَعَةٍ هُنَا. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُدِبَ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ عَيَّنَهَا نُدِبَ إلَخْ أَيْ الْمُرَادُ أَنَّهُ عَيَّنَهَا بِغَيْرِ الذَّبْحِ وَالنَّذْرِ أَمَّا لَوْ عَيَّنَهَا بِالنَّذْرِ أَوْ بِالذَّبْحِ بِأَنْ ذَبَحَهَا ثُمَّ مَاتَ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَارِثِ إنْفَاذُهَا كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَهَا أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَهَا فِيهِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُهَا عَنْهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ إنْ جَازَ أَوْ كُرِهَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَرَاهَةَ فِعْلِهَا عَنْ الْمَيِّتِ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدَيْنِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: شَاةٍ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا لِأَصْنَامِهِمْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ) أَيْ تُذْبَحُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِبْدَالُهَا) أَيْ، وَكُرِهَ إبْدَالُهَا بِدُونٍ، فَإِذَا أَبْدَلَ الشَّاةَ بِبَقَرَةٍ تَعَلَّقَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَخْذِ الشَّاةِ بَدَلًا عَنْ الْبَقَرَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إبْدَالُهَا بِالْأَفْضَلِ، وَإِنْ بِزَائِدِ شَيْءٍ فِي ثَمَنِهَا، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ، وَإِلَّا كَانَ الْإِبْدَالُ مَمْنُوعًا، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ تَعَيُّنَهَا بِالنَّذْرِ يَمْنَعُ مِنْ الْبَدَلِ، وَمِنْ الْبَيْعِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِمُسَاوٍ عَلَى الرَّاجِحِ) سَنَدُهُ فِي هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ، وَلَا يُبَدِّلُهَا إلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِلْمُعَاوَضَةِ مَعَ التَّسَاوِي لَكِنْ فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ إبْدَالَهَا بِمِثْلِهَا جَائِزٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقُرْعَةٍ فَلَا يُكْرَهُ) كَذَا فِي ح، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ الْقُرْعَةُ لَا تَجُوزُ مَعَ التَّسَاوِي فَتَأَمَّلْ. اهـ. بْن إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا قُرْعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ لِضَرُورَةِ الِالْتِبَاسِ (قَوْلُهُ: فِيهِ كَرَاهَتَانِ) أَيْ، وَأَمَّا أَخْذُ الدُّونِ بِقُرْعَةٍ، وَذَبْحُهُ فَفِيهِ كَرَاهَةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ) أَيْ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ عُرُوضٍ مَثَلًا، وَلَا إشْكَالَ فِي إجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا مَعَ أَخْذِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَحْسَنِ) أَيْ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ جَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَيْ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ عَنْهَا بَيْعٌ لَهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ فَيَتَعَيَّنُ عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ أَخْذُ إحْدَاهُمَا إمَّا بِالْقُرْعَةِ أَوْ بِدُونِهَا، وَأَجْزَأَتْ الضَّحِيَّتَانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، وَفِي وُجُوبِ تَصَدُّقِهِمَا بِهِمَا وَجَوَازِ أَكْلِهِمَا مِنْهُمَا قَوْلَا يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَاللَّخْمِيِّ. قَوْلُهُ: (وَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ أَوْ مَضْمُونَةً عَلَى الصَّوَابِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَسَوَاءٌ كَانَ النَّائِبُ ذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ رَبِّهَا كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ لَا نِيَّةُ الذَّابِحِ فَهُوَ كَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُوَضِّئَهُ فَالْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْآمِرِ الْمُتَوَضِّئِ لَا نِيَّةُ الْمَأْمُورِ الْمُوَضِّئِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا إذَا نَوَى النَّائِبُ ذَبْحَهَا عَنْ نَفْسِهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ رَبَّهَا وَتُجْزِئُ النَّائِبَ الذَّابِحَ لَهَا، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى أُضْحِيَّةِ رَجُلٍ، وَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ تَجْرِي فِي الضَّحِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَضْمُونَةً أَوْ مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَادَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَفْظٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَجْنَبِيًّا) أَيْ أَوْ كَانَ الذَّابِحُ لَهَا أَجْنَبِيًّا لَهُ عَادَةٌ أَيْ كَجَارٍ وَأَجِيرٍ وَغُلَامٍ لَهُمْ عَادَةٌ بِالْقِيَامِ بِأُمُورِهِ (قَوْلُهُ: فَتَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا تَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى الْإِجْزَاءِ فِي الْقَرِيبِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْأُخْرَى تَحْكِي اتِّفَاقًا عَلَى عَدَمِ الْجَزَاءِ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ وَالْخِلَافِ فِي

(فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لَا عَنْ رَبِّهَا لِعَدَمِ تَوْكِيلِهِ، وَلَا عَنْ الذَّابِحِ لِعَدَمِ مِلْكِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ. (وَمُنِعَ) (الْبَيْعُ) مِنْ الْأُضْحِيَّةِ كَجِلْدٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ عَظْمٍ أَوْ شَعْرٍ، وَلَا يُعْطَى الْجَزَّارُ فِي مُقَابَلَةِ جِزَارَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا شَيْئًا مِنْهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُجْزِئَةً بَلْ (وَإِنْ) لَمْ يَحْصُلْ إجْزَاءٌ كَمَنْ (ذَبَحَ) يَوْمَ النَّحْرِ (قَبْلَ الْإِمَامِ) أَوْ (تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ) عَيْبًا يَمْنَعُ الْجَزَاءَ كَمَا إذَا أَضْجَعَهَا لِلذَّبْحِ فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ أَصَابَتْ السِّكِّينُ عَيْنًا فَفَقَأَتْهَا قَبْلَ تَمَامِ فَرْيِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (أَوْ) تَعَيَّبَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الذَّبْحِ، وَذَبَحَهَا وَإِلَّا فَعَلَ بِهَا مَا شَاءَ كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا يُفْهَمُ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى. (أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا) بِالْعَيْبِ أَوْ بِكَوْنِهِ يَمْنَعُ الْجَزَاءَ فَلَا يَبِيعُ مِنْهَا شَيْئًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَ) مُنِعَ (الْإِجَارَةُ) لَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا وَلِجِلْدِهَا بَعْدَهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ (وَ) مُنِعَ (الْبَدَلُ) لَهَا أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا بِشَيْءٍ آخَرَ مُجَانِسٍ لِلْمُبْدَلِ (إلَّا لِمُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ) أَوْ مَوْهُوبٍ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ الْبَيْعُ أَوْ الْبَدَلُ، وَلَوْ عَلِمَ رَبُّهَا حَالَ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ (وَفُسِخَتْ) عُقْدَةُ الْبَيْعِ وَالْبَدَلِ، وَكَذَا الْإِجَارَةُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ نَفْسِهِ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَفُتْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَإِنْ فَاتَ الْعِوَضُ أَيْضًا بِأَنْ صَرَفَهُ فِي حَاجَتِهِ مَثَلًا فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتَصَدَّقَ) وُجُوبًا (بِالْعِوَضِ) أَيْ بِبَدَلِهِ لَهُ (فِي الْفَوْتِ) أَيْ فَوْتِ الْعِوَضِ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَيْدِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَتَوَلَّ) الْبَيْعَ (غَيْرٌ) أَيْ غَيْرُ الْمُضَحِّي (بِلَا إذْنٍ) بِأَنْ تَوَلَّاهُ الْمُضَحِّي أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ صَرَفَهُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ أَمْ لَا (وَ) بِلَا (صَرْفٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ) الْمُضَحِّي بِأَنْ صَرَفَهُ فِيمَا يَلْزَمُ فَالْمَعْنَى إنْ لَمْ يَسْتَوْلَهُ غَيْرُهُ حَالَ عَدَمِ إذْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَرِيبِ وَنَقَلَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) ثُمَّ إنْ أَخَذَ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا مِمَّنْ ذَبَحَهَا غَلَطًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى لَيْسَ لِلذَّابِحِ فِي اللَّحْمِ إلَّا الْأَكْلُ أَوْ الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهُ عَلَى وَجْهِ التَّضْحِيَةِ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْهُ عَلَى التَّضْحِيَةِ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ، وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ إذَا ذُبِحَتْ غَلَطًا إذَا لَمْ يَكُنْ رَبُّهَا نَاذِرًا لَهَا، وَإِلَّا أَجْزَأَتْ عَنْ نَذْرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً. اهـ. بَقِيَ مَا إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ عَمْدًا عَنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَابَةٍ، وَفِيهَا تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ رَبُّهَا نَذَرَهَا، وَكَانَتْ مُعَيَّنَةً أَجْزَأَتْهُ وَسَقَطَ النَّذْرُ، وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فَالنَّذْرُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ رَبُّهَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَذْرٌ فَقِيلَ لَا تُجْزِئُ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِالْأَوْلَى مِنْ الْغَالِطِ وَرَوَى ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ إجْزَاءَهَا عَنْ الذَّابِحِ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا، وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْغَالِطِ أَنَّ الْمُتَعَمِّدَ دَاخِلٌ عَلَى ضَمَانِهَا فَكَأَنَّهُ مَلَكَهَا قَبْلَ الذَّبْحِ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الضَّحِيَّةَ إذَا ذَبَحَهَا غَيْرُ رَبِّهَا فَإِمَّا بِوَكَالَتِهِ أَوْ لَا الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ إنَابَةً إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَنْوِيَ عَنْ رَبِّهَا أَوْ عَنْ نَفْسِهِ الْأَوَّلُ هُوَ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ إلَخْ، وَالثَّانِي، وَهُوَ مَا إذَا نَوَى عَنْ نَفْسِهِ فَإِمَّا غَلَطًا، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا إنْ غَلِطَ، وَإِمَّا عَمْدًا، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَك بِقَوْلِنَا بَقِيَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَذَبَحَهَا) أَيْ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَحُكْمُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ ذَبَحَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الذَّبْحِ، وَإِلَّا كَانَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَ بِهَا مَا شَاءَ) أَيْ، وَإِلَّا يَذْبَحُهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهَا تَعَيَّبَتْ فَعَلَ بِهَا مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُ مِنْهَا شَيْئًا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ إجَارَتِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ، وَأَمَّا إجَارَةُ جِلْدِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ فَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ بِالْجَوَازِ مُقَابِلًا، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ مِنْ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وَالْبَدَلُ) عَطْفٌ عَلَى الْبَيْعِ فَيَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَالْبَدَلُ لَيْسَ بَيْعًا لَكِنَّهُ يُشْبِهُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَدَلَ بَعْدَ الذَّبْحِ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَوْجَبَهَا بِالنَّذْرِ أَوْ لَا، وَأَمَّا قَبْلَ الذَّبْحِ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مَا لَمْ تَكُنْ مَنْذُورَةً كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْنَعُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْجَوَازِ هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَّرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَهُوَ الْأَحْسَنُ، وَمُقَابِلُهُ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ وَشَهَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ رَبُّهَا) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ، وَلَا إثْمَ عَلَى رَبِّهَا، وَلَوْ عَلِمَ حَالَ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَيْ بِأَنَّهُ يَبِيعُ مَا يُعْطِيهِ لَهُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَ اللَّحْمُ أَوْ الْجِلْدُ الْمَبِيعُ تَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ وُجُوبًا أَيْ وَقَضَى بِهِ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَ عج، وَيُسْتَفَادُ مِنْ جَعْلِهِمْ تَغَيُّرَ السُّوقِ فَوْتًا أَنَّ الدَّبْغَ لِلْجِلْدِ وَالطَّبْخَ لِلَّحْمِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إبْرَازِ فَوْتٍ إذْ هُوَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ) أَيْ سَوَاءٌ تَوَلَّى الْبَيْعَ الْمُضْحِي أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِبَدَلِهِ) أَيْ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ (قَوْلُهُ: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى التَّصَدُّقِ بِبَدَلِ الْعِوَضِ فِي فَوَاتِ الْعِوَضِ أَيْ وَلَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالْعِوَضِ فِي فَوَاتِ الْمَبِيعِ، وَقِيَامِ الْعِوَضِ، وَقَوْلُهُ لِلْقَيْدِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَبِلَا صَرْفٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعِوَضَ صَرْفٌ فِيمَا يَلْزَمُ، وَلَمْ يَكُنْ بَاقِيًا، هَذَا كَلَامُهُ، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِلَا صَرْفٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يُصْرَفْ أَصْلًا وَبِمَا إذَا صُرِفَ فِيمَا يَلْزَمُ فَالْأَوْلَى جَعْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَامًّا لِلتَّصَدُّقِ بِالْعِوَضِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ، وَكَانَ الْعِوَضُ بَاقِيًا بِبَدَلِ الْعِوَضِ إذَا فَاتَ الْعِوَضُ كَمَا فَعَلَ بْن وَغَيْرُهُ بِجَعْلِ الْعِوَضِ شَامِلًا لِعِوَضِ الْمَبِيعِ وَلِبَدَلِ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَوَلَّ إلَخْ) أَيْ إنْ عُدِمَتْ

وَصَرَفَهُ فِي غَيْرِ لَازِمِهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ تَوْلِيَةُ رَبِّهِ وَغَيْرِهِ الْمَأْذُونِ وَغَيْرِ الْمَأْذُونِ الصَّارِفِ فِيمَا يَلْزَمُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّاهُ الْغَيْرُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَصَرَفَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ بِبَدَلِ الْعِوَضِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ فِي ثَلَاثٍ وَشَبَّهَ بِمَنْطُوقِ الْمَسْأَلَةِ (كَأَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) بِأَنْ اشْتَرَاهَا، وَذَبَحَهَا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا خَفِيفًا كَكَوْنِهَا خَرْقَاءَ أَوْ شَرْقَاءَ فَرَجَعَ بِأَرْشِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَلَا يَتَمَلَّكُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلَوْ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ لَمْ يَجِبْ التَّصَدُّقُ بَلْ يُنْدَبُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَ الضَّحِيَّةِ. (وَإِنَّمَا) (تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لَكِنْ اعْتَمَدُوا أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالذَّبْحِ فَقَطْ (فَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ) عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا فَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ فِيمَا إذَا ذَبَحَهَا، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَذْبَحْهَا فَمَا هُنَا مَفْهُومُ مَا مَرَّ (كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ) فَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ وَلَوْ مَنْذُورَةً (إلَّا أَنَّ هَذَا) دُونَ الْأَوَّلِ (آثِمٌ) أَيْ حَبْسُهُ لَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ ارْتَكَبَ إثْمًا حَتَّى فَوَّتَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِسَبَبِهِ هَذَا الثَّوَابُ الْعَظِيمُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ يَحْرِمُ الْإِنْسَانَ الْخَيْرَ بِذَنْبٍ أَصَابَهُ لَا أَنَّ حَبْسَهَا يُوجِبُ الْإِثْمَ إذْ السُّنَّةُ فِي تَرْكِهَا. (وَ) جَازَ (لِلْوَارِثِ الْقَسْمُ) فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمَوْرُوثَةِ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بِالتَّرَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَوْلِيَةُ غَيْرِهِ لِلْعَقْدِ الْمُلْتَبِسَةِ بِعَدَمِ الْإِذْنِ وَبِعَدَمِ الصَّرْفِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ انْتِفَاءَ تَوْلِيَةِ الْغَيْرِ الْمُتَلَبِّسَةِ بِعَدَمِ الْإِذْنِ وَبِعَدَمِ الصَّرْفِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ صَادِقٌ بِمَا إذَا تَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ أَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَصَرَفَهُ فِيمَا يَلْزَمُ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ أَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ صَرَفَ الْعِوَضَ فِيمَا يَلْزَمُهُ لَكَانَ مُفِيدًا لِلْمُرَادِ بِلَا كُلْفَةٍ (قَوْلُهُ: وَصَرَفَهُ فِي غَيْرِ لَازِمِهِ) أَيْ وَحَالُ عَدَمِ صَرْفِهِ فِي غَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ الْجَزَاءَ) هَذِهِ النُّسْخَةُ الَّتِي فِيهَا إثْبَاتٌ لَا نُسْخَةُ ابْنِ غَازِيٍّ قَالَ ح وَاَلَّذِي فِي غَالِبِ النُّسَخِ وَشَرَحَ عَلَيْهِ الْبِسَاطِيُّ وَبَهْرَامُ إسْقَاطُ لَا فَعَلَى الْأَوْلَى يَكُونُ تَشْبِيهًا بِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَكُونُ تَشْبِيهًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ إلَخْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ التَّصَدُّقِ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَرْشَ إنْ مَنَعَ عَيْبُهُ الْجَزَاءَ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ، وَأَمَّا الشَّاةُ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْعَيْبُ الْإِجْزَاءَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ مَنَعَ فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ اعْتَمَدُوا أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالذَّبْحِ فَقَطْ) هَذَا صَحِيحٌ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالذَّبْحِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. اهـ. وَهَذَا فِي الْوُجُوبِ الَّذِي يُلْغِي طُرُوُّ الْعَيْبِ بَعْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِذَا نَذَرَهَا ثُمَّ أَصَابَهَا عَيْبٌ قَبْلَ الذَّبْحِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُكَلَّفِ وَالْتِزَامَهُ لَا يَرْفَعُ مَا طَلَبَ مِنْهُ الشَّارِعُ فِعْلَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى مِنْ ذَبْحِ شَاةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعُيُوبِ. اهـ. بِخِلَافِ طُرُوِّ الْعَيْبِ فِي الْهَدْيِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ وُجُوبِ الضَّحِيَّةِ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا بَلْ نَذْرُهَا يُوجِبُ ذَبْحَهَا، وَيَمْنَعُ بَيْعَهَا وَبَدَلَهَا. اهـ. وَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ إسْقَاطُ النَّذْرِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى وُجُوبِهَا بِالذَّبْحِ فَقَطْ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْوُجُوبِ الَّذِي لَا يَعْتَبِرُ طُرُوُّ الْعَيْبِ بَعْدَهُ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي النَّذْرِ، وَكَأَنَّهُ غَرَّهُ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ الْمَشْهُورُ تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الذَّخِيرَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ الَّذِي مَنَعَ الْبَيْعَ لَا طُرُوُّ الْعَيْبِ وَبِمَا تَقَدَّمَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ح فَلَوْ نَذَرَهَا ثُمَّ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ النَّذْرِ وَالذَّبْحِ. (قَوْلُهُ: وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ) أَيْ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَمُنِعَ الْبَيْعُ، وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنْذُورًا) فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَظَرَ ح فِي الْمَنْذُورَةِ إذَا ضَلَّتْ أَوْ حَبَسَهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ مَا يَفْعَلُ بِهَا وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْجَلَّابِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَبْحُهَا وَنَقَلَهُ طفى، وَيُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّذْرَ يَمْنَعُ الْبَدَلَ وَالْبَيْعَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ هَذَا) أَيْ الَّذِي حَبَسَهَا اخْتِيَارًا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ أَثِمَ، وَقَوْلُهُ دُونَ الْأَوَّلِ أَيْ، وَهُوَ مِنْ عَيْبِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ، وَقَوْلُهُ أَثِمَ أَيْ مُرْتَكِبٌ لِلْإِثْمِ قَبْلَ ذَلِكَ وَحَبْسُهُ لَهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ بِأَثِمَ أَنَّهُ فَاتَ ثَوَابُ السُّنَّةِ فَعَبَّرَ عَنْ الْمَكْرُوهِ بِالْإِثْمِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لَهُ كَمَا قَالُوا إنَّ الْمَكْرُوهَ حِجَابٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَهَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي أَحْسَنُ مِنْ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ يُبْعِدُ قَصْدَ الْفَقِيهِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ أَيْضًا فِي الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلٌ دُونَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْوَارِثِ الْقَسْمُ) أَيْ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ الْبَيْعُ، وَلَا الْبَدَلُ عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ، وَلَخَّصَهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَكْلِهَا أَهْلَ بَيْتِهِ عَلَى نَحْوِ أَكْلِهِمْ فِي حَيَاتِهِ، وَقِسْمَتُهَا عَلَى الْمِيرَاثِ ثَالِثُهَا يُقَسِّمُونَهَا عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعُ عِيسَى وَظَاهِرُ الْوَاضِحَةِ قُلْت: وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ يُقَسِّمُونَهَا عَلَى الرُّءُوسِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالزَّوْجَةِ سَوَاءٌ لَا عَلَى الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ التُّونُسِيُّ أَنَّهُ أَشْبَهُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ، وَعَزَاهُ ح لِابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ ثَالِثُ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِظَاهِرِ -

[العقيقة وحكمها]

لِأَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى حَسَبِ الْمَوَارِيثِ (، وَلَوْ) (ذُبِحَتْ) قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ (لَا) يَجُوزُ (بَيْعٌ) لَهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ (فِي دَيْنٍ) عَلَى الْمَيِّتِ لِتَعَيُّنِهَا بِالذَّبْحِ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْعَقِيقَةِ وَحُكْمِهَا فَقَالَ (وَنُدِبَ) لِأَبٍ مِنْ مَالِهِ (ذَبْحُ وَاحِدَةٍ) مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (تُجْزِئُ ضَحِيَّةً) فَشَرْطُهَا مِنْ سِنٍّ، وَعَدَمِ عَيْبِ صِحَّةٍ، وَكَمَالٍ كَالضَّحِيَّةِ (فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ) وَسَقَطَتْ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا بِغُرُوبِ السَّابِعِ (نَهَارًا) مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَنُدِبَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (وَأُلْغِيَ يَوْمُهَا) أَيْ يَوْمُ الْوِلَادَةِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ (إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ) بِأَنْ وَلَدَهُ بَعْدَهُ فَإِنْ وُلِدَ مَعَهُ حُسِبَ (وَ) نُدِبَ، وَلَوْ لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ حَلَقُ رَأْسَ الْمَوْلُودِ، وَلَوْ أُنْثَى، وَ (التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ تَحَرَّى زِنَتَهُ (وَجَازَ) (كَسْرُ عِظَامِهَا) ، وَلَا يُنْدَبُ، وَقِيلَ يُنْدَبُ لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ كَانُوا لَا يَكْسِرُونَ عِظَامَهَا، وَإِنَّمَا يَقْطَعُونَهَا مِنْ الْمَفَاصِلِ مَخَافَةَ مَا يُصِيبُ الْوَلَدَ بِزَعْمِهِمْ فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِنَقِيضِ ذَلِكَ (وَكُرِهَ) (عَمَلُهَا وَلِيمَةً) يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهَا بَلْ تُطْبَخُ، وَيَأْكُلُ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَغَيْرُهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ، وَلَا حَدَّ فِي الْإِطْعَامِ مِنْهَا وَمِنْ الضَّحِيَّةِ بَلْ يَأْكُلُ مِنْهَا مَا شَاءَ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُهْدِي بِمَا شَاءَ (وَ) كُرِهَ (لَطْخُهُ بِدَمِهَا) خِلَافًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ بِدَمِهَا (وَ) كُرِهَ (خِتَانُهُ يَوْمَهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلُ الْيَهُودِ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ زَمَانَ أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ، وَهُوَ فِي الذُّكُورِ سُنَّةٌ، وَأَمَّا خِفَاضُ الْأُنْثَى فَمَنْدُوبٌ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا تَنْهِكَ أَيْ لَا تَجُورَ فِي قَطْعِهَا الْجِلْدَةَ. (بَابٌ) (الْيَمِينُ تَحْقِيقٌ) أَيْ تَقْرِيرُ وَتَثْبِيتُ (مَا) أَيِّ أَمْرٍ (لَمْ يَجِبْ) عَقْلًا أَوْ عَادَةً فَدَخَلَ الْمُمْكِنُ عَادَةً، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَوْ مُمْتَنِعًا شَرْعًا نَحْوُ وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ لَا أَدْخُلُهَا أَوْ لَأُصَلِّيَنَّ الصُّبْحَ أَوْ لَا أُصَلِّيهَا أَوْ لَأَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ لَا أَشْرَبُهُ وَالْمُمْكِنُ عَقْلًا وَلَوْ امْتَنَعَ عَادَةً نَحْوُ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ، وَلَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، وَيَحْنَثُ فِي هَذَا بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْفِعْلِ وَدَخَلَ الْمُمْتَنِعُ عَقْلًا نَحْوُ لَأَجْمَعَنَّ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَلَأَقْتُلَنَّ زَيْدًا الْمَيِّتَ بِمَعْنَى إزْهَاقِ رُوحِهِ وَيَحْنَثُ فِي هَذَا أَيْضًا بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ لِمَا مَرَّ فَالْمُمْتَنِعُ عَقْلًا أَوْ عَادَةً إنَّمَا يَأْتِي فِيهِ صِيغَةُ الْحِنْثِ كَمَا مَثَّلْنَا، وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ نَحْوُ لَا أَشْرَبُ الْبَحْرَ، وَلَا أَجْمَعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَهُوَ عَلَى بِرٍّ دَائِمًا ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْفِعْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاضِحَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَيْعٌ) أَيْ وَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَا فِي كُلِّهَا، وَلَا بَعْضِهَا قَوْلُهُ: (وَلَوْ ذُبِحَتْ) يَعْنِي أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الْقَسْمَ سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ أَنْ ذُبِحَتْ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُذْبَحَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوجِبَهَا، وَفَعَلَ الْوَرَثَةُ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ مِنْ الذَّبْحِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُوجِبَهَا، وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَارِثُ الْمُسْتَحَبَّ فَهِيَ كَمَالٍ مِنْ أَمْوَالِهِ (قَوْلُهُ: لَا بَيْعَ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ) يَعْنِي أَنَّ الضَّحِيَّةَ لَا تُبَاعُ بَعْدَ الذَّبْحِ فِي دَيْنٍ عَلَى مُفْلِسٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَلَا مَفْهُومَ لِلْمَيِّتِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُذْبَحْ فَلِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهَا فِي الدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ سَابِقًا عَلَى نَذْرِهَا أَوْ طَارِئًا عَلَيْهِ. [الْعَقِيقَة وَحُكْمهَا] (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى خِلَافًا لِمَنْ كَانَ يَعُقُّ عَنْ الْأُنْثَى بِوَاحِدَةٍ، وَعَنْ الذَّكَرِ بِاثْنَيْنِ فَلَوْ وُلِدَ تَوْأَمَانِ فِي بَطْنٍ وَاحِدَةٍ عَقَّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فِيهِ، وَقِيلَ إنَّهَا لَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ بَلْ تُفْعَلُ فِي الْأُسْبُوعِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تُفْعَلْ فَفِي الْأُسْبُوعِ الثَّالِثِ، وَلَا تُفْعَلْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) فِي ح نَقْلًا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْوَقْتَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ. مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ مِنْ الضَّحْوَةِ لِلزَّوَالِ. وَمَكْرُوهٌ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ. وَمَمْنُوعٌ، وَهُوَ الذَّبْحُ بِاللَّيْلِ فَلَا تُجْزِي إذَا ذُبِحَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ سَبَقَ) أَيْ الْمَوْلُودُ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ) أَيْ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ قَبْلَ الْعَقِيقَةِ فِيمَنْ يُعَقُّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَحْصُلُ بِجَوَازِ الْكَسْرِ نَعَمْ فِي النَّدْبِ شِدَّةُ مُخَالَفَةٍ، وَقَوْلُهُ مَخَافَةَ مَا يُصِيبُ الْوَلَدَ أَيْ مِنْ كَسْرِ عِظَامِهِ، وَقَوْلُهُ بِنَقِيضِ ذَلِكَ أَيْ، وَهُوَ جَوَازُ الْكَسْرِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً) أَيْ، وَأَمَّا ذَبْحُ شَاةٍ أُخْرَى وَغَيْرِهَا، وَعَمَلُهَا وَلِيمَةً فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا فُقَرَاءَ أَوْ أَغْنِيَاءَ جِيرَانًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَتَصَدَّقُ، وَيُهْدِي بِمَا شَاءَ) أَيْ نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْلَى فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَكْلِهَا فِي الْبَيْتِ كَفَى (قَوْلُهُ: مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ) أَيْ تَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ يَصِيرُ شُجَاعًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْخِتَانُ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِهَا الْجِلْدَةَ) أَيْ لِأَجْلِ تَمَامِ اللَّذَّةِ. [بَابُ الْأَيْمَانِ] ِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ وُقُوعُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الضِّدِّ يُتَصَوَّرُ كَأَنْ يَعْزِمَ عَلَى عَدَمِ شُرْبِ الْبَحْرِ، وَعَلَى عَدَمِ صُعُودِ السَّمَاءِ لَكِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ، وَيَقُولُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إزْهَاقِ رُوحِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى مُمْتَنِعٌ عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلٌ -

وَخَرَجَ الْوَاجِبُ الْعَادِيُّ وَالْعَقْلِيُّ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ وَتَحَيُّزِ الْجُرْمِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ إنَّ الْجُرْمَ مُتَحَيَّزٌ فَهُوَ صَادِقٌ، وَإِنْ قَالَ لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ فَهُوَ غَمُوسٌ فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي تُكَفَّرُ (بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَحْقِيقٍ فَهَذَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ وَشَمَلَ كُلَّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى (أَوْ صِفَتِهِ) الذَّاتِيَّةِ كَالْعِلْمِ، وَكَذَا الْقِدَمُ وَالْبَقَاءُ وَالْوَحْدَانِيَّةُ، وَكَذَا الْمَعْنَوِيَّةُ لَا صِفَةُ الْفِعْلِ كَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَجَمَاعَةٍ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ الْقَسَمُ بِاَللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَالْتِزَامِ مَنْدُوبٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ نَحْوُ إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ، وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النَّوْعَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لَيْسَا مِنْ الْيَمِينِ، وَعَلَيْهِ فَهُمَا مِنْ الِالْتِزَامَاتِ لَا الْيَمِينِ (كَبِاللَّهِ) وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ (وَهَاللَّهُ) بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ، وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ (وَأَيْمُ اللَّهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَكَسْرِهَا أَيْ بَرَكَتُهُ، وَأَصْلُهَا أَيْمَنُ اللَّهِ (وَحَقِّ اللَّهِ) إذَا أَرَادَ الْحَالِفُ بِهِ الصِّفَةَ الْقَدِيمَةَ كَعَظَمَتِهِ لَا إنْ أَرَادَ بِهِ حَقَّهُ عَلَى عِبَادَةٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ (وَالْعَزِيزِ) مِنْ عَزِيزٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ إذَا غَلَبَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَثَلٌ وَبِكَسْرِهَا إذَا قَلَّ حَتَّى لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ نَظِيرٌ (وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ، وَإِرَادَتِهِ، وَكَفَالَتِهِ) أَيْ الْتِزَامِهِ، وَيَرْجِعُ لِكَلَامِهِ كَالْوَعْدِ بِالثَّوَابِ (وَكَلَامِهِ) (وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ) مَا لَمْ يَنْوِ النُّقُوشَ أَوْ هِيَ مَعَ الْأَوْرَاقِ. (وَإِنْ) (قَالَ) الشَّخْصُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ ثُمَّ قَالَ (أَرَدْت) بِقَوْلِيِّ بِاَللَّهِ (وَثِقْتُ) أَوْ اعْتَصَمْتُ (بِاَللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت) أَيْ اسْتَأْنَفْت قَوْلِي (لَأَفْعَلَنَّ) ، وَلَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ (دُيِّنَ) أَيْ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (لَا بِسَبَقِ لِسَانِهِ) مُخْرَجٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ دُيِّنَ يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَيْ لَا تَلْزَمُهُ يَمِينٌ بِذَلِكَ لَا بِسَبَقِ لِسَانِهِ فِي الْيَمِينِ يَعْنِي غَلَبَةَ جَرَيَانِهِ عَلَى لِسَانِهِ نَحْوَ لَا وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا وَاَللَّهِ مَا فَعُلَتْ كَذَا فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ، وَلَيْسَ بِسَبَقِ اللِّسَانِ الْتِفَاتُهُ إلَيْهِ عِنْدَ إرَادَةِ النُّطْقِ بِغَيْرِهِ إذْ هَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَدِينُ (وَكَعِزَّةِ اللَّهِ) أَرَادَ بِهَا صِفَتَهُ الْقَدِيمَةَ الَّتِي هِيَ مَنَعَتُهُ وَقُوَّتُهُ (وَأَمَانَتِهِ) أَيْ تَكْلِيفِهِ مِنْ إيجَابٍ وَتَحْرِيمٍ فَهِيَ تَرْجِعُ لِكَلَامِهِ (وَعَهْدِهِ) أَيْ إلْزَامِهِ وَتَكَالِيفِهِ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ (وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ) فَإِنَّهَا يَمِينٌ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِعِزَّةِ اللَّهِ، وَمَا بَعْدَهُ الْمَعْنَى (الْمَخْلُوقَ) فِي الْعِبَادِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180] {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] ، فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ. (وَكَأَحْلِفُ وَأُقْسِمُ، وَأَشْهَدُ) لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهِيَ أَيْمَانٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْحَاصِلِ، وَأَمَّا قَتْلُهُ بِمَعْنَى حَزِّ رَقَبَتِهِ فَهُوَ مُمْكِنٌ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الْوَاجِبُ) أَيْ خَرَجَ مَا وُقُوعُهُ وَاجِبٌ عَقْلًا أَوْ عَادَةً فَلَا يَكُونُ تَحْقِيقُ وُقُوعِهِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مُحَقَّقٌ فِي نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ تَحْقِيقُ وُقُوعِ مَا لَمْ يَجِبْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خَاصَّةً، وَأَوْرَدَ تت عَلَى الْمُصَنِّفِ عَدَمَ شُمُولِهِ لِلَّغْوِ وَالْغَمُوسِ إذَا تَعَلَّقَا بِغَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمِينٌ، وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ تَعْرِيفَهُ الْمَذْكُورَ لِلْيَمِينِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ لَا لِمُطْلَقِ الْيَمِينِ، وَاللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ إذَا تَعَلَّقَا بِغَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ كَالْمَاضِي لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ كُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّ اسْمَ فِي كَلَامِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ، وَأَرَادَ بِالِاسْمِ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ، سَوَاءٌ دَلَّ عَلَيْهَا وَحْدَهَا كَالْجَلَالَةِ أَوْ مَعَ صِفَةٍ كَالْخَالِقِ وَالْقَادِرِ وَالرَّازِقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةَ) أَيْ بَلْ الْمَقْصُودُ بِهِ امْتِنَاعُ النَّفْسِ مِنْ الْفِعْلِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةَ النَّذْرُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ دِينَارٌ صَدَقَةً فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْقُرْبَةُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ نَحْوَ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ) هَذَا يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَ نَحْوَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ فَعَلَتْ كَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فَيُقَيَّدُ الْإِنْشَاءُ بِمَا لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ بِأَنْ يُقَالَ وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ، وَإِلَّا تَدَاخَلَ مَعَ مَا قَبْلَهُ، وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءِ حَالَ كَوْنِهِ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ إذَا دَخَلَتْ وَجَبَ الطَّلَاقُ بِسَبَبِ إنْشَاءِ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ لِلطَّلَاقِ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ: لَا إنْ أُرِيدَ بِهِ حَقُّهُ) أَيْ لَا إنْ أَرَادَ الْحَالِفُ بِهِ الْحُقُوقَ الَّتِي لَهُ عَلَى عِبَادَةٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ شَيْئًا فَفِي عبق أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا مِثْلَ مَا إذَا أَرَادَ بِهِ الصِّفَةَ كَالْعَظَمَةِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُلُوهِيَّةَ، وَاَلَّذِي فِي عج أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا لَا يَكُونُ يَمِينًا وَتَبِعَهُ شب. وَاعْلَمْ أَنَّ أَيْمَنَ اللَّهِ قَسَمٌ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ ذَكَرَ مَعَهُ حَرْفَ الْقَسَمِ، وَهُوَ الْوَاوُ أَوْ لَا بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لَا إذَا ذَكَرَ مَعَهُ حَرْفَ الْقَسَمِ؛ لِأَنَّ أَيْمَنَ تُعُورِفَ فِي الْيَمِينِ بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَفِي بْن الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ، وَأَيْمُ اللَّهِ فِي جَوَازِ إثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا فَتَكُونُ مُقَدَّرَةً (قَوْلُهُ: وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ) هَاتَانِ الصِّفَتَانِ رَاجِعَتَانِ لِلْقُدْرَةِ، وَقِيلَ إنَّهُمَا مِنْ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ لِلصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ وَالْوُجُودِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِهِمَا الْمَعْنَى الْقَدِيمُ الْقَائِمُ بِهِ تَعَالَى، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْحَالِفُ بِهِمَا الْعَظَمَةَ وَالْجَلَالَ أَيْ الْمَهَابَةَ اللَّتَيْنِ جَعَلَهُمَا اللَّهُ فِي خَلْقِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا يَمِينٌ (قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ مَعَ الْأَوْرَاقِ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَسْمِيَةِ الْحَادِثِ مِنْ الْأَصْوَاتِ وَالْحُرُوفِ قُرْآنًا، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي تَسْمِيَةِ الْقَدِيمِ قُرْآنًا. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ) أَيْ، وَلَوْ تَحَقَّقَ سَبْقُ لِسَانِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ) الْأَوْلَى كَأَنْ يُرِيدَ بِالْعِزَّةِ الْمَنَعَةَ وَالْقُوَّةَ الَّتِي خَلَقَهَا فِي السَّلَاطِينِ وَالْجَبَابِرَةِ، وَيُرِيدُ بِأَمَانَةِ اللَّهِ أَمَانَتُهُ الَّتِي خَلَقَهَا فِي زَيْدٍ الْمُضَادَّةِ لِلْخِيَانَةِ، وَيُرِيدُ بِالْعَهْدِ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ كَتَطْهِيرِ الْبَيْتِ الَّذِي عَاهَدَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُمْ فَسَرُّوا

(إنْ نَوَى) بِاَللَّهِ لَا إنْ لَمْ يَنْوِهِ (وَأَعْزِمُ) أَوْ عَزَمْتُ (إنْ قَالَ بِاَللَّهِ) لَا إنْ لَمْ يَقُلْ، وَلَوْ نَوَى لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَقْصِدُ، وَأَهْتَمُّ، وَتَقْيِيدُهُ بِاَللَّهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُ أُقْسِمُ. (وَفِي أُعَاهِدُ اللَّهَ) لَأَفْعَلَنَّ أَوْ لَا فَعَلْتُ (قَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا لَيْسَ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ مُعَاهَدَةَ الشَّخْصِ رَبَّهُ لَيْسَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ وَعَطَفَ عَلَى بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ قَوْلَهُ: (لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ أَوْ أُعْطِيكَ عَهْدًا) (وَ) لَا بِقَوْلِهِ (عَزَمْتُ عَلَيْك بِاَللَّهِ) إلَّا مَا فَعَلْت كَذَا فَلَمْ يَفْعَلْ (وَ) لَا بِقَوْلِهِ (حَاشَا اللَّهَ) مَا فَعَلْت (وَمَعَادِ اللَّهِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَوْدِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ وَبِالْمُعْجَمَةِ مِنْ الْإِعَادَةِ أَيْ التَّحْصِينِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ (وَ) لَا بِقَوْلِهِ (اللَّهُ رَاعٍ أَوْ) اللَّهُ (كَفِيلٌ) أَوْ، وَكِيلٌ أَوْ شَهِيدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ لَا الْإِنْشَاءِ. (وَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ) وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَسِرِّ الْإِمَامِ وَالْوَلِيِّ فُلَانٍ مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ مُعَظَّمٍ شَرْعًا فَعَلْتُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ، وَفِي حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِذَلِكَ، وَكَرَاهَتِهِ وَهُوَ صَادِقٌ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْحَلِفُ بِالسُّلْطَانِ أَوْ نِعْمَةِ السُّلْطَانِ أَوْ بِرَأْسِهِ أَوْ رَأْسِ أَبِيهِ أَوْ تُرْبَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَحَرَامٌ قَطْعًا. (وَ) لَا بِصِفَاتِ الْأَفْعَالِ (كَالْخَلْقِ) وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ (وَالْإِمَاتَةِ) وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِالْمَقْدُورِ فَهِيَ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ مُتَجَدِّدَةٌ بِتَجَدُّدِ الْمَقْدُورِ (أَوْ) قَالَ (هُوَ يَهُودِيٌّ) أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ فَعَلَ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَلَا شَيْءَ لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ فِرِدَّةٌ، وَلَوْ هَازِلًا (وَ) لَا كَفَّارَةَ فِي كُلِّ يَمِينٍ (غَمُوسٍ) تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِغَمْسِهَا صَاحِبَهَا فِي النَّارِ أَيْ لِكَوْنِهَا سَبَبًا فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْغَمْسَ فِي النَّارِ، وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (بِأَنْ شَكَّ) الْحَالِفُ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ ظَنَّ) ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ، وَأَوْلَى إنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ (وَحَلَفَ) شَاكًّا أَوْ ظَانًّا أَوْ مُتَعَمِّدًا لِلْكَذِبِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ (بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) فَإِنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا وَفِيهِ نَظَرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَمَانَةَ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْإِلْزَامَاتُ، نَحْوُ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ إلَخْ، وَهِيَ تَرْجِعُ لِكَلَامِهِ تَعَالَى الْقَدِيمِ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا} [البقرة: 125] إلَخْ إذْ مَعْنَاهُ أَلْزَمْنَاهُمَا بِالتَّظْهِيرِ وَحِينَئِذٍ فَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الِاسْتِدْلَالَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ الْأَعْمَالُ الْمُكَلَّفُ بِهَا أَوْ الشَّهْوَةُ كَمَا هُوَ أَحَدُ التَّفَاسِيرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِزَّةِ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ الَّتِي خَلَقَهَا فِي بَعْضِ خَلْقِهِ أَوْ أَنَّهَا حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ مُحِيطَةٌ بِالْعَرْشِ أَوْ بِجَبَلِ قَافٍ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَهْدِ الْأُمُورُ الَّتِي عَاهَدَهُمْ عَلَيْهَا، وَأَمَرَهُمْ بِهَا كَمَا قِيلَ. (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِاَللَّهِ) أَيْ، وَأَوْلَى إذَا نَطَقَ بِهِ الْمُرَادُ بِنِيَّتِهِ تَقْدِيرُهُ أَيْ إنْ قَدَّرَ هَذَا اللَّفْظَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ وَيُلَاحِظْهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَقُلْ، وَلَوْ نَوَى) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ النِّيَّةَ فِيهِ كَافِيَةٌ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنْ أَعْزِمَ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ أَسْأَلُ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْضُوعٍ لِلْقَسَمِ احْتَاجَ فِي كَوْنِهِ قَسَمًا إلَى التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لِلْقَسَمِ كَانَتْ نِيَّةُ الْجَلَالَةِ، وَمَا يَقُومُ مَقَامَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ نَوَى بِهِمَا الْيَمِينَ، وَبِهِ قِيلَ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ مَحَلُّ كَوْنِهِمَا غَيْرَ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِمَا الْيَمِينَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَادِقٌ) أَيْ، وَأَلَّا يَكُنْ صَادِقًا كَانَ حَرَامًا قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَكَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، وَفَصَلَهُ بِالْكَافِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ غَيْرُ مَا سَبَقَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْيَمِينَ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، وَلَا بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، فَتَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِهَا لَيْسَ يَمِينًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا دَلَّ عَلَى صِفَاتِ الْأَفْعَالِ مِنْ الْأَسْمَاءِ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ يَمِينٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ، وَلَا يَرْتَدُّ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا عَلَّقَ لِقَصْدِهِ بِذَلِكَ إنْشَاءَ الْيَمِينِ لَا إخْبَارَهُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ فَرِدَّةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، وَقَوْلُهُ، وَلَوْ هَازِلًا أَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَغَمُوسٌ) قَالَ اللَّقَانِيُّ مُخْرَجٌ مِمَّا فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ الْيَمِينُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، وَلَا بِغَمُوسٍ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ أَوْ بِالْمُسْتَقْبَلِ فَفِيهَا الْكَفَّارَةُ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ تُسَمَّى غَمُوسًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَمُوسَ تُطْلَقُ عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ، سَوَاءٌ وَجَبَتْ فِيهَا كَفَّارَةُ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ اللَّغْوُ اسْمٌ لِلْمَفْهُومِ الْآتِي وَجَبَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ كَذَا نَقُلْ شَيْخُنَا عَنْ عج (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ) أَيْ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي مَجِيءِ زَيْدٍ أَمْسِ، وَعَدَمِ مَجِيئِهِ ثُمَّ حَلَفَ مَعَ شَكِّهِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ جَاءَ وَحَلَفَ أَنَّهُ جَاءَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا عَلِمَ عَدَمَ مَجِيئِهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا) أَيْ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ مُسْتَمِرٌّ، قَالَ عج: وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ عَتَّابٍ لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَا يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الظَّاهِرِ لَا أَنَّ إثْمَ الْجَرَاءَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُهُ إلَّا التَّوْبَةُ، قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. بْن فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا أَيْ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةٌ بَلْ تَنْقَطِعُ، وَقَوْلُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ فَإِنَّ إثْمَ الْجَرَاءَةِ

كَذَا إنْ قَوِيَ الظَّنُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ، وَكَذَا إذَا قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّيٍّ (وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ) وُجُوبًا بِأَنْ يَعْزِمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ نَادِمًا عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ فِي هُوَ يَهُودِيٌّ، وَمَا بَعْدَهُ (وَإِنْ) (قَصَدَ) فِي حَلِفِهِ (بِكَالْعُزَّى) مِنْ كُلِّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (التَّعْظِيمَ) مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ (فَكُفْرٌ) وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَحَرَامٌ. (وَلَا) كَفَّارَةَ فِي يَمِينٍ (لَغْوٍ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى غَمُوسٍ أَيْ لَا بِغَمُوسٍ، وَلَا لَغْوٍ تَعَلَّقَتْ بِمَاضٍ أَوْ حَالٍ بِأَنْ حَلَفَ (عَلَى مَا) أَيْ عَلَى شَيْءٍ (يَعْتَقِدُهُ) أَيْ يَجْزِمُ بِهِ (فَظَهَرَ) لَهُ (نَفْيُهُ) فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ كُفِّرَتْ كَالْغَمُوسِ، فَاللَّغْوُ وَالْغَمُوسُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا إنْ تَعَلَّقَا بِمَاضٍ، وَفِيهِمَا الْكَفَّارَةُ إنْ تَعَلَّقَا بِالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ تَعَلَّقَا بِالْحَالِ كُفِّرَتْ الْغَمُوسُ دُونَ اللَّغْوِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْأُجْهُورِيِّ: كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا ... لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا (وَلَمْ يُفِدْ) لَغْوُ الْيَمِينِ (فِي غَيْرِ) الْحَلِفِ بِ (اللَّهِ) وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ. (كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ، وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ فَإِنْ قَالَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَزِمَهُ، وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَفَعَهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (إنْ قَصَدَهُ) أَيْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ حَلَّ الْيَمِينِ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ أَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ سَهْوًا (كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدُ أَوْ يَقْضِي عَلَى الْأَظْهَرِ) فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَلَا يُفِيدُ فِي غَيْرِهِ (وَأَفَادَ) الِاسْتِثْنَاءُ (بِكَإِلَّا) مِنْ خَلَا، وَعَدَا وَحَاشَا وَلَيْسَ، وَلَا يَكُونُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ غَايَةٍ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مُسْتَقْبَلَةً أَوْ مَاضِيَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً أَوْ غَمُوسًا كَمَنْ حَلَفَ أَنْ يَشْرَبَ الْبَحْرَ ثُمَّ اسْتَثْنَى نَحْوَ إلَّا أَكْثَرَهُ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى الْجَمِيعِ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً لَكِنْ يَخُصُّ الِاسْتِثْنَاءَ حِينَئِذٍ بِغَيْرِ الْمَشِيئَةِ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا نَحْوُ لَأَشْرَبَنَّ الْبَحْرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَكْثَرَهُ. ثُمَّ أَشَارَ لِشُرُوطِ الِاسْتِثْنَاء الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّصَلَ) الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ لَمْ يُفِدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إذَا تَبَيَّنَ صِدْقُهُ، وَإِنَّمَا تُزِيلُهُ التَّوْبَةُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قَوِيَ الظَّنُّ) أَيْ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا لَا يَكُونُ غَمُوسًا إذَا لَمْ يَقْوَ ظَنُّهُ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ، وَلَكِنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ بِأَنْ شَكَّ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ، وَهُوَ تَعَلُّقُهَا بِمَاضٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ ظَنَّ مُقَيَّدٌ بِثَلَاثِ قُيُودٍ تَعَلُّقُهَا بِمَاضٍ، وَعَدَمُ قُوَّةِ الظَّنِّ، وَعَدَمُ قَوْلِهِ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ بَكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ كُلَّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِثْلُ الْلَاتِ وَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ، وَمَا نُسِبَ لَهُ فِعْلٌ كَالْأَزْلَامِ، وَهِيَ الْأَقْدَاحُ وَاحِدُهَا زَلَمٌ كَجَمَلٍ فَكَانُوا إذَا قَصَدُوا فِعْلًا ضَرَبُوا ثَلَاثَةَ أَقْدَاحٍ مَكْتُوبٌ عَلَى أَوَّلِهَا أَمَرَنِي رَبِّي، وَعَلَى الثَّانِي نَهَانِي رَبِّي، وَعَلَى الثَّالِثِ غُفْلَ وَالْمُرَادُ بِضَرْبِهَا تَحْرِيكُهَا فِي كِيسٍ مِنْ جِلْدٍ فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مَضَى، وَإِنْ خَرَجَ الثَّانِي تَرَكَ، وَإِنْ خَرَجَ الثَّالِثُ أَعَادُوا الضَّرْبَ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ) ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِالْحَلِفِ بِهَا تَعْظِيمَهَا لَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَفَرَ فِي الْأَصْنَامِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ) الْمُرَادُ بِهِ النَّذْرُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَعَلَيَّ نَذْرٌ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ فِي الدَّارِ وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ لَقَدْ دَفَعَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ لِبَائِعِهَا فَبَانَ أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لِأَخِيهِ فَقَالَ مَا كُنْت ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْته إلَّا لِلْبَائِعِ قَالَ مَالِكٌ يَحْنَثُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَيُفِيدُ اللَّغْوَ فِيهَا فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] الْمُرَادُ بِهَا الْأَيْمَانَ الشَّرْعِيَّةَ، وَهِيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالْمَشْيُ وَالصَّدَقَةُ فَلَيْسَتْ أَيْمَانًا شَرْعِيَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ إلْزَامَاتٌ، وَلِذَلِكَ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمَا حُرُوفُ الْقَسَمِ، وَكَانَ الْحَلِفُ بِهَا مَمْنُوعًا (قَوْلُهُ: كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) إطْلَاقُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ (قَوْلُهُ: وَيُفِيدُ فِي اللَّهِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ غَمُوسًا، وَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَهُ) هَذَا شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ، وَهُوَ الْإِفَادَةُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ أَوْ يَقْضِي اللَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِكَإِلَّا) أَيْ بِإِلَّا، وَمَا مَاثَلَهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوَ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ مَا خَلَا اللَّهَ أَوْ مَا حَاشَا اللَّهَ أَوْ مَا عَدَا اللَّهَ أَوْ لَيْسَ اللَّهُ أَوْ لَا يَكُونُ اللَّهُ (قَوْلُهُ: مِنْ شَرْطٍ) نَحْوُ لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ إنْ كَانَ فِيهَا أَوْ لَا أَدْخُلُ دَارِهِ الْفُلَانِيَّةَ أَوْ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبَلَةً) أَيْ نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا تَطْلُعُ

[الاستثناء في اليمين وشرائطه]

كَانَ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا (إلَّا لِعَارِضٍ) لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ انْقِطَاعِ نَفْسٍ أَوْ تَثَاؤُبٍ لَا لِتَذَكُّرٍ وَرَدِّ سَلَامٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَضُرُّ (وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ نَوْعَ النُّطْقِ بِهِ إلَّا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ سَهْوًا فَلَا يُفِيدُ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا (وَقَصَدَ) بِهِ حَلَّ الْيَمِينِ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَلَوْ بِتَذْكِيرِ غَيْرِهِ لَهُ لَا إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ كَإِلَّا (وَنَطَقَ بِهِ، وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ) ، وَمَحَلُّ نَفْعِهِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ شَرْطٍ فِي نِكَاحٍ أَوْ عَقْدِ بَيْعٍ، وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حِينَئِذٍ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَنَطَقَ بِهِ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ أَيْ فِي كُلِّ يَمِينٍ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَعْزِلَ) أَيْ يَخْرُجَ الْحَالِفُ (فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى النُّطْقِ وَتَكْفِي النِّيَّةُ، وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (كَالزَّوْجَةِ يَعْزِلُهَا أَوَّلًا فِي) الْحَلِفِ بِقَوْلِهِ (الْحَلَالُ) أَوْ كُلُّ حَلَالٍ (عَلَيَّ حَرَامٌ) لَا أَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ إخْرَاجٌ لِمَا دَخَلَ فِي الْيَمِينِ أَوَّلًا فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا عَمَّا لَوْ طَرَأَتْ النِّيَّةُ لَهُ بَعْدَ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ فَلَا يَكْفِي، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ نُطْقًا مُتَّصِلًا وَقَصَدَ حَلَّ الْيَمِينِ ثُمَّ نِيَّةُ مَا عَدَاهَا لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ تَحْرِيمَ شَيْءٍ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ كَمَا يَأْتِي فَالْكَافُ فِي كَالزَّوْجَةِ زَائِدَةٌ أَوْ لِإِدْخَالِ الْأَمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّمْسُ غَدًا إلَّا أَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً. [الِاسْتِثْنَاء فِي الْيَمِين وَشَرَائِطه] (قَوْلُهُ: كَانَ مَشِيئَةً) أَيْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَشِيئَتَهُ أَيْ كَانَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِإِلَّا، وَأَخَوَاتِهَا (قَوْلُهُ: لَا لِتَذَكُّرِ) أَيْ لَا إنْ فَصَلَ لِتَذَكُّرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا قَصَدَ حِلَّ الْيَمِينِ مِنْ أَوَّلِ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ بَلْ، وَلَوْ قَصَدَ حِلَّ الْيَمِينِ بَعْدَ فَرَاغِهِ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَخِيرِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّتِهِ قَبْلَ تَمَامِهِ نَقْلًا ابْنُ رُشْدٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَالْمَشْهُورُ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ لَا يَنْوِيَ أَوَّلًا إدْخَالَ مَا أَخْرَجَهُ آخِرًا بِالِاسْتِثْنَاءِ فَإِنْ نَوَى إدْخَالَهُ أَوَّلًا ثُمَّ إخْرَاجَهُ ثَانِيًا فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ كَمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَنَصُّهُ لَوْ قَصَدَ أَوَّلًا إدْخَالَ الزَّوْجَةِ مَعَ غَيْرِهَا لَمْ يُفِدْ اسْتِثْنَاؤُهُ إيَّاهَا بِحَالٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَلَوْ بِتَذْكِيرِ غَيْرِهِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: بِتَذْكِيرٍ إلَخْ أَيْ كَمَا يَقَعُ لِمَنْ يَقُولُ لِلْحَالِفِ قُلْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُوصِلُ النُّطْقَ بِهَا عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سِرًّا) لَوْ قَالَ، وَلَوْ سِرًّا إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ نَفْعِهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَنْفَعُهُ) أَيْ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حِينَئِذٍ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ لَا يَرْضَى بِاسْتِثْنَائِهِ وَخَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَالَ يَنْفَعُ الِاسْتِثْنَاءُ فِيمَا ذَكَرَ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِمَنْعِهِ حَقَّ الْغَيْرِ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ الْبَرْمُونِيُّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْزِلَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ حَلِفِهِ شَيْئًا مِنْ يَمِينِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلنُّطْقِ بِمَا أَخْرَجَهُ بِنِيَّتِهِ وَتَكْفِي النِّيَّةُ فِي الْإِخْرَاجِ، وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَزْلِ وَالْإِخْرَاجِ أَوْ لَا يَحْلِفُ، وَيُصَدَّقُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الْعَزْلَ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ الِانْقِطَاعُ إذْ لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا لَكَانَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاشَاةِ إخْرَاجَهُ أَوْ لَا بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَكِنْ نِيَّةً لَا نُطْقًا، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ إخْرَاجُهُ بِالْقَلْبِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُحَاشَاةُ بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ فَمَتَى نَوَى الْإِخْرَاجَ بِالْأَدَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فِي جَعْلِ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَ الْيَمِينِ مُحَاشَاةً (قَوْلُهُ: فِي يَمِينِهِ أَوْ لَا) اعْلَمْ أَنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْمُحَاشَاةَ أَصْلُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَتَبِعَهُ اللَّخْمِيُّ، وَفَسَّرَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ، وَقَبِلَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ عَلَيْهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح. وَحَاصِلُهُ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَصِّصَةَ إنْ كَانَتْ أَوَّلًا نَفَعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَثْنَاءِ لَمْ تَنْفَعْهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الِاسْتِثْنَاءِ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَوَّلِيَّةِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ النِّيَّةَ إذَا كَانَتْ فِي الْأَثْنَاءِ فَإِنَّهَا تَنْفَعُ قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَالْمُحَاشَاةُ هِيَ التَّخْصِيصُ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانَ فَلَيْسَتْ الْمُحَاشَاةُ شَيْئًا غَيْرَ التَّخْصِيصِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ شَرْطُ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ حُصُولُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْيَمِينِ، وَهِيَ بَعْدَهُ لَغْوٌ، وَلَوْ وُصِلَتْ بِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ بِهِ، وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلَ ابْنِ مُحْرِزٍ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ النِّيَّةَ تَنْفَعُهُ إنْ وَقَعَتْ أَوَّلًا أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ وَنَسَبَ ابْنُ هَارُونَ هَذَا الْمَشْهُورَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ لَهَا ذَلِكَ وَنَقَلَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا عَمَّا إذَا طَرَأَتْ إلَخْ فِيهِ مَيْلٌ لِذَلِكَ الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ) أَيْ، وَهُوَ الْحَلَالُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أُرِيدُ بِهِ الْخُصُوصَ أَيْ، وَهُوَ مَا عَدَا الزَّوْجَةَ فَهُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ ابْتِدَاءً فِي جُزْئِيٍّ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ (قَوْلُهُ: فَالْكَافُ فِي كَالزَّوْجَةِ زَائِدَةٌ) أَيْ وَالْأَصْلُ إلَّا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا الزَّوْجَةَ فِي حَلِفِهِ بِقَوْلِهِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُحَاشَاةِ خَاصَّةٌ بِمَسْأَلَةِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَلَكِنَّ الزِّيَادَةَ لِلْكَافِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلتَّمْثِيلِ، وَأَنَّ مَفْعُولَ يَعْزِلُ، وَهُوَ الْمُمَثِّلُ لَهُ مَحْذُوفٌ وَالْأَصْلُ إلَّا أَنْ يَعْزِلَ -

[كفارة اليمين]

(وَ) مَسْأَلَةُ الْعَزْلِ هَذِهِ (هِيَ الْمُحَاشَاةُ) أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ حَاشَى الزَّوْجَةَ أَوَّلًا أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ يَمِينِهِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الْمُنْعَقِدَةُ يُشَارِكُهَا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ فَيَكُونُ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ نَبَّهَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا كَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ (وَ) فِي (الْيَمِينِ) بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ يَمِينٌ (وَ) فِي (الْكَفَّارَةِ) أَيْ الْحَلِفِ بِهَا كَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ، وَفَعَلَهُ (وَ) فِي الْيَمِينِ (الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ) وَتُصَوَّرُ بِصِيغَتَيْنِ (بِإِنْ فَعَلْت) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَهِيَ نَافِيَةٌ كَلَا (وَلَا فَعَلْت) وَالْمَعْنَى فِيهِمَا لَا أَفْعَلُ كَذَا؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي، وَإِنَّمَا كَانَتْ مُنْعَقِدَةً عَلَى بِرٍّ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (أَوْ) الْمُنْعَقِدَةُ عَلَى (حِنْثٍ) ، وَيَحْصُلُ أَيْضًا بِإِحْدَى صِيغَتَيْنِ (بِلَأَفْعَلَنَّ) كَذَا (أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ) كَذَا مَا أَقَمْت فِي هَذِهِ الدَّارِ ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهَا (إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ) أَيْ لَمْ يَضْرِبْ لِيَمِينِهِ أَجَلًا فَإِنْ أَجَّلَ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فِيهِ فَلَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى بِرٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنِيَّتِهِ قَبْلَ حَلِفِهِ شَيْئًا مِنْ يَمِينِهِ كَالزَّوْجَةِ فِي حَلِفِهِ بِقَوْلِهِ الْحَلَالُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ الْمُحَاشَاةَ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا. قَالَ طفى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِمَسْأَلَةِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِإِطْلَاقِهِمْ فِي أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَصِّصَةَ لَا تُقْبَلُ مَعَ الْمُرَافَعَةِ، وَقَالُوا فِي الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ تُقْبَلُ الْمُحَاشَاةُ، وَلَوْ رَفَعَتْهُ النِّيَّةُ قُلْت قَدْ يُرَدُّ اسْتِدْلَالُهُ هَذَا بِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْقَائِلُ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ ادَّعَى مُحَاشَاةَ زَوْجَتِهِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِادِّعَاءِ خِلَافِ ظَاهِرِ لَفْظِهِ كَحَالِفٍ لَا كَلَّمْت زَيْدًا، وَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا وَتَصْدِيقُهُ فِي الزَّوْجَةِ اسْتِحْسَانٌ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ الْيَمِينِ. اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُفِيدُ قَبُولَ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ فِي كُلِّ يَمِينٍ، وَقَوْلُهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إلَخْ إشَارَةٌ لِمَا قُلْنَاهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا عَزَلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا هَلْ يَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَزْلِ أَوْ لَا يَحْلِفُ، وَيُصَدَّقُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الْعَزْلَ. قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا أَفَادَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ الْمُحَاشَاةَ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ، وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِإِطْلَاقِهِمْ قَبُولَ الْمُحَاشَاةِ وَتَفْصِيلُهُمْ فِي النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ كَمَا يَأْتِي، وَمَا ادَّعَاهُ طفى مِنْ تَخْصِيصِهَا بِالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَإِنْ ادَّعَى اطِّرَادَهَا فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ اُنْظُرْ بْن. [كَفَّارَة الْيَمِين] (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ لَهُ مَخْرَجًا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ الْمَنْذُورَ أَمَّا لَوْ عَيَّنَ مَخْرَجَهُ بِاللَّفْظِ أَوْ النِّيَّةِ لَزِمَهُ مَا عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ: كَعَلَيَّ نَذْرٌ إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَيَّ صِيغَةُ نَذْرٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلَّقَ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ، وَعَلَيَّ كَذَا صِيغَةُ نَذْرٍ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ أَوْ عَلَّقَ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مُكْتَسَبٍ لِلشَّخْصِ فَإِنْ عَلَّقَ عَلَى مُكْتَسَبٍ لِلشَّخْصِ فَهُوَ نَذْرٌ وَيَمِينٌ بِاعْتِبَارَيْنِ فَهُوَ نَذْرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ مَنْدُوبٍ، وَيَمِينٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةَ بَلْ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْفِعْلِ، وَالْأَرْبَعَةُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ، وَقَوْلُهُ وَالْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ أَيْ، وَفِي نَذْرِ الْيَمِينِ وَنَذْرِ الْكَفَّارَةِ فَيَنْدَرِجُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الصُّوَرُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ، وَفِي الْحَلِفِ بِالْيَمِينِ وَالْكَفَّارَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ فِي الْحَلِفِ بِالْيَمِينِ مَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِي الْيَمِينِ الطَّلَاقَ، وَإِلَّا لَزِمَهُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ كَمَا فِي بْن عَنْ الْوَنْشَرِيسِيِّ وَغَيْرِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِعُرْفِ الْبُلْدَانِ الَّذِي تَعَارَفُوهُ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ عُرْفُهُمْ الْبَتَاتَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ كَانَ عُرْفُهُمْ اسْتِعْمَالَهُ فِي الطَّلَاقِ فَقَطْ حُمِلَ عَلَى الرَّجْعِيِّ، وَعُرْفُ مِصْرَ إذَا قَالَ يَمِينُ سَفَهٍ كَانَ طَلَاقًا فَلَوْ جَمَعَ الْأَيْمَانَ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَيْمَانٌ تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ، وَفِي الْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ قَوْلٌ بِاتِّحَادِهَا لِتَكَرُّرِ صِيغَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ أَيْمَانٌ يَمِينًا وَاحِدَةً لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ نَصٌّ، وَإِنْ أَرَادَ اثْنَيْنِ فَتَرَدُّدٌ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا مَا أَقَمْتُ فِي هَذِهِ الدَّارِ) ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ إنْ نَافِيَةٌ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ، وَشَرْطِيَّةٌ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ نَافِيَةٌ فِي الصِّيغَتَيْنِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ نَحْوُ وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أُكَلِّمْ زَيْدًا، وَمَعْنَى الصِّيغَةِ الْأُولَى لَا أُكَلِّمُهُ، وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ لَا كَلَّمْته؛ لِأَنَّ إنْ نَافِيَةٌ، وَلَمْ نَافِيَةٌ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَالْفِعْلُ فِي الصِّيغَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا لَكِنَّ مَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَالُ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَاَلَّذِي صَرَفَ الْمَاضِيَ لِلِاسْتِقْبَالِ الْإِنْشَاءُ إذْ الْحَلِفُ إنْشَاءٌ، وَإِنْ ذُكِرَ لَهَا جَوَابٌ فَهِيَ شَرْطِيَّةٌ فِيهِمَا نَحْوُ وَاَللَّهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ، وَلَمْ أَضْرِبْ زَيْدًا مَا أَقَمْت فِي هَذِهِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ) هَذَا شَرْطٌ فِي كَوْنِ الصِّيغَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ صِيغَتَيْ حِنْثٍ لَا شَرْطَ فِي تَنْجِيزِ الْحِنْثِ عَلَيْهِ، وَلَا فِي قَوْلِهِ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِطْعَامِ فِي لَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ التَّأْجِيلِ. وَحَاصِلُ مَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْحَالِفَ بِهَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ إذَا لَمْ يَضْرِبْ لِيَمِينِهِ أَجَلًا أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ نَحْوَ، وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ لَكِنْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمَوْتِ، وَمِنْ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَاَللَّهِ لَأُطَلِّقَنَّكِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْكَفَّارَةِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَوْتِهَا -

حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْفِعْلِ أَوْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ كَمَا سَيَأْتِي وَسُمِّيَتْ يَمِينُ حِنْثٍ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ. (إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) هَذَا مُبْتَدَأٌ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَفِي النَّذْرِ إلَخْ خَبَرُهُ بِالْإِطْعَامِ التَّمْلِيكُ وَبِالْمِسْكِينِ مَا يَعُمُّ الْفَقِيرَ وَشَرْطُهُ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَمُ لُزُومِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْمُخْرِجِ (لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ (مُدٌّ) مِمَّا يُخْرَجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ) قَالَ أَشْهَبُ (أَوْ نِصْفِهِ) قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ الزِّيَادَةُ بِالِاجْتِهَادِ لَا بِحَدٍّ، وَهُوَ الْوَجْهُ (أَوْ) لِكُلٍّ (رِطْلَانِ خُبْزًا) بِالْبَغْدَادِيِّ أَصْغَرُ مِنْ رِطْلِ مِصْرَ بِيَسِيرٍ (بِأُدْمٍ) نَدْبًا فَيُجْزِئُ بِلَا إدَامٍ عَلَى الرَّاجِحِ، وَالتَّمْرُ وَالْبَقْلُ إدَامٌ (كَشِبَعِهِمْ) مَرَّتَيْنِ كَغَدَاءٍ، وَعَشَاءٍ أَوْ غَدَاءَيْنِ أَوْ عَشَاءَيْنِ، وَسَوَاءٌ تَوَالَتْ الْمَرَّتَانِ أَمْ لَا فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِطُولٍ أَمْ لَا مُجْتَمِعِينَ - الْعَشَرَةَ - أَوْ مُتَفَرِّقِينَ مُتَسَاوِينَ فِي الْأَكْلِ أَمْ لَا وَالْمُعْتَبَرُ الشِّبَعُ الْوَسَطُ فِي الْمَرَّتَيْنِ، وَلَوْ أَكَلُوا أَكْثَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ الْأَمْدَادِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ الْأَمْدَادُ الْعَشَرَةَ. وَأَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي عَلَى التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) أَيْ الْعَشَرَةِ وَيَكْفِي الْمَلْبُوسُ الَّذِي فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ (لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ) يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهِ لَا إزَارٌ أَوْ عِمَامَةٌ (ولِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ) أَيْ قَمِيصٌ سَاتِرٌ (وَخِمَارٌ، وَلَوْ غَيْرَ وَسَطِ) كِسْوَةِ (أَهْلِهِ، وَالرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ بِنَوْعَيْهِ الْأَمْدَادِ وَالْخُبْزِ بِشَرْطِ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيُعْطَى رِطْلَيْنِ خُبْزًا وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْهُ إلَّا فِي مَرَّاتٍ، وَلَا يَكْفِي إشْبَاعُهُ الْمَرَّتَيْنِ إلَّا إذَا اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ، وَيُعْطَى كِسْوَةَ كَبِيرٍ. وَأَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ (أَوْ عِتْقِ الرَّقَبَةِ) بِقَوْلِهِ (أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ) لَا جَنِينٍ، وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ مُؤْمِنَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ) أَيْ فَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ الْفِعْلِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْهُ شَرْعِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ لَا إنْ كَانَ عَقْلِيًّا فَلَا حِنْثَ. (قَوْلُهُ: عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) أَيْ فَإِنْ انْتَهَبُوهَا فَإِنْ عَلِمَ مَا أَخَذَ كُلٌّ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً فَأَقَلَّ بَنَى عَلَى وَاحِدٍ. اهـ. شب (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ الْحُرِّيَّةُ إلَخْ) أَيْ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مِنْ مَحَلِّ الْحِنْثِ، وَقَدْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّارَ عَلَى أَيِّ مَسَاكِينَ كَانُوا (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ لُزُومِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْمُخْرِجِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْهَا الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْفَقِيرِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ الزَّوْجَةُ مِنْهَا لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا الْفَقِيرَيْنِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُخْرَجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ) ، وَهِيَ الْأَنْوَاعُ التِّسْعَةُ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالزَّبِيبُ وَالدُّخْنُ وَالذُّرَةُ وَالْأَرُزُّ وَالْعَلْسُ وَالتَّمْرُ. انْتَهَى. وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُدَّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا أَخْرَجَ مِنْ الْبُرِّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ مِنْ الشَّعِيرِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُخْرِجْ وَسَطَ الشِّبَعِ مِنْهُ. اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ) أَيْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَلَا تُنْدَبُ لَهُمْ الزِّيَادَةُ لِقِلَّةِ الْقُوتِ فِيهَا، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ شَامِلٌ لِمَكَّةَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْإِمَامِ إلَخْ) لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ بِوُجُوبِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: مُتَسَاوِينَ فِي الْأَكْلِ أَمْ لَا) وَاشْتَرَطَ التُّونُسِيُّ تَقَارُبَهُمْ فِي الْأَكْلِ كَذَا فِي الْبَدْرِ لَا تَسَاوِيهِمْ فِيهِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الْمَلْبُوسُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِسْوَةِ أَنْ تَكُونَ جَدِيدَةً (قَوْلُهُ: ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهِ) عِبَارَةُ ح عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ يُعْطَى لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ، وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ الَّذِي يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ. فَقَوْلُ شَارِحِنَا لَا إزَارَ أَوْ عِمَامَةَ أَيْ زَائِدٌ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ الْمُرَادُ لَا إزَارَ فَقَطْ يَعْنِي لَا يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْكِسْوَةُ لَيْسَتْ مِنْ كِسْوَةِ وَسَطِ أَهْلِ بَلَدِهِ بَلْ دُونَ كِسْوَتِهِمْ، وَهَذَا بِخِلَافِ الطَّعَامِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ عَيْشُ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ عَيْشُ الْمُكَفِّرِ، وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْأَعْلَى مِنْهُمَا إنْ قَدَرَ عَلَى الْأَعْلَى. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إشْبَاعُهُ الْمَرَّتَيْنِ إلَّا إذَا اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ إلَخْ) صَوَابُهُ، وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ فَفِي طفى قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُغَدِّيَ الصِّغَارَ، وَيُعَشِّيَهُمْ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ يُعْطِي الرَّضِيعَ فِي الْكَفَّارَةِ إذَا كَانَ قَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ بِقَدْرِ مَا يُعْطِي الْكَبِيرَ ثُمَّ قَالَ وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلًا بِأَنَّ الصَّغِيرَ يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ خَاصَّةً. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ نَقْلُهُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إعْطَاءُ الصَّغِيرِ مَا يَكْفِيهِ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ تَوْجِيهُ الْبَاجِيَّ كَوْنُ كَسَوْته كَكَبِيرٍ بِالْقِيَاسِ عَلَى كَوْنِ إطْعَامِهِ كَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فِي الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: وَيُعْطِي كِسْوَةَ كَبِيرٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ، وَقِيلَ إنَّ الصَّغِيرَ يُعْتَبَرُ فِي نَفْسِهِ فَيُعْطَى ثَوْبًا بِقَدْرِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كِسْوَةِ الصَّغِيرِ قَوْلَيْنِ كَمَا عَلِمْت، وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَإِنْ كَانَ يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ اللَّبَنِ كَفَى إشْبَاعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ اللَّبَنِ فَلَا يَكْفِي إشْبَاعُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُدِّ أَوْ رِطْلَيْنِ خُبْزًا كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَالنَّقْلُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت، وَهُوَ أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ سَوَاءٌ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ اللَّبَنِ أَوْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُعْطَى مَا يُعْطَاهُ الْكَبِيرُ الثَّانِي مَا حَكَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ الصَّغِيرَ يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ خَاصَّةً.

وَفِي الْأَعْجَمِيِّ تَأْوِيلَانِ سَلِيمَةٌ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَبُكْمٍ، وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ، وَقَطْعِ أُذُنٍ وَصَمَمٍ، وَهَرَمٍ، وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ إلَى آخَرَ مَا قَالَ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى النَّوْعِ الرَّابِعِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي عَلَى التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) إذَا عَجَزَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ عَنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ لَزِمَهُ (صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَنُدِبَ تَتَابُعُهَا. (وَلَا تُجْزِئُ) الْكَفَّارَةُ حَالَ كَوْنِهَا (مُلَفَّقَةٌ) مِنْ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ كَإِطْعَامٍ مَعَ كِسْوَةٍ، وَأَمَّا مِنْ صِنْفَيْ نَوْعٍ فَيُجْزِئُ فِي الطَّعَامِ فَيَجُوزُ تَلْفِيقُهَا مِنْ الْأَمْدَادِ وَالْأَرْطَالِ وَالشِّبَعِ، وَيَجُوزُ رَفْعُ مُلَفَّقَةٍ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ يُجْزِئُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا يُجْزِي (مُكَرَّرٌ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ (لِمِسْكِينٍ كَخَمْسَةٍ يُطْعِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ أَوْ يَكْسِي كُلَّ وَاحِدٍ ثَوْبَيْنِ) (وَ) لَا (نَاقِصَ) (كَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (نِصْفٌ) مِنْ مُدٍّ (إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ) فِي الْمُلَفَّقَةِ عَلَى نَوْعٍ لَاغِيًا لِلْآخَرِ فِي الْإِطْعَامِ مَعَ الْكِسْوَةِ، وَيَكْمُلُ فِي الْمُكَرَّرِ عَلَى الْخَمْسَةِ، وَيَكْمُلُ فِي النَّاقِصِ عَلَى النِّصْفِ بِنِصْفٍ آخَرَ لِعَشَرَةٍ (وَهَلْ) مَحَلُّ إجْزَاءِ التَّكْمِيلِ فِي النَّاقِصِ (إنْ بَقِيَ) مَا أَخَذَهُ بِيَدِ الْمِسْكِينِ لِيَكْمُلَ لَهُ الْمُدُّ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ بَلْ تُجْزِئُ، وَلَوْ ذَهَبَ مِنْ يَدِهِ (تَأْوِيلَانِ) ، وَأَمَّا التَّكْمِيلُ فِي الْمُلَفَّقَةِ وَالْمُكَرَّرَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَقَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُكَفِّرِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (نَزْعُهُ) أَيْ نَزْعُ مَا زَادَ بَعْدَ التَّكْمِيلِ (إنْ بَيَّنَ) لِلْمِسْكِينِ وَقْتَ الدَّفْعِ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَوَجَدَهُ بَاقِيًا بِيَدِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ نَزَعَ وَالنَّزْعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ (بِالْقُرْعَةِ) إذْ لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَمَحَلُّهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ الْآخِذُ بَعْدَ تَمَامِ عَشَرَةٍ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَخْذُ مِنْهُ بِلَا قُرْعَةٍ. (وَجَازَ) التَّكْرَارُ (لِثَانِيَةٍ) أَيْ مِنْ كَفَّارَةٍ ثَانِيَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَهَا لِمَسَاكِينِ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى (إنْ) كَانَ (أَخْرَجَ) الْأُولَى قَبْلَ الْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِلَّا) يُخْرِجُ الْأُولَى أَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ (كُرِهَ) لَهُ دَفْعُ الثَّانِيَةِ لِمَسَاكِينِ الْأُولَى لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَتَيْنِ هَذَا إنْ اتَّحَدَ مُوجَبُهُمَا كَيَمِينَيْنِ بِاَللَّهِ بَلْ (وَإِنْ) اخْتَلَفَ (كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْكَرَاهَةِ (وَأَجْزَأَتْ) الْكَفَّارَةُ أَيْ إخْرَاجُهَا (قَبْلَ حِنْثِهِ وَوَجَبَتْ بِهِ) أَيْ بِالْحِنْثِ، وَهُوَ فِي الْبِرِّ بِالْفِعْلِ، وَفِي الْحِنْثِ بِعَدَمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْأَعْجَمِيِّ) (تَأْوِيلَانِ) الْمُرَادُ بِالْأَعْجَمِيِّ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْأَيْمَانَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا عَجَزَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ) أَيْ لَا وَقْتَ الْيَمِينِ، وَلَا وَقْتَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: تَتَابُعُهَا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَتَابُعَهَا فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ فِي أَصْلِ الْكَفَّارَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ التَّتَابُعِ لَكِنْ لَا لِخُصُوصِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: كَإِطْعَامٍ مَعَ كِسْوَةٍ) أَيْ كَالتَّلْفِيقِ مِنْ إطْعَامٍ مَعَ كِسْوَةٍ كَأَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً مَثَلًا، وَيَكْسُوَ خَمْسَةً مَثَلًا فَلَا تُجْزِئُ مِنْ حَيْثُ التَّلْفِيقُ، وَإِنْ صَحَّ التَّكْمِيلُ عَلَى إحْدَاهُمَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ صِنْفَيْ نَوْعٍ) أَيْ، وَأَمَّا التَّلْفِيقُ مِنْ صِنْفَيْ نَوْعٍ، وَقَوْلُهُ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ أَصْنَافٌ، وَجَمِيعُ أَفْرَادِ الْكِسْوَةِ صِنْفٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ مُكَرَّرٌ) أَيْ تَكْفِيرٌ مُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ عِنْدُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِوُجُوبِ الْعَدَدِ لِتَصْرِيحِ الْآيَةِ بِهِ، وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ دَفْعَهَا لِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا سَدُّ الْخَلَّةِ لَا مَحَلُّهَا فَمَتَى سَدَّ عَشْرَ خَلَّاتٍ، وَلَوْ فِي وَاحِدٍ فَقَدْ أَتَى بِالْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ:، وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ عِيَاضٌ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبَقَاءِ بِأَيْدِيهِمْ لِوَقْتِ التَّكْمِيلِ كَمَا يُفِيدُهُ إجْزَاءُ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ) أَيْ، وَأَمَّا النَّزْعُ فِي مَسْأَلَةِ التَّلْفِيقِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ؛ لِأَنَّ نَزْعَهُ الْكِسْوَةَ لَيُبْنَى عَلَى الطَّعَامِ أَوْ الْعَكْسِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اخْتِيَارِهِ لَا يَحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ، وَكَذَا نَزْعُهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّكْرِيرِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِخَمْسَةِ مَسَاكِينَ عَشَرَةَ أَمِدَادً ثُمَّ كَمَّلَ بِإِعْطَاءِ خَمْسَةِ مَسَاكِينَ خَمْسَةَ أَمِدَادً فَإِنَّ رُجُوعَهُ عَلَى الْخَمْسَةِ الْأُولَى بِخَمْسَةِ أَمِدَادً لَا يَحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ بَلْ لَا تَتَأَتَّى فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُخْرِجُ الْأُولَى) أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَدَمُ إخْرَاجِهَا لِوَقْتِ إخْرَاجِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ) أَيْ فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ أَمْدَادٍ الَّتِي عَنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَهَا فَهِيَ فِي مُقَابَلَةِ الْكَفَّارَتَيْنِ كَالْعَشَرَةِ الْأُولَى فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْطَى عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ عِشْرِينَ مُدًّا كُلَّ خَمْسَةَ عَشَرَ عَنْ كَفَّارَةٍ (قَوْلُهُ: مُبَالَغَةٌ فِي الْكَرَاهَةِ) دَفَعَ بِهَا مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْجَوَازِ، وَعَدَمِ الْمَنْعِ لِاخْتِلَافِ الْمُوجِبِ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَلِفُهُ بِنَذْرٍ مُبْهَمٍ أَوْ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الصِّيغَةُ صِيغَةً مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا، وَمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْحِنْثَ الْمُقَيَّدَ عَلَى بِرٍّ قَبْلَ ضِيقِ الْأَجَلِ فَإِذَا ضَاقَ تَعَيَّنَ لِلْحِنْثِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَكِلَاهُمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ. وَلِذَا حَاوَلَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ إنْ قَالَ هَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ مِنْ عَدَمِ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْأَحَبِّيَّةِ كَالْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ؛ لِأَنَّ الْأَحَبَّ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ لَا يُكَفِّرَ إلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ، وَإِنْ أَجْزَأَ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ كَفَّرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ بِهِ) أَيْ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ عَلَى الْفَوْرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُوجِبَهَا أَيْ شَرْطُهَا الْحِنْثُ -

(إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ) مُطْلَقٌ بِأَنْ كَانَ طَائِعًا مُطْلَقًا فِي يَمِينٍ حَنِثَ أَوْ بَرَّ أَوْ أُكْرِهَ فِي حِنْثٍ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَنْطُوقُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ بِبِرٍّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لَكِنْ بِقُيُودٍ سِتَّةٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الْفِعْلِ، وَأَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا، وَأَنْ لَا يَفْعَلَ ثَانِيًا طَوْعًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا هُوَ الْمُكْرِهُ لَهُ عَلَى فِعْلِهِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ يَمِينُهُ لَا أَفْعَلُهُ طَائِعًا، وَلَا مُكْرَهًا، وَإِلَّا حَنِثَ. وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مُخْتَصَّةً بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ الْتِزَامٌ لَا أَيْمَانٌ، وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْيَمِينِ، وَمَا تَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الِالْتِزَامَاتِ فَقَالَ (وَ) اللَّازِمُ (فِي) قَوْلِ الشَّخْصِ (عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) لَا فَعَلَتْ كَذَا، وَفَعَلَ (بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ) عِصْمَتَهَا (وَعِتْقُهُ) أَيْ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ حِينَ الْيَمِينِ فِيهِمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ، وَقَبْلَ الْحِنْثِ (وَصَدَقَةُ ثُلُثِهِ) أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ حِينَ يَمِينِهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ (وَمَشْيٌ بِحَجٍّ) لَا عُمْرَةٍ (وَكَفَّارَةٌ) لِيَمِينٍ، وَمَحَلُّ لُزُومِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ، وَيُصَدَّقُ فِي إخْرَاجِهِمَا، وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ (وَزِيدَ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (فِي) قَوْلِهِ (الْأَيْمَانُ) أَوْ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ (تَلْزَمُنِي) إنْ فَعَلْت، وَفَعَلَ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ، وَلَمْ يَفْعَلْ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ (صَوْمُ سَنَةٍ إنْ اُعْتِيدَ حَلِفٌ بِهِ) أَيْ بِكُلِّ مَا يَلْزَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ، وَمَشْيٍ وَصَدَقَةٍ وَصَوْمٍ، وَكَفَّارَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ يَحْلِفُ بِعِتْقٍ كَمَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَوْ لَمْ يَجْرِ يَحْلِفُ بِمَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ كَمَا فِي مِصْرَ لَمْ يَلْزَمْ الْحَالِفَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَتْ قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ نَظَرًا لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا، وَهُوَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْحُكْمِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى شَرْطِهِ جَازَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ قَبْلَ زَهُوقِ الرُّوحِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ، وَتَقْدِيمُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ النِّصَابِ، وَالْيَمِينُ هُنَا سَبَبٌ، وَالْحِنْثُ شَرْطٌ فَجَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ وَبَعْدَ السَّبَبِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ السَّبَبِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْإِكْمَالِ كَتَقْدِيمِ الْعَفْوِ عَنْ الْجُرْحِ وَتَقْدِيمِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْإِيصَاءِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ) أَيْ انْتَفَى الْإِكْرَاهُ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ فِي حِنْثٍ) كَوَاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الضَّرْبِ أَوْ عَدَمِ الدُّخُولِ، وَمُنِعَ مِنْهُ قَهْرًا (قَوْلُهُ: إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ بِبِرٍّ) كَوَاللَّهِ لَا دَخَلْت الدَّارَ فَأُدْخِلَهَا كُرْهًا، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عَاقِلٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَّا كُرْهًا شَرْعِيًّا) أَيْ، وَإِلَّا حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالطَّوْعِ كَوَاللَّهِ لَا دَخَلْت السِّجْنَ ثُمَّ إنَّهُ حُبِسَ فِيهِ لِدَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ، وَكَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَدْفَعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى الدَّفْعِ لِكَوْنِهِ مُوسِرًا بَقِيَ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ مَثَلًا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ فَخَرَجَتْ لِسَيْلٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ لِأَمْرٍ لِإِقْرَارٍ لَهَا مَعَهُ أَوْ أَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ، وَهِيَ بِكِرَاءٍ قَدْ انْقَضَى أَوْ نُودِيَ عَلَى فَتْحِ قَذِرٍ، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٌ فَخَرَجَتْ لِخَوْفِهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ رَضِيعِهَا فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَاسْتَصْوَبَهُ بْن لِخُرُوجِهِ عَنْ نِيَّتِهِ حُكْمًا لَوْ سُئِلَ عَلَى قَاعِدَةِ الْبِسَاطِ. قَالَ عبق: وَيُحْتَمَلُ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ وَاجِبٌ شَرْعًا فِي مِثْلِ هَذَا وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا حَنِثَ كَمَا لَوْ حَلَفَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ ثُمَّ إنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى دُخُولِهَا فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ بِدُخُولِهَا عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ، وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَالْقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ، وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ كَابْنِ عَرَفَةَ، وَمَنْ تَبِعَهُ فَهِيَ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ بَلْ مِنْ جُمْلَتِهَا الْتِزَامُ مَنْدُوبٍ لَا بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ، وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَشَدُّ مَا أَخَذَ إلَخْ) أَيْ أَشَدُّ الْأَيْمَانِ، وَأَقْوَالِهَا الَّتِي يَأْخُذُهَا أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا مَفْهُومَ لِأَشَدَّ بَلْ مِثْلُهُ أَشَقُّ، وَأَعْظَمُ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ عِصْمَتَهَا) فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ فِيمَا ذَكَرَ، وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ نَقَضَ حُكْمَهُ (قَوْلُهُ: وَعِتْقُهُ) أَيْ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ حَالَ الْيَمِينِ، قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ حَالَ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ وَبِهِ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ حِينَ الْيَمِينِ لَزِمَهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ لِمَا فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْقُصَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَصِيرَ مَالُهُ وَقْتَ الْحِنْثِ نَاقِصًا عَنْ مَالِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ فَاللَّازِمُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ: لَا عُمْرَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَيْمَانِ أَوْعَبُهَا، وَلِذَا جَعَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّ مَاشِيًا دُونَ الْعُمْرَةِ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُكِيَ فِيهِ أَيْضًا نَقْلًا فِي الْبَيَانِ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ حِينَ الْيَمِينِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا هَدْيَ كَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ، كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالنِّيَّةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ إخْرَاجُهُمَا بِالْأَدَاةِ بَلْ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ لَكِنْ إنْ كَانَ بِالنِّيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَلِفِ، وَإِنْ كَانَ بِالْأَدَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ بِهَا بَعْدَ الْيَمِينِ مُتَّصِلَةٍ بِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِكُلِّ مَا يَلْزَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ سَوَاءٌ جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِالْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي، وَمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا، وَلَيْسَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهِ رَاجِعًا لِلْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي، وَمَا قَبْلَهُ

وَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ سَوَاءٌ اعْتَادَ خِلَافَهُمْ أَوْ لَمْ يَعْتَدْ شَيْئًا وَبِعَادَتِهِ هُوَ إذَا لَمْ يَعْتَادُوا شَيْئًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَلَا لَهُمْ عَادَةٌ بِشَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سِوَى كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَإِلَّا عُمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي) (لُزُومِ) صَوْمِ (شَهْرَيْ ظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُشْبِهُ الْمُنْكَرَ مِنْ الْقَوْلِ، وَعَدَمَ لُزُومِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ. (وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ) كَأَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَالْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ فَالشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَفَعَلَهُ (فِي) كُلِّ شَيْءٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ (غَيْرَ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ) لَا يُعْتَبَرُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فَيَحْرُمَانِ، وَيَكُونُ طَلَاقًا ثَلَاثًا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ وَتُعْتَقَ عَلَيْهِ الْأَمَةُ وَالصَّوَابُ حَذْفُ الْأَمَةِ إذْ التَّحْقِيقُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَلَا تُعْتَقُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْعِتْقَ وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْأَمَةُ عَطْفٌ عَلَى غَيْرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَاشَى الزَّوْجَةَ فِي الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ نَفَعَهُ. (وَتَكَرَّرَتْ) الْكَفَّارَةُ (إنْ قَصَدَ) بِيَمِينِهِ (تَكَرُّرَ الْحِنْثِ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَنَوَى أَنَّهُ كُلَّمَا كَلَّمَهُ لَزِمَهُ الْحِنْثُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ كَانَ) تَكَرُّرُ الْحِنْثِ (الْعُرْفَ) أَيْ كَانَ التَّكَرُّرُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ لَا مِنْ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ (كَعَدَمِ تَرْكِ الْوِتْرِ) مَثَلًا فَمَنْ حَلَفَ لَا يَتْرُكُهُ حِينَ عُوتِبَ عَلَى تَرْكِهِ فَيَلْزَمُهُ كُلَّمَا تَرَكَهُ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ، وَلَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا تَرَكْته فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ (أَوْ) (نَوَى) بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ فِي نَحْوِ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ، وَلَا آكُلُ، وَلَا أَلْبَسُ (كَفَّارَاتٍ) فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُقْسَمِ بِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ التَّأْكِيدَ أَوْ الْإِنْشَاءَ دُونَ الْكَفَّارَاتِ لَمْ تَتَعَدَّدْ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافًا لعبق فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبَعًا لعج وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ كَمَا قَالَ بْن قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ، وَلَيْسَ لِمَالِكٍ فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ كَلَامٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَلْزَمُهُ الِاسْتِغْفَارُ فَقَطْ، وَقِيلَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَقِيلَ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا، وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَقِيلَ بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ، وَعِتْقُهُ، وَصَدَقَةٌ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَمَشْيٌ بِحَجٍّ، وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَصَوْمِ سُنَّةٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ كَذَا فِي الْبَدْرِ وَالْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ) اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ يَعْنِي بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ كُلُّهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَادَةَ لَا يَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ بَلْ جَمٌّ مِنْ النَّاسِ تَحْصُلُ بِهِ الشُّهْرَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ) أَيْ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِكُلِّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَحَلَفَ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَنَوَى غَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرَ الْعِتْقِ أَوْ غَيْرَهُمَا أَوْ غَيْرَ الْمَشْيِ عَمِلَ بِنِيَّتِهِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَلِفِ بِأَنْ كَانَتْ أَوَّلًا أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى ذَلِكَ بَعْدَ الْحَلِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ بِالْأَدَاةِ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُحَاشَاةِ (قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ) أَيْ فِي لُزُومِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ زِيَادَةً عَلَى صَوْمِ السُّنَّةِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَزَوِّجٍ، وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ، وَعَدَمُ لُزُومِهِ، وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ عَاتٍ وَابْنُ رَاشِدٍ تَرَدُّدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِهِمَا مُعْتَادًا، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ قَالَهُ بْن. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ شَيْءٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ) أَيْ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَلِبَاسٍ وَأُمِّ وَلَدٍ، وَعَبْدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَغْوٌ، وَقَوْلُهُ لَغْوٌ أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِنَّمَا كَانَ لَغْوًا؛ لِأَنَّ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفًا فَتَحْرِيمُهُ لَغْوٌ بِخِلَافِ مَا جَعَلَ لَهُ فِيهِ التَّصَرُّفَ كَالزَّوْجَةِ فَلَا يَكُونُ تَحْرِيمُهَا لَغْوًا بَلْ طَلَاقًا ثَلَاثًا فِي الدُّخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَكِنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي الْمَغْرِبِ لُزُومُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ حَيْثُ لَا نِيَّةَ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى غَيْرٍ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ لَغْوٌ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ، وَلَغْوٌ فِي الْأَمَةِ، وَيُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِتَحْرِيمِهَا عِتْقَهَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَغْوًا، وَعَلَى هَذَا الْجَوَابُ فَيُقَالُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْأَمَةِ مَعَ دُخُولِهَا فِيمَا قَبْلَهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ فِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَعَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهَا تُعْتَقُ (قَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ كَوْنِ تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ لَا يَكُونُ لَغْوًا مَا لَمْ يُحَاشِهَا فَإِنْ حَاشَاهَا بِأَنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ تَمَامِ يَمِينِهِ لَمْ تَحْرُمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَفَعَلَهُ فَإِنْ أَخْرَجَ الزَّوْجَةَ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ تَمَامِ يَمِينِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِيهَا، وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا لَزِمَهُ طَلَاقُهَا ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهَا شَيْءٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى عِتْقَهَا لَزِمَهُ، وَهَذَا إذَا جَمَعَ بِأَنْ قَالَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنْ أَفْرَدَ بِأَنْ قَالَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَفَعَلَهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ، وَقِيلَ طَلْقَةً بَائِنَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عِتْقَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ) أَيْ أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ مُتَعَدِّدَةً بِعَدَدِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْيَمِينِ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ) فَإِذَا دَخَلَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ حَيْثُ نَوَى تَعَدُّدَ الْكَفَّارَاتِ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَلَا آكُلُ) عَطْفٌ عَلَى أَدْخُلُ أَيْ وَوَاللَّهِ لَا آكُلُ وَوَاللَّهِ لَا أَلْبَسُ فَالْمُقْسَمُ بِهِ مُتَعَدَّدٌ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فَإِذَا دَخَلَ، وَأَكَلَ، وَلَبِسَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ)

حَيْثُ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَاحِدًا أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَأْكِيدٌ (أَوْ) (قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا) بَاعَ سِلْعَتَهُ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو، وَأَنَا فَقَالَ لَهُ وَاَللَّهِ (وَلَا) أَنْت فَبَاعَهَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ فَبَاعَهَا لِلْآخَرِ فَكَفَّارَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ فُلَانٍ (أَوْ حَلَفَ) لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ (أَنْ لَا يَحْنَثَ) فَفَعَلَهُ فَكَفَّارَتَانِ لِحِنْثِهِ فِي قَوْلِهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلِحِنْثِهِ فِي قَوْلِهِ لَا أَحْنَثُ (أَوْ) حَلَفَ (بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ) أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فَفَعَلَهُ فَثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً فِي هَذَا الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّأْكِيدَ أَوْ التَّأْسِيسَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ، وَلَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ (أَوْ دَلَّ لَفْظُهُ) عَلَى التَّكْرَارِ حَالَ كَوْنِ لَفْظِهِ مُلْتَبِسًا (بِجَمْعٍ) نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَيْمَانٌ أَوْ كَفَّارَاتٌ فَفَعَلَهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ الْعَشَرَةُ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ نَصٌّ فِي مَعْنَاهَا (أَوْ) دَلَّ لَفْظُهُ عَلَى التَّكْرَارِ بِالْوَضْعِ كَأَنْ عَلَّقَ (بِ) قَوْلِهِ (كُلَّمَا أَوْ مَهْمَا) فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةٌ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ فِعْلَةٍ كَفَّارَةٌ (لَا) إنْ عَلَّقَ بِقَوْلِهِ (مَتَى مَا) فَلَا تَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ بَلْ يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ ضَعِيفٌ (وَ) لَا إنْ قَالَ (وَاَللَّهِ) لَا فَعَلْت كَذَا (ثُمَّ) قَالَ، وَلَوْ بِمَجْلِسٍ آخَرَ (وَاَللَّهِ) لَا أَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ التَّكْرَارَ لِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ، وَإِنْشَاؤُهَا دُونَ قَصْدِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ إذَا قَصَدَ إنْشَاءَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ قَصْدُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ آنِفًا أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ (أَوْ) حَلَفَ بِ (الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) لَا أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَهُوَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ (وَ) لَا تَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ جُزْءَ مُتَعَلَّقِ الْأُولَى كَمَا لَوْ حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ) حَلَفَ ثَانِيًا لَا أُكَلِّمُهُ (غَدًا) ، وَكَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ جُزْءَ الْأُولَى كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا، وَلَا بَعْدَهُ فَكَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَتَانِ ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَهُ فَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَهُ ابْتِدَاءً فَظَاهِرٌ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ. وَهَذَا شُرُوعٌ فِيمَا يُخَصِّصُ الْيَمِينَ أَوْ يُقَيِّدُهَا، وَهُوَ خَمْسَةٌ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ وَالْمَقْصِدُ اللُّغَوِيُّ وَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ، وَبَدَأَ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَقَالَ (وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ) لَفْظَهُ الْعَامَّ (وَقَيَّدَتْ) لَفْظَهُ الْمُطْلَقَ، وَأَرَادَ بِالتَّقْيِيدِ مَا يَشْمَلُ تَبَيُّنَ الْمُجْمَلِ كَقَوْلِهِ زَيْنَبُ طَالِقٌ، وَلَهُ زَوْجَتَانِ اسْمُ كُلٍّ زَيْنَبُ وَقَالَ أَرَدْت بِنْتَ فُلَانٍ وَالْعَامُّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَتَخْصِيصُهُ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَالْمُطْلَقُ مَا دَلَّ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ التَّأْكِيدُ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ الَّذِي كَرَّرَ فِيهِ الْيَمِينَ أَوْ تَعَدَّدَ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ إلَخْ) أَيْ لَكِنَّ الثَّانِيَ، وَهُوَ التَّأْكِيدُ إنَّمَا يَتَأَتَّى حَيْثُ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَاحِدًا نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ، وَقَوْلُهُ أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ أَيْ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ فُلَانٍ) أَيْ فَبَاعَهَا لَهُمَا أَوْ بَاعَهَا لِأَحَدِهِمَا فَرُدَّتْ لَهُ فَبَاعَهَا لِلْآخَرِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ لِتَعَدُّدِ الْقَسَمِ وَاخْتِلَافِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْقَسَمَ فِيهَا غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ، وَمَا ذَكَرَهُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ فِيهَا مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا، وَلَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ، وَلَا أَضْرِبُ فُلَانًا ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ فُلَانًا فَعَلَيْهِ هُنَا لِكُلِّ صِنْفٍ فَعَلَهُ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ بِاَللَّهِ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ. اهـ. نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَقَالَ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، وَلَا. وَأَمَّا لَا، وَلَا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْصِدْ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ) أَيْ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى تَكَرُّرَ الْحِنْثِ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ تَعَدَّدَتْ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَنَوَى أَنَّهُ كُلَّمَا فَعَلَهُ حَنِثَ فَإِنَّهُ كُلَّمَا فَعَلَهُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إنْشَاءَ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ بِأَنْ قَصَدَ تَأْكِيدَ الْأُولَى أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ، بَلْ وَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ الْيَمِينِ ثَانِيَةٍ. (قَوْلُهُ: فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّأْكِيدَ أَوْ التَّأْسِيسَ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ، وَمَا لَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ (قَوْلُهُ: فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافٍ) أَيْ ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَهُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ، وَكَذَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إنْ كَلَّمَهُ أَوَّلًا بَعْدَ غَدٍ، وَمَحَلُّ اتِّحَادِهَا إذَا كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ مَعًا حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: فَكَفَّارَتَانِ) لُزُومُ الْكَفَّارَتَيْنِ فِي غَدٍ فِي هَذِهِ لِوُقُوعِهِ ثَانِيًا مَعَ الْغَيْرِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ فِي نَفْسِهِ، وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ، وَقَعَ الْغَدُ ثَانِيًا وَحْدَهُ فَكَانَ كَالتَّأْكِيدِ لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: الْمُجْمَلُ) أَيْ الْمُشْتَرَكُ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا كَالْمِثَالِ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ، وَكَحَلِفِهِ لَيَنْظُرَنَّ لِعَيْنٍ، وَيُرِيدُ أَحَدَ مَعَانِيهَا فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ إلَخْ) أَيْ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَفْرَادِ الصَّالِحِ لَهَا ذَلِكَ اللَّفْظُ دَفْعَةً وَبِهَذَا يَخْرُجُ الْمُطْلَقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَا يَصْلُحُ لَهُ دَفْعَةً بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فَعُمُومُ الْعَامِّ شُمُولِيٌّ، وَعُمُومُ الْمُطْلَقِ بَدَلِيٌّ، وَصَلَاحِيَّةُ اللَّفْظِ لِتِلْكَ الْأَفْرَادِ مِنْ جِهَةِ انْدِرَاجِهَا فِي مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَتَكُونُ دَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى إفْرَادِهِ دَلَالَةَ كُلِّيٍّ عَلَى جُزْئِيَّاتِ مَعْنَاهُ لَا دَلَالَةَ كُلٍّ عَلَى أَجْزَاءِ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْأَفْرَادِ الصَّالِحِ لَهَا ذَلِكَ اللَّفْظُ غَيْرَ مَحْصُورَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ) أَيْ فَمَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ اللَّبَنَ وَنَوَى لَبَنَ الْإِبِلِ جَازَ لَهُ أَكْلُ لَبَنِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا

الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَتَقْيِيدُهُ رَدُّهُ إلَى بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بِحَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ فَمَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ رَجُلًا وَنَوَى جَاهِلًا أَوْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي اللَّيْلِ جَازَ لَهُ تَكْلِيمُهُ الْعَالِمَ أَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَوْ فِي النَّهَارِ (إنْ نَافَتْ) نِيَّتُهُ أَيْ خَالَفَتْ لَفْظَهُ الْعَامَّ فَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ خَصَّصَتْ فَقَطْ، وَلَا حَاجَةَ لَهُ إذْ لَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهَا إلَّا مُنَافَاتُهَا لِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَلَا يَرْجِعُ لِقَيَّدَتْ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ لَا يَكُونُ إلَّا مُوَافِقًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ، وَقَالَ أَرَدْت فُلَانًا كَذَا قِيلَ وَالْأَظْهَرُ رُجُوعُهُ لَهُمَا، وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ (وَسَاوَتْ) رَاجِعٌ لِلتَّخْصِيصِ وَالْقَيْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَعْنَى سَاوَتْ احْتَمَلَتْ عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْحَالِفِ يَحْتَمِلُ مَا نَوَاهُ وَغَيْرَهُ عَلَى السَّوَاءِ، وَتَخْصِيصُ النِّيَّةِ وَتَقْيِيدُهَا حِينَئِذٍ يَكُونُ (فِي اللَّهِ) أَيْ فِي الْيَمِينِ بِهِ (وَغَيْرِهَا كَطَلَاقٍ) ، وَعِتْقٍ، وَمَثَّلَ لِلْمُسَاوِيَةِ فِي الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ (كَكَوْنِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَعَهُ) فِي عِصْمَتِهِ (فِي) حَلِفِهِ لَهَا (لَا يَتَزَوَّجُ) امْرَأَةً عَلَيْهَا (حَيَاتَهَا) فَمَنْ تَزَوَّجَهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى مَا دَامَتْ مَعَهُ فِي عِصْمَتِهِ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ مُطْلَقًا، وَلَوْ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ، وَمَفْهُومُ إنْ سَاوَتْ أَنَّهَا إنْ لَمْ تُسَاوِ بِأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً مِنْ الْمُسَاوَاةِ أَوْ بَعِيدَةً جِدًّا فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْهَا قُبِلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَعَبِيدِي أَحْرَارٌ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَرَدْت بِعَبِيدِي غَيْرَ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَكَحَلِفِهِ لَا أَلْبَسُ الثِّيَابَ وَنَوَى الْكَتَّانَ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الثِّيَابِ مِنْ غَيْرِ الْكَتَّانِ كَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَيْدٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لِتَحَقُّقِهَا فِي فَرْدٍ مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ فَهُوَ مُرَادِفٌ لِاسْمِ الْجِنْسِ بِخِلَافِ النَّكِرَةِ فَإِنَّهُ مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ أَيْ بِقَيْدِ وُجُودِهَا فِي فَرْدٍ مُبْهَمٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّفْظَ فِي الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ وَاحِدٌ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ فَإِنْ اُعْتُبِرَ فِي اللَّفْظِ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ فَهُوَ الْمُطْلَقُ وَاسْمُ الْجِنْسِ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ مَعَ قَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ سُمِّيَ نَكِرَةً كَمَا قَالَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ وَالْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُمَا وَاحِدٌ ذَاتًا وَاعْتِبَارًا، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ وُجُودِهَا فِي فَرْدٍ مُبْهَمٍ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أُسْلُوبُ الْمَنَاطِقَةِ وَالْأُصُولِيِّينَ (قَوْلُهُ: فَمَنْ حَلَفَ إلَخْ) ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَيُكْرِمَنَّ رَجُلًا وَنَوَى زَيْدًا فَلَا يَبَرُّ بِإِكْرَامِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ رَجُلًا مُطْلَقٌ قَيَّدَهُ بِخُصُوصِ زَيْدٍ فَصَارَ مَعْنَى الْيَمِينِ لَأُكْرِمَنَّ زَيْدًا (قَوْلُهُ: أَيْ خَالَفْت لَفْظَهُ الْعَامَّ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمُنَافَاةِ النِّيَّةِ لِلْعَامِّ مُخَالِفَتُهَا لِمُقْتَضَى لَفْظِهِ، وَلَوْ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُنَافِيَةً لَهُ حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَ اللَّفْظُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِأَمْرٍ، وَالنِّيَّةُ تَنْفِيهِ عَنْهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُنَافِيَةٍ لَهُ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا آكُلُ سَمْنًا وَنَوَى سَمْنَ الضَّأْنِ، وَإِبَاحَةُ سَمْنِ غَيْرِ الضَّأْنِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا وَنَوَى سَمْنَ الضَّأْنِ أَيْ أَنَّهُ قَصَدَ هَذَا الْمَعْنَى الْخَاصَّ مُعَبَّرًا عَنْهُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ، وَلَمْ يُلَاحِظْ إبَاحَةَ سَمْنِ غَيْرِهِ فَنِيَّةُ سَمْنِ الضَّأْنِ لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِعُمُومِ السَّمْنِ بَلْ فَرْدٌ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُغَايِرَةً لَهُ فَالنِّيَّةُ نَافِعَةٌ لِلْحَالِفِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَهُ أَكْلُ سَمْنِ غَيْرِ الضَّأْنِ فِيهِمَا. وَاشْتَرَطَ الْقَرَافِيُّ فِي تَخْصِيصِ النِّيَّةِ لِلْعَامِّ مُنَافَاتُهَا لَهُ حَقِيقَةً فَجَعَلَهَا مُخَصِّصَةً فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُنَافَاةَ إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي الْمُخَصَّصِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الْعَامِّ الْمُسْتَقِلِّ لَا الْمُتَّصِلِ بِهِ كَالتَّخْصِيصِ بِالْوَصْفِ، وَحِينَئِذٍ فَنِيَّةُ الضَّأْنِ فِي حُكْمِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ سَمْنًا ضَأْنًا فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهِ هَذَا، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ نَافَتْ مِنْ نَافَ يُنِيفُ بِمَعْنَى يَزِيدُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الَّتِي تُنِيفُ أَيْ تَزِيدُ عَلَى مُقْتَضَى الْعَامِّ لَا تُخَصِّصُ، وَلَا تُقَيِّدُ نَعَمْ هِيَ تُعَمِّمُ الْمُطْلَقَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفُرُوعِ الْآتِيَةِ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَأُكْرِمَنَّ أَخًا لَك وَتُرِيدُ جَمِيعَ إخْوَتِهِ فَأَخًا مُطْلَقٌ فَإِذَا أَرَادَ جَمِيعَ إخْوَتِهِ كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ زَائِدَةً عَلَى الْمُطْلَقِ، وَمُعَمِّمَةً لَهُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِإِكْرَامِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهَا) أَيْ لِلْعَامِّ، وَقَوْلُ إلَّا مُنَافَاتُهَا أَيْ لَهُ أَيْ مُخَالَفَتُهَا، وَمُغَايَرَتُهَا لَهُ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهَا لَهُ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَبَعْضِ أَفْرَادِهِ مُغَايِرٌ، وَمُخَالِفٌ لِعُمُومِهِ وَحَيْثُ كَانَ لَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهَا لِلْعَامِّ إلَّا مُخَالَفَتُهَا لَهُ فَاشْتِرَاطُ الْمُنَافَاةِ فِي تَخْصِيصِهَا مِنْ اشْتِرَاطِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ رُجُوعُهُ لَهُمَا) أَيْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا وَنَوَى جَاهِلًا فَالْجَاهِلُ لَيْسَ مُوَافِقًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ بَلْ الْمُوَافِقُ لَهُ أَيُّ رَجُلٍ كَانَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُنَافَاةِ النِّيَّةِ مُخَالَفَتُهَا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَهَذَا مُتَأَتٍّ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْعُرْفِ بِأَنْ يَكُونَ احْتِمَالُ لَفْظِ الْحَالِفِ لِمَا نَوَاهُ وَلِغَيْرِهِ مُتَسَاوِيَيْنِ عُرْفًا، وَلَيْسَ احْتِمَالُهُ لِمَا نَوَاهُ أَبْعَدَ احْتِرَازًا عَنْ النِّيَّةِ الْبَعِيدَةِ لِأَجِدَ وَهِيَ وَلَهُ: كَأَنْ خَالَفْت ظَاهِرَ لَفْظِهِ إلَخْ، وَعَنْ شَدِيدَةِ الْبُعْدِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: لَا إرَادَةَ مَيْتَةٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلٌ لِلْمُسَاوِيَةِ) أَيْ لِلنِّيَّةِ الْمُسَاوِيَةِ الْمُخَصِّصَةِ لِلْعَامِّ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَيَاتَهَا مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ كُلَّ وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ حَيَاتِهَا الشَّامِلِ ذَلِكَ لِوَقْتِ كَوْنِهَا مَعَهُ فِي عِصْمَتِهِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا أَرَادَ بِحَيَاتِهَا كَوْنَهَا مَعَهُ فِي عِصْمَتِهِ كَانَ قَصْرًا لِلْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ تَخْصِيصٌ لَهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَلَّقَهَا) أَيْ طَلَاقًا بَائِنًا، وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ تَزَوَّجَ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الَّتِي تَزَوَّجَهَا، وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ بِكَوْنِهَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ فَلَوْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَ، وَعَادَتْ الْمَحْلُوفُ لَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ عَادَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِصْمَتُهَا عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إنَّهُ نَوَى) -

فِيمَا عَدَا الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَيَّنَ فِي الْقَضَاءِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ) (خَالَفَتْ) نِيَّتُهُ (ظَاهِرَ لَفْظِهِ) ، وَقَرُبَتْ مِنْ الْمُسَاوَاةِ فَيُعْتَبَرُ تَخْصِيصُهَا وَتَقْيِيدُهَا لِلِاحْتِمَالِ الْقَرِيبِ مِنْ الْمُسَاوِي، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَسَمْنِ ضَأْنٍ) أَيْ كَنِيَّةِ سَمْنِ ضَأْنٍ (فِي) حَلِفِهِ (لَا آكُلُ سَمْنًا) ، وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ إخْرَاجُ غَيْرِهِ أَوَّلًا وِفَاقًا لِابْنِ يُونُسَ إذْ لَا مَعْنَى لِنِيَّةِ الضَّأْنِ إلَّا إخْرَاجُ غَيْرِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُهُ) ، وَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا أَوْ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَدَّقُ إلَّا فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ بِمُرَافَعَةٍ (وَكَتَوْكِيلِهِ) غَيْرَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ أَوْ ضَرْبِهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا يَبِيعُهُ أَوْ لَا يَضُرُّ بِهِ) فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ ضَرَبَهُ، وَقَالَ نَوَيْت لَا أَفْعَلُ بِنَفْسِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) أَيْ رَفْعٍ لِقَاضٍ (وَبَيِّنَةٍ) أَيْ مَعَ بَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الرَّافِعُ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِحِنْثِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْيَمِينِ فَادَّعَى التَّخْصِيصَ أَوْ التَّقْيِيدَ (أَوْ) مَعَ (إقْرَارٍ) مِنْهُ بِذَلِكَ حِينَ الْمُرَافَعَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: (فِي طَلَاقٍ، وَعِتْقٍ) مُعَيَّنٍ (فَقَطْ أَوْ اسْتَحْلَفَ مُطْلَقًا) بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُطْلَقًا فِي الْفَتْوَى أَوْ الْقَضَاءِ (فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِحَيَاتِهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَيَّنَ) أَيْ أَنَّهَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْمُفْتِي مُطْلَقًا، وَكَذَا عِنْدَ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِلِاحْتِمَالِ) أَيْ نَظَرًا لِلِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ: كَسَمْنِ ضَأْنٍ إلَخْ) جَعْلُ هَذَا الْمِثَالِ مِمَّا خَالَفَتْ فِيهِ النِّيَّةُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ صَحِيحٌ حَيْثُ يَكُونُ سَمْنُ الْبَقَرِ مَثَلًا أَغْلَبَ، وَعِنْدَ الْعَكْسِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ سَمْنَ الضَّأْنِ تَكُونُ النِّيَّةُ قَرِينَةً مُسَاوِيَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ كَذَا فِي بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا، وَقَالَ أَرَدْت سَمْنَ الضَّأْنِ كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ مُخَصِّصَةً لِيَمِينِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ سَمْنِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ لَاحَظَ إخْرَاجَ غَيْرِ الضَّأْنِ أَوَّلًا بِأَنْ يَنْوِيَ إبَاحَةَ مَا عَدَا سَمْنَ الضَّأْنِ أَوَّلًا أَوْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِنِيَّةِ الضَّأْنِ إلَّا إخْرَاجَ غَيْرِهِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّ نِيَّةَ سَمْنِ الضَّأْنِ لَا تَكُونُ مُخَصِّصَةً لِقَوْلِهِ لَا آكُلُ سَمْنًا إلَّا إذَا نَوَى إخْرَاجَ غَيْرِهِ أَوَّلًا بِأَنْ يَنْوِيَ إبَاحَةَ مَا عَدَا سَمْنَ الضَّأْنِ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى عَدَمَ أَكْلِ سَمْنِ الضَّأْنِ فَقَطْ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ السَّمْنِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ فَرْدِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ يُؤَيِّدُهُ، وَلَا يُخَصِّصُهُ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لَهُ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي طفى وبن (قَوْلُهُ: فِي لَا يَبِيعُهُ أَوْ لَا يَضْرِبُهُ) لَوْ قَالَ فِي لَا يَفْعَلُ كَذَا كَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ لِصِدْقِهِ بِالْبَيْعِ وَالضَّرْبِ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) أَيْ إلَّا عِنْدَ مُرَافَعَةٍ لِلْقَاضِي لَدَعْوَاهُ عَدَمَ الْحِنْثِ بِسَبَبِ تَخْصِيصِ نِيَّتِهِ أَوْ تَقْيِيدِهِ لِيَمِينِهِ فَإِذَا رَفَعَهُ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْحِنْثَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَادَّعَى التَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ بِعَدَمِ قَبُولِ نِيَّتِهِ إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ مُبْهَمٍ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَّةَ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يُنْكِرْ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي عَدَمَ الْحِنْثِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ نِيَّتَهُ تَنْفَعُهُ وَاَلَّذِي رَفَعَهُ لِلْقَاضِي يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَيُقِيمُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِحَلِفِهِ وَبِفِعْلِهِ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ يُقِرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ وَجُلِبَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تَقْبَلْ نِيَّتُهُ تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَتَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ، وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ كَمَا أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ وَالْمُرَافَعَةُ بِمَعْنَى الرَّفْعِ فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ مِنْ جَانِبِ غَيْرِهِ وَالْمَعْنَى إلَّا عِنْدَ رَفْعٍ لِلْقَاضِي فَلَوْ ذَهَبَ لِلْقَاضِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهُ أَحَدٌ، وَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (تَنْبِيهٌ) مِمَّا يُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى أَنْ يَقُولَ الشَّخْصُ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ فَلَا يُقْبَلُ فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ يَسْتَخْلِصُ بِذَلِكَ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَحْلَفَ) كَانَ الْأَوْلَى أَوْ اسْتِحْلَافٌ إذْ لَا يُعْطَفُ الْفِعْلُ عَلَى الِاسْمِ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الِاسْمُ مُشَبَّهًا لِلْفِعْلِ، وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَيْ لَا إنْ رُوفِعَ أَوْ اسْتَحْلَفَ أَيْ خُصِّصَتْ، وَقُيِّدَتْ إلَّا إنْ رُوفِعَ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ أَوْ اسْتَحْلَفَ فِي حَقٍّ فَلَا تَنْفَعُهُ مُطْلَقًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَحْلَفَ فِي وَثِيقَةٍ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ مُطْلَقًا كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ مُسَاوِيَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُ قَرِيبَةً مِنْ التَّسَاوِي لَا فِي الْفَتْوَى، وَلَا فِي الْقَضَاءِ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْقَبُولِ، وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ أَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِسِينِ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَوْ طَاعَ بِالْيَمِينِ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ لَنَفَعَتْهُ نِيَّتُهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ، وَأَنَّ الْعَبْرَةَ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ مُطْلَقًا، وَحِينَئِذٍ فَتَجْعَلُ السِّينَ وَالتَّاءَ زَائِدَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِطَلَاقٍ) فَإِذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ فِي أَجَلِ كَذَا فَمَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَقْضِهِ فَقَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت الثَّلَاثَ فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ. اهـ. خش، وَمِثْلُهُ فِي عبق نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ رَبُّ الْحَقِّ تَشْدِيدًا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ الرَّجْعِيَّةُ لَا يُبَالِي بِهَا فَانْدَفَعَ قَوْلُ بْن -

أَيْ تُوثَقُ فِي حَقٍّ سَوَاءٌ كَانَ حَقًّا مَالِيًّا مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمْ لَا لِيَشْمَلَ نَحْوَ حَقِّ زَوْجَةٍ اشْتَرَطَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَحَلَّفَتْهُ بِالطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّةُ الْحَالِفِ، وَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اعْتَاضَ مِنْ حَقِّهِ هَذِهِ الْيَمِينَ، وَلَوْ قَالَ أَوْ حَلَفَ مُطْلَقًا فِي حَقٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ، وَأَشَارَ لِلْمُخَالَفَةِ الْبَعِيدَةِ جِدًّا بِقَوْلِهِ (لَا إرَادَةِ مَيِّتَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى سَمْنٍ (أَوْ) إرَادَةِ (كَذِبٍ فِي) قَوْلِهِ زَوْجَتِي (طَالِقٌ، وَ) أَمَتِي (حُرَّةٌ) ، وَقَالَ أَرَدْت الْمَيِّتَةَ فِيهِمَا أَوْ أَرَدْت الْمُطَلَّقَةَ أَوْ الْمُعْتَقَةَ (أَوْ) فِي قَوْلِهِ هِيَ (حَرَامٌ) ، وَقَالَ أَرَدْتُ الْكَذِبَ أَيْ أَرَدْت كَذِبَهَا حَرَامٌ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ أَيْ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ إرَادَةَ الْمَيِّتَةِ فِي قَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ، وَلَا فِي دَعْوَاهُ إرَادَةَ حُرْمَةِ الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ فِي طَلَاقٍ، وَعِتْقٍ بِمُرَافَعَةٍ بَلْ (وَإِنْ بِفَتْوَى) إلَّا لِقَرِينَةٍ تُصَدِّقُ دَعْوَاهُ. (ثُمَّ) إنْ عُدِمَتْ النِّيَّةُ أَوْ لَمْ تُضْبَطْ خُصِّصَ، وَقُيِّدَ (بِسَاطُ يَمِينِهِ) ، وَهُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ إذْ هُوَ مَظِنَّةُ النِّيَّةِ فَلَيْسَ هُوَ انْتِقَالًا عَنْ النِّيَّةِ بَلْ هُوَ نِيَّةٌ ضِمْنًا مِثَالُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَ الزِّحَامَ عَلَى الْمَجْزَرَةِ فَحَلَفَ لَا يَشْتَرِي اللَّيْلَةَ لَحْمًا فَوَجَدَ لَحْمًا دُونَ زِحَامٍ أَوْ انْفَكَّتْ الزَّحْمَةُ فَاشْتَرَاهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ سَمِعَ طَبِيبًا ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّ الْوَاحِدَةَ هِيَ مُقْتَضَى لَفْظِهِ فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ تُوثَقُ فِي حَقٍّ) الْمُرَادُ بِالتَّوَثُّقِ قَطْعُ النِّزَاعِ فَالْمَعْنَى إنْ اسْتَحْلَفَ لِأَجْلِ قَطْعِ نِزَاعٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ: مِنْ دَيْنٍ) كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ بَيْعٍ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِعِتْقِ عَبِيدِهِ أَوْ عَبْدِهِ فُلَانٍ مَا لَكَ عِنْدِي عَشَرَةٌ، وَيَنْوِي مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَدِيعَةٌ فَيُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، وَيَنْوِي حَاضِرَةً (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ نِيَّةُ الْحَالِفِ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا غَيْرَ مِصْرِيَّةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا مِصْرِيَّةً. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ لِذِي حَقٍّ فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ فَلَا يَنْفَعُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْحَالِفِ كَمَا لَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ زَوْجَتِي طَالِقٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت زَوْجَتِي الَّتِي مَاتَتْ قَبْلَ الْحَلِفِ أَوْ الَّتِي طَلَّقَتْهَا قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ تِلْكَ النِّيَّةُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَمَتِي حُرَّةٌ، وَقَالَ أَرَدْت أَمَتِي الَّتِي مَاتَتْ مِنْ مُنْذُ مُدَّةٍ أَوْ الَّتِي أَعْتَقْتُهَا مِنْ مُنْذُ مُدَّةٍ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ تِلْكَ الْإِرَادَةُ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ هِيَ حَرَامٌ، وَقَالَ أَرَدْت أَنَّ كَذِبَهَا حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْعِتْقُ فِي الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ) أَيْ فَقَوْلُهُ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ رَاجِعٌ لِمَيْتَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ حَرَامٌ رَاجِعٌ لِلْكَذِبِ. (قَوْلُهُ: فِي طَلَاقٍ) أَيْ إذَا قَالَ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ، وَقَوْلُهُ، وَعِتْقٌ أَيْ إذَا قَالَ ذَلِكَ لِلْأَمَةِ، وَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ إرَادَةَ حُرْمَةِ الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تُصَدِّقُ دَعْوَاهُ) أَيْ فِي إرَادَةِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا، وَإِلَّا عَمِلَ عَلَيْهَا، وَمِثْلُهُ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْكَذِبِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْعَمَلِ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ بَلْ بِهَا وَبِالْقَرِينَةِ. (قَوْله ثُمَّ إنْ عُدِمَتْ النِّيَّةُ) أَيْ الصَّرِيحَةُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبِسَاطَ نِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّهُ تَحْوِيمٌ عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَضْبِطْ) أَيْ أَوْ لَمْ تَعْدَمْ النِّيَّةَ الصَّرِيحَةَ لَكِنَّ عَدَمَ ضَبْطِ الْحَالِفِ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ) هَذَا تَعْرِيفٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي بِالْمَقَامِ، وَقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ سَبَبًا كَمَا فِي بَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبِسَاطَ يَجْرِي فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعِتْقٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْرِي الْبِسَاطُ فِي جَمِيعِ الْحَلِفْ ... وَهُوَ الْمُثِيرُ لِلْيَمِينِ فَاعْرِفْ إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى وَزَالَ السَّبَبُ ... وَلَيْسَ ذَا لِحَالِفٍ يَنْتَسِبُ اهـ. وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُثِيرُ أَيْ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى، وَأَمَّا إنْ نَوَى فِي مِثَالِ الشَّارِحِ لَا أَشْتَرِي لَحْمًا زَالَتْ الزَّحْمَةُ أَوْ بَقِيَتْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إذَا اشْتَرَاهُ عِنْدَ زَوَالِ الزَّحْمَةِ، وَقَوْلُهُ وَزَالَ السَّبَبُ أَمَّا إنْ لَمْ يَزُلْ السَّبَبُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَقَوْلُهُ، وَلَيْسَ ذَا أَيْ السَّبَبُ يُنْتَسَبُ لِلْحَالِفِ أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي نَفْعِ الْبِسَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْحَالِفِ مَدْخَلٌ فِي السَّبَبِ الْحَامِلِ عَلَى الْيَمِينِ فَلَوْ تَنَازَعَ مَعَ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَحَلَفَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارِهِ ثُمَّ زَالَ النِّزَاعُ، وَاصْطَلَحَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي السَّبَبِ فَالْبِسَاطُ هُنَا غَيْرُ نَافِعٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِيمَا نَجَزَ بِالْفِعْلِ كَمَا لَوْ تَشَاجَرَتْ زَوْجَتُهُ مَعَ أَحَدٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ زَالَتْ الْمُشَاجَرَةُ فَلَا يَرْتَفِعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْوَاقِعِ مُحَالٌ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ نِيَّةٌ ضِمْنًا) أَيْ فَعَطْفُهُ عَلَى النِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تِلْكَ نِيَّةٌ صَرِيحَةٌ، وَهَذَا نِيَّةُ ضِمْنِيَّةٌ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْبِسَاطَ مِنْ بَابِ الْقَرَائِنِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ النِّيَّةِ الْمُخَالَفَةِ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ تَحْوِيمٌ عَلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَحْوِيمٌ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهَا، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَرَائِنِ فَالْعَطْفُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لَا حِنْثَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى، وَلَا فِي الْقَضَاءِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَكَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْبِسَاطِ، وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ إلَّا أَنَّ الْمُفْتِيَ يُدَيِّنُ الْحَالِفُ فِي دَعْوَاهُ، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ كَوْنِ الْحَالِفِ عِنْدَ وُجُودِ الْبِسَاطِ يَعْنِي بِأَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْمُرَافَعَةِ بِالْبِسَاطِ فَيَحْمِلُ -

يَقُولُ لَحْمُ الْبَقَرِ دَاءٌ فَحَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَلَا يَحْنَثُ بِلَحْمِ ضَأْنٍ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْحَامِلَ كَوْنُهُ دَاءً، وَلَيْسَ الضَّأْنُ كَذَلِكَ فَيُخَصَّصُ لَفْظُهُ الْعَامُّ بِلَحْمِ الْبَقَرِ كَمَا يُقَيِّدُهُ شِرَاؤُهُ فِي الْأَوَّلِ بِوَقْتِ الزَّحْمَةِ. (ثُمَّ) إنْ عُدِمَتْ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ خُصِّصَ وَقُيِّدَ (عُرْفٌ قَوْلِيٌّ) أَيْ مَنْسُوبٌ إلَى الْقَوْلِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ الْقَوْلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَاخْتِصَاصِ الدَّابَّةِ عِنْدَهُمْ بِالْحِمَارِ وَالْمَمْلُوكِ بِالْأَبْيَضِ وَالثَّوْبِ بِالْقَمِيصِ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي مَا ذُكِرَ مَثَلًا فَاشْتَرِي فَرَسًا أَوْ أَسْوَدَ أَوْ عِمَامَةً فَلَا يَحْنَثُ (ثُمَّ) بَعْدَمَا ذُكِرَ خُصِّصَ، وَقُيِّدَ (مَقْصِدٌ) أَيْ مَقْصُودٌ (لُغَوِيٌّ) أَيْ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ فَمَنْ حَلَفَ لَا رَكِبَ دَابَّةً، وَلَا لَبِسَ ثَوْبًا، وَلَيْسَ لَهُمْ عُرْفٌ فِي دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ حَنِثَ بِرُكُوبِهِ التِّمْسَاحَ وَلُبْسِهِ الْعِمَامَةَ لِأَنَّهُ الْمَدْلُولُ اللُّغَوِيُّ، وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الْمُخَصَّصِ أَوْ الْمُقَيَّدِ نَظَرٌ فَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا مُطْلَقَ الْحَمْلِ. (ثُمَّ) خُصِّصَ، وَقُيِّدَ بَعْدَ الْمَقْصِدِ اللُّغَوِيِّ مَقْصِدٌ (شَرْعِيٌّ) إنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ شَرْعٍ فَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يُزَكِّي حَنِثَ بِالشَّرْعِيِّ لَا بِاللُّغَوِيِّ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِ الشَّرْعِيِّ عَنْ اللُّغَوِيِّ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ. ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ مِنْ النِّيَّةِ وَمَا مَعَهَا شَرَعَ فِي فُرُوعٍ تَنْبَنِي عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ، وَهِيَ فِي نَفْسِهَا أَيْضًا أُصُولٌ، وَمِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْبَاءِ لِلْحِنْثِ غَالِبًا وَبِلَا لِعَدَمِهِ فَقَالَ دَرْسٌ (وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَلَا) لِيَمِينِهِ (بِسَاطٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَانَتْ يَمِينُهُ مِمَّا يَنْوِي فِيهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالْيَمِينِ، وَادَّعَى هُوَ الْبِسَاطَ فَلَا يَعْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُرَافَعَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِهَذَا التَّفْصِيلِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ طفى (قَوْلُهُ: يَقُولُ لَحْمُ الْبَقَرِ دَاءٌ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا إذَا قِيلَ لَهُ أَنْتَ تُزَكِّي النَّاسَ لِأَجْلِ شَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي، وَلَا نِيَّةَ فَلَا يَحْنَثُ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِتَزْكِيَتِهِ لِلنَّاسِ، وَمِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَتِهِ كَمَا فِي المج أَنْ يَحْلِفَ لَيَشْتَرِيَنَّ دَارَ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا فَأَقْوَى الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا فِي ح، وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَيَبِيعَنَّ فَأَعْطَى دُونَ الثَّمَنِ، وَمِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَتِهِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تَعْتِقُ أَمَتَهَا، وَكَانَتْ أَعْتَقَتْهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يَحْلِفْ، وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ يَنْطِقُ بِمِثْلِ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ زَوْجَتُهُ فَقَالَتْ أَنْتَ طَالِقٌ فَلَا يُحَاكِيهَا، وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَتْ زَوْجَةُ أَمِيرٍ أَنَّهَا لَا تَسْكُنُ بَعْدَ مَوْتِهِ دَارَ الْإِمَارَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ أَمِيرًا آخَرَ فَأَسْكَنَهَا بِهَا لَمْ تَحْنَثْ؛ لِأَنَّ بِسَاطَ يَمِينِهَا انْحِطَاطُ دَرَجَتِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَنْ ضَاعَ صَكُّهُ فَقَالَ لِلشُّهُودِ اُكْتُبُوا لِي غَيْرَهُ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَا يَعْلَمُهُ فِي مَوْضِعٍ، وَلَا هُوَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي بَيْتِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى لَفْظِهِ بَلْ هَذَا مِنْ الْبِسَاطِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا ثُمَّ وَجَدَ فِي حِجْرِ زَوْجَتِهِ شَيْئًا مَسْتُورًا فَقَالَتْ لَا أُرِيكَهُ حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ لَتَأْكُلَنَّ مِنْهُ فَحَلَفَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الَّذِي فِي حِجْرِهَا بَيْضًا، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ بِسَاطَ يَمِينِهِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْأَكْلِ مَانِعٌ؛ وَلِأَنَّ عِلْمَهُ بِالْيَمِينِ الْأَوَّلِ يَتَضَمَّنُ نِيَّةَ إخْرَاجِهِ. (قَوْلُهُ: خَصَّصَ، وَقَيَّدَ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ) أَيْ مَدْلُولٌ مُتَعَارَفٌ مِنْ الْقَوْلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ قَصْدِ الْحَالِفِ وَاحْتُرِزَ بِالْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ مِنْ الْفِعْلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُخَصِّصُ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَالْحَالُ أَنَّ الْخُبْزَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُخْبَزُ فَإِذَا كَانَ بَلَدُ الْحَالِفِ لَا يَأْكُلُونَ إلَّا الشَّعِيرَ فَأَكْلُ الشَّعِيرِ عِنْدَهُمْ عُرْفٌ فَعَلَيَّ فَلَا يُعْتَبَرُ مُخَصِّصًا فَإِذَا أَكَلَ الْحَالِفُ خُبْزَ الْقَمْحِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي التَّوْضِيحِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ الْقَرَافِيَّ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ ظَاهِرَ مَسَائِلِ الْفُقَهَاءِ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ فِعْلِيًّا وَنَقَلَ الْوَانُّوغِيُّ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْعُرْفَ الْفِعْلِيَّ يُعْتَبَرُ مُخَصِّصًا، وَمُقَيِّدًا قَالَ وَبِهِ يُرَدُّ مَا زَعَمَهُ الْقَرَافِيُّ وَصَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِاعْتِبَارِهِ أَيْضًا، وَفِي الْقَلْشَانِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ فِي ظَاهِرِ مَسَائِلِ الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: لَا يَشْتَرِي مَا ذُكِرَ) أَيْ دَابَّةً أَوْ مَمْلُوكًا أَوْ ثَوْبًا (قَوْلُهُ: وَلَا ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) بَلْ لَفْظُ الدَّابَّةِ يُطْلَقُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَعْنَاهُ لُغَةً، وَهُوَ كُلُّ مَا دَبَّ عَلَى الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ يُطْلَقُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَعْنَاهُ لُغَةً، وَهُوَ كُلُّ مَا يُلْبَسُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ حِينَئِذٍ بِرُكُوبِهِ، وَلَوْ لِتِمْسَاحٍ وَلُبْسِهِ وَلَوْ لِعِمَامَةٍ. اهـ. وَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي، وَلَفْظُ الصَّلَاةِ إنَّمَا يُطْلَقُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ إذْ هُوَ الصَّلَاةُ لُغَةً، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِخِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النَّاسِخَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَنْسُوخِ (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا مُطْلَقَ الْحَمْلِ) أَيْ فَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِكَوْنِ الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ مُخَصِّصًا، وَمُقَيِّدًا أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ ذَلِكَ تَخْصِيصًا، وَلَا تَقْيِيدًا حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بَعْدَ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصَدَ اللُّغَوِيَّ لَا يُعْدَمُ، وَيُوجَدُ الشَّرْعِيُّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعِيَّ إمَّا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ اللُّغَوِيِّ أَوْ مُرَادِفٌ لَهُ كَمَا فِي الظُّلَمِ فَإِنَّهُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي كُلٍّ مِنْ اللُّغَةِ، وَعُرْفِ الشَّرْعِ لَا يُقَالُ الْمَدْلُولُ الشَّرْعِيُّ مَدْلُولٌ عُرْفِيٌّ فَيَتَكَرَّرُ مَعَ الْمَدْلُولِ الْعُرْفِيِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَدْلُولُ الْعُرْفِيُّ يُطْلَقُ عَلَى الْعُرْفِيِّ الْخَاصِّ، وَهُوَ مَا تَعَيَّنَ نَاقِلُهُ كَالشَّرْعِيِّ وَاللُّغَوِيِّ، وَعَلَى الْعُرْفِيِّ الْعَامِّ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَتَعَيَّنْ نَاقِلُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُهُ) أَيْ الْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى

(بِفَوْتٍ) أَيْ تَعَذُّرٍ (مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) لِغَيْرِ مَانِعٍ بَلْ (وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) كَحَيْضٍ لِمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ وَحَمَلَ مِنْهُ لِمَنْ حَلَفَ لَيَبِيعَنَّهَا (أَوْ) لِمَانِعٍ عَادِيٍّ كَغَصْبٍ أَوْ (سَرِقَةٍ) لِحَيَوَانٍ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّهُ أَوْ ثَوْبٍ حَلَفَ لَيَلْبَسَنَّهُ أَوْ طَعَامٍ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّهُ، وَهَكَذَا وَمَحِلُّ الْحِنْثِ إنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِإِمْكَانِ الْفِعْلِ، وَإِلَّا فَلَا (لَا) يَحْنَثُ لِمَانِعٍ عَقْلِيٍّ فَلَا يَحْنَثُ (بِكَمَوْتِ حَمَامٍ فِي) حَلِفِهِ (لَيَذْبَحَنَّهُ) فَمَاتَ عَقِبَ الْيَمِينِ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا تَفْرِيطٍ، وَإِلَّا حَنِثَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُوَقِّتْ فَإِنْ وَقَّتَ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَمَاتَ فِيهِ فَلَا حِنْثَ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، وَيُفَرِّطُ وَالْكَافُ يُقَدَّرُ دُخُولُهَا عَلَى حَمَامٍ أَيْضًا فَيَشْمَلُ الْمَوْتُ الْحَرْقَ وَنَحْوَهُ، وَيَشْمَلُ الْحَمَامُ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ، وَيَشْمَلُ الذَّبْحُ اللُّبْسَ وَنَحْوَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ يَحْنَثُ بِهِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْيَمِينِ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا لَكِنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ إنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ لَا يَزُولُ كَحَمْلِ جَارِيَةٍ فِي لَيَبِيعَنَّهَا وَالْعَفْوُ فِي الْقِصَاصِ لَا فِي نَحْوِ الْحَيْضِ، وَأَمَّا الْعَادِيُّ وَالْعَقْلِيُّ فَإِنْ تَقَدَّمَا عَلَى الْيَمِينِ فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ تَأَخَّرَ فَالْعَادِيُّ يَحْنَثُ فِيهِ مُطْلَقًا، وَالْعَقْلِيُّ يَحْنَثُ فِيهِ إنْ لَمْ يُؤَقِّتْ، وَفَرَّطَ لَا إنْ بَادَرَ أَوْ أَقَّتَ. (وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ (بِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ) أَيْ ضِدِّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَوَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ ثُمَّ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَهَذَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ كَمَا مَثَّلْنَا، وَأَمَّا الْمُؤَجَّلُ أَوْ الْبِرُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQاللُّغَوِيِّ بَلْ الَّذِي فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ تَقْدِيمُ الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْعُرْفِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ مَانِعٍ) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ اللَّيْلَةَ فَتَرَكَهُ اخْتِيَارًا حَتَّى فَاتَتْ اللَّيْلَةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَانِعٍ إلَخْ) رُدَّ بِلَوْ فِي الشَّرْعِيِّ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَيْضِ، وَعَلَى سَحْنُونٍ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْأَمَةِ، وَفِي الْعَادِيِّ عَلَى نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ) فَبَانَ بِهَا حَيْضٌ يَحْنَثُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ حَلَفَ لَيَبِيعَنَّهَا) فَبَانَ بِهَا حَمْلٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْحِنْثِ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْحِنْثَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي فَاتَ فِيهَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ مَحَلُّهُ إذَا أَطْلَقَ الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِإِمْكَانِ الْفِعْلِ، وَلَا بِعَدَمِهِ، وَأَوْلَى لَوْ قَيَّدَ بِالْإِطْلَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ لَأَفْعَلَنَّهُ مُطْلَقًا قَدَرْت عَلَى الْفِعْلِ أَوْ لَا أَمَّا إنْ قَيَّدَ بِإِمْكَانِ الْفِعْلِ فَلَا حِنْثَ بِفَوَاتِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَحْنَثُ لِمَانِعٍ عَقْلِيٍّ) مِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَتِهِ مَا إذَا حَلَفَ ضَيْفٌ عَلَى رَبِّ دَارٍ أَنَّهُ لَا يَذْبَحُ لَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَبَحَ لَهُ أَوْ حَلَفَ لَيَفْتَضَّنَّ زَوْجَتَهُ فَوَجَدَ عُذْرَتَهَا سَقَطَتْ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْوَاقِعِ وَتَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ عَقْلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَنِثَ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ فَرَّطَ حَتَّى فَاتَ حَنِثَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِنْثِ مَعَ التَّفْرِيطِ إذَا لَمْ يُوَقِّتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذَا فَاتَ لِمَانِعٍ عَقْلِيٍّ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ قَدْ عَيَّنَ وَقْتًا لِفِعْلِهِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَّتَ، وَفَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَحْنَثْ إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ، وَيُفَرِّطُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوَقِّتْ فَلَا حِنْثَ إنْ حَصَلَ الْمَانِعُ عَقِبَهُ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا تَفْرِيطٍ فَإِنْ فَرَّطَ مَعَ التَّأْخِيرِ حَتَّى فَاتَ فَالْحِنْثُ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْمَوْتَ وَنَحْوَهُ) أَيْ كَالْحَرْقِ فَإِذَا حَلَفَ لَيَلْبَسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ إنْسَانٌ وَحَرَقَهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ حَيْثُ وَقَّتَ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَيُفَرِّطْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوَقِّتْ فَلَا حِنْثَ إلَّا أَنْ يُفَرِّطَ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) قَدْ نَظَمَ ذَلِكَ عج بِقَوْلِهِ إذَا فَاتَ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ لِمَانِعٍ ... فَإِنْ كَانَ شَرْعِيًّا فَحِنْثُهُ مُطْلَقَا كَعَقْلِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ إنْ يَتَأَخَّرَا ... وَفَرَّطَ حَتَّى فَاتَ دَامَ لَك الْبَقَا وَإِنْ أَقَّتَ أَوْ قَدْ كَانَ مِنْهُ تَبَادُرٌ ... فَحِنْثُهُ بِالْعَادِي لَا غَيْرُ مُطْلَقَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُمَا ... فَلَا حِنْثَ فِي حَالٍ فَخُذْهُ مُحَقَّقَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْيَمِينِ) اُنْظُرْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ التَّفْرِيطُ فِي الْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ يُقَالُ تَفْرِيطُهُ بِإِمْكَانِ الْكَشْفِ عَنْهُ قَرِيبًا فَتَرَكَهُ وَحَلَفَ (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ فِي الْقِصَاصِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ إنْسَانٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَنَّهُ لَيَقْتَصَّنَّ مِنْ الْجَانِي فَعَفَا عَنْهُ بَعْضٌ آخَرُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ الْحَيْضِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَيْضِ مُقَيَّدٌ كَمَا فِي النَّقْلِ بِمَا إذَا حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ أَيْ فَبَانَ أَنَّهَا حَائِضٌ أَوْ طَرَأَ لَهَا الْحَيْضُ بَعْدَ الْيَمِينِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَبْلَ وَطْئِهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِاللَّيْلَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِحَيْضِهَا بَلْ يَنْتَظِرُ طُهْرَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيَطَؤُهَا حِينَئِذٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن وطفى خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عبق مِنْ الْحِنْثِ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ) ظَاهِرُهُ تَحَتُّمُ الْحِنْثِ بِذَلِكَ، وَهُوَ طَرِيقَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ غَايَةُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَالِفَ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ لَهُ تَحْنِيثُ نَفْسِهِ بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ، وَيُكَفِّرُ، وَلَا يَتَحَتَّمُ الْحِنْثُ إلَّا بِفَوَاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِيَمِينِهِ، وَيَبْطُلُ الْعَزْمُ كَمَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَعَلَيَّ كَذَا ثُمَّ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الزَّوَاجِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لِلزَّوَاجِ، وَإِبْطَالُ عَزْمِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا حَلَفَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَحْلُوفُ بِهِ طَلَاقًا، وَإِلَّا لَزِمَهُ بِمُجَرَّدِ -

فَلَا حِنْثَ بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ. (وَ) حَنِثَ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نِسْيَانًا (إنْ أَطْلَقَ) فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَا أَفْعَلُهُ مَا لَمْ أَنْسَ، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ بِالنِّسْيَانِ، وَمِثْلُ النِّسْيَانِ الْخَطَأُ وَالْغَلَطُ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ أَوْ حَلَفَ لَا أَذْكُرُ فُلَانًا فَأَرَادَ ذِكْرَ غَيْرِهِ فَجَرَى ذِكْرُهُ عَلَى لِسَانِهِ غَلَطًا حَنِثَ فَمُتَعَلَّقُ الْخَطَأِ الْجَنَانُ، وَمُتَعَلَّقُ الْغَلَطِ اللِّسَانُ لَكِنْ فِي الْحِنْثِ بِالْغَلَطِ نَظَرٌ. (وَ) حَنِثَ (بِالْبَعْضِ) فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَغِيفًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ، وَلَوْ لُقْمَةً حَنِثَ، وَهَذَا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ، وَلَوْ قَيَّدَ بِالْكُلِّ، وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ فَلَا يَبَرُّ بِفِعْلِ الْبَعْضِ فَمَنْ حَلَفَ لَآكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ، وَإِنْ لَمْ آكُلْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَبَرُّ بِأَكْلِ بَعْضِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (عَكْسُ الْبِرِّ) أَيْ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ. (وَ) حَنِثَ (بِسَوِيقٍ أَوْ لَبَنٍ) أَيْ بِشُرْبِهِمَا (فِي) حَلِفِهِ (لَا آكُلُ) طَعَامًا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّ شُرْبَهُمَا أَكْلٌ شَرْعًا وَلُغَةً، وَهَذَا إنْ قَصَدَ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يُدْخِلَ فِي بَطْنِهِ طَعَامًا إذْ هُمَا مِنْ الطَّعَامِ فَإِنْ قَصَدَ الْأَكْلَ دُونَ الشُّرْبِ فَلَا حِنْثَ (لَا) بِشُرْبِ (مَاءٍ) ، وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ فَلَا يَحْنَثُ إذْ هُوَ لَيْسَ بِطَعَامٍ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ مَاءُ زَمْزَمَ طَعَامًا شَرْعًا، وَالْعُرْفُ يُقَدَّمُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) لَا يَحْنَثُ (بِتَسَحُّرٍ فِي) حَلِفِهِ (لَا أَتَعَشَّى) مَا لَمْ يَقْصِدْ تَرْكَ الْأَكْلِ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ (وَ) لَا يَحْنَثُ فِي (ذَوْقٍ) لِشَيْءٍ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ أَوْ لَا يَشْرَبُهُ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ وَتَحْنِيثِ نَفْسِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ الرُّجُوعُ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ مج وَاخْتَارَ طفى هَذِهِ الطَّرِيقَةَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا حِنْثَ بِالْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ) أَيْ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إذَا فَاتَ الْأَجَلُ وَبِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ. (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِالنِّسْيَانِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالسُّيُورِيِّ وَجَمْعٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ قَالُوا بِعَدَمِ الْحِنْثِ بِالنِّسْيَانِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ كَذَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نِسْيَانًا) أَيْ فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ فِي غَدٍ فَأَكَلَ فِيهِ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَصُومَنَّ غَدًا فَأَصْبَحَ صَائِمًا فَأَكَلَ نَاسِيًا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الصَّوْمِ، وَقَدْ وُجِدَ وَاَلَّذِي فَعَلَهُ نِسْيَانًا هُوَ الْأَكْلُ، وَهَذَا الْأَكْلُ غَيْرُ مُبْطِلٍ لِصَوْمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي التَّطَوُّعِ لَا يُبْطِلُهُ، وَهَذَا الصَّوْمُ تَطَوُّعٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَمَّا لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ أَنْسَ) أَيْ أَوْ لَا أَفْعَلُهُ عَمْدًا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ عَمْدًا، وَلَا نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا) هَذَا مِثَالُ لِلْخَطَإِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْخَطَإِ أَيْضًا مَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مِنْهُ دَرَاهِمَ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ ثَوْبًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَقِيلَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ، وَقِيلَ بِالْحِنْثِ إنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ فِيهِ دَرَاهِمَ قِيَاسًا عَلَى السَّرِقَةِ، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: لَكِنَّ فِي الْحِنْثِ بِالْغَلَطِ) أَيْ اللِّسَانِيِّ نَظَرٌ، وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيهِ، وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ الْحِنْثِ بِالْغَلَطِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْغَلَطُ الْجَنَانِيُّ الَّذِي هُوَ الْخَطَأُ كَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَكَلَّمَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَمْرٌو، وَكَحَلِفِهِ لَا أَذْكُرُ فُلَانًا فَذَكَرَهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ غَيْرُ الِاسْمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَبِالْبَعْضِ) أَيْ وَحَنِثَ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ ذِي أَجْزَاءٍ بِفِعْلِ الْبَعْضِ مِنْهُ فَمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ رَغِيفًا حَنِثَ بِأَكْلِ لُقْمَةٍ مِنْهُ، وَمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ حَنِثَ بِإِدْخَالِ طَوْقِهِ فِي عُنُقِهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِالْإِحْرَامِ أَوْ لَا يَصُومُ حَنِثَ بِالْإِصْبَاحِ نَاوِيًا، وَلَوْ أَفْسَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِمَا بَلْ فِي ح إنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حَنِثَ بِوَضْعِ رِجْلِهِ فِي الرِّكَابِ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُ اسْتَقَلَّ عَنْ الْأَرْضِ، وَإِنْ حَلَفَ إنْ وَضَعْت مَا فِي بَطْنِك فَوَضَعَتْ وَاحِدًا وَبَقِيَ وَاحِدٌ حَنِثَ بِوَضْعِ أَحَدِهِمَا قَالَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا حَنِثَ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ، وَقِيلَ بِالْإِنْزَالِ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا فِي هَذَا الْبَعْضِ كَأَنَّهُ لِتَعْوِيلِ الشَّارِعِ فِي أَحْكَامِ الْوَطْءِ عَلَى مَغِيبِ الْحَشَفَةِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ لَمْ يَحْنَثْ بِإِدْخَالِ رَأْسِهِ بِخِلَافِ رِجْلِهِ وَالْأَظْهَرُ إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا اُنْظُرْ الْبَدْرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَيَّدَ بِالْكُلِّ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ كُلَّ الرَّغِيفِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ إفَادَةِ كُلٍّ لِلْكُلِّيَّةِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَقَعْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ، وَإِلَّا لَمْ تَسْتَغْرِقْ غَالِبًا بَلْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ نَفْيَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الصَّادِقِ بِثُبُوتِ الْبَعْضِ كَقَوْلِهِ: مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ ... تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ ، وَمِنْ هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ اسْتِغْرَاقُهَا نَحْوُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23] فَتَأَمَّلْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ رَوْعِي فِي هَذَا الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الْوَجْهُ الْقَلِيلُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَلَا بِسَاطَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى وَجْهٍ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: عَكْسُ الْبِرِّ) أَيْ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ حِنْثٍ وَحَلِفٍ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ ذِي أَجْزَاءٍ فَلَا يَبَرُّ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْأَكْلِ فَإِنْ كَانَ فِي آخِرِ الْأَكْلِ فَلَا يَبَرُّ الْحَالِفُ إلَّا بِأَكْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لُقَمٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَلِفُ عَلَيْهِ فِي آخِرِ أَكْلِهِ فَلَا يَبَرُّ الْحَالِفُ إلَّا بِشِبَعٍ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: لَا بِشُرْبِ مَاءٍ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ مَاءٍ فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ طَعَامًا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ: وَالْعُرْفُ يُقَدَّمُ) أَيْ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَقْصَدِ الشَّرْعِيِّ هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَاءَ زَمْزَمَ طَعَامٌ شَرْعًا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا وَرَدَ فِيهِ أَنَّهُ لِمَا شُرِبَ لَهُ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ قِيَامِهِ قِيَامَ الطَّعَامِ أَنْ يَكُونَ طَعَامًا بَلْ هُوَ مَاءٌ مُطْلَقٌ

(لَمْ يَصِلْ) الذَّوَاقُ بِمَعْنَى الْمَذُوقِ (جَوْفَهُ) ، وَإِلَّا حَنِثَ (وَبِوُجُودِ) دَرَاهِمَ (أَكْثَرَ) مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ (فِي) حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا لَغْوَ فِيهِ (لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْقَدْرِ الْمُسَمَّى كَعَشَرَةٍ (لِمُتَسَلِّفٍ) أَوْ سَائِلٍ أَوْ مُقْتَضٍ لِحَلِفِهِ، وَأَمَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَلَغْوٌ، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْيَقِينِ قَرِيبًا (لَا) بِوُجُودِ (أَقَلَّ) عَدَدًا أَوْ وَزْنًا، وَلَوْ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ اتِّفَاقًا إذْ الْمُرَادُ لَيْسَ مَعِي مَا يَزِيدُ عَلَى مَا حَلَفْت عَلَيْهِ. (وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ) لِدَابَّةٍ (وَ) دَوَامِ (لُبْسِهِ) لِثَوْبٍ وَسُكْنَاهُ دَارًا مَعَ إمْكَانِ التَّرْكِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَرْكَبُ، وَأَلْبَسُ) وَأَسْكُنُ مَا ذُكِرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ (لَا) يَحْنَثُ بِالدَّوَامِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى (كَدُخُولٍ) لِدَارٍ مَثَلًا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا، وَهُوَ مَاكِثٌ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ، وَهُوَ دَاخِلٌ وَاسْتَمَرَّ دَاخِلًا فَيَحْنَثُ (وَ) حَنِثَ (بِدَابَّةِ عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ عَبْدَ نَفْسِهِ إنْ حَلَفَ لَا أَرْكَبُ دَابَّتِي (فِي) حَلِفِهِ عَلَى (دَابَّتِهِ) لَا يَرْكَبُهَا إذْ مَالُ الْعَبْدِ مَالٌ لِلسَّيِّدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلِذَا لَا يَحْنَثُ بِدَابَّةِ وَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ اعْتِصَارُهَا وَرَجَحَ الْحِنْثُ حِينَئِذٍ. (وَبِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ) وَضَرْبِهِ بِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً (فِي) حَلِفِهِ لِعَبْدِهِ مَثَلًا (لَأَضْرِبَنَّهُ كَذَا) عِشْرِينَ سَوْطًا مَثَلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ فِي الْبِرِّ مِنْ ضَرْبِهِ بِالسَّوْطِ الْعَدَدَ مُتَفَرِّقًا عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُحْتَسَبُ بِالضَّرْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ جَمْعِهَا حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا إيلَامٌ كَإِيلَامِ الْمُنْفَرِدَةِ، وَإِلَّا حُسِبَتْ وَاحِدَةً. (وَ) حَنِثَ (بِلَحْمِ الْحُوتِ) وَالطَّيْرِ لِصِدْقِ اللَّحْمِ عَلَيْهِمَا (وَ) حَنِثَ بِأَكْلِ (بَيْضِهِ) أَيْ بَيْضِ الْحُوتِ بِمَعْنَى مَا يَبِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ كَالتُّرْسِ وَالتِّمْسَاحِ (وَ) حَنِثَ بِأَكْلِهِ (عَسَلَ الرُّطَبِ فِي) حَلِفِهِ عَلَى (مُطْلَقِهَا) أَيْ مُطْلَقِ اللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْعَسَلِ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ لَحْمًا أَوْ بَيْضًا أَوْ عَسَلًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ. (وَ) حَنِثَ (بِكَعْكٍ وَخُشْكَنَانٍ) ، بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الْكَافِ كَعْكٌ مَحْشُوٌّ بِكُسَّرٍ (وَهَرِيسَةٍ، وَإِطْرِيَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ قِيلَ هِيَ مَا تُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالشِّعْرِيَّةِ، وَقِيلَ مَا يُسَمَّى بِالرِّشْتَةِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ (خُبْزٍ) قَالُوا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَجْرِي عَلَى عُرْفِ زَمَانِنَا وَالْجَارِي عَلَيْهِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ (لَا) يَحْنَثُ فِي (عَكْسِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَاصَّةِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخُبْزِ. (وَ) حَنِثَ (بِضَأْنٍ، وَمَعْزٍ) أَيْ بِأَكْلِهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ) أَيْ، وَلَوْ وَصَلَ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ: وَبِوُجُودِ أَكْثَرَ) أَيْ كَمَا لَوْ سَأَلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا عَشَرَةٌ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ فَوَجَدَ مَا مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ فَيَحْنَثُ حَيْثُ كَانَتْ الْيَمِينُ لَا لَغْوٌ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهَا اللَّغْوُ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَلَا حِنْثَ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ مَعَهُ أَقَلَّ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ سَوَاءٌ كَانَ يَمِينُهُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ اللَّغْوُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ لَيْسَ مَعِي مَا يَزِيدُ عَلَى مَا حَلَفْت عَلَيْهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِسَاطُ يَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ) أَيْ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ حَيْثُ أَطْلَقَ بَلْ، وَلَوْ لَحْظَةً (قَوْلُهُ: فِي حَلِفِهِ لَا أَرْكَبُ، وَلَا أَلْبَسُ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَأَرْكَبَنَّ، وَأَلْبَسَنَّ بَرَّ بِدَوَامِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ أَيْ بِدَوَامِ الرُّكُوبِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ الرُّكُوبَ فِيهَا، وَدَوَامِ اللُّبْسِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَظُنُّ اللُّبْسَ فِيهَا فَإِذَا كَانَ مُسَافِرًا يَوْمَيْنِ، وَقَالَ وَاَللَّهِ لَأَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ رَاكِبٌ لَهَا فَلَا يَبَرُّ إلَّا إذَا رَكِبَهَا الْمَسَافَةَ بِتَمَامِهَا، وَلَا يَضُرُّ نُزُولُهُ لَيْلًا، وَلَا فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَاتِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي حَلِفِهِ لَأَلْبَسَنَّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ دَاخِلًا فَيَحْنَثُ) أَيْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى ذَلِكَ كَالدُّخُولِ ابْتِدَاءً، وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا أَرْكَبُهَا، وَكَالدَّارِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ السَّفِينَةَ فَيَحْنَثُ بِدَوَامِ رُكُوبِهِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِ الْمُكْثِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَبِدَابَّةِ عَبْدِهِ فِي دَابَّتِهِ) قَالَ فِيهَا، وَمَنْ حَلَفَ إنَّهُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ لَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِنْثِ بِرُكُوبِ دَابَّةِ مُكَاتَبِهِ، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَاخْتَارَ غَيْرُهُ الْحِنْثَ بِرُكُوبِهَا نَظَرًا لِلُحُوقِ الْمِنَّةِ بِهَا كَلُحُوقِهَا بِدَابَّةِ سَيِّدِهِ الَّذِي هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ هَذَا التَّعْلِيلِ لَا يَحْنَثُ بِدَابَّةِ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْوَلَدِ لَيْسَ مَالًا لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ اعْتِصَارُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَدْ وَهَبَهَا لَهُ لَكِنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي دَابَّةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ لِوَالِدِهِ اعْتِصَارُهَا ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِدَابَّةِ الْوَلَدِ إنْ كَانَتْ مَوْهُوبَةً مِنْ وَالِدِهِ، وَلَهُ اعْتِصَارُهَا لِتَحَقُّقِ الْمِنَّةِ فِيهَا لَا مَا لَا اعْتِصَارَ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِحِنْثِهِ بِذَلِكَ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ بَلْ الْمُرَادُ بِحِنْثِهِ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَالِفِ زِيَادَةُ الْإِيلَامِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ عِنْدَ جَمْعِهَا فَلَوْ حَلَفَ لَأَضْرِبَنَّهُ عِشْرِينَ سَوْطًا فَجَمَعَ الْأَسْوَاطَ، وَضَرَبَ بِهَا مَرَّةً حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ: لِصِدْقِ اللَّحْمِ عَلَيْهِمَا) أَيْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] ، وَقَالَ أَيْضًا {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 21] ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحِنْثِ بِلَحْمِ الْحُوتِ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا عُرْفٌ مَضَى، وَأَمَّا عُرْفُ زَمَانِنَا خُصُوصًا بِمِصْرَ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَحْمًا عُرْفًا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهَرِيسَةٍ) هِيَ أَنْ يُطْبَخَ اللَّحْمُ مَعَ الْقَمْحِ طَبْخًا جَيِّدًا حَتَّى يُعْزَلَ الْعَظْمُ عَنْ اللَّحْمِ فَيُؤْتَى بِعَصًا فِيهَا غِلَظٌ، وَيَعْرُكُونَ بِهَا ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ كَالْعَصِيدَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْحِنْثِ بِأَكْلِ الْكَعْكِ وَالْخُشْكَنَانِ -

(وَ) بِأَكْلِهِ مِنْ (دِيَكَةٍ وَدَجَاجَةٍ فِي) حَلِفِهِ لَا آكُلُ لَحْمَ (غَنَمٍ) فِي الْأَوَّلِ (وَ) لَا آكُلُ لَحْمَ (دَجَاجٍ) فِي الثَّانِي، وَعُرْفُ زَمَانِنَا اخْتِصَاصُ الْغَنَمِ بِالضَّأْنِ (لَا) يَحْنَثُ (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ (آخَرَ) فَلَا يَحْنَثُ بِالضَّأْنِ فِي حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ الْمَعْزِ، وَلَا عَكْسِهِ، وَلَا بِالدِّيَكَةِ فِي الدَّجَاجَةِ وَلَا عَكْسِهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ لِلْآخَرِ (وَ) حَنِثَ (بِسَمْنٍ اُسْتُهْلِكَ) بِلَتِّهِ (فِي سَوِيقٍ) فِي حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَلِذَا لَوْ اُسْتُهْلِكَ فِي طَعَامٍ لَمْ يَحْنَثْ. (وَبِزَعْفَرَانٍ) اُسْتُهْلِكَ (فِي طَعَامٍ) فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ زَعْفَرَانًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا كَذَلِكَ (لَا) يَحْنَثُ إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خَلًّا أَوْ مَاءَ وَرْدٍ أَوْ نَارِنْجٍ (بِكَخَلٍّ طُبِخَ) لِفَقْدِ الْعِلَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْخَلَّ يُؤْكَلُ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا اُسْتُهْلِكَ لَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ (وَ) حَنِثَ (بِاسْتِرْخَاءٍ لَهَا فِي) حَلِفِهِ (لَا قَبَّلْتُكِ) ، وَقَبَّلْتَهُ فِي الْفَمِ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ قَبَّلَهَا هُوَ حَنِثَ مُطْلَقًا قَبَّلَهَا فِي الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا قَبَّلْتنِي) ، وَقَبَّلَتْهُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي هَذِهِ مُطْلَقًا اسْتَرْخَى لَهَا أَمْ لَا فِي الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) حَنِثَ (بِفِرَارِ غَرِيمِهِ) قَبْلَ أَخْذِ حَقِّهِ مِنْهُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا فَارَقْتُك) أَنَا (أَوْ) لَا (فَارَقْتنِي) أَنْت (إلَّا بِحَقِّي) ، وَفَرَّطَ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ) بِأَنْ انْفَلَتَ مِنْهُ كَرْهًا أَوْ اسْتِغْفَالًا وَلَمْ يَحُلْ عَلَى غَرِيمِهِ لَهُ بَلْ (وَإِنْ أَحَالَهُ) فَبِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْحَوَالَةِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا بِأَخْذِ حَقِّي مِنْك إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وَلِي حَقٌّ عَلَيْك. (وَ) حَنِثَ (بِالشَّحْمِ فِي) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ (اللَّحْمِ) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ اللَّحْمِ (لَا الْعَكْسِ) بِأَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمًا (وَ) حَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ (بِفَرْعٍ) نَشَأَ بَعْدَ الْيَمِينِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ أَصْلِهِ كَوَاللَّهِ (لَا آكُلُ) شَيْئًا (مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ) فَيَحْنَثُ بِبُسْرِهِ وَرُطَبِهِ، وَعَجْوَتِهِ وَثَمَرِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَمْحَ وَاللَّبَنَ وَالْقَصَبَ وَغَيْرَهَا مِنْ كُلِّ أَصْلٍ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ مِنْ طَلْعِ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ مِنْ لَبَنِ هَذِهِ الشَّاةِ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ فَرْعٍ تَقَدَّمَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ (أَوْ) لَا آكُلُ (هَذَا الطَّلْعَ) بِإِسْقَاطِ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْهَرِيسَةِ وَالْإِطْرِيَّةِ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ خُبْزًا. (قَوْلُهُ: وَدِيَكَةٍ) هِيَ ذُكُورُ الدَّجَاجِ، وَالدَّجَاجَةُ هِيَ إنَاثُ الدَّجَاجِ (قَوْلُهُ: اخْتِصَاصُ الْغَنَمِ بِالضَّأْنِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ غَنَمًا إنَّمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الضَّأْنِ لَا بِأَكْلِ الْمَعْزِ. (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِسَمْنٍ) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي سَوِيقٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ خَالِصًا، وَسَوَاءٌ وَجَدَ طَعْمَهُ أَمْ لَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَ سَوِيقًا لُتَّ بِسَمْنٍ حَنِثَ وَجَدَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَمْ لَا. اهـ. وَلِابْنِ مُيَسَّرٍ لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ) أَيْ فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ التَّعْلِيلُ بِأَنْ لَا يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ مِنْ السَّوِيقِ فَلَا حِنْثَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا كَذَلِكَ) يُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا انْتَفَى هَذَا التَّعْلِيلُ بِأَنْ كَانَ الزَّعْفَرَانُ يُؤْكَلُ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مُسْتَهْلَكًا فِي الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: لَا بِكَخَلٍّ طُبِخَ) أَيْ طُرِحَ فِي الطَّبِيخِ، وَأَمَّا بِأَكْلِهِ مَوْضُوعًا فَوْقَ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْخَلِّ أَنْ لَا يُؤْكَلَ إلَّا فِي طَعَامٍ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَمَعَ ضَعْفِهِ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ، وَأَمَّا إذَا عُيِّنَ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا الْخَلَّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ، وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ فِي طَعَامٍ قَوْلًا وَاحِدًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَاءُ الْوَرْدِ وَالزَّهْرِ، وَمَاءُ اللَّيْمُونِ، وَمَاءُ النَّارِنْجِ، وَأَمَّا ذَاتُهَا فَيَحْنَثُ بِهَا، وَلَوْ طُبِخَتْ لِبَقَاءِ عَيْنِهَا فَهِيَ أَحْرَى مِنْ السَّمْنِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَلَا يَدْخُلُ بِالْكَافِ الْعَسَلُ إذَا طُبِخَ فِي طَعَامٍ لِنَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْحِنْثَ فِيهِ عَنْ سَحْنُونٍ. (قَوْلُهُ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي هَذِهِ مُطْلَقًا اسْتَرْخَى لَهَا أَمْ لَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِهَا، وَهِيَ مُخْتَارَةٌ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا، وَقَوْلُهُ الْمُعْتَمَدُ أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِأَنَّ مَفْهُومَ وَبِاسْتِرْخَاءٍ لَهَا فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْأُولَى وَالْحِنْثُ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِفِرَارِ غَرِيمِهِ) لَا يُقَالُ الْفِرَارُ إكْرَاهٌ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ صِيغَةُ بِرٍّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفِرَارَ إكْرَاهٌ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ إكْرَاهٌ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ بِرٍّ بَلْ صِيغَةُ حِنْثٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَأُلْزِمَنَّكَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: لَا بِحَقِّي) أَيْ إلَّا بَعْدَ أَخْذِ حَقِّي، وَمِثْلُهُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي أَوْ حَتَّى أَقْبِضَ حَقِّي (قَوْلُهُ: وَفَرَّطَ) أَيْ فِي الْقَبْضِ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَبِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْحَوَالَةِ يَحْنَثُ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ مِنْ الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُفَارَقَةِ، وَلَوْ قَبَضَ الْحَقَّ بِحَضْرَةِ الْغَرِيمِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحِنْثِ بِالْحَوَالَةِ، وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهَا خِلَافُ عُرْفِ مِصْرَ الْآنَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) أَيْ بِقَوْلِهِ إلَّا بِحَقِّي، وَكَذَا إذَا صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ قَالَ لَا فَارَقْتُك أَوْ فَارَقْتنِي وَلِيَ عَلَيْك حَقٌّ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِالْحَوَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ) أَيْ، وَلَا قَرِينَةٌ، وَلَا بِسَاطٌ (قَوْله نَشَأَ بَعْدَ الْيَمِينِ) أَيْ وَأَمَّا الْفَرْعُ السَّابِقُ عَلَيْهِ فَقَدْ فَارَقَ قَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَكَذَا الطَّلْعِ) لَيْسَ مِنْ مُتَعَلِّقَةِ بِآكِلٍ بَلْ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ لَا آكُلُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الطَّلْعِ وَالشَّيْءُ شَامِلٌ لِلطَّلْعِ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِمِنْ، وَعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ فِي حِلِّهِ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِكُلِّ فَرْعٍ تَقَدَّمَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ) أَيْ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ فَرْعٍ تَقَدَّمَ لِتِلْكَ النَّخْلَةِ أَوْ الشَّاةِ بِكُلِّ مَا نَشَأَ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ اللَّبَنَ أَوْ الطَّلْعَ الْحَاضِرَ بِالْإِشَارَةِ بَلْ أَطْلَقَ فِيهِمَا وَجَعَلَ الْإِشَارَةَ لِلنَّخْلَةِ وَالشَّاةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ -

لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ إنْ أَسْقَطَ مِنْ فَلَا يَحْنَثُ بِالْفَرْعِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ خَاصَّةٌ بِالطَّلْعِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا أُسْقِطَ مِنْ وَالْإِشَارَةَ مَعًا نُكِّرَ أَوْ عُرِّفَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) يَحْنَثُ بِالْفَرْعِ إنْ حَلَفَ (لَا آكُلُ الطَّلْعَ) مُعَرَّفًا (أَوْ) لَا آكُلُ (طَلْعًا) مُنَكَّرًا، وَكَذَا مِنْ الطَّلْعِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَأَمَّا حِنْثُهُ بِالْأَصْلِ فِي الْخَمْسِ فَظَاهِرٌ. ثُمَّ اسْتَثْنَى خَمْسَ مَسَائِلَ يَحْنَثُ فِيهَا بِمَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمِنْ وَالْإِشَارَةِ لَقُرْبِهَا مِنْ أَصْلِهَا قُرْبًا قَوِيًّا إلَّا لِنِيَّةٍ فِيهَا فَقَالَ (إلَّا نَبِيذَ زَبِيبٍ) أَيْ حَلَفَ لَا آكُلُ زَبِيبًا أَوْ الزَّبِيبَ فَيَحْنَثُ بِشُرْبِ نَبِيذِهِ (وَ) إلَّا (مَرَقَةَ لَحْمٍ) فِي حَلِفِهِ لَا أَكَلْت اللَّحْمَ أَوْ لَحْمًا (أَوْ شَحْمَهُ) عَطْفٌ عَلَى مَرَقَةٍ أَيْ حَلِفٍ لَا آكُلُ اللَّحْمَ أَوْ لَحْمًا فَيَحْنَثُ بِشَحْمِهِ، وَأَعَادَ هَذِهِ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ (وَ) إلَّا (خُبْزَ قَمْحٍ) فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ الْقَمْحَ أَوْ قَمْحًا، وَكَذَا لَا آكُلُ مِنْهُ (وَ) إلَّا (عَصِيرَ عِنَبٍ) فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ الْعِنَبَ أَوْ عِنَبًا، وَهَذِهِ تُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ النَّبِيذِ (وَ) حَنِثَ (بِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ) الْمُعَيَّنَةُ فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ (إنْ نَوَى) بِيَمِينِهِ (الْمَنَّ) أَيْ قَطَعَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ لَوْلَا أَنَا أُطْعِمُك لَمُتّ جُوعًا، وَكَذَا بِمَا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا إنْ بِيعَتْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمِنَّةُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إنْ نَوَى قَطْعَ الْمِنَّةِ مُطْلَقًا فَيَحْنَثُ بِكُلِّ شَيْءٍ وَصَلَهُ مِنْهُ وَدَلَّتْ بِسَاطُ يَمِينِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا فَأَكَلَهَا أَوْ أَكَلَ مِمَّا نَبَتَ مِنْهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَحْنَثْ (لَا) إنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِهَا (لِرَدَاءَةٍ) فِيهَا فَلَا حِنْثَ بِمَا أَنْبَتَتْ جَيِّدًا، وَلَا بِمَا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ أُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ) حَلَفَ عَلَيْهَا (لِسُوءِ صَنْعَةِ طَعَامٍ) فَجَوَّدَ لَهُ فَلَا حِنْثَ. (وَ) حَنِثَ (بِالْحَمَّامِ) أَيْ بِدُخُولِهِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ دُخُولِ (الْبَيْتِ) أَوْ لَا دَخَلَ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ بِالْحَمَّامِ أَوْ الْخَانِ إلَّا لِنِيَّةٍ أَوْ عُرْفِ مِصْرٍ أَنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَ عَلَى الْحَمَّامِ اسْمَ الْبَيْتِ (أَوْ) حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي (دَارِ جَارِهِ) ؛ لِأَنَّ لِلْجَارِ عَلَى جَارِهِ مِنْ الْحُقُوقِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَأَشْبَهَتْ دَارُهُ دَارِهِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْجَارَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ جَارِهِ غَالِبًا فَكَأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عُرْفًا وَالظَّاهِرُ فِي هَذَا عَدَمُ الْحِنْثِ. (أَوْ) حَلَفَ لَا أَسْكُنُ بَيْتًا أَوْ لَا أَدْخُلُهُ حَنِثَ بِسُكْنَى أَوْ دُخُولِ (بَيْتِ شَعْرٍ) بَدْوِيًّا كَانَ أَوْ حَضَرِيًّا إلَّا لِنِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ (كَحَبْسٍ) أَيْ كَمَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي حَبْسٍ (أُكْرِهَ عَلَيْهِ) فِي حَلِفِهِ لَا دَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتًا أَوْ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي بَيْتٍ فَحُبِسَ عِنْدَهُ كُرْهًا (بِحَقٍّ) أَيْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ كَالطُّلُوعِ فَلَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ سَابِقًا إنْ لَمْ يُكْرَهُ بِبِرٍّ (لَا) إنْ دَخَلَ عَلَيْهِ (بِمَسْجِدٍ) عَامٍّ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبًا بِدُخُولِهِ شَرْعًا صَارَ كَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْحَالِفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْنَثُ بِكُلِّ فَرْعٍ لِلطَّلْعِ، وَكُلُّ فَرْعٍ لِلَّبَنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ تِلْكَ النَّخْلَةِ أَوْ تِلْكَ الشَّاةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَنْظُورُ لَهُ الْفَرْعِيَّةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا لِلطَّلْعِ وَاللَّبَنِ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا لِلنَّخْلَةِ وَالشَّاةِ، وَإِنْ كَانَ فَرْعُ الشَّاةِ وَالنَّخْلَةِ فَرْعًا لِلطَّلْعِ وَاللَّبَنِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا؛ لِابْنِ بَشِيرٍ الْقَائِلِ بِالْحِنْثِ فِي الْفَرْعِ، وَقَدْ شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ ذَكَرَهُ إلَّا ابْنَ بَشِيرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْخَمْسِ) أَيْ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ مِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ حَذَفَ مِنْ أَوْ اسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ حَذَفَهُمَا مَعًا، وَعَرَّفَ الْأَصْلَ أَوْ نَكَّرَهُ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ مِنْهُ ثُمَّ أَكَلَ. (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ هَذِهِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَبِالشَّحْمِ فِي اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ لَهُ إلَخْ) أَيْ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ حِنْطَتِهِ هَذِهِ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْهَا، وَمِمَّا أَنْبَتَتْهُ وَبِالْأَكْلِ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمِنَّةُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْقَصْدُ بِالْيَمِينِ قَطْعُ الْمِنَّةِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَيْ كَالْمِنَّةِ عَلَيْهِ بِالْأَكْلِ مِنْ حِنْطَتِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِكُلِّ شَيْءٍ وَصَلَهُ مِنْهُ) سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ لِبَاسًا أَوْ شَيْئًا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِ مَعَاشِهِ كَدَابَّةٍ لِحَرْثٍ عَلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَنَّ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ وَبِمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَبِمَا اشْتَرَاهُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِمَا أَعْطَى لَهُ مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ نَوَى ذَلِكَ عِنْدَ يَمِينِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَأَمَّا إذَا نَوَى عِنْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَوْ نَوَى قَطْعَ مِنَّتِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا وَصَلَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لَا يُطْلِقُونَ عَلَى الْحَمَّامِ اسْمَ الْبَيْتِ) أَيْ، وَلَا عَلَى الْحَانُوتِ وَالْخَانِ، وَمَحَلُّ الْقَهْوَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ وَلَا الْخَانِ، وَلَا الْحَانُوتِ، وَلَا مَحَلِّ الْقَهْوَةِ فِي حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ بَيْتًا، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ يُقَالُ لَهُ بَيْتٌ لُغَةً لِتَقَدُّمِ الْمَدْلُولِ الْعُرْفِيِّ عَلَى الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فِي دَارِ جَارِهِ) أَيْ جَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَانَ جَارًا لِلْحَالِفِ أَيْضًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ فِي هَذَا) أَيْ الْفَرْعِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فِي بَيْتِ جَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْآنَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِبَيْتِ جَارِك أَنَّهُ بَيْتُك، وَإِنَّمَا يُقَالُ بَيْتُك لِمَا تَمْلِكُ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ، وَالْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا الْعُرْفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْتِ شَعْرٍ) الْعُرْفُ الْآنَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِنْثِ فِيهِ إذْ لَا يُقَالُ لِلشَّعْرِ فِي الْعُرْفِ الْآنَ أَنَّهُ بَيْتٌ، وَإِنْ كَانَ يُقَالُ لَهُ لُغَةً وَالْمَدْلُولُ الْعُرْفِيُّ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَوِيِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إلَّا لِنِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ) أَيْ كَأَنْ يَسْمَعَ بِقَوْمٍ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنُ فَحَلَفَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا فَلَا يَحْنَثُ بِسُكْنَى بَيْتِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: فِي حَبْسٍ) أَيْ بِسَبَبِ حَبْسٍ، وَقَوْلُهُ بِحَقٍّ أَيْ وَأَمَّا لَوْ حُبِسَ عِنْدَهُ ظُلْمًا فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: عَامٌّ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ الْمَحْجُورِ فَيَحْنَثُ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا حِنْثَ) أَيْ عَلَيْهِ

(وَبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (مَيِّتًا) فِي حَلِفِهِ لَا أَدْخَلُ عَلَيْهِ بَيْتًا (فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا حَتَّى يُدْفَنَ فَإِنْ دُفِنَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ (لَا) يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا دَخَلَ عَلَيْهِ (بِدُخُولِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ) عَلَى الْحَالِفِ، وَلَوْ اسْتَمَرَّ الْحَالِفُ جَالِسًا مَعَهُ (إنْ لَمْ يَنْوِ) الْحَالِفُ (الْمُجَامَعَةَ) ، وَإِلَّا حَنِثَ. (وَ) حَنِثَ (بِتَكْفِينِهِ) أَيْ إدْرَاجُهُ فِي كَفَنِهِ أَوْ تَغْسِيلِهِ، وَكَذَا حَمْلُهُ وَإِدْخَالُهُ الْقَبْرَ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا نَفَعَهُ حَيَاتَهُ) أَوْ مَا عَاشَ أَوْ أَبَدًا (وَ) حَنِثَ (بِأَكْلٍ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ تَرِكَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَبْلَ قَسْمِهَا فِي) حَلِفِهِ (لَا أَكَلَتْ طَعَامَهُ) (إنْ أَوْصَى) الْمَيِّتُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ يَحْتَاجُ فِيهِ لِبَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ (أَوْ كَانَ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (مَدِينًا) ، وَلَوْ غَيْرَ مُحِيطٍ، وَإِنَّمَا حَنِثَ لِوُجُوبِ وَقْفِهَا لِلْوَصِيَّةِ أَوْ لِلدَّيْنِ فَإِنْ أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ كَهَذَا الْعَبْدِ أَوْ شَائِعٍ كَرُبُعٍ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ قَبْلَ قَسْمِهَا لَمْ يَحْنَثْ إذْ لَمْ يَبْقَ لِلْمَيِّتِ فِيهَا تَعَلُّقٌ (وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ (بِكِتَابٍ) كَتَبَهُ هُوَ أَوْ أَمْلَاهُ أَوْ أَمَرَهُ بِهِ ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ كَانَ عَازِمًا حِينَ الْكِتَابَةِ أَمْ لَا (إنْ وَصَلَ) الْكِتَابُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ لَا إنْ لَمْ يَصِلْ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْكِتَابَةِ عَازِمًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحَالِفُ (أَوْ) أَرْسَلَ لَهُ كَلَامًا مَعَ (رَسُولٍ) وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أُكَلِّمُهُ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُشَافَهَةَ فَيَنْوِي فِي الرَّسُولِ مُطْلَقًا، وَفِي الْكِتَابِ فِي الْفَتْوَى كَالْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ (وَلَمْ يَنْوِ) أَيْ لَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهُ نَوَى لَا أُكَلِّمُهُ مُشَافَهَةً (فِي) مَسْأَلَةِ (الْكِتَابِ فِي) خُصُوصِ (الْعِتْقِ) الْمُعَيَّنِ (وَالطَّلَاقِ) لِحَقِّ الْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ. (وَ) حَنِثَ أَيْضًا فِي لَا كَلَّمَهُ (بِالْإِشَارَةِ لَهُ) ؛ لِأَنَّهَا تُعَدُّ كَلَامًا عُرْفًا (وَ) حَنِثَ (بِكَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ) لِمَانِعٍ مِنْ اشْتِغَالٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ صَمَمٍ بِحَيْثُ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ لَسَمِعَهُ عَادَةً احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ فِي بُعْدٍ لَا يُمْكِنُ سَمَاعُهُ مِنْهُ عَادَةً فَلَا حِنْثَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ لَا أَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي بَيْتٍ (قَوْلُهُ: وَبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ مَيِّتًا) أَيْ قَبْلَ الدَّفْنِ، وَقَوْلُهُ فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ أَيْ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً، وَقَوْلُهُ فِي حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ بَيْتًا الْأَوْلَى بَيْتَهُ، وَلَوْ قَالَ حَيَاتَهُ أَوْ مَا عَاشَ؛ لِأَنَّهُمَا عُرْفًا بِمَعْنًى أَبَدًا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمَيِّتِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَمْلِكُ ذَاتَهُ أَوْ مَنْفَعَتَهُ حَقًّا، وَهُوَ تَجْهِيزُهُ بِهِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَمَرَّ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ حَيْثُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ بَعْدَ دُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ جَلَسَ وَتَرَاخَى حَنِثَ، وَيَصِيرُ كَابْتِدَاءِ دُخُولِهِ هُوَ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ ح، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِقْرَارِهِ فِي الدَّارِ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُهَا، وَكَذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُجَامَعَةَ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْحَالِفُ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ بَيْتًا اجْتِمَاعَهُ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ لَا حَقِيقَةَ الدُّخُولِ، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا حَنِثَ أَيْ الْحَالِفُ بِدُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ جُلُوسٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ إدْرَاجُهُ فِي كَفَنِهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْبَدْرُ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِهِ، وَأَوْلَى مِنْ التَّكْفِينِ فِي الْحِنْثِ شِرَاءُ الْكَفَنِ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ، وَهَذَا الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ هُوَ مَا اخْتَارَهُ بْن وَالْمِسْنَاوِيُّ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ إنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَقِيَّةِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُ أَوْ قَالَ أَبَدًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ مَا عَادَ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَالدَّفْنِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَفِي كَبِيرِ خش إذَا حَلَفَ لَا يَنْفَعُ فُلَانًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِنَفْعِ أَوْلَادِهِ الَّذِينَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَوْصَى أَوْ كَانَ مَدِينًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَانَ لَهُ حَقٌّ بَاقٍ فِي التَّرِكَةِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ (قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا وَحَنِثَ الْحَالِفُ أَيْ الَّذِي حَلَفَ لَا كَلَّمَهُمْ فُلَانًا. (قَوْلُهُ: كَانَ عَازِمًا حِينَ الْكِتَابَةِ) أَيْ عَلَى كَلَامِهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ وَصَلَ) أَيْ، وَكَانَ الْوُصُولُ بِأَمْرِ الْحَالِفِ، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَهُ الْحَالِفُ لِلرَّسُولِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِعَدَمِ إيصَالِهِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَعَصَاهُ، وَأَوْصَلَهُ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا بِإِيصَالِهِ، وَلَا بِقِرَاءَتِهِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ الزَّوْجَةِ، وَلَا عَلَى مُشَافَهَتِهَا (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحَالِفُ) أَيْ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ الْمُخَاطَبِ، وَمُشَافَهَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْسَلَ لَهُ) أَيْ أَوْ أَرْسَلَ الْحَالِفُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ) أَيْ وَبَلَّغَ الرَّسُولُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ أَيْ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ وُصُولِ الرَّسُولِ فَلَا يُوجِبُ الْحِنْثَ (قَوْلُهُ: فَيَنْوِي فِي الرَّسُولِ مُطْلَقًا) أَيْ لِمُوَافَقَةِ نِيَّتِهِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَلَمْ يَنْوِ فِي الْكِتَابِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَيْ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ شَامِلٌ لِلُّغَوِيِّ وَالْعُرْفِيِّ بِخِلَافِ كَلَامِ الرَّسُولِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ كَلَامٌ لَا لُغَةً، وَلَا عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَبِالْإِشَارَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَمِيعًا أَوْ أَصَمَّ أَوْ أَخْرَسَ أَوْ نَائِمًا لَكِنَّ الَّذِي فِي ح أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْحِنْثِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ إذْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَزَاهُ لِظَاهِرِ الْإِيلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي حِنْثِهِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ ثَالِثُهَا فِي الَّتِي يَفْهَمُ بِهَا الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ -

وَالْوَاوُ فِي، وَلَوْ حَالِيَّةٌ، وَلَوْ زَائِدَةٌ (لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ الْكِتَابَ أَوْ لَا يَقْرَأُ بِ (قِرَاءَتِهِ بِقَلْبِهِ) بِلَا حَرَكَةِ اللِّسَانِ (أَوْ قِرَاءَةِ أَحَدٍ) كِتَابَ مِنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْحَالِفِ بِأَنْ نَهَى الرَّسُولَ عَنْ إيصَالِهِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَعَصَاهُ، وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ أَوْ قَرَأَهُ غَيْرُ الرَّسُولِ بِلَا إذْنٍ فَلَا يَحْنَثُ. (وَلَا) يَحْنَثُ (بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ بِصَلَاةٍ وَلَا) بِوُصُولِ (كِتَابِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) إلَى الْحَالِفِ (وَلَوْ) (قَرَأَ) الْحَالِفُ كِتَابَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (عَلَى الْأَصْوَبِ وَالْمُخْتَارِ، وَ) حَنِثَ (بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ) (أَوْ) كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (فِي جَمَاعَةٍ) فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ الْحَالِفُ عَلِمَ أَنَّهُ فِيهِمْ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ) أَيْ يُخْرِجَهُ مِنْهُمْ بِقَلْبِهِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ أَمَّا إنْ حَدَثَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ السَّلَامِ فَلَا تَنْفَعُهُ (وَ) حَنِثَ (بِفَتْحٍ عَلَيْهِ) أَيْ إرْشَادُهُ لِلْقِرَاءَةِ إذَا وَقَفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَانْسَدَّتْ عَلَيْهِ طُرُقُهَا؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ قُلْ كَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى، أَنَّ الْقَاسِمَ وَابْنَ رُشْدٍ مَعَ ظَاهِرِ إيلَائِهَا، وَالثَّالِثُ لِابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ حَالِيَّةٌ) أَيْ فَالْمَعْنَى وَحَنِثَ الْحَالِفُ بِكَلَامِهِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَسْمَعْ الْحَالِفَ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ مَا لَوْ سَمِعَهُ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيهَا، وَقَدْ يُقَالُ: كُلُّ مُبَالَغَةٍ لَا يُتَوَهَّمُ نَفْيُ الْحُكْمِ عَمَّا قَبْلَهَا تَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَلَّمَ الْحَالِفُ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُرِيدُ إسْمَاعَهُ فَسَمِعَ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَفِي حِنْثِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ زِيَادٍ وَسَمَاعِ ابْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: لَا بِقِرَاءَتِهِ بِقَلْبِهِ إلَخْ) مَعْنَاهُ الْمُطَابِقُ لِسِيَاقِ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا كَلَّمَ فُلَانًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِكِتَابٍ وَصَلَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْحَالِفِ، وَقَرَأَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا قَرَأَهُ بِلِسَانِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ لَكِنْ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَبِكِتَابٍ إنْ وَصَلَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْحِنْثُ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ فَلِذَا عَدَلَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق عَنْ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ إلَى قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ الْكِتَابَ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَمْلُ بَعِيدًا مِنْ كَلَامِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ قِرَاءَةُ أَحَدٍ إلَخْ) كَمَا لَوْ قُلْت وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا ثُمَّ كَتَبْت كِتَابًا لِزَيْدٍ وَدَفَعْته لِعَمْرٍو لِيُوصِلَهُ لِزَيْدٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَهَيْت عَمْرًا عَنْ إيصَالِهِ لِزَيْدٍ فَعَصَاك، وَأَوْصَلَهُ لَهُ، وَقَرَأَهُ عَلَيْهِ أَوْ قَرَأَهُ أَحَدٌ آخَرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِك فَلَا حِنْثَ عَلَيْك أَيُّهَا الْحَالِفُ بَلْ لَا حِنْثَ وَلَوْ قَرَأَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ وُصُولُهُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَالِفِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ قِرَاءَةُ أَحَدٍ فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ هُوَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ بِصَلَاةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا كَلَّمَ زَيْدًا فَصَلَّى الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِقَوْمٍ مِنْ جُمْلَتِهِمْ الْحَالِفُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَوْ صَلَّى الْحَالِفُ إمَامًا بِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَاصِدًا التَّحْلِيلَ وَالسَّلَامَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ التَّسْلِيمَةُ الَّتِي قَصَدَ بِهَا الْإِمَامُ الْجَمَاعَةَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهِمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثَانِيَةً عَلَى الْيَسَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ بِالْحِنْثِ فِي هَذِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ فِي صَلَاةٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ السَّلَامُ فِي آخِرِهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا مُعْتَقِدًا إتْمَامَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامًا عُرْفًا بِخِلَافِ السَّلَامِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مَطْلُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَا بِوُصُولِ كِتَابِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمْت فُلَانًا ثُمَّ إنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَرْسَلَ لِلْحَالِفِ كِتَابًا قَرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ لَا كَلَّمْته لَا كَلَّمَنِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْوَبِ) أَيْ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُمَا عَدَمُ الْحِنْثِ وَالْحِنْثُ (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَقَوْلُهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ أَيْ جَازِمًا أَنَّهُ غَيْرُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ لَا يُقَالُ هَذَا مِنْ اللَّغْوِ فَلَا يَحْنَثُ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ اللَّغْوُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ اللَّغْوُ الْحَلِفُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ فَيَظْهَرُ نَفْيُهُ، وَالِاعْتِقَادُ هُنَا لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ لَغْوًا بَلْ بِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ تَعَلَّقَ بِزَيْدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَزَيْدٌ لَيْسَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْكَلَامِ، وَقَوْلُهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ أَيْ، وَأَوْلَى ظَانًّا أَوْ شَاكًّا أَوْ مُتَوَهِّمًا أَنَّهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفَعُهُ) أَيْ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْإِخْرَاجُ بِالْأَدَاةِ مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ بِأَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَّا فُلَانًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِاللَّفْظِ، وَأَنَّ حَدِيثَ الْمُحَاشَاةِ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْإِخْرَاجُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ الْإِخْرَاجِ إذَا حَدَّثَتْ فِي أَثْنَاءِ السَّلَامِ لَا تَنْفَعُهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْإِخْرَاجَ بِالنِّيَّةِ حَالَ السَّلَامِ يَنْفَعُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَاشَاةِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ بِالنِّيَّةِ حَالَ الْيَمِينِ هَلْ يَنْفَعُهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَنْفَعُ وَالْإِخْرَاجُ حَالَ السَّلَامِ هُنَا كَالْإِخْرَاجِ حَالَ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِفَتْحٍ إلَخْ) أَيْ حَنِثَ مَنْ حَلَفَ

(وَ) حَنِثَ إذَا خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ مَثَلًا (بِلَا) عِلْمِ (إذْنِهِ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي) ، وَأَذِنَ لَهَا، وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ لَا بِسَبَبِ إذْنِي، وَهِيَ لَمْ تَخْرُجْ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ إلَّا إنْ أَذِنْتُ، وَأَذِنَ وَخَرَجَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا حِنْثَ (وَ) حَنِثَ (بِعَدَمِ عِلْمِهِ) أَيْ إعْلَامِهِ الْمَحْلُوفِ لَهُ لَمْ يَبَرَّ (فِي) حَلِفِهِ لِشَخْصٍ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِكَذَا (لَأُعْلِمَنَّهُ) بِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ فَلَا يَبَرُّ الْحَالِفُ إلَّا بِالْإِعْلَامِ (وَإِنْ بِرَسُولٍ) يُرْسِلُهُ إلَيْهِ وَأَوْلَى بِكِتَابٍ فَإِنَّهُ يَبَرُّ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ (وَهَلْ) الْحِنْثُ إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) الْحَالِفُ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهُ (عَلِمَ) بِالْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْإِعْلَامِ، وَمُطْلَقُ عِلْمِ الْحَالِفِ أَنَّهُ عَلِمَ أَوَّلًا (تَأْوِيلَانِ) الْأَظْهَرُ مُرَاعَاةُ الْبِسَاطِ (أَوْ) بِعَدَمِ (عِلْمٍ) أَيْ إعْلَامِ (وَالٍ) مِنْ وُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ (ثَانٍ) تَوَلَّى بَعْدَ أَوَّلٍ (فِي حَلِفِهِ) طَوْعًا (لِأَوَّلٍ فِي نَظَرٍ) أَيْ فِي مَصْلَحَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَمَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ عُزِلَ فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلْوَالِي نَفْسِهِ فَلَا حِنْثَ بِعَدَمِ إعْلَامِ الثَّانِي بَلْ بِعَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَيَكْفِي إعْلَامُهُ، وَإِنْ بِرَسُولٍ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ. (وَ) حَنِثَ (بِمَرْهُونٍ) مِنْ الثِّيَابِ (فِي) حَلِفِهِ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ إعَارَتُهُ (لَا ثَوْبَ لِي) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ الْمَرْهُونِ (وَ) حَنِثَ (بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا بِكُلِّ مَا يَنْفَعُهُ بِهِ مِنْ إسْكَانٍ أَوْ تَحْبِيسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَعَارَهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ حَلِفُهُ لَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَهَبَهُ فَأَعَارَهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ عَدَمُ نَفْعِهِ، وَفُهِمَ مِنْهُ حِنْثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ، وَعَكْسُهُ بِالْأَوْلَى (وَنُوِّيَ) أَيْ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ إنْ أَعَادَهَا عِنْدَ حَاكِمٍ، وَلَوْ فِي عِتْقٍ لِمُعَيِّنٍ وَطَلَاقٍ (إلَّا فِي صَدَقَةٍ) تَصَدَّقَ بِهَا بَدَلًا (عَنْ هِبَةٍ) بِأَنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا كَلَّمْت فُلَانًا بِفَتْحٍ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ الْفَتْحُ وَاجِبًا بِأَنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إمَامًا، وَفَتَحَ الْحَالِفُ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ. إنْ قُلْت إذَا لَمْ يَحْنَثْ بِسَلَامِ الرَّدِّ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ اسْتِنَانًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالْفَتْحِ عَلَى إمَامِهِ إذَا وَجَبَ قُلْت الْفَتْحُ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى قُلْ كَذَا وَاقْرَأْ كَذَا بِخِلَافِ سَلَامِ الصَّلَاةِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحِنْثِ بِالْفَتْحِ مُطْلَقًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَحْنَثُ بِالْفَتْحِ فِي السُّورَةِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالْفَتْحِ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ: وَبِلَا عِلْمٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهَا وَخَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ لَكِنْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِالْإِذْنِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، سَوَاءٌ أَذِنَ لَهَا، وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ فِي حَالِ سَفَرِهِ أَشْهَدَ عَلَى الْإِذْنِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي) حَذَفَ مِنْهُ النُّونَ لِغَيْرِ جَازِمٍ، وَهُوَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ جَوَابًا لِلْقَسَمِ يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ خَبَرٌ لَا نَهْيٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِسَبَبِ إذْنِي) أَيْ، وَلَيْسَ قَصْدُهُ لَا تَخْرُجِي إلَّا مُصَاحِبَةً لِإِذْنِي، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا مُصَاحِبٌ لِإِذْنِهِ فَلَوْ أَذِنَ لَهَا ثُمَّ رَجَعَ فِي إذْنِهِ فَخَرَجَتْ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْنَثُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ. (قَوْلُهُ: وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ لَيُعْلِمَنَّ بِهِ زَيْدًا فَعَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يُعْلِمْ بِهِ زَيْدًا حَتَّى عَلِمَهُ زَيْدٌ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ بِذَلِكَ حَتَّى يُعْلِمَ زَيْدًا، وَالْمُرَادُ بِحِنْثِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ عَلَى حِنْثٍ، وَيَطْلُبُ بِمَا يَبَرُّ بِهِ وَاَلَّذِي يَبَرُّ بِهِ إعْلَامُهُ زَيْدًا مُشَافَهَةً أَوْ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِحِنْثِهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي وَرْطَةِ الْيَمِينِ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ) وَالْمَعْنَى فَإِنْ أَعْلَمَهُ بَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْإِعْلَامُ بِرَسُولٍ وَبَالَغَ عَلَى الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْحِنْثُ إلَّا أَنْ يُعْلِمَ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ) فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِتَنْزِيلِ عِلْمِهِ بِإِعْلَامِ غَيْرِهِ مَنْزِلَةَ إعْلَامِهِ هُوَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَدَمِ عِلْمٍ وَالثَّانِي) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَلَفَ طَوْعًا لِوَالٍ أَوْ لِمُتَوَلٍّ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ إنْ رَأَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِيهِ ظَفَرُ الْمُسْلِمِينَ، وَمَصْلَحَةٌ لَهُمْ لَيُخْبِرَنَّهُ بِهِ فَمَاتَ ذَلِكَ الْوَالِي الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْحَالِفَ رَأَى الْأَمْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْوَالِيَ الثَّانِيَ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ لَمْ يَبَرَّ، وَأَمَّا إعْلَامُ الْأَوَّلِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لِلْوَالِي أَنَّهُ إذَا رَأَى الْأَمْرَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَك لَأُخْبِرَنَّكَ بِهِ ثُمَّ إنَّهُ عُزِلَ الْوَالِي وَتَوَلَّى غَيْرُهُ وَرَأَى الْحَالِفُ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِإِخْبَارِ الْوَالِي الْأَوَّلِ بِهِ دُونَ الثَّانِي، وَيَكْفِي إعْلَامُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ بِرَسُولٍ فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ الْحَالِفُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يُفَرِّطْ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ عَقْلِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ إعْلَامُ وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ بِذَلِكَ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلْوَالِي) أَيْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ بَلْ بِعَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ أَيْ بَلْ يَحْنَثُ بِعَدَمِ إعْلَامِ الْأَوَّلِ الْمَعْزُولِ. (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِمَرْهُونٍ فِي حَلِفِهِ لَا ثَوْبَ لِي) أَيْ سَوَاءٌ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ الْمَرْهُونِ) أَيْ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا فَإِنْ نَوَى لَا ثَوْبَ لِي تُمْكِنُ إعَارَتُهُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ فَقَوْلَانِ بِالْحِنْثِ، وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ أَوْ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ فَلَا حِنْثَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْعَكْسُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ -

فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا صُورَةُ الْمُصَنِّفِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا حَلَفَ لَا أَعَارَهُ فَتَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ إنْ رُوفِعَ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ بِخِلَافِ صُورَةِ الْعَكْسِ، وَهِيَ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ أَوْ لَا يَهَبُ فَأَعَارَ، وَكَذَا إنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ فَوَهَبَ الَّتِي هِيَ عَكْسُ قَوْلِهِ إلَّا فِي صَدَقَةٍ عَنْ هِبَةٍ فَإِنَّهُ يَنْوِي حَتَّى فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ ثَلَاثَةً يَنْوِي مُطْلَقًا وَثَلَاثَةً يَنْوِي إلَّا فِيمَا عَلِمْتُ، وَأَمَّا عِنْدَ الْمُفْتِي فَيَنْوِي مُطْلَقًا فِي الْجَمِيعِ. (وَ) حَنِثَ (بِبَقَاءٍ) زَائِدِ عَنْ إمْكَانِ الِانْتِقَالِ (وَلَوْ لَيْلًا فِي) حَلِفِهِ (لَا سَكَنْت) هَذِهِ الدَّارَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ لِعَدَمِ مَنْ يَنْقُلُ لَهُ مَتَاعَهُ أَوْ أَقَامَ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ يَنْقُلُهُ لِكَثْرَتِهِ، وَعَدَمِ تَأَتِّي النَّقْلِ عَادَةً فِي يَوْمٍ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَقْصُودِ بِالْيَمِينِ وَكَذَا خَوْفُ ظَالِمٍ أَوْ سَارِقٍ، وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ وُجُودُ بَيْتٍ لَا يُنَاسِبُهُ أَوْ كَثِيرُ الْأُجْرَةِ بَلْ يَنْتَقِلُ، وَلَوْ لِبَيْتِ شَعْرٍ ثُمَّ إذَا خَرَجَ لَا يَعُودُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْعُمُومِ بِخِلَافِ لَأَنْتَقِلَنَّ (لَا) يَحْنَثُ بِالْبَقَاءِ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَنْتَقِلَنَّ) إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِزَمَانٍ فَيَحْنَثُ بِمُضِيِّهِ، وَيُؤْمَرُ مَنْ أَطْلَقَ بِالِانْتِقَالِ، وَهُوَ عَلَى حِنْثٍ، وَلَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَنْتَقِلَ إنْ كَانَ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ (وَلَا) يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ السُّكْنَى (بِخَزْنٍ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا إذْ لَا يُعَدُّ سُكْنَى بِخِلَافِ لَوْ أَبْقَى شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ مَخْزُونًا فَيَحْنَثُ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ (وَانْتَقَلَ فِي لَا أُسَاكِنُهُ عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ) قَبْلَ الْيَمِينِ بِأَنْ يَنْتَقِلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا انْتِقَالًا يَزُولُ مَعَهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا (أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا) بَيْنَهُمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ قَسْمُ الذَّاتِ بَلْ يَكْفِي قَسْمُ الْمَنَافِعِ، وَلَوْ كَانَ الْمَدْخَلُ وَاحِدًا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجِدَارِ أَنْ يَكُونَ وَثِيقًا بَلْ يَكْفِي (وَلَوْ جَرِيدًا) خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَوْلُهُ (بِهَذِهِ الدَّارِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَاكِنِهِ أَيْ حَلَفَ لَا أَسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَهَبُهُ أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ حَقِيقَةً لَا عَدَمَ نَفْعِهِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْعَارِيَّةِ وَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ. (قَوْلُهُ: فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ) أَيْ فَيَحْنَثُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنَّمَا أَرَدْت خُصُوصَ الْهِبَةِ لَا نَفْعَهُ مُطْلَقًا إذَا رُوفِعَ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي) أَيْ فَيَحْنَثُ، وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ أَنَّهُ أَرَادَ خُصُوصَ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا عَلِمَتْ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ إذَا حَصَلَتْ مُرَافَعَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَبِبَقَاءٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْهَا فَوْرًا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ سُكْنَى عُرْفًا فَإِنْ بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ يَمِينِهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ إمْكَانِ الِانْتِقَالِ حَنِثَ، وَلَوْ كَانَ الْبَقَاءُ لَيْلًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَمِّلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَقَوْلُ أَصْبَغَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَزِيدَ عَلَيْهَا. اهـ. بْن، وَفِي عج أَنَّ هَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ، وَمَنْ رَاعَى الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ أَمْهَلَهُ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَنْتَقِلُ لِمَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ مِثْلُهُ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ فِي مُدَّةِ النَّقْلِ سَاكِنًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا خَوْفُ ظَالِمٍ) أَيْ، وَكَذَا لَا يَحْنَثُ بِبَقَائِهِ لَيْلًا لِخَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ سَارِقٍ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى الْبَقَاءِ، وَيَمِينُهُ صِيغَةُ بِرٍّ، وَلَا حِنْثَ فِيهَا بِالْإِكْرَاهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَأَنْتَقِلَنَّ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ لِلدَّارِ بَعْدَ الِانْتِقَالِ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ، وَلَا بَقِيتُ، وَلَا أَقَمْتُ مِثْلَ لَأَنْتَقِلَنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ مِثْلُ لَا سَكَنْتُ اُنْظُرْ بْن فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ إذَا حَلَفَ لَا بَقِيتُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ لَا أَقَمْتُ فِيهَا، وَلَا يَحْنَثُ بِالْبَقَاءِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِزَمَنٍ. (قَوْلُهُ: لَا فِي لَأَنْتَقِلَنَّ) الْقَلْشَانِيُّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي حَمْلِ يَمِينِهِ لَأَفْعَلَنَّ عَلَى الْفَوْرِ فَيَحْنَثُ بِتَأْخِيرِهِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا يَحْنَثُ بِهِ قَوْلَانِ ثُمَّ قَالَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ) أَيْ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ حَتَّى يَنْتَقِلَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ وَرَافَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ إيلَاءٍ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ. (قَوْلُهُ: فِي لَا أُسَاكِنُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَأَحْرَى لَوْ قَالَ فِي دَارٍ، وَكَانَا سَاكِنَيْنِ بِدَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ إلَّا بِالِانْتِقَالِ الَّذِي يَزُولُ مَعَهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا كَانَ الِانْتِقَالُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ بِضَرْبِ جِدَارٍ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ وَثِيقًا كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرَّ أَوْ كَانَ غَيْرَ وَثِيقٍ بِأَنْ كَانَ مِنْ جَرِيدٍ، وَهَذَا صُورَةُ الْمَتْنِ عَلَى الْحَلِّ الْأَوَّلِ الْآتِي لِلشَّارِحِ، وَهُوَ جَعْلُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ مُتَعَلِّقًا بِسَاكِنِهِ وَحَاصِلُ الْحَلِّ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ، وَكَانَا سَاكِنَيْنِ فِي دَارٍ فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِالِانْتِقَالِ عُرْفًا أَوْ بِضَرْبِ جِدَارٍ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ غَيْرَ وَثِيقٍ هَذَا إذَا قَالَ لَا سَاكَنَهُ فِي دَارٍ بَلْ، وَلَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا سَاكَنَهُ، وَكَانَا بِحَارَةٍ أَوْ بِحَارَتَيْنِ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَالْحُكْمُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِحَارَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِقَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا سَاكَنَهُ أَوْ لَا سَاكَنَهُ فِي هَذِهِ الْحَارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا سَاكَنَهُ بِبَلْدَةٍ أَوْ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَيَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ لِبَلَدٍ لَا يَلْزَمُ أَهْلَهَا السَّعْيُ لِجُمُعَةٍ الْأُخْرَى بِأَنْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ عَلَى كَفَرْسَخٍ، وَإِنْ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا بِحَارَتَيْنِ لَزِمَهُ الِانْتِقَالُ لِبَلْدَةٍ أُخْرَى عَلَى كَفَرْسَخٍ إنْ صَغُرَتْ الْبَلْدَةُ الَّتِي هُمَا بِهَا؛ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ الصَّغِيرَةَ كَمَحَلَّةِ فَإِنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ كَبِيرَةً فَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ وَتَلْزَمُهُ الْمُبَاعَدَةُ عَنْهُ، وَعَدَمُ سُكْنَاهُ مَعَهُ فَإِنْ سَكَنَ مَعَهُ حَنِثَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ حِينَ حَلِفِهِ بِمَحَلَّةٍ انْتَقَلَ لِأُخْرَى، وَمَحَلَّتَيْنِ فِي مَدِينَةٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُسَاكِنَهُ، وَفِي قَرْيَةٍ انْتَقَلَ لِأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ كَمَحَلَّةٍ وَاَلَّذِي فِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ، وَإِنْ كَانَا حِينَ الْيَمِينِ فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَنْتَقِلَا مَعًا) أَيْ مِنْ الْبَيْتِ أَوْ يَنْتَقِلُ أَحَدُهُمَا مِنْهُ وَيَبْقَى الْآخَرُ سَاكِنًا فِيهِ. (قَوْلُهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا انْتَقَلَ -

وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَلَوْ قَدَّمَهُ بِلَصْقِهِ كَانَ أَوْلَى، وَقِيلَ هُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ رَدًّا عَلَى مَا قِيلَ لَا يَكْفِي الْجِدَارُ فِي الْمُعَيَّنَةِ (وَ) حَنِثَ فِي لَا أُسَاكِنُهُ (بِالزِّيَارَةِ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (إنْ قَصَدَ) بِيَمِينِهِ (التَّنَحِّيَ) عَنْهُ أَيْ الْبُعْدِ إذْ لَا بُعْدَ مَعَ الزِّيَارَةِ (لَا) إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ كَانَتْ يَمِينُهُ (لِدُخُولِ) شَيْءٍ بَيْنَ (عِيَالٍ) مِنْ نِسَاءٍ وَصِبْيَةٍ فَلَا حِنْثَ بِالزِّيَارَةِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ (إنْ لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا) فَإِنْ أَكْثَرَهَا حَنِثَ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ، وَقِيلَ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَيَبِيتُ بِلَا مَرَضٍ) قَامَ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ، وَيَبِيتَ بِالنَّصْبِ فَمَنْطُوقُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ، وَمَفْهُومُهُ الْحِنْثُ بِوُجُودِهِمَا أَوْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا، وَلَك أَنْ تَجْعَلَ يَبِيتُ مَجْزُومًا عَطْفًا عَلَى يُكْثِرَ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ إنْ انْتَفَيَا، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا كَافٍ فِي الْحِنْثِ فَإِنْ بَاتَ لِمَرَضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَامِلُ لَهُ دُخُولُ شَيْءٍ بَيْنَ الْعِيَالِ فَلَا وَجْهَ لِلْحِنْثِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْكَثْرَةُ وَالْبَيَاتُ مَعَ الْعِيَالِ (وَسَافَرَ الْقَصْرَ) أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ (فِي) حَلِفِهِ (لَأُسَافِرَنَّ) حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ (وَمَكَثَ) فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ خَارِجًا عَنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (نِصْفَ شَهْرٍ) ، وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْمُكْثِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَكَانٍ دُونَ الْمَسَافَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا نِصْفَ شَهْرٍ بَعْدَ الْمَسَافَةِ لَكَفَى (وَنُدِبَ كَمَالُهُ) أَيْ كَمَالُ الشَّهْرِ (كَأَنْتَقِلَنَّ) أَيْ كَحَلِفِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَقِلَ لِأُخْرَى عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ، وَمُكْثِ نِصْفِ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ وَأَمَّا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْحَارَةِ أَوْ نَوَى ذَلِكَ كَفَى الِانْتِقَالُ لِأُخْرَى، وَيَمْكُثُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَيُنْدَبُ كَمَالُهُ فَإِنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَبَرَّ إلَّا بِفِعْلِ مَنْ قَيَّدَ بِالْبَلَدِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً، وَقَوْلُهُ (وَلَوْ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنْت وَلِقَوْلِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ لَكِنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَكَانِ الْآخَرِ وَسَكَنَ فِيهِ فَهَذِهِ الْحَالَةُ لَا يَزُولُ مَعَهَا اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا فَلَا يَبَرُّ بِهَا، وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَفَوْقَهُمَا مَحَلٌّ خَالٍ فَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُهُمَا لِلْعُلُوِّ وَبَقِيَ الْآخَرُ فِي الْأَسْفَلِ أَجْزَأَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَافِقُ مُسْتَقِلَّةٌ، وَمَدْخَلٌ مُسْتَقِلٌّ وَرَأَى بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكْفِي إذَا كَانَ سَبَبُ الْيَمِينِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِ الْمَاعُونِ، وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ فَلَا يَكْفِي. (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا أُسَاكِنُهُ فِي دَارٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُمَا سَاكِنَانِ فِي دَارٍ (قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَى مَا قِيلَ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ فِي الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا سَاكَنْته فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِلَوْ لِخِلَافَيْنِ وَالْمَعْنَى أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا هَذَا إذَا كَانَ وَثِيقًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ جَرِيدًا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ بِأَنْ قَالَ لَا أُسَاكِنُهُ بَلْ، وَإِنْ عَيَّنَهَا بِأَنْ قَالَ لَا أُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ لَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا لِدُخُولٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ، وَمَفْهُومَ قَوْلِهِ لَا لِدُخُولٍ تَعَارَضَا فِيمَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي يَمِينِهِ فَمَفْهُومُ الشَّرْطِ يَقْتَضِي عَدَمَ حِنْثِهِ، وَمَفْهُومُ الثَّانِي يَقْتَضِي حِنْثَهُ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكْثَرَهَا حَنِثَ إلَخْ) إلَّا أَنْ يَشْخَصَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ (قَوْلُهُ: بِالْعُرْفِ) أَيْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِلَا مَرَضٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ مَرَضٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَجْلِسُ لِيُعَلِّلَهُ كَذَا فِي بْن، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ مَرَضٍ لِلْحَالِفِ فَعَجَزَ عَنْ الِانْتِقَالِ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَمَنْطُوقُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ) بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ كَثْرَةُ الزِّيَارَةِ نَهَارًا، وَلَا الْبَيَاتُ بِلَا مَرَضٍ، وَقَوْلُهُ، وَمَفْهُومُهُ الْحِنْثُ بِوُجُودِهِمَا أَيْ بِأَنْ أَكْثَرَ الزِّيَارَةِ نَهَارًا وَبَاتَ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ وُجُودُ أَحَدِهِمَا ذَلِكَ بِأَنْ أَكْثَرَ الزِّيَارَةِ نَهَارًا، وَلَمْ يَبِتْ لِغَيْرِ مَرَضٍ بِأَنْ لَمْ يَبِتْ أَصْلًا أَوْ بَاتَ لِمَرَضٍ أَوْ أَنَّهُ بَاتَ لِغَيْرِ مَرَضٍ مِنْ غَيْرِ إكْثَارٍ لِلزِّيَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَاتَ لِمَرَضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ لِمَرَضِ الْحَالِفِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ) أَيْ حِنْثُهُ بِوُجُودِهِمَا أَوْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا ظَاهِرٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَقْصَدِ الشَّرْعِيِّ) هَذَا يُؤَيِّدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الْمَقْصَدِ الشَّرْعِيِّ عَلَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَكَانٍ دُونَ الْمَسَافَةِ) أَيْ قَبْلَ نِصْفِ الشَّهْرِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسَافَةِ أَيْ، وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ بُرُدٌ. (قَوْلُهُ: كَفَى الِانْتِقَالَ لِأُخْرَى) أَيْ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا إذَا قَصَدَ إرْهَابَ جَارِهِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا إنْ كَرِهَ مُجَاوِرَتَهُ فَلَا يُسَاكِنُهُ أَبَدًا. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ لَأَنْتَقِلَنَّ، وَأَطْلَقَ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْبَلَدِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْحَارَةِ لَا لَفْظًا، وَلَا نِيَّةَ، وَقَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَبَرَّ إلَخْ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ سَفَرُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَمُكْثُ نِصْفِ

فَالْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِإِبْقَائِهِ وَالْمُرَادُ بِالرَّحْلِ مَا يَحْمِلُ الْحَالِفَ عَلَى الرُّجُوعِ لَهُ إنْ تَرَكَهُ (لَا بِكَمِسْمَارٍ) وَوَتَدٍ مِمَّا لَا يَحْمِلُهُ عَلَى الْعَوْدِ فَلَا يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ (وَهَلْ) عُدِمَ الْحِنْثُ بِتَرْكِهِ (إنْ نَوَى عَدَمَ عَوْدِهِ) لَهُ فَإِنْ نَوَى الْعَوْدَ حَنِثَ أَوْ عُدِمَ الْحِنْثُ مُطْلَقًا (تَرَدُّدٌ) وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِالْحِنْثِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ كَمَا إذَا نَسِيَ الْمِسْمَارَ وَنَحْوَهُ مَعَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ الْحِنْثِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ نَوَى الْعَوْدَ فَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ قَالَ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَوْدَهُ تَرَدَّدَ كَانَ أَحْسَنَ. (وَ) مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَقَضَاهُ إيَّاهُ فَاسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ أَوْ طَلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ حَنِثَ (بِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) ، وَأَوْلَى كُلِّهِ، وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي يَفِي بِالدَّيْنِ (أَوْ) ظُهُورِ (عَيْبِهِ) الْقَدِيمِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ (بَعْدَ الْأَجَلِ) كَمَا إذَا وَجَدَ فِيهَا نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِالْمَعِيبِ وَاجِدُهُ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَلَا حِنْثَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصَ عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ كَذَلِكَ فَيَحْنَثُ، وَلَوْ رَضِيَ. (وَ) حَنِثَ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا (بِبَيْعٍ فَاسِدٍ) مُتَّفَقٍ عَلَى فَسَادِهِ، وَقَاصَصَهُ بِثَمَنِهِ مِنْ حَقِّهِ (فَاتَ) الْمَبِيعُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْحَقِّ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْأَجَلِ الْمَحْلُوفِ إلَيْهِ (إنْ لَمْ تَفِ) الْقِيمَةُ بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يُكَمِّلُ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ لِمُضِيِّهِ بِالثَّمَنِ (كَأَنْ لَمْ يَفُتْ) الْمَبِيعُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَيْ، وَفَاتَ بَعْدَهُ فَإِنْ، وَفَّتْ الْقِيمَةُ بَرَّ، وَإِلَّا فَلَا (عَلَى الْمُخْتَارِ) فَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ حَنِثَ قَطْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQشَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ. (قَوْلُهُ: فَالْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ يَحْنَثُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا حَلَفَ لَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْتَحِلَ بِجَمِيعِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَتَاعِهِ فَوْرًا، فَإِنْ ارْتَحَلَ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، وَأَبْقَى مِنْ مَتَاعِهِ مَا لَهُ بَالٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لَا إنْ تَرَكَ نَحْوَ مِسْمَارٍ أَوْ خَشَبَةٍ مِمَّا لَا يَحْمِلُ الْحَالِفُ عَلَى الْعَوْدِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ تَرَكَهُ لِيَعُودَ إلَيْهِ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ نَوَى الْعَوْدَ إلَيْهِ حَنِثَ لَا إنْ نَوَى عَدَمَ الْعَوْدِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَالتَّرَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ نَوَى الْعَوْدَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَبَرُّ) أَيْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ فَإِذَا نَقَلَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَبْقَى رَحْلَهُ فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي شَيْئًا قَلِيلًا كَمِسْمَارٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَإِنَّهُ يَبَرُّ (قَوْلُهُ: وَهَلْ عَدِمَ الْحِنْثَ) أَيْ بِإِبْقَاءِ الْمِسْمَارِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) التَّرَدُّدُ هُنَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي فَهْمِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ النَّقْلِ مِثْلَ الْوَتَدِ وَالْمِسْمَارِ وَالْخَشَبَةِ مِمَّا لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِ أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ نِسْيَانًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ. هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا لَمْ يَنْوِ عَوْدَهُ لَهُ فَإِنْ نَوَى عَوْدَهُ إلَيْهِ حَنِثَ أَوْ يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ اخْتِلَافُهُمْ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ عَبَّرَ بِالتَّرَدُّدِ دُونَ التَّأْوِيلَيْنِ. اهـ. بْن، وَفِي عج أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّرَدُّدِ فِي مَحَلِّهِ، وَأَنَّ النَّقْلَ اخْتَلَفَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِيمَا إذَا نَوَى الْعَوْدَ وَنَقَلَ عَنْ أَشْهَبَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَغَيْرُ ابْنِ رُشْدٍ نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمَ الْحِنْثِ إذَا نَوَى الْعَوْدَ لَهُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ) فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالْحِنْثِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا أَوْ نَوَى الْعَوْدَ إلَيْهِ فَإِنْ نَوَى عَدَمَ الْعَوْدِ لَهُ فَلَا حِنْثَ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى كُلُّهُ) أَيْ، وَقَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ، وَهَذَا الْقَيْدُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ يَجْرِي فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي يَفِي بِالدَّيْنِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ فِي حَقِّهِ إلَّا بِالْكُلِّ فَلَمَّا ذَهَبَ الْبَعْضُ انْتَقَضَ الرِّضَا، وَهَذَا فِي الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَظَاهِرُهُ الْحِنْثُ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ رَبُّ الْحَقِّ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمَقْضِيَّ بِهِ الدَّيْنُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْأَجَلِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَكَانَ الْقِيَامُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْأَجَلِ فَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَقُومَ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ، وَأَنْ يَكُونَ قِيَامُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَفِي مَسْأَلَةِ ظُهُورِ الْعَيْبِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ بِزِيَادَةِ كَوْنِ الْعَيْبِ مُوجِبًا لِلرَّدِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لِلرَّدِّ أَوْ لَمْ يَقُمْ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ بَلْ سَامَحَ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ، وَإِنْ قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا حِنْثَ إنْ أَجَازَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُجِزْ وَاسْتَوْفَى حَقَّهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ، وَإِلَّا حَنِثَ اُنْظُرْ ح. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: وَبِبَيْعٍ فَاسِدٍ إلَخْ) صُورَتُهَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَبَاعَهُ عَرَضًا قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ بَيْعًا فَاسِدًا بِمِثْلِ الدَّيْنِ، وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ، وَفَاتَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْحَقِّ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَمْ تَحْصُلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَبَرُّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ أَوْ كَمَّلَ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَفُتْ) هَذَا تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ تَامٌّ فِي مَنْطُوقِهِ، وَمَفْهُومِهِ، وَمَنْطُوقُهُ إنْ لَمْ تَفِ الْقِيمَةُ بِالدَّيْنِ وَمَفْهُومُهُ وَفَاؤُهَا بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فِي أَنَّ الْخِلَافَ وَالِاخْتِيَارَ جَارِيَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَفُتْ قَبْلَ الْأَجَلِ سَوَاءٌ فَاتَ بَعْدَهُ أَمْ لَا وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ، وَهُوَ قَائِمٌ فَقَالَ سَحْنُونٌ يَحْنَثُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ، وَأَرَى بِرَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ اهـ. نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَقَدْ شَرَحَ ح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَقَالَ -

لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا. (وَ) حَنِثَ أَيْضًا (بِهِبَتِهِ) أَيْ بِهِبَةِ الدَّيْنِ (لَهُ) أَيْ لِلْمَدِينِ الْحَالِفِ لِرَبِّهِ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك فِي أَجَلِ كَذَا، وَقَبْلَ الْهِبَةِ فَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ، وَلَا يَنْفَعُهُ دَفْعُهُ بَعْدَ الْقَبُولِ لِرَبِّهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَإِنْ، وَفَّاهُ لِرَبِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَرَّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ لِلْأَجَلِ (أَوْ دَفْعِ قَرِيبٍ) لِلْحَالِفِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْحَالِفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِنْ) كَانَ الدَّفْعُ (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ أَيْ لَمْ يَبَرَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِدَفْعِ قَرِيبِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيَرْضَى فَيَبَرُّ سَوَاءٌ دَفَعَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَالِفِ أَوْ كَانَ الدَّافِعُ وَكِيلًا لِلْحَالِفِ (أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ) لِلْحَالِفِ عَلَى رَبِّ الْحَقِّ (بِالْقَضَاءِ) أَوْ تَذَكُّرِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ وَأَبْرَأَهُ فَلَا يَبَرُّ الْحَالِفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (إلَّا بِدَفْعِهِ) الْحَقَّ لِرَبِّهِ (ثُمَّ أَخَذَهُ) مِنْهُ إنْ شَاءَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ إذَا قَبِلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ (لَا إنْ جُنَّ) الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ لِأَجَلِ كَذَا أَوْ أُسِرَ أَوْ حُبِسَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ (وَدَفَعَ الْحَاكِمُ) عَنْهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ الْحَاكِمِ فَيَبَرُّ حَيْثُ الْأَوْلَى لِلْمَجْنُونِ وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ بَلْ يَدْفَعُ وَلِيَّهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ) الْحَاكِمُ عَنْهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ بَلْ بَعْدَهُ (فَقَوْلَانِ) بِالْحِنْثِ، وَعَدَمِهِ. (وَ) حَنِثَ (بِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ فِي) حَلِفِهِ (لَأَقْضِيَنَّك) حَقَّك (غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَيْسَ هُوَ) يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلْ الْخَمِيسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ عَاشِرٍ مَفْهُومُ قَبْلَهُ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ لَمْ يَفُتْ؛ لِأَنَّ هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَفُتْ أَصْلًا وَبِمَا إذَا فَاتَ لَكِنْ بَعْدَ الْأَجَلِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْنَثُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ أَمْ لَا وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَفُتْ قَبْلَ الْأَجَلِ فَهَذَا مُقَابِلٌ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ الْوَاقِعِ فِي الْمَتْنِ، وَكَذَا الْقَوْلُ بَعْدَهُ وَتَحَصَّلَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا ثُمَّ بَاعَهُ عَرَضًا بَيْعًا فَاسِدًا، وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ حَقِّهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَفُوتَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ الْأَجَلِ الْمَحْلُوفِ إلَيْهِ أَوْ لَا يَفُوتُ قَبْلَهُ فَإِنْ فَاتَ قَبْلَهُ حَنِثَ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَفِي بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يُكَمِّلْ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ تَفِي بِالدَّيْنِ أَوْ أَكْمَلَ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا حِنْثَ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْأَجَلِ، سَوَاءٌ فَاتَ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَفُتْ أَصْلًا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قَالَ سَحْنُونٌ يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ التَّفْصِيلَ، وَهُوَ الْحِنْثُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، وَعَدَمُ الْحِنْثِ إنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ بِهِ، وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَمَّا كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْقَوْلَيْنِ كَانَ مُخْتَارًا مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِبَتِهِ لَهُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ لِأَجَلِ كَذَا فَوَهَبَهُ لَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، وَقَبِلَ الْحَالِفُ الْهِبَةَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَعُهُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَعَلَى الْحِنْثِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِنَفْسِ قَبُولِ الْهِبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ أَوْ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ، وَلَمْ يَقْضِهِ الدَّيْنَ، وَلَوْ قَضَاهُ إيَّاهُ بَعْدَ الْقَبُولِ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ. اهـ. قَالَ ح، وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ حَمَلَ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. اهـ. وَذَكَرَ تت فِي كَبِيرِهِ عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فَالصَّوَابُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ وَحَنِثَ الْمَدِينُ الْحَالِفُ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّ فُلَانٍ إلَى أَجَلِ كَذَا فَوَهَبَهُ لَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، وَقَبِلَ الْحَالِفُ الْهِبَةَ، وَمَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَقْضِهِ الدَّيْنَ خِلَافًا لعبق وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَا يَنْفَعُهُ دَفْعُهُ لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ، لَا يُسَلَّمُ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ دَفْعُهُ لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ قَبْلَ الْأَجَلِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعٌ قَرِيبٌ عَنْهُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك فَدَفَعَ الْحَقَّ لِرَبِّهِ قَرِيبُ الْحَالِفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَبَرُّ، سَوَاءٌ دَفَعَ ذَلِكَ الْقَرِيبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَالِفِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى قَرِيبٍ غَيْرِ وَكِيلٍ أَوْ وَكِيلِ تَقَاضٍ لَهُ أَوْ ضَيْعَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَمَّا لَوْ كَانَ وَكِيلَ قَضَاءٍ أَوْ مُفَوَّضًا فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِدَفْعِهِ أَمَرَهُ أَمْ لَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَسَكَتَ أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ رَبَّهُ قَبَضَهُ أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ بِذَلِكَ، وَلَا يَبَرُّ إلَّا بِدَفْعِ الْحَقِّ، وَإِذَا دَفَعَهُ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْجِعْ فَقَوْلُهُ ثُمَّ أَخَذَهُ يُقْرَأُ فِعْلًا مَاضِيًا أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَهُ أَخَذَهُ أَوْ يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ ثُمَّ لَهُ أَخْذُهُ، وَلَا يُقْرَأُ بِالْجَرِّ لِئَلَّا يُوهِمَ تَوَقُّفَ الْبِرِّ عَلَى الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ مَعًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْبِرُّ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ ابْنُ عَاشِرٍ، وَهَذَا إنْ قَبِلَ الْمَحْلُوفُ لَهُ قَبْضَ الْمَالِ فَإِنْ أَبَى، وَقَالَ لَا حَقَّ لِي لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبْضِهِ، وَيَقَعُ الْحِنْثُ، وَقَالَ بْن إنْ أَبَى لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْحَاكِمِ لِيَبَرَّ ثُمَّ يَأْخُذَهُ، وَاسْتَظْهَرَ عج جَبْرَ رَبِّ الْحَقِّ عَلَى قَبُولِهِ إنْ أَبَى مِنْهُ لِأَجْلِ أَنْ يَبَرَّ الْحَالِفُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ) بَلْ بِدَفْعِ وَلِيِّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَبَرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ؛ لِأَنَّهُ انْعَزَلَ بِجُنُونِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلِّ بِرِّهِ حَيْثُ لَمْ يُفِقْ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهِ لَهُ ثُمَّ أَخْذِهِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ بِالْحِنْثِ، وَعَدَمِهِ) الْأَوَّلُ قَوْلُ أَصْبَغَ نَظَرًا إلَى حِينِ الْيَمِينِ، وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ نَظَرًا إلَى حِينِ -

مَثَلًا لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِالْغَدِ لَا بِتَسْمِيَتِهِ الْيَوْمِ، وَهُوَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ غَدًا (لَا) يَحْنَثُ (إنْ قَضَى قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ عَدَمُ الْمَطْلِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالتَّأْخِيرِ إلَى غَدٍ الْمَطْلَ فَيَحْنَثُ بِالتَّعْجِيلِ (بِخِلَافِ) حَلِفِهِ عَلَى طَعَامٍ (لَآكُلَنَّهُ) غَدًا فَأَكَلَهُ قَبْلَهُ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ يَقْصِدُ بِهِ الْيَوْمَ. (وَلَا) يَحْنَثُ (إنْ بَاعَهُ بِهِ) أَيْ بِالْحَقِّ الَّذِي حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ إيَّاهُ (عَرَضًا) ، وَكَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهَا بَلْ قَصَدَ وَفَاءَ الْحَقِّ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الْحَقِّ لَا أَقَلَّ (وَبَرَّ) الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّ الْحَقَّ لِأَجَلِ كَذَا (إنْ غَابَ) الْمَحْلُوفُ لَهُ (بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ) لِدَيْنِهِ (أَوْ مُفَوَّضٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مَعْطُوفٌ عَلَى تَقَاضٍ أَيْ، وَكِيلِ تَفْوِيضٍ، وَلَيْسَ اسْمَ مَفْعُولٍ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَمْنَعُ مِنْهُ (وَهَلْ ثَمَّ) عِنْدَ فَقْدِهِمَا يَبَرُّ بِقَضَاءٍ (وَكِيلُ ضَيْعَةٍ) وُجِدَ الْحَاكِمُ أَوْ عُدِمَ لِكَوْنِهِ فِي رُتْبَةِ الْحَاكِمِ عِنْدَ وُجُودِهِ فَأَيُّهُمَا قَضَى لَهُ صَحَّ (أَوْ) مَحَلُّ الْبِرِّ بِهِ (إنْ عُدِمَ الْحَاكِمِ) الْعَادِلُ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الثَّانِي فَعُلِمَ أَنَّ وَكِيلَ الضَّيْعَةِ مُسَاوٍ لِلْحَاكِمِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَا أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي يَقُولُ الْحَاكِمُ مُقَدَّمٌ وَالْمُرَادُ بِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ غَيْرُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ كُلِّ مَنْ يَتَعَاطَى أُمُورَهُ وَلَمَّا كَانَ الْبِرُّ مِنْ الْيَمِينِ حَاصِلًا بِقَضَاءِ شَخْصٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ حَاصِلَةٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ، وَفِي الرَّابِعِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَبَرِئَ) الْحَالِفُ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا بَرِئَ مِنْ الْيَمِينِ (فِي) دَفْعِهِ إلَى (الْحَاكِمِ) عِنْدَ فَقْدِ الْأَوَّلَيْنِ (إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ جَوْرُهُ) بِأَنْ تَحَقَّقَ عَدْلُهُ أَوْ شَكَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَحَقَّقَ جَوْرُهُ (بَرَّ) فِي يَمِينِهِ فَقَطْ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا لِوَكِيلِ التَّقَاضِي أَوْ الْمُفَوَّضِ أَوْ الْحَاكِمِ حَيْثُ لَمْ يَتَحَقَّقْ جَوْرُهُ دُونَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ وَشَبَّهَ فِي الْبِرِّ دُونَ الْبَرَاءَةِ قَوْلُهُ: (كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) حَيْثُ لَا وَكِيلَ، وَلَا حَاكِمَ عَادِلًا أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَمِنْهُمْ وَكِيلُ الضَّيْعَةِ، وَأَرَادَ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ عَدَالَةٌ فَالْجَمْعُ عَلَى أَصْلِهِ (يُشْهِدُهُمْ) عَلَى إحْضَارِ الْحَقِّ، وَعَدَدِهِ وَوَزْنِهِ وَصِفَتِهِ، وَأَنَّهُ اجْتَهَدَ فِي الطَّلَبِ فَلَمْ يَجِدْهُ لِسَفَرٍ أَوْ تَغَيُّبٍ، وَيَتْرُكُهُ عِنْدَ عَدْلٍ مِنْهُمْ أَوْ عِنْدَ الْحَالِفِ نَفْسِهِ حَتَّى يَأْتِيَ رَبُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّفُوذِ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِالْغَدِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْيَوْمُ التَّالِي لِيَوْمِهِ، وَقَوْلُهُ لَا بِتَسْمِيَتِهِ الْيَوْمِ أَيْ لَا بِتَسْمِيَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْيَوْمَ) قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ حُمِلَ فِي الطَّعَامِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَفِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَقْصِدِ وَلِذَا لَوْ قَصَدَ فِي الدَّيْنِ اللَّدَدَ بِالتَّأْخِيرِ، وَفِي الطَّعَامِ الرَّغْبَةَ فِي أَكْلِهِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا لَانْعَكَسَ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ دَنَانِيرَ إلَخْ) أَيْ، وَكَانَ الْحَقُّ دَنَانِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الْحَقِّ) رَدَّهُ اللَّقَانِيُّ قَائِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْمَبِيعِ أَنْ تُسَاوِيَ قِيمَتَهُ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَتَقْيِيدُ تت لَهُ بِذَلِكَ أَيْ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الْحَقِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا أَقَلَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ لَمْ يَبَرَّ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهِ بِأَنْ بَاعَهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ غَابَ الْمَحْلُوفُ لَهُ) أَيْ أَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَلَكِنْ اخْتَفَى وَاجْتَهَدَ الْحَالِفُ فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَمْنَعُ مِنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ وَكِيلٍ إلَيْهِ تَمْنَعُ مِنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ عَطْفُ مُفَوَّضٌ عَلَى وَكِيلٍ أَيْ، أَوْ وَكِيلٌ مُفَوَّضٌ فَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِ مُفَوَّضٌ بِمَعْنَى تَفْوِيضٍ (قَوْلُهُ: وَكِيلُ ضَيْعَةٍ) أَيْ، وَهُوَ الَّذِي وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ خَرَاجِهَا وَالضَّيْعَةُ فِي الْأَصْلِ هِيَ الْعَقَارُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ وَكِيلَ الضَّيْعَةِ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى شِرَاءَ النَّفَقَةِ لِلْبَيْتِ مِنْ لَحْمٍ وَخُضَارٍ وَصَابُونٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ شَارِحِنَا وَالْمُرَادُ بِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ لُبَابَةَ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ وَكِيلَ الضَّيْعَةِ إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُحْتَمِلٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ مُسَاوَاةِ الْحَاكِمِ وَوَكِيلِ الضَّيْعَةِ، وَمِنْ تَقْدِيمِ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ عَلَى الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَهَلْ ثَمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ إنَّمَا يُفِيدُ أَنَّ مَرْتَبَةَ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ بَعْدَ مَا قَبْلَهُ، وَهَلْ الْحَاكِمُ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ مُؤَخَّرٌ عَنْهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَكِنَّ النَّقْلَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِتَسَاوِيهِمَا وَالتَّأْوِيلَ الثَّانِيَ يَقُولُ بِتَقْدِيمِ الْحَاكِمِ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَا أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ، وَكِيلِ التَّقَاضِي وَالْمُفَوَّضِ وَوَكِيلِ الضَّيْعَةِ وَالْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلَيْنِ) أَيْ بِالدَّفْعِ لَهُمَا، وَهُمَا وَكِيلُ التَّقَاضِي وَالْمُفَوَّضُ (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّالِثِ) أَيْ، وَهُوَ، وَكِيلُ الضَّيْعَةِ أَيْ دُونَ الدَّفْعِ لَهُ، وَقَوْلُهُ، وَفِي الرَّابِعِ أَيْ، وَفِي الدَّفْعِ لِلرَّابِعِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ اثْنَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ الْعُدُولِ لَا يَكْفِي وَاَلَّذِي فِي كَبِيرِ خش وشب نَقْلًا أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَشْهَدُهُمْ يَكْفِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ عَدَالَةٌ فَالْجَمْعُ عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ تُجْبِرُ خَلَلَ الشُّهُودِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِثَلَاثَةٍ مِنْ غَيْرِ الْعُدُولِ، وَلَا يُسَلَّمُ هَذَا بَلْ إذَا عُدِمَتْ الْعُدُولُ يَسْتَكْثِرُ مِنْ الشُّهُودِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الصِّدْقُ الْمُتَأَتِّي بِالْعُدُولِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: جَمَاعَةٌ يُشْهِدُهُمْ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِجَعْلِهِ عِنْدَ عَدْلٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادِ عَدْلَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي فِي ح عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْحَقَّ لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَوْقَفَهُ عَلَى يَدَيْهِ فَإِنَّهُ يَبَرُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْحَقِّ وَكِيلٌ، وَلَا سُلْطَانٌ، وَمِثْلُهُ فِي بَهْرَامَ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ، وَلَا يَبَرُّ بِلَا إشْهَادٍ إمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَبْقَاهُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِمَا فِي ح

وَلَا يَبَرُّ بِلَا إشْهَادٍ (وَلَهُ يَوْمٌ، وَلَيْلَةٌ) الْأَوْلَى، وَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ مِنْ الشَّهْرِ (فِي) حَلِفِهِ لَأَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي (رَأْسِ الشَّهْرِ) الْفُلَانِيِّ (أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ) ، وَمِثْلُهُ عِنْدَ انْسِلَاخِهِ، وَكَذَا فِي رَأْسِ الْعَامِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ (وَ) لَهُ فِي حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ (إلَى رَمَضَانَ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ شَعْبَانَ) أَيْ فَالْأَجَلُ شَعْبَانُ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ إلَى اسْتِهْلَالِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِاسْتِهْلَالِهِ فَضَعِيفٌ إذْ الْمُعْتَمَدُ لَهُ لَيْلَةٌ، وَيَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ بِخِلَافِ إلَى فَفَرْقٌ بَيْنَ جَرِّهِ بِاللَّامِ وَجَرِّهِ بِإِلَى. (وَ) حَنِثَ (بِجَعْلِ ثَوْبٍ قَبَاءً) بِالْمَدِّ ثَوْبٌ مُفَرَّجٌ (أَوْ عِمَامَةً فِي) حَلِفِهِ (لَا أَلْبَسُهُ) ، وَلَبِسَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ أَوْ اتَّزَرَ بِهِ (لَا) يَحْنَثُ بِجَعْلِهِ قَبَاءً أَوْ عِمَامَةً (إنْ كَرِهَهُ لِضِيقِهِ) أَوْ لِسُوءِ صَنْعَتِهِ أَيْ إنْ كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْحَلِفِ ذَلِكَ (وَلَا وَضَعَهُ) عَطْفٌ عَلَى جَعَلَهُ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ لَا مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ كَرِهَهُ عَلَى كَرِهَهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى (عَلَى فَرْجِهِ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِنْ غَيْرِ لَفٍّ وَلَا إدَارَةٍ. (وَ) حَنِثَ (بِدُخُولِهِ مِنْ بَابٍ غُيِّرَ) عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى كَأَنْ وَسَّعَهُ أَوْ عَلَّاهُ مَعَ بَقَائِهِ فِي مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَدْخُلُهُ) أَيْ لَا أَدْخُلُ مِنْهُ لِلدَّارِ (إنْ لَمْ يُكْرَهْ ضِيقُهُ) فَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْيَمِينِ كَرَاهَةَ ضِيقِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَغَيَّرَ الْحَالَةَ زَالَ مَعَهَا مَا كَرِهَ فَلَا حِنْثَ. (وَ) حَنِثَ (بِقِيَامِهِ عَلَى ظَهْرِهِ) أَيْ ظَهْرِ الْبَيْتِ (وَبِمُكْتَرٍ) أَوْ مُعَارٍ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَدْخُلُ لِفُلَانٍ بَيْتًا) ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ يُنْسَبُ لِسَاكِنِهِ وَالِاسْتِقْرَارُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَلَوْ مُرُورًا دُخُولٌ (وَبِأَكْلٍ مِنْ وَلَدٍ) لِلْحَالِفِ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ شَيْئًا مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ (دَفَعَ لَهُ) أَيْ لِلْوَلَدِ (مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ) شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ كَرَغِيفٍ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ دَفَعَ لِوَلَدِهِ هَذَا الرَّغِيفَ (إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ) أَيْ الْوَلَدِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَبِيهِ الْحَالِفِ لِفَقْدِ الْوَلَدِ، وَيُسْرِ أَبِيهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَدْفُوعِ لِلْوَلَدِ يَسِيرًا، وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يَبَرُّ بِلَا إشْهَادٍ) أَيْ لَا يَبَرُّ بِإِحْضَارِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إخْبَارِهِمْ بِأَنَّهُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ لِأَجَلِ كَذَا، وَأَنَّهُ أَحْضَرَ الْحَقَّ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَلَمْ يُشْهِدْهُمْ عَلَى إحْضَارِ الْحَقِّ، وَعَدَدِهِ وَوَزْنِهِ. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ لَيْلَةَ كُلِّ يَوْمٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الشَّهْرِ) أَيْ الثَّانِي فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُوَفِّهِ حَقَّهُ كَانَ حَانِثًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ فِي حَلِفِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى رَمَضَانَ أَوْ إلَى اسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ فَظَرْفُ الْقَضَاءِ شَعْبَانُ لَا غَيْرُ فَبِمُجَرَّدِ انْسِلَاخِ شَعْبَانَ وَاسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُوَفِّهِ حَقَّهُ كَانَ حَانِثًا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ لِاسْتِهْلَالِ رَمَضَانَ فَلَهُ يَوْمٌ، وَلَيْلَةٌ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا مَرَّ وَلَمْ يُوَفِّهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ إلَى رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: بَيْنَ جَرِّهِ) أَيْ الِاسْتِهْلَالِ بِاللَّامِ وَجَرِّهِ بِإِلَى. (قَوْلُهُ: وَلَبِسَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مُجَرَّدَ الْجَعْلِ، وَإِنْ لَمْ يَلْبَسْ إذْ لَا حِنْثَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَرِهَهُ لِضِيقِهِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ كَرِهَهُ لِذَاتِهِ لَا إنْ كَرِهَهُ لِضِيقِهِ أَيْ لَا إنْ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ لُبْسِهِ ضِيقَهُ أَوْ سُوءَ صَنْعَتِهِ فَقَطَعَهُ وَجَعَلَهُ قَبَاءً أَوْ عِمَامَةً، وَلَبِسَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِمَّا يُلْبَسُ كَأَنْ كَانَ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُلْبَسُ بِوَجْهٍ مِثْلُ الشُّقَّةِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُهَا ثُمَّ قَطَعَهَا، وَلَبِسَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ أَرَادَ ضِيقَهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا وَضَعَهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْفُلَانِيَّ فَوَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ، وَلَا إدَارَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْمَعْنَى) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ لَا يَحْنَثُ بِجَعْلِهِ قَبَاءً أَوْ عِمَامَةً إنْ كَانَ قَدْ وَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا أَدْخُلُ مِنْهُ لِلدَّارِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ أَنَّهُ حَذَفَ مِنْهُ الْجَارَّ، وَأَوْصَلَ الضَّمِيرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ ضِيقِهِ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ كَمُرُورِهِ عَلَى مَا لَا يُحِبُّ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ أَيْ بِدُخُولِهِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ بَعْدَ تَغْيِيرِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِقِيَامِهِ عَلَى ظَهْرِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا يَسْكُنُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِقِيَامِهِ أَيْ عُلُوِّهِ، وَلَوْ مُرُورًا عَلَى ظَهْرِ ذَلِكَ الْبَيْتِ الَّذِي سَكَنَهُ فُلَانٌ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ بِأَنْ نَزَلَ عَلَى سَطْحِهِ مِنْ سَطْحِ الْجَارِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ عَلَى ظَهْرِهِ، وَلَوْ مُرُورًا يُعَدُّ دُخُولًا، وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ فَاسْتَعْلَى عَلَى ظَهْرِهِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ بِذَلِكَ احْتِيَاطًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ، وَالْبِرُّ يُحْتَاطُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِمُكْتَرًى إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ بَيْتَهُ الَّذِي يَسْكُنُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فِي بَيْتٍ سَاكِنٍ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا لِرَقَبَتِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ فَقَطْ بِكِرَاءٍ أَوْ إعَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ لِسَاكِنِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِمِلْكِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ لِفُلَانٍ بَيْتًا يَمْلِكُهُ فَلَا حِنْثَ بِدُخُولِ بَيْتِ الْكِرَاءِ أَوْ الْإِعَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِأَكْلٍ إلَخْ) أَيْ وَحَنِثَ الْحَالِفُ بِأَكْلِهِ مِنْ وَلَدِهِ طَعَامًا دَفَعَهُ لَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ لَهُ طَعَامًا، وَكَذَا لَوْ دَفَعَهُ لِوَالِدِ الْحَالِفِ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ أَرْسَلَهُ الْوَلَدُ مَعَ الرَّسُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ) هَذَا شَرْطٌ أَوَّلٌ فِي الْحِنْثِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ إلَخْ شَرْطٌ ثَانٍ فِيهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهُمَا فَلَا حِنْثَ، وَهَذَانِ الْقَيْدَانِ قَيَّدَ بِهِمَا بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلَ الْإِمَامِ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَدْفُوعِ لِلْوَلَدِ يَسِيرًا) أَيْ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا فِي الْوَقْتِ كَالْكِسْرَةِ

إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ رَدُّ الْكَثِيرِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْأَبِ رَدُّهُ فَكَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ، وَالْعَبْدُ كَالْوَلَدِ إلَّا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِمَّا دَفَعَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجَةِ. (وَ) حَنِثَ (بِالْكَلَامِ) مَثَلًا (أَبَدًا) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ) أَوْ السِّنِينَ حَمْلًا لِأَلْ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ (وَ) لَزِمَهُ (ثَلَاثَةٌ) أَيْ تَرْكُ الْكَلَامِ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَيَّامِ أَوْ الشُّهُورِ أَوْ السِّنِينَ (فِي) حَلِفِهِ عَلَيَّ (كَأَيَّامٍ) بِالتَّنْكِيرِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَلَا يُحْسَبُ يَوْمُ الْحَلِفِ لَكِنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ فِيهِ (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَهْجُرَنَّهُ) وَأُطْلِقَ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْهِجْرَانِ الْجَائِزِ (أَوْ) يَلْزَمُهُ (شَهْرٌ) رَعْيًا لِلْعُرْفِ (قَوْلَانِ و) لَزِمَ (سَنَةٌ) مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ (فِي حِينٍ وَزَمَانٍ، وَعَصْرٍ وَدَهْرٍ) ، وَلَا فَرْقَ فِي الْأَوَّلِ بَيْنَ تَعْرِيفِهِ وَتَنْكِيرِهِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي تَعْرِيفِهَا الْأَبَدُ. (وَ) حَنِثَ (بِمَا) أَيْ بِنِكَاحٍ (يُفْسَخُ) أَبَدًا أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ مُضِيِّهِ فَفُسِخَ (أَوْ) بِتَزَوُّجِهِ (بِغَيْرِ نِسَائِهِ) أَيْ بِمَا لَا تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي شَأْنُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهُنَّ لِدَنَاءَتِهَا عَنْهُنَّ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَتَزَوَّجَنَّ) إنْ لَمْ يُقَيِّدْ يَمِينَهُ بِأَجَلٍ، وَمَعْنَى حِنْثِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ فَإِنْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ حَنِثَ بِانْقِضَائِهِ حَقِيقَةً فَإِنْ كَانَ يَمْضِي بِالدُّخُولِ أَوْ بِالطُّولِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّهِ بَرَّ إنْ أَطْلَقَ أَوْ أَجَّلَ، وَلَمْ يَنْقَضِ الْأَجَلُ إلَّا بَعْدَ الْمُضِيِّ. (وَ) حَنِثَ (بِضَمَانِ الْوَجْهِ فِي) حَلِفِهِ (لَا أَتَكَفَّلُ) بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ لِلْمَالِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْغَرِيمِ (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْغُرْمِ) عِنْدَ تَعَذُّرِهِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ضَمَانَ طَلَبٍ، وَهُوَ لَا يَحْنَثُ بِهِ فَإِنْ حَلَفَ لَا أَتَكَفَّلُ، وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِأَنْوَاعِ الضَّمَانِ كُلِّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ رَدُّ الْكَثِيرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِي رَدِّهِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ نَفَقَةُ وَلَدِي عَلَيَّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ عَنِّي مِنْهَا شَيْئًا (قَوْلُهُ: عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ كَالْوَلَدِ) أَيْ فَكَمَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِالْأَكْلِ مِنْ طَعَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعِ لِوَلَدِهِ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْهُ إذَا كَانَ مَدْفُوعًا لِعَبْدِهِ (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ كَالْوَلَدِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ مَا يَئُولُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِمَّا دُفِعَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَدُّ مَا وَهَبَ لِعَبْدِهِ، سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَذَا عَلَّلُوا لَكِنْ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي الْهِبَةِ وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ مَا بِيَدِ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ تَجِبُ نَفَقَتُهُمَا عَلَى الْحَالِفِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِمَّا دَفَعَ لَهُمْ، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَيْنِ لَيْسَا مَحْجُورًا عَلَيْهِمَا لِلْوَلَدِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْعِلَّةُ الْجَارِيَةُ فِي إعْطَاءِ الْيَسِيرِ لِلْوَلَدِ الْفَقِيرِ تَجْرِي فِي إعْطَاءِ الْيَسِيرِ لِلْوَالِدَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ فَمَا الْفَرْقُ. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ الْوَلَدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِلْوَالِدِ دُونَ الْعَكْسِ. اهـ عَدَوِيٌّ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَالِدَيْنِ أَيْ وَكَذَا وَلَدُ الْوَلَدِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْكَلَامِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ مِثْلُهُ لَا أَلْبَسُهُ أَوْ لَا أَرْكَبُهُ الْأَيَّامَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا أُكَلِّمُهُ الْأَيَّامَ إلَخْ) مِثْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ فَقَطْ حَيْثُ لَا بِسَاطَ، وَلَا نِيَّةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي حَلِفِهِ عَلَيَّ كَأَيَّامٍ) أَيْ بِأَنْ حَلَفَ لَا أُكَمِّلُهُ أَيَّامًا أَوْ شُهُورًا أَوْ سَنِينًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ) أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ أَبَدًا، وَأَنَّ التَّنْكِيرَ كَالتَّعْرِيفِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى فِي التَّنْكِيرِ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِغْرَاقِ فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى لَا أُكَلِّمُهُ أَيَّامًا لَأَتْرُكَنَّ كَلَامَهُ أَيَّامًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ يَوْمُ الْحَلِفِ) أَيْ لَا يُحْسَبُ يَوْمُ الْحَلِفِ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ سَبَقَ الْيَمِينَ بِالْفَجْرِ لَكِنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ فِيهِ فَإِنْ كَلَّمَهُ فِيهِ حَنِثَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ: إنَّ يَوْمَ الْحَلِفِ لَا يُلْغَى بَلْ تَكْمُلُ بَقِيَّتُهُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي الْيَوْمَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ، وَظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ النُّذُورِ تَرْجِيحُهُ، وَكَلَامُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَقَعَ الْحَلِفُ لَيْلًا اُعْتُبِرَتْ صَبِيحَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ قَوْلًا وَاحِدًا. اهـ. عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْدِيمِ الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ، وَالثَّانِي بِالْعَكْسِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَسَنَةٌ فِي حِينٍ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا إذَا اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا فِي السَّنَةِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لُغَةً. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فِي حِينٍ) أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا أُكَلِّمُهُ حِينًا أَوْ زَمَانًا أَوْ عَصْرًا أَوْ دَهْرًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَخِيرَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَهِيَ زَمَانٌ وَعَصْرٌ وَدَهْرٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي تَعْرِيفِهَا الْأَبَدُ رَعْيًا لِلْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَانُ هُوَ الْحِينَ لُغَةً فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِالْوَاوِ وَفِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ حِينًا وَزَمَانًا، وَعَصْرًا وَدَهْرًا حُمِلَ عَلَى التَّأْكِيدِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهَا بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ فَلِلْمُغَايَرَةِ، وَإِنْ قَالَ أَحْيَانَا أَوْ زَمَانًا أَوْ عَصْرًا أَوْ دَهْرًا لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَزَوُّجِهِ بِغَيْرِ نِسَائِهِ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا (قَوْلُهُ: لِدَنَاءَتِهَا عَنْهُنَّ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْعُرْفِ كَالْكِتَابِيَّةِ وَالْفَقِيرَةِ وَالزَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى حِنْثِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ) أَيْ أَوْ يُحْمَلُ حِنْثُهُ عَلَى مَا إذَا عَزَمَ عَلَى الضِّدِّ. (قَوْلُهُ: بِأَنْوَاعِ الضَّمَانِ كُلِّهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ضَمَانَ غُرْمٍ أَوْ ضَمَانَ وَجْهٍ أَوْ ضَمَانَ طَلَبٍ وَبِهَذَا قَيَّدَ التَّكَفُّلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَالِ كَمَا قَيَّدَتْ بِهِ الْمُدَوَّنَةُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَتَكَفَّلُ بِمَالٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِضَمَانِ الْغُرْمِ أَوْ بِضَمَانِ الْوَجْهِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْغُرْمِ، وَلَا يَحْنَثُ بِضَمَانِ الطَّلَبِ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَا أَتَكَفَّلُ

(وَ) حَنِثَ (بِهِ) أَيْ بِالضَّمَانِ (لِوَكِيلٍ) عَنْ شَخْصٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَضْمَنُ لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (إنْ كَانَ) الْوَكِيلُ الْمَضْمُونُ لَهُ (مِنْ نَاحِيَتِهِ) أَيْ لِلشَّخْصِ كَقَرِيبِهِ وَصَدِيقِهِ (وَهَلْ) الْحِنْثُ (إنْ عَلِمَ) الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ لِيَكُونَ بِذَلِكَ كَأَنَّهُ عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا حِنْثَ أَوْ الْحِنْثُ مُطْلَقًا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا. (وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ الْمُخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ (بِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصَ (قَالَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْخَبَرَ (لِغَيْرِي) أَوْ لِأَحَدٍ بِدُونِ غَيْرِي (لِمُخْبِرٍ) بِالْكَسْرِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ لِمَنْ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ نَاقِلًا لَهُ عَنْ شَخْصٍ كَانَ قَدْ أَسَرَّ بِهِ الْحَالِفُ وَحَلَّفَهُ لَيَكْتُمَنَّهُ وَلَا يُبْدِيهِ لِأَحَدٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَيُسِرَّنَّهُ) ، وَلَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا فَنَزَلَ قَوْلُهُ: مَا ظَنَنْته. . . إلَخْ مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ. (وَ) حَنِثَ (بِاذْهَبِي) أَيْ بِقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا اذْهَبِي أَوْ انْصَرِفِي (الْآنَ) ظَرْفٌ لَحَنِثَ الْمُقَدَّرِ، وَلَوْ حَذَفَهُ مَا ضَرَّ (إثْرَ) أَيْ عَقِبَ حَلِفِهِ (لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَفْعَلِي) كَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامٌ قَبْلَ الْفِعْلِ (وَلَيْسَ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ كَلَامِهِ (لَا أُبَالِي) بِك (بَدَأَ) يُوجِبُ حَلَّ الْيَمِينِ (لِقَوْلٍ آخَرَ) فِي حَلِفِهِ (لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَبْدَأَنِي) لِلِاحْتِيَاطِ فِي جَانِبِ الْبِرِّ. (وَ) حَنِثَ بَائِعٌ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْمُشْتَرِي (بِالْإِقَالَةِ فِي) حَلِفِهِ حِينَ سَأَلَهُ الْمُشْتَرِي حَطِيطَةَ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ (لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا إنْ لَمْ تَفِ) قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصْته، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ تَفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَنْوَاعِ الضَّمَانِ الثَّلَاثَةِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَضْمَنُ فُلَانًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِضَمَانِهِ لِوَكِيلِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِوَكَالَتِهِ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْمَضْمُونُ فِي الْوَاقِعِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُوَكِّلِ صَدِيقًا مُلَاطِفًا أَوْ قَرِيبًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَلَا حِنْثَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِكَفَالَةٍ فَتَكَفَّلَ لِوَكِيلِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِوَكَالَتِهِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مِنْ سَبَبِ فُلَانٍ وَنَاحِيَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ. اهـ.، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ كَانَ مِنْ سَبَبِ فُلَانٍ وَنَاحِيَتِهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا أَنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ قَيَّدَ الْحِنْثَ نَقْلًا عَنْ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ بِمَا إذَا عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ بِأَنْ عَلِمَ بِقَرَابَتِهِ أَوْ صَدَاقَتِهِ لَهُ فَذَكَرَ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَحَمَلَهَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِهَا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ إذَا ادَّعَى الْحَالِفُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْوَكِيلَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مَعَ الْمُرَافَعَةِ، وَتُقْبَلُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِهِمَا أَوْ بِهِمَا مَعَ الْفَتْوَى اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا) الْأَوْلَى مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا عَلِمَ بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتُهُ أَوْ لَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْوَكَالَةِ فَالْحِنْثُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فِي الْوَاقِعِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِأَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا. خِلَافٌ، وَكُلُّ هَذَا إذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ ضَمِنَ الْحَالِفُ الْوَكِيلَ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ عَلِمَ حِينَ الضَّمَانِ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ إلَخْ) صُورَتُهَا أَعْلَمَ زَيْدٌ خَالِدًا بِأَمْرٍ وَاسْتَحْلَفَهُ عَلَى كِتْمَانِهِ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَسَرَّهُ لِغَيْرِ خَالِدٍ فَأَسَرَّهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ لِخَالِدٍ، وَأَخْبَرَهُ بِهِ فَقَالَ خَالِدٌ لِلْمُخْبِرِ لَهُ مَا ظَنَنْت أَنَّ زَيْدًا قَالَ ذَلِكَ الْأَمْرَ لِغَيْرِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ لِتَنْزِيلِ قَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي مَنْزِلَةَ الْإِخْبَارِ. (قَوْلُهُ: وَبِاذْهَبِي إلَخْ) صُورَتُهَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كَلَّمْتُك قَبْلَ أَنْ تَفْعَلِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا اذْهَبِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ الْآنَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامٌ قَبْلَ أَنْ تَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا حَلَفَ لَا كَلَّمْتِينِي حَتَّى تَقُولِي أُحِبُّكَ فَقَالَتْ: لَهُ: عَفَا اللَّهُ عَنْك إنِّي أُحِبُّك فَيَحْنَثُ بِقَوْلِهَا عَفَا اللَّهُ عَنْك؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ صَدَرَ مِنْهَا قَبْلَ قَوْلِهَا أُحِبُّك (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ فَحَنِثَ الْمُقَدَّرُ) أَيْ أَنَّهُ يَحْنَثُ مِنْ الْآنَ عَقِبَ قَوْلِهِ اذْهَبِي، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْحِنْثُ عَلَى كَلَامٍ آخَرَ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ظَرْفٌ لِاذْهَبِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ قَوْلُهُ: لَا أُبَالِي إلَخْ) صُورَتُهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا حَتَّى يَبْدَأَهُ بِالْكَلَامِ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ إذًا وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي بِك فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ تَبْدِئَةً مُعْتَدًّا بِهَا فِي حِلِّ الْيَمِينِ فَإِنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ صُدُورِ كَلَامٍ غَيْرِ هَذَا حَنِثَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ لَا أُبَالِي بِك كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْبِرِّ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِكَلَامٍ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَجَعَلَ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ فِي جَانِبِ الْحِنْثِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَدْنَى سَبَبٍ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنْ لَا أُبَالِيَ لَا يُعَدُّ بَدْءًا مُعْتَدًّا بِهِ، وَلَوْ كَرَّرَ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِالْإِقَالَةِ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِي سَأَلَهُ فِي حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَحَلَفَ الْبَائِعُ لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا فَتَقَايَلَا فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا حِينَ الْإِقَالَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ فَأَكْثَرَ تَحْقِيقًا فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْهُ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ، وَإِلَّا

أَنَّهَا إنْ وَفَتْ بِأَنْ كَانَتْ وَقْتَ الْإِقَالَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ فَلَا حِنْثَ (لَا إنْ) (أَخَّرَ الثَّمَنَ) فِي حَلِفِهِ لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ حَطٍّ فَلَا حِنْثَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا وَقَعَ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا بَعْدَ تَقَرُّرِهِ فَلَيْسَ مِنْ الْوَضِيعَةِ بَلْ مِنْ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ (وَلَا إنْ) (دَفَنَ مَالًا) ثُمَّ طَلَبَهُ (فَلَمْ يَجِدْهُ) حَالَ طَلَبِهِ (ثُمَّ وَجَدَهُ مَكَانَهُ) الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ إنْ كَانَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا (فِي) حَلِفِهِ، وَلَوْ بِطَلَاقٍ، وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ لَقَدْ (أَخَذْتِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ كَانَ أُخِذَ لَمْ يَأْخُذْهُ غَيْرُك فَإِنْ وَجَدَهُ عِنْدَ غَيْرِهَا حَنِثَ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ (وَ) حَنِثَ زَوْجٌ (بِتَرْكِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (عَالِمًا) بِخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ، وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ (فِي) حَلِفِهِ (لَا خَرَجْتِ) مَثَلًا (إلَّا بِإِذْنِي) فَلَيْسَ عِلْمُهُ بِخُرُوجِهَا إذْنًا مِنْهُ فَإِنْ أَذِنَ اُشْتُرِطَ عِلْمُهَا بِإِذْنِهِ كَمَا مَرَّ. (لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِزَوْجَتِهِ إلَّا فِي كَذَا كَبَيْتِ أَبِيهَا (إنْ أَذِنَ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ (لِأَمْرٍ) مُعَيَّنٍ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ كَبَيْتِ أَبِيهَا (فَزَادَتْ) عَلَى مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ (بِلَا عِلْمٍ) مِنْهُ حَالَ الزِّيَادَةِ فَعَلِمَهُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ لَا يُوجِبُ حِنْثًا فَإِنْ عَلِمَ حَالَ الزِّيَادَةِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِالزِّيَادَةِ حَالَهَا إذْنٌ مِنْهُ فِيهَا، وَقَدْ حَلَفَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهَا إذْ الْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لَهَا إلَّا فِي نَوْعٍ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا بَلْ هِيَ مُسْتَقِلَّةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِلَا عِلْمٍ. وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا خَرَجْتِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَذِنَ لَهَا فِي أَمْرٍ فَزَادَتْ فَالْحِنْثُ مُطْلَقًا عَلِمَ بِالزِّيَادَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إذْ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا فِي خَاصٍّ لَا فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَحْنَثُ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا إنْ وَفَّتْ إلَخْ) اشْتِرَاطُ الْوَفَاءِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا رَدٌّ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ حِينَ الْإِقَالَةِ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ بِسَاطَ يَمِينِهِ إنْ ثَبَتَ لِي حَقٌّ فَلَا أَضَعُ مِنْهُ شَيْئًا وَحَيْثُ انْحَلَّ الْبَيْعُ وَرُدَّ فَلَمْ يَثْبُتْ لِلْبَائِعِ حَقٌّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ) عَطْفُك بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ وَبِالْإِقَالَةِ أَيْ لَا بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: إذَا وَقَعَ ابْتِدَاءً) أَيْ إذَا اشْتَرَطَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا بَعْدَ تَقَرُّرِهِ أَيْ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ أَيْ الْأَجَلُ مِنْ الْوَضِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ دَفَنَ مَالًا) لَا مَفْهُومَ لِلدَّفْنِ بَلْ مِثْلُهُ الْوَضْعُ بِلَا دَفْنٍ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجِدْهُ حَالَ طَلَبِهِ) أَيْ لِنِسْيَانِهِ الْمَكَانَ الَّذِي دَفَنَهُ أَوْ وَضَعَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَهُ مَكَانَهُ) أَيْ ثُمَّ أَمْعَنَ فِيهِ النَّظَرَ ثَانِيًا فَوَجَدَهُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ عُذْرُهُ فِي الْجُمْلَةِ إذَا نَقَلَ عَنْ مَكَانِهِ وَاحْتَمَلَ أَنَّهَا النَّاقِلَةُ لَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ هُوَ مَا لِلَّخْمِيِّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ حَيْثُ قَالَ بِالْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ لِتَفْرِيطِهِ. اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ لَا حِنْثَ إذَا وَجَدَهُ فِي مَحَلِّهِ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ لِوُجُودِهِ فِي مَكَان مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ ظَانًّا أَوْ شَاكًّا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لَا حِنْثَ فِيهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ أُخِذَ لَمْ يَأْخُذْهُ غَيْرُكِ أَيْ، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ أَوْ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ حِينَ الْحَلِفِ جَازِمًا بِعَدَمِ الْأَخْذِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ طَلَاقًا حَنِثَ، وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ كَانَتْ غَمُوسًا لَا كَفَّارَةَ فِيهَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تَضُمُّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ الْمُتَقَدِّمَةِ فَالْجُمْلَةُ سِتَّةَ عَشَرَ، وَأَمَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازِمًا بِعَدَمِ أَخْذِهَا لَهُ أَوْ ظَانًّا عَدَمَهُ أَوْ شَاكًّا فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ كَانَتْ غَمُوسًا لَا كَفَّارَةَ فِيهَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً، وَإِنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازِمًا بِأَخْذِهَا لَهُ أَوْ ظَانًّا لَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَخْذُ أَحَدٍ لَهُ فَلَا حِنْثَ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ حَنِثَ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَا حِنْثَ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّهَا لَغْوٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعَةٌ تَارَةً يُوجَدُ الْمَالُ فِي مَكَانِهِ وَتَارَةً يُوجَدُ عِنْدَهَا وَتَارَةً يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهَا وَتَارَةً لَا يُوجَدُ أَصْلًا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ حِينَ الْحَلِفِ جَازِمًا بِأَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ بِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْهُ أَوْ ظَانًّا أَخْذَهَا لَهُ أَوْ شَاكًّا فِيهِ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْجُمْلَةُ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ صُورَةً، وَقَدْ عَلِمْتهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهَا) أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْمَرْأَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا أَخَذَتْهُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ إلَخْ) أَيْ لَا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ بِصِفَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، وَاللَّغْوُ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ اللَّهِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حَلَفَ مُعْتَقِدًا أَخَذَهَا أَوْ ظَانًّا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِتَرْكِهَا عَالِمًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا خَرَجْتِ أَوْ لَا فَعَلْتِ كَذَا إلَّا بِإِذْنِي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ بِخُرُوجِهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِهَا، أَمَّا حِنْثُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِهَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا حِنْثُهُ إذَا عَلِمَ بِخُرُوجِهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهَا فَلِأَنَّ عِلْمَهُ بِخُرُوجِهَا، وَعَدَمَ مَنْعِهَا مِنْهُ لَيْسَ إذْنًا فِي الْخُرُوجِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ، وَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُنَا فِي جَانِبِ الْبِرِّ، وَالْبِرُّ يُحْتَاطُ فِيهِ فَلِذَا كَانَ الْعِلْمُ بِخُرُوجِهَا غَيْرَ كَافٍ فِيهِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهُ فِي جَانِبِ الْحِنْثِ، وَهُوَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ فَالْعِلْمُ فِيهِ بِمَثَابَةِ الْإِذْنِ فَلِذَا حَنِثَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ اُشْتُرِطَ) أَيْ فِي بِرِّهِ عِلْمُهَا بِإِذْنِهِ قَبْلَ خُرُوجِهَا. (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَذِنَ لِأَمْرٍ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِزَوْجَتِهِ فِي الْخُرُوجِ إلَّا لِبَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا فَأَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَزَادَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ ذَهَبَتْ لِغَيْرِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ حَالَ الزِّيَادَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ زَادَتْ، وَهُوَ عَالِمٌ بِزِيَادَتِهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهَا فَإِنَّهُ

وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِذْنُ قَدْ حَصَلَ، وَلَا دَخْلَ لِلزِّيَادَةِ فِي الْحِنْثِ، وَلَا عَدَمِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهَا لَا آذَنُ لَك فِي غَيْرِهِ، وَإِلَّا حَنِثَ مُطْلَقًا. (وَ) حِنْث (بِعَوْدِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (لَهَا) أَيْ لِلدَّارِ عَلَى وَجْهِ السُّكْنَى (بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ (بِمِلْكٍ آخَرَ) بِالْإِضَافَةِ، وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهَا فِي مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ (فِي) حَلِفِهِ (لَا سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ) ، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ فَبَاعَهَا وَسَكَنَهَا الْحَالِفُ فِي مِلْكِ مَنْ اشْتَرَاهَا (أَوْ) حَلِفِهِ لَا سَكَنْتُ (دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ لَهُ) يَصِحُّ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِلْأُولَى أَيْضًا إذَا كَانَتْ الدَّارُ لِغَيْرِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ مَا دَامَتْ لِلْمَالِكِ (لَا) يَحْنَثُ إنْ حَلَفَ لَا سَكَنْتُ (دَارَ فُلَانٍ) بِدُونِ اسْمِ إشَارَةٍ وَخَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ فَسَكَنَهَا إنْ لَمْ يَنْوِ عَيْنَهَا (وَلَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ (إنْ) دَخَلَهَا بَعْدَ أَنْ (خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا) أَوْ بُنِيَتْ مَسْجِدًا فَإِنْ بُنِيَتْ بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا طَرِيقًا بَيْتًا حَنِثَ (إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ) أَيْ بِالتَّخْرِيبِ فَإِنْ أَمَرَ بِهِ حَنِثَ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُسَلَّمٌ تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُتَعَلِّقًا بِالْإِكْرَاهِ لِقَوْلِهَا وَإِنْ دَخَلَهَا مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ. (وَ) حَنِثَ (فِي) حَلِفِهِ (لَا بَاعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا (أَوْ) حَلِفِهِ لَا بَاعَ (لَهُ) لَا أَتَوَلَّى لَهُ بَيْعًا بِسَمْسَرَةٍ (بِالْوَكِيلِ) أَيْ بِالْبَيْعِ أَوْ السَّمْسَرَةِ لِوَكِيلِ زَيْدٍ (إنْ كَانَ) ذَلِكَ الْوَكِيلُ (مِنْ نَاحِيَتِهِ) ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَكِيلٌ، وَإِلَّا حَنِثَ مُطْلَقًا كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْنَثُ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ كَإِذْنِهِ، وَقَدْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ لَهَا فِي ذَلِكَ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا) أَيْ عَلِمَ بِالزِّيَادَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ سَمَاعُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي نَقُلْ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا خَرَجَتْ ابْتِدَاءً لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ ثُمَّ زَادَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَتْ لِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَهَبَتْ لِمَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اتِّفَاقًا، سَوَاءٌ عَلِمَ بِالزِّيَادَةِ أَمْ لَا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَقُلْ لَهَا لَا آذَنُ لَك فِي غَيْرِهِ، وَإِلَّا حَنِثَ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَبِعَوْدِهِ لَهَا) أَيْ طَائِعًا لَا مُكْرَهًا؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ بِرٍّ، وَلَا حِنْثَ فِيهَا بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ كُرْهًا بِالْقُيُودِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْعَوْدِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ سَاكِنًا ثُمَّ عَادَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَوْدَ قَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ أَوْ لَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم: 13] أَيْ لَتَدْخُلُنَّ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ وَالْحَالُ أَنَّهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ لِمِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ فَسَكَنَهَا بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمِلْكِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِي أَوْ فِي مِلْكِ فُلَانٍ، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ فِي سُكْنَاهَا بَعْدَ انْتِقَالِهَا لِمِلْكِ آخَرَ. (قَوْلُهُ: أَيْ لِلدَّارِ) أَيْ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ لَا سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ أَوْ مِلْكِ صَاحِبِهَا غَيْرِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَبَاعَهَا) أَيْ صَاحِبُهَا وَسَكَنَهَا الْحَالِفُ (قَوْلُهُ: أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ) أَيْ فَبَاعَهَا فُلَانٌ صَاحِبُهَا وَسَكَنَهَا الْحَالِفُ، وَهِيَ فِي مِلْكِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِمَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ التَّعْيِينِ فَلَا يُزِيلُهُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ، وَإِتْيَانُهُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ يُقَوِّي أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ تِلْكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَا دَامَتْ لِلْمَالِكِ) أَيْ، وَهُوَ فُلَانٌ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ فِي الْأُولَى، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ التَّكَلُّفِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ رُجُوعُهُ لِلثَّانِيَةِ إذْ مُقْتَضَى رُجُوعِهِ لِلْأُولَى أَنْ يُقَالَ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِي أَوْ لَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ الْحِنْثُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَتْ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَكَذَا الْأَوْلَى الْحِنْثُ فِيهَا مَا لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ لِي اتِّفَاقًا إنْ كَانَتْ الدَّارُ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ فَقِيلَ يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَلَوْ نَوَى مَا دَامَتْ لَهُ، وَقِيلَ يَحْنَثُ مَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَا دَامَتْ لَهُ يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ دَخَلَهَا بَعْدَ أَنْ خَرِبَتْ) أَيْ لِزَوَالِ اسْمِ الدَّارِ عَنْهَا، وَمِنْ هَذَا إذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ لَا يُطْلَبُ لَهُ تَحِيَّةٌ كَمَا فِي ح، وَمُقْتَضَاهُ زَوَالُ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِيَّةِ لَا أَصْلُ الْحَبْسِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَصَارَتْ طَرِيقًا) هَذَا فَرْضُ مِثَالٍ وَزِيَادَةُ بَيَانٍ لَا شَرْطٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، وَذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِيمَنْ تَرَكَ دَارِهِ طَرِيقًا مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ تَصِيرُ وَقْفًا عَلَيْهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بُنِيَتْ مَسْجِدًا) أَيْ بَعْدَ خَرَابِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا دَخَلَهَا بَعْدَ أَنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا أَوْ بُنِيَتْ مَسْجِدًا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ حَلِفُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا كَرَاهِيَةً فِي صَاحِبِهَا أَوْ فِي بِنَائِهَا الَّذِي قَدْ زَالَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَلِفُهُ كَرَاهِيَةً فِي الْبُقْعَةِ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا، وَلَوْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا أَوْ بُنِيَتْ مَسْجِدًا. (قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا الْحُكْمَ) أَيْ، وَهُوَ الْحِنْثُ إذَا دَخَلَهَا بَعْدَ التَّخْرِيبِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُتَعَلِّقًا بِالْإِكْرَاهِ) أَيْ لَا بِالتَّخْرِيبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَيُمْكِنُ جَعْلُ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَائِدًا عَلَى الْإِكْرَاهِ بِارْتِكَابِ تَقْدِيرٍ فِي الْكَلَامِ، وَالْأَصْلُ وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا أَوْ بُنِيَتْ وَدَخَلَهَا مُكْرَهًا إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ أَيْ بِالْإِكْرَاهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقًا لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهَا إلَخْ) نَصُّهَا: وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَهُدِمَتْ أَوْ خَرِبَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ بُنِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُهَا فَإِنْ دَخَلَهَا مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ فَيَقُولُ احْمِلُونِي فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ مِنْ نَاحِيَتِهِ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ

وَيَحْنَثُ (وَإِنْ قَالَ) الْبَائِعُ (حِينَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت) أَنْ لَا أَبِيعَ لِزَيْدٍ وَخَافَ أَنْ تَكُونَ وَكِيلَهُ (فَقَالَ هُوَ) أَيْ الْبَيْعُ (لِي) لَا لَهُ (ثُمَّ صَحَّ) أَيْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (أَنَّهُ ابْتَاعَ) أَوْ بَاعَ (لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ، وَلَوْ حَذَفَ ابْتَاعَ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ (حَنِثَ، وَلَزِمَ الْبَيْعُ) لِلْحَالِفِ مَعَ الْحِنْثِ مَا لَمْ يَقُلْ الْحَالِفُ إنْ كُنْت تَشْتَرِي لَهُ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك لَمْ يَحْنَثْ، وَلَمْ يَلْزَمْ الْبَيْعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (، وَأَجْزَأَ) الْحَالِفَ فَلَا يَحْنَثُ (تَأْخِيرُ الْوَارِثِ) أَيْ وَارِثِ الْمَحْلُوفِ لَهُ إنْ كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا (فِي) حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك إلَى أَجَلِ كَذَا (إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي) فَمَاتَ رَبُّ الْحَقِّ الْمَحْلُوفِ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يُورَثُ (لَا) إذْنُهُ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى (دُخُولِ دَارٍ) لَا أَدْخُلُهَا إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ رَبِّهَا فَمَاتَ زَيْدٌ فَأَذِنَ وَارِثُهُ فِي الدُّخُولِ فَلَا يَكْفِي إذْ الْإِذْنُ لَيْسَ بِحَقٍّ يُورَثُ فَلَوْ كَانَ زَيْدٌ رَبَّهَا كَفَى إذْنُ وَارِثِهِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلدُّخُولِ (وَ) أَجْزَأَ (تَأْخِيرُ وَصِيٍّ) فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ إذَا كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ رَشِيدٍ، وَأَخَّرَ وَصِيَّهُ (بِالنَّظَرِ) لِلصَّغِيرِ كَكَوْنِ التَّأْخِيرِ يَسِيرًا أَوْ خَوْفَ جَحْدٍ أَوْ لَدَدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ فَإِنْ أَخَّرَ لِغَيْرِ نَظَرٍ أَجْزَأَ الْحَالِفُ، وَإِنْ حَرَّمَ عَلَى الْوَصِيِّ فَالتَّقْيِيدُ بِالنَّظَرِ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّأْخِيرِ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ (وَلَا دَيْنَ) أَيْ مُحِيطٌ عَلَى الْمَيِّتِ قُيِّدَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ إنَّمَا هُوَ لِلْغَرِيمِ لَا لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ، وَلِذَا قَالَ. (وَ) أَجْزَأَ (تَأْخِيرُ غَرِيمٍ) لِلْمَحْلُوفِ لَهُ (إنْ أَحَاطَ) الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَأَبْرَأَ) الْغَرِيمُ ذِمَّةَ الْمَدِينِ الْمَحْلُوفِ لَهُ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرَ بِهِ الْحَالِفُ حَتَّى يَكُونَ كَالْقَابِضِ مِنْ الْمَدِينِ الْحَالِفِ فَإِنْ لَمْ يُحِطْ فَلَا يُجْزِي تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ، وَلَوْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ قَرِيبًا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ صَدِيقًا مُلَاطِفًا لَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ لَيْسَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَلَا يَحْنَثَ، وَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْحِنْثُ عَلَى عِلْمِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ قَوْلَانِ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ ذِكْرِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِمُوَافَقَتِهَا لَهَا فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ) أَيْ، وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْنَثُ، وَإِنْ قَالَ إلَخْ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْحِنْثِ. (قَوْلُهُ: بِالْبَيِّنَةِ) احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَشْتَرِي لِنَفْسِي ثُمَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ قَالَ اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ الْحَالِفُ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ غَيْرَ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ كَذَا فِي خش وعبق نَقْلًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التُونُسِيِّ، وَمِثْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ إذَا حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِطَلَاقٍ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ حَمَّامًا مَثَلًا فَقَالَتْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلْتُهُ فَلَا تُصَدَّقُ، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَالتُّونُسِيِّ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ وَيَحْنَثُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَيْ فِي حَالِ الْبَيْعِ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك كَانَ الْبَيْعُ مَاضِيًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْأَجَلِ) أَيْ، وَأَخَّرَهُ الْوَارِثُ أَجَلًا ثَانِيًا فَلَا يَحْنَثُ بِفَرَاغِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ فَلَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْوَارِثُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفَرَاغِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك إلَى أَجَلِ كَذَا، وَمَاتَ رَبُّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَقَضَى الْحَالِفُ وَرَثَتَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إجْزَاءِ تَأْخِيرِ الْوَارِثِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا، وَكَانَ الْمَيِّتُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِلَّا كَانَ تَأْخِيرُهُ غَيْرَ مُجْزٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ حَقٌّ يُورَثُ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَبْضَهُ كَمَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ. (قَوْلُهُ: لَا إذْنُهُ) أَيْ لَا يُجْزِئُ إذْنُ الْوَارِثِ فِي دُخُولِ دَارٍ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ رَبِّهَا فَمَاتَ زَيْدٌ فَأَذِنَ لَهُ وَارِثُهُ فِي الدُّخُولِ فَإِذَا دَخَلَهَا مُسْتَنِدًا لِإِذْنِ الْوَارِثِ حَنِثَ إلَّا لِبِسَاطٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمْتِعَةُ زَيْدٍ فِي الدَّارِ فَحَلَفَ لِذَلِكَ فَكَفَى إذْنُ وَارِثِهِ الَّذِي وَرِثَ الْأَمْتِعَةَ (قَوْلُهُ: كَفَى إذْنُ وَارِثِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَرِثَهَا صَارَ الْإِذْنُ حَقًّا يُورَثُ فَيَكْفِي إذْنُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِلدُّخُولِ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ سَائِرُ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا تُورَثُ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ تَأْخِيرُ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَوَرَثَتُهُ صِغَارٌ فَأَخَّرَهُ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الْحَالِفَ، وَلَا يَحْنَثُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ، وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِتَأْخِيرِ الْغُرَمَاءِ وَسَوَاءٌ كَانَ تَأْخِيرُ الْوَصِيِّ لِنَظَرٍ كَخَوْفِ لَدَدٍ أَوْ خِصَامٍ أَوْ كَانَ لِغَيْرِ نَظَرٍ غَايَتُهُ أَنَّ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ إنْ كَانَ لِغَيْرِ نَظَرٍ كَانَ مُوجِبًا لِإِثْمِهِ فَقَطْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الدَّيْنُ حَالًا فَتَقْيِيدُ الْمُؤَلِّفِ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ بِالنَّظَرِ لِأَجَلِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا لِإِجْزَائِهِ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفِ قَوْلَهُ: بِالنَّظَرِ، لَوَافَقَ النَّقْلَ (قَوْلُهُ: أَيْ مُحِيطٌ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الدَّيْنِ أَصْلًا بَلْ نَفْيُ الْمُحِيطِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحِيطٍ فَالْكَلَامُ لِلْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ، وَإِنْ كَانَ مُحِيطًا فَالْكَلَامُ لِلْغُرَمَاءِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ غَرِيمٍ إلَخْ) صُورَتُهُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَأَخَّرَهُ بِذَلِكَ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِي إنْ أَبْرَءُوا ذِمَّةَ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرُوا بِهِ الْحَالِفَ، وَمَحَلُّ إجْزَاءِ تَأْخِيرِ الْغَرِيمِ إذَا وَقَعَ التَّأْخِيرُ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ وَجَبَ التَّعْجِيلُ لِمَنْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ، وَكَذَا الْوَرَثَةُ، وَمَنْ غَابَ فَالْحَاكِمُ يَقُومُ مَقَامَهُ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَكُونَ كَالْقَابِضِ مِنْ الْمَدِينِ الْحَالِفِ)

(وَفِي بِرِّهِ فِي) حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ مَثَلًا (لَأَطَأَنَّهَا) اللَّيْلَةَ مَثَلًا فَحَاضَتْ (فَوَطِئَهَا حَائِضًا) أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُحْرِمَةً حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ وَعَدَمُ بِرِّهِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَدْلُولِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حَسًّا قَوْلَانِ فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا حِينَئِذٍ حَنِثَ قَطْعًا كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ. (وَفِي) بِرِّهِ فِي حَلِفُهُ لِزَوْجَتِهِ فِي قِطْعَةِ لَحْمٍ (لَتَأْكُلَنَّهَا فَخَطَفَتْهَا هِرَّةٌ) عِنْدَ مُنَاوَلَتِهِ إيَّاهَا وَابْتَلَعَتْهَا (فَشَقَّ جَوْفَهَا) عَاجِلًا، وَأُخْرِجَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَحَلَّلَ فِي جَوْفِهَا مِنْهَا شَيْءٌ (وَأَكَلَتْ) أَيْ أَكَلَتْهَا الْمَرْأَةُ وَحِنْثِهِ قَوْلَانِ مَعَ التَّوَانِي فِي أَخْذِهَا مِنْهُ أَرْجَحُهُمَا الْحِنْثُ فَإِنْ لَمْ تَتَوَانَ لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا (أَوْ) لَمْ تَخْطَفْهَا الْهِرَّةُ، وَلَكِنْ أَكَلَتْهَا (بَعْدَ فَسَادِهَا) بِأَنْ تَرَكَتْهَا بَعْدَ الْيَمِينِ حَتَّى فَسَدَتْ (قَوْلَانِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ، وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا أَنْ تَتَوَانَى) فِي شَقِّ جَوْفِهَا حَتَّى تَحَلَّلَ فِي جَوْفِهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَإِنْ تَوَانَتْ فَالْحِنْثُ قَطْعًا (وَفِيهَا) (الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا كَسَوْتُهَا) إيَّاهُمَا (وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ) بَيْنَهُمَا أَيْ عَدَمِهِ أَيْ لَا يَكْسُوهَا الثَّوْبَيْنِ مَعًا (وَاسْتُشْكِلَ) حِنْثُهُ بِكِسْوَتِهِ أَحَدَهُمَا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنِيَّتِهِ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلَى مِنْ الْمَيِّتِ الْمَحْلُوفِ لَهُ أَيْ فَيَتَمَحَّضُ الْحَقُّ لِلْغَرِيمِ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُ وَتَأْخِيرُهُ. (قَوْلُهُ: فِي حَلِفِهِ لَأَطَأَنَّهَا) أَيْ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِاللَّيْلَةِ مَثَلًا أَوْ أَطْلَقَ، وَقَوْلُهُ فَوَطِئَهَا حَائِضًا أَيْ فَوَطِئَهَا وَطْئًا حَرَامًا مِثْلَ أَنْ تَكُونَ حَائِضًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا إلَخْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ نَقْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْهُ وَالثَّانِي سَمَاعُ عِيسَى عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا وَاسْتَمَرَّ الْحَيْضُ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ حَنِثَ قَطْعًا فَالْحِنْثُ إذَا قَيَّدَ، وَأَمَّا إذَا أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَطَأُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ، وَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَدَّمَهُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا تَقَدَّمَ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ الْمَانِعِ وَفَاتَ، وَهُنَا تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا فَعَلَهُ مَعَ الْمَانِعِ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَنِثَ إنْ لَمْ يَطَأْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ، وَأَمَّا إنْ وَطِئَ فَقَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: لَتَأْكُلِنَّهَا) أَصْلُهُ لَتَأْكُلِينَنْهُ حُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ لِتَوَالِي الْأَمْثَالِ ثُمَّ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ (قَوْلُهُ: فَخَطِفَتْهَا) بِكَسْرِ الطَّاءِ كَمَا هُوَ الْأَجْوَدُ قَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10] ، وَفِيهِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ كَضَرَبَ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) أَيْ بِالْحِنْثِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَدَمِهِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَصَحَّحَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَوَّلَ لِجَرَيَانِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ حَمْلِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمَقَاصِدِ، وَالثَّانِي جَارٍ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ، كَذَا فِي ح (قَوْلُهُ: مَعَ التَّوَانِي) أَيْ مَعَ تَوَانِي الْمَرْأَةِ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ حَتَّى خَطِفَتْهَا الْهِرَّةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَمِينِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْهِرَّةِ الْبِضْعَةَ قَدْرُ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ وَتَحُوزُهَا دُونَهَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ فَهُوَ عَدَمُ التَّوَانِي هَذَا هُوَ الَّذِي فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ كَمَا فِي نَقْلِ ح وَغَيْرِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا فَسَّرَهُ بِهِ خش مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَمِينِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْهِرَّةِ الْبِضْعَةَ مَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ، وَعَدَمُ التَّوَانِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَأَخْذِ الْهِرَّةِ قَدْرُ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ قَائِلًا كَمَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ مَعَ أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ الْمُتَقَدِّمَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَتَوَانَ لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا) أَيْ، وَلَوْ لَمْ تَشُقَّ جَوْفَ الْهِرَّةِ وَتُخْرِجَهَا (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْقَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَوَافَقَهُ عَلَى الْحِنْثِ مَالِكٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ سَحْنُونٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ لِمَا هُوَ الصَّوَابُ مِنْ رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي مَسْأَلَةَ الْهِرَّةِ لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّوَانِي هُنَا التَّوَانِي بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ مَعَ عَدَمِ التَّوَانِي بِالتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ عَدَمُ الْحِنْثِ حِينَئِذٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا اعْتَرَضَ بِذَلِكَ الشَّارِحُ وح عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ هُنَا التَّوَانِي فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ تَتَوَانَ الْبِضْعَةُ فِي جَوْفِ الْهِرَّةِ حَتَّى تَحَلَّلَ بَعْضُهَا، وَإِلَّا حَنِثَ عِنْدَهُ أَيْضًا كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ وح. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةُ إنْ لَمْ تَتَوَانَ الْمَرْأَةُ فِي أَخْذِهَا لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا، وَلَوْ تَوَانَتْ فِي شَقِّ جَوْفِهَا أَوْ تَرَكَتْهُ مِنْ غَيْرِ شَقٍّ، وَإِنْ تَوَانَتْ فِي أَخْذِهَا وَتَوَانَتْ فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ حَنِثَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَوَانَتْ فِي أَخْذِهَا لَكِنْ لَمْ تَتَوَانَ فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ فَقَوْلَانِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَوَانَى رَاجِعًا لِلْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْفَسَادِ خِلَافًا لخش وعبق لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ ثُمَّ أَكَلَهُ قَوْلَانِ فَحَكَى الْقَوْلَيْنِ مَعَ التَّوَانِي لَا مَعَ عَدَمِ التَّوَانِي. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِكِسْوَتِهَا أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَأَوْلَى فِي الْحِنْثِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: أَيْ عَدَمُهُ) أَيْ وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي الْكِسْوَةِ لَا فِي الزَّمَانِ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَكْسُوهَا بِهِمَا مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ زَمَنَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنِيَّتِهِ) ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّ كِسْوَتَهَا أَحَدَهُمَا مُخَالِفٌ لِنِيَّتِهِ، وَفِيهِ أَنَّ نِيَّتَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ فِي كِسْوَتِهَا، وَإِذَا كَسَاهَا أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ فِي كِسْوَتِهَا، فَأَيْنَ الْمُخَالَفَةُ؟ ،. فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِنِيَّتِهِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ اسْتَشْكَلَ عَدَمُ

[فصل في النذر وأحكامه]

(فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ، وَأَحْكَامِهِ (النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ) فَلَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ لَكِنْ يُنْدَبُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ (كُلِّفَ) لَا صَبِيٍّ وَنُدِبَ الْوَفَاءُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَمَجْنُونٍ، وَشَمَلَ الْمُكَلَّفُ الرَّقِيقَ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ، وَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إبْطَالُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ النَّذْرِ، وَشَمَلَ السَّفِيهَ فَيَلْزَمُهُ غَيْرُ الْمَالِ (وَلَوْ) كَانَ النَّاذِرُ (غَضْبَانَ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَأَنْ يَقُولَ حَالَ غَضَبِهِ إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ فَعَلَيَّ كَذَا، وَمِنْهُ نَذْرُ اللَّجَاجِ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ وَمُعَاقَبَتَهَا نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَيَلْزَمُهُ النَّذْرُ، وَهَذَا مِنْ أَقْسَامِ الْيَمِينِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ يَرَى أَنَّهُ مِنْ النَّذْرِ (وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) أَنْ لَا أَفْعَلَ أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (أَرَى خَيْرًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَنْذُورِ (بِخِلَافٍ) عَلَيَّ كَذَا (إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ) مِنْ حِلٍّ أَوْ عَقْدٍ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَإِنْ مَاتَ إنْ شَاءَ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى النَّاذِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبُولِ نِيَّتِهِ بِأَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِلَفْظِهِ، وَالنِّيَّةُ الْمُسَاوِيَةُ لِلَفْظٍ تُقْبَلُ مُطْلَقًا فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ، وَلَوْ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ مَعَ الْمُرَافَعَةِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ مُسَاوَاةَ نِيَّتِهِ لِلَفْظِهِ بَلْ نِيَّتُهُ مُخَالِفَةٌ لِلَفْظِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا كِسْوَتُهَا إيَّاهُمَا كَمَا يُحْتَمَلُ لَا كِسْوَتُهَا إيَّاهُمَا جَمِيعًا يُحْتَمَلُ لَا كَسَوْتهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَتْ النِّيَّةُ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَالنِّيَّةُ إذَا كَانَتْ تُقْبَلُ عِنْدَ الْمُفْتِي مُطْلَقًا كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي مَعَ الْمُرَافَعَةِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ، وَالْحِنْثُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَرُفِعَ لِلْقَاضِي، وَأَمَّا لَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قُبِلَتْ نِيَّتُهُ اتِّفَاقًا. [فَصْلٌ فِي النَّذْرِ وَأَحْكَامِهِ] (فَصْلٌ فِي النَّذْرِ) أَيْ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَسَتَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ وَالشَّيْءُ الْمُلْتَزَمُ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ وَالشَّخْصُ الْمُلْتَزِمُ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ الْمُكَلَّفُ الرَّقِيقَ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَهُ مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَعْجِيلِ الْوَفَاءِ بِهِ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ أَيْ بِأَنْ كَانَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى غَيْرِ الْمَالِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ إنْ كَانَ مَالًا أَوْ كَانَ غَيْرَهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ كَانَ أَظْهَرُ. وَحَاصِلُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الرَّقِيقَ إذَا نَذَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَسَدِهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالسَّيِّدِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ تَعْجِيلِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ تَعْجِيلِهِ، وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ نَذَرَ مَالًا كَانَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ فِي حَالِ الرِّقِّ فَإِنْ عَتَقَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَهُ فَإِنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ، وَأَبْطَلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ مِنْهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إبْطَالُهُ أَيْ فَإِنْ أَبْطَلَهُ بَطَلَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ وَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى مَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ النَّذْرِ) أَيْ كَالدَّيْنِ فَإِنَّ لِلسَّيِّدِ إبْطَالَهُ. (قَوْلُهُ: وَشَمَلَ السَّفِيهَ) أَيْ وَشَمَلَ أَيْضًا الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْوَفَاءُ بِمَا نَذْرَاهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَالٍ أَوْ مَالًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ لَزِمَهَا، وَكَانَ لِلْوَارِثِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَذْرَ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ لَازِمٌ لَهُمَا مَا لَمْ يُرِدْ الزَّوْجُ وَالْوَارِثُ وَرَدُّهُمَا إبْطَالٌ وَالْعَبْدُ يَلْزَمُهُ مَا نَذَرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالسَّفِيهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا نَذَرَهُ إذَا كَانَ مَالًا وَلِوَلِيِّهِ رَدُّهُ، وَلَهُ هُوَ أَيْضًا رَدُّهُ بَعْدَ رُشْدِهِ. (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ غَيْرُ الْمَالِ) أَيْ، وَأَمَّا مَا نَذَرَهُ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ، وَلَوْ غَضْبَانَ) مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ لَازِمٌ وَلَوْ غَضْبَانَ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ نَذْرُ اللَّجَاجِ) أَيْ وَمِنْ نَذْرِ الْغَضْبَانِ نَذْرُ اللَّجَاجِ فَيَكُونُ لَازِمًا وَنَذْرُ اللَّجَاجِ مَا يَحْصُلُ لِأَجْلِ قَطْعِ لِجَاجِ نَفْسِهِ فَأَرَادَ بِالْغَضَبِ أَوَّلًا غَيْرَ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَضْبَانَ مَا كَانَ نَذْرُهُ مِنْ أَجْلِ غَضَبِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَاللِّجَاجُ مَا كَانَ مِنْ نَفْسِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ح مَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الْمَنْدُوبَ لَازِمٌ بِخِلَافِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ فَلَا يَلْزَمُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا لَهُمْ فِي الطَّلَاقِ إنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ لَا يَنْفَعُ وَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ كَانَ شَرْطًا نَحْوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ كَانَ اسْتِثْنَاءً نَحْوَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ بِمَشِيئَةِ الْغَيْرِ نَافِعٌ لِتَوَقُّفِ لُزُومِهِ عَلَى مَشِيئَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ سَوَاءٌ كَانَ شَرْطًا نَحْوَ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ كَانَ اسْتِثْنَاءً نَحْوَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ، وَأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ بِمَشِيئَتِهِ هُوَ غَيْرُ نَافِعٍ إنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً نَحْوَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا أَوْ مُطْلَقًا وَجُعِلَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا لِلْمُعَلَّقِ أَوْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُعَلِّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَمَّا إنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ كَمَا يَنْفَعُهُ إنْ كَانَ شَرْطًا نَحْوَ إنْ شِئْت فَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى مَشِيئَتِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ ح فِي الطَّلَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إلَخْ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ

(وَإِنَّمَا) (يَلْزَمُ بِهِ) أَيْ بِالنَّذْرِ (مَا نُدِبَ) أَيْ طُلِبَ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَالرَّغِيبَةَ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَهُ (كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ) بِدُونِ لِلَّهِ (ضَحِيَّةٌ) أَوْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ أَوْ الضُّحَى أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ مَشْيٌ لِمَكَّةَ، وَلَوْ لَمْ يَلْفِظْ بِالنَّذْرِ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى وَاجِبٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ مَنْدُوبٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ مُبَاحٍ أَوْ غَيْرُهَا نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ صَلَّيْت الظُّهْرَ فِي وَقْتِهِ أَوْ إنْ شَرِبْت خَمْرًا أَوْ إنْ صَلَّيْت الضُّحَى أَوْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ فَرْضِ الْعَصْرِ أَوْ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدِرْهَمٍ أَوْ لَأَزُورَنَّ وَلِيًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَيَلْزَمُهُ إنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ مَا نُدِبَ أَنَّ نَذْرَ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ لَا يَلْزَمُ، وَكَذَا الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بِنَفْسِهِ وَنَذْرُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ، وَكَذَا الْمَكْرُوهُ وَالْمُبَاحُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ مِثْلُهُمَا. (وَنُدِبَ) النَّذْرُ (الْمُطْلَقُ) وَهُوَ مَا لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ عَلَى شَيْءٍ، وَلَا مُكَرَّرٍ، وَهُوَ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى نِعْمَةٍ وَقَعَتْ كَمَنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضَهُ أَوْ رُزِقَ وَلَدًا أَوْ زَوْجَةً فَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ وَكَذَا مَا لَيْسَ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ حَصَلَ (وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ) كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ أَيْ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً لِثِقَلِهِ عِنْدَ فِعْلِهِ فَيَكُونُ إلَى عَدَمِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ وَلِخَوْفِ تَفْرِيطِهِ فِي وَفَائِهِ (وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ) كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ إنْ رَزَقَنِي كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَتَى بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ لَا الْقُرْبَةِ الْمَحْضَةِ (تَرَدُّدٌ) وَهُوَ لَازِمٌ بَعْدَ الْوُقُوعِ كَالْمُكَرَّرِ، وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ عَلَّقَهُ بِمَحْبُوبٍ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ كُرِهَ اتِّفَاقًا كَذَا ذَكَرُوا لَكِنْ مَا كَانَ فِعْلًا لَهُ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا، وَمُبَاحًا وَمَكْرُوهًا، وَمُحَرَّمًا وَالظَّاهِرُ النَّدْبُ فِي الْأَوَّلِ وَالْحُرْمَةُ فِي الْأَخِيرِ (وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ) ، وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَالتَّاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ لَا التَّأْنِيبِ (بِنَذْرِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّفْصِيلِ الْعِتْقُ، وَلَمْ أَرَ نَصًّا مُصَرِّحًا بِذَلِكَ فِي بَابِ النَّذْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَمِيعَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ يَجْرِي هُنَا فِي النَّذْرِ خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ عبق مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَالْمَسْأَلَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَابَيْنِ عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ) أَيْ بِالنَّذْرِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مَا نَدَبَ ابْنُ عَاشِرٍ يَعْنِي مِمَّا لَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ إلَّا قُرْبَةً، وَأَمَّا مَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ تَارَةً قُرْبَةً وَتَارَةً غَيْرَهَا فَلَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا كَالنِّكَاحِ وَالْهِبَةِ. اهـ. بْن وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْمَنْدُوبِ بِالنَّذْرِ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَطْلَقَ فِي نَذْرِهِ أَوْ عَلَّقَ فِيهِ عَلَى وَاجِبٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ مَنْدُوبٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ مُبَاحٍ كَقَوْلِهِ إنْ صَلَّيْت الظُّهْرَ مَثَلًا أَوْ إنْ شَرِبْت الْخَمْرَ أَوْ إنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ أَوْ إنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ إنْ مَشَيْت إلَى مَحَلِّ كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ بِدِينَارٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ فَلَا يَلْزَمُهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَا نُدِبَ أَيْ فِي الْمُعَلِّقِ لَا فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَالْعِبْرَةُ بِالْمُسَبَّبِ لَا بِالسَّبَبِ، وَلَا تَفْهَمُ مِنْ لُزُومِ الْمَنْذُورِ أَنَّهُ يَقْضِي بِهِ إذْ لَا يَقْضِي بِهِ، وَلَوْ لِمُعَيَّنٍ وَلَوْ عِتْقًا بَلْ يَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ تَنْفِيذُ الْمَنْذُورِ مِنْ نَفْسِهِ، وَمَا، وَقَعَ فِي الْتِزَامَاتِ ح مِنْ الْقَضَاءِ بِالْمَنْذُورِ إذَا كَانَ لِمُعَيَّنٍ دُونَ غَيْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ) أَتَى بِكَافٍ التَّمْثِيلِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ الصِّيغَةِ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ كَذَا فَيَلْزَمُ بِكُلِّ لَفْظٍ فِيهِ إلْزَامٌ مِثْلُ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ قَدِمَ غَائِبِي أَوْ نَجَوْت مِنْ أَمْرِ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أَصُومُ يَوْمَيْنِ أَوْ أُصَلِّي كَذَا أَوْ أَتَصَدَّقُ بِكَذَا قَالَهُ طفى قَالَ وَنَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْقَاصِرِينَ تَوَهَّمَ أَنَّ النَّذْرَ لَا يَكُونُ إلَّا بِقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ كَذَا اغْتِرَارٌ مِنْهُ بِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ) إنْ قُلْت جَعْلُهُ الضَّحِيَّةَ هُنَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالذَّبْحِ قُلْت كَلَامُهُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ أَنَّهَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَتَتَعَيَّنُ بِهِ، وَمَا تَقَدَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِالذَّبْحِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ أَيْ غَيْرُ الضَّحِيَّةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَفِي بْن الْحَقُّ أَنَّ الضَّحِيَّةَ تَجِبُ بِالنَّذْرِ فِي الشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّ مَعْنَى وُجُوبِهَا بِالنَّذْرِ فِي الْمُعَيَّنَةِ مَنْعُ الْبَيْعِ وَالْبَدَلُ فِيهَا بَعْدَهُ لَا إنَّ الْوُجُوبَ بِاعْتِبَارِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ بَعْدَ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِيهَا وَقَوْلُهُمْ إنَّهَا لَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ الْمَنْفِيِّ وُجُوبَ تَعْيِينٍ يُؤَدِّي إلَى إلْغَاءِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَكْرُوهُ وَالْمُبَاحُ) أَيْ نَذْرُهُمَا حَرَامٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عَظَّمَ مَا لَمْ يُعَظِّمْهُ الشَّرْعُ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مِثْلُهُمَا) أَيْ نَذَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ نَفْسِهِ فَنَذْرُ الْمَكْرُوهِ مَكْرُوهٌ وَنَذْرُ الْمُبَاحِ مُبَاحٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُقَدِّمَاتِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ الْقُدُومُ عَلَى نَذْرِ الْوَاجِبِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْمُطْلَقُ) أَيْ نُدِبَ الْقُدُومُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا لِمَا فِي عبق تَبَعًا لح مِنْ إبَاحَةِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا لَيْسَ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ حَصَلَ) أَيْ فَالْقُدُومُ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي كُرْهِ الْمُعَلِّقِ) أَيْ فِي كُرْهِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ، وَإِبَاحَتِهِ تَرَدُّدٌ الْكَرَاهَةُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ كَمَا مَثَّلْنَا) أَيْ بِإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ نَجَوْت مِنْ الْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِهِ بِأَنْ يَقُولُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا، وَقَوْلُهُ كُرِهَ اتِّفَاقًا أَيْ فَيُوَافِقُ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا) بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ بَدَنَةٌ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ إنْ نَجَوْت مِنْ كَذَا فَعَلَيَّ بَدَنَةٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّذْرِ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّقًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيُ بَدَنَةٍ فِي الْمُطْلَقِ بِمُجَرَّدِ نَذْرِهَا، وَفِي الْمُعَلَّقِ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَكَلَامُ

وَذَكَرَ الْبَدَنَةَ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهَا (فَبَقَرَةٌ) تَلْزَمُهُ بَدَلُهَا (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ لِعَدَمِ وُجُودِهَا أَوْ لِعَدَمِ ثَمَنِهَا لَزِمَهُ (سَبْعُ شِيَاهٍ) كُلُّ شَاةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ (لَا غَيْرُ) الشِّيَاهِ فَلَا يُجْزِئُ إطْعَامٌ أَوْ صِيَامٌ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا بَلْ يَصْبِرُ لِوُجُودِ الْأَصْلِ أَوْ بَدَلِهِ أَوْ بَدَلِ بَدَلِهِ، وَيُحْتَمَلُ لَا غَيْرَ السَّبْعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ (وَ) لَزِمَ (صِيَامٌ) نَذْرَهُ (بِثَغْرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مَوْضِعُ مَخَافَةِ الْعَدُوِّ مِنْ فُرُوجِ الْبُلْدَانِ كِدِمْيَاطَ وَإِسْكَنْدَرِيَّة، وَمِثْلُ الصَّوْمِ الصَّلَاةُ وَأَوْلَى الرِّبَاطُ (وَ) لَزِمَ النَّاذِرَ (ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ مَالِهِ الْمَوْجُودِ (حِينَ يَمِينِهِ) لَا مَا زَادَ بَعْدَهُ (إلَّا أَنْ يُنْقِصَ) يَوْمَ الْحِنْثِ عَنْ يَوْمَ الْيَمِينِ (فَمَا بَقِيَ) أَيْ يَلْزَمُهُ ثُلُثُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ كَانَ النَّقْصُ قَبْلَ الْحِنْثِ أَوْ بَعْدَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْسِبَ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ، وَلَوْ مُؤَجَّلًا كَمَهْرِ زَوْجَتِهِ (بِمَالِي) أَيْ يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ بِقَوْلِهِ مَالِي (فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ) وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَالِي لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ الْمُجَاوِرِينَ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ هَدِيَّةٌ لَهُمْ أَوْ هَدْيٌ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ وَحَنِثَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ مَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ وَحَصَلَ فِيهِ نَقْصٌ فَيَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِتَلَفٍ، وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ، وَإِنْ كَانَ بِاتِّفَاقٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ مَا أَنْفَقَهُ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلْيَمِينِ وَغَيْرِهِ (وَ) سَبِيلُ اللَّهِ (هُوَ الْجِهَادُ وَالرِّبَاطُ بِمَحَلٍّ خِيفَ) مِنْهُ الْعَدُوُّ (وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثُّلُثِ الَّذِي لَزِمَهُ بِقَوْلِهِ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ (مِنْ غَيْرِهِ) مِنْ بَاقِي مَالِهِ لَا مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ فِيمَنْ نَذَرَ بِلَفْظِ الْبَدَنَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ بِلَفْظِ الْهَدْيِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَوْ إنْ نَجَوْت مِنْ كَذَا فَعَلَيَّ هَدْيٌ فَإِنْ نَوَى نَوْعًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الْبَدَنَةُ. اهـ. وَانْظُرْ مَنْ نَذَرَ بَقَرَةً، وَعَجَزَ عَنْهَا هَلْ يَلْزَمُهُ سَبْعُ شِيَاهٍ كَمَا هُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يُجْزِئُهُ دُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ الَّتِي تَقُومُ مَقَامَهَا الشِّيَاهُ السَّبْعُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ عِوَضًا عَنْ الْبَدَنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ النَّذْرُ بِالْبَقَرَةِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْبَدَنَةَ) أَيْ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهَا كَالشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ كَذَلِكَ تَلْزَمُ بِنَذْرِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ إطْعَامٌ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا عَجَزَ عَنْ السَّبْعِ شِيَاهٍ، وَمَا قَبْلَهَا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَقِيلَ شَهْرَيْنِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَصْبِرُ لِوُجُودِ الْأَصْلِ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَى دُونِ السَّبْعَةِ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَالْمَوَّاقِ بَلْ يَصْبِرُ لِوُجُودِ الْأَصْلِ أَوْ بَدَلِهِ أَوْ بَدَلِ بَدَلِهِ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ مَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ ثُمَّ يُكْمِلُ مَا بَقِيَ عِنْدَ الْيُسْرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كُلَّهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَعَلَى هَذَا الثَّانِي فَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَاقِي الشِّيَاهِ وَالْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ أَوْ وَجَدَهَا كُلَّهَا فَهَلْ يُكْمِلُ عَلَى الشِّيَاهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَرْجِعُ لِلْأَصْلِ، وَهُوَ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ. اهـ. عج (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ) أَيْ مِنْ الشِّيَاهِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَلَى الْبَقَرَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ السَّبْعِ (قَوْلُهُ وَصِيَامٌ بِثَغْرٍ) أَيْ مَنْ نَذَرَ صَوْمًا بِثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ كَمَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِدِمْيَاطَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ، وَإِنْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ عِبَادَةِ الرِّبَاطِ، وَيَأْتِي إلَيْهِ رَاكِبًا، وَمَفْهُومُ الثَّغْرِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ بِمَوْضِعٍ غَيْرَ ثَغْرٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَيَصُومُ فِي مَكَانِهِ إذْ لَا قُرْبَةَ فِي صَوْمِهِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ، وَمِثْلُ الصَّوْمِ الصَّلَاةُ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ إتْيَانُ الثَّغْرِ لِفِعْلِهَا، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَذَرَ صَلَاةً يُمْكِنُ مَعَهَا الْحِرَاسَةُ كَمَا إذَا نَذَرَ الْإِتْيَانَ لِلثَّغْرِ لِصَلَاةِ قِيَامِ رَمَضَانَ مُدَّتَهُ، وَأَمَّا إذَا نَذَرَ إتْيَانَ الثَّغْرِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَعُودُ مِنْ فَوْرِهِ فَلْيُصَلِّ بِمَوْضِعِهِ، وَلَا يَأْتِيهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ اُنْظُرْ طفى، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ كَلَامُ خش وتت (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى الرِّبَاطُ) أَيْ وَأَوْلَى فِي لُزُومِ الْإِتْيَانِ لِلثَّغْرِ مَنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لِلثَّغْرِ مَنْ نَذَرَ رِبَاطًا فِيهِ (قَوْلُهُ ثُلُثُ مَالِهِ الْمَوْجُودِ حِينَ يَمِينِهِ) أَيْ مِنْ عَيْنٍ وَعَدَدِ دِينٍ حَالٍّ، وَقِيمَةِ مُؤَجَّلٍ مَرْجُوَّيْنِ، وَقِيمَةِ عَرَضٍ وَقِيمَةِ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ (قَوْلُهُ لَا مَا زَادَ بَعْدَهُ) أَيْ بِهِبَةٍ أَوْ نَمَاءٍ أَوْ وِلَادَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُنْقِصَ يَوْمَ الْحِنْثِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ بِإِنْفَاقٍ أَوْ بِتَلَفٍ بِتَفْرِيطٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْسِبَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَقِيَ (قَوْلُهُ: بِمَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ، وَفِي جَوَازِ الصَّدَقَةِ بِكُلِّ الْمَالِ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ وَرِوَايَةُ مُحَمَّدٍ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَنْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مَا يَكْفِيهِ رُدَّتْ صَدَقَتُهُ اهـ ثُمَّ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ الثَّانِي فَانْظُرْهُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُبْقِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِإِنْفَاقٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ مَا أَنْفَقَهُ أَيْضًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا أَنْفَقَهُ فِي النَّذْرِ دُونَ الْيَمِينِ أَصْلُهُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ عج قَالَ طفى، وَلَمْ أَرَ هَذَا التَّفْرِيقَ لِغَيْرِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا أَنْفَقَهُ لَا فِي النَّذْرِ، وَلَا فِي الْيَمِينِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَسَبِيلُ اللَّهِ) أَيْ الَّذِي يُدْفَعُ لَهُ ثُلُثُ مَالِ الْحَالِفِ أَوْ النَّاذِرِ الْمُتَقَدِّمِ هُوَ الْجِهَادُ وَقَوْلُهُ بِمَحَلٍّ خِيفَ إلَخْ هَذَا تَحْقِيقٌ لِلرِّبَاطِ لَا إنَّهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُعْطَى مِنْهُ مُقْعَدٌ وَلَا أَعْمَى، وَلَا امْرَأَةٌ، وَلَا صَبِيٌّ، وَلَا قَاتِلٌ، وَلَا مَرِيضٌ مَيْئُوسٌ مِنْهُ، وَلَا مَفْلُوجٌ، وَلَا شَبَهُهُ، وَلَا أَقْطَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدِ الْيُسْرَى اهـ وَالظَّاهِرُ أَوْلَوِيَّةُ الْيَمِينِ. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَحَلٍّ خِيفَ مِنْهُ الْعَدُوُّ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِقَامَةَ بِمَحِلٍّ يُخَافُ فِيهِ مِنْ الْعَدُوِّ رِبَاطٌ

فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ اتِّفَاقًا (إلَّا لِمُتَصَدِّقٍ بِهِ) أَيْ بِمَالِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ مَالِي (عَلَى مُعَيَّنٍ) بِالشَّخْصِ كَزَيْدٍ أَوْ بِالْوَصْفِ كَبَنِي زَيْدٍ (فَالْجَمِيعُ) حِينَ الْيَمِينِ لِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ، وَمَا سَمَّى، وَإِنْ مُعَيَّنًا، وَيَتْرُكُ لَهُ مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ (وَكَرَّرَ) نَاذِرُ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ الْحَالِفِ بِذَلِكَ إخْرَاجُ الثُّلُثِ لِكُلِّ يَمِينٍ فَيُخْرِجُ الثُّلُثَ لِلْيَمِينِ الْأُولَى ثُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي وَهَكَذَا (إنْ أَخْرَجَ) الثُّلُثَ الْأَوَّلَ لِلْيَمِينِ الْأُولَى بَعْدَ لُزُومِهِ، وَقَبْلَ إنْشَاءِ الثَّانِيَةِ، وَشَمَلَ اللُّزُومُ النَّذْرَ وَالْيَمِينَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ بِاللَّفْظِ وَالْيَمِينِ بِالْحِنْثِ فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ الْأَوَّلُ حَتَّى أَنْشَأَ الثَّانِي نَذْرًا أَوْ يَمِينًا وَتَحْتَ الْيَمِينِ صُورَتَانِ مَا إذَا أَنْشَأَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ فِي الْأُولَى أَوْ بَعْدَهُ (فَقَوْلَانِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِالتَّكْرَارِ، وَعَدَمِهِ بِأَنْ يَكْفِيَ ثُلُثٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ (وَ) لَزِمَ (مَا سَمَّى) مِنْ مَالِهِ إذَا كَانَ شَائِعًا كَسُدُسِهِ أَوْ تِسْعَةِ أَعْشَارِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُسَمَّى (مُعَيَّنًا) أَتَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَالِهِ كَعَبْدِي وَدَارِي وَفَرَسِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ (وَ) لَزِمَ (بَعْثُ فَرَسٍ وَسِلَاحٍ) نَذَرَهُمَا أَوْ حَلَفَ بِهِمَا وَحَنِثَ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ الْجِهَادِ (إنْ وَصَلَ) إنْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ (وَإِنْ لَمْ يَصِلْ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ (بِيعَ، وَعُوِّضَ) بِثَمَنِهِ مِثْلِهِ مِنْ خَيْلِ أَوْ سِلَاحٍ فَإِنْ جَعَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَيْسَ بِفَرَسٍ وَسِلَاحٍ كَعَبْدِي أَوْ ثَوْبِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِيعَ وَدُفِعَ ثَمَنُهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ (كَهَدْيٍ) نَذَرَهُ فَإِنَّهُ يَبْعَثُهُ لِمَحَلِّهِ مَكَّةَ أَوْ مِنًى إنْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ وَإِلَّا بِيعَ، وَعُوِّضَ بِثَمَنِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَلَزِمَهُ بَعْثُهُ (، وَلَوْ مَعِيبًا) إنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَعَلَيَّ نَذْرُ هَذِهِ الْبَدَنَةِ وَهِيَ عَوْرَاءُ مَثَلًا مِمَّا لَا يُهْدِي؛ لِأَنَّ السَّلَامَةَ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي الْوَاجِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ بِالْأَهْلِ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ، وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ بِرِبَاطٍ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الثُّلُثِ فِي إيصَالٍ لِلْمُجَاهِدِينَ وَالْمُرَابِطِينَ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِمَالِهِ الْمُتَقَدِّمِ) فِي قَوْلِهِ مَالِي فَإِذَا قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ لِزَيْدٍ أَوْ لِبَنِي فُلَانٍ لَزِمَهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَالِهِ لِزَيْدٍ لَا ثُلُثِهِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ إلَّا لَتَصَدَّقَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ مُعَيَّنٌ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْمَالِ لَا ثُلُثُهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَنَاذِرُ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ إلَخْ) كَالْقَائِلِ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَيْ بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ ثُلُثِهِ كَالْقَائِلِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي كُلُّهُ أَوْ ثُلُثُهُ صَدَقَةٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ لِلْيَمِينِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) الْأَوَّلُ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ الثَّانِي أَيْضًا عَنْ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ ابْنِ كِنَانَةَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ مَا سَمَّى) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ ثُلُثِهِ. وَأَمَّا إذَا سَمَّى شَيْئًا بِأَنْ قَالَ سُدُسُ مَالِي صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ صَدَقَةً لِلْفُقَرَاءِ أَوْ عَبِيدِي أَوْ دَارِي أَوْ فَرَسِي صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ مَا سَمَّاهُ أَوْ عَيَّنَهُ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الَّذِي سَمَّاهُ جَمِيعَ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَمَّى مُعَيَّنًا، وَأَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثُلُثُ مَالِهِ وَلِمَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا لَا يُجْحِفُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُعَيَّنًا) الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ فِي كَلَامِهِ مَا قَابَلَ الشَّائِعَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَمَا سَمَّى يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ الْجَزَاءُ الشَّائِعُ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثُ وَالْعَدَدُ الْمُعَيَّنُ كَمِائَةٍ أَوْ أَلْفٍ، وَمَا عُيِّنَ بِالذَّاتِ كَالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَا عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ فَلِذَا بَالَغَ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ مُعَيَّنًا أَيْ لَزِمَهُ مَا سَمَّاهُ هَذَا إذَا كَانَ شَائِعًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا هَذَا إذَا لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ بَلْ، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: نَذَرَهُمَا) بِأَنْ قَالَ فَرَسِي أَوْ سَيْفِي أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نَذَرَ لِلَّهِ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ بِهِمَا وَحَنِثَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَفَرَسِي أَوْ سَيْفِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ كَلَّمَهُ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُبَلِّغْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ (قَوْلُهُ بِيعَ) أَيْ هُنَا، وَأَرْسَلَ ثَمَنَهُ لِمَحَلِّ الْجِهَادِ يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مِثْلَهُ هُنَاكَ، وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْفَرَسِ سِلَاحًا وَلَا عَكْسُهُ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُ مَا بِيعَ شِرَاءَ مِثْلِهِ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ أَقْرَبَ شَيْءٍ لِلْمَبِيعِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ دَفَعَ ثَمَنَهُ لِلْغَازِي، وَلَا يَجْعَلُ فِي شِقْصِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: كَهَدْيٍ نَذَرَهُ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْإِرْسَالِ فَإِذَا قَالَ هَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ الْإِهْدَاءُ بِهَذِهِ الْبَقَرَةِ أَوْ الْخَرُوفِ أَوْ الْبَعِيرِ، وَكَذَا إذَا حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْإِهْدَاءُ بِهَذَا الْخَرُوفِ أَوْ بِهَذِهِ الْبَقَرَةِ أَوْ فَعَلَيَّ بَدَنَةٌ أَوْ خَرُوفٌ هَدْيًا ثُمَّ كَلَّمَهُ، وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ أَوْ مِنًى، وَلَا يَجُوزُ إرْسَالُ قِيمَتِهِ إنْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ (قَوْلُهُ، وَلَزِمَهُ بَعْثُهُ، وَلَوْ مَعِيبًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَلِيمًا بَلْ، وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُهُ هُنَا، وَيُرْسِلُ ثَمَنَهُ يَشْتَرِي بِهِ هُنَاكَ سَالِمًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْمُعَيَّنِ أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَمَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ مَعِيبٌ أَوْ بَدَنَةٌ عَوْرَاءُ وَلَمْ يُعِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاءُ هَدْيٍ سَالِمٍ بِاتِّفَاقِهِمَا كَذَا فِي عبق وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التُّونِسِيِّ الْأَشْبَهُ فِي الْمَعِيبِ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ نَذَرَ هَدْيَ مَا لَا يَصِحُّ هَدْيًا كَمَنْ نَذَرَ صَلَاةً فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ، وَمَا ذَكَرَهُ أَشْهَبُ مِنْ لُزُومِ إرْسَالِ الْهَدْيِ الْمَعِيبِ الْمُعَيَّنِ إذَا كَانَ يُمْكِنُ وُصُولُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ وَجَبَ إبْدَالُهُ بِالسَّلِيمِ بِأَنْ

الْمُطْلَقِ (عَلَى الْأَصَحِّ) . وَمُقَابِلُهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ سَلِيمٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَعَلَيَّ بَدَنَةٌ عَوْرَاءُ فَيَلْزَمُهُ سَلِيمٌ اتِّفَاقًا. (وَ) جَازَ (لَهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْهَدْيِ (إذَا بِيعَ) لِتَعَذُّرِ إرْسَالِهِ (الْإِبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ) دُونَ الْأَدْنَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ بَقَرًا أَوْ إبِلًا بَدَلُ غَنَمٍ (وَإِنْ كَانَ) الْمَنْذُورُ هَدِيَّةً مِمَّا لَا يُهْدَى (كَثَوْبٍ) وَعَبْدٍ (بِيعَ) وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ هَدْيٌ (وَكُرِهَ بَعْثُهُ) لِمَا فِيهِ إيهَامُ تَغْيِيرِ سُنَّةِ الْهَدْيِ (وَأُهْدِيَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ رَبَّ الثَّوْبِ وَغَيْرَهُ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ بِيعَ وَأُهْدِيَ بِهِ، وَكُرِهَ بَعْثُهُ أَيْ فَإِنْ بَعَثَهُ بِيعَ وَأُهْدِيَ بِهِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا لَا يُهْدَى يُبَاعُ، وَيُبْعَثُ ثَمَنُهُ لَيُشْتَرَى بِهِ هَدْيٌ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُنَا، وَهُوَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَيْعِ وَظَاهِرُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَمَوْضِعٌ آخَرُ مِنْ النُّذُورِ جَوَازُ تَقْوِيمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِخْرَاجُ قِيمَتِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ، وَإِلَى كَوْنِ مَا فِي حَجِّهَا مَعَ الْعُتْبِيَّةِ، وَمَا فِيهَا هُنَا مُتَخَالَفِينَ أَوْ مُتَوَافِقِينَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ اُخْتُلِفَ) قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِمَا أَيْ هَلْ حَمَلَ مَا فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ، وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ، وَفِي أَيِّ شَيْءٍ اُخْتُلِفَ فَقَالَ (هَلْ يُقَوِّمُهُ) عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ (أَوْ لَا) يُقَوِّمُهُ بَلْ يَبِيعُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ هُنَا (أَوْ لَا) اخْتِلَافَ بَلْ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ بِأَنْ يَبِيعَهُ (نَدْبًا) لَا وُجُوبًا، وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ الْجَوَازِ لَا يُنَافِي النَّدْبَ. (أَوْ) التَّقْوِيمُ الْوَاقِعُ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَحَلُّهُ (إذَا كَانَ بِيَمِينٍ) حَنِثَ فِيهَا إذْ الْحَالِفُ لَا يَقْصِدُ قُرْبَةً وَالْبَيْعُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا إذَا الْتَزَمَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَهُوَ قَاصِدُ الْقُرْبَةِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثٌ وَاحِدٌ بِالِاخْتِلَافِ وَاثْنَانِ بِالْوِفَاقِ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَفِيهَا أَيْضًا مَعَ الْعُتْبِيَّةِ لَهُ تَقْوِيمُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ لَا فَيُبَاعُ نَدْبًا أَوْ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْيَمِينِ تَأْوِيلَاتٌ لَكَانَ أَوْضَحُ (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ قَصُرَ ثَمَنُ الْهَدْيِ الَّذِي لَا يَصِلُ أَوْ مَا لَا يُهْدَى عَنْ هَدْيٍ أَعْلَى (عُوِّضَ الْأَدْنَى) بِأَنْ يَشْتَرِي بِهِ شَاةً إنْ أَمْكَنَ (ثُمَّ) إنْ قَصَرَ عَنْ الْأَدْنَى دَفَعَ ثَمَنَ الْهَدْيِ الَّذِي لَا يَصِلُ أَوْ مَا لَا يُهْدَى (لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ) جَمْعُ خَازِنٍ أَيْ خَدَمَتُهَا، وَهُمْ بَنُو شَيْبَةَ (يُصْرَفُ فِيهَا) أَيْ يَصْرِفُونَهُ فِي مَصَالِحِهَا (إنْ احْتَاجَتْ، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَحْتَجْ (تَصَدَّقَ بِهِ) النَّاذِرُ أَوْ غَيْرُهُ حَيْثُ شَاءَ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةٍ لَيْسَتْ مِنْ النَّذْرِ اسْتِطْرَادًا، وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِي خِدْمَتِهَا غَيْرُهُمْ فَقَالَ (وَأَعْظَمَ) أَيْ اسْتَعْظَمَ وَمَنَعَ (مَالِكٌ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَنْ يَشْرَكَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ خِدْمَةُ الْكَعْبَةِ (وِلَايَةٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَ) لَزِمَ (الْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ) لِحِنْثِ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُبَاعَ هُنَا، وَيُرْسَلَ ثَمَنُهُ ثُمَّ يُشْتَرَى بِهِ سَلِيمٌ (قَوْلُهُ: الْمُطْلَقِ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا إذَا بِيعَ لِتَعَذُّرِ إرْسَالِهِ الْإِبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ أَيْ بِنَوْعٍ أَفْضَلَ مِنْ نَوْعِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ فَرَسِي أَوْ سَيْفِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَتَعَذَّرَ إرْسَالُهُ لِمَحَلِّ الْجِهَادِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ هُنَا، وَيُعَوَّضُ بِثَمَنِهِ فِي مَحَلِّهِ مِثْلُهُ مِنْ خَيْلٍ أَوْ سِلَاحٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَوَّضَ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْهَدْيِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللَّحْمُ تَوْسِعَةً لِلْفُقَرَاءِ وَلَحْمُ الْإِبِلِ أَكْثَرُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ فَإِنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ الْإِبْدَالِ بِالْأَفْضَلِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُخَالِفُ إلَى الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأَدْنَى) أَيْ فَلَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَعْجِزْ الثَّمَنَ عَنْ شِرَاءِ هَدْيٍ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ، وَمِنْ الْأَفْضَلِ مِنْهُ، وَإِلَّا اشْتَرَى هَدْيًا أَدْنَى مِنْ الْأَوَّلِ فِي الْجِنْسِ فَإِنْ قَصُرَ الثَّمَنُ عَنْ شِرَاءِ الْأَدْنَى دَفَعَ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يَصْرِفُونَهَا فِي مَصَالِحِهَا إنْ احْتَاجَتْ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِيَ بَقَرًا أَوْ إبِلًا بَدَلَ غَنَمٍ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْإِبْدَالِ بِالْأَفْضَلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَفْضَلِيَّةُ مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ. (قَوْلُهُ: كَثَوْبٍ، وَعَبْدٍ) بِأَنْ قَالَ ثَوْبِي أَوْ عَبْدِي هَدْيٌ (قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُ قِيمَتِهِ) أَيْ لِيُشْتَرَى بِهَا هَدْيٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَا لَا يُهْدَى) أَيْ أَوْ قَصُرَ ثَمَنُ مَا لَا يُهْدَى وَقَوْلُهُ عُوِّضَ الْأَدْنَى أَيْ عُوِّضَ بِالْأَدْنَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْحَاجِبِ، فَإِنْ قَصُرَ عَنْ التَّعْوِيضِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَفِيهَا أَيْضًا يَبْعَثُهُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَقِيلَ يَخْتَصُّ أَهْلُ الْحَرَمِ بِالثَّمَنِ اهـ وَهَذَا الثَّالِثُ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ ابْتِدَاءً لَكِنْ خَالَفَهُ فِي تَخْصِيصِهِ الصَّدَقَةَ بِمَسَاكِينِ مَكَّةَ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتْبَعْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا أَصْبَغَ وَإِنَّمَا تَبِعَ قَوْلَ مَالِكٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بِقَوْلِهِ إنْ احْتَاجَتْ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْرَكَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ) أَيْ فِي خِدْمَتِهَا وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا نَزْعُهَا مِنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ فَقَدْ نَصَّ الْحَدِيثُ عَلَى مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ خِدْمَتَهُمْ إيَّاهَا وِلَايَةٌ أَيْ بِتَوْلِيَةٍ وَتَمْكِينٍ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَذَلِكَ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى مَفَاتِيحَهَا لِجَدِّهِمْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ، وَقَالَ لَا يَنْزِعُ هَذَا الْمِفْتَاحَ مِنْكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ إلَّا ظَالِمٌ» وَنَصَّ الْإِمَامُ عَلَى مَنْعِ التَّشْرِيكِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ نَزْعُهَا مِنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى حُرْمَةِ أَخْذِ خَدَمَةِ الْكَعْبَةِ أُجْرَةً عَلَى فَتْحِهَا لِدُخُولِ النَّاسِ خِلَافًا لِمَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ مِنْ أَنَّهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ بِالْبَيْتِ مَا شَاءُوا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشْيِ أَيْ لَزِمَ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ، وَهَذَا إذَا نَذَرَ

(وَلَوْ) نَذَرَ الْمَشْيَ (لِصَلَاةٍ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (وَخَرَجَ) إلَى الْحِلِّ (مَنْ) نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ وَهُوَ (بِهَا، وَأَتَى بِعُمْرَةٍ) مِنْ طَرَفِ الْحِلِّ مَاشِيًا (كَمَكَّةَ) أَيْ كَنَاذِرِ الْمَشْيِ لَهَا (أَوْ) إلَى (الْبَيْتِ) أَيْ الْكَعْبَةِ (أَوْ جُزْئِهِ) الْمُتَّصِلِ بِهِ كَبَابِهِ وَرُكْنِهِ وَحَطِيمِهِ وَشَاذَرْوَانِهِ (لَا غَيْرُ) أَيْ لَا غَيْرُ الْبَيْتِ وَجُزْئِهِ مِمَّا هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ كَزَمْزَمَ وَالْمَقَامِ وَقُبَّةِ الشَّرَابِ وَأَوْلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ وَعَرَفَةُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ اللُّزُومِ (إنْ لَمْ يَنْوِ نُسُكًا) حَجًّا أَوْ عُمْرَةً فَإِنْ نَوَاهُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ كَالْمُتَّصِلِ فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ وَأَتَى بِعُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ ثُمَّ لُزُومُ الْمَشْيِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (مِنْ حَيْثُ نَوَى) النَّاذِرُ أَوْ الْحَالِفُ الْمَشْيَ مِنْهُ إنْ كَانَ لَهُ نِيَّةٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الْمَشْيُ مِنْ حَيْثُ (حَلَفَ) كَوَاللَّهِ لَأَحُجَّنَّ مَاشِيًا أَوْ نَذَرَ كَلِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ (أَوْ) يَمْشِي مَنْ (مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ مَوْضِعِ حَلِفِهِ فِي الْبُعْدِ (إنْ حَنِثَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمُمَاثِلِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ الْمِثْلُ وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْمَشْيِ مِنْ مَحَلٍّ خَاصٍّ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَشْيُ مِنْهُ فَلَوْ قَالَ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ لِطَابَقِ النَّقْلِ وَلَمْ يَحْتَجَّ لِقَوْلِهِ (وَتَعَيَّنَ) لِابْتِدَاءِ مَشْيِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ (مَحَلٌّ اُعْتِيدَ) لِلْحَالِفِينَ مِنْ بَلَدٍ أَوْ نَوَاحِيهَا. (وَرَكِبَ) جَوَازًا (فِي) إقَامَةِ (الْمَنْهَلِ) أَيْ مَحَلِّ النُّزُولِ كَانَ بِهِ مَاءٌ أَوْ لَا (وَلِحَاجَةٍ) بِغَيْرِ الْمَنْهَلِ قَبْلَ نُزُولِهِ كَحَاجَةٍ نَسِيَهَا فَعَادَ إلَيْهَا (كَطَرِيقٍ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ مَشْيٌ فِي طَرِيقٍ (قُرْبَى اُعْتِيدَتْ) لِلْحَالِفِينَ فَقَطْ أَوْ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ فَإِنْ اُعْتِيدَتْ الْبُعْدَى لِلْحَالِفِينَ وَالْقُرْبَى لِغَيْرِهِمْ تَعَيَّنَتْ الْبُعْدَى (وَ) رَكِبَ (بَحْرًا اُضْطُرَّ لَهُ) كَكَوْنِهِ فِي طَرِيقِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ لِمَكَّةَ إلَّا بِرُكُوبِهِ (لَا اُعْتِيدَ) لِغَيْرِ الْحَالِفِينَ وَاعْتِيدَ لِلْحَالِفِينَ غَيْرُهُ فَلَا يَرْكَبُهُ (عَلَى الْأَرْجَحِ) فَإِنْ اُعْتِيدَ لِلْحَالِفِينَ فَقَطْ أَوْ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ رَكِبَ ثُمَّ لُزُومُ الْمَشْيِ مِنْهُ (لِتَمَامِ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ) لِمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ (وَسَعْيُهَا) لِمَنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ سَعْيِهَا لِلْعُمْرَةِ، وَعَلَى كُلٍّ يَفُوتُهُ الْكَلَامُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَشْيَ أَوْ حَلَفَ بِهِ لِذَلِكَ بَلْ، وَلَوْ نَذَرَهُ أَوْ حَلَفَ بِهِ لِصَلَاةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِصَلَاةٍ) أَشَارَ بِلَوْ لِخِلَافِ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ الْقَائِلِ إنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلنُّسُكِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، وَيَرْكَبُ إنْ شَاءَ، وَقَدْ اعْتَمَدَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَلَمْ يَحْكِ لَهُ مُقَابِلًا وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ مُعْتَرِضًا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنْ لَمَّا تَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ، وَكَلَامُ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ تَبِعَ هُنَا مَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ طفى وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْإِكْمَالِ وَنَقَلَ الْأَبِيُّ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَاشِيًا إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّ قَوْلَ إسْمَاعِيلَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَنَصُّ كَلَامِ الْأَبِيِّ عَنْ الْمَازِرِيِّ اخْتَصَّتْ الْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ لِعِظَمِهَا عَلَى غَيْرِهَا بِأَنَّ مَنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا وَنَذَرَ الصَّلَاةَ بِأَحَدِهَا أَتَاهَا فَإِنْ قَالَ مَاشِيًا فَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيَأْتِي رَاكِبًا فِي الْجَمِيعِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْجَمِيعِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَطْ. اهـ. فَقَدْ تَبَيَّنَ مِمَّا تَقَدَّمَ تَشْهِيرُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَأَنَّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِخِلَافِ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ) أَيْ أَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدِهَا أَوْ لِلْبَيْتِ أَوْ لِجُزْئِهِ الْمُتَّصِلِ (قَوْلُهُ: كَمَكَّةَ) أَيْ كَمَا أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ أَوْ لِلْمَسْجِدِ أَوْ لِلْبَيْتِ أَوْ لِجُزْئِهِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ لِبَابِ الْبَيْتِ أَوْ رُكْنِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكَّةَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ عَدَمِ اللُّزُومِ) أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْمَشْيِ لِمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِلْمُنْفَصِلِ عَنْ الْبَيْتِ أَوْ حَلَفَ بِهِ، وَحَنِثَ إذَا لَمْ يَنْوِ نُسُكًا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الْمِثْلِ إلَخْ) الْأَوْلَى، وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الْمَشْيِ مِنْ مَحَلِّ الْحَلِفِ وَالْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْمَشْيِ) أَيْ إنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفُ الْحَالِفِينَ بِالْمَشْيِ وَالنَّاذِرِينَ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ خَاصٍّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ لِمَكَّةَ إلَّا بِرُكُوبِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ بِالتَّحْلِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّحْلِيقُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَشَقَّةٌ فَادِحَةٌ بِالتَّحْلِيقِ، وَإِلَّا جَازَ الرُّكُوبُ. اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ لَا اُعْتِيدَ عَلَى الْأَرْجَحِ) حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ كَمَا نَقَلَهُ طفى أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُجِيزُ رُكُوبَ الْبَحْرِ الْمُعْتَادِ لِلْحُجَّاجِ مُطْلَقًا الْحَالِفِينَ وَغَيْرَهُمْ وَأَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَمْنَعُ الرُّكُوبَ الْمُعْتَادَ وَأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَيَّدَ الْجَوَازَ بِمَا إذَا كَانَ مُعْتَادٌ لِلْحَالِفِينَ اُعْتِيدَ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا أَمْ لَا فَإِنْ اُعْتِيدَ لِغَيْرِهِمْ فَقَطْ لَمْ يَجُزْ عَلَى هَذَا فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرْكُ فِي نِسْبَةِ إطْلَاقِ الْمَنْعِ لِابْنِ يُونُسَ وَتَعْبِيرُهُ عَنْ تَرْجِيحِهِ بِالِاسْمِ. اهـ بْن. وَأَجَابَ شَارِحُنَا عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ بِمَا قَرَّرَ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لُزُومُ الْمَشْيِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي نَوَى الْمَشْيَ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمُعْتَادِ لِلْحَالِفِينَ الْمَشْيُ مِنْهُ أَوْ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ أَوْ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ لِتَمَامِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْكَبُ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى، وَفِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَأَمَّا إنْ أَخَّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ بَعْدَ الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي حَالِ الرَّمْيِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ) أَيْ، وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ غَايَةِ لُزُومِ الْمَشْيِ فِي الْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ سَعْيِهَا لِلْعُمْرَةِ) أَيْ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْكَلَامِ، وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ غَايَةِ الْمَشْيِ إذَا أَخَّرَ السَّعْيَ عَنْ الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ

(وَرَجَعَ) وُجُوبًا لِمَكَّةَ مِنْ بَعْضِ الْمَشْيِ فَيَمْشِي الْأَمَاكِنَ الَّتِي رَكِبَهَا (وَأَهْدَى) لِتَبْعِيضِ الْمَشْيِ، وَأَخَّرَ هَدْيَهُ لِعَامِ رُجُوعِهِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْجَابِرِ النُّسُكِيِّ وَالْمَالِيِّ فَإِنْ قَدَّمَهُ فِي عَامِ مَشْيِهِ الْأَوَّلِ أَجْزَأَهُ (إنْ رَكِبَ كَثِيرًا) فِي نَفْسِهِ لَا قَلِيلًا فَيُهْدِي فَقَطْ (بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِكَثِيرًا أَيْ أَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ بِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً وَمِسَاحَةً. (أَوْ) رَكِبَ (الْمَنَاسِكَ) ، وَهِيَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ إلَى رُجُوعِهِ لِمِنًى (وَالْإِفَاضَةَ) أَيْ الرُّجُوعَ مِنْ مِنًى لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ، وَكَذَا الْمَنَاسِكُ فَقَطْ فَيَرْجِعُ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً فِي نَفْسِهَا إلَّا أَنَّهَا كَثِيرَةٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالذَّاتِ، وَأَمَّا رُكُوبُ الْإِفَاضَةِ فَقَطْ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي كَالْإِفَاضَةِ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ (نَحْوُ الْمِصْرِيِّ) فَاعِلُ رَجَعَ بَلْ تُنَازِعُهُ رَجَعَ، وَأَهْدَى وَرَكِبَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَوَسَّطَتْ دَارُهُ وَأَوْلَى مَنْ قَرُبَتْ كَالْمَدَنِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْبَعِيدِ جِدًّا كَالْإِفْرِيقِيِّ فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ (قَابِلًا) ظَرْفُ رَجَعَ أَيْ زَمَنًا قَابِلًا (فَيَمْشِي مَا رَكِبَ) إنْ عَلِمَهُ، وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعَ (فِي مِثْلِ الْمُعَيَّنِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَ أَيْ يَرْجِعُ مُحْرِمًا بِمَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا، وَعَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ يَمِينِهِ بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَرْجِعُ بِعُمْرَةٍ إنْ كَانَ عَيَّنَ أَوَّلًا حَجًّا، وَلَا عَكْسِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ حِينَ نَذْرِهِ أَوْ حَلِفِهِ بَلْ نَذَرَ الْمَشْيَ مُبْهَمًا وَصَرَفَهُ فِي أَحَدِهِمَا (فَلَهُ) فِي عَامِ رُجُوعِهِ (الْمُخَالَفَةُ) لِمَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا، وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ (إنْ) (ظَنَّ) النَّاذِرُ أَوْ الْحَالِفُ (أَوَّلًا) أَيْ حِينَ خُرُوجِهِ (الْقُدْرَةَ) عَلَى مَشْيِ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ، وَلَوْ فِي عَامَيْنِ فَخَالَفَ ظَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْإِفَاضَةِ أَوْ لِلْعُمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ وُجُوبًا) ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ عَلَى الْفَوْرِ، وَقَوْلُهُ مِنْ بَعْضِ الْمَشْيِ أَيْ بِأَنْ مَشَى بَعْضَ الطَّرِيقِ وَرَكِبَ بَعْضَهَا، وَكَانَ مَا رَكِبَهُ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَيَمْشِي الْأَمَاكِنَ الَّتِي رَكِبَهَا) أَيْ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَتْ جُلَّ الطَّرِيقِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَيَمْشِي جَمِيعَ الطَّرِيقِ إنْ كَانَ رَكِبَ الْجُلَّ أَوْ لَا، وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ رَكِبَ كَثِيرًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْشِيَ عِدَّةَ أَيَّامِ رُكُوبِهِ إذْ قَدْ يَرْكَبُ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِرُجُوعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَشْيِهِ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ، وَهَذَا إذَا عَلِمَ أَمَاكِنَ الرُّكُوبِ، وَإِلَّا مَشَى الطَّرِيقَ كُلَّهَا عَامَ رُجُوعِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ هَدْيَهُ) أَيْ نَدْبًا، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: أَجْزَأَهُ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: الْجَابِرِ النُّسُكِيِّ) أَيْ، وَهُوَ رُجُوعُهُ لِلْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ، وَهُوَ الْهَدْيُ (قَوْلُهُ: إنْ رَكِبَ كَثِيرًا) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَنَاسِكِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُخْتَارًا فِي رُكُوبِهِ أَوْ مُضْطَرًّا (قَوْلُهُ: فِي نَفْسِهِ) أَيْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَثِيرًا أَكْثَرَ الْمَسَافَةِ فَقَطْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ النِّصْفَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُهْدِي فَقَطْ) أَيْ، وَلَا يَمْشِي مَا رَكِبَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ) يَعْنِي فِي النَّفْسِ مَنْظُورٌ فِيهَا لِاعْتِبَارِ الْمَسَافَةِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً (قَوْلُهُ: وَمِسَاحَةً) أَيْ أَوْ مِسَاحَةً فَقَطْ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الطُّرُقُ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ فِيهِمَا مَعَ الْمِسَاحَةِ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا صَعْبَةً أَوْ سَهْلَةً اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ فِي الْمِسَاحَةِ فَقَطْ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوبِ فِي نَفْسِهِ مَنْظُورٌ فِيهَا لِصُعُوبَةِ الْمَسَافَةِ وَقِلَّتِهَا فَقَدْ يَكُونُ الرُّكُوبُ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ بِالنَّظَرِ لِمَسَافَةٍ وَقَلِيلًا بِالنَّظَرِ لِمَسَافَةٍ أُخْرَى كَالرُّكُوبِ لِلْعَقَبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِصْرِيِّ وَالْإِفْرِيقِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَنَاسِكَ وَالْإِفَاضَةَ) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بِوُصُولِهِ لِمَكَّةَ بَرَّ وَإِلَيْهَا كَانَتْ الْيَمِينُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إلَى رُجُوعِهِ لِمِنًى) أَيْ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ لَا بِمَعْنَى أَوْ لِئَلَّا يُنَافِيَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَنَاسِكُ) أَيْ وَكَذَا إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ) أَيْ وُجُوبًا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِيَمْشِيَ مَا رَكِبَهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَنَاسِكِ مَعَ الْإِفَاضَةِ أَوْ الْمَنَاسِكِ فَقَطْ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْمَشْيِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ لِبَلَدِهِ، وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ هُنَا اسْتِحْبَابًا، وَأَمَّا إذَا مَكَثَ فِي مَكَّةَ لِلْعَامِ الْقَابِلِ فَحَجَّ، وَمَشَى الْمَنَاسِكَ الَّتِي رَكِبَهَا أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ) أَيْ إذَا ذَهَبَ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ: فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ مَعَ الْإِفَاضَةِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ فَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ إذَا ذَهَبَ لِبَلَدِهِ، وَإِنْ رَكِبَ الْإِفَاضَةَ فَقَطْ فَلَا رُجُوعَ أَصْلًا (قَوْلُهُ: نَحْوَ الْمِصْرِيِّ) أَيْ، وَكَذَا الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَأَوْلَى الْقَرِيبُ مِنْ مِصْرَ، وَأَمَّا الْقَرِيبُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ فَيُعْطَى حُكْمَهَا أَفَادَهُ عج. (قَوْلُهُ: تَوَسَّطَتْ دَارُهُ) أَيْ كَانَتْ دَارُهُ بَعِيدَةً مِنْ مَكَّةَ بُعْدًا مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ) أَيْ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فَنَاذِرُ الْمَشْيِ أَحْوَالُهُ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ تَكُونَ بَلَدُهُ قَرِيبَةً مِنْ مَكَّةَ كَالْمَدَنِيِّ أَوْ بَعِيدَةً عَنْهَا بُعْدًا مُتَوَسِّطًا كَالْمِصْرِيِّ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً جِدًّا كَالْأَفْرِيقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ زَمَنًا قَابِلًا) وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فَوْرًا (قَوْلُهُ: وَعَيَّنَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَيَّنَّهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ) أَيْ مَحَلُّ رُجُوعِ مَنْ رَكِبَ كَثِيرًا لِيَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ أَوَّلًا أَيْ حِينَ خُرُوجِهِ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى الْقُدْرَةُ أَيْ أَوْ جَزَمَ بِهَا، وَقَوْلُهُ: فَخَالَفَ ظَنَّهُ أَيْ أَوْ جَزَمَهُ وَتَبَيَّنَ عَجْزُهُ فَرَكِبَ كَثِيرًا، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ تُضْرَبَانِ فِي حَالَاتِ النَّذْرِ أَوْ الْيَمِينِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ حِينَ النَّذْرِ أَوْ الْيَمِينِ مُعْتَقِدًا الْقُدْرَةَ عَلَى مَشْيِ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ أَوْ ظَانًّا الْقُدْرَةَ أَوْ شَاكًّا فِيهَا أَوْ مُتَوَهِّمًا لَهَا أَوْ جَازِمًا بِعَدَمِهَا فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَحْوَالٍ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الرُّجُوعُ لِيَمْشِيَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَالْهَدْيُ

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَظُنَّ الْقُدْرَةَ حِينِ خُرُوجِهِ أَيْ، وَقَدْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ حِينَ يَمِينِهِ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ بِأَنَّ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ حِينَ خُرُوجِهِ الْعَجْزَ (مَشَى) إذَا خَرَجَ (مَقْدُورَهُ) ، وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ (وَرَكِبَ) مَعْجُوزَهُ (وَأَهْدَى فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ ثَانِيًا أَمَّا مَنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ يَمِينِهِ أَوْ نَوَى أَنْ لَا يَمْشِيَ إلَّا مَا يُطِيقُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ عَامٍ، وَيَمْشِي مَقْدُورَهُ، وَيَرْكَبُ مَعْجُوزَهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَلَا هَدْيَ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَلَّ) رُكُوبُهُ بِحَسَبِ مَسَافَتِهِ فَالْهَدْيُ فَقَطْ (وَلَوْ) كَانَ (قَادِرًا) عَلَى الْمَشْيِ (كَالْإِفَاضَةِ) أَيْ رَكِبَ فِي مَسِيرِهِ مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةَ الْمَنَاسِكِ، وَأَمَّا الْمَنَاسِكُ فَقَطْ فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَكَعَامٍ عُيِّنَ) لِلْمَشْيِ فِيهِ فَرَكِبَ فِيهِ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ أَوْ فَاتَهُ لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ أَصْلًا لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ (وَلْيَقْضِهِ) إنْ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ خَرَجَ وَفَاتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَيَقْضِيهِ وَلَوْ رَاكِبًا (أَوْ لَمْ يَقْدِرْ) عَطْفٌ عَلَى مَا لَا رُجُوعَ فِيهِ أَيْ أَوْ ظَنَّ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ خَرَجَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَشْيِ مَا رَكِبَ فِيهِ فَلَا يَخْرُجُ بَلْ يَهْدِي فَقَطْ (وَكَإِفْرِيقِيٍّ) مِنْ كُلِّ مَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ جِدًّا فَلَا يَرْجِعُ بَلْ يَهْدِي فَقَطْ وَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ نَحْوُ الْمِصْرِيِّ (وَكَأَنْ فَرَّقَهُ) أَيْ الْمَشْيَ فِي الزَّمَانِ تَفْرِيقًا غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَمَشَى الْجَمِيعَ (وَلَوْ) فَرَّقَ (بِلَا عُذْرٍ) فَالْهَدْيُ فَقَطْ، وَأَثِمَ بِخِلَافِ الْمُعْتَادِ كَالْمَغْرِبِيِّ يُقِيمُ بِمِصْرَ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ حَتَّى يَأْتِيَ إبَّانُ الْحَجِّ، وَكَالْإِقَامَةِ بِالْعَقَبَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ، وَلَا إثْمَ وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الْهَدْيِ بَلْ ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَفِي لُزُومِ) مَشْيِ (الْجَمِيعِ) فِي رُجُوعِهِ لِبُطْلَانِهِ (بِمَشْيِ عُقْبَةٍ) فِي ذَهَابِهِ أَوَّلًا، وَهِيَ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَالْمُرَادُ مَسَافَةُ نَظِيرِ الَّتِي رَكِبَهَا (وَرُكُوبُ) عُقْبَةٍ (أُخْرَى) لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الرَّاحَةِ بِالرُّكُوبِ الْمُعَادِلَةِ لِلْمَشْيِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمْشِ أَصْلًا وَعَدَمُ لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ بَلْ مَشَى أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا عَرَفَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ وَمَشْيِهِ، وَإِلَّا مَشَى الْجَمِيعَ اتِّفَاقًا. (وَالْهَدْيُ) مَتَى قُلْنَا بِهِ وَجَبَ مَعَهُ رُجُوعٌ أَمْ لَا (وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ) (شَهِدَ) أَيْ رَكِبَ (الْمَنَاسِكَ) أَوْ الْإِفَاضَةَ أَوْ هُمَا (فَنَدْبٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ ظَانًّا الْقُدْرَةَ وَلَا جَازِمًا بِهَا حِينَ خُرُوجِهِ بَلْ كَانَ مُتَوَهِّمًا لَهَا أَوْ شَاكًّا فِيهَا أَوْ جَازِمًا بِعَدَمِهَا، وَقَدْ كَانَ حَالَ الْيَمِينِ أَوْ النَّذْرِ جَازِمًا بِالْقُدْرَةِ أَوْ ظَانًّا لَهَا فَهَذِهِ سِتَّةٌ يَمْشِي فِيهَا مَقْدُورَهُ، وَيُهْدِي، وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا قَدْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ النَّذْرِ جَازِمًا بِالْقُدْرَةِ أَوْ ظَانًّا لَهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ أَوْ النَّذْرِ شَاكًّا فِي الْقُدْرَةِ أَوْ تَوَهَّمَهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ فِي حَالِ الْخُرُوجِ شَكَّ فِي الْقُدْرَةِ أَوْ تَوَهَّمَهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا فَإِنَّهُ يَمْشِي أَوَّلًا عَامَّ مَقْدُورِهِ، وَلَا رُجُوعَ وَلَا هَدْيَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ التِّسْعِ فَجُمْلَةُ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ يَمِينِهِ) أَيْ بِأَنْ تَوَهَّمَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمَشْيِ، وَكَذَا إذَا شَكَّ فِيهَا أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حِينَ الْخُرُوجِ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ الْعَجْزَ، وَعَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَشْيِ الْجَمِيعِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ مَسَافَتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَالٌ فِي نَفْسِهِ كَمَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: كَالْإِفَاضَةِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ وَالْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ فِي الْأَوَّلِ وَاجِبًا، وَفِي الثَّانِي مَنْدُوبًا، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ لِلتَّشْبِيهِ لِأَجْلِ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ: فَقَطْ إلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ، وَيَعْطِفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَنَاسِكُ فَقَطْ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا رَكِبَ الْمَنَاسِكَ فَقَطْ دُونَ الْإِفَاضَةِ، وَقَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ أَيْ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لَهَا مَاشِيًا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَنَاسِكِ، وَلَا بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ. (قَوْلُهُ: وَكَعَامِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ فَقَطْ، وَعَدَمِ الرُّجُوعِ فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ مَاشِيًا فِي عَامِ كَذَا فَرَكِبَ فِيهِ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ، أَوْ رَكِبَ فِيهِ وَفَاتُهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ أَصْلًا لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فِي عَامٍ آخَرَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ فَقَطْ فَلَوْ تَرَكَ الْحَجَّ فِي هَذَا الْعَامِ الْمُعَيَّنِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوْ خَرَجَ لَهُ وَلَوْ مَاشِيًا وَتَرَاخَى حَتَّى فَاتَهُ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ، وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، وَلَوْ رَاكِبًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلْيَقْضِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا: وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ ظَنَّ أَوَّلًا أَيْ حِينَ خُرُوجِهِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ، وَمَا هُنَا ظَنُّ عَدَمِ الْقُدْرَةِ فِي الْعَامِ الثَّانِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ فَرَّقَهُ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْزِلَ بِمَحَلَّاتٍ وَيَقْعُدُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِعَدَمِ النُّزُولِ بِهَا ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْإِجْزَاءِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ، وَصَوَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ ح إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ بِالْإِجْزَاءِ وَلُزُومِ الْهَدْيِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ قَالَ بِلُزُومِ الْهَدْيِ أَيْ عَلَى مَنْ فَرَّقَ الْمَشْيَ فِي الزَّمَانِ تَفْرِيقًا غَيْرَ مُعْتَادٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ بِلُزُومِ الْهَدْيِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَرُكُوبِ عُقْبَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَهَكَذَا طُولُ الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الرَّاحَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَفِي لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ فِي رُجُوعِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي التَّنْصِيفِ أَيْ مَا إذَا كَانَ أَمَاكِنُ رُكُوبِهِ نِصْفَ الطَّرِيقِ، وَأَمَاكِنُ مَشْيِهِ نِصْفَهَا، وَأَمَّا إنْ رَكِبَ كَثِيرًا رَجَعَ، وَمَشَى أَمَاكِنَ الرُّكُوبِ اتِّفَاقًا، وَأَهْدَى أَوْ قَلِيلًا أَهْدَى فَقَطْ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ

(وَلَوْ مَشَى) فِي رُجُوعِهِ (الْجَمِيعَ) مُبَالَغَةٌ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ (وَلَوْ) (أَفْسَدَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ مَا أَحْرَمَ بِهِ ابْتِدَاءً مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِكَوَطْءٍ (أَتَمَّهُ) فَاسِدًا (وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ) الشَّرْعِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ (وَإِنْ فَاتَهُ) الْحَجُّ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ وَقَدْ كَانَ نَذَرَ مَشْيًا مُبْهَمًا أَوْ حَلَفَ بِهِ أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً (جَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ) أَيْ تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِهَا ثُمَّ قَضَى الْحَجَّ الَّذِي فَاتَهُ عَلَى حُكْمِ الْفَوَاتِ (وَرَكِبَ) أَيْ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ (فِي قَضَائِهِ) لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ انْقَضَى وَهَذَا إنَّمَا هُوَ لِلْفَوَاتِ. (وَإِنْ) (حَجَّ) نَاذِرُ الْمَشْيِ مُبْهَمًا أَوْ مَنْ عَيَّنَ الْحَجَّ بِمَشْيِهِ، وَكَانَ صَرُورَةً فِيهِمَا (نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ) مَعًا (مُفْرَدًا) كَانَ (أَوْ قَارِنًا) شَمَلَ صُورَتَيْنِ بِأَنْ نَوَى بِالْحَجِّ الَّذِي فِي ضِمْنِ إحْرَامِهِ فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ أَوْ نَوَى بِالْحَجِّ فَرْضَهُ فَقَطْ وَبِالْعُمْرَةِ نَذْرَهُ (أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ) فَقَطْ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْإِجْزَاءِ عَنْ النَّذْرِ (إنْ لَمْ يَنْذُرْ حَجًّا) بَلْ نَذَرَ الْمَشْيَ مُطْلَقًا أَوْ حَلَفَ كَذَلِكَ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ فَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا أَوْ حَلَفَ بِهِ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّشْرِيكِ بِهِ أَوْ الْإِجْزَاءِ عَنْ النَّذْرِ مُطْلَقًا وَلَوْ نَذَرَ حَجًّا (تَأْوِيلَانِ، وَ) يَجِبُ (عَلَى الصَّرُورَةِ) إذَا نَذَرَ مُبْهَمًا أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ (جَعْلُهُ) أَيْ جَعْلُ مَشْيِهِ (فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْفَوْرِ) ، وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِشَرْطِهِ (وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ) نَاذِرُهُ أَوْ الْحَالِفُ بِهِ وَحَنِثَ وُجُوبًا (فِي) قَوْلِهِ (أَنَا مُحْرِمٌ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (أَوْ أَحْرَمَ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ (وَإِنْ) (قَيَّدَ) لَفْظًا أَوْ نِيَّةً (بِيَوْمِ كَذَا) أَوْ مَكَانِ كَذَا نَحْو لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوَّلَ رَجَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ ثَانِيَةً، وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مَا يُعَارِضُهَا وَنَصُّهَا: وَإِنْ كَانَ مَا رَكِبَ مُتَنَاصِفًا كَأَنْ يَرْكَبَ عُقْبَةً وَيَمْشِي أُخْرَى فَلَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهَا فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَجَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ تَقْيِيدًا لِلْمُدَوَّنَةِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ رَكِبَ دُونَ النِّصْفِ، وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ضَبْطُ مَوَاضِعِ مَشْيِهِ مِنْ أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَ ضَبْطُ أَمَاكِنِ مَشْيِهِ مِنْ أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ فَهُمَا تَأْوِيلَانِ كِلَاهُمَا بِالْوِفَاقِ الْأَوَّلِ لِأَبِي الْحَسَنِ وَالثَّانِي لِلْمُؤَلِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ. اهـ. طفى فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَفِي لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ بِمَشْيِ عُقْبَةٍ وَرُكُوبِ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَعَدَمُ لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَشَى الْجَمِيعَ إلَخْ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ مَشَى الطَّرِيقَ كُلَّهُ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ مَشْيَهُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَعَقَّبَهُ الْأَشْيَاخُ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَسْقُطُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْهَدْيِ فِي ذِمَّتِهِ بِمَشْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: أَتَمَّهُ فَاسِدًا) أَيْ، وَلَوْ رَاكِبًا؛ لِأَنَّ إتْمَامَهُ لَيْسَ مِنْ النَّذْرِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِإِتْمَامِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ إنْ كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ عَامَ الْفَسَادِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فِي عَامِ الْفَسَادِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَيْ، وَإِلَّا مَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا عَامَ الْفَسَادِ لِتَسَلُّطِ الْفَسَادِ عَلَى مَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَ يُؤَخِّرُ الْإِحْرَامَ عَامَ الْقَضَاءِ لِلْمِيقَاتِ وَبَعْدَ هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْمَشْيِ يُؤَخَّرُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ لِلْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَالْإِحْرَامُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِهَا) أَيْ مَاشِيًا لِتَمَامِ سَعْيِهَا لِيَخْلُصَ مِنْ نَذْرِ الْمَشْيِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ وَجَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ فِيهَا ابْتِدَاءً وَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: أَيْ جَازَ الرُّكُوبُ يَعْنِي جَمِيعَ الطَّرِيقِ فِي قَضَائِهِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْمَنَاسِكِ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ سَحْنُونٍ وَمَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ انْقَضَى) أَيْ بِمَشْيِهِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي تَحَلَّلَ بِهَا مِنْ الْحَجِّ الْفَائِتِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَجَّ نَاذِرُ الْمَشْيِ مُبْهَمًا) أَيْ، وَإِنْ حَجَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً ثُمَّ جَعَلَهُ فِي حَجٍّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ عَيَّنَ الْحَجَّ بِمَشْيِهِ أَيْ أَوْ حَجَّ مَنْ عَيَّنَ الْحَجَّ بِمَشْيِهِ (قَوْلُهُ: الَّذِي فِي ضِمْنِ إحْرَامِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَارِنَ مُحْرِمٌ بِهِمَا فَالْحَجُّ وَحْدَهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي ضِمْنِ إحْرَامِهِ بِالْقِرَانِ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ فَقَطْ) أَيْ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَرْضِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ إنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي الشَّامِلِ. (قَوْلُهُ: لِلتَّشْرِيكِ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرَكَ فِي الْحَجِّ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْفَرْضِ، وَفِيهِ أَنَّ التَّشْرِيكَ مَوْجُودٌ حَالَ الْإِطْلَاقِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِقُوَّةِ النَّذْرِ بِالتَّعْيِينِ فَشَابَهَ الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الصَّرُورَةِ جَعْلُهُ فِي عُمْرَةٍ) أَيْ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَالْجَلَّابِ يُفِيدُ أَنَّ جَعْلَهُ فِي عُمْرَةٍ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي، وَمَفْهُومُ الصَّرُورَةِ أَنَّ غَيْرَهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ جَعَلَ مَشْيَهُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ أَدَاءَ نَذْرِهِ فِي عُمْرَةٍ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ فِي حَجٍّ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَغْرِبِيًّا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إذَا نَذَرَ مُبْهَمًا) أَيْ مَشْيًا مُبْهَمًا (قَوْلُهُ: أَيْ جَعَلَ مَشْيَهُ) أَيْ الَّذِي قَصَدَ بِهِ أَدَاءَ نَذْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِشَرْطِهِ) أَيْ، وَهُوَ كَوْنُ حَجِّهِ فِي الْعَامِ الَّذِي اعْتَمَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ) أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَقَوْلُهُ: نَاذِرُهُ أَيْ نَاذِرُ الْإِحْرَامِ وَالْمُرَادُ بِتَعْجِيلِهِ إنْشَاؤُهُ (قَوْلُهُ: لَفْظًا أَوْ نِيَّةً) هَذَا صَحِيحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ قَائِلًا، وَقَدْ

أَوْ مِنْ بَرَكَةِ الْحَجِّ نَحْوَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَذَلِكَ فَحَنِثَ بِأَنْ كَلَّمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ أَوَّلَ رَجَبٍ أَوْ مِنْ الْبَرَكَةِ، وَلَا يُؤَخِّرُ لِلْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ، وَهُوَ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَلَا لِلْمَكَانِيِّ هَذَا مُرَادُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَعْجِيلَهُ الْآنَ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ (كَالْعُمْرَةِ) أَيْ كَمَا يُعَجِّلُ إحْرَامَهَا حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِالْكَسْرِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ لَهَا بِوَقْتٍ أَوْ مَكَان (إنْ لَمْ يَعْدَمْ) فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ (صَحَابَةً) فَالْمُقَيَّدَةُ كَالْحَجِّ الْمُقَيَّدِ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ فِيهَا، وَلَوْ عَدِمَ صَحْبًا يَسِيرُ مَعَهُمْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ. (لَا) نَاذِرَ (الْحَجِّ) الْمُطْلَقِ أَوْ الْحَالِفِ بِهِ فَحَنِثَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَلَا يُعَجِّلُهُ قَبْلَهَا (وَ) لَا نَاذِرَ (الْمَشْيِ) الْمُطْلَقِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَامٍ وَلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّعْجِيلِ، وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ (فَلِأَشْهُرِهِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ فِيهِمَا عِنْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ (إنْ) كَانَ إذَا خَرَجَ فِي أَشْهُرِهِ (وَصَلَ) لِمَكَّةَ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ لَكِنْ فِي الْحَجِّ يُحْرِمُ مِنْ مَكَانِهِ، وَيَخْرُجُ وَفِي الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمِيقَاتِ (وَإِلَّا) يَصِلُ فِيهَا كَإِفْرِيقِيٍّ (فَمِنْ حَيْثُ) أَيْ فَيُحْرِمُ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي إذَا خَرَجَ فِيهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) حَقُّهُ عَلَى الْأَرْجَحِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ) النَّذْرُ (فِي) قَوْلِهِ (مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا) حَيْثُ أَرَادَ صَرْفَهُ فِي بِنَائِهَا إنْ هُدِمَتْ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ كِسْوَتَهَا وَطِيبَهَا وَنَحْوَهُمَا لَزِمَهُ ثُلُثُ مَالِهِ لِلْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ النِّيَّةَ مُسَاوِيَةٌ لِلَّفْظِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى اللَّفْظِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ بَرَكَةِ الْحَجِّ) أَيْ إذَا أَتَيْتهَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ أَوْ مِنْ بَرَكَةِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ إلَخْ) سَوَاءٌ وَجَدَ صُحْبَةً يَسِيرُ مَعَهَا أَوْ عَدِمَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَخِّرُ لِلْمِيقَاتِ) أَيْ، وَلَا لِوُجُودِ رُفْقَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ قَرِينَةٌ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ إنْشَاؤُهُ إذَا حَصَلَ الْوَقْتُ أَوْ الْفِعْلُ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَالْعُمْرَةِ) أَيْ كَمَا يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ نَاذِرُهَا حَالَةَ كَوْنِهِ مُطْلِقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ لَهَا بِوَقْتٍ إنْ وَجَدَ صُحْبَةً فَإِذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ وَكَلَّمَهُ عَجَّلَ الْإِحْرَامَ بِهَا مِنْ يَوْمِ الْحِنْثِ، وَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِهَا مِنْ حِينِ نَذْرِهِ إنْ وَجَدَ صُحْبَةً، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بِهَا (قَوْلُهُ: بِالْكَسْرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فَتْحِ اللَّامِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ: سَوَاءٌ قُيِّدَتْ بِالزَّمَنِ أَوْ لَا وَالتَّشْبِيهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهَا بِغَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ لِدُخُولِ الْمُقَيَّدَةِ فِيمَا قَبْلَهُ وَأَيْضًا الْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً يَجْرِي فِي الْعُمْرَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالزَّمَانِ، وَمَا قَبْلَ الْكَافِ يَقْتَضِي عَدَمَ جَرَيَانِهِ فِيهَا لِشُمُولِهِ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَتَنَاقَضَا، وَلَا يَصِحُّ الْإِطْلَاقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْكَافِ خَاصًّا بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً إنَّمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ دُونَ الْمُقَيَّدَةِ فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ كَسْرُ اللَّامِ فِي مُطْلِقًا (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ لَهَا بِوَقْتٍ أَوْ مَكَان) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِلَفْظِ الْإِحْرَامِ كَمَا فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَيِّدْهَا نَحْوَ قَوْلِهِ فِي نَذْرٍ أَوْ يَمِينٍ عَلَى عُمْرَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا الْحَجُّ الْمُطْلَقُ يَعْنِي مُقَيَّدًا بِالْإِحْرَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ، وَكَذَا فَرَضَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ قَالَهُ طفى وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّذْرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُقَيَّدٌ بِالزَّمَانِ وَالْإِحْرَامِ، وَمُقَيَّدٌ بِالْإِحْرَامِ فَقَطْ، وَغَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْإِحْرَامِ وَلَا بِالزَّمَانِ فَالْأَوَّلُ كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ أُحْرِمُ يَوْمَ كَذَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ كَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ يَوْمَ كَذَا أَوْ مِنْ مَكَانِ كَذَا إذَا أَتَيْته فَهَذَا يَلْزَمُ فِيهِ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ إذَا حَصَلَ الْوَقْتُ أَوْ الْفِعْلُ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ وَلَوْ عَدِمَ صُحْبَةً، وَالثَّانِي إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ فَهَذَا يَلْزَمُهُ فِي الْعُمْرَةِ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بِهَا إنْ وَجَدَ صُحْبَةً وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْحَجِّ يُؤَخِّرُ الْإِحْرَامَ لِأَشْهُرِهِ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ، وَالثَّالِثُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ عُمْرَةٌ أَوْ حَجٌّ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، وَكَلَّمَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ كَانَ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَجَدَ صُحْبَةً أَوْ لَا كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْدَمْ) أَيْ فَإِنْ عَدِمَ الصُّحْبَةَ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ لِوُجُودِهَا (قَوْلُهُ: فَالْمُقَيَّدَةُ) أَيْ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ. (قَوْلُهُ: لَا نَاذِرَ الْحَجِّ الْمُطْلَقِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيِّدْ بِوَقْتٍ، وَلَا بِمَكَانٍ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَةِ نَذْرِ الْحَجِّ الْمُطْلَقِ وَصُورَةِ نَذْرِ الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ فَالْأَوَّلُ كَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أَنَا أُحْرِمُ لِلَّهِ بِحَجٍّ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِحَجٍّ، وَكَلَّمَهُ وَالثَّانِيَةُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ، وَكَلَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ، وَفِي نَذْرِ الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ أَجْزَأَ (قَوْلُهُ: حَقُّهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي اخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ لَا ابْنُ رُشْدٍ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ هُنَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الَّذِي قَالَ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ يَصِلُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَحْرَمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَإِنْ أَرَادَ اسْتِظْهَارَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمُسْتَحْسَنِ أَوْ الْمُصَحَّحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ النَّذْرُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ حَيْثُ أَرَادَ صَرْفَهُ فِي بِنَائِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ، وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ لُزُومِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَإِنَّمَا كَانَ النَّذْرُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ

إنْ احْتَاجَتْ (أَوْ) (كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ) فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ (أَوْ) نَذْرٍ (هَدْيٍ) بِلَفْظِهِ أَوْ بَدَنَةٌ بِلَفْظِهَا (لِغَيْرِ مَكَّةَ) كَقَبْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِمَا لَا بَعْثُهُ، وَلَا ذَكَاتُهُ بِمَوْضِعِهِ بَلْ يُمْنَعُ بَعْثُهُ وَلَوْ قَصَدَ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ لِقَبْرِ الْوَلِيِّ، لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ سَوْقُ الْهَدَايَا لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ مَعَالِمِ الشَّرِيعَةِ، فَإِنْ عَبَّرَ بِغَيْرِ لَفْظِ هَدْيٍ أَوْ بَدَنَةٍ كَلَفْظِ بَعِيرٍ أَوْ خَرُوفٍ فَلَا يَبْعَثُهُ بَلْ يَذْبَحُهُ بِمَوْضِعِهِ، وَبَعْثُهُ أَوْ اسْتِصْحَابُهُ مِنْ الضَّلَالِ أَيْضًا، وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ زِيَارَةِ وَلِيٍّ وَاسْتِصْحَابُ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ مَعَهُمْ لِيُذْبَحَ هُنَاكَ لِلتَّوَسُّعَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى فُقَرَاءِ الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ وَلَا تَعْيِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ. وَأَمَّا نَذْرُ جِنْسِ مَا لَا يُهْدَى كَالثَّوْبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالطَّعَامِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لِلْمَحَلِّ أَوْ الْخَدَمَةِ وَجَبَ بَعْثُهُ، وَإِنْ أَرَادَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ لِلنَّبِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ تَصَدَّقَ بِهِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ، وَلَا يَلْزَمُ بَعْثُ شَمْعٍ، وَلَا زَيْتٍ يُوقَدُ عَلَى الْقَبْرِ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ بَلْ يَحْرُمُ نَذْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا لِتَزْيِينِ بَابٍ أَوْ تَابُوتِ وَلِيٍّ أَوْ سَقْفِ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ دُنْيَا وَأُخْرَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَجَازَ لِرَبِّهِ أَوْ لِوَارِثِهِ الرُّجُوعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَالِكُهُ فَحَقُّهُ بَيْتُ الْمَالِ (أَوْ) نَذَرَ (مَالَ غَيْرٍ) مِنْ عَبْدِهِ أَوْ دَارِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا (إنْ لَمْ يُرِدْ) بِنَذْرِهِ إيَّاهُ (إنْ مَلَكَهُ) فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لَزِمَهُ حِينَ يَمْلِكْهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ (أَوْ عَلَى نَحْرِ فُلَانٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَلَوْ) كَانَ فُلَانٌ (قَرِيبًا) لَهُ كَوَلَدِهِ (إنْ لَمْ يَلْفِظْ) فِي نَذْرِهِ أَوْ تَعْلِيقِهِ (بِالْهَدْيِ) فَإِنْ لَفَظَ بِهِ كَعَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا فَعَلَيْهِ هَدْيٌ (أَوْ) لَمْ (يَنْوِهِ) أَيْ الْهَدْيُ فَإِنْ نَوَاهُ فَكَلَفْظِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَذْرٌ لَا قُرْبَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُضُ فَتُبْنَى كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَتْ) أَيْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ حَيْثُ شَاءَ، وَمِثْلُ مَا إذَا قَالَ مَالِي فِي الْكَعْبَةِ، وَأَرَادَ صَرْفَهُ فِي كِسْوَتِهَا فِي لُزُومِ ثُلُثِ مَالِهِ لِلْحَجَبَةِ مَا إذَا قَالَ مَالِي فِي كِسْوَتِهَا أَوْ طِيبِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا) أَيْ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِتَشْدِيدِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان، وَأَمَّا إذَا قَيَّدَ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان بِأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ فِي مُدَّةِ كَذَا أَوْ فِي بَلَدِ كَذَا فَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي بَابِهَا أَوْ صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَقَوْلَانِ قِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَا يَسْتَفِيدُهُ أَوْ يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْأَجْلِ أَوْ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْقِيَاسُ وَلِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّوَابُ اُنْظُرْ بْن. هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ يَمِينًا فَإِنْ كَانَتْ نَذْرًا بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا ثُلُثُ مَالِهِ، وَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَكْتَسِبُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي صِيغَتَيْ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَدْفُوعَ لَهُ وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ عَلَى فُلَانٍ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَكْتَسِبُهُ سَوَاءٌ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَوْ لَا كَانَتْ الصِّيغَةُ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرُ هَدْيٍ) أَيْ لَا يَلْزَمُ نَذْرُ حَيَوَانٍ كَعَجِلٍ أَوْ خَرُوفٍ نَذَرَهُ بِلَفْظِ الْهَدْيِ أَوْ بِلَفْظِ الْبَدَنَةِ لِغَيْرِ مَكَّةَ كَأَنْ يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ عِجْلٌ هَدْيًا لِلْمَدِينَةِ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ بَدَنَةٌ لِطَنْدَتَا (قَوْلُهُ: كَلَفْظِ بَعِيرٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ عِجْلٌ أَوْ خَرُوفٌ أَوْ جَزُورٌ لِلْوَلِيِّ الْفُلَانِيِّ أَوْ لِلنَّبِيِّ أَوْ لِلْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْعَثُهُ) أَيْ، وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لِقَبْرِ الْوَلِيِّ أَوْ لِقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: بَلْ يَذْبَحُهُ) أَيْ النَّاذِرُ أَوْ الْحَالِفُ بِمَوْضِعِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ مَحَلِّهِ، وَكَمَا لَهُ ذَبْحُهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَيَدْفَعَ لِفُقَرَاء مَوْضِعِهِ بَدَلَهُ مِثْلَ مَا فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ. (قَوْلُهُ: وَبَعْثُهُ أَوْ اسْتِصْحَابُهُ) ، وَكَذَا بَعْثُ لَحْمِهِ مِنْ الضَّلَالِ أَيْضًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ فِي بَعْثِهِ شَبَهًا بِسَوْقِ الْهَدْيِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ لِغَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الضَّلَالِ، وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَازَنَةِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ جَوَازُ بَعْثِهِ أَوْ اسْتِصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ إطْعَامَ الْمَسَاكِينِ بِأَيِّ بَلْدَةٍ طَاعَةٌ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَذْرُ جِنْسِ مَا لَا يُهْدَى) أَيْ نَذَرَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ كَلِلَّهِ عَلَيَّ لِلنَّبِيِّ أَوْ لِلْوَلِيِّ الْفُلَانِيِّ دِينَارٌ صَدَقَةً أَوْ سِتْرٌ أَوْ أَرْدَبُّ حِنْطَةٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ مَا ذُكِرَ وَحَنِثَ، وَأَمَّا نَذْرُ ذَلِكَ بِمَكَّةَ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُبَاعُ، وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ هَدْيٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ بَعْثُ شَمْعٍ، وَلَا زَيْتٍ) أَيْ نَذَرَهُ أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ (قَوْلُهُ: يُوقَدُ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ قَبْرُ الْوَلِيِّ أَوْ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ إيقَادَهُ عَلَى الْقَبْرِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ مَالٍ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَنْتَفِعُ بِالْوَقِيدِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَيَلْزَمُ إرْسَالُهُ (قَوْلُهُ: لِتَزْيِينِ بَابٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَابَ الْكَعْبَةِ أَوْ بَابَ وَلِيٍّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَنَّ رَبَّهُ إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالُ غَيْرِ) عَطْفٌ عَلَى مَالِي مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ فِي مَالِي وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِ غَيْرٍ أَيْ لَا يَلْزَمُ فِي مَالِ غَيْرٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِ فُلَانِ أَوْ التَّصَدُّقُ بِمَالِهِ أَوْ دَارِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ هَدْيٌ) أَيْ إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ الْقُرْبَةَ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا إذَا قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ يَعْنِي ذَبْحَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ فُلَانٌ الَّذِي نُذِرَ نَحْرُهُ هَدْيًا

(أَوْ) لَمْ (يَذْكُرْ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ) أَوْ يَنْوِهِ أَوْ يَذْكُرْ مَكَانًا مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يَذْبَحُ فِيهَا كَمِنًى أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ مَكَّةَ، وَأَوْ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ فَلَا يُبْرِيهِ إلَّا نَفْيُ الثَّلَاثَةِ، وَاللُّزُومُ عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهَا (وَالْأَحَبُّ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ لَفَظَ بِالْهَدْيِ أَوْ نَوَاهُ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ نَوَاهُ (كَنَذْرِ الْهَدْيِ) تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ أَيْ كَمَا يُسْتَحَبُّ فِي نَذْرِ الْهَدْيِ الْمُطْلَقِ نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ (بَدَنَةٌ ثُمَّ) عِنْدَ فَقْدِهَا (بَقَرَةٌ) فَإِنْ عَجَزَ فَشَاةٌ وَاحِدَةٌ وَالْأَحَبِّيَّةُ مُنَصَّبَةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَإِلَّا فَالْهَدْيُ فِي نَفْسِهِ وَاجِبٌ (كَنَذْرِ الْحَفَاءِ) بِالْمَدِّ، وَهُوَ الْمَشْيُ بِلَا نَعْلٍ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الْحَفَاءُ فِي نَذْرِهِ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ حَفَاءً أَوْ حَبْوًا أَوْ زَحْفًا مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ حَرَجٌ، وَمَزِيدُ مَشَقَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ بَلْ يَمْشِي مُنْتَعِلًا عَلَى الْعَادَةِ وَيُنْدَبُ لَهُ الْهَدْيُ (أَوْ) نَذَرَ (حَمْلَ فُلَانٍ) عَلَى عُنُقِهِ لِمَكَّةَ (إنْ نَوَى التَّعَبَ) لِنَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ هُوَ مَاشِيًا، وَيَهْدِي نَدْبًا (وَإِلَّا) يَنْوِ التَّعَبَ بَلْ نَوَى بِحَمْلِهِ إحْجَاجَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (رَكِبَ) هُوَ فِي حَجِّهِ جَوَازًا (وَحَجَّ بِهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ بِحَمْلِهِ مَعَهُ إنْ رَضِيَ، وَإِلَّا حَجَّ وَحْدَهُ (بِلَا هَدْيٍ) عَلَيْهِ فِيهِمَا (وَلَغَا) بِالْفَتْحِ كَوَهَى فِعْلٌ لَازِمٌ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ يُقَالُ أَلْغَيْت الشَّيْءَ أَبْطَلْته أَيْ وَبَطَلَ قَوْلُ الشَّخْصِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ (عَلَيَّ الْمَسِيرُ) أَوْ الْإِتْيَانُ أَوْ الِانْطِلَاقُ (وَالذَّهَابُ وَالرُّكُوبُ لِمَكَّةَ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إتْيَانَهَا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَيَلْزَمُ الْإِتْيَانُ وَيَرْكَبُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَاشِيًا فَيَلْزَمُ، وَإِنَّمَا لَغَا مَا ذَكَرَ دُونَ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا جَرَى بِلَفْظِ الْمَشْيِ دُونَ غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي السُّنَّةِ. (وَ) لَغَا (مُطْلَقُ الشَّيْءِ) مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَكَّةَ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً كَأَنْ يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ مَشْيٌ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ مَشْيٌ (وَ) لَغَا قَوْلُهُ: عَلَيَّ (مَشْيٌ) أَيْ إتْيَانٌ (لِمَسْجِدٍ) غَيْرَ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ لِاعْتِكَافٍ) فِيهِ (إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا) بِأَنْ يَكُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَدُونَ (فَقَوْلَانِ) فِي لُزُومِ الْإِتْيَانِ لَهُ مَاشِيًا لِلصَّلَاةِ أَوْ الِاعْتِكَافِ وَعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَجِبُ فِعْلُ مَا نَذَرَهُ بِمَوْضِعِهِ كَمَنْ نَذَرَهُمَا بِمَسْجِدٍ بَعِيدٍ (تَحْتَمِلُهُمَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحُرًّا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرِّ وَعَبْدِ الْغَيْرِ أَنَّ الْعَبْدَ يَصِحُّ مِلْكُهُ فَيُخْرِجُ عِوَضَهُ وَهُوَ قِيمَتُهُ، وَأَمَّا الْحُرُّ فَلَيْسَ مِمَّا يَصِحُّ مِلْكُهُ، وَلَا يُخْرِجُ عِوَضَهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ فِيهِ هَدْيٌ إذَا قَصَدَ الْقُرْبَةَ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ) أَيْ فَإِنْ ذَكَرَهُ لَزِمَهُ هَدْيٌ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ عِنْدَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي مِنًى وَالْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ مَقَامُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْحَجَرُ الَّذِي، وَقَفَ عَلَيْهِ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ، كَذَا قِيلَ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ، وَقِيلَ إنَّ الْمُرَادَ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ قِصَّتُهُ مَعَ وَلَدِهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِهَا مُلَاحَظَتُهَا فَمَنْ لَاحَظَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْهَدْيُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ يَنْوِهِ أَوْ يَذْكُرْ مَكَّةَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي. اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَوْ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ) أَيْ إنَّ أَوْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَقَامَ إبْرَاهِيمِ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْهَدْيِ عِنْدَ انْتِقَاءِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لَا عِنْدَ انْتِفَاءِ أَحَدِهَا وَاللُّزُومُ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ أَوْ بَعْدَ النَّفْيِ لِنَفْيِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ وَنَفْيُهُ بِانْتِفَاءِ الْجَمِيعِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْقَرِيبِ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْهَدْيِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَلُزُومِهِ إنْ وُجِدَ أَحَدُهَا، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبَاجِيَّ وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ بِالْقَرِيبِ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ بِالْهَدْيِ أَوْ نَوَاهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي لُزُومِ الْهَدْيِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا بِلَوْ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ قَرِيبًا، اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: فَلَا يُبْرِيهِ) أَيْ مِنْ لُزُومِ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْهَدْيُ فِي نَفْسِهِ وَاجِبٌ) أَيْ إنْ لَفَظَ بِالْهَدْيِ أَوْ نَوَاهُ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ نَوَاهُ (قَوْلُهُ: كَنَذْرِ الْحَفَاءِ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ بِمَالِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَكِبَ وَحَجَّ بِهِ) إنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَمَّا إذَا نَوَى إحْجَاجَهُ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَلْزَمُهُ حَجٌّ بَلْ يَدْفَعُ لِلرَّجُلِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ الْحَجِّ فَقَطْ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَارَةً يَحُجُّ الْحَالِفُ وَحْدَهُ، وَهَذَا إذَا أَرَادَ الْمَشَقَّةَ عَلَى نَفْسِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى عُنُقِهِ وَتَارَةً يَحُجُّ الْمَحْلُوفُ بِهِ وَحْدَهُ إذَا أَرَادَ إحْجَاجَهُ مِنْ مَالِهِ وَتَارَةً يَحُجَّانِ جَمِيعًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي الْكَلَامِ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِيمَا إذَا رَضِيَ بِالْحَجِّ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَحَجَّ النَّادِرُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَغَا مَا ذَكَرَ دُونَ الْمَشْيِ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْمَسِيرَ وَالذَّهَابَ مُسَاوِيَانِ لَهُ فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ، وَهُوَ مُطْلَقُ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعُرْفَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ جَرَى عُرْفٌ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَمْ يَكُنْ لَغْوٌ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ أَصْلَ الْإِلْغَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَقَدْ اعْتَبَرَهَا أَشْهَبُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ وَاللَّخْمِيُّ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اعْتِبَارُ الرُّكُوبِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِمَكَّةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِالْكَعْبَةِ لَزِمَ، وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ يُونُسَ لِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَغَا مُطْلَقُ الْمَشْيِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ بِانْفِرَادِهِ لَا طَاعَةَ فِيهِ، وَأَلْزَمُهُ أَشْهَبُ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَكَّةَ) أَيْ فَإِنْ قَيَّدَ بِهَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ سَوَاءٌ نَوَى صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا أَوْ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا بَلْ نَوَى مُطْلَقَ الْمَشْيِ لِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَمَشْيٌ لِمَسْجِدٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَسْجِدٍ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِاعْتِكَافٍ أَوْ صَلَاةٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيَفْعَلُ تِلْكَ الْعِبَادَةَ بِمَحَلِّهِ لِخَبَرِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي

[باب الجهاد]

(وَ) لَغَا (مَشْيٌ) أَيْ إتْيَانٌ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا (لِلْمَدِينَةِ) الْمُشَرَّفَةِ بِسَيِّدِ الْعَالَمِينَ (أَوْ إيلْيَاءَ) بِالْمَدِّ وَرُبَّمَا قُصِرَ، وَيُقَالُ أَيْلَةٌ كَنَخْلَةٍ بَيْتُ الْمَقْدِسِ (إنْ لَمْ يَنْوِ) أَوْ يَنْذُرْ (صَلَاةً) أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا (بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّهِمَا) أَيْ الْمَسْجِدَيْنِ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ سَمَّاهُمَا لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ وَحِينَئِذٍ (فَيَرْكَبُ) ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَهَلْ) لُزُومُ الْإِتْيَانِ فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا، وَ (إنْ كَانَ) النَّاذِرُ مُقِيمًا (بِبَعْضِهَا) فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا (أَوْ) يَلْزَمُهُ (إلَّا لِكَوْنِهِ) مُقِيمًا (بِأَفْضَلَ) فَلَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُ الْمَفْضُولِ (خِلَافٌ وَالْمَدِينَةُ) الْمُنَوَّرَةُ بِأَنْوَارِ أَفْضَلِ الْخَلْقِ (أَفْضَلُ) عِنْدَنَا مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (ثُمَّ مَكَّةُ) فَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ السَّمَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ. دَرْسٌ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْجِهَادَ (الْجِهَادُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَكُونُ (فِي أَهَمِّ جِهَةٍ) فَإِنْ اسْتَوَتْ الْجِهَات خُيِّرَ الْإِمَامُ (كُلَّ سَنَةٍ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ الْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَإِنْ) (خَافَ) الْمُجَاهِدُ (مُحَارِبًا) فِي طَرِيقِهِ أَوْ طَرْؤُهُ عَلَى مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ حَالَ الِاشْتِغَالِ بِالْجِهَادِ فَلَا يَسْقُطُ الْجِهَادُ (كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ) أَيْ إقَامَةِ الْمَوْسِمِ بِالْحَجِّ كُلَّ سَنَةٍ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» . وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لِمَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ ن، وَكَذَا إذَا نَذَرَ إتْيَانَ ثَغْرٍ لِأَجْلِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ لَزِمَهُ إتْيَانُهُ لَا لِاعْتِكَافٍ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَمَّا إذَا نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدٍ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ النَّاذِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَوْلَانِ قِيلَ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ مَاشِيًا وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْمَشْيِ إلَى الْمَسْجِدِ مِنْ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَأْتِ مِثْلُهُ فِي الرَّاكِبِ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ أَصْلًا، وَإِذَا نَذَرَ الْإِتْيَانَ لِمَسْجِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِصَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِبَعْضِهَا، وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ فِيهِ أَفْضَلُ فَلَا يَلْزَمُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَلَغَا مَشْيٌ لِلْمَدِينَةِ أَوْ إيلْيَاءَ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ السَّيْرَ أَوْ الذَّهَابَ لِلْمَدِينَةِ أَوْ لِإِيلِيَاء أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِمَا لَا مَاشِيًا وَلَا رَاكِبًا، وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْإِتْيَانِ إلَيْهِمَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَوْ يَنْذُرَ صَلَاةً، وَلَوْ نَفْلًا أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّ الْمَسْجِدَيْنِ لَا الْبَلَدَيْنِ فَإِنْ نَوَى صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا فِي الْمَسْجِدَيْنِ أَوْ سَمَّاهُمَا لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ) أَيْ لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ» نَقَلَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَحَيْثُ كَانَتْ الْمَدِينَةُ أَفْضَلَ فَيَكُونُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْعَمَلِ فِي مَسْجِدِهَا مِنْ صَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَكْثَرَ مِنْ الثَّوَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْعَمَلِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ. [بَابٌ الْجِهَادَ] (بَابٌ فِي الْجِهَادِ) (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) ظَاهِرُهُ مَعَ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْجُزُولِيُّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ مَعَ الْخَوْفِ وَنَافِلَةٌ مَعَ الْأَمْنِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْوَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ) أَيْ وَالْمَطْلُوبُ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَاتٍ، وَكَانَ ضَرَرُهُ فِي بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ ضَرَرِهِ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ أَرْسَلَ الْإِمَامُ لِغَيْرِ الْأَهَمِّ أَثِمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّقَانِيِّ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْجِهَاتُ فِي الضَّرَرِ خُيِّرَ الْإِمَامُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْلِمِينَ كِفَايَةٌ لِجَمِيعِ الْجِهَاتِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ يُعَيَّنُ الْقِتَالُ فِيهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ " يَكُونُ " إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ لَا بِالْجِهَادِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَّا إذَا تَعَدَّدَتْ الْجِهَةُ، وَفِيهَا أَهَمُّ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي الْأَهَمِّ مِنْهَا مَعَ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي جِهَةٌ وَاحِدَةٍ أَوْ جِهَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا أَهَمُّ أَوْ فِيهَا أَهَمُّ وَجَاهَدَ فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي الْأَهَمِّ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي جِهَةٍ أَوْ جِهَاتٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَهَمُّ أَوْ فِيهَا وَجَاهَدَ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: كُلَّ سَنَةٍ) أَيْ بِأَنْ يُوَجِّهَ الْإِمَامُ كُلَّ سَنَةٍ طَائِفَةً وَيَزُجُّ بِنَفْسِهِ مَعَهَا أَوْ يُخْرِجَ بَدَلَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ لِيَدْعُوَهُمْ لِلْإِسْلَامِ وَيُرَغِّبَهُمْ فِيهِ ثُمَّ يُقَاتِلَهُمْ إذَا أَبَوْا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْجِهَادُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قِتَالَ الْكُفَّارِ أَهَمُّ مِنْ قِتَالِ الْمُحَارِبِينَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قِتَالُ الْمُحَارِبِينَ أَفْضَلُ مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِيٍّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَفْضَلَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَيْهِ خِلَافِيَّةٌ وَالنَّظَرُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ (قَوْلُهُ: أَيْ إقَامَةِ الْمَوْسِمِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ زِيَارَتَهَا

(وَلَوْ مَعَ وَالٍ) أَيْ أَمِيرٍ (جَائِرٍ) فِي أَحْكَامِهِ ظَالِمٍ فِي رَعِيَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَادِرًا يَنْقُضُ الْعَهْدَ فَلَا يَجِبُ مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ (عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضُ كِفَايَةٍ (كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ) غَيْرَ الْعَيْنِيِّ، وَهِيَ الْفِقْهُ وَالتَّفْسِيرُ وَالْحَدِيثُ وَالْعَقَائِدُ، وَمَا تَوَقَّفْت عَلَيْهِ مِنْ نَحْوٍ وَتَصْرِيفٍ وَمَعَانٍ وَبَيَانٍ وَحِسَابٍ وَأُصُولٍ لَا فَلْسَفَةٍ، وَهَيْئَةٍ، وَلَا مَنْطِقٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا عَرُوضٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ بِهَا حِفْظُهَا وَإِقْرَاؤُهَا وَتَدْوِينُهَا وَتَحْقِيقُهَا (وَالْفَتْوَى) وَهِيَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ (وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ (وَالْقَضَاءِ) ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَرَفْعِ الْهَرْجِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ (وَالشَّهَادَةِ) أَدَاءً وَتَحَمُّلًا إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ (وَالْإِمَامَةِ) الْكُبْرَى (وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَيْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ كُلٍّ، وَأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى ارْتِكَابِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ مَفْسَدَةً، وَأَنْ يَظُنَّ الْإِفَادَةَ. وَالْأَوَّلَانِ شَرْطَانِ لِلْجَوَازِ فَيَحْرُمُ عِنْدَ فَقْدِهِمَا وَالثَّالِثُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فَيَسْقُطُ عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّ الْإِفَادَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَمُرْتَكِبُهُ يَرَى تَحْرِيمَهُ لَا إنْ كَانَ يَرَى حِلَّهُ أَوْ يُقَلِّدُ مَنْ يَقُولُ بِالْحِلِّ (وَالْحِرَفِ الْمُهِمَّةِ) أَيْ الَّتِي بِهَا صَلَاحُ النَّاسِ، وَإِقَامَةُ مَعَاشِهِمْ كَالْخِيَاطَةِ وَالنَّجَّارَةِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْفِلَاحَةِ لَا كَقَصْرِ ثَوْبٍ وَنَقْشٍ وَطَرْزٍ (وَرَدِّ السَّلَامِ) ، وَلَوْ مِنْ قَارِئِ قُرْآنٍ وَآكِلٍ أَوْ مُصَلٍّ لَكِنْ بِالْإِشَارَةِ، وَلَا يَطْلُبُ بِالرَّدِّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَكَذَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مُلَبٍّ وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ لَكِنْ بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ بَقِيَ الْمُسْلِمُ لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَوَاطِئٍ، وَلَا عَلَى مُسْتَمِعِ خُطْبَةٍ كَشَابَّةٍ (وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ) وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَفَكِّ الْأَسِيرِ) ، وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُفَكُّ بِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي مَالِهِ. (وَتَعَيَّنَ) الْجِهَادُ (بِفَجْءِ الْعَدُوِّ) عَلَى قَوْمٍ (وَإِنْ) تَوَجَّهَ الدَّفْعُ (عَلَى امْرَأَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِطَوَافٍ فَقَطْ أَوْ عُمْرَةٍ، وَأَفْرَدَ هَذَا عَنْ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْجِهَادِ فِي الْوُجُوبِ كُلَّ سَنَةٍ بِخِلَافِ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا فِي كُلِّ سَنَةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضِيَّةَ إقَامَةِ الْمَوْسِمِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الشَّعِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظُوا فَرْضَ الْكِفَايَةِ نَعَمْ ثَوَابُ الْفَرْضِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّتِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَازِي مَعَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ غَادِرًا يَنْقُضُ الْعَهْدَ) أَيْ وَلَوْ مَعَ كَافِرٍ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ إلَخْ) هَذَا يَشْمَلُ الْكَافِرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ بِأَنْ يَقْتُلَ غَيْرَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَكُونُ الْجِهَادُ وَاجِبًا عَلَى الْكَافِرِ وَقَدْ عَدَّ ابْنُ رُشْدٍ الْإِسْلَامَ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ. اهـ. بْن، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَرِدُ هَذَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ رُشْدٍ الْوُجُوبُ الَّذِي يُطَالَبُ بِسَبَبِهِ الْإِمَامُ وَوُلَاةُ الْأُمُورِ، وَالْكُفَّارُ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَإِنْ قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ وَأَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا عَذَابًا زَائِدًا عَلَى عَذَابِ الْكُفَّارِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْفِقْهُ) أَيْ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ غَيْرُ الْعَيْنِيِّ الْفِقْهِ إلَخْ. وَأَمَّا الْوَاجِبُ الْعَيْنِيُّ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي مَعْرِفَةِ بَابٍ مُعَيَّنٍ بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ لَا يَقْدُمَ عَلَى أَمْرٍ مِنْ طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ وَغَيْرِهِمَا حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَلَوْ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) فَقَدْ نَهَى عَنْ قِرَاءَتِهِ الْبَاجِيَّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَعِيَاضٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ تَعَلُّمِهِ لِتَوَقُّفِ الْعَقَائِدِ عَلَيْهِ وَتَوَقُّفِ إقَامَةِ الدِّينِ عَلَيْهَا وَرَدَّ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ عَقَائِدِ الدِّينِ إلَّا الْعَقِيدَةُ الَّتِي يُشَارِكُ فِيهَا الْعَوَامُّ وَإِنَّمَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُمْ بِصِفَةِ الْمُجَادَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ) لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بِإِطْعَامِ جَائِعٍ وَسِتْرِ عَوْرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ وَلَا بَيْتُ الْمَالِ بِذَلِكَ، وَبِالْمُعَاوَنَةِ عَلَى رَدِّ مَا أَخَذَهُ اللِّصُّ لِصَاحِبِهِ، وَبِرَدِّ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْإِخْبَارُ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْقَضَاءَ إنْشَاءُ الْإِخْبَارِ بِالْحُكْمِ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ كُلٍّ) أَيْ مِنْ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَظُنَّ الْإِفَادَةَ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَنَّ الْإِفَادَةِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ التَّأْدِيَةِ إلَى مُنْكَرٍ أَكْبَرَ مِنْهُ لَكِنَّ ثَمَرَةَ التَّعْدَادِ تَظْهَرُ عِنْدَ اخْتِلَالِ الْقُيُودِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ الثَّانِي يَحْرُمُ، وَإِذَا اخْتَلَّ الثَّالِثُ يَجُوزُ أَوْ يُنْدَبُ (قَوْلُهُ: وَآكِلٍ) الَّذِي ذَكَرَهُ ح فِي بَابِ الْأَذَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْآكِلِ، وَلَا يَرِدُ اُنْظُرْهُ، وَذَكَرَ عج أَنَّ السَّلَامَ كَمَا يُطْلَبُ مِنْ الْقَادِمِ يُطْلَبُ مِنْ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا السَّلَامُ عَلَى الْكُفَّارِ فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْنَا بِإِخْلَاصٍ وَجَبَ عَلَيْنَا الرَّدُّ. (قَوْلُهُ: كَشَابَّةٍ) أَيْ سَلَّمَ عَلَيْهَا بَالِغٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَحْصُلُ لَهُمْ ضَرَرٌ بِذَلِكَ، وَإِلَّا ارْتَكَبَ أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَجَّهَ الدَّفْعُ عَلَى امْرَأَةٍ وَرَقِيقٍ) فِيهِ إنْ تَوَجَّهَ الدَّفْعُ هُوَ عَيْنُ فَرْضِيَّةِ الْجِهَادِ عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَوَجَّهَ الدَّفْعُ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ التَّوَجُّهُ عَلَى امْرَأَةٍ وَهَذَا غَيْرُ مَعْقُولٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَى امْرَأَةٍ مُبَالَغَةً فِي مَحْذُوفٍ، وَالْمَعْنَى: وَتَعَيَّنَ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَحَدُ امْرَأَةً، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَيُسْهَمْ إذْ ذَاكَ لِلْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ

وَرَقِيقٍ (وَ) تَعَيَّنَ (عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ عَجَزُوا) عَنْ كَفِّ الْعَدُوِّ بِأَنْفُسِهِمْ (وَ) تَعَيَّنَ أَيْضًا (بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ) شَخْصًا، وَلَوْ امْرَأَةً وَعَبْدًا (وَسَقَطَ) الْجِهَادُ بَعْدَ التَّعْيِينِ كَمَا لَا يَجِبُ ابْتِدَاءً (بِمَرَضٍ وَصِبًا وَجُنُونٍ، وَعَمًى، وَعَرَجٍ وَأُنُوثَةٍ وَعَجْزٍ عَنْ) تَحْصِيلِ شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ لَهُ) مِنْ سِلَاحٍ وَنَفَقَةٍ ذَهَابًا، وَإِيَابًا (وَرِقٍّ) ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ إنْ لَمْ يُعَيَّنَ كَمَا مَرَّ (وَدَيْنٍ حَلَّ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ، وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (كَوَالِدَيْنِ) أَيْ كَالسُّقُوطِ بِمَنْعِ أَحَدِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً شَفَقَةٍ (فِي) كُلِّ (فَرْضِ كِفَايَةٍ) ، وَلَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُ، وَإِلَّا خَرَجَ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إنْ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ (بِبَحْرٍ أَوْ) بَرٍّ (خَطِرٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ إلَّا الْجِهَادَ فَلَهُمَا الْمَنْعُ مِنْهُ وَلَوْ بِبَرٍّ آمِنٍ، وَإِلَّا الْعِلْمَ الْكِفَائِيَّ فَلَا يَمْنَعَانِهِ إذَا خَلَا مَحَلُّهُمَا عَمَّنْ يَقُومُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الْجِهَادَ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ يَفْجَأْهُمْ الْعَدُوُّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلِذَا لَا يُسْهَمُ لَهُمْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَرَقِيقٍ) ، وَكَذَا صَبِيٌّ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ) أَيْ وَتَعَيَّنَ عَلَى مَنْ بِمَكَانٍ مُقَارِبٍ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ إنْ عَجَزَ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمَحَلُّ التَّعْيِينِ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ لَمْ يَخْشَوْا عَلَى نِسَائِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ مِنْ عَدُوٍّ بِتَشَاغُلِهِمْ بِمُعَاوَنَةِ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ، وَإِلَّا تَرَكُوا إعَانَتَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ) أَيْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ لِلْجِهَادِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ مَدِينًا، وَيَخْرُجُونَ وَلَوْ مَنَعَهُمْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ وَرَبُّ الدَّيْنِ وَالْمُرَادُ بِتَعْيِينِهِ عَلَى الصَّبِيِّ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ إلْجَاؤُهُ عَلَيْهِ وَجَبْرُهُ عَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ بِمَا فِيهِ إصْلَاحُ حَالِهِ لَا بِمَعْنَى عِقَابِهِ عَلَى تَرْكِهِ كَذَا ذَكَرَ طفى فَلَا يُقَالُ إنَّ تَوَجُّهَ الْوُجُوبِ لِلصَّبِيِّ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً، وَعَبْدًا) أَيْ أَوْ صَبِيًّا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ كَمَا فِي النَّوَادِرِ كَذَا فِي عبق (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّعْيِينِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ مَحَلَّةَ قَوْمٍ، وَهَذَا خَارِجٌ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَسَقَطَ بِمَرَضٍ وَجُنُونٍ إلَخْ، وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّعْيِينِ، وَالسُّقُوطُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَانِعِ الطَّارِئِ كَالْمَرَضِ وَالْجُنُونِ وَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْعَجْزِ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي مَجَازِهِ إذَا كَانَ الْمَانِعُ غَيْرَ طَارِئٍ كَالصِّبَا وَالْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا حَتَّى يَسْقُطَ فَالسُّقُوطُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا بِمَعْنَى عَدَمِ اللُّزُومِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَلَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ وَالْأُنْثَى، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَيَّنَا أَوْ عُيِّنَا غَيْرَ مُطِيقَيْنِ، وَإِلَّا لَزِمَهُمَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِ إلَخْ) أَيْ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى اخْتِلَافُ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اخْتَلَفَ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَسَوَاءٌ كَانَ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ أَوْ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ مَحَلَّهُ كَمَا فِي النَّفْرَاوِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ: مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ) أَيْ بِبَيْعِ مَا عِنْدَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي زَمَانٍ يَلْزَمُ عَلَى انْقِضَائِهِ فَوَاتُ الْجَيْشِ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إدْرَاكِهِ بَعْدَ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ) أَيْ: وَإِلَّا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ حَالٍّ وَلَا يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ، فَإِنْ حَلَّ فِي غَيْبَتِهِ وَعِنْدَهُ مَا يُوَفِّي مِنْهُ وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: كَوَالِدَيْنِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي السُّقُوطِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمَنْعِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً أَيْ وَسَقَطَ الْجِهَادُ بِسَبَبِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَسْقُطُ كُلُّ فَرْضِ كِفَايَةٍ بِمَنْعِ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ أَوْ إجَازَتِهِ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: بِبَحْرٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ كَوَالِدَيْنِ فِي كُلِّ فَرْضٍ إذَا كَانَ السَّفَرُ لِتَحْصِيلِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ فَرْضِ كِفَايَةٍ لِلْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْمَنْعُ مِنْهُ إذَا كَانَ السَّفَرُ لِتَحْصِيلِهِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطِرِ لَا إنْ كَانَ فِي بَرٍّ آمِنٍ قَالَ الشَّارِحُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْجِهَادُ فَإِنَّ لَهَا مَنْعَ الْوَلَدِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ لَهُ فِي بَرٍّ آمِنٍ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا طَلَبُ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ إذَا خَلَا مَحَلُّهُمَا عَمَّنْ يُفِيدُهُ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ لَهُ مُطْلَقًا كَانَ فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ أَوْ آمِنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُفِيدُهُ فَلَهُمَا الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ لَهُ مُطْلَقًا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ إنْ كَانَ فِي بَلَدِهِمَا مَنْ يُفِيدُهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ طَرِيقَةٌ لِلطُّرْطُوشِيِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْفِقْهِ وَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وَمَرَاتِبِهِ وَمَرَاتِبِ الْقِيَاسِ فَإِنْ كَانَ مَنْ يُفِيدُ ذَلِكَ مَوْجُودًا بِبَلَدِهِ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِلَّا خَرَجَ، وَلَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ دَرَجَةِ الْمُجْتَهِدِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاعْتَرَضَ هَذَا الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ طَاعَةَ الْأَبَوَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ لِأَجْلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ لِلْأَبَوَيْنِ أَنْ يَمْنَعَا مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُطْلَقًا جِهَادًا أَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ السَّفَرُ لِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي الْبَرِّ الْخَطِرِ أَوْ الْمَأْمُونِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَقَالَ صَوَابُ قَوْلِهِ: بِبَحْرٍ كَتِجَارَةِ بَحْرِ أَوْ بَرٍّ خَطَرٍ لِيَصِيرَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ، وَلَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْجِهَادِ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَبَيْنَ التِّجَارَةِ لِمَعَاشِهِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لَهُمَا بِبَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ لَا بِبَرٍّ آمِنٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَمَّا كَانَ يَقُومُ بِهِ

(لَا جَدٍّ) فَلَا مَنْعَ لَهُ (وَ) أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ (الْكَافِرُ كَغَيْرِهِ) فَلَهُ الْمَنْعُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْجِهَادِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ بِخِلَافِ الْجِهَادِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ قَصْدِ تَوْهِينِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُفِيدُ الشَّفَقَةَ وَنَحْوَهَا (وَدُعُوا) وُجُوبًا (لِلْإِسْلَامِ) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ أَمْ لَا مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا قُوتِلُوا (ثُمَّ) إنْ أَبَوْا مِنْ قَبُولِهِ دُعُوا إلَى أَدَاءِ (جِزْيَةٍ) إجْمَالًا إلَّا أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ تَفْصِيلِهَا (بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُجِيبُوا أَوْ أَجَابُوا وَلَكِنْ بِمَحَلٍّ لَا تَنَالهُمْ أَحْكَامُنَا فِيهِ، وَلَمْ يَرْتَحِلُوا لِبِلَادِهِمْ (قُوتِلُوا وَقُتِلُوا) أَيْ جَازَ قَتْلُهُمْ (إلَّا) سَبْعَةً (الْمَرْأَةَ) فَلَا تُقْتَلُ (إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا) فَيَجُوزُ قَتْلُهَا إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا أَوْ قَاتَلَتْ بِسِلَاحٍ كَالرِّجَالِ وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا لَا إنْ قَاتَلَتْ بِكَرْمَيْ حَجَرٍ فَلَا تُقْتَلُ وَلَوْ حَالَ الْقِتَالِ (وَ) إلَّا (الصَّبِيَّ) الْمُطِيقَ لِلْقِتَالِ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي الْمَرْأَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ. (وَ) إلَّا (الْمَعْتُوهَ) أَيْ ضَعِيفَ الْعَقْلِ فَالْمَجْنُونُ أَوْلَى (كَشَيْخٍ فَانٍ) لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْقِتَالِ (وَزَمِنٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَاجِزٍ (وَأَعْمَى) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ (وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ) عَنْ أَهْلِ دِينِهِ (بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ) لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ حَالَ كَوْنِهِمْ (بِلَا رَأْيٍ) وَتَدْبِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَيْرُ كَانَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التِّجَارَةِ، وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ الَّذِي لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الْبَرِّ الْمَأْمُونِ خُصُوصُ الْجِهَادِ، وَإِنْ غَيْرَهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَالْعِلْمِ الزَّائِدِ عَلَى الْحَاجَةِ فَهُوَ كَالتِّجَارَةِ فَلَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ لِتَحْصِيلِهِ إذَا كَانَ لَيْسَ فِي بَلَدِهِمَا مَنْ يُفِيدُهُ حَيْثُ كَانَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطَرِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا جَدٍّ) عَطْفٌ عَلَى وَالِدَيْنِ أَيْ يَسْقُطُ فَرْضُ الْجِهَادِ بِمَنْعِ وَالِدَيْنِ لَا بِمَنْعِ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ، وَإِنْ كَانَ بِرُّهُمَا وَاجِبًا فَيَسْتَرْضِيهِمَا لِيَأْذَنَا لَهُ فَإِنْ أَبَيَا خَرَجَ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْأَبِ الْمُسْلِمِ، وَقَوْلُهُ: فَلَهُ الْمَنْعُ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي كُلِّ فَرْضِ كِفَايَةٍ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تُفِيدُ الشَّفَقَةَ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْجِهَادِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِسَحْنُونٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَارْتَضَاهُ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْوَالِدَ الْكَافِرَ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ الْجِهَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ مَنْعَهُ كَرَاهَةُ إعَانَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ شَفَقَةٌ عَلَيْهِ، وَفِي كَبِيرِ خش لَوْ طَلَبَتْ أُمُّ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَةُ حَمْلَهَا لِلْكَنِيسَةِ هَلْ يَحْمِلُهَا أَوْ لَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فَإِنْ طَلَبَتْ دَرَاهِمَ لِلْقِسِّيسِ فَلَا يُعْطِيهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَإِذَا دُعُوا أَوَّلَ الثَّالِثِ قُوتِلُوا فِي أَوَّلِ الرَّابِعِ بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ فِيهِ لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَامْتِنَاعِهِمْ وَلَا يُدْعَوْنَ لِلْإِسْلَامِ لَا فِي بَقِيَّةِ الثَّالِثِ، وَلَا فِي أَوَّلِ الرَّابِعِ. (قَوْلُهُ: بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ) أَيْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ إنَّهُمْ لَا يُدْعَوْنَ لِلْإِسْلَامِ أَوَّلًا إلَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُمْ فَلَا يُدْعَوْنَ إلَى الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَالِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ الْجَيْشُ قَلِيلًا، وَمِنْ هَذَا كَانَتْ إغَارَةُ سَرَايَاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: ثَمَّ جِزْيَةٌ) أَيْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ) أَيْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِمَا مَعْنًى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ اصْطِلَاحًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ أَجَابُوا لِذَلِكَ اكْتَفَى بِهِ مِنْهُمْ إذَا كَانُوا بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ غَدْرُهُمْ فِيهِ لِكَوْنِهِمْ تَنَالُهُمْ فِيهِ أَحْكَامُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُجِيبُوا) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: قُوتِلُوا) أَيْ أَخَذَ فِي قِتَالِهِمْ وَجَازَ قَتْلُهُمْ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمَرْأَةَ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا) الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْوَاوِ مِنْ قُوتِلُوا وَالثَّانِي مِنْ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ أَيْ فَلَا تُقْتَلُ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا، وَفِي سَبَبِهِ أَيْ إلَّا بِسَبَبِ مُقَاتَلَتِهَا فَتُقْتَلُ حَالَ مُقَاتَلَتِهَا وَبَعْدَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ إلَّا فِي حَالِ مُقَاتَلَتِهَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَقْتُلَ أَحَدًا أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقَاتِلَ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا إنْ تُؤْسَرَ أَوْ لَا فَإِنْ قَتَلَتْ أَحَدًا بِالْفِعْلِ جَازَ قَتْلُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَاتَلَتُهَا بِسِلَاحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَالْحِجَارَةِ، سَوَاءٌ أُسِرَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا فَإِنْ قَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ كَالرِّجَالِ جَازَ قَتْلُهَا أَيْضًا أُسِرَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ قَاتَلَتْ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ فَلَا تُقْتَلُ بَعْدَ الْأَسْرِ اتِّفَاقًا، وَلَا فِي حَالَةِ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ مُسْتَثْنَاتَانِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ أَسْرِهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ قَتْلِهَا بَعْدَ الْأَسْرِ إذَا قَتَلَتْ أَحَدًا، وَقَاتَلَتْ بِالسِّلَاحِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى، وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ إذَا أُسِرَتْ مُطْلَقًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ إنْ قَتَلَتْ أَحَدًا جَازَ قَتْلُهَا، وَإِلَّا فَلَا، اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الْمَرْأَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ فِي سِتَّةِ أَحْوَالٍ كَالْمَرْأَةِ، وَيَمْتَنِعُ قَتْلُهُ فِي حَالَتَيْنِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَتْلُهُ حَالَ الْمُقَاتَلَةِ، وَبَعْدَ أَسْرِهِ يَتَعَيَّنُ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ فِيهِ أَصْلَحَ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَالْمَجْنُونُ أَوْلَى) أَيْ إذَا كَانَ مُطْبَقًا فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا قُتِلَ (قَوْلُهُ: أَيْ عَاجِزٍ) يَعْنِي عَنْ الْقِتَالِ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا بِإِقْعَادٍ أَوْ شَلَلٍ أَوْ فَلْجٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ) أَيْ، وَأَمَّا رُهْبَانُ الْكَنَائِسِ الْمُخَالِطُونَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَالنِّسَاءِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّمَا نَهَى عَنْ قَتْلِهِمْ لِاعْتِزَالِهِمْ أَهْلَ دِينِهِمْ وَتَبَاعُدِهِمْ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِفَضْلِ تَرَهُّبِهِمْ بَلْ هُمْ أَبْعَدُ مِنْ اللَّهِ مِنْ غَيْرِهِمْ لِشِدَّةِ كُفْرِهِمْ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَاهِبٍ، وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَتْلِ الرَّاهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَلُ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَ تَرَهُّبُهَا أَوْ أُلْغِيَ

قُيِّدَ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ (وَ) إذَا لَمْ يُقْتَلُوا (تُرِكَ لَهُمْ) مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ (الْكِفَايَةُ فَقَطْ) أَيْ مَا يَكْفِيهِمْ حَيَاتَهُمْ عَلَى الْعَادَةِ، وَقُدِّمَ مَالُهُمْ عَلَى مَالِ غَيْرِهِمْ، وَيُؤْخَذُ مَا يَزِيدُ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَا لِلْكُفَّارِ مَالٌ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَاسَاتُهُمْ إنْ أَمْكَنَ (وَ) إنْ تَعَدَّى أَحَدٌ عَلَى قَتْلٍ مَنْ ذُكِرَ (اسْتَغْفَرَ) أَيْ تَابَ وُجُوبًا (قَاتِلُهُمْ) قَبْلَ حَوْزِهِمْ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ، وَكُلُّ مَنْ لَا يُقْتَلُ يَجُوزُ أَسْرُهُ إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ بِلَا رَأْيٍ (كَمَنْ) أَيْ كَقَتْلِ مَنْ (لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ) فَلَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى الِاسْتِغْفَارِ. (وَإِنْ حِيزُوا) أَيْ مَنْ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ سِوَى الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ أَنْ صَارُوا مَغْنَمًا، وَقَتَلَهُمْ شَخْصٌ (فَقِيمَتُهُمْ) عَلَى قَاتِلِهِمْ يَجْعَلُهَا الْإِمَامُ فِي الْغَنِيمَةِ (وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ) الْمُنْعَزِلَانِ بِلَا رَأْيٍ (حُرَّانِ) فَلَا يُؤْسَرَانِ، وَلَا يُقْتَلَانِ، وَإِنْ كَانَ لَا دِيَةَ عَلَى قَاتِلِهِمَا وَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ قُتِلُوا قَوْلَهُ: (بِقَطْعِ مَاءٍ) عَنْهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَغْرَقُوا (وَآلَةٍ) كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَمَنْجَنِيقٍ، وَلَوْ فِيهِمْ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانِ (وَبِنَارٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) ، وَقَدْ خِيفَ مِنْهُمْ (وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ) فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُحْرَقُوا بِهَا، وَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ بِهَا بِالشَّرْطَيْنِ (وَإِنْ) كُنَّا، وَإِيَّاهُمْ أَوْ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ (بِسُفُنٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْمَنْطُوقِ (وَ) قُوتِلُوا (بِالْحِصْنِ بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ) بِنَارٍ (وَتَغْرِيقٍ) بِمَاءٍ، وَهَذَا كَالتَّخْصِيصِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَطْعِ مَاءٍ وَآلَةٍ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ سَحْنُونٍ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ فِي لَغْوِ تَرَهُّبِهَا وَاعْتِبَارِهِ صَيْرُورَتَهَا حُرَّةً بِالتَّرَهُّبِ فَلَا تُسْتَرَقُّ، وَعَدَمُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ يُفِيدُ قَتْلَ الْأُجَرَاءِ وَالْحَرَّاثِينَ وَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ مِنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ بَلْ يُؤْسَرُونَ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ الْمَاجِشَونِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَائِلًا وَهُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فِي أَهْلِ دِينِهِمْ كَالْمُسْتَضْعَفِينَ كَذَا فِي بْن وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ فِي حَالٍ، وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ بِنَظَرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: قَيَّدَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّيْخِ الْفَانِي، وَمَا بَعْدَهُ لَا يُقْتَلُونَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَأْيٌ وَتَدْبِيرٌ فِي الْحُرُوبِ لِقَوْمِهِمْ، وَإِلَّا قُتِلُوا وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرُ رَأْيُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ فِي تَرْكِ رَأْيِهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُقْتَلُوا تُرِكَ لَهُمْ الْكِفَايَةُ) أَيْ، وَإِذَا لَمْ يُقْتَلُوا، وَلَمْ يُؤْسَرُوا تَرَكَ إلَخْ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْكِفَايَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ لَا يُقْتَلُ، وَلَا يُؤْسَرُ سَوَاءٌ كَانَ لَا يَجُوزُ أَسْرُهُ كَالرَّاهِبِ أَوْ كَانَ أَسْرُهُ جَائِزًا، وَلَكِنْ تُرِكَ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ كَالْبَاقِي، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُمْ الْكِفَايَةَ فَقَطْ أَيْ لَا كُلَّ مَا لَهُمْ هُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُقْتَلُونَ، وَلَا يُؤْسَرُونَ يُتْرَكُ لَهُمْ مَا يَتَمَعْيَشُونَ مِنْهُ كَالْبَقَرَةِ وَالْغُنَيْمَاتِ وَالْبَغْلَةِ وَالنُّخَيْلَاتِ وَمَا يَقُومُ بِمَعَاشِهِمْ، وَيُؤْخَذُ الْبَاقِي أَوْ يُخَرَّبُ أَوْ يُحْرَقُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ يُتْرَكُ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ كُلُّهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ مَالُهُمْ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ (قَوْلُهُ: مُوَاسَاتُهُمْ) أَيْ مِنْ مَالِهِمْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَغْفَرَ قَاتِلُهُمْ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلَا دِيَةٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يُقْتَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَهُوَ مُفَادُ النَّقْلِ عَنْ الْبَاجِيَّ كَمَا فِي طفى وَمَا فِي خش مِنْ أَنَّ الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ يَلْزَمُ قَاتِلَهُمَا دِيَتُهُمَا لِأَهْلِ دِينِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ، اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ. (قَوْلُهُ: إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَسْرُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَعْتُوهِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالزَّمِنِ وَالْأَعْمَى فَإِنَّهُمْ وَإِنْ حَرُمَ قَتْلُهُمْ يَجُوزُ أَسْرُهُمْ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ، وَمِنْ غَيْرِ أَسْرٍ وَحِينَئِذٍ يُتْرَكُ لَهُمْ الْكِفَايَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ سِوَى الِاسْتِغْفَارِ) أَيْ سَوَاءٌ قَتَلَهُ فِي غَيْرِ جِهَادٍ أَوْ فِي جِهَادٍ قَبْلَ أَنْ يُدْعَوْا لِلْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَقْتُولُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُتَمَسِّكٍ بِكِتَابٍ أَوْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِكِتَابٍ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِلُزُومِ الدِّيَةِ لِقَاتِلِ هَذَا الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ: سِوَى الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ) أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَلَا يُحَازَانِ لِأَنَّهُمَا لَا يُؤْسَرَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ حُرَّانِ (قَوْلُهُ: الرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ الْمُنْعَزِلَانِ بِلَا رَأْيٍ حُرَّانِ) التَّقْيِيدُ بِلَا رَأْيٍ خَاصٍّ بِالرَّاهِبِ لِمَا مَرَّ أَنَّ رَأْيَ الْمَرْأَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ فِي تَرْكِ رَأْيِهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا وَقَدْ خِيفَ مِنْهُمْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْخَوْفِ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْ تَرَكْنَاهُمْ، اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ لَمْ يُحْرَقُوا بِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خِفْنَا مِنْهُمْ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّوْضِيحُ هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْمَنْطُوقِ) قِيلَ الْأَوْلَى جَعْلُهَا رَاجِعَةً لِلْمَفْهُومِ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ غَيْرُ النَّارِ أَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَإِنَّهُمْ لَا يُقَاتَلُونَ بِالنَّارِ وَلَوْ بِسُفُنٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الشَّرْطَانِ جَازَ قَتْلُهُمْ بِالنَّارِ اتِّفَاقًا فِي السُّفُنِ كَالْحِصْنِ فَلَا مَحَلَّ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى السُّفُنِ. وَقَدْ يُقَالُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَأْتِ بِلَوْ الَّتِي لِرَدِّ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِإِنْ، وَالْمُبَالَغَةُ يَكْفِي فِي صِحَّتِهَا مُجَرَّدُ دَفْعِ التَّوَهُّمِ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ النَّارَ تُتْلِفَ حَقَّ الْغَازِينَ فِي السُّفُنِ (قَوْلُهُ: وَبِالْحِصْنِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ، وَقُوتِلُوا فِي غَيْرِ الْحِصْنِ بِقَطْعِ مَاءٍ وَآلَةٍ، وَفِي الْحِصْنِ بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَالتَّحْصِيصِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ

(مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَوْ نِسَاءٍ أَيْ، وَقُوتِلُوا بِالْحِصْنِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَ حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ) أَوْ نِسَاءٍ (تُرِكُوا) لِحَقِّ الْغَانِمِينَ (إلَّا لِخَوْفٍ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَ) إنْ تَتَرَّسُوا (بِمُسْلِمٍ) قُوتِلُوا، وَ (لَمْ يُقْصَدْ التُّرْسُ) بِالرَّمْيِ وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لِأَنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ (إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) فَإِنْ خِيفَ سَقَطَتْ حُرْمَةُ التُّرْسِ، وَجَازَ رَمْيُهُ (وَحَرُمَ نَبْلٌ سُمَّ) أَيْ حُرِّمَ عَلَيْنَا رَمْيُهُمْ بِنَبْلٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مَسْمُومٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَادَ مِنْهُمْ إلَيْنَا كَذَا عَلَّلُوا. (وَ) حَرُمَ عَلَيْنَا (اسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ) وَالسِّينُ لِلطَّلَبِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إلَّا لِخِدْمَةٍ) مِنْهُ لَنَا كَنُوتِيٍّ أَوْ خَيَّاطٍ أَوَلِهَدْمِ حِصْنٍ. (وَ) حَرُمَ (إرْسَالُ مُصْحَفٍ لَهُمْ) ، وَلَوْ طَلَبُوهُ لِيَتَدَبَّرُوهُ خَشْيَةَ إهَانَتِهِمْ لَهُ وَأَرَادَ بِالْمُصْحَفِ مَا قَابَلَ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ الْآيَةُ وَنَحْوُهَا (وَ) حَرُمَ (سَفَرٌ بِهِ) أَيْ بِالْمُصْحَفِ (لِأَرْضِهِمْ) ، وَلَوْ مَعَ جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ فِيمَا يَظْهَرُ (كَمَرْأَةٍ) مُسْلِمَةٍ فَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهَا لِدَارِ الْحَرْبِ (إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) بِالْمَدِّ فَيَجُوزُ. (وَ) حُرِّمَ (فِرَارٌ) مِنْ الْعَدُوِّ (إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ) الَّذِينَ مَعَهُمْ سِلَاحٌ (النِّصْفَ) مِنْ عَدَدِ الْكُفَّارِ كَمِائَةٍ مِنْ مِائَتَيْنِ (وَلَمْ يَبْلُغُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) فَإِنْ بَلَغُوا حُرِّمَ الْفِرَارُ وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ جِدًّا مَا لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِالْحِصْنِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَيْ وَنِسَاءٍ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي الْحِصْنِ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُرِّيَّةُ جَازَ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ وَتَغْرِيقُهُمْ فَفِي الْمَوَّاقِ الْحُصُونُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَإِلَّا قُوتِلُوا بِمَا ذَكَرَ مِنْ النَّارِ وَالْمَاءِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَالْأُسَارَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا) أَيْ الْكُفَّارُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ فِي الْحِصْنِ وَقَوْلُهُ: تُرِكُوا أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ تَرْكِهِمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ فَيُقَاتَلُونَ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَيْ عَلَى جِنْسِهِمْ، وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا. اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ قُوتِلُوا) أَيْ، وَأَوْلَى إذَا تَتَرَّسُوا بِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ، وَلَا يُتْرَكُونَ وَيَنْبَغِي ضَمَانُ قِيمَتِهِ عَلَى مَنْ رَمَاهُمْ قِيَاسًا عَلَى مَا يُرْمَى مِنْ السَّفِينَةِ لِلنَّجَاةِ مِنْ الْغَرَقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا إتْلَافُ مَالٍ لِلنَّجَاةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا) أَيْ جِنْسُ أَنْفُسِنَا الْمُتَحَقِّقُ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) هَذَا شَرْطٌ فِي عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ يُقَاتَلُونَ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِمْ أَصْلًا أَوْ خِيفَ عَلَى أَقَلِّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى نِصْفِهِمْ فَإِنْ خِيفَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ جَازَ رَمْيُ التُّرْسِ وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ هُنَا جَمَاعَةُ الْجَيْشِ الْمُقَاتِلِينَ لِلْكُفَّارِ دُونَ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ عَلَى أَكْثَرِ الْجَيْشِ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَى التُّرْسُ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَتَرَّسُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ حَرُمَ عَلَيْنَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ رَمَوْنَا بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَذَا عَلَّلُوا) أَيْ، وَهُوَ لَا يُنْتِجُ الْحُرْمَةَ وَاَلَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ فَحَمَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: بِمُشْرِكٍ) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْكَافِرِ لَا خُصُوصُ مَنْ يُشْرِكُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ، وَإِرَادَةِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ سَمَاعُ يَحْيَى خِلَافًا لِأَصْبَغَ حَيْثُ قَالَ بِالْمَنْعِ فِي هَذِهِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اخْتَلَطُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي طَلَائِعِهِمْ وَسَرَايَاهُمْ وَأَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ، وَأَصَابُوا مَغْنَمًا قُسِّمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ يُخَمَّسُ دُونَ مَا أَصَابَهُمْ فَإِنْ خَرَجُوا وَحْدَهُمْ فَمَا أَصَابُوهُ فَهُوَ لَهُمْ، وَلَا يُخَمَّسُ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِخِدْمَةٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَيْ إلَّا إذَا كَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي خِدْمَةٍ لَنَا فَلَا تَحْرُمُ وَالْمُحَرَّمُ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: أَوَلِهَدْمِ حِصْنٍ) أَيْ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ مِتْرَاسٍ أَوْ لَغَمٍ. (قَوْلُهُ: مَا قَابَلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الْجُزْءَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْسِلَ الْكِتَابَ لِدَارِ الْحَرْبِ، وَفِيهِ الْآيَاتُ مِنْ الْقُرْآنِ الْقَلِيلَةِ وَالْأَحَادِيثُ نَدْعُوهُمْ بِذَلِكَ لِلْإِسْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: وَأَرَادَ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا اعْتَرَضَ بِهِ اللَّقَانِيِّ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِرْسَالُ مُصْحَفٍ يَقْتَضِي أَنَّ إرْسَالَ مَا دُونَهُ كَالْجُلِّ لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ يُعَارِضُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: الْآتِي فِيمَا يَجُوزُ وبَعَثَ كِتَابٌ فِيهِ كَالْآيَةِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْآيَةِ لَا يَجُوزُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالْمُصَنَّفِ مَا قَابَلَ الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْآيَةُ وَنَحْوُهَا فَيَشْمَلُ الْجُزْءَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَسَفَرٌ بِهِ لِأَرْضِهِمْ) أَيْ مَخَافَةَ أَنْ يَسْقُطَ مِنَّا وَلَا نَشْعُرُ بِهِ فَيَأْخُذُونَهُ فَتَنَالُهُ الْإِهَانَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَهُوَ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهِ لِأَرْضِهِمْ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ الْجَيْشُ آمِنًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ تُنَبِّهُ عَلَى نَفْسِهَا عِنْدَ فَوَاتِهَا وَالْمُصْحَفُ قَدْ يَسْقُطُ، وَلَا يُشْعَرُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ فِرَارٌ) أَيْ فِي الْجِهَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كِفَائِيًّا أَوْ عَيْنِيًّا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ) أَيْ فَإِذَا بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ نِصْفَ الْعَدُوِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْفِرَارُ مَا لَمْ يَكُنْ مَدَدُ الْكُفَّارِ حَاصِلًا وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ مَدَدُهُمْ مُتَّصِلًا وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَخْتَلِفْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى

(إلَّا تَحَرُّفًا) لِقِتَالٍ بِأَنْ يُظْهِرَ مِنْ نَفْسِهِ الْهَزِيمَةَ لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ (وَ) إلَّا (تَحَيُّزًا) إلَى فِئَةٍ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَهَذَا (إنْ خِيفَ) أَيْ خَافَ الْمُتَحَيِّزُ خَوْفًا بَيِّنًا مِنْ الْعَدُوِّ، وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ. (وَ) حُرِّمَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ (الْمُثْلَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ الْعُقُوبَةُ الشَّنِيعَةُ كَرَضِّ الرَّأْسِ، وَقَطْعِ الْأُذُنِ أَوْ الْأَنْفِ إذَا لَمْ يُمَثِّلُوا بِمُسْلِمٍ، وَإِلَّا جَازَ. (وَ) حُرِّمَ (حَمْلُ رَأْسِ) الْكَافِرِ (لِبَلَدٍ أَوْ) إلَى (وَالٍ) أَيْ أَمِيرِ جَيْشٍ، وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْقَتْلُ فَجَائِزٌ. (وَ) حُرِّمَ (خِيَانَةُ أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ (أُؤْتُمِنَ) عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِمْ حَالَ كَوْنِهِ (طَائِعًا) بَلْ (وَلَوْ) أُؤْتُمِنَ (عَلَى نَفْسِهِ) بِعَهْدٍ مِنْهُ أَنْ لَا يَهْرُبَ أَوْ لَا يَخُونَهُمْ فِي مَالِهِمْ أَوْ بِلَا عَهْدٍ نَحْوَ أَمَّنَاك عَلَى نَفْسِك أَوْ عَلَى مَالِنَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِمْ شَيْئًا وَلَوْ حَقِيرًا، فَإِنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ أَوْ أُؤْتُمِنَ مُكْرَهًا فَلَهُ الْهُرُوبُ، وَلَهُ أَخْذُ كُلِّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ ذُرِّيَّةٍ وَلَوْ بِيَمِينٍ، وَلَوْ حَنِثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ الْإِكْرَاهُ. (الْغُلُولُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخِيَانَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا، وَلَيْسَ مِنْهُ أَخْذُ قَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا إذَا كَانَ الْأَمِيرُ جَائِرًا لَا يَقْسِمُ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ (وَأَدَّبَ) الْغَالَّ بِالِاجْتِهَادِ (إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ) لَا إنْ جَاءَ تَائِبًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ وَتَعَذُّرِ الرَّدِّ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُمْ بَعْدَ دَفْعِ خُمُسِهِ لِلْإِمَامِ (وَجَازَ) (أَخْذُ مُحْتَاجٍ) مِنْ الْغَانِمِينَ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ حَاجَتُهُ حَدَّ الضَّرُورَةِ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ جَازَ الْفِرَارُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بَلَغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حُرِّمَ الْفِرَارُ إنْ بَلَغُوا نِصْفَ الْعَدُوِّ فَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ جَازَ لَهُمْ الْفِرَارُ إنْ لَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ فَعَلِمْتَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَبْلُغُوا إلَخْ قَيْدٌ فِي الْمَفْهُومِ لَا فِي الْمَنْطُوقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَحُرِّمَ فِرَارٌ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَجَازَ إنْ نَقَصُوا وَلَمْ يَبْلُغُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا تَحَرُّفًا) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ صُورَةُ فِرَارٍ مُنْقَطِعٍ نَظَرًا لِلْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّفَ لَيْسَ فِرَارًا فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ جَوَازُ التَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ يَتَقَوَّى بِهَا (قَوْلُهُ: وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ انْحِيَازُهُ إلَى فِئَةٍ خَرَجَ مَعَهَا أَمَّا لَوْ خَرَجُوا مِنْ بَلَدٍ وَالْأَمِيرُ مُقِيمٌ فِي بَلْدَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْفِرَارُ حَتَّى يَنْحَازَ إلَيْهِ كَذَا فِي ح وَقَوْلُهُ: وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُتَحَيِّزُ أَمِيرًا لِجَيْشٍ فَأَمِيرُ الْجَيْشِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِرَارُ، وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّحَيُّزِ وَلَوْ أَدَّى لِهَلَاكِ نَفْسِهِ وَبَقَاءِ الْجَيْشِ مِنْ غَيْرِ أَمِيرٍ مَا لَمْ يَفِرَّ جَمِيعُ الْجَيْشِ عِنْدَ هَلَاكِهِ (قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ فَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْقَتْلِ، وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ تَمْثِيلٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ، وَإِلَّا جَازَ التَّمْثِيلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: وَحَمْلُ رَأْسِ كَافِرٍ) أَيْ عَلَى رُمْحٍ، وَقَوْلُهُ: لِبَلَدٍ أَيْ ثَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مَاكِثًا فِيهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى وَالٍ أَيْ، وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدِ الْقِتَالِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ) أَيْ، وَأَمَّا حَمْلُهَا فِي بَلَدِ الْقِتَالِ لَا لِلْوَالِي فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ حَمْلِ رَأْسِ الْحَرْبِيِّ لِبَلَدٍ ثَانٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَاطْمِئْنَانِ الْقُلُوبِ بِالْجَزْمِ بِمَوْتِهِ وَإِلَّا جَازَ فَقَدْ «حُمِلَ لِلنَّبِيِّ رَأْسُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ مِنْ خَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ» . (قَوْلُهُ: حَرُمَ خِيَانَةُ أَسِيرٍ) أَيْ فِيمَا أَمِنَ عَلَيْهِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: طَائِعًا) أَيْ بِالِائْتِمَانِ سَوَاءٌ كَانَ الِائْتِمَانُ مُصَرَّحًا بِهِ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَمَنَّاك عَلَى مَالِنَا أَوْ عَلَى كَذَا أَوْ كَانَ غَيْرُ مُصَرَّحٍ بِهِ كَمَا إذَا أُعْطِيَ الْأَسِيرُ مَا يَخِيطُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّرِقَةُ مِنْهُ لِعُمُومِ خَبَرِ «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك» إنْ قُلْت الْفَرْضُ أَنَّهُ أَسِيرٌ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ طَوْعٌ قُلْت يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيمَنْ أُسِرَ ابْتِدَاءً فَلَمَّا وَصَلَ لِبِلَادِهِمْ أَحَبُّوهُ وَأَطْلَقُوهُ، وَأَعْجَبَتْهُ بِلَادَهُمْ لِكَثْرَةِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ. (قَوْلُهُ: بِعَهْدٍ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ عَاهَدَتْكُمْ عَلَى أَنِّي لَا أَخُونُكُمْ فِي مَالِكُمْ أَوْ عَلَى أَنِّي لَا أَهْرَبُ بَعْدَ أَنْ قَالُوا لَهُ أَمَنَّاك عَلَى أَنْفُسِنَا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا عَهْدٍ) أَيْ أَوْ اُؤْتُمِنَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ عَهْدٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالُوا لَهُ أَمَنَّاك عَلَى نَفْسِك أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا أَوْ عَلَى حَرِيمِنَا وَأَوْلَادِنَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ عَاهَدْتُكُمْ عَلَى أَنِّي لَا أَخُونَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْهُرُوبُ) فَإِنْ تَنَازَعَ الْأَسِيرُ وَمَنْ أَمِنَهُ هَلْ وَقَعَ الِائْتِمَانُ عَلَى الطَّوْعِ أَوْ الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِيَمِينٍ) أَيْ أَخَذُوهُ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ أَمَّنُوهُ مُكْرَهًا وَاَللَّهِ لَا أَخُونُكُمْ فِي مَالِكُمْ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَهْرَبُ. وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا عَاقَدَهُمْ عَلَى الْفِدَاءِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إذَا عَجَزَ بَلْ يَسْعَى جَهْدَهُ، وَيُوصِلُهُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ، وَذَكَرَ خِلَافًا فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ إذَا اُقْتُرِضَ الْفِدَاءُ مِنْ حَرْبِيٍّ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَاءَ تَائِبًا) أَيْ، وَأَتَى بِمَا سَرَقَ فَلَا يُؤَدَّبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ إنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقَسْمِ فَلَا يُؤَدَّبُ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ، وَيَتَصَدَّقُ بِمَا أَخَذَهُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي ح وَالتَّوْضِيحِ، وَمَنْ تَابَ بَعْدَ الْقَسْمِ وَافْتِرَاقِ الْجَيْشِ أُدِّبَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ قِيَاسًا عَلَى الشَّاهِدِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَ الْجَيْشِ كَنُفُوذِ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْغُرْمِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْجَيْشِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ) أَيْ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ قَسْمِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَخْذِ فَإِنْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْأَخْذِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ

وَلَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ (نَعْلًا أَوْ حِزَامًا) مُعْتَادًا (وَإِبْرَةً وَطَعَامًا) وَغَيْرَ ذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَ (نِعَمًا) يَذْبَحُهَا، وَيَرُدُّ جِلْدَهَا لِلْغَنِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ (وَعَلَفًا) لِدَابَّتِهِ (كَثَوْبٍ) يَلْبَسُهُ (وَسِلَاحٍ) يُقَاتِلُ بِهِ (وَدَابَّةٍ) يَرْكَبُهَا لِيُقَاتِلَ عَلَيْهَا أَوْ يَرْجِعَ بِهَا لِبَلَدِهِ أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ (لِيَرُدَّ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِذَا فَصَلَهُ بِهَا أَيْ أَنَّ جَوَازَ مَا ذَكَرَ إذَا أَخَذَهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لَا إنْ نَوَى التَّمْلِيكَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا أَخَذَ بِنِيَّةِ التَّمْلِيكِ فَقَطْ. وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْكَافِ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا (وَرَدَّ) وُجُوبًا (الْفَضْلَ) أَيْ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا أَخَذَهُ مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَا قَبْلَهَا (إنْ كَثُرَ) بِأَنْ كَانَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَا إنْ كَانَ يَسِيرًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ أَوْ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) رَدُّ مَا أَخَذَهُ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ (تَصَدَّقَ بِهِ) كُلِّهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَمَضَتْ الْمُبَادَلَةُ) بَلْ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً (بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ الْمُجَاهَدِينَ فَمَنْ أَخَذَ لَحْمًا أَوْ عَسَلًا أَوْ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا وَأَخَذَ غَيْرُهُ خِلَافَ ذَلِكَ جَازَ لَهُمَا الْمُبَادَلَةُ، وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ فِي طَعَامٍ رِبَوِيٍّ مُتَّحِدِ الْجِنْسِ قَبْلَ الْقَسْمِ لَا بَعْدَهُ. (وَ) جَازَ بِمَعْنَى أُذِنَ لِلْإِمَامِ (بِبَلَدِهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ) إذْ هُوَ وَاجِبٌ (وَ) جَازَ (تَخْرِيبٌ) لِدِيَارِهِمْ (وَقَطْعُ نَخْلٍ وَحَرْقٌ) لِزَرْعِهِمْ وَأَشْجَارِهِمْ (إنْ أَنْكَى) أَيْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ لَهُمْ أَيْ إغَاظَةٌ وَرُجِيَتْ لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ) لَمْ تُنْكِ، وَ (لَمْ تُرْجَ) فَالْجَوَازُ فِي صُورَتَيْنِ، فَإِنْ أَنْكَى وَلَمْ تُرْجَ تَعَيَّنَ التَّخْرِيبُ، وَإِنْ لَمْ تُنْكِ وَرُجِيَتْ وَجَبَ الْإِبْقَاءُ. فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (أَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْرِيبِ، وَمَا مَعَهُ (مَنْدُوبٌ) أَيْ إذَا لَمْ تُرْجَ، وَكَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ، وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا التَّخْرِيبُ (كَعَكْسِهِ) أَيْ إبْقَاؤُهَا إذَا رُجِيَتْ وَلَمْ تُنْكِ، وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْإِبْقَاءُ وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَا يُفِيدُهُ، وَمَا لِابْنِ رُشْدٍ ضَعِيفٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQنَهَاهُمْ الْإِمَامُ ثُمَّ اُضْطُرُّوا إلَيْهِ جَازَ لَهُمْ أَخْذُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِنَهْيِهِ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذْ ذَاكَ عَاصٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُحْتَاجٌ أَيْ جَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ حَيْثُ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاجِ لَا إنْ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ وَالْخِيَانَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ: مُعْتَادًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِثْلُ أَحْزِمَةِ الْمُلُوكِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُحْتَاجُ لَهُ نِعَمًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ أَوَلِيَجْعَلَهُ قِرْبَةً مَثَلًا فَلَا يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: لِيَرُدَّ) لَيْسَتْ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْعِلَّةُ فِي أَخْذِ مَا ذُكِرَ الِانْتِفَاعُ، وَلَا لِلصَّيْرُورَةِ؛ لِأَنَّ عَاقِبَةَ أَخْذِ مَا ذُكِرَ وَثَمَرَتُهُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: 109] فَالْمَعْنَى، وَأَخَذَ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ جَوَازَ مَا ذَكَرَ) أَيْ أَخْذِ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّوْبِ وَالسِّلَاحِ وَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَا قَبْلَهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ دُونَ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ بِعَيْنِهِ كَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَالسِّلَاحِ، وَلَا مَعْنَى لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِيمَا يُرَدُّ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ) الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ مِنْهُ حَتَّى يَبْقَى الْيَسِيرُ فَإِذَا صَارَ الْبَاقِي يَسِيرًا جَازَ لِذَلِكَ الْآخِذُ أَكْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْحَاجَةِ يَسِيرًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ كَرَاهَتِهِ ابْتِدَاءً، وَمُضِيُّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَعَلَيْهِ مَشَى تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ) أَيْ، وَكَذَا تَمْضِي لَهُمْ الْمُبَادَلَةُ مَعَ غَيْرِهِمْ وَتَجُوزُ لَكِنْ إنْ سَلِمَتْ مِنْ الرِّبَا فِي هَذِهِ، وَإِلَّا مُنِعَتْ؛ لِأَنَّ الرِّبَا إنَّمَا هُوَ مُغْتَفَرٌ لِلْغُزَاةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ مُنِعَ الرِّبَا قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ جَوَازُ اجْتِمَاعِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ التَّفَاضُلِ فِيمَا بَيْنَ الْغُزَاةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحْتِيجَ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الرِّبَا بَلْ يُمْنَعُ وَبِهَذَا قَيَّدَ الْجَوَازَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وعج، وَقَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَتَبِعَهُ عبق وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ اعْتِمَادِهِ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَسْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَازَ لَهُمَا الْمُبَادَلَةُ. (قَوْلُهُ: وَبِبَلَدِهِمْ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ مُوجِبُ حَدٍّ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ مِنْ أَحَدٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ كَانَ أَسِيرًا أَوْ مِمَّنْ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِمْ، وَلَا يُؤَخَّرُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ بِبَلَدِهِمْ حُصُولُ مَفْسَدَةٍ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ لِلرُّجُوعِ لِبَلَدِنَا لَا سِيَّمَا إنْ خِيفَ عِظَمُهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَرُجِيَتْ) أَيْ قَبْلَ التَّخْرِيبِ وَالْقَطْعِ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ التَّخْرِيبِ، وَمَا مَعَهُ إذَا كَانَ فِيهِ إنْكَاءٌ، وَلَمْ يُرْجَ بَقَاءُ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَالْعَقَارِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ النَّدْبِ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَا يُفِيدُهُ) أَيْ لَا يُفِيدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ

(وَ) جَازَ (وَطْءُ أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ (زَوْجَةً أَوْ أَمَةً) لَهُ أُسِرَتَا مَعَهُ إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا (سَلِمَتَا) مِنْ وَطْءِ الْكَافِرِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ سَبْيَهُمْ لَا يَهْدِمُ نِكَاحَنَا وَلَا يُبْطِلُ مِلْكَنَا، وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ الْحُرْمَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ خَوْفًا مِنْ بَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ (وَ) جَازَ (ذَبْحُ حَيَوَانٍ) لَهُمْ عَجَزَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ قِيلَ الْمُرَادُ إزْهَاقُ رُوحِهِ لَا الذَّبْحُ الشَّرْعِيُّ (وَعَرْقَبَتُهُ) أَيْ قَطْعُ عُرْقُوبِهِ (وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ) وُجُوبًا لِلْإِرَاحَةِ مِنْ التَّعْذِيبِ (وَفِي) جَوَازِ إتْلَافِ (النَّحْلِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (إنْ كَثُرَتْ) نِكَايَةً لَهُمْ فَإِنْ قَلَّتْ كُرِهَ (وَلَمْ يَقْصِدْ) بِالْإِتْلَافِ (عَسَلَهَا) أَيْ أَخْذَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُونَ بِإِتْلَافِهَا أَخْذَ عَسَلِهَا فَيَجُوزُ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَكَرَاهَتُهُ (رِوَايَتَانِ) (وَحُرِقَ) الْحَيَوَانُ نَدْبًا بَعْدَ إتْلَافِهِ (إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ) أَيْ اسْتَحَلُّوا أَكْلَهَا فِي دِينِهِمْ، وَقِيلَ التَّحْرِيقُ وَاجِبٌ وَرَجَعَ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ قَبْلَ فَسَادِهِ وَجَبَ التَّحْرِيقُ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ عَدَمُ انْتِفَاعِهِمْ بِهِ، وَقَدْ حَصَلَ (كَمَتَاعٍ) لَهُمْ أَوَلِمُسْلِمٍ (عَجَزَ عَنْ حَمْلِهِ) أَوْ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَيَتْلَفُ بِحَرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ. (وَ) جَازَ لِلْإِمَامِ (جَعْلُ الدِّيوَانِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ دِيوَانًا لِطَائِفَةٍ يَجْمَعُهَا وَتُنَاطُ بِهِمْ أَحْكَامٌ وَالدِّيوَانُ بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الصَّحِيحِ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ أَسْمَاءُ أَنْوَاعِ الْجُنْدِ الْمُجَاهِدِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا تَعَرَّضَ أَوَّلًا لِصُورَتَيْ الْجَوَازِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَعَكْسِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا التَّخْرِيبُ وَاَلَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْإِبْقَاءُ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْوُجُوبَ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ الْجَوَازِ وَحَمْلِ قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا بِغَيْرِ صَوَابٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ فِي الْبَدْرِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَوَطْءُ أَسِيرٍ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا سَلِمَتَا مِنْ وَطْءِ الْكَافِرِ) فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ فِي وَطْءِ الْكَافِرِ لَهُمَا بِأَنْ غَابَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهُمَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَا تَصْدُقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَاهَا عَدَمَ وَطْءِ الْكَافِرِ لَهَا عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا سَلِمَتَا مِثْلُ تَيَقُّنِ السَّلَامَةِ ظَنُّ سَلَامَتِهِمَا مِنْ وَطْءِ السَّابِي فَيَجُوزُ وَطْؤُهُمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِبْرَاءٍ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ) أَيْ وَطْءُ الْأَسِيرِ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَذَبْحُ حَيَوَانٍ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا عَجَزَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ حَمْلِ مَالِ الْكُفَّارِ أَوْ عَنْ حَمْلِ بَعْضِ مَتَاعِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتْلِفُونَهُ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ بِهِ الْعَدُوُّ، سَوَاءٌ الْحَيَوَانُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَاخْتُلِفَ مَاذَا يُتْلَفُ بِهِ الْحَيَوَانُ فَقَالَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ تُعَرْقَبُ أَوْ تُذْبَحُ أَوْ يُجْهَزُ عَلَيْهَا، وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ يُجْهَزُ عَلَيْهَا، وَكَرِهُوا أَنْ تُعَرْقَبَ أَوْ تُذْبَحَ. اهـ. وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ تَعْلَمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا دَرَجَ عَلَى قَوْلِ الْمِصْرِيِّينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ أَوَّلًا وَثَانِيًا كَمَا فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ اجْتِمَاعَ الثَّلَاثَةِ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَلَا مَعْنَى لَهُ حِينَئِذٍ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَقِبَ عَرْقَبَتِهِ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ لَوْ كَانَ يُجْهِزُ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ عَرْقَبَتِهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَبَثٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ، وَيَجُوزُ الْإِجْهَازُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ذَبْحُ، وَإِنْ كَانَ تَغْيِيرُهُ الْأُسْلُوبَ يُشْعِرُ بِمَا قَالُوهُ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ مَا قُلْنَا لِيُطَابِقَ النَّقْلَ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُكَرَّرًا مَعَ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ فَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذَّبْحِ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) جُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ اتِّفَاقًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ: وَكَرَاهَتُهُ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ إنْ قَصَدَ بِإِتْلَافِهَا أَخْذَ عَسَلِهَا كَانَ إتْلَافُهَا جَائِزًا اتِّفَاقًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ عَسَلِهَا فَإِنْ قَلَّتْ كُرِهَ إتْلَافُهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَثُرَتْ فَرِوَايَتَانِ بِجَوَازِ إتْلَافِهَا وَكَرَاهَتِهِ، وَالصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إتْلَافِهِ) أَيْ بِالْإِجْهَازِ عَلَيْهِ أَوْ الْعَرْقَبَةِ أَوْ الذَّبْحِ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ أَيْ إنْ اسْتَحَلُّوا أَكْلَهَا، وَلَوْ ظَنًّا لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ فَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَحِلُّونَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ لَمْ يُطْلَبْ التَّحْرِيقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا وَالْأَظْهَرُ طَلَبُ تَحْرِيقِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَحَلُّوا أَكْلَ الْمَيْتَةِ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ أَكْلِهِمْ لَهُ حَالَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ دِيوَانًا) أَيْ كَأَنْ يَجْعَلَ دَفْتَرًا تُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ أَوْ الشَّامِيَّةِ أَوْ الْحَلَبِيَّةِ إلَخْ، وَمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَطَاءِ الَّذِي يَجْعَلُهُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ إلَخْ) أَيْ كَالدَّفْتَرِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ عَسَاكِرِ مِصْرَ وَجُنْدِهَا الَّذِينَ يَخْرُجُونَ إلَى الْجِهَادِ بِعَطَاءٍ أَيْ جَامَكِيَّةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُمْ أَنْوَاعُ عَرَبٍ وَإنْكِشَارِيَّةٌ وَجُمَلِيَّةٌ وَجَاوِيشِيَّةٌ وَمُتَفَرِّقَةٌ وَجَرَاكِسَةٌ وَاِسْبَاهِيَّةٌ، وَقَدْ كَتَبَ بِذَلِكَ الدَّفْتَرِ أَسْمَاءَ جُنْدِ كُلِّ نَوْعٍ مِمَّا ذَكَرَ، وَمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْعَسْكَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ الْمُعْتَادَةِ لِأَمْثَالِهِ وَأَمَّا أَخْذُهُ زِيَادَةً عَنْهَا فَيَحْرُمُ بِخِلَافِ مُرَتَّبِ تَدْرِيسٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَامَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَخْذُهُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ إعْطَاؤُهُ لِلْمُتَّصِفِ بِالْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا دُونَ الدِّيوَانِ كَذَا فِي عبق وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ لِلْعَسْكَرِ الْأَخْذَ

بِعَطَاءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَ) جَازَ (جُعْلٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ (مِنْ قَاعِدٍ) يَدْفَعُهُ (لِمَنْ يَخْرُجُ عَنْهُ) لِلْجِهَادِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُعْلُ هُوَ عَطَاءَ الْجَاعِلِ مِنْ الدِّيوَانِ أَوْ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ عِنْدِهِ (إنْ كَانَا) أَيْ الْجَاعِلُ وَالْخَارِجُ عَنْهُ (بِدِيوَانٍ) وَاحِدٍ أَيْ بِأَنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ عَطَاءٍ وَاحِدٍ كَدِيوَانِ مِصْرَ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُمْ كَمُتَفَرِّقَةٍ وَجَرَاكِسَةٍ وَجَاوِيشِيَّةٍ، وَأَهْلُ الشَّامِ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَأَهْلُ الرُّومِ أَهْلُ دِيوَانٍ فَلَا يَخْرُجُ شَامِيٌّ عَنْ مِصْرِيٍّ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْخَرْجَةُ وَاحِدَةً وَلَمْ يُعَيِّنْ الْإِمَامُ شَخْصَ الْخَارِجِ، وَأَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ عِنْدَ حُضُورِ الْخَرْجَةِ أَيْ صَرْفِهَا لِأَهْلِ الدِّيوَانِ، وَالسَّهْمُ لِلْقَاعِدِ لَا لِلْخَارِجِ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَهُمَا كَمَالٍ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ فَتَأَمَّلْ. (وَ) جَازَ (رَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ) وَحَارِسِ بَحْرٍ (بِالتَّكْبِيرِ) فِي حَرَسِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ لِأَنَّهُ شِعَارُهُمْ، وَمِثْلُهُ رَفْعُهُ بِتَكْبِيرِ الْعِيدِ وَبِالتَّلْبِيَةِ، وَكَذَا التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ الْوَاقِعُ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ لَا الْمُنْفَرِدِ، وَالسِّرُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَفْضَلُ وَوَجَبَ إنْ لَزِمَ مِنْ الْجَهْرِ التَّشْوِيشُ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ الذَّاكِرِينَ (وَكُرِهَ التَّطْرِيبُ) أَيْ التَّغَنِّي بِالتَّكْبِيرِ. (وَ) جَازَ (قَتْلُ عَيْنٍ) أَيْ جَاسُوسٍ يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْقُلُ أَخْبَارَهُمْ لِلْعَدُوِّ (وَإِنْ أَمِنَ) أَيْ دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ لَا يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ عَيْنًا، وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ وَلَا يَجُوزُ عَقْدٌ عَلَيْهِ (وَالْمُسْلِمُ) الْعَيْنُ (كَالزِّنْدِيقِ) يُقْتَلُ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةٌ، وَإِنْ جَاءَ تَائِبًا قُبِلَتْ. (وَ) جَازَ (قَبُولُ الْإِمَامِ) ، وَأَمِيرِ الْجَيْشِ (هَدِيَّتَهُمْ) إنْ كَانَ فِيهِمْ مَنَعَةٌ وَقُوَّةٌ، لَا إنْ ضَعُفُوا وَأَشْرَفَ الْإِمَامُ عَلَى أَخْذِهِمْ، وَقَصَدُوا تُوهِينَ الْمُسْلِمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ جُعِلَ الدِّيوَانِ وَلَوْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِعَطَاءٍ) أَيْ بِسَبَبِ عَطَاءٍ (قَوْلُهُ: وَجَازَ جُعْلٌ مِنْ قَاعِدٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ طَائِفَةً لِلْجِهَادِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَجْعَلَ جُعْلًا لِمَنْ يَخْرُجُ بَدَلًا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا وَاحِدًا، وَذَكَرَ الشَّارِحُ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ: هُوَ عَطَاءُ الْجَاعِلِ) أَيْ جَامَكِيَّتُهُ الَّتِي يَأْخُذُهَا مِنْ الدِّيوَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرًا مُعَيَّنًا) سَوَاءٌ كَانَ قَدْرُ عَطَائِهِ مِنْ الدِّيوَانِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا بِدِيوَانٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا إجَارَةً مَجْهُولَةَ الْعَمَلِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَقَعُ لِقَاءٍ أَمْ لَا، وَلَا كَمْ مُدَّةَ اللِّقَاءِ، وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ إذَا كَانَا مِنْ دِيوَانٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ فَخُرُوجُ الْمَجْعُولِ لَهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْجُعْلِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ، وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ (قَوْلُهُ: وَأَهْلُ الشَّامِ أَهْلُ دِيوَانٍ) أَيْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُمْ الإنكشارية وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَيَشْتَرِطُ أَيْضًا) أَيْ فِي جَوَازِ دَفْعِ الْجُعْلِ عَنْ الْقَاعِدِ لِمَنْ يَخْرُجُ بَدَلًا عَنْهُ أَنْ تَكُونَ الْخَرْجَةُ أَيْ لِلْجِهَادِ بَدَلًا عَنْهُ الَّتِي يُجَاعِلُهُ عَلَيْهَا وَاحِدَةً كَأُجَاعِلُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَخْرُجَ بَدَلًا عَنِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ تَقَاعَدَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا حَصَلَ الْخُرُوجُ لِلْجِهَادِ خَرَجَ نَائِبًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فَالْمُرَادُ بِالْخَرْجَةِ الْمَرَّةُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ وَكَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعَيِّنْ الْإِمَامُ شَخْصَ الْخَارِجِ) الْأَوْلَى شَخْصَ الْقَاعِدِ أَيْ، وَإِنَّمَا عَيَّنَهُ بِالْوَصْفِ كَأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ يَخْرُجُ مِنْ الْجَاوِيشِيَّةِ بِمِصْرَ أَوْ مِنْ الإنكشارية مِائَةٌ فَيَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ قَبْلَ تَعْيِينِهِ بِالشَّخْصِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ بَدَلًا، وَيَقْعُدَ وَكَأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ: يَخْرُجُ أَصْحَابُ فُلَانٍ أَوْ أَهْلُ النَّوْبَةِ الصَّيْفِيَّةِ أَوْ الشَّتْوِيَّةِ فَيَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَنِيبَ فَإِنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ بِالشَّخْصِ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ، وَقَالَ التُّونُسِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ) أَيْ دَفْعُهُ لِلْخَارِجِ بَدَلًا عَنْهُ عِنْدَ حُضُورِ الْخَرْجَةِ أَيْ عِنْدَ صَرْفِ الْجَامِكِيَّةِ لِأَهْلِ الدِّيوَانِ (قَوْلُهُ: وَالسَّهْمُ) أَيْ مِنْ الْغَنِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ رَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَانَ الْمُرَابِطُ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً كَانَ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَوْ لَا وَاَلَّذِي فِي الْمَدْخَلِ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُرَابِطُ جَمَاعَةً، وَكَانَ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا كُرِهَ لَهُ رَفْعُ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُرَابِطُ جَمَاعَةً وَكَانَ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فِي حَرَسِهِمْ) أَيْ فِي أَمَاكِنِ حَرَسِهِمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا التَّهْلِيلُ) أَيْ أَنَّ مِثْلَ التَّكْبِيرِ فِي نَدْبِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ الْوَاقِعُ عَقِبَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ وَلِمَا مَاثَلَهُ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ. (قَوْلُهُ: وَالسِّرُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَ مِنْ تَكْبِيرِ الْمُرَابِطِ وَالْعِيدِ وَالتَّلْبِيَةِ وَتَسْبِيحِ الْجَمَاعَةِ وَتَهْلِيلِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ أَيْ مِنْ الْجَهْرِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَ فَالْجَهْرُ فِيهِ أَفْضَلُ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْجَوَازُ هُنَا بِرُجْحَانِيَّةٍ عَلَى الصَّوَابِ لَا بِمَرْجُوحِيَّةٍ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ) أَيْ إسْرَارُ الْمُرَابِطِ بِالتَّكْبِيرِ، وَإِسْرَارُ الْجَمَاعَةِ بِالتَّسْبِيحِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ قَتْلُ عَيْنٍ) أَيْ كَافِرٍ قَالَ سَحْنُونٌ مَا لَمْ يَرَ الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ اسْتِرْقَاقَهُ لَا يَدْفَعُ إذَايَتَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمِنَ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يُؤْمَنْ بِأَنْ دَخَلَ بِلَادَنَا بِلَا أَمَانٍ مُسْتَخْفِيًا وَصَارَ عَيْنًا بَلْ وَإِنْ أَمِنَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عَقْدٌ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْأَمَانِ عَلَى التَّجَسُّسِ فَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِوَصْفِ الشَّخْصِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ قَبُولُ الْإِمَامِ) أَيْ فِي حَالَةِ الْجِهَادِ، وَقِيَامِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ ضَعُفُوا إلَخْ) أَيْ فَلَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ لَكِنْ مَعَ الْعَمَلِ بِمَا قَصَدُوهُ، وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا

(وَهِيَ) أَيْ الْهَدِيَّةُ (لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ يَخْتَصُّ بِهَا (إنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ) مِنْهُمْ لَهُ (لِكَقَرَابَةٍ) أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَلَدَ الْعَدُوِّ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَتْ لَا لِكَقَرَابَةٍ فَهِيَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا تَخْمِيسٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِلَادَهُمْ، وَإِلَّا فَغَنِيمَةٌ تُخَمَّسُ (وَ) هِيَ (فَيْءٌ) تُرْصَدُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا تَخْمِيسٍ (إنْ) (كَانَتْ) الْهَدِيَّةُ لِلْإِمَامِ (مِنْ الطَّاغِيَةِ) أَيْ مَلِكِهِمْ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الْإِمَامُ (بَلَدَهُ) أَيْ إقْلِيمَهُ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا فَإِنْ دَخَلَهَا فَغَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ تُخَمَّسُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْهَدِيَّةِ لِلْإِمَامِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ فَهِيَ لَهُ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا دَخَلَ الْإِمَامُ بِلَادَهُمْ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ لَهُ كَلِمَةٌ وَجَاءَ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِمَامِ. (وَ) جَازَ (قِتَالُ رُومٍ) ، وَهُمْ الْإِفْرِنْجُ (وَتُرْكٍ) فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ حَدِيثَ اُتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ أَوْ اُتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ، وَأَنَّ قِتَالَ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْلَى، وَفِي نُسْخَةٍ نَوْبٍ بَدَلُ رُومٍ، وَيُرَادُ بِهِمْ الْحَبَشَةُ وَإِنْ كَانَ النَّوْبُ غَيْرَهُمْ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ الصَّوَابُ لِمُوَافَقَتِهَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، وَأَمَّا الرُّومُ فَلَمْ يَرِدْ النَّهْيُ عَنْ قِتَالِهِمْ حَتَّى يَعْتَنِي بِالنَّصِّ عَلَيْهِمْ (وَ) جَازَ (احْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (بِقُرْآنٍ) إنْ أَمِنَ سَبَّهُمْ لَهُ أَوْ لِمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا حَرُمَ وَالْمُرَادُ تِلَاوَتُهُ عَلَيْهِمْ (وَبَعْثُ كِتَابٍ) لَهُمْ (فِيهِ كَالْآيَةِ) وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إنْ أَمِنَ السَّبَّ وَالِامْتِهَانَ. (وَ) جَازَ (إقْدَامُ الرَّجُلِ) الْمُسْلِمِ (عَلَى كَثِيرٍ) مِنْ الْكُفَّارِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) قَصْدُهُ (لِيُظْهِرَ شَجَاعَةً) بَلْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَأَنْ يَظُنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. (وَ) جَازَ (انْتِقَالٌ مِنْ) سَبَبِ (مَوْتٍ لِآخَرَ) كَحَرْقِهِمْ سَفِينَةً إنْ اسْتَمَرَّ فِيهَا هَلَكَ، وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ هَلَكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهِيَ لَهُ إلَخْ) حَاصِلُ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمُهْدِي إمَّا الطَّاغِيَةُ أَوْ بَعْضُ جُنْدِهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَالْمُهْدَى لَهُ إمَّا الْإِمَامُ أَوْ بَعْضُ جُنْدِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ الطَّاغِيَةِ فَهِيَ لِلْإِمَامِ إنْ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ قَرَابَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ فَفَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدُ فَغَنِيمَةٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لِلْإِمَامِ مِنْ الطَّاغِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ فَفَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدُ فَغَنِيمَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فَهِيَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ) أَيْ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ مِنْ ذَكَرَ دُونَ غَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُمْ كَالْحَبَشَةِ وَالْقِبْطِ وَالزِّنْجِ كَذَلِكَ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ) أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ كَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا لِلْإِهَانَةِ نَحْوَ {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50] فَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَرْشَدَنَا وَدَلَّنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَتْرُكَ مُقَاتَلَتَهُمْ وَنَشْتَغِلَ بِمُقَاتَلَةِ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى لِقُوَّةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّرْكُ وَاجِبًا عَلَيْنَا، وَإِذَا كَانَ تَرْكُ مُقَاتَلَتِهِمْ جَائِزًا كَانَ قِتَالُهُمْ جَائِزًا كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ النُّوَبُ غَيْرَهُمْ فِي الْأَصْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النُّوَبَ فِي الْأَصْلِ صِنْفٌ مِنْ السُّودَانِ (قَوْلُهُ: لِمُوَافَقَتِهَا الْحَدِيثَ) أَيْ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ الرُّومِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِمْ بِخِلَافِ الْحَبَشَةِ فَقَدْ قِيلَ بِمَنْعِ قِتَالِهِمْ هُمْ وَالتُّرْكُ. (تَنْبِيهٌ) الرُّومُ أَوْلَادُ رُومِ بْنِ عِيصُوِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ سُمُّوا بِاسْمِ أَبِيهِمْ، وَهُمْ الَّذِينَ تُسَمِّيهِمْ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ بِالْإِفْرِنْجِ، وَهُمْ فِرَقٌ كَثِيرَةٌ كَالْإِنْجِلِيزِ وَالْفِرِنْسِيسِ وَدِبْرَهْ وَنِيمْسَهْ وَمَوْسَقَهْ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا التُّرْكُ فَهُمْ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ لَا كِتَابَ لَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ تُرِكُوا مِنْ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ خَلْفَ السَّدِّ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا تَوَلَّدَ لِسَانُهُمْ مِنْ الْفَارِسِيِّ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْعَرَبِيِّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حُرِّمَ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَيْهِمْ مَعَ السَّبِّ نَافِعًا، وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْجَوَازِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ بِالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ بِالْقُرْآنِ تِلَاوَتُهُ عَلَيْهِمْ أَيْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِقْدَامُ الرَّجُلِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ لَا إلَى الشَّرْطِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُهُ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ يَظُنَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ إقْدَامِ الْوَاحِدِ عَلَى الْكَثِيرِ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ وَأَنْ يَظُنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لِلْكَمَالِ لِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ الِافْتِخَارِ فِي الْحَرْبِ فَمَفْهُومُهُ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ خش مِنْ الْحُرْمَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ تَأْثِيرَهُ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ وَلَوْ عَلِمَ ذَهَابَ نَفْسِهِ كَمَا فِي عبق، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَنْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] . (قَوْلُهُ: مِنْ سَبَبِ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ سَبَبًا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَالتَّعَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِي أَسْبَابِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ ... تَعَدَّدَتْ الْأَسْبَابُ وَالْمَوْتُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ هَلَكَ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ طَرْحُ نَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ

(وَوَجَبَ) الِانْتِقَالُ (إنْ رَجَا) بِهِ (حَيَاةً أَوْ طُولَهَا) ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ مَعَهَا مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْمَوْتِ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ قَوْلَهُ (كَالنَّظَرِ) مِنْ الْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (فِي الْأَسْرَى) قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ (بِقَتْلٍ) ، وَيُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ (أَوْ مَنٍّ) بِأَنْ يُتْرَكَ سَبِيلُهُمْ، وَيُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ (أَوْ فِدَاءٍ) مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا بِالْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ بِمَالٍ (أَوْ) ضَرْبِ (جِزْيَةٍ) عَلَيْهِمْ، وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا (أَوْ اسْتِرْقَاقٍ) ، وَيَرْجِعُ لِلْغَنِيمَةِ، وَهَذِهِ الْوُجُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ فَلَيْسَ فِيهِمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْفِدَاءُ (وَلَا يَمْنَعُهُ) أَيْ الِاسْتِرْقَاقَ (حَمْلٌ) لِأَمَةٍ (بِمُسْلِمٍ) كَأَنْ يَتَزَوَّجَ مُسْلِمٌ كِتَابِيَّةً حَرْبِيَّةً بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا أَوْ يَتَزَوَّجُ كَافِرٌ كَافِرَةً وَيُسْلِمُ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا، وَقَدْ أَحْبَلَهَا حَالَ كُفْرِهِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَهِيَ رَقِيقَةٌ لِسَابِيهَا، وَالْحَمْلُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا رِقُّهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِقٌّ) كَأَمَةٍ (إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ) أَيْ فِي حَالَ كُفْرِ أَبِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْوُسْطَى لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ إسْلَامِ أَبِيهِ كَمَا فِي الطَّرَفَيْنِ فَحُرٌّ. (وَ) وَجَبَ لَهُمْ (الْوَفَاءُ بِمَا) أَيْ بِالشَّرْطِ الَّذِي (فَتَحَ لَنَا) الْحِصْنَ أَوْ الْقَلْعَةَ أَوْ الْبَلَدَ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (بَعْضُهُمْ) كَأَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَهْلِي أَوْ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِي أَوْ بَنِي فُلَانٍ، وَيَكُونُ هُوَ آمِنًا مَعَ مَنْ طَلَبَ لَهُ الْأَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْأَمَانَ لِأَحَدٍ إلَّا مَعَ طَلَبِهِ لِنَفْسِهِ (وَ) وَجَبَ الْوَفَاءُ (بِأَمَانِ الْإِمَامِ) (مُطْلَقًا) بِبَلَدِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ سَلَاطِينِ الْمُسْلِمِينَ أَمَّنَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ الْأَمَانُ لِإِقْلِيمٍ أَوْ عَدَدٍ مَحْصُورٍ (كَالْمُبَارِزِ) يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَهُ مِنْ الْقِتَالِ (مَعَ قِرْنِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُكَافِئُ لَهُ فِي الشَّجَاعَةِ رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ فَرَسَيْنِ أَوْ بَعِيرَيْنِ بِسَيْفٍ أَوْ خِنْجَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ أُعِينَ) الْقِرْنُ الْكَافِرُ (بِإِذْنِهِ قُتِلَ) الْمُعَانُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُعِينِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قُتِلَ الْمُعِينُ فَقَطْ. (وَ) جَازَ (لِمَنْ) (خَرَجَ) لِلْمُبَارَزَةِ (فِي) جُمْلَةِ (جَمَاعَةٍ) مُسْلِمِينَ (لِمِثْلِهَا) مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَخْصٍ لِآخَرَ عِنْدَ الْعَقْدِ لَكِنْ عِنْدَ الْقِتَالِ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِرْنٍ (إذَا فَرَغَ) الْمُسْلِمُ (مِنْ قِرْنِهِ الْإِعَانَةُ) لِغَيْرِهِ عَلَى قِرْنِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَمْعَ مُقَابِلٌ لِلْجَمْعِ (وَأُجْبِرُوا) أَيْ أَهْلُ الْحِصْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ أَيْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ مَاتَ حَالًا، وَإِنْ رَمَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ مَاتَ حَالًا، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ نَزَلَ الْبَحْرَ مَكَثَ حَيًّا وَلَوْ دَرَجَةً، أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَإِنْ مَكَثَ مَاتَ حَالًا وَجَبَ عَلَيْهِ النُّزُولُ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ الِانْتِقَالُ) أَيْ مِنْ سَبَبِ الْمَوْتِ لِسَبَبٍ آخَرَ، وَقَوْلُهُ: إنْ رُجِيَ بِهِ أَيْ بِالِانْتِقَالِ بِمَعْنَى الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الرَّجَاءُ عَلَى جِهَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ) أَيْ قِيمَةُ الْأَسِيرِ الْمَقْتُولِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضِيعُ عَلَى الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُتْرَكُ سَبِيلُهُمْ) أَيْ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُمْ لَا عَاجِلًا، وَلَا آجِلًا (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ) أَيْ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَأَعْتَقَهُ مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي لِبَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِدَاءٍ مِنْ الْخُمُسِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَحْصُلُ الْفِدَاءُ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ وَيَضُمُّهُ لِلْغَنِيمَةِ، أَوْ يَحْصُلُ الْفِدَاءُ بِرَدِّ الْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْسَبُ الْقَدْرُ الَّذِي يُفَكُّ بِهِ الْأَسْرَى مِنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَيُحْسَبُ قِيمَةُ الْأَسْرَى الَّذِينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا وَالْجِزْيَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ مَحَلُّهَا بَيْتُ الْمَالِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ هُوَ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا رِقُّهُ) أَيْ رِقُّ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ: فَحُرٌّ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لَا سَابِي أُمِّهِ وَلَا غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ إلَخْ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْإِمَامُ حِينَ أَعْطَى الْأَمَانَ لِلْحَرْبِيِّ فِي بَلَدٍ مِنْ بِلَادِهِ أَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ سُلْطَانٍ آخَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: أَمِنَهُ) أَمِنَ الْإِمَامُ الْحَرْبِيَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَنَفْسِهِ، وَأَهْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدٌ مَحْصُورٌ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كَالْمُبَارِزِ) أَيْ فَإِذَا بَرَزَ لِلْمَيْدَانِ وَاحِدٌ مِنْ شُجْعَانِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبَ أَنَّ قَرِينَهُ فُلَانٌ الْكَافِرُ يَبْرُزُ لَهُ فَقَالَ ذَلِكَ الْكَافِرُ بِشَرْطِ أَنْ نُقَاتِلَ مَاشِيَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ عَلَى خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ نَتَقَاتَلُ بِالسُّيُوفِ أَوْ الرِّمَاحِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَفِّيَ لِقِرْنِهِ بِمَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُبَارِزِ الْقَتْلَ مِنْ قِرْنِهِ الْكَافِرِ فَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُعَانُ بِوَجْهٍ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ إعَانَةُ الْمُسْلِمِ وَدَفْعِ الْمُشْرِكِ عَنْهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتَهُ عَهْدٌ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ إلَّا مَنْ بَارَزَهُ قَالَ الْمَوَّاقُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِلْجَ الْمُكَافِئَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْسِرَهُ لَوَجَبَ عَلَيْنَا إنْقَاذُهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفْعُهُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ كَمَا فِي الْبِسَاطِيِّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْقَافِ) أَيْ وَجَمْعُهُ أَقْرَانٌ وَقَوْلُهُ: الْمُكَافِئُ أَيْ الْمُمَاثِلُ (قَوْلُهُ: فِي الشُّجَاعَةِ) أَيْ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ الْبَطْشِ وَالْقِتَالِ، وَأَمَّا الَّذِي يُقَارِنُك فِي سِنِّك فَهُوَ قَرْنٌ بِالْفَتْحِ وَقَرِينٌ وَجَمْعُهُ قُرَنَاءُ كَمَا فِي الْمَشَارِقِ (قَوْلُهُ: قُتِلَ الْمُعِينُ فَقَطْ) أَيْ وَتُرِك الْمُعَانُ لِمُبَارِزِهِ يَتَقَاتَلَانِ حَتَّى يَحْصُلَ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتُهُ عَهْدٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ إلَّا مَنْ بَارَزَهُ فَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ أَعَانَهُ بِإِذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ حُمِلَ عَلَى الْإِذْنِ إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا رَاطَنَهُ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَقُولُ فَجَاءَ عَقِبَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرُوا أَيْ أَهْلُ الْحِصْنِ إلَخْ)

أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ مَنْ قَدِمَ بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْكُفَّارِ الْحَرْبِيِّينَ إذَا نَزَلُوا بِأَمَانٍ (عَلَى) مُقْتَضَى (حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ إنْ كَانَ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (عَدْلًا) فِيمَا حَكَّمُوهُ فِيهِ مِنْ تَأْمِينٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلَ شَهَادَةٍ فَيَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالصَّغِيرَ كَذَا قِيلَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ فَغَيْرُهُ مِنْ صَغِيرٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا إلَخْ (وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ) لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ إذَا أَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ فَحَكَمَ بِالْقَتْلِ أَوْ الْأَسْرِ أَوْ بِضَرْبِ جِزْيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أُجْبِرُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَلَا يُرَدُّونَ لِمَأْمَنِهِمْ إنْ أَبَوْا (وَإِلَّا) بِأَنْ انْتَفَى الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (نَظَرَ الْإِمَامُ) فِيمَا حَكَمَ بِهِ إنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَتَوَلَّى الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَرُدُّهُمْ لِمَأْمَنِهِمْ ثُمَّ شَبَّهَ فِي نَظَرِ الْإِمَامِ قَوْلَهُ: (كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْإِمَامِ (إقْلِيمًا) أَيْ عَدَدًا غَيْرَ مَحْصُورٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدَ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمَّنَ غَيْرُ الْإِمَامِ دُونَ إقْلِيمٍ بِأَنْ أَمَّنَ عَدَدًا مَحْصُورًا أَوْ وَاحِدًا (فَهَلْ يَجُوزُ) ابْتِدَاءً، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ فِيهِ خِيَارٌ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (أَوْ) لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ (يُمْضَى) إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ ثُمَّ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً أَوْ مُضِيُّهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمَانِ الْوَاقِعِ (مِنْ مُؤَمِّنٍ مُمَيِّزٍ) وَالْأَوْلَى حَذْفُ مُؤَمِّنٍ (وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رِقًّا أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ لَا) إنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ (ذِمِّيًّا أَوْ خَائِفًا مِنْهُمْ) حَالَ عَقْدِ الْأَمَانِ فَلَا يَمْضِي؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى سُوءِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَخَوْفَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ لَا، وَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ، وَلَوْ صَغِيرًا يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ فِيهِ الْخِلَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَلَوْ قَالَ مِنْ صَغِيرٍ مُمَيِّزٍ إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ. (وَسَقَطَ الْقَتْلُ) لِتَأْمِينِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا أَمْضَاهُ (وَلَوْ) وَقَعَ الْأَمَانُ (بَعْدَ الْفَتْحِ) ، وَكَذَا يَسْقُطُ غَيْرُهُ مِنْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ فِدَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَنَّهُ إذَا حَاصَرَ الْجَيْشُ حِصْنًا، وَأَرَادُوا قَتْلَ مَنْ فِيهِ فَقَالَ أَهْلُ الْحِصْنِ نَنْزِلُ لَكُمْ مِنْهُ عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ أَوْ رَاضِينَ بِحُكْمِ فُلَانٍ فِينَا الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْجَيْشِ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إنْزَالُهُمْ مِنْ الْحِصْنِ أَوْ الْقَلْعَةِ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ بَلْ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ إذَا كَانُوا مُتَرَجِّينَ أَنَّ فُلَانًا يَحْكُمُ فِيهِمْ بِحُكْمٍ هَيِّنٍ كَفِدَاءٍ فَلَمَّا نَزَلُوا حَكَمَ فِيهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ الْأَسْرِ لِمَا رَآهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ أُجْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمْ بَعْدَ نُزُولِهِمْ وَحُكْمُ فُلَانٍ فِيهِمْ لَا نَرْضَى بِحُكْمِهِ لِأَنَّنَا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّهُ يَرْأَفُ بِنَا فَوَجَدْنَاهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ قَدِمَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ بِلَادَنَا حَرْبِيُّونَ بِتِجَارَةٍ وَطَلَبُوا الدُّخُولَ بِأَمَانٍ، وَقَالُوا نَرْضَى بِمَا يَحْكُمُ بِهِ عَلَيْنَا فُلَانٌ مِنْ أَخْذِ مَا يُرْضِيهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي بِأَيْدِينَا فَإِذَا دَخَلُوا، وَقَالَ حَكَمْت بِالْعُشْرِ فَأَبَوْا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ فُلَانٌ مِنْ أَخْذِ الْعُشْرِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) أَيْ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الْعَدَالَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ حَاكِمٍ وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ عَدْلًا فِيمَا حَكَّمُوهُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاكِمُ عَامًّا أَوْ خَاصًّا وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ عَدْلُ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ الْحُرُّ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ السَّالِمُ مِنْ الْفِسْقِ. اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ فَإِذَا أَمَّنَ غَيْرُ الْإِمَامِ إقْلِيمًا وَجَبَ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَتَوَلَّى الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْإِقْلِيمِ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدَ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْهِنْدُ وَالْحِجَازُ، وَمِصْرُ وَبَابِلُ وَالرُّومُ وَالتُّرْكُ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالصِّينُ وَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالشَّامُ فَمِنْ مِصْرَ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الدِّيَةِ وَالْمِيقَاتِ وَالْيَمَنُ وَالْحَبَشَةُ مِنْ الْحِجَازِ، وَكُلُّ إقْلِيمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَالِيمِ سَبْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِي مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْسَبَ مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ، وَلَا وَادٍ وَالْبَحْرُ الْأَعْظَمُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ، وَمُحِيطٌ بِهِ بِجَبَلِ قَافٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى حَذْفُ مُؤَمِّنٍ) هَذَا إذَا جُعِلَ مُؤَمِّنٌ مَأْخُوذًا مِنْ الْأَمَانِ أَوْ مِنْ التَّأْمِينِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ الْإِيمَانِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: لَا ذِمِّيًّا مُحْتَرَزُهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مِنْ مُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مَحَلِّ الْحَالِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلُ مَالِكٍ أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا عِنْدِي أَمَانُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْأَمَانَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالِاجْتِهَادِ ابْنُ يُونُسَ، جَعَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافًا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ وِفَاقًا فَقَوْلُهُ أَمَانُهَا جَائِزُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا إبَاحَةَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ كَمُلَتْ فِيهِ سِتَّةُ شُرُوطٍ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَعَدَمُ الْخَوْفِ مِنْهُمْ إذَا أَعْطَى أَمَانًا كَانَ كَأَمَانِ الْإِمَامِ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَلَا يَتَعَقَّبُ وَلَوْ كَانَ خَسِيسًا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ إذَا غَابَ وَلَا يُشَاوَرُ إنْ حَضَرَ وَلَوْ كَانَ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ وَقَعَ الْأَمَانُ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ أُنْثَى فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَإِنْ صَدَرَ مِنْ كَافِرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ، أَوْ مِنْ خَائِفٍ مِنْهُمْ كَانَ غَيْرَ مُنْعَقِدٍ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ) أَيْ فِي جَوَازِهِ ابْتِدَاءً، وَعَدَمُ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً بَلْ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ مَضَى وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ. (قَوْلُهُ: إذَا أَمْضَاهُ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا يَحْتَاجُ لِإِمْضَاءٍ كَتَأْمِينِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لِعَدَدٍ مَحْصُورٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَكَتَأْمِينِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْبَالِغِ إقْلِيمًا أَمَّا تَأْمِينُ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْبَالِغِ الْمُسْلِمِ الْعَدَدَ الْمَحْصُورَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْقَتْلُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مَاضٍ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ)

إنْ وَقَعَ قَبْلَهُ فَالْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يُسْقِطُ إلَّا الْقَتْلُ وَلِلْإِمَامِ النَّظَرُ فِي بَقِيَّةِ الْأُمُورِ، وَقَبْلَهُ عَامٌ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ الْأَمَانُ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ يَكُونُ (بِلَفْظٍ) عَرَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) أَيْ يَفْهَمُ الْحَرْبِيُّ مِنْهَا الْأَمَانَ وَإِنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُ بِهَا ضِدَّهُ، وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ بِبَيِّنَةٍ لَا بِقَوْلِ الْمُؤَمِّنِ كُنْتُ أَمَّنْتُهُمْ بِخِلَافِ الْإِمَامِ، ثُمَّ شَرَطَ الْأَمَانَ (إنْ لَمْ يَضُرَّ) بِالْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَوْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ وَعَدَمُ الضَّرَرِ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ وَجَبَ رَدُّهُ (وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْأَمَانَ (حَرْبِيٌّ) مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ لَهُ، وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْمُؤَمِّنُ كَأَنْ خَاطَبَ مُسْلِمٌ صَاحِبَهُ أَوْ خَاطَبَ حَرْبِيًّا بِكَلَامٍ فَظَنَّهُ الْحَرْبِيُّ أَمَانًا (فَجَاءَ) مُعْتَمِدًا عَلَى ظَنِّهِ (أَوْ) (نَهَى) الْإِمَامُ (النَّاسَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّأْمِينِ (فَعَصَوْا) نَهْيَهُ، وَأَمَّنُوا (أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا) أَيْ لَمْ يَعْلَمُوا نَهْيَهُ. (أَوْ) (جَهِلَ) الْحَرْبِيُّ (إسْلَامَهُ) أَيْ إسْلَامَ الْمُؤَمِّنِ لَهُ بِأَنْ أَمَّنَهُ ذِمِّيٌّ فَاعْتَقَدَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (لَا) إنْ عَلِمَ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَجَهِلَ (إمْضَاءَهُ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ أَمَانَهُ مَاضٍ كَأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فَلَا يُمْضَى، وَهُوَ فَيْءٌ (أُمْضِيَ) الْأَمَانُ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ (أَوْ رُدَّ) الْحَرْبِيُّ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ لِمَحَلِّ التَّأْمِينِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا اسْتِرْقَاقُهُ (وَإِنْ) (أُخِذَ) الْحَرْبِيُّ حَالَ كَوْنِهِ (مُقْبِلًا) إلَيْنَا (بِأَرْضِهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِأُخِذَ (وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ) مِنْكُمْ (أَوْ) أُخِذَ (بِأَرْضِنَا) ، وَمَعَهُ تِجَارَةٌ (وَقَالَ) لَنَا إنَّمَا دَخَلْت أَرْضَكُمْ بِلَا أَمَانٍ لِأَنِّي (ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ أَوْ) أُخِذَ (بَيْنَهُمَا) ، وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ (رُدَّ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (لِمَأْمَنِهِ) أَيْ لِمَحَلِّ أَمْنِهِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَلَا أَسْرُهُ، وَلَا أَخْذُ مَالِهِ. (وَإِنْ) (قَامَتْ قَرِينَةٌ) عَلَى صِدْقِهِ أَوْ كَذِبِهِ (فَعَلَيْهَا) الْعَمَلُ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى كَذِبِهِ رَأَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ رُدَّ) مُؤَمَّنٌ تَوَجَّهَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لَهَا (بِرِيحٍ فَعَلَى أَمَانِهِ) الْأَوَّلِ لَا يُعْتَرَضُ لَهُ (حَتَّى يَصِلَ) لِبَلَدِهِ أَوْ لِمَأْمَنِهِ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ وُصُولِهِ لَهَا، فَقِيلَ فَيْءٌ، وَقِيلَ إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي رَدِّهِ وَإِنْزَالِهِ. (وَإِنْ) (مَاتَ) الْمُسْتَأْمِنُ (عِنْدَنَا فَمَالُهُ) وَدِيَتُهُ إنْ قُتِلَ (فَيْءٌ) فِي بَيْتِ الْمَالِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) بِبَلَدِنَا (وَارِثٌ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ فِي دِينِهِمْ وَلَوْ ذَا رَحِمٍ فَمَالُهُ لَهُ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَوْلَى بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى فَتْحِ الْحِصْنِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ لِمُؤَمِّنِهِ قَتْلُهُ، وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ أَمَانِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مُؤَمِّنِهِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ بِالتَّأْمِينِ بَعْدَ الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُؤَمِّنِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وح، وَمُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَأْمِينِ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَأَمَّا تَأْمِينُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْقَتْلُ اتِّفَاقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ) أَيْ الْأَمَانُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ) كَفَتْحِنَا لَهُمْ الْمُصْحَفَ وَحَلِفِنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ فَظَنُّوا ذَلِكَ أَمَانًا، وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا أَمَانًا أَنَّهُ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ لَكِنْ يُخَيِّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لِمَأْمَنِهِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ الْأَمَانِ وَبَيْنَ مَا فِي الْمَوَّاقِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَحُمِلَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْأَمَانِ الْمُنْعَقِدِ الَّذِي لَا يُرَدُّ، وَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَلَى مَا يَشْمَلُ تَخْيِيرَ الْإِمَامِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْأَمَانُ بِقَوْلِهِ كُنْتُ أَمَّنْتُهُمْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَوْ اسْتَوَتْ إلَخْ) فَالشَّرْطُ فِي لُزُومِ الْأَمَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ لَا وُجُودُ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ) أَيْ كَمَا لَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً أَوْ مَنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِشَارَةٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُؤَمِّنُ الْأَمَانَ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: أَوْ خَاطَبَ حَرْبِيًّا بِكَلَامٍ إلَخْ) كَقَوْلِ الْمُسْلِمِ لِرَئِيسِ مَرْكَبِ الْعَدُوِّ أَرْخِ قَلْعَك أَوْ لِشَخْصٍ مِنْهُمْ بِالْفَارِسِيَّةِ " مَتَرْسْ " أَيْ لَا تَخَفْ فَظَنُّوا ذَلِكَ أَمَانًا. (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ فَيْءٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ إمْضَاءَهُ) أَيْ حُكْمَ إمْضَائِهِ وَهُوَ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُمْضَى أَيْ، وَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ) أَوَلِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ سَوَاءٌ كَانَ يَأْمَنُ فِيهِ أَوْ يَخَافُ فِيهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ فِي حَالِ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ وَلَا فِي حَالِ تَوَجُّهِهِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ بَيْنَهُمَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ فِي هَذِهِ لِمَأْمَنِهِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ إنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ كَمَا فِي ح وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَخَذَ بِحِدْثَانِ مَجِيئِهِ، وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ) أَيْ كَعَدَمِ وُجُودِ سِلَاحٍ مَعَهُ وَقَوْلُهُ: (أَوْ كَذِبِهِ) أَيْ كَوُجُودِهِ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهَا الْعَمَلُ أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى أَمَانِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَلَهُ بَعْدَ رَدِّهِ نُزُولُهُ بِمَكَانِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ قَبْلَ السَّفَرِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْزِمَهُ الذَّهَابُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى أَمَانِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَجَعَ إلَخْ) نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَأْمَنَهُ فَفِي حِلِّ أَخْذِهِ وَتَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي إنْزَالِهِ آمِنًا وَرَدِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا الْأَوَّلُ لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالثَّانِي لِمُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا) أَيْ أَخَذَ فَيْئًا، وَإِلَّا رَدَّهُ الْإِمَامُ لِمَأْمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْزَالِهِ) أَيْ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ) الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ إمَّا أَنْ يَمُوتَ عِنْدَنَا، وَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ فِي بَلَدِهِ وَيَكُونُ لَهُ مَالٌ

(وَلَمْ يَدْخُلْ) بَلَدَنَا (عَلَى التَّجْهِيزِ) بَلْ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلَوْ بِالْعَادَةِ، أَوْ جَهِلَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَوْ لَا عَادَةَ، وَكَذَا إنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ الْعَادَةُ ذَلِكَ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَنَا فِيهِمَا، وَمَحَلُّ كَوْنِ مَالِهِ فَيْئًا مَا لَمْ يَنْقُضْ الْعَهْدَ وَيُحَارِبْ فَيُؤْسَرُ قُتِلَ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَمَالُهُ لِمَنْ قَتَلَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) مَالُهُ (لِقَاتِلِهِ) مِنْ جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ (إنْ) نَقَضَ الْعَهْدَ، وَ (أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ) أَيْ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ فَلَا مَفْهُومَ لِلْقَتْلِ ثُمَّ إنْ كَانَ مَنْ أَسَرَهُ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ مُسْتَنِدًا لَهُ خُمِّسَ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ، وَإِلَّا اخْتَصَّ بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ عَنْ قَوْلِهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ، وَفِي قَوْلِهِ وَإِلَّا أَرْسَلَ مَعَ دِيَتِهِ إلَخْ وَفِي قَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الثَّلَاثِ (وَإِلَّا) بِأَنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ ذَلِكَ، وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيهَا (أُرْسِلَ) مَالُهُ (مَعَ دِيَتِهِ) إنْ قُتِلَ ظُلْمًا أَوْ فِي مَعْرَكَةٍ قَبْلَ أَسْرِهِ (لِوَارِثِهِ) ، وَلَا حَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ. فَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلشَّرْطِ الثَّانِي فَقَطْ أَيْ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ (كَوَدِيعَتِهِ) الَّتِي تَرَكَهَا عِنْدَنَا وَسَافَرَ لِبَلَدِهِ فَمَاتَ فَتُرْسَلُ لِوَارِثِهِ (وَهَلْ) مُطْلَقًا (إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ أَسْرٍ (أَوْ) هِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ لَا تُرْسَلُ (قَوْلَانِ) وَمَحَلُّهُمَا إذَا دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ ذَلِكَ، وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَإِنْ طَالَتْ كَانَ مَالُهُ وَلَوْ وَدِيعَةً فَيْئًا، كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أُسِرَ فِي الْمَعْرَكَةِ اخْتَصَّ بِهِ آسِرُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ جَيْشًا، وَلَا مُسْتَنِدًا لَهُ، وَإِلَّا خُمِّسَ كَمَا مَرَّ، وَوَدِيعَتُهُ كَذَلِكَ. (وَ) لَوْ قَدِمَ حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ سِلَعٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (كُرِهَ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى الرَّاجِحِ (لِغَيْرِ الْمَالِكِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَنَا نَحْوَ وَدِيعَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْسَرَ، وَأَمَّا أَنْ يُقْتَلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ: وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ، وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: كَوَدِيعَتِهِ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ كَمَا فِي خش وَالشَّيْخِ سَالِمٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَشَارَ لِلثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ: وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ فَهُوَ قَسِيمٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهُ لَهُمَا خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ عبق عَنْ شَيْخِهِ وَتَبِعَهُمَا الشَّارِحُ، وَأَشَارَ لِلرَّابِعَةِ بِقَوْلِهِ، وَهَلْ إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ قَوْلَانِ هَذَا تَحْقِيقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ عبق مِنْ الْخَلَلِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ حُكْمُ مَالِهِ عِنْدَنَا فِي مَوْتِهِ بِبَلَدِهِ كَمَوْتِهِ عِنْدَنَا، وَمَالُهُ فِي مَوْتِهِ بَعْدَ أَسْرِهِ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَلَوْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَفِي كَوْنِهِ لِوَارِثِهِ أَوْ فَيْئًا لَا يُخَمَّسُ نَقْلَا الصَّقَلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: كَوَدِيعَتِهِ، الْمَالُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَنَا لَا خُصُوصُ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ) أَيْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ ثُمَّ يَذْهَبُ لِبِلَادِهِ (قَوْلُهُ: وَطَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَنَا فِيهِمَا) أَيْ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ يَكُونُ مَالُهُ وَدِيَتُهُ فَيْئًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ مَعَ مَالِهِ يَكُونُ لِمَنْ أَسَرَهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ، وَقَوْلُهُ: وَمَالُهُ لِمَنْ قَتَلَهُ أَيْ إذَا قُتِلَ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ) أَيْ أَوْ حَارَبَ وَأُسِرَ وَلَمْ يُقْتَلْ بَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَمَالُهُ لِمَنْ أَسَرَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ لِلْقَتْلِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ بَلْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَمَالُهُ لِمَنْ أَسَرَهُ، وَإِنْ قُتِلَ فَمَالُهُ لِقَاتِلِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ عَنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يَقُولُ وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ، وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ كَوَدِيعَتِهِ، وَهَلْ إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ أَوْ فَيْءٍ قَوْلَانِ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ مَا لَمْ يُؤْسَرْ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ، وَإِلَّا كَانَ مَالُهُ لِآسِرِهِ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أُرْسِلَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ مَا لَمْ يُؤْسَرْ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ، وَإِلَّا كَانَ مَالُهُ لِآسِرِهِ، وَوَدِيعَتُهُ تُرْسَلُ لِوَارِثِهِ مَا لَمْ يُؤْسَرْ عِنْدَنَا وَيَمُوتُ، وَإِلَّا كَانَتْ لِآسِرِهِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ لَيْسَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ، وَلَا لِمَا بَعْدَهُ بَلْ هُوَ كَلَامُ مُسْتَقِلٌّ عَلَى حِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ) أَيْ، وَمَاتَ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَعْرَكَةٍ) الصَّوَابُ حَذْفُ ذَلِكَ إذْ لَا دِيَةَ لَهُ إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فِي بَلَدِهِ أُرْسِلَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ، وَهَلْ يُرْسَلُ مَالُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِوَارِثِهِ حَيْثُ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ وَمَاتَ عِنْدَنَا، وَإِنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ وَلِقَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ فَالْقَوْلَانِ لَا يَخْتَصَّانِ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا زَعَمَهُ عبق بَلْ مَوْضُوعُهُمَا الْمَالُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَنَا مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَمِنْ فَرْضِهِمَا فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْمَالِ الْمُسْتَوْدَعِ الْمَتْرُوكُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ لَا خُصُوصُ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيْءٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَدِيعَةِ وَالْأَوْلَى وَهُمَا أَيْ الْمَالُ الْوَدِيعَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الْوَدِيعَةِ الْمَالَ الْمَتْرُوكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ لَا خُصُوصَ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ) أَيْ بَلْ مَاتَ عِنْدَنَا بِقُرْبِ دُخُولِهِ عِنْدَنَا أَوْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ وَمَاتَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَتْ) أَيْ، وَمَاتَ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَوَدِيعَتُهُ كَذَلِكَ) أَيْ تَكُونُ لِآسِرِهِ يَخْتَصُّ بِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ جَيْشًا، وَلَا مُسْتَنَدًا إلَيْهِ، وَإِلَّا خُمِّسَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدِمَ حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلُوا بِلَادَنَا بِالْقَهْرِ وَنَهَبُوا مِنْهَا أَمْتِعَةً وَأَرَادُوا بَيْعَهَا فِيهَا فَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ أَرْبَابِهَا فَلَهُمْ أَخْذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ مَجَّانًا وَأَمَّا إنْ

(اشْتِرَاءُ سِلْعَةٍ) أَيْ سِلَعِ الْمَالِكِ إمَّا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَتَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَيْهَا أَوْ لِأَنَّهُ بِشِرَائِهَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْمَالِكِ كَمَا قَالَ (وَفَاتَتْ بِهِ) أَيْ بِاشْتِرَاءِ غَيْرِ الْمَالِكِ عَلَى الْمَالِكِ فَلَيْسَ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ بِثَمَنٍ، وَلَا غَيْرِهِ (وَ) فَاتَتْ أَيْضًا (بِهِبَتِهِمْ لَهَا) لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إمَّا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ يُحَقِّقُ مِلْكَهُمْ أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَهْدِ صَارَ لَهُ حُرْمَةٌ لَيْسَتْ لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ مَا بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ بِدَارِهِمْ فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَخْذَهُ بِالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَمَجَّانًا فِي الْهِبَةِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَانْتُزِعَ) مِنْ الْمُسْتَأْمِنِ (مَا سَرَقَ) مِنَّا زَمَنَ الْعَهْدِ (ثُمَّ عِيدَ بِهِ بِبَلَدِنَا) بَعْدَ ذَهَابِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ عَادَ بِهِ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُهُ لَكِنْ إنْ عَادَ بِهِ السَّارِقُ قُطِعَ، وَلَوْ شَرَطَ عِنْدَ الْعَهْدِ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا سَرَقَ وَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ حُدُودُ الْمُسْلِمِينَ، لَا يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِانْتُزِعَ (لَا) يُنْتَزَعُ مِنْهُمْ (أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ) أَسَرُوهُمْ ثُمَّ (قَدِمُوا بِهِمْ) بِأَمَانٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ يُنْتَزَعُونَ مِنْهُمْ جَبْرًا بِالْقِيمَةِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَبِهِ الْعَمَلُ (وَمَلَكَ) الْحَرْبِيُّ (بِإِسْلَامِهِ) جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا غَصَبَهُ أَوْ سَرَقَهُ أَوْ نَهَبَهُ (غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) مِنْ رَقِيقٍ وَلَوْ مُسْلِمًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ وَذِمِّيٍّ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ فَلَا يَمْلِكُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلَا حَبْسًا مُحَقَّقًا، وَلَا مَا سَرَقَهُ زَمَنَ عَهْدِهِ، وَلَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا وَدِيعَةً، وَلَا مَا اسْتَأْجَرَهُ مِنَّا حَالَ كُفْرِهِ (وَفُدِيَتْ أُمُّ الْوَلَدِ) بِقِيمَتِهَا وُجُوبًا عَلَى سَيِّدِهَا لِشَبَهِهَا بِالْحُرَّةِ، وَاتَّبَعَتْ ذِمَّتَهُ إنْ أُعْسِرَ. (وَ) مَلَكَ مِنْ مُدَبَّرٍ، وَمُعْتَقٍ لِأَجْلِ مَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ (عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ) فَإِنْ حُمِلَ بَعْضُهُ رُقَّ بَاقِيهِ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ (وَ) عَتَقَ (مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْأَجَلِ (وَلَا يُتْبَعُونَ) الْأَوْلَى وَلَا يُتْبَعَانِ أَيْ لَا يَتْبَعُهُمَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا (بِشَيْءٍ) وَلَعَلَّهُ جَمْعٌ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جُمِعَ لِرُجُوعِهِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَيْضًا (وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ) فِي الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ وَرُقَّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَرَاهَا بِقَصْدِ الْفِدَاءِ لِرَبِّهَا فَالْأَحْسَنُ أَخْذُهَا بِالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ بِأَخْذِ الْكُفَّارِ لَهَا بِالْقَهْرِ مَا دَامَتْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً فِيهَا (قَوْلُهُ: اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ) أَيْ مِنْ الْحَرْبِيِّ الَّذِي دَخَلَ بِهَا بِلَادَنَا بِأَمَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِشِرَائِهَا يُفَوِّتُهَا عَلَى الْمَالِكِ) هَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الظَّاهِرُ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَيَأْتِي أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمَالِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهَا، وَلِذَا رَدَّهُ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَبِهِبَتِهِمْ لَهَا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِمْ بِهَا بِلَادَنَا بِأَمَانٍ، وَأَمَّا مَا أَخَذُوهُ مِنْ بِلَادِنَا نَهْبًا وَوَهَبُوهُ فِيهَا فَلَا يَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَلَا يَفُوتُ عَلَى مَالِكِهِ بِالْهِبَةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي قَبُولِ الْهِبَةِ كَالشِّرَاءِ، وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ، وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتِرَاءُ سِلْعَةٍ وَاتِّهَابُهَا أَيْ قَبُولُ هِبَتِهَا وَبَعْضُهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْكَرَاهَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ، وَالتَّعْلِيلُ الثَّانِي فِي كَرَاهَةِ الشِّرَاءِ مَوْجُودٌ فِي الْهِبَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَرْبِيَّ (قَوْلُهُ: لَا أَحْرَارَ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ) سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا فَلَا تُنْزَعُ مِنْهُمْ جَبْرًا عَلَيْهِمْ لَا بِالْقِيمَةِ، وَلَا بِدُونِهَا، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الرُّجُوعِ بِهِمْ بِلَادَهُمْ كَمَا لَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي قَدِمُوا بِهَا عِنْدَنَا بِأَمَانٍ، وَقَدْ كَانُوا أَخَذُوهَا غَصْبًا أَوْ نَهْبًا لَا سَرِقَةً كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا مَا أَخَذُوهُ مِنْ بِلَادِنَا بَعْدَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهَا بِالْقَهْرِ، وَقَدَرْنَا عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبُوا بِهِ لِبِلَادِهِمْ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ بِلَادَ الْإِسْلَامِ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ بِمُجَرَّدِ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهَا بَلْ حَتَّى تَنْقَطِعَ إقَامَةُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ عَنْهَا، وَأَمَّا مَا دَامَتْ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ أَوْ غَالِبُهَا قَائِمَةً فِيهَا فَلَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ. (قَوْلُهُ: الْقَوْلُ الْآخَرُ) يَعْنِي لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا الْعَزْوُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْآخَرُ فَهُوَ أَنْ يُنْتَزَعَ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ الْإِنَاثُ دُونَ الذُّكُورِ هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ يُنْتَزَعُونَ مِنْهُ جَبْرًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا (قَوْلُهُ: وَمَلَكَ بِإِسْلَامِهِ غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) أَيْ سَوَاءٌ قَدِمَ إلَيْنَا فِي حَالِ كُفْرِهِ بِأَمَانٍ أَوْ لَمْ يَقْدُمْ حَالَ كُفْرِهِ لَكِنْ قَدِمَ حَالَ إسْلَامِهِ، وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ، وَأَقَامَ بِبَلَدِهِ فَسَيَأْتِي فِي آخَرِ الْبَابِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَمَالُهُ وَوَلَدُهُ إلَخْ فَقَوْلُ خش قَدِمَ بِأَمَانٍ وَأَقَامَ بِبَلَدِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ بْن؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَدِمَ بِذَلِكَ حَالَ إسْلَامِهِ لَا يَمْلِكُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِأَنَّهُ إذَا قَامَ بِبَلَدِهِ فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ، وَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الرَّقِيقِ وَالذِّمِّيِّ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُرُوضِ كَالْكُتُبِ وَالسِّلَاحِ وَالْأَمْوَالِ، وَإِذَا مَلَكَ مَا ذَكَرَ بِإِسْلَامِهِ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا حَبْسًا) أَيْ، وَلَا يَمْلِكُ حَبْسًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَا سَرَقَهُ زَمَنَ عَهْدِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ شُبْهَةَ الْمِلْكِ لَهُمْ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا أَخَذُوهُ عَلَى طَرِيقِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَمِثْلُ الْمَسْرُوقِ اللُّقَطَةُ فَلَا يَمْلِكُهَا وَتُؤْخَذُ مِنْهُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَلَا دَيْنًا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ مِنْ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ وَاقْتَرَضَهُ مِنْهُ، وَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالسَّلَفُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ حَالَ كُفْرِهِ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهَا) أَيْ عَلَى أَنَّهَا قِنٌّ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ فِدَائِهَا مَا لَمْ تَمُتْ أَوْ يَمُتْ سَيِّدُهَا، وَإِلَّا فَلَا فِدَاءَ لِمَوْتِهَا فِي الْأَوَّلِ وَخُرُوجِهَا حُرَّةً فِي الثَّانِي. (قَوْلُهُ: رُقَّ بَاقِيهِ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَتَقَ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْهُ وَرُقَّ بَاقِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَرُقَّ كُلُّهُ) أَيْ لِعَدَمِ حَمْلِ الثُّلُثِ لِشَيْءٍ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ مَدِينًا دِينًا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ بِتَمَامِهَا هِيَ وَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ أَيْ لِحَمْلِ

لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ بَيْنَ إسْلَامِهِ لَهُ أَوْ أَخْذِهِ وَدَفَعَ قِيمَتَهُ لَهُ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُنَا لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ فَكَذَا وَارِثُهُ، وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنْ أَدَّى لِلَّذِي أَسْلَمَ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ عَقَدَهَا، وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ (وَحُدَّ زَانٍ) بِحَرْبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ (وَ) قُطِعَ (سَارِقٌ) نِصَابًا (وَ) لَوْ قَدْرَ حَقِّهِ أَوْ دُونَهُ (إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ) لَا إنْ لَمْ يُحَزْ فَلَا يُقْطَعُ (وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ) غَيْرُ الْمَوَاتِ مِنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَكَذَا الدُّورُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى صِيغَةٍ مِنْ الْإِمَامِ، وَلَا لِتَطْيِيبِ نَفْسِ الْمُجَاهِدِينَ، وَلَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ بِخِلَافِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ أَخْذِ كِرَاءٍ لَهَا، وَعَدَمِ بَيْعِهَا مَا دَامَتْ بِبُنْيَانِ الْكُفَّارِ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ مَوْجُودَةٌ أَمَّا إذَا انْهَدَمَتْ وَجَدَّدَ النَّاسُ أَبْنِيَةً جَازَ حِينَئِذٍ أَخْذُ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعُ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْإِرْثِ كَمَا هُوَ الْآنَ فِي مَكَّةَ، وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَوْلَى لَوْ تَجَدَّدَتْ بَلَدٌ بِأَرْضٍ بَرَاحٍ كَالْقَاهِرَةِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْأَرْضِ وَقْفًا لِأَنَّ الْبِنَاءَ مَمْلُوكٌ، وَأَمَّا أَرْضُ الزِّرَاعَةِ فَيُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِيمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ قَرِيبًا وَالْكَلَامُ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَا تُورَثُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْفَلَّاحِينَ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الذُّكُورَ تَخْتَصُّ بِالْأَرْضِ دُونَ الْإِنَاثِ كَمَا فِي بَعْضِ قُرَى الصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إجْرَاؤُهُمْ عَلَى عَادَتِهِمْ عَلَى مَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ صَارَتْ كَالْإِذْنِ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ. وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَوَنَائِبُهُ أَنْ يَمْنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِمْ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَتْحِ بَابٍ يُؤَدِّي إلَى الْهَرْجِ وَالْفَسَادِ؛ وَلِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَيْضًا الْعَادَةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ السَّلَاطِينِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَصْلَحَةِ نَعَمْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَالْأَمْرُ لِلْمُلْتَزِمِ، وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ فَتَاوَى مَعْزُوَّةٍ لِبَعْضِ أَئِمَّتِنَا كَالشَّيْخِ الْخَرَشِيِّ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي وَالشَّيْخِ يَحْيَى الشَّاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ تُورَثُ فَهِيَ فَتْوَى بَاطِلَةٌ لِمُنَافَاتِهَا مَا تَقَدَّمَ وَغَالِبُهُمْ قَدْ شَرَحَ هَذَا الْمُخْتَصَرَ، وَلَمْ يَذْكَرْ الْإِرْثَ، وَلَا بِالْإِشَارَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفَتَاوَى مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا، وَذَلِكَ (كَ) أَرْضِ (مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَخُمِّسَ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْأَرْضِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ أَيْ يُقْسَمُ أَخْمَاسًا خُمُسٌ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَرْبَعَةُ لِلْمُجَاهِدِينَ تُقْسَمُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَمَحَلُّ وَقْفِ الْأَرْضِ وَتَخْمِيسِ غَيْرِهَا (إنْ أُوجِفَ) أَيْ قُوتِلَ (عَلَيْهِ) ، وَلَوْ حُكْمًا كَهَرَبِهِمْ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ بِلَادَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثُّلُثِ بَعْضَهُ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ دَخَلَ بِأَمَانٍ ثُمَّ أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ الْجَانِي) أَيْ فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَنْ مُدَبَّرٍ جَانٍ خُيِّرَ وَارِثُهُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَيَأْخُذَ الْمُدَبَّرَ أَوْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَحُدَّ زَانٍ بِحَرْبِيَّةٍ) أَيْ زَنَى بِهَا قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ أَيْ زَنَى بِهَا بَعْدَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، وَقَوْلُهُ: إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَسَارِقٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَكَسَارِقٍ بِالْكَافِ لِأَجْلِ أَنْ يَظْهَرَ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَهَا، وَهَذَا وَالصَّوَابُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَدَمُ الْحَدِّ لِلشُّبْهَةِ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ حَتَّى يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَظِّهِ اُنْظُرْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ) أَيْ جُمِعَ فِي مَكَان بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ صَارَ مُعَيَّنًا بَيْنَ أَيْدِي الْمُجَاهِدِينَ قَبْلَ قَسْمِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، وُقِفَتْ قَالَ طفى لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ إنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ فِيهَا هَلْ يَقْسِمُهَا كَغَيْرِهَا أَوْ يَتْرُكُهَا لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى، وَقْفِهَا تَرْكُهَا غَيْرُ مَقْسُومَةٍ لَا الْوَقْفُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْحَبْسُ، وَأَقَرَّهُ بْن، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِوَقْفِهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُتْرَكُ لِلْمَصَالِحِ، وَلَا مَعْنَى لِلْوَقْفِ وَالتَّحْبِيسِ إلَّا ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ بِالْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَالشَّارِحُ قَدْ قَالَ إنَّ هَذَا الْوَقْفَ لَا يَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ) أَيْ بَلْ هِيَ كَالْمَسَاجِدِ لِمَنْ سَبَقَ، وَفِي بْن عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ لِلدُّورِ كِرَاءٌ وَيَكُونُ فِي الْمَصَالِحِ كَخَرَاجِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ (قَوْلُهُ: وأَوْلَى لَوْ تَجَدَّدَتْ بَلَدٌ) أَيْ أَوْلَى فِي جَوَازِ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: قَرِيبًا) أَيْ بِقَوْلِهِ فَخَرَاجُهَا وَالْخُمُسُ وَالْجِزْيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِيهَا) أَيْ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ لِلسُّلْطَانِ أَيْ فَيُمَكِّنُ مِنْهَا مَنْ شَاءَ وَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَحْتَ يَدِهِ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا، وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا فَالنَّظَرُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ يُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَلَا تُورَثُ عَنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ نَعَمْ وَارِثُهُ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ وَقْفِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَرْضٍ لِلْمُجَاهِدِينَ كَالْغَنِيمَةِ فَإِنَّهَا تُورَثُ عَمَّنْ مَاتَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَرَتْ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) جَوَابُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْكَلَامِ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ: نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ) أَيْ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيكِهِ لِلْأَرْضِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّذِي لَوْلَاهُ لَخَرِسَتْ الْأَرْضُ وَتَلِفَتْ فَهُوَ شِبْهُ الْخُلُوِّ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ (قَوْلُهُ: لِلْمُلْتَزِمِ) أَيْ هُوَ نَائِبُ السُّلْطَانِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا لِمَنْ يَشَاءُ (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاتِهَا مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا وَقْفٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْقَوْلُ بِوَقْفِيَّةِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى الْجَيْشِ فَلَعَلَّ تِلْكَ

عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا لَوْ هَرَبُوا قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ مَا انْجَلُوا عَنْهُ فَيْئًا مَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَكَذَا لَوْ هَرَبُوا بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَقَبْلَ نُزُولِهِ بَلَدَهُمْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ (فَخَرَاجُهَا) أَيْ الْأَرْضِ. (وَالْخُمُسُ) الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ (وَالْجِزْيَةُ) الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ وَالْفَيْءُ، وَعُشُورُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَخَرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ، وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَرْبِ، وَمَا أَخَذَهُ مِنْ تِجَارَتِهِمْ مَحَلُّهَا بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِاجْتِهَادِهِ فِي مَصَالِحِهِمْ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَيَبْدَأُ بِالصَّرْفِ نَدْبًا (لِآلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَيُوَفِّرُ نَصِيبَهُمْ لِمَنْعِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ (ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ) الْعَائِدِ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَتَرْمِيمِهَا وَالْقَنَاطِرِ، وَعِمَارَةِ الثُّغُورِ وَالْغَزْوِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَقَضَاءِ دَيْنِ مُعْسِرٍ، وَعَقْلِ جِرَاحٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ، وَإِعَانَةِ حَاجٍّ وَتَزْوِيجِ أَعْزَبَ، وَإِعَانَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّرْفُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعِيَالِهِ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ (وَبُدِئَ) مِنْ الْمَصَالِحِ وُجُوبًا بَعْدَ الْآلِ (بِمَنْ فِيهِمْ الْمَالُ) أَيْ بِمَنْ فِي بَلَدِهِمْ الْخَرَاجُ أَوْ الْخُمُسُ أَوْ الْجِزْيَةُ فَيُعْطَوْنَ حَتَّى يُغْنَوْا كِفَايَةَ سَنَةٍ إنْ أَمْكَنَ (وَنُقِلَ لِلْأَحْوَجِ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْمَالِ إنْ كَانَ هُنَاكَ أَحْوَجُ مِمَّنْ فِيهِمْ الْمَالُ (وَنَفَّلَ) الْإِمَامُ أَيْ زَادَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ خَاصَّةً (السَّلَبَ) بِالْفَتْحِ مَا يُسْلَبُ، وَيُسَمَّى النَّفَلُ الْكُلِّيَّ وَغَيْرَهُ وَيُسَمَّى الْجُزْئِيَّ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ السَّلَبِ كَانَ أَشْمَلَ (لِمَصْلَحَةٍ) مِنْ شَجَاعَةٍ وَتَدْبِيرٍ (وَلَمْ تَجُزْ) أَيْ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَقِيلَ تَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُهُ (إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعَدُوِّ، وَأَنَّ (مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ السَّلَبُ) أَوْ مَنْ جَاءَنِي بِشَيْءٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مَتَاعٍ فَلَهُ رُبْعُهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَصْرِفُ نِيَّتَهُمْ لِقِتَالِ الدُّنْيَا فَلِذَا جَازَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَتْوَى بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنْ نَظَرًا لِلْمَصْلَحَةِ وَدَفْعِ الْهَرَجِ أَوْ يُقَالُ الْأَرْضُ، وَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ لِلْمُزَارِعِينَ فِيهَا حَقٌّ يُشْبِهُ الْخُلُوَّ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيكِهِمْ الْأَرْضَ وَالْعِلَاجُ فِيهَا وَالْخُلُوّ يُورَثُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ بَلْ هُوَ فَيْءٌ يُصْرَفُ بِتَمَامِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُخَمَّسُ إلَّا مَا أُوجِفَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلَّمِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُخَمَّسُ، وَأَمَّا مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ دُونَ قِتَالٍ فَعِنْدَنَا لَا يُخَمَّسُ، وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَمَّسُ كَالْغَنِيمَةِ وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ، وَأَقَرَّاهُ فَأَنْتَ تَرَى الْمَازِرِيَّ لَمْ يَعْزُ الْقَوْلَ بِالتَّخْمِيسِ إلَّا لِلشَّافِعِيِّ مَعَ سَعَةِ حِفْظِهِ قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَرْضُ) أَيْ الْمَأْخُوذَةُ عَنْوَةً، وَقَهْرًا بِالْمُقَاتَلَةِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَالْخُمُسُ) أَيْ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ مَا نِيلَ بِالْقِتَالِ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ، وَكَذَا خُمُسُ الرِّكَازِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: وَفِي نُدْرَتِهِ الْخُمُسُ كَالرِّكَازِ (قَوْلُهُ: الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ) أَيْ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى أَهْلِ الْعَنْوِيَّةِ، وَأَهْلِ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: وَخَرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ) ، وَذَلِكَ إذَا صَالَحُونَا عَلَى أَنَّ كُلَّ فَدَانٍ عَلَيْهِ كَذَا، وَقَوْلُهُ: (وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَرْبِ) ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا صَالَحَ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى دَفْعِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيِّنَ الْقَدْرَ الَّذِي عَلَى كُلِّ رَأْسٍ أَوْ كُلِّ فَدَانٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ وَخَرَاجَ أَرْضِ الصُّلْحِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَا أُخِذَ مِنْ تِجَارَتِهِمْ) وَيُزَادُ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ مَالُ الْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَالْمَالُ الَّذِي جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ، وَمَالُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَهَذِهِ جِهَاتُ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَيُوَفِّرُ) أَيْ يَكْثُرُ وَيَعْظُمُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ: الصَّرْفُ أَيْ صَرْفُ الْإِمَامِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَوْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَهُ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَبْدَأُ مِنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إنَّهُ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ، وَعِيَالِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْآلِ) أَيْ فَالْبُدَاءَةُ هُنَا إضَافِيَّةٌ بِخِلَافِ الْبَدَاءَةِ بِالْآلِ فَإِنَّهَا حَقِيقِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ لِلْأَحْوَجِ الْأَكْثَرَ) أَيْ وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَمَّنْ فِيهِمْ الْمَالُ لِغَيْرِهِمْ الْأَكْثَرَ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَحْوَجَ مِنْهُمْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرُ فُقَرَاءِ الْبَلَدِ الَّتِي جُبِيَ فِيهَا الْمَالُ أَكْثَرَ احْتِيَاجًا مِنْهُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَصْرِفُ الْقَلِيلَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي جُبِيَ فِيهَا الْمَالُ ثُمَّ يَنْقُلُ الْأَكْثَرَ لِغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَنَفَّلَ مِنْهُ السَّلَبَ) اعْلَمْ أَنَّ النَّفَلَ هُوَ مَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهَا لِمَصْلَحَةٍ، وَهُوَ جُزْئِيٌّ، وَكُلِّيٌّ فَالْأُولَى مَا يَثْبُتُ بِإِعْطَائِهِ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يَقُولَ خُذْ يَا فُلَانُ هَذَا الدِّينَارَ أَوْ الْبَعِيرَ مَثَلًا وَالثَّانِي مَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مَا يُسْلَبُ) أَيْ مَا يُنْزَعُ مِنْ الْمَقْتُولِ وَقَوْلُهُ: وَيُسَمَّى أَيْ مَا يُسْلَبُ مِنْ الْمَقْتُولِ، وَقَوْلُهُ: النَّفَلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَقَوْلُهُ: الْكُلِّيُّ أَيْ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّلَبَ أَيْ وَنَفَّلَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ السَّلَبِ وَقَوْلُهُ: (وَيُسَمَّى الْجُزْئِيَّ) أَيْ النَّفَلَ الْجُزْئِيَّ (قَوْلُهُ: كَانَ أَشْمَلَ) أَيْ لِشُمُولِهِ لِلنَّفَلِ الْكُلِّيِّ وَهُوَ السَّلَبُ، وَالْجُزْئِيِّ وَهُوَ مَا يُعْطِيهِ لَهُ بِفِعْلٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ تَنْفِيلَ غَيْرِ السَّلَبِ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ تَنْفِيلِ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الْعَامُّ مَعَ كَثْرَتِهِ فَالْخَاصُّ الْقَلِيلُ أَوْلَى وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ لِشَخْصٍ لَمَّا عَلِمَ مِنْ شَجَاعَتِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ إذَا قَتَلْتَ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ أَوْ أَعْطَاهُ دِينَارًا أَوْ بَعِيرًا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ سَلَبُ الْقَتِيلِ أَوْ الدِّينَارُ أَوْ الْبَعِيرُ مِنْ الْخُمُسِ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعَدُوِّ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ أَيْ

إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ (وَمَضَى) الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ (إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ) الْإِمَامُ (قَبْلَ) حَوْزِ (الْمَغْنَمِ) فَإِنْ أَبْطَلَهُ اُعْتُبِرَ إبْطَالُهُ فِيمَا بَعْدَ الْإِبْطَالِ لَا فِيمَا قَبْلَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ بَلْ كُلُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا اسْتَحَقَّ مَا رَتَّبَهُ لَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ. وَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبَهُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَشْخَاصِ، وَفِي كُلِّ سَلَبٍ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ) دُونَ الذِّمِّيِّ مَا لَمْ يُنَفِّذْهُ لَهُ الْإِمَامُ (سَلَبٌ) مِنْ حَرْبِيٍّ (اُعْتِيدَ) وُجُودُهُ مَعَ الْمَقْتُولِ حَالَ الْحَرْبِ كَدَابَّتِهِ الْمَرْكُوبَةِ لَهُ أَوْ الْمَمْسُوكَةِ بِيَدِهِ أَوْ يَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ وَسَرْجِهِ وَلِجَامِهِ وَدِرْعِهِ وَسِلَاحِهِ وَمِنْطَقَتِهِ، وَمَا فِيهَا مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ (لَا سِوَارٌ وَصَلِيبٌ، وَعَيْنٌ) ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (وَدَابَّةٌ) غَيْرُ مَرْكُوبَةٍ، وَلَا مَمْسُوكَةٍ لِلْقِتَالِ بَلْ جَنِيبُ إمَامِهِ بِيَدِ غُلَامِهِ لِلِافْتِخَارِ فَلَا يَكُونُ لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ، وَلَهُ الْمُعْتَادُ (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ) قَوْلَ الْإِمَامِ لِبُعْدٍ أَوْ غَيْبَةٍ إذْ سَمَاعُ بَعْضِ الْجَيْشِ كَافٍ (أَوْ تَعَدَّدَ) السَّلَبُ بِتَعَدُّدِ الْقَتْلَى فَلَهُ الْجَمِيعُ (إنْ لَمْ يَقُلْ قَتِيلًا) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ قَاتِلًا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَيَّنَ قَاتِلًا بِأَنْ قَالَ إنْ قَتَلْت يَا فُلَانُ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ فَقَتَلَ أَكْثَرَ (فَالْأَوَّلُ) لَهُ سَلَبُهُ فَقَطْ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا فَنِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَتَلَهُمَا مَعًا، وَقِيلَ لَهُ الْأَقَلُّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْأَكْثَرُ فِي الثَّانِي. (وَلَمْ يَكُنْ) السَّلَبُ (لِكَمْرَأَةٍ) مِنْ صَبِيٍّ وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ وَزَمِنٍ وَشَيْخٍ فَانٍ (إنْ لَمْ تُقَاتِلْ) قِتَالَ الرِّجَالِ فَإِنْ قَاتَلْت بِالسِّلَاحِ أَوْ قَتَلْت أَحَدًا فَسَلَبُهَا لِقَاتِلِهَا (كَالْإِمَامِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ (إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ) ، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ (أَوْ) لَمْ (يَخُصَّ نَفْسَهُ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَتَلْت أَنَا قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَابَى نَفْسَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْقَاتِلِ (الْبَغْلَةُ) الْأُنْثَى (إنْ قَالَ) الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا (عَلَى بَغْلٍ) فَهُوَ لَهُ لِصِدْقِ الْبَغْلِ عَلَى الْأُنْثَى بِخِلَافِ مِنْ قَتَلَ قَتِيلًا عَلَى بَغْلَةٍ فَهِيَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الذَّكَرُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْبَغْلَةِ عَلَى الْبَغْلِ الذَّكَرِ (لَا إنْ كَانَتْ) الدَّابَّةُ (بِيَدِ غُلَامِهِ) غَيْرُ مَمْسُوكَةٍ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَهِيَ كَمَا مَرَّ. (وَقَسَّمَ) الْإِمَامُ (الْأَرْبَعَةَ) الْأَخْمَاسِ الْبَاقِيَةِ (لِحُرٍّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِمَامُ، وَقَوْلُهُ: (مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا) فَاعِلٌ يَجُزْ، أَيْ لَمْ يَجُزْ هَذَا اللَّفْظُ وَكَذَا مَا كَانَ بِمَعْنَاهُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَدُوِّ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُجَاهِدِينَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسَادِ نِيَّتِهِمْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ) أَيْ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا أَيْ مَنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْقِتَالُ قَدْ انْقَضَى كَيْفَ يَقُولُ لَهُمْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا فِي الْمَاضِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبْطَلَهُ) أَيْ أَظْهَرَ الرُّجُوعَ عَنْهُ قَبْلِ حَوْزِ الْمَغْنَمِ (قَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدَ الْإِبْطَالِ) أَيْ فَإِنْ قَتَلَ قَتِيلًا بَعْدَ الْإِبْطَالِ فَلَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ وَإِنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا قَبْلَ الْإِبْطَالِ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْمَغْنَمِ) أَيْ بَعْدَ حَوْزِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مِنْ أَقَلِّ الْغَنِيمَةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَا رَتَّبَهُ مِنْ الْخُمُسِ بَلْ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ فَلَهُ دِينَارٌ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ) أَيْ إذَا قَالَ الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُنَفِّذْهُ لَهُ الْإِمَامُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَكِنْ إنْ حَكَمَ بِهِ مَضَى؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ فَلَا يَتَعَقَّبُ فِيهِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: اُعْتِيدَ وُجُودُهُ مَعَ الْمَقْتُولِ) ، وَيَثْبُتُ كَوْنُهُ قَتِيلَهُ بِعَدْلَيْنِ إنْ شَرَطَ الْإِمَامُ الْبَيِّنَةَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ اُنْظُرْ ح. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْمُعْتَادُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مُبَالَغَةً فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَاتِلِ السَّلَبَ الْمُعْتَادَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْإِمَامِ) أَيْ قَوْلُهُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ (قَوْلُهُ: كَافٍ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا كَانَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَجْعَلُ عَدَمَ قَوْلِهِ ذَلِكَ شَرْطًا مَعَ أَنَّهُ مُنَافٍ لِلْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ) وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ إنْ قَتَلْت قَتِيلًا وَبَيْنَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مُشْكِلٌ إذْ فِي كِلَيْهِمَا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ، وَهِيَ تَعُمُّ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ الْفَاعِلَ كَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ عَلَى اتِّسَاعِ الْعَطَاءِ وَحِينَئِذٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَطَاءُ، وَلَوْ وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَإِنَّ الْعُمُومَ يُقَوِّي الْعُمُومَ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَهُ الْأَقَلُّ) أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ السَّلَبَيْنِ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَقْتُولُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا قَتَلَهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ أَيْ مِنْ السَّلَبَيْنِ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي أَيْ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي، وَهُوَ مَا إذَا قَتَلَهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لِكَمْرَأَةٍ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ سَلْبٌ اُعْتِيدَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ السَّلَبُ الْمُعْتَادُ مِنْ كَمَرْأَةٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ كَمَرْأَةٍ فَلَا يَكُونُ سَلَبَهَا إذْ سَلَبُهَا لِقَاتِلِهَا إذْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَا قَتْلُ مَنْ ذَكَرَ مَعَهَا هَذَا إذَا لَمْ تُقَاتِلْ قِتَالَ الرِّجَالِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ هَذَا أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِكَمْرَأَةٍ بِمَعْنَى مِنْ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبُ إلَخْ) أَيْ فَكَمَا أَنَّ سَلَبَ الْمَقْتُولِ الْمُعْتَادِ يَكُونُ لِقَاتِلِهِ الْمُسْلِمِ إذَا قَالَ الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ كَذَلِكَ يَكُونُ سَلَبُهُ لِقَاتِلِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَقُلْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنْكُمْ فَلَهُ سَلَبُهُ بِأَنْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلْبُهُ بِدُونِ مِنْكُمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ مِنْكُمْ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَمْسُوكَةٍ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا) أَيْ فَلَيْسَتْ لِقَاتِلِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مَمْسُوكَةً بِيَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَغْلُهُ، وَمَا مَرَّ

ذَكَرٍ (مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حَاضِرٍ) لِلْقِتَالِ صَحِيحٍ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَمَرِيضٍ شَهِدَ إلَخْ (كَتَاجِرِ، وَأَجِيرٍ إنْ قَاتَلَا) ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ شَهِدَا صَفَّ الْقِتَالِ (أَوْ خَرَجَا بِنِيَّةِ غَزْوٍ) ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلَا (لَا ضِدَّهُمْ) مِنْ عَبْدٍ وَكَافِرٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَغَائِبٍ (وَلَوْ قَاتَلُوا إلَّا الصَّبِيَّ فَفِيهِ إنْ أُجِيزَ) مِنْ الْإِمَامِ (وَقَاتَلَ) ، وَهُوَ مُطِيقٌ لِلْقِتَالِ (خِلَافٌ، وَلَا يُرْضَخُ) أَيْ لَا يُعْطَى (لَهُمْ) أَيْ لِمَنْ لَا يُسْهَمْ لَهُ مِنْ الْأَضْدَادِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالرَّضْخُ مَالٌ مَوْكُولٌ تَقْدِيرُهُ لِلْإِمَامِ مَحَلُّهُ الْخُمُسُ كَالنَّفْلِ (كَمَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ فَرَسٍ (قَبْلَ اللِّقَاءِ) أَيْ الْقِتَالِ فَلَا يُرْضَخُ لَهُ وَلَا يُسْهَمُ (وَأَعْمَى، وَأَعْرَجَ) إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ (وَأَشَلَّ) وَأَقْطَعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ رَأْيٌ وَتَدْبِيرٌ (وَمُتَخَلِّفٌ) بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ (لِحَاجَةٍ إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ) حَاجَتُهُ (بِالْجَيْشِ) وَإِلَّا أُسْهِمَ لَهُ (وَضَالٍّ) عَنْ الْجَيْشِ (بِبَلَدِنَا وَإِنْ) ضَلَّ بِمَعْنَى رُدَّ (بِرِيحٍ) لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ وَلِمَنْ رُدَّ بِرِيحٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ اخْتِيَارًا (بِخِلَافِ) ضَالٍّ (بِبَلَدِهِمْ) فَيُسْهَمُ لَهُ (وَ) بِخِلَافِ (مَرِيضٍ شَهِدَ) الْقِتَالَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ عَنْهُ فَإِنْ مَنَعَهُ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ تَدْبِيرٌ (كَفَرَسٍ رَهِيصٍ) وَالرَّهْصُ مَرَضٌ فِي بَاطِنِ قَدَمِهِ مَنْ وَطْئِهِ عَلَى حَجَرٍ وَنَحْوِهِ كَالْوَقْرَةِ فَيُسْهَمُ لَهُ لِكَوْنِهِ بِصِفَةِ الْأَصِحَّاءِ (أَوْ) (مَرِضَ) الْفَرَسُ أَوْ الْغَازِي (بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى) حَوْزِ (الْغَنِيمَةِ) ، (وَإِلَّا) بِأَنْ مَرِضَ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ قَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ وَاسْتَمَرَّ مَرِيضًا حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ، وَلَمْ يُقَاتِلْ (فَقَوْلَانِ) نَظَرًا لِدُخُولِهِ بَلَدَ الْحَرْبِ صَحِيحًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي قَوْلِهِ أَوْ دَابَّةٍ فِيمَا إذَا قَالَ فَلَهُ سَلَبُهُ فَلَا تَكْرَارَ، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ بِيَدِ غُلَامِهِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ أَوْ مَرْبُوطَةً بِمِنْطَقَتِهِ فَهِيَ لِقَاتِلِهِ كَمَا قَالَ تت وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا لِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: ذَكَرٍ) أَيْ فَالْمَرْأَةُ لَا يُسْهَمُ لَهَا، وَلَوْ قَاتَلَتْ إلَّا إذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ عَلَيْهَا بِفَجْءِ الْعَدُوِّ، وَإِلَّا أَسْهَمَ لَهَا كَمَا قَالَ الْجُزُولِيُّ (قَوْلُهُ: حَاضِرٍ لِلْقِتَالِ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: إنْ قَاتَلَا إلَخْ) ، وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْإِسْهَامِ لِلتَّاجِرِ وَالْأَجِيرِ شُهُودُ الْقِتَالِ، وَقِيلَ بِعَدَمِ الْإِسْهَامِ لِلْأَجِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَاتَلَ فَفِي الْأَجِيرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَفِي التَّاجِرِ قَوْلَانِ. اُنْظُرْ بْن. وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ خُرُوجَ التَّاجِرِ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ وَخُرُوجَ الْأَجِيرِ بِقَصْدِ الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَا بِنِيَّةِ غَزْوٍ) ظَاهِرُهُ كَانَتْ نِيَّةُ الْغَزْوِ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْغَزْوِ تَابِعَةً أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُمَا فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَتْ مَتْبُوعَةً أَوْ كَانَتَا مَقْصُودَتَيْنِ مَعًا. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَاتَلُوا) الضَّمِيرُ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ شَمَلَهُمْ لَفْظُ الضِّدِّ، وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِمَا عَدَا ضِدِّ حَاضِرٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْقِتَالُ مَعَ الْغَيْبَةِ وَرَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْإِسْهَامِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَضْدَادِ إذَا قَاتَلَ وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي الذِّمِّيِّ إذَا قَاتَلَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ فَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ إنْ أُجِيزَ، وَقَاتَلَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ شَهَرَهُ، وَهُوَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ لَكِنَّهَا لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَشْهُورِ نَعَمْ شَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ إذَا حَضَرَ صَفَّ الْقِتَالِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ، وَيَلْزَمُ مِنْ تَشْهِيرِهِ تَشْهِيرُ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ) الضَّمِيرُ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ شَمَلَهُمْ لَفْظُ الضِّدِّ أَيْ لَا يُعْطَى هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ شَيْئًا مِنْ الْخُمُسِ (قَوْلُهُ: وَالرَّضْخُ) أَيْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَهُوَ إعْطَاءُ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: وَأَعْمَى، وَأَعْرَجَ) أَيْ كَذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، وَلَا يُرْضَخُ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ أَيْ الْأَعْرَجُ رَاكِبًا وَرَاجِلًا فَيُسْهَمُ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْأَعْرَجِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَاتَلَ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْقَيْدِ فِي الْأَعْمَى أَيْضًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَتَعَلَّقُ بِالْجَيْشِ) أَيْ إنْ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ مِنْهَا نَفْعٌ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أُسْهِمَ لَهُ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَعَلَّقَتْ بِالْجَيْشِ بِأَنْ عَادَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ مِنْهَا نَفْعٌ أُسْهِمَ لَهُ فَالْأَوَّلُ كَإِقَامَتِهِ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ لِأَجْلِ تَسَوُّقِ طَعَامٍ أَوْ سِلَاحٍ لِلْجَيْشِ وَالثَّانِي كَتَخَلُّفِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لِأَجْلِ تَمْرِيضِ ابْنٍ أَوْ أَخٍ أَمِيرِ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: وَضَالٍّ عَنْ الْجَيْشِ بِبَلَدِنَا) أَيْ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَتْحِ وَفَرَاغِ الْجِهَادِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ ضَلَّ عَنْ الْجَيْشِ بِبَلَدِنَا وَلِمَنْ رُدَّ بِرِيحٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمْ مَعَ أَصْحَابِهِمْ الَّذِينَ وَصَلُوا وَغَنِمُوا، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَلَوْ ضَلَّ رَجُلٌ مِنْ الْعَسْكَرِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى غَنِمُوا فَلَهُ سَهْمُهُمْ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِينَ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ. اهـ. وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: شَهِدَ الْقِتَالَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ عَنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ أَوْ حَصَلَ لَهُ فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ أَوْ حَصَلَ لَهُ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ مَنَعَهُ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ الْمَرَضُ طَرَأَ لَهُ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ أَوْ فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ فَإِنْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ أُسْهِمَ لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى شَهِدَ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِمَرِيضٍ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْقِتَالَ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَرَضٌ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى حَوْزِ الْغَنِيمَةِ

وَالْمَرَضِ الْمَانِعِ (وَ) يُسْهَمُ (لِلْفَرَسِ مَثَلًا) سَهْمُ (فَارِسِهِ) فَلِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِرَاكِبِهِ سَهْمٌ كَمَا أَنَّ لِمَنْ لَا فَرَسَ لَهُ سَهْمًا وَاحِدًا وَلِلْفَرَسِ الَّذِي لَا يُسْهَمُ لِرَاكِبِهِ سَهْمَانِ كَالْعَبْدِ، وَلِلْفَرَسِ السَّهْمَانِ (وَإِنْ) كَانَ الْقِتَالُ (بِسَفِينَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حَمْلِ الْخَيْلِ فِي الْجِهَادِ إرْهَابُ الْعَدُوِّ (أَوْ) (كَانَ الْفَرَسُ بِرْذَوْنًا) وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الْخِلْقَةِ الْغَلِيظُ الْأَعْضَاءِ، وَالْعِرَابُ الْمَمْدُوحَةُ ضُمْرٌ وَأَرَقُّ أَعْضَاء (وَهَجِينًا) مِنْ الْخَيْلِ لَا الْإِبِلِ إذْ لَا يُسْهَمُ لَهَا، وَهُوَ مَا أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ نَبَطِيَّةٌ أَيْ رَدِيئَةٌ، وَعَكْسُ الْهَجِينِ مُقْرِفٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَقْرَفُ، وَهُوَ مَا أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ، وَأَبُوهُ نَبَطِيٌّ (وَصَغِيرًا يَقْدِرُ بِهَا) أَيْ بِالثَّلَاثَةِ (عَلَى الْكَرِّ) عَلَى الْعَدُوِّ (وَالْفَرِّ) مِنْهُ. (وَ) يُسْهَمُ لِفَرَسٍ (مَرِيضٍ رُجِيَ) بُرْؤُهُ، وَقَدْ شَهِدَ بِهِ الْقِتَالَ مِنْ ابْتِدَائِهِ صَحِيحًا ثُمَّ حَدَثَ لَهُ الْمَرَضُ فِي بَقِيَّتِهِ (وَ) لِفَرَسٍ (مُحَبَّسٍ) وَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ لَا لِلْمُحَبِّسِ، وَلَا فِي مَصَالِحِهِ كَعَلَفٍ وَنَحْوِهِ (وَ) لِفَرَسٍ (مَغْصُوبٍ) وَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ إنْ غُصِبَ (مِنْ الْغَنِيمَةِ) فَقَاتَلَ بِهِ فِي غَنِيمَةٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِلْجَيْشِ (أَوْ) غَصَبَهُ (مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ) بِأَنْ غَصَبَهُ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ وَسَهْمَاهُ لِلْغَاصِبِ وَلِرَبِّهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (وَ) الْمَغْصُوبُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَيْشِ أَيْ مِنْ آحَادٍ سَهْمَاهُ (لِرَبِّهِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَسَهْمَاهُ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِرَبِّهِ (لَا أَعْجَفَ) عَطْفٌ عَلَى فَرَسٍ رَهِيصٍ فَهُوَ مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ نِيَابَةً عَنْ الْكِسْرَةِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنُ الْفِعْلِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ، وَهُوَ الْهَزِيلُ الَّذِي لَا نَفْعَ بِهِ (أَوْ كَبِيرٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَ) لَا (بَغْلٍ وَبَعِيرٍ وَ) فَرَسٍ (ثَانٍ) لِغَازٍ. (وَ) الْفَرَسُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ سَهْمَاهُ (لِلْمُقَاتِلِ) عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَدَفَعَ أَجْرَ) حِصَّةِ (شَرِيكِهِ) كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ (وَ) الْغَانِمُ (الْمُسْتَنِدُ لِلْجَيْشِ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ أَذِنَ لَهُ الْوَالِي فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَا (كَهُوَ) أَيْ كَالْجَيْشِ فِيمَا غَنِمَ فِي غَيْبَتِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَيْشِ كَمَا أَنَّ الْجَيْشَ يُقْسَمُ عَلَيْهِ مَا غَنِمَهُ فِي غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِنَادَهُ لِلْجَيْشِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَنِدُ مِمَّنْ يُقْسَمُ لَهُ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا فَمَا غَنِمَهُ فَلِلْجَيْشِ إلَّا إذَا كَانَ مُكَافِئًا لَهُ فِي الْقُوَّةِ أَوْ يَكُونُ هُوَ الْغَالِبُ فَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ ثُمَّ يُخَمَّسُ سَهْمُ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً (وَإِلَّا) يَسْتَنِدْ فِي غَنِيمَتِهِ لِلْجَيْشِ أَيْ لَمْ يَتَقَوَّ بِهِ بَلْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ (فَلَهُ) مَا غَنِمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْجَبَ مَنْعَهُ عَنْ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ. وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَالْأَوْلَى قَصْرُ قَوْلِهِ أَوْ مَرِضَ إلَخْ عَلَى الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ الْمَرِيضَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِسْهَامِ لَهُ شُهُودُ الْقِتَالِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْمَرَضِ) أَيْ وَنَظَرًا لِلْمَرَضِ الْمَانِعِ مِنْ الْقِتَالِ فَمَنْ نَظَرَ لِذَلِكَ قَالَ بِعَدَمِ الْإِسْهَامِ لَهُ، وَمَنْ نَظَرَ لِدُخُولِهِ بِلَادَ الْحَرْبِ وَتَكْثِيرِهِ لِسَوَادِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا قَالَ يُسْهَمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا شَهِدَ الْقِتَالَ مَعَ مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ سَوَاءٌ حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ قَبْلَ دُخُولِ بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ أَوْ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ وَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَمَرِيضٌ شَهِدَ وَأَمَّا إذَا مَنَعَهُ الْمَرَضُ مِنْ شُهُودِ الْقِتَالِ فَإِنْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ، وَهَذَا مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا إذَا طَرَأَ لَهُ قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَقَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ فَقَوْلَانِ بِالْإِسْهَامِ لَهُ، وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْهَمُ لِفَرَسٍ مَرِيضٍ رُجِيَ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَمَرِيضٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى فَرَسٍ رَهِيصٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمَرِيضًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَدْخُولِ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ أَنْسَبُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَقَدْ شَهِدَ بِهِ الْقِتَالَ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُهُودُ الْقِتَالِ بَلْ الْفَرَسُ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ يُسْهَمَ لَهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ، وَهُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْقِتَالُ عَلَيْهِ لِمَرَضِهِ لَكِنَّهُ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ أَوْ قَاتَلَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الْإِنْسَانِ، وَلِذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ. اهـ بْن. . (قَوْلُهُ: سَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ) أَيْ فَإِنْ قَاتَلَا عَلَيْهِ مَعًا فَالسَّهْمَانِ بَيْنَهُمَا إنْ تَسَاوَيَا فِي الْقِتَالِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلِكُلِّ مَا خَصَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأُجْرَةِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمَا نِصْفَ الْفَرَسِ، وَقَاتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ سَهْمًا، وَلَوْ قَاتَلَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَالْآخَرُ يَوْمَيْنِ فَالْأَوَّلُ يَأْخُذُ ثُلُثَيْ السَّهْمَيْنِ وَالْآخَرُ يَأْخُذُ ثُلُثَهُمَا وَيَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِنِسْبَةِ مَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْفَرَسِ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الْفَرَسِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا يَدْفَعُ الَّذِي رَكِبَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِمَنْ رَكِبَهُ يَوْمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْغَانِمُ الْمُسْتَنِدُ لِلْجَيْشِ) أَيْ الْمُتَقَوِّي بِهِ بِأَنْ كَانَ حَالُ انْفِرَادِهِ سَائِرًا تَحْتَ ظِلِّهِ، وَلَا اسْتِقْلَالَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْبَةٍ) أَيْ غَيْبَةِ ذَلِكَ الْمُسْتَنِدِ عَنْ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: فَيُقْسَمُ) أَيْ مَا غَنِمَهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ اسْتِنَادَهُ لِلْجَيْشِ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لِاسْتِنَادِهِ لِلْجَيْشِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مُكَافِئًا) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَنِدُ الَّذِي لَا يُسْهَمُ لَهُ مُكَافِئًا لِلْجَيْشِ فِي الْقُوَّةِ أَوْ يَكُونُ هُوَ أَيْ الْمُسْتَنِدُ الْغَالِبُ أَيْ الَّذِي غَلَبَ عَلَى الْكُفَّارِ، وَهَزَمَهُمْ (قَوْلُهُ: فَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةِ) أَيْ مُنَاصَفَةً، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَنِدُ طَائِفَةً قَلِيلَةً. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْأَحْرَارِ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ الْجَيْشُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُخَمَّسُ سَهْمُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ الْجَيْشِ

يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْجَيْشِ فَلَا يُنَافِي تَخْمِيسَهُ (كَمُتَلَصِّصِ) أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ يَخْتَصُّ بِهِ، وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا قَبْلَهُ (وَخَمَّسَ مُسْلِمٌ) مَا أَخَذَهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمُسْلِمُ (عَبْدًا عَلَى الْأَصَحِّ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ اللِّصَّ الْمُسْلِمَ يُخَمَّسُ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِلْغَزْوِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُخَمَّسُ (لَا ذِمِّيٌّ) فَلَا يُخَمَّسُ بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا أَخَذَهُ اسْتَنَدَ لِلْجَيْشِ أَوْ لَا. (وَ) لَا (مَنْ عَمِلَ) مِنْ أَهْلِ الْجَيْشِ (سَرْجًا أَوْ سَهْمًا) أَوْ قَدَحًا أَوْ قَصْعَةً، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مَا كَانَ مَعْمُولًا فِي بُيُوتِهِمْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ دَقَّ بَلْ هُوَ غَنِيمَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَالشَّأْنُ) الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ (الْقَسْمُ) لِلْغَنَائِمِ (بِبَلَدِهِمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ مَسَرَّةِ الْغَانِمِينَ وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ (وَهَلْ) الْإِمَامُ (يَبِيعُ) سِلَعَ الْغَنِيمَةِ، النَّقْلُ هَلْ يَنْبَغِي لَهُ بَيْعُهَا (لِيَقْسِمَ) أَثْمَانَهَا خَمْسَةَ أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٌ لِلْجَيْشِ وَخُمُسٌ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ فِي الْبَيْعِ وَفِي قَسْمِ الْأَعْيَانِ (قَوْلَانِ) فِيمَا إذَا أَمْكَنَ الْبَيْعُ هُنَاكَ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ قَسْمُ الْأَعْيَانِ (وَأُفْرِدَ) وُجُوبًا فِي الْقَسْمِ (كُلُّ صِنْفٍ) مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ لِيَقْسِمَهُ أَخْمَاسًا (إنْ أَمْكَنَ) حِسًّا بِاتِّسَاعِ الْغَنِيمَةِ وَشَرْعًا بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْرِيقِ أُمٍّ عَنْ وَلَدِهَا قَبْلَ الْإِثْغَارِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) الْأَوْلَى عَلَى الْمُخْتَارِ. (وَأَخَذَ) شَخْصٌ (مُعَيَّنٌ) أَيْ مَعْرُوفٌ بِعَيْنِهِ حَاضِرٌ (وَإِنْ) كَانَ (ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ) أَنَّهُ (لَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَسْمِ (مَجَّانًا) بِغَيْرِ شَيْءٍ (وَحَلَفَ أَنَّهُ مِلْكُهُ) أَيْ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ الْآنَ (وَحُمِلَ لَهُ) إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَائِبًا، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْحَمْلِ (إنْ كَانَ) الْحَمْلُ (خَيْرًا) لَهُ وَيَحْلِفُ أَيْضًا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَاعَهُ، وَلَا وَهَبَهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ (وَإِلَّا) يَكُنْ حَمْلُهُ خَيْرًا مِنْ بَيْعِهِ بَلْ بَيْعُهُ خَيْرٌ وَاسْتَوَتْ مَصْلَحَةُ بَيْعِهِ وَحَمْلِهِ (بِيعَ لَهُ) وَحُمِلَ ثَمَنُهُ لَهُ (وَ) إذَا قُسِّمَ مَا عُرِفَ مَالِكُهُ (لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ) وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِلَا ثَمَنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا سَهْمُ الْمُسْتَنِدِ الْمُكَافِئِ أَوْ الْغَالِبِ فَلَا يُخَمَّسُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَهَلْ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَوْ يُخَمَّسُ سَهْمُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْعَبْدِ الْمُتَلَصِّصِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ دُونَ الْجَيْشِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُخَمِّسُهُ (قَوْلُهُ: مَا أَخَذَهُ) أَيْ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى وَجْهِ التَّلَصُّصِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ حُرًّا بَلْ، وَلَوْ عَبْدًا وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُخَمَّسُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى وَجْهِ التَّلَصُّصِ إلَّا إذَا كَانَ حُرًّا لَا إنْ كَانَ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ وَلَعَلَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِلْغَزْوِ) أَيْ جِهَارًا بَلْ خَرَجَ لِمُجَرَّدِ التَّلَصُّصِ خِفْيَةً (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَهُوَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا خَرَجَ لَهُ) أَيْ خَرَجَ لِلْغَزْوِ جِهَارًا وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ خَرَجَ لِأَجْلِ التَّلَصُّصِ خِفْيَةً فَلَا يُخَمَّسُ (قَوْلُهُ: اسْتَنَدَ لِلْجَيْشِ أَوْ لَا) فِيهِ أَنَّ الذِّمِّيَّ الْمُسْتَنِدَ لِلْجَيْشِ إنْ كَانَ مُكَافِئًا لِلْجَيْشِ قَسَّمَ مَا غَنِمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُنَاصَفَةً، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَافِئٍ كَانَ مَا غَنِمَهُ لِلْجَيْشِ خَاصَّةً، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَأَيْنَ الِاخْتِصَاصُ فَالْأَوْلَى حَمْلُ قَوْلِهِ لَا ذِمِّيَّ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِلْجَيْشِ بِأَنْ كَانَ مُتَلَصِّصًا تَأَمَّلْ وَقَدْ يُقَالُ يَصِحُّ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِلْجَيْشِ، وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانُوا مُكَافِئِينَ لِلْمُسْلِمِينَ فَنِصْفُ الْغَنِيمَةِ الَّذِي يَخُصُّهُمْ لَا يُخَمَّسُ، وَالنِّصْفُ الَّذِي يَخُصُّ الْمُسْلِمِينَ يُخَمَّسُ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ عَمِلَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُخَمَّسُ ذَلِكَ بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالشَّأْنُ الْقَسْمُ بِبَلَدِهِمْ) أَيْ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْغَانِمُونَ جَيْشًا، وَأَمِنُوا مِنْ كَرِّ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ فَإِنْ خَافُوا كَرَّةَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ وَكَانُوا سَرِيَّةً أَخَّرُوا الْقَسْمَ حَتَّى يَعُودُوا لِلْجَيْشِ أَوْ لِمَحَلِّ الْأَمْنِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْإِمَامُ يَبِيعُ سِلَعَ الْغَنِيمَةِ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا فِي عبق تَبَعًا لعج، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ وَالْفَاكِهَانِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ، وَهُوَ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي بِالتَّخْيِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ اُنْظُرْ طفى وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ النَّقْلَ هَلْ يَنْبَغِي لَهُ بَيْعُهَا لِيَقْسِمَ أَثْمَانَهَا أَوْ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذَا أَمْكَنَ الْبَيْعُ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ مُشْتَرٍ يَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ لَا بِالْغَبْنِ. (قَوْلُهُ: وَأَفْرَدَ) أَيْ وَإِذَا اخْتَارَ الْإِمَامُ قِسْمَةَ الْأَعْيَانِ أَفْرَدَ كُلَّ صِنْفٍ وُجُوبًا فِي الْقَسْمِ عَلَى حِدَتِهِ أَيْ: وَلَا يَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضِ، وَقِيلَ يَضُمُّ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمْكَنَ الْإِفْرَادُ، وَإِلَّا ضُمَّتْ الْأَصْنَافُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يُرَجِّحْ هُنَا شَيْئًا وَإِنَّمَا نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي اخْتَارَ هَذَا هُوَ اللَّخْمِيُّ كَذَا قَالَ الْمَوَّاقُ وَرَدَّهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ التَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ، وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: حَاضِرٌ) أَيْ لِقَسْمِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذِمِّيًّا) أَيْ لِمُشَارَكَتِهِ لِلْمُسْلِمِ فِي عِصْمَةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَائِبًا) أَيْ عَنْ مَحَلِّ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ أَيْضًا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ مَا بَاعَهُ إلَخْ) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق نَقْلًا عَنْ الْبِسَاطِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النَّقْلُ أَنَّ الْغَائِبَ الَّذِي يَحْمِلُ لَهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَمْلَهُ لَهُ إنَّمَا هُوَ بِرِضَا الْجَيْشِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لِمُنَازَعَةِ الْجَيْشِ لَهُ. اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِيعَ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ رَبِّهِ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ لَا صِلَةُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُبَاعُ لِمَالِكِهِ وَلَوْ جُعِلَتْ اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى كَانَ أَوْلَى لِإِفَادَةِ لُزُومِ الْبَيْعِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قَسَّمَ) أَيْ

(إلَّا لِتَأَوُّلٍ) بِأَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَالْأَوْزَاعِيِّ إنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ فَيَمْضِي الْقَسْمُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْضِ إذَا لَمْ يَتَأَوَّلْ بِأَنْ قَسَّمَهُ مُتَعَمِّدًا لِلْبَاطِلِ أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ جَهْلًا أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ يَجِبُ نَقْضُهُ إجْمَاعًا، وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ عَالِمٍ (لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) رَبُّهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا نَاحِيَتِهِ كَمِصْرِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ فِي الْجُمْلَةِ كَمُصْحَفٍ، وَكُتُبِ حَدِيثٍ كَالْبُخَارِيِّ فَلَا يُحْمَلُ بَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْمُجَاهِدِينَ وَلَا يُوقَفُ وَالنَّصُّ أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً فَإِخْرَاجُهُ مِنْ أَخْذِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ غَيْرُ مُخَلِّصٍ، وَالْمُخَلِّصُ إخْرَاجُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ فَتَأَمَّلْ (بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ) تُوجَدُ عِنْدَهُمْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُقْسَمُ بَلْ تُوقَفُ اتِّفَاقًا ثُمَّ إنْ عُرِفَ رَبُّهَا حُمِلَتْ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا. (وَبِيعَتْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَ) خِدْمَةُ (مُدَبَّرٍ) وُجِدَا فِي الْغَنِيمَةِ، وَعُرِفَ أَنَّهُمَا لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُمَا خَيْرًا لَهُ ثُمَّ إنْ جَاءَ السَّيِّدُ فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا بِالثَّمَنِ وَلَهُ تَرْكُهُمَا فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِيهَا فِي الْخِدْمَةِ، وَيَخْرُجُ عِنْدَ الْأَجَلِ حُرًّا، وَاسْتُشْكِلَ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ بِأَنَّ غَايَتَهَا مَوْتُ السَّيِّدِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى بَيْعِهَا أَنَّهُ يُؤَاجَرُ إلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ تُظَنُّ حَيَاةُ السَّيِّدِ إلَيْهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَعَبْدٌ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَنْ ذَلِكَ يَكُونُ كَاللُّقَطَةِ فَيُوضَعُ خَرَاجُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى. فَإِنْ جَهِلَ السَّيِّدُ فَالْخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي، فَلْيُتَأَمَّلْ. (وَ) بِيعَتْ (كِتَابَةٌ) لِمُكَاتَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ عَلَى الْجَيْشِ الشَّيْءَ الَّذِي عُلِمَ مَالِكُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْقَسْمِ كَمَا فَرَضَ ابْنُ بَشِيرٍ أَوْ غَائِبًا كَمَا فَرَضَ ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِتَأَوُّلٍ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ الَّذِي قَسَّمَ الْغَنِيمَةَ (قَوْلُهُ: كَالْأَوْزَاعِيِّ) مَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ مِثْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ) أَيْ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُخَلِّصٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْجَوَازَ ابْتِدَاءً لِصِدْقِهِ بِالْوَقْفِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ جَوَازُ قَسْمِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَالْمُخَلِّصُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ جَعَلَ مَخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ إلَخْ يَكُونُ الْمَعْنَى، وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَا يَأْخُذُهُ وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْجَيْشِ أَوْ يُوقَفُ يُحْتَمَلُ، وَإِنْ جَعَلَ مَخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ كَانَ الْمَعْنَى لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَإِنَّهُ يَمْضِي قَسْمُهُ وَهَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً قَسْمُهُ أَوْ لَا يَجُوزُ يُحْتَمَلُ فَالْجَوَازُ ابْتِدَاءً غَيْرُ مَعْلُومٍ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمُخَلِّصُ أَنْ يُجْعَلَ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا إذْ مَعْنَاهُ وَحُمِلَ مَا كَانَ خَيْرًا لِرَبِّهِ إنْ تَعَيَّنَ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ لَهُ بَلْ يُقْسَمُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ لَهُ صَادِقٌ بِأَنْ يُقْسَمَ أَوْ يُوقَفَ فَهُوَ مِثْلُ إخْرَاجِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ. (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ إخْرَاجَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ مُمَاثِلٌ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ فِي احْتِمَالِهِ لِلْقَسْمِ وَالْوَقْفِ فَلَمْ يَتِمَّ الْجَوَابُ، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِبَهْرَامَ وَالْجَوَابُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: تُوجَدُ عِنْدَهُمْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهَا لُقَطَةٌ قَالَ طفى هَذَا التَّقْرِيرُ لِبَهْرَامَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ لِأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ لَهُمْ سَوَاءٌ أَخَذُوهُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا فَإِنَّهَا تُوقَفُ فَالْمُرَادُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ اللُّقَطَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فِيهِمَا، وَقَالُوا هُنَا أَيْ إذَا وُجِدَ مَالٌ لِمُسْلِمٍ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِالْقَسْمِ، وَعَدَمُ الْإِيقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الْإِيقَافِ فِي اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ عَلَى الْجُمْلَةِ فَهَلْ يُقْسَمُ أَوْ يُوقَفُ لِصَاحِبِهِ كَاللُّقَطَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى مِلْكِ الْغَانِمِينَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ طفى. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُمَا) أَيْ أَوْ لِمُعَيَّنٍ حَمْلُهُمَا خَيْرًا لَهُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ الثَّمَنُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ جَاءَ السَّيِّدُ فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا إلَخْ) هَذَا صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ بَيْعُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ خَيْرًا فَغَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ لَازِمٌ لِلسَّيِّدِ نَقْضُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَلَهُ فِدَاؤُهُمَا) أَيْ مِمَّنْ اشْتَرَى خِدْمَتَهُمَا بِثَمَنِ الْخِدْمَةِ وَقَوْلُهُ: فِي الْخِدْمَةِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَالْمُرَادُ فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِي الْخِدْمَةِ فِيهَا فَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ مُشْتَرِيهِ لَلْأَجَلِ خَرَجَ حُرًّا وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا الْخِدْمَةُ لِلْأَجَلِ وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الْمُشْتَرِي وَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ بَعْدَ نِصْفِ خِدْمَتِهِ مَثَلًا خُيِّرَ فِي فِدَائِهِ عَمَّا بَقِيَ يُبْقِيهِ الثَّمَنُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ الْخِدْمَةِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ كَاللُّقَطَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إذَا عَاشَ الْمُدَبَّرُ وَسَيِّدُهُ بَعْدَهَا تَكُونُ الْخِدْمَةُ الزَّائِدَةُ عَلَيْهَا كَاللُّقَطَةِ تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِافْتِرَاقِ الْجَيْشِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَعْيَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ السَّيِّدُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ظَنُّ الزَّمَانِ الَّذِي يَعِيشُ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: فَالْخَمْسَةَ عَشَرَ أَيْ فَلْيُؤَجَّرْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا.

جُهِلَ رَبُّهُ فَإِنْ أَدَّى لِلْمُشْتَرِي عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا رُقَّ لَهُ فَإِنْ عَلِمَ سَيِّدُهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ (لَا أُمُّ وَلَدٍ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى كِتَابَةٌ، وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ لَا تُبَاعُ خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ جُهِلَ رَبُّهَا إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهَا فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَهُوَ لَغْوٌ فَيُنْجَزُ عِتْقُهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَمَا بَعْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَيْفِيَّتُهَا مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ السَّيِّدِ أَنْ تَقُولَ أَشْهَدَنَا قَوْمٌ يُسَمُّونَهُمْ أَنَّ سَيِّدَهُ دَبَّرَهُ مَثَلًا وَلَمْ نَسْأَلْهُمْ عَنْ اسْمِ رَبِّهِ، أَوْ سَمُّوهُ وَنَسِينَاهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُعَيَّنِ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَسْمِ (أَخْذُهُ) مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَبَى (بِثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْبَيْعِ لِيَقْسِمَ ثَمَنَهُ وَبِيعَ وَعَلِمَ الثَّمَنَ، وَبِقِيمَتِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِقِسْمَةِ الْأَعْيَانِ أَوْ جَهْلِ الثَّمَنِ (وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ) مِنْ الْأَثْمَانِ (إنْ تَعَدَّدَ) الْبَيْعُ (وَأُجْبِرَ) السَّيِّدُ (فِي) (أُمِّ الْوَلَدِ) إذَا بِيعَتْ أَوْ قُسِّمَتْ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا جَهْلًا بِهَا (عَلَى الثَّمَنِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوْ قُوِّمَتْ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا إذَا كَانَ مَلِيًّا (وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أُعْدِمَ) ، وَأَمَّا لَوْ قُسِّمَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ فَيَأْخُذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغْنَمِ مَجَّانًا، وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْفِدَاءِ (إلَّا أَنْ تَمُوتَ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا) قَبْلَ الْفِدَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِهَا وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ. (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (فِدَاءُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ) بِيعَتْ خِدْمَتُهُمَا عَلَى مَا مَرَّ أَوْ ذَاتُهُمَا جَهْلًا بِهِمَا فَيَرْجِعَانِ (لِحَالِهِمَا) الْأَوَّلِ مِنْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ (وَ) لَهُ (تَرْكُهُمَا) لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِمَنْ وَقَعَا فِي سَهْمِهِ جَهْلًا بِهِمَا (مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا) إلَى الْأَجَلِ فِي الْأَوَّلِ، وَإِلَى اسْتِيفَاءِ مَا أَخَذَهُ بِهِ فِي الثَّانِي (فَإِنْ) (مَاتَ الْمُدَبِّرِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَهُوَ السَّيِّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: جُهِلَ رَبُّهُ) أَيْ وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ وَجُهِلَ رَبُّهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا مُكَاتَبٌ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ وَتُقْسَمُ عَلَى الْجَيْشِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ فِيهِ إلَّا الْكِتَابَةُ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَا تُبَاعُ رَقَبَتُهُ، وَلَا تُؤَاجَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُلِمَ سَيِّدُهُ) أَيْ بَعْدَ بَيْعِ الْكِتَابَةِ وَأَدَائِهَا لِلْمُشْتَرِي وَعِتْقِهِ فَوَلَاؤُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا تُبَاعُ خِدْمَةُ أُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وُجِدَتْ فِي الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ، وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ لَغْوٌ وَالِاسْتِمْتَاعُ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ (قَوْلُهُ: فَيُنْجَزُ عِتْقُهَا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ قَالَ بْن، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّفْوِيتِ عَلَى السَّيِّدِ إذَا ظَهَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُخَلِّي سَبِيلَهَا وَتُتْرَكُ عَلَى حَالِهَا فَلَوْ بِيعَتْ جَهْلًا وَجَاءَ رَبُّهَا أَخَذَهَا مَجَّانًا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَنْ تَقُولَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ، وَقَوْلُهُ: يُسَمُّونَهُمْ أَيْ يَذْكُرُونَ أَسْمَاءَهُمْ بِأَنْ يَقُولُوا أَشْهَدْنَا فُلَانًا، وَفُلَانًا (قَوْلُهُ: وَلَهُ بَعْدَهُ أَخْذُهُ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَأُخِذَ مُعَيَّنٌ وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ قَبْلَهُ مَجَّانًا ثُمَّ إنَّ هَذَا يَشْمَلُ مَا قُسِّمَ جَهْلًا أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ عُلِمَ بِأَنَّهُ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَقَسَّمَ مُتَأَوِّلًا. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَبِقِيمَتِهِ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَسْمِ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَيَوْمَ أَخْذِ رَبِّهِ لَهُ عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ، وَمِثْلُ مَا قُسِّمَ مَا بِيعَ مِنْ خِدْمَةِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَكِتَابَةٍ فَإِنَّ لَهُ أَخْذَهُ بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا مَا قُسِّمَ بِلَا تَأَوُّلٍ فَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَجَّانًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ جَهْلِ الثَّمَنِ) أَيْ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْبَيْعِ لِيَقْسِمَ وَبِيعَ، وَلَكِنْ جَهِلَ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ مِنْ الْأَثْمَانِ إنْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ) هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْأَخْذِ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ كَالشَّفِيعِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فِي أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ الَّتِي وُجِدْت فِي الْغَنِيمَةِ لِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قُسِّمَتْ) أَيْ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا أَيْ أَوْ بِيعَتْ وَقُسِّمَ ثَمَنُهَا (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تُبَاعُ مَعَ الْعِلْمِ أُمُّ وَلَدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن. وَقَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا أَيْ، وَكَذَا مِمَّنْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفِدَاءِ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفِدَاءِ كَمَا فِي نَقْلِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ سَحْنُونٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْفِدَاءِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْفِدَاءِ وَجَبَ الْفِدَاءُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْفِدَاءِ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهَا، وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ حُرَّةً بِمَوْتِهِ وَالْفِدَاءُ لَيْسَ دَيْنًا ثَابِتًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِتَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ وَقَدْ فَاتَ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ فِدَاءُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ، وَلَهُ بَعْدَهُ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ ذَكَرَ هَذَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي الْمَقَاسِمِ مُدَبَّرٌ أَوْ مُعْتَقَ لِأَجَلٍ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ تُبَاعُ خِدْمَتُهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَرْكُهُمَا لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الَّذِي اشْتَرَى خِدْمَتَهُمَا أَوْ ذَاتَهمَا جَهْلًا (قَوْلُهُ: مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا) عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي كَمَا قِيلَ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَيَنْبَنِي عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ اسْتَوْفَى مِنْ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَلْ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْخِدْمَةَ لِلْأَجَلِ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَإِنْ انْقَضَى الْأَجَلُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ لَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ بَعْدَهُ، وَيَنْبَنِي عَلَى الثَّانِي الرُّجُوعُ وَالِاتِّبَاعُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَى اسْتِيفَاءِ مَا) أَيْ الْخِدْمَةُ الَّتِي أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي أَيْ، وَهُوَ الْمُدَبَّرُ فَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

(قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) لِمَا قُوِّمَ بِهِ وَاشْتُرِيَ بِهِ (فَحُرٌّ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ كَمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قُسِّمَا) جَهْلًا بِحَالِهِمَا (وَلَمْ يُعْذَرَا فِي سُكُوتِهِمَا) عَنْ الْإِخْبَارِ بِحَالِهِمَا (بِأَمْرٍ) مِنْ صِغَرٍ أَوْ بَلَاهَةٍ أَوْ عُجْمَةٍ فَيُتْبَعَانِ بِمَا وَقَعَ بِهِ فِي (الْقَسْمِ) مَعَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِمَا اتِّفَاقًا فَإِنْ عُذِرَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ لَمْ يُتْبَعَا بِشَيْءٍ (وَإِنْ) (حَمَلَ) الثَّالِثُ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الْمُدَبَّرِ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَ (رُقَّ بَاقِيهِ) لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ (وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ) فِيمَا رُقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ، وَهَذَا إذَا بِيعَتْ رَقَبَتُهُ لِاعْتِقَادِ رِقِّهِ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ خِدْمَتُهُ لِلْعِلْمِ بِتَدْبِيرِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ. (بِخِلَافِ) (الْجِنَايَةِ) مِنْ الْمُدَبَّرِ يُسَلِّمُهُ سَيِّدُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ السَّيِّدُ وَثُلُثُهُ يَحْمِلُ بَعْضَهُ فَإِنَّ وَارِثَهُ يُخَيَّرُ فِيمَا رُقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ رِقًّا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ) (أَدَّى الْمُكَاتَبُ) الَّذِي بِيعَتْ رَقَبَتُهُ جَهْلًا بِحَالِهِ أَوْ قُسِّمَتْ كَذَلِكَ (ثَمَنَهُ) لِمُبْتَاعِهِ أَوْ آخِذِهِ (فَعَلَى حَالِهِ) يَرْجِعُ مُكَاتَبًا، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَأَدَّاهَا خَرَجَ حُرًّا، وَأَمَّا لَوْ بِيعَ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ (فَقِنٌّ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ (أَسْلَمَ) لِصَاحِبِ الثَّمَنِ (أَوْ فُدِيَ) أَيْ فَدَاهُ السَّيِّدُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ مِنْ الْقَاسِمِ أَوْ دَارِ الْحَرْبِ وَلَمَّا كَانَ الْحَرْبِيُّ لَا يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ بَلْ وَلَا الذِّمِّيُّ مِلْكًا تَامًّا بَلْ إنَّمَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ فَقَطْ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَعَلَى الْآخِذِ) لِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ رَقِيقًا أَوْ غَيْرِهِ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ جَارٍ (بِمِلْكِ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُسَوِّغَةِ لِقَسْمِهِ إمَّا لِعَدَمِ تَعْيِينِ رَبِّهِ عِنْدَ أَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ لِكَوْنِهِ يَرَى قَسْمَهُ، وَلَوْ تَعَيَّنَ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ (تُرِكَ تَصَرُّفٌ) فِيهِ (لِيُخَيِّرَهُ) أَيْ لِيُخَيِّرَ رَبَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكُهُ لَهُ. (وَإِنْ) اقْتَحَمَ النَّهْيُ وَ (تَصَرَّفَ) بِاسْتِيلَادٍ وَنَحْوَهُ (مَضَى) تَصَرُّفُهُ لِشُبْهَةِ الْكُفَّارِ وَلَيْسَ لِمَالِكِهِ أَخْذُهُ (كَالْمُشْتَرِي) سِلْعَةً لِمُعَيَّنٍ (مِنْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ أَيْ الْمُدَبَّرُ بِمَا بَقِيَ إنَّمَا يَأْتِي هَذَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ التَّرْكَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَعَتَقَ لَمْ يُتَّبَعْ بِشَيْءٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجْلٍ إذَا بِيعَتْ خِدْمَتُهُمَا لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَالِكِهِمَا أَوْ بِيعَتْ ذَاتُهُمَا جَهْلًا بِحَالِهِمَا كَمَا فِي. بْن وخش. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْذَرَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يُعْذَرَا فِي سُكُوتِهِمَا بِأَمْرٍ، أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا عُذْرٌ فِي سُكُوتِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُذِرَا إلَخْ) فَإِنْ تَنَازَعَا مَعَ مَنْ اشْتَرَاهُمَا فَقَالَا إنَّمَا كَانَ السُّكُوتُ لِعُذْرٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا قَرِينَةَ عَلَى صِدْقِ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ دُونَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ الْخِيَارِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ خِدْمَتُهُ) أَيْ وَمَاتَ سَيِّدُهُ وَحَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ وَرُقَّ بَاقِيهِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ شَيْئًا مِنْهُ وَالظَّاهِرُ رِقُّ جَمِيعِهِ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ كَمَا إذَا رُقَّ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ قُسِّمَتْ كَذَلِكَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عُرِفَ لِمُعَيَّنٍ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ: لِمُبْتَاعِهِ) أَيْ لِمُشْتَرِيهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ آخِذُهُ أَيْ فِي سَهْمِهِ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ مُكَاتَبًا) أَيْ لِسَيِّدِهِ، يُؤَدِّي إلَيْهِ كِتَابَتَهُ وَيَخْرُجُ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ (قَوْلُهُ: فَأَدَّاهَا) أَيْ لِلْمُشْتَرِي خَرَجَ حُرًّا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بِيعَتْ رَقَبَتُهُ فَأَدَّى ثَمَنَهُ رَجَعَ مُكَاتَبًا، وَإِذَا بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَأَدَّاهَا خَرَجَ حُرًّا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ بِيعَ مَعَ الْعِلْمِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ رَقَبَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مُكَاتَبًا فَلَا يَغْرَمُ سَيِّدُهُ لِمُشْتَرِيهِ شَيْئًا لَا ثَمَنًا، وَلَا كِتَابَةً، وَيَرْجِعُ مُكَاتَبًا لِسَيِّدِهِ قَهْرًا عَنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَدَّى لَهُ نُجُومَ الْكِتَابَةِ خَرَجَ حُرًّا، وَإِلَّا رُقَّ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ) أَيْ عَنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ لِمُشْتَرِيهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَسْلَمَ) أَيْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ لِصَاحِبِ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: أَوْ دَارِ الْحَرْبِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمَقَاسِمِ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إذَا فِدَاهُ أَنْ يُحَاسِبَ الْمُشْتَرِيَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِدَاءَهُ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْآخِذِ إلَخْ) أَيْ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُسَوِّغَةِ لِأَخْذِهِ مِنْهَا بِأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهَا أَوْ قَوَّمَ عَلَيْهِ فِي سَهْمِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ رَبِّهِ عِنْدَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَانَ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ عَلِمَ بَعْدَ الْقَسْمِ أَنَّهُ جَارٍ فِي مِلْكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ تُرِكَ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يُخَيَّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ لَهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ بِاسْتِيلَادٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ أَنْ يُخَيِّرَهُ مَضَى تَصَرُّفُهُ هَذَا إذَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهَا بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ فَقَوْلَانِ فِي إمْضَاءِ تَصَرُّفِهِ وَعَدَمِ إمْضَائِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ جَارٍ بِمِلْكِ شَخْصٍ) أَيْ فِي مِلْكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَيْ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ كَانَ حِينَ الْقَسْمِ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا سِلْعَةُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سِلْعَةَ وَاحِدِ مِنْهُمَا لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ وَإِنَّمَا عَلِمَتْ بَعْدَ الْقَسْمِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِوَجْهٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخْذِ، وَقَوْلُهُ: الْمُسَوِّغَةِ لِقَسْمِهِ الْأَوْلَى لِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِهِ يَرَى قَسْمَهُ لَوْ تَعَيَّنَ رَبُّهُ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ تَعَيَّنَ رَبُّهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا رَأَى الْإِمَامُ قَسْمَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِمَالِكِهِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِمَنْ صَارَ إلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي كَلَامِهِ هُنَا فَالصَّوَابُ أَنْ يُصَوِّرَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ كَمَا فِي ح بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لِمُعَيَّنٍ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ الْقَسْمُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: كَالْمُشْتَرِي مِنْ)

(حَرْبِيٍّ) فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ (بِاسْتِيلَادٍ) مَضَى، وَأَحْرَى بِعِتْقٍ نَاجِزٍ، وَكَذَا بِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ، وَكَذَا بِبَيْعٍ فِي الْمُشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا يَمْضِي بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ بِاسْتِيلَادٍ رَاجِعٌ لِكُلِّ مَنْ تَصَرَّفَ، وَمَضَى (إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (عَلَى) نِيَّةِ (رَدِّهِ لِرَبِّهِ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ لِنَفْسِهِ فَهَذَا رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرَى مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقَطْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ فَأَعْتَقَ أَوْ اسْتَوْلَدَ (فَقَوْلَانِ) فِي الْإِمْضَاءِ، وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. (وَفِي) إمْضَاءِ الْعِتْقِ (الْمُؤَجَّلِ) (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ الْإِمْضَاءُ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ يَمْضِي التَّدْبِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَوْلَى الْعِتْقُ الْمُؤَجَّلُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا التَّرَدُّدِ (وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ (بِدَارِهِمْ) ، وَكَذَا بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ (مَجَّانًا) مَعْمُولٌ لِأَخَذَ (وَ) إنْ بَذَلُوهُ لَنَا (بِعِوَضٍ) أَخَذَهُ مَالِكُهُ (بِهِ) بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ هُنَاكَ (إنْ لَمْ يَبِعْ) أَيْ إنْ لَمْ يَبِعْهُ آخِذُهُ مِنْهُمْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُعَاوِضُ عَلَيْهِ (فَيَمْضِي) الْبَيْعُ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَيْهِ سَبِيلٌ (وَلِمَالِكِهِ) الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ حِينَئِذٍ (الثَّمَنُ) عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مَجَّانًا (أَوْ الزَّائِدُ) عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ بِعِوَضٍ كَأَنْ يَأْخُذَهُ بِمِائَةٍ وَيَبِيعَهُ بِمِائَتَيْنِ فَيَأْخُذَ الْمِائَةَ الزَّائِدَةَ (وَالْأَحْسَنُ) أَيْ الْأَرْجَحُ (فِي) الْمَالِ (الْمَفْدِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الدَّالِ كَالْمَشْوِيِّ اسْمُ مَفْعُولٍ أَصْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ، وَفَاتَتْ بِهِ وَبِهِبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَصَرَّفَ بِاسْتِيلَادٍ مَضَى) الْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَادِ أَنْ يَطَأَ الْجَارِيَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَيُوَلِّدُهَا، وَأَمَّا مُجَرَّدُ وَطْئِهَا فَلَا يُفِيتُهَا عَلَى رَبِّهَا بَلْ يُخَيَّرُ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِعِتْقٍ نَاجِزٍ) أَيْ خَالِصٍ عَنْ التَّعْلِيلِ عَلَى دَفْعِ دَرَاهِمَ أَوْ مُضِيِّ أَجَلٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَأْخُوذٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا يَمْضِي) أَيْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ قَالَ بْن وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ قَدْ أُخِذَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَالْمُشْتَرَى مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إنَّمَا دَفَعَهُ الْحَرْبِيُّ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ طَوْعًا، وَلَوْ شَاءَ مَا دَفَعَهُ فَهُوَ أَقْوَى فِي إمْضَاءِ مَا فَعَلَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ فَوْتِ مَا أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِالِاسْتِيلَادِ وَمَا مَعَهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخَيَّرَ رَبُّهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ بِدُونِ تَخْيِيرِهِ مَضَى تَصَرُّفُهُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ أَوْ رَدِّهِ لِرَبِّهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) بِفَوَاتِهِ عَلَى رَبِّهِ وَإِمْضَاءِ التَّصَرُّفِ بِالْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ، وَعَدَمِ فَوَاتِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يَمْضِي الْعِتْقُ وَلَا مَا مَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ وَالْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمَحَلُّ لِلتَّرَدُّدِ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَعُرِفَ ذَلِكَ الْعَبْدُ لِمُعَيَّنٍ فَتَصَرَّفَ فِيهِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِالْعِتْقِ لِأَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَ سَيِّدَهُ فَهَلْ يَمْضِي ذَلِكَ الْعِتْقُ أَوْ لَا تَرَدُّدٌ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لَا لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ، وَقَدْ قَدَّمَهُ خش هُنَاكَ، وَهُوَ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّهُ خِلَافُ النُّسَخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ يَمْضِي التَّدْبِيرُ) أَيْ وَيُفَوِّتُهُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ إلَخْ) صُورَتُهَا رَجُلٌ دَخَلَ بِلَادَ الْحَرْبِ فَوَهَبَهُ حَرْبِيٌّ سِلْعَةً أَوْ عَبْدًا هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَأَغَارَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ وَأَخَذَهُ فَإِذَا قَدِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ رَبَّهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ) أَيْ، وَأَمَّا مَا بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ بِدَارِنَا بَعْدَ تَأْمِينِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفَوَّتُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وح أَنَّ الْوَاجِبَ مِثْلُ الْعِوَضِ فِي مَحَلِّهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا كَمَنْ أَسْلَفَ عَرَضًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ نَعَمْ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمِثْلِ فِي مَحَلِّهِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْعِوَضِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا وَنَصُّ التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ حَيْثُ لَقِيَهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ عَرَضًا دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ الْوُصُولُ إلَيْهَا يُمْكِنُ كَمَنْ أَسْلَفَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ السَّلَفِ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهَا فَعَلَيْهِ هُنَا قِيمَةُ ذَلِكَ الْمَكِيلِ بِبَلَدِ الْحَرْبِ. اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّهُ إذَا أَرَادَ أَخْذَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا لَكِنْ إنْ كَانَ عَيْنًا دَفَعَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ دَفَعَهُ بِمَحَلِّ الْمُعَاوَضَةِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَبِغَيْرِهِ إنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ بِمَوْضِعِ الدَّفْعِ قِيمَتَهُ بِمَوْضِعِ الْمُعَاوَضَةِ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ أَخْذِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِهِبَةٍ وَمَسْأَلَةِ أَخْذِهِ مِنْهُ بِمُعَاوَضَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ) أَيْ وَالْقَوْلُ الْأَحْسَنُ بِمَعْنَى الْأَرْجَحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا فُدِيَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ؛ وَلِأَنَّهُ وَلَوْ أَخَذَهُ رَبُّهُ مِمَّنْ فَدَاهُ وَخَلَّصَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَعَ كَثْرَةِ اللُّصُوصِ لَسَدَّ هَذَا الْبَابَ مَعَ كَثْرَةِ حَاجَةِ

مَفْدَوِيٌ (مِنْ لِصٍّ) وَنَحْوِهِ كَمُحَارِبٍ وَغَاصِبٍ وَظَالِمٍ مِنْ كُلِّ مَالٍ أُخِذَ مِنْ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا بِالْفِدَاءِ (أَخَذُهُ بِالْفِدَاءِ) الَّذِي يُفْدَى بِهِ مِثْلُهُ عَادَةً إذَا لَمْ يَفْدِهِ لِيَمْتَلِكَهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ خَلَاصُهُ بِلَا شَيْءٍ أَوْ بِدُونِ مَا دُفِعَ أَخَذَهُ فِي الْأَوَّلِ بِلَا شَيْءٍ كَمَا لَوْ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ، وَفِي الثَّانِي بِمَا يَتَوَقَّفُ خَلَاصُهُ عَلَيْهِ عَادَةً، وَمُقَابِلُ الْأَحْسَنِ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ اللِّصَّ لَيْسَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ. (وَإِنْ أَسْلَمَ) مِنْ السَّيِّدِ (لِمُعَاوِضٍ) أَيْ لِمَنْ عَاوَضَ عَلَى عَبْدٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ (مُدَبَّرٌ وَنَحْوُهُ) كَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لَا أُمِّ وَلَدٍ فَيُجْبَرُ عَلَى فِدَائِهَا (اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ) أَيْ يَسْتَوْفِيهَا الْمُعَاوِضُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى عِوَضِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوفِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْمُدَبَّرِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِأَنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ التَّوْفِيَةِ (هَلْ يُتْبَعُ) الْعَبْدُ (إنْ عَتَقَ بِالثَّمَنِ) الْمُعَاوَضِ بِهِ كُلِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَمْلِيكًا وَلَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا اسْتَوْفَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ الْغَلَّةِ الَّتِي يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي (أَوْ بِمَا بَقِيَ) عَلَيْهِ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَقَاضِيًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلَانِ) (وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ) دُونَ سَيِّدِهِ (حُرٌّ) وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ (إنْ فَرَّ) إلَيْنَا (أَوْ) أَسْلَمَ، وَ (بَقِيَ حَتَّى غَنِمَ) قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ فَحُرٌّ أَيْضًا (لَا إنْ) (خَرَجَ) فَارًّا إلَيْنَا (بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ) أَيْ السَّيِّدِ أَيْ خَرَجَ مُصَاحِبًا لِإِسْلَامِ سَيِّدِهِ فَهُوَ رَقِيقٌ لَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّاسِ إلَيْهِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ (قَوْلُهُ: مَفْدَوِيٌ) اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ أَحَدُهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ، وَقُلِبَتْ ضَمَّةُ الدَّالِ كَسْرَةً لِمُنَاسَبَةِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: كَمُحَارِبٍ وَغَاصِبٍ وَظَالِمٍ) قَالَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ الْكَاشِفُ الَّذِي يَمْسِكُ زَرْعَ أَوْ بَهَائِمَ إنْسَانٍ ظُلْمًا فَيَفْدِيهِ إنْسَانٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَالٍ أَخَذَ) الْأَوْلَى مِنْ كُلِّ آخِذِ مَالٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَفْدِهِ لِيَتَمَلَّكَهُ) هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ هَارُونَ فَإِنْ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ أَخَذَ مِنْهُ مَجَّانًا ابْنُ نَاجِيٍّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ مَنْ ذَهَبَ لِلْقَوْلِ الثَّانِي فَيَرْجِعَانِ لِلْوِفَاقِ. اهـ بْن. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ أُجْرَةٍ لِلْفَادِي إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ الْفِدَاءَ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّافِعُ لِلْفِدَاءِ غَيْرَهُ فَفِي جَوَازِ دَفْعِ الْأُجْرَةِ لَهُ مَجَالٌ لِلنَّظَرِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ أَوْ فَدَاهُ بِقَصْدِ دَفْعِهِ لِرَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَرَى مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ غَيْرَ عَالِمٍ بِكَوْنِهِ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ ثُمَّ قَدِمَ بِهِ فَعَرَفَهُ رَبُّهُ فَأَسْلَمَهُ لِمُشْتَرِيهِ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعِوَضَ وَيَأْخُذُهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَوْفِي خِدْمَتَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ فَيَخْدُمُ الْمُدَبَّرُ لِمَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ يَخْدُمُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ أَوْ جَاءَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَقَدْ وَفَّيَا مَا فَدَيَا بِهِ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ وَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّيَا ذَلِكَ فَهَلْ يَتْبَعُهُمَا الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِجَمِيعِ مَا عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِهِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا اغْتَلَّهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ لَا يَتْبَعُهُمَا إلَّا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا فَقَطْ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَسْتَوْفِيهَا الْمُعَاوِضُ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ، وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّوْفِيَةِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَمْلِيكًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْلَامَ السَّيِّدِ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَقَاضِيًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْلَامَ السَّيِّدِ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي فَكُلُّ بَعْضٍ مِنْ الْخِدْمَةِ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضٍ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) اعْتَمَدَ فِي تَرْجِيحِهِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ كَمَا قَالَ عج وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ لِتَصْدِيرِهِ بِالْأَوَّلِ، وَعَطَفَ الثَّانِيَ عَلَيْهِ بِقِيلَ. اهـ بْن. فَإِنْ قُلْت إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ السَّيِّدُ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ لِمَنْ فِي سَهْمِهِ وَقُوِّمَا عَلَيْهِ أَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ الْمَغَانِمِ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يُوَفِّيَا مَا وَقَعَا بِهِ فِي الْمَغَانِمِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُمَا بِشَيْءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ تَمْلِيكٌ وَعَلَى أَنَّهُ تَقَاضٍ فَإِنَّهُمَا يُتْبَعَانِ بِمَا بَقِيَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَعَا فِي الْمَغَانِمِ يَعْنِي لَمْ يُؤْخَذَا مِنْ الْعَدُوِّ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ بِطَرِيقِ الْغَلَبَةِ فَقَوِيَ أَمْرُ الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ وَضَعُفَ أَمْرُ الْآخِذِ كَمَا سَبَقَ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ هُنَا فَإِنَّهُ مُشْتَرَى مِنْ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُؤْخَذْ قَهْرًا عَنْهُمْ إذْ لَوْ شَاءُوا مَا دَفَعُوهُ فَقَوِيَ أَمْرُ الْآخِذِ مِنْهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ كَمَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِمُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِمَا لَوْ اسْتَوْفَى مِنْ الْخِدْمَةِ فِدَاءَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَفِي كَوْنِ بَاقِيهَا لَهُ أَوْ لِرَبِّهِ قَوْلَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُسْلِمْ لَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: أَوْ بَقِيَ حَتَّى غَنِمَ، فَإِنَّ قَيْدَ الْإِسْلَامِ مُعْتَبَرٌ فِيهِ، الْحَاصِلُ أَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ إذَا فَرَّ إلَيْنَا قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ غَنِمَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَسَوَاءٌ كَانَ فِرَارُهُ قَبْلَ نُزُولِ الْجَيْشِ فِي بِلَادِهِمْ أَوْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِهِ فِيهَا، وَلَا وَلَاءَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ لَهُ إنْ أَسْلَمَ، وَكَذَا يَكُونُ حُرًّا إذَا أَسْلَمَ وَبَقِيَ حَتَّى غَنِمَ قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إذَا فَرَّ إلَيْنَا بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ مُصَاحِبًا لِإِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِرِقِّهِ لِسَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ أَيْ السَّيِّدِ) مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ

[فصل عقد الجزية]

(وَهَذَمَ) أَيْ قَطَعَ (السَّبْيُ) مِنَّا لِزَوْجَيْنِ كَافِرَيْنِ (النِّكَاحَ) بَيْنَهُمَا سُبِيَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ أَوْ سُبِيَتْ هِيَ فَقَطْ قَبْلَ إسْلَامِهِ أَوْ سُبِيَ هُوَ فَقَطْ، وَعَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ (إلَّا أَنْ تُسْبَى وَتُسْلِمَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ إسْلَامِ زَوْجِهَا وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلَيْنِ يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ زَوْجُهَا الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُسْتَأْمِنُ ثُمَّ سُبِيَتْ وَأَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلَا يَهْذِمُ سَبْيُهَا النِّكَاحَ وَتَصِيرُ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ حُرٍّ مُسْلِمٍ، وَمَحَلُّهُ إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ حَيْضَةٍ (وَوَلَدُهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ وَفَرَّ إلَيْنَا أَوْ بَقِيَ حَتَّى غَزَا الْمُسْلِمُونَ بَلَدَهُ فَغَنِمُوهُ إنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِ أَبِيهِ (وَمَالُهُ فَيْءٌ) أَيْ غَنِيمَةٌ فَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِ أَبِيهِ فَحُرٌّ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا زَوْجَتُهُ فَغَنِيمَةٌ اتِّفَاقًا، وَأُقِرَّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ حَيْضَةٍ كَمَا مَرَّ (مُطْلَقًا) كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (لَا وَلَدٌ صَغِيرٌ لِكِتَابِيَّةٍ) حُرَّةٍ (سُبِيَتْ) أَيْ سَبَاهَا حَرْبِيٌّ فَأَوْلَدَهَا (أَوْ) وَلَدٌ صَغِيرُ مِنْ (مُسْلِمَةٍ) سُبِيَتْ أَيْ سَبَاهَا حَرْبِيٌّ فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ الْكِتَابِيَّةَ وَالْمُسْلِمَةَ وَأَوْلَادَهُمَا الصِّغَارَ فَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ تَبَعًا لِأُمِّهِمْ، وَأَمَّا الْكِبَارُ فَرِقٌّ إنْ كَانُوا مِنْ كِتَابِيَّةٍ (وَهَلْ) (كِبَارُ) أَوْلَادِ الْحُرَّةِ (الْمُسْلِمَةِ) (فَيْءٌ) أَيْ غَنِيمَةٌ كَكِبَارِ أَوْلَادِ الْكِتَابِيَّةِ مُطْلَقًا (أَوْ) فَيْءٌ (إنْ قَاتَلُوا تَأْوِيلَانِ) (وَوَلَدُ الْأَمَةِ) الَّتِي سَبَاهَا الْحَرْبِيُّونَ مِنَّا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُمْ (لِمَالِكِهَا) صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْجِزْيَةِ وَأَحْكَامِهَا فَقَالَ دَرْسٌ (فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ (عَقْدُ الْجِزْيَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبِعَ فِيهِ تت قَالَ طفى: وَهُوَ رَكِيكٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ بَلْ حَتَّى يَفِرَّ أَوْ يُغْنَمَ فَالْمُؤَلِّفُ أَرَادَ اخْتِصَارَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ خَرَجَ لَا عَلَى بَعْدُ أَيْ لَا بِخُرُوجِهِ وَلَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ فَرَّ أَوْ بَقِيَ لَكِنْ أَتَى بِهِ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ الرَّدُّ عَلَى مُخَالَفَةِ سَحْنُونٍ وَأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَمَ) بِالْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى قَطَعَ وَبِالْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى أَسْقَطَ وَنَقَضَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُبِيَتْ هِيَ فَقَطْ قَبْلَ إسْلَامِهِ) أَيْ، وَقَبْلَ قُدُومِهِ بِأَمَانٍ أَوْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ بِأَمَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سُبِيَ هُوَ فَقَطْ) أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهَا وَقَبْلَ قُدُومِهَا بِأَمَانٍ، أَوْ قَبْلَ إسْلَامِهَا وَبَعْدَ قُدُومِهَا بِأَمَانٍ، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُمَا إذَا سُبِيَا مَرَّتَيْنِ يَنْهَدِمُ نِكَاحُهُمَا سَوَاءٌ حَصَلَ إسْلَامٌ مِنْ أَحَدِهِمَا بَيْنَ سَبْيِهِمَا أَوْ حَصَلَ بَعْدَهُ، وَالثَّانِي كَمَا لَوْ سُبِيَ أَوَّلًا وَبَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ ثُمَّ سُبِيَتْ وَأَسْلَمَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ بِالْعَكْسِ. وَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ سُبِيَ وَأَسْلَمَ ثُمَّ سُبِيَتْ هِيَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَسْلَمَتْ أَوْ بِالْعَكْسِ فَيَنْهَدِمُ النِّكَاحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ الْأُولَى تَحْتَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تُسْبَى وَتُسْلِمَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَثْنَى مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ أَسْلَمَ مِنْ غَيْرِ سَبْيٍ وَهُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ مُؤْمِنٌ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي انْهَدَمَ فِيهَا النِّكَاحُ إذَا أَرَادَ السَّابِي وَطْأَهَا (قَوْلُهُ: وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلَيْنِ) أَيْ لِتَنَازُعِهِمَا فِيهِ فَهُمَا طَالِبَانِ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ فِيهِ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَهْدِمُ سَبْيُهَا النِّكَاحَ) وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَتَصِيرُ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ حُرٍّ وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إقْرَارِهِ عَلَيْهَا مَا اشْتَرَطَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مِنْ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَالدَّوَامُ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلتَّوْضِيحِ وح. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ حَيْضَةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ انْهَدَمَ نِكَاحُهَا لِخُرُوجِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَالُهُ فَيْءٌ) أَيْ مَالُهُ الَّذِي فِي بِلَادِ الْحَرْبِ، وَالْمُوجِبُ لِكَوْنِهِ غَنِيمَةً كَوْنُهُ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا: وَمَلَكَ بِإِسْلَامِهِ غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَالٍ قَدِمَ بِهِ إلَيْنَا لَا عَلَى الَّذِي أَبْقَاهُ (قَوْلُهُ: وَمَالُهُ فَيْءٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَالَهُ يَكُونُ غَنِيمَةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَنَا وَتَرَكَ مَالَهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ كَانَ بَاقِيًا بِدَارِ الْحَرْبِ مَعَ مَالِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ أَنَّهُ يَكُونُ غَنِيمَةً أَيْضًا، وَقَالَ التُّونُسِيُّ إنَّهُ يَكُونُ لَهُ وَهُمَا تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَشَارَ لِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا زَوْجَتُهُ) أَيْ الْحَرْبِيِّ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الَّذِي أَسْلَمَ، وَفَرَّ إلَيْنَا وَقَوْلُهُ: فَغَنِيمَةٌ اتِّفَاقًا أَيْ وَكَذَا مُؤَخَّرُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ صَدَاقَ الزَّوْجَةِ مَالٌ لَهَا وَالزَّوْجَةُ رَقِيقَةٌ لِلْجَيْشِ وَمَالُ الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) قَالَ فِيهَا وَأَمَّا الْكِبَارُ إذَا بَلَغُوا وَقَاتَلُوا فَهُمْ فَيْءٌ فَحَمَلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى ظَاهِرَهَا وَرَأَى ابْنُ شَبْلُونٍ أَنَّ الشَّرْطَ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَكُونُوا عَلَى حَالٍ يُمْكِنُهُمْ الْقِتَالُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: لِمَالِكِهَا) أَيْ لِتَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَلِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَأَدَاءِ الْجِزْيَةِ. [فَصْلٌ عَقْدُ الْجِزْيَةِ] (فَصْلٌ: عَقْدُ الْجِزْيَةِ) (قَوْلُهُ: عَقْدُ الْجِزْيَةِ إلَخْ) الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى اللَّازِمِ أَيْ الْعَقْدُ الْمَنْسُوبُ لِلْجِزْيَةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْجِزْيَةُ اصْطِلَاحًا هِيَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ فَلَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَإِضَافَةُ الْعَقْدِ لِلْجِزْيَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَشْرُوطِ لِلشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَقْدِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِهِمْ وَالذَّبِّ

(إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ) ، وَلَوْ قُرَشِيًّا (صَحَّ سِبَاؤُهُ) بِالْمَدِّ أَيْ أَسْرُهُ وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَحَّ سِبَاؤُهُ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهِ وَالْمُعَاهِدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عَهْدِهِ وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ الْحُرَّانِ (مُكَلَّفٍ) فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ صَغِيرٍ، وَمَجْنُونٍ (حُرٍّ) لَا مِنْ عَبْدٍ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أُخِذَتْ مِنْهُ وَلَا يُنْتَظَرُ حَوْلٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ، وَمَحَلُّ أَخْذِهَا مِنْهُمْ إنْ تَقَدَّمَ لِضَرْبِهَا عَلَى الْأَحْرَارِ حَوْلٌ فَأَكْثَرُ وَتَقَدَّمَ لَهُ، هُوَ عِنْدَنَا حَوْلٌ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا (قَادِرٍ) عَلَى أَدَائِهَا وَلَوْ بَعْضًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مُعْدِمٍ شَيْءٌ مِنْهَا (مُخَالِطٍ) لِأَهْلِ دِينِهِ وَلَوْ رَاهِبَ كَنِيسَةٍ أَوْ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ زَمِنًا أَوْ أَعْمَى لَا مِنْ رَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ بِدَيْرٍ مَثَلًا لَا رَأْيَ لَهُ وَإِلَّا قُتِلَ، وَلَا يَبْقَى حَتَّى تُضْرَبَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ (لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ) بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أُخِذَتْ مِنْهُ (سُكْنَى) مَعْمُولُ أَذِنَ أَيْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي سُكْنَى (غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ) ، وَمَا فِي حُكْمِهِمَا مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ (وَالْيَمَنِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» (وَلَهُمْ الِاجْتِيَازُ) بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ غَيْرِ مُقِيمِينَ وَكَذَا لَهُمْ إقَامَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَصَالِحِهِمْ إنْ دَخَلُوا لِمَصْلَحَةٍ كَجَلْبِ طَعَامٍ (بِمَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسُكْنَى أَيْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِكَافِرٍ أَنْ يَسْكُنَ فِي غَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ عَلَى مَا يَبْذُلُونَهُ لَهُ بَلْ فِي الْحَقِيقَةِ الْجِزْيَةُ نَفْسُ الْمَالِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِمْ لِاسْتِقْرَارِهِمْ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَصَوْنِهِمْ (لِلْعَنَوِيِّ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ) شَرْعِيَّةٌ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ (أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) شَرْعِيًّا إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْفِضَّةِ، وَأَهْلُ مِصْرَ أَهْلُ ذَهَبٍ، وَإِنْ تُعُومِلَ فِيهَا بِالْفِضَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالْجِزْيَةُ الْعَنْوِيَّة مَا لَزِمَ الْكَافِرَ مِنْ مَالٍ لِأَمْنِهِ بِاسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَصَوْنِهِ (قَوْلُهُ: إذْنِ الْإِمَامِ) لَا بُدَّ فِي الْكَلَامِ مِنْ حَذْفٍ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ أَيْ سَبَبُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ إذْنُ الْإِمَامِ، أَوْ عَقْدُ الْجِزْيَةِ سَبَبُهُ إذْنُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبُهُ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قُرَشِيًّا) أَيْ فَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ عَلَى الرَّاجِحِ قَالَ الْمَازِرِيُّ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةٌ أُخْرَى لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ إجْمَاعًا إمَّا لِمَكَانَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمْ كَافِرٌ فَمُرْتَدٌّ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الرِّدَّةُ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَيْ: لَكِنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ إلَّا أَنَّهُ يَمْنَعُ الْقَتْلَ وَالْأَسْرَ وَحِينَئِذٍ فَيُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ حَتَّى يَعْقِدَهَا مَعَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَاهِدُ) أَيْ وَخَرَجَ الْمُعَاهِدُ، وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ لِقَضَاءِ غَرَضٍ ثُمَّ يَرْجِعُ لِبِلَادِهِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ الرَّاهِبُ (قَوْلُهُ: حُرٍّ) لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى بِتَذْكِيرِ الْأَوْصَافِ عَنْ اشْتِرَاطِ الذُّكُورِيَّةِ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى لَا تُضْرَبُ الْجِزْيَةُ عَلَيْهَا خِلَافًا لِظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَظَرُ حَوْلٌ) أَيْ تَمَامُ الْحَوْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا بَعْدَهُ) أَيْ، وَلَا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ أَخْذِهَا مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَالْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ، وَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ، وَلَا يُنْتَظَرُ حَوْلٌ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ تَقَدَّمَ إلَخْ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الشَّرْطَيْنِ انْتَظَرَ الْحَوْلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ وَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُتِلَ) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَهُ رَأْيٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْقَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لِلْإِمَامِ الِاجْتِهَادُ فِيهِ بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إذَا عَتَقَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْتَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَهَذَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّهُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ، وَإِمَّا أَنْ يُعْتَقَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا إذَا أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ لَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا حَارَبَ وَأُسِرَ، وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ صَحَّ سِبَاؤُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ ذِمِّيٌّ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ تَبَعًا لِسَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ، وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَالَ صَحَّ سَبْيُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ذِمِّيٌّ لِوَفِيَ بِهِ، إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ: لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ صَحَّ سِبَاؤُهُ لِإِغْنَائِهِ عَنْهُ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ عَتِيقَ الْمُسْلِمِ إذَا حَارَبَ لَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: وَأُخِذَتْ مِنْهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا حَارَبَ وَأُسِرَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْيَمَنَ (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ الِاجْتِيَازُ) أَيْ الْمُرُورُ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَكَوْنِ طَرِيقِهِ مِنْ غَيْرِهَا أَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَهُمْ إقَامَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لَيْسَ هَذَا تَحْدِيدًا بَلْ لَهُمْ إقَامَةُ الْأَيَّامِ الْقَلَائِلِ بِنَظَرِ الْإِمَامِ إنْ احْتَاجُوا لِذَلِكَ وَكَانَ دُخُولُهُمْ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا لَوْ دَخَلُوا بِطَعَامٍ وَاحْتَاجُوا لِإِقَامَةِ الْأَيَّامِ لِاسْتِيفَاءِ ثَمَنِهِ وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ (قَوْلُهُ: لِلْعَنَوِيِّ) أَيْ عَلَى الْعَنْوِيِّ، وَهُوَ نِسْبَةٌ لِلْعَنْوَةِ، وَهِيَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ شَرْعِيَّةٌ) أَيْ، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ دَنَانِيرِ مِصْرَ لِأَنَّ الدِّينَارَ الشَّرْعِيَّ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ حَبَّةَ خَرُّوبٍ وَسُبْعُ حَبَّةٍ وَنِصْفُ سُبْعِ حَبَّةٍ، وَأَمَّا الدِّينَارُ الْمِصْرِيُّ فَثَمَانِ عَشْرَةَ حَبَّةً فَتَكُونُ الْأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ الشَّرْعِيَّةُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ مِصْرِيَّةً وَثُلُثَيْ دِينَارٍ وَثَلَاثَةَ أَسْبَاعِ تُسْعِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا شَرْعِيًّا) أَيْ، وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ دَرَاهِمِ مِصْرَ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ أَرْبَعَةَ عَشْرَةَ خَرُّوبَةً وَثَمَانِيَةُ أَعْشَارِ خَرُّوبَةٍ وَنِصْفُ عُشْرِ خَرُّوبَةٍ وَالْمِصْرِيُّ سِتَّ عَشْرَةَ خَرُّوبَةٍ فَزِيَادَةُ الْأَرْبَعِينَ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ الشَّرْعِيَّةِ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ خَرُّوبَةً، وَهِيَ

(فِي) كُلِّ (سَنَةٍ) قَمَرِيَّةٍ (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَخْذُهَا (آخِرَهَا) أَيْ السَّنَةِ كَمَا هُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْقِيَاسُ كَالزَّكَاةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلَهَا، وَكَذَلِكَ الصُّلْحِيَّةُ إذَا وَقَعَتْ مُبْهَمَةً (وَنَقَّصَ الْفَقِيرَ) ، وَأَخَذَ مِنْهُ (بِوُسْعِهِ) ، وَلَوْ دِرْهَمًا فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ مَا نَقَصَ لِضِيقِهِ (وَلَا يُزَادُ) عَلَى مَا ذَكَرَ لِكَثْرَةِ يَسَارٍ (وَلِلصُّلْحِيِّ) ، وَهُوَ مَنْ فُتِحَتْ بَلَدُهُ صُلْحًا (مَا شَرَطَ) وَرَضِيَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْإِمَامُ فَلَهُ مُقَاتَلَتُهُ وَلَوْ بَذَلَ أَضْعَافَ الْعَنْوِيِّ (وَإِنْ أَطْلَقَ) فِي صُلْحِهِ (فَكَالْأَوَّلِ) أَيْ فَعَلَيْهِ بَذْلُ مَا يَلْزَمُ الْعَنْوِيَّ (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (إنْ) (بَذَلَ) الصُّلْحِيُّ الْقَدْرَ (الْأَوَّلَ) (حَرُمَ قِتَالُهُ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْإِمَامُ، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ أَيْ مَعَ رِضَا الْإِمَامِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَعْبُرَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ. وَتُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ الْجِزْيَتَيْنِ (مَعَ الْإِهَانَةِ) أَيْ الْإِذْلَالِ وُجُوبًا (عِنْدَ أَخْذِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ، وَيُصْفَعُ عَلَى قَفَاهُ عِنْدَ أَخْذِهَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ النَّائِبِ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مِنْهُمْ يُعْطِيهَا بِنَفْسِهِ لِأَجَلِ إهَانَتِهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِدُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ (وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ) وَبِالْمَوْتِ، وَلَوْ مُتَجَمِّدَةً عَنْ سِنِينَ ثُمَّ شَبَّهَ فِي السُّقُوطِ لَا بِقَيْدِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ قَوْلُهُ: (كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ) الَّتِي قَدَّرَهَا عَلَيْهِمْ الْفَارُوقُ مَعَ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهَا سَاقِطَةٌ عَنْهُمْ وَلَا تُؤْخَذُ، وَهِيَ عَلَى مَنْ بِالشَّامِ وَالْحِيرَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مُدْيَانِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ وَالْقِسْطُ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ، وَعَلَى مَنْ بِمِصْرَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إرْدَبُّ حِنْطَةٍ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَالْكِسْوَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ التَّمْرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ كِسْوَةٍ كَانَ يَكْسُوهَا عُمَرُ لِلنَّاسِ لَا أَدْرِي مَا هِيَ قَالَهُ مَالِكٌ (وَإِضَافَةِ) (الْمُجْتَازِ) عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُمْ (لِلظُّلْمِ) الْحَادِثِ عَلَيْهِمْ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ لَكِنَّ وُلَاةَ مِصْرَ قَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ بِاِتِّخَاذِ الْكَتَبَةِ مِنْهُمْ وَاسْتَأْمَنُوهُمْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] . (وَالْعَنَوِيُّ) بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ (حُرٌّ) فَعَلَى قَاتِلِهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ هِبَةِ أَمْوَالِهِمْ وَالصَّدَقَةِ بِهَا، وَلَا مِنْ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ مَا لِهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQدِرْهَمَانِ بِالْمِصْرِيِّ وَسَبْعَةُ أَثْمَانِ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ الْأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا شَرْعِيَّةً سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ مِصْرِيَّةً وَثُمْنُ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ سَنَةٍ قَمَرِيَّةٍ) أَيْ لَا شَمْسِيَّةٍ لِئَلَّا تَضِيعَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَنَةٌ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً (قَوْلُهُ: وَنَقَّصَ الْفَقِيرَ) أَيْ عِنْدَ الْأَخْذِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ لِأَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا كَامِلَةً قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مُبْهَمَةً) أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَقْتُهَا فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ آخِرَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ مَا نَقَصَ لِضِيقِهِ) أَيْ مَا نَقَصْنَاهُ أَوَّلًا لِأَجْلِ ضِيقِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِلصُّلْحِيِّ) أَيْ، وَعَلَى الصُّلْحِيِّ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى، وَقَوْلُهُ: مَا شَرَطَ يُحْتَمَلُ جَعْلُ ضَمِيرِ شَرَطَ رَاجِعًا لِلْإِمَامِ أَيْ عَلَى الصُّلْحِيِّ الْمَالُ الَّذِي شَرَطَهُ الْإِمَامُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ وَرَضِيَ بِهِ الْإِمَامُ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلصُّلْحِيِّ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ، وَلَا قَرِينَةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ مُقَاتَلَتُهُ) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَ فِي صُلْحِهِ) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا مَعْلُومًا بِأَنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجِزْيَةِ مُبْهَمَةً، (وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ بَذْلُ مَا يَلْزَمُ الْعَنْوِيَّ) أَيْ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْإِمَامُ بِمَا بَذَلَهُ فَلَهُ مُقَاتَلَتُهُ سَوَاءٌ بَذَلَ الْقَدْرَ الْأَوَّلَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ تَارَةً يُصَالِحُهُمْ عَلَى الْجِزْيَةِ مُبْهَمَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ قَدْرَهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَلْزَمُهُ قَبُولُ جِزْيَةِ الْعَنْوِيِّ إذَا بَذَلُوهَا، وَتَارَةً يَتَرَاضَى مَعَهُمْ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَلْزَمُهُمْ مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مَعَهُ، وَتَارَةً لَا يَتَرَاضَوْنَ مَعَهُ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَا عَلَى الْجِزْيَةِ مُبْهَمَةً، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ الْعَنْوِيَّةَ هَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا أَوْ لَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَرَجَّحَهُ بْن وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَرَجَّحَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ) أَيْ إعْطَاؤُهَا مِنْ النَّائِبِ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ إلَخْ) ، وَفِي سُقُوطِهَا بِالتَّرَهُّبِ الطَّارِئِ وَعَدَمِ سُقُوطِهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ، وَمَنْ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سِنِينَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِفِرَارِهِ بِهَا أُخِذَتْ مِنْهُ لِمَا مَضَى وَإِنْ كَانَ لِعُسْرِهِ لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ. اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: الْفَارُوقُ) هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (قَوْلُهُ: وَالْحِيرَةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُون الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مَدِينَةٌ بِقُرْبِ الْكُوفَةِ (قَوْلُهُ: مُدْيَانِ) تَثْنِيَةُ مُدْيٍ، وَهُوَ مِكْيَالٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَنِصْفَ صَاعٍ كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ كِسْوَةٍ) أَيْ فِي كُلِّ شَهْرٍ (قَوْلُهُ: وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ) أَيْ الْمَارِّ عَلَيْهِمْ بِمِصْرَ خَاصَّةً كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُمْ) أَيْ الْأَرْزَاقُ وَإِضَافَةُ الْمُجْتَازُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: لِلظُّلْمِ) فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَرَى أَنْ تُوضَعَ عَنْهُمْ الْيَوْمَ الضِّيَافَةُ وَالْأَرْزَاقُ لِمَا حَدَثَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْجَوْرِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِأَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَقَاصِدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى الظُّلْمُ وَكَانُوا هُمْ الظُّلْمَةَ كَمَا فِي نَصَارَى مِصْرَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُغَلَّظَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يُزَادَ عَلَى مَا كَانَ مُقَرَّرًا عَلَيْهِمْ اهـ. وَمَا قَالَهُ صَوَابٌ صَحِيحٌ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ أُحْرِزَ بِضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ؛ وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْأَرْضِ لِعِمَارَتِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَنِّ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} [محمد: 4] وَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى قَاتِلِهِ إلَخْ)

إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ، وَكَانَ مِيرَاثُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ) (مَاتَ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ (وَأَسْلَمَ) (فَالْأَرْضُ) الْمَعْهُودَةُ فِي قَوْلِهِ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ (فَقَطْ) دُونَ مَالِهِ (لِلْمُسْلِمِينَ) لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ تَعَلُّقٌ بِهَا بَلْ يُعْطِيهَا السُّلْطَانُ لِمَنْ شَاءَ وَخَرَاجُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا مَالُهُ وَمِنْهُ الْأَرْضُ الَّتِي أَحْيَاهَا مِنْ مَوَاتٍ فَهُوَ لِوَارِثِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ عِنْدَهُمْ فَلِلْمُسْلِمِينَ هَذَا حُكْمُ أَرْضِ الْعَنْوِيِّ وَمَالِهِ. (وَ) الْحُكْمُ (فِي) أَهْلِ (الصُّلْحِ) لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ إمَّا أَنْ تُضْرَبَ عَلَيْهِمْ مُجْمَلَةً عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ أَوْ مُفَصَّلَةً عَلَى الرِّقَابِ فَقَطْ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا فَ (إنْ) (أُجْمِلَتْ) عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ بِأَنْ ضُرِبَتْ عَلَى الْبَلَدِ بِمَا حَوَتْ مِنْ أَرْضٍ وَرِقَابٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ مَا يَخُصُّ كُلَّ شَخْصٍ، وَمَا يَخُصُّ الرِّقَابَ مِنْ الْأَرْضِ (فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ) يُقَسِّمُونَهَا وَيَبِيعُونَهَا وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهَا وَلَا يُزَادُ فِي الْجِزْيَةِ بِزِيَادَتِهِمْ وَلَا تَنْقُصُ بِنَقْصِهِمْ. (وَ) لَهُمْ (الْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ) كُلِّهِ، وَأَوْلَى بِبَعْضِهِ (وَوَرِثُوهَا) أَيْ الْأَرْضَ وَكَذَا مَالَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ عِنْدَهُمْ لِأَهْلِ دِينِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَوْنَهُ عِنْدَهُمْ (وَإِنْ) (فُرِّقَتْ) جِزْيَتُهُمْ (عَلَى الرِّقَابِ) فَقَطْ كَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ كَذَا سَوَاءٌ أُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا، وَكَذَا إنْ فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ كَعَلَى كُلِّ فَدَّانٍ كَذَا أَوْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا مَعًا (فَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ، وَكَذَا مَالُهُمْ (لَهُمْ) يَبِيعُونَهَا وَيَرِثُونَهَا كَمَالِهِمْ وَتَكُونُ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا (إلَّا أَنْ يَمُوتَ) وَاحِدٌ مِنْهُمْ (بِلَا وَارِثٍ) فِي دِينِهِمْ (فَلِلْمُسْلِمِينَ) أَرْضُهُ وَمَالُهُ (وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ) فَقَطْ حَيْثُ لَا وَارِثَ عِنْدَهُمْ، وَمَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ فَلَهُ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَالِهِ إذْ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ حِينَئِذٍ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ عَلَى الرِّقَابِ لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَشْمَلَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا إلَخْ فَهُوَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَخَرَاجِهَا وَلِذَا قَالَ (وَإِنْ) (فُرِّقَتْ) الْجِزْيَةُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْأَرْضِ كَعَلَى كُلِّ فَدَّانٍ أَوْ زَيْتُونِهِ أَوْ ذِرَاعٍ كَذَا سَوَاءٌ أُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا (أَوْ) فُرِّقَتْ (عَلَيْهِمَا) كَعَلَى كُلِّ فَدَّانٍ كَذَا، وَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ كَذَا (فَلَهُمْ بَيْعُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (وَخَرَاجُهَا) فِي كُلِّ سَنَةٍ (عَلَى الْبَائِعِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ فَتَسْقُطَ عَنْهُ، وَعَنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَسْلَمَ الصُّلْحِيُّ فَأَرْضُهُ وَمَالُهُ مِلْكٌ لَهُ وَسَقَطَ مَا ضُرِبَ عَلَيْهِ. (وَلِلْعَنَوِيِّ) (إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ) بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ (إنْ شَرَطَ) الْإِحْدَاثَ عِنْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ أَيْ إنْ سَأَلَ الْإِمَامَ فَأَجَابَهُ لِذَلِكَ، وَإِلَّا فَلِلْعَنَوِيِّ مَقْهُورٌ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ شَرْطٌ (وَإِلَّا فَلَا) ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَقْتُولُ ذَكَرًا أَوْ كَانَ كِتَابِيًّا (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ إلَخْ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ بَلْ بِالثُّلُثِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَالتَّفْرِيعُ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَالْأَرْضُ الْمَعْهُودَةُ) أَيْ، وَهِيَ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ الَّتِي فِي بِلَادِهِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ مَالِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ بَلْ هُوَ لَهُ إنْ أَسْلَمَ وَلِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَالِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الَّذِي يَكُونُ لِلْعَنَوِيِّ إذَا أَسْلَمَ وَلِوَارِثِهِ إذْ مَاتَ مَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ كَالْأَرْضِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ إقْرَارَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ إنْ كَانَتْ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَنِّ فَمَالُهُمْ لَهُمْ وَلِوَرَثَتِهِمْ مُطْلَقًا إذَا مَاتُوا أَوْ أَسْلَمُوا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ الْمَالُ مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتِلْكَ التَّفْرِقَةِ. (قَوْلُهُ: لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الْفَتْحِ، وَإِنَّمَا أُقِرَّتْ تَحْتَ يَدِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا إعَانَةً عَلَى الْجِزْيَةِ. (قَوْلُهُ: لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ) أَيْ، وَفِي الْجَمِيعِ لَهُمْ أَرْضُهُمْ وَمَالُهُمْ فَيَهَبُونَ وَيَقْسِمُونَ وَيَبِيعُونَ وَيُورَثُ عَنْهُمْ إلَّا أَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ يَفْتَرِقُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِلَا وَارِثٍ فَأَرْضُهُ وَمَالُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ، وَلَهُ الْوَصِيَّةُ حِينَئِذٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَارِثٍ فَمَالُهُ وَأَرْضُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ، وَإِذَا فُصِلَتْ الْجِزْيَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ الرِّقَابِ فَاخْتَلَفَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ فَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا، وَقِيلَ بِجَوَازِهِ، وَخَرَاجُهَا يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمَشْهُورُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ جَوَازُ بَيْعِهَا وَالْخَرَاجُ عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ هَذَا حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهَا) أَيْ لَا بِضَرْبٍ خَرَاجٍ، وَلَا بِأَخْذِ عُشْرِ الزَّرْعِ، وَلَا غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ فِي الْجِزْيَةِ بِزِيَادَتِهِمْ إلَخْ) ، وَكَذَا لَا يَبْرَأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ كُلِّهِ وَأَوْلَى بِبَعْضِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَنَا حَظًّا فِي مَالِهِمْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الثُّلُثِ يَكُونُ لَنَا فَيُحْجَرُ عَلَيْهِمْ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُجْمِلَتْ أَوْ فُصِّلَتْ، وَكَانَ لَهُمْ وَارِثٌ فَلَا كَلَامَ لَنَا مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَنَا حِينَئِذٍ فِي مَالِهِمْ (قَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ) أَيْ بَعْدَ الثُّلُثِ الَّذِي خَرَجَ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: فَلَهُمْ بَيْعُهَا) ، وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهَا، وَقَوْلُهُ: وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ، أَيْ وَقِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ بِخَرَاجِهَا مَا ضُرِبَ عَلَيْهَا مِنْ الْجِزْيَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ) أَيْ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا مُسْلِمُونَ أَمْ لَا، وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ الْمَوْجُودَةُ

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِحْدَاثُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ شَرَطَ أَوْ لَا (كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ فَلَا، فَيُمْنَعُ مِنْ الرَّمِّ مُطْلَقًا شَرَطَ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَمَّا الْبَلَدُ الَّتِي اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ كَالْقَاهِرَةِ فَلَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ كَمَا يَأْتِي لَكِنَّ مُلُوكَ مِصْرَ لِضَعْفِ إيمَانِهِمْ وَحُبِّهِمْ الْفَانِي مَكَّنُوهُمْ مِنْ ذَلِكَ (وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ) شَرَطَ أَوْ لَا لَكِنْ فِي بَلَدٍ لَمْ يَخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ (وَ) لِلصُّلْحِيِّ (بَيْعُ عَرْصَتِهَا) أَيْ عَرْصَةِ كَنِيسَتِهِ (أَوْ) بَيْعِ (حَائِطٍ) لَهَا، وَأَمَّا الْعَنْوِيُّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَقْفٌ بِالْفَتْحِ (لَا) يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الْعَنْوِيِّ وَالصُّلْحِيِّ إحْدَاثٌ (بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) ، وَلَوْ اخْتَطَّهَا مَعَهُ الْكَافِرُ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحِيًّا (إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ) مِنْ الْإِحْدَاثِ فَلَا يُمْنَعُ ارْتِكَابًا لِأَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ. (وَمُنِعَ) الذِّمِّيُّ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحِيًّا (رُكُوبَ الْخَيْلِ) نَفِيسَةً أَمْ لَا (وَالْبِغَالِ) النَّفِيسَةِ (وَالسُّرُوجِ) وَالْبَرَاذِعِ النَّفِيسَةِ وَلَوْ عَلَى الْحَمِيرِ وَإِنَّمَا يَرْكَبُونَ عَلَى الْحَمِيرِ فَقَطْ أَوْ الْإِبِلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي رُكُوبِهَا عِزٌّ كَالْخَيْلِ كَمَا هُوَ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ وَيَجْعَلُ رِجْلَيْهِ فِي جَانِبِ الدَّابَّةِ (وَ) مُنِعَ (جَادَّةَ الطَّرِيقِ) أَيْ وَسَطَهَا بَلْ عَلَى جَانِبِهَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ (وَأُلْزِمَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ يُؤْذِنُ بِذُلِّهِ كَعِمَامَةٍ زَرْقَاءِ وَبُرْنِيطَةٍ وَطُرْطُورٍ (وَعُزِّرَ لِتَرْكِ الزُّنَّارِ) بِضَمِّ الزَّايِ خُيُوطٌ مُتَلَوِّنَةٌ بِأَلْوَانٍ شَتَّى يَشُدُّ بِهَا وَسَطَهُ عَلَامَةً عَلَى ذُلِّهِ. (وَ) عُزِّرَ عَلَى (ظُهُورِ) أَيْ إظْهَارِ (السُّكْرِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (وَ) عَلَى إظْهَارِ (مُعْتَقَدِهِ) فِي الْمَسِيحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَ) عَلَى (بَسْطِ لِسَانِهِ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بِحَضْرَتِهِ (وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ) إنْ أَظْهَرَهَا (وَكُسِرَ النَّاقُوسُ) إنْ أَظْهَرُوهُ. (وَيُنْتَقَضُ) عَهْدُهُ (بِقِتَالٍ) عَامٍّ لِلْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي خُرُوجَهُ عَنْ الذِّمَّةِ لَا مَا كَانَ فِيهِ ذَبٌّ عَنْ نَفْسِهِ (وَمَنْعِ جِزْيَةٍ وَتَمَرُّدٍ عَلَى الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ بِأَنْ يُظْهِرَ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ (وَبِغَصْبِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ) عَلَى الزِّنَا وَزَنَى بِهَا بِالْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ شُهُودٍ أَرْبَعَةٍ عَلَى زِنَاهُ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ الْفَتْحِ فَإِنَّهَا تَبْقَى، وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَوْ أَكَلَ الْبَحْرُ كَنِيسَتَهُمْ فَهَلْ لَهُمْ أَنْ يَنْقُلُوهَا أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ كَوْنِهِمْ شَرَطُوا ذَلِكَ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيَّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ: ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ ح وَالْمَوَّاقَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ الرُّمِّ مُطْلَقًا) فِي بْن مَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ تَرْمِيمِ الْمُنْهَدِمِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ غَيْرَ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِ أَبِي الْحَسَنِ فِي الْعَنْوِيِّ بِجَوَازِ رَمِّ الْمُنْهَدِمِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا شَرَطَ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ لَيْسَ لَهُمْ شَرْطُ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا الْكَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ؛ لِأَنَّهَا فَيْءٌ، وَلَا تُورَثُ عَنْهُمْ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ مَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَرُمُّوا مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ التَّرْمِيمُ لِلصُّلْحِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُمْنَعُونَ مِنْ التَّرْمِيمِ إلَّا بِشَرْطٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ لِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثَ وَرَمَّ الْمُنْهَدِمِ مُطْلَقًا شَرَطَ ذَلِكَ أَمْ لَا عَلَى قَوْلِهِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ قَدَّمَ قَوْلَهُ كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ، وَأَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ. اُنْظُرْ طفى وَالْمَوَّاقَ. (قَوْلُهُ: شَرَطَ) أَيْ التَّرْمِيمَ أَيْ اسْتَأْذَنَ الْإِمَامَ فِي ذَلِكَ، وَإِذْنُهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي بَلَدٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَلَدُ اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ فَفِي جَوَازِ إحْدَاثِهَا وَعَدَمِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشَونِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَنْوِيَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ سَوَاءٌ كَانَ أَهْلُهَا كُفَّارًا أَوْ سَكَنَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُمْ فِيهَا إلَّا بِشَرْطٍ، وَأَمَّا رَمُّ الْمُنْهَدِمِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا الصُّلْحِيُّ فَيُمَكَّنُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ فِيهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مَعَهُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَكَذَا يُمَكَّنُونَ مِنْ رَمِّ الْمُنْهَدِمِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَطَّهَا) أَيْ أَنْشَأَهَا مَعَ الْمُسْلِمِ الْكَافِرُ عَنَوِيًّا أَوْ صُلْحِيًّا، وَهَذَا مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَأَمَّا عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا اخْتَطَّهَا فَيَجُوزُ لَهُ الْإِحْدَاثُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مُسْلِمٌ، هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفَ الْمُبَالَغَةِ وَيَقُولُ: فِي حِلِّ الْمَتْنِ لَا يَجُوزُ لِلْكُفَّارِ الْإِحْدَاثُ بِبَلَدٍ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُونَ بِاخْتِطَاطِهَا ثُمَّ انْتَقَلَ الْكُفَّارُ إلَيْهَا وَسَكَنُوا فِيهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُكْسَرُ أَوَانِيهَا، وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهَا تُكْسَرُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَكَذَلِكَ الْمَوَّاقُ، وَكَذَلِكَ صَرَّحَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ بِكَسْرِهَا، وَإِنَّمَا أُرِيقَتْ الْخَمْرُ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَشْتَهِيهَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَهُ إرَاقَتُهَا، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَاكِمِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَظْهَرَهَا أَيْ أَوْ حَمَلَهَا مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَإِنْ لَمْ يُظْهِرْهَا، وَأَرَاقَهَا مُسْلِمٌ ضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهَا لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرُوهُ) أَيْ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ كَسَرَهُ، وَكَذَلِكَ الصَّلِيبُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ: وَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُ) أَيْ أَمَانُهُ، وَقَوْلُهُ: بِقِتَالِ عَامٍّ أَيْ غَيْرِ مُخْتَصٍّ بِوَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَمَنْعِ جِزْيَةٍ) يُقَيَّدُ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ بِمَنْعِهَا تَمَرُّدًا أَوْ نَبْذًا لِلْعَهْدِ لَا مُجَرَّدَ بُخْلٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَبِغَصْبِ حُرَّةٍ) ، وَأَمَّا زِنَاهُ بِهَا طَائِعَةً فَإِنَّمَا يُوجِبُ تَعْزِيرَهُ وَحُدَّتْ هِيَ، وَكَذَا لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ بِحُرَّةٍ كَافِرَةٍ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ.

وَقِيلَ يَكْفِي هُنَا اثْنَانِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ (وَغُرُورِهَا) بِإِخْبَارِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا (وَتَطَلُّعِهِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ) يَعْنِي يُطْلِعُ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ كِتَابًا أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا بِأَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ لِلْمُسْلِمِينَ لَا حَارِسَ فِيهِ مَثَلًا لِيَأْتُوا مِنْهُ (وَسَبِّ نَبِيٍّ) مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا (بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ) أَيْ بِمَا نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ لَا بِمَا كَفَرَ بِهِ كَلَمْ يُرْسِلْ إلَيْنَا أَوْ عِيسَى ابْنٌ لِلَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّا أَقْرَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ يُوجَعُ ضَرْبًا. (قَالُوا) أَيْ الْأَشْيَاخُ فِي بَيَانِ مَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ (كَلَيْسَ بِنَبِيٍّ أَوْ لَمْ يُرْسَلْ أَوْ لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ تَقَوَّلَهُ) أَيْ اخْتَلَقَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ (أَوْ عِيسَى خَلَقَ مُحَمَّدًا أَوْ) قَالَ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ نَصَارَى مِصْرَ لَعَنَهُ اللَّهُ (مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِركُمْ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ مَا لَهُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ حِينَ أَكَلَتْهُ الْكِلَابُ) يُرِيدُ عَضَّتْهُ فِي سَاقَيْهِ قَالَ مَالِكٌ حِينَ سُئِلَ عَنْ هَذَا اللَّعِينِ: أَرَى أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُهُ (وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ) ، وَيَتَعَيَّنُ فِي السَّبِّ، وَفِي غَصْبِ الْمُسْلِمَةِ وَغُرُورِهَا، وَأَمَّا فِي التَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ قَتْلِهِ، وَأَسْرِهِ، وَأَمَّا فِي قِتَالِهِ فَيَنْظُرُ فِيهِ بِالْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْأَسْرَى. (وَإِنْ) (خَرَجَ) ذِمِّيٌّ (لِدَارِ الْحَرْبِ) نَاقِضًا بِخُرُوجِهِ الْعَهْدَ (وَأُخِذَ) (اُسْتُرِقَّ) أَيْ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ إذْ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَالِاسْتِرْقَاقِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الِاسْتِرْقَاقِ لِلرَّدِّ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَرْجِعُ رَقِيقًا (إنْ لَمْ يُظْلَمْ، وَإِلَّا) بِأَنْ خَرَجَ لِظُلْمٍ لَحِقَهُ (فَلَا) يُسْتَرَقُّ، وَيُرَدُّ لِجِزْيَتِهِ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ خَرَجَ لِظُلْمٍ، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ: (كَمُحَارَبَتِهِ) بِدَارِ الْإِسْلَامِ غَيْرَ مُظْهِرٍ لِلْخُرُوجِ عَنْ الذِّمَّةِ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ الْمُحَارِبِ أَيْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ مَنْعِ سُلُوكٍ. (وَإِنْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ) بَعْدَ إسْلَامِهِمْ (وَحَارَبُوا) الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ (فَكَالْمُرْتَدِّينَ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْأَصْلِيِّينَ يُسْتَتَابُ كِبَارُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا قُتِلُوا، وَمَالُهُمْ فَيْءٌ، وَيُجْبَرُ صِغَارُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ، وَقَالَ أَصْبَغُ كَالْكُفَّارِ الْحَرْبِيِّينَ يُسْتَرَقُّونَ وَأَوْلَادُهُمْ. (وَ) يَجُوزُ (لِلْإِمَامِ) ، وَيَنْبَغِي أَوْ نَائِبِهِ فَقَطْ (الْمُهَادَنَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقِيلَ يَكْفِي هُنَا اثْنَانِ) أَيْ يَشْهَدَانِ عَلَى الْغَصْبِ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَا الْوَطْءَ، وَقَوْلُهُ: عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ أَيْ لَا عَلَى الزِّنَا (قَوْلُهُ: فَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا) وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِكُفْرِهِ مِنْ غَيْرِ غُرُورٍ فَلَا يَكُونَ نَقْضًا لِعَهْدِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْأَدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ كِتَابًا إلَخْ) فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ وَجَدْنَا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا كَاتِبًا لِأَهْلِ الشِّرْكِ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ لِيَكُونَ نَكَالًا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مُجْمَعٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا) أَيْ مَعْشَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَنْكَرَهَا الْيَهُودُ كَنُبُوَّةِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَجْمَعٌ إلَخْ عَمَّا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِسَبِّهِ (قَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ) أَيْ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ الْكُفْرَ الَّذِي يُقَرُّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَفَرَ بِهِ الْكُفْرَ الَّذِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ مَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِمَا كَفَرَ بِهِ مَا أَقْرَرْنَاهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ عَضَّتَهُ فِي سَاقَيْهِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّفْسِيرِ إذْ لَا حَقِيقَةَ لِهَذَا الْكَلَامِ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْ مَلْعُونٍ مِنْ نَصَارَى مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ بِأَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ مَا لَهُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ إذْ كَانَتْ الْكِلَابُ تَأْكُلُ سَاقَيْهِ فَأَرْسَلَ لِمَالِكٍ الِاسْتِفْتَاءَ فِيهِ فَقَالَ أَرَى أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اُكْتُبْ، وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ فَقَالَ إنَّهُ لَحَقِيقٌ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَكَتَبْتُهَا وَنَفَذَتْ الصَّحِيفَةُ بِذَلِكَ فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ. قَالَ عِيَاضٌ: وَيَجُوزُ إحْرَاقُ السَّابِّ حَيًّا، وَمَيِّتًا (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ) ضَمِيرُ قُتِلَ رَاجِعٌ لِلنَّاقِضِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَصْبِ الْمُسْلِمَةِ وَغُرُورِهَا) أَمَّا تَعَيُّنِهِ أَيْ الْقَتْلِ فِي السَّبِّ فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَحَكَى عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، وَأَمَّا تَعَيُّنُهُ فِي غَصْبِ الْحُرَّةِ وَغُرُورِهَا فَهُوَ فِي نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ قَتَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عِلْجًا نَخَسَ بَغْلًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَسَقَطَتْ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي قِتَالِهِ فَيُنْظَرُ فِيهِ إلَخْ) ، وَمِثْلُ الْقِتَالِ التَّمَرُّدُ عَلَى الْأَحْكَامِ، وَمَنْعُ الْجِزْيَةِ مِنْ كَوْنِهِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالْأُمُورِ الْخَمْسَةِ، وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ، وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ رَاجِعٌ لِلسَّابِّ خَاصَّةً، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ النَّقْضِ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَقْضَ الْعَهْدِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِلْأَصْلِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بَيْنَ الْمَنِّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: الْقَائِلُ بِأَنَّ الْحُرَّ إلَخْ) أَيْ الْقَائِلُ إنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ مَا عَدَا الِاسْتِرْقَاقَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَرْجِعُ رَقِيقًا، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الذِّمَّةَ هَلْ تَقْتَضِي الْحُرِّيَّةَ بِدَوَامِ الْعَهْدِ فَقَطْ أَوْ أَبَدًا. (قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ خَرَجَ لِظُلْمٍ) أَيْ سَوَاءٌ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمُحَارَبَتِهِ) أَيْ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ مَنْعِ سُلُوكٍ فَلَا يُسْتَرَقُّ وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُحَارِبِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ الْمُحَارِبِ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] الْآيَةَ، وَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُحَارِبِ الْمُسْلِمِ فَلَا يُسْتَرَقُّ. (قَوْلُهُ: فَكَالْمُرْتَدِّينَ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا كَالْحَرْبِيِّينَ كَمَا قَالَ أَصْبَغُ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ نُوَّابُهُ فَالْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَبَرِ بِالنِّسْبَةِ لِآحَادِ النَّاسِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْمُهَادَنَةُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ

أَيْ صُلْحُ الْحَرْبِيِّ مُدَّةً لَيْسَ هُوَ فِيهَا تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ ( لِمَصْلَحَةٍ ) كَالْعَجْزِ عَنْ قِتَالِهِمْ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ وَتَعَيَّنَتْ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِهَا امْتَنَعَتْ فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّخْيِيرِ (إنْ خَلَا) عَقْدُ الْمُهَادَنَةِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ إنْ خَلَتْ بِالتَّأْنِيثِ (عَنْ) شَرْطٍ فَاسِدٍ فَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَنْهُ لَمْ تَجُزْ (كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ) أُسِرَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ أَوْ قَرْيَةٍ لَنَا خَالِيَةً لَهُمْ أَوْ شَرْطِ حُكْمٍ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِحُكْمِهِمْ (وَإِنْ بِمَالٍ) مُبَالَغَةٌ إمَّا فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ لَمْ تَجُزْ وَإِنْ بِمَالٍ يَدْفَعُهُ أَهْلُ الْكُفْرِ لَنَا، وَإِمَّا فِي مَنْطُوقِهِ أَيْ: وَإِنْ بِمَالٍ يَدْفَعُهُ الْإِمَامُ لَهُمْ (إلَّا لِخَوْفٍ) مِمَّا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ دَفْعِ الْمَالِ مِنْهُمْ أَوْ لَهُمْ سَوَاءٌ جُعِلَتْ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَفْهُومِ أَوْ الْمَنْطُوقِ (وَلَا حَدَّ) وَاجِبٌ لِمُدَّتِهَا بَلْ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ (وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ) مُدَّتُهَا (عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِاحْتِمَالِ حُصُولِ قُوَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَغَيْرِهَا، وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ. (وَإِنْ) (اسْتَشْعَرَ) الْإِمَامُ أَيْ ظَنَّ (خِيَانَتَهُمْ) قَبْلَ الْمُدَّةِ بِظُهُورِ أَمَارَتِهَا (نَبَذَهُ) وُجُوبًا، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْعَهْدُ الْمُتَيَقَّنُ بِالظَّنِّ الَّذِي ظَهَرَتْ عَلَامَاتُهُ لِلضَّرُورَةِ (وَأَنْذَرَهُمْ) وُجُوبًا بِأَنَّهُ لَا عَهْدَ لَهُمْ فَإِنْ تَحَقَّقَ خِيَانَتُهُمْ نَبَذَهُ بِلَا إنْذَارٍ (وَوَجَبَ الْوَفَاءُ) بِمَا عَاهَدُونَا عَلَيْهِ (وَإِنْ) كَانَ عَهْدُنَا لَهُمْ (بِرَدِّ رَهَائِنَ) كُفَّارٍ عِنْدَنَا (وَلَوْ أَسْلَمُوا) حَيْثُ وَقَعَ اشْتِرَاطُ رَدِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الرَّدِّ إنْ أَسْلَمُوا (كَمَنْ أَسْلَمَ) أَيْ كَشَرْطِ رَدِّ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ وَأَسْلَمَ وَلَيْسَ رَهْنًا فَإِنَّهُ يُوفَى بِهِ (وَإِنْ رَسُولًا) ، وَمَحَلُّ الرَّدِّ (إنْ كَانَ) مَنْ ذُكِرَ مِنْ الرَّهَائِنِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنُوَّابِهِ مَضَتْ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ إنْ كَانَتْ صَوَابًا فَلَيْسَتْ كَالْجِزْيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ كَانَتْ بَاطِلَةً (قَوْلُهُ: أَيْ صُلْحُ الْحَرْبِيِّ) أَيْ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ وَالْجِهَادِ (قَوْلُهُ: إنْ خَلَا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهَادَنَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِشُرُوطِ أَرْبَعَةٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ لَهَا الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ. الثَّانِي أَنْ يَكُونُ لِمَصْلَحَةٍ. الثَّالِثُ أَنْ يَخْلُوَ عَقْدُهَا عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ. الرَّابِعُ أَنْ تَكُونَ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ بِاجْتِهَادِهِ وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِهَا امْتَنَعَتْ) أَيْ وَإِنْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا وَفِي عَدَمِهَا جَازَتْ، وَقَوْلُهُ: فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِلْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ: لَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ وَإِلَّا كَانَ قَاصِرًا عَلَى الْأَخِيرِ مِنْهَا كَمَا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى كَانَ قَاصِرًا عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَرْيَةٍ) أَيْ أَوْ شَرْطِ بَقَاءِ قَرْيَةٍ لَنَا حَالَةُ كَوْنِهَا خَالِيَةً مِنَّا لَهُمْ يَسْكُنُونَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمَالٍ يَدْفَعُهُ أَهْلُ الْكُفْرِ لَنَا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ مُصَاحِبًا لِمَالٍ يَدْفَعُهُ أَهْلُ الْكُفْرِ لَنَا، وَلَا يُغْتَفَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ لِأَجْلِ الْمَالِ الَّذِي يَدْفَعُونَهُ لَنَا أَوْ: وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ بِسَبَبِ إعْطَاءِ مَالٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي مَنْطُوقِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْخُلُوُّ عَنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَالْمَعْنَى وَجَازَ لِلْإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ إنْ خَلَتْ عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ وَإِنْ بِمَالٍ يَدْفَعُهُ الْإِمَامُ لَهُمْ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ فِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ عَقْدِهَا عَلَى إعْطَاءِ مَالٍ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَيْضًا مَتَى دُفِعَ لَهُمْ مَالٌ لَمْ تَخْلُ عَنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ. فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِمَّا فِي شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْمَنْطُوقِ، وَهُوَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ مُصَوَّرًا إلَخْ بِسَبَبِ مَالٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ مِمَّا هُوَ أَشَدُّ إلَخْ) أَيْ كَاسْتِيلَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ دَفْعُ الْمَالِ لَهُمْ أَوْ مِنْهُمْ فَقَدْ «شَاوَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَحَاطَتْ الْقَبَائِلُ بِالْمَدِينَةِ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي أَنْ يَتْرُكَ لِلْمُشْرِكِينَ ثُلُثَ الثِّمَارِ لَمَّا خَافَ أَنْ يَكُونَ الْأَنْصَارُ مَلَّتْ الْقِتَالَ فَقَالَا إنْ كَانَ هَذَا مِنْ اللَّهِ فَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا رَأْيًا فَمَا أَكَلُوا مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثَمَرَةً إلَّا بِشِرَاءٍ أَوْ قِرًى فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ عَزْمَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ تَرَكَ ذَلِكَ» فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِعْطَاءُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ جَائِزًا مَا شَاوَرَ رَسُولًا لِلَّهِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ وَاجِبٌ لِمُدَّتِهَا) لَا يُقَالُ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْمُهَادَنَةِ أَنْ تَكُونَ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ أَنَّ شَرْطَهَا أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةٍ بِعَيْنِهَا لَا عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَا عَلَى الْإِبْهَامِ ثُمَّ تِلْكَ الْمُدَّةُ لَا حَدَّ لَهَا بَلْ يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ بِاجْتِهَادِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ نَدْبُ عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: نَبَذَهُ) أَيْ الْعَهْدَ الْوَاقِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَلَى الْمُهَادَنَةِ وَتَرْكِ الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الْهَلَاكِ بِالتَّمَادِي عَلَى الْعَهْدِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ الْوَفَاءُ إلَخْ) يَعْنِي إذَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَى الْمُهَادَنَةِ وَتَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ رَهَائِنَ وَاشْتَرَطُوا عَلَيْنَا أَنَّهُ إذَا فَرَغَتْ مُدَّةُ الْمُهَادَنَةِ نَرُدُّ لَهُمْ رَهَائِنَهُمْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ فَنَرُدُّهُمْ لَهُمْ وَلَوْ أَسْلَمُوا عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا إلَخْ) أَيْ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لِجَوَازِ أَنْ يَفِرَّ مَنْ عِنْدَهُمْ، وَيَرْجِعُ لَنَا أَوْ نَفْدِيهِ مِنْهُمْ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا نَرُدُّ لَهُمْ الرَّهَائِنَ وَلَا الرُّسُلَ إذَا أَسْلَمُوا وَلَوْ اشْتَرَطُوا رَدَّهُمْ، وَقِيلَ إنْ اشْتَرَطُوا رَدَّهُمْ، وَلَوْ أَسْلَمُوا رُدُّوا، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ أَسْلَمَ) أَيْ كَشَرْطِهِمْ رَدَّ مَنْ جَاءَ إلَيْنَا مِنْهُمْ، وَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُوَفَّى بِهِ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ رَسُولٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ رَسُولًا جَاءَنَا بِاخْتِيَارِهِمْ وَبَالَغَ عَلَى الرَّسُولِ لِمُخَالَفَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيهِ وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ شَرْطَهُمْ قَاصِرٌ عَلَى مَنْ

أَوْ مِمَّنْ أَسْلَمَ (ذَكَرًا) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَمْ تُرَدَّ وَلَوْ مَعَ شَرْطِ رَدِّهَا صَرِيحًا (وَفُدِيَ) مَنْ أَسْلَمَ وَرُدَّ لِلْكُفَّارِ مِنْ رَهَائِن أَوْ غَيْرِهِمْ، وَأَوْلَى الْمُسْلِمُ الْأَصْلِيُّ الْأَسِيرُ (بِالْفَيْءِ) أَيْ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وُجُوبًا عَلَى الْإِمَامِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَوْ قَصَرَ مَا فِيهِ عَنْ الْكِفَايَةِ فُدِيَ (بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ) عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِمْ وَالْأَسِيرُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فُدِيَ (بِمَالِهِ) إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ (وَرَجَعَ) الْفَادِي الْمُعَيَّنُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَفْدِيهِ مِنْ الْفَيْءِ وَلَا يَجْبِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا يَفْدِيهِ بِهِ (بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ، وَهُوَ الْمُقَوَّمُ (عَلَى الْمَلِيِّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ الْآنَ (وَالْمُعْدِمِ) بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ إنْ أَيْسَرَ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْفَادِي (إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً) بِأَنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا قَصَدَ لَهُ وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى عَدَمَ الصَّدَقَةِ (وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ) فَإِنْ أَمْكَنَ بِدُونِ شَيْءٍ أَوْ بِأَقَلِّ مِمَّا فُدِيَ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ فِي الْأُولَى بِشَيْءٍ، وَيَرْجِعُ فِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ بِهِ الْخَلَاصُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْفَادِي أَوْ الْمَفْدِيُّ (مَحْرَمًا) مِنْ النَّسَبِ (أَوْ) يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا (زَوْجًا) لِلْآخَرِ فَلَا رُجُوعَ (إنْ عَرَفَهُ) شَرَطَ فِيهِمَا، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْمَحْرَمِ فَقَطْ (إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ) مُسْتَثْنًى مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ الْمَفْدِيُّ الْفَادِي بِالْفِدَاءِ فَيَرْجِعُ وَلَوْ مَحْرَمًا أَوْ زَوْجًا (وَيَلْتَزِمُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ الْأَمْرُ بِالْفِدَاءِ كَافٍ فِي الرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ (وَقُدِّمَ) الْفَادِي بِمَا فُدِيَ (عَلَى غَيْرِهِ) مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ (وَلَوْ فِي) مَالٍ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ (غَيْرِ مَا بِيَدِهِ) مِمَّا قَدِمَ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْعَدُوِّ، وَيُفَضُّ الْفِدَاءُ (عَلَى الْعَدَدِ) بِالسَّوِيَّةِ (إنْ جَهِلُوا) أَيْ الْعَدُوُّ (قَدْرَهُمْ) أَيْ الْأُسَارَى مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَشَرَفٍ وَوَضَاعَةٍ فَإِنْ عَلِمُوهُ فُضَّ عَلَى قَدْرِ مَا يُفْدَى بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِمْ كَثَلَاثَةٍ يُفْدَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَادَةً بِعَشَرَةٍ وَآخَرُ بِعِشْرِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَاءَ مِنْهُمْ هَارِبًا لَا طَائِعًا أَوْ رَسُولًا فَأَفَادَ أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِمَّنْ أَسْلَمَ) أَيْ أَوْ مِمَّنْ جَاءَ مِنْهُمْ إلَيْنَا وَأَسْلَمَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَمْ تُرَدَّ) أَيْ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] ، وَلَعَلَّهُ إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الرَّدِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلَوْ كَانَ لَنَا عِنْدَهُمْ مُسْلِمَةٌ وَأَسَرُوهَا وَتَوَقَّفَ تَخْلِيصُهَا عَلَى رَدِّ الَّتِي أَسْلَمَتْ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وأَوْلَى الْمُسْلِمُ الْأَصْلِيُّ الْأَسِيرُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَسْرُهُ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً فَيَشْمَلُ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِمْ طَوْعًا فَقَبَضُوا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَفُدِيَ بِالْفَيْءِ إلَخْ) هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَقِيلَ يَبْدَأُ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَمَالُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ الَّذِينَ يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ قُطْرِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ وُسْعِهِ، وَيَتَوَلَّى الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ جِبَايَةَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُفْدَى بِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَمْ يَخْشَ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يُوجَدُ عِنْدَهَا مَا يَشْتَرُونَ بِهِ سِلَاحًا وَلَا بَارُودًا، وَكُلُّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ الْمَفْدِيِّ وَلَوْ دَفَعَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْفَادِي الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ إلَخْ) مِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَظْهَرُ الْمِثْلِيُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَرْضٌ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ إنْ كَانَ الْفِدَاءُ بِقَوْلِ الْمَفْدِيُّ أَفْدِنِي وَأُعْطِيك الْفِدَاءَ فَالْمِثْلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَرْضٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَرْضٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَقَوْلُ الْبَاجِيَّ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الْمُفْدَى بِهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا تَقَرُّرٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَا الْتِزَامٌ قَبْلَ صَرْفِهَا فِي الْفِدَاءِ فَصَارَ دَفْعُهَا فِي الْفِدَاءِ هَلَاكًا لَهَا فَيَرْجِعُ لِقِيمَتِهَا. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنّ أَوْ شَكَّ أَنَّ الْإِمَامَ يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِمَّا يَجْمَعُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَفَدَاهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى التَّبَرُّعِ وَالتَّفْرِيطِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرُّجُوعَ الْفَادِيَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، وَكَانَ غَيْرَ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ عَالِمًا أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَفْدِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا مِمَّا يَجْبِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ لَا يَقْصِدَ بِذَلِكَ الْفِدَاءِ صَدَقَةً، وَأَنْ لَا يُمْكِنُ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا قَصَدَ لَهُ) أَيْ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْفَعُ مَالَهُ إلَّا بِقَصْدِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا هَلْ لَا بُدَّ فِي الرُّجُوعِ مِنْ الِالْتِزَامِ مَعَ الْأَمْرِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ افْدِنِي وَأُعْطِيك الْفِدَاءَ أَوْ يَكْفِي فِي الرُّجُوعِ الْأَمْرُ بِالْفِدَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِفَضْلٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الْوَاوَ عَلَى بَابِهَا، وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى قَوْلِ فَضْلٍ، وَعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا رُجُوعَ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ مُلْتَزِمًا. اهـ. وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ عَلَى بَابِهَا، وَقَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَنَسَبَهُ لِنَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ سَحْنُونٍ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَدَى أَسِيرًا مِنْ الْعَدُوِّ، وَعَلَى ذَلِكَ الْأَسِيرِ دَيْنٌ فَإِنَّ الْفَادِيَ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ لِأَنَّ الْفِدَاءَ آكَدُ مِنْ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ لَمَّا جُبِرَ عَلَى الْفِدَاءِ دَخَلَ دَيْنُ الْفِدَاءِ فِي ذِمَّتِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِهِ الَّذِي دَخَلَ فِي ذِمَّتِهِ طَوْعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِ الْأَسِيرِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ وَمَالِهِ الَّذِي بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ الْفَادِيَ يُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ فِي الْجَمِيعِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ دَيْنَ غَيْرِهِ فِيهِ رَهْنٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: وَيُفَضُّ الْفِدَاءُ عَلَى الْعَدَدِ) فَإِذَا فَدَى شَخْصٌ جَمَاعَةً كَخَمْسِينَ أَسِيرًا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَفِيهِمْ

[باب المسابقة]

وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ (وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ) بِيَمِينِهِ أَشْبَهَ أَمْ لَا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْفَادِي (فِي) إنْكَارِ (الْفِدَاءِ) مِنْ أَصْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِلَا شَيْءٍ، وَيَقُولَ الْفَادِي بِشَيْءٍ (أَوْ) إنْكَارُ (بَعْضِهِ) كَأَنْ يَقُولَ بِعَشَرَةٍ، وَيَقُولَ الْفَادِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) الْأَسِيرُ (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْفَادِي وَالصَّوَابُ عَكْسُ الْمُبَالَغَةِ أَيْ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ مَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْأَسِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْفَادِي فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ فَالْقَوْلُ لِلْفَادِي. (وَجَازَ) فِدَاءُ أَسِيرِ الْمُسْلِمِينَ (بِالْأَسْرَى) الْكُفَّارِ فِي أَيْدِينَا (الْمُقَاتِلَةِ) أَيْ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ الْقِتَالُ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ لَنَا مُتَرَقَّبٌ، وَخَلَاصُ الْأَسِيرِ مُحَقَّقٌ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُمْ وَإِلَّا حُرِّمَ. (وَ) جَازَ الْفِدَاءُ بِ (الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَصِفَةُ مَا يَفْعَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِدَفْعِ ذَلِكَ لِلْعَدُوِّ وَيُحَاسِبَهُمْ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ (وَلَا يَرْجِعُ) الْفَادِي الْمُسْلِمُ (بِهِ) أَيْ بِعِوَضِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ (عَلَى مُسْلِمٍ) ، وَلَا ذِمِّيٍّ أَيْضًا لِوُجُوبِ إرَاقَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. (وَفِي الْخَيْلِ) أَيْ، وَفِي جَوَازِ فِدَاءِ الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ بِالْخَيْلِ (وَآلَةِ الْحَرْبِ) (قَوْلَانِ) إذَا لَمْ يَخْشَ بِهِمَا الظُّفْرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا. دَرْسٌ (بَابٌ) فِي ذِكْرِ مَا يُتَدَرَّبُ بِهِ عَلَى الْجِهَادِ (: الْمُسَابَقَةُ) مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْبَاءِ مَصْدَرُ سَبَقَ إذَا تَقَدَّمَ وَبِفَتْحِهَا الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ أَهْلِ السِّبَاقِ (بِجُعْلٍ) جَائِزَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ فَيُقْسَمُ الْفِدَاءُ عَلَى الْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ تَفَاضُلٍ بَيْنَهُمْ إنْ جَهِلَ الْكُفَّارُ قَدْرَ الْأُسَارَى. (قَوْلُهُ: وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ) أَيْ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ فَإِذَا فَدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ بِمِائَةٍ فَإِنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِ فَعَلَى مَنْ عَادَتُهُ عَشْرَةٌ سُبْعَا الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ سُبْعَيْ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ عَشَرَةٌ، وَعَلَى مَنْ عَادَتُهُ عِشْرُونَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهَا؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَعَلَى مَنْ عَادَتُهُ خَمْسَةٌ سُبْعُ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ سُبْعُ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ بِيَمِينِهِ أَشْبَهُ أَمْ لَا فِي إنْكَارِ الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى قَوَاعِدِهِمْ وَالْجَارِي عَلَيْهَا أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مَبْلَغِ الْفِدَاءِ صُدِّقَ الْأَسِيرُ إنْ أَشْبَهَ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْفَادِي إنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، وَإِلَّا حَلَفَا وَلِرَبِّهِ فِدَاءُ الْمِثْلِ، وَكَذَا إنْ نَكَلَا، وَقَضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ: أَيْ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ: لِلْفَادِي أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ الْفِدَاءُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ) أَيْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُمْنَعُ الْفِدَاءُ بِمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ امْتَنَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَقَوْلُهُ: جَازَ شِرَاؤُهُ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَهُ لَهُمْ فِدَاءً لِلْأَسْرَى ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْفِدَاءِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا رَضُوا بِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ الْفِدَاءُ بِهِ كَذَا ذَكَرَ بْن خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَيُفْهَمُ مِنْ جَوَازِ الْفِدَاءِ بِمَا ذَكَرَ جَوَازُهُ بِالطَّعَامِ بِالطَّرِيقَةِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْفَادِي الْمُسْلِمُ) أَيْ، وَأَمَّا الْفَادِي الذِّمِّيُّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَسِيرِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَمَا مَعَهُ إنْ كَانَ أَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَبِثَمَنِهِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ) قَالَ بْن هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَمُقَابِلُهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهِ أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَادِيَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ إمَّا أَنْ يَفْدِيَ بِهِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَحْكَامَهَا. (قَوْلُهُ: وَفِي الْخَيْلِ) أَيْ: وَفِي جَوَازِ فِدَاءِ الْأَسِيرِ بِالْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ أَيْ، وَعَدَمِ جَوَازِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَالْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِأَشْهَبَ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ جَازَ الْفِدَاءُ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتِلَةِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ الْجَزْمَ بِجَوَازِ الْفِدَاءِ بِالْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ أَوْ يَذْكُرُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْفِدَاءِ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتِلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ مِمَّا ذَكَرَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ جَوَازَ الْفِدَاءِ بِالْمُقَاتِلَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الْكُفَّارُ إلَّا بِذَلِكَ وَلَمْ يُخْشَ مِنْهُمْ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَأَمَّا الْخَيْلُ وَآلَةُ الْحَرْبِ فَالْخِلَافُ فِيهِمَا عِنْدَ إمْكَانِ الْفِدَاءِ بِغَيْرِهِمَا وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُخْشَ إلَخْ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّقْيِيدَ عج، قَالَ طفى: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ هَذَا التَّقْيِيدَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَقَدْ جَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا ثَالِثًا وَنَصُّهُ فَظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ إجَازَةُ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ سَحْنُونٍ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ أَمْرًا كَثِيرًا يَكُونُ لَهُمْ بِهِ الْقُدْرَةُ الظَّاهِرَةُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُفَادَاةَ بِالْخَمْرِ أَخَفُّ مِنْهَا بِالْخَيْلِ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُفَادَاةِ بِالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافًا لَا تَقْيِيدًا قَالَ طفى، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ تَقْيِيدًا، وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْزِمْ بِشَيْءٍ اهـ بْن. [بَابٌ الْمُسَابَقَةُ] (بَابُ الْمُسَابَقَةِ) (قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِهَا) أَيْ وَالسَّبَقُ بِفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ) أَيْ يُجْعَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: جَائِزَةٍ)

(فِي الْخَيْلِ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَ) فِي (الْإِبِلِ) كَذَلِكَ (وَبَيْنَهُمَا) خَيْلٌ مِنْ جَانِبٍ، وَإِبِلٌ مِنْ جَانِبٍ، وَأَوْلَى فِي الْجَوَازِ بِغَيْرِ جُعْلٍ، وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مَجَّانًا كَمَا يَأْتِي (وَ) جَائِزَةٌ (فِي السَّهْمِ) لِإِصَابَةِ الْغَرَضِ أَوْ بَعْدَ الرَّمْيَةِ (إنْ صَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ الْجُعْلِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ مُطْلَقًا فِي السَّهْمِ وَغَيْرِهِ فَلَا تَصِحُّ بِغَرَرٍ وَلَا مَجْهُولٍ وَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ وَزِبْلٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ (وَعُيِّنَ) فِي الْمُسَابَقَةِ بِحَيَوَانٍ أَوْ سِهَامٍ (الْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ) ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِمَا (وَ) عُيِّنَ (الْمَرْكَبُ) بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ مَا يُرْكَبُ مِنْ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يُقْطَعَ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ (وَ) عُيِّنَ (الرَّامِي وَ) عُيِّنَ (عَدَدُ الْإِصَابَةِ، وَ) عُيِّنَ (نَوْعُهَا) أَيْ نَوْعُ الْإِصَابَةِ (مِنْ خَزْقٍ) بِخَاءٍ وَزَايٍ مُعْجَمَتَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَ وَلَا يَثْبُتُ السَّهْمُ فِيهِ (أَوْ غَيْرُهُ) كَخَسْقٍ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَقَافٍ وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَ وَيَثْبُتَ فِيهِ وَخُرْمٍ بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ مَا يُصِيبُ طَرْفَ الْغَرَضِ فَيَخْدِشُهُ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ مَخْرَجَ الْجُعْلِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عَاطِفًا عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ صَحَّ، بَيْعُهُ. قَوْلُهُ: (وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ) أَيْ غَيْرُ الْمُتَسَابِقِينَ لِيَأْخُذَهُ لِمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا (أَوْ أَخْرَجَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُخْرِجِ (أَخَذَهُ) السَّابِقُ (وَإِنْ سَبَقَ هُوَ) أَيْ الْمُخْرِجُ (فَلِمَنْ حَضَرَ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ إذْ لَوْ سَكَتَا عَنْهُ صَحَّ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ اشْتِرَاطُ الْمُخْرِجِ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْخَيْلِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَيْلِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ الَّذِي هُوَ الْمُسَابَقَةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِجُعْلٍ فَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسَابَقَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ كُلٌّ مِنْهَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ الْقِمَارِ وَتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ وَحُصُولِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ عَنْهُ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ. اهـ. وَالْقِمَارُ بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُقَامَرَةُ وَالْمُغَالَبَةُ وَقَوْلُنَا لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ أَيْ لِغَيْرِ أَكْلٍ إذْ لَا يُعَذَّبُ الْحَيَوَانُ إلَّا لِأَكْلِهِ بِالْعَقْرِ وَالذَّبْحِ، وَحُصُولُ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ عَنْهُ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهِيَ مَا إذَا أَخْرَجَهُ غَيْرُ الْمُتَسَابِقِينَ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى فِي الْجَوَازِ بِغَيْرِ جُعْلٍ) أَيْ، وَأَوْلَى فِي الْجَوَازِ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِغَيْرِ جُعْلٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ كَالْمُسَابَقَةِ عَلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْفِيَلَةِ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ) أَيْ بِجُعْلٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ بِغَرَرٍ) أَيْ بِذِي غَرَرٍ كَعَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَا مَجْهُولٍ) أَيْ كَاَلَّذِي فِي الْجَيْبِ، وَفِي الصُّنْدُوقِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ أَوْ جِنْسُهُ فَلَوْ وَقَعَتْ الْمُسَابَقَةُ بِمَمْنُوعٍ مِمَّا ذَكَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ الْجَاعِلُ بِشَيْءٍ حَتَّى يُقَالَ: عَلَيْهِ جُعْلُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ بَلْ تَكُونُ كَالْمَجَّانِيَّةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ الْمَبْدَأُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ صَحَّ بَيْعُهُ، وَهُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ التَّعْيِينُ مِنْهُمَا بِتَصْرِيحٍ أَوْ كَانَ بِعَادَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمَبْدَأِ الْمَحَلُّ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْهُ بِالرِّمَاحَةِ أَوْ الرَّمْيِ بِالسَّهْمِ وَالْمُرَادُ بِالْغَايَةِ الْمَحَلُّ الَّذِي تَنْتَهِي إلَيْهِ الرِّمَاحَةُ أَوْ الرَّمْيُ (قَوْلُهُ: وَلَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَبْدَأِ وَلَا فِي الْغَايَةِ بَلْ إذَا دَخَلَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ جَازَ كَأَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ أُسَابِقُك بِشَرْطِ أَنْ أَبْتَدِئَ الرِّمَاحَةَ مِنْ الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ الْقَرِيبِ مِنْ آخِرِ الْمَيْدَانِ وَأَنْتِ مِنْ الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ الَّذِي هُوَ بَعِيدٌ مِنْ آخَرِ الْمَيْدَانِ، وَكُلُّ مَنْ وَصَلَ لِآخِرِ الْمَيْدَانِ قَبْلَ صَاحِبِهِ عُدَّ سَابِقًا أَوْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ نَبْتَدِئ الرِّمَاحَةَ مِنْ الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَأَنْتَ تَنْتَهِي لِمَحِلِّ كَذَا وَأَنَا لِمَحِلِّ كَذَا الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مِنْ نِهَايَتِك وَكُلُّ مَنْ وَصَلَ لِنِهَايَتِهِ قَبْلَ صَاحِبِهِ عُدَّ سَابِقًا (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ الْمَرْكَبُ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ بِأَنْ يَقُولَ أُسَابِقُك عَلَى فَرَسِي هَذِهِ أَوْ بَعِيرِي هَذَا وَأَنْتَ عَلَى فَرَسِك هَذِهِ أَوْ بَعِيرِك هَذَا، وَلَا يَكْتَفِي بِالتَّعْيِينِ بِالْوَصْفِ كَأُسَابِقَكَ عَلَى فَرَسٍ أَوْ بَعِيرٍ صِفَتُهُ كَذَا، وَكَذَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مِنْ شُرُوطِ السَّبْقِ مَعْرِفَةُ أَعْيَانِ السَّبَّاقِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَأَحْرَى أَنْ لَا يَكْتَفِيَ بِذِكْرِ الْجِنْسِ كَأُسَابِقَكَ أَنَا عَلَى فَرَسٍ وَأَنْتَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ وَصْفٍ خِلَافًا لِلَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَقْطَعَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجْهَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَسَابِقِينَ سَبْقَ فَرَسِهِ وَفَرَّ صَاحِبِهِ فَإِنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَحَدَ الْفَرَسَيْنِ يَسْبِقُ الْآخَرَ لَمْ تَجُزْ (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ الرَّامِي) أَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ شَخْصِهِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو فَلَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ شَخْصًا يُسَابِقُ شَخْصًا فِي الرَّمْيِ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ: وَعَدَدُ الْإِصَابَةِ) أَيْ بِمَرَّةٍ أَوْ بِمَرَّتَيْنِ مِنْ عَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ السَّهْمُ فِيهِ) أَيْ: وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَ السَّهْمُ الْغَرَضَ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَ وَيَثْبُتَ فِيهِ) أَيْ أَنْ يَثْقُبَ السَّهْمُ الْغَرَضَ وَيَثْبُتَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ) الْمُسَابَقَةُ فِي هَذِهِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ: وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا فَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي عبق وَفِي الْمَوَّاقِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: فَلِمَنْ حَضَرَ) أَيْ الْمُسَابَقَةَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَيُحْتَمَلُ لِمَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ، وَيُحْتَمَلُ لِمَنْ حَضَرَهُمَا، وَهَلْ لِمُخْرِجِ الْجُعْلِ الْأَكْلُ مَعَهُمْ مِنْهُ أَمْ لَا قِيَاسًا عَلَى الصَّدَقَةِ تَعُودُ إلَيْهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ التَّصْرِيحُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ قَائِلًا كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَخْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ

إنْ سَبَقَ عَادَ إلَيْهِ، وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَأَنَّهُ مَمْنُوعٌ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ أَخْرَجَا) أَيْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُعْلًا (لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِمَارِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّ بَلْ هُوَ لِرَبِّهِ وَبَالَغَ عَلَى الْمَنْعِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) ، وَقَعَ ذَلِكَ (بِمُحَلَّلٍ) أَيْ مَعَهُ يَخْرُجُ شَيْئًا (يُمْكِنُ سَبْقُهُ) لَهُمَا لِقُوَّةِ فَرَسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ سَبَقَ أَخَذَ الْجَمِيعَ لِجَوَازِ عَوْدِ الْجُعْلِ لِمُخْرِجِهِ عَلَى تَقْدِيرِ سَبْقِهِ، وَأَوْلَى فِي الْمَنْعِ إنْ قَطَعَ بِعَدَمِ سَبْقِ الْمُحَلِّلِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْمُنَاضَلَةِ (تَعْيِينُ السَّهْمِ) لَا تَعْيِينُ (الْوَتَرِ) بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ (وَلَهُ) فِي الرَّمْيِ (مَا شَاءَ) مِنْ سَهْمٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ وَتَرٍ (وَلَا) يُشْتَرَطُ (مَعْرِفَةُ الْجَرْيِ) لِفَرَسِ كُلٍّ بَلْ يُشْتَرَطُ جَهْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِجَرْيِ فَرَسَ صَاحِبِهِ عَلَى مَا مَرَّ (وَ) لَا مَعْرِفَةُ (الرَّاكِبِ) لَهُمَا (وَلَمْ يُحْمَلْ) عَلَيْهَا (صَبِيٌّ) أَيْ تُكْرَهُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ أَوْ صَبِيٍّ مَعَ بَالِغٍ (وَلَا) يُشْتَرَطُ (اسْتِوَاءُ) أَيْ تَسَاوِي (الْجُعْلِ) مِنْ الْمُتَبَرِّعِ لِلسَّابِقِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ إنْ سَبَقَ فُلَانٌ فَلَهُ دِينَارٌ، وَإِنْ سَبَقَ فُلَانٌ فَلَهُ اثْنَانِ (أَوْ) اسْتِوَاءُ (مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ) بَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ مِنْ الْغَرَضِ وَالْآخَرُ أَعْلَى مِنْهُ أَوْ أَدْنَى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ تَسَاوِيهِمَا) عَطْفٌ عَلَى اسْتِوَاءٍ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُتَسَابِقَيْنِ أَوْ الْمُتَنَاضَلَيْنِ فِي الْمَسَافَةِ فِيهِمَا وَلَا فِي عَدَدِ الْإِصَابَةِ فِي الثَّانِي (وَإِنْ) (عَرَضَ لِلسَّهْمِ عَارِضٌ) فِي ذَهَابِهِ فَعَطَّلَ سَيْرَهُ (أَوْ انْكَسَرَ) (أَوْ) عَرَضَ (لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهِ) مَثَلًا فَعَطَّلَهُ (أَوْ) عَرَضَ لِصَاحِبِهِ (نَزْعُ سَوْطٍ) مِنْ يَدِهِ (لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا) بِذَلِكَ لِعُذْرِهِ (بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ) أَوْ قَطْعِ اللِّجَامِ (وَجَازَ) السَّبْقُ (فِيمَا عَدَاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ الْخَيْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ الْإِبِلُ كَذَلِكَ وَالْخَيْلُ مَعَ الْإِبِلِ كَالسُّفُنِ وَالطَّيْرِ لِإِيصَالِ الْخَبَرِ بِسُرْعَةٍ وَالْجَرْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ لِذَلِكَ وَالرَّجْمُ بِالْأَحْجَارِ وَالصِّرَاعُ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ لَا لِلْمُغَالَبَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْفُسُوقِ وَاللَّهْوِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ (مَجَّانًا) بِغَيْرِ جُعْلٍ، وَإِلَّا مُنِعَ. (وَ) جَازَ (الِافْتِخَارُ) أَيْ ذِكْرُ الْمَفَاخِرِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَبٍ أَوْ قَبِيلَةٍ (عِنْدَ الرَّمْيِ وَالرَّجَزِ) بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ أَوْ الْمُتَنَاضَلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ سَبَقَ عَادَ إلَيْهِ) أَيْ الْجُعْلُ الَّذِي أَخْرَجَهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَا وَسَكَتَا عَمَّنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُمَا فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ فَإِنْ كَانَ لِيَأْخُذَهُ الْمَسْبُوقُ جَازَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ أَخْرَجَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ إخْرَاجُهُمَا بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا مِنْ غَيْرِ إخْرَاجٍ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ قَدْرُ كَذَا لَا يَمْتَنِعُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الصَّوَابُ الْمَنْعُ كَمَا فِي بْن؛ لِأَنَّ الْتِزَامَ الْمُكَلَّفِ كَإِخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ) أَيْ لِيَأْخُذَ السَّابِقُ الْجُعْلَ الَّذِي أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ مَعَ بَقَاءِ جُعْلِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَحِقَّهُ السَّابِقُ) أَيْ لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّابِقُ جُعْلَ غَيْرِهِ بَلْ هُوَ لِرَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمُحَلِّلٍ) أَيْ، وَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ مَعَ مُحَلِّلٍ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ مَعَ الْمُحَلِّلِ، وَهُوَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ مَرَّةً، وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا مَعَ الْمُحَلِّلِ صَارَا كَاثْنَيْنِ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَالَهُ بْن وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا لِيَأْخُذَ إذَا سَبَقَ مَمْنُوعٌ. وَاَلَّذِي فِي ح عَنْ الْجُزُولِيِّ تَوْجِيهُ ذَلِكَ الْقَوْلِ بِأَنَّ دُخُولَ الثَّالِثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا الْقِمَارَ وَإِنَّمَا قَصَدَا الْقُوَّةَ عَلَى الْجِهَادِ فَتَدَبَّرْ وَعَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ إذَا سَبَقَ الْمُحَلِّلُ أَخَذَ الْجُعْلَ مِنْهُمَا وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْمُحَلِّلِ أَخَذَ ذَلِكَ الْأَحَدُ مَالَهُ وَقَسَّمَ الْمَالَ الْآخَرُ مَعَ الْمُحَلِّلِ إذْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ مَزِيَّةٌ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُتَبَرِّعِ) بَلْ وَكَذَا إنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْهُمَا مَعًا، وَكَانَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ الْمُشَارِ لَهُ بِلَوْ فَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَالْآخَرُ عَشَرَةً كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْجُعْلِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا أَنَا أُصِيبُ الْغَرَضَ أَرْبَعَةً مِنْ عَشَرَةٍ خَرْقًا فِي أَدْنَاهُ أَيْ فِي أَسْفَلِهِ وَأَنْتَ تُصِيبُهُ أَرْبَعَةً مِنْ عَشَرَةٍ خَرْقًا أَوْ خَسْفًا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ مِنْ أَعْلَاهُ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسَافَةِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِي أَيْ فِي الْمُنَاضَلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ) أَيْ بِأَنْ نَزَعَ إنْسَانٌ السَّوْطَ الَّذِي يَسُوقُ بِهِ الْفَرَسَ مِنْ يَدِهِ تَعَدِّيًا فَخَفَّ جَرْيُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ) أَيْ كَمَا لَوْ نَسِيَهُ قَبْلَ رُكُوبِهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ رَاكِبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ) أَيْ أَوْ سُقُوطِهِ مِنْ فَوْقِهِ فَإِذَا تَعَطَّلَ بِذَلِكَ صَارَ مَسْبُوقًا (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِإِيصَالِ الْخَبَرِ بِسُرْعَةٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ) أَيْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَخْ فَهُوَ بَيَانٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: لِلْمُغَالَبَةِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي نِكَايَةُ الْعَدُوِّ أَيْ وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الِانْتِفَاعُ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ لَا الْمُغَالَبَةُ كَذَا فِي الْجَوَاهِرِ. اهـ. بْن إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الِانْتِفَاعَ فِي نِكَايَةِ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَابَقَةَ بِغَيْرِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ جَائِزَةٌ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا، وَأَنْ يَقْصِدَ بِهَا الِانْتِفَاعَ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ حَرُمَ، وَقِيلَ إنَّهُ يُكْرَهُ، وَقَدْ حَكَى الزَّنَاتِيُّ قَوْلَيْنِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ فِيمَنْ تَطَوَّعَ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ لِلْمُتَصَارَعَيْنِ أَوْ الْمُتَسَابَقَيْنِ عَلَى أَرْجُلِهِمَا أَوْ عَلَى حِمَارَيْهِمَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصُّ السُّنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّجَزُ) أَيْ، وَإِنْشَادُ الرَّجَزِ مِنْ

[باب بعض ما اختص به النبي من الأحكام]

وَكَذَا فِي الْحَرْبِ عِنْدَ الرَّمْيِ (وَالتَّسْمِيَةُ) لِنَفْسِهِ كَأَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَوْ أَنَا فُلَانٌ أَبُو فُلَانٍ (وَالصِّيَاحُ) حَالُ الرَّمْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْجِيعِ، وَإِرَاحَةِ النَّفْسِ مِنْ التَّعَبِ (وَالْأَحَبُّ) أَيْ وَالْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) عِنْدَ الرَّمْيِ مِنْ تَكْبِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا) (حَدِيثُ الرَّامِي) أَيْ تَكَلُّمُهُ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَجُوزُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ كَانَ فُحْشًا مِنْ الْقَوْلِ أَوْ يُكْرَهُ (وَلَزِمَ الْعَقْدُ) إذَا وَقَعَ بِجُعْلٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا حَلَّهُ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا (كَالْإِجَارَةِ) أَيْ كَلُزُومِ عَقْدِهَا بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ كَالرُّشْدِ وَالتَّكْلِيفِ فَتَجْرِي هُنَا. دَرْسٌ (بَابُ الْخَصَائِصِ) ذُكِرَ فِيهِ بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَحْكَامِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: وَاجِبَةٌ وَمُحَرَّمَةٌ وَمُبَاحَةٌ وَالْأَوَّلُ قِسْمَانِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَوَاجِبٌ لَهُ عَلَيْنَا كَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي إذَا دَعَاهُ. وَالثَّانِي قِسْمَانِ أَيْضًا حَرَامٌ عَلَيْهِ كَأَكْلِهِ الثُّومَ وَحَرَامٌ عَلَيْنَا لَهُ كَنِدَائِهِ بِاسْمِهِ وَمَا أُبِيحَ لَهُ دُونَنَا كَتَزَوُّجِهِ زِيَادَةً عَلَى أَرْبَعَةٍ، فَالْأَقْسَامُ خَمْسَةٌ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ خُصَّ بِجَمِيعِ مَا يَأْتِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الْجَمِيعِ بَلْ فِي الْبَعْضِ (بِوُجُوبِ) صَلَاةِ (الضُّحَى) وَأَقَلُّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْهُ رَكْعَتَانِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عَلَيْهِ. (وَ) وُجُوبِ (الْأَضْحَى) أَيْ الضَّحِيَّةِ (وَ) وُجُوبِ (التَّهَجُّدِ) صَلَاةِ اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ وَقِيلَ: يُسَمَّى تَهَجُّدًا مُطْلَقًا (وَ) وُجُوبِ (الْوِتْرِ بِحَضَرٍ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ (وَ) وُجُوبِ (السِّوَاكِ) لِكُلِّ صَلَاةٍ (وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِقَامَةِ مَعَهُ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ وَمُفَارَقَتِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا فَمَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا بَانَتْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا وَجَبَ عَلَيْنَا لَهُ بِقَوْلِهِ (وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ خُصَّ بِوُجُوبِ طَلَاقِنَا مَنْ رَغِبَ فِيهَا أَيْ فِي نِكَاحِهَا لَوْ وَقَعَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ أَنَّهُ رَغِبَ فِي امْرَأَةِ رَجُلٍ وَطَلَّقَهَا لَهُ. (وَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي) أَيْ خُصَّ بِأَنْ يَجِبَ عَلَى الْمُصَلِّي إجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَعَاهُ حَالَ الصَّلَاةِ وَهَلْ تَبْطُلُ قَوْلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَسَابِقَيْنِ وَالْمُتَنَاضَلِينَ وَكَذَا فِي الْحَرْبِ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَالْمُرَادُ إنْشَادُ الشِّعْرِ مُطْلَقًا لَا خُصُوصُ الشَّعْرِ الَّذِي مِنْ بَحْرِ الرَّجَزِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي الْحَرْبِ الْإِنْشَادَ مِنْهُ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَوْمَ حُنَيْنٍ «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ» ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْحَرَكَةِ وَالِاضْطِرَابِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْحَرْبِ) أَيْ، وَكَذَا يَجُوزُ الِافْتِخَارُ وَالرَّجَزُ فِي الْحَرْبِ عِنْدَ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ: وَالتَّسْمِيَةُ لِنَفْسِهِ) أَيْ حَالَ الْحَرْبِ، وَكَذَا فِي حَالَ الْمُسَابَقَةِ (قَوْلُهُ: التَّشْجِيعِ) أَيْ تَحْصِيلِ الشَّجَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الْعَقْدُ) أَيْ إذَا كَانَا رَشِيدَيْنِ طَائِعَيْنِ (قَوْلُهُ: كَالْإِجَارَةِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُتَسَابِقَيْنِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ تَشْبِيهِ الْجُزْئِيِّ بِالْكُلِّيِّ [بَاب بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ مِنْ الْأَحْكَامِ] (بَابُ الْخَصَائِصِ) . (قَوْلُهُ: بَعْضُ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْبَابِ جَمِيعَ مَا اخْتَصَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ بَعْضَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الضُّحَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَضْحَى) هُوَ لُغَةً فِي الضَّحِيَّةِ وَمَحَلُّ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ غَيْرَ حَاجٍّ، وَإِلَّا كَانَ مُسَاوِيًا لِغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ الْهَدْيِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا. (قَوْلُهُ: وَالتَّهَجُّدِ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] أَيْ فَتَهَجَّدْ بِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ زِيَادَةً لَك فِي الِافْتِرَاضِ عَلَى الْفَرَائِضِ الْخَمْسَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُسَمَّى) أَيْ صَلَاةُ اللَّيْلِ تَهَجُّدًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ نَوْمٍ أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ) الضَّحِيَّةِ وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا لَا مُسَافِرًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ فِي السَّفَرِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ إيتَارُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَلَوْ كَانَ فَرْضًا مَا فَعَلَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يُفْعَلُ عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ سَفَرِيَّةً، وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ كُلُّ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ، وَلَوْ نَافِلَةً، كَذَا نَظَرَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ فِي قَوْلِهِمْ: يَجِبُ السِّوَاكُ عَلَيْهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» . (قَوْلُهُ: بَانَتْ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا يُطَلِّقُهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي فَصْلِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 28] اهـ بْن. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَتْ الدُّنْيَا بَلْ كُلُّهُنَّ اخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ وَمَا قِيلَ: إنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ الضَّحَّاكِ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا فَكَانَتْ تَلْتَقِطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ: هِيَ الشَّقِيَّةُ، فَقَدْ رَدَّهُ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهَا اسْتَعَاذَتْ بِاَللَّهِ مِنْهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا قَالَتْ: اخْتَرْت الدُّنْيَا وَأَنَّ آيَةَ التَّخْيِيرِ إنَّمَا نَزَلَتْ وَفِي عِصْمَتِهِ التِّسْعُ اللَّاتِي مَاتَ عَنْهُنَّ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ) أَيْ وَأَمَّا تَزَوُّجُهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِزَوَاجِهَا إذَا طَلَّقَهَا فَوَاقِعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] .

الْأَظْهَرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ إجَابَةٌ لِلَّهِ وَهِيَ لَا تُبْطِلُ (وَالْمُشَاوَرَةِ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فَالْأُولَى تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْنَا لَهُ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُشَاوَرَةُ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْآرَاءِ وَالْحُرُوبِ تَطْيِيبًا لِخَوَاطِرِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ لَا لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُمْ عِلْمًا أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْعَالَمِينَ وَقُدْوَةُ الْعَارِفِينَ. (وَقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ) أَوْ الْحَيِّ (الْمُعْسِرِ) الْمُسْلِمِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ (وَإِثْبَاتِ عَمَلِهِ) أَيْ الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ رَأْسًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَتْرُكُ بَعْضَ الْعَمَلِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ أَوْ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ الشَّرْعِيَّةِ (وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ) ، وَلَوْ أَهْلَ الْأَرْضِ فَلَا يَفِرُّ مِنْهُمْ، إذْ مَنْصِبُهُ الشَّرِيفُ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يَنْهَزِمَ (وَ) بِوُجُوبِ (تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ) ، إذْ سُكُوتُهُ عَلَى فِعْلِ أَمْرٍ تَقْرِيرٌ لَهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ فَيَلْزَمُ انْقِلَابُ الْحَرَامِ جَائِزًا. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ قِسْمَيْ الْحَرَامِ أَيْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْنَا فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: (وَحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى وُجُوبٍ أَيْ خُصَّ بِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ وَمِنْهَا الْكَفَّارَةُ وَالتَّطَوُّعُ (عَلَيْهِ) صَوْنًا لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ عَنْ الْإِذْلَالِ (وَعَلَى آلِهِ) بَنِي هَاشِمٍ فَقَطْ، وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ حُرْمَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْآلِ وَمَحَلُّ حُرْمَةِ الْفَرْضِ إنْ أُعْطُوا مِنْ الْفَيْءِ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ وَإِلَّا جَازَ إنْ أُضِرَّ الْفَقِيرُ بِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلُوا إلَى حَدِّ أَكْلِ الْمَيْتَةِ (وَ) حُرْمَةِ (أَكْلِهِ كَثُومٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَبَصَلٍ وَفُجْلٍ (أَوْ) أَكْلِهِ (مُتَّكِئًا) أَيْ مَائِلًا عَلَى شِقٍّ، وَقِيلَ مُتَرَبِّعًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِالشُّكْرِ (وَ) حُرْمَةِ (إمْسَاكِ كَارِهَتِهِ) فِي عِصْمَتِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا؛ لِخَبَرِ «الْعَائِذَةِ الْقَائِلَةِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك فَقَالَ: لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَاسْمُهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ وَقِيلَ: مُلَيْكَةُ اللَّيْثِيَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: الْأَظْهَرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ) أَيْ سَوَاءٌ أَجَابَهُ الْمُصَلِّي بِنَحْوِ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ بِنَحْوِ مَا فَعَلْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَوَابًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ فَعَلْته. (قَوْلُهُ: فِي الْآرَاءِ وَالْحُرُوبِ) الْأَوْلَى فِي الْآرَاءِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُهِمَّاتِ، وَأَفَادَ بِهَذَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ يُشَاوِرُ فِي الْآرَاءِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ حُكْمٌ فَلَا يُشَاوِرُ لِأَنَّهُ يُلْتَمَسُ الْعِلْمُ مِنْهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ أَعْلَمَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إنَّ لَهُ أَنْ يُشَاوِرَ فِي الْأَحْكَامِ وَهَذِهِ غَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] الْآيَةَ، وَأَمَّا غَيْرُ الْأَحْكَامِ فَرُبَّمَا رَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ أَوْ سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْمَعْهُ فَإِنْ قُلْت: مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُشَاوِرُ فِي الْآرَاءِ لَا فِي الْأَحْكَامِ، يَرِدُ عَلَيْهِ مُشَاوَرَتُهُ فِي الْأَذَانِ وَفِعْلُهُ قَبْلَ الْوَحْيِ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ مُشَاوَرَتَهُ فِي الشَّرَائِعِ كَانَ جَائِزًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْمُشَاوَرَةِ فِي غَيْرِ الشَّرَائِعِ فَقَطْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَذَانَ كَانَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَنُزُولَ قَوْله تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْمُشَاوَرَةُ فِي الشَّرَائِعِ كَانَتْ أَوَّلًا جَائِزَةً، ثُمَّ نُسِخَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ بِالْأَمْرِ بِالْمُشَاوَرَةِ فِي غَيْرِهَا فَقَطْ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَيِّ) نَحْوُهُ فِي خش وعبق قَالَ بْن: وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِمَا، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْحَيَّ كَالْمَيِّتِ، وَظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي ح وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَيِّتِ كَالْمُصَنِّفِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ «مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ» أَيْ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَإِلَيَّ كَفَالَةُ عِيَالِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُعْسِرِ الْمُسْلِمِ) وَهَذَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَتْحِ الْفُتُوحَاتِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ قَضَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ) أَيْ وَالصَّبْرِ عَلَى مُقَاتَلَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ بِخَوْفِ أُمَّتِهِ فَإِنَّهُ إذَا زَادَ الْعَدُوُّ عَلَى الضِّعْفِ لَمْ يَجِبْ الصَّبْرُ. (قَوْلُهُ: إذْ مَنْصِبُهُ الشَّرِيفُ يَجِلُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ بِقَوْلِهِ {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] أَيْ مِنْ قَتْلِهِمْ لَك فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ شَجُّوا وَجْهَهُ وَكَسَرُوا رُبَاعِيَّتَهُ، أَوْ أَنَّ الْعِصْمَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ الشَّجِّ وَكَسْرِ الرُّبَاعِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْعِصْمَةِ مِنْ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) قَالَ ح مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا اهـ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِمْسَاكِ كَارِهَتِهِ) أَيْ إذَا كَانَتْ كَارِهَةً بَقَاءَهَا تَحْتَهُ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا كَرَاهَةُ ذَاتِهِ فَهُوَ كُفْرٌ تَبَيَّنَ بِمُجَرَّدِهِ. (قَوْلُهُ: لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ) أَيْ بِمَنْ يُسْتَعَاذُ بِهِ وَيُلْجَأُ إلَيْهِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقَوْلُهُ: بِمَعَاذٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمُ مَكَان كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَيْ تَحَصَّنْت بِمَلَاذٍ وَمَلْجَأٍ وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ بِاَلَّذِي يُسْتَعَاذُ بِهِ وَالْحَقِي بِأَهْلِك ثُلَاثِيٌّ هَمْزَتُهُ وَصْلٌ مِنْ لَحِقَ كَفَرِحَ، وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ: كَوْنُهُ رُبَاعِيًّا بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ أَلْحَقَ بِمَعْنَى لَحِقَ لُغَةً فِيهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْعَائِذَةِ) رَاجِعٌ لِحُرْمَةِ إمْسَاكِ الْكَارِهَةِ وَجَعْلُهَا كَارِهَةً بِالنَّظَرِ لِلَفْظِهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَعْذُورَةٌ لَا كَرَاهَةَ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا خُدِعَتْ لِغَفْلَةِ رَأْيِهَا وَكَانَتْ جَمِيلَةً جِدًّا فَغَارَتْ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَحْظَى بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَفُوتُهُنَّ كَثْرَةُ مُشَاهَدَةِ طَلْعَتِهِ وَرُؤْيَةُ عِبَادَتِهِ عِنْدَهُنَّ لَيْلًا وَمَا يُتْلَى فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةُ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ، فَسَأَلَتْهُنَّ مَاذَا يُعْجِبُهُ؟ فَقُلْنَ لَهَا: يُعْجِبُهُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا حُجْرَتَهَا

(وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ) اللَّاتِي اخْتَرْنَهُ (وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ) الْحُرَّةِ (وَالْأَمَةِ) الْمُسْلِمَةِ (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (مَدْخُولَتِهِ) الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا الَّتِي مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا مَفْهُومَ لِمَدْخُولَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْتِ وَمَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تِسْعَةِ نِسْوَةٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةِ ... إلَيْهِنَّ تُعْزَى الْمُكْرَمَاتُ وَتُنْسَبُ فَعَائِشَةٌ مَيْمُونَةُ وَصَفِيَّةُ ... وَحَفْصَةُ تَتْلُوهُنَّ هِنْدٌ وَزَيْنَبُ جُوَيْرِيَةٌ مَعَ رَمْلَةٍ، ثُمَّ سَوْدَةُ ... ثَلَاثٌ وَسِتٌّ نَظْمُهُنَّ مُهَذَّبُ (وَ) حُرْمَةِ (نَزْعٍ لِأُمَّتِهِ) بِالْهَمْزِ وَهِيَ آلَةُ الْحَرْبِ مِنْ سَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَتَّى يُقَاتِلَ) الْعَدُوَّ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ الْقِتَالُ بِالْفِعْلِ (وَالْمَنِّ) أَيْ الْإِعْطَاءِ (لِيَسْتَكْثِرَ) أَيْ لِيَطْلُبَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى لِإِخْلَالِهِ بِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ الْمُقْتَضِي لِلزُّهْدِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا (وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ) بِأَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ. (وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ) أَيْ خُصَّ بِأَنْ يَحْرُمَ عَلَيْنَا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَ) حُرْمَةِ (رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ) ، وَكَذَا يَحْرُمُ رَفْعُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ حَدِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ (وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَحْتَجِبُ عَنْ النَّاسِ فِيهِ بِحَائِطٍ وَنَحْوِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ (وَبِاسْمِهِ) كَيَا مُحَمَّدٍ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِمَا يُفِيدُ التَّعْظِيمَ مِنْ صَلَاةٍ عَلَيْهِ أَوْ سِيَادَةٍ. ثُمَّ ذَكَرَ قِسْمَ الْمُبَاحِ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِبَاحَةِ الْوِصَالِ) بِأَنْ يُتَابِعَ الصَّوْمَ مِنْ غَيْرِ إفْطَارٍ وَيُكْرَهَ لِغَيْرِهِ (وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَدِّلَ أَزْوَاجَهُ اللَّاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ بِغَيْرِهِنَّ مُكَافَأَةً لَهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِك وَتَنْكِحَ غَيْرَهَا وَهَذَا لَمْ يُنْسَخْ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: 50] أَيْ إنَّا أَحْلَلْنَا لَك كُلَّ زَوْجَةٍ دَفَعْت صَدَاقَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لَك الْمِنَّةُ عَلَيْهِنَّ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهِنَّ مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا لَك، وَعَلَى هَذَا فَحُرْمَةُ تَبَدُّلِ الْأَزْوَاجِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَوَّلًا قَبْلَ النَّسْخِ. (قَوْلُهُ: وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ الْحُرَّةِ) وَكَذَا الْأَمَةُ فَلَا مَفْهُومَ لِلْحُرَّةِ، إذْ الْكِتَابِيَّةُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا مُطْلَقًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً لَكِنَّ حُرْمَةَ نِكَاحِ الْحُرَّةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ وَحُرْمَةَ نِكَاحِ الْأَمَةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ بَلْ وَكَذَلِكَ أَمَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ) أَيْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُصَّ بِحُرْمَةِ نِكَاحِهَا عَلَى الدَّوَامِ لِانْتِفَاءِ شَرْطَيْ جَوَازِ نِكَاحِهَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَهُمَا خَشْيَةُ الْعَنَتِ وَعَدَمُ وُجُودِ طَوْلِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومُ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَمُنِعَ نِكَاحُهَا فِي حَقِّنَا فَلَيْسَ أَبَدِيًّا، إذْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ وَيُمْنَعُ مَعَ فَقْدِهِمَا، وَأَمَّا وَطْؤُهُ لَهَا بِالْمِلْكِ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا وَطْءُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِالْمِلْكِ فَفِي عبق أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ بَنَى بِهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا الَّتِي طَلَّقَهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا حَرُمَتْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ لَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَذَلِكَ كَالْعَائِذَةِ فَإِنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِالْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، هَذَا وَفِي ح الصَّحِيحُ أَنَّ مَدْخُولَتَهُ الَّتِي طَلَّقَهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لِلْقُرْطُبِيِّ وَابْنِ شَاسٍ قَالَهُ عج وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الَّتِي اخْتَلَى بِهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا، وَأَمَّا مَنْ مَسَّهَا فَلَا خِلَافَ فِي حُرْمَتِهَا عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ) أَيْ يَصْلُحَ عَلَى شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْعَدُوِّ كُلَّ سَنَةٍ كَالْجِزْيَةِ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بِهَزْمِ الْعَدُوِّ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَيَّنُ الْقِتَالُ بِالْفِعْلِ أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: لِيَسْتَكْثِرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] فَقَدْ قِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً لِتَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً مُسْتَكْثِرًا لَهَا أَيْ تَعُدُّهَا كَثِيرَةً أَيْ لَا تَسْتَكْثِرْ مَا تَمُنُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ) أَيْ فَشُبِّهَ مَا يُضْمِرُهُ الْمُظْهِرُ لِخِلَافِهِ بِالْخِيَانَةِ لِإِخْفَائِهِ وَحُرْمَةِ إظْهَارِ خِلَافِ مَا يُبْطِنُ فِي حَقِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحُرُوبِ، وَأَمَّا فِيهَا فَقَدْ أُبِيحَ لَهُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ سَفَرًا لِغَزْوِ مَحَلٍّ يُورَى بِغَيْرِهِ بِأَنْ يَسْأَلَ عَنْ طَرِيقِ مَحَلٍّ آخَرَ وَعَنْ سُهُولَتِهَا وَعَنْ حَالِ الْمَاءِ فِيهَا لِيُوهِمَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ طَرِيقِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى السَّفَرِ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْمُحَرَّمِ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ غَيْرِهِ عَدَاوَةٌ أَيْ خُصُومَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمَا بِالصُّلْحِ بِحَيْثُ يَحْكُمُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ أَوْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ شَيْءٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الَّذِي يَسْعَى بِالصُّلْحِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَكُونُ لَهُ شَأْنٌ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إفْطَارٍ) أَيْ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَيَدُلُّ لِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ لَهُ وَكَرَاهَتِهِ لِغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِين نَهَى عَنْهُ وَفَعَلَهُ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ «لَسْت كَأَحَدِكُمْ إنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» اهـ. وَهِيَ عِنْدِيَّةٌ مَكَانَةً لَا عِنْدِيَّةُ مَكَان وَهَلْ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ حَقِيقَةً أَوْ كِنَايَةً عَنْ إعْطَاءِ الْقُوَّةِ وَالْأَوَّلُ لِلسُّيُوطِيِّ فَقَالَ: إنَّهُ يُطْعَمُ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَيُسْقَى مِنْ مَائِهَا وَطَعَامُهَا لَا يُفْطِرُ. (قَوْلُهُ: وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَحَصْرِ عَدُوٍّ بِأَنْ يَدْخُلَهَا لِتِجَارَةٍ مَثَلًا، وَأَمَّا جَوَازُ دُخُولِهَا بِلَا إحْرَامٍ لِعُذْرٍ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ

[باب في النكاح وما يتعلق به]

وَبِقِتَالٍ) بِخِلَافِ غَيْرِهِ (وَصَفِيِّ الْمَغْنَمِ) أَيْ مَا يَخْتَارُهُ مِنْهُ قُبَيْلَ الْقَسْمِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ. (وَالْخُمُسِ) صَوَابُهُ خُمُسِ الْخُمُسِ (وَيُزَوِّجَ مِنْ نَفْسِهِ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْوِصَالِ أَيْ وَأَنْ يُزَوِّجَ الْمَرْأَةَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ الزَّوْجَةُ وَوَلِيُّهَا وَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ (وَمَنْ شَاءَ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ نَفْسِهِ أَيْ وَيُزَوِّجَ مَنْ شَاءَ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ بِغَيْرِ، إذْنٍ (وَ) بِإِبَاحَةِ أَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ (بِلَفْظِ الْهِبَةِ) مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ صَدَاقٍ (وَ) بِإِبَاحَةِ (زَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسَاءِ لِنَفْسِهِ فَقَطْ (وَ) بِإِبَاحَةِ تَزْوِيجٍ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ) أَيْ بِلَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُجْتَمِعَةً (وَبِإِحْرَامٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِنَفْسِهِ (وَبِلَا) وُجُوبِ. (قَسْمٍ) بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (وَ) بِأَنْ (يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ) بِحَقٍّ عَنْ الْغَيْرِ لِعِصْمَتِهِ (وَ) بِأَنْ (يَحْمِيَ) الْمَوَاتَ (لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (وَ) بِأَنْ (لَا يُورَثَ) ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» . [دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ بَابٌ مُهِمٌّ يَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِنَاءِ بِهِ وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ رَغْبَةٌ أَوْ لَا فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَهُ نُدِبَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَبِقِتَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ فَجَأَهُ الْعَدُوُّ أَمْ لَا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهَا بِقِتَالٍ إلَّا إذَا فَجَأَهُ الْعَدُوُّ. (قَوْلُهُ: وَالْخُمُسُ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ خَوَاصِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَالِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ بِالْخُمُسِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَكَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ وَالثَّانِي مِنْهُمَا الِاسْتِبْدَادُ بِالْخُمُسِ بِتَمَامِهِ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَشْهُرُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ بِلَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُجْتَمِعَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُجْتَمِعَةً فِي النَّفْيِ، أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: وَبِلَا مَهْرٍ، يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَبْتُك يَا فُلَانَةُ لِنَفْسِي أَوْ لِفُلَانٍ قَاصِدًا بِذَلِكَ إنْكَاحَهُ إيَّاهَا مِنْ غَيْرِ صَدَاقٍ ابْتِدَاءً وَلَا انْتِهَاءً. (قَوْلُهُ: وَبِإِحْرَامٍ) أَيْ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهُ فِي حَالِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ نِكَاحَهَا أَوْ فِي حَالِ إحْرَامِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: وَبِلَا وُجُوبِ قَسْمٍ) أَيْ أَنَّهُ خُصَّ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمَبِيتِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ. (قَوْلُهُ: وَيْحَكُمْ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ بِحَقٍّ عَلَى الْغَيْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَدُوًّا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْ الْجَوْرِ فَلَا يُخْشَى وُقُوعُ الْجَوْرِ مِنْهُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عَدُوًّا لَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ حَقٌّ عِنْدَ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلَا لِوَلَدِهِ وَحُكْمُهُ بِهِ بَاطِلٌ وَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنْ يَحْمِيَ الْمَوَاتَ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ حَمَى الْبَقِيعَ وَحَمَى ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ مِنْ الرَّبَذَةِ لِلْقَاحَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْمِيَ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَحْمِي الْقَلِيلَ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ لِدَوَابِّ الْجِهَادِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُورَثَ) أَيْ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَكَانَ مَا تَرَكَهُ صَدَقَةً لِعُمُومِ فُقَرَائِهِمْ وَقِيلَ: لِئَلَّا يَتَمَنَّى وَارِثُهُ مَوْتَهُ فَيَهْلِكُ وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ حَتَّى قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 31] . وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَا تَرَكَهُ الْأَنْبِيَاءُ صَدَقَةٌ كَانَ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَالِهِمْ، كَذَا فِي المج وَمُقْتَضَى اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَوْنِهِ لَا يُورَثُ أَنَّهُ يَرِثُ وَهُوَ الرَّاجِحُ حُكْمًا فِي ح، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ أُمِّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةِ وَبَعْضَ غَنَمٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: إنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَمَا أَنَّهُمْ لَا يُورَثُونَ لَا يَرِثُونَ لِئَلَّا يَسْتَشْعِرَ مُورِثُهُ أَنَّهُ يُحِبُّ مَوْتَهُ فَيَكْرَهُهُ فَيَهْلِكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [بَاب فِي النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابٌ فِي النِّكَاحِ.) (قَوْلُهُ: فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا) أَيْ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ) أَيْ أَوْ أَدَّى إلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِذَلِكَ اهـ خش وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ وَكَانَ يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلَى النَّفَقَةِ أَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ وَجَبَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ، وَلَوْ أَدَّى لِضَرَرِ الزَّوْجَةِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، أَوْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّامِلِ وَمُنِعَ لِضَرَرٍ بِامْرَأَةٍ لِعَدَمِ وَطْءٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ تَكَسُّبٍ بِمُحَرَّمٍ وَلَمْ يَخَفْ عَنَتًا اهـ. وَلَكِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ رَحَّالٍ بِأَنَّ الْخَائِفَ مِنْ الْعَنَتِ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ فِي طَوْقِهِ كَمَا هُوَ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ الْحَرَامِ فَلَا يَحِلُّ فِعْلُ مُحَرَّمٍ لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مُحَرَّمٌ لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إذَا خَافَ الزِّنَا وَجَبَ النِّكَاحُ

إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى حَرَامٍ فَيَحْرُمَ وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ أَدَّاهُ إلَى قَطْعِ مَنْدُوبٍ كُرِهَ، وَإِلَّا أُبِيحَ إلَّا أَنْ يَرْجُوَ نَسْلًا أَوْ يَنْوِيَ خَيْرًا مِنْ نَفَقَةٍ عَلَى فَقِيرَةٍ أَوْ صَوْنٍ لَهَا فَيَنْدُبَ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى مُحَرَّمٍ، وَإِلَّا حَرُمَ وَالْأَصْلُ فِيهِ النَّدْبُ فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ) أَيْ لِرَاغِبٍ فِي الْوَطْءِ أَوْ فِيمَنْ يَقُومُ بِشَأْنِهِ فِي حَالِهِ وَمَنْزِلُهُ رَجَا نَسْلًا أَوْ لَا أَوْ غَيْرُ رَاغِبٍ وَرَجَا النَّسْلَ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ حُكْمًا (ذِي أُهْبَةٍ) أَيْ قُدْرَةٍ عَلَى صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ (نِكَاحُ بِكْرٍ) بَلْ الْبِكْرُ مَنْدُوبٌ مُسْتَقِلٌّ فَالْأَوْلَى وَبِكْرٌ بِالْعَطْفِ. (وَ) نُدِبَ لِلْخَاطِبِ (نَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا) إنْ لَمْ يَقْصِدْ لَذَّةً وَإِلَّا حَرُمَ (فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ فَلَا يَجُوزُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (بِعِلْمٍ) مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا وَيُكْرَهُ اسْتِغْفَالُهَا وَلَهُ تَوْكِيلُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَظَرِهِمَا وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْوَكِيلَةِ نَظَرٌ زَائِدٌ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا امْرَأَةٌ لَا مَنْدُوبٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا وَكِيلَةٌ، إذْ الْمُوَكِّلُ لَا يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا. (وَحَلَّ لَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ مُبِيحٍ لِلْوَطْءِ نَظَرُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ جَسَدِ صَاحِبِهِ (حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ) وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ نَظَرَ فَرْجِهَا يُورِثُ الْعَمَى مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ (كَالْمِلْكِ) التَّامِّ الْمُسْتَقِلِّ بِهِ دُونَ مَانِعٍ فَيَحِلُّ لَهُ وَلِلْأُنْثَى الْمَمْلُوكَةِ نَظَرُ جَمِيعِ الْجَسَدِ حَتَّى الْفَرْجِ بِخِلَافِ مُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُبَعَّضَةٍ وَمُشْتَرَكَةٍ وَمَحْرَمٍ وَذَكَرٍ مَمْلُوكٍ وَخُنْثَى (وَ) حَلَّ لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ (تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ) وَطْءِ (دُبُرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ أَدَّى لِلْإِنْفَاقِ مِنْ حَرَامٍ، وَقَدْ يُقَالُ: إذَا اسْتَحْكَمَ الْأَمْرُ فَالْقَاعِدَةُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ حَيْثُ بَلَغَ الْإِلْجَاءُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا بِالزِّنَا جَازَ لَهَا الزِّنَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى حَرَامٍ) كَأَنْ يَضُرَّ بِالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَوْ التَّكَسُّبِ مِنْ حَرَامٍ أَوْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوْقَاتِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِتَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى حَرَامٍ وَإِلَّا حَرُمَ) عُلِمَ مِمَّا قَالَهُ أَنَّ الرَّاغِبَ لَهُ تَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَتَارَةً يَكُونُ مَنْدُوبًا وَتَارَةً يَكُونُ حَرَامًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّاغِبِ لَهُ فَهُوَ إمَّا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ أَوْ حَرَامٌ أَوْ مُبَاحٌ أَوْ مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) يُقَيَّدُ الْمَنْعُ بِمَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِعَجْزِهِ عَنْ الْوَطْءِ وَإِلَّا جَازَ النِّكَاحُ إنْ رَضِيَتْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً وَكَذَلِكَ الرَّشِيدَةُ فِي الْإِنْفَاقِ، وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ مِنْ كَسْبٍ حَرَامٍ فَلَا يَجُوزُ مَعَهُ النِّكَاحُ، وَإِنْ عَلِمَتْ بِذَلِكَ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ النَّدْبُ) أَيْ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ فَهِيَ عَارِضَةٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِيمَنْ يَقُومُ بِشَأْنِهِ) أَيْ أَوْ لِرَاغِبٍ فِي امْرَأَةٍ تَقُومُ بِشَأْنِهِ (قَوْلُهُ: وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا) أَيْ حِينَ الْخِطْبَةِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النَّظَرَ مُسْتَحَبٌّ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِحْبَابَ إلَّا عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ اُنْظُرْ طفى، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى الْإِذْنِ كَمَا يُنْدَبُ نَظَرُ الزَّوْجِ مِنْهَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ يُنْدَبُ أَنْ تَنْظُرَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ كَمَا فِي المج وَقَوْلُهُ: وَكَفَّيْهَا أَيْ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا فَالْمُرَادُ يَدَيْهَا لِكُوعَيْهَا، وَإِنَّمَا أُذِنَ لِلْخَاطِبِ فِي نَظَرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ يَدُلُّ عَلَى الْجَمَالِ وَعَدَمِهِ وَالْيَدَانِ يَدُلَّانِ عَلَى خَصَابَةِ الْبَدَنِ وَطَرَاوَتِهِ وَعَلَى عَدَمِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُرَادُ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى دُونَ غَيْرِهِمَا فَلَا يُنْدَبُ نَظَرُهُ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: بِعِلْمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِنَظَرٍ وَقَوْلُهُ: وَكُرِهَ اسْتِغْفَالُهَا أَيْ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ أَهْلُ الْفَسَادِ لِنَظَرِ مَحَارِمِ النَّاسِ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ خُطَّابٌ، وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الِاسْتِغْفَالِ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ سَأَلَهَا فِي النَّظَرِ لِمَا ذُكِرَ تُجِيبُهُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ أَوْ إذَا سَأَلَ وَلِيَّهَا يُجِيبُهُ لِذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُجْبَرَةً أَوْ جَهِلَ الْحَالَ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ عَدَمَ الْإِجَابَةِ حَرُمَ النَّظَرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ إنْ خَشِيَ فِتْنَةً وَإِلَّا كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ نَظَرُ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا جَائِزًا؛ لِأَنَّ نَظَرَهُمَا فِي مَعْرِضِ النِّكَاحِ مَظِنَّةُ قَصْدِ اللَّذَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَوْكِيلُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَظَرِهِمَا) فَإِذَا وَكَّلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ نُدِبَ لَهُمَا النَّظَرُ كَمَا يُنْدَبُ لِمُوَكِّلِهِمَا وَهُوَ الْخَاطِبُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ التَّوْكِيلِ عَلَى النَّظَرِ صَرَّحَ بِهِ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ وَنَصُّ الْبُرْزُلِيِّ اُنْظُرْ هَلْ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ لِوَكِيلِهِ فِي النَّظَرِ إلَيْهِمَا عَلَى حَسْبِ مَا كَانَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةً مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِمَا وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ نَظَرَ الْخَاطِبِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لِوَكِيلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَا مَنْدُوبٌ) أَيْ لَا أَنَّ نَظَرَهَا لِلزَّائِدِ مِنْهُ مَنْدُوبٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا وَكِيلَةٌ. (قَوْلُهُ: فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) أَيْ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَقَوْلُهُ: مُبِيحٌ لِلْوَطْءِ احْتِرَازًا عَمَّا قَبْلَ الْإِشْهَادِ مَثَلًا وَعَنْ نِكَاحِ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُبِيحٍ لِلْوَطْءِ لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ الْخِيَارَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ) أَيْ فَيَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ نَظَرُ فَرْجِ صَاحِبِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْجَوَازِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لَكِنْ كَرِهُوا ذَلِكَ لِلطِّبِّ؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْبَصَرَ وَيُورِثُ قِلَّةَ الْحَيَاءِ فِي الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: وَمَا وَرَدَ إلَخْ) لَفْظُ الْحَدِيثِ كَمَا فِي الْجَامِعِ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى فَرْجِهَا» ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعَمَى فَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعُهُ النَّهْيُ حَالَةَ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ النَّظَرِ وَأَحْرَى فِي غَيْرِ الْجِمَاعِ. (قَوْلُهُ: مُنْكَرًا) أَيْ فَهُوَ مَوْضُوعٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. (قَوْلُهُ: الْمُسْتَقَلِّ بِهِ) أَيْ الَّذِي اسْتَقَلَّ وَانْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: دُونَ مَانِعٍ) أَيْ مِنْ مَحْرَمِيَّةٍ وَنَحْوِهَا كَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَالْمُكَاتَبَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُبَعَّضَةٍ) الْمُبَعَّضَةُ

فَيَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِهِ بِلَا اسْتِمْنَاءٍ. (وَ) حَلَّ بَلْ نَدْبٍ (خُطْبَةٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ اسْمٌ لِأَلْفَاظٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى حَمْدِ اللَّهِ وَصَلَاةٍ عَلَى رَسُولِهِ وَآيَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَمْرٍ يَتَقَوَّى (بِخِطْبَةٍ) أَيْ عِنْدَهَا بِكَسْرِ الْخَاءِ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ (وَ) عِنْدَ (عَقْدٍ) وَالشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ الْبَادِئُ عِنْدَ الْخِطْبَةِ هُوَ الزَّوْجُ أَوْ وَكِيلُهُ وَعِنْدَ الْعَقْدِ هُوَ الْوَلِيُّ أَوْ وَكِيلُهُ، فَهِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ فَالْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالْخُطْبَةِ غَيْرُ مُضِرٍّ (وَ) نُدِبَ (تَقْلِيلُهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ بِالضَّمِّ. (وَإِعْلَانُهُ) أَيْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ فَيَنْبَغِي إخْفَاؤُهَا. (وَ) نُدِبَ (تَهْنِئَتُهُ) بِالْهَمْزِ أَيْ الْعَرُوسِ الشَّامِلِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَيْ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْبِنَاءِ نَحْوَ فَرِحْنَا لَكُمْ وَيَوْمٌ مُبَارَكٌ وَسَرَّنَا مَا فَعَلْتُمْ (وَالدُّعَاءُ لَهُ) أَيْ الْعَرُوسِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْبِنَاءِ نَحْوَ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنْكُمَا فِي صَاحِبِهِ وَجَعَلَ مِنْكُمَا الذُّرِّيَّةَ الصَّالِحَةَ وَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَسَعَةِ رِزْقٍ. (وَ) نُدِبَ (إشْهَادُ عَدْلَيْنِ) فَغَيْرُ الْعَدْلِ مِنْ مَسْتُورٍ وَفَاسِقٍ عَدَمٌ (غَيْرَ الْوَلِيِّ) أَيْ غَيْرَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلَهُ فَشَهَادَتُهُ عَدَمٌ (بِعَقْدِهِ) أَيْ عِنْدَهُ هَذَا هُوَ مَصَبُّ النَّدْبِ، وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْبِنَاءِ فَوَاجِبٌ شُرِطَ (وَفُسِخَ) النِّكَاحُ (إنْ دَخَلَا بِلَاهُ) أَيْ بِلَا إشْهَادٍ بِطَلْقَةٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ جَبْرِيٌّ مِنْ الْحَاكِمِ وَيُحَدَّانِ إذَا أَقَرَّا بِالْوَطْءِ أَوْ ثَبَتَ الْوَطْءُ بِأَرْبَعَةٍ كَالزِّنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحْتَرَزُ التَّامِّ وَالْمُشْتَرَكَةُ مُحْتَرَزُ الْمُسْتَقَلِّ بِهِ وَالْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ وَالْمَحْرَمُ وَالذَّكَرُ مُحْتَرَزٌ بِلَا مَانِعٍ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِهِ) أَيْ وَلَوْ بِوَضْعِ الذَّكَرِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِظَاهِرِهِ فَمُهُ مِنْ خَارِجٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِظَاهِرِ الدُّبُرِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ قَائِلًا: وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ كَسَائِرِ جَسَدِ الْمَرْأَةِ وَجَمِيعُهُ مُبَاحٌ، إذْ لَمْ يَرِدْ مَا يَخُصُّ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ بَاطِنِهِ اهـ وَاعْتَمَدَهُ ح وَاللَّقَانِيُّ خِلَافًا لتت تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ حَيْثُ قَالُوا: لَا يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِالدُّبُرِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: بِلَا اسْتِمْنَاءٍ) قَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ كَمَا فِي ح خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْنَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالشَّأْنُ) أَيْ الْمَنْدُوبُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْبَادِئُ) أَيْ بِالْخُطْبَةِ بِالضَّمِّ وَقَوْلُهُ: عِنْدَ الْخِطْبَةِ أَيْ الْتِمَاسِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ أَوْ وَكِيلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] وَ {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] الْآيَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَوْ فَإِنَّ فُلَانًا رَغِبَ فِيكُمْ وَيُرِيدُ الِانْضِمَامَ إلَيْكُمْ وَالدُّخُولَ فِي زُمْرَتِكُمْ وَفَرَضَ لَكُمْ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا وَكَذَا، فَانْكِحُوهُ فَيَقُولُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَجَبْنَاهُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَالْبَادِئُ بِالْخُطْبَةِ بِالضَّمِّ عِنْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: هُوَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ) اثْنَتَانِ عِنْدَ الْتِمَاسِ النِّكَاحِ وَاحِدَةٌ مِنْ الزَّوْجِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ وَاثْنَتَانِ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَاحِدَةٌ مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَوْ وَكِيلِهِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْإِيجَابِ) أَيْ مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْقَبُولِ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: بِالْخُطْبَةِ) الصَّادِرَةِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ وَلِيِّهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْخُطْبَةِ) قَالَ عج ذَكَرَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ أَنَّ أَقَلَّهَا أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ زَوَّجْتُك بِنْتِي مَثَلًا بِكَذَا، وَيَقُولُ الزَّوْجُ أَوْ وَكِيلُهُ بَعْدَ مَا مَرَّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِنَفْسِي أَوْ لِمُوَكِّلِي بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَإِعْلَانُهُ) أَيْ وَنُدِبَ إعْلَانُهُ أَيْ إظْهَارُهُ وَإِشْهَارُهُ بِإِطْعَامِ الطَّعَامِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْشُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» . (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخِطْبَةِ بِالْكَسْرِ فَيَنْبَغِي إخْفَاؤُهَا) أَيْ خَشْيَةَ كَلَامِ الْمُفْسِدِينَ . (قَوْلُهُ: أَيْ الْعَرُوسِ) أَيْ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ الْعَدْلِ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ وُجُودِ الْعُدُولِ، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِمْ فَيَكْفِي اثْنَانِ مَسْتُورٌ حَالُهُمَا وَقِيلَ يَسْتَكْثِرُ مِنْ الشُّهُودِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ وَكِيلَهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، بَلْ وَلَوْ تَوَلَّاهُ وَكِيلُهُ بِإِذْنِهِ وَقَوْلُهُ: فَشَهَادَتُهُ أَيْ فَشَهَادَةُ مَنْ ذُكِرَ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ وَوَكِيلُهُ عُدِمَ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ لِتَوَلِّي مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ مَصَبُّ النَّدْبِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى النِّكَاحِ وَاجِبٌ وَكَوْنُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ مَنْدُوبًا زَائِدٌ عَلَى الْوَاجِبِ فَإِنْ حَصَلَ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ حَصَلَ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَ وَاجِبًا عِنْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ النِّكَاحُ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِصِحَّتِهِ وَقَوْلُهُ: وَيُحَدَّانِ إذَا أَقَرَّا إلَخْ أَيْ وَإِلَّا عُزِّرَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ الْعَقْدِ) أَيْ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا بَلْ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ مَخَافَةَ أَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ اجْتَمَعَا فِي خَلْوَةٍ عَلَى فَسَادٍ يَدَّعِيَانِ سَبْقَ عَقْدٍ بِلَا إشْهَادٍ فَيُؤَدِّي لِرَفْعِ حَدِّ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: بَائِنَةٌ) بِالرَّفْعِ أَيْ وَهِيَ بَائِنَةٌ لَا بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِطَلْقَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ: طَلَّقْتهَا عَلَيْهِ وَلَا يَقُولُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَإِذَا قَالَ الْحَاكِمُ طَلَّقْتُهَا عَلَيْهِ وَقَعَ ذَلِكَ طَلْقَةً بَائِنَةً. (قَوْلُهُ: مِنْ الْحَاكِمِ) أَيْ وَكُلُّ طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ كَانَ بَائِنًا إلَّا طَلَاقَ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَسْخٌ جَبْرِيٌّ مِنْ الْحَاكِمِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا كَانَ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّجْعِيِّ تَقَدُّمُ وَطْءٍ صَحِيحٍ وَلَمْ

إنْ لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِمَا (إنْ فَشَا) النِّكَاحُ بِوَلِيمَةٍ أَوْ ضَرْبِ دُفٍّ أَوْ دُخَانٍ أَوْ كَانَ عَلَى الْعَقْدِ أَوْ عَلَى الدُّخُولِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ غَيْرَ الْوَلِيِّ (وَلَوْ عَلِمَ) كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وُجُوبَ الْإِشْهَادِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحُرْمَةَ الدُّخُولِ بِلَاهُ. (وَحَرُمَ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ رَاكِنَةٍ) إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمُجْبِرِهَا (لِغَيْرِ) خَاطِبٍ (فَاسِقٍ) فِي دِينِهِ مِنْ صَالِحٍ أَوْ مَجْهُولٍ، وَلَوْ كَانَ الْخَاطِبُ صَالِحًا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ، أَمَّا الرَّاكِنَةُ لِلْفَاسِقِ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا إنْ كَانَ الثَّانِي صَالِحًا أَوْ مَجْهُولًا وَإِلَّا حَرُمَ فَفِي الْمَفْهُومَةِ تَفْصِيلٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ وَالْحُرْمَةَ فِي سَبْعَةٍ مِنْهَا إنْ قُدِّرَ صَدَاقٌ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ) خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ (وَفُسِخَ) عَقْدُ الثَّانِي وُجُوبًا بِطَلَاقٍ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ (إنْ لَمْ يَبْنِ) الثَّانِي بِهَا وَإِلَّا مَضَى، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَسِيسَ فَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ إرْخَاءُ السُّتُورِ. (وَ) حَرُمَ (صَرِيحُ) (خِطْبَةِ) امْرَأَةٍ (مُعْتَدَّةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ مِنْ غَيْرِهِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ لَا مِنْ طَلَاقِهِ هُوَ فَيَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالثَّلَاثِ (وَ) حَرُمَ (مُوَاعَدَتُهَا) بِأَنْ يَعِدَهَا وَتَعِدَهُ، وَأَمَّا الْعِدَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَمَكْرُوهٌ كَمَا يَأْتِي (كَوَلِيِّهَا) تَشْبِيهٌ فِي تَحْرِيمِ صَرِيحِ الْخِطْبَةِ مِنْهُ وَمُوَاعَدَتِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مُوَاعَدَةَ غَيْرِ الْمُجْبِرِ بِغَيْرِ عِلْمِهَا كَالْعِدَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيُكْرَهُ (كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْصُلْ ذَلِكَ هُنَا وَلِذَا كَانَ الطَّلَاقُ هُنَا بَائِنًا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَيُحَدَّانِ. (قَوْلُهُ: إنْ فَشَا النِّكَاحُ) جَعَلَ الشَّرْحُ فَاعِلَ فَشَا ضَمِيرَ النِّكَاحِ وَهُوَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَعَلَهُ عبق ضَمِيرَ الدُّخُولِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ طفى: وَالْكُلُّ صَحِيحٌ، إذْ الْقَصْدُ نَفْيُ الِاسْتِتَارِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَلَى الْعَقْدِ أَوْ عَلَى الدُّخُولِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ) كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ مَا نَصُّهُ وَحُدَّا إنْ أَقَرَّا بِالْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ فَاشِيًا أَوْ يَكُونَ عَلَى الْعَقْدِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَيُدْرَأُ الْحَدُّ بِالشُّبْهَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ فَانْظُرْ قَوْلَهُ أَوْ عَلَى الدُّخُولِ، فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ عج وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ بْن وَهَذَا عَجِيبٌ مِنْ بْن فَإِنَّ ح نَقَلَ مَا ذَكَرَهُ عج عَنْ اللُّبَابِ، وَكَذَا غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمُجْبِرِهَا) أَيْ بِرُكُونِهِ وَعَدَمِ رُكُونِهِ فَإِذَا رَدَّ وَلِيُّ الْمُجْبَرَةِ لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَتُهَا، وَكَذَا إذَا رَدَّتْ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ خِطْبَةَ الْأَوَّلِ لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَتُهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رُكُونُ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رَدِّ مُجْبِرِهَا وَلَا رَدُّهَا مَعَ رُكُونِهِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رُكُونُ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَ رَدِّهَا وَلَا رَدُّ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَ رِضَاهَا وَاعْلَمْ أَنَّ رَدَّ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا بَعْدَ الرُّكُونِ لِلْخَاطِبِ لَا يَحْرُمُ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّدُّ لِأَجْلِ خِطْبَةِ الثَّانِي فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْخَاطِبَ الثَّانِيَ وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَنَّهَا كَانَتْ رَجَعَتْ عَنْ الرُّكُونِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي، وَادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي وَلَا قَرِينَةَ لِأَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهَا وَقَوْلِ مُجْبِرِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا وَلِأَنَّ دَعْوَاهُمَا مُوجِبٌ لِلصِّحَّةِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْخَاطِبِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْخَاطِبُ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْخَاطِبُ الثَّانِي فَاسِقًا أَوْ مَجْهُولًا حَالُهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ صَالِحًا. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَاطِبَ الْأَوَّلَ الَّذِي حَصَلَ الرُّكُونُ إلَيْهِ إمَّا صَالِحٌ أَوْ مَجْهُولُ الْحَالِ، وَالْخَاطِبَ الثَّانِيَ إمَّا صَالِحٌ أَوْ مَجْهُولُ الْحَالِ أَوْ فَاسِقٌ وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ سِتَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْحُرْمَةُ فِي سَبْعَةٍ) أَيْ وَالْجَوَازُ فِي اثْنَيْنِ وَهُمَا خِطْبَةُ صَالِحٍ أَوْ مَجْهُولِ الْحَالِ عَلَى فَاسِقٍ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ) أَيْ الْقَائِلِ لَا حُرْمَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ السَّبْعِ إلَّا إذَا قَدَّرَ الصَّدَاقَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الْمَوَّاقِ مُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَشْهُورٌ وَعَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِخِلَافِ بِأَنْ يَقُولَ وَهَلْ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ خِلَافٌ. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَبْنِ إلَخْ) هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَحَاصِلُهَا الْفَسْخُ مُطْلَقًا بَنَى أَوْ لَمْ يَبْنِ وَعَدَمُ الْفَسْخِ مُطْلَقًا وَالْفَسْخُ إنْ لَمْ يَبْنِ لَا إنْ بَنَى وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ فِي فَسْخِهِ ثَالِثُ الرِّوَايَاتِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَرْجِيحًا أَصْلًا مَعَ أَنَّ أَبَا عُمَرَ شَهَرَ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ تَشْهِيرَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ لَكِنْ حَذَفَ مِنْهُ الِاسْتِحْبَابَ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّ أَبِي عُمَرَ فِي الْكَافِي وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهُ تَعَدَّى مَا نُدِبَ إلَيْهِ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا مَضَى النِّكَاحُ وَلَمْ يُفْسَخْ اهـ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْفَسْخَ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ أَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ مُسَامَحَةِ الْأَوَّلِ لَهُ فَإِنْ سَامَحَهُ فَلَا فَسْخَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بَنَى بِهَا مَضَى وَمَحَلُّ الْفَسْخِ أَيْضًا مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الثَّانِي وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ كَالْحَنَفِيِّ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ لِلْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: إرْخَاءُ السُّتُورِ) أَيْ الْخَلْوَةُ سَوَاءٌ حَصَلَ إمْسَاسٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ صَرِيحُ خِطْبَةِ امْرَأَةٍ مُعْتَدَّةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَقَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ رَجْعِيًّا، وَقَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ الْمُنَاسِبُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَرِّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ بَلْ لَهُ تَزَوُّجُهَا فِيهَا حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعِدَهَا وَتَعِدَهُ) أَيْ بِأَنْ يَتَوَثَّقَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِهِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَيْ وَهُوَ الَّذِي حَكَى ابْنُ رُشْدٍ

تَشْبِيهٌ فِي حُرْمَةِ الْخِطْبَةِ وَأَرَادَ بِالزِّنَا مَا يَشْمَلُ الْغَصْبَ، وَلَوْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَاءَ الزِّنَا فَاسِدٌ وَلِذَا لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مَا تَخَلَّقَ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ، وَإِنْ مِنْ زِنًا لِيَشْمَلَ الْغَصْبَ وَغَيْرَهُ كَانَ أَوْلَى. (وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ أَوْ بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ غَيْرِهِ (بِوَطْءٍ) بِنِكَاحٍ بِأَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا وَيَطَأَهَا فِيهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْوَطْءُ (بِشُبْهَةٍ) لِنِكَاحٍ بِأَنْ يَطَأَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ ثَمَانِي صُوَرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ وُطِئَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ إمَّا مَحْبُوسَةٌ بِعِدَّةِ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ بِاسْتِبْرَاءٍ مِنْ زِنًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ غَصْبٍ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَحْبُوسَةُ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ دُخُولُهَا هُنَا إلَّا أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ بِمِلْكٍ كَعَكْسِهِ، ثُمَّ بَالَغَ عَلَى تَأْبِيدِ الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ بِقَوْلِهِ [، وَلَوْ] كَانَ الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ وَاقِعًا (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ بِوَطْءٍ أَيْ مَعَ عَقْدٍ فِيهَا، ثُمَّ يَطَؤُهَا بَعْدَهَا مُسْتَنِدًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ وَلَا تَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لِأَنَّ الْوَطْءَ بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَا يَحْرُمُ، وَلَوْ صُرِّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ. (وَ) تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا (بِمُقَدِّمَتِهِ) أَيْ النِّكَاحِ مِنْ قُبْلَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَا فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِمُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ أَيْ الْمُسْتَنِدَةِ لِعَقْدٍ دُونَ الْمُسْتَنِدَةِ لِشُبْهَتِهِ، فَمَنْ قَبَّلَ مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَمْ يَتَأَبَّدْ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ وَعُطِفَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ) كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا (بِمِلْكٍ) أَوْ شُبْهَتِهِ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ (كَعَكْسِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي حُرْمَةِ الْخِطْبَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: تَشْبِيهٌ فِي حُرْمَةِ الْخِطْبَةِ وَالْمُوَاعَدَةِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا. وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ زِنًا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةِ مِلْكٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فِي تَحْرِيمِ التَّصْرِيحِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا بِالْخِطْبَةِ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَفِي تَحْرِيمِ الْمُوَاعَدَةِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا بِالنِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الزِّنَا أَوْ الْغَصْبُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مَا تَخَلَّقَ مِنْهُ أَيْ فَهُوَ كَمَاءِ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ مِنْ زِنًا لِيَشْمَلَ الْغَصْبَ وَغَيْرَهُ) أَيْ لِيَشْمَلَ الْمُسْتَبْرَأَةَ مِنْ غَصْبٍ وَغَيْرِهِ كَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةِ مِلْكٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ، وَقَدْ يُقَالُ: إذَا حَرُمَ مَا ذُكِرَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الزِّنَا فَأَحْرَى غَيْرُهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءَاتِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الزِّنَا أَخَفُّهَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّصْوِيبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ) هَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِ غَيْرِهِ أَيْ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ. (قَوْلُهُ: بَائِنًا) وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَكَأَنَّهُ زَنَى بِزَوْجَةِ الْغَيْرِ وَلَا يَحْرُمُ بِالزِّنَا حَلَالٌ وَهَلْ يُحَدُّ الْوَاطِئُ لِأَنَّهُ زَانٍ حِينَئِذٍ أَوْ لَا؟ وَكَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْحَدِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحَدُّ اهـ عَدَوِيٌّ وَفِي بْن أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ التَّأْبِيدِ فِي الرَّجْعِيَّةِ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَفِي الشَّامِلِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ فِي الرَّجْعِيَّةِ التَّحْرِيمُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْمُسْتَبْرَأَةُ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ وَسَوَاءٌ كَانَ اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ غَيْرِهِ بِسَبَبِ زِنًا ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ اغْتِصَابِهِ لَا إنْ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ زِنَاهُ أَوْ اغْتِصَابِهِ هُوَ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَمَا فِي خش وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ بِوَطْءِ الْمَحْبُوسَةِ مِنْ زِنَا غَيْرِهِ أَوْ اغْتِصَابِهِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشَونِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا) أَيْ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ أَوْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ: وَيَطَأَهَا فِيهَا أَيْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ ثَمَانِيَ صُوَرٍ) أَيْ يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ عَلَى الْوَاطِئِ وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَصْبٍ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ بِمِلْكٍ) أَيْ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ بِمِلْكٍ كَعَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَهَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ وَاقِعًا فِي الْعِدَّةِ، بَلْ وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ وَأَرَادَ بِالْعِدَّةِ مَا يَشْمَلُ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الزِّنَا أَوْ الْغَصْبِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَهَا رُدَّ بِلَوْ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ أَنَّ الْوَطْءَ بِالنِّكَاحِ كَالْوَطْءِ بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَا إنْ كَانَ بَعْدَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ بِعِدَّةِ النِّكَاحِ أَوْ بِشُبْهَتِهِ أَوْ بِسَبَبِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ زِنَا غَيْرِهِ أَوْ غَصْبِهِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ وَوُطِئَتْ بِالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهِمَا تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا، وَأَمَّا إذَا وُطِئَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ الْمَحْبُوسَةُ لِلْعِدَّةِ أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْوَاطِئِ إنْ كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا زَمَنَ الْعِدَّةِ أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ لَا إنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَائِهِمَا (قَوْلُهُ: وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِنْ شُبْهَتِهِ وَقَوْلُهُ: بِمُقَدِّمَتِهِ أَيْ الْمُسْتَنِدَةِ لِعَقْدٍ فَإِذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِنْ شُبْهَتِهِ وَعَقَدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَبَّلَهَا أَوْ بَاشَرَهَا فِي الْعِدَّةِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنَا غَيْرِهِ أَوْ غَصْبِهِ أَوْ لِانْتِقَالِ مِلْكٍ أَوْ لِشُبْهَةِ مِلْكٍ وَعَقَدَ عَلَيْهَا زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَبَّلَهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ مُسْتَنِدًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ لَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَصُوَرُ الْمُقَدِّمَاتِ الَّتِي يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِيهَا سِتَّةٌ: وَهِيَ مَا إذَا طَرَأَتْ مُقَدِّمَاتُ النِّكَاحِ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ حَصَلَتْ فِي الْعِدَّةِ مُسْتَنِدَةً لِنِكَاحٍ أَيْ عَقْدٍ لَا إنْ حَصَلَتْ فِيهَا مُسْتَنِدَةً لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ أَوْ حَصَلَتْ بَعْدَهَا كَانَتْ مُسْتَنِدَةً لِنِكَاحٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْوَطْءَ

بِأَنْ يَطَأَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَهِيَ مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ كَأَنْ يَطَأَ مَنْ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ أَيْضًا فَصُوَرُ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ بِوَطْءٍ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ وَالثَّمَانِيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ. (لَا) يَتَأَبَّدُ (بِعَقْدٍ) عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ (أَوْ بِزِنًا) فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ وَمُرَادُهُ بِالزِّنَا مَا يَشْمَلُ الْغَصْبَ فَصُوَرُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً (أَوْ) وَطِئَهَا (بِمِلْكٍ) أَوْ شُبْهَتِهِ بِأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ وَكَانَ حَبَسَهَا (عَنْ مِلْكٍ) أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ عَنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ مُضَافَةٌ لِلِاثْنَيْ عَشْرَ قَبْلَهَا لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ تَمَامِ مَا هِيَ فِيهِ فَصُوَرُ عَدَمِ التَّأْبِيدِ عِشْرُونَ وَصُوَرُ التَّأْبِيدِ سِتَّ عَشْرَةَ فَالْمَجْمُوعُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ سِتَّةٍ وَهِيَ الْمَحْبُوسَةُ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ فِي مِثْلِهَا وَكُلُّهَا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ بِالْقِيَاسِ كَقِيَاسِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ وَكُلُّهَا خَارِجَةٌ عَنْ صُوَرِ الْمُقَدِّمَاتِ (أَوْ) وَطْءِ (مَبْتُوتَةٍ) فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ بِنِكَاحٍ (قَبْلَ زَوْجٍ) لَمْ يَتَأَبَّدْ تَحْرِيمُهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَمَنْعُهُ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْعِدَّةِ بَلْ لِكَوْنِهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ (كَالْمُحَرَّمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ كَمَا لَمْ يَتَأَبَّدْ التَّحْرِيمُ فِي الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ بِنِكَاحِ كَمَنْ عَقَدَ عَلَى مُحْرِمَةٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ عَلَى مُحْرِمٍ جَمَعَهَا مَعَ زَوْجَتِهِ، ثُمَّ وَطِئَهَا. (وَجَازَ) لِخَاطِبٍ (تَعْرِيضٌ) فِي عِدَّةِ مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةٍ بَائِنًا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ فِيهَا إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَهُوَ ضِدُّ التَّصْرِيحِ، ثُمَّ جَوَازُهُ فِي حَقِّ مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُبَاحُ لَهُ (كَفِيك رَاغِبٌ) أَوْ مُحِبٌّ أَوْ مُعْجَبٌ وَأَنْتِ الْآنَ عَلَيْنَا كَرِيمَةٌ وَسَيَأْتِيك مِنْ قِبَلِنَا خَيْرٌ أَوْ رِزْقٌ. (وَ) جَازَ (الْإِهْدَاءُ) فِي الْعِدَّةِ لَا النَّفَقَةُ عَلَيْهَا فَإِنْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ غَيْرُهَا، وَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْ جِهَتِهَا وَالْأَوْجَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَنِدَ لِلْمِلْكِ أَوْ لِشُبْهَتِهِ إذَا طَرَأَ عَلَى نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَطَأَهَا) تَصْوِيرٌ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ) أَيْ وَأَمَّا صُوَرُ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ بِالْمُقَدِّمَاتِ فَسِتَّةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا وُطِئَتْ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَكَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنَا غَيْرِهِ أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ وُطِئَتْ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَكَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِعَقْدٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ لَمْ تُوطَأْ فَفِي التَّأْبِيدِ أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَوْلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ التَّأْبِيدِ وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا هَذَا الِاسْتِظْهَارَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ) أَيْ وَهِيَ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَصُوَرُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ) حَاصِلَةٌ مِنْ طُرُوُّ الزِّنَا أَوْ الْغَصْبِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ السِّتَّةِ. (قَوْلُهُ: عَنْ مِلْكٍ) أَيْ لِأَجْلِ انْتِقَالِ مِلْكٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ تُسْتَبْرَأُ مِنْ سَيِّدِهَا فَاسْتَبْرَأَهَا شَخْصٌ وَوَطِئَهَا. (قَوْلُهُ: فَالْمَجْمُوعُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ) يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي سِتَّ عَشْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَهِيَ مَا إذَا طَرَأَ نِكَاحٌ أَوْ شُبْهَةُ نِكَاحٍ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا مِنْ غَصْبٍ أَوْ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ طَرَأَ الْمِلْكُ أَوْ شُبْهَتُهُ عَلَى النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ وَمَا عَدَا هَذِهِ لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَهِيَ مَا إذَا طَرَأَ وَطْءٌ بِزِنًا أَوْ غَصْبٍ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ طَرَأَ الْوَطْءُ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ عَلَى الْمُسْتَبْرَأَةِ لِأَجْلِ الْمِلْكِ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ الزِّنَا أَوْ الْغَصْبِ فَهَذِهِ عِشْرُونَ. (قَوْلُهُ: عَنْ صُوَرِ الْمُقَدِّمَاتِ) أَيْ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَطْءِ مَبْتُوتَةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِعَقْدٍ لَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ بِعَقْدٍ وَلَا بِوَطْءِ مَبْتُوتَةٍ قَبْلَ زَوْجٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَبَّدْ تَحْرِيمُهَا) أَيْ وَيُحَدُّ إنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ النِّكَاحِ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِإِقْرَارِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْحَدُّ وَلُحُوقُ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ) أَيْ فَلَا يُحْتَاطُ فِيهِ مَا يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهِ وَلِذَا لَوْ وَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجٍ بَعْدَهُ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا كَمَا أَفَادَهُ الظَّرْفُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُحَرَّمِ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ الَّذِي يُفْسِدُ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا فَقِيلَ: يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ، وَقِيلَ: لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ نِكَاحُهُ فَإِذَا عَادَتْ لِزَوْجِهَا وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا جَازَ لِذَلِكَ الْمُفْسِدِ نِكَاحُهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فِي الْوَطْءِ) أَيْ الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ الْمُسْتَنِدِ لِنِكَاحٍ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ، وَكَذَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ لِلْمُسْتَبْرَأَةِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: مَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّعْرِيضِ وَالتَّصْرِيحِ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِيك مِنْ قِبَلِنَا خَيْرٌ إلَخْ) فَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ تَعْرِيضٌ بِنِكَاحِهَا؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيَلُوحَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهَا التَّعْبِيرُ عَنْ الْمَلْزُومِ بِاسْمِ اللَّازِمِ، كَقَوْلِنَا فِي وَصْفِ شَخْصٍ بِالطُّولِ: إنَّهُ طَوِيلُ النِّجَادِ، فَطُولُ الْقَامَةِ يَلْزَمُهُ طُولُ حَمَائِلِ السَّيْفِ الَّذِي هُوَ النِّجَادُ، وَكَقَوْلِنَا فِي وَصْفِ شَخْصٍ بِالْكَرَمِ: إنَّهُ كَثِيرُ الرَّمَادِ فَالْكَرَمُ يَلْزَمُهُ كَثْرَةُ الرَّمَادِ (قَوْلُهُ: لَا النَّفَقَةُ عَلَيْهَا) أَيْ لَا إجْرَاءَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَجُوزُ بَلْ يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ زَوَاجِهَا مِنْ جِهَتِهِ أَوْ مِنْ جِهَتِهَا وَهَذَا هُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الشَّمْسُ اللَّقَانِيُّ عَنْ الْبَيَانِ وَأَجَابَ بِهِ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ

[أركان النكاح]

إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ. (وَ) جَازَ بَلْ نُدِبَ (تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) وَأُولِي الزَّوْجِ (الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ) رَجَاءً لِبَرَكَتِهِ (وَ) جَازَ (ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ) لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَيْ الْعُيُوبِ لِلتَّحْذِيرِ مِمَّنْ هِيَ فِيهِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ مَا لَمْ يُسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّصِيحَةِ. (وَكُرِهَ عِدَةٌ) بِالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) لِلْآخَرِ دُونَ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ وَإِلَّا كَانَ مُوَاعَدَةً وَتَقَدَّمَ حُرْمَتُهَا. (وَ) كُرِهَ (تَزْوِيجُ) امْرَأَةٍ (زَانِيَةٍ) أَيْ مَشْهُورَةٍ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا ذَلِكَ (أَوْ) تَزْوِيجُ (مُصَرَّحٍ لَهَا) بِالْخِطْبَةِ فِي عِدَّتِهَا (بَعْدَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَزْوِيجِ الْمُقَدِّرِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ (وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زَانِيَةٍ وَمُصَرَّحٍ لَهَا فِي الْعِدَّةِ. (وَ) نُدِبَ (عَرْضُ) مُتَزَوِّجِ امْرَأَةٍ (رَاكِنَةٍ لَغَيْرٍ) أَيْ كَانَتْ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ الَّذِي كَانَتْ رَكَنَتْ لَهُ وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يُبْنَ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ عَدَمِ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (وَرُكْنُهُ) أَيْ النِّكَاحِ أَيْ أَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ (وَلِيٌّ وَ) الثَّانِي (صَدَاقٌ وَ) الثَّالِثُ (مَحَلٌّ) زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ مَعْلُومَانِ خَالِيَانِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ كَمَا يَأْتِي (وَ) الرَّابِعُ (صِيغَةٌ) وَلَمْ يُعَدَّ الشُّهُودُ مِنْ الْأَرْكَانِ؛ لِأَنَّ مَاهِيَّةَ الْعَقْدِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّدَاقَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُمَا شَرْطَيْنِ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ فَقَالَ مُصَوَّرَةً (بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا كَمَا يَأْتِي فِي التَّفْوِيضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ أَمَّا إنْ كَانَ الرُّجُوعُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: وَأُولِي الزَّوْجِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ: لِفَاضِلٍ) أَيْ وَأَمَّا تَفْوِيضُ الْعَقْدِ لِغَيْرِ فَاضِلٍ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْمَسَاوِئِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَهُ الزَّوْجُ فِي أَنَّ قَصْدَهُ التَّزَوُّجُ بِفُلَانَةَ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا يَعْلَمُهُ فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ لِيَحْذَرَ مِنْهَا وَيَجُوزُ لِمَنْ اسْتَشَارَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّ قَصْدَهَا التَّزَوُّجُ بِفُلَانٍ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا يَعْلَمُهُ فِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ لِتَحْذَرَ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ جَائِزًا لِمَنْ اسْتَشَارَهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَ الْمَسْئُولِ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَسْئُولِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُزُولِيِّ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ لِلْقُرْطُبِيِّ. وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا اسْتَشَارَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ تِلْكَ الْمَسَاوِئَ غَيْرَهُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَيُنْدَبُ لَهُ ذِكْرُهَا فَقَطْ، وَطَرِيقَةُ عج أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَشَى شَارِحُنَا تَبَعًا لعبق، وَاسْتَبْعَدَ بْن الْوُجُوبَ خُصُوصًا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَسْئُولُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَعْرِفَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ عِدَّةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ عَلَى مَا وَعَدَ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إخْلَافِ الْوَعْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا ذَلِكَ) أَيْ هَذَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهَا ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا، وَأَمَّا مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيهَا وَلَيْسَتْ مَشْهُورَةً بِذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي زَوَاجِهَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ تَزَوُّجِ الْمَرْأَةِ الَّتِي ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ زِنَاهَا إذَا لَمْ تُحَدَّ أَمَّا إذَا حُدَّتْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي زَوَاجِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ} [النور: 3] يُفِيدُ حُرْمَةَ نِكَاحِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ لَا يَنْكِحُهَا فِي حَالِ زِنَاهَا أَوْ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْأَلْيَقِ بِهَا أَوْ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ) أَيْ لِلَّذِي صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) وَإِذَا فَارَقَ الزَّانِيَةَ الْمُبِيحَةَ لِفَرْجِهَا لِلْغَيْرِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ كَانَتْ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَى مَنْ كَانَتْ رَكَنَتْ لَهُ أَوَّلًا فَإِنْ عَرَضَهَا عَلَيْهِ وَحَلَّلَهُ وَسَامَحَهُ مِنْهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يُحْلِلْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفَسَخَ إنْ لَمْ يَبْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَنَّ عَرْضَهَا وَاجِبٌ لَا مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَفَسَخَ إنْ لَمْ يَبْنِ أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ مَا هُنَا مَبْنِيًّا عَلَى الضَّعِيفِ الْمُقَابِلِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ اُنْظُرْ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْعَرْضِ فِيمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ وَاجِبٌ وَحِينَئِذٍ فَيَأْتِي كَلَامُهُ هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ وُجُوبِ الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَاجِبًا فَأَيُّ ثَمَرَةٍ فِي الْعَرْضِ مَعَ كَوْنِ النِّكَاحِ يُفْسَخُ مُطْلَقًا طَلَبَهُ الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ بَلْ سَامَحَهُ تَأَمَّلْ [أَرْكَان النِّكَاح] (قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ بِمَعْنَى وَكُلُّ أَرْكَانِهِ، ثُمَّ يُرَادُ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ أَيْ مَجْمُوعُ أَرْكَانِهِ وَلِيٌّ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمُفْرَدِ بِالْمُتَعَدِّدِ وَالضَّمِيرُ فِي رُكْنِهِ رَاجِعٌ لِلنِّكَاحِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَمُرَادُهُمْ بِالرُّكْنِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ فَيَشْمَلُ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَالْوَلِيَّ وَالصِّيغَةَ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الصَّدَاقَ كَذَلِكَ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِجَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ. (قَوْلُهُ: جَعْلُهُمَا) أَيْ الصَّدَاقِ وَالشُّهُودِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: جَعْلُ الشُّهُودِ شَرْطًا وَالصَّدَاقِ رُكْنًا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ لَهُمْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) وَمُضَارِعُهُمَا كَمَاضِيهِمَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ

(وَ) صَحَّ (بِ) تَسْمِيَةِ (صَدَاقٍ وَهَبْتُ) لَك ابْنَتِي مَثَلًا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِهَا بِكَذَا، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا لَمْ يَنْعَقِدْ (وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ) لَك ابْنَتِي بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا أَوْ مَلَّكْتُك إيَّاهَا أَوْ أَحْلَلْت وَأَعْطَيْت وَمَنَحْتُك إيَّاهَا بِكَذَا. (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ وَهَبْت حَيْثُ سَمَّى صَدَاقًا فَيَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ أَوْ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَوْ سَمَّى صَدَاقًا كَكُلِّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ كَالْحَبْسِ وَالْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْعُمْرَى وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَرَدُّدٌ وَكَقَبِلْتُ) عَطْفٌ عَلَى أَنْكَحْت أَيْ الصِّيغَةُ مُصَوَّرَةٌ بِأَنْكَحْتُ مِنْ الْوَلِيِّ وَقَبِلْتُ نَحْوُهُ كَرَضِيتُ مِنْ الزَّوْجِ (وَ) انْعَقَدَ (بِ) قَوْلِ الزَّوْجِ لِلْوَلِيِّ (زَوِّجْنِي) أَوْ أَنْكِحْنِي ابْنَتَك مَثَلًا (فَيَفْعَلُ) أَيْ الْوَلِيُّ بِأَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك إيَّاهَا أَوْ أَنْكَحْتُك أَوْ فَعَلْت، إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ بَلْ يُنْدَبُ (وَلَزِمَ) النِّكَاحُ بِالصِّيغَةِ مِنْهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) الْآخَرُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْهَزْلِ مِنْهُمَا مَعًا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَاقِي الْأَرْكَانِ عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي الْمَتْنِ أَوَّلُهَا الْوَلِيُّ وَهُوَ ضَرْبَانِ مُجْبِرٌ وَهُوَ الْمَالِكُ فَالْأَبُ فَوَصِيُّهُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَنْ سِوَاهُمْ فَبَدَأَ بِالْمَالِكِ لِقُوَّتِهِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَجَبَرَ الْمَالِكُ) الْمُسْلِمُ الْحُرُّ، وَلَوْ أُنْثَى وَوَكَّلْت (أَمَةً وَعَبْدًا) لَهُ (بِلَا إضْرَارٍ) عَلَيْهِمَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ إضْرَارٌ كَتَزْوِيجِهِمَا مِنْ ذِي عَاهَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْجَبْرُ وَلَهُمَا الْفَسْخُ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يُجْبِرُ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ السَّيِّدَ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُمَا، وَلَوْ حَصَلَ لَهُمَا الضَّرَرُ بِعَدَمِهِ (وَلَا) يُجْبِرُ (مَالِكُ بَعْضٍ) لِرَقِيقٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ذَلِكَ الرَّقِيقَ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ إمَّا حُرٌّ أَوْ مِلْكَ غَيْرِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الْبَعْضِ (الْوِلَايَةُ) عَلَى الْأَمَةِ فَلَا تُزَوَّجُ بِإِذْنِهِ فَلَا تُزَوَّجُ الْمُشْتَرَكَةُ إلَّا بِإِذْنِ الْجَمِيعِ فَإِنْ رَضِيَا بِتَزْوِيجِهَا فَلَهُمَا مَعًا الْجَبْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ قَائِلًا فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْعُقُودُ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالْمَاضِي دُونَ الْمُضَارِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْوَعْدُ وَفِي الْمَاضِي اللُّزُومُ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ) أَيْ حَقِيقَةً كَأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتهَا لَك بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ تَصَدَّقْت إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُهُ هُنَا مَقْصُورٌ عَلَى لَفْظِ وَهَبْتُ، إذْ هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَمِيعُ مَا عَدَا هَذَا اللَّفْظِ دَاخِلٌ فِي التَّرَدُّدِ الْآتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَدُّدَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي جَمِيعِ مَا عَدَا أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ وَوَهَبْتُ بِصَدَاقٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي الْبَقَاءَ) أَيْ تَمْلِيكَ الذَّاتِ. (قَوْلُهُ: فَيَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَاقِ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَوْ سَمَّى صَدَاقًا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (قَوْلُهُ: كَكُلِّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي إلَخْ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَمَّى صَدَاقًا أَوْ لَا وَهُوَ أَنْكَحْت وَزَوَّجْت وَالثَّانِي مَا يَنْعَقِدُ بِهِ إنْ سَمَّى صَدَاقًا وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ وَهَبْت فَقَطْ، وَالثَّالِثُ مَا فِيهِ التَّرَدُّدُ وَهُوَ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ قِيلَ: يَنْعَقِدُ بِهِ إنْ سَمَّى صَدَاقًا وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ بِهِ مُطْلَقًا، وَالرَّابِعُ مَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا وَهُوَ كُلُّ لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَفْعَلُ) أَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ بِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالْإِيجَابِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَانِينَ فَقَالَ وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ وَيَلْزَمُ فِيهِ الْفَوْرُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ يَسِيرًا جَازَ، وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْبَاجِيَّ مَا يَقْتَضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ مَعَ تَأَخُّرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَالْقُورِيُّ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ عَلَى الْقَبُولِ أَيْ مِنْ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ) أَيْ بَعْدَ حُصُولِ الصِّيغَةِ مِنْهُمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ عِنْدَنَا فِي النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَعْمُولٌ بِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِهِ إذَا اُشْتُرِطَ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ النِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْقَابِسِيِّ: إنَّهُ إذَا عُلِمَ الْهَزْلُ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ. (قَوْلُهُ: كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) أَيْ وَكَذَلِكَ الرَّجْعَةُ. (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ) أَيْ فِي التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ تَزْوِيجِهِ الْأَمَةَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ وَلَهُ أَنْ يُجْبِرَ الثَّيِّبَ وَالْبِكْرَ وَالْكَبِيرَةَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ وَلَهُ أَنْ يُصْلِحَ مَالَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَجَبَرَ الْمَالِكُ) أَيْ لِكُلِّ الرَّقِيقِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُ) وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ. (قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ، وَأَمَّا الْمَالِكُ الرَّقِيقُ فَلَا جَبْرَ لَهُ وَالْجَبْرُ لِسَيِّدِهِ وَالْمُرَادُ الْحُرُّ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَانَ الْجَبْرُ لِوَلِيِّهِ وَمِثْلُ الْحُرِّ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يُجْبِرُ رَقِيقَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذِي عَاهَةٍ) أَيْ مِمَّنْ فِيهِ أَمْرٌ مُوجِبٌ لِلْخِيَارِ كَجُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ أَوْ جُنُونٍ لَا قُبْحِ مَنْظَرٍ وَفَقْرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ لِهُمَا الضَّرَرُ بِعَدَمِهِ) بَلْ وَلَوْ قَصَدَ إضْرَارَهُمَا بِعَدَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُؤْمَرُ حِينَئِذٍ بِبَيْعٍ وَلَا تَزْوِيجٍ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَجِبُ رَفْعُهُ إذَا كَانَ فِيهِ مَنْعُ حَقٍّ وَاجِبٍ وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي النِّكَاحِ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ جَبْرِهِمَا لَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ إذَا قَصَدَ بِمَنْعِهِمَا مِنْهُ الْمَصْلَحَةَ وَلَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ أَمَّا إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ أُمِرَ إمَّا بِالْبَيْعِ أَوْ التَّزْوِيجِ فَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ الرَّقِيقَ) مَفْعُولُ يُجْبِرُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الْبَعْضِ الْوِلَايَةُ أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَعَّضِ فَلَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَالِكَ

(وَ) لَهُ أَيْضًا (الرَّدُّ) وَالْإِجَازَةُ فِي الْعَبْدِ إنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَيَتَحَتَّمُ الرَّدُّ، وَلَوْ عَقَدَ لَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ مَالِك الْبَعْضِ (وَلَا) يُجْبِرُ السَّيِّدُ (أُنْثَى بِشَائِبَةٍ) مِنْ حُرِّيَّةِ غَيْرِ التَّبْعِيضِ الْمُتَقَدِّمِ كَأُمِّ وَلَدٍ وَتَعَيَّنَ رَدُّهُ إنْ جَبَرَهَا وَالرَّاجِحُ كَرَاهَتُهُ فَيَمْضِي إنْ جَبَرَهَا (وَ) لَا شَخْصٍ (مُكَاتَبٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (بِخِلَافِ) شَخْصٍ (مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) ، وَلَوْ أُنْثَى فَلَهُ جَبْرُهُمَا (إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ) مَرَضًا مَخُوفًا فِي الْمُدَبَّرِ (وَ) إنْ لَمْ (يَقْرُبْ الْأَجَلُ) فِي الْمُعْتِقِ لِأَجَلٍ وَالْقُرْبُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَدُونَ وَقُبِلَ بِالشَّهْرِ. (ثُمَّ) جَبَرَ بَعْدَ الْمَالِكِ (أَبٌ) رَشِيدٌ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ وَلَهُ الْجَبْرُ، وَلَوْ لِأَعْمَى أَوْ أَقَلَّ حَالًا أَوْ مَآلًا مِنْهَا أَوْ قَبِيحِ مَنْظَرٍ أَوْ بِرُبْعِ دِينَارٍ، وَلَوْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا قِنْطَارًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ كَوَصِيٍّ (يُجْبِرُ الْمَجْنُونَةَ) الْمُطْبِقَةَ، وَلَوْ ثَيِّبًا أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ لَا مَنْ تُفِيقُ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا بَالِغًا (وَ) جَبَرَ (الْبِكْرَ، وَلَوْ عَانِسًا) بَلَغَتْ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ (إلَّا لِ) ذِي عَاهَةٍ (كَخَصِيٍّ) مَقْطُوعِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ قَائِمِ الذَّكَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَعْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَبَرٌ لَكِنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ لَهُ فَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُبَعَّضُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُبَعَّضُ ذَكَرًا أَوْ إنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا رِقًّا لَهُ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ حُرًّا كَانَ لِلسَّيِّدِ الَّذِي هُوَ مَالِكُ الْبَعْضِ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا رِقًّا لِلسَّيِّدِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ رِقًّا لِغَيْرِهِ تَحَتَّمَ الرَّدُّ كَذَا قَرَّرَ طفى، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ح أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ بِالْحُرِّيَّةِ كَالْمُبَعَّضَةِ بِالشَّرِكَةِ فِي تَحَتُّمِ الرَّدِّ وَاخْتَارَهُ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَيْضًا الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ قَسِيمًا لِلْوِلَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ بَلْ قِسْمٌ مِنْ ثَمَرَتِهَا وَالْقِسْمُ الْآخَرُ الْإِجَازَةُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَلَهُ الْوِلَايَةُ فَلَهُ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ تَخْيِيرَهُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ فِي الْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ) أَيْ الْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقَدَ لَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَقَدْ جَزَمَ ح فِيهَا بِتَحَتُّمِ الرَّدِّ كَالْمُشْتَرَكَةِ، وَنَازَعَهُ طفى بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ عَدَمُ تَحَتُّمِ الرَّدِّ فِيهَا بَلْ يُخَيَّرُ وَرَدَّهُ بْن وَقَوِيَ مَا قَالَهُ ح بِمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ) مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَالْمُخْتَارُ مَا يُذْكَرُ بَعْدُ مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ وَلَا أُنْثَى أَيْ لَا يُجْبِرُ أُنْثَى مُتَلَبِّسَةً بِشَائِبَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ إلَخْ لَفْظُ اللَّخْمِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ مَنْ فِيهِ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ فَقِيلَ لَهُ: إجْبَارُهُمْ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمْ وَقِيلَ: يَنْظُرُ لِمَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ فَيُجْبِرُهُ وَمَنْ لَا فَلَا وَقِيلَ: لَهُ إجْبَارُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّوَابُ مَنْعُهُ مِنْ إجْبَارِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُتَعَلِّقِ لِأَجَلٍ فَلَهُ جَبْرُهُمَا إلَّا أَنْ يَمْرَضَ السَّيِّدُ أَوْ يَقْرَبَ الْأَجَلُ وَيُمْنَعُ مِنْ إجْبَارِ الْإِنَاثِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ اهـ بِلَفْظِهِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمُخْتَارُ حَقُّهُ وَاخْتَارَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ خِلَافٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ لَمَّا كَانَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَقَلَهَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالِاسْمِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَأُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُدَبَّرَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ رَدُّهُ) أَيْ النِّكَاحِ إنْ جَبَرَهَا هَذَا بِنَاءً عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ بِمَنْعِ الْجَبْرِ وَهِيَ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّخْمِيُّ وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ كَرَاهَتُهُ أَيْ كَرَاهَةُ جَبْرِهَا وَهَذِهِ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهَا مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَكُرِهَ تَزْوِيجُهَا، وَإِنْ بِرِضَاهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا هُوَ الْحَقُّ لَا لِلْحَالِ كَمَا قِيلَ. (قَوْلُهُ: ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى دَخَلَتْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَلَا يُجْبِرُ أُنْثَى بِشَائِبَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَلَوْ أُنْثَى) الصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى الذَّكَرِ أَمَّا الْأُنْثَى الْمُدَبَّرَةُ أَوْ الْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ فَيُمْنَعُ جَبْرُهَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ رَشِيدًا بَلْ كَانَ سَفِيهًا فَاَلَّذِي يُجْبِرُهَا وَلِيُّهُ نَحْوُهُ فِي عبق وخش قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ لِوَلِيِّ الْأَبِ إذَا كَانَ سَفِيهًا بَلْ السَّفِيهُ إذَا كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ فَلَهُ جَبْرُ بِنْتِهِ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ خُصَّ وَلِيُّهُ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَتَزْوِيجِ بِنْتِهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ هَلْ الْوَلِيُّ أَوْ الْأَبُ، وَلَوْ عَقَدَ حَيْثُ يُمْنَعُ مِنْهُ نَظَرٌ فَإِنْ حَسُنَ إمْضَاؤُهُ أَمْضَى وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ فِيمَا يَأْتِي اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى نَاقِصِ التَّمْيِيزِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يُجْبِرُ فَيُوَافِقُ مَا فِي بْن تَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ الْأَبُ سَفِيهًا وَلَا وَلِيَّ لَهُ جَرَى فِي جَبْرِ ابْنَتِهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عبق. (قَوْلُهُ: فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا) أَيْ فَإِذَا أَفَاقَتْ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَإِنَّهُ يُجْبِرُهَا وَلَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَانِسًا) أَيْ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَ أَبِيهَا وَعَرَفَتْ مَصَالِحَ نَفْسِهَا قَبْلَ الزَّوَاجِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَبْرِ الْبِكْرِ، وَلَوْ عَانِسًا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ حَيْثُ قَالَ: لِلْأَبِ جَبْرُ الْبِكْرِ مَا لَمْ تَكُنْ عَانِسًا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا عَنَّسَتْ صَارَتْ كَالثَّيِّبِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الْعِلَّةُ فِي

حَيْثُ كَانَ لَا يُمْنِي فَلَا يُجْبِرُهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الْمَجْنُونُ وَالْمُبْرَصُ وَالْمُجْذَمُ أَوْ الْعِنِّينُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْمُعْتَرِضُ (وَ) جَبَرَ (الثَّيِّبَ) ، وَلَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ (إنْ صَغُرَتْ أَوْ) كَبِرَتْ بِأَنْ بَلَغَتْ وَثَيُبَتْ (بِعَارِضٍ) كَوَثْبَةٍ أَوْ ضَرْبَةٍ (أَوْ بِحَرَامٍ) زِنًا أَوْ غَصْبٍ، وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ هُنَا عَلَى الِابْنِ (وَهَلْ) يُجْبِرُهَا (إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الزِّنَا) حَتَّى طَارَ مِنْهَا الْحَيَاءُ أَوْ يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ لَا) إنْ ثُيِّبَتْ الْبَالِغَةُ (بِ) نِكَاحٍ (فَاسِدٍ) مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَوْ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَدَرَأَ الْحَدَّ فَلَا يُجْبِرُهَا (وَإِنْ) كَانَتْ (سَفِيهَةً) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وِلَايَةِ الْمَالِ وِلَايَةُ النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ جَبَرَهَا إلْحَاقًا لَهُ بِالزِّنَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِحَرَامٍ (وَ) لَا يُجْبِرُ (بِكْرًا رُشِّدَتْ) إنْ بَلَغَتْ، وَلَوْ رَشَّدَهَا قَبْلَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا رَشَّدْتُك أَوْ أَطْلَقْت يَدَك أَوْ رَفَعْت الْحَجْرَ عَنْك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا كَمَا يَأْتِي (أَوْ) (أَقَامَتْ) الْمَرْأَةُ (بِبَيْتِهَا) الَّذِي دَخَلَتْ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا (سَنَةً) مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ (وَأَنْكَرَتْ) بَعْدَ فِرَاقِهَا الْوَطْءَ فَلَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا تَنْزِيلًا لِإِقَامَتِهَا السَّنَةَ مَنْزِلَةَ الثُّيُوبَةِ. (وَجَبْرُ وَصِيٍّ) ، وَإِنْ نَزَلَ كَوَصِيِّ الْوَصِيِّ (أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ) أَيْ بِالْجَبْرِ، وَلَوْ ضِمْنًا كَزَوْجِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ (أَوْ) لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ وَلَكِنْ (عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ) وَلَكِنْ لَا جَبْرَ لِلْوَصِيِّ إلَّا إذَا بَذَلَ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَمْ يَكُنْ فَاسِقًا فَلَيْسَ هُوَ كَالْأَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَإِلَّا) يَأْمُرُهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ وَلَا عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْت وَصِيٌّ عَلَى بَنَاتِي أَوْ بِنْتِي فُلَانَةَ أَوْ زَوِّجْهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت (فَخِلَافٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَبْرِ الْبَكَارَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ أَوْ الْجَهْلُ بِمَصَالِحِ النِّسَاءِ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلرَّدِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِلَوْ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ لَا يُمْنِي) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْنِي فَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى نِكَاحِهِ أَيْ لِأَنَّهَا تَلْتَذُّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَوْ قَالَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحِّ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ إلَخْ) مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَالْخَصِيِّ مَنْ قَامَ بِهِ مُوجِبُ الْخِيَارِ. (تَنْبِيهٌ) كَمَا أَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ جَبْرُ بِنْتِهِ الْبِكْرِ عَلَى التَّزْوِيجِ بِذِي عَاهَةٍ مُوجِبَةٍ لِخِيَارِهَا لَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا عَلَى التَّزْوِيجِ بِعَبْدٍ، وَلَوْ كَانَ عَبْدَهُ وَإِنَّمَا تُزَوَّجُ بِهِ بِرِضَاهَا بِهِ بِالْقَوْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَبْكَارِ السَّبْعَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ بِعَارِضٍ أَوْ بِزِنًا بَلْ وَلَوْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ. (قَوْلُهُ: إنْ صَغُرَتْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُجْبِرُهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِنْ تَثَيَّبَتْ وَتَأَيَّمَتْ قَبْلَهُ، ثُمَّ بَلَغَتْ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا تُجْبَرُ وَهُوَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَوَّبَهُ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّقْيِيدِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. (قَوْلُهُ: لَا بِفَاسِدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ بِعَارِضٍ كَمَا أَفَادَهُ تَقْرِيرُهُ وَقَوْلُهُ: لَا إنْ ثِيبَتْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَيْ وَأَوْلَى صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مُولًى عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِ أَنْ تَكُونَ مُولًى عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ النِّكَاحِ وَبَالَغَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مُسَاوَاتِهِمَا وَأَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ كَمَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِي الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا رُشِّدَتْ) أَيْ كَمَا لَا يُجْبِرُ الْأَبُ ثَيِّبًا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يُجْبِرُ بِكْرًا رُشِّدَتْ أَيْ رَشَّدَهَا أَبُوهَا وَثَبَتَ تَرْشِيدُهَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ إنْ أَنْكَرَ وَحَيْثُ كَانَتْ لَا تُجْبَرُ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَإِذْنِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ الْأَبِ لِلْمُرَشَّدَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَهُ جَبْرُهَا وَمِثْلُ الْبِكْرِ الَّتِي رَشَّدَهَا أَبُوهَا فِي كَوْنِهِ لَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا الْبِكْرُ إذَا رَشَّدَهَا الْوَصِيُّ وَفِي بَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ بَقَاءُ وِلَايَتِهِ كَمَا هُوَ نَقْلُ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا، وَأَمَّا لَوْ رَشَّدَ الْوَصِيُّ الثَّيِّبَ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَالْوِلَايَةُ لِأَقَارِبِهَا. . (تَنْبِيهٌ) إذَا رَشَّدَ الْبِكْرَ أَبُوهَا كَمَا لَا يُجْبِرُهَا عَلَى النِّكَاحِ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَمَا فِي خش وعبق مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَيَحْجُرُ عَلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَةِ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، إذْ الرُّشْدُ لَا يَتَبَعَّضُ فَلَا يَكُونُ فِي أَمْرٍ دُونَ أَمْرٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْوَنْشَرِيسِيِّ فِي طُرَرِ الْقَشْتَالِيِّ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَشَّدَهَا قَبْلَهُ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ الرُّشْدُ مِنْ لَوَازِمِهِ الْبُلُوغُ، وَقَدْ قَالَ ح كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ يَعْنِي بَعْدَ الْبُلُوغِ، اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَامَتْ إلَخْ) أَيْ لَا يُجْبِرُ الْأَبُ مَنْ أَقَامَتْ فِي بَيْتِهَا السَّاكِنَةِ فِيهِ مَعَ زَوْجِهَا سَنَةً مِنْ حِينِ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا مِنْ حِينِ بُلُوغِهَا كَمَا قَالَ عبق وَقَوْلُهُ: وَأَنْكَرَتْ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا أَنْكَرَتْ بَعْدَ فِرَاقِهَا الْوَطْءَ مَعَ الْعِلْمِ بِخَلْوَتِهَا هَذَا إذَا كَذَّبَهَا الزَّوْجُ بَلْ، وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ أَوْ جَهِلَتْ خَلْوَتَهُ بِهَا وَأَنْكَرَتْ الْمَسَّ أَيْضًا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْجَبْرِ إقْرَارُهَا بِمَسِّهِ لَكِنْ مَعَ الْإِقْرَارِ لَا يُجْبِرُهَا حَتَّى فِيمَا دُونَ السَّنَةِ، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ عَدَمُ الْخَلْوَةِ بِهَا وَعَدَمُ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَلَا يَرْتَفِعُ إجْبَارُ الْأَبِ عَنْهَا، وَلَوْ أَقَامَتْ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ الثُّيُوبَةِ) أَيْ فِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَجَبَرَ وَصِيٌّ) أَيْ كُلُّ مَنْ يُجْبِرُهَا الْأَبُ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ مُطْلَقًا وَالْبِكْرُ، وَلَوْ عَانِسًا وَالثَّيِّبُ إنْ صَغُرَتْ مُطْلَقًا وَالثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ إنْ ثُيِّبَتْ بِعَارِضٍ أَوْ بِحَرَامٍ كَالزِّنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ) أَيْ وَكَانَ غَيْرَ فَاسِقٍ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِتَعْيِينِ الْفَاسِقِ كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا جَبْرَ لِلْوَصِيِّ) أَيْ فِيمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ الْأَبُ الزَّوْجَ أَوْ أَمَرَهُ بِالْجَبْرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا بَذَلَ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ

وَالرَّاجِحُ الْجَبْرُ (وَهُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الثَّيِّبِ) الْمُوصَى عَلَى نِكَاحِهَا (وَلِيٌّ) مِنْ أَوْلِيَائِهَا يُزَوِّجُهَا بِرِضَاهَا وَيَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الْأَبِ (وَصَحَّ) النِّكَاحُ بِقَوْلِ الْأَبِ (إنْ مِتّ) فِي مَرَضِي هَذَا (فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي) لِفُلَانٍ وَكَانَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ (بِمَرَضٍ) مَخُوفٍ أَمْ لَا طَالَ أَوْ قَصُرَ إذَا مَاتَ مِنْهُ وَصِحَّتُهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ (وَهَلْ) صِحَّتُهُ (إنْ قَبِلَ) الزَّوْجُ (بِقُرْبِ مَوْتِهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِقُرْبٍ لَا قَبْلَهُ أَوْ يَصِحُّ، وَلَوْ بِبُعْدٍ (تَأْوِيلَانِ) وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ (ثُمَّ) بَعْدَ السَّيِّدِ وَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ. (لَا جَبْرَ) لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِأُنْثًى، وَلَوْ بِكْرًا يَتِيمَةً تَحْتَ حِجْرِهِ وَحِينَئِذٍ (فَالْبَالِغُ) هِيَ الَّتِي تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَعْرَبَتْ عَنْ نَفْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا كَفَى صَمْتُهَا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ كَمَا يَأْتِي مُفَصَّلًا فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ غَيْرِ الْبَالِغِ فَلَا تُزَوَّجُ بِوَجْهٍ (إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا) أَيْ فَسَادُ حَالِهَا بِفَقْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ عَدَمِ حَاضِنٍ شَرْعِيٍّ أَوْ ضَيَاعِ مَالٍ أَوْ دَيْنٍ (وَبَلَغَتْ) مِنْ السِّنِينَ (عَشْرًا) أَيْ أَتَمَّتْهَا وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا بِالْقَوْلِ كَمَا يَأْتِي الْمُصَنِّفُ وَلَكِنْ رَجَّحَ أَشْيَاخُنَا أَنَّهُ يَكْفِي صَمْتُهَا (وَشُووِرَ الْقَاضِي) الَّذِي يَرَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَالِكِيًّا لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا ذُكِرَ وَأَنَّهَا خَلِيَّةٌ مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْحَالِ وَالْمَالِ وَأَنَّ الصَّدَاقَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَنَّ الْجِهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ لَهَا فَيَأْذَنُ لِلْوَلِيِّ فِي تَزْوِيجِهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ مِنْ الْجَائِرِينَ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ كَفَى جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ زُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا (صَحَّ) النِّكَاحُ (إنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) أَيْ النِّكَاحُ أَيْ أَمَدُهُ بِأَنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنَيْنِ أَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ تَلِدُ فِيهَا ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الرِّضَا بِدُونِهِ لِلْوَصِيِّ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ مَصْلَحَةُ عَدَمِ الْفِرَاقِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ الْجَبْرُ) الْحَقُّ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: إنَّ الرَّاجِحَ الْجَبْرُ إنْ ذُكِرَ الْبُضْعُ أَوْ النِّكَاحُ أَوْ التَّزْوِيجُ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْأَبُ: أَنْت وَصِيِّي عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى نِكَاحِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ أَوْ وَصِيِّي عَلَى بِنْتِي تُزَوِّجُهَا أَوْ تُزَوِّجُهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْجَبْرِ كَمَا إذَا قَالَ: وَصِيِّي عَلَى بَنَاتِي أَوْ عَلَى بَعْضِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى بِنْتِي فُلَانَةَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: وَصِيِّي فَقَطْ أَوْ عَلَى مَالِي أَوْ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِي أَوْ قَبْضِ دَيْنِي فَلَا جَبْرَ اتِّفَاقًا وَهَذِهِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ زَوَّجَ جَبْرًا فَاسْتَظْهَرَ عج الْإِمْضَاءَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ النَّفْرَاوِيُّ، وَأَمَّا إنْ زَوَّجَهَا بِلَا جَبْرٍ صَحَّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ زَوَّجَ مُوصًى عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ صَحَّ. (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ وَلَا بَعْدَهُ بِبُعْدٍ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي وَهُوَ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا أَيْ قُبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) أَيْ مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا بِالْقَوْلِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ وَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ وَسَلَّمَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَهُوَ ظَاهِرُ عَدِّ الْمُصَنِّفِ لَهَا مِنْ الْأَبْكَارِ الَّتِي تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا كَالثَّيِّبِ. (قَوْلُهُ: وَشُووِرَ الْقَاضِي) هَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا الْمُتَيْطِيُّ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَبُو الْحَسَنِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي جَوَازَ نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ الْقَاصِرِ وَإِنَّمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، ثُمَّ إنَّهُ إنْ أَرَادَ بِمُشَاوَرَةِ الْقَاضِي الرَّفْعَ لَهُ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الْمُوجِبَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ عج وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَمَعْنَى وَرُفِعَ وُجُوبًا لِلْقَاضِي لِإِثْبَاتِ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ مُشَاوَرَتِهِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِهَا فَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: يَرَى ذَلِكَ) أَيْ جَوَازَ نِكَاحِهَا. (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ خَوْفِ الْفَسَادِ وَبُلُوغِهَا عَشْرًا. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ) أَيْ فِي التَّدَيُّنِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالنَّسَبِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومَ الْأَبِ لَا إنْ كَانَ لَقِيطًا أَوْ مِنْ زِنًا (قَوْلُهُ: كَفَى جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ لَدَيْهِمْ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَكْفِي. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ زُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهَا) الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَحُلُولُو اخْتِصَاصَ قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ بِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ خِيفَ فَسَادُهَا قَالَا: وَلَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي بَاقِي مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ اهـ. أَقُولُ فَحِينَئِذٍ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ تَكُونَ بَلَغَتْ عَشْرًا فَعَلَى فَرْضِ إذَا لَمْ تَبْلُغْهَا وَزُوِّجَتْ صَحَّ النِّكَاحُ اهـ عَدَوِيٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بُلُوغَهَا عَشْرًا مَطْلُوبٌ لِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّهَا أَيْ الْيَتِيمَةَ لَا تُزَوَّجُ إلَّا إذَا بَلَغَتْ وَلَيْسَ شَرْطًا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِتَزْوِيجِهَا وَكَذَلِكَ مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَيْسَ شَرْطًا عَلَى مَا عَلِمْت فَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ: الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا ارْتَضَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خِيفَةِ الْفَسَادِ فَمَتَى خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فِي مَالِهَا أَوْ فِي حَالِهَا زُوِّجَتْ بَلَغَتْ عَشْرًا أَوْ لَا رَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ أَمْ لَا فَيُجْبِرُهَا وَلِيُّهَا عَلَى التَّزْوِيجِ وَوَجَبَ مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي فِي تَزْوِيجِهَا فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَزُوِّجَتْ صَحَّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ، وَإِنْ خِيفَ فَسَادُهَا وَزُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةِ الْقَاضِي صَحَّ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ تَلِدُ فِيهَا ذَلِكَ)

عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ لَا جَبْرَ فَقَالَ (وَقُدِّمَ) عِنْدَ اجْتِمَاعِ أَوْلِيَاءٍ غَيْرِ مُجْبِرِينَ (ابْنٌ) ، وَلَوْ مِنْ زِنًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً (فَابْنُهُ) ، وَإِنْ سَفَلَ (فَأَبٌ فَأَخٌ) لِأَبٍ (فَابْنُهُ) ، وَإِنْ سَفَلَ (فَجَدٌّ) لِأَبٍ (فَعَمٌّ فَابْنُهُ) (وَقُدِّمَ) فِي الْأَخِ أَوْ ابْنِهِ وَالْعَمِّ أَوْ ابْنِهِ (الشَّقِيقُ) عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ (عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِقُوَّةِ الشَّقِيقِ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ (فَمَوْلًى) أَعْلَى وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَ أَبَاهَا (ثُمَّ هَلْ) بَعْدَهُ الْمَوْلَى (الْأَسْفَلُ) وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ (وَبِهِ فُسِّرَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (أَوْ لَا) وِلَايَةَ لَهُ أَصْلًا عَلَيْهَا (وَصُحِّحَ) وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ هُنَا إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (فَكَافِلٌ) وَهُوَ الْقَائِمُ بِأُمُورِهَا حَتَّى بَلَغَتْ عِنْدَهُ أَوْ بَلَغَتْ عَشْرًا بِشُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ (وَهَلْ) مَحَلُّ تَحَقُّقِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا (إنْ كَفَلَ) الْمَرْأَةَ (عَشْرًا) مِنْ الْأَعْوَامِ (أَوْ أَرْبَعًا أَوْ) إنْ كَفَلَ (مَا) أَيْ زَمَنًا (يُشْفَقُ) فِيهِ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ الشَّفَقَةُ بِالْفِعْلِ عَلَيْهَا (تَرَدُّدٌ) أَظْهَرُهُ الْأَخِيرُ (وَظَاهِرُهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (شَرْطُ الدَّنَاءَةِ) لِلْمَرْأَةِ الْمَكْفُولَةِ بِأَنْ يَكُونَ لَا قَدْرَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَالْكَافِلُ حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهَا فَشَرْطُ وِلَايَةِ الْكَافِلِ أَمْرٌ إنْ مَضَى زَمَنٌ يُشْفَقُ فِيهَا وَدَنَاءَتُهَا (فَحَاكِمٌ) هُوَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي إنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ دَرَاهِمَ عَلَى تَوْلِيَةِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَعَدَمٌ فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثُ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) هَذَا الْقَوْلُ شَهَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَشَهَرَ هَذَا الْقَوْلَ أَبُو الْحَسَنِ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ ابْنٌ) أَيْ وُجُوبًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ: نَدْبًا وَعَلَيْهِمَا يَتَخَرَّجُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ وَلَمْ يَجُزْ فَرُوعِيَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَحُكِمَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عِنْدَ فَقْدِهِ وَرُوعِيَ الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ فَحُكِمَ بِالصِّحَّةِ كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ وَحِينَئِذٍ فَالصِّحَّةُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ زِنًا) أَيْ بِأَنْ ثُيِّبَتْ الْبَالِغُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ زَنَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ، وَأَمَّا إذَا ثُيِّبَتْ بِزِنًا وَأَتَتْ مِنْهُ بِابْنٍ فَإِنَّ الْأَبَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مُجْبِرَةٌ لِلْأَبِ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ إذَا لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْحَرَامِ بَيْنَ أَنْ يَنْشَأَ عَنْهُ ابْنٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً) أَيْ وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُجْبِرُ عَلَى الِابْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُجْبِرُ أَبًا أَوْ وَصِيًّا. (قَوْلُهُ: فَأَبٌ) أَيْ شَرْعِيٌّ أَيْ وَأَمَّا الْأَبُ الزَّانِي فَلَا عِبْرَةَ بِهِ كَالْأَبِ مِنْ الرَّضَاعِ. (قَوْلُهُ: فَأَخٌ لِأَبٍ) صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ فَقَطْ وَخَرَجَ الْأَخُ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَخِ وَابْنِهِ عَلَى الْجَدِّ هُنَا كَالْوَلَاءِ وَإِمَامَةِ الْجِنَازَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْجَدَّ وَأَبَاهُ، وَإِنْ عَلَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ قَالَ عج: بِغُسْلٍ وَإِيصَاءٍ وَلَاءٍ جِنَازَةٍ ... نِكَاحٍ أَخًا وَابْنًا عَلَى الْجَدِّ قَدِّمْ وَعَقْلٍ وَوَسْطِهِ بِبَابِ حِضَانَةٍ ... وَسَوِّهِ مَعَ الْآبَاءِ فِي الْإِرْثِ وَالدَّمِ ، ثُمَّ يَلِي ابْنَ الْعَمِّ أَبُو الْجَدِّ فَعَمُّ الْأَبِ وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَفَرْعُهُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ وَقِيلَ: إنَّ الْجَدَّ، وَإِنْ عَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ أَيْ عَلَى عَمِّهَا وَابْنِهِ وَعَلَى عَمِّ أَبِيهَا وَابْنِهِ وَعَلَى عَمِّ جَدِّهَا وَابْنِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْمُخْتَارُ أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ وَمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الشَّقِيقَ مِنْ الْإِخْوَةِ وَغَيْرَهُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتَرِعَانِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْأَخَوَيْنِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَهَا) أَيْ وَعَصَبَتُهُ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَ أَبَاهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَصَبَتِهِ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَوْلًى أَعْلَى وَتَرْتِيبُ عَصَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ كَتَرْتِيبِ عَصَبَتِهَا. (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ) أَيْ وَالْعَتِيقُ لَيْسَ مِنْ عَصَبَتِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلَانِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَقُلْ خِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعَبَّرُ بِهِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَكَافِلٌ) الْمُرَادُ بِالْمَكْفُولَةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مَنْ مَاتَ أَبُوهَا وَغَابَ أَهْلُهَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبِنْتَ إذَا مَاتَ أَبُوهَا وَغَابَ أَهْلُهَا وَكَفَلَهَا رَجُلٌ أَيْ قَامَ بِأُمُورِهَا حَتَّى بَلَغَتْ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِحَضَانَتِهَا شَرْعًا أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا وَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا فَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الْمَكْفُولَةِ أَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْكَافِلِ أَوْ لَا تَعُودُ. ثَالِثُهَا تَعُودُ إنْ كَانَ فَاضِلًا وَرَابِعُهَا تَعُودُ الْوِلَايَةُ إنْ عَادَتْ الْمَرْأَةُ لِكَفَالَتِهِ وَأَشْعَرَ إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا أَنَّ الْمَرْأَةَ الْكَافِلَةَ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ: لَهَا الْوِلَايَةُ لَكِنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْعَقْدَ بَلْ تُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ لِمَكْفُولَتِهَا. (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهَا) أَيْ بِالشُّرُوطِ الَّتِي بَلَغَتْ عَشْرًا. (قَوْلُهُ: وَأَظْهَرُهُ الْأَخِيرُ) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ: أَقَلُّ الْكَفَالَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْوِلَايَةُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَقِيلَ: عَشْرُ سِنِينَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا تُحَدَّ إلَّا بِمَا يُوجِبُ الْحَنَانَ وَالشَّفَقَةَ اهـ أَبُو الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ بِأَنْ كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ أَوْ جَمَالٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ جُمْلَةِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاكِمِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهَا) أَيْ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وِلَايَةِ الْكَافِلِ الدَّنَاءَةُ بَلْ وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ لِلدَّنِيئَةِ وَالشَّرِيفَةِ

إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ صِحَّتُهَا أَوْ خُلُوُّهَا مَعَ مَانِعٍ وَأَنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهَا أَوْ عَضَلَهَا أَوْ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ وَالْمَهْرِ فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا، وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ فَلَهَا إسْقَاطُ الْكَفَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ (فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ ذُكِرَ فَيَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا أَيُّ فَرْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِإِذْنِهَا حَيْثُ عُلِمَ خُلُوُّهَا مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ فَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا يَأْتِي (وَصَحَّ) النِّكَاحُ (بِهَا) أَيْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (فِي) تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ (دَنِيئَةٍ) كَمَسْلَمَانِيَّةِ وَمُعْتَقَةٍ وَفَقِيرَةٍ سَوْدَاءَ غَيْرِ ذَاتِ نَسَبٍ وَلَا حَسَبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا إنْ عَدِمَتْ النَّسَبَ وَالْحَسَبَ فَدَنِيئَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ جَمِيلَةً ذَاتَ مَالٍ (مَعَ) وُجُودِ وَلِيٍّ (خَاصٍّ) مِمَّنْ تَقَدَّمَ (لَمْ يُجْبِرْ) ، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا فَإِنْ وُجِدَ الْمُجْبِرُ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى فِي الدَّنِيئَةِ (كَشَرِيفَةٍ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ فِي شَرِيفَةٍ أَيْ ذَاتِ قَدْرٍ مِنْ حَسَبٍ وَعُلُوِّ نَسَبٍ وَجَمَالٍ وَمَالٍ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) بِأَنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ غَيْرَ تَوْأَمَيْنِ أَوْ مَضَى قَدْرُ ذَلِكَ كَثَلَاثِ سِنِينَ (وَإِنْ قَرُبَ) فِي الشَّرِيفَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ (فَلِلْأَقْرَبِ) عِنْدَ اجْتِمَاعِ أَقْرَبَ وَأَبْعَدَ وَلِلْبَعِيدِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِيبِ (أَوْ الْحَاكِمِ إنْ) عُدِمَ الْوَلِيُّ الْعَاصِبُ أَوْ وُجِدَ وَ (غَابَ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ (الرَّدُّ) فَإِنْ غَابَ غَيْبَةً قَرِيبَةً كَتَبَ إلَيْهِ الْحَاكِمُ وَيُوقَفُ الزَّوْجُ عَنْهَا (وَفِي تَحَتُّمِهِ) أَيْ تَحَتُّمِ الرَّدِّ أَيْ فَسْخِ النِّكَاحِ (إنْ طَالَ) الزَّمَنُ. (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ دَخَلَ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِطَالَ وَعَدَمِ تَحَتُّمِهِ فَلِلْوَلِيِّ الْإِجَازَةُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ (تَأْوِيلَانِ) (وَ) صَحَّ النِّكَاحُ حَالَ وُجُودِ أَوْلِيَاءٍ أَقْرَبَ وَأَبْعَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ ظَاهِرُهَا تَبِعَ فِيهِ عج، وَقَدْ اعْتَمَدَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَالْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ مُقَابِلَهُ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ. (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ صِحَّتُهَا) أَيْ خُلُوُّهَا مِنْ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ: وَخُلُوُّهَا مِنْ مَانِعٍ أَيْ كَالْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ (وَقَوْلُهُ: وَإِنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ) أَيْ التَّدَيُّنِ وَالْعَمَلِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ شِرِّيبًا وَلَا فَاسِقًا. (قَوْلُهُ: وَالْحَالِ) أَيْ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَا يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَقِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ مُسَاوَاتُهُ لَهَا فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَهُمَا تَقْرِيرَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَهْرِ) أَيْ وَأَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِثْبَاتُ الْكَفَاءَةِ فِي الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُحْتَاجُ لَهُ فِي غَيْرِ الْمَالِكَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ) أَيْ وَهِيَ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِ نَفْسِهَا وَقَوْلُهُ: فَلَهَا إسْقَاطُ إلَخْ أَيْ فَلَا يُحْتَاجُ فِي حَقِّهَا لِإِثْبَاتِ الْكَفَاءَةِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ لَهَا إسْقَاطَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ. . (تَنْبِيهٌ) لَوْ عَقَدَ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ. (قَوْلُهُ: فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ) الْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِ الْجِنْسُ وَإِضَافَةُ عَامَّةٍ لَهُ مِنْ إضَافَةِ الْمُؤَكِّدِ بِالْكَسْرِ لِلْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ أَيْ فَوِلَايَةُ الْمُسْلِمِينَ عَامَّتِهِمْ أَيْ كُلِّهِمْ فَلَا يَخْتَصُّ بِتِلْكَ الْوِلَايَةِ شَخْصٌ دُونَ آخَرَ بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِيهَا مَدْخَلٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَرِيفَةً أَوْ دَنِيئَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] وَمَتَى قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي عَلَى طَرِيقِ الْكِفَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ صَحَّ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْحَقُّ الْجَوَازُ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ فَتُّوحٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: كَمَسْلَمَانِيَّةِ وَمُعْتَقَةٍ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ وَحَسَبٍ وَهُوَ مَا قَالَهُ عج قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ الَّذِي فِي كَلَامِ زَرُّوقٍ أَنَّ الْمَسْلَمانِيَّةَ وَالْمُعْتَقَةَ إنَّمَا تَكُونُ دَنِيئَةً إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِالْمَالِ وَالْجَمَالِ وَالْحَسَبِ، وَنَصُّهُ فَإِنْ زَوَّجَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصَّةِ فَإِنْ كَانَتْ دَنِيئَةً كَالسَّوْدَاءِ وَالْمَسْلَمَانِيَّةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّنْ لَا يُرْغَبُ فِيهِ لِحَسَبٍ وَلَا مَالٍ وَلَا جَمَالٍ صَحَّ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ يَرْغَبُ فِيهَا مِنْهُنَّ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَشَرِيفَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَسَبٍ) هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَالْكَرَمِ وَالصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ وَقَوْلُهُ: إنْ عَدِمَتْ النَّسَبَ أَيْ عُلُوَّ النَّسَبِ. وَقَوْلُهُ: فَدَنِيئَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ جَمِيلَةً ذَاتَ مَالٍ أَيْ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ ذَاتَ نَسَبٍ وَحَسَبٍ كَانَتْ شَرِيفَةً، وَلَوْ فَقِيرَةً غَيْرَ جَمِيلَةٍ وَهَذَا غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ بَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ زَرُّوقٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبِرْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ الْمُجْبِرِ كَالْأَبِ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَيُفْسَخُ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ. (قَوْلُهُ: فَلِلْأَقْرَبِ الرَّدُّ) أَيْ وَلَهُ الْإِجَازَةُ، قَالَ عبق فَإِنْ سَكَتَ الْوَلِيُّ عِنْدَ عَقْدِ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا مَعَ حُضُورِهِ الْعَقْدَ فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ لُبٍّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِرِضَا الْأَقْرَبِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَا قَدَّمَ مَنْ تَوَلَّاهُ وَلَا يُعَدُّ هَذَا إقْرَارًا لِلنِّكَاحِ ذَكَرَهُ فِي نَوَازِلِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ الْخَالِي مَعَ حُضُورِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَرِضَاهُ دُونَ تَقْدِيمٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ وَبَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ إنْ طَالَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْبِنَاءِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُقِدَ لِلشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبِرِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ دَخَلَ أَمْ لَا فَهَلْ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ أَوْ لَا يَتَحَتَّمُ وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ تَأْوِيلَانِ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ تَحَتُّمِ الْفَسْخِ فَانْظُرْ هَلْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ التَّبَّانِ وَالثَّانِي لِابْنِ سَعْدُونٍ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِنَدْبِ التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أَنَّ

(بِأَبْعَدَ مَعَ) وُجُودِ (أَقْرَبَ) كَعَمٍّ مَعَ أَخٍ وَأَبٍ مَعَ ابْنٍ وَكَغَيْرِ شَقِيقٍ مَعَ شَقِيقٍ (إنْ لَمْ يُجْبِرْ) الْأَقْرَبُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ أَجَازَ مُجْبَرٌ إلَخْ (وَلَمْ يَجُزْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ وَشُبِّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ) كَكُلِّ وَلِيَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ غَيْرِ مُجْبِرَيْنِ كَعَمَّيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ دُونَ عَدَمِ الْجَوَازِ، إذْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَرْضِيِّ، وَأَمَّا الْمُجْبِرَانِ كَوَصِيَّيْنِ وَشَرِيكَيْنِ فِي أَمَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ أَجَازَ الْآخَرَ. وَلَمَّا كَانَتْ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا وَرِضَاهَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِضَاءُ الْبِكْرِ) بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ (صَمْتٌ) يَعْنِي صَمْتُهَا رِضًا وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا (كَتَفْوِيضِهَا) لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي صَمْتُهَا بِأَنْ قِيلَ لَهَا هَلْ تُفَوِّضِينَ لَهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ نَشْهَدُ عَلَيْك أَنَّك قَدْ فَوَّضْتِ الْعَقْدَ لَهُ؟ فَسَكَتَتْ (وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ) أَيْ بِأَنَّ صَمْتَهَا رِضًا مِنْهَا (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا) بَعْدَ الْعَقْدِ (دَعْوَى جَهْلِهِ) أَيْ جَهْلِهَا أَنَّ صَمْتَهَا رِضًا (فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْعُلَمَاءِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا الْجَهْلَ وَالْبَلَادَةَ (وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ) لِعَدَمِ رِضَاهَا (لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ) فَتُزَوَّجُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ بُكَاهَا عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَنْعٌ لَمْ تُزَوَّجْ (وَالثَّيِّبُ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ (تُعْرِبُ) أَيْ تُبَيِّنُ بِاللَّفْظِ عَمَّا فِي نَفْسِهَا وَلَمَّا كَانَ يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ سَبْعَةُ أَبْكَارٍ أَشَارَ لَهُنَّ بِالتَّشْبِيهِ بِهَا بِقَوْلِهِ. (كَبِكْرٍ) بَالِغٍ (رُشِّدَتْ) مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوُجُوبَ غَيْرُ شَرْطِيٍّ. (قَوْلُهُ: بِأَبْعَدَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَبْعَدُ هُوَ الْحَاكِمَ كَمَا قَالَهُ ح فَإِذَا لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِحُضُورِ أَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهَا وَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ كَانَتْ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِوَكَالَةِ وَاحِدٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْحَاكِمِ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ: سَابِقًا وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْعَدِ الْمُؤَخَّرُ عَنْ الْآخَرِ فِي الْمَرْتَبَةِ وَبِالْأَقْرَبِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ جِهَتُهُمَا مُتَّحِدَةً فَيَشْمَلُ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَقْرَبَ وَالْأَبْعَدَ فِي الْجِهَةِ وَإِلَّا لَأَوْهَمَ أَنَّ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً لِاتِّحَادِ جِهَتِهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ عَدَمُ الْجَوَازِ خَاصٌّ بِقَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إلَخْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ إلَخْ اهـ بْن وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِيهَا هُوَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ حُكِمَ بِالْجَوَازِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ بَلْ كَانَ الْقِيَاسُ الْعَكْسُ. (قَوْلُهُ: فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَدَمِ شُمُولِ مَا قَبْلَهَا لِمَا بَعْدَهَا خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَوَّزَ جَعْلَهَا لِلتَّمْثِيلِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: كَأَحَدِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ إذَا تَوَلَّاهُ أَحَدُ الْمُعْتِقِينَ (قَوْلُهُ: بَيَّنَهُ) أَيْ بَيَّنَ أَنَّ رِضَاهَا يَكُونُ بِأَيِّ شَيْءٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي صَمْتَهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَلْبًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ عَنْ الصَّمْتِ بِكَوْنِهِ رِضًا لَا الْإِخْبَارُ عَنْ الرِّضَا بِالصَّمْتِ. (قَوْلُهُ: رِضًا) أَيْ بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) يَعْنِي إذَا قِيلَ لَهَا: فُلَانٌ يُرِيدُ تَزَوُّجَك وَجَعَلَ لَك مِنْ الصَّدَاقِ كَذَلِكَ فَسَكَتَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تُفَوِّضِينَ لِفُلَانٍ فِي الْعَقْدِ فَسَكَتَتْ فَعَقَدَ لَهَا فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالصَّدَاقِ الَّذِي سُمِّيَ لَهَا فَبَعْدَ الْعَقْدِ ادَّعَتْ أَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ الزَّوْجِ أَوْ الصَّدَاقِ أَوْ الْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهَا، وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَجْهَلُ أَنَّ الصَّمْتَ رِضًا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَتَمَّ النِّكَاحُ وَهَذَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَتَأْوِيلُ الْأَقَلِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَاهَا أَنَّهَا تَجْهَلُ أَنَّ الصَّمْتَ رِضًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إعْلَامِهَا بِهِ، وَقَالَ حَمْدِيسٌ: إنْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ قُبِلَ دَعْوَاهَا الْجَهْلَ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ: كَتَفْوِيضِهَا لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ) فَيَكْفِي صَمْتُهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرَةً فِيهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا بِكْرٌ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا فِي التَّفْوِيضِ لِلْوَلِيِّ فِي الْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَكْفِي صَمْتُ الثَّيِّبِ فِي الْإِذْنِ لِلْوَلِيِّ حَضَرَتْ أَوْ غَابَتْ فَهِيَ كَالْبِكْرِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ فَفِي الْبِكْرِ يَكْفِي الصَّمْتُ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النُّطْقِ. (قَوْلُهُ: دَعْوَى جَهْلِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: لِشُهْرَتِهِ) أَيْ لِشُهْرَةِ أَنَّ صَمْتَهَا رِضًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَتْ) أَيْ بِالْقَوْلِ حِينَ عُرِضَ عَلَيْهَا الصَّدَاقُ أَوْ الزَّوْجُ بِأَنْ قَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفَرَتْ أَيْ بِالْفِعْلِ بِأَنْ قَامَتْ أَوْ غَطَّتْ وَجْهَهَا حَتَّى ظَهَرَ كَرَاهَتُهَا وَقَوْلُهُ: لَمْ تُزَوَّجْ لِعَدَمِ رِضَاهَا فَإِنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا أَبَدًا، وَلَوْ بَعْدَ بِنَاءٍ وَطُولٍ، وَلَوْ أَجَازَتْهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ اُشْتُرِطَ فِي الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهَا مَنْعٌ وَهَذِهِ قَدْ أَظْهَرَتْهُ. (قَوْلُهُ: فَتُزَوَّجُ) أَيْ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَى الرِّضَا صَرِيحًا وَلِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ ضِمْنًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ بُكَاهَا عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَتَقُولُ فِي نَفْسِهَا: لَوْ كَانَ أَبِي حَيًّا لَمْ أَحْتَجْ لِاسْتِئْذَانٍ. (قَوْلُهُ: عَمَّا فِي نَفْسِهَا) أَيْ مِنْ الرِّضَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا إذْنُهَا فِي الْعَقْدِ فَيَكْفِي فِيهِ الصَّمْتُ، كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا فِي التَّفْوِيضِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ عبق فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَخْ) صَوَابُهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا؛ لِأَنَّ الرُّشْدَ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ

فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا لَهُ (أَوْ) بِكْرٍ مُجْبَرَةٍ (عُضِلَتْ) أَيْ مَنَعَهَا أَبُوهَا مِنْ النِّكَاحِ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَزَوَّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا فَإِنْ أَمَرَ الْحَاكِمُ أَبَاهَا فَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنٍ (أَوْ) بِكْرٍ (زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ) وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوَّجُونَ بِهِ وَلَيْسَتْ مُجْبَرَةً (أَوْ) زُوِّجَتْ (بِرِقٍّ) بِأَنْ زُوِّجَتْ بِعَبْدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا، وَلَوْ مُجْبَرَةً (أَوْ) زُوِّجَتْ (بِ) زَوْجٍ ذِي (عَيْبٍ) لَهَا فِيهِ خِيَارٌ كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ، وَلَوْ مُجْبَرَةً فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا (أَوْ) بِكْرٍ (يَتِيمَةٍ) وَهِيَ الَّتِي قَدَّمَهَا بِقَوْلِهِ إلَّا يَتِيمَةٍ إلَخْ ذَكَرَهَا هُنَا لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي صَمْتُهَا. (أَوْ) بِكْرٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ (اُفْتِيتَ عَلَيْهَا) الِافْتِيَاتُ التَّعَدِّي أَيْ تَعَدَّى عَلَيْهَا وَلِيُّهَا غَيْرُ الْمُجْبِرِ فَعَقَدَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، ثُمَّ وَصَلَ لَهَا الْخَبَرُ فَرَضِيَتْ بِذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ وَلَا يَكْفِي الصَّمْتُ (وَصَحَّ) الْعَقْدُ حِينَئِذٍ بِشُرُوطٍ (إنْ قَرُبَ رِضَاهَا) بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ بِالسُّوقِ أَوْ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمُ بُعْدٌ فَلَا يَصِحُّ رِضَاهَا بِهِ مَعَهُ وَأَنْ تَكُونَ الَّتِي اُفْتِيتَ عَلَيْهَا (بِالْبَلَدِ) حَالَ الِافْتِيَاتِ وَالرِّضَا فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَرُبَا أَيْ الْمَكَانَانِ وَأَنْهَى إلَيْهَا الْخَبَرُ مِنْ وَقْتِهِ (وَلَمْ يُقِرَّ) الْوَلِيُّ (بِهِ) أَيْ بِالِافْتِيَاتِ (حَالَ الْعَقْدِ) بِأَنْ سَكَتَ أَوْ ادَّعَى الْإِذْنَ وَكَذَّبَتْهُ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ وَهُوَ أَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ الرِّضَا فَإِنْ رَدَّتْ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا بَعْدَهُ وَالِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ كَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، وَأَمَّا الِافْتِيَاتُ عَلَيْهِمَا مَعًا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ مُطْلَقًا. وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ إنْ عَقَدَ غَيْرُ الْمُجْبِرِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْبِرِ لَا يَصِحُّ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ أَشْخَاصًا ثَلَاثَةً بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (أَجَازَ) نِكَاحًا وَلِيٌّ (مُجْبِرٌ) أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مَالِكٌ (فِي) عَقْدِ (ابْنٍ) لِلْمُجْبِرِ (وَأَخٍ) لَهُ (وَجَدٍّ) لِلْمُجْبَرَةِ وَهُوَ أَوْ الْمُجْبِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا) أَيْ بِأَنَّهَا رَاضِيَةٌ بِذَلِكَ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَلَا يَكُونُ سُكُوتُهَا إذْنًا مِنْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَرْضَى بِهِ بِالْقَوْلِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَيَكْفِي فِي الرِّضَا بِهِ صَمْتُهَا كَمَا يَظْهَرُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مُجْبَرَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ يَتِيمَةً لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ وَهِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بِالرِّضَا بِذَلِكَ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ مُشْتَرِيَةٌ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لَا يَلْزَمُ بِالصَّمْتِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوَّجُونَ بِهِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ تُزَوَّجُ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِنُطِقْهَا وَيَكْفِي فِي رِضَاهَا بِالصَّدَاقِ صَمْتُهَا. (قَوْلُهُ: بِرِقٍّ) أَيْ بِزَوْجٍ ذِي رِقٍّ، وَلَوْ كَانَ عَبْدَ أَبِيهَا وَزَوَّجَهَا أَبُوهَا بِهِ لِمَا فِي تَزْوِيجِهَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمَعَرَّةِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ مِثْلُهَا فِي تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ عَبْدِ أَبِيهَا اهـ خش. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا) أَيْ بِالرِّضَا بِهِ، وَلَوْ مُجْبَرَةً. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي صَمْتُهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهَا تُجْبَرُ إذَا خِيفَ فَسَادُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا) أَيْ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْخِطْبَةِ قَبْلُ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِجَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهَا فَلَا تَكْفِي عَنْ عَرْضِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَالِاسْتِئْذَانِ فِيهِ وَتَعْيِينِ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا إذَا رَضِيَتْ بِعَقْدِ وَلِيِّهَا عَلَيْهَا افْتِيَاتًا. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ رَضِيَتْ بِالْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: وَالْيَوْمُ بُعْدٌ) لَا يَخْفَى مُعَارِضُهُ مَفْهُومَ هَذَا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ فِي وَقْتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَفْهُومِ هَذَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ رِضَاهَا بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: مَعَهُ أَيْ مَعَ تَأَخُّرِ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهَا يَوْمًا وَقِيلَ: يَصِحُّ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ كَالشَّرْطِيِّ أَمْ لَا أَيْ أَهَلْ الْخِيَارُ الَّذِي جَرَى إلَيْهِ الْحُكْمُ وَهُوَ الْخِيَارُ الَّذِي فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ الْعَقْدِ وَرِضَاهَا كَالْخِيَارِ الْحَاصِلِ بِالشَّرْطِ وَحِينَئِذٍ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ الرِّضَا الْوَاقِعِ بَعْدَ الْيَوْمِ أَوْ لَيْسَ مِثْلَهُ. (قَوْلُهُ: بِالْبَلَدِ) أَيْ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ افْتِيَاتًا، وَلَوْ بَعُدَ طَرَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَلَدُ وَاحِدًا نَزَلَ بُعْدُ الطَّرَفَيْنِ مَنْزِلَةَ الْقُرْبِ بِخِلَافِ الْبَلَدَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَا فَإِنَّ شَأْنَهُمَا بُعْدُ الْمَسَافَةِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَكَانَانِ) أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَكَانُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ افْتِيَاتًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقِرَّ الْوَلِيُّ بِهِ) فَإِنْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ الْوَاقِعُ مِنْهُ الِافْتِيَاتَ بِالِافْتِيَاتِ حَالَ الْعَقْدِ فُسِخَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَرُبَ رِضَاهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اهـ خش. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ) فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ شَرْطٌ خَامِسٌ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُفْتَاتَ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنَّمَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ الْعَقْدِ بِالنُّطْقِ وَأَنْ يَكُونَ رِضَاهَا قَرِيبًا زَمَنُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْعَقْدُ افْتِيَاتًا وَأَنْ لَا يُقِرَّ الْوَلِيُّ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الِافْتِيَاتُ بِالِافْتِيَاتِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَأَنْ لَا يَقَعَ مِنْهَا رَدٌّ قَبْلَ الرِّضَا. وَالشَّارِحُ جَعَلَ الشُّرُوطَ أَرْبَعَةً نَظَرًا لِكَوْنِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ صِحَّةَ نِكَاحِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا الَّتِي رَضِيَتْ بِالْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الرَّدِّ، وَلَوْ قَرُبَ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: كَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِهِ نُطْقًا بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَتْ كُلُّ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضُهَا أَوْ عُدِمَتْ رَأْسًا (قَوْلُهُ: أَشْخَاصًا ثَلَاثَةً) جَعَلَهَا ثَلَاثَةً بِاعْتِبَارِ اسْتِثْنَائِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ لَا خُصُوصِيَّةَ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بَلْ كُلُّ وَلِيٍّ كَذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُجْبِرَ إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ أَوْ أَخٌ أَوْ أَبٌ أَوْ جَدٌّ، ثُمَّ إنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةَ ذَلِكَ الْمُجْبِرِ أَوْ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ حَاضِرٌ فَلَمَّا اطَّلَعَ الْمُجْبِرُ عَلَى ذَلِكَ أَجَازَهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَمْضِي إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُجْبِرُ

صَدَرَ مِنْهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُجْبِرِ وَيُحْتَمَلُ جَدُّ الْمُجْبِرِ وَهُوَ جَدُّ أَبِيهَا، وَكَذَا سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ بِالشَّرْطِ الْآتِي وَاقْتُصِرَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَالْأَخْصَرُ وَالْأَشْمَلُ أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي وَلِيٍّ (فَوَّضَ) الْمُجْبِرُ (لَهُ أُمُورَهُ) بِالصِّيغَةِ أَوْ بِالْعَادَةِ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ لَهُ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ وَثَبَتَ التَّفْوِيضُ الْمَذْكُورُ (بِبَيِّنَةٍ جَازَ) جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ الْعَقْدُ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ قَرُبَ) مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَوْ مُطْلَقًا (تَأْوِيلَانِ وَفُسِخَ) أَبَدًا إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْمُجْبِرُ أَوْ لَمْ يُفَوِّضْ لِمَنْ ذُكِرَ (تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَأَخٍ وَجَدٍّ (ابْنَتَهُ) أَيْ ابْنَةَ الْمُجْبِرِ، وَكَذَا أَمَتُهُ، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ (فِي) غَيْبَتِهِ غَيْبَةً قَرِيبَةً (كَعَشْرٍ) مِنْ الْأَيَّامِ ذَهَابًا فَالْأَوْلَى إذَا كَانَ حَاضِرًا وَهَذَا إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَلَمْ يَخْشَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَكَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْقَاضِي. ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً جِدًّا فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ) ابْنَةَ الْغَائِبِ الْمُجْبَرَةَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (فِي) غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ (كَإِفْرِيقِيَّةَ) إذَا لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ، وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةٌ وَإِذْنُهَا صَمْتُهَا فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهَا زَوَّجَهَا، وَلَوْ جَبْرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَظُهِّرَ) لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ إفْرِيقِيَّةَ مُبْتَدَأَةٌ (مِنْ مِصْرَ) ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ بِهَا وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا كَانَ بِهَا وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعُ أَشْهُرٍ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ) بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي مَظِنَّتُهُ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَوَّضَ لِذَلِكَ الْعَاقِدِ أُمُورَهُ وَثَبَتَ التَّفْوِيضُ بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ: صَدَرَ) أَيْ ذَلِكَ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَلْحَقَ بِهِمْ ابْنُ حَبِيبٍ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ إذَا قَامُوا هَذَا الْمَقَامَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ تَفْوِيضَ الْمُجْبِرِ فَلَا فَرْقَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِابْنِ حَبِيبٍ خَاصَّةً اهـ كَلَامُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ احْتِمَالَاتٌ فَقَطْ، وَظَاهِرُ عبق أَنَّهَا تَأْوِيلَاتٌ لِلشُّيُوخِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فِي وَلِيٍّ) أَيْ فِي صُورَةِ عَقْدِ وَلِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ التَّفْوِيضُ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّ الْمُجْبِرَ نَصَّ لَهُ عَلَى التَّفْوِيضِ بِأَنْ قَالَ: لَهُ فَوَّضْت إلَيْك جَمِيعَ أُمُورِي أَوْ أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ يَتَصَرَّفُ لَهُ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ لَهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّفْوِيضَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِقَوْلِ الْمُجْبِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ مَضَى (قَوْلُهُ: وَهَلْ مَحَلُّ الْجَوَازِ) أَيْ الْمُضِيِّ وَالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِحَمْدِيسٍ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُجْبِرَ إذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ كَانَ حَاضِرًا، ثُمَّ إنَّ الْحَاكِمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ يُفَوِّضْ لَهُ أُمُورَهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحَتُّمِ الْفَسْخِ، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ جَارِيَةً إلَخْ أَيْ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ إضْرَارُهُ بِهَا بِغَيْبَتِهِ بِأَنْ قَصَدَ تَرْكَهَا مِنْ غَيْرِ زَوَاجٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ تَزَوُّجَهَا أَوْ تُوَكِّلَ وَكِيلًا يُزَوِّجُهَا وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ كَمَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْقَاضِي) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغَةً أَوْ لَا، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا، وَلَوْ لَمْ تَأْذَنْ بِالْقَوْلِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الصَّغِيرَةَ غَيْرَ الْيَتِيمَةِ تُزَوَّجُ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ أَوْ عُدِمَتْ النَّفَقَةُ وَأَنَّهُ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ لَا وَلِيُّهَا خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ فَلَيْسَتْ كَالْيَتِيمَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ هَذِهِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَالْيَتِيمَةُ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا بَعْدَ مَشُورَةِ الْحَاكِمِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ إلَخْ) يَبْقَى الْكَلَامُ فِي الْغَيْبَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمُهُ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي النِّصْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ وَيَلْحَقُ بِالْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ فَيُفْسَخُ. (قَوْلُهُ: فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ) أَيْ فِي كُلِّ غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ كَإِفْرِيقِيَّةَ وَمَحَلُّ جَوَازِ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لَهَا إذَا كَانَتْ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا يُزَوِّجُهَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ حَارِثٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي ح خِلَافًا لِمَا اعْتَمَدَهُ طفى مِنْ اشْتِرَاطِ قَطْعِ النَّفَقَةِ وَخَوْفِ الضَّيْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِيَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ: وَإِذْنُهَا صَمْتُهَا) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ إذْ لَمْ يَعُدَّهَا فِيمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَبْرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) هُوَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَظُهِّرَ مِنْ مِصْرَ) اسْتَبْعَدَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَكْثَرُ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ لَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِمَالِكٍ لَكِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمَّا قَرَّرَهَا بِمِصْرَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَبْدَأَ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ إفْرِيقِيَّةَ بَعِيدَةٌ مِنْ الْبَلَدَيْنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُزَوِّجَهَا فِي غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ كَإِفْرِيقِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مُتَوَطِّنًا بِهَا أَمْ لَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَوَطِّنًا بِالْفِعْلِ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَنَحْوِهَا وَأُخِّرَ هَذَا التَّأْوِيلُ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ضَعَّفَهُ وَقَالَ: لَا وَجْهَ لَهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِتِجَارَةٍ) أَيْ لِإِفْرِيقِيَّةَ وَنَحْوِهَا

وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ فَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ ابْنَتَهُ، وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ إلَّا إذَا خِيفَ فَسَادُهَا وَشُبِّهَ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ قَوْلُهُ: (كَغَيْبَةِ) الْوَلِيِّ (الْأَقْرَبِ) غَيْرِ الْمُجْبِرِ (الثَّلَاثَ) فَمَا فَوْقَهَا فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبْعَدِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلُ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَتْ دُونَ الثَّلَاثِ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ أَوْ وَكَّلَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ لَا الْحَاكِمُ. (وَإِنْ) (أُسِرَ) الْوَلِيُّ مُجْبِرًا كَانَ أَوْ لَا (أَوْ فُقِدَ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ (فَالْأَبْعَدُ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَا الْحَاكِمُ. ثَمَّ شُبِّهَ فِي الِانْتِقَالِ لِلْأَبْعَدِ مَنْ فَقَدَ شَرْطَ الْوَلِيِّ وَهِيَ سِتَّةٌ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْإِحْرَامِ وَعَدَمُ الْكُفْرِ فِي الْمُسْلِمَةِ، وَأَمَّا الرُّشْدُ وَالْعَدَالَةُ فَشَرْطَا كَمَالٍ بِقَوْلِهِ (كَذِي رِقٍّ) أَبٍ أَوْ مَالِكٍ فَإِنْ عَقَدَ الرَّقِيقُ عَلَى وَلِيَّتِهِ فُسِخَ أَبَدًا، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَوْ كَانَتْ دَنِيئَةً أَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ بِطَلْقَةٍ (وَصِغَرٍ وَعَتَهٍ) ضَعْفِ عَقْلٍ وَأُولِي جُنُونٍ (وَأُنُوثَةٍ) فَإِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ مُتَّصِفًا بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ مِنْهُ لِلْأَبْعَدِ (لَا) ذِي (فِسْقٍ) فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ لِلْأَبْعَدِ، إذْ الْفِسْقُ لَا يَسْلُبُهَا عَلَى الرَّاجِحِ (وَسَلَبَ الْكَمَالَ) فَإِذَا كَانَ مَعَ الْفَاسِقِ عَدْلٌ فِي دَرَجَتِهِ فَالْعَدْلُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ الْفَاسِقِ. (وَوَكَّلَتْ) امْرَأَةٌ (مَالِكَةٌ) لِأَمَةٍ (وَوَصِيَّةٌ) عَلَى أُنْثَى (وَمُعْتِقَةٌ) لِأُنْثًى ذَكَرًا مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ فِي عَقْدِ الْأُنْثَى فِي الثَّلَاثِ (وَإِنْ) كَانَ الْوَكِيلُ (أَجْنَبِيًّا) مِنْ الْمُوَكِّلَةِ فِي الثَّلَاثِ مَعَ حُضُورِ أَوْلِيَائِهَا وَمِنْ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا فِي الثَّالِثَةِ حَيْثُ يَكُونُ لَهَا وَلِيُّ نَسَبٍ، إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْمُعْتِقَةِ حِينَئِذٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيمِ وَلِيِّ النَّسَبِ عَلَى الْمُعْتِقَةِ بِالْكَسْرِ فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي تَزْوِيجِ الْأُنْثَى، وَأَمَّا فِي تَزْوِيجِ الذَّكَرِ فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا تَلِي تَزْوِيجَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلِمَا ذُكِرَ سَلْبُ الْوِلَايَةِ عَنْ ذِي الرِّقِّ ذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَرِقَّاءِ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ كَبَعْضِ الْإِنَاثِ وَهُنَّ الْمَذْكُورَاتُ مُشَبَّهًا لَهُ بِهِنَّ بِقَوْلِهِ (كَعَبْدٍ أُوصِيَ) عَلَى أُنْثَى فَإِنَّهُ يُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (وَمُكَاتَبٍ فِي) تَزْوِيجِ (أَمَةٍ) لَهُ إذَا (طَلَبَ فَضْلًا) فِي مَهْرِهَا بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يُجِيرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ وَعَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا كَأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا خَمْسِينَ وَبِعَيْبِ التَّزْوِيجِ أَرْبَعِينَ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا عَشَرَةٌ فَزَوَّجَهَا بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَهِيَ أَزْيَدُ مِنْ صَدَاقِهَا وَمَا يَجْبُرُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ مَعًا فَإِنَّهُ يُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا (وَإِنْ كَرِهَ) ذَلِكَ (سَيِّدُهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ مَعَ عَدَمِ تَبْذِيرِهِ فِيهِ فَإِنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فُسِخَ أَبَدًا، وَإِنْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ. (وَمَنَعَ) صِحَّةَ النِّكَاحِ (إحْرَامٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ) الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَوَلِيِّهَا فَلَا يَقْبَلُ زَوْجٌ وَلَا تَأْذَنُ زَوْجَةٌ وَلَا يُوجِبُ وَلِيُّهَا وَلَا يُوَكِّلُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ) الْأَوْلَى وَيُرْجَى عَوْدُهُ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ ابْنَتَهُ أَيْ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ غَيْرَ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مَسَافَتُهَا مِنْ بَلَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا وُدِعَتْ لِكُفْءٍ وَأَثْبَتَتْ مَا تَدَّعِيهِ مِنْ الْغَيْبَةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْكَفَاءَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لَا الْأَبْعَدَ فَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ فَلَوْ كَانَ لِهَذَا الْغَائِبِ وَكِيلٌ مُفَوَّضٌ لِتَوَلِّي التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ نَفْسِهِ وَلَيْسَتْ الثَّيِّبُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَكَالَةِ كَالْبِكْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ فَالْأَبْعَدُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ) أَيْ يُزَوِّجُهَا بِرِضَاهَا لَوْ جَرَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةً قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَلَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ قَالَ بْن: وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا مَا رَجَّحَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْأَسِيرَ وَالْمَفْقُودَ كَذِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُمَا إلَّا الْحَاكِمُ وَلَا يُنْقَلُ الْأَمْرُ لِلْأَبْعَدِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ قَائِلًا أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْفَقْدِ وَالْأَسْرِ وَبَعْدَ الْغَيْبَةِ، اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَذَلِكَ لِتَنْزِيلِ أَسْرِ الْأَقْرَبِ وَفَقْدِهِ مَنْزِلَةَ مَوْتِهِ وَهُوَ إذَا مَاتَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ بِخِلَافِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ فَإِنَّ حَيَاتَهُ مَعْلُومَةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَنْ فَقَدَ شَرْطَ الْوَلِيِّ) أَيْ مَنْ فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِهِ فَشَرْطٌ فِي كَلَامِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ. (قَوْلُهُ: كَذِي رِقٍّ) أَيْ كَمَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ فِي الْعَقْدِ لِلْأَبْعَدِ إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ ذَا رِقٍّ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ أَوْ الْمَالِكُ رَقِيقًا. (قَوْلُهُ: عَلَى وَلِيَّتِهِ) أَيْ الَّتِي هِيَ بِنْتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ دَنِيئَةً أَيْ وَلَوْ كَانَتْ دَنِيئَةً، وَلَوْ كَانَ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَهُمَا دَاخِلَانِ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فُسِخَ أَبَدًا (قَوْلُهُ: ذَكَرًا) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ وَكَّلَتْ وَقَوْلُهُ: مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ أَيْ السِّتَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْوَلِيِّ الْمُبَاشِرِ لِعَقْدِ الْأُنْثَى وَقَوْلُهُ: فِي عَقْدِ الْأُنْثَى مُتَعَلِّقٌ بِوَكَّلْتُ وَإِنَّمَا وَكَّلَتْ مَنْ ذُكِرَ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ حَقًّا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ ذُكِرَ تَلِي تَزْوِيجَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ الْمَرْأَةُ لِلذَّكَرِ نَقَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ: كَبَعْضِ الْإِنَاثِ) أَيْ وَهُوَ الْمَالِكَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْمُعْتِقَةُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُنَّ فَإِنَّهُنَّ يَمْنَعْنَ الْمُبَاشَرَةَ لِلْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ ثَابِتَةً لَهُنَّ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ) أَيْ وَلَا يُبَاشِرُ الْعَقْدَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِمُبَاشَرَتِهِ (قَوْلُهُ: طَلَبَ فَضْلًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ فَضْلًا بِزَوَاجِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا بَلْ الْمُتَوَلِّي لِعَقْدِهَا إنَّمَا هُوَ سَيِّدُهُ وَتَوْكِيلُهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ جَازَ فَلَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ طَلَبَ بِزَوَاجِهَا فَضْلًا أَمْ لَا حُمِلَ عَلَى عَدَمِ طَلَبِ الْفَضْلِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَزِيدَ) أَيْ مَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَحْرَزَ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا جَازَ لِلْمُكَاتَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ إذَا طَلَبَ فَضْلًا فِي مَهْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُوَكِّلُونَ) أَيْ لَا يُوَكِّلُ الزَّوْجُ وَلَا الْمَرْأَةُ وَلَا الْوَلِيُّ الْمُحْرِمُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ إلَى تَمَامِ الْإِحْلَالِ بِالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فِي

وَلَا يُجِيزُونَ وَيُفْسَخُ أَبَدًا (كَكُفْرٍ) فَإِنَّهُ يَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ (لِمُسْلِمَةٍ) فَلَا يَتَوَلَّى الْكَافِرُ عَقْدَ ابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ (وَعَكْسِهِ) فَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِقَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ (إلَّا لِأَمَةٍ) لَهُ كَافِرَةٍ فَيُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ لِكَافِرٍ فَقَطْ (وَ) إلَّا لِ (مُعْتَقَةٍ) لَهُ كَافِرَةٍ (مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ) بِأَنْ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَيُزَوِّجُهَا، وَلَوْ لِمُسْلِمٍ حَيْثُ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (وَزَوَّجَ الْكَافِرُ) وَلِيَّتَهُ الْكَافِرَةَ (لِمُسْلِمٍ) . (وَإِنْ) (عَقَدَ مُسْلِمٌ) عَلَى كَافِرَةٍ، وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً (لِكَافِرٍ) (تُرِكَ) عَقْدُهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِفَسْخٍ، وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الرُّشْدِ فِي الْوَلِيِّ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الرَّاجِحِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ] (وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ) أَيْ الْعَقْلِ وَالْفِطْنَةِ، وَلَوْ مُجْبِرًا، إذْ سَفَهُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُجْبَرًا (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) اسْتِحْسَانًا وَلَيْسَ بِشَرْطِ صِحَّةٍ فَلَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ إذْنِهِ نُدِبَ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ لِيَنْظُرَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَضَى كَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيَنْفَسِخُ عَقْدُهُ (وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ) فِي قَبُولِ الْعَقْدِ لَهُ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْوِلَايَةِ كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَكَافِرٍ وَصَبِيٍّ إلَّا الْمُحْرِمَ وَالْمَعْتُوهَ. (لَا) يَصِحُّ تَوْكِيلُ (وَلِيٍّ) لِامْرَأَةٍ (إلَّا كَهُوَ) أَيْ إلَّا مِثْلَهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَعَدَمِ الْإِحْرَامِ وَالْعَتَهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ، وَلَوْ أَبًا غَيْرَ مُجْبِرٍ وُجُوبًا (الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ) رَضِيَتْ بِهِ (وَ) لَوْ دَعَتْ لِكُفْءٍ وَدَعَا وَلِيُّهَا لِكُفْءٍ غَيْرِهِ كَانَ (كُفْؤُهَا أَوْلَى) أَيْ أَوْجَبَ أَيْ فَيَتَعَيَّنُ كُفْؤُهَا (فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) بِتَزْوِيجِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُجِيزُونَ) أَيْ إذَا اُفْتِيتَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْإِحْرَامُ كَمَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ يَمْنَعُ مِنْ التَّوْكِيلِ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُ مِنْ إجَازَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ أَبَدًا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ لَكِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ بِهِ التَّحْرِيمُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ وَأَفَاضَ وَنَسِيَ الرَّكْعَتَيْنِ وَعَقَدَ فَإِنْ نَكَحَ بِالْقُرْبِ فُسِخَ، وَإِنْ تَبَاعَدَ جَازَ نِكَاحُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ الْقُرْبُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْتَدِئَ طَوَافَهُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ مَنْظُورٌ فِيهِمَا لِتَرْكِ الرَّكْعَتَيْنِ مَعَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِمَا لِلْعَقْدِ مَعَ وَقْتِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَإِذَا عَقَدَ أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِهِ كَانَ ذَلِكَ قُرْبًا، وَإِنْ عَقَدَ بَعْدَ الْوُصُولِ لِبَلَدِهِ كَانَ بَعْدًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِقَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ) أَيْ وَأَوْلَى غَيْرُهَا فَلَوْ وَقَعَ وَتَوَلَّى نِكَاحَهَا فَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ فُسِخَ، وَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ تُرِكَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ لِكَافِرٍ فَقَطْ) أَيْ لِعَبْدٍ كَافِرٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا لِمُسْلِمٍ، وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ فِي تَزْوِيجِهَا لِحُرٍّ كَافِرٍ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِوُجُودِ عِلَّةِ عَدَمِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ وَهُوَ اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ. وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: عُمُومَاتُ كَلَامِهِمْ تَشْمَلُ عَقْدَهُ لِلْكَافِرِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الْمُعْتَقَةِ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا أَهْلِ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِنَّ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ أَصَالَةً أَوْ الْمُعْتَقِينَ بِفَتْحِ التَّاءِ إذَا كَانَ عِتْقُهُمْ مِنْ كَافِرٍ مُطْلَقًا أَيْ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ عِتْقُهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَطْ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ عَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِأَنْ عَتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ أَمَتَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا، إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُسْلِمَ (قَوْلُهُ: عَلَى كَافِرَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً لَهُ بَلْ وَلَوْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تُرِكَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَهَا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ) أَيْ لِإِعَانَتِهِ الْكَافِرَ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِيَنْظُرَ فِيهِ) أَيْ فَإِنْ وَجَدَهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِوَلِيٍّ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ذُو رَأْيٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْكَاحُهُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَيُفْسَخُ عَقْدُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ نَظَرَ وَإِلَّا مَضَى أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِلْفَسْخِ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ النَّظَرُ فِيهِ فَإِنْ وَجَدَهُ نَظَرًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي الْمَوَّاقِ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ خُصَّ وَلِيُّهُ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَتُزَوَّجُ بِنْتُهُ كَيَتِيمَةٍ وَيُخْتَلَفُ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ هَلْ الْأَبُ أَوْ الْوَلِيُّ، وَلَوْ عَقَدَ حَيْثُ يَمْنَعُ مِنْهُ نَظَرٌ فَإِنْ كَانَ حَسَنَ النَّظَرِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ) اعْلَمْ أَنَّ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ لِلْجَمِيعِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالصِّحَّةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَا وَلِيَّ إلَّا كَهُوَ اهـ بْن وَيَدُلُّ لِجَوَازِهِ ابْتِدَاءً مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالصَّبِيُّ أَيْ الْمُمَيِّزُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ كَالْمَعْتُوهِ (قَوْلُهُ: إلَّا كَهُوَ) أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ مَالِكٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ عَلَى قِلَّةٍ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ رَضِيَتْ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَتْهُ لِلتَّزَوُّجِ بِهِ أَوْ لَمْ تَطْلُبْهُ بِأَنْ خَطَبَهَا وَرَضِيَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُضْطَرَّةً لِعَقْدِهِ كَانَ ذَلِكَ ضِرَارًا بِهَا، وَأَمَّا الْأَبُ الْمُجْبِرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْئِهَا؛ لِأَنَّهُ يُجْبِرُهَا إلَّا لِكَخَصِيٍّ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ عَضْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْئِهَا وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةٌ وَتَدْعُو لِمُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا تُجَابُ لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ أَوْلِيَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ غَيْرُ كُفْءٍ لَهَا عِنْدَهُمْ فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى تَزْوِيجِهَا بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَكُفْؤُهَا أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ

فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ (ثُمَّ) إنْ امْتَنَعَ (زَوَّجَ) الْحَاكِمُ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَصِيرُ عَاضِلًا بِرَدِّهِ أَوَّلَ كُفْءٍ بِخِلَافِ الْمُجْبِرِ. كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ) مُجْبِرٌ وَمِثْلُهُ وَصِيُّهُ الْمُجْبِرُ (بِكْرًا) الْأَوْلَى مُجْبَرَةٌ لِيَشْمَلَ الثَّيِّبَ الْمُجْبَرَةَ (بِرَدٍّ) لِلْكُفْءِ (مُتَكَرِّرٍ) نَعْتٌ لِرَدِّ تَعَدُّدِ الْخَاطِبِ أَوْ اتَّحِدْ أَيْ لَا يُعَدُّ عَاضِلًا (حَتَّى يَتَحَقَّقَ) عَضْلُهُ وَإِضْرَارُهُ، وَلَوْ بِمَرَّةٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ زَوَّجَ. (وَإِنْ) (وَكَّلَتْهُ) الْمَرْأَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا (مِمَّنْ أَحَبَّ) الْوَكِيلُ (عَيَّنَ) لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وُجُوبًا مَنْ أَحَبَّهُ لَهَا لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النِّسَاءِ فِي أَعْيَانِ الرِّجَالِ (وَإِلَّا) يُعَيِّنُ (فَلَهَا الْإِجَازَةُ) وَالرَّدُّ (وَلَوْ بَعْدَ) مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَاطِّلَاعِهَا عَلَى التَّزْوِيجِ (لَا الْعَكْسُ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ شَخْصًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمَرْأَةَ فَزَوَّجَهُ مِنْ امْرَأَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ لَزِمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَزْوِيجِهَا بِالْكُفْءِ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) الْأَوْلَى مَا إذَا طَلَبَهَا كُفْءٌ وَرَضِيَتْ بِهِ طَلَبَتْ التَّزْوِيجَ بِهِ أَوْ لَا وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا دَعَتْ لِكُفْءٍ وَدَعَا وَلِيُّهَا لِكُفْءٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ سَأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَأَبْدَى لَهُ وَجْهَهُ وَرَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ امْتَنَعَ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبِرِ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِالْكُفْءِ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَإِنْ أَبْدَى وَجْهًا وَرَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُبْدِ وَجْهًا صَحِيحًا أُمِرَ بِتَزْوِيجِهَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا بَعْدَ الْأَمْرِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَقِلُ) أَيْ بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا لِكُفْئِهَا الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: الْمُزَوِّجُ مَعَ عَضْلِ الْأَبِ الْحَاكِمُ بِلَا إشْكَالٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ لَا لِلْأَبْعَدِ. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: إنَّمَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ، وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ؛ لِأَنَّ عَضْلَ الْأَقْرَبِ وَاسْتِمْرَارَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَيَّرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا مَثَلًا وَمَا فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ اسْتَصْوَبَهُ بْن وَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَلِيَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ، ثُمَّ زَوَّجَ الْحَاكِمُ أَوْ كُلُّ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ) أَيْ لَا يُعَدُّ الْأَبُ الْمُجْبِرُ عَاضِلًا لِمُجْبَرَتِهِ بِرَدِّهِ لِكُفْئِهَا رَدًّا مُتَكَرِّرًا وَذَلِكَ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْأَبُ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى بِنْتِهِ وَلِجَهْلِهَا بِمَصَالِح نَفْسِهَا فَرُبَّمَا عَلِمَ الْأَبُ مِنْ حَالِهَا أَوْ مِنْ حَالِ الْخَاطِبِ مَا لَا يُوَافِقُ فَلَا يُعَدُّ عَاضِلًا بِمَا ذُكِرَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ عَضْلُهُ. وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنَعَ مَالِكٌ بَنَاتِهِ، وَقَدْ رَغِبَ فِيهِنَّ خِيَارُ الرِّجَالِ وَفَعَلَهُ الْعُلَمَاءُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَحَاشَاهُمْ أَنْ يَقْصِدُوا بِهِ الضَّرَرَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَصِيَّةُ الْمُجْبِرِ) وَقِيلَ: إنَّ الْوَصِيَّ الْمُجْبِرَ يُعَدُّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى مُجْبَرَةٌ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا مُرَشَّدَةً فَيُعَدُّ الْأَبُ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ كَمَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّحَدَ) أَيْ وَلَكِنَّهُ رَدَّهُ رَدًّا مُتَكَرِّرًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَرَّةٍ) بَلْ وَلَوْ بِدُونِ مَرَّةٍ أَصْلًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: أَمَرَهُ الْحَاكِمُ أَيْ بِالتَّزْوِيجِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَوَّجَ أَيْ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ وَلَا يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ، إذْ لَا مَعْنَى لِلسُّؤَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ عُضِلَتْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت وَأَوْلَى إذَا لَمْ تَقُلْ مِمَّنْ أَحْبَبْت بِأَنْ قَالَتْ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهَا الزَّوْجَ قَبْلَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُعَيِّنُ) أَيْ وَإِلَّا يُعَيِّنُهُ لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ بَلْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ مُعْتَمِدًا عَلَى عُمُومِ إذْنِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ) أَيْ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهَا وَمِنْ نَفْسِهِ خُيِّرَتْ اهـ بْن وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِدُونِهِ فَالْخِيَارُ لَهَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعُدَ) الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبُعْدُ جِدًّا وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْمُبَالَغَةِ رَاجِعَةً لِلْإِجَازَةِ فَقَطْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ لَهَا الْإِجَازَةُ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ اتِّفَاقًا وَفِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَتَحَتَّمُ الرَّدُّ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا الْإِجَازَةُ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ لِأَنَّهَا وَكَّلَتْ بِخِلَافِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَمَّا لَمْ تُوَكِّلْ اُشْتُرِطَ قُرْبُ رِضَاهَا وَإِجَازَتُهَا. . (تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ هِيَ فَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا كَالْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ

إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ (وَلِابْنِ عَمٍّ وَنَحْوَهُ) مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ نِكَاحِهَا وَتَزْوِيجِهَا مِنْ نَفْسِهِ فَيَشْمَلُ الْكَافِلَ وَالْحَاكِمَ وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ (تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ (إنْ عَيَّنَ لَهَا أَنَّهُ الزَّوْجُ فَرَضِيَتْ بِالْقَوْلِ أَوْ الصَّمْتِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَشَارَ لِتَصْوِيرِ التَّزْوِيجِ بِقَوْلِهِ (بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا) مِنْ الْمَهْرِ أَوْ تَفْوِيضًا (وَتَرْضَى) بِذَلِكَ الْمَهْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ، وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهِ لِنَفْسِهِ حَيْثُ كَانَتْ مُقِرَّةً بِالْعَقْدِ (وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ) الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ عَطْفًا عَلَى تَزْوِيجٍ وَأَتَى بِهِ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ. (وَإِنْ) (أَنْكَرَتْ) الْمَرْأَةُ (الْعَقْدَ) بِأَنْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْك عَقْدٌ وَقَالَ بَلْ عَقَدْت (صُدِّقَ الْوَكِيلُ) بِلَا يَمِينٍ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ ادَّعَى النِّكَاحَ (الزَّوْجُ) لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِالْإِذْنِ وَالْوَكِيلُ قَائِمٌ مَقَامَهَا فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ إنْ شَاءَ (وَإِنْ) (تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ) دَرَجَةً كَإِخْوَةٍ أَوْ بَنِيهِمْ أَوْ أَعْمَامٍ (فِي) تَوَلِّي (الْعَقْدِ) مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الزَّوْجِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أَتَوَلَّاهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ (أَوْ) تَنَازَعُوا فِي تَعْيِينِ (الزَّوْجِ) بِأَنْ يُرِيدَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ مَا يُرِيدُهُ الْآخَرُ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا وَإِلَّا أُجِيبَتْ لِمَا عَيَّنَتْهُ إنْ كَانَ كُفُؤًا كَمَا مَرَّ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ. (وَإِنْ) (أَذِنَتْ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ فِي تَزْوِيجِهَا (لِوَلِيَّيْنِ) مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ (فَعَقَدَا) لَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQحَالَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِإِسْنَادِهَا الْمَحَبَّةَ لَهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ النِّكَاحَ قَدَرَ عَلَى حَلِّهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِضَيَاعِ الْمَالِ وَهُوَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ بِتَوْكِيلِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهُ مَا لَا تَلِيقُ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الزَّوْجِ لِلْوَكِيلِ زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ زَوِّجْنِي وَأَطْلَقَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي إذَا وَكَّلَ إلَخْ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا عَكْسٌ لِلْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي الْحُكْمِ وَفِي التَّصْوِيرِ فِي الْجُمْلَةِ، أَمَّا كَوْنُ الْعَكْسِ فِي الْحُكْمِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي التَّصْوِيرِ فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي الْأُولَى امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا وَهُنَا الْمُوَكِّلُ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا فَلِذَا قُلْنَا فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ وَكَّلَ امْرَأَةً كَانَ عَكْسًا فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ حَقِيقَةً، وَإِنْ حُمِلَ الْعَكْسُ عَلَى هَذَا صَحَّ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مَا إذَا زَوَّجَتْهُ الْوَكِيلَةُ مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ لِأَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يُسَوَّغُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَالْمُعْتِقُ الْأَعْلَى وَالْوَصِيُّ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلُ عَلَى الْقَوْلِ بِوِلَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَرَضِيَتْ بِالْقَوْلِ) أَيْ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّمْتِ) أَيْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا لَيْسَتْ مِنْ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ: بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا) أَيْ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَك بِنَفْسِي بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْتُكِ فِيهِ قَبُولٌ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَبَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى تَزْوِيجٍ) أَيْ عَطْفُ مُرَادِفٍ أَوْ تَفْسِيرٍ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ أَوْ مُرَادِفٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: تَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَلْ عَقَدْت) أَيْ لَك عَلَى فُلَانٍ. (قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) أَيْ الْمَعْهُودُ وَهُوَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْوَكِيلُ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ) أَيْ فَلَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ عَزْلَهُ قَبْلَهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ: بَلْ الْعَزْلُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَهُ فَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ قَوْلَيْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَزْلِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أَتَوَلَّاهُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَوَّضَتْ أَمْرَ الْعَقْدِ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْمَامِهَا مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَتْ وَاحِدًا مِنْ الْإِخْوَةِ مَثَلًا فَلَا كَلَامَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْإِخْوَةِ وَلَا يَسُوغُ لَهُ مُنَازَعَتُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ) بَلْ قَالَتْ كُلُّهُمْ خِيَارٌ وَبَرَكَةٌ. (قَوْلُهُ: نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَرَاهُ أَحْسَنَهُمْ رَأْيًا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَيَحْكُمُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِفُلَانٍ وَاَلَّذِي يُبَاشِرُ الْعَقْدَ الْوَلِيُّ لَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ لَهُ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ) هَذَا فَرْضُ مِثَالٍ، إذْ لَوْ أَذِنَتْ لِأَوْلِيَاءٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ وَاحِدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا فَعَقَدَ لَهَا عَلَى اثْنَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَعْقِدَا لَهَا بِزَمَنَيْنِ وَيُعْلَمُ السَّابِقُ أَوْ يُجْهَلُ أَوْ بِزَمَنٍ وَاحِدٍ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ تَكُونُ لِلْأَوَّلِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الِاثْنَيْنِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ حِينَ عُيِّنَ لَهَا الثَّانِي نَاسِيَةً لِلْأَوَّلِ أَوْ اتَّحِدْ اسْمُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ أَشْهَرَ الْقَوْلَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيَّنَ لَهَا الزَّوْجُ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا التَّفْصِيلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا الزَّوْجَ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مَنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِتَلَذُّذٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَعَقَدَا لَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ) أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ

(فَ) هِيَ (لِلْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ (إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ) بِهَا (الثَّانِي) بِمُقَدِّمَاتِ وَطْءٍ فَفَوْقُ (بِلَا عِلْمٍ) مِنْهُ أَنَّهُ ثَانٍ أَيْ إنْ انْتَفَى تَلَذُّذُهُ حَالَةَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ عَالِمًا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ عَقْدِهِ فَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَهُمَا مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا طَلَاقٍ وَقِيلَ بِطَلَاقٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ ثَانٍ كَانَتْ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ) أَيْ الْإِذْنُ مِنْهَا لَهُ أَيْ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ أَيْ لِلثَّانِي فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ: إنْ فَوَّضَتْ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ كَانَتْ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ غَيْرَ عَالِمٍ (إنْ لَمْ تَكُنْ) حَالَ تَلَذُّذِهِ بِهَا (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) مِنْ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَلْ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ أَيْ لِإِكْمَالِ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَتَرِثُهُ فَهَذَا شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْضًا فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ فِي كَوْنِهَا لِلثَّانِي، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ تَلَذَّذَ بِهَا قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ مُطْلَقًا دُونَ الثَّانِي فَهِيَ لِلثَّانِي بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ وَأَنْ لَا تَكُونَ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَأَنْ لَا يَتَلَذَّذَ بِهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فُسِخَ الثَّانِي (وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ) لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُقَرُّ نِكَاحُهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلِلْأَوَّلِ وَقَوْلِهِ وَعُلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ. (قَوْلُهُ فَلِلْأَوَّلِ) أَيْ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ أَيْ فَهِيَ لِلْمَعْقُودِ لَهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ انْتَفَى إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ تَلَذُّذُهُ بِهَا فِي حَالِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ثَانٍ مُنْتَفِيًا. (قَوْلُهُ: عَالِمًا) أَيْ بِأَنَّهُ ثَانٍ. (قَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) أَيْ وَثَبَتَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قَبْلَ التَّلَذُّذِ بِأَنْ أَقَرَّ قَبْلَ أَنْ يَتَلَذَّذَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَانٍ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ تَلَذَّذَ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَقَطْ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَيْ بِأَنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ قَبْلَهُ أَنَّهُ ثَانٍ فَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَتَكُونُ لِلثَّانِي وَلَكِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ الزَّوْجَةِ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ ثَانٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِيهَا إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلِيِّ بِمَا ذُكِرَ فَلَا أَثَرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ فُسِخَ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِطَلَاقٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَعَمَلًا بِإِقْرَارِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِطَلَاقٍ) هَذَا الْقَوْلُ لِلْقُورِيِّ قَالَ شَيْخُنَا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَلَا حَدَّ عَلَى الثَّانِي بِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ. (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالتَّلَذُّذِ إرْخَاءُ السُّتُورِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُقَدِّمَاتٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ تَبَعًا لخش مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ التَّلَذُّذُ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ فَمَا فَوْقَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِلثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الثَّانِي وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ: تَفْوِيضُهُ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ تَفْوِيضُهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْبَاجِيَّ. (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ) أَيْ الثَّانِي بِهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَكُنْ حَالَ تَلَذُّذِهِ إلَخْ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحِلِّ مَنْ عَقَدَ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَوَطِئَ بَعْدَهَا فَإِنَّ مَنْطُوقَهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَكُونُ لِلثَّانِي مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ الْفَسْخُ وَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِوَطْءٍ، وَلَوْ بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَرَّرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ تَكُنْ حِينَ عَقَدَ الثَّانِي أَوْ تَلَذُّذِهِ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ هَذِهِ الصُّورَةَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ، إذْ لَا تَكُونُ الْعِدَّةُ هُنَا إلَّا عِدَّةَ وَفَاةٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ مِنْ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ دَخَلَ بِهَا وَتَكُونَ لِلثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي فِي حَالِ عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ الْأَوَّلِ لَمْ تَكُنْ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ عَنْهَا قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِإِكْمَالِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ كَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَ وَفَاتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ) أَيْ وَالْأَوَّلُ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ أَيْ حَالَ تَلَذُّذِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا تَأَخَّرَ عَقْدُ الثَّانِي عَلَى مَوْتِ الْأَوَّلِ بَلْ وَلَوْ تَقَدَّمَ عَقْدُهُ عَلَى مَوْتِهِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي عَلَى الْأَظْهَرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) قَالَ ح الْأَلْيَقُ بِقَاعِدَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُشِيرَ لِابْنِ رُشْدٍ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى مَا ظَهَرَ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مُقَابِلًا لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ مِنْ خِلَافٍ وَأَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُنَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ إطْلَاقَاتِ الْأَقْوَالِ كَأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ إنَّهَا لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَالْبَاجِيِّ يَقُولُ إذَا تَقَدَّمَ التَّفْوِيضُ لِلثَّانِي فَهِيَ لَهُ بِالتَّلَذُّذِ مُطْلَقًا، وَلَوْ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ عَقْدَ الثَّانِي الْمُتَلَذِّذِ بِهَا فِي عِدَّةِ

وَعَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ (وَفُسِخَ) النِّكَاحَانِ مَعًا (بِلَا طَلَاقٍ إنْ عُقِدَا بِزَمَنٍ) وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا (أَوْ لِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ عَلَى الثَّانِي بِإِقْرَارِهِ (بِعِلْمِهِ) قَبْلَ الدُّخُولِ (أَنَّهُ ثَانٍ) فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِلَا طَلَاقٍ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ (لَا إنْ أَقَرَّ) الثَّانِي بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ دَخَلَ عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَأَنَّهُ دَخَلَ غَيْرَ عَالِمٍ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ (أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ) أَيْ جُهِلَ تَقَدُّمُ زَمَنِ عَقْدِ أَحَدِهِمَا عَلَى زَمَنِ عَقْدِ الْآخَرِ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ فَيُفْسَخُ النِّكَاحَانِ بِطَلَاقٍ إذَا لَمْ يَدْخُلَا أَوْ دَخَلَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ فَقَطْ فَهِيَ لَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ثَانٍ (وَإِنْ مَاتَتْ) بَعْدَ أَنْ دَخَلَا مَعًا فِي مَسْأَلَةِ جَهْلِ الزَّمَنِ (وَجُهِلَ الْأَحَقُّ) بِهَا مِنْهُمَا (فَفِي) ثُبُوتِ (الْإِرْثِ) لَهُمَا مَعًا مِيرَاثُ زَوْجٍ وَاحِدٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالشَّكُّ إنَّمَا هُوَ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلَا وَجْهَ لِتَرْجِيحِ غَيْرِهِ وَعَدَمِ إرْثِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ كَالشَّكِّ فِي السَّبَبِ (قَوْلَانِ وَعَلَى) الْقَوْلِ بِثُبُوتِ (الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ) يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلًا لِلْوَرَثَةِ لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ إلَّا الصَّدَاقُ وَقَعَ الْإِرْثُ فِيهِ (وَإِلَّا) نُقِلَ بِالْإِرْثِ بَلْ بِعَدَمِهِ (فَزَائِدُهُ) أَيْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا الصَّدَاقُ غَرِمَهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا إرْثَ لَهُمَا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفَاةِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَاقِعًا بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ) وَتَرِثُ الْأَوَّلَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فَتُزَوَّجُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا فَيَنْكَشِفُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ وَدَخَلَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَقَدْ جَزَمُوا بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَتَأْبِيدُ تَحْرِيمِهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَكَذَا يُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي فَقَطْ بِلَا طَلَاقٍ لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَانٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا وَقَعَ عَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِلَا طَلَاقٍ) فِيهِ أَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إنَّهَا لِلثَّانِي، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ إلَخْ) وَهَلْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي إذَا وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ عَقَدَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ كَمَا هُوَ الَّذِي جَزَمُوا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ كَذَا قُرِّرَ وَأَظُنُّهُ لعج اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ دَخَلَ عَالِمًا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ ثَانٍ وَقَوْلُهُ: لِاحْتِمَالٍ إلَخْ الْأُولَى عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالٍ إلَخْ عِلَّةً لِقَوْلِهِ وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ) أَيْ، وَأَمَّا مَعَ احْتِمَالِ اتِّحَادِ زَمَنِهِمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ فَالْفَسْخُ لِلنِّكَاحَيْنِ بِلَا طَلَاقٍ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَدْخُلَا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا فِي الشَّيْخُ سَالِمٌ وشب وح نَقْلًا عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ فَسْخِ النِّكَاحَيْنِ مُطْلَقًا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَتْ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَجُهِّلَ الْأَحَقُّ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ جُهِلَ الْأَحَقُّ بِهَا مِنْهُمَا أَيْ جُهِلَ الْمُسْتَحِقُّ لَهَا مِنْهُمَا فَأَفْعَلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ وَهُوَ الَّذِي يُقْضَى لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ إمَّا الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي أَوْ الثَّانِي بَعْدَ دُخُولِهِ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاخْتَارَ التُّونُسِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَهْرَامَ وَالْمَوَّاقِ تَرْجِيحُهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَقْدَانِ مُتَرَتِّبَيْنِ تَحْقِيقًا وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَا فِي زَمَنٍ، وَلَوْ وَهِمَا وَمَاتَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ فَلَا إرْثَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الصَّدَاقَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ غَيْرَ الصَّدَاقِ وَقَعَ الْإِرْثُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: أَيْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ إلَخْ) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ وَهِيَ مَجْمُوعُ مَا خَلَفَتْ وَالصَّدَاقِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ لِلصَّدَاقِ الَّذِي عَلَى صَاحِبِهِ فَلَوْ كَانَ مَا يَرِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا إذَا كَانَ مَا يَرِثُهُ مُسَاوِيًا لِصَدَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا غَرِمَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَوَرِثَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ لَزِمَهُ الزَّائِدُ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مَا يَرِثُهُ لِوَرَثَتِهَا فَإِذَا خَلَفَتْ خَمْسِينَ وَأَصْدَقَهَا أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ وَأَصْدَقَهَا الْآخَرُ مِائَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى ذِي الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهَا قَدْرُ إرْثِهِ مِنْ مَجْمُوعِ صَدَاقِهَا وَمَا خَلَفَتْهُ وَيَغْرَمُ صَاحِبُ الْمِائَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَا خَلَفَتْهُ مَعَ صَدَاقِهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ يَرِثُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَزِيَادَةُ صَدَاقِهِ عَلَى إرْثِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِالْإِرْثِ مِنْ مَالِهَا كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيَدْفَعُ الصَّدَاقَ وَيَرِثُ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا

[أقسام النكاح الفاسد]

فَمَنْ لَمْ يَزِدْ الصَّدَاقُ عَلَى إرْثِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَأْخُذُ مَا زَادَ عَلَى صَدَاقِهِ مِنْ الْإِرْثِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ وَهُوَ مَحَلُّ اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ أَيْ أَنَّهُ إذَا زَادَ مَا يَرِثُهُ عَلَى صَدَاقِهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِرْثِ لَهُ الزَّائِدُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ لَا يَأْخُذُ (وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ) أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَهَا مَعَ جَهْلِ الْأَحَقِّ مِنْهُمَا (فَلَا إرْثَ) لَهَا مِنْهُمَا (وَلَا صَدَاقَ) لَهَا عَلَيْهِمَا إنْ مَاتَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ مَاتَ فَقَطْ (وَأَعْدَلِيَّةُ) إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ (مُتَنَاقِضَتَيْنِ) بِأَنْ تَشْهَدَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُ أَحَقُّ لِسَبْقِ نِكَاحِهِ وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى لِلْآخَرِ بِعَكْسِ ذَلِكَ وَإِحْدَاهُمَا أَعْدَلُ مِنْ الْأُخْرَى أَوْ فِيهَا مُرَجِّحٌ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ فَزِيَادَةُ التَّرْجِيحِ (مُلْغَاةٌ) لَا يُرَجَّحُ بِهَا (وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ) لِقِيَامِ الزِّيَادَةِ مَقَامَ شَاهِدٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي النِّكَاحِ وَتَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ لِتَنَاقُضِهِمَا، وَأَمَّا غَيْرُ النِّكَاحِ كَالْبَيْعِ فَيُعْتَبَرُ. وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَسْخِ وَعَدَمِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إنْ لَمْ يَطُلْ وَمَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ وَمَا يُفْسَخُ أَبَدًا شَرَعَ فِي ذِكْرِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَبَدَأَ بِنِكَاحِ السِّرِّ وَفِي ضِمْنِهِ مَعْنَاهُ فَقَالَ (وَفُسِخَ) نِكَاحُ (مُوصًى) بِكَتْمِهِ عَنْ امْرَأَةِ الزَّوْجِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَالْمُوصِي بِالْكَسْرِ هُوَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ زَوْجَتِهِ الْجَدِيدَةِ وَالْمُوصَى بِالْفَتْحِ هُمْ الشُّهُودُ خَاصَّةً فَقَوْلُهُ: (وَإِنْ بِكَتْمِ شُهُودٍ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ فَلَوْ حَذَفَهُمَا كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ مَا أَوْصَى فِيهِ الزَّوْجُ الشُّهُودَ بِكَتْمِهِ عَنْ زَوْجَتِهِ أَوْ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَلَوْ أَهْلَ مَنْزِلٍ كَمَا يَأْتِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَتْمُ خَوْفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَمَّا إيصَاءُ الْوَلِيِّ فَقَطْ أَوْ الزَّوْجَةِ فَقَطْ أَوْ هُمَا الشُّهُودَ دُونَ الزَّوْجِ أَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى الْكَتْمِ دُونَ إيصَاءِ الشُّهُودِ لَمْ يَضُرَّ، وَكَذَا إذَا حَصَلَ الْإِيصَاءُ بِكَتْمِ الشُّهُودِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَصَبَّ الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا الصَّدَاقَ فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الثَّانِي فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَرِمَ الصَّدَاقَ بِتَمَامِهِ وَلَا إرْثَ، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ فَإِنْ كَانَ مَا يَرِثُ مِنْهُ أَزْيَدَ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِنْ وَرِثَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ غَرِمَ مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَزِدْ الصَّدَاقُ عَلَى إرْثِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ إرْثُهُ أَزْيَدَ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحَلُّ اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ حَيْثُ كَانَ الْإِرْثُ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ قَدْرَ الْمِيرَاثِ فَيَتَقَاصَّانِ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ مِيرَاثُهُ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُمَا يَتَقَاصَّانِ فِي قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَيَدْفَعُ لِلْوَرَثَةِ مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مِيرَاثِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْغُرْمُ لَهُ الْغَنْمُ وَهُوَ لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا وَيَخْتَلِفُ الْقَوْلَانِ حَيْثُ كَانَ إرْثُهُ زَائِدًا عَلَى صَدَاقِهِ فَلَهُ أَخْذُ الزَّائِدِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي لُزُومِ غُرْمِ الصَّدَاقِ أَوْ زَائِدِهِ إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ لِشَيْءٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ مَاتَ فَقَطْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ الزَّوْجِيَّةُ وَلَمْ تَثْبُتْ؛ لِأَنَّا نَشُكُّ فِي زَوْجِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَوْتِهِ وَمَوْتِهِمَا أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مَوْتِهَا مُحَقَّقَةٌ وَكُلٌّ يَدَّعِيهَا وَفِي مَوْتِهِمَا لَا يُمْكِنُهَا تَحْقِيقُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، إذْ لَا تَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ بِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ وَاحِدٌ تَدَّعِي عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّ نِكَاحَهُ سَابِقٌ وَنِكَاحَ غَيْرِهِ لَاحِقٌ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً عَلَى عَكْسِهِ وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الْأُخْرَى فَإِنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ هُنَا، وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ لِقِيَامِ زِيَادَةِ الْعَدَالَةِ مَقَامَ شَاهِدٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَتَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ لِتَنَاقُضِهِمَا وَعَدَمِ مُرَجِّحٍ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ بِغَيْرِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَدَّقَتْهُمَا الْمَرْأَةُ) رَدَّ بِلَوْ قَالَ أَشْهَبُ مِنْ اعْتِبَارِهَا إذَا صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ [أَقْسَام النِّكَاح الْفَاسِد] (قَوْلُهُ: وَبَدَأَ بِنِكَاحِ السِّرِّ) أَيْ بِحُكْمِهِ حَيْثُ قَالَ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ وَقَوْلُهُ: وَفِي ضِمْنِهِ مَعْنَاهُ أَيْ مَعْنَى نِكَاحِ السِّرِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُوصًى بِكَتْمِهِ عَنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَوْ أَيَّامٍ هُوَ مَعْنَى نِكَاحِ السِّرِّ (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ بِكَتْمِهِ نَائِبَ الْفَاعِلِ فَهُوَ عُمْدَةٌ لَا يُحْذَفُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ حَذَفَ الْجَارَ، ثُمَّ الْمُضَافَ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي عَامِلِهِ وَإِنَّمَا فُسِخَ لِأَنَّ الْكَتْمَ مِنْ أَوْصَافِ الزِّنَا فَلَمَّا كَانَ نِكَاحُ الْمُوصَى بِكَتْمِهِ شَبِيهًا بِالزِّنَا فُسِخَ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَنْ امْرَأَةِ الزَّوْجِ) أَيْ الْقَدِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُوصِي إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُوصِيَ بِكَتْمِهِ الشُّهُودُ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ وَأَنَّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الزَّوْجَةُ أَوْ وَلِيَّهَا أَوْ هُمَا مَعًا بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الشُّهُودُ فَقَطْ وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَلِيُّ أَوْ هُمَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحَ سِرٍّ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ مَا أَوْصَى فِيهِ الزَّوْجُ الشُّهُودَ بِكَتْمِهِ عَنْ امْرَأَتِهِ أَوْ عَنْ جَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَتْمُ خَوْفًا مِنْ ظَالِمٍ) أَيْ يَأْخُذُ مِنْهُ مَالًا وَقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَهُ أَيْ كَالسَّحَرِ فَالْوَصِيَّةُ عَلَى الْكَتْمِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ لَا تَضُرُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى الْكَتْمِ) أَيْ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى الزَّوْجُ الْوَلِيَّ وَالزَّوْجَةَ مَعًا أَوْ أَحَدَهُمَا عَلَى الْكَتْمِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْكَتْمِ) أَيْ عَلَى كَتْمِهِ عَنْ امْرَأَةِ الزَّوْجِ أَوْ عَنْ جَمَاعَةٍ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ فَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ

(عَنْ امْرَأَةٍ) لِلزَّوْجِ مُتَعَلِّقٌ بِكَتْمٍ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَعَ إظْهَارِهِ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ غَيْرِهِ أَيْضًا (أَوْ) مُوصًى بِكَتْمِهِ عَنْ أَهْلِ (مَنْزِلٍ) دُونَ غَيْرِهِمْ (أَوْ) بِكَتْمِهِ مُدَّةَ (أَيَّامٍ) مُعَيَّنَةٍ اللَّخْمِيُّ الْيَوْمَانِ كَالْأَيَّامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُقَابِلٌ وَمَحَلُّ الْفَسْخِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ) أَيْ إنْ انْتَفَيَا مَعًا بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ، وَلَمْ يُطِلْ فَإِنْ دَخَلَ وَطَالَ لَمْ يُفْسَخْ وَاسْتُظْهِرَ أَنَّ الطُّولَ هُنَا بِالْعُرْفِ لَا بِوِلَادَةِ الْأَوْلَادِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ فِيهِ الظُّهُورُ وَالِاشْتِهَارُ عَادَةً (وَعُوقِبَا) أَيْ الزَّوْجَانِ إنْ دَخَلَا وَلَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ وَلَمْ يَكُونَا مَجْبُورَيْنِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُمَا (وَ) عُوقِبَ (الشُّهُودُ) كَذَلِكَ. وَأَشَارَ لِلْقَسَمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَ) فُسِخَ نِكَاحٌ (قَبْلَ الدُّخُولِ) فَقَطْ (وُجُوبًا) إنْ وَقَعَ (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ لَا تَأْتِيَهُ) أَوْ يَأْتِيهَا (إلَّا نَهَارًا) أَوْ لَيْلًا أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَاصِلُهُ أَنَّا نَجْعَلُ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ بِكَتْمِ شُهُودٍ لِلْمُبَالَغَةِ لَكِنَّ مَصَبَّ الْمُبَالَغَةِ لَيْسَ قَوْلَهُ بِكَتْمِ شُهُودٍ بَلْ قَوْلَهُ عَنْ امْرَأَةٍ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى وَفُسِخَ نِكَاحٌ مُوصًى بِكَتْمِهِ هَذَا إذَا أَوْصَى الشُّهُودَ بِكَتْمِهِ دَائِمًا عَنْ كُلِّ أَحَدٍ بَلْ، وَإِنْ أَوْصَى الشُّهُودَ بِكَتْمِهِ عَنْ امْرَأَةِ الزَّوْجِ أَوْ عَنْ أَهْلِ مَنْزِلٍ أَوْ مُدَّةَ أَيَّامٍ هَذَا، وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِيمَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا أَوْصَى بِكَتْمِهِ غَيْرَ الشُّهُودِ لَيْسَ بِنِكَاحِ سِرٍّ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ ح بِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ نِكَاحُ السِّرِّ بَاطِلٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَا أُمِرَ الشُّهُودُ حِينَ الْعَقْدِ بِكَتْمِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ إبْقَاءُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَأَنَّ اسْتِكْتَامَ غَيْرِ الشُّهُودِ نِكَاحُ سِرٍّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَمِثْلُهُ فِي ح، وَنَصَّ الْبَاجِيَّ إنْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى كَتْمِهِ وَلَمْ يَعْلَمُوا الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحُ سِرٍّ اهـ. وَفِي الْمَعُونَةِ إذَا تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِ النِّكَاحِ بَطَلَ الْعَقْدُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ اهـ بْن وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ مَا حَاصِلُهُ الْأَوْلَى إبْقَاءُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الشُّهُودُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الشُّهُودُ فَقَطْ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ أَيْ وَاَلَّذِي يُوصِي بِكَتْمِهِ هُوَ الزَّوْجُ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ الزَّوْجَةِ فَالْمَدَارُ عَلَى إيصَاءِ الشُّهُودِ بِالْكَتْمِ أَوْصَى غَيْرَهُمْ أَيْضًا أَوْ لَا وَعَلَى كَوْنِ الْمُوصِي بِالْكَتْمِ هُوَ الزَّوْجُ سَوَاءٌ انْضَمَّ لِذَلِكَ أَمْرُ غَيْرِهِ أَمْ لَا فَلَوْ اُسْتُكْتِمْت الزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ الشُّهُودُ دُونَ الزَّوْجِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا أَوْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى كَتْمِهِ وَلَمْ يُوصُوا الشُّهُودَ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي نِكَاحِ السِّرِّ طَرِيقَتَيْنِ طَرِيقَةَ الْبَاجِيَّ وَهِيَ أَنَّ اسْتِكْتَامَ غَيْرِ الشُّهُودِ نِكَاحُ سِرٍّ أَيْضًا كَمَا لَوْ تَوَاصَى الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى كَتْمِهِ وَلَمْ يُوصُوا الشُّهُودَ بِذَلِكَ وَرَجَّحَهَا الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وبن. وَطَرِيقَةَ ابْنِ عَرَفَةَ وَرَجَّحَهَا الْمَوَّاقُ وح وَهِيَ أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ مَا أُوصِيَ الشُّهُودُ عَلَى كَتْمِهِ أَوْصَى غَيْرَهُمْ أَيْضًا عَلَى كَتْمِهِ أَمْ لَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي الزَّوْجَ انْضَمَّ لَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ كَالزَّوْجَةِ أَمْ لَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُمْكِنٌ تَمْشِيَتُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَلِيُّ أَوْ هُمَا مَعًا بَلْ وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الشُّهُودُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْبَاجِيَّ وَيُحْتَمَلُ وَفُسِخَ مُوصًى بِكَتْمِهِ، هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ بَلْ، لَوْ كَانَ الْمُتَوَاصِي بِكَتْمِهِ الشُّهُودُ فَقَطْ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: عَنْ امْرَأَةٍ) ظَاهِرُهُ امْرَأَةُ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْوَاضِحَةِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ امْرَأَةٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: مُدَّةَ أَيَّامٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: مُقَابِلٌ) أَيْ لِلْمَذْهَبِ حَيْثُ عَبَّرَ بِأَيَّامٍ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِيَوْمَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ أَنَّ الْجَمْعَ فِي أَيَّامٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِلَّخْمِيِّ لَا لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ انْتَفَيَا مَعًا) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى مَعَ وَأَنَّ النَّفْيَ مُنَصَّبٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَيُصَدَّقُ بِالصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَ وَلَمْ يُطِلْ) أَيْ فَفِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ يَرَيَانِ جَوَازَهُ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُفْسَخْ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ: يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ طَالَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الطُّولُ بِالْعُرْفِ مَا يَحْصُلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعُوقِبَا) أَيْ الزَّوْجَانِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ لِارْتِكَابِهِمْ الْعِصْيَانَ لَكِنْ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ أَنَّ الْمُعَاقَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَسْخٌ بِأَنْ طَالَ الزَّمَانُ فَتَقَيَّدَ الشَّارِحُ بِالدُّخُولِ تَبَعًا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْذَرَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ فَإِنْ عُذِرَا بِالْجَهْلِ لَمْ يُعَاقَبَا وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُونَا إلَخْ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا مَجْبُورَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَا مَجْبُورَيْنِ فَاَلَّذِي يُعَاقَبُ وَلِيُّهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالشُّهُودُ) الْأَرْجَحُ فِيهِ النَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ لِضَعْفِ رَفْعِهِ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ لِعَدَمِ الْفَصْلِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُؤْذِنُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ وَلَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ وَلَمْ يَكُونَا مَجْبُورَيْنِ عَلَى الْكِتْمَانِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ لَمَّا كَانَ

وَيَثْبُتُ بِالدُّخُولِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِمَا فِي هَذَا الشَّرْطِ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لِذَلِكَ (أَوْ) وَقَعَ (بِخِيَارٍ) يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ (لِأَحَدِهِمَا) أَوْ لَهُمَا (أَوْ غَيْرٍ إلَّا) خِيَارَ الْمَجْلِسِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ (أَوْ) وَقَعَ عَلَى إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ (لِكَذَا) كَآخِرِ الشَّهْرِ (فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَهُمَا (وَجَاءَ بِهِ) قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَصْلًا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. وَعُطِفَ مَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ عَلَى مَا فَسَدَ لِعَقْدِهِ بِقَوْلِهِ (وَ) فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا (مَا) أَيْ نِكَاحٌ (فَسَدَ لِصَدَاقِهِ) إمَّا لِكَوْنِهِ لَا يُمْلَكُ شَرْعًا كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ أَوْ يُمْلَكُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَآبِقٍ (أَوْ) وُقِعَ (عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ) الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ (كَأَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا) فِي الْمَبِيتِ مَعَ زَوْجَةٍ أُخْرَى (أَوْ) شَرَطَ أَنْ (يُؤْثِرَ عَلَيْهَا) غَيْرَهَا كَأَنْ يَجْعَلَ لِضَرَّتِهَا لَيْلَتَيْنِ وَلَهَا لَيْلَةً أَوْ شَرَطَ أَنْ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا أَوْ نَفَقَةً مُعَيَّنَةً كُلَّ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهَا وَعَلَى أَبِيهَا، أَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، أَوْ شَرَطَتْ زَوْجَةُ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْعَبْدِ أَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ السَّيِّدِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ فِي الْجَمِيعِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيُلْغَى الشَّرْطُ كَمَا قَالَ (وَأُلْغِيَ) الشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَاحْتُرِزَ بِالشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ عَنْ الْمَكْرُوهِ وَهُوَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَأَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ مَكَانِ كَذَا أَوْ مِنْ بَلَدِهَا فَلَا يُفْسَخُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ وَعَنْ الْجَائِزِ وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ كَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَإِجْرَاءِ النَّفَقَةِ فَإِنَّ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ. وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ مَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ (وَ) فُسِخَ النِّكَاحُ (مُطْلَقًا) قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ (كَالنِّكَاحِ لِأَجْلِ) عَيْنِ الْأَجَلِ أَوَّلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمْضِي بِالدُّخُولِ وَيَكُونُ الْفَسْخُ فِيهِ اسْتِحْبَابًا فَدُفِعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمُ بِقَوْلِهِ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِالدُّخُولِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُفْسَخُ وَلَوْ دَخَلَ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ لَا الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا فَسَدَ لِعَقْدِهِ يَمْضِي بِالدُّخُولِ بِالْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا مَا لَمْ يُؤَثِّرْ الشَّرْطُ الْمُوجِبُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَإِلَّا مَضَى بَعْدَ الدُّخُولِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَزِيدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ كَانَ الصَّدَاقُ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ مِنْهَا كَانَ قَلِيلًا فَقَوْلُهُ: لِذَلِكَ أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ شُرِطَ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَالِيًا أَوْ أَجْنَبِيًّا. (قَوْلُهُ: إلَّا خِيَارَ الْمَجْلِسِ إلَخْ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ فِي الْبَيْعِ يُفْسِدُهُ فَأَوْلَى النِّكَاحُ بَلْ الْبَيْعُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ عَهْدٌ فِيهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَتُسُومِحَ فِيهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي غَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَا إرْثَ فِي النِّكَاحِ بِخِيَارٍ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَهَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَاقِدِينَ كَمَا هُنَا ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكَ مُوَكِّلَتِي بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا تَأْتِي بِهِ آخِرَ الشَّهْرِ فَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فِيهِ فَلَا نِكَاحَ بَيْننَا فَقَالَ قَبِلْتُ النِّكَاحَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجَاءَ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ عِنْدَهُ) أَيْ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا وَقِيلَ: يُفْسَخُ أَبَدًا فِيهِمَا دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ يُفْسَخُ دَلِيلٌ عَلَى انْعِقَادِ ذَلِكَ النِّكَاحِ وَعَلَيْهِ فَهِمَ اللَّخْمِيُّ وَالْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةِ وَفَهِمَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ عِنْدَ مَجِيءِ الْأَجَلِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعُطِفَ مَا فَسَدَ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ: وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقٍ عَطْفٌ عَلَى مُوصًى بِكَتْمِ شُهُودٍ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ إلَخْ أَيْ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا تَأْتِيَهُ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ نِكَاحٌ فَسَدَ لِصَدَاقِهِ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى شَرْطٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ إلَّا نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ وَأَعَادَ الْعَامِلَ وَهُوَ عَلَى الْبُعْدِ. (قَوْلُهُ: يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِيهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّ لَا يَقْسِمَ) أَيْ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى وَلَدِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى أُمِّهَا أَوْ عَلَى أُخْتِهَا. (قَوْلُهُ: كَحُسْنِ إلَخْ) أَيْ كَشَرْطِ حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَإِجْرَاءِ النَّفَقَةِ وَأَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ وَكُسْوَةٍ (قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ إلَخْ) الْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلِ نَائِبِ فَاعِلِ فُسِخَ وَمُطْلَقًا حَالٌ أَيْ فُسِخَ مِثْلُ النِّكَاحِ لِأَجْلِ حَالَةِ كَوْنِ ذَلِكَ النِّكَاحِ مُطْلَقًا أَيْ مَدْخُولًا فِيهِ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ فِيهِ فَإِنْ قُلْت: مَا الْمُرَادُ بِشَبَهِ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ؟ قُلْت: الْمُرَادُ بِشَبَهِهِ مَا لَمْ يُصَرَّحْ فِيهِ بِالتَّأْجِيلِ كَأَنْ يُعْلِمَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يُفَارِقُهَا عِنْدَ سَفَرِهِ كَمَا فِي تَزْوِيجِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ مِنْ مَكَّةَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّكَاحَ لِأَجَلٍ لَهُ صُورَتَانِ: الْأُولَى: زَوِّجْنِي بِنْتَك عَشْرَ سِنِينَ بِكَذَا. وَالثَّانِيَةُ: زَوِّجْنِي بِنْتَك مُدَّةَ إقَامَتِي فِي هَذَا الْبَلَدِ فَإِذَا سَافَرْت مِنْهُ فَارَقْتهَا فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِيهِمَا وَيُفْسَخُ أَبَدًا. (قَوْلُهُ: عَيَّنَ الْأَجَلَ) أَيْ كَأَتَزَوَّجُك سَنَةَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا كَأَتَزَوَّجُك سَنَةً أَوْ شَهْرًا بِكَذَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ قُرْبُ الْأَجَلِ أَوْ بُعْدٌ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْأَجَلَ الْبَعِيدَ الَّذِي لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا يَبْلُغُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا

وَهُوَ الْمُسَمَّى بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَقِيلَ بِهِ وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُحَدَّانِ وَحَقِيقَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الَّذِي يُفْسَخُ أَبَدًا أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ مَعَ ذِكْرِ الْأَجَلِ لِلْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يُعْلِمْهَا الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا قَصَدَهُ فِي نَفْسِهِ وَفَهِمَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا الْمُفَارَقَةَ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهِيَ فَائِدَةٌ تَنْفَعُ الْمُتَغَرِّبَ (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك) فَرَضِيَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا وَجَعَلَا ذَلِكَ اللَّفْظَ هُوَ الصِّيغَةُ بِحَيْثُ لَا يَأْتَنِفَانِ غَيْرَهُ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحُ مُتْعَةٍ قُدِّمَ فِيهِ الْأَجَلُ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَا يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَمَا يُفْسَخُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ كَانَ الْمَقَامُ مَظِنَّةَ أَسْئِلَةٍ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ هَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا وَهَلْ التَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ أَمْ لَا وَهَلْ فِيهِ الْإِرْثُ أَمْ لَا وَإِذَا فُسِخَ فَهَلْ لِلْمَرْأَةِ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ أَمْ لَا فَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْفَسْخُ (طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا بِأَنْ قِيلَ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً كَمَا فِي الشِّغَارِ، إذْ لَا قَائِلَ بِجَوَازِهِ ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ فَهُوَ بَائِنٌ لَا رَجْعِيٌّ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَقَوْلُهُ: (كَمُحْرِمٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (وَشِغَارٍ) أَيْ صَرِيحِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ بِالْبُضْعِ مِثَالَانِ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ. وَأَجَابَ عَنْ السُّؤَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَالتَّحْرِيمُ) فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يَقَعُ تَارَةً (بِعَقْدِهِ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مُحْرِمٌ مَثَلًا فَفُسِخَ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّهَا دُونَ بِنْتِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَضُرُّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسَمَّى بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ) قَالَ الْمَازِرِيُّ: قَدْ تَقَرَّرَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إلَّا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ وَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِجَوَازِهِ فَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ وَقِيلَ: صَدَاقُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْأَجَلِ أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَسْخَ بِلَا طَلَاقٍ نَاظِرٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ الْمَوْجُودَ فِي الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ بِطَلَاقٍ نَاظِرٌ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَوِيٍّ وَالْمُعْتَمَدُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَيُعَاقَبُ فِيهِ الزَّوْجَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَيَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ وَلَا يَبْلُغُ الْحَاكِمُ بِعِقَابِهِمَا مَبْلَغَ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُحَدَّانِ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ اقْتِصَارِ عج وَجَدَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَهْرَامُ صَدَّرَ فِي شَرْحِهِ وَفِي شَامِلِهِ بِالْفَسَادِ إذَا فَهِمَتْ مِنْهُ ذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِي قَصَدَهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِوَلِيِّهَا بِذَلِكَ وَلَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ مَا قَصَدَهُ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ نِكَاحَ مُتْعَةٍ اتِّفَاقًا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ: فَرَضِيَتْ هِيَ) أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَلِيُّهَا أَيْ إذَا كَانَتْ مُجْبَرَةً. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ فِيهِ الْأَجَلُ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَجَعَلَا ذَلِكَ اللَّفْظَ هُوَ الصِّيغَةُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا عَلَى سَبِيلِ الْوَعْدِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْفَسْخُ) أَيْ لِكُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ (قَوْلُهُ: بِعَقْدِهِ) أَيْ يَحْصُلُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَوَطِئَهُ وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا أَيْ أَوْ يَحْصُلُ بِوَطْئِهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ فِيهِ الْإِرْثُ) أَيْ وَهَلْ يَحْصُلُ بِهِ أَيْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْإِرْثُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ طَلَاقٌ) إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ قَائِلَةٍ كُلُّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُخْتَلَفٍ فِي فَسَادِهِ فَإِنَّ فَسْخَهُ يَكُونُ طَلَاقًا أَيْ أَنَّ الْفَسْخَ نَفْسَهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ أَيْ يَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً سَوَاءٌ لَفَظَ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: أَيْ الْفَسْخُ) أَيْ لِلنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ أَيْ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ لَا فِي جَوَازِهِ، وَعَدَمِ جَوَازِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِجَوَازِ نِكَاحِ الشِّغَارِ، وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ بِأَنْ كَانَ مَذْهَبُنَا يَقُولُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَمَذْهَبُ غَيْرِنَا يَقُولُ بِالصِّحَّةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ بِهِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ لَا يُحْتَاجُ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ كَمَا فِي ح وَنَصُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي عَقَدَهُ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَأَرَادَ الْوَلِيُّ فَسْخَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِالْفِرَاقِ دُونَهُ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِثْلُهُ مِنْ أَنْ تَفَاسُخَهُمَا يَكْفِي وَمِنْ وَقْتِ الْمُفَاسَخَةِ تَكُونُ الْعِدَّةُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِيَاجِ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفَسْخِ إذَا حَصَلَ نِزَاعٌ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ لَمْ يُحْتَجْ لِحُكْمٍ وَيَكْفِي قَوْلُ الزَّوْجِ طَلَّقْتهَا أَوْ فَسَخْت نِكَاحَهَا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ بَائِنٌ) أَيْ وَحَيْثُ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ فَهُوَ بَائِنٌ، وَأَمَّا إذَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَهَلْ يَكُونُ بَائِنًا كَالْحُكْمِ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَائِلًا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ أَنْ يَكُونَ رَجْعِيًّا وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق قَائِلًا وَفَائِدَتُهُ ارْتِدَافُ طَلَاقٍ ثَانٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ) أَيْ فَإِنْ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا وَعَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ أَيْ وَقَبْلَ فَسْخِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ كَطَلَاقِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ أَيْ وَلَوْ كَانَ عَقْدُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ التَّفْرِقَةِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَقَوْلُهُ: لَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ أَيْ غَيْرُ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ جَدَّدَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ عَلَيْهَا عَقْدًا فَهُوَ صَحِيحٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ إمَّا تَرَاضٍ عَلَى فَسْخِ الْأَوَّلِ أَوْ تَصْحِيحٌ لَهُ وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُ طَلْقَةٌ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ الْأُولَى أَوْ لَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ) أَيْ فِيمَنْ تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ وَهِيَ الْأُمُّ

عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّ (وَ) تَارَةً يَقَعُ (وَطْئِهِ) فِيمَا يَحْرُمُ وَطْؤُهُ أَوْ التَّلَذُّذُ بِمُقَدِّمَاتِهِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمُحْرِمُ امْرَأَةً فَدَخَلَ بِهَا فَفُسِخَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ ابْنَتِهَا، وَلَوْ فُسِخَ قَبْلَهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ، وَأَجَابَ عَنْ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَفِيهِ) أَيْ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (الْإِرْثُ) إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَسْخِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا إرْثَ، وَلَوْ دَخَلَ أَوْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ كَمَا تَقَدَّمَ (إلَّا) (نِكَاحَ الْمَرِيضِ) فَلَا إرْثَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ مَاتَ الْمَرِيضُ أَوْ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ فَسَادِهِ إدْخَالُ وَارِثٍ وَمِثْلُهُ نِكَاحُ الْخِيَارِ لَا إرْثَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُنْحَلًّا كَانَ كَالْعَدَمِ وَعُطِفَ عَلَى كَمُحْرِمٍ قَوْلُهُ: (وَإِنْكَاحَ الْعَبْدِ) بِأَنْ تَوَلَّى عَقْدَ امْرَأَةٍ (وَالْمَرْأَةِ) بِأَنْ عَقَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا أَعْلَمُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ كَوْنِ الْعَبْدِ وَلِيًّا بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ، وَإِنْكَاحِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا فَإِنَّهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ، وَإِنْ اُتُّفِقَ عَلَى مَنْعِهِ ابْتِدَاءً كَالشِّغَارِ وَعُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَوْلُهُ: (لَا) إنْ (اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا طَلَاقَ) أَيْ لَيْسَ فَسْخُهُ طَلَاقًا بَلْ طَلَاقٌ، وَإِنْ عُبِّرَ فِيهِ بِالطَّلَاقِ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ (وَلَا إرْثَ) فِيهِ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ (كَخَامِسَةٍ) مِثَالٌ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَكَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا (وَحُرِّمَ وَطْؤُهُ) ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ فَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ (فَقَطْ) عَنْ الْعَقْدِ. وَأَجَابَ عَنْ السُّؤَالِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَا يَكُونُ فَسَادُهُ إلَّا لِعَقْدِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ وَصَدَاقِهِ مَعًا (فَالْمُسَمَّى) وَاجِبٌ لِلْمَرْأَةِ إنْ كَانَ حَلَالًا (وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِ مُسَمًّى كَصَرِيحِ الشِّغَارِ أَوْ كَانَ حَرَامًا كَخَمْرٍ (فَصَدَاقُ الْمِثْلِ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ (وَسَقَطَ) كُلٌّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ (بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَكَذَا بِالْمَوْتِ قَبْلَهُ إنْ فَسَدَ لِصَدَاقِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: وَوَطْئِهِ أَيْ فِيمَنْ تَحْرُمُ بِالْوَطْءِ وَمِثْلُهُ التَّلَذُّذُ أَيْ وَهِيَ الْبِنْتُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ وَوَطِئَهُ بِقَوْلِهِ بِعَقْدِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضُوعًا. (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يُحَرِّمُ الْمَنْكُوحَةَ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِ أُصُولَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتَ وَلَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ فُصُولَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمَّهَاتِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتَ. (قَوْلُهُ: إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ فَلَا إرْثَ فِيهِ) أَيْ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ) أَيْ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ صِحَّتُهُ وَمَذْهَبَنَا أَنَّهُ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا فَلَا يُفْسَخُ. (قَوْلُهُ: إدْخَالُ وَارِثٍ) أَيْ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَلِلْأَصْلِ فِي النَّهْيِ الْفَسَادُ وَقَوْلُهُ: إدْخَالُ وَارِثٍ أَيْ وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ إذَا مَاتَ الْمَرِيضُ أَوْ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ نِكَاحُ الْخِيَارِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا إرْثَ فِيهِ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ دُخُولٌ فَقَدْ لَزِمَ. (قَوْلُهُ: وَعُطِفَ عَلَى كَمُحْرِمٍ إلَخْ) إنَّمَا جَعَلَهُ عَطْفًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إنْكَاحَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فِيهِ الْإِرْثُ، وَلَوْ جَعَلَهُ عَطْفًا عَلَى الْمَرِيضِ لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا إرْثَ فِي إنْكَاحِهِمَا وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِأَصْبَغَ وَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ، وَإِنْكَاحَ الْعَبْدِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَشِغَارٍ؛ لِأَنَّ إنْكَاحَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ الَّذِي يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ عَنْ مَحَلِّهِ، كَذَا قَالَ الْمَوَّاقُ وَابْنُ غَازِيٍّ وعبق قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْكَاحَ الْعَبْدِ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ قَوْلَ أَصْبَغَ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَنَصُّهُ عَلَى مَا عَقَدَهُ الْعَبْدُ عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهَا أَوْ عَقَدَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى بِنْتِهَا أَوْ بِنْتِ غَيْرِهَا أَوْ عَلَى نَفْسِهَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ أَوَّلًا بِطَلْقَةٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ أَصْبَغُ وَلَا إرْثَ فِيمَا عَقَدَتْهُ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ، وَإِنْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِضَعْفِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا أَصْبَغُ وَلَا مِيرَاثَ فِي النِّكَاحِ الَّذِي تَوَلَّى الْعَبْدُ عُقْدَتَهُ، وَإِنْ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ لِضَعْفِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ اهـ فَقَدْ اُعْتُمِدَ قَوْلُ أَصْبَغَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُتُّفِقَ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ وَالْعَبْدُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ وِلَايَتِهِ إلَّا أَنَّهُ قِيلَ بِصِحَّتِهَا بَعْدَ الْوُقُوعِ. (قَوْلُهُ: بَلْ بِلَا طَلَاقٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ فَسْخُهُ مُتَلَبِّسٌ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَبَّرَ) أَيْ الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَإِنَّهُ يُحْتَاجُ لِلْحُكْمِ إنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ، وَأَمَّا إنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِحُكْمٍ وَيَكْفِي فَسْخُ الزَّوْجِ لَهُ بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ وَطْؤُهُ) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ فِي النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَلْ إنَّمَا يَنْشُرُهَا الْوَطْءُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ كَأَنْ يُجْهَلَ الْحُكْمُ فِي الْخَامِسَةِ، وَأَمَّا لَوْ عُلِمَ الْحُكْمُ كَأَنْ زَنَا فَيُحَدُّ وَلَا يَكُونُ وَطْؤُهُ نَاشِرًا لِلْحُرْمَةِ، إذْ لَا يَحْرُمُ بِالزِّنَا حَلَالٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى خَامِسَةٍ جَاهِلًا لِلْحُرْمَةِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا وَبِنْتِهَا وَلَا تَحْرُمُ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ فَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا نَشَرَ الْحُرْمَةَ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَتَحْرُمُ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ فَقَطْ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ) هَذَا إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ قَائِلَةٍ كُلُّ نِكَاحٍ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَانَ الْفَسَادُ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ أَوْ لَهُمَا فَلَيْسَ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ مِثْلَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: إنْ فَسَدَ لِصَدَاقِهِ مُطْلَقًا) هَذَا التَّفْصِيلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ

مُطْلَقًا أَوْ فَسَدَ لِعَقْدِهِ وَاتُّفِقَ عَلَيْهِ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَوْ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ كَالْمُحَلِّلِ أَوْ عَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ فَفِيهِ الصَّدَاقُ (إلَّا) (نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ) مُرَادُهُ بِهِ مَا نَقَصَ عَنْ الصَّدَاقِ الشَّرْعِيِّ وَأَبَى الزَّوْجُ مِنْ إتْمَامِهِ (فَنِصْفُهُمَا) وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَيُفْسَخُ وَلَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفُ الصَّدَاقِ (كَطَلَاقِهِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ أَنَّ إطْلَاقَ الزَّوْجِ اخْتِيَارًا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَفَسْخِهِ فَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ، وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ وَيَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ، وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ طَلَاقٌ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ قَبْلَهُ (وَتُعَاضُ) وُجُوبًا بِالِاجْتِهَادِ الْمَرْأَةُ (الْمُتَلَذَّذُ بِهَا) مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، وَلَوْ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ فِي الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ. (وَلِوَلِيِّ) زَوْجٍ (صَغِيرٍ) عَقَدَ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ (فَسْخُ عَقْدِهِ) وَإِجَازَتُهُ أَيْ أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ لِيَنْظُرَ لَهُ فِي الْأَصْلَحِ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ خُيِّرَ (فَلَا مَهْرَ) ، وَلَوْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا، إذْ وَطْؤُهُ كَالْعَدَمِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْبِكْرِ مَا شَأْنُهَا (وَلَا عِدَّةَ) عَلَيْهَا بِخِلَافِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ. (وَإِنْ) (زُوِّجَ) الصَّغِيرُ أَوْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ (بِشُرُوطٍ) أَيْ عَلَيْهَا وَكَانَتْ تَلْزَمُ إنْ وَقَعَتْ مِنْ مُكَلَّفٍ كَأَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى فَهِيَ أَوْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا طَالِقٌ (أَوْ) زَوَّجَ نَفْسَهُ بِالشُّرُوطِ و (أُجِيزَتْ) أَيْ أَجَازَهَا وَلِيُّهُ (وَبَلَغَ وَكَرِهَ) بَعْدَ بُلُوغِهِ تِلْكَ الشُّرُوطَ (فَلَهُ) أَيْ فَعَلَيْهِ جَبْرًا (التَّطْلِيقُ) حَيْثُ طَلَبَتْهَا امْرَأَةٌ وَأَبَاهَا هُوَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَرِهَ أَيْ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ جَبْرًا عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا بِالْمَوْتِ قَبْلَهُ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا يَرْجِعُ لِلْفَسْخِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى الْفَسَادِ بِهِ كَالْخَمْرِ أَوْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَالْآبِقِ. (قَوْلُهُ: كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ) أَيْ وَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَنِصْفُهُمَا) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالثَّانِي نَقَلَهُ الْجَلَّابُ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَصَوَّبَ الْقَابِسِيُّ الْأَوَّلَ وَابْنُ الْكَاتِبِ الثَّانِيَ قَالَ طفى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ إنَّهُ قَالَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفُ الصَّدَاقِ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ كُلُّ نِكَاحٍ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ وَفُرْقَةَ الْمُتَرَاضِعِينَ وَفُرْقَةَ الْمُتَلَاعِنِينَ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِيهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا لَازَمَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى فِي الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا ادَّعَى الرَّضَاعَ أَوْ لَاعَنَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَنْفَسِخَ النِّكَاحُ فَيَسْقُطَ عَنْهُ النِّصْفُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ أَمَّا لَوْ ثَبَتَ الرَّضَاعُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِهِمَا أَوْ ثَبَتَ الزِّنَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ) أَيْ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَ اخْتِيَارًا فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ فِيهِ قَبْلَهُ) أَيْ فَقَدْ أَفَادَ بِالتَّشْبِيهِ أَحْكَامَ الْفَسْخِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: وَتُعَاضُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ إذَا فُسِخَ أَوْ حَصَلَ فِيهِ طَلَاقٌ اخْتِيَارًا بَعْدَ التَّلَذُّذِ بِالْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ دُونَ الْوَطْءِ فَإِنَّهَا تُعْطَى شَيْئًا وُجُوبًا بِحَسْبِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ اجْتِهَادُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي قَدْرِهِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَبِهِ قِيلَ أَوْ، وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَسْخُ عَقْدِهِ) أَيْ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ قَالَهُ ح وَالتَّوْضِيحُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِذَا لَمْ يَرُدَّ الْوَلِيُّ نِكَاحَ الصَّبِيِّ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي رَدِّهِ حَتَّى كَبِرَ وَخَرَجَ مِنْ الْوِلَايَةِ جَازَ النِّكَاحُ ابْنُ رَاشِدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ النَّظَرُ إلَيْهِ فَيُمْضِيَ أَوْ يَرُدَّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ وَجَدَ الْمَصْلَحَةَ فِي إبْقَائِهِ تَعَيَّنَتْ إجَازَتُهُ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَصْلَحَةَ فِي رَدِّهِ تَعَيَّنَ فَسْخُهُ، وَإِنْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِمَا خُيِّرَ. (قَوْلُهُ: فَلَا مَهْرَ) أَيْ وَإِذَا فَسَخَهُ فَلَا مَهْرَ لَهَا. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا فِي الْبِكْرِ مَا شَأْنُهَا) جَزَمَ بِهَذَا أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَقُلْ يَنْبَغِي وَمِثْلُهُ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً اهـ بْن وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرٌ فِي الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيطَهَا لَهُ عَلَيْهِ كَالْعَدَمِ، وَأَمَّا فِي الْكَبِيرَةِ فَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا إنَّمَا سَلَّطَتْهُ فِي نَظِيرِ الْمَهْرِ وَلَمْ يَتِمَّ فَرَجَعَ لِلْأَرْشِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلِيُّهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى شُرُوطٍ شُرِطَتْ لَهَا عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ تَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِتَعْلِيقٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ إذَا وَقَعَتْ مِنْهُ كَقَوْلِهِ لَهَا فِي الْعَقْدِ: لَا أَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا وَلَا أَتَسَرَّى عَلَيْهَا، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ بَعْدَ بُلُوغِهِ تِلْكَ الشُّرُوطُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَهُ، وَأَمَّا إنْ رَضِيَ بِهَا أَوْ دَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَهُوَ لُزُومُهَا لَهُ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ سَقَطَتْ عَنْهُ الشُّرُوطُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَيْ فَعَلَيْهِ جَبْرًا إلَخْ) فِيهِ إخْرَاجٌ لِلْمُصَنِّفِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِلَا مُوجِبٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّخْيِيرِ أَيْ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْتِزَامِهَا وَثُبُوتِ النِّكَاحِ وَبَيْنَ عَدَمِ الْتِزَامِهَا وَفَسْخِ

وَإِلَّا فَكُلُّ زَوْجٍ لَهُ التَّطْلِيقُ، وَلَوْ قَالَ فَلَهَا التَّطْلِيقُ لَأَفَادَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَرْضَ بِإِسْقَاطِ الشُّرُوطِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلِيقَ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَدْخُلْ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَالِمًا بِهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ سَقَطَتْ عَنْهُ، وَلَوْ دَخَلَ عَالِمًا لِأَنَّهَا مَلَكَتْ مِنْ نَفْسِهَا مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوطُ (وَفِي) لُزُومِ (نِصْفِ الصَّدَاقِ) إذَا وَقَعَ التَّطْلِيقُ وَعُدِمَ لُزُومُهُ (قَوْلَانِ عُمِلَ بِهِمَا) وَالرَّاجِحُ اللُّزُومُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهُ عَنْهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ (وَالْقَوْلُ لَهَا) أَوْ لِوَلِيِّهَا بِيَمِينٍ إنْ ادَّعَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا (أَنَّ الْعَقْدَ) عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ وَقَعَ (وَهُوَ كَبِيرٌ) وَادَّعَى هُوَ أَنَّهَا وَقَعَتْ وَهُوَ صَغِيرٌ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ ذَلِكَ. (وَلِلسَّيِّدِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ) الذَّكَرِ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ كَمُكَاتَبٍ حَيْثُ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ الْإِمْضَاءُ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ عِلْمِهِ (بِطَلْقَةٍ فَقَطْ) فَلَوْ أَوْقَعَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ إلَّا وَاحِدَةٌ (بَائِنَةٌ) أَيْ وَهِيَ بَائِنَةٌ لَا رَجْعِيَّةٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الرَّجْعِيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ حَلَّ وَطْؤُهُ وَهَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ (إنْ لَمْ يَبِعْهُ) فَإِنْ بَاعَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَصَرُّفٌ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ نِكَاحِهِ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَلَهُ الرَّدُّ (إلَّا أَنْ يُرَدَّ) الْعَبْدُ (بِهِ) أَيْ بِعَيْبِ التَّزْوِيجِ فَلَهُ رَدُّ نِكَاحِهِ إنْ كَانَ قَدْ بَاعَهُ غَيْرَ عَالِمٍ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ يُعْتِقْهُ) بِالْجَزْمِ عَطْفٌ عَلَى يَبِعْهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَلَا رَدَّ لِنِكَاحِهِ لِزَوَالِ تَصَرُّفِهِ بِالْعِتْقِ (وَلَهَا) أَيْ لِزَوْجَةِ الْعَبْدِ حَيْثُ رَدَّ السَّيِّدُ نِكَاحَهُ (رُبْعُ دِينَارٍ) مِنْ مَالِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اتَّبَعَتْهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّكَاحِ وَبِهَذَا شَرْحِ ح وَغَيْرِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْتَزِمْهَا وَفُسِخَ النِّكَاحُ فَإِنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا تَعُودُ عَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ بَقِيَ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ عَلَى شُرُوطٍ وَهُوَ بَالِغٌ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّ الشُّرُوطَ تَعُودُ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ لَا إنْ عَادَتْ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ وَهَذَا فَائِدَةُ التَّخْيِيرِ فَمَعْنَى كَلَامِهِ فَلَهُ التَّطْلِيقُ لِأَجْلِ أَنْ يُسْقِطَ عَلَى نَفْسِهِ الشُّرُوطَ بِالْمَرَّةِ بِحَيْثُ لَا تَعُودُ بِعَوْدِهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكُلُّ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ الْمَعْنَى فَعَلَيْهِ التَّطْلِيقُ جَبْرًا بَلْ أَبْقَيْنَا الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ زَوْجٍ لَهُ التَّطْلِيقُ وَلَهُ الْإِبْقَاءُ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي النَّصِّ عَلَى التَّخْيِيرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَطْلِيقَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِهَا فَلَا تَطْلِيقَ وَفِيهِ أَنَّ الشُّرُوطَ حَاصِلَةٌ بِتَعْلِيقٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى إسْقَاطُهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِسْقَاطَ مَحْمُولٌ عَلَى صُورَةِ مَا إذَا شَرَطَ لَهَا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ الْإِسْقَاطُ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَرِهَ الشُّرُوطَ وَقُلْنَا: إنَّهُ يُخَيَّرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ الْتَزَمَهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَرِهَهَا فُسِخَ النِّكَاحُ وَهَلْ هَذَا الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَوْلَانِ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِمَا قَوْلَانِ فِي لُزُومِ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ اللُّزُومُ عَلَيْهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ اللُّزُومِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ) أَيْ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ أَمَّا إنْ دَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَالِمًا بِالشُّرُوطِ لَزِمَتْهُ الشُّرُوطُ وَلَزِمَهُ الصَّدَاقُ كَامِلًا إذَا طَلَّقَ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ سَقَطَتْ عَنْهُ الشُّرُوطُ وَلَزِمَهُ الصَّدَاقُ كَامِلًا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ دَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِالشُّرُوطِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَفِي لُزُومِ الشُّرُوطِ لَهُ وَسُقُوطِهَا عَنْهُ وَتَخْيِيرِهِ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَهَا فَيَثْبُتَ النِّكَاحُ أَوْ لَا يَلْتَزِمُهَا فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَيَلْزَمُهُ كُلُّ الصَّدَاقِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَبِيرٌ) أَيْ بَالِغٌ فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى هُوَ أَنَّهَا وَقَعَتْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَهَا وَيَثْبُتَ النِّكَاحُ أَوْ لَا يَلْتَزِمُهَا وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ بِطَلْقَةٍ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى الزَّوْجِ إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ إلَخْ) اللَّامُ هُنَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِجَازَةِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ مَعَ عَبْدِهِ. (قَوْلُهُ: الذَّكَرِ) أَيْ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَإِنَّ نِكَاحَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا يَتَحَتَّمُ رَدُّهُ إلَّا الْمُبَعَّضَةَ الَّتِي بَعْضُهَا رِقٌّ وَبَعْضُهَا حُرٌّ فَإِنَّ لَهُ الْخِيَارَ عَلَى مَا قَالَهُ طفى وَقَالَ بْن يَتَحَتَّمُ الرَّدُّ فِيهَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْإِمْضَاءُ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَعْدَ عِلْمِهِ) أَيْ وَلَيْسَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَهُ الْإِجَازَةُ إنْ قَرُبَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّخْيِيرِ هُنَا كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: طَلَّقْتُ زَوْجَةَ عَبْدِي فُلَانٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَهِيَ بَائِنَةٌ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ بَائِنَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ لَا بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِطَلْقَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ السَّيِّدِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ، إذْ قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ فَقَطْ بَائِنَةٍ لَيْسَ هُوَ مَقُولَ السَّيِّدِ عِنْدَ الرَّدِّ حَتَّى يَحْتَاجَ لِمَا ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَقَطْ، إذْ السَّيِّدُ لَا يَقُولُ فَقَطْ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ بَائِنَةً بِالْجَرِّ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ وَالْقَطْعِ فِي نَعْتِ النَّكِرَةِ غَيْرُ سَائِغٍ دُونَ تَقَدُّمِ نَعْتٍ تَابِعٍ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ) أَيْ بَلْ هُوَ مُنْحَلٌّ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ عَالِمًا بِتَزَوُّجِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ بَلْ يُقَالُ لَهُ إنْ كُنْتَ عَلِمْت بِالتَّزْوِيجِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَهُوَ عَيْبٌ دَخَلْتَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَكَ رَدُّ الْعَبْدِ لِبَائِعِهِ وَلَك أَنْ تَتَمَاسَكَ بِهِ وَإِذَا تَمَسَّكْتَ بِهِ فَلَيْسَ لَك رَدُّ نِكَاحِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ) أَيْ وَالْإِجَازَةُ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ وَالْحَالُ أَنَّ مُورِثَهُمْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِتَزَوُّجِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ وَقَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الرَّدَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرَدَّ بِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ بِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبِ التَّزْوِيجِ وَرَدَّهُ بِغَيْرِهِ كَانَ لِلْبَائِعِ

(إنْ دَخَلَ) بِهَا بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَتَرُدُّ الزَّائِدَ إنْ قَبَضْته وَسَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (وَاتُّبِعَ عَبْدٌ) غَيْرُ مُكَاتَبٍ (وَمُكَاتَبٌ) أَيْ اتَّبَعَتْهُمَا الزَّوْجَةُ بَعْدَ عِتْقِهِمَا (بِمَا بَقِيَ) بَعْدَ رُبْعِ الدِّينَارِ (إنْ غَرَّا) الزَّوْجَةَ بِأَنَّهُمَا حُرَّانِ فَإِنْ لَمْ يَغُرَّا بِأَنْ أَخْبَرَاهَا بِحَالِهِمَا أَوْ سَكَتَا فَلَا تَتْبَعُهُمَا وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِمَا (إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ سَيِّدٌ أَوْ سُلْطَانٌ) عَنْ الْعَبْدِ قَبْلَ عِتْقِهِ، وَكَذَا عَنْ الْمُكَاتَبِ حَيْثُ غَرَّ وَرَجَعَ رَقِيقًا لِعَجْزِهِ لَا إنْ غَرَّ وَخَرَجَ حُرًّا فَلَا يُعْتَبَرُ إسْقَاطُهُمَا عَنْهُ. (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ إذَا كُلِّمَ فِي إجَازَةِ نِكَاحِ عَبْدِهِ فَامْتَنَعَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ: فَسَخْتُ أَوْ رَدَدْت نِكَاحَهُ (الْإِجَازَةُ) (إنْ قَرُبَ) وَقْتُ الْإِجَازَةِ مِنْ الِامْتِنَاعِ كَيَوْمَيْنِ فَأَقَلَّ وَالْأَيَّامُ طُولٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ فَلَهُ الْإِجَازَةُ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ فَلَيْسَ هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ وَهُنَا فِيمَا إذَا حَصَلَ (وَلَمْ يُرِدْ) بِامْتِنَاعِهِ (الْفَسْخَ أَوْ) لَمْ (يَشُكَّ) السَّيِّدُ (فِي قَصْدِهِ) عِنْدَ الِامْتِنَاعِ هَلْ قَصَدَ الْفَسْخَ أَوْ لَا فَإِنْ شَكَّ فَفَسْخٌ وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ بَعْدُ فَيُشَكُّ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ. (وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ) بَالِغٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَسْخُ عَقْدِهِ) بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ وَتَعَيَّنَ الْإِمْضَاءُ إنْ كَانَتْ مَصْلَحَةٌ وَالْأَخِيرُ فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ وَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَهَا بَعْدَهُ رُبْعُ دِينَارٍ فَقَطْ وَلَا تَتْبَعُ إنْ رَشَدَ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ النِّكَاحُ إنْ رَشَدَ وَلَا يَنْتَقِلُ لَهُ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ وَلِلْوَلِيِّ ذَلِكَ (وَلَوْ مَاتَتْ) الزَّوْجَةُ، إذْ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ أَكْثَرُ مِمَّا يَنْوِيهِ مِنْ الْمِيرَاثِ (وَتَعَيَّنَ) الْفَسْخُ شَرْعًا (بِمَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ السَّفِيهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ لِزَوَالِ نَظَرِهِ بِالْمَوْتِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQرُدَّ نِكَاحُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ التَّزْوِيجِ وَرَضِيَهُ وَرَدَّهُ بِغَيْرِهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِهِ فَكَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ رَدُّ نِكَاحِهِ لِأَخْذِهِ أَرْشَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي لَيْسَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِهِ وَلِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ رَدُّ نِكَاحِهِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَصْلًا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ بَالِغٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَتَرُدُّ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ مُعْدَمَةً أُتْبِعَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُكَاتَبٍ) أَيْ فَيَشْمَلُ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: بِمَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ الْمُسَمَّى بَعْدَ الرُّبْعِ دِينَارٍ وَإِنَّمَا تَبِعَتْهُمَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِحَقِّ السَّيِّدِ، وَقَدْ زَالَ بِالْعِتْقِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَغُرَّا بِأَنْ أَخْبَرَاهَا بِحَالِهِمَا أَوْ سَكَتَا فَلَا تَتْبَعُهُمَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّهُمَا تَتْبَعُهُمَا بِبَاقِي الْمُسَمَّى إذَا عَتَقَا مُطْلَقًا غَرَّا أَوْ لَا وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّ الْبَرَادِعِيُّ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَمَّا اخْتَصَرُوا الْمُدَوَّنَةَ اقْتَصَرُوا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الثَّانِيَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اعْتِمَادِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ اتِّبَاعِهِمَا) أَيْ إنْ غَرَّاهَا بِالْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سُلْطَانٌ) أَيْ إذَا رُفِعَ لَهُ الْأَمْرُ عِنْدَ غَيْبَةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ يَذُبُّ عَنْ مَالِ الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ عِتْقِهِ) فَإِنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ أَسْقَطْت عَنْك مَا بَقِيَ مِنْ الصَّدَاقِ فَلَا تَتْبَعُهُ الْمَرْأَةُ إذَا عَتَقَ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا جَازَ لِلسَّيِّدِ إبْطَالُهُ عَنْهُمَا لِأَنَّ الدَّيْنَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ يَجُوزُ لَهُ إبْطَالُهُ (قَوْلُهُ: فَامْتَنَعَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: لَا أُجِيزُهُ فَقَطْ أَوْ لَا أُمْضِي مَا فَعَلَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَيَّامُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ فَمَا فَوْقَهَا طُولٌ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ) أَيْ بِأَنْ كُلِّمَ فِي إجَازَةِ النِّكَاحِ فَسَكَتَ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ هَذَا قَسِيمُ إلَخْ) بَلْ فَرْعٌ مُقْتَضَبٌ وَإِنَّمَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ إلَخْ هُوَ الْإِجَازَةُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ امْتِنَاعٍ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُرْبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ رَدُّهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ امْتِنَاعٍ وَالثَّانِيَةُ إجَازَتُهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبْقِ امْتِنَاعٍ وَهِيَ قَسِيمَةٌ لِلرَّدِّ ابْتِدَاءً وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ هُمَا الْمُشَارُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ وَالثَّالِثَةُ إجَازَتُهُ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ إمَّا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَبْقِ سُؤَالٍ أَوْ بَعْدَ سُؤَالٍ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ فِيهِمَا وَهَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ الْإِجَازَةُ إنْ قَرُبَ إلَخْ فَمَوْضُوعُ مَا هُنَا أَنَّهُ امْتَنَعَ أَوَّلًا مِنْ الْإِجَازَةِ، ثُمَّ أَجَازَ وَمَا تَقَدَّمَ مَوْضُوعُهُ عَدَمُ الِامْتِنَاعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ مَا هُنَا قَسِيمًا لِمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ بِامْتِنَاعِهِ الْفَسْخَ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَفَسْخٌ) أَيْ فَامْتِنَاعُهُ فَسْخٌ (قَوْلُهُ: فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ) أَيْ لَا لِلتَّخْيِيرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَتْبَعُ) أَيْ بِبَاقِي الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَقِلُ لَهُ) أَيْ أَنَّهُ إذَا رُشِّدَ قَبْلُ نَظَرَ وَلِيِّهِ فِي نِكَاحِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ بَلْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ وَلَا يَنْتَقِلُ لَهُ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ مِنْ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يَنْتَقِلُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ) أَيْ وَيَرِثُهَا إنْ أَجَازَهُ لِكَوْنِ الْإِرْثِ أَكْثَرَ مِنْ الصَّدَاقِ، وَإِنْ رَدَّهُ لِكَوْنِ الصَّدَاقِ أَكْثَرَ فَلَا يَرِثُهَا فَإِنْ فُسِخَ بَعْدَ الْإِرْثِ رُدَّ الْمَالُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَتْ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ يَفُوتُ بِالْمَوْتِ وَيَتَوَارَثَانِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّفِيهِ وَلِيٌّ فَيَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ بِمَوْتِهِ)

وَلَا مِيرَاثَ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ زَوْجَانِ أَحَدُهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ وَالْآخَرُ لَا يَرِثُ وَهُمَا حُرَّانِ لَيْسَ بِهِمَا مَانِعٌ. (وَ) جَازَ (لِمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ (تَسَرٍّ) مِنْ مَالِهِمَا (وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِمَا بِأَنْ مَنَعَهُمَا أَوْ سَكَتَ وَكَانَ لِلْمَأْذُونِ مَالٌ مِنْ نَحْوِ هِبَةٍ، وَأَمَّا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِيهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ جَارِيَتِهِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَحْلِيلَ الْأَمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَ لَهُ ثَمَنَهَا أَوْ أَسْلَفَهُ لَهُ فَيَجُوزُ. (وَنَفَقَةُ) زَوْجَةِ (الْعَبْدِ) غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْمُبَعَّضِ فَيَشْمَلُ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ (فِي غَيْرِ خَرَاجٍ) وَهُوَ مَا نَشَأَ لَا عَنْ مَالٍ بَلْ عَنْ كَإِيجَارِ نَفْسِهِ فِي خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ كَأَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ صَانِعًا (وَ) غَيْرِ (كَسْبٍ) لَهُ وَهُوَ مَا نَشَأَ عَنْ مَالِ اتَّجَرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ وَغَيْرُهُمَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الرِّكَازُ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَكَالْحُرِّ وَالْمُبَعَّضُ فِي يَوْمِهِ كَالْحُرِّ وَفِي يَوْمِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَنَفَقَتُهَا فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ وَرِبْحِهِ وَمَا وُهِبَ لَهُ وَنَحْوُهُ دُونَ مَالِ سَيِّدِهِ وَرِبْحُهُ دُونَ غَلَّتِهِ كَالْقِنِّ (إلَّا لِعُرْفٍ) بِالْإِنْفَاقِ مِنْ الْخَرَاجِ وَالْكَسْبِ أَوْ جَارٍ عَلَى السَّيِّدِ فَيَعْمَلُ بِهِ (كَالْمَهْرِ) فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ إلَّا لِعُرْفٍ (وَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَهْرٍ (سَيِّدٌ بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ) ، وَلَوْ بَاشَرَ الْعَقْدَ لَهُ أَوْ جَبَرَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ عَلَى الرَّاجِحِ. (وَجَبَرَ أَبٌ وَوَصِيٌّ) لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى (وَحَاكِمٌ) وَمُقَدِّمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِأَنَّ فِي إمْضَائِهِ تَرَتُّبَ الصَّدَاقِ وَالْمِيرَاثِ بِدُونِ فَائِدَةٍ تَعُودُ عَلَى وَرَثَتِهِ فَعَظُمَ الضَّرَرُ فَلِذَا تَعَيَّنَ الْفَسْخُ، وَأَمَّا إنْ مَاتَتْ كَانَ فِي إمْضَائِهِ الصَّدَاقُ يَأْخُذُهُ وَرَثَتُهَا مِنْ الزَّوْجِ وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْمِيرَاثَ فَأَشْبَهَا الْمُعَاوَضَةَ فَخَفَّ الضَّرَرُ وَلِذَا قِيلَ يَجُوزُ الْفَسْخُ وَالْإِمْضَاءُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَسْخَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ السَّفِيهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ خِلَافًا لِلشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ الْبَرْمُونِيِّ حَيْثُ قَالَ وَيَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ لَا الْوَلِيُّ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ السَّفِيهِ قَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا مِيرَاثَ) أَيْ لِلزَّوْجَةِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ السَّفِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكُونُ زَوْجَةٌ حَتَّى يُجَازَ النِّكَاحُ وَبِمَوْتِهِ انْقَطَعَتْ الْوِلَايَةُ وَالْإِجَازَةُ فَكَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْطُلْ نَظَرُ الْوَلِيِّ فَإِذَا أَجَازَ النِّكَاحَ مَضَى فَيَرِثُهَا حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ: فَلَا صَدَاقَ لَهَا يَعْنِي كَامِلًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهَا رُبْعَ دِينَارٍ إنْ دَخَلَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) بَالِغٍ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ خَوْفَ عَجْزِهِ كَالتَّزْوِيجِ وَفِي الْمَأْذُونِ لِأَنَّهُ فِي مَالِهِ كَالْوَكِيلِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ لِلْمَأْذُونِ مَالٌ) أَيْ اشْتَرَى مِنْهُ تِلْكَ السُّرِّيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ) أَيْ وَأَمَّا تَسَرِّيهمَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ فَلَا يَجُوزُ لَا لِلْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَا لِلْمُكَاتَبِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُمَا فِي التَّسَرِّي إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا فِي شِرَائِهِمَا مِنْ مَالِهِ أَوْ يَهَبَهُمَا أَوْ يُسَلِّفَهُمَا الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهُمَا) أَيْ إذَا اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ جَارِيَةً وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ أَيْ فِي شِرَائِهَا أَوْ وَهَبَهَا لَهُ وَهَذَا إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ وَلِابْنِ رُشْدٍ جَوَازُهُ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي شِرَائِهَا أَوْ وَهَبَهَا لَهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُشْبِهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْهُ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا فَقَدْ أَشْبَهَ تَحْلِيلَهَا لَهُ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَجَازَهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ زَوْجَةٍ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ أَنَّ نَفَقَةً بِمَعْنَى إنْفَاقٍ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ أَيْ وَأَمَّا نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ فَعَلَى سَيِّدِ أُمِّهِمْ إنْ كَانَتْ رَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ إنْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَالْأَخْذُ مِنْهُ وَإِلَّا فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَكَالْحُرِّ) أَيْ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ عَنْ سَيِّدِهِ بِمَالِهِ فَإِنْ عَجَزَ طَلَّقَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَأْذُونُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُوَافِقُ غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِي أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ لَا تَكُونُ فِي غَلَّتِهِ أَيْ فِيمَا اكْتَسَبَهُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَأَمَّا رِبْحُ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَتَكُونُ فِيهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِ وَمُخَالِفٌ أَيْضًا فِي أَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّجْرِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُرْفٍ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ الْخَرَاجِ وَالْكَسْبِ) أَيْ فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُمَا عُمِلَ بِهِ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ أَيْنَ يُنْفِقُ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ الْإِنْفَاقَ مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا نَفَقَةٍ أَوْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ وَلَا يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي نَفَقَتِهِ وَحُكْمُ الْمَهْرِ كَالنَّفَقَةِ لَا يَكُونُ مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ إلَّا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَارٍ) أَيْ أَوْ لِعُرْفٍ جَارٍ بِالنَّفَقَةِ عَلَى السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ) أَيْ لَا يَكُونُ السَّيِّدُ ضَامِنًا لِنَفَقَةِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ وَلَا لِمَهْرِهَا بِسَبَبِ إذْنِهِ كَمَا فِي التَّزْوِيجِ بَلْ هُمَا عَلَى الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُمَا عَلَى السَّيِّدِ فَقَوْلُهُ: بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ أَيْ بِإِذْنِهِ لِلْعَبْدِ فِي التَّزْوِيجِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ السَّيِّدُ كَالْأَبِ فَإِنَّهُ إذَا جَبَرَ وَلَدَهُ عَلَى النِّكَاحِ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مُعْدَمًا حِينَ الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي بَلْ كَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ فَإِنَّهُمَا، وَإِنْ جَبَرَا لَا يَلْزَمُهُمَا صَدَاقٌ.

دُونَ غَيْرِهِمْ ذَكَرًا (مَجْنُونًا) مُطْبِقًا وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ (احْتَاجَ) لِلنِّكَاحِ بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الزِّنَا أَوْ الْهَلَاكُ أَوْ شَدِيدُ الضَّرَرِ وَتَعَيَّنَ الزَّوَاجُ لِإِنْقَاذِهِ مِنْهُ وَمَحَلُّ جَبْرِ الثَّالِثِ لَهُ إنْ عُدِمَ الْأَوَّلَانِ أَوْ بَلَغَ رَشِيدًا، ثُمَّ جُنَّ، وَلَوْ وُجِدَا (وَ) جَبَرُوا (صَغِيرًا) لِمَصْلَحَةٍ كَتَزْوِيجِهِ مِنْ شَرِيفَةٍ أَوْ غَنِيَّةٍ أَوْ بِنْتِ عَمٍّ (وَفِي) جَبْرِ (السَّفِيهِ) إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الزِّنَا وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَزْوِيجِهِ مَفْسَدَةٌ (خِلَافٌ) فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ الزِّنَا جُبِرَ قَطْعًا، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى الزَّوَاجِ مَفْسَدَةٌ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا (وَصَدَاقُهُمْ) أَيْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَبْرِهِ (إنْ أَعْدَمُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ كَانُوا مُعْدَمِينَ وَقْتَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمْ (عَلَى الْأَبِ) ، وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُعْدَمًا وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ (وَإِنْ مَاتَ) الْأَبُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا بِمَوْتِهِ وَمَفْهُومُ أَعْدَمُوا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ، وَكَذَا إنْ زَوَّجَهُمْ الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ (أَوْ أَيْسَرُوا بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمْ (وَلَوْ شَرَطَ) الْأَبُ (ضِدَّهُ) بِأَنْ شَرَطَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطِهِ (وَإِلَّا) يَكُونُوا مُعْدَمِينَ بَلْ أَيْسَرُوا وَقْتَ الْعَقْدِ، وَلَوْ بِبَعْضِهِ (فَعَلَيْهِمْ) مَا أَيْسَرُوا بِهِ دُونَ الْأَبِ، وَلَوْ عَدِمُوا بَعْدُ (إلَّا لِشَرْطٍ) عَلَى الْأَبِ فَيَعْمَلُ بِهِ، وَكَذَا إنْ شُرِطَ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْحَاكِمِ فَيُعْمَلُ بِهِ. (وَإِنْ) عَقَدَ أَبٌ لِوَلَدِهِ الرَّشِيدِ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ (الصَّدَاقَ عَلَى) أَيِّهِمَا، ثُمَّ (تَطَارَحَهُ رَشِيدٌ وَأَبٌ) بِأَنْ قَالَ الرَّشِيدُ إنَّمَا قَصَدْتُ عَلَيْك الصَّدَاقَ وَقَالَ الْأَبُ بَلْ إنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ابْنِي أَوْ قَالَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَنَا شَرَطْتُهُ عَلَيْك (فُسِخَ) قَبْلَ الدُّخُولِ (وَلَا مَهْرَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَهَلْ) الْفَسْخُ وَعَدَمُ الْمَهْرِ (إنْ حَلَفَا) وَيُبْدَأُ بِالْأَبِ لِمُبَاشَرَتِهِ الْعَقْدَ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِيمَنْ يَبْدَأُ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَكَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَ (لَزِمَ) الْمَهْرُ (النَّاكِلَ) مِنْهُمَا فَإِنْ نَكَلَا مَعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى بِأَنْ أَمَرَهُ الْأَبُ بِإِجْبَارِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ وَصِيٌّ عَلَى وَلَدِي وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ مُطْلَقًا لَهُ جَبْرُ مَنْ ذُكِرَ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي طفى وَمَا فِي عبق تَبَعًا لح مِنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى فَفِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمْ) أَيْ كَأَخٍ وَعَمٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَلَا يُجْبِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صَغِيرًا وَلَا مَجْنُونًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ جَبَرَ فَقِيلَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ مُطْلَقًا، وَلَوْ دَخَلَ وَطَالَ وَقِيلَ بِالْفَسْخِ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَيُطِلْ فَإِنْ دَخَلَ وَطَالَ ثَبَتَ. (قَوْلُهُ: ذَكَرًا مَجْنُونًا) أَيْ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَلَا يُجْبِرُهَا إلَّا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ عَلَى تَفْصِيلٍ تَقَدَّمَ فِيهِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يُجْبِرُهَا وَلَا غَيْرَهَا عَلَى التَّزْوِيجِ. (قَوْلُهُ: احْتَاجَ لِلنِّكَاحِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غِبْطَةٌ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَبْرِ الثَّالِثِ) أَيْ وَهُوَ الْحَاكِمُ إنْ عُدِمَ الْأَوَّلَانِ أَيْ إنْ كَانَ جُنُونُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَعُدِمَ الْأَوَّلَانِ. (قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ لَا لِغَيْرِهَا فَلَا يُجْبِرُونَهُ حِينَئِذٍ وَلَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهَا فِي الْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ، وَأَمَّا الْأَبُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا، قَالَ ابْنُ رِحَال: قَيْدُ الْمَصْلَحَةِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَكُونُ الصَّدَاقُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْجَبْرُ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَرَّحَ الْبَاجِيَّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَعَدَمُ الْجَبْرِ وَالْوَقْفُ عَلَى رِضَاهُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ لَكِنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ جَبْرِهِ كَمَا فِي المج لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ. (قَوْلُهُ: وَصَدَاقُهُمْ) أَيْ إذَا أُجْبِرُوا عَلَى النِّكَاحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ جَبَرَهُمْ الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ سَوَاءٌ كَانُوا مُعْدَمِينَ أَوْ مُوسِرِينَ لَكِنْ إنْ كَانُوا مُعْدَمِينَ أُتْبِعُوا بِهِ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْحَاكِمِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي جَبَرَهُمْ الْأَبَ فَصَدَاقُهُمْ عَلَيْهِ إنْ كَانُوا مُعْدَمِينَ حِينَ الْعَقْدِ، وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ، وَلَوْ أَيْسَرُوا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ شَرَطَ الْأَبُ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مُوسِرِينَ حِينَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِمْ، وَلَوْ أُعْدِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا لِشَرْطٍ عَلَى الْأَبِ فَيُعْمَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ إلَخْ) قَالَ بَهْرَامُ هَذَا الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرِ مَنْقُولٌ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّ السَّفِيهَ مِثْلُهُ وَلَمْ أَرَ فِي كَوْنِ الْمَجْنُونِ كَذَلِكَ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجْنُونَ أَحْرَى مِنْ السَّفِيهِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَجْرِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَعْدَمُوا) إنْ بِمَعْنَى لَوْ أَوْ عَلَى بَابِهَا وَكَانَ مُقَدَّرَةٌ مَعَ اسْمِهَا أَيْ صَدَاقُهُمْ لَوْ أَعْدَمُوا أَوْ إنْ كَانُوا أَعْدَمُوا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنْ تَخَلَّصَ الْفِعْلُ لِلِاسْتِقْبَالِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَدَمَ لَيْسَ حَاصِلًا وَقْتَ الْعَقْدِ بَلْ بَعْدُ وَأَنَّهُمْ فِي حَالِ الْعَقْدِ أَغْنِيَاءٌ مَعَ أَنَّهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الصَّدَاقُ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى الْأَبِ وَالشَّارِحِ أَشَارَ لِلْجَوَابِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ أَيْ كَانُوا مُعْدَمِينَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُعْدَمًا كَالْوَلَدِ الَّذِي جَبَرَهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَزِمَ ذِمَّتَهُ) أَيْ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا صَدَقَةٌ لَمْ تُقْبَضْ لِأَنَّهَا عِوَضٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْحَاصِلُ حِينَ عَدَمِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ كَوْنِهِمْ مُعْدَمِينَ حِينَ الْعَقْدِ . (قَوْلُهُ: تَطَارَحَهُ) أَيْ طَرَحَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ الرَّشِيدِ) أَيْ لِأَبِيهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَطَارَحَهُ رَشِيدٌ وَأَبٌ أَنَّهُ إنْ تَطَارَحَهُ سَفِيهٌ وَأَبٌ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ السَّفِيهُ مَلِيًّا حِينَ الْعَقْدِ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ وَلَا فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ فِي حَالَةِ جَبْرِ الْأَبِ لَهُ فَأَوْلَى فِي حَالَةِ عَدَمِ الْجَبْرِ، وَإِنْ كَانَ الْوَالِدُ السَّفِيهُ مُعْدَمًا حَالَةَ الْعَقْدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الْأَبِ فِي حَالَةِ الْجَبْرِ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْجَبْرِ أَمْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَنَا شَرَطْته عَلَيْك) هَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ إذَا مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا أَوْ حَضَرُوا أَوْ نَسُوا وَوَقَعَ الْعَقْدُ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ وَإِلَّا سَأَلُوا عَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا)

فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُهُ أَوْ الْفَسْخُ وَعَدَمُ الْمَهْرِ مُطْلَقًا حَلَفَا أَوْ لَا (تَرَدُّدٌ) وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي وَمَحَلُّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا مَهْرَ فَإِنْ دَخَلَ الرَّشِيدُ بِهَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَحْلِفُ الْأَبُ وَيَبْرَأُ وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ غَرِمَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى حَلَفَ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ غُرْمَ الزَّائِدِ اهـ بْن وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَبَ إذَا نَكَلَ غَرِمَ. (وَحَلَفَ) ابْنٌ (رَشِيدٌ) عَقَدَ لَهُ أَبُوهُ بِحُضُورِهِ وَادَّعَى، إذْنَهُ أَوْ رِضَاهُ بِفِعْلِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الِابْنُ قَالَ فِيهَا وَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْمَالِكَ لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ صَامِتٌ فَلَمَّا فَرَغَ الْأَبُ مِنْ النِّكَاحِ قَالَ الِابْنُ مَا أَمَرْته وَلَا أَرْضَى صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ غَائِبًا فَأَنْكَرَ حِينَ بَلَغَهُ سَقَطَ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ عَنْهُ وَعَنْ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي هَذَا سَوَاءٌ انْتَهَى وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ. (وَ) حَلَفَ (أَجْنَبِيٌّ) عَقَدَ لَهُ مَنْ زَعَمَ تَوْكِيلَهُ أَوْ رِضَاهُ (وَامْرَأَةٌ) زَوَّجَهَا غَيْرُ مُجْبِرٍ كَذَلِكَ (أَنْكَرُوا الرِّضَا) بِالْعَقْدِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ الرِّضَا (وَالْأَمْرَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ أَنْكَرُوا الْأَمْرَ أَيْ الْإِذْنَ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ الْإِذْنَ حَالَ كَوْنِهِمْ (حُضُورًا) لَهُ صَامِتِينَ وَلَمْ يُبَادِرْ بِالْإِنْكَارِ حَالَ الْعَقْدِ بَلْ سَكَتُوا لِتَمَامِهِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ النِّكَاحُ وَسَقَطَ الصَّدَاقُ عَنْهُمْ وَمَحَلُّ حَلِفِهِمْ (إنْ لَمْ يُنْكِرُوا) الرِّضَا أَوْ الْأَمْرَ (بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ) وَالْمُرَادُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ حَالُ الْعَقْدِ لِمَنْ حَضَرَ عَالِمًا وَحَالُ انْتِهَاءِ الْعِلْمِ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ (وَإِنْ طَالَ) الزَّمَنُ (كَثِيرًا) بِأَنْ كَانَ إبْكَارُهُمْ بَعْدَ التَّهْنِئَةِ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ بِحَسْبِ الْعَادَةِ أَوْ مَضَى زَمَنٌ بَعْدَ الْعِلْمِ تَقْضِي الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَسْكُتُ فِيهِ إلَّا مَنْ رَضِيَ (لَزِمَ) النِّكَاحُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَإِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِهِ لَزِمَهُ وَثَبَتَ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُهُ) أَيْ وَثَبَتَ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْفَسْخُ وَعَدَمُ الْمَهْرِ مُطْلَقًا إلَخْ) حَقُّهُ كَمَا قَالَ بْن أَوْ الْفَسْخُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِحَلِفٍ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَتَوَجَّهُ يَمِينٌ أَصْلًا وَلَا يُشْرَعُ وَلَيْسَ إلَّا الْفَسْخُ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) فِي التَّوْضِيحِ قَالَ مَالِكٌ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحَمَّدٌ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَا وَمَنْ نَكَلَ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِلَافًا اهـ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ ابْنِ بَشِيرٍ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ هَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَلَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ أَوْ هُوَ خِلَافٌ فَيَكُونُ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّرَدُّدَ، وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ اهـ طفى وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يُعَبِّرْ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ فِي كَوْنِ النِّكَاحِ يُفْسَخُ مُطْلَقًا أَوْ إنْ حَلَفَا إذَا طَارَحَاهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ الرَّشِيدُ بِهَا) أَيْ وَطَارَحَاهُ بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُ الْمِثْلِ) إنَّمَا غَرِمَ الزَّوْجُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى أُلْغِيَ لِأَجْلِ الْمُطَارَحَةِ وَصَارَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةَ مَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ فَلَا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ دُفِعَ لِلزَّوْجَةِ مَا لَمْ تَدَّعِهِ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ وَغَرِمَهُ. (قَوْلُهُ: لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ غُرْمَ الزَّائِدِ) أَيْ غُرْمَ مَا زَادَهُ الْمُسَمَّى إنْ قُلْت إنَّ الْمُسَمَّى قَدْ أُلْغِيَ قُلْت هُوَ، وَإِنْ أُلْغِيَ لَكِنْ لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَضِيَ بِأَنَّ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ أَلْزَمْنَاهُ الْيَمِينَ لِأَجْلِ إسْقَاطِ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ رَشِيدٌ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الْأَبَ إذَا عَقَدَ لِابْنِهِ الرَّشِيدِ عَلَى امْرَأَةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْعَقْدِ لَهُ عَلَيْهَا وَوَكَّلَهُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ قَالَ: ابْنِي رَاضٍ بِالْأَمْرِ الَّذِي أَفْعَلُهُ. وَالْوَلَدُ حَاضِرٌ لِلْعَقْدِ، ثُمَّ إنَّ الِابْنَ أَنْكَرَ الْأَمْرَ وَالْوَكَالَةَ أَوْ الرِّضَا فَلَا يَخْلُو إنْكَارُهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ فَوْرًا عِنْدَمَا فَهِمَ أَنَّهُ يُعْقَدُ لَهُ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ كَعِلْمِهِ وَسُكُوتِهِ لِتَمَامِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ كَثِيرَةٍ كَبُعْدِ تَمَامِ الْعَقْدِ وَتَهْنِئَةِ مَنْ حَضَرَ وَانْصِرَافِهِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إنْكَارُهُ فَوْرًا عِنْدَمَا فَهِمَ أَنَّ الْعَقْدَ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ إنْكَارُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ نِكَاحٌ يُعْقَدُ لَهُ وَسَكَتَ، ثُمَّ أَنْكَرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَقْدِ حَلَفَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ وَإِذَا أَنْكَرَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَانْصِرَافِهِ عَلَى ذَلِكَ وَادَّعَى حَسْبَ عَادَاتِ النَّاسِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ الرِّضَا وَيَلْزَمُ النِّكَاحُ وَيُعَدُّ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا وَمُزِيلًا لِلنِّكَاحِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَيَلْزَمُ نِصْفُ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ أَذِنَهُ فِي الْعَقْدِ وَوَكَّلَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ رَاضٍ بِفِعْلِهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ) أَيْ وَسَقَطَ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ عَنْهُ وَعَنْ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: سَقَطَ النِّكَاحُ) أَيْ وَلَا يَمِينَ عَلَى الِابْنِ إنْ ادَّعَى أَبُوهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَعْقِدَ لَهُ . (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ وَادَّعَى، إذْنَهَا لَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَوْ رِضَاهَا بِمَا فَعَلَهُ. (قَوْلُهُ: حُضُورًا) وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَإِنَّ الْغَائِبَ كَالْحَاضِرِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُبَادِرَ بِالْإِنْكَارِ بِأَنْ يُنْكِرَ فِي حَالِ انْتِهَاءِ الْخَبَرِ إلَيْهِ وَإِمَّا أَنْ لَا يُبَادِرَ بِالْإِنْكَارِ بِأَنْ عَلِمَ وَسَكَتَ زَمَنًا غَيْرَ طَوِيلٍ، ثُمَّ أَنْكَرَ وَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ زَمَنًا طَوِيلًا، ثُمَّ يُنْكِرَ فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى يُقْبَلُ قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ وَفِي الثَّانِيَةِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ وَفِي الثَّالِثَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ النِّكَاحُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: حَالَ الْعَقْدِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ وَقَوْلُهُ: عَالِمًا أَيْ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ الصَّدَاقُ عَنْهُمْ) فَإِنْ نَكَلُوا فَقِيلَ يَلْزَمُ النِّكَاحُ

وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ. (وَرَجَعَ لِأَبٍ) زَوَّجَ وَلَدَهُ وَضَمِنَ لَهُ الصَّدَاقَ (و) لِشَخْصِ (ذِي قَدْرٍ زَوَّجَ غَيْرَهُ) وَضَمِنَ لَهُ الصَّدَاقَ (و) لِأَبٍ (ضَامِنٍ لِابْنَتِهِ) صَدَاقَ مَنْ زَوَّجَهَا لَهُ (النِّصْفَ) فَاعِلُ رَجَعَ فِي الثَّلَاثِ أَيْ نِصْفِ الصَّدَاقِ (بِالطَّلَاقِ) قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ فِيهِ حَقٌّ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ إنَّمَا الْتَزَمَهُ عَلَى كَوْنِهِ صَدَاقًا وَلَمْ يَتِمَّ مُرَادُهُ وَتَأْخُذْ الزَّوْجَةُ النِّصْفَ الثَّانِيَ (وَ) رَجَعَ لَهُمْ (الْجَمِيعُ بِالْفَسَادِ) قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَهَا الْمُسَمَّى (وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَذِي الْقَدْرِ وَالضَّامِنِ لِابْنَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا اسْتَحَقَّتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ النِّصْفِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ الْكُلِّ بَعْدَهُ (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الدَّافِعُ (بِالْحَمَالَةِ) كَعَلَيَّ حَمَالَةُ صَدَاقِك فَيَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ يَكُونَ) أَيْ الضَّمَانُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ ضَامِنٌ (بَعْدَ الْعَقْدِ) فَيُرْجَعُ عَلَى الزَّوْجِ بِجَمِيعِهِ إذَا دَخَلَ، وَبِمَا اسْتَحَقَّتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ النِّصْفِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ فَلَا يُرْجَعُ وَمَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ مَا لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ أَوْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَالشَّرْطِ (وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ (الِامْتِنَاعُ) مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ (إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّشِيدَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَالْمَرْأَةَ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الصَّدَاقُ كَامِلًا وَلَا يُعَدُّ نُكُولُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ طَلَاقًا بَلْ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ لَا نِكَاحَ وَلَا صَدَاقَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا هِيَ اسْتِظْهَارٌ لَعَلَّهُ أَنْ يُقِرَّ وَقِيلَ: تَطْلُقُ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ يُونُسَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ عبق وَالثَّانِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَصَوَّبَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالثَّالِثُ حَكَاهُ ابْنُ سَعْدُونٍ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا ذَكَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهَا عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَ إنْكَارِهِ فَإِنْ قَرُبَ رِضَاهُ مِنْ الْعَقْدِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْإِنْكَارِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ رَدَدْت ذَلِكَ وَلَا فَسَخْته فَلَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ إنْكَارَهُ الرِّضَا لَا يَقْتَضِي الرَّدَّ وَاسْتُحْسِنَ حَلِفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِإِنْكَارِهِ فَسْخًا فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ رَضِيَ بَعْدَ طُولٍ أَوْ كَأَنْ قَالَ: رَدَدْت الْعَقْدَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ اهـ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ لِأَبٍ وَذِي قَدْرٍ زَوَّجَ غَيْرَهُ وَضَامِنٍ لِابْنَتِهِ النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ يَشْطُرُهُ فَالْقِيَاسُ رُجُوعُ النِّصْفِ لِلزَّوْجِ لَا لِلضَّامِنِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَهُ فَفِي كَوْنِ النِّصْفِ لِلضَّامِنِ أَوْ لِلزَّوْجِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مَعَ سَمَاعِهِ سَحْنُونٌ وَتَخْرِيجُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى وُجُوبِ كُلِّهِ لِلزَّوْجِ بِالْعَقْدِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّامِنَ) أَيْ وَهُوَ الْأَبُ وَذُو الْقَدْرِ. (قَوْلُهُ: وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ النِّصْفَ الثَّانِيَ) أَيْ فَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ دَفْعِ الْأَبِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ لَكَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ تَتْبَعُهُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ كَمَا فِي الطِّرَازِ وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا عَطِيَّةٌ وَهِيَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُعْطِي إذَا لَمْ تَجُزْ عَنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَتْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ أَشْبَهَتْ الْمُعَاوَضَةَ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِالْفَسَادِ) أَيْ الْفَسْخِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْكُلِّ بَعْدَهُ أَيْ إنْ فُسِخَ النِّكَاحُ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِالْحَمَالَةِ) هِيَ أَنْ يَدْفَعَ الْمَهْرَ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَا كَأَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ حَمَالَةُ صَدَاقِك كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ فَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ عَلَى الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ كَانَ التَّصْرِيحُ بِالْحَمَالَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ الضَّمَانُ بَعْدَ الْعَقْدِ) سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ أَوْ بِلَفْظِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْعَقْدِ ضَمَانُ صَدَاقِكِ مِنِّي أَوْ صَدَاقُك عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ، وَقَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ أَيْ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحَمَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحَمْلِ كَمَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ إذَا صَرَّحَ بِالْحَمْلِ مُطْلَقًا كَأَنَا أَحْمِلُ عَنْك الصَّدَاقَ سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّافِعَ إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِلَفْظِ الْحَمْلِ أَوْ الْحَمَالَةِ أَوْ الضَّمَانِ وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ فِيهِ فَالتَّصْرِيحُ بِالْحَمَالَةِ يُرْجَعُ فِيهِ مُطْلَقًا وَبِالْحَمْلِ لَا يُرْجَعُ مُطْلَقًا وَالتَّصْرِيحُ بِالضَّمَانِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ لَمْ يُرْجَعْ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ رُجِعَ وَمِثْلُ الْحَمْلِ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ الدَّفْعُ كَأَنَا أَدْفَعُ صَدَاقَكَ أَوْ أَدْفَعُ الصَّدَاقَ عَنْكَ، وَقَدْ نَظَمَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ أَقْسَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: انْفِ رُجُوعًا عِنْدَ حَمْلٍ مُطْلَقَا ... حَمَالَةٌ بِعَكْسِ ذَا فَحَقِّقَا لَفْظُ ضَمَانٍ عِنْدَ عَقْدٍ لَا ارْتِجَاعِ ... وَبَعْدَهُ حَمَالَةٌ بِلَا نِزَاعِ وَكُلُّ مَا اُلْتُزِمَ بَعْدَ عَقْدِ ... فَشَرْطُ هَذَا الْحَوْزُ فَافْهَمْ قَصْدِي (قَوْلُهُ: تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ مَنْ دَفَعَ عَنْ إنْسَانٍ صَدَاقَهُ أَوْ تَحَمَّلَ بِهِ عَنْهُ بِأَيِّ لَفْظٍ يَرْجِعُ بِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ، وَكَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ) الْمُرَادُ

[الكفاءة في النكاح]

مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ (حَتَّى يُقَرِّرَ) لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (وَتَأْخُذَ الْحَالَّ) أَصَالَةً أَوْ بَعْدَ أَجَلِهِ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ حَيْثُ امْتَنَعَتْ (التَّرْكُ) بِأَنْ يُطَلِّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ أَوْ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ الْمُتَحَمِّلُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا إذَا صُرِّحَ بِالْحَمَالَةِ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ بِلَفْظِ الضَّمَانِ وَوَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ إنْ طَلَّقَ غَرِمَ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ دَخَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ. (وَبَطَلَ) الضَّمَانُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ وَصَحَّ النِّكَاحُ (إنْ) (ضَمِنَ) شَخْصٌ مَهْرًا بِلَفْظِ الْحَمْلِ (فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (عَنْ وَارِثٍ) ابْنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ أَوْ عَطِيَّةٌ لَهُ فِي الْمَرَضِ (لَا) إنْ تَحَمَّلَ عَنْ (زَوْجِ ابْنَةٍ) غَيْرُ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَجُوزُ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ يَتْرُكَ النِّكَاحَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَاءَةُ مَطْلُوبَةً فِي النِّكَاحِ عَقَّبَ الْمُصَنِّفُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَالْكَفَاءَةُ) وَهِيَ لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالتَّعَذُّرِ التَّعَسُّرُ أَيْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَتَعَذَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مَلِيًّا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّوْجِ) سَيَأْتِي أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَ الدُّخُولِ حَتَّى تَأْخُذَ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ فَيُحْمَلُ مَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا، وَأَمَّا تَعْمِيمُ الشَّارِحِ فِيمَا هُنَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ فِيمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَرِّرَ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ، وَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ الزَّوْجِ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى تَسْلِيمِ سِلْعَتِهَا مَجَّانًا وَقَوْلُهُ: حَتَّى يُقَرِّرَ لَهَا صَدَاقًا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَالَ عج عَنْ الشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ حَتَّى يُعَيِّنَ وَتَقْبِضَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُتَعَذِّرًا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ وَحْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ الَّذِي فِيهِ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ وَاَلَّذِي فِيهِ الصَّدَاقُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الْأَوَّلِ مُجَرَّدُ التَّقْرِيرِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ أَجَلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ أَجَلُهُ وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ الْحَالِّ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ مَا حَلَّ بَعْدَ التَّأْجِيلِ مِنْ أَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ حَتَّى تَقْبِضَهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنَّمَا يَكُونَانِ سَوَاءً لَوْ كَانَ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى التَّحَمُّلِ بِهِ فَلَيْسَ لَهَا الْمَنْعُ مِنْ التَّمْكِينِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَالِّ أَصَالَةً دُونَ مَا حَلَّ بَعْدَ أَجَلِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ حَيْثُ امْتَنَعَتْ مِنْ الدُّخُولِ وَتَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ الْمُتَحَمِّلِ بِهِ. (قَوْلُهُ: التَّرْكُ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ عِنْدِهِ وَيَتْبَعَ بِهِ الْحَامِلَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى غُرْمِ شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ عَدِيمًا فَمَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَخْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ الدُّخُولِ لِتَعَذُّرِ خَلَاصِ الصَّدَاقِ مِنْ الْمُلْتَزِمِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الصَّدَاقَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يُطَلِّقَهَا فَإِنْ دَفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُلْتَزِمِ إنْ كَانَ الْتِزَامُهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ وَكَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ أَوْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُلْتَزِمُ الْتَزَمَهُ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ وَكَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْتِزَامُهُ عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ أَوْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا يَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ دَخَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ إلَخْ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْتِزَامَ الْمَهْرِ حَمْلٌ وَحَمَالَةٌ وَضَمَانٌ فَإِنْ كَانَ حَمْلًا فَلَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ حَمَالَةً رَجَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ ضَمَانًا رَجَعَ إنْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا إنْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ حِينَهُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ مَهْرًا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ لِوَارِثٍ كَانَ الضَّمَانُ بَاطِلًا لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَبَضَتْهُ مِنْ الضَّامِنِ، ثُمَّ مَاتَ رَدَّتْهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا، وَقَدْ دَخَلَ أَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ أَوْ صَغِيرًا وَدَخَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ اتَّبَعَتْهُ الزَّوْجَةُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ ضَمِنَ الْمَهْرَ لِلْوَارِثِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ عَلَى وَجْهِ الْحَمَالَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا فِي الصُّورَةِ، وَلَوْ لَاحَظُوا أَنَّ فِيهِ الرُّجُوعَ لَأَجَازُوهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَنْ وَارِثٍ صِحَّتُهُ أَيْ الضَّمَانِ عَلَى وَجْهِ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ قَرِيبٍ وَيَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ الزَّائِدَ خُيِّرَ الزَّوْجُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ الزَّائِدَ وَيَدْخُلَ وَإِمَّا أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا عَنْ زَوْجِ ابْنَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَنْ زَوْجِ ابْنَةٍ) أَيْ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِ الْمَالِ تَأْخُذُهُ بِنْتُهُ الَّتِي هِيَ وَارِثَةٌ لَهُ. [الْكِفَاءَة فِي النِّكَاح] (قَوْلُهُ: مَطْلُوبَةً) أَيْ لِأَجْلِ دَوَامِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْكَفَاءَةُ) أَيْ الْمَطْلُوبَةُ فِي النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: الدِّينُ وَالْحَالُ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ فَهِيَ لُغَةً مُطْلَقُ الْمُمَاثَلَةِ أَوْ الْمُقَارَبَةِ، وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهِيَ الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُقَارَبَةُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ

وَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَمْرَانِ (الدِّينُ) أَيْ التَّدَيُّنُ أَيْ كَوْنُهُ ذَا دِينٍ أَيْ غَيْرَ فَاسِقٍ لَا بِمَعْنَى الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا، إذْ لَيْسَ لَهُمَا تَرْكُهُ وَتَأْخُذُ كَافِرًا إجْمَاعًا (وَالْحَالُ) أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ فِي الزَّوْجِ لَا الْحَالُ بِمَعْنَى الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ وَإِنَّمَا تُنْدَبُ فَقَطْ (وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ) أَيْ لَهُمَا مَعًا (تَرْكُهَا) وَتَزْوِيجُهَا مِنْ فَاسِقٍ سِكِّيرٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَإِلَّا رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ لِحَقِّ اللَّهِ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ، وَكَذَا تَزْوِيجُهَا مِنْ مَعِيبٍ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْخِيَارِ أَنَّ الثَّانِيَ أَيْ السَّلَامَةَ مِنْ الْعَيْبِ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ كَلَامٌ. (وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ رَضِيَ) بِغَيْرِ كُفْءٍ (فَطَلَّقَ) غَيْرُ الْكُفْءِ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا (امْتِنَاعٌ) اسْمُ لَيْسَ أَيْ لَيْسَ لَهُ امْتِنَاعٌ مِنْ تَزْوِيجِهَا لَهُ ثَانِيًا حَيْثُ طَلَبَهَا وَرَضِيَتْ بِهِ (بِلَا) عَيْبٍ (حَادِثٍ) غَيْرَ الْأَوَّلِ يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ لِأَنَّ رِضَاهُ أَوَّلًا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الِامْتِنَاعِ وَيُعَدُّ عَاضِلًا إنْ امْتَنَعَ فَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ بِأَنَّ زَادَ فِسْقُهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ. (وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ فِي) إرَادَةِ (تَزْوِيجِ الْأَبِ) ابْنَتَهُ (الْمُوسِرَةَ الْمَرْغُوبَ فِيهَا مِنْ) ابْنِ أَخٍ لَهُ (فَقِيرٌ) أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ تَرْفَعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَنْظُرَ فِيمَا أَرَادَهُ الْأَبُ هَلْ هُوَ صَوَابٌ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَتَتْ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ إلَى مَالِكٍ فَقَالَتْ: إنَّ لِي ابْنَةً فِي حِجْرِي مُوسِرَةً مَرْغُوبًا فِيهَا، فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ لَهُ فَقِيرٍ أَفَتَرَى لِي فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمًا؟ قَالَ: نَعَمْ إنِّي لَأَرَى لَك مُتَكَلَّمًا. انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: إنِّي لَأَرَى لَك بِالْإِثْبَاتِ (وَرُوِيَتْ) أَيْضًا (بِالنَّفْيِ) أَيْ لَا أَرَى لَك مُتَكَلَّمًا (ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْصَافَ الَّتِي اعْتَبَرُوهَا فِي الْكَفَاءَةِ سِتَّةٌ أَشَارَ لَهَا بَعْضٌ قَوْلُهُ: نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ ... فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدٌ فَإِنْ سَاوَاهَا الرَّجُلُ فِي السِّتَّةِ فَلَا خِلَافَ فِي كَفَاءَتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا ذُكِرَ لِقَوْلِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ: إنَّهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَاقِي الْأَوْصَافِ فَمَتَى سَاوَاهَا الرَّجُلُ فِيهِمَا فَقَطْ كَانَ كُفُؤًا. (قَوْلُهُ: الْحَسَبِ) هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَالْكَرَمِ وَالْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ، وَقَوْلُهُ: النَّسَبِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْلُومَ الْأَبِ لَا كَوْنِ أَحَدِهِمَا لَقِيطًا أَوْ مَوْلًى إذًا لَا نَسَبَ لَهُ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُنْدَبُ) أَيْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِمَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَهُمَا مَعًا) أَيْ فَإِنْ تَرَكَتْهَا امْرَأَةٌ بِأَنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَلَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ بِتَرْكِهَا فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَدْخُلْ فَإِنْ دَخَلَ فَلَا فَسْخَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ تَرَكَتْهَا فَحَقُّ الْوَلِيِّ بَاقٍ وَالْعَكْسُ. (قَوْلُهُ: مِنْ فَاسِقٍ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فِي الْكَفَاءَةِ فَإِذَا أَسْقَطَا حَقَّهُمَا مِنْهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ فَاسِقٍ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا نَقَلَهُ ح وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ مَنْعُ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلَا لِلْوَلِيِّ الرِّضَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مُخَالَطَةَ الْفَاسِقِ مَمْنُوعَةٌ وَهَجْرُهُ وَاجِبٌ شَرْعًا فَكَيْفَ بِخُلْطَةِ النِّكَاحِ فَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَتَزَوَّجَهَا فَفِي الْعَقْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لُزُومُ فَسْخِهِ لِفَسَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَابْنُ سَلْمُونٍ الثَّانِي أَنَّهُ صَحِيحٌ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ الثَّالِثُ لِأَصْبَغَ إنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ وَظَاهِرُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ عَوْدُ ضَمِيرِ تَرَكَهَا لِلْحَالِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ اهـ بْن وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ كَمَا شَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. (قَوْلُهُ: حِفْظًا) أَيْ لِوُجُوبِ حِفْظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا رَضِيَ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا مِنْهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَرَادَ عَوْدَهَا فَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ حَيْثُ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُوجِبُ الِامْتِنَاعَ وَيُعَدُّ عَاضِلًا أَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَهِيَ زَوْجَةٌ فَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: مِنْ فَقِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ابْنُ أَخٍ لَهُ أَوْ غَيْرُهُ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ أَخٍ الْوَاقِعَ فِي الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ مُخْرَجٌ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا أَنَّهُ أَسْقَطَ الْمُطَلَّقَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْأُمِّ لِمَا ذَكَرْنَا وَقَوْلُهُ: فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ أَيْ وَغَيْرِ الْأَبِ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَخَاصٌّ بِهَا مُطَلَّقَةٌ أَمْ لَا وَمِثْلُ الْفَقِيرِ مَنْ يَغُرُّ بِهَا عَنْ أُمِّهَا مَسَافَةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْفَرْعِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِكَخَصِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُجْبِرَ بِنْتَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ بِخَصِيٍّ وَنَحْوَهُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ، وَأَمَّا الْفَقْرُ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ فَلَهُ جَبْرُهَا وَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ حَتَّى الْأُمِّ فَكَيْفَ يُحْكَمُ هُنَا لَهَا بِالتَّكَلُّمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَفَاءَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ أَوْ غَيْرِ ابْنِ الْأَخِ. (قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ صَوَابٌ) أَيْ فَيُمَكِّنُهُ مِمَّا أَرَادَ أَوْ غَيْرُ صَوَابٍ فَيَمْنَعُهُ مِمَّا أَرَادَهُ. (قَوْلُهُ: بِالْإِثْبَاتِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ نَعَمْ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَصَحُّ وَلِذَا قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ كَمَا أَنَّهُ قَدَّمَ قَوْلَ مَالِكٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إشْعَارًا بِتَرْجِيحِهِ عَلَيْهِ اهـ. لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِشْكَالِ أَنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا إلَّا لِضَرَرٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَرُوِيَتْ أَيْضًا بِالنَّفْيِ) أَيْ قَالَ نَعَمْ إنِّي لَا أَرَى لَك مُتَكَلَّمًا وَفِيهِ أَنَّ النَّفْيَ لَمْ يَسْتَقِمْ مَعَ قَوْلِهِ نَعَمْ وَيَخْتَلُّ الْمَعْنَى وَيَتَنَاقَضُ كَلَامُهُ بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ

بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا أَيْ فَلَا تَكَلُّمَ لَهَا (إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ) فَلَهَا التَّكَلُّمُ (وَ) اُخْتُلِفَ فِي جَوَابِ (هَلْ) هُوَ (وِفَاقٌ) أَوْ خِلَافٌ فَقِيلَ وِفَاقٌ بِتَقْيِيدِ كَلَامِ الْإِمَامِ بِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ أَوْ بِالضَّرَرِ عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ فَوَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ يَكُونُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِقَوْلِهِ أَرَاهُ رَاضِيًا أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَيَقُولُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ لَكِنَّ هَذَا الثَّانِيَ إنَّمَا بِقَوْلٍ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ وَقِيلَ خِلَافٌ بِحَمْلِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى إطْلَاقِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِالْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ أَيْ كَانَ هُنَاكَ ضَرَرٌ أَمْ لَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَعَدَمِهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (تَأْوِيلَانِ) (وَالْمُولَى) أَيْ الْعَتِيقُ (وَغَيْرُ الشَّرِيفِ) أَيْ الدَّنِيءُ فِي نَفْسِهِ كالمسلماني أَوْ فِي حِرْفَتِهِ كَحَمَّارٍ وَزَبَّالٍ (وَالْأَقَلُّ جَاهًا) أَيْ قَدْرًا أَوْ مَنْصِبًا (كُفْءٌ) لِلْحُرَّةِ أَصَالَةً وَالشَّرِيفَةِ وَذَاتِ الْجَاهِ أَكْثَرَ مِنْهُ (وَفِي) كَفَاءَةِ (الْعَبْدِ) لِلْحُرَّةِ وَعَدَمِ كَفَاءَتِهِ لَهَا عَلَى الْأَرْجَحِ (تَأْوِيلَانِ) . (وَحَرُمَ) عَلَى الشَّخْصِ (أُصُولُهُ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ، وَإِنْ عَلَا (وَفُصُولُهُ) ، وَإِنْ سَفَلُوا (وَلَوْ خُلِقَتْ) الْفُصُولُ (مِنْ مَائِهِ) أَيْ الْمُجَرَّدِ عَنْ عَقْدٍ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ شُبْهَةٍ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَاؤُهُ الْغَيْرُ الْمُجَرَّدِ عَنْ ذَلِكَ، فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ بِذَكَرٍ حَرُمَ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ تَزَوُّجُ فُرُوعِ أَبِيهِ مِنْ الزِّنَا وَأُصُولِهِ (وَزَوْجَتُهُمَا) أَيْ تَحْرُمُ زَوْجَةُ الْأُصُولِ الذُّكُورِ عَلَى الْفُرُوعِ الذُّكُورِ وَزَوْجَةُ الْفُرُوعِ الذُّكُورِ عَلَى الْأُصُولِ، وَكَذَا يَحْرُمُ زَوْجُ الْأُصُولِ الْإِنَاثِ عَلَى الْفُرُوعِ الْإِنَاثِ وَزَوْجُ الْفُرُوعِ الْإِنَاثِ عَلَى الْأُصُولِ الْإِنَاثِ فَلَوْ حَذَفَ التَّاءَ لَشَمِلَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ مَعْنَاهُ أُجِيبُ سُؤَالَكَ تَقْرِيرٌ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لِسَحْنُونٍ مَا تَقَدَّمَ نَقْلًا عَنْ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنَا أَرَاهُ) أَيْ مَا يَفْعَلُهُ الْأَبُ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ) أَيْ لِحُصُولِ ضَرَرٍ بَيِّنٍ لَهَا بِسَبَبِ الْفَقْرِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَأَنَا أَرَاهُ مَاضِيًا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِضَرَرٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ) أَيْ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقٌ أَيْ لِكَلَامِ مَالِكٍ أَوْ مُخَالِفٌ لَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافٌ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وِفَاقٌ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ لِلْوِفَاقِ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالثَّانِي مِنْهُمَا لِأَبِي عِمْرَانَ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ هَذَا الثَّانِيَ) أَيْ التَّوْفِيقَ الثَّانِيَ. (وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ خِلَافٌ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالرَّاجِحُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْلَى وَغَيْرُ الشَّرِيفِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَاءَةِ الْمُمَاثَلَةُ فِي النَّسَبِ وَالْحَسَبِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَبْدِ تَأْوِيلَانِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ كَمَا فِي الشَّارِحِ تَبَعًا لشب وَفِي عبق أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ كُفْءٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ التَّفْصِيلُ فَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَبْيَضِ فَهُوَ كُفْءٌ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَبِهِ الشَّرَفُ فِي عُرْفِ مِصْرِنَا وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَسْوَدِ فَلَيْسَ بِكُفْءٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَنْفِرُ مِنْهُ وَيَقَعُ بِهِ الذَّمُّ لِلزَّوْجَةِ اهـ عَدَوِيٌّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي عَبْدِ أَبِيهَا وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَتْ) أَيْ هَذَا إذَا خُلِقَتْ الْفُصُولُ مِنْ مَائِهِ الْغَيْرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ عَقْدٍ بَلْ وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَقْدِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الصِّفَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: الْمُجَرَّدِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي قَوْلِهِ لَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْ الْمَاءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعَقْدِ وَعَمَّا يُشْبِهُهُ مِنْ الشُّبْهَةِ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ قَالَ سَحْنُونٌ وَهُوَ خَطَأٌ صُرَاحٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ خَطَأٌ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِنْتًا لَوَرِثَتْهُ وَوَرِثَهَا وَجَازَ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَإِجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مُنْتَفٍ عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ مَائِهِ) وَمِثْلُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ مَنْ شَرِبَتْ مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ زَنَى بِهَا إنْسَانٌ فَتَحْرُمُ تِلْكَ الْبِنْتُ عَلَى ذَلِكَ الزَّانِي الَّذِي شَرِبَتْ مِنْ مَائِهِ وَهَذَا هُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ تِلْكَ الْبِنْتَ. (قَوْلُهُ: فُرُوعِ أَبِيهِ مِنْ الزِّنَا) أَيْ الْكَائِنِ ذَلِكَ الْأَبِ مِنْ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُمَا) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الشَّخْصِ وَفَصْلِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَزَوَّجَهَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وَإِنْ عَلَوْا أَوْ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَابْنَةِ زَوْجَةِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا وَلَدَتْهَا أُمُّهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِأَبِيهِ فَتَحِلُّ لَهُ إجْمَاعًا، وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْهَا أُمُّهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ بِأَبِيهِ وَفَارَقَتْهُ فَقِيلَ بِحِلِّهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ بِحُرْمَتِهَا وَثَالِثُهَا يُكْرَهُ نِكَاحُهَا الْأَوَّلُ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي سَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ طَاوُسٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُحَرِّمُ زَوْجُ الْأُصُولِ الْإِنَاثَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجِ أُمِّهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمَّهَاتِ أُمِّهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمِّ أَبِيهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمَّهَاتِ أُمِّ أَبِيهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمِّ جَدِّهَا وَلَا بِزَوْجِ أُمَّهَاتِهَا. (قَوْلُهُ: وَزَوْجُ الْفُرُوعِ الْإِنَاثَ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةُ بِزَوْجِ بِنْتِهَا وَلَا بِزَوْجِ بَنَاتِ بِنْتِهَا، وَإِنْ سَفَلْنَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَ التَّاءَ لَشَمِلَ هَاتَيْنِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَوْ حَذَفَهَا وَشَمِلَ

(وَ) حَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ (فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ) وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَذُرِّيَّتُهُمْ، وَإِنْ سَفَلُوا (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِ (أَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ) بِخِلَافِ ذُرِّيَّتِهِ كَبِنْتِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْخَالَةِ فَحَلَالٌ (وَ) حَرُمَ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ (أُصُولُ زَوْجَتِهِ) وَهُنَّ أُمَّهَاتُهَا، وَإِنْ عَلَوْنَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] (وَ) حَرُمَ (بِتَلَذُّذِهِ) بِزَوْجَتِهِ (وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرٍ) إنْ وُجِدَ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ لَا إنْ قَصَدَ فَقَطْ (فُصُولَهَا) وَهُنَّ كُلُّ مَنْ لَهَا عَلَيْهِنَّ وِلَادَةٌ مُبَاشِرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] فَسَّرَ الْإِمَامُ الدُّخُولَ بِالتَّلَذُّذِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] لِجَرْيِهِ عَلَى الْغَالِبِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَظَرٍ أَيْ فِيمَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَحْرُمُ فِيهِمَا إلَّا اللَّذَّةُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ الْقُبْلَةِ (كَالْمِلْكِ) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ الْمُحَرَّمَ هُنَا التَّلَذُّذُ بِهَا لَا مُجَرَّدُ الْمِلْكِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهَا أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ إلَّا إذَا تَلَذَّذَ بِهَا وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ مِثْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْبُلُوغُ وَلَا إطَاقَةُ الْوَطْءِ فَتَلَذُّذُهُ بِالصَّغِيرَةِ جِدًّا كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ (وَحُرِّمَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (وَإِنْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ) بِأَنْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ بِصِحَّتِهِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ كَمُحْرِمٍ وَشِغَارٍ وَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا فَعَقْدُهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالصَّحِيحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أُجْمِعَ عَلَى فَسَادِهِ (فَ) الْمُحَرَّمُ (وَطْؤُهُ) ، وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ (إنْ دَرَأَ) وَطْؤُهُ (الْحَدَّ) عَنْ الْوَاطِئِ كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ وَذَاتِ مَحْرَمٍ وَرَضَاعٍ غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنْ عَلِمَ حُدَّ إلَّا الْمُعْتَدَّةُ فَقَوْلَانِ فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ كَانَ مِنْ الزِّنَا. (وَفِي) نَشْرِ حُرْمَةِ (الزِّنَا خِلَافٌ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ نَشْرِهِ الْحُرْمَةَ فَيَجُوزُ لِمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِفُرُوعِهَا وَأُصُولِهَا وَلِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (وَإِنْ) (حَاوَلَ) زَوْجٌ (تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالصُّورَتَيْنِ لَكَانَ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ إلَخْ تَكْرَارًا مَعَ هَذَا وَيَكُونُ كَلَامُهُ هُنَا مُوهِمًا أَنَّ فُصُولَ الزَّوْجَةِ يَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ فُصُولُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُمْ إخْوَتُهُ أَشِقَّاءٌ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ. (وَقَوْلُهُ: وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ) أَيْ مَا عَدَا الْأَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي عَدَا الْأَصْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْجَدَّةُ الْقُرْبَى وَابْنُ الْأَوَّلِ عَمٌّ أَوْ خَالٌ وَابْنَتُهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ، وَأَمَّا أَوْلَادُهُمْ فَحَلَالٌ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَصَدَ) أَيْ التَّلَذُّذَ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْصُلَ لَذَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى تَلَذَّذَ بِالْمَرْأَةِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا كَانَتْ فِي حِجْرِهِ وَكَفَالَتِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: كَالْمِلْكِ) إنْ جَعَلَ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَوْ بِنَظَرِ فُصُولِهَا لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَتَى تَلَذَّذَ بِأُمِّهِ، وَلَوْ مَجُوسِيَّةً حَرُمَ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا، وَإِنْ جَعَلَ تَشْبِيهًا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ أُصُولُهُ إلَى هُنَا يُسْتَثْنَى الْعَقْدُ فَإِنَّ عَقْدَ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ يُحَرِّمُ عَلَى الِابْنِ وَعَقْدَ الِابْنِ يُحَرِّمُ عَلَى الْأَبِ وَعَقْدَ الشِّرَاءِ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا لِأَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ الْمُبْتَغَى مِنْهُ الْوَطْءَ بَلْ الْخِدْمَةَ، وَالِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَالتَّحْرِيمُ فِي الْمِلْكِ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّلَذُّذِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحَرُمَ أُصُولُهُ إلَى هُنَا فَإِذَا تَلَذَّذَ بِأَمَةٍ حَرُمَتْ عَلَى أُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَوْا وَعَلَى فُصُولِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي تَلَذَّذَ بِهَا أَحَدُ آبَائِهِ أَوْ مِنْ أَبْنَائِهِ، وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّلَذُّذُ بِجَارِيَةٍ مِنْ فُصُولِ أَوَّلِ أُصُولِهِ أَوْ بِجَارِيَةٍ مِنْ أَوَّلِ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ وَإِذَا تَلَذَّذَ بِجَارِيَةٍ، وَلَوْ بِنَظَرٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ مِنْ بُلُوغِهِ) أَيْ لَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ الْحَاصِلِ بِالتَّلَذُّذِ مِنْ بُلُوغِهِ فَوَطْءُ الصَّغِيرِ لِلْأَمَةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا عَلَى الرَّاجِحِ فَلَا تَحْرُمُ مَوْطُوءَتُهُ عَلَى أُصُولِهِ وَلَا عَلَى فُصُولِهِ وَلَا تَحْرُمُ بَنَاتُهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ الْحَاصِلُ بِالْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِعَقْدِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَوَطْءُ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالْكَبِيرَةِ فَتَحْرُمُ عَلَى أُصُولِ وَاطِئِهَا وَعَلَى فُصُولِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا اللَّاتِي سَتَلِدُهُنَّ. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْعَقْدُ) أَيْ وَنَشَرَ الْعَقْدُ الْحُرْمَةَ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ حَرُمَتْ عَلَى أُصُولِهِ وَعَلَى فُصُولِهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ أُصُولُهَا هَذَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ وَقَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْعَقْدُ أَيْ عَقْدُ النِّكَاحِ لِكَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ وَطْئِهِ الْأَمَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا عَقْدُ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ إذَا رَدَّهُ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ بِالرَّدِّ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ عَقْدُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِمَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ لَازِمٍ كَعَقْدِ الرَّقِيقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَازِمٌ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى حِلِّهِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى حِلِّهِ وَقِيلَ إنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ كَوْنُهُ لَازِمًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ وَاَلَّذِي صَوَّبَهُ بْن هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ وَذَكَرَ أَنَّهُ نَصَّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى تَحْرِيمِ عَقْدِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: فَالْمُحَرَّمُ وَطْؤُهُ) فِي كَبِيرِ خش أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ مَا يَشْمَلُ إرْخَاءَ السُّتُورِ، وَلَوْ تَقَارَرُوا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ وَمِثْلُ الْوَطْءِ مُقَدِّمَاتُهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْوَطْءِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ عَالِمٍ) قَيْدٌ فِي عَدَمِ الْحَدِّ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَمِثْلُ الثَّلَاثَةِ الْخَامِسَةُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَدْرَأْ

(فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ (فَتَرَدُّدٌ) فِي تَحْرِيمِ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُرْتَضَى وَعَدَمُهُ. (وَإِنْ) (قَالَ أَبٌ) عِنْدَ قَصْدِ ابْنِهِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ أَنَا (نَكَحْتهَا) أَيْ عَقَدْت عَلَيْهَا (أَوْ) قَالَ (وَطِئْت) هَذِهِ (الْأَمَةَ) أَوْ تَلَذَّذْتُ بِهَا وَهِيَ فِي مِلْكِي (عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ) أَيْ الْعَقْدَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَمِلْكَ مِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَلَذَّذ بِهَا (وَأَنْكَرَ) الِابْنُ مَا قَالَهُ الْأَبُ (نُدِبَ) لَهُ (التَّنَزُّهُ) وَلَا يَجِبُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ تَقَدُّمُ مِلْكِ الْأَبِ لَهَا وَلَمْ يُفْشَ قَوْلُ الْأَبِ قَبْلَ ذَلِكَ (وَفِي وُجُوبِهِ) أَيْ التَّنَزُّهِ (إنْ فَشَا) قَوْلُ الْأَبِ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ. (وَ) حَرُمَ (عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ جَمْعُ خَمْسٍ) مِنْ النِّسَاءِ (وَ) جَازَ (لِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ) وَلَيْسَ مُرَادُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الرَّابِعَةُ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ (أَوْ) جَمْعُ (ثِنْتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ) أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (ذَكَرًا) وَالْأُخْرَى أُنْثَى (حَرُمَ) وَطْؤُهَا لَهُ فَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَأَمَتُهَا فَيَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي نِكَاحٍ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَتْ الْمَالِكَةُ ذَكَرًا جَازَ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَبِنْتُ زَوْجِهَا أَوْ أُمُّ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّا إذَا قَدَّرْنَا الْمَرْأَةَ ذَكَرًا لَمْ يَحْرُمْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجِهَا وَلِابْنَتِهِ بِنِكَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَبِنْتُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ قَالَ عج: وَجَمْعُ مَرْأَةٍ وَأُمِّ الْبَعْلِ ... أَوْ بِنْتِهِ أَوْ رِقِّهَا ذُو حِلٍّ (كَوَطْئِهِمَا) أَيْ الثِّنْتَيْنِ (بِالْمِلْكِ) فَيَحْرُمُ، وَأَمَّا جَمْعُهُمَا فِي الْمِلْكِ لَا الْوَطْءِ بَلْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا لَهَا وَالثَّانِيَةُ لِلْوَطْءِ فَلَا يَحْرُمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدَّ أَيْ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا ذَاتُ مَحْرَمٍ أَوْ ذَاتُ رَضَاعٍ أَوْ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ وَأَنَّهَا خَامِسَةٌ وَقَوْلُهُ: إلَّا الْمُعْتَدَّةُ فَقَوْلَانِ أَيْ إلَّا الْعَالِمُ بِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ فَفِي حَدِّهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا) أَيْ وَبِأُمِّهَا، وَلَوْ كَانَ الِالْتِذَاذُ بِمُجَرَّدِ اللَّمْسِ كَمَا فِي المج، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ التَّلَذُّذَ بِبِنْتِ زَوْجَتِهِ لِظَنِّهَا زَوْجَتَهُ وَلَمْ يَلْتَذَّ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ عَلَى الصَّحِيحِ وَاللِّوَاطُ بِابْنِ زَوْجَتِهِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ. (قَوْلُهُ: ظَانًّا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ تَلَذَّذَ بِالْبِنْتِ عَمْدًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: فَتَرَدُّدٌ) لَا يُقَالُ: إنَّ التَّلَذُّذَ بِبِنْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا هَذَا وَطْءُ شُبْهَةٍ وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ يَحْرُمُ اتِّفَاقًا فَلِمَ جَرَى التَّرَدُّدُ هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا وَطْءُ شُبْهَةٍ، إذْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ هُوَ الْوَطْءُ غَلَطًا فِيمَنْ تَحِلُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلِذَا كَانَ وَطْءُ أُخْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا مُحَرِّمًا بَنَاتَهَا عَلَى زَوْجِ أُخْتِهَا الْوَاطِئِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَوَطْؤُهَا وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ بِبِنْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا فَلَيْسَ وَطْءَ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِذَا جَرَى فِيهِ التَّرَدُّدُ اهـ خش لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يُحَرِّمُ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: قِيلَ: إنَّهُ يُحَرِّمُ. وَقِيلَ: لَا يُحَرِّمُ. وَالثَّالِثُ: الْوَقْفُ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْقَلْشَانِيِّ وَابْنِ نَاجِيٍّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) اعْلَمْ أَنَّ التَّرَدُّدَ جَارٍ فِي كُلٍّ مِنْ التَّلَذُّذِ بِالْوَطْءِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّحْرِيمُ فِيهِمَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ فِي تت وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وعج (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ أَبٌ) أَيْ أَوْ وُجِدَ فَالْمُرَادُ بِالْأَبِ كُلُّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ نِكَاحُ زَوْجَتِهِ. (قَوْلُهُ: نُدِبَ التَّنَزُّهُ) أَيْ التَّبَاعُدُ عَنْهَا، قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ: وَيَنْبَغِي إذَا صَدَّقَتْ الْحُرَّةُ الْأَبَ أَنْ تُؤْخَذَ بِإِقْرَارِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْوَلَدَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَا تَقُولُهُ الْأَمَةُ لِاتِّهَامِهَا فِي مَحَبَّةِ الْوَلَدِ أَوْ ضِدِّهَا اهـ عَدَوِيٌّ. (تَنْبِيهٌ) مَنْ مَلَكَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَطِئَهَا أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا تَحِلُّ، وَبِهِ الْعَمَلُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الْعُلَى وَقَالَ: يُنْدَبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا فِي الْوَخْشِ وَلَا تَحْرُمُ الْإِصَابَةُ، وَكَذَا إنْ بَاعَهَا الْأَبُ لِابْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ، ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ فَلَا تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَتْ مِنْ الْعُلَى فَلَوْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِعَدَمِ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ فَإِنْ بَاعَهَا الْأَبُ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْأَجْنَبِيُّ بَاعَهَا لِلْوَلَدِ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَبَ الْبَائِعَ أَخْبَرَ الْأَجْنَبِيَّ بِعَدَمِ إصَابَتِهَا وَالْأَجْنَبِيَّ أَخْبَرَ الْوَلَدَ بِذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْأَجْنَبِيَّ إنْ كَانَ شَأْنُهُ الصِّدْقَ فِي إخْبَارِهِ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعِيَاضٍ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ. (قَوْلُهُ: الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْأَبِ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَفَشْوُهُ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ (قَوْلُهُ: جَمْعُ خَمْسٍ مِنْ النِّسَاءِ) أَيْ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ لَكِنْ إنْ جَمَعَهُنَّ فِي عَقْدٍ فُسِخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ فِي عُقُودٍ فُسِخَ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ) أَيْ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِيهَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْحُدُودِ فَكَانَ طَلَاقُهُ نِصْفَ طَلَاقِ الْحُرِّ كَمَا فِي الْحُدُودِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ) وَهُوَ، وَإِنْ قَالَ بِهِ ابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَيِّنٌ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ: أَوْ جَمْعُ اثْنَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ كَالْأُخْتَيْنِ وَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا وَكَالْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّةٌ لِلْأُخْرَى أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالَةٌ لِلْأُخْرَى فَالْأُولَى كَمَا إذَا تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ بِأُمِّ الْآخَرِ وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبِنْتٍ فَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ عَمَّةٌ لِلْأُخْرَى وَالثَّانِيَةُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ بِبِنْتِ الْآخَرِ وَأَوْلَدَهَا بِنْتًا فَكُلٌّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ خَالَةٌ لِلْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ أَيَّةَ هُنَا مَوْصُولَةٌ حُذِفَ مِنْهَا الْمُضَافُ إلَيْهِ وَالصِّلَةُ وَالتَّقْدِيرُ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّتُهُمَا أَرَدْت ذَكَرًا أَيْ لَوْ قَدَّرْت الَّتِي أَرَدْت مِنْهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ وَطْؤُهُ لِلْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ

(وَ) لَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ كَأُخْتَيْنِ وَكَامْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي نِكَاحٍ (فُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ) مِنْهُمَا (صَدَّقَتْ) الزَّوْجَ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَأَوْلَى إنْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ (وَإِلَّا) تُصَدِّقُهُ بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى أَوْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي وَلَا بَيِّنَةَ فُسِخَ نِكَاحُهَا بِطَلَاقٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا وَ (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَمَا هِيَ الْأُولَى إنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (لِلْمَهْرِ) أَيْ لِسُقُوطِ نِصْفِهِ عَنْهُ الْوَاجِبِ لَهَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الْأُولَى وَأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ وَلِذَا لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَوْ دَخَلَ بِهَا لِوُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ وَيَبْقَى عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى بِدَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ فَلَوْ نَكَلَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي وَبَعْدَ يَمِينِهَا إنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ سَقَطَ حَقُّهَا وَقَوْلُهُ: (بِلَا طَلَاقٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صُدِّقَتْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَإِلَّا لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَأَخَّرَهُ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ (كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا) أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ جَمَعَهُمَا (بِعَقْدٍ) أَيْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَيُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ لَكِنْ تَخْتَصُّ الْأُمُّ وَبِنْتُهَا بِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ إلَّا أَنَّ لِتَأْبِيدِهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهِمَا أَوْ لَا يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ فَأَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا) مَعًا (إنْ دَخَلَ) بِهِمَا وَعَلَيْهِ صَدَاقُهُمَا (وَلَا إرْثَ) إنْ مَاتَ لِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ (وَإِنْ تَرَتَّبَتَا) فِي الْعَقْدِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَى إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ الْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدُ تَحْرِيمِهَا إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ وَلُزُومُ الصَّدَاقِ فَعُلِمَ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، وَلَوْ قَالَ كَأَنْ تَرَتَّبَتَا كَانَ أَحْسَنَ وَأَشَارَ لِلْوَجْهِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا لِأَجْلِ الْوَطْءِ أَمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ وَهُوَ مَا مَرَّ، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَسَيَأْتِي، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ وَأَفْرَدَ كُلًّا مِنْهُمَا بِعَقْدٍ، وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ فَسَيَأْتِي بَعْدُ فِي قَوْلِهِ كَأُمٍّ وَبِنْتِهَا بِعَقْدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَالَتِهَا) أَيْ أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا أَوْ أُمِّهَا أَوْ بِنْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ دَخَلَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا وَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ حِينَئِذٍ وَالْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُصَدِّقُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ بِأَنْ قَالَتْ أَنَا الْأُولَى أَوْ لَا عِلْمَ عِنْدِي فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فُسِخَ بِطَلَاقٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَحَلَفَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِأَجْلِ إسْقَاطِ النِّصْفِ الْوَاجِبِ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا الْأُولَى وَأَنَّ نِكَاحَهَا صَحِيحٌ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لَهَا النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي؛ لِأَنَّهَا شِبْهُ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ يَمِينِهَا إنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا أَصْلًا، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَكَانَ لَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا بِالْبِنَاءِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى بِدَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ: أَنَا الْأُولَى) أَيْ وَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ أَنْتِ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ عِنْدِي أَيْ، وَقَالَ لَهَا الزَّوْجُ: أَنْتِ ثَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ: الْوَاجِبِ لَهَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِّ عَلَى تَقْدِيرٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ إنْ حَلَفَهُ لِأَجْلِ سُقُوطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَنْهُ لَا يَمِينَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ) أَيْ بِطَلَاقٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَلَ) أَيْ فِي حَالَةِ مَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَحَلَفَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَإِلَّا) أَيْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَهَا وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ فَسْخَهُ بِطَلَاقٍ دَخَلَ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا قَبْلَ إلَّا وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَتْ الزَّوْجَ عَلَى أَنَّهَا ثَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ كَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا. (قَوْلُهُ: فَيُفْسَخُ) أَيْ أَبَدًا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ تَخْتَصُّ الْأُمُّ وَبِنْتُهَا) أَيْ عَنْ بَقِيَّةِ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ لِتَأْبِيدِهِ) أَيْ تَأْبِيدِ تَحْرِيمِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ. (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهِمَا) الْمُرَادُ بِالدُّخُولِ مُطْلَقُ التَّلَذُّذِ. (قَوْلُهُ: وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا) أَيْ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَوَطِئَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا يُرِيدُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ بِأَنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ يَعْتَقِدُ حِلَّ نِكَاحِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى نِكَاحِهِ هَلْ يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ بِأَنْ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّهَا بِنْتُهَا أَوْ لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهَا بِنْتُهَا وَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ وَإِلَّا كَانَ زِنًا فَلَا يَحْرُمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ صَدَاقُهُمَا) أَيْ وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ. (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهِ لَا يُوجِبُ الْمِيرَاثَ، وَلَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَتَّبَتَا) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُبَالَغَةً وَأَنَّ الْمَعْنَى هَذَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا بَلْ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْعَقْدِ وَتَكُونُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَلُزُومُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ إنْ شَرْطِيَّةً وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا وَاحِدٌ

وَكَانَتَا بِعَقْدٍ فُسِخَ نِكَاحُهُمَا وَ (حَلَّتْ الْأُمُّ) بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَا أَثَرَ لِعَقْدِهِ عَلَى الْبِنْتِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ وَإِذَا حَلَّتْ الْأُمُّ فَأَوْلَى الْبِنْتُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ إذَا كَانَ صَحِيحًا فَأَوْلَى إذَا كَانَ فَاسِدًا وَسَكَتَ عَنْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ، وَقَدْ كَانَ جَمَعَهُمَا بِعَقْدٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ مَنْ لَمْ يَدْخُلُ بِهَا وَتَحِلُّ الَّتِي دَخَلَ بِهَا مِنْهُمَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ (وَإِنْ) تَرَتَّبَتَا وَ (مَاتَ) قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهِمَا (وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ) مِنْهُمَا (فَالْإِرْثُ) بَيْنَهُمَا لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَجَهْلِ مُسْتَحِقِّهِ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ صَدَاقِهَا) الْمُسَمَّى لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَمَّلَهُ وَكُلٌّ تَدَّعِيهِ وَالْوَارِثُ يُنَاكِرُهَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا. وَشُبِّهَ فِي الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قَوْلُهُ: (كَأَنْ) تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عُقُودٍ أَوْ أَرْبَعَةً فِي عَقْدٍ وَأَفْرَدَ الْخَامِسَةَ وَ (لَمْ تُعْلَمْ الْخَامِسَةُ) فَالْإِرْثُ بَيْنَهُنَّ أَخْمَاسًا وَلِمَنْ مَسَّهَا مِنْهُنَّ صَدَاقُهَا فَإِنْ دَخَلَ بِالْجَمِيعِ فَلَهُنَّ خَمْسَةُ أَصْدِقَةٍ وَبِأَرْبَعٍ فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا وَلَلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَامِسَةٍ وَالْوَارِثُ يُكَذِّبُهَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَبِثَلَاثٍ فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا وَلِلْبَاقِي صَدَاقٌ وَنِصْفٌ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قَسْمِ صَدَاقٍ وَنِصْفٍ عَلَيْهِمَا وَبِاثْنَتَيْنِ، فَلِلْبَاقِي صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ وَبِوَاحِدَةٍ فَلِلْبَاقِي ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ وَنِصْفٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُمُنُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ صَدَاقِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا بَعْدَهَا مُتَرَتِّبٌ. (قَوْلُهُ: وَكَانَتَا بِعَقْدٍ إلَخْ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا عَقْدَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَيُفْسَخُ عَقْدُ الثَّانِيَةِ فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ وَيُمْسِكُ الْأُولَى كَانَتْ الْأُمَّ أَوْ الْبِنْتَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الَّتِي فُسِخَ نِكَاحُهَا الْأُمَّ فَهِيَ حَرَامٌ أَبَدًا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتَ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ الْأُولَى وَهِيَ الْأُمُّ وَيَتَزَوَّجَهَا وَهَذَا مَعَ عِلْمِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَأَمَّا مَعَ جَهْلِ ذَلِكَ فَقَدْ مَرَّ نَحْوُهُ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صَدَّقَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَلَّتْ الْأُمُّ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ حِلِّهَا إجْرَاءً لِلْفَاسِدِ مَجْرَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْعَقْدِ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتَ إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ. (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى إذَا كَانَ فَاسِدًا) أَيْ فَالْحَاصِلُ أَنَّ حِلْيَةَ الْبِنْتِ لَا خِلَافَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ فَالْأَوْلَى الْفَاسِدُ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي حِلِّيَّةٌ الْأُمِّ وَعَدَمِ حِلِّيَّتِهَا وَالْمَشْهُورُ حِلِّيَّتُهَا وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حِلْيَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ كَانَ جَمَعَهُمَا بِعَقْدٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ وَدَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا الْأُولَى ثَبَتَ عَلَيْهَا بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَتْ الْبِنْتَ وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَتَأَبَّدَتْ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ يَثْبُتُ نِكَاحُ الْأُمِّ وَقِيلَ إنَّهُمَا يَحْرُمَانِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبِنْتِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا، وَإِنْ دَخَلَ بِالثَّانِيَةِ وَكَانَتْ الْبِنْتَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَكَانَ لَهَا صَدَاقُهَا وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا أَمَّا الْأُمُّ فَلِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتَ، وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتَ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا كَمَا هُنَا وَلَا مِيرَاثَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَابْنَتِهَا مُتَرَتِّبَيْنِ وَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّ الْإِرْثَ بَيْنَهُمَا لِثُبُوتِ سَبَبِهِ وَجَهْلِ مُسْتَحِقِّهِ وَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ تُكْمِلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا الْوَارِثُ يُنَاكِرُهَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقَيْنِ فَيُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الصَّدَاقَانِ أَوْ اسْتَوَيَا فِي الْقَدْرِ. (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ تَدَّعِيهِ) أَيْ تَدَّعِي أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ لِكَوْنِهَا الْأُولَى فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَالْوَارِثُ يُنَاكِرُهَا) أَيْ وَيَقُولُ لَهَا أَنْتِ ثَانِيَةٌ فَلَا صَدَاقَ لَك لِفَسَادِ نِكَاحِك. (قَوْلُهُ: فَيُقْسَمُ) أَيْ كُلُّ صَدَاقٍ مِنْ الصَّدَاقَيْنِ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَزَوَّجَ خَمْسًا فِي عُقُودٍ) أَيْ ثُمَّ مَاتَ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَرْبَعَةً فِي عَقْدٍ وَأَفْرَدَ الْخَامِسَةَ أَيْ أَوْ جَمَعَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فِي عَقْدٍ وَأَفْرَدَ مَا بَقِيَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَقْدٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ بِالْجَمِيعِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلِمْ الْخَامِسَةَ وَقَوْلُهُ: فَلَهُنَّ خَمْسَةُ أَصْدِقَةٍ أَيْ وَالْمِيرَاثُ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَخْمَاسًا. (قَوْلُهُ: تَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَامِسَةٍ) أَيْ فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ وَيَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَارِثُ يُكَذِّبُهَا أَيْ فَيَقُولُ إنَّهَا خَامِسَةٌ فَنِكَاحُهَا مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَلِلْبَاقِي صَدَاقٌ وَنِصْفٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا رَابِعَةٌ قَطْعًا وَالْأُخْرَى يُحْتَمَلُ أَنَّهَا غَيْرُ خَامِسَةٍ وَأَنَّ الْخَامِسَةَ غَيْرُهَا مِنْ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَالْوَارِثُ يُنَازِعُهَا فَيُقْسَمُ الصَّدَاقُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ لِلْبَاقِيَتَيْنِ صَدَاقٌ وَنِصْفٌ. (قَوْلُهُ: فَلِلْبَاقِي صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ) لِأَنَّ لِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ صَدَاقَهُنَّ قَطْعًا وَصَدَاقَ الثَّالِثَةِ يُنَازِعُ فِيهِ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: وَاحِدَةٌ مِنْ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْنَ خَامِسَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَهُنَّ يَقُلْنَ: الْخَامِسَةُ لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِنَّا بَلْ مِنْ اللَّتَيْنِ دَخَلَ بِهِمَا قُلْنَا: ثَلَاثَةُ أَصْدِقَةٍ كَوَامِلَ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الصَّدَاقُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَبَيْنَهُنَّ فَيَصِيرُ صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ، وَإِذَا قَسَمَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةٍ خَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُلُثُ رُبْعِهِ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: خَمْسَةُ أَسْدَاسِ صَدَاقِهَا وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَثُمُنُهُ أَيْ وَإِنْ شِئْت قُلْتَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ

(وَحَلَّتْ) (الْأُخْتُ) الثَّانِيَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ فَلَوْ قَالَ كَالْأُخْتِ لَكَانَ أَشْمَلَ أَيْ إذَا أَرَادَ وَطْءَ الثَّانِيَةِ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ حَلَّتْ لَهُ (بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ) بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ أَوْ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ) عَنْ السَّابِقَةِ (بِعِتْقٍ، وَإِنْ لِأَجَلٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَنْعُ وَطْءِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ (أَوْ كِتَابَةٍ) عَطْفٌ عَلَى زَوَالِ مِلْكٍ لَا عَلَى عِتْقٍ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يَزُولُ بِهَا الْمِلْكُ فَإِنْ عَجَزَتْ لَمْ تَحْرُمْ الْأُخْرَى (أَوْ إنْكَاحٍ) أَيْ عَقْدٍ (يَحِلُّ) وَطْؤُهُ (الْمَبْتُوتَةَ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ حَصَلَ فِيهِ وَطْءٌ حَلَّتْ بِهِ الْمَبْتُوتَةُ بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لَازِمًا أَوْ فَاسِدًا يَمْضِي بِالدُّخُولِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ الدُّخُولَ بِهَا (أَوْ أَسْرٍ) لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْيَأْسِ (أَوْ إبَاقِ إيَاسٍ) لَا يُرْجَى مَعَهُ عَوْدُهَا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا فِي مَوْطُوءَةٍ بِمِلْكٍ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا (أَوْ بَيْعٍ دُلِّسَ فِيهِ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُدَلَّسْ فَيَحِلُّ بِمُجَرَّدِ وَطْءٍ كَأُخْتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسَحْنُونٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ، وَظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لِلْمَشْهُورِ وَأَجَابَ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ مِنْ جِهَةِ قِسْمَةِ الْمُحَقَّقِ وُجُوبُهُ وَهُوَ صَدَاقٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ إلَخْ يُقْسَمُ عَلَى امْرَأَتَيْنِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَالْمُحَقَّقُ وُجُوبُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ يُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَحَلَّتْ الْأُخْتُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ تَلَذَّذَ بِأَمَتِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّلَذُّذُ بِأُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا مَثَلًا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ إلَّا إذَا أَبَانَ الْأُولَى إنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً أَوْ زَالَ مِلْكُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا فَإِنْ ادَّعَتْ احْتِبَاسَ الدَّمِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِأَجْلِ النَّفَقَةِ لِانْقِضَاءِ سَنَةٍ فَإِنْ ادَّعَتْ بَعْدَهَا تَحْرِيكًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ فَإِنْ صَدَّقْنَهَا تَرَبَّصَ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ تَرَبُّصٌ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَهَلْ مَنْعُ الرَّجُلِ مِنْ نِكَاحٍ كَالْأُخْتِ فِي مُدَّةِ عِدَّةِ تِلْكَ الْمُطَلَّقَةِ يُسَمَّى عِدَّةً أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَعْتَدُّ فِيهَا الرَّجُلُ ثَانِيهَا مَنْ تَحْتَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَرَبُّصِهِ حَتَّى تَخْرُجَ الْأُولَى مِنْ الْعِدَّةِ إنْ كَانَ طَلَاقُهَا رَجْعِيًّا كَمَا يَأْتِي، وَالثَّالِثَةُ إذَا مَاتَ رَبِيبُهُ وَادَّعَى أَنَّ زَوْجَتَهُ حَامِلٌ فَيَجِبُ أَنْ يَتَجَنَّبَ زَوْجَتَهُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ لِيَنْظُرَ هَلْ زَوْجَتُهُ حَامِلٌ فَيَرِثَ حَمْلُهُ أَوْ غَيْرُ حَامِلٍ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ يَتَجَنَّبُهَا فِي غَيْرِ هَذَا كَاسْتِبْرَائِهِ مِنْ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّجَنُّبُ لِغَيْرِ مَعْنًى طَرَأَ عَلَى الْبُضْعِ. (قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوَطْءُ بِالتَّأْجِيلِ لَمَا أُبِيحَ لَهُ وَطْءُ الْأُخْتِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ لِلْأَمَةِ السَّابِقَةِ فَيَحِلُّ بِهَا مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ عَجْزِهَا خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا تَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ بِكِتَابَةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: لَمْ تَحْرُمْ الْأُخْرَى) أَيْ بَلْ لَهُ الِاسْتِرْسَالُ عَلَيْهَا وَتَرْكُ الْأُولَى الَّتِي عَجَزَتْ وَلَهُ تَرْكُ الْأُخْرَى وَالِاسْتِرْسَالُ عَلَى الَّتِي عَجَزَتْ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ حِلِّيَّةٌ الْأُخْتِ بِتَدْبِيرِ السَّابِقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ مِثْلُ الْعِتْقِ لِأَجْلِ عِتْقِ الْبَعْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ عَلَيْهِ عِتْقُهَا لِدَيْنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنْكَاحٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ أَمَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا إذَا حَرُمَ فَرْجُ الْأُولَى بِإِنْكَاحٍ يُحِلُّ وَطْأَهُ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا لَازِمًا أَوْ فَاسِدًا يَمْضِي بِالدُّخُولِ فَتَحِلُّ الْأُخْتُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَقْدٌ يُحِلُّ وَطْأَهُ الْمَبْتُوتَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالنِّكَاحِ الَّذِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ الدُّخُولَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُحَلِّلُهَا إلَّا الدُّخُولُ لَا الْعَقْدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْيَأْسِ) أَيْ وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الْأَسْرَ بِالْيَأْسِ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مَظِنَّةٍ لِلْإِيَاسِ قَيَّدَهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي مَوْطُوءَةٍ بِمِلْكٍ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ تُوطَأُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ مَعَهَا بِأَسْرِهَا أَوْ إبَاقِهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ أَسْرِهَا طَلَاقًا بَائِنًا حَلَّ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا، وَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَمْ تَحِلَّ كَأُخْتِهَا إلَّا بِمُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ أَسْرِهَا لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَتَأَخُّرِهِ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا لِاحْتِمَالِ رَيْبَتِهَا وَحَيْضِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً هَذَا إذَا كَانَ الْإِبَاقُ أَوْ الْأَسْرُ لَيْسَ بِفَوْرِ وِلَادَتِهَا وَإِلَّا حَلَّتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعٍ دُلِّسَ فِيهِ) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا صَحِيحًا كَافٍ فِي حِلِّيَّةِ مَنْ يَحْرُمُ اجْتِمَاعُهَا مَعَهَا مَا لَمْ يَكُنْ اشْتَرَطَ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ مُوَاضَعَةً أَوْ خِيَارًا وَعُهْدَةً وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ الْأُخْتُ إلَّا إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، وَكَذَا مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ وَالْعُهْدَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْعُهْدَةِ وَالْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ بِهَا وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعْلَمْ الْبَائِعُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُدَلِّسْ) وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُدَلِّسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا هَلْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِهِ كَافِيًا فِي حِلِّ الْأُخْتِ أَمْ لَا اهـ بْن

(لَا) بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ (فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ) بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فِي الْبَيْعِ وَبِدُخُولٍ فِي النِّكَاحِ فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ فَإِنْ فَاتَ حَلَّتْ (وَ) لَا (حَيْضٍ وَ) لَا (عِدَّةِ شُبْهَةٍ) أَيْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ (وَ) لَا (رِدَّةٍ) مِنْ أَمَةٍ، وَأَمَّا مِنْ زَوْجَةٍ، وَلَوْ أَمَةً فَتَحِلُّ بِهِ الْأُخْتُ لِفَسْخِ النِّكَاحِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَحِلَّ فِي الْحَيْضِ وَمَا بَعْدَهُ لِقِصَرِ زَمَانِهِ وَالْغَالِبُ فِي الرِّدَّةِ الرُّجُوعُ لِلْإِسْلَامِ (وَ) لَا (إحْرَامَ) بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ لِقِصَرِ زَمَانِهِ أَيْضًا (وَظِهَارٍ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَفْعِ حُرْمَتِهِ بِالْكَفَّارَةِ (وَاسْتِبْرَاءٍ) مِنْ زِنًا وَقِيلَ مُرَادُهُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى (وَ) لَا بَيْعِ (خِيَارٍ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَلٌّ (وَ) بَيْعِ (عُهْدَةِ ثَلَاثٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ وَالْحَوَادِثُ كَثِيرَةٌ وَزَمَنُهَا قَصِيرٌ بِخِلَافِ عُهْدَةِ السَّنَةِ فَتَحِلُّ كَالْأُخْتِ لِطُولِ زَمَنِهَا وَنُدُورِ أَدْوَائِهَا (وَ) لَا (إخْدَامِ سَنَةٍ) أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ بِخِلَافِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ (وَ) لَا (هِبَةَ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ) بِلَا عِوَضٍ كَوَلَدِهِ قَبْلَ حُصُولِ مُفَوِّتٍ وَعَبْدِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الِاعْتِصَارُ (بِبَيْعٍ) كَيَتِيمَةِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشِّرَاءُ أَيْ، وَإِنْ بِشِرَاءٍ مِنْهُ. (بِخِلَافِ صَدَقَةٍ) عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ (إنْ حِيزَتْ) بِأَنْ حَازَهَا لَهُ غَيْرُ الْمُتَصَدِّقِ بِالْكَسْرِ، إذْ لَا يَكْفِي فِي حِلِّهَا حَوْزُهُ هُوَ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَيَكْفِي الْحَوْزُ الْحُكْمِيُّ كَأَنْ أَعْتَقَهَا أَوْ وَهَبَهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَوْزِ لِمُضِيِّ فِعْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ كَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهَا مِنْهُ بِالشِّرَاءِ جَبْرًا (وَ) بِخِلَافِ (إخْدَامِ) الْمَوْطُوءَةِ (سِنِينَ) كَثِيرَةً كَأَرْبَعَةٍ فَأَعْلَى وَمِثْلُ الْكَثِيرَةِ حَيَاةُ الْمُخْدِمِ (وَوُقِفَ) عَنْهُمَا (إنْ وَطِئَهُمَا) الْأُولَى إنْ تَلَذَّذَ بِهِمَا (لِيُحَرِّمَ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ (فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَا بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ) مُقْتَضَى كَلَامِ بْن عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إنْكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ أَنْ يَقْصُرَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ عَلَى خُصُوصِ الْبَيْعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا كَانَ يَمْضِي بِالدُّخُولِ تَحِلُّ بِهِ الْأُخْتُ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَيْضٍ) أَيْ لَا يَحِلُّ كَالْأُخْتِ حُرْمَةَ الْأُولَى عَلَيْهِ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. (قَوْلُهُ: وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ) تَقْيِيدُهُ الْعِدَّةَ بِالشُّبْهَةِ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَكَانَ النِّكَاحُ وَحْدَهُ مُحَرَّمًا وَالْعِدَّةُ مِنْ تَوَابِعِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِبْرَاءٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعِدَّةِ الِاسْتِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُهُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ مِنْ التَّرَبُّصِ يُسَمَّى اسْتِبْرَاءً لَا عِدَّةً وَإِطْلَاقُ الْعِدَّةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَحِلَّ) أَيْ الْأُخْتُ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَيْضِ أَيْ حَيْضِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: الرُّجُوعُ لِلْإِسْلَامِ) أَيْ لِخَوْفِ الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: وَظِهَارٍ) مِثْلُهُ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ السَّابِقَةِ، وَلَوْ بِحُرِّيَّتِهَا فَلَا تَحِلُّ بِهِ الْأُخْرَى كَمَا قَالَهُ ح. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: مُرَادُهُ بِهِ الْمُوَاضَعَةُ) حَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ جَعَلَ قَوْلَهُ وَاسْتِبْرَاءٍ وَخِيَارٍ وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ مُرْتَبِطَةً بِقَوْلِهِ وَبَيْعٍ دُلِّسَ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا قَيْدٌ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ الْمُوَاضَعَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ مَحَلُّ كَوْنِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ دُلِّسَ فِيهِ كَافِيًا بِمُجَرَّدِهِ فِي حِلِّيَّةٌ الْأُخْتِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُوَاضَعَةٌ أَوْ خِيَارٌ أَوْ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِهِ كَافِيًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ سَنَتَيْنِ) أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بِخِلَافِ إخْدَامِ سِنِينَ فَإِنَّ مُقَابَلَتَهُ لِلسَّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا قَابَلَ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ. (قَوْلُهُ: وَهِبَةٍ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ) الْمُرَادُ بِالْهِبَةِ هُنَا هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ بِدَلِيلِ الِاعْتِصَارِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ بَيْعٌ وَلَا اعْتِصَارَ فِي الْبَيْعِ فَجَعْلُ بَعْضِهِمْ هِبَةَ الثَّوَابِ دَاخِلَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: كَوَلَدِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَمَفْهُومُ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَنَّ الْهِبَةَ لِغَيْرِهِ تَحِلُّ بِهِ كَالْأُخْتِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إنْ حِيزَتْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا اعْتِصَارَ فِي الصَّدَقَةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى مَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ عَبْدُهُ وَابْنُهُ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْيَتِيمُ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ حَازَهَا لَهُ إلَخْ نَاظِرٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ صَغِيرًا فِي حِجْرِهِ وَقَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ نَاظِرٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ كَبِيرًا. (قَوْلُهُ: إنْ حِيزَتْ) هَذَا شَرْطٌ بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّيَّةِ الْأُخْتِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ الصَّدَقَةِ فَيَكْفِي حَوْزُهُ لِمَحْجُورِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ) أَيْ كَمَا فِي ح نَقْلًا عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ. (قَوْلُهُ: كَالْهِبَةِ) أَيْ فِي كَوْنِهَا لَا تَحِلُّ بِهَا الْأُخْتُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ إلَخْ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهَا مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لَا يُقَالُ إنَّ شِرَاءَ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ لَا يَجُوزُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ نَزْعُهَا بِالْبَيْعِ مِنْ مَحْجُورِهِ الْيَتِيمِ قُلْت إنَّ الْمُمْتَنِعَ شِرَاءُ مَالِ مَحْجُورِهِ الَّذِي لَمْ يَهَبْهُ لَهُ، وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ فَيُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهُ وَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مَنْعَ تَحْرِيمٍ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ إخْدَامِ سِنِينَ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشْعَارٌ بِمَنْعِ وَطْءِ الْمُخْدِمَةِ، وَلَوْ قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا مَا حَلَّتْ الْأُخْتُ وَبِهَذَا صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُخْدِمَةَ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ أَوْ كَثُرَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ تَحِلَّ الْأُخْتُ إذَا قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ لِقِصَرِ الزَّمَانِ

وَطِئَ أَيْ الَّتِي وَطِئَهَا بَعْدَ الْأُخْرَى (اسْتَبْرَأَهَا) لِفَاسِدِ مَائِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى فَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ يَعُدْ لِوَطْئِهَا بَعْدَ وَطْءِ الْأُخْرَى أَوْ زَمَنِ الْإِيقَافِ. ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى جَمْعِ الْأُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَفِيهِ صُورَتَانِ سَبْقُ النِّكَاحِ لِلْمِلْكِ وَعَكْسُهُ وَأَشَارَ لِلْأُولَى بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (عَقَدَ) عَلَى إحْدَى مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ (فَاشْتَرَى) بَعْدَ عَقْدِهِ كَأُخْتِهَا (فَالْأُولَى) هِيَ الَّتِي تَحِلُّ وَهِيَ ذَاتُ الْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ الْمُشْتَرَاةِ (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُشْتَرَاةَ أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا صَارَ بِمَنْزِلَةِ وَطْءِ الْأُخْتَيْنِ فَيُوقَفُ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا عَلَى مَا سَبَقَ وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ وَهِيَ سَبْقُ الْمِلْكِ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَقَدَ) عَلَى الْأُخْتِ (بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ) لَهُ عَلَيْهَا (فَكَالْأَوَّلِ) أَيْ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَوُقِفَ إنْ وَطِئَهُمَا لِيُحَرِّمَ فَقَوْلُهُ: فَكَالْأَوَّلِ جَوَابٌ عَنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (وَ) حُرِّمَتْ (الْمَبْتُوتَةُ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِلْحُرِّ أَوْ اثْنَتَيْنِ لِلْعَبْدِ، وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا فَأَحْنَثَتْهُ قَصْدًا أَوْ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْأَوَّلِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِي أَيْ حَرُمَ وَطْؤُهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ عَلَى مَنْ أَبَتَّهَا (حَتَّى يُولِجَ) أَيْ يَدْخُلَ فِي الْقُبُلِ (بَالِغٌ) وَقْتَ الْإِيلَاجِ، وَلَوْ صَبِيًّا وَقْتَ الْعَقْدِ. (قَدْرَ الْحَشَفَةِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَشَفَةٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَشَفَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إيلَاجِهَا أَنْزَلَ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا فَلَا يَكْفِي صَبِيٌّ وَلَا كَافِرٌ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً قَدْ أَبَتَّهَا مُسْلِمٌ (بِلَا مَنْعٍ) شَرْعِيٍّ فَيَخْرُجُ الْإِيلَاجُ فِي دُبُرٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا وَقَبْلَ الْغُسْلِ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ (وَلَا نَكِرَةَ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِيلَاجِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ أَقَرَّا بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْإِحْرَامِ وَالْحَيْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَثُرَ زَمَنُ الْخِدْمَةِ فَإِنَّ حِلَّهَا ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَطِئَ) أَيْ الثَّانِيَةَ مِنْ حَيْثُ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَقَدَ إلَخْ) هَذَا الْعَقْدُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُعْجِبُنِي وَحُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَنَصُّهَا مَنْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ، ثُمَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْجِبُنِي نِكَاحُهُ وَلَا أَفْسَخُهُ وَيُوقَفُ إمَّا أَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يُحَرِّمَ الْأَمَةَ وَقَوْلُهُ: يُطَلِّقُ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ بَائِنٌ وَهُوَ مُحَرَّمٌ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ بِأَنْ عَقَدَ نِكَاحَ إحْدَى أُخْتَيْنِ بَعْدَ شِرَائِهِ لِلْأُخْرَى وَقَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ لَا لِلْخِدْمَةِ أَبَانَ الثَّانِيَةَ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ وُقِفَ عَنْ الْأُولَى أَيْ كَفَّ عَنْهَا وَيُوكَلُ لِأَمَانَتِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِزَوَالِ مِلْكِهَا بِعِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ وَلَا بِكِتَابَتِهَا أَوْ إنْكَاحِهَا. (قَوْلُهُ: كَحُكْمِ الْفَرْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوقَفَ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ أَيَّتَهمَا شَاءَ أَمَّا الْمَنْكُوحَةُ بِفِرَاقِهَا بِالْبَيْنُونَةِ أَوْ بِفِرَاقِ الْمَمْلُوكَةِ بِزَوَالِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِلْحُرِّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي مَرَّاتٍ أَوْ وَقَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِلُزُومِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَنُسِبَ فِي النَّوَادِرِ هَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ مُغِيثٍ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَنَسَبَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا لِأَشْهَبَ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا إلَخْ) كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَدَخَلَتْهَا قَاصِدَةً حِنْثَهُ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَنَا) أَيْ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالشِّغَارِ، وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَنْكِحَةَ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا وَمَذْهَبُنَا فَسَادُهَا فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ ثَلَاثًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الطَّلَاقُ نَظَرًا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ عَلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ وَلَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُهُ نَظَرًا لِمَذْهَبِهِ مِنْ فَسَادِ النِّكَاحِ وَعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ هَذَا النِّكَاحُ الثَّانِي صَحِيحًا. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا فَإِنَّ عَقَدَ عَلَيْهَا عَبْدًا، وَلَوْ مِلْكًا لِلزَّوْجِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَكَانَ بَالِغًا وَأَوْلَجَ فِيهَا حَشَفَتَهُ فَقَدْ حَلَّتْ فَلَوْ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ وَوَهَبَهُ لَهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَكَانَ لِمُطَلِّقِهَا الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا) هَذَا الْقَيْدُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي لَازِمٌ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ وَالصِّحَّةَ تَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ. (قَوْلُهُ: بِلَا مَنْعٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِيلَاجِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ الْمَنْعِ مِنْهُ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: فَيَخْرُجُ الْإِيلَاجُ فِي دُبُرٍ) أَيْ فَلَا فَيَكُونُ الْإِيلَاجُ فِيهِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ كَافِيًا فِي حِلِّيَّتِهَا لِمُبِتِّهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بَلَا مَنْعٍ شَرْطُ كَوْنِهَا مُطِيقَةً لِأَنَّ وَطْءَ مَنْ لَا تُطِيقُ جِنَايَةٌ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَصَوْمٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ كَانَ تَطَوُّعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ يُحِلُّهَا وَقِيلَ إنَّ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَطْءِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيمَا عَدَاهُمَا كَصِيَامِ التَّطَوُّعِ وَالْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يُحِلُّهَا اتِّفَاقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن وَوَجْهُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ فَبَقِيَّةُ الْوَطْءِ لَا مَنْعَ فِيهِ بِخِلَافِ رَمَضَانَ

أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ فَإِنْ أَنْكَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَحِلَّ (بِانْتِشَارٍ) ، وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ تَامًّا (فِي نِكَاحٍ) فَلَا تَحِلُّ مَبْتُوتَةٌ بِوَطْءِ سَيِّدِهَا (لَازِمٍ) لِلزَّوْجَيْنِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَلَا تَحِلُّ بِوَطْءِ مَحْجُورٍ كَعَبْدٍ أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ فِي الْعَقْدِ إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلَا ذِي عَيْبٍ أَوْ مَغْرُورٍ إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الرِّضَا (وَعِلْمِ خَلْوَةٍ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَثَبَتَتْ بِامْرَأَتَيْنِ لَا بِتَصَادُقِهِمَا (وَ) عِلْمِ (زَوْجَةٍ فَقَطْ) بِالْوَطْءِ لَا مَجْنُونَةٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ نَائِمَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ الزَّوْجُ فَتَحِلُّ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ كَمَجْنُونٍ (وَلَوْ) كَانَ الْمُولِجُ (خَصِيًّا) وَهُوَ الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ دُونَ الذَّكَرِ إنْ عُلِمَتْ بِهِ حَالَ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَهُوَ نِكَاحٌ مَعِيبٌ (كَتَزْوِيجِ) مَبْتُوتَةٍ (غَيْرِ مُشْبِهَةٍ) لِنِسَائِهِ وَأَوْلَجَ (لِيَمِينٍ) أَيْ تَزَوَّجَهَا لِأَجْلِ يَمِينٍ حَلَفَهَا لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ بِدَنِيئَةٍ فَطَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِمَنْ بَتَّهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ، إذْ لَا يَبَرُّ إلَّا إذَا تَزَوَّجَ مَنْ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَائِهِ (لَا بِفَاسِدٍ) ، وَلَوْ دَخَلَ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ حَلَّتْ (بِوَطْءٍ ثَانٍ وَفِي) حِلِّهَا بِالْوَطْءِ (الْأَوَّلِ) الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ وَعَدَمِ حِلِّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَطْءٍ وَهُوَ الْأَحْوَطُ هُنَا (تَرَدُّدٌ) ثُمَّ مَثَّلَ لِلْفَاسِدِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ بِقَوْلِهِ (كَمُحَلِّلٍ) وَهُوَ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ لِغَيْرِهِ (وَإِنْ) نَوَى التَّحْلِيلَ (مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا مَعَ الْإِعْجَابِ) لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ عَلَى الدَّوَامِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النِّكَاحِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ (وَنِيَّةُ الْمُطَلِّقِ) التَّحْلِيلُ (وَنِيَّتُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ التَّحْلِيلُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ (لَغْوٌ) لَا أَثَرَ لَهَا فَهِيَ غَيْرُ مُضِرَّةٍ فِي التَّحْلِيلِ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُحَلِّلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ لِلزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ حُرْمَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّدْقُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي حِلِّهَا بِالْمَجْنُونِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ نَعَمْ إذَا سُئِلَا حَاضِرَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْكَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَحِلَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ، وَلَوْ بَعْدَ طُولٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِالْإِنْكَارِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ تَصَادُقُهُمَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِانْتِشَارٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا ذَلِكَ الْإِيلَاجُ بِانْتِشَارٍ لِلذَّكَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِشَارُ حَاصِلًا عِنْدَ الْإِيلَاجِ أَيْ إدْخَالِ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ الِانْتِشَارُ بَعْدَ الْإِيلَاجِ أَيْ دُخُولِهِ فِيهِ. (تَنْبِيهٌ) لَا بُدَّ فِي حِلِّيَّةٌ الْمَبْتُوتَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْإِيلَاجُ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَأَنْ لَا يَلُفَّ عَلَى الذَّكَرِ خِرْقَةً كَثِيفَةً وَفِي حِلِّيَّتِهَا مَعَ الْخِرْقَةِ الْخَفِيفَةِ خِلَافٌ فَظَاهِرُ عبق الْحِلِّيَّةِ وَفِي الْبَدْرِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ مَعَهَا لِمَنْعِ الْعُسَيْلَةِ وَكَلَامُ عبق أَظْهَرُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ) وَذَلِكَ فِي كُلِّ نِكَاحٍ فِيهِ خِيَارٌ لِأَحَدِهِمَا كَمَا مَثَّلَ وَقَوْلُهُ: وَالْمَغْرُورَةِ أَيْ بِحُرِّيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَعِلْمِ زَوْجَةٍ فَقَطْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَتْ بِهِ حَالَ الْوَطْءِ) أَيْ إنْ عَلِمَتْ بِكَوْنِهِ خَصِيًّا حَالَ الْوَطْءِ لِأَنَّهَا إذَا عَلِمَتْ بِذَلِكَ وَسَكَتَتْ حَتَّى أَتَمَّ الْوَطْءَ كَانَ النِّكَاحُ لَازِمًا وَلَا خِيَارَ لَهَا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ نِكَاحٌ مَعِيبٌ) . أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحِلُّهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: فَتَزَوَّجَ بِدَنِيئَةٍ) . أَيْ وَأَوْلَجَ فِيهَا حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا. (قَوْلُهُ: لَا بِفَاسِدٍ) أَيْ لَا تَحِلُّ بِوَطْءٍ مُسْتَنِدٍ لِنِكَاحٍ فَاسِدٍ. (قَوْلُهُ: بِوَطْءٍ ثَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مُرْتَبِطٍ بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ ثُبُوتُهُ بَعْدَهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ التَّرَدُّدُ لِلْبَاجِيِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ أَمْ لَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَثَّلَ لِلْفَاسِدِ إلَخْ) إنَّمَا جَعَلَ قَوْلَهُ كَمُحَلِّلٍ تَمْثِيلًا لِلْفَاسِدِ لَا تَشْبِيهًا بِهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُشَبَّهُ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَمُحَلِّلٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أَبَتَّهَا زَوَّجَهَا بِنِيَّةِ إحْلَالِهَا لَهُ أَوْ بِنِيَّةِ الْإِحْلَالِ مَعَ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ إنْ أَعْجَبَتْهُ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَا تَحِلُّ بِوَطْئِهِ لِمُبِتِّهَا لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ الْمُطْلَقَةِ الْمُشْتَرَطَةِ شَرْعًا فِي الْإِحْلَالِ لِمَا خَالَطَهَا مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِعْجَابِ) بِأَنْ نَوَى التَّحْلِيلَ إنْ لَمْ تُعْجِبْهُ وَإِمْسَاكُهَا إنْ أَعْجَبَتْهُ. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ إلَخْ) أَيْ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ نَظَرًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى وَجْهِ التَّحْلِيلِ أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْقَوَاعِدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الصَّدَاقِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُحِلَّهَا، وَلَوْ نَوَى أَنْ يُحِلَّهَا دُونَ شَرْطٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَائِهَا عَلِمَ ذَلِكَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَكَانَ لَهَا الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى قَوْلًا وَاحِدًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَكِنَّهُ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَالْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَهُ فَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَالَ الْبَاجِيَّ وَعِنْدِي أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ هَلْ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا وَهُوَ تَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَمَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُحَلِّلُ) أَيْ فَالْمُعْتَبَرُ فِي تَحْلِيلِهَا وَعَدَمِ تَحْلِيلِهَا نِيَّةُ الْمُحَلِّلِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ وَمَحَلُّ فَسَادِ النِّكَاحِ إذَا قَصَدَ الْمُحَلِّلُ تَحْلِيلَهَا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ مَنْ يَرَاهُ كَشَافِعِيٍّ وَإِلَّا كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيُصَيِّرُ الْمَسْأَلَةَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا

[موانع النكاح]

(وَقُبِلَ) (دَعْوَى) مَبْتُوتَةٍ (طَارِئَةٍ) مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ يَعْسُرُ عَلَيْهَا إثْبَاتُ دَعْوَاهَا مِنْهَا (التَّزْوِيجَ) الْأَوْلَى التَّزَوُّجُ لِلْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهَا وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْإِحْلَالِ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّزْوِيجِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَاتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ فَإِنْ قَرُبَتْ الْبَلَدُ الَّتِي طَرَأَتْ مِنْهَا لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا بِمَا ذُكِرَ (كَحَاضِرَةٍ) بِالْبَلَدِ (أَمِنَتْ) لِدِيَانَتِهَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا التَّزَوُّجَ وَتَحِلُّ لِمَنْ أَبَتَّهَا (إنْ بَعُدَ) مَا بَيْنَ بَيْنُونَتِهَا وَدَعْوَاهَا التَّزَوُّجَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَوْتُ شُهُودِهَا وَانْدِرَاسُ الْعِلْمِ (وَفِي) قَبُولِ قَوْلِ (غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ مَعَ الْبُعْدِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ (قَوْلَانِ) . وَلَمَّا كَانَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الرِّقُّ وَهُوَ قِسْمَانِ مَا يَمْنَعُ مُطْلَقًا وَمَا يَمْنَعُ مِنْ جِهَةٍ شَرَعَ فِي ذَلِكَ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَ) حَرُمَ عَلَى الْمَالِكِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (مِلْكُهُ) أَيْ التَّزَوُّجِ بِهِ فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ أَمَتَهُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَبْدَهَا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ وَالْمِلْكَ لَا يَجْتَمِعَانِ لِتَنَافِي الْحُقُوقِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْأَمَةَ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ وَلَا فِي الْقِسْمَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الرِّقِّ لَيْسَتْ كَنَفَقَةٍ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَتْ خِدْمَةُ الزَّوْجَةِ كَخِدْمَةِ الرِّقِّ وَشَمِلَ الْمِلْكَ الْكَامِلَ وَالْمُبَعَّضَ وَذَا الشَّائِبَةِ كَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَأُمُومَةِ الْوَلَدِ (أَوْ) كَانَتْ الْأَمَةُ (لِوَلَدِهِ) أَيْ لِفَرْعِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ (وَفُسِخَ) نِكَاحُ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ أَمَةَ وَالِدِهِ (وَإِنْ طَرَأَ) مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ وَلَدِهِ لَهَا أَوْ لِبَعْضِهَا بَعْدَ التَّزْوِيجِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ (بِلَا طَلَاقٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ (كَمَرْأَةٍ) مُتَزَوِّجَةٍ بِعَبْدٍ طَرَأَ مِلْكُهَا أَوْ مِلْكُ وَلَدِهَا لَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ (فِي زَوْجِهَا) فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا بِلَا طَلَاقٍ (وَلَوْ) كَانَ طُرُوُّ مِلْكِهَا فِيهِ (بِدَفْعِ مَالٍ) مِنْهَا لِسَيِّدِهِ (لِيُعْتِقَ عَنْهَا) فَفَعَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ دَعْوَى طَارِئَةٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: الْأَوْلَى التَّزَوُّجُ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي تَدَّعِيهِ الْأَمْرُ الْقَائِمُ بِهَا وَهُوَ التَّزَوُّجُ فَهُوَ فِعْلُ الْوَلِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَوْلَوِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الِاخْتِصَارِ بِقِلَّةِ الْحُرُوفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَرُبَتْ الْبَلَدُ الَّتِي طَرَأَتْ مِنْهَا لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّزْوِيجِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُطِلْ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا وَدَعْوَاهَا التَّزْوِيجَ أَمَّا إذَا طَالَ الزَّمَانُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ فِيهِ مَوْتُ شُهُودِهَا وَانْدِرَاسُ الْعِلْمِ بِتَزْوِيجِهَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً مَعَ الطُّولِ فَهَلْ تُصَدَّقُ كَالْمَأْمُونَةِ أَوْ لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَبِالْجُمْلَةِ الطَّارِئَةُ مِنْ بَلَدٍ قَرِيبَةٍ كَالْحَاضِرَةِ فِي الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ تَحْلِيفُهَا [مَوَانِع النِّكَاحِ] (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الثَّانِي) أَيْ أَمَّا تَنَافِي الْحُقُوقِ فِي الثَّانِي وَهُوَ تَزَوُّجُ الْمَرْأَةِ بِعَبْدِهَا. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِحُقُوقِ الرِّقِّيَّةِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْحَقَّيْنِ النَّفَقَةُ فَيَحْصُلُ التَّنَازُعُ فِيهَا كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ كَكُلِّ حَقَّيْنِ يَقَعُ فِيهِمَا مُقَاصَّةٌ أَوْ لَا فَلَعَلَّهُ أَرَادَ التَّنَافِيَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَارَ عَائِلًا وَمَعُولًا وَآمِرًا وَمَأْمُورًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا تَنَافِي الْحُقُوقِ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ تَزَوُّجُ الرَّجُلِ أَمَتَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَحْصُلُ التَّنَازُعُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا طَالَبَتْهُ بِالْوَطْءِ أَوْ الْقَسَمِ لِأَجْلِ ذَلِكَ طَلَبَهَا بِرَفْعِ ذَلِكَ عَنْهُ بِالْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) أَيْ بَلْ أَقَلُّ مِنْهَا فَمُقْتَضَى كَوْنِهَا أَمَتَهُ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهَا قَلِيلَةً وَمُقْتَضَى كَوْنِهَا زَوْجَةً أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهَا كَثِيرَةً فَإِذَا أَرَادَ تَقْلِيلَ نَفَقَتِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهَا أَمَةً طَالَبَتْهُ بِكَثْرَتِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهَا زَوْجَةً وَيَقَعُ التَّنَازُعُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ خِدْمَةُ الزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَحْصُلُ التَّنَازُعُ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: كَالْكِتَابَةِ) أَيْ كَذِي الْكِتَابَةِ وَذِي التَّدْبِيرِ وَذِي أُمُومَةِ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِوَلَدِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةِ وَلَدِهِ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ الَّتِي لِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: أَيْ لِفَرْعِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ابْنَهُ أَوْ بِنْتَه أَوْ ابْنَ بِنْتِهِ أَوْ ابْنِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَلَدِهِ مَا يَشْمَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عج وَالْقَلْشَانِيِّ وَزَرُّوقٍ، وَصَوَّبَهُ بْن خِلَافًا لعبق مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ غَيْرُ وَلَدِ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ رَجُلٍ آخَرَ كَمَا قَالَ: بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ وَنَحْوُهُ لتت. (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ سَابِقًا عَلَى النِّكَاحِ بَلْ، وَإِنْ طَرَأَ الْمِلْكُ بَعْدَ التَّزْوِيجِ. (قَوْلُهُ: بِلَا طَلَاقٍ) أَيْ وَهَلْ لَهُ بَعْدَ فَسْخِ النِّكَاحِ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ وَطِئَهَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَسَبَبُ الْخِلَافِ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا هَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْحَمْلِ السَّابِقِ عَلَى الشِّرَاءِ وَلَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ لِلِاسْتِبْرَاءِ، فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَرْأَةٍ) أَيْ كَمَا يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ نِكَاحُ امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ) أَيْ وَهُوَ الشِّرَاءُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِرْثُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكٌ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَلَيْسَ لَهَا فِيهِ إلَّا الْوَلَاءُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ اهـ بْن

لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا تَقْدِيرًا وَلَا مَفْهُومَ لِدَفْعِهَا مَالًا؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْهَا فَفَعَلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي عِتْقِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَوْ عَيَّنَتْ غَيْرَهَا أَوْ دَفَعَتْ مَالًا لِيُعْتِقَهُ عَنْ غَيْرِهَا فَأَعْتَقَهُ، وَلَوْ عَنْهَا فَلَا يَنْفَسِخُ (لَا إنْ) (رَدَّ سَيِّدٌ) أَيْ سَيِّدُ الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ بِعَبْدٍ (شِرَاءَ مَنْ) أَيْ أَمَةٍ (لَمْ يَأْذَنْ لَهَا) السَّيِّدُ فِي شِرَاءِ زَوْجِهَا مِنْ سَيِّدِهِ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَالْعَدَمِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونَةِ، وَلَوْ فِي عُمُومِ تِجَارَةٍ فَيَنْفَسِخُ (أَوْ قَصَدَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ لِسَيِّدِ الزَّوْجِ (بِالْبَيْعِ) أَيْ بَيْعِ زَوْجِهَا لَهَا (الْفَسْخَ) لِنِكَاحِهِ فَلَا يَنْفَسِخُ مُعَامَلَةً لَهُمَا بِنَقِيضِ قَصْدِهِمَا وَمِثْلُهُ قَصْدُ السَّيِّدِ فَقَطْ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ حَيْثُ قَالَ ظَاهِرُهُ أَيْ النَّصِّ إنْ قَصَدَهُ وَحْدَهُ لَغْوٌ وَفِيهِ نَظَرٌ (كَهِبَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مَمْلُوكَةً أَيْ وَهَبَهَا سَيِّدُهَا (لِلْعَبْدِ) زَوَّجَهَا الْمَمْلُوكَ لَهُ أَيْضًا (لِيَنْتَزِعَهَا) أَيْ لِقَصْدِ انْتِزَاعِهَا مِنْهُ يَعْنِي وَالْعَبْدُ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ بَلْ رَدَّهَا فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ مَعَ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ لَوْ قَبِلَ فَيُفْسَخُ وَبِهِ يَتِمُّ قَوْلُهُ: (فَأُخِذَ) مِمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ (جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى) قَبُولِ (الْهِبَةِ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلتَّفْرِقَةِ مَعْنًى وَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا الْأَخْذُ مِنْ مَفْهُومِ لِيَنْتَزِعَهَا أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ فَيَنْفَسِخْ بِمُجَرَّدِ هِبَتِهَا لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ بِجُبْرَانِهِ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهَا، ثُمَّ عِتْقُهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قُدِّرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَالْمُعْتِقُ إنَّمَا يَكُونُ مَالِكًا. (قَوْلُهُ: أَوْ دَفَعَتْ مَالًا لِيُعْتِقَهُ عَنْ غَيْرِهَا) أَيْ أَوْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَسِخُ أَيْ فِي صُوَرِ الْمَفْهُومِ كُلِّهَا لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا تَحْقِيقًا وَتَقْدِيرًا وَالْوَلَاءُ لَهَا إنْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا وَكَانَتْ حُرَّةً بَالِغَةً، وَإِنْ خَالَفَ الْقَاعِدَةَ مِنْ كَوْنِ الْوَلَاءِ لِمَنْ مَلَكَ وَأَعْتَقَ فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا وَكَانَتْ أَمَةً كَانَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهَا. (قَوْلُهُ: لَا إنْ رَدَّ سَيِّدٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ لَهَا سَيِّدُهَا فِي شِرَاءِ زَوْجِهَا إذَا اشْتَرَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ رَدَّ شِرَاءَهَا فَإِنَّ نِكَاحَهَا لَا يُفْسَخُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَمَامِ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهَا فِي شِرَائِهِ، إذْنًا مُلْتَبِسًا بِالْخُصُوصِ أَوْ بِالْعُمُومِ كَإِذْنِهِ لَهَا فِي التِّجَارَةِ كَانَ ذَلِكَ الْإِذْنُ بِنَصٍّ أَوْ بِتَضَمُّنٍ كَكِتَابَتِهِ لَهَا فَإِنَّهُ يَفْسَخُ النِّكَاحَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي عُمُومِ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ لَهَا مُلْتَبِسًا بِخُصُوصِ شِرَائِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ لَهَا فِي عُمُومِ تِجَارَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ السَّيِّدُ) أَيْ سَيِّدُ الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ أَيْ مَعَ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَسِخُ) أَيْ النِّكَاحُ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَإِنَّهُ يُرَدُّ. (قَوْلُهُ: لَغْوٌ) أَيْ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَأَنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ بَلْ قَصْدُ السَّيِّدِ مِثْلُ قَصْدِهِمَا فِي أَنَّهُ لَا يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ قَالَ ح وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ لَا يُفْسَخُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا قَصْدُ السَّيِّدِ وَحْدَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَصْدُهَا وَحْدَهَا لَا يَنْفَسِخُ مَعَهُ النِّكَاحُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَشَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَصَدَتْ الزَّوْجَةُ وَالسَّيِّدُ بِالْبَيْعِ فَسْخَ النِّكَاحِ أَوْ قَصَدَتْ الزَّوْجَةُ ذَلِكَ وَحْدَهَا لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ وَيُرَدَّ الْبَيْعُ بِاتِّفَاقِ ابْنِ عَرَفَةَ وَشَيْخِهِ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ ذَلِكَ السَّيِّدَ وَحْدَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ بِفَسْخِ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَهِبَتِهَا لِلْعَبْدِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ السَّيِّدَ وَهَبَ الزَّوْجَةَ لِزَوْجِهَا قَاصِدًا بِذَلِكَ التَّوَصُّلَ إلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ بَلْ رَدَّهَا فَإِنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ وَتُرَدُّ كَرَدِّ الْبَيْعِ فِيمَا مَرَّ وَلَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ مُعَامَلَةٌ لِلسَّيِّدِ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ مِنْ إضْرَارِ الْعَبْدِ بِفَسْخِ النِّكَاحِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا بِأَنْ كَانَ ذَا مَالٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَصَدَ بِانْتِزَاعِهَا مِنْهُ إزَالَةَ عَيْبِ عَبْدِهِ أَوْ قَصَدَ إحْلَالَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ لَزِمَتْ الْهِبَةُ وَفُسِخَ النِّكَاحُ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ قَبِلَ الْعَبْدُ الْهِبَةَ لَفُسِخَ نِكَاحُهُ سَوَاءٌ قَصَدَ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ إرَادَةُ السَّيِّدِ انْتِزَاعَهَا وَعَدَمُ إرَادَتِهِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَهَبَهَا سَيِّدُهَا) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَهِبَتِهَا مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لِقَصْدِ انْتِزَاعِهَا مِنْهُ) أَيْ لِإِزَالَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ أَوْ لِإِحْلَالِهَا لِنَفْسِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهَا وَلَمْ يَقْصِدْ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَتِمُّ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ) أَيْ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ لَا لِعَدَمِ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ قَبِلَ فَيُفْسَخُ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَلَا تَفْتَرِقُ إرَادَةُ السَّيِّدِ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ وَعَدَمُ إرَادَتِهِ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إمَّا أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ السَّيِّدُ بِالْهِبَةِ إضْرَارَ الْعَبْدِ بِانْتِزَاعِهَا مِنْهُ أَوْ لَا، وَقَدْ عَلِمْتهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ بَيْنَ قَبُولِ الْعَبْدِ لِلْهِبَةِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ لَهَا. (قَوْلُهُ: فَيَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ هِبَتِهَا لَهُ) أَيْ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ جَبْرًا عَلَى الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ

وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ أَيْ لَا يُجْبَرُ سَيِّدُهُ عَلَى قَبُولِ هِبَةٍ وَهَبَهَا لَهُ أَجْنَبِيٌّ. (وَمَلَكَ أَبٌ) ، وَإِنْ عَلَا (جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ فَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (بِتَلَذُّذِهِ) بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدَّمَاتِهِ (بِالْقِيمَةِ) يَوْمَ التَّلَذُّذِ وَيُتْبَعُ بِهَا إنْ أُعْدِمَ وَتُبَاعُ عَلَيْهِ فِيهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلِلِابْنِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَحَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا (وَحَرُمَتْ عَلَيْهِمَا) مَعًا (إنْ وَطِئَاهَا) أَوْ تَلَذَّذَا بِهَا بِدُونِ وَطْءٍ (وَ) إنْ حَمَلَتْ (عَتَقَتْ) أَيْ نَاجِزًا (عَلَى مَوْلِدِهَا) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ كُلٍّ عَتَقَتْ عَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا فَإِنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرٍ وَلَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ تُعَيِّنُ أُلْحِقَ بِهِمَا وَعَتَقَتْ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا. (وَلِعَبْدٍ) أَيْ جَازَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQجُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَمَلَكَ أَبٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَبَ، وَإِنْ عَلَا يَمْلِكُ جَارِيَةَ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِير ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَانَ الْأَبُ حُرّ أَوْ عَبْدًا بِمُجَرَّدِ تَلَذُّذِهِ بِهَا بِجِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ لِشُبْهَةِ الْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ لَكِنْ لَا مَجَّانًا بَلْ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ التَّلَذُّذِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ وَإِذَا كَانَ الْأَبُ عَبْدًا كَانَتْ تِلْكَ الْفَعْلَةُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ لِوَلَدِهِ فِي الْقِيمَةِ أَوْ فِدَائِهِ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْأَمَةِ لِوَلَدِهِ وَإِذَا أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ لِوَلَدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِتَلَذُّذِهِ بِهَا بِوَطْءٍ) وَلَا حَدَّ عَلَى الْأَبِ حِينَئِذٍ لِلشُّبْهَةِ فِي مَالِ ابْنِهِ وَحَيْثُ مَلَكَهَا الْأَبُ بِتَلَذُّذِهِ بِهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ الْفَاسِدِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَإِلَّا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا الِابْنُ قَبْلَ تَلَذُّذِ الْأَبِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا اسْتَبْرَأَهَا أَمْ لَا لِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَحْمِلْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَبَقِيَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ. (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ حَالَةِ عَدَمِ الْأَبِ وَقَوْلُهُ: وَتُبَاعُ عَلَيْهِ فِيهَا أَيْ فِي الْقِيمَةِ فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَةِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْأَبِ، وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ عَنْهَا كَانَ النَّقْصُ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَارِيَةَ إذَا لَمْ تَحْمِلْ كَانَ الْأَبُ مَلِيًّا تَعَيَّنَ أَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ أَخْذُهَا، وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا خُيِّرَ الْوَلَدُ بَيْنَ أَخْذِهَا مِنْ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ اتِّبَاعِهِ بِهَا فَتُبَاعُ عَلَيْهِ فِيهَا فَالزَّائِدُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّ لِلْوَلَدِ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ فِي يُسْرِ الْأَبِ وَعَدَمِهِ وَلَهُ أَنْ لَا يَتَمَاسَكَ بِهَا وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ حَالًا إنْ كَانَ مَلِيًّا وَيَتْبَعُهُ بِهَا إنْ كَانَ مُعْدَمًا، وَأَمَّا إذَا حَمَلَتْ تَعَيَّنَ بَقَاؤُهَا لِلْأَبِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ إلَّا الْقِيمَةُ يَأْخُذُهَا حَالًا إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا وَيَتْبَعُهُ بِهَا إنْ كَانَ مُعْسِرًا. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَتْ عَلَيْهِمَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ الْأَبُ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ وَطْءَ الصَّغِيرِ لَا يُحَرِّمُ بِخِلَافِ عَقْدِ نِكَاحِهِ فَإِنَّهُ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَإِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا إذَا وَطِئَاهَا لِأَنَّ وَطْءَ كُلٍّ مِنْهُمَا يُحَرِّمُهَا عَلَى الْآخَرِ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلَ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ جَارِيَةَ الِابْنِ، إذْ وَطِئَهَا كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالِابْنِ فَلَا يُحَدُّ الْأَبُ لِشُبْهَتِهِ فِي مَالِ الِابْنِ، وَلَوْ عَلِمَ بِوَطْءِ الِابْنِ لَهَا قَبْلَهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيُؤَدَّبُ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ، وَمَا فِي خش تَبَعًا لتت مِنْ حَدِّهِ إنْ عَلِمَ بِوَطْءِ الِابْنِ قَبْلَهُ فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الِابْنُ فَفِي عبق وخش يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ الِابْنُ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَلَذُّذِ أَبِيهِ بِهَا وَقَالَ بْن الْأَظْهَرُ قَوْلُ ابْنِ رَحَّالٍ بِعَدَمِ حَدِّهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلِابْنِ التَّمَسُّكُ بِهَا مُطْلَقًا شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَمَلَتْ) أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا وَطِئَاهَا مَعًا كُلُّ وَاحِدٍ فِي طُهْرٍ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي أَوْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ وَطْؤُهُمَا مَعًا فِي طُهْرٍ وَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ كُلٍّ) أَيْ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَدًا بِأَنْ وَطِئَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي طُهْرٍ وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَلْحَقَتْهُ) أَيْ الْقَافَةُ بِهِمَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا تَارَةً تَلِدُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَارَةً تَلِدُ مِنْهُمَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ السَّابِقُ أَوْ لَا فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَعَلِمَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ نَاجِزًا كَانَ هُوَ الْأَبَ أَوْ الِابْنَ وَلَا يَتَأَتَّى الْعِلْمُ بِذَلِكَ إلَّا حُدَّ الَّذِي وَلَدَتْ مِنْهُ، إلَّا إذَا كَانَ وَطْؤُهُمَا فِي طُهْرَيْنِ بِأَنْ اسْتَبْرَأَهَا أَحَدُهُمَا بِحَيْضَةٍ مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ وَوَطِئَهَا بَعْدَهُ فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَحِقَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي بَطْنِهَا عِنْدَ حَيْضِهَا وَالْحَامِلُ تَحِيضُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَالْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ فَهُوَ ابْنٌ لَهُ وَتُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ عَتَقَ عَلَيْهِمَا كَأَنْ لَمْ تَكُنْ قَافَةٌ أَوْ كَانُوا وَاخْتَلَفُوا أَوْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفُ، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ كُلِّ

(تَزَوُّجُ ابْنَةِ سَيِّدِهِ) بِرِضَاهَا وَرِضَا السَّيِّدِ، وَكَذَا بِنْتُ سَيِّدَتِهِ (بِثِقَلٍ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ ضِدُّ الْخِفَّةِ أَيْ بِكَرَاهَةٍ، إذْ هُوَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلَرُبَّمَا مَاتَ السَّيِّدُ فَتَرِثُهُ فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ (وَ) لِعَبْدٍ تَزَوَّجَ (مِلْكُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ نَفْسِهِ فَيَشْمَلُ مِلْكَ السَّيِّدِ سَوَاءٌ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ أَمْ لَا كَانَ يُولَدُ لَهُ أَمْ لَا (كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ) كَمَجْبُوبٍ وَخَصِيٍّ وَعَقِيمٍ وَعَقِيمَةٍ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ أَمْ لَا (وَكَأَمَةِ الْجَدِّ) لَوْ قَالَ الْأَصْلُ لَشَمِلَ الْأُمَّ وَالْأَبَ وَأُصُولَهُمَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا أَيْ فَلِلْحُرِّ تَزَوُّجُ أَمَةٍ أَصْلُهُ بِشَرْطِ حُرِّيَّةِ الْمَالِكِ سَوَاءٌ خَشِيَ الْعَنَتَ أَوْ وَجَدَ لِلْحَرَائِرِ طَوْلًا أَمْ لَا، إذْ عِلَّةُ مَنْعِ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ حُرًّا يُولَدُ لَهُ وَالْأَمَةُ مِلْكٌ لِمَنْ لَا يَعْتِقُ وَلَدُهَا عَلَيْهِ (فَ) يَجُوزُ تَزَوُّجُهَا (إنْ خَافَ) عَلَى نَفْسِهِ (زِنًا) فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا (وَعَدِمَ مَا) أَيْ مَالًا مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ (يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ) فِي مَهْرِهَا أَيْ غَيْرَ طَالِبَةٍ مِنْهُ مَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ إلَى السَّرَفِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ وَصَارَ وُجُودُهَا كَالْعَدَمِ، وَكَذَا إنْ خَشِيَ زِنًا فِي أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِتَعَلُّقِهِ بِهَا فَيَتَزَوَّجُهَا بِلَا شَرْطٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ غَيْرُ الْمُغَالِيَةِ (كِتَابِيَّةً) فَإِنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا وَلَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ مَعَ وُجُودِهَا (أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) لَا تَكْفِهِ أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِالْمُتَعَدِّدِ فَيَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ بِالشَّرْطَيْنِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الرِّكَّةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ كِتَابِيَّةً مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ تَحْتَهُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى كِتَابِيَّةٍ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَيَكُونُ مُبَالَغَةً فِي الْمَفْهُومِ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدٍ وَلَدًا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا إنْ عُلِمَ وَإِلَّا عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا وَكُلُّ مَنْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا فَالْوَلَاءُ لَهُمَا وَيَغْرَمُ الْأَبُ قِيمَتَهَا فِي كُلِّ الصُّوَرِ، وَلَوْ عَتَقَتْ عَلَى الِابْنِ وَحْدَهُ وَتَكُونُ قِيمَةُ قِنٍّ وَيُؤَدَّبُ الْأَبُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ (قَوْلُهُ: تَزَوُّجُ ابْنَةِ سَيِّدِهِ) فَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا وَمَاتُوا عَنْ مَالٍ كَانَ إرْثُهُمْ لِأُمِّهِمْ مَعَ بَيْتِ الْمَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّيِّدَ جَدُّهُمْ لِأُمِّهِمْ فَلَا يَرِثُ وَأَبُوهُمْ مَمْنُوعٌ بِالرِّقِّ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِكَرَاهَةٍ) أَيْ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَمِيعِ لَا بِالزَّوْجَةِ وَوَلِيِّهَا فَقَطْ دُونَ الْعَبْدِ خِلَافًا لعبق وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فَلَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَرُبَّمَا مَاتَ السَّيِّدُ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَبُوهَا وَقَوْلُهُ: فَتَرِثُهُ أَيْ الْعَبْدَ أَيْ تَأْخُذُهُ بِالْمِيرَاثِ وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ مَاتَ شَخْصٌ فَانْفَسَخَ نِكَاحُ آخَرَ. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ مِلْكَ السَّيِّدِ) أَيْ وَمِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّمَا جَازَ لِلْعَبْدِ تَزَوُّجُ أَمَةِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَاءِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّرَ وَلَدَهُ بِتَزَوُّجِ حُرَّةٍ، إذْ لَيْسَ وَلَدُهُ أَعْظَمَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ) أَيْ لِأَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ التَّزَوُّجِ بِالْأَمَةِ وَهُوَ خَوْفُ إرْقَاقِ الْوَلَدِ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَكَأَمَةِ الْجَدِّ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْجَدِّ لِمَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ وَهِيَ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ وَمَقْصُودُهُ دُخُولُهَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: حُرِّيَّةِ الْمَالِكِ) أَيْ لِلْأَمَةِ الَّذِي هُوَ أَصْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَقِيقًا كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِ حُرِّيَّةِ الْمَالِكِ أَيْ وَبِشَرْطِ كَوْنِ الْأَمَةِ مُسْلِمَةً وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَيْدَيْنِ لِعِلْمِ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ فِي الْمَنْعِ خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ لِلْوَلَدِ وَلَا تَنْتَفِي إلَّا إذَا كَانَ الْمَالِكُ لِلْأَمَةِ حُرًّا وَلِعِلْمِ الْقَيْدِ الثَّانِي مِمَّا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ وَأَمَتُهُمْ بِالْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا) أَيْ لِعِتْقِ الْوَلَدِ عَلَى مَالِكِهَا؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يُعْتَقُ وَلَدُهَا عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِ أُصُولِهِ لَكِنَّهُ رَقِيقٌ. (قَوْلُهُ: إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ زِنًا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ تَوَهَّمَهُ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ يُصَدَّقُ بِالْوَهْمِ كَذَا قِيلَ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ الشَّكُّ فَمَا فَوْقَهُ وَهُوَ الظَّنُّ وَالْجَزْمُ لِمَا لَا يَلْزَمُ عَلَى تَزْوِيجِ الْأَمَةِ مِنْ رُقْيَةِ الْوَلَدِ فَلَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ وَهْمِيٍّ بَلْ بِأَمْرٍ قَوِيٍّ كَالشَّكِّ. (قَوْلُهُ: وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ أَصْبَغَ قَالَ الطَّوْلُ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى نِكَاحِ الْحَرَائِرِ بِهِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِنَّ مِنْهُ وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى النَّفَقَةِ لَا تُعْتَبَرُ وَالرَّاجِحُ كَلَامُ أَصْبَغَ مِنْ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّدَاقِ وَعَلَى النَّفَقَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَدِمَ مَا تُفَسَّرُ مَا بِأُهْبَةٍ لِيَشْمَلَ الصَّدَاقَ وَالنَّفَقَةَ وَالْبَاءُ فِي بِهِ بِمَعْنَى مَعَ وَلَا تُفَسَّرُ مَا بِمَالٍ وَتُجْعَلُ الْبَاءُ لِلْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ) أَيْ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَلِيءٍ وَكِتَابَةٍ وَأُجْرَةِ خِدْمَةِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ فَإِنْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعَرْضِ دَارُ السُّكْنَى فَلَيْسَتْ طَوْلًا، وَلَوْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ كَمَا قَالَهُ عج وَدَخَلَ فِي الْعَرْضِ دَابَّةُ الرُّكُوبِ وَكُتُبُ الْفِقْهِ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الطَّوْلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَارِ السُّكْنَى أَنَّ الْحَاجَةَ لِدَارِ السُّكْنَى أَشَدُّ مِنْ الْحَاجَةِ لِلدَّابَّةِ وَالْكُتُبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ وَجَدَ مَا لَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ غَيْرَ الْمُغَالِيَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْمُغَالِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِلَا شَرْطٍ) أَيْ بِلَا اشْتِرَاطِ عَدَدِ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ الْمُغَالِيَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيَّةً) مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ أَيْ فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ الْغَيْرُ الْمُغَالِيَةِ كِتَابِيَّةً؛ لِأَنَّ عَدَمَ إرْقَاقِ الْوَلَدِ يَحْصُلُ بِنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطَيْنِ) أَيْ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا

وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُبَالَغَةِ الثَّانِيَةِ لِمَنْطُوقِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ فَلَوْ قَالَ إنْ خَافَ زِنًا، وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةً وَعُدِمَ إلَخْ لَكَانَ أَبْيَنَ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا الْحُرُّ بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فُسِخَ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ إسْلَامُهَا وَسَكَتَ عَنْهُ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي نِكَاحِ الْكَافِرَةِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِهِ، ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ لَمْ يَنْفَسِخْ. (وَ) جَازَ (لِعَبْدٍ بِلَا شِرْكٍ) لِسَيِّدَتِهِ فِيهِ (وَمَكَاتِب) بِلَا شَرّك (وَغْدَيْنِ) أَيْ قَبِيحِي الْمُنَظِّر (نَظَّرَ شَعْر السَّيِّدَة) الْمَالِكَةِ لَهُمَا وَبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا الَّتِي يَنْظُرُهَا الْمَحْرَمُ مِنْهَا وَخُصَّ الشَّعْرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ وَلَهُ الْخَلْوَةُ مَعَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ بِلَا شِرْكٍ مَنْعُ مَا لَهَا فِيهِ شِرْكٌ، وَلَوْ الزَّوْجَ (كَخَصِيٍّ وَغْدٍ) وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ فَقَطْ وَأَوْلَى الْمَجْبُوبُ مَمْلُوكٌ (لِزَوْجٍ) وَأَوْلَى لَهَا يَرَى شَعْرَ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ خَصِيٍّ لِغَيْرِ الزَّوْجِ أَوْ خَصِيٍّ حُرٍّ فَلَا يَجُوزُ (وَرُوِيَ) عَنْ مَالِكٍ (جَوَازُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا) بَلْ لِأَجْنَبِيٍّ. (وَ) لَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا بِحُرَّةٍ وَلَمْ تَعْلَمْ بِهَا (خُيِّرَتْ الْحُرَّةُ مَعَ) الزَّوْجِ (الْحُرِّ) لَا الْعَبْدِ (فِي نَفْسِهَا) بَيْنَ أَنْ تُقِيمَ مَعَ الْأَمَةِ أَوْ تُفَارِقَ (بِطَلْقَةٍ) وَاحِدَةٍ (بَائِنَةٍ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ، إذْ هُوَ كَطَلَاقِ الْحَاكِمِ فَإِنْ أُوقِعَتْ أَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمْ إلَّا وَاحِدَةٌ (كَتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا) عَكْسُ مَا قَبْلَهُ (أَوْ) تَزْوِيجِ أَمَةٍ (ثَانِيَةٍ) عَلَى الَّتِي رَضِيَتْ بِهَا الْحُرَّةُ (أَوْ عَلِمَهَا) أَيْ الْحُرَّةَ (بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ) فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِطَلْقَةٍ. (وَلَا تُبَوَّأُ أَمَةٌ) أَيْ لَا تُفْرَدُ بِبَيْتٍ مَعَ زَوْجِهَا جَبْرًا عَنْ سَيِّدِهَا بَلْ تَبْقَى بِبَيْتِ سَيِّدِهَا وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَهَا مَعَ زَوْجِهَا يُبْطِلُ حَقَّ سَيِّدِهَا مِنْ الْخِدْمَةِ أَوْ غَالِبِهَا وَحَقُّهُ فِيهَا ثَابِتٌ (بِلَا شَرْطٍ) مِنْ الزَّوْجِ (أَوْ عُرْفٍ) فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهَا تُبَوَّأُ أَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى السَّيِّدِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا وَإِفْرَادُهَا قَهْرًا عَنْهُ (وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ) وَالْبَيْعُ لِمَنْ يُسَافِرُ (بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ) ، وَلَوْ طَالَ السَّفَرُ وَيُقْضَى لِلزَّوْجِ بِالسَّفَرِ مَعَهَا إنْ شَاءَ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ كَمَا أَنَّ الْمُبَوَّأَةَ لَيْسَ لَهَا السَّفَرُ بِهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (وَ) لِسَيِّدِ الْأَمَةِ إذَا قَرَّرَ صَدَاقَهَا (أَنْ يَضَعَ) عَنْ الزَّوْجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يَجِدْ مَهْرًا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ يَنْحُلُ الْمَعْنَى فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ الْغَيْرُ الْمُغَالِيَةِ كِتَابِيَّةً، وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَا تَكْفِيهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ لَا تَكْفِيهِ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُبَالَغَةُ الْأُولَى رَاجِعَةٌ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي وَالْمُبَالَغَةُ الثَّانِيَةُ رَاجِعَةٌ لِمَنْطُوقِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَعْطِفُ مُبَالَغَةً عَلَى مُبَالَغَةٍ مَعَ اخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِ لَوْ. (قَوْلُهُ: بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ الزِّنَا وَوَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ بِدُونِ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ لَا يَخَافُ الزِّنَا وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ أَوْ خَافَ الزِّنَا وَوَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ الْغَيْرَ الْمُغَالِيَةِ. (قَوْلُهُ: فُسِخَ بِطَلَاقٍ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَطْ عَلَى الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْ فِي الْمَذْهَبِ وَخَارِجِهِ حَتَّى قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي ح وَكَأَنَّهُ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ أَوْ عَلَى النَّسْخِ يُحَرَّرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ، وَكَذَا إذَا طَلَّقَ الْأَمَةَ وَوَجَدَ مَهْرَ الْحُرَّةِ فَلَهُ رَجْعَةُ الْأَمَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ شُرُوطٌ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ وَقِيلَ إنَّهَا شُرُوطٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَعَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِشُرُوطِهِ، ثُمَّ زَالَ الْمُبِيحُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْخَلْوَةُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي رُؤْيَةِ شَعْرِهَا، وَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِهَا وَنَظَرُ بَقِيَّةِ الْأَطْرَافِ فَلَيْسَ فِيهِمَا إلَّا الْمَنْعُ كَمَا قَالَ عج وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ نَظَرِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ الْوَغْدَيْنِ لِشَعْرِ السَّيِّدَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ بَابَ الطَّمَعِ مَسْدُودٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُمْنَعُ مِنْ رُؤْيَةِ شَعْرِ سَيِّدَتِهِ لِعُمُومِ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَمْ يَبْقَ كَالزَّمَانِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] وَقَوْلُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُمْنَعُ رُؤْيَتَهُ لِشَعْرِ سَيِّدَتِهِ وَجِيهٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازَ، ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا السَّنْهُورِيَّ جَعَلَ النَّظَرَ لِبَقِيَّةِ أَطْرَافِهَا وَالْخَلْوَةَ بِهَا مِثْلَ الشَّعْرِ فِي الْجَوَازِ فَرَدَّ عَلَيْهِ عج بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي رُؤْيَةِ الشَّعْرِ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ، وَأَمَّا رُؤْيَةُ بَقِيَّةِ الْأَطْرَافِ وَالْخَلْوَةُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ عج مِنْ قَصْرِ الْجَوَازِ عَلَى رُؤْيَةِ الشَّعْرِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ فَقَطْ) أَيْ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ، وَأَمَّا ذَاهِبُ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمُ الذَّكَرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّالِمِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رُؤْيَةُ شَعْرِهَا إلَّا إذَا كَانَ مِلْكًا لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ وَغْدٌ (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَتْ الْحُرَّةُ مَعَ الْحُرِّ) أَيْ وَأَمَّا مَعَ الْعَبْدِ إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْأَمَةِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَاءِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ كَطَلَاقِ الْحَاكِمِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ أَوْقَعُهُ غَيْرُ الزَّوْجِ فَهُوَ بَائِنٌ إلَّا فِي الْإِيلَاءِ وَعُسْرِ النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: كَتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْيِيرِ الْحُرَّةِ فِي نَفْسِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنْ سَبَقَتْ الْأَمَةُ خُيِّرَتْ الْحُرَّةُ فِي نَفْسِهَا، وَإِنْ سَبَقَتْ هِيَ خُيِّرَتْ فِي الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عِلْمِهَا بِوَاحِدَةٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَتْ الْحُرَّةُ أَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ بِأَمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَتَزَوَّجَتْهُ رَاضِيَةً بِمَا عَلِمَتْ فَلَمَّا دَخَلَتْ

(مِنْ صَدَاقِهَا) ، وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنُهَا) الْمُحِيطُ بِالصَّدَاقِ بِأَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهَا فِي تَدَايُنِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْوَضْعُ الثَّانِي أَنْ لَا يَنْقُصَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَضْعِ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) لِحَقِّ اللَّهِ وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ عَامٌّ وَالثَّانِي خَاصٌّ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا فَلَهُ وَضْعُ الْجَمِيعِ (وَ) لِلسَّيِّدِ (مَنْعُهَا) مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ (حَتَّى يَقْبِضَهُ) مِنْ الزَّوْجِ كَمَا لِلْحُرَّةِ مَنْعُ نَفْسِهَا لِذَلِكَ (وَ) لَهُ (أَخْذُهُ) لِنَفْسِهِ أَيْ أَخْذُ جَمِيعِهِ، وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (وَإِنْ قَتَلَهَا) سَيِّدُهَا، إذْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهَا لِذَلِكَ (أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ) يَشُقُّ عَلَى الزَّوْجِ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ أَخْذُهُ (إلَّا) أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (لِظَالِمٍ يَعْجِزُ مَعَهُ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا) فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الصَّدَاقُ وَيَرُدُّهُ السَّيِّدُ إنْ قَبَضَهُ وَمَتَى قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا دَفَعَهُ لِلسَّيِّدِ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَهْرِ أَمَتِهِ وَمَنْعُهَا مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَإِسْقَاطُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ حَبْسَ صَدَاقِهَا وَتَرْكَهَا بِلَا جِهَازٍ ذُكِرَ مَا يُنَافِيهِ بِقَوْلِهِ (وَفِيهَا) أَيْضًا (يَلْزَمُهُ) أَيْ السَّيِّدَ (تَجْهِيزُهَا بِهِ) أَيْ بِمَهْرِهَا (وَهَلْ) مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (خِلَافٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ) وِفَاقٌ وَ (الْأَوَّلُ) الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَخْذَ صَدَاقِهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَمَةٍ (لَمْ تُبَوَّأْ) وَالثَّانِي عَلَى مَنْ بُوِّئَتْ مَنْزِلًا مُنْفَرِدًا عَنْ سَيِّدِهَا فَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا (أَوْ) الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى أَمَةٍ (جَهَّزَهَا) سَيِّدُهَا (مِنْ عِنْدِهِ) فَجَازَ لَهُ أَخْذُ صَدَاقِهَا وَالثَّانِي لَمْ يُجَهِّزْهَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَزِمَهُ تَجْهِيزُهَا بِهِ (تَأْوِيلَانِ) بِالتَّثْنِيَةِ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَوَاحِدٌ بِالْوِفَاقِ وَلَهُ وَجْهَانِ وَفِي نُسْخَةٍ تَأْوِيلَاتٌ بِالْجَمْعِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا) لِغَيْرِ زَوْجِهَا. (قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَقَبْلَ قَبْضِهِ صَدَاقَهَا (مَنْعُ تَسْلِيمِهَا) لِزَوْجٍ حَتَّى يَدْفَعَ صَدَاقَهَا مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْعُهَا مِنْ الزَّوْجِ (لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ) بِبَيْعِهِ لَهَا، وَأَمَّا عَدَمُ مَنْعِ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي فَلِعَدَمِ حَقِّهِ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ وَلِذَا لَوْ اسْتَثْنَاهُ الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَدَتْ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلِمَتْ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ صَدَاقِهَا) مِنْ اسْمٌ بِمَعْنَى بَعْضٍ أَوْ أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ مُبَيِّنَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنُهَا) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَضْعُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ دَيْنُهَا الْمُحِيطُ بِصَدَاقِهَا وَقَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ دَيْنُهَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّهَا إذَا تَدَايَنَتْ بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إسْقَاطُ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَيَجِبُ وَفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ كَالْمَهْرِ، وَأَمَّا إذَا تَدَايَنَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْوَضْعَ. (قَوْلُهُ: مَنْعُ نَفْسِهَا لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَقْبِضَ مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْمُضِرُّ فِي حَقِّ اللَّهِ إسْقَاطُهُ لِلزَّوْجِ لَا أَخْذُ السَّيِّدِ لَهُ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ وَمُقَابِلُهُ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ فَيَتْرُكُهُ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَهَا سَيِّدُهَا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي أَخْذِ السَّيِّدِ صَدَاقَهَا فَإِذَا زَوَّجَ أَمَته، ثُمَّ قَتَلَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا بَنَى بِهَا أَمْ لَا وَيَتَكَمَّلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ بِالْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ ثَمَنَهَا أَكْثَرُ مِنْ صَدَاقِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ، ثُمَّ بَاعَهَا لِمَنْ سَافَرَ بِهَا لِمَكَانٍ بَعِيدٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِ صَدَاقِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ نِصْفِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الصَّدَاقُ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: دَفَعَهُ لِلسَّيِّدِ أَيْ الَّذِي بَاعَهَا لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهَا وَمَالُ الرَّقِيقِ إذَا بَيْع لِبَائِعِهِ وَإِنَّمَا لَزِمَ الزَّوْجَ دَفْعُهُ لِلسَّيِّدِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: وَتَرَكَهَا بِلَا جِهَازٍ) أَيْ كَمَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا أَيْضًا أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِحَمْلِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا بَاعَهَا فَقَدَّمَ حَقَّهُ وَالْمَحَلُّ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبِعْهَا فَقُدِّمَ حَقُّ الزَّوْجِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِحَمْلِ الْمَحَلِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا زَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ وَالْمَحَلُّ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا زَوَّجَهَا بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِعَبْدٍ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَ أَمَتَهُ الَّتِي زَوَّجَهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا مِنْهُ، ثُمَّ ذُكِرَ هُنَا مَا إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا لِغَيْرِ زَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا وَذَلِكَ لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَيْ يَمْنَعَهَا مِنْ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِبَائِعِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي فَيَكُونَ لَهُ الْمَنْعُ. (قَوْلُهُ: مَنْعُ تَسْلِيمِهَا) فَاعِلُ سَقَطَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ سُقُوطَ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: لِسُقُوطِ إلَخْ عِلَّةٌ لِسُقُوطِ الْمَنْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ وَتَرَكَ عِلَّتَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي لِوُضُوحِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَالِهَا وَمَالُهَا لِبَائِعِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَيْ لَيْسَ لِبَائِعِهَا وَلَا لِمُشْتَرِيهَا أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا حَتَّى يَقْبِضَ صَدَاقَهَا وَإِذَا سَقَطَ مَنْعُ كُلٍّ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَيَتْبَعُهُ الْبَائِعُ بِالصَّدَاقِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهَا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا كَالْحُرَّةِ حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا، وَأَمَّا إنْ اسْتَثْنَى مَالَهَا فَلَا كَلَامَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ وَلَكِنْ

(وَ) سَقَطَ (الْوَفَاءُ) مِنْ الْأَمَةِ (بِالتَّزْوِيجِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِهِ (إذَا أَعْتَقَ) السَّيِّدُ أَمَتَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالْأَوْلَى الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَتْ حَيْثُ جَازَ الشَّرْطُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا، إذْ الْعِتْقُ لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ. وَلَمَّا قَدَّمَ بَيْعَهَا لِغَيْرِ الزَّوْجِ ذَكَرَ بَيْعَهَا لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) سَقَطَ بَيْعُهَا لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (صَدَاقُهَا) عَنْ الزَّوْجِ أَيْ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ اللَّازِمُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ وَيَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهِ (وَهَلْ) سُقُوطُهُ عَنْهُ (وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ) عَلَى سَيِّدِهَا لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (لِفَلَسٍ) حَصَلَ لِلسَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِيهَا مُخَالِفٌ لِلْعُتْبِيَّةِ (أَوْ لَا) يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ لَهُ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ السَّيِّدُ أَيْ لَمْ يَجِئْ مِنْ قِبَلِهِ (وَلَكِنْ) لَا بِمَعْنَى عَدَمِ السُّقُوطِ حَقِيقَةً حَتَّى يَكُونَ مُخَالِفًا لِمَا فِيهَا بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ أَقْبَضَهُ لِسَيِّدِهَا (لَا يَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بِالصَّدَاقِ أَيْ بِنِصْفِهِ عَلَيْهِ (مِنْ الثَّمَنِ) حَيْثُ دَفَعَهُ لَهُ بَلْ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّتَهُ؛ لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ طَرَأَ بَعْدَ الْفَلَسِ فَقَوْلُهُ: أَوَّلًا وَلَكِنْ إلَخْ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ أَيْ مِنْ أَنَّ مَعْنَى عَدَمِ السُّقُوطِ الَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الذِّمَّةِ فَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ سَاقِطٌ وِفَاقًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَرَّرَ الْمُصَنِّفُ بِوَجْهٍ آخَرَ (تَأْوِيلَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الزَّوْجِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْوَفَاءُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا تَمَّ عِتْقُهَا امْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَصَدَاقُهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا بَاعَ الْأَمَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ لِزَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَسْقُطُ عَنْهُ صَدَاقُهَا، وَإِنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ بِمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ يَحْسُبُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَوْ بَاعَهَا السُّلْطَانُ لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَلَسِ السَّيِّدِ فَهَلْ كَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ الصَّدَاقُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَهُوَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ مَا فِي السَّمَاعِ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ وِفَاقٌ لَهَا فَذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ إلَى الْخِلَافِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ كَامِلًا زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ كَامِلًا وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُ الثَّمَنَ فَقَطْ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ إلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الصَّدَاقُ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا دَفَعَ الصَّدَاقَ بِتَمَامِهِ لِلسَّيِّدِ فَإِنَّهُ لَا يَحْسُبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يَدْفَعُهُ أَيْ الثَّمَنَ بِتَمَامِهِ لِلسُّلْطَانِ وَيَتْبَعُ ذِمَّةَ السَّيِّدِ بِالصَّدَاقِ فَفِي الْحَقِيقَةِ الصَّدَاقُ سَاقِطٌ عَنْ الزَّوْجِ فَوَافَقَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ أَنَّهُ يُحَاسِبُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِئْ مِنْ قِبَلِهِ) أَيْ مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ حَتَّى يُخَفِّفَ عَنْ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قِبَلِهِ) أَيْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ فَقَدْ أَتْلَفَ النِّكَاحَ الَّذِي بِهِ أَخَذَ الصَّدَاقَ فَيَرُدُّهُ، وَأَمَّا إذَا رُوعِيَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِنِصْفِهِ) الْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى حَالِهِ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ بِهِ) أَيْ أَنَّ الزَّوْجَ يَتْبَعُ السَّيِّدَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَرَّرَ الْمُصَنِّفُ بِوَجْهٍ آخَرَ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ: مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً، ثُمَّ ابْتَاعَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَإِنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهِ اهـ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَبَضَ مَهْرَ أَمَتِهِ فَبَاعَهَا السُّلْطَانُ فِي فَلَسِهِ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ لَا يَرْجِعُ زَوْجُهَا بِمَهْرِهَا عَلَى رَبِّهَا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ اهـ. فَاخْتُلِفَ هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ وَرَأَى أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ لِفَلَسٍ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَالْمَدَارُ عَلَى بَيْعِهَا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ السُّلْطَانِ لِفَلَسٍ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ لِغَيْرِ فَلَسٍ وَضَعُفَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ لَا رُجُوعَ لَهُ بِالْمَهْرِ مُطْلَقًا بَاعَ السُّلْطَانُ لِفَلَسٍ أَوْ بَاعَ غَيْرَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ فَلَسٍ بَلْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ بِتَمَامِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا دَفَعَهُ مِنْ الصَّدَاقِ كُلِّهِ وَاعْتَمَدَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رُجُوعِهِ بِالْمَهْرِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ الثَّمَنَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الصَّدَاقُ فَتَحَقَّقَ الْخِلَافُ بَيْنَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ اهـ. أَوْ وِفَاقٌ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَرْجِعُ زَوْجُهَا بِمَهْرِهَا عَلَى رَبِّهَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْآنَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ لِلسُّلْطَانِ بِتَمَامِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتْبَعُ السَّيِّدَ بِالْمَهْرِ عَلَى أَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، فَفِي الْحَقِيقَةِ الصَّدَاقُ سَاقِطٌ عَنْ الزَّوْجِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى رَبِّهَا مُطْلَقًا، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى السَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْسُبُهُ مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ وَهُوَ تَأْوِيلُ بَعْضِهِمْ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ لِفَلَسٍ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ مِنْ الثَّمَنِ إشَارَةً لِلْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا إشَارَةً لِلْخِلَافِ فَصَدْرُ الْكَلَامِ وَعَجُزُهُ إشَارَةٌ لِلْوِفَاقِ وَوَسَطُهُ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ وَالْمَعْنَى وَهَلْ يَسْقُطُ الصَّدَاقُ، وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ لِفَلَسٍ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ أَيْ لَا يَحْسُبُهُ مِنْهُ بَلْ يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ السَّيِّدِ أَوْ لَا يَسْقُطُ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ لَهَا لِلْفَلَسِ وَحِينَئِذٍ فَيَدْفَعُهُ الزَّوْجُ زِيَادَةً عَنْ الثَّمَنِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ مُطْلَقًا هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْمَتْنِ، وَكَذَا قَرَّرَهُ بَهْرَامُ وتت وعبق وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ شَارِحِنَا وَقَرَّرَ الْمُصَنِّفُ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ، وَقَرَّرَ شَارِحُنَا تَبَعًا لح وخش أَنَّ قَوْلَهُ: وَهَلْ وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ لِفَلَسٍ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْخِلَافِ وَأَنَّهُ رُدَّ بِلَوْ عَلَى سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا وَلَكِنْ إلَخْ إشَارَةٌ لِلْوِفَاقِ فَقَوْلُهُ: وَلَكِنْ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْوِفَاقِ

وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَدَاقُهَا، وَلَوْ بِبَيْعِ حَاكِمٍ لِفَلَسٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا وَهَلْ خِلَافُ أَوْ لَا بَلْ يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ تَأْوِيلَانِ كَانَ أَحْسَنَ (و) إذَا بِيعَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ فَالصَّدَاقُ (كَمَالِهَا) فَلِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِبَيْعِهَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَيَتْبَعُهَا إنْ عَتَقَتْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ مَالِهَا. (وَبَطَلَ) النِّكَاحُ (فِي الْأَمَةِ) الَّتِي يَمْتَنِعُ تَزْوِيجُهَا لِفَقْدِ شَرْطٍ مِمَّا مَرَّ (إنْ جَمَعَهَا) فِي الْعَقْدِ (مَعَ حُرَّةٍ) وَقَوْلُهُ: (قَطُّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي الْأَمَةِ أَيْ بَطَلَ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ وَيَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الصَّفْقَةُ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا بَطَلَتْ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَرَامِ بِكُلِّ حَالٍ وَالْأَمَةُ يَجُوزُ نِكَاحُهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْحَرَامِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا بِحَالٍ (بِخِلَافِ) جَمْعِ (الْخَمْسِ) بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إحْدَى الْخَمْسِ أَمَةً يَمْتَنِعُ نِكَاحُهَا لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَإِلَّا فُسِخَ نِكَاحُهَا فَقَطْ وَهَذَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ مَعَ حُرَّةٍ، إذْ هِيَ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْوَاحِدَةَ وَالْمُتَعَدِّدَةَ (وَ) بِخِلَافِ جَمْعِ (الْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا) كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَيُفْسَخُ جَمِيعُهُ، وَلَوْ طَالَ وَلَا إرْثَ كَمَا فِي جَمْعِ الْخَمْسِ أَيْضًا. (وَلِزَوْجِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (الْعَزْلُ) أَيْ عَدَمُ الْإِنْزَالِ فِي فَرْجِهَا (إذَا أَذِنَتْ وَسَيِّدُهَا) مَعًا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحْمِلُ وَيُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِإِذْنِهَا دُونَ السَّيِّدِ كَصَغِيرَةٍ وَآيِسٍ وَحَامِلٍ (كَالْحُرَّةِ) لِزَوْجِهَا الْعَزْلُ (إذَا أَذِنَتْ) مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً وَلَا يُعْتَبَرُ، إذْنُ وَلِيِّهَا وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِجَوَازِ عَزْلِ مَالِكِ الْأَمَةِ عَنْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْمَنِيِّ الْمُتَكَوِّنِ فِي الرَّحِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَعْنَاهُ أَوْ لَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّوْجَ يَدْفَعُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ سُقُوطِهِ أَنَّهُ لَا يَحْسُبُهُ مِنْ الثَّمَنِ الْآنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتْبَعُ بِهِ الْبَائِعَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُنَاكَ تَأْوِيلٌ آخَرُ لِابْنِ رُشْدٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنَّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ السُّقُوطِ إذَا بِيعَتْ اخْتِيَارًا بِأَنْ يَبِيعَهَا سَيِّدُهَا وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بِيعَتْ جَبْرًا عَلَى سَيِّدِهَا كَبَيْعِ السُّلْطَانِ لِفَلَسٍ فَلَمْ يَرَ بَيْعَ السُّلْطَانِ لِفَلَسٍ وَصْفًا طَرْدِيًّا كَمَا زَعَمَ أَبُو عِمْرَانَ بَلْ هُوَ قَيْدٌ مَقْصُودٌ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالتَّأْوِيلَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي كَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ لَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت فَهُمَا عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِالتَّأْوِيلِ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْعُتْبِيَّةِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُخَالَفَةِ مَعَ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَدَاقُهَا) أَيْ وَسَقَطَ صَدَاقُهَا بِبَيْعِهَا لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهَلْ وَلَوْ بِبَيْعِ حَاكِمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ) أَيْ كَانَ الْبَيْعُ صَادِرًا مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَقَوْلُهُ: وَيَتْبَعُهَا أَيْ صَدَاقُهَا (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ فِي الْأَمَةِ إنْ جَمَعَهَا مَعَ حُرَّةٍ فَقَطْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيهَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْعُقْدَةَ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا غَلَبَ جَانِبُ الْحُرْمَةِ وَبَطَلَتْ كُلُّهَا وَأَجَابَ الْمَشْهُورُ عَنْ هَذَا الِاحْتِجَاجِ بِمَا قَالَ الشَّارِحُ فَسَقَطَ حِينَئِذٍ احْتِجَاجُهُ وَمَحَلُّ فَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَقَطْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ سَيِّدَتَهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ لِلتَّبَاغُضِ وَالتَّشَاحُنِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ فَسْخُ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَقَطْ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحُ الْأَمَةِ جَائِزًا لَهُ وَإِلَّا صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ) أَيْ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا) أَيْ مِثْلَ بَيْعِ قُلَّةِ خَلٍّ وَقُلَّةِ خَمْرٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْحَرَامِ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ مِثْلُ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ الْمُصَاحِبِ لِثَوْبٍ أَوْ لِقُلَّةِ خَلٍّ. (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ) أَيْ إذَا خَشِيَ الزِّنَا وَلَمْ يَجِدْ طَوْلًا لِلْحُرَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْبَلُ إلَخْ) إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْحَرَامَيْنِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَرَامَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ بِحَالٍ فَلِذَا فَسَدَتْ الصَّفْقَةُ الَّتِي جَمَعَتْهُ مَعَ حَلَالٍ، وَالْحَرَامُ الْغَيْرُ الْمُطْلَقِ وَهُوَ مَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَلِذَا لَمْ تَبْطُلْ الصَّفْقَةُ الَّتِي جَمَعَتْهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَمْسِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَسَوَاءٌ كُنَّ كُلُّهُنَّ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءً أَوْ كَانَ بَعْضُهُنَّ أَحْرَارًا وَبَعْضُهُنَّ إمَاءً، وَقَدْ وُجِدَتْ شُرُوطُ نِكَاحِ الْإِمَاءِ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقًا أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ بَعْضِهِنَّ أَمْ لَا وَإِنَّمَا فُسِخَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْحَرَامِ بِخِلَافِ جَمْعِ الْأَمَةِ مَعَ الْحُرَّةِ فَإِنَّ الْحَرَامَ مُتَعَيِّنٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فُسِخَ نِكَاحُهَا فَقَطْ) الظَّاهِرُ فَسْخُ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْأَمَةِ فَقَطْ بَلْ مِنْ جِهَةِ جَمْعِ الْخَمْسِ الْمُحَرَّمِ بِالْإِجْمَاعِ وَمِنْ جِهَةِ الْأَمَةِ فَقَدْ جَمَعَ الْعَقْدُ بَيْنَ تَحْرِيمِ الْأَمَةِ وَتَحْرِيمِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْفَسْخِ مِمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ أَمَةٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا إرْثَ كَمَا فِي جَمْعِ الْخَمْسِ) أَيْ لَا مِيرَاثَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْفَسْخِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَسَيِّدَهَا) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ لَا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ فِي أَذِنَتْ لِعَدَمِ الْفَاصِلِ. (قَوْلُهُ: مَعًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَسَيِّدَهَا وَاوُ الْمَعِيَّةِ أَيْ مَعَ سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْأَوْلَادِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ، إذْنُ السَّيِّدِ فِي الْجَوَازِ إذَا كَانَتْ إلَخْ فَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ بِعَزْلِ الزَّوْجِ وَأَبَتْ هِيَ فَلَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِعَدَمِ الْعَزْلِ وَتَرْفَعُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ. (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ عَزْلِ مَالِكٍ الْأَمَةَ) سَوَاءٌ كَانَتْ قِنًّا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ لِأَنَّهُ

وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَإِذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ حَرُمَ إجْمَاعًا. (وَ) حَرُمَ (الْكَافِرَةُ) أَيْ وَطْؤُهَا بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ (إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ) فَيَجُوزُ نِكَاحُهَا لِلْمُسْلِمِ (بِكُرْهٍ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ (وَتَأَكَّدَ) الْكُرْهُ (بِدَارِ الْحَرْبِ) لِتَرْكِهِ وَلَدِهِ بِهَا وَخَشْيَةِ تَرْبِيَتِهَا لَهُ عَلَى دِينِهَا وَلَا تُبَالِي بِاطِّلَاعِ أَبِيهِ عَلَى ذَلِكَ (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ (يَهُودِيَّةً تَنَصَّرَتْ وَبِالْعَكْسِ) فَيَجُوزُ بِكُرْهٍ بِخِلَافِ لَوْ انْتَقَلَتْ لِلْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ (وَ) إلَّا (أَمَتَهُمْ) أَيْ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا لِمَالِكِهَا الْمُسْلِمِ (بِالْمِلْكِ) بِخِلَافِ نِكَاحِهَا فَلَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ، وَلَوْ عَبْدًا خَشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِمُسْلِمٍ (وَقُرِّرَ) الزَّوْجُ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ (إنْ أَسْلَمَ) تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَهَلْ مَعَ كَرَاهَةٍ أَوْ بِدُونِهَا تَرَدُّدٌ (وَأَنْكِحَتُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (فَاسِدَةٌ) ، وَلَوْ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَ الصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ (وَ) قُرِّرَ الزَّوْجُ إنْ أَسْلَمَ (عَلَى الْأَمَةِ) الْكِتَابِيَّةِ (وَ) عَلَى (الْمَجُوسِيَّةِ) مُطْلَقًا (إنْ عَتَقَتْ) رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ (وَأَسْلَمَتْ) رَاجِعٌ لَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ عَلَى السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ الْكَافِرَةُ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ حَرُمَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْكَافِرَةُ عَطْفٌ عَلَى أُصُولِهِ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. (قَوْلُهُ الْكِتَابِيَّةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً وَقَوْلُهُ: فَيَجُوزُ نِكَاحُهَا لِلْمُسْلِمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ) أَيْ قَوْلُهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ) إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَتُغَذِّي وَلَدَهُ بِهِمَا وَهُوَ يُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ التَّغَذِّي، وَلَوْ تَضَرَّرَ بِرَائِحَتِهِ وَلَا مِنْ الذَّهَابِ لِلْكَنِيسَةِ، وَقَدْ تَمُوتُ وَهِيَ حَامِلٌ فَتُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَهِيَ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ. (قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ أَنَّ تَزَوُّجَ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ تَزَوُّجِهَا بِدَارِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَهُودِيَّةً تَنَصَّرَتْ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ بِكُرْهٍ أَيْ هَذَا إذَا اسْتَمَرَّتْ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى دِينِهَا بَلْ وَلَوْ انْتَقَلَتْ الْيَهُودِيَّةُ لِلنَّصْرَانِيَّةِ وَبِالْعَكْسِ، وَأَمَّا لَوْ انْتَقَلَتْ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ لِلْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ حُكْمُ انْتِقَالِهَا مِنْ مَجُوسِيَّةٍ لِيَهُودِيَّةٍ أَوْ لِنَصْرَانِيَّةٍ هَلْ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَ الْبِسَاطِيُّ وَح حِلَّ نِكَاحِهَا بَعْدَ الِانْتِقَالِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَتَهُمْ) الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى مِنْ أَيْ وَإِلَّا الْأَمَةَ مِنْهُمْ أَيْ مِنْ الْكِتَابِيِّينَ لَا يُقَالُ شَرْطُهَا صِحَّةُ الْإِخْبَارِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ عَنْ الْمُضَافِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ هُنَا، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ الْكِتَابِيُّونَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَكْفِي صِحَّةُ حَمْلِ مُفْرَدِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى الْمُضَافِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى لَامِ الِاخْتِصَاصِ أَيْ وَإِلَّا الْأَمَةَ الْمُخْتَصَّةَ بِالْكِتَابِيِّينَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا عَلَى دِينِهِمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الْكِتَابِيَّاتِ مِنْ الْكُفَّارِ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهُنَّ لَا بِمِلْكٍ وَلَا بِنِكَاحٍ وَالْكِتَابِيَّاتُ يَجُوزُ وَطْءُ حَرَائِرِهِنَّ بِالنِّكَاحِ وَإِمَائِهِنَّ بِالْمِلْكِ فَقَطْ لَا بِالنِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهَا مُسْلِمًا فَكُلُّ مَنْ جَازَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَكُلُّ مَنْ مُنِعَ وَطْءُ حَرَائِرِهِمْ بِالنِّكَاحِ مُنِعَ وَطْءُ إمَائِهِمْ، وَلَوْ بِالْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ سَوَاءٌ أَسْلَمَتْ أَمْ لَا قَرُبَ إسْلَامُهَا مِنْ إسْلَامِهِ أَمْ لَا وَضَمِيرُ عَلَيْهَا لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ زَوْجَةٌ مَجُوسِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تُسْلِمْ بِالْقُرْبِ وَإِلَّا وُقِفَ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) هَذَا التَّرَدُّدُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ فَيُكْرَهُ أَوْ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فَلَا يُكْرَهُ وَالْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَ الصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ كَوْنِ الزَّوْجِ مُسْلِمًا وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ رَاشِدٍ فِيمَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ الْمَشْهُورُ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَالْقَرَافِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى التَّفْصِيلِ فَإِنْ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَ الصِّحَّةِ كَانَتْ صَحِيحَةً وَإِلَّا كَانَتْ فَاسِدَةً وَعِنْدَ الْجَهْلِ يُحْمَلُ عَلَى الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ وَكَوْنُ إسْلَامِ الزَّوْجِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً فَإِنْ قُلْت مَا فَائِدَةُ كَوْنِ أَنْكِحَتِهِمْ فَاسِدَةً مُطْلَقًا أَوْ مَا لَمْ تُسْتَوْفَ الشُّرُوطُ مَعَ أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَيُقَرُّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ أَسْلَمَا مَعًا؟ قُلْت: فَائِدَةُ ذَلِكَ الْخِلَافِ أَنَّهُ إنْ قُلْنَا بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ مُطْلَقًا لَا يَجُوزُ لَنَا تَوْلِيَتُهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّفْصِيلِ فَيَجُوزُ لَنَا تَوْلِيَتُهَا إنْ كَانَتْ مُسْتَوْفِيَةً لِشُرُوطِ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ) أَيْ الْمُتَزَوَّجِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَجُوسِيَّةِ) أَيْ الْمُتَزَوَّجِ بِهَا وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ) أَيْ إنْ عَتَقَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَحِينَئِذٍ فَتَصِيرُ حُرَّةً كِتَابِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ إسْلَامِهَا فَإِنْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ صَارَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ

وَتَصِيرُ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ شُرُوطِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ (وَلَمْ يَبْعُدْ) إسْلَامُهَا مِنْ إسْلَامِهِ (كَالشَّهْرِ) مِثَالٌ لِلنَّفْيِ فَهُوَ مِثَالٌ لِلْقُرْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْمَعْنَى وَقَرُبَ كَالشَّهْرِ، وَأَمَّا عِتْقُهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا وَلَا يَجْرِي فِيهِ التَّأْوِيلَانِ (وَهَلْ) إقْرَارُهُ عَلَيْهَا حَيْثُ أَسْلَمَتْ وَقَرُبَ كَالشَّهْرِ (إنْ غُفِلَ) عَنْ إيقَافِهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ حَتَّى أَسْلَمَتْ بِنَفْسِهَا أَمَّا لَوْ وُقِفَتْ وَقْتَ إسْلَامٍ فَأَبَتْ الْإِسْلَامَ يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ (وَ) يُقَرُّ عَلَيْهَا إنْ قَرُبَ إسْلَامُهَا كَالشَّهْرِ (مُطْلَقًا) غُفِلَ عَنْهَا أَوْ لَا (تَأْوِيلَانِ وَلَا نَفَقَةَ) عَلَى الزَّوْجِ فِيمَا بَيْنَ إسْلَامَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا بِتَأْخِيرِهَا الْإِسْلَامَ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا (أَوْ أَسْلَمَتْ) هِيَ أَوَّلًا (ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا) أَيْ زَمَنِ اسْتِبْرَائِهَا مِنْهُ وَهُوَ كَافِرٌ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا (وَلَوْ) كَانَ (طَلَّقَهَا) حَالَ كُفْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ عَتَقَتْ فَقَطْ صَارَتْ حُرَّةً كِتَابِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ صَارَتْ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ حُرٍّ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شُرُوطَ تَزَوُّجِ الْأَمَةِ تُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَالْمَدَارُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ عَلَى إسْلَامِهَا عَتَقَتْ أَمْ لَا فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَعَتَقَتْ صَارَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً تَحْتَ حُرٍّ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَقَطْ صَارَتْ أَمَةً مُسْلِمَةً مُتَزَوِّجَةً بِمُسْلِمٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَعَلِمْت مِمَّا قُلْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: إنْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ لَيْسَ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا بَلْ قَوْلُهُ: وَأَسْلَمَتْ رَاجِعٌ لَهُمَا. تَأَمَّلْ، وَمَفْهُومُ أَسْلَمَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجُوسِيَّةِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُسْلِمْ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَقَرَّ عَلَيْهَا مَا دَامَ صَبِيًّا فَإِذَا بَلَغَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَتَصِيرُ أَمَةً إلَخْ) أَيْ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ أَوْ الْمَجُوسِيَّةُ إذَا أَسْلَمَتْ فَقَطْ أَمَةً مُسْلِمَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبْعُدْ إسْلَامُهَا مِنْ إسْلَامِهِ) الْأَوْلَى كَمَا قَالَ بْن وَلَمْ يَبْعُدْ مَا ذُكِرَ مِنْ عِتْقِهَا وَإِسْلَامِهَا مِنْ إسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِأَجَلٍ أَوْ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ نَاجِزًا كَوْنَهُ بِفَوْرِ إسْلَامِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّرْحِ، وَلِذَا قَالَ بْن وَاحْتُرِزَ بِالْعِتْقِ النَّاجِزِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ لِبَقَائِهَا فِيهِمَا عَلَى الرِّقِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَقَوْلُهُ: وَلَا يَجْرِي فِيهِ أَيْ فِي الْعِتْقِ التَّأْوِيلَانِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ لَا يَبْعُدُ جَرَيَانُهُمَا فِي الْعِتْقِ أَيْضًا كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُعْرَضُ عَلَى السَّيِّدِ هَلْ يَعْتِقُ أَمَتَهُ أَمْ لَا وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ أَيْضًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَالشَّهْرِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا دُونَ الشَّهْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ غَفَلَ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ أَسْلَمَ مَجُوسِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَإِنْ أَبَتْهُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً مَا لَمْ يَبْعُدْ بَيْنَ إسْلَامِهِمَا وَلَمْ يُحَدَّ فِي الْبُعْدِ حَدًّا وَأَرَى الشَّهْرَ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلًا لَيْسَ بِكَثِيرٍ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ ابْنُ يُونُسَ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَحُدَّ فِي الْبُعْدِ إلَخْ ابْنُ يُونُسَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ شَهْرَانِ قَالَهُ ابْنُ اللَّبَّادِ وَذَلِكَ أَيْ كَوْنُ الشَّهْرَيْنِ بُعْدًا وَمَا دُونَهُمَا يَسِيرٌ إذَا غَفَلَ عَنْهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ حَتَّى أَسْلَمَتْ بِنَفْسِهَا وَلَمْ تَقِفْ أَمَّا لَوْ وُقِفَتْ وَقْتَ إسْلَامِهِ فَتَوَقَّفَتْ لِتَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا فَلَا يُقِرُّ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا دُونَ الشَّهْرَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَيْهَا إذَا عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ حِينَ إسْلَامِهِ فَأَبَتْهُ وَلَمْ تُسْلِمْ أَصْلًا وَحَمَلَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ كَوْنِهَا غَفَلَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يَغْفُلْ عَنْهَا بَلْ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَتَوَقَّفَتْ لِتَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا أَوْ أَبَتْهُ فَقَالَ الْمَعْرُوفُ إذَا وَقَفَتْ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَهُ فَأَسْلَمَتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ عِيَاضٌ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا تُوقَفُ لِتَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا دُونَ الشَّهْرَيْنِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ إبَائِهَا خِلَافُ مَا تَأَوَّلَهُ الْقَرَوِيُّونَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ شَهْرٍ تَكُونُ زَوْجَةً إذَا غَفَلَ عَنْهَا، وَأَمَّا إذَا عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَأَبَتْ أَوْ تَوَقَّفَتْ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا تُوقَفُ لِتَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا فَعَلَى مَا تَأَوَّلَهُ الْقَرَوِيُّونَ يَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ أَيْ إذَا أَبَتْ الْإِسْلَامَ حِينَ إسْلَامِهِ، ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا تُوقَفُ لِتَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا وِفَاقًا لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا تَكُونُ زَوْجَةً إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ شَهْرٍ إذَا غَفَلَ عَنْهَا اهـ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ فَتَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهَا تَكُونُ زَوْجَةً إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ شَهْرٍ، وَلَوْ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَبَتْهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا) أَيْ وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا) الضَّمِيرُ فِي أَسْلَمَتْ لِلزَّوْجَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا تَقَدَّمَ إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلَى إسْلَامِهَا وَهَذِهِ تَقَدَّمَ إسْلَامُهَا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ وَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا حَيْثُ جُعِلَ الْأَجَلُ فِيهَا كَالشَّهْرِ وَفِي هَذِهِ تَمَامُ الْعِدَّةِ أَنَّهُ هُنَا لَمَّا سَبَقَ إسْلَامُهَا اُعْتُبِرَ أَجَلُهَا الشَّرْعِيُّ وَهُوَ الْعِدَّةُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ عِدَّةٌ أُجِّلَ إسْلَامُهُ بِالْقُرْبِ عَادَةً وَحُمِلَ عَلَى كَالشَّهْرِ. (قَوْلُهُ: أَيْ زَمَنِ اسْتِبْرَائِهَا)

بَعْدَ إسْلَامِهَا وَالْبِنَاءِ بِهَا، إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكُفْرِ فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ بَانَتْ مِنْهُ (وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا عَلَيْهِ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَ إسْلَامَيْهِمَا (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ) مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَهَا النَّفَقَةُ وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ اتِّفَاقًا (وَ) إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ. (قَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ مَكَانَهَا) لِعَدَمِ الْعِدَّةِ وَلَا تُحَلَّلُ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَقِبَ إسْلَامِهَا وَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ، وَقَدْ قَالَ فِيمَا مَرَّ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ (أَوْ أَسْلَمَا) مَعًا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِالْمَعِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ بِأَنْ جَاءَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ أَيْ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِمَا إلَّا وَهُمَا مُسْلِمَانِ، وَلَوْ تَرَتَّبَ إسْلَامُهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعَ فِيهِمَا إذَا تَرَتَّبَ إسْلَامُهُمَا مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّا إذَا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِمَا إلَّا وَهُمَا مُسْلِمَانِ فَكَأَنَّ إسْلَامَهُمَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا حَالَ الِاطِّلَاعِ فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (إلَّا الْمَحْرَمَ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِحَالٍ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوَطْءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَأُمًّا وَابْنَتَهَا (وَ) إلَّا إنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ وَأَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا. (قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَ) قَبْلَ انْقِضَاءِ (الْأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ) أَيْ لِلْأَجَلِ بِأَنْ قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا نَتَمَادَى إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فَإِنْ قَالَا مَعًا نَتَمَادَى عَلَيْهِ أَبَدًا أُقِرَّا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلُ أَنَّهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَسَّرَ الْعِدَّةَ بِالِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مَائِهِ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ وَالْعِدَّةُ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ إسْلَامِهَا) وَأَوْلَى لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ إسْلَامِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْبِنَاءِ بِهَا) أَيْ وَبَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا وَإِلَّا بَانَتْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهَا، وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إذْ لَا عِبْرَةَ بِطَلَاقِ الْكُفْرِ) أَيْ لِأَنَّ لُزُومَ الطَّلَاقِ فَرْعٌ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ) أَيْ مُدَّةَ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَشَارَ بِالْأَحْسَنِ لِقَوْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا بِإِسْلَامِهَا وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَجْهُ كَوْنِ الْمَنْعِ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا أَنَّ الزَّوْجَ يَقُولُ أَنَا عَلَى دِينِي لَمْ أَنْتَقِلْ عَنْهُ وَهِيَ فَعَلَتْ مَا أَوْجَبَ الْحَيْلُولَةَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا بَيْنَ إسْلَامِهَا نَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا تُوهِمُ أَنَّ الْقَوْلَ بِثُبُوتِ النَّفَقَةِ مَشْرُوطٌ بِإِسْلَامِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي النَّفَقَةِ مَوْجُودَانِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَلَيْسَ كَمَا يُعْطِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُمَا مَقْصُورَانِ عَلَى مَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا اهـ بْن إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ مُدَّةَ عِدَّتِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ. (قَوْلُهُ: بَانَتْ مَكَانَهَا) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ بَانَتْ مَكَانَهَا حَكَى ابْنُ يُونُسَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَظَاهِرُهُ قَرُبَ إسْلَامُهُ مِنْ إسْلَامِهَا أَوْ بَعُدَ وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيُّ فِيمَا إذَا قَرُبَ إسْلَامُهُ قَوْلَيْنِ هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى هَذَا فَالِاتِّفَاقُ مَعَ الطُّولِ اهـ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَانَتْ أَيْ اتِّفَاقًا مَعَ الطُّولِ وَعَلَى الرَّاجِحِ مَعَ الْقُرْبِ. وَقَوْلُنَا: إنَّهُ الرَّاجِحُ مَعَ الْقُرْبِ لِحِكَايَةِ ابْنِ يُونُسَ الِاتِّفَاقَ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الِاتِّفَاقُ فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَشْهُورَ وَأَيْضًا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ) نَائِبُ فَاعِلِ يُرَاعَ مَا تَقَدَّمَ هُوَ أَنَّهُ إنْ أَسْلَمَ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ أُقِرَّ عَلَيْهَا إنْ قَرُبَ كَالشَّهْرِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ أُقِرَّ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ إسْلَامُهُ قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُرَاعَى حَيْثُ عَلِمْنَا إسْلَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُحَرَّمَ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَأُقِرَّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ أَسْلَمَا مَعًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يُقَرُّ عَلَى زَوْجَتِهِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ مَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ فِي الْإِسْلَامِ، كَمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى عَمَّتِهِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُقِرُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوَطْءِ) فَلَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ إلَّا بِنِكَاحِ الْأُمِّ وَلَا تَحْرُمُ الْأُمُّ إلَّا بِنِكَاحِ الْبِنْتِ فَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى امْرَأَةٍ أُقِرَّ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَكُنْ نَكَحَ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا، وَكَذَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ وَلَا عَلَى ابْنِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي وَأُمًّا وَابْنَتَهَا) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَحَرُمَتَا عَلَيْهِ إنْ مَسَّهُمَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ وَإِلَّا نِكَاحًا فِي الْعِدَّةِ أَسْلَمَا فِيهِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا حَصَلَ دُخُولٌ أَوْ لَا فَلَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ يُؤَدِّي لِسَقْيِ زَرْعِ غَيْرِهِ بِمَائِهِ فَكَلَامُهُ يَشْمَلُ إسْلَامَهُمَا وَإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا لَكِنْ إنْ وَقَعَ وَطْءٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ تَأَبَّدَ التَّحْرِيمُ هَذَا حَاصِلُ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِرَاقَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا تَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِحُصُولِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ نَتَمَادَى لِذَلِكَ الْأَجَلِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا يُقَرَّانِ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ وَيُفْسَخُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا عَلَيْهِ فِيهِ إجَازَةٌ لِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَا مَعًا نَتَمَادَى عَلَيْهِ أَبَدًا) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُمَا أَسْلَمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَقَوْلُهُ: أُقِرَّا عَلَيْهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ حِينَئِذٍ نِكَاحَ مُتْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَالَا ذَلِكَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا

إنْ أَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا أُقِرَّا وَبَالَغَ عَلَى بَقَاءِ نِكَاحِهِمَا فِي قَوْلِهِ وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَقَوْلِهِ أَوْ أَسْلَمَا بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ (طَلَّقَهَا ثَلَاثًا) حَالَ كُفْرِهِ وَأَعَادَهُ، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ ثَلَاثًا وَلِقَوْلِهِ (وَعَقَدَ) عَلَيْهَا عَقْدًا جَدِيدًا (إنْ أَبَانَهَا) أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ حَوْزِهِ وَفَارَقَهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ طَلَاقٌ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ إخْرَاجَهَا فِرَاقٌ (بِلَا مُحَلِّلٍ) ، إذْ مَا وَقَعَ مِنْهُ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ حَالَ الْكُفْرِ لَا يُعْتَبَرُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الطَّلَاقِ شَرْطُهَا الْإِسْلَامُ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِعَقْدٍ لِأَجْلِ إخْرَاجِهَا مِنْ حَوْزِهِ وَاعْتِقَادِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِرَاقٌ عِنْدَهُمْ (وَفُسِخَ لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا بِلَا طَلَاقٍ) فِيمَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا مِمَّا سَبَقَ (لَا رِدَّتُهُ) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَلَيْسَ فَسْخًا مُجَرَّدًا بَلْ هُوَ طَلَاقٌ وَإِذَا كَانَتْ طَلْقَةٌ (فَبَائِنَةٌ) لَا رَجْعِيَّةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ تَقْصِدْ الْمَرْأَةُ بِرِدَّتِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَسِخْ. (وَلَوْ) ارْتَدَّ الزَّوْجُ (لِدِينِ زَوْجَتِهِ) الْكِتَابِيَّةِ فَيُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا، إذْ سَبَبُ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ اسْتِيلَاءُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَلَا اسْتِيلَاءَ هُنَا وَعَلَيْهِ فَلَا تَحْرُمُ إذَا تَابَ وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (وَفِي) (لُزُومِ) الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا) أَيْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْكَافِرَةَ ثَلَاثًا (وَتَرَافَعَا إلَيْنَا) وَعَلَيْهِ إنْ أَسْلَمَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُحَلِّلٍ بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى تَحِلَّ لَهُ (أَوْ) مَحَلُّ لُزُومِ الثَّلَاثِ (إنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ) بِأَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فِيهِ لَمْ نُلْزِمْهُ شَيْئًا أَيْ نَحْكُمْ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (أَوْ) نُلْزِمْهُ (بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِطَلَاقٍ وَلَا عَدَمِهِ فَتَحِلُّ لَهُ بِلَا مُحَلِّلٍ إنْ أَسْلَمَ (أَوْ لَا) نُلْزِمُهُ شَيْئًا وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ (تَأْوِيلَاتٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا وَهُوَ مَا لح وخش وَارْتَضَى بْن مَا لِابْنِ رَحَّالٍ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا قَالَا ذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أُقِرَّا، وَإِنْ قَالَا ذَلِكَ بَعْدَهُ فُسِخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَمَّا قَارَنَ الْمُفْسِدَ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَا ذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ قَالَ بْن وَلَا دَلِيلَ لح فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ فَانْظُرْهُ، وَإِنْ أَسْلَمَا بَعْدَ الْأَجَلِ وَلَمْ يُسْقِطَاهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُقَرَّانِ عَلَى مَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ نِكَاحٌ سَوَاءٌ كَانَ فَاسِدًا أَوْ لَا بِخِلَافِ إسْقَاطِهِمَا لَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَيُعْتَبَرُ، وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا أُقِرَّا) ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ لَوْ أَسْلَمَا عَلَى نِكَاحٍ عَقَدَاهُ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ إذَا أَسْلَمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ وَطِئَ فِيهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا) نَبَّهَ بِلَوْ عَلَى خِلَافِ الْمُغِيرَةِ مِنْ اعْتِبَارِ طَلَاقِهِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إذَا أَسْلَمَ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَخْرَجَهَا مِنْ حَوْزِهِ) وَأَمَّا إذَا لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ حَوْزِهِ وَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا وَلَا حَاجَةَ لِلْعَقْدِ، وَلَوْ لَفَظَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ حَالَ الْكُفْرِ. (قَوْلُهُ: بِلَا طَلَاقٍ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا) أَيْ لِأَجْلِ مَانِعٍ مِنْ الْمَوَانِعِ كَكَوْنِهَا مَجُوسِيَّةً وَأَبَتْ الْإِسْلَامَ أَوْ كَانَتْ أَمَةً وَلَمْ تُسْلِمْ وَلَمْ تُعْتَقْ أَوْ كَانَتْ مِنْ مَحَارِمِهِ وَأَتَى الشَّارِحُ بِهَذَا لِإِصْلَاحِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ مَتَى أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فُسِخَ النِّكَاحُ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا فَيُعَارِضُ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ) أَيْ الِارْتِدَادُ نَفْسُهُ يَكُونُ طَلَاقًا. (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَتْ) أَيْ الرِّدَّةُ. (قَوْلُهُ: لَا رَجْعِيَّةٌ) أَيْ خِلَافًا لِلْمَخْزُومِيِّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ عَدَمُ رَجْعَتِهَا إنْ تَابَ فِي الْعِدَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَقِيلَ إنَّ الرِّدَّةَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ أَبِي أَوَيْسً وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا تَابَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا وَجَدَّدَ الزَّوْجُ عَقْدَهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ، وَكَذَا عَلَى مَا قَالَ الْمَخْزُومِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ) أَيْ الِارْتِدَادُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرِّدَّةَ طَلَاقٌ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَسْخٌ فَلَا شَيْءَ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَنْفَسِخْ) مُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ح وَالْقَلْشَانِيُّ قَائِلًا أَقَامَ الْأَشْيَاخُ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ بِذَلِكَ فَسْخَ النِّكَاحِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا وَتَبْقَى عَلَى عِصْمَتِهِ ابْنُ يُونُسَ وَأَخَذَ بِهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَالَ وَهُوَ كَاشْتِرَائِهَا زَوْجَهَا بِقَصْدِ فَسْخِ نِكَاحِهَا وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا صَدَّرَ بِهِ تت فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا يَسْلَمُ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَصَدَتْ الْمَرْأَةُ بِالرِّدَّةِ فَسْخَ النِّكَاحِ، وَأَمَّا إذَا قَصَدَ بِهَا الزَّوْجُ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ) أَيْ الْمُسْلِمُ لِدِينِ زَوْجَتِهِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ نَصْرَانِيَّةً أَوْ يَهُودِيَّةً، ثُمَّ ارْتَدَّ لِدِينِهَا. (قَوْلُهُ: وَتَرَافَعَا إلَيْنَا) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ. (قَوْلُهُ: بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا) بِأَنْ يُقَالَ: أَلْزَمْنَاكَ بِمُفَارَقَتِهَا وَأَنَّك لَا تُقِرُّ بِهَا وَلَا يُقَالُ أَلْزَمْنَاك طَلْقَةً أَوْ ثَلَاثًا. (قَوْلُهُ: فَتَحِلُّ لَهُ بِلَا مُحَلِّلٍ إلَخْ) فَالطَّلَاقُ فِي الْمَعْنَى وَاحِدَةٌ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مُحَلِّلٍ فَهَذَا الْفِرَاقُ فِي الْمَعْنَى طَلَاقٌ ثَلَاثٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَائِلِينَ يَلْزَمُهُمْ الْفِرَاقُ مُجْمَلًا اخْتَلَفُوا هَلْ تَحِلُّ بِلَا مُحَلِّلٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مُحَلِّلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ) أَيْ بَلْ نَطْرُدُهُمْ وَلَا نَسْمَعُ دَعْوَاهُمْ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ) أَيْ أَرْبَعٌ: الْأَوَّلُ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّالِثُ لِلْقَابِسِيِّ وَالرَّابِعُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَاسْتَظْهَرَهُ عِيَاضٌ فَيَظْهَرُ رُجْحَانُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَقَالُوا لَنَا: اُحْكُمُوا بَيْنَنَا بِحُكْمِ

(وَمَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ) كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ (أَوْ الْإِسْقَاطُ) لَهُ (إنْ قَبَضَ) الْفَاسِدَ (وَدَخَلَ) فِي الْفَاسِدِ وَفِي الْإِسْقَاطِ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَيَمْضِي وَيُقَرَّانِ إذَا أَسْلَمَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُكِّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا وَقَبَضَتْ صَدَاقَهَا فِي الْأَوَّلِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهَا قَبْضُهُ فِي زَعْمِهَا وَمُكِّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فِي الثَّانِي فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ لَهَا فِي زَعْمِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْبِضْ وَلَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ وَدَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقَبَضَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الْإِسْقَاطِ فَقَدْ دَخَلَ تَحْتَ وَإِلَّا أَرْبَعُ صُوَرٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْفَاسِدِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْإِسْقَاطِ (فَكَالتَّفْوِيضِ) فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَيَلْزَمَهَا النِّكَاحُ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَدْفَعَهُ فَتَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَرْضَ بِمَا فَرَضَ وَهَذَا فِيمَا عَدَا الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ مَا إذَا دَخَلَ وَلَمْ تَقْبِضْ فَيَلْزَمْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِدُخُولِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّلَاثِ بَيْنَ أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَيَلْزَمَهَا وَبَيْنَ أَنْ لَا يَفْرِضَهُ فَتُخَيَّرُ الزَّوْجَةُ فِي الْفِرَاقِ وَالرِّضَا بِمَا فُرِضَ فَيَلْزَمُ النِّكَاحُ (وَهَلْ) مَحَلُّ مُضِيِّ صَدَاقِهِمْ الْفَاسِدِ (إنْ اسْتَحَلُّوهُ) أَيْ اسْتَحَلُّوا النِّكَاحَ بِهِ فِي دِينِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلُّوهُ لَمْ يَمْضِ أَوْ يَمْضِي مُطْلَقًا فَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَمُضِيِّ صَدَاقِهِمْ الْفَاسِدِ وَلَا يُرْجَعُ لِقَوْلِهِ أَوْ الْإِسْقَاطُ وَرَجَّعَهُ بَعْضُهُمْ لِلصُّورَتَيْنِ مَعًا (تَأْوِيلَانِ وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ) أَيْ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ (أَرْبَعًا) مِنْهُنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْلَامِ أَوْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ " فِي " وَ " عَلَى " عَلَى الصَّوَابِ أَوْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ، وَأَمَّا لَوْ قَالُوا: اُحْكُمُوا بَيْنَنَا بِحُكْمِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي طَلَاقِ الْكُفْرِ أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عِنْدَكُمْ حُكِمَ بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ قَالُوا: اُحْكُمُوا بَيْنَنَا بِحُكْمِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حُكِمَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَمَنَعَهُ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، وَلَوْ قَالُوا: اُحْكُمُوا بَيْنَنَا بِمَا يَجِبُ فِي دِينِنَا أَوْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ فَإِنَّنَا نَطْرُدُهُمْ وَلَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ هُوَ مِمَّا غُيِّرَ أَمْ لَا وَعَلَيْهِ هَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ فَالْقُرْآنُ أَمْ لَا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ أَوْ الْإِسْقَاطُ إنْ قَبَضَ وَدَخَلَ) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى: إذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ كَافِرَةً بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ عِنْدَنَا كَخَمْرٍ وَنَحْوَهُ وَهَذِهِ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: تَارَةً تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الْفَاسِدَ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ يُسْلِمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُكِّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا وَقَبَضَتْ الصَّدَاقَ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهَا فِيهِ قَبْضُهُ فِي زَعْمِهَا وَتَارَةً لَا تَقْبِضُ الصَّدَاقَ الْمَذْكُورَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَالْحُكْمُ فِيهِ إنْ دَفَعَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا شَيْئًا أَصْلًا وَقَعَ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِهِ. وَتَارَةً تَقْبِضُ الصَّدَاقَ الْفَاسِدَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَإِنْ دَفَعَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ أَبَى وَقَعَ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ. وَتَارَةً يَدْخُلُ بِهَا الزَّوْجُ وَلَا تَقْبِضُ ذَلِكَ الصَّدَاقَ الْفَاسِدَ حَتَّى أَسْلَمَا فَيُقْضَى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِلدُّخُولِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا إذَا تَزَوَّجَ كَافِرٌ بِكَافِرَةٍ عَلَى إسْقَاطٍ وَهَذِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَبْلَ إسْلَامِهِمَا وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَلَا شَيْءَ لَهَا. الْقَسَمُ الثَّانِي: إذَا أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَ النِّكَاحُ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا أَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِهِ وَلَا يَلْزَمْهُ أَنْ يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ كَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ) مَا ذَكَره فِيمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَقَبَضَ مِنْ أَنَّهُ كَالتَّفْوِيضِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا إنْ قَبَضَتْهُ مَضَى وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُهُ بَنَى أَوْ لَمْ يَبْنِ وَنُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ قَوْلَ الْغَيْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمِثْلُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهَلْ مَحَلُّ مُضِيِّ صَدَاقِهِمْ الْفَاسِدِ) أَيْ إذَا قَبَضَتْهُ وَدَخَلَ بِهَا، ثُمَّ أَسْلَمَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْضِ) أَيْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا دَخَلُوا عَلَى الزِّنَا لَا عَلَى النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَمْضِي مُطْلَقًا) أَيْ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّعَهُ بَعْضُهُمْ لِلصُّورَتَيْنِ) كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ صَرِيحٌ فِي الرُّجُوعِ لَهُمَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ نَكَحَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيَّةً بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَشَرَطَا ذَلِكَ وَهُوَ يَسْتَحِلُّونَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَبَتَ النِّكَاحُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَوْنَهُمَا يَسْتَحِلَّانِ النِّكَاحَ بِذَلِكَ فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودٌ وَرَأْيُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ اهـ. قُلْت رَدُّ الشَّرْطِ لِلنِّكَاحِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَعِيدٌ لِشُهْرَةِ تَمَوُّلِهِمْ إيَّاهُمَا بَلْ ظَاهِرُهُ رَدُّهُ لِلنِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ إسْلَامِهِ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا وَقَوْلُهُ: الْمُسْلِمُ أَيْ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَخْتَارُهُ لَهُ وَلِيُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ اخْتَارَ لَهُ الْحُكْمُ سُلْطَانًا أَوْ قَاضِيًا وَقَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا، أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي حَالِ اخْتِيَارِهِ مَرِيضًا أَوْ مُحْرِمًا، وَلَوْ كَانَتْ الْمُخْتَارَةُ أَمَةً وَهُوَ وَاجِدٌ لِطَوْلِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَرَجْعَةٍ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْإِنْسَانُ أَمَةً

إنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ بَنَى بِهِنَّ أَوْ بِبَعْضِهِنَّ أَوْ لَا كَانَتْ الْأَرْبَعُ هِيَ الْأَوَاخِرُ أَوْ لَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كُنَّ (أَوَاخِرَ) ، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا مِنْهُنَّ. (وَ) اخْتَارَ (إحْدَى أُخْتَيْنِ) وَنَحْوَهُمَا مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ إذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا (مُطْلَقًا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَانَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَا (وَ) اخْتَارَ (أُمًّا وَابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُمَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ يَخْتَارُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأُمٍّ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أُخْتَيْنِ فَالْوَاوُ عَلَى بَابِهَا (وَإِنْ مَسَّهُمَا) أَيْ تَلَذَّذَ بِهِمَا (حَرُمَتَا) أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ (وَ) إنْ مَسَّ (إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ) أَيْ لِلْبَقَاءِ إنْ شَاءَ أَيْ إنْ أَرَادَ إبْقَاءَ وَاحِدَةٍ تَعَيَّنَتْ الْمَمْسُوسَةُ لِلْبَقَاءِ وَحَرُمَتْ الْأُخْرَى أَبَدًا (وَلَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا (أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا) يَتَبَادَرُ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِمَا وَعَلَيْهِ فَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ إنْ كَانَ الْفِرَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْعَقْدُ وَعَقْدُ الْكُفْرِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلِلتَّحْرِيمِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ مُطْلَقًا أَوْ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَعَلَيْهِ فَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ إنْ كَانَتْ الَّتِي فَارَقَهَا مَسَّهَا؛ لِأَنَّ مَسَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ فَتَحْرُمُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ) أَيْ يُعَدُّ مُخْتَارًا بِسَبَبِ طَلَاقٍ، إذْ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً كَانَ لَهُ مِنْ الْبَوَاقِي ثَلَاثٌ، وَإِنْ طَلَّقَ أَرْبَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ كَأَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً (أَوْ ظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ (أَوْ إيلَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الزَّوْجَةِ (أَوْ وَطْءٍ) فَمَتَى وَطِئَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَاحِدَةً أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا مِمَّنْ أَسْلَمْنَ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ عُدَّ مُخْتَارًا لَهَا فَإِنْ وَطِئَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَوَّلِ (وَ) اخْتَارَ (الْغَيْرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشَرْطِهِ وَطَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا كَانَ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا، وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحُرَّةِ وَقَوْلُهُ: أَرْبَعًا أَيْ وَإِنْ مُتْنَ وَفَائِدَتُهُ الْإِرْثُ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا أَيْ وَفَارَقَ الْبَاقِيَ وَالْفُرْقَةُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ) أَيْ وَكُنَّ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مَجُوسِيَّاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَيْ وَبَقِينَ عَلَى دِينِهِنَّ وَلَمْ يُسْلِمْنَ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنَّ أَوَاخِرَ) أَيْ فِي الْعَقْدِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِتَعَيُّنِ الْأَوَائِلِ دُونَ الْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ) أَيْ غَيْرَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا لِذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا بَعْدُ وَذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا. (قَوْلُهُ: كَانَا أَيْ مُحَرَّمَتَا الْجَمْعِ) أَيْ كَانَ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلِمَتْ الْأُولَى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا جَمَعَهُمَا بِعَقْدَيْنِ وَعَلِمَتْ الْأُولَى فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ فَهُوَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا فِي الْفَاسِدِ كَمَا هُنَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَمَسَّهُمَا) أَيْ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا عَقَدَ عَلَيْهِمَا فِيهِ عَقْدًا وَاحِدًا وَعَقْدَيْنِ وَأَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ كَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ) أَيْ وَإِلَّا لَوْ كَانَ لَهُ أَثَرٌ لَحَرُمَتْ الْأُمُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتَ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ مَسَّ الْبِنْتَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَتْ الْأُخْرَى أَبَدًا) فَإِنْ كَانَتْ الْمَمْسُوسَةُ الْبِنْتَ تَعَيَّنَ بَقَاؤُهَا وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَمْسُوسَةُ الْأُمَّ تَعَيَّنَ بَقَاؤُهَا وَحَرُمَتْ الْبِنْتُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ إبْقَاءُ الْأُمِّ وَمَسُّهَا كَلَامِسٍ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَيْ ابْنُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا) الْحَقُّ كَمَا كَتَبَ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ وَانْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ بْن آخِرًا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْأُمِّ وَابْنَتِهَا وَأَنَّهُ إذَا كَانَ الْفِرَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالنَّهْيُ لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ فَقَطْ لِوُجُودِ الْعَقْدِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ عَقْدُ الْكُفْرِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ كَانَ الْفِرَاقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: فَلِلتَّحْرِيمِ) أَيْ لِأَنَّ الْوَطْءَ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ) نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الِاخْتِيَارِ أَنْ يَكُونَ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ كَاخْتَرْتُ فُلَانَةَ بَلْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُعَدُّ مُخْتَارًا بِسَبَبِ طَلَاقٍ) فَإِذَا طَلَّقَ بَعْدَ إسْلَامِهِ إحْدَى الزَّوْجَاتِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ بِطَلَاقِهِ مُخْتَارًا لَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُمَكَّنُ مِنْهَا أَوْ لَا فَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ بَائِنًا لِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا بِحَسْبِ الْأَصْلِ لَكِنْ صَحَّحَهُ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ رَجْعِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ بَالِغِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إيلَاءٍ) وَهَلْ هُوَ اخْتِيَارٌ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَرَجَّعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ إنَّمَا هُوَ اخْتِيَارٌ إنْ وُقِّتَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَّا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ أَوْ قُيِّدَ بِمَحَلٍّ كَلَا أَطَؤُك إلَّا فِي بَلَدِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا يُعَدُّ اخْتِيَارًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ مِنْ الرَّجُلِ فَقَطْ يُعَدُّ اخْتِيَارًا وَمِنْ الْمَرْأَةِ لَا يُعَدُّ اخْتِيَارًا، وَأَمَّا لِعَانُهُمَا مَعًا فَيَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا. (قَوْلُهُ: أَوْ وَطْءٍ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَا يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ أَوْ يُوجِبُ خَلَلًا فِيهَا يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِيَارُ فَأَوْلَى الْوَطْءُ الْمُتَرَتِّبُ اعْتِبَارُهُ عَلَى وُجُودِهَا. (قَوْلُهُ: عُدَّ مُخْتَارًا لَهَا) أَيْ سَوَاءٌ نَوَى بِذَلِكَ الْوَطْءِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ فَظَاهِرٌ وَإِذَا لَمْ يَنْوِهِ لَوْ لَمْ نَصْرِفْهُ لِجَانِبِ الِاخْتِيَارِ لَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ

أَيْ غَيْرَ الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا (إنْ فَسَخَ) الزَّوْجُ (نِكَاحَهَا) أَيْ يَخْتَارُ غَيْرَ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا أَيْ إذَا قَالَ مَنْ أَسْلَمَ فَسَخْتُ نِكَاحَ فُلَانَةَ فَفَسْخُهُ يُعَدُّ فِرَاقًا وَيَخْتَارُ أَرْبَعًا غَيْرَهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ أَنَّ الْفَسْخَ يَكُونُ فِي الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الزَّوْجَةِ مِنْ الصَّحِيحِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ وَغَيْرُ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ (أَوْ) اخْتَارَ الْغَيْرَ إنْ (ظَهَرَ أَنَّهُنَّ) أَيْ الْمُخْتَارَاتِ (أَخَوَاتٌ) وَنَحْوُهُنَّ مِنْ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ فَيَخْتَارُ غَيْرَهُنَّ، وَكَذَا لَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ كَأَخَوَاتٍ لَكَانَ أَحْسَنَ (مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ) أَيْ الْغَيْرُ أَيْ غَيْرُ الْمُخْتَارَاتِ وَجَمَعَ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ وَيَتَلَذَّذُ الثَّانِي بِهِنَّ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ مَنْ فَارَقَهَا لَهُ اخْتِيَارُهَا لِظُهُورِ أَنَّ مَنْ اخْتَارَهُنَّ أَخَوَاتٌ قِيَاسًا عَلَى ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ عَالِمًا بِمَا ذُكِرَ فَلَا يَفُوتُ اخْتِيَارُهُ لَهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ كَأَخَوَاتٍ وَبَاقِي الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ مَا لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهِنَّ زَوْجٌ غَيْرُ عَالِمٍ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ (وَلَا شَيْءَ) مِنْ الصَّدَاقِ (لِغَيْرِهِنَّ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُخْتَارَاتِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ) أَيْ بِالْغَيْرِ فَإِنْ دَخَلَ فَلَهَا صَدَاقُهَا فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا أَصْلًا مِنْ كَالْعَشَرَةِ بِأَنْ فَارَقَهُنَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَزِمَهُ لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ غَيْرِ مُعَيَّنَاتٍ صَدَاقَانِ، إذْ فِي عِصْمَتِهِ شَرْعًا أَرْبَعٌ وَإِذَا قُسِمَ اثْنَانِ عَلَى عَشْرَةٍ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خُمُسُ صَدَاقِهَا (كَاخْتِيَارِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَصْلِيًّا أَوْ كَافِرًا، ثُمَّ أَسْلَمَ (وَاحِدَةً) كَائِنَةً (مِنْ أَرْبَعٍ رَضِيعَاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِجَانِبِ الزِّنَا وَالنَّبِيُّ يَقُولُ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» كَذَا قَرَّرَ عبق. (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرَ الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْعِوَضَ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إنْ فُسِخَ) هُوَ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ) أَيْ حَيْثُ جَعَلُوا الطَّلَاقَ اخْتِيَارًا وَالْفَسْخَ فِرَاقًا تَبِينُ بِهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَارَ الْغَيْرَ إنْ ظَهَرَ إلَخْ) أَيْ أَوْ اخْتَارَ غَيْرَ الْأَخَوَاتِ إنْ ظَهَرَ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا مَثَلًا وَفَارَقَ الْبَاقِيَ فَظَهَرَ أَنَّ اللَّاتِي اخْتَارَهُنَّ أَخَوَاتٌ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ أَوْ يَخْتَارَ مِنْ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ ثَلَاثَةً وَوَاحِدَةً مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ كَأَخَوَاتٍ لَكَانَ أَحْسَنَ) أُجِيبَ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ لِمَنْ أَسْلَمَ الثَّانِي أَنَّ اخْتِيَارَ الْوَاحِدَةِ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ هِيَ قَوْلُهُ: وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا فَبِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهِ لِلْأَرْبَعِ حَلَّ الْبَاقِي لِلْأَزْوَاجِ، فَإِذَا قَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُخْتَارَاتِ أَخَوَاتٌ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَتَرْجِعَ لَهُ وَلَا يَفُوتُهَا إلَّا وَطْءٌ أَوْ تَلَذُّذٌ الثَّانِي مَا لَمْ يَكُنْ حِينَ وَطِئَهُ أَوْ تَلَذَّذَهُ عَالِمًا بِأَنَّ مُخْتَارَاتِ مَنْ أَسْلَمَ أَخَوَاتٌ فَلَا تَفُوتُ بِذَلِكَ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَدْخُلْ الثَّانِي، وَقُلْنَا: إنَّهَا تَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ يُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ بِالْفَوَاتِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي كَمَا أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَتَلَذَّذُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْفَوْتِ مِنْ التَّلَذُّذِ تَبِعَ فِيهِ تت قَائِلًا صَرَّحَ ابْنُ فَرْحُونٍ بِتَشْهِيرِهِ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الصَّوَابَ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّزَوُّجِ فَوْتٌ، إذْ لَوْ كَانَ يُعْتَبَرُ التَّلَذُّذُ مَعَهُ لَمَا أَغْفَلُوهُ وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِتَشْهِيرِ ابْنِ فَرْحُونٍ اهـ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ إنَّهَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ التَّزَوُّجِ أَيْ الْعَقْدِ وَقِيلَ لَا تَفُوتُ إلَّا بِالدُّخُولِ أَوْ التَّلَذُّذِ وَقِيلَ إنَّهَا لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ أَصْلًا وَلَا بِدُخُولِ الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْخِلَافَ قَالَ: قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ فَارَقَهَا بِطَلَاقٍ وَبَانَتْ فَلَا كَلَامَ فِي فَوَاتِهَا بِالْعَقْدِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ، وَإِنْ عُدَّ اخْتِيَارًا لَازِمٌ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهَا وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ. (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِأَنَّ مَنْ فَارَقَهَا لَهُ اخْتِيَارُهَا. (قَوْلُهُ: وَبَاقِي الْأَرْبَعِ) أَيْ وَيَخْتَارُ بَاقِيَ الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا وَفَارَقَ الْبَاقِيَ فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْمُخْتَارَاتِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِذَلِكَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ هُنَا فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَالْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ) أَيْ بِغَيْرِ الْمُخْتَارَاتِ وَقَوْلُهُ: فَلَهَا أَيْ فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُهَا وَهَذِهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَإِنْ اخْتَارَ وَاحِدَةً وَفَارَقَ الْبَاقِيَ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَ لِلْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ صَدَاقٌ وَنِصْفُ صَدَاقٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ، وَإِنْ اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ كَانَ لِلْبَاقِي صَدَاقٌ، وَإِنْ اخْتَارَ ثَلَاثًا كَانَ لِلْبَاقِي نِصْفُ صَدَاقٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا أَصْلًا) هَذِهِ مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ يَقْتَضِي أَنَّهُ اخْتَارَ بَعْضَهُنَّ. (قَوْلُهُ: إذْ فِي عِصْمَتِهِ شَرْعًا أَرْبَعٌ) أَيْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ اخْتَارَ فِرَاقَهُنَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهُنَّ صَدَاقَانِ وَهُنَّ غَيْرُ مُعَيَّنَاتٍ فَيُقْسَمُ الصَّدَاقَانِ عَلَى الْعَشَرَةِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسُ صَدَاقِهَا. (قَوْلُهُ: كَاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ رَضِيعَاتٍ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ نِكَاحًا صَحِيحًا، ثُمَّ أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْبَاقِيَ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ فَارَقَهَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالزَّوْجُ مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ وَمَا هَذَا شَأْنُهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَالْفَسْخُ هُنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ بِطَلَاقٍ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً كَانَ لَهُنَّ صَدَاقٌ وَاحِدٌ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ زَوْجَةٌ وَلَا كَلَامَ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ فَلَوْ طُلِّقْنَ قَبْلَ الدُّخُولِ

وَ) بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهِنَّ (أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ) تَحِلُّ لَهُ بَنَاتُهَا فَصِرْنَ إخْوَةً مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ اخْتَارَ وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهَا مِنْ الصَّدَاقِ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا وَطَلَّقَهُنَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَزِمَهُ نِصْفُ صَدَاقٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ فَلِكُلٍّ ثُمُنُ مَهْرِهَا، إذْ هُوَ الْخَارِجُ بِقِسْمَةِ نِصْفِ صَدَاقٍ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ لَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ شَيْئًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ (أَرْبَعُ صَدَقَاتٍ) تُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ بِنِسْبَةِ مَا لَهُنَّ (إنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ) شَيْئًا مِنْهُنَّ فَإِذَا كُنَّ عَشْرَةً فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسَا صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قَسْمِ أَرْبَعِ صَدَقَاتٍ عَلَى عَشْرَةٍ وَإِذَا كَانَتْ سِتًّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثُلُثَا صَدَاقِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهِنَّ وَإِلَّا فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقٌ كَامِلٌ وَلِغَيْرِهَا خُمُسَا صَدَاقِهَا أَوْ ثُلُثَاهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَا إرْثَ) لِمَنْ أَسْلَمَتْ مِنْهُنَّ (إنْ) مَاتَ مُسْلِمًا قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَ (تَخَلَّفَ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ) حَرَائِرَ (عَنْ الْإِسْلَامِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ يَخْتَارُهُنَّ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ وَلَا إرْثَ مَعَ الشَّكِّ فَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ الْإِسْلَامِ دُونَهُنَّ فَالْإِرْثُ لِلْمُسْلِمَاتِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَنْ اعْتَادَ الْأَرْبَعَ فَأَكْثَرَ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلَّ (أَوْ) مَاتَ مُسْلِمٌ عَنْ زَوْجَتَيْنِ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَبْلَ أَنْ يَخْتَارُوا وَاحِدَةً لَزِمَهُ نِصْفُ صَدَاقٍ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ مِمَّنْ لَا يَحْرُمُ رَضَاعُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِلَّا لَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الصَّدَاقِ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ زَوْجَةً لَهُ. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهِنَّ أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ) أَيْ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ عَقْدًا وَاحِدًا فُسِخَ الْجَمِيعُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ جَمَعَهُنَّ فِي عُقُودٍ فُسِخَ نِكَاحٌ مَا عَدَا نِكَاحَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: أَرْبَعُ صَدَاقَاتٍ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي عِصْمَتِهِ شَرْعًا لَا أَرْبَعٌ غَيْرُ مُعَيَّنَاتٍ. (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ) الظَّاهِرُ فِي مَفْهُومِهِ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلثَّمَانِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ اثْنَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى مُفَارَقَةِ الثَّمَانِ لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهِ تَبِينُ الْبَوَاقِي، وَكَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَهُ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِذَا كُنَّ عَشْرَةً) أَيْ فَإِذَا كَانَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ عَشْرَةً. (قَوْلُهُ: فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسًا صَدَاقِهَا) بِهَذَا سَقَطَ مَا يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ الصَّدَاقَاتُ مُتَّحِدَةً وَإِذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَالْمُرَاعَى هَلْ الْكَثِيرُ أَوْ الْقَلِيلُ أَوْ الْقُرْعَةُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إذَا كَانَ النِّسَاءُ عَشْرًا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ خُمُسَا صَدَاقِهَا وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ. (قَوْلُهُ: ثُلُثَا صَدَاقِهَا) أَيْ بِنِسْبَةِ أَرْبَعِ صَدَاقَاتٍ إلَى السِّتَّةِ وَإِذَا كُنَّ ثَمَانِيَةً كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ الْأَرْبَعَةِ لِلثَّمَانِيَةِ وَإِذَا كُنَّ تِسْعَةً كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ الْأَرْبَعَةِ لِلتِّسْعَةِ وَإِذَا كُنَّ أَرْبَعَةً كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُهَا كَامِلًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَهَا خُمُسَا صَدَاقِهَا أَوْ ثُلُثَا صَدَاقِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْمَدْخُولِ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ دَخَلَ أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدُّخُولُ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَلِمَنْ دَخَلَ بِهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَلِغَيْرِهَا مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمَةِ بَاقِي الْأَصْدِقَةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى عَدَدِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِذَا دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَهُنَّ عَشْرَةٌ وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُلُثُ صَدَاقِهَا، إذْ الْخَارِجُ بِقِسْمَةِ ثَلَاثَةٍ عَلَى تِسْعَةٍ ثُلُثٌ وَإِذَا دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقُهَا وَلِلْبَاقِيَّ رُبْعُ صَدَاقِهَا، إذْ هُوَ الْخَارِجُ بِقِسْمَةِ اثْنَتَيْنِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، وَهَكَذَا الْعَمَلُ إنْ دَخَلَ بِثَالِثَةٍ، وَأَمَّا إنْ دَخَلَ بِأَرْبَعٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ اخْتِيَارٌ، وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا بِدُخُولِهِ بِهِنَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدُّخُولَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ اخْتِيَارٌ فَإِذَا دَخَلَ بِأَرْبَعٍ كَانَ اخْتِيَارًا لَهُنَّ فَلَا صَدَاقَ لِغَيْرِهِنَّ، وَإِنْ دَخَلَ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ كَانَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا مُخْتَارَةً فَلَهَا صَدَاقٌ كَامِلٌ وَلِغَيْرِهَا مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمَةِ بَاقِي الْأَصْدِقَةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى عَدَدِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَأَمَّا الدُّخُولُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ اخْتِيَارًا فَمَا زَالَ أَرْبَعَةٌ شَائِعَةً فِي الْعَشْرِ مَثَلًا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَصْدِقَةُ بِنِسْبَةِ قِسْمَتِهَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَيَكْمُلُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُهَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهَا خُمُسَا صَدَاقِهَا) أَيْ إذَا مَاتَ عَنْ عَشْرٍ وَلَمْ يَخْتَرْ فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ بِهَا لَهَا صَدَاقٌ كَامِلٌ، وَلَوْ دَخَلَ بِأَرْبَعٍ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَهَا خُمُسَا صَدَاقِهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ ثُلُثَاهُ أَيْ إذَا مَاتَ عَنْ سِتٍّ وَلَمْ يَخْتَرْ فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ بِهَا لَهَا صَدَاقٌ كَامِلٌ، وَلَوْ دَخَلَ بِأَرْبَعٍ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَهَا ثُلُثَا صَدَاقِهَا وَإِذَا مَاتَ عَنْ تِسْعٍ فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ بِهَا لَهَا صَدَاقٌ كَامِلٌ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَهَا أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ صَدَاقِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا إرْثَ إنْ تَخَلَّفَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَنْ عَشْرِ كِتَابِيَّاتٍ

وَقَدْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا وَ (الْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ) بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ (مِنْ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ) فَلَا إرْثَ لِلْمُسْلِمَةِ لِثُبُوتِ الشَّكِّ فِي زَوْجِيَّتِهَا (لَا إنْ) (طَلَّقَ) رَجُلٌ (إحْدَى زَوْجَتَيْهِ) الْمُسْلِمَتَيْنِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ (وَجُهِلَتْ) الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا (وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا) وَعُلِمَتْ (وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ) (فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ) كَامِلًا لِلدُّخُولِ (وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ) ؛ لِأَنَّهَا تُنَازِعُ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْمِيرَاثِ وَتَقُولُ: أَنَا لَمْ أُطَلَّقْ بَائِنًا فَهُوَ لِي بِتَمَامِهِ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تَدَّعِي أَنَّهَا فِي الْعِصْمَةِ وَأَنَّ لَهَا نِصْفَ الْمِيرَاثِ وَلِلْأُخْرَى نِصْفَهُ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِيهِ فَلِذَا قَالَ (وَلِغَيْرِهَا) أَيْ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (رُبْعُهُ) أَيْ رُبْعُ الْمِيرَاثِ (وَ) لَهَا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ) أَيْ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُهُ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا فَلِهَذِهِ جَمِيعُ صَدَاقِهَا لِتُكْمِلَهُ بِالْمَوْتِ فَالنِّزَاعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَهَا مِنْهُ الرُّبْعُ مَعَ النِّصْفِ الَّذِي لَا مُنَازِعَ لَهَا فِيهِ فَيَصِيرُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَلِلْوَرَثَةِ رُبْعُهُ بَعْدَ يَمِينٍ كُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَى وَنَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَنَّهَا لَوْ انْقَضَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالصَّدَاقُ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَائِنًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُوَرِ الِالْتِبَاسِ. وَلَمَّا كَانَتْ مَوَانِعُ النِّكَاحِ خَمْسَةً: رِقٌّ وَكُفْرٌ وَإِحْرَامٌ وَتَقَدَّمَتْ وَكَوْنُ الشَّخْصِ خُنْثَى مُشْكِلًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِنُدُورِهِ وَالْمَرَضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ سِتٌّ وَتَخَلَّفَ عَنْ الْإِسْلَامِ أَرْبَعٌ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ لَا إرْثَ لِجَمِيعِهِنَّ أَمَّا الْكِتَابِيَّاتُ فَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ، وَأَمَّا الْمُسْلِمَاتُ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَخْتَارَ الْكِتَابِيَّاتِ وَهُنَّ غَايَةُ مَا يَخْتَارُ فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ وَلَا إرْثَ مَعَ الشَّكِّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا أَنْت طَالِقٌ وَمَاتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَائِنًا أَيْ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ رَجْعِيًّا وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا الْتِبَاسَ وَالْإِرْثُ كُلّه لِلْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمُطَلَّقَةُ هِيَ الْكِتَابِيَّةُ فَالْمِيرَاثُ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمَةِ وَعَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُطَلَّقَةِ هِيَ الْمُسْلِمَةُ وَالْعِدَّةُ لَمْ تَنْقَضِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لَا إنْ طَلَّقَ إلَخْ) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ تَخَلَّفَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْرَجَةٌ مِنْ عَدَمِ الْإِرْثِ فَالْإِرْثُ فِيهَا ثَابِتٌ لِعَدَمِ الشَّكِّ فِي سَبَبِهِ وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي تَعَيُّنِ مُسْتَحِقِّهِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ الْمُسْلِمَتَيْنِ طَلَاقًا قَاصِرًا عَنْ الْغَايَةِ وَجُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِأَنْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لِلْبَيِّنَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَعَلِمَتْ، ثُمَّ مَاتَ الْمُطَلِّقُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَدْخُولِ بِهَا وَبَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَنَا لَمْ أُطَلَّقْ بَائِنًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَتَقُولَ أَنَا لَمْ أُطَلَّقْ أَصْلًا وَأَنْتَ قَدْ طَلَّقْت طَلَاقًا بَائِنًا. (قَوْلُهُ: وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ وَلِغَيْرِهَا رُبْعُهُ إلَخْ) مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ نَحْوُهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَدَرَجَ فِي آخِرِ الشَّهَادَاتِ عَلَى خِلَافِ هَذَا وَأَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الدَّعْوَى كَالْعَوْلِ وَصَرَّحُوا بِمَشْهُورِيَّتِهِ فِيهِ أَيْضًا قَالَهُ طفى وَعَلَيْهِ فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا ثُلُثَا الْمِيرَاثِ وَلِغَيْرِهَا ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَدَّعِي أَنَّ لَهَا كُلَّ الْمِيرَاثِ وَالثَّانِيَةَ تَدَّعِي أَنَّ لَهَا نِصْفَهُ فَإِذَا ضَمَّ النِّصْفَ لِلْكُلِّ وَنَسَبَ النِّصْفَ لِلْمَجْمُوعِ كَانَ ثُلُثًا وَإِذَا نَسَبَ الْكُلَّ لِلْمَجْمُوعِ كَانَ ثُلُثَيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَسْمَ عَلَى التَّنَازُعِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَى الدَّعْوَى فَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنْ الصَّدَاقِ ثُلُثَاهُ وَلِلْوَرَثَةِ ثُلُثُهُ. (قَوْلُهُ: فَالصَّدَاقُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ لِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا لِلدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ مُنَازَعَةٍ وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تَدَّعِي أَنَّهَا غَيْرُ مُطَلَّقَةٍ فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا بِالْمَوْتِ وَالْوَارِثُ يَقُولُ: أَنْتِ الْمُطَلَّقَةُ فَلَكَ نِصْفُهُ فَقَطْ فَالنِّصْفُ مُسَلَّمٌ إلَيْهَا وَالنِّصْفُ الثَّانِي فِيهِ النِّزَاعُ فَيُقْسَمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ. (قَوْلُهُ: وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَدَّعِي أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ وَأَنَّهَا تَأْخُذُ الْمِيرَاثَ بِتَمَامِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ بَائِنًا) أَيْ وَجَهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَعَلِمَتْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَدَّعِي أَنَّهَا غَيْرُ الْمُطَلَّقَةِ فَتَسْتَحِقُّ الصَّدَاقَ كَامِلًا بِالْمَوْتِ، وَالْوَارِثُ يَدَّعِي أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ فَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا نِصْفَهُ فَالنِّصْفُ مُسَلَّمٌ لَهَا وَالتَّنَازُعُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَيُقْسَمُ وَقَوْلُهُ: وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. (تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَلَى مَا إذَا جُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَعُلِمَ الْمَدْخُولُ بِهَا، وَأَمَّا لَوْ عُلِمَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَجُهِلَ الْمَدْخُولُ بِهَا فَلِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ الصَّدَاقُ كَامِلًا وَلِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ لِلنِّزَاعِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي لِاحْتِمَالِ عَدَمِ دُخُولِهَا، وَإِنْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمَدْخُولِ بِهَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعَةُ أَثْمَانِ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ الْمُطَلَّقَةُ مَنْ دَخَلَتْ فَيُكْمِلُ لِلثَّانِيَةِ صَدَاقَهَا وَيَقُولُ الْوَارِثُ لَكُمَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ وَالْمُطَلَّقَةُ لَمْ تَدْخُلْ

وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ يَمْنَعُ) النِّكَاحَ (مَرَضُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (الْمَخُوف) مُطْلَقًا (وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِث) الرَّشِيد أَوْ احْتَاجَ الْمَرِيضُ لَهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ مُوَرَّثِهِ وَكَوْنِ الْوَارِثِ غَيْرَهُ (أَوْ) الْمَنْعُ (إنْ لَمْ يَحْتَجْ) الْمَرِيضُ لِلنِّكَاحِ فَإِنْ احْتَاجَ لَمْ يُمْنَعْ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ (خِلَافٌ) أَشْهَرُهُ الْأَوَّلُ وَيَلْحَقُ بِالْمَرِيضِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَحْجُورٍ مِنْ حَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ وَحَامِلِ سِتَّةٍ فَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهَا مَنْ خَالَعَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ إلَّا إذَا كَانَ خَالَعَهَا صَحِيحًا، ثُمَّ مَرِضَ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ حَيْثُ لَمْ تُتِمَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ دَخَلَتْ فِي السَّابِعِ امْتَنَعَ (وَلِلْمَرِيضَةِ) أَيْ الْمُتَزَوِّجَةِ فِي الْمَرَضِ (بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) زَادَ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ أَمْ لَا وَمِثْلُ الدُّخُولِ مَوْتُهُ فَيُقْضَى لَهَا بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مَوْتُهَا قَبْلَهُ وَقَبْلَ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَفَسَدَ لِعَقْدِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ (وَعَلَى الْمَرِيضِ) أَيْ الْمُتَزَوِّجِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ إذَا مَاتَ قَبْلَ فَسْخِهِ (مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ (الْأَقَلُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسَمَّى (وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ) فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَقَلَّ مِنْهُمَا أَخَذَتْهُ فَقَطْ فَتَحَصَّلَ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَشْيَاءَ الثُّلُثِ وَالْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ (وَعُجِّلَ بِالْفَسْخِ) مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ حَائِضًا (إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا) فَلَا يُفْسَخُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَمُنِعَ نِكَاحُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (النَّصْرَانِيَّةَ) الْأَوْلَى الْكِتَابِيَّةُ (وَالْأَمَةَ) الْمُسْلِمَةَ (عَلَى الْأَصَحِّ) الْمُعْتَمَدُ لِجَوَازِ إسْلَامِ النَّصْرَانِيَّةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ فَيَصِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ (وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ نَادِرٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتَنَازُعُهُمَا فِي نِصْفٍ فَيُقْسَمُ فَلَهُمَا صَدَاقٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ يَتَنَازَعَانِ فِيهِمَا فَيَقْسِمَانِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ وَيَلْحَقُ بِالْمَرِيضِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَمْنَعُ مِنْ النِّكَاحِ مَرَضُ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مُشْرِفًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: مَرَضُ أَحَدِهِمَا أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَا مَعًا مَرِيضَيْنِ فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى الْمَنْعِ، ثُمَّ إنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي مَرَضِ أَحَدِهِمَا قَدْ شُهِرَ فَالْأَوَّلُ شَهَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالثَّانِي شَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ لَكِنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا هُوَ الرَّاجِحُ لِلنَّهْيِ عَنْ إدْخَالِ وَارِثٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُمْنَعْ الْمَرِيضُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ إدْخَالَ وَارِثٍ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ إدْخَالَ وَارِثٍ مُحَقَّقٍ وَلَيْسَ يَنْشَأُ عَنْ كُلِّ وَطْءٍ حَمْلٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ احْتِيَاجَ الْمَرِيضُ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ) أَيْ الْوَارِثِ الْآذِنِ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ مُورِثِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ ذَلِكَ الْمَرِيضُ وَيَكُونُ الْوَارِثُ لِذَلِكَ الْمَرِيضِ غَيْرِ الْآذِنِ فَلَمَّا اُحْتُمِلَ ذَلِكَ كَانَ، إذْنُ الْوَارِثِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَقَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ احْتَاجَ) أَيْ لِلنِّكَاحِ أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ وَيَخْدُمُهُ فِي مَرَضِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ) أَيْ بِأَنْ مَنَعَهُ أَوْ سَكَتَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهَا) أَيْ بَعْدَ السِّتَّةِ مَنْ خَالَعَهَا وَقَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ خَالَعَهَا صَحِيحًا إلَخْ هَذِهِ الصُّورَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَنْعِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَتْ فِي السَّابِعِ امْتَنَعَ أَيْ لِأَنَّهُمَا صَارَا مَرِيضَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَرِيضَةِ) أَيْ الَّتِي فُسِخَ نِكَاحُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ الْمُسَمَّى لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَتُقَرَّرُ بِوَطْءٍ، وَإِنْ حَرُمَ. (قَوْلُهُ: مَوْتِهِ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ وَالْبِنَاءِ أَوْ مَوْتِهِمَا قَبْلَهُمَا وَلَا مِيرَاثَ لِمَنْ بَقِيَ حَيًّا بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَفَسَدَ لِعَقْدِهِ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ يَلْزَمُ فِيهِ الْمُسَمَّى بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ فَسْخِهِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَرِيضِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ مَرَضِهَا وَمَرَضِهِ حَيْثُ قُلْتُمْ فِي الْأَوَّلِ بِلُزُومِ الْمُسَمَّى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَقُلْتُمْ فِي الثَّانِي بِلُزُومِ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الثُّلُثِ أَنَّ الزَّوْجَ فِي الْأَوَّلِ صَحِيحٌ فَتَبَرُّعُهُ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ الثَّانِي فَلِذَا كَانَ فِي الثُّلُثِ وَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْمَرَضِ أَوْ الْعَكْسُ أَوْ يُقَدَّمُ الْأَعْدَلُ مِنْهُمَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمِعْيَارِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَزَوِّجِ فِي مَرَضِهِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا غَصَبَ الْمَرِيضُ امْرَأَةً فَلَهَا الصَّدَاقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ مَعَهُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ كَالزَّوْجَةِ ذَكَرَهُ ح. (قَوْلُهُ: إذَا مَاتَ قَبْلَ فَسْخِهِ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَأَمَّا إذَا فُسِخَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ، ثُمَّ مَاتَ أَوْ صَحَّ كَانَ لَهَا الْمُسَمَّى تَأْخُذُهُ مِنْ ثُلُثِهِ مَبْدَأً إنْ مَاتَ وَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ صَحَّ. (قَوْلُهُ: وَعُجِّلَ بِالْفَسْخِ) أَيْ وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ لَا إنْ احْتَاجَ فَلَا فَسْخَ بِحَالٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ تَعْجِيلِهِ لِصِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ نِكَاحُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ لَهُمَا إدْخَالَ وَارِثٍ عَلَى تَقْدِيرِ إسْلَامِ النَّصْرَانِيَّةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَصَحَّحَهُ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ وَمِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالثُّلُثِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ وَلَا إرْثَ لَهَا إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمُتَزَوِّجِ فِيهِ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ عِتْقِهَا، وَأَمَّا إنْ فَسَخَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا سَوَاءٌ سَمَّى لَهَا أَوْ نَكَحَهَا تَفْوِيضًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ) أَيْ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ) تَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

[فصل خيار أحد الزوجين إذا وجد عيبا والعيوب التي توجب الخيار في الرد]

دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي خِيَارِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ بِصَاحِبِهِ عَيْبًا وَبَيَانُ الْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ (الْخِيَارُ) لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ وُجُودِ عَيْبٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْآتِي بَيَانُهَا فَقَوْلُهُ: الْخِيَارُ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: بِبَرَصٍ إلَخْ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ أَيْ ثَابِتٌ بِبَرَصٍ وَقَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَسْبِقْ الْعِلْمُ) إلَخْ شَرْطٌ فِي الْخَبَرِ أَيْ ثَابِتٌ لِلسَّلِيمِ أَوْ لِمَنْ وَجَدَ فِي صَاحِبِهِ عَيْبًا، وَلَوْ كَانَ هُوَ مَعِيبًا أَيْضًا فَلَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ مِنْ الْخِيَارِ وَعَيْبُهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ عِلْمُهُ بِعَيْبِ الْمَعِيبِ عَلَى الْعَقْدِ (أَوْ لَمْ يَرْضَ) بِعَيْبِ الْمَعِيبِ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ (أَوْ) لَمْ (يَتَلَذَّذْ) بِالْمَعِيبِ عَالِمًا بِهِ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاءِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، إذْ لَوْ وُجِدَتْ أَوْ بَعْضُهَا لَانْتَفَى الْخِيَارُ. إلَّا امْرَأَةَ الْمُعْتَرَضِ إذَا عَلِمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِاعْتِرَاضِهِ وَمَكَّنَتْهُ مِنْ التَّلَذُّذِ بِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ حَيْثُ كَانَتْ تَرْجُو بُرْأَهُ فِيهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ (وَحَلَفَ) مُرِيدُ الرَّدِّ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْمَعِيبُ مُسْقِطًا لِخِيَارِهِ مِنْ سَبْقِ عِلْمٍ أَوْ رِضًا أَوْ تَلَذُّذٍ وَلَا بَيِّنَةَ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ مُسْقِطِ الْخِيَارِ (بِبَرَصٍ) مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْعُيُوبَ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا وَهِيَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْعَذْيَطَةُ، وَأَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ الْجَبُّ وَالْخِصَاءُ وَالِاعْتِرَاضُ وَالْعُنَّةُ، وَخَمْسَةٌ خَاصَّةٌ بِالْمَرْأَةِ وَهِيَ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ وَالْعَفَلُ وَالْإِفْضَاءُ وَالْبَخَرُ. وَأَضَافَ مَا يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ لِضَمِيرِهِ وَمَا يَخْتَصُّ بِالْمَرْأَةِ لِضَمِيرِهَا وَمَا هُوَ مُشْتَرَكٌ لَمْ يُضِفْهُ وَبَدَأَ بِهِ لِعُمُومِهِ فَقَالَ: بِبَرَصٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَبْيَضِهِ وَأَسْوَدِهِ الْأَرْدَإِ مِنْ الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَدَّمَاتِ الْجُذَامِ، وَالنَّابِتُ عَلَى الْأَبْيَضِ شَعْرٌ أَبْيَضُ وَيُشْبِهُهُ فِي لَوْنِهِ الْبَهَقُ غَيْرَ أَنَّ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَيْهِ أَسْوَدُ وَلَا خِيَارَ فِيهِ وَإِذَا نُخِسَ الْبَرَصُ بِإِبْرَةٍ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ وَمِنْ الْبَهَقِ دَمٌ، وَعَلَامَةُ الْأَسْوَدِ التَّفْلِيسُ وَالتَّقْشِيرُ بِخِلَافِ الْأَبْيَضِ أَيْ يَكُونُ قِشْرُهُ مُدَوَّرًا يُشْبِهُ الْفُلُوسَ وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ أَرَادَ أَكْثَرَ سَلَامَةً وَأَقَلَّ عَدْوًى وَأَبْعَدَ فِي الِانْتِشَارِ مِنْ الْأَبْيَضِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَرَصُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فِي الْمَرْأَةِ اتِّفَاقًا وَفِي الرَّجُلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْيَسِيرِ (وَعَذْيَطَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصَلِّ خِيَار أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ عَيْبًا وَالْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ] فَصْلٌ فِي خِيَارِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) . (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ هُوَ مَعِيبًا أَيْضًا فَلَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ) كَانَ عَيْبُهُ مِنْ جِنْسِ عَيْبِ صَاحِبِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ وَنَقَلَهُ ح وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ وَنَصُّهُ، وَإِنْ اطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبٍ فِي صَاحِبِهِ مُخَالِفٍ لِعَيْبِهِ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ بِهِ جُنُونًا وَبِهَا جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ أَوْ دَاءُ فَرْجٍ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِيَامُ، وَأَمَّا إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَجُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ أَوْ جُنُونِ صَرَعٍ لَمْ يَذْهَبْ فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ دُونَهَا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ صَدَاقًا لِسَالِمَةٍ فَوَجَدَهَا مِمَّنْ يَكُونُ صَدَاقُهَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ الضَّرَرُ وَاجْتِمَاعُ الْمَرَضِ عَلَى الْمَرَضِ يُؤَثِّرُ زِيَادَةً. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْبِقْ الْعِلْمُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعِلْمُ مِنْ السَّلِيمِ بِالْعَيْبِ سَابِقًا عَلَى الْعَقْدِ وَلَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ مَنْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ، فَإِنْ عَلِمَ السَّلِيمُ بِعَيْبِ الْمَعِيبِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ عَقْدَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا تَلَذَّذَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَلَذُّذَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ فَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَدَارُ فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ عَلَى الرِّضَا وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالتَّلَذُّذِ دَلَائِلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: صَرِيحًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الرِّضَا بِالْقَوْلِ كَرَضِيتُ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْتِزَامًا أَيْ مِثْلُ تَمْكِينِ السَّلِيمِ مِنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ) أَيْ وَأَوْ فِي الْمَحَلَّيْنِ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ هِيَ لِلْأَحَدِ الدَّائِرِ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ النَّفْيِ وَنَفْيُ الْأَحَدِ الدَّائِرِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِانْتِفَاءِ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: إلَّا امْرَأَةَ الْمُعْتَرِضِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ تَفْصِيلًا وَقَوْلُهُ: فِيهِمَا أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَهُ بِالْعَيْبِ الَّذِي بِهِ فَقَالَ الْمَعِيبُ لِلسَّلِيمِ: أَنْت عَلِمْتَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَدَخَلْتَ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمْتَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَرَضِيتَ بِهِ أَوْ تَلَذَّذْتَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي الْمَعِيبِ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَ السَّلِيمُ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْمَعِيبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ الرِّضَا أَوْ التَّلَذُّذِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ ظَاهِرًا وَتَدَّعِي عِلْمَهُ بِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ يَطُلْ الْأَمْرُ كَشَهْرٍ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ السَّلِيمُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَعِيبِ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بِيَمِينِهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ إنْ قَالَتْ: عَلِمَ عَيْبِي حِينَ الْبِنَاءِ وَأَكْذَبَهَا وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِشَهْرٍ وَنَحْوَهُ صُدِّقَتْ مَعَ يَمِينِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ خَفِيًّا كَبَرَصٍ بِبَاطِنِ جَسَدِهَا وَنَحْوِهِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ اُنْظُرْ ح وَالْمَوَّاقُ اهـ بْن وَقَوْلُهُ: وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ أَيْ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَعِيبُ وَسَقَطَ الْخِيَارُ هَذَا إذَا كَانَتْ دَعْوَى الْمَعِيبِ عَلَى السَّلِيمِ دَعْوَى تَحْقِيقٍ، أَمَّا إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَإِنَّ الْمَعِيبَ لَا يَحْلِفُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ السَّلِيمِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ لَا تُرَدُّ فِيهَا الْيَمِينُ فَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ وَنَكَلَ الْمَعِيبُ بَعْدَ نُكُولِ السَّلِيمِ فَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ أَنَّ النُّكُولَ تَصْدِيقٌ لِلنَّاكِلِ الْأَوَّلِ فَيَبْقَى الْخِيَارُ لِلسَّلِيمِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الْيَسِيرِ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ فِي بَرَصٍ قَدِيمٍ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَهُ فَلَا رَدَّ بِالْيَسِيرِ اتِّفَاقًا وَفِي الْكَثِيرِ خِلَافٌ وَهَذَا فِيمَا حَدَثَ بِالرَّجُلِ، وَأَمَّا

بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحِيَّةِ فَطَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ التَّغَوُّطُ عِنْدَ الْجِمَاعِ إذَا كَانَ قَدِيمًا أَوْ شَكَّ فِيهِ لَا إنْ تَحَقَّقَ حُدُوثَهُ فَلَا رَدَّ بِهِ وَمِثْلُهُ الْبَوْلُ، وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا بِالْبَوْلِ فِي الْفُرُشِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَجُذَامٍ) بَيِّنٍ أَيْ مُحَقَّقٍ، وَلَوْ قَلَّ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ (لَا) (جُذَامِ الْأَبِ) فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِهِ وَالْمُرَادُ الْأَصْلُ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَأَوْلَى الْجَدُّ، وَلَوْ قَالَ: الْوَالِدُ كَانَ أَوْلَى. (وَبِخِصَائِهِ) وَهُوَ قَطْعُ الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَيَيْنِ (وَجَبِّهِ) وَهُوَ قَطْعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَكَذَا مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ إذَا كَانَ لَا يُمْنِي وَإِلَّا فَلَا رَدَّ بِهِ وَمِثْلُ قَطْعِ الذَّكَرِ قَطْعُ الْحَشَفَةِ عَلَى الرَّاجِحِ (وَعُنَّتِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا صِغَرُ الذَّكَرِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى بِهِ الْجِمَاعُ (وَاعْتِرَاضِهِ) عَدَمُ انْتِشَارِ الذَّكَرِ. (وَ) لِلزَّوْجِ رَدُّهَا (بِقَرَنِهَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ شَيْءٌ يَبْرُزُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ يُشْبِهُ قَرْنَ الشَّاةِ يَكُونُ مِنْ لَحْمٍ غَالِبًا فَيُمْكِنُ عِلَاجُهُ وَتَارَةً يَكُونُ عَظْمًا فَلَا يُمْكِنُ عِلَاجُهُ عَادَةً (وَرَتَقِهَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ انْسِدَادُ مَسْلَكِ الذَّكَرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ إلَّا أَنَّهُ إذَا انْسَدَّ بِلَحْمٍ أَمْكَنَ عِلَاجُهُ وَبِعَظْمٍ لَمْ يُمْكِنْ عَادَةً (وَبَخَرِهَا) أَيْ نَتْنُ فَرْجِهَا؛ لِأَنَّهُ مُنَفِّرٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: لَا رَدَّ بِهِ كَالْجَرَبِ وَنَتْنِ الْفَمِ (وَعَفَلِهَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْفَاءِ لَحْمٌ يَبْرُزُ فِي قُبُلِهَا وَلَا يَسْلَمُ غَالِبًا مِنْ رَشْحٍ يُشْبِهُ إدْرَةَ الرَّجُلِ وَقِيلَ: إنَّهُ رَغْوَةٌ فِي الْفَرْجِ تَحْدُثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ (وَإِفْضَائِهَا) وَهُوَ اخْتِلَاطُ مَسْلَكَيْ الذَّكَرِ وَالْبَوْلِ وَأَوْلَى مِنْهُ اخْتِلَاطُ مَسْلَكَيْ الذَّكَرِ وَالْغَائِطِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَطْلَقَهُ عَلَى مَا يَعُمُّهُمَا وَمَحَلُّ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ إنْ وُجِدَتْ. (قَبْلَ الْعَقْدِ) أَوْ حِينِهِ أَمَّا الْحَادِثَةُ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَهُ فَمُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِالرَّجُلِ. ، وَأَمَّا الْحَادِثَةُ بِهِ فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَلَهَا فَقَطْ) دُونَ الزَّوْجِ (الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ) أَيْ الْمُحَقَّقِ، وَلَوْ يَسِيرًا (وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ) أَيْ الْفَاحِشِ دُونَ الْيَسِيرِ (الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَرْأَةِ فَمُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْعَيْنِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُلَائِمَ لِعَطْفِهِ مَا قَبْلَهُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَذْيَطَ، وَأَمَّا عَلَى ضَبْطِ الشَّارِحِ فَهُوَ اسْمٌ لِذِي الْعَيْبِ فَلَا يُنَاسِبُ عَطْفَهُ عَلَى الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ التَّغَوُّطُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ مَا ضَبَطْنَاهُ بِهِ لَا مَا ضَبَطَ بِهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي حُدُوثِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدَّمَهُ عَنْهُ فَإِذَا حَدَثَ عِنْدَ تَزَوُّجِهَا مِنْ غَيْرِ سَبْقِ تَزَوُّجٍ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ حَادِثَةٍ بَلْ كَامِنَةٌ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْبَوْلُ) أَيْ مِثْلُ الْغَائِطِ عِنْدَ الْجِمَاعِ الْبَوْلُ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِالْبَوْلِ) وَكَذَا لَا رَدَّ بِكَثْرَةِ الْقِيَامِ لِلْبَوْلِ بِالْأَوْلَى إلَّا لِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: بَيِّنٍ) وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَشْكُوكًا فِي كَوْنِهِ جُذَامًا فَلَا رَدَّ بِهِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ كَثِيرًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا هَذَا إذَا كَانَ قَدِيمًا بَلْ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَرَصِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ كَثِيرًا كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: لَا جُذَامِ الْأَبِ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَ بِأَحَدِ أُصُولِهِ جُذَامًا فَعَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا رَدَّ بِهِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ النَّسْلِ كَالْعُقُمِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا صِغَرُ الذَّكَرِ) مِثْلُ الصِّغَرِ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِلرَّدِّ الثِّخَنُ الْمَانِعُ مِنْ الْإِيلَاجِ، وَأَمَّا الطُّولُ فَيُلَوَّى شَيْءٌ عَلَى مَا لَا يُسْتَطَاعُ إيلَاجُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا يُرَدُّ الزَّوْجُ بِوُجُودِهِ خُنْثَى مُتَّضِحِ الذُّكُورِيَّةِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وح وَنَظَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي وُجُودِ الزَّوْجَةِ خُنْثَى مُتَّضِحَةَ الْأُنُوثَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ لَحْمٍ غَالِبًا) أَيْ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ عَظْمٍ فَلَا يُمْكِنُ عِلَاجُهُ. (قَوْلُهُ: أُدْرَةُ الرَّجُلِ) الْأُدْرَةُ اسْمٌ لِنَفْخِ الْخُصْيَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ إنْ قُلْتَ: إنَّ الْقَرَنَ وَمَا بَعْدَهُ أُمُورٌ إنَّمَا تُدْرَكُ بِالْوَطْءِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَيَنْتَفِي الْخِيَارُ قُلْتُ: الْوَطْءُ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا هُوَ الْحَاصِلُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِمُوجِبِ الْخِيَارِ لَا الْحَاصِلُ قَبْلَهُ أَوْ بِهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ بَرَصٌ إلَخْ أَيْ الْخِيَارُ ثَابِتٌ بِبَرَصٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِهَا كَائِنَةً قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَادِثَةُ بَعْدَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعُيُوبَ الْمُشْتَرَكَةَ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ رَدُّ صَاحِبِهِ بِهِ، وَإِنْ وُجِدَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ كَانَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَرُدَّ بِهِ الزَّوْجَ دُونَ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الزَّوْجَةَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مُفَارَقَتِهَا بِالطَّلَاقِ إنْ تَضَرَّرَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَلِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ أَنَّ الْجُذَامَ مَتَى كَانَ مُحَقَّقًا ثَبَتَ لِلْمَرْأَةِ الرَّدُّ بِهِ، وَلَوْ يَسِيرًا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ إنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْبَرَصُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ رَدَّ بِهِ إنْ كَانَ كَثِيرًا فِيهِمَا أَوْ يَسِيرًا فِي الْمَرْأَةِ اتِّفَاقًا وَفِي الْيَسِيرِ فِي الرَّجُلِ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا رَدَّ بِهِ لِوَاحِدٍ إنْ كَانَ يَسِيرًا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَتَرُدُّ بِهِ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ رَدُّهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى فِرَاقِهَا بِالطَّلَاقِ إنْ تَضَرَّرَ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَلِذَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ فَالْحَادِثُ عِنْدَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَالْحَادِثِ قَبْلَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّ الْجُذَامَ إذَا كَانَ مُحَقَّقًا يُرَدُّ بِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَالْبَرَصُ يُرَدُّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا إلَّا يَسِيرًا وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى لِلْمُتَيْطِيِّ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِالْجِذْمِ

بَعْدَ التَّأْجِيلِ سَنَةً إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ كَلَامٌ وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا فِي نَظِيرِ طَلَاقِهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُنُونِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْعَذْيَطَةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَهُ كَالْجُنُونِ وَمَا مَعَهُ فَلَهَا الرَّدُّ بِهَا (لَا بِكَاعْتِرَاضٍ) حَدَثَ بَعْدَ الْوَطْءِ فِيهَا، وَلَوْ مَرَّةً وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا إلَّا أَنْ يَتَسَبَّبَ فِيهِ فَلَهَا الرَّدُّ بِهِ كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخِصَاءَ وَالْجَبَّ وَالْكِبَرَ الْمَانِعَ مِنْ الْوَطْءِ. (وَ) ثَبَتَ الْخِيَارُ (بِجُنُونِهِمَا) الْقَدِيمِ قَبْلَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ بِصَرَعٍ أَوْ وَسْوَاسٍ وَهُوَ أَحَدُ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ) لِنُفُورِ النَّفْسِ وَخَوْفِهَا مِنْهُ أَيْ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ بِالْجُنُونِ الْقَدِيمِ. (قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ) حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَهُ وَدَخَلَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْجُنُونَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْجُذَامِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ رُدَّ بِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْخِيَارَ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ، وَكَذَا إنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجُذَامِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْجُنُونُ وَلِذَا جَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَإِنْ حَدَثَ الْجُنُونُ بِالرَّجُلِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ أَيْ فَلَهَا رَدُّهُ بِخِلَافِهِ هُوَ لِيُفِيدَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجُذَامِ، وَإِنْ كَانَ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَهَا فَقَطْ إنْ حَدَثَ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ وَ (أُجِّلَا فِيهِ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِوَاوٍ وَفِي نُسْخَةٍ بِدُونِهَا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: وَهَلْ الْخِيَارُ فِي الْجُنُونِ الْقَدِيمِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ فِي الْحَادِثِ لَهَا دُونَ الرَّجُلِ يَكُونُ بِتَأْجِيلٍ أَوْ بِلَا تَأْجِيلٍ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ أُجِّلَا فِيهِ. (وَفِي) (بَرَصٍ وَجُذَامٍ) قَدِيمَيْنِ بِهِمَا أَوْ حَادِثَيْنِ بِالرَّجُلِ فَقَطْ (رُجِيَ بُرْؤُهُمَا) بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلزَّوْجَيْنِ أَيْ فِي الْعُيُوبِ الثَّلَاثَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ الْمُفْرَدِ الْمُؤَنَّثِ الرَّاجِعِ لِلْعُيُوبِ الثَّلَاثَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجَاءِ الْبُرْءِ فِي الثَّلَاثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَادِثِ بَعْدَ الْبِنَاءِ إلَّا إذَا تَفَاحَشَ كَالْبَرَصِ فَلَيْسَ الْحَادِثُ بَعْدَ الْبِنَاءِ عِنْدَهُ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ وَطَرِيقَةُ الْجَزِيرِيِّ هِيَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّأْجِيلِ سَنَةً) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَهَا الرَّدُّ إلَخْ فَثُبُوتُ الرَّدِّ لَهَا بِالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ بَعْدَ سَنَةٍ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَأَجَّلَ فِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهَا سَنَةً. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُنُونِ) أَيْ إنَّ لَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِهِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ يُؤَجَّلُ سَنَةً قَبْلَ الرَّدِّ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا الرَّدُّ بِهَا) أَيْ دُونَ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِهَا. (قَوْلُهُ: لَا بِكَاعْتِرَاضٍ) أَيْ لَا رَدَّ لَهَا بِكَاعْتِرَاضٍ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَسَبَّبَ فِيهِ أَيْ فِي الِاعْتِرَاضِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْوَطْءِ فَإِنْ تَسَبَّبَ فِيهِ كَانَ لَهَا الرَّدُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْوَطْءِ) أَيْ فَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ أَنْ يُؤَجَّلَ الْحُرُّ سَنَةً وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخِصَاءَ وَالْجُبَّ) أَيْ الْحَادِثَيْنِ ذَلِكَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَوْلُهُ: وَالْكِبَرُ أَيْ وَكِبَرُ الشَّخْصِ الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الْوَطْءِ بِأَنْ زَالَتْ مِنْهُ الشُّبُوبِيَّةُ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ الْخِيَارُ بِجُنُونِهِمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: بِصَرَعٍ) أَيْ مِنْ الْجِنِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَسْوَاسٍ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ غَلَبَةِ السَّوْدَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَرَّةً) أَيْ هَذَا إذَا اسْتَغْرَقَ كُلَّ الْأَوْقَاتِ أَوْ غَالِبَهَا بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَيُفِيقُ فِيمَا سِوَاهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَأْتِي بَعْدَ كُلِّ شَهْرَيْنِ فَلَا رَدَّ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْقِلَّةِ، ثُمَّ مَحَلُّ الرَّدِّ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْجُنُونِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً إذَا كَانَ يَحْصُلُ مِنْهُ إضْرَارٌ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ إفْسَادِ شَيْءٍ أَمَّا الَّذِي يُطْرَحُ بِالْأَرْضِ وَيُفِيقُ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ فَلَا رَدَّ بِهِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ بِجُنُونِهِمَا الْقَدِيمِ وَهُوَ مَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُصَنِّفُ سَاكِتٌ عَنْ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَانَ حُدُوثُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجُنُونَ إذَا كَانَ قَدِيمًا وَهُوَ السَّابِقُ عَلَى الْعَقْدِ فَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَرُدَّ بِهِ صَاحِبَهُ اتِّفَاقًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفِيهِ طُرُقٌ أَرْبَعَةٌ قِيلَ: يُرَدُّ بِهِ مُطْلَقًا كَانَ بِالرَّجُلِ أَوْ بِالْمَرْأَةِ حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فَحُدُوثُهُ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَحُدُوثِهِ بِالرَّجُلِ وَيَصِحُّ تَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ بِهِ عَلَى جَعْلِ قَوْلِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ مَدْخُولًا لِلْإِغْيَاءِ وَضَمِيرُ بَعْدَهُ لِلدُّخُولِ وَقِيلَ: لَا يُرَدُّ بِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ: تَرُدُّ بِهِ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ لَا الْعَكْسُ وَقِيلَ: إنْ حَدَثَ قَبْلَ الْبِنَاءِ ثَبَتَ لَهَا الرَّدُّ بِهِ، وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا رَدَّ لَهَا. الْأُولَى لِأَبِي الْحَسَنِ وَنَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِيَةُ لِأَشْهَبَ وَالثَّالِثَةُ قَوْلُ: ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ وَالرَّابِعَةُ لِلْمُتَيْطِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي جُنُونِ مَنْ تَأْمَنُ زَوْجَتُهُ أَذَاهُ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ اتِّفَاقًا حَدَثَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ. (قَوْلُهُ: رُدَّ بِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا بِالْمَرْأَةِ أَوْ بِالرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْخِيَارَ لِلْمَرْأَةِ) هَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ (قَوْلُهُ، وَكَذَا إنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تَرُدَّ بِهِ كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهَذَا إشَارَةٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: وَلِذَا جَعَلَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ قِيَاسِ الْجُنُونِ عَلَى الْجُذَامِ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ ذَاكِرَ الْحُكْمِ الْقَدِيمِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْحَادِثِ بَعْدَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَاصِلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْعُيُوبَ الْمُشْتَرَكَةَ مَا حَصَلَ مِنْهَا قَبْلَ الْعَقْدِ فَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ رَدُّ صَاحِبِهِ بِهِ وَمَا حَدَثَ مِنْهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلِلزَّوْجَةِ الرَّدُّ بِهِ دُونَ الزَّوْجِ سَوَاءٌ حَدَثَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ)

عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِهَا كَالْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمَجْنُونَ يُؤَجَّلُ، وَلَوْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ (سَنَةً) قَمَرِيَّةً لِلْحُرِّ وَنِصْفَهَا لِلْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ. (وَ) الْخِيَارُ ثَابِتٌ (بِغَيْرِهَا أَيْ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ) مِنْ سَوَادٍ وَقَرَعٍ وَعَمًى وَعَوَرٍ وَعَرَجٍ وَشَلَلٍ وَقَطْعٍ وَكَثْرَةِ أَكْلٍ مِنْ كُلِّ مَا يُعَدُّ عَيْبًا عُرْفًا (إنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ) مِنْهُ سَوَاءٌ عَيَّنَ مَا شَرَطَهُ أَوْ قَالَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ أَوْ مِنْ الْعُيُوبِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلَامَةَ فَلَا خِيَارَ (وَلَوْ) كَانَ شَرَطَ السَّلَامَةَ (بِوَصْفِ الْوَلِيِّ) أَوْ وَصْفِ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَسَكَتَ بِأَنَّهَا بَيْضَاءَ أَوْ صَحِيحَةَ الْعَيْنَيْنِ أَوْ سَلِيمَةً مِنْ الْقَرَعِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ سَأَلَ الزَّوْجُ عَنْهَا أَوْ وَصَفَ الْوَاصِفُ ابْتِدَاءً (عِنْدَ الْخِطْبَةِ) بِالْكَسْرِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ. (وَفِي الرَّدِّ) مِنْ الزَّوْجِ (إنْ شَرَطَ) الْمُوَثِّقُ بِأَنْ كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ (الصِّحَّةَ) لِلزَّوْجَةِ فِي الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ فَتُوجَدُ عَلَى خِلَافِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَعَدَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَلْفِيقِ الْمُوَثِّقِينَ وَهُوَ الظَّاهِرُ (تَرَدُّدٌ) ، وَلَوْ قَالَ وَفِي الرَّدِّ إنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ الصِّحَّةَ تَرَدُّدٌ كَانَ أَحْسَنَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَاتٍ. (قَوْلُهُ: كَالْمُصَنِّفِ) أَيْ عَلَى نُسْخَةِ التَّثْنِيَةِ لَا عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِضَمِيرِ الْمُفْرَدِ الْمُؤَنَّثِ الرَّاجِعِ لِلْعُيُوبِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: سَنَةً) اخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ لِزَوْجَةِ الْمَجْنُونِ النَّفَقَةُ فِي الْأَجَلِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَزَوْجَةِ الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لِلْحُرِّ) أَيْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَالْمُرَادُ بِالشَّخْصِ الْحُرُّ. (قَوْلُهُ: وَنِصْفُهَا لِلْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ) أَيْ الْمَعِيبَيْنِ وَجَعْلُ نِصْفِهَا لِلْعَبْدِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ، وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِمُرُورِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ الْعَبْدِ لِلْحُرِّ فِي التَّأْجِيلِ بِسَنَةٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) أَيْ بِالتَّأْجِيلِ لَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِبَرَصٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يُعَدُّ عَيْبًا عُرْفًا) أَيْ كَنَتْنِ فَمٍ وَجَرَبٍ وَحَبِّ أَفْرِنْجٍ. (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ السَّلَامَةَ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَيَّنَ مَا شَرَطَهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ بِشَرْطِ سَلَامَتِهَا مِنْ الْعَيْبِ الْفُلَانِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْعُيُوبِ) أَيْ وَلَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ عَيْبٍ أَوْ مِنْ الْعُيُوبِ عَلَى عُيُوبٍ تُرَدُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِشُمُولِهِ لِغَيْرِهَا أَيْضًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ شَرْطِ السَّلَامَةِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ نَحْوِ السَّوَادِ وَالْقَرَعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهَا إلَّا بِالشَّرْطِ وَمَا تَقَدَّمَ يُرَدُّ بِهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَنَّ الْعُيُوبَ الْمُتَقَدِّمَةَ مِمَّا تَعَافُهَا النُّفُوسُ وَتُنْقِصُ الِاسْتِمْتَاعَ بِخِلَافِ السَّوَادِ وَالْقَرَعِ وَمَا مَاثَلَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلَامَةَ فَلَا خِيَارَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ كَالشَّرْطِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَبْوَابِ حَيْثُ جُعِلَ الْعُرْفُ فِيهَا كَالشَّرْطِ أَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْ عَيْبٍ لَا تُرَدُّ بِهِ إلَّا بِشَرْطٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا شَرَطَهُ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِمَّا أَنْ يَرْضَى وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الصَّدَاقِ أَوْ يُفَارِقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَأَرَادَ بَقَاءَهَا أَوْ مُفَارَقَتَهَا رُدَّتْ لِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَسَقَطَ مَا زَادَهُ لِأَجْلِ مَا اشْتَرَطَهُ مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَإِلَّا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى فَلَيْسَ كَالْعَيْبِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ بِدُونِ شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ اطَّلَعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ إمَّا أَنْ يَرْضَى وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى أَوْ يُفَارِقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اطَّلَعَ بَعْدَهُ إمَّا أَنْ يَرْضَى وَيَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى أَوْ يُفَارِقُ وَيَلْزَمُهُ رُبُعُ دِينَارٍ عَلَى مَا يَأْتِي قَوْلُهُ (وَلَوْ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ شَرْطُ السَّلَامَةِ صَادِرًا مِنْ الْخَاطِبِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ إذَا وُجِدَتْ عَلَى خِلَافِ مَا شَرَطَ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ هَذَا قَوْلُ عِيسَى وَابْنِ وَهْبٍ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ مُحَمَّدٍ مَعَ أَصْبَغَ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ وَصْفَ الْوَلِيِّ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ صَحِيحَةَ الْعَيْنَيْنِ) أَيْ فَتُوجَدُ عَلَى خِلَافِ مَا وَصَفَ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ سَأَلَ الزَّوْجُ عَنْهَا) أَيْ فَوَصَفَهَا الْوَاصِفُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ مُطْلَقٌ وَأَنَّ عِيسَى يَقُولُ: إنَّ وَصْفَ الْوَلِيِّ يُوجِبُ الْخِيَارَ سَوَاءٌ وَصَفَهَا ابْتِدَاءً أَوْ كَانَ وَصَفَهُ بَعْدَ سُؤَالِ الزَّوْجِ عَنْهَا وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: وَصْفُ الْوَلِيِّ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ مُطْلَقًا طَرِيقَةٌ لِلَّخْمِيِّ وَصَدَّرَ بِهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ إنَّمَا هُوَ إذَا صَدَرَ الْوَصْفُ ابْتِدَاءً مِنْ الْوَاصِفِ، وَأَمَّا إذَا صَدَرَ بَعْدَ سُؤَالِ الزَّوْجِ فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ يُوجِبُ الرَّدَّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ الْمُوَثِّقُ) أَيْ إنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ فِي وَثِيقَةِ الْعَقْدِ الصِّحَّةَ بِأَنْ كَتَبَ تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ الشَّابَّةَ الصَّحِيحَةَ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا، وَكَذَا وَتُوجَدُ عَلَى خِلَافِهِ وَتَنَازَعَ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ فَقَالَ الزَّوْجُ: أَنَا شَرَطْتُ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَا رَدَّ بِهِ وَلَا يَكُونُ مَا كَتَبَهُ الْمُوَثِّقُ دَلِيلًا عَلَى اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَثِّقَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُلَفِّقُ الْكَلَامَ وَيُجَمِّلُهُ وَيَذْكُرُ فِيهِ مَا لَيْسَ بِمُشْتَرَطٍ وَقَالَ الْبَاجِيَّ: لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْمُوَثِّقَ لَا يَكْتُبُ الصَّحِيحَةَ إلَّا إذَا اُشْتُرِطَتْ الصِّحَّةُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ) تَصْوِيرٌ لِلشَّرْطِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمُوَثِّقِ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَكَلَامُ

(لَا) خِيَارَ (بِخُلْفِ الظَّنِّ) (كَالْقَرَعِ) وَهُوَ عَدَمُ نَبَاتِ الشَّعْرِ لِعِلَّةٍ مِنْ قَوْمٍ ذَوِي شَعْرٍ (وَالسَّوَادِ مِنْ) قَوْمٍ (بِيضٍ وَ) لَا فِي (نَتْنِ الْفَمِ) وَهُوَ الْبَخَرُ، وَلَا نَتْنِ الْأَنْفِ وَهِيَ الْخَشْمَاءُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فِيهِمَا قِيَاسًا مِنْهُ عَلَى نَتْنِ الْفَرْجِ (وَ) لَا فِي (الثُّيُوبَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ بِنِكَاحٍ أَمْ لَا حَيْثُ ظَنَّهَا بِكْرًا فَهَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ تَخَلُّفِ الظَّنِّ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَتَزَوَّجُهَا عَلَى شَرْطِ أَنَّهَا (عَذْرَاءَ) فَتُوجَدُ ثَيِّبًا فَلَهُ الْخِيَارُ (وَفِي) الْخِيَارِ بِشَرْطِ (بِكْرٍ) فَيَجِدَهَا ثَيِّبًا بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِمُسَاوَاةِ الْبِكْرِ لِلْعَذْرَاءِ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ وَمَا يَعْلَمُ وَلِيُّهَا بِثُيُوبَتِهَا عِنْدَ شَرْطِ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ قَطْعًا (وَإِلَّا) (تَزَوَّجَ الْحُرُّ الْأَمَةَ) يَظُنُّهَا حُرَّةً فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَهُ رَدُّهَا (وَ) تَزَوُّجُ (الْحُرَّةِ) ، وَلَوْ دَنِيئَةً (الْعَبْدَ) تَظُنُّهُ حُرًّا فَلَهَا الرَّدُّ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ مُنْقَطِعٌ (بِخِلَافِ) (الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ) يَظُنُّ أَحَدُهُمَا حُرِّيَّةَ الْآخَرِ (وَالْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ) يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً أَوْ عَكْسَهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافُ ظَنِّهِ فَلَا لِاسْتِوَائِهِمَا رِقًّا وَحُرِّيَّةً (إلَّا أَنْ يُغَرَّا) بِأَنْ يَقُولَ الرَّقِيقُ أَنَا حُرٌّ وَالنَّصْرَانِيَّةُ أَنَا مُسْلِمَةٌ وَعَكْسُهُ، وَلَا يَكُونُ الزَّوْجُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا فَالْخِيَارُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ. (وَأُجِّلَ الْمُعْتَرَضُ) الْحُرُّ الثَّابِتُ لِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ خِيَارٌ بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِيهَا وَطْءٌ (سَنَةً) قَمَرِيَّةً لِعِلَاجِهِ (بَعْدَ الصِّحَّةِ) مِنْ مَرَضٍ غَيْرِ الِاعْتِرَاضِ أَيْ إذَا كَانَ بِهِ مَرَضٌ غَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَيْطِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ صَدَرَتْ الْفَتْوَى فَكَانَ اللَّائِقُ لِلْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ قَالَ ح فَإِنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ سَلِيمَةَ الْبَدَنِ، اتَّفَقَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالْبَاجِيِّ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ إنْ وَجَدَهَا غَيْرَ سَلِيمَةٍ اهـ بْن قَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُ إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ صَحِيحَةٍ وَسَلِيمَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَادَةُ الْمُوَثِّقِينَ جَارِيَةٌ بِتَلْفِيقِهِ أَيْ بِذِكْرِهِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِتَلْفِيقِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ) أَيْ لَا بِتَخَلُّفِ الْأَمْرِ الْمَظْنُونِ، كَمَا إذَا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ مِنْ قَوْمٍ ذَوِي شَعْرٍ فَظَنَّهَا أَنَّهَا مِثْلُهُمْ فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ بِأَنْ وَجَدَهَا قَرْعَاءَ وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِبَرَصٍ أَوْ عَلَى مَعْنَى أَنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ وَالْأَصْلُ وَبِغَيْرِهَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْمٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَالْفَرْعِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَالْقَرَعِ لِمَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْ قَوْمٍ إلَخْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالسَّوَادُ مِنْ قَوْمٍ بِيضٍ. (قَوْلُهُ: فَتُوجَدُ ثَيِّبًا فَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ لِأَنَّ الْعَذْرَاءَ هِيَ الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا. (قَوْلُهُ: وَفِي بِكْرٍ. . . إلَخْ) الْبِكْرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هِيَ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ جَارٍ مَجْرَى الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْعَذْرَاءُ فَهِيَ الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا بِمُزِيلٍ فَلَوْ أُزِيلَتْ بَكَارَتُهَا بِزِنًا أَوْ بِوَثْبَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ لَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ فَهِيَ بِكْرٌ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْعَذْرَاءِ وَقِيلَ: الْبِكْرُ مُرَادِفَةٌ لِلْعَذْرَاءِ فَهِيَ الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا أَصْلًا وَعَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ وَقَعَ التَّرَدُّدُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: فَيَجِدُهَا ثَيِّبًا بِغَيْرِ نِكَاحٍ) وَأَمَّا لَوْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا بِنِكَاحٍ فَتُرَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْعَطَّارِ مَعَ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ مُرَادِفَةٌ لِلْعَذْرَاءِ وَأَنَّهَا الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا أَصْلًا وَالثَّانِي لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ هِيَ الَّتِي لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ جَارٍ مَجْرَاهُ. (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَجْرِ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اتَّفَقَتْ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى أَنَّهَا الْآنَ غَيْرُ بِكْرٍ فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَادَّعَى هُوَ عَدَمَهَا فَالْقَوْلُ لَهَا فِي وُجُودِهَا وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ جَبْرًا عَلَيْهَا، فَإِنْ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا امْرَأَتَيْنِ فَإِنْ شَهِدَتَا بِثُيُوبَتِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ دُونَهَا، وَإِنْ شَهِدَتَا بِبَكَارَتِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا دُونَهُ. (قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَوْلَى مُنْقَطِعٌ) أَيْ لِعَدَمِ دُخُولِ مَا بَعْدُ إلَّا فِيمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا تَخَلَّفَ فِيهِ الظَّنُّ وَمَا بَعْدَهَا تَخَلَّفَ فِيهِ الشَّرْطُ وَهَذَا أَيْ اشْتِرَاطُ كَوْنِهَا عَذْرَاءَ فَتُوجَدُ ثَيِّبًا لَيْسَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا فَمَا قَبْلُ إلَّا تَخَلَّفَ فِي الظَّنِّ وَمَا بَعْدَهَا تَخَلَّفَ فِيهِ الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ تَظُنُّهُ نَصْرَانِيًّا، وَقَوْلُهُ: فَلَا أَيْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ: لِاسْتِوَائِهِمَا رِقًّا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ وَقَوْلُهُ: وَحُرِّيَّةٌ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُغَرَّا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ الْمَغْرُورِينَ أَوْ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ ضَمِيرُ الْغَارِّينَ وَعَلَى كُلٍّ يَشْمَلُ الْغُرُورَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَبْدِ إلَخْ لِصِدْقِهِ عَلَى غُرُورِهِ لَهَا وَغُرُورِهَا لَهُ، وَكَذَا الْمُسْلِمُ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ الرَّقِيقُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الزَّوْجُ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ أَوْ الْمَرْأَةُ الَّتِي هِيَ الْأَمَةُ. (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْلِمُ لِلنَّصْرَانِيَّةِ: إنَّهُ نَصْرَانِيٌّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ الزَّوْجُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ مِنْ رِدَّتِهِ بِذَلِكَ، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ وَهِيَ التَّوَصُّلُ لِغَرَضِهِ مِنْ نِكَاحِهَا صَارِفَةٌ عَنْ رِدَّتِهِ كَمَا فِي الْيَمِينِ إذَا قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا الْحَالُ أَنَّهُ فَعَلَهُ، وَقَدْ كَذَبَ فِي يَمِينِهِ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: الْمُعْتَرَضُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي اعْتَرَضَهُ الْمَانِعُ فَمَنَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِعَارِضٍ يَعْرُضُ كَسِحْرٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِيهَا وَطْءٌ) سَوَاءٌ كَانَ اعْتِرَاضُهُ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا أَيْ وَأَمَّا الَّتِي سَبَقَ لَهُ وَطْءٌ لَهَا، وَلَوْ مَرَّةً فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَجَّلُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا بِكَاعْتِرَاضٍ. (قَوْلُهُ: لِعِلَاجِهِ)

فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْهُ سَنَةً (مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) لَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعَا وَتَرَاضَيَا عَلَى التَّأْجِيلِ فَمِنْ يَوْمِ التَّرَاضِي (وَإِنْ مَرِضَ) بَعْدَ الْحُكْمِ جَمِيعَ السَّنَةِ أَوْ بَعْضَهَا كَأَنْ يُقَدَّرَ فِي مَرَضِهِ هَذَا عِلَاجٌ أَوْ لَا وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا بَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا (وَ) أُجِّلَ (الْعَبْدُ نِصْفَهَا) أَيْ نِصْفَ السَّنَةِ. (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا) أَيْ لِامْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ فِي مُدَّةِ التَّأْجِيلِ وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّمَا اخْتَارَ عَدَمَهَا فِي امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ فَلَهَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً أَوْ نِصْفَهَا وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْمُصَنِّفِ الْمُعْتَرَضِ عَلَى الْمَجْنُونِ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُعْزَلُ عَنْهَا وَالْمُعْتَرَضُ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لِامْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ النَّفَقَةَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهُوَ قِيَاسٌ بِلَا جَامِعٍ. (وَصُدِّقَ) الْمُعْتَرَضُ (إنْ ادَّعَى فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ (الْوَطْءَ) بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ، وَكَذَا إنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا (بِيَمِينٍ) فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَهَا لَمْ يُصَدَّقْ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ) وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ (وَإِلَّا) تَحْلِفُ (بَقِيَتْ) زَوْجَةً وَلَا كَلَامَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بِنُكُولِهَا مُصَدِّقَةٌ لَهُ عَلَى الْوَطْءِ (وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) بَعْدَ السَّنَةِ (طَلَّقَهَا) إنْ شَاءَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ يَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ بِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَوَاضِحٌ (وَإِلَّا) يُطَلِّقْهَا بِأَنْ أَبَى (فَهَلْ يُطَلِّقُ) عَلَيْهِ (الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ) أَيْ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ كَطَلَّقْتُ نَفْسِي مِنْكَ وَمَا مَعْنَاهُ وَيَكُونُ بَائِنًا لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَجَّلَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَمْنَعُ مِنْ الْبُرْءِ مِمَّا هُوَ قَائِمٌ بِهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ. (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) أَيْ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ حَالَةَ كَوْنِهِ وَاقِعًا بَعْدَ الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا) أَيْ لِأَجْلِ الْمَرَضِ الَّذِي حَصَلَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا بِقَدْرِ زَمَنِ مَرَضِهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ الْمَرَضُ شَدِيدًا، وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ عَمَّ الْمَرَضُ السَّنَةَ اُسْتُؤْنِفَتْ لَهُ، وَإِنْ مَرِضَ بَعْضَهَا فَلَا يُزَادُ بِقَدْرِ زَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا) قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَجَلِ لِلْعَبْدِ فَقِيلَ كَالْحُرِّ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ فِي الْكَافِي وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْحُكْمُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ جُعِلَتْ لِيَخْتَبِرَ فِي الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ يَنْفَعُ الدَّوَاءُ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ (قَوْلُهُ: لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا) أَيْ لَا نَفَقَةَ لِامْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ فِي مُدَّةِ التَّأْجِيلِ عَلَى الزَّوْجِ الْمُعْتَرَضِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَالظُّهُورُ هُنَا عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا اخْتَارَ عَدَمَهَا فِي امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) أَيْ إذَا أَجَّلَ لِرَجَاءِ الْبُرْءِ أَيْ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ مِثْلُ امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ بِالصَّدَاقِ إذَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ صَدَاقَهَا، إذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا فَكَتَمَهُ. (قَوْلُهُ: يُعْزَلُ عَنْهَا) أَيْ فِي الْأَجَلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا اسْتِمْتَاعَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَرَضُ مُسْتَرْسَلٌ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَتَمَتَّعُ بِهَا فِي الْأَجَلِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَحِينَئِذٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْمَجْذُومِ وَالْأَبْرَصِ) أَيْ إذَا أَجَّلَا لِرَجَاءِ بُرْئِهِمَا فَإِنَّ لِزَوْجَتَيْهِمَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا مُدَّةَ التَّأْجِيلِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَجْنُونُ بَعْدَ الدُّخُولِ) أَيْ لِزَوْجَتِهِ النَّفَقَةُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ قِيَاسُ الْمُصَنِّفِ زَوْجَةُ الْمُعْتَرَضِ عَلَى زَوْجَةِ الْمَجْنُونِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا قِيَاسٌ بِلَا جَامِعٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَوْجَةَ الْمُبْرَصِ وَالْمُجْذَمِ إذَا أَجَّلَا لِلْبُرْءِ كَانَ لِزَوْجَتَيْهِمَا النَّفَقَةُ مُدَّةَ الْأَجَلِ كَانَتَا مَدْخُولًا بِهِمَا أَوْ لَا، وَكَذَا زَوْجَةُ الْمَجْنُونِ إذَا أَجَّلَ لِرَجَاءِ الْبُرْءِ لَهَا النَّفَقَةُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمُعْتَرَضِ إذَا أَجَّلَ لِرَجَاءِ الْبُرْءِ فَاسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا قِيَاسًا عَلَى زَوْجَةِ الْمَجْنُونِ الْغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فَاسِدٌ لِعَدَمِ الْجَامِعِ وَوُجُودُ الْفَارِقِ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ فَالْحَقُّ أَنَّ لِزَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ النَّفَقَةُ مُدَّةَ الْأَجَلِ كَزَوْجَةِ الْأَبْرَصِ وَالْأَجْذَمِ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ) أَيْ إنْ ادَّعَى فِي الْمُدَّةِ أَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا) أَيْ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ هَارُونَ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ لِتَقْدِيمِهِ فِيهَا عَلَى الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ) هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ يَبْقَى لِتَمَامِ السَّنَةِ، ثُمَّ يُطْلَبُ بِالْحَلِفِ وَلَا يَكُونُ نُكُولُهُ أَوَّلًا مَانِعًا مِنْ حَلِفِهِ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ فَإِنْ نَكَلَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ بَعْدَ السَّنَةِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَطْءَ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ بَلْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ فِيهَا أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَدَّعِ وَطْئًا وَلَا عَدَمَهُ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَاحِدَةً فَإِنْ أَوْقَعَ أَزْيَدَ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الزَّائِدُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُوقِعَ مَا شَاءَ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهُ) كَأَنَا طَالِقَةٌ مِنْك. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ طَلَاقِ الْحَاكِمِ وَطَلَاقِهَا بَائِنًا، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ لُزُومِ الْعِدَّةِ بِالْخَلْوَةِ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ، إذْ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَا وَجَبَتْ عِدَّةٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَقَدْ يُقَالُ: الْمُصَرَّحُ بِهِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ مَعَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالْخَلْوَةِ يُعَامَلَانِ بِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُ لَا وَطْءَ فَلَا رَجْعَةَ

(ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ) الْحَاكِمُ لِيَرْفَعَ خِلَافَ مَنْ لَا يَرَى أَمْرَ الْقَاضِي لَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمًا. (قَوْلَانِ وَلَهَا) أَيْ لِزَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ إنْ رَضِيَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْمُقَامِ مَعَهُ لِأَجَلٍ آخَرَ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا) بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ (بِلَا) ضَرْبِ (أَجَلٍ) ثَانٍ وَلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَرَبَ أَوَّلًا وَمَفْهُومُ مَا فِي الرِّوَايَةِ مِنْ قَوْلِهَا إلَى أَجَلٍ آخَرَ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ بَعْدَ السَّنَةِ رَضِيتُ بِالْمُقَامِ مَعَهُ أَبَدًا أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا فِرَاقُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ لَمْ يَرْضَ (وَ) لَهَا (الصَّدَاقُ بَعْدَهَا) أَيْ السَّنَةِ كَامِلًا؛ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا وَطَالَ مُقَامُهَا مَعَهُ وَتَلَذَّذَ بِهَا وَأَخْلَقَ شُورَتَهَا فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَهَا فَلَهَا النِّصْفُ وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا بِالِاجْتِهَادِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي وُجُوبِ الصَّدَاقِ قَوْلُهُ: (كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ) ، ثُمَّ يُطَلِّقَانِ بِاخْتِيَارِهِمَا لَا إنْ طَلَّقَ عَلَيْهِمَا لِعَيْبِهِمَا فَإِنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْخَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْمَجْبُوبِ. (وَفِي) (تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ) عَلَى الْمُعْتَرَضِ (إنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فِيهَا) أَيْ فِي السَّنَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا حَيْثُ طَلَبَتْهُ الزَّوْجَةُ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ حِينَئِذٍ وَعَدَمُ تَعْجِيلِهِ بَلْ تَبْقَى حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ، إذْ لَعَلَّهَا تَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ (قَوْلَانِ) . (وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ لِيَرْفَعَ خِلَافَ إلَخْ) الْأَوْلَى لِيَرْفَعَ خِلَافَ مَنْ يَرَى أَنَّ طَلَاقَ الْمَرْأَةِ لَا يَقَعُ أَصْلًا، ثُمَّ إنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ حَقِيقَةُ الْحُكْمِ وَاَلَّذِي قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ هُنَا الْإِشْهَادُ أَيْ أَوْ يَأْمُرَهَا بِهِ فَإِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَشْهَدَ الْحَاكِمَ عَلَى ذَلِكَ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ الْحُكْمِ فَفِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ عَاتٍ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لَهَا بَعْدَ كَمَالِ نَظَرِهِ: إنْ شِئْتَ أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَكِ، وَإِنْ شِئْتِ التَّرَبُّصَ عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ اهـ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَلَا أَعْذَارَ فِي الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِأَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، إذْ لَا أَعْذَارَ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ مِنْ إقْرَارٍ، وَإِنْكَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَرْجِيحٌ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ الْمُتَيْطِيُّ فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ بِالْعَيْبِ الْإِمَامُ يُوقِعُهُ أَوْ يُفَوِّضُ إلَيْهَا قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ قَالَ ح وَأَفْتَى بِالثَّانِي ابْنُ عَاتٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَابْنُ سَهْلٍ اهـ وَعَلَيْهِ فَحَقُّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ يَقُولُ خِلَافٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَهَا) أَيْ لِزَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ حَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا رَضِيَتْ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لَهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ مُدَّةً لِتَتَرَوَّى وَتَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا فَلَهَا ذَلِكَ وَلَا تَحْتَاجُ لِضَرْبِ أَجَلٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ قَدْ ضُرِبَ أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَضِيَتْ ابْتِدَاءً بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ لِتَتَرَوَّى فِي أَمْرِهَا بِلَا ضَرْبِ أَجَلٍ، ثُمَّ قَامَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ هَذَا كُلُّهُ فِي زَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا فِي نَصِّ الْمَوَّاقِ وَقَوْلُهُ: وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ أَوْ لَمْ يَرْضَ أَيْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ رِضًا مُطْلَقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ وَقَالَ بْن الَّذِي فِي شَرْحِ ابْنِ رَحَّالٍ مَا نَصُّهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا فِي الرِّوَايَةِ غَيْرُ شَرْطٍ بَلْ، وَكَذَا إذَا قَالَتْ: رَضِيت بِالْمَقَامِ مَعَهُ فَلَهَا فِرَاقُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي زَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمُجْذَمِ إذَا طَلَبَتْ فِرَاقَهُ فَأَجَّلَ لِرَجَاءِ بُرْئِهِ فَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ، ثُمَّ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ فَإِنْ قَيَّدَتْ رِضَاهَا بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِأَجَلٍ لِتَتَرَوَّى كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ ثَانٍ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْ بَلْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ أَبَدًا، ثُمَّ أَرَادَتْ الْفِرَاقَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ الْجُذَامُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَحَكَى فِي الْبَيَانِ قَوْلًا ثَالِثًا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ زَادَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ قَالَ بْن وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِتَقْيِيدِ الْخِيَارِ فِيمَا سَبَقَ بِعَدَمِ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَيْ إذَا حَصَلَ الطَّلَاقُ بَعْدَهَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إذَا أَجَّلَ سَنَةً وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ بَعْدَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَهَا نِصْفَهُ. (قَوْلُهُ: وَتَلَذَّذَ بِهَا) أَيْ بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اللَّذَّةَ الْكُبْرَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَهَا فَلَهَا النِّصْفُ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَطُلْ مَقَامُهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا وَلَفْظُ ح، وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ إذَا لَمْ يَطُلْ مَقَامَهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ السَّنَةِ فِيمَا إذَا رَضِيَ بِالْفِرَاقِ تَمَامَهَا وَفِيمَا إذَا قَطَعَ ذَكَرَهُ فِي السَّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالْخَصِيُّ) أَيْ الْمَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمُ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ مَالِكٍ وَبَقِيَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا تُطَلِّقُ أَصْلًا وَتَكُونُ مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهَا وَقَوْلُهُ: إنْ قُطِعَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهُ هُوَ فَيُعَجِّلُ الطَّلَاقَ قَطْعًا وَلَهَا النِّصْفُ حِينَئِذٍ فَلَوْ قَطَعَتْهُ عَمْدًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا فَلَا تَطْلُقُ أَصْلًا وَتَبْقَى زَوْجَةً لِتَعَدِّيهَا خُصُوصًا، وَقَدْ قِيلَ بِذَلِكَ إذَا قَطَعَهُ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَدْوَاءَ الْمُشْتَرَكَةَ وَالْمُخْتَصَّةَ بِالرَّجُلِ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهَا فَإِنَّهُ يُؤَجَّلُ فِيهَا الْحُرُّ سَنَةً وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا، وَأَمَّا الْأَدْوَاءَ الْمُخْتَصَّةَ بِالنِّسَاءِ فَالتَّأْجِيلُ فِيهَا إنْ رُجِيَ الْبُرْءُ بِالِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ: وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ أَيْ وَهِيَ الَّتِي انْسَدَّ مَسْلَكُ الذَّكَرِ مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فَإِذَا طَلَبَ الزَّوْجُ رَدَّهَا وَطَلَبَتْ التَّدَاوِيَ فَإِنَّهَا تُؤَجَّلُ لِذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ وَرَدُّهَا حَالًا لِأَهْلِهَا بَلْ يَلْزَمُهُ

وَغَيْرُهَا مِنْ ذَوَاتِ دَاءِ الْفَرْجِ (لِلدَّوَاءِ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بَلْ بِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالطِّبِّ وَهَذَا إذَا رُجِيَ الْبُرْءُ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ) إنْ امْتَنَعَتْ (إنْ كَانَ خِلْقَةً) بِأَنْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، إذْ شَأْنُهُ أَنَّ فِي قَطْعِهِ شِدَّةُ ضَرَرٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ خِلْقَةً جُبِرَ عَلَيْهِ الْآبِي مِنْهُمَا لِطَالِبِهِ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ بَعْدَهُ وَإِلَّا جُبِرَتْ هِيَ إنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ. (وَجُسَّ) بِظَاهِرِ الْيَدِ (عَلَى ثَوْبِ مُنْكِرِ الْجَبِّ وَنَحْوَهُ) مِنْ خِصَاءٍ وَعُنَّةٍ وَلَا يَنْظُرُهُ الشُّهُودُ؛ لِأَنَّ الْجَسَّ أَخَفُّ مِنْ النَّظَرِ (وَصُدِّقَ فِي) إنْكَارِ (الِاعْتِرَاضِ) بِيَمِينٍ، وَكَذَا يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ دَاءِ الْفَرْجِ مِنْ بَرَصٍ وَجُذَامٍ (كَالْمَرْأَةِ) تُصَدَّقُ (فِي) نَفْيِ (دَائِهَا) أَيْ دَاءِ فَرْجِهَا بِيَمِينٍ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، وَأَمَّا دَاءُ غَيْرِ الْفَرْجِ كَبَرَصٍ فَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِرَجُلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَاقِي الْجَسَدِ كَفَى فِيهِ امْرَأَتَانِ (أَوْ) فِي نَفْيِ (وُجُودِهِ) أَيْ الْعَيْبِ (حَالَ الْعَقْدِ) بِأَنْ قَالَتْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ لَك وَقَالَ بَلْ قَبْلَهُ فَلِيَ الْخِيَارُ فَالْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينٍ إنْ حَصَلَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: (أَوْ) فِي وُجُودِ (بَكَارَتِهَا) إذَا قَالَ وَجَدْتُهَا ثَيِّبًا وَقَالَتْ بَلْ وَجَدَنِي بِكْرًا (وَحَلَفَتْ هِيَ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَصْبِرَ لِعِلَاجِهَا فَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ لِعِلَاجِهَا وَلَمْ تَبْرَأْ خُيِّرَ بَيْنَ إبْقَائِهَا وَرَدِّهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّوَاءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُمَكِّنَ زَوْجَهَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الْأَجَلِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ وَطْءٍ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) أَيْ كَالْقَرْنَاءِ وَالْعَفْلَاءِ وَالْبَخْرَاءِ. (قَوْلُهُ: لِلدَّوَاءِ) أَيْ لِلتَّدَاوِي أَوْ لِاسْتِعْمَالِ الدَّوَاءِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يُضْرَبُ لَهَا شَهْرَانِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا أَيْ تَأْجِيلُهَا لِلتَّدَاوِي إذَا طَلَبَتْهُ وَطَلَبَ الزَّوْجُ رَدَّهَا إذَا كَانَ يُرْجَى الْبُرْءُ بِلَا ضَرَرٍ فِي الْإِصَابَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يَحْصُلُ بَعْدَهُ عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ فَلَا تُجَابُ لِمَا طَلَبَتْهُ مِنْ التَّأْجِيلِ لِلدَّوَاءِ بِرِضَاهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَوَاءٍ إنْ امْتَنَعَتْ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ طَلَبَهُ الزَّوْجُ وَسَوَاءٌ كَانَ يَحْصُلُ بَعْدَهُ عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَيْ الدَّاءُ خِلْقَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الرَّتْقُ خِلْقَةً بِأَنْ كَانَ عَارِضًا بِصُنْعِ صَانِعٍ كَمَا لَوْ خُفِضَتْ وَالْتَفَّ فَخِذَاهَا عَلَى بَعْضٍ وَالْتَحَمَ اللَّحْمُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جُبِرَتْ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يَلْزَمُ عَلَى التَّدَاوِي عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ جُبِرَتْ عَلَيْهِ إنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ فَإِنْ طَلَبَتْهُ هِيَ وَأَبَى الزَّوْجُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إجَابَتِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّاءَ إمَّا أَنْ يَكُونَ خِلْقَةً أَوْ عَارِضًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ الزَّوْجَةُ التَّدَاوِيَ مِنْهُ وَيَأْبَى الزَّوْجُ أَوْ يَطْلُبَهُ الزَّوْجُ وَتَأْبَاهُ الزَّوْجَةُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى التَّدَاوِي عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ أَوْ لَا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانِيَةٌ فَإِنْ كَانَ خِلْقَةً وَطَلَبَتْ الزَّوْجَةُ التَّدَاوِيَ وَأَبَاهُ الزَّوْجُ أُجِيبَتْ لِمَا طَلَبَتْهُ إنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّدَاوِي عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ وَإِلَّا فَلَا تُجَابُ، وَإِنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتْ فَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّدَاوِي عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ الدَّاءُ عَارِضًا وَطَلَبَهُ أَحَدُهُمَا فَكُلُّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْهُمَا أُجِيبَ لَهُ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ عَيْبٌ أُجْبِرَتْ عَلَيْهِ إنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ، وَإِنْ طَلَبَتْهُ هِيَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ بَلْ يُخَيَّرُ (قَوْلُهُ: بِظَاهِرِ الْيَدِ) أَيْ لَا بِبَاطِنِهَا؛ لِأَنَّ بَاطِنَ الْيَدِ مَظِنَّةٌ لِكَمَالِ اللَّذَّةِ فَلَا يُرْتَكَبُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْعِلْمِ بِذَلِكَ بِظَاهِرِ الْيَدِ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ فِي إنْكَارِ الِاعْتِرَاضِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِأَنَّهُ مُعْتَرَضٌ وَأَكْذَبَهَا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ بِالْجَسِّ وَحِينَئِذٍ فَيُصَدَّقُ فِي نَفْيِهِ بِيَمِينٍ. إنْ قُلْتَ: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ قُلْتَ: لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ التَّأْجِيلِ وَهَذِهِ فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الِاعْتِرَاضَ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّكْرَارِ إلَّا كَوْنَ الثَّانِي مُسْتَفَادًا مِمَّا ذُكِرَ أَوَّلًا وَمَا هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ زَوَالَ الِاعْتِرَاضِ بَعْدَ وُجُودِهِ فَأَوْلَى أَنْ يُصَدَّقَ فِي نَفْيِهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُصَنِّفَ كَرَّرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا. (قَوْلُهُ: كَالْمَرْأَةِ تُصَدَّقُ فِي نَفْيِ دَائِهَا) أَيْ فِي نَفْيِ دَاءِ فَرْجِهَا، وَلَوْ بَرَصًا أَوْ جُذَامًا ادَّعَى الزَّوْجُ قِيَامَهُ بِهِ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: بِيَمِينٍ أَيْ وَلَهَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الزَّوْجِ فَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ لَهُ الرَّدُّ قَالَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْمَوَّاقُ وح وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ لَيْسَ لَهَا رَدُّهَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ لَك) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا حَدَثَ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا خِيَارَ لِلرَّجُلِ فِيهِ وَيَكُونُ مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَوْلُهُ:) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَصَلَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَيْ وَبَعْدَ الْعَقْدِ فَقَوْلُهُ: أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِابْنِ رُشْدٍ وَاَلَّذِي فِي خش أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ رَجَّحَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ التَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَتْ بَلْ وَجَدَنِي بِكْرًا) أَيْ سَوَاءٌ ادَّعَتْ أَنَّهَا الْآنَ بِكْرٌ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا وَهُوَ أَزَالَ بَكَارَتَهَا فَتُصَدَّقُ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا بِيَمِينٍ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ابْنِ غَازِيٍّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي خَشٍ هُنَا وَلِمَا فِي عبق عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي بِكْرٍ تَرَدُّدٌ مِنْ أَنَّهَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَا تُصَدَّقُ بَلْ يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ: إنَّ بِهَا أَثَرًا قَرِيبًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، وَإِنْ قُلْنَ: إنَّ بِهَا أَثَرًا يَبْعُدُ كَوْنُهُ

[ما يترتب للمرأة إذا حصل الرد قبل البناء وبعده من الصداق]

(أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً) أَوْ صَغِيرَةً بِالْأَوْلَى (وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ) جَبْرًا عَلَيْهَا أَوْ ابْتِدَاءً وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ عَيْبٍ بِالْفَرْجِ، وَأَمَّا بِرِضَاهَا فَيَنْظُرْنَهَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتَى) الزَّوْجُ (بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ) (قُبِلَتَا) وَلَا يَكُونُ تَعَمُّدُ نَظَرِهِمَا لِلْفَرْجِ جُرْحَةً إمَّا لِعُذْرِهِمَا بِالْجَهْلِ أَوْ لِكَوْنِ الْمَانِعِ مِنْ نَظَرِهِمَا حَقُّ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَتِهَا فَإِنْ رَضِيتُ جَازَ لِلضَّرُورَةِ. (وَإِنْ) (عَلِمَ الْأَبُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ، وَقَدْ شَرَطَ الزَّوْجُ بَكَارَتَهَا (بِثُيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ) مِنْ نِكَاحٍ بَلْ بِوَثْبَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ زِنًا (وَكَتَمَ) (فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ فَتُرَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ. وَلَمَّا ذَكَرَ لِمَا يُوجِبُ الرَّدَّ وَمَا لَا يُوجِبُهُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَ) إنْ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ (مَعَ الرَّدِّ) (قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ) لَهَا سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَهِيَ مُدَلِّسَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِهِ فَهِيَ مُخْتَارَةٌ لِفِرَاقِهِ (كَغُرُورٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا (بِحُرِّيَّةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ اهـ؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَهُ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ غَيْرُ سَحْنُونٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً) إنْ قُلْتَ كَيْفَ يَحْلِفُ الْأَبُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ مَعَ أَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ هُوَ لَا لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ قُلْتُ أَمَرَ الْأَبُ بِالْحَالِفِ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّ وَلِيَّتَهُ سَالِمَةٌ فَالْغُرْمُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَالْحَلِفُ لِرَدِّ الْغُرْمِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِاسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْأَخُ كَالْأَبِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ بَلْ عَلَيْهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَيَنْبَغِي كَوْنُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ يَوْمَ الْعَقْدِ إلَّا ظَاهِرًا فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى نَحْوِ مَا وَجَبَتْ عَلَى الْأَبِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: كُلُّ الْأَيْمَانِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَتِّ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ: إذَا كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ فَإِنَّمَا تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا بِحَيْثُ يَجِبُ الْغُرْمُ عَلَى الْوَلِيِّ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ أَوْ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ) وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَجُوزُ النَّظَرُ لِلْفَرْجِ لِلنِّسَاءِ لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ وَتُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى نَظَرِهِنَّ لَهُ قَالَ بْن الَّذِي تَلَقَّيْتُهُ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْمُفْتِينَ أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِفَاسَ بِقَوْلِ سَحْنُونٍ هَذَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا جَارٍ فِي كُلِّ عَيْبٍ بِالْفَرْجِ) أَيْ وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَوَابَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ) أَيْ أَوْ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا إذَا أَتَى الرَّجُلُ بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ عَلَى مَا هِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ كَنَفْيِ الرَّتَقِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا تُصَدَّقُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ حَلِفِهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: قُبِلَتَا) أَيْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِمَالٍ إلَّا أَنَّهَا تَئُولُ لَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ ثَمَرَتِهَا سُقُوطَ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِ الْمَانِعِ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي بَحْثِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ رَضِيَتْ. قُلْتُ: أُجِيبَ مَا فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِنَفْعٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي هَذِهِ وَمِثْلُهَا الطِّبُّ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِعُذْرِهِمَا بِالْجَهْلِ) أَيْ بِجَهْلِ حُرْمَةِ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا بِكْرًا فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَا رَدَّ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ أَنَّهَا بِكْرٌ وَوَجَدَهَا قَدْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَكَارَةَ وَوَجَدَهَا قَدْ ثُيِّبَتْ بِوَثْبَةٍ أَوْ بِزِنًا فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ أَوْ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَكَارَةِ صَادِقٌ عَلَى ذَلِكَ تَرَدُّدٌ وَمَحَلُّ هَذَا التَّرَدُّدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا حِينَ اشْتِرَاطِ الزَّوْجِ الْبَكَارَةَ وَكَتَمَ ذَلِكَ عَنْ الزَّوْجِ فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ فَلَا رَدَّ مُطْلَقًا أَيْ عَلِمَ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا أَمْ لَا، وَإِنْ شَرَطَ الْعَذَارَةَ أَوْ الْبَكَارَةَ وَكَانَ زَوَالُهَا بِنِكَاحٍ فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَكَارَةَ وَكَانَ زَوَالُهَا بِزِنًا أَوْ وَثْبَةٍ فَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ وَكَتَمَ عَلَى الزَّوْجِ الْمُشْتَرِطِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ. (قَوْلُهُ: فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ) أَيْ وَرَجَعَ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْأَبِ وَعَلَى غَيْرِهِ إنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ) هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَبَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ لَا رَدَّ لَهُ [مَا يَتَرَتَّبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مِنْ الصَّدَاقِ] (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِيَارُ مَعَ الرَّدِّ إلَخْ) كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْفَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهَا تُزَادُ بَعْدَ كَلِمَةِ الظَّرْفِ كَثِيرًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: 11] وَقَوْلُهُ: الِاخْتِيَارُ هُوَ بِمَعْنَى الْخِيَارِ وَهُوَ لَازِمٌ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَقَعَ) أَيْ الرَّدُّ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا ظَاهِرٌ فِي رَدِّهَا لَهُ بِعَيْبِهِ، وَأَمَّا فِي رَدِّهَا لَهُ بِعَيْبِهَا فَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا صَدَاقَ لَهَا إنْ رَدَّهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ لَا إنْ رَدَّهَا بِهِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَوْ بِعَيْبٍ لَا يُوجِبُهُ إلَّا بِشَرْطٍ وَحَصَلَ ذَلِكَ

أَوْ بِإِسْلَامٍ تَبَيَّنَ عَدَمُهَا فَحَصَلَ رَدٌّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ؛ لِأَنَّ الْغَارَّ إنْ كَانَ هِيَ الزَّوْجَةَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَ فَالْفِرَاقُ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا (وَ) إنْ وَقَعَ الرَّدُّ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ (فَمَعَ عَيْبِهِ) أَيْ عَيْبِ الزَّوْجِ أَيْ فَمَعَ الرَّدِّ بِسَبَبِ عَيْبِهِ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ مَعِيبَةً أَيْضًا يَجِبُ لَهَا (الْمُسَمَّى) لِتَدْلِيسِهِ (وَمَعَهَا) أَيْ مَعَ رَدِّهِ لَهَا بِعَيْبِهَا، وَلَوْ كَانَ هُوَ مَعِيبًا أَيْضًا (رَجَعَ) الزَّوْجُ (بِجَمِيعِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَهُ لَهَا فِي عَيْبٍ تُرَدُّ بِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَأَمَّا مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّرْطُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا زَادَهُ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا وَكَلَامُهُ فِي الْحُرَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَى وَلِيٍّ لَمْ يَغِبْ إلَخْ فَقَوْلُهُ: (لَا قِيمَةِ الْوَلَدِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ مِنْ هُنَا؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا غَرَّ الزَّوْجَ شَخْصٌ غَيْرُ السَّيِّدِ وَالْأَمَةِ فَمَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى غَارٍّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ فَكَانَ يَقُولُ عَقِبَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إنْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةٍ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا غَرَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ تَوَلَّى عَقْدَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَلَمْ يُخْبِرْ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ بَلْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِشَيْءٍ وَغَرِمَ الزَّوْجُ الْمُسَمَّى لِسَيِّدِهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالْمُسَمَّى لَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي غَرِمَهَا السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ سَبَبٌ فِي إتْلَافِ الصَّدَاقِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لِلْوَطْءِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ لَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَلَدٌ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فَلَوْ أَخْبَرَ الْأَجْنَبِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَمَا إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَسَيَأْتِي حُكْمُ غُرُورِ السَّيِّدِ فِي كَلَامِهِ (عَلَى وَلِيٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجْعِ (لَمْ يَغِبْ) يَعْنِي لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ أَمْرُ وَلِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنْ غَابَ عَنْهَا بِأَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ عَيْبُهَا لِعَدَمِ مُخَالَطَتِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ السَّفَرُ وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَظْهَرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ، وَأَمَّا مَا لَا يَظْهَرُ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ بِالْوَطْءِ فَحُكْمُ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ فِيهِ كَالْبَعِيدِ (كَابْنٍ) وَأَبٍ (وَأَخٍ) مِثَالٌ لِلَّذِي لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ عَيْبُهَا، وَكَذَا عَمٌّ وَابْنُ عَمٍّ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمَا عَيْبُهَا (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ إذَا كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَلَا رُجُوعَ لِلْوَلِيِّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَلَّسَ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِلزَّوْجِ، وَإِنْ أَعْدَمَ الْوَلِيُّ أَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدَلِّسْ وَمِنْ حُجَّتِهَا أَنْ تَقُولَ: لَوْ حَضَرْت مَحَلَّ الْعَقْدِ مَا كَتَمْت عَيْبِي (وَ) رَجَعَ (عَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْطُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِسْلَامٍ) الْأَوْلَى أَوْ بِدِينٍ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُدَلِّسَةٌ. (قَوْلُهُ: فَالْفِرَاقُ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا) أَيْ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ فَمَعَ الرَّدِّ بِسَبَبِ عَيْبِهِ يَجِبُ لَهَا الْمُسَمَّى) إذَا كَانَ يُتَصَوَّرُ وَطْؤُهُ كَمَجْنُونٍ وَمُجْذَمٍ وَأَبْرَصَ فَإِنْ كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ وَطْؤُهُ كَالْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ وَالْخَصِيِّ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَلُقَا بِاخْتِيَارِهِمَا وَمَا هُنَا رُدَّا بِعَيْبِهِمَا كَمَا أَشَارَ بِذَلِكَ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَا قِيمَةِ الْوَلَدِ) عُطِفَ عَلَى جَمِيعِهِ. (قَوْلُهُ: فَكَانَ يَقُولُ عَقِبَهُ) أَيْ عَقِبَ قَوْلِهِ وَعَلَى غَارِ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِشَيْءٍ) أَيْ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَحَمَلَتْ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا أَمَةٌ فَرَدَّهَا وَغَرِمَ الزَّوْجُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حُرٌّ) أَيْ فَلَيْسَ لِسَيِّدِ أُمِّهِ أَخْذُهُ وَلَا بَيْعُهُ فَقَدْ أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ بِوَطْئِهِ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِ فَلِذَا غَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَيِّدَ الْأُمِّ لَهُ بَيْعُ كُلِّ وَلَدٍ نَشَأَ مِنْهَا لَكِنْ لَمَّا وَطِئَهَا ذَلِكَ الزَّوْجُ وَهُوَ مَغْرُورٌ حُكِمَ عَلَى ذَلِكَ الْوَلَدِ بِالْحُرِّيَّةِ فَلِذَا غَرِمَ الزَّوْجُ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إتْلَافِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغُرُورَ سَبَبٌ فِي إتْلَافِ الصَّدَاقِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ فَلِذَا رَجَعَ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْغَارِّ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغُرُورَ إلَخْ أَيْ وَوَطْءُ الزَّوْجِ سَبَبٌ فِي إتْلَافِ الْوَلَدِ عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ فَلِذَا لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِقِيمَتِهِ عَلَى أَحَدٍ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ - أَيْ الْغُرُورُ - إنْ كَانَ سَبَبًا فِي الْوَطْءِ أَيْ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ فِي إتْلَافِ الْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ قَدْ لَا يَنْشَأُ عَنْ الْوَطْءِ وَلَدٌ الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَيَقُولُ: وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لِلْوَطْءِ إلَّا أَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) أَيْ لَا بِالصَّدَاقِ وَلَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ) أَيْ كَالْأَجْنَبِيِّ الَّذِي غُرَّ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا بِالصَّدَاقِ وَلَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ، وَلَوْ كَانَ الْغُرُورُ مِنْ الْأَمَةِ لَكَانَ عَلَى الزَّوْجِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي حُكْمُ غُرُورِ السَّيِّدِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّهَا أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ عَلَى الزَّوْجِ قِيمَتُهَا وَعَلَيْهِ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْمَفَاهِيمِ قِيمَةُ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَلِيٍّ) أَيْ تَوَلَّى الْعَقْدَ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَغِبْ أَيْ لَمْ يَغِبْ عَنْهَا أَيْ خَالَطَهَا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ عَيْبُهَا وَإِنَّمَا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُخَالِطًا لَهَا وَعَالِمًا بِعُيُوبِهَا وَأَخْفَاهَا عَلَى الزَّوْجِ صَارَ غَارًّا لَهُ وَمُدَلِّسًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَ عَنْهَا) أَيْ لَمْ يُخَالِطْهَا بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ عَيْبُهَا حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ لَهَا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ السَّفَرَ) أَيْ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ رَجَعَ عَلَيْهِ كَانَ مُخَالِطًا لَهَا أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ عَنْهَا عَدَمُ الْمُخَالَطَةِ لَهَا بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ عَيْبُهَا كَمَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ: كَالْبَعِيدِ) أَيْ فِي كَوْنِ الرُّجُوعِ عَلَى الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: كَابْنٍ وَأَخٍ، وَكَذَا عَمٌّ وَابْنُ عَمٍّ) أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي الْوَلِيِّ الَّذِي لَمْ يَغِبْ عَنْهَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَرَابَتُهُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُجْبِرٌ وَزَوْجُهَا مَنْ ذُكِرَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا كَانَ الْغُرْمُ عَلَى الْمُجْبِرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) أَيْ فَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى وَلِيِّهَا الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا وَأَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ لَا يَرْجِعُ

أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ (وَعَلَيْهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى (إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمَيْنِ) لِلْعَيْبِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا غَرِيمٌ فَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ فِي الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا (ثُمَّ) يَرْجِعُ (الْوَلِيُّ عَلَيْهَا إنْ أَخَذَهُ) الزَّوْجُ (مِنْهُ لَا الْعَكْسُ) فَلَا تَرْجِعُ هِيَ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ الزَّوْجُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُبَاشِرَةُ لِلْإِتْلَافِ (وَ) رَجَعَ الزَّوْجُ (عَلَيْهَا) فَقَطْ (فِي) تَزْوِيجِ (كَابْنِ الْعَمِّ) وَالْمَوْلَى وَالْحَاكِمِ مِنْ كُلِّ وَلِيٍّ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ شَأْنُهُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُهَا (إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) لِحَقِّ اللَّهِ لِئَلَّا يَعْرَى الْبُضْعُ عَنْ صَدَاقٍ وَيَجْرِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْهَا (فَإِنْ) (عَلِمَ) الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ بِعَيْبِهَا وَكَتَمَهُ عَنْ الزَّوْجِ (فَكَالْقَرِيبِ) الَّذِي لَمْ يَغِبْ فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ فَقَطْ إنْ كَانَتْ غَائِبَةً وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمَيْنِ كَمَا سَبَقَ (وَحَلَّفَهُ) أَيْ حَلَّفَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ (إنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ عَلَيْهِ دَعْوَى تَحْقِيقِ (عِلْمِهِ) بِعَيْبِهَا (كَاتِّهَامِهِ) أَيْ اتِّهَامِ الزَّوْجِ الْوَلِيَّ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَكَتَمَهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) يَجِبُ حَذْفُهُ، إذْ لَيْسَ لِلَّخْمِيِّ فِي هَذِهِ اخْتِيَارٌ (فَإِنْ) (نَكَلَ) الْوَلِيُّ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ (حَلَفَ) الزَّوْجُ (أَنَّهُ غَرَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ دُونَ الزَّوْجَةِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى الِاتِّهَامِ فَيَغْرَمُ الْوَلِيُّ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ (فَإِنْ نَكَلَ) الزَّوْجُ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ كَمَا نَكَلَ الْوَلِيُّ (رَجَعَ) الزَّوْجُ (عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ) وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ لَيْسَ فِي نُكُولِ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي حَلِفِ الْوَلِيِّ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ حَلَفَ أَيْ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ رَجَعَ أَيْ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ، ثُمَّ هُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ إذَا لَمْ يَغُرَّ الزَّوْجَ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْوَلِيَّ غَرَّهُ وَلَا عَلَى الْوَلِيِّ لِحَلِفِهِ. (وَ) رَجَعَ الزَّوْجُ (عَلَى) شَخْصٍ (غَارٍّ) لَهُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِحُرِّيَّةِ أَمَةِ (غَيْرِ وَلِيٍّ) خَاصٍّ (تَوَلَّى) الْغَارُّ (الْعَقْدَ) بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ وَلَا يَتْرُكُ لَهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا يَرْجِعُ إنْ غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي غَرِمَهَا لِسَيِّدِهَا عَلَى الْغَارِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فَهَذَا مَحَلُّهُ كَمَا سَبَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَإِنْ عُدِمَ الْوَلِيُّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا أَوْ مَاتَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فِي حَالَةِ عَدَمِ الْوَلِيِّ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَوْ) أَيْ الَّتِي لِلتَّخْيِيرِ أَيْ وَرَجَعَ الزَّوْجُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجَةِ وَقَوْلُهُ: غَرِيمٌ أَيْ لِلزَّوْجِ بِسَبَبِ تَدْلِيسِهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ فِي الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) إلَّا أَنَّهُ إنْ رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ أَخَذَهُ مِنْهُ بِتَمَامِهِ، وَإِنْ رَجَعَ عَلَيْهَا تَرَكَ لَهَا مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا) أَيْ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ لَهَا. (قَوْلُهُ: إنْ أَخَذَهُ الزَّوْجُ مِنْهُ) أَيْ إنْ أَخَذَ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فَقَطْ) أَيْ بِالصَّدَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ غَائِبَةً عَنْهُ. (قَوْلُهُ: كَابْنِ الْعَمِّ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ. (قَوْلُهُ: إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَحِلُّ بِهِ الْبُضْعُ شَرْعًا فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَمَا يَقُومُ بِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْهَا) أَيْ وَلَا يَجْرِي فِي قَوْلِهِ عَلَى وَلِيٍّ خِلَافًا لعبق؛ لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَتَى رَجَعَ عَلَى الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلُ رَجَعَ بِجَمِيعِهِ إلَخْ اهـ بْنُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ غَائِبَةً) أَيْ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ، وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا إلَخْ أَيْ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إنْ زَوَّجَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَلَّفَهُ إنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِعَيْبِهَا) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فَقَطْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: كَاتِّهَامِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُ عِنْدَ اتِّهَامِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى التُّهْمَةِ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ اتِّهَامِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ عَلَيْهِ دُونَ الزَّوْجَةِ) قَوْلُهُ: أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالتَّصْوِيبِ أَصْلُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ سَاقِطٌ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْوِيبِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ فِي نُكُولِ الزَّوْجِ بَعْدَ نُكُولِ الْوَلِيِّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَحْقِيقًا، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَلَا خِلَافَ فِي اتِّبَاعِهِ لِلزَّوْجَةِ وَنَصُّ عِبَارَةِ اللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ عَمًّا أَوْ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مِنْ الْعَشِيرَةِ أَوْ السُّلْطَانِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ عَلِمَ وَغَرَّهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُحَلِّفُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ عَلِمَ وَغَرَّهُ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقَدْ سَقَطَتْ تَبَاعَتُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِدَعْوَاهُ عَلَى الْوَلِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ نَكَلَ الزَّوْجُ رَجَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ أَصْوَبُ اهـ أَيْ لِأَنَّ نُكُولَ الزَّوْجِ بَعْدَ نُكُولِ الْوَلِيِّ بِمَنْزِلَةِ حَلِفِ الْوَلِيِّ، فَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ خِلَافُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ) أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ رَدِّهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا تِبَاعَةَ لِلزَّوْجِ عَلَى أَحَدٍ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ هَذَا كَلَامُ الشَّارِحِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: غَيْرِ وَلِيٍّ خَاصٍّ) أَيْ بَلْ وَلِيٍّ عَامٍّ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ غَيْرِ وَلِيٍّ وَقَوْلِهِ تَوَلَّى الْعَقْدَ

(إلَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ) وَإِنَّمَا عَقَدَ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْوَلِيِّ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا وَمِثْلُ إخْبَارِهِ عِلْمُ الزَّوْجِ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ (لَا إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ) ؛ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ فَقَطْ. (وَوَلَدُ) الزَّوْجِ (الْمَغْرُورِ) بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ قِنٍّ وَبِشَائِبَةِ (الْحُرِّ فَقَطْ) لَا غَيْرُ الْمَغْرُورِ وَلَا الْمَغْرُورِ الْعَبْدِ (حُرٌّ) تَبَعًا لِأَبِيهِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ كُلِّ وَلَدٍ فَهُوَ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ إذَا كَانَ الْغُرُورُ مِنْهَا أَوْ مِنْ سَيِّدِهَا (الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ) إذَا فَارَقَهَا وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا بِشَرْطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَعَدَمِ الطَّوْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ وَإِذْنُ السَّيِّدِ لَهَا فِي اسْتِخْلَافِ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا أَوْ إذْنُهُ لِشَخْصٍ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا فُسِخَ أَبَدًا (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (قِيمَةُ الْوَلَدِ) أَمْسَكَ أَوْ فَارَقَ (دُونَ مَالِهِ) وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الْوِلَادَةِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ يَوْمِ الْحُكْمِ سَقَطَتْ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ الْغَارَّةُ مِلْكًا (لِكَجَدِّهِ) أَيْ الْمَغْرُورِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ فَلَا قِيمَةَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ (وَلَا وَلَاءَ لَهُ) أَيْ لِكَالْجَدِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِالْأَصَالَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: تَوَلَّى الْغَارُّ الْعَقْدَ أَيْ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ وَلِيُّهَا أَوْ سَكَتَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ) أَيْ خَاصٍّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا) مَا لَمْ يَقُلْ: أَنَا أَضْمَنُ لَك أَنَّهَا غَيْرُ سَوْدَاءَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَإِلَّا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ لِضَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ إخْبَارِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ خَاصٍّ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ) أَيْ لَا إنْ غَرَّهُ وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ لَهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ فَقَطْ) أَيْ وَالزَّوْجُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ فَحْصِهِ عَنْ حَالِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْغَارِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا وَلَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ رَجَعَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُجْبِرًا وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَوَلَّاهُ حَيْثُ عَلِمَ بِغُرُورِ الْوَلِيِّ وَسَكَتَ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا غَرَّتْ الْحُرَّ فَقَالَتْ لَهُ: أَنَا حُرَّةٌ أَوْ غَرَّهُ سَيِّدُهَا أَوْ غَرَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِحَضْرَتِهَا أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهَا تَوَلَّى الْعَقْدَ أَوْ لَا أَخْبَرَ حِينَ تَوَلَّى الْعَقْدَ أَنَّهُ وَلِيٌّ أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ أَوْ سَكَتَ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّ وَلَدَهَا يَكُونُ حُرًّا تَبَعًا لِأَبِيهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ إمْسَاكَهَا فَلِيَسْتَبْرِئهَا لِأَجْلِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي قَبْلَ الْإِجَازَةِ الْوَلَدُ النَّاشِئُ مِنْهُ حُرٌّ وَالنَّاشِئُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي بَعْدَ الْإِجَازَةِ رِقٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْمَغْرُورِ الْعَبْدِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ وَلَدَ الْمَغْرُورِ الْعَبْدِ رِقٌّ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُرِّيَّةَ وَلَدِ الْحُرِّ وَفِي كَوْنِ وَلَدِ الْعَبْدِ كَذَلِكَ طَرِيقَانِ الْأَكْثَرُ وَلَدُهُ رَقِيقٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَغْرُورَ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ أُعْطِيَ قِيمَةَ وَلَدِهِ كَالْحُرِّ كَانَ الْوَلَدُ مَعَهُ رِقًّا لِسَيِّدِهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ الْقِيمَةَ كَانَ رِقًّا لِسَيِّدِ أُمِّهِ فَرِقِّيَّتُهُ مُتَعَيِّنَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍّ مَعَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ) كَذَا فِي ح، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْرُورُ الَّذِي غَرَّتْهُ الْأَمَةُ أَوْ سَيِّدُهَا عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّهَا كَمَا مَرَّ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الرِّقِّيَّةِ وَيَتَعَيَّنُ إبْقَاؤُهَا وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالْفَضْلِ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ عَرَفَةَ اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْغُرُورُ مِنْهَا أَوْ مِنْ سَيِّدِهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْغُرُورُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى، ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ فَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ تَوَلَّاهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ خَاصٍّ، وَأَمَّا إنْ تَوَلَّاهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِشَيْءٍ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ كَمَا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ غُرُورَ السَّيِّدِ مِثْلُ غُرُورِهَا وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ جَعْلِهَا كَالْمُحَلَّلَةِ إذَا غَرَّ سَيِّدُهَا بِحُرِّيَّتِهَا فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ قِيمَتُهَا. (قَوْلُهُ: الْأَقَلُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ إذَا كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ قَدْ رَضِيَتْ بِهِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَرَضَاهُ بِهِ عَلَى أَنَّهَا رِقٌّ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى فَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ: لَمْ أَدْفَعْ الْمُسَمَّى إلَّا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرَّةِ الْغَارَّةِ وَالْأَمَةِ الْغَارَّةِ أَنَّ الْأَمَةَ الْغَارَّةِ قَدْ حَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ يَعُودُ ضَرَرُهُ عَلَى السَّيِّدِ فَلَزِمَ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ الْغَارَّةِ فَلِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ) أَيْ وَإِلَّا يُرِدْ فِرَاقَهَا بَلْ أَرَادَ إبْقَاءَهَا فِي عِصْمَتِهِ لَزِمَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَاَلَّذِي فِي عبق والمج أَنَّهُ إذَا أَرَادَ إبْقَاءَهَا فِي عِصْمَتِهِ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى كَاسْتِحْقَاقِ مَا لَيْسَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْقَرَافِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَقَرَّ عَلَى الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ إنْ عَتَقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِمَا لِقَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ فِي الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَالْأَرْجَحُ عَدَمُ فَسْخِهِ كَتَزَوُّجِ أَمَةٍ بِشَرْطِهِ، ثُمَّ وَجَدَ طَوْلًا لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا هُنَا حَيْثُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْفِرَاقِ وَالْإِمْسَاكِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ خَوْفَ الْعَنَتِ وَلَا عَدَمَ الطَّوْلِ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَخَ أَبَدًا) أَيْ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرِّضَا بِبَقَائِهَا زَوْجَةً. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَقَوْلُهُ: يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ لِأَنَّ ضَمَانَ قِيمَةِ الْوَلَدِ سَبَبُهُ مَنْعُ سَيِّدِ الْأُمِّ مِنْهُ وَهُوَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ يَوْمَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: فَلَا قِيمَةَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ فَإِذَا غَرَّتْهُ أَمَةُ أَبِيهِ أَوْ أَمَةُ جَدِّهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ أَمَةُ أُمِّهِ بِالْحُرِّيَّةِ فَتَزَوَّجَهَا ظَانًّا حُرِّيَّتَهَا وَأَوْلَدَهَا، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرِقِّهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ عَلَى جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ وَلَا قِيمَةَ فِيهِ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ

أَيْ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ (وَ) قُوِّمَ الْوَلَدُ (عَلَى الْغَرَرِ فِي) وَلَدِ (أُمِّ الْوَلَدِ) الْمَغْرُورِ بِحُرِّيَّتِهَا فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى غَرَرِهِ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِ أُمِّهِ فَيَكُونُ رَقِيقًا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ حُرًّا (وَ) فِي وَلَدِ (الْمُدَبَّرَةِ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ السَّيِّدِ فَيَكُونُ رَقِيقًا أَوْ بَعْدَهُ وَيُحَمِّلُهُ الثُّلُثَ فَحُرٌّ أَوْ يُحَمَّلُ بَعْضَهُ أَوْ لَا يُحَمَّلُ مِنْهُ شَيْئًا فَيَرِقُّ مَا لَا يُحَمِّلُهُ فَاحْتِمَالُ الرِّقِّ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ (وَسَقَطَتْ) قِيمَةُ وَلَدِ الْغَارَّةِ عَنْ أَبِيهِ (بِمَوْتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِ قَبْلَ يَوْمِ الْحُكْمِ وَصَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ غَيْرِ شَرْطٍ وَلِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ مَوْتِهِ عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ أَيْ تَسْقُطُ الْقِيمَةُ عَنْ الْأَبِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا لِخُرُوجِهِ حُرًّا بِمَوْتِهِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ مُطَالَبَةُ الْأَبِ (وَ) لَزِمَ أَبَاهُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ (الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتِهِ إنْ قُتِلَ) الْوَلَدُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَأَخَذَ الْأَبُ دِيَتَهُ فَإِنْ اقْتَصَّ أَوْ هَرَبَ الْقَاتِلُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ فَتَسْقُطُ كَمَوْتِهِ قَبْلَهُ كَمَا إذَا عَفَا الْأَبُ وَهَلْ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي إذَا عَفَا الْأَبُ قَوْلَانِ (أَوْ) الْأَقَلُّ (مِنْ غُرَّته) أَيْ الْوَلَدِ إذَا ضَرَبَ شَخْصٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ فَأَخَذَ الْأَبُ فِيهِ مِنْ الْجَانِي عُشْرَ دِيَةِ حُرَّةٍ نَقْدًا أَوْ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً تُسَاوِيهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْغُرَّةِ فَيَلْزَمُ الْأَبَ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ مَا نَقَصَهَا) أَيْ الْأُمَّ وَصَوَابُهُ أَوْ عُشْرُ قِيمَتِهَا أَيْ الْأُمِّ يَوْمَ الضَّرْبِ، إذْ لَا يَعْرِفُ هُنَا مَنْ قَالَ فِي جَنِينِ الْغَارَّةِ مَا نَقَصَهَا (إنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا) وَهِيَ حَيَّةٌ (كَجُرْحِهِ) أَيْ الْوَلَدِ فَيَلْزَمُ أَبَاهُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ الْغَارَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ إذَا أَرَادَ فِرَاقَهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ تُخْلَقُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ) أَيْ أَنَّهُ عَتَقَ بِالْمِلْكِ حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ وَفَائِدَةُ نَفْيِ الْوَلَاءِ عَنْ الْجَدِّ مَعَ أَنَّهُ يَرِثُ بِالنَّسَبِ تَظْهَرُ لَوْ قِيلَ بِهِ فِي الْجَدِّ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ بِالنَّسَبِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْغَرَرِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَعَلَيْهِ أَيْ الْمَغْرُورُ قِيمَةُ وَلَدِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ فِي غَيْرِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَعَلَى الْغَرَرِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ فِي وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ الْغَارَّةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَعَلَى الْغَرَرِ مَعْمُولًا لِمَحْذُوفٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى غَرَرِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْغَارَّةُ أُمَّ وَلَدٍ فَلِسَيِّدِهَا قِيمَةُ أَوْلَادِهَا عَلَى أَبِيهِمْ عَلَى رَجَاءِ الْعِتْقِ لَهُمْ بِمَوْتِ سَيِّدِ أُمِّهِمْ وَخَوْفِ أَنْ يَمُوتُوا فِي الرِّقِّ قَبْلَهُ اهـ. يَعْنِي أَنَّهُ يُقَالُ مَا قِيمَةُ ذَلِكَ الْوَلَدِ إنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ يَخْرُجُ حُرًّا بِمَوْتِ سَيِّدِ الْأُمِّ وَأَنْ يَمُوتَ فِي الرِّقِّ قَبْلَهُ فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ كَذَا لَزِمَ أَبَاهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُدَبَّرَةُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْمَغْرُورَ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ قِيمَةُ عَبْدٍ قِنٍّ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَعْتَبِرَا تَشْهِيرَهُ. (قَوْلُهُ: وَلِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ) أَيْ لِقُوَّةِ قَوْلِ الْمُخَالِفِ الَّذِي يَقُولُ: لَا تَسْقُطُ قِيمَتُهُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُوَ أَشْهَبُ الْقَائِلُ: إنَّ قِيمَةَ الْوَلَدِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ مَوْتِهِ عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ. (قَوْلُهُ: الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ إلَخْ) فَإِنْ كَانَتْ دِيَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْقَاتِلِ وَالدِّيَةُ بِمَنْزِلَةِ عَيْنِ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا وَمَا زَادَ مِنْ الدِّيَةِ فَهُوَ إرْثٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ دِيَتُهُ) الْمُرَادُ بِالدِّيَةِ مَا يَشْمَلُ دِيَةَ الْخَطَأِ وَصُلْحَ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُكْمِ) أَيْ عَلَى أَبِيهِ بِقِيمَتِهِ أَيْ وَأَمَّا إنْ قُتِلَ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَى أَبِيهِ بِالْقِيمَةِ فَاللَّازِمُ لِلْأَبِ إنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ الَّتِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَّ) أَيْ الْأَبُ مِنْ الْقَاتِلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ هَرَبَ الْقَاتِلُ أَيْ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ أَخْذُ الدِّيَةِ مِنْهُ وَالْقِصَاصُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْقِصَاصَ أَوْ الْهُرُوبَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَتْلَ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِقِيمَتِهِ فَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ هُرُوبٍ يَكُونُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ تَعَذَّرَ الْحُكْمُ بِقِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا عَفَا الْأَبُ) أَيْ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تَسْقُطُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي إذَا عَفَا الْأَبُ قَوْلَانِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَفَا الْأَبُ فَلَا يَتْبَعُ بِشَيْءٍ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي اتِّبَاعِ السَّيِّدِ لِلْجَانِي بِالدِّيَةِ وَعَدَمِ اتِّبَاعِهِ بِهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ وَقَعَ الْعَفْوُ فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْعَمْدِ، وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَ السَّيِّدَ الْجَانِي قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ الْأَبُ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي بِالْأَقَلِّ مِنْ تَتِمَّةِ الْقِيمَةِ وَالدِّيَةِ. مَثَلًا الدِّيَةُ أَلْفُ دِينَارٍ وَصَالَحَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْقِيمَةُ سِتُّمِائَةٍ فَإِذَا غَرِمَ الْأَبُ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْجَانِي بِمِائَةٍ الَّتِي هِيَ تَمَامُ الْقِيمَةِ فَتَمَامُ الْقِيمَةِ مِائَةٌ وَتَمَامُ الدِّيَةِ خَمْسُمِائَةٍ وَالْمِائَةُ أَقَلُّ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ. (قَوْلُهُ: إذَا ضَرَبَ شَخْصٌ بَطْنَهَا) أَيْ بَطْنَ الْأَمَةِ الْغَارَّةِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الْأَبَ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ لِسَيِّدِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا نَقَصَهَا) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عُشْرُ قِيمَتِهَا) أَيْ فَالْغُرَّةُ فِي السَّقْطِ بِمَنْزِلَةِ الدِّيَةِ وَعُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْقِيمَةِ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْرَفُ هُنَا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْجِنَايَاتِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا) أَيْ وَأَمَّا إنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَيَرْجِعُ فِيهِ لِقَوْلِهِ أَوْ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتِهِ إنْ قُتِلَ. (قَوْلُهُ: كَجُرْحِهِ) أَيْ وَلَدِ الْغَارَّةِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى أَبِيهِ بِلُزُومِ الْقِيمَةِ لِسَيِّدِ أُمِّهِ

الْأَقَلُّ مِمَّا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا مِنْ قِيمَتِهِ سَالِمًا يَوْمَ الْجُرْحِ وَمِمَّا أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي فِي نَظِيرِ الْجُرْحِ وَذَلِكَ بَعْدَ دَفْعِ قِيمَتِهِ نَاقِصًا لِلسَّيِّدِ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَلِعَدَمِهِ) أَيْ الْأَبِ أَيْ لِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ (تُؤْخَذُ) الْقِيمَةُ (مِنْ الِابْنِ) الْمُوسِرِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى أَبِيهِ كَمَا أَنَّ الْأَبَ إذَا غَرِمَهَا لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى ابْنِهِ فَإِنْ أَعْسَرَا أَخَذَتْ مِنْ أَوَّلِهِمَا يَسَارًا (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَلَدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ) إذَا تَعَدَّدُوا (إلَّا قِسْطُهُ) أَيْ قِيمَةُ نَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا يَغْرَمُ الْمَلِيءُ عَنْ أَخِيهِ الْمُعْدِمِ (وَوَقَفَتْ) (قِيمَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ) الَّتِي غَرَّتْ زَوْجَهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَأَوْلَدَهَا، ثُمَّ عَلِمَ بِأَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ (فَإِنْ أَدَّتْ) الْكِتَابَةَ وَخَرَجَتْ حُرَّةً (رَجَعَتْ) الْقِيمَةُ (لِلْأَبِ) لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهَا كَانَتْ حُرَّةً وَقْتَ غُرُورِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَهَا السَّيِّدُ لِظُهُورِ أَنَّهَا أَمَةٌ. (وَقُبِلَ قَوْلُ) (الزَّوْجِ) الْحُرِّ إذَا ادَّعَى عَلَى الْأَمَةِ أَوْ سَيِّدِهَا (أَنَّهُ غُرَّ) بِيَمِينٍ وَقَالَا: بَلْ قَدْ عَلِمْت ابْتِدَاءً بِعَدَمِ الْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ) (طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَا) مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا (ثُمَّ اُطُّلِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ اطَّلَعَ السَّلِيمُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ أَوْ وَرَثَةُ السَّلِيمِ أَوْ الْحَيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ (عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ) فِي الْآخَرِ (فَكَالْعَدِمِ) فَيَدْفَعُ الزَّوْجُ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا إنْ دَخَلَ وَنِصْفَهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا قِيَامَ لِوَرَثَةِ السَّلِيمِ عَلَى وَرَثَةِ الْمَعِيبِ وَلَا لِلْحَيِّ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَالْإِرْثُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا لِتَفْرِيطِ السَّلِيمِ عَنْ الْفَحْصِ عَنْ حَالِ الْمَعِيبِ وَبِالْمَوْتِ تَكَمَّلَ الصَّدَاقُ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ. (وَلِلْوَلِيِّ كَتْمُ الْعَمَى وَنَحْوَهُ) مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا خِيَارَ فِيهِ إلَّا بِالشَّرْطِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِذَا وَجَبَ فِيهِ بَيَانُ مَا يَكْرَهُ الْمُشْتَرِي (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وُجُوبًا (كَتْمُ الْخَنَا) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْفَوَاحِشِ الَّتِي تَشِينُ الْعِرْضَ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ الْكَتْمُ لِلسَّتْرِ وَالْمَنْعِ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِأَنْ يَقُولَ لِلزَّوْجِ: هِيَ لَا تَصْلُحُ لَك؛ لِأَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ. (وَالْأَصَحُّ) (مَنْعُ الْأَجْذَمِ) وَالْأَبْرَصِ (مِنْ وَطْءِ إمَائِهِ) وَالزَّوْجَةُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي أَمَتِهِ أَقْوَى مِنْهُ فِي زَوْجَتِهِ. (وَلِلْعَرَبِيَّةِ) وَهِيَ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا رِقٌّ لِأَحَدٍ لَا مَنْ تَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ (رَدُّ) الزَّوْجِ (الْمَوْلَى) أَيْ الْعَتِيقِ (الْمُنْتَسِبِ) لِفَخِذٍ مِنْ الْعَرَبِ أَيْ تَزَوَّجَتْهُ لِانْتِسَابِهِ إلَيْهِمْ فَوَجَدَتْهُ عَتِيقًا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِسَابِهِ كَأَنَّهُ مُشْتَرِطٌ ذَلِكَ فَثَبَتَ لَهَا رَدُّهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَالْمَوْلَى وَغَيْرُ الشَّرِيفِ وَالْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ، إذْ لَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا (لَا الْعَرَبِيُّ) تَتَزَوَّجُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةٍ بِعَيْنِهَا فَتَجِدُهُ مِنْ غَيْرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: الْأَقَلُّ مِمَّا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا إلَخْ) مَثَلًا قِيمَتُهُ سَلِيمًا عِشْرُونَ وَنَاقِصًا عَشَرَةٌ فَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَجْرُوحًا عَشَرَةٌ فَيُنْظَرُ لِلْأَقَلِّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْجَانِي وَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَغْرَمُهُ لِلسَّيِّدِ زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ نَاقِصًا فَإِذَا كَانَ قَبَضَ مِنْ الْجَانِي خَمْسَةً دَفَعَهَا زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا، وَإِنْ كَانَ قَبَضَ خَمْسَةَ عَشَرَ غَرِمَ لَهُ عَشَرَةً زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا وَالضَّابِطُ أَنَّ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ يَغْرَمُهُ الْأَبُ لِلسَّيِّدِ زِيَادَةً عَلَى قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا. (قَوْلُهُ: إلَّا قِسْطُهُ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِقِيمَتِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِقِسْطِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ مَا إذَا دَفَعَ الْأَبُ بَعْضًا مِنْ قِيمَتِهِمْ وَأَعْسَرَ بِالْبَاقِي فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الْبَاقِيَ يُقَسَّطُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَّقَهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إمْضَاؤُهُ وَفَسْخُهُ إذَا خَالَعَهَا الزَّوْجُ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا فَالطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ وَيَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَ مِنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِمَا ظَهَرَ مِنْ الْعَيْبِ بَعْدَ الطَّلَاقِ اهـ فَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَظْهَرَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجَةِ أَوْ بِالزَّوْجِ فَالْخُلْعُ مَاضٍ عَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إذَا ظَهَرَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ رَدَّ مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَالِكَةً لِفِرَاقِهِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَاعْتَمَدَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَصَوَّبَ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ: فَيَدْفَعُ الزَّوْجُ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا إنْ دَخَلَ وَنِصْفَهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ) هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ ظَهَرَ بَعْدُ أَنَّ الْعَيْبَ بِهَا أَوْ بِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا دَفَعَهُ عَلَى وَلِيِّهَا الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا وَلَا عَلَيْهَا إذَا كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْقَرَعِ وَالسَّوَادِ وَالشَّلَلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) أَيْ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَقَوْلُهُ: وَلِذَا وَجَبَ فِيهِ بَيَانُ مَا يَكْرَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ مَا الشَّأْنُ أَنَّهُ يَكْرَهُهُ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي حِينَئِذٍ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ عج يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَ إعْلَامُهُ بِذَلِكَ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ عبق (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ) فِي ح لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَظْهَرُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اسْتَظْهَرَ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ إمَائِهِ اهـ وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُمْنَعُ شَدِيدُ الْجُذَامِ مِنْ وَطْءِ إمَائِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ اهـ. (قَوْلُهُ: مُنِعَ الْأَجْذَمُ) الْمُرَادُ بِالْمَنْعِ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، كَذَا قَالَ عبق قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ وَطْأَهُ لَهُنَّ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اشْتَدَّ الْجُذَامُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالشَّدِيدِ الْمُحَقَّقُ كَوْنُهُ جُذَامًا أَوْ مَا كَانَ زَائِدًا وَكَثِيرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِزَوْجَتِهِ إذَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا خَوْفَ الْعَدْوَى اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا رِقٌّ لِأَحَدٍ) أَيْ فَتَشْمَلُ الْفَارِسِيَّةَ فَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيَّةِ عَلَى هَذَا الْحُرَّةُ أَصَالَةً، وَقَوْلُهُ: لَا مَنْ تَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْ فَقَطْ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَرَبِيَّةِ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا رِقٌّ وَكَانَتْ تَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ

[فصل وجاز لمن كمل عتقها وهي تحت عبد فراقه]

فَلَا رَدَّ (إلَّا الْقُرَشِيَّةَ) كَغَيْرِهَا مَعَ الشَّرْطِ (تَتَزَوَّجُهُ عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ) فَتَجِدُهُ عَرَبِيًّا غَيْرَ قُرَشِيٍّ فَلَهَا الرَّدُّ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ كَالْعَرَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوَالِي. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى السَّبَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِلْخِيَارِ وَهُمَا الْعَيْبُ وَالْغُرُورُ شَرَعَ فِي الثَّالِثِ وَهُوَ الْعِتْقُ فَقَالَ. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ (وَ) جَازَ (لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا) وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ (فِرَاقُ) زَوْجِهَا (الْعَبْدِ) ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ رِقٍّ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَخْتَارَ وَقَوْلُهُ: (فَقَطْ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا لَا إنْ لَمْ يَكْمُلْ فِرَاقُ الْعَبْدِ لَا الْحُرِّ (بِطَلْقَةٍ) لَا أَكْثَرَ سَوَاءٌ بَيَّنَتْهَا أَوْ أَبْهَمَتْهَا بِأَنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي (بَائِنَةٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ بَائِنَةٌ لَا بِالْجَرِّ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ نُطْقِهَا، إذْ لَوْ قُلْنَا: إنَّهَا رَجْعِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهَا الْوَاحِدَةِ فَائِدَةً فَإِنْ أَوْقَعَتْ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ رَدُّ الثَّانِيَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَوْلُهُ: (أَوْ اثْنَتَيْنِ) إشَارَةٌ لِقَوْلِ الْأَقَلِّ فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ (وَسَقَطَ صَدَاقُهَا) أَيْ نِصْفُهُ بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا. (قَبْلَ الْبِنَاءِ وَ) سَقَطَ (الْفِرَاقُ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا خِيَارٌ بَلْ تَثْبُتُ زَوْجَةً تَحْتَ الْعَبْدِ (إنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ) أَيْ قَبَضَ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ قَبْلَ عِتْقِهَا وَأَعْتَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحِينَئِذٍ فَلَا يَشْمَلُ الْفَارِسِيَّةَ. (قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ صَرِيحُ الِاشْتِرَاطِ وَإِلَّا كَانَ لَهَا الرَّدُّ مُطْلَقًا عَرَبِيَّةً أَمْ لَا كَمَا فِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ [فَصْل وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فِرَاقهُ] (فَصْلٌ وَجَازَ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ) . (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا) أَيْ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ بِأَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ جَمِيعَهَا إنْ كَانَتْ كَامِلَةَ الرِّقِّ أَوْ بَاقِيَهَا إنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً أَوْ عَتَقَتْ بِأَدَاءِ كِتَابَتِهَا أَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً وَعَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَمُلَ عِتْقُهَا عَمَّا إذَا حَصَلَ لَهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَتَدْبِيرٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ أَوْ عِتْقِ بَعْضٍ أَوْ إيلَادٍ مِنْ سَيِّدٍ كَمَا لَوْ غَابَ الزَّوْجُ وَاسْتَبْرَأَهَا السَّيِّدُ مِنْ مَاءِ الزَّوْجِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَ وَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ فَلَا يَحْصُلُ لَهَا الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ: فِرَاقُ الْعَبْدِ ابْنُ رُشْدٍ عِلَّةُ تَخْيِيرِهَا نَقْصُ زَوْجِهَا لَا جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلِذَا قُلْنَا: لَا خِيَارَ لَهَا إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا وَهِيَ تَحْتَ الْحُرِّ عَلِيٌّ وَقَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَنَّ عِلَّتَهُ جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ لَهَا الْخِيَارُ إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ الْحُرِّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِشَائِبَةِ رِقٍّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَالْأَحْسَنُ شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَائِلًا عَدَمُ ذِكْرِ أَكْثَرِهِمْ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا مُخِلٌّ بِفَائِدَةٍ مُعْتَبَرَةٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَخْتَارَ) هَذَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ لِلصَّغِيرَةِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَكَذَا لِلسَّفِيهَةِ مَا لَمْ تُبَادِرْ لِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا، وَلَوْ رَضِيَتْ الصَّغِيرَةُ أَوْ السَّفِيهَةُ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ يَلْزَمُهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ حُسْنَ نَظَرٍ وَلَزِمَهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِإِبْهَامِهَا، وَأَمَّا تَبْيِينُهَا فَبِأَنْ تَقُولَ طَلَّقْت نَفْسِي طَلْقَةً وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَطْعُ النَّعْتِ هُنَا عَلَى التَّبَعِيَّةِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ نَعْتَ النَّكِرَةِ لَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا وَصَفْت قَبْلَهُ بِنَعْتٍ آخَرَ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَمَا زَعَمَهُ فِي الْجَرِّ مِنْ الْإِيهَامِ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ تَأَمَّلْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ قُلْنَا إلَخْ) عِلَّةُ الْمَحْذُوفِ أَيْ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهَا بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهَا الْوَاحِدَةَ فَائِدَةٌ) أَيْ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فَلَا مَعْنَى لِاخْتِيَارِهَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ لَهَا الْفِرَاقُ بِطَلْقَةٍ لَا أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ) هَذَا نَحْوُ قَوْلِ تت هَذِهِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ رَجَعَ لَهَا مَالِكٌ فَلَيْسَتْ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَلَوْ قَالَ وَهَلْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ رِوَايَتَانِ لَكَانَ أَبْيَنَ اهـ وَظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ اخْتِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَعْنَى أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي لُزُومِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِإِيقَاعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ هَذَا، وَقَدْ اسْتَبْعَدَ طفى كَوْنَ أَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ قَائِلًا: إنَّهُ إخْرَاجٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِلَا دَاعٍ إذْ لَمْ يُعْهَدْ فِيهِ الْإِشَارَةُ لِلْخِلَافِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ كَوْنِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلِلْأَمَةِ إذَا عَتَقَتْ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا بِالْبَتَاتِ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا تَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً. وَقَالَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَبَتَاتُهَا اثْنَانِ، إذْ هُمَا بَتَاتُ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: أَيْ نِصْفُهُ) الْأَوْلَى جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ سُقُوطُ النِّصْفِ الَّذِي كَانَتْ تَسْتَحِقُّهُ بِالْفِرَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَلْزَمُ سُقُوطُ الْجَمِيعِ لِاخْتِيَارِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ اخْتَارَتْ قَبْلُ فَلَا صَدَاقَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا نِصْفُهُ اهـ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا مَهْرَ لَهَا اهـ؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَمُلَ عِتْقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهَا يَتْبَعُهَا إذَا عَتَقَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَيِّدُهَا أَخَذَهُ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَوْ اشْتَرَطَ أَخْذَهُ مِنْ الزَّوْجِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا رَضِيَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْفِرَاقُ) عَطْفٌ عَلَى صَدَاقِهَا أَيْ وَسَقَطَ اخْتِيَارُ الْفِرَاقِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ وَقَعَ الْعِتْقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَذْفَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَيْدٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَيْدًا فِي الْمَعْطُوفِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَا كَانَ قَيْدًا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ

(وَ) قَدْ (كَانَ عَدِيمًا) يَوْمَ الْعِتْقِ وَاسْتَمَرَّ عَدَمُهُ لِوَقْتِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ، إذْ لَوْ مُكِّنَتْ مِنْ الْخِيَارِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَقَعَ الْفِرَاقُ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى الْعِتْقِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الْعِتْقِ فَيَجِبُ بَيْعُهَا فِيهِ فَصَارَ خِيَارُهَا يُؤَدِّي إلَى نَفْيِ عِتْقِهَا الْمُوجِبِ لِخِيَارِهَا وَمَا أَدَّى ثُبُوتُهُ إلَى نَفْيِهِ انْتَفَى (وَ) إنْ عَتَقَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ فَهُوَ (لَهَا) مِنْ جُمْلَةِ مَالِهَا إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ أَوْ يَشْتَرِطَهُ فَيَكُونُ لَهُ كَمَا يَأْتِي (كَمَا لَوْ رَضِيَتْ) قَبْلَ الْبِنَاءِ (وَهِيَ مُفَوِّضَةٌ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ تَزَوَّجَهَا تَفْوِيضًا (بِمَا فَرَضَهُ) أَيْ بِمَا سَمَّاهُ زَوْجُهَا (بَعْدَ عِتْقِهَا لَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضِهِ فَيَكُونُ لَهَا لَا لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَجَدَّدَ لَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُفَادِ قَوْلِهِ لَهَا فَإِنْ بَنَى بِهَا قَبْلَ الْفَرْضِ فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ رَضِيَتْ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ) مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ عِتْقِهَا (أَوْ يَشْتَرِطَهُ) لِنَفْسِهِ بَعْدَ مَا مَلَكَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا بِالدُّخُولِ فَيَكُونُ لَهُ فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَعْدَهُ لَهَا. (وَصُدِّقَتْ) بِلَا يَمِينٍ إذَا عَتَقَتْ وَلَمْ تُبَادِرْ بِالْفِرَاقِ بَلْ سَكَتَتْ مُدَّةً (إنْ لَمْ تُمَكِّنْهُ) مِنْ نَفْسِهَا فِي دَعْوَاهَا (أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ) بِهِ وَإِنَّمَا سُكُوتُهَا لِلتَّرَوِّي فِي نَفْسِهَا وَتَبْقَى عَلَى خِيَارِهَا (وَإِنْ بَعْدَ سَنَةٍ) حَيْثُ غَفَلَ عَنْهَا أَوْ أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ هَذِهِ الْمُدَّةَ جَهْلًا مِنْهُ وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تُسْقِطَهُ أَوْ تُمَكِّنَهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا أَيْ إلَّا أَنْ تُسْقِطَ خِيَارَهَا بِأَنْ تَقُولَ أَسْقَطْته أَوْ اخْتَرْت زَوْجِي أَوْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعِتْقِهَا طَائِعَةً بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدَّمَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ. (وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ) بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ أَوْ بِأَنَّ تَمْكِينَهَا طَائِعَةً مُسْقِطٌ (لَا) إنْ جَهِلَتْ (الْعِتْقَ) فَمَكَّنَتْهُ طَائِعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQجَرَيَانُهُ فِي الْمَعْطُوفِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ عَدِيمًا) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مَاضَوِيَّةٌ فَلِذَا قَدَّرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ: وَكَانَ عَدِيمًا يَوْمَ الْعِتْقِ مِثْلَهُ لَوْ كَانَ مَلِيًّا وَقْتَ الْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ صَارَ وَقْتَ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ اهـ عَدَوِيٌّ وَهُوَ تَابِعٌ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ عِتْقِهَا وَاسْتَمَرَّ عَدَمُهُ لِوَقْتِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ إلَخْ، أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَلِيًّا يَوْمَ الْعِتْقِ، ثُمَّ أَعْسَرَ بَعْدُ فَلَهَا الْخِيَارُ وَيَتْبَعُ الزَّوْجُ السَّيِّدَ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ كَدَيْنٍ طَرَأَ عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يُبْطِلُهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ مَكَّنَتْ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَسَقَطَ الْفِرَاقُ إنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ وَكَانَ عَدِيمًا. (قَوْلُهُ: يُؤَدِّي إلَى نَفْيِ عِتْقِهَا) أَيْ وَإِذَا انْتَفَى الْعِتْقُ انْتَفَى الْخِيَارُ فَصَارَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ يُؤَدِّي لِنَفْيِ الْخِيَارِ فَاتَّضَحَ قَوْلُهُ: وَمَا أَدَّى ثَبَاتُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَهُ) أَيْ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ لَهَا) أَيْ فَالصَّدَاقُ بِتَمَامِهِ لَهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ أَخَذَهُ مِنْ الزَّوْجِ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَوْ أَخَذَهُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَ الْعِتْقِ عَلَى سَبِيلِ الِانْتِزَاعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرِطَهُ) أَيْ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَلَكِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعِتْقِ أَخْذَهُ كَأَعْتَقْتُكِ بِشَرْطِ أَنْ آخُذَ صَدَاقَكِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَضِيَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ لِلْأَمَةِ لَا لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ اشْتَرَطَهُ وَصُورَتُهُ زَوَّجَ أَمَتِهِ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ، ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَهَا، ثُمَّ فَرَضَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقَهَا وَرَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ وَذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْفَرْضِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْعِتْقِ، وَالسَّيِّدُ إنَّمَا لَهُ انْتِزَاعُ الْمَالِ الَّذِي مَلَكَتْهُ الْأَمَةُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَهَذَا إنَّمَا مَلَكَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهَا، فَلَوْ فَرَضَهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ لِلسَّيِّدِ إنْ اشْتَرَطَهُ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْعِتْقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا لَوْ بَنَى الزَّوْجُ بِهَا وَنَجَّزَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا فَالصَّدَاقُ لِلسَّيِّدِ إنْ اشْتَرَطَهُ وَقَعَ الْفَرْضُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُفَوِّضَةٌ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَضِيَتْ أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهَا مُفَوَّضًا نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ مِنْ صِفَاتِ النِّكَاحِ لَا مِنْ صِفَاتِهَا. (قَوْلُهُ: بِمَا فَرَضَهُ بَعْدَ عِتْقِهَا لَهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ فَرَضَهُ قَبْلَ عِتْقِهَا فَإِنْ اشْتَرَطَهُ السَّيِّدُ كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَلَكَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَالتَّشْبِيهُ فِي مُفَادِ قَوْلِهِ لَهَا) أَيْ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي أَنَّ الصَّدَاقَ يَكُونُ لِلْأَمَةِ لَا لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ اشْتَرَطَهُ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَعْدَهُ لَهَا) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ يَتَعَيَّنُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَبَعْدَهُ لَهَا لِتَعَذُّرِ رُجُوعِهِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَذَلِكَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَتْ إلَخْ) صُورَتُهَا أَنَّ السَّيِّدَ إذَا نَجَّزَ عِتْقَ أَمَتِهِ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ فَسَكَتَتْ مُدَّةً مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا، ثُمَّ طَلَبَتْ الْفِرَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَتْ: لَمْ أَرْضَ بِالْمَقَامِ مَعَهُ وَإِنَّمَا سَكَتُّ لِأَنْظُرَ فِي أَمْرِي فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ سَكَتَتْ مُدَّةً) أَيْ لِلْغَفْلَةِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُسْقِطَهُ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ سَفِيهَةً إذَا كَانَ الْإِسْقَاطُ حَسَنٌ نُظِرَ لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَظَرَ لَهَا السُّلْطَانُ خِلَافًا لِقَوْلِ أَشْهَبَ يَلْزَمُهَا الْإِسْقَاطُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَسَنٌ نُظِرَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ تُمَكِّنَهُ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا تَلَذَّذَتْ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلَذَّذَ بِهَا مَعَ مُحَاوَلَتِهِ لَهَا يَكُونُ مُسْقِطًا فَأَحْرَى إذَا تَلَذَّذَتْ بِهِ دُونَ مُحَاوَلَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا عَلِمَتْ بِعِتْقِهَا وَأَسْقَطَتْ خِيَارَهَا أَوْ مَكَّنَتْ زَوْجَهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ خِيَارُهَا وَلَا قِيَامَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ تَجْهَلُ الْحُكْمَ بِأَنْ لَمْ تَدْرِ هَلْ الْجَارِيَةُ الَّتِي تَمَّ عِتْقُهَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ جَهِلَتْ أَنَّ التَّمْكِينَ يُسْقِطُ خِيَارَهَا وَهَذَا الْإِطْلَاقُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ شَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ

[فصل في بيان أحكام الصداق]

فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا (وَلَهَا) عَلَى الزَّوْجِ إنْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا حَتَّى وَطِئَهَا (الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ) عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ أَوْ الْبَقَاءَ عَلِمَ الزَّوْجُ بِعِتْقِهَا أَمْ لَا (أَوْ يُبِينَهَا) عُطِفَ عَلَى تُسْقِطَهُ أَيْ أَوْ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ فَلَا خِيَارَ لَهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ بِفَوَاتِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ (لَا بِرَجْعِيٍّ) فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِهِ لِمِلْكِهِ رَجْعَتَهَا فَلَهَا تَطْلِيقُهُ طَلْقَةً أُخْرَى بَائِنَةً (أَوْ عَتَقَ) زَوْجُهَا بَعْدَ عِتْقِهَا. وَ (قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) فَلَا خِيَارَ لَهَا لِزَوَالِ سَبَبِهِ وَهُوَ رِقُّ الزَّوْجِ (إلَّا) إنْ حَصَلَ عِتْقُهُ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا (لِتَأْخِيرٍ لِحَيْضٍ) فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا بِعِتْقِهِ لِجَبْرِهَا شَرْعًا عَلَى التَّأْخِيرِ، إذْ لَا يَجُوزُ اخْتِيَارٌ فِي زَمَنِهِ فَإِنْ أَوْقَعَتْ فِرَاقَهُ فِي الْحَيْضِ لَزِمَ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ. (وَإِنْ) (تَزَوَّجَتْ) مَنْ عَتَقَ زَوْجُهَا بَعْدَ عِتْقِهَا وَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ (قَبْلَ عِلْمِهَا) بِعِتْقِهِ (وَ) قَبْلَ (دُخُولِهَا) بِالْأَوَّلِ (فَاتَتْ بِدُخُولِ الثَّانِي) إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِ الْأَوَّلِ وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ فَوَاتُهَا بِتَلَذُّذِ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا الْأَوَّلُ فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُ قَوْلِهِ وَدُخُولِهَا. (وَلَهَا) أَيْ لِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا (إنْ أَوْقَفَهَا) زَوْجُهَا عِنْدَ حَاكِمٍ بِحَضْرَةِ عِتْقِهَا وَقَالَ: إمَّا أَنْ تَخْتَارِي الْبَقَاءَ أَوْ الْفِرَاقَ (تَأْخِيرٌ) مَوْكُولٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ إنْ طَلَبَتْهُ (تَنْظُرُ فِيهِ) وَلَا تَسْتَعْجِلُ فِي الْحَضْرَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ضَعِيفٌ. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ، وَقَدْ تُكْسَرُ وَهُوَ مَا يُعْطَى لِلزَّوْجَةِ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَيُسَمَّى مَهْرًا وَلَمَّا كَانَ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الثَّمَنِ أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَرَافِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إنَّمَا أَسْقَطَ مَالِكٌ خِيَارَهَا حَيْثُ اشْتَهَرَ الْحُكْمُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى أَمَةٍ، وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ جَهْلُهَا فَلَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا) أَيْ لِعُذْرِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِعِتْقِهَا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا الْعِلْمَ وَخَالَفَتْهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِلَا يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْأَكْثَرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ فَرِضَاهُ بِهِ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى دَفَعَهُ لَهَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ قِيمَةُ بُضْعِهَا وَمَحَلُّ لُزُومِهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا إذَا كَانَ نِكَاحُهُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ وَجَبَ لَهَا بِالدُّخُولِ مَهْرُ مِثْلِهَا اتِّفَاقًا قَالَهُ ح. (قَوْلُهُ: إنْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عِتْقُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ تَعْلَمْ عِتْقَهَا حَتَّى وَطِئَهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهُ بِالْمَسِيسِ. (قَوْلُهُ: اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ أَوْ الْبَقَاءَ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ أَصْلُهُ لِلْجِيزِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى بُضْعَ حُرَّةٍ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَمِ عِلْمِهِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْغَارَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ مَعَ الْفِرَاقِ وَمَعَ الْبَقَاءِ لَهَا الْمُسَمَّى لِأَنَّ تِلْكَ غَارَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ وَهَذِهِ مَظْلُومَةٌ مَعْذُورَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُبِينَهَا) أَيْ إنَّ الْأَمَةَ إذَا كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ فَلَمْ تَخْتَرْ حَتَّى أَبَانَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَلَوْ كَانَ تَأْخِيرُهَا الِاخْتِيَارُ لِحَيْضٍ فَقَوْلُهُ: إلَّا لِتَأْخِيرِ حَيْضٍ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُبِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَبَانَهَا قَبْلَ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَسَقَطَ صَدَاقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ طَلَاقِهَا. (قَوْلُهُ: بِفَوَاتِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ) أَيْ وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَإِذَا أَبَانَهَا وَاخْتَارَتْ الطَّلَاقَ بَعْدَهُ كَانَ ذَلِكَ الطَّلَاقُ لَا مَحَلَّ لَهُ لِزَوَالِ مَحَلِّهِ بِالْبَيْنُونَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ مَحَلِّهِ وَيَقُولُ لِفَوَاتِهِ بِفَوَاتِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ وَمَحَلَّ الْخِيَارِ مُتَّحِدٌ وَهُوَ الْعِصْمَةُ وَعِبَارَتُهُ تُؤْذِنُ بِاخْتِلَافِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ مُمْكِنَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ لِوُجُودِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا لَهَا الْخِيَارُ إذَا عَتَقَ زَوْجُهَا قَبْلَ اخْتِيَارِهَا لِتَأْخِيرِهَا لِلْحَيْضِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُمْكِنُهَا أَنْ تَخْتَارَ فِيهَا فَلَمْ تَخْتَرْ حَتَّى جَاءَ الْحَيْضُ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لَهَا كَذَا فِي كَبِيرِ خش (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَتْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ وَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ زَوْجَهَا عَتَقَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا وَلَمْ تَكُنْ قَدْ عَلِمَتْ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا فَإِنَّهَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ. (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفٌ، قَوْلُهُ: وَدُخُولِهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ قَدْ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا فَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ تَفُوتُ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ تَلَذُّذِهِ بِهَا بِلَا عِلْمٍ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا أَيْ فَوَاتَهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِتَلَذُّذِ الثَّانِي إذَا كَانَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ غَائِبًا بَعِيدًا أَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ لِاحْتِمَالِ عِتْقِهِ قَبْلَهَا، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَكْسَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِ تت الْعُمُومُ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: وَلَهَا إنْ أَوْقَفَهَا تَأْخِيرٌ إلَخْ) فَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ بَطَلَ خِيَارُهَا وَرَجَعَتْ زَوْجَةً وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي زَمَنِ تَأْخِيرِهَا اخْتِيَارَ الطَّلَاقِ لِأَجْلِ حَيْضٍ. (قَوْلُهُ: إنْ طَلَبَتْهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ: أَمْهِلُونِي أَنْظُرُ وَأَسْتَشِيرُ فِي ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ جَاءَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَحْدُودٌ إلَخْ) أَيْ كَمَا وَقَعَ لِلْمَازِرِيِّ فِي مَجْلِسِ الْمُذَاكَرَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ [فَصَلِّ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ] (فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الصَّدَاقِ) . (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الصَّادِ) أَيْ وَهُوَ الْأَفْصَحُ. (قَوْلُهُ: الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ

فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا لَا خَمْرًا وَخِنْزِيرًا وَلَا آبِقًا وَثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ يَسِيرُ الْجَهْلِ مِمَّا لَا يُغْتَفَرُ فِي الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ: كَالثَّمَنِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَجَازَ بِشُورَةٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى الْمَيْسَرَةِ إلَخْ وَمَثَّلَ لِمَا يَجُوزُ صَدَاقًا وَثَمَنًا بِقَوْلِهِ (كَعَبْدٍ) مِنْ عَبِيدٍ مَمْلُوكَةٍ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْبَائِعِ حَاضِرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ غَائِبَةٍ وَوُصِفَتْ (تَخْتَارُهُ هِيَ) لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّهَا تَخْتَارُ الْأَحْسَنَ، وَكَذَا الْمُشْتَرِي فَلَا غَرَرَ (لَا) يَخْتَارُهُ (هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ، وَكَذَا الْبَائِعُ لِحُصُولِ الْغَرَرِ، إذْ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَدْنَى فَتَأَمَّلْ. (وَضَمَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ إذَا ثَبَتَ ضَيَاعُهُ مِنْ الزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَلَامِ عَلَى أَرْكَانِ النِّكَاحِ الثَّلَاثَةِ الْوَلِيِّ وَالْأَهْلِ وَالصِّيغَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصَّدَاقُ مَأْخُوذٌ مِنْ الصِّدْقِ ضِدُّ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِمَا فِي مُوَافَقَةِ الشَّرْعِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ رُكْنًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ إسْقَاطِهِ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَسْمِيَتُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَلَمْ تَقَعْ فِيهِ التَّسْمِيَةُ. (قَوْلُهُ: الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ) أَيْ الصَّدَاقُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ كَالثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ السِّلْعَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا. (قَوْلُهُ: لَا خَمْرًا) مُحْتَرَزُ الطَّهَارَةِ وَالْخِنْزِيرُ مُحْتَرَزُ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَالْآبِقُ مُحْتَرَزُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقَوْلُهُ: وَثَمَرَةً إلَخْ مُحْتَرَزُ الْمَعْلُومِيَّةِ وَقَوْلُهُ: عَلَى التَّبْقِيَةِ أَيْ وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى الْجَزِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَدَاقًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا بِشُرُوطٍ تَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ فِيهِ يَسِيرُ الْجَهْلِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْسَعُ مِنْ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ سِكَّةَ الدَّنَانِيرِ أُعْطِيت مِنْ السِّكَّةِ الْغَالِبَةِ يَوْمَ النِّكَاحِ فَإِذَا جَعَلَ لَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَطْلَقَ وَكَانَ فِي الْبَلَدِ الْمَحْبُوبِ الْمُحَمَّدِيُّ وَالْإِبْرَاهِيمِيّ وَالْيَزِيدِيُّ أُخِذَتْ الْعَشَرَةُ مِنْ السِّكَّةِ الْغَالِبَةِ يَوْمَ النِّكَاحِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ أُخِذَتْ مِنْ جَمِيعِهَا بِنِسْبَةِ عَدَدِ كُلٍّ فَإِنْ كَانَتْ سِكَّتَانِ أُعْطِيت مِنْ كُلِّ سِكَّةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا أَوْ ثَلَاثَةً فَمِنْ كُلٍّ الثُّلُثَ كَمُتَزَوِّجٍ بِرَقِيقٍ لَمْ يَذْكُرْ حُمْرَانًا وَلَا سُودَانًا وَفِي الْبَيْعِ يَفْسُدُ إنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَصْدَقَهَا قُلَّةَ خَلٍّ مُعَيَّنَةٍ فَظَهَرَ أَنَّهَا خَمْرٌ لَزِمَهُ مِثْلُهَا، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْقُلَّةُ سَمْنًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا خَمْرٌ فَسَدَ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِشُورَةٍ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا جِهَازَ بَيْتٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَعَبْدٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ أَنْ يَجُوزَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: أَتَزَوَّجُك بِعَبْدٍ تَخْتَارِينَهُ إذَا كَانَ لِذَلِكَ الزَّوْجِ عَبِيدٌ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَكَانَتْ مُعَيَّنَةً حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً وَوُصِفَتْ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك عَلَى الْبَتِّ عَبْدًا تَخْتَارُهُ أَنْت بِكَذَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ: تَخْتَارُهُ هِيَ لَا هُوَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ اخْتِيَارِهَا وَاخْتِيَارِهِ مُقَيَّدٌ بِالْعَدَدِ الْقَلِيلِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فَأَقَلُّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا الْعَدَدُ الْكَثِيرُ يُخْتَارُ مِنْهُ رَأْسٌ فَيَجُوزُ اخْتِيَارُهَا وَاخْتِيَارُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ اهـ بْن وَمِثْلُهُ فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَكَانَ سَبَبَ الْجَوَازِ عِنْدَ الْكَثْرَةِ أَنَّ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ يَتَّسِعُ الْأَمْرُ وَفِيهِ أَنَّ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ يَكْثُرُ الْغَرَرُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُشْتَرِي) أَيْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ يَخْتَارُ الْأَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَائِعُ) الْأَوْلَى وَكَذَا الْمُشْتَرِي أَيْ وَكَذَا مُنِعَ إذَا كَانَ يَخْتَارُ الْمُشْتَرِيَ. (قَوْلُهُ: فَلَا غَرَرَ) أَيْ قَوِيٌّ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْغَرَرِ حَاصِلٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَدْنَى) أَيْ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَدْنَى وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَعْلَى فَجَاءَ الْغَرَرُ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِالتَّأَمُّلِ إلَى مَا يُقَالُ أَنَّهُ وَإِنْ احْتَمَلَ ذَلِكَ لَكِنَّ الْغَالِبَ اخْتِيَارُهُ لِلْأَدْنَى فَيَكُونَانِ دَاخِلَيْنِ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمَرْأَةِ اخْتِيَارُهَا لِلْأَعْلَى، وَإِنْ اُحْتُمِلَ خِلَافُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَرَرَ مَوْجُودٌ فِي كِلَا الْحَالَتَيْنِ وَكُلُّ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا فَإِنَّمَا يَخْتَارُ الْأَحَطَّ لِنَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا لَا وَجْهَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَضَمَانُهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ ضَمَانَ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ إذَا ثَبَتَ هَلَاكُهُ كَضَمَانِ الْمَبِيعِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَيْعَ تَارَةً يَكُونُ صَحِيحًا وَتَارَةً يَكُونُ فَاسِدًا فَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ صَحِيحًا فَضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ إنْ كَانَ صَحِيحًا فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَضْمَنُ الصَّدَاقَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الزَّوْجِ وَالْمُرَادُ بِضَمَانِهَا لَهُ أَنَّهُ يُضَيَّعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَضْمَنُ الْمَبِيعَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ إذَا كَانَ فَاسِدًا فَإِنَّهَا لَا تَضْمَنُ الصَّدَاقَ إلَّا بِقَبْضِهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَمَّا إنْ حَصَلَ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَلِفَ الصَّدَاقُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ الزَّوْجَةِ، فَكُلُّ مَنْ تَلِفَ مِنْ يَدِهِ لَا يَغْرَمُ لِلْآخَرِ حِصَّتَهُ أَمَّا إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ

وَبِالْقَبْضِ فِي الْفَاسِدِ كَالْبَيْعِ فِيهِمَا (وَتَلَفُهُ) بِدَعْوَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ كَالْبَيْعِ فَاَلَّذِي يُصَدَّقُ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي يُصَدَّقُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ إذَا حَصَلَ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَغْرَمُ لَهُ نِصْفَهُ فَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَمِنْهَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ طَلَاقٌ وَإِلَّا فَمِنْهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ يُحْمَلُ ضَمَانُهُ عَلَى صُورَةٍ وَتَلَفُهُ عَلَى صُورَةٍ أُخْرَى حَتَّى يَتَغَايَرَا، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الضَّمَانِ هُوَ التَّلَفَ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا لَأَغْنَاهُ عَنْ الْأُخْرَى (وَاسْتِحْقَاقُهُ) مِنْ يَدِهَا كَالْبَيْعِ فَتَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمِثْلِ وَالْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ، وَأَمَّا الْمُقَوَّمُ الْمُعَيَّنُ إذَا اُسْتُحِقَّ جَمِيعُهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ (وَتَعْيِيبُهُ) أَيْ اطِّلَاعُهَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي التَّمَاسُكِ بِهِ أَوْ رَدِّهِ وَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ (أَوْ بَعْضِهِ) يَرْجِعُ لَهُمَا أَيْ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ أَوْ تَعْيِيبُ بَعْضِهِ كَالْبَيْعِ فَقَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَضَمَانُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَلَى تَسَامُحٍ فِي بَعْضِهَا كَمَا بُيِّنَ. (وَإِنْ) (وَقَعَ) النِّكَاحُ (بِقُلَّةِ خَلٍّ) مُعَيَّنَةٍ حَاضِرَةٍ (فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ) (فَمِثْلُهُ) أَيْ فَلِلزَّوْجَةِ مِثْلُ الْخَلِّ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَحَصَلَ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ فَكُلُّ مَنْ ضَاعَ فِي يَدِهِ يَغْرَمُ لِلْآخَرِ حِصَّتَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِالْقَبْضِ فِي الْفَاسِدِ) بِأَنْ مَضَى بِكَدُخُولٍ فَكَالصَّحِيحِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْقَبْضِ فِي الْفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ الْفَاسِدُ لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَكَانَ لِعَقْدِهِ فَقَطْ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلَّقَانِيِّ. وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ ضَمَانَهَا بِالْقَبْضِ إذَا كَانَ فَسَدَ النِّكَاحُ لِصَدَاقِهِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ كَانَ ضَمَانًا بِالْعَقْدِ كَالصَّحِيحِ وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَتَلَفُهُ) يَعْنِي أَنَّ تَلَفَ الصَّدَاقِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْمَبِيعِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ ضَمَانُهُ مِمَّنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ الْمَذْكُورُ ضَمَانُهُ مِمَّنْ هَلَكَ بِيَدِهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَإِذَا كَانَ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا ضَمِنَ لَهَا قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا ضَاعَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَزِمَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ ضَاعَ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَوْ نِصْفَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يُصَدَّقُ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ هَلَاكُهُ أَيْ وَاَلَّذِي لَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي لَا يُصَدَّقُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَذَلِكَ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الزَّوْجَةُ إذَا حَصَلَ طَلَاقٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا قَبَضَتْ جَمِيعَهُ. (قَوْلُهُ: فَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْمِلُ ضَمَانَهُ عَلَى صُورَةٍ) أَيْ وَهِيَ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ مِمَّا يُغَابُ وَثَبَتَ هَلَاكُهُ بِبَيِّنَةٍ وَقَوْلُهُ: وَتَلَفُهُ عَلَى صُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الضَّمَانِ هُوَ التَّلَفُ) أَيْ فَهُوَ بِدُونِ ذَلِكَ الْحَلِّ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ عَقْدِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: أَيْ اطِّلَاعُهَا إلَخْ) الْأَوْلَى أَيْ اطِّلَاعُهَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ كَالْمَبِيعِ أَيْ مِثْلُ اطِّلَاعِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ فِي التَّمَاسُكِ بِهِ أَوْ رَدِّهِ وَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا مَوْصُوفًا وَتَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى تَعْيِيبِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الضَّمِيرِ فِي تَعْيِيبِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ وَالنَّصْبُ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُضَافًا إلَيْهِ وَفِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِلْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ أَوْ تَعْيِيبُ بَعْضِهِ كَالْبَيْعِ) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِدَارٍ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ فِيهِ ضَرَرٌ بِأَنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لَهَا أَنْ تَرُدَّ بَقِيَّتَهَا وَتَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا أَوْ تَحْسِبَ مَا بَقِيَ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْهَا الثُّلُثُ أَوْ الشَّيْءُ التَّافِهُ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ رَجَعَتْ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ فَقَطْ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ مَقَاطِعَ قُمَاشٍ مَثَلًا وَاسْتُحِقَّ مِنْ ذَلِكَ جُزْءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَهَا أَنْ تَرُدَّ بَقِيَّتَهُ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ جَمِيعِهِ أَوْ تَحْسِبَ مَا بَقِيَ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِعَرْضٍ مُتَعَدِّدٍ مُعَيَّنٍ كَعَدَدٍ مِنْ الرَّقِيقِ وَنَحْوَهُ فَوَجَدَتْ عَيْبًا قَدِيمًا فِي بَعْضِ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ مِنْ أَنَّ لَهَا أَنْ تَرُدَّ مَا بَقِيَ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ جَمِيعِهِ أَوْ تَحْسِبَ مَا بَقِيَ وَتَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْمَعِيبِ وَهَذَا مِمَّا يُخَالِفُ فِيهِ الصَّدَاقُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْبَيْعِ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا اُسْتُحِقَّ أَوْ تُعَيِّبَ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَسَامُحٍ فِي بَعْضِهَا) أَيْ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ جَمِيعُهُ أَوْ اسْتِحْقَاقُ بَعْضِهِ أَوْ تَعْيِيبُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ أَوْ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ دُونَ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا بِقُلَّةِ خَمْرٍ فَإِذَا هِيَ خَلٌّ ثَبَتَ النِّكَاحُ

كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِ كَالثَّمَنِ لِعَدَمِ صِحَّةِ كَوْنِ شَيْءٍ مِنْهَا ثَمَنًا فَقَالَ (وَجَازَ) النِّكَاحُ (بِشَوْرَةٍ) مَعْرُوفَةٍ عِنْدَهُمْ وَهِيَ بِالْفَتْحِ مَتَاعُ الْبَيْتِ وَبِالضَّمِّ الْجَمَالُ (أَوْ) عَلَى (عَدَدٍ) مَعْلُومٍ كَعَشَرَةٍ (مِنْ كَإِبِلٍ أَوْ رَقِيقٍ) ، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ لَا عَدَدٍ مِنْ شَجَرٍ إلَّا إنْ عَيَّنَ (أَوْ) عَلَى (صَدَاقِ مِثْلٍ) أَيْ مِثْلِهَا (وَلَهَا) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (الْوَسَطُ) مِنْ شَوْرَةِ مِثْلِهَا فِي حَضَرٍ لِحَضَرِيَّةٍ وَبَدْوٍ لِبَدْوِيَّةٍ وَالْوَسَطُ مِنْ كَإِبِلٍ وَرَقِيقٍ مِنْ السِّنِّ الَّذِي يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ وَالْوَسَطُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلٍ يُرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا بِاعْتِبَارِ الْأَوْصَافِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ جَمَالٍ وَحَسَبٍ وَنَسَبٍ وَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ (حَالًّا) لَا مُؤَجَّلًا (وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسٍ) أَيْ صِنْفِ (الرَّقِيقِ) إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ كَبَرْبَرِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ أَوْ زِنْجِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لَهَا أَغْلَبَ الصِّنْفَيْنِ بِالْبَلَدِ مِنْ السُّودِ وَالْحُمْرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا أُعْطِيت النِّصْفَ الْوَسَطَ مِنْ كُلٍّ فَإِنْ كَانَتْ الْأَصْنَافُ ثَلَاثَةً أُعْطِيت مِنْ وَسَطِ كُلِّ صِنْفٍ ثُلُثَهُ وَهَكَذَا. (قَوْلَانِ وَ) لَهَا (الْإِنَاثُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّقِيقِ (إنْ أَطْلَقَ) وَلَا يَقْضِي بِالْإِنَاثِ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ (وَلَا عُهْدَةَ) لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ فِي الرَّقِيقِ ثَلَاثًا وَلَا سَنَةً كَمَا يَأْتِي مَعَ نَظَائِرِهِ فِي بَابِ الْخُلْعِ مَعَ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهَا مَا لَمْ تَشْتَرِطْهَا وَإِلَّا وَفَى لَهَا بِهَا، إذْ الْمُؤَمَّنُ عِنْدَ شَرْطِهِ وَقِيلَ: لَا عُهْدَةَ، وَلَوْ اشْتَرَطَتْ، وَأَمَّا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَضِيَا بِالْخَلِّ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِضًا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَثْنَاةِ إلَخْ) زَادَ الْكَافَ لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ كَانَ لَا اسْتِثْنَاءَ مِنْهُ فِي الْحَقِيقَةِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ كَوْنِ شَيْءٍ مِنْهَا ثَمَنًا) أَيْ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَوْسَعُ مِنْ الْبَيْعِ فِي الْغَرَرِ وَأَوْسَعُ مِنْ النِّكَاحِ فِي ذَلِكَ الرَّهْنُ، إذْ يَجُوزُ فِيهِ رَهْنُ الْآبِقِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْجَنِينِ وَأَوْسَعُ مِنْ الرَّهْنِ فِي الْغَرَرِ الْهِبَةُ وَالْخُلْعُ، إذْ يَجُوزُ هِبَةُ الْجَنِينِ وَالْخُلْعُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ النِّكَاحُ بِشُورَةٍ) بِأَنْ يَقُولَ: أَتَزَوَّجُهَا وَأَجْعَلُ صَدَاقَهَا جِهَازَهَا أَوْ شُوَارَهَا فَيُنْظَرُ لَهَا إنْ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ بَدَوِيَّةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الشُّورَةُ ثَمَنًا. (قَوْلُهُ: مَعْرُوفَةٍ) أَيْ بِالنَّوْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا مَقُولَةٌ بِالتَّشْكِيكِ لِأَجْلِ اعْتِبَارِ الْوَسَطِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدٍ مِنْ كَإِبِلٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ أَوْ الرَّقِيقِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَوْصُوفٍ بِأَنْ يَجْعَلَ الصَّدَاقَ عَشَرَةً مِمَّا ذُكِرَ وَيُطْلَقُ وَنَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْعَدَدِ لِتَوَهُّمِ الْمَنْعِ فِيهِ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فَالْوَاحِدُ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَأَمَّا جَعْلُ ذَلِكَ ثَمَنًا فَلَا يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَوْصُوفٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ مَوْصُوفًا بِقَلْبِ الْمُبَالَغَةِ لِتَوَهُّمِ الْمَنْعِ فِي الْمَوْصُوفِ؛ لِأَنَّهُ كَالسَّلَمِ الْحَالِّ بْن. (قَوْلُهُ: لَا عَدَدٍ مِنْ شَجَرٍ) أَيْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ كَانَ مَوْصُوفًا وَقَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَيَّنَ أَيْ بِالْإِشَارَةِ كَهَذَا الشَّجَرِ أَوْ بِالْوَصْفِ كَالشَّجَرِ الَّذِي فِي مَحَلِّ كَذَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَالشَّجَرِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الذِّمَّةِ وَكَانَ مَوْصُوفًا أَنَّ الشَّجَرَ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَوُصِفَ كَانَ وَصْفُهُ مُسْتَدْعِيًا تَعْيِينَ وَصْفٍ مَكَانَهُ فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ فِي مُعَيَّنٍ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ عَلَى بَيْتٍ يَبْنِيه لَهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى وَصْفِ الْبِنَاءِ وَالْمَوْضِعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَاقِ مِثْلٍ) أَيْ كَأَتَزَوَّجُكِ عَلَى أَنَّ صَدَاقَكِ صَدَاقُ مِثْلِك، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَجِبُ بِالْعَقْدِ وَيَجِبُ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَمِيعُهُ بِالْمَوْتِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مِنْ شُورَةِ مِثْلِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى جِهَازِ بَيْتٍ فَإِنْ كَانَتْ حَضَرِيَّةً فَيُجَهِّزُهَا جَهَازًا وَسَطًا مِنْ جَهَازِ الْحَاضِرَةِ فَإِذَا كَانَ جَهَازُ الْحَاضِرَةِ مَعْرُوفًا عَلَى أَوْصَافٍ ثَلَاثَةٍ لَزِمَهُ الْوَسَطُ مِنْ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَاللَّازِمُ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْوَاحِدُ وَإِذَا كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ وَسَطٌ فَالْغَالِبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَالظَّاهِرُ نِصْفُ كُلٍّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْحَضَرِيَّةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ السِّنِّ الَّذِي يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ) فَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَصْدُقْنَ الْإِبِلَ أَوْ الرَّقِيقَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ وَابْنَ ثَمَانِ سِنَّيْنِ وَابْنَ سِتَّةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا ابْنَ ثَمَانِيَةٍ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْأَوْصَافِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَامَتْ بِهَا تِلْكَ الْأَوْصَافِ وَيَرْغَبُ فِيهَا بِاعْتِبَارِهَا إذَا كَانَتْ تَارَةً تُصْدَقُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَارَةً بِتِسْعِينَ وَتَارَةً بِثَمَانِينَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهَا التِّسْعِينَ. (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ الرَّقِيقِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ جِنْسَهُ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: أُعْطِيت النِّصْفَ الْوَسَطَ مِنْ كُلٍّ) فَإِذَا كَانَ الرَّقِيقُ الَّذِي فِي الْبَلَدِ بَرْبَرِيًّا وَحَبَشِيًّا فَقَطْ وَاسْتَوَيَا فَإِنَّهَا تُعْطَى مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْأَوْسَطِ فِي السِّنِّ وَإِذَا كَانَ الرَّقِيقُ الَّذِي فِي الْبَلَدِ بَرْبَرِيًّا وَحَبَشِيًّا وَرُومِيًّا فَإِنَّهَا تُعْطَى مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ ثُلُثَ الْوَسَطِ فِي السِّنِّ وَهَكَذَا يُقَالُ إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) أَيْ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّقِيقِ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذِكْرِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ بِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ آحَادِ الرَّقِيقِ وَأَصْنَافِهِ بِخِلَافِ أَصْنَافِ غَيْرِهِ اهـ عَدَوِيٌّ وَفِي بْن أَنَّ قَوْلَهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْإِنَاثُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْوَسَطِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُقَيَّدْ بِذُكُورٍ أَوْ إنَاثٍ؛ لِأَنَّ لِلنِّسَاءِ غَرَضًا فِي الْإِنَاثِ لِلدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ وَنَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ بَلْ يُعْمَلُ فِي غَيْرِهِ بِالْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْتَرِطْهَا وَإِلَّا وَفَّى لَهَا بِهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ ضَعِيفٌ كَمَا فِي بْن وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا وَرَجَعَ عَنْ تَرْجِيحِهِ لِلثَّانِي فِي حَاشِيَةِ خش. (قَوْلُهُ: دَرْكُ الْمَبِيعِ) بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ ضَمَانُ الْمَبِيعِ

فَلَهَا الْقِيَامُ بِهَا فِي الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ. (وَ) جَازَ تَأْجِيلُ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ (إلَى الدُّخُولِ إنْ عَلِمَ) الدُّخُولَ أَيْ وَقْتَهُ بِالْعَادَةِ عِنْدَهُمْ كَالنِّيلِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَسَدَ قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ) تَأْجِيلُهُ إلَى (الْمَيْسَرَةِ) لِلزَّوْجِ فَيَجُوزُ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَلِيًّا) كَمَنْ عِنْدَهُ سِلَعٌ يُرْصَدُ بِهَا الْأَسْوَاقَ أَوْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي وَقْفٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا فَكَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ. (وَ) جَازَ نِكَاحُهَا (عَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ) الَّذِي فِي مِلْكِهِ (لِفُلَانٍ) أَوْ الصَّدَقَةُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهَا، ثُمَّ هِبَتَهُ أَوْ صَدَقَتَهُ (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَعْتِقَ أَبَاهَا) مَثَلًا (عَنْهَا) وَالْوَلَاءُ لَهَا (أَوْ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَالْوَلَاءُ لَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ. وَلَمَّا كَانَ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ قَالَ (وَوَجَبَ) عَلَى الزَّوْجِ (تَسْلِيمُهُ) أَيْ تَعْجِيلُ الصَّدَاقِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا (إنْ تَعَيَّنَ) كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ الزَّوْجُ صَبِيًّا وَيُمْنَعُ تَأْخِيرُهُ كَبَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَا عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ الْأَجَلُ قَرِيبًا فَيَجُوزُ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُعَيَّنًا وَتَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ (فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، وَإِنْ) كَانَتْ (مَعِيبَةً) بِعَيْبٍ لَا قِيَامَ لَهُ بِهِ بِأَنْ رَضِيَ بِهِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ (مِنْ الدُّخُولِ) عَلَيْهَا (وَ) إنْ دَخَلَ فَلَهَا الْمَنْعُ مِنْ (الْوَطْءِ بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ بِمَعْنَى الِاخْتِلَاءِ بِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بَعْدَ الْوَطْءِ (وَ) لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ (السَّفَرِ) مَعَهُ (إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ) مِنْ الْمَهْرِ أَصَالَةً أَوْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ (لَا بَعْدَ الْوَطْءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْقِيَامُ بِهَا) أَيْ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَاسْتِحْقَاقُهُ وَعَيْبُهُ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: إلَى الدُّخُولِ) أَيْ كَأَتَزَوَّجُك بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا أَدْفَعُهُ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ عِنْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ وَقْتُهُ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ بِالْعَادَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ الدُّخُولِ مَعْلُومًا لِأَنَّ الدُّخُولَ بِيَدِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالْحَالِّ مَتَى شَاءَتْ أَخَذَتْهُ. (قَوْلُهُ: كَالنِّيلِ) أَيْ عِنْدَ بَعْضِ فَلَّاحِي مِصْرَ وَكَالرَّبِيعِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْأَلْبَانِ وَالْجُذَاذِ عِنْدَ أَرْبَابِ الثِّمَارِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْجِيلُهُ إلَى الْمَيْسَرَةِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَلِيًّا أَيْ بِالْقُوَّةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لِلْمَلَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَلِيءٍ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَلِيًّا يَقْتَضِي وُجُودَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ عِنْدَهُ سِلَعٌ يَرْصُدُ بِهَا الْأَسْوَاقَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ بَيْعَهَا مَجْهُولٌ زَمَنُهُ فَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِتِلْكَ السِّلَعِ وَكَأَنَّ الصَّدَاقَ حَالٌّ بِاعْتِبَارِهَا. (قَوْلُهُ: فَكَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ) أَيْ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (تَنْبِيهٌ) إذَا تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ وَأَجَّلَهُ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ الْمَرْأَةُ مِنْهُ فَهَلْ هُوَ كَتَأْجِيلِهِ بِالْمَيْسَرَةِ فَيَكُونُ جَائِزًا أَوْ كَتَأْجِيلِهِ بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَيَكُونُ مَمْنُوعًا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ) الْبَاجِيَّ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ وَصَارَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ فَاتَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ تَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن فَمَا قِيلَ: إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ نِصْفِهِ كَالْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهَا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ النِّكَاحُ فَلَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ فَإِنْ قُلْتَ فِي مَسْأَلَةِ إذَا تَزَوَّجَهَا بِعِتْقِ أَبِيهَا عَنْهَا: كَيْفَ يُقَدِّرُ مِلْكَهَا لَهُ مَعَ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا؟ قُلْتُ: إنَّ تَقْدِيرَ مِلْكِهَا لَهُ فَرْضٌ لَا يُوجِبُ الْعِتْقَ حَتَّى يَتَعَطَّلَ تَمَلُّكُهَا لَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُعَيَّنٍ بَعِيدٍ كَخُرَاسَانَ. (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ تَسْلِيمِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ بَيْعِهِ لِمَا يَلْحَقُ ذَلِكَ مِنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَقْبِضُ لِإِمْكَانِ هَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّأْجِيلِ هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْجِيلَ حَقٌّ لِلَّهِ وَأَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْحَقُّ لَهَا فِي تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَلَهَا التَّأْخِيرُ، إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهَا بِالْعَقْدِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَالَهُ طفي وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الرَّقِيقِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الْأُصُولِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ صَحَّ النِّكَاحُ إنْ أَجَّلَ قَبْضَهُ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ غَالِبًا وَإِلَّا فَسَدَ النِّكَاحُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ وَجَبَ تَسْلِيمُهُ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ حَيْثُ اشْتَرَطَ التَّأْخِيرَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَانَ تَعْجِيلُهُ مِنْ حَقِّهَا فَإِنْ رَضِيَتْ بِالتَّأْخِيرِ جَازَ (قَوْلُهُ: وَتَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ) بِأَنْ طَلَبَ الزَّوْجُ قَبْلَ دَفْعِهِ وَطَلَبَتْ هِيَ دَفْعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا الْمَنْعُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْمَنْعِ وَالتَّمْكِينِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّمْكِينُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ مَالِكٍ حَيْثُ كَانَ قَبْلَ قَبْضِهَا رُبْعَ دِينَارٍ فَقَوْلُهُ: فَلَهَا أَيْ فَيُنْدَبُ لَهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الِاخْتِلَاءِ بِهَا) أَيْ لَا بِمَعْنَى الْوَطْءِ بِدَلِيلِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ) أَيْ وَغَايَةُ مَنْعِهَا مِنْ الدُّخُولِ وَمِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ إذَا مَكَّنَتْهُ مِنْ الدُّخُولِ وَمِنْ السَّفَرِ مَعَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا مَا حَلَّ مِنْ الْمَهْرِ وَإِنَّمَا كَانَ

أَوْ التَّمْكِينِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا وَلَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ (إلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ) الصَّدَاقَ مِنْ يَدِهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ حَتَّى تَقْبِضَ عِوَضَهُ مِنْ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ إنْ غَرَّهَا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ) . (وَمَنْ بَادَرَ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِدَفْعِ مَا فِي جِهَتِهِ حَصَلَتْ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ أَمْ لَا (أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ) بِتَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِ (إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ) الْحُلُمَ (وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا) ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الزَّوْجُ لَمْ تُجْبَرْ لَهُ الزَّوْجَةُ إنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً وَلَا يُجْبَرُ لَهَا الزَّوْجُ إنْ كَانَ مَطْلُوبًا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَطْؤُهَا لِمَرَضٍ فَكَالصَّحِيحَةِ تُجْبَرُ إذَا لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ. (وَتُمْهَلُ) الزَّوْجَةُ عَنْ الدُّخُولِ أَيْ تُجَابُ لِلْإِمْهَالِ، وَلَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ (سَنَةً) (إنْ اشْتَرَطَتْ) عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجِ أَيْ اشْتَرَطَهَا أَهْلُهَا (لِتَغْرِبَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ تَغْرِبَتِهَا عَنْهُمْ بِأَنْ يُسَافِرَ بِهَا فَقَصَدُوا التَّمَتُّعَ بِهَا (أَوْ صِغَرٍ) يُمْكِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ بَادَرَ إلَخْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّنَةَ بِأَنْ وَقَعَ ذِكْرُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَتْ لَا لِتَغْرِبَةٍ وَلَا لِصِغَرٍ (بَطَلَ) الْإِمْهَالُ (لَا) إنْ شَرَطَ (أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ أَيْ جَمِيعُ مَا اشْتَرَطَ لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا فَقَطْ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ لَا أَكْثَرَ لَأَمْكَنَ إدْخَالُهُ تَحْتِ وَإِلَّا. (وَ) تُمْهَلُ الزَّوْجَةُ لِلْمَرَضِ وَالصِّغَرِ الْحَاصِلَيْنِ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (الْمَانِعَيْنِ مِنْ الْجِمَاعِ) لِزَوَالِهِمَا، وَإِنْ طَالَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَرَضِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُمْهَلُ فِي الْمَرَضِ إلَّا إذَا بَلَغَ الْمَرِيضُ حَدَّ السِّيَاقِ (وَ) تُمْهَلُ. (قَدْرَ مَا) أَيْ زَمَنٌ (يُهَيِّئُ مِثْلُهَا) فِيهِ (أَمْرَهَا) مَفْعُولُ يُهَيِّئُ وَمِثْلُهَا فَاعِلُهُ أَيْ يُحَصِّلُ مِثْلُهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْجَهَازِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْجَهَازُ وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ التَّهْيِئَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ وَالْبَائِعُ لَهُ مَنْعُ سِلْعَتِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: أَوْ التَّمْكِينُ مِنْهُ) هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ مَنْعَهَا إلَّا الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهَا الْمَنْعُ بَعْدَ الْوَطْءِ سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ أَوْ لَا غَرَّهَا أَوْ لَا وَقِيلَ إنْ غَرَّهَا فَلَهَا الْمَنْعُ وَإِلَّا فَلَا وَهُمَا ضَعِيفَانِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: حَصَلَتْ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ) أَيْ فِي التَّبْدِئَةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بِتَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِ) فَإِنْ دَفَعَ الزَّوْجُ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ وَطَلَبَ الدُّخُولَ فَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ وَكَانَتْ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ وَالزَّوْجُ بَالِغٌ فَإِنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَادَرَتْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهَا وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ وَأَبَى الزَّوْجُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَهُوَ بَالِغٌ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الصَّدَاقِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مَا حَلَّ مِنْ صَدَاقِهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بَلْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ أَمَّا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغٌ وَلَا إطَاقَةٌ بَلْ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِهِ كَانَ الزَّوْجُ بَالِغًا أَمْ لَا أَمْكَنَ وَطْؤُهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ) أَيْ فَلَا تُجْبَرَ لَهُ إنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً وَلَا يُجْبَرُ لَهَا الزَّوْجُ إنْ كَانَ مَطْلُوبًا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْأَنْسَبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ لَوْ قَالَ: وَكَذَا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا لِعَدَمِ إطَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: وَتُمْهَلُ سَنَةً) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَاَلَّتِي بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ مَعَهُ الْوَطْءُ) ، وَأَمَّا الصِّغَرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا تُمْهَلُ لِزَوَالِهِ، وَلَوْ طَالَ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَنْ بَادَرَ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَهْلُهَا إمْهَالَهَا سَنَةً لِصِغَرٍ أَوْ تَغْرِبَةٍ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْإِمْهَالُ) أَيْ بَطَلَ شَرْطُ الْإِمْهَالِ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ شَرَطَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ) أَيْ لِصِغَرٍ أَوْ تَغْرِبَةٍ وَقَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ مَفْهُومُ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ: لَأَمْكَنَ إدْخَالُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا بَطَلَ مَعْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّنَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ بَطَلَ الْإِمْهَالُ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا اشْتَرَطَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَبِمَا إذَا شَرَطَ أَكْثَرَ مِنْهَا عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَتُمْهَلُ الزَّوْجَةُ لِلْمَرَضِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْإِمْهَالُ عِنْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَرَضِ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْبِنَاءِ إذَا كَانَ يَمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ فَإِنَّهَا تُمْهَلُ لِزَوَالِهِ بَلَغَتْ حَدَّ السِّيَاقِ أَمْ لَا تَبِعَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ وَقَوَّاهُ طفي وَقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي ح وَنَصُّهُ، وَأَمَّا إمْهَالُ الزَّوْجَةِ لِلْمَرَضِ إذَا طَلَبَتْهُ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا ابْنِ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا نَصَّ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَةَ مَرَضًا يَمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ إذَا دَعَتْ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَنَصُّهَا وَمَنْ دَعَتْهُ زَوْجَتُهُ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ وَأَحَدُهُمَا مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ لَزِمَهُ أَنْ يُنْفِقَ أَوْ يَدْخُلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا بَلَغَ حَدَّ السِّيَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ اهـ بْن إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ تَعْلَمْ أَنَّ مَا نَسَبَهُ شَارِحُنَا لِلْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ هُوَ مَا فِيهَا بَلْ الَّذِي فِيهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَرَضَهَا الْبَالِغَ حَدَّ السِّيَاقِ كَمَرَضِهِ فَصَحَّ مَا نَسَبَهُ الشَّارِحُ لِلْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا بَلَغَ الْمَرِيضُ حَدَّ السِّيَاقِ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا تُمْهَلُ لِزَوَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَتُمْهَلُ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهَا أَمْرَهَا) أَيْ وَكَذَا يُمْهَلُ هُوَ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهُ أَمْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) أَيْ مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ التَّهْيِئَةِ) أَيْ فِي مُدَّةِ تَهْيِئَتِهَا، وَكَذَا فِي مُدَّةِ تَهْيِئَتِهِ فَمَا يُكْتَبُ فِي وَثَائِقِ النِّكَاحِ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ وَفَرَضَ لَهَا فِي نَظِيرِ نَفَقَتِهَا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مِنْ يَوْمٍ تَارِيخُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ

(إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الزَّوْجُ (لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ) مَثَلًا فَيُقْضَى لَهُ بِهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَسَوَاءٌ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ بِاَللَّهِ مَاطَلَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ بِلَصْقِهِ. (لَا) تُمْهَلُ (لِحَيْضٍ) وَلَا لِنِفَاسٍ لِإِمْكَانِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ. (وَإِنْ) طَالَبَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى تُقْبِضَهُ زَوْجَهَا لِلصَّدَاقِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ (لَمْ يَجِدْهُ) بِأَنْ ادَّعَى الْعَدَمَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى صِدْقِهِ وَلَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ (أُجِّلَ) أَيْ أَجَّلَهُ الْحَاكِمُ (لِإِثْبَاتِ عُسْرَتِهِ) أَيْ لِأَجْلِ إثْبَاتِهَا إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْوَجْهِ وَإِلَّا حُبِسَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَأَشَارَ إلَى قَدْرِ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ بِقَوْلِهِ (ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ) سِتَّةٌ فَسِتَّةٌ فَسِتَّةٌ فَثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تَتَعَدَّدُ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَرُبَّمَا اتَّجَرَ بِسُوقَيْنِ فَرَبِحَ بِقَدْرِ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أَخَذَ مِنْهُ حَالًّا فَلَوْ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُطَالَبَةُ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِهِ بِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَلَى الْمَذْهَبِ (ثُمَّ) إذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ صَدَّقَتْهُ (تَلَوَّمَ) لَهُ (بِالنَّظَرِ) وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ فَفِي الثَّلَاثَةِ أَسَابِيعَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ فَقَالَ الْحَطَّابُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ إنْ جُهِلَ حَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْ يَرَاهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ) يُرِيدُ لَيْلَةً قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّهْيِئَةِ أَيْ فَلَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ وَحَلَفَ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ حَتَّى يُهَيِّئَ لَهَا أَمْرَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهَا حَلَفَتْ عَلَى حَقِّهَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ أَيْضًا صَاحِبَ حَقٍّ لَكِنْ حَقُّهَا أَصْلِيٌّ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ وَاَلَّذِي فِي عبق أَنَّ حَلِفَ الزَّوْجَةِ لَا يُعْتَبَرُ حَلَفَتْ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ حَلَفَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الزَّوْجِ بِأَنْ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَاطَلَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ تَكَاسَلَ وَلَمْ يَشْرَعْ فِي التَّهْيِئَةِ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ مِنْ الْعَقْدِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْحَلِفَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّهْيِئَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى مَطْلٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْحَلِفِ فَظَاهِرُهُ كَانَ بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعِتْقٍ مَاطَلَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ) فَكَأَنَّهُ قَالَ وَتُمْهَلُ قَدْرَ الزَّمَانِ الَّذِي يُحَصِّلُ فِيهِ مِثْلُهَا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْجَهَازِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الزَّوْجُ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ فَلَا تُمْهَلُ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَبَتْ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَجَبَ تَعْجِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا وَتَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ كَانَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ تَمْكِينِهِ حَتَّى تَقْبِضَ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ وَذُكِرَ هُنَا مَا إذَا طَالَبَتْهُ بِالْمَضْمُونِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَادَّعَى الْعَدَمَ فَتَارَةً تُصَدِّقُهُ وَتَارَةً لَا تُصَدِّقُهُ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ إمَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى عَدَمِهِ وَإِمَّا أَنْ لَا تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَالَبَتْهُ زَوْجَتُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا بِحَالِ الصَّدَاقِ فَادَّعَى الْعَدَمَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّلُهُ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ، ثُمَّ يَتَلَوَّمُ لَهُ لَعَلَّهُ يَحْصُلُ لَهُ يَسَارٌ، ثُمَّ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَنْ لَا تُصَدِّقَهُ فِي دَعْوَاهُ الْإِعْسَارَ، وَأَنْ لَا يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى صِدْقِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَأَنْ لَا يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ، وَأَنْ يُجْرِيَ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا مِنْ يَوْمِ دُعَائِهِ لِلدُّخُولِ. فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِي دَعْوَاهُ الْإِعْسَارَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعُسْرِ فَإِنَّهُ يَتَلَوَّمُ لَهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالنَّظَرِ وَلَا يُؤَجَّلُ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ كَالْبَقَّالِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أَخَذَ مِنْهُ حَالًّا، وَإِنْ لَمْ يُجْرِ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا مِنْ يَوْمِ دُعَائِهِ لِلدُّخُولِ فَلَهَا الْفَسْخُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ مَعَ عَدَمِ الصَّدَاقِ عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْوَجْهِ) أَيْ خَشْيَةَ هُرُوبِهِ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَحَلٌّ وَلَا يُكَلَّفُ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حُبِسَ) أَيْ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَى قَدْرِ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ) أَيْ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ) ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا التَّحْدِيدُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ هُوَ اسْتِحْسَانٌ لِاتِّفَاقِ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْكُولٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: سِتَّةً فَسِتَّةً إلَخْ) كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي فِي الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ ثَمَانِيَةٌ، ثُمَّ سِتَّةٌ، ثُمَّ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ ثَلَاثَةٌ اُنْظُرْ ح وَقَوْلُهُ: سِتَّةٌ إلَخْ أَيْ ثُمَّ يَسْأَلُ عَقِبَ كُلِّ سِتَّةٍ، وَكَذَا عَقِبَ الثَّلَاثَةِ هَلْ وَجَدَ مَالًا أَمْ لَا وَهَلْ وَجَدَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِعُسْرِهِ أَمْ لَا وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَإِنْ طَالَبَتْ زَوْجَهَا بِالصَّدَاقِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ: فَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَيْ التَّكَلُّمُ عَلَى بَعْضِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ إمَّا غَائِبٌ عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ أَوْ حَاضِرٌ بِهَا فَالْحَاضِرُ بِهَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُؤَجَّلَ قَبْضُهُ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ دَخَلَ بِهَا إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا طَالَبَتْهُ زَوْجَتُهُ الَّتِي لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يُؤَجَّلُ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ إذَا ادَّعَى الْعَدَمَ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ الْأَسَابِيعِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَقَوْلُهُ: تَلَوَّمَ لَهُ أَيْ بَعْدَ إعْذَارِ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْعُسْرِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَطْعَنٌ أَبْدَتْهُ وَإِلَّا حَلَفَ الزَّوْجُ مَعَ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ الِاسْتِظْهَارَ عَلَى تَحْقِيقِ مَا ادَّعَاهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَّقَتْهُ) أَيْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعُسْرِ. (قَوْلُهُ: تَلَوَّمَ لَهُ بِالنَّظَرِ) أَيْ لَعَلَّهُ يَحْصُلُ لَهُ يَسَارٌ وَيَدْفَعُ ذَلِكَ الصَّدَاقَ

لِيَسْتَبْرِئ أَمْرَهُ، وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ تَلَوَّمَ لَهُ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعُسْرِهِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ لَهَا ضَرَرٌ بِطُولِ الْمُدَّةِ فَلَهَا التَّطْلِيقُ (وَعُمِلَ) فِي التَّلَوُّمِ عِنْدَ الْمُوَثِّقِينَ (بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ) سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَرْبَعَةٌ فَشَهْرَيْنِ فَشَهْرٌ وَهَذَا ضَعِيفٌ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ بِالنَّظَرِ (وَفِي) وُجُوبِ (التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَا يُرْجَى) يَسَارُهُ كَمَنْ يُرْجَى؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ قَدْ يَكْشِفُ عَنْ الْعَجَائِبِ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ (وَصُحِّحَ وَعَدَمُهُ) فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا مَتَى ثَبَتَ عُسْرُهُ (تَأْوِيلَانِ ثُمَّ) بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ (طَلَّقَ عَلَيْهِ) بِأَنْ يُطَلِّقَ الْحَاكِمُ أَوْ تُوقِعَهُ هِيَ، ثُمَّ يَحْكُمُ الْقَوْلَانِ (وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَا طَلَاقَ عَلَى الْمُعْسِرِ بِالصَّدَاقِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا) إنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فِي) نَظِيرِ (عَيْبٍ) بِهِ أَوْ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ خِيَارِ الزَّوْجَيْنِ. وَلَمَّا كَانَ لِلصَّدَاقِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ يَتَكَمَّلُ تَارَةً وَيَتَشَطَّرُ تَارَةً وَيَسْقُطُ تَارَةً كَمَا إذَا حَصَلَ فِي التَّفْوِيضِ مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ أَسْبَابَ الْحَالَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةٌ بِقَوْلِهِ (وَتَقَرَّرَ) جَمِيعُ الصَّدَاقِ الشَّرْعِيِّ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ (بِوَطْءٍ) لِمُطِيقَةٍ مِنْ بَالِغٍ (وَإِنْ حَرُمَ) ذَلِكَ الْوَطْءُ بِسَبَبِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ هُمَا كَفِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ، وَلَوْ بِكْرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى سِلْعَتَهَا بِالْوَطْءِ فَاسْتَحَقَّتْ جَمِيعَهُ وَأَشَارَ لِلسَّبَبِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُطَالَبَ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِيَسْتَبْرِئ أَمْرَهُ) أَيْ فَإِذَا حُبِسَ وَتَبَيَّنَ عُسْرُهُ تَلَوَّمَ لَهُ بِالنَّظَرِ، ثُمَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ يُسْرُهُ أُخِذَ مِنْهُ الصَّدَاقُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَيُحْبَسُ) أَيْ حَتَّى يَدْفَعَ، وَلَوْ طَالَ حَبْسُهُ. (قَوْلُهُ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ) أَيْ ثُمَّ يُسْأَلُ هَلْ وَجَدَ يَسَارًا أَمْ لَا فَأَرْبَعَةٌ أَيْ ثُمَّ يُسْأَلُ كَذَلِكَ فَشَهْرَيْنِ، ثُمَّ يُسْأَلُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَشَهْرَيْنِ فَشَهْرٌ) أَيْ ثُمَّ يُسْأَلُ فَإِنْ أَتَى بِشَيْءٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا عَجَّزَهُ الْقَاضِي وَطَلَّقَ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَثْبَتَ عَدَمَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] فَمَا فِي خش وعبق أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ، إذْ لَا مَعْنَى لَهُ قَالَ بْن وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ دَيْنَ الصَّدَاقِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيَجِبُ أَنْ يُسَرَّحَ إذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ بِالنَّظَرِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا عَمَلُ بَعْضِ الْقُضَاةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَجَلَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّلَوُّمَ مَوْكُولٌ قَدْرُهُ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ اتَّفَقَ لِبَعْضِ الْقُضَاةِ أَنَّهُ تَلَوَّمَ بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ لِكَوْنِ اجْتِهَادِهِ أَدَّاهُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يُرْجَى يَسَارُهُ) أَيْ لِمَنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُرْجَى يَسَارُهُ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ) أَيْ وَصَحَّحَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَعِيَاضٌ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ) وَهَذَا تَأْوِيلُ فَضْلٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ طَلَّقَ عَلَيْهِ) قَالَ عبق: فَإِنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ قَبْلَ التَّلَوُّمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُهُ) أَيْ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ إذَا طَلَّقَ أَوْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِعُسْرِهِ بِالصَّدَاقِ لِزَوْجَتِهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَيُتَّبَعُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ لِتَقَرُّرِهِ فِي ذِمَّتِهِ بِالْعَقْدِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ) أَيْ الطَّلَاقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا فِي عَيْبٍ) يَعْنِي إذَا أَرَادَتْ رَدَّ زَوْجِهَا بِعَيْبٍ بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَطَلَّقَ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْهُ أَوْ رَدَّ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَيْ فَسَخَ نِكَاحَهَا بِعَيْبٍ بِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَقَدْ مَرَّ هَذَا فِي بَابِ الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ هُنَا لِإِفَادَةِ بَيَانِ اخْتِلَافِ هَذَا وَهُوَ الْفَسْخُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَفِي الطَّلَاقِ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَفِي الْفَسْخِ لَا شَيْءَ لَهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الطَّلَاقُ وَالْفَسْخُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ لِلصَّدَاقِ) أَيْ عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَتَقَرَّرَ) أَيْ ثَبَتَ وَتَحَقَّقَ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِتَقَرَّرَ دُونَ تَكْمُلُ لِيَشْمَلَ صَدَاقَ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ وَلِأَنَّ تَقَرَّرَ يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَقَرَّرَ يُحْتَمَلُ تَقَرَّرَ تَمَامُهُ إنْ قُلْنَا: إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَيُحْتَمَلُ تَقَرَّرَ أَدَاؤُهُ إنْ قُلْنَا: إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ وَيُحْتَمَلُ تَقَرَّرَ أَصْلُهُ إنْ قُلْنَا: إنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَقَوْلُهُ: بِوَطْءٍ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَفِي حَيْضٍ) هَذَا مِثَالٌ لِسَبَبِهَا بِاعْتِبَارِ قِيَامِ أَصْلِ السَّبَبِ بِهَا وَالدُّبُرُ مِثَالٌ لِسَبَبِهِ مِنْ حَيْثُ مَيْلِهِ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَمَتَى حُرِّمَ عَلَى أَحَدِهِمَا حُرِّمَ عَلَى الْآخَرِ مُوَافَقَتُهُ وَصَوْمُهُمَا بِسَبَبِهِمَا وَكَذَلِكَ اعْتِكَافُهُمَا وَإِحْرَامُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكْرًا) أَيْ بَقِيَتْ عَلَى بَكَارَتِهَا فَصَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ فَإِذَا أَزَالَ الْبَكَارَةَ بِأُصْبُعِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَبَعْدَهُ لَهَا الصَّدَاقُ فَقَطْ وَيَنْدَرِجُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فِي الصَّدَاقِ كَذَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِافْتِضَاضِهِ إيَّاهَا بِأُصْبُعِهِ كُلُّ الْمَهْرِ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ إذَا طَلَّقَهَا إنْ رُئِيَ أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِمَهْرِ ثَيِّبٍ

(وَمَوْتِ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا، وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ وَهِيَ غَيْرُ مُطِيقَةٍ وَهَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا مَوْتُ وَاحِدٍ فِي التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْفَرْضِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَ) تَقَرَّرَ أَيْضًا بِسَبَبِ (إقَامَةِ سَنَةٍ) بَعْدَ الدُّخُولِ بِلَا وَطْءٍ بِشَرْطِ بُلُوغِهِ وَإِطَاقَتِهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ الْمَذْكُورَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْوَطْءِ. (وَصُدِّقَتْ فِي) دَعْوَى الْوَطْءِ فِي (خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ) بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، وَلَوْ سَفِيهَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخَلْوَةِ وَثَبَتَتْ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً حَلَفَ لِرَدِّ دَعْوَاهَا وَغَرِمَ النِّصْفَ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِبُلُوغِهَا فَإِنْ حَلَفَتْ أَخَذَتْهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَمِينَ ثَانِيَةً عَلَيْهِ وَبَالَغَ عَلَى تَصْدِيقِهَا فِي دَعْوَى الْوَطْءِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَتْ مُلْتَبِسَةً (بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَصَوْمٍ (وَ) صُدِّقَتْ أَيْضًا (فِي) دَعْوَى (نَفْيِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (وَإِنْ سَفِيهَةً) وَأَمَةً وَصَغِيرَةً بِلَا يَمِينٍ، إذْ الْمَوْضُوعُ أَنَّهُ قَدْ وَافَقَهَا عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ إلَخْ (وَ) صُدِّقَ (الزَّائِرُ مِنْهُمَا) فِي شَأْنِ الْوَطْءِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا فَإِنْ زَارَتْهُ صُدِّقَتْ فِي وَطْئِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ نَشَاطُهُ فِي بَيْتِهِ، وَإِنْ زَارَهَا صُدِّقَ فِي نَفْيِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهَا الْوَطْءَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ عَدَمُ نَشَاطِهِ فِي بَيْتِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الزَّائِرَ مِنْهُمَا يُصَدَّقُ مُطْلَقًا فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ بَلْ الْمُرَادُ مَا عَلِمْت ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا فَلَا أَرْشَ لَهَا وَفِي ح نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ إذَا افْتَضَّ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَهُوَ كَالْخَطَأِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً وَعَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَدَبُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَلَغَتْ حَدَّ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا دِيَةَ عَلَيْهِ فِي الْكَبِيرَةِ وَدِيَةُ الصَّغِيرَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُؤَدَّبُ فِي الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا. (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ وَاحِدٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ كَانَ الْمَوْتُ مُتَيَقَّنًا أَوْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ عَنْ مَالِكٍ وَذَلِكَ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: وَمَوْتُ وَاحِدٍ هَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَفِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ إذَا لَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَكَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ وَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ يَجِبُ فِيهِ الْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ وَنِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ اهـ بْن وَشَمِلَ قَوْلُهُ: وَمَوْتُ وَاحِدٍ مَا لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا كُرْهًا فِي زَوْجِهَا كَمَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ آخِرَ بَابِ الذَّبَائِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَفِي قَتْلٍ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ يَقْتُلُ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ فَلَا يَسْقُطُ الصَّدَاقُ عَنْ زَوْجِهَا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا هَلْ تُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهَا وَلَا يَتَكَمَّلُ صَدَاقُهَا أَوْ يَتَكَمَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَكَمَّلُ لَهَا بِذَلِكَ لِاتِّهَامِهَا لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِقَتْلِ النِّسَاءِ أَزْوَاجَهُنَّ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَوْتُ وَاحِدٍ فِي التَّفْوِيضِ قَبْلَ الْفَرْضِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا مَاتَ وَاحِدٌ بَعْدَ الْفَرْضِ فَهُوَ كَنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ أَيْ فِي النِّكَاحِ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ تَسْمِيَةٌ سَوَاءٌ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِقَامَةُ سَنَةٍ) أَيْ عِنْدَ الزَّوْجِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج: يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْعَبْدِ إقَامَةُ نِصْفِ سَنَةٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ، إذْ لَيْسَ لِهَذَا شَبَهٌ بِالْحُدُودِ أَصْلًا بَلْ فِيهِ تَشْدِيدٌ فَتَأَمَّلْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ) مِنْ الْهَدْءِ وَالسُّكُونِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ سَكَنَ لِلْآخَرِ وَاطْمَأَنَّ إلَيْهِ وَخَلْوَةُ الِاهْتِدَاءِ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ كَانَ هُنَاكَ إرْخَاءُ سُتُورٍ أَوْ غَلْقُ بَابٍ أَوْ غَيْرُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اخْتَلَى بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَيْ خَلَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَنَازَعَا فِي الْمَسِيسِ فَقَالَ الزَّوْجُ: مَا أَصَبْتهَا وَقَالَتْ هِيَ: بَلْ أَصَابَنِي فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا كَانَ الزَّوْجُ صَالِحًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ) أَيْ وَإِنْ حَلَفَتْ أَخَذَتْ الصَّدَاقَ كَامِلًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ) أَيْ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ وَنُكُولُهُ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ لِرَدِّ دَعْوَاهَا) فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْجَمِيعُ الصَّدَاقَ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهَا إذَا بَلَغَتْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَتْ أَخَذَتْهُ) فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرِثَ عَنْهَا وَحَلَفَ وَارِثُهَا مَا كَانَتْ تُحَلِّفُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ خش وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ كَوَرَثَتِهِ قَبْلَهُ فَتَنْظِيرُ عبق فِي ذَلِكَ قُصُورٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) مُبَالَغَةٌ فِي تَصْدِيقِهَا فِي دَعْوَى الْوَطْءِ عِنْدَ حُصُولِ خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَقْرَبُهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ اشْتِيَاقٌ جِبِلِّيٌّ إلَيْهَا وَلِذَا قِيلَ: إنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفِيهَةً وَأَمَةً) لَوْ قَالَ: وَلَوْ سَفِيهَةً وَأَمَةً لِرَدِّ قَوْلِ سَحْنُونٍ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهَا كَانَ أَوْلَى اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَوْضُوعُ أَنَّهُ قَدْ وَافَقَهَا) إنْ قُلْت إذَا وَافَقَهَا الزَّوْجُ عَلَى النَّفْيِ فَلَا يَخْفَى أَنَّ تَصْدِيقَهَا لَا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ فَلَا حَاجَةَ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ قُلْت صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفِيهَةً وَأَمَةً. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ الزَّائِرُ مِنْهُمَا) أَيْ لِلْآخَرِ بِيَمِينٍ كَمَا فِي ح وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الزَّائِرُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ هُوَ فِي دَعْوَاهُ عَدَمَ الْوَطْءِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الزَّائِرَةُ صُدِّقَتْ فِي دَعْوَاهَا الْوَطْءَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ زَائِرًا وَادَّعَى الْوَطْءَ وَكَذَّبَتْهُ أَوْ كَانَتْ زَائِرَةً وَادَّعَتْ عَدَمَ الْوَطْءِ وَكَذَّبَهَا فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ

[الأنكحة الفاسدة لخلل في شروط الصداق]

فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) الزَّوْجُ (فَقَطْ أُخِذَ) بِإِقْرَارِهِ فِي الْخَلْوَتَيْنِ اهْتِدَاءً وَزِيَارَةً أَوْ لَمْ تُعْلَمْ بَيْنَهُمَا خَلْوَةٌ (إنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (سَفِيهَةً) حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً (وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ) بِأَنَّهُ وَطِئَ تَكُونُ (الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالسَّفِيهَةِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَطِئَهَا نَائِمَةً أَوْ غَيَّبَ عَقْلَهَا بِمُغَيِّبٍ فَإِنْ لَمْ يُدِمْهُ بِأَنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ أُخِذَ بِهِ أَيْضًا إنْ سَكَتَتْ لَا إنْ كَذَّبَتْهُ فَيُعْمَلُ بِرُجُوعِهِ وَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ فَقَطْ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (أَوْ) إنَّمَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ (إنْ كَذَّبَتْ) الرَّشِيدَةُ (نَفْسَهَا) وَرَجَعَتْ لِمُوَافَقَتِهِ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَمَّا إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلٍ فِيهِ بِفَقْدِ شَرْطٍ وَبَدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ فَقَالَ (وَفَسَدَ) النِّكَاحُ (إنْ نَقَصَ) صَدَاقُهُ (عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ) (أَوْ) عَنْ (ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) فِضَّةً (خَالِصَةً) مِنْ الْغِشِّ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ خُلُوصُ رُبْعِ الدِّينَارِ (أَوْ) نَقَصَ عَنْ (مُقَوَّمٍ) يَوْمَ الْعَقْدِ (بِهِمَا) أَيْ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَأَيُّهُمَا سَاوَاهُ صَحَّ بِهِ، وَلَوْ نَقَصَ عَنْ الْآخَرِ وَلَمَّا كَانَ كَانَ الْفَسَادُ يُوهِمُ وُجُوبَ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ أَتَمَّهُ وَصَدَاقُ الْمِثْلِ بَعْدَهُ كَمَا فِي كُلِّ فَاسِدٍ لِصَدَاقِهِ أَوْ أَغْلَبِهِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّ فِيهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَسَمُّحًا بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنْ) (كَانَا زَائِرَيْنِ) أَيْ لِغَيْرِهِمَا وَاجْتَمَعَا فِي بَيْتِ ذَلِكَ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي نَفْيِهِ) أَيْ فَإِنْ ادَّعَى الْوَطْءَ وَكَذَّبَتْهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَيَا فِي بَيْتٍ أَوْ فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا زَائِرًا فَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَاهَا الْوَطْءَ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ) أَيْ ثُمَّ طَلَّقَهَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ سَفِيهَةً) أَيْ سَوَاءٌ أَدَامَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ مَحْجُورَةً لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ وَالصَّغِيرَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَرَادَ بِالسَّفِيهَةِ مُطْلَقَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ هَذَا وَذُكِرَ ح أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ سَفِيهَةً عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ وَالسَّفِيهَةِ إنَّ الْمَشْهُورَ قَبُولُ قَوْلِهَا اهـ قَالَ بْن قُلْت نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ فِي أَوَّلِ إرْخَاءِ السُّتُورِ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ عَزَا قَبُولَ قَوْلِهَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغَ وَعَدَمَهُ لِمُطَرِّفٍ وَقَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ أَحْسَنُ إذَا كَانَتْ خَلْوَةَ بِنَاءٍ اهـ فَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ يُوَافِقُ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ أَدَامَ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ إذَا اسْتَمَرَّ الزَّوْجُ عَلَى إقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا أَمْ لَا أَوْ يُشْتَرَطُ تَكْذِيبُ نَفْسِهَا وَرُجُوعِهَا لِمُوَافَقَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَكَذَّبَتْهُ أَيْ وَكَانَتْ تُكَذِّبُهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَّبَتْهُ أَيْ اسْتَمَرَّتْ عَلَى تَكْذِيبِهِ فَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ لِدَعْوَاهُ وَهُوَ مُدِيمٌ لِإِقْرَارِهِ فَيُؤَاخَذُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَأَكْذَبَتْهُ فَلَهَا أَخْذُهُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ اهـ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا رَجَعَتْ إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهَا أَخْذُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ حَتَّى تُصَدِّقَهُ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدَّمَاتِ عَلَى الْوِفَاقِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ اُنْظُرْ بْن إذَا عَلِمَتْ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ وَطِئَ تَكُونُ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ سَحْنُونٍ خِلَافًا وَقَوْلُهُ: أَوْ إنْ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا أَيْ عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا فَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ أَيْ بِالْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ. (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إذَا طَلَّقَهَا. (قَوْلُهُ: كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ) فِيهِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ إمَّا مُكَذِّبَةٌ لَهُ أَوْ سَاكِتَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ لِمُوَافَقَتِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ الرَّشِيدَةُ كَذَلِكَ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَجَعَ عَنْهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا سَكَتَتْ. [الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِخَلَلِ فِي شُرُوط الصَّدَاق] (قَوْلُهُ: عَلَى شُرُوطِ الصَّدَاقِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ كَوْنُهُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: بِالْفَاسِدِ لِأَقَلِّهِ) أَيْ لِنَقْصِهِ عَنْ أَقَلِّهِ اعْلَمْ أَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَالِصَةٌ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدَهُمَا مِنْ الْعُرُوضِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ إجَازَتِهِ بِدِرْهَمٍ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ثُمَّ إنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِالْأَضْدَادِ عَنْ الشُّرُوطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ فَسَدَ لَكِنْ فَسَادُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يُتِمَّهُ. (قَوْلُهُ: خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ) أَيْ فَلَا تُجْزِئُ الْمَغْشُوشَةُ، وَلَوْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَصَ عَنْ مُقَوَّمٍ) أَيْ أَوْ نَقَصَ عَنْ عَرْضٍ مُقَوَّمٍ. (قَوْلُهُ: فَأَيُّهُمَا سَاوَاهُ) أَيْ فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ سَاوَى الْمُقَوِّمَ صَحَّ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَسَمُّحًا)

(وَأَتَمَّهُ) أَيْ النَّاقِصَ عَمَّا ذُكِرَ وُجُوبًا (إنْ دَخَلَ وَإِلَّا) يَدْخُلْ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّهُ فَلَا فَسْخَ (فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فُسِخَ) بِطَلَاقٍ وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى. (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ إنْ تَزَوَّجَهَا (بِمَا لَا يُمْلَكُ) شَرْعًا (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ، وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةً (وَحُرٍّ) وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَلَوْ قَالَ أَوْ بِمَا لَا يُبَاعُ لَكَانَ أَشْمَلَ لِشُمُولِهِ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدَ الْمَيِّتَةِ الْمَدْبُوغَ. (أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ (بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ عَلَى شَرْطِ إسْقَاطِهِ أَيْ الصَّدَاقِ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَفِيهِ بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ (كَقِصَاصٍ) وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَيَرْجِعُ لِلدِّيَةِ (أَوْ) بِمَا فِيهِ غَرَرٌ نَحْوَ (آبِقٍ) أَوْ جَنِينٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ. (أَوْ) عَلَى (دَارِ فُلَانٍ) مَثَلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا بِمَالِهِ وَيَجْعَلَهَا صَدَاقًا؛ لِأَنَّ فُلَانًا قَدْ لَا يَبِيعُ دَارِهِ (أَوْ سَمْسَرَتِهَا) أَيْ الدَّارِ لَا بِقَيْدِ دَارِ فُلَانٍ بِأَنْ يَتَوَلَّى سَمْسَرَةَ دَارٍ مَثَلًا تَشْتَرِيهَا الزَّوْجَةُ وَتَدْفَعُ ثَمَنَهَا أَوْ تَبِيعُهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا سَمْسَرَتَهُ لَهَا وَمَحَلُّ الْفَسَادِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ سَمْسَرَتَهُ فِيهَا حَقٌّ تَرَتَّبَ لَهُ عَلَيْهَا لَهُ أَخْذُهَا بِهِ. (أَوْ) عَلَى صَدَاقٍ (بَعْضُهُ) أُجِّلَ (لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ) كَمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ الْمَجْهُولِ أَوْ رَضِيَ بِتَعْجِيلِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ كَمَا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ الشِّغَارِ (أَوْ) أُجِّلَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لِأَجَلٍ وَ (لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَالْمُرَادُ تَعَرَّضَ لِلْفَسَادِ إنْ لَمْ يُتِمَّهُ. (قَوْلُهُ: وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ) أَيْ إنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ وَقَوْلُهُ: وَأَتَمَّهُ أَيْ أَتَمَّهُ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَا يَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَاعِدَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَدْخُلْ) أَيْ بِأَنْ عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ فِيهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ فَسَدَ لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا نِكَاحُ الدِّرْهَمَيْنِ وَفُرْقَةُ الْمُتَرَاضِعَيْنِ وَالْمُتَلَاعِنِينَ (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ) أَيْ حَتَّى فِي الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِالْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ ذَلِكَ وَاسْتَهْلَكَتْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الصَّدَاقِ سَقَطَ بِقَبْضِهَا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِلُّهُ وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ جِلْدَ الْأُضْحِيَّةِ وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ دَبْغِهِ يُمْلَكُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاعُ (قَوْلُهُ: كَقِصَاصِ) أَيْ كَعَدَمِ قِصَاصٍ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ امْرَأَةً قَتَلَتْ أَبَا رَجُلٍ وَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ دَمَهَا فَاتَّفَقَ مَعَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَجْعَلَ صَدَاقَهَا عَدَمَ قَتْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَخُوهَا قَدْ قَتَلَ أَبَا ذَلِكَ الرَّجُلِ وَاسْتَحَقَّ دَمَهُ. (تَنْبِيهٌ) أُدْخِلَتْ الْكَافُ مَا أَشْبَهَ الْقِصَاصَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ كَتَزَوُّجِهِ بِقِرَاءَتِهِ لَهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ كَسُورَةِ يس مَثَلًا وَيَجْعَلُ ذَلِكَ صَدَاقًا، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ فَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَكَتَزْوِيجِهِ بِعِتْقِهِ أَمَةً عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ التَّزَوُّجِ سَوَاءٌ فَسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ ثَبَتَ بِالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ لِلدِّيَةِ) أَيْ لِدِيَةِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ فَسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ دَخَلَ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلْقِصَاصِ. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّبْقِيَةِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْجَذِّ فَيَجُوزُ بِشَرْطِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى دَارِ فُلَانٍ) أَيْ كَأَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا دَارَ فُلَانٍ بِمَالِهِ وَيَجْعَلَهَا لَهَا صَدَاقًا وَقَوْلُهُ أَوْ سَمْسَرَتَهَا أَيْ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا دَارَ فُلَانٍ بِمَالِهَا وَيَجْعَلَ سَمْسَرَتَهُ فِيهَا صَدَاقًا لَهَا، وَإِنَّمَا مُنِعَ النِّكَاحُ بِمَا ذُكِرَ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُهَا رَبُّهَا أَمْ لَا وَهَلْ يُبَاعُ فِي يَوْمٍ مَثَلًا أَوْ يَوْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْفَسَادِ) أَيْ فِي صُورَةِ السَّمْسَرَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيْعِ أَيْ إذَا تَزَوَّجَهَا بِالسَّمْسَرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَهُ أَيْ وَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا بِالسَّمْسَرَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَعْضُهُ أُجِّلَ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ) أَيْ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ حَالٌّ أَوْ أُجِّلَ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا أَجَّلَ بَعْضَهُ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ كَمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ كَالْحَنَفِيِّ وَإِلَّا كَانَ صَحِيحًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ لِأَجَلٍ) قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَبِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِأَجَلٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ الْأَجَلَ) أَيْ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَهُ بِأَنْ قَالَ أَتَزَوَّجُهَا بِعَشْرَةٍ كُلِّهَا أَوْ خَمْسَةٍ مِنْهَا مُؤَجَّلَةٍ بِأَجَلٍ وَتَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِهِ قَصْدًا أَمَّا إذَا كَانَ تَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِ الْأَجَلِ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيُضْرَبُ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ بِحَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ فِي الْكَوَالِئِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا لَمْ يُضْرَبْ لِلْخِيَارِ أَجَلٌ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْخِيَارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى خِيَارٍ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ وَابْنِ رُشْدٍ

كَمَتَى شِئْت مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ فَإِنْ جَرَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ يَدْفَعُ فِيهِ لَمْ يَفْسُدْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ أَجَلٌ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِمِائَةٍ وَأَطْلَقَ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ (أَوْ) قَيَّدَ الْأَجَلَ وَ (زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً) يَعْنِي عَلَى الدُّخُولِ فِي خَمْسِينَ سَنَةً بِأَنْ حَصَلَ تَمَامُهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِالْخَمْسِينَ مُفْسِدٌ، وَلَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِسْقَاطِ. (أَوْ) وَقَعَ الصَّدَاقُ (بِمُعَيَّنٍ) عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعِيدٍ) جِدًّا عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (كَخُرَاسَانَ) بَلَدٌ بِأَرْضِ الْعَجَمِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ (مِنْ الْأَنْدَلُسِ) بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ (وَجَازَ) مُعَيَّنٌ غَائِبٌ عَلَى مَسَافَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ (كَمِصْرِ مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ إذَا وَقَعَ (لَا بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ شَرَطَ الدُّخُولَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَيَصِحُّ (إلَّا الْقَرِيبُ جِدًّا) كَالْيَوْمَيْنِ فَيَجُوزُ مَعَهُ اشْتِرَاطُ الدُّخُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا وَقَعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ وَصْفٍ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِهِ وَلَهَا بِالدُّخُولِ صَدَاقُ الْمِثْلِ. (وَضَمِنَتْهُ) الزَّوْجَةُ فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ (بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ فَاتَ) بِيَدِهَا بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِمَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَمَتَى شِئْت إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ إنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ تَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِ الْأَجَلِ مِثْلُ مَا قُلْنَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا مَتَى شِئْت فَيَجُوزُ إنْ كَانَ مَلِيًّا كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَتَزَوَّجُكِ بِعَشَرَةٍ مَتَى شِئْت خُذِيهَا كَانَ مِثْلُ أَتَزَوَّجُك بِعَشَرَةٍ أَدْفَعُهَا لَك عِنْدَ الْمَيْسَرَةِ فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَيُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ) نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إذَا اتَّفَقَ هَذَا فِي زَمَانِنَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْكَالِئِ فَيَكُونُ الزَّوْجَانِ قَدْ دَخَلَا عَلَى الْكَالِئِ وَلَمْ يَضْرِبَا لَهُ أَجَلًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ أَوْ عَجَّلَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَمَّا إذَا عَجَّلَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَأَجَّلَ الْبَاقِيَ إلَى الْخَمْسِينَ فَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الْفَسَادَ هُنَا بِأَنَّهُ مَظِنَّةُ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ أَنَّ هَذَا صَحِيحٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنَّ التَّأْجِيلَ بِالْخَمْسِينَ مُفْسِدٌ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَبْلُغُهَا عُمْرُهُمَا فَإِنْ نَقَصَ الْأَجَلُ عَنْ الْخَمْسِينَ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا جِدًّا طَعَنَا فِي السِّنِّ جِدًّا اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِسْقَاطِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ إلَى ذَلِكَ غَالِبًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَا مُسِنَّيْنِ اهـ خش (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ الصَّدَاقُ بِمُعَيَّنٍ) الْأَوْلَى أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مُعَيَّنٍ أَيْ بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْعَقْدِ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَائِبُ لَمْ يُرَ وَلَمْ يُوصَفْ وَإِنَّمَا فَسَخَ النِّكَاحَ لِلْغَرَرِ، إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَسْتَمِرُّ بَاقِيًا حَتَّى تَقْبِضَهُ أَوْ يَهْلَكَ قَبْلَ قَبْضِهَا لَهُ وَهُوَ الْغَالِبُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَنْدَلُسِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ ضَمَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِمُعَيَّنٍ) أَيْ جَازَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مُعَيَّنٍ غَائِبٍ عَلَى مَسَافَةٍ مُتَوَسِّطَةِ أَيْ لِأَنَّهُ بِمَظِنَّةِ السَّلَامَةِ وَقَوْلُهُ: عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ الضَّمَانُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ الزَّوْجِ وَفِي الْعَقَارِ مِنْ الزَّوْجَةِ كَالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَيَصِحُّ) أَيْ إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ. (قَوْلُهُ: كَالْيَوْمَيْنِ) أَيْ وَالثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ أَصْبَغَ قَالَ بِهَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَازِ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الدُّخُولَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَفِي الْقَرِيبَةِ جِدًّا مُطْلَقًا، وَلَوْ اشْتَرَطَ الدُّخُولَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ بِوَصْفٍ وَإِلَّا كَانَ فَاسِدًا فَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتَوَسِّطِ وَالْقَرِيبِ، وَأَمَّا الْبَعِيدُ جِدًّا فَالْفَسَادُ فِيهِ مُطْلَقٌ كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِمَا فِي خش عَنْ الْجِيزِيِّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْوَصْفِ أَوْ رُؤْيَةٍ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَضَمِنَتْهُ) أَيْ ضَمِنَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الَّذِي يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ. (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الْفَسَادُ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ كَالنِّكَاحِ لِأَجْلِ مَجْهُولٍ وَكَالنِّكَاحِ بِالْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَبِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهَا لَا تَضْمَنُ الصَّدَاقَ بِالْقَبْضِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ عج قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَتْهُ بِالْقَبْضِ هَذَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ لِصَدَاقِهِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ وَكَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ كَنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَوْ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الْمُسَمَّى وَحَصَلَ الضَّمَانُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَ كَمَا إذَا قَبَضَتْ الصَّدَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَلَكَ بِيَدِهَا فَضَمَانُهُ مِنْهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ وَدَخَلَ كَانَ ضَمَانُهَا لِلصَّدَاقِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالصَّحِيحِ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ، وَقَالَ اللَّقَانِيِّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَاسِدِ مُطْلَقًا حَيْثُ قَالَ وَضَمِنَتْهُ أَيْ ضَمِنَتْ الصَّدَاقَ الَّذِي يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ أَوْ لِصَدَاقِهِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَهُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: إنْ فَاتَ) لَيْسَ الْفَوَاتُ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ كَمَا يُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ بَلْ الْقَبْضُ كَافٍ فِي الضَّمَانِ فَقَوْلُهُ: إنْ فَاتَ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ وَتَرُدُّ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ رَدَّتْهُ لِلزَّوْجِ وَأَخَذَتْ صَدَاقَ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ سَوَاءٌ رَدَّتْهُ أَوْ رَدَّتْ قِيمَتَهُ كَذَا بَحَثَ طفي، وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ: إنْ فَاتَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ بِالْفِعْلِ وَاَلَّذِي

فَأَعْلَى فَتَدْفَعُ قِيمَتَهُ لِلزَّوْجِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ. (أَوْ) وَقَعَ الصَّدَاقُ (بِمَغْصُوبٍ عِلْمَاهُ) مَعًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (لَا) إنْ عَلِمَهُ (أَحَدُهُمَا) دُونَ الْآخَرِ فَلَا يُفْسَخُ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ. (أَوْ) وَقَعَ (بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ) أَوْ قَرْضٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُفْسَخُ لِتَنَافِي الْأَحْكَامِ، إذْ مَبْنَى النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلنِّكَاحِ وَمَا مَعَهُ مَا يَخُصُّهُ أَوَّلًا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَصَوَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (كَدَارٍ دَفَعَهَا هُوَ) لَهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مِائَةً (أَوْ) دَفَعَهَا (أَبُوهَا) لِلزَّوْجِ أَوْ هِيَ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ مِنْ مَالِهِ لَهَا مِائَةً فِي نَظِيرِ الصَّدَاقِ وَثَمَنِ الدَّارِ (وَجَازَ) الْبَيْعُ (مِنْ الْأَبِ) أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا مَفْهُومَ لِلْأَبِ (فِي) نِكَاحِ (التَّفْوِيضِ) كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا وَكَأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ: بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ وَتَزَوَّجْتُ ابْنَتَكَ تَفْوِيضًا. (وَ) جَازَ (جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (سَمَّى لَهُمَا) أَوْ لَهُنَّ أَيْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرًا عَلَى حِدَةٍ تَسَاوَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ (أَوْ) سَمَّى (لِإِحْدَاهُمَا) وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا أَيْ أَوْ لَمْ يُسَمِّ بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ (وَإِنْ شَرَطَ) فِي نِكَاحِ إحْدَاهُمَا (تَزَوُّجَ الْأُخْرَى) إذَا سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا دُونَهُ وَالثَّانِيَةِ صَدَاقَ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضًا (أَوْ) إنَّمَا يَجُوزُ مَعَ الشَّرْطِ (إنْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ) حَيْثُ حَصَلَ التَّسْمِيَةُ فِي جَانِبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوَاتُ الضَّمَانُ بِالْقُوَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ. (قَوْلُهُ: فَأَعْلَى) أَيْ مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ كَتَغَيُّرِهِ فِي بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ الصَّدَاقُ بِمَغْصُوبٍ) الْأَوْلَى أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مَغْصُوبٍ. (قَوْلُهُ: عَلِمَاهُ) إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا إذَا كَانَا رَشِيدَيْنِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ وَلِيِّهِمَا وَعِلْمُ الْمُجْبَرَةِ، وَكَذَا عِلْمُ الْمُجْبَرِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمَ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِدُخُولِهَا عَلَى الْعِوَضِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَدُخُولُهُ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ دُونَهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ يَقُومَانِ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ) أَيْ أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ مُلْتَبِسًا بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ لِصَدَاقِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالدُّخُولِ ثَبَتَ مَا مَعَهُ مِنْ الْبَيْعِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ، كَذَا قَالَ عبق وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ هُوَ الْجُلُّ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَوَّتَ النِّكَاحَ إنْ كَانَ هُوَ الْجُلُّ فَوَّتَ لِلسِّلْعَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً وَفَوَّتَهَا وَهِيَ الْجُلُّ لَيْسَ فَوْتًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اهـ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مِائَةً) أَيْ فَبَعْضُ الدَّارِ صَدَاقٌ وَبَعْضُهَا مَبِيعٌ. (قَوْلُهُ: مِائَةٌ فِي نَظِيرِ الصَّدَاقِ وَثَمَنِ الدَّارِ) أَيْ فَبَعْضُ الْمِائَةِ ثَمَنٌ لِلْمَبِيعِ وَبَعْضُهَا صَدَاقٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك إلَخْ) هَذَا التَّصْوِيرُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ تت تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ بِأَنْ قَالَ الْأَبُ زَوَّجْتُك ابْنَتِي لَك وَهَذِهِ الدَّارُ. قَالَ طفي وَهَذَا أَيْ اجْتِمَاعُ الْعَطِيَّةِ وَالنِّكَاحِ تَفْوِيضًا هُوَ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا تَصْوِيرُ الشَّيْخ سَالِمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ تَفْوِيضًا فَيُحْتَاجُ لِنَقْلٍ فِي جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ مِمَّا فِي السَّمَاعِ لِلتَّصْرِيحِ فِيهَا بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا فِي تت فَإِنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْعَطِيَّةِ وَاعْتِرَاضُهُ سَاقِطٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَا صَوَّرَ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ لَمْ يُسَمِّ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا الْأَخِيرَ لِأَجْلِ مَا رَتَّبَهُ مِنْ الْخِلَافِ الْآتِي فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْلَاهُ لَقَالَ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لَا وَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ شَامِلًا لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ اهـ خش. (قَوْلُهُ: وَهَلْ، وَإِنْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ يَجُوزُ جَمْعُهَا فِي عَقْدٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا، أَوْ سَمَّى لِوَاحِدَةِ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَسَمَّى لِلْأُخْرَى دُونَهُ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ وَنَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا، وَإِنْ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بَلْ، وَإِنْ اشْتَرَطَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ إنْ سَمَّى إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا عِنْدَ شَرْطِهِ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إذَا سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَوْ حُكْمًا أَوْ إحْدَاهُمَا وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى تَزَوُّجِ الْأُخْرَى وَأَنْ يَفْرِضَ لِكُلٍّ أَوْ لِبَعْضٍ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَحِينَئِذٍ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقَ الْمِثْلِ وَالْأُخْرَى دُونَهُ أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا دُونَهُ وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَالْجَوَازُ بِاتِّفَاقٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَلَكِنْ سَمَّى لِكُلٍّ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ سَمَّاهُ لِوَاحِدَةٍ وَنَكَحَ الْأُخْرَى تَفْوِيضًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِوَاحِدَةٍ أَصْلًا بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا فَالْجَوَازُ بِاتِّفَاقٍ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ قَالَ عج

أَوْ جَانِبَيْنِ. (قَوْلَانِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَمَحِلُّهُمَا إذَا شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى كَمَا أَشَرْنَا لَهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ أَصْلًا أَوْ سَمَّى لِكُلٍّ صَدَاقَ مِثْلِهَا أَوْ لِوَاحِدَةٍ صَدَاقَ مِثْلِهَا وَالثَّانِيَةَ تَفْوِيضًا فَالْجَوَازُ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى أَوْ لَا كَأَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (وَلَا يُعْجِبُ) الْإِمَامُ وَقِيلَ ابْنُ الْقَاسِمِ (جَمْعُهُمَا) فِي صَدَاقٍ وَاحِدٍ، إذْ لَا يَعْلَمُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الشُّيُوخِ (عَلَى التَّأْوِيلِ) أَيْ تَأْوِيلٍ لَا يُعْجِبُنِي فِي الْمُدَوَّنَةِ (بِالْمَنْعِ وَالْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (وَصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدُ لَا) عَلَى التَّأْوِيلِ بِ (الْكَرَاهَةِ) كَمَا هُوَ تَأْوِيلُ الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ كَجَمْعِ رَجُلٍ وَاحِدٍ سِلْعَتَيْهِ فِي بَيْعَةٍ فَلَا يُفْسَخُ وَيُفَضُّ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهِمَا وَأَفَادَ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْنِ. (أَوْ تَضَمَّنَ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَيْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إنْ تَضَمَّنَ (إثْبَاتُهُ رَفْعَهُ كَدَفْعِ) (الْعَبْدِ) الَّذِي زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً (فِي صَدَاقِهِ) بِأَنْ جَعَلَهُ نَفْسَ الصَّدَاقِ أَوْ سَمَّى لَهَا شَيْئًا، ثُمَّ دَفَعَ الْعَبْدَ فِيهِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ مِلْكِهَا لِزَوْجِهَا يُوجِبُ فَسْخَ نِكَاحِهَا فَيَلْزَمُ رَفْعُهُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ وَيُفْسَخُ قَبْلُ (وَبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ) لِأَنَّهُ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ وَيُفْسَخُ أَيْضًا. (أَوْ) إنْ عَقَدَ (بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ) فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَلَمْ يَصِفْهَا فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ وَصَفَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ وَصْفًا شَافِيًا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا جَازَ كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا. (أَوْ) عَقَدَ (بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (وَ) شَرَطَ عَلَيْهِ (إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ فَأَلْفَانِ) فَيُفْسَخُ قَبْلُ لِلشَّكِّ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ حَالَ الْعَقْدِ فَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (بِخِلَافِ) تَزَوُّجِهَا بِ (أَلْفٍ) عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا (أَوْ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا) أَوْ بَيْتِ أَبِيهَا (أَوْ تَزَوَّجَ) أَوْ تَسَرَّى (عَلَيْهَا فَأَلْفَانِ) فَصَحِيحٌ، إذْ لَا شَكَّ فِي قَدْرِهِ حَالَ الْعَقْدِ وَالشَّكُّ فِي الزَّائِدِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَقْبَلِ (وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (الشَّرْطُ) أَيْ الْمَشْرُوطُ وَهُوَ عَدَمُ التَّزَوُّجِ وَالْإِخْرَاجِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ إنْ وَقَعَ (وَكُرِهَ) أَيْ هَذَا الشَّرْطُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ عَلَيْهِ كَمَا يُكْرَهُ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِهِ فَالشَّرْطُ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَقَعَ اُسْتُحِبَّ الْوَفَاءُ بِهِ وَكُرِهَ عَدَمُهُ (وَلَا) يَلْزَمُهُ (الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ إنْ خَالَفَ) بِأَنْ أَخْرَجَهَا أَوْ تَزَوَّجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَزَوَّجَ الْأُخْرَى وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ، وَلَوْ حُكْمًا صَدَاقَ الْمِثْلِ قَوْلَانِ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ اهـ وَمُرَادُهُ بِالتَّسْمِيَةِ حُكْمًا أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا تَفْوِيضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ صَارَ فِي حُكْمِ تَسْمِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَانِبَيْنِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّهُمَا لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ الْأَوَّلُ لِابْنِ سَعْدُونٍ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَظَاهِرِ ابْنِ عَرَفَةَ عَزَوْهُ لِلَّخْمِيِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ أَصْلًا) أَيْ بَلْ نَكَحَهُمَا تَفْوِيضًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْجِبُ الْإِمَامُ) كَذَا فِي خش وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ أَيْ وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَهُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: جَمْعُهُمَا فِي صَدَاقٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَمَا مَرَّ جَمْعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقًا أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهُمَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُغَايِرَةٌ لِلْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ) أَيْ لِأَنَّهُ كَجَمْعِ رَجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُفْسَخُ) أَيْ النِّكَاحُ عَلَى تَأْوِيلِ الْأَقَلِّ لَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَيُفَضُّ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْسِبَ صَدَاقَ مِثْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ لِمَجْمُوعِ الصَّدَاقَيْنِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ تَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَا الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِ إحْدَاهُمَا عَشَرَةً وَصَدَاقُ مِثْلِ الْأُخْرَى عِشْرِينَ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثُونَ فَالْمُسَمَّى عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتَهُ) أَيْ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ أَيْضًا) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا يُفْسَخُ قَبْله (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي مِلْكِهِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ وَصَفَهَا وَصْفًا شَافِيًا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ جَازَ، وَأَمَّا لَوْ وَصَفَهَا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَالْمَنْعُ وَيُفْسَخُ قَبْلَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَيَّنَهَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ: أَتَزَوَّجُك بِهَذِهِ الدَّارِ أَوْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ عَلَيْهِ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ) أَيْ فِي عِصْمَتِهِ غَيْرُهَا وَقَوْلُهُ: فَأَلْفَانِ أَيْ كَانَ صَدَاقُهَا أَلْفَيْنِ. (قَوْلُهُ: حَالَ الْعَقْدِ) إذْ لَا تَدْرِي حَالَ الْعَقْدِ هَلْ فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةٌ فَيَكُونُ الصَّدَاقُ أَلْفَيْنِ أَوْ لَيْسَ فِي عِصْمَتِهِ زَوْجَةٌ فَالصَّدَاقُ أَلْفٌ. (قَوْلُهُ: فَأَثَّرَ) أَيْ ذَلِكَ الشَّكُّ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَالْغَرَرُ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ الْوَاقِعِ فِي الْحَالِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ عَالِمَةٌ بِأَنَّ الصَّدَاقَ أَلْفٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَيْهِ فَقَطْ وَالزَّائِدُ مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرٍ مَعْدُومٍ فِي الْحَالِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهَا لَا تَدْرِي مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، إذْ لَا تَدْرِي هَلْ وَجَبَ لَهَا بِالْعَقْدِ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ وَعِبَارَةُ أَبِي الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا تَدْرِي مَا صَدَاقُهَا أَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَلَهَا أَلْفَانِ أَوْ لَيْسَتْ عِنْدَهُ فَلَهَا أَلْفٌ وَالْأُخْرَى لَيْسَ فِيهَا غَرَرٌ إنَّمَا هُوَ شَرَطَ لَهَا إنْ فَعَلَ فِعْلًا زَادَهَا أَلْفًا فِي صَدَاقِهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ هَذَا الشَّرْطُ) أَيْ اشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ بِمَعْنَى الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ إلَخْ)

وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ قَوْلَهُ (كَأَنْ) قَالَ لِمَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ حِينَ قَالَتْ لَهُ: أَخَافُ أَنْ تُخْرِجَنِي إنْ (أَخْرَجْتُك) مِنْ بَيْتِ أَبِيك أَوْ مِنْ بَلَدِك (فَلَكَ) عَلَيَّ (أَلْفٌ أَوْ أَسْقَطَتْ) الزَّوْجَةُ عَنْهُ (أَلْفًا قَبْلَ الْعَقْدِ) مِنْ أَلْفَيْنِ مَثَلًا سَمَّاهُمَا لَهَا (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَخَالَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (إلَّا أَنْ تُسْقِطَ) عَنْهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ (تَقَرَّرَ) بِالْعَقْدِ كَأَلْفٍ مِنْ أَلْفَيْنِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا (فَخَالَفَ فَيَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ) لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ شَيْئًا تَقَرَّرَ لَهَا فِي نَظِيرِ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ وَبَعْدُ مُتَعَلِّقٌ بِتُسْقِطَ وَهَذَا الْإِسْقَاطُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ (بِلَا يَمِينٍ مِنْهُ) فَإِنْ كَانَ بِيَمِينٍ أَيْ تَعْلِيقٌ عَلَى عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إنْ خَالَفَ دُونَ الْأَلْفِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ، وَأَمَّا الْإِسْقَاطُ مَعَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ بِأَنْ حَلَفَ لَهَا بِاَللَّهِ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا فَخَالَفَ فَكَالْإِسْقَاطِ بِلَا يَمِينٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ إنْ خَالَفَ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينٍ لِسُهُولَةِ كَفَّارَتِهَا. (أَوْ) كَانَ نِكَاحَ شِغَارٍ (كَزَوِّجْنِي أُخْتَك) مَثَلًا (بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي بِمِائَةٍ) (وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ) وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: عَلَى إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْمُكَافَأَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لَجَازَ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَصَرِيحُهُ وَفُسِخَ) النِّكَاحُ (فِيهِ) أَيْ فِي الصَّرِيحِ أَبَدًا وَفِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ الْمِثْلِ هَذَا إذَا كَانَ صَرِيحًا فِيهِمَا بَلْ (وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ) بِأَنْ سَمَّى لِوَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَطَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ فِي حِينِ الْعَقْدِ الْخُرُوجَ لِتُمَشِّطَ كَالْبَلَّانَةِ أَوْ لِتُوَلِّدَ كَالدَّايَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ وَإِنَّمَا هُوَ تَطَوُّعٌ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا بَيَّنَهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَطْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) لَوْ حَذَفَهُ لِيَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْعُمُومِ كَانَ أَوْلَى وَالِاسْتِثْنَاءُ مِمَّا تَضَمَّنَهُ التَّشْبِيهُ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ خِلَافًا لخش فِي قَوْلِهِ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ لِلشَّرْطِ فَإِنَّهُ لَا لُزُومَ لَهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ) أَيْ لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّتِي أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُسْقِطَ مَا تَقَرَّرَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَخَالَفَ فَيَلْزَمُهُ مَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ بِمَا إذَا خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَ عَنْ بُعْدٍ كَالسَّنَتَيْنِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ كَمَنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا فَفَعَلَ، ثُمَّ حَصَلَ مُوجِبُ الْخِلَافِ بِأَنْ طَلَّقَ الْمَرْأَةَ أَوْ أَعَادَ الضَّرَّةَ لِعِصْمَتِهِ فَإِنْ كَانَ عَنْ قُرْبٍ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَتْ لَهُ، وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ طُولٍ فَلَا رُجُوعَ لَهَا وَكَمَنْ سَأَلَ مُشْتَرِيًا الْإِقَالَةَ فَقَالَ: إنَّمَا تُرِيدُ الْبَيْعَ لِغَيْرِي؛ لِأَنِّي اشْتَرَيْت بِرُخْصٍ فَقَالَ مَتَى بِعْتهَا لِغَيْرِك فَهِيَ لَك بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِ الْمُقِيلِ قُرْبَ الْإِقَالَةِ فَلِلْمُقِيلِ شَرْطُهُ، وَإِنْ بَاعَ بَعْدَ طُولٍ فَالْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُقِيلِ نَافِذٌ وَلَا قِيَامَ لِلْمُقِيلِ بِشَرْطِهِ وَالطُّولُ سَنَتَانِ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ التَّقْيِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِالْقُرْبِ اعْتَرَضَهُ ح فِي الْتِزَامَاتِهِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَغَيْرِهِمْ كَذَا فِي بْن وَنَحْوِهِ فِي شب وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْإِسْقَاطُ مُقَيَّدٌ إلَخْ) الْأَوْلَى وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِمَا أَسْقَطَتْهُ إذَا لَمْ تَتَوَثَّقْ مَعَ إسْقَاطِهَا بِيَمِينٍ أَمَّا لَوْ تَوَثَّقَتْ مَعَهُ بِيَمِينٍ فَلَا تَرْجِعُ كَمَا إذَا قَالَ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ إنْ تَزَوَّجْت فَسُرِّيَّتِي حُرَّةٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ أَوْ فَأَمْرُك بِيَدِك. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِيَمِينٍ) أَيْ مُصَاحِبًا لِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى عِتْقٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ عَلَى أَيْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَجْتَمِعَ إلَخْ) الظَّاهِرُ فِي الْعِلَّةِ هُوَ أَنَّ الْأَلْفَ أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي مُقَابَلَةِ الْيَمِينِ، وَقَدْ وُجِدَتْ فَلِذَا لَمْ تَرْجِعْ بِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ مَحْذُوفٌ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِعْلُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ. (قَوْلُهُ: كَزَوِّجْنِي أُخْتَك مَثَلًا) أَيْ أَوْ بِنْتَك أَوْ أَمَتَك فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُجْبِرُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي) أَيْ أَوْ ابْنَتِي أَوْ أَمَتِي وَقَوْلُهُ: بِمِائَةٍ أَيْ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي وَجْهِ الشِّغَارِ اتِّحَادُ الْمَهْرِ كَمَا فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ) الشِّغَارُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ رَفْعُ الْكَلْبِ رِجْلَهُ عِنْدَ الْبَوْلِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ لُغَةً فِيمَا يُشْبِهُهُ مِنْ رَفْعِ رِجْلِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْجِمَاعِ، ثُمَّ نَقَلَهُ الْفُقَهَاءُ وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي رَفْعِ الْمَهْرِ مِنْ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَجْهًا؛ لِأَنَّهُ شِغَارٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ سَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقًا فَلَيْسَ بِشِغَارٍ لِعَدَمِ خُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ الصَّدَاقِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرَطَ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَهُوَ شِغَارٌ فَكَأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِيهِمَا كَلَا تَسْمِيَةٍ فَلِذَا سَمَّى وَجْهَ الشِّغَارِ، وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْقِسْمِ الثَّانِي صَرِيحًا فَهُوَ وَاضِحٌ لِلْخُلُوِّ عَنْ الصَّدَاقِ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَجْهَ الشِّغَارِ اعْتِنَاءً بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَهُ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ صِحَّةُ نِكَاحِ الشِّغَارِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَى وَجْهِ الْمُكَافَأَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أُخْتَهُ وَابْنَتَهُ فَكَافَأَهُ

دُونَ الْأُخْرَى وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الشِّغَارِ وَهُوَ الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا فَالْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ وَجْهِهِ وَغَيْرُهَا تُعْطَى حُكْمَ صَرِيحِهِ. (وَ) فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ (عَلَى) شَرْطِ (حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ) الْمُتَزَوِّجَةِ (أَبَدًا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالشَّرْطِ وَوَلَاؤُهُمْ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فِي الْوَجْهِ) مِنْ الشِّغَارِ، وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ (وَ) لَهَا فِي نِكَاحِهَا عَلَى (مِائَةٍ وَخَمْرٍ) مَثَلًا (أَوْ) عَلَى (مِائَةٍ) حَالَّةٍ (وَمِائَةٍ) مُؤَجَّلَةٍ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ (لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ) مَثَلًا (الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى) الْحَلَالِ (وَصَدَاقِ الْمِثْلِ) وَلَا يَنْظُرُ لِمَا صَاحَبَ الْحَلَالَ مِنْ الْخَمْرِ وَالْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ) (زَادَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ بِأَنْ كَانَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَثَلًا فَتَأْخُذُهَا حَالَّةً فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَخَذَتْهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهُوَ الْمِائَةُ، وَلَوْ كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ تِسْعِينَ أَخَذَتْ مِائَةً؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى الْحَلَالَ أَكْثَرُ مِنْ تِسْعِينَ صَدَاقِ الْمِثْلِ (وَقُدِّرَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (بِالتَّأْجِيلِ) أَيْ بِالْمُؤَجَّلِ (الْمَعْلُومِ إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَيْ يُعْتَبَرُ مِنْ الْمُؤَجَّلِ مَا أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَيُلْغَى الْمَجْهُولُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْحَالُّ وَأُلْغِيَ الْمَجْهُولُ فَإِذَا كَانَ صَدَاقُهَا ثَلَثَمِائَةٍ مِائَةٌ حَالَّةٌ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَسَنَةٍ وَمِائَةٌ حَالَّةٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ يُلْغَى، وَيُقَالُ مَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّ فِيهِ مِائَةً مُؤَجَّلَةً إلَى سَنَةٍ وَمِائَةً حَالَّةً فَإِنْ قِيلَ مِائَتَانِ فَقَدْ اسْتَوَى الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ فَتَأْخُذُهُ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ، وَإِنْ قِيلَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ أَخَذَتْ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْمِائَتَانِ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ، وَإِنْ قِيلَ: ثَلَثُمِائَةٍ أَخَذَتْ مِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَمِائَةً إلَى سَنَةٍ وَلَمَّا قَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخَرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْهَمَ تَوَقُّفَ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا عَلَى نِكَاحِ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: دُونَ الْأُخْرَى) أَيْ كَزَوِّجْنِي ابْنَتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي أَوْ أَمَتِي بِلَا مَهْرٍ. (قَوْلُهُ: فَالْمُسَمَّى لَهَا تُعْطَى حُكْمَ وَجْهِهِ) أَيْ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: تُعْطَى حُكْمَ صَرِيحِهِ) أَيْ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى حُرِّيَّةٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى فِيهِ وَعَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ فِي خِيَاطَةِ الْمَتْنِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً وَشَرَطَ عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّ أَوْلَادَهَا كُلَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ يَكُونُونَ أَحْرَارًا فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ أَبَدًا وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى إذَا حَصَلَ مِنْهَا أَوْلَادٌ كَانُوا أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَالْوَلَاءِ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ، وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا فَسْخَ وَيَلْزَمُ عِتْقُهُمْ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الصَّدَاقَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَوْلَادِ وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ أَحْرَارًا بِالشَّرْطِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ مَا لَمْ تُسْتَحَقَّ تِلْكَ الْأَمَةُ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا الَّذِي زَوَّجَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقَّ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) أَيْ لِأَنَّ فَسَادَ هَذَا النِّكَاحَ لِعَقْدِهِ لَا لِصَدَاقِهِ (قَوْلُهُ: الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ مِنْ لِلْبَيَانِ الْمَشُوبِ بِتَبْعِيضٍ أَيْ لَهَا الْأَكْثَرُ الَّذِي هُوَ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنَّهَا لِلْمُفَاضَلَةِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهَا تَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْظُرُ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى لَمَّا صَاحَبَ الْحَلَالَ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ زَادَ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالْمُسَمَّى الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْهُ إلَّا إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْجَمِيعِ فَلَا يُبَالِغُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ إلَخْ) هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ مِائَةٍ حَالَّةٍ وَمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ صَدَاقُ الْمِثْلِ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى الْحَلَالِ فَقَطْ بَلْ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْجَمِيعِ، وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ لَهَا الْأَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى الْحَلَالِ إنْ لَمْ يَزِدْ صَدَاقَ الْمِثْلِ عَلَى جَمِيعِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَإِنْ زَادَ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَيْهِمَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْجَمِيعُ تَأْخُذُهُ حَالًّا؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْمِائَةِ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ تَأْخُذُهَا حَالَّةً أَحْسَنُ لَهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهُوَ الْمِائَةُ) أَيْ الْمُصَاحِبَةِ لِلْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسَمَّى الْحَلَالَ) أَيْ وَهُوَ الْمِائَةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَكْثَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ إلَخْ) قُدِّرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ: بِالتَّأْجِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِقُدِّرَ وَالْمَعْلُومُ صِفَةٌ لِلتَّأْجِيلِ بِمَعْنَى الْمُؤَجَّلِ وَالْمَعْنَى وَقُدِّرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِلْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِّ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَجْهُولِ إنْ وُجِدَ فِي الْمُسَمَّى مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقَ الْمِثْلِ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ صَدَاقَ الْمِثْلِ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ لِأَوْصَافِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالٍ وَجَمَالٍ وَحَسَبٍ وَنَسَبٍ وَلَا يُنْظَرُ فِيهِ لِحُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّظَرَ لِلْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ عِنْدَ جَهْلِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْمُؤَجَّلِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومِ كَمَا يُقَدَّرُ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِّ وَلَا يُقَدَّرُ بِالنَّظَرِ لِلْمَجْهُولِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْغَى الْمَجْهُولُ) أَيْ مَا أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسَمَّى صَدَاقَهَا الْمُسَمَّى

أَنَّ لَهَا فِي الْوَجْهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ عَلَى خِلَافِهِ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إذَا) (سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا) دُونَ الْأُخْرَى (وَدَخَلَ) الزَّوْجُ (بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِتُؤُوِّلَتْ أَيْ تُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ فَالتَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الْمُرَكَّبِ أَيْ فِي أَحَدِ فَرْدَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ مَعَ أَنَّهُمَا فِيهِ وَفِيمَا إذَا سَمَّى لَهُمَا مَعًا، فَلَوْ قَالَ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لَشَمِلَهُمَا وَهَذَا التَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. (وَ) اُخْتُلِفَ (فِي مَنْعِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (بِمَنَافِعَ) لِدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ بِأَنْ جَعَلَ صَدَاقَهَا مَنَافِعَ مَا ذُكِرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً (وَتَعْلِيمُهَا قُرْآنًا) مَحْدُودًا بِحِفْظٍ أَوْ نَظَرٍ (وَإِحْجَاجُهَا) فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا (بِقِيمَةِ عَمَلِهِ) مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لِلْفَسْخِ) أَيْ إلَى فَسْخِ الْإِجَارَةِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ مَاضٍ قَبْلُ وَبَعْدُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ وَلَا فَسْخَ لَهُ وَلَا لِلْإِجَارَةِ، وَإِنْ مُنِعَ ابْتِدَاءً (وَكَرَاهَتُهُ) وَعَلَيْهِ فَمُضِيُّهُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَنَافِعِ ظَاهِرٌ (كَالْمُغَالَاةِ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّدَاقِ فَتُكْرَهُ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا، إذْ هِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، إذْ الْمِائَةُ قَدْ تَكُونُ كَثِيرَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِامْرَأَةٍ وَقَلِيلَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِأُخْرَى (وَالْأَجَلُ) فِي الصَّدَاقِ أَيْ يُكْرَهُ تَأْجِيلُهُ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَلَوْ إلَى سَنَةٍ لِئَلَّا يَتَذَرَّعَ النَّاسُ إلَى النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيُظْهِرُونَ أَنَّ هُنَاكَ صَدَاقًا مُؤَجَّلًا وَلِمُخَالَفَتِهِ لِفِعْلِ السَّلَفِ وَقَوْلُهُ:. (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ. (وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ أَمَرَ الزَّوْجُ وَكِيلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً (بِأَلْفٍ) مَثَلًا سَوَاءٌ (عَيَّنَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ (أَوْ لَا) بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْنِي امْرَأَةً بِأَلْفٍ (فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ) تَعَدِّيًا وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالتَّعَدِّي (فَإِنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ) وَهِيَ الَّتِي أَمَرَ الْوَكِيلَ بِهَا (وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفًا إنْ تَعَدَّى) أَيْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْهُ (أَوْ بَيِّنَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهَا فِي الْوَجْهِ) أَيْ وَجْهِ الشِّغَارِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مَا سَبَقَ. (قَوْلُهُ: بِالْمُسَمَّى لَهَا) أَيْ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى لَهَا فَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُمَا فِي الْمُرَكَّبِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا سَمَّى لَهُمَا مَعًا فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ بِهَا مِنْهُمَا لَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا هَذَا ظَاهِرُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي أَحَدِ فَرْدَيْهِ) وَهُوَ مَا إذَا دَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا فَابْنُ أَبِي زَيْدٍ حَمَلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ لُزُومِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَابْنُ لُبَابَةَ حَمَلَهَا عَلَى لُزُومِ صَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُمَا فِيهِ) أَيْ فِي الْمُرَكَّبِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا سَمَّى لَهُمَا مَعًا) أَيْ الَّذِي هُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ فَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ دُخُولٌ كَانَ لَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: صَدَاقُ الْمِثْلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ جَعَلَ صَدَاقَهَا مَنَافِعَ مَا ذُكِرَ مُدَّةً) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَتَزَوَّجُك بِمَنَافِعِ دَارِي أَوْ دَابَّتِي أَوْ عَبْدِي سَنَةً، وَيَجْعَلَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ صَدَاقَهَا وَكَأَنْ يَجْعَلَ صَدَاقَهَا خِدْمَتَهُ لَهَا فِي زَرْعٍ أَوْ فِي بِنَاءِ دَارٍ أَوْ فِي سَفَرِ الْحَجِّ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمِهَا قُرْآنًا) أَيْ وَأَمَّا تَزَوَّجَهَا بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَهَا وَيَجْعَلُ ثَوَابَ الْقِرَاءَةِ صَدَاقًا فَهُوَ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: مَحْدُودًا) أَيْ كَرُبْعِ الْقُرْآنِ أَوْ سُورَةٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: بِحِفْظٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ التَّعْلِيمِ مُلْتَبِسًا بِحِفْظٍ أَوْ بِالنَّظَرِ وَالْمُطَالَعَةِ فِي الْمُصْحَفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَالتَّعْلِيمِ وَالرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ. (قَوْلُهُ: لِلْفَسْخِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ أَخْذِهِ فِي التَّعْلِيمِ أَوْ الْخِدْمَةِ إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ وَرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ ضَعِيفٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ النِّكَاحُ صَحِيحٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَيَمْضِي بِمَا وَقَعَ بِهِ مِنْ الْمَنَافِعِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الْمَنْعُ مَعَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِ الصَّدَاقِ مَنَافِعَ كَخِدْمَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ تَعْلِيمِهِ قُرْآنًا مَنَعَهُ مَالِكٌ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. فَقَالَ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا نَسَبَهُ لِمَالِكٍ مِنْ الْمَنْعِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي الْإِمْضَاءِ وَإِنَّمَا يَمْضِي عَلَى الْمَشْهُورِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ) أَيْ بِهِ أَيْ مُضِيَّهُ ظَاهِرٌ بِمَا وَقَعَ بِهِ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُغَالَاةِ فِيهِ) تَشْبِيهٌ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ لَا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهَا إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا كَثْرَةَ الصَّدَاقِ فِي نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: إذْ هِيَ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَالْمُرَادُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ تَأْجِيلُهُ) أَيْ تَأْجِيلُ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَكْرُوهَ تَأْجِيلُ كُلِّهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يَتَذَرَّعُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَتَوَسَّلُ (قَوْلُهُ: بِأَلْفٍ) هَذَا فَرْضُ مِثَالٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بِأَلْفَيْنِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فَزَادَ عَلَيْهِ زِيَادَةً لَا تُغْتَفَرُ وَالدِّينَارَانِ فِي عِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةُ فِي الْمِائَةِ يَسِيرٌ

عَايَنَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ بِالْأَلْفِ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ (وَإِلَّا) يَثْبُتْ التَّعَدِّي حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ الْوَكِيلَ بِأَلْفٍ وَبَرِئَ فَيَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ حَلَفَ ضَاعَتْ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بِالْأَلْفِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَتُحَلِّفُ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْوَكِيلَ (إنْ حَلَفَ الزَّوْجُ) إنَّهُ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ وَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْأَلْفِ الثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَوْلُهُ: تُحَلِّفُ هُوَ ثُلَاثِيٌّ مُضَعَّفُ اللَّامِ مُتَعَدٍّ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الْوَكِيلَ كَمَا قَدَّرْنَا فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلَ الْوَكِيلُ لَزِمَهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَإِنْ حُقِّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَّفَتْ وَأَلْزَمَتْهُ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ فَإِنْ نَكَلَتْ سَقَطَتْ (وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (إنْ نَكَلَ) الزَّوْجُ (وَغَرِمَ) لَهَا بِنُكُولِهِ (الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ) فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لِلزَّوْجِ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ الَّتِي كَانَ غَرِمَهَا لِلزَّوْجَةِ بِنُكُولِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. (قَوْلَانِ) مَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ النُّكُولَ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ فَلَا يَكُونُ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَوْ لَا فَلَهُ التَّحْلِيفُ وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ بِهَا (وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِمَا قَالَهُ صَاحِبُهُ (لَزِمَ الْآخَرُ) النِّكَاحَ فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِالْأَلْفَيْنِ لَزِمَ الزَّوْجَةَ أَوْ رَضِيَتْ هِيَ بِالْأَلْفِ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَزِمَ الْآخَرُ سَوَاءٌ ثَبَتَ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (لَا إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ) الثَّانِيَةَ وَأَبَى الزَّوْجُ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ، وَلَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (تَحْلِيفُ الْآخَرِ) إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ (فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارَهُ) وَهُوَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ لَا الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ فَالْكَلَامُ لِلسَّيِّدِ وَالْوَالِي فَمَا هُنَا لِمَنْ يَعْقِلُ فَالْمَحَلُّ لِمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: عَايَنَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ) أَيْ وَحَضَرَتْ عَقْدَ الْوَكِيلِ عَلَى الْأَلْفَيْنِ فَالتَّعَدِّي لَا يَثْبُتُ بِالنِّيَّةِ إلَّا إذَا وُجِدَ الْأَمْرَانِ، أَمَّا لَوْ شَاهَدَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ فَقَطْ أَوْ شَاهَدَتْ الْعَقْدَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ فَالتَّعَدِّي لَا يَثْبُتُ حِينَئِذٍ إلَّا بِالْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَثْبُتُ التَّعَدِّي) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّهُ حَصَلَ دُخُولٌ وَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ وَالْوَكِيلُ يَقُولُ: وَكَّلَنِي الزَّوْجُ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَهُ بِأَلْفَيْنِ وَفَعَلْت كَمَا أَمَرَنِي وَالزَّوْجُ يَقُولُ: إنَّمَا أَمَرْته بِأَلْفٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا أَمَرَ الْوَكِيلَ بِأَلْفٍ) أَيْ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْأَلْفِ الثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ زَادَ بَعْضُهُمْ وَأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ: أَتَّهِمُك فِي أَنَّك قَدْ تَعَدَّيْت بِزِيَادَةِ الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَقَّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ: أَنَا مُحَقِّقَةٌ وَجَازِمَةٌ بِأَنَّك تَعَدَّيْت بِزِيَادَةِ الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: حَلَفَتْ) أَيْ عِنْدَ نُكُولِ الْوَكِيلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الْوَكِيلُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ النُّكُولَ) أَيْ نُكُولَ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ: هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَيْ كَإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَلْفَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالتَّعَدِّي قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا عَلِمَا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْآخَرُ) مَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا كَانَ الرَّاضِي مِنْهُمَا حُرًّا رَشِيدًا وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ فُسِخَ النِّكَاحُ بِلَا طَلَاقٍ، وَأَمَّا إنْ دَخَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا فِي دُخُولِ السَّفِيهِ وَالْعَبْدِ الْقَدْرُ الَّذِي أَذِنَ بِهِ السَّيِّدُ وَوَلِيُّ الزَّوْجِ وَهُوَ الْأَلْفُ لَا مَا زَوَّجَ بِهِ الْوَكِيلُ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وشب نَقْلًا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: بِطَلَاقٍ) أَيْ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّ فَسْخَهُ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي قَدْرِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَمَحَلُّ فَسْخِ النِّكَاحِ إذَا لَمْ يَرْضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ إذَا قَامَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) أَيْ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ ثُبُوتِ تَعَدِّيهِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا حَصَلَ دُخُولٌ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ الْتَزَمَ) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَ النِّكَاحُ إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِمَا قَالَ الْآخَرُ لَا إنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ وَالْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ وَأَبَى الزَّوْجُ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ، وَأَمَّا لَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَلْزَمُ، وَلَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ النِّكَاحُ، وَلَوْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ لِمِنَّةِ الْوَكِيلِ عَلَى الزَّوْجِ وَلِحُصُولِ الضَّرَرِ لَهُ بِزِيَادَةِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ مَنْ صَدَاقُهَا كَثِيرٌ أَكْثَرُ مِنْ نَفَقَةِ مَنْ صَدَاقُهَا قَلِيلٌ. (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَرَضِيَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِمَا ادَّعَى الْآخَرُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ وَلَمْ تَقُمْ لِأَحَدِهِمَا بِمَا ادَّعَاهُ بَيِّنَةٌ أَيْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُ أَنَّهُ وُكِّلَ بِأَلْفٍ فَقَطْ وَلَا لَهَا إنْ عَقْدُهَا وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَهَا وَلَمْ تَقُمْ لِلزَّوْجِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلزَّوْجِ دُونَهَا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَهُ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ إلَّا الْفَسْخُ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْلِفَانِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا لَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ تَدَاعِيهِمَا فَاحْتِيجَ لِيَمِينِهِمَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ

أَوْ أَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ حَالَةٍ أَيْ فِي حَالَةٍ يُفِيدُ فِيهَا إقْرَارُهُ وَهِيَ حَالَةُ الْحُرِّ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَفَادَ إقْرَارُهُ كَانَ أَبْيَنَ وَأَخْصَرَ (إنْ لَمْ تَقُمْ) لَهُمَا مَعًا (بَيِّنَةٌ) بِأَنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ وَكَّلَ بِأَلْفٍ وَلَا لَهَا أَنَّ عَقْدَهَا وَقَعَ عَلَى أَلْفَيْنِ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ دُونَهَا أَوْ لَهَا دُونَهُ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ فَفِي الْأُولَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَ عَلَى أَلْفٍ هُوَ لَا يَحْلِفُ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِأَلْفٍ فَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ، وَإِنْ حَلَفَتْ قِيلَ لِلزَّوْجِ: إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْأَلْفَيْنِ أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَكُمَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ. وَفِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ دُونَهُ لَا تَحْلِفُ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَقَطْ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لَهَا إمَّا أَنْ تَرْضَيْ بِالْأَلْفِ أَوْ بِفَسْخِ النِّكَاحِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ فَقَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ أَيْ مَعًا إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَى الْبَدَلِ إنْ قَامَتْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى هِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ أَفَادَ هُنَا أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِمَا وَفِيمَا يَأْتِي مِنْ الْمُبْدَأِ بِالْيَمِينِ (وَلَا تُرَدُّ) الْيَمِينُ الَّتِي تَوَجَّهَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا بَلْ يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ بِمَا قَالَ الْآخَرُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (إنْ اتَّهَمَهُ) أَمَّا لَوْ حَقَّقَ كُلَّ الدَّعْوَى عَلَى صَاحِبِهِ كَأَنْ قَالَتْ أَتَحَقَّقُ أَنَّك أَمَرْت الْوَكِيلَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ قَالَ أَتَحَقَّقُ أَنَّك رَضِيت بِأَلْفٍ رُدَّتْ الْيَمِينُ وَلَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ (وَرَجَّحَ) ابْنُ يُونُسَ (بُدَاءَةً حَلَفَ الزَّوْجُ) عَلَى الزَّوْجَةِ (مَا أَمَرَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ (إلَّا بِأَلْفٍ) مَعْمُولُ حَلَفَ وَبَيَانٌ لِصِفَةِ يَمِينِهِ أَيْ يَحْلِفُ مَا أَمَرْت الْوَكِيلَ إلَّا بِأَلْفٍ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ يَثْبُتُ (لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ) أَوْ الرِّضَا بِالْأَلْفِ (إنْ قَامَتْ) لَهَا (بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ) فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ هَذَا وَالْمُصَنِّفُ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ بُدَاءَةً حَلَفَ الزَّوْجُ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّوْجَةَ تَحْلِفُ أَيْضًا مَعَ بَيِّنَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ قِيَامِ بَيِّنَتِهَا اتِّفَاقًا مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ تَرْجِيحُهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ فِيمَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) تَقُمْ لَهَا بَيِّنَةٌ كَمَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بِأَنْ عُدِمَتْ بَيِّنَتُهُمَا مَعًا (فَكَالِاخْتِلَافِ) أَيْ فَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ كَحُكْمِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ (فِي) قَدْرِ (الصَّدَاقِ) قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْيَمِينُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَتَحْلِفُ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ لِلزَّوْجِ الرِّضَا بِذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ فُسِخَ النِّكَاحُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حُكْمٍ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ هُوَ الزَّوْجُ خِلَافًا لِتَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرُجِّحَ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَتِهِمَا بُدَاءَتُهَا بِالْيَمِينِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ وَإِلَّا صَحَّ خِلَافُهُ لَكَانَ صَوَابًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فُسِخَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَهُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهَا كِنَايَةٌ إلَخْ) هَذَا الِاحْتِمَالُ أَنْسَبُ بِالظَّرْفِيَّةِ بِخِلَافِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَلَا تَظْهَرُ فِيهِ الظَّرْفِيَّةُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ حَالَةُ الْحُرِّ إلَخْ) أَيْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ وَحَالَتُهُ هِيَ الْحُرِّيَّةُ وَالرُّشْدُ وَالتَّكْلِيفُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَالَةِ الَّتِي يُفِيدُ فِيهَا الْإِقْرَارُ حَالَةَ الْحُرِّ إلَخْ تَبِعَ فِيهِ الْبِسَاطِيَّ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَالَةِ الَّتِي يُفِيدُ فِيهَا إقْرَارُهُ هُوَ أَنْ لَا تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِقَوْلِهِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ) أَيْ وَيَبْدَأُ الزَّوْجُ بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ تَبْدِئَةِ الزَّوْجَةِ فَتَحْلِفُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِمَا حَلَفَ مَا أَمَرَ الْوَكِيلَ إلَّا بِأَلْفٍ وَإِذَا لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِهَا فُسِخَ النِّكَاحُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا إذَا قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ إنْ اتَّهَمَهُ) فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَنَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ كَانَتْ تَتَّهِمُهُ أَنَّهُ أَمَرَ الْوَكِيلَ بِأَلْفَيْنِ أَوْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ بِأَلْفٍ فَنَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهَا إنْ كَانَ يَتَّهِمُهَا عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَتَحَقَّقُ أَنَّك أَمَرْت) أَيْ أَوْ عَلِمْت قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَلْفَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَنَّك رَضِيت) أَيْ أَوْ عَلِمْت قَبْلَ الْعَقْدِ بِأَلْفٍ. (قَوْلُهُ: رُدَّتْ الْيَمِينُ) أَيْ إذَا نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) أَيْ وَأَمَّا مَتَى قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي أَنَّ مَنْ قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا) فَكَمَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَعَدَمِ رِضَا الزَّوْجَةِ بِالْأَلْفِ كَذَلِكَ يُفْسَخُ إذَا نَكَلَا وَلَمْ تَرْضَ بِأَلْفٍ. (قَوْلُهُ: وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حُكْمٍ) هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ أَنَّ الْفَسْخَ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ كَاللِّعَانِ وَخِلَافُهُمَا جَارٍ فِيمَا إذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ هُوَ الزَّوْجُ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا حَلَفَ وَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِالْأَلْفِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ حَلَفَتْ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِأَلْفَيْنِ فُسِخَ النِّكَاحُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ خِلَافُهُ) أَيْ وَهُوَ تَبْدِئَةُ الزَّوْجِ بِالْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَيْسَ كَالِاخْتِلَافِ

(وَإِنْ عَلِمَتْ) الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ الْعَقْدِ (بِالتَّعَدِّي) مِنْ الْوَكِيلِ (وَمَكَّنَتْ) مِنْ نَفْسِهَا أَوْ مِنْ الْعَقْدِ (فَأَلْفٌ) وَيَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ عَلِمَ الزَّوْجُ فَقَطْ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ (أَلْفَانِ) لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ) مِنْهُمَا بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ (وَعَلِمَ) أَيْضًا (بِعِلْمِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ انْتَفَى الْعِلْمُ عَنْهُمَا مَعًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (فَأَلْفَانِ) تَغْلِيبًا لِعِلْمِهِ عَلَى عِلْمِهَا (وَإِنْ عَلِمَ) كُلٌّ بِالتَّعَدِّي وَلَكِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ (بِعِلْمِهَا فَقَطْ) وَلَمْ تَعْلَمْ هِيَ بِعِلْمِهِ (فَأَلْفٌ) لِزِيَادَةِ الزَّوْجِ بِعِلْمِهِ (وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ) فَمَجْمُوعُ الصُّوَرِ سِتٌّ لَهَا فِي صُورَتَيْنِ أَلْفٌ وَفِي أَرْبَعٍ أَلْفَانِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسَائِلِ تَعَدِّي وَكِيلِ الزَّوْجِ شَرَعَ فِي تَعَدِّي وَكِيلِ الزَّوْجَةِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَلَمْ يَلْزَمْ) (تَزْوِيجُ) امْرَأَةٍ (آذِنَةٍ) لِوَكِيلِهَا بِالتَّزْوِيجِ (غَيْرِ مُجْبَرَةٍ) وَلَمْ تُعَيِّنْ لَهُ قَدْرًا مِنْ الصَّدَاقِ وَسَوَاءٌ عَيَّنَتْ لَهُ الزَّوْجَ أَمْ لَا تَزْوِيجًا (بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ) فَإِنْ زَوَّجَهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ إنْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ أَوْ عَيَّنَهُ لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ أَيْضًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي قَدْرِ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالتَّعَدِّي وَأَشَارَ هُنَا لِمَا إذَا عَلِمَ بِهِ أَحَدُهُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الْعَقْدِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِذَا عَلِمَتْ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ عَلِمَتْ بِتَعَدِّيهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَكَّنَتْ مِنْ الْعَقْدِ كَانَ الْوَاجِبُ لَهَا أَلْفًا فَقَطْ كَذَا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ. وَاَلَّذِي قَالَهُ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: إنَّ عِلْمَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ بِالتَّعَدِّي لَا يُوجِبُ لُزُومَ النِّكَاحِ لَهَا بِأَلْفٍ إلَّا إذَا انْضَمَّ لِذَلِكَ تَلَذُّذُهُ أَوْ وَطْؤُهُ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَالتَّوْضِيحُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَوَّبَهُ بْن. (قَوْلُهُ: فَأَلْفٌ) أَيْ فَالْوَاجِبُ لَهَا أَلْفٌ؛ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا مِنْ نَفْسِهَا أَوْ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ عِلْمِهَا بِالتَّعَدِّي مُسْقِطٌ لِلْأَلْفِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلِمَ الزَّوْجُ فَقَطْ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ) أَيْ وَاسْتَوْفَى الْبُضْعَ وَقَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى الْأَلْفَيْنِ وَتَفْوِيتُهُ الْبُضْعَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ بِعِلْمِ الْآخَرِ) أَيْ وَعَلِمَ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ انْتَفَى الْعِلْمُ عَنْهُمَا) أَيْ انْتَفَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلْمُهُ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ عِلْمُ أَحَدِهِمَا بِعِلْمِ صَاحِبِهِ دُونَ الْآخَرِ فَذِكْرُهُ فِيمَا بَعْدَ انْتِفَاءِ الْعِلْمِ عَنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا انْتِفَاءُ الْعِلْمِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِعِلْمِهِ عَلَى عِلْمِهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِعِلْمِ الزَّوْجَةِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ الزَّوْجِ بِعِلْمِهِ) فَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَهَا قَدْ مَكَّنْتنِي مِنْ نَفْسِك مَعَ عِلْمِك بِالتَّعَدِّي وَأَنَا مَا دَخَلْت عَلَيْك إلَّا مَعَ عِلْمِي بِأَنَّك رَضِيت بِالْأَلْفِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْعَكْسِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الَّتِي قَدْ عَلِمَتْ بِعِلْمِ الزَّوْجِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فَقَدْ دَخَلَ رَاضِيًا بِالْأَلْفَيْنِ وَالزَّوْجَةُ قَدْ عَلِمَتْ بِعِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَمْ تُمَكِّنْهُ إلَّا عَلَى الْأَلْفَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَمَجْمُوعُ الصُّوَرِ سِتٌّ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّعَدِّي مِنْ أَحَدِهِمَا فِيهِ صُورَتَانِ وَالْعِلْمُ بِهِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ أَرْبَعٌ أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعِلْمِ الْآخَرِ أَوْ لَا يَعْلَمَ وَاحِدٌ بِعِلْمِ الْآخَرِ أَوْ يَعْلَمَ الزَّوْجُ فَقَطْ بِعِلْمِهَا أَوْ تَعْلَمَ هِيَ فَقَطْ بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ) يُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهَا آذِنَةً أَنَّهَا غَيْرُ مُجْبَرَةٍ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْإِذْنِ مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ الَّذِي فِي الْمُجْبَرَةِ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مَالِكَةً لِأَمْرٍ عَلَى نَفْسِهَا كَالرَّشِيدَةِ وَالْيَتِيمَةِ الَّتِي تُزَوَّجُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَمْ تُسَمِّ لَهُ قَدْرًا مِنْ الصَّدَاقِ وَسَوَاءٌ عَيَّنَتْ لَهُ الزَّوْجَ أَوْ لَمْ تُعَيِّنْهُ فَزَوَّجَهَا بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِإِتْمَامِ صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ أَنْ أَبَتْ لَزِمَ النِّكَاحُ إنْ كَانَ مَعَ الْقُرْبِ لَا مَعَ الطُّولِ، وَإِذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ حَيْثُ زُوِّجَتْ بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ كَانَ عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَى الْمُزَوِّجِ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَ سِلْعَتِهَا بِخِلَافِ الْمُزَوِّجِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنَّ بَاقِيَ الْقِيمَةِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ حَيْثُ فَاتَتْ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي. وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَا إذَا آجَرَ النَّاظِرُ عَقَارًا أَوْ أَرْضَ زِرَاعَةٍ بِغَيْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَذَكَرَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ يَرْجِعُونَ بِمَا وَقَعَتْ بِهِ الْمُحَابَّاتُ عَلَى النَّاظِرِ الْمُؤَجِّرِ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَقْرَبُ لِلْبَيْعِ مِنْ النِّكَاحِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَفِي الْبَرْمُونِيِّ أَنَّ تَكْمِيلَ الصَّدَاقِ عَلَى الْوَلِيِّ قِيَاسًا عَلَى وَكِيلِ الْبَيْعِ يَبِيعُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَتَفُوتُ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ عج اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ مُجْبَرَةٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ مُجْبَرَةِ الْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ إذَا زَوَّجَهَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا، وَلَوْ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَكَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفًا إذَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهَا وَلَا مَقَالَ لِسُلْطَانٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَفِعْلُهُ أَبَدًا مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ

(وَعُمِلَ) عِنْدَ التَّنَازُعِ (بِصَدَاقِ السِّرِّ) أَيْ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ (إذَا أَعْلَنَ غَيْرَهُ) فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهُمَا أَنَّهُمَا رَجَعَا عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ وَقَالَ الزَّوْجُ: لَمْ نَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ بَلْ الْعَقْدُ عَلَى صَدَاقِ السِّرِّ (وَحَلَّفَتْهُ) الزَّوْجَةُ (إنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ (الرُّجُوعَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ صَدَاقِ السِّرِّ الْأَقَلِّ (إلَّا) أَنْ يَثْبُتَ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ عَلَى (أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ) فَيُعْمَلُ بِصَدَاقِ السِّرِّ وَلَيْسَ لَهَا تَحْلِيفُهُ. (وَإِنْ) (تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ) مَثَلًا (عَشَرَةً نَقْدًا) أَيْ حَالَّةً (وَعَشَرَةً) مِنْهَا (إلَى أَجَلٍ) مَعْلُومٍ (وَسَكَتَا عَنْ عَشَرَةٍ) سَقَطَتْ الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَتَلْزَمُ حَالَّةً وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يَظْهَرُ فِيهِ قَدْرٌ لِلْمُفَاخَرَةِ وَيَكُونُ فِي السِّرِّ دُونَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. (وَ) كِتَابَةُ الْمُوَثِّقِينَ فِي وَثِيقَةِ النِّكَاحِ (نَقَدَهَا) بِصِيغَةِ الْمَاضِي (كَذَا) مِنْ الْمَهْرِ (مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَجَّلَ لَهَا كَذَا، وَأَمَّا النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا فَلَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ، وَأَمَّا نَقْدُهُ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مُضَافًا فَفِيهِ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي. (وَجَازَ) بِلَا خِلَافٍ (نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَ) نِكَاحُ (التَّحْكِيمِ) وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ (عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ) أَيْ تَسْمِيَةِ (مَهْرٍ) وَلَا دُخُولٍ عَلَى إسْقَاطِهِ وَيَزْدَادُ فِي نِكَاحِ التَّحْكِيمِ وَصُرِفَ تَعْيِينُهُ لِحُكْمِ شَخْصٍ (بِلَا وَهَبْت) مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ فَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُك ابْنَتِي قَاصِدًا بِذَلِكَ إنْكَاحَهَا مَعَ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ فُسِخَ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا فَإِنَّهُ مِنْ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَفْوِيضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ، وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عَيَّنَ وَإِلَّا فَلَهَا الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَعُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى صَدَاقٍ بَيْنَهُمَا فِي السِّرِّ وَأَظْهَرَا فِي الْعَلَانِيَةِ صَدَاقًا يُخَالِفُهُ قَدْرًا أَوْ صِفَةً أَوْ جِنْسًا فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَبَرَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ سَوَاءٌ كَانَ شُهُودُ السِّرِّ هُمْ شُهُودُ الْعَلَانِيَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ، خِلَافًا لِأَبِي حَفْصِ بْنِ الْعَطَّارِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِ بَيِّنَةِ السِّرِّ بِمَا وَقَعَ فِي الْعَلَانِيَةِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْهُ فَإِنْ تَنَازَعَا وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُمَا رَجَعَا عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ إلَى مَا أَظْهَرَاهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَأَكْذَبَهَا الزَّوْجُ كَانَ لَهَا أَنْ تُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ، وَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ بَعْدَ حَلِفِهَا عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ وَمَحَلُّ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ صَدَاقَ الْعَلَانِيَةِ لَا أَصْلَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ ظَاهِرِيٌّ، وَالْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ صَدَاقُ السِّرِّ وَإِلَّا عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الرُّجُوعَ عَمَّا أَشْهَدَا عَلَيْهِ مُمْكِنٌ كَالرُّجُوعِ عَمَّا تَصَادَقَا عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: فَادَّعَتْ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَتْ إلَخْ وَهَذَا تَصْوِيرٌ لِلتَّنَازُعِ. (قَوْلُهُ: وَحَلَّفَتْهُ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ، وَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ بَعْدَ حَلِفِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَ إلَخْ) هَذَا كَالتَّفْرِيعِ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِ السِّرِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا ثَلَاثِينَ وَاللَّازِمُ إنَّمَا هُوَ الْعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا) أَيْ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ بِالْبَعْضِ كَالنَّاسِخِ لِإِجْمَالِهِ الْكَثِيرِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِثَلَاثِينَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِعِشْرِينَ وَقَالُوا: عَشَرَةٌ نَقْدًا، وَسَكَتُوا عَنْ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ فَنَظَرَ فِيهِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ كَمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُقَابِلٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنَقَدَهَا) وَمِثْلُ عَجَّلَ لَهَا وَدَفَعَ لَهَا. (قَوْلُهُ: مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ) أَيْ مُقْتَضٍ عُرْفًا أَنَّ الزَّوْجَةَ قَدْ قَبَضَتْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ عُجِّلَ لَهَا) أَيْ وَالتَّعْجِيلُ مَعْنَاهُ الدَّفْعُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا) أَيْ كَمَا إذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ تَزَوَّجَ فُلَانٌ فُلَانَةَ بِمِائَةٍ النَّقْدُ مِنْهَا كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ مِنْهَا كَذَا فَلَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا أَنَّ الزَّوْجَةَ قَدْ قَبَضَتْهُ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ لَا الْمَقْبُوضَ وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا مُقْتَضِيًا لِقَبْضِهِ، وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ مِنْ جَانِبِ مَنْ صَدَّقَ اهـ خش. (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ فِيمَا إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِأَنْ ادَّعَى الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ دَفَعَ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ) أَيْ فِي أَنَّهُ دَفَعَ كَذَا إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ سَوَاءٌ وُجِدَ فِي الْوَثِيقَةِ نَقْدُهَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي أَوْ نَقْدُهُ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ أَوْ الْمُحَلَّى بِأَلْ (قَوْلُهُ: وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ ح قَوْلُهُ: عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ تَفْسِيرٌ لِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ النَّوْعَيْنِ فَسَّرَهُمَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَدَمُ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَلِكُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ فَصْلٌ يَمْتَازُ بِهِ فَيَمْتَازُ التَّفْوِيضُ بِزِيَادَةٍ لَمْ يُصْرَفْ تَعْيِينُهُ لِحُكْمِ أَحَدٍ وَيَمْتَازُ التَّحْكِيمُ بِزِيَادَةِ صَرْفِ تَعْيِينِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ فِيمَا يُعَيِّنُهُ مِنْ مَهْرِهَا وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَعْرِيفًا لِلتَّفْوِيضِ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ وَيُزَادُ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ يُزَادُ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ كَمَا يُزَادُ مَا ذُكِرَ فِي التَّحْكِيمِ يُزَادُ فِي التَّفْوِيضِ مَا مَرَّ عَنْ ح. وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدًا مِنْ الْقَيْدَيْنِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفًا لَهُمَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ عَقْدٌ وَقَوْلُهُ: بِلَا

فَإِنْ عَيَّنَ مَهْرًا فَنِكَاحُ تَسْمِيَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَفُسِخَ إنْ وُهِبَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَ (نَفْسُهَا) تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ أَيْ وُهِبَتْ هِيَ لَا مَهْرُهَا وَإِلَّا فَهِيَ مَا قَبْلَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاهِبُ لَهَا وَلِيُّهَا أَوْ هِيَ. (قَبْلَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِفُسِخَ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (صُحِّحَ) أَيْ صَحَّحَ الْبَاجِيَّ (أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ هِبَةَ ذَاتِهَا لَيْسَتْ مِنْ النِّكَاحِ فِي شَيْءٍ بَلْ هُوَ (زِنًا) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَيُحَدَّانِ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (وَاسْتَحَقَّتْهُ) أَيْ صَدَاقَ الْمِثْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ الْمَهْرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ أَيْ اسْتَحَقَّتْ مَهْرَ مِثْلِهَا (بِالْوَطْءِ) وَلَوْ حَرَامًا مِنْ بَالِغٍ فِي مُطِيقَةٍ حَيَّةٍ لَا مَيِّتَةٍ (لَا بِمَوْتٍ) قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ ثَبَتَ لَهَا الْإِرْثُ (أَوْ طَلَاقٍ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ) لَهَا دُونَ الْمِثْلِ فِيهِمَا (وَتَرْضَى) بِهِ فَلَهَا جَمِيعُهُ فِي الْمَوْتِ وَنِصْفُهُ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا (وَ) لَوْ فَرَضَ دُونَ الْمِثْلِ، ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ وَادَّعَتْ الرِّضَا بِهِ (لَا تُصَدَّقُ فِيهِ) أَيْ فِي الرِّضَا (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا رَضِيَتْ (وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (طَلَبُ التَّقْدِيرِ) أَيْ الْفَرْضِ وَلَهَا عَدَمُ الطَّلَبِ وَهَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ الدُّخُولَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوُهِبَتْ حَالٌ مِنْ النَّكِرَةِ الْمُخَصَّصَةِ وَهِيَ عَقْدٌ؛ لِأَنَّهَا خُصِّصَتْ بِالصِّفَةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ فِيهِ تَعَلُّقَ حَرْفَيْ جَرٍّ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ مَهْرًا) بِأَنْ قَالَ: وَهَبْتهَا لَك بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا، أَوْ قَالَ: وَهَبْتهَا لَك بِكَذَا. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا إلَخْ) هَذِهِ صُورَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْأُولَى قَصَدَ فِيهَا الْوَلِيُّ النِّكَاحَ وَهِبَةَ الصَّدَاقِ وَهَذِهِ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْفَرْضُ أَنَّ هِبَةَ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَا فَسْخَ وَلَا شَيْءَ، وَأَمَّا هَذِهِ فَقَصَدَ فِيهَا هِبَةَ نَفْسِ الْمَرْأَةِ لَا النِّكَاحَ وَلَا هِبَةَ الصَّدَاقِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحُكْمُ فِيهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَاعْتَرَضَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ: إنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ زِنًا وَيَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ وَيَنْتَفِي الْوَلَدُ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) هَذَا الضَّبْطُ أَوْلَى مِنْ بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ لِشُمُولِ الْأَوَّلِ لِمَا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ لَهَا وَلِيُّهَا أَوْ هِيَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ تَوْكِيدًا؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ لَا يُؤَكَّدُ بِالنَّفْسِ أَوْ الْعَيْنِ إلَّا بَعْدَ تَوْكِيدِهِ بِضَمِيرٍ مُنْفَصِلٍ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ هُنَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِنْ تُؤَكِّدْ الضَّمِيرَ الْمُتَّصِلْ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنِ فَبَعْدَ الْمُنْفَصِلْ. عَنَيْت ذَا الرَّفْعِ إلَخْ فَالصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهَا هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ وَهَبَتْ ذَاتَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ مَا قَبْلَهَا) أَعْنِي قَوْلَهُ بِلَا وَهَبَتْ وَقَوْلُهُ: سَابِقًا وَبِإِسْقَاطِهِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ مِنْ النِّكَاحِ فِي شَيْءٍ) لِأَنَّ تَمْلِيكَ الذَّاتِ مُنَافٍ لِلنِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّتْهُ بِالْوَطْءِ) أَيْ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقَ مِثْلِهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إلَّا بِالْوَطْءِ، وَلَوْ حَرَامًا لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ وَلَا بِطَلَاقٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا سَنَةً فَأَكْثَرَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَانْظُرْ نِكَاحَ التَّحْكِيمِ هَلْ تَسْتَحِقُّ فِيهِ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا مَا حَكَمَ بِهِ الْمُحَكِّمُ، وَلَوْ حَكَمَ بِهِ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُكْمُهُ بِكُلِّ حَالٍ كَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ اهـ عَدَوِيٌّ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَخِيرِ فِيمَا يَأْتِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَفْرِضَ لَهَا دُونَ الْمِثْلِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَتَرْضَى بِهِ) أَيْ وَيَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا) أَيْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِمَا فَرَضَهُ وَاسْتَحَقَّتْ ذَلِكَ الْمَفْرُوضَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشْطُرُ بِالطَّلَاقِ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُصَنِّفِ الرِّضَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَفْرُوضُ لَهَا أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَمَّا إنْ كَانَ الْمَفْرُوضُ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى رِضَاهَا، إذْ هُوَ لَازِمٌ لَهَا تَسْتَحِقُّهُ بِالْمَوْتِ وَتَشْطُرُ بِالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُصَدَّقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ فَرَضَ لِزَوْجَتِهِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ رِضَاهَا بِهِ حَتَّى طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَبَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِمَا فَرَضَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ دَعْوَاهَا بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ بِمُجَرَّدِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ قَبْلَهُمَا فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَثْبُتْ رِضَاهَا بِهِ فَلَمَّا مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا ادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ كَانَ لَهَا الْجَمِيعُ فِي الْمَوْتِ وَالنِّصْفُ فِي الطَّلَاقِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَهُمَا فَلَا تُصَدَّقُ سَوَاءٌ ادَّعَتْ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَنَا حَالَتَيْنِ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا وَفِي هَذِهِ يُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَفْرُوضِ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَثْبُتَ فَرْضُهُ لَهَا قَبْلَهُمَا وَإِنَّمَا ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَهُمَا وَفِي هَذِهِ لَا تُصَدَّقُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الرِّضَا) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَرْضَى. (قَوْلُهُ: وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ وَتَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقًا تَعْلَمُهُ قَبْلَ

وَإِلَّا فَيُكْرَهُ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ الْفَرْضِ (وَلَزِمَهَا فِيهِ) أَيْ فِي التَّفْوِيضِ. (وَ) فِي (تَحْكِيمِ الرَّجُلِ) يَعْنِي الزَّوْجَ (إنْ فَرَضَ) لَهَا (الْمِثْلَ) أَيْ صَدَاقَ مِثْلِهَا (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ بَلْ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مَتَى فَرَضَ شَيْئًا لَزِمَهُ (وَهَلْ تَحْكِيمُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَتَحْكِيمُ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الزَّوْجِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (كَذَلِكَ) أَيْ كَتَحْكِيمِ الزَّوْجِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُحَكَّمِ فَإِنْ فَرَضَ الزَّوْجُ الْمِثْلَ لَزِمَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ فَرْضُ الْمِثْلِ، وَإِنْ فَرَضَهُ الْمُحَكَّمُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِرِضَاهُ فَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالزَّوْجِ (أَوْ إنْ فَرَضَ) الْمُحَكِّمُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (الْمِثْلَ لَزِمَهُمَا) مَعًا وَلَا يُلْتَفَتُ لِرِضَا الزَّوْجِ كَمَا لَا يُلْتَفَتُ لِرِضَاهَا (وَ) إنْ فَرَضَ الْمُحَكَّمُ (أَقَلَّ) مِنْ الْمِثْلِ (لَزِمَهُ) أَيْ الزَّوْجَ (فَقَطْ) وَلَهَا الْخِيَارُ (وَ) إنْ فَرَضَ (أَكْثَرَ فَالْعَكْسُ) فَالْعِبْرَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِالْمُحَكَّمِ كَمَا أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيمَا قَبْلَهُ بِالزَّوْجِ (أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكِّمِ) زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا فَإِنْ رَضِيَا بِشَيْءٍ لَزِمَهَا، وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمِثْلِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ. (وَ) جَازَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (الرِّضَا بِدُونِهِ) أَيْ دُونَ صَدَاقِ الْمِثْلِ (لِلْمُرَشَّدَةِ) أَيْ الَّتِي رَشَّدَهَا مُجْبِرُهَا وَأَوْلَى مِنْ رُشِّدَتْ بِنَفْسِهَا بِأَنْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِتَرْشِيدِهَا (وَ) جَازَ الرِّضَا بِدُونِهِ (لِلْأَبِ) فِي مُجْبَرَتِهِ كَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ (وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (وَلِلْوَصِيِّ) فِي مَحْجُورَتِهِ. (قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ حَيْثُ كَانَ نَظَرًا لَهَا لَا بَعْدَهُ، وَلَوْ مُجْبَرًا لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ فَإِسْقَاطُ شَيْءٍ مِنْهُ غَيْرُ نَظَرٍ فَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِ الْأَبِ دُونَهُ (لَا) الْبِكْرُ (الْمُهْمَلَةُ) الَّتِي لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ وَلَا مُقَدِّمِ قَاضٍ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا رُشْدٌ فَلَيْسَ لَهَا الرِّضَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالدُّخُولِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ لَا تَطْلُبَهُ بِذَلِكَ وَإِذَا فَرَضَ لَهَا شَيْئًا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى تَقْبِضَهُ بَلْ تُجْبَرُ عَلَى التَّمْكِينِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لَهَا مَنْعَ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ خَاصٌّ بِنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ كَذَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَقِيلَ لَهَا الْمَنْعُ حَتَّى تَقْبِضَ مَا فَرَضَهُ لَهَا كَنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُنْدَبُ لَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهَا) أَيْ الْمُقَدَّرُ وَهُوَ الْمَفْرُوضُ كَمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْرِضَ مَهْرَ الْمِثْلِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِلْمَهْرِ وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ فِي نِكَاحِ التَّحْكِيمِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ لَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَا فِي نِكَاحِ التَّحْكِيمِ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَتَحْكِيمِ الزَّوْجِ) أَيْ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فَرْضُ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِالْمُحَكَّمِ أَيْ بِفَرْضِهِ سَوَاءٌ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهَا أَيْ النِّكَاحُ بِذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لَهَا. (قَوْلُهُ: فَالْعَكْسُ) أَيْ فَيَلْزَمُهَا النِّكَاحُ بِذَلِكَ وَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا بُدَّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَكِّمَ إذَا كَانَ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا إذَا فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكِّمِ مَعًا. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ لِبَعْضِ الصَّقَلِّيِّينَ وَحَكَاهُ فِي الْوَاضِحَةُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّالِثُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَجَازَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا قَوْلُ خش: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَأَمَّا نِكَاحُ التَّسْمِيَةِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الرِّضَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ إلَّا لِلْأَبِ فَقَطْ اهـ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الْمُرَشَّدَةُ لَهَا هِبَةُ الصَّدَاقِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَهُ فَأَحْرَى أَنْ تَرْضَى بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: الَّتِي رَشَّدَهَا مُجْبِرُهَا) أَيْ رَفَعَ الْحَجْرَ عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُجْبِرُ أَبًا أَوْ وَصِيًّا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ ظَاهِرٌ فِي كُلٍّ مِنْ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَا يَتَأَتَّى فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ هَذَا قَوْلُهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ رِضَا الْمُرَشَّدَةِ بِدُونِهِ وَرِضَا الْأَبِ فِي مُجْبَرَتِهِ بِدُونِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي الْأُولَى اهـ بْن وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ الصَّوَابُ قَصْرُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، إذْ لَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ فِي الْمُرَشَّدَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْوَصِيِّ قَبْلَهُ) أَيْ وَجَازَ لِلْوَصِيِّ الرِّضَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَحْجُورَتِهِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مُجْبِرًا أَوْ لَا وَأَرَادَ بِالْوَصِيِّ مَا عَدَا الْأَبِ وَالسَّيِّدِ فَيَشْمَلُ الْوَصِيَّ حَقِيقَةً وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا مَعَ رِضَى الْوَصِيِّ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ شُيُوخِنَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ نَظَرًا لَهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الرِّضَى بِدُونِهِ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً لَهَا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ غَنِيًّا أَوْ صَالِحًا أَوْ لَا يُشَوِّشُ عَلَيْهَا فِي عِشْرَةٍ فَلَوْ كَانَ إسْقَاطُهُ لِغَيْرِ نَظَرٍ فَلَا يَمْضِي فَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يُعْرَفْ هَلْ هُوَ نَظَرٌ أَوْ لَا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ نَظَرٍ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّ أَفْعَالَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهَا الرِّضَى) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَى بِدُونِ مَهْرِ

بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُهَا. (وَإِنْ) تَزَوَّجَهَا تَفْوِيضًا فِي صِحَّتِهِ وَ (فَرَضَ) لَهَا شَيْئًا (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا (فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَارِثُ فَعَطِيَّةٌ مِنْهُ هَذَا فِي الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ (وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْأَمَةِ قَوْلَانِ) بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَتَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ لَا رَأْسِ الْمَالِ تَحَاصَصَ بِهِ أَهْلُ الْوَصَايَا وَالْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَرَضَ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَلَيْسَ مَا وَقَعَ مِنْهُ وَصِيَّةً بَلْ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ فَرَضَ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَرَدَّتْ) الزَّوْجَةُ، وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي صِحَّتِهِ تَفْوِيضًا وَفَرَضَ لَهَا فِي الْمَرَضِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (زَائِدَ الْمِثْلِ) فَقَطْ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لَهَا (إنْ وَطِئَ) وَمَاتَ وَيَكُونُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَلَزِمَ) الزَّائِدُ عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ (إنْ صَحَّ) الزَّوْجُ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ (لَا إنْ أَبْرَأَتْ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضَهُ. (قَبْلَ الْفَرْضِ) وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، ثُمَّ فَرَضَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهَا إبْرَاؤُهَا؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ (أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا) لَهَا إسْقَاطُهُ. (قَبْلَ وُجُوبِهِ) وَبَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْإِسْقَاطُ وَلَهَا الْقِيَامُ بِهِ كَمَا إذَا شَرَطَ لَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ بَيْتِ أَهْلِهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا أَوْ أَمْرُ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا بِيَدِهَا فَأَسْقَطَتْ ذَلِكَ الشَّرْطَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ حُصُولِ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ شَيْئًا قَبْلَ وُجُوبِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْمُعْتَمَدِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي فَصْلِ الرَّجْعَةِ مِنْ لُزُومِ الْإِسْقَاطِ. وَلَمَّا تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَخَذَ يُبَيِّنُهُ بِقَوْلِهِ (وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا) أَيْ قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ (يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِاعْتِبَارِ دِينٍ) أَيْ تَدَيُّنٍ مِنْ مُحَافَظَةٍ عَلَى أَرْكَانِ الدِّينِ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَعِفَّةٍ وَصِيَانَةٍ (وَجَمَالٍ) حِسِّيٍّ وَمَعْنَوِيٍّ كَحُسْنِ خُلُقٍ (وَحَسَبٍ) وَهُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَكَرَمٍ وَمُرُوءَةٍ وَعِلْمٍ وَصَلَاحٍ (وَمَالٍ وَبَلَدٍ) ، إذْ هُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ (وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ) مُوَافِقَةٌ لَهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَغَابَتْ الْمَخْطُوبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ مَا سَمَّى لَهَا وَحَصَلَ تَنَازُعٌ فِيهِ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَلَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا شَيْئًا وَحَضَرَتْ أُخْتُهَا، وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ صَدَاقَهَا مَنْظُورٌ فِيهِ لِتِلْكَ الْأَوْصَافِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمِثْلِ لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ وَإِذَا رَضِيَتْ فَلَا يُلْزِمُهَا ذَلِكَ الرِّضَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ رِضَاهَا بِدُونِهِ وَطَرَحَهُ سَحْنُونٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَيْسَ جَارِيًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ لَهُ فِي الْحَجْرِ فِي تَصَرُّفِ السَّفِيهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي خُصُوصِ الذَّكَرِ الَّذِي عُلِمَ سَفَهُهُ الْمُهْمَلُ، وَأَمَّا الْأُنْثَى الْمَعْلُومَةُ السَّفَهِ أَوْ مَجْهُولَةُ الْحَالِ الْمُهْمَلَةِ فَيُرَدُّ تَصَرُّفُهَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَضَعَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَعَطِيَّةً) أَيْ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَطِيَّةً مِنْهُ. (قَوْلُهُ: بِالصِّحَّةِ) هَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ: وَالْبُطْلَانُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ صَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّوْضِيحِ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا فَرَضَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَرَضَ لِأَجْلِ أَمْرٍ يَحْصُلُ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ بَلْ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّهُ بِالْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: وَمَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ) وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ وَمَاتَ لَكَانَ لَهَا الْمُسَمَّى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ قَدْرَ صَدَاقِ الْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ مِنْهُ كَانَ لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ يَصِحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُدَّتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الزَّائِدُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَرِضَ فَفَرَضَ لَهَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ صَحَّ بَعْدَ ذَلِكَ صِحَّةً بَيِّنَةً وَالزَّوْجَةُ حَيَّةٌ أَوْ مَيِّتَةٌ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا فَرَضَهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَطِئَ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ وَيَدْفَعُهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهَا إبْرَاؤُهَا) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرُدُّ الْفَرْضَ بَلْ يُقْضَى لَهَا بِمَا فَرَضَهُ لَهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِبْرَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يَلْزَمُهَا لِجَرَيَانِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَقْدُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ الْفَرْضِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ بَعْدَهُ لَيْسَ قَبْلَ الْفَرْضِ، إذْ بِالدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَحِينَئِذٍ فَإِبْرَاؤُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لَازِمٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْمُعْتَمَدِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَسْقَطَتْ عَطْفٌ عَلَى صَحَّ أَيْ وَلَزِمَ إنْ صَحَّ أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا لَكِنْ تَقْدِيرُ الْفَاعِلِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الزَّائِدِ كَمَا مَرَّ وَفِي الْمَعْطُوفِ الْإِسْقَاطُ أَيْ وَلَزِمَ الْإِسْقَاطُ إنْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِنْ لُزُومِ الْإِسْقَاطِ) أَيْ وَلَا قِيَامَ لَهَا بِشَرْطِهَا (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ دِينٍ) أَيْ بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهَا بِدِينٍ أَيْ بِتَدَيُّنٍ إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ اتِّصَافِهَا بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً حُرَّةً، وَأَمَّا الذِّمِّيَّةُ وَالْأَمَةُ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّصَافُهُمَا بِالدِّينِ وَلَا بِالنَّسَبِ كَكَوْنِهَا قُرَشِيَّةً وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْمَالُ وَالْجَمَالُ وَالْبَلَدُ. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْمِصْرِيَّةِ مَثَلًا تُخَالِفُ الرَّغْبَةَ فِي غَيْرِهَا كَمَا أَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْمُتَّصِفَةِ بِالدِّينِ أَوْ الْجَمَالِ

فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُخْتُ مُوَافِقَةً فِي الْأَوْصَافِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا وَيُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ نَاقَضَ مَا قَبْلَهُ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (لَا الْأُمِّ وَ) لَا (الْعَمَّةِ) لِلْأُمِّ أَيْ أُخْتِ أَبِيهَا مِنْ أُمِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، وَأَمَّا الْعَمَّةُ الشَّقِيقَةُ أَوْ لِأَبٍ فَتُعْتَبَرُ (وَ) مَهْرُ الْمِثْلِ (فِي) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) وَفِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ تُعْتَبَرُ الْأَوْصَافُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِ (يَوْمَ الْوَطْءِ) بِخِلَافِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ تَفْوِيضًا فَيَوْمُ الْعَقْدِ. (وَاتَّحَدَ الْمَهْرُ) فِي تَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي وَاحِدَةٍ (إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ) بِالنَّوْعِ (كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ) مِرَارًا يَظُنُّهَا فِي الْأُولَى زَوْجَتَهُ هِنْدٌ وَفِي الثَّانِيَةِ دَعْدُ وَفِي الثَّالِثَةِ زَيْنَبُ وَأَوْلَى إذَا كَانَ يَظُنُّهَا فِي الثَّلَاثِ هِنْدٌ أَمَّا لَوْ عَلِمَتْ كَانَتْ زَانِيَةً لَا شَيْءَ لَهَا وَتُحَدُّ (وَإِلَّا) تَتَّحِدْ الشُّبْهَةُ بَلْ تَعَدَّدَتْ كَأَنْ يَطَأَ غَيْرَ عَالِمَةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، ثُمَّ أُخْرَى يَظُنُّهَا أَمَتَهُ (تَعَدَّدَ) الْمَهْرُ عَلَيْهِ بِتَعَدُّدِ الظُّنُونِ (كَالزِّنَا بِهَا) أَيْ بِالْحُرَّةِ الْغَيْرِ الْعَالِمَةِ إمَّا لِنَوْمِهَا أَوْ لِظَنِّهَا أَنَّهُ زَوْجٌ فَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ لِعُذْرِهَا مَعَ تَجَرُّئِهِ وَسَمَّاهُ زِنًا بِاعْتِبَارِهِ لَا بِاعْتِبَارِهَا فَإِنَّهُ شُبْهَةٌ (أَوْ) الزِّنَا (بِالْمُكْرَهَةِ) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ عَلَى الْوَطْءِ كَانَ هُوَ الْمُكْرِهُ لَهَا أَوْ غَيْرُهُ. (وَجَازَ) فِي النِّكَاحِ (شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ) الزَّوْجُ (بِهَا فِي عِشْرَةٍ) أَيْ مُعَاشَرَةٍ (أَوْ كُسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا) مِنْ كُلِّ شَرْطٍ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيه فَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ حَرُمَ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إنْ نَاقَضَهُ كَشَرْطِ أَنْ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا كُرِهَ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُخْرِجَهَا كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَلَوْ) (شَرَطَ) الزَّوْجُ لَهَا عِنْدَ الْعَقْدِ (أَنْ لَا يَطَأَ) مَعَهَا (أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً) وَإِنْ فَعَلَ كَانَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ حُرَّةً (لَزِمَ) الشَّرْطُ (فِي) أُمِّ الْوَلَدِ أَوْ السُّرِّيَّةِ (السَّابِقَةِ) عَلَى الشَّرْطِ (مِنْهُمَا عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) وَأَوْلَى اللَّاحِقَةُ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْمَالِ تُخَالِفُ الرَّغْبَةَ فِي غَيْرِهَا فَمَتَى وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَظُمَ مَهْرُهَا وَمَتَى فُقِدَتْ أَوْ بَعْضُهَا قَلَّ مَهْرُهَا فَاَلَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا أَبٌ وَلَا هِيَ ذَاتُ مَالٍ وَلَا جَمَالٍ وَلَا دِيَانَةٍ وَلَا صِيَانَةٍ فَمَهْرُ مِثْلِهَا رُبْعُ دِينَارٍ مَثَلًا وَالْمُتَّصِفَةُ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ مَهْرُ مِثْلِهَا الْأُلُوفُ وَالْمُتَّصِفَةُ بِبَعْضِهَا بِحَسَبِهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ مَا تُعْتَبَرُ بِهِ الْمِثْلِيَّةُ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تُعْتَبَرُ بِهِ الْمِثْلِيَّةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ مَعَ أَنَّ الزَّوْجَ يُعْتَبَرُ حَالُهُ بِالنِّسْبَةِ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ أَيْضًا فَقَدْ يَرْغَبُ فِي تَزْوِيجِ فَقِيرٍ لِقَرَابَةٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ حِلْمٍ وَفِي تَزْوِيجِ أَجْنَبِيٍّ لِمَالٍ أَوْ جَاهٍ وَيَخْتَلِفُ الْمَهْرُ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وُجُودًا وَعَدَمًا. (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ بِمَا قَالَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ بَلْ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيَّاتِ إذَا كُنَّ عَلَى مِثْلِ أَوْصَافِهَا بَلْ الظَّاهِرُ فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ خِلَافُ مَا قَالَهُ وَأَنَّ الْوَاوَ عَلَى مَعْنَاهَا وَأَنَّ هَذَا كَالْقَيْدِ فِيمَا قَبْلَهُ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يُعْتَبَرُ بِهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ صَدَاقِ الْمِثْلِ بِالدِّينِ وَالْجَمَالِ وَالْحَسَبِ وَالْمَالِ وَالْبَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُمَاثِلٌ فِي الْأَوْصَافِ مِنْ قَبِيلَتِهَا كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا وَإِلَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ صَدَاقُهُمَا، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، فَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَمْثَالٌ فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبِيلَتِهَا وَأَمْثَالٌ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا اُعْتُبِرَ فِيهَا مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ أَمْثَالُهَا مِنْ قَبِيلَتِهَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ أَمْثَالِهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا أَوْ نَقَصَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلِفًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيَوْمُ الْعَقْدِ) إذْ مِنْهُ يَجِبُ الْمِيرَاثُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ يَوْمِ الْعَقْدِ فِي الصَّحِيحِ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَفْوِيضًا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ اتِّصَافُهَا بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ يَوْمَ الْبِنَاءِ إنْ دَخَلَ وَيَوْمَ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، إذْ لَوْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ ذَلِكَ بِلَا شَيْءٍ وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ. (قَوْلُهُ: بِالنَّوْعِ) وَأَوْلَى بِالشَّخْصِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ يَظُنُّهَا فِي الثَّلَاثِ هِنْدٌ، وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالنَّوْعِ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ بِسَبَبِ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ الشَّخْصِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَكُونُ مُتَّحِدَةً إلَّا إذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ أَوْ الشَّخْصُ فَمَا كَانَ بِالتَّزْوِيجِ نَوْعٌ وَمَا كَانَ بِالْمِلْكِ نَوْعٌ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عَالِمَةٍ) أَيْ بِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِأَنْ كَانَتْ نَائِمَةً أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّهُ زَوْجُهَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ عَلِمَتْ) أَيْ بِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْحُرَّةِ) أَيْ وَأَمَّا الزِّنَا بِالْأَمَةِ الْغَيْرِ الْعَالِمَةِ فَلَهَا مَا نَقَصَهَا. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا - عِلْمُهُمَا مَعًا بِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَهُوَ زِنًا مَحْضٌ. الثَّانِي - عِلْمُهَا دُونَهُ فَهِيَ زَانِيَةٌ لَا شَيْءَ لَهَا وَهَذَانِ يُفْهَمَانِ مِنْ قَوْلِهِ كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ. الثَّالِثُ - جَهْلُهُمَا مَعًا وَهُوَ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ فَيَتَّحِدُ الْمَهْرُ إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ وَإِلَّا تَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا. الرَّابِعَةُ - عِلْمُهُ دُونَهَا فَهُوَ زَانٍ وَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَهُوَ قَوْلُهُ: كَالزِّنَا بِغَيْرِ عَالِمَةٍ إلَخْ. وَالْأَرْبَعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كَلَامِهِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا وَاعْلَمْ أَنَّ اتِّحَادَ الشُّبْهَةِ وَتَعَدُّدَهَا إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِيهِمَا بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمُرَادُ بِالْوَطْءِ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ. خِلَافًا لِمَا فِي عبق حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ تَبَعًا لَهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ مَا فِيهِ إنْزَالٌ إلَخْ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُمَا مِنْ لُزُومِ الشَّرْطِ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى اللَّاحِقَةُ) أَيْ وَأَوْلَى لِلُّزُومِ فِي اللَّاحِقَةِ مِنْهُمَا وَيُتَصَوَّرُ

وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ فَيَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ، وَأَمَّا شَرْطُ لَا أَتَسَرَّى فَيَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا يَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ وَإِلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (فِي) وَطْءِ (أُمِّ وَلَدٍ) أَوْ سُرِّيَّةٍ (سَابِقَةٍ فِي) شَرْطِهِ لِزَوْجَتِهِ (لَا أَتَسَرَّى) وَيَلْزَمُهُ فِي اللَّاحِقَةِ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْخِيَارُ) أَيْ الْقِيَامُ (بِبَعْضٍ) أَيْ بِسَبَبِ فِعْلِ الزَّوْجِ بَعْضَ (شُرُوطٍ) شُرِطَتْ لَهَا وَعُطِفَتْ بِالْوَاوِ كَمَا لَوْ شَرَطَ لَهَا أَلَّا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى وَلَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، وَإِنْ فَعَلَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَفَعَلَ الْبَعْضَ فَلَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ بِحَقِّهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ هَذَا إذَا قَالَ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا) فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا بِأَنْ قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْ وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهَا إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ قَالَ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. (وَهَلْ) الزَّوْجَةُ (تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَيَكْتَمِلُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْمَوْتِ وَعَلَيْهِ (فَزِيَادَتُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ) كَأُجْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَصُوفٍ (وَنُقْصَانُهُ) بِمَوْتٍ أَوْ تَلَفٍ (لَهُمَا) رَاجِعٌ لِلزِّيَادَةِ (وَعَلَيْهِمَا) رَاجِعٌ لِلنُّقْصَانِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ لَا) تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَتَحْتَهُ قَوْلَانِ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا فَزِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ تَلِفَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهَا قِيمَةَ نِصْفِهِ، وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ أَوْ تَمْلِكُ الْجَمِيعَ فَهُمَا لَهَا وَعَلَيْهَا (خِلَافٌ) إلَّا أَنَّ الثَّالِثَ لَمْ يُشْهَرْ فَلِذَا لَمْ يَجْعَلْهُ بَعْضُهُمْ مُنْدَرِجًا فِي الْخِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النِّتَاجَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَلَا يُنَاسِبُ تَفْرِيعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَلَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنُ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً بِالنَّظَرِ لِوَقْتِ الْحَلِفِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا غَيْرَ بَتَاتٍ، ثُمَّ أَوْلَدَ أَمَةً بَعْدَ طَلَاقِهَا، ثُمَّ رَاجَعَهَا، ثُمَّ وَطِئَ الَّتِي أَوْلَدَهَا فَيَلْزَمُهُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا مَا دَامَ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ فَقَدْ اتَّضَحَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً أَيْ مُتَجَدِّدَةً بَعْدَ الْحَلِفِ، وَإِنْ كَانَتْ سَابِقَةً حِينَ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ) أَيْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً عَلَيْهَا، وَإِنْ اتَّخَذْت وَاحِدَةً فَأَمْرُك بِيَدِك أَوْ فَاَلَّتِي اتَّخَذَهَا حُرَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا شَرْطُ لَا أَتَسَرَّى) أَيْ عَلَيْهَا، وَإِنْ تَسَرَّيْت عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ فَهِيَ حُرَّةٌ فَيَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ أَيْ فَيَلْزَمُهُ مَا شَرَطَهُ إذَا وَطِئَ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْ السُّرِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَى الشَّرْطِ أَوْ اللَّاحِقَةَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ سَحْنُونٌ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي الْمَشْيِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الضَّعِيفِ وَالْعُدُولِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ فِي اللَّاحِقَةِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ بِوَطْئِهِ لِلَّاحِقَةِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهَا إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مَعْطُوفَةً بِالْوَاوِ وَكَانَ الْمُعَلَّقُ أَمْرَهَا بِيَدِهَا كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْخِيَاطَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ مَعْطُوفَةً بِأَوْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِهَا اتِّفَاقًا قَالَ: إنْ فَعَلَ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقُلْ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ وَقَعَ بِفِعْلِ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ لَهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْيَمِينِ وَبِالْبَعْضِ عَكْسُ الْبِرِّ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ وَكَّلَ الزَّوْجُ مَنْ يَعْقِدُ لَهُ فَعَقَدَ لَهُ عَلَى شُرُوطٍ اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ وَنَطَقَ بِهَا الْوَكِيلُ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ وَكَّلَهُ عَلَى الْعَقْدِ وَالشُّرُوطِ فَنَطَقَ بِهَا الْوَكِيلُ لَزِمَتْ الزَّوْجَ، وَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى الْعَقْدِ فَقَطْ فَلَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: فَزِيَادَتُهُ) أَيْ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نُقْصَانِهِ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ ثَمَرَةَ قَوْلِهِ فَزِيَادَتُهُ إلَخْ إنَّمَا تَظْهَرُ إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: الصَّوَابُ وَضْعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتُشْطَرُ إلَخْ كَمَا صَنَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ لِيُفِيدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ فَسَخَ فَالزِّيَادَةُ لِلزَّوْجِ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ وَقَعَ مَوْتٌ فَالزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ لِلزَّوْجَةِ وَعَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَغَلَّةٍ) عَطْفُهُ عَلَى النِّتَاجِ يَقْتَضِي أَنَّ النِّتَاجَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ الْقَائِلِ إنَّهُ غَلَّةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَزِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ) تَبِعَ بَهْرَامُ فِي هَذَا التَّفْرِيعِ وَاعْتَرَضَهُ طفي قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ فَرَّعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِلزَّوْجِ وَإِنَّمَا فَرَّعُوا حُكْمَ الْغَلَّةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَقَطْ وَهُمَا أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ أَوْ النِّصْفَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ أَنَّ قَوْلَهُ: كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ الْمَذْكُورُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْوَلَدُ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ فِي أَنَّهُ يَتَشَطَّرُ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِأَنَّ الْوَلَدَ كَالْمَهْرِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْغَلَّةِ وَالْبِنَاءُ فِيهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ طفي وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ لَيْسَ بِغَلَّةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ وَنَسْلَ الْحَيَوَانِ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّلَاقِ بَيْنَهُمَا اهـ بْن

ثُمَّ مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَتَلِفَ بِيَدِهَا فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ بِيَدِهَا كَالْعَارِيَّةِ (وَعَلَيْهَا) إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (نِصْفُ قِيمَةِ) الصَّدَاقِ (الْمَوْهُوبِ وَالْمُعْتَقِ) أَيْ الَّذِي وَهَبَتْهُ أَوْ أَعْتَقَتْهُ (يَوْمَهُمَا) أَيْ يَوْمَ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْإِتْلَافِ لَا يَوْمُ الْقَبْضِ (وَ) عَلَيْهَا إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ بَاعَتْهُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ (نِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ) وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مُحَابَاةٍ (وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ) الْوَاقِعُ مِنْهَا فِي الصَّدَاقِ الرَّقِيقِ (إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا) الْحَاصِلِ (يَوْمَ الْعِتْقِ) فَلَا عِبْرَةَ بِعُسْرِهَا أَوْ يُسْرِهَا قَبْلَهُ، وَكَذَا لَهُ الرَّدُّ إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى ثُلُثِهَا كَهِبَتِهَا وَصَدَقَتِهَا بِهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْعُسْرِ لِأَجْلِ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ رَدِّ الزَّوْجِ (إنْ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ بِيَدِهَا (عَتَقَ النِّصْفُ) الَّذِي وَجَبَ لَهَا بِالطَّلَاقِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الزَّوْجِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِهِ (بِلَا قَضَاءٍ) عَلَيْهَا بِهِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: رَدُّ إبْطَالٍ فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِذَا رَدَّ الْعِتْقَ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَأَوْلَى الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَنَحْوُهُمَا لَكِنَّ الرَّدَّ فِي ذَلِكَ رَدُّ إبْطَالٍ فَإِذَا طَلَّقَ أَوْ مَاتَ بَقِيَ مِلْكُهَا لَهَا وَلَا تُؤْمَرُ بِإِنْفَاذِهِ (وَتَشْطُرُ) الصَّدَاقَ (وَمَزِيدٌ) لَهَا (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى حُكْمِ الصَّدَاقِ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَا اتَّصَفَ بِصِفَاتِهِ مِنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ أَوْ لَا قَبَضَتْهُ أَوْ لَا. إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الصَّدَاقِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ أَوْ فَلَسَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَبْطُلُ فَحَكَمُوا لَهُ بِحُكْمِ الْعَطِيَّةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَمْ يَكُنْ كَالصَّدَاقِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الْمَزِيدَ قَبْلَهُ أَوْ حِينَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ صَدَاقٌ قَطْعًا، وَأَمَّا الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْوَلِيِّ فَهُوَ لَهُ وَلَا يَتَشَطَّرُ (وَ) تَشَطَّرَتْ (هَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا) أَوْ لِغَيْرِهِمَا. (قَبْلَهُ) أَيْ الْعَقْدِ أَوْ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُمَا مَعًا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا مَا بَنُوهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ تَصَرَّفَتْ فِي الصَّدَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَهِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ إخْدَامٍ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ التَّصَرُّفِ وَهُوَ يَوْمُ الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْإِتْلَافِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ: يَوْمُ الْقَبْضِ قَالَ بْن: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهَا وَغُرْمِهَا نِصْفَ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِتَكْمِيلِهِ لَهَا وَمُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَيَرُدُّ مَا فَعَلَتْهُ فِي نِصْفِ الزَّوْجِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا فُضُولِيَّةٌ فِي الْجَمِيعِ وَقْتَ التَّصَرُّفِ، وَقَدْ حَقَّقَ الطَّلَاقُ لَهَا النِّصْفَ فَيَمْضِي تَصَرُّفُهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِنِصْفِ الْمُحَابَاةِ) أَيْ إنْ بَاعَتْهُ بِمُحَابَاةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ) أَيْ وَلَا الْهِبَةُ وَلَا الصَّدَقَةُ وَلَا الْإِخْدَامُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَتْهُ الزَّوْجَةُ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِ نَفْسِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ أَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ أَوْ أَخْدَمَتْهُ فَإِنَّ الْعِتْقَ وَمَا مَعَهُ لَا يُرَدُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً يَوْمَ التَّصَرُّفِ بِالْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ أَوْ كَانَ ثُلُثُهَا لَا يَحْمِلُ مَا تَصَرَّفَتْ فِيهِ وَإِلَّا كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ وَيَرْجِعُ النِّصْفُ مِلْكًا لَهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا) أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْعِتْقِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ عِتْقَهَا حِينَئِذٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَلَهُ أَيْضًا بَعْدَ الطَّلَاقِ أَنْ يَرُدَّ عِتْقَهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَهَا وَكَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الْعِتْقِ وَاسْتَمَرَّ عُسْرُهَا إلَى يَوْمِ الطَّلَاقِ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي رَدِّ الْعِتْقِ وَعَدَمِ رَدِّهِ عُسْرُهَا وَيُسْرُهَا يَوْمَ الْعِتْقِ كَانَتْ قَبْلَهُ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ عُسْرُهَا أَوْ يُسْرُهَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الرَّدُّ فِي ذَلِكَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْخِلَافُ فِي مُطْلَقِ تَبَرُّعِ الزَّوْجَةِ إذَا رَدَّهُ الزَّوْجُ هَلْ هُوَ رَدُّ إيقَافٍ أَوْ إبْطَالٍ. (قَوْلُهُ: وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ، ثُمَّ إنَّ تَشَطُّرَ الصَّدَاقِ بِالطَّلَاقِ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ التَّشْطِيرَ إمَّا مِنْ مِلْكِهَا أَوْ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَالتَّشْطِيرُ بِالطَّلَاقِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَشَطِّرٌ قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى تَحَتَّمَ تَشْطِيرُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِتَكْمِيلِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ مَا سَمَّاهُ صَدَاقًا. (قَوْلُهُ: إجْرَاءً إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا أَيْ وَإِنَّمَا تَشَطَّرَ الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ إذَا لَمْ تَقْبِضْهُ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الصَّدَاقِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ. (قَوْلُهُ: صَدَاقٌ قَطْعًا) أَيْ فَيَتَشَطَّرُ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْوَلِيِّ) كَالْبَلَصَةِ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ

وَكَذَا إذَا أُهْدِيَتْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ قَبْلَهُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَرَطَةٌ حُكْمًا، وَأَمَّا مَا أُهْدِيَ بَعْدَهُ لِغَيْرِهَا فَلَا يَتَشَطَّرُ وَيَكُونُ لِمَنْ أُهْدِي لَهُ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ ذَلِكَ الْمُشْتَرَطِ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ (مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ اشْتَرَطَ لَهُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ مِنْهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِعْطَاءِ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ لِوَلِيِّهَا فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا وَقَوْلُهُ: (بِالطَّلَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشَطَّرَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ. وَقَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمَسِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ أَوْ حَالٌ مِنْهُ وَجُمْلَةُ وَلَهَا أَخْذُهُ مُعْتَرِضَةٌ وَأَرَادَ بِالْمَسِّ الْوَطْءَ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَإِقَامَتِهَا سَنَةً بِبَيْتِهَا، إذْ هِيَ يَتَكَمَّلُ بِهَا الصَّدَاقُ. (وَضَمَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (إنْ هَلَكَ) وَثَبَتَ هَلَاكُهُ (بِبَيِّنَةٍ) كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ لَا (أَوْ) لَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَ (كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَالْحَيَوَانِ وَالزَّرْعِ وَالْعَقَارَاتِ (مِنْهُمَا) مَعًا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَيَحْلِفُ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ عَلَى الْأَظْهَرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (فَ) ضَمَانُهُ (مِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَعَلَيْهِ غُرْمُ النِّصْفِ الْآخَرِ. (وَتَعَيَّنَ) لِلتَّشْطِيرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (مَا اشْتَرَتْهُ) الزَّوْجَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ السِّلَعِ (مِنْ الزَّوْجِ) صَلُحَتْ لِلْجَهَازِ أَمْ لَا فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا بِتَشْطِيرِ الْأَصْلِ وَلَيْسَ لَهَا جَبْرُهُ عَلَى أَخْذِ شَطْرِ الْأَصْلِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا (وَهَلْ مُطْلَقًا) قَصَدَتْ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ التَّخْفِيفَ عَلَيْهِ أَمْ لَا (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ) مَحَلٌّ تَعَيَّنَ تَشْطِيرُ مَا اشْتَرَتْهُ (إنْ قَصَدَتْ) بِالشِّرَاءِ مِنْهُ (التَّخْفِيفَ) عَنْهُ وَالرِّفْقَ بِهِ (تَأْوِيلَانِ) وَيُحْمَلُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَ) تَعَيَّنَ (مَا اشْتَرَتْهُ) مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا مِمَّا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ (مِنْ جَهَازِهَا) إذَا اشْتَرَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا الْمَدْفُوعِ لَهَا بَلْ وَإِنْ اشْتَرَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ صَدَاقٍ بَلْ مِنْ أَصْلِ مَالِهَا (وَسَقَطَ) عَنْ الزَّوْجِ (الْمَزِيدُ) عَلَى الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ (فَقَطْ) دُونَ أَصْلِ الصَّدَاقِ وَدُونَ الْمَزِيدِ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ أَوْ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ (بِالْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ فَلَسُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبْضِهَا أَشْهَدَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ قَبْلَ الْمَانِعِ، وَأَمَّا مَوْتُ الزَّوْجَةِ فَلَا يُبْطِلُ الْهِبَةَ أَشْهَدَ أَمْ لَا لِحُصُولِ الْقَبُولِ مِنْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ. (وَفِي) (تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ) تَطَوَّعَ بِهَا الزَّوْجُ (بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ) بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أُهْدِيَتْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ مَتَى كَانَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حِينَهُ فَإِنَّهَا تُشْطَرُ سَوَاءٌ اشْتَرَطَتْ أَوْ لَا كَانَتْ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَا تَكُونُ مُشْتَرِطَةً فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهَا فَلَا تُشْطَرُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهَا فَرِوَايَتَانِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا أُهْدِيَ بَعْدَهُ لِغَيْرِهَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا أُهْدِيَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي قَوْلِهِ وَفِي تُشْطَرُ هَدِيَّةٌ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، ثُمَّ إنَّ مَا أُهْدِيَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِغَيْرِهَا هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَأَمَّا الْمَزِيدُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْوَلِيِّ فَهُوَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقُلْنَا بِتَشَطُّرِ مَا أَخَذَهُ وَلِيُّهَا مِنْ الْهَدِيَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ لَهُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى وَلِيِّهَا وَتَأْخُذَ مِنْهُ النِّصْفَ وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ الْآخَرُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْوَلِيِّ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مُطَالَبَتُهَا بِالنِّصْفِ الْآخَرِ الَّذِي أَخَذَهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لِلْوَلِيِّ لَيْسَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ وَحِينَئِذٍ فَيَتْبَعُهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ الَّتِي طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشْطُرُ مَا أَخَذَهُ وَلِيُّهَا. (قَوْلُهُ: أَخْذُ ذَلِكَ) أَيْ أَخْذُ نِصْفِ ذَلِكَ الْمُشْتَرَطِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالطَّلَاقِ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فِي الْمَعْنَى فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ حَالٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إذْ هِيَ يَتَكَمَّلُ بِهَا الصَّدَاقُ) أَيْ كَمَا يَتَكَمَّلُ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: إنْ هَلَكَ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ حُرِقَ أَوْ سُرِقَ أَوْ تَلِفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: مَا اشْتَرَتْهُ) أَيْ بِالْمَهْرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا اشْتَرَتْ بِالصَّدَاقِ سِلَعًا مِنْ الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَتْ تَصْلُحُ جَهَازًا أَوْ لَا فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلتَّشْطِيرِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، إذْ كَأَنَّهُ أَصْدَقَهَا تِلْكَ السِّلَعَ (قَوْلُهُ: صَلُحَتْ) أَيْ تِلْكَ السِّلَعُ لِلْجَهَازِ أَمْ لَا هَذَا مَا فِي الْمَوَّاقِ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا فَاشْتَرَتْ بِهَا مِنْ الزَّوْجِ مَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَهَازًا كَدَارٍ وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْ مَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهَا مَجْبُورَةٌ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِتَشْطِيرِ الْأَصْلِ) أَيْ وَهِيَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الَّتِي دَفَعَهَا لَهَا الزَّوْجُ وَاشْتَرَتْ بِهَا تِلْكَ السِّلَعَ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ) فَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ التَّخْفِيفَ تَعَيَّنَ تَشْطِيرُ الْأَصْلِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ) أَيْ وَتَعَيَّنَ لِلتَّشْطِيرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَا اشْتَرَتْهُ. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ الْمَزِيدُ) أَيْ الَّذِي زَادَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى صَدَاقِهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا بِهِ. (قَوْلُهُ: دُونَ أَصْلِ الصَّدَاقِ وَدُونَ الْمَزِيدِ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ لَهَا بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَدُونَ

فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا (أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ) مِنْهَا (وَإِنْ) كَانَتْ قَائِمَةً (لَمْ تَفُتْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَإِنْ بَنَى لَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا، وَلَوْ قَائِمَةً وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَأَشَارَ لِلْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُفْسَخَ) النِّكَاحُ. (قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَأْخُذُ) الزَّوْجُ (الْقَائِمَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْهَدِيَّةِ وَضَاعَ عَلَيْهِ مَا فَاتَ مِنْهَا فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَاسِدِ وَمَا قَبْلَهُ فِي الصَّحِيحِ (لَا إنْ فُسِخَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا، وَلَوْ قَائِمَةً لِأَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ لِأَجْلِهِ قَدْ حَصَلَ (رِوَايَتَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ. (وَفِي) (الْقَضَاءِ) عَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ (بِمَا يُهْدِي) لِلزَّوْجَةِ (عُرْفًا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ مُشْتَرَطًا فِيهِ وَعَدَمُهُ. (قَوْلَانِ) وَعَلَى الْقَضَاءِ فَقِيلَ: يَتَكَمَّلُ بِالْمَوْتِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِهِمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ وَعَلَى عَدَمِهَا فَهِيَ هِبَةٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحَوْزِ وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ خُيِّرَتْ وَطَلَّقَ قَبْلَهُ فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَا مَرَّ. (وَصُحِّحَ) (الْقَضَاءُ) عَلَى الزَّوْجِ إنْ طَالَبَتْهُ الزَّوْجَةُ (بِالْوَلِيمَةِ) وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَسَيَأْتِي نَدْبُهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ فَلَا يُقْضَى بِهَا (دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ) وَالدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهَا إلَّا لِعُرْفٍ. (وَتَرْجِعُ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ) الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا (وَ) نَفَقَةِ (الْعَبْدِ) الصَّدَاقُ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَذَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بِيَدِهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ وَرَجَعَ الْمُنْفِقُ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (وَفِي) رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ (أُجْرَةِ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ) شَرْعِيَّةٍ عَلَّمَتْهَا لِلرَّقِيقِ أَوْ الدَّابَّةِ الْمَدْفُوعَةِ صَدَاقًا وَارْتَفَعَ ثَمَنُهُ بِهَا وَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلَانِ) مَحِلُّهُمَا إذَا اسْتَأْجَرَتْ عَلَى التَّعْلِيمِ لَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُعَلَّمَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَنْعَةَ الْعِلْمِ كَالنَّحْوِ وَالْحِسَابِ وَالْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ. (وَعَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ الْخَاصِّ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً (أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ) أَيْ حَمْلَهَا أَوْ حَمْلَ الْجَهَازِ (لِبَلَدِ الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ) الْبِنَاءُ فِيهِ غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ، وَكَذَا لِمَحِلِّهِ حَيْثُ الْبَلَدُ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ (إلَّا لِشَرْطٍ) عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عُرْفٍ كَعُرْفِ مِصْرَ فَعَلَى الزَّوْجِ (وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ) فِي جَهَازِ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ (بِمَا قَبَضَتْهُ) مِنْ مَهْرِهَا (إنْ) (سَبَقَ) الْقَبْضُ (الْبِنَاءَ) كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشْتَرَطِ مِنْ الْهَدِيَّةِ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَبِنِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِاخْتِيَارِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَنَى بِهَا) أَيْ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ قَائِمَةً أَيْ بِاتِّفَاقٍ أَيْ لِأَنَّ الَّذِي أُهْدِيَ لِأَجْلِهِ قَدْ حَصَلَ. (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْقَائِمَ مِنْهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُتَغَيِّرًا؛ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْفِرَاقِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ انْتَفَعَ (قَوْلُهُ: بِمَا يُهْدِي لِلزَّوْجَةِ عُرْفًا قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ كَالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) فِي الْمَوَّاقِ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ رِوَايَتَانِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (فَرْعٌ) ذَكَرَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمَرْأَةِ بِكِسْوَةِ الرَّجُلِ إذَا جَرَى بِهَا عُرْفٌ وَاشْتُرِطَتْ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: وَشَرْطُ كِسْوَةٍ مِنْ الْمَحْظُورِ لِلزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَّلُوهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَقَالَ ابْنُ نَاظِمٍ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ مَا لِابْنِ سَلْمُونٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَكِنْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ) فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ فَلَّسَ قَبْلَ قَبْضِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لَمْ تُقْبَضْ. (قَوْلُهُ فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا شَيْءَ لَهُ) وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَتَشَطَّرُ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَبِنِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ - (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ) أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ الصَّوَابُ الْقَضَاءُ بِهَا «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى بِهَا) مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تُشْتَرَطْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ يَجْرِ بِهَا الْعُرْفُ وَإِلَّا قَضَى بِهَا اتِّفَاقًا بِالْأَوْلَى مِمَّا بَعْدَهُ وَرُجِعَ لِلْعُرْفِ فِي عَمَلِهَا بِبَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ التَّمْرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) أَيْ الَّتِي دَفَعَهَا لَهَا صَدَاقًا مَعَ الْأُصُولِ أَوْ وَحْدَهَا عَلَى الْقَطْعِ لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَّا فُسِخَ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ كَالْبَيْعِ وَإِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ رَجَعَتْ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَطَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَعَدَمُ رُجُوعِهَا بِذَلِكَ قَوْلَانِ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَنْعَةِ الْعِلْمِ) أَيْ كَمَا خَرَجَ بِالشَّرْعِيَّةِ غَيْرُهَا كَضَرْبٍ بِعُودٍ وَرَقْصٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا فَلَا رُجُوعَ لَهَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَالْكِتَابَةُ) أَدْرَجَ الْكِتَابَةَ فِي الْعِلْمِ تَبَعًا لخش نَظَرًا لِكَوْنِهَا مِنْ طُرُقِهِ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ الْكِتَابَةَ صَنْعَةً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ الْخَاصِّ) أَيْ الَّذِي تَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق أَيْ وَلِيُّ الْمَالِ فَغَيْرُ صَوَابٍ وَوَلِيُّ الْمَالِ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهِ لِسَفَهِهَا أَوْ صِغَرِهَا وَهُوَ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي، وَأَمَّا وَلِيُّ الْعَقْدِ فَهُوَ مَنْ تَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا كَانَ وَلِيَّ الْمَالِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: بِمَا قَبَضَتْهُ) أَيْ فَقَطْ لَا بِأَزْيَدَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ وَشَهَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ إنَّمَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ حَالًّا، أَمَّا إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ

فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ لَمْ يَلْزَمْهَا التَّجْهِيزُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (وَقُضِيَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (إنْ دَعَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (لِقَبْضِ مَا حَلَّ) مِنْ صَدَاقِهَا لِتَجْهَرَ بِهِ لَا لِمَا لَمْ يَحِلَّ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا) أَزْيَدَ مِمَّا قَبَضَتْهُ أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ (فَيَلْزَمُ) مَا سَمَّاهُ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ. (وَلَا تُنْفِقُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى نَفْسِهَا (وَلَا تَقْضِي) مِنْهُ (دَيْنًا) عَلَيْهَا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ (إلَّا الْمُحْتَاجَةُ) فَإِنَّهَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَتَكْتَسِي الشَّيْءَ الْقَلِيلَ بِالْمَعْرُوفِ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا (وَ) إلَّا الدَّيْنَ الْقَلِيلَ (كَالدِّينَارِ) مِنْ مَهْرٍ كَثِيرٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَلِيلًا فَتَقْضِي مِنْهُ بِحَسَبِهِ. (وَلَوْ) (طُولِبَ) الزَّوْجُ (بِصَدَاقِهَا) أَيْ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِمْ مِنْهُ (لِمَوْتِهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ كَانَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ تَجْهِيزَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ (فَطَالَبَهُمْ) الزَّوْجُ (بِإِبْرَازِ جَهَازِهَا) الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ لِيَنْظُرَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهُ (لَمْ يَلْزَمْهُمْ) إبْرَازُهُ (عَلَى الْمَقُولِ) وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَلْزَمُهُمْ وَعَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ جَمِيعُ مَا سَمَّى مِنْ الصَّدَاقِ بَلْ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِمَا قَبَضَ قَبْلَ الْبِنَاءِ جَهَازَ مِثْلِهَا وَيَحُطُّ عَنْهُ مَا زَادَ لِأَجْلِ جَهَازِهَا. (وَلِأَبِيهَا) الْمُجْبَرِ جَوَازُ (بَيْعِ رَقِيقٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ (سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا) صَدَاقًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ وَلِغُرَمَائِهَا أَخْذُهُ فِي دُيُونِهِمْ مِثْلَ مَا قَبَضَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ الَّتِي لَهَا قَبْضُ صَدَاقِهَا وَسَيَأْتِي غَيْرُهَا إذَا قَبَضَتْ الْحَالَّ مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ بِنَاءِ الزَّوْجِ بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعُرْفُ شِرَاءَ خَادِمٍ أَوْ دَارٍ لَزِمَهَا ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَمِثْلُ حَالِّ الصَّدَاقِ مَا إذَا عَجَّلَ لَهَا الْمُؤَجَّلَ وَكَانَ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ نَقْدًا وَعَجَّلَهُ الْمُشْتَرِي أَجْبَرَ الْبَائِعَ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا يُجَابُ لِتَأْخِيرِهِ لِأَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ لَمْ يَلْزَمْهَا إلَخْ) كَمَا لَوْ كَانَ الصَّدَاقُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَيْعُهُ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَرَوَاهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: يَجِبُ بَيْعُهُ لِأَجْلِ التَّجْهِيزِ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ بِمَا قَبَضَتْهُ إلَخْ أَيْ إذَا كَانَ عَيْنًا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ لُزُومِ بَيْعِ الْعَقَارِ لَا يُنَافِيه مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ الْمُقْتَضِي لِتَسَاوِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَّ) أَيْ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ وَقَبَضَتْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ لَهُ) أَيْ عَلَيْهَا بِقَبْضِ مَا حَلَّ إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ دَعَاهَا أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا دَعَا زَوْجَتَهُ لِقَبْضِ مَا اتَّصَفَ بِالْحُلُولِ مِنْ صَدَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ أَوْ حَلَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ لِأَجْلِ أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ وَأَبَتْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَارِثٍ حَيْثُ قَالَ: لَا يَلْزَمُهَا قَبْضُ مَا حَلَّ بِمُضِيِّ أَجَلِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَلَفٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا كَمَا يَأْتِي وَهِيَ إذَا قَبَضَتْهُ لَزِمَهَا التَّجْهِيزُ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ زَرْبٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُمْنَعُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ قَبَضَتْهُ أُجْبِرَتْ عَلَى التَّجْهِيزِ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ مَا سَمَّاهُ) أَيْ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ أَيْ الزَّوْجُ وَمِثْلُ تَسْمِيَتِهِ تَسْمِيَةُ وَلِيِّهَا بِأَنْ يَقُولَ: نَحْنُ نَشْتَرِي لَهَا كَذَا أَوْ أَنَّ عِنْدَهَا مِنْ الْجِهَازِ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ: اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا) أَيْ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَتْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ) أَيْ الْمَهْرُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طُولِبَ الزَّوْجُ) أَيْ طَالَبَهُ وَرَثَتُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَعَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ لَا يَلْزَمُهُمْ إبْرَازُ الْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ بَلْ جَهَازِ مِثْلِهَا وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِجَهَازِ مِثْلِهَا وَيُحَطُّ عَنْهُ مَا زَادَهُ لِأَجْلِ الْجَهَازِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ. وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا سَمَّى لَهَا صَدَاقًا مِائَةً مَثَلًا وَدَفَعَ مِنْهُ خَمْسِينَ وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ جَهَازًا بِمِائَتَيْنِ فَمَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَطَالَبَهُ وَرَثَتُهَا بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ فَطَالَبَهُمْ بِإِحْضَارِ الْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ بِإِحْضَارِ قِيمَتِهِ لِيَعْرِفَ إرْثَهُ مِنْهُ، فَقَالَ الْمَازِرِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ: لَا يَلْزَمُهُمْ إبْرَازُ ذَلِكَ الْجِهَازِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا مُجَهَّزَةٌ بِمَا قَبَضَ مِنْ الصَّدَاقِ وَهُوَ خَمْسُونَ، فَإِذَا قِيلَ: مَا صَدَاقُ مَنْ يَتَجَهَّزُ بِخَمْسِينَ؟ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرَ جَهَازِهَا خَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ كَثَمَانِينَ أَوْ أَكْثَرَ كَثَمَانِينَ، فَإِذَا قِيلَ: مَنْ تَتَجَهَّزُ بِخَمْسِينَ صَدَاقُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَلَا يَدْفَعُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ مَا دَفَعَهُ أَوَّلًا وَيَكُونُ الْجَهَازُ الْمُشْتَرَى بِالْخَمْسِينَ الْمَدْفُوعَةِ أَوْ لَا تَرِكَةَ يَسْتَحِقُّ الزَّوْجُ نِصْفَهَا، وَإِنْ قِيلَ: صَدَاقُ مَنْ تَتَجَهَّزُ بِخَمْسِينَ ثَلَاثُونَ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمْ بِعِشْرِينَ مِنْ الْخَمْسِينَ الَّتِي دَفَعَهَا وَيَكُونُ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْ جَهَازٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ، وَإِنْ قِيلَ: صَدَاقُ مَنْ جَهَازُهَا خَمْسُونَ ثَمَانُونَ دَفَعَ الزَّوْجُ ثَلَاثِينَ وَيَكُونُ مِيرَاثُ الزَّوْجِ فِي تِلْكَ الثَّلَاثِينَ وَفِي جَهَازٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ (قَوْلُهُ وَلِأَبِيهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لَهَا الزَّوْجُ الصَّدَاقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَلَا يَلْزَمُ أَبَاهَا إذَا كَانَ مُجْبَرًا وَلَا يَلْزَمُهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ بَيْعُ ذَلِكَ لِأَجْلِ تَجْهِيزِهَا بَلْ يَجُوزُ لَهُمَا بَيْعُهُ لِتَجْهِيزِهَا بِثَمَنِهِ وَلَهُمَا عَدَمُ بَيْعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَنْ يَأْتِيَ بِغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ مُنَاسِبَيْنِ لِحَالِهِمَا وَمَحَلُّ

إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (لِلتَّجْهِيزِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ لَا بِسَاقَهُ، إذْ لَوْ سَاقَهُ لِلتَّجْهِيزِ لَوَجَبَ الْبَيْعُ لِأَجْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ فَعَلَى الزَّوْجِ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَنْ يَأْتِيَ بِغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ مُنَاسِبَيْنِ لِحَالِهِمَا (وَفِي) جَوَازِ (بَيْعِهِ) أَوْ بَيْعِهَا (الْأَصْلَ) أَيْ الْعَقَارَ الْمُسَوَّقَ فِي صَدَاقِهَا بِالنَّظَرِ وَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجِ وَمَنَعَهُ مِنْهُ أَيْ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ. (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْبَيْعِ أَوْ بِعَدَمِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ يَأْتِي الزَّوْجُ بِالْغِطَاءِ وَالْوِطَاءِ الْمُنَاسِبَيْنِ. (وَ) لَوْ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ أَنَّ بَعْضَ الْجَهَازِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَخَالَفَتْهُ الِابْنَةُ الرَّشِيدَةُ أَوْ وَافَقَتْهُ وَهِيَ سَفِيهَةٌ. (قَبْلَ دَعْوَى الْأَبِ) وَوَصِيِّهِ (فَقَطْ) دُونَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَغَيْرِهِمْ (فِي إعَارَتِهِ لَهَا) شَيْئًا مِنْ الْجَهَازِ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ (فِي السَّنَةِ) مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ لَا الْعَقْدِ وَأَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً أَوْ سَفِيهَةً وَأَنْ يَبْقَى بَعْدَمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَارِيَّةِ مَا يَفِي بِجَهَازِهَا الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ، وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ فَاَلَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ أَصْلَ الْمَتَاعِ لَهُ فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ وَيُتَّبَعُ بِمَا فِيهِ وَفَاءٌ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ سَوَاءٌ وَقَوْلُهُ: (بِيَمِينٍ) مُعْتَرَضٌ بِأَنَّهُ قَوْلٌ مُلَفَّقٌ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي السَّنَةِ يَقُولُ بِلَا يَمِينٍ وَالْقَائِلُ بِقَبُولِهِ فِي السَّنَةِ وَبَعْدَهَا بِشَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةٍ يَقُولُ بِيَمِينٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ (وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ) فِي دَعْوَاهُ (لَا إنْ بَعْدَ) قِيَامِهِ عَنْ السَّنَةِ (وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ أَنَّ هَذَا الْحُلِيَّ مَثَلًا عَارِيَّةٌ عِنْدَ بِنْتِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ قَبْلَ قَوْلِهِ بَعْدَهَا، وَلَوْ طَالَ (فَإِنْ صَدَّقَتْهُ) ابْنَتُهُ فِي دَعْوَاهُ بَعْدَ السَّنَةِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمِ لُزُومِ بَيْعِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ بَيْعَهُ لِأَجْلِ التَّجْهِيزِ أَوْ يَجْرِي عُرْفٌ بِذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ بَيْعُهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِشَرْطٍ) أَيْ بِالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ سَاقَهُ لِلتَّجْهِيزِ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ) أَيْ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُ مِنْهُ أَيْ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ) هَذَا الْقَيْدُ مِثْلُهُ فِي عبق وخش وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا مَا سَاقَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا مِنْ الْأُصُولِ فَهَلْ لِلْأَبِ بَيْعُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِابْنَتِهِ أَمْ لَا حَكَى الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي لِلزَّوْجِ فِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي ذَلِكَ مَا شَاءَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ وَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا نِصْفُ الثَّمَنِ إنْ لَمْ تُحَابَّ اهـ وَابْنُ بَشِيرٍ هَذَا صَاحِبُ الْإِمَامِ لَا ابْنُ بَشِيرٍ الْقَاضِي وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ تَرَدُّدٌ اهـ بْن. (تَنْبِيهٌ) لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ جَهَازًا قِيمَتُهُ كَذَا أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَمَنَعَهُ الْوَلِيُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَ الطَّلَاقُ لَهُ بِلَا شَيْءٍ إنْ لَمْ يَرْضَ، وَإِنْ رَضِيَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنْ طَلَّقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَنْعِهِ غَرِمَ نِصْفَ الْمُسَمَّى عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ دَخَلَ أُجْبِرَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى مَا سَمَّى مِنْ الْجَهَازِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُونَ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ بَيْعِهِ) أَيْ إذَا مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ بَيْعِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ كَالْأُمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ) أَيْ عِنْدَ الْبِنْتِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ دَعْوَى الْأَبِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا إمَّا رَشِيدَةٌ أَوْ غَيْرُ رَشِيدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى مُدَّعِي إعَارَتِهَا لَا فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا حَيْثُ خَالَفَتْ الْمُدَّعِي وَلَمْ تُصَدِّقْهُ كَانَ الْمُدَّعِي أَبَاهَا أَوْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ، وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَمَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْإِعَارَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تُخَالِفْ الْمُدَّعِي بَلْ صَدَّقَتْهُ أَخَذَتْ بِإِقْرَارِهَا كَانَتْ الدَّعْوَى بَعْدَ السَّنَةِ أَوْ قَبْلَهَا كَانَ الْمُدَّعِي أَبًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مُوَلًّى عَلَيْهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا سَفِيهَةً فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى غَيْرِ الْأَبِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ صَدَّقَتْهُ أَوْ خَالَفَتْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ وَأَخَذَهُ وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ، وَأَمَّا الْأَبُ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِي السَّنَةِ إذَا كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْمُدَّعَى بِهِ يَفِي بِالْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ أَصْلَ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ وَمَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْعَارِيَّةِ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْأُمِّ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَغَيْرِهِمْ) سَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُمْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمَتَاعِ الْمُدَّعَى أَنَّهُ عَارِيَّةٌ لَهُمْ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ، وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ فِي السَّنَةِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَبُولَ دَعْوَى الْأَبِ الْإِعَارَةَ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ مُجْبَرَةً أَوْ سَفِيهَةً) الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ تَقْيِيدُ الْبِنْتِ بِالْبِكْرِ وَنَصُّهُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ إلَّا مِنْ الْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ لِلْأَبِ فِي مَالِهَا اهـ قَالَ ح قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْبِكْرِ الثَّيِّبُ الَّتِي فِي وِلَايَةِ أَبِيهَا لِسَفَهِهَا قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مُوَلًّى عَلَيْهَا اهـ فَالشَّرْطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ مُوَلًّى عَلَيْهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا لَا مُجْبَرَةً فَقَطْ كَمَا فِي عبق؛ لِأَنَّ الْمُجْبَرَةَ قَدْ تَكُونُ ثَيِّبًا غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَزْيَدَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ جَهَازُهَا الْمُشْتَرَطُ أَوْ الْمُعْتَادُ أَزْيَدَ. (قَوْلُهُ: وَيُتَّبَعُ بِمَا فِيهِ وَفَاءٌ) أَيْ بِالْجَهَازِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ) أَيْ هَذَا إذَا وَافَقَتْهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ بَلْ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ بِأَنْ قَالَتْ: إنَّهُ غَيْرُ عَارِيَّةٍ بَلْ هُوَ لِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَشْهَدَ، وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ فَإِنْ أَشْهَدَ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ بِأَنْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَهَا أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ إنْ كَانَ الْإِشْهَادُ

(فَفِي ثُلُثِهَا) فَإِنْ زَادَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ خَاصَّةً هُنَا (وَاخْتَصَّتْ) الْبِنْتُ عَنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (بِهِ) أَيْ الْجَهَازِ الَّذِي جَهَّزَهَا بِهِ أَبُوهَا مِنْ مَالِهِ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِهَا لَا بِقَدْرِهِ فَقَطْ، إذْ لَا نِزَاعَ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ (إنْ وَرَدَ بِبَيْتِهَا) الَّذِي بَنَى بِهَا الزَّوْجُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْحِيَازَةِ (أَوْ أَشْهَدَ) الْأَبُ بِذَلِكَ (لَهَا) فَالشَّهَادَةُ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ إبْقَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْتَ يَدِهِ وَحَوْزُهُ لَهَا بَعْدَ الْإِشْهَادِ (أَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ لَهَا وَوَضَعَهُ عِنْدَ) غَيْرِهِ (كَأُمِّهَا) وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِذَلِكَ. (وَإِنْ) (وَهَبَتْ) الرَّشِيدَةُ (لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (الصَّدَاقَ) الْمُسَمَّى قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْهُ (أَوْ) وَهَبَتْ لَهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (يَصْدُقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ) وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ حَيْثُ أَرَادَ الدُّخُولَ فَإِنْ طَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَيَسْتَمِرُّ الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهُ فِي الْأُولَى وَيَرُدُّهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ (وَ) إنْ وَهَبَتْهُ لَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ (أَوْ) وَهَبَتْ لَهُ (بَعْضَهُ) ، وَلَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ) وَمَعْنَاهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ خَلَلًا وَفِي الثَّانِي أَنَّ الْبَاقِيَ هُوَ الصَّدَاقُ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَكَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى تَكْمِيلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ تَهَبَهُ) شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (عَلَى) قَصْدِ (دَوَامِ الْعِشْرَةِ) مَعَهَا فَطَلَّقَهَا أَوْ فَسَخَ النِّكَاحَ لِفَسَادِهِ قَبْلَ حُصُولِ مَقْصُودِهَا فَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ بَلْ يَرُدُّهُ لَهَا (كَعَطِيَّتِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا غَيْرَ الصَّدَاقِ (لِذَلِكَ) أَيْ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ (فَفُسِخَ) النِّكَاحُ لِفَسَادِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ فَتَرْجِعُ بِمَا أَعْطَتْهُ لَهُ وَأَحْرَى لَوْ طَلَّقَ اخْتِيَارًا هَذَا إذَا فَارَقَ بِالْقُرْبِ، وَأَمَّا بِالْبُعْدِ بِحَيْثُ يَرَى أَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهَا فَلَا تَرْجِعُ وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ تَرْجِعُ بِقَدْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَبِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: فَفِي ثُلُثِهَا) أَيْ فَهُوَ نَافِذٌ فِي ثُلُثِهَا. (قَوْلُهُ: رَدَّ مَا زَادَ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إجَازَةٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَا هُنَا لِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: عَنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ أَبِيهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ أَشْهَدَ الْأَبُ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّ ذَلِكَ الْجَهَازَ الزَّائِدَ عَلَى مَهْرِهَا مِلْكٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِشْهَادِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَوَضَعَهُ عِنْدَ كَأُمِّهَا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْبِنْتِ وَذِكْرُهُ الْإِشْهَادَ فِي هَذِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ إذَا وَقَعَ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ الْحَوْزُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: قَبْلَ هَذَا أَوْ أَشْهَدَ لَهَا وَهَذَا قَسِيمُهُ فَلَا إشْهَادَ فِيهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ الْأَبُ وَسَمَّاهُ لَهَا وَنَسَبَهُ إلَيْهَا وَوَضَعَهُ عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَ كَأُمِّهَا فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِ إذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ سَمَّاهُ لَهَا أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَهَذَا غَيْرُ الْإِشْهَادِ قَبْلَهُ، قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ: وَلَعَلَّ مَا هُنَا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّسْمِيَةِ مَخْصُوصٌ بِالشُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الشُّورَةَ إنَّمَا تُشْتَرَى وَتُسَمَّى لِلْبِنْتِ بِقَصْدِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ، وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ فِي الْهِبَةِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِوَلَدِهِ: اجْعَلْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَرْمًا أَوْ جِنَانًا أَوْ ابْنِ فِيهِ دَارًا، فَفَعَلَ الِابْنُ فِيهِ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَالْأَبُ يَقُولُ: كَرْمُ ابْنِي أَوْ جِنَانُ ابْنِي أَنَّ الْبُقْعَةَ لَا تُسْتَحَقُّ بِذَلِكَ وَهِيَ مَوْرُوثَةٌ وَلَيْسَ لِلِابْنِ إلَّا قِيمَةُ عَمَلِهِ مَنْقُوضًا قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَقَوْلُ الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ يُعْرَفُ لَهُ هَذَا كَرْمُ وَلَدِي أَوْ دَابَّةُ وَلَدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ الِابْنُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِإِشْهَادٍ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ صَغِيرًا كَانَ الِابْنُ أَوْ كَبِيرًا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْهُ إلَخْ) فَإِنْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ فَقَبِلَهُ أَيْضًا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهُ فِي الْأَوْلَى) أَيْ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِ الزَّوْجِ بِالْقَبُولِ. قَالَ: وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحِيَازَةِ لَهُ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْعَمَلُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤ عَلَى تَرْكِ الصَّدَاقِ فَيَعْرَى الْبُضْعُ عَنْ الصَّدَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَهَبَتْهُ لَهُ بَعْدَهُ) أَيْ وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ خَلَلًا) أَيْ فِي الصَّدَاقِ فَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْهِبَةِ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ: وَكَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَيْ وَكَانَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْهِبَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهُ: جُبِرَ عَلَى تَكْمِيلِهِ أَيْ إنْ أَرَادَ الدُّخُولَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَأَعْطَاهَا نِصْفَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْهِبَةِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا ابْتِدَاءً بِأَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ الشَّرْعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ جَمِيعِ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ فَقَطْ اهـ بْن. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَ مَا قَبَضَتْهُ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ أَوْ عَلَى حُسْنِهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ قَبْلَ حُصُولِ مَقْصُودِهَا أَوْ ظَهَرَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَسَادُ النِّكَاحِ فَفُسِخَ لِذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ بَلْ يَرُدُّهُ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ إذَا فَارَقَ بِالْقُرْبِ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ تَمَامِ سَنَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالْبُعْدِ أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُفَارَقَةُ مُلْتَبِسَةً بِالْبُعْدِ بِأَنْ كَانَتْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَلَا تَرْجِعُ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ سَمَاعُ أَشْهَبَ فِيمَا إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا أَوْ أَسْقَطَتْ

وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ. وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ هِبَةِ الرَّشِيدَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ هِبَةِ السَّفِيهَةِ فَقَالَ (وَإِنْ) (أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يَنْكِحُهَا بِهِ) قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ (ثَبَتَ النِّكَاحُ وَ) لَكِنْ (يُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ) وُجُوبًا (مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ مَا أَعْطَتْهُ وَيُجْبَرُ إنْ امْتَنَعَ فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا رَدَّهُ لَهَا وَأَعْطَاهَا مِنْ مَالِهِ صَدَاقَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ الْمُجْبَرِ لَيْسَ لَهُ عَقْدٌ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ. (وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ سِيَاقِهِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ هِبَتُهَا فَاتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى أَيْ وَهَبَتْ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهُ الزَّوْجُ لَهَا (الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ غَيْرُ الزَّوْجِ (وَقَبَضَهُ) مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَّقَ) الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (اتَّبَعَهَا) بِنِصْفِهِ (وَلَمْ تَرْجِعْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمَا غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ (إلَّا إنْ تَبَيَّنَ) لَهُ (أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ) وَيَنْبَغِي إنْ عَلِمَهُ كَبَيَانِهَا فَإِنْ بَيَّنَتْ أَوْ عَلِمَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي مَلَكَتْهُ بِالطَّلَاقِ فَلَا تَرْجِعُ بِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَ مَا وَهَبَتْهُ وَإِلَّا بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْحَجْرِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ الْمُقْتَضِي لِلصِّحَّةِ حَتَّى يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي تَبَرُّعِهَا فِي خَالِصِ مَالِهَا وَهُنَا الزَّوْجُ قَدْ طَلَّقَ فَقَدْ تَبَرَّعَتْ بِمَا نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ) الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ وَطَلَّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (أُجْبِرَتْ هِيَ) عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مُعْسِرَةً كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ مُوسِرَةً وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي مَالِهَا (وَ) يُجْبَرُ (الْمُطَلِّقُ) أَيْضًا عَلَى إنْفَاذِ هِبَتِهَا (إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ) فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَهُ لَمْ يُجْبَرْ هُوَ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِنِصْفِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي جَبْرِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا هِيَ فَتُجْبَرُ مُطْلَقًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ صَدَاقِهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا فَفَارَقَهَا أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا أَمَّا إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى فَتَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى فَقَالَ ح فِي الِالْتِزَامَاتِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ أَوْ بِالْبُعْدِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي الشُّرُوطِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَمَا فَرَّقُوا فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا مَا لَمْ يَقِفَا عَلَى نِصْفِ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ) أَيْ إنَّ مَحَلَّ رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِالْعَطِيَّةِ إذَا فَارَقَهَا عَنْ قُرْبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ فِيهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ طَلَاقُهَا لَا لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ بِهِ وَتَعَمَّدَ الْحِنْثَ فِيهَا فَالْأُولَى كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً لِتَشَاجُرٍ وَالثَّانِيَةُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِهِ الدَّارَ، ثُمَّ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ فَدَخَلَ الدَّارَ عَمْدًا فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا إنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ بِضَمِّ التَّاءِ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَ نَاسِيًا أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِهَا فَدَخَلَتْ لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ أَيْ الْقَائِلِ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا فَارَقَهَا عَنْ قُرْبٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُفَارَقَةُ لِأَجْلِ يَمِينٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ فِيهَا قَالَ بْن وَهَذَا الْقَيْدُ لِأَصْبَغَ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَإِنَّ قُصَارَى الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْفِرَاقُ هُنَا كَالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ جَبْرِيٌّ فِيهِمَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْفَسْخِ الرُّجُوعُ فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا قَوْلُ أَصْبَغَ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ إلَخْ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَرْجِعُ عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ هِبَةً مُطْلَقَةً وَقَالَتْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: أَقْبِضُهَا مِنْ زَوْجِي، وَلَوْ صَرَّحَتْ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الصَّدَاقِ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ اهـ وَنَحْوُهُ مَا لِابْنِ يُونُسَ لِلَّخْمِيِّ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ بِالْوِفَاقِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَ مَا وَهَبَتْهُ) أَيْ ثُلُثَ مَالِهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الثُّلُثَ إذَا لَمْ يَحْمِلْ جَمِيعَهُ بَطَلَ الْجَمِيعُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ مِثْلُهُ فِي خش وعبق، وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ هِبَتَهَا مَاضِيَةٌ مُطْلَقًا وَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجِ فِيهَا لِخُرُوجِ الزَّوْجَةِ مِنْ عِصْمَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ) أَيْ إنْ أَيْسَرَتْ بِالنِّصْفِ الَّذِي وَجَبَ لِلزَّوْجِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَلَا يُشْتَرَطُ يُسْرُهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ بِالْجَمِيعِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُطَلِّقِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِحَقِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّمَسُّكُ) أَيْ وَلَهُ حَبْسُ نِصْفِهِ لِحَقِّهِ فِيهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ فِي إنْفَاذِهَا حِينَئِذٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهَا مَالٌ غَيْرُ الصَّدَاقِ الْمَوْهُوبِ كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الْهِبَةِ أَيْضًا أَمْ لَا فَإِنَّهَا تُجْبَرُ هِيَ وَزَوْجُهَا الْمُطَلِّقُ عَلَى إنْفَاذِ الْهِبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي مَالِهَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ أَيْسَرَتْ يَوْمَ

(وَإِنْ خَالَعَتْهُ) الرَّشِيدَةُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (عَلَى كَعَبْدٍ) وَفَرَسٍ وَثَوْبٍ (أَوْ) عَلَى (عَشَرَةٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا (وَلَمْ تَقُلْ) هُوَ (مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا) مِنْ الصَّدَاقِ وَتَدْفَعُ مَا خَالَعَتْهُ بِهِ مِنْ مَالِهَا زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ (وَلَوْ) كَانَتْ. (قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ) وَدَفَعَتْ مَا ذُكِرَ مِنْ مَالِهَا زِيَادَةً عَلَيْهِ (لَا إنْ) (قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ) وَلَمْ تَقُلْ: مِنْ صَدَاقِي أَيْضًا فَطَلَّقَهَا فَلَهَا جَمِيعُ النِّصْفِ وَتَدْفَعُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَقَطْ (أَوْ لَمْ تَقُلْ) صَوَابُهُ أَوْ قَالَتْ خَالِعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ (مِنْ صَدَاقِي فَنِصْفُ مَا بَقِيَ) يَكُونُ لَهَا بَعْدَ أَخْذِهِ الْعَشَرَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَهُمَا مَفْهُومَا اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا (وَتَقَرَّرَ) الصَّدَاقُ (بِالْوَطْءِ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ: وَإِنْ خَالَعَتْهُ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ خَالَعَتْهُ بَعْدَهُ عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَتَدْفَعُ مَا سَمَّتْ لَهُ فَقَطْ وَالصَّدَاقُ كُلُّهُ لَهَا لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ. (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ (إنْ) (أَصْدَقَهَا) مِنْ قَرَابَتِهَا (مَنْ يَعْلَمُ) هُوَ (بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا) فَعَتَقَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا عَلِمَتْ أَمْ لَا وَيَعْتِقُ الرَّقِيقُ عَلَيْهَا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَالْوَلَاءُ لَهَا (وَهَلْ) الْعِتْقُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ (إنْ رَشَدَتْ) لَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً (وَصُوِّبَ أَوْ مُطْلَقًا) ، وَلَوْ سَفِيهَةً بِشَرْطٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ) لِلسَّفِيهَةِ بِالْعِتْقِ عَلَيْهَا تَأْوِيلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِبَةِ أَمْ لَا فَتُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَمَّا الْمُطَلِّقُ فَلَا يُجْبَرُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِنِصْفِهِ وَلَا يَتْبَعُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِنِصْفِ الزَّوْجِ وَلَهُ إمْضَاءُ الْهِبَةِ وَيَتْبَعُهَا بِنِصْفِهِ فِي ذِمَّتِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ يَتَصَرَّفُ فِي الصَّدَاقِ يَوْمَ الْهِبَةِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَلَا يُجْبَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَعَتْهُ) أَيْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْنِي عَلَى كَذَا. (قَوْلُهُ: فَلَا نِصْفَ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ يَقْتَضِي تَرْكَ كُلِّ مَالَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَزَادَتْهُ مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَصَرَهُ أَشْهَبُ عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْمَهْرِ كَدَيْنٍ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ الْبَاقِي. قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَهُوَ أَحْسَنُ لِكُلِّ الَّذِي شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ وَالْخِلَافُ إذَا خَالَعَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَدْ رَسَخَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ مِنْ صَدَاقِي لَكَانَ لَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ كَمَا لَوْ كَانَ صَدَاقُهَا ثَلَاثِينَ وَقَالَتْ: خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ صَدَاقِي لَكَانَ لَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ بَعْدَهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ مِنْ أَنَّهَا تَفُوزُ بِمَا قَبَضَتْهُ. (قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ قَوْلُهُ: لَا إنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ قَالَتْ: مِنْ صَدَاقِي، وَقَوْلُهُ: اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا أَيْ وَهُمَا قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ: مِنْ صَدَاقِي. (قَوْلُهُ: وَالصَّدَاقُ كُلُّهُ لَهَا) أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ إنْ أَصْدَقَهَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لِأَجْلِ الْبُضْعِ وَاسْتَقَرَّ مِلْكُهَا عَلَيْهِ وَانْتَفَعَتْ بِعِتْقِ قَرِيبِهَا كَانَ كَاشْتِرَائِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: مَنْ يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا) أَيْ كَمَا إذَا أَصْدَقَهَا أَحَدًا مِنْ أُصُولِهَا أَوْ مِنْ فُصُولِهَا أَوْ مِنْ حَاشِيَتِهَا الْقَرِيبَةِ كَأَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيهِمَا عَلِمَتْ) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ تَعْلَمْ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ عِلْمُهُمَا وَجَهْلُهُمَا وَعِلْمُهَا دُونَهُ وَعَكْسُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا وَفِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ عِلْمُهُ دُونَهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ إذَا أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَالِمٌ دُونَهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ بَلْ يَعْتِقُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَوَجَّهَ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ عَدَمَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهَا عَلَيْهِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى الْعِتْقِ فَلَوْ رَجَعَ كَانَ رُجُوعًا عَمَّا أَرَادَ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ رَشَدَتْ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ تَزَوَّجَهَا بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَظَاهِرُهَا سَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا أَوْ جَاهِلَيْنِ لِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ دُونَ الْآخَرِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهَا: عَتَقَ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، ظَاهِرُهُ كَانَتْ رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً وَبِهِ قِيلَ. وَقِيلَ: إنَّ كَلَامَهَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً لَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَخْ أَيْ وَهَلْ عِتْقُهُ عَلَيْهَا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ عَلَى الْمَرْجُوعِ عَنْهُ أَوْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عَلَى الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ إنْ رَشَدَتْ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَلِيُّ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، إذْنُهَا وَلَمَّا أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِعَبْدٍ كَانَتْ مُجَوِّزَةً لِكَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مُجْبَرَةً) أَيْ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهَا عَلِمَ الْوَلِيُّ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَصُوِّبَ) الْمُصَوِّبُ لِاخْتِصَاصِ الْعِتْقِ بِالرَّشِيدَةِ ابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالْمُقَيِّدُ لِلْقَوْلِ بِالْإِطْلَاقِ بِعَدَمِ عِلْمِ الْوَلِيِّ هُوَ ابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عِلْمًا أَوْ جَهْلًا أَوْ أَحَدُهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ

وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ عَلَيْهَا وَذِكْرُ مَفْهُومٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ عَلِمَ) الْوَلِيُّ (دُونَهَا) الْوَجْهُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عِلْمِهِ عَلِمَتْ أَمْ لَا (لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا) جَزْمًا (وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ الْعِتْقِ. (قَوْلَانِ) وَعَلَى الْعِتْقِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَى عَدَمِ الْعِتْقِ يَكُونُ رَقِيقًا لِلزَّوْجِ وَيَغْرَمُ لَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَلَا يَكُونُ رَقِيقًا لَهُمَا، إذْ لَا يَبْقَى فِي مِلْكِهَا مَنْ يَعْتِقُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَيْهَا. (وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ) الصَّدَاقَ حَالَ كَوْنِهِ (فِي يَدِهِ) أَيْ الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا وَأَوْلَى فِي يَدِهَا (فَلَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لَهَا (، وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا نِصْفَ قِيمَتِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ (إلَّا أَنْ تُحَابِيَ) فِي إسْلَامِهِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَالشَّرِكَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَبْدِ بِالنِّصْفِ وَلَهُ إجَازَةُ فِعْلِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ (وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا) أَيْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (فَأَقَلَّ لَمْ يَأْخُذْهُ) الزَّوْجُ أَيْ لَمْ يَأْخُذْ نِصْفَهُ مِنْهَا (إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ بِدَفْعِ نِصْفِ الْفِدَاءِ (وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَ) إنْ فَدَتْهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ أَرْشِهَا (فَكَالْمُحَابَاةِ) فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ فِعْلَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا نِصْفَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَقَطْ دُونَ الزَّائِدِ وَيَأْخُذَ نِصْفَ الْعَبْدِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهَا فِيهِ (وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ) عَلَى الزَّوْجِ (بِمَا) أَيْ بِجَمِيعِ الَّذِي (أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ) صَدَاقٍ (أَوْ ثَمَرَةٍ) ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ فَفَسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَيْثُ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (وَجَازَ) (عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ الْمُجْبَرَةَ) كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِ (عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] لَا قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ (ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَبْلَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَهَلْ) وَهُوَ (وِفَاقٌ) لِقَوْلِ الْإِمَامِ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ خِلَافٌ بِحَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ (تَأْوِيلَانِ) لَا بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ رَشَدَتْ (وَقَبَضَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (مُجْبَرٌ وَصِيٌّ) ، وَكَذَا وَلِيُّ سَفِيهَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ وَصِيَّ الْمَالِ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبَرٍ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْمُجْبَرِ فَيَشْمَلُ وَلِيَّ السَّفِيهَةِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ أَيْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ عِتْقِهِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ عَلَيْهَا أَيْ كَمَا فَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ عَلِمْت نَصَّهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لَهَا) أَيْ فَإِنْ شَاءَتْ دَفَعَتْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَأَبْقَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ أَسْلَمَتْهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عِشْرِينَ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ أَيْ وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ بِمَا أَنْفَقَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ) الْأَوْلَى عَفْوُ أَبِي الْمُجْبَرَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغُرَتْ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ كَلَامُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ أَيْ دُونَ غَيْرِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا مُجْبَرًا وَخَصَّ الْأَبَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ شَفَقَتِهِ دُونَ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ. (قَوْلُهُ: عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ) أَيْ وَأَوْلَى عَنْ أَقَلَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) حَمَلَهُ أَصْحَابُنَا عَلَى الْأَبِ وَحَمَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الزَّوْجِ عَنْ التَّشْطِيرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بِيَدِهِ حَلُّ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَ. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهُ) أَيْ وَجَازَ الْعَفْوُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِمَصْلَحَةٍ كَعُسْرِ الزَّوْجِ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ بِطَرْحِ الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الدُّخُولِ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ رَشَدَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ ثَيِّبًا صَارَ الْكَلَامُ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ صَغِيرَةً فَالْكَلَامُ لِلْأَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ لِمَصْلَحَةٍ، كَذَا فِي خش وعبق وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، إذْ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا عَفْوَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ كَانَتْ رَشِيدَةً أَوْ لَا فَفِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَافْتَضَّهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ لَا مِنْ الْأَبِ وَلَا مِنْهَا. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَافْتَضَّهَا فَقَدْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا بِالْمَسِيسِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ حَقًّا قَدْ وَجَبَ لَهَا إلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَهُوَ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةَ وَإِذَا مُنِعَ الْعَفْوُ فِي الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي السَّفِيهَةِ أَحْرَى اهـ بْن، وَكَذَا لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقَبَضَهُ مُجْبَرٌ) أَيْ وَهُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَلَوْ عَانِسًا وَالثَّيِّبُ إنْ صَغُرَتْ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ بَالِغَةً أَمْ لَا ثَيِّبًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَوَصِيٌّ) أَيْ أَوْصَاهُ الْأَبُ بِإِنْكَاحِهَا وَأَمَرَهُ بِجَبْرِهَا أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا وَلِيُّ سَفِيهَةٍ) أَيْ الْمُوَلَّى عَلَى النَّظَرِ فِي مَالِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ تَوْلِيَةُ الْعَقْدِ كَالْأَبِ أَوْ لَا كَالْأَجْنَبِيِّ، فَوَلِيُّ الْعَقْدِ فَقَطْ لَا يَقْبِضُ صَدَاقَهَا، وَلَوْ كَانَ أَخًا أَوْ أَبًا فَإِنْ كَانَتْ السَّفِيهَةُ مُهْمِلَةً فَلَا تَقْبِضُ صَدَاقَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَلْ يُرْفَعُ أَمْرُهَا لِلْحَاكِمِ فَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ وَاشْتَرَى لَهَا بِهِ جَهَازًا، وَإِنْ شَاءَ عَيَّنَ لَهَا مَنْ يَقْبِضُهُ وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ بِهِ مِمَّا يَجِبُ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّفْعُ إلَيْهِ أَوْ خِيفَ عَلَى الصَّدَاقِ مِنْهُ حَضَرَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ فَيَشْتَرُونَ لَهَا بِصَدَاقِهَا جَهَازًا وَيُدْخِلُونَهُ بَيْتَ الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَازِيًا ذَلِكَ لِمَالِكٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَصِيُّ الْمَالِ) أَيْ الْوَصِيُّ الَّذِي أَوْصَاهُ الْأَبُ أَوْ أَقَامَهُ الْقَاضِي عَلَى النَّظَرِ فِي مَالِهَا

وَيَكُونُ الْوَصِيُّ الْمُجْبَرُ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ (وَصُدِّقَا) أَيْ الْمُجْبَرُ وَالْوَصِيُّ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهِ (وَحَلَفَا) ، وَلَوْ عُرِفَا بِالصَّلَاحِ (وَرَجَعَ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ (إنْ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ (فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ) أَيْ دَفْعِ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ لِمَنْ لَهُ قَبْضُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، وَلَوْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الْقِيَامِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ، وَلَوْ أَيْسَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنَّمَا يُبَرِّئُهُ) أَيْ الْمُجْبَرُ وَالْوَصِيُّ مِنْ الصَّدَاقِ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (شِرَاءُ جِهَازٍ) بِهِ يَصْلُحُ لِحَالِهَا وَ (تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا) وَمُعَايَنَةُ قَبْضِهَا لَهُ (أَوْ إحْضَارِهِ بَيْتَ الْبِنَاءِ) وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِوُصُولِهِ لَهُ (أَوْ تَوْجِيهِهِ) بِأَنْ عَايَنَتْ الْجَهَازَ مُوَجَّهًا (إلَيْهِ) أَيْ إلَى بَيْتِ الْبِنَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَصْحَبُوهُ إلَى الْبَيْتِ وَلَا تُسْمَعُ حِينَئِذٍ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَأَتَى بِالْحَصْرِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قَبْضُهُ لَوْ دَفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ عَيْنًا لَمْ يَبْرَأْ وَيَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهَا مُجْبِرٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا مُقَدَّمُ قَاضٍ (فَالْمَرْأَةُ) الرَّشِيدَةُ هِيَ الَّتِي تَقْبِضُهُ فَإِنْ ادَّعَتْ تَلَفَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهَا تَجْهِيزُهَا بِغَيْرِهِ (وَإِنْ قَبَضَ) أَيْ قَبَضَهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلِهَا لَهُ فِي الْقَبْضِ فَتَلَفَ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي قَبْضِهِ وَالزَّوْجُ مُتَعَدٍّ فِي دَفْعِهِ لَهُ فَإِنْ شَاءَتْ (اتَّبَعَتْهُ) الْمَرْأَةُ لِضَمَانِهِ بِتَعَدِّيهِ (أَوْ) اتَّبَعَتْ (الزَّوْجَ) فَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَقَرَارُ الْغُرْمِ عَلَى الْوَلِيِّ. (وَلَوْ قَالَ الْأَبُ) وَمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ زَوْجَةٍ (بَعْدَ الْإِشْهَادِ) عَلَيْهِ (بِالْقَبْضِ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ أَيْ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ (لَمْ أَقْبِضْهُ) مِنْهُ وَإِنَّمَا اعْتَرَفْت بِذَلِكَ تَوْثِقَةً مِنِّي بِالزَّوْجِ وَظَنِّي فِيهِ الْخَيْرَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ بِعَدَمِ الْقَبْضِ وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَ (حَلَفَ الزَّوْجُ) لَقَدْ أَقَبَضْته لَهُ أَوْ لَقَدْ قَبَضَهُ إنْ كَانَ الْأَمْرُ قَرِيبًا مِنْ يَوْمِ الْإِشْهَادِ بِأَنْ كَانَ (فِي كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ) فَمَا دُونَهَا مِنْ يَوْمِ الِاعْتِرَافِ بِالْقَبْضِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخَمْسَةَ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ فَمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي دَفْعِهِ لَهُ بِلَا يَمِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَأَمَّا الْوَصِيُّ الَّذِي أَمَرَهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي الْمُجْبَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) ظَاهِرَةٌ عَلَى التَّلَفِ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَحَلَفَ مُشْكِلٌ مَعَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ صُدِّقَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لَا يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِلْحَالِ وَقَرَّرَ الْمَتْنَ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا ادَّعَيَا قَبْضَهُ مِنْ الزَّوْجِ وَأَنَّهُ تَلِفَ فَإِنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ فِي الْقَبْضِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ هَذَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْقَبْضِ بَلْ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ عَدَمُهَا وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا فَالْمُبَالَغَةُ مِنْ حَيْثُ بَرَاءَةُ الزَّوْجِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَتَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ هُوَ الْقَبْضُ لَا التَّلَفُ وَقَوْلُهُ: وَحَلَفَ أَيْ عَلَى التَّلَفِ لَا عَلَى الْقَبْضِ كَذَا حَلَّ الْمَوَّاقُ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَالْمُبَالَغَةُ صَحِيحَةٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إذَا ادَّعَيَا التَّلَفَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا خِلَافَ فِي بَرَاءَةِ الزَّوْجَ بِإِقْرَارِهِمَا بِقَبْضِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَا) أَيْ لَقَدْ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَهُوَ الْجَهَازُ بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً مُهْمِلَةً وَعَقَدَ لَهَا الْحَاكِمُ وَقَبَضَ صَدَاقَهَا وَادَّعَى تَلَفَهُ فَهَلْ يَحْلِفُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَلِيٌّ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ خش. (قَوْلُهُ: بِنِصْفِهِ) أَيْ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ لِمَنْ لَهُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ) وَأَمَّا إنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ مُطْلَقًا أَوْ لَمْ تَقُمْ وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا كَانَتْ مُوسِرَةً يَوْمَ الدَّفْعِ أَوْ مُعْسِرَةً؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُبَرِّئُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِدَفْعِ الصَّدَاقِ لَهَا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ حَبِيبٍ: لِلزَّوْجِ سُؤَالُ الْوَلِيِّ فِيمَا صَرَفَ نَقْدَهُ فِيهِ مِنْ الْجَهَازِ، وَعَلَى الْوَلِيِّ تَفْسِيرُ ذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ إنْ اتَّهَمَهُ. (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا) أَيْ فِي بَيْتِ الْبِنَاءِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِقَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَمُعَايَنَةٌ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قَبْضُهُ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَوَلِيِّ السَّفِيهَةِ وَقَوْلُهُ: إذَا دَفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الرَّشِيدَةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَقْبِضُهُ بِنَفْسِهَا أَوْ تُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُهُ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ أَيْ وَلَوْ اعْتَرَفَتْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ بِأَخْذِهِ مِنْ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ وَصَرَفَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ تَلِفَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُ لِلزَّوْجِ) أَيْ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ جَهَازًا. (قَوْلُهُ: فَالْمَرْأَةُ الرَّشِيدَةُ هِيَ الَّتِي تَقْبِضُهُ) أَيْ وَلَا يَقْبِضُهُ وَلِيُّهَا إلَّا بِتَوْكِيلِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا تَجْهِيزُهَا بِغَيْرِهِ) أَيْ فَتَصْدِيقُهَا بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّجْهِيزِ بِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا تُصَدَّقُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: حَلَفَ الزَّوْجُ فِي كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ) فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْوَلِيِّ إنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ فَإِنْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ غَرِمَ الزَّوْجُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْوَلِيِّ

[فصل حكم تنازع الزوجين في النكاح والصداق أو متاع البيت وما يتعلق بذلك]

فَصْلٌ إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ وَالصَّدَاقِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ اقْتِضَاءً أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ (إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ) بِأَنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ (ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ) قَاطِعَةٍ بِأَنْ شَهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ بَلْ (وَلَوْ بِالسَّمَاعِ) الْفَاشِي بِأَنْ يَقُولَا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا زُوِّجَ لِفُلَانَةَ أَوْ أَنَّ فُلَانَةَ امْرَأَةُ فُلَانٍ (بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ) أَيْ مَعَ مُعَايَنَتِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ مَسْمُوعِهِمْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ قَيْدًا إذْ يَكْفِي السَّمَاعُ الْفَاشِي مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ بِغَيْرِ اعْتِبَارِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى شَهِدَا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِهِمَا فَأُولَى مُعَايَنَتُهُمَا بِأَنْ قَالَا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانَةَ زُفَّتْ لِفُلَانٍ أَوْ عَمِلَ لَهَا الْوَلِيمَةَ وَهُوَ جَيِّدٌ لِأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ بِمَا ذَكَرَهُ (فَلَا يَمِينَ) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا) إذْ لَا ثَمَرَةَ لِتَوَجُّهِهَا عَلَى الْمُنْكِرِ إذْ لَوْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فَنَكَلَ لَمْ يُقْضَ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ أَيْ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ. (وَحَلَفَتْ) الْمَرْأَةُ (مَعَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْل حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاح وَالصَّدَاق أَوْ مَتَاع الْبَيْت وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ] فَصْلٌ إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَضَمِيرُ تَنَازَعَا لِلْمُتَنَازِعَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ تَنَازَعَا أَوْ لِلزَّوْجَيْنِ بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمَا، وَقَوْلُهُ فِي الزَّوْجِيَّةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ إثْبَاتُهَا وَنَفْيُهَا فَلَا حَاجَةَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلزَّوْجِيَّةِ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يَنْفِيهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ أَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَنْكَرَ (قَوْلُهُ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ لِمُدَّعِيهَا مِنْهُمَا كَانَ الْمُدَّعِي لَهَا الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ، وَقَوْلُهُ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ أَيْ لَا بِتَقَارِّهِمَا بَعْدَ تَنَازُعِهِمَا فَلَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ فَائِدَتَهُ نَفْيُ ثُبُوتِهِ بِغَيْرِهَا أَوْ يُقَالُ فَائِدَتُهُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بِالسَّمَاعِ وَاعْلَمْ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُفَصَّلَةً كَبَيِّنَةِ الْقَطْعِ بِأَنْ تَقُولَ سَمَّى لَهَا كَذَا النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ كَذَا وَعَقَدَ لَهَا وَلِيُّهَا فُلَانٌ كَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ الَّتِي نَقَلَهَا ح فَلَا يَكْفِي الْإِجْمَالُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا اهـ بْن وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُعَايِنَةِ لِلْعَقْدِ إذَا فُصِّلَتْ اتِّفَاقًا وَهَلْ يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ أَوْ لَا فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَثْبُتُ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَبِي عِمْرَانَ. (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ مُعَايَنَتِهِمَا) الْأُولَى أَيْ مَعَ مُعَايَنَةِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْبَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُتَيْطِيِّ بِمَعْنَى مَعَ وَالْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا سُمِعَتْ سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّكَاحِ وَعَايَنَتْ الدُّفَّ أَوْ الدُّخَانَ وَأَدَّوْا الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِ السَّمَاعِ مِنْ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَكْفِي (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ مَسْمُوعِهِمْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَأَنَّهَا زُفَّتْ لَهُ أَوْ عَمِلَ لَهَا وَلِيمَةً (قَوْلُهُ إذْ يَكْفِي السَّمَاعُ الْفَاشِي) أَيْ بِالنِّكَاحِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ اعْتِبَارِهِمَا أَيْ وَلَوْ لَمْ تُعَايِنْ الْبَيِّنَةُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ السَّمَاعُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فَأَوْلَى مُعَايَنَتُهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَا نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ زُفَّتْ لِفُلَانٍ أَوْ نَشْهَدُ أَنَّهُ عَمِلَ لَهَا الْوَلِيمَةَ وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثَةً وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّ فُلَانَةَ زُفَّتْ لِفُلَانٍ) رَاجِعٌ لِلسَّمَاعِ بِالدُّفِّ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَمِلَ لَهَا الْوَلِيمَةَ رَاجِعٌ لِلسَّمَاعِ بِالدُّخَانِ (قَوْلُهُ وَنَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِشَهَادَتِهِمَا بِالسَّمَاعِ وَالدُّفِّ وَالدُّخَانِ فَتَثْبُتُ شَهَادَتُهُمَا بِمُعَايَنَتِهِمَا لَهُمَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ زَوْجٍ وَادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا وَهُمَا طَارِئَانِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ لَزِمَتْهَا الْيَمِينُ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ النِّكَاحِ كَانَا زَوْجَيْنِ وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ اهـ وَعَزَا الثَّانِي ابْنُ عَرَفَةَ لِمَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ وَالْأَوَّلَ لِسَحْنُونٍ اُنْظُرْ بْن وَعَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ مِنْ الْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُنْكِرُ سُجِنَ لَهُ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الطَّارِئَيْنِ يَثْبُتُ نِكَاحُهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا بِالزَّوْجِيَّةِ مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ نِزَاعٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا) خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ لِرَدِّ شَهَادَةِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ إذْ لَوْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ وُجُودِ شَاهِدِ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَا قَبْلَهَا فَهِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَّفْتُ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَرْأَةِ بِذَلِكَ بَلْ الزَّوْجُ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى نِكَاحِ مُبَتَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُهَا وَلَا صَدَاقَ لَهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَحَلَفَ مَعَهُ وَوَرِثَ كَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِلصُّورَتَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِالصَّدَاقِ مَعَ إقْرَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِزَوْجِيَّتِهَا لِأَنَّ الصَّدَاقَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لِأَنَّهُ

أَيْ مَعَ شَاهِدِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ إذَا ادَّعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ زَوْجُهَا (وَوَرِثَتْ) لِأَنَّ الدَّعْوَى آلَتْ إلَى مَالٍ وَلَوْ كَانَ ثَمَّ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ ثَابِتُ النَّسَبِ عَلَى أَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِحَقِّ اللَّهِ. (و) لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ هَذَا وَأَقَامَ شَاهِدًا شَهِدَ بِالْقَطْعِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ السَّابِقَةِ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا ثَانِيًا (أَمَرَ الزَّوْجَ) الْمُسْتَرْسِلَ عَلَيْهَا أَمْرَ إيجَابٍ بِأَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ (بِاعْتِزَالِهَا) فَلَا يَقْرَبُهَا بِوَطْءٍ وَلَا بِمُقَدِّمَاتِهِ (ل) إقَامَةِ (شَاهِدٍ ثَانٍ) يَشْهَدُ لَهُ قَطْعًا مَعَ الْأَوَّلِ (زَعَمَ) هَذَا الْمُدَّعِي قُرْبَهُ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ فِي اعْتِزَالِهَا لِمَجِيئِهِ وَنَفَقَتُهَا مُدَّةَ الِاعْتِزَالِ عَلَى مَنْ يَقْضِي لَهُ بِهَا (فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ) أَوْ كَانَ بَعِيدًا (فَلَا يَمِينَ عَلَى) وَاحِدٍ مِنْ (الزَّوْجَيْنِ) لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الَّذِي أَقَامَهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ إلَخْ وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَشْمَلُ لِشُمُولِهَا لِلصُّورَتَيْنِ. (و) لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ الْأَزْوَاجِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنَّ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ قَرِيبَةَ الْغَيْبَةِ وَأَكْذَبَتْهُ (أُمِرَتْ) أَيْ أَمَرَهَا الْحَاكِمُ (بِانْتِظَارِهِ لِبَيِّنَةٍ قَرُبَتْ) لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي انْتِظَارِهَا فَلَا تَتَزَوَّجُ فَإِنْ أَتَى بِهَا حُكِمَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً فَلَا تُؤْمَرُ بِانْتِظَارِهِ وَتَتَزَوَّجُ مَتَى شَاءَتْ (ثُمَّ) إذَا مَضَى أَجَلُ الِانْتِظَارِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ أَمَرَهَا الْقَاضِي بِأَنْ تَتَزَوَّجَ إنْ شَاءَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مُقَابَلَةِ التَّمَتُّعِ وَلَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ حَالَ الْحَيَاةِ فَلَا صَدَاقَ (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ شَاهِدِهَا) أَيْ الشَّاهِدِ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ لَا عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ حَلَفَتْ أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ وَوَرِثَتْ) أَيْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا إلَّا الْمَالَ فَآلَتْ إلَى مَالٍ وَكُلُّ دَعْوَى بِمَالٍ تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَرِثُ لِأَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا لِأَنَّ الْمِيرَاثَ فَرْعُ الزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَكَذَا فَرْعُهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ ثَمَّ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ ثَابِتُ النَّسَبِ عَلَى أَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ) وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَقُولُ مَحَلُّ إرْثِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَإِلَّا فَلَا إرْثَ وَهَذَا الْقَيْدُ اعْتَبَرَهُ ح وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَالتَّوْضِيحُ وَأَقَرَّهُ النَّاصِرُ فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ، وَقَالَ بْن الْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الْقَيْدِ وَأَنَّهَا تَرِثُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَ هَذَا رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ) أَيْ مِنْ لَوَازِمِ الزَّوْجِيَّةِ حَالَ الْحَيَاةِ وَلَا يُقَالُ الْإِرْثُ مِنْ لَوَازِمِ الزَّوْجِيَّةِ حَالَ الْحَيَاةِ وَهِيَ لَمْ تَثْبُتْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِرْثَ مِنْ لَوَازِمِ الزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَتَسَبَّبُ إلَّا عَنْ الزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِحَقِّ اللَّهِ) أَيْ وَالظَّاهِرُ حُرْمَتُهَا عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ لِدَعْوَاهَا وَحُرْمَةُ فُرُوعِهَا وَأُصُولِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَمَا فِي عبق، وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الزَّوْجِيَّةَ حَالَ الْحَيَاةِ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَرَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُ لِاتِّحَادِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الدَّعْوَى لِأَنَّهَا دَعْوَى نِكَاحٍ وَالدَّعْوَى الَّتِي بَعْدَ الْمَوْتِ دَعْوَى مَالٍ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ قَبُولُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَدْ رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُ أَوَّلًا لِانْفِرَادِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ تَزَوَّجَهَا) أَيْ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَزَوَّجَهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ يَشْهَدُ لَهُ قَطْعًا) أَيْ بِالْقَطْعِ لَا عَلَى السَّمَاعِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا تَنْفَعُ فِيمَنْ تَحْتَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَتَى بِشَاهِدِهِ عَمِلَ بِالشَّهَادَةِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَتُرَدُّ إلَى عِصْمَةِ الْمُدَّعِي وَلَا يُقِرُّ بِهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ الثَّانِي إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا (قَوْلُهُ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَزَوْجِهَا الْأَوَّلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ لِشُمُولِهَا لِلصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَةِ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ الثَّانِي بَعِيدًا أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَرِيبٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ كَمَا قَالَ ح مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا سَابِقًا وَدَخَلَ بِهَا وَهِيَ تُنْكِرُ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا سَابِقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ أَنَّ دُخُولَ الثَّانِي يُفِيتُهَا اهـ. وَيَصِحُّ فَرْضُهَا كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي ذَاتِ وَلِيٍّ وَاحِدٍ دُخُولُ الثَّانِي فِيهَا لَا يُفِيتُهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ) أَيْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا خَالِيَةٌ مِنْ الْأَزْوَاجِ (قَوْلُهُ أُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَهَلْ بِجَمِيلِ وَجْهٍ إنْ طَلَبَهُ أَوْ تُحْبَسُ عِنْدَ امْرَأَةٍ وَبِهِ جَرَى عَمَلُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ اهـ بْن وَنَفَقَتُهَا فِي مُدَّةِ الِانْتِظَارِ لِمَنْ ثَبَتَتْ لَهُ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا) أَيْ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَنْظَرَهُ الْحَاكِمُ لِيَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي ادَّعَى قُرْبَهَا ثُمَّ لَمْ يَأْتِ بِهَا تَارَةً يُلْقِي السِّلَاحَ وَيَقُولُ عَجَزْت عَنْ إثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ وَتَارَةً يُنَازِعُ وَيَقُولُ لِي بَيِّنَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ وَآتَى بِهَا فَإِنْ ادَّعَى أَنَّ

(لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ إنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ) أَيْ حَكَمَ بِعَجْزِهِ وَعَدَمِ قَبُولِ دَعْوَاهُ أَوْ بَيِّنَتِهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُدَّعِي حُجَّةٍ) أَيْ بَيِّنَةٍ أَيْ عَجْزِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا إنْ لَمْ يُعَجِّزْهُ فَتُسْمَعُ وَلَا إنْ عَجَّزَهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ فَتُسْمَعُ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ) أَيْ قَبُولُ بَيِّنَتِهِ (إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ) حِينَ تَعْجِيزِهِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُدَّعِي حُجَّةٍ لَا مُقَابِلُهُ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْقَبُولِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُهَا ضَعِيفٌ. (وَلَيْسَ لِذِي ثَلَاثٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ وَادَّعَى نِكَاحَ رَابِعَةٍ أَنْكَرَتْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (تَزْوِيجُ خَامِسَةٍ) بِالنِّسْبَةِ لِلَّتِي ادَّعَى نِكَاحَهَا (إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا) أَيْ طَلَاقِ الْمُدَّعِي نِكَاحَهَا وَأُولَى طَلَاقِ إحْدَى الثَّلَاثِ بَائِنًا. (وَلَيْسَ) (إنْكَارُ الزَّوْجِ) نِكَاحَ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً وَلَمْ يَأْتِ بِمُدَافِعٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ (طَلَاقًا) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ، وَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا، نَعَمْ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً فِي الْوَاقِعِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ عَقْدٍ لِتَحِلَّ لَهُ. (وَلَوْ) (ادَّعَاهَا رَجُلَانِ) فَقَالَ كُلٌّ هِيَ زَوْجَتِي (فَأَنْكَرَتْهُمَا) أَوْ صَدَّقَتْهُمَا (أَوْ) أَنْكَرَتْ (أَحَدَهُمَا) وَصَدَّقَتْ الْآخَرَ أَوْ سَكَتَتْ فَلَمْ تُقِرَّ بِوَاحِدٍ (وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (الْبَيِّنَةَ) عَلَى دَعْوَاهُ (فُسِخَا) أَيْ نِكَاحُهُمَا مَعًا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِمَا (ك) ذَاتِ (الْوَلِيَّيْنِ) إذَا جُهِلَ زَمَنُ الْعَقْدَيْنِ كَمَا مَرَّ وَلَا يُنْظَرُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا بِهَا لِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ وَلِيٍّ وَاحِدٍ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِأَعْدَلِهِمَا وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ إلَّا التَّارِيخَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لَهُ هُنَا عَلَى الْأَرْجَحِ. (وَفِي) (التَّوْرِيثِ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ) مَعًا بِأَنَّهُمَا زَوْجَانِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا خِلَافٌ وَهَذَا فِي الزَّوْجَيْنِ (غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ) بِأَنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَأَمَّا الطَّارِئَانِ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ بِإِقْرَارِهِمَا بِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ بَيِّنَةً وَعَجَّزَهُ الْقَاضِي ثُمَّ أَتَى بِهَا لَمْ تُقْبَلْ، وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ إنْ عَجَّزَهُ الْقَاضِي فِي حَالِ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا حُجَّةً أَيْ بَيِّنَةً وَإِنْ لَمْ يُعَجِّزْهُ وَأَتَى بِهَا قُبِلَتْ وَالْمُعْتَرِفُ بِالْعَجْزِ إذَا عَجَّزَهُ وَأَتَى بِهَا فَقَوْلَانِ بِقَبُولِهَا وَعَدَمِهِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْقَبُولِ، وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ) أَيْ الَّتِي أَتَى بِهَا سَوَاءٌ أَتَى بِهَا قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ أَوْ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا (قَوْلُهُ أَيْ طَلَاقِ الْمُدَّعِي نِكَاحَهَا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي طَلَاقِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهَا الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاق لَا عَلَى الْخَامِسَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَزَوُّجُ خَامِسَةٍ بِرُجُوعِهِ عَنْ دَعْوَاهُ وَتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمَ حَدِّهِ إذَا تَزَوَّجَ خَامِسَةً قَبْلَ طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا) يَعْنِي إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَكَذَّبَهَا فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَتْهُ وَلَمْ يَأْتِ الرَّجُلُ بِمَدْفَعٍ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ فَحَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَذَلِكَ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً بَلْ أَجْنَبِيَّةً فَحَيْثُ أَثْبَتَتْهَا لَزِمَهُ الْبِنَاءُ وَالنَّفَقَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ) أَيْ بِالْإِنْكَارِ الطَّلَاقَ وَالْحَالُ أَنَّهَا قَدْ أَثْبَتَتْ الزَّوْجِيَّةَ فَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَالْحَالُ أَنَّهَا أَثْبَتَتْ الزَّوْجِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَتْ نِيَّتُهُ الطَّلَاقَ بِالْإِنْكَارِ قَبْلَ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عَمَلًا بِمَا ثَبَتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ وُقُوعِهِ حِينَئِذٍ عَلَى زَوْجَةٍ وَلِلُزُومِهِ بِكُلِّ كَلَامٍ بِنِيَّةٍ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ فَلَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا وَلَوْ قَصَدَهُ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ فِي أَجْنَبِيَّةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يَكُونُ طَلَاقًا إذَا نَوَى ذَلِكَ وَأَثْبَتَتْ الزَّوْجِيَّةَ عَلَيْهِ فَإِذَا وُجِدَ الْأَمْرُ لَزِمَتْهُ طَلْقَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ وَيَحْتَاجُ لِعَقْدٍ إذَا كَانَ إنْكَارُهُ الَّذِي نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَتْ الْعِدَّةُ قَدْ تَمَّتْ (قَوْلُهُ أَوْ صَدَّقَتْهُمَا) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ إذْ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهَا رَجُلَانِ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ الْبَيِّنَةَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِمَا) أَيْ وَأَنَّهَا زَوْجَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَأَنَّهَا تَزَوَّجَتْ بِهَذَا قَبْلَ الْآخَرِ وَبِالْعَكْسِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا بِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الدَّاخِلُ أَوْلَى بِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ كَذَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ خِلَافًا لِابْنِ لُبَابَةَ وَابْنِ الْوَلِيدِ وَابْنِ غَالِبٍ حَيْثُ قَالُوا إنْ دَخَلَ بِهَا أَحَدُهُمَا كَانَتْ لَهُ فَجَعَلُوهَا كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ وَلِيٍّ وَاحِدٍ) أَيْ وَالدُّخُولُ لَا يَفُوتُ إلَّا فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ هَذِهِ ذَاتُ وَلِيٍّ وَاحِدٍ فَلَا يَصِحُّ لِلُزُومِ إلَخْ. (قَوْلُهُ إلَّا التَّارِيخَ إلَخْ) فَإِذَا أَرَّخَتَا مَعًا قُضِيَ لِأَقْدَمِ التَّارِيخَيْنِ لِأَنَّهُ الْأَسْبَقُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا وَإِنْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَيُفْسَخُ النِّكَاحَانِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَرَكَتَا مَعًا التَّارِيخَ أَوْ أَرَّخَتَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) وَهُوَ مَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَالتَّوْضِيحِ، وَقَالَ اللَّقَانِيُّ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا شَيْءٌ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ حَتَّى التَّارِيخُ وَيَتَحَتَّمُ فَسْخُ النِّكَاحَيْنِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْرِيثِ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ إذَا كَانَا بَلَدِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا بَلَدِيًّا وَالْآخَرُ طَارِئًا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُمَا زَوْجَانِ مُتَنَاكِحَانِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ يَرِثُهُ الْآخَرُ أَوْ لَا يَرِثُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَتَوَارَثَانِ لِمُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَتَوَارَثَانِ لِعِدَّةِ ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِتَقَارُرِ غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ حَائِزٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا ثَبَتَ التَّوَارُثُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ مَعًا) الْحَقُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بْن أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْإِقْرَارُ مُطْلَقًا

وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ عَلَى الْأَرْجَحِ. (و) فِي (الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ) غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا زَوْجٍ بَلْ بِأَخٍ وَعَمٍّ وَابْنِ عَمٍّ وَنَحْوُهُمْ غَيْرُ مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ تَصْدِيقٌ وَلَا تَكْذِيبٌ (وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ) نَسَبُهُ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ بِأَنْ لَا يَكُونَ وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ وَارِثٌ يَحُوزُ بَعْضَ الْمَالِ، وَعَدَمُ التَّوْرِيثِ (خِلَافٌ) وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ فَهُوَ اسْتِلْحَاقٌ فِي الْعُرْفِ وَهُوَ يَرِثُ قَطْعًا مُطْلَقًا وَأَمَّا الزَّوْجُ فَهُوَ مَا قَبِلَهُ وَلَوْ عُرِفَ نَسَبُهُ لَوَرِثَ قَطْعًا وَلَوْ كَذَّبَ الْمُقَرُّ بِهِ الْمُقِرَّ لَمْ يَرِثْ قَطْعًا وَلَوْ صَدَّقَهُ لَكَانَ إقْرَارًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ كَمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِلْحَاقِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ لَمْ يَرِثْ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ الْمُقِرِّ شَيْئًا فِي هَذِهِ وَيَرِثُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ قَطْعًا فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَقَوْلُهُ وَلَيْسَ ثَمَّ إلَخْ رَاجِعٌ لَهُمَا وَلَكِنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ كَمَا عَلِمْت (بِخِلَافِ) الزَّوْجَيْنِ (الطَّارِئَيْنِ) عَلَى بَلَدٍ إذَا أَقَرَّا بِالزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ بِلَا خِلَافٍ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ غَيْرُ الطَّارِئَيْنِ. (و) بِخِلَافِ (إقْرَارِ أَبَوَيْ) الزَّوْجَيْنِ (غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ) بِنِكَاحِهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَيَثْبُتُ بِهِ الْإِرْثُ وَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ ثُبُوتَ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَا حَيَّيْنِ (و) بِخِلَافِ (قَوْلِهِ) أَيْ الطَّارِئِ لِلطَّارِئَةِ (تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ) لَهُ (بَلَى) أَوْ نَعَمْ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ يَثْبُتُ بِهِ الْإِرْثُ وَالزَّوْجِيَّةُ (أَوْ قَالَتْ) لَهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ تَزَوَّجْتُكِ (طَلِّقْنِي أَوْ خَالِعْنِي) فَإِنَّهُ إقْرَارٌ. (أَوْ) (قَالَ) لَهَا (اخْتَلَعْت مِنِّي أَوْ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٍ) (فِي جَوَابِ) قَوْلِهَا لَهُ وَهُمَا طَارِئَانِ (طَلِّقْنِي) فَتَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ بِمَا ذُكِرَ وَيَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ (لَا إنْ لَمْ يُجَبْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ وَسَكَتَ الْآخَرُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فَهَلْ ذَلِكَ السَّاكِتُ يَرِثُ الْمُقِرَّ لِمُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ لَا يَرِثُ لِثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ خِلَافٌ فَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَا يَرِثُهُ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ الْمُقِرُّ لَا يَرِثُ السَّاكِتَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ) أَيْ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَقَدْ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَمَنْ اخْتَصَرَ فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ بِمَكَّةَ سَمَّاهَا ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ لَهَا وَلَوْ قَالَتْ زَوْجِي فُلَانٌ بِمَكَّةَ فَأَتَى بَعْدَ مَوْتِهَا وَرِثَهَا بِإِقْرَارِهِمَا بِذَلِكَ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ عج، وَقَالَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ إذَا وَقَعَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا إرْثَ اتِّفَاقًا وَمَحِلُّ الْإِرْثِ فِي الطَّارِئَيْنِ بِالْإِقْرَارِ حَيْثُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْمَرَضِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ وَإِنْشَاؤُهُ فِيهِ وَلَوْ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْمِيرَاثِ اهـ كَلَامُهُ وَرَدَّهُ طفي لِمَا مَرَّ مِنْ النَّقْلِ عَنْ الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ وَفِي الْإِقْرَارِ) أَيْ وَفِي التَّوْرِيثِ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ إلَخْ أَيْ وَعَدَمِ التَّوْرِيثِ بِذَلِكَ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ حَائِزٌ أَوْ وَارِثٌ وَمَحِلُّهُ فِي إرْثِ الْمُقِرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ بِهِ، وَأَمَّا إرْثُ الْمُقِرِّ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَخَصَّهُ) أَيْ الْخِلَافَ الْمُخْتَارُ أَيْ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ أَيْ، وَأَمَّا إذَا طَالَ فَالْإِرْثُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَهُوَ يَرِثُ قَطْعًا) أَيْ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ حَائِزٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الِاسْتِلْحَاقِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا بِاتِّفَاقٍ هُنَا وَفِيهِ أَنَّ إقْرَارَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ لَا يَمْنَعُ إدْرَاجَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُنَا إقْرَارَ أَحَدِهِمَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ إقْرَارَهُمَا مَعًا وَالْمَسْأَلَتَانِ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ فَالْحَقُّ الْإِطْلَاقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَيُقَيَّدُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بِعَدَمِ التَّكْذِيبِ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ) أَيْ لِمَا عَلِمْت مِنْ ثُبُوتِ الْمِيرَاثِ قَطْعًا فِي الْأَوْلَى عِنْدَ وُجُودِ الْوَارِثِ الثَّابِتِ النَّسَبِ الْحَائِزِ لِجَمِيعِ الْمَالِ وَمِنْ عَدَمِ الْمِيرَاثِ قَطْعًا فِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْوَارِثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ بِلَا خِلَافٍ) أَيْ لِثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إقْرَارِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ أَيْ عَلَى بَلَدٍ سَوَاءٌ قَدِمَا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا طَارِئًا وَالْآخَرُ حَاضِرًا فَكَالْحَاضِرَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ) سَوَاءٌ كَانَ الْأَبَوَانِ طَارِئَيْنِ أَمْ لَا وَالسُّكُوتُ لَيْسَ كَالْإِقْرَارِ وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ إقْرَارًا وَمَفْهُومُ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ بَالِغَيْنِ وَلَوْ سَفِيهَيْنِ لَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُ أَبَوَيْهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ بِنِكَاحِهِمَا) أَيْ سَوَاءٌ أَقَرَّا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق يُشْتَرَطُ إقْرَارُهُمَا فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَا) أَيْ الزَّوْجَانِ غَيْرُ الْبَالِغَيْنِ حَيَّيْنِ أَيْ لَوْ أَقَرَّ أَبَوَاهُمَا بِزَوْجِيَّتِهِمَا فَإِنَّهَا تَثْبُتُ (قَوْلُهُ أَيْ الطَّارِئُ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ هُنَا مِنْ الْإِقْرَارِ إنَّمَا يُفِيدُ فِي الطَّارِئَيْنِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ ثَبَتَتْ بِإِقْرَارِهِمَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ فَلَا لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا لَوْ تَصَادَقَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْأَظْهَرِ أَيْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَفِي الْإِرْثِ خِلَافٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ) أَيْ يَثْبُتُ بِهِ النِّكَاحُ وَالْإِرْثُ فِي الطَّارِئَيْنِ وَفِي الْبَلَدَيْنِ يَثْبُتُ بِهِ الْإِرْثُ دُونَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يُجَبْ) أَيْ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الزَّوْجِيَّةِ

بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَيَتَنَاوَلُ جَوَابَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَيْ لَمْ يُجِبْ الْبَادِي مِنْهُمَا كَأَنْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُكِ فَلَمْ تُجِبْهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلَّقْتنِي أَوْ تَزَوَّجْتنِي فَلَمْ يُجِبْهَا فَلَيْسَ الْقَوْلُ الْخَالِي عَنْ جَوَابٍ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ (أَوْ) أَجَابَ بِقَوْلِهِ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فِي قَوْلِهَا تَزَوَّجْتُك أَوْ أَنْتَ زَوْجِي وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِشَيْءٍ بِأَنْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ تَقَدَّمَ مِنْهَا فَلَا تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ لِصِدْقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا يُقَالُ إلَّا عَلَى مَنْ تَلَبَّسَ بِالظِّهَارِ حَالَ قَوْلِهِ ذَلِكَ وَهُوَ يَسْتَدْعِي زَوْجِيَّتَهَا حِينَئِذٍ (أَوْ أَقَرَّ) الطَّارِئُ كَأَنْ قَالَ أَنْتِ زَوْجَتِي (فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ) أَنْتَ زَوْجِي (فَأَنْكَرَ) لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تَنَازُعِهِمَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ تَنَازُعِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ كَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَالَ (و) إنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) بِأَنْ قَالَ عَشَرَةً وَقَالَتْ عِشْرِينَ (أَوْ صِفَتِهِ) بِأَنْ قَالَتْ بِعَبْدٍ رُومِيٍّ وَقَالَ بِعَبْدٍ زِنْجِيٍّ أَوْ قَالَتْ بِدَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَقَالَ بَلْ يَزِيدِيَّةٍ (أَوْ جِنْسِهِ) بِأَنْ قَالَتْ بِذَهَبٍ وَقَالَ بِفِضَّةٍ أَوْ بِعَبْدٍ وَقَالَ بِثَوْبٍ أَوْ قَالَتْ بِفَرَسٍ وَقَالَ بِحِمَارٍ إذْ الْجِنْسُ لُغَةً صَادِقٌ بِالنَّوْعِ (حَلَفَا) إنْ كَانَا رَشِيدَيْنِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُمَا كَمَا يَأْتِي وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ (وَفُسِخَ) النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى الْحُكْمِ وَكَذَا إنْ نَكَلَا هَذَا إنْ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا مَعًا. أَمَّا إنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَلَا فَسْخَ، هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ وَأَمَّا فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا حَلَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ نَكَلَا أَشْبَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا عَلَى الْأَرْجَحِ. فَقَوْلُهُ (وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ) كَالْبَيْعِ (وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ) كَالْبَيْعِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ الرُّجُوعِ وَالِانْفِسَاخِ (كَالْبَيْعِ) تَشْبِيهٌ فِي الْجُمْلَةِ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لَا لِلْجِنْسِ لِمَا عَلِمْت يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ لِمُدَّعِي الْأَشْبَهِ وَأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَلَا يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ (اللِّعَانُ) وَيَقَعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَأَنَّ نُكُولَهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الَّتِي تَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ لِبُضْعِهَا وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالشَّبَهِ قَبْلَ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ وَيَصِحُّ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ أَيْضًا وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْئُولِ أَيْ لَا إنْ لَمْ يُجِبْ الْمَسْئُولُ السَّائِلَ مِنْهُمَا فَهُوَ مُفِيدٌ لِمَا أَفَادَهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ثُبُوتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ وَلَا طَلَاقٌ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي، وَأَمَّا تَنَازُعُهُمَا فِي ذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) عَطْفٌ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَوْ بِعَبْدٍ) أَيْ أَوْ قَالَتْ بِعَبْدٍ (قَوْلُهُ إذْ الْجِنْسُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّ التَّمْثِيلُ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ بِهَذَا الْمِثَالِ مَعَ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي النَّوْعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ الْجِنْسَ لُغَةً وَالْجِنْسُ فِي اللُّغَةِ يَشْمَلُ النَّوْعَ (قَوْلُهُ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ، وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ (قَوْلُهُ وَيَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى الْحُكْمِ) أَيْ وَيَقَعُ الْفَسْخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ نَكَلَا) أَيْ وَكَذَا يُفْسَخُ إنْ نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ مَنْ أَشْبَهَ وَحْدَهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا) مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَسْخِ مُطْلَقًا فِي الْجِنْسِ هُوَ الَّذِي عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِمْ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْجِنْسِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي جِنْسِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فُسِخَ مُطْلَقًا حَلَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ نَكَلَا، أَشْبَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا وَإِنْ تَنَازَعَا فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ رُدَّ الزَّوْجُ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَنْ دَعْوَاهَا أَوْ يَنْقُصْ عَنْ دَعْوَاهُ وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِ مَنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ وَإِنْ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ النِّكَاحُ مَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِيهِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الرُّجُوعِ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ مَا ذُكِرَ) مِثْلُ تَبْدِئَةِ الزَّوْجَةِ بِالْيَمِينِ وَوُقُوعِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَكَوْنِ نُكُولِهِمَا كَحَلِفِهِمَا وَأَنَّهُ يُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ. (قَوْلُهُ لَا لِلْجِنْسِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ لِلْأَشْبَهِ هُنَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ) أَيْ فِي حَالِ التَّنَازُعِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ وَإِنْ فُسِخَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالرُّجُوعُ الْأَشْبَهُ كَالْبَيْعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالشَّبَهِ هُنَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بَلْ بَعْدَهُ كَالْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُنَا يَرْجِعُ لِلشَّبَهِ قَبْلَ الْفَوَاتِ لَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ لِلشَّبَهِ بَعْدَ الْفَوَاتِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ) الْمُرَادُ بِهِ الْبِنَاءُ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ لِأَنَّهُ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ التَّنَازُعُ

بَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مِنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَمَا عَلِمْت وَكَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَسْخَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فِيهِمَا عِنْدَ شَبَهِ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ الْجِنْسِ (إلَّا) إذَا حَصَلَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ (بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ) بَعْدَ (مَوْتٍ فَقَوْلُهُ) أَيْ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ (بِيَمِينٍ) إنْ أَشْبَهَ لِأَنَّهُ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ فِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَالزَّوْجُ كَالْمُشْتَرِي يُصَدَّقُ بَعْدَ يَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ هَذَا مُقْتَضَى إحَالَتِهِ عَلَى الْبَيْعِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ مُطْلَقًا أَشْبَهَ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَلَا يُرَاعَى الشَّبَهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ إلَّا قَبْلَ الْبِنَاءِ. (وَلَوْ) (ادَّعَى) الزَّوْجُ أَنَّهُ نَكَحَهَا (تَفْوِيضًا) وَادَّعَتْ هِيَ تَسْمِيَةً فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ (عِنْدَ مُعْتَادِيهِ) أَيْ مُعْتَادِي التَّفْوِيضِ أَمَّا وَحْدَهُ أَوْ هُوَ مَعَ التَّسْمِيَةِ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ كَانَا مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّسْمِيَةَ أَوْ غَلَبَتْ عِنْدَهُمْ فَالْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينٍ فَقَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى إلَخْ شَرْطٌ حُذِفَ جَوَابُهُ أَيْ فَكَذَلِكَ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ بِيَمِينٍ بَعْدَ الْفَوَاتِ (فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ أَيْ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى شَبَهٍ مَا لَمْ يَكُنْ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا تُزَادُ عَلَى مَا ادَّعَتْ وَمَا لَمْ يَكُنْ دُونَ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ فَلَا تُنْقَصُ عَنْ دَعْوَاهُ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّ) الزَّوْجُ (الْمِثْلَ) أَيْ صَدَاقَ الْمِثْلِ لِلزَّوْجَةِ (فِي) تَنَازُعِهِمَا فِي (جِنْسِهِ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ النَّوْعَ بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ (فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْ) فَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ادَّعَتْ وَلَوْ حَذَفَ قِيمَةً لَكَانَ أَحْسَنَ وَلِشُمُولِهِ الْمِثْلِيَّ (أَوْ دُونَ دَعْوَاهُ) فَلَا يَنْقُصُ عَنْ دَعْوَاهُ. وَقَوْلُهُ (ثَبَتَ النِّكَاحُ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا مَرَّ بَعْدُ إلَّا مَا عَدَا الطَّلَاقَ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَرُدَّتْ لِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْجِنْسِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَا فَسْخَ (وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ) فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ أَوْ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَأَوْلَى لَا كَلَامَ لِصَبِيَّةٍ وَكَذَا السَّفِيهُ وَالصَّغِيرُ فَلَوْ قَالَ لِمَحْجُورٍ لَشَمِلَ الْأَرْبَعَ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لِلْوَلِيِّ أَوْ الْحَاكِمِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ أَوْ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ بَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِ مَنْ أَشْبَهَ) إذَا كَانَ التَّنَازُعُ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلْأَشْبَهِ بَلْ يَحْلِفَانِ وَيُفْسَخُ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَشْبَهَ بِيَمِينِهِ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا فَسْخَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجِنْسِ) أَيْ بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا أَشْبَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ عَلَى الْأَرْجَحِ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتٍ) أَيْ مَوْتِهَا أَوْ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهِمَا. (قَوْلُهُ أَيْ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينٍ) فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا أَوْ وَرَثَتِهَا فِي الْمَوْتِ فَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ أَوْ وَرَثَتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ) أَيْ سَوَاءٌ أَشْبَهَتْ الزَّوْجَةُ أَمْ لَا فَلَوْ انْفَرَدَتْ الزَّوْجَةُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا مَعًا وَكَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ لِابْنِ غَازِيٍّ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ، وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ طَرِيقَةٌ لِلْمُتَيْطِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهِيَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا بَعْدَ بِنَاءٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ كَالْبَيْعِ أَيْ أَنَّ الرُّجُوعَ لِلْأَشْبَهِ مَعْمُولٌ بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا بَعْدَ الْبِنَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ إنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ مُطْلَقًا) أَيْ بِيَمِينٍ وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّنَازُعَ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ فِي الطَّلَاقِ وَوَرَثَتُهَا فِي الْمَوْتِ فَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ أَوْ وَرَثَتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ . (قَوْلُهُ وَلَوْ) (ادَّعَى الزَّوْجُ) أَيْ بَعْدَ طَلَاقِهَا أَوْ مَوْتِهَا، وَقَوْلُهُ إنَّهُ نَكَحَهَا تَفْوِيضًا أَيْ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ حِينَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهَا أَيْ أَوْ ادَّعَتْ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَادَّعَتْ هِيَ تَسْمِيَةً أَيْ أَنَّهُ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَسْمِيَةٍ وَأَنَّهُ سَمَّى لَهَا كَذَا وَكَذَا أَيْ أَوْ ادَّعَتْ وَرَثَتُهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَا مِنْ قَوْمٍ يَتَنَاكَحُونَ عَلَى التَّفْوِيضِ فَقَطْ أَوْ هُوَ الْغَالِبُ عِنْدَهُمْ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى التَّسْمِيَةِ سَوِيَّةٌ لِصِدْقِ الِاعْتِيَادِ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينٍ أَيْ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ، وَقَوْلُهُ فِي حَالَتَيْنِ لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ غَالِبَةً عِنْدَهُمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَوْنُهُمَا مُعْتَادَيْهِ وَهُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَحِينَئِذٍ فَالْمَرْأَةُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَالرَّجُلُ فِي أَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِمَا) أَيْ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ وَلِشُمُولِهِ الْمِثْلِيَّ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَنَا فَوْقَ مَا ادَّعَتْ مُحْتَمِلٌ لِفَوْقِ قِيمَتِهِ أَوْ فَوْقِهِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَا فَسْخَ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَقَالَ فِي الْجَلَّابِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا اهـ بْن، وَقَوْلُهُ ثَبَتَ النِّكَاحُ أَيْ ثُبُوتًا حِسِّيًّا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَهِيَ حَيَّةٌ أَوْ حُكْمِيًّا إنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ أَنَّهُ تَثْبُتُ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا يَثْبُتُ

وَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ دُونَ الْمَحْجُورِ. (وَلَوْ) ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ بِصَدَاقَيْنِ أَيْ كُلَّ مَرَّةٍ بِكَذَا وَأَكْذَبَهَا الرَّجُلُ و (أَقَامَتْ بَيِّنَةً) أَيْ جِنْسَ بَيِّنَةِ الصَّدَاقِ بِالتَّعَدُّدِ إذْ الصَّدَاقَانِ الْمُخْتَلِفَانِ لَا تَشْهَدُ بِهِمَا إلَّا بَيِّنَتَانِ (عَلَى صَدَاقَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ) وَقَعَا بِزَمَنَيْنِ (لَزِمَا) أَيْ نِصْفُهُمَا أَيْ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَقُدِّرَ طَلَاقٌ) أَيْ وُقُوعُ طَلَاقٍ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُنْكِرَ الرَّجُلُ النِّكَاحَ رَأْسًا أَوْ يُنْكِرَ الثَّانِي وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ أَقَرَّتْ بِالطَّلَاقِ وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْهُ فَهُوَ تَكْذِيبٌ مِنْهَا لِلْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ (وَكُلِّفَتْ) الْمَرْأَةُ (بَيَانَ أَنَّهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بَعْدَ الْبِنَاءِ) لِيَتَكَمَّلَ الصَّدَاقُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا الثَّانِي فَيُنْظَرُ فِيهِ لِحَالَتِهِ الْحَاصِلَةِ فَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ لَزِمَهُ جَمِيعُهُ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ فَإِنْ طَلَّقَ وَادَّعَتْ الْبِنَاءَ وَأَنْكَرَهُ كُلِّفَتْ أَنَّهُ بَنَى بِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَإِنْ) (قَالَ) مَنْ يَمْلِكُ أَبَوَيْهَا (أَصْدَقْتُكِ أَبَاك قَالَتْ) بَلْ أُمِّي (حَلَفَا) مَعًا وَتَبْدَأُ بِالْيَمِينِ عَلَى مَا مَرَّ وَفُسِخَ النِّكَاحُ إنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (وَعَتَقَ الْأَبُ) لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهَا وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ عَتَقَ الْأَبُ أَيْضًا وَلَكِنْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ (وَإِنْ) نَكَلَ و (حَلَفَتْ دُونَهُ عَتَقَا) مَعًا الْأَبُ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَالْأُمُّ لِحَلِفِهَا وَنُكُولِهَا وَثَبَتَ النِّكَاحُ (وَوَلَاؤُهُمَا لَهَا) وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ حَلَفَا أَنَّ التَّنَازُعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ بَعْدَهُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَحَدُهُمَا كَمَا مَرَّ. (و) إنْ تَنَازَعَا (فِي قَبْضِ مَا حَلَّ) مِنْ الصَّدَاقِ (فَقَبْلَ الْبِنَاءِ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا وَبَعْدَهُ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) أَنَّهَا قَبَضَتْهُ (بِيَمِينٍ فِيهِمَا) بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ فِي الثَّانِيَةِ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (عَبْدِ الْوَهَّابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ) الصَّدَاقُ مَكْتُوبًا (بِكِتَابٍ) فَإِنْ كَانَ بِكِتَابٍ فَالْقَوْلُ لَهَا بِلَا يَمِينٍ وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَإِسْمَاعِيلُ) قَيَّدَ قَوْلَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ (بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْ الْبِنَاءِ عُرْفًا) بِأَنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِتَقْدِيمِهِ أَوْ لَا عُرْفَ لَهُمْ فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِتَأْخِيرِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَوْلُهَا لَكِنْ بِيَمِينٍ وَالْقَيْدُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ بِيَدِهَا رَهْنٌ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّكَاحُ إذْ لَا تَعُودُ لَهُ بِمُجَرَّدِ رَدِّ مَهْرِ الْمِثْلِ وَحَلِفِ الزَّوْجُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا بَعُدَ إلَّا مَا عَدَا الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ وَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ وَمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ بِأَلْفَيْنِ مَثَلًا فِي عَقْدَيْنِ وَادَّعَتْ أَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ بَعْدَ طَلَاقِهَا مِنْ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَأَكْذَبَهَا الرَّجُلُ فَإِذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهَا بِمَا ادَّعَتْهُ مِنْ الْعَقْدَيْنِ فَإِنَّ الشَّرْعَ يُقَدِّرُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ أَيْ يَعْتَبِرَ ذَلِكَ وَيُلْزِمُ الرَّجُلَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا الصَّدَاقَ الثَّانِي كُلَّهُ بِلَا إشْكَالٍ إنْ ثَبَتَ الْبِنَاءُ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ الثَّانِي وَإِلَّا لَزِمَهُ نِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ الْآنَ، وَأَمَّا الصَّدَاقُ الْأَوَّلُ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ يُقَدَّرُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَعَلَى الزَّوْجِ إثْبَاتُ أَنَّهُ قَبْلَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ النِّصْفَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ نِصْفٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ يُقَدَّرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُ أَنَّهُ بَعْدَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَكَمَّلَ لَهَا ذَلِكَ الصَّدَاقُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ الصَّادِق بِالتَّعَدُّدِ) أَيْ كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ وَذَلِكَ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ يُقَدِّرُهُ الشَّرْعُ وَلَوْ اتَّحَدَتْ الْبَيِّنَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَشْهَدَ بِطَلَاقٍ فَلَا يَكُنْ مُقَدَّرًا، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ الصَّدَاقَانِ الْمُخْتَلِفَانِ أَيْ فِي الزَّمَنِ إلَخْ فَفِيهِ نَظَرٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) هَذَا إذَا طَلَّقَهَا الْآنَ أَمَّا إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَهَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ أَيْ لِأَنَّهَا الْآنَ فِي عِصْمَتِهِ وَالطَّلَاقُ يُقَدَّرُ أَنَّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ أَثْبَتَتْ أَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ كَانَ بَيْنَ الْبِنَاءِ فَلَهَا صَدَاقَانِ، وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ الطَّلَاقُ) أَيْ الْمُقَدَّرُ وُقُوعُهُ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ (قَوْلُهُ وَتَبْدَأُ بِالْيَمِينِ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ التَّنَازُعِ فِي صِفَةِ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ لَكِنْ عُومِلَ بِإِقْرَارِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ لَهَا) أَيْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقُهَا فَيَكْمُلُ الْعِتْقُ خُصُوصًا وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْأَبِ الَّذِي خَرَجَ حُرًّا (قَوْلُهُ كَحَلِفِهِمَا) أَيْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَعِتْقِ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ) أَيْ فِي هَذِهِ فَقَطْ فَعِتْقُ الْأَبِ فَقَطْ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَالْوَلَاءُ لَهَا فَإِنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الثَّالِثَةِ لِأَمْرٍ اقْتَضَى الْفَسْخَ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةٍ فِي الطَّلَاقِ وَبِجَمِيعِ الْقِيمَةِ فِي الْفَسْخِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَحَدُهُمَا) أَيْ هُوَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فَإِذَا حَلَفَ عَتَقَ الْأَبُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ وَعَتَقَا مَعًا فَإِنْ نَكَلَتْ عَتَقَ الْأَبُ فَقَطْ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَبَ إذَا مَاتَ بَعْدَ عِتْقِهِ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ وَتَرَكَ مَالًا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ نَظَرًا لِإِقْرَارِ الزَّوْجَةِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْبَاقِي لِلزَّوْجَةِ نِصْفُهُ بِالْإِرْثِ وَنِصْفُهُ بِالْوَلَاءِ لَا كُلُّهُ بِالْوَلَاءِ كَمَا قِيلَ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ فِي قَبْضِ مَا حَلَّ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا تَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ فَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ الْقَوْلُ قَوْلُهَا سَوَاءٌ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَقَبْلَ الْبِنَاءِ الْقَوْلُ قَوْلُهَا) أَيْ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهُ بِيَمِينٍ مِنْهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَوَلِيُّهَا هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ وَلِيُّهَا غَرِمَ لَهَا لِإِضَاعَتِهِ بِنُكُولِهِ مَا حَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ. (قَوْلُهُ قَيَّدَ قَوْلَهُ) أَيْ قَيَّدَ قَبُولَ قَوْلِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ) أَيْ قَبْضُ الصَّدَاقِ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ بِتَقْدِيمِهِ) أَيْ عَلَى الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِيَمِينٍ)

[فصل الوليمة]

وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لَهَا وَالرَّابِعُ أَنْ تَكُونَ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ دَفَعَ قَبْلَهُ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهَا. (و) إنْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ) أَيْ الْكَائِنِ فِيهِ (فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بِيَمِينٍ) كَالْحُلِيِّ وَمَا يُنَاسِبُهَا مِنْ الْمَلَابِسِ وَنَحْوِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَوْزِ الرَّجُلِ الْخَاصِّ بِهِ وَلَمْ تَكُنْ فَقِيرَةً مَعْرُوفَةً بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيمَا زَادَ عَلَى صَدَاقِهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ مُعْتَادًا لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بَلْ لِلرِّجَالِ فَقَطْ أَوْ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعًا كَالطَّشْتِ وَسَائِرِ الْأَوَانِي (فَلَهُ) أَيْ فَالْقَوْلُ فِيهِ لِلرَّجُلِ (بِيَمِينٍ) إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَوْزِهَا الْأَخَصِّ فَلَهَا (وَلَهَا الْغَزْلُ) إذَا تَنَازَعَا فِيهِ (إلَّا أَنْ يُثْبِتَ) الرَّجُلُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهَا (أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ) هُوَ بِقِيمَةِ كَتَّانِهِ وَهِيَ بِقِيمَةِ غَزْلِهَا (وَإِنْ) (نَسَجَتْ) الْمَرْأَةُ بِيَدِهَا شُقَّةً وَكَانَتْ صَنْعَتُهَا النَّسْجَ فَقَطْ دُونَ الْغَزْلِ فَادَّعَتْ أَنَّ غَزْلَ الشُّقَّةِ لَهَا وَادَّعَى هُوَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهُ وَإِنَّمَا نَسَجَتْهَا لَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ و (كُلِّفَتْ) هِيَ (بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا) وَاخْتَصَّتْ بِهَا فَإِنْ لَمْ تُقِمْ الْبَيِّنَةَ فَالشُّقَّةُ لَهُ وَدَفَعَ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَنْعَتُهَا النَّسْجَ وَالْغَزْلَ مَعًا فَالشُّقَّةُ لَهَا دُونَهُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ هُوَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ. (وَإِنْ) (أَقَامَ الرَّجُلُ) الْمُتَنَازِعُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي شَيْءٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلنِّسَاءِ (بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَا) هُوَ مُعْتَادٌ (لَهَا) كَالْحُلِيِّ شَهِدَتْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهَا (حَلَفَ) مَعَ بَيِّنَتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ لَا لِزَوْجَتِهِ (وَقَضَى لَهُ بِهِ) فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ بِلَا يَمِينٍ (كَالْعَكْسِ) وَهُوَ أَنَّهَا أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِلرِّجَالِ فَقَطْ كَالسَّيْفِ قَضَى لَهَا بِهِ وَسَكَتَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ يَمِينِهَا فَقِيلَ لَيْسَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ وَقِيلَ بَلْ عَلَيْهَا وَسَكَتَ عَنْهَا اجْتِرَاءً بِذِكْرِ يَمِينِ الرَّجُلِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي حَلِفِهَا تَأْوِيلَانِ) وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ أَوْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ لَكَانَ لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ بِهِ بِلَا يَمِينٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (دَرْسٌ الْوَلِيمَةُ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ لَهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لَهَا) أَيْ بِيَمِينٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ دَفَعَ قَبْلَهُ) أَيْ لِأَنَّ الْبِنَاءَ مُقَوٍّ لِدَعْوَاهُ الْقَبْضَ حَيْثُ حَصَلَ بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهَا) أَيْ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْبِنَاءَ غَيْرُ مُقَوٍّ لَهُ حَيْثُ حَصَلَ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الزَّوْجَيْنِ الْقَرِيبَانِ كَرَجُلٍ سَاكِنٍ مَعَ مَحْرَمَةٍ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَتَنَازَعَ مَعَهَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إلَخْ) وَسَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا حَالَ كَوْنِهَا فِي عِصْمَتِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي حَوْزِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَادَّعَاهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَوْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْفَقْرِ وَادَّعَتْ مَا تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى مَا قَبَضَ مِنْ صَدَاقِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَقْبُوضِ مِنْ صَدَاقِهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا زَادَ عَلَى صَدَاقِهَا أَيْ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمَقْبُوضِ مِنْهُ (قَوْلُهُ بَلْ لِلرِّجَالِ فَقَطْ) أَيْ كَالسِّلَاحِ وَآلَةِ الْفِلَاحَةِ وَآلَةِ الْحَرْثِ الَّتِي شَأْنُ الرِّجَالِ تَعَاطِيهَا (قَوْلُهُ كَالطَّشْتِ وَسَائِرِ الْأَوَانِي) أَيْ والْأَلْحِفَةِ وَالطَّرَارِيحِ وَخَوَاتِمِ الْمُذَهَّبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبِلَادِ الَّتِي يَلْبَسُهَا فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَوْزِهَا الْأَخَصِّ) أَيْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَمْلِكَهُ لِفَقْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ لِلْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ وَلَهَا الْغَزْلُ) أَيْ بِيَمِينِهَا، وَقَوْلُهُ إذَا تَنَازَعَا فِيهِ أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي الْبَيْتِ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا بِهِ وَإِنَّمَا قُضِيَ لَهَا بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ النِّسَاءِ غَالِبًا، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْحَاكَّةِ وَأَشْبَهَ غَزْلُهُ غَزْلَهَا وَإِلَّا كَانَ لَهُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ. (قَوْلُهُ وَدَفَعَ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا) الَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُكَلَّفُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا فَإِنْ أَقَامَتْهَا اخْتَصَّتْ بِالشُّقَّةِ وَإِلَّا كَانَا شَرِيكَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّوْبُ لِلْمَرْأَةِ وَعَلَى الرَّجُلِ إثْبَاتُ أَنَّ الْغَزْلَ أَوْ الْكَتَّانَ لَهُ فَإِنْ أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً كَانَا شَرِيكَيْنِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ نَسَجَتْ إلَخْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ قَبْلُ وَلَهَا الْغَزْلُ لِأَنَّهُ فِيمَا مَرَّ ادَّعَتْ أَنَّ الْغَزْلَ الَّذِي فِي الْبَيْتِ لَهَا فَقُبِلَ قَوْلُهَا وَهُنَا ادَّعَتْ ذَلِكَ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ صَنْعَتُهَا الْغَزْلُ وَمَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ صَنْعَتِهَا أَوْ أَنَّهُ صَنْعَتُهَا وَصَنْعَةُ الرَّجُلِ وَأَجَابَ بَهْرَامُ بِأَنَّ مَا مَرَّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ هُنَا إنَّ الشُّقَّةَ لِلْمَرْأَةِ وَيُكَلَّفُ الرَّجُلُ بَيِّنَةَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهُ فَإِنْ أَقَامَهَا كَانَا شَرِيكَيْنِ كَمَا مَرَّ وَمَا هُنَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِيمَا هُوَ مُعْتَادٌ لِلنِّسَاءِ وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ وَأَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِهِ وَحَلِفُهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهَا وَإِلَّا قُضِيَ لَهُ بِهِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَأَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ فَقَطْ فَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهَا لِنَفْسِهِ فَلَا يَمِينَ. (قَوْلُهُ وَفِي حَلِفِهَا تَأْوِيلَانِ) أَيْ وَوَرَثَةُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْحَلِفِ لَكِنْ يَحْلِفُونَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ [فَصَلِّ الْوَلِيمَة] (قَوْلُهُ الْوَلِيمَةُ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ فِعْلِهَا أَيْ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا بِالْفِعْلِ أَوْ الْمُرَادُ لِاجْتِمَاعِهِمَا بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا وَلَا يُقَالُ إنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ عِلَّةَ

وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ خَاصَّةً (مَنْدُوبَةٌ) عَلَى الزَّوْجِ سَفَرًا وَحَضَرًا فَلَا يُقْضَى بِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَحْصُلُ بِأَيِّ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ سَوِيقٍ أَوْ خُبْزٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (بَعْدَ الْبِنَاءِ) فَإِنْ وَقَعَتْ قَبْلَهُ لَمْ تَكُنْ وَلِيمَةً شَرْعًا وَلَا تَجِبُ فِيهَا الْإِجَابَةُ والْمُعْتَمَدُ أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ مَنْدُوبٌ ثَانٍ فَإِنْ فُعِلَتْ قَبْلُ أَجْزَأَتْ وَوَجَبَتْ الْإِجَابَةُ لَهَا (يَوْمًا) أَيْ قِطْعَةً مِنْ الزَّمَنِ يَقَعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِأَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَوْمًا بِتَمَامِهِ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَدْعُوِّ أَوَّلًا (تَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عُيِّنَ) لَهَا بِالشَّخْصِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا وَلَوْ بِكِتَابٍ أَوْ بِرَسُولٍ ثِقَةٍ يَقُولُ لَهُ رَبُّ الْوَلِيمَةِ اُدْعُ فُلَانًا أَوْ أَهْلَ مَحَلَّةِ كَذَا أَوْ أَهْلَ الْعِلْمِ أَوْ الْمُدَرِّسِينَ وَهُمْ مَحْصُورُونَ لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ حُكْمًا لَا غَيْرُ مَحْصُورِينَ كَادْعُ مَنْ لَقِيت أَوْ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ. (وَإِنْ) كَانَ الْمَدْعُوُّ (صَائِمًا) فَلَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا صَائِمٌ وَكَانَ الِانْصِرَافُ مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ. وَلِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ شُرُوطٌ أَشَارَ لِخَمْسَةٍ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ) الْمَدْعُوُّ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ كَمَنْ شَأْنُهُمْ الْوُقُوعُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ فَإِنْ حَضَرَ مَنْ ذُكِرَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ (و) إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ (مُنْكَرٌ كَفَرْشِ حَرِيرٍ) يَجْلِسُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ سَمَاعِ مَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ مِنْ غَوَانٍ وَآلَةٍ وَلَوْ بِمَكَانٍ آخَرَ غَيْرِ مَكَانِ الْجُلُوسِ إنْ سَمِعَ أَوْ رَأَى وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ مِنْ الْمُنْكَرِ سَتْرُ الْجُدْرَانِ بِحَرِيرٍ حَيْثُ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَيْهَا (و) لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ (صُوَرٌ) أَيْ تَمَاثِيلُ مُجَسَّدَةٌ كَامِلَةٌ لَهَا ظِلٌّ كَحَيَوَانٍ (عَلَى كَجِدَارٍ) أَيْ فَوْقَ سَمْتِهِ لَا فِي عَرْضِهِ إذْ لَا ظِلَّ لَهُ فَلَا يَحْرُمُ كَالنَّاقِصَةِ عُضْوًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ عَاقِلٍ أَوْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ كَامِلَ الْأَعْضَاءِ إذَا كَانَ يَدُومُ إجْمَاعًا وَكَذَا إنْ لَمْ يَدُمْ عَلَى الرَّاجِحِ كَتَصْوِيرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ (قَوْلُهُ طَعَامُ الْعُرْسِ خَاصَّةً) أَيْ وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدٍ كَأَنْ يُقَالَ وَلِيمَةُ الْخِتَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّ طَعَامَ الْخِتَانِ يُقَالُ لَهُ أَعْذَارٌ وَطَعَامُ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ يُقَالُ لَهُ نَقِيعَةٌ وَطَعَامُ النِّفَاسِ يُقَالُ لَهُ خُرْسٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالطَّعَامُ الَّذِي يُعْمَلُ لِلْجِيرَانِ وَالْأَصْحَابِ لِأَجْلِ الْمَوَدَّةِ يُقَالُ لَهُ مَأْدُبَةُ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَطَعَامُ بِنَاءِ الدُّورِ يُقَالُ لَهُ وَكِيرَةٌ وَالطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ يُقَالُ لَهُ عَقِيقَةٌ وَالطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ عِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ يُقَالُ لَهُ حَذَاقَةٌ وَوُجُوبُ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَالْحُضُورِ إنَّمَا هُوَ لِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَحُضُورُهُ مَكْرُوهٌ إلَّا الْعَقِيقَةَ فَمَنْدُوبٌ كَذَا فِي الشَّامِلِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ حُضُورَ كُلِّهَا مُبَاحٌ إلَّا وَلِيمَةَ الْعُرْسِ فَحُضُورُهَا وَاجِبٌ وَإِلَّا الْعَقِيقَةَ فَمَنْدُوبٌ وَالْمَأْدُبَةُ إذَا فُعِلَتْ لِإِينَاسِ الْجَارِ وَمَوَدَّتِهِ فَمَنْدُوبٌ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا فُعِلَتْ لِلْفَخَارِ وَالْمَحْمَدَةِ فَحُضُورُهَا مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ مَنْدُوبَةٌ) وَقِيلَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ يَقْضِي بِهَا عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْضَى بِهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ بَعْدَ بِنَاءِ) ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَوَقْتُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَرَى أَنْ يُولِمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَقِيلَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ وَكَلَامُ مَالِكٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ لِمَنْ فَاتَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْوَلِيمَةَ لِإِشْهَارِ النِّكَاحِ وَإِشْهَارُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَصُحِّحَ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ اهـ بْن قَالَ الْبَدْرُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَايَتَهَا لِلسَّابِعِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَمَنْ أَخَّرَ لِلسَّابِعِ كَانَتْ الْإِجَابَةُ مَنْدُوبَةً لَا وَاجِبَةً (قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ وَلِيمَةً شَرْعًا) أَيْ لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ فُعِلَتْ قَبْلُ أَجْزَأَتْ) أَيْ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ إنَّهَا فُعِلَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَوَقْتُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ الْمُرَادُ وَقْتُهَا الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا فِيهِ لَا الَّذِي يَتَحَتَّمُ فِعْلُهَا فِيهِ اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِحْبَابُ الْوَلِيمَةِ وَلَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ طَلُقَتْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ ثَانِيًا إلَخْ) وَإِذَا كُرِّرَتْ كَذَلِكَ وَدُعِيَ إنْسَانٌ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وَأَجَابَ وَدُعِيَ ثَانِي يَوْمٍ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا دُعِيَ غَيْرُهُ وَمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ مِنْ أَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَهِيَ غَيْرُ وَلِيمَةٍ قَطْعًا لَا يَسْلَمُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكِتَابٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ مُبَاشِرَةً بِأَنْ قَالَ صَاحِبُ الْعُرْسِ تَأْتِي عِنْدَنَا وَقْتَ كَذَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ بِكِتَابٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ حُكْمًا) الْأَوْلَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُعَيَّنٌ ضِمْنًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا صَائِمٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى الصَّائِمِ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الصَّائِمُ لَهُ وَقْتَ الدَّعْوَةِ أَنَّهُ صَائِمٌ بِالْفِعْلِ وَكَانَ وَقْتُ الِاجْتِمَاعِ وَالِانْصِرَافِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَمْرٍ دِينِيٍّ) يُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ مَنْ يَتَأَذَّى مِنْ رُؤْيَتِهِ أَوْ مِنْ مُخَاطَبَتِهِ لِأَجْلِ حَظِّ نَفْسٍ لَا لِضَرَرٍ يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ يَجْلِسُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْجُلُوسُ فَوْقَهُ مُبَاشَرَةً أَوْ كَانَ الْجُلُوسُ فَوْقَهُ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ كَانَ الْحَائِلُ كَثِيفًا أَوْ خَفِيفًا كَذَا فِي خش وعبق قَالَ بْن وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ مِمَّا حَكَى لَهُ شَيْخُهُ الْبَطْرَنِيُّ أَنَّ سَيِّدِي مُحَمَّدًا الْبَرْجَانِيَّ كَانَ يَجْلِسُ عَلَى فُرُشِ الْحَرِيرِ إذَا جُعِلَ عَلَيْهَا حَائِلٌ وَأَجْرَاهَا الْبُرْزُلِيُّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَغْشِيِّ وَعَلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا فُرِشَ عَلَى النَّجِسِ ثَوْبٌ طَاهِرٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ (قَوْلُهُ مِنْ غَوَانٍ) جَمْعُ غَانِيَةٍ بِمَعْنَى مُغَنِّيَةٍ أَيْ إذَا كَانَ غِنَاؤُهَا يُثِيرُ شَهْوَةً أَوْ كَانَ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ أَوْ كَانَ بِآلَةٍ

مِنْ نَحْوِ قِشْرِ بِطِّيخٍ وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ إذْ النَّظَرُ إلَى الْمُحَرَّمِ حَرَامٌ بِخِلَافِ نَاقِصِ عُضْوٍ فَيُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَغَيْرِ ذِي ظِلٍّ كَالْمَنْقُوشِ فِي حَائِطٍ أَوْ وَرَقٍ فَيُكْرَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهِنٍ وَإِلَّا فَخِلَافُ الْأَوْلَى كَالْمَنْقُوشِ فِي الْفُرُشِ وَأَمَّا تَصْوِيرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَشَجَرَةٍ وَسَفِينَةٍ فَجَائِزٌ فَتَسْقُطُ الْإِجَابَةُ مَعَ مَا ذُكِرَ (لَا مَعَ) خَفِيفِ (لَعِبٍ مُبَاحٍ) كَدُفٍّ وَكَبَرٍ يَلْعَبُ بِهِ رِجَالٌ أَوْ نِسَاءٌ وَكَغِنَاءٍ خَفِيفٍ فَلَا تَسْقُطُ. (وَلَوْ) كَانَ الْمَدْعُوُّ (فِي ذِي هَيْئَةٍ) (عَلَى الْأَصَحِّ) كَعَالِمٍ وَقَاضٍ وَأَمِيرٍ وَاحْتُرِزَ بِالْمُبَاحِ عَنْ غَيْرِهِ كَمَشْيٍ عَلَى حَبْلٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَا لَعِبٌ مُبَاحٌ غَيْرُ خَفِيفٍ فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (و) إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ (كَثْرَةُ زِحَامٍ) فَإِنْ وُجِدَتْ جَازَ التَّخَلُّفُ وَلِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (و) لَمْ يَكُنْ (إغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ) فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ وَلَوْ لِمُشَاوَرَةٍ جَازَ التَّخَلُّفُ وَأَمَّا إغْلَاقُهُ لِخَوْفِ الطُّفَيْلِيَّةِ فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ لِلضَّرُورَةِ وَبَقِيَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ بُعْدُ الْمَكَانِ جِدًّا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى الْمَدْعُوِّ الذَّهَابُ إلَيْهِ عَادَةً وَمَرَضٌ وَتَمْرِيضُ قَرِيبٍ وَشِدَّةُ وَحْلٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ خَوْفٌ عَلَى مَالٍ قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى رُءُوسِ الْآكِلِينَ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَأَنْ لَا يُفْعَلَ طَعَامُهَا لِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ فَعُلِمَ أَنَّ وَلَائِمَ مِصْرَ الْآنَ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ لَهَا بَلْ لَا تَجُوزُ. (وَفِي) (وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ) وَعَدَمِ وُجُوبِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْيِيبِ خَاطِرِ رَبِّ الْوَلِيمَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَنَصُّ الرِّسَالَةِ: وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ (تَرَدُّدٌ) لِلْبَاجِيِّ. (وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ مَدْعُوٍّ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الدُّخُولُ (إلَّا بِإِذْنٍ) فَيَجُوزُ مَعَ حُرْمَةِ مَجِيئِهِ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ تَابِعًا لِذِي قَدْرٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِيءُ وَحْدَهُ عَادَةً فَلَا يَحْرُمُ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَكُرِهَ) فِي الْوَلِيمَة (نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ) لِلنُّهْبَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ سَمَاعَ الْغِنَاءِ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا كَانَ مَكْرُوهًا فَقَطْ إنْ كَانَ مِنْ النِّسَاءِ لَا مِنْ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ قِشْرِ بِطِّيخٍ) لِأَنَّهُ إذَا نَشَفَ تَقَطَّعَ وَفِي عبق نَقْلًا عَنْ ح أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمُحَرَّمِ تَصْوِيرُ لُعْبَةٍ عَلَى هَيْئَةِ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ لِتَلْعَبَ بِهَا الْبَنَاتُ الصِّغَارُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُنَّ وَشِرَاؤُهُنَّ لِتَدْرِيبِ الْبَنَاتِ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَاقِصِ عُضْوٍ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ مَخْرُوقَ الْبَطْنِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْإِجَابَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ حُضُورِ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ وَوُجُودِ مُنْكَرٍ فِي الْمَجْلِسِ وَصُوَرِ حَيَوَانٍ كَامِلَةٍ ذَاتِ ظِلٍّ (قَوْلُهُ فِي ذِي هَيْئَةٍ) أَيْ مَعَهُ فَفِي بِمَعْنَى مَعَ أَوْ الْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ اللَّعِبُ الْمُبَاحُ وَاقِعًا فِي حَضْرَةِ ذِي هَيْئَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ لِقَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْحَقُّ الْجَوَازُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ لَا يَنْبَغِي لِذِي هَيْئَةٍ أَنْ يَحْضُرَ مَوْضِعًا فِيهِ لَهْوٌ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ أَصَحَّ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَضَرَ ضَرْبَ الدُّفِّ وَلَا يَصِحُّ أَنَّ ذَا الْهَيْئَةِ أَعْلَمُ وَأَهْيَبُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ كَمَشْيٍ عَلَى حَبْلٍ إلَخْ) إنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ كَالنَّطِّ مِنْ الطَّارَّة وَاللَّعِبِ بِالسَّيْفِ لِلْخَطَرِ وَالْغَرَرِ فِي السَّلَامَةِ لَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ الْآنَ بِالسَّلَامَةِ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ عَمَلَ ذَلِكَ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِذِي الْهَيْئَةِ أَنْ يَحْضُرَ اللَّعِبَ. (قَوْلُهُ وَكَثْرَةُ زِحَامٍ) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ يَحْضُرُ مُضَمَّنًا مَعْنَى يُوجَدُ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ وَكَثْرَةُ زِحَامٍ أَوْ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ عَطْفٌ عَلَى يَحْضُرُ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ كَثْرَةُ زِحَامٍ، عَلَى طَرِيقَةِ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ كَثْرَةُ زِحَامٍ. (قَوْلُهُ وَاغِلَاقُ بَابٍ) دُونَهُ أَيْ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْبَابَ يُغْلَقُ عِنْدَ حُضُورِهِ وَلَوْ لِمُشَاوَرَةٍ جَازَ التَّخَلُّفُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِطَّةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إبَاحَةُ التَّخَلُّفِ لِمَنْ يَلْحَقُهُ حِطَّةٌ بِارْتِفَاعٍ آخَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (تَنْبِيهٌ) وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ عِلْمُهُ بِفَوَاتِ الْجُمُعَةِ إذَا ذَهَبَ وَكَوْنُ الطَّرِيقِ أَوْ الْبَيْتِ فِيهِ نِسَاءٌ وَاقِفَاتٌ يَتَفَرَّجْنَ عَلَى الدَّاخِلِ وَكَوْنُ الدَّاعِي جَمِيلًا أَوْ عِنْدَهُ جَمِيلٌ وَيَعْلَمُ الْمَدْعُوُّ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ لَذَّةٌ وَكَوْنُ الدَّاعِي امْرَأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ أَوْ خُنْثَى وَكَوْنُ الْمَدْعُوِّ جَمِيلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ يُخْشَى مِنْهُ الِافْتِتَانُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْوَلِيمَةُ لِغَيْرِ مُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ إجَابَتُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّاعِي مُسْلِمًا وَلَا تَحْرُمُ أَيْضًا مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَى إجَابَتِهِ التَّكَلُّمُ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا حَرُمَ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ وَكَانَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ كَطَعَامِ مُكَّاسٍ أَوْ خَصَّ بِالدَّعْوَةِ الْأَغْنِيَاءَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِجَابَةُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَفِي وُجُوبِ) (أَكْلِ الْمُفْطِرِ) أَيْ قَدْرَ مَا يُطَيِّبُ بِهِ خَاطِرَ رَبِّ الْوَلِيمَةِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِلْبَاجِيِّ) أَيْ تَحَيُّرٌ لَهُ حَيْثُ قَالَ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا جَلِيًّا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَبِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ الْجُزُولِيُّ وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» اهـ ابْنُ رُشْدٍ الْأَكْلُ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَصِلْ أَيْ يَدَعْ» فَحَمَلَ مَالِكٌ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ إعْمَالَ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى مِنْ طَرْحِ أَحَدِهِمَا قَوْلُهُ (وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ مَحَلَّ الْوَلِيمَةِ (قَوْلُهُ أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الدُّخُولُ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ، وَقَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنٍ أَيْ فِي الدُّخُولِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ) أَيْ لَا يَحْرُمُ دُخُولُهُ وَلَا أَكْلُهُ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ حُكْمًا بِدَعْوَى مَتْبُوعِهِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ نَثْرُ اللَّوْزِ) أَيْ عَلَى

[فصل القسم بين الزوجات في المبيت]

أَحَدُهُمْ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَإِلَّا حَرُمَ (لَا الْغِرْبَالُ) أَيْ الدُّفُّ الْمَعْرُوفُ بِالطَّارِّ وَهُوَ الْمَغْشِيُّ بِجَلْدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يُكْرَهُ (وَلَوْ لِرَجُلٍ) بَلْ يُنْدَبُ فِي النِّكَاحِ. (وَفِي) جَوَازِ (الْكَبَرِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الْمُدَوَّرُ الْمُجَلَّدُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (وَالْمِزْهَرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ كَمِنْبَرِ طَبْلٌ مُرَبَّعٌ مُغَشًّى مِنْ الْجِهَتَيْنِ لَا نَعْرِفُهُ الْآنَ فِي مِصْرَ وَفِي كَرَاهَتِهِمَا (ثَالِثُهَا) (يَجُوزُ فِي الْكَبِيرُ) دُونَ الْمِزْهَرِ فَيُكْرَهُ (ابْنُ كِنَانَةَ) قَالَ (وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ) أَيْ النَّفِيرُ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ وَقِيلَ يُكْرَهَانِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْآلَاتِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَوْتَارِ فَالرَّاجِحُ حُرْمَتُهَا حَتَّى فِي النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. {فَصْلٌ} إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ (إنَّمَا) (يَجِبُ الْقَسْمُ) عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَلَوْ مَجْبُوبًا أَوْ مَرِيضًا (لِلزَّوْجَاتِ) الْمُطِيقَاتِ وَلَوْ إمَاءً أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ (فِي الْمَبِيتِ) لَا لِلسَّرَارِيِّ وَلَا فِي غَيْرِ الْمَبِيتِ كَالْوَطْءِ وَالنَّفَقَةِ. وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمَبِيتِ عِنْدَهُنَّ الْأُنْسَ لَا الْمُبَاشَرَةَ. قَالَ (وَإِنْ) (امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا) أَوْ عَادَةً (أَوْ طَبْعًا) الْأَوَّلُ (كَمُحْرِمَةٍ) وَحَائِضٍ (وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا) وَمُولٍ (و) الثَّانِي ك (رَتْقَاءَ) وَالثَّالِثُ كَجَذْمَاءَ وَمَجْنُونَةٍ فَقَوْلُهُ وَرَتْقَاءَ مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ وَحُذِفَ مِثَالُ قَوْلِهِ طَبْعًا (لَا فِي الْوَطْءِ) فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقَسْمُ بَلْ يُتْرَكُ إلَى طَبِيعَتِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْشَطَ لِلْجِمَاعِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى (إلَّا لِإِضْرَارٍ) أَيْ قَصْدِ ضَرَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ لِلنُّهْبَةِ أَيْ لِأَجْلِ الِانْتِهَابِ أَيْ، وَأَمَّا إحْضَارُهُ فِي إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ نَثْرٍ فَإِنْ خَصَّ بِهِ أَعْيَانَ النَّاسِ دُونَ غَيْرِهِمْ حَرُمَ، وَإِنْ كَانَ يَأْكُلُ مِنْهُ جَمِيعُ النَّاسِ بِهَدَاوَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ لَا الْغِرْبَالُ) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ كُرِهَ أَيْ كُرِهَ نَثْرُ اللَّوْزِ لَا يُكْرَهُ الْغِرْبَالُ أَيْ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْعُرْسِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْعُرْسِ كَالْخِتَانِ وَالْوِلَادَةِ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ جَوَازِ ضَرْبِهِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ فَرَحٍ لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الضَّرْبِ بِهِ فِي الْعُرْسِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ صَرَاصِرَ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَقِيلَ مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صَرَاصِرُ أَوْ جَرَسٌ وَإِلَّا حَرُمَ وَهُوَ مَا فِي الْمَدْخَلِ وَاعْتَمَدَ الْأَوَّلَ عج وَاعْتَمَدَ الثَّانِي اللَّقَانِيُّ كَذَا فِي عبق وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ ح عَنْ الْقُرْطُبِيِّ وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَغَيْرُهُمَا حُرْمَةُ ذِي الصَّرَاصِرِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الِاضْطِرَابِ. (قَوْلُهُ أَيْ الدُّفُّ الْمَعْرُوفُ بِالطَّارِّ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا بِالْبُنْدِيرِ قَالَ بْن مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ أَوْتَارٌ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُهَا بِالْقَرْعِ بِالْأَصَابِعِ كَالْعُودِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْآلَاتِ الْوَتَرِيَّةِ زَرُّوقٌ رَأَيْت أَهْلَ الدِّينِ بِبِلَادِنَا يَتَكَلَّمُونَ فِي أَوْتَارِهِ وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ وَلَوْ لِرَجُلٍ) أَيْ فَلَا يُكْرَهُ الطَّبْلُ بِهِ وَلَوْ كَانَ الطَّبْلُ بِهِ صَادِرًا مِنْ رَجُلٍ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ لَهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ إلَخْ) وَقِيلَ إنَّهُ الطَّبْلَخَانَا وَهُوَ طَبْلَانِ مُتَلَاصِقَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنَّقْرَازَانِ، وَقَالَ مَيَّارَةُ هُوَ طَبْلٌ صَغِيرٌ طَوِيلُ الْعُنُقِ مُجَلَّدٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالدَّرَبُكَّةِ وَفِي الْحَدِيثِ بِالْكُوبَةِ وَالْقُرْطُبَةِ (قَوْلُهُ وَفِي كَرَاهَتِهِمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوَّلُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّبْلَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صَرَاصِرُ أَوْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهُ اتِّفَاقًا فِي غَيْرِ الدُّفِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلدُّفِّ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ وَتَجُوزُ) (الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ) أَيْ يَجُوزُ التَّزْمِيرُ بِهِمَا فِي النِّكَاحِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَحَرَامٌ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ التَّزْمِيرُ بِهِمَا كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا مَعَ أَنَّ ابْنَ كِنَانَةَ قَيَّدَ الْجَوَازَ بِمَا إذَا كَانَ التَّزْمِيرُ بِهِمَا يَسِيرًا وَإِلَّا حَرُمَ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي إطْلَاقِهِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا فعج اعْتَمَدَ كَلَامَ ابْنِ كِنَانَةَ مَعَ التَّقْيِيدِ وَالشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ قَدْ ضَعَّفَهُ وَجَزَمَ بِالْحُرْمَةِ وَلَوْ كَانَ التَّزْمِيرُ بِهِمَا يَسِيرًا. (قَوْلُهُ فَالرَّاجِحُ حُرْمَتُهَا إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ جَوَازِهَا فِي النِّكَاحِ خَاصَّةً وَهُوَ ضَعِيفٌ [فَصَلِّ الْقَسْم بَيْن الزَّوْجَات فِي الْمَبِيت] (فَصْلٌ إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ) . (قَوْلُهُ لِلزَّوْجَاتِ الْمُطِيقَاتِ) أَيْ بَالِغَاتٍ أَمْ لَا صَحِيحَةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ مَرِيضَةً، وَقَوْلُهُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ هَذَا هُوَ الْمَحْصُورُ فِيهِ فَالْمَعْنَى لَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ إلَّا لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ: مَا ضَرَبَ إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا أَيْ مَا ضَرَبَ أَحَدٌ أَحَدًا إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا، وَقَوْلُهُ لَا لِلسَّرَارِيِّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالزَّوْجَةِ قَالَ ح أَيْ بِأَنْ يَزِيدَ السَّرِيَّةَ عَلَى الزَّوْجَةِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ وَلَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَنْكُوحَاتِ (قَوْلُهُ كَالْوَطْءِ وَالنَّفَقَةِ) أَيْ وَالْمَيْلُ الْقَلْبِيُّ (قَوْلُهُ كَمُحْرِمَةٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا) مَثَّلَ لِلِامْتِنَاعِ شَرْعًا بِمِثَالَيْنِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ كَالظِّهَارِ أَوْ مِنْهَا كَالْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ لَا فِي الْوَطْءِ) أَيْ وَلَا فِي النَّفَقَةِ وَلَا فِي الْكِسْوَةِ وَإِنَّمَا لِكُلٍّ مَا يَلِيقُ بِهَا وَلَهُ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ زِيَادَةً عَلَى مَا يَلِيقُ بِمِثْلِهَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ إنْ قَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا بِقَدْرِ حَالِهَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ بِمَا شَاءَ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجِبُ الْعَدْلُ بَيْنَهُنَّ فِي مَالِهِ بَعْدَ إقَامَتِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ ح (قَوْلُهُ إلَّا لِإِضْرَارٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِي الْوَطْءِ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ إلَّا لِإِضْرَارٍ فَيَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ بِمَعْنَى التَّشْرِيكِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ قَصْدِ ضَرَرٍ) حَصَلَ ضَرَرٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا.

(كَكَفِّهِ) عَنْهَا بَعْدَ مَيْلِهِ لِلْجِمَاعِ (لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِأُخْرَى) لَا لِعَافِيَةٍ فَيَحْرُمُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْكَفِّ. (وَعَلَى وَلِيِّ) الزَّوْجِ الْمَجْنُونِ (إطَافَتُهُ) عَلَى زَوْجَاتِهِ لِحُصُولِ الْعَدْلِ لَهُنَّ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْإِطَافَةُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِنَّ بِوَطْئِهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ. (وَعَلَى الْمَرِيضِ) الْإِطَافَةُ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِنَّ (إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ) الطَّوَافَ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ (فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ) الْإِقَامَةَ عِنْدَهَا أَقَامَ (وَفَاتَ) الْقَسْمُ (إنْ ظَلَمَ فِيهِ) لِفَوَاتِ زَمَنِهِ فَلَا مُحَاسَبَةَ لِلْمَظْلُومَةِ بِقَدْرِ مَا مَكَثَهُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا، وَمَفْهُومُ ظُلْمٍ وَأَحْرَى كَمَا لَوْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرَةِ مُحَاسَبَةُ الْمُسَافِرَةِ وَكَمَا لَوْ سَافَرَتْ إحْدَاهُنَّ وَحْدَهَا وَكَبَيَاتِهِ بِمَوْلِدٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ فَلَيْسَ لِمَنْ فَاتَتْ لَيْلَتُهَا لَيْلَةَ عِوَضِهَا (كَخِدْمَةِ) عَبْدٍ (مُعْتَقٍ بَعْضُهُ يَأْبَقُ) وَقَدْ كَانَ يَخْدُمُ مَالِكٌ بَعْضَهُ جُمُعَةً وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ جُمُعَةً مَثَلًا فَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَفُوتُ عَلَى مَالِكٍ بَعْضَهُ زَمَنَ إبَاقِهِ وَلَا يُحَاسِبُهُ شَخْصٌ فَإِنَّهُ يُرْجِعُ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بَقِيَّةُ مَا يَنُوبُهُ فِي زَمَنِ الِاسْتِعْمَالِ وَمِثْلُهُ الْمُشْتَرَكُ يَخْدُمُ بَعْضَ سَادَاتِهِ مُدَّةً ثُمَّ يَأْبَقُ فَلَيْسَ لَلشَّرِيك الْآخَرِ الْمُحَاسَبَةُ بِمَا ظَلَمَ. (وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ) فِي الْقَسْمِ (بِاللَّيْلِ) لِأَنَّهُ وَقَّتَ فِي الْقَسْمِ (بِاللَّيْلِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ (و) نُدِبَ (الْمَبِيتُ عِنْدَ) الزَّوْجَةِ (الْوَاحِدَةِ) الَّتِي لَا ضَرَّةَ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ إمَاءٌ أَمْ لَا فَإِنْ شَكَتْ الْوَحْدَةَ ضُمَّتْ لِجَمَاعَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ. (و) الزَّوْجَةُ (الْأَمَةُ) الْمُسْلِمَةُ (كَالْحُرَّةِ) فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ فِي الْمَبِيتِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ. (وَقُضِيَ) عَلَى الزَّوْجِ (لِلْبِكْرِ) وَلَوْ أَمَةً يَتَزَوَّجُهَا عَلَى حُرَّةٍ (بِسَبْعٍ) مِنْ اللَّيَالِي مُتَوَالِيَةً يَخُصُّهَا بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَكَفِّهِ عَنْهَا بَعْدَ مَيْلِهِ لِلْجِمَاعِ) أَيْ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا، وَهَذَا مِثَالٌ لِلْإِضْرَارِ لِأَنَّ الْكَفَّ الْمَذْكُورَ يَحْمِلُ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا يُقَالُ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَمْنُوعَ قَصْدُ الضَّرَرِ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ قَصْدُ الضَّرَرِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ بِالْفِعْلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُمْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ الْأُخْرَى بَعْدَ الْكَفِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لَا لِعَافِيَةٍ) أَيْ لَا لِتَوَفُّرِ عَافِيَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِوُجُوبِ الْإِطَافَةِ لِأَنَّ هَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ إطَافَتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِطَافَةِ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَعْلَ تَزَوُّجِ الْمَجْنُونِ بِعَدَدٍ مِنْ النِّسَاءِ سَبَبًا فِي وُجُوبِ الْإِطَافَةِ عَلَى الْوَلِيِّ خِطَابُ وَضْعٍ وَوُجُوبُ الْإِطَافَةِ عَلَى الْوَلِيِّ خِطَابُ تَكْلِيفٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ الْإِقَامَةُ عِنْدَهَا) أَيْ لِرِفْقِهَا بِهِ فِي تَمْرِيضِهِ لَا لِمَيْلِهِ لَهَا فَتُمْنَعُ الْإِقَامَةُ عِنْدَهَا ثُمَّ إذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمُ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ إنْ ظَلَمَ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ بَاتَ عِنْدَ إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ ضَرَّتِهَا حَيْفًا وَكَذَا إذَا بَاتَ عِنْدَ إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ لَيْلَتَهَا وَبَاتَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِمَنْ فَاتَتْ لَيْلَتُهَا لَيْلَةُ عِوَضِهَا) أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقَسْمِ دَفْعُ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ وَتَحْصِينُ الْمَرْأَةِ وَذَلِكَ يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَانِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَاسِبُهُ بِهَا) أَيْ وَلَا يُحَاسِبُهُ بِخِدْمَةِ مَا أَبَقَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ إلَخْ) هَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ حَصَلَ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ قِسْمَةُ مُهَايَأَةٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ قِسْمَةٌ أَصْلًا كَانَ مَا عَمِلَ لَهُمَا وَمَا أَبَقَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ بِاللَّيْلِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْدُمْ مِنْ سَفَرِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي النُّزُولِ عِنْدَ أَيَّتِهِمَا شَاءَ فِي أَيِّ وَقْتٍ قَدِمَ فِيهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ النُّزُولُ عِنْدَ مَنْ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ فَقَطْ لِأَجْلِ أَنْ يَكْمُلَ لَهَا يَوْمُهَا كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اهـ عَدَوِيٌّ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ الِابْتِدَاءِ بِاللَّيْلِ اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْبَاجِيَّ وَالْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَبْدَأَ بِاللَّيْلِ اهـ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ لَيْسَ فِي نُصُوصِهِمْ إلَّا التَّخْيِيرُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ إمَاءٌ أَمْ لَا) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ بِعَدَمِ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَتْ الْوَحْدَةَ) أَيْ فِي اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ، وَقَوْلُهُ ضُمَّتْ إلَى جَمَاعَةٍ أَيْ لِتَسْكُنَ مَعَهُمْ لِلِائْتِنَاسِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ) (تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ وَحْدَهَا فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَضُمَّهَا لِجَمَاعَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ لَهَا الضَّرَرُ بِالْوَحْدَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَظُنَّ ضَرَرَهَا بِالْوَحْدَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْبَيَاتِ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ أَوْ يَأْتِي لَهَا بِامْرَأَةٍ تَرْضَى بِبَيَاتِهَا عِنْدَهَا لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ وَرُبَّمَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ زَمَنَ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَإِلَّا ظَهَرَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا ثَبَاتٌ بِحَيْثُ لَا يَخْشَى عَلَيْهَا فِي بَيَاتِهَا وَحْدَهَا فَلَا يَجِبُ الْبَيَاتُ عِنْدَهَا وَإِلَّا فَيَجِبُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ يَوْمَانِ وَلِلزَّوْجَةِ الْأَمَةِ يَوْمٌ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى ذَلِكَ الْمُخَالِفِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِلزَّوْجَاتِ (قَوْلُهُ وَقُضِيَ لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّيِّبِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبِكْرَ يُقْضَى لَهَا بِسَبْعٍ وَلِلثَّيِّبِ بِثَلَاثٍ مُطْلَقًا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِهَا أَمْ لَا وَإِنَّمَا قُضِيَ لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ إزَالَةً لِلْوَحْشَةِ وَالِائْتِلَافِ وَزِيدَتْ الْبِكْرُ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ فَتَحْتَاجُ لِإِمْهَالٍ وَجَبْرٍ وَتَأَنٍّ وَالثَّيِّبُ قَدْ جَرَّبَتْ الرِّجَالَ إلَّا أَنَّهَا اسْتَحْدَثَتْ الصُّحْبَةَ فَأُكْرِمَتْ بِزِيَادَةِ الْوَصْلَةِ وَهِيَ الثَّلَاثُ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ هَلْ يَخْرُجُ لِلصَّلَاةِ وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِ أَوْ لَا يَخْرُجُ، وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَهِيَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ اهـ

(وَلِلثَّيِّبِ) كَذَلِكَ (بِثَلَاثٍ) وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْبُدَاءَةِ بِأَيَّتِهِنَّ أَحَبَّ (وَلَا قَضَاءَ) لِضَرَّتِهَا الْقَدِيمَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي نَظِيرِ مَا فَاتَهَا (وَلَا تُجَابُ) الثَّيِّبُ (لِسَبْعٍ) إنْ طَلَبَتْهَا كَمَا لَا تُجَابُ الْبِكْرُ لِأَكْثَرَ مِنْهَا فَلَوْ قَالَ وَلَا تُجَابُ لِأَكْثَرَ لَكَانَ أَشْمَلَ أَيْ لَا تُجَابُ الزَّوْجَةُ الْجَدِيدَةُ لِأَكْثَرَ مِمَّا شَرَعَ لَهَا. (وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَدْخُلَ (عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) غَيْرِ الِاسْتِمْتَاعِ كَمُنَاوَلَةِ ثَوْبٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ (وَجَازَ) لِلزَّوْجِ (الْأُثْرَةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَدَرَجَةٍ أَيْ الْإِيثَارُ لِإِحْدَى الضَّرَّتَيْنِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الضَّرَّةِ الْأُخْرَى (بِرِضَاهَا) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ (بِشَيْءٍ) أَيْ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (أَوْ لَا) بَلْ رَضِيَتْ مَجَّانًا (ك) جَوَازِ (إعْطَائِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ لَا بِقَيْدِ الضَّرَّةِ شَيْئًا لِزَوْجِهَا (عَلَى إمْسَاكِهَا) فِي عِصْمَتِهِ أَوْ حُسْنِ عِشْرَتِهِ مَعَهَا فَالْمَصْدَرُ الْأَوَّلُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِي لِلْمَفْعُولِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ أَيْ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا لِأَجْلِ أَنْ تَمْسِكَهُ وَلَا تُفَارِقَهُ عِنْدَ إرَادَتِهَا الْفِرَاقَ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تُحْسِنَ عِشْرَتَهُ. (و) جَازَ لِلزَّوْجِ أَوْ الضَّرَّةِ (شِرَاءُ يَوْمِهَا مِنْهَا) بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ وَتَخْتَصُّ الضَّرَّةُ بِمَا اشْتَرَتْ وَيَخُصُّ الزَّوْجُ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ بِمَا اشْتَرَى وَالْمُرَادُ زَمَنًا مُعَيَّنًا يَوْمًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ (و) جَازَ فِي يَوْمِهَا (وَطْءُ ضَرَّتِهَا بِإِذْنِهَا و) جَازَ (السَّلَامُ) عَلَيْهَا وَالسُّؤَالُ عَنْ حَالِهَا (بِالْبَابِ) مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِصَلَاةٍ وَلَا لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ لِأَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي خُرُوجِهِ وَصْمًا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَحَّحَ فِي الشَّامِلِ مُقَابِلَهُ فَقَالَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَلِلثَّيِّبِ بِثَلَاثٍ) أَيْ مُتَوَالِيَةٍ مِنْ اللَّيَالِي يَخُصُّهَا بِهَا وَلَوْ أَمَةً يَتَزَوَّجُهَا عَلَى حُرَّةٍ فَلَوْ زُفَّتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فِي لَيْلَةٍ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَقَبِلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ وَرَوَى عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَقَّ لِلزَّوْجِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ دُونَ قُرْعَةٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالدُّعَاءِ لِلْبِنَاءِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا فَسَابِقَةُ الْعَقْدِ وَإِنْ عُقِدَتَا مَعًا فَالْقُرْعَةُ قَالَ عج وَإِذَا أَوْجَبَتْ الْقُرْعَةُ تَقْدِيمَ إحْدَاهُمَا فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ بِمَا يُقْضَى لَهَا بِهِ مِنْ سَبْعٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَلَاثٍ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ثُمَّ يُقْضَى لِلْأُخْرَى بِالسَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ وَمِثْلُ هَذَا يَجْرِي فِي قَوْلِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَنْ أَوْجَبَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ التَّقْدِيمَ تُقَدَّمُ فِي الْبُدَاءَةِ بِلَيْلَةٍ عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ يَبِيتُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُخْرَى وَهَكَذَا اهـ مِنْ بْن (قَوْلُهُ إنْ طَلَبَتْهَا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهَا تُجَابُ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الثَّيِّبِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ، وَأَمَّا الْبِكْرُ فَلَا تُجَابُ لِمَا طَلَبَتْهُ مِنْ الزِّيَادَةِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فِي يَوْمِهَا) الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَنِ الصَّادِقِ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لِأَنَّهُ يَكْمُلُ فِي الْقَسْمِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً (قَوْلُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ) أَيْ الدُّخُولُ سَوَاءٌ كَانَ فِي اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ كَمَا قَالَ ابْن نَاجِي مُخَالِفًا لِشَيْخِهِ الْبُرْزُلِيُّ فِي تَخْصِيصِهِ الْجَوَازَ بِالنَّهَارِ وَإِذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ فَلَا يُقِيمُ عِنْدَ مَنْ دَخَلَ لَهَا إلَّا لِعُذْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ كَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ مِنْهَا أَوْ تَجْرٍ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِنَابَةُ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَدْخُلُ لِحَاجَةٍ إلَّا إذَا تَعَسَّرَتْ الِاسْتِنَابَةُ. (تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ لِلرَّجُلِ وَضْعُ ثِيَابِهِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى لِغَيْرِ مَيْلٍ وَلَا إضْرَارٍ وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ غَيْرُ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ فِي بَيْتِ صَاحِبَتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ وَلَا إخْرَاجُهَا نَعَمْ لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلِصَاحِبَةِ النَّوْبَةِ مَنْعُ ضَرَّتِهَا مِنْ الدُّخُولِ عِنْدَهَا مُطْلَقًا كَمَا أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَذَا اسْتَظْهَرَ عج (قَوْلُهُ أَيْ الْإِيثَارُ) هُوَ بِمَعْنَى التَّفْضِيلِ أَيْ تَفْضِيلِهَا عَلَيْهَا فِي الْمَبِيتِ بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ دَائِمًا أَوْ لَيْلَتَيْنِ وَالْأُخْرَى لَيْلَةً (قَوْلُهُ بِرِضَاهَا) أَيْ بِرِضَا الضَّرَّةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ كَإِعْطَائِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى النَّوْبَةِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَلَوْ طَلَبَ إذْنَهَا فِي إيثَارِ غَيْرِهَا فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَخَيَّرَهَا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْإِيثَارِ فَأَذِنَتْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ اهـ فَلَعَلَّهُ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا اهـ بْن وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ قِصَّةُ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ) أَيْ كَأَنْ تُعْطِيَ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا شَيْئًا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا الزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمَصْدَرَ الْأَوَّلَ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ وَالثَّانِي مُضَافًا لِلْفَاعِلِ أَيْ كَأَنْ يُعْطِيَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ تُمْسِكَهُ أَيْ تُحْسِنَ عِشْرَتَهُ (قَوْلُهُ وَشِرَاءُ يَوْمِهَا مِنْهَا) اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَوَازِ هُنَا قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ فِي بَيْعِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَفِي تَسْمِيَةِ هَذَا شِرَاءً مُسَامَحَةٌ بَلْ هَذَا إسْقَاطُ حَقٍّ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا إنْ قُلْت إنَّ قَوْلَهُ وَشِرَاءَ يَوْمِهَا بِعِوَضٍ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَجَازَ الْأُثْرَةُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، قُلْت لَا تَكْرَارَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى عُقْدَةٍ مُحْتَوِيَةٍ عَلَى عِوَضٍ وَمَا هُنَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ إسْقَاطٌ لِمَا لَا غَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْإِسْقَاطَ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ يَوْمِهَا زَمَنًا مُعَيَّنًا أَيْ قَلِيلًا لَا كَثِيرًا فَلَا يَجُوزُ، كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ يَجُوزُ شِرَاءُ النَّوْبَةِ وَلَوْ عَلَى الدَّوَامِ (قَوْلُهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الضَّرَّةِ فِي يَوْمِ الْأُخْرَى وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا بَعَثَتْهُ إلَيْهِ عِنْدَ ضَرَّتِهَا إذَا كَانَ الْأَكْلُ عِنْدَ الْبَابِ لَا فِي بَيْتِ الْأُخْرَى

(و) جَازَ (الْبَيَاتُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا) فِي لَيْلَتِهَا (إنْ أَغْلَقَتْ بَابَهَا دُونَهُ و) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَقْدِرْ يَبِيتُ بِحُجْرَتِهَا) لِمَانِعِ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ قَدَرَ لَمْ يَذْهَبْ وَتَكُونُ نَاشِزًا بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تَخَافَ مِنْهُ ضَرَرًا (و) جَازَ (بِرِضَاهُنَّ) أَوْ رِضَاهُمَا (جَمْعُهُمَا) أَوْ جَمْعُهُنَّ (بِمَنْزِلَيْنِ) مُسْتَقِلَّيْنِ (مِنْ دَارٍ) وَاحِدَةٍ (و) جَازَ بِرِضَاهُنَّ (اسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحِلِّهِ) الْمُخْتَصِّ بِهِ أَيْ يَدْعُو كُلَّ مَنْ كَانَتْ نَوْبَتُهَا أَنْ تَأْتِيَ إلَيْهِ فِيهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْهَبَ هُوَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (و) جَازَ بِرِضَاهُنَّ (الزِّيَادَةُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا إنْ لَمْ يَرْضَيَا) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَجُوزُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْأَوْلَى بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ. (و) لَا يَجُوزُ (دُخُولُ حَمَّامٍ بِهِمَا) وَلَوْ رَضِيَتَا لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَةِ وَالْإِمَاءُ كَالزَّوْجَاتِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ مَعَ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ. (و) لَا (جَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ) وَاحِدٍ مَعَهُ (وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ شِدَّةِ غَيْرَتِهِمَا (وَفِي مَنْعِ) جَمْعِ (الْأَمَتَيْنِ) بِمِلْكٍ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ كَالزَّوْجَتَيْنِ (وَكَرَاهَتِهِ) لِقِلَّةِ غَيْرَتِهِنَّ (قَوْلَانِ) إذَا لَمْ يَطَأْ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا. (وَإِنْ) (وَهَبَتْ) ضَرَّةٌ (نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ) كَانَ (لَهُ) الْمَنْعُ أَيْ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الْوَاهِبَةِ (لَا لَهَا) أَيْ لَيْسَ الْمَنْعُ لِلْمَوْهُوبَةِ أَيْ رَدُّ الْهِبَةِ إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ (وَتَخْتَصُّ) الْمَوْهُوبَةُ بِمَا وُهِبَ لَهَا حَيْثُ رَضِيَ الزَّوْجُ وَلَيْسَ لَهُ جَعْلُهَا لِغَيْرِهَا (بِخِلَافِ) هِبَتِهَا نَوْبَتَهَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ أَيْ لَهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا بِحَيْثُ يَجْعَلُهَا لِمَنْ شَاءَ بَلْ تُقَدَّرُ الْوَاهِبَةُ كَالْعَدَمِ فَإِذَا كُنَّ أَرْبَعًا فَالْقَسْمُ عَلَى ثَلَاثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيُكْرَهُ عَلَى الظَّاهِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَذِيَّتِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا . (قَوْلُهُ وَجَازَ الْبَيَاتُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا إنْ أَغْلَقَتْ بَابَهَا دُونَهُ) وَهَلْ يَجُوزُ وَطْءُ مَنْ بَاتَ عِنْدَهَا وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ عج أَوْ لَا يَجُوزُ اقْتِصَارًا عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ مَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي لَيْلَتِهَا) أَيْ الضَّرَّةِ الْأُخْرَى، وَقَوْلُهُ إنْ أَغْلَقَتْ أَيْ صَاحِبَةُ اللَّيْلَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَدَرَ أَيْ عَلَى الْبَيَاتِ بِحُجْرَتِهَا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَذْهَبْ أَيْ لِضَرَّتِهَا وَظَاهِرُهُ كَانَتْ ظَالِمَةً أَوْ مَظْلُومَةً وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَوْلُهُ بِذَلِكَ أَيْ بِغَلْقِهَا الْبَابَ دُونَهُ (قَوْلُهُ مَنْزِلَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ) أَيْ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ بِمَنَافِعِهِ مِنْ مَطْبَخٍ وَمِرْحَاضِ وَغَيْرِهِمَا قَوْلُهُ (وَجَازَ بِرِضَاهُنَّ الزِّيَادَةُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ تَنْصِيفُ ذَلِكَ الزَّمَنِ بِرِضَاهُنَّ فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِالزِّيَادَةِ وَلَا بِالنَّقْصِ وَجَبَ الْقَسْمُ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَجُوزُ تَنْصِيفُ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَمَحِلُّ هَذَا إذَا كَانَتَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي بَلَدَيْنِ فِي حُكْمِ الْوَاحِدَةِ بِأَنْ كَانَ يَرْتَفِقُ أَهْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَهْلِ الْآخَرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتَا بِبَلَدَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِالْقَسْمِ بِالْجُمُعَةِ وَالشَّهْرِ مِمَّا لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ إلَخْ) بَلْ قَدْ اعْتَرَضَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي كَلَامِهِمْ يُوَافِقُهُ بَلْ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهُنَّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ كُلُّ مَنْزِلٍ مُسْتَقِلًّا بِمَنَافِعِهِ وَالْجَوَازُ بِالرِّضَا إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ كُلُّ مَنْزِلٍ مُسْتَقِلًّا بِأَنْ كَانَ لِلْمَنْزِلَيْنِ مِرْحَاضٌ وَاحِدٌ وَمَطْبَخٌ وَاحِدٌ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ مَا إذَا أَرَادَ سُكْنَاهُمَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إنْ رَضِيَتَا وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا أَيْضًا بِأَنَّ النُّصُوصَ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ سُكْنَاهُمَا بِمَنْزِلٍ وَاحِدٍ إنْ رَضِيَتَا وَلَا يُقَالُ جَمْعُهُمَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ يَسْتَلْزِمُ وَطْءَ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَطَأَهَا فِي غَيْبَةِ الْأُخْرَى قَالَ بْن وَقَدْ بَحَثْتُ كَثِيرًا عَنْ النُّصُوصِ فَلَمْ أَجِدْ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ غَيْرَ أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهَا لَا تُجَابُ بَعْدَ رِضَاهَا بِسُكْنَاهَا مَعَ ضَرَّتِهَا أَوْ مَعَ أَهْلِهِ فِي دَارٍ لِسُكْنَاهَا وَحْدَهَا . (قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَتَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتَا مَسْتُورَتَيْ الْعَوْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عبق وشب مِنْ الْجَوَازِ إذَا اسْتَتَرَتَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِنَظَرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الضَّرَّتَيْنِ لِعَوْرَةِ الْأُخْرَى وَلَا يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ دُخُولِ النِّسَاءِ الْحَمَّامَ مُؤْتَزِرَاتٍ بَعْضُهُنَّ مَعَ بَعْضٍ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْمَرْأَةَ يَحْصُلُ مِنْهَا التَّسَاهُلُ فِي كَشْفِ عَوْرَتِهَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا حَاضِرًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَلَا يَحْصُلُ عِنْدَهَا التَّسَاهُلُ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ جَوَازُ الدُّخُولِ بِالزَّوْجَاتِ وَكَذَا الْإِمَاءُ إذَا اتَّصَفَ كُلٌّ بِالْعَمَى وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْإِمَاءُ كَالزَّوْجَاتِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ أَسَدِ بْنِ الْفُرَاتِ أَنَّهُ أَجَابَ الْأَمِيرَ بِجَوَازِ دُخُولِ الْحَمَّامِ بِجَوَارِيهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ إنَّمَا يُمْنَعُ جَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ إذَا جَمَعَهُمَا لِلْوَطْءِ، وَأَمَّا جَمْعُهُمَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ وَفِي مَنْعِ جَمْعِ الْأَمَتَيْنِ بِمِلْكٍ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ) أَيْ نَظَرًا لِأَصْلِ الْغَيْرَةِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِمَالِكٍ وَالْمَنْعُ هُوَ الظَّاهِرُ اهـ خش وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ قَوْلٌ بِالْإِبَاحَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ) قَالَ عبق وَانْظُرْ مَفْهُومَ الْهِبَةِ كَالشِّرَاءِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَشِرَاءُ يَوْمِهَا هَلْ هُوَ كَذَلِكَ الْمَنْعُ أَوْ لَا لِضَرُورَةِ الْعِوَضِيَّةِ قَالَ بْن وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَهُ الْمَنْعُ فِي الشِّرَاءِ كَالْهِبَةِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الْبَائِعَةِ إذْ الْحَقُّ لَهُ وَإِذَا مُنِعَ فَلَا تَلْزَمُهُ الْعِوَضِيَّةُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ جَعْلُهَا) أَيْ جَعْلُ النَّوْبَةِ الْمَوْهُوبَةِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ هِبَتِهَا نَوْبَتَهَا مِنْهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا) ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَتْ نَوْبَتَهَا مِنْهُ فَفِي عج أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا كَهِبَتِهَا مِنْهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَكَذَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا فَيَخُصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ وَأَنَّهُ لَيْسَ كَالْهِبَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ اُنْظُرْهُ فِي بْن وَقَدْ مَشَى شَارِحُنَا

[الكلام على أحكام النشوز]

فَإِذَا كَانَتْ هِيَ التَّالِيَةَ لِمَنْ بَاتَ عِنْدَهَا بَاتَ عِنْدَ مَنْ يَلِيهَا وَهَكَذَا (وَلَهَا) أَيْ لِلْوَاهِبَةِ (الرُّجُوعُ) فِيمَا وَهَبَتْهُ لِزَوْجِهَا أَوْ ضَرَّتِهَا لِمَا يُدْرِكُهَا مِنْ الْغَيْرَةِ فَلَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى الْوَفَاءِ (وَإِنْ) (سَافَرَ) الزَّوْجُ أَيْ أَرَادَ السَّفَرَ (اخْتَارَ) مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ لِلسَّفَرِ مَعَهُ (إلَّا فِي) سَفَرِ (الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَيُقْرِعُ) لِأَنَّ الْمُشَاحَّةَ تَعْظُمُ فِي سَفَرِ الْقُرُبَاتِ (وَتُؤُوِّلَتْ بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا) وَلَوْ فِي حَجٍّ وَغَزْوٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْقَسْمِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ النُّشُوزِ فَقَالَ (وَوَعْظُ) الزَّوْجِ (مَنْ نَشَزَتْ) النُّشُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ كَأَنْ مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لِمَحِلٍّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ فِيهِ أَوْ تَرَكَتْ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى كَالْغُسْلِ أَوْ الصَّلَاةِ وَمِنْهُ إغْلَاقُ الْبَابِ دُونَهُ كَمَا مَرَّ وَالْوَعْظُ التَّذْكِيرُ بِمَا يُلَيِّنُ الْقَلْبَ لِقَبُولِ الطَّاعَةِ وَاجْتِنَابِ الْمُنْكَرِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يُفِدْ الْوَعْظُ (هَجَرَهَا) أَيْ تَجَنَّبَهَا فِي الْمَضْجَعِ فَلَا يَنَامُ مَعَهَا فِي فَرْشٍ لَعَلَّهَا أَنْ تَرْجِعَ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يُفِدْ الْهَجْرُ (ضَرَبَهَا) أَيْ جَازَ لَهُ ضَرْبُهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً وَلَا يَجُوزُ الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِهِ فَإِنْ وَقَعَ فَلَهَا التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ وَالْقِصَاصُ وَلَا يَنْتَقِلُ لِحَالَةٍ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُفِيدُ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ بِثُمَّ وَيَفْعَلُ مَا عَدَا الضَّرْبَ وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ إفَادَتَهُ بِأَنْ شَكَّ فِيهِ لَعَلَّهُ يُفِيدُ لَا إنْ عَلِمَ عَدَمَ الْإِفَادَةِ وَأَمَّا الضَّرْبُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا ظَنَّ إفَادَتَهُ لِشِدَّتِهِ فَقَوْلُهُ (إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ) قُيِّدَ فِي الضَّرْبِ دُونَ الْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ (وَبِتَعَدِّيهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ (زَجَرَهُ) أَيْ مَنَعَهُ (الْحَاكِمُ) بِاجْتِهَادِهِ بِوَعْظٍ ثُمَّ ضَرْبٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلزَّوْجِ فِي الزَّوْجَةِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ وَعَظَهُ فَقَطْ دُونَ ضَرْبٍ فَإِنْ ثَبَتَ تَعَدِّي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَعَظَهُمَا ثُمَّ ضَرَبَهُمَا بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَالْوَعْظُ فَقَطْ (وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ) وَهُمْ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيمَا مَرَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَتْ) أَيْ الْوَاهِبَةُ هِيَ التَّالِيَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَتْهُ لِزَوْجِهَا أَوْ ضَرَّتِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْهِبَةُ مُقَيَّدَةً بِوَقْتٍ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ أَيْ لِلْوَاهِبَةِ أَيْ وَكَذَا لِمَنْ بَاعَتْ نَوْبَتَهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ أَيْ أَرَادَ السَّفَرَ) أَيْ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ مِنْ أَقْوَالِ أَرْبَعَةٍ لِمَالِكٍ وَهِيَ الِاخْتِيَارُ مُطْلَقًا الْقُرْعَةُ مُطْلَقًا الْإِقْرَاعُ فِي الْحَجِّ وَالْغَزْوِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمُشَاحَّةَ تَعْظُمُ فِي سَفَرِ الْقُرُبَاتِ الْإِقْرَاعُ فِي الْغَزْوِ فَقَطْ لِأَنَّ الْغَزْوَ تَشْتَدُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ لِرَجَاءِ فَضْلِ الشَّهَادَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ إنْ أَرَادَ الزَّوْجُ سَفَرًا اخْتَارَ مِنْ نِسَائِهِ وَاحِدَةً لِلسَّفَرِ مَعَهُ فَبَعْضُهُمْ أَبْقَاهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لِغَيْرِ الْحَجِّ وَالْغَزْوِ، وَأَمَّا لَهُمَا فَيَقْرَعُ فِيهِمَا وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ [الْكَلَام عَلَى أَحْكَام النُّشُوزِ] . (قَوْلُهُ وَوَعْظُ الزَّوْجِ) أَيْ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نُشُوزُهَا الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَرُجِيَ صَلَاحُهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا وَإِلَّا وَعَظَهَا الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لِمَحِلٍّ إلَخْ) أَيْ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِمَحِلِّ طَاعَتِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا بِصُلْحِهَا فَلَا تَكُونُ نَاشِزًا وَيَجِبُ لَهَا حِينَئِذٍ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ النَّاشِزِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ بِمَا يُلَيِّنُ الْقَلْبَ) أَيْ مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ الْمُتَرَتِّبَيْنِ عَلَى طَاعَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ هَجَرَهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ لَمْ يُفِدْ وَعْظُ الزَّوْجِ أَوْ الْإِمَامِ هَجَرَهَا زَوْجُهَا وَغَايَةُ الْأُولَى مِنْهُ شَهْرٌ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَمَا فِي الْقُرْطُبِيِّ. (قَوْلُهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ بَرِحَ بِهِ الْأَمْرُ تَبْرِيحًا شَقَّ عَلَيْهِ فَالضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ هُوَ الشَّاقُّ وَإِنْ ضَرَبَهَا فَادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الْأَدَبَ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ وَحِينَئِذٍ فَيُعَزِّرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ مَا عَدَا الضَّرْبَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَعِظُهَا إنْ جَزَمَ بِالْإِفَادَةِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا هَجَرَهَا إنْ جَزَمَ بِالْإِفَادَةِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا ضَرَبَهَا إنْ جَزَمَ بِالْإِفَادَةِ أَوْ ظَنَّهَا لَا إنْ شَكَّ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ إفَادَتَهُ) لَا يُقَالُ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا ظَنُّ الْإِفَادَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُمَا مِنْ بَابِ رَفْعِ الشَّخْصِ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيرَ مُضَافٍ وَهِيَ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] أَيْ ضَرَرَ نُشُوزِهِنَّ (قَوْلُهُ وَبِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُضَارِرُهَا بِالْهَجْرِ أَوْ الضَّرْبِ أَوْ الشَّتْمِ، وَقَوْلُهُ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ أَيْ إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَيْهِ وَأَثْبَتَتْ تَعَدِّي الزَّوْجِ وَاخْتَارَتْ الْبَقَاءَ مَعَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَعِظُهُ أَوَّلًا إنْ جَزَمَ بِالْإِفَادَةِ أَوْ ظَنَّهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ ضَرَبَهُ إنْ جَزَمَ بِالْإِفَادَةِ أَوْ ظَنَّهَا وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ ظَاهِرُ النَّقْلِ وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى يَعِظُهُ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يُفِدْ أَمَرَهَا بِهَجْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ ضَرَبَهُ وَالطَّرِيقَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ هَجْرَهَا لَهُ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرْبِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا يَزْجُرُهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ يَضْرِبُهُ حَيْثُ لَمْ تُرِدْ التَّطْلِيقَ مِنْهُ بَلْ أَرَادَتْ زَجْرَهُ وَإِبْقَاءَهَا مَعَهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَالْوَعْظُ فَقَطْ) فَهَذِهِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ التَّعَدِّي مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهُمَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلْقِسْمِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَشْكَلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهُمْ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ لَا الْأَوْلِيَاءُ أَصْحَابُ الْكَرَامَاتِ

(إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ) هَذَا فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الضَّرَرَ وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهَا وَفِيمَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهَا الضَّرَرَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُمَا الشَّكْوَى وَعَجَزَا عَنْ إثْبَاتِهِ فَمَحِلُّ تَسْكِينِهَا بَيْنَهُمْ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْإِشْكَالِ. فَقَوْلُهُ (وَإِنْ) (أَشْكَلَ) الْأَمْرُ أَيْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ بَعْدَ تَسْكِينِهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمْ ابْتِدَاءً أَوْ لَمْ يُمْكِنْ السُّكْنَى بَيْنَهُمْ (بَعَثَ) الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (حَكَمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ (بِهَا) فَقَدْ يَكُونَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ أَوْ جَارَيْنِ فَيَتَنَازَعَانِ (مِنْ أَهْلِهِمَا) أَيْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا (إنْ أَمْكَنَ) وَلَا يَجُوزُ بَعْثُ أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَإِنْ بَعَثَهُمَا مَعَ الْإِمْكَانِ فَفِي نَقْضِ حُكْمِهِمَا تَرَدُّدٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُمَا مَعًا مِنْ الْأَهْلِ بَلْ وَاحِدٌ فَقَطْ مِنْ أَهْلِ أَحَدِهِمَا وَالثَّانِي أَجْنَبِيٌّ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ ضُمَّ لَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ وَتَرْكُ الْقَرِيبِ لِأَحَدِهِمَا (وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ) فِي بَعْثِ الْأَهْلَيْنِ إنْ أَمْكَنَ وَالْأَجْنَبِيَّيْنِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ. (وَبَطَلَ) (حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ) بِطَلَاقٍ أَوْ إبْقَاءٍ أَوْ بِمَالٍ وَغَيْرُ الْعَدْلِ الْفَاسِقُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْعَبْدُ (و) حُكْمُ (سَفِيهٍ) وَهُوَ الْمُبَذِّرُ فِي الشَّهَوَاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً عَلَى الْمَذْهَبِ (و) حُكْمُ (امْرَأَةٍ وَغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَحْكَامِ النُّشُوزِ فَشَرْطُهُمَا الذُّكُورَةُ وَالرُّشْدُ وَالْعَدَالَةُ وَالْفِقْهُ بِمَا حَكَمَا فِيهِ (وَنَفَذَ) (طَلَاقُهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ وَيَقَعُ بَائِنًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خُلْعًا بِأَنْ كَانَ بِلَا عِوَضٍ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ) بِهِ بَعْدَ إيقَاعِهِ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُمَا الْإِقْلَاعُ كَمَا يَأْتِي (و) إنْ لَمْ يَرْضَ (الْحَاكِمُ) بِهِ وَهَذَا إذَا كَانَا مُقَامَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ بَلْ (وَلَوْ كَانَا) مُقَامَيْنِ (مِنْ جِهَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ أَيْ فَهُوَ نَافِذٌ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ مَنْ ذُكِّرَ بِهِ لِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْحُكْمُ لَا الْوَكَالَةُ وَلَا الشَّهَادَةُ وَقَوْلُهُ وَنَفَذَ بَلْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ (لَا أَكْثَرُ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُمْ يُوصُونَ عَلَى النَّظَرِ فِي حَالِهِمَا لِيُعْلَمَ مَنْ عِنْدَهُ ظُلْمٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَعَجَزَا عَنْ إثْبَاتِهِ) أَيْ الضَّرَرِ، وَأَمَّا إذَا أَثْبَتَاهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ مِنْ أَنَّهُ يَعِظُهُمَا ثُمَّ يَضْرِبُهُمَا (قَوْلُهُ بَعْدَ تَسْكِينِهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ أَشْكَلَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِنْ اتَّضَحَ الْحَالُ فَعَلَ مَا قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ ثُبُوتِ ضَرَرِهَا أَوْ ضَرَرِهِمَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ بَعَثَ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ أَمْكَنَ) أَيْ لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ وَأَطْيَبُ لِلصَّلَاحِ وَنُفُوسُ الزَّوْجَيْنِ أَسْكَنُ إلَيْهِمَا فَيُبْرِزَانِ لَهُمَا مَا فِي ضَمَائِرِهِمَا مِنْ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَإِرَادَةِ الْفُرْقَةِ أَوْ الصُّحْبَةِ (قَوْلُهُ مَعَ الْإِمْكَانِ) أَيْ إمْكَانِ الْأَهْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ بَعَثَهُمَا أَيْ الْأَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ إمْكَانِ الْأَهْلَيْنِ (قَوْلُهُ فَفِي نَقْضِ حُكْمِهِمَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى مَالٍ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ تَخَيُّرٌ اللَّخْمِيُّ وَالظَّاهِرُ نَقْضُ الْحُكْمِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا مَعَ الْوِجْدَانِ وَاجِبُ شَرْطٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ حَيْثُ لَمْ يُعِدَّ ذَلِكَ مِنْ مُبْطِلَاتِ حُكْمِهِمَا الْآتِيَةِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَدَّعِ حَصْرَ الْبُطْلَانِ فِي الْأُمُورِ الْآتِيَةِ فَحُكْمُهُ بِالْبُطْلَانِ بِهَا لَا يُنَافِي الْبُطْلَانَ بِغَيْرِهَا كَمَا إذَا كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ (قَوْلُهُ ضَمَّ لَهُ) أَيْ لِأَهْلِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ) أَيْ لِئَلَّا يَمِيلَ الْقَرِيبُ لِقَرِيبِهِ وَالْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ مَفْهُومَ إذَا أَمْكَنَ عَدَمُ الْإِمْكَانِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَعَثَ أَجْنَبِيَّيْنِ (قَوْلُهُ بِطَلَاقٍ) أَيْ بِغَيْرِ مَالٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِمَالٍ أَيْ فِي خُلْعٍ (قَوْلُهُ وَسَفِيهٍ) اعْلَمْ أَنَّ السَّفِيهَ إنْ كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ وَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ أَهْلِ زَمَانِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَدْلِ أَنْ لَا يَكُونَ مُوَلًّى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُهْمِلًا فَإِنْ اتَّصَفَ بِمَا اُعْتُبِرَ فِي الْعَدْلِ فَعَدْلٌ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ دَخَلَ فِيهِ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالْمُهْمِلُ غَيْرُ الْعَدْلِ، وَقَوْلُهُ وَسَفِيهٍ أَدْخَلَ غَيْرَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الصَّالِحَ، وَقَوْلُهُ وَامْرَأَةٍ لَيْسَ مُرَادُهُ امْرَأَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا مُرَادُهُ وَامْرَأَتَانِ لِأَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَا يَكُونَانِ حَكَمَيْنِ لِأَنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ حَكَمًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ لَا فِي الْمُحْرِمَةِ فَقَطْ كَمَا فِي تت. (قَوْلُهُ وَغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ) أَيْ مَا لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فَإِنْ حَكَمَ بِمَا أَشَارُوا عَلَيْهِ بِهِ كَانَ حُكْمُهُ نَافِذًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ) أَيْ هَذَا إذَا رَضِيَ بِهِ الزَّوْجَانِ بَعْدَ إيقَاعِهِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِهِ بَعْدَ إيقَاعِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرْضَيَا بِهِ قَبْلَ إيقَاعِهِ فَلَهُمَا الْإِقْلَاعُ أَيْ الرُّجُوعُ عَنْ تَحْكِيمِهِمَا، وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ كَوْنِهِمَا مُقَامَيْنِ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ أَوْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ بِهِ) وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَوْقَعَاهُ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ الَّذِي أَرْسَلَهُمَا إذْ لَا يُشْتَرَطُ مُوَافَقَتُهُمَا لِلْحَاكِمِ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إذَا كَانَا مُقَامَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ أَيْ نَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَلَوْ كَانَا مُقَامَيْنِ مِنْ جِهَتِهِمَا وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ وَلَوْ كَانَا مُقَامَيْنِ مِنْ جِهَتِهِمَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَا مُقَامَيْنِ مِنْ جِهَتِهِمَا) رَدَّ بِلَوْ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ إذَا لَمْ يَرْضَيَا بِهِ أَوْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْحُكْمُ) أَيْ عَلَى

عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نَفَذَ أَيْ لَا يَنْفُذُ أَكْثَرُ (مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا) نَعْتٌ لِأَكْثَرَ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْقَعَاهُ أَيْ لَا يَنْفُذُ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الزَّائِدَ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ الَّذِي بَعَثَا إلَيْهِ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الزَّائِدِ (وَتَلْزَمُ) الْوَاحِدَةُ (إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ) بِأَنْ أَوْقَعَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً وَالثَّانِي اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْوَاحِدَةِ. (وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ (التَّطْلِيقُ) عَلَى الزَّوْجِ (بِالضَّرَرِ) وَهُوَ مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا كَهَجْرِهَا بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ وَضَرْبِهَا كَذَلِكَ وَسَبِّهَا وَسَبِّ أَبِيهَا، نَحْوُ يَا بِنْتَ الْكَلْبِ يَا بِنْتَ الْكَافِرِ يَا بِنْتَ الْمَلْعُونِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ رَعَاعِ النَّاسِ وَيُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى التَّطْلِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا لَا بِمَنْعِهَا مِنْ حَمَّامٍ وَفُرْجَةٍ وَتَأْدِيبِهَا عَلَى تَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَمَتَى شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الضَّرَرِ فَلَهَا اخْتِيَارُ الْفِرَاقِ (وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ) أَيْ الضَّرَرِ أَيْ وَلَهَا اخْتِيَارُ الْبَقَاءِ مَعَهُ وَيَزْجُرُهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ صَغِيرَةً وَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهَا فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ آنِفًا وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ فِيمَا إذَا اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ مَعَهُ وَيَجْرِي هُنَا هَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ قَوْلَانِ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ وُجُوبًا (الْإِصْلَاحُ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ. (فَإِنْ) (تَعَذَّرَ) الْإِصْلَاحُ نَظَرًا (فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ) عَلَيْهَا (طُلِّقَا) عَلَيْهِ (بِلَا خُلْعٍ) أَيْ بِلَا مَالٍ يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لَهُ لِظُلْمِهِ (وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهَا فَقَطْ (ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا) وَأَمَرَاهُ بِالصَّبْرِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ (أَوْ خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا) فِي قَدْرِ الْمُخَالِعِ بِهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الصَّدَاقِ إنْ أَحَبَّ الزَّوْجُ الْفِرَاقَ أَوْ عَلِمَا أَنَّهَا لَا تَسْتَقِيمُ مَعَهُ (وَإِنْ أَسَاءَا مَعًا) أَيْ حَصَلَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ كُلٍّ وَلَوْ غَلَبَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (فَهَلْ يَتَعَيَّنُ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْإِصْلَاحِ (الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ) أَيْ إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْمَقَامِ مَعَهُ (أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ) عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ مِنْهَا لَهُ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ) وَفِي الشَّبْرَخِيتِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ نَرَ فِي كَلَامِهِمْ رُجُوعَهُ لِلثَّانِي أَيْ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا إلَخْ (وَأَتَيَا الْحَاكِمَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَشْهُورِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الْوَكَالَةُ عَنْ الزَّوْجَيْنِ فَلَا يَنْفُذُ طَلَاقُهُمَا إلَّا إذَا رَضِيَ بِهِ الزَّوْجَانِ بَعْدَ إيقَاعِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ الطَّلَاقَ خِلَافُ الْمَصْلَحَةِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ طَرِيقَهُمَا الشَّهَادَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَا عَلِمَا فَلَا يَنْفُذُ طَلَاقُهُمَا إلَّا إذَا رَضِيَ بِهِ الْحَاكِمُ وَنَفَّذَهُ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ نَفَذَ) أَيْ فَهُوَ مَرْفُوعٌ لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَيَصِحُّ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ طَلَاقِهِمَا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى تَطْلِيقٍ أَيْ نَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَاحِدَةً لَا أَكْثَرَ وَيَجُوزُ جَرُّهُ بِالْفَتْحَةِ عَطْفًا أَيْضًا عَلَى مَعْمُولِ طَلَاقِ أَيْ تَطْلِيقُهُمَا بِوَاحِدَةٍ لَا أَكْثَرَ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ ثُمَّ إنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا لِلْعَهْدِ أَيْ نَفَذَ طَلَاقُهُمَا الْمَعْهُودُ شَرْعًا وَهُوَ الْوَاحِدَةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَاحِدَةً لَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْعَطْفِ بِلَا وَهُوَ أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَنْفُذُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ إلَخْ) أَيْ وَالنَّافِذُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا ابْتِدَاءً إيقَاعُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَإِذَا أَوْقَعَاهُ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَلِذَا قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَلَا يُفَرَّقَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ) الْمُرَادُ بِالْإِصْلَاحِ مَا فِيهِ صَلَاحٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِصْلَاحِ ضِدَّ الِافْتِرَاقِ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ (قَوْلُهُ بِأَنْ أَوْقَعَ أَحَدُهُمَا وَاحِدَةً) أَيْ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَوْقَعْنَا مَعًا وَاحِدَةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَوْقَعْنَا مَعًا ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ . (قَوْلُهُ وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ) أَيْ لَهَا التَّطْلِيقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَتَكُونُ بَائِنَةً كَمَا فِي عبق وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا غَيْرَ بَالِغَيْنِ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ كَهَجْرِهَا) أَيْ بِقَطْعِ الْكَلَامِ عَنْهَا وَتَوْلِيَةُ وَجْهِهِ عَنْهَا فِي الْفِرَاشِ (قَوْلُهُ وَفُرْجَةٍ) أَيْ وَنُزُهَاتٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَسَرٍّ) عَطْفٌ عَلَى مَنْعِهَا مِنْ حَمَّامٍ أَيْ لَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ لَا بِمَنْعِهَا مِنْ حَمَّامٍ وَلَا بِتَسَرٍّ وَتَزَوُّجٍ عَلَيْهَا. (تَنْبِيهٌ) لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ التَّجْرِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ حَيْثُ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ وَلَا تَخْلُو بِأَجْنَبِيٍّ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهَا الْفَسَادُ بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ غَلْقُ الْبَابِ عَلَيْهَا وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الضَّرْبِ الَّذِي لَمْ تَسْتَوْجِبْهُ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْجَبْرِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَمَتَى شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ) أَيْ وَهِيَ هُنَا رَجُلَانِ لَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ كَمَا فِي الْبَدْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ) بَلْ شَهِدَتْ بِأَنْ حَصَلَ لَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَهَا التَّطْلِيقُ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ هَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ) أَفَادَ بَعْضُهُمْ هُنَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَإِنَّهُ يَجْرِي الْقَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي مَبْدَإِ الْأَمْرِ أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُمَا لِأَجْلِ الْأُلْفَةِ وَحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَخْلُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَرِيبِهِ وَيَسْأَلَهُ عَمَّا كَرِهَ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ لَهُ إنْ كَانَ لَك حَاجَةٌ فِي صَاحِبِك رَدَدْنَاهُ لِمَا تَخْتَارُ مَعَهُ . (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ) أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ تَحْقِيقًا أَنَّ الْإِسَاءَةَ مِنْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ ائْتَمَنَّاهُ عَلَيْهَا) أَيْ إنْ رَأَيَاهُ صَلَاحًا. (قَوْلُهُ أَوْ خَالَعَا لَهُ) أَوْ فِيهِ لِلتَّنْوِيعِ بِحَسَبِ نَظَرَيْهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدُوَّيْ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَلَبَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ هَذَا إذَا اسْتَوَيَا فِيهَا أَوْ جَهِلَ الْحَالَ بَلْ وَلَوْ غَلَبَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاَلَّذِي فِي المج أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا اسْتَوَتْ إسَاءَتُهُمَا وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الزَّائِدُ. (قَوْلُهُ بِلَا خُلْعٍ) التَّعْيِينُ مُنْصَبٌّ عَلَى

إنْ شَاءَا (فَأَخْبَرَاهُ) بِمَا فَعَلَا (وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا) وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُعَارَضَتُهُ وَنَقْضُهُ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُمَا مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ وَقِيلَ لِيَرْفَعَ الْخِلَافَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ فِي رَفْعِ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ الْخِلَافَ خِلَافًا (وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ) حَكَمٍ (وَاحِدٍ) مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (عَلَى الصِّفَةِ) الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَدْلًا رَشِيدًا ذَكَرًا فَقِيهًا بِذَلِكَ. (وَفِي) جَوَازِ إقَامَةِ (الْوَلِيَّيْنِ) إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ مَحْجُورَيْنِ وَاحِدًا عَلَى الصِّفَةِ أَجْنَبِيًّا مِنْهُمَا (و) كَذَا فِي (الْحَاكِمِ) وَمُنِعَ ذَلِكَ (تَرَدُّدٌ) مَحِلُّهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ كَانَ قَرِيبًا لَهُمَا مَعًا قَرَابَةً مُسْتَوِيَةً كَابْنِ عَمٍّ لَهُمَا وَأَمَّا إنْ كَانَ قَرِيبًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ أَقْرَبَ مُنِعَ اتِّفَاقًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ إقَامَةِ الْوَاحِدِ لَوْ أُقِيمَ وَحَكَمَ بِشَيْءٍ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ. (وَلَهُمَا) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ (إنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ أَقَامَا الْحَكَمَيْنِ بِدُونِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (الْإِقْلَاعُ) أَيْ الرُّجُوعُ عَنْ تَحْكِيمِهِمَا (مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ) عَنْ حَالِهِمَا (وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ) وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَا عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الطَّلَاقِ بِالْبَقَاءِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي إذَا رَضِيَا مَعًا بِالْبَقَاءِ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا. (وَإِنْ) طُلِّقَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِلَا خُلْعٍ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَهُوَ بِإِرَادَةِ الزَّوْجَيْنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَهُمَا اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَيْ أَوْ عَلَيْهِمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ فَإِنْ قُلْت إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَكَمَيْنِ الطَّلَاقُ ابْتِدَاءً وَهُوَ يُعَارِضُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ الْمُحَكِّمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الطَّلَاقِ ابْتِدَاءً فَإِنْ حَكَمَ مَضَى حُكْمُهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا هُنَا الطَّلَاقُ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ مِنْ التَّحَكُّمِ بَلْ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مِنْ التَّحْكِيمِ الْإِصْلَاحُ فَلِذَا جَازَ لَهُمَا ابْتِدَاءً الطَّلَاقُ وَمَا يَأْتِي الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مِنْ التَّحَكُّمِ الطَّلَاقُ فَإِذَا ادَّعَتْ مَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَأَنْكَرَ وَأَرَادَتْ إثْبَاتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَحَكَّمَا مُحَكِّمًا لِيَنْظُرَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ مِنْ التَّحْكِيمِ فَإِنْ وَقَعَ وَحَكَمَ فِيهِ مَضَى حُكْمُهُ. (قَوْلُهُ إنْ شَاءَا) قَالَ عبق وخش وَبِقَوْلِنَا إنْ شَاءَا يَنْدَفِعُ مُعَارَضَةُ مَا هُنَا لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ اهـ، وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَاهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُتَيْطِيَّةِ وَغَيْرِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِالْإِتْيَانِ لَا إنْ شَاءَا فَقَطْ عَلَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يُدْفَعُ لِأَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ يُنَفِّذَانِ الْحُكْمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْحَقُّ فِي دَفْعِ الْمُعَارَضَةِ مَا ذَكَرَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا مَعْنَاهُ أَمْضَاهُ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْفِذُهُ وَلَا بُدَّ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَنْفُذُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَأْتِيَا لِلْحَاكِمِ الَّذِي أَرْسَلَهُمَا فَيُخْبِرَاهُ بِمَا فَعَلَا لِيَحْتَاطَ عِلْمُهُ بِالْقَضِيَّةِ فَإِذَا أَخْبَرَاهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ (قَوْلُهُ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ حَكَمْتُ بِمَا حَكَمْتُمَا بِهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ نَفَّذْتُ مَا حَكَمْتُمَا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُعَارَضَتُهُ أَيْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُمْضِيهِ وَلَا بُدَّ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُعَارَضَتُهُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ وَنَفَذَ حُكْمُهُمَا بِأَنْ يَقُولَ حَكَمْتُ بِمَا حَكَمْتُمَا بِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَرْتَفِعَ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ إقَامَةُ وَاحِدٍ) ظَاهِرُهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُمَا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَقِيلَ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا فَقَطْ. (قَوْلُهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ الْحَكَمُ مَا يَفْعَلُهُ الْحَكَمَانِ مِنْ الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ طَلَّقَ مَجَّانًا أَوْ بِمَالٍ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْحَاكِمِ) أَيْ وَكَذَا فِي إقَامَةِ الْحَاكِمِ وَاحِدًا عَلَى الصِّفَةِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ بَيْنَ اللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ فَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِالْجَوَازِ وَالْبَاجِيِّ يَقُولُ بِعَدَمِهِ وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي إقَامَةِ الْوَلِيَّيْنِ أَوْ الْحَاكِمِ مُحَكِّمًا، وَأَمَّا إقَامَةُ الزَّوْجَيْنِ حَكَمًا فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى ضَعْفَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ مَحِلُّهُ) مُبْتَدَأٌ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ خَبَرٌ أَيْ فِي الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَكَذَا مِنْ الْوَلِيَّيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَلَا تَأْثِيرَ لِقُرْبِ الْحَاكِمِ هُنَا (قَوْلُهُ وَلَهُمَا إنْ أَقَامَهُمَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَقَامَا حَكَمَيْنِ جَازَ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ التَّحْكِيمِ وَيَعْزِلَا الْحَكَمَيْنِ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ أَمَّا إنْ اسْتَوْعَبَاهُ وَعَزَمَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا عِبْرَةَ بِرُجُوعِ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمَا عَنْ التَّحْكِيمِ وَيَلْزَمُهُمَا مَا حَكَمَا بِهِ سَوَاءٌ رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَوْ رَجَعَا مَعًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَا بِالْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّ صَاحِبَ الْمَوَّازِيَّةِ أَرَادَ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا أَمَّا إذَا رَجَعَ مَعًا وَرَضِيَا بِالْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا) أَيْ الْحَكَمَانِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُمَا) أَيْ عَنْ التَّحْكِيمِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْ التَّحْكِيمِ أَيْ وَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجَانِ بِالْبَقَاءِ عِنْدَ عَزْمِ الْحَكَمَيْنِ عَلَى الطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهَا) أَيْ وَلَوْ عَزَمَا عَلَى الْحُكْمِ، وَمَفَادُ

[فصل في الكلام على الخلع]

(وَاخْتَلَفَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (فِي الْمَالِ) أَيْ الْعِوَضِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِعِوَضٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِلَا عِوَضٍ (فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ) الْمَرْأَةُ (فَلَا طَلَاقَ) يَلْزَمُ الزَّوْجَ وَيَعُودُ الْحَالُ كَمَا كَانَ وَإِنْ الْتَزَمَتْهُ وَقَعَ وَبَانَتْ مِنْهُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الطَّلَاقِ وَبَدَأَ مِنْ أَنْوَاعِهِ بِالْخُلْعِ فَقَالَ. (فَصْلٌ) جَازَ الْخُلْعُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَهِيَ لُغَةً النَّزْعُ وَشَرْعًا طَلَاقٌ بِعِوَضٍ وَالطَّلَاقُ لُغَةً الْإِرْسَالُ وَإِزَالَةُ الْقَيْدِ كَيْفَ كَانَ وَشَرْعًا إزَالَةُ عِصْمَةِ الزَّوْجَةِ بِصَرِيحِ لَفْظٍ أَوْ كِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ بِلَفْظٍ مَا مَعَ نِيَّةٍ (جَازَ الْخُلْعُ) بِضَمِّ الْخَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُكْرَهُ (وَهُوَ) (الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ بِلَا عِوَضٍ إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ كَمَا يَأْتِي (وَبِلَا حَاكِمٍ) عَطْفٌ مُقَدَّرٌ حَالٌ مِنْ الْخُلْعِ أَيْ جَازَ الْخُلْعُ حَالَةَ كَوْنِهِ بِحَاكِمٍ وَبِلَا حَاكِمٍ (و) جَازَ (بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا (إنْ تَأَهَّلَ) الدَّافِعُ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا لِالْتِزَامِ الْعِوَضِ بِأَنْ كَانَ رَشِيدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ . (قَوْلُهُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْنَا بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِثَمَانِيَةٍ فَيُوجِبُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ لِلزَّوْجِ خُلْعَ الْمِثْلِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَمِيعًا وَإِلَّا رَجَعَ لِقَوْلِ الْقَائِلِ بِالْأَكْثَرِ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَمَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ دَعْوَى أَقَلِّهِمَا وَإِلَّا رَجَعَ لِلْأَقَلِّ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فِي الْمِثَالِ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِعِوَضٍ) أَيْ طَلَّقْنَا بِعِوَضٍ قَدْرُهُ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ طَلَّقْنَا مَجَّانًا بِلَا عِوَضٍ (قَوْلُهُ فَلَا طَلَاقَ يَلْزَمُ لِلزَّوْجِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالْآخَرُ بِالْبَقَاءِ. (قَوْلُهُ وَيَعُودُ الْحَالُ كَمَا كَانَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُجَدِّدَانِ الْحُكْمَ [فَصْلٌ فِي الْكَلَام عَلَى الْخُلْعِ] (فَصْلٌ جَازَ الْخُلْعُ) (قَوْلُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخُلْعِ) أَيْ عَلَى بَيَانِ حَقِيقَتِهِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ لُغَةً النَّزْعُ) يُقَالُ خَلَعَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ إذَا نَزَعَهَا مِنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ) يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ مَا وَرَدَ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ شُمُولِهِ لَفْظَ الْخُلْعِ بِدُونِ عِوَضٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ نَوْعَيْ الْخُلْعِ وَتَرَكَ تَعْرِيفَ النَّوْعِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ بَدِيهِيًّا (قَوْلُهُ الْإِرْسَالُ) يُقَالُ أَطْلَقْتُ النَّاقَةَ لِلْمَرْعَى أَرْسَلْتهَا إلَيْهَا (قَوْلُهُ كَيْفَ كَانَ) أَيْ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ لِيفٍ أَوْ حَلْفَاءَ أَوْ جِلْدٍ أَوْ حَدِيدٍ يُقَالُ أَطْلَقْتُ الْمَسْجُونَ أَيْ أَزَلْت الْقَيْدَ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَيْفَ كَانَ أَيْ ذَلِكَ الْقَيْدُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا كَالْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَازَ أَيْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ جَائِزٌ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُكْرَهُ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمُعَارَضَةُ عَلَى الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَلَاقًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهِ اتِّفَاقًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْحَلَالِ فِي الْحَدِيثِ مَا قَابَلَ الْحَرَامَ وَيُقْصَرُ عَلَى الْمَكْرُوهِ فَيُحْكَمُ حِينَئِذٍ بِتَعَلُّقِ الْبُغْضِ بِهِ وَبِأَنَّ أَبْغَضَهُ الطَّلَاقُ. (قَوْلُهُ بِعِوَضٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِعِوَضٍ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مُعَارَضَةٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ لَا عَطِيَّةٍ فَلَوْ أَحَالَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ فَمَاتَتْ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ وَبِلَا حَاكِمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَجَازَ بِلَا حَاكِمٍ وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِهَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا كَانَ عَلَى عِوَضٍ كَانَ مَظِنَّةً لِلْجَوْرِ فَلَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْحَاكِمُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِلَا حَاكِمٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ حَالٌ مِنْ الْخُلْعِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ بِحَاكِمٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِعِوَضٍ وَإِلَّا كَانَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ فَيُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُلْعًا إلَّا إذَا وَقَعَ بِعِوَضٍ وَبِلَا حَاكِمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَجَازَ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ جَازَ إلَى أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ أَوْ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ جَازَ الْخُلْعُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ كَمَا قِيلَ وَلَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ يُغْنِي عَنْ هَذَا لِعُمُومِ الْعِوَضِ لَمَّا كَانَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لِلْحَقِيقَةِ فَيَتَنَاوَلُ أَفْرَادَهَا الْجَائِزَةَ وَغَيْرَ الْجَائِزَةِ فَالْمَفْهُومُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنَّ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا خُلْعٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ جَائِزًا أَوْ غَيْرَ جَائِزٍ فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ فَأَتَى بِقَوْلِهِ وَجَازَ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا لِبَيَانِ ذَلِكَ الْحُكْمِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُهُ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ قَصَدَ ذَلِكَ الْغَيْرُ إسْقَاطَ نَفَقَتِهَا عَنْ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرُدُّ الْعِوَضَ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَقِيلَ يُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ فَيَرُدُّ الْعِوَضَ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا. (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ لَزِمَ الْأَلْفُ ذَلِكَ الرَّجُلَ. (قَوْلُهُ إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا لِالْتِزَامِ الْعِوَضِ أَيْ عِوَضِ الْخُلْعِ فَأَلْ فِي الْعِوَضِ لِلْعَهْدِ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي لُزُومِ عِوَضِ الْخُلْعِ لِمُلْتَزِمِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَزِمَ ذَلِكَ الْعِوَضُ لِمُلْتَزِمِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِالْتِزَامِهِ بِأَنْ كَانَ رَشِيدًا وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقَابِلَ هَذَا الْعِوَضِ غَيْرُ مَالِيٍّ

(لَا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ) ذَاتِ وَلِيٍّ أَوْ مُهْمِلَةٍ (و) لَا مِنْ شَخْصٍ (ذِي رِقٍّ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ السَّيِّدِ (وَرَدَّ الْمَالَ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِعَدَمِ جَوَازِ الْبَذْلِ وَصِحَّتِهِ لِكَوْنِ بَاذِلِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ (وَبَانَتْ) الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا مَا لَمْ يَقُلْ إنْ تَمَّ لِي هَذَا الْمَالُ أَوْ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ قَالَهُ وَرَدَّ الْمَالَ لَمْ يَقَعْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَهُ بَعْدَ صُدُورِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَهُ لِرَشِيدَةٍ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ مِنْ الرَّشِيدَةِ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ وَتَمَّ لَهُ الْمَالُ وَلَزِمَهَا وَلَيْسَ لَهَا رُجُوعٌ فِيهِ. (وَجَازَ) الْخُلْعُ (مِنْ الْأَبِ) وَوَصِيَّةُ الْمُجْبِرِ وَالسَّيِّدِ فَلَوْ قَالَ مِنْ الْمُجْبِرِ (عَنْ الْمُجْبَرَةِ) لَكَانَ أَشْمَلَ وَالْمُرَادُ مَنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا لَكَانَ لَهُ جَبْرُهَا فَيُخَالِعُ عَنْهَا مِنْ مَالِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْوَصِيِّ) فَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَأَمَّا بِإِذْنِهَا فَلَهُ ذَلِكَ قَطْعًا وَلَوْ أَبْدَلَ الْأَبَ بِالْمُجْبِرِ وَحُذِفَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَصْوَبَ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ (وَفِي) جَوَازِ (خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ) الْغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَمَنْعِهِ (خِلَافٌ) مَحِلُّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهَا مِنْ مَالِهَا وَأَمَّا بِرِضَاهَا أَوْ مِنْ مَالِ الْأَبِ فَجَائِزٌ قَطْعًا. (و) جَازَ الْخُلْعُ (بِالْغَرَرِ) (كَجَنِينٍ) فِي بَطْنِ حَيَوَانٍ تَمْلِكُهُ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهَا أَوْ أَنْفَشَ الْحَمْلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَانَتْ (وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ) مِنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَعَبْدٍ آبِقٍ وَبَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ (وَلَهُ الْوَسَطُ) مِنْ جِنْسِ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَا مِمَّا يُخَالِعُ بِهِ النَّاسُ. (و) جَازَ الْخُلْعُ عَلَى (نَفَقَةِ حَمْلٍ) أَيْ نَفَقَتِهَا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْعِصْمَةُ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعَاتِ وَالتَّبَرُّعُ إنَّمَا يَلْزَمُ الرَّشِيدَ (قَوْلُهُ لَا مِنْ صَغِيرَةٍ) أَيْ لَا إنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ أَوْ ذَاتِ رِقٍّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ الْعِوَضُ وَإِنْ قَبَضَهُ الزَّوْجُ رَدَّهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومٍ وَإِنْ تَأَهَّلَ أَفَادَ بِهِ عَدَمَ اخْتِصَاصِ التَّأَهُّلِ بِالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ ذَاتِ وَلِيٍّ أَوْ مُهْمِلَةٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلِذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِلُزُومِ الْعِوَضِ لِلسَّفِيهَةِ الْمُهْمِلَةِ، وَقَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي الْفَائِقِ الْمَعْمُولُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَمْضِي مِنْ فِعْلِ الْمُهْمِلَةِ شَيْءٌ حَتَّى يَتِمَّ لَهَا مَعَ زَوْجِهَا الْعَامُ وَنَحْوُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ السَّفِيهَةَ الْمُهْمِلَةَ لَا يَمْضِي فِعْلُهَا وَلَوْ أَقَامَتْ أَعْوَامًا عِنْدَ زَوْجِهَا فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ فِي الْمُهْمِلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ. (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ شَخْصٍ ذِي رِقٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الزَّوْجَةُ أَوْ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ) رَاجِعٌ لِلصَّغِيرَةِ والسَّفِيهَةِ، وَقَوْلُهُ وَالسَّيِّدُ رَاجِعٌ لِذِي الرِّقِّ أَيْ فَإِنْ الْتَزَمَتْ الصَّغِيرَةُ أَوْ السَّفِيهَةُ أَوْ ذَاتُ الرِّقِّ الْعِوَضَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ السَّيِّدِ لَزِمَ ذَلِكَ الْعِوَضُ وَلَا يَرُدُّهُ الزَّوْجُ إذَا قَبَضَهُ، وَأَمَّا إنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنِهِ فَلِلْوَلِيِّ رَدُّهُ مِنْهُ وَلَا تُتْبَعُ إنْ عَتَقَتْ وَبَانَتْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي ذَاتِ الرِّقِّ الَّتِي يُنْتَزَعُ مَالُهَا أَمَّا غَيْرُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي مَرَضِ السَّيِّدِ إذَا خَالَعَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ صَحَّ الْخُلْعُ وَإِنْ صَحَّ بَطَلَ وَرُدَّ الْمَالُ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ إذَا خَالَعَتْ بِالْكَثِيرِ فَيَرُدُّ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَائِهَا وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، وَأَمَّا إنْ خَالَعَتْ بِيَسِيرٍ فَإِنَّهُ يُوقَفُ مَا خَالَعَتْ بِهِ فَإِنْ عَجَزَتْ بَطَلَ وَإِنْ أَدَّتْ صَحَّ وَصَحَّ خُلْعُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجْلِ أَنْ قَرُبَ الْأَجَلُ لَا أَنْ بَعُدَ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَهُ) أَيْ لِصَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ أَوْ ذَاتِ رِقٍّ بَعْدَ صُدُورِ الطَّلَاقِ أَيْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَمَّ لِي هَذَا الْمَالُ أَوْ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَبْرَأَتْهُ فَيَلْزَمُ الْخُلْعُ وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ بَعْدَ وُقُوعِ الْخُلْعِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْبَرْزَلِيِّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ أَوْ قَالَهُ لِرَشِيدَةٍ) أَيْ قَالَ لَهَا إنْ تَمَّ لِي هَذَا الْمَالُ أَوْ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَبْرَأْتُكَ أَوْ أَبْرَأَك اللَّهُ فَقَدْ تَمَّ الْخُلْعُ وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِهِ أَيْ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ مَنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ إلَخْ) وَذَلِكَ كَالْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ إنْ صَغُرَتْ أَوْ كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِعَارِضٍ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَيُخَالِعُ عَنْهَا مِنْ مَالِهَا) أَيْ وَأَوْلَى فِي الْجَوَازِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا بِمَالٍ مَنْ عِنْدِهِ فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) أَيْ لِشُمُولِهِ الْمُجْبِرَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالسَّيِّدِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُجْبِرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَأَصْوَبَ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ يُوهِمُ أَنَّ الْوَصِيَّ مُطْلَقًا مُجْبِرًا أَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ الْغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ) أَيْ وَهِيَ الثَّيِّبُ الْكَبِيرَةُ وَالْحَالُ أَنَّهَا مُوَلًّى عَلَيْهَا لِلْأَبِ لِأَنَّ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَ بْن (قَوْلُهُ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهَا إلَخْ) نَصُّ التَّوْضِيحِ فِي صُلْحِ الْأَبِ عَنْ الثَّيِّبِ السَّفِيهَةِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ جَرَتْ الْفَتْوَى مِنْ الشُّيُوخِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَرَأَوْهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِكْرِ مَا دَامَتْ فِي وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ رَاشِدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ اهـ وَفِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ وَاخْتُلِفَ فِي خُلْعِ الْوَصِيِّ عَنْهَا بِرِضَاهَا وَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا بِرِضَاهَا إلَخْ) هَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ رِضَا السَّفِيهَةِ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَقَدْ نَقَلَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ أَنَّ النَّاصِرَ اللَّقَانِيَّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى التَّوْضِيحِ وَكَذَا اسْتَشْكَلَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ . (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ عَرْضٍ إلَخْ) أَيْ كَمَقْطَعِ قُمَاشٍ أَوْ جَامُوسَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْوَسَطُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ فَإِذَا قَالَتْ لَهُ خَالِعْنِي عَلَى جَامُوسَةٍ

حَمْلِهَا (إنْ كَانَ) بِهَا حَمْلٌ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَأَوْلَى حَمْلٌ ظَاهِرٌ فَإِنْ أَعْسَرَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ أَيْسَرَتْ. (و) جَازَ الْخُلْعُ (بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا) أَيْ عَلَى إسْقَاطِهَا لِلْأَبِ حَضَانَتَهَا لِوَلَدِهِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهُ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ قَبْلَهُ. (و) جَازَ الْخُلْعُ (مَعَ الْبَيْعِ) كَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ عَبْدًا عَلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُ عَشَرَةً وَيُخَالِعَهَا فَلَوْ كَانَ فِي هَذَا الْمَبِيعِ وَصْفٌ يُوجِبُ مَنْعَ بَيْعِهِ كَأَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَبْدُ آبِقًا فَالْعَبْدُ الْآبِقُ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْهُ فَمَا قَابَلَ الْعِصْمَةَ فَهُوَ خُلْعٌ صَحِيحٌ وَمَا قَابَلَ الْعَشَرَةَ الْمَذْكُورَةَ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَالْوَاجِبُ أَنْ تَرُدَّ لَهُ الْعَشَرَةَ وَيَرُدَّ لَهَا نِصْفَ الْعَبْدِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّتْ) الْمَرْأَةُ (لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ) الَّذِي خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِنِصْفِهِ وَبَاعَتْهُ نِصْفَهُ الْآخَرَ بِالْعَشَرَةِ مَثَلًا (مَعَهُ) أَيْ مَعَ رَدِّهَا ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْهُ (نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْعَبْدِ أَيْ تَرُدُّ مِنْ يَدِ زَوْجِهَا لِنَفْسِهَا نِصْفَ الْعَبْدِ مَعَ رَدِّهَا لِزَوْجِهَا الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ فَهُوَ يَرُدُّ لَهَا نِصْفَ الْعَبْدِ، وَنِصْفُهُ الْآخَرَ لَا يَرُدُّهُ بَلْ هُوَ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَهِيَ تَرُدُّ لَهُ جَمِيعَ مَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ وَبَانَتْ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ مَا أَخَذَتْ وَلَهَا نِصْفُهُ كَانَ أَوْضَحَ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْبَعِيرَ الشَّارِدَ وَالْجَنِينَ وَالثَّمَرَةَ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَالطَّيْرَ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوَهَا (وَعُجِّلَ) لِلزَّوْجِ الْمَالُ (الْمُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ) أَيْ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ إذَا خَالَعَتْهُ بِهِ فَتَدْفَعُهُ لَهُ حَالًّا (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ أَيْ عَلَى تَعْجِيلِ قِيمَتِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى وَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فَتُقَوَّمُ الْعَيْنُ بِعَرْضٍ ثُمَّ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ حَالَّةٍ (وَرُدَّتْ دَرَاهِمُ رَدِيئَةٌ) أَيْ يَرُدُّهَا الزَّوْجُ عَلَيْهَا إنْ ظَهَرَتْ رَدِيئَةً لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا جَيِّدَةً (إلَّا لِشَرْطٍ) بِأَنْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ عَدَمَ الرَّدِّ وَلَا مَفْهُومَ لِدَرَاهِمَ فَلَوْ قَالَ وَرُدَّ رَدِيءٌ خُولِعَ بِهِ لَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَغَيْرَهَا (و) رُدَّتْ (قِيمَةُ كَعَبْدٍ) مِنْ كُلِّ مُقَوَّمٍ كَثَوْبٍ خَالَعَتْهُ بِهِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا (اُسْتُحِقَّ) مِنْ يَدِهِ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَتَرُدُّ لَهُ قِيمَتَهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ رَدَّتْ مِثْلَهُ كَالْمِثْلِيِّ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمَا بِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ فَإِنْ عَلِمَتْ فَقَطْ فَهُوَ قَوْلُهُ لَا إنْ خَالَعَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ تَصِفُهَا بِكِبَرٍ وَلَا صِغَرٍ لَزِمَتْهَا جَامُوسَةٌ وُسْطَى لَا صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ . (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ) أَيْ فَإِنْ أَنْفَشَ الْحَمْلُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْسَرَتْ) أَيْ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ عَلَيْهَا وَأَعْسَرَتْ (قَوْلُهُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهُ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُخْشَى عَلَى الْمَحْضُونِ ضَرَرٌ إمَّا بِعُلُوقِ قَلْبِهِ بِأُمِّهِ أَوْ لِكَوْنِ مَكَانِ الْأَبِ غَيْرَ حَصِينٍ وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقًا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِذَا خَالَعَتْهُ عَلَى إسْقَاطِ الْحَضَانَةِ وَمَاتَ الْأَبُ فَهَلْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ تَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهَا لِإِسْقَاطِ الْأُمِّ حَقَّهَا وَانْظُرْ إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ تَلَبَّسَتْ بِمَانِعٍ هَلْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لِمَنْ بَعْدَهَا قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي وَقْفٍ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَيَعُودُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ رَتَّبَهُ الْوَاقِفُ أَوْ تَسْتَمِرُّ لِلْأَبِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمْعٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا تَثْبُتُ لَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ اهـ عَدَوِيٌّ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا بِهِ الْعَمَلُ مِنْ انْتِقَالِهِ لِمَنْ يَلِيهَا كَمَا فِي ح عَنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ إنَّهُ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَجَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ وَاخْتَارَهُ أَبُو عِمْرَانَ اهـ بْن، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ حَقَّهُ فِي الْحَضَانَةِ إلَى مَنْ هُوَ فِي ثَالِثِ دَرَجَةٍ مَثَلًا هَلْ لِلثَّانِي قِيَامٌ أَوْ لَا قِيَامَ لَهُ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لَهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُسْقِطِ فَكَمَا لَا قِيَامَ لِذِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَقِّ لِلْمُسْقِطِ فَلَا قِيَامَ لَهُ مَعَ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ قَالَ عبق وَرُبَّمَا شَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِلْأَبِ خَلْعَهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِحَمْلٍ بِهَا، قَالَ ح وَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَيْ لِجَرَيَانِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ عَشَرَةً وَيُخَالِعَهَا) أَيْ فَالْعَبْدُ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ وَهُوَ بَيْعٌ وَنِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَهُوَ خُلْعٌ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ تَزِيدُ عَلَى مَا دَفَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ تُسَاوِي أَوْ تَنْقُصُ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَائِنًا لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَارَنَهُ عِوَضٌ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ لَا رَجْعِيًّا كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ) أَيْ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ. (قَوْلُهُ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ) أَيْ الَّذِي دَفَعَتْ لَهُ نِصْفَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَشْرَةٍ مَثَلًا وَنِصْفَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ الْمَالُ) أَيْ الْمَعْلُومُ قَدْرُهُ كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى عَشَرَةٍ تَدْفَعُهَا لَهُ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ وَكَانَ يَوْمُ قُدُومِهِ مَجْهُولًا فَالْخُلْعُ لَازِمٌ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تُعَجِّلَ الْعَشَرَةَ حَالًا (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ أَيْ عَلَى تَعْجِيلِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْخَلْعِ عَلَى غَرَرِهِ وَانْظُرْ كَيْفَ يُقَوَّمُ مَعَ أَنَّ أَجَلَهُ مَجْهُولٌ وَلِأَجْلِ هَذَا الْإِشْكَالِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِضَعْفِهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ قَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ حَلَالٌ وَكَوْنُهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ فَيَبْطُلُ الْحَرَامُ وَيُعَجَّلُ وَوَجْهُ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ فَتُقَوَّمُ الْعَيْنُ) أَيْ الْمُخَالَعُ بِهَا بِعَرْضٍ إلَخْ فَإِنْ كَانَ الْمُخَالَعُ بِهِ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا قُوِّمَ بِعَيْنٍ (قَوْلُهُ وَرُدَّتْ قِيمَةُ كَعَبْدِ) أَيْ مُخَالَعٍ بِهِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخَلْعِ (قَوْلُهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمَا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا بِمُقَوَّمٍ وَاسْتَحَقَّ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا

بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ وَإِنْ عَلِمَ هُوَ فَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ. (و) رُدَّ (الْحَرَامُ كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ (وَمَغْصُوبٍ) عَلِمَ بِهِ الزَّوْجُ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا وَمَسْرُوقٍ كَذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَ الْحَرَامُ (بَعْضًا) أَيْ بَعْضُهُ حَرَامٌ وَبَعْضُهُ غَيْرُ حَرَامٍ كَخَمْرٍ وَثَوْبٍ وَيَنْفُذُ الْخُلْعُ وَيُرَدُّ الْمَغْصُوبُ لِرَبِّهِ وَيُرَاقُ الْخَمْرُ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ وَقِيلَ يُسَرَّحُ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي نَظِيرِ الْحَرَامِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (كَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ رُدَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْ كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى زَوْجِهَا فَإِنَّ التَّأْخِيرَ يُرَدُّ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا لَهَا وَهِيَ الْعِصْمَةُ وَبَانَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا وَتَأْخُذُ مِنْهُ الدَّيْنَ حَالًّا وَمِثْلُهُ سَلَفُهَا لَهُ ابْتِدَاءً أَوْ تَعْجِيلُهَا دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا (و) كَمُخَالَعَتِهَا عَلَى (خُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا) الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِأَنْ تَرُدَّ الزَّوْجَةُ لَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تَتَحَمَّلُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ زَمَنَ الْعِدَّةِ مِنْ مَالِهَا فَيَجُوزُ (و) كَمُخَالَعَتِهَا عَلَى (تَعْجِيلِهِ لَهَا مَا) أَيْ دَيْنًا عَلَيْهِ (لَا يَجِبُ) عَلَيْهَا (قَبُولُهُ) قَبْلَ أَجَلِهِ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ فَيُرَدُّ وَيَبْقَى إلَى أَجَلِهِ لِأَنَّهَا حَطَّتْ عَنْهُ الضَّمَانَ عَلَى أَنْ زَادَهَا الْعِصْمَةَ (وَهَلْ كَذَلِكَ) يَمْنَعُ وَيَرُدُّ الدَّيْنَ إلَى أَجَلِهِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا (إنْ وَجَبَ) عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتَ الْخَلْعِ يَعْلَمَانِ مَعًا أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ أَوْ يَجْهَلَانِ مَعًا ذَلِكَ أَوْ عَلِمَتْ هِيَ ذَلِكَ دُونَهُ أَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ دُونَهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا فَإِنْ عَلِمَا مَعًا أَوْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَانَتْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا وَإِنْ جَهِلَا مَعًا رَجَعَ بِالْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْمَوْصُوفِ وَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَا خُلْعَ وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مُعَيَّنٌ أَمَّا لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا لَزِمَهُ الْخُلْعُ وَرَجَعَ بِمِثْلِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ هُوَ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَتْ هِيَ أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ وَبَانَتْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَحَقِّ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا (قَوْلُهُ وَرُدَّ الْحَرَامُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ رُدَّ إلَى أَنَّ الْحَرَامَ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ رُدَّ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ رَدُّ الزَّوْجِ الْحَرَامَ لِلْمُخَالَعَةِ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ الْخَمْرَ يُرَاقُ وَالْخِنْزِيرَ يُسَرَّحُ عَلَى قَوْلٍ وَيُقْتَلُ عَلَى آخَرَ وَأَجَابَ ابْنُ غَازٍ بِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ رُدَّ، لَكِنَّ الْفَاعِلَ الْمُرَادَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الزَّوْجَ حَتَّى يَلْزَمَ مَا ذُكِرَ بَلْ الشَّرْعُ أَيْ وَرَدَّ الشَّرْعُ الْعِوَضَ الْحَرَامَ وَالْمُرَادُ بِرَدِّهِ الْحَرَامَ فَسْخُ عَقْدِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخُلْعَ إذَا وَقَعَ بِشَيْءٍ حَرَامٍ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرْمَتُهُ أَصْلِيَّةً كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ كَانَ كُلُّهُ حَرَامًا أَوْ بَعْضُهُ كَخَمْرٍ وَثَوْبٍ أَوْ كَانَتْ حُرْمَتُهُ عَارِضَةً كَمَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ وَأُمِّ وَلَدٍ كَطَلِّقْ زَوْجَتَك وَأَنَا أُعْطِيك أُمَّ وَلَدِي فَإِنَّ الْخُلْعَ يَنْفُذُ وَيَكُونُ طَلَاقًا بَائِنًا وَيُرَدُّ الْحَرَامُ فَإِنْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ مَسْرُوقًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ رُدَّ إلَى رَبِّهِ وَإِنْ كَانَ خَمْرًا أُرِيقَ وَلَا تُكْسَرُ أَوَانِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ وَإِنْ كَانَ خِنْزِيرًا قُتِلَ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّهُ يُسَرَّحُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ لِلزَّوْجِ شَيْءٌ فِي نَظِيرِ الْحَرَامِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا سَوَاءٌ كَانَتْ حُرْمَتُهُ أَصْلِيَّةً كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ أَوْ عَارِضَةً كَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ عَلِمَتْ هِيَ أَيْضًا أَمْ لَا أَمَّا لَوْ عَلِمَتْ بِالْحُرْمَةِ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ جَهِلَا الْحُرْمَةَ فَفِي الْخَمْرِ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ، وَأَمَّا الْمَغْصُوبُ وَالْمَسْرُوقُ فَكَالْمُسْتَحَقِّ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مَوْصُوفًا. (قَوْلُهُ وَيُرَاقُ الْخَمْرُ) أَيْ وَلَا تُكْسَرُ أَوَانِيهِ لِأَنَّهَا مَالٌ لِمُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ فِي نَظِيرِ الْحَرَامِ) سَوَاءٌ كَانَتْ حُرْمَتُهُ أَصْلِيَّةً كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ أَوْ عَارِضَةً كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ كَتَأْخِيرِهَا إلَخْ) إنَّمَا أَتَى بِالْكَافِ وَلَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ عَلَى الْحَرَامِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْمُشَبَّهِ وَهُوَ مَدْخُولُ الْكَافِ لَيْسَتْ بِاتِّفَاقٍ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقٍ. (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ رُدَّ إلَخْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ بِالْحَرَامِ فِي الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ بِدَيْنٍ إلَخْ) أَيْ بِتَأْخِيرِ دَيْنٍ حَالٍّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا لَهَا) أَيْ لِأَنَّ مَنْ أَخَّرَ مَا عُجِّلَ عُدَّ مُسَلَّفًا (قَوْلُهُ أَوْ تَعْجِيلُهَا دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا) أَيْ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أُجِّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا كَمَنْ أَخَّرَ مَا عُجِّلَ فَإِذَا عَجَّلَتْ مَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ كَانَتْ مُسَلِّفَةً لَهُ وَقَدْ انْتَفَعَتْ بِالْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْمَسْكَنِ يَرُدُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ رَدُّهَا إلَيْهِ وَإِقَامَتُهَا فِيهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) أَيْ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْمَسْكَنِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْعٍ) ، وَأَمَّا مِنْ قَرْضٍ فَيَجِبُ قَبُولُهَا وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَجَّلًا سَوَاءٌ كَانَ مُسْلَمًا فِيهِ أَوْ كَانَ ثَمَنَ سِلْعَةٍ فَالْحَقُّ فِي الْأَجَلِ لِمَنْ هُوَ لَهُ فَإِنْ عَجَّلَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مَنْ هُوَ لَهُ قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ دَيْنًا مِنْ قَرْضٍ فَالْحَقُّ فِي الْأَجَلِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِذَا عَجَّلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ لَزِمَ مَنْ هُوَ لَهُ قَبُولًا، وَأَمَّا الْعَيْنُ إذَا كَانَتْ دَيْنًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَإِنْ اشْتَرَطَ دَفْعَهَا فِي الْبَلَدِ فَالْحَقُّ لِمَنْ هِيَ عَلَيْهِ فَمَتَى أَتَى بِهَا فِي الْبَلَدِ أَجْبَرَ رَبَّهَا عَلَى قَبُولِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِطًا دَفْعَهَا فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّقَاضِي فَإِنْ كَانَتْ حَالَّةً وَأَرَادَ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ دَفْعَهَا فِي الْبَلَدِ أُجْبِرَ رَبُّهَا عَلَى قَبُولِهَا إنْ كَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً فَلَا يَلْزَمُ رَبَّهَا قَبُولُهَا مُطْلَقًا أَيْ كَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً أَوْ مَخُوفَةً. (قَوْلُهُ فَيَرُدُّ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ إلَيْهِ وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَجَلِهِ وَيَمْضِي الْخُلْعُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا حَطَّتْ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ حُطَّ

مِنْ قَرْضٍ لَا مَنْ عَجَّلْ مَا أُجِّلَ عُدَّ مُسْلِفًا وَقَدْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ سُوءِ الْخُصُومَاتِ وَسُوءِ الِاقْتِضَاءَاتِ عَنْ نَفْسِهِ أَيْ لِاحْتِمَالِ عُسْرِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ فَيُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ (أَوْ لَا) يَمْنَعُ وَلَا يَرُدُّ الدَّيْنَ إلَى أَجَلِهِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (تَأْوِيلَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي لِأَنَّ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يُعَدُّ تَعْجِيلُهُ سَلَفًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَدَفْعُ سُوءِ الْخُصُومَاتِ فِي قُدْرَتِهِ إذْ لَوْ عَجَّلَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَإِسْقَاطُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فِي قُدْرَتِهِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ (وَبَانَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْهُ حَيْثُ وَقَعَ بِعِوَضٍ ثُمَّ الْعِوَضُ لِلزَّوْجِ أَمْ لَا بَلْ (وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) إنْ (نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى لَفْظِ الْخُلْعِ فَالْمُصَنِّفُ سَقَطَ مِنْهُ أَدَاةُ الشَّرْطِ (أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ أَيْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَوْ وَقَعَ بِلَا عِوَضٍ أَوْ بِعِوَضٍ وَنَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ بِأَنْ قَالَ طَلُقَتْ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَكَذَا إذَا تَلَفَّظَ بِالْخُلْعِ وَنَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا يَقَعُ إلَّا بَائِنًا (كَإِعْطَاءِ مَالٍ) لِزَوْجِهَا (فِي الْعِدَّةِ) مِنْ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ (عَلَى نَفْيِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ فَتَبِينُ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ (كَبَيْعِهَا) أَيْ بَيْعِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي مَجَاعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ تَزْوِيجِهَا) أَيْ تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا لِشَخْصٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ هَزْلًا وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا (وَالْمُخْتَارُ نَفْيُ اللُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ الطَّلَاقِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ (و) بَانَتْ بِكُلِّ (طَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّمَانَ وَأَزِيدُك (قَوْلُهُ مِنْ قَرْضٍ) رَاجِعٌ لِلْعَرْضِ وَالطَّعَامِ (قَوْلُهُ بِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بِلَا خُلْعٍ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ فِي قُدْرَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي قُدْرَتِهِ بِغَيْرِ تَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ إذْ لَا يُقَالُ إلَّا إذَا كَانَ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ إلَّا تَعْجِيلُ الْمُؤَجَّلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ تَمَّ الْعِوَضُ هَذَا دَالٌّ عَلَى الْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ، وَقَوْلُهُ وَبَانَتْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ إذَا وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ شَامِلٍ لِمَا إذَا تَمَّ لَهُ الْعِوَضُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ خَمْرًا أَوْ مَغْصُوبًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) مُبَالَغَةٌ فِي بَيْنُونَةِ الْمُخْتَلِعَةِ أَيْ وَبَانَتْ الْمُخْتَلِعَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْخُلْعُ مُلْتَبِسًا بِعِوَضٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِلَا عِوَضٍ، وَقَوْلُهُ إنْ نَصَّ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ بَاؤُهُ لِلْمُلَابَسَةِ مُتَعَلِّقٌ بِنَصَّ وَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِلْخُلْعِ أَيْ وَبَانَتْ الْمُخْتَلِعَةُ هَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْخُلْعِ بَلْ وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْخُلْعِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِلَا عِوَضٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا خَالَعْتكِ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ وَمِثْلُ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي لُزُومِ الْبَيْنُونَةِ بِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ لَفْظُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَالِافْتِدَاءِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا صَالَحْتُك أَوْ أَنَا مُصَالِحٌ لَك أَوْ أَنْتِ مُصَالَحَةٌ أَوْ أَنَا مُبْرِيكِ أَوْ أَنْتِ مُبْرَأَةٌ أَوْ أَنَا مُفْتَدٍ مِنْك أَوْ أَنْتِ مُفْتَدَاةٌ مِنِّي قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنْتِ بَارِزَةٌ عَنْ ذِمَّتِي أَوْ عَنْ عِصْمَتِي أَوْ أَنْتِ خَالِصَةٌ مِنِّي أَوْ خَالِصَةٌ مِنْ عِصْمَتِي أَوْ لَسْتِ لِي عَلَى ذِمَّةٍ كَذَا قَرَّرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَعَ التَّنْصِيصِ عَلَى الرَّجْعَةِ يَكُونُ بَائِنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْعِوَضَ طَلَّقْتُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَإِعْطَاءِ مَالٍ) أَيْ أَوْ إبْرَاءٍ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَلَفَّظَ بِالْخُلْعِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ وَلِي عَلَيْكِ الرَّجْعَةُ (قَوْلُهُ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ) أَيْ بِقَبُولِ الْمَالِ عَلَى عَدَمِ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الِارْتِجَاعِ الَّذِي قَبِلَ الْمَالَ لِأَجْلِهِ مَلْزُومٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَمَتَى حَصَلَ الْمَلْزُومُ حَصَلَ اللَّازِمُ وَهُوَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فَالطَّلَاقُ الَّذِي أَنْشَأَهُ الْآنَ وَقَبُولُهُ الْمَالَ غَيْرُ الطَّلَاقِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا إذْ الْحَاصِلُ مِنْهُ أَوَّلًا رَجْعِيٌّ، وَهَذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ بِقَبُولِ الْمَالِ الْبَائِنُ وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى فَتَنْقَلِبُ الْأُولَى بَائِنًا قَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ بِقَبُولِ الْمَالِ شَيْءٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَيَرُدُّ لَهَا مَالَهَا وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قُلْت هُوَ ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ بِأَنْ قَالَ قَبِلْتُ هَذَا الْمَالَ عَلَى عَدَمِ الرَّجْعَةِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ الْقَبُولُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ بِأَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَسَكَتَ فَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْقَبُولِ كَالسُّكُوتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اللَّفْظِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ. (قَوْلُهُ أَيْ بَيْعُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ أَوْ تَزْوِيجُهَا أَيْ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ فَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَمِثْلُ بَيْعِهِ وَتَزْوِيجِهِ لَهَا مَا لَوْ بِيعَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ زُوِّجَتْ وَالزَّوْجُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَإِنَّهَا تَبِينُ أَيْضًا، وَأَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ أَنْكَرَهُ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ هَزْلًا) أَيْ هَذَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ جِدًّا بَلْ وَلَوْ فَعَلَهُ هَزْلًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ امْرَأَتَهُ أَوْ زَوَّجَهَا هَازِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ الْهَازِلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ اهـ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ هَازِلٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ هَازِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا) أَيْ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِهَا وَلَا مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِهَا حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَبِيعَهَا ثَانِيًا (قَوْلُهُ حَكَمَ بِهِ) أَيْ بِإِنْشَائِهِ لِكَعَيْبٍ أَوْ إضْرَارٍ أَوْ نُشُوزٍ أَوْ فَقْدٍ أَمَّا إذَا حَكَمَ بِصِحَّتِهِ أَوْ لُزُومِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ فَإِذَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ مَجْنُونٌ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ عَاقِلًا فَحُكِمَ بِصِحَّةِ

أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ (إلَّا) إذَا حَكَمَ بِهِ (لِإِيلَاءٍ أَوْ عُسْرٍ بِنَفَقَةٍ) فَرَجْعِيٌّ وَلَوْ قَالَ وَعَدَمُ نَفَقَةٍ لَشَمِلَ مَنْ غَابَ مُوسِرًا وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا مَا لَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَلَمْ تَجِدْ مُسَلِّفًا فَطَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَقَدِمَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا (لَا إنْ) طَلَّقَ رَجْعِيًّا وَ (شُرِطَ) عَلَيْهِ (نَفْيُ الرَّجْعَةِ بِلَا عِوَضٍ) فَيَسْتَمِرُّ رَجْعِيًّا وَلَا تَبِينُ وَشُرِطَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ فَيَشْمَلُ شَرْطَهُ وَشَرْطَهَا (أَوْ طَلَّقَ) وَأَعْطَى (أَوْ صَالَحَ) زَوْجَتَهُ عَلَى مَالٍ عَلَيْهِ لَهَا مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا (وَأَعْطَى) لَهَا شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ. (وَهَلْ) يَكُونُ رَجْعِيًّا (مُطْلَقًا) قَصَدَ الْخُلْعَ أَمْ لَا (أَوْ) رَجْعِيًّا (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ) فَبَائِنٌ (تَأْوِيلَانِ) وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا وَهُمَا فِي فَرْعٍ صَالَحَ وَأَعْطَى وَأَمَّا مَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى فَرَجْعِيٌّ قَطْعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ فَصَالَحَهَا عَلَى إسْقَاطِ بَعْضِهِ وَإِلَّا كَانَ بَائِنًا قَطْعًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صُلْحٌ بِوَجْهٍ مَا إمَّا لِكَوْنِ الدَّيْنِ عَلَيْهَا أَوْ لَهَا عَلَيْهِ قِصَاصٌ. (وَمُوجِبُهُ) أَيْ طَلَاقِ الْخُلْعِ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مَوْقِعُهُ وَمُثْبِتُهُ (زَوْجٌ) أَوْ وَكِيلُهُ (مُكَلَّفٌ) لَا صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ الْمُكَلَّفُ (سَفِيهًا) لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَبِهِ أَوْلَى (أَوْ) مُوجِبُهُ (وَلِيٌّ صَغِيرٌ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ وَلِيٌّ مَجْنُونٌ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ (أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ غَيْرَهُمَا) كَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ، وَمُقَدِّمُهُ إذَا كَانَ الْخُلْعُ لِمَنْ ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُطَلِّقَ الْوَلِيُّ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ عِوَضٍ (لَا أَبُ) زَوْجٍ (سَفِيهٍ و) لَا (سَيِّدُ) عَبْدٍ (بَالِغٍ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الْخُلْعُ عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إذْ الطَّلَاقُ بِيَدِ الزَّوْجِ الْبَالِغِ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ رَقِيقًا لَا بِيَدِ الْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ. (وَنَفَذَ) (خُلْعُ) الزَّوْجِ (الْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَنَفَذَ إلَى أَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّلَاقِ أَوْ قِيلَ لَهُ طَلَاقُ السَّفِيهِ غَيْرُ لَازِمٍ مِثْلَ نِكَاحِهِ فَحُكِمَ بِلُزُومِهِ فَذَلِكَ الطَّلَاقُ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ. (قَوْلُهُ أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ) ، وَأَمَّا لَوْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا وَلَوْ جَبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى إيقَاعِهِ وَحَكَمَ بِبَيْنُونَتِهِ بِأَنْ قَالَ حَكَمْتُ بِأَنَّهُ بَائِنٌ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ لَا إنْ شَرَطَ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً لَا رَجْعَةَ فِيهَا أَوْ لَا رَجْعَةَ بَعْدَهَا فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَأَعْطَى) أَيْ بِأَنْ طَلَّقَهَا وَأَعْطَاهَا مِائَةً مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ أَوْ صَالَحَ وَأَعْطَى) أَيْ أَنَّهُ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مَا تَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهَا الْقَدْرَ الْمُصَالَحَ بِهِ كَمَا إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ فَصَالَحَهَا عَلَى خَمْسَةٍ دَفَعَهَا لَهَا وَتَرَكَتْ لَهُ خَمْسَةً لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّ مَا تَرَكَتْهُ مِنْ دَيْنِهَا لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَمَا أَخَذَتْهُ فَهُوَ صُلْحٌ عَنْ بَعْضِ دَيْنِهَا، وَهَذَا الْحَلُّ لتت وَتَبِعَهُ فِيهِ خش وعبق (قَوْلُهُ وَأَعْطَى لَهَا شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُصَالَحُ بِهِ (قَوْلُهُ قَصَدَ الْخُلْعَ) أَيْ حِينَ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ الصُّلْحِ أَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا ذِكْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَصَدَ الْخُلْعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْخُلْعُ مَدْلُولًا لِلَفْظِ الطَّلَاقِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ بَائِنٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ فَبَائِنٌ) أَيْ نَظَرًا لِقَصْدِهِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَأَبِي بَكْرِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْأَوَّلُ لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ (قَوْلُهُ فَرَجْعِيٌّ قَطْعًا) أَيْ اتِّفَاقًا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا صَالَحَ وَأَعْطَى طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ وَبَعْضُهُمْ يَخُصُّ الْخِلَافَ بِمَسْأَلَةِ طَلَّقَ وَأَعْطَى وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الْعَلَّامَةُ طفي (قَوْلُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ كَمَا حَلَّ بِهِ تت وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ إمَّا لِكَوْنِ) (الدَّيْنِ عَلَيْهَا) أَيْ فَصَالَحَهَا عَلَى أَخْذِ بَعْضِهِ وَتَرَكَ لَهَا الْبَعْضَ الْآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا (قَوْلُهُ أَوْ لَهَا عَلَيْهِ قِصَاصٌ) أَيْ فَصَالَحَهَا عَلَى تَرْكِهِ وَأَعْطَاهَا دَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِهِ صُلْحًا ثُمَّ طَلَّقَهَا (قَوْلُهُ وَمُوجِبُهُ أَيْ طَلَاقِ الْخُلْعِ) أَيْ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْعِوَضِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُوجِبُ الْعِوَضَ وَإِنَّمَا الَّذِي يُوجِبُ مُلْتَزِمُهُ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوقِعُ هُنَا رَشِيدًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ وَالْمَالُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ هُنَا وَلَا يَمْضِي فِعْلُهُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا لَوْ كَانَ يَدْفَعُ الْمَالَ مَعَ أَنَّهُ آخِذٌ لَهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ سَفِيهًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ طَلَاقِ الْخُلْعِ مِنْ السَّفِيهِ إذَا خَالَعَ السَّفِيهُ فَإِنْ خَالَعَ بِخُلْعِ الْمِثْلِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ خَالَعَ بِدُونِهِ كَمَنْ لَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَبْرَأُ الْمُخْتَلِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لِلسَّفِيهِ بَلْ لِوَلِيِّهِ كَمَا فِي ح عَنْ التَّوْضِيحِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ كَابْنِ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمُخْتَلِعِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لِلسَّفِيهِ دُونَ وَلِيِّهِ وَاسْتَظْهَرَهُ عج (قَوْلُهُ فَبِهِ أَوْلَى) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِتَوَهُّمِ أَنَّ طَلَاقَهُ يُؤَدِّي لِذَهَابِ مَالِهِ فِي زَوَاجِ امْرَأَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ لِمَنْ ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُوقِعُ الطَّلَاقَ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَاحِدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَخْ) ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ الْوَلِيُّ عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ بِدُونِ شَيْءٍ يُؤْخَذُ لَهُ إذْ قَدْ يَكُونُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَسَادَ الْأَمْرِ جُهِلَ قَبْلَ نِكَاحِهِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ كَوْنِ الزَّوْجَةِ غَيْرَ مَحْمُودَةِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ لَا أَبُ زَوْجٍ) أَيْ لَا يُوقِعُ طَلَاقَ الْخُلْعِ أَبُ زَوْجٍ سَفِيهٍ (قَوْلُهُ بَالِغٍ) الْأَوْلَى رُجُوعُهُ لِلثَّانِي وَهُوَ الْعَبْدُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي رُجُوعِهِ لِلْأَوَّلِ إذْ السَّفِيهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَالِغًا (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُمَا جَبْرُهُمَا

لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِ وَارِثٍ (وَوَرِثَتْ) زَوْجَتُهُ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ الَّذِي خَالَعَهَا فِيهِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَزْوَاجًا (دُونَهَا) أَيْ فَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ مَرِيضَةً أَيْضًا لِأَنَّهُ الَّذِي أَسْقَطَ مَا كَانَ بِيَدِهِ وَشَبَّهَ فِي إرْثِهَا مِنْهُ دُونَهُ قَوْلُهُ (كَمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ) فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا (فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ طَالَ أَوْ قَصُرَ وَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ هِيَ فِيهِ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنَّهُ يَرِثُهَا كَمَا تَرِثُهُ فَقَوْلُهُ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ اخْتَارَتْ أَوْ أَوْقَعَتْ الطَّلَاقَ فِيهِ (وَمُولًى مِنْهَا) أَيْ وَكَزَوْجَةٍ آلَى مِنْهَا زَوْجُهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَانْقَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَفِ وَلَا وَعْدَ فَطَلَّقَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَرِثَهَا كَمَا تَرِثُهُ لِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ. (وَمُلَاعَنَةٍ) فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ تَقُومُ مَقَامَ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَتْ فَسْخًا فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَمُلَاعَنَةٍ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ (أَوْ) قَالَ لَهَا وَلَوْ فِي صِحَّتِهِ إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا مَثَلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَ (أَحْنَثَتْهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيَرِثُهُ دُونَهَا (أَوْ) طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ (أَسْلَمَتْ) الْكِتَابِيَّةُ (أَوْ عَتَقَتْ) الْأَمَةُ فِي مَرَضِهِ فَتَرِثُهُ دُونَهَا. (أَوْ) (تَزَوَّجَتْ) الْمُطَلَّقَةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُطَلِّقِ لَهَا فِي مَرَضِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا) كَثِيرَةً كُلٌّ مِنْهُمْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ (وَإِنْ) كَانَتْ الْآنَ (فِي عِصْمَةٍ) لِزَوْجٍ صَحِيحٍ (وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ) إرْثُهَا مِنْ مُطَلِّقِهَا فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (بِصِحَّةٍ) مِنْهُ (بَيِّنَةٍ) عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (وَلَوْ صَحَّ) الْمَرِيضُ الْمُطَلِّقُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَطَلَّقَهَا بِصِحَّةٍ بَيِّنَةٍ (ثُمَّ مَرِضَ) ثَانِيًا (فَطَلَّقَهَا) فِي هَذَا الْمَرَضِ الثَّانِي طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الثَّانِي (لَمْ تَرِثْ إلَّا) إذَا مَاتَ (فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) الرَّجْعِيِّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ فَأَرْدَفَهَا طَلَاقًا فِيهِ فَتَرِثُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى النِّكَاحِ . (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمَرَضَ مَخُوفٌ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ كَانَ جَائِزًا ابْتِدَاءً كَالصَّحِيحِ (قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا (قَوْلُهُ إنْ مَاتَتْ فِي مَرَضِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ طَالَ أَوْ قَصُرَ) أَيْ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا (قَوْلُهُ وَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَوْتُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّمْلِيكِ وَيُحْمَلُ التَّخْيِيرُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِوَاحِدَةٍ رَجْعِيَّةٍ وَمَا يَأْتِي مِنْ بُطْلَانِهِ إذَا قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ فِي الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهَا) أَيْ إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ كَمَا تَرِثُهُ هِيَ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ أَوْ أَوْقَعَتْ الطَّلَاقَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ) أَيْ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَرِثُهَا أَيْ وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ فَرَاغِ عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ تَقُومُ مَقَامَ الطَّلَاقِ) أَيْ مَقَامَ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا) أَيْ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْتِ دَارَ زَيْدٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَدَخَلَتْهَا فِي مَرَضِهِ قَاصِدَةً حِنْثَهُ فَإِذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَرِثَتْهُ دُونَهَا (قَوْلُهُ فَأَحْنَثَتْهُ فِيهِ) أَيْ أَوْقَعَتْ الْحِنْثَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ (قَوْلُهُ فَتَرِثُهُ) أَيْ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُ دُونَهَا أَيْ فَإِذَا مَاتَتْ هِيَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا إذَا كَانَ مَوْتُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَإِلَّا وَرِثَهَا لِأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إرْثِهَا لَهُ مُطْلَقًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ إرْثِهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ) أَيْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (قَوْلُهُ فَتَرِثُهُ) أَيْ لِإِتْهَامِهِ عَلَى مَنْعِهَا مِنْ الْإِرْثِ لَمَّا خَشِيَ الْإِسْلَامَ أَوْ الْعِتْقَ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ دُونَهَا أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ لَيْسَ مُبَايِنًا لِلطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ حَيْثُ يُعْطَفُ عَلَيْهِ بَلْ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بَائِنًا لَمْ يَرْتَدِفْ عَلَيْهِ طَلَاقُ الْمَرَضِ الثَّانِي (قَوْلُهُ ثُمَّ مَرِضَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ارْتَجَعَهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ أَمَّا لَوْ ارْتَجَعَهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الثَّانِي وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) أَيْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ رَجْعِيٌّ وَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ فَتَرِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ الثَّانِي لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُرْدَفٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ زَالَتْ تُهْمَةُ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) فِيهِ أَنَّ الثَّانِيَ لَا عِدَّةَ لَهُ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَمْ تَرِثْهُ إلَّا فِي الْعِدَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ أَوْ أَنَّ الْمَفْهُومَ وَهُوَ لَا تَرِثُهُ فِي عِدَّةِ الثَّانِي سَالِبَةٌ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ أَيْ وَلَا تَرِثُهُ فِي عِدَّةِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ لَهُ تَأَمَّلْ

(وَالْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ الْمَرِيضُ كُنْت طَلَّقْتُهَا قَبْلَ مَرَضِي بِزَمَنٍ سَابِقٍ بِحَيْثُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ (كَإِنْشَائِهِ) أَيْ مِثْلِ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْنَادِهِ لِزَمَنِ صِحَّتِهِ فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَأَمَّا هُوَ فَيَرِثُهَا فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا لَا إنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ (وَالْعِدَّةُ) تُبْتَدَأ (مِنْ) يَوْمِ (الْإِقْرَارِ) فِي الْمَرَضِ لَا مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أُسْنِدَ إلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهَذَا مَا لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ وَإِلَّا عَمِلَ بِهَا فَتَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَرَّخَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَلَا إرْثَ بَيْنَهُمَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ بَائِنًا. (وَلَوْ) (شُهِدَ) عَلَى زَوْجٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ) لِزَوْجَتِهِ فِي صِحَّتِهِ وَأَوْلَى فِي مَرَضِهِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى حَسَبِ تَارِيخِهِمْ وَاسْتَمَرَّ الزَّوْجُ لِمَوْتِهِ مُعَاشِرًا لَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ أَبَدًا كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ) لَكِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ لِاحْتِمَالِ طَعْنِهِ فِي شَهَادَتِهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الشُّهُودَ عُذِرُوا بِتَأْخِيرِهِمْ الشَّهَادَةَ بِكَغَيْبَةٍ إذْ لَوْ كَانُوا حَاضِرِينَ عَالِمِينَ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِسُكُوتِهِمْ وَلَا يُعْذَرُونَ بِالْجَهْلِ. (وَإِنْ أَشْهَدَ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِإِنْشَائِهِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ ثَلَاثًا أَوْ دُونَهَا بَائِنًا بِأَنْ قَالَ لِلْبَيِّنَةِ اشْهَدُوا بِأَنَّهَا طَالِقٌ أَوْ أَنِّي كُنْت طَلَّقْتهَا (فِي سَفَرٍ) أَوْ حَضَرٍ (ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ) الْمَشْهُودَ بِطَلَاقِهَا أَيْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا (وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ) أَيْ الْمَشْهُودُ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ (فَرَّقَ) بَيْنَهُمَا وَاعْتَدَّتْ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ لَا مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْنَدَتْ إقْرَارَهُ فِيهِ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِالْفِرَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا الرَّاجِعِ عَنْهُ. (وَلَوْ) (أَبَانَهَا) الزَّوْجُ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) فِيهِ (قَبْلَ صِحَّتِهِ) (فَكَالتَّزَوُّجِ فِي الْمَرَضِ) يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ وَيُعَجِّلُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ كَمَا مَرَّ فَالتَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْفَسْخِ أَبَدًا وَمَا مَعَهُ مِنْ الصَّدَاقِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ. (وَلَمْ يَجُزْ) (خُلْعُ الْمَرِيضَةِ) مَرَضًا مَخُوفًا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَكَذَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهَا عَلَى ذَلِكَ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ وَنَفَذَ الطَّلَاقُ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ مَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ يُرَدُّ) الْخُلْعُ بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ لَهَا أَوْ لِوَارِثِهَا إنْ مَاتَتْ وَأَمَّا الطَّلَاقُ الْبَائِنُ فَنَافِذٌ لَا يَرُدُّ وَهَذَا إشَارَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ) مِثْلُ إقْرَارِهِ بِهِ فِيهِ مَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَرِيضِ بِأَنَّهُ قَدْ طَلَّقَ فِي زَمَانٍ سَابِقٍ عَلَى مَرَضِهِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَيَكُونُ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِي مَرَضِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إسْنَادُهُ لِزَمَنٍ سَابِقٍ فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَالْعِدَّةُ تُبْتَدَأُ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ) أَيْ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ لَا عِدَّةَ وَفَاةٍ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَيَعْمَلُ عَلَى مَا أَرَّخَتْهُ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ عَلَى مُقْتَضَى تَارِيخِ الْبَيِّنَةِ وَالْحَالُ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ أَوْ كَانَ بَائِنًا سَوَاءٌ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ لَا أَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ (قَوْلُهُ مُعَاشِرًا لَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُقِرٍّ بِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَرِثُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَ فِي الْمَرَضِ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ عَالِمِينَ) أَيْ بِمُعَاشَرَتِهِ لَهَا (قَوْلُهُ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِسُكُوتِهِمْ) فَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ هِيَ الَّتِي مَاتَتْ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِطَلَاقِهَا فَقَبِلَ الزَّوْجُ شَهَادَتَهَا وَلَمْ يُبْدِ مَطْعَنًا لَمْ يَرِثْهَا إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ أَبْدَى مَطْعَنًا فِيهَا وَرِثَهَا لِصَيْرُورَةِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ اشْهَدُوا بِأَنَّهَا طَالِقٌ) أَيْ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ فِي وَطْئِهِ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ وَقَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْفِرَاقِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا إلَخْ) أَيْ فَالشَّهَادَةُ بِالطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَإِنْكَارُهُ لِلشَّهَادَةِ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ صِحَّتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ أَوْ آخِرِهِ (قَوْلُهُ فَكَالْمُتَزَوِّجِ) أَيْ لِأَجْنَبِيَّةٍ فِي الْمَرَضِ فَلَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ) إنْ قِيلَ عِلَّةُ فَسْخِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ وَهِيَ إدْخَالُ وَارِثٍ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا لِثُبُوتِ الْإِرْثِ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَمَا وَجْهُ الْفَسْخِ هُنَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ إنْ حَكَمُوا بِالْفَسْخِ هُنَا لِأَجْلِ الْغَرَرِ فِي الْمَهْرِ لِأَنَّهُ فِي الثُّلُثِ فَلَا يَدْرِي أَيَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا فَلَوْ تَحَمَّلَ الْمَهْرَ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُفْسَخْ لِثُبُوتِ الْمَهْرِ فِي مَالِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْإِرْثِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَالتَّوْضِيحُ (قَوْلُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي قَطَعَهُ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ فِي الْمَرَضِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهَا أَنْ لَوْ وَرِثَهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ، وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَأَقَلَّ فَجَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ عِيَاضٌ فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَفْسِيرًا أَوْ خِلَافًا قَوْلَانِ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْأَقَلِّ اهـ مَوَّاقٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ يَرُدُّ أَيْ الْمُخَالَعَ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا إشَارَةً إلَى تَأْوِيلِ الْخِلَافِ لِلْأَقَلِّ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُجَاوِز لِإِرْثِهِ إشَارَةٌ إلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ لِلْأَكْثَرِ وَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرْكُ فِي عَدَمِ الِاقْتِصَارِ

لِتَأْوِيلِ الْخِلَافِ لِابْنِ الْقَاسِمِ حَمْلًا لِقَوْلِهَا وَمَنْ اخْتَلَعَتْ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا عَلَى إطْلَاقِهِ (أَوْ) يَرُدُّ (الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ) مِنْهَا أَنْ لَوْ وَرِثَ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْخُلْعِ (يَوْمَ مَوْتِهَا) ظَرْفٌ لِلْمُجَاوِزِ أَيْ يَرُدُّ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ فِي يَوْمِ مَوْتِهَا لَا يَوْمِ الْخُلْعِ (و) إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ مَوْتِهَا (وَقَفَ) جَمِيعَ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَا الزَّائِدَ فَقَطْ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَوْتِهَا لِيَنْظُرَ هَلْ هُوَ قَدْرُ إرْثِهِ أَوْ أَقَلُّ فَيَأْخُذُهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ إرْثِهِ فَيَرِثُهُ فَيَرُدُّ الزَّائِدَ وَهَذَا إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ بِحَمْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَعْدَ نِصْفِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَأَنَا أَرَى أَنَّهَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَلَهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ انْتَهَى عَلَى الْوِفَاقِ لِقَوْلِ مَالِكٍ بِحَمْلِ قَوْلِ مَالِكٍ لَمْ يَجُزْ أَيْ لَمْ يَجُزْ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى إرْثِهِ أَيْ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْقَدْرُ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ مِمَّا اخْتَلَعَتْ بِهِ (تَأْوِيلَانِ) وَالرَّاجِحُ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ. (وَإِنْ) (نَقَصَ وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ عَلَى الْخُلْعِ (عَنْ مُسَمَّاهُ) أَيْ عَمَّا سَمَّاهُ الزَّوْجُ لَهُ بِأَنْ قَالَ لِلْوَكِيلِ خَالِعْهَا بِعَشَرَةٍ فَخَالَعَ بِخَمْسَةٍ (لَمْ يَلْزَمْ) الْخُلْعُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَعْزُولٌ عَنْ ذَلِكَ بِمُخَالَفَتِهِ إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَيَلْزَمُ وَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ إنْ أَتَمَّهُ الْوَكِيلُ إذْ لَا مِنَّةَ تَلْحَقُ الزَّوْجَ. (أَوْ) (أَطْلَقَ) الزَّوْجُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ (أَوْ) أَطْلَقَ (لَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ بِأَنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَنَقَصَ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ (حَلَفَ) الزَّوْجُ (أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ) وَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تُتِمَّهُ هِيَ أَوْ الْوَكِيلُ فَيَلْزَمُ وَمَحِلُّ الْيَمِينِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ إنْ قَالَ لَهَا إنْ دَعَوْتنِي إلَى صُلْحٍ أَوْ مَالٍ بِالتَّنْكِيرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَمَّا إنْ قَالَ إلَى مَا أُخَالِعُكِ بِهِ فَلَهُ طَلَبُ خُلْعِ الْمِثْلِ بِلَا يَمِينٍ وَأَمَّا إنْ أَتَى بِالصُّلْحِ مُعَرَّفًا فَلَهُ طَلَبُ مَا زَادَ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ بِيَمِينٍ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ بِتَأَمُّلٍ (وَإِنْ) (زَادَ وَكِيلُهَا) عَلَى مَا سَمَّتْ لَهُ أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَتْ (فَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ) عَلَى مَا سَمَّتْهُ أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا دَفْعُ مَا سَمَّتْهُ أَوْ خُلْعِ الْمِثْلِ حَيْثُ أَطْلَقَتْ وَالطَّلَاقُ لَازِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَرَدَّ) الزَّوْجُ (الْمَالَ) الَّذِي خَالَعَهَا بِهِ وَكَذَا يَسْقُطُ عَنْهَا مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا أَوْ نَفَقَةِ حَمْلٍ أَوْ إسْقَاطِ حَضَانَةٍ حَيْثُ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَادَّعَتْ بَعْدَ الْمُخَالَعَةِ أَنَّهَا مَا خَالَعَتْهُ إلَّا لِضَرَرٍ يَجُوزُ لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ (بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ) وَأَوْلَى بِشَهَادَةِ قَطْعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمِيرَاثِ يَوْمَ الْخَلْعِ فَيَتَعَجَّلُ الزَّوْجُ الْخُلْعَ إنْ كَانَ قَدْرَ الْمِيرَاثِ فَأَقَلَّ أَوْ يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمَوْتِ فَيُوقَفُ الْمُخَالَعُ بِهِ كُلُّهُ إلَى يَوْمِ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ أَخَذَهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَلَا إرْثَ لَهُ بِحَالٍ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ مِنْهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ أَمَّا إنْ صَحَّتْ أَخَذَ جَمِيعَ مَا خَالَعَ بِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ هُمَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْخُلْعِ وَلَا مِنْ الْمِيرَاثِ هَذَا ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ) أَيْ فَقَوْلُهَا لَمْ يَجُزْ أَيْ فَيَرُدُّ لَهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ لِوَارِثِهَا كُلَّهُ وَلَا يَبْقَى لِلزَّوْجِ مِنْهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ ظَرْفٌ لِلْمُجَاوِزِ) أَيْ فَمُجَاوَزَةُ الْمُخَالَعِ بِهِ لِإِرْثِهِ وَعَدَمُ مُجَاوَزَتِهِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ مَوْتِهَا لَا يَوْمَ الْخَلْعِ خِلَافًا لِلْقَائِلِ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَوَارَثَانِ) اُسْتُفِيدَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمِنْ هُنَا أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْقَدْرُ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ مِمَّا اخْتَلَعَتْ بِهِ) أَيْ، وَأَمَّا قَدْرُ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَلَا يُرَدُّ بَلْ يَمْضِي (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ النَّقْصُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إذْ لَا مِنَّةَ تَلْحَقُ الزَّوْجَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ بِأَلْفٍ فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ الْكَلَامَ وَلَوْ تَمَّمَهُ الْوَكِيلُ مِنْ عِنْدِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ أَيْ لِلْوَكِيلِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك عَلَى خُلْعِ زَوْجَتِي وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا يُخَالِعُهَا بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَهَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَعَوْتِينِي لِلصُّلْحِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ أَعْطَيْتِينِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إلَى مَا أُخَالِعُكِ بِهِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ دَعَوْتِينِي إلَى مَا أُخَالِعُكِ بِهِ أَوْ إنْ أَعْطَيْتِينِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. (قَوْلُهُ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ) نَصُّ كَلَامِ الْحَاشِيَةِ: الْحَقُّ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتِينِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ قَالَ إنْ دَعَوْتِينِي إلَى الصُّلْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْ خُلْعِ الْمِثْلِ لَكِنْ بِيَمِينٍ وَحِينَئِذٍ فَمَحِلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ فِيمَا إذَا كَانَ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ دَعَوْتِينِي إلَى مَالٍ أَوْ صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا سَمَّتْ لَهُ) بِأَنْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا خَالِعْ عَنِّي بِعَشَرَةٍ فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّتْ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَتْ) بِأَنْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا خَالِعْ عَنِّي وَلَمْ تُسَمِّ شَيْئًا فَخَالَعَ عَنْهَا بِأَزْيَدَ مِنْ خُلْعِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ وَرَدَّ الْمَالَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ بَعْدَ الْمُخَالَعَةِ أَنَّهَا مَا خَالَعَتْهُ إلَّا عَنْ ضَرَرٍ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ لَهَا مَا خَالَعَهَا بِهِ وَبَانَتْ مِنْهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ قَدْ دَفَعَتْ الْمَالَ مِنْ عِنْدِهَا فَلَوْ دَفَعَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنْ قَصَدَ فِدَاءَ الْمَرْأَةِ مِنْ ضَرَرِ الزَّوْجِ بِهَا رَدَّ الْمَالَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَلَا يَرُدُّ الْمَالَ لَهُ بَلْ لَهَا لِقَصْدِهِ التَّبَرُّعَ لَهَا كَذَا اسْتَظْهَرَ عج (قَوْلُهُ حَيْثُ طَلَبَتْ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ رَدِّ الْمَالِ وَإِسْقَاطِ مَا الْتَزَمَهُ (قَوْلُهُ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ) أَيْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ بِالسَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ كَمَا فِي عبق

(عَلَى الضَّرَرِ) وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ السَّمَاعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ لَوْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا سَمِعَتْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْخَدَمِ وَنَحْوِهِمْ عَمِلَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (و) رَدَّ الْمَالَ الْمُخَالَعَ بِهِ لَهَا (بِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ) وَاحِدٍ (أَوْ امْرَأَتَيْنِ) بِالْقَطْعِ وَالضَّرَرِ بِضَرْبٍ أَوْ شَتْمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَلَا يَضُرُّهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ فِي طَلَبِهَا رَدَّ الْمَالِ مِنْ الزَّوْجِ (إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ بَعْدَهَا أَلِفٌ لَفْظًا تُرْسَمُ يَاءً لِمُجَاوَزَتِهَا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءُ هُنَا الْبَيِّنَةُ الَّتِي اسْتَرْعَتْهَا أَيْ أَشْهَدَتْهَا بِالضَّرَرِ فَخَالَعَهَا الزَّوْجُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَالَعَتْهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لَهَا بِالضَّرَرِ فَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ الْإِشْهَادُ وَالْإِسْقَاطُ وَلَهَا الْقِيَامُ بِبَيِّنَتِهَا وَتَرُدُّ مِنْهُ الْمَالَ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ضَرَرَهَا يَحْمِلُهَا عَلَى ذَلِكَ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِرْعَاءَ هُنَا عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ فَلَوْ قَالَ وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَهِيَ مَا إذَا أَشْهَدَتْ بَيِّنَةً بِالضَّرَرِ ثُمَّ أَشْهَدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا إنْ أَسْقَطَتْ بَيِّنَةَ الضَّرَرِ فَلَيْسَتْ بِمُلْتَزَمَةٍ لِإِسْقَاطِهَا ثُمَّ خَالَعَتْهُ وَأَشْهَدَتْ عِنْدَ الْخَلْعِ بِإِسْقَاطِ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ فَلَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ وَلَهَا الْقِيَامُ بِهَا وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ إذْ هِيَ فِيهَا لَهَا الْقِيَامُ اتِّفَاقًا (و) رَدَّ الزَّوْجُ مَا خَالَعَ بِهِ (ب) ثُبُوتِ (كَوْنِهَا) مُطَلَّقَةً (طَلَاقًا بَائِنًا) مِنْهُ وَقْتَ الْخَلْعِ لِأَنَّ خُلْعَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا (لَا رَجْعِيًّا) وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَلَا يَرُدُّهُ لَهَا لِأَنَّ الْخُلْعَ قَدْ صَادَفَ مَحِلًّا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ (أَوْ لِكَوْنِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ كَالْخَامِسَةِ أَوْ الْمُحْرِمِ فَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِعَدَمِ مِلْكِيَّةِ الزَّوْجِ لِلْعِصْمَةِ (أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ) كَجُذَامٍ عَلِمَتْهُ (بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ بَعْدَ الْخَلْعِ فَرَدَّ لَهَا مَا خَالَعَهَا بِهِ إذْ لَهَا الرَّدُّ بِلَا عِوَضٍ. (أَوْ) (قَالَ) لَهَا (إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا) ثُمَّ خَالَعَهَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَرَدَّ الْمَالَ إذْ لَمْ يُصَادِفْ الْخُلْعُ مَحِلًّا (لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا) بَلْ أَطْلَقَ أَوْ قَالَ وَاحِدَةً فَلَا يَرُدُّ الْمَالَ (وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ) فَإِنْ قَيَّدَ بِاثْنَتَيْنِ لَمْ يَرُدَّ الْمَالَ أَيْضًا وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْيَمِينَ كَمَا فِي بْن وَالْوَاحِدُ لَا يَكْفِي مَعَ الْيَمِينِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَكْفِي وَكَذَا شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِالسَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ لَا يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَكْفِي وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ عَلَى الضَّرَرِ) أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ عَلَى الضَّرَرِ الَّذِي يَجُوزُ لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَشْهَدَتْ بَيِّنَةً عَلَى إضْرَارِ الزَّوْجِ لَهَا ثُمَّ دَفَعَتْ لَهُ مَالًا وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيِّنَةً بِالضَّرَرِ فَبَعْدَ الْخَلْعِ تَقُومِي عَلَيَّ وَتَدَّعِي الضَّرَرَ وَتَشْهَدِي تِلْكَ الْبَيِّنَةَ وَتَأْخُذِي ذَلِكَ الْمَالَ فَقَالَتْ إنْ كَانَتْ لِي بَيِّنَةٌ بِالضَّرَرِ فَقَدْ أَسْقَطْتهَا فَخَالَعَهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَلَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ الْإِسْقَاطُ وَلَوْ أَشْهَدَتْ عَلَيْهِ وَلَهَا الْقِيَامُ بِبَيِّنَتِهَا وَتَرُدُّ مِنْهُ الْمَالَ (قَوْلُهُ لِمُجَاوَزَتِهَا إلَخْ) أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْأَلِفَ إذَا جَاوَزَتْ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا يَاءٌ فَإِنَّهَا تُرْسَمُ يَاءً سَوَاءٌ كَانَتْ مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ أَوْ وَاوٍ (قَوْلُهُ يَحْمِلُهَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْإِسْقَاطُ (قَوْلُهُ بِإِسْقَاطِ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَبِإِسْقَاطِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَشْهَدَتْهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ سَقَطَتْ بَيِّنَةُ الضَّرَرِ كَانَتْ غَيْرَ مُلْتَزَمَةٍ لِذَلِكَ الْإِسْقَاطِ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا هُوَ إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا) أَيْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ حَمَلَ بَيِّنَةَ الِاسْتِرْعَاءِ فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهَا (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي إسْقَاطِ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ وَبِثُبُوتِ كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا مِنْهُ وَقْتَ الْخَلْعِ) أَيْ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُرَاجِعْهَا ثُمَّ خَالَعَهَا أَوْ حَلَفَ عَلَيْهَا بِالْحَرَامِ أَنْ لَا تَفْعَلَ كَذَا فَفَعَلَتْهُ وَاسْتَمَرَّ مُعَاشِرًا لَهَا ثُمَّ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ فَيَرُدُّهُ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا فِي الْمُخَالَعَةِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى النِّكَاحِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهَا إذَا اطَّلَعَتْ بَعْدَ الْخَلْعِ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ بِهِ بِأَنَّهُ يَرُدُّ الْمَالَ الْمُخَالَعَ بِهِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَيْ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَاتَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ فَكَالْعَدِمِ فَغَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي خش وعبق أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ بِالزَّوْجَةِ فَقَطْ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ بِالزَّوْجِ (قَوْلُهُ كَجُذَامٍ) أَيْ أَوْ جُنُونٍ أَوْ بَرَصٍ أَوْ جَبِّهِ أَوْ عُنَّتِهِ أَوْ اعْتِرَاضِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ خَالَعَهَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَرَدَّ الْمَالَ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعَلِّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا فَلَمْ يَجِدْ الْخُلْعُ لَهُ مَحِلًّا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا لَا يَرُدُّ عَلَى الزَّوْجَةِ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْخُلْعَ شَرْطًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَالْمَشْرُوطُ إنَّمَا يَكُونُ تَابِعًا لِلشَّرْطِ وَحَيْثُ كَانَ الْمَشْرُوطُ تَابِعًا لِلشَّرْطِ فَيُبْطِلُهُ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْخَلْعِ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهَا إنْ خَالَعْتكِ إلَخْ مِثْلُهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ طَلْقَتَيْنِ فَإِذَا خَالَعَهَا لَزِمَهُ كَمَالَةُ الثَّلَاثِ وَرَدَّ الْمَالَ. (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يُصَادِفْ الْخُلْعُ مَحِلًّا) أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلِّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ مَعًا. (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ وَاحِدَةً) أَيْ ثُمَّ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ) أَيْ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةً بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَيَّدَ) أَيْ

(وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا) أَيْ جَازَ الْخُلْعُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهَا نَفَقَةً أَيْ أُجْرَةَ رَضَاعِ مَا تَلِدُهُ وَهُوَ الْآنَ فِي بَطْنِهَا (مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ) أَيْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي نَظِيرِ حَمْلِهِ تَبَعًا لِلْخُلْعِ عَلَى إسْقَاطِ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مُدَّتَهُ وَلَوْ قَالَ وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ مَا تَلِدُهُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي حَمْلِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ لَهَا نَفَقَةٌ فِي حَمْلِهِ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا فَيَبْقَى الْآخَرُ وَرَجَّحَ. . (و) لَوْ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهَا وَعَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَى زَوْجِهَا الْمُخَالِعِ لَهَا أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةَ رَضَاعِ وَلَدِهَا (سَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ) الْمُصَاحِبَةُ لِنَفَقَةِ الرَّضِيعِ فِي الشَّرْطِ عِنْدَ الْخَلْعِ (أَوْ غَيْرِهِ) كَشَرْطِهِ نَفَقَتَهَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ مُفْرَدَةً أَوْ مُضَافَةً لِنَفَقَةِ الرَّضِيعِ (و) سَقَطَ (زَائِدٌ) عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ (شُرِطَ) كَنَفَقَتِهَا عَلَى وَلَدِهَا الصَّغِيرِ مُدَّةً بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَيْضًا وَإِنَّمَا جَازَ عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَلَزِمَ دُونَ مُدَّةِ غَيْرِهَا مَعَهُ أَوْ مُسْتَقِلَّةً عَلَى وَلَدِهَا الْكَبِيرِ مَعَ وُجُودِ الْغَرَرِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ أُمِّهِ وَلِأَنَّ الرَّضَاعَ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهَا حَيْثُ مَاتَ الْأَبُ وَهُوَ مُعْدَمٌ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُقُوطِ مَا ذُكِرَ وَعَدَمِ لُزُومِهِ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ ضَعِيفٌ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا بَلْ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ قَطْعًا حَتَّى قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ وَشَبَهِهِ فِي السُّقُوطِ عَنْ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ كَمَوْتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَيَسْقُطُ عَنْ أُمِّهِ مَا بَقِيَ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا بَقِيَ مِنْهَا أَيْ إذَا كَانَ عَادَتُهُمْ عَدَمَ الرُّجُوعِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا (وَإِنْ) (مَاتَتْ) أُمُّهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ (أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُخَالَعَةَ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ لِوَلَدٍ مَوْجُودٍ فَخَالَعَهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الرَّضِيعِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادًا لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ لَا تَسْقُطُ بِالْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الرَّضَاعِ فِي هَذَا الْفَرْضِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِوَلَدِهَا مَنْ يَصِيرُ وَلَدًا يَعْنِي أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ مَا تَلِدُهُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ تَسْقُطُ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي نَظِيرِ حَمْلِهِ) وَلَا تَدْخُلُ الْكِسْوَةُ فِي النَّفَقَةِ فِي هَذَا الْفَرْعِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَفْتَى النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ بِدُخُولِهَا (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ) أَيْ رَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا الْقَوْلَ حَيْثُ قَالَ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ أَيْضًا وَهُوَ الصَّوَابُ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْخَلْعِ) أَيْ الْكَائِنُ عِنْدَ الْخَلْعِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ زَوْجِهَا الْمُخَالِعِ لَهَا كَوَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَيْ أَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى رَضَاعِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ وَعَلَى أَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلَدِهَا الْكَبِيرِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ مُفْرَدَةً أَوْ مُضَافَةً) هَذَا يُنَافِي ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ الَّذِي يَسْقُطُ الْمُضَافَةُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُضَافَةِ فَلَا يَسْقُطُ وَقَدْ كَتَبَ بَعْضُ تَلَامِذَةِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ نَقْلًا عَنْهُ أَنَّ مَا مَرَّ طَرِيقَةُ لعج وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُضَافَةِ وَغَيْرِهَا فِي السُّقُوطِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ زَائِدٌ) أَيْ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى شَرْطِ أَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا الرَّضِيعِ مُدَّةً بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهَا ذَلِكَ الزَّائِدُ وَقَعَ الشَّرْطُ مِنْ الزَّوْجِ أَمْ مِنْهَا قَالَ بْن وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَزَائِدٌ شَرْطٌ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّفَقَةِ كَاشْتِرَاطِهِ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ لَغْوٌ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا إلَى فِطَامِهِ فَثَالِثُهَا إنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا يَضُرُّ بِالطِّفْلِ لَزِمَ الشَّرْطُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ عَلَى مُدَّةِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا جَازَ الْخُلْعُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الصَّغِيرِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ دُونَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُقُوطِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ كُلِّ زَائِدٍ عَلَى نَفَقَةِ الرَّضِيعِ فِي مُدَّةِ رَضَاعِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ مُضَافًا أَوْ لَا كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ نَفَقَةَ الزَّوْجِ أَوْ نَفَقَةَ غَيْرِهِ أَوْ نَفَقَةً لِلرَّضِيعِ زِيَادَةً عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا) أَيْ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ نَفَقَةً لِلزَّوْجِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ لِلرَّضِيعِ زِيَادَةً عَلَى النَّفَقَةِ فِي مُدَّةِ رَضَاعِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ مُضَافًا لِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ فِي الشَّرْطِ أَوْ مُسْتَقِلًّا بَلْ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ حَتَّى قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ إلَخْ) أَيْ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ أَيْضًا وَالْعَمَلُ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ غَرَرٌ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْخُلْعِ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَ الزَّائِدُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِلَّا جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَخَذَ الْأَبُ نَفَقَتَهُ الَّتِي ضُمَّتْ لِنَفَقَةِ الْوَلَدِ فِي الِاشْتِرَاطِ شَهْرًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ جُمُعَةً بَعْدَ جُمُعَةٍ أَوْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ أَخْذِهَا مُعَجَّلَةً وَلَوْ طَلَبَهَا وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُقَيَّدٌ وَأَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ وَحِينَئِذٍ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ مُطْلَقًا قَيَّدَ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا، وَقَوْلُ الْمُغِيرَةِ عَدَمُ السُّقُوطِ مُطْلَقًا قَيَّدَ بِمُدَّةٍ أَمْ لَا، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ فَلَا سُقُوطَ وَإِلَّا سَقَطَ وَمَا قَالَهُ الْمُغِيرَةُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا) أَيْ بِبَقِيَّةِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ وَمِثْلُ الْمَوْتِ

(فَعَلَيْهَا) وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا فِي مَوْتِهَا مِقْدَارُ مَا يَفِي بِرَضَاعِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلَيْنِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (نَفَقَةُ) الْعَبْدِ (الْآبِقِ و) الْبَعِيرِ (الشَّارِدِ) الْمُخَالَعِ بِهِمَا وَمُرَادُهُ بِالنَّفَقَةِ الْأُجْرَةُ فِي تَحْصِيلِهِمَا وَطَعَامِهِمَا وَشَرَابِهِمَا إلَى وُصُولِهِمَا لَهُ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الزَّوْجِ أَنَّهَا عَلَيْهَا فَتَلْزَمُهَا (لَا نَفَقَةُ) أُمِّ (جَنِينٍ) خُولِعَ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ عَلَى الزَّوْجِ (إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (وَأُجْبِرَ) بَعْدَ وَضْعِهِ (عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ) فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَبِيعَاهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ لَا يَكْفِي الْجَمْعُ فِي حَوْزٍ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأُجْبِرَا بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ. (وَفِي) كَوْنِ (نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَيْهَا مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ عَلَيْهَا لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ شَرْعًا أَوْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ تَمَّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ) فِي الْخُلْعِ عَنْ النُّطْقِ بِالطَّلَاقِ فِيمَنْ عُرْفُهُمْ الْمُعَاطَاةُ كَأَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا وَتَحْفِرَ حُفْرَةً فَيَمْلَأهَا تُرَابًا أَوْ يُمْسِكَا حَبْلًا فَيَقْطَعُهُ فَإِنْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كَانَ رَجْعِيًّا. (وَإِنْ) (عَلَّقَ) الزَّوْجُ الْخُلْعَ (بِالْإِقْبَاضِ أَوْ الْأَدَاءِ) كَإِنْ أَقْبَضْتِينِي أَوْ أَدَّيْتِينِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَمْ يَخْتَصَّ) الْإِقْبَاضُ أَوْ الْأَدَاءُ (بِالْمَجْلِسِ) الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ ذَلِكَ بَلْ مَتَى أَعْطَتْهُ مَا طَلَبَهُ مِنْهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَطُلْ بِحَيْثُ يَرَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَجْعَلُ التَّمْلِيكَ إلَيْهِ (إلَّا لِقَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْمَجْلِسَ فَقَطْ فَتَخْتَصُّ بِهِ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ (وَلَزِمَ فِي) الْخُلْعِ عَلَى (أَلْفٍ) عَيَّنَ نَوْعَهَا كَأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَلَدِ يَزِيدِيَّةٍ وَمُحَمَّدِيَّةٍ أَوْ أَلْفِ رَأْسٍ مِنْ الْغَنَمِ وَفِي الْبَلَدِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ (الْغَالِبُ) أَيْ يَلْزَمُهَا الْغَالِبُ مِمَّا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ مِنْ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْيَزِيدِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ أَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمُتَسَاوِيَيْنِ نِصْفَهُ وَمِنْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَسَاوِيَةِ ثُلُثَ كُلٍّ وَهَكَذَا. (و) لَزِمَ (الْبَيْنُونَةُ) أَيْ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ (إنْ) (قَالَ) لَهَا (إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا) مِنْ كَذَا (فَارَقْتُك أَوْ أُفَارِقُك) بِالْمُضَارِعِ وَهُوَ مَجْزُومٌ لِأَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَأَعْطَتْهُ مَا عَيَّنَ أَوْ الْغَالِبَ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَخُصُّهُ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ مَتَى أَعْطَتْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِغْنَاؤُهُ فِي الْحَوْلَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ يَوْمًا فَيَوْمًا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا وَيُجْعَلُ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ بِنَظَرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ فَعَلَيْهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَخْلُفْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا كَانَتْ نَفَقَةُ الْوَلَدِ بَقِيَّةَ الْحَوْلَيْنِ وَأُجْرَةُ رَضَاعِهِ عَلَى أَبِيهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا فِي مَوْتِهَا مِقْدَارُ مَا يَفِي بِرَضَاعِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلَيْنِ) أَيْ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ثُمَّ إنَّهُ إذَا أُخِذَ يُوقَفُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْأَبُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْوَلَدِ قَبْلَ تَمَامِ بَقِيَّةِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَإِذَا وَقَفَ فَكُلَّمَا مَضَى أُسْبُوعٌ أَوْ شَهْرٌ دَفَعَتْ أُجْرَتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ رَدَّ الْبَاقِيَ لِوَرَثَةِ الْأُمِّ يَوْمَ مَوْتِهَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ) أَيْ أَوْ عُرْفٍ وَيُقَدَّمُ الشَّرْطُ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا لِأَنَّهُ كَالْعُرْفِ الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ) أَيْ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَيْ أُجْرَةُ رَضَاعِهِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) أَيْ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِيمَا قَبْلُ إلَّا عَلَى الْأُمِّ وَمَا بَعْدَهَا النَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي) أَيْ فِي الْخُرُوجِ مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، وَقَوْلُهُ جَمَعَهُمَا فِي حَوْزٍ أَيْ بَيْتٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ) أَيْ وَلَا يَكْفِي الْجَمْعُ فِي حَوْزٍ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْرِيقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَهِبَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ إرْثِهِ (قَوْلُهُ بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ) أَيْ لَكِنَّهُ رَاعَى أَنَّ الْمَعْنَى وَأُجْبِرَ كُلٌّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) التَّوْضِيحُ وَالْقَوْلَانِ فِي الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ وَحِينَئِذٍ فَصَوَابُ الْمُصَنِّفِ تَرَدُّدٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَانَ رَجْعِيًّا) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ قَطْعَهُ فِي عُرْفِهِمْ طَلَاقٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ وَإِلَّا وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ فَإِنْ صَاحِبُهُ عَوَّضَ فَهُوَ بَائِنٌ وَإِلَّا فَهُوَ رَجْعِيٌّ وَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِأَنَّ مِنْ أَرْكَانِهِ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعُرْفِ لَا الَّذِي مَعَهُ الْعُرْفُ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْخُلْعَ يَتَقَرَّرُ بِالْفِعْلِ دُونَ قَوْلٍ لِنَقْلِ الْبَاجِيَّ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ مَنْ نَدِمَ عَلَى نِكَاحِهِ امْرَأَةً فَقَالَ لَهُ أَهْلُهَا نَرُدُّ لَك مَا أَخَذْنَا وَتَرُدُّ لَنَا أُخْتَنَا وَلَمْ يَكُنْ طَلَاقٌ وَلَا تَكَلَّمَ بِهِ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَصَدَ الصُّلْحَ عَلَى أَخْذِ مَتَاعِهِ وَسَلَّمَ لَهَا مَتَاعَهَا فَهُوَ خُلْعٌ لَازِمٌ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْتِ طَالِقٌ اهـ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ بَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ الْقَرَائِنُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ قَبْلُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ تَبَعًا لعبق (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَّقَ بِالْإِقْبَاضِ) أَيْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْأَدَاءِ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِأَنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى. (قَوْلُهُ لَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الزَّوْجَةِ لِلتَّعْلِيقِ عَقِبَ حُصُولِهِ مِنْ الزَّوْجِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْهَا الْأَدَاءُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ وَقَبْلَ الطُّولِ لَزِمَ الْخُلْعُ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَقَدُّمِ الْقَبُولِ مِنْهَا فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ عِنْدَهُ اهـ بْن لَكِنْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ صِيَغَ التَّعْلِيقِ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا لِقَبُولٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِابْنِ عَرَفَةَ فَالنَّقْلُ عَنْهُ قَدْ اخْتَلَفَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْيَزِيدِيَّةِ وَالْمُحَمَّدِيَّةِ مُسْتَوِيًا (قَوْلُهُ وَمِنْ الثَّلَاثَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مَحْبُوبٌ وَبُنْدُقِيٌّ وَفُنْدُقَلِيٌّ . (قَوْلُهُ مِنْ كَذَا) أَيْ مِنْ الْمَحَابِيبِ أَوْ مِنْ الدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ مَا عُيِّنَ) أَيْ كَالْمَحَابِيبِ، وَقَوْلُهُ الْغَالِبُ أَيْ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ كَأَلْفِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْنُونَةِ.

(إنْ فُهِمَ) مِنْ كَلَامِهِ بِقَرِينَةِ حَالٍ أَوْ مَقَالٍ (الِالْتِزَامُ) لِلتَّعْلِيقِ فِي الصُّورَتَيْنِ (أَوْ) فُهِمَ (الْوَعْدُ) بِالْفِرَاقِ (إنْ وَرَّطَهَا) أَيْ أَوْقَعَهَا فِي وَرْطَةِ بَيْعِ مَتَاعِهَا فَيُجْبَرُ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ لِلتَّوْرِيطِ وَلَا يَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ إتْيَانِهَا بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ وَعْدٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (أَوْ) قَالَتْ لَهُ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً) فَتَلْزَمُ الْبَيْنُونَةُ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِأَنَّ قَصْدَهَا الْبَيْنُونَةُ وَقَدْ حَصَلَتْ وَالثَّلَاثُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ شَرْعِيٌّ وَلَكِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَّا إذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِحُصُولِ غَرَضِهَا وَزِيَادَةٍ (أَوْ) قَالَتْ لَهُ (أَبِنِّي بِأَلْفٍ أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ ثُلُثَ طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ (أَوْ) قَالَتْ أَبِنِّي (فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ) بِأَلْفٍ أَيْ اجْعَلْ الشَّهْرَ ظَرْفًا لِذَلِكَ (فَفَعَلَ) فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ الَّتِي عَيَّنَتْهَا مَعَ الْبَيْنُونَةِ (أَوْ) (قَالَ) هُوَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ (بِأَلْفٍ غَدًا فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ) فَتَبِينُ فِي الْحَالِ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (بِهَذَا) الثَّوْبِ (الْهَرَوِيِّ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ وَأَشَارَ لِثَوْبٍ حَاضِرٍ (فَإِذَا هُوَ) ثَوْبٌ (مَرْوِيٌّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَرْوَ بَلْدَةٌ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ كَهَرَاوَةٍ فَتَبِينُ مِنْهُ وَيَلْزَمُهَا الثَّوْبُ لِأَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَهُ بِالْإِشَارَةِ كَانَ الْمَقْصُودُ ذَاتَه لَا نِسْبَتَهُ إلَى الْبَلَدِ وَهُوَ مُقَصِّرٌ وَلَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبُولِهِ وَأَخْذِهِ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَيَلْزَمُهَا الْهَرَوِيُّ وَأَمَّا إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى هَرَوِيٍّ فَأَتَتْ بِمَرْوِيٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ أَمَّا رُجُوعُهُ لِأُفَارِقَك فَظَاهِرٌ لِأَنَّ صِيَغَ الِالْتِزَامِ وَالْوَعْدِ اسْتِقْبَالِيَّةٌ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهَا مُسْتَقْبَلٌ وَأُفَارِقُك مُسْتَقْبَلٌ، وَأَمَّا رُجُوعُهُ لَفَارَقْتُكِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَاضِيًا إلَّا أَنَّ إنْ تَخَلَّصَ الْفِعْلُ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَقَوْلُهُ إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ أَوْ الْوَعْدُ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا فَارَقْتُكِ أَوْ أُفَارِقُكِ وَلَا بُدَّ أَوْ إنْ أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا الْتَزَمْت أَنْ أُفَارِقَك أَوْ فَارَقْتُك مَتَى شِئْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ هَذَا مِثَالُ الِالْتِزَامِ وَمِثَالُ الْوَعْدِ إنْ أَتَيْتنِي بِأَلْفٍ أُفَارِقُكِ أَوْ فَارَقْتُكِ لَكِنْ لَسْت مُلْتَزِمًا لِلْفِرَاقِ أَوْ فَارَقْتُك إنْ شِئْتُ بِضَمِّ التَّاءِ فَصِيَغُ الِالْتِزَامِ وَالْوَعْدِ وَاحِدَةٌ وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ بِالْقَرَائِنِ كَقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ أَوْ لَسْت مُلْتَزِمًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ وَرَّطَهَا) رَاجِعٌ لِلْوَعْدِ وَمَفْهُومُهُ إذَا لَمْ يُوقِعْهَا فِي وَرْطَةٍ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَدَفَعَتْ مِنْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ (قَوْلُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ) أَيْ عَلَى إنْشَائِهِ أَيْ فَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ إتْيَانِهَا بِالْأَلْفِ هَذَا مَا قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ حُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِمُجَرَّدِ إتْيَانِهَا بِالْأَلْفِ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ طَلَاقٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ وَالْبَيْنُونَةُ أَيْ وَتَلْزَمُ الْبَيْنُونَةُ بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِالْمَالِ وَسَلَّمَهُ لَهُ عج قَالَ بْن قُلْت مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ السَّمَاعُ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اقْضِينِي دَيْنِي وَأَنَا أُفَارِقُك فَقَضَتْهُ ثُمَّ قَالَ لَا أُفَارِقُك، حَقٌّ كَانَ لِي عَلَيْك فَأَعْطَيْتنِيهِ قَالَ أَرَى ذَلِكَ طَلَاقًا إنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ اهـ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ أَيْ مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ بِبِسَاطٍ تَقُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مِثْلَ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى شَيْءٍ وَتُعْطِيهِ إيَّاهُ فَيَقُولُ لَهَا اقْضِينِي دَيْنِي وَأَنَا أُفَارِقُكِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ يُقِرُّ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ خُلْعًا ثَابِتًا اهـ كَلَامُ بْن فَتَحَصَّلَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ قَدْ رَجَحَ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَّا إذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا وَحِينَئِذٍ فَتَلْزَمُهُ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ وَلَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بَائِنَةً نَظَرًا لِكَوْنِهِ أَوْقَعَهَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ وَقَدْ تَبِعَ شَارِحُنَا عبق فِي نِسْبَةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَفِي بْن أَنَّ فِي هَذَا النَّقْلِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ نَظَرًا وَالظَّنُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمَوَّاقُ وَلَا ح وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا نُقِلَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَاقِ اهـ لَكِنْ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِحُصُولِ غَرَضِهَا وَزِيَادَةٍ) الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ وَنَصُّهُ: رَوَى اللَّخْمِيُّ إنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى تَطْلِيقِهَا وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَزِمَهَا الْمَالُ وَلَا قَوْلَ لَهَا ثُمَّ قَالَ قُلْت وَالْأَظْهَرُ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ لِأَنَّهُ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا ثَلَاثًا يَعِيبُهَا لِامْتِنَاعِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ تَزْوِيجِهَا خَوْفًا مِنْ جَعْلِهِ مُحَلِّلًا لَهَا فَتُسِيءُ عِشْرَتَهُ لِيُطَلِّقَهَا فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ سَلْمُونٍ وَإِنْ أَوْقَعَ ثَلَاثًا عَلَى الْخَلْعِ نَفَذَ الطَّلَاقُ وَسَقَطَ الْخُلْعُ اهـ وَاعْتَمَدَهُ فِي التُّحْفَةِ فَقَالَ: وَمَوْقِعُ الثَّلَاثِ فِي الْخُلْعِ ثَبَتَ طَلَاقُهُ وَالْخُلْعُ رُدَّ إنْ أَبَتْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَفَعَلَ) أَيْ سَوَاءٌ أَوْقَعَ الْبَيْنُونَةَ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ فِي الْحَالِ رَضِيتُ بِكَوْنِك تُطَلِّقُنِي غَدًا بِأَلْفٍ وَكَذَا إنْ لَمْ تَرْضَ بِذَلِكَ فِي الْحَالِ بَلْ فِي الْغَدِ فَيَلْزَمُهَا الْأَلْفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهَا الثَّوْبُ) أَيْ الْحَاضِرُ الْمُشَارُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ الْخُلْعُ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْنِي عَلَى ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ فَأَتَتْ لَهُ بِثَوْبٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ) أَيْ

لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ مَعْنًى (أَوْ) طَلَّقَهَا (بِمَا فِي يَدِهَا) مُخْتَفِيًا (وَفِيهِ مُتَمَوَّلٌ) لَزِمَتْهُ الْبَيْنُونَةُ عَلَى مَا تَبَيَّنَ وَلَوْ تَافِهًا كَزَبِيبَةٍ أَوْ حَبَّةٍ (أَوْ لَا) مُتَمَوَّلَ فِيهَا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا شَيْءٌ أَصْلًا أَوْ شَيْءٌ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ كَتُرَابٍ فَتَبِينُ مِنْهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) لِأَنَّهُ أَبَانَهَا مُجَوِّزًا لِذَلِكَ كَالْجَنِينِ فَيَنْفُشُ الْحَمْلُ (لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ (لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ) بِأَنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِأَنَّهُ مِلْكُ غَيْرَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَجَازَ مَالِكُهُ وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ يَلْزَمُ الْخُلْعُ وَيَلْزَمُهَا مِثْلُهُ وَمَا لَهَا فِيهِ شُبْهَةٌ يَلْزَمُهَا الْقِيمَةُ (أَوْ) خَالَعَتْهُ (بِتَافِهٍ) أَيْ دُونَ خُلْعِ الْمِثْلِ (فِي) قَوْلِهِ لَهَا (إنْ أَعْطَيْتِينِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْهُ خُلْعٌ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إذْ قَوْلُهُ مَا أُخَالِعُكِ بِهِ مَصْرُوفٌ عُرْفًا لِخُلْعِ الْمِثْلِ فَإِنْ دَفَعَتْهُ لَهُ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. (أَوْ) قَالَ لَهَا (طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ) مِنْهَا طَلْقَةً (وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ الْأَلْفِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ إذْ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَرْضَ بِطَلَاقِهَا إلَّا بِأَلْفٍ لَا بِأَقَلَّ وَلِذَا لَوْ قَبِلَتْ الْوَاحِدَةَ بِأَلْفٍ لَزِمَتْهُ الْوَاحِدَةُ بِهَا. (وَإِنْ) (ادَّعَى) الزَّوْجُ (الْخُلْعَ) وَادَّعَتْ هِيَ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ (أَوْ) اتَّفَقَا عَلَى الْخَلْعِ وَادَّعَى (قَدْرًا) كَثِيرًا كَعَشَرَةٍ وَادَّعَتْ هِيَ أَقَلَّ كَخَمْسَةٍ (أَوْ) ادَّعَى (جِنْسًا) كَعَبْدٍ وَادَّعَتْ غَيْرَهُ كَشَاةٍ (حَلَفَتْ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (وَبَانَتْ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى وَدَفَعَتْ مَا ادَّعَتْهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَأَخَذَ مَا ادَّعَى فَإِنْ نَكَلَ فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينٍ (إنْ) (اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ) أَيْ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَاتَّفَقَا عَلَى الْعِوَضِ أَوْ عَدَمِهِ فَإِنْ قَالَتْ قَدْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ وَاحِدَةً (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ (مَوْتَ عَبْدٍ) غَائِبٍ غَيْرِ آبِقٍ خَالَعَتْ بِهِ قَبْلَ الْخَلْعِ وَادَّعَتْ مَوْتَهُ بَعْدَهُ (أَوْ) ادَّعَى حِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ بَعْدَ أَنْ قَبِلَهُ وَأَخَذَهُ، وَقَوْلُهُ وَيَلْزَمُهَا الْهَرَوِيُّ أَيْ بَدَلُ ذَلِكَ الْمَرْوِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ دَفَعْتِ إلَيَّ مَا فِي يَدِكِ وَكَانَتْ مَقْبُوضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَفَتَحَتْهَا فَإِنْ وُجِدَ فِيهَا شَيْءٌ مُتَمَوَّلٌ وَلَوْ يَسِيرًا كَدِرْهَمٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا إنْ وُجِدَ فِيهَا شَيْءٌ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا شَيْءٌ بِأَنْ وُجِدَتْ فَارِغَةً فَإِنَّهَا تَبِينُ أَيْضًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ خِلَافَهُ وَهُوَ عَدَمُ الْبَيْنُونَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ) أَيْ مُجَوِّزًا لَأَنْ يَكُونَ فِيهَا شَيْءٌ أَوْ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ. (قَوْلُهُ كَالْجَنِينِ) أَيْ كَالْمُخَالَعَةِ عَلَى الْجَنِينِ فَيَنْفُشُ الْحَمْلُ فَإِنَّ الْخُلْعَ لَازِمٌ أَيْ الْبَيْنُونَةُ لَازِمَةٌ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ خَالَعَهَا مُجَوِّزًا لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَغَيْر الْمُعَيَّنِ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْنِي عَلَى ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَخَالَعَهَا فَأَتَتْ لَهُ بِثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَاسْتَحَقَّتْ مِنْهُ فَيَلْزَمُهَا مِثْلُهَا (قَوْلُهُ وَمَا لَهَا فِيهِ شُبْهَةٌ) أَيْ كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ بِثَوْبٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ دَابَّةٍ كَذَلِكَ وَرِثَتْهَا مِنْ أَبِيهَا مَثَلًا فَاسْتَحَقَّتْ فَالْخُلْعُ لَازِمٌ وَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِتَافِهٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَعْطَيْتِينِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ فَقَدْ خَالَعْتكِ فَإِنْ أَتَتْهُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ لَزِمَهُ الْخُلْعُ وَإِنْ أَتَتْهُ بِدُونِ خُلْعِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّافِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ) لَا يُقَالُ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَإِنْ أَطْلَقَ لِوَكِيلِهِ أَوْ لَهَا حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ إنْ دَعَوْتِينِي إلَى مَالٍ أَوْ صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَتْهُ بِأَقَلَّ مِنْ خُلْعِ الْمِثْلِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ لَا أَقْبَلُ إلَّا وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ لَمْ أَرْضَ إلَخْ) أَيْ مَا قَصْدِي وَغَرَضِي أَنْ تَتَخَلَّصَ مِنِّي إلَّا بِالْأَلْفِ لَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ احْتِجَاجِ الزَّوْجِ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الْوَاحِدَةُ) أَيْ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ قَدْ حَصَلَ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْخُلْعَ) أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَةً عَلَى عِوَضٍ قَدْرُهُ كَذَا وَلَمْ تَدْفَعْهُ لَهُ (قَوْلُهُ حَلَفَتْ) أَيْ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَى) أَيْ مِنْ الْعِوَضِ وَالْقَدْرِ وَالْجِنْسِ. (قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي دَعْوَاهُ الْخُلْعَ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي دَعْوَى الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ) وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّوْجُ هِيَ مُدَّعِيَةٌ لَهُ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَوْ نَكَلَ الزَّوْجُ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ وَلَا يُقَالُ هِيَ تَحْلِفُ وَتُثْبِتُ مَا تَدَّعِيهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ مَعَ الْحَلِفِ وَتَبِينُ مِنْهُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخُلْعِ وَتَكُونُ رَجْعِيَّةً فِي غَيْرِهِ وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ تَكُونُ مَعَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُ وَاحِدَةً لَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَأَقَرَّهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالثَّلَاثِ وَهِيَ بَائِنٌ لَمْ تَحِلَّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ قَبْلَ زَوْجٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ قَبْلَ زَوْجٍ، وَقَالَتْ كُنْتُ كَاذِبَةً وَأَرَادَتْ الرَّاحَةَ مِنْهُ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُمْنَعْ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ مَا لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَدَعْوَاهُ إلَخْ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ

[فصل طلاق السنة]

ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أَنَّ (عَيْبَهُ) كَانَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْخُلْعِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ فَعَلَيْهَا الْبَيَانُ وَالظَّاهِرُ بِيَمِينٍ (وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْخُلْعِ (فَلَا عُهْدَةَ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا بَلْ مُصِيبَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي بَابِ الْخُلْعِ ضَمَانُهُ مِنْ الزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى آبِقٍ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا مَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْخَلْعِ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَالِمَةً بِحُصُولِهِ قَبْلَهُ فَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ عَلَى غَرَرِهِ. دَرْسٌ (فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الطَّلَاقُ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِي فِعْلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِأَنَّ أَبْغَضَ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ وَاحِدَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُقَابِلَ لِلْبِدْعِيِّ وَالْبِدْعِيُّ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ كَمَا يَأْتِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ وَقَدْ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حُرْمَةٍ وَكَرَاهَةٍ وَوُجُوبٍ وَنَدْبٍ فَالسُّنِّيُّ مَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ الْآتِيَةَ وَلَوْ حَرُمَ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِهَا فَبِدْعِيٌّ وَلَوْ وَجَبَ كَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ بِحَقِّهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ وَطْءٍ وَتَضَرَّرَتْ وَلَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ وَأَشَارَ إلَى شُرُوطِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ بِقَوْلِهِ (وَاحِدَةً) كَامِلَةً أَوْقَعَهَا (بِطُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ) أَيْ لَمْ يَطَأْهَا (فِيهِ بِلَا) إرْدَافٍ فِي (عِدَّةٍ) وَبَقِيَ شَرْطٌ وَهُوَ أَنْ يُوقِعَهَا عَلَى جُمْلَةِ الْمَرْأَةِ لَا بَعْضِهَا (وَإِلَّا) يَشْتَمِلْ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْقُيُودِ بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَهَا كَأَنْ أَوْقَعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْضَ طَلْقَةٍ أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ أَوْ أَرْدَفَ أُخْرَى فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ (فَبِدْعِيٌّ) وَكَذَا إنْ أَوْقَعَهَا عَلَى جُزْءِ الْمَرْأَةِ كَيَدِك طَالِقٌ وَالْبِدْعِيُّ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ كَمَا قَالَ (وَكُرِهَ) الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ (فِي غَيْرِ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِيَمِينٍ وَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ. (قَوْلُهُ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ الْغَائِبِ الْمُخَالَعِ بِهِ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِأَرْشِ الْعَيْبِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ [فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ] (فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ) (قَوْلُهُ الَّذِي أَذِنَتْ السُّنَّةُ فِي فِعْلِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى لَا رَاجِحَ الْفِعْلِ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إضَافَتِهِ لِلسُّنَّةِ، وَقَوْلُنَا سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا أَيْ لِسَبَبٍ رَجَّحَهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سُنِّيًّا، وَقَوْلُنَا أَوْ مُسَاوِيًا أَيْ لِتَعَارُضِ أَمْرَيْنِ كَمَا يَأْتِي، وَقَوْلُنَا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى أَيْ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَشَدِّ أَفْرَادِهِ وَلَمَّا كَانَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ كَوْنِهِ رَاجِحًا أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ مَرْجُوحًا وَقُيُودُهُ عُلِمَتْ مِنْ السُّنَّةِ أُضِيفَ إلَيْهَا دُونَ الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ فِيهِ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا وَقَعَ فِي السُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 236] كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يُرَدُّ هَذَا إذَا كَانَتْ السُّنَّةُ فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ الْبِدْعَةِ فَهِيَ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ لَوْ اسْتَنَدَتْ لِكِتَابٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَبْغَضَ إلَخْ) هَذَا حَدِيثٌ وَفِيهِ إشْكَالٌ فَإِنَّ الْمُبَاحَ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَلَيْسَ مِنْهُ مَبْغُوضٌ وَلَا أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَقْرَبُ الْحَلَالِ لِلْبُغْضِ الطَّلَاقُ فَالْمُبَاحُ لَا يُبْغَضُ بِالْفِعْلِ لَكِنْ قَدْ يَقْرُبُ لَهُ إذَا خَالَفَ الْأَوْلَى وَالطَّلَاقُ مِنْ أَشَدِّ أَفْرَادِ خِلَافِ الْأَوْلَى وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَلَالِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَيَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى فَخِلَافُ الْأَوْلَى مَبْغُوضٌ وَالْمَكْرُوهُ أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُغْضِ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ بَلْ الْمُرَادُ كَوْنُهُ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّوْمِ أَمَّا الْخَفِيفُ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى أَوْ الشَّدِيدُ فِي الْمَكْرُوهِ وَيَكُونُ سِرُّ التَّعْبِيرِ بالمبغوضية وَإِنْ كَانَ الْمَبْغُوضُ هُوَ الْحَرَامُ قَصْدَ التَّنْفِيرِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَعْنَى أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ سَبَبُ الطَّلَاقِ لِأَنَّ سَبَبَ الطَّلَاقِ وَهُوَ سُوءُ الْعِشْرَةِ لَيْسَ بِحَلَالٍ بَلْ حَرَامٌ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَوَابَ الثَّانِي إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ حُكْمُ الطَّلَاقِ الْأَصْلِيِّ الْكَرَاهَةُ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى الْجَوَابُ الْأَوَّلُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ) أَيْ بِالطَّلَاقِ السُّنِّيَّ (قَوْلُهُ وَالْبِدْعِيُّ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ) أَيْ وَالسُّنِّيُّ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ جَائِزٌ) أَرَادَ بِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ مِنْ حُرْمَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا وَقَعَ فِي الزِّنَا لِتَعَلُّقِهِ بِهَا أَوْ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى زَوَاجِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَكَرَاهَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ رَغْبَةٌ فِي النِّكَاحِ أَوْ يَرْجُو بِهِ نَسْلًا وَلَمْ يَقْطَعْهُ بَقَاؤُهَا عَنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ وَلَمْ يَخْشَ زِنًا إذَا فَارَقَهَا (قَوْلُهُ وَوُجُوبٍ) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَقَاءَهَا يُوقِعُهُ فِي مُحَرَّمٍ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَنَدْبٍ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ بَذِيَّةَ اللِّسَانِ يَخَافُ مِنْهَا الْوُقُوعَ فِي الْحَرَامِ لَوْ اسْتَمَرَّتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَرُمَ) أَيْ كَمَنْ يَخْشَى بِطَلَاقِهَا الزِّنَا (قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) أَيْ عَلَى مَا قَالَ الْمَتْنُ وَإِلَّا فَهِيَ سِتَّةٌ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ بِأَنْ فَقَدَ بَعْضَهَا) أَيْ، وَأَمَّا فَقْدُ كُلِّهَا فَلَا يَتَأَتَّى فِي صُورَةٍ لِأَنَّ الْبِدْعِيَّ يَكُونُ فِي الْحَيْضِ وَفِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ وَمُحَالٌ اجْتِمَاعُ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ فِي آنٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ) هَذَا شَامِلٌ لِلْوَاقِعِ عَلَى جُزْءِ الْمَرْأَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حَرَامٌ كَالْوَاقِعِ فِي الْحَيْضِ بِدَلِيلِ تَأْدِيبِهِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) أَيْ أَوْ طَلَّقَ

أَوْ أَرْدَفَ فِي الْعِدَّةِ (وَلَمْ يُجْبَرْ) الْمُطَلِّقُ (عَلَى الرَّجْعَةِ) فِي الْمَكْرُوهِ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فَقَطْ قَوْلُهُ (كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ (أَوْ) قَبْلَ (التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ) بِهِ الْوَطْءُ بَعْدَ الطُّهْرِ لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ وَإِنَّمَا كَانَ تَشْبِيهًا فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فَقَطْ دُونَ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَنْعُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَمُنِعَ) الْوَاقِعُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ وَكَذَا فِي النِّفَاسِ. (وَوَقَعَ) أَيْ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ (وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ) وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِدْ الْإِيقَاعَ فِيهِ كَمَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْحَيْضِ فَدَخَلَتْهَا زَمَنَهُ. (وَلَوْ) أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي طُهْرٍ (لِمُعَادَةِ الدَّمِ) أَيْ عَلَى امْرَأَةٍ يُعَاوِدُهَا الدَّمُ (لِمَا) أَيْ فِي زَمَنٍ (يُضَافُ فِيهِ) الدَّمُ الثَّانِي (لِلْأَوَّلِ) وَهِيَ الَّتِي تَقْطَعُ طُهْرَهَا بِأَنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ طُهْرٍ تَمَّ وَقَدْ طَلَّقَهَا وَقْتَ طُهْرِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ عَوْدِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَالْأَحْسَنُ) عِنْدَ الْبَاجِيَّ (عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ الْجَبْرِ لِأَنَّهُ طَلَّقَ حَالَ الطُّهْرِ وَالْجَبْرُ يَسْتَمِرُّ (لِآخِرِ الْعِدَّةِ) أَيْ إذَا غَفَلَ عَنْهُ حِينَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ إلَى أَنْ طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَوْلُهُ أَبَاحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ طَلَاقَهَا فَلَمْ يَكُنْ لِلْإِجْبَارِ مَعْنًى وَالْإِجْبَارُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ أَوْ بِارْتِجَاعِهَا فَإِنْ امْتَثَلَ فَظَاهِرٌ (وَإِنْ أَبَى هُدِّدَ) بِالسِّجْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إيقَاعُ اثْنَتَيْنِ مَكْرُوهٌ وَثَلَاثَةٍ مَمْنُوعٌ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاللُّبَابِ وَعَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ لَكِنْ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ مُرَادُهُ التَّحْرِيمُ اهـ مِنْ التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ مَنْ أَوْقَعَهَا وَحُكِيَ فِي الِارْتِشَافِ عَنْ بَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَا ذَبَحْت بِيَدِي دِيكًا قَطُّ وَلَوْ وَجَدْت مَنْ يَرُدُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَذَبَحْته بِيَدِي، وَهَذَا مِنْهُ مُبَالَغَةٌ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ اهـ بْن وَقَدْ اشْتَهَرَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ ضَالٌّ مُضِلٌّ لِأَنَّهُ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَسَلَكَ مَسْلَكَ الِابْتِدَاعِ وَبَعْضُ الْفَسَقَةِ نَسَبَهُ لِلْإِمَامِ أَشْهَبَ لِأَجْلِ أَنْ يُضِلَّ بِهِ النَّاسَ وَقَدْ كَذَبَ وَافْتَرَى عَلَى هَذَا الْإِمَامِ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الْإِمَامُ الْمُحِيطُ قَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ الثَّلَاثِ وَأَنَّ صَاحِبَ الِارْتِشَافِ نَقَلَ لُزُومَ الْوَاحِدَةِ عَنْ بَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ اهـ مُؤَلَّفٌ. (قَوْلُهُ أَوْ أَرْدَفَ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ لَكِنَّهُ أَرْدَفَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ طَلْقَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِي عَدَمِ الْجَبْرِ وَالْكَرَاهَةِ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْحُرْمَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِ الْغُسْلِ) أَيْ كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَبَعْدَ أَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ مِنْ قَصَّةٍ أَوْ جُفُوفٍ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ التَّيَمُّمِ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوَطْءُ بَعْدَ رُؤْيَةِ عَلَامَةِ الطُّهْرِ لِأَجْلِ مَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ فَقَدْ أُعْطِيت تِلْكَ الْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ حُكْمَ الْحَائِضِ مِنْ حَيْثُ مَنْعُ الطَّلَاقِ وَحُكْمَ الطَّاهِرِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الطُّهْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْجَائِزِ وَكَذَا قَوْلُهُ لِمَرَضٍ أَيْ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ الْوَطْءُ بَعْدَ الطُّهْرِ لِأَجْلِ مَرَضٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَمُنِعَ فِيهِ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَى) (الرَّجْعَةِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الطَّلَاقُ بِالثَّلَاثِ أَوْ مُكَمِّلًا لَهَا . (قَوْلُهُ وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا فِيهِ وَفِي الْحُرْمَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا انْقَطَعَ عَنْهَا دَمُ الْحَيْضِ قَبْلَ تَمَامِ عَادَتِهَا وَطَهُرَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ وَقَعَ فِي طُهْرٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الدَّمُ الْعَائِدُ بَعْدَ ذَلِكَ الطُّهْرِ يُضَافُ لِلدَّمِ قَبْلَهُ لِعَوْدِهِ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ دَمٍ وَاحِدٍ وَنُزِّلَ الطُّهْرُ بَيْنَهُمَا كَلَا طُهْرَ وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ. (قَوْلُهُ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ عَوْدِهِ) أَيْ بِسَبَبِ ظَنِّهِ عَدَمَ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْبَاجِيَّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهِ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لِمُعَادَةِ الدَّمِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ طَلَّقَ حَالَ الطُّهْرِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَعْتَبِرُ الْحَالَ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَعْتَبِرُ الْمَآلَ (قَوْلُهُ وَالْجَبْرُ يَسْتَمِرُّ لِآخِرِ الْعِدَّةِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِآخِرِ الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَقَوْلُهُ لِآخِرِ الْعِدَّةِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهَا قَبْلَ ارْتِجَاعِهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَلَا رَجْعَةَ لَهَا (قَوْلُهُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ وَهَذِهِ قَدْ بَقِيَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ لِأَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي إلَّا بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيْضَةِ الَّتِي أَوْقَعَ فِيهَا الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ أَبَاحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ طَلَاقَهَا) أَيْ طَلَاقَ الْمَرْأَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ أَنْ يَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ الْمَرْأَةُ بِحَقِّهَا فِي الرَّجْعَةِ لِأَنَّ الِارْتِجَاعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى.

(ثُمَّ) إنْ أَبَى بَعْدَ التَّهْدِيدِ بِهِ (سُجِنَ) بِالْفِعْلِ (ثُمَّ) إنْ أَبَى مِنْ الِارْتِجَاعِ هُدِّدَ بِالضَّرْبِ فَإِنْ أَبَى (ضُرِبَ) بِالْفِعْلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ (بِمَجْلِسٍ) وَاحِدٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْصِيَةٍ فَإِنْ ارْتَجَعَ فَظَاهِرٌ (وَإِلَّا ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ) بِأَنْ يَقُولَ ارْتَجَعْتُ لَك زَوْجَتَك (وَجَازَ الْوَطْءُ بِهِ) أَيْ بِارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا الزَّوْجُ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَاكِمِ قَائِمَةٌ مَقَامَ نِيَّتِهِ (و) جَازَ بِهِ (التَّوَارُثُ وَالْأَحَبُّ) لِلْمُرَاجِعِ طَوْعًا أَوْ جَبْرًا إنْ أَرَادَ طَلَاقَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ (أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ) وَإِنَّمَا أَمَرَ بِعَدَمِ طَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ لِأَنَّ الِارْتِجَاعَ جُعِلَ لِلصُّلْحِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْوَطْءِ وَبِالْوَطْءِ يُكْرَهُ الطَّلَاقُ. (وَفِي) (مَنْعِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (فِي الْحَيْضِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَنْعِهِ وَهَذَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ خِلَافٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ وَهَلْ مَنْعُهُ فِي الْحَيْضِ (لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ) عَلَيْهَا لِأَنَّ أَوَّلَ الْعِدَّةِ أَوَّلُ الطُّهْرِ وَجَمِيعُ أَيَّامِ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ لَغْوٌ لَمْ تُحْسَبْ مِنْ الْعِدَّةِ وَلَا هِيَ فِيهَا زَوْجَةٌ فَالْمَنْعُ مُعَلَّلٌ بِالتَّطْوِيلِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَمْرَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَشَارَ لَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ فِيهَا جَوَازَ) (طَلَاقِ الْحَامِلِ) فِي الْحَيْضِ (و) لِأَنَّ فِيهَا أَيْضًا جَوَازَ طَلَاقِ (غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ إذْ لَا تَطْوِيلَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ عِدَّةَ الْأُولَى بِالْوَضْعِ وَالثَّانِيَةُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا (أَوْ) مَنْعُهُ فِي الْحَيْضِ لَيْسَ بِمُعَلِّلٍ بَلْ (لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا) وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِثَلَاثَةِ أَدِلَّةٍ أَشَارَ إلَيْهَا لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (لَمُنِعَ) طَلَاقُ (الْخُلْعِ) فِي الْحَيْضِ مَعَ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (و) لِأَجْلِ (عَدَمِ الْجَوَازِ) فِيهِ (وَإِنْ رَضِيَتْ) بِالطَّلَاقِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ لِلتَّطْوِيلِ لَجَازَ إذَا رَضِيَتْ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَجَبْرِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ) بِحَقِّهَا وَلَوْ كَانَ لِلتَّطْوِيلِ لَمْ يُجْبَرْ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ (خِلَافٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا. (وَصُدِّقَتْ) إذَا ادَّعَتْ (أَنَّهَا حَائِضٌ) وَقْتَ الطَّلَاقِ وَادَّعَى طُهْرَهَا وَتَرَافَعَا وَهِيَ حَائِضٌ فَلَا تُكَلَّفُ بِإِدْخَالِ خِرْقَةٍ فِي فَرْجِهَا وَيَنْظُرُهَا النِّسَاءُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ ثُمَّ إنْ أَبَى ضُرِبَ بِالْفِعْلِ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الضَّرْبَ بِظَنِّ الْإِفَادَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَوَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ بَلْ ذَكَرَهُ ح فِي التَّهْدِيدِ بِالضَّرْبِ فَإِنْ ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ مَعَ فِعْلِهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَهَا كُلَّهَا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ ثُمَّ ارْتَجَعَ مَعَ إبَايَةِ الْمُطَلِّقِ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ قَطْعًا (قَوْلُهُ حَتَّى تَطْهُرَ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْهُ وَطِئَهَا لِأَجْلِ إصْلَاحِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ كُرِهَ لَهُ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ وَبِالْوَطْءِ يُكْرَهُ الطَّلَاقُ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُكْرَهُ طَلَاقُهَا فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ تَعْتَدُّ بِالْإِقْرَاءِ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَقَدْ أَلْبَسَ عَلَيْهَا عِدَّتَهَا (قَوْلُهُ وَفِي مَنْعِهِ فِي الْحَيْضِ خِلَافٌ) فِيهِ أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْحُكْمِ أَيْ هَلْ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ مَمْنُوعٌ أَوْ لَا مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِ الْمَنْعِ مُعَلَّلًا بِطُولِ الْعِدَّةِ أَوْ أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَلْ مَنْعُهُ فِي الْحَيْضِ إلَخْ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ وَفِي كَوْنِ مَنْعِهِ فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْحَذْفِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ تَصْرِيحِهِ بِمَنْعِهِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ تُحْسَبْ مِنْ الْعِدَّةِ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مُعْتَدَّةً. (قَوْلُهُ جَوَازُ طَلَاقِ الْحَامِلِ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَنْعُ فِي الْحَيْضِ تَعَبُّدًا لَحُكِمَ بِمَنْعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا مَعَ أَنَّهُ حُكْمٌ بِجَوَازِ طَلَاقِهِمَا (قَوْلُهُ لِمَنْعِ الْخُلْع إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا حُكِمَ بِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ لِمَنْعِ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ لَا عِلَّةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَلِّلُ (قَوْلُهُ لَمُنِعَ طَلَاقُ الْخُلْعِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَنْعُ فِي الْحَيْضِ مُعَلَّلًا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ لَجَازَ الْخُلْعُ فِي الْحَيْضِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِهِ بَلْ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَأَعْطَتْ عَلَيْهِ مَالًا وَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ مَنْ أَذِنَ لِأَحَدٍ أَنْ يَضُرَّهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضُرَّهُ قَالَهُ شَيْخُنَا السَّيِّدُ (قَوْلُهُ وَلِأَجْلِ عَدَمِ الْجَوَازِ فِيهِ) أَيْ وَلِأَجْلِ عَدَمِ جَوَازِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ لَجَازَ إذَا رَضِيَتْ) أَيْ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَتْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ) قَالَ عبق الْوَاوُ لِلْحَالِ قَالَ بْن هُوَ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الْمُبَالَغَةُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ دَلِيلَ التَّعَبُّدِ هُوَ الْإِطْلَاقُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْحَالِ وَيَكُونُ اقْتَصَرَ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِدْلَالِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ رَضِيَتْ وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْحَالِ وَيَكُونُ اقْتِصَارًا عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِدْلَالِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْعُمُومِ. (قَوْلُهُ خِلَافٌ) الْقَوْل الْأَوَّلُ شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ دُونَ سَائِرِ الْأَحْكَامِ مَعَ أَنَّ كِتَابَهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِبَيَانِ التَّوَاجِيهِ وَذِكْرِ الْأَسْبَابِ بَلْ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ فَقَطْ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بَيَانِ الْعِلَّةِ هُنَا مِنْ الْأَحْكَامِ دُونَ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ . (قَوْلُهُ وَصُدِّقَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَتَرَافَعَا وَهِيَ حَائِضٍ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي فِي حَالِ حَيْضِي، وَقَالَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُهَا فِي حَالِ طُهْرِهَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ عَلَى الظَّاهِرِ لِدَعْوَاهَا عَلَيْهِ الْعَدَاءَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَتَحْلِفُ لِمُخَالَفَتِهَا الْأَصْلَ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا خِلَافًا لِمَا فِي طِرَارِ ابْنِ عَاتٍ مِنْ أَنَّ النِّسَاءَ يَنْظُرْنَ لِمَحِلِّ الدَّمِ مِنْ فَرْجِهَا وَلَا تُكَلَّفُ أَيْضًا بِإِدْخَالِ خِرْقَةٍ

(وَرَجَّحَ) ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ لِأَنَّهُ مِنْ الْخِلَافِ (إدْخَالُ خِرْقَةٍ) فِي فَرْجِهَا (وَيَنْظُرُهَا النِّسَاءُ) بَعْدَ إخْرَاجِهَا مِنْهُ فَإِنْ رَأَيْنَ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ صُدِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا (إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ لِلْحَاكِمِ حَالَ كَوْنِ الزَّوْجَةِ (طَاهِرًا ف) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ. (وَعُجِّلَ) وُجُوبًا (فَسْخُ) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) الَّذِي يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ كَالْخَامِسَةِ وَالْمُتْعَةِ وَكَذَا الَّذِي يُفْسَخُ قَبْلُ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فِي) زَمَنِ (الْحَيْضِ) وَلَا يُؤَخَّرُ حَتَّى تَطْهُرَ إذْ التَّأْخِيرُ أَشَدُّ مَفْسَدَةً (و) عُجِّلَ (الطَّلَاقُ عَلَى الْمَوْلَى) فِي الْحَيْضِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَفِئْ بِكِتَابِ اللَّهِ (وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ) بِالسُّنَّةِ (لَا) يُعَجِّلُ الْفَسْخَ فِي الْحَيْضِ (لِعَيْبٍ) اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي صَاحِبِهِ كَجُنُونٍ بَلْ يُؤَخَّرُ حَتَّى تَطْهُرَ (و) لَا (مَا لِلْوَلِيِّ فَسْخُهُ) وَإِبْقَاؤُهُ كَسَيِّدٍ فِي عَبْدِهِ وَوَلِيٍّ فِي مَحْجُورِهِ إذْ هُوَ فِي نَفْسِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ (أَوْ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ) إذَا حَلَّ أَجَلُ التَّلَوُّمِ فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ فِي الْحَيْضِ وَلَا فِي النِّفَاسِ بَلْ حَتَّى تَطْهُرَ (كَاللِّعَانِ) بِقَذْفٍ أَوْ نَفْيِ حَمْلٍ فَلَا يَتَلَاعَنَانِ فِي الْحَيْضِ (وَنُجِّزَتْ) أَيْ عُجِّلَتْ (الثَّلَاثُ فِي) قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (شَرَّ الطَّلَاقِ وَنَحْوَهُ) كَأَسْمَجِهِ وَأَقْذَرِهِ وَأَنْتَنِهِ وَأَكْثَرِهِ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَنُجِّزَتْ الثَّلَاثُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ (طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَهَذَا (إنْ دَخَلَ) بِهَا (وَإِلَّا فَوَاحِدَةً) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّلَاثُ أَيْضًا وَأَشْبَهُ فِي لُزُومِ الْوَاحِدَةِ قَوْلُهُ (كَخَيْرِهِ) أَوْ أَحْسَنِهِ أَوْ أَجْمَلِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ (أَوْ وَاحِدَةً) عَظِيمَةً أَوْ قَبِيحَةً أَوْ خَبِيثَةً أَوْ سَامِجَةً (أَوْ كَالْقَصْرِ) أَوْ كَالْجَبَلِ أَوْ الْجَمَلِ نَظَرًا لِقَوْلِهِ وَاحِدَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي فَرْجِهَا وَيَنْظُرُ إلَيْهَا النِّسَاءُ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةِ. (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ إدْخَالَ خِرْقَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى عُقُوبَةِ الزَّوْجِ بِالِارْتِجَاعِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي الِاخْتِبَارِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْخِلَافِ) فَفِي طفي وَابْنِ عَاتٍ مَا نَصُّهُ وَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهَا تُكَلَّفُ بِإِدْخَالِ خِرْقَةٍ فِي فَرْجِهَا وَيَنْظُرُهَا النِّسَاءُ (قَوْلُهُ وَيَنْظُرُهَا النِّسَاءُ) الْمُرَادُ بِهِنَّ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ، وَهَذَا اقْتِصَارٌ عَلَى الشَّأْنِ الْأَلْيَقِ وَإِلَّا فَالرِّجَالُ يَعْرِفُونَ الْحَيْضَ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) وَانْظُرْ هَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا؟ . (قَوْلُهُ وَكَذَا الَّذِي يُفْسَخُ قَبْلُ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا أَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ كَطَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهُوَ جَائِزٌ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ) أَيْ إذَا عَثَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ أَشَدُّ مَفْسَدَةً) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْتَكِبُ أَخَفَّ الْمَفْسَدَتَيْنِ حَيْثُ تَعَاضَدَتَا (قَوْلُهُ وَعُجِّلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُولِيَ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فِي زَمَنِ حَيْضِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَفِئْ أَيْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ يَمِينِهِ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ وَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ وَاسْتَشْكَلَ تَعْجِيلَ طَلَاقٍ عَلَى الْمُولِي فِي الْحَيْضِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ طَلَبِهَا الْفَيْئَةَ أَيْ الرُّجُوعَ عَنْ الْيَمِينِ وَالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَطَلَبُهَا حَالَ الْحَيْضِ مُمْتَنِعٌ وَإِنْ وَقَعَ لَا يُعْتَبَرُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي وَأُجِيبَ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا وَقَعَ مِنْهَا طَلَبُ الْفَيْئَةِ قَبْلَ الْحَيْضِ وَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بِالطَّلَاقِ حَتَّى حَاضَتْ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا قَوْلٌ وَمَا يَأْتِي قَوْلٌ آخَرُ. (قَوْلُهُ بِالسُّنَّةِ) أَيْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا» (قَوْله لَا يُعَجِّلُ الْفَسْخَ فِي الْحَيْضِ لِعَيْبٍ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَرْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِعَيْبِ صَاحِبِهِ فَإِنْ عَجَّلَ فِيهِ وَقَعَ بَائِنًا إنْ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إلَّا فِي الْعِنِّينِ فَإِنَّهُ بَائِنٌ فَإِنْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ فَرَجْعِيٌّ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إلَّا فِي الْعِنِّينِ فَإِنَّهُ بَائِنٌ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ كَسَيِّدٍ فِي عَبْدِهِ) أَيْ تَزَوَّجَ ذَلِكَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَوْلُهُ وَوَلِيٍّ فِي مَحْجُورِهِ أَيْ بِأَنْ تَزَوَّجَ صَغِيرٌ أَوْ سَفِيهٌ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلَا يُعَجَّلُ فَسْخُهُ فِي حَالِ حَيْضِ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَهُ فَيُشْكِلُ مَنْعُ تَعْجِيلِهِ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْحَيْضِ اهـ خش وعبق قَالَ بْن، وَهَذَا قُصُورٌ لِأَنَّهُ فِي النَّصِّ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَأَمَّا مَا لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ فَإِنْ بَنَى فَلَا يُفَرِّقُ فِيهِ إلَّا فِي الطُّهْرِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ وَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ يُطَلِّقَهَا عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَرَشَدَ السَّفِيهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ اهـ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِنَاءٌ كَانَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ فَسْخُ النِّكَاحِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَتَلَاعَنَانِ فِي الْحَيْضِ) أَيْ بَلْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْهُ فَإِنْ تَلَاعَنَا فِيهِ أَثِمَا وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ (قَوْلُهُ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ) أَيْ وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ عَلَى قَوْلِهِ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ) هَذَا التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَقُولُ بِلُزُومِ الثَّلَاثِ مُطْلَقًا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا أَمْ لَا قَدَّمَ ثَلَاثًا عَلَى قَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ أَوْ أَخَّرَهُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا، وَقَالَ سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ فِي غَيْرِ الْحَامِلِ وَوَاحِدَةٌ إنْ كَانَتْ حَامِلًا. لِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّلَاثُ) أَيْ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إذَا دَخَلَ (قَوْلُهُ أَوْ وَاحِدَةً عَظِيمَةً) مِثْلُ ذَلِكَ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَا لَمْ يَنْوِ

[فصل أركان الطلاق]

(و) لَوْ قَالَ (ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ أَوْ بَعْضَهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَبَعْضَهُنَّ لِلسُّنَّةِ) (فَثَلَاثٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا. {فَصْلٌ وَرُكْنُهُ} أَيْ الطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِالْمُتَعَدِّدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ (أَهْلٌ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَوْقِعُهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ وَلِيِّهِ وَلَا يَرِدُ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُوقِعَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الزَّوْجُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ (وَقَصْدٌ) أَيْ قَصْدُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَقَصَدَ حَلَّهَا فِي الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ سَبْقِ اللِّسَانِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَمِ قَصْدِ حَلِّهَا فِي الثَّالِثِ (وَمَحَلٌّ) أَيْ عِصْمَةٌ مَمْلُوكَةٌ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا (وَلَفْظٌ) صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ تَفْصِيلِهِمَا الْآتِي لَا بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ وَلَا بِفِعْلٍ إلَّا لِعُرْفٍ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالرُّكْنِ مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِيهَا وَأَشَارَ لِشُرُوطِ صِحَّتِهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا يَصِحُّ) (طَلَاقُ الْمُسْلِمِ) لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ كَافِرَةً احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ (الْمُكَلَّفُ) أَيْ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ وَلَوْ سَفِيهًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَوُقُوعُهُ عَلَيْهِ إذَا ارْتَدَّ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا أَنَّهُ مُوقِعٌ لَهُ وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْلَقٍ إذَا طَلَّقَ حَالَ جُنُونِهِ وَلَا مِنْ مَغْمِيٍّ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ سَكْرَانَ بِحَلَالٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ فَقَوْلُهُ (وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا) مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَلَّفُ سَكِرَ أَصْلًا بَلْ وَلَوْ سَكِرَ سَكَرًا حَرَامًا فَيَصِحُّ طَلَاقُهُ (وَهَلْ) صِحَّةُ طَلَاقِ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ (إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ) فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَجْنُونِ (أَوْ) صَحِيحٌ لَازِمٌ لَهُ (مُطْلَقًا) مَيَّزَ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ (تَرَدُّدٌ) وَمَحَلُّ الْقَوْلِ فِي السَّكْرَانِ لُزُومُ الْجِنَايَاتِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ لَهُ دُونَ الْإِقْرَارَاتِ وَالْعُقُودِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ) وَلَوْ كَافِرًا أَوْ صَبِيًّا صَحِيحٌ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لِلسُّنَّةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا) هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي النَّوَادِرِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَقَيَّدَ ابْنُ سَحْنُونٍ هَذَا بِكَوْنِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ وَتَحِيضُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ اُنْظُرْ طفي اهـ بْن [فَصَلِّ أَرْكَان الطَّلَاق] {فَصْلٌ وَرُكْنُهُ أَهْلٌ} (قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَوْ عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ جَازَ الْخُلْعُ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ وَلَا يَكُونُ الْفَصْلُ بِالْفَصْلِ مَانِعًا مِنْ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا بِعِوَضٍ أَوْ بِدُونِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبِهِ) الْمُرَادُ بِهِ الْحَاكِمُ وَالْوَكِيلُ وَمِنْ الْوَكِيلِ الزَّوْجَةُ إذَا جَعَلَهُ بِيَدِهَا (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيِّهِ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا وَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُوقِعِ لَهُ بِالزَّوْجِ وَنَائِبِهِ وَوَلِيِّهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِمَوْقِعِهِ الزَّوْجُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُمَا لِأَجْلِ دُخُولِ الْفُضُولِيِّ. (قَوْلُهُ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ قَصْدُ النُّطْقِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ قَصْدَ حَلِّ الْعِصْمَةِ مُطْلَقًا كَانَ اللَّفْظُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً ظَاهِرَةً أَوْ خَفِيَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَزِمَ وَلَوْ هَزْلٌ (قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ عَنْ سَبْقِ اللِّسَانِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ فِي الثَّالِثِ) أَيْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَفْظٌ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْإِشَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَالْكَلَامُ النَّفْسِيُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ) أَيْ عَزْمٌ لَيْسَ مَعَهُ لَفْظٌ وَلَا كَلَامٌ نَفْسَانِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَلَا بِفِعْلٍ) أَيْ كَنَقْلِ مَتَاعِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا رُكْنًا مِنْ الْفِعْلِ فَكَيْفَ يَجْعَلُ الْأَهْلَ وَالْمَحَلَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ رَفْعُ حِلِّيَّةٌ تَمَتُّعِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ) أَيْ مَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ) أَيْ وَأَمَّا الْوَكِيلُ عَنْ الزَّوْجِ وَالْفُضُولِيِّ مَعَ الْإِجَازَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا تَكْلِيفٌ بَلْ التَّمْيِيزُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمُوقِعَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُجِيزُ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ الَّتِي طَلَّقَهَا كَافِرَةً أَوْ مُسْلِمَةً فَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْكَافِرَةَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِذَا أَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ وَزَوْجُهَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا لَمْ يُعَدَّ طَلَاقُهُ طَلَاقًا وَكَانَ عَلَى نِكَاحِهِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَنَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا وَطَلَاقُهُ فِي شِرْكِهِ بَاطِلٌ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُرَاهِقًا (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ سَكْرَانَ بِحَلَالٍ) أَيْ كَمَا إذَا شَرِبَ لَبَنًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ مُتَحَقِّقًا أَوْ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ فَغَابَ بِاسْتِعْمَالِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا) بِأَنْ اسْتَعْمَلَ عَمْدًا مَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ جَازِمًا حِينَ الِاسْتِعْمَالِ بِأَنَّهُ يُغَيِّبُ عَقْلَهُ أَوْ كَانَ شَاكًّا فِي ذَلِكَ؛ كَانَ مِمَّا يُسْكِرُ جِنْسُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَلَبَنٍ حَامِضٍ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُغَيِّبُ مُرْقِدًا أَوْ مُخَدِّرًا اهـ. وَقَوْلُهُ: حَرَامًا، صِفَةٌ لِمَفْعُولٍ مُطْلَقٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَلَوْ سَكِرَ سَكَرًا حَرَامًا أَوْ حَالٌ مِنْ السُّكْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ سَكِرَ لَا مِنْ فَاعِلِ سَكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ وَصْفٌ لِلسُّكْرِ لَا لِصَاحِبِهِ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ سَوَاءٌ مَيَّزَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَلَّفُ سَكِرَ أَصْلًا) أَيْ وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَلَّفُ سَكِرَ أَصْلًا أَوْ سَكِرَ بِحَلَالٍ بَلْ وَلَوْ سَكِرَ سَكَرًا حَرَامًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا سَكِرَ بِحَلَالٍ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ لَا يُمَيِّزَ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِطَرِيقَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ إنْ مَيَّزَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ مُحَصَّلُ الْقَوْلِ فِي السَّكْرَانِ) أَيْ بِحَرَامٍ وَأَمَّا السَّكْرَانُ

(كَبَيْعِهِ) فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الزَّوْجُ لَمْ يَقَعْ، وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ فَلَوْ أَوْقَعَهُ وَهِيَ حَامِلٌ وَأَجَازَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْوَضْعِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إنْ أَجَازَ بَعْدَ الْحَيْضِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ (وَلَزِمَ وَلَوْ هَزْلٌ) كَضَرْبٍ أَيْ لَمْ يَقْصِدْ بِلَفْظِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي الصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَزْحِ وَالْمُلَاعَبَةِ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ لِمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ (لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) بِأَنْ قَصَدَ التَّكَلُّمَ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَزَلَّ لِسَانُهُ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مُطْلَقًا إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قَبْلُ (فِي الْفَتْوَى) دُونَ الْقَضَاءِ (أَوْ) (لُقِّنَ) الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَهُ (بِلَا فَهْمٍ) مِنْهُ لِمَعْنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (أَوْ هَذَى) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ بِوَزْنِ رَمَى مِنْ الْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ (لِمَرَضٍ) أَصَابَهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَمْ أَشْعُرْ بِشَيْءٍ وَقَعَ مِنِّي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِصِحَّةِ عَقْلِهِ لِقَرِينَةٍ أَوْ قَالَ وَقَعَ مِنِّي شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ شُعُورَهُ بِوُقُوعِ شَيْءٍ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَقَلَهُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَسَلَّمُوهُ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَثِيرًا مَا يُتَخَيَّلُ لِلْمَرِيضِ خَيَالَاتٌ فَيَتَكَلَّمُ عَلَى مُقْتَضَاهَا بِكَلَامٍ خَارِجٍ عَنْ قَانُونِ الْعُقَلَاءِ فَإِذَا أَفَاقَ اسْتَشْعَرَ أَصْلَهُ وَأَخْبَرَ عَنْ الْخَيَالَاتِ الْوَهْمِيَّةِ كَالنَّائِمِ. (أَوْ قَالَ) مُنَادِيًا (لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقُ يَا طَالِقُ) فَلَا تَطْلُقُ فِي الْفُتْيَا وَلَا الْقَضَاءِ (وَقُبِلَ مِنْهُ فِي) نِدَاءِ (طَارِقٍ) بِالرَّاءِ بِيَا طَالِقُ بِاللَّامِ (الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا فَقَوْلُهُ وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا (أَوْ) (قَالَ) لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ (يَا حَفْصَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِحَلَالٍ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَلَا طَلَاقٌ وَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَجِنَايَاتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَيْضِ) أَيْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ أَجَازَ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ) أَيْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ بِالْحُرْمَةِ وَالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ أَنَّ النَّاسَ شَأْنُهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا الْأَرْبَاحَ فِي سِلَعِهِمْ بِالْبَيْعِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ) أَيْ وَلَزِمَ الطَّلَاقُ بِمَعْنَى حَلِّ الْعِصْمَةِ بِذِكْرِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ هَازِلٍ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ كَانَ هَازِلًا بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمُقَابِلِهِ بِلَوْ. {تَنْبِيهٌ} يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ كَذَا ذَكَرَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ. (قَوْلُهُ كَضَرْبٍ) الَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّ هَزَلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفَرِحَ (قَوْلُهُ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فَلَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهَا حَلَّ الْعِصْمَةِ كَمَا مَرَّ وَكَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِهِ) أَيْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ) أَيْ فِي لُزُومِهِ بِالْهَزْلِ (قَوْلُهُ لِمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ وَالْعِتْقُ بَدَلَ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ أَمْ لَا وَمَفْهُومٌ فِي الْفَتْوَى أَنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ أَوْ لُقِّنَ الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَهُ) أَيْ مِنْ عَرَبِيٍّ وَكَذَا إذَا لُقِّنَ الْعَرَبِيُّ لَفْظَهُ مِنْ عَجَمِيٍّ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ مِنْهُ لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِعَدَمِ قَصْدِ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى حَلِّ الْعِصْمَةِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ) أَيْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا تَكَلَّمَ بِالْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ فَلَمَّا أَفَاقَ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَجْنُونِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا شَعَرَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَتَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ) أَيْ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ) هَكَذَا أَطْلَقَ الْبَاجِيَّ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ إلَخْ تَقْيِيدٌ لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَالَ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَتَكَلَّمُ) أَيْ حَالَ تَخَيُّلِهَا لَهُ (قَوْلُهُ اسْتَشْعَرَ أَصْلَهُ) أَيْ أَصْلَ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ الْكَلَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاسْتِشْعَارِ بِالشَّيْءِ عَقْلُهُ لَهُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ كَالنَّائِمِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا أَفَاقَ مِنْ نَوْمِهِ يُخْبِرُ عَمَّا خُيِّلَ لَهُ فِي نَوْمِهِ وَلَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) أَيْ دَعْوَاهُ الْتِفَاتَ لِسَانِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَارِقَ فَنَادَاهَا وَقَالَ لَهَا: يَا طَالِقُ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ يَا طَارِقُ فَالْتَفَتَ لِسَانُهُ وَالْتَوَى عَنْ مَقْصُودِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى لَا فِي الْقَضَاءِ، وَتَغْيِيرُ الْمُصَنِّفِ الْأُسْلُوبَ يُشْعِرُ بِذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ لَقَالَ كَمَنْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقٌ يَا طَالِقُ مُدَّعِيًا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَحُذِفَ قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقُ إلَخْ. فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامًا وَادَّعَى الْتِفَاتَ لِسَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِحُصُولِ شَيْئَيْنِ: الْإِبْدَالُ وَعَدَمُ النِّدَاءِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا) أَيْ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِهَذِهِ أَيْضًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ وَعَمْرَةُ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ) عَطْفٌ عَلَى سَبْقِ لِسَانِهِ فَهُوَ وَاقِعٌ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ، وَلَا إنْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا أَيْ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ لَهُ وَهِيَ عَمْرَةُ فِي الْفَتْوَى بِدَلِيلِ

يُرِيدُ طَلَاقَهَا (فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ) تَظُنُّ أَنَّهُ طَالِبُ حَاجَةٍ (فَطَلَّقَهَا) أَيْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا حَفْصَةَ (فَالْمَدْعُوَّةُ) وَهِيَ حَفْصَةُ تَطْلُقُ مُطْلَقًا فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَأَمَّا الْمُجِيبَةُ فَفِي الْقَضَاءِ فَقَطْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَطَلَقَتَا) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ وَيُحْتَمَلُ طَارِقُ وَعَمْرَةُ وَهُوَ أَوْلَى وَأَتَمُّ فَائِدَةً (مَعَ) قِيَامِ (الْبَيِّنَةِ) وَلَوْ قَالَ فِي الْقَضَاءِ كَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ مَعَ الْإِنْكَارِ وَحُصُولِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَتَى قِيلَ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَالْمُرَادُ الْقَضَاءُ الشَّامِلُ لِلْإِقْرَارِ (أَوْ) (أُكْرِهَ) عَلَى إيقَاعِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي فَتْوَى وَلَا قَضَاءٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ بَلْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَأَوْقَعَ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ كَالْمَجْنُونِ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ قَاصِدًا بِطَلَاقِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ بَاطِنًا وَإِلَّا لَوَقَعَ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِكْرَاهَ إمَّا شَرْعِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ طَوْعٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ جَزْمًا خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ فَأَخْرَجَهَا قَاضٍ لِتَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ فِي نِصْفِ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نِصْفَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْحَالِفِ وَكَمَّلَ بِهِ عِتْقَ الشَّرِيكِ أَوْ حَلَفَ لَا اشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَارَ مَذْهَبَ الْمُغِيرَةِ وَرَدَّ بِلَوْ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الرَّاجِحَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ) الَّذِي حَلَفَ لَا بَاعَهُ أَوْ لَا اشْتَرَاهُ وَكَانَ الصَّوَابُ الْعَكْسَ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا كَانَ الْإِكْرَاهُ فِيهِ شَرْعِيًّا (أَوْ فِي فِعْلٍ) دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ كَحَلِفِهِ بِطَلَاقٍ لَا أَدْخُلُ دَارًا فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِهَا أَوْ حُمِلَ وَأُدْخِلَهَا مُكْرَهًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِالْحِنْثِ فِي الْإِكْرَاهِ الْفِعْلِيِّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ صِيغَةَ بِرٍّ كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْيَمِينِ حَيْثُ قَالَ: وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ وَمُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْحَالِفُ غَيْرَهُ أَنْ يُكْرِهَهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَيُكْرَهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ لَا أَدْخُلُهَا طَوْعًا وَلَا كُرْهًا وَأَنْ لَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ حَيْثُ كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَعْدَهُ فَقَوْلُهُ فَالْمَدْعُوَّةُ لَيْسَ بَيَانًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ بَلْ هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَتَطْلُقُ الْمَدْعُوَّةُ وَهِيَ حَفْصَةُ فِي الْفَتْوَى (قَوْلُهُ يُرِيدُ طَلَاقَهَا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُرِيدًا لِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ أَيْ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ) فَحَفْصَةُ تَطْلُقُ بِقَصْدِهِ وَعَمْرَةُ بِلَفْظِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ طَارِقُ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَعَمْرَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا طَلُقَتْ عَمْرَةُ وَهِيَ الْمُجِيبَةُ فِي الْقَضَاءِ فَأَوْلَى حَفْصَةُ الْمَدْعُوَّةُ (قَوْلُهُ وَأَتَمُّ فَائِدَةً) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ الْقَضَاءُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَعَ الْبَيِّنَةِ مَعْنَاهُ مَعَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشُدُّ عَلَى أَلْفَاظِهِ عِنْدَ إنْكَارِهِ أَوْ لَا بِأَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أُكْرِهَ) عَطْفٌ عَلَى سَبَقَ لِسَانُهُ أَيْ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ وَلَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ) أَيْ وَهُوَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ طَوْعٍ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا اشْتَرَاهُ) أَيْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فِي الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَتَقْوِيمٍ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ غَيْرَ شَرْعِيٍّ بَلْ وَلَوْ كَانَ بِكَتَقْوِيمٍ إلَخْ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ صَوَابَ وَضْعِ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَفِي فِعْلٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْفِعْلِ لَا الْقَوْلِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ إلَّا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ فَتُتَحَرَّرُ الْعِبَارَةُ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. (قَوْلُهُ وَكَانَ الصَّوَابُ الْعَكْسَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا كَانَ الْإِكْرَاهُ فِيهِ شَرْعِيًّا) أَيْ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ لَا يُطِيعُ أَبَوَيْهِ أَوْ لَا يَقْضِي فُلَانًا دَيْنَهُ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِذَا أَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى طَاعَةِ أَبَوَيْهِ أَوْ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَذْهَبُ لُزُومُهُ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ أَوْ فِي فِعْلٍ) فِي بِمَعْنَى عَلَى هَذَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِهِ بَلْ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلٍ وَالْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْفِعْلُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي فِيهَا خِلَافُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا الَّتِي فِيهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ فَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَفِيهَا خِلَافُ الْمُغِيرَةِ وَالْمُدَوَّنَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِالشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّارِحِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلٍ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الْحِنْثِ مُقَيَّدٌ (قَوْلُهُ كَمَا مَثَّلْنَا) وَنَحْوُ إنْ دَخَلْتِ دَارَ زَيْدٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأُكْرِهَ عَلَى فِعْلِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةً حَنِثَ) أَيْ وَلَا يَنْفَعُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ لِانْعِقَادِهَا عَلَى الْحِنْثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِيغَةَ الْبِرِّ لَا حِنْثَ فِيهَا بِالْإِكْرَاهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا صِيغَةُ الْحِنْثِ فَلَا يَنْفَعُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ لِانْعِقَادِهَا عَلَى الْحِنْثِ. (قَوْلُهُ وَوَجَبَتْ بِهِ) أَيْ وَوُجِّهَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ إنْ انْتَفَى الْإِكْرَاهُ بِبِرٍّ أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ إكْرَاهٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ إكْرَاهٌ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ حِينَ الْحَلِفِ أَنَّهُ سَيُكْرَهُ أَيْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ) أَيْ وَإِلَّا حَنِثَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ) وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ

(إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) الْمُكْرَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ (التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا) وَعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِتْيَانُ بِلَفْظٍ فِيهِ إيهَامٌ عَلَى السَّامِعِ كَأَنْ يَقُولَ هِيَ طَالِقٌ وَيُرِيدُ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ وَجِعَةٌ بِالطَّلْقِ فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ مَعْرِفَتِهَا حَنِثَ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَلَوْ عَرَّفَهَا وَتَرَكَ. وَالْإِكْرَاهُ الَّذِي لَا حِنْثَ مَعَهُ يَكُونُ (بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ) وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ وَبَيَّنَ الْمُؤْلِمَ بِقَوْلِهِ (مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ) وَإِنْ قَلَّ (أَوْ سِجْنٍ) ظُلْمًا (أَوْ قَيْدٍ) وَلَوْ لَمْ يَطُلْ (أَوْ صَفْعٍ) بِكَفٍّ فِي قَفًا (لِذِي مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَح وَضَمِّهَا (بِمَلَإٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ لَا فِي خَلْوَةٍ وَلَا غَيْرِ ذِي مُرُوءَةٍ أَيْ إنْ قَلَّ فَإِنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا (أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ وَكَذَا بِعُقُوبَتِهِ إنْ كَانَ بَارًّا. (أَوْ) بِأَخْذٍ (لِمَالِهِ) أَوْ بِإِتْلَافِهِ (وَهَلْ إنْ كَثُرَ) بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ وَلَوْ قَلَّ (تَرَدُّدٌ لَا) بِخَوْفِ قَتْلِ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْوَلَدِ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ، وَأَمَّا قَتْلُ الْأَبِ فَقِيلَ إكْرَاهٌ كَالْوَلَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقِيلَ لَا كَالْأَخِ (أُمِرَ) نَدْبًا فِي الْأَجْنَبِيِّ (بِالْحَلِفِ) بِالطَّلَاقِ مَا رَأَيْته وَلَا أَعْلَمُ مَوْضِعَهُ (لِيَسْلَمَ) الْأَجْنَبِيُّ مِنْ قَتْلِ الظَّالِمِ إنْ دَلَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ حَنِثَ وَكَفَّرَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ (وَكَذَا) (الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِقْرَارُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفَرَغَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ طَائِعًا فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُتْرَكَ الْمُكْرَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْإِكْرَاهِ الْقَوْلِيِّ لَا الْفِعْلِيِّ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّوْرِيَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ اللَّفْظُ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ فَيُطْلَق وَيُرَادُ مِنْهُ الْبَعِيدُ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ يَقُولَ جَوْزَتِي طَالِقٌ وَيُرِيدُ جَوْزَةَ حَلْقِهِ لَيْسَ فِيهَا لُقْمَةٌ مَثَلًا بَلْ سَالِكَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) أَيْ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ) أَيْ بِخَوْفِ شَيْءٍ مُؤْلِمٍ يَحْصُلُ لَهُ حَالًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ) أَيْ بِحُصُولِ ذَلِكَ الْمُؤْلِمِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ أَيْ تَيَقُّنُ حُصُولِهِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ خِلَافًا لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَطُلْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ السِّجْنِ وَالْقَيْدِ وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُكْرَهُ مِنْ ذَوِي الْأَقْدَارِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يُعَدُّ إكْرَاهًا إلَّا إذَا هَدَّدَ بِطُولِ الْإِقَامَةِ فِي السِّجْنِ أَوْ الْقَيْدِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَا فِي خَلْوَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي حَقِّ ذِي الْمُرُوءَةِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَلَأَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنْ الْأَشْرَافِ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا فُعِلَ مَعَهُ ذَلِكَ فِي الْخَلَاءِ. (قَوْلُهُ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَلَإِ أَوْ فِي الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ خَوْفَ الصَّفْعِ الْكَثِيرِ إكْرَاهٌ مُطْلَقًا كَانَ حُصُولُهُ فِي الْمَلَإِ أَوْ فِي الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ وَغَيْرِهِ وَخَوْفُ الصَّفْعِ الْقَلِيلِ إنْ كَانَ حُصُولُهُ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَلَإِ فَهُوَ إكْرَاهٌ لِذِي الْمُرُوءَةِ لَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) عَطْفُ عَلَى مُؤْلِمٍ أَيْ أَوْ خَوْفِ قَتْلِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفَلَ) أَيْ وَلَوْ عَاقًّا (قَوْلُهُ أَوْ بِأَخْذٍ لِمَالِهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِخَوْفِ أَخْذٍ لِمَالِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُؤْلِمٍ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى فِي التَّخْوِيفِ بِأَخْذِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ إكْرَاهٌ، وَقِيلَ لَيْسَ إكْرَاهًا، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ وَإِلَّا فَلَا. وَالْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، ثُمَّ إنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الثَّالِثَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلَيْنِ وَذَلِكَ كَابْنِ بَشِيرٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَمِنْهُمْ كَابْنِ الْحَاجِبِ مَنْ جَعَلَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مُتَقَابِلَةً إبْقَاءً لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ إلَخْ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ لِطَرِيقَةِ الْوِفَاقِ وَحَذْفِ طَرِيقَةِ الْخِلَافِ أَيْ أَوْ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ تَرَدُّدٌ مَعْنَاهُ طَرِيقَتَانِ فِي رُجُوعِ الْأَقْوَالِ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ أَوْ بَقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ كَوْنِهَا أَقْوَالًا مُتَبَايِنَةً. (قَوْلُهُ لَا أَجْنَبِيٍّ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفِ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ أَيْ فَلَيْسَ إكْرَاهًا فَإِذَا قَالَ لَهُ ظَالِمٌ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت فُلَانًا صَاحِبَك أَوْ أَخَاك أَوْ عَمَّك فَطَلَّقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّخْوِيفَ بِقَتْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ غَيْرُ الْوَلَدِ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا شَرْعًا. (قَوْلُهُ وَأُمِرَ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ ظَالِمٌ لِشَخْصٍ فُلَانٌ عِنْدَك وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ ائْتِنِي بِهِ أَقْتُلُهُ أَوْ آخُذُ مِنْهُ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِهِ قَتَلْت زَيْدًا صَاحِبَك أَوْ أَخَاك فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَلَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ بَلْ أَتَى بِمَنْدُوبٍ فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ نَدْبِ الْحَلِفِ لَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ تَخْلِيصِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ مَا لَمْ يُؤَدِّ التَّخْلِيصُ إلَى الْحَلِفِ كَاذِبًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ. {تَنْبِيهٌ} لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُورُ الْحَلِفَ وَقُتِلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ الْمَطْلُوبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الْمَأْمُورِ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ نَعَمْ إنْ دَلَّ الْمَأْمُورُ الظَّالِمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ ضَمِنَ. (قَوْلُهُ وَكَفَّرَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ) أَيْ وَيُكَفِّرُ ذَلِكَ الْحَالِفُ عَنْ يَمِينِهِ إذَا كَانَتْ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ غَمُوسًا إلَّا أَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ وَقَدْ مَرَّ

مِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ بِمَا ذُكِرَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْعِتْقِ إلَخْ نَحْوُ إنْ لَمْ تُعْتِقْ عَبْدَك أَوْ لَمْ تُزَوِّجْنِي بِنْتَك أَوْ تُقِرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِك كَذَا قَتَلْتُك أَوْ ضَرَبْتُك إلَخْ (وَالْيَمِينُ) بِاَللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ نَحْوُ إنْ لَمْ تَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَوْ بِصَوْمِ الْعَامِ أَوْ بِعِتْقِ عَبْدِك عَلَى أَنْ لَا تُكَلِّمَ زَيْدًا أَوْ لَا تَدْخُلَ دَارِي لَقَتَلْتُك إلَخْ (وَنَحْوُهُ) كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ لَا تَلْزَمُ بِالْإِكْرَاهِ بِمَا ذُكِرَ (وَأَمَّا الْكُفْرُ) أَيْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا يَقْتَضِي الِاتِّصَافَ بِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (وَسَبُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَشَدِّيَّتِهِ (وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ) وَكَذَا سَبُّ الصَّحَابَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ قَذْفٍ (فَإِنَّمَا يَجُوزُ) الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ (لِلْقَتْلِ) أَيْ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُعَايَنَتِهِ لَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ وَلَوْ فَعَلَ ارْتَدَّ وَحُدَّ لِلْمُسْلِمِ (كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ) مِنْ الْقُوتِ (مَا يَسُدُّ) أَيْ يَحْفَظُ (رَمَقَهَا) بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا وَلَوْ بِمَيْتَةٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا) فَيَجُوزُ لَهَا الزِّنَا لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ سَدُّ رَمَقِ صِبْيَانِهَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ. (وَصَبْرُهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ عَلَى الْقَتْلِ كَصَبْرِ الْمَرْأَةِ عَلَى الْمَوْتِ (أَجْمَلُ) عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْكُفْرِ وَالسَّبِّ وَالْقَذْفِ وَإِقْدَامِهَا عَلَى الزِّنَا (لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ) وَلَوْ رَقِيقًا فَلَا يَجُوزُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ (وَقَطْعُهُ) أَيْ قَطْعُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ أُنْمُلَةً فَلَا يَجُوزُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ بَلْ يَرْضَى بِقَتْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَقْطَعُ أُنْمُلَةَ غَيْرِهِ (وَ) لَا (أَنْ يَزْنِيَ) أَيْ بِمُكْرَهَةٍ أَوْ ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ فَلَا يَجُوزُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ فَيَجُوزُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِالْقَتْلِ لَا غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا أَنَّهَا تُكَفَّرُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ اللَّغْوِ فَإِنَّهَا لَا تُكَفَّرُ إلَّا إذَا تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ مِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ بِمَا ذُكِرَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْعِتْقِ إلَخْ) أَيْ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ قَتَلْتُك أَوْ ضَرَبْتُك) أَيْ أَوْ سَجَنْتُك أَوْ صَفَعْتُك بِمَلَإٍ أَوْ قَتَلْت وَلَدَك أَوْ نَهَبْت مَالَك فَإِذَا خَافَ وَأَعْتَقَ أَوْ زَوَّجَ أَوْ أَقَرَّ أَوْ بَاعَ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لَقَتَلْتُك إلَخْ) أَيْ أَوْ ضَرَبْتُك أَوْ سَجَنْتُك أَوْ صَفَعْتُك بِمَلَإٍ أَوْ قَتَلْت وَلَدَك أَوْ نَهَبْت مَالَك فَإِذَا خَافَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ لَهُ يَفْعَلُ مَعَهُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فَحَلَفَ لَهُ فَلَا تَنْعَقِدُ تِلْكَ الْيَمِينُ فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) نَحْوُ إنْ لَمْ تَبِعْ شَيْئَك الْفُلَانِيَّ أَوْ إنْ لَمْ تَشْتَرِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَإِلَّا قَتَلْتُك أَوْ ضَرَبْتُك أَوْ سَجَنْتُك أَوْ قَتَلْت وَلَدَك أَوْ نَهَبْت مَالَك، فَإِذَا خَافَ أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ إنْ لَمْ يَبِعْ شَيْئَهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشْتَرِ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَلَا الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ وَسَائِرِ الْعُقُودِ) أَيْ كَعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالصَّرْفِ وَالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْكُفْرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأُمُورَ الْمُتَقَدِّمَةَ مِنْ طَلَاقٍ وَأَيْمَانٍ بِغَيْرِهِ وَنِكَاحٍ وَعِتْقٍ وَإِقْرَارٍ وَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ إلَّا بِالْخَوْفِ مِنْ الْقَتْلِ وَمَا مَعَهُ وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمُورُ وَهِيَ الْكُفْرُ وَمَا مَعَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ إلَّا بِالْخَوْفِ مِنْ الْقَتْلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِمَا يَقْتَضِي الِاتِّصَافَ بِهِ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَالْمُكْرَهُ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَكْفُرُ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلٍ) أَيْ كَسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ أَوْ فِعْلٍ أَيْ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ فِي قَذَرٍ (قَوْلُهُ وَسَبُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَكَذَا سَبُّ نَبِيٍّ مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكٍ مُجْمَعٍ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ أَوْ الْحُورِ الْعِينِ فَلَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَتْلَ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَمَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ فَيَجُوزُ سَبُّهُمَا إذَا خَافَ مُؤْلِمًا مِمَّا مَرَّ وَلَوْ غَيْرَ الْقَتْلِ كَذَا فِي عبق وَفِيهِ أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَهُمْ أَوْلَى فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُمْ كَالصَّحَابَةِ وَلَا يَجُوزُ سَبُّهُمْ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ) أَيْ رَمْيُهُ بِالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ (قَوْلُهُ وَكَذَا سَبُّ الصَّحَابَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ قَذْفٍ) أَيْ وَأَمَّا سَبُّ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ فَيَجُوزُ وَلَوْ خَوْفٌ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَكَذَا قَذْفُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَعَلَ ارْتَدَّ) أَيْ وَلَوْ خَوْفٌ بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَالضَّرْبِ وَقَتْلِ الْوَلَدِ وَنَهْبِ الْمَالِ وَفَعَلَهُ أَيْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ النَّبِيَّ ارْتَدَّ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَّ لِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَلَا يَرْتَدُّ وَلَا يُحَدُّ لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ بَقِيَّةَ حَيَاتِهَا) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهَا الزِّنَا لِذَلِكَ) أَيْ لِسَدِّ رَمَقِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ لِذَلِكَ وَيَقُولَ فَيَجُوزَ لَهَا الزِّنَا بِمَا يُشْبِعُهَا لَا بِمَا يَسُدُّ رَمَقَهَا فَقَطْ، فَإِذَا وَجَدَتْ مَنْ يَزْنِي بِهَا وَيُشْبِعُهَا وَمَنْ يَزْنِي بِهَا وَيَسُدُّ رَمَقَهَا زَنَتْ لِمَنْ يُشْبِعُهَا وَلَوْ كَانَ يَزْنِي بِهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمَرْأَةُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَ مِنْ اللِّوَاطِ فِيهِ وَلَوْ أَدَّى الْجُوعُ لِمَوْتِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا تَجِدُ إلَخْ عَدَمُ جَوَازِ إقْدَامِهَا عَلَى ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَيْتَةٍ تَسُدُّ رَمَقَهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ لِلْمُضْطَرِّ وَمَفْهُومُ الْمَرْأَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ تُعْطِيهِ مَا يَسُدُّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ فِي عبق، وَالْحَقُّ الْجَوَازُ إذَا كَانَتْ طَائِعَةً وَلَا مَالِكَ لِبُضْعِهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أُخِذَ مِمَّا يَأْتِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ وَهُوَ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ سَبِّ النَّبِيِّ أَوْ عَلَى قَذْفِ الْمُسْلِمِ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَجْمَلُ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ أَنَّهُ أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا اهـ خش (قَوْلُهُ لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ لَهُ ظَالِمٌ إنْ لَمْ تَقْتُلْ فُلَانًا أَوْ تَقْطَعْهُ قَتَلْتُك فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ فُلَانٍ وَقَطْعُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى بِقَتْلِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَزْنِيَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا قَالَ لَهُ إنْ لَمْ تَزْنِ بِفُلَانَةَ قَتَلْتُك فَلَا يَجُوزُ لَهُ الزِّنَا بِهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرِّضَا بِقَتْلِ نَفْسِهِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً أَوْ كَانَتْ طَائِعَةً وَكَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ

(وَفِي لُزُومِ) يَمِينِ (طَاعَةٍ أُكْرِهَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَلِفِ بِهَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ لَا يَغُشَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَيَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا أَوْ لَيُصَلِّيَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَمَتَى شَرِبَ أَوْ غَشَّ وَمَتَى لَمْ يَتَصَدَّقْ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ حَنِثَ وَلَا يُعَدُّ مُكْرَهًا وَعَدَمُ اللُّزُومِ فَلَا حِنْثَ نَظَرًا لِلْإِكْرَاهِ (قَوْلَانِ) وَأَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِمَعْصِيَةٍ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ لَيَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ بِمُبَاحٍ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ اتِّفَاقًا وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلَهُ (كَإِجَازَتِهِ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ (كَالطَّلَاقِ) بِمَعْنَى مِثْلُ فَيَدْخُلُ الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَنَحْوُهَا أَيْ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ ثُمَّ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ أَجَازَهُ (طَائِعًا) فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ نَظَرًا لِلطَّوْعِ أَوْ لَا؟ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْإِكْرَاهِ بَاقٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَصِحُّ بَعْدُ قَوْلَانِ (وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ) فَيَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَدْخُلُ النِّكَاحُ تَحْتَ الْكَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ اتِّفَاقًا (وَمَحَلُّهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (مَا مَلَكَ) مِنْ الْعِصْمَةِ فَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى عِصْمَةٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ (وَإِنْ تَعْلِيقًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ قَالَ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ (إنْ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ (وَنَوَى) إنْ دَخَلْتهَا (بَعْدَ نِكَاحِهَا) (وَتَطْلُقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (عَقِبَهُ) بِدُونِ يَاءٍ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ أَيْ عَقِبَ النِّكَاحِ فِي الْأُولَى وَعَقِبَ دُخُولِ الدَّارِ فِي الثَّانِيَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (النِّصْفُ) أَيْ نِصْفُ صَدَاقِهَا لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا لَوْ كَانَتْ طَائِعَةً وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ فَيَجُوزُ لَهُ الزِّنَا بِهَا إذَا خُوِّفَ بِالْقَتْلِ لَا بِغَيْرِهِ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ سَحْنُونًا سَوَّى بَيْنَ الزِّنَا بِالطَّائِعَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ وَبَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يَكُونُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مُطْلَقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ يَمِينِ طَاعَةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى طَاعَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الطَّاعَةُ تَرْكًا أَوْ فِعْلًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ تِلْكَ الْيَمِينُ أَوْ لَا تَلْزَمُهُ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ عَلَى الْحَلِفِ بِهَا أَيْ بِالطَّاعَةِ أَيْ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ نَفْيًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الطَّاعَةِ نَفْيًا أَيْ تَرْكًا لِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ إثْبَاتًا أَيْ فِعْلًا لِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْمَعْصِيَةِ أَوْ الْمُبَاحِ وَلَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ فِعْلِهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهَا أَيْ وَفِعْلُهُ وَقَوْلُهُ أَجَازَهُ أَيْ أَجَازَ مَا فَعَلَهُ مُكْرَهًا (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا) أَيْ حَالَ الْإِكْرَاهِ وَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَ أَيْ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَاسِدًا (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) هُمَا لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ مِنْ عِدَّةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ يَوْمِ الْوُقُوعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ طَلَاقِ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَهُ الزَّوْجُ فَإِنَّ أَحْكَامَ الطَّلَاقِ تُعْتَبَرُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُوقِعَ وَالْمُجِيزَ هُنَا وَاحِدٌ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ فَالْمُوقِعُ لَهُ غَيْرُ الْمُجِيزِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِجَازَتِهِ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَلَوْ انْعَقَدَ لَبَطَلَ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ تَحْقِيقًا بَلْ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ تَعْلِيقًا أَيْ ذَا تَعْلِيقٍ أَوْ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ كَانَ أَوْلَى، ثُمَّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ التَّعْلِيقِ غَيْرَ صَرِيحٍ بِأَنْ كَانَ بِالنِّيَّةِ كَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ تَزْوِيجِهِ بِهَا، وَكَالْمِثَالِ الثَّانِي فِي الْمَتْنِ أَوْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ صَرِيحًا كَإِنْ تَزَوَّجَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ طَالِقٌ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِهِ لِوُضُوحِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّعْلِيقِ غَيْرِ الصَّرِيحِ لِخَفَائِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْعِصْمَةُ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ الطَّلَاقِ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَعْلِيقًا فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ كَمَا إذَا قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مِنْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ) أَيْ لَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِهِ لَهَا فَوُقُوعُ هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجَهَا (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ) حَذْفُهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إنْ دَخَلْت فَقَطْ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ إذْ لَوْ رَجَعَ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا (قَوْلُهُ وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ فَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ بِلُزُومِ التَّعْلِيقِ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْعَقِبِ الْمُقَارَنَةُ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُمْ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَيْ قَدْ يَقَعَانِ فَلَيْسَ كُلِّيًّا تَأَمَّلْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ وَهُمَا الَّتِي قَالَ لَهَا عِنْدَ الْخِطْبَةِ

قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمُسَمَّى كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَيَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ النِّصْفُ كُلَّمَا عَقَدَ عَلَيْهَا إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ (إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ) أَيْ إلَّا بَعْدَ ثَالِثِ مَرَّةٍ وَهِيَ الرَّابِعَةُ أَيْ وَقَبْلَ زَوْجٍ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا رَابِعَ مَرَّةٍ قَبْلَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (عَلَى الْأَصْوَبِ) وَأَمَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَيَعُودُ الْحِنْثُ وَلُزُومُ النِّصْفِ إلَّا أَنْ تَتِمَّ الْعِصْمَةُ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً حِينَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى عِصْمَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِهَا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ فَيَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ فَقَطْ (وَلَوْ دَخَلَ) بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (فَالْمُسَمَّى فَقَطْ) إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَرُدَّ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَلَى مَنْ يَقُولُ يَلْزَمُهُ صَدَاقٌ وَنِصْفٌ أَمَّا النِّصْفُ فَلِلُزُومِهِ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلِدُخُولِهِ وَلَيْسَ بِزِنًا مَحْضٍ ثُمَّ شُبِّهَ فِي لُزُومِ الْمُسَمَّى بِالْبِنَاءِ. قَوْلُهُ (كَوَاطِئٍ) زَوْجَتَهُ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ وَقَدْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا (بَعْدَ حِنْثِهِ) أَيْ وَطِئَهَا بَعْدَ دُخُولِهَا الدَّارَ (وَلَوْ يَعْلَمُ) بِحِنْثِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ بَعْدَ الْحِنْثِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى فَقَطْ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا كَانَتْ طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا فَلَوْ عَلِمَ تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ فَيَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِكُلِّ وَطْأَةٍ بَعْدَ حِنْثِهِ حَيْثُ كَانَتْ هِيَ غَيْرَ عَالِمَةٍ أَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْتِ طَالِقٌ وَاَلَّتِي قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا وَمَحَلُّ لُزُومِ نِصْفِ الْمُسَمَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَبَعْدَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ وَيَتَكَرَّرُ إلَخْ) هَذَا دُخُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الصِّيغَةَ إذَا كَانَتْ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْوَسِيلَةَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا مَقْصِدُهَا لَمْ تُشْرَعْ وَالْمَقْصِدُ مِنْ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٌ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا تَزَوَّجَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ صَدَاقٌ؛ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ كَطَلَاقِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ كَطَلَاقِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ هُنَاكَ اهـ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ فَاسِدًا لِصَدَاقِهِ إذَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ طَلَّقَ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ فَاسِدًا لِعَقْدِهِ كَمَا هُنَا فَفِي الطَّلَاقِ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفُ الْمُسَمَّى. (قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِصِيغَةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ) أَيْ إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ثَالِثِ مَرَّةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ إذْ لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَكُلُّ مَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصْوَبِ) أَيْ عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِإِلْغَاءِ التَّعْلِيقِ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي الْمَرْجُوعِ عَنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَى أَنْ تَتِمَّ الْعِصْمَةُ) أَيْ فَإِذَا أَتَمَّتْ وَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ عَادَ الْحِنْثُ وَلُزُومُ النِّصْفِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهَكَذَا أَيْ يَسْتَمِرُّ عَوْدُ الْحِنْثِ وَلُزُومُ النِّصْفِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِهَا فَحَلَفَ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ: كُلَّمَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَلَوْ) (دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الَّتِي قَالَ لَهَا عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ وَنَوَى إنْ نَكَحَهَا وَاَلَّتِي قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ تَزْوِيجَاتٍ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى إذَا دَخَلَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ تَزْوِيجَاتٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ مِنْ الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِعَقْدِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِيهِ الْمُسَمَّى إذَا فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ فَالْمُسَمَّى فَقَطْ) أَيْ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ عِلْمِهِ حِينَ الْوَطْءِ بِأَنَّهَا هِيَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُهَا عَلَى النِّكَاحِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ الْآتِي وَإِلَّا تَعَدَّدَ الصَّدَاقُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا رَدَّ عبق قَوْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ لِلصُّورَتَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَرَدَّ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَلَى مَنْ يَقُولُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَطْءَ الْمُسْتَنِدَ لِعَقْدِهِ لَهُ مُسَمًّى صَحِيحٌ لَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِزِنًا مَحْضٍ) أَيْ لِاسْتِنَادِهِ لِلْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحِنْثِهِ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحِنْثِ وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحِنْثِ عَلِمَ بِالْحُكْمِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُسَمَّى) أَيْ الْمَهْرُ الَّذِي تَزَوَّجَهَا بِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَطْؤُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ مُسْتَنِدًا لِعَقْدٍ وَالْوَطْءُ إذَا اسْتَنَدَ لِلْعَقْدِ وَلَوْ تَكَرَّرَ لَا يُوجِبُ مَهْرًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَتِهِ فَكَأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْفَرْضُ أَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي عَلَّقَهُ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَكَانَ وَطْؤُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا) مُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إذَا عَلِمَتْ إلَّا النِّصْفُ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَةَ الطَّائِعَةَ لَا مَهْرَ لَهَا بِالْوَطْءِ وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ ذَا شُبْهَةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ)

وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَدَّدُ وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَمْ لَا عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ (كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ أَيْ فَكَمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيمَا تَقَدَّمَ يَلْزَمُهُ أَيْضًا إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ حَيْثُ أَبْقَى مِنْ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ النِّسَاءِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَأَنْ أَبْقَى أَهْلَ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ زَمَانٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ زَمَانٍ وَقَوْلُهُ (بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَبْقَى كَمَا مَثَّلْنَا لَهُمَا (أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ فِي مُدَّةِ عَشْرِ سِنِينَ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ ظَاهِرًا أَيْ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ الْآتِي بَيَانُهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ مُدَّةٍ بَعْدَ مَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا يَتَزَوَّجُ فِيهَا وَيَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزَوُّجِ (لَا فِيمَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ (تَحْتَهُ) حَالَ الْيَمِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا (إلَّا إذَا) أَبَانَهَا ثُمَّ (تَزَوَّجَهَا) فَتَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ (وَلَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا إلَخْ وَلِمَنْ أَبَانَهَا حَيْثُ كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِالْحِنْثِ وَبِحُرْمَةِ الْوَطْءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَالِمَةً طَائِعَةً (قَوْلُهُ كَانَ أَبْقَى كَثِيرًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِتَعْلِيقٍ أَوْ بِدُونِهِ وَقَدْ مَثَّلَ الشَّارِحُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا. (قَوْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ فَهِيَ طَالِقٌ) فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَأَهْلِ بَلَدِ كَذَا وَالسُّودَانُ وَالرُّومِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَقِيَ فَإِذَا تَزَوَّجَ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ مِنْ كَذَا) أَيْ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ الرُّومِ أَوْ مِنْ السُّودَانِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَيْ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَبْقَى إلَخْ) هَذِهِ حَيْثِيَّةُ تَقْيِيدٍ أَيْ إنْ أَبْقَى وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا إذَا قَالَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَبْقَى أَهْلَ مَكَّةَ) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (قَوْلُهُ مِنْ نِسَاءٍ) نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَهِيَ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ زَمَانٍ نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ زَمَانٍ) أَيْ فَذِكْرُهُ الزَّمَانَ يَقْتَضِي أَنْ يُقَدِّرَ الْمَوْصُوفُ شَيْئًا إذْ لَوْ قَدَّرَ نِسَاءً فَقَطْ لَزِمَ أَنْ يُفَسِّرَ كَثِيرًا بِمَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَهُ (قَوْلُهُ الْآتِي بَيَانُهَا) أَيْ مِنْ كَوْنِهَا سَبْعِينَ سَنَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ ثَمَانِينَ أَوْ خَمْسًا وَسَبْعِينَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُعَمَّرُ هُنَا بِالتِّسْعِينَ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ احْتِيَاطًا فِي الْفُرُوجِ أَيْ بِخِلَافِ الْمَفْقُودِ فَإِنَّهُ يُعَمَّرُ فِيهِ بِسَبْعِينَ أَوْ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ لَهُ النَّفْعُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِيهَا النَّفْعُ بِالتَّزْوِيجِ مِنْ حَيْثُ الْوَطْءُ لَا مُجَرَّدُ الْعَقْدِ كَأَنْ يُقَدَّرَ لَهُ سَنَتَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِانْتِفَاعُ بِوِلَادَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي مُدَّةِ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ أَوْ عِشْرِينَ عَامًا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا ضُمَّتْ الْمُدَّةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ كَانَتْ الْجُمْلَةُ ثَلَاثِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ فَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْعُمْرِ الْمُعْتَادِ ثَلَاثُونَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعُونَ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّزَوُّجُ وَالِانْتِفَاعُ بِالزَّوَاجِ، فَإِذَا تَزَوَّجَ فِي الزَّمَانِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ وَأَمَّا إذَا كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةً وَحَلَفَ عَلَى تَرْكِ الزَّوَاجِ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَا يَحْنَثُ إذَا تَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ السَّبْعِينَ مُدَّةُ الْعُمْرِ الْمُعْتَادِ فَلَمْ يَبْقَ زَمَانٌ يَتَزَوَّجُ فِيهِ وَيَنْتَفِعُ بِالزَّوَاجِ فِيهِ. ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا غَيْرَ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى التَّزَوُّجِ فِي زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ وَمَا يَأْتِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ سَنَةٍ وَحَيْثُ كَانَ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفًا فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي تَكْرَارًا مَعَ مَا هُنَا (قَوْلُهُ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ وَلَهُ زَوْجَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَوْ الْبَلَدِ تَحْتَهُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ نِكَاحُهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ وَنَوَى إذَا تَزَوَّجَهَا أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَالْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ وَهِيَ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ، وَالْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِهَذَا الْعَقْدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنِّي طَالِقٌ عَقِبَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ صَدَاقًا إنْ تَزَوَّجَتْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّ جَوَازَ تَزَوُّجِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ وَهُوَ الْوَطْءُ لَكِنْ لَهُ فَائِدَةٌ تَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ حِلِّيَّتُهَا لَهُ وَتَبْقَى مَعَهُ بِطَلْقَتَيْنِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ لَمْ يُبَحْ لَهُ تَزَوُّجُهَا لَأَنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ أَبَانَهَا) أَيْ وَلِمَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) هَذَا الْقَيْدُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ

وَلَا بَلَدًا وَلَا زَمَنًا بَلَغَهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَلَوْ ثَلَاثًا فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا وَفَائِدَةُ جَوَازِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَقْصُودُ مِنْ حِلِّهَا لَهُ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ حَيْثُ كَانَ بِالثَّلَاثِ وَلِذَا لَوْ كَانَتْ الْأَدَاةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ ذَكَرَ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ زَوَاجُهَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ (وَ) لَهُ (نِكَاحُ الْإِمَاءِ فِي) قَوْلِهِ (كُلُّ حُرَّةٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِيَمِينِهِ كَعَادِمِ الطَّوْلِ حَيْثُ خَافَ الزِّنَا (وَلَزِمَ) التَّعْلِيقُ (فِي الْمِصْرِيَّةِ) مَثَلًا (فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ) مِصْرِيٌّ وَأُمُّهَا شَامِيَّةٌ وَالْأُمُّ تَبَعٌ لِلْأَبِ وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّهَا بِالشَّامِ (وَ) لَزِمَ فِي (الطَّارِئَةِ) عَلَى مِصْرَ (إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ) أَيْ طِبَاعِهِنَّ لَا إنْ لَمْ تَتَخَلَّقْ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهَا (وَ) إنْ حَلَفَ لَا أَتَزَوَّجُ (فِي مِصْرَ) (يَلْزَمُ فِي) جَمِيعِ (عَمَلِهَا إنْ نَوَى) عَمَلَهَا وَهُوَ إقْلِيمُهَا أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَوَى خُصُوصَهَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ) ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَرُبْعٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَدْخُلُ بُولَاقُ وَجَزِيرَةِ الْفِيلِ وَمِصْرَ الْعَتِيقَةُ وَجَمِيعُ مَنْ فِي تُرَبِهَا كَمَنْ فِي تُرْبَةِ الْإِمَامِ اللَّيْثِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْحَالِفِ لَا يَتَزَوَّجُ بِمِصْرَ (الْمُوَاعَدَةُ بِهَا) وَالتَّزَوُّجُ خَارِجَهَا وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِقَوْلِهِ (لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ) الْحَرَائِرَ وَالْإِمَاءَ فِي يَمِينِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعْنِي مَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا فَإِدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ رُجُوعُ الضَّمِيرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ فَقَطْ وَتَقْيِيدُهُ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ حَقَّهُ لَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلَهُ نِكَاحُهَا عِنْدَ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ. (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ بِدُونِ زَوْجٍ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ غَيْرَ ثَلَاثٍ وَبَعْدَ زَوْجٍ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْأَدَاةِ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا وَلَا بَلَدًا وَلَا زَمَنًا (قَوْلُهُ لَوْ كَانَتْ الْأَدَاةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ) نَحْوُ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُهَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي زَوَاجِهَا؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا طَلُقَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَكَرَ جِنْسًا نَحْوُ إنْ تَزَوَّجْت مِنْ الْقَوْمِ الْفُلَانِيِّينَ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ ذَكَرَ بَلَدًا نَحْوُ إنْ تَزَوَّجْت مِنْ مِصْرَ فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْقَوْمِ الْفُلَانِيِّينَ أَوْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الزَّوَاجِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا طَلُقَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) أَيْ وَلَوْ وَجَدَ طَوْلَ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِيَمِينِهِ كَعَادِمِ الطَّوْلِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا (قَوْلُهُ حَيْثُ خَافَ الزِّنَا) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ إبَاحَةِ نِكَاحِ الْإِمَاءِ لَهُ إذَا خَشِيَ الزِّنَا مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَرِّي وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا فِي خش وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ الْأَمِيرِ عَلَى عبق أَنَّ لَهُ نِكَاحَ الْإِمَاءِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّسَرِّي، فَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ أَنْ لَا تَطْلُقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دَوَامَ تَزَوُّجِهِ بِالْحُرَّةِ الَّتِي عَتَقَتْ لَيْسَ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ بِالْحُرَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ دَوَامَ التَّزْوِيجِ كَابْتِدَاءِ التَّزْوِيجِ بِهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ مِصْرَ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: كُلُّ مِصْرِيَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ إنْ تَزَوَّجْت مِصْرِيَّةً أَوْ امْرَأَةً مِنْ مِصْرَ فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أَبُوهَا مِصْرِيٌّ وَأُمُّهَا غَيْرُ مِصْرِيَّةٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ بِنْتَ الْمِصْرِيِّ مِصْرِيَّةٌ وَلَوْ لَمْ تُقِمْ بِمِصْرَ هَكَذَا يُصَوَّرُ الْمَتْنُ وَقَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ لَيْسَ صُورَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لَا أَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً مُرَادُهُ لَيْسَ هَذَا صُورَتُهُ فَقَطْ بَلْ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ مُرَادُهُ النَّفْيَ حَقِيقَةً بَلْ نَفْيُ الْحَصْرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ يَقْتَضِي الْعُمُومَ أَمَّا الصِّيغَةُ الَّتِي فِيهَا كُلٌّ فَلِأَنَّهَا لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الْمُنَكَّرِ، وَأَمَّا الَّتِي لَيْسَ فِيهَا كُلٌّ فَلِأَنَّ النَّكِرَةَ فِيهَا وَاقِعَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوْ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي الطَّارِئَةِ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الصِّيَغِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ فِي مِصْرَ) وَمِثْلُهُ مِنْ مِصْرَ أَوْ بِمِصْرَ وَقَوْلُهُ يَلْزَمُ أَيْ الطَّلَاقُ إنْ تَزَوَّجَ بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ عَمَلِهَا أَيْ وَأَوْلَى بِتَزَوُّجِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ تَزَوَّجَهَا فِي مَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَلْزَمُ السَّعْيُ مِنْهُ لِمِصْرِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَالتَّزَوُّجُ خَارِجَهَا) أَيْ خَارِجَ عَمَلِهَا إنْ نَوَاهُ وَإِلَّا فَخَارِجُ الْمَحَلِّ الَّذِي تَلْزَمُ مِنْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْمُوَاعَدَةُ فِيهَا مَعَ كَوْنِهِ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ لَا بِمَوْضِعِ الْمُوَاعَدَةِ. (قَوْلُهُ لَا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ) مِثْلُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الشَّرْعِ أَنَّ الْأَمْرَ إذَا اتَّسَعَ ضَاقَ وَإِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عُمُومِ النِّسَاءِ بِدُونِ تَعْلِيقٍ كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ بِتَعْلِيقٍ نَحْوُ إنْ دَخَلْت دَارًا أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ، فَإِذَا دَخَلَ الدَّارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ قَصَدَ بِالتَّعْرِيفِ دَارًا مُعَيَّنَةً أَوْ قَصَدَ الِاسْتِغْرَاقَ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ: إذَا قَصَدَ بِالتَّعْرِيفِ دَارًا بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ طَلَاقُ كُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ دُخُولِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً فِي التَّخَلُّصِ مِنْ يَمِينِهِ لِإِمْكَانِ بَيْعِهَا أَوْ إيجَارِهَا وَسُكْنَى غَيْرِهَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَقَّ عَدَمُ الْحِنْثِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَمَّمَ ابْتِدَاءً وَمِثْلُ عُمُومِ النِّسَاءِ مَا إذَا أَبْقَى كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يُوصِلُهُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْيَمِينُ إذَا عَمَّ النِّسَاءَ وَإِنْ كَانَ أَبْقَى لِنَفْسِهِ التَّسَرِّي

(أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا) فِي ذَاتِهِ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ (كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا) فَطَالِقٌ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ (أَوْ) إلَّا (مِنْ قَرْيَةٍ) سَمَّاهَا وَهِيَ (صَغِيرَةٌ) فِي نَفْسِهَا دُونَ الْمَدِينَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ (أَوْ) قَالَ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (حَتَّى أَنْظُرَهَا) أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا (فَعَمِيَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ (أَوْ) عَمَّ (الْأَبْكَارَ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (بَعْدَ) قَوْلِهِ (كُلُّ ثَيِّبٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْأَبْكَارِ؛ لِأَنَّهُنَّ الَّتِي حَصَلَ بِهِنَّ التَّضْيِيقُ وَيَلْزَمُهُ فِي الثِّيَابِ لِتَقَدُّمِهِنَّ (وَبِالْعَكْسِ) فَيَلْزَمُهُ فِي الْأَبْكَارِ دُونَ الثِّيَابِ (أَوْ خَشِيَ) عَلَى نَفْسِهِ (فِي الْمُؤَجَّلِ) بِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا كَكُلُّ (امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ طَالِقٌ (الْعَنَتَ وَتَعَذَّرَ) عَلَيْهِ (التَّسَرِّي) فَلَهُ التَّزَوُّجُ. (أَوْ) قَالَ (آخِرُ امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَتَزَوَّجُ مَنْ شَاءَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ (وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ عَنْ) الزَّوْجَةِ (الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً) فَتَحِلُّ الْأُولَى (ثُمَّ كَذَلِكَ) أَيْ يُوقَفُ عَنْ الثَّانِيَةِ حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةٌ فَتَحِلُّ لَهُ الثَّانِيَةُ وَهَكَذَا ضَعِيفٌ (وَ) عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ الزَّوْجَةَ أَضْبَطُ لِمَا لَهُ مِنْ السُّرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا فِي ذَاتِهِ) أَيْ كَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ تَبْقِيَةَ ذَلِكَ الْقَلِيلِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ كَالْعَدَمِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مِثَالٌ لِهَذَا، فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ عَمَّ النِّسَاءَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَطْلُقُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ، قُلْت: إنَّ الْأَوْلَى عَمَّمَ فِيهَا التَّحْرِيمَ وَلَمْ يُبْقِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَخُفِّفَ عَلَيْهِ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ خَصَّ التَّحْرِيمَ بِاَلَّتِي يَتَزَوَّجُهَا وَأَبْقَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا كَثِيرًا وَهُوَ الَّتِي لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا الصَّادِقُ بِمَنْ تَحْتَ عِصْمَتِهِ وَبِغَيْرِهَا فَشَدَّدَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ فَرُوعِيَ حَقُّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ عَامٌّ وَلَيْسَ فِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ فَالتَّعْلِيقُ فِيهَا خَاصٌّ وَفِيهِ الْتِزَامٌ لِلْغَيْرِ. (قَوْلُهُ كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا) أَيْ فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرَ تَفْوِيضٍ (قَوْلُهُ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ لِقِلَّةِ التَّفْوِيضِ أَيْ إنَّ شَأْنَهُ الْقِلَّةُ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْتَادًا لِقَوْمٍ لُزُومُ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ حَتَّى أَنْظُرَهَا) حَتَّى هُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهَا أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَالطَّلَاقُ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَبِهَذَا أَيْ جَعَلَهَا اسْتِثْنَائِيَّةً وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ ظَهَرَ كَلَامُهُ، وَأَمَّا لَوْ جُعِلَتْ غَائِيَّةً كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَيَسْتَمِرُّ الطَّلَاقُ إلَى أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَإِذَا نَظَرْت إلَيْهَا ارْتَفَعَ الطَّلَاقُ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ. (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ) أَيْ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ وَمِثْلُهُ يَنْظُرُهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ أَوْ مَاتَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَتَزَوَّجُ حَتَّى يَخْشَى الزِّنَا وَلَمْ يَجِدْ مَا يَتَسَرَّى بِهِ وَكُلُّ هَذَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَهَا أَوْ يَنْظُرَهَا فُلَانٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ حَتَّى أَنْظُرَهَا أَوْ يَنْظُرَهَا فُلَانٌ فَعَمِيَ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ لَهُ وَمَتَى تَزَوَّجَ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ بَعْدَ عَمَاهُ طَلُقَتْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَدْرِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَمَّ الْأَبْكَارَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْيَمِينِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ كِنَانَةَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِدَوَرَانِ الْحَرَجِ مَعَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِيهِمَا نَظَرًا لِلتَّخْصِيصِ فِيهِمَا وَقِيلَ لَا تَلْزَمُهُ فِيهِمَا وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (قَوْلُهُ أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ) ال فِي الْمُؤَجَّلِ لِلْعَهْدِ أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ تَنْعَقِدُ فِيهِ الْيَمِينُ بِأَنْ يَبْلُغَهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا أَيْ وَأَمَّا إنْ أُجِّلَ بِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّزَوُّجُ) أَيْ بِحُرَّةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِالْأَمَةِ حَيْثُ أُبِيحَتْ لَهُ الْحُرَّةُ إلَّا إذَا عَدِمَ الطَّوْلَ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَلَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتٍ وَلِأَنَّهُ مَا مِنْ وَاحِدَةٍ إلَّا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا الْأَخِيرَةُ فَكَانَ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ وُقُوفَهُ) أَيْ صَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ وُقُوفَهُ إلَخْ وَظَاهِرُهُ الْوَقْفُ، وَلَوْ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُو لَهُ الزَّوَاجُ. (قَوْلُهُ فَتَحِلُّ الْأُولَى) أَيْ وَيَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ الْمَوْقُوفُ عَنْهَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِيرَاثُ الزَّوْجِ مِنْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ ثَانِيَةً أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رُدَّ لِوَرَثَتِهَا وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَمَّنْ وَقَفَ عَنْهَا فَلَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ؛ لِأَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ لَهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَيُلْغَزُ بِالثَّانِيَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ مَوْتِ الزَّوْجِ فَيُقَالُ

فَ (هُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمَوْلَى) فَإِنْ رَفَعَتْهُ فَالْأَجَلُ مِنْ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ فَإِنْ انْقَضَى وَلَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ طَلَّقَ عَلَيْهِ (وَاخْتَارَهُ) أَيْ الْوَقْفَ اللَّخْمِيُّ (إلَّا فِي) الزَّوْجَةِ (الْأُولَى) فَلَا يُوقَفُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ جَعَلَ لِنَفْسِهِ أُولَى لَمْ يُرِدْهَا بِيَمِينِهِ (وَلَوْ) (قَالَ) الرَّجُلُ (إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ) أَهْلِ (الْمَدِينَةِ) (فَهِيَ) أَيْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا (طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ) امْرَأَةً (مِنْ غَيْرِهَا) (نُجِّزَ طَلَاقُهَا) بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَعْدَ؛ إذْ هِيَ قَضِيَّةٌ حَمْلِيَّةٌ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْمَدِينَةِ طَالِقٌ وَقِيلَ بَلْ هِيَ شَرْطِيَّةٌ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ قَبْلَ دُخُولِهَا طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا فَكَذَا هُنَا إنْ تَزَوَّجَ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ) أَيْضًا (عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَهَا) وَهُوَ وَجِيهٌ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ. (وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ) أَيْ وِلَايَةِ الْأَهْلِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَحَلِّ (حَالُ النُّفُوذِ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ أَيْ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ (فَلَوْ فَعَلَتْ) الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا عَلَى أَنْ لَا تَدْخُلَ الدَّارَ مَثَلًا الشَّيْءَ (الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) كَأَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ (حَالَ بَيْنُونَتِهَا) وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ كَخُلْعٍ أَوْ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ (لَمْ يَلْزَمْ) إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ حَالَ النُّفُوذِ فَالْمَحَلُّ مَعْدُومٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ حَالَ التَّعْلِيقِ وَكَذَا مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِعْلِهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَلَوْ فَعَلَ إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَأْتِيَنَّهُ أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ وَقْتَ كَذَا فَقَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ طَلَّقَهَا طَلَاقَ الْخَلْعِ لِخَوْفِهِ مِنْ مَجِيءِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُعْدِمٌ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ الذَّهَابِ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْقِدُ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِرُبْعِ دِينَارٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَيَبْقَى لَهُ فِيهَا طَلْقَتَانِ (وَلَوْ) (نَكَحَهَا) بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِزَمَنٍ كَدُخُولِ دَارٍ وَأَطْلَقَ (فَفَعَلَتْهُ) بَعْدَ نِكَاحِهَا سَوَاءٌ فَعَلَتْهُ أَيْضًا حَالَ بَيْنُونَتِهَا أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQشَخْصٌ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ نَكَحَهَا بِصَدَاقٍ مُسَمًّى وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَلَا عِدَّةَ وَيُلْغَزُ بِالْأُولَى أَيْ مَسْأَلَةِ مَوْتِ الزَّوْجَةِ الْمَوْقُوفَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ فَيُقَالُ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَوُقِفَ إرْثُهَا وَلَيْسَ فِي وَرَثَتِهَا حَمْلٌ وَيُقَالُ أَيْضًا مَاتَتْ امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ وَلَا يَرِثُهَا إلَّا إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ عَنْهَا أَيْ سَوَاءٌ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَتْهُ) أَيْ لِلْقَاضِي وَادَّعَتْ أَنَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَطَأَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْرَى فَتَرَكَ ذَلِكَ ضَرَرًا ضَرَبَ لَهُ الْقَاضِي أَجَلَ الْإِيلَاءِ وَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ إلَّا فِي الْأُولَى) أَيْ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ بِالْوَقْفِ لَكِنْ فِي غَيْرِ الْأُولَى، وَأَمَّا الْأُولَى فَاخْتَارَ فِيهَا عَدَمَ الْوَقْفِ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَآخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ مَنْ تَزَوَّجَ وَيَجْرِي فِي آخِرِ امْرَأَةٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ وَلَا يَجْرِي فِيهَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ إذْ هِيَ قَضِيَّةٌ حَمْلِيَّةٌ) أَيْ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَتْ مُقْتَرِنَةً بِإِنْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ هِيَ شَرْطِيَّةٌ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا إنْ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ انْتَفَى تَزَوُّجِي مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ تَزَوُّجُهُ مِنْهَا فَلَا تَطْلُقُ فَهَذَا وَجْهُ ذِكْرِ الْقَبْلِيَّةِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رُشْدٍ وَاعْتَمَدَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالثَّانِي فَهْمُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ قَالَ بْن وَلَمْ يُعَوِّلْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ إلَّا عَلَى كَلَامِهِمَا وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ التَّأْوِيلُ الثَّانِي اهـ. (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ إلَخْ) هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ شَرْحٌ لِقَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ وِلَايَةِ الْأَهْلِ) أَيْ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَحَلِّ الْمُرَادُ بِهِ الْعِصْمَةُ وَالْمُرَادُ بِوِلَايَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْمَحَلِّ مِلْكُهُ لَهُ وَالْمُرَادُ بِحَالِ النُّفُوذِ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاعْتُبِرَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ لِلْعِصْمَةِ وَقْتَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَا وَقْتَ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ فَعَلْت الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ فَعَلَتْهُ قَبْلَ بَيْنُونَتِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ حَالَ التَّعْلِيقِ كَمَا إذَا عَلَّقَ صَبِيٌّ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَبَلَغَ وَدَخَلَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ) أَيْ إذْ لَا مِلْكَ لِلزَّوْجِ لِلْمَحَلِّ حَالَ النُّفُوذِ وَقَوْلُهُ فَالْمَحَلُّ مَعْدُومٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ وَهُوَ الْعِصْمَةُ وَقْتَ النُّفُوذِ مَعْدُومٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ الذَّهَابِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِيَأْتِيَنَّهُ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى لَهُ فِيهَا طَلْقَتَانِ) أَيْ إنْ كَانَ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْخَلْعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْخَلْعِ طَلْقَةً كَانَ الْبَاقِي لَهُ فِيهَا بَعْدَ الْعَقْدِ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَهُمْ لِمِلْكِ الْعِصْمَةِ حَالَ النُّفُوذِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْحِنْثِ، وَأَمَّا الْبِرُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ لِكَوْنِهِ مُوجِبًا لِلطَّلَاقِ اُشْتُرِطَ فِيهِ مِلْكُ الْعِصْمَةِ وَالْبِرِّ لِكَوْنِهِ مُسْقِطًا لِلْيَمِينِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ مِلْكِ الْعِصْمَةِ فِيهِ بَلْ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَقَعَ الْفِعْلُ الَّذِي حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ بَرَّ مِنْهُ فَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَن هُوَ أَوْ هِيَ كَذَا فَأَبَانَهَا فَفَعَلَ حَالَ بَيْنُونَتِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِفِعْلِهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ عَدَمِ الْبِرِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا) أَيْ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إنْ بَقِيَ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا

(حَنِثَ إنْ بَقِيَ) لَهُ (مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ) بِأَنْ طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ لِعَوْدِ الصِّفَةِ عِنْدَنَا لِتَمَامِ الْعِصْمَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَعُودُ مُطْلَقًا فَإِنْ قُيِّدَ بِزَمَنٍ وَمَضَى كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت أَنَا أَوْ أَنْت الدَّارَ غَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبَانَهَا ثُمَّ عَاوَدَهَا فَدَخَلَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ، بَلْ لَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَفَعَلَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَكَحَهَا أَيْ مُطْلَقًا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَهْدِمُ الْعِصْمَةَ السَّابِقَةَ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ بَقِيَ إلَخْ عَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا قَدْ انْهَدَمَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ بِأَدَاةِ التَّكْرَارِ (كَالظِّهَارِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ أَبَانَهَا فَدَخَلَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَلَوْ نَكَحَهَا فَدَخَلَتْ لَزِمَهُ الظِّهَارُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ كَمَا إذَا أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى (لَا مَحْلُوفٍ لَهَا) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ مُتَعَلِّقُ مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا لَا فِي مَحْلُوفٍ لَهَا كَأَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ (فَفِيهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى (وَ) فِي (غَيْرِهَا) فَلَوْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَاَلَّتِي تَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ اخْتِصَاصُهُ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فَقَطْ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا أَيْ بِطَلَاقِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا فَلَا تَخْتَصُّ بِالْأُولَى كَمَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَهِنْدٌ وَقَالَ: إنْ وَطِئْتُ هِنْدًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَهِنْدُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّ دُخُولَ الدَّارِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مَتَى وَطِئَ هِنْدًا وَلَوْ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ مَا دَامَتْ حَفْصَةُ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ فَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْيَمِينُ إنْ وَطِئَ هِنْدًا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَمَحْلُوفٍ لَهَا لَا عَلَيْهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَعَ ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ بِاخْتِصَارٍ (لَوْ) (طَلَّقَهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِأَنْ قَالَ: كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ (ثُمَّ تَزَوَّجَ) أَجْنَبِيَّةً (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِأَنْ أَعَادَهَا لِعِصْمَتِهِ (طَلُقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا (وَلَا حُجَّةَ لَهُ) فِي دَعْوَاهُ (أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا) وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ (وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً) فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا (لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا) وَقَدْ جَمَعَ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ (وَهَلْ) عَدَمُ قَبُولِ نِيَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِعَيْنِهَا فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا (قَوْلُهُ حَنِثَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ إلَخْ) ثُمَّ بَعْدَ حِنْثِهِ بِالْفِعْلِ أَوَّلًا لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ الْحِنْثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ طَلَّقَهَا دُونَ الْغَايَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ طَلَاقُهُ لَهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ دُونَ الْغَايَةِ بِأَنْ كَانَ خُلْعًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ لِعَوْدِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَنِثَ إنْ بَقِيَ إلَخْ وَأَرَادَ الشَّارِحُ بِالصِّيغَةِ حُكْمَ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقُ فِيهَا شَيْءٌ أَمْ لَا، فَإِذَا قَالَ لَهَا: إنْ فَعَلْت أَنَا أَوْ أَنْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ خَالَعَهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخَلْعِ وَقَبْلَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهِيَ فَسْخَةٌ عَظِيمَةٌ يَجُوزُ لِغَيْرِ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ لَا يَهْدِمُ الْعِصْمَةَ السَّابِقَةَ) أَيْ وَلَا يَهْدِمُ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى) أَيْ فِي عِصْمَةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا الْأُولَى وَغَيْرِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّ الْحَقَّ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَحَاصِلُ مَا لَهُمْ هُنَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ وَأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهَا أَيْ بِطَلَاقِهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ لَهَا فَهِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا فِي تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِهَا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَعَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا لَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا بِالطَّلَاقِ وَانْظُرْ الرَّدَّ عَلَيْهِ فِي بْن. (قَوْلُهُ فَهِنْدٌ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا) أَيْ وَحَفْصَةٌ مَحْلُوفٌ بِهَا (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ) أَيْ طَلَاقُ حَفْصَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا الَّتِي هِيَ هِنْدٌ فِي عِصْمَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ أَيْ الْمَحْلُوفُ لَهَا) أَيْ وَهِيَ الَّتِي قَالَ لَهَا كُلُّ إلَخْ فَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلْمَحْلُوفِ لَهَا وَقَوْلُهُ طَلَاقًا بَائِنًا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ طَلَّقَهَا (قَوْلُهُ دُونَ الثَّلَاثِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا لَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى أَوْ طَلَّقَهَا بِالثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا لَا يَخْتَصُّ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَحْلُوفِ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ) أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ إذَا قَالَ إنَّمَا تَزَوَّجْت الْمَحْلُوفَ لَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَمْ أَتَزَوَّجْ غَيْرَهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا) أَيْ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى أَنْ لَا يُحْدِثَ زَوَاجَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِتِلْكَ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا) هَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَيْ لَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ

(لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا) وَنِيَّتُهَا أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهَا غَيْرَهَا (أَوْ) لِكَوْنِهِ (قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) وَرَفَعَتْهُ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لَقُبِلَتْ نِيَّتُهُ (تَأْوِيلَانِ وَ) لَزِمَ الْحَالِفَ الْيَمِينُ (فِي) قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (مَا عَاشَتْ) فُلَانَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فُلَانَةُ زَوْجَتَهُ أَمْ لَا (مُدَّةَ حَيَاتِهَا) ظَرْفٌ لَلَزِمَ الْمُقَدَّرِ أَيْ لَزِمَهُ الْيَمِينُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا (إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا) أَيْ فُلَانَةَ (تَحْتَهُ) فَإِذَا أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ وَقَالَ: نَوَيْت بِقَوْلِي مَا عَاشَتْ أَيْ فِي عِصْمَتِي قُبِلَ مِنْهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (وَلَوْ) (عَلَّقَ عَبْدٌ) الطَّلَاقَ (الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ) لِدَارٍ مَثَلًا (فَعَتَقَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ (وَدَخَلَتْ) بَعْدَ الْعِتْقِ (لَزِمَتْ) الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ النُّفُوذِ وَهُوَ حَالُ النُّفُوذِ حُرٌّ فَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ الْعِتْقِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدُ (وَ) لَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ عَلَى الدُّخُولِ (اثْنَتَيْنِ) فَدَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ (بَقِيَتْ) لَهُ (وَاحِدَةٌ) وَهُوَ عَبْدٌ (ثُمَّ عَتَقَ) تَبْقَى لَهُ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَحُرٍّ طَلَّقَ نِصْفَ طَلَاقِهِ (وَلَوْ عَلَّقَ) الْحُرُّ (طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَالْمُرَادُ مَنْ يَرِثُهُ (عَلَى مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ أَبِيهِ بِأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ يَوْمَ أَوْ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي (لَمْ يَنْفُذْ) هَذَا التَّعْلِيقُ لِانْتِقَالِ تَرِكَةِ أَبِيهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْأَمَةُ فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ مَحَلًّا يَقَعُ عَلَيْهِ وَجَازَ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا وَكَذَا نِكَاحُهُمْ بَعْدَ عِتْقِهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَلَمَّا كَانَتْ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ وَهِيَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: صَرِيحٌ، وَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ وَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَهُمَا وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ مَعَ جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَصْدُهُ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُفْتٍ وَقَاضٍ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ حَلَفَ لِلزَّوْجَةِ وَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَنِيَّتُهَا أَنْ لَا يُجْمَعَ مَعَهَا غَيْرُهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تُقْبَلُ تِلْكَ النِّيَّةُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَلَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَظَاهِرُ هَذَا التَّأْوِيلِ كَانَ الْيَمِينُ حَقًّا لَهَا بِأَنْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَطَوَّعَ لَهَا بِتِلْكَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لَهَا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ فِي التَّطَوُّعِ إذَا نَوَى وَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) هَذَا التَّأْوِيلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَبُولِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَهِيَ هُنَا مُوَافِقَةً لَا مُخَالِفَةً فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ يَمِينَهُ مَحْمُولَةٌ شَرْعًا عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ وَحِينَئِذٍ فَالنِّيَّةُ مُخَالِفَةٌ لِمَدْلُولِ اللَّفْظِ شَرْعًا. (قَوْلُهُ أَيْ لَزِمَهُ الْيَمِينُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا) فَلَوْ أَتَتْهَا وَتَزَوَّجَ أَيْ غَيْرَهَا طَلُقَتْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَإِذَا أَبَانَهَا) أَيْ بِالثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ وَتَزَوَّجَ أَيْ غَيْرَهَا وَلَوْ بَعْدَ عَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ بَعْدَ زَوْجٍ وَقَوْلُهُ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا مَحْلُوفٌ لَهَا وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ مَا عَاشَتْ وَنَوَى مَا دَامَتْ تَحْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي اخْتِصَاصِ الْحِنْثِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْفُرُوعِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى اعْتِبَارِ مِلْكِ الْعِصْمَةِ حَالَ النُّفُوذِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ النُّفُوذِ وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ الرَّقَبَةُ الْمَوْجُودَةُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ مَا لَزِمَهُ إلَّا اثْنَتَانِ إذْ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ سِوَاهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ) أَيْ بِمِلْكِ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ حُرٌّ أَيْ وَالْحُرُّ يَمْلِكُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ (قَوْلُهُ بَقِيَتْ لَهُ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ النُّفُوذِ وَهُوَ حَالُ النُّفُوذِ حُرٌّ يَمْلِكُ ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ فَوَقَعَ عَلَيْهِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَتْ لَهُ فِيهَا وَاحِدَةٌ وَلَوْ اُعْتُبِرَ حَالَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ نِصْفَ طَلَاقِهِ) أَيْ وَلَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوْقَعَ تِلْكَ الطَّلْقَةَ وَهُوَ حُرٌّ بَقِيَ لَهُ اثْنَتَانِ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ طَلَاقِهِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَوْ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي) أَيْ وَأَمَّا إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ مَاتَ أَبِي أَوْ إذَا مَاتَ أَبِي نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَالًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنُجِّزَ إنْ عُلِّقَ بِمُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ كَذَا فِي عبق وشب تَبَعًا لعج. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قُيِّدَ بِشَرْطٍ تَنَجَّزَ وَإِنْ قُيِّدَ بِظَرْفٍ فَلَا وَاَلَّذِي فِي خش أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ إنْ مَاتَ وَمِثْلُهُ إذَا مَاتَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْحَقُّ مَعَهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ إنْ مِتُّ أَوْ إذَا مِتُّ أَوْ مُتِّ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعًا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ لَمْ يَنْفُذْ هَذَا التَّعْلِيقُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَوْتِ الْأَبِ مَحَلًّا يَقَعُ عَلَيْهِ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَجِدْ الطَّلَاقُ لَهُ مَحَلًّا وَشَرْطُ صِحَّةِ الطَّلَاقِ مِلْكُ الزَّوْجِ لِلْعِصْمَةِ وَقْتَ وُقُوعِهِ كَمَا مَرَّ لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ مَوْتِ أَبِي وَلَا يَظْهَرُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْأَبُ وَسَطَ النَّهَارِ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ أَوَّلَهُ فَيَكُونُ لِطَلَاقِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ مَحَلٌّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ بِالْيَوْمِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ فَيُرَادُ بِيَوْمِ مَوْتِهِ وَقْتُ مَوْتِهِ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) هَذَا فَائِدَةُ عَدَمِ النُّفُوذِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَائِدَةَ عَدَمِ النُّفُوذِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ثَلَاثًا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ زَوْجٍ وَلَوْ أَعْتَقَهَا لَحَلَّ لَهُ أَيْضًا وَطْؤُهَا بِالْعَقْدِ قَبْلَ

ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْوِي وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا وَمَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّلَاثُ وَيَنْوِي مُطْلَقًا شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَفْظُهُ) الصَّرِيحُ الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ حَلَّهَا مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ (طَلُقَتْ وَأَنَا طَالِقٌ) مِنْك (أَوْ أَنْتِ) طَالِقٌ (أَوْ مُطَلَّقَةٌ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ (أَوْ الطَّلَاقُ لِي) أَوْ عَلَيَّ أَوْ مِنِّي أَوْ لَك أَوْ عَلَيْك أَوْ مِنْك وَنَحْوُ ذَلِكَ (لَازِمٌ) وَنَحْوُهُ (لَا مُنْطَلِقَةٌ) وَمَطْلُوقَةٌ وَمُطْلَقَةٌ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ مُخَفَّفَةً حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَمْ يَنْفُلْ ذَلِكَ لِحَلِّ الْعِصْمَةِ فَهُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ. (وَتَلْزَمُ) فِي لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ) فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْوَاحِدَةِ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ مَا هُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِقَوْلِهِ (كَاعْتَدِّي) فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ اعْتَدِّي فَوَاحِدَةٌ إنْ نَوَى إخْبَارَهَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ كَمَا لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ فَإِنَّهُ كَعَدَمِ الْعَطْفِ لِكَوْنِ الْفَاءِ السَّبَبِيَّةَ (وَصُدِّقَ) بِيَمِينٍ (فِي) دَعْوَى (نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ فِي اعْتَدِّي بِأَنْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا مُرَادِي عَدُّ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (إنْ دَلَّ بِسَاطٌ) أَيْ قَرِينَةٌ (عَلَى الْعَدِّ) دُونَ إرَادَةِ الطَّلَاقِ (أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً) بِقَيْدٍ وَنَحْوِهِ وَسَأَلَتْهُ حَلَّهَا مِنْهُ (فَقَالَتْ أَطْلِقْنِي) فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْ الْوَثَاقِ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ (وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) الْمُوثَقَةُ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي تَصْدِيقِهِ بِيَمِينٍ وَعَدَمِهِ وَمَحَلُّهُمَا فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفُتْيَا ـــــــــــــــــــــــــــــQزَوْجٍ وَلَوْ قِيلَ بِالنُّفُوذِ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ) بَلْ خَمْسَةً وَالرَّابِعُ مَا يَلْزَمُ فِيهِ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ كَمَا يَأْتِي فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ نَوَاهَا بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك أَوْ اُدْخُلِي وَالْخَامِسُ مَا يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ وَهُوَ اعْتَدِّي (قَوْلُهُ وَلَفْظُهُ إلَخْ) أَيْ لَفْظُهُ الصَّرِيحُ مَحْصُورٌ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْقَرَافِيِّ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْفُقَهَاءِ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّرِيحَ مَا كَانَ فِيهِ الْحُرُوفُ الثَّلَاثَةُ الطَّاءُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِشُمُولِهِ نَحْوُ مُنْطَلِقَةٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَمَطْلُوقَةٌ فَلِذَا عَدَلَ هُنَا عَنْ ضَبْطِ الصَّرِيحِ بِمَا ذُكِرَ إلَى ضَبْطِهِ بِالْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ) أَيْ التَّلَفُّظَ وَالنُّطْقَ بِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ لِحَلِّ الْعِصْمَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهَا فِي الْأَصْلِ أَخْبَارٌ نَقَلَهَا الْعُرْفُ لِإِنْشَاءِ حَلِّ الْعِصْمَةِ فَمَتَى قَصَدَ النُّطْقَ بِهَا لَزِمَ الطَّلَاقُ؛ قَصَدَ بِهَا حَلَّ الْعِصْمَةِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ إنْ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ) وَفِي حَلِفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَعَدَمِ حَلِفِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكِ بْنِ بَشِيرٍ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَهَذَا الْخِلَافُ مُخَرَّجٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ تَوَجُّهِهَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفَتْوَى فَلَا يَمِينَ. (قَوْلُهُ إنْ نَوَى إخْبَارَهَا بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ) أَيْ وَإِلَّا يَنْوِ إخْبَارَهَا بِأَنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِاعْتَدِّي أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَطَلْقَتَانِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي فَيَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ وَلَا تَقْبَلُ نِيَّتُهُ إرَادَةَ الْوَاحِدَةِ حِينَ عَطَفَ بِالْوَاوِ وَإِنَّمَا نَوَى فِي الْأُولَى وَهِيَ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي بِدُونِ عَطْفٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَادَ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ كَتَرَتُّبِ جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ وَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُنَافِي ذَلِكَ اهـ خش (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فَاعْتَدِّي فَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إنْ نَوَى إخْبَارَهَا بِذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ اعْتَدِّي فَقَطْ بِدُونِ عَاطِفٍ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ تَأْتِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ وَالِاعْتِدَادُ مُسَبَّبٌ عَنْ الطَّلَاقِ وَمُرَتَّبٌ عَلَيْهِ كَتَرَتُّبِ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ اهـ خش وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ تَرَاخٍ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ وَصُدِّقَ بِيَمِينٍ) أَيْ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفَتْوَى فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْيَمِينَ مَعَ الْبِسَاطِ غَيْرُ عج وَنَصُّهُ هَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا وَلَكِنَّ الْمُرْتَضَى أَنَّهُ حَيْثُ صُدِّقَ يَحْلِفُ اهـ. لَكِنْ رُبَّمَا يَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَنَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ سَتَطْلُقِينَ وَإِلَّا كَانَ كَذِبًا فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا مُوثَقَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَقَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ سَتَطْلُقِينَ مِنْ الْوَثَاقِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُوثَقَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُوثَقَةٌ وَتَسْأَلُهُ أَوْ لَا تَسْأَلُهُ أَوْ تَكُونُ غَيْرَ مُوثَقَةٍ وَيَقُولُ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ الْإِخْبَارَ بِأَنَّهَا مَطْلُوقَةٌ مِنْ الْوَثَاقِ الْأَوَّلَيْنِ وَمَطْلُوقَةٌ مِنْهُ فِي الثَّالِثِ فَفِي الْأَوَّلِ يُدَيَّنُ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الثَّالِثِ لَا يُدَيَّنُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهَلْ يُدَيَّنُ أَوْ لَا خِلَافٌ (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ) هُمَا قَوْلَانِ قَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ

فَيُصَدَّقُ عَلَى بَحْثِ الْقَرَافِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُوثَقَةِ فَلَا يُصَدَّقُ فَقَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إشَارَةً إلَى اللُّزُومِ فِي الصَّرِيحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ لَفْظِهِ وَهُوَ الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ بِقَوْلِهِ (وَ) تَلْزَمُ (الثَّلَاثُ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْوِي (فِي) أَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَنْتِ (بَتَّةٌ) إذْ الْبَتُّ الْقَطْعُ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ قَطَعَ الْعِصْمَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ عِصْمَتُك عَلَى كَتِفِك كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا عِصْمَةٌ كَالْمُمْسِكِ بِزِمَامِ دَابَّةٍ يَرْمِيهِ عَلَى كَتِفِهَا. ثُمَّ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَلْفَاظٍ يَلْزَمُهُ فِيهَا الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ لُزُومَ الثَّلَاثِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ الدُّخُولِ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ وَقَطَعُوا النَّظَرَ عَنْ لَفْظِ وَاحِدَةٍ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ، أَوْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ (أَوْ نَوَاهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ إمَّا (بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ كِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (اُدْخُلِي) الدَّارَ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ كِنَايَةٍ خَفِيَّةٍ وَأَوْلَى إذَا نَوَاهَا بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مَعَ الْكِنَايَةِ وَلَوْ الْخَفِيَّةُ فَأَوْلَى مَعَ الصَّرِيحِ ثُمَّ التَّحْقِيقُ حَذْفُ قَوْلِهِ خَلَّيْت سَبِيلَك؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ أَوْ نَوَاهَا بِطَالِقٍ أَوْ اُدْخُلِي. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنْ يَلْفِظَ بِوَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ نَوَاهَا بِلَفْظٍ آخَرَ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَوَاحِدَةٌ (وَ) يَلْزَمُ (الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي) قَوْلِهِ أَنْتِ (كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ (وَوَهَبْتُك) لِأَهْلِك أَوْ نَفْسِك (أَوْ رَدَدْتُك لِأَهْلِك وَأَنْتِ) حَرَامٌ (أَوْ مَا أَنْقَلِبُ) أَيْ أَرْجِعُ (إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ) زَوْجَتِي (حَرَامٌ) وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ (أَوْ) أَنْتِ (خَلِيَّةٌ) أَوْ بَرِيَّةٌ (أَوْ بَائِنَةٌ أَوْ أَنَا) مِنْك خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ أَوْ بَائِنٌ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الثَّانِي اهـ بْن وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ تَصْدِيقُهُ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ عَلَى بَحْثِ الْقَرَافِيِّ حَيْثُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ تَحْمِلَهُ مَسْأَلَةُ الْوَثَاقِ عَلَى اللُّزُومِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى اهـ وَاعْتَمَدَهُ طفي قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّأْوِيلَانِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَانْظُرْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ الْأُولَى تَجْعَلُ الْخِلَافَ خَاصًّا بِالْقَضَاءِ وَالثَّانِيَةُ تَجْعَلُهُ جَارِيًا فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى وَالْأُولَى لِلْقَرَافِيِّ وعج وَالرَّمَاصِيِّ وَالثَّانِيَةُ اعْتَمَدَهَا بْن. (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ) أَيْ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا تَصْرِفُ الصَّرِيحَ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ عَنْ الطَّلَاقِ لِأَنَّ نِيَّةَ صَرْفِهِ مُبَايِنَةٌ لِوَضْعِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَالْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ لَا يَصْرِفُهُمَا عَنْ الطَّلَاقِ إلَّا الْبِسَاطُ لَا النِّيَّةُ وَلَا يَتَوَقَّفُ صَرْفُهُمَا إلَيْهِ عَلَى النِّيَّةِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى قَصْدِ النُّطْقِ بِهِمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَلْزَمُ فِيهَا الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ وَلَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ) أَيْ وَأَمَّا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ قَارَنَتْ عِوَضًا فَوَاحِدَةٌ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَصْرِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْبَيْنُونَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِغَيْرِ عِوَضٍ تَكُونُ بِلَفْظِ الْخَلْعِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَبِغَيْرِ لَفْظِ الْخَلْعِ إنَّمَا هِيَ بِالثَّلَاثِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَرَّةٍ إلَخْ) وَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ مَرَّةً وَاحِدَةً حَالَةَ كَوْنِك بَائِنَةً (قَوْلُهُ وَأَوْلَى) أَيْ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلُزُومُ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِهَا إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ إذَا نَوَاهَا أَيْ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ عَمَّمَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ فَعَلَى كَلَامِهِ إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى وَاحِدَةً بَائِنَةً يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَأَمَّا لَوْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ نَوَاهَا بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك لَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ إذَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ) أَيْ بِنِيَّةِ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ مَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ) أَيْ إلَّا لِنِيَّةِ أَقَلَّ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَنِيَّةُ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ مَعَ خَلَّيْت سَبِيلَك لَا فَائِدَةَ لَهَا وَقَدْ يُقَالُ: إنْ خَلَّيْت سَبِيلَك وَإِنْ لَزِمَ بِهَا الثَّلَاثُ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ إلَّا أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْعَدَدِ وَأَمَّا إذَا نَوَاهَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَنْوِي وَحِينَئِذٍ فَلِنِيَّتِهَا فَائِدَةٌ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَوْ كِنَايَةٌ) أَيْ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) رَاجِعٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ لَا لِقَوْلِهِ وَالثَّلَاثُ وَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ خُلْعًا اسْتَوَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا فِي قَبُولِ نِيَّةِ الْوَاحِدَةِ قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي أَشْيَاخُنَا وَقَدْ نَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَأَنْتِ حَرَامٌ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَمِثْلُهُ أَنَا مِنْك حَرَامٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ) وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ

كَخَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَحَبْلِك عَلَى غَارِبِك وَكَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهَا مَا ذُكِرَ إذَا جَرَى بِهَا الْعُرْفُ وَأَمَّا إذَا تُنُوسِيَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الطَّلَاقِ بِحَيْثُ لَمْ تَجْرِ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا هُوَ الْآنَ فَيَكُونُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ إنْ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا قَيَّدَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) إذَا نَوَى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَرَادَ نِكَاحَهَا (حَلَفَ) فِي الْقَضَاءِ (عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ) أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا لَمْ يَحْلِفْ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا (وَدُيِّنَ) أَيْ وُكِلَ إلَى دِينِهِ بِأَنْ يُصَدَّقَ (فِي) دَعْوَى (نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَوْلِهِ كَالْمَيْتَةِ إلَى آخِرِهَا بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى (إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَفْيِهِ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي لَفْظِ خَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَبَائِنَةٍ وَانْظُرْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْبَاقِي وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاسَ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ غَيْرَهَا إمَّا بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ الْأَوْلَى بِجَامِعِ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ ثَقُلَ نَوْمُهَا أَوْ لِمَنْ رَائِحَتُهَا كَرِيهَةٌ أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالدَّمِ فِي الِاسْتِقْذَارِ وَخَلِيَّةٌ مِنْ الْخَيْرِ أَوْ مِنْ الْأَقَارِبِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَبَائِنٌ مِنِّي إذَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً أَيْ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ وَالْحَدِيثُ فِي شَأْنِ ذَلِكَ. (وَ) لَزِمَ (ثَلَاثٌ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا (فِي لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك) فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ هَذِهِ فِيمَا قَبْلَهُ (أَوْ اشْتَرَتْهَا) أَيْ الْعِصْمَةَ (مِنْهُ) فَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا دَخَلَ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ (إلَّا لِفِدَاءٍ) فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّهُ خُلْعٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ، رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَا لِقَوْلِهِ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِفِدَاءٍ إلَّا مَعَ مَالٍ فَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا مَا لَمْ تَدْفَعْ لَهُ مَالًا فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ فَوَاحِدَةٌ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْهَا مِنْهُ فَهِيَ مُصَاحِبَةٌ لِلْمَالِ دَائِمًا فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ الْأُولَى كَانَ أَحْسَنَ وَمَعْنَى اشْتَرَتْهَا مِنْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ بِعْنِي عِصْمَتَك عَلَيَّ أَوْ مَا تَمْلِكُ عَلَيَّ مِنْ الْعِصْمَةِ أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك مِلْكَك عَلَيَّ أَوْ طَلَاقَك فَفَعَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا (وَ) لَزِمَ (ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا) دَخَلَ أَمْ لَا (فِي خَلَّيْت ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَهْلٍ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي مُحَاشَاتِهَا فَيُعْمَلُ بِهَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْأَهْلَ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا حَيْثُ ذَكَرَهُ وَجَعَلَهُ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٍ مُسَاوِيًا لِأَنْتِ حَرَامٌ فِي الْحُكْمِ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ مَا نَصَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ إذَا قَالَ: الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ مَا أُحِلَّ لِي أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ تَحْرِيمٌ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَ امْرَأَتَهُ اهـ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَهُ نِيَّتُهُ فِي الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا اهـ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ لَهَا: مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ إنْ كُنْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْنَثُ فِي زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ الْيَمِينِ إذْ حِينَ أَوْقَعَ الْيَمِينَ عَلَيْهَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهَا بِالتَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا أَرَادَ غَيْرَهَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ كَخَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَحَبْلِك عَلَى غَارِبِك) أَيْ وَكَذَا رَدَدْتُك لِأَهْلِك (قَوْلُهُ إذَا جَرَى بِهَا الْعُرْفُ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ أَيْ حَلَّ الْعِصْمَةِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَ وَإِلَّا فَلَا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ قَصْدُ الطَّلَاقِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ وَعَدَمُ قَصْدِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفُ اسْتِعْمَالِهَا فِي الطَّلَاقِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) هَذَا تَمْثِيلٌ لِمَا إذَا دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ وَالْحَدِيثُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْكَلَامَ الْجَارِيَ بَيْنَهُمَا فِي شَأْنِ ذَلِكَ أَيْ فِي شَأْنِ كَوْنِهَا مُنْفَصِلَةً أَوْ خَلِيَّةً مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ مِنْ الْخَيْرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ جَارِيًا بَيْنَهُمَا فِي شَأْنِ ذَلِكَ وَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ كَلَامًا مُبْتَدَأً بَانَتْ مِنْهُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إرَادَةَ نَفْيِ الطَّلَاقِ لِعَدَمِ الْبِسَاطِ (قَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ مَعَ مَا قَبْلَهَا بِأَنْ يَذْكُرَ قَوْلَهُ أَوْ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ بَائِنَةً أَوْ أَنَا وَمِثْلُ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك لَا ذِمَّةَ لِي عَلَيْك. (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ هَذِهِ مِثْلُ بَتَّةٌ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا عِنْدَهَا (قَوْلُهُ إلَّا لِفِدَاءٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك مُصَاحِبًا لِفِدَاءٍ. (قَوْلُهُ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ أَيْ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَ الْأُولَى أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا خَلَّيْت سَبِيلَك لَزِمَهُ الثَّلَاثُ إنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى أَقَلَّ لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَإِنْ نَوَى الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يَنْوِي وَلَزِمَهُ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ. {تَنْبِيهٌ} مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الثَّلَاثُ أَنْتِ خَالِصَةٌ أَوْ لَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ وَأَمَّا عَلَيْهِ السُّخَامُ فَيَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ، وَأَمَّا نَحْوُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِهِ أَوْ مِنْ فَرَسِهِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَلِفِ بِذَلِكَ التَّبَاعُدُ عَنْ الْحَلِفِ بِالزَّوْجَةِ اهـ تَقْرِيرُ مُؤَلِّفٍ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مِنْ تَقْرِيرِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ أَنَّ لَسْتِ لِي عَلَى ذِمَّةٍ وَأَنْتِ خَالِصَةٌ يَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَسْتِ لِي عَلَى ذِمَّةٍ أَوْ أَنْتِ خَالِصَةٌ لَا نَصَّ فِيهِمَا وَقَدْ اخْتَلَفَ اسْتِظْهَارُ الْأَشْيَاخِ فِي اللَّازِمِ بِهِمَا فَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ لُزُومَ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ

سَبِيلَك وَ) يَلْزَمُ (وَاحِدَةٌ) إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ (فِي فَارَقْتُك) دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ بِقَوْلِهِ (وَنَوَى فِيهَا) أَيْ فِي إرَادَةِ الطَّلَاقِ فَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ (وَ) إذَا نَوَاهُ نَوَى (فِي عَدَدِهِ) فَيَلْزَمُ مَا نَوَاهُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (فِي) قَوْلِهِ لَهَا (اذْهَبِي وَانْصَرِفِي أَوْ لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلَك امْرَأَةٌ فَقَالَ لَا أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ أَوْ الْحَقِي) بِفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ لَحِقَ (بِأَهْلِك أَوْ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي) هَذَا الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ) نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلَسْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ مَا أَنْتِ لِي بِامْرَأَةٍ فَفَعَلَتْ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ إنْ نَوَى بِهِ مُطْلَقَ الطَّلَاقِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا لَزِمَهُ وَإِنْ نَوَى غَيْرَ الطَّلَاقِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى هَذَا هُوَ الَّذِي رُجِّحَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ تَصْدِيقِهِ بِمَا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ بِسَاطٌ. (وَإِنْ) (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك) (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عِتَابًا وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِتَابًا بَلْ قَالَهُ ابْتِدَاءً أَوْ فِي نَظِيرِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَهُ (فَبَتَاتٌ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ بِلَفْظِ يَنْبَغِي (وَهَلْ تَحْرُمُ) عَلَى الزَّوْجِ وَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا (بِ) (قَوْلِهِ) لَهَا (وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ) وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ بَلْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) وَجْهِي (عَلَى وَجْهِك) حَرَامٌ بِتَخْفِيفِ يَاءِ عَلَى فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ) فَهَلْ تَحْرُمُ وَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ (أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاسْتَظْهَرَ الشَّارِحُ لُزُومَ الثَّلَاثِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ خَالِصَةً وَيَمِينَ سَفَهٍ وَلَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ فِي عُرْفِ مِصْرَ بِمَنْزِلَةِ فَارَقْتُك يَلْزَمُ فِيهِ طَلْقَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَوَاحِدَةٌ فِي فَارَقْتُك دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَلَهُ فِي غَيْرِهَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنْ قَالَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا فَثَلَاثٌ وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ) وَكَذَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا لَا بِطَلَاقٍ وَلَا بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ كَمَا فِي خش وَفِيهِ أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَمَا وَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ فِيهِ الثَّلَاثُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الصَّرِيحِ أَوْجَبَ رِيبَةً عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الثَّلَاثِ ذَكَرَهُ أَصْبَغُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِوَاحِدَةٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَائِنَةٌ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَرَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدهُ اُنْظُرْ عج اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِمَتَى وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَطْلَقَ فَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَتَقْرِيرُ الشُّرَّاحِ الْمَتْنَ عَلَى إطْلَاقِهِ يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَنْوِ عَدَدًا مُعَيَّنًا مِنْ الطَّلَاقِ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ الْحَقِي) هُوَ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ لَحِقَ يَلْحَقُ لَا مِنْ أَلْحَقَ يُلْحِقُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تُلْحِقُ الْغَيْرَ بِأَهْلِهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا تَلْحَقُ بِأَهْلِهَا، وَمِثْلُهُ انْتَقِلِي لِأَهْلِك أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا اُنْقُلِي إلَيْك ابْنَتَك (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا لَزِمَهُ إلَخْ) مُغَايِرُ التَّعْلِيقِ لِعَدَمِهِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنَّهُ فِي التَّعْلِيقِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ دُونَ غَيْرِهِ وَتَظْهَرُ فِيمَا إذَا نَوَى مُطْلَقَ الطَّلَاقِ فَفِي التَّعْلِيقِ يَلْزَمُ الثَّلَاثُ وَفِي غَيْرِهِ يَجْرِي الْخِلَافُ السَّابِقُ بَيْنَ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَصْبَغَ (قَوْلُهُ تَقْيِيدُ تَصْدِيقِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ. (قَوْلُهُ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِهَا) أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ، وَقَوْلُهُ قَالَهُ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا ذَكَرَهُ ح مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا وَلَا يُنَوَّى وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ شب (قَوْلُهُ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ يُقْبَلُ مَا نَوَاهُ مِنْ الْعَدَدِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ. (قَوْلُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ أَنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَدْخُولِ بِهَا إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَلَا يُنَوَّى فِي الْقَضَاءِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَيُنَوَّى فِيهَا فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ بِاتِّفَاقٍ وَفِي عبق مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ أَوْ وَجْهِي عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيُنَوَّى فِي الْعَدَدِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ إنَّهُ لَا يُنَوَّى فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّهُ يُنَوَّى وَظَاهِرُ عبق اعْتِمَادُهُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَالْقَوْلُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ هُوَ الرَّاجِحُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعُ عِيسَى وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ بِتَخْفِيفِ يَاءِ عَلَى) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ عَلَيَّ وَجْهُكِ حَرَامٌ بِتَشْدِيدِ يَاءِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ لِجُزْءٍ فَيَكْمُلُ عَلَيْهِ وَيُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَيْ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي السَّلْمَانِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ قَدْ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ

وَهُمَا فِي هَذِهِ مُسْتَوِيَانِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي قَوْلَهُ (كَقَوْلِهِ لَهَا يَا حَرَامُ أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ) وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ (أَوْ) قَالَ (حَرَامٌ عَلَيَّ) أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ بِالتَّنْكِيرِ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ (أَوْ) قَالَ (جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ) وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ (وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي هَذَا الْفَرْعِ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ) (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْت (سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ) فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ طَلَاقًا (حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (فَإِنْ نَكَلَ نَوَى فِي عَدَدِهِ) وَقُبِلَ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَاسْتُشْكِلَ تَنْوِيَتُهُ فِي عَدَدِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ وَسَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ نُكُولَهُ أَثْبَتَ عَلَيْهِ إرَادَةَ الطَّلَاقِ فَكَأَنَّهُ بِنُكُولِهِ قَالَ أَرَدْته وَكَذَبْت فِي قَوْلِي لَمْ أُرِدْهُ (وَعُوقِبَ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً؛ لِأَنَّهُ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَسَوَاءٌ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَكَذَا يُعَاقَبُ فِي الْقِسْمِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ نَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي اذْهَبِي إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ الْقَوْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْعَيْشِ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَيْ وَلَا تَدْخُلُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْعَامَّةِ إنْ فَعَلَ كَذَا تَكُونُ عِيشَتُهُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِهِ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ، فَإِنْ نَوَى بِمَا يَعِيشُ فِيهِ الزَّوْجَةَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الْخَفِيَّةَ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) أَيْ لَا مُقَدَّمَةٌ وَلَا مُؤَخَّرَةٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: الْحَلَالُ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُحَاشَاةِ، فَإِنْ حَاشَى الزَّوْجَةَ وَأَخْرَجَهَا بِالنِّيَّةِ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَأَقْوَالٌ مَشْهُورُهَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْأَقَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وُضِعَ لِإِبَانَةِ الْعِصْمَةِ وَأَنَّهَا لَا تَبِينُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَتَبِينُ قَبْلَهُ بِوَاحِدَةٍ، وَكَوْنُهَا فِي الْعَدَدِ غَالِبًا فِي الثَّلَاثِ وَنَادِرًا فِي أَقَلَّ مِنْهَا حَمَلَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الثَّلَاثِ وَنَوَى فِي الْأَقَلِّ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ بِالتَّنْكِيرِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْحَرَامُ بِالتَّعْرِيفِ وَحَنِثَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى فِيهَا وَتَلْزَمُهُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لَكِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَبَيْنَ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَنَّ عَلَيَّ الْحَرَامُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعُرْفِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَمَنْ قَاسَ عَلَيَّ الْحَرَامُ عَلَى عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَدْ أَخْطَأَ فِي الْقِيَاسِ لِوُجُودِ الْفَارِقِ وَخَالَفَ الْمَنْصُوصَ فِي كَلَامِهِمْ أَفَادَهُ عج قَالَ بْن وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ وَنَوَاحِيهَا فِي الْقَائِلِ عَلَيَّ الْحَرَامُ بِالتَّعْرِيفِ أَنَّهُ إذَا حَنِثَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مُعْتَمَدٌ وَحَكَى الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ فِي الْحَرَامِ أَقْوَالًا أُخَرَ غَيْرَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ فَقِيلَ إنَّ الْحَرَامَ لَغْوٌ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ، وَقِيلَ إنَّهُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَقِيلَ يُنَوَّى فِيهِ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَيُنَوَّى فِي عَدَدِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ فَثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُنَوَّى وَكَذَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَكِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ وَتَجْرِي فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: الْحَلَالُ حَرَامٌ إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَقَصَدَ إدْخَالَ الزَّوْجَةِ وَكَلَّمَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا لِهَذَا الْفَرْعِ خَاصَّةً جَدّ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُمَا مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا رَاجِعًا لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْوِ إدْخَالَهَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى إدْخَالَهَا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ مَا أَمْلِكُهُ مِلْكَ الذَّاتِ وَذَاتُ الزَّوْجَةِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِإِدْخَالِهِ لَهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا فَاحْتِيجَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ لِإِخْرَاجِهَا أَوَّلًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ نُوِّيَ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ أَوْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَصْبَغَ وَابْنِ عَرَفَةَ الَّذِي قَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ (قَوْلُهُ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا إلَخْ) أَيْ وَالْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا نَكَلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَدْت وَاحِدَةً مَثَلًا. قَالَ بْن وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ لَا عَنْ مَالِكٍ وَلَا يَلْزَمُ مُوَافَقَتُهُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ وَعُوقِبَ) أَيْ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَهُوَ سَائِبَةٌ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى حَلَفَ أَيْ وَحَلَفَ وَعُوقِبَ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ حَلَفَ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعُوقِبَ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُعَاقَبُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ

(وَلَا يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ) بَلْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ) أَوْ بَتَّةٌ (جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك) وَنَحْوُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا وَقَدْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ صُدِّقَ إنْ تَقَدَّمَ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يُنْكِرْ قَصْدَهُ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي بَتَّةٍ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا يُنَوَّى وَفِي غَيْرِهَا يُنَوَّى فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَقَطْ وَسَوَاءٌ كَانَ جَوَابًا لِقَوْلِهَا الْمَذْكُورِ أَمْ لَا (وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِكَاسْقِنِي الْمَاءَ) حَقُّهُ اسْقِينِي بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِمُؤَنَّثٍ يُبْنَى عَلَى حَذْفِ النُّونِ وَالْيَاءُ فَاعِلٌ وَأَصْلُهُ اسْقِينَنِي (أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ) كَادْخُلِي وَكُلِي وَاشْرَبِي (لَزِمَهُ) مَا قَصَدَ مِنْ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ بِخِلَافِ قَصْدِهِ بِفِعْلٍ كَضَرْبٍ وَقَطْعِ حَبْلٍ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ فَيَلْزَمُ (لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ اسْقِنِي الْمَاءَ وَنَحْوَهُ (غَلَطًا) بِأَنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ فَقَالَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ رُكْنِهِ وَهُوَ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ أَوْ غَيْرُهُ مَعَ نِيَّتِهِ بَلْ أَرَادَ إيقَاعَهُ بِلَفْظِهِ فَوَقَعَ فِي الْخَارِجِ غَيْرُهُ (أَوْ) (أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ) بِقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَسَكَتَ) عَنْ اللَّفْظِ بِالثَّلَاثِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ إذْ لَمْ يَقْصِدْ بِأَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالثَّلَاثِ فَلَمَّا أَخَذَ فِي التَّلَفُّظِ بَدَا لَهُ عَدَمُ الثَّلَاثِ فَسَكَتَ عَنْهَا (وَسُفِّهَ) زَوْجٌ (قَائِلٌ) لِزَوْجَتِهِ (يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي) أَوْ يَا عَمَّتِي أَوْ يَا خَالَتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ إنَّمَا يُعَاقَبُ فِي مَسْأَلَةٍ وَإِنْ قَالَ سَائِبَةٌ إلَخْ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَوَّى إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَلَا يُنَوَّى اهـ وَمَعْنَى قَوْلِهَا وَلَا يَنْوِي أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا إذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ حَذْفُ لَفْظِ الْعَدَدِ لِيُطَابِقَ نَصَّهَا وَلِأَنَّ التَّنْوِيَةَ فِي الْعَدَدِ فَرْعٌ عَنْ إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ هُنَا مُنْكِرٌ إرَادَةَ الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى تَنْوِيَتُهُ فِي الْعَدَدِ. (قَوْلُهُ أَوَدُّ) أَيْ أَتَمَنَّى وَقَوْلُهُ أَنْ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي أَيْ عَنِّي وَقَوْلُهُ مِنْ صُحْبَتِك أَيْ بِصُحْبَتِك أَيْ بِسَبَبِ زَوَالِ صُحْبَتِك فَمِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ الَّتِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا) أَيْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا فِي الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا لَكِنْ فِي بَتَّةٍ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا يُنَوَّى وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَلْزَمُهُ إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَا يُنَوَّى وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهُ يُنَوَّى فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ جَوَابًا إلَخْ) قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَقْسَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَارَةً تَقَعُ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ إلَخْ وَتَارَةً لَا تَقَعُ جَوَابًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهَا الطَّلَاقُ أَوْ لَا وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَهُ بِكَاسْقِنِي الْمَاءَ إلَخْ) هَذَا كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ حَيْثُ حَصَرُوا أَلْفَاظَ الطَّلَاقِ فِي صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ وَخَفِيَّةٍ وَجَعَلَ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ غَيْرِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بِقِسْمَيْهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ اسْقِنِي الْمَاءَ وَنَحْوَهُ لَا يَنْبَغِي عَدُّهُ فِي الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حَلَّ الْعِصْمَةِ لَيْسَ لَازِمًا لِسَقْيِ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا اصْطِلَاحٌ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ اهـ أَيْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْكِنَايَةِ مَا قَابَلَ الصَّرِيحَ وَهَذَا اصْطِلَاحُهُمْ لَهُمْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ) أَيْ وَلَوْ صَوْتًا سَاذَجًا أَوْ مِزْمَارًا وَأَمَّا صَوْتُ الضَّرْبِ بِالْيَدِ مَثَلًا فَمِنْ الْفِعْلِ الْآتِي احْتِيَاجُهُ لِعُرْفٍ أَوْ قَرَائِنَ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَقَوْلُهُ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ أَيْ غَيْرِ صَرِيحِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَوْ قَصَدَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي غَيْرِ بَابِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَصَدَهُ بِهِ إلَّا أَنْتِ حُرَّةٌ اهـ. وَقِيلَ: إذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِلَفْظِ الظِّهَارِ لَزِمَهُ الظِّهَارُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ مَعًا فِي الْقَضَاءِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا قَصَدَ مِنْ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الْخَفِيَّةَ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ بِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَصْدِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ بِمَعْنَى حَلِّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ وَاحِدَةً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْقَضَاءِ وَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا نَوَاهُ فِي الْفَتْوَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَلَا يَنْوِي مُطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَسَكَتَ وَلَمْ

مِنْ الْمَحَارِمِ أَيْ نُسِبَ لِلسَّفَهِ وَلَغْوِ الْحَدِيثِ الْمُسْقِطِ لِلشَّهَادَةِ وَفِي كَرَاهَتِهِ وَحُرْمَتِهِ قَوْلَانِ وَلَمَّا كَانَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ وَهُوَ اللَّفْظُ قَدْ يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ) بِأَنْ احْتَفَّ بِهَا مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِدَلَالَتِهَا عَلَى الطَّلَاقِ وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ مِنْ أَخْرَسَ أَوْ مُتَكَلِّمٍ وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ لِبَلَادَتِهَا وَهِيَ كَالصَّرِيحِ فَلَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُفْهِمَةِ فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ قَصَدَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَفْعَالِ لَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ مَا لَمْ تَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفِعْلِ (وَ) لَزِمَ أَنْ يَقَعَ (بِمُجَرَّدِ إرْسَالِهِ بِهِ مَعَ رَسُولٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَخْبَرَهَا بِطَلَاقِهَا وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أَيْ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِلرَّسُولِ ذَلِكَ أَيْ بِقَوْلِهِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْوُصُولِ (وَبِالْكِتَابَةِ) لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا (عَازِمًا) عَلَى الطَّلَاقِ بِكِتَابَتِهِ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ كِتَابَةِ هِيَ طَالِقٌ. وَنَحْوُهُ لَوْ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَذَا إنْ كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا أَوْ مُتَرَدِّدًا وَأَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَزْمِ عِنْدَهُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (أَوْ) كَتَبَهُ (لَا) عَازِمًا بَلْ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَيَحْنَثُ (إنْ وَصَلَ لَهَا) أَوْ لِوَلِيِّهَا وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يَلْزَمُهُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَزْمِ أَيْ النِّيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكْتُبَهُ عَازِمًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ كَذَلِكَ أَوْ لَا يُخْرِجَهُ وَفِي هَذِهِ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ صُورَةً إمَّا أَنْ يَصِلَ أَوْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ كِتَابَتِهِ إنْ عَزَمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَبِإِخْرَاجِهِ كَذَلِكَ فِي الْمُتَرَدِّدِ وَصَلَ أَوْ لَمْ يَصِلْ وَأَمَّا إنْ كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ فَإِنْ وَصَلَهَا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَأْتِ بِالشَّرْطِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ فَهُوَ قَدْ نَطَقَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا وَسَكَتَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ حَذَفَهَا فِيهَا (قَوْلُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ) أَيْ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَحَارِمِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ لَوْ قَالَ لَهَا: يَا سِتِّي أَوْ يَا حَبِيبَتِي فَإِنَّهُ يُسَفَّهُ أَيْضًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَفِي كَرَاهَتِهِ وَحُرْمَتِهِ قَوْلَانِ) قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي النَّهْيِ الْوَارِدِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ لِمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا أُخْتِي أَأُخْتك هِيَ فَكَرِهَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ وَنَهَى عَنْهُ (قَوْلُهُ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ) أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الْإِفْهَامُ (قَوْلُهُ بِأَنْ احْتَفَّ بِهَا) أَيْ انْضَمَّ لَهَا مِنْ الْقَرَائِنِ مَا أَيْ قَرِينَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُفْهِمْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا فَهِمَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ مِنْ الْإِشَارَةِ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُفْهِمَةِ) أَيْ وَهِيَ الَّتِي لَا قَرِينَةَ مَعَهَا أَوْ مَعَهَا قَرِينَةٌ لَكِنْ لَا يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَ تِلْكَ الْإِشَارَةَ بِدَلَالَتِهَا عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ كخش فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ الْمُفْهِمَةِ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إرْسَالُهُ) أَيْ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلرَّسُولِ بَلِّغْ زَوْجَتِي أَنِّي طَلَّقْتهَا أَوْ أَخْبِرْهَا بِطَلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِلرَّسُولِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَبِالْكِتَابَةِ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ وَالْمَدَارُ عَلَى الْعَزْمِ أَوْ الْوُصُولِ وَلَوْ لِصَاحِبٍ يُخْبِرُهُ مَثَلًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عَازِمًا) أَيْ نَاوِيًا الطَّلَاقَ حِينَ كَتَبَ وَسَوَاءٌ أَخْرَجَ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَازِمًا عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ وَصَلَ لَهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ عَشَرَةٌ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى وُصُولُهُ إلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكْتُبَهُ وَيُبْقِيَهُ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ فَيَأْخُذَهُ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَيُوصِلَهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ كِتَابَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ الْكِتَابَ وَلَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ عِنْدِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَتَبَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَتَبَ هِيَ طَالِقٌ بَلْ وَلَوْ كَتَبَ إذَا جَاءَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ إذَا لِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ فَيُنَجَّزُ كَمَنْ أَجَّلَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَقْبَلٍ وَفِي طفي أَنَّهُ إذَا كَتَبَ إنْ وَصَلَ لَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْت طَالِقٌ يُوقَفُ الطَّلَاقُ عَلَى الْوُصُولِ وَإِذَا كَتَبَ إذَا وَصَلَ لَك كِتَابِي فَفِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الْوُصُولِ خِلَافٌ وَقَوِيَ الْقَوْلُ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْوُصُولِ لِتَضَمُّنِ إذَا مَعْنَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إنْ كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا) أَيْ أَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى أَنْ يَسْتَشِيرَ فِيهِ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يُنْفِذَهُ أَنْفَذَهُ وَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يُنْفِذَهُ لَمْ يُنْفِذْهُ (قَوْلُهُ وَأَخْرَجَهُ عَازِمًا) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهِ عَازِمًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ (قَوْلُهُ لِحَمْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْكَاتِبِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ فَإِمَّا أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا وَإِمَّا أَنْ لَا يَصِلَ إلَيْهَا، فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَلَا حِنْثَ وَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا) أَيْ حِينَ الْكِتَابَةِ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ وَصَلَ إلَيْهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ عَشْرَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً إمَّا أَنْ يَصِلَ أَوْ لَا) أَيْ فَالصُّوَرُ حِينَئِذٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ نَظَرْت إلَى زِيَادَةِ كَوْنِهِ مُسْتَشِيرًا حِينَ الْكِتَابَةِ وَحِينَ الْإِخْرَاجِ زَادَتْ الصُّوَرُ وَبَلَغَتْ أَرْبَعِينَ صُورَةً إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّرَدُّدِ مَا يَشْمَلُ الْمُسْتَشِيرَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ عَزَمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ عَازِمًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ وَسَوَاءٌ وَصَلَ لَهَا أَوْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ وَبِإِخْرَاجِهِ كَذَلِكَ) أَيْ عَازِمًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمُتَرَدِّدِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَصِلْ) فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) فَهَذِهِ

فَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ (وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ) بِأَنْ يَقُولَ لَهَا بِقَلْبِهِ أَنْت طَالِقٌ (خِلَافٌ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اللُّزُومِ وَأَمَّا الْعَزْمُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ عَدَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا (وَإِنْ) (كَرَّرَ الطَّلَاقَ) أَيْ لَفْظَهُ (بِعَطْفٍ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ) كَرَّرَ الْمُبْتَدَأَ مَعَ كُلِّ لَفْظٍ أَمْ لَا (فَثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ) كَأَنْ لَمْ يَدْخُلْ وَنَسَقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا نَسَقًا وَإِلَّا فَلَا (كَ) مَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (مَعَ طَلْقَتَيْنِ) فَثَلَاثٌ (مُطْلَقًا) دَخَلَ أَمْ لَا (وَ) إنْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا (بِلَا عَطْفٍ) لَزِمَهُ (ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (إنْ نَسَقَهُ) وَلَوْ حُكْمًا كَفَصْلِهِ بِسُعَالٍ (إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى بِخِلَافِ الْعَطْفِ فَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُنَافِي التَّأْكِيدَ (فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا أَصْلًا كَأَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ أَوْ مُعَلَّقًا بِمُتَّحِدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا ثُمَّ كَلَّمَتْهُ فَثَلَاثٌ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْت الرَّغِيفَ فَفَعَلَتْ الثَّلَاثَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ لِتَعَدُّدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (وَلَوْ طَلَّقَ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ) أَيْ وَلَا إنْشَاءَ طَلَاقٍ (فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ) حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَارِ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) حَمْلًا عَلَى الْإِنْشَاءِ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِي الْقَضَاءِ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأُولَى فَقَطْ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَفِي لُزُومِ ثَانِيَةٍ قَوْلَانِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَدَلُّ عَلَى الْمُرَادِ وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ تَجَزُّؤِ الطَّلَاقِ أَنْ يَكْمُلَ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) لَزِمَ (فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) مَثَلًا وَلَوْ قَالَ جُزْءٌ لَكَانَ أَشْمَلَ (أَوْ) نِصْفِ (طَلْقَتَيْنِ) طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ (أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْبَعٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَعَدَمُ الْحِنْثِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ) أَمَّا إذَا كَتَبَهُ مُتَرَدِّدًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ مُتَرَدِّدًا وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ خِلَافٌ) التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ وَالْقَوْلُ بَعْدَ اللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْأَشْهَرُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِي التَّكَالِيفِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَلْبِ لَا فِيمَا بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَزْمُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ فَثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ) أَيْ سَوَاءٌ نَسَقَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَنَسَقُهُ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ الْآتِي إنَّ نَسَقَهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ مَا هُنَا أَيْضًا فَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ نَسَقَهُ كَالْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْقِسْمَيْنِ مَا هُوَ بِعَطْفٍ وَمَا هُوَ بِدُونِهِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّسَقِ النَّسَقُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ لَا الْمُتَابَعَةُ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ وَهُوَ تَوَسُّطُ أَحَدِ حُرُوفِ الْعَطْفِ التِّسْعَةِ بَيْنَ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فِيهِمَا) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إلَخْ) أَيْ وَتُقْبَلُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ طَالَ مَا بَيْنَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْفَعُ فِيهَا التَّأْكِيدُ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي وَلَوْ نَوَى بِهِ الْإِنْشَاءَ قَالَهُ عج قَالَ شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ لَا يُفِيدُ التَّأْكِيدُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا إذَا كَانَ نَسَقًا وَإِلَّا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ، فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ فَلَا يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الطَّلَاقُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ إلَخْ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إنْ كَلَّمْت إنْسَانًا فَأَنْت طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَبِكَلَامِهِ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْخُصُوصِ غَيْرُ جِهَةِ الْعُمُومِ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَ) أَيْ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَلَمْ يَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَقِيلَ لَهُ إلَخْ فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِأَنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْخَلْعِ أَوْ كَانَ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ قَالَ مُطَلَّقَةٌ أَوْ طَلَّقْتهَا فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا الطَّلْقَةُ الْأُولَى اتِّفَاقًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ خَمْسَةٍ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا وَأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، وَأَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ وَالْإِنْشَاءَ كَمِثَالِ الْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إخْبَارًا وَلَا إنْشَاءً فَهُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ) أَيْ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ وَلَا إنْشَاءَ طَلَاقٍ فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ أَيْ وَأَمَّا إنْ نَوَى إخْبَارَهُ فَاللَّازِمُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ نَوَى إنْشَاءَ الطَّلَاقِ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ اتِّفَاقًا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَطْرَافٍ ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ حَمْلًا عَلَى الْإِخْبَار) أَيْ حَمْلًا لِلَفْظِهِ عَلَى الْإِخْبَارِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِلْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ كَمَا فِي المج وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي ح عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَحَلَّ هُنَا لِلتَّرَدُّدِ اهـ بْن ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ لُزُومِ وَاحِدَةٍ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إنْشَاءَ طَلْقَةٍ ثَانِيَةٍ حَيْثُ كَانَ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ح، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مُطْلَقًا أَرَادَ رَجْعَتَهَا أَمْ لَا، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ مُطْلَقًا، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهَا طَلَاقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ عَطْفٌ عَلَى الْإِشَارَةِ وَأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي أَيْ

(أَوْ نِصْفِ وَثُلُثِ طَلْقَةٍ أَوْ) طَالِقٌ (وَاحِدَةٌ فِي وَاحِدَةٍ) وَكَانَ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ (أَوْ) عَلَّقَ بِأَدَاةٍ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ نَحْوُ إذَا مَا أَوْ (مَتَى مَا فَعَلْت) كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَكَرَّرَ) الْفِعْلَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى (أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا طَلْقَةً) وَاحِدَةً فِي الْجَمِيعِ وَالرَّاجِحُ فِي الْأَخِيرِ لُزُومُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ ظَاهِرٌ فِيهَا (وَ) لَزِمَ (اثْنَتَانِ فِي رُبُعِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ) أَوْ رُبُعِ طَلْقَةٍ وَرُبُعِ طَلْقَةٍ لِإِضَافَةِ طَلْقَةٍ صَرِيحَةٍ إلَى كُلِّ كَسْرٍ فَكُلٌّ مِنْ الْكَسْرَيْنِ أُخِذَ مُمَيِّزُهُ فَاسْتُقْبِلَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ نِصْفِ وَثُلُثِ طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ كَمَا قَدَّمَهُ (وَ) اثْنَتَانِ فِي (وَاحِدَةٍ فِي اثْنَتَيْنِ) إنْ عَرَفَ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (وَ) اثْنَتَانِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ (الطَّلَاقُ كُلُّهُ إلَّا نِصْفَهُ) ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ بِالتَّكْمِيلِ (وَ) اثْنَتَانِ فِي (أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك ثُمَّ قَالَ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) مُشِيرًا إلَى قَرْيَتِهَا (فَهِيَ طَالِقٌ) ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَاحِدَةٌ بِالْخُصُوصِ وَالْأُخْرَى بِانْدِرَاجِهَا فِي عُمُومِ الْقَرْيَةِ (وَ) لَزِمَ (ثَلَاثٌ فِي) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ (إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ) فِي أَنْتِ طَالِقٌ (اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ) عَرَفَ الْحِسَابَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (كُلَّمَا حِضْت) أَوْ كُلَّمَا جَاءَ يَوْمُ حَيْضِك أَوْ شَهْرُهُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ وَقَصْدُهُ التَّكْثِيرَ كَطَالِقٍ مِائَةَ مَرَّةٍ وَلَا يُنْتَظَرُ بِوُقُوعِهِ حَيْضُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَزِمَ فِي الْإِشَارَةِ وَفِي نِصْفِ طَلْقَةٍ. (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفِ وَثُلُثِ طَلْقَةٍ) مَحَلُّ كَوْنِهِ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ إذَا عَطَفَ كَسْرًا عَلَى كَسْرٍ مَا لَمْ يَزِدْ مَجْمُوعُ الْجُزْأَيْنِ عَلَى طَلْقَةٍ فَإِذَا قَالَ نِصْفٌ وَثُلُثَا طَلْقَةٍ بِتَثْنِيَةِ ثُلُثٍ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ الْمَذْكُورَةَ تَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ وَقَعَتْ اثْنَتَانِ لِزِيَادَةِ الْأَجْزَاءِ عَلَى الْوَاحِدَةِ نَقَلَهُ طفي وَتَنْظِيرُ التَّوْضِيحِ فِي ذَلِكَ قُصُورٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ نَحْوُ إذَا مَا إلَخْ) فَإِذَا قَالَ: إذَا مَا دَخَلْت الدَّارَ أَوْ مَتَى مَا كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ وَفَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ، وَأَمَّا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَكُلَّمَا فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ لُزُومُ الطَّلَاقِ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ وَمَحَلُّ عَدَمِ تَكْرَارِ الطَّلَاقِ فِي مَتَى مَا وَإِذَا مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِمَا مَعْنَى كُلَّمَا وَإِلَّا تَعَدَّدَ الطَّلَاقُ بِتَعَدُّدِ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَهْمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِمَنْزِلَةِ كُلَّمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَكَرَّرَ الْفِعْلَ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَكَرَّرَ اللَّفْظَ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ اللَّفْظِ وَنِيَّةَ التَّأْكِيدِ أَوْ عَدَمَهُ قَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ فَلَا حَاجَةَ لِإِدْخَالِهِ هُنَا فَقَوْلُ عبق وَكَرَّرَ اللَّفْظَ أَوْ الْفِعْلَ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى تَكَرُّرِ الْفِعْلِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لِمَا عَلِمْت ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكَرَّرَ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ لَوْ قَالَ مَتَى مَا فَعَلْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ وَفَعَلَتْهُ مَرَّةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا) أَيْ أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْوَاحِدَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ وَيَسْتَمِرُّ طَلَاقُك أَبَدًا أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا وَلَوْ يُرَاجِعُهَا اسْتَمَرَّ طَلَاقُهَا أَبَدًا أَيْ اسْتَمَرَّ أَثَرُ طَلَاقِهَا وَهُوَ مُفَارَقَتُهَا أَبَدًا أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ فِي الْأَخِيرِ لُزُومُ الثَّلَاثِ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْوَاحِدَةِ فَهُوَ ظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ لِإِضَافَةِ طَلْقَةٍ صَرِيحَةٍ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَصَوَابُهَا لِإِضَافَةِ كُلِّ كَسْرٍ صَرِيحًا إلَى طَلْقَةٍ أَيْ إنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الرُّبُعِ وَالنِّصْفِ الْمَذْكُورَيْنِ مُضَافٌ إلَى طَلْقَةٍ غَيْرِ الَّتِي أُضَيَّف إلَيْهَا الْآخَرُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ مُمَيِّزَهُ فَاسْتَقَلَّ، وَلِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا ذُكِرَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى. (قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ كُلُّهُ إلَّا نِصْفَهُ) مِثْلُهُ إلَّا نِصْفًا بِالتَّنْوِينِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ نِصْفُ مَا سَبَقَ، وَكَذَلِكَ مِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَهَا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ إلَّا نِصْفَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ الْوَاقِعَ فِي الْمُسْتَثْنَى وَاحِدَةٌ وَاسْتِثْنَاؤُهُ لَا يُفِيدُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَالْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ طَلْقَتَانِ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ فَتَكْمُلُ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَضَافَ النِّصْفَ لِلضَّمِيرِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَإِنْ أَضَافَهُ لِلطَّلَاقِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ. (قَوْلُهُ وَاثْنَتَانِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك إلَخْ) وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُ ابْنِ نَاجِيٍّ الْعَلَّامَةِ الْبُرْزُلِيِّ عَكْسُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِيٍّ مِنْ لُزُومِ طَلْقَتَيْنِ وَوَجْهُ كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ إنْ ذَكَرَهَا بِالْخُصُوصِ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي عُمُومِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَمْ يَزِدْهَا شَيْئًا فَحُمِلَ عَلَى التَّأْكِيدِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ عَلَّقَ فِيهَا مَرَّةً بِالْخُصُوصِ ثُمَّ مَرَّةً بِالْعُمُومِ وَالْعَامُّ بَعْدَ الْخَاصِّ فِيهِ تَأْسِيسٌ فِي الْجُمْلَةِ فَطَرَدَ التَّأْسِيسَ فِي جَمِيعِ مَدْلُولِهِ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ إنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ اعْتَمَدَ الْأَشْيَاخُ كَلَامَ الْبُرْزُلِيِّ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ ابْنِ نَاجِيٍّ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ بِالْخُصُوصِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ وَاثْنَتَانِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ طَلْقَتَانِ وَنِصْفٌ فَيَكْمُلُ ذَلِكَ النِّصْفُ وَإِنَّمَا كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثُ وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْهُ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى نِصْفَ الطَّلْقَةِ عَلِمَ أَنَّ الْغَرَضَ بِالطَّلَاقِ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ إلَّا نِصْفَهُ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُسْتَغْرِقٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ

وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا كَصَغِيرَةٍ وَأَمَّا الْآيِسَةُ وَمَنْ شَأْنُهَا عَدَمُ الْحَيْضِ وَهِيَ شَابَّةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا) طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ (أَوْ مَتَى مَا) طَلَّقْتُك (أَوْ إذَا مَا طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً) فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ فَاعِلُ الْمُسَبَّبِ فَيَلْزَمُهُ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى وُقُوعُ الثَّانِيَةِ وَمِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الثَّالِثَةِ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ (أَوْ) قَالَ (إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا) وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَزِمَهُ ثَلَاثٌ وَيُلْغَى قَوْلُهُ قَبْلَهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَ) تَلْزَمُ (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ (فِي) كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ (أَرْبَعٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ) أَوْ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعُ طَلْقَاتٍ (مَا لَمْ يَزِدْ الْعَدَدَ) (عَلَى) الطَّلْقَةِ (الرَّابِعَةِ) . فَإِنْ قَالَ: بَيْنَكُنَّ خَمْسٌ إلَى ثَمَانِيَةٍ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ بَيْنَكُنَّ تِسْعٌ فَأَكْثَرُ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا قَالَ (سَحْنُونٌ) الْإِفْرِيقِيُّ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ مُدَوِّنُ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ إمَامِهِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَشْهَرُ فَتْحُ سِينِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ (وَإِنْ) (شَرِكَ) الْأَرْبَعَ فِي ثَلَاثٍ بِأَنْ قَالَ شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ (طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) قِيلَ إنَّهُ خِلَافُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَلَا فَرْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ بَيْنَكُنَّ ثَلَاثٌ وَشَرِكْتُكُنَّ فِي ثَلَاثٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مُحْتَمَلٍ غَالِبٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ، وَقَوْلُهُ وَقَصْدُهُ التَّكْثِيرَ أَيْ فَلِذَا كَانَ الْمُنَجَّزُ ثَلَاثًا لَا أَقَلَّ. (قَوْلُهُ وَهَذَا فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا إلَخْ) هَذَا نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ مُعْتَرِضًا بِهِ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ هَذَا فِي غَيْرِ الْيَائِسَةِ أَيْ مَنْ تَحِيضُ بِالْفِعْلِ وَالصَّغِيرَةِ وَأَمَّا الْيَائِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ يَقُولُ لَإِحْدَاهُمَا إذَا حِضْت فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ حَتَّى تَرَى دَمَ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ وَهِيَ شَابَّةٌ) أَيْ فِي سِنِّ مَنْ تَحِيضُ، وَقَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ طَلَاقٌ وَإِنْ طَرَقَ الدَّمُ الشَّابَّةَ الَّتِي لَا تَحِيضُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ طَلُقَتْ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْتُك إلَخْ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حُلِّيتِي حَرُمْتِي نَظَرٌ لِقَصْدِهِ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ كُلَّمَا حُلِّيتِي لِي بَعْدَ زَوْجٍ حَرُمْتِي تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا، وَإِنْ أَرَادَ كُلَّمَا حُلِّيتِي لِي بِالرَّجْعَةِ فِي هَذِهِ الْعِصْمَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ حَرُمْتِي حَلَّتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ نُظِرَ لِعُرْفِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُظِرَ لِلْبِسَاطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلتَّأْبِيدِ احْتِيَاطًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَّكِ شَيْخٌ حَرَّمَك شَيْخٌ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا كُلَّمَا حَلَّيْتِي حَرُمْتِي، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ حِلِّيَّةٌ الزَّوْجِ الثَّانِي بَعْدَ هَذِهِ الْعِصْمَةِ لَا تُحِلُّهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ إرَادَتَهُ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ شَرْعًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَحَلَّهَا بَعْدَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا إنْ حَلَّتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ وَتَزَوَّجَهَا فَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا. (قَوْلُهُ أَوْ مَتَى مَا أَوْ إذَا مَا) جَعَلَهُمَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّكْرَارِ ضَعِيفٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى التَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا إلَّا اثْنَتَانِ وَلَا تَلْزَمُهُ الثَّالِثَةُ، كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَمِثْلُهَا مَتَى مَا وَإِذَا مَا، هَذَا مَا قَالُوهُ وَإِنْ كَانَ الْمَنَاطِقَةُ جَعَلُوا إنْ وَلَوْ لِلْإِهْمَالِ وَإِذَا مَا وَمَتَى مَا لِلسُّورِ الْكُلِّيِّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ السَّبَبِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى وَالْمُرَادُ بِالْمُسَبَّبِ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَإِذَا كَانَ فَاعِلُ السَّبَبِ فَاعِلَ الْمُسَبَّبِ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّانِيَةَ فِعْلُهُ فَتُجْعَلُ سَبَبًا لِلثَّالِثَةِ بِمُقْتَضَى أَدَاةِ التَّكْرَارِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ مِمَّا هُوَ فِعْلُهُ وَهِيَ الْأُولَى صَارَتْ تِلْكَ الثَّانِيَةُ فِعْلَهُ أَيْضًا وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلِهِ فَتَلْزَمُ الثَّالِثَةُ بِالثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَيُلْغَى قَوْلُهُ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُتَّصِفَةٌ بِالْحِلِّ إلَى زَمَانِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَفِي زَمَانِ حُصُولِهِ قَدْ مَضَى الزَّمَانُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَبْلِهِ وَالْمَاضِي لَا تَرْتَفِعُ الْحِلِّيَّةُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالثَّلَاثُ تَلْزَمُ بَعْدَ مُضِيِّهِ، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ: إذَا قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا لَا يَلْزَمْهُ شَيْءٌ أَصْلًا وَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ طَلَاقٌ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَتَى طَلَّقَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَمَتَى وَقَعَ قَبْلَهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا كَانَ طَلَاقُهُ الصَّادِرُ مِنْهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ الصَّادِرَ مِنْهُ لُزُومُهُ يُؤَدِّي لِإِلْغَائِهِ وَكُلُّ مَا أَدَّى ثُبُوتُهُ لِنَفْيِهِ كَانَ مُنْتَفِيًا قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَتَقْلِيدُ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَلَالٌ مُبِينٌ. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ) أَيْ كَمَا يُلْغَى الْأَمْسُ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَجْلِ لُزُومِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُلْغَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِمُضِيِّ زَمَنِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ) أَيْ وَاسْمُ أَبِيهِ سَعِيدٌ وَكَانَ شَامِيًّا مِنْ حِمْصَ وَلُقِّبَ هُوَ بِسَحْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ أَوْ لِطَيْرٍ سَرِيعِ الطَّيَرَانِ فَلِقُوَّةِ ذِهْنِهِ وَسُرْعَةِ فَهْمِهِ لُقِّبَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ: شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ: شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي طَلْقَةٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَطْلُقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَإِنْ قَالَ: شَرِكْت بَيْنَكُنَّ فِي طَلْقَتَيْنِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَتَيْنِ (قَوْلُهُ طَلَقْنَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَثَلَاثًا حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَثَلَاثًا الثَّانِي عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَوَجْهُ لُزُومِ الثَّلَاثِ إذَا شَرِكَهُنَّ فِي ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا نَطَقَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ يُوجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ يُكْمِلُ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ) أَيْ وَأَمَّا سَحْنُونٌ فَيَقُولُ إنْ

وَقِيلَ بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ مَا لَمْ يُشْرِكْ فَإِنْ شَرِكَ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا وَمَسْأَلَةُ التَّشْرِيكِ الْآتِيَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَإِلَّا لَزِمَ الثَّانِيَةُ ثَلَاثًا كَالطَّرَفَيْنِ (وَإِنْ) (قَالَ) لِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ الثَّلَاثَةِ أَنْت طَالِقٌ بِالثَّلَاثِ وَقَالَ لِثَانِيَةٍ (أَنْت شَرِيكَةٌ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا وَلِثَالِثَةٍ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا) (طَلُقَتْ) الثَّانِيَةُ (اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا شَارَكَتْ الْأُولَى اقْتَضَتْ الشَّرِكَةُ لَهَا وَاحِدَةً وَنِصْفًا (وَ) طُلِّقَ (الطَّرَفَانِ ثَلَاثًا) أَمَّا الْأُولَى فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ لَهَا مَعَ الْأُولَى طَلْقَةً وَنِصْفًا فَيَكْمُلُ النِّصْفُ وَلَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ (وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ) لِلطَّلَاقِ بِتَشْرِيكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ) تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ وَالْأَدَبِ، هَذَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ شَائِعًا كَبَعْضُك أَوْ رُبُعُك طَالِقٌ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَعْنِيًّا (كَيَدٍ) وَرِجْلٍ (وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِشَعْرِك طَالِقٌ) ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ الْمُتَّصِلَ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ لَا إنْ قَصَدَ الْمُنْفَصِلَ فَكَالْبُصَاقِ وَالسُّعَالِ وَمِثْلُ الشَّعْرِ كُلُّ مَا يُلْتَذُّ بِهِ كَرِيقُك أَوْ عَقْلُك (أَوْ كَلَامُك عَلَى الْأَحْسَنِ لَا بِسُعَالٍ وَبُصَاقٍ وَدَمْعٍ) وَنَحْوِهَا إذْ لَيْسَتْ مِنْ الْمَحَاسِنِ الَّتِي يُلْتَذُّ بِهَا (وَصَحَّ) (اسْتِثْنَاءٌ) فِي الطَّلَاقِ (بِإِلَّا) وَأَخَوَاتِهَا (إنْ اتَّصَلَ) الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ اخْتِيَارًا لَمْ يَصِحَّ فَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِكَسُعَالٍ (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا بَطَلَ وَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَوْ سِرًّا لَا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا إنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ فَمُرَادُهُ بِالْمُسْتَغْرِقِ مَا يَشْمَلُ الْمُسَاوِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ بِالذَّاتِ أَوْ التَّكْمِيلِ كَطَالِقٍ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَرُبْعًا، وَفَرَّعَ عَلَى الشَّرْطَيْنِ قَوْلَهُ (فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثَّلَاثِ مِنْ نَفْسِهَا لَغْوٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً (أَوْ) قَالَ طَالِقٌ (ثَلَاثًا) بِالنَّصْبِ وَكَانَ الْأَوْلَى الْجَرَّ بِالْعَطْفِ عَلَى ثَلَاثٍ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً اثْنَتَانِ (أَوْ) طَالِقٌ (أَلْبَتَّةَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ: بَيْنَكُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ وَإِنْ قَالَ: شَرِكْتُكُنَّ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ هُوَ) أَيْ كَلَامُ سَحْنُونٍ تَقْيِيدٌ لِلْأَوَّلِ أَيْ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَاحِدَةً وَنِصْفًا) أَيْ فَيَكْمُلُ ذَلِكَ النِّصْفُ (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الثَّلَاثَ فِيهِ (قَوْلُهُ بِتَشْرِيكٍ) كَانَتْ شَرِيكَةً مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُ كَانَتْ طَالِقَ نِصْفَ طَلْقَةٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الشَّعْرِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مِنْ مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ كُلُّ مَا يُلْتَذُّ بِهِ أَيْ أَوْ يُلْتَذُّ بِالْمَرْأَةِ بِسَبَبِهِ فَالْأَوَّلُ كَالرِّيقِ وَالثَّانِي كَالْعَقْلِ؛ لِأَنَّ بِالْعَقْلِ يَصْدُرُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ لِلرَّجُلِ الْإِقْبَالَ عَلَيْهَا وَالِالْتِذَاذَ مِنْهَا بِخِلَافِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ كَرِيقُك) هُوَ الْمَاءُ مَا دَامَ فِي فَمِهَا، فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْفَمِ فَهُوَ بُصَاقٌ وَالْأَوَّلُ يُسْتَلَذُّ بِهِ بِمَصِّ لِسَانِهَا أَوْ شَفَتِهَا دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَلْزَمُ بِكَلَامِك؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ رُؤْيَةَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يُحَرِّمْ كَلَامَهُنَّ عَلَى أَحَدٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ فَإِنَّ وَجْهَ الْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُ حَرَامٍ وَتَطْلُقُ بِهِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ إنْ قَالَ: اسْمُك طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنْفَصِلِ قَالَ فِي المج وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ وَرَدَ عَلَى لَفْظٍ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مُسَمَّاهُ وَقَدْ قِيلَ الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ) أَيْ إخْرَاجٌ لِعَدَدٍ (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتِهَا) وَهِيَ سِوَى وَخَلَا وَعَدَا وَحَاشَا (قَوْلُهُ إنْ اتَّصَلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ فَلَوْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ضَرَّ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ إنْ اتَّصَلَ بِالْمَحْلُوفِ بِهِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ إلَخْ) أَيْ لِاتِّصَالِهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ بَطَلَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ أَيْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يُقْصَدَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ وَالْإِخْرَاجُ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ وَلَوْ سِرًّا) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْحَلِفُ مُتَوَثِّقًا بِهِ فِي حَقٍّ فَلَا يَنْفَعُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا كَانَ سِرًّا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ الْمُسَاوِي) أَيْ لَا خُصُوصَ الزَّائِدِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يُسَاوِ كَانَ أَظْهَرَ لِعِلْمِ الزَّائِدِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَفِي ثَلَاثٍ إلَّا ثَلَاثًا إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الِاثْنَتَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا ثَلَاثًا مَلْغِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ لَا تَلْزَمُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكَلَامَ بِآخِرِهِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الثَّلَاثَ الَّتِي أَخْرَجَ مِنْهَا الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الثَّلَاثِ اثْنَتَانِ يَبْقَى وَاحِدَةٌ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْحَقُّ وَعَلَى عَكْسِ الْقَوْلَيْنِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا الِاثْنَتَيْنِ فَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ مِنْ إلْغَاءِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَعَلَى مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ الْحَقُّ يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ اثْنَتَانِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَطَرِيقَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إثْبَاتٌ وَقَوْلُهُ إلَّا اثْنَتَيْنِ نَفْيٌ مِنْ الثَّلَاثِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَقَوْلُهُ إلَّا وَاحِدَةً اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ الْمَنْفِيَّتَيْنِ

(إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً) لَزِمَهُ (اثْنَتَانِ) ؛ لِأَنَّ أَلْبَتَّةَ ثَلَاثٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ لَهُ وَعَكْسُهُ فَقَوْلُهُ ثَلَاثًا أَوْ بَتَّةً إثْبَاتٌ وَإِلَّا اثْنَتَيْنِ نَفْيٌ أُخْرِجَ مِنْهُ بَقِيَ وَاحِدَةٌ ثُمَّ أَثْبَتَ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ وَاحِدَةً تُضَمُّ لِلْأُولَى فَاللَّازِمُ اثْنَتَانِ (وَ) فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ) (إنْ كَانَ) الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ الْجَمِيعِ) الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (فَوَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ اثْنَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْبَاقِي وَاحِدَةٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْجَمِيعِ بَلْ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الثَّانِي أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ (فَثَلَاثٌ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الثَّالِثَةِ (وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (وَاعْتِبَارُهُ) فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ نَظَرًا لِوُجُودِهِ لَفْظًا (قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا الثَّانِي، فَإِذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلَوْ قَالَ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا يَلْزَمُهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثَلَاثٌ لِبُطْلَانِهِ بِالِاسْتِغْرَاقِ حَيْثُ أُلْغِيَ الزَّائِدُ وَيَلْزَمُهُ عَلَى الثَّانِي اثْنَتَانِ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ وَحُكْمُ التَّعْلِيقِ الْكَرَاهَةُ وَقِيلَ الْحُرْمَةُ وَبَدَأَ بِالْمَاضِي فَقَالَ (وَنُجِّزَ) الطَّلَاقُ أَيْ حُكْمُ الشَّرْعِ بِوُقُوعِهِ حَالًا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ (إنْ عُلِّقَ بِمَاضٍ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا) نَحْوُ عَلَيْهِ طَلَاقُهُ أَوْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ أَمْسِ لَجَمَعْت بَيْنَ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ (أَوْ عَادَةً) كَلَوْ جَاءَ أَمْسٌ لَرَفَعْته لِلسَّمَاءِ (أَوْ شَرْعًا) كَلَوْ جَاءَ أَمْسٌ لَزَنَى بِامْرَأَتِهِ (أَوْ) عُلِّقَ عَلَى (جَائِزٍ) عَادَةً وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا (كَلَوْ جِئْت) أَمْسِ (قَضَيْتُك) حَقَّك وَهُوَ جَائِزٌ عَادَةً وَإِنْ وَجَبَ شَرْعًا أَوْ نُدِبَ وَمِثَالُ الْجَائِزِ شَرْعًا لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ أَكَلْت رَغِيفًا إنَّمَا حَنِثَ لِلشَّكِّ فِي الْفِعْلِ وَعَدَمِهِ وَلَا يُقْدَمُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَائِزِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْحِنْثِ إنْ جُزِمَ بِالْفِعْلِ كَقَضَاءِ الْحَقِّ حَالَ الْيَمِينِ وَإِلَّا حَنِثَ لِلشَّكِّ أَوْ الْكَذِبِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ عَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَاضٍ وَاجِبٍ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ فَلَا حِنْثَ وَأَشَارَ لِلْمُسْتَقْبَلِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهِيَ مُثْبَتَةٌ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى وَقَبْلَهُ طَلْقَةٌ فَيَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ. (قَوْلُهُ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةٌ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثًا وَأَلْبَتَّةَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ) فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْعَطْفَ بِثُمَّ كَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ خش أَنَّ الْعَطْفَ بِغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي هُنَا كَالْفَاءِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ قَصْدُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ أَيْ فَيَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ وَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ بِدُونِ يَمِينٍ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَثَلَاثٌ) أَيْ لِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ لِاسْتِغْرَاقِهِ وَاحْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ فِي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فِي الثَّالِثَةِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي مِنْهُمَا هُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقْوَى فِي النَّظَرِ (قَوْلُهُ وَبَدَأَ بِالْمَاضِي) أَيْ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الْمَاضِي (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ) أَيْ مِنْ الْقَاضِي إلَّا فِي مَسَائِلَ ثَلَاثَةٍ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ وَمَسْأَلَةِ إنْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ وَمَسْأَلَةِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْت فَالتَّنْجِيزُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَمَا عَدَاهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ إنْ عُلِّقَ بِمَاضٍ) أَيْ إنْ رُبِطَ بِأَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِأَجْلِ قَوْلِهِ مُمْتَنِعٍ؛ لِأَنَّ الْمَاضِي لَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ اهـ عَدَوِيٌّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاءُ وُجُودِهِ وَانْتِفَاءُ وُجُودِهِ مُحَقَّقٌ وَاجِبٌ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ أَمْسِ لَجَمَعْت إلَخْ) لَا شَكَّ أَنَّ الْجَمْعَ الْمَذْكُورَ مُمْتَنِعٌ وَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاؤُهُ وَبِمُقْتَضَى لَوْ؛ لِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى انْتِفَاءِ الْجَوَابِ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَانْتِفَاءُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ وَاجِبٌ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ وَاجِبٍ عَقْلِيٍّ مُحَقَّقٍ فَلِذَا أُنْجِزَ الطَّلَاقُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مُرْتَبِطٌ بِالْمُحَالِ بِأَوْجُهِهِ وَفِي الْوَاقِعِ إنَّمَا هُوَ بِنَقِيضِهِ فَإِذَا كَانَ مُرْتَبِطًا ظَاهِرًا بِالْمُحَالِ عَقْلًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مُعَلَّقٌ عَلَى ضِدِّهِ وَهُوَ الْوُجُوبُ الْعَقْلِيُّ وَقِسْ اهـ عَدَوِيٌّ، وَعِبَارَةُ بْن وَقَوْلُهُ إنْ عُلِّقَ بِمَاضٍ يَعْنِي عَلَى وَجْهِ الْحِنْثِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقٌ عَلَى انْتِفَاءِ وُجُودِ ذَلِكَ الْمُمْتَنِعِ وَالِانْتِفَاءُ لَهُ هُوَ الْمُحَقَّقُ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ اهـ. (قَوْلُهُ لَزَنَى بِامْرَأَتِهِ) أَيْ أَوْ لَقَتَلَهُ أَوْ ضَرَبَهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْمُبَالَغَةَ وَيَكُونَ قَادِرًا عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى ضَرْبِهِ الَّذِي أَرَادَهُ بِالْقَتْلِ مَثَلًا وَكَوْنُهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْحِنْثُ وَيَظْهَرُ مِنْ ح تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ أَوْ عُلِّقَ عَلَى جَائِزٍ) أَيْ عُلِّقَ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ وُقُوعُهُ فِي الْمَاضِي جَائِزٌ عَادَةً وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ جَائِزًا عَادَةً أَنْ يَكُونَ جَائِزًا عَقْلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ جَائِزًا شَرْعًا أَيْضًا بَلْ وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا أَوْ نُدِبَ (قَوْلُهُ أَوْ نُدِبَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا كَعَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَأَعْطَيْتُك كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمِثَالُ الْجَائِزِ شَرْعًا) أَيْ وَعَادَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ) فَالْوَاجِبُ الْعَادِيُّ

(أَوْ) عُلِّقَ عَلَى (مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ) لِوُجُوبِهِ عَقْلًا أَوْ عَادَةً (وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا) مَعًا إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِمَا يُشْبِهُ مَا كَانَ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ فَأَقَلَّ وَمَا لَا يُشْبِهُ مَا زَادَ عَنْ مُدَّتِهَا (عَادَةً كَ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْدَ سَنَةٍ) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ حَالَ التَّعْلِيقِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ مَوْتِي) أَوْ مَوْتِك وَأَوْلَى قَبْلَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَقْتَ التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك أَوْ إنْ أَوْ مُتِّي أَوْ إذَا مِتّ أَوْ مُتِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذْ لَا طَلَاقَ بَعْدَ مَوْتٍ، وَأَمَّا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إذَا مَاتَ زَيْدٌ أَوْ يَوْمَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ حَالًا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمُحَقَّقٍ يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا إلَيْهِ عَادَةً. (أَوْ) قَالَ (إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ) فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذْ مَسُّهَا لَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ فَعَدَمُهُ مُحَقَّقٌ وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فَيُنَجَّزُ (أَوْ) قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا) أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الطَّائِرُ طَائِرًا فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ يُعَدُّ نَدَمًا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَلَوْ أَخَّرَ أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إنْ قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا بِصِيغَةِ الْبِرِّ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ أَخَّرَهُ (أَوْ لِهَزْلِهِ) أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَجْلِ هَزْلِهِ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ (طَالِقٌ أَمْسِ) ؛ لِأَنَّ مَا يَقَعُ الْآنَ لَا يَكُونُ وَاقِعًا بِالْأَمْسِ فَيَكُونُ هَازِلًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَكَانَ الصَّوَابُ حَذْفَ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّعْلِيقِ لَا فِي الْهَزْلِ وَالنَّدَمِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ) لِوُجُوبِهِ عَادَةً (كَإِنْ قُمْت) أَوْ قَعَدْت أَوْ أَكَلْت أَنْتِ أَوْ أَنَا أَوْ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَقَوْلِهِ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ لَوْ لَقِيَنِي أَسَدٌ أَمْسِ لَفَرَرْت مِنْهُ وَالْوَاجِبُ الْعَقْلِيُّ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ لَقِيتُك أَمْسِ مَا جَمَعْت بَيْنَ وُجُودِك وَعَدَمِك أَوْ مَا طَلَعْت بِك السَّمَاءَ وَلَا نَزَلْت بِك الْأَرْضَ وَالْوَاجِبُ الشَّرْعِيُّ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَوْ كُنْت غَيْرَ نَائِمٍ أَمْسِ لَصَلَّيْت الظُّهْرَ (قَوْلُهُ أَوْ عُلِّقَ عَلَى مُسْتَقْبَلِ) أَيْ رُبِطَ بِأَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُجُودِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا مَعًا إلَيْهِ) وَأَمَّا إنْ كَانَ يُشْبِهُ بُلُوغَ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا يُنَجَّزُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَبْلُغُ الْأَجَلَ ظَاهِرًا صَارَ شَبِيهًا بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ يَبْلُغُهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا يَأْتِي الْأَجَلُ إلَّا وَالْفُرْقَةُ حَصَلَتْ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يُشْبِهْ الْمُتْعَةَ حِينَئِذٍ، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَا نَصُّهُ هَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْأَجَلُ مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا فَهَذَا يَلْزَمُ أَوْ يَكُونُ مِمَّا لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا أَوْ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ أَوْ عُمْرُهَا فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا إذْ لَا تَطْلُقُ مَيِّتَةٌ وَلَا يُؤْمَرُ مَيِّتٌ بِطَلَاقٍ ابْنِ يُونُسَ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ أَوْ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا طَلَّقَهَا إلَى وَقْتٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهَا أَوْ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ أَوْ لَا يَبْلُغَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ) هَذَا مِثَالٌ لِلْوَاجِبِ الْعَادِيِّ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَمِثَالُ الْوَاجِبِ الْعَقْلِيِّ إنْ انْتَفَى اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ بَعْدَ سَنَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَبَطَ الطَّلَاقَ بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ وُقُوعُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِوُجُوبِهِ عَادَةً إذْ حُصُولُ الْمَوْتِ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاجِبٌ عَادِيٌّ فَلَوْ بَقِيَ مِنْ غَيْرِ تَنْجِيزٍ لِلطَّلَاقِ كَانَ جَاعِلًا حِلِّيَّتَهَا لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ فَيَكُونُ شَبِيهًا بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَعْدَ مَوْتِي) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَا يَأْتِي إلَّا وَقَدْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بِالْمَوْتِ وَلِأَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَى مَيِّتَةٍ وَلَا يُؤْمَرُ مَيِّتٌ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ وَكَذَا قَبْلَهُ بِيَوْمٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا فِي الْأَرْبَعِ) هَذَا مَا ذَكَرَهُ التَّوْضِيحُ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَوْتِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ يَوْمٍ وَإِنْ وَإِذَا وَقَبْلَ وَبَعْدَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ عَلَى مَوْتِ سَيِّدِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ أَبًا لِلزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي يَوْمٍ وَقَبْلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إنْ وَإِذَا وَبَعْدُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ) أَيْ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ (قَوْلُهُ فَعَدَمُهُ مُحَقَّقٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا عَادِيًّا وَقَوْلُهُ وَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْمَسِيسِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي هُوَ مُحَقَّقٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الطَّائِرُ طَائِرًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ إنْسَانًا (قَوْلُهُ يُعَدُّ نَدَمًا بَعْدَ الْوُقُوعِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ نَدِمَ فَأَحَبَّ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى انْتِفَاءِ الْحَجَرِيَّةِ عَنْ الْحَجَرِ وَهِيَ لَا تَنْتَفِي فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ وَهُوَ ثُبُوتُ الْحَجَرِيَّةِ لِلْحَجَرِ وَمَحَلُّ تَنْجِيزِهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ الْكَلَامُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ تَمَامُ الْأَوْصَافِ كَكَوْنِهِ صُلْبًا لَا يَتَأَثَّرُ بِالْحَدِيدِ فَيُنْظَرُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ نُجِّزَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ كَطَالِقٍ أَمْسِ) أَيْ قَاصِدًا بِهِ الْإِنْشَاءَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ ادَّعَى الْإِخْبَارَ كَذِبًا دُيِّنَ عِنْدَ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ حُذِفَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ لِهَزْلِهِ كَطَالِقٍ أَمْسِ وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ) أَيْ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَلَى تَرْكِهِ كَالْقِيَامِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَصْبِرُ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمَاضٍ أَيْ وَنُجِّزَ إنْ عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ لَا صَبْرَ لَهُ أَوْ لَهَا عَلَى تَرْكِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا صَبْرَ عَلَى تَرْكِهِ كَالْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ وَمَنْ عَلَّقَهُ عَلَى حُصُولِ أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِلَا تَنْجِيزٍ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ.

أَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ يَعْسُرُ فِيهَا تَرْكُ الْقِيَامِ مَثَلًا (أَوْ) عَلَّقَ عَلَى (غَالِبٍ) وُقُوعَهُ (كَإِنْ حِضْت) أَوْ إذَا حِضْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ ذَلِكَ تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمُحَقَّقِ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا كَصَغِيرَةٍ لَا آيِسَةٍ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى (مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ) شَرْعًا (كَإِنْ صَلَّيْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ صَلَّى فُلَانٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ كَافِرَةً تَنْزِيلًا لِوُجُوبِهَا مَنْزِلَةَ وُقُوعِهَا. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا) وَيُعْلَمُ مَآلًا (كَ) قَوْلِهِ لِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ) إنْ (لَمْ يَكُنْ) فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَأَنْت طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ حَتَّى يَظْهَرَ مَا فِي بَطْنِهَا (أَوْ) قَالَ إنْ كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ (فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ وَلَا يُمْهَلُ حَتَّى تُكْسَرَ اللَّوْزَةُ لِلشَّكِّ حِينَ الْيَمِينِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِقَرِينَةٍ وَظَهَرَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أَوْ أَهْلِ النَّارِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِذَلِكَ كَالْعَشَرَةِ الْكِرَامِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَكَأَبِي جَهْلٍ وَفِرْعَوْنَ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِإِيمَانِهِ (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ غَيْرِ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ) إنْ (لَمْ تَكُونِي) حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ (وَحَمَلَتْ) الْمَرْأَةُ (عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَمْلِ إذَا كَانَ حَالَ يَمِينِهِ (فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ قُيِّدَ بِمُدَّةٍ يَعْسُرُ فِيهَا تَرْكُ الْقِيَامِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ مُدَّةً لَا يَعْسُرُ تَرْكُ الْقِيَامِ فِيهَا كَمَا إذَا قَالَ: إنْ قُمْت فِي مُدَّةِ سَاعَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا قِيَامٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا قِيَامٌ فِيهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، فَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقُومُ كَسِيحًا نَحْوُ إنْ قَامَ فُلَانٌ أَوْ إنْ قُمْت أَنْتِ أَوْ أَنَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَ فُلَانٌ أَوْ هُوَ أَوْ الزَّوْجَةُ كَسِيحًا حَالَ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ زَالَ الْكُسَاحُ بَعْدَ الْيَمِينِ نُجِّزَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ) أَيْ الطَّلَاقُ غَيْرُ الثَّلَاثِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُنَجَّزُ الثَّلَاثُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ نَحْوُ كُلَّمَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّنْجِيزِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنَجَّزُ بَلْ يُنْتَظَرُ حُصُولُ الْحَيْضِ فَإِذَا جَاءَ الْمَفْقُودُ وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ تَنَجَّزَ وَإِلَّا فَلَا نَحْوُ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت أَوْ إنْ لَمْ تُكَلِّمِي فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت، فَإِنْ كَلَّمَتْهُ فِي الْأُولَى انْتَظَرَ حَيْضَهَا وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ كَلَامِهَا وَإِنْ تَلَوَّمَ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ فَيُنَجَّزُ طَلَاقُهَا وَلَا يُنْتَظَرُ حَيْضُهَا. (قَوْلُهُ لَا آيِسَةٍ) أَيْ وَلَا مَنْ شَأْنُهَا عَدَمُ الْحَيْضِ وَهِيَ شَابَّةٌ وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بَغْلَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا حَاضَتْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ ذَكَرَهُ ح وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا مَعًا عَادَةً فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ بَلَغَاهُ كَذَا بَحَثَ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ أَوْ مُحْتَمَلٌ وَاجِبٌ) هَذَا يَتَوَقَّفُ التَّنْجِيزُ فِيهِ عَلَى الْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ إلَخْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وح اهـ بْن، فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ فَلَا حِنْثَ وَقَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ أَيْ لِلْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ إلَخْ) أَيْ لِلشَّكِّ فِي الْيَمِينِ فِي الْحَالِ هَلْ هِيَ لَازِمَةٌ أَوْ لَا فَالْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُنَجَّزُ وَلَوْ عَلِمَ انْتِفَاءَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْيَمِينِ بِأَنْ وَلَدَتْ بِنْتًا عَقِبَ الْيَمِينِ. فَإِنْ قُلْت: إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ مَعَ أَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ حَالًا وَيُعْلَمُ مَآلًا. قُلْت: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ فِي مَسْأَلَةِ دَخَلَتْ مُحَقَّقُ عَدَمُ وُقُوعِهِ فِي الْحَالِ لَا إنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُحْتَمَلُ الْوُقُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُقُوعِهِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلِذَا لَمْ يُنَجَّزْ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك إلَخْ فَالطَّلَاقُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فِي الْحَالِ هَلْ لَزِمَ أَوْ لَا فَالْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ لِلشَّكِّ حِينَ الْيَمِينِ) أَيْ هَلْ لَزِمَتْ الْيَمِينُ أَمْ لَا فَالْبَقَاءُ مَعَ تِلْكَ الْيَمِينِ حَتَّى تُكْسَرَ اللَّوْزَةُ بَقَاءً عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ لِقَرِينَةٍ) كَتَحْرِيكِهَا قُرْبَ أُذُنِهِ وَظَنَّ أَنَّ فِيهَا قَلْبَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَهَرَ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ: إنْ كَانَ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا قَلْبَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَرْجِعُ لَهُ؛ لِأَنَّ تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ هُنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ (قَوْلُهُ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) قَالَ ح لَيْسَ هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ مَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَلَا مَآلًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ هُنَاكَ ثُمَّ مَحَلُّ الْحِنْثِ مَا لَمْ يُرِدْ الْعَمَلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَكُونُ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ نَصَّ الْقُرْآنُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي أَبِي لَهَبٍ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِإِيمَانِهِ) أَيْ بِإِيمَانِ فِرْعَوْنَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} [يونس: 90] وَرُدَّ بِأَنَّ تَوْبَةَ الْكَافِرِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ لَا تُقْبَلُ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِلشَّكِّ فِي الْيَمِينِ هَلْ لَزِمَتْهُ أَمْ لَا، وَهَذَا إذَا كَانَ قَدْ مَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ وَأَنْزَلَ وَلَوْ مَعَ الْعَزْلِ وَلَوْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بُرْءٍ أَوْ حِنْثٍ كَمَا مَثَّلْنَا، فَإِنْ كَانَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَصْلًا أَوْ مَسَّ فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ إلَخْ.

أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ وَفَائِدَةُ الْحَمْلِ عَلَى الْبَرَاءَةِ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ أَيْ إنْ كُنْت حَامِلًا وَالْحِنْثُ فِي صِيغَتِهِ أَيْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا (وَاخْتَارَهُ) أَيْ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ (مَعَ الْعَزْلِ) وَهُوَ الْإِنْزَالُ خَارِجَ الْفَرْجِ فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كُنْت وَيَحْنَثُ فِي إنْ لَمْ تَكُونِي كَمَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ فَلَا يُقَاسُ عَلَى عَدَمِ الْإِنْزَالِ (أَوْ) عُلِّقَ بِمَا (لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ كَ) قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا (أَوْ) إنْ شَاءَتْ (الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ) أَيْ مَشِيئَةَ اللَّهِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْجِنِّ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ (عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَصَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلدُّخُولِ أَيْ إنْ دَخَلْت بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا إنْ صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيَلْزَمُ اتِّفَاقًا فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (بِخِلَافِ) أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَوْ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ مَا فِي خَاطِرِي وَنَوَى صَرْفَهُ (فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) كَالدُّخُولِ (فَقَطْ) فَلَا يُنَجَّزُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَبَدَا لِي جَعْلُهُ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ فَأَنْت طَالِقٌ وَإِذَا لَمْ يَبْدُ لِي ذَلِكَ فَلَا فَفِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى التَّصْمِيمِ وَالتَّصْمِيمُ لَمْ يُوجَدْ حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا لَوْ صَرَفَهُ لِلطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَدَمًا وَرَفْعًا لِلْوَاقِعِ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ لَا يَدْرِي أَيُوجَدُ أَوْ يُعْدَمُ (كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا) فَأَنْت طَالِقٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ) أَيْ أَصْلًا لَا إنْ أَنْزَلَ وَلَوْ مَعَ الْعَزْلِ فَلَا تُحْمَلُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَحَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ فِيمَا إذَا أَنْزَلَ مَعَ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كُنْت إلَخْ) أَيْ لَا يَحْنَث فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَيَحْنَثُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ، وَقَوْلُهُ كَمَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا لَمْ يُنْزِلْ أَصْلًا سَوَاءٌ مَسَّهَا فِي طُهْرٍ أَوْ لَمْ يَمَسَّهَا أَصْلًا (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالشَّكُّ فِي لُزُومِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ لُزُومِهَا حَاصِلٌ مَعَ الْعَزْلِ فَلَوْ لَمْ يُنَجَّزْ الطَّلَاقُ وَأَبْقَى حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ لَزِمَ الْبَقَاءُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِي إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالًا فَقَطْ. (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ كَمَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ يُونُسَ فِي تَمْثِيلِ مَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ التَّمْثِيلَ بِهَذَا لَمَّا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى كَلَامِ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْأُمُورِ عَلَى خِلَافِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْيَمِينَ لَازِمَةٌ وَأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، أَمَّا إنْ قُلْنَا كُلُّ مَا فِي الْكَوْنِ بِمَشِيئَتِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّعْلِيقِ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ إنْ أَرَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ نُطْقِهِ بِالطَّلَاقِ عَلِمَ أَنَّهُ شَاءَ وَإِنْ أَرَادَ إنْ شَاءَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ لَاغٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِالطَّلَاقِ فَلَا يُعَلَّقُ بِمُسْتَقْبَلٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ جُعِلَ ذَلِكَ مِثَالًا لِمَا لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ مَنْظُورٌ فِيهِ لِلْمَشِيئَةِ فِي ذَاتِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُعْلَمُ بِتَحَقُّقِ الْمُشِيءِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا أَصْلًا حَتَّى تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ لُزُومُ الْيَمِينِ وَعَدَمُ لُزُومِهَا فَالْيَمِينُ مَشْكُوكٌ فِي لُزُومِهَا وَعَدَمِهِ فَالْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي مَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ (قَوْلُهُ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِصَرْفٍ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى سُلِّطَ (قَوْلُهُ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ الدُّخُولُ) أَيْ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَا: إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَلَوْ فَعَلَتْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ كَالدُّخُولِ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ اتِّفَاقًا) . الْحَاصِلُ إذَا صَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ كَالطَّلَاقِ أَوْ لِلْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ اتِّفَاقًا حَيْثُمَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا صَرَفَهَا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَخِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَلَوْ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَوَجْهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّرْطَ مُعَلَّقٌ بِمُحَقَّقٍ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِثْنَاءُ لَاغٍ وَتَنَاقُضٌ وَتَعْقِيبٌ بِالرَّفْعِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا إذَا شَاءَ اللَّهُ الدُّخُولَ فَكَانَ كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ إذْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى حَالَةٌ أُخْرَى. (قَوْلُهُ وَنَوَى صَرْفَهُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَيَظْهَرَ لِي عَدَمُ جَعْلِهِ أَيْ الدُّخُولِ سَبَبًا فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُنَجَّزُ أَيْ فِي الْحَالِ فَصَحَّ الْإِضْرَابُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ، وَلَوْ بَدَا لَهُ جَعْلُ الدُّخُولِ سَبَبًا فِي الطَّلَاقِ فَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ عج وَاَلَّذِي قَالَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَنْظُرُ لِمَا يَبْدُو لَهُ فَإِنْ بَدَا لَهُ جَعْلُ الدُّخُولِ غَيْرَ سَبَبٍ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا دَخَلَتْ وَإِنْ بَدَا لَهُ جَعْلُهُ سَبَبًا وَقَعَ الطَّلَاقُ إنْ دَخَلَتْ وَاسْتَصْوَبَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. (قَوْلُهُ فَفِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ مَوْكُولٌ إلَى إرَادَةِ الْمُكَلَّفِ لَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ وَجَعْلِهِ سَبَبًا (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ إلَخْ) تُمْطِرُ بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ أَمْطَرَ الرُّبَاعِيِّ أَفْصَحُ

فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الزَّمَنُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ ولَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ إذْ لَا بُدَّ أَنْ تُمْطِرَ فَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى عَدَمِ وَاجِبٍ عَادِيٍّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمِثْلُ مَا إذَا عَمَّ الزَّمَنُ إذَا قُيِّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَانٍ (أَوْ يَحْلِفُ) بِصِيغَةِ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (لِعَادَةٍ) كَمَا إذَا رَأَى سَحَابَةً وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا أَنْ تُمْطِرَ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ فَأَنْت طَالِقٌ (فَيُنْتَظَرُ) هَلْ تُمْطِرُ فَلَا يَحْنَثُ أَوْ لَا فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الْغَالِبِ ظَنُّهُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَحَاصِلُ النَّقْلِ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَهَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَقُّ بَلْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ هَذَا الْبَابِ أَوْ لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَقِيلَ إنْ كَانَ حَلَّفَهُ أَوَّلًا لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ شَرْعًا لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِكِهَانَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ تَخْمِينٍ طَلَّقَ عَلَيْهِ (وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي) صِيغَةِ (الْبِرِّ) الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ بَعْدَ شَهْرٍ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ الْأَشْيَاخِ (أَوْ يُنَجَّزُ) بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ (كَالْحِنْثِ) الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَ لَا لِعَادَةٍ وَقُيِّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَشَهْرٍ فَدُونَ وَأَمَّا لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ قَطْعًا أَوْ قُيِّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ كَخَمْسِ سِنِينَ نُجِّزَ عَلَيْهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَادِيٌّ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مَطَرٍ عَادَةً فِي هَذَا الْأَجَلِ وَاسْتَظْهَرُوا أَنَّ السَّنَةَ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ إذْ لَا تَخْلُو السَّنَةُ مِنْ مَطَرٍ عَادَةً (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمُحَرَّمٍ) أَيْ نَفْيِ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ (كَإِنْ لَمْ أَزْنِ) أَوْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ فَهِيَ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ فِعْلِ الْحَرَامِ لَكِنْ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَاكِمُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) مِنْهُ فِعْلُ الْمُحَرَّمِ (قَبْلَ التَّنْجِيزِ) فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا) أَيْ عَلَى شَيْءٍ (لَا يُعْلَمُ حَالًا وَ) لَا (مَآلًا) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ (وَدُيِّنَ) أَيْ وُكِلَ إلَى دِينِهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ (إنْ أَمْكَنَ) الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ (حَالًا) عَادَةً بِحَيْثُ لَا تُحِيلُهُ الْعَادَةُ (وَادَّعَاهُ) كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَالسَّمَاءُ مُطْبِقَةٌ بِالْغَيْمِ وَمِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ دُيِّنَ إلَخْ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ حَلَفَ اثْنَانِ عَلَى النَّقِيضِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ) أَيْ لِلشَّكِّ فِي الْيَمِينِ هَلْ لَزِمَتْ أَمْ لَا فَيَكُونُ الْبَقَاءُ مَعَهَا بَقَاءً عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ لَكِنَّ تَنْجِيزَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ هُنَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ) أَيْ وُجُودُ الْمَطَرِ فِي غَدٍ فَإِنْ أَمْطَرَتْ بَعْدَ كَلَامِهِ لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ بَعْدَ التَّنْجِيزِ (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ وَاجِبٍ) أَيْ وَهُوَ الْمَطَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَادِيٌّ فَلَا يَتَخَلَّفُ وَقَدْ عَلَّقَ ذَلِكَ الْحَالِفُ الطَّلَاقَ عَلَى انْتِفَائِهِ فَلَا يَقَعُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ خِلَافُ النَّقْلِ إلَخْ) الَّذِي فِي بْن أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا وَلَا يُنْتَظَرُ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَقِيلَ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ كَانَ حَلَفَهُ أَوْ لَا لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ شَرْعًا كَالسَّحَابِ لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَنْقُولُ غَايَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ خِلَافُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ جَزْمًا) أَيْ أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ اتِّفَاقًا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُنْتَظَرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى مُسْتَقِلٍّ لَا يَدْرِي أَيُوجَدُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ حِنْثٍ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا، فَإِنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ وَأُجِّلَ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ فَقَوْلَانِ (قَوْلُهُ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) الَّذِي فِي نَقْلِ التَّوْضِيحِ تَمْثِيلُ الْقَرِيبِ بِغَدٍ وَاَلَّذِي فِي نَقْلِ اللَّخْمِيِّ بِشَهْرٍ فَلِذَا مَثَّلَ الشَّارِحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِعَادَةٍ) أَيْ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لِعَادَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ قُيِّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي شَهْرِ بَؤُونَةَ أَوْ فِي شَهْرِ بَشَنْسَ: إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ (قَوْلُهُ مِنْ حَيِّزِ الْبَعِيدِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ أَوْ إنْ لَمْ آخُذْ مَالَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ قَبْلَ الْحُكْمِ) فَإِنْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَاعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْمُحَرَّمَ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تُرَدُّ إلَيْهِ فَعِصْمَةُ الْأَوَّلِ لَمْ تَرْتَفِعْ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ وَطْءِ الثَّانِي وَطْءَ شُبْهَةٍ يَدْرَأُ الْحَدَّ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. (قَوْلُهُ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَاكِمُ) أَيْ وَكَذَلِكَ فِيمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ شَرْعًا كَإِنْ صَلَّيْت فِي شَهْرِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ فَإِذَا أَمْطَرَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَالطَّلَاقُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَلَا مَآلًا) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ مَا لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ قَالَهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ) أَيْ لِلشَّكِّ وَلُزُومِ الْيَمِينِ لَهُ حِينَ الْحَلِفِ وَعَدَمِ لُزُومِهَا لَهُ فَالْبَقَاءُ مَعَ تِلْكَ الْيَمِينِ بَقَاءٌ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَدُيِّنَ) أَيْ وَيَحْلِفُ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ) أَيْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ

أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَقِيضِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْآخَرُ (كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا) فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ (أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ) غُرَابًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَحَلَفَ الثَّانِي عَلَى نَقِيضِهِ (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ) أَحَدُهُمَا الصَّادِقُ بِالِاثْنَيْنِ (يَقِينًا) أَيْ جَزْمًا بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ (طَلُقَتْ) امْرَأَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ سَوَاءٌ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا يَقِينًا طَلُقَتَا بِالتَّثْنِيَةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى الْجَزْمَ الصَّادِقَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَيُدَيَّنُ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكْشِفْ الْغَيْبُ خِلَافَ مَا جَزَمَ بِهِ فَيَحْنَثُ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَا يُنَجَّزُ فِيهِ أَعَمُّ مِمَّا لَا شَيْءَ فِيهِ حَالًا وَمَآلًا أَوْ حَالًا لَا مَآلًا فَقَالَ (وَلَا يَحْنَثُ إنْ) (عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ) عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا فِي صِيغَةِ بِرٍّ، مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَإِنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَذَا إنْ قَدِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فِي الْمِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ وَمِثَالُ الثَّالِثِ إنْ زَنَيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ فِي الْجَمِيعِ (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى مَا (لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ) حَيْثُ كَانَ شَأْنُهُ أَنْ تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ هُوَ الْآدَمِيُّ كَطَالِقٍ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشَأْ أَوْ شَاءَ شَيْئًا لَمْ تُعْلَمْ حَقِيقَتُهُ فَلَا حِنْثَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنْ شَاءَ مَنْ ذُكِرَ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ عَادَةً. (أَوْ) عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ (لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغَ) أَيْ بُلُوغَهُمَا مَعًا (إلَيْهِ) بِأَنْ لَا يَبْلُغَهُ عُمْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ يَبْلُغُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَالْمُعْتَبَرُ الْعُمْرُ الشَّرْعِيُّ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْفَقْدِ (أَوْ) قَالَ لَهَا (طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ) (أَوْ مَجْنُونٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا إلَخْ) أَيْ وَكَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَقَدْ قُلْت لِي كَذَا فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ مَا قُلْتُ لَك كَذَا وَكَحَلِفِهِ أَنَّ فُلَانًا يَعْرِفُ أَنَّ لِي حَقًّا فِي كَذَا فَحَلَفَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي كَذَا، وَكَحَلِفِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَحَلَفَ الْآخَرُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَاطَبٌ بِيَقِينِهِ لَا بِيَقِينِ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَلَفَ اثْنَانِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَاحِدٌ عَلَى النَّقِيضَيْنِ مِنْ امْرَأَتَيْهِ بِأَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ فُلَانَةَ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالْأُخْرَى عَلَى النَّفْيِ، فَإِنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْحَالُ وَتَعَذَّرَ التَّحَقُّقُ طَلُقَتَا وَإِنْ بَانَ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ) أَيْ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يُنَجَّزُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ) أَيْ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ إنْ عَلَّقَهُ إلَخْ) أَيْ، فَإِنْ وَقَعَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَالْمُمْتَنِعِ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ) أَيْ فَقَدْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مُحَالٌ عَقْلًا (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمَسْتِ السَّمَاءَ) أَيْ أَوْ إنْ حَمَلْت الْجَبَلَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَيْ فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى لَمْسِ السَّمَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ حَمْلِ الْجَبَلِ هُوَ مَمْنُوعٌ عَادَةً (قَوْلُهُ أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّوَادِرِ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِهَزْلِهِ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَذَكَرَهُمَا عَبْدُ الْوَهَّابِ رِوَايَتَيْنِ وَذِكْرُ أَنَّ لُزُومِ الطَّلَاقِ أَصَحُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ مُمْتَنِعٍ وُجُودُهُ) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمُ الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ إنْ زَنَيْت إلَخْ) أَيْ فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الزِّنَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ) أَيْ إنْ لَمْ أَجْمَعْ بَيْنَ وُجُودِك وَعَدَمِك أَوْ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ أَزْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ، هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي صِيغَةِ بِرٍّ وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِصِيغَةِ الْبِرِّ؛ لِأَنَّ نَحْوَ إنْ لَمْ أَزْنِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ التَّعْلِيقُ فِيهِ عَلَى وَاجِبٍ لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَشِيئَةِ شَخْصٍ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَتِهِ (قَوْلُهُ فَمَاتَ إلَخْ) فَرَضَ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِيمَ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَشِيئَتِهِ حَيًّا وَقْتَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ مَاتَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ مَيِّتًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ بِاتِّفَاقٍ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ وَقْتَهُ فَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ: يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى مَشِيئَتِهِ اللَّهُ وَالْجِنُّ وَالْمَلَائِكَةُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مَشِيئَةُ مَنْ ذُكِرَ وَهَذَا يُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَنْ تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَهُوَ الْآدَمِيُّ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى مَشِيئَتِهِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ فَلَا مُعَارَضَةَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَالْحَالُ أَنَّ شَأْنَهُ أَنْ تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ وَبَيْنَ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ وَالْحَالُ أَنَّ شَأْنَهُ أَنْ لَا تُعْلَمَ مَشِيئَتُهُ فَفِي الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الثَّانِي يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا يُشْبِهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا مَعًا فِي الْغَالِبِ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَجَلٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا غَالِبًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ انْخَرَمَتْ الْعَادَةُ

حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ جُنُونِهِ وَأَتَى بِلَفْظٍ مَا ذُكِرَ نَسَقًا وَإِلَّا حَنِثَ (أَوْ) قَالَ أَنْت طَالِقٌ (إذَا مِتّ) أَنَا (أَوْ مُتِّي) أَنْت (أَوْ إنْ) مِتّ أَوْ مُتِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا طَلَاقَ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ بِخِلَافِ يَوْمَ مَوْتِي كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ يَصْدُقُ بِأَوَّلِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَوْتِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِأَنَّ (نَفْيَهُ) أَيْ نَفْيَ الْمَوْتِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مِنْ مَرَضٍ خَاصٍّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ أَوْ لَا تَمُوتِينَ (أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا (إنْ وَلَدْت جَارِيَةً) أَوْ غُلَامًا فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ مُمْكِنَةَ الْحَمْلِ وَقَالَهُ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ أَوْ مَسَّ وَلَمْ يُنْزِلْ وَلَوْ حَذَفَ جَارِيَةً كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ حَمَلْت) فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَحَقُّقِ عَدَمِ حَمْلِهَا (إلَّا أَنْ يَطَأَهَا) وَيُنْزِلَ وَهِيَ مُمْكِنَةُ الْحَمْلِ (مَرَّةً) وَأَوْلَى أَوْأَكْثَرَ (وَإِنْ) كَانَ الْوَطْءُ (قَبْلَ يَمِينِهِ) وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَاشَا إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى حَيْضِ بَغْلَةٍ وَطَرَقَهَا الدَّمُ وَقَالَ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّسَاءَ مَحَلٌّ لِلْحَيْضِ فِي الْجُمْلَةِ فَاعْتُبِرَ وَأَمَّا مُجَاوَزَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَنَادِرٌ لَا حُكْمَ لَهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ جُنُونِهِ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَعُلِمَ إلَخْ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْقَيْدُ فِي الْمَجْنُونِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا الْقَيْدُ فِي الصَّبِيِّ فَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُ اهـ بْن وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَجْنُونِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا فِي قَوْلِهِ لِإِخْبَارِ مُخْبِرٍ لَا لِعِلْمِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَنِثَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَوْلُهُ وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ نَدَمًا مِنْهُ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ مُتِّي) أَيْ أَوْ مَتَى مِتُّ أَوْ مُتِّي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ يَوْمِ مَوْتِي) أَيْ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِشَبَهِهِ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَأَوْلَى قَبْل مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِإِنْ) أَيْ أَوْ بِإِذَا كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُمَا مُتِّي اهـ بْن وَعَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَهُ) أَيْ عِنَادًا (قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَمُوتُ) أَيْ وَهَذِهِ صِيغَةُ بِرٍّ فِي مَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ إنْ مِتّ أَيْ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَهُوَ فِي الْأَوَّلِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَاجِبٌ عَادِيٌّ وَفِي الثَّانِي عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ حَالًا. (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَهَا) أَيْ لِزَوْجَتِهِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا إنْ حَمَلْت إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا إلَخْ) أَيْ وَيَقُولُ لَهَا مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ يَطَأَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ مَا ذُكِرَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قُبِلَ يَمِينُهُ إنْ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ يَمِينِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَقَوْلُهُ إنْ قُبِلَ يَمِينُهُ كَذَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَالَ لَهَا: إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً إلَى أَنْ تَحْمِلَ أَوْ تَحِيضَ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَإِنَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَيُمْسِكُ إلَى أَنْ تَحْمِلَ أَوْ تَحِيضَ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِمَنْعِ النِّكَاح لِأَجَلٍ وَجَوَازِ الْعِتْقِ لَهُ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إنْ وَلَدَتْ أَوْ إنْ حَمَلَتْ بِمَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ الْحَمْلِ تَحْقِيقًا، فَإِنْ وَطِئَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَحُمِلَ قَوْلُهُ سَابِقًا إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي عَلَى مَا إذَا مَسَّهَا فِي طُهْرٍ وَأَنْزَلَ وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهَا: ذَلِكَ وَهِيَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرِّ مُسَاوَاةِ مَا هُنَا وَهُوَ إنْ وَلَدَتْ أَوْ حَمَلَتْ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي فَحُكْمُ الْأَرْبَعِ وَاحِدٌ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَخَالَفَهُ عِيَاضٌ فِي صُورَةِ إنْ وَلَدَتْ فَقَطْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِيَاضًا يُوَافِقُ اللَّخْمِيَّ فِي إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي أَوْ إنْ حَمَلَتْ فَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْبَرَاءَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْحَمْلِ أَوْ مَشْكُوكَتَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ وَأَنْزَلَ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً، فَإِنْ كَانَتْ بَرَاءَتُهَا مُحَقَّقَةً فَيَتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ التَّنْجِيزِ لَكِنْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُنْتَظَرُ إلَى الْوَطْءِ، فَإِنْ وَطِئَ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ عِيَاضٍ إذَا وَطِئَ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلْوِلَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْحَمْلِ أَوْ مَشْكُوكًا فِي حَمْلِهَا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَعِنْدَ عِيَاضٍ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلْوِلَادَةِ وَالْمَشْهُورُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي ح اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْيَمِينُ قَبْلَ الْوَطْءِ يُحْتَمَلُ الْحَمْلُ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الْمُتَأَخِّرِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ مُتَقَدِّمًا وَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا حَامِلٌ قَبْلَ الْيَمِينِ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ حَاصِلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ اهـ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَطْءُ مُتَقَدِّمًا وَحَلَفَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ عَلَى حَمْلٍ يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا تَقْتَضِيهِ إذَا بَلْ عَلَى حَمْلٍ حَاصِلٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ إذَا حَمَلْت إنْ كُنْت حَامِلًا تَأَمَّلْ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (كَإِنْ) قَالَ لَهَا إنْ (حَمَلْت وَوَضَعْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَإِنْ قَبْلَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ نَظَرًا لِلْغَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ لِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ إنْ حَمَلْت فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ حَدَثَ بِك حَمْلٌ غَيْرُ هَذَا (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ (مُحْتَمَلٍ غَيْرُ غَالِبٍ) وُقُوعُهُ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا اسْتَوَى وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ وَبِمَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَهُ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ مُحْتَمَلٌ غَالِبٌ ثُمَّ تَارَةً يُثْبِتَ وَتَارَةً يَنْفِي وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَانْتُظِرَ) بِالْحِنْثِ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا (إنْ أَثْبَتَ) بِأَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) يَعْنِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَالزَّمَنُ تَبَعٌ لَهُ فَيَحْنَثُ بِالْقُدُومِ وَلَوْ لَيْلًا فَلَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى الزَّمَنِ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغَالِبِ الْوُقُوعُ أَوْ الْمُحَقَّقُ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ يَوْمَ لَكَانَ أَصْوَبَ (وَتَبَيَّنَ الْوُقُوعُ) أَيْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ (أَوَّلَهُ) أَيْ أَوَّلَ الْيَوْمِ (إنْ قَدِمَ فِي نِصْفِهِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ الْعِدَّةُ. وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ عِنْدَ الْفَجْرِ طَاهِرًا أَوْ حَاضَتْ وَقْتَ الْقُدُومِ لَمْ يَكُنْ مُطْلَقًا فِي الْحَيْضِ وَتَحْسُبُ هَذَا الطُّهْرَ مِنْ عِدَّتِهَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ وَلَدَتْ أَوَّلَهُ وَثَمَرَتُهُ أَيْضًا التَّوَارُثُ. ثُمَّ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْحِنْثَ فِي هَذَا بِنَفْسِ الْقُدُومِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ قَوْلِهِ وَتَبَيَّنَ إلَخْ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، وَذِكْرُ الزَّمَنِ لَغْوٌ كَمَا عَرَفْت وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَيُنْتَظَرُ مَشِيئَتُهُ فَإِنْ شَاءَ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا (وَ) قَوْلُ الْحَالِفِ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ مِثْلُ) قَوْلِهِ (إنْ شَاءَ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ فِي كَوْنِهِ إنْ شَاءَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مِثْلُ إلَخْ خَبَرُهُ (بِخِلَافِ) أَنْتِ طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ بَلْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ بَدَا لِي أَوْ ظَهَرَ لِي أَوْ إلَّا إنْ أَشَأْ أَوْ شِئْت أَنَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ. وَأَمَّا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَيَنْفَعُهُ كَمَا مَرَّ (كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَإِذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ نَذْرُ كَذَا أَوْ عِتْقُ عَبْدِ أَوْ عَبْدِي فُلَانٍ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ تَوَقَّفَ عَلَى وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَيُنَجَّزُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَرُدَّ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى قَسِيمِ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَفَى) بِأَنْ أَتَى بِصِيغَةِ حِنْثٍ وَلَوْ مَعْنًى نَحْوُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَيُكَلِّمَن زَيْدًا فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ فَهِيَ طَالِقٌ (وَلَمْ يُؤَجَّلْ) بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ (كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ) الْأَوْلَى كَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ كَمَا قَالَ جَدّ عج وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ وَلَدْت أَوْ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً) أَيْ وَيُنْزِلُ وَالْحَالُ أَنَّهَا مُمْكِنَةُ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ حَمَلْت وَوَضَعْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ نَظَرًا لِلْغَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَوَضَعْت فَإِنَّهُ بِالنَّظَرِ لَهَا قَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ غَالِبٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَارَةً يُثْبَتُ) أَيْ يَأْتِي بِصِيغَةِ الْإِثْبَاتِ وَهِيَ صِيغَةُ الْبِرِّ (قَوْلُهُ وَتَارَةً يُنْفَى) أَيْ يَأْتِي بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَهِيَ صِيغَةُ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ كَيَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا مُدَّةَ الِانْتِظَارِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ نُجِّزَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا قَصْدَ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُهُ وَأَنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ يَوْمٍ وَإِذَا أَنْظَرَ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَبَيَّنَ الْوُقُوعُ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ لَيْلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْقُدُومِ وَلَا يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ أَوَّلَ الْيَوْمِ وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ أَوَّلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ طَاهِرًا وَحَاضَتْ وَقْتَ مَجِيئِهِ لَمْ يَكُنْ مُطَلِّقًا فِي الْحَيْضِ وَعَلَيْهِ فَتَحْسُبُ هَذَا الطُّهْرَ مِنْ عِدَّتِهَا إذْ لَمْ يَقَعْ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ الْمُقْتَضِي لِلْإِلْغَاءِ. (قَوْلُهُ التَّوَارُثُ) فَإِذَا مَاتَتْ أَوَّلَ النَّهَارِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَدِمَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا يَرِثُهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَاتَتْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ فِي هَذَا) أَيْ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ وَقَوْلُهُ بِنَفْسِ الْقُدُومِ أَيْ حَيًّا وَأَمَّا لَوْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِمَ وَإِنَّمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِمَ بِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَانْتُظِرَ إنْ أَثْبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَعْقِيبِ الرَّافِعِ) أَيْ مِنْ تَعْقِيبِ الطَّلَاقِ الَّذِي قَدْ وَقَعَ بِالرَّافِعِ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا صَرَفَهُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لَا إنْ صَرَفَهُ لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ أَوَّلَهُمَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ تَوَقَّفَ عَلَى وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ قُدُومُ زَيْدٍ وَشِفَاءُ الْمَرِيضِ وَمَشِيئَةُ زَيْدٍ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ) أَيْ وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ نَذْرُ كَذَا أَوْ عِتْقُ عَبْدٍ أَوْ عَبْدِي إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَرُدَّ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ رَدَّهُ لِلْمُعَلَّقِ أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَيَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ عِتْقٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤَجَّلْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ

يَعْنِي أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَقْدَمْ مِنْ سَفَرِي فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ بَلْ يُنْتَظَرُ وَ (مُنِعَ مِنْهَا) فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يَحْصُلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي (إلَّا) أَنْ يَكُونَ بِرُّهُ فِي وَطْئِهَا نَحْوُ (إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ) إنْ (لَمْ أَطَأْهَا) فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا وَمَحَلُّهُ فِي إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا حَيْثُ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَلَوْ مِنْ جِهَتِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (وَهَلْ يُمْنَعُ) مِنْ نَفْيٍ وَلَمْ يُؤَجَّلْ مِنْ وَطْئِهَا (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ لِلْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلٍ قَبْلَهُ عَادَةً أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يَقَعُ فِيهِ وَلَا يُمْكِنُ عَادَةً فِعْلُهُ قَبْلَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا جَاءَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) يُمْنَعُ (إلَّا فِي كَإِنْ لَمْ أَحُجَّ) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَقُلْ (فِي هَذَا الْعَامِ) وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْعَامِ لَكَانَ صَوَابًا؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. (وَلَيْسَ) الْوَقْتُ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ (وَقْتَ سَفَرٍ) لِكَالْحَجِّ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ عَادَةً مِنْ السَّفَرِ (تَأْوِيلَانِ) رَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي قَائِلًا؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَلَا يَقْصِدُ أَحَدٌ الْحَجَّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا إذَا جَاءَ وَقْتُ الْخُرُوجِ لَهُ فَيُمْنَعُ فَإِنْ خَرَجَ وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلِذَا جَعَلْنَا قَوْلَهُ فِي هَذَا الْعَامِ مُتَعَلِّقًا بِمَنْفِيٍّ مَحْذُوفٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَسُقُوطُهُ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا عَلِمْت إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى الْمَحْذُوفِ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى حِنْثٍ مُطْلَقٍ يُمْنَعُ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَعَلَى مُؤَجَّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُؤَجَّلًا فَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَ بِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دُخُولَ دَارٍ أَوْ قُدُومًا مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَكْلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ غَيْرَ مُحَرَّمٍ وَإِلَّا نُجِّزَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ أَوْ إنْ لَمْ يَزْنِ زَيْدٌ هَكَذَا قِيلَ وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ غَالِبٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّقَيُّدِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ مُنِعَ مِنْهَا) أَيْ وَيُنْتَظَرُ فَحُذِفَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا وَمِنْ هُنَا قَوْلُهُ وَيُنْتَظَرُ فَهُوَ شِبْهُ احْتِبَاكٍ وَقَوْلُهُ مَنَعَ مِنْهَا ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ تَعَدَّى وَوَطِئَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ لِخَلَلٍ فِي مُوجِبِ الْوَطْءِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ كُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ لَا يَطَأُ فِيهِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ يُرِيدُ فَاسِدٍ لِسَبَبِ حِلِّيَّتِهِ أَلَا تَرَى وَطْءَ الْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ وَالصَّائِمَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَتْهُ) أَيْ، فَإِنْ تَضَرَّرَتْ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَرَفَعَتْهُ لِلْقَاضِي ضُرِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ) أَيْ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ مُنِعَ مِنْهَا أَيْ يُمْنَعُ مِنْهَا فِي كُلِّ لَفْظٍ فِيهِ نَفْيٌ وَلَمْ يُؤَجَّلْ إلَّا فِي هَذَا اللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيَسْتَرْسِلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي يَضْرِبُ لَهَا أَجَلَ الْإِيلَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَعَلَيْهِ إذَا تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْوَطْءِ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِدُونِ ضَرْبِ أَجَلٍ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ انْتِظَارِهِ وَعَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْهَا إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا لَكِنْ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُطْلَقٌ، وَالثَّانِي قَوْلٌ لِغَيْرِهِ مُفَصَّلٌ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ إنَّ شُرَّاحَهَا اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ فَالْقَوْلُ الْمُفَصَّلُ تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْعَامَّ مَعَ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا إذَا جَاءَ وَقْتُ خُرُوجِهِ فَيَمْنَعُ مِنْهَا حَتَّى يَحُجَّ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي) فِيهِ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا اسْتَظْهَرَ كَوْنَ الْقَوْلَيْنِ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ خِلَافٌ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ اسْتَظْهَرَ الثَّانِي. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ كَمَا يَجْرِي فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ قَبْلَهُ عَادَةً يَجْرِي فِيمَا إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ الْخُرُوجِ لِبَلَدٍ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأُسَافِرَنَّ لِمِصْرِ مَثَلًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ السَّفَرُ لِفَسَادِ طَرِيقٍ أَوْ غُلُوِّ كِرَاءٍ أَوْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَيَشْكِيَنَّ زَيْدًا لِلْحَاكِمِ وَلَمْ يُوجَدْ حَاكِمٌ يَشْتَكِي إلَيْهِ فَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الزَّوْجَةِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْفِعْلِ بِأَنْ تَمَكَّنَ مِنْ السَّفَرِ أَوْ جَاءَ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى الْمَحْذُوفِ) تَمَحَّلَ بَعْضُهُمْ لِجَوَابٍ آخَرَ حَيْثُ جَعَلَ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْعَامِ مُتَعَلِّقًا بِالْقَوْلِ الْمَدْخُولِ لِحَرْفِ الْجَرِّ لَا بِأَحُجُّ وَالْأَصْلُ أَوْ إلَّا فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الْعَامِ إنْ لَمْ أَحُجَّ فَالْقَوْلُ مُقَيَّدٌ وَالْحَجُّ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ يُمْنَعُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مُؤَجَّلٍ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ مَثَلًا فِي هَذَا الشَّهْرِ وَهَذَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ صَرِيحًا بَلْ عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ

لَا يُمْنَعُ مِنْهَا. وَكَانَ هُنَاكَ مَسَائِلُ يُنَجَّزُ فِيهَا الطَّلَاقُ فِي مُطْلَقِهَا وَمُؤَجَّلِهَا عَلَيْهِ أَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ (إلَّا) إذَا قَالَ (إنْ لَمْ أُطَلِّقْك) فَأَنْت طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ (أَوْ مُقَيِّدًا إلَى أَجَلٍ) كَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ (أَوْ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْت طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ) نُجِّزَ عَلَيْهِ الْآنَ (أَوْ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (الْآنَ) أَلْبَتَّةَ (فَيُنَجَّزُ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ (وَيَقَعُ) طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ نَاجِزًا لِأَنَّ أَلْبَتَّةَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا أَمَّا الْآنَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُتْعَةِ، فَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ حَالًا لَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ عَلَّقَ بَتَّهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ عَلَى عَدَمِ بَتِّهَا آخِرَهُ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الصَّبْرَ لِآخِرِ الشَّهْرِ لِتَحْصِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَتُّهَا آخِرَهُ فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ وَاخْتِيَارُ الْحِنْثِ كَمَا لِكُلِّ حَالِفٍ. وَإِذَا اخْتَارَ الْحِنْثَ لَمْ يُمْكِنْهُ وُقُوعُهُ لِانْعِدَامِ زَمَانِ الْمَحْلُوفِ بِهِ لِمُضِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ أَلْبَتَّةَ فِي زَمَانِ الْحَالِ الَّذِي صَارَ مَاضِيًا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ وَالشَّيْءُ يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ قَيْدِهِ وَالْقَيْدُ وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي صَارَ مَاضِيًا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ فَأَلْبَتَّةَ الْمُقَيَّدَةُ بِهِ لَا يُمْكِنُ إيقَاعُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَتَّةً أَيْ يَحْكُمُ الشَّرْعُ بِوُقُوعِهِ (وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ) إذْ لَيْسَ لِتَقْيِيدِهِ بِالزَّمَنِ وَجْهٌ يُعْتَبَرُ شَرْعًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ آخِرَ الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ لِآخِرِ الشَّهْرِ فَإِنْ دَخَلَ وَإِلَّا طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ الْآنَ، وَهُنَا لَمَّا كَانَ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ نُجِّزَ عَلَيْهِ حَالًا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَقَعُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ كَالْعِلَّةِ لِقَوْلِهِ فَيُنَجَّزُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الْأَخِيرِ أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ بِوُقُوعِهِ آخِرَ الشَّهْرِ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ فَهُوَ وَاقِعٌ آخِرَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اخْتَارَ الْحِنْثَ أَوْ عَدَمَهُ فَلِذَا نُجِّزَ عَلَيْهِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي بُحِثَ بِالْبَحْثِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَاسَهُ عَلَى فَرْعِ الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ بِقَوْلِهِ (كَ) أَنْتِ (طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا) وَكَلَّمَهُ غَدًا فَيَقَعُ حَالَ تَكَلُّمِهِ وَلَوْ فِي آخِرِهِ لَا مِنْ فَجْرِ الْغَدِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ كَرِيمِ الدِّينِ وَقَوْلُهُ الْيَوْمَ يُعَدُّ لَغْوًا ـــــــــــــــــــــــــــــQسَابِقًا وَلَمْ يُؤَجَّلْ (قَوْلُهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ) لِمَا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ أَوَّلًا مَنَعَ مِنْهَا حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَهُوَ الْحَيْلُولَةُ وَالْآخَرُ لَازِمٌ وَهُوَ عَدَمُ التَّنْجِيزِ اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْحَيْلُولَةُ قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا وَبِاعْتِبَارِ الثَّانِي قَوْلُهُ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَى آخِرِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي هَذِهِ صَرِيحًا احْتَاجَ لِبَيَانِهِ بِقَوْلِهِ فَيُنَجَّزُ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَرَنَ إلَّا الثَّانِيَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ كَانَ أَصْنَعَ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ (قَوْلُهُ كَإِنْ لَمْ أُطَلِّقْك بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ فَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لَهُ إمَّا الْآنَ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ أَوْ فِي آخِرِ الشَّهْرِ بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ وَيَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ فَتَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ حَالًا. (قَوْلُهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ الْآنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ إحْدَى الْبَتَّتَيْنِ وَاقِعَةٌ بِرَأْسِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ إمَّا بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا. (قَوْلُهُ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ أَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ فَيُنَجَّزُ) أَيْ عَلَيْهِ الْآنَ (قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ) أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ نَاجِزًا وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْآنَ) أَيْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ وَقَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أَيْ بِإِيقَاعِهِ لَهُ (قَوْلُهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ) أَيْ وَهُوَ الْآنَ (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ صَارَ مَاضِيًا (قَوْلُهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ إلَخْ) أَيْ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ آخِرُ الشَّهْرِ صَارَ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدٍ وَهُوَ الْآنَ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) هَذَا الْبَحْثُ أَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَذَكَرَ هَذَا الْبَحْثَ تَوْجِيهًا. (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لِتَقْيِيدِهِ بِالزَّمَنِ) وَهُوَ قَوْلُهُ الْآنَ وَجْهٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَحِينَئِذٍ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ آخِرَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ اخْتَارَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِأَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهُوَ طَلَاقُهَا أَوْ اخْتَارَ الْحِنْثَ بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا فِي آخِرِ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِآخِرِ الشَّهْرِ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ طَلَاقُهَا أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ آخِرَ الشَّهْرِ طَلُقَتْ) أَيْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ نُجِّزَ عَلَيْهِ حَالًا) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ لِآخِرِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ أَيْ نُجِّزَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ بِوُقُوعِهِ) أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا نُجِّزَ عَلَيْهِ فِي الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ الَّذِي بُحِثَ بِالْبَحْثِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ) أَيْ وَقَالَ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ هَذَا وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ التَّنْجِيزِ فِي الْحَلِفِ بِالْبَتَّةِ قَائِلًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يُخَالِعَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يَلْزَمُ غَيْرُ

(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَجَّلَهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ الشَّهْرِ (أَجْزَأَتْ) وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهْرِ شَيْءٌ لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يُعَجِّلْهَا (قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ (وَإِلَّا بَانَتْ) مِنْك بِالثَّلَاثِ بِأَوَّلِ فَرَاغِ الْأَجَلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك؛ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ مَجِيئِهِ طَلُقَتْ أَلْبَتَّةَ (وَإِنْ) (حَلَفَ) زَوْجٌ (عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) (فَفِي) صِيغَةِ (الْبِرِّ) الْمُطْلَقِ حُكْمُهُ (كَنَفْسِهِ) فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إنْ دَخَلْت أَنَا الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ إنْ دَخَلْت أَنْتِ أَوْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَنْتَظِرُ إذَا أَثَبَتَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ أَمَّا الْبِرُّ الْمُوَقَّتُ كَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ فَيُمْنَعُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ وَلَا يُمْنَعُ فِيهِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ مِنْ الْوَطْءِ (وَهَلْ كَذَلِكَ فِي) صِيغَةِ (الْحِنْثِ) الْمُطْلَقِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ حَلِفِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إنْ رَفَعَتْهُ وَيَكُونُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ (أَوْ لَا) يَكُونُ كَحَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا (يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ) بَلْ يُمْنَعُ مِنْهَا (وَيُتَلَوَّمُ لَهُ) قَدْرُ مَا يَرَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ (قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ الثَّانِي فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَجَلِ وَالتَّلَوُّمِ لَا فِي الْمَنْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدَةٍ اهـ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ فِي جَعْلِهِمَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ شَاذًّا مُقَابَلًا بِالْقَوْلِ بِالتَّنْجِيزِ وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ التَّنْجِيزُ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً رَأْسَ الشَّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ الْآنَ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَهِيَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَكَوْنُهَا قَبْلَ الشَّهْرِ لَا يَضُرُّ لِمَا عَلِمْت أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ لَغْوٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الْآنَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا وُقِفَ وَقِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُعَجِّلَ التَّطْلِيقَةَ الْآنَ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك الْآنَ، فَإِنْ طَلَّقَ بَرَّ وَإِنْ امْتَنَعَ بَانَتْ مِنْهُ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يَفْعَلْ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ طَلُقَتْ مِنْهُ أَلْبَتَّةَ، وَقَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ إنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ الَّتِي جَعَلَهَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعَجِّلَهَا تُرِكَ وَلَمْ يُوقَفْ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى حَلَّ رَأْسُ الشَّهْرِ بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إنَّهُ لَا يُوقَفُ حَتَّى يَأْتِيَ آخِرُ الشَّهْرِ فَيَبَرُّ بِطَلَاقِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَهُ أَوْ يَحْنَثُ بِالثَّلَاثِ وَإِنْ عَجَّلَ الطَّلْقَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ آخِرُ الشَّهْرِ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَإِلَّا حَنِثَ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ بَعْدَ شَهْرٍ) الْمُرَادُ بِالْبَعْدِيَّةِ رَأْسُ الشَّهْرِ كَمَا فِي النَّصِّ (قَوْلُهُ بِأَوَّلِ فَرَاغِ الْأَجَلِ) الْأَوْلَى وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك بِالثَّلَاثِ حَالًا لِمَا عَلِمْت مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْك) أَيْ بِدُونِ قَوْلِهِ وَإِلَّا قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ التَّعْجِيلِ) أَيْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوَقْفِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ تَعْجِيلِ الْوَاحِدَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ) أَيْ وَلَمْ يُوقَفْ (قَوْلُهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ) الْأَوْلَى قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ وَقَوْلُهُ طَلُقَتْ أَلْبَتَّةَ أَيْ تَقَرَّرَ الطَّلَاقُ الَّذِي ثَبَتَ أَوَّلًا لَا أَنَّهُ يُسْتَحْدَثُ طَلَاقُ أَلْبَتَّةَ الْآنَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الزَّوْجَةَ أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ حُكْمُهُ كَنَفْسِهِ) أَيْ حُكْمُ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ حُكْمُ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إذَا أَثْبَتَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَفِي صِيغَةِ الْبِرِّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا بَيْعٍ) أَيْ إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت أَنَا أَوْ أَنْت أَوْ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ (قَوْلُهُ أَمَّا الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ) أَيْ وَهُوَ صِيغَةُ الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ إلَخْ) أَيْ إلَّا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ أَمَةً وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ زَوْجَةً وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِثْلُ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ فَالْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ كَالْحَلِفِ عَلَى فِعْلِهِ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ مُطْلَقٍ أَوْ مُقَيَّدٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَهَلْ كَذَلِكَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ) كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ أَنْت حُرَّةٌ (قَوْلُهُ كَحُكْمِ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ) أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ فُلَانٌ الدَّارَ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ) أَيْ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا رَفَعَتْهُ الزَّوْجَةُ لِلْقَاضِي لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ) أَيْ لَا مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ قَدْرُ مَا يَرَى إلَخْ) أَيْ فَإِذَا رَأَى الْحَاكِمُ أَنَّ ذَلِكَ الْحَالِفَ أَرَادَ بِيَمِينِهِ شَهْرًا أَوْ جُمُعَةً، فَإِنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَقَدْ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْحِنْثُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَالْخِلَافُ) أَيْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَجَلِ وَالتَّلَوُّمِ أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا تَضَرَّرَتْ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا يَضْرِبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ بَلْ يُتَلَوَّمُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ وَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ يُمْنَعُ

وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ كَمَنْ حَلَفَ وَضَرَبَ أَجَلًا وَهُوَ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا إلَى الْأَجَلِ كَمَا مَرَّ وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ فِي الْأَجَلِ مَعَ الْمَنْعِ وَالتَّلَوُّمِ بِلَا مَنْعٍ وَرُجِّحَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَصَرَ النَّفْيَ عَلَى ضَرْبِ الْأَجَلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَمَدَ (وَإِنْ) (أَقَرَّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِفِعْلٍ) كَدُخُولِ دَارٍ أَوْ تَزَوُّجِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَكَذَا إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (ثُمَّ) (حَلَفَ) بِالطَّلَاقِ (مَا فَعَلْت) هَذَا الْفِعْلَ (صُدِّقَ بِيَمِينٍ) بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ رُوفِعَ فَإِنْ نَكَلَ نُجِّزَ عَلَيْهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَمْ يَحْلِفْ. وَقَوْلُهُ صُدِّقَ أَيْ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ فَيُحَدُّ (بِخِلَافِ إقْرَارِهِ) أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا كَأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى (بَعْدَ الْيَمِينِ) مِنْهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَسَرَّى ثُمَّ يَقُولُ كُنْت كَاذِبًا فِي إقْرَارِي بِذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا وَحِينَئِذٍ (فَيُنَجَّزُ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْقَضَاءِ وَمِثْلُ إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فَعَلَ فَلَا يُصَدَّقُ إنْ أَنْكَرَ (وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ) مِنْ نَفْسِهَا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ (إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ) أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا وَلَمْ أَفْعَلْ وَلَمْ تَعْلَمْ صِدْقَهُ فِي قَوْلِهِ كُنْت كَاذِبًا (وَبَانَتْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ بَائِنًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهَا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَمَنْ حَلَفَ وَضَرَبَ أَجَلًا) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ قَبْلَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ إلَّا إذَا جَاءَ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَالْخِلَافُ) أَيْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَجَلِ إلَخْ أَيْ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا تَضَرَّرَتْ وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فَيَقُولُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُتَلَوَّمُ لَهَا بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُضْرَبُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ. (قَوْلُهُ وَرُجِّحَ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَيْ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ فَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمُفَرَّعَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّلَوُّمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ قِيلَ إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْهَا وَيُتَلَوَّمُ لَهُ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقِيلَ يُتَلَوَّمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ وَالْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْوَطْءِ ثَابِتٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَمَّا عَلَى ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى التَّلَوُّمِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بِالْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ مَعَ التَّلَوُّمِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي ح فَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ لَهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ مُخَالِفٌ لِنَصِّهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَخَاصَمَتْهُ فِي ذَلِكَ فَحَلَفَ لَهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ وَأَنِّي كُنْت كَاذِبًا فِي قَوْلِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ بِيَمِينٍ بِاَللَّهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَفِي الْفَتْوَى بِدُونِ يَمِينٍ وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ أَوَّلًا أَوْجَبَ التُّهْمَةَ وَمِنْ قَبِيلِ مَا إذَا أَقَرَّ بِفِعْلٍ ثُمَّ حَلَفَ مَا فَعَلْت مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مَعْلُومَهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ فَأَظْهَرَ النَّاظِرُ أَوْ الْمَدِينُ وَرَقَةً بِخَطِّ الْحَالِفِ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَادَّعَى الْحَالِفُ أَنَّ خَطَّهُ كَانَ مَوْضُوعًا بِلَا أَصْلٍ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خَطَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ لَا بَعْدَهُ لِسَبْقِيَّةِ الْخَطِّ عَلَى الْحَلِفِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ الْحَلِفِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ فَدَعْوَاهُ أَنَّ خَطَّهُ مَوْضُوعٌ بِلَا أَصْلٍ وَتَكْذِيبُهُ لِلْوَثِيقَةِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ فِي عَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ وَلَا يَنْفَعُهُ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا فِي أَخْذِ الْمَعْلُومِ مِنْ النَّاظِرِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ عج. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَذَفَ فُلَانًا مَثَلًا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا قَذَفَهُ وَإِنَّ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ كَاذِبَةٌ فِي شَهَادَتِهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يُحَدُّ فَلَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَذَفَهُ حَنِثَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ إلَخْ أَيْ أَوْ ثُبُوتِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا) أَيْ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِالْقَضَاءِ) أَيْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْفُتْيَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَنَصُّهَا، فَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَعَلِمَ هُوَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ هَلْ لَهُ الْمَقَامُ عَلَيْهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا يُحِلُّ الْمَقَامَ عَلَيْهِ يَجُوزُ الْفُتْيَا بِهِ بَلْ لَا طَرِيقَ لِمَعْرِفَتِهِ إلَّا مِنْهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِهِ قَالَ عج مَا نَصُّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ فَعَلَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ فَعَلَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ قَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا تُمَكِّنُهُ إلَخْ) ، فَإِنْ مَكَّنَتْهُ طَائِعَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلشُّبْهَةِ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ

وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا سَمِعَتْهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِهَا بَيْنُونَتَهَا (وَلَا تُزَيَّنُ) لَهُ (إلَّا كَرْهًا) بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ مُكْرَهَةً فِي التَّمْكِينِ وَالتَّزَيُّنِ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لَهُمَا وَكَرْهًا اسْمُ مَصْدَرِ أَكْرَهَ وَمَصْدَرُهُ إكْرَاهًا فَأَطْلَقَ اسْمُ الْمَصْدَرِ وَأَرَادَ الْمَصْدَرَ أَيْ الْإِكْرَاهَ فَسَاوَى مُكْرَهَةً فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْكَرْهَ مَا قَامَ بِالْقَلْبِ مِنْ الْبُغْضِ فَالصَّوَابُ مُكْرَهَةٌ (وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ) وُجُوبًا بِكُلِّ مَا أَمْكَنَهَا الِافْتِدَاءُ بِهِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْ الزِّنَا (وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا لَهُ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا) أَيْ طَلَبِ الْوَطْءِ مِنْهَا وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ إذَا أَمْكَنَهَا ذَلِكَ وَعَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ وَلَكِنْ لَا تُمَكِّنُهُ إلَّا إذَا خَافَتْ مِنْهُ الْقَتْلَ (قَوْلَانِ) ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ يُؤْمَرُ فِيهَا بِالْحِنْثِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بِقَوْلِهِ (وَأُمِرَ) وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا (بِالْفِرَاقِ) مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ (فِي) تَعْلِيقِهِ عَلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُهَا فِيهِ مِنْ عَدَمِهِ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ (إنْ كُنْت تُحِبِّينِي) أَوْ تُحِبِّي فِرَاقِي (أَوْ تَبْغُضِينِي) بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ بَغَضَ كَنَصَرَ (وَهَلْ) مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِلَا جَبْرٍ (مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ) . وَمِثْلُهُ سُكُوتُهَا (أَوْ) الْأَمْرُ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ إلَّا أَنْ تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ جَبْرًا وَفِي نُسْخَةٍ فَيُجْبَرُ فَإِنْ أَجَابَتْ بِمَا لَا يَقْتَضِيهِ أَوْ سَكَتَتْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَذَا (تَأْوِيلَانِ وَفِيهَا مَا يَدُلُّ لَهُمَا) وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ كُنْت دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَدْخُلْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَإِنْ قَالَتْ دَخَلْت فَإِنْ صَدَّقَهَا جُبِرَ عَلَى الْفِرَاقِ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَذَّبَهَا أُمِرَ بِفِرَاقِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ لَمْ تَرْجِعْ (وَ) أُمِرَ (بِالْأَيْمَانِ) أَيْ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ (الْمَشْكُوكِ فِيهَا) مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، فَلَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ وَشَكَّ هَلْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيُعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَمْشِ لِمَكَّةَ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِ مَالِهِ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا يُؤْمَرُ) بِالْفِرَاقِ (إنْ) (شَكَّ هَلْ طَلَّقَ) أَيْ هَلْ حَصَلَ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَفْعَلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي حَلَفَ بِهِ بَائِنًا وَقَوْلُهُ إذَا سَمِعَتْهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَيْ وَلَمْ تَسْمَعْ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ وَلَمْ تَسْمَعْ إقْرَارَهُ بِهِ وَإِلَّا حُكِمَ بِالتَّنْجِيزِ عَاجِلًا (قَوْلُهُ إلَّا كُرْهًا) وَالْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ، وَلَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا لَا يُسَوِّغُ وَلَوْ خُوِّفَ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مُخْتَصٌّ بِالزِّنَا بِمَنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ كَالْمُكْرَهَةِ وَذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَأَمَّا مَا فُقِدَ مِنْهُ ذَلِكَ فَيَقَعُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ) لَا يُقَالُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ ذُو زَوْجَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُتَصَوَّرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِحْصَانَ إنَّمَا يَكُونُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَوَطِئَ فِيهِ وَطْئًا مُبَاحًا اهـ بْن (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِمُحَمَّدٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ قَائِلًا إنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ بِوَجْهٍ وَبَعْدَهُ صَارَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَيْسَ لَهَا إقَامَتُهُ وَأَجَابَ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ بِأَنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ يَقُولُ بِقَتْلِهِ دِفَاعًا كَالْمُحَارِبِ وَالدَّفْعُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَتْلَ اهـ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا عَقِبَهُ قُلْت فَيَخْتَصُّ الْمَعْنَى إذًا بِمُدَافَعَتِهِ وَإِنْ أَدَّتْ إلَى قَتْلِهِ لَا قَصْدِ قَتْلِهِ أَوَّلًا وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وُجُوبًا) أَيْ لَكِنْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ لَمْ يُطِقْ كَانَ عَاصِيًا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَعِصْمَتُهُ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مُنْحَلَّةٍ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرَاقَ الْمَأْمُورَ بِهِ إنَّمَا يُوقِعُهُ بِلَفْظٍ آخَرَ يُنْشِئُهُ لَا أَنَّهُ يَقَعُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ إذْ لَوْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بِهِ لَانْحَلَّتْ الْعِصْمَةُ بِهِ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِتَنْجِيزِ الْفِرَاقِ وَالْفَرْضُ بِخِلَافِهِ اهـ بْن، وَإِذَا فَارَقَ بِإِنْشَاءِ صِيغَةٍ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالصِّيغَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ بَلْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِمَا أَنْشَأَهُ مِنْ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهَا تَنْحِيَةٌ لِلشَّكِّ الْحَاصِلِ قَالَهُ فِي المج. (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ سُكُوتُهَا) أَيْ وَكَذَا قَوْلُهَا لَا أُحِبُّك وَلَا أَبْغَضُك (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُهَا فِيمَا أَجَابَتْ بِهِ وَإِلَّا جُبِرَ عَلَى الطَّلَاقِ قَطْعًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ إنْ كَذَّبَهَا فِي جَوَابِهَا، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهَا فِي جَوَابِهَا بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ بِالْقَضَاءِ اتِّفَاقًا كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ح وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْأَمْرِ بِالْأَيْمَانِ إلَّا الْأَمْرُ بِإِنْفَاذِهَا فَتَقْدِيرُ هَذَا الْمُضَافِ ظَاهِرٌ مِنْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْمُحَاوَرَاتِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ الْمَشْكُوكِ فِيهَا) أَيْ مَعَ تَحَقُّقِهِ يَمِينًا وَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ مِنْهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ إلَخْ) هَذَا لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ إلَى قَوْلِهِ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ فَهِمَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ قَوْلَهَا يُؤْمَرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ الْجَبْرِ وَفَهِمَ شَيْخُنَا الْبُرْزُلِيُّ قَوْلَهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِقَرِينَةِ قَوْلِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ اهـ نَقَلَهُ ح (قَوْلُهُ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ) أَيْ الطَّلَاقِ فَضْلًا عَنْ جَبْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ طَلَّقَ وَقَعَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ هَلْ طَلَّقَ أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ أُعْتِقُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْحُرِّيَّةِ وَبُغْضِهِ لِلطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْفُرُوجِ وَقَدْ أَتَوْا هُنَا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ إلْغَاءِ الشَّكِّ فِي الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَانِعٌ مِنْ حِلِّيَّةٌ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ

مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ (أَمْ لَا) فَيَشْمَلُ شَكَّهُ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْ لَا وَشَكُّهُ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَا وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ هَلْ فَعَلَهُ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ) فِي شَكِّهِ لِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ) مِنْ الْوَسْوَاسِ أَيْ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ الشَّكَّ (كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا) فِي دَارٍ وَقَدْ كَانَ حَلَفَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا لَا يَدْخُلُهَا (شَكَّ فِي كَوْنِهِ) زَيْدًا (الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَوْ هُوَ غَيْرُهُ وَغَابَ عَنْهُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ تَحْقِيقُهُ فَيُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ اتِّفَاقًا (وَهَلْ يُجْبَرُ) عَلَيْهِ وَيُنَجَّزُ أَوْ يُؤْمَرُ بِلَا جَبْرٍ (تَأْوِيلَانِ) فَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَالِمِ الْخَاطِرِ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ) طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَيْنِهَا وَ (شَكَّ أَهِنْدٌ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا) طَلُقَتَا مَعًا نَاجِزًا (أَوْ قَالَ) لَهُمَا (إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) وَلَوْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا طَلُقَتَا مَعًا وَكَذَا إنْ كُنَّ أَكْثَرَ وَقَالَ إحْدَاكُنَّ (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ) ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى (بَلْ أَنْت) (طَلُقَتَا) مَعًا جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ) (قَالَ) لِإِحْدَاهُمَا أَنْت طَالِقٌ وَلِلْأُخْرَى (أَوْ أَنْت) وَلَا نِيَّةَ لَهُ (خُيِّرَ) فِي طَلَاقِ أَيَّتِهِمَا أَحَبَّ فَإِنْ نَوَى طَلَاقَ وَاحِدَةٍ أَوْ طَلَاقَهُمَا طَلُقَتْ مَنْ نَوَى طَلَاقَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُودُهُ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ فِيهِ. (قَوْلُهُ مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ) أَيْ حَلَّ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَشَكُّهُ هَلْ فَعَلَهُ أَوْ لَا كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَشَكَّ هَلْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا، فَإِنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى طَرِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ إنْ كَانَ شَكُّهُ لِسَبَبٍ قَائِمٍ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيُّ عَدَمَ الْحِنْثِ وَأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ لَا بِفُتْيَا وَلَا بِقَضَاءٍ مِثْلُ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ سَالِمُ الْخَاطِرِ أَيْ الْقَلْبِ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِّ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ دَاخِلًا) حَالٌ مِنْ شَخْصٍ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَخَصَّصَتْ بِالصِّفَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ شَكَّ إلَخْ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِشَخْصٍ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَغَابَ عَنْهُ) أَيْ غَابَ ذَلِكَ الدَّاخِلُ عَنْ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ لِاسْتِنَادِهِ فِي شَكِّهِ لِمُوجِبٍ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ الْأَمْرِ بِهِ وَقَوْلُهُ وَيُنَجَّزُ أَيْ إذَا أَبَى (قَوْلُهُ أَوْ يُؤْمَرُ) أَيْ بِإِنْشَائِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ أَهِنْدٌ هِيَ) أَيْ الْمُوقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ أَمْ غَيْرُهَا أَيْ بِأَنْ قَالَ: هِنْدٌ طَالِقٌ ثُمَّ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ هِنْدًا أَوْ غَيْرَهَا أَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَهِنْدٌ طَالِقٌ وَدَخَلَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَلَفَ بِطَلَاقِ هِنْدٍ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ طَلُقَتَا مَعًا نَاجِزًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ إمْهَالٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ لِيَتَذَكَّرَ، فَإِنْ ذَكَرَهَا لَمْ يُطَلِّقْ غَيْرَهَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي طَلَاقِهَا إلَى اسْتِئْنَافِ طَلَاقٍ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت: فَإِنْ تَذَكَّرَ عَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ عَيْنَهَا وَيَكُونُ فَوَّتَ هَذِهِ الْغَيْرَ كَامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ طَلُقَتَا مَعًا أَيْ كَالْتِبَاسِ الْمُذَكَّى بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ شَخْصٍ وَجَزَمَ كُلُّ وَاحِدٍ بِذَكَاةِ مَا بِيَدِهِ أَكَلَاهُمَا مِنْ بَابِ مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى النَّقِيضِ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ رَأَى إحْدَاهُنَّ مُشْرِفَةً مِنْ طَاقَةٍ فَقَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَصَوَاحِبُك طَوَالِقُ فَرَدَّتْ رَأْسَهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا بِعَيْنِهَا وَأَنْكَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُشْرِفَةَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلَاقُ الْأَرْبَعِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ مَا أَفْتَى بِهِ تِلْمِيذُهُ الْأَبِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَاحِدَةً وَيَلْزَمُهُ طَلَاقُ مَا عَدَاهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الَّتِي أَمْسَكَهَا هِيَ الْمُشْرِفَةَ فَقَدْ طَلَّقَ صَوَاحِبَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمُشْرِفَةُ إحْدَى الثَّلَاثِ اللَّاتِي طَلَّقَهُنَّ فَلَا حِنْثَ فِي الَّتِي تَحْتَهُ كَذَا فِي ح أَمَّا لَوْ قَالَ: الْمُشْرِفَةُ طَالِقٌ وَجُهِلَتْ طَلَّقَ الْأَرْبَعَ قَطْعًا كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا طَلُقَتَا مَعًا) أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِاتِّفَاقٍ يَلْزَمُهُ طَلَاقُ الْجَمِيعِ وَأَمَّا فِي الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً فَطَلَاقُ الْجَمِيعِ هُوَ قَوْلُ الْمِصْرِيِّينَ وَرِوَايَتُهُمْ، وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ شُذُوذٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْعِتْقَ كَالطَّلَاقِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَتَّفِقُ فِيهَا الْمِصْرِيُّونَ وَالْمَدَنِيُّونَ عَلَى طَلَاقِ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعِتْقِ إذَا قَالَ: أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَنَوَى وَاحِدًا ثُمَّ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى عِتْقِ جَمِيعِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ نَوَاهَا وَنَسِيَهَا) وَأَمَّا إذَا نَوَى وَاحِدَةً وَلَمْ يَنْسَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى بِغَيْرِ يَمِينٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْقَضَاءِ إنْ نَوَى الشَّابَّةَ أَوْ الْجَمِيلَةَ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ مَيْلَهُ لَهَا وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ جَوَابٌ عَنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ إضْرَابُهُ فِي الْأَخِيرَةِ عَنْ الْأُولَى رَافِعًا لِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ فِي طَلَاقِ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ خَيْرٌ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَكَانَ قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ نَسَقًا وَإِلَّا طَلُقَتْ الْأُولَى قَطْعًا وَالثَّانِيَةُ بِإِرَادَتِهِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِضْرَابَ وَإِلَّا طَلُقَتَا كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُحْدِثْ نِيَّةَ التَّخْيِيرِ بَعْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَإِلَّا طَلُقَتْ الْأُولَى خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ

(وَ) إنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (لَا أَنْت) (طَلُقَتْ الْأُولَى) خَاصَّةً (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِأَوْ أَوْ بِلَا (الْإِضْرَابَ) عَنْ الْأُولَى وَإِثْبَاتَهُ لِلثَّانِيَةِ فَيُطَلَّقَانِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ أَوْ تَأْتِي لِلْإِضْرَابِ كَبَلْ وَمَعْنَى الْإِضْرَابِ فِي لَا أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَ الْأُولَى رَفَعَهُ عَنْهَا بِلَا وَأَوْقَعَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ الْأُولَى بَعْدَ وُقُوعِهِ (وَإِنْ) (شَكَّ) بَعْدَ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ (أَطَلَّقَ) زَوْجَتَهُ طَلْقَةً (وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) (لَمْ تَحِلَّ) لَهُ (إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ ثَلَاثًا (وَصُدِّقَ إنْ ذَكَرَ) أَنَّ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ الثَّلَاثِ وَارْتَجَعَ (فِي الْعِدَّةِ) بِلَا عَقْدٍ وَبَعْدَهَا بِعَقْدٍ بِلَا يَمِينٍ فِيهِمَا (ثُمَّ إنْ) (تَزَوَّجَهَا) بَعْدَ زَوْجٍ (وَطَلَّقَهَا) طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ اثْنَتَيْنِ وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَاحِدَةً وَهَاتَانِ اثْنَتَانِ مُحَقَّقَتَانِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا ثَالِثَةً بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ ثَلَاثًا وَقَدْ تَحَقَّقَ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ وَهَكَذَا لِغَيْرِ نِهَايَةٍ (إلَّا أَنْ يَبُتَّ) طَلَاقَهَا كَأَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَاقِي عَلَيْك ثَلَاثًا فَقَدْ أَوْقَعْت عَلَيْك تَكْمِلَةَ الثَّلَاثِ فَيَقْطَعُ الدَّوْرَ وَتَحِلُّ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الدُّولَابِيَّةَ لِدَوَرَانِ الشَّكِّ فِيهَا (وَإِنْ حَلَفَ صَانِعُ طَعَامٍ) مَثَلًا (عَلَى غَيْرِهِ) بِالطَّلَاقِ مَثَلًا (لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلَ) لِتَأْكُلَ مِنْ الطَّعَامِ (فَحَلَفَ الْآخَرُ لَا دَخَلْتُ حُنِّثَ الْأَوَّلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَفَعَ الطَّلَاقَ عَنْهَا بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَهَا عَلَى خِيَارٍ وَهُوَ لَا يَخْتَارُ طَلَاقَهَا لَمَّا طَلُقَتْ الْأُولَى قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ) أَيْ وَإِنْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ لِلْأُخْرَى لَا أَنْتِ وَقَوْلُهُ طَلُقَتْ الْأُولَى خَاصَّةً؛ أَيْ لِأَنَّهُ نَفَى الطَّلَاقَ عَنْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَوْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ الْإِضْرَابَ قَالَ خش وَانْظُرْ إذَا قَالَ: أَرَدْت بِالْإِضْرَابِ بَقَاءَ الْأُولَى فِي عِصْمَتِي فَهَلْ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ مُطْلَقًا قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَعْمَلَ بِهَا فِي الْفَتْوَى وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: قَصَدْت الْإِضْرَابَ فَكَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ فَيُطَلَّقَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إضْرَابَهُ عَنْ الْأُولَى لَا يَرْفَعُ الطَّلَاقَ عَنْهَا (قَوْلُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَإِنَّهُمَا يُطَلَّقَانِ مَعًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لَا أَنْت إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَيُطَلَّقَانِ مَعًا (قَوْلُهُ وَارْتَجَعَ فِي الْعِدَّةِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ إنْ ذُكِرَ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَهَا لَا يُصَدَّقُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهَا) أَيْ وَارْتَجَعَ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ فِيهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِصُدِّقَ وَضَمِيرُ فِيهِمَا لِلْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا أَيْ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا) أَيْ ثَانِي مَرَّةٍ. (قَوْلُهُ وَهَكَذَا لِغَيْرِ نِهَايَةٍ) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا رَابِعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ابْتِدَاءَ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ قَدْ تَمَّتْ، ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا خَامِسًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ابْتِدَاءَ وَاحِدَةٍ فَاثْنَتَانِ تَمَامُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَةٌ ثَانِيَةٌ قَدْ تَمَّتْ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَطَلَّقَهَا سَادِسًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا وَالسِّتَّةُ بَعْدَهُ عِصْمَتَانِ تَامَّتَانِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا سَابِعًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ابْتِدَاءَ اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ مُكَمِّلَةٌ لِلْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالْبَاقِي عِصْمَتَانِ قَدْ تَمَّتَا ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا ثَامِنًا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَاحِدَةً فَاثْنَتَانِ تَكْمِلَةُ الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَالسِّتَّة الْبَاقِيَة عِصْمَتَانِ وَإِنَّ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا تَاسِعًا فَلَا تَحِلّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا، وَهَكَذَا كُلُّ ثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ دَوْرٌ لِأَوَّلِهِمْ سَبْقُ اثْنَتَيْنِ وَلِثَانِيهِمْ سَبْقُ وَاحِدَةٍ وَلِثَالِثِهِمْ سَبْقُ ثَلَاثَةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ اطِّرَادِ الدَّوَرَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ كُلِّ زَوْجٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ وَبَيَانُ ذَلِكَ إذَا طَلَّقَهَا فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي الثَّالِثَةِ طَلْقَةً وَفِي الرَّابِعَةِ طَلْقَةً، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ ثَلَاثٌ فَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ أَوْلَى مِنْ عِصْمَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ اثْنَتَانِ فَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ ثَانِيَةٌ مِنْ عِصْمَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَتُضَمُّ الِاثْنَانِ لِلِاثْنَيْنِ الْأَوَّلُ يَصِيرُ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعًا فَتُلْغَى وَاحِدَةٌ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَاحِدَةٌ فَالْأَخِيرَةُ ثَانِيَةٌ مِنْ عِصْمَةٍ أَيْضًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ يُلْغَى وَيَصِيرُ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعًا وَقَدْ ظَهَرَ لَك بِهَذَا عَدَمُ اطِّرَادِ الدَّوَرَانِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَدَدِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ صَانِعُ طَعَامٍ مَثَلًا) أَيْ فَقَوْلُهُ طَعَامٍ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ بَلْ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنْ يَرْكَبَ أَوْ يَقْرَأَ أَوْ يُسَافِرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَحَلَفَ الْآخَرُ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ فَإِذَا تَنَازَعَا حُنِّثَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ فَحَلَفَ الْآخَرُ) الْأَوْلَى فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالْوَاوِ لِيُصَدَّقَ بِحَلِفِ الْآخَرِ قَبْلَ حَلِفِ صَانِعِ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ نَبَّهَ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ وَتَشْدِيدِ

أَيْ قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ لِحَلِفِهِ عَلَى مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ يَمْلِكُهُ إنْ لَمْ يَحْنَثْ الثَّانِي نَفْسُهُ بِالدُّخُولِ طَوْعًا وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ لَمْ يُحَنَّثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَإِنْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ مَثَلًا عَلَى مَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ وَيُسَمَّى تَعْلِيقَ التَّعْلِيقِ كَأَنْ (قَالَ إنْ كَلَّمْت) زَيْدًا (إنْ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا) مَعًا فَعَلَتْ الْأَمْرَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي التَّعْلِيقِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ شَرَعَ فِيمَا تُلَفَّقُ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَمَا لَا تُلَفَّقُ مِنْ إنْشَاءٍ أَوْ تَعْلِيقٍ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّلْفِيقَ يَكُونُ فِي الْأَقْوَالِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ إذَا اتَّفَقَ مَعْنَى الْقَوْلِ وَفِي الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ لَا فِي الْمُخْتَلِفِ مِنْهُ وَلَا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَأَشَارَ إلَى تَلْفِيقِ الْقَوْلَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ شَهِدَ) عَلَيْهِ (شَاهِدٌ بِحَرَامٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْت حَرَامٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حَرَامٌ (وَ) شَهِدَ عَلَيْهِ (آخَرُ بِبَتَّةٍ) أَيْ بِقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ بَتَّةٌ أَوْ طَالِقٌ بِالثَّلَاثِ لُفِّقَتْ شَهَادَتُهُمَا وَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ. وَكَذَا إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي وَالْآخَرُ بِالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ (أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا (بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ) مَثَلًا (فِي رَمَضَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيقِهِ أَيْ بِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ فِي رَمَضَانَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ (وَ) شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ فِي (ذِي الْحِجَّةِ) وَثَبَتَ الدُّخُولُ بِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا أَوْ بِإِقْرَارِهِ لُفِّقَتْ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّعْلِيقُ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ (أَوْ) شَهِدَا (بِدُخُولِهَا) أَيْ الدَّارَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ أَيْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي رَمَضَانَ وَالْآخَرُ أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ مَعَ ثُبُوتِ التَّعْلِيقِ الْوَاقِعِ مِنْهُ قَبْلَ رَمَضَانَ لُفِّقَتْ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِعْلُ حَدٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ (أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِ لَا كَلَّمَ زَيْدًا (بِكَلَامِهِ) (لَهُ فِي السُّوقِ) وَآخَرُ بِكَلَامِهِ لَهُ فِي (الْمَسْجِدِ) لُفِّقَتْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَكَانُهُ. (أَوْ) شَهِدَ أَحَدُهُمَا (بِأَنْ طَلَّقَ يَوْمًا بِمِصْرَ) فِي رَمَضَانَ مَثَلًا (وَ) شَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا (يَوْمًا بِمَكَّةَ) فِي ذِي الْحِجَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يُمْكِنُ عَادَةً أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ فِيهَا بِمِصْرَ وَبِمَكَّةَ كَمَا مَثَّلْنَا أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَهُوَ تَكَاذُبٌ وَسَقَطَتْ الشَّهَادَةُ وَقَوْلُهُ (لُفِّقَتْ) جَوَابُ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَشَبَّهَ فِي التَّلْفِيقِ قَوْلَهُ (كَشَاهِدٍ بِوَاحِدَةٍ) أَيْ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (وَ) شَاهِدٌ (آخَرُ بِأَزْيَدَ) مِنْ طَلْقَةٍ لُفِّقَتْ فِي الْوَاحِدَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّونِ لَا بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْ أَطَاعَ الثَّانِيَ بِالدُّخُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ) أَيْ حَكَمَ الْقَاضِي بِتَحْنِيثِهِ وَوُقُوعِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُلِ (قَوْلُهُ لِحَلِفِهِ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ وَهُوَ فِعْلُ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ يَمْلِكُهُ أَيْ وَهُوَ فِعْلُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَنِثَ الثَّانِي نَفْسُهُ بِالدُّخُولِ طَوْعًا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ يَحْنَثُ، وَلَوْ دَخَلَ الثَّانِي وَاسْتَظْهَرَهُ تت فِي كَبِيرِهِ قَالَ طفي وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ مُصَرِّحَةٌ بِخِلَافِهِ وَمُطْبِقَةٌ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ عِنْدَ الْفِعْلِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ وَقَدْ حَصَلَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ دُخُولَهُ مُكْرَهًا إلَّا أَنْ يَأْمُرَ الثَّانِي غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ يَكُونَ يَمِينُهُ لَا أَدْخُلُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا وَإِلَّا حَنِثَ بِالْإِكْرَاهِ وَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ وَقَدْ حَصَلَ (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا مَعًا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ لَا تَوَقَّفَ الطَّلَاقُ عَلَى تَكْلِيمِ زَيْدٍ وَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ لَا تَوَقَّفَ الطَّلَاقُ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ فَلَا يَحْصُلُ الْحِنْثُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا (قَوْلُهُ فَعَلْت الْأَمْرَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمَا فِي التَّعْلِيقِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَوَابَ وَهُوَ قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلثَّانِي وَالثَّانِي وَجَوَابُهُ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْأَوَّلِ وَالْمَجْمُوعُ دَلِيلُ جَوَابِ الثَّانِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالِاثْنَيْنِ احْتِيَاطًا تَقَدَّمَ هَذَا عَلَى هَذَا أَوْ بِالْعَكْسِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا فَعَلَهُمَا عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ فِي التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ جَوَابٌ فِي الْمَعْنَى عَنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ إلَى جَانِبِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ دَلِيلَ جَوَابِ الثَّانِي فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ بَعْدَهُ فَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا عَلَى الْكَلَامِ وَجَعَلَ الطَّلَاقَ بِالْكَلَامِ مُعَلَّقًا عَلَى الدُّخُولِ فَلَا بُدَّ فِي الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ مِنْ حُصُولِ الدُّخُولِ أَوَّلًا ثُمَّ إنَّ هَذَا أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِمَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ مِنْ التَّحْنِيثِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقُ وَاحِدٍ وَمَا هُنَا فِيهِ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ هُنَا تَوَقُّفَ الطَّلَاقِ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٍ وَآخَرُ بِبَتَّةِ) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرَا زَمَانًا وَلَا مَكَانًا (قَوْلُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى عَلَى الْبَيْنُونَةِ) لَا يُقَالُ أَلْبَتَّةَ لَا يَنْوِي فِيهَا مُطْلَقًا وَأَنْتِ حَرَامٌ يَنْوِي فِيهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَأَيْنَ الِاتِّفَاقُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مُنْكِرٌ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَنْوِيَةٌ (قَوْلُهُ وَثَبَتَ الدُّخُولُ) أَيْ بَعْدَ ذِي الْحِجَّةِ (قَوْلُهُ مَعَ ثُبُوتِ إلَخْ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةِ غَيْرِ الشَّاهِدَيْنِ بِالدُّخُولِ أَوْ بِهِمَا (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ الشَّهَادَةُ) أَيْ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لُفِّقَتْ سَوَاءٌ

[فصل حكم النيابة في الطلاق]

(وَحَلَفَ عَلَى) نَفْيِ (الزَّائِدِ) وَبَرِئَ مِنْهُ إنْ حَلَفَ (وَإِلَّا سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ) فَإِنْ طَالَ سَجْنُهُ دُيِّنَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الْوَاحِدَةِ (لَا بِفِعْلَيْنِ) مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ فَلَا تُلَفَّقُ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ حَلَفَ لَا دَخَلَ الدَّارَ وَقَدْ دَخَلَهَا وَآخَرُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَقَدْ رَكِبَهَا وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ مَا شَهِدَا بِهِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ (أَوْ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ) فَلَا تُلَفَّقُ (كَوَاحِدٍ) شَهِدَ (بِتَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ) لِدَارٍ وَهُوَ قَوْلٌ (وَ) شَهِدَ (آخَرُ بِالدُّخُولِ) فِيهَا وَهَذَا فِعْلٌ (وَإِنْ شَهِدَا بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ) مُعَيَّنَةٍ مِنْ نِسَائِهِ (وَنَسِيَاهَا) وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ (لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمَا لِعَدَمِ ضَبْطِهِمَا (وَحَلَفَ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً) مِنْ نِسَائِهِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ (وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ) عَلَى رَجُلٍ كُلٌّ (بِيَمِينٍ) بِطَلْقَةٍ حَنِثَ فِيهَا كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمْ بِأَنَّهُ حَلَفَ لَا كَلَّمَ زَيْدًا وَقَدْ كَلَّمَهُ، وَالثَّانِي بِأَنَّهُ حَلَفَ لَا دَخَلَ الدَّارَ وَقَدْ دَخَلَهَا، وَالثَّالِثُ بِأَنَّهُ حَلَفَ لَا رَكِبَ الدَّابَّةَ وَقَدْ رَكِبَهَا حُلَّفَ لِتَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَ) إنْ (نَكَلَ الثَّلَاثُ) فَالثَّلَاثُ لَازِمَةٌ لَهُ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّهُ يُحَلَّفُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَذْفُ هَذَا الْفَرْعِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَكَانَ مِنْهَا الْأَهْلُ وَهُوَ الزَّوْجُ أَصَالَةً أَخَذَ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَائِبِهِ فَقَالَ دَرْسٌ {فَصْلٌ} ذُكِرَ فِيهِ حُكْمِ النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: تَوْكِيلٌ وَتَخْيِيرٌ وَتَمْلِيكٌ وَرِسَالَةٌ بِقَوْلِهِ (إنْ فَوَّضَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا أَيْ فَوَّضَ إيقَاعَهُ (لَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ وَلَمَّا كَانَ التَّفْوِيضُ جِنْسًا تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (تَوْكِيلًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الزَّمَنُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ مِنْ مِصْرَ لِمَكَّةَ تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ الزَّائِدِ) أَيْ حَلَفَ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ قَالَهُ عبق وَلَعَلَّهُ إنَّمَا طُلِبَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا لِأَصْلِ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ مَا طَلَّقْت أَزْيَدُ فَإِنَّهُ يَكْفِي اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَصُورَةُ يَمِينِهِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا طَلَّقْت أَلْبَتَّةَ فَيُنْتَفَعُ بِيَمِينِهِ فِي سُقُوطِ اثْنَتَيْنِ وَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَآخَرُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ) إنْ قُلْت الشَّهَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا بِفِعْلَيْنِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِمَا ذُكِرَ لِلْفِعْلَيْنِ قُلْت غُلِّبَ جَانِبُ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مُخْتَلِفِي الْجِنْسِ عَنْ مُتَّحِدِي الْجِنْسِ فَتُلَفَّقُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدُخُولِهَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الدُّخُولُ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ دِينَ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ فَيَلْزَمُهُ حَيْثُ نَكَلَ طَلْقَتَانِ وَلَا يُحْبَسُ كَذَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ فَلَا تُلَفَّقُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَمِينٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا إلَخْ) صُورَتُهُ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ نَسِيَا اسْمَهَا وَالزَّوْجُ يُكَذِّبُهُمَا وَيَقُولُ مَا طَلَّقْت أَصْلًا فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَشْهُودِ بِطَلَاقِهَا لَكِنْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا بِأَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَقُولُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُطَلَّقْنَ جَمِيعُهُنَّ (قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَذَّكَّرَاهَا وَهُمَا مُبَرِّزَانِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِمَا إذَا تَذَكَّرَا وَكَانَا مُبَرِّزَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ إنْ نَكَلَ فَلَا بُدَّ مِنْ حَبْسِهِ حَتَّى يُقِرَّ بِالْمُطَلَّقَةِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَطَعَتْ بِأَنَّ وَاحِدَةً عَلَيْهِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَلَى رَجُلٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ بِطَلْقَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ أَوْ بِتَعْلِيقٍ عَلَى فِعْلٍ مُتَّحِدٍ وَاخْتَلَفَ الزَّمَانُ فِي الصُّورَتَيْنِ، كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ أَنْت طَالِقٌ وَشَهِدَ الثَّانِي أَنَّهُ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ وَشَهِدَ الثَّالِثُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا ذَلِكَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ حَلَفَ فِي رَمَضَانَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَدَخَلَهَا فِيهِ وَشَهِدَ الثَّانِي أَنَّهُ حَلَفَ فِي شَوَّالٍ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا وَدَخَلَهَا فِيهِ وَشَهِدَ الثَّالِثُ أَنَّهُ حَلَفَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا وَدَخَلَهَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ بِمُوجِبِ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَيَلْزَمُهُ يَمِينٌ لِرَدِّ شَهَادَةِ الثَّالِثِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَإِنْ نَكَلَ فَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ يُدَيَّنُ بَعْدَ طُولِ سِجْنِهِ (قَوْلُهُ كُلٌّ) أَيْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِيَمِينٍ مُصَوَّرٍ بِطَلْقَةٍ حَنِثَ فِيهَا (قَوْلُهُ حَلَفَ لِتَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً لِتَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ رَبِيعَةَ) وَكَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بِفِعْلَيْنِ [فَصْل حُكْم النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ] {فَصْلٌ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ} (قَوْلُهُ إنْ فَوَّضَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهَا: وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك (قَوْلُهُ أَيْ الطَّلَاقَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ الْبَارِزَ وَهُوَ الْمَفْعُولُ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ وَأَنَّ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ وَهُوَ

نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ عَلَى الْحَالِ أَيْ مُوَكِّلًا لَهَا وَالتَّوْكِيلُ جَعْلُ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ بِيَدِ الْغَيْرِ بَاقِيًا مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْهُ أَيْ مِنْ إيقَاعِهِ (فَلَهُ الْعَزْلُ) أَيْ عَزْلُهَا قَبْلَ إيقَاعِهِ اتِّفَاقًا كَمَا لِكُلِّ مُوَكَّلٍ ذَلِكَ (إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ) لَهَا زَائِدٍ عَلَى التَّوْكِيلِ كَإِنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِك تَوْكِيلًا فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهَا وَالْحَقُّ هُنَا دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْهَا (لَا) إنْ فَوَّضَهُ لَهَا (تَخْيِيرًا) فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا وَهُوَ جَعْلُ الزَّوْجِ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا نَصًّا أَوْ حُكْمًا حَقًّا لِغَيْرِهِ وَمِنْ صِيَغِهِ اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك (أَوْ تَمْلِيكًا) وَهُوَ جَعْلُ إنْشَائِهِ حَقًّا لِغَيْرِهِ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا فَلَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ وَمِنْ صِيغَةِ أَمْرُك أَوْ طَلَاقُك بِيَدِك وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ الْعَزْلُ فِي التَّوْكِيلِ دُونَهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي التَّوْكِيلِ جَعَلَهَا نَائِبَةً عَنْهُ فِي إنْشَائِهِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَقَدْ جَعَلَ لَهَا مَا كَانَ يَمْلِكُ فَهُمَا أَقْوَى وَلِذَلِكَ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ فِيهِمَا كَمَا قَالَ (وَحِيلَ) وُجُوبًا (بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ) فِيهِمَا كَمَا قَالَ وَحِيلَ وُجُوبًا بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ كَالتَّوْكِيلِ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ فَلَا يُقِرُّ بِهَا حَتَّى تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي رَدًّا أَوْ أَخْذًا وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى الِاسْتِمْتَاعِ فِي عِصْمَةِ مَشْكُوكٍ فِي إبْقَائِهَا بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ لِقُدْرَةِ الزَّوْجِ عَلَى عَزْلِهَا فَلَوْ اسْتَمْتَعَ بِهَا لَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَزْلًا وَمَحَلُّ الْحَيْلُولَةِ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ التَّخْيِيرَ أَوْ التَّمْلِيكَ عَلَى شَيْءٍ كَقُدُومِ زَيْدٍ فَإِنْ عَلَّقَ فَلَا حَيْلُولَةَ حَتَّى يَحْصُلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ (وَوُقِفَتْ) الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا زَوْجٌ أَمْرُك بِيَدِك مَثَلًا (إلَى سَنَةٍ مَتَى عَلِمَ) أَيْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ بِأَنَّهُ خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا إلَى سَنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَاعِلُ عَائِدٌ عَلَى الزَّوْجِ أَيْ إنْ فَوَّضَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ أَيْ إيقَاعَهُ لَهَا (قَوْلُهُ نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ) أَيْ فَوَّضَ التَّوْكِيلَ لَهَا بِالطَّلَاقِ فَهُوَ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمَفْعُولِ كَغَرَسْتُ الْأَرْضَ شَجَرًا كَذَا فِي خش وعبق وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ لَهَا التَّوْكِيلَ وَإِنَّمَا فَوَّضَ لَهَا الطَّلَاقَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَالْأَوْلَى نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَفْوِيضَ تَوْكِيلٍ (قَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ جَعْلُ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ بِيَدِ الْغَيْرِ) هَذَا جِنْسٌ يَعُمُّ التَّمْلِيكَ وَالتَّخْيِيرَ وَقَوْلُهُ بَاقِيًا مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْهُ فَصْلٌ يُخْرِجُهُمَا؛ لِأَنَّ لَهُ الْعَزْلَ فِي التَّوْكِيلِ دُونَهُمَا وَخَرَجَتْ الرِّسَالَةُ عَنْ قَوْلِهِ جَعْلُ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَجْعَلْ الزَّوْجَ لَهُ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ بَلْ الْإِعْلَامُ بِثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ بَاقِيًا) أَيْ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِنْشَاءِ بَاقِيًا (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ عَزْلُ مُوَكَّلِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَمْرِ الَّذِي وَكَّلَهُ عَلَيْهِ لَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ لَهَا زَائِدٍ عَلَى التَّوْكِيلِ) كَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا قَبْلَ إيقَاعِهِ (قَوْلُهُ كَإِنْ تَزَوَّجْت إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك إلَخْ جَوَابًا لِقَوْلِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَخَافُ أَنْ تُضَارِرْنِي بِتَزَوُّجِك عَلَيَّ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهَا حَقٌّ لَهَا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ لَا تَخْيِيرًا) أَيْ لَا إنْ فَوَّضَهُ لَهَا حَالَةَ كَوْنِهِ مُخَيِّرًا لَهَا أَوْ مُمَلِّكًا لَهَا أَوْ لَا إنْ فَوَّضَ الطَّلَاقَ لَهَا تَفْوِيضَ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ فَهُوَ حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لَا تَمْيِيزٌ (قَوْلُهُ جَعْلُ الزَّوْجِ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ) هَذَا جِنْسٌ خَرَجَ عَنْهُ الرِّسَالَةُ وَيَعُمُّ التَّوْكِيلَ وَالتَّمْلِيكَ وَقَوْلُهُ نَصًّا أَوْ حُكْمًا أَخْرَجَ بِهِ التَّمْلِيكَ، وَقَوْلُهُ حَقًّا لِغَيْرِهِ أَخْرَجَ التَّوْكِيلَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَجْعَلْ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ حَقًّا لِلْوَكِيلِ بَلْ جَعَلَهُ بِيَدِهِ نِيَابَةً عَنْهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ صِيغَةِ اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك) وَكَذَا مِنْ صِيغَةِ اخْتَارِي أَمْرَك (قَوْلُهُ وَهُوَ جَعْلُ إنْشَائِهِ حَقًّا لِغَيْرِهِ) هَذَا جِنْسٌ خَرَجَ عَنْهُ الرِّسَالَةُ وَقَوْلُهُ حَقًّا لِغَيْرِهِ خَرَجَ بِهِ الْوَكَالَةُ وَقَوْلُهُ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ إلَخْ خَرَجَ بِهِ التَّخْيِيرُ وَقَوْلُهُ وَمِنْ صِيَغِهِ أَمْرُك أَوْ طَلَاقُك بِيَدِك وَكَذَا كُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى جَعْلِ الطَّلَاقِ بِيَدِهَا دُونَ تَخْيِيرٍ كَطَلِّقِي نَفْسَك وَمَلَّكْتُك أَمْرَك أَوْ وَلَّيْتُك أَمْرَك كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ فَوَّضَ لَهَا الْبَقَاءَ عَلَى الْعِصْمَةِ أَوْ الذَّهَابَ عَنْهَا فَهُوَ تَخْيِيرٌ وَكُلُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَى جَعْلِ الطَّلَاقِ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهَا دُونَ تَخْيِيرٍ فَهُوَ صِيغَةُ تَمْلِيكٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (قَوْلُهُ وَحِيلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ زَمَنَ الْحَيْلُولَةِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قِبَلِهَا وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا زَمَنَ الْحَيْلُولَةِ قَبْلَ الْإِجَابَةِ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ) كَمَا إذَا قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَمْرُك أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِك وَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْلُوفِ لَهَا حَتَّى تُجِيبَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَرُبَهَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا قَبْلَ أَنْ تُجِيبَ أَدَّى إلَخْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَالُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَقَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَمْتَعَ أَيْ الزَّوْجُ الْمُوَكَّلُ بِهَا أَيْ وَلَوْ مُكْرَهَةً (قَوْلُهُ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَزْلًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَاصِدًا بَقَاءَهَا عَلَى تَوْكِيلِهَا عَلَى الظَّاهِرِ اهـ عَدَوِيٌّ وَحَيْثُ كَانَ ذَلِكَ عَزْلًا فَلَمْ يَقَعْ الْوَطْءُ فِي عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا (قَوْلُهُ وَوُقِفَتْ) أَيْ أَوْقَفَهَا الْقَاضِي أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ أَجَلًا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك أَوْ خَيَّرْتُك بَلْ وَلَوْ سَمَّى أَجَلًا بِأَنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ خَيَّرْتُك إلَى سَنَةٍ (قَوْلُهُ إلَى سَنَةٍ) مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ أَيْ وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك إلَى سَنَةٍ أَوْ قَالَ: خَيَّرْتُك فِي الْبَقَاءِ مَعِي أَوْ مُفَارَقَتِي إلَى سَنَةٍ وَقَوْلُهُ مَتَى عَلِمَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: إلَى سَنَةٍ

مَثَلًا فَيُوقِفُهَا مِنْ حِينِ عِلْمِهِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ أَوْ أَثْنَاءَهَا وَلَا تُمْهَلُ لِآخِرِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا فَقَوْلُهُ مَتَى عَلِمَ مُتَعَلِّقٌ بِوُقِفَتْ (فَتَقْضِي) بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا بِيَدِهَا فَإِنْ قَضَتْ بِشَيْءٍ فَظَاهِرٌ (وَإِلَّا أَسْقَطَهُ الْحَاكِمُ) وَلَا يُمْهِلُهَا وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ أَوْ هِيَ مَعَهُ بِالْإِمْهَالِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِمَا فِيهِ مِنْ التَّمَادِي عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ (وَعَمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ) وَمُرَادُهُ بِالصَّرِيحِ مَا يَشْمَلُ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ وَالْقَوْلَ وَالْفِعْلَ وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْقَوْلِ الصَّرِيحِ بِقَوْلِهِ (كَطَلَاقِهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَطَلَاقِهِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَطَلَاقِهَا إيَّاهُ فَسَاوَتْ النُّسْخَةَ الْأُولَى كَأَنْ تَقُولَ طَلَّقْت نَفْسِي مِنْك أَوْ أَنَا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوُهُ أَوْ بِنْتُ مِنْك أَوْ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ وَكَذَا اخْتَرْت نَفْسِي. (وَ) عُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي (رَدِّهِ) أَيْ الطَّلَاقِ قَوْلًا كَاخْتَرْتُك زَوْجًا وَرَدَدْت لَك مَا مَلَّكْتنِي أَوْ فِعْلًا (كَتَمْكِينِهَا) مِنْ الْوَطْءِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ (طَائِعَةً) عَالِمَةً بِالتَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ أَوْ مُقَدِّمَاتُهُ وَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ التَّمْكِينَ يُسْقِطُ حَقَّهَا وَمِثْلُ تَمْكِينِهَا مَا لَوْ مَلَّكَ أَمْرَهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَأَمْكَنَهَا مِنْهُ بِأَنْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا طَائِعًا ثُمَّ عَطَفَ عَلَى تَمْكِينِهَا مَا شَارَكَهُ فِي الْإِسْقَاطِ بِقَوْلِهِ (وَمُضِيِّ يَوْمِ تَخْيِيرِهَا) أَوْ تَمْلِيكِهَا وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ: الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَ لَهَا فِيهِ التَّخْيِيرَ أَوْ التَّمْلِيكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ بِزَمَنٍ كَانَ أَوْضَحَ أَيْ إذَا لَمْ تُوقَفْ فَإِنْ وُقِفَتْ فَقَدْ تَقَدَّمَ (وَرَدِّهَا) بِالْجَرِّ أَيْ وَسَقَطَ مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ بِرَدِّهَا لِعِصْمَتِهِ (بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا) بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ؛ لِأَنَّ عَوْدَهَا يَسْتَلْزِمُ رِضَاهَا بِخِلَافِ رَدِّهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْمُحْتَمَلَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ نَقْلُ قُمَاشِهَا وَنَحْوُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى نَقْلُ كَسَتْرِ وَجْهِهَا مِنْهُ وَبُعْدِهَا عَنْهُ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى قُمَاشٍ أَيْ نَحْوِهِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَنَقْلُ الْبَعْضِ كَالْكُلِّ (طَلَاق) ثَلَاثٌ فِي التَّخْيِيرِ وَوَاحِدَةٌ فِي التَّمْلِيكِ (أَوْ لَا) يَكُونُ طَلَاقًا أَصْلًا (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ وَإِلَّا كَانَ طَلَاقًا اتِّفَاقًا وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ خَيَّرْتُك إلَى سَنَةٍ وَقَوْلُهُ إلَى سَنَةٍ أَيْ أَوْ إلَى زَمَنٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا ظَاهِرًا. (قَوْلُهُ وَلَا تُمْهَلُ لِآخِرِ الْمُدَّةِ) أَيْ وَأَمْرُهَا بِيَدِهَا (قَوْلُهُ فَتَقْضِي) أَيْ فَإِذَا وُقِفَتْ فَتَقْضِي إلَخْ (قَوْلُهُ، فَإِنْ قَضَتْ بِشَيْءٍ) أَيْ مِنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا بِيَدِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا تَقْضِي بِأَنْ أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ وَأَمَرَهَا بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا بِيَدِهَا مِنْ التَّمْلِيكِ فَلَمْ تَفْعَلْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ) أَيْ الْإِمْهَالِ (قَوْلُهُ وَعَمِلَ بِجَوَابِهَا) أَيْ بِمُقْتَضَى جَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَرَدِّهِ، فَإِنْ كَانَ جَوَابُهَا الصَّرِيحُ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ كَقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَجَوَابُهَا الصَّرِيحُ الَّذِي يَقْتَضِي الطَّلَاقَ هُوَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ كَانَ كِنَايَةً ظَاهِرَةً أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَلَا كِنَايَةَ ظَاهِرَةٌ إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي الطَّلَاقَ فِي مَقَامِ التَّمْلِيكِ وَأَمَّا لَوْ أَجَابَتْ بِالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مَا بِيَدِهَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا أَنَّهَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ يُونُسَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَبْلَ تَفْسِيرِ قَبِلْت إلَّا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ ح أَيْضًا فِي بَابِ الظِّهَارِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ أَنَّ جَوَابَهَا فِي التَّمْلِيكِ بِصِيغَةِ الظِّهَارِ إذَا نَوَتْ بِهِ الطَّلَاقَ لَزِمَ مَعَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ وَاخْتَارَ بْن أَنَّ الْكِنَايَةَ الْخَفِيَّةَ إذَا أَجَابَتْ بِهَا وَقَصَدَتْ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهَا وَإِنْ كَانَ جَوَابُهَا الصَّرِيحُ يَقْتَضِي رَدَّهُ كَقَوْلِهَا رَدَدْت مَا مَلَّكْتنِي أَوْ لَا أَقْبَلُهُ مِنْك عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ بُطْلَانِ مَا بِيَدِهَا وَبَقَائِهَا زَوْجَةً. (قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَمِلَ وَصِلَةُ الصَّرِيحِ مَحْذُوفَةٌ أَيْ فِيهِمَا أَيْ عَمِلَ فِي الطَّلَاقِ وَرَدَّهُ بِمُقْتَضَى جَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ كَطَلَاقِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ لِمَفْعُولِهِ) أَيْ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَا إلَخْ) أَيْ أَنَا طَالِقٌ مِنْك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مِنِّي (قَوْلُهُ عَالِمَةً) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَكَّنَتْهُ غَيْرَ عَالِمَةٍ التَّمْلِيكَ لَمْ يَبْطُلْ مَا بِيَدِهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِيَمِينٍ، فَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ وَعُلِمَتْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهَا وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ وَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ وَادَّعَتْ الْإِكْرَاهَ وَادَّعَى الطَّوْعَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ فَقَوْلُهَا بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ طَائِعًا) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَرْضَ هِيَ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ مَكَّنَتْهُ دُونَ رِضَا الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهَا (قَوْلُهُ وَمُضِيِّ يَوْمِ تَخْيِيرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِالتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَ لَهَا فِيهِ التَّخْيِيرَ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ اخْتَارِينِي فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ كُلِّهِ وَمَضَى ذَلِكَ الْأَجَلُ وَلَمْ تَخْتَرْ فَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَطَلَ مَا بِيَدِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ أَنَّهَا تَقْضِي حَالًا إمَّا بِرَدِّ مَا بِيَدِهَا أَوْ بِالطَّلَاقِ وَإِلَّا أَسْقَطَ الْحَاكِمُ مَا بِيَدِهَا وَلَا تُمْهَلُ (قَوْلُهُ وَرَدِّهَا) أَيْ لِعِصْمَتِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا ثُمَّ أَبَانَهَا بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ ثُمَّ رَدَّهَا لِلْعِصْمَةِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مَا بِيَدِهَا مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ (قَوْلُهُ يَسْتَلْزِمُ رِضَاهَا) أَيْ بِزَوْجِهَا وَإِسْقَاطِ مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ. (قَوْلُهُ فَلَا يَسْقُطُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالزَّوْجَةِ فَارْتِجَاعُهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهَا (قَوْلُهُ وَهَلْ نُقِلَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ

كَأَنْ تَنْقُلَ الْقُمَاشَ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُنْقَلَ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَإِلَّا كَانَ طَلَاقًا قَطْعًا كَمَا اسْتَظْهَرُوهُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقَوْلِ الْمُحْتَمَلِ بِقَوْلِهِ (وَقُبِلَ) مِنْهَا (تَفْسِيرُ) قَوْلُهَا الْمُحْتَمِلُ لِلطَّلَاقِ وَرَدِّهِ نَحْوُ قَوْلِهَا (قَبِلْت) فَقَطْ (أَوْ قَبِلْت أَمْرِي) أَيْ شَأْنِي (أَوْ) قَبِلْت (مَا مَلَّكْتنِي) أَوْ اخْتَرْت (بِرَدٍّ) لِمَا جَعَلَهُ لَهَا بِأَنْ تَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ بِأَنْ تَقُولَ أَرَدْت بِقَوْلِي قَبِلْت إلَخْ قَبِلْت الْبَقَاءَ فِي عِصْمَتِك (أَوْ طَلَاقٍ) أَيْ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَتَبِينُ مِنْهُ (أَوْ بَقَاءٍ) عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّوْكِيلِ أَوْ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ فَيُحَالُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَخِيرَيْنِ حَتَّى تُجِيبَ وَلَهُ الْعَزْلُ فِي الْأَوَّلِ وَلَمَّا كَانَ فِي الْمُنَاكَرَةِ وَهِيَ عَدَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِمَا أَوْقَعَتْهُ الْمَرْأَةُ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَالْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَنَاكَرَ) الزَّوْجُ وَالنُّكُرُ بِالضَّمِّ عَدَمُ الِاعْتِرَافِ (مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا) وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ جَعَلَهُمَا لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (إنْ زَادَتَا) أَيْ الْمُخَيَّرَةُ وَالْمُمَلَّكَةُ فِي الطَّلَاقِ (عَلَى الْوَاحِدَةِ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّمَا أَرَدْت وَاحِدَةً فَقَطْ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ نَوَاهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ عِنْدَ التَّفْوِيضِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا عِنْدَهُ لَزِمَ مَا أَوْقَعَتْهُ وَكَذَا إنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ حَالَ التَّفْوِيضِ نَاكَرَ فِي الثَّالِثَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِوَاحِدَةٍ، فَلَوْ قَالَ إنْ نَوَى دُونَ مَا أَوْقَعَتْهُ كَانَ أَشْمَلَ وَأَوْضَحَ (وَبَادَرَ) لِلْمُنَاكَرَةِ وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ (وَحَلَفَ) أَنَّهُ نَوَى الْوَاحِدَةَ عِنْدَ التَّفْوِيضِ فَإِنْ نَكَلَ وَقَعَ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَتُعَجِّلُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَقْتَ الْمُنَاكَرَةِ (إنْ دَخَلَ) بِالْمُمَلَّكَةِ وَأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَا نَكِرَةَ فِيهَا (وَإِلَّا) تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا (فَعِنْدَ) إرَادَةِ الِارْتِجَاعِ يَحْلِفُ لَا قَبْلَهُ، وَهَذَا يَجْرِي فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَالْمُرَادُ بِالِارْتِجَاعِ هُنَا اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْعَقْدُ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ فَلَا يَمِينَ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا. الشَّرْطُ الرَّابِعُ قَوْلُهُ (وَلَمْ يُكَرِّرْ) قَوْلُهُ (أَمْرُهَا بِيَدِهَا) فَإِنْ كَرَّرَهُ فَلَا مُنَاكَرَةَ فِيمَا زَادَتْهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) بِتَكْرِيرِهِ (التَّأْكِيدَ) فَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا فَفَعَلَتْ فِعْلًا مُحْتَمِلًا كَأَنْ نَقَلَتْ قُمَاشَهَا أَوْ فَعَلَتْ فِعْلًا نَحْوَهُ كَبُعْدِهَا عَنْهُ وَتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا وَلَمْ تُرِدْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ طَلَاقًا فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ لَا تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ كَأَنْ تَنْقُلَ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ طَلَاقًا اتِّفَاقًا) لَا يُقَالُ الْفِعْلُ لَا يَلْزَمُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ تَمْلِيكُهَا الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ فَهُوَ مِنْ الْفِعْلِ الْمُحْتَفِّ بِالْقَرَائِنِ وَهُوَ كَالصَّرِيحِ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهَا تَفْسِيرُ قُبِلَتْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ خَيَّرَهَا فَقَالَتْ قَوْلًا مُحْتَمِلًا لِلطَّلَاقِ وَرَدِّهِ فَإِنَّهَا تُؤْمَرُ بِتَفْسِيرِهِ وَيُقْبَلُ مِنْهَا مَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَتَبِينُ مِنْهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِسُكُونِ الْيَاءِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَتَبِينُ مَا الَّذِي أَرَادَتْهُ مِنْ الطَّلَاقِ هَلْ هُوَ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ أَوْ بَقَاءٍ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ) أَيْ حَتَّى تَتَرَوَّى وَتَنْظُرَ مَا هُوَ الْأَوْلَى لَهَا (قَوْلُهُ وَنَاكَرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا فَوَّضَ الطَّلَاقَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا بِأَنْ يَقُولَ مَا أَرَدْت إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا كَمَا يُشِيرُ لَهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَا نَكِرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ وَأَمَّا الْمُمَلَّكَةُ إذَا أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، فَإِنْ أَوْقَعَتْ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ وَاحِدَةً فَلَا نَكِرَةَ لَهُ فِيهَا بِأَنْ يَقُولَ مَا أَرَدْت طَلَاقًا فَتَلْزَمُهُ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ قَهْرًا عَنْهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمُنَاكَرَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ تَدْخُلْ) وَكَذَا إنْ دَخَلَتْ وَكَانَ التَّخْيِيرُ بِخُلْعٍ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ فَهِيَ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ) أَيْ إنَّ الْأَجْنَبِيَّ الَّذِي فَوَّضَ لَهُ طَلَاقَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ مِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي تَفْصِيلِهَا مِنْ الْمُنَاكَرَةِ فِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا وَفِي التَّخْيِيرِ إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَوْلُهُ إنْ زَادَتَا عَلَى الْوَاحِدَةِ) هَذَا مَوْضُوعُ الْمُنَاكَرَةِ الَّتِي هِيَ عَدَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِالزَّائِدِ الَّذِي أَوْقَعَتْهُ وَلَيْسَ هَذَا شَرْطًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ جَعَلَ الشُّرُوطَ سِتَّةً وَعَدَّ هَذَا مِنْهَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا مُنَاكَرَةَ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَاحِدَةِ أَمَّا الْمُمَلَّكَةُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ فَعَدَمُ الْمُنَاكَرَةِ لِبُطْلَانِ مَا لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ تَقْضِ بِالثَّلَاثِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَةَ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ بِمَنْزِلَةِ الْمُمَلَّكَةِ قَالَ ح؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْوَاحِدَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ اهـ بْن (قَوْلُهُ إنْ نَوَاهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ الَّتِي يُنَاكِرُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا عِنْدَهُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَهُ شَيْئًا أَوْ نَوَى بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَبَادَرَ) هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَحَلَفَ وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّالِثُ (قَوْلُهُ لِلْمُنَاكَرَةِ) أَيْ عِنْدَ سَمَاعِهِ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا سَقَطَ) أَيْ وَإِلَّا يُبَادِرُ وَأَرَادَ الْمُنَاكَرَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِمُنَاكَرَتِهِ وَسَقَطَ حَقُّهُ، وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ فِي ذَلِكَ لَمْ يُعْذَرْ بِالْجَهْلِ. (قَوْلُهُ وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَهِيَ لَا تُرَدُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنْ دَخَلَ) شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ وَمَحَلُّ تَعْجِيلِ يَمِينِهِ وَقْتَ الْمُنَاكَرَةِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ لِيَحْكُمَ لَهُ الْآنَ بِالرَّجْعَةِ وَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الرَّجْعَةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَعِنْدَ الِارْتِجَاعِ) أَيْ فَيَحْلِفُ عِنْدَ إرَادَةِ الِارْتِجَاعِ أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ كَرَّرَهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك أَمْرُك بِيَدِك مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فِيمَا زَادَتْهُ) أَيْ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَتْ مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ بِتَكْرِيرِهِ) أَيْ بِاللَّفْظِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْمُكَرَّرِ وَقَوْلُهُ التَّأْكِيدُ أَيْ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ يَتَضَمَّنُهُ أَوَّلُ

(كَنَسَقِهَا) هِيَ وَقَدْ مَلَّكَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي وَكَرَّرْت اللَّفْظَ وَلَاءً لَزِمَهُ مَا كَرَّرَتْ إلَّا أَنْ تَنْوِيَ التَّأْكِيدَ وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ نَسَقُهَا بَلْ الشَّرْطُ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. الشَّرْطُ الْخَامِسُ قَوْلُهُ (وَلَمْ يُشْتَرَطْ) مَا ذُكِرَ مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ (فِي الْعَقْدِ) فَإِنْ اُشْتُرِطَ فِيهِ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا؛ فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ وَإِنْ احْتَمَلَ فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الشَّرْطِ إنْ طَلَّقَ) بِأَنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ: أَمْرُهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ أَوْ عَلَى الطَّوْعِ فَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ (قَوْلَانِ وَقُبِلَ) مِنْ الزَّوْجِ الْمُمَلِّكُ أَوْ الْمُخَيَّرُ بِيَمِينٍ إذَا أَوْقَعَتْ الزَّوْجَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ (إرَادَةُ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ) بِالتَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ (طَلَاقًا) أَصْلًا فَقِيلَ لَهُ إذَا لَمْ تَرُدَّهُ لَزِمَك مَا أَوْقَعْت فَقَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَالْأَصَحُّ) وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ (خِلَافُهُ) وَهُوَ عَدَمُ الْقَبُولِ وَيَلْزَمُهُ مَا قَضَتْ بِهِ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ تَدْخُلْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَقَالَ (وَلَا نَكِرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ) غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِطَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ (وَإِنْ قَالَتْ) مَنْ فَوَّضَ لَهَا الزَّوْجُ أَمْرَهَا (طَلَّقْت نَفْسِي) أَوْ زَوْجِي (سُئِلَتْ بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ) عَمَّا أَرَادَتْ؛ لِأَنَّ جَوَابَهَا مُحْتَمَلٌ (فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّلَاثَ لَزِمَتْ فِي التَّخْيِيرِ) فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا (وَنَاكَرَ فِي التَّمْلِيكِ) مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَكَذَا فِي التَّخْيِيرِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا (وَإِنْ قَالَتْ) أَرَدْت (وَاحِدَةً بَطَلَتْ) تِلْكَ الْوَاحِدَةُ (فِي التَّخْيِيرِ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ، وَلِذَا قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّكْرَارِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ نَوَى الْوَاحِدَةَ عِنْدَ التَّفْوِيضِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ قَوْلِهِ وَلَوْ يُكَرِّرُ: أَمْرُهَا بِيَدِهَا إلَخْ وَلَوْ كَرَّرَ: أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَيَكُونُ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ إنْ نَوَاهَا وَيُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَوَهَّمُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَنَسَقِهَا) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِذَاتِهَا لَيْسَتْ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ بَلْ مُشَبَّهَةٌ بِمَا قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ أَيْ كَمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ طَلَّقْت نَفْسِي وَكَرَّرَتْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا نَسَقًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّأْسِيسِ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَنَّهَا نَوَتْ التَّأْكِيدَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ (قَوْلُهُ هِيَ) أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي نَسَقِهَا عَائِدٌ عَلَى الطَّلْقَاتِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُكَرِّرُ أَمْرُهَا وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي الضَّمَائِرِ الْمُؤَنَّثَةِ الْعَائِدَةِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ وَلَاءً) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مُوَالَاةً فَلَا يَرْتَدِفُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّل؛ لِأَنَّهُ بَائِنٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي التَّأْسِيسِ (قَوْلُهُ نَسَقُهَا) أَيْ بَلْ إذَا كَرَّرَتْ طَلَّقْت نَفْسِي مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ مُوَالَاةٌ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّأْسِيسِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ اشْتَرَطَ فِيهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ مُشْتَرِطًا أَوْ مُتَبَرِّعًا بِهِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْمُنَاكَرَةِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهَذَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّبَرُّعَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ كَالشَّرْطِ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ اهـ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شُرُوطٍ لَهُ حُكْمُ الْمُشْتَرَطِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ إنْ أَطْلَقَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُوَثَّقِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ هَلْ وَقَعَ ذَلِكَ) أَيْ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ وَلِيُّهَا أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الشَّرْطِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الطَّوْعِ) أَيْ التَّطَوُّعِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْعَطَّارِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّائِقَ بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِتَرَدُّدٍ وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ لِعُرْفِ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُ عَلَى الطَّوْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَبْلَ إرَادَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا نَكِرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْجَهْمِ الْقَائِلِ أَنَّهَا إذَا أَوْقَعَتْ الثَّلَاثَ فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ كَانَ لَهُ مُنَاكَرَتُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ أَمْرُك بِيَدِك. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهَا مَدْخُولٌ بِهَا فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يُنَاكِرُهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهَا إنَّمَا أَرَدْت دُونَ الثَّلَاثِ وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَتْ إذْ لَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَةُ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ الْعَارِي عَنْ التَّقْيِيدِ بِطَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ لِلثَّلَاثِ، فَإِنْ أَوْقَعَتْ فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ دُونَ الثَّلَاثِ بَطَلَ تَخْيِيرُهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ مَنْ فَوَّضَ لَهَا الزَّوْجُ أَمْرَهَا) أَيْ عَلَى جِهَةِ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَالَ عبق تَبَعًا لتت أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ وَفِي خش أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَاشِرٍ فَقَالَ اُنْظُرْ مَنْ نَصَّ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ إجْرَاءُ هَذَا الْحُكْمِ فِيمَا إذَا سَكَتَ عَنْهَا حَتَّى مَضَى شَهْرَانِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن فَقَوْلُهُ وَبَعْدَهُ أَيْ بِشَهْرَيْنِ عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَا تَقْتَضِي فِي التَّخْيِيرِ إلَّا بِالثَّلَاثِ وَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيهَا فَإِذَا قَضَتْ بِأَقَلَّ مِنْهَا

بَلْ يَبْطُلُ التَّخْيِيرُ مِنْ أَصْلِهِ فَلَوْ حَذَفَ التَّاءَ وَفِي لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَتْهُ الْوَاحِدَةُ كَمَا تَلْزَمُهُ بِإِرَادَتِهَا فِي التَّمْلِيكِ (وَ) إنْ قَالَتْ لَمْ أُرِدْ عَدَدًا مُعَيَّنًا (فَهَلْ يُحْمَلُ) قَوْلُهَا طَلَّقْت نَفْسِي (عَلَى الثَّلَاثِ) فَيَلْزَمُ فِي التَّخْيِيرِ إنْ دَخَلَ نَاكَرَ أَوْ لَا؛ كَأَنْ لَمْ يَدْخُلْ إذَا لَمْ يُنَاكِرْ كَالْمُمَلَّكَةِ (أَوْ) يُحْمَلُ عَلَى (الْوَاحِدَةِ) ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَتَلْزَمُ فِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا وَفِي التَّخْيِيرِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَيَبْطُلُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا (عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ) مِنْهَا لِعَدَدٍ (تَأْوِيلَانِ) الْأَرْجَحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَهُمَا جَارِيَانِ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ كَمَا عَلِمْت (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (سُؤَالُهَا) فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ عَمَّا أَرَادَتْ (إنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي أَيْضًا) صَوَابُهُ اخْتَرْت الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ طَلَّقْت نَفْسِي هِيَ مَا قَبْلَهَا وَلَيْسَ لِابْنِ رُشْدٍ فِيهَا اخْتِيَارٌ وَإِنَّمَا سُئِلَتْ؛ لِأَنَّ أَلْ تَحْتَمِلُ الْجِنْسِيَّةَ فَيَكُونُ ثَلَاثًا وَالْعَهْدِيَّةَ وَهُوَ الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ فَيَكُونُ وَاحِدَةً فَيَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ (وَفِي جَوَازِ التَّخْيِيرِ) وَكَرَاهَتِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الثَّلَاثُ (قَوْلَانِ وَحَلَفَ) مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً (فِي) قَوْلِهِ لَهَا (اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ) فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا حَلَفَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُ اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ (أَوْ) فِي قَوْلِهِ لَهَا اخْتَارِي (فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك) طَلْقَةً (وَاحِدَةً) أَوْ تُقِيمِي فَقَالَتْ اخْتَرْت ثَلَاثًا فَقَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً وَإِنَّمَا حَلَفَ لِزِيَادَةٍ أَوْ تُقِيمِي الَّتِي حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ ضِدَّ الْإِقَامَةِ الْبَيْنُونَةُ فَهُوَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ حَقِيقَتَهَا فَإِذَا لَمْ يَزِدْ أَوْ تُقِيمِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ (لَا اخْتَارِي طَلْقَةً) حَقُّهُ فِي طَلْقَةٍ كَمَا فِي النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ أَيْ فَلَا يَمِينَ وَأَمَّا اخْتَارِي طَلْقَةً فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ بَلْ يَبْطُلُ إنْ قَضَتْ بِأَكْثَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَطَلَ تَخْيِيرُهَا (قَوْلُهُ بَلْ يَبْطُلُ التَّخْيِيرُ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَمَّا خَيَّرَهَا فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ وَأَرَادَتْ هِيَ أَنْ تَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَالْمُمَلَّكَةِ) أَيْ يَلْزَمُ فِيهَا الثَّلَاثُ إذَا لَمْ يُنَاكِرْ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَظَهَرَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَلْ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ تَحْتَمِلُ الْجِنْسِيَّةَ) أَيْ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ الْمُتَحَقِّقِ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ لَا فِي بَعْضِهَا (قَوْلُهُ فَيَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ، فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْت الثَّلَاثَ لَزِمَتْ فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ وَنَاكَرَ فِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا وَفِي التَّخْيِيرِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَإِنْ قَالَتْ أَرَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ بَطَلَ مَا بِيَدِهَا مِنْ التَّخْيِيرِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَزِمَهُ مَا أَرَادَتْ كَمَا يَلْزَمُهُ مَا أَرَادَتْ فِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أُرِدْ عَدَدًا يَجْرِي التَّأْوِيلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي حَمْلِ قَوْلِهَا عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ التَّخْيِيرِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ جَائِزًا جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ غَيْرُ مَجْزُومٍ بِهَا عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النِّسَاءَ يَخْتَرْنَ أَزْوَاجَهُنَّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الثَّلَاثُ) أَيْ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُنَاكِرُ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ فَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ إنْ قِيلَ إذَا كَانَ مَوْضُوعُهُ الثَّلَاثَ فَلَمْ يُتَّفَقْ عَلَى كَرَاهَتِهِ قُلْت نَظَرًا لِمَقْصُودِهِ إذْ هُوَ الْبَيْنُونَةُ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِوَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْخُلْعِ أَوْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَتْ هُنَا لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالثَّلَاثِ وَيَنْبَغِي جَرْيُ الْخِلَافِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ فِي التَّمْلِيكِ إذَا قُيِّدَ بِالثَّلَاثِ وَإِلَّا كَانَ مُبَاحًا اتِّفَاقًا وَالظَّاهِرُ الِاتِّفَاقُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّوْكِيلِ إذَا قُيِّدَ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى إيقَاعِهَا لَهَا وَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي عَدَمِ عَزْلِهَا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ فِي اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ فَأَوْقَعَتْ ثَلَاثًا فَقَالَ: مَا أَرَدْت إلَّا طَلْقَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فَإِذَا حَلَّفَهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ تَخْيِيرًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ وَبَائِنَةٌ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ حَلَّفَهَا الزَّوْجُ لِاتِّهَامِهِ وَهِيَ لَا تَرُدُّ (قَوْلُهُ اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ) أَيْ اخْتَارِي الْمُفَارَقَةَ بِسَبَبِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَفِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى اخْتَارِي الْمُفَارَقَةَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَالْمُفَارَقَةُ فِي مَرَّةٍ تَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَهُ مُحْتَمِلٌ لِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَمُحْتَمِلٌ أَيْضًا لِكَوْنِ فِي زَائِدَةً فَلَمَّا احْتَمَلَ كَلَامُهُ مَا ذُكِرَ حُلِّفَ لِاتِّهَامِهِ عَلَى إرَادَةِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ أَرَدْتُ وَاحِدَةً) أَيْ فَيَحْلِفُ وَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَتَكُونُ رَجْعِيَّةً فِي الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ لَمْ يُرِدْ بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ حَقِيقَتَهَا) أَيْ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَا عَدَمَ الْإِقَامَةِ مَعَهُ الْمُجَامِعِ لِلْبَتَاتِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ حَقُّهُ فِي طَلْقَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا أَوْ اخْتَرْتهَا أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ لُزُومِ الطَّلْقَةِ (قَوْلُهُ بَلْ يَبْطُلُ) أَيْ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) الدَّلَالَةُ مِنْ جِهَةِ قِيَاسِ الْقَضَاءِ بِالْأَكْثَرِ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْأَقَلِّ بِجَامِعِ الْمُخَالَفَةِ لِمَا جَعَلَهُ لَهَا فِي كُلٍّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِي طَلْقَةً فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَكْثَرَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ وَإِذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَضَتْ بِوَاحِدَةٍ بَطَلَ مَا قَضَتْ بِهِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهَا: مَلَّكْتُك طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَقَضَتْ بِوَاحِدَةٍ

(وَبَطَلَ) مَا قَضَتْ بِهِ مَعَ اسْتِمْرَارِ مَا جَعَلَهُ لَهَا بِيَدِهَا (إنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي) قَوْلِهِ لَهَا (اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ) اخْتَارِي نَفْسَك (فِي تَطْلِيقَتَيْنِ) بِخِلَافِ التَّمْلِيكِ فَلَهَا الْقَضَاءُ بِوَاحِدَةٍ فِي مَلَّكْتُك طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَا يَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ) قَالَ اخْتَارِي (مِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلَا تَقْضِي إلَّا بِوَاحِدَةٍ) فَإِنْ قَضَتْ بِأَكْثَرَ لَزِمَتْهُ الْوَاحِدَةُ (وَبَطَلَ) مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ مِنْ أَصْلِهِ (فِي) التَّخْيِيرِ (الْمُطْلَقِ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِعَدَدٍ وَإِنْ قُيِّدَ بِغَيْرِهِ كَاخْتَارِي نَفْسَك أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَاخْتَارِي نَفْسَك (إنْ قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ) وَلَمْ يَرْضَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا عَدَلَتْ عَمَّا جَعَلَهُ لَهَا الشَّارِعُ وَهُوَ الثَّلَاثُ فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ (كَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا) فَقَضَتْ بِأَقَلَّ فَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا وَمَا قَضَتْ بِهِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَذَا الْفَرْعِ أَنَّهُ يَبْطُلُ مَا قَضَتْ بِهِ فَقَطْ دُونَ مَا بِيَدِهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ وَالْقَضَاءُ بِالثَّلَاثِ (وَوَقَفَتْ) فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ أَوْ التَّمْلِيكِ الْمُطْلَقِ (إنْ اخْتَارَتْ) نَفْسَهَا عَلَى شَرْطٍ كَأَنْ قَيَّدَتْ (بِدُخُولِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا) بِأَنْ قَالَتْ إنْ دَخَلْت عَلَى ضَرَّتِي فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي فَتُوقَفُ حِينَئِذٍ حَتَّى تَقْضِيَ نَاجِزًا بِفِرَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ وَلَا الْتِفَاتَ لِشَرْطِهَا فَلَا يُنْتَظَرُ دُخُولُهُ عَلَى ضَرَّتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَبْطُلُ مَا قَضَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَ مَا قَضَتْ بِهِ) أَيْ لَا مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهُ مُسْتَمِرٌّ بِيَدِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ هُنَا عَنْ اخْتِيَارِ مَا جَعَلَهُ لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَتْ وَاحِدَةٌ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ بُطْلَانِ مَا قَضَتْ بِهِ فَقَطْ تَبِعَ فِيهِ عبق وَاَلَّذِي فِي طفى أَنَّ الصَّوَابَ بُطْلَانُ مَا بِيَدِهَا إذَا قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ أَوْ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ كَالتَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ إذَا قَضَتْ فِيهِ بِدُونِ الثَّلَاثِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا يَأْتِي قَالَ بْن وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ عبق وَهُوَ تَابِعٌ لِشَيْخِهِ عج اهـ (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الْوَاحِدَةُ) أَيْ وَبَطَلَ الزَّائِدُ (قَوْلُهُ وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا تَخْيِيرًا مُطْلَقًا أَيْ عَارِيًّا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ فَأَوْقَعَتْ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَإِنَّ خِيَارَهَا يَبْطُلُ وَيَصِيرُ الزَّوْجُ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْقَوْلِ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ تَخْيِيرُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا وَأَنْ لَا يَرْضَى الزَّوْجُ بِمَا قَضَتْ بِهِ وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ لَهَا مَا يُتَمِّمُ الثَّلَاثَ فَإِنْ كَانَ التَّخْيِيرُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَضَتْ بِوَاحِدَةٍ لَزِمَتْ أَوْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَرَضِيَ بِمَا قَضَتْ بِهِ أَوْ تَقَدَّمَ لَهَا مَا يُكْمِلُ الثَّلَاثَ لَزِمَ مَا قَضَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قُيِّدَ بِغَيْرِهِ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ أَصْلًا بَلْ وَلَوْ قُيِّدَ بِغَيْرِ الْعَدَدِ فَقَوْلُهُ كَاخْتَارِي نَفْسَك رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ قَضَتْ) أَيْ إذَا كَانَ خَيَّرَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَضَتْ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا مِنْ الِاخْتِيَارِ إذَا قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ بَلْ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالثَّلَاثِ فَاَلَّذِي يُبْطِلُ مَا قَضَتْ بِهِ لَا مَا بِيَدِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ) أَيْ وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِمَا أَوْقَعَتْ وَإِلَّا لَزِمَ مَا قَضَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ وَهِيَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا عَدَلَتْ إلَخْ غَيْرُ نَاهِضَةٍ هُنَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا) أَيْ كَمَا يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ شَيْءٌ حَيْثُ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَضَتْ بِأَقَلَّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ دُونَ مَا بِيَدِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا مِثْلُ طَلِّقِي نَفْسَك طَلْقَتَيْنِ فِي أَنَّهُ يَبْطُلُ قَضَاؤُهَا بِالْأَقَلِّ وَلَا يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا مِنْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ وَوَقَفَتْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ مَلَّكَهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك فَقَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي إنْ دَخَلْت عَلَى ضَرَّتِي أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ كُلٍّ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ فَإِنَّهَا تُوقَفُ لِتَخْتَارَ حَالًا إمَّا الطَّلَاقَ أَوْ الْبَقَاءَ وَلَا تُمْهَلُ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ يَدْخُلَ عَلَى ضَرَّتِهَا وَلَا يُلْتَفَتُ لِشَرْطِهَا بَلْ يُلْغَى عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِمَا قَضَتْ بِهِ مِنْ التَّعْلِيقِ فَإِنْ رَضِيَ بِإِمْهَالِهَا لِقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ لِلدُّخُولِ عَلَى ضَرَّتِهَا انْتَظَرَ تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَالْقُدُومِ وَالدُّخُولِ عَمَلًا بِالتَّعْلِيقِ الْوَاقِعِ مِنْهَا الَّذِي قَدْ أَجَازَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا كَمَا فِي نَصِّ اللَّخْمِيِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ الطَّلَاقُ عَلَى خِيَارِهَا. (قَوْلُهُ وَوُقِفَتْ فِي التَّخْيِيرِ الْمُطْلَقِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا إنْ دَخَلَ عَلَى ضَرَّتِهَا فَلَهَا ذَلِكَ وَلَا تُوقَفُ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ أَمْ لَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَتُوقَفُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ حُصُولِ الِاخْتِيَارِ مِنْهَا الْمُعَلَّقِ عَلَى شَيْءٍ وَلَا يُنْظَرُ لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْبَقَاءِ إلَخْ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذِهِ الْعِلَّةِ إذْ لَوْ صَحَّتْ لَمُنِعَ التَّعْلِيقُ مِنْ الزَّوْجِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَاخْتَارِي نَفْسَك أَوْ مَلَّكْتُك أَمْرَ نَفْسِك وَيُنْتَظَرُ حُصُولُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ مَدْفُوعٌ لِوُجُودِ الْفَرْقِ بَيْنَ تَعْلِيقِهَا وَتَعْلِيقِهِ قَالَ عبق وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ مِنْهُ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهَا مَعَ عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَاغْتُفِرَ لَهُ التَّعْلِيقُ الثَّانِي أَنَّ تَعْلِيقَهَا عَلَى نَحْوِ دُخُولِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا غَيْرُ لَازِمٍ لَهَا إذْ لَهَا رَفْعُهُ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِدُخُولِهِ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الرَّجُلِ فَلَازِمٌ فَتَأَمَّلْ.

(وَرَجَعَ مَالِكٌ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ الْمُطْلَقَيْنِ أَيْ غَيْرِ الْمُقَيَّدَيْنِ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ وَهُوَ أَنَّهُمَا يَبْقَيَانِ بِيَدِهَا بِالْمَجْلِسِ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهَا تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ فَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْهُ أَوْ خَرَجَا عَمَّا كَانَا فِيهِ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْهُ سَقَطَ اخْتِيَارُهَا (إلَى بَقَائِهِمَا) أَيْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (بِيَدِهَا) وَلَوْ تَفَرَّقَا أَوْ طَالَ (فِي) التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (الْمُطْلَقِ) يَعْنِي عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَهُوَ غَيْرُ الْمُطْلَقِ السَّابِقِ (مَا لَمْ تُوقَفْ) عِنْدَ حَاكِمٍ (أَوْ تُوطَأْ) أَوْ تُمَكِّنْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ عَالِمَةً طَائِعَةً ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ قَوْلَهُ (كَمَتَى شِئْت) بِكَسْرِ التَّاءِ فَأَمْرُك بِيَدِك فَهُوَ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُمَكِّنْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ طَائِعَةً اتِّفَاقًا (وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ) أَيْ سُقُوطِ خِيَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ أَوْ الْخُرُوجِ عَنْهُ لِكَلَامٍ آخَرَ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالرَّاجِحُ هُوَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ ثَانِيًا وَبَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَالْوَجْهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (وَفِي جَعْلِ إنْ) شِئْت (وَإِذَا) شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك (كَمَتَى) شِئْت فَيَتَّفِقُ عَلَى أَنَّهُ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ (أَوْ) هُمَا (كَالْمُطْلَقِ) فَيَأْتِي فِيهِمَا قَوْلَا مَالِكٍ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ مِنْهُ الْأَوَّلُ (كَمَا إذَا كَانَتْ) حِينَ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (غَائِبَةً) عَنْ الْمَجْلِسِ (وَبَلَغَهَا) فَهَلْ يَبْقَى بِيَدِهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ طَالَ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ كَمَتَى شِئْت أَوْ يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الْحَاضِرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ هَلْ يَبْقَى بِيَدِهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا أَوْ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ تَرَدُّدٌ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَلَمْ يَقَعْ لِلْمُصَنِّفِ تَشْبِيهٌ فِي التَّرَدُّدِ إلَّا فِي هَذِهِ (وَإِنْ عَيَّنَ) الزَّوْجُ (أَمْرًا) بِأَنْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ أَوْ مَكَان أَوْ وَصْفٍ كَخَيَّرْتُك أَوْ مَلَّكْتُك فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ الْعَامِ أَوْ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَوْ الْمَجْلِسِ أَوْ مَا دَامَتْ طَاهِرَةً أَوْ قَائِمَةً (تَعَيَّنَ) ذَلِكَ وَلَا يَتَعَدَّاهُ فَإِذَا انْقَضَى مَا عَيَّنَهُ سَقَطَ حَقُّهَا وَمَعْنَاهُ مَا لَمْ يُوقِفْهَا الْحَاكِمُ أَوْ تُمَكِّنْهُ طَائِعَةً وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهَا (وَإِنْ) أَجَابَتْ بِمُتَنَافِيَيْنِ كَأَنْ (قَالَتْ) حِينَ خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا (اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ بِالْعَكْسِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَرَجَعَ مَالِكٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا مَلَّكَهَا تَمْلِيكًا مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ لَهَا: مَلَّكْتُك أَمْرَك أَوْ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ خَيَّرَهَا تَخْيِيرًا مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ لَهَا: خَيَّرْتُك فِي نَفْسِك فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّهُمَا يَبْقَيَانِ بِيَدِهَا فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ الَّذِي طَالَتْ إقَامَتُهُمَا بِهِ مَا لَمْ تُوقَفْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ تُوطَأْ أَوْ تُمَكَّنْ مِنْهُ طَائِعَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُولُ أَوْ لَا يَبْقَى مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ بِيَدِهَا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهِ فَقَطْ، فَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ حِينَ مَلَّكَهَا يُرِيدُ قَطْعَ ذَلِكَ عَنْهَا لَمْ يَنْفَعْهُ وَاسْتَمَرَّ خِيَارُهَا، وَحَدُّ الْمَجْلِسِ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الْقَضَاءُ أَنْ يَقْعُدَ مَعَهَا قَدْرَ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ وَلَمْ تَقُمْ فِرَارًا فَإِذَا قَعَدَا بِقَدْرِ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَا مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ انْتَقَلَا مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي كَانَا فِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ تَقْضِ سَقَطَ مَا بِيَدِهَا. (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرَ الْمُقَيَّدَيْنِ) أَيْ فَهُوَ غَيْرُ الْمُطْلَقِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ الْعَارِي عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ إلَخْ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْمَجْلِسِ وَقَوْلُهُ مَا يَرَى أَيْ يَرَى النَّاسُ (قَوْلُهُ أَوْ خَرَجَا عَمَّا) أَيْ عَنْ الْكَلَامِ الَّذِي كَانَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ غَيْرُ الْمُطْلَقِ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْعَارِي عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تُوقَفْ عِنْدَ حَاكِمٍ) ، فَإِنْ أُوقِفَتْ فَإِمَّا أَنْ تَقْضِيَ بِشَيْءٍ أَوْ تُسْقِطَ مَا بِيَدِهَا عَلَى مَا مَرَّ كَمَا أَنَّهُ يُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا إذْ وُطِئَتْ أَوْ مَكَّنَتْ مِنْهُ طَائِعَةً. (قَوْلُهُ وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ وَبِهِ الْعَمَلُ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ الثَّانِي الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ مَا لَمْ تَقُلْ عِنْدَ التَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ قَبِلْت أَمْرِي أَوْ رَضِيت بِمَا جَعَلْته لِي وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتْرُكْ مَا بِيَدِهَا، فَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ بَقِيَ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَفِي جَعْلِ إنْ وَإِذَا كَمَتَى) أَيْ؛ لِأَنَّ إذَا ظَرْفُ زَمَانٍ كَذَلِكَ أَيْ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَلَا مَحْدُودٍ مِثْلُ مَتَى وَإِنْ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْضُوعَةٍ لِلزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ إلَّا أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّعْلِيقِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى مَاضٍ صَرَفَتْهُ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا قِيلَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَمْرُك بِيَدِك أَيْ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا كَالْمُطْلَقِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إذَا لَا تَقْتَضِي الْمُهْلَةَ وَالِامْتِدَادَ بَلْ لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ مِثْلُ إنْ بِخِلَافِ مَتَى فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْمُهْلَةَ وَالِامْتِدَادَ (قَوْلُهُ كَمَتَى شِئْت) أَيْ فَأَمْرُك بِيَدِك؛ لِأَنَّ مَتَى ظَرْفُ زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَلَا مَحْدُودٍ فَإِذَا قَالَ لَهَا مَتَى شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك فَقَدْ جَعَلَ الطَّلَاقَ بِيَدِهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَشَاؤُهُ فِيهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِذَلِكَ حَدًّا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهَا قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ يَكُونَ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِهِ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ أَوْ يَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْحَاضِرَةِ) أَيْ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَا لَمْ تُوقَفْ) أَيْ أَوْ يَبْقَى فِي يَدِهَا وَلَوْ قَامَتْ مِنْ الْمَجْلِسِ الَّذِي عَلِمَتْ فِيهِ وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهَا فِيهِ مَا لَوْ تُوقَفْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِذَا انْقَضَى مَا عَيَّنَهُ) أَيْ وَلَمْ تَخْتَرْ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمْتَدُّ إلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ وَيَبْقَى بِيَدِهَا وَلَوْ وَقَفَتْ وَإِلَّا كَانَ مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَوَقَفَتْ وَإِنْ قَالَ: إلَى سَنَةٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ

(فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ) وَيُعَدُّ الثَّانِي نَدَمًا (وَهُمَا) أَيْ التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ (فِي التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا) أَيْ لِأَجْلِ تَعْلِيقِ الزَّوْجِ كُلًّا مِنْهُمَا (بِمُنَجِّزٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ بِمُوجِبٍ لِلتَّنْجِيزِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ كَالطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ وَنُجِّزَ إذَا عُلِّقَ بِمَاضٍ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا أَوْ بِمُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ إلَخْ فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ مُخَيَّرَةٌ وَمُمَلَّكَةٌ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا أَوْ يَوْمَ مَوْتِي أَوْ إنْ حِضْت فَإِنَّهُمَا يُنَجَّزَانِ الْآنَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الْحُضُورِ أَوْ حِينَ عِلْمِهَا إنْ غَابَتْ وَبَلَغَهَا (وَغَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى التَّنْجِيزِ أَيْ غَيْرِ التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنَجَّزٍ فَلَا يُنَجَّزَانِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى دُخُولِهَا (كَالطَّلَاقِ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَهُمَا. (وَلَوْ عَلَّقَهَا) أَيْ التَّخْيِيرَ أَوْ التَّمْلِيكَ أَيْ أَحَدَهُمَا (بِمَغِيبِهِ شَهْرًا) كَإِنْ غِبْت عَنْك شَهْرًا فَقَدْ خَيَّرْتُك أَوْ مَلَّكْتُك (فَقَدِمَ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ (وَلَمْ تَعْلَمْ) بِقُدُومِهِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ إثْبَاتِ غَيْبَتِهِ وَأَنَّهُ خَيَّرَهَا وَحَلَّفَهَا أَنَّهُ مَا قَدِمَ إلَيْهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَتَزَوَّجَتْ فَكَالْوَلِيَّيْنِ) فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِقُدُومِ الْأَوَّلِ فَاتَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (وَ) لَوْ عَلَّقَهُمَا (بِحُضُورِهِ) أَيْ عَلَى حُضُورِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَالْأَوْلَى حَذْفُ الضَّمِيرِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ حَضَرَ زَيْدٌ مِنْ سَفَرِهِ فَأَمْرُك بِيَدِك فَحَضَرَ (وَلَمْ تَعْلَمْ) بِحُضُورِهِ (فَهِيَ) بَاقِيَةٌ (عَلَى خِيَارِهَا) وَلَوْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَعْلَمَ بِحُضُورِهِ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا إلَّا إذَا مَكَّنَتْهُ عَالِمَةً بِقُدُومِهِ (وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ) أَيْ تَنْجِيزُ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ أَوْ التَّوْكِيلِ الْوَاقِعِ مِنْهَا (قَبْلَ بُلُوغِهَا) إذْ لَيْسَ بُلُوغُهَا شَرْطًا فِي اعْتِبَارِهِ فَإِذَا اخْتَارَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا لَزِمَ الطَّلَاقُ حَيْثُ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا الْبَالِغُ (وَهَلْ إنْ مَيَّزَتْ) وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (أَوْ مَتَى تُوطَأُ) أَيْ زَمَنَ إطَاقَتِهَا الْوَطْءَ مَعَ التَّمْيِيزِ فَالتَّمْيِيزُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَوْ قَالُوا قَبْلَ بُلُوغِهَا إنْ مَيَّزَتْ وَهَلْ وَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (قَوْلَانِ) لَكَانَ أَحْسَنَ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (التَّفْوِيضُ) بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ (لِغَيْرِهَا) أَيْ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا لَيْسَ مِنْ شَرْعِهِ طَلَاقُ النِّسَاءِ (وَهَلْ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (عَزْلُ وَكِيلِهِ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى التَّفْوِيضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَيَّنَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمْتَدُّ لِذَلِكَ الْأَمْرِ وَلَا يَسْقُطُ مَا لَمْ تُوقَفْ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ) أَيْ، فَإِنْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت زَوْجِي وَنَفْسِي لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فِيهِمَا، فَإِنْ شَكَّ فِي أَيِّهِمَا الْمُتَقَدِّمِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا، وَإِنْ قَالَتْ: اخْتَرْتهمَا فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْمُتَقَدِّمِ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: اخْتَارِينِي أَوْ اخْتَارِي نَفْسَك أَوْ بِالْعَكْسِ فَقَالَتْ اخْتَرْتهمَا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ. (قَوْلُهُ فِي الْحُضُورِ) أَيْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ حِينَ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنَجَّزٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ حَذَفَ تَعْلِيلَ الثَّانِي لِدَلَالَةِ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك) أَيْ فَكَمَا لَا يُنَجَّزُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ إذَا عُلِّقَ بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَإِنْ لَمَسْت السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، كَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك إنْ لَمَسْت السَّمَاءَ وَكَمَا يُنْتَظَرُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، كَذَلِكَ يُنْتَظَرُ فِي أَمْرُك بِيَدِك إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. (قَوْلُهُ كَالطَّلَاقِ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ وَعَلَّلَهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَخْتَارُ الْبَقَاءَ مَعَ الزَّوْجِ وَبِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَخْتَرْنَ الْفِرَاقَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ وَتَشْبِيهُهَا بِالطَّلَاقِ يَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ فِيهِمَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَعْلَمْ بِقُدُومِهِ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ عَلِمَتْ بِقُدُومِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَتَزَوَّجَتْ لَمْ تَفُتْ بِدُخُولِ الثَّانِي اتِّفَاقًا وَالظَّاهِرُ حَدُّهَا وَلَا تُعْذَرُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَدَخَلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَمْ يَعْذُرُوهُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِقُدُومِ الْأَوَّلِ) أَيْ قَبْلَ الشَّهْرِ أَيْ وَغَيْرُ عَالِمَةٍ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِقُدُومِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ عَلَى حُضُورِ شَخْصٍ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حُضُورَ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى حَذْفُ الضَّمِيرِ) أَيْ لِيُطَابِقَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالضَّمِيرِ يُوهِمُ عَوْدَهُ عَلَى الزَّوْجِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا أَوْ وَكَّلَهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَهُوَ لَازِمٌ إنْ مَيَّزَتْ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ زِيَادَةٌ عَلَى التَّمْيِيزِ إطَاقَتُهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّمْيِيزِ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُمَيِّزَةً فَلَا يُعْتَبَرُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَمَا جُعِلَ لَهَا مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَهُوَ ثَابِتٌ لَا يَبْطُلُ فَيَسْتَأْنِي بِهَا حَتَّى تُمَيِّزَ أَوْ تُوطَأَ (قَوْلُهُ فَالتَّمْيِيزُ لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ أَدْخَلَ كَلِمَةَ هَلْ عَلَى شَرْطِ التَّمْيِيزِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ قَرِيبًا لَهَا أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا وَسَوَاءٌ شَكَرَهَا مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ لِغَيْرِهَا أَيْ مُجْتَمِعًا مَعَهَا أَيْ مُنْفَرِدًا عَنْهَا إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَرْضَى بِهِ هُوَ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَالْعِبْرَةُ بِمَا تَرْضَى بِهِ هِيَ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ، وَلَوْ قَالَ الْأَبُ أَنَا أَدْرَى بِحَالِهَا مِنْهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ التَّفْوِيضِ لِغَيْرِهَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ فِي إبَاحَةِ التَّخْيِيرِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ بِأَنْ يُرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ لَا الْإِبَاحَةُ أَوْ أَنَّهُ مَشَى هُنَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ

يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا عَلَى أَنْ يُفَوِّضَ لِلزَّوْجَةِ أَمْرَهَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا بِأَنْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُفَوِّضَ لِزَوْجَتِي أَمْرَهَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا أَوْ عَلَى أَنْ تُخَيِّرَهَا أَوْ تُمَلِّكَهَا فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ أَمْ لَا (قَوْلَانِ) وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْعَزْلِ، وَأَمَّا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِهَا فَلَهُ عَزْلُهُ قَطْعًا بِالْأُولَى مِنْهَا إذَا وَكَّلَهَا هِيَ عَلَى طَلَاقِهَا. وَأَمَّا إذَا خَيَّرَهُ فِي عِصْمَتِهَا أَوْ مَلَّكَهُ إيَّاهَا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا إذَا خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثٌ هَكَذَا قَرَّرَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ عَزْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ فِي أَنْ يُخَيِّرَهَا أَوْ يُمَلِّكَهَا رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الْعَزْلُ فِيهِمَا وَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ وَكِيلُهُ فِيهِمَا قَالَ بِجَوَازِ الْعَزْلِ إذْ الْوَكِيلُ يَجُوزُ عَزْلُهُ، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ عَزْلُ الْوَكِيلِ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِهَا كَانَ لَهُ عَزْلُهُ بِالْأُولَى إذَا وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُخَيِّرَهَا أَوْ يُمَلِّكَهَا نَعَمْ إذَا خَيَّرَهَا الْوَكِيلُ بِالْفِعْلِ أَوْ مَلَّكَهَا فَلَا كَلَامَ لِلزَّوْجِ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ عَزْلِهِ وَلَا كَلَامَ لَنَا فِي ذَلِكَ إنَّمَا كَلَامُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَفْعَلْ الْوَكِيلُ مَا وَكَّلَ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ فَجَزَمَ الْخَرَشِيُّ بِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ مَعَ مَا فِي عِبَارَاتِهِ مِنْ الرِّكَّةِ وَعَدَمِ التَّحْرِيرِ (وَلَهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَعَلَى الْغَيْرِ الَّذِي هُوَ الْأَجْنَبِيُّ الْمُفَوَّضُ لَهُ (النَّظَرُ) فِي أَمْرِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَإِلَّا نَظَرَ الْحَاكِمُ (وَصَارَ كَهِيَ) أَيْ كَالزَّوْجَةِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَمُنَاكَرَةِ الْمُخَيَّرَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُمَلَّكَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَرُجُوعِ مَالِكٍ وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ وَقَوْلُهُ (إنْ حَضَرَ) الْوَكِيلُ (أَوْ كَانَ) وَقْتَ التَّوْكِيلِ (غَائِبًا) غَيْبَةً (قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ التَّفْوِيضُ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَ قَوْلِهِ وَصَارَ كَهِيَ إنْ حَضَرَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَلَهُ النَّظَرُ (لَا أَكْثَرَ) مِنْ كَالْيَوْمَيْنِ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ (فَلَهَا) النَّظَرُ فِي أَمْرِ نَفْسِهَا دُونَ الْوَكِيلِ إذْ فِي انْتِظَارِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَلَا مُوجِبَ لِإِبْطَالِهِ وَلَا لِنَقْلِهِ عَنْهَا (إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ) الزَّوْجَ (مِنْ نَفْسِهَا) طَائِعَةً رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَهَا وَلِقَوْلِهِ وَلَهُ النَّظَرُ فَإِنْ مَكَّنَتْ سَقَطَ مَا بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُفَوَّضِ لَهُ مِنْ النَّظَرِ إنْ مَكَّنَتْ بِعِلْمِهِ وَرِضَاهُ وَقِيلَ وَلَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَرُجِّحَ أَيْضًا (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَغِيبَ) وَكِيلٌ (حَاضِرٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إلَخْ) قَالَ بْن هَذَا أَحْسَنُ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى التَّوْكِيلِ عَلَى الطَّلَاقِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الزَّوْجَ عَزَلَهُ مَا لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ كَمَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَأَمَّا مَا فِي ح عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي هَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَزْلُ أَوْ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَهُ الْعَزْلُ هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمَوَّاقُ وَابْنُ غَازِيٍّ قَالَ وَحَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ عَدَمُ الْعَزْلِ) أَيْ نَظَرُ التَّعْلِيقِ حَقُّ الْغَيْرِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ إذَا قَالَتْ الزَّوْجَةُ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ التَّمْلِيكِ هَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْزِلَ ذَلِكَ الْوَكِيلَ الَّذِي وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُمَلِّكَهَا؛ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهَا هِيَ قَدْ أَسْقَطَتْ أَوْ يُقَالُ إنَّ لِلْوَكِيلِ حَقًّا فِي الْوَكَالَةِ قَدْ تَرَجَّحَ فِيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَهُ عَزْلُهُ قَطْعًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثٌ) أَيْ فَالْأُولَى وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يُخَيِّرَهَا أَوْ يُمَلِّكَهَا، وَالثَّانِيَةُ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِهَا، وَالثَّالِثَةُ خَيَّرَهُ فِي عِصْمَتِهَا أَوْ مَلَّكَهُ إيَّاهَا فَفِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْعَزْلِ فِيهِمَا وَفِي الثَّانِيَةِ لَهُ الْعَزْلُ اتِّفَاقًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَيْسَ فِيهَا قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَوْكِيلٌ وَالثَّالِثَةُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا قَوْلَانِ لَيْسَ فِيهَا تَوْكِيلٌ. (قَوْلُهُ الْمُفَوَّضُ لَهُ) أَيْ طَلَاقُهَا عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ خَيَّرْتُك فِي عِصْمَتِهَا أَوْ مَلَّكْتُك عِصْمَتَهَا. (قَوْلُهُ إلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ) أَيْ فَلَا يُرَدُّ إلَّا إذَا كَانَ فِي الرَّدِّ مَصْلَحَةٌ وَلَا يُطَلِّقُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الطَّلَاقِ مَصْلَحَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ الْمَصْلَحَةُ فِي طَلَاقِهِ أَوْ رَدِّهِ أَوْ فِعْلِ أَحَدِهِمَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ فِي التَّخْيِيرِ) أَيْ إذَا كَانَ خَيَّرَهُ الزَّوْجُ فِي عِصْمَتِهَا وَقَوْلُهُ وَالتَّمْلِيكُ أَيْ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَلَّكَهُ عِصْمَتَهَا (قَوْلُهُ وَمُنَاكَرَةِ الْمُخَيَّرَةِ) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمُنَاكَرَتُهُ إنْ خَيَّرَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ مَلَّكَهُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الْوَكِيلُ) الْأَوْلَى إنْ حَضَرَ ذَلِكَ الْغَيْرُ تَفْوِيضَ الزَّوْجِ أَوْ كَانَ وَقْتَ التَّفْوِيضِ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً؛ لِأَنَّ هَذَا الْغَيْرَ لَيْسَ وَكِيلًا (قَوْلُهُ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَفْوِيضُ أَمْرِ الزَّوْجَةِ لِلْغَيْرِ إلَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا أَوْ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ ذَهَابًا كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى (قَوْلُهُ فَلَهَا) أَيْ فَيَنْتَقِلُ لَهَا النَّظَرُ (قَوْلُهُ إنْ مَكَّنَتْ بِعِلْمِهِ) ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ وَلَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَرُجِّحَ أَيْضًا) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَرُجِّحَ أَيْ رَجَّحَهُ فِي الشَّامِلِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ مَكَّنَتْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَنَحْوِهِ فِي تت وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُمَلِّكَ إنْ مَكَّنَ مِنْ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا زَالَ مَا بِيَدِهِ مِنْ أَمْرِهَا قَالَ مَا نَصُّهُ وَلَوْ مَكَّنَتْهُ الزَّوْجَةُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَجْنَبِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَسْقُطُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَغِيبَ إلَخْ)

[فصل في رجعة المطلقة طلاقا غير بائن]

بَعْدَ تَفْوِيضِ الزَّوْجِ لَهُ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ (وَ) مَحَلُّ السُّقُوطِ إذَا (لَمْ يَشْهَدْ بِبَقَائِهِ) عَلَى حَقِّهِ مِمَّا جَعَلَهُ لَهُ الزَّوْجُ مِنْ أَمْرِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ مَعَ عَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى حَقِّهِ دَلِيلٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَلَا يَنْتَقِلُ النَّظَرُ إلَيْهَا (فَإِنْ أَشْهَدَ) أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حَقِّهِ (فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ) طَالَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ قَصَرَتْ (أَوْ يَنْتَقِلُ) الْحَقُّ (لِلزَّوْجَةِ قَوْلَانِ) لَكِنْ فِي الْبَعِيدَةِ خَاصَّةً وَكَتَبَ لَهُ فِي الْقَرِيبَةِ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ أَوْ إمْضَاءِ مَا جُعِلَ لَهُ وَلَا يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الرَّاجِحِ (وَإِنْ مَلَّكَ) أَمْرَ زَوْجَتِهِ (رَجُلَيْنِ) بِأَنْ قَالَ مَلَّكْتُكُمَا أَمْرَهَا أَوْ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا أَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ) بِطَلَاقِهَا دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ الْوَكِيلِ الْوَاحِدِ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ كَالْوَكِيلَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي وَطْئِهَا زَالَ مَا بِيَدِهِمَا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلثَّانِي كَلَامٌ (إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) بِأَنْ يَقُولَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا: طَلِّقْ زَوْجَتِي أَوْ مَلَّكْتُك أَمْرَهَا أَوْ يَقُولَ لَهُمَا: جَعَلْت لِكُلٍّ مِنْكُمَا طَلَاقُهَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَضَاءُ وَتَسْمِيَةُ هَذَا رِسَالَةً مَجَازٌ إذْ حَقِيقَةُ الرِّسَالَةِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا: بَلِّغَاهَا أَنِّي قَدْ طَلَّقْتهَا وَفِي هَذِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يُبَلِّغْهَا أَحَدٌ مِنْهُمَا وَحَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بَعِيدٌ فَتَدَبَّرْ (فَصْلٌ فِي رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ) وَهُوَ عَوْدُ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ لِلْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ وَيَتَعَلَّقُ الْبَحْثُ فِيهَا بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ الْمُرْتَجِعِ وَالْمُرْتَجَعَةِ وَسَبَبِ الرَّجْعَةِ وَأَحْكَامِ الْمُرْتَجَعَةِ قَبْلَ الِارْتِجَاعِ، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ مُرَتَّبَةً هَكَذَا فَقَالَ (يَرْتَجِعُ) أَيْ يَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ ارْتِجَاعُ (مَنْ يَنْكِحُ) أَيْ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ فَلَا يَصِحُّ ارْتِجَاعُ مَجْنُونٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهَا النَّظَرُ فَالْغَيْبَةُ بَعْدَ التَّفْوِيضِ مُخَالِفَةٌ لِلْغَيْبَةِ قَبْلَهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا غَابَ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ بِحُضُورِهِ كَانَ ظَالِمًا فَيَسْقُطُ حَقُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا حَالَ التَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ فَلِذَا انْتَظَرَ إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً وَانْتَقَلَ النَّظَرُ لَهَا إنْ كَانَتْ بَعِيدَةً وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ لِمَا يَلْحَقُهَا مِنْ الضَّرَرِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ غَيْبَتِهِ بَعْدَ التَّفْوِيضِ وَغَيْبَتِهِ قَبْلَهُ طَرِيقَةٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَأَجْرَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْغَيْبَةَ بَعْدَ التَّفْوِيضِ عَلَى الْغَيْبَةِ قَبْلَهُ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ قُرْبِ الْغَيْبَةِ وَبَعْدَهَا وَاخْتَارَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ تَفْوِيضِ الزَّوْجِ لَهُ) أَيْ طَلَاقَهَا عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ أَشْهَدَ) أَيْ عِنْدَ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَكَتَبَ لَهُ فِي الْقَرِيبَةِ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ) أَيْ وَإِذَا كَتَبَ لَهُ بِإِسْقَاطِ مَا بِيَدِهِ أَوْ إمْضَائِهِ فَأَسْقَطَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ النَّظَرُ لِلزَّوْجَةِ وَانْظُرْ لَوْ مَاتَ مَنْ فُوِّضَ لَهُ أَمْرُهَا وَلَمْ يُوصِ بِهِ لِأَحَدٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِهِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ اهـ خش (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ إنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا جُعِلَ لَهُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ وَثَالِثُهَا لَمَّا كَانَ ضَعِيفًا لَمْ يَحْمِلْ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ إلَخْ) أَيْ فَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَغْوٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ سَوَاءٌ حَمَلْت الرِّسَالَةَ عَلَى الْمَجَازِيَّةِ أَوْ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فِي التَّمْلِيكِ عَلَى مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَّكَ رَجُلَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُولُ لَهُمَا جَعَلْت لِكُلٍّ مِنْكُمَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ يَقُولُ لَهُمَا طَلِّقَا زَوْجَتِي وَلَمْ يَقُلْ إنْ شِئْتُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ أَيْ لِكُلٍّ مِنْكُمَا طَلَاقُ زَوْجَتِي فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالطَّلَاقِ عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ فِي الْفُرُوجِ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ. وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا قَالَ: طَلِّقَا زَوْجَتِي فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى الرِّسَالَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّمْلِيكَ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا مَعًا وَلَهُ عَزْلُهُمَا، وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا مَعًا وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُمَا وَالْأَوَّلُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَتَبِعَهُ بَهْرَامُ فِي الشَّامِلِ وعج وَالشَّيْخُ سَالِمٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ أَرْسَلَهُمَا لِيُبَلِّغَاهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَلِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَضَاءُ أَيْ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَوَجْهُ الْبُعْدِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَفْسِيرِ الْقَضَاءِ بِالْإِخْبَارِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ يُوهِمُ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَقَعُ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرَاهَا [فَصْل فِي رَجْعَة الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ] فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ عَوْدُ إلَخْ) الضَّمِيرُ لِلرَّجْعَةِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ عَوْدَ الْبَائِنِ لِلْعِصْمَةِ بِتَجْدِيدِ عَقْدٍ لَا يُسَمَّى رَجْعَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ يُسَمَّى مُرَاجَعَةً لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ تَقْتَضِي الْحُصُولَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ) أَيْ وَهُوَ الْعَاقِلُ فَأَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ إنَّمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَقْلِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَمِ الْإِحْرَامِ، وَعَدَمِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ طَرَأَ عَلَيْهِمَا مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهِ، وَقَوْلُهُ: أَيْ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ دَخَلَ فِيهِ الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَهْلِيَّةَ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ مِنْ وَلِيِّهِ وَقَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهُ إمَّا بَائِنٌ بِأَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ وَلِيُّهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِدُونِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا مَرَّ وَالْأَوَّلُ بَائِنٌ قَطْعًا وَكَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ كَلَا وَطْءٍ أَوْ غَيْرُ لَازِمٍ

وَلَا سَكْرَانَ وَلَمَّا أَوْهَمَ كَلَامُهُ إخْرَاجَ الْمُحْرِمِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ نَصَّ عَلَى دُخُولِهِمْ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ أَهْلِيَّةَ النِّكَاحِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَارِضِ فَقَالَ (وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهُمَا، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمَرِيضَ، وَلَوْ مَخُوفًا، وَلَيْسَ فِيهِ إدْخَالُ وَارِثٍ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَرِثُ (وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ) عَطْفٌ عَلَى إحْرَامٍ؛ لِأَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ إذَنْ لَهُ فِي تَوَابِعِهِ وَمِثْلُ الْعَبْدِ السَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ فَلَا تَتَوَقَّفُ رَجْعَتُهُمَا عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ وَالْغَرِيمِ فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ يَجُوزُ رَجْعَتُهُمْ، وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُمْ ابْتِدَاءً وَأَشَارَ لِلْأَمْرِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُرْتَجَعَةُ بِقَوْلِهِ (طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ) مَفْعُولُ يَرْتَجِعُ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَائِنِ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُخَالَعَةِ (فِي عِدَّةِ) نِكَاحٍ (صَحِيحٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرْتَجِعُ وَخَرَجَ بِهِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَبِالصَّحِيحِ الْفَاسِدُ (حَلَّ وَطْؤُهُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ صَحِيحٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ وَطْأَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ لَا يَجُوزُ أَوْ صَحِيحٍ لَازِمٍ، وَلَكِنْ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا كَالْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَأَشَارَ إلَى الْأَمْرِ الثَّالِثِ وَهُوَ السَّبَبُ بِقَوْلِهِ (بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ) أَيْ قَصْدٍ لِلرَّجْعَةِ، وَسَوَاءٌ الْقَوْلُ الصَّرِيحُ (كَرَجَعْتُ) زَوْجَتِي لِعِصْمَتِي وَارْتَجَعْتُهَا وَرَاجَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا لِنِكَاحِي (وَ) الْمُحْتَمَلُ نَحْوَ (أَمْسَكْتُهَا) إذْ يُحْتَمَلُ أَمْسَكْتهَا تَعْذِيبًا (أَوْ نِيَّةٍ) فَقَطْ (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَالْمُرَادُ بِهَا الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ لَا مُجَرَّدُ الْقَصْدِ، وَهِيَ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ فَيَجُوزُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَطْؤُهَا وَمُعَاشَرَتُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَيَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ إنْ رُفِعَ لَهُ (وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) وَهُوَ أَنَّ النِّيَّةَ فَقَطْ لَا رَجْعَةَ بِهَا وَعَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ يُطَلِّقَ هُوَ اهـ خش (قَوْلُهُ: وَلَا سَكْرَانَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِحَلَالٍ اهـ خش (قَوْلُهُ وَالْعَبْدِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ خُرُوجُهُ لِظُهُورِ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ صَحِيحٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ وَالْمَرِيضِ فَإِنَّهُ يُتَوَهَّمُ خُرُوجُهُمَا لِفَسَادِ نِكَاحِهِمَا (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَى دُخُولِهِمْ) الْأَوْلَى بَالَغَ عَلَى دُخُولِهِمْ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ إلَخْ أَيْ وَالْمُبَالَغَةُ تَقْتَضِي دُخُولَ مَا بَعْدَهَا فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُلْتَبِسٍ بِمَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِإِحْرَامٍ أَوْ مَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُصَاحِبًا لِكَإِحْرَامٍ، وَالْأَوْضَحُ جَعْلُهَا لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِإِحْرَامٍ وَنَحْوِهِ كَمَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمَرِيضَ) الْأَوْلَى الْمَرَضَ، وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ أَيْ فِي ارْتِجَاعِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ فِيهَا أَيْ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْعَبْدِ) أَيْ فِي كَوْنِ رَجْعَتِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ (قَوْلُهُ: فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ) وَهُوَ الْمُحْرِمُ وَالْمَرِيضُ وَالْعَبْدُ وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ (قَوْلُهُ طَالِقًا) بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الِارْتِجَاعِ لَا قَيْدٌ فِيهِ، وَأَتَى بِهِ لِأَجْلِ التَّوَصُّلِ لِلْوَصْفِ بِقَوْلِهِ: غَيْرَ بَائِنٍ؛ إذْ هُوَ الْمُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْبَائِنِ، وَقِيلَ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الزَّوَاجِ ابْتِدَاءً فَلَا يُسَمَّى رَجْعَةً (قَوْلُهُ غَيْرَ بَائِنٍ) هَذَا يُغْنِي عَنْ جَمِيعِ الْقُيُودِ الَّتِي بَعْدَهُ فَذِكْرُهَا مَعَهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ (قَوْلُهُ: وَبِالصَّحِيحِ الْفَاسِدُ) أَيْ خَرَجَ بِالصَّحِيحِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءً فُسِخَ بَعْدَهُ أَوْ طَلَّقَ فَلَا رَجْعَةَ كَخَامِسَةٍ، وَجَمَعَ كَأُخْتٍ مَعَ أُخْتِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ الْأُولَى أَوْ طَلُقَتْ لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، فَإِذَا فُسِخَ هَذَا النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّةِ ذَلِكَ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ وَطْأَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ لَا يَجُوزُ) فَإِذَا اطَّلَعَ السَّيِّدُ عَلَى نِكَاحِهِ بَعْدَ وَطْئِهِ وَرَدَّهُ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ اطِّلَاعِ سَيِّدِهِ فَلَا رَجْعَةَ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ بَعْضِهِمْ صِحَّةَ الرَّجْعَةِ فِيمَا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ اطِّلَاعِ سَيِّدِهِ وَتَوَقُّفِهَا عَلَى إجَازَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَحِيحٍ لَازِمٍ) أَيْ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْوَطْءِ فِي صَحِيحٍ لَازِمٍ لَكِنْ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا (قَوْلُهُ: كَالْحَيْضِ) أَيْ كَالْوَطْءِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَقَطْ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ هَذَا الْوَطْءِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (قَوْلُهُ: الْقَوْلُ الصَّرِيحُ) أَيْ فِي الرَّجْعَةِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: إذْ يُحْتَمَلُ أَمْسَكْتهَا تَعْذِيبًا) أَيْ وَتَحْتَمِلُ أَمْسَكْتهَا فِي عِصْمَتِي زَوْجَةً فَإِذَا أَتَى بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ، وَقَصَدَ بِهِ الرَّجْعَةَ حَصَلَتْ (قَوْلُهُ أَوْ نِيَّةً فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُصَاحَبَةِ فِعْلٍ لَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوَّاهُ شَيْخُنَا وَقَوَّى بْن وَغَيْرُهُ مُقَابِلَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدُ الْقَصْدِ) أَيْ لِعَوْدِهَا لِعِصْمَتِهِ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ رَجْعَةٌ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ النِّيَّةُ وَقَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ وَهُوَ الْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُصَحِّحُ لَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَرَدَّهُ ابْنُ بَشِيرٍ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَا رَجْعَةَ بِهَا) أَيْ فِي الْبَاطِنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَطْؤُهَا وَلَا مُعَاشَرَتُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْبَاطِنِ وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَطْئِهَا وَلَا

فَلَوْ نَوَى ثُمَّ وَطِئَ أَوْ بَاشَرَ بَعْدَ بُعْدٍ فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى فَجَامَعَ أَوْ بَاشَرَ فَقَدْ قَارَنَهَا فِعْلٌ فَرَجْعَةٌ اتِّفَاقًا (أَوْ بِقَوْلٍ) صَرِيحٍ بِلَا نِيَّةٍ (وَلَوْ هَزْلًا) لَكِنَّ الرَّجْعَةَ بِالْهَزْلِ (فِي الظَّاهِرِ) فَقَطْ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ (لَا الْبَاطِنِ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إلَّا إذَا جَدَّدَ نِيَّةً فِي الْعِدَّةِ أَوْ عَقْدًا بَعْدَهَا (لَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) لِلرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا (بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْتُ الْحِلَّ وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ) فَالْأَوَّلُ يُحْتَمَلُ لِي وَلِغَيْرِي وَالثَّانِي يُحْتَمَلُ عَنِّي وَعَنْ غَيْرِي (وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (بِفِعْلٍ دُونَهَا) أَيْ دُونَ النِّيَّةِ وَلَوْ بِأَقْوَى الْأَفْعَالِ (كَوَطْءٍ) فَأَوْلَى مُبَاشَرَةٍ (وَلَا صَدَاقَ) عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَطْءِ الْخَالِي عَنْ نِيَّةِ الِارْتِجَاعِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ (وَإِنْ اسْتَمَرَّ) عَلَى هَذَا الْوَطْءِ الْخَالِي عَنْ النِّيَّةِ أَوْ لَمْ يَسْتَمِرَّ (وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا (لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا وَلَا مِنْ مِيرَاثِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى ثُمَّ وَطِئَ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ النِّيَّةَ بِمَعْنَى الْقَصْدِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِيعِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ بُعْدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ إذَا كَانَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي الرَّجْعَةِ وَقَوْلُهُ فَرَجْعَةٌ اتِّفَاقًا أَيْ لِاجْتِمَاعِ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَدَّمَتْ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزْلًا) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْهَزْلَ هُوَ الْخَالِي عَنْ نِيَّةٍ فَلَوْ كَانَتْ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ لَاتَّحَدَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِقَوْلٍ هَزْلًا كَانَ أَحْسَنَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ مَخْصُوصٌ بِالْمُحْتَمَلِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِأَمْسَكْتُهَا وَرَجَعَتْ بِدُونِ زَوْجَتِي فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ: وَبِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ مَعَ نِيَّةٍ بَلْ وَلَوْ مُجَرَّدًا عَنْهَا وَهُوَ الْهَزْلُ وَبِهَذَا يَنْتَفِي التَّكْرَارُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِ الْوَاوِ لِلْحَالِ وَإِهْمَالِ لَوْ (قَوْلُهُ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ) أَيْ وَيَحْكُمُ لَهُ بِالْمِيرَاثِ مِنْهَا إنْ مَاتَتْ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَيْضًا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مِيرَاثِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ صِيغَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَأَرْكَانٌ وَشُرُوطٌ مِنْ صَدَاقٍ وَاسْتِئْذَانٍ فَقَوِيَ أَمْرُهُ فَكَانَ الْهَزْلُ فِيهِ كَالْعَدَمِ، وَلَمَّا ضَعُفَ أَمْرُ الرَّجْعَةِ بِكَوْنِ صِيغَتِهَا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَقَطْ أَثَّرَ هَزْلَهُ فِيهَا فِي الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ هَزْلًا غَيْرِ مُحْتَمِلٍ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ وَأَمَّا بِقَوْلٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ لَهَا أَصْلًا مَعَ نِيَّةٍ كَاسْقِنِي الْمَاءَ نَاوِيًا بِهِ الرَّجْعَةَ فَهَلْ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِهِ أَوْ لَا تَرَدَّدَ فِيهِ عج وَغَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الرَّجْعَةِ بِالنِّكَاحِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهَا بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحَرِّمُ، وَالرَّجْعَةُ تُحَلِّلُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ وَأَمَّا الْفِعْلُ مَعَ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ، وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا مِنْ جُمْلَةِ الْفِعْلِ فَإِنْ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ كَفَى قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْصُلُ بِالْقَوْلِ مَعَ النِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَوْلُ صَرِيحًا أَوْ مُحْتَمَلًا وَكَذَلِكَ بِالْفِعْلِ مَعَ النِّيَّةِ وَأَمَّا الْفِعْلُ وَحْدَهُ أَوْ الْقَوْلُ الْمُحْتَمَلُ وَحْدَهُ فَلَا تَحْصُلُ بِهِمَا رَجْعَةٌ وَالْقَوْلُ الصَّرِيحُ وَحْدَهُ تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ فِي الظَّاهِرِ لَا فِي الْبَاطِنِ وَأَمَّا النِّيَّةُ وَحْدَهَا فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْقَصْدِ فَلَا تَحْصُلُ بِهَا رَجْعَةٌ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ فَقِيلَ تَحْصُلُ بِهَا الرَّجْعَةُ فِي الْبَاطِنِ لَا فِي الظَّاهِرِ وَقِيلَ لَا تَحْصُلُ بِهَا مُطْلَقًا لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَلَا صَدَاقَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ رَجْعَةٍ حَرَامًا وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ إذَا ارْتَجَعَهَا وَلَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْوَطْءِ بَلْ بِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى بَاقِيَةً فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى فَلَا يَنْكِحُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِالْعَقْدِ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ فُسِخَ، وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ الْحَاصِلِ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ طَلَّقَهَا) أَيْ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ لَهَا رَجْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ رَجْعَةٌ، وَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ عبق وَفَائِدَتُهُ لُزُومُ طَلَاقٍ بَعْدَهُ وَتَأْتَنِفُ لَهُ عِدَّةً، وَعَلَيْهِ فَيُلْغَزُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ رَجْعِيٍّ تُؤْتَنَفُ لَهُ الْعِدَّةُ وَلَا رَجْعَةَ مَعَهُ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ بَائِنًا، وَبِهِ جَزَمَ بْن حَيْثُ قَالَ: وَيَكُونُ هَذَا الطَّلَاقُ اللَّاحِقُ بَائِنًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَجْعِيًّا لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَائِلَ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ هُنَا هُوَ أَبُو عِمْرَانَ وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُمَا وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَكُونُ بَائِنًا كَمَا مَرَّ فِي شَرْطِ الرَّجْعَةِ الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَلَزِمَ إقْرَارُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ الْأُولَى، وَالْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا فَهُوَ بَائِنٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمُرَاعَاةِ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُجَرَّدِ لُحُوقِ الطَّلَاقِ لَا فِي تَصْحِيحِ الرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ

مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجْعَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ، وَأَمَّا التَّلَذُّذُ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ فَلَا يَلْحَقُهُ بِهِ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْعِدَّةِ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ رَجْعَةٌ (وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ هَذَا إذَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ أَصْلًا أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَلْ (وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ) الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِتَصَادَقَا أَيْ، وَإِنْ تَصَادَقَا قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَطْءِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ مِنْهُ إلَّا بِعِلْمِ الدُّخُولِ أَيْ الْخَلْوَةِ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَلَمْ يَنْفِهِ فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَنْفِي التُّهْمَةَ (وَأُخِذَا) أَيْ (الزَّوْجَانِ بِإِقْرَارِهِمَا) بِالْوَطْءِ أَيْ أُخِذَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الِارْتِجَاعِ فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ، وَتَكْمِيلُ الصَّدَاقِ وَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَعَدَمُ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ مُدَّتَهَا وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ وَهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَالْأَخْذُ بِإِقْرَارِهِمَا، قَوْلُهُ: (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ لِلرَّجْعَةِ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا مَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ عَلَى الدَّوَامِ وَكَذَا إنْ صَدَّقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQدُونَ نِيَّةٍ اهـ كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ الَّذِي وَطِئَ فِي عِدَّتِهِ رَجْعِيٌّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ وَالثَّانِي بَائِنٌ لُحُوقُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْحَقُهُ الطَّلَاقُ إلَّا نَسْقًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ) أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ بِدُونِ نِيَّةٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ؛ إذْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: إنَّ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنْ أَسَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ لَحِقَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ الوانشيريسي (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ) أَيْ فَهُوَ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَاحِقٌ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ) أَيْ خَلْوَةٌ حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِشَاهِدَيْنِ، وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَتَقَارَرَ الزَّوْجَانِ بِالْإِصَابَةِ فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ وَلَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ، وَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ فَلَا وَطْءَ فَلَا رَجْعَةَ، وَلَوْ تَصَادَقَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَأَوْلَى إذَا تَصَادَقَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا شُرِطَ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ وَطْءٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَوْ ارْتَجَعَهَا لَأَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ وَطَلَّقَهَا، وَعُلِمَ عَدَمُ دُخُولِهِ بِهَا لِكَوْنِهَا لَمْ تَأْتِ بَلَدَهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ هُوَ لِبَلَدِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي بَلْدَةٍ وَطَلَّقَهَا، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ عَدَمَ عِلْمِ الدُّخُولِ أَعَمُّ مِنْ عِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ حَيْثُ جَعَلَ عَدَمَ عِلْمِ الدُّخُولِ صَادِقًا بِعِلْمِ عَدَمِ الدُّخُولِ وَبِعَدَمِ الْعِلْمِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَظْهَرَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ (قَوْلُهُ بِنَفْيِ التُّهْمَةِ) أَيْ تُهْمَةِ ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ (قَوْلُهُ وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا فِي دَعْوَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُهُمَا بِالْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى إقْرَارِهِ هُوَ، وَقَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَعَدَمُ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ مُدَّتَهَا بَيَانٌ لِلْمُتَرَتِّبِ عَلَى إقْرَارِهَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ بْن أَنَّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا بِالْوَطْءِ أُخِذَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْآخَرُ أَمْ لَا وَكَذَا قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ، وَأَمَّا هِيَ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ أُخِذَتْ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ فَرْضُ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى الْإِقْرَارِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الِارْتِجَاعِ) أَيْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلِارْتِجَاعِ فَلَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِمَا؛ إذْ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ حَتَّى يُعْلَمَ الدُّخُولُ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى) أَيْ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَامِسَةُ (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ) أَيْ فَإِذَا انْقَضَتْ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا، وَإِنْ رَجَعَا أَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُؤَاخَذُ الرَّاجِعُ وَيُؤَاخَذُ غَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ تَبَعًا لعج وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ مَا فِي الْمَقَامِ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا مُصَدِّقٍ مِمَّا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَدَّقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْخَلْوَةَ عُلِمَتْ بَيْنَهُمَا لَكِنْ يُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ، وَهِيَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ عَلَى الدَّوَامِ فَيَجِبُ لَهَا مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ، وَكَذَا تُؤَاخَذُ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهَا إنْ صَدَّقَتْهُ، وَلَا يُمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ فَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ لُزُومَ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مَشْرُوطٌ بِتَصْدِيقِهَا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَمْ تُؤَاخَذْ بِذَلِكَ لِإِقْرَارِهَا بِسُقُوطِ ذَلِكَ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالرَّجْعَةِ، وَلَا مُصَدِّقٌ أَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، أَوْ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا هِيَ) أَيْ

(إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ) شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ أُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا مُطْلَقًا تَمَادَيَا أَوْ لَا فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ (عَلَى الْأَصْوَبِ وَلِلْمُصَدِّقَةِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (النَّفَقَةُ) وَالْكِسْوَةُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي الْأُولَى، وَتُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَبَدًا فِي الثَّانِيَةِ، وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا، وَمِنْ قَوْلِهِ: إنْ تَمَادَيَا إلَخْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا تَطْلُقُ) عَلَيْهِ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ قَامَتْ (لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ) إذْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهَا وَلَيْسَتْ هِيَ زَوْجَةً فِي الْحُكْمِ (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (جَبْرُهَا) أَيْ جَبْرُ الْمُصَدِّقَةِ وَجَبْرُ وَلِيِّهَا (عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبُعِ دِينَارٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِبُ عَلَيْهَا لَهُ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجِ مَا عَدَا الِاسْتِمْتَاعَ فَلَا يَجُوزُ التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ حَيْثُ صَدَّقَتْهُ عَلَى الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ) أَيْ عَلَى الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَكَذَا فِيمَا قَبْلَهَا إنْ انْقَضَتْ إلَخْ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ لعج. وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا سَوَاءٌ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَوْ لَا إنْ اسْتَمَرَّتْ الْعِدَّةُ، فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا إلَّا إذَا تَمَادَيَا، وَإِلَّا عُمِلَ بِرُجُوعِهِمَا أَوْ رُجُوعِ أَحَدِهِمَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ بَعْدَ الْعِدَّةِ يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا أَبَدًا إذَا تَمَادَيَا عَلَى الْإِقْرَارِ فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ، وَقَالَ بَهْرَامُ وتت إنَّ قَوْلَهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ شَرْطٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَقَطْ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَرَاجَعَهَا لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ وَيُؤَاخَذَانِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِمَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ فِيهَا فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ الرَّجْعَةَ فِيهَا، وَصَدَّقَتْهُ فَإِنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا أَبَدًا مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ دَوَامِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ، وَقَالَ الطِّخِّيخِيُّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ إنَّ قَوْلَهُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا لَكِنَّ طَرِيقَتَهُمَا مُخَالِفَةٌ لِطَرِيقَةِ عج. وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا مُدَّةَ دَوَامِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ وَكَذَلِكَ فِي الْأُولَى كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ رَجَعَا أَوْ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَوْلُهُ: إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ فَيَقُولَانِ: إنَّهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا فِي الْعِدَّةِ مُطْلَقًا تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَمْ لَا، وَلَا يُؤَاخَذَانِ بِهِ بَعْدَهَا، وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا إلَّا مُدَّةَ دَوَامِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ فَإِنْ حَصَلَ رُجُوعٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلنَّقْلِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إنْ انْقَضَتْ إلَخْ) فَإِذَا انْقَضَتْ وَتَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ لَزِمَهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ الرَّاجِعِ) أَيْ فَإِذَا رَجَعَا مَعًا وَكَذَّبَا أَنْفُسَهُمَا لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ وَجَازَ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ، وَإِذَا رَجَعَتْ هِيَ فَقَطْ جَازَ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا لِتَكْذِيبِهَا لَهُ فِي إقْرَارِهِ وَإِنْ رَجَعَ هُوَ فَقَطْ سَقَطَ الْإِنْفَاقُ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْمُصَدِّقَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ الْمُصَدِّقَةِ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْمُصَدِّقَةِ عَلَى الرَّجْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ اُسْتُفِيدَ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا وَلَا مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِإِقْرَارِهِمَا اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا إنْ تَمَادَى الْمُقِرُّ عَلَى إقْرَارِهِ لَكِنْ مُؤَاخَذَةُ الرَّجُلِ بِالنَّفَقَةِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ إذَا تَمَادَى عَلَى الْإِقْرَارِ مَشْرُوطَةٌ بِتَصْدِيقِهَا لَهُ فَلَوْ كَذَّبَتْهُ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا لِإِقْرَارِهَا بِسُقُوطِهَا عَنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ حَقَّانِ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ مِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَحَقٌّ لِلَّهِ كَمَنْعِ الْخَامِسَةِ مَثَلًا وَحُرْمَةِ أُصُولِ الزَّوْجَةِ وَفُصُولِهَا وَأَمَّا هِيَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لِأَجْلِ إقْرَارِهَا إلَّا حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ الْعِدَّةُ، وَحُرْمَةُ تَزَوُّجِهَا بِالْغَيْرِ أَمَّا أَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَقِّ اللَّهِ فَبِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَقَعَ تَصْدِيقٌ مِنْ الْآخَرِ أَمْ لَا، وَأَمَّا أَخْذُ الزَّوْجِ بِحَقِّ الزَّوْجَةِ فَمَشْرُوطٌ بِتَصْدِيقِهَا لِقَوْلِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْعِدَّةِ) قَدْ عَلِمَتْ مَا فِيهِ وَأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤَاخَذُ كُلٌّ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ مُدَّةَ الْعِدَّةِ فَقَطْ وَلَوْ لَمْ يَتَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ، وَحِينَئِذٍ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَانَ لَهَا التَّزَوُّجُ فَالْأَوْلَى قَصْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ هِيَ زَوْجَةً فِي الْحُكْمِ) أَيْ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ بِحَيْثُ يَثْبُتُ لَهَا كُلُّ مَا يَثْبُتُ لِلزَّوْجَاتِ (قَوْلُهُ: جَبْرُ الْمُصَدِّقَةِ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْمُصَدِّقَةِ عَلَى الرَّجْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَكِنَّ الْجَبْرَ فِي الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ

فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ عَقَدَ الْحَاكِمُ (وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (إنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (فَقَطْ) وَكَذَّبَتْهُ (فِي) خَلْوَةِ (زِيَارَةٍ) وَطَلَّقَهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا (بِخِلَافِ) إقْرَارِهِ فَقَطْ فِي خَلْوَةِ (الْبِنَاءِ) فَلَهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَالْبِنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي إقْرَارُهُ فَقَطْ وَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ حَمْلٍ، وَلَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي إبْطَالِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ حَالًا وَمَآلًا وَلَا تَصِحُّ رَأْسًا (إنْ لَمْ تُنَجَّزْ) بِأَنْ عُلِّقَتْ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَوْ مُحَقَّقًا (كَغَدٍ) كَأَنْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتهَا؛ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ لِأَجَلٍ وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ (أَوْ) تَبْطُلُ (الْآنَ فَقَطْ) فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ الْغَدِ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ صَحَّتْ وَحَلَّتْ لَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَجْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَعْلِيقُهَا وَتَنْجِيزُهَا وَعَلَيْهِ لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا بِمَجِيئِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ فَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ (وَلَا) رَجْعَةَ (إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ) أَيْ مَنْ أَرَادَ الْغَيْبَةَ وَقَدْ كَانَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا وَخَافَ أَنْ تُحْنِثَهُ فِي غَيْبَتِهِ (إنْ دَخَلَتْ) وَوَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فِي غَيْبَتِي (فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا) ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ) الْمُتَزَوِّجَةِ بِعَبْدٍ (نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا) أَيْ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ (بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا) كَأَنْ تَقُولَ: إنْ عَتَقْت فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت زَوْجِي فَإِنَّهُ لَغْوٌ، وَلَوْ أَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهَا اخْتِيَارُ خِلَافِهِ إنْ عَتَقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعج مِنْ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ إنْ تَمَادَيَا عَلَى الْإِقْرَارِ وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْعِدَّةِ فَلَا جَبْرَ بَعْدَهَا اُنْظُرْ بْن وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ جَبْرُهَا وَجَبْرُ وَلِيِّهَا عَلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهَا لِحَقِّ اللَّهِ فِي ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ شُرُوطِهِ، وَذَلِكَ يَزُولُ بِوُجُودِ الْعَقْدِ الْجَدِيدِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ عَقَدَ الْحَاكِمُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ، وَانْظُرْ هَلْ لَهَا جَبْرُهُ عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَوْ لَا تَأَمَّلَ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ أَقَرَّ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِشَاهِدَيْنِ وَاخْتَلَى بِهَا فِي حَالِ زِيَارَتِهِ لَهَا، وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ مَثَلًا، وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا وَكَذَّبَتْهُ وَطَلَّقَهَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا تَتِمُّ لَهُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا، وَيُحْكَمُ بِكَوْنِ الطَّلَاقِ بَائِنًا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَكَذَا يُقَالُ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ بَعْدُ وَقَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ أَيْ إذَا كَانَتْ الزِّيَارَةُ مِنْهُ لَهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَارَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَارَةُ مِنْهَا لَهُ فَيُصَدَّقُ إذَا أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ كَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِي بَيْتِهِ دُونَ بَيْتِ غَيْرِهِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّهُمَا إذَا كَانَا زَائِرَيْنِ مِثْلَ مَا إذَا كَانَ زَائِرًا وَحْدَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ) نَقَلَ هَذَا ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ كَمَا فِي ح وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُكْمِلُ لَهَا حَتَّى تَرْجِعَ لِتَصْدِيقِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ وَهُمَا الْمُشَارُ إلَيْهِمَا فِي الصَّدَاقِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارُ الرَّشِيدَةَ كَذَلِكَ أَوْ إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا تَأْوِيلَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) تَعَقَّبَهُ بْن قَائِلًا اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ هَذَا وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَلَّذِي فِي ح مَا نَصُّهُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا وَذَكَرَ فِي الْعُمْدَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الزِّيَارَةِ وَالِاهْتِدَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ أَيْضًا اهـ فَلَمْ يَذْكُرْ ح تَرْجِيحًا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَصِحُّ إذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ لَا الزِّيَارَةِ اهـ كَلَامُ بْن وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الشَّامِلِ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَلْوَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتهَا) أَيْ فَلَا يَكُونُ هَذَا رَجْعَةً الْآنَ وَلَا غَدًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَكُونُ لِأَجَلٍ) أَيْ فَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِي نِكَاحٍ كَمَا تَقُولُ: اعْقِدْ لِي عَلَى بِنْتِك الْآنَ، وَحِلِّيَّةُ الْوَطْءِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْغَدِ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِي الرَّجْعَةِ كَأَنْ يَقُولَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا (قَوْلُهُ: وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ) أَيْ لِلْقَوْلِ أَوْ لِلْفِعْلِ أَيْ وَلَا نِيَّةَ هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ الْغَدِ) هَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا قَبْلَ الْغَدِ حُكْمُ مَنْ لَمْ تُرَاجَعْ فَحَقُّهُ فِي الرَّجْعَةِ حِينَئِذٍ بَاقٍ فَإِذَا وَطِئَهَا، وَهُوَ يَرَى أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ فَقَدْ قَارَنَ فِعْلُهُ نِيَّتَهُ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ رَجْعَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ) أَيْ بِأَنْ وَلَدَتْ أَوْ نَزَلَ عَلَيْهَا الدَّمُ الثَّالِثُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِعَبْدِ الْحَقِّ وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ (قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ) أَيْ إلَّا بِنِيَّةٍ تَحْدُثُ بَعْدَ الطَّلَاقِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ فَهِيَ طَالِقٌ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ حَقٌّ عَلَى الرَّجُلِ أَيْ حَقٌّ يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ، وَالرَّجْعَةُ حَقٌّ لَهُ فَالْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْزَمُ بِالْتِزَامِهِ، وَالْحَقُّ الَّذِي لَهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ، وَلَوْ أَشْهَدَ بِهِ

(بِخِلَافِ) الزَّوْجَةِ (ذَاتِ الشَّرْطِ) أَيْ الَّتِي شَرَطَ لَهَا الزَّوْجُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِ أَبِيهَا (تَقُولُ) قَبْلَ حُصُولِ مَا ذَكَرَ (إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا وَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَامَهَا مَقَامَهُ فِي تَمْلِيكِهِ إيَّاهَا مَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَذَلِكَ هِيَ، وَهَذَا يُفِيدُ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ - لُزُومَ مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الرَّجْعَةُ ذَكَرَ مَا تَصِحُّ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّتْ رَجَعْته إنْ قَامَتْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ) بَعْدَ الْعِدَّةِ (عَلَى إقْرَارِهِ) بِالْوَطْءِ فِيهَا أَيْ أَوْ بِالتَّلَذُّذِ بِهَا فِيهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ (أَوْ) عَلَى مُعَايَنَةِ (تَصَرُّفِهِ) لَهَا (وَمَبِيتِهِ) عِنْدَهَا (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ بِهَا، وَأَمَّا شَهَادَتُهَا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَايَنَةٍ لِمَا ذَكَرَ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا ثُمَّ إنْ أَرَادَ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفَ الْخَاصَّ بِالْأَزْوَاجِ كَأَكْلٍ مَعَهَا وَغَلْقِ بَابٍ عَلَيْهَا دُونَ أَحَدٍ مَعَهُمَا فَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ إذْ يَكْفِي أَحَدُهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ الْعَامَّ كَشِرَاءِ نَفَقَةٍ وَفَاكِهَةٍ مِنْ السُّوقِ وَبَعْثِهَا لَهَا كَانَتْ الْوَاوُ عَلَى حَقِيقَتِهَا لَكِنْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ مُعَايَنَةَ الْمَبِيتِ وَحْدَهَا تَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا التَّصَرُّفُ الْعَامُّ (أَوْ قَالَتْ) الْمُطَلَّقَةُ عِنْدَ قَصْدِهِ ارْتِجَاعَهَا أَنَا (حِضْت ثَالِثَةً) فَلَا رَجْعَةَ لَك عَلَيَّ (فَأَقَامَ) الزَّوْجُ (بَيِّنَةً) شَهِدَتْ (عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ (بِمَا يُكَذِّبُهَا) بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا قَالَتْ: لَمْ أَحِضْ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَالِثَةً وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلَيْهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ (أَوْ أَشْهَدَ) الزَّوْجُ (بِرَجْعَتِهَا) فِي الْعِدَّةِ (فَصَمَتَتْ) يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ (ثُمَّ قَالَتْ كَانَتْ) عِدَّتِي قَدْ (انْقَضَتْ) قَبْلَ إشْهَادِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَقِيلَ: إنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُسْتَوِيَتَانِ فِي لُزُومِ مَا أَوْقَعَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَهُوَ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَقِيلَ إنَّهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ فِي عَدَمِ لُزُومِ مَا أَوْقَعَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى فِعْلِهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَلَا خِيَارَ لَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي يُحْكَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ سَأَلَ فِيهَا مَالِكًا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ ذَاتِ الشَّرْطِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُ دَارَ أَبِي قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يَلْعَبُ فِيهَا الْأَحْدَاثُ بِالْحَمَامِ مُعَرِّضًا لَهُ بِقِلَّةِ التَّحْصِيلِ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ وَتَوْبِيخًا لَهُ عَلَى تَرْكِ إعْمَالِ نَظَرِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَسْأَلَ إلَّا عَنْ أَمْرٍ مُشْكِلٍ اهـ اُنْظُرْ بْن قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَالْإِنْصَافُ أَنَّ سُؤَالَهُ وَارِدٌ؛ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ اخْتِيَارَ الْأَمَةِ قَبْلَ الْعِتْقِ فِعْلٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَهَا بِالشَّرْعِ وَأَمَّا ذَاتُ الشَّرْطِ فَاخْتِيَارُهَا لِمَا اخْتَارَتْهُ فِعْلٌ لِلشَّيْءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ لَهَا بِالتَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُقِمْهَا مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَقَامَهَا مَقَامَهُ فِي الطَّلَاقِ فَإِذَا قَالَتْ: إنْ فَعَلَ زَوْجِي مَا ذَكَرَ فَقَدْ اخْتَرْتُهُ ثُمَّ فَعَلَ فَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ الْفِرَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ وَطِئَهَا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ حِينَئِذٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ قَدْ عُلِمَتْ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَحَيْثُ كَانَتْ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ مَعَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ فَلَوْ دَخَلَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ وَبَاتَ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَلَا تَرِثُهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ تَصِحُّ بِهِ الرَّجْعَةُ وَهُوَ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ النَّصَّ عَلَيْهِ قَلِيلُ الْجَدْوَى لِكَوْنِهِ جَلِيًّا فَالصَّوَابُ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَقَامَ بَعْدَ الْعِدَّةِ بَيِّنَةً مِنْ الرِّجَالِ تَشْهَدُ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ وَإِنَّمَا قُلْنَا: مِنْ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ هُنَا لَا تَنْفَعُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ رَجْعَتَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ، وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الرَّجْعَةَ بِهَا) أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ) أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ يَبِيتُ عِنْدَهَا وَيَتَصَرَّفُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ) وَبِأَوْ عَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لِإِرَادَتِهِمْ التَّصَرُّفَ الْخَاصَّ بِالْأَزْوَاجِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْعَامَّ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِالْأَزْوَاجِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ الْوَاوُ عَلَى حَقِيقَتِهَا) وَبِالْوَاوِ عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِإِرَادَةِ التَّصَرُّفِ الْعَامِّ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: تَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ) أَيْ إنْ نَوَى بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا (قَوْلُهُ فَأَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ لَا مِنْ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْحَيْضِ لَا عَلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ حَتَّى يَكْفِيَ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَهِدَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَالِثَةً) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَالْأَوْلَى ثَانِيَةً بِالنُّونِ، وَإِلَّا فَهِيَ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلَيْهَا) أَيْ قَوْلِهَا حِضْت ثَالِثَةً وَقَوْلِهَا لَمْ أَحِضْ

بِرَجْعَتِي فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَتُعَدُّ نَادِمَةً وَمَفْهُومُ صَمَتَتْ أَنَّهَا لَوْ بَادَرَتْ بِالْإِنْكَارِ لَمْ يَصِحَّ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ (أَوْ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا وَكَذَّبَتْهُ فَلَمْ يُصَدَّقْ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ (وَلَدَتْ) وَلَدًا كَامِلًا (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِظُهُورِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْهُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي (وَرُدَّتْ) إلَى (الْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ) الَّتِي ادَّعَاهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حِينَ الطَّلَاقِ كَانَتْ حَامِلًا، وَعِدَّةُ الْحَامِلِ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ (وَلَمْ تَحْرُمْ) الزَّوْجَةُ (عَلَى) الزَّوْجِ (الثَّانِي) تَأْبِيدًا إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّا لَمَّا أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ لَا مُعْتَدَّةً (وَإِنْ) رَاجَعَهَا وَ (لَمْ تَعْلَمْ بِهَا) أَيْ بِالرَّجْعَةِ (حَتَّى انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ (وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ) الْمُرَاجَعَةَ (سَيِّدٌ فَكَالْوَلِيَّيْنِ) فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ رَاجَعَهَا فَاتَتْ عَلَى الْمُرَاجِعِ، وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ ذَكَرَ الْأَمْرَ الرَّابِعَ وَهُوَ أَحْكَامُ الْمُرْتَجَعَةِ بِقَوْلِهِ (وَالرَّجْعِيَّةُ) وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ الَّتِي يَمْلِكُ مُطَلِّقُهَا رَجْعَتَهَا (كَالزَّوْجَةِ) الْغَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ فِي لُزُومِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالتَّوَارُثِ وَالظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا) وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا (وَصُدِّقَتْ) الْمُطَلَّقَةُ (فِي) دَعْوَى (انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْقَرْءِ وَالْوَضْعِ) سِقْطًا أَوْ غَيْرَهُ (بِلَا يَمِينٍ) وَلَوْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا أَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ فَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا تَوَارُثَ (مَا أَمْكَنَ) أَيْ مُدَّةَ إمْكَانِ تَصْدِيقِهَا (وَسُئِلَ النِّسَاءُ) إنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فِي مُدَّةٍ يَنْدُرُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَانِيَةً (قَوْلُهُ: وَتُعَدُّ نَادِمَةً) أَيْ بِقَوْلِهَا: كَانَتْ عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ قَبْلَ إشْهَادِك بِرَجْعَتِي (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهِيَ أَجْوَدُ مِنْ نُسْخَةِ أَوْ وَلَدَتْ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الرَّجْعَةُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ لِرَجْعَتِهِ حَشْوًا ثُمَّ إنَّ الْمَسْأَلَةَ يَصِحُّ تَقْرِيرُهَا بِمَا هُوَ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَتَزَوَّجَتْ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَصِحُّ تَقْرِيرُهَا بِمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق مِنْ أَنَّهُ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَكَذَّبَتْهُ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ، وَبِهَذَا قَرَّرَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ: رُدَّتْ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ مُشْكِلٌ عَلَى هَذَا؛ إذْ الْأَوَّلُ إنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ دَعْوَى الِارْتِجَاعِ لَا إنْشَاءُ الرَّجْعَةِ؛ إذْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ دَعْوَى الِارْتِجَاعِ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ إنْشَاءِ الِارْتِجَاعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَالْإِنْشَاءُ لَا يَحْتَمِلُهُمَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: رُدَّتْ لِلْأَوَّلِ بِرَجْعَتِهِ أَيْ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَهَا؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ لِقِيَامِ دَلِيلِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَ ارْتِجَاعَهَا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي) أَيْ وَلِأَقَلَّ مِنْ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: بِرَجْعَتِهِ الَّتِي ادَّعَاهَا) أَيْ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّا لَمَّا أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ خش وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ تَزَوُّجَ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ يُؤَبِّدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وَفِي بْن أَنَّ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ رَجْعِيَّةً مِنْ غَيْرِهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُهَا كَالْبَائِنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: فَكَالْوَلِيَّيْنِ) أَيْ فَكَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ) أَيْ بِأَنَّ مُطَلِّقَهَا رَاجَعَهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي عَالِمًا بِأَنَّ مُطَلِّقَهَا رَاجَعَهَا، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الثَّانِي إلَّا مُجَرَّدُ الْعَقْدِ لَمْ تَفُتْ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ الْأَوَّلُ عَقْدَهَا عَلَى الثَّانِي سَاكِتًا فَتَفُوتُ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ لِلثَّانِي، وَعَقْدُهُ صَحِيحٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ حُضُورَ الْأَوَّلِ عَقْدَ الثَّانِي تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ الشَّاهِدَةِ بِالرَّجْعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ قَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا، فَإِنَّ عَقْدَ الثَّانِي يُفْسَخُ، وَيُعَدُّ طَلَاقًا مِنْ الْأَوَّلِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: الِاسْتِمْتَاعُ) أَيْ وَلَوْ بِنَظَرٍ لِشَعْرٍ أَوْ لِوَجْهٍ وَكَفَّيْنِ بِلَذَّةٍ، وَأَمَّا نَظَرُهُ لِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا بِلَا لَذَّةٍ فَجَائِزٌ (قَوْلُهُ: وَالدُّخُولُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَالسُّكْنَى مَعَهَا فَقَطْ وَأَمَّا سُكْنَاهُ مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهُ وَلِلنَّاسِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ أَعْزَبَ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلُ مَعَهَا) أَيْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ حَرَامٌ وَكَذَا كَلَامُهَا وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ رَجْعَتَهَا، وَإِنَّمَا شَدَّدَ عَلَيْهِ هَذَا التَّشْدِيدَ لِئَلَّا يَتَذَكَّرَ مَا كَانَ فَيُجَامِعَهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا) هَذَا رَاجِعٌ لِلْأَكْلِ مَعَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ مَعَهَا أَدْخَلُ فِي الْمُوَادَّةِ فَمُنِعَ مِنْهُ لِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَلَوْ أَمَةً إذَا رَاجَعَهَا زَوْجُهَا فَقَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ إنْ كَانَ قَدْ مَضَى زَمَنٌ مَنْ طَلَاقِهَا يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِمَا ادَّعَتْ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَلَوْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا (قَوْلُهُ: سِقْطًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ خِلَافًا لِلرَّجْرَاجِيِّ الْقَائِلِ لَا تُصَدَّقُ إذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ سِقْطٍ (قَوْلُهُ أَيْ مُدَّةً إلَخْ) أَيْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُمْكِنُ تَصْدِيقُهَا فِيهَا إمْكَانًا

كَالشَّهْرِ لِجَوَازِ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَيَأْتِيهَا الْحَيْضُ وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ يَأْتِيهَا لَيْلَةَ السَّادِسَ عَشَرَ، وَيَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْضًا ثُمَّ يَأْتِيهَا آخِرَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالطُّهْرِ فِي الْأَيَّامِ وَلَك أَنْ تُلْغِزَ بِهَا فَتَقُولَ: مَا امْرَأَةٌ مَدْخُولٌ بِهَا غَيْرُ حَامِلٍ طَلُقَتْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ، وَلَمْ يَفُتْهَا صَوْمٌ وَلَا صَلَاةٌ مِنْهُ (وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا) إذَا قَالَتْ: كُنْت كَاذِبَةً فِي قَوْلِي: قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ (وَ) لَا يُفِيدُهَا دَعْوَاهَا (أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ) مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ (وَانْقَطَعَ) قَبْلَ اسْتِمْرَارِهِ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ (وَلَا) يُفِيدُهَا إذَا قَالَتْ: إنِّي كَذَبْت فِي قَوْلِي حِضْت الثَّالِثَةَ أَوْ وَضَعْت (رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا) فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا وَضْعٍ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِنَّ وَقَدْ بَانَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا ذَلِكَ (وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ (بَعْدُ كَسَنَةٍ) مِنْ طَلَاقِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَادِيًا لِكَوْنِ تِلْكَ الْمُدَّةِ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهَا غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ: كَالشَّهْرِ) أَيْ فَإِنْ شَهِدَتْ لَهَا أَنَّ النِّسَاءَ قَدْ يَحِضْنَ لِمِثْلِ هَذَا فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَوْلَانِ وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَسَأَلَ النِّسَاءَ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ: مَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْقِضَاءُ فِيهِ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا صُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ، وَلَا حَاجَةَ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ بَلْ هُوَ مُقْتَضٍ رَاجِعٌ لِمَا إذَا ادَّعَتْ مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْقِضَاءُ إلَّا نَادِرًا فَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا فِي مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا لَمْ تُصَدَّقْ، وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ لِجَوَازِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّهْرُ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهِ لِجَوَازِ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّ إتْيَانُ الْحَيْضِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ فَجْرِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا قَالَتْ أَوْ لَا عِنْدَ إرَادَةِ الزَّوْجِ رَجْعَتَهَا: عِدَّتِي قَدْ انْقَضَتْ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ وَضْعٍ، وَقُلْتُمْ: إنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَإِذَا قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنْت كَاذِبَةً، وَإِنَّ عِدَّتِي لَمْ تَنْقَضِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهَا نَدَمًا وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا دَاعِيَةٌ لِنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُهَا دَعْوَاهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهَا رَأَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَالَتْ: كُنْت أَظُنُّ دَوَامَهُ فَانْقَطَعَ قَبْلَ اسْتِمْرَارِهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يُفِيدُهَا ذَلِكَ، وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا قَالَهُ ابْنَ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهَا الْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: إنَّ قَبُولَ قَوْلِهَا فِيمَا عَدَا الرَّجْعَةَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْفُرُوجِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهُ قَالَ بْن: وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَكِنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا: إنَّهُ انْقَطَعَ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجْعَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَمَادَ بِهَا الدَّمُ وَعَاوَدَهَا عَنْ بُعْدٍ أَيْ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ، وَأَمَّا إنْ عَاوَدَهَا عَنْ قُرْبٍ فَهَلْ الرَّجْعَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَتَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ أَوْ لَا تَبْطُلُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ، وَرُجُوعُ الدَّمِ عَنْ قُرْبٍ كَرُجُوعِهِ عَنْ بُعْدٍ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ، وَنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ عِيَاضٍ: وَاخْتَلَفُوا إذَا رَاجَعَهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ هَذَا الدَّمِ وَعَدَمِ تَمَادِيهِ ثُمَّ رَجَعَ هَذَا الدَّمُ بِقُرْبٍ هَلْ هِيَ رَجْعَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَبَانَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَتَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ رَجَعَ الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ أَنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ بَعْدَهُمَا: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ - يَعْنِي التَّفْصِيلَ عِنْدِي - أَصْوَبُ اهـ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقُرْبَ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرٌ تَامٌّ، إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهَا: انْقَطَعَ الدَّمُ لَا يُفِيدُ أَيْ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ لَا أَنَّهُ نَفْيٌ لِقَبُولِ قَوْلِهَا مُطْلَقًا، وَيُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ قَبُولُ قَوْلِهَا أَيْ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الرَّجْعَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ بُعْدٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَقَالَتْ: حِضْت ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت ثُمَّ قَالَتْ: إنِّي كَذَبْتَ فِي قَوْلَيْ: حِضْت ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت فَرَأَى النِّسَاءُ إلَيْهَا فَصَدَّقْنَهَا وَقُلْنَ لَيْسَ بِهَا أَثَرُ حَيْضٍ وَلَا وَضْعٍ فَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُ نَفْسِهَا، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا وَتَصْدِيقُهُنَّ لَهَا وَبَانَتْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا: حِضْتَ ثَالِثَةً أَوْ وَضَعْت إذَا كَانَ فِي مِقْدَارٍ تَحِيضُ فِيهِ النِّسَاءُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حَيْثُ قُلْتُمْ الْمَذْهَبُ قَبُولُ قَوْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ دُونَ هَذِهِ أَنَّهَا فِي هَذِهِ قَدْ صَرَّحَتْ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهَا وَلَمْ تَسْتَنِدْ لِمَا تُعْذَرُ بِهِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ نَقِيَّةً كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَالتَّتِمَّةِ لَهَا اهـ عبق (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ

الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهَا لِإِيهَامِهَا خِلَافَ الْمُرَادِ (فَقَالَتْ: لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً) أَوْ اثْنَتَيْنِ وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ فَقَالَتْ لَمْ تَنْقَضِ فَأَنَا أَرِثُهُ (فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَ) لَا (مَرِيضَةً لَمْ تُصَدَّقْ) فَلَا تَرِثُهُ، وَلَوْ وَافَقَتْ عَادَتَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ (إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ) أَيْ تُظْهِرُ عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا وَتَكَرَّرَ مِنْهَا ذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَ لِلنَّاسِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ، وَتَرِثُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ، وَأَمَّا الْمُرْضِعُ وَالْمَرِيضَةُ فَيُصَدَّقَانِ مُدَّتَهُمَا بِلَا يَمِينٍ ثُمَّ فَصَّلَ فِيمَا دُونَ السُّنَّةِ، وَأَنَّهَا تَارَةً تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَتَارَةً بِلَا يَمِينٍ فَقَالَ: (وَحَلَفَتْ) إذَا مَاتَ قَبْلَ السَّنَةِ مِنْ طَلَاقِهَا (فِي) دَعْوَاهَا عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَقَدْ مَضَى مِنْ وَقْتِ طَلَاقِهَا (كَالسِّتَّةِ) الْأَشْهُرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا قَبْلَ السَّنَةِ وَافَقَتْ عَادَتَهَا أَوْ خَالَفَتْ وَلَمْ تَكُنْ مُرْضِعًا وَلَا مَرِيضَةً وَلَا أَظْهَرَتْ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ (لَا) فِي (كَالْأَرْبَعَةِ) أَشْهُرٍ (وَعَشْرٍ) فَلَا تَحْلِفُ بَلْ تُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَظَاهِرُ النَّقْلِ حَلِفُهَا فَلَوْ قَالَ وَحَلَفَتْ فِيمَا دُونَ عَامٍ لَطَابَقَ النَّقْلَ مَعَ الِاخْتِصَارِ (وَنُدِبَ) لِلزَّوْجِ (الْإِشْهَادُ) عَلَى الرَّجْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّلَاقِ فَقَالَتْ: لَمْ أَحِضْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ إلَى الْآنَ أَصْلًا، أَوْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الثَّالِثَةِ فَلَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَمْرَيْنِ تَارَةً تُظْهِرُ فِي حَالِ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا احْتِبَاسَ دَمِهَا، وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ مِنْ قَوْلِهَا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ وَتَرِثُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَتَارَةً لَمْ تَكُنْ تُظْهِرُهُ فِي حَالِ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَا تَرِثُ لِدَعْوَاهَا أَمْرًا نَادِرًا وَالتُّهْمَةُ حِينَئِذٍ قَوِيَّةٌ وَأَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهَا إلَى سَنَةٍ وَادَّعَتْ عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ لَكِنْ بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ لَمْ تُظْهِرْ انْحِبَاسَ الدَّمِ حَالَ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهَا إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ صُدِّقَتْ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ مُطْلَقًا هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعَةٍ وَلَا مَرِيضَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةً أَوْ مَرِيضَةً فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَتَرِثُهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ فَوْقَ الْعَامِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ وَالرَّضَاعَ يَمْنَعَانِ الْحَيْضَ غَالِبًا فَلَا تُهْمَةَ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ) الْحَقُّ أَنَّهَا مُدْخِلَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ، وَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقُ مِنْ ذِكْرِ السَّنَةِ فَهُوَ فَرْضُ مِثَالٍ لَا يُخَصِّصُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا خَالَفَتْ عَادَتَهَا بَلْ، وَلَوْ وَافَقَتْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا بَعْدَ السَّنَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِظْهَارِ مَا لَمْ تُوَافِقْ عَادَتَهَا، وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَالْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضَةِ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَنْ كَانَتْ تُظْهِرُ احْتِبَاسَ الدَّمِ حَالَ حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا، وَمَنْ لَمْ تَكُنْ تُظْهِرُهُ هُوَ قَوْلُ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى: إنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَيْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ أَمْ لَا وَهَذَا الْخِلَافُ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا إذَا ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَ السَّنَةِ أَوْ بِقُرْبِ انْسِلَاخِهَا ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَامِ أَوْ الْعَامَيْنِ فَلَا يَنْبَغِي أَنَّهَا تُصَدَّقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ قَالَ طفي وَحَيْثُ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَيْدِ الْإِظْهَارِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّنَةِ فَفِي حَمْلِهِ عَلَيْهَا نَظَرٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَيَكُونَ بِمَفْهُومِهِ جَارِيًا عَلَى مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى فَيَنْتَفِيَ عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ تُظْهِرُ عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) أَيْ تُظْهِرُ احْتِبَاسَ دَمِهَا وَأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ (قَوْلُهُ: وَتَكَرَّرَ مِنْهَا ذَلِكَ إلَخْ) لَمْ يَكُنْ فِي الرِّوَايَةِ تَكَرُّرٌ، وَإِنَّمَا فِيهَا تَذَكُّرُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقَانِ مُدَّتَهُمَا) أَيْ فَيُصَدَّقَانِ فِي دَعْوَى عَدَمِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّعْوَى فِي مُدَّتِهِمَا أَيْ الْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَرِيضَةً أَوْ مُرْضِعَةً فِي كُلِّ الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهَا - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ سَنَةً فَأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ مُرْضِعَةً فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَادَّعَتْ عَدَمَ الِانْقِضَاءِ بَعْدَ الْفِطَامِ وَبَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ الْمُرْضِعِ بَعْدَ الْفِطَامِ كَاَلَّتِي لَا تُرْضِعُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ مَعَ الرَّضَاعِ لَيْسَ بِرِيبَةٍ اتِّفَاقًا وَحِينَئِذٍ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ بَعْدَ الْفِطَامِ بِسَنَةٍ فَأَكْثَرَ إذَا كَانَتْ تُظْهِرُهُ فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا، وَمِثْلُهَا الْمَرِيضَةُ إذَا ادَّعَتْ عَدَمَ الِانْقِضَاءِ وَاحْتِبَاسَ الدَّمِ بَعْدَ الْمَرَضِ بِسَنَةٍ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ لَا تُظْهِرُهُ لَا تُصَدَّقُ، وَلَوْ بِيَمِينٍ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ بَعْدَ الْفِطَامِ بِأَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: عَدَمَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) أَيْ لِاحْتِبَاسِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: وَعَشْرٍ) أَيْ عَشْرِ لَيَالٍ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَأَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُدْخِلَةٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ لِلسِّتَّةِ، وَالْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ لَا فِي كَالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَلَيْهَا مُؤَاخَذَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْكَافِيَةِ وَإِنْ تُعَرِّفْ ذَا إضَافَةٍ فَمَعْ ... آخَرَ اجْعَلْ أَلْ وَغَيْرُ ذَا امْتَنَعْ وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَيُدْخِلُونَ أَلْ عَلَى كُلٍّ مَنْ الْجُزْأَيْنِ قَالَ الرَّضِيُّ: وَنَقَلَ السِّيرَافِيُّ جَوَازَ دُخُولِهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ نَحْوَ الْأَلْفِ دِينَارٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ

(وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ) نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ فَتُثَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ رُشْدِهَا، وَالْمُعْتَبَرُ إشْهَادُ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَوَلِيِّهَا (وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ) وَالْوَلِيِّ (كَالْعَدَمِ) وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ الْمُتْعَةُ بَيَّنَ أَحْكَامَهَا بِقَوْلِهِ (وَ) نُدِبَتْ (الْمُتْعَةُ) وَهِيَ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ، وَلَوْ عَبْدًا لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ لِجَبْرِ خَاطِرِهَا (عَلَى قَدَرِ حَالِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] (بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ فَلَا كَسْرَ عِنْدَهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا قَبْلَهَا ثُمَّ ارْتَجَعَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهَا (أَوْ) إلَى (وَرَثَتِهَا) إنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ الدَّفْعَ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا قَوْلُهُ: (كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ) طَلَاقًا بَائِنًا (فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ) وَلَوْ لَزِمَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالطَّوْلِ (لَا فِي فَسْخٍ) مُحْتَرَزُ مُطَلَّقَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ بِوُجُوبِهِ (قَوْلُهُ وَأَصَابَتْ) أَيْ فَعَلَتْ صَوَابًا أَيْ مَنْدُوبًا (قَوْلُهُ: مَنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ) أَيْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: فَتُثَابُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ عَاصِيَةً لِزَوْجِهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَلِيِّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْوَلِيِّ كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: كَالْعَدَمِ) أَيْ فَلَا يَحْصُلُ الْمَنْدُوبُ بِإِشْهَادِهِمَا لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ وَشَهِدَ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ مَعَ غَيْرِهِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَلِيِّ بَيْنَ الْمُجْبِرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَتْ الْمُتْعَةُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقْضَى بِهَا وَلَا تُحَاصَصُ بِهَا الْغُرَمَاءُ؛ إذْ لَا يُقْضَى بِمَنْدُوبٍ، وَلَا يُحَاصَصُ بِهِ الْغُرَمَاءُ، وَقِيلَ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ إنْ قُلْتَ: إنَّ حَقًّا وَعَلَى فِي الْآيَةِ يَقْتَضِيَانِ الْوُجُوبَ، قُلْت: الْمُرَادُ بِالْحَقِّ الثَّابِتُ الْمُقَابِلُ لِلْبَاطِلِ وَالْمَنْدُوبُ وَالْأَمْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ عَلَى لِلنَّدَبِ بِقَرِينَةِ التَّقْيِيدِ بِالْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَاتِ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: لِجَبْرِ خَاطِرِهَا) أَيْ مِنْ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ لَهَا بِسَبَبِ الْفِرَاقِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّدْبَ مُعَلَّلٌ بِمَا ذَكَرَ وَفِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَنْ ابْنِ سَعْدُونٍ: قَوْلُهُمْ: الْمُتْعَةُ لِلتَّسَلِّي وَجَبْرِ الْخَاطِرِ فِيهِ اعْتِرَاضٌ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ قَدْ تَزِيدُهَا أَسَفًا عَلَى زَوْجِهَا بِتَذَكُّرِهَا حُسْنَ عِشْرَتِهِ وَكَرِيمَ صُحْبَتِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرْعٌ غَيْرُ مُعَلَّلٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يُمَتِّعْهَا حَتَّى مَاتَتْ وُرِثَتْ عَنْهَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّسَلِّي (قَوْلُهُ عَلَى قَدْرِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَعَلَى قَدْرِ حَالِهِ لِيُفِيدَ أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَنْدُوبَةٌ، وَأَنَّ كَوْنَهَا عَلَى قَدْرِ حَالِهِ مَنْدُوبٌ آخَرُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنْ قُلْت: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ حَيْثُ رُوعِيَ فِي النَّفَقَةِ حَالُهُمَا، وَفِي الْمُتْعَةِ حَالُهُ فَقَطْ، قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ انْكَسَرَ خَاطِرُهَا بِالْفِرَاقِ، وَالْفِرَاقُ جَاءَ مِنْ قَبْلِهِ فُرُوعِي فِيهَا حَالُهُ، وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ مُسْتَمِرَّةٌ فَلِمَشَقَّتِهَا رُوعِيَ فِيهَا حَالُهُمَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتْعَةَ تَكُونُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا إلَّا أَنَّهَا تُدْفَعُ لِلْبَائِنِ إثْرَ طَلَاقِهَا، وَلِلرَّجْعِيَّةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ فَلَا أَلَمَ عِنْدَهَا بِخِلَافِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَتْلَفُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ لَا يَرْجِعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُمْنَعْ؛ لِأَنَّهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تَسْتَحِقُّهَا، وَمَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ كَانَ لِوَرَثَتِهِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا إلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يُمَتِّعَهَا، أَوْ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا سَقَطَتْ عَنْهُ بَائِنَةً كَانَتْ أَوْ رَجْعِيَّةً كَذَا فِي عبق وَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ نَدْبَهَا مُعَلَّلٌ بِجَبْرِ الْخَاطِرِ أَوْ تَعَبُّدِيٌّ فَعَلَى الثَّانِي تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا وَكَانَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا يَوْمَ الطَّلَاقِ أُخِذَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَيَوْمَ الطَّلَاقِ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِهَا لِجَبْرِ كَسْرِ الْخَاطِرِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ طَلَبِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا طَرَأَ الْمَرَضُ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ غَيْرُ وَارِثَةٍ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا بَائِنًا) أَيْ فَتُدْفَعُ لَهَا الْمُتْعَةُ إنْ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ لِوَرَثَتِهَا إنْ مَاتَتْ، وَالْمُرَادُ كُلُّ مُطَلَّقَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِطَلَاقِهَا وَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى الْمُرْتَدَّةُ دُونَ الْأَوَّلِ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ طَلَاقًا بَائِنًا صَحَّ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ كَمَا فِي بْن أَنَّ فِي التَّشْبِيهِ رِكَّةُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَالْعِبَارَةُ السَّلِسَةُ أَنْ لَوْ قَالَ: وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدَرِ حَالِهِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ أَوْ وَرَثَتِهَا وَبَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ إلَخْ اهـ (تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ لَا مُتْعَةَ لَهَا، وَلَوْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ مُتْعَتِهَا أَيْضًا إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ سَوَاءٌ عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي نِكَاحٍ) هَذَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ نِكَاحٍ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَازِمٍ وَقَوْلِهِ لَازِمٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا وَلَزِمَ بِفَوَاتِهِ كَالْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ إذَا طُلِّقَ فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ

[باب الإيلاء]

إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (كَلِعَانٍ) فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ (وَ) لَا فِي (مِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْمَالِكَ فَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَوْزِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ فَهُوَ وَمَا مَعَهُ لَهَا وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ قَوْلَهُ: (إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ) مِنْهُ بِعِوَضٍ دَفَعْته لَهُ أَوْ دَفَعَ عَنْهَا بِرِضَاهَا وَإِلَّا مُتِّعَتْ (أَوْ فُرِضَ) أَيْ سُمِّيَ (لَهَا) الصَّدَاقُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ ابْتِدَاءً تَفْوِيضًا (وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) ؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ نِصْفَ الصَّدَاقِ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا مُتِّعَتْ (وَ) إلَّا (مُخْتَارَةً) نَفْسَهَا (لِعِتْقِهَا) تَحْتَ الْعَبْدِ (أَوْ) مُخْتَارَةً نَفْسَهَا (لِعَيْبِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا أَوْ لَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا كَمَا لَوْ رَدَّهَا الزَّوْجُ لِعَيْبِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا غَارَّةٌ وَأَمَّا لِعَيْبِهِمَا مَعًا فَلَهَا الْمُتْعَةُ (وَ) إلَّا (مُخَيَّرَةً وَمُمَلَّكَةً) ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الطَّلَاقِ مِنْهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْإِيلَاءُ قَدْ يَتَسَبَّبُ عَنْهَا الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ نَاسَبَ ذِكْرُهَا عَقِبَ الرَّجْعِيِّ فَقَالَ [دَرْسٌ] (بَابُ الْإِيلَاءِ يَمِينُ) زَوْجٍ (مُسْلِمٍ) وَلَوْ عَبْدًا وَمُرَادُهُ بِالْيَمِينِ مَا يَشْمَلُ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَوْ الْتِزَامِ نَحْوِ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ أَوْ نَذْرٍ، وَلَوْ مُبْهَمًا نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك أَوْ لَا أَطَؤُك (مُكَلَّفٍ) لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَلَا يَنْعَقِدُ لَهُمَا إيلَاءٌ كَالْكَافِرِ (يُتَصَوَّرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَوْلِهِ لَازِمٍ عَنْ غَيْرِ اللَّازِمِ وَهُوَ شَيْئَانِ الْأَوَّلُ الْفَاسِدُ الَّذِي لَمْ يَمْضِ بِالدُّخُولِ وَالثَّانِي الصَّحِيحُ غَيْرُ اللَّازِمِ كَنِكَاحِ ذَاتِ الْعَيْبِ فَإِنَّهَا إنْ رَدَّتْهُ لِعَيْبِهِ، أَوْ رَدَّهَا لِعَيْبِهَا فَلَا مُتْعَةَ، وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: لَا فِي فَسْخٍ، وَإِلَى الثَّانِي أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ مُخْتَارَةً لِعَيْبِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِ رَضَاعٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ وَأَنْكَرَتْ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ لَا نِصْفَ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَمَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ صَاحِبِهِ فَالْمُتْعَةُ لِحُصُولِ الْأَلَمِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَعْضِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مُتِّعَتْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ دُفِعَ عَنْهَا بِرِضَاهَا بَلْ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضٍ أَصْلًا بَلْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مُتِّعَتْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا) أَيْ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا تَفْوِيضًا، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْئًا قَبْلَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: تَحْتَ الْعَبْدِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهَا تَحْتَ الْعَبْدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: لِعِتْقِهَا عَنْ الَّتِي اخْتَارَتْ نَفْسَهَا لِتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا أَوْ ثَانِيَةٍ لِكَوْنِهِ شَرَطَ لَهَا ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تُمَتَّعُ؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ الْمُخْتَارَةِ لِعِتْقِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِعَيْبِهِمَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ رَدَّهَا الزَّوْجُ لِعَيْبِهِمَا (قَوْلُهُ نَاسَبَ إلَخْ) أَيْ نَظَرًا لِمَا بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ مِنْ الِارْتِبَاطِ، وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ مِنْ حَيْثِيَّةِ اعْتِبَارِ خُصُوصِيَّةِ السَّبَبِ تَقْدِيمَ الْإِيلَاءِ عَلَى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ، وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ مُسَبَّبٌ، وَالسَّبَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُسَبَّبِ طَبْعًا، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَضْعًا لِأَجْلِ أَنْ يُوَافِقَ الْوَضْعُ الطَّبْعَ تَأَمَّلْ. [بَابُ الْإِيلَاءِ] (بَابُ الْإِيلَاءِ) بَابُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: الْإِيلَاءُ يَمِينٌ إلَخْ) أَيْ الْإِيلَاءُ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الشَّيْءِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: الْحَلِفُ بِاَللَّهِ) كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك أَصْلًا أَوْ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْتِزَامِ نَحْوِ عِتْقٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالطَّلَاقُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ فَعَلَيَّ دِينَارٌ صَدَقَةً، أَوْ فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ، أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ صَلَاةُ مِائَةِ رَكْعَةٍ، أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرٍ وَلَوْ مُبْهَمًا) أَيْ أَوْ الْتِزَامِ نَذْرٍ، وَلَوْ مُبْهَمًا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ وَلَوْ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ: أَوْ الْتِزَامِ نَحْوِ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ إلَخْ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةً (قَوْلُهُ: نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى إيلَاءٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ فَفِيهَا خِلَافٌ فَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ فِي نَحْوِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أَطَأَك أَوْ لَا أَقْرَبَك، وَنَصُّهُ: وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أَقْرَبَك فَهُوَ مُولٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لَيْسَ بِمُولٍ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَك وَهُوَ نَذْرٌ فِي مَعْصِيَةٍ اهـ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أَطَأَك أَوْ لَا أَقْرَبَك فِي مَعْنَى عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ انْتَفَى وَطْؤُك أَوْ مُقَارَبَتُك، وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَازِمٌ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي فِيمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْ لَا أَقْرَبَك أَوْ أَنْ لَا أَطَأَك مُؤَوَّلٌ بِمَصْدَرٍ مُبْتَدَأٍ وَمَا قَبْلَهُ خَبَرٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ: عَدَمُ مُقَارَبَتِك أَوْ عَدَمُ وَطْئِك نَذْرٌ عَلَيَّ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ وَإِنَّمَا هُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَأَمَّا إنْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ نَحْوَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ وَطِئْتُك فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَجْهٌ خِلَافًا لعبق؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ نَذْرٌ مُبْهَمٌ مَخْرَجُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ لَهُمَا إيلَاءٌ) أَيْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ مِنْهُمَا كَمَا يَشْمَلُهُمَا التَّعْرِيفُ (قَوْلُهُ: كَالْكَافِرِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ مِنْ الْكَافِرِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ فَإِنَّ الْمَوْصُولَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَجَوَابُهُ مَنْعُ بَقَاءِ الْمَوْصُولِ عَلَى عُمُومِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] فَإِنَّ الْكَافِرَ لَا تَحْصُلُ لَهُ مَغْفِرَةٌ وَلَا رَحْمَةٌ بِالْفَيْئَةِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْكَافِرَ يُعَذَّبُ عَذَابَ الْكُفْرِ وَعَذَابَ الْمَعْصِيَةِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ غُفْرَانُ الذَّنْبِ

أَيْ يُمْكِنُ (وِقَاعُهُ) جِمَاعُهُ (وَإِنْ مَرِيضًا) مَرَضًا لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَخَرَجَ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ وَالشَّيْخُ الْفَانِي وَنَحْوُهُمْ (بِمَنْعِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِيَمِينٍ أَيْ يَمِينِ مَنْ ذُكِرَ عَلَى تَرْكِ (وَطْءِ زَوْجَتِهِ) تَنْجِيزًا بَلْ (وَإِنْ تَعْلِيقًا) كَأَنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ كَذَا وَوَصَفَ الزَّوْجَةَ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ) وَأَمَّا هِيَ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ فِيهَا إنْ قَصَدَ مَصْلَحَةَ الْوَلَدِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ وَإِلَّا فَمُولٍ (وَإِنْ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا (رَجْعِيَّةً) فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَاَلَّتِي فِي الْعِصْمَةِ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَالْوَقْفُ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ لَهَا حَقٌّ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُمْكِنُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُتَصَوَّرُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مَعْنَاهُ يُتَعَقَّلُ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَمَعْنَاهُ يُمْكِنُ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ يُتَعَقَّلَ أَوْ بِفَتْحِهَا أَيْ يُمْكِنُ إمْكَانًا عَادِيًا وِقَاعُهُ حَالًا أَوْ مَآلًا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّيْخَ الْفَانِيَ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ؛ لِأَنَّ الْإِمْكَانَ عَقْلِيٌّ لَا عَادِيٌّ وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ وِقَاعُهُ أَيْ يُمْكِنُ الْوِقَاعُ مِنْ جِهَتِهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ مِنْ جِهَتِهَا أَمْ لَا فَيَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ إذَا أَمْكَنَ الْوِقَاعُ مِنْ جِهَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ رَتْقَاءَ أَوْ عَفْلَاءَ أَوْ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا. (قَوْلُهُ: مَرَضًا لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ) أَيْ فَإِنْ مَنَعَهُ فَلَا إيلَاءَ كَمَا فِي عبق وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ كَالصَّحِيحِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ وِقَاعُهُ حَالًا يُمْكِنُ مَآلًا فَالْأُولَى إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لُحُوقُ الْإِيلَاءِ لِلْمَرِيضِ مُطْلَقًا، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ فَلَا مَعْنَى لِانْعِقَادِ الْإِيلَاءِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ آلَى الصَّحِيحُ ثُمَّ مَرِضَ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بِالْجِمَاعِ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ لِلْمَرِيضِ إذَا أَطْلَقَ، وَأَمَّا إذَا قَيَّدَهُ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرَضُ مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ أَوْ لَا، وَلَوْ طَالَ الْمَرَضُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الضَّرَرَ فَيُطَلَّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِأَجْلِ قَصْدِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمْ) أَيْ كَالْمَرِيضِ مَرَضًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ حَالًا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: بِمَنْعِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ صَرِيحَةً فِي مَنْعِ الْوَطْءِ نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ مُسْتَلْزِمَةً لِذَلِكَ كَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَلْتَقِيَ مَعَهَا أَوْ لَا يَغْتَسِلَ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى هِجْرَانِ الزَّوْجَةِ أَيْ عَلَى تَرْكِ كَلَامِهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُصِيبُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَإِذَا حَلَفَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ بِذَلِكَ إيلَاءٌ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الزَّوْجَةَ الْكَبِيرَةَ وَالصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَلَكِنْ لَا يُضْرَبُ لَهَا الْأَجَلُ حَتَّى تُطِيقَ، وَشَمِلَ أَيْضًا الْمَدْخُولَ بِهَا وَغَيْرَهَا لَكِنْ لَا يُضْرَبُ لَهَا الْأَجَلُ إلَّا مِنْ الدُّعَاءِ لِلدُّخُولِ، وَمُضِيِّ مُدَّةَ التَّجْهِيزِ، وَشَمِلَ أَيْضًا الزَّوْجَةَ الْكَائِنَةَ فِي عِصْمَتِهِ حِينَ الْحَلِفِ وَالْمُتَجَدِّدَةَ بَعْدَ الْحَلِفِ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَّا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَنَوَى إنْ تَزَوَّجَهَا فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ. (قَوْلُهُ: الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْوَطْءِ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ لَا مَحْلُوفٌ بِهِ (قَوْلُهُ: تَنْجِيزًا) أَيْ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَصَنِيعُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ تَعْلِيقًا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: يَمِينٌ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِي زَوْجَتِهِ أَوْ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ مُنْجَزًا وَمُعَلَّقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ بَيْنَ كَوْنِ الْيَمِينِ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مَنْعِ الْوَطْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُنْجَزًا، أَوْ مُعَلَّقًا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك مَا دُمْت فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْبَلَدِ عَلَى مَا يَأْتِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا مُنْجَزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً. (قَوْلُهُ: فَعَلَيَّ كَذَا) أَيْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا هِيَ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ فِيهَا) فَإِذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ مَا دَامَتْ تُرْضِعُ أَوْ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا أَوْ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: يَكُونُ مُولِيًا قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَقَوْلُ أَصْبَغَ أَوْفَقُ بِالْقِيَاسِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا قَالَ: وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَصَدَ بِحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ إصْلَاحَ الْوَلَدِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمُولٍ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ مُجَرَّدَ الِامْتِنَاعِ فَمُولٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجْعِيَّةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ مُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ كَانَ مُولِيًا يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ وَيُؤْمَرُ بَعْدَ انْقِضَائِهِ بِالْفَيْئَةِ فَيَرْتَجِعُ لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْهِ أُخْرَى فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِطَلَاقٍ ثَانٍ إذَا لَمْ يَفِئْ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ الَّذِي شَأْنُ الْمَوْلَى إيقَاعُهُ حَاصِلٌ قُلْت إنَّمَا اُحْتِيجَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي إذَا لَمْ يَفِئْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَ

وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى (أَكْثَرَ) ظَرْفٌ لِلْمَنْعِ وَلَوْ قَلَّ الْأَكْثَرُ كَيَوْمٍ (مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِلْحُرِّ (أَوْ) أَكْثَرَ مِنْ (شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ وَلَا يَنْتَقِلُ) الْعَبْدُ لِأَجَلِ الْحُرِّ إذَا حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ (بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَقَرُّرِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ عَلَيْهِ وَيَتَقَرَّرُ فِي الصَّرِيحِ بِالْحَلِفِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْحُكْمِ فَلَوْ كَانَتْ مُحْتَمَلَةً وَعَتَقَ قَبْلَ الرَّفْعِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ بِعِتْقِهِ لِأَجَلِ الْحُرِّ ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ الْإِيلَاءِ وَبَدَأَ بِغَامِضِهَا فَقَالَ (كَوَاللَّهِ لَا أُرَاجِعُك) وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَهُوَ مُولٍ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ وَلَمْ يَرْتَجِعْ طُلِّقَ عَلَيْهِ أُخْرَى وَبَنَتْ عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى فَتَبِينُ مِنْهُ بِتَمَامِهَا (أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي) الْوَطْءَ (أَوْ) حَتَّى (تَأْتِيَنِي) لَهُ وَلَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُهُ بِسُؤَالِهَا أَوْ الْإِتْيَانِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَرَّةٌ عِنْدَ النِّسَاءِ وَلَا يَكُونُ رَفْعُهُ لِلسُّلْطَانِ سُؤَالًا يَبَرُّ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَتَمَ وَمَحَلُّ كَوْنِ الرَّجْعِيَّةِ يَلْحَقُهَا الْإِيلَاءُ فَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِيُصِيبَ أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ كَانَ الْحَيْضُ يَأْتِيهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً مَثَلًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ إلَخْ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّجْعَةَ وَإِنْ كَانَتْ حَقًّا لَهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا إنْ أَبَاهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا شَدَّدَ بِالْحَلِفِ شُدِّدَ عَلَيْهِ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ، أَوْ أَنَّ الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ لِلرَّجْعِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فَمَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ الْأَكْثَرُ كَيَوْمٍ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِزِيَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَكُونُ بِهِ مُولِيًا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهُ مُولٍ بِالْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] هَلْ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةٌ خَارِجَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ فِيهَا فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَهَا، وَحَيْثُ كَانَتْ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِالْحَلِفِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ فِيهَا وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ مُرُورِهَا وَتَمَسُّكِ مَنْ قَالَ بِالْمَشْهُورِ بِمَا تُعْطِيهِ الْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فَتَكُونُ الْفَيْئَةُ مَطْلُوبَةً بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلِأَنَّ إنْ الشَّرْطِيَّةَ تُصَيِّرُ الْمَاضِيَ بَعْدَهَا مُسْتَقْبَلًا فَلَوْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً فِي الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرِ لَبَقِيَ مَعْنَى الْمَاضِي بَعْدَهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ، وَتَمَسُّكُ الْمُقَابِلِ بِأَنَّ الْفَاءَ لَيْسَتْ لِلتَّعْقِيبِ بَلْ لِمُجَرَّدِ السَّبَبِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ تَأَخُّرُ الْمُسَبَّبِ عَنْ السَّبَبِ فِي الزَّمَانِ بَلْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْمُقَارَنَةُ وَرَأَى أَيْضًا أَنَّهُ حَذَفَ كَانَ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ كَانُوا فَاءُوا، وَإِنْ لَا تَقْلِبُ كَانَ عَنْ الْمُضِيِّ لِتَوَغُّلِهَا فِيهِ كَمَا قِيلَ فَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ وَأَمَّا قِيَامُ الزَّوْجَةِ بِطَلَبِ الْفَيْئَةِ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا أَكْثَرَ لِلْحُرِّ وَبَعْدَ شَهْرَيْنِ لَا أَكْثَرَ لِلْعَبْدِ فَالْأَجَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِيهِ غَيْرُ الْأَجَلِ الَّذِي لَهَا الْقِيَامُ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَتَقَرَّرُ) أَيْ الْأَجَلُ فِي الصَّرِيحِ أَيْ فِي الْيَمِين " الصَّرِيحِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُحْتَمَلُ لِلْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ وَالْحَالُ أَنَّ قُدُومَهُ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْيَمِينُ مُحْتَمَلَةً (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُولٍ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ إلَخْ) جَوَابُ إذَا مَحْذُوفٌ أَيْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بِالْمُرَاجَعَةِ وَالْإِصَابَةِ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِذَا بِالْوَاوِ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَاَللَّهِ لَا أُرْجِعُك فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِنْ لَمْ يَفِئْ بَعْدَهَا طُلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى، وَهَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذْ اقَالَ لَهَا: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي الْوَطْءَ أَوْ حَتَّى تَأْتِيَنِي لِلْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِنْ فَاءَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَوَطِئَهَا بِدُونِ سُؤَالٍ مِنْهَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَسْأَلَهُ الْوَطْءَ أَوْ تَأْتِيَ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَيْسَ بِمُولٍ، وَعَابَ قَوْلَهُ وَلَدُهُ حِينَ عَرَضَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: لَا وَجْهَ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَاسْتَصْوَبَ مَا قَالَهُ وَلَدُهُ نَظَرًا لِمَشَقَّةِ سُؤَالِ الْوَطْءِ عَلَى النِّسَاءِ وَإِتْيَانِهِنَّ إلَيْهِ فَالْغَالِبُ عَدَمُ حُصُولِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَتَّى تَأْتِينِي لَهُ) أَيْ إذَا دَعَوْتُك (قَوْلُهُ: تَقْيِيدُهُ) أَيْ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَرَّةٌ) أَيْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ سُؤَالِ الْوَطْءِ وَالْإِتْيَانِ إلَيْهِ مَعَرَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ رَفْعُهَا لِلسُّلْطَانِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَضْرِبَ أَجَلًا

وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ (أَوْ) قَالَ: وَاَللَّهِ (لَا أَلْتَقِي مَعَهَا) الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ إذَا قَصَدَ بِالِالْتِقَاءِ الْوَطْءَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ الِالْتِقَاءَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ بِمُولٍ (أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الِالْتِقَاءِ وَالْغُسْلِ عَدَمُ الْوَطْءِ عَقْلًا فِي الْأَوَّلِ وَشَرْعًا فِي الثَّانِي (أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ) فَهُوَ مُولٍ (إذَا تَكَلَّفَهُ) أَيْ كَانَ عَلَيْهِ فِي خُرُوجِهِ مِنْهَا كُلْفَةٌ أَيْ مَشَقَّةٌ وَمُؤْنَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَيَضْرِبُ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَرِيحَةٌ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَكَذَا فِي الْآتِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّفْهُ فَلَيْسَ بِمُوَلٍّ فَإِنْ خَرَجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ إذَا لَمْ يُحْسِنْ خُرُوجَهَا) أَوْ خُرُوجَهُ مِنْهَا (لَهُ) أَيْ لِلْوَطْءِ لِلْمَعَرَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهَا أَوْ تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ أَحَدَهُمَا مَعَرَّةٌ بِذَلِكَ فَلَا (أَوْ) وَاَللَّهِ (إنْ لَمْ أَطَأْك فَأَنْت طَالِقٌ) وَتَرَكَ وَطْأَهَا فَمُولٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ؛ إذْ بَرَّهُ فِي وَقْتِهَا (أَوْ) وَاَللَّهِ (إنْ وَطِئْتُك) فَأَنْت طَالِقٌ فَمُولٍ وَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا وَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ، وَقِيلَ: وَلَوْ بِبَعْضِهَا بِنَاءً عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ فَالنَّزْعُ حَرَامٌ، وَالْمُخَلِّصُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَنَوَى) وُجُوبًا (بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ) أَوْ بِالنَّزْعِ (الرَّجْعَةَ وَإِنْ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا (غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا) ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ صَارَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَا بَائِنًا فَيَنْوِي بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ فَلَوْ كَانَتْ الْأَدَاةُ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ نَحْوَ كُلَّمَا وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْإِيلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَأْتِيَهُ) أَيْ لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَيْ فَإِنْ سَأَلَتْهُ أَوْ أَتَتْهُ فِي الْأَجَلِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَانْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ وَابْنِهِ، وَمِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَصْوَبَهُ طفي وبن خِلَافًا لِمَا فِي عبق تَبَعًا لتت مِنْ عَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ) أَيْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ الِالْتِقَاءَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ بِمُولٍ) أَيْ وَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ أَوْ لَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إذَا رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا إنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ الصَّرِيحَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْغُسْلِ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ الْغُسْلِ الْمُوجِبِ لِحِنْثِهِ كَانَ مُولِيًا، وَضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ، وَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ اللَّازِمِيَّ، وَهُوَ عَدَمُ وَطْئِهَا فَالْحِنْثُ بِالْوَطْءِ وَيَكُونُ مُولِيًا، وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْيَمِينِ الصَّرِيحَةِ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا الْمَعْنَى الصَّرِيحِيَّ وَالِالْتِزَامِيَّ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الصَّرِيحِ أَوْ الِالْتِزَامِيِّ احْتِمَالَانِ، وَاسْتَصْوَبَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِيَ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا أَطَؤُهَا حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ وَكَانَ عَلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا مَشَقَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ وَكَثْرَةِ مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا وَيَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَيُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِك أَوْ تَطَأَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ وَإِلَّا طَلَّقْنَاهَا عَلَيْك إذَا فَرَغَ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمُولٍ) أَيْ لَكِنَّهُ لَا يُتْرَكُ بَلْ يُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِك أَوْ اُخْرُجْ وَطَأْ إنْ كُنْت صَادِقًا فِي عَدَمِ تَحَتُّمِ الْيَمِينِ حَتَّى تَخْلُصَ مِنْ الْإِيلَاءِ فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يَخْرُجْ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ فَاءَ وَكَفَّرَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ) أَيْ فَإِنْ تَكَلَّفَ الْمَشَقَّةَ وَخَرَجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ سَوَاءٌ وَطِئَ أَمْ لَا وَفِي خش أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي خُرُوجِهِ مَشَقَّةٌ كَانَ مُولِيًا وَلَوْ تَكَلَّفَ الْخُرُوجَ وَسَلَّمَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ وَالْحَقُّ مَا لِشَارِحِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ أَحَدَهُمَا مَعَرَّةٌ بِذَلِكَ فَلَا) أَيْ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ وَيُقَالُ لَهُ طَأْ بَعْدَ خُرُوجِك إنْ كُنْت صَادِقًا أَنَّك لَسْت بِمُولٍ أَوْ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ خُرُوجَهُ وَتَكَلَّفَ الْخُرُوجَ وَخَرَجَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَصَارَ لَا إيلَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَتَرَكَ وَطْأَهَا) أَيْ فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَلَا يَتَأَتَّى مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ لَا أَتْرُكُ وَطْأَكِ: فَإِنْ انْتَفَى وَطْؤُكِ وَتَرَكْتُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ نَعَمْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَزْمِهِ عَلَى الضِّدِّ أَوْ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ) أَيْ وَهُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَنّهُ يَمِينٌ تَمْنَعُهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَحِينَئِذٍ إذَا تَضَرَّرَتْ مِنْ امْتِنَاعِهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ لَا لِلْإِيلَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ وَطِئْتُك إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَيُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الْإِيلَاءِ وَإِنْ وَطِئَهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ وَحِينَئِذٍ فَالنِّزَاعُ حَرَامٌ، وَكَذَا اسْتِمْرَارُ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ حَرَامٌ فَالْمُخَلِّصُ لَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ أَنْ يَنْوِيَ الرَّجْعَةَ بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا) أَيْ سَوَاءٌ نَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ أَمْ لَا كَذَا فِي عبق تَبَعًا لِاسْتِظْهَارِ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ إذَا لَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ نَزْعَهُ حَرَامٌ وَالْوَسِيلَةُ لِلْحَرَامِ حَرَامٌ اهـ بْن

وَلَهَا حِينَئِذٍ الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ (وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ) الثَّلَاثِ (إنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ) أَنْ لَا يَطَأَهَا وَقَامَتْ بِحَقِّهَا (وَهُوَ الْأَحْسَنُ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ (أَوْ ضُرِبَ الْأَجَلُ) لِاحْتِمَالِ رِضَاهَا بِالْبَقَاءِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلَانِ فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ (كَالظِّهَارِ) بِأَنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّهُ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَطْءٌ فِي مُظَاهَرٍ مِنْهَا، وَهُوَ حَرَامٌ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ بِيَمِينِهِ مُولٍ بِمُجَرَّدِهَا فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ (لَا كَافِرٍ) فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَهَذَا مُحْتَرَزُ مُسْلِمٍ (وَإِنْ أَسْلَمَ) بَعْدَ حَلِفِهِ (إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَهَا حِينَئِذٍ الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ) أَيْ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَفِي تَعْجِيلِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَبَاقِي الْوَطْءِ حَرَامٌ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الْحِنْثُ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَتَسْتَمِرُّ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْأَجَلُ فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَطَؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةً لِلْإِيلَاءِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ: وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاق أَيْ بَعْدَ الرَّفْعِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ كَمَا فِي خش وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ اهـ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّعْجِيلِ وَإِنْ لَمْ تَرْفَعْهُ إنَّمَا هُوَ لِمُطَرِّفٍ كَمَا عَزَاهُ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فَيَقُولَانِ بِتَعْجِيلِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بَعْدَ الرَّفْعِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَنْ لَا أَطَأَكِ أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ) لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، وَبَاقِي الْوَطْءِ حَرَامٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ ضُرِبَ الْأَجَلُ) أَيْ وَبَعْدَهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ فَيْئَةٌ إذْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ لِاحْتِمَالِ رِضَاهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِكَوْنِهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: كَالظِّهَارِ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) الصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ حَتَّى يُكَفِّرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْرَبَهَا وَالْكَفَّارَةُ لَا تُجْزِئُهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الظِّهَارِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ كَفَّارَتُهُ قَبْلَ لُزُومِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يَقْرَبُهَا أَصْلًا وَيَكُونُ مُولِيًا فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ بَلْ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ سَقَطَ الْإِيلَاءُ، وَانْعَقَدَ الظِّهَارُ فَلَا يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَتَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ) أَيْ فَلَا يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَإِذَا لَمْ يَطَأْ لَمْ تُطَالِبْهُ بِالْفَيْئَةِ الَّتِي هِيَ الْكَفَّارَةُ فِي الْمُظَاهِرِ مِنْهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تُجْزِئُ إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا بَعْدَ انْعِقَادِ الظِّهَارِ، وَهُوَ لَمْ يَنْعَقِدْ قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُ، وَإِنَّمَا لَهَا الطَّلَبُ بِالطَّلَاقِ، أَوْ تَبْقَى مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ اهـ عَدَوِيٌّ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا أَبَدًا؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَهَا يُؤَدِّي لِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِذَا تَضَرَّرَتْ زَوْجَتُهُ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي فَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ فَإِذَا تَمَّ الْأَجَلُ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ، وَإِنَّمَا تُطَالِبُهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ تَبْقَى مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، وَفَائِدَةُ ضَرْبِ الْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا احْتِمَالُ أَنْ تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَ انْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَلَا يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَتَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ حَالًا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُحْتَرَزُ مُسْلِمٍ) أَيْ فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ وَقَوْلُ عبق يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّ يَمِينَ اسْمٌ جَامِدٌ لَا يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ فَلَا يَعْمَلُ الرَّفْعَ فِي مَحَلِّ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِحَلِفِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ؛ إذْ الْإِسْلَامُ

فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ (وَلَا) إيلَاءَ فِي وَاَللَّهِ (لِأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ (أَوْ لَا وَطِئْتهَا لَيْلًا أَوْ) لَا وَطِئْتهَا (نَهَارًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ الْأَزْمِنَةَ (وَاجْتَهَدَ) الْحَاكِمُ بِلَا ضَرْبِ أَجَلِ إيلَاءٍ (وَطَلَّقَ) عَلَى الزَّوْجِ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَعْزِلَنَّ) عَنْهَا بِأَنْ يُمْنِيَ خَارِجَ الْفَرْجِ (أَوْ) حَلِفِهِ (لَا أَبِيتَنَّ) عِنْدَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَالْوَحْشَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ لَا أَبِيت مَعَهَا فِي فِرَاشٍ مَعَ بَيَاتِهِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ (أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا) فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَ حَاضِرًا بَلْ (وَإِنْ غَائِبًا) وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: ضَرَرًا بَلْ إذَا تَضَرَّرَتْ هِيَ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (أَوْ سَرْمَدَ) أَيْ دَوَامَ (الْعِبَادَةِ) وَرَفَعَتْهُ فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَطَأَ أَوْ تُطَلِّقَهَا أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْك (بِلَا) ضَرْبِ (أَجَلٍ) لِلْإِيلَاءِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعِ لَكِنَّ الْغَائِبَ لَا بُدَّ مِنْ طُولِ غَيْبَتِهِ سَنَةً فَأَكْثَرَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْكِتَابَةِ إلَيْهِ إمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ تَرْحَلَ امْرَأَتُهُ إلَيْهِ أَوْ يُطَلِّقَ فَإِنْ امْتَنَعَ تُلُوِّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ كِتَابَةٍ إلَيْهِ إنْ عُلِمَ مَحَلُّهُ، وَأَمْكَنَ، وَلَا بُدَّ مِنْ خَوْفِهَا عَلَى نَفْسِهَا الزِّنَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهَا لَا بِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهَا لِلْجِمَاعِ (وَلَا) إيلَاءَ (إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِيَمِينِهِ حُكْمٌ) لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ بِهِ (كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ) إنْ وَطِئْتُك أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَكُلُّ دِرْهَمٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ (أَوْ خَصَّ بَلَدًا قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا) كَقَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ حُرٌّ إنْ وَطِئْتُك، أَوْ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ مِنْهَا صَدَقَةٌ إنْ وَطِئْتُك فَلَا يَكُونُ مُولِيًا ـــــــــــــــــــــــــــــQيُسْقِطُهُ (قَوْلُهُ: فَنَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ وَتَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَيُؤَجَّلُ كَالْمُسْلِمِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لَأَهْجُرَنَّهَا) الْهِجْرَانُ عَدَمُ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوَطْءَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهَا إنْ تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِ الْكَلَامِ وَالْهَجْرِ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي قَوْلِهِ: لَأَهْجُرَنَّهَا أَوْ لَا كَلَّمْتهَا إذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّهَا وَإِلَّا كَانَ مُولِيًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعُمَّ) أَيْ فِي يَمِينِهِ الْأَزْمِنَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَيْ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِأَنْ عَمَّ الزَّمَنَ فَإِنْ قَيَّدَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا (قَوْلُهُ: وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ عَنْ زَوْجَتِهِ زَمَنًا يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرُهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا أَوْ تَرَكَ وَطْأَهَا ضَرَرًا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ أَوْ أَدَامَ الْعِبَادَةَ وَتَضَرَّرَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَأَرَادَتْ الطَّلَاقَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَجْتَهِدُ فِي طَلَاقِهَا عَلَيْهِ وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ فِي الطَّلَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا بِدُونِ أَجَلٍ أَوْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَاجْتَهَدَ فِي قَدْرِهِ مِنْ كَوْنِهِ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ عَلِمَ لَدَدَهُ وَإِضْرَارَهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ فَوْرًا، وَإِلَّا أَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ التَّلَوُّمِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ هَذَا إذَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ وَأَمَّا إنْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَا أَبِيتُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ) أَيْ فَإِنَّ هَذَا لَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا فِي عبق نَقْلًا عَنْ تت وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَبِيتُ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الْمَوَدَّةَ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ تَوْلِيَتَهُ ظَهْرَهُ لَهَا مِنْ جُمْلَةِ الضَّرَرِ الْمُوجِبِ لِلطَّلَاقِ، وَهَذَا أَشَدُّ (قَوْلُهُ: بَلْ إذَا تَضَرَّرَتْ هِيَ إلَخْ) فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ لِعَلَّةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ قَطَعَهُ خَطَأً فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: لَا مَقَالَ لَهَا، وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ: لَهَا الْقِيَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ تَعَمَّدَ قَطْعَهُ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً لِيَقْطَعَ بِهِ لَذَّةَ النِّسَاءِ أَوْ شَرِبَهُ لِعِلَاجِ عِلَّةٍ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ يُذْهِبُ بِذَلِكَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ أَوْ شَاكٌّ كَانَ لَهَا الْفِرَاقُ إذَا لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: بِلَا ضَرْبِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَطَلَّقَ، وَالْمَنْفِيُّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَقَطْ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ يُطَلِّقَ حَالًا أَوْ يُتَلَوَّمُ لَهُ مُدَّةً بِاجْتِهَادِهِ لَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ فَيُضْرَبُ لَهُ فِيهَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ، فَإِنْ انْقَضَى، وَلَمْ يَفِ طُلِّقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْغَائِبَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَا يُطَلَّقُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْوَطْءَ لِغَيْبَتِهِ إلَّا إذَا طَالَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ، وَذَلِكَ كَسَنَةٍ فَأَكْثَرَ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الْغِرْيَانِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ: السَّنَتَانِ وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِطُولٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ تَخْشَى الزِّنَا عَلَى نَفْسِهَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهَا، وَتُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ حَيْثُ طَالَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ شَهْوَتِهَا لِلْجِمَاعِ فَلَا يُوجِبُ طَلَاقَهَا، وَيُزَادُ عَلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ إنْ عُلِمَ مَحَلُّهُ، وَأَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا دَائِمَةً، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ) أَيْ الْإِرْسَالُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِلْحَرَجِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ (قَوْلُهُ: صَدَقَةٌ) أَيْ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَمَّمَ فِي يَمِينِهِ فَهِيَ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهَا حُكْمٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مِلْكِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ خَصَّ بَلَدًا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا كُلُّ يَمِينٍ لَا حِنْثَ فِيهَا بِالْوَطْءِ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا هُوَ مُولٍ قَبْلَ الْمِلْكِ؛ إذْ يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ عَقْدُ يَمِينٍ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ رَأْسٍ أَوْ مَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ مُولِيًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ مِنْهَا شَيْئًا

فَإِنْ مَلَكَ مِنْهَا عَبْدًا، أَوْ مَالًا فَمُولٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا ثُمَّ مَلَكَ مِنْهَا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلَّ مَا مَلَكَهُ مِنْهَا بَعْدَ الْوَطْءِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ) فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ؛ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ وَطْأَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَأُ ثُمَّ يَتْرُكُ الْوَطْءَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَأُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ إلَّا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَهِيَ دُونَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ (أَوْ) حَلَفَ لَا وَطِئَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا (مَرَّةً) فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ (حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ) لِلْإِيلَاءِ لِلْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ (وَلَا) إيلَاءَ (إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَقَطْ (أَوْ) قَالَ (إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ) الْأَشْهُرِ، وَهُوَ حُرٌّ أَوْ الشَّهْرَيْنِ، وَهُوَ عَبْدٌ فَلَا إيلَاءَ لِقُصُورِهَا عَنْ الْأَجَلِ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ إذَا لَمْ يَطَأْ (نَعَمْ إنْ وَطِئَ) أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ (صَامَ بَقِيَّتَهَا) وَلَوْ يَوْمًا فَقَطْ (وَالْأَجَلُ) الَّذِي يُضْرَبُ لِلْمَرْأَةِ، وَلَهَا الْقِيَامُ بَعْدَ مُضِيِّهِ وَهُوَ (أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ مَبْدَؤُهُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ) عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ رَفْعٌ (إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ) الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا أَوْ لَا أَطَؤُك وَأَطْلَقَ أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي لَتَنَاوَلَ يَمِينُهُ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ أَوْ عُمُرِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَطَؤُك وَأَطْلَقَ (لَا إنْ) لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً بَلْ (احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ) مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَأَكْثَرَ وَهِيَ عَلَى بِرٍّ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ الْغَائِبُ أَوْ يَمُوتَ عَمْرٌو فَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ أَيْ الْحُكْمِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ مَلَكَ مِنْهَا عَبْدًا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ عِتْقِ ذَلِكَ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فَمُولٍ) أَيْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ فَاءَ بِأَنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِالْمَالِ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: كُلُّ مَا مَلَكَهُ مِنْهَا بَعْدَ الْوَطْءِ) أَيْ وَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى مَمْلُوكٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ) أَيْ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ الْوَطْءِ بِيَمِينِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُطَالَبُ بِالْوَطْءِ فَإِنْ وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ الْمَرَّتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْمَرَّةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ نُظِرَ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ فَهُوَ مُولٍ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ) أَيْ إذَا كَانَ حُرًّا، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ شَهْرَيْنِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِذَلِكَ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الصَّرَاحَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا بِتَرْكِ الْوَطْءِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ الْوَطْءِ صَرِيحًا أَوْ اسْتِلْزَامًا فَالْأَوَّلُ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي وَاَللَّهِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ إمَّا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا وَأَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالصَّرَاحَةُ وَلَوْ حُكْمًا كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك أَصْلًا لَكِنَّ عِبَارَتَهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ، هَذَا مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ صَرَاحَةُ الْمُدَّةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّرَاحَةَ لَيْسَتْ مُنْصَبَةً عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ بَلْ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ الْمُرَادُ بِالْحَلِفِ عَلَى الْحِنْثِ الْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ دَارَ فُلَانٍ أَوْ إنْ لَمْ أُسَاكِنْ فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِذَا حَلَفَ كَذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْ الزَّوْجَةِ مِنْ الْآنَ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ مُحْتَرَزُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَوْنُ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ كَانَ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ أَوْ مُحْتَمَلَةً وَلَا يَكُونُ الْأَجَلُ مِنْ الرَّفْعِ إلَّا إذَا حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ أَيْ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ أَوْ فِي قَوْلِهِ: أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ وَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى حِنْثٍ كَمَا فِي إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَنْظُورُ لَهُ قَوْلُهُ: وَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى حِنْثٍ فَخَرَجَ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ وَإِنْ احْتَمَلَتْ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّةِ لَكِنْ لَيْسَتْ عَلَى حِنْثٍ فَالْأَجَلُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَكُونُ فِيهِ مُولِيًا مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرَاحَةً أَوْ الْتِزَامًا وَكَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقِسْمٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَذَلِكَ الَّذِي يَحْلِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَفْعَلَنَّ فِعْلًا فَلَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَكَانَتْ يَمِينُهُ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ مُحْتَمِلَةً لَهَا وَلِغَيْرِهَا فَقِيلَ: إنَّ الْأَجَلَ فِي هَذِهِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، وَقِيلَ: مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ الْغَائِبُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ قُدُومِهِ (وَقَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَجَلَ فِي

كَالصَّرِيحَةِ (أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ) يَعْنِي وَاحْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ عَطَفُ الْمُصَنِّفُ بِأَوْ فَلَوْ أَتَى بِالْوَاوِ لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ أَيْ فَمُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ مُنِعَ مِنْهَا فَرَفَعَتْهُ (فَ) الْأَجَلُ (مِنْ الرَّفْعِ وَ) هُوَ يَوْمُ (الْحُكْمِ) فَلَوْ قَالَ فَمِنْ الْحُكْمِ لَكَانَ أَبْيَنَ، وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الصَّرِيحِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهَا إذَا رَفَعَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ حُرٌّ أَوْ شَهْرَيْنِ، وَهُوَ عَبْدٌ لَا يَسْتَأْنِفُ لَهُ الْأَجَلَ، وَإِنْ رَفَعَتْهُ قَبْلَ مُضِيِّ ذَلِكَ حُسِبَ لَهُ مَا بَقِيَ ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعُدْ بِالْوَطْءِ، وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الْحِنْثِ الْمُحْتَمَلَةِ مِنْ الْحُكْمِ أَنَّهُ إنْ مَضَى الْأَجَلُ قَبْلَ الرَّفْعِ ثُمَّ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَقَوْلُهُ: وَالْأَجَلُ أَيْ أَجَلُ الضَّرْبِ وَهُوَ غَيْرُ أَجَلِ الْإِيلَاءِ أَيْ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مُولِيًا وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا مَرَّ (وَهَلْ الْمُظَاهِرُ) الَّذِي قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يُعَلِّقْ ظِهَارَهُ عَلَى وَطْئِهَا فَمُنِعَ مِنْهَا قَبْلَ الْفَيْئَةِ (إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ) الَّذِي هُوَ فَيْئَةٌ (وَامْتَنَعَ) مِنْ إخْرَاجِهَا (كَالْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي يَمِينُهُ صَرِيحَةٌ فَالْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ أَيْ حَلِفِهِ بِالظِّهَارِ (وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (أَوْ كَالثَّانِي) أَيْ الَّذِي يَمِينُهُ مُحْتَمَلَةٌ فَيَكُونُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَمْ تَكُنْ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ (وَهُوَ الْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ (أَوْ) الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ (مِنْ) وَقْتِ (تَبَيُّنِ الضَّرَرِ) وَهُوَ يَوْمُ امْتِنَاعِهِ مِنْ التَّكْفِيرِ (وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِقِيَامِ عُذْرِهِ (كَالْعَبْدِ) يُظَاهِرُ، وَفَيْئَتُهُ بِالصَّوْمِ فَقَطْ (وَلَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ) بِالصَّوْمِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَهِيَ الرُّجُوعُ إلَى مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ، وَهُوَ الْوَطْءُ (أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ) لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ وَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْطُوقِ، وَقِيلَ: لَا إيلَاءَ عَلَى الْعَبْدِ الْقَادِرِ عَلَى الصَّوْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَمِينِ الْمُحْتَمِلَةِ لِأَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: كَالصَّرِيحَةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْأَجَلَ فِي الصَّرِيحَةِ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَكْثَرُ إلَخْ) أَيْ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَبَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ فَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَامْتَنَعَ عَنْ إخْرَاجِهَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ حِينَئِذٍ وَإِذَا قُلْتُمْ بِلُزُومِ الْإِيلَاءِ لَهُ فَهَلْ هُوَ كَالْأَوَّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَلِّقْ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا الَّذِي عَلَّقَ ظِهَارَهُ عَلَى وَطْئِهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا وَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِذَا تَمَّ الْأَجَلُ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ وَإِنَّمَا تَطْلُبُ مِنْهُ الطَّلَاقَ أَوْ تَبْقَى بِلَا وَطْءٍ فَإِذَا تَجَرَّأَ وَوَطِئَ انْحَلَّتْ عَنْهُ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ الْمُدَوَّنَةُ) أَيْ اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ الْبَرَاذِعِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إذَا كَانَ فِيهَا جُمْلَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ الْبَرَاذِعِيَّ فِي اخْتِصَارِهَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَظْهَرُ لَهُ اعْتِمَادُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ) قَالَ الْمَوَّاقُ: لَمْ أَجِدْ لِابْنِ يُونُسَ تَرْجِيحًا هُنَا، وَنَحْوُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ وَإِنَّمَا اسْتِحْسَانُ ذَلِكَ الْقَوْلِ لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلٌّ لِمَالِكٍ وَالْوَقْتُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ أَحْسَنُ أَيْ وَقْفُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ضَرْبِ السُّلْطَانِ لَهُ الْأَجَلَ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ لَوْ قَالَ عَلَى الْأَحْسَنِ بَدَلَ قَوْلِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا) أَيْ فَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ بَلْ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَإِمَّا أَنْ يُطَلَّقَ عَلَيْهِ حَالًا فَإِنْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ كَفَّرَ وَرَاجَعَهَا وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَخْ قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْعُسْرُ وَالْعَجْزُ عَنْ الصِّيَامِ بَعْدَ عَقْدِ الظِّهَارِ، وَأَمَّا إنْ عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَجْزِ عَنْ حِلِّهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا لِقَصْدِ الضَّرَرِ بِالظِّهَارِ أَوْ بَعْدَ ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَانْقِضَائِهِ رَجَاءَ أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ لَهُ مَالًا يُكَفِّرُ مِنْهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ (قَوْلُهُ: لِقِيَامٍ) أَيْ لِوُجُودِ عُذْرِهِ (قَوْلُهُ: يُظَاهِرُ) أَيْ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. (قَوْلُهُ وَفَيْئَتُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ فَيْئَتَهُ أَيْ رُجُوعَهُ لِمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْيَمِينِ بِالصَّوْمِ أَيْ بِالتَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ (قَوْلُهُ: لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ) أَيْ لَا يُرِيدُ التَّكْفِيرَ بِالصَّوْمِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَرَادَهُ وَمَنَعَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَهَذَانِ هُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فَكَالْحُرِّ لَا يَدْخُلُهُ إيلَاءٌ وَلَا حُجَّةَ لِزَوْجَتِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ بِوَجْهٍ غَيْرِ جَائِزٍ رَدَّهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ فَصُوَرُ الْعَبْدِ أَرْبَعٌ اهـ وَهَذَا التَّقْرِيرُ لِابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لِبَهْرَامَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَامْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ مِنْهُ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِ فَمَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْرِبُ لَهُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ بَلْ يُقَالُ لَهَا: إمَّا أَنْ تَمْكُثِي مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، أَوْ يُنَجَّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَعَلَى هَذَا فَالْعَبْدُ لَيْسَ كَالْحُرِّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ، وَامْتَنَعَ وَاعْتَرَضَ طفي كَلَامَ بَهْرَامَ بِأَنَّهُ وَإِنْ وَافَقَ ظَاهَرَ الْمُوَطَّإِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ الْبَاجِيَّ

إذَا امْتَنَعَ أَوْ مُنِعَ بِوَجْهِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ قَدَرَ (وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي (حَلَفَ بِعِتْقِهِ) أَيْ عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ وَامْتَنَعَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ فَإِذَا زَالَ مِلْكُ الْعَبْدِ بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَنْحَلُّ عَنْهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا كَانَ مُضَارًّا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَتْ بِلَا ضَرْبِ أَجَلٍ (إلَّا أَنْ يَعُودَ) الرَّقِيقُ لِمِلْكِهِ ثَانِيًا (بِغَيْرِ إرْثٍ) فَإِنَّ الْإِيلَاءَ يَعُودُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَمَّا إنْ عَادَ الْعَبْدُ كُلُّهُ إلَيْهِ بِإِرْثٍ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ جَبْرِيٌّ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (كَالطَّلَاقِ الْقَاصِرِ) أَيْ كَمَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِعَوْدِ الزَّوْجَةِ لِعِصْمَتِهِ فِي الطَّلَاقِ الْقَاصِرِ (عَنْ الْغَايَةِ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ الثَّلَاثَ (فِي) الزَّوْجَةِ (الْمَحْلُوفِ بِهَا) أَيْ بِطَلَاقِهَا بِأَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى وَطْءِ أُخْرَى فَإِذَا قَالَ: إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَهِنْدٌ طَالِقٌ فَقَدْ حَلَفَ بِطَلَاقِ هِنْدٍ فَهِيَ مَحْلُوفٌ بِهَا وَعَزَّةُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ هِنْدٍ عَلَى وَطْئِهَا فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ وَطْءِ عَزَّةَ كَرَاهَةَ أَنْ يَلْزَمَهُ طَلَاقُ هِنْدٍ كَانَ مُولِيًا، فَإِذَا طَلَّقَ هِنْدًا دُونَ الثَّلَاثِ انْحَلَّ عَنْهُ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ بِمُجَرَّدِهِ فِي الْبَائِنِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعِيِّ، وَجَازَ لَهُ وَطْءُ عَزَّةَ، فَإِنْ عَادَتْ هِنْدٌ لِعِصْمَتِهِ عَادَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ فَإِنْ بَلَغَ طَلَاقُ هِنْدَ الْغَايَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي عَزَّةَ، فَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا، وَأَمَّا عَزَّةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا فَيَعُودُ فِيهَا الْإِيلَاءُ، وَلَوْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ثُمَّ رَجَعَتْ بَعْدَ زَوْجٍ مَا شَاءَ اللَّهُ مَا دَامَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ بِهَا لَمْ يَبْلُغْ الْغَايَةَ فَقَوْلُهُ: (لَا) فِي الْمَحْلُوفِ (لَهَا) وَهِيَ عَزَّةُ فِي الْمِثَالِ وَاللَّامُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْحِهِ عَلَيْهِ عَلَى مَا إذَا أَرَادَ التَّكْفِيرَ بِالصَّوْمِ وَمَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ، وَامْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ بِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ لَهُ بَلْ هُوَ مُولٍ، وَيَجْرِي فِي مَبْدَأِ الْأَجَلِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَتَحَصَّلَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ غَازِيٍّ لَا يَسْلَمُ مِنْ حَيْثُ جَعْلُهُ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ وَفِيمَا إذَا امْتَنَعَ هُوَ وَكَذَا كَلَامُ بَهْرَامَ لَا يَسْلَمُ مِنْ حَيْثُ جَعْلُهُ عَدَمَ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ مُطْلَقًا وَصَارَ حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ لَا يَلْحَقُهُ الْإِيلَاءُ بَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، وَإِنْ امْتَنَعَ هُوَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ الْإِيلَاءُ، وَفِي مَبْدَأِ الْأَجَلِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا كَالْحُرِّ إلَّا أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْإِيلَاءِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ فِي مَبْدَأِ الْأَجَلِ خِلَافٌ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ مَا إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُولٍ فَلَا خِلَافَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ السَّيِّدُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إنْ رَفَعَتْهُ اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ. (قَوْلُهُ إذَا امْتَنَعَ) أَيْ مِنْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ الْمُصَنِّفُ مِمَّا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِيلَاءُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا تَنْحَلُّ بِهِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ تَنْحَلُّ عَنْهُ وَسَوَاءٌ أَخَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا كَبَيْعِ سُلْطَانٍ لَهُ فِي فَلَسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ بَعْدَ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ عَنْهُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعُودَ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِغَيْرِ إرْثٍ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَعُودَ فَلَا تَنْحَلُّ بَلْ الْمُرَادُ فَيَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَعَوْدُهَا غَيْرُ عَدَمِ الِانْحِلَالِ، وَأَجَلُهُ حِينَئِذٍ مِنْ يَوْمِ الْعَوْدِ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً أَوْ مُحْتَمِلَةً عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ إلَّا وَهُوَ عَوْدُ الْإِيلَاءِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهَا وَهُوَ انْحِلَالُهَا اهـ عَدَوِيٌّ فَلَوْ عَادَ مِلْكُهُ لِبَعْضِهِ وَطُولِبَ بِالْفَيْئَةِ فَوَطِئَ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إنْ عَادَ الْعَبْدُ إلَيْهِ كُلُّهُ بِإِرْثٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَوْدُ بَعْضِهِ بِإِرْثٍ وَبَعْضُهُ بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ فَكَعَوْدِ كُلِّهِ بِغَيْرِ إرْثٍ فَيَغْلِبُ غَيْرُ الْإِرْثِ عَلَى الْإِرْثِ، وَيَعُودُ الْإِيلَاءُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْلُغْ الثَّلَاثَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: فَهِنْدُ طَالِقٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَهِنْدٌ طَالِقٌ فَالشَّرْطُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَطْءُ عَزَّةَ، وَالْجَزَاءُ مَحْلُوفٌ بِهِ، وَهُوَ طَلَاقُ هِنْدٍ، وَلَمَّا كَانَ الْوَطْءُ وَاقِعًا فِي عَزَّةَ قِيلَ لَهَا: مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا، وَلَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا عَلَى هِنْدٍ، قِيلَ لَهَا: مَحْلُوفٌ بِهَا (قَوْلُهُ: مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: عَادَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُؤَجَّلْ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أُجِّلَ وَبَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: عَادَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ) أَيْ فَإِنْ وَطِئَ عَزَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّوَاجِ أَوْ فِي عِدَّةِ هِنْدٍ حَنِثَ وَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي هِنْدٍ (قَوْلُهُ: فَيَعُودُ فِيهَا الْإِيلَاءُ، وَلَوْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) فِي شب أَنَّ مَا فِي الْمُصَنِّفِ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ كَالْمَحْلُوفِ بِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَتَى طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَعُدْ

بِمَعْنَى عَلَى مَعْنَاهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقُصُورُ فِيهَا عَنْ الْغَايَةِ بَلْ يَعُودُ أَبَدًا مَا دَامَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ بِهَا لَمْ يَبْلُغْ الْغَايَةَ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عَدَمَ الْعَوْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، وَلَا يَصِحُّ إبْقَاءُ اللَّامِ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ لَهَا أَيْ لِأَجْلِهَا وَهِيَ الْحَامِلَةُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا كَأَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْت غَيْرَك أَوْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَالَّتِي أَطَؤُهَا أَوْ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (وَ) انْحَلَّ الْإِيلَاءُ (بِتَعْجِيلِ) مُقْتَضَى (الْحِنْثِ) كَعِتْقِ الْعَبْدِ الْمَحْلُوفِ بِعِتْقِهِ أَنْ لَا يَطَأَ أَوْ طَلَاقِ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَنْ لَا يَطَأَ بَائِنًا فَإِذَا قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ أَوْ فَعَلَيَّ التَّصَدُّقِ بِدَارِي أَوْ بِهَذَا الدِّرْهَمِ فَجَعَلَ ذَلِكَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (وَبِتَكْفِيرِ مَا) أَيْ يَمِينٍ (يُكَفَّرُ) كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ لَا يَطَؤُهَا فَكَفَّرَ قَبْلَ الْوَطْءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْحَلَّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ (فَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، وَلَوْ صَغِيرَةً لَا لِوَلِيِّهَا (وَلِسَيِّدِهَا) الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ (إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا) لِصِغَرٍ أَوْ رَتْقٍ أَوْ مَرَضٍ (الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُطَالَبَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْفَيْئَةُ (تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ) كُلِّهَا (فِي الْقُبُلِ) وَهَذَا تَفْسِيرُهَا فِي غَيْرِ الْمُظَاهِرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ فَيْئَتَهُ تَكْفِيرُهُ، وَفِي غَيْرِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ وَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ وَطْؤُهَا فَإِنْ كَانَ لِصِغَرٍ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا حَتَّى تُطِيقَ الْوَطْءَ وَإِنْ كَانَ لِرَتْقٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِالْفَيْئَةِ بِمَعْنَى مَغِيبِ الْحَشَفَةِ حَالًا بَلْ بِمَعْنَى الْوَعْدِ بِهَا إذَا زَالَ الْمَانِعُ، وَلَمَّا كَانَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْبِكْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِيلَاءُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} [الإسراء: 109] (قَوْلُهُ: عَدَمَ الْعَوْدِ) أَيْ عَدَمَ عَوْدِ الْإِيلَاءِ إذَا عَادَتْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا لِلْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) أَيْ كَهِنْدٍ، وَقَوْلُهُ: إنْ وَطِئْت غَيْرَك أَيْ كَعَزَّةِ فَهِنْدٌ مَحْلُوفٌ لَهَا أَيْ لِأَجْلِهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَبِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ) قَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَدَاخُلٌ فِي هَذِهِ الْمَعْطُوفَاتِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ الْعِتْقِ، وَيَزِيدُ هَذَا بِصِدْقِهِ عَلَى الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ كَمَا يَزِيدُ الْأَوَّلُ بِصِدْقِهِ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: الْمَحْلُوفُ بِعِتْقِهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ بِمُخَالَفَتِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ فِي الْمِثَالِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِتَعْجِيلِهِ تَعْجِيلَهُ نَفْسَهُ بَلْ الْمُرَادُ تَعْجِيلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؛ فَلِذَا قَدَّرَ الشَّارِحُ مُقْتَضَى أَيْ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِنْثُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ هَذَا وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ هُنَا بِالْحِنْثِ مَا يُوجِبُهُ الْحِنْثُ كَالْعِتْقِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَنْ لَا يَطَأَ) أَيْ وَيَصُومَ الْأَيَّامَ الْمَحْلُوفَ بِصَوْمِهَا أَنْ لَا يَطَأَ (قَوْلُهُ: بَائِنًا) أَيْ وَكَذَا رَجْعِيًّا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ فَفُلَانَةُ طَالِقٌ) أَيْ فَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ إذَا كَانَ بَائِنًا وَبِقَضَاءِ الْعِدَّةِ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: انْحَلَّتْ يَمِينُهُ) أَيْ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ انْحِلَالِ الْيَمِينِ طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ، إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلُهُ: وَبِتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ) أَيْ قَبْلَ الْحِنْثِ كَالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ كَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ نَذْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ حَالَ إفَاقَتِهَا، وَفِي حَالِ جُنُونِهَا لَا يَثْبُتُ لَهَا طَلَبٌ، وَمِثْلُهَا الْمُغْمَى عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِمَا كَلَامٌ حَالَ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ بَلْ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُمَا. (قَوْلُهُ وَلِسَيِّدِهَا) أَيْ وَلِسَيِّدِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ أَمَةً وَكَذَا لَهَا الْحَقُّ أَيْضًا لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ عَنْ أَصْبَغَ فَلَوْ تَرَكَ سَيِّدُهَا وَقْفَهُ فَلَهَا وَقْفُهُ وَسَمِعَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ تَرَكَتْ الْأَمَةُ وَقْفَ زَوْجِهَا الْمُولِي كَانَ لِسَيِّدِهَا وَقْفُهُ اهـ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَهَذَا إذَا كَانَ لِلسَّيِّدِ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ وَكَانَ يُرْجَى مِنْهَا الْوَلَدُ أَمَّا إنْ كَانَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ لِكَوْنِ الْوَلَدِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بِهَا أَوْ بِالزَّوْجِ عُقْمٌ كَانَ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ لَهَا خَاصَّةً (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا) أَيْ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الزَّوْجَةِ لَهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلِسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا فَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا مُمْتَنِعًا عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا كَالرَّتْقَاءِ وَالْمَرِيضَةِ وَالْحَائِضِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْقَيْدِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ: إنَّ الْمُطَالَبَةَ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا، وَتَكُونُ الْفَيْئَةُ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَطْءِ بِالْوَعْدِ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي لَك الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَغْيِيبُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَيْئَةَ الرُّجُوعُ لِمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ بِالْيَمِينِ وَهُوَ الْوَطْءُ وَالرُّجُوعُ لِمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ مُصَوَّرٌ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ كُلِّهَا) أَيْ أَوْ قَدْرِهَا مِمَّنْ لَا حَشَفَةَ لَهُ وَقَوْلُهُ: فِي الْقُبُلِ أَيْ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ مِنْهُ لَا فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ الِانْتِشَارُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج: يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ كَالتَّحْلِيلِ لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِهَا الَّذِي هُوَ إزَالَةُ الضَّرَرِ بِدُونِهِ، وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِالِانْتِشَارِ دَاخِلَ الْفَرْجِ، وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِتَغْيِيبِهَا مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ أَوْ تَمْنَعُ كَمَالَهَا. (قَوْلُهُ: فِي الْقُبُلِ) أَيْ وَأَمَّا تَغْيِيبُهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهَا، أَوْ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ مِنْ قُبُلِهَا فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: تَكْفِيرُهُ) أَيْ تَكُونُ بِتَكْفِيرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ بِمَعْنَى الْوَعْدِ بِهَا إلَخْ) أَيْ فَالْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ ثَابِتَةٌ مُطْلَقًا امْتَنَعَ وَطْؤُهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا مُرَادُهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ حَالًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذْ كَانَ وَطْؤُهَا مُمْتَنِعًا لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ لَكِنْ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْوَعْدُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ

بِدُونِ افْتِضَاضِهَا لَا يَكْفِي قَالَ (وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ) فَلَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ فِيهَا بِدُونِهِ وَإِنْ حَنِثَ، ثُمَّ شَرَطَ فِي تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَالِافْتِضَاضِ الْإِبَاحَةَ. بِقَوْلِهِ: (إنْ حَلَّ) مَا ذُكِرَ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ كَفِي حَيْضٍ لَمْ تَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ حَنِثَ فَيُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِنْثِهِ وَانْحِلَالِ يَمِينِهِ انْحِلَالُ الْإِيلَاءِ بِحَيْثُ يَسْقُطُ عَنْهُ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَنَدَ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْوَطْءِ لِيَمِينٍ ثَبَتَ مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهِيَ الْحَلَالُ، وَلَوْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (وَلَوْ) كَانَ تَغَيُّبُهَا (مَعَ جُنُونٍ) لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ جُنُونِهَا إنْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ كَمَا سَبَقَ (لَا بِوَطْءٍ بَيْنَ فَخِذَيْنِ) أَوْ فِي دُبُرٍ فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ (وَحَنِثَ) فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ الطَّلَبِ بِالْفَيْئَةِ مَا دَامَ لَمْ يُكَفِّرْ فَإِنْ كَفَّرَ سَقَطَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ بِمُجَرَّدِ التَّكْفِيرِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ) فَلَا يَحْنَثُ فِيمَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ (وَطُلِّقَ) عَلَيْهِ (إنْ قَالَ) بَعْدَ أَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ (لَا أَطَأُ) بَعْدَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالطَّلَاقِ فَيَمْتَنِعَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهَا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ امْتَنَعَ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ بِلَا تَلَوُّمٍ عَلَى الصَّحِيحِ (وَإِلَّا) يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ بِأَنْ قَالَ: أَطَأُ وَوَعَدَ بِهِ (اُخْتُبِرَ مَرَّةً وَمَرَّةً) أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ (وَصُدِّقَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا زَالَ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ) أَيْ بِالتَّغْيِيبِ بِدُونِ افْتِضَاضٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَرَطَ فِي تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ شَرَطَ فِي كَوْنِهِمَا تَنْحَلُّ بِهِمَا الْإِيلَاءُ أَيْ تَسْقُطُ بِهِمَا الْمُطَالَبَةُ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: إنْ حَلَّ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ وَالِافْتِضَاضِ (قَوْلُهُ لَمْ تَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ) أَيْ لَمْ تَسْقُطْ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَنِثَ) أَيْ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ (قَوْلُهُ: فَيُطْلَبُ بِالْفَيْئَةِ) أَيْ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِنْثِهِ وَانْحِلَالِ يَمِينِهِ) أَيْ بِهَذَا الْوَطْءِ الْحَرَامِ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ يَحْنَثُ بِهِ، وَتَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَحَيْثُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ انْحَلَّتْ الْإِيلَاءُ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ أَيْ سَبَبُ الْإِيلَاءِ بِمَعْنَى الْمُطَالَبَةِ بِالْوَطْءِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إنْ حَلَّ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَإِذَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ زَالَ طَلَبُ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ سَبَبٌ لِطَلَبِ الْوَطْءِ، وَقَدْ زَالَ السَّبَبُ فَلْيَزُلْ الْمُسَبَّبُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ حَلَّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ انْحِلَالَ الْيَمِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ أَيْ الْمُطَالَبَةِ بِالْفَيْئَةِ مُطْلَقًا بَلْ إنْ كَانَ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِوَطْءٍ حَلَالٍ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ أَيْ الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ كَانَ انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِوَطْءٍ حَرَامٍ أَوْ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَمَا زَالَ مُطَالَبًا بِالْفَيْئَةِ، وَلَمْ يَسْقُطْ طَلَبُهَا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْحَلَالُ) أَيْ وَهِيَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ عَلَى وَجْهٍ حَلَالٍ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ أَيْ بِوَطْءٍ حَرَامٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ جُنُونٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ فِي حَالِ جُنُونِهِ فَيْئَةٌ هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغُ وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ لَكِنْ قَالَ أَصْبَغُ: يَحْنَثُ بِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَيْئَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ لَيْسَ فَيْئَةً لَكِنْ لَا يُطَالَبُ بِهَا قَبْلَ إفَاقَتِهِ لِعُذْرِهِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ أَنَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ فَيْئَةٌ مَعَ بَقَاءِ الْيَمِينِ أَنَّهُ يُسْتَأْنَفُ لَهُ الْأَجَلُ، وَعَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ يُكْتَفَى بِالْأَجَلِ الْأَوَّلِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِلزَّوْجِ) أَيْ فَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ لِنَيْلِهَا بِوَطْئِهِ مَا تَنَالُ فِي صِحَّتِهِ فَإِذَا آلَى مِنْهَا وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ وَطَلَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ وَفَاءً حَالَ جُنُونِهِ تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا، وَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا صَحَّ اُسْتُؤْنِفَ لَهُ أَجَلٌ مِنْ يَوْمِ وَطْئِهِ لِبَقَاءِ يَمِينِهِ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: إذَا فَاءَ حَالَ جُنُونِهِ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ، وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ بَعْدَ إفَاقَتِهِ لِعَدَمِ بَقَاءِ يَمِينِهِ لِحِنْثِهِ فِيهَا بِوَطْئِهِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: إنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ حَالَ جُنُونِهِ وَلَا يَكُونُ وَطْؤُهُ فَيْئَةً وَيُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ إفَاقَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ ثَانٍ وَيُكْتَفَى بِالْأَجَلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جُنُونِهَا) أَيْ فَإِنَّ وَطْأَهَا فِي حَالَتِهِ لَغْوٌ لَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ أَيْ لَا تَسْقُطُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ، وَإِنْ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ) أَيْ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَفَّرَ سَقَطَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ سَقَطَ إيلَاؤُهُ فَكَيْفَ إذَا وَطِئَ ثُمَّ كَفَّرَ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ بِغَيْرِ الْفَرْجِ، وَقَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَتَكْفِيرُ مَا يُكَفَّرُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ يَنْوِي الْفَرْجَ) أَيْ إنَّ مَحَلَّ حِنْثِهِ وَلُزُومِهِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ نَوَى عِنْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا يَعْنِي فِي فَرْجِهَا فَإِنْ كَانَ نَوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ لِمُطَابَقَةِ نِيَّتِهِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ وَالْإِيلَاءُ بَاقٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ يُؤْمَرَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إلَخْ) أَيْ وَيَجْرِي هُنَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي امْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ مِنْ كَوْنِهِ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ) أَيْ عِنْدَ طَلَبِهِ بِهَا أَطَأُ (قَوْلُهُ: اُخْتُبِرَ) أَيْ بِمُدَّةٍ يُؤَخِّرُهُ الْحَاكِمُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ مَرَّةً) أَيْ اخْتِبَارًا مَرَّةً وَمَرَّةً فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، وَقَوْلُهُ: إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَيْ، وَيَكُونُ اخْتِبَارُهُ الْمَرَّاتِ الثَّلَاثَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِهِ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ قَوْلَهُ: مَرَّةً ثَالِثًا أَوْ يَقُولَ: اُخْتُبِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ) أَيْ الْمُولِي وَقَوْلُهُ: بِيَمِينٍ أَيْ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: صُدِّقَ فَالْمُرَادُ بِيَمِينٍ

بِيَمِينٍ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْوَطْءَ بِكْرًا كَانَتْ، أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَبَقِيَتْ عَلَى حَقِّهَا، وَإِلَّا بَقِيَتْ زَوْجَةً كَمَا لَوْ حَلَفَ (وَإِلَّا) بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِبَارِ، وَلَمْ يَدَّعِ الْوَطْءَ أَوْ ادَّعَاهُ وَأَبَى الْحَلِفَ وَحَلَفَتْ (أُمِرَ بِالطَّلَاقِ) فَإِنْ طَلَّقَ (وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ) (وَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ) الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ (وَالْمَحْبُوسِ) الْعَاجِزِ عَنْ خَلَاصِ نَفْسِهِ (بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ) الْإِيلَاءُ مِنْ زَوَالِ مِلْكٍ، وَتَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ، وَتَعْجِيلِ مُقْتَضَى الْحِنْثِ وَإِبَانَةِ الزَّوْجَةِ الْمَحْلُوفِ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا إنْ أَمْكَنَ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ (مِمَّا تُكَفَّرُ) أَيْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُهَا (قَبْلَهُ) أَيْ الْحِنْثِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّكْفِيرِ الِانْحِلَالُ (كَطَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ) لَا بَائِنَ (فِيهَا) أَيْ فِي الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا كَإِنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَطِئَ لَحِقَهُ طَلْقَةٌ أُخْرَى؛ إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ يَلْزَمُهُ طَلَاقُهَا إنْ طَرَأَ مُوجِبُهُ (أَوْ) طَلَاقٌ فِيهِ رَجْعَةٌ (فِي غَيْرِهَا) كَقَوْلِهِ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ: إنْ وَطِئْتُك فَفُلَانَةُ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَيَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ (وَ) كَ (صَوْمٍ) مُعَيَّنٍ (لَمْ يَأْتِ) زَمَنُهُ؛ إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ زَمَنِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ (وَعِتْقٍ) وَصَدَقَةٍ وَمَشْيٍ لِمَكَّةَ وَصَوْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) ؛ إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِالْحِنْثِ (فَالْوَعْدُ) جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ فَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ أَوْ الْمَحْبُوسِ الْمَذْكُورِ تَكُونُ بِالْوَعْدِ بِالْوَطْءِ إذَا زَالَ الْمَانِعُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لَا بِالْوَطْءِ مَعَ الْمَانِعِ لِتَعَذُّرِهِ بِالْمَرَضِ أَوْ السِّجْنِ (وَبَعَثَ) بَعْدَ الْأَجَلِ (لِلْغَائِبِ) الْمُولِي (وَإِنْ) بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ (بِشَهْرَيْنِ) ذَهَابًا مَعَ الْأَمْنِ لَا أَكْثَرَ فَلَهَا الْقِيَامُ بِالْفِرَاقِ، وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الطَّالِبَةُ (وَلَهَا الْعَوْدُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِذَا قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِدُونِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ الِاخْتِبَارِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ أَيْ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ سَفِيهَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً سَقَطَتْ عَنْهَا الْيَمِينُ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ فَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ (قَوْلُهُ: وَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ) أَيْ إذَا مَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ، وَهُمَا بِتِلْكَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ) أَيْ وَأَمَّا الْمَرِيضُ الْقَادِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَالْمَحْبُوسُ الْقَادِرُ عَلَى الْخَلَاصِ بِمَا لَا يُجْحِفُ بِهِ فَفَيْئَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ) أَيْ وَلَا تَكُونُ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّهِمَا بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمَا عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ زَوَالِ مِلْكٍ) أَيْ مِنْ زَوَالِ مِلْكِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي حَلَفَ بِعِتْقِهِ (قَوْلُهُ وَتَكْفِيرُ مَا) أَيْ الْيَمِينِ الَّتِي يَجُوزُ تَكْفِيرُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَهِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرُ الْمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَخْرَجًا (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ مُقْتَضَى الْحِنْثِ) أَيْ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِنْثُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْكِنُ التَّكْفِيرُ) أَيْ انْحِلَالُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا طَلَّقَ ضَرَّتَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدُ. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا ارْتَجَعَهَا وَوَطِئَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ فُلَانَةُ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: وَطَلَّقَهَا) أَيْ فُلَانَةَ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَائِنِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَ فُلَانَةَ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ عَاوَدَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَوَطِئَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا فَلَا تَطْلُقُ فُلَانَةُ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ بِمُجَرَّدِ بَيْنُونَتِهَا (قَوْلُهُ: وَكَصَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَأْتِ زَمَنُهُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ، وَقَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ رَجَبٍ فَهَذِهِ الْيَمِينُ لَا يُمْكِنُ انْحِلَالُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ؛ إذْ لَوْ صَامَ رَجَبَ قَبْلَ إتْيَانِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَمْ يَأْتِ زَمَنُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى زَمَنُهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا انْقَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَاتَ (قَوْلُهُ: وَعِتْقٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ مَشْيٌ لِمَكَّةَ فَلَا يُمْكِنُ انْحِلَالُ تِلْكَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ؛ إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ بِالْوَطْءِ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ إذَا وَطِئَ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْحِنْثِ) أَيْ قَبْلَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: بِالْحِنْثِ) أَيْ إذَا وَطِئَ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ) أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَكْفِيرُ يَمِينِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: إذَا زَالَ الْمَانِعُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَرَضُ وَالْحَبْسُ. (قَوْلُهُ: وَبَعَثَ لِلْغَائِبِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ضُرِبَ لِلْمُولِي الْأَجَلُ فَوُجِدَ عِنْدَ انْقِضَائِهِ غَائِبًا غَيْبَةَ مَسَافَةِ شَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ لِيَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ طُلِّقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ لَهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ وَإِلَّا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَرْفَعْهُ لِلْحَاكِمِ لِتَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ حَيْثُ أَرَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِلَّا مَنَعَهُ فَإِنْ أَبَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ طُلِّقَ عَلَيْهِ فَفَائِدَةُ إخْبَارِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ لَهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ، وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ (قَوْلُهُ: مَعَ الْأَمْنِ) أَيْ وَاثْنَا عَشَرَ يَوْمًا مَعَ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ الْخَوْفِ يُقَاوِمُ خَمْسَةً مَعَ الْأَمْنِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْعَوْدُ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمَرْأَةَ الْمُولَى مِنْهَا إذَا حَلَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَرَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ وَأَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْفَيْئَةِ إسْقَاطًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَنٍ ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا فَطَلَبَتْ الْقِيَامَ

لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ (إنْ رَضِيَتْ) أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ أَجَلٍ كَامْرَأَةِ الْمُعْتَرِضِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا صَبْرَ لِلنِّسَاءِ عَلَيْهِ (وَتَتِمُّ) أَيْ تَصِحُّ (رَجْعَتُهُ) بَعْدَ أَنَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ (إنْ انْحَلَّ) إيلَاؤُهُ بِوَطْءٍ بِعِدَّةٍ أَوْ تَكْفِيرٍ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلٍ أَوْ تَعْجِيلِ حِنْثٍ (وَإِلَّا) يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (لَغَتْ) رَجْعَتُهُ أَيْ بَطَلَتْ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ مِنْ الْعِدَّةِ (وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ فِي) قَوْلِهِ لِزَوْجَتَيْهِ (وَإِنْ وَطِئَتْ إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ طَلَّقَ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ (إحْدَاهُمَا) بِالْقُرْعَةِ عِنْد الْمُصَنِّفِ أَوْ يَجْبُرُهُ عَلَى طَلَاقِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ مُوَلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا مَعًا ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ ثُمَّ إنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، وَإِلَّا طَلُقَتَا مَعًا مَا لَمْ يَرْضَيَا بِالْمَقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (وَفِيهَا فِيمَنْ حَلَفَ) بِاَللَّهِ (لَا يَطَأُ) زَوْجَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (وَاسْتَثْنَى) بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ (مُولٍ) وَلَهُ الْوَطْءُ بِلَا كَفَّارَةٍ وَاسْتُشْكِلَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ حَلٌّ لِلْيَمِينِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَهُ مُولِيًا وَالثَّانِي كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ (وَحُمِلَتْ) لِدَفْعِ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ (عَلَى مَا إذَا رُفِعَ) لِلْحَاكِمِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ (وَأَوْرَدَ) عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلَ الْإِمَامِ أَيْضًا (لَوْ) حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا ثُمَّ (كَفَّرَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، وَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ عَنْهُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (وَفُرِّقَ) بَيْنَهَا (بِشِدَّةِ الْمَالِ) عَلَى النَّفْسِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ الْكَفَّارَةُ وَخِفَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَى؛ فَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْفَيْئَةِ فَلَهَا أَنْ تُوقِفَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ وَمِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا إسْقَاطًا مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ فَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ أُقِيمُ مَعَهُ سَنَةً لَعَلَّهُ أَنْ يَفِيءَ فَلَيْسَ لَهَا الْعَوْدُ إلَّا بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ) أَيْ بِطَلَبِ الْفَيْئَةِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَتْ أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ) أَيْ بِالْفَيْئَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَكْفِيرٍ) أَيْ تَكْفِيرِ مَا يُكَفَّرُ فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَعْجِيلِ حِنْثٍ أَيْ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ فِي الْعِدَّةِ، وَمِثْلُ انْحِلَالِ الْإِيلَاءِ رِضَا الزَّوْجَةِ الْمُولَى مِنْهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّ رَجْعَتَهَا بَاطِلَةٌ مَعَ الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَقَوْلُهُ: لَغَتْ رَجْعَتُهُ أَيْ الْحَاصِلَةُ فِي الْعِدَّةِ أَيْ كَانَتْ مُلْغَاةً أَيْ بَاطِلَةً لَا أَثَرَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ وَطْءِ كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفًا مِنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى كَانَ مُولِيًا مِنْهُمَا فَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ إذَا قَامَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ الْيَمِينِ فَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ طَلُقَتْ الْأُخْرَى وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ وَطْءِ إحْدَاهُمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إحْدَاهُمَا هَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ فَيَخْتَارُ الزَّوْجُ وَاحِدَةً يُطَلِّقُهَا أَوْ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ وَإِلَّا فَطَلَاقُ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَسْتَدْعِي تَعْيِينَ مَحَلِّهِ، وَفِي تَطْلِيقِ وَاحِدَةٍ يُعَيِّنُهَا الْحَاكِمُ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي أَيْضًا اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي بْن [دَرْسٌ] (بَابٌ) (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ وَامْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُولٍ) أَيْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ الْوَطْءُ أَيْ وَإِذَا طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بَعْدَ الْأَجَلِ كَانَ لَهُ الْوَطْءُ وَإِذَا وَطِئَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَهُ مُولِيًا) مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ حَلًّا لِلْيَمِينِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ يَكُونُ مُولِيًا وَيَطَأُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ) مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مُولِيًا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ يُكَفِّرُ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ: وَحُمِلَتْ) أَيْ وَحُمِلَ كَلَامُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَجْلِ دَفْعِ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِدَفْعِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا رُفِعَ لِلْحَاكِمِ) أَيْ عَلَى مَا إذَا رَفَعَتْهُ الزَّوْجَةُ لِلْحَاكِمِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَلَّ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ بِقَرِينَةِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَلَّ الْيَمِينِ وَأَمَّا الْمُفْتِي فَيُصَدِّقُهُ فِي إرَادَةِ حَلِّ الْيَمِينِ فَلَا يُفْتِيهِ بِلُحُوقِ الْإِيلَاءِ وَحِينَئِذٍ فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَالًا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ:) أَيْ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْ هَذَا الْإِيلَاءِ. (قَوْلُهُ: وَتَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ عَنْهُ) أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِفَيْئَةٍ وَإِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهَلَّا سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إمَّا بِحُكْمِ هَذِهِ أَوْ بِحُكْمِ هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بِشِدَّةٍ الْمَالَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَفِّرَ فِي الثَّانِيَةِ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ إخْرَاجُ الْمَالِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ فَلِذَا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأُولَى فَلَيْسَ شَدِيدًا عَلَى النَّفْسِ بَلْ مُجَرَّدُ لَفْظٍ لَا كُلْفَةَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ رَافِعًا لِلتُّهْمَةِ فَلِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ

[باب الظهار وأركانه وكفارته وما يتعلق بذلك]

(وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ) فِي الْأُولَى (يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحَلِّ) احْتِمَالًا ظَاهِرًا؛ فَلِذَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَةِ حَلِّ الْيَمِينِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ احْتَمَلَتْ يَمِينًا أُخْرَى لَكِنْ احْتِمَالًا غَيْرَ ظَاهِرٍ دَرْسٌ (بَابٌ فِي الظِّهَارِ) {بَابٌ} ذَكَرَ فِيهِ الظِّهَارَ وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ (تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ) زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا فَإِنْ ظَاهَرَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ كُلُّ يَمِينٍ كَانَتْ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ إذَا أَسْلَمَ، الْمُكَلَّفِ وَإِنْ عَبْدًا أَوْ سَكْرَانَ بِحَرَامٍ لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ بِحَلَالٍ، وَمُكْرَهٍ (مَنْ تَحِلُّ) بِالْأَصَالَةِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَيَشْمَلُ الْمُحَرَّمَةَ لِعَارِضٍ كَمُحْرِمَةٍ وَمُطَلَّقَةٍ رَجْعِيًّا وَسَوَاءٌ شَبَّهَهَا كُلَّهَا (أَوْ جُزْأَهَا) وَلَوْ حُكْمًا كَالشَّعْرِ وَالرِّيقِ (بِظَهْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَشْبِيهِ " (مُحَرَّمٍ) أَصَالَةً فَلَا ظِهَارَ عَلَى مَنْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنْت عَلَيَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ حَلَّ الْيَمِينِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّبَرُّكَ وَالتَّأْكِيدَ فَلِذَا لَمْ يُصَدَّقْ فِي إرَادَةِ حَلِّ الْيَمِينِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ الَّتِي هِيَ إخْرَاجُ الْمَالِ فَلَا يُحْتَمَلُ غَيْرُ حَلِّ الْيَمِينِ بِلَا شَكٍّ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِ الْكَفَّارَةِ لِيَمِينٍ أُخْرَى بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ فَالتُّهْمَةُ فِي الْكَفَّارَةِ بَعِيدَةٌ [بَاب الظِّهَار وَأَرْكَانَهُ وَكَفَّارَتَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] بَابٌ فِي الظِّهَارِ وَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ حَتَّى صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ حُكْمِهِ بِالْكَرَاهَةِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهَا عَلَى التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ) فِي ح ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ كَلَفْظِ مِثْلَ أَوْ الْكَافِ وَأَمَّا لَوْ حَذَفَهَا فَقَالَ أَنْتِ أُمِّي لَكَانَ خَارِجًا عَنْ الظِّهَارِ وَيَرْجِعُ لِلْكِنَايَةِ فِي الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَصَّ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى أَنَّهُ مَظَاهِرُ اهـ وَسَلَّمَهُ ح وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ إذْ قَدْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ أَنْتِ أُمِّي ظِهَارٌ وَنَصُّهُ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ قَالَ أَنْت أُمِّي فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِ يَمِينٍ فَهُوَ مُظَاهِرٌ مُحَمَّدٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ فَيَكُونَ الْبَتَاتُ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنَّهُ نَوَى وَاحِدَةً اهـ وَقَدْ نَقَلَ ح عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْكِنَايَةِ أَوْ أَنْتِ أُمِّي أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى يَقُولُ: إنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فَطَلَاقٌ وَإِلَّا فَظِهَارٌ، وَإِنَّ الرَّجْرَاجِيَّ ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ عِيسَى هَذِهِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ أَشْهَبَ أَنَّهُ الطَّلَاقُ الْبَتَاتُ وَلَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ؛ وَلِذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ ظِهَارٌ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَشْبِيهٌ إجْمَالًا؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْأَخَصُّ خَرَجَ نَحْوُ أَنْتِ أُمِّي وَإِنْ أُرِيدَ الْأَعَمُّ شَمِلَ الِاسْتِعَارَةَ نَحْوَ يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي وَلَيْسَ بِظِهَارٍ كَمَا قَالَهُ الرَّصَّاعُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا) قَالَ ح وَهَلْ يَلْزَمُ ظِهَارُ الْفُضُولِيِّ إذَا أَمْضَاهُ الزَّوْجُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ كَالطَّلَاقِ اهـ بْن وَإِتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَصْفِ مُذَكَّرًا مُخْرِجٌ لِلنِّسَاءِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ تَظَاهَرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ زَوْجِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ لَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَقَالَتْ: أَنَا عَلَيْك كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ لَهَا الْفِرَاقَ أَوْ الْبَقَاءَ بِلَا غُرْمٍ فَإِنْ قَالَتْ: نَوَيْت بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يُعْمَلْ بِنِيَّتِهَا وَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا كَمَا قَالَ عج خِلَافًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ الْقَائِلِ: إذَا قَالَتْ أَرَدْتُ بِهِ الطَّلَاقَ فَيَكُونُ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يُنَاكِرَهَا الزَّوْجُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَاهَرَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ظَاهَرَ كَافِرٌ، وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَالظَّاهِرُ أَنَّنَا نَطْرُدُهُمْ، وَلَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ} [المجادلة: 2] وَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَيَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ الظِّهَارِ بِالْمُؤْمِنِينَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الظِّهَارَ لَا يَلْزَمُ فِي الْإِمَاءِ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْإِمَاءَ، لِخُرُوجِهَا مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمُطَلَّقَةٍ رَجْعِيًّا) أَيْ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ شَبَّهَهَا كُلَّهَا إلَخْ) أَيْ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ جُزْأَهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي شَبَّهَهُ جُزْءًا حَقِيقَةً كَرَأْسِك أَوْ رِجْلِك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَانَ جُزْءًا حُكْمًا لَكِنَّ الْجُزْءَ الْحَقِيقِيَّ يَلْزَمُ بِهِ الظِّهَارُ اتِّفَاقًا، وَيُخْتَلَفُ فِي الْجُزْءِ الْحُكْمِيِّ فَيُتَّفَقُ عَلَى الظِّهَارِ إنْ شَبَّهَ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا وَيُخْتَلَفُ فِي الشَّعْرِ وَالْكَلَامِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُ فِي الْأَجْزَاءِ الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ كَالْبُصَاقِ وَمَا قِيلَ فِي الْجُزْءِ الْمُشَبَّهِ يُقَالُ فِي الْجُزْءِ الْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ: كَالشَّعْرِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ شَعْرُك أَوْ رِيقُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: مُحَرَّمٍ) إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْأَصَالَةِ لِإِخْرَاجِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِامْرَأَتِهِ الْحَائِضِ أَوْ النُّفَسَاءِ أَوْ الْمُحْرِمَةِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَإِنْ ضُبِطَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يَكُونُ غَيْرَ أَصْلِيٍّ، وَالْمَحْرَمُ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا لِحُرْمَتِهَا أَيْ

كَظَهْرِ زَوْجَتِي النُّفَسَاءِ أَوْ الْمُحْرِمَةِ بِحَجٍّ بِخِلَافِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أَمَتِي الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ فَظِهَارٌ كَظَهْرِ دَابَّتِي (أَوْ جُزْئِهِ) أَيْ الْمُحَرَّمِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَيَدِ أُمِّي أَوْ خَالَتِي فَشَمِلَ كَلَامُهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ رَأْسِ أُمِّي وَيَدُك كَيَدِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ ظَهْرِ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ جُزْئِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْخَالِيَ مِنْ لَفْظِ ظَهْرِ لَيْسَ بِظِهَارٍ بِأَنْ يَقُولَ بِمُحَرَّمٍ أَوْ جُزْئِهِ وَكَانَ كَلَامُهُ حِينَئِذٍ ظَاهِرًا فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ: (ظِهَارٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ فَقَدْ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ عَلَى أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ مُشَبِّهٌ بِالْكَسْرِ وَمُشَبَّهٌ بِالْفَتْحِ وَمُشَبَّهٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَأُخِذَ مِنْهَا تَعْرِيفُهُ بِأَنَّهُ تَشْبِيهُ مُسْلِمٍ إلَخْ (وَتَوَقَّفَ) وُقُوعُ الظِّهَارِ عَلَى مَشِيئَتِهَا (إنْ تَعَلَّقَ) أَيْ وَقَعَ مُعَلَّقًا مِنْ الزَّوْجِ بِأَدَاةِ تَعْلِيقٍ بِإِنْ أَوْ إذَا أَوْ مَهْمَا أَوْ مَتَى (بِكَمَشِيئَتِهَا) أَوْ رِضَاهَا نَحْوَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ أَوْ إذَا شِئْت وَمَشِيئَةِ غَيْرِهَا كَزَيْدٍ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ فَلَا يَقَعُ إلَّا إذَا شَاءَ (وَهُوَ) إنْ تَعَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا (بِيَدِهَا) فِي الْمَجْلِسِ، وَبَعْدَهُ (مَا لَمْ تُوقَفْ) أَوْ تُوطَأْ طَائِعَةً وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ تُوقَفْ مَعْنَاهُ مَا لَمْ تَقْضِ بِرَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ بِأَنْ وَقَفَتْ فَلَوْ قَالَ: مَا لَمْ تَقْضِ لَكَانَ أَبْيَنَ (وَ) إنْ عَلَّقَهُ. (بِمُحَقَّقٍ) كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ إنْ جَاءَ رَمَضَانُ (تَنَجَّزَ) الْآنَ كَالطَّلَاقِ (وَ) إنْ قَيَّدَهُ (بِوَقْتٍ) كَأَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي فِي هَذَا الشَّهْرِ (تَأَبَّدَ فَلَا يَنْحَلُّ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ أَوْ) عَلَّقَهُ (بِعَدَمِ زَوَاجٍ) كَإِنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك وَأَطْلَقَ، أَوْ فُلَانَةَ فَأَنْت كَأُمِّي (فَعِنْدَ الْإِيَاسِ) أَيْ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الزَّوَاجِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِشَرَفِهَا إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الثَّانِي لَا يَشْمَلُ تَشْبِيهَهَا بِظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّةِ فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ الْأَوَّلُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَصَالَةِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ كَظَهْرِ زَوْجَتِي النُّفَسَاءِ) أَيْ أَوْ الْحَائِضِ أَوْ قَالَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَزَوْجَتِي فُلَانَةَ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: كَظَهْرِ دَابَّتِي إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَفَرْجِ دَابَّتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الظَّهْرَ كِنَايَةٌ عَنْ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: فَشَمِلَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِأَرْبَعِ صُوَرٍ تَشْبِيهُ جُمْلَةِ مَنْ تَحِلُّ بِجُمْلَةِ مَنْ تَحْرُمُ، وَتَشْبِيهُ جُمْلَةِ مَنْ تَحِلُّ بِجُزْءِ مَنْ تَحْرُمُ وَتَشْبِيهُ جُزْءِ مَنْ تَحِلُّ بِجُمْلَةِ مَنْ تَحْرُمُ أَوْ بِجُزْئِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُشَبِّهٌ) أَيْ وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ زَوْجًا كَانَ أَوْ سَيِّدًا، وَقَوْلُهُ: وَمُشَبَّهٌ بِالْفَتْحِ أَيْ وَهُوَ مَنْ يَحِلُّ وَطْؤُهَا أَصَالَةً مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَمُشَبَّهٌ بِهِ أَيْ، وَهُوَ الْمُحَرَّمُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَقَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ أَيْ وَهِيَ الصُّوَرُ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا إيهَامَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْجُزْءَ الشَّامِلَ لِلظَّهْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَشِيئَتِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ حِينَ التَّعْلِيقِ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ نَعَمْ إنْ اخْتَارَتْ شَيْئًا مَضَى إنْ مَيَّزَتْ، وَقِيلَ: لَا يَمْضِي مَا اخْتَارَتْهُ إلَّا إذَا مَيَّزَتْ وَأَطَاقَتْ الْوَطْءَ فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ وَلَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ اُسْتُؤْنِيَ بِهَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إنْ تَعَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا بِيَدِهَا) ظَاهِرُهُ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِنْ أَوْ إذَا أَوْ مَهْمَا أَوْ مَتَى وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ السُّيُورِيِّ لَا يُخْتَلَفُ فِي إذَا شِئْت أَوْ مَتَى شِئْت أَنَّ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ تُوطَأْ أَوْ تُوقَفْ بِخِلَافِ إنْ شِئْت فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا اهـ وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ اهـ قُلْت: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْوِيضِ فِي قَوْلِهِ: وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت كَمَتَى أَوْ كَالْمُطَلِّقِ تَرَدُّدٌ فَإِنَّ حَاصِلَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي إنْ وَإِذَا هَلْ هُمَا كَمَتَى فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُطَأْ طَائِعَةً، وَقِيلَ: إنَّهُمَا كَالْمُطَلِّقِ فَلَهَا أَنْ تَقْضِيَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا مِنْ الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا بَطَلَ مَا بِيَدِهَا فَتَأَمَّلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِيَدِهَا) أَيْ فِي قُدْرَتِهَا إنْ شَاءَتْ قَضَتْ بِهِ، أَوْ رَدَّتْهُ مَا لَمْ تُوقَفْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَعِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتُشْكِلَ كَلَامُهَا بِأَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إيقَافِهَا يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا، وَلَوْ لَمْ تَقْضِ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ تَقْضِ بِشَيْءٍ بَعْدَ وُقُوفِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى كَلَامِهَا أَنَّهُ بِيَدِهَا تُؤَخِّرُهُ أَوْ تُقَدِّمُهُ مَا لَمْ تُوقَفْ فَلَيْسَ لَهَا هَذَا الِاخْتِيَارُ، وَإِنَّمَا لَهَا إمْضَاءُ مَا جُعِلَ بِيَدِهَا، أَوْ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: أَوْ تُوطَأُ طَائِعَةً) أَيْ فَإِذَا وُطِئَتْ طَائِعَةً سَقَطَ مَا بِيَدِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ: وَطْؤُهَا طَائِعَةً غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مُسْتَنِدًا لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ وَنَحْوِهِ فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَفَتْ) أَيْ فَإِنْ وَقَفَتْ وَلَمْ تَقْضِ بِشَيْءٍ أَبْطَلَهُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَبْيَنَ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْإِيقَافِ يَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَلَوْ وُقِفَتْ إلَى أَنْ تَقْضِيَ بِرَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ (قَوْلُهُ وَبِمُحَقَّقٍ) أَيْ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ تَنَجَّزَ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ يَجْرِي هُنَا مَا جَرَى فِي الطَّلَاقِ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْت أَوْ غَالِبًا كَإِنْ حِضْت أَوْ مُحْتَمَلٌ وَاجِبٌ كَإِنْ صَلَّيْت أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ أَزْنِ، أَوْ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَبِوَقْتٍ تَأَبَّدَ) أَيْ وَلَا يَكُونُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ خَاصًّا بِذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي قُيِّدَ بِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْمُحْرِمُ إذَا قَالَ: أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي مَا دُمْت مُحْرِمًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَمِثْلُهُ الصَّائِمُ وَالْمُعْتَكِفُ اُنْظُرْ ح اهـ بْن وَنَصُّ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ ظِهَارُ الْمُحْرِمِ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مَا دُمْت مُحْرِمًا لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَظَهْرِ أُمِّهِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ ظَاهَرَ

بِمَوْتِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ (أَوْ) عِنْدَ (الْعَزِيمَةِ) عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ إذْ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ يُوجِبُ الْحِنْثَ، وَيَمْنَعُ مِنْهَا حَتَّى قَبْلَ الْيَأْسِ وَالْعَزِيمَةِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ (وَلَمْ يَصِحَّ فِي) الظِّهَارِ (الْمُعَلَّقِ) عَلَى أَمْرٍ كَدُخُولِ دَارٍ أَوْ كَلَامٍ أَحَدٍ (تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ) بِالدُّخُولِ أَوْ الْكَلَامِ بَلْ وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْعَزْمِ وَبَعْدَ اللُّزُومِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَزْمِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ (وَصَحَّ) الظِّهَارُ (مِنْ) مُطَلَّقَةٍ (رَجْعِيَّةٍ) كَالَّتِي فِي الْعِصْمَةِ (وَ) مِنْ أَمَةٍ (مُدَبَّرَةٍ) وَأُمِّ وَلَدٍ بِخِلَافِ مُبَعَّضَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُشْتَرَكَةٍ لِحُرْمَةِ وَطْئِهِنَّ (وَ) صَحَّ مِنْ (مُحْرِمَةٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَأَوْلَى نُفَسَاءُ وَحَائِضٌ (وَ) مِنْ (مَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ) فَظَاهَرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ قَبْلَ إسْلَامِ زَوْجَتِهِ (ثُمَّ أَسْلَمَتْ) فِي زَمَنٍ يَقِرُّ عَلَيْهَا بِأَنْ قَرُبَ كَالشَّهْرِ، وَأَمَّا ظِهَارُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ فَلَا يَصِحُّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَشْبِيهُ مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) مِنْ (رَتْقَاءَ) وَعَفْلَاءَ وَقَرْنَاءَ وَبَخْرَاءَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ وَطْؤُهَا لَا يَتَعَذَّرُ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِهِ (لَا) يَصِحُّ ظِهَارٌ مِنْ (مُكَاتَبَةٍ) حَالَ كِتَابَتِهَا (وَلَوْ عَجَزَتْ) بَعْدَ أَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِمِلْكِ جَدِيدٍ بَعْدَ أَنْ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا (وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ كَمَجْبُوبٍ) وَمَقْطُوعِ ذَكَرٍ وَمُعْتَرِضٍ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ ظَاهَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ. الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يُقَيِّدْ بِقَوْلِهِ مَا دُمْت مُحْرِمًا فَيَلْزَمُهُ اهـ كَلَامُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى قَيَّدَ الظِّهَارَ بِمُدَّةِ الْمَانِعِ مِنْ الْوَطْءِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ قَائِمًا بِهَا، أَوْ قَائِمًا بِهِ كَالْإِحْرَامِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتِ الْمُعَيَّنَةِ) قَالَ طفي مَحَلُّ وُقُوعِ الْحِنْثِ بِالْمَوْتِ إذَا فَرَّطَ فِي تَزَوُّجِهَا حَتَّى مَاتَتْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَانِعٌ عَقْلِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَيْمَانِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ: بِمَوْتِ الْمُعَيَّنَةِ أَيْ لَا بِتَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ وَلَا بِغَيْبَتِهَا بِمَكَانٍ لَا يُعْلَمُ خَبَرُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْيَأْسِ مِنْ التَّحَقُّقِ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ مِنْهَا حَتَّى قَبْلَ الْيَأْسِ وَالْعَزِيمَةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ الْبَاجِيَّ فَكَمَا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الزَّوْجَةِ فِي الطَّلَاقِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ حِنْثٍ نَحْوَ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ فِي الظِّهَارِ يُمْنَعُ مِنْهَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ نَحْوَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ، وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ فَإِنْ تَزَوَّجَ بَرَّ وَإِنْ قَالَ: أَلْتَزِمُ الظِّهَارَ وَأَخَذَ فِي كَفَّارَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ، فَإِنْ فَرَّطَ فِي الْكَفَّارَةِ كَانَ كَمُولٍ يَقُولُ: أَفِيءُ فَيُخْتَبَرُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْإِيلَاءِ كَذَا فِي بْن عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَصِحُّ تَكْفِيرُهُ مَعَ أَنَّ الظِّهَارِ مُعَلَّقٌ وَهُوَ لَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى بِرٍّ وَمَا هُنَا الْحَالِفُ عَلَى حِنْثٍ فَإِذَا الْتَزَمَ الظِّهَارَ وَأَخَذَ فِي كَفَّارَتِهِ رَجَعَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْعَزِيمَةِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْعَزْمِ) أَيْ عَلَى وَطْئِهَا وَبَعْدَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُهَا عَلَى الْوَطْءِ بَعْدَ اللُّزُومِ وَالْعَزْمِ فَإِنَّهَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ تَفْصِيلًا فَإِنْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ اللُّزُومِ وَالْعَزْمِ صَحَّتْ وَلَوْ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَأَمَّا بَعْدَ اللُّزُومِ وَقَبْلَ الْعَزْمِ فَلَا تَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ مِنْ رَجْعِيَّةٍ) مِنْ بِمَعْنَى فِي أَوَانِهِ ضِمْنَ الظِّهَارِ الَّذِي هُوَ فَاعِلُ صَحَّ مَعْنَى الِامْتِنَاعِ وَقَوْلُهُ: وَصَحَّ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ أَيْ بِخِلَافِ تَشْبِيهِ مَنْ هِيَ فِي عِصْمَتِهِ بِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهُ كَتَشْبِيهِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِالْأُخْرَى الْحَائِضِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُبَعَّضَةٍ إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ وَالظِّهَارُ فِي الْمَمْنُوعِ الْمُتْعَةِ بِهَا لَغْوٌ لِنَصِّهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهَا لِأَجْلِ الْبَاجِيَّ وَالْجَلَّابِ وَالْمُكَاتَبَةِ، وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِسَحْنُونٍ وَقَالَ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إنْ عَجَزْتُ فَيَلْزَمُهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَصَحَّ فِي مُحْرِمَةٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةِ إحْرَامِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى نُفَسَاءُ وَحَائِضٌ) ظَاهِرُهُ صِحَّتُهُ مِنْهُمَا، وَلَوْ قَيَّدَهُ بِمُدَّتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَهُ بِمُدَّتِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا قَالَ عج وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمُدَّتِهِ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي الْمَجْبُوبِ هَلْ الظِّهَارُ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ وَبِمَا دُونَهُ مِنْ الْمُقَدَّمَاتِ أَوْ الْوَطْءِ فَقَطْ فَيَلْزَمُ الظِّهَارُ إذَا قَيَّدَ بِمُدَّةٍ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي، وَمِثْلُ الْحَيْضِ الصَّوْمُ لِعَدَمِ حُرْمَةِ الْمُقَدِّمَاتِ فِيهِ، وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَكَالْإِحْرَامِ قَطْعًا لِحُرْمَةِ الْمُقَدِّمَاتِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِي زَمَنٍ يَقِرُّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا تَأَخُّرُ إسْلَامِهَا أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَلَا يَقِرُّ عَلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَرَتْقَاءَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْ الرَّتْقَاءِ، وَمَا مَاثَلَهَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ فِي الرَّتْقَاءِ وَنَحْوِهَا الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْمَجْبُوبِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ مُمْتَنِعًا عَلَى كُلِّ حَالٍّ كَالرَّتْقَاءِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي فَفِي لُزُومِ الظِّهَارِ اخْتِلَافٌ فَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الظِّهَارَ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ وَمَا دُونَهُ أَلْزَمَهُ الظِّهَارَ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ خَاصَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الظِّهَارَ اهـ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَا الْبَاجِيَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَا مُكَاتَبَةٍ وَلَوْ عَجَزَتْ)

[كنايات الظهار]

(تَأْوِيلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ (وَصَرِيحُهُ) أَيْ الظِّهَارِ أَيْ صَرِيحُ لَفْظِهِ (بِظَهْرٍ) أَيْ بِلَفْظِ ظَهْرِ امْرَأَةٍ (مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ (أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ) اُعْتُرِضَ جَعْلُهُ هَذَيْنِ مِنْ الصَّرِيحِ بَلْ هُمَا مِنْ الْكِنَايَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ عُضْوِهَا إلَخْ (وَلَا يَنْصَرِفُ) صَرِيحُهُ (لِلطَّلَاقِ) إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فِي الْفَتْوَى بِخِلَافِ كِنَايَتِهِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ) أَيْ الظِّهَارِ (إنْ نَوَاهُ) أَيْ الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ (مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ) مَعْنَاهُ فِي الْقَضَاءِ فَلَوْ صَرَّحَ بِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِإِقْرَارِهِ عِنْدَ الْقَاضِي يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: نَوَيْت الطَّلَاقَ فَقَطْ بِلَفْظٍ صَرِيحِ الظِّهَارِ وَرُوفِعَ فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ لِلَفْظِهِ وَبِالطَّلَاقِ مَعَهُ لِنِيَّتِهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا يَنْوِي أَوْ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ كَمَا لَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَشَبَّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ (كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ حَرَامٌ (كَأُمِّي) فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَطْ أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا (وَكِنَايَتُهُ) الظَّاهِرَةُ، وَهِيَ مَا سَقَطَ فِيهِ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ الظَّهْرِ أَوْ ذِكْرِ مُؤَبَّدِ التَّحْرِيمِ فَالْأَوَّلُ نَحْوُ أَنْتِ (كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ الظِّهَارِ فِيهَا مَا لَمْ يَنْوِ إنْ عَجَزَتْ وَإِلَّا لَزِمَهُ إذَا عَجَزَتْ أَيْ وَمِثْلُ الْمُكَاتَبَةِ الْمُحْبَسَةُ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُحَرَّمٌ دَائِمًا فَالظِّهَارُ لَا يَصِحُّ فِيهَا أَصْلًا، وَأَمَّا الْمُخْدَمَةُ فَقَدْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى حُرْمَةِ وَطْئِهَا لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حُرْمَتَهَا لِعَارِضٍ وَهُوَ خَوْفُ وِلَادَتِهَا مِنْهُ فَتَبْطُلُ الْخِدْمَةُ الْمُعْطَاةُ فَيَصِحُّ الظِّهَارُ فِيهَا كَصِحَّتِهِ فِي الْحَائِضِ وَالْمُحَرَّمَةِ قَالَهُ بَعْضٌ اهـ بْن وَالْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ كَالْمُكَاتَبَةِ لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الصِّيغَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَقَيَّدَ عَدَمَ صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْهَا بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ إنْ طَلُقَتْ وَإِلَّا لَزِمَهُ الظِّهَارُ مِنْهَا إنْ طَلُقَتْ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلَانِ أَيْضًا فِي الْمَذْهَبِ فَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَالثَّانِي عَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوَّلُهُمَا (قَوْلُهُ: وَصَرِيحُهُ) أَيْ وَلَفْظُهُ الصَّرِيحُ أَيْ لَفْظُهُ الدَّالُّ عَلَيْهِ صَرَاحَةً (قَوْلُهُ: بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ) أَيْ وَأَمَّا تَشْبِيهُهَا بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا بِلِعَانٍ أَوْ نِكَاحٍ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ كَالتَّشْبِيهِ بِظَهْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَةِ لَا مِنْ الصَّرِيحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا لِقَوْلِ عبق بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ لِعَانٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فِي الْفَتْوَى) أَيْ وَإِنَّمَا يُلْزِمُهُ الْمُفْتِي بِالظِّهَارِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُؤْخَذُ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِهِ الظِّهَارُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي الْقَضَاءِ زِيَادَةً عَلَى الظِّهَارِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ تَأْوِيلَانِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْقَضَاءِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الِانْصِرَافِ فِي الْفَتْوَى فَقَدْ تَبِعَ خش وعبق وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ عَكْسُهُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَوَابٍ، وَحَرَّرَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ فِي حَوَاشِي التَّوْضِيحِ الْمَسْأَلَةَ وَكَذَا ح بِنَقْلِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ النَّاصِرُ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ وَأَنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ ظِهَارٌ فِيهِمَا فَقَطْ، وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مُؤَوَّلَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنْ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَنَّهُمَا فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ لِلَفْظِهِ) أَيْ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الِانْصِرَافِ لِلطَّلَاقِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ، وَأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَهُ حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُضْمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَوْ أَضْمَرَ بِهِ غَيْرَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَأَنَّهُ لَوْ أَضْمَرَ هُوَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ زَادَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ، وَقَالَ: أَرَدْت بِذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا حَلَفَ بِهِ وَهُوَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ) أَيْ لَا بِقَيْدِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّشْبِيهِ فِي التَّأْوِيلَيْنِ مُطْلَقًا هُوَ الصَّوَابُ وَبِذَلِكَ قَرَّرَ ح وَقَرَّرَهُ خش تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَيُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى وَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ إذَا نَوَاهُمَا فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ اهـ وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن [كِنَايَات الظِّهَار] (قَوْلُهُ: كَأُمِّي) أَيْ أَوْ كَرَأْسِ أُمِّي أَوْ يَدِهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ أُمِّي إلَخْ) قَدْ نَقَلَ ح أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَنْتِ أُمِّي يَلْزَمُ بِهِ الطَّلَاقُ إنْ نَوَاهُ، وَإِلَّا فَظِهَارٌ، وَأَنَّ الرَّجْرَاجِيَّ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَةُ عِيسَى هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الطَّلَاقُ الْبَتَاتُ، وَلَا يَلْزَمُ بِهِ ظِهَارٌ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ

(إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ) لِزَوْجَتِهِ أَيْ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي الشَّفَقَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ، وَمِثْلُ الْكَرَامَةِ الْإِهَانَةُ، وَالثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَالَ أَنْت عَلَيَّ (كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ) تَحِلُّ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ (وَنُوِّيَ فِيهَا) أَيْ فِي الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِقِسْمَيْهَا فَإِنْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ صُدِّقَ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ فَقَوْلُهُ: (فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فِي قَصْدِ الطَّلَاقِ وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَإِذَا صُدِّقَ فِي قَصْدِ الطَّلَاقِ (فَالْبَتَاتُ) لَازِمٌ لَهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ ثُمَّ شَبَّهَ فِي لُزُومِ الْبَتَاتِ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْتِ كَفُلَانَةٍ الْأَجْنَبِيَّةِ) وَلَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ وَلَا مُؤَبَّدَةَ التَّحْرِيمِ فَيَلْزَمُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا لَكِنَّهُ يَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الظِّهَارَ فَإِنْ نَوَاهُ لَزِمَهُ فِي الْفَتْوَى كَمَا قَالَ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ الظِّهَارَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ زَوْجٌ (مُسْتَفْتٍ) فَيُصَدَّقُ، وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (أَوْ) قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ (كَابْنِي أَوْ غُلَامِي) فَيَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنْ قَالَ: أَنْتِ أُمِّي فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ مُظَاهِرٌ مُحَمَّدٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ فَيَكُونَ الْبَتَاتُ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنَّهُ نَوَى وَاحِدَةً فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَنْتِ أُمِّي فِيهَا قَوْلَانِ قِيلَ يَلْزَمُهُ بِهَا الظِّهَارُ مَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْبَتَاتُ وَلَا يَنْوِي فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَمَا لَمْ يَنْوِ الْكَرَامَةَ أَوْ الْإِهَانَةَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِهِ ظِهَارٌ أَصْلًا، وَيَلْزَمُ بِهِ الْبَتَاتُ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فَلَيْسَ كِنَايَةً عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ) هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ فَيَلْزَمُهُ بِذَلِكَ الظِّهَارُ إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ فَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ هُنَا يَصْرِفُهَا عَنْ الظِّهَارِ النِّيَّةُ بِخِلَافِ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ فَلَا يَصْرِفُهَا عَنْهُ إلَّا الْبِسَاطُ لَا النِّيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَوْلُهُ: إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ أَوْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ فَيَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ دَخَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْحِنْثِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ اعْتِبَارًا بِيَوْمِ الْحَلِفِ، وَالثَّانِي أَحْسَنُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْيَوْمَ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ مَتَى دَخَلْتُهَا وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إنَّمَا يَلْزَمُ يَمِينُهُ فِيمَا كَانَ لَهُ يَوْمَ حَلَفَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقَابِلَ كَلَامِ سَحْنُونٍ هُوَ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحَ كَمَا فِي بْن وَقَوْلُهُ: كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ، وَكَذَا ظَهْرُ فُلَانَةَ الْمُلَاعَنَةِ الَّتِي لَاعَنَهَا أَوْ فُلَانَةَ الَّتِي نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ كَمَا مَرَّ عَنْ بْن (قَوْلُهُ: وَنَوَى فِيهَا) أَيْ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ فِيهَا بِقِسْمَيْهَا وَهُمَا مَا إذَا أَسْقَطَ لَفْظَ الظَّهْرِ أَوْ أَسْقَطَ مُؤَبَّدَ التَّحْرِيمِ فِي قَصْدِ الطَّلَاقِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِقَوْلِهِ أَنْت كَأُمِّي أَوْ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا إنْ نَوَى عَدَدًا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ كَمَا أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا يَلْزَمُهُ فِيهَا الثَّلَاثُ مُطْلَقًا نَوَى عَدَدًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ) رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَاللَّازِمُ لَهُ الْبَتَاتُ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ نَوَى أَقَلَّ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَنْوِي) أَيْ تُقْبَلُ نِيَّتُهُ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ) أَيْ فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا أَوَّلًا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَزِمَهُ الظِّهَارُ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ وَلِقَوْلِهِ: وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْت كَفُلَانَةٍ الْأَجْنَبِيَّةِ وَنَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فَقَطْ فِي الْفَتْوَى كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَالْبَتَاتُ فِي الْقَضَاءِ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لعبق مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ؛ إذْ الْحَقُّ أَنَّهُ كَمَا تُقْبَلُ نِيَّةُ الظِّهَارِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا تُقْبَلُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا حَيْثُ كَانَ الزَّوْجُ مُسْتَفْتِيًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَمْ يَخُصَّهُ أَحَدٌ لَا بِالْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ مِنْ الطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي) فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا نَصُّهُ قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي إنَّهُ ظِهَارٌ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ: كَابْنِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ لَا يَكُونُ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ

(أَوْ) أَنْت عَلَيَّ (كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) فَإِنَّهُ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ فَالْبَتَاتُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا لِنِيَّةٍ أَقَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ وَقَوْلُهُ كَابْنِي أَوْ غُلَامِي مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَظَهْرِ ابْنِي أَوْ غُلَامِي أَنَّهُ ظِهَارٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ ذَكَرَ كِنَايَتَهُ الْخَفِيَّةَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ) الظِّهَارُ (بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ (بِهِ) كَاذْهَبِي وَانْصَرِفِي وَكُلِي وَاشْرَبِي (لَا) يَلْزَمُ (بِإِنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي) مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ (أَوْ) قَالَ (لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِي الثَّلَاثَةِ حَتَّى يَنْوِيَ شَيْئًا (وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ) بِأَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ (ثُمَّ ظَاهَرَ) ثَانِيًا كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ فَوَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا وَلَوْ عَبَّرَ بِأَنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ لَكَانَ صَوَابًا؛ إذْ مُجَرَّدُ الْعَوْدِ لَا يَكْفِي فِي التَّعَدُّدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ أَوْ الْإِمَاءِ (مَنْ دَخَلَتْ) مِنْكُنَّ الدَّارَ (أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ) دَخَلَتْهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِدُخُولِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (لَا إنْ) قَالَ لِنِسْوَةٍ إنْ (تَزَوَّجْتُكُنَّ) فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ تَزَوَّجَ جَمِيعَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا فَلْيَكُنْ طَلَاقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ لَا ظِهَارَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الطَّلَاقَ اهـ مِنْ رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْت كَابْنِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَتَاتًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ بِهِ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ) أَيْ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَتَاتُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَتَاتِ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبِيعَةُ مَنْ قَالَ أَنْت مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ اهـ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، أَوْ وِفَاقٌ وَهُوَ الَّذِي فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَائِلًا: يَكُونُ قَوْلُ رَبِيعَةَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْبَتَاتِ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ كَانَ مُظَاهِرًا ابْنُ يُونُسَ، وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا، وَالظِّهَارُ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي وَالْمَيْتَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَيْ لِتَقْدِيمِهِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ: لُزُومُ الْبَتَاتِ أَيْ فِي كَابْنِي وَغُلَامِي وَمَا بَعْدَهُمَا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى بِذَلِكَ الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ أَيْ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ - حِينَئِذٍ - الظِّهَارَ عِنْدَ الْمُفْتِي كَمَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ ابْنِي، أَوْ غُلَامِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَلْزَمُ ظِهَارٌ، وَلَا طَلَاقٌ، وَإِنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ وَالْغُلَامَ مُحَرَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْأُمِّ أَوْ أَشَدَّ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ اهـ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَّنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي وَأُخْتِي وَزَوْجَتِي فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِيهَا نَصًّا، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ ظِهَارٌ أَخْذًا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ، فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ أُخِذَ بِهِ اهـ وَالْمُرَادُ بِعَكْسِ التَّشْبِيهِ قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَاهُ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَلْزَمُ بِهِ غَيْرُهُ إذَا نَوَاهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ يَمِينٍ بِاَللَّهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت بِذَلِكَ الظِّهَارَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ عَمَلًا بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ النِّيَّةِ، وَالطَّلَاقُ عَمَلًا بِمَا ظَهَرَ مِنْ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَكَمَا فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ فَتُّوحٍ فَإِنَّهُ قَدْ نَسَبَ فِيهَا ذَلِكَ الْقَوْلَ لِسَحْنُونٍ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَرَوَى ابْنُ ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي كَانَ ظِهَارًا وَكَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت إلَخْ) التَّعْلِيقُ هُنَا لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَحْسَنَ، فَإِذَا قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ وَطِئَ وَكَفَّرَ، وَقَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَإِذَا كَفَّرَ وَقَالَ لَهَا ثَالِثًا لَزِمَتْهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إذْ مُجَرَّدُ الْعَوْدِ) أَيْ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ لَا يَكْفِي فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ عَادَ أَيْ عَزَمَ عَلَى وَطْئِهَا وَعَلَى إمْسَاكِهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ وَطْءٌ بِالْفِعْلِ وَلَا كَفَّارَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ) دَرَجَ فِي هَذَا عَلَى التَّعَدُّدِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ، وَفِي قَوْلِهِ: أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ عَلَى عَدَمِهِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْكُلِّ الْمَجْمُوعِيِّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمِثْلِ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ فِي

لَكِنْ لَا يَقْرَبُ الْأُولَى حَتَّى يُكَفِّرَ ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَ الْبَاقِيَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (كُلُّ امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ ظَاهَرَ مِنْ) جَمِيعِ (نِسَائِهِ) فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ كَأَنْتُنَّ عَلَيَّ ظَهْرَ أُمِّي فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ (أَوْ كَرَّرَهُ) أَيْ لَفْظَ الظِّهَارِ لِوَاحِدَةٍ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَلَوْ فِي مَجَالِسَ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَذَلِكَ وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ (أَوْ عَلَّقَهُ) فِي التَّكْرِيرِ (بِمُتَّحِدٍ) كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ دَخَلَتْهَا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) فِي الْخَمْسَةِ الَّتِي أَوَّلُهَا لَا إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ (كَفَّارَاتٌ فَتَلْزَمُهُ) (وَلَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ الَّذِي لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ (الْمَسُّ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ) إخْرَاجِ كَفَّارَةٍ (وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) ؛ لِأَنَّهَا هِيَ اللَّازِمَةُ عَنْ ظِهَارِهِ بِالْأَصَالَةِ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ نَذْرٌ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (وَحَرُمَ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ أَيْ قَبْلَ كَمَالِهَا وَأَوْلَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (الِاسْتِمْتَاعُ) بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ وَلَهُ النَّظَرُ لِلْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ فَقَطْ بِلَا لَذَّةٍ (وَعَلَيْهَا) وُجُوبًا (مَنْعُهُ) مِنْهُ قَبْلَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (وَوَجَبَ) عَلَيْهَا (إنْ خَافَتْهُ) أَيْ خَافَتْ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ (رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ) لِيَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ (وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا) فِي بَيْتٍ، وَدُخُولُهُ عَلَيْهَا (إنْ أُمِنَ) عَلَيْهَا مِنْهُ (وَسَقَطَ) الظِّهَارُ (إنْ تَعَلَّقَ) بِشَيْءٍ (وَلَمْ يَتَنَجَّزْ) مَا عَلَّقَهُ (بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَقَطَ فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَا يُكَمِّلُ الثَّلَاثَ قَبْلَ دُخُولِهَا الدَّارَ سَقَطَ الظِّهَارُ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجِ وَدَخَلَتْ الدَّارَ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ لِذَهَابِ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا وَهَذِهِ عِصْمَةٌ أُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأُخْرَى فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ فِي الْفَرْعَيْنِ مَعًا أَوْ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّعَدُّدِ فِيهِمَا أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَكَلَامُهُ مُشْكِلٌ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ، وَقَدْ يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ التَّعَدُّدِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي كُلِّ مَنْ دَخَلَتْ قَالَ الْبَاجِيَّ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِيهَا الْخِلَافُ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَقْرَبُ الْأُولَى) أَيْ إذَا تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقُودٍ، أَيْ وَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ فَلَا يَقْرَبُ وَاحِدَةً حَتَّى يُكَفِّرَ ثُمَّ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَلَوْ بِمَجَالِسَ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَّحِدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الظِّهَارِ مَا نَصُّهُ: مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ أَوْ جَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ الْأَوَّلُ بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةً فَيَلْزَمُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَالثَّانِي بِفِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ اهـ وَهَذَا نَفْسُ مَا فِي ح (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ فِي التَّكْرِيرِ) أَيْ فِي حَالِ التَّكْرِيرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) هُوَ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ اهـ مَوَّاقٌ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَيْ فِي صِحَّةِ تِلْكَ الْكَفَّارَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَقَوْلُهُ: الْعَوْدُ أَيْ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي كَفَّرَهَا أَوَّلًا أَيْ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ عَنْ امْرَأَةٍ أَنْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ الْجَمِيعَ فَيُشْتَرَطُ الْعَوْدُ فِي الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَهَا الِاسْتِمْتَاعُ) أَيْ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ النَّوَادِرِ (قَوْلُهُ بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ) هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَمُقَابِلُهُ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْوَطْءِ وَجَوَازُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ بِالظِّهَارِ الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ، وَقِيلَ: الْمُحَرَّمُ بِهِ الْوَطْءُ فَقَطْ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْرُمُ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَبْلَ تَمَامِ الْكَفَّارَةِ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَعَلَى الثَّانِي إنَّمَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ وَتَجُوزُ الْمُقَدِّمَاتُ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) أَيْ سَقَطَ الظِّهَارُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنْ عَلَّقَ ذَلِكَ الظِّهَارَ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ الظِّهَارُ الَّذِي عَلَّقَهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُرَادُ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ اللُّزُومِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَإِنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي إسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ بَعْدَهَا مَا ظَاهَرَ مِنْهَا وَاشْتَرَاهَا مِمَّنْ بِيعَتْ مِنْهُ لَمْ تَعُدْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَوْدُهَا لَهُ بَعْدَ بَيْعِ الْغُرَمَاءِ كَعَوْدِهَا لَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ لِعَدَمِ تُهْمَتِهِ فِي بَيْعِهِمْ دُونَ بَيْعِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ عَدَمِ عَوْدِ الْيَمِينِ بِعَدَمِ التُّهْمَةِ أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَعُودُ عَلَيْهِ بِعَوْدِهَا لَهُ بِإِرْثٍ، وَأَمَّا إذَا بَاعَ أَمَةً لِيَمِينٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ فِي الْيَمِينِ أَيْ قَبْلَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَحَصَلَ بَعْدَ مَا اشْتَرَاهَا فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ذَهَبَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَعُودُ عَلَيْهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهَا تَعُودُ

وَأَوْلَى لَوْ دَخَلْت الدَّارَ قَبْلَ عَوْدِهَا لَهُ فَلَوْ تَنَجَّزَ الظِّهَارُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ بِأَنْ دَخَلَتْ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَعَادَتْ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَنَجَّزَ لَمْ يَسْقُطْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَمَفْهُومٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَوْ أَبَانَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَدَخَلَتْ الدَّارَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ (أَوْ تَأَخَّرَ) الظِّهَارُ فِي اللَّفْظِ عَنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ (كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) أَوْ أَلْبَتَّةَ (وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فَإِنَّهُ يَسْقُطُ لِعَدَمِ وُجُودِ مَحَلِّهِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَهُوَ دُونَ الثَّلَاثِ (كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْت طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَتَصِيرُ أَجْنَبِيَّةً وَمِثْلُهَا الْمَدْخُولُ بِهَا فِي الْبَائِنِ (لَا إنْ تَقَدَّمَ) الظِّهَارُ عَلَى الطَّلَاقِ فِي اللَّفْظِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا يَسْقُطُ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (أَوْ صَاحَبَ) الطَّلَاقَ فِي الْوُقُوعِ لَا فِي اللَّفْظِ (كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) أَوْ عَكْسُهُ بِالْأَوْلَى فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَمَسُّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَشْرُوطِ يَقَعُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ، وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا فِي الْوُقُوعِ (وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ فَقَالَ هِيَ أُمِّي فَظِهَارٌ) فَإِنْ تَزَوَّجَهَا لَا يَمَسُّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَصْفَهَا بِالْكِبَرِ أَوْ الْكَرَامَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَتَجِبُ) الْكَفَّارَةُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا (بِالْعَوْدِ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَاسِيًا تَحَتُّمًا لَا يَقْبَلُ السُّقُوطَ سَوَاءٌ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا قَامَتْ بِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ حَقًّا لِلَّهِ (وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ) كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ) وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ: وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ أَغْنَاهُ عَنْ التَّكْرَارِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ كَذَلِكَ (وَ) الْعَوْدُ (هَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ) فَقَطْ (أَوْ) هُوَ الْعَزْمُ (مَعَ) نِيَّةِ (الْإِمْسَاكِ) فِي الْعِصْمَةِ أَيْ لَا يُفَارِقُهَا عَلَى الْفَوْرِ أَيْ يُمْسِكُهَا مُدَّةً لَا يُفْهَمُ مِنْهَا الْفِرَاقُ فَوْرًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِمْسَاكَ أَبَدًا بَلْ مُدَّةً وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ اهـ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَصْوَبُ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى لَوْ دَخَلْت الدَّارَ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ عَوْدِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ عَدَمُ لُزُومِ الظِّهَارِ وَلَوْ نَسَّقَهُ عَقِبَ الطَّلَاقِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا إذَا قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ نَسَقًا فَإِنَّ الْمَشْهُورَ لُزُومُ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّهَا بَانَتْ بِأَوَّلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَأَجَابَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا عُدَّ كَوُقُوعِهِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ الظِّهَارُ وَالطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي صَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ الْمَدْخُولُ بِهَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِكَخُلْعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ صَاحَبَ إلَخْ) قَالَ عبق وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَطَفَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ كَثُمَّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ أَبْطَلَ مَزِيَّةَ التَّرْتِيبِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَالَ بْن هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَفِي أَبِي الْحَسَنِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ هِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ لِمَا وَقَعَ مُرَتَّبًا عَلَى الطَّلَاقِ اهـ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: إنَّمَا لَزِمَاهُ مَعًا فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ، وَلَوْ عَطَفَ الظِّهَارَ بِثُمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ اهـ بْن وَبِالْجُمْلَةِ الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ يَقُولُ: يَلْزَمُ الظِّهَارُ عِنْدَ الْعَطْفِ بِثُمَّ نَظَّرَا إلَى أَنَّ التَّعْلِيقَ أَبْطَلَ مَزِيَّةَ التَّرْتِيبِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِ الظِّهَارِ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَشْرُوطِ إذَا عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِثُمَّ لَمْ تَقَعْ مَعًا بَلْ تَكُونُ مَرْتَبَةً فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَشْرُوطِ) أَيْ الَّذِي هُوَ جُزْءُ الشَّرْطِ يَقَعُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ، وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا فِي الْوُقُوعِ أَيْ وَإِذَا وَقَعَا مَعًا وَجَدَ الظِّهَارُ لَهُ مَحَلًّا، وَعِبَارَةُ الْقَرَافِيِّ فِي الْفُرُوقِ إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ فَدَخَلَ الدَّارَ لَا يُمْكِنُنَا أَنَّ نَقُولَ: لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَلَا الْعِتْقُ قَبْلَ الطَّلَاقِ بَلْ وَقَعَا مُرَتَّبَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ وُجُودُ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا نَقُولُ: إنَّ الطَّلَاقَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الظِّهَارِ حَتَّى يَمْنَعَهُ بَلْ الشَّرْطُ اقْتَضَاهُمَا اقْتِضَاءً وَاحِدًا فَلَا تَرْتِيبَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَظِهَارٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ أَيْ إنَّ قَوْلَهُ هِيَ أُمِّي قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ أُمِّي فَإِنْ تَزَوَّجَهَا كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا، وَمَفْهُومُ عُرِضَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا هِيَ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ بِتَزَوُّجِهَا ظِهَارٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حِينَ الظِّهَارِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ فَهِيَ كَظَهْرِ أُمِّهِ قَبْلَ نُطْقِهِ فَلَمْ يَزِدْ نُطْقُهُ بِهِ شَيْئًا، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا أَمَّا إنْ عَلَّقَهُ وَتَزَوَّجَهَا فَلَا يَمَسُّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ) الْمُرَادُ هُنَا بِوُجُوبِهَا بِالْعُودِ صِحَّتُهَا وَإِجْزَاؤُهَا بِهِ لَا حَقِيقَةُ الْوُجُوبِ وَهُوَ طَلَبُهُ بِهَا طَلَبًا أَكِيدًا بِدَلِيلِ سُقُوطِهَا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ لَا تُجْزِئُهُ وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْوُجُوبِ عَنْ الصِّحَّةِ مُخَالَفَةٌ لِاصْطِلَاحِهِمْ

(تَأْوِيلَانِ) وَخِلَافٌ (وَسَقَطَتْ) الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ الْمَذْكُورِ وَأَوْلَى قَبْلَهُ (إنْ لَمْ يَطَأْ) الْمُظَاهَرَ مِنْهَا (بِطَلَاقِهَا) الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ أَيْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا مَادَامَ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (وَ) سَقَطَتْ بِ (مَوْتِهَا) أَوْ مَوْتِهِ (وَهَلْ تُجْزِئُ) الْكَفَّارَةُ بِالْإِطْعَامِ (إنْ) فَعَلَ بَعْضَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَ (أَتَمَّهَا) بَعْدَهُ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَطِئَهَا بِلَا تَكْفِيرٍ أَوْ لَا تُجْزِئُ، وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِي الْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ ارْتِجَاعَهَا، وَأَمَّا إذَا نَوَاهُ وَعَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ أَجْزَأَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ وَأَمَّا الصِّيَامُ فَلَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا (وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْقُرْآنِ أَوَّلُهَا (إعْتَاقُ رَقَبَةٍ لَا جَنِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَمْ يَكُنْ رَقَبَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ قَالَ: وَتَصِحُّ بِالْعَوْدِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَمَّا حَمْلُ الشَّارِحِ الْوُجُوبَ عَلَى الْوُجُوبِ الْمُوَسَّعِ فَلَا يَظْهَرُ تَأَمَّلْ اهـ بْن وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّ فَائِدَةَ هَذَا الْوُجُوبِ مُقَيَّدَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِدَوَامِ الْمَرْأَةِ فِي عِصْمَتِهِ فَإِذَا طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ سَقَطَ ذَلِكَ الْوُجُوبُ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ) أَيْ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ أَيْ إنَّ الْمَذْهَبَ فِيهِ قَوْلَانِ شُهِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَحُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعَوْدُ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ اهـ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ إرَادَةِ إمْسَاكِ الْعِصْمَةِ فَهُمَا رِوَايَتَانِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا تَقْتَضِيهِ الْمُدَوَّنَةُ مِنْ ذَلِكَ فَابْنُ رُشْدٍ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ مُجَرَّدُ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ بِقَيْدِ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهَا وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ أَيْ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَفَهِمَ عِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْإِمْسَاكِ غَيْرُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ إذْ قَدْ يَنْوِي إمْسَاكَهَا وَتَمُوتُ وَقَدْ تَدُومُ عِصْمَتُهَا وَهُوَ خَالِي الذِّهْنِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ تَظْهَرُ إذَا عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَتْ فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ وَعِنْدَ عِيَاضٍ لَا تَسْقُطُ وَكَذَا إنْ كَفَّرَ بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ فَعَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ لَا تُجْزِيهِ وَعَلَى مَا لِعِيَاضٍ تُجْزِيهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَمَعَ الْإِمْسَاكِ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ عِيَاضٍ، وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّمَا تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ لِقَوْلِهَا إذَا حَصَلَ الْفِرَاقُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ لِتَأْوِيلِ ابْنِ رُشْدٍ وَشَهَرَهُ وَالثَّانِي لِتَأْوِيلِ عِيَاضٍ وَشَهَرَهُ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ بِمَوْتِهَا) أَيْ أَوْ مَوْتِهِ أَيْ بَعْدَ الْعَزْمِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا تَسْقُطُ بَلْ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ إذَا مَاتَ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُمَا فِي الْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ كَالصَّرِيحِ فِي التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا مَحَلُّهُمَا إذَا أَتَمَّهَا قَبْلَ مُرَاجَعَتِهَا، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، وَقَدْ عَمِلَ فِي الْكَفَّارَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ إتْمَامُهَا، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ إنْ أَرَادَ الْعَوْدَةَ اهـ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى الْوِفَاقِ إذَا كَانَ رَجْعِيًّا، وَعَلَى الْخِلَافِ إنْ كَانَ بَائِنًا فَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهَا وَإِنْ أَتَمَّهَا لَمْ يُجْزِهِ، وَعِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ فِي الْجَمِيعِ اهـ وَأَمَّا إتْمَامُهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا فَقَالَ: إذَا تَزَوَّجَهَا يَوْمًا مَا، وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ صَوْمًا ابْتَدَأَهَا وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا بَنَى عَلَى مَا كَانَ أَطْعَمَ قَبْلَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَفْرِقَةِ الطَّعَامِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصَحُّ مَا انْتَهَى إلَيْنَا اهـ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ إلَخْ الْأَوْلَى حَيْثُ لَمْ يَرْتَجِعْهَا، وَأَمَّا إذَا ارْتَجَعَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِقَةُ الطَّعَامِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالرَّجْعِيَّةِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى إعَادَتِهَا لِعِصْمَتِهِ كَانَ طَلَاقُهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصِّيَامُ فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ أَتَمَّهُ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ إعَادَتِهَا لِعِصْمَتِهِ أَوْ بَعْدَ إعَادَتِهَا لَهَا لِوُجُوبِ تَتَابُعِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ إعْتَاقُ إلَخْ) ذَكَرَ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِكُلِّ وَجْهٍ فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ طَالَ أَمَدُ عَجْزِهِ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ أَجَلُ الْإِيلَاءِ كَذَا فِي عبق آخِرَ الْبَابِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّ دُخُولَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ عَلَيْهِ يُنَافِي مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ الْمُظَاهِرُ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ إلَخْ أَنَّ مَفْهُومَ الْقَيْدِ أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ التَّكْفِيرِ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَلَا حُجَّةَ لِزَوْجَتِهِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا إنْ لَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ

(وَ) لَوْ وَقَعَ (عَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ) بِعِتْقِهِ السَّابِقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (وَ) لَا (مُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ) حِينَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً مُحَقَّقَةً لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَوْ تَغَيُّبِهِ وَلَوْ وَقَعَ وَظَهَرَتْ سَلَامَتُهُ حِينَ الْعِتْقِ أَجْزَأَ بِخِلَافِ الْجَنِينِ (مُؤْمِنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقُرْبَةُ بِهَا، وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا (وَفِي) إجْزَاءِ عِتْقِ (الْأَعْجَمِيِّ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ مَجُوسِيٍّ كَبِيرٍ وَكِتَابِيٍّ صَغِيرٍ لَا يَعْقِلُ دِينَهُ (تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ فِي الْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ الْإِجْزَاءُ نَظَرًا لِجَبْرِهِ مَعَ صِغَرِهِ فَشَأْنُهُ الْإِيمَانُ، وَلَمْ يُرَجِّحُوا فِي الْمَجُوسِيِّ الْكَبِيرِ شَيْئًا، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ الصَّغِيرُ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حُكْمًا ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى تَأْوِيلِ الْإِجْزَاءِ قَوْلَهُ (وَفِي الْوَقْفِ) أَيْ وَقْفِ الْمُظَاهِرِ عَنْ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَيْ مَنْعِهِ مِنْهُ (حَتَّى يُسْلِمَ) الْأَعْجَمِيُّ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَمْ يُجْزِهِ، وَعَدَمُ الْوَقْفِ لِجَبْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَأْبَاهُ غَالِبًا فَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فَكَأَنَّهُ مُسْلِمٌ (قَوْلَانِ) وَهُمَا جَارِيَانِ حَتَّى فِي صَغِيرِ الْمَجُوسِ (سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ إصْبَعٍ) وَاحِدٍ وَلَوْ بِآفَةٍ وَأَوْلَى يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ شَلَلُهَا (وَ) مِنْ (عَمًى) وَكَذَا غِشَاوَةٌ لَا يُبْصِرُ مَعَهَا إلَّا بِعُسْرٍ لَا خَفِيفَةٍ، وَأَعْشَى وَأَجْهَرَ فَيُجْزِئُ (وَبُكْمٍ) وَهُوَ عَدَمُ النُّطْقِ كَانَ مَعَهُ صَمَمٌ أَمْ لَا (وَجُنُونٍ، وَإِنْ قَلَّ) بِأَنْ يَأْتِيَهُ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ (وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ) بِأَنْ بَلَغَ صَاحِبُهُ النَّزْعَ، وَإِلَّا أَجْزَأَ (وَقَطْعِ) إحْدَى (أُذُنَيْنِ) وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْصِلْهَا (وَصَمَمٍ) وَهُوَ عَدَمُ السَّمْعِ أَوْ ثِقَلُهُ فَلَا يَضُرُّ الْخَفِيفُ (وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ، وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ) وَإِنْ قَلِيلَيْنِ (وَفَلَجٍ) يُبْسِ الشِّقِّ وَكَذَا يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَ) أَيْ وَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَأَعْتَقَ الْجَنِينَ عَنْ ظِهَارِهِ وَقَوْلُهُ: عَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ مَعِيبًا حِينَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجَنِينِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِصِفَةِ مَنْ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْعِتْقِ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً، وَانْظُرْ لَوْ أَعْتَقَ حَمْلَ أَمَتِهِ عَنْ ظِهَارِهِ ظَانًّا عَدَمَ وَضْعِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْعِتْقِ هَلْ يُجْزِئُ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ لَا يُجْزِئُ نَظَرًا لِظَنِّهِ وَاسْتَظْهَرَ بَهْرَامُ وعبق الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ) أَيْ مِنْ عِتْقِهَا أَيْ وَلِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا ذَكَرَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَأَطْلَقَهَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ كَانَتْ كَذَلِكَ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ شَرْطُهُ اتِّحَادُ السَّبَبِ، وَالسَّبَبُ هُنَا فِي الْكَفَّارَاتِ مُخْتَلِفٌ (قَوْلُهُ: مَنْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) تَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُ وَهُوَ ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُمَا عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا) الَّذِي فِي ح تَعْمِيمُ الْخِلَافِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَهَلْ الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَبِيرِ، وَأَمَّا الصَّغِيرُ يُشْتَرَى مُفْرَدًا عَنْ أَبَوَيْهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُجْزِئُ، وَتَعْمِيمُ الْخِلَافِ أَوْلَى اهـ بْن وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ الصَّغِيرُ إلَخْ مِنْ النَّظَرِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْوَقْفِ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ لَوْ عَتَقَ الْأَعْجَمِيُّ كَفَّارَةً هَلْ يُوقَفُ إلَخْ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالْإِجْزَاءُ أَمْرٌ ابْتِدَائِيٌّ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ بِالْفِعْلِ عِنْدَ تَحْرِيرِهِ ابْتِدَاءً، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فَهَلْ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ الْأَعْجَمِيُّ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُسْلِمْ لَمْ يُجْزِهِ أَوْ لَهُ وَطْؤُهَا وَتُجْزِيهِ إنْ مَاتَ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: سَلِيمَةٍ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ) أَيْ وَلَوْ زَائِدًا إنْ أَحَسَّ وَسَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ لَا إنْ كَانَ مَيِّتًا أَوْ يُحِسُّ بِهِ إحْسَاسًا غَيْرَ مُسَاوٍ لِإِحْسَاسِ غَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعُهُ حِينَئِذٍ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ اللَّقَانِيُّ: الْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ قَطْعُ الْإِصْبَعِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا الزَّائِدَةُ فَلَا يَضُرُّ قَطْعُهَا وَلَوْ سَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ بِهِ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ خش وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقَطْعٍ يُفِيدُ أَنَّ نَقْصَ الْأُصْبُعِ خِلْقَةً لَا يَضُرُّ، وَاسْتَظْهَرَ اللَّقَانِيُّ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَقَوْلُهُ: إصْبَعٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَقْصَ مَا دُونَهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَأُنْمُلَةٌ يَقْتَضِي أَنَّ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ يَضُرُّ فَقَدْ تَعَارَضَ مَفْهُومُ مَا هُنَا وَمَفْهُومُ مَا يَأْتِي فِي الْأُنْمُلَتَيْنِ وَفِي الْأُنْمُلَةِ وَبَعْضِ الْأُخْرَى، وَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ مَا هُنَا كَمَا يُفِيدُ ح. (قَوْلُهُ: وَأَعْشَى وَأَجْهَرَ) الْأَوَّلُ مَنْ لَا يُبْصِرُ لَيْلًا، وَالثَّانِي مَنْ لَا يُبْصِرُ فِي الضَّوْءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ كَانَ بِهِ جُنُونٌ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ قَلَّ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إذَا كَانَ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ (قَوْلُهُ: وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ قَطْعَ الْأُذُنَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مِنْ أَصْلِهِمَا أَوْ قَطَعَ أَشْرَافَهَا أَيْ أَعْلَاهُمَا، وَأَمَّا الْأُذُنُ الْوَاحِدَةُ فَالْمُضِرُّ قَطْعُهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَأَمَّا قَطْعُ أَعْلَاهَا فَقَطْ فَلَا يَضُرُّ كَمَا يَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ قَطْعَ الْوَاحِدَةِ مِنْ أَصْلِهَا لَا يَضُرُّ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ إحْدَى (قَوْلُهُ: وَهَرَمٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْهَرَمِ الشَّدِيدُ مَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ التَّكَسُّبُ بِصَنْعَةٍ تَلِيقُ بِهَرَمِهِ وَكِبَرِ سِنِّهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْهَرَمُ مَانِعًا دُونَ الصِّغَرِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الصَّغِيرِ مُسْتَقْبَلَةٌ (قَوْلُهُ: يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ طَرِيَّةً

(بِلَا شَوْبِ) أَيْ مُخَالَطَةِ (عِوَضٍ) فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ كَعِتْقِهِ عَنْ ظِهَارِهِ عَلَى دِينَارٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا بِمَا فِي يَدِهِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ فَيُجْزِئُ مَا لَا شَوْبَ عِوَضٍ فِيهِ (لَا) يُجْزِئُ (مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ) إلَّا بِشَرْطِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا رَقَبَةٌ غَيْرُ كَامِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ وَضَعَ مِنْ قِيمَتِهَا شَيْئًا لِأَجْلِ الْعِتْقِ (مُحَرَّرَةٍ لَهُ) أَيْ لِلظِّهَارِ أَيْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي تَحْرِيرِهَا هُوَ إعْتَاقُهَا لَهُ (لَا مَنْ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ (يُعْتَقُ عَلَيْهِ) بِقَرَابَةٍ كَأَخِيهِ، أَوْ تَعْلِيقٍ كَإِنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَا الظِّهَارِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ غَيْرَ عَالِمٍ حِينَ الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِئُ (وَفِي) الْإِجْزَاءِ حَيْثُ قَالَ (إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ) حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي) ؛ لِأَنَّهُ مَا عَتَقَ إلَّا عَنْ الظِّهَارِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَيُعَدُّ قَوْلُهُ: عَنْ ظِهَارِي نَدَمًا بَعْدَ قَوْلِهِ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ (تَأْوِيلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْإِجْزَاءُ نَقْلًا وَعَقْلًا (وَ) بِلَا شَوْبِ (الْعِتْقِ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا عِتْقٍ بِالتَّنْكِيرِ (لَا مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا) كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لِوُجُودِ شَائِبَةٍ فِي الْجَمِيعِ (أَوْ أَعْتَقَ نِصْفًا) مَثَلًا (فَكَمَّلَ عَلَيْهِ) بِالْحُكْمِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ ثَانِيًا بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ كُلُّهَا لَهُ فَلَا يُجْزِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِجْزَاءِ عِتْقُ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً (أَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا) مِنْ الْعَبِيدِ (عَنْ أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسْوَةِ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَيْنِ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ وَاحِدًا عَنْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يُجْزِي بَلْ لَوْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ، وَإِنْ أَرْبَعًا عَنْ أَرْبَعٍ لَمْ يُجْزِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ (وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ وَمَغْصُوبٌ) ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الْغَاصِبِ (وَمَرْهُونٌ وَجَانٍ إنْ اُفْتُدِيَا) بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَكَذَا إنْ أَسْقَطَ رَبُّ الْحَقِّ حَقَّهُ، فَلَوْ قَالَ: إنْ خَلَصَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ، وَمَفْهُومُ إنْ افْتَدَيَا أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَفْتَدِيَا فَلَا يُجْزِئُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُ النَّقْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِلَا شَوْبٍ) نَعْتٌ ثَانٍ لِرَقَبَةٍ أَيْ مُلْتَبِسَةٍ بِعَدَمِ مُخَالَطَةِ عِوَضٍ لِعِتْقِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مُحْتَرَزَاتِهِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ ذِكْرِهِ بَعْدَ كُلِّ وَصْفٍ مُحْتَرَزَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ رَقَبَةٌ كَائِنَةٌ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ لَا مُشْتَرَاةٌ لِلْعِتْقِ وَذِكْرِهِ لِتَأْوِيلِ الرَّقَبَةِ بِالْمَمْلُوكِ (قَوْلُهُ: فِي تَحْرِيرِهَا) أَيْ تَخْلِيصِهَا مِنْ الرِّقِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لَا الظِّهَارِ) أَيْ وَإِذَا كَانَ السَّبَبُ فِي تَخْلِيصِ تِلْكَ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّيَّةِ لَيْسَ الْعِتْقَ لِأَجْلِ الظِّهَارِ، بَلْ الْعِتْقُ لِلْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ فَلَا تُجْزِئُ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ غَيْرَ عَالِمٍ حِينَ الْعِتْقِ) أَيْ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ حِينَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَفِي إنْ اشْتَرَيْته إلَخْ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ اشْتَرَاهُ، وَهُوَ مُظَاهِرٌ فَلَا يُجْزِيهِ اهـ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ يُجْزِيهِ اهـ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ فَابْنُ يُونُسَ حَمَلَهَا عَلَى الْعُمُومِ فَيَكُونُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا، وَالْبَاجِيِّ حَمَلَهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ: عَنْ ظِهَارِي فَإِنْ ذَكَرَهُ مَعَهُ فَالْإِجْزَاءُ فَيَكُونُ وِفَاقًا اهـ بْن فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَأْوِيلَانِ أَيْ بِالْإِجْزَاءِ عَلَى الْوِفَاقِ، وَعَدَمِهِ عَلَى الْخِلَافِ، وَحَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا وَطَرَحَ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ وَقَعَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ مَا ظَاهَرَ أَمَّا إنْ عَلَّقَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَيُتَّفَقُ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَخَالَفَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي ذَلِكَ قَائِلًا: الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَبِلَا شَوْبِ الْعِتْقِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى " عِوَضٍ " سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ مُنْكَرًا أَوْ مُعَرَّفًا لِجَوَازِ عَطْفِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّكِرَةِ، وَالْمَعْنَى: خَالِيَةٌ عَنْ شَائِبَةِ عِوَضٍ وَعِتْقٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ عِتْقٍ فَلَا يُجْزِئُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَامِلًا وَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعِتْقِ الْوَلَدِ عَلَيْهِ فِي بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا عِتْقٍ بِالتَّنْكِيرِ) أَيْ وَبِلَا شَوْبِ عِتْقٍ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ شَائِبَةٍ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ شَائِبَةِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَيْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ ثَانِيًا) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ النِّصْفَ الْأَوَّلَ عَنْ ظِهَارِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ أَطْلَقَ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّشْرِيكَ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَرْبَعًا عَنْ أَرْبَعٍ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ عَدَدُ الرِّقَابِ عَنْ عَدَدِ الظِّهَارِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ سَاوَى عَدَدُ الرِّقَابِ عَدَدَ الظِّهَارِ أَجْزَأَ وَلَوْ دُونَ تَعْيِينٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الشَّرِكَةَ فِي الرِّقَابِ فَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِيهَا مُنِعَ وَلَوْ كَانَ عَدَدُ الرِّقَابِ أَزْيَدَ مِنْ عَدَدِ الْمُظَاهَرِ مِنْهُنَّ كَأَنْ يُعْتِقُ خَمْسَةً عَنْ أَرْبَعَةٍ قَاصِدًا التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَاعْلَمْ أَنَّ التَّشْرِيكَ كَمَا يَمْنَعُ فِي الرِّقَابِ يَمْنَعُ أَيْضًا فِي الصَّوْمِ لِوُجُوبِ تَتَابُعِهِ، وَأَمَّا فِي الِاطِّعَامِ فَلَا يَمْنَعُ إلَّا إذَا كَانَ فِي حِصَّةِ كُلِّ مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ فَقَدَ النَّظَرَ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ، وَيَرَى بِهَا مَا يَرَى بِهِمَا وَدِيَتُهَا دِيَتُهُمَا مَعًا أَلْفُ دِينَارٍ وَالْقَوْلُ بِإِجْزَاءِ الْأَعْوَرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَنْقَرِ الَّذِي فُقِئَتْ حَبَّةُ عَيْنِهِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا كَمَا يُجْزِئُ مَنْ فَقَدَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ بَعْضَ نَظَرِهَا (قَوْلُهُ وَمَغْصُوبٌ) أَيْ فَيُجْزِئُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عِتْقُهُ بَلْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ رَبُّ الْحَقِّ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْإِجْزَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِجْزَاءِ إذَا أَخَذَهُ ذُو الْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ وَبَطَلَ الْعِتْقُ اهـ بْن

(وَمَرَضٍ وَعَرَجٍ خَفِيفَيْنِ وَ) يُجْزِي (أُنْمُلَةٌ) أَيْ نَاقِصُهَا، وَلَوْ مِنْ إبْهَامٍ (وَجَدْعٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ قَطْعٍ (فِي أُذُنٍ) لَمْ يُوعِبْهَا بِدَلِيلٍ فِي (وَ) يُجْزِي (عِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) لَهُ الْمُظَاهِرُ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ عَادَ) الْمُظَاهِرُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِأَنْ وَطِئَ وَعَزَمَ عَلَيْهِ (وَرَضِيَهُ) حِينَ بَلَغَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَكُرِهَ الْخَصِيُّ وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ) يَعْنِي مَنْ يَعْقِلُ ذَلِكَ أَيْ يَعْقِلُ ثَوَابَ فِعْلِهِمَا وَعِقَابَ تَرْكِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ النَّوْعُ الثَّانِي الصِّيَامُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعِتْقِ (وَقْتَ الْأَدَاءِ) لِلْكَفَّارَةِ أَيْ إخْرَاجِهَا (لَا قَادِرٍ) عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ رَقَبَةٌ، أَوْ ثَمَنُهَا أَوْ مَا يُسَاوِي ثَمَنَهَا مِنْ شَيْءٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْعِتْقِ (بِمِلْكِ) شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (لِكَمَرَضٍ وَمَنْصِبٍ) وَمَسْكَنٍ لَا فَضْلَ فِيهِ وَكُتُبِ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ مُحْتَاجٍ لَهَا (أَوْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ (بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ) لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (ظَاهَرَ مِنْهَا) بِحَيْثُ اتَّحَدَ مَحَلُّ الظِّهَارِ وَتَعَلُّقِ الْكَفَّارَةِ فَيُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا، وَلَا يَنْتَقِلُ لِلصَّوْمِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ حَلَّتْ لَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ (صَوْمُ شَهْرَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى: " إعْتَاقُ " بِثُمَّ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ تَمْلِيكٌ فَهُوَ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَهِيَ أَيْ الْكَفَّارَةُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ مُرَتَّبَةٌ إعْتَاقٌ ثُمَّ صَوْمٌ كَائِنٌ لِمُعْسِرٍ (بِالْهِلَالِ) كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ حَالَ كَوْنِ صَوْمِهِمَا (مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ) وُجُوبًا (وَ) مَنْوِيَّ (الْكَفَّارَةِ) عَنْ الظِّهَارِ وَيَكْفِي نِيَّةُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرَيْنِ (وَ) لَوْ ابْتَدَأَ الصَّوْمَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ (تَمَّمَ) الشَّهْرَ (الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ مِنْ) الشَّهْرِ (الثَّالِثِ) وَكَذَا لَوْ مَرِضَ أَثْنَاءَ أَحَدِهِمَا أَوْ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُتَمِّمُ مَا مَرِضَ فِيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ عَبْدِهِ الْمُظَاهِرِ مِنْ الصَّوْمِ (إنْ أَضَرَّ) الصَّوْمُ (بِخِدْمَتِهِ) حَيْثُ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ (وَلَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ) حَيْثُ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَهِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ، فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ (وَتَعَيَّنَ) الصَّوْمُ (لِذِي الرِّقِّ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ مُكَاتَبًا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ؛ إذْ الرِّقُّ لَا يُحْرِزُ غَيْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَرَضٍ) أَيْ وَذُو مَرَضٍ وَذُو عَرَجٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِي الْعَيْبِ لَا فِي الْعَيْبِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُوعِبْهَا إلَخْ) فِي بْن عَنْ طفي اغْتِفَارُ قَطْعِ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ اسْتَوْعَبَهَا الْقَطْعُ لِقَوْلِ الْأُمَّهَاتِ: لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ فَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى إجْزَاءِ مَقْطُوعِ الْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَرَضِيَهُ) أَيْ رَضِيَ بِإِعْتَاقِ الْغَيْرِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرِّضَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الْخَصِيُّ) أَيْ عِتْقُهُ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ) أَيْ وَنُدِبَ عِتْقُ مَنْ يُصَلِّي وَيَصُومُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ يَعْقِلُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ وَيَصُمْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ) عَدَّاهُ بِعَنْ لَا بِالْبَاءِ مَعَ أَنَّ مَادَّةَ الْمُعْسِرِ تَتَعَدَّى بِهَا لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى عَاجِزٍ (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَقْتُ إخْرَاجِهَا فَمَتَى كَانَ وَقْتَ أَدَائِهَا عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ صَحَّ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْوُجُوبِ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْأَدَاءِ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْعِتْقِ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْعَوْدُ فَإِذَا كَانَ وَقْتَ الْعَوْدِ عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ وَقْتَ الْعَوْدِ فَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْأَدَاءِ عَاجِزًا عَنْ الْعِتْقِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: لَا قَادِرٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَادِرَ مُقَابِلٌ لِلْعَاجِزِ لَا لِلْمُعْسِرِ فَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ ضُمِّنَ مُعْسِرٌ مَعْنَى عَاجِزٍ وَلِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ، وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَدَابَّةٍ احْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِكَمَرَضٍ (قَوْلُهُ: وَمَسْكَنٍ) عَطْفٌ عَلَى عَبْدٍ وَقَوْلُهُ: لَا فَضْلَ فِيهِ أَيْ لَا زِيَادَةَ فِيهِ عَلَى مَا يَسْكُنُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَسْكَنَ الْمَذْكُورَ مُحْتَاجٌ لَهُ لِلسُّكْنَى فِيهِ وَقَوْلُهُ: مُحْتَاجٍ لَهَا أَيْ لِلْمُرَاجَعَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ عِتْقَهَا كَفَّارَةً مَشْرُوطٌ بِالْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا، وَالْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ بِالْعِتْقِ، وَإِذَا حَرُمَ وَطْؤُهَا بَعْدُ حَرُمَ الْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا؛ لِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الْعَزْمُ عَوْدًا فَلَا تَتَأَتَّى الْكَفَّارَةُ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعْتِقَهَا؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا عَوْدَ هُنَا وَأُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ حُرْمَةَ الْعَوْدِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِوَطْئِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِالْفِعْلِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِهِ، وَالْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ سَابِقٌ عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْكَفَّارَةِ، وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَهِيَ حَالَ الْعَزْمِ فِي مِلْكِهِ، وَشَرْطُ التَّنَاقُضِ اتِّحَادُ الزَّمَانِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ بَعْدَ عِتْقِهَا كَفَّارَةً عَنْ ظِهَارِهَا (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي نِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ نِيَّةُ التَّتَابُعِ، وَنِيَّةُ كَوْنِ الصَّوْمِ كَفَّارَةً عَنْ الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: تَمَّمَ الْأَوَّلَ) أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ: إنْ انْكَسَرَ) أَيْ إنْ حَصَلَ فِيهِ انْكِسَارٌ بِأَنْ لَمْ يَبْتَدِئْ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَلْ مِنْ أَثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَيَّنْ إلَخْ أَيْ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ قُدْرَتِهِ لَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَجَزَ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ وَمَعْنَى تَعَيُّنِهِ عَلَى الْعَاجِزِ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ

(وَ) تَعَيَّنَ الصَّوْمُ أَيْضًا (لِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ) وَهِيَ هُنَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ (وَقَدْ الْتَزَمَ) قَبْلَ ظِهَارِهِ (عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُ) بِأَنْ قَالَ: كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فِي مُدَّةِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُهَا عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَقَوْلُهُ: (لِعَشْرِ سِنِينَ) أَيْ مَثَلًا، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عِتْقُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ الظِّهَارِ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّقَبَةَ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِلظِّهَارِ (وَإِنْ أَيْسَرَ) الشَّارِعُ فِي الصَّوْمِ (فِيهِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْهُ بِأَنْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ (تَمَادَى) عَلَى صَوْمِهِ وُجُوبًا كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ (إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) أَيْ الصَّوْمَ بِمُفْسِدٍ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ (وَنُدِبَ الْعِتْقُ) أَيْ الرُّجُوعُ لَهُ (فِي) صَوْمٍ (كَالْيَوْمَيْنِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّالِثَ، وَأَمَّا لَوْ أَيْسَرَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ، وَلَوْ أَتَمَّ الْيَوْمَ، وَلَمْ يَشْرَعْ فِي الثَّانِي كَمَا أَنَّ النَّدْبَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعِ ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَجَبَ إتْمَامُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ (وَلَوْ تَكَلَّفَهُ) أَيْ الْعِتْقَ (الْمُعْسِرُ) بِأَنْ تَدَايَنَ (جَازَ) يَعْنِي مَضَى وَأَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ كَمَا إذَا كَانَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالٍ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُ السُّؤَالَ وَيُعْطِي (وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الصَّوْمِ (بِوَطْءِ) الْمَرْأَةِ (الْمُظَاهَرِ مِنْهَا) حَالَ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ وَيَبْتَدِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ (أَوْ) بِوَطْءِ (وَاحِدَةٍ مِمَّنْ) تُجْزِئُ (فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (وَإِنْ) حَصَلَ وَطْؤُهَا لِمَنْ ذَكَرَ (لَيْلًا) نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا غَيْرُهَا، وَاحْتَرَزَ عَنْ وَطْءِ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لَيْلًا عَمْدًا فَلَا يَضُرُّ (كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) تَشْبِيهٌ فِي قَطْعِ التَّتَابُعِ، فَإِذَا وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةً مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَثْنَاءِ الْإِطْعَامِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا مُدٌّ وَاحِدٌ بَطَلَ إطْعَامُهُ وَابْتَدَأَهُ أَمَّا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَهَارًا عَامِدًا فَلَا يَضُرُّ، وَعَبَّرَ فِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ التَّتَابُعِ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَنَاسَبَهُ الِانْقِطَاعُ (وَ) انْقَطَعَ صَوْمُهُ أَيْضًا (بِفِطْرِ السَّفَرِ) أَيْ بِفِطْرِهِ فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ (أَوْ) بِفِطْرٍ (بِمَرَضٍ) فِي سَفَرِهِ (هَاجَهُ) سَفَرُهُ وَلَوْ تَوَهُّمًا (لَا إنْ) تَحَقَّقَ أَنَّهُ (لَمْ يُهِجْهُ) بَلْ هَاجَ بِنَفْسِهِ أَوْ هَاجَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ شَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلِمَنْ طُولِبَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذِي الرِّقِّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا فَظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ إذْ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي الْتَزَمَ فِيهَا الْعِتْقَ بَلْ عَنْ الْيَمِينِ فَلَوْ أَعْتَقَ الْغَيْرَ عَنْ الْمُلْتَزَمِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَادَ وَرَضِيَهُ أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَسْأَلْهُ لَا إنْ سَأَلَهُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: طُولِبَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطَالَبْ بِالْفَيْئَةِ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ فِي حَقِّهِ ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَصَبَرَ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَأَعْتَقَ (قَوْلُهُ: فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ) أَيْ فَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ وُجُوبًا إلَخْ) وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ وُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْعِتْقِ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فِيهِمَا بِعَيْنِهِ لَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ بْن وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ الْيَسَارُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَمَا بَعْدَهُ وَجَبَ التَّمَادِي عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ حَصَلَ الْيَسَارُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَ كَمَالِهِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ مَعَ وُجُوبِ إتْمَامِ صَوْمِ الْأَوَّلِ إذَا حَصَلَ الْيَسَارُ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ، وَإِنْ حَصَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّالِثِ، وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ نُدِبَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ، وَوَجَبَ إتْمَامُ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْيَسَارُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا أَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي يُنْدَبُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مِنْ الصَّوْمِ لِلْعِتْقِ أَوْ يَجِبُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَضَى وَأَجْزَأَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّكَلُّفُ جَائِزًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مَمْنُوعًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَحْرُمُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا الْجَوَازَ بِالْمُضِيِّ وَالْإِجْزَاءِ، وَلَمْ نُبْقِهِ عَلَى حَالِهِ مِنْ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ تَكَلُّفَ الْمُعْسِرِ الْعِتْقَ قَدْ يَحْرُمُ، وَقَدْ يُكْرَهُ إلَخْ وَالْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِجَازِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَجْزَأَ كَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ التَّكْلِيفَ الْمَمْنُوعَ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ) أَيْ وَفَاؤُهُ بِسُؤَالٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السُّؤَالَ) أَيْ لِأَجَلِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا لِلتَّكْثِيرِ فَهُوَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرَةِ مِنْهَا) أَيْ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ لَهَا فَلَا يَقْطَعَانِهِ كَمَا شَهَرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقِيلَ: يَقْطَعَانِهِ وَشَهَرَهُ الزَّنَاتِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدَةٍ إلَخْ) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ: فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (قَوْلُهُ بَطَلَ إطْعَامُهُ وَابْتَدَأَهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْوَطْءُ لَا يُبْطِلُ الْإِطْعَامَ الْمُتَقَدِّمَ مُطْلَقًا، وَالِاسْتِئْنَافُ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا قَالَ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] فِي الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ، وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الْإِطْعَامِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْإِطْعَامُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصَّوْمِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَتَابِعًا نَاسَبَهُ الِانْقِطَاعُ (قَوْلُهُ: هَاجَهُ سَفَرُهُ) أَيْ حَرَّكَهُ سَفَرُهُ، وَهَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَرَضَ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَكْلِ شَيْءٍ يَعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يُضَرُّ بِهِ ثُمَّ أَفْطَرَ، وَعَلَى هَذَا فَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ فِي: هَاجَهُ لِلشَّخْصِ أَيْ هَاجَهُ الشَّخْصُ بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ أَوْ هَاجَهُ غَيْرُهُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا

عَدَمَهُ فِي كَفَّارَةِ غَيْرِهِ مِنْ قَتْلٍ وَصَوْمٍ وَنَذْرٍ مُتَتَابِعٍ بِقَوْلِهِ (كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَإِكْرَاهٍ) عَلَى الْفِطْرِ (وَظَنِّ غُرُوبٍ) وَبَقَاءِ لَيْلٍ (وَفِيهَا وَ) لَا بِفِطْرِ (نِسْيَانٍ) فَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فِي ظِهَارٍ، وَلَا غَيْرِهِ وَقَضَاهُ مُتَّصِلًا بِصِيَامِهِ (وَ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (بِالْعِيدِ إنْ تَعَمَّدَهُ) بِأَنْ صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ لِظِهَارِهِ مُتَعَمِّدًا صَوْمَ يَوْمِ الْأَضْحَى فِي كَفَّارَتِهِ (لَا) إنْ (جَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ كَوْنَ الْعِيدِ يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ، وَأَمَّا جَهْلُ حُرْمَةِ صَوْمِ الْعِيدِ بِأَنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ فَلَا يَنْفَعُهُ (وَهَلْ) مَحَلُّ عَدَمِ الْقَطْعِ بِجَهْلِهِ وَإِجْزَائِهِ (إنْ صَامَ الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ) بِأَنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْمُفْطِرَاتِ فِيهَا ثُمَّ قَضَاهَا مُتَّصِلَةً بِصَوْمِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَفْطَرَهَا لَمْ يُجْزِهِ وَ (اسْتَأْنَفَ) الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ (أَوْ) عَدَمُ الْقَطْعِ مُطْلَقٌ وَ (يُفْطِرُهُنَّ) أَيْ أَيَّامَ النَّحْرِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِإِمْسَاكِهِ (وَيَبْنِي) أَيْ يَقْضِيهَا مُتَّصِلَةً بِصِيَامِهِ (تَأْوِيلَانِ) وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَوْمُهُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَيُجْزِيهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَوْ يُفْطِرُهُنَّ أَنَّهُ يُطْلَبُ بِفِطْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَفْطَرَ فِيهَا هَلْ يَبْنِي أَوْ يَنْقَطِعَ تَتَابُعُهُ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَوْمُ الْجَمِيعِ يَقْضِي مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ خَاصَّةً عَلَى الرَّاجِحِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا جَهِلَهُ وَصَامَهُ كَالْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَهَلْ يَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ تَأْوِيلَانِ - لَوَفَّى بِالْمُرَادِ (وَجَهِلَ) أَيْ وَحُكْمُ جَهْلِ (رَمَضَانَ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ يُضَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ: عَدَمَهُ فِي كَفَّارَةِ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ مَلَّكَهَا الزَّوْجُ أَمْرَهَا (قَوْلُهُ: كَحَيْضٍ) أَيْ كَمَا لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ سَوَاءٌ كَانَ كَفَّارَةَ قَتْلٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ كَانَ نَذْرًا مُتَتَابِعًا بِالْحَيْضِ، وَمَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَظَنِّ غُرُوبٍ) أَيْ فَأَفْطَرَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَبَقَاءِ لَيْلٍ) أَيْ فَتَسَحَّرَ بَعْدَ الْفَجْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِفِطْرِ نِسْيَانٍ) أَيْ بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ بِهِ نَهَارًا فِي غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَأَمَّا فِيهَا فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِهِ تَتَابُعُهُ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنَّهُ يَقْطَعُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَمَّا تَفْرِيقُ الصَّوْمِ نِسْيَانًا كَمَا لَوْ بَيَّتَ الْفِطْرَ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ عَذَرَهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّوْمِ بِالنِّسْيَانِ كَمَا عَذَرَهُ بِالنِّسْيَانِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ فَإِذَا أَكَلَ نَاسِيًا أَوْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ قَضَى ذَلِكَ، وَوَصَلَهُ بِصِيَامِهِ فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَهُ بِصِيَامِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُتَعَمِّدًا اسْتَأْنَفَ صِيَامَهُ (قَوْلُهُ: وَبِالْعِيدِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَيْ وَانْقَطَعَ التَّتَابُعُ بِنَفْسِ الْعِيدِ وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَهُ أَيْ إنْ تَعَمَّدَ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمَا الْعِيدَ سَوَاءٌ صَامَ يَوْمَ الْعِيدِ، أَوْ لَمْ يَصُمْهُ أَصْلًا نَاسِيًا أَوْ مُتَعَمِّدًا (قَوْلُهُ: مُتَعَمِّدًا صَوْمَ يَوْمِ الْأَضْحَى) بَلْ وَكَذَا إنْ صَامَهُ نَاسِيًا أَوْ لَمْ يَصُمْهُ أَصْلًا مُتَعَمِّدًا أَوْ نَاسِيًا فَالتَّعَمُّدُ فِي الْمُصَنِّفِ لَيْسَ مُنْصَبًّا عَلَى صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق بَلْ التَّعَمُّدُ مُنْصَبٌّ عَلَى صَوْمِ الزَّمَنِ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ، وَأَمَّا الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ فَسَيَأْتِي التَّعْوِيضُ لَهُمَا فِي التَّأْوِيلَيْنِ بَعْدُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَهْلُ حُرْمَةِ صَوْمِ الْعِيدِ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْعِيدَ يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَعُهُ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِيَاضٍ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ كَجَهْلِ الْعَيْنِ وَاسْتَظْهَرَهُ جَدّ عج (قَوْلُهُ: وَهَلْ مَحَلُّ عَدَمِ الْقَطْعِ) أَيْ عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ وَقَوْلُهُ: بِجَهْلِهِ أَيْ بِجَهْلِهِ كَوْنَ الْعِيدِ يَأْتِي فِي صَوْمِهِ (قَوْلُهُ: إنْ صَامَ الْعِيدَ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ لِظِهَارٍ عَلَيْهِ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ خَطَأً لَمْ يُجْزِهِ، قَالَ مَالِكٌ: إلَّا مَنْ فَعَلَهُ بِجَهَالَةٍ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِ فَعَسَى أَنْ يُجْزِيَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَمْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ أَفْطَرَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَطْ، أَوْ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ كُلَّهَا، ثَالِثُهَا عَلَى أَنَّهُ صَامَ أَيَّامَ النَّحْرِ كُلَّهَا، الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَصَّارِ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْكَاتِبِ اهـ زَادَ ابْنُ يُونُسَ فِي الثَّالِثِ أَنَّهُ يَقْضِيهَا وَيَبْنِي قَالَ: وَهَذَا الثَّالِثُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْإِجْزَاءِ إذَا أَفْطَرَ أَيَّامَ النَّحْرِ كُلَّهَا هُوَ الْأَصَحُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمِ الْقَطْعِ) أَيْ عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ، وَقَوْلُهُ: مُطْلَقٌ أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَلْ عَدَمُ قَطْعِ التَّتَابُعِ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ صَامَهَا أَوْ أَفْطَرَ فِيهَا (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَصَّارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يُفْطِرُهُنَّ (قَوْلُهُ: بِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُطْلَبُ بِفِطْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ) أَيْ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِمْسَاكُ فِيهِمَا) أَيْ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ لَكِنْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى جِهَةِ النَّدْبِ عَلَى الثَّانِي وَقَوْلُهُ: هَلْ يَبْنِي أَيْ وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ أَيْ وَهُوَ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: إذَا أَفْطَرَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: يَقْضِي مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ، وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ خَاصَّةً) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ صَاحِبَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ ابْنُ الْكَاتِبِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَصُومُهَا، وَيَقْضِيهَا كُلَّهَا فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ ابْنَ الْكَاتِبِ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَصُومَهَا كُلَّهَا وَيَقْضِيَهَا وَيَبْنِيَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ رَمَضَانَ) أَيْ وَجَهِلَ كَوْنَ رَمَضَانَ يَأْتِي فِي زَمَنِ صَوْمِهِ كَجَهْلِ كَوْنِ الْعِيدِ يَأْتِي فِي زَمَنِ صَوْمِهِ فِي عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ

كَمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ شَعْبَانَ رَجَبٌ وَرَمَضَانَ شَعْبَانُ (كَالْعِيدِ) فِي أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَبْنِي بَعْدَ الْعِيدِ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ (وَ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (بِفَصْلِ الْقَضَاءِ) الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ عَنْ صِيَامِهِ وَيَبْتَدِئُ صَوْمَهُ مِنْ أَوَّلِهِ (وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ) أَيْ قَطْعُ التَّتَابُعِ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا فَهُوَ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ انْفِصَالِ الْقَضَاءِ، وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ آنِفًا وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ نِسْيَانٍ وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَيْضًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَطْعِ لَا بِالتَّشْهِيرِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ أَيْ لَا يُبْطِلُهُ الْفِطْرُ نَاسِيًا، وَعَلَى قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ صَامَهَا (عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ) مَفْعُولُ يَدْرِ نَسِيَهُمَا وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَوَّلُهُمَا آخِرُ الْأُولَى، وَثَانِيهِمَا أَوَّلُ الثَّانِيَةِ (صَامَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ فَلَا يَنْتَفِلُ عَنْهَا حَتَّى يُتِمَّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِطْرَ النِّسْيَانِ لَا يُبْطِلُهُ (وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى، أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ أَحَدُهُمَا آخِرُ الْأُولَى، وَالثَّانِي أَوَّلُ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ بَطَلَتْ الْأُولَى بِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَهَذَا إذَا عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا نِسْيَانًا، كَمَا لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهُمَا مِنْ افْتِرَاقِهِمَا (صَامَهُمَا) الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَهَا، وَصَامَ شَهْرَيْنِ أَيْضًا فَقَطْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْهَا، وَالثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ) فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا مُبْطِلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَمَا إذَا ظَنَّ إلَخْ) أَيْ كَمَنْ صَامَ شَعْبَانَ لِظِهَارِهِ ظَانًّا أَنَّهُ رَجَبٌ، وَأَنَّ رَمَضَانَ شَعْبَانُ فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ صَوْمَهُ فِي شَعْبَانَ، وَأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَصَامَهُ لِفَرْضِهِ، وَأَكْمَلَ ظِهَارَهُ بِشَوَّالٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْنِي بَعْدَ الْعِيدِ مُتَّصِلًا) أَيْ وَيَجْرِي فِي يَوْمِ الْعِيدِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا فِي الْبَدْرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ) مُقَابِلُهُ أَنَّ جَهْلَ رَمَضَانَ لَيْسَ كَالْعِيدِ فَلَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَهِلَ رَمَضَانَ أَنَّ عِلْمَهُ بِهِ لَا يُجْزِيهِ عَنْ وَاحِدٍ سَوَاءٌ صَامَهُ عَلَى ظِهَارِهِ أَوْ شَرَّكَ فِيهِ فَرْضَهُ وَظِهَارَهُ (قَوْلُهُ: وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا أَوْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ أَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ فِيهِ وَوَصَلَ الْقَضَاءَ بِصِيَامِهِ فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَ الْقَضَاءِ بِصِيَامِهِ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ، وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ تَرَكَ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِتَفْرِيطِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْذَرُ فِي تَفْرِيقِهِ الْقَضَاءَ بِالنِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْذَرْ بِالنِّسْيَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ وَعُذِرَ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ نِسْيَانًا مَعَ أَنَّ الَّذِي أَفْطَرَ نَاسِيًا قَدْ أَتَى فِي خِلَالِ الصَّوْمِ بِيَوْمٍ لَا صَوْمَ فِيهِ كَمَا أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ صَوْمِهِ وَالْقَضَاءِ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ بِيَوْمٍ لَا صَوْمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فَصْلَ النِّسْيَانِ يُبَيِّتُ فِيهِ الصَّوْمَ بِخِلَافِ فَصْلِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّتْهُ فِيهِ كَذَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ أَيْ بِمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ، وَأَفْطَرَهُ، وَأَمَّا إذَا فَصَلَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ كَيَوْمِ الْعِيدِ. (قَوْلُهُ: وَشُهِرَ أَيْضًا إلَخْ) الْمُشْهِرُ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَا ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لعبق وَمُقَابِلُ ذَلِكَ الْمَشْهُورُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ: نِسْيَانًا) أَيْ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءً لِتَفْرِيطِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ آنِفًا وَفِيهَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ رَاشِدٍ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَهُ وَحِينَئِذٍ فَمُقَابِلُهُ قَوْلٌ شَاذٌّ لَا مَشْهُورٌ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ نِسْيَانٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّشْهِيرِ) لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ نِسْيَانٍ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فِيهِ خِلَافٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ هُوَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي النِّسْيَانِ، وَوَجْهُ اقْتِضَائِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى شُهِرَ قَطْعُ التَّتَابُعِ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نَاسِيًا، كَمَا شُهِرَ أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ عَمْدًا يَقْطَعُهُ (قَوْلُهُ: نَسِيَهُمَا) أَيْ أَفْطَرَ فِيهِمَا نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ صَوْمَ الْيَوْمَيْنِ وَقَضَاءَ الشَّهْرَيْنِ - حَيْثُ عُلِمَ اجْتِمَاعُ الْيَوْمَيْنِ - مُتَفَرِّعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ أَوْ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ أَمَّا تَفَرُّعُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا تَفَرُّعُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ فَوَجْهُهُ أَنَّهُ حَيْثُ عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا لَمْ تَبْطُلْ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ الْأَوْلَى مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا أَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مِنْ الْيَوْمَيْنِ آخِرَ الْأُولَى، وَالثَّانِي أَوَّلَ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ الْأُولَى وَحْدَهَا وَإِنْ كَانَا مِنْ الثَّانِيَةِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ وَحْدَهَا لِقَطْعِ التَّتَابُعِ بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا وَإِنْ كَانَا أَوَّلَ الثَّانِيَةِ أَوْ كَانَا آخِرَهَا لَمْ يَبْطُلْ إلَّا هُمَا، وَيُطَالَبُ بِقَضَائِهِمَا مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ) أَيْ مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُفْتَرَقَيْنِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأُولَى) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ هُمَا مُجْتَمِعَانِ أَوْ مُفْتَرِقَانِ وَهَلْ هُمَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا

وَهُوَ ضَعِيفٌ كَالْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِصِيَامِهَا مَعَ قَضَاءِ الْأَرْبَعَةِ (ثُمَّ) عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ (تَمْلِيكُ) أَيْ إعْطَاءُ (سِتِّينَ مِسْكِينًا أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِسِتِّينَ، وَبِالنَّصْبِ صِفَةٌ لِمِسْكِينٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَسَاكِينَ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (مُدٌّ وَثُلُثَانِ) بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (بُرًّا) تَمْيِيزٌ لِبَيَانِ جِنْسِ الْمُخْرَجِ إنْ اقْتَاتُوهُ (وَإِنْ اقْتَاتُوا) أَيْ أَهْلَ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ (تَمْرًا أَوْ) اقْتَاتُوا (مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ) مِنْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ أَوْ أُرْزٍ أَوْ دُخْنٍ أَوْ ذُرَةٍ (فَعِدْلُهُ) شِبَعًا لَا كَيْلًا خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ قَالَ عِيَاضٌ: مَعْنَى عِدْلِهِ شِبَعًا أَنْ يُقَالَ: إذَا شَبِعَ الرَّجُلُ مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا فَيُقَالُ: كَذَا فَيُخْرِجُ ذَلِكَ أَيْ سَوَاءٌ زَادَ عَنْ مُدِّ هِشَامٍ أَوْ نَقْصَ، وَكَلَامُ الْبَاجِيَّ أَوْجَهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا قَالَ الْإِمَامُ: (وَلَا أُحِبُّ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ) لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهِشَامِيِّ (كَفِدْيَةِ الْأَذَى) فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَجِّ فِي الْفِدْيَةِ: وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمَعْنَى لَا أُحِبُّ لَا يُجْزِئُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْإِمَامِ: لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهِشَامِيِّ، فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ بُلُوغُهُ أَجْزَأَ (وَهَلْ) الْمُظَاهِرُ (لَا يَنْتَقِلُ) عَنْ الصَّوْمِ لِلْإِطْعَامِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (إلَّا إنْ أَيِسَ) حِينَ الْعَوْدِ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ (مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ كَانَ الْمُظَاهِرُ حِينَئِذٍ مَرِيضًا فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِي شَكُّهُ (أَوْ) يَكْفِي فِي الِانْتِقَالِ إلَى الطَّعَامِ (إنْ شَكَّ) فِي قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَوْلَى إنْ ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ لَا إنْ ظَنَّهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيرَ: أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ (قَوْلَانِ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ فِي الشَّكِّ فَقَطْ هَلْ يَكْفِي فِي الِانْتِقَالِ أَوْ لَا ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْأُولَى، وَالْآخَرُ مِنْ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) أَيْ الْقَوْلُ بِقَضَاءِ الْأَرْبَعَةِ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ كَالْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ أَيْ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِصِيَامِهِمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مَعَ قَضَاءِ الْأَرْبَعَةِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: قَدْ يُقَالُ بَلْ لَهُ وَجْهٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ اجْتِمَاعُهُمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مِنْ الْأُولَى مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ فَتَبْطُلُ وَحْدَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلُ وَحْدَهَا سَوَاءٌ كَانَا مُجْتَمَعَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِي أَوَّلُ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلُ الْأُولَى فَقَطْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِي مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَيَبْطُلَانِ مَعًا فَتُقْضَى الْأَرْبَعَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا مُجْتَمِعَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَوَّلُ الثَّانِيَةِ، فَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا هَذَانِ الْيَوْمَانِ فَلِذَا صَامَهُمَا، وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَوْمَهُ الْيَوْمَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَ فِيهِمَا أَوَّلُ الثَّانِيَةِ، وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أَحَدَهُمَا مِنْ الْأُولَى، وَالثَّانِي مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: صِفَةً لِمِسْكِينٍ) هَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ سِتِّينَ لِتَخْصِيصِهِ بِالتَّمْيِيزِ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَعْنَى إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ نَعْتُ الْمُفْرَدِ بِالْجَمْعِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ) أَيْ فَمَجْمُوعُهَا مِائَةُ مُدٍّ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صَاعًا؛ لِأَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ (قَوْلُهُ: إنْ اقْتَاتُوهُ) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُخْرَجًا) أَيْ أَوْ اقْتَاتُوا شَيْئًا مِمَّا يَخْرُجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَعَطْفُهُ عَلَى التَّمْرِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَقَدْ أَجَازَهُ بَعْضُهُمْ كَعَكْسِهِ بِأَوْ، وَبَعْضُهُمْ مَنَعَهُ وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ هُنَا أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ أَيْ مِنْ غَيْرِ التَّمْرِ (قَوْلُهُ: فَعِدْلُهُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ إخْرَاجُ الْمُعَادِلِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْأَمْدَادِ مِنْ ذَلِكَ الْمُقْتَاتِ، وَالْمُعْتَبَرُ الْمُعَادَلَةُ فِي الشِّبَعِ لَا فِي الْكَيْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ) الْمُرَادُ الْمَدُّ الْهِشَامِيُّ، وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: عَنْ مُدِّ هِشَامٍ) أَيْ ابْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيِّ الْمَخْزُومِيِّ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا أُحِبُّ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ فِي الظِّهَارِ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَقَدْ حَمَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْكَرَاهَةِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ: إنَّهُ يُجْزِئُ ذَلِكَ فِيهِمَا وَحَمَلَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ عَلَى التَّحْرِيمِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: إنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا، وَبِقَوْلِهَا: وَيُجْزِئُ ذَلِكَ فِيمَا سِوَاهُمَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ فَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الظِّهَارِ وَالْفِدْيَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ) أَيْ عِوَضًا عَنْ الْمُدَّيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ فِدْيَةِ الْأَذَى سِتَّةُ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهِشَامِيِّ بَلْ الْمَدُّ الْهِشَامِيُّ يَزِيدُ عَنْهُمَا عَادَةً (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ، وَأَوْلَى إذَا جَزَمَ بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى إنْ ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ) أَيْ أَوْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ) أَيْ عَلَى كُلِّ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي التَّقْدِيرِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ: أَوْ إنْ شَكَّ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ أَيِسَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَوْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ شَكَّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْآيِسَ لَا يَنْتَقِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الشَّكِّ) أَيْ فِي الشَّكِّ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِذَا جَزَمَ بِالْقُدْرَةِ أَوْ ظَنَّهَا فَلَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ انْتَقَلَ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْخِلَافُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَلَا يَنْتَقِلُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَنْتَقِلُ

(وَتُؤُوِّلَتْ) بِالْوِفَاقِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِالْخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا تَقَدَّمَ (عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ) بِالصَّوْمِ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ إكْمَالَهُ؛ فَلِذَا لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا مَعَ الْيَأْسِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ لِلدُّخُولِ تَأْثِيرًا فِي الْعَمَلِ بِالتَّمَادِي وَالثَّانِي لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ فَكَفَى الشَّكُّ فِي الِانْتِقَالِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ (وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا بِأَنْ أَعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ هِشَامِيٍّ (فَكَالْيَمِينِ) إذَا أَطْعَمَ فِيهَا عِشْرِينَ لِكُلِّ نِصْفٍ مُدٌّ فَلَا يُجْزِئُ وَلَهُ نَزْعُ مَا بِيَدِ سِتِّينَ هُنَا إنْ بَيَّنَ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ بِالْقُرْعَةِ، وَيُكْمِلُ السِّتِّينَ وَهَلْ إنْ بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ تَأْوِيلَانِ (وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ) أَيْ الطَّعَامِ (إنْ أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِيهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ، وَأَمَّا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ، وَمِنْ عَجْزِهِ فِي الْحَالِ اشْتِغَالُهُ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ سَعْيُهُ فِي الْخَرَاجِ (وَفِيهَا) عَنْ مَالِكٍ (أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ) عَنْ ظِهَارِهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (فِي الْإِطْعَامِ) وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْقَادِرِ عَلَى الصِّيَامِ وَالْعَاجِزِ (وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ) أَيْ غَلَطٌ (لِأَنَّهُ) أَيْ الصَّوْمُ هُوَ (الْوَاجِبُ) عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ (أَوْ) لَيْسَ بِوَهْمٍ، وَإِنَّمَا (أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ) فَكَأَنَّهُ قَالَ وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنْ يَصُومَ وُجُوبًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَإِذَا تَظَاهَرَ الْعَبْدُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ فَحَمْلُهُ عَلَى الْوَهْمِ وَهْمٌ (أَوْ أَحَبُّ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي (لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ) لَهُ مِنْ الصَّوْمِ فَالْأَحَبِّيَّةُ تَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ أَيْ أَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ فِي مَنْعِهِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنْ أَضَرَّ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ وَلَا يَخْفَى بَعْدُ هَذَا التَّأْوِيلُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِالْخِلَافِ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَعَكَسَ تت هَذَا الْعَزْوَ وَتَبِعَهُ خش وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَا؛ إذْ هُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا) أَيْ فَالْأَوَّلُ يَقُولُ لَا يَكْفِي الِانْتِقَالُ مَعَ الشَّكِّ سَوَاءٌ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا، وَالثَّانِي يَقُولُ بِالْكِفَايَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجْزِيهِ الْإِطْعَامُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّوْمَ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ بَيَّنَ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيَانِ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعُ الْكَفَّارَةِ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِنْ كَفَّارَتِي (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ) أَيْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّكْمِيلِ لِلسِّتَّيْنِ أَنْ يَكُونَ مَا أَخَذُوهُ، أَوَّلًا بَاقِيًا بِأَيْدِيهِمْ لِوَقْتِ التَّكْمِيلِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ: مَعَ عَجْزِهِ عَنْ الصِّيَامِ) أَيْ فِي الْحَالِ وَفِي الِاسْتِقْبَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَجْلِ صِحَّةِ جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى أَمَّا لَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ، وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ، وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَهُ الْإِطْعَامُ، وَلَهُ تَرْكُهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إمَّا بِفَرَاغِ عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ بِتَأْدِيَةِ خَرَاجِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَهُ الصَّبْرَ كَذَا قِيلَ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ وَتَرَجَّاهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَلَا يُجْزِيه الْإِطْعَامُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْكَفَّارَةَ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّوْمِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ حَالًا وَرَجَا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يُجْزِيهِ الْإِطْعَامُ، وَيُؤَخَّرُ الصَّوْمُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وُجُوبًا هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا رَجَا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْإِطْعَامِ وَلَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ وَهُوَ الْأَوْلَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا ظَاهَرَ الْعَبْدُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الِاطِّعَامِ وَالصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ وَظَاهِرُهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا بَلْ الصَّوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُطْعِمُ مَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ الصَّوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ حُمِلَ قَوْلُ الْإِمَامِ: وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ عَلَى الْوَهْمِ لِقَوْلِهِ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَصُومَ) أَيْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَهَمٌ) هُوَ بِالْفَتْحِ الْغَلَطُ اللِّسَانِيُّ، وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَهُوَ الْغَلَطُ الْقَلْبِيُّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَصِحُّ إرَادَتُهُ أَيْ إنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ وَالصَّوْمُ وَاجِبٌ فَالْتَوَى لِسَانُهُ، وَقَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَوْ إنَّهُ سَبَقَ قَلْبَهُ أَيْ الْإِمَامَ لِلْيَمِينِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ بِسَبَبِ اعْتِقَادِهِ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ وَهَمٌ أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ) أَيْ وَكَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبُّ مَعْنَاهُ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيِّ (قَوْلُهُ: أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ) أَيْ لِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَضَرَّ بِهِ) أَيْ بِأَنْ أَضَرَّ الصَّوْمُ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ وَخَرَاجِهِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذْنُهُ لَهُ فِي الصَّوْمِ وَعَدَمِ مَنْعِهِ مِنْهُ أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنْعِهِ مِنْ الصَّوْمِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الصَّوْمُ لَا يَضُرُّ بِهِ

(أَوْ) أَحَبُّ (لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ) أَيْ عِنْدَ مَنْعِ سَيِّدِهِ لَهُ مِنْ الصَّوْمِ (أَوْ) أَحَبُّ مَحْمُولَةٌ (عَلَى) الْعَبْدِ (الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الْحَالِ بِكَمَرَضٍ (فَقَطْ) يَرْجُو زَوَالَهُ وَالْقُدْرَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (تَأْوِيلَاتٌ) خَمْسَةٌ (وَفِيهَا) قَالَ مَالِكٌ (إنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (أَنْ يُطْعِمَ) أَوْ يَكْسُوَ (فِي) كَفَّارَةِ (الْيَمِينِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى أَجْزَأَهُ (وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ) وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي اهـ وَوَجْهُ الشَّيْءِ أَيْ النَّقْلِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ، أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ فَهُوَ كَلَا مِلْكَ (وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ) بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا نَاوِيًا تَشْرِيَكَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْمَسَاكِينِ فَيُكْمِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُدًّا بِأَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفَ مُدٍّ، وَهَلْ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا مَرَّ (وَلَا) يُجْزِئُ (تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ) فِي كَفَّارَةٍ كَصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا (وَلَوْ نَوَى) الْمُظَاهِرُ الَّذِي لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، أَوْ أَكْثَرُ (لِكُلٍّ) مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ مَثَلًا (عَدَدًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْلًا فَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ كَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَمْنَعَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبُّ لِمَنْعِ السَّيِّدِ إلَخْ) هَذَا تَأْوِيلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَيْ إنَّ أَحَبَّ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ عِنْدَ مَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِالْعَبْدِ فَيُنْدَبُ لِلْعَبْدِ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ حَالًا أَجْزَأَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَبَّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ إلَخْ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ عَلَى بَابِهَا وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ لِكَمَرَضٍ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ فَالْأَحَبُّ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ، وَيُكَفِّرَ بِهِ، وَاعْتَرَضَ هَذَا ابْنَ مُحْرِزٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا ابْنُ بَشِيرٍ وَقَدْ بَنَى ابْنُ مُحْرِزٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّ الْقَادِرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فَيَصِحُّ الِاعْتِذَارُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ) هَذَا مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَثَرُ الَّتِي قَبْلَهَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ أَيْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ فَالتَّأْوِيلُ الثَّالِثُ حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ فَالْأَوْلَى لِلسَّيِّدِ أَنْ يُسَامِحَهُ مِنْ الْعَمَلِ وَيَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ وَلَا يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَإِذْنُهُ لَهُ فِيهِ أَحَبُّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا لِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ظَاهِرِيًّا، أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ، وَحَاصِلُ الرَّابِعِ أَنَّ الصَّوْمَ إذَا أَضَرَّ بِالْعَبْدِ وَمَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالْإِطْعَامِ فَيُنْدَبُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا وَإِنْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا وَحَاصِلُ الْخَامِسِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ، وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ فَالْأَحَبُّ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ حَالًا وَإِنْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ فِي إطْعَامِ الْعَبْدِ ثِقَلًا. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ) أَيْ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مِلْكَهُ ظَاهِرِيٌّ أَيْ كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَشُكُّ فِي مِلْكِهِ أَيْ يَتَرَدَّدُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَلَا نَدْرِي مَنْ الْمُصِيبُ فِي الْوَاقِعِ فَنَحْنُ نَجْزِمُ ظَاهِرًا بِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ أَوْ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَنَشُكُّ هَلْ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هَذَا أَوْ هَذَا فَقَوْلُهُ: أَوْ يَشُكُّ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لِلْخِلَافِ الْمُؤَدِّي لِلشَّكِّ بِالنَّظَرِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ) أَيْ فِي حَظِّ كُلِّ مِسْكِينٍ بِأَنْ يُجْعَلَ حَظُّ كُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ مَأْخُوذًا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ، وَحَظُّ كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ بِمُدِّ هِشَامٍ، وَأَمَّا إعْطَاءُ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ بِمُدِّ هِشَامٍ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ فَهَذَا يُجْزِئُ قَطْعًا فَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا كَمَا فِي تت وَبَهْرَامَ غَيْرُ حَسَنٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مُدٌّ، وَيَقْصِدُ أَنَّ كُلَّ مُدٍّ نِصْفُهُ مِنْ إحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ، وَنِصْفُهُ الثَّانِي مِنْ الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ) ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدِّ لَا يَجْتَزِئُ بِهِ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ نِصْفَ مُدٍّ كَانَ مُكَمِّلًا لِكَفَّارَةٍ، وَكُلُّ سِتِّينَ كَفَّارَةٌ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ الْمَسَاكِينَ فَيُكْمِلَ لِلسِّتِّينَ بِأَنْ يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدٌّ، وَيُنْتَزَعَ مِنْ الْبَاقِي بِالْقُرْعَةِ فَالْمُدُّ الَّذِي يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ تَمَامُ مُدِّ كَفَّارَةٍ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي تَمَامُ مُدٍّ مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ) الْأَوْلَى تَرْكِيبُ كَفَّارَةٍ مِنْ صِنْفَيْنِ، وَأَمَّا تَرْكِيبُهَا مِنْ فَرْدَيْ صِنْفٍ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ كَأَنْ يُعَشِّيَ وَيُغَدِّيَ ثَلَاثِينَ وَيُعْطِيَ ثَلَاثِينَ أُخَرَ ثَلَاثِينَ مُدًّا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ إجْزَاءِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ أَوْ يُعْطِيَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثَلَاثِينَ مُدًّا مِنْ الْبُرِّ وَيُعْطِيَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا ثَلَاثِينَ مُدًّا مِنْ شَعِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ عَدَدًا) هَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى صُورَتَيْنِ خَاصَّتَيْنِ بِالْإِطْعَامِ

[باب اللعان وما يتعلق به]

مِنْ الْمُخْرَجِ دُونَ الْوَاجِبِ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ ثَمَانِينَ، وَنَوَى لِكُلِّ كَفَّارَةٍ أَرْبَعِينَ أَوْ لِوَاحِدَةٍ خَمْسِينَ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثِينَ (أَوْ) أَخْرَجَ الْجُمْلَةَ (عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْكَفَّارَاتِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ تَشْرِيكٍ فِي كُلِّ مِسْكِينٍ أَجْزَأَهُ (وَكَمَّلَ) عَلَى مَا نَوَاهُ لِكُلٍّ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَمَا يَنُوبُ الْجَمِيعَ فِي الثَّانِيَةِ (وَسَقَطَ حَظُّ مَنْ مَاتَتْ) مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ فَلَا يُكْمِلُ لَهَا وَلَا يَحْسِبُ مَا أَخْرَجَهُ عَنْهَا لِغَيْرِهَا فَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ خَمْسِينَ، وَلِلْمَيِّتَةِ ثَلَاثِينَ سَقَطَ حَظُّهَا فَلَا يَنْقُلُهُ لِغَيْرِهَا وَكَمَّلَ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَشَرَةٌ دُونَ مَنْ مَاتَتْ (وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا) مِنْ الْعَبِيدِ (عَنْ ثَلَاثٍ) مِنْ أَرْبَعٍ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهَا مِنْهُنَّ (لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً) مِنْ الْأَرْبَعَةِ حَتَّى يُخْرِجَ الْكَفَّارَةَ (الرَّابِعَةَ وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ) أَوْ أَكْثَرُ (أَوْ طَلُقَتْ) قَبْلَ إخْرَاجِ الرَّابِعَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهَا فَلَوْ عَيَّنَ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهَا جَازَ وَطْؤُهَا [دَرْسٌ] (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ اللِّعَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَيَكُونُ إمَّا لِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ لِرُؤْيَتِهَا تَزْنِي، وَالْأَوَّلُ وَاجِبٌ، وَالثَّانِي يَنْبَغِي تَرْكُهُ، وَلَمْ يُعَرِّفْهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا اعْتَنَى بِذِكْرِ شُرُوطِهِ وَأَرْكَانِهِ فَقَالَ: (إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ) مُكَلَّفٌ مُسْلِمٌ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لَا سَيِّدٌ فِي أَمَتِهِ، فَالْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ تُلَاعِنُ، وَأَغْنَاهُ عَنْ شَرْطِ التَّكْلِيفِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: أَوْ هُوَ صَبِيٌّ حِينَ الْحَمْلِ، وَعَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: لَا كُفْرًا هَذَا إنْ صَحَّ نِكَاحُهُ بَلْ (وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ) وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَاصِلُ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فَأَطْعَمَ ثَمَانِينَ مِسْكِينًا، وَنَوَى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعِينَ أَوْ لِوَاحِدَةٍ خَمْسِينَ وَلِلْأُخْرَى ثَلَاثِينَ وَعَيَّنَ صَاحِبَةَ كُلِّ عَدَدٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَبْنِي عَلَى مَا نَوَى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَسَاكِينِ، وَيُكْمِلُ لَهَا مَا بَقِيَ لَهَا فَيُكْمِلُ لِصَاحِبَةِ الْأَرْبَعِينَ بِعِشْرِينَ وَلِصَاحِبَةِ الثَّلَاثِينَ بِثَلَاثِينَ وَلِصَاحِبَةِ الْخَمْسِينَ بِعَشَرَةٍ، وَلَا يَضُرُّ شُرُوعُهُ فِي الْأُخْرَى قَبْلَ كَمَالِ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُتَابَعَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُخْرَجِ) أَيْ الْأَمْدَادِ الْمُخْرَجَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْوَاجِبِ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ الْعَدَدِ الْوَاجِبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَخْرَجَ الْجُمْلَةَ عَنْ الْجَمِيعِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ ثَمَانِينَ مُدًّا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ وَنَوَى أَنَّ الْجُمْلَةَ كَفَّارَةٌ عَنْ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَشْرِيكٍ فِي كُلِّ مِسْكِينٍ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ مَا أَخْرَجَهُ، وَيُكْمِلُ بِأَرْبَعِينَ، وَإِنْ أَخْرَجَ تِسْعِينَ كَمَّلَ بِثَلَاثِينَ، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ حَظُّ مَنْ مَاتَتْ) أَيْ سَقَطَ حَظُّهَا فِي الِاعْتِبَارِ وَالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ خَمْسِينَ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ أَرْبَعٌ ظَاهَرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَلَزِمَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ فَكَفَّرَ عَنْ ثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِإِطْعَامِ خَمْسِينَ، وَعَنْ وَاحِدَةٍ بِإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ فَمَاتَتْ الْأَخِيرَةُ الَّتِي كَفَّرَ عَنْهَا بِثَلَاثِينَ أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَالطَّلَاقُ الْبَائِنُ مِثْلُ الْمَوْتِ سَقَطَ حَظُّهَا فِي الِاعْتِبَارِ، وَفِي الْوُجُوبِ فَلَا يُنْقَلُ مَا كَفَّرَ بِهِ عَنْهَا لِغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْيَاءِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا، وَيُكْمِلُ لِغَيْرِهَا مِنْ الثَّلَاثِ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَشَرَةٍ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وَطِئَ الْمَيِّتَةَ قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ حَظُّهَا فِي الْوُجُوبِ بَلْ يُكْمِلُ لَهَا حَظَّهَا لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا أَوْ مَوْتِهَا، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَ لَا تَسْقُطُ بِطَلَاقِهَا، وَلَا بِمَوْتِهَا (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ إخْرَاجِ الرَّابِعَةِ) لَا يُقَالُ هَذَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا أَوْ مَوْتِهَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِيهِ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْكَفَّارَاتِ الَّتِي أَخْرَجَهَا عَمَّنْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَتْ، وَالْحَيَّةُ الَّتِي يُرِيدُ وَطْأَهَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهَا؛ لِأَنَّ التَّشْرِيكَ فِي الْعِتْقِ لَا يَصِحُّ [بَاب اللِّعَان وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ اللِّعَانُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ أَرْكَانُهُ وَشُرُوطُهُ لَا مِنْ حَيْثُ حَدُّهُ وَتَعْرِيفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: إمَّا لِنَفْيِ نَسَبٍ) أَيْ لِنَفْيِ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي تَرْكُهُ) أَيْ بِتَرْكِ سَبَبِهِ وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِقَذْفِهَا فَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ سَبَبُ اللِّعَانِ كَدَعْوَاهُ رُؤْيَةَ الزِّنَا وَارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَكَانَ غَيْرَ كَاذِبٍ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ وَجَبَ اللِّعَانُ حِينَئِذٍ لِوُجُوبِ دَفْعِ مَعَرَّةِ الْقَذْفِ وَحَدِّهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي سِرَاجِ الْمُلُوكِ (قَوْلُهُ: حُرًّا أَوْ عَبْدًا) أَيْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ أَوْ لَا، وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْعِنِّينُ وَالْهَرِمُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ بِقِسْمَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ إذَا كَانَ اللِّعَانُ فِي رُؤْيَةِ الزِّنَا وَأَمَّا فِي نَفْيِ الْحَمْلِ فَلَا لِعَانَ فِي الْمَجْبُوبِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْخَصِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إحَالَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ قَالُوا مِثْلَ هَذَا يُولَدُ لَهُ لَاعَنَ، وَإِلَّا فَلَا يُلَاعِنُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ بِلَا لِعَانٍ (قَوْلُهُ: فَالْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ الْحَصْرَ بِمَا وَقَعَ لِأَبِي عِمْرَانَ أَنَّ اللِّعَانَ يَكُونُ فِي شُبْهَةِ النِّكَاحِ لِأَجْلِ نَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ وَدُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُ كَانَ فِي حُكْمِ الزَّوْجِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَأَغْنَاهُ عَنْ شَرْطِ التَّكْلِيفِ قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي أَوْ هُوَ صَبِيٌّ) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ هُوَ صَبِيٌّ إنَّمَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ التَّكْلِيفِ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ لَا يُفِيدُ اشْتِرَاطُهُ فِي لِعَانِ الرُّؤْيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّكْلِيفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا الْمُكَلَّفُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ) أَيْ هَذَا

[أسباب اللعان]

(أَوْ فِسْقًا أَوْ رِقًّا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَيْ كَانَا فَاسِقَيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ (لَا) إنْ (كَفَرَا) مَعًا فَلَا يَلْتَعِنَانِ إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَاعَنَ الْكِتَابِيَّةَ وَلَمَّا كَانَتْ أَسْبَابُ اللِّعَانِ ثَلَاثَةً، وَثَالِثُهَا وَهُوَ الْقَذْفُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا) فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ تَصْرِيحًا لَا تَعْرِيضًا وَرَفَعَتْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهَا، وَإِلَّا فَلَا لِعَانَ (فِي) زَمَنِ (نِكَاحِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَذَفَ أَيْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَذْفُهَا فِي نِكَاحِهِ أَيْ وَتَابِعُ النِّكَاحِ مِنْ الْعِدَّةِ كَالنِّكَاحِ وَسَوَاءٌ كَانَ حُصُولُ الزِّنَا مِنْهَا فِي نِكَاحِهِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا لَوْ قَالَ رَأَيْتُك تَزْنِي قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك كَذَا قِيلَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الزِّنَا فِي نِكَاحِهِ أَيْضًا كَمَا فِي النَّقْلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَذَفَهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا أَوْ فِيهِ بِزِنًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ (حُدَّ) وَلَا لِعَانَ، وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ الْآنَ وَوَصَفَ الزِّنَا بِقَوْلِهِ (تَيَقَّنَهُ) أَيْ جَزَمَ بِهِ (أَعْمَى) بِجَسٍّ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَوْ حِسٍّ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَوْ بِإِخْبَارٍ يُفِيدُ ذَلِكَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ (وَرَآهُ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْأَعْمَى، وَهُوَ الْبَصِيرُ بِأَنْ رَأَى الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى ظَنٍّ وَلَا شَكٍّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ تَحَقُّقَ الْبَصِيرِ كَافٍ كَالْأَعْمَى لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (وَانْتَفَى بِهِ) أَيْ بِلِعَانِ التَّيَقُّنِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (مَا) أَيْ الْوَلَدُ الَّذِي وُلِدَ كَامِلًا (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا بَلْ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْفَاسِدُ مُخْتَلَفًا فِيهِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مَجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى أُخْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا أُخْتُهُ، وَادَّعَى نَفْيَ حَمْلِهَا مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ لِعَانِهِمَا إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي، وَحَكَمَ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِسْقًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانُوا صُلَحَاءَ أَحْرَارًا بَلْ وَلَوْ كَانُوا أَرِقَّاءَ أَوْ فُسَقَاءَ كَالْمَحْدُودِينَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْفُسَقَاءَ وَالْأَرِقَّاءَ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فَجَعَلَهُمْ شُهَدَاءَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَالشَّاهِدُ لَا يَكُونُ فَاسِقًا وَلَا رَقِيقًا، وَأُجِيبُ بِأَنَّ إلَّا لَيْسَتْ اسْتِثْنَائِيَّةً حَتَّى يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا بَلْ هِيَ اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرِ صِفَةٌ لِشُهَدَاءَ وَالْمَعْنَى وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ فِيهِ غَيْرُ قَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ: رَاضِينَ بِحُكْمِنَا) أَيْ وَهُوَ ثُبُوتُ اللِّعَانِ فَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ عِنْدَ عِيسَى وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا قَالَ: بِالرَّجْمِ لِوُجُودِ الْإِحْصَانِ لِصِحَّةِ نِكَاحِهِمْ عِنْدَهُ وَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ: يَلْزَمُهَا الْجَلْدُ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ، وَأَمَّا إنْ نَكَلَ حُدَّ حَدَّ الْقَذْفِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: لَاعَنَ الْكِتَابِيَّةَ) أَيْ وُجُوبًا لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ وَجَوَازًا لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ نَكَلَ أُدِّبَ، وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ لَمْ تُحَدَّ بَلْ تُؤَدَّبُ، وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِيجَابُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا نَكَلَتْ؛ لِأَنَّهَا أَيْمَانُ كَافِرٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الشَّهَادَةِ وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ [أَسْبَاب اللِّعَان] (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ أَسْبَابُ اللِّعَانِ ثَلَاثَةً) أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ: وَبِنَفْيِ حَمْلٍ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ رَفَعَتْهُ) أَيْ لِلْقَاضِي، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ اللِّعَانِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَيْ؛ لِأَنَّ قَذْفَهُ لَهَا مِنْ حَقِّهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا لِعَانَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ تَعْرِيضًا لَا تَصْرِيحًا أَوْ كَانَ تَصْرِيحًا، وَلَمْ تَرْفَعْهُ فَلَا لِعَانَ أَيْ وَيُؤَدَّبُ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَذْفُ تَعْرِيضًا عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ تَلَاعَنَ الزَّوْجَانِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْقَاضِي، وَحُكْمِهِ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِعَانًا شَرْعِيًّا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ حُصُولُ الزِّنَا) أَيْ الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ السَّخَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النَّقْلِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ نِكَاحِهَا رَاجِعًا لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ قَذَفَهَا، وَلِقَوْلِهِ: بِزِنًا أَيْ إنْ قَذَفَهَا فِي زَمَنِ نِكَاحِهِ بِزِنًا وَاقِعٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَوَصَفَ الزِّنَا بِقَوْلِهِ: تَيَقَّنَهُ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا مُتَيَقَّنٍ لِأَعْمَى وَمَرْئِيٍّ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَرَآهُ غَيْرُهُ) أَيْ رَأَى الْفِعْلَ الدَّالَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي، وَهُوَ إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ، وَاَلَّذِي يُرَى فَرْجُهُ دَاخِلًا فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ أَنْ يَصِفَ كَالشُّهُودِ بَلْ يَكْفِي اعْتِمَادُهُ عَلَى تَعْيِينِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهَا كَالْبَيِّنَةِ كَذَا فِي خش وَقِيلَ لَا يُلَاعِنُ إلَّا إذَا وَصَفَ الرُّؤْيَةَ بِأَنْ يَقُولَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَصَدَّرَ بِالِاشْتِرَاطِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِالْمَشْهُورِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحَقِيقِيَّةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا لَا الْعِلْمُ إذْ الْعِلْمُ بِدُونِ رُؤْيَةٍ سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ أَوْ لِعَانِهِ خِلَافٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ تَحَقُّقَ الْبَصِيرِ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ كَالْجَسِّ وَالْحِسِّ وَإِخْبَارِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ) أَيْ وَنِسْبَةُ خش وعبق هَذَا الْقَوْلَ لِلْمُدَوَّنَةِ لَا تُسَلَّمُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَانْتَفَى إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا لَاعَنَهَا بِسَبَبِ الرُّؤْيَةِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْعِلْمِ بِالزِّنَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ كَامِلٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ يَنْتَفِي عَنْهُ بِذَلِكَ اللِّعَانِ، وَتُعَدُّ غَيْرَ بَرِيئَةِ الرَّحِمِ يَوْمَ اللِّعَانِ بَلْ رَحِمُهَا مَشْغُولٌ بِالزِّنَا، وَأَمَّا إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَ بِهِ، وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِلِعَانٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ إنَّمَا كَانَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا لَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ، وَرَحِمُهَا يَوْمَ اللِّعَانِ كَانَ مَشْغُولًا مِنْ الزَّوْجِ، وَمَحَلُّ انْتِفَاءِ مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ اللِّعَانِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَقْتَ الرُّؤْيَةِ، وَإِلَّا كَانَ لَاحِقًا بِهِ مِثْلُ مَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ، وَمَا فِي حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ بِلِعَانِ التَّيَقُّنِ بِرُؤْيَةٍ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَصِيرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْمَى عَلَى مَا مَرَّ

أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَلَدَتْهُ كَامِلًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ (لَحِقَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي رَحِمِهَا وَقْتَ الرُّؤْيَةِ، وَاللِّعَانُ إنَّمَا كَانَ لَهَا لَا لِنَفْيِ الْحَمْلِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ) قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِحَيْضَةٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ لَمْ يَلْحَقُ بِهِ، وَيَنْتَفِي بِذَلِكَ اللِّعَانُ إذَا كَانَ بَيْنَ اسْتِبْرَائِهِ وَوَضْعِهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي بَطْنِهَا حَالَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَالْحَامِلُ قَدْ تَحِيضُ وَأَشَارَ لِلسَّبَبِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَبِنَفْيِ حَمْلٍ) ظَاهِرٍ، وَلَوْ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِأَنْ رَمَاهَا بِأَنَّ حَمْلَهَا لَيْسَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِلْوَضْعِ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ قَالَ: وَبِنَفْيِ نَسَبٍ لَشَمِلَ نَفْيَ الْوَلَدِ أَيْضًا لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْغَالِبُ وَيُلَاعِنُ (وَإِنْ مَاتَ) الْوَلَدُ بَعْدَ الْوَضْعِ، أَوْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ لِغَيْبَتِهِ مَثَلًا، وَفَائِدَتُهُ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ، وَيَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ إنْ اتَّحَدَ (أَوْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ) لِحَمْلٍ مُتَعَدِّدٍ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ قَدِمَ مِنْ غَيْبَتِهِ سِنِينَ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَأَنْكَرَهُمْ وَقَالَتْ لَهُ: بَلْ هُمْ مِنْك لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُمْ، وَمِنْ الْحَدِّ إلَّا بِلِعَانٍ اهـ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا مِرَارًا فَإِنَّهُ يَكْفِي لِذَلِكَ لِعَانٌ وَاحِدٌ (أَوْ) تَعَدَّدَ (التَّوْأَمُ) وَهُوَ أَحَدُ الْمُتَعَدِّدِ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ وَمَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ، وَيَنْتَفِي عَنْهُ الْحَمْلُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ) بِلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ مَرِيضَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا إلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ فَيُؤَخَّرَانِ (كَالزِّنَا وَالْوَلَدِ) تَشْبِيهٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ كَأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي وَمَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَلَمَّا كَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ شَرْطٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ وَضْعٍ) لِوَلَدٍ قَبْلَ هَذَا الْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ، وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ مَا يَقْطَعُ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ، وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ) إنَّمَا اُعْتُبِرَ حُكْمُ السِّتَّةِ وَمَا نَقَصَ عَنْهَا بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَلَى النَّقْصِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَالَى ثَلَاثَةٌ نَاقِصَةٌ، وَالشَّهْرَانِ الْبَاقِيَانِ بَعْدَ الرَّابِعِ نَاقِصَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ فَإِنْ ادَّعَى حِينَ دَعْوَاهُ الرُّؤْيَةَ أَنَّهُ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ ذَلِكَ الْوَلَدُ الَّذِي وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيَنْتَفِي بِذَلِكَ اللِّعَانُ إلَخْ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ إنَّمَا يَنْفِيهِ بِلِعَانٍ ثَانٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لِلْقَوْلَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبِنَفْيِ حَمْلٍ) عَطْفٌ عَلَى بِزِنًا أَيْ إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا، أَوْ قَذَفَهَا بِنَفْيِ حَمْلٍ أَيْ رَمَاهَا بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهَا: مَا هَذَا الْحَمْلُ الَّذِي فِي بَطْنِك مِنِّي إذْ الْقَذْفُ وَالرَّمْيُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ) أَيْ فَإِذَا رَمَاهَا بِذَلِكَ فَيُلَاعِنُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِلْوَضْعِ فَلَوْ تَأَخَّرَ اللِّعَانُ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي يَقُولُ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِلْوَضْعِ (قَوْلُهُ لَشَمِلَ نَفْيَ الْوَلَدِ أَيْضًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا لَكِنَّ مَحَلَّ اللِّعَانِ إذَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ أَنْ نَفَى الْوَلَدَ أَوْ الْحَمْلَ غَمَّهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ) مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ نَفَى الْحَمْلَ فَلَا بُدَّ مِنْ لِعَانٍ، وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ، وَيَصِحُّ جَعْلُهُ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ: وَبِنَفْيِ حَمْلٍ أَيْ، وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ الَّذِي نَفَاهُ عَنْهُ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ حَيًّا بَلْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَلَدُ الَّذِي نَفَاهُ عَنْهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ نَفْيِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ لِغَيْبَتِهِ) أَيْ فَلَمَّا قَدِمَ مِنْهَا نَفَاهُ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ) أَيْ لِمَا نَفَاهُ مِنْ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّحَدَ) أَيْ الْوَضْعُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُمْ وَمِنْ الْحَدِّ إلَّا بِلِعَانٍ) أَيْ إنَّهُمْ يَلْحَقُونَ بِهِ وَيُحَدُّ إلَّا إذَا لَاعَنَ فِيهِمْ لِعَانًا وَاحِدًا وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ إتْيَانُهُ لَهَا سِرًّا، وَإِلَّا انْتَفَى عَنْهُ الْأَوْلَادُ بِغَيْرِ لِعَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَدَّدَ التَّوْأَمُ) صَوَابُهُ أَوْ حَصَلَ التَّوْأَمُ؛ إذْ التَّعَدُّدُ لَازِمٌ لِلتَّوْأَمِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَى لِعَانٌ فِي الْوَضْعِ الْمُتَعَدِّدِ بِتَعَدُّدِ الْحَمْلِ فَبِالْأَوْلَى كِفَايَتُهُ إذَا تَعَدَّدَ الْوَضْعُ مَعَ اتِّحَادِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَيَنْتَفِي عَنْهُ الْحَمْلُ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنَفْيِ حَمْلٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ لِنَفْيِ حَمْلٍ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ فَيَقْتَضِي أَنَّهُمَا لِعَانَانِ أَحَدُهُمَا مُسَبَّبٌ عَنْ الْآخَرِ وَهَذَا فَاسِدٌ. (قَوْلُهُ: كَالزِّنَا وَالْوَلَدِ) أَيْ كَمَا يَكْتَفِي بِلِعَانٍ وَاحِدٍ إذَا رَمَاهَا بِالزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ مَعًا كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْوَلَدُ عَطْفٌ عَلَى حَمْلٍ، وَالْمَعْنَى إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا أَوْ بِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ بِنَفْيِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ كَالزِّنَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إلَخْ) أَيْ أَوْ يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَزَنَتْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَطَأْهَا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الرَّجُلِ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ أَوْ الْحَمْلِ إذَا اعْتَمَدَ فِي لِعَانِهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا كَانَ اللِّعَانُ بَاطِلًا وَلَمْ يَنْتَفِ نَسَبُ ذَلِكَ الْمُلَاعَنِ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ اللِّعَانُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى شَيْءٍ غَيْرِ تَيَقُّنِهِ لِلزِّنَا إنْ كَانَ أَعْمَى وَرُؤْيَتِهِ لَهُ إنْ كَانَ بَصِيرًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ وَضْعِ الْوَلَدِ قَبْلَ هَذَا الْمَنْفِيِّ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ تَضَعْ قَبْلَهُ أَصْلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا وَبِمَا إذَا وَضَعَتْ قَبْلَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ مُدَّةً تَقْطَعُ الثَّانِيَ عَنْ الْأَوَّلِ فَيَثْبُتُ اللِّعَانُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ مُدَّةٌ لَا تَقْطَعُ الثَّانِيَ عَنْ الْأَوَّلِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يُسَوَّغُ اللِّعَانُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ

فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُلَاعِنُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَمَا فِي حُكْمِهَا لَكَانَ الثَّانِي مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ ثُمَّ حَمَلَتْ حَمْلًا آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ نَفْيُ هَذَا الثَّانِي لِاحْتِمَالِ حُصُولِهِ مِنْ الْوَطْءِ الَّذِي بَعْدَ الْوَضْعِ (أَوْ) وَطِئَ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ بِشَهْرٍ مَثَلًا، وَأَمْسَكَ عَنْهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الْوَطْءِ (لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا) بِالزَّوْجِ إمَّا (لِقِلَّةٍ) كَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْيِهِ، وَيُلَاعِنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ لِلْوَطْءِ الثَّانِي لِنَقْصِهِ عَنْ السِّتَّةِ، وَلَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِ لِقَطْعِ السِّتَّةِ عَنْهُ (أَوْ لِكَثْرَةٍ) كَخَمْسِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْيِهِ وَيُلَاعِنُ فِيهِ (أَوْ) لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ (اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ) وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَعْتَمِدُ فِي نَفْيِهِ عَلَى ذَلِكَ وَيُلَاعِنُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ رُؤْيَةً ثُمَّ بَالَغَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ، وَيَنْتَفِي الْحَمْلُ وَالْوَلَدُ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ لَا بِغَيْرِهِ (وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الْوَلَدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ لِعَانٍ مِنْ الزَّوْجِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لَحِقَ بِهِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفَةٍ، وَتُحَدُّ هِيَ عَلَى كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ (لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ بِشَيْءٍ لَهُ بَالٌ كَسِتَّةِ أَيَّامٍ فَيَنْتَفِي حِينَئِذٍ بِغَيْرِ لِعَانٍ لِقِيَامِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ عَلَى نَفْيِهِ (أَوْ) تَأْتِي بِهِ (وَهُوَ) أَيْ الزَّوْجُ (صَبِيٌّ حِينَ الْحَمْلِ أَوْ مَجْبُوبٌ) فَيَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ بِغَيْرِ لِعَانٍ لِاسْتِحَالَةِ حَمْلِهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُهُ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ (أَوْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الْحَمْلَ امْرَأَةٌ (مَغْرِبِيَّةٌ) بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا (عَلَى) زَوْجٍ لَهَا (مَشْرِقِيٌّ) مَثَلًا وَتَوَلَّى الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُمَا، وَهُمَا فِي مَكَانِهِمَا أَيْ الْمَغْرِبِ وَالْمَشْرِقِ وَعُلِمَ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي مَحَلِّهِ إلَى أَنَّ ظَهَرَ الْحَمْلُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ لِقِيَامِ الْمَانِعِ الْعَادِيِّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِمَغْرِبِيَّةٍ وَمَشْرِقِيٍّ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ تَدَّعِيَهُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَقْطَعُ الثَّانِيَ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا لِعَانَ فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ فَإِنَّهُ حِينَ انْتِفَاءِ وَطْئِهِ بَعْدَ وَضْعِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ يُلَاعِنُ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي حُكْمِهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ إلَّا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ عَشَرَةً (قَوْلُهُ: لَكَانَ الثَّانِي مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسَوَّغُ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَمَلَتْ حَمْلًا آخَرَ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ، وَهُوَ أَنَّ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ مَا يَقْطَعُ الثَّانِيَ عَنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْيِهِ) الْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ، وَحَقُّهَا فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى ذَلِكَ فِي نَفْيِهِ، وَوَقَعَ لَهُ نَظِيرُ ذَلِكَ بَعْدُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ حَصَلَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَقَبْلَ وَطْءِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَثْرَةٍ) أَيْ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ بِشَهْرٍ مَثَلًا وَأَمْسَكَ عَنْهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ لِكَثْرَةٍ كَخَمْسِ سِنِينَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا الْوَلَدُ تَكْمِلَةً لِلْحَمْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَلَا مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ خَمْسُ سِنِينَ، وَهَذَا قَدْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْيِهِ) الْأَوْلَى فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى ذَلِكَ فِي نَفْيِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَبْرَأَ زَوْجَتَهُ الْمُسْتَرْسِلَ عَلَيْهَا بِحَيْضَةٍ، وَتَرَكَهَا، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءِ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ عَنْهُ، وَيُلَاعِنُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ رُؤْيَةَ الزِّنَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُجَرَّدُ نَفْيِ الْحَمْلِ فَلَا حَاجَةَ لِلرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ الْوَلَدِ وَعَدَمِ لُحُوقِهِ بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي لُحُوقُهُ بِالزَّوْجِ إلَّا بِلِعَانٍ مِنْهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ تَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْوَلَدُ الَّذِي تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ الزَّوْجِ بِلَا لِعَانٍ بِخِلَافِ مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَمُقَابِلُهُ فِيمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ رِوَايَةُ الْأَقَلِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَعَكْسُهُ تت وَهُوَ تَحْرِيفٌ اُنْظُرْ طفي اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لَحِقَ بِهِ) أَيْ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ، وَلِمَ يُلَاعِنْ لَحِقَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: غَيْرِ عَفِيفَةٍ أَيْ لِاعْتِرَافِهَا بِالزِّنَا، وَقَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ لَاعَنَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَا لِإِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا، وَلَوْ رَجَعَتْ عَنْ التَّصَادُقِ فَوْرًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ تَصَادَقَا إلَخْ أَيْ فَمَحَلُّ لُزُومِ لِعَانِهِ إذَا تَصَادَقَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ إلَخْ، أَوْ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَيَنْتَفِي الْحَمْلُ وَالْوَلَدُ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ لَا بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ حَمْلِهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ) أَيْ عَادَةً لَا عَقْلًا كَمَا فِي عبق، وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ مَجْبُوبٌ أَيْ فَيَنْتَفِي الْوَلَدُ عَنْهُمَا بِغَيْرِ لِعَانٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْحَمْلِ مِنْهُمَا فِي الْعَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) هُوَ مَا فِي الشَّامِلِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَتْ الْبَيْضَةُ الْيُسْرَى، وَأَنْزَلَ فَلَا بُدَّ مِنْ اللِّعَانِ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ، وَإِنْ فُقِدَتْ، وَلَوْ كَانَ قَائِمَ الذَّكَرِ فَلَا لِعَانَ، وَلَوْ أَنْزَلَ وَيَنْتَفِي الْوَلَدُ لِغَيْرِهِ وَلِلْمُصَنِّفِ طَرِيقَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْعُدَّةِ وَهِيَ أَنَّ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ يُرْجَعُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ فَإِنْ قُلْنَ: إنَّهُ يُولَدُ لَهُ لَاعَنَ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُرْجَعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لَا لِخُصُوصِ النِّسَاءِ، وَطَرِيقَةُ الْقَرَافِيِّ أَنَّ الْمَجْبُوبَ وَالْخَصِيَّ إنْ لَمْ يُنْزِلَا فَلَا لِعَانَ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِمَا، وَإِنْ أَنْزَلَا لَاعَنَا وعبق قَدْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا لِلشَّامِلِ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَتْهُ)

مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ مَجِيئُهُ إلَيْهَا فِي خَفَاءٍ وَأَشَارَ لِلسَّبَبِ الثَّالِثِ وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَقَالَ (وَفِي حَدِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ) لَهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ أَوْ أَنْتِ زَنَيْت مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةٍ أَوْ نَفْيِ حَمْلٍ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ اللِّعَانِ (أَوْ لِعَانِهِ) بِأَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلْقَذْفِ (خِلَافٌ) وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَإِنْ لَاعَنَ) الزَّوْجُ (لِرُؤْيَةٍ وَادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ (وَ) ادَّعَى (عَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ) بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ (فَلِمَالِكٍ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (فِي إلْزَامِهِ) أَيْ الزَّوْجَ (بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ أَوْ الْحَمْلِ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ إنَّمَا شُرِعَ لِنَفْيِ الْحَدِّ فَقَطْ، وَعُدُولُهُ عَنْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ رِضًا مِنْهُ بِاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بَعْدُ وَيَتَوَارَثَانِ أَيْ عَدَمَ إلْزَامِهِ بِهِ فَهُوَ لَاحِقٌ بِهِ، وَيَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ آخَرَ (وَنَفْيُهُ) أَيْ الْوَلَدِ عَنْ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مَوْضُوعٌ لِنَفْيِ الْحَدِّ وَالْوَلَدِ مَعًا فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ رَجَّحَ الثَّالِثَ، وَمَحَلُّهَا مَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَة الْحَمْلِ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ابْنُ الْقَاسِمِ مُخْتَارًا) لِقَوْلِ مَالِكٍ (وَيَلْحَقُ) الْوَلَدُ بِهِ (إنْ ظَهَرَ) أَيْ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ (يَوْمَهَا) بِأَنْ كَانَ بَيِّنًا مُتَّضِحًا، أَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ أَقَلِّيَّةٌ لَهَا بَالٌ (وَلَا يَعْتَمِدُ) الزَّوْجُ (فِيهِ) أَيْ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ (عَلَى عَزْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ (وَلَا) عَلَى (مُشَابَهَةٍ) لِلْوَلَدِ (لِغَيْرِهِ) مِنْ النَّاسِ (وَإِنْ) كَانَتْ مُشَابَهَةُ الْغَيْرِ (بِسَوَادٍ) أَوْ عَكْسِهِ وَوَالِدُهُ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا (وَلَا) عَلَى (وَطْءٍ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ) دُونَ الْفَرْجِ (إنْ أَنْزَلَ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَجْرِي لِلْفَرْجِ فَيَشْرَبُهُ الرَّحِمُ (وَلَا) عَلَى وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ (بِغَيْرِ إنْزَالٍ) فِيهِ بِأَنْ نَزَعَ ذَكَرَهُ قَبْلَ الْإِنْزَالِ (إنْ أَنْزَلَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَطْءِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَبُلْ) بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَالْوَطْءِ الثَّانِي لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ مَائِهِ فِي قَنَاةِ ذَكَرِهِ فَيَخْرُجُ بِالْوَطْءِ لِلرَّحِمِ فَتَحْمِلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَالَ قَبْلَهُ ثُمَّ وَطِئَ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُنْزِلْ فَحَمَلَتْ فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ الْإِنْزَالِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ (وَلَاعَنَ) الزَّوْجُ (فِي) نَفْيِ (الْحَمْلِ مُطْلَقًا) كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ لَا كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَلَا يَتَقَيَّدُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ بِزَمَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْحَمْلَ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ أَيْ إنَّهَا ادَّعَتْ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُ وَأَنَّهُ طَرَقَهَا لَيْلًا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا) وَأَشَارَ إلَى أَنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ: وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ) أَيْ بِالْقَذْفِ الْمُجَرَّدِ مِنْ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَالْحَمْلِ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ؛ وَلِذَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِرُؤْيَةٍ) أَيْ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلْقَذْفِ) أَيْ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَةَ أَيْ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ بِالزِّنَا وَظَاهِرُهُ ادَّعَى رُؤْيَتَهُ أَمْ لَا ادَّعَى نَفْيَ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَشْهِيرِهِمَا فَبَعْضُهُمْ شَهَرَ الْأَوَّلَ، وَبَعْضُهُمْ شَهَرَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَاعَنَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا، وَقَالَ: وَطِئْتهَا قَبْلَ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ فِي يَوْمِهَا أَوْ قَبْلَ يَوْمِهَا وَلَمْ أَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا أَتَتْ بِوَلَدٍ فَهَذَا الْوَلَدُ إمَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُمْكِنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَحِقَ بِهِ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلِمَالِكٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَهُوَ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ أَصْلًا) أَيْ لَا بِلِعَانٍ، وَلَا بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: يَنْتَفِي عَنْهُ بِلِعَانٍ آخَرَ، فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ) أَيْ بِلِعَانٍ ثَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ آخَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ الْأَوَّلَ إنَّمَا كَانَ لِنَفْيِ الْحَدِّ لَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَإِذَا أَرَادَ نَفْيَهُ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ حَمْلَهَا كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: أَقَلِّيَّةً لَهَا بَالٌ) أَيْ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ إلَّا سَبْعَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْتَمِدُ فِيهِ عَلَى عَزْلٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ يَطَأُ زَوْجَتَهُ وَيَعْزِلُ عَنْهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ كَانَ يَطَؤُهَا وَلَا يَعْزِلُ إلَّا أَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَلَا يُشْبِهُ أَبَاهُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَقُولَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَيَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ عَلَى الْعَزْلِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ أَوْ يَخْرُجُ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ أَوْ يَقُولُ مَا هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَيَنْفِيهِ بِلِعَانٍ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ عَلَى عَدَمِ الْمُشَابَهَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِلِعَانِهِ إنْ لَاعَنَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى وَطْءِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يَطَأُ زَوْجَتَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا أَوْ فِي دُبُرِهَا وَيُنْزِلُ ثُمَّ إنَّهُ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ وَيُلَاعِنَ فِيهِ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ أَوْ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ فَيَدْخُلُ الْفَرْجَ فَتَحْمِلُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى وَطْءٍ فِي الْفَرْجِ بِغَيْرِ إنْزَالٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ لَاعَبَهَا وَأَنْزَلَ ثُمَّ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى، وَلَمْ يُنْزِلْ فِيهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَوْلٌ بَيْنَ الْإِنْزَالِ وَالْوَطْءِ الثَّانِي الَّذِي لَمْ يُنْزِلْ فِيهِ فَحَمَلَتْ زَوْجَتُهُ الثَّانِيَةُ فَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ وَالْمُلَاعَنَةُ فِيهِ مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ إنْزَالِهِ فِي تِلْكَ الزَّوْجَةِ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ مَائِهِ فِي قَنَاةِ ذَكَرِهِ فَيَخْرُجُ مَعَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَاعَنَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ)

إلَّا إنْ تَجَاوَزَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ لِعَدَمِ لُحُوقِهِ بِهِ (وَ) لَاعَنَ (فِي الرُّؤْيَةِ) إذَا ادَّعَاهَا (فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ) كَانَتْ الْعِدَّةُ (مِنْ) طَلَاقٍ (بَائِنٍ) فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ وَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ تَوَابِعِ الْعِصْمَةِ وَأَحْرَى لَوْ رَمَى مَنْ فِي الْعِصْمَةِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ رَأَى فِيهَا لَمْ يُلَاعِنْ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَأَى فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا لَاعَنَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ رَأَى فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَلَا لِعَانَ (وَحُدَّ) إذَا ادَّعَى (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَأَى فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا (كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ) الَّذِي نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ (إلَّا أَنْ تَزْنِيَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ زِنَاهَا بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ رَمَى غَيْرَ عَفِيفَةٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ (بَعْدَ اللِّعَانِ) خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا لِعَانَ فِيهَا (وَتَسْمِيَةِ الزَّانِي بِهَا) عَطْفٌ عَلَى اسْتِلْحَاقٍ أَيْ كَمَا يُحَدُّ إذَا سَمَّى الزَّانِيَ بِهَا بِأَنْ قَالَ رَأَيْتُك تَزْنِي بِفُلَانٍ وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ الْحَدِّ لَهُ لِعَانُهُ لَهَا (وَأَعْلَمَ) مَنْ سَمَّاهُ وُجُوبًا (بِحَدِّهِ) أَيْ بِمُوجِبِ حَدِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ فُلَانٌ قَذَفَك بِامْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَرِفُ، أَوْ يَعْفُو لِإِرَادَةِ السِّتْرِ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ (لَا إنْ كَرَّرَ) بَعْدَ اللِّعَانِ (قَذْفَهَا بِهِ) أَيْ بِمَا رَمَاهَا بِهِ أَوَّلًا فَلَا يُحَدُّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَهَا بِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ بِمَا هُوَ أَعَمُّ فَيُحَدُّ (وَ) لَوْ لَاعَنَ فِي وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ وَ (وَرِثَ) الْأَبُ (الْمُسْتَلْحِقُ) بِالْكَسْرِ الْوَلَدَ (الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ (وَلَدٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِسَبَبِ نَفْيِ الْحَمْلِ فَفِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَاعَنَ فِي الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ تَجَاوَزَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَمَضَى بَعْدَ الطَّلَاقِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ) أَيْ أَوْ مِنْ يَوْمِ تَرَكَ الْوَطْءَ، فَإِذَا تَرَكَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ، وَمَضَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَلَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَمِنْ يَوْمِ تَرَكَ الْوَطْءَ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ لِقِلَّةٍ، أَوْ كَثْرَةٍ مِنْ أَنَّهُ يُلَاعِنُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ مُعَارِضٌ لِكَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ زَوْجَةٌ وَهُنَا لَيْسَتْ فِي الْعِصْمَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي الْعِدَّةِ) أَيْ إنْ كَانَتْ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَتْ الرُّؤْيَةُ الْمُدَّعَاةَ فِي الْعِدَّةِ أَيْضًا لَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَلَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ إذَا ادَّعَاهَا فِي الْعِدَّةِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَآهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا تَزْنِي فَإِنَّهُ يُلَاعِنُهَا وَلَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا حُدَّ (قَوْلُهُ: لَوْ رَمَى مَنْ فِي الْعِصْمَةِ) أَيْ بِأَنْ رَآهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ تَزْنِي وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَآهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِهَا تَزْنِي فَالْحَدُّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ رَأَى فِيهَا) أَيْ أَوْ رَأَى بَعْدَهَا بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ: لَمْ يُلَاعِنْ أَيْ وَيُحَدُّ (قَوْلُهُ: الَّذِي نَفَاهُ بِلِعَانٍ) أَيْ بِأَنْ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ فَقَطْ أَوْ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ مَعَ الرُّؤْيَةِ، وَأَمَّا إذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ فَقَطْ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ مَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُحَدُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ) أَيْ وَقَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلظَّرْفِ بَلْ وَكَذَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا لِعَانَ فِيهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَتَسْمِيَةِ الزَّانِي) يَعْنِي أَنَّ لِعَانَهُ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا وَعُورِضَ هَذَا بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَسَمَّى الزَّانِيَ بِهَا» ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ هِلَالًا حُدَّ مِنْ أَجْلِهِ فَأَجَابَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الْمَقْذُوفَ لَمْ يَطْلُبْ حَقَّهُ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ اعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنَّ شَرِيكًا كَانَ يَهُودِيًّا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ الْحَدِّ لَهُ لِعَانُهُ لَهَا) وَهَذَا إذَا تَقَدَّمَ اللِّعَانُ أَمَّا لَوْ حُدَّ لِقَذْفِ فُلَانٍ أَوَّلًا سَقَطَ عَنْهُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ مَنْ حُدَّ لِقَذْفِ رَجُلٍ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ حَدٍّ ثَبَتَ مُوجِبُهُ قَبْلَهُ لِمَنْ قَامَ وَلِمَنْ لِمَ يَقُمْ (قَوْلُهُ وَأَعْلَمَ مَنْ سَمَّاهُ وُجُوبًا) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِنَدْبِهِ، وَالْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَاكِمِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِمَنْ عَلِمَ بِهِ مِنْ الْعُدُولِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَعْفُو لِإِرَادَةِ السِّتْرِ) أَيْ فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ اعْتَرَفَ فَلَا يُحَدُّ الزَّوْجُ، وَإِلَّا حُدَّ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَاذِفِ إذَا أَرَادَ السِّتْرَ، وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمَقْذُوفِ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَرَّرَ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي، أَوْ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْهُ وَلَاعَنَهَا لِذَلِكَ ثُمَّ رَمَاهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ أَوَّلًا مِنْ رُؤْيَةِ الزِّنَا أَوْ نَفْيِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لَهَا (قَوْلُهُ: بِأَمْرٍ آخَرَ) أَيْ كَأَنْ يَقْذِفَهَا أَوَّلًا بِأَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي، وَلَاعَنَ لِذَلِكَ ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا بِنَفْيِ النَّسَبِ كَأَنْ قَالَ لَهَا: لَسْت بِنْتًا لِفُلَانٍ فَيُحَدُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا هُوَ أَعَمُّ) كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ مَعَ فُلَانٍ أَوْ مَعَ رَجُلٍ ثُمَّ لَاعَنَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهَا: أَنْت تَزْنِينَ مَعَ كُلِّ النَّاسِ فَيُحَدُّ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَهُوَ حَيٌّ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الْوَلَدُ الْمُسْتَلْحَقُ فَإِنَّ الْأَبَ يَرِثُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: لِلْمَيِّتِ) تَنَازَعَهُ كُلُّ مَنْ وَرِثَ وَالْمُسْتَلْحِقُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْعَارَ فِي الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ

(حُرٌّ مُسْلِمٌ) وَلَوْ بِنْتًا عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ لَهُ السُّدُسُ أَوْ النِّصْفُ قَلَّ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ أَوْ كَثُرَ (أَوْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ لَا عَلَى الصِّفَةِ بَلْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا (وَ) لَكِنْ (قَلَّ الْمَالُ) الَّذِي يَحُوزُهُ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ فَيَرِثُ أَيْضًا لِضَعْفِ التُّهْمَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تُتْبَعَ التُّهْمَةُ فَقَدْ يَكُونُ السُّدُسُ كَثِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرِثَ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَقَدْ يَكُونُ الْمَالُ كُلُّهُ يَسِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَرِثَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ اهـ وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْوَلَدَ بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ فَمُنَازَعَتُهُ فِيهِ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ (وَإِنْ وَطِئَ) الْمُلَاعِنُ زَوْجَتَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهَا تَزْنِي أَوْ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ (أَوْ أَخَّرَ) اللِّعَانَ (بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ) الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ (بِلَا عُذْرٍ) فِي التَّأْخِيرِ (امْتَنَعَ) لِعَانُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ، وَالْمَانِعُ فِي الرُّؤْيَةِ الْوَطْءُ فَقَطْ لَا التَّأْخِيرُ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِفَةِ اللِّعَانِ فَقَالَ (وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا لَرَأَيْتهَا تَزْنِي) أَيْ إذَا لَاعَنَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا بِأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَا يَزِيدُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي) إذَا لَاعَنَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ بِأَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ لَزَنَتْ فِي الرُّؤْيَةِ وَنَفْيِ الْحَمْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَّا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ أَوْجَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ يَقُولَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَوَصَلَ خَامِسَتَهُ بِلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ) إذْ مُرَادُهُ وَوَصَلَ خَامِسَتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَهُ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِوَرِثَ يُفِيدُ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمِيرَاثِ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَثَابِتٌ بِاعْتِرَافِهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفَاسِيِّينَ وَنُقِلَ قَبْلَهُ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَعَدَمِهِ، وَأَنَّهُ حَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ حَارِثٍ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ لُحُوقِ النَّسَبِ إذَا لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا مِثْلُهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَمُنَازَعَتُهُ فِيهِ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ) أَشَارَ بِهَذَا الرَّدِّ إلَى اعْتِرَاضِ ابْنِ غَازِيٍّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْوَلَدَ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِهِمْ مُطْلَقٌ صَادِقٌ بِالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ خِلَافُ النَّقْلِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا السَّنْهُورِيَّ أَجَابَ، وَقَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُ كَلَامِهِمْ بِالنَّظَرِ لِلُحُوقِ النَّسَبِ، وَأَمَّا الْإِرْثُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ فَلَا اعْتِرَاضَ قَالَ عج وَهَذَا جَوَابٌ بَعِيدٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُمْ: وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقَ، وَلَيْسَ هُنَاكَ نَصٌّ صَرِيحٌ بِالتَّقْيِيدِ إلَّا أَنَّ التَّقْيِيدَ يُؤْخَذُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ؛ إذْ التَّقْيِيدُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا بِحَيْثُ لَا يُزَاحِمُ الْأَبَ فِي الْمِيرَاثِ تَقْوَى التُّهْمَةُ فَقَيَّدُوهُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِتَقِلَّ التُّهْمَةُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَطِئَ إلَخْ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ اللِّعَانِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِلْوَضْعِ لِقَوْلِهِ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ تَكَلَّمَ عَلَى مَا يَمْنَعُ اللِّعَانَ فِي الرُّؤْيَةِ وَنَفْيِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ لِعَانُهُ) أَيْ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَحُدَّ لِلْمُسْلِمَةِ، وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِيحًا فَيَنْفُشُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ (قَوْلُهُ لَا التَّأْخِيرُ) أَيْ بِخِلَافِ اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَضْعِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ الْوَطْءُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِمَا وَكَذَا التَّأْخِيرُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِمَا بِلَا عُذْرٍ أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ أَخَّرَ، وَلَوْ أَتَى بِالْكَافِ لِيُرْجِعَ الظَّرْفَ لِمَا بَعْدَهَا بِأَنْ يَقُولَ كَأَنْ أَخَّرَ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ (قَوْلُهُ: أَرْبَعًا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ: لَرَأَيْتهَا تَزْنِي لِيُفِيدَ أَنَّ التَّكْرِيرَ أَرْبَعًا لِلصِّيغَةِ بِتَمَامِهَا لَا لِأَشْهَد بِاَللَّهِ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُوهِمُهُ وَقَوْلُهُ: لَرَأَيْتهَا تَزْنِي إنَّمَا يَقُولُ لَرَأَيْتهَا إذَا كَانَ بَصِيرًا وَأَمَّا الْأَعْمَى فَيَقُولُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَعَلِمْتهَا أَوْ لَتَيَقُّنَتهَا تَزْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَزِيدُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ أَنَّهُ يَزِيدُهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُسْتَثْنَى اللِّعَانُ مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا زِيَادَةُ الْبَصِيرِ فِي لِعَانِ الرُّؤْيَةِ أَنْ يَقُولَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِزِيَادَةِ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ وَفِي لُزُومِ زِيَادَةِ وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَعَدَمِ لُزُومِ زِيَادَتِهَا قَوْلَانِ لِلْمَوَّازِيَّةِ وَلَهَا وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ اهـ نَقَلَهُ ح قَالَ بْن وَاَلَّذِي رَأَيْته لِابْنِ يُونُسَ نِسْبَةُ الْأَوَّلِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَيَبْدَأُ الزَّوْجُ بِاللِّعَانِ يَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ يَقُولُ فِي الرُّؤْيَةِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي اهـ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لِوُضُوحِ أَمْرِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ لَزَنَتْ) أَيْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَزَنَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا الْمَشْهُورِ لَوْ قَالَ فِي لِعَانِ نَفْيِ الْحَمْلِ: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي هَلْ يُعِيدُ الْأَيْمَانَ أَوْ يَكْتَفِي بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ أَوْجَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا زَنَتْ كَوْنَ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَمْلُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ حَصَلَ مِنْهَا زِنًا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ زِنَاهَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ غَصْبٍ فَكَيْفَ يَقُولُ لَزَنَتْ مَعَ أَنَّ دَعْوَاهُ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ وَجَّهَ فِيهَا فَإِنَّهُمْ شَدَّدُوا عَلَيْهِ بِالْحَلِفِ عَلَى الزِّنَا لَا عَلَى نَفْيِ الْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكُلَ فَيَتَقَرَّرَ النَّسَبُ، وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَوَصَلَ إلَخْ)

مُصَوَّرَةً بِقَوْلِهِ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إلَخْ وَلَوْ قَالَ: وَخَمَّسَ بِلَعْنَةُ اللَّهِ إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (أَوْ) يَقُولَ (إنْ كُنْت كَذَبْتهَا) أَيْ كَذَبْت عَلَيْهَا بَدَلَ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (وَأَشَارَ الْأَخْرَسُ) ذَكَرًا أَوْ أَثْنَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ كَتَبَ) مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ (وَشَهِدَتْ) الْمَرْأَةُ لِرَدِّ أَيْمَانِهِ بِأَنْ تَقُولَ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ (مَا رَآنِي أَزْنِي أَوْ) تَقُولُ فِي رَدِّهَا لِحَلِفِهِ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ (مَا زَنَيْت) فَأَوْ لِلتَّفْصِيلِ لَا لِلتَّخْيِيرِ (أَوْ) تَقُولُ فِي أَيْمَانِهَا الْأَرْبَعِ (لَقَدْ كَذَبَ) أَيْ عَلَيَّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي وَقَوْلِهِ: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي (وَ) تَقُولُ (فِي الْخَامِسَةِ غَضِبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ) زَوْجُهَا (مِنْ الصَّادِقِينَ) وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ غَضَبَ بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَنَّ كَمَا فِي الْقُرْآنِ (وَوَجَبَ) شَرْطُ لَفْظِ (أَشْهَدُ) فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (وَاللَّعْنُ) فِي حَقِّ الرَّجُلِ (وَالْغَضَبُ) فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا مِمَّا رَادَفَهَا أَوْ أَبْدَلَ اللَّعْنَ بِالْغَضَبِ أَوْ عَكَسَهُ (وَ) وَجَبَ إيقَاعُهُ (بِأَشْرَفِ) مَوَاضِعِ (الْبَلَدِ) كَالْجَامِعِ فَلَا يُقْبَلُ رِضَاهُمَا بِغَيْرِهِ (وَ) وَجَبَ كَوْنُهُ (بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ) مِنْ الرِّجَالِ الْعُدُولِ (وَنُدِبَ) كَوْنُهُ (إثْرَ صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ (وَتَخْوِيفُهُمَا) بِالْوَعْظِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ قَطْعًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُقِرَّ بِالْحَقِّ (وَخُصُوصًا) نَدْبَ الْوَعْظِ (عِنْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْخَامِسَةِ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا (وَ) نُدِبَ (الْقَوْلُ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (بِأَنَّهَا) أَيْ الْخَامِسَةَ (مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ) عَلَى الْكَاذِبِ أَيْ سَبَبٌ فِي إنْزَالِ الْعَذَابِ مِنْ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَعَلَّقُ وَصَلَ مَحْذُوفٌ أَيْ وَصَلَ شَهَادَاتِهِ الْأَرْبَعَ، وَقَوْلُهُ: خَامِسَتَهُ نُصِبَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَقَوْلُهُ: بِلَعْنَةِ اللَّهِ إلَخْ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ، وَبِهَذَا وَافَقَ مَذْهَبَ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَارَ الْجَلَّابِ وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ فِي الْخَامِسَةِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ (قَوْلُهُ: مُصَوَّرَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُصَوَّرَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ إنْ كُنْت كَذَبْتهَا) أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى شَهَادَتِهِ بِاللِّعَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ أَيْ وَيُكَرِّرُ الْإِشَارَةَ أَوْ الْكِتَابَةَ كَاللَّفْظِ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَوْ لَاعَنَ الْأَخْرَسُ ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ وَلَوْ بِالْقُرْبِ لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِ وَلَوْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ بَعْدَ لِعَانِهِ وَلَوْ بِالْقُرْبِ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: اهـ عبق (قَوْلُهُ: لِرَدِّ أَيْمَانِهِ) أَيْ الَّتِي حَلَفَهَا عَلَى دَعْوَى رُؤْيَةِ الزِّنَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَا زَنَيْت إلَخْ) مَا هُنَا مُطَابِقٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَزَنَتْ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا مِنْ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي كَمَا مَرَّ وَالْمُطَابِقُ لَهُ أَنْ تَقُولَ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ أَوْ الْوَلَدَ مِنْك فَالْمُصَنِّفُ لَفَّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَمَشَى أَوَّلًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمَشَى هُنَا عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَقَدْ كَذَبَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ لَقَدْ كَذَبَ عَلَى ظَاهِرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا: كَذَبَ عَلَيَّ يَصْدُقُ بِكَذِبِهِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا اهـ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ احْتَرَزَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ فِيهِمَا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِكَذَبَ لَا بِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ تَقُولُ ذَلِكَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: غَضِبَ اللَّهُ) أَيْ بِغَيْرِ لَفْظِ أَنَّ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَقَوْلُهُ: غَضِبَ اللَّهُ إلَخْ يَصِحُّ قِرَاءَةُ غَضِبَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَبِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ فَعَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ تَكُونُ أَنَّ الْآتِي بِهَا قَبْلَ غَضِبَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُشَدَّدَةً وَأَمَّا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ فَتَكُونُ مُخَفَّفَةً. (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَنَّ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا الشَّرْطِيَّةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ زِيَادَةُ أَنَّ فِي كُلِّ مِنْ خَامِسَةِ الرَّجُلِ وَخَامِسَةِ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ لَا فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ فَقَطْ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا مِمَّا رَادَفَهَا) أَيْ كَإِبْدَالِ أَشْهَدُ بِأَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْدَلَ اللَّعْنَ بِالْغَضَبِ إلَخْ) إنَّمَا تَعَيَّنَ اللَّعْنُ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ، وَالْغَضَبُ فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ، وَهِيَ الزَّوْجَةُ وَلِوَلَدِهِ الَّذِي نَفَاهُ بِاللِّعَانِ فَنَاسَبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ مَعْنَاهُ الْبَعْدُ، وَالْمَرْأَةُ مُغْضِبَةٌ لِزَوْجِهَا وَلِأَهْلِهَا وَلِرَبِّهَا فَنَاسَبَهَا ذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِالْغَضَبِ (قَوْلُهُ: كَالْجَامِعِ) ظَاهِرُهُ أَيُّ جَامِعٍ كَانَ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِخَبَرِ «أَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُهَا إلَيْهِ أَسْوَاقُهَا» (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ رِضَاهُمَا بِغَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِأَشْرَفِ مَوَاضِعِ الْبَلَدِ وَاجِبُ شَرْطٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْوِيفُ عَلَى الْمُلَاعِنِ وَلِلْمَوْضِعِ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ وَلِذَا كَانَ لِعَانُ النَّصْرَانِيَّةِ فِي كَنِيسَتِهَا وَالْيَهُودِيَّةِ فِي بَيْعَتِهَا وَالْمُرَادُ بِالْأَشْرَفِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ كَوْنُهُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَخَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِهِ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمْ كَمَا مَرَّ وَأَقَلُّ مَا تَظْهَرُ بِهِ تِلْكَ الشَّعِيرَةُ أَرْبَعَةٌ لَا أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ لِاحْتِمَالِ نُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا؛ لِأَنَّ النُّكُولَ وَالْإِقْرَارَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ اللَّقَانِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ كَالرُّؤْيَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْعَصْرِ) أَيْ وَنُدِبَ كَوْنُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ بَلْ قَالَ سَحْنُونٌ: إنَّ كَوْنَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ تَجْتَمِعُ فِيهِ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَمَلَائِكَةُ اللَّيْلِ، وَلَا يُقَالُ: هَذَا الْقَدْرُ مَوْجُودٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ لِأَنَّا نَقُولُ: وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقْتُ نَوْمٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَتَخْوِيفُهُمَا بِالْوَعْظِ) بِأَنْ يُقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: تُبْ إلَى اللَّهِ وَارْجِعْ عَمَّا تَدَّعِيهِ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا الْحَاصِلَ بِالْحَدِّ أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ التَّخْوِيفُ ابْتِدَاءً قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي اللِّعَانِ عِنْدَ الْأُولَى، وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي، وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثَةِ، وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَخُصُوصًا) أَيْ وَأَخَصَّ

بِاللَّعْنَةِ أَوْ الْغَضَبِ عَلَى الْكَاذِبِ (وَفِي) وُجُوبِ (إعَادَتِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (إنْ بَدَأَتْ) لِتَقَعَ أَيْمَانُهَا بَعْدَهُ فَيَتَوَقَّفُ تَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ عَلَى إعَادَتِهَا، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فَيَتَأَبَّدُ بِلِعَانِهِ بَعْدَهَا (خِلَافٌ) (وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ) يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً (بِكَنِيسَتِهَا) مُرَادُهُ بِهَا مَا يَشْمَلُ بَيْعَةَ الْيَهُودِيَّةِ (وَلَمْ تُجْبَرْ) عَلَى الِالْتِعَانِ بِكَنِيسَتِهَا إنْ أَبَتْ (وَإِنْ أَبَتْ) أَنْ تُلَاعِنَ (أُدِّبَتْ) وَلَا يُحَدُّ؛ إذْ لَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا لَمْ تُحَدَّ (وَرُدَّتْ) بَعْدَ تَأْدِيبِهَا (لِمِلَّتِهَا) أَيْ لِحُكَّامِهِمْ لِيَفْعَلُوا بِهَا مَا يَرَوْنَهُ عِنْدَهُمْ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ تَشْبِيهٌ فِي الْأَدَبِ (وَجَدْتهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ مُضْطَجِعَةً، أَوْ مُتَجَرِّدَةً (مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ) وَلَا بَيِّنَةَ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ حُدَّ (وَتَلَاعَنَا) مَعًا (إنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ) بِأَنْ قَالَ: زَنَتْ مَغْصُوبَةً (أَوْ وَطْءَ شُبْهَةٍ) بِأَنْ قَالَ وَطِئَهَا رَجُلٌ أَوْ فُلَانٌ وَظَنَّتْهُ إيَّايَ (وَأَنْكَرَتْهُ) أَيْ الْوَطْءَ فِي الصُّورَتَيْنِ بِأَنْ كَذَّبَتْهُ (أَوْ صَدَّقَتْهُ) فِيهِمَا (وَلَمْ يَثْبُتْ) بِبَيِّنَةٍ (وَلَمْ يَظْهَرْ) لِلنَّاسِ كَالْجِيرَانِ بِالْقَرَائِنِ (وَتَقُولُ) الزَّوْجَةُ إذَا صَدَّقَتْهُ وَتَلَاعَنَا (مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْتُ) وَأَمَّا إنْ كَذَّبَتْهُ فَتَقُولُ مَا زَنَيْت بِحَالٍ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَعْظَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ خُصُوصًا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْوَعْظِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَعْرِفُهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِاللَّعْنَةِ أَوْ الْغَضَبِ) تَصْوِيرٌ لِلْعَذَابِ. (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا إنْ بَدَأَتْ) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ أَيْ الْمُدَّعِي قَبْلَ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) كَلَامُهُ يَقْتَضِيَ أَنَّهُمَا مَشْهُورَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ وَرَجَّحَهُ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا مُسْلِمًا أَوْ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلِلزَّوْجِ الْمُسْلِمِ الْحُضُورُ مَعَهَا فِي الْكَنِيسَةِ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ الْمَسْجِدَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُجْبَرْ عَلَى الِالْتِعَانِ بِكَنِيسَتِهَا) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كَوْنَهُ بِأَشْرَفِ الْبَلَدِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ وَاجِبُ شَرْطٍ فَلَعَلَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى مَا مَرَّ أَنَّهَا تُجْبَرُ أَوْ يُقَالُ: الْمُرَادُ بِأَشْرَفِ الْبَلَدِ خُصُوصُ الْمَسْجِدِ وَوُجُوبُ كَوْنِهِ بِذَلِكَ الْإِشْرَافِ بِالنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أُدِّبَتْ) أَيْ لِإِهَانَتِهَا لِزَوْجِهَا وَإِدْخَالِهَا التَّلْبِيسَ فِي نَسَبِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تُوطَأُ فَإِنَّهَا لَا تُلَاعِنْ بَلْ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَقَطْ، وَلَا تُؤَدَّبُ إنْ أَبَتْ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا لَا يُحَدُّ إذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: لِيَفْعَلُوا بِهَا مَا يَرَوْنَهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ حَدَّهَا بِنُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ فَيُؤَدَّبُ لِذَلِكَ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا يُلَاعِنُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ حُدَّ) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي التَّعْرِيضِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقْصِدُ الْإِذَايَةَ الْمَحْضَةَ، وَالزَّوْجُ قَدْ يُعْذَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صِيَانَةِ النَّسَبِ اهـ بْن وَعَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ حَدِّ الْأَجْنَبِيِّ دُونَ الزَّوْجِ فَيُلْغَزُ وَيُقَالُ قَذْفٌ لِأَجْنَبِيَّةِ لَا يُحَدُّ فِيهِ الزَّوْجُ وَلَا لِعَانَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ قَذْفٍ لِأَجْنَبِيَّةِ فَفِيهِ الْحَدُّ عَلَى الزَّوْجِ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَجَوَابُهُ الْقَذْفُ بِالتَّعْرِيضِ فَإِنَّهُ إذَا صَدَرَ مِنْ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ أُدِّبَ فَقَطْ وَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ، وَإِنْ قَالَهُ شَخْصٌ لِأَجْنَبِيَّةٍ حُدَّ لَكِنْ سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْقَذْفِ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيضَ كَالصَّرِيحِ فَيُلَاعِنُ فِي كُلٍّ وَرَجَّحَ عج مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّهُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فَالْمَعْرُوفُ أَنَّ التَّعْرِيضَ لَيْسَ كَالصَّرِيحِ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْخِلَافَ لَفْظِيًّا فَحَمَلَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ كَالصَّرِيحِ عَلَى التَّعْرِيضِ الْقَرِيبِ مِنْ التَّصْرِيحِ، وَحَمَلَ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَعْرُوفَ: إنَّ التَّعْرِيضَ لَيْسَ كَالصَّرِيحِ عَلَى التَّعْرِيضِ الْخَفِيِّ الْبَعِيدِ مِنْ الصَّرِيحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَّقْته فِيهِمَا) أَيْ صَدَّقْته عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ) أَيْ الْغَصْبُ بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ: وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ إذَا صَدَّقْته) أَيْ عَلَى حُصُولِ الْغَضَبِ أَوْ الشُّبْهَةِ مَا زَنَيْت أَيْ تَقُولُ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَتَقُولُ فِي خَامِسَتِهَا: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَيَقُولُ الزَّوْجُ فِي الْغَصْبِ لَقَدْ غُصِبَتْ وَفِي الِاشْتِبَاهِ لَقَدْ غُلِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ مُشْتَبِهَةً وَلَا يَحْلِفُ لَقَدْ زَنَيْتِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهَا غُصِبَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَثَمَرَةُ لِعَانِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ عَنْهُ وَثَمَرَةُ لِعَانِهَا نَفْيُ الْحَدِّ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَذَّبَتْهُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ الْغَصْبَ أَوْ الشُّبْهَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ) أَيْ سَوَاءٌ صَدَّقَتْهُ، أَوْ كَذَّبَتْهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تُلَاعِنْ كَانَتْ مُعْتَرِفَةً بِالْوَطْءِ غَصْبًا أَوْ شُبْهَةً وَمَنْ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ يُحَدُّ اهـ عَدَوِيٌّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَمَاهَا بِغَصْبٍ تَلَاعَنَا مُطْلَقًا صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَتْهُ فَإِنْ تَلَاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَقَبِلَهُ التُّونُسِيُّ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ إذَا رَمَاهَا بِغَصْبٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَلْتَعِنُ الزَّوْجُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ عَنْهُ وَلَا نَعْلَمُ لِرَجْمِهَا وَجْهًا إذَا لَمْ تَلْتَعِنْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ زِنًا وَإِنَّمَا أَثْبَتَ عَلَيْهَا غَصْبًا فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَثْبَتَتْ الْبَيِّنَةُ الْغَصْبَ وَلَوْ لَاعَنَتْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَثْبَتَتْ بِالْتِعَانِهَا الْغَصْبَ وَتَصْدِيقَهُ، وَهَذَا خَارِجٌ عَمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي النُّكُولِ وَالْفِرَاقِ وَالْحَلِفِ وَقَبِلَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلُ اُنْظُرْ بْن

(وَإِلَّا) بِأَنْ ثَبَتَ الْغَصْبُ أَوْ ظَهَرَ بِقَرِينَةٍ كَمُسْتَغِيثَةٍ عِنْدَ النَّازِلَةِ (الْتَعَنَ) الزَّوْجُ (فَقَطْ) دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْغَصْبِ، أَوْ الشُّبْهَةِ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُحَدَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُلَاعِنُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ، وَقِيلَ: مَحَلُّهُ إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ لِعَانِهَا وَشَبَّهَ فِي الْتِعَانِهِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (كَصَغِيرَةٍ) عَنْ سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ (تُوطَأُ) أَيْ مُطِيقَةً وُطِئَتْ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا رَمَاهَا بِرُؤْيَةِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ دُونَهَا وَتَبْقَى زَوْجَةً وَوَقَفَتْ فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَاعَنَتْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ حَدَّ الْبِكْرِ (وَإِنْ شَهِدَ) الزَّوْجُ (مَعَ ثَلَاثَةٍ) بِزِنَا زَوْجَتِهِ (الْتَعَنَ) الزَّوْجُ (ثُمَّ الْتَعَنَتْ) بَعْدَهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا (وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ) لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِشَهَادَةِ الزَّوْجِ (لَا إنْ نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ) فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ، وَتُحَدُّ هِيَ، وَتَبْقَى زَوْجَةً (أَوْ لَمْ يُعْلَمْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ حَالَ شَهَادَتِهِ مَعَ الثَّلَاثَةِ (بِزَوْجِيَّتِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ زَوْجَهَا (حَتَّى رُجِمَتْ) فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَحْدَهُ (وَإِنْ اشْتَرَى) زَوْجٌ (زَوْجَتَهُ) الْأَمَةَ وَلَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَوَطِئَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ (فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَهُ وَنَفَاهُ (فَكَالْأَمَةِ) الْأَصْلِيَّةِ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ وَلَا لِعَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ انْتَفَى بِلَا لِعَانٍ (وَ) إنْ وَلَدَتْهُ (لِأَقَلَّ) مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الشِّرَاءِ (فَكَالزَّوْجَةِ) لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ إنْ اعْتَمَدَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ اعْتِمَادُهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: إنْ لَمْ يَطَأْ أَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا لِقِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ، أَوْ اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ، وَيُمْنَعُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مَنْعُهُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ وَطِئَ أَوْ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ بِلَا عُذْرٍ امْتَنَعَ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى فَائِدَتِهِ وَثَمَرَتِهِ فَقَالَ (وَحُكْمُهُ) أَيْ ثَمَرَتُهُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَيْهِ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ الْأَوَّلُ (رَفْعُ الْحَدِّ) عَنْهُ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً (أَوْ) رَفْعُ (الْأَدَبِ) عَنْهُ (فِي) الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَ) الثَّانِي (إيجَابُهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَدِّ وَالْأَدَبِ (عَلَى الْمَرْأَةِ) فَالْأَوَّلُ فِي مُسْلِمَةٍ، وَلَوْ أَمَةً، وَالثَّانِي فِي الذِّمِّيَّةِ (إنْ لَمْ تُلَاعِنْ) فَإِنْ لَاعَنَتْ فَلَا حَدَّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا أَدَبَ عَلَى الثَّانِيَةِ (وَ) الثَّالِثُ (قَطْعُ نَسَبِهِ) مِنْ حَمْلٍ ظَاهِرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِلَّا الْتَعَنَ الزَّوْجُ فَقَطْ) أَيْ لِنَفْيِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُحَدَّ) أَيْ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ أَيْ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْغَصْبَ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَظَهَرَ بِقَرِينَةٍ وَكَذَا لَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْغَصْبِ أَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَأَنْكَرَتْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحْمَلَ قَوْلِ الزَّوْجِ مَحْمَلُ الشَّهَادَةِ لَا مَحْمَلُ التَّعْرِيضِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكِ مَعْذُورَةٌ فِيمَا حَصَلَ لَك مِنْ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَلَاعَنَا إنْ رَمَاهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ إنْ فُقِدَ الْحَمْلُ فَلَا لِعَانَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا الْتَعَنَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَتَبْقَى زَوْجَةً) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَاعَنَ لِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: تُوطَأُ عَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُوطَأُ فَإِنَّ زَوْجَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْمَعَرَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ) أَيْ بَعْدَ وَقْفِهَا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ أَيْ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ بِلِعَانِ الرُّؤْيَةِ، وَقَوْلُهُ: وَلَاعَنَتْ أَيْ لِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْهَا، وَقَوْلُهُ: حُدَّتْ حَدَّ الْبِكْرِ أَيْ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً، وَإِنَّمَا حُدَّتْ حَدَّ الْبِكْرِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الزِّنَا حَتَّى يُحْصِنَهَا النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِشَهَادَةِ الزَّوْجِ إلَخْ) هَذَا إذَا عُلِمَ بِزَوْجِيَّتِهِ لَهَا حَالَ شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَقَّقَ عَلَيْهَا مَا شَهِدُوا بِهِ بِسَبَبِ نُكُولِهَا، وَقَوْلُهُ: وَحُدَّتْ هِيَ أَيْ حَدَّ الزِّنَا، وَهُوَ الرَّجْمُ إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً وَإِلَّا فَالْجَلْدُ وَقَوْلُهُ: وَتَبْقَى زَوْجَةً أَيْ إنْ جُلِدَتْ، وَعَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ إنْ رُجِمَتْ وَأَمَّا إنْ نَكَلَا أَوْ الزَّوْجُ حُدَّ الْأَرْبَعَةُ؛ لِأَنَّ نُكُولَ الزَّوْجِ كَرُجُوعِ أَحَدِ شُهُودِ الزِّنَا قَبْلَ الْحُكْمِ فَيُوجِبُ حَدَّ الْأَرْبَعَةِ وَحُدَّتْ الزَّوْجَةُ أَيْضًا فِي الْأُولَى. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَتَّى رُجِمَتْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُعْلَمْ زَوْجِيَّتُهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ جُلِدَتْ تَلَاعَنَا أَيْضًا، وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ وَفَائِدَةُ لِعَانِهَا بَعْدَ حَدِّهَا تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا وَإِيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الثَّلَاثَةِ شُهُودٍ، فَإِنْ نَكَلَا فَلَا يُحَدُّ إلَّا الزَّوْجُ، وَكَذَا إنْ نَكَلَ الزَّوْجُ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ نَكَلَتْ هِيَ فَقَطْ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ اهـ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ الثَّلَاثَةُ كَالزَّوْجِ إذَا نَكَلَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَرُجُوعِهِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ بَعْدَ الْحُكْمِ يُوجِبُ حَدَّ الرَّاجِعِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ) أَيْ وَتَبْقَى عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَرِثُهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الزُّورَ لِيَقْتُلَهَا أَوْ يُقِرَّ بِذَلِكَ فَلَا يَرِثُهَا (قَوْلُهُ: لَا يَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ، وَلَا لِعَانَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مُقْتَضَى اللِّعَانِ فِي الْحُرَّةِ حَتَّى إنَّهُ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ: وَلَدُ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ أَيْ إذَا وُجِدَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي اللِّعَانَ فِي وَلَدِ الْحُرَّةِ، وَفِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ تَبَعًا لعج وَالشَّيْخِ سَالِمٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ كَالْأَمَةِ أَنَّهُ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ فَاللَّائِقُ شَرْحُهُ بِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: فَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَبِهَا شَرَحَ ح وتت وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ فَكَوَلَدِ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَلَا يَنْتَفِي أَصْلًا وَلَا لِعَانَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَكَالنِّكَاحِ هَذَا مُحَصَّلُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِأَنَّهُ وَطِئَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ) أَيْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَةً) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ

أَوْ سَيَظْهَرُ، وَثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِهَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (وَبِلِعَانِهَا) أَيْ بِتَمَامِهِ وَجَبَ (تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا) عَلَيْهِ وَفَسْخُ النِّكَاحِ، وَرَفْعُ الْحَدِّ عَنْهَا، وَبَالَغَ عَلَى تَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ مُلِكَتْ) أَيْ مَلَكَهَا زَوْجُهَا الَّذِي لَاعَنَهَا بَعْدَ اللِّعَانِ فَلَا يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ كَمَا لَا تَحِلُّ بِالنِّكَاحِ لِتَأْبِيدِ الْحُرْمَةِ (أَوْ انْفَشَّ حَمْلُهَا) الَّذِي لَاعَنَ لِأَجْلِهٍ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أَسْقَطَتْهُ كَذَا عَلَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ انْفِشَاشُهُ لَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ عَنْ صِدْقِهِمَا جَمِيعًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ (وَلَوْ عَادَ) الزَّوْجُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى اللِّعَانِ بَعْدَ نُكُولِهِ عَنْهُ (قُبِلَ) ذَلِكَ مِنْهُ (كَالْمَرْأَةِ) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهَا إنْ عَادَتْ إلَيْهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ دُونَ الْأَوَّلِ فَلَوْ قَالَ وَقُبِلَ عَوْدُهَا دُونَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ لَكَانَ أَبْيَنَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُعَدُّ بِنُكُولِهِ قَاذِفًا، وَالْقَاذِفُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَدِّهِ فَكَذَا هُنَا لَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ صَارَتْ كَالْمُقِرَّةِ بِالزِّنَا، وَالْمُقِرُّ بِهِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَكَذَا هُنَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْعَوْدُ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) الزَّوْجُ بَعْدَ اللِّعَانِ (أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ لَحِقَا) مَعًا وَحُدَّ؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ التَّوْأَمَيْنِ بِمَعْنَى الْوَلَدَيْنِ لَا حَقِيقَةِ التَّوْأَمَيْنِ اللَّذَيْنِ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ (سِتَّةٌ) فَأَكْثَرُ (فَبَطْنَانِ) يَعْنِي لَيْسَا بِتَوْأَمَيْنِ لَا يَلْحَقُ أَحَدُهُمَا بِاسْتِلْحَاقِ الْآخَرِ وَلَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حَمْلٌ مُسْتَقِلٌّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ الْإِمَامَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ (إنْ أَقَرَّ بِالثَّانِي) الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ لَا أَنَّهُ نَفَاهُ (وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ) وِلَادَةِ (الْأَوَّلِ) وَهَذَا الثَّانِي وَلَدِي (سُئِلَ النِّسَاءُ) الْعَارِفَاتُ هَلْ يَتَأَخَّرُ أَحَدُ التَّوْأَمَيْنِ هَكَذَا (فَإِنْ قُلْنَ: إنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا) أَيْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ (لَمْ يُحَدَّ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْأَوَّلِ بَطْنٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ نَفْيًا لِلثَّانِي صَرِيحًا لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ الْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ قُلْنَ: لَا يَتَأَخَّرُ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَقَالَ: لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ صَارَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ قَذْفًا لَهَا، وَتَقْرِيرُ الْإِشْكَالِ أَنَّ السِّتَّةَ إنْ كَانَتْ قَاطِعَةً لِلثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ وَيُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً فَيَرْجِعُ لَهُنَّ وَلَا يُحَدُّ إنْ قُلْنَ قَدْ يَتَأَخَّرُ وَهُوَ قَدْ قَالَ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ إنَّهَا قَاطِعَةٌ وَيُحَدُّ وَفِي الثَّانِي يَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يُحَدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهَا إلَّا الْأَدَبُ تَأَمَّلْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ سَيَظْهَرُ) أَيْ فِيمَا إذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ مَلَكَهَا زَوْجُهَا) أَيْ بِمِيرَاثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ: لَوْ تَحَقَّقَ) أَيْ كَمَا لَوْ لَازَمَتْهَا الْبَيِّنَةُ بَعْدَ اللِّعَانِ وَلَمْ تُفَارِقْهَا حَتَّى انْفَشَّ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ بِأَنَّ انْفِشَاشَ الْحَمْلِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَمُحَالٌ عَادَةً أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُلَازِمُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ انْفِشَاشُهُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ انْفِشَاشُهُ بِقُرْبِ اللِّعَانِ بِحَيْثُ تَشْهَدُ النِّسَاءُ الْقَوَابِلُ بِعَدَمِ حَمْلِهَا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَصْحَبَهَا الْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ أَوْ خَمْسَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قُبِلَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الطُّرُقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثٌ، الْأُولَى لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ رُجُوعَهُ مَقْبُولٌ اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافُ فِي الْمَرْأَةِ، وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ يُونُسَ تَحْكِي الْخِلَافَ فِيهِمَا، وَالثَّالِثَةُ لِابْنِ رُشْدٍ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي الْمَرْأَةِ، وَالرَّجُلُ مُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهِ اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي الْمَوَّاقِ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى فِي الرَّجُلِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى، وَفِي الْمَرْأَةِ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ فَكَلَامُهُ مُلَفَّقٌ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَلَوْ مَشَى عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ فِيهِمَا كَانَ أَصْوَبَ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَذْهَبُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ) أَيْ وَهُمَا مَا حَمْلُهُمَا وَاحِدٌ وَوُضِعَا مَعًا أَوْ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ) أَيْ فَاسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا اسْتِلْحَاقٌ لِلْآخَرِ وَنَفْيُ أَحَدِهِمَا نَفْيُ لِلْآخَرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حَمْلٌ مُسْتَقِلٌّ) أَيْ فَلَهُ اسْتِلْحَاقُهُمَا، وَلَهُ نَفْيُهُمَا، وَلَهُ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا وَنَفْيُ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِشْكَالِ لِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: فَبَطْنَانِ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حَمْلٌ مُسْتَقِلٌّ، وَإِنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ النِّسَاءِ، وَتَقْرِيرُ الْإِشْكَالِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ قَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَاسْتَلْحَقَ الْأَوَّلَ ثُمَّ الثَّانِيَ، وَقَالَ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ: لَمْ أَطَأْ بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ فَقَالَ مَالِكٌ: يُسْأَلُ النِّسَاءُ الْعَارِفَاتُ فَإِنْ قُلْنَ: إنَّ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ قُلْنَ: إنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ هَكَذَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ لَا أَنَّهُ نَفَاهُ) أَيْ وَأَمَّا إنْ نَفَاهُ، وَأَقَرَّ بِالثَّانِي، وَقَالَ: لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَيُسْأَلُ النِّسَاءُ أَيْضًا فَإِنْ قُلْنَ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا حُدَّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالثَّانِي اسْتِلْحَاقٌ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ نَفَاهُ فَيُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَإِنْ قُلْنَ لَا يَتَأَخَّرُ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَمَرَّ مَنْفِيًّا عَنْهُ وَإِقْرَارُهُ بِالثَّانِي بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حَمْلٍ مُسْتَقِلٍّ وَلَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ لِعَانٌ بِشَرْطِهِ قَالَهُ عج وَقَالَ بْن الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ح أَنَّهُ يُحَدُّ أَيْضًا إذَا قُلْنَ: إنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَعَ إقْرَارِهِ بِالثَّانِي قَذْفٌ لَهَا وَإِنْ كَانَ بَطْنًا ثَانِيًا فَلَا حَاجَةَ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُحَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ نَعَمْ لَهُ ثَمَرَةٌ مِنْ جِهَةِ لُحُوقِ أَحَدِهِمَا بِاسْتِلْحَاقِ الْآخَرِ حَيْثُ

[عدة الحرة]

فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوَاحِقِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَفَسْخٍ وَظِهَارٍ وَلِعَانٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ عِدَّةٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَسُكْنَى وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْعِدَّةِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (بَابٌ) تَعْتَدُّ حُرَّةٌ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَأَسْبَابُهَا طَلَاقٌ وَمَوْتٌ وَأَنْوَاعُهَا ثَلَاثَةٌ قَرْءٌ وَأَشْهُرٌ، وَحَمْلٌ وَأَصْنَافُ الْمُعْتَدَّةِ مُعْتَادَةٌ وَآيِسَةٌ وَصَغِيرَةٌ وَمُرْتَابَةٌ بِغَيْرِ سَبَبٍ، أَوْ بِهِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ وَبِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْقَرْءُ فَقَالَ (تَعْتَدُّ حُرَّةٌ، وَإِنْ كِتَابِيَّةً) طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ أَوْ أَرَادَ نِكَاحَهَا مِنْ طَلَاقِ ذِمِّيٍّ (أَطَاقَتْ الْوَطْءَ) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا إنْ لَمْ تُطِقْهُ فَلَا تُخَاطَبْ بِهَا وَإِنْ وَطِئَهَا (بِخَلْوَةٍ) زَوْجٌ (بَالِغٌ) خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ زِيَارَةٍ، وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا حَيْثُ كَانَ مُطِيقًا أَوْ هِيَ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ صَائِمَةً لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطِيقَةِ مِنْ وَطْئِهِ لَا صَبِيٍّ، وَلَوْ قَوِيَ عَلَى الْوَطْءِ إذَا طَلَّقَ عَنْهُ وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَةٍ (غَيْرُ مَجْبُوبٍ) وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَلَا عِدَّةَ بِخَلْوَتِهِ وَلَا بِوَطْئِهِ أَيْ عِلَاجِهِ وَإِنْزَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَمْكَنَ شَغْلُهَا) فِيهَا، وَلَوْ قَالَ وَطْؤُهَا (مِنْهُ) كَانَ أَوْضَحَ (وَإِنْ نَفَيَاهُ) أَيْ الْوَطْءَ بِأَنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ فِي الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ (وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا) بِنَفْيِ الْوَطْءِ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لَهُمَا فَلَا نَفَقَةَ لَهُمَا وَلَا يَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهَا أَيْ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمَا أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ اجْتِمَاعًا أَوْ انْفِرَادًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْنَ: إنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ (قَوْلُهُ: فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي إلَخْ) أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ السِّتَّةَ قَاطِعَةٌ وَمُوجِبَةٌ لِلْحَدِّ مَا لَمْ يُقَدِّرْ اللَّهُ بِسُؤَالِ النِّسَاءِ وَيُخْبِرْنَ بِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَيُدْرَأُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ سُؤَالَهُنَّ شُبْهَةٌ، وَمُفَادُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يُطْلَبُ سُؤَالُهُنَّ ابْتِدَاءً بَلْ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَسُئِلَ النِّسَاءُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي الْحَدُّ إذَا أَخْبَرْنَ بِالتَّأْخِيرِ، وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ: سُئِلَ النِّسَاءُ طُلِبَ سُؤَالُهُنَّ ابْتِدَاءً إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ سُئِلَ النِّسَاءُ فِيهِ حَذْفُ الْعَاطِفِ أَيْ وَسُئِلَ النِّسَاءُ أَيْ وَقُدِّرَ سُؤَالُهُنَّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ [عدة الْحُرَّة] بَابٌ تَعْتَدُّ حُرَّةٌ (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِدَّةِ وَهِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي جُعِلَتْ دَلِيلًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لِفَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ يَعْنِي أَنَّ هَذَا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَكُونُ لِبَرِّيَّةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كِتَابِيَّةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً بَلْ وَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَوْ طَلَّقَهَا ذِمِّيٌّ وَأَرَادَ مُسْلِمٌ نِكَاحَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ لُبَابَةَ مِنْ أَنَّ مَنْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا لِصِغَرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتَ سَبْعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا يُخْشَى حَمْلُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا إنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ بَلَغَتْهَا فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا مُجَرَّدُ عِلَاجٍ (قَوْلُهُ بِخَلْوَةٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ خَلْوَةِ بَالِغٍ يَعْنِي بِزَوْجَتِهِ تَنْزِيلًا لِلْخَلْوَةِ بِهَا مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ خَلْوَةَ الْبَالِغِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةً وَلَا اسْتِبْرَاءً قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ حَائِضٌ) الْأَوْلَى أَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَانَ مَرِيضًا. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَمْلِ الْمُطِيقَةِ مِنْ وَطْئِهِ) أَيْ مِنْ وَطْءِ الْبَالِغِ، وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا وَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ حَمْلِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَعَلَّهُ مَشَى عَلَى مُقَابِلِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْإِمْكَانَ الْمُثْبَتُ هُنَا، فَالْمُرَادُ بِهِ الْإِمْكَانُ الْعَقْلِيُّ، وَأَمَّا الْمَنْفِيُّ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَادِيُّ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْإِمْكَانَ الْعَقْلِيَّ فِي غَيْرِ الْمُطِيقَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ الْقَائِلِ إنْ أَنْزَلَ الْخَصِيُّ أَوْ الْمَجْبُوبُ اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُمَا بِسَبَبِ خَلْوَتِهِمَا كَمَا أَنَّهُمَا يُلَاعِنَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلَا فَلَا لِعَانَ عَلَيْهِمَا، وَلَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتَيْهِمَا لَا بِخَلْوَتِهِ وَلَا بِعِلَاجِهِ (قَوْلُهُ: أَمْكَنَ شُغْلُهَا) أَيْ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الْخَلْوَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ حَمْلِهَا فَالْمُتَبَادَرُ مِنْ شُغْلِهَا شُغْلُ رَحِمِهَا بِالْحَمْلِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِشُغْلِهَا وَطْؤُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِوَطْئِهَا لَا إيهَامَ فِيهِ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِشُغْلِهَا فَإِنَّهُ يُوهِمُ الْمَشْيَ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَمْكَنَ شُغْلُهَا مِنْهُ عَمَّا إذَا كَانَ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مُتَّصِفَاتٌ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ أَوْ وَاحِدَةٌ كَذَلِكَ وَعَنْ خَلْوَةِ لَحْظَةٍ تَقْصُرُ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ نِسَاءٌ مِنْ شِرَارِ النِّسَاءِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا بِحَضْرَتِهِنَّ دُونَ الْمُتَّصِفَاتِ بِالْعِفَّةِ وَالْعَدَالَةِ فَإِنَّهُنَّ يَمْنَعْنَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَيَاهُ) أَيْ هَذَا إذَا أَقَرَّا أَوْ أَحَدُهُمَا بِالْوَطْءِ فِي تِلْكَ الْخَلْوَةِ بَلْ، وَإِنْ نَفَيَاهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالْخَلْوَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا يَتَكَمَّلُ لَهَا الصَّدَاقُ هَذَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِيهَا هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِعَدَمِهِ

(لَا) تَعْتَدُّ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْخَلْوَةِ (إلَّا أَنْ تُقِرَّ) هِيَ فَقَطْ (بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ فَتَعْتَدُّ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَكَذَّبَتْهُ وَلَمْ تَعْلَمْ خَلْوَةً فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ فَيَتَكَمَّلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ وَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَظْهَرَ حَمْلٌ) بِهَا مَعَ إنْكَارِهِ الْوَطْءَ وَلَمْ تُعْلَمْ خَلْوَةٌ (وَلَمْ يَنْفِهِ) بِلِعَانٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ وَإِنْ لَاعَنَ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَضْعِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَكِنْ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْفِهِ وَطَلَّقَ يُسَمَّى عِدَّةً، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعِدَّةِ مِنْ تَوَارُثٍ وَرَجْعَةٍ وَنَفَقَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى اسْتِبْرَاءً، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ (بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْتَدُّ (أَطْهَارٍ) بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنْ أَقْرَاءٍ فَالْقَرْءُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتُضَمُّ هُوَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ (وَ) عِدَّةُ (ذِي الرِّقِّ) وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً مِنْ زَوْجِهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا (قُرْآنِ) بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَلَوْ قَالَ: ذَاتِ الرِّقِّ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ ذَا لِلْمُذَكَّرِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الشَّخْصُ ذِي الرِّقِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَدَّ هُوَ الزَّوْجَةُ. (وَالْجَمِيعُ) مِنْ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ لِلْحُرَّةِ وَالْقُرْأَيْنِ لِذَاتِ الرِّقِّ (لِلِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ (لَا) الْقَرْءُ (الْأَوَّلُ فَقَطْ) هُوَ الَّذِي لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَالْبَاقِي تَعَبُّدٌ خِلَافًا لِزَاعِمِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ لِقَوْلِ ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ. وَالْعِدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَنْ اعْتَادَتْ الْحَيْضَ فِي أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ بَلْ (وَلَوْ اعْتَادَتْهُ فِي كَالسَّنَةِ) مَرَّةً وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخَمْسَ سِنِينَ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَأَمَّا مَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ كُلَّ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا مَرَّةً فَاَلَّذِي لِأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا تَعْتَدُّ بِغَيْرِهَا) أَيْ كَقُبْلَةٍ أَوْ ضَمَّةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُقِرَّ بِهِ) أَيْ بِوَطْءِ الْبَالِغِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ لَهُ خَلْوَةٌ بِهَا وَكَذَّبَهَا فِي ذَلِكَ وَأَوْلَى إذَا صَدَّقَهَا فَتَعْتَدُّ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ وَذَاكَ فِيهَا، وَالْمُقَرُّ بِهِ سَابِقًا النَّفْيُ، وَالْمُقَرُّ بِهِ هُنَا الْوَطْءُ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) أَيْ مُدَّةَ الْعِدَّةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهَا، وَالْحَقُّ أَنَّ مُؤَاخَذَتَهُ إنَّمَا هُوَ بِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ رَشِيدَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا مُطْلَقًا إلَّا إذَا صَدَّقَتْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ أَيْ وَالْكِسْوَةُ رَاجِعْ مَا تَقَدَّمَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ يَظْهَرَ حَمْلٌ بِهَا) أَيْ إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ الزَّوْجُ بِلِعَانٍ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: مَعَ إنْكَارِهِ الْوَطْءَ) الْأَوْلَى مَعَ إنْكَارِهَا الْوَطْءَ لِأَجْلِ أَنْ يُقَابِلَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ لِعَدَمِ الْبِنَاءِ بِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ التَّوَارُثِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى (قَوْلُهُ: بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ الَّذِي اعْتَدَّتْ مِنْ طَلَاقِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، أَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَكَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ، وَطَلَّقَهَا وَإِلَّا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءَ كَمَا لَوْ نَكَحَ أُخْتَهُ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا عَالِمًا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَطْهَارٍ) اعْلَمْ أَنْ كَوْنَ الْأَقْرَاءِ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا الْمَرْأَةُ هِيَ الْأَطْهَارُ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحَيْضُ وَاسْتَدَلَّ الثَّلَاثَةُ بِأَنَّ الْقَرْءَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَوُجُودُ التَّاءِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْدُودَ مُذَكَّرٌ وَهُوَ الطُّهْرُ وَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنَّ الَّذِي بِهِ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ الْحَيْضُ لَا الطُّهْرُ. (قَوْلُهُ: بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنْ أَقْرَاءٍ) أَيْ وَلَيْسَ نَعْتًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّعْتِ التَّخْصِيصُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْأَقْرَاءَ أَطْهَارٌ وَغَيْرُ أَطْهَارٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَوْنُهُ صِفَةً كَاشِفَةً فَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فِي النَّعْتِ، وَلَا تَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَأَجَازَهَا الْكُوفِيُّونَ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَضَايِفَانِ لَفْظًا كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: فَالْقَرْءُ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ أَيْ إنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَرْءَ الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْأَقْرَاءِ هُوَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ وَقَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْقَافِ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ الْقَرْءُ. (قَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعْتَدَّ هُوَ الزَّوْجَةُ) أَيْ فَلَا يُقَالُ إنَّ الشَّخْصَ ذَا الرِّقِّ صَادِقٌ بِالذَّكَرِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ) هَذَا الْقَوْلُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلْقَاضِي عِيَاضٍ وَرَجَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْهَا مَا يَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الذِّمِّيَّةِ فَيَلْزَمُهَا الثَّلَاثَةُ أَقْرَاءٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَرْءُ الطَّلَاقِ فَقَطْ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّعَبُّدِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ) أَيْ لِسُقُوطِ الْعِدَّةِ عَنْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَوْ كَانَتْ الْعِدَّةُ هِيَ الْقَرْءَ الْأَوَّلَ، وَالِاثْنَانِ لِلتَّعَبُّدِ لَمَا كَانَ لِتَخْصِيصِهِمَا بِالْمَدْخُولِ بِهَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ لَا عِلَّةَ لَهُ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا يَلْزَمُهَا، وَالْقُرْآنِ اللَّذَانِ لِلتَّعَبُّدِ دُونَ قَرْءِ الِاسْتِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ: وَالْعِدَّةُ الْمَذْكُورَةُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ الثَّلَاثَةُ أَقْرَاءٍ لِلْحُرَّةِ وَالْقُرْآنِ لِلْأَمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَادَتْهُ فِي كَالسَّنَةِ) رَدَّ بِلَوْ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ السَّنَةِ وَلَا تَنْتَظِرُ الْأَقْرَاءَ وَأَنْكَرَ وُجُودَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ) أَيْ فَإِذَا مَضَتْ الْخَمْسُ سِنِينَ عَادَتُهَا وَلَمْ تَحِضْ فَقَدْ حَلَّتْ وَإِنْ أَتَاهَا الْحَيْضُ انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهَا وَلَمْ تَحِضْ فَقَدْ حَلَّتْ، وَإِنْ حَاضَتْ انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهَا فَقَدْ حَلَّتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَتَاهَا الدَّمُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا مَرَّةً) الْمُرَادُ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ الَّتِي هِيَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ

أَنَّهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ قِيَاسًا عَلَى مَنْ يَأْتِيهَا فِي عُمْرِهَا مَرَّةً أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الَّتِي تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ مَحْصُورَةٌ فِي مَسَائِلَ سَتَأْتِي لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَقِيلَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ كَمَنْ عَادَتُهَا كَالسَّنَةِ. ثُمَّ إنْ جَاءَ وَقْتُ حَيْضِهَا بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ مَثَلًا وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَقْتَ مَجِيئِهَا حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّالِثَةَ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ حَيْضِهَا حَلَّتْ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَكَذَا نَصُّوا. (أَوْ أَرْضَعَتْ) فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَى السَّنَةِ مَا دَامَتْ تُرْضِعُ طَالَ أَوْ قَصُرَ فَإِنْ انْقَطَعَ الرَّضَاعُ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى أَتَتْ عَلَيْهَا سَنَةٌ مِنْ يَوْمَ قَطَعَتْ الرَّضَاعَ حَلَّتْ، وَالْأَمَةُ فِي السَّنَةِ كَالْحُرَّةِ. (أَوْ) (اُسْتُحِيضَتْ وَ) قَدْ (مَيَّزَتْ) بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ كَثْرَةٍ فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ. (وَلِلزَّوْجِ) الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (انْتِزَاعُ وَلَدِ) الْمُطَلَّقَةِ (الْمُرْضِعِ) لِيَتَعَجَّلَ حَيْضَهَا (فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ) إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَ غَيْرِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ آجَرَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِعِلْمِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا (أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا) مَثَلًا (أَوْ رَابِعَةً) غَيْرَهَا (إذَا لَمْ يَضُرَّ) الِانْتِزَاعُ (بِالْوَلَدِ) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا وَلَا مَالَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَلَدِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا. (وَإِنْ) (لَمْ تُمَيِّزْ) الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُطَلَّقَةُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (أَوْ) (تَأَخَّرَ) حَيْضُ الْمُطَلَّقَةِ (بِلَا سَبَبٍ) أَصْلًا (أَوْ) بِسَبَبِ أَنَّهَا (مَرِضَتْ) قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا (تَرَبَّصَتْ) فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ (تِسْعَةً) مِنْ الْأَشْهُرِ اسْتِبْرَاءً لِزَوَالِ الرِّيبَةِ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْحَمْلِ غَالِبًا (ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ) وَحَلَّتْ بَعْدَ السَّنَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَشُبِّهَ فِي الثَّلَاثَةِ قَوْلُهُ: (كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ) لِصِغَرٍ، وَهِيَ مُطِيقَةٌ أَوْ لِكَوْنِهَا لَمْ تَرَهُ أَصْلًا. (وَ) عِدَّةُ (الْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ بِرِقٍّ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ إلَخْ (وَتُمِّمَ) الشَّهْرُ الْأَوَّلُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (مِنْ الرَّابِعِ فِي الْكَسْرِ) فَتَأْخُذُ مِنْ الرَّابِعِ أَيَّامًا بِقَدْرِ الْأَيَّامِ الَّتِي مَضَتْ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ ثُمَّ إنْ كَانَ كَامِلًا فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا زَادَتْ يَوْمًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَجَاءَ نَاقِصًا أَخَذَتْ مِنْ الرَّابِعِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَتَعْتَبِرُهُمَا بِالْأَهِلَّةِ مِنْ كَمَالٍ أَوْ نَقْصٍ كَالْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ فَجْرِهِ. (وَلَغَا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ بَطَلَ فَلَمْ يُحْسَبْ (يَوْمُ الطَّلَاقِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا بَيَّنَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ كَالْآيِسَةِ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ) وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَالصَّوَابُ أَنَّ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّاصِرِ نَقْلًا عَنْهُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: كَالسَّنَةِ) أَيْ كَمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَخَمْسِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْخَمْسِ سِنِينَ أَوْ تَمَامِ الْعَشْرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَتَاهَا الدَّمُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَكَذَا نَصُّوا) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ يَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عِدَّتُهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ إنْ لَمْ تَحِضْ لِوَقْتِهَا، وَإِلَّا فَأَقْرَاؤُهَا وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَطَعَ الرَّضَاعُ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ) أَيْ إنْ أَتَاهَا الْحَيْضُ (قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ انْتِزَاعُ إلَخْ) هَذَا إذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ أَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ حَيْضَهَا يَأْتِيهَا فِي زَمَنِهِ الْمُعْتَادِ، وَلَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ أَجَلِ الرَّضَاعِ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ انْتِزَاعُهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ إضْرَارَهَا اهـ بْن وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمُرْضِعَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَمَكَثَتْ سَنَةً لَمْ تَحِضْ لِأَجْلِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنْهَا وَلَدَهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَمُوتَ فَتَرِثَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ يَقْبَلُ غَيْرَ أُمِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهَا وَإِذَا كَانَ لَهُ انْتِزَاعُهُ رَعْيًا لَحِقَ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَحْرَى لِحَقِّ نَفْسِهِ بِأَنْ يَنْتَزِعَهُ لِيَسْتَعْجِلَ حَيْضَهَا لِأَجْلِ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: لِيَتَعَجَّلَ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَخْلُصَ مِنْ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ) لَا يُقَالُ: إنَّ الْحَقَّ فِي الرَّضَاعِ لِلْأُمِّ إذَا طَلَبَتْهُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا عُذْرٌ يُسْقِطُ حَقَّهَا فِي إرْضَاعِهِ، وَأَمَّا حَضَانَتُهَا فَبَاقِيَةٌ، وَعَلَى الْأَبِ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِمَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا) تَصْوِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَضَرَّ الِانْتِزَاعُ بِالْوَلَدِ لَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَتْ) مُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ أَنَّهَا كَالْمُرْضِعِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرْضِعَ قَادِرَةٌ عَلَى إزَالَةِ ذَلِكَ السَّبَبِ فَكَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الْأَقْرَاءِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ السَّبَبِ فَأَشْبَهَتْ الْيَائِسَةَ، وَمِثْلُ تَأَخُّرِ الْحَيْضِ لِمَرَضٍ تَأَخُّرُهُ لِطَرِبَةٍ (قَوْلُهُ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً) وَتُعْتَبَرُ تِلْكَ التِّسْعَةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ) وَقِيلَ إنَّ السَّنَةَ كُلَّهَا عِدَّةٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ، إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ التَّأْبِيدِ بِتَزَوُّجِهَا فِي التِّسْعَةِ وَبِالتَّأْبِيدِ فِي تَزَوُّجِهَا بَعْدَهَا كَمَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِمَنْعِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالرَّجْعَةِ فِي التِّسْعَةِ وَإِبَاحَةِ ذَلِكَ بَعْدَهَا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي الثَّلَاثَةِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِرِقٍّ) مُقَابِلُ لَوْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَمَةَ الْمُسْتَحَاضَةَ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَاَلَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا

الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَخَذَتْ مِنْ الرَّابِعِ يَوْمَيْنِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ نَاقِصًا، وَتَحِلُّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ يُلْغَى يَوْمُ الْمَوْتِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ. (وَلَوْ) (حَاضَتْ) مَنْ تَرَبَّصَتْ سَنَةً (فِي) أَثْنَاءِ (السَّنَةِ) وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا (انْتَظَرَتْ) الْحَيْضَةَ (الثَّانِيَةَ) أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ، فَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةَ، وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ حَلَّتْ مَكَانَهَا (وَ) إنْ رَأَتْ الْحَيْضَ فِيهَا وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ (الثَّالِثَةَ) أَيْ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ لَا دَمَ فِيهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَاكْتَفَتْ بِالثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْرَبِ الْأَجَلَيْنِ مِنْ الْحَيْضِ أَوْ تَمَامِ السَّنَةِ. (ثُمَّ إنْ) (احْتَاجَتْ) مَنْ تَرَبَّصَتْ سَنَةً (لِعِدَّةٍ) أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ (فَالثَّلَاثَةُ) الْأَشْهُرِ عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَرَ فِيهَا الدَّمَ، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ أَيْ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَمَّا كَانَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ مُسَاوِيًا لِعِدَّتِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) عَلَى الْحُرَّةِ الْمُطِيقَةِ (إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ) بِغَلَطٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ إجْمَاعًا كَمُحَرَّمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. (وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ) زَوْجَتَهُ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا مِمَّا ذُكِرَ أَيْ يَحْرُمُ إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا يَعْقِدُ) زَوْجٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ (أَوْ) (غَابَ) عَلَى الْحُرَّةِ (غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ أَوْ مُشْتَرٍ) لَهَا جَهْلًا بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ فِسْقًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ (وَلَا يُرْجَعُ لَهَا) أَيْ لِقَوْلِهَا فِي عَدَمِ الْوَطْءِ أَيْ لَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْضَحَ. وَقَوْلُهُ: (قَدْرُهَا) فَاعِلُ وَجَبَ أَيْ قَدْرُ الْعِدَّةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَالْمُرْتَابَةُ وَمَنْ مَعَهَا سَنَةٌ، وَالصَّغِيرَةُ وَالْيَائِسَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. (وَفِي) إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي (إمْضَاءِ الْوَلِيِّ) الْغَيْرِ الْمُجْبَرِ نِكَاحَ مَنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهِيَ شَرِيفَةٌ، وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ اطَّلَعَ الْوَلِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَأَمْضَاهُ وَكَذَا سَفِيهٌ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَدَخَلَ فَأَمْضَاهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعِلْمِ نَظَرًا لِفَسَادِ الْمَاءِ وَعَدَمِ إيجَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ (أَوْ) إيجَابِهِ فِي (فَسْخِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQسَبَبٍ أَوْ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ طَرِبَةٍ عِدَّتُهَا شَهْرَانِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَمْلَ لَمَّا كَانَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ قُلْنَا بِاشْتِرَاكِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي السَّنَةِ وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِمَا فِيهَا كَالْأَقْرَاءِ اهـ تَوْضِيحٌ (قَوْلُهُ: الْمَسْبُوقُ بِالْفَجْرِ) صِفَةٌ لِلطَّلَاقِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْفَجْرِ حَسِبَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ الْأَشْهُرِ، وَقَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَيْ مِنْ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْرَبِ الْأَجَلَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَلَوْ مَضَتْ لَهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ (قَوْلُهُ مُسَاوِيًا لِعِدَّتِهَا) أَيْ إلَّا فِي اللِّعَانِ وَالرِّدَّةِ وَالزِّنَا فَإِنَّ اسْتِبْرَاءَهَا فِي هَذِهِ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) أَيْ لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ كَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ عَالِمًا بِهَا أَمَّا إنْ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ لَا الِاسْتِبْرَاءُ كَنِكَاحِ الْمُحَرَّمِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ جَهْلًا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ، وَقَدْ أَجْمَلَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ تَبَعًا لعبق التَّابِعِ لِابْنِ غَازِيٍّ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ) أَيْ مِنْهُ قَبْلَ وَطْئِهَا بِالزِّنَا وَالشُّبْهَةِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ قِيلَ بِكَرَاهَةِ الْوَطْءِ، وَقِيلَ بِجَوَازِهِ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ ابْنُ يُونُسَ لَكِنْ فِي الْبَيَانِ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي ظَاهِرَةِ الْحَمْلُ هُوَ التَّحْرِيمُ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَكَذَا فِي فَتَاوَى الْبُرْزُلِيِّ نَقْلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَفِي الْمِعْيَارِ أَخَّرَ نَوَازِلَ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْعُقْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُنْفَشُ الْحَمْلُ فَيَكُونُ قَدْ خَلَطَ مَاءَ غَيْرِهِ بِمَائِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَامِلَ إذَا زَنَتْ هَلْ يَجُوزُ لِزَوْجِهَا الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا وَطْؤُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ أَوْ لَا يَجُوزُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْحُرْمَةِ أَمَّا لَوْ حَمَلَتْ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ غَصْبٍ لَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْقِدُ زَوْجٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ) أَيْ زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ مِمَّا ذُكِرَ إنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَجَبَ فَسْخُهُ فَإِنْ انْضَمَّ لِلْعَقْدِ تَلَذُّذٌ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَذُّذُ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ كَانَ التَّلَذُّذُ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمُقَدِّمَاتِ، وَكَانَ التَّلَذُّذُ فِي زَمَنِهِ لَا بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَابَ غَاصِبٌ إلَخْ) أَيْ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَيْ وَحَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ كَانَتْ أَمَةً، قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَإِذَا زَنَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ غُصِبَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْئِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً اُسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ اهـ بْن وَقَوْلُهُ: فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةٌ أَيْ وَلَوْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِرَضَاعٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُرْتَابَةُ أَيْ هِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ مَعَهَا أَيْ مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ وَبِلَا سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ كَالْمَرَضِ وَالرَّضَاعِ فَيُصَدَّقُ بِمَا إذَا تَأَخَّرَ لِطَرِبَةٍ (قَوْلُهُ: وَفِي إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ شَرِيفَةً وَوَكَّلَتْ رَجُلًا مِنْ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَقَدَ لَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهَا الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبَرِ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ اطَّلَعَ وَلِيُّهَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الطَّوْلِ فَأَجَازَ نِكَاحَهَا وَأَمْضَاهُ أَوْ أَنَّهُ فَسَخَهُ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْءِ زَوْجِهَا الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ نَظَرًا لِفَسَادِ الْمَاءِ أَوْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ الْغَيْرِ الْمُجْبَرِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُجْبَرًا لَتَحَتَّمَ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِمْضَاءُ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ)

وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ وَعَدَمُ إيجَابِهِ (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِيجَابِ فِيهِمَا. (وَاعْتَدَّتْ) الْمُطَلَّقَةُ (بِطُهْرِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (وَإِنْ لَحْظَةً) يَسِيرَةً بَلْ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ فَنَزَلَ الدَّمُ عَقِبَ النُّطْقِ بِالْقَافِ بِلَا فَصْلٍ حَسِبَتْهُ طُهْرًا (فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ حَيْضَةِ الثَّالِثَةِ) بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ أَيْ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ الدَّمِ إنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِطَاعِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ (أَوْ) بِأَوَّلِ حَيْضَةِ (الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِكَحَيْضٍ) دَخَلَ النِّفَاسُ بِالْكَافِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ الطُّهْرُ الثَّالِثُ بِرُؤْيَةِ الرَّابِعَةِ وَرَتَّبَ عَلَى قَوْلِهِ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ (وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ) الْعَقْدَ (بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ الدَّمِ فِي أَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ بَلْ تَصْبِرُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ أَوْ لَا يَنْبَغِي، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحِلِّهَا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَلْ الْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَحِلُّ لَا يُنَافِي النَّدْبَ (تَأْوِيلَانِ) الْأَظْهَرُ الْوِفَاقُ وَلَوْ قَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَبْيَنَ. (وَرَجَعَ فِي) (قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ (هَلْ هُوَ يَوْمٌ) فَأَكْثَرُ فَلَا يَكْفِي بَعْضُ الْيَوْمِ (أَوْ) هُوَ (بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ بِأَنْ زَادَ عَلَى سَاعَةٍ فَلَكِيَّةٍ لَا مُطْلَقِ بَعْضِ الدَّمِ (لِلنِّسَاءِ) الْعَارِفَاتِ بِذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْحَيْضِ فِي النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى الْبُلْدَانِ فَقَدْ يَكُونُ أَقَلُّهُ يَوْمًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ بِاعْتِبَارِ بِلَادِهِنَّ وَقَدْ يَكُونُ أَقَلُّهُ بَعْضَ يَوْمٍ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ بِاعْتِبَارِ بِلَادِهِنَّ أَيْضًا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ هُنَا عَنْ بَابِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّ أَقَلَّهُ فِيهِ دَفْعَةٌ. (وَ) رَجَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ، فَإِنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) مُقْتَضَى نَقْلِ التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُمَا فِي الْفَسْخِ تَأْوِيلَانِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَنَسَبَ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَدَمَهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِيهِمَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِيجَابِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ (قَوْلُهُ: بِالطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَحْظَةً) إنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْعِدَّةَ قُرْآنِ، وَبَعْضُ قَرْءٍ ثَالِثٍ وَقَدْ قَالَ الْمَوْلَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] قُلْت إطْلَاقُ الْجَمْعِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ شَائِعٌ قَالَ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] مَعَ أَنَّهُ شَهْرَانِ، وَبَعْضُ ثَالِثٍ فَهُوَ نَظِيرُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ) أَيْ لِلْمُطَلَّقَةِ فِي طُهْرٍ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمُجَرَّدِ) أَيْ أَنَّهَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ نُزُولِ الدَّمِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ نُزُولِهِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْقَدْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَتَّبَ عَلَى قَوْلِهِ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ قَوْلَهُ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ: وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِمَا مَعًا أَيْ عَلَى قَوْلِهِ: فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَعَلَى قَوْلِهِ أَوْ الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِكَحَيْضٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إذَا طَلُقَتْ فِي كَحَيْضٍ مِنْ كَوْنِهَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ النِّكَاحَ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِهَا عِنْدَ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْبِغَاءِ تَعْجِيلُ الْعَقْدِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَعَدَمُ انْبِغَاءِ تَعْجِيلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّأْوِيلَانِ بِالْوِفَاقِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَقَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ أَوَّلِ الدَّمِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَجَّلَ النِّكَاحُ بِأَوَّلِ الدَّمِ، فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ نَدْبَ عَدَمِ التَّعْجِيلِ لَا يُنَافِي الْحِلِّيَّةَ بِأَوَّلِ الدَّمِ، أَوْ خِلَافٌ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ لِقَوْلِهِ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَى الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ وَلِذَا قِيلَ: صَوَابُ الْمُصَنِّفِ لَوْ قَالَ: وَفِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ، وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ تَصْبِرُ) أَيْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: تَحِلُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهَا تَحِلُّ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَقُولُ: بِنَدْبِ تَأْخِيرِ الْعَقْدِ حَتَّى يَمْضِيَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَإِنْ عَجَّلَتْ بِرُؤْيَتِهِ وَتَزَوَّجَتْ وَلَمْ يَنْقَطِعْ كَانَ تَزَوُّجُهَا وَاقِعًا بَعْدَ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ بَعْضُ يَوْمٍ لَهُ بَالٌ كَأَنْ تَزَوَّجَهَا وَاقِعًا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْسِبُ ذَلِكَ الدَّمَ حَيْضَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَوَاقِعًا بَعْدَ الْعِدَّةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ لِلنِّسَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَرَجَعَ إنْ قُلْت قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ يُعَارِضُ قَوْلَهُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّ مُقْتَضَى حِلِّهَا بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي قَدْرِهِ قُلْت: لَا مُعَارَضَةَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ مُجَرَّدَ رُؤْيَةِ أَوَّلِ

(فِي أَنَّ) (الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ) الْمَقْطُوعَ (أُنْثَيَاهُ) هَلْ (يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ لَا) هَذَانِ ضَعِيفَانِ؛ إذْ الْحَقُّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلُ سُؤَالُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ كَحُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِسُؤَالِ النِّسَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً وَالرَّاجِحُ فِي الثَّانِي أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ أَحَدٍ. (وَ) رَجَعَ فِي (مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ) أَيْ الْمَشْكُوكُ فِي يَأْسِهَا وَهِيَ بِنْتُ الْخَمْسِينَ إلَى السَّبْعِينَ (هَلْ هُوَ حَيْضٌ) أَوْ لَا (لِلنِّسَاءِ) نَائِبُ فَاعِلِ رَجَعَ فَدَمُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ قَطْعًا، وَمَنْ بَلَغَتْ السَّبْعِينَ لَيْسَ بِحَيْضٍ قَطْعًا، فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فِيهِمَا (بِخِلَافِ) (الصَّغِيرَةِ) تَرَى الدَّمَ (إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا) كَبِنْتِ تِسْعٍ فَإِنَّهُ حَيْضٌ قَطْعًا وَلَا يُرْجَعُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ لَا بِنْتِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ فَمَا تَرَاهُ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ. (وَ) إذَا رَأَتْ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ الدَّمَ أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَشْهُرِهَا (انْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ) وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ هُنَا يُخَالِفُ الْحَيْضَ فِي الْعِبَادَةِ نَبَّهَ عَلَى اسْتِوَاءِ الطُّهْرِ فِي الْبَابَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَالطُّهْرُ) هُنَا (كَالْعِبَادَةِ) أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ. (وَإِنْ) (أَتَتْ) مُعْتَدَّةٌ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ وَطْئِهِ عَنْهَا لَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ (لَحِقَ) الْوَلَدُ (بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّجْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّمِ الثَّالِثِ كَافٍ فِي حِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ، فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ، فَإِنْ قُلْنَ: إنَّ مِثْلَ هَذَا يَكُونُ حَيْضًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَإِنْ قُلْنَ: إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ حَيْضًا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا فِيهَا وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ سَابِقًا وَبَعْضُهُمْ تَأَوَّلَ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ السَّابِقَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَنَّ الْحَيْضَ عِنْدَهُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ كَهُوَ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُنَا عَلَى قَوْلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ) أَيْ فَقَطْ أَيْ، وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُنْثَيَاهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَائِمُ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: هَذَانِ ضَعِيفَانِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ الْأَوَّلَ تَبِعَ فِيهِ الْمَوَّاقَ؛ إذْ نَقَلَ نَصَّ عِيَاضٍ فِي أَنَّ الرَّجُلَ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ يُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يَقُلْ لِلنِّسَاءِ وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُهُنَّ، فَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ النِّسَاءُ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَعِيَاضٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ عِيَاضًا جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ خِلَافُ مَذْهَبِ الْكِتَابِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَعْرِفَةُ الْوِلَادَةِ وَهَذَا بَابُ النِّسَاءِ وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ الثَّانِي فَتَبِعَ فِيهِ ح حَيْثُ اعْتَمَدَ قَوْلَ صَاحِبِ النُّكَتِ إذَا كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ فَلَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَجْبُوبَ الْخُصْيَتَيْنِ قَائِمَ الذَّكَرِ فَعَلَى امْرَأَتِهِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَطَأُ بِذَكَرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخُصْيَتَيْنِ فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوَهُ حَفِظْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ اهـ قَالَ طفي: وَكَلَامُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَلِّفَ كَمَا تَقَدَّمَ اعْتَمَدَ هُنَا كَلَامَ عِيَاضٍ، وَنَصُّهُ: إذَا كَانَ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضِهِ، وَهُوَ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الذَّكَرِ فَهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْكِلُ إذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ أَوْ بَعْضُهُ دُونَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ أُنْثَيَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ الذَّكَرِ هَلْ يَنْسَلُّ وَيَنْزِلُ أَمْ لَا فَنَسَبَ الْمَسْأَلَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَرَى وَكَأَنَّ ح لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَعَلَى وُقُوفِهِ عَلَيْهِ فَلَا مُوجِبَ لِتَرْجِيحِ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِلنِّسَاءِ) الْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَيُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ بِشَرْطِ سَلَامَتِهَا مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهَا الْإِخْبَارُ لَا الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا رَأَتْ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ) أَيْ وَإِذَا رَأَتْ الصَّغِيرَةُ مُمْكِنَةُ الْحَيْضِ الدَّمَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَشْهُرِ إنْ قُلْتَ: إنَّ مُمْكِنَةَ الْحَيْضِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ لَا تَكُونُ صَغِيرَةً؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فَكَيْفَ يُسَمِّيهَا الْمُصَنِّفُ صَغِيرَةً قُلْت تَسْمِيَتُهَا صَغِيرَةً مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ اعْتِبَارُ مَا كَانَ (قَوْلُهُ: أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ) أَيْ فَإِذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ تَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الطُّهْرِ، وَضَمَّتْهُ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الدَّمِ، وَلَا يُقَالُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ نِصْفُ شَهْرٍ يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَحْظَةً؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ، وَهِيَ طَاهِرٌ وَبَقِيَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَحْظَةً مِنْ تَمَامِ نِصْفِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَتَاهَا الْحَيْضُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ وَحَاضَتْ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَتْ مُعْتَدَّةٌ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ، وَمَفْهُومُ بَعْدَهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ كَمَالِهَا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ نَكَحَتْ امْرَأَةٌ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ حَيْضَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَتَحْرُمُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ فَهُوَ لِلثَّانِي إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمَ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: إذَا نَكَحَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أُلْحِقَ بِالثَّانِي إنْ كَانَتْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَيَلْحَقَ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُهَا لِعَانٌ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ إلَى فِرَاشٍ فَإِنْ نَفَاهُ الْأَوَّلُ وَلَاعَنَ أَيْضًا لَاعَنَتْ وَانْتَفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ حَيْضَةٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَيَلْحَقَ بِالثَّانِي وَتُلَاعِنَ هِيَ فَإِنْ نَفَاهُ الثَّانِي أَيْضًا وَلَاعَنَ وَلَاعَنَتْ انْتَفَى عَنْهُمَا جَمِيعًا (قَوْلُهُ: لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ) فَإِنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ

غَيْرَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ (إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ) الزَّوْجُ (بِلِعَانٍ) فَلَا يَلْحَقُ بِهِ. (وَتَرَبَّصَتْ) الْمُعْتَدَّةُ (إنْ ارْتَابَتْ بِهِ) أَيْ بِالْحَمْلِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (وَهَلْ) تَتَرَبَّصُ (خَمْسًا) مِنْ السِّنِينَ (أَوْ أَرْبَعًا خِلَافٌ) فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَزَادَتْ الرِّيبَةُ مَكَثَتْ حَتَّى تَرْتَفِعَ. (وَفِيهَا لَوْ) (تَزَوَّجَتْ) الْمُعْتَدَّةُ (قَبْلَ) مُضِيِّ (الْخَمْسِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي (لَمْ يَلْحَقْ) الْوَلَدُ (بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَمَّا عَدَمُ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ فَلِزِيَادَتِهِ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ بِشَهْرٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِوِلَادَتِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ (وَحُدَّتْ) لِلْجَزْمِ بِأَنَّهُ مِنْ زِنًا (وَاسْتُشْكِلْت) أَيْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَدَمَ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ وَحَدَّهَا حَيْثُ زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِ بِشَهْرٍ؛ إذْ التَّقْدِيرُ بِالْخَمْسِ لَيْسَ بِفَرْضٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَتَّى إنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا بِشَهْرٍ تَقْتَضِي عَدَمَ اللُّحُوقِ، وَهَذَا الِاسْتِشْكَالُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ خَمْسٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعٌ فَلَا إشْكَالَ. (وَعِدَّةُ الْحَامِلِ) حُرَّةً أَوْ أَمَةً (فِي وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ) بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَا بَعْضِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَلِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ أَوْ الْآخَرِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ فَلَوْ كَانَ مِنْ زِنًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي الْوَفَاةِ وَالْأَقْرَاءِ فِي الطَّلَاقِ إنْ وُضِعَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الْوَضْعَ فَالْمَدَارُ عَلَى أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَتَحْتَسِبُ بِالْأَشْهُرِ مِنْ يَوْمِ الْوَفَاةِ وَبِالْأَقْرَاءِ مِنْ يَوْمِ الْوَضْعِ وَتَعُدُّ النِّفَاسَ قَرْءًا أَوَّلًا فَلَا تَحْتَسِبُ بِمَا حَاضَتْهُ قَبْلَ النِّفَاسِ زَمَنَ الْحَمْلِ (وَإِنْ) كَانَ الْحَمْلُ (دَمًا اجْتَمَعَ) وَعَلَامَةُ كَوْنِهِ حَمْلًا أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَمْ يَذُبْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِدَّةِ لِأَزِيدَ مِنْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ دُخُولِ الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِيهَا إلَخْ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ دُخُولِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَزَوَّجَتْ) أَيْ قَبْلَ الْحَيْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ انْقِطَاعِ وَطْءِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ: وَتَرَبَّصَتْ الْمُعْتَدَّةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا، وَقَوْلُهُ: إنْ ارْتَابَتْ بِهِ أَيْ إنْ شَكَّتْ فِيهِ بِسَبَبِ جَسٍّ فِي بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: وَهَلْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ أَقْصَاهُ أَرْبَعَ سِنِينَ أَوْ خَمْسًا ثَالِثُ رِوَايَاتِ الْقَاضِي سَبْعًا، وَرَوَى أَبُو عُمَرَ سِتًّا وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُولَى، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي الْمَشْهُورَ وَعَزَى الْبَاجِيَّ الثَّانِيَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ الْمُتَيْطِيِّ بِالْخَمْسِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَزَادَتْ الرِّيبَةُ) أَيْ بِأَنْ زَادَ كِبَرُ بَطْنِهَا مَكَثَتْ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَاسْتَمَرَّتْ الرِّيبَةُ عَلَى حَالِهَا، وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهَا زِيَادَةٌ حَلَّتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ بَقَائِهَا أَبَدًا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ اُنْظُرْ بْن وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ حَرَكَةَ مَا فِي بَطْنِهَا حَرَكَةُ حَمْلٍ، وَإِلَّا لَمْ تَحِلَّ أَبَدًا كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ: لَوْ تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَدَّةُ) أَيْ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ، وَالْمُرَادُ الْمُعْتَدَّةُ الْمُرْتَابَةُ فَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُرْتَابَةِ إذْ هِيَ مَحَلُّ الْإِشْكَالِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَتُحَدُّ قَطْعًا قَالَهُ بَعْضُهُمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدٍ) أَيْ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ نَكَحَ حَامِلًا (قَوْلُهُ: وَحُدَّتْ) أَيْ وَحَيْثُ لَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدٍ حُدَّتْ. (قَوْلُهُ: أَيْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وبن (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ) أَيْ فِي عَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَحَدَهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْإِشْكَالَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ سِتُّ سِنِينَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سَبْعٌ فَالْخِلَافُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَحْظَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَضْعُ بَعْدَهُمَا بِلَحْظَةٍ (قَوْلُهُ لَا بَعْضِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ ثُلُثَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ الْقَائِلِ: إنَّهَا تَحِلُّ بِوَضْعِ ثُلُثَيْ الْحَمْلِ بِنَاءً عَلَى تَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ، وَخُولِفَتْ قَاعِدَةُ تَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلِاحْتِيَاطِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِهِ، وَقُطِعَ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْخَارِجُ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ عِدَّتُهَا بَاقِيَةٌ مَا دَامَ فِيهَا عُضْوٌ مِنْهُ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ تَحِلُّ إذَا كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ الْخَارِجِ (قَوْلُهُ وَاحِدًا كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْحَمْلُ (قَوْلُهُ بَاقِيهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْحَمْلُ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: وَالْآخَرِ) أَيْ إنْ كَانَ الْحَمْلُ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: يَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ) أَيْ لَاحِقًا بِهِ بِالْفِعْلِ، أَوْ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ كَالْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) أَيْ الْوَلَدُ مِنْ زِنًا كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهِ بِحَيْضَةٍ ثُمَّ زَنَتْ، وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَوَضَعَتْ ذَلِكَ الْحَمْلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّهَا) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَشْهُرِ وَالْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا انْتَظَرَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ مَضَتْ قَبْلَ وَضْعِهَا انْتَظَرَتْ الْوَضْعَ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ أَيْ الْوَضْعِ وَانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَوْ الْأَقْرَاءِ (قَوْلُهُ وَتَحْتَسِبُ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وَضَعَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ، وَقُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِي الْوَفَاةِ وَثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فِي الطَّلَاقِ فَتَحْتَسِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَعُدُّ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَجَعَلَهُ عِيَاضٌ مَحَلَّ نَظَرٍ، وَأَنَّ

(وَإِلَّا) تَكُنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا (فَكَالْمُطَلَّقَةِ) أَيْ فَعِدَّتُهَا - كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ - ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَقُرْآنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. (إنْ فَسَدَ) نِكَاحُهَا فَسَادًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، وَقَدْ دَخَلَ بِهَا وَيَأْتِي حُكْمُ غَيْرِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ (كَالذِّمِّيَّةِ) الْحُرَّةِ غَيْرِ الْحَامِلِ (تَحْتَ ذِمِّيٍّ) يَمُوتُ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقُهَا وَأَرَادَ مُسْلِمٌ تَزَوُّجَهَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا، وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي صِحَّتِهِ وَقَدْ مَاتَ زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ (فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا كَانَتْ هِيَ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً وَكَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (رَجْعِيَّةً) فَتُنْقَلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ يَمُوتُ مُطَلِّقُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقِهَا. (إنْ تَمَّتْ) الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ لِلْحُرَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا) بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا، وَتُوُفِّيَ عَنْهَا عَقِبَ طُهْرِهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ فَأَوْلَى إنْ حَاضَتْ فِيهَا (وَقَالَ النِّسَاءُ لَا رِيبَةَ بِهَا) بِأَنْ قَطَعْنَ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَتِمَّ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ حَيْضِهَا بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ أَثْنَاءَهَا، وَلَمْ تَحِضْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ، وَلَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ: بِهَا رِيبَةٌ (انْتَظَرَتْهَا) أَيْ الْحَيْضَةَ، أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ رَفْعَهَا أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (إنْ دَخَلَ بِهَا) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ: إنْ تَمَّتْ إلَخْ أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ إنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا حَلَّتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ بَعْدَ الْوَضْعِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالْمُطَلَّقَةِ) وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ هُنَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مَبِيتَ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لَا عِدَّةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: صَحِيحًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِي صِحَّتِهِ إلَخْ) جَعْلُهُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ، وَفِيهِ الْإِرْثُ (قَوْلُهُ: فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) أَيْ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَإِنَّمَا حَذَفَ التَّاءَ لِحَذْفِ الْمَعْدُودِ، وَلَا يُقَدَّرُ الْمَعْدُودُ لَيَالِيَ لِئَلَّا يَلْزَمَ مَحْذُورٌ شَرْعِيٌّ، وَهُوَ جَوَازُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ كَانَ الْمَعْدُودُ الْمُقَدَّرُ اللَّيَالِيَ وَحْدَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ قَوْلُ أَهْلِ التَّارِيخِ: تُرَاعَى اللَّيَالِي، مُرَادُهُمْ بِهِ أَنَّهُمْ يُغَلِّبُونَ حُكْمَهَا عَلَى الْأَيَّامِ لِسَبْقِهَا عَلَيْهَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَعْدُودَ مَجْمُوعُ اللَّيَالِيِ وَأَيَّامِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجْعِيَّةً فَتَنْتَفِلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِالْأَقْرَاءِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ أَيْ الْأَشْهُرِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الرَّجْعِيَّةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَلَوْ حَصَلَتْ الْوَفَاةُ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ الثَّالِثِ بِيَوْمٍ (قَوْلُهُ: إنْ تَمَّتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ الْحُرَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَهِيَ غَيْرُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ بِشَرْطَيْنِ حَيْثُ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا: الْأَوَّلُ: أَنْ تُتِمَّ تِلْكَ الْمُدَّةَ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا الثَّانِي: أَنْ تَقُولَ النِّسَاءُ إذَا رَأَيْنَهَا فِيمَا إذَا تَمَّتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا إنَّهُ لَا رِيبَةَ بِهَا وَقَوْلُنَا حَيْثُ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ، وَلَوْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَادَتَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنَّهُ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَوْتِ فَتَكْتَفِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يُحْتَاجُ هُنَا لِسُؤَالِ النِّسَاءِ أَنَّهُ لَا رِيبَةَ بِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ النِّسَاءُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ إنَّهُ لَا رِيبَةَ حَمْلٍ بِهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِهَا الْحَيْضُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِ عَادَتِهَا أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا إلَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَحِيضَ أَثْنَائِهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحِضْ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ بِأَنْ كَانَ تَأَخُّرُهُ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا أَوْ لِطَرِبَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ) اعْلَمْ أَنْ مَحَلَّ كَوْنِهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ، أَوْ تَمَامَ التِّسْعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهَا قَبْلَ الِاسْتِحَاضَةِ إتْيَانَ حَيْضِهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْعِدَّةِ، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَنْ يَتَأَخَّرُ زَمَنُ حَيْضِهَا عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٍ تَعْتَدُّ بِهَا كَمَا مَرَّ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا الْحَيْضَةُ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ فَتَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ: إنَّ تَأْخِيرَ الْحَيْضَةِ لِمَرَضٍ كَتَأْخِيرِهَا لِرَضَاعٍ فَتَكْتَفِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَلَا تَحْتَاجُ لِتَمَامِ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الِاتِّفَاقَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَّتْ) أَيْ الْأَشْهُرُ الْمَذْكُورَةُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ النِّسَاءُ بِهَا رِيبَةٌ) أَيْ بِهَا رِيبَةُ حَمْلٍ أَوْ ارْتَابَتْ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ فَتَنْتَظِرُ أَوَّلَ الْأَجَلَيْنِ فَإِنْ حَاضَتْ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُ تَمَامَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ تَمَّتْ الْأَشْهُرُ الْمَذْكُورَةُ أَوَّلًا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ أَيْ عِنْدَ حُصُولِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ تَزُلْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا إلَخْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مَاشِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَقَاءَهَا عَلَى حَالِهَا مِثْلُ زَوَالِهَا وَقَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا تَمَّتْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ: بِهَا رِيبَةُ حَمْلٍ

(وَتَنَصَّفَتْ) عِدَّةُ الْوَفَاةِ (بِالرِّقِّ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ فَهِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ حَيْثُ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ شَابَّةً لَمْ تَرَ الْحَيْضَ أَصْلًا أَوْ رَأَتْهُ فِيهَا وَلَوْ مَدْخُولًا بِهَا فِي الْجَمِيعِ. (وَإِنْ) (لَمْ تَحِضْ) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا وَعَادَتُهَا الْحَيْضُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ فِيهَا وَتَأَخَّرَ (فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) عِدَّتُهَا (إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتِسْعَةٌ) إنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ قَبْلَهَا فَإِنْ رَأَتْهُ أَثْنَاءَهَا حَلَّتْ فَإِنْ بَقِيَتْ الرِّيبَةُ انْتَظَرَتْ زَوَالَهَا أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ. (وَلِمَنْ وَضَعَتْ) إثْرَ مَوْتِ زَوْجِهَا (غَسْلُ زَوْجِهَا) وَيُقْضَى لَهَا بِذَلِكَ (وَلَوْ تَزَوَّجَتْ) غَيْرَهُ لَكِنْ بَعْدَ تَزْوِيجِ غَيْرِهِ يُكْرَهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّ الْأَحَبَّ نَفْيُهُ إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ. (وَلَا يُنْقَلُ الْعِتْقُ) لِأَمَةٍ مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ (أَوْ مَوْتٍ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ) بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّتِهَا؛ إذْ الْعِتْقُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً بِخِلَافِ لَوْ مَاتَ زَوْجُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُوجِبُ عِدَّةً، وَكَذَا لَوْ طَلُقَتْ الْأَمَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَأَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا الْمُطَلِّقُ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ وَهُوَ بِالْمَوْتِ لَمَّا نَقَلَهَا صَادَفَهَا حُرَّةً فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ لِلْوَفَاةِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا قُرْأَيْنِ. (وَلَا) يَنْقُلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ (مَوْتُ زَوْجٍ) ذِمِّيٍّ (ذِمِّيَّةً أَسْلَمَتْ) بَعْدَ الْبِنَاءِ وَمَكَثَتْ تَسْتَبْرِئُ مِنْهُ، وَقُلْنَا: يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَمَاتَ كَافِرًا قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ فَتَسْتَمِرُّ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ) : (وَتَنَصَّفَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا غَيْرَ حَامِلٍ، وَإِلَّا فَهِيَ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ (قَوْلُهُ: وَخَمْسُ لَيَالٍ) أَيْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: كَانَتْ صَغِيرَةً إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا كَبِنْتِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ كَانَ يُمْكِنُ حَيْضُهَا، وَلَمْ تَحِضْ كَبِنْتِ تِسْعٍ أَمَّا الْأُولَى فَعِدَّتُهَا شَهْرَانِ، وَخَمْسُ لَيَالٍ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: أَوْ آيِسَةً الَّذِي فِي ح أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن وَالصَّوَابُ شَرْحُ الْمُصَنِّفِ بِمَا فِي ح مِنْ تَخْصِيصِ قَوْلِهِ وَتَنَصَّفَتْ بِالرِّقِّ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا وَالشَّابَّةِ الَّتِي لَمْ تَرَ الْحَيْضَ أَصْلًا وَبِاَلَّتِي رَأَتْهُ فِي شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ وَتَخْصِيصُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ حَمْلُهَا وَالْآيِسَةِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ حَمْلُهَا أَمْ لَا وَبِاَلَّتِي عَادَتُهَا الْحَيْضُ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِثَلَاثَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ تَحِضْ مَعْنَاهُ، وإنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا حَيْضٌ فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَرْتَابَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إذْ مَا ذُكِرَ لَا يُمْكِنُ فِيهِ رِيبَةٌ وَالْمَعْنَى لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِمَّنْ تَحِيضُ فِي الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ، وَلَمْ تَحِضْ فِيهَا لِتَأَخُّرِهِ عَنْ عَادَتِهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَرَضٍ فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ بَلْ بِتِسْعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا مَضَتْ التِّسْعَةُ، وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرِّيبَةَ بِرَفْعِ الدَّمِ فَقَطْ لَا بِحَبْسِ الْبَطْنِ، وَأَمَّا إذَا ارْتَابَتْ الْأَمَةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِحَبْسِ الْبَطْنِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَحِضْ قَبْلَ تَمَامِهَا، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا حَلَّتْ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَتَمَّتْ التِّسْعَةُ حَلَّتْ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ أَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا، فَإِنْ زَادَتْ انْتَظَرَتْ زَوَالَهَا، أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، فَإِنْ مَضَى أَقْصَاهُ حَلَّتْ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ وُجُودُهُ بِبَطْنِهَا، فَإِنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ حِلِّهَا مِنْ نُزُولِهِ وَلَا يَكْفِي مُضِيُّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا كَبِنْتِ سِتِّ سِنِينَ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ اتِّفَاقًا وَمِثْلُهَا الْكَبِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَرَ الْحَيْضَ أَصْلًا أَوْ يَأْتِيهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَتَاهَا بِالْفِعْلِ وَإِنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ، أَوْ ثَمَانٍ أَوْ كَانَتْ يَائِسَةً فَقَوْلَانِ قِيلَ: كَذَلِكَ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً، وَكَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ تَحِيضَ بَعْدُ كَالشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فِيهَا، وَلَمْ تَحِضْ فَالْمَشْهُورُ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَحِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَدْخُولًا بِهَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بَلْ، وَلَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فِي الْجَمِيعِ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ تَعْتَدُّ بِهَا الْأَمَةُ مِنْ الْوَفَاءِ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَحِضْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا حَيْضٌ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهَا وَتَأَخَّرَ إلَخْ) مَشَى فِي هَذِهِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: قَبْلَهَا) أَيْ فِي أَثْنَائِهَا قَبْلَ تَمَامِهَا والمصنف فِي الْمَنَاسِك (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْقَلُ الْعِتْقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا ثُمَّ إنَّهَا عَتَقَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الَّتِي هِيَ قُرْآنِ وَلَا عَنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ الَّتِي هِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ إلَى عِدَّةِ الْحُرَّةِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فِي الطَّلَاقِ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ فِي الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ النَّاقِلَ عَنْ مَالِكٍ مَا أَوْجَبَ عِدَّةً أُخْرَى كَطُرُّوِ الْمَوْتِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَالْعِتْقُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ) أَيْ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا فِي الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَوْتُ زَوْجِ ذِمِّيَّةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ دُخُولِ زَوْجِهَا الذِّمِّيِّ بِهَا فَشَرَعَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْهُ فَمَاتَ كَافِرًا قَبْلَ تَمَامِ اسْتِبْرَائِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَإِنْ كَانَ أَمْلَكَ بِهَا إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبَائِنِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْبِنَاءِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إذَا مَاتَ وَلَوْ أَسْلَمَتْ (قَوْلُهُ: فَمَاتَ كَافِرًا) أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ كَمَا فِي خش.

(وَإِنْ) (أَقَرَّ) صَحِيحٌ (بِطَلَاقٍ) بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (مُتَقَدِّمٍ) عَلَى وَقْتِ إقْرَارِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (اسْتَأْنَفَتْ) امْرَأَتُهُ (الْعِدَّةَ مِنْ) وَقْتِ (إقْرَارِهِ) فَيُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي إسْنَادِهِ لِلْوَقْتِ السَّابِقِ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الْعِدَّةِ، وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَسْنَدَتْ الْبَيِّنَةُ الطَّلَاقَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي (وَلَمْ يَرِثْهَا) الزَّوْجُ إنْ مَاتَتْ (إنْ انْقَضَتْ) الْعِدَّةُ (عَلَى دَعْوَاهُ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَلَى مُقْتَضَى دَعْوَاهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا (وَوَرِثَتْهُ) إنْ مَاتَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ حَيْثُ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُقَرُّ بِهِ رَجْعِيًّا إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ (إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: اسْتَأْنَفَتْ أَيْ إنَّ مَحَلَّ الِاسْتِئْنَافِ مَا لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْنَدَتْ الْبَيِّنَةُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ فِي هَذَا، وَكَذَا الْمُنْكِرُ إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ. (وَلَا يَرْجِعُ) الْمُطَلِّقُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ (بِمَا أَنْفَقَتْ الْمُطَلَّقَةُ) مِنْ مَالِهِ قَبْلَ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ (وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ) وَأَنْفَقَتْهُ وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا لِعُذْرِهَا بِعَدَمِ عِلْمِهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ أَعْلَمَهَا، أَوْ عَلِمَتْ بِعَدْلَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهَا لَا بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينٍ فَلَا رُجُوعَ (بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ بِمَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِلْوَرَثَةِ وَلَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الْمُسْتَبْرَأَةِ، وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ الْغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ سَبَبٍ، وَالْمَرِيضَةُ سَنَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَاسْتِبْرَاؤُهَا فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ يَجْتَمِعُ الْمُوجِبَانِ لِحِلِّهَا بَيْنَ مَا يُبْرِيهَا مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (اشْتَرَيْت) أَمَةً (مُعْتَدَّةَ طَلَاقٍ) وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا رِيبَةٌ حَلَّتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ) حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا أَقَرَّ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْهُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهَاتَانِ حَالَتَانِ فَجُمْلَةُ الْأَحْوَالِ سِتَّةٌ فَمَتَى شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أُرِّخَتْ الْبَيِّنَةُ وَتَرِثُهُ فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ فِي الْمَرَضِ أَوْ إنْكَارُهُ فِيهِ لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ أَسْنَدَتْ الطَّلَاقَ لِلصِّحَّةِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أُرِّخَتْ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ فَمِنْ الْآنَ فَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَالْعِدَّةُ تُسْتَأْنَفُ مِنْ يَوْمِ الْإِخْبَارِ وَتَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَرِثَتْهُ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ مِنْ الْآنَ وَلَا يَرِثُهَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِلَّا فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى دَعْوَاهُ تَوَارَثَا، وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا فَلَا تَوَارُثَ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ وَإِلَّا وَرِثَهَا، وَالْفَرْضُ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ فَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ) أَيْ وَأَمَّا إنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا تَرِثُهُ إذَا مَاتَ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّ مَحَلَّ الِاسْتِئْنَافِ) أَيْ اسْتِئْنَافِ الزَّوْجَةِ الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ بَيِّنَةٌ وَرِثَتْهُ أَبَدًا إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُنْكِرُ) أَيْ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ بِالطَّلَاقِ فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أُسْنِدَتْ إلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَرَفَةَ الطَّرِيقَتَيْنِ وَنَصُّهُ وَمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِطَلَاقِهِ فَعِدَّتُهُ مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهَا إنْ لَمْ يُنْكِرْهُ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهَا مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهَا إنْ اتَّحَدَ أَوْ مِنْ يَوْمِ آخِرِهِ إنْ تَعَدَّدَ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ مُطْلَقًا طَرِيقَا عِيَاضٍ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ الشَّيْخِ وَابْنِ مُحْرِزٍ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ هِيَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ) لَكِنَّهُ لَا يُلْزَمُ بِالْغَبْنِ اتِّفَاقًا مِثْلُ أَنْ تَشْتَرِيَ مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ لِأَجَلٍ فَتَبِيعَهُ بِدِينَارٍ فِي نَفَقَتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ مَا زَادَتْهُ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الدِّينَارِ الَّذِي بَاعَتْ بِهِ بِاتِّفَاقٍ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: تَسَلَّفَتْ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَعَزَاهُ ح لِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا يَغْرَمُ لَهَا مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْلَمَهَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ أَوْ عَلِمَتْهُ بِعَدْلَيْنِ أَيْ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ عِلْمِهَا وَقَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهَا أَيْ مِنْ حِينِ عِلْمِهَا (قَوْلُهُ لَا بِعَدْلٍ) أَيْ لَا إنْ عَلِمَتْ بِالطَّلَاقِ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ عِلْمِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ، وَلَا يُنْظَرُ لِثُبُوتِ الْمَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ يَمِينٍ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا إنْ عَلِمَتْ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِعَدْلٍ وَيَمِينٍ وَلَا صِحَّةَ لِذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ) أَيْ وَبِخِلَافِ الْوَارِثِ يُنْفِقُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْعِلْمِ فَإِنَّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لَهُمْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحْصُلْ لَهَا رِيبَةٌ)

إنْ مَضَى قُرْآنِ لِلطَّلَاقِ وَحَيْضَةٌ لِلشِّرَاءِ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ شَيْئًا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ حَلَّتْ لِلْمُشْتَرِي بِقَرْأَيْنِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ قَرْءٍ مِنْهَا حَلَّتْ مِنْهُمَا بِالْقَرْءِ الْبَاقِي أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْقُرْأَيْنِ حَلَّتْ مِنْ الشِّرَاءِ بِحَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ هَذَا إذَا لَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا. أَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا (فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا) أَيْ تَأَخَّرَتْ لِغَيْرِ رَضَاعٍ (حَلَّتْ) لِمُشْتَرِيهَا (إنْ مَضَتْ) لَهَا (سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ) عِدَّةُ الْمُسْتَرَابَةِ (وَثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ (لِلشِّرَاءِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ طَلَاقِهَا حَلَّتْ بِمُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَبِمُضِيِّ سَنَةٍ وَشَهْرٍ وَبَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا فَبِمُضِيِّ سَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ سَنَةٍ فَبِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَمَّا مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِرَضَاعٍ فَلَا تَحِلُّ بِقَرْأَيْنِ. (أَوْ) اُشْتُرِيَتْ أَمَةً (مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ) (فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) وَهُمَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَحَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ لَمْ تَسْتَرِبْ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا فَإِنْ ارْتَابَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَمَّا ذَكَرَ أَقْسَامَ الْعِدَّةِ وَكَانَ الْإِحْدَادُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَهُوَ تَرْكُ الْمَرْأَةِ الزِّينَةَ مُدَّةَ عِدَّةِ الْوَفَاةِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَتَرَكَتْ) الْمَرْأَةُ (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) (فَقَطْ) لَا الْمُطَلَّقَةُ وُجُوبًا (وَإِنْ صَغُرَتْ) وَيَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِوَلِيِّهَا (وَلَوْ كِتَابِيَّةً) مَاتَ زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ (وَمَفْقُودًا زَوْجُهَا) وَقَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ (التَّزْيِينَ بِالْمَصْبُوغِ) مِنْ الثِّيَابِ حَرِيرًا كَانَتْ أَوْ كَتَّانًا أَوْ قُطْنًا أَوْ صُوفًا (وَلَوْ) كَانَ (أَدْكَنَ) بِدَالِ مُهْمَلَةٍ لَوْنٌ فَوْقَ الْحُمْرَةِ وَدُونَ السَّوَادِ (إنْ وَجَدَتْ غَيْرَهُ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِبَيْعِهِ وَاسْتِخْلَافِ غَيْرِهِ (إلَّا الْأَسْوَدَ) فَلَا تَتْرُكُ لُبْسَهُ إلَّا إذَا كَانَتْ نَاصِعَةَ الْبَيَاضِ أَوْ كَانَ هُوَ زِينَةَ قَوْمٍ فَيَجِبُ تَرْكُهُ (وَ) تَرَكَتْ (التَّحَلِّيَ) أَيْ لُبْسَ الْحُلِيِّ مُطْلَقًا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَوَجَبَ نَزْعُهُ عِنْدَ طُرُوُّ الْمَوْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِتَأَخُّرِ حَيْضِهَا، وَهَذَا حَلٌّ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا (قَوْلُهُ: إنْ مَضَى قُرْآنِ لِلطَّلَاقِ) أَيْ إنْ صَدَقَ عَلَيْهَا أَنَّهُ مَضَى مِنْ طَلَاقِهَا قُرْآنِ، وَمِنْ شِرَائِهَا قَرْءٌ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ حِينَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْقُرْأَيْنِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مُعْتَدَّةً لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ شِرَاءِ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ذَكَرَهَا لِتَتْمِيمِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَأَخَّرَتْ لِغَيْرِ رَضَاعٍ) بَلْ تَأَخَّرَتْ لِمَرَضٍ أَوْ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا أَوْ لِطَرِبَةٍ أَوْ لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ مَضَتْ لَهَا سَنَةٌ) أَيْ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَضَى سَنَةٌ مِنْ طَلَاقِهَا أَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مَضَى ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ شِرَائِهَا لَكِنَّ السَّنَةَ الَّتِي مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ مِنْهَا اسْتِبْرَاءٌ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْهَا عِدَّةٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: عِدَّةُ الْمُسْتَرَابَةِ فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا هِيَ الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا التِّسْعَةُ الْأُولَى فَهِيَ اسْتِبْرَاءٌ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةً إلَخْ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشَرَةٍ أَوْ أَحَدَ عَشَرَ وَأَمَّا إذَا اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَلَا يُقَالُ إنَّهَا اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةً بَلْ يُقَالُ إنَّهَا اُشْتُرِيَتْ مُسْتَبْرَأَةً أَوْ إنْ كَانَتْ تَمْكُثُ سَنَةً فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ النُّكْتَةَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةٍ، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا الْمُنَاسَبَةُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةً. (قَوْلُهُ: بَعْدَ تِسْعَةٍ) أَيْ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَبَعْدَ سَنَةٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مُعْتَدَّةً إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهَا لِأَجْلِ تَتْمِيمِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِرَضَاعٍ) أَيْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَمَيَّزَتْ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِقَرْأَيْنِ أَيْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ، وَيَأْتِي التَّدَاخُلُ فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ أَصْلًا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ حَلَّتْ مِنْهُمَا بِقَرْأَيْنِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ قَرْءٍ مِنْ الطَّلَاقِ حَلَّتْ مِنْهُمَا بِالْقَرْءِ الْبَاقِي، وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ مُضِيِّ قُرْأَيْنِ حَلَّتْ بِحَيْضَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ) أَيْ فَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْحَيْضَةِ انْتَظَرَتْهَا وَإِنْ أَتَتْ الْحَيْضَةُ قَبْلَ فَرَاغِ تِلْكَ الْمُدَّةِ انْتَظَرَتْ كَمَالَهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَسْتَرِبْ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ حَيْضُهَا عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا فِيهَا وَأَتَاهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) أَيْ وَحَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَتْ حَيْضَتُهَا أَيْ إنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَأْتِيهَا فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا كَذَلِكَ فَتَحِلُّ بِالثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ حَصَلَتْ الْحَيْضَةُ قَبْلَ تَمَامِهَا وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الْحَيْضَةَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ارْتَابَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الدَّمُ فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسِ لَيَالٍ وَتَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ ارْتَابَتْ بِجَسِّ بَطْنٍ وَقَوْلُهُ: تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ أَيْ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا مِنْ الْوَفَاةِ تِسْعَةٌ وَكَذَلِكَ اسْتِبْرَاؤُهَا لِنَقْلِ الْمِلْكِ فَيَتَدَاخَلَانِ فَإِنْ زَادَتْ الرِّيبَةُ لَمْ تُوطَأْ حَتَّى تَذْهَبَ (قَوْلُهُ بِالْمَصْبُوغِ) أَيْ وَلَهَا لُبْسُ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَلْبَسُ الْبَيَاضَ كُلَّهُ رَقِيقَهُ وَغَلِيظَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى الْمَنْعِ مِنْ رَقِيقِ الْبَيَاضِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَوَائِدِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْكَافِي: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُهَا لِشَيْءٍ تَتَزَيَّنُ بِهِ بَيَاضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْكَنَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَصْبُوغُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَخْضَرَ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَدْكَنَ وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالتَّمْرِ هِنْدِيٍّ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ نَزْعُهُ) أَيْ الْحُلِيُّ عِنْدَ طُرُوُّ الْمَوْتِ

[فصل لذكر المفقود وأقسامه]

(وَالتَّطَيُّبَ وَعَمَلَهُ) أَيْ التَّطَيُّبِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّطَيُّبِ (وَالتَّجْرَ فِيهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَنْعَةٌ غَيْرَهُ إذَا كَانَتْ تُبَاشِرُ مَسَّهُ بِنَفْسِهَا، وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ (وَ) تَرَكَتْ وُجُوبًا (التَّزَيُّنَ) أَيْ فِي بَدَنِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمٍ) بِفَتْحَتَيْنِ صَبْغٌ يُذْهِبُ حُمْرَةَ الشَّعْرِ وَلَا يُسَوِّدُهُ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّزَيُّنِ بِاللِّبَاسِ (بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ) مِنْ كُلِّ دُهْنٍ لَا طِيبَ فِيهِ (وَالسِّدْرِ وَ) بِخِلَافِ (اسْتِحْدَادِهَا) أَيْ حَلْقِ عَانَتِهَا فَيَجُوزُ (وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَا تَطْلِ جَسَدَهَا) بِنَوْرَةٍ (وَلَا تَكْتَحِلُ) وَلَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَيَجُوزُ (وَإِنْ بِمُطَيِّبٍ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا) وُجُوبًا حَيْثُ كَانَ مُطَيِّبًا. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ (وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ) بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ مَا يَذْكُرُهُ فِي غَيْرِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ (الرَّفْعُ لِلْقَاضِي وَالْوَلِيِّ) أَيْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ (وَوَالِي الْمَاءِ) وَهُوَ السَّاعِي أَيْ جَابِي الزَّكَاةِ إنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي بَلَدِهَا غَيْرُ جَائِرٍ بِأَخْذِ مَالٍ مِنْهَا لِيَكْشِفُوا عَنْ حَالَ زَوْجِهَا (وَإِلَّا) يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ (فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْ صَالِحِي بَلَدِهَا، وَلَهَا أَنْ لَا تَرْفَعَ وَتَرْضَى بِالْمَقَامِ مَعَهُ فِي عِصْمَتِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهُ، أَوْ تَمُوتَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ فِي الرَّفْعِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ، وَالنَّقْلُ أَنَّهَا إنْ أَرَادَتْ الرَّفْعَ، وَوَجَدَتْ الثَّلَاثَةَ وَجَبَ لِلْقَاضِي فَإِنْ رَفَعَتْ لِغَيْرِهِ حَرُمَ عَلَيْهَا وَصَحَّ وَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي بَطَلَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ فَتُخَيَّرُ فِيهِمَا فَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِهِمَا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. (فَيُؤَجَّلُ الْحُرُّ أَرْبَعَ سِنِينَ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا) مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ (وَ) يُؤَجِّلُ (الْعَبْدُ نِصْفَهَا) سَنَتَانِ (مِنْ) حِينِ (الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ) بِالْبَحْثِ عَنْهُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُظَنُّ ذَهَابُهُ إلَيْهَا مِنْ الْبُلْدَانِ بِأَنْ يُرْسِلَ الْحَاكِمُ رَسُولًا بِكِتَابٍ لِحَاكِمِ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ مُشْتَمِلٍ عَلَى صِفَةِ الرَّجُلِ وَحِرْفَتِهِ وَنَسَبِهِ لِيُفَتِّشَ عَنْهُ فِيهَا. (ثُمَّ) بَعْدَ الْأَجَلِ الْكَائِنِ بَعْدَ كَشْفِ الْحَاكِمِ عَنْ أَمْرِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ (اعْتَدَّتْ) عِدَّةً (كَالْوَفَاةِ) أَيْ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ الْحُرَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلرَّجُلِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ وَهِيَ لَابِسَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّطَيُّبَ) فَإِنْ تَطَيَّبَتْ قَبْلَ وَفَاةِ زَوْجِهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِوُجُوبِ نَزْعِهِ وَغَسْلِهِ، كَمَا إذَا أَحْرَمَتْ وَلِلْبَاجِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهَا لَا تَنْزِعُهُ وَكَذَا نَقَلَ الشَّاذِلِيُّ عَنْ الْقَرَافِيِّ وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ أَحْرَمَتْ فَإِنَّ الْمُحْرِمَةَ أَدْخَلَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا بِخِلَافِ مَوْتِ الزَّوْجِ اُنْظُرْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ) قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ اُخْتُلِفَ فِي دُخُولِهَا الْحَمَّامَ، فَقِيلَ: لَا تَدْخُلُهُ أَصْلًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَدْخُلُهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي فَيَجُوزُ دُخُولُهُ مَعَ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ فَقَطْ لَا صَرِيحٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِضَرُورَةٍ يَرْجِعُ لِهَذَا أَيْضًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَرَضُ لَا مُطْلَقُ الْحَاجَةِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ: وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُطَيَّبٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ وَهُوَ جَوَازُ الْكُحْلِ لِضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ مُطَيِّبًا) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ مَسْحُهُ وَإِذَا كَانَ مُطَيِّبًا وَمَسَحَتْهُ فَلْتَمْسَحْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ أَيْ تَمْسَحُ مَا هُوَ زِينَةٌ [فَصْلٌ لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ] (فَصْلٌ لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ) أَيْ وَهُوَ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ مُمْكِنُ الْكَشْفِ عَنْهُ فَيَخْرُجُ الْأَسِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ، وَيَخْرُجُ الْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: أَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ أَيْ وَهِيَ الْمَفْقُودُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ أَوْ فِي زَمَنِ الْوَبَاءِ أَوْ فِي الْقِتَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ أَوْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحُرَّةُ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ: أَيْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَالِيًا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ كَالْبَاشَا وَأَغَاةِ الإنكشارية وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: أَيْ جَابِي الزَّكَاةِ) إنَّمَا سُمِّيَ وَالِيَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ لِجِبَايَةِ الزَّكَاةِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) أَيْ أَوْ وُجِدَ وَلَكِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَشْفِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهَا مَالًا (قَوْلُهُ: فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) هَكَذَا عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ فَلِصَالِحِي جِيرَانِهَا، وَقَوْلُ عبق وَالْوَاحِدُ كَافٍ اعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ قَالَهُ بْن وَكَذَا رَدَّ عج فِي وَسَطِهِ كِفَايَةُ الِاثْنَيْنِ فَضْلًا عَنْ الْوَاحِدِ قَائِلًا: التَّحْقِيقُ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ إنْ وُجِدَ الثَّلَاثَةُ فِي بَلَدِهَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَتْ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ: فَتُخَيَّرُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الرَّفْعِ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ:) (فَيُؤَجَّلُ) أَيْ الْمَفْقُودُ الْحُرُّ أَرْبَعَ سِنِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا دَعَتْهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ لِلدُّخُولِ أَوْ لَا وَالْحَقُّ أَنَّ تَأْجِيلَ الْحُرِّ بِأَرْبَعِ سِنِينَ وَالْعَبْدِ بِنِصْفِهَا تَعَبُّدِيٌّ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ) أَيِّ مِنْ حِينِ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيُؤَجِّلُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالْبَحْثِ عَنْهُ) أَيْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ مِنْ هُنَا نَقَلَ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّ الْمَفْقُودَ الْيَوْمَ يُنْتَظَرُ بِهِ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ لِعَدَمِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْهُ الْآنَ وَأَقَرَّهُ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرْسِلَ إلَخْ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْبَحْثِ عَنْهُ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الطَّالِبَةُ هَذَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْتَدَّتْ كَالْوَفَاةِ) أَيْ وَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ كَذَا فِي بْن وَإِنَّمَا قَالَ كَالْوَفَاةِ الْمُفِيدُ أَنَّهَا لَيْسَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ حَقِيقَةً لِمُغَايَرَةِ الْمُشَبَّهِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ أَيْ حُكْمٌ بِالْمَوْتِ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً، وَاعْلَمْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا إنْ تَمَّتْ أَيْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ: لَا رِيبَةَ بِهَا وَإِلَّا انْتَظَرَتْهَا أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَذَلِكَ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ حِينِ

وَالْأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ مَوْتُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا كَمَا قَالَ (وَسَقَطَتْ بِهَا) أَيْ فِيهَا أَيْ الْعِدَّةِ (النَّفَقَةُ) . (وَلَا تَحْتَاجُ) الزَّوْجَةُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ (لِإِذْنٍ) مِنْ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ حَصَلَ بِضَرْبِ الْأَجَلِ أَوَّلًا. (وَلَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ) أَيْ اخْتِيَارُ الْبَقَاءِ فِي عِصْمَتِهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ اتِّفَاقًا. (وَقُدِّرَ طَلَاقٌ) مِنْ الْمَفْقُودِ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ يُفِيتُهَا عَلَيْهِ (يَتَحَقَّقُ) وُقُوعُهُ (بِدُخُولِ) الزَّوْجِ (الثَّانِي) عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ جَاءَ الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَبَعْدَ الدُّخُولِ بَانَتْ مِنْ الْأَوَّلِ وَتَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَاسْتُشْكِلَ تَقْدِيرُ هَذَا الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ تَقْدِيرِ مَوْتِهِ، وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ. (فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ الْمَفْقُودُ (إنْ) كَانَ قَدْ (طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ) قَبْلَ فَقْدِهِ يَعْنِي بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ إذَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ عِصْمَةِ الْمَفْقُودِ الْمُقَدَّرَ وُقُوعُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ قَدْ حَقَّقَ وُقُوعَهَا دُخُولُ الثَّانِي فَصَارَتْ بَعْدَ فِرَاقِهَا بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِوَطْءٍ مِنْ الثَّانِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا بِانْتِشَارٍ لَا نَكِرَةَ فِيهِ إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ. (فَإِنْ) (جَاءَ) الْمَفْقُودُ (أَوْ) لَمْ يَجِئْ وَ (تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ (مَاتَ) (فَكَالْوَلِيَّيْنِ) أَيْ فَحُكْمُهَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كَحُكْمِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ يُزَوِّجُهَا كُلٌّ مِنْ رَجُلٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِتَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَتَكُونُ لِلْمَفْقُودِ فِيمَا إذَا جَاءَ، أَوْ تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَقَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ عَالِمًا بِمَا ذُكِرَ وَتَفُوتُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ لِلثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهَا لِلْأَوَّلِ فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ مَوْتُهُ فَسْخُ نِكَاحِ الثَّانِي، وَإِرْثُهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَوَرِثَتْ) الزَّوْجَةُ (الْأَوَّلَ) أَيْ الْمَفْقُودَ (إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا) وَذَلِكَ فِي أَحْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنْ يَمُوتَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلَمْ يَعْقِدْ الثَّانِي، أَوْ عَقَدَ وَلَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ عَالِمًا. (وَلَوْ) (تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةٍ) مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ (فَكَغَيْرِهِ) مِمَّنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ، وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ إنْ تَلَذَّذَ فِيهَا أَوْ وَطِئَ وَلَوْ بَعْدَهَا. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ ذَكَرَ سَبْعَ مَسَائِلَ يُتَوَهَّمُ مُسَاوَاتُهَا لِذَلِكَ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُخَالِفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّأْجِيلِ كَذَا فِي عبق نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَمَضَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ الْمَذْكُورَةُ، وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ لِكَوْنِ عَادَتِهَا الْحَيْضَ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً هَلْ تَنْتَظِرُ الْأَقْرَاءَ الثَّلَاثَةَ أَوْ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ فَتَنْظِيرُ عج فِي ذَلِكَ قُصُورٌ كَمَا قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إذْنَهُ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ بَلْ وَكَذَلِكَ فِي التَّزْوِيجِ حَصَلَ بِضَرْبِهِ الْأَجَلَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْفَرَاغِ) أَيْ مِنْ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا اعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْبَقَاءِ فِي عِصْمَتِهِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَقَبْلَ كَمَالِهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَهَا الْبَقَاءُ مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَتِهِ إذَا تَمَّتْ الْأَرْبَعُ سِنِينَ، وَأَمَّا فِي خِلَالِهَا أَيْ الْأَرْبَعِ سِنِينَ مُدَّةِ الْأَجَلِ فَلَهَا الْبَقَاءُ (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ) أَيْ وَقَدَّرَ الشَّارِعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْ الْمَفْقُودِ حِينَ شُرُوعِهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: يُفِيتُهَا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى احْتِمَالِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي) أَيْ وَبَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَأَوْلَى قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: كَانَ أَيْ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهَا (قَوْلُهُ وَتَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ الْمَهْرِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمُعْتَرِضِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لَهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ لَهَا الْمَهْرَ بَلْ لَهَا نِصْفُهُ فَقَطْ ثُمَّ إنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ أَوْ ثَبَتَ مَوْتُهُ كَمَّلَ لَهَا وَنَسَبَ ح هَذَا الْقَوْلَ لِلْبَاجِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ وَاَلَّذِي فِي الْمُتَيْطِيِّ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُعَجِّلُ جَمِيعَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ يَبْقَى عَلَى تَأْجِيلِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَرْجَحَ مَعَ حُلُولِ مَا أُجِّلَ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً وَنَصُّ الْخِلَافِ الْجَارِي فِي الصَّدَاقِ الْمُؤَجَّلِ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ فِي صَدَاقِ مَنْ لَمْ يَبْنِ بِهَا فَقَالَ مَالِكٌ لَهَا جَمِيعُهُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَابْنُ دِينَارٍ نِصْفُهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ دَفَعَهُ لَهَا لَمْ يَنْزِعْ مِنْهَا، وَإِلَّا أُعْطِيت نِصْفَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْقَى الْمُؤَجَّلُ لِأَجَلِهِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يُعَجِّلُ نِصْفَهُ وَيُؤَخِّرُ نِصْفَهُ لِمَوْتِهِ بِالتَّعْمِيرِ وَلِسَحْنُونٍ يُعَجِّلُ جَمِيعَهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِأَجْلِ فَوَاتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي إذَا تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ؛ إذْ لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِهِ لَمْ تَفُتْ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدِّرُ وَفَاتَهُ لِأَجْلِ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَيُقَدِّرَ طَلَاقَهُ لِأَجْلِ أَنْ تَفُوتَ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَلِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ حِلِّيَّتُهَا لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ قَبْلَ فَقْدِهِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ لَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَتَكُونُ لِلْمَفْقُودِ فِيمَا إذَا جَاءَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا تَكُونُ لَهُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ، وَهِيَ مَجِيئُهُ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ تَبَيَّنَ مَوْتُهُ فِي أَرْبَعَةٍ، وَهِيَ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ عَالِمًا فَتَكُونُ لِلْمَفْقُودِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إنْ تَلَذَّذَ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ تَفُوتُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إنْ قَضَى إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ قَضَى لَهَا بِالثَّانِي كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ

فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُهُ فَقَالَ (وَأَمَّا إنْ) (نُعِيَ لَهَا) زَوْجُهَا بِأَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِهِ فَاعْتَمَدَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي، وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ، أَوْ حَكَمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ حَاكِمٌ. (أَوْ) (قَالَ) الزَّوْجُ (عَمْرَةُ طَالِقٌ مُدَّعِيًا) زَوْجَةً (غَائِبَةً) اسْمُهَا كَذَلِكَ قَصَدَ طَلَاقَهَا بِهِ وَلَهُ زَوْجَةٌ حَاضِرَةٌ اسْمُهَا عَمْرَةُ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ سِوَاهَا فَلَمْ يُصَدَّقْ (فَطَلَّقَ عَلَيْهِ) الْحَاضِرَةَ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْغَائِبَةِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ (ثُمَّ أَثْبَتَهُ) أَيْ أَثْبَتَ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً غَائِبَةً تُسَمَّى عَمْرَةَ فَتُرَدُّ إلَيْهِ الْحَاضِرَةُ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّانِي. (وَذُو) زَوْجَاتٍ (ثَلَاثٍ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ) عَلَى أَنْ يُزَوِّجَاهُ فَزَوَّجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدَةً، وَسَبَقَ عَقْدُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ فَفَسَخَ نِكَاحَ الْأُولَى مِنْهُمَا ظَنًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ لِكَوْنِهَا خَامِسَةً فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ لِكَوْنِهَا ذَاتَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَتَعَيَّنُ فَسْخُ نِكَاحِهَا لِكَوْنِهَا خَامِسَةً وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهَا. (وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ) فَتَزَوَّجَهَا ثَانٍ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَدَخَلَ (ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا) عَنْ الْمُطَلِّقِ بِأَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ أَرْسَلَهَا وَأَنَّهَا وَصَلَتْهَا أَوْ أَنَّهُ تَرَكَهَا عِنْدَهَا أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّانِي. (وَذَاتُ) الزَّوْجِ (الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا) الْمُقَرَّرَةِ لَهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا الْمَفْقُودِ، وَأَحْرَى لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي الْأَجَلِ (فَيُفْسَخُ) نِكَاحُهَا ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهَا اسْتَبْرَأَتْ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَفْقُودَ كَانَ قَدْ مَاتَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ قَبْلَ نِكَاحِ الثَّانِي فَإِنَّ دُخُولَ الثَّالِثِ لَا يُفِيتُهَا عَلَى الثَّانِي. (أَوْ) (تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ) لِزَوْجِهَا الْمَفْقُودِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَّا بِقَوْلِهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ، وَدَخَلَ بِهَا فَفُسِخَ نِكَاحُهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ فِي الْوَاقِعِ لِثُبُوتِ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ قَبْلَهُ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّالِثِ وَتُرَدُّ لِلثَّانِي لِظُهُورِ صِحَّتِهِ فِي الْوَاقِعِ. (أَوْ) تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ شَخْصٍ غَائِبٍ (بِشَهَادَةِ) رَجُلَيْنِ (غَيْرِ عَدْلَيْنِ) عَلَى مَوْتِهِ (فَيُفْسَخُ) لِعَدَمِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَتَزَوَّجَتْ ثَالِثًا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَدَخَلَ بِهَا (ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ نِكَاحُ الْمُتَزَوِّجِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ (كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ) لِكَوْنِ الْعُدُولِ أَرَّخُوا مَوْتَهُ بِتَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ تَنْقَضِي فِيهِ عِدَّتُهَا قَبْلَ نِكَاحِهِ فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّالِثِ فَقَوْلُهُ: (فَلَا تَفُوتُ) وَاحِدَةٌ مِنْ السَّبْعِ (بِدُخُولٍ) جَوَابُ إمَّا. (وَالضَّرْبُ) أَيْ ضَرْبُ الْأَجَلِ (لِوَاحِدَةٍ) مِنْ نِسَاءِ الْمَفْقُودِ قَامَتْ دُونَ غَيْرِهَا (ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ، وَإِنْ أَبَيْنَ) أَيْ الْبَاقِيَاتُ مِنْ كَوْنِ الضَّرْبِ لِمَنْ قَامَتْ ضَرْبًا لَهُنَّ، وَطَلَبْنَ ضَرْبَ أَجَلٍ آخَرَ فَلَا يُضْرَبُ لَهُنَّ أَجَلٌ مُسْتَأْنَفٌ بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى مَا لَمْ يَخْتَرْنَ الْمُقَامَ مَعَهُ بِأَنْ اخْتَرْنَهُ فَلَهُنَّ ذَلِكَ وَتَسْتَمِرُّ لَهُنَّ النَّفَقَةُ. (وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ) عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَلَا يُضْرَبُ لَهَا أَجَلٌ وَلَا تُعْتَقُ بَلْ تَسْتَمِرُّ لِمُدَّةِ التَّعْمِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَقَدَ عَلَيْهَا، وَدَخَلَ بِهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ غَيْرَ عَالِمٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ فَلَا تَرِثُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُهُ) أَيْ دُخُولُ الثَّانِي، وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ لَهَا بِالْمَوْتِ عُدُولًا أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ وَقَوْلُهُ: حَكَمَ بِمَوْتِهِ إلَخْ أَيْ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ بِالْمَوْتِ عَدْلَيْنِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ الْعَدْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي) وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَوْ حَكَمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ حَاكِمٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَاتِ الْمَفْقُودِ وَهَذِهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَفْقُودِ اسْتَنَدَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ فَقْدِهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ فَلَمْ يُبَالِ بِمَجِيئِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ فَقَدْ اسْتَنَدَ إلَى شَهَادَةٍ ظَهَرَ خَطَؤُهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَوَاضِحٌ، وَقَوْلُنَا: وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ أَيْ فِي وُجُودِ الْفَقْدِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْعِيَّ لَهَا زَوْجُهَا لَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي، وَلَوْ حُكِمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي مُطْلَقًا حُكِمَ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا، وَقِيلَ: تَفُوتُ إنْ حُكِمَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا رَجَعَتْ لِلْأَوَّلِ فَتَعْتَدُّ مِنْ الثَّانِي بِثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةِ شُهُورٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ فِي بَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِيهِ مَعَهُ، وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ اعْتَدَّتْ مِنْهُ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَا تُرْجَمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ فَاشِيًّا؛ لِأَنَّ النَّعْيَ لَهَا أَيْ الْإِخْبَارَ بِمَوْتِهِ شُبْهَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِدُخُولِ الثَّانِي وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ مِنْ ذَلِكَ الثَّانِي وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ فَوَاتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي فِي هَذِهِ هُوَ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِإِسْقَاطٍ دُونَ سُقُوطٍ، وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ الْإِسْقَاطَ لَا يَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ، وَقَبْلَ وُجُوبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تُرَدُّ لِلْأَوَّلِ إذَا دَخَلَ بِهَا الثَّانِي، وَهُوَ مَا لِلْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ) (فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ ثُبُوتِ مَوْتِ زَوْجِهَا الْمَفْقُودِ، وَقَوْلُهُ: فَاعْتَدَّتْ أَيْ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّالِثِ أَيْ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْلَادًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا مَوْتَهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ كَذَا فِي عبق وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ) أَيْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى مَوْتِ الْأَوَّلِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: فَتَزَوَّجَتْ ثَالِثًا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) أَيْ عَلَى مَوْتِ الزَّوْجِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ نِكَاحِهِ) أَيْ نِكَاحِ الْمُتَزَوِّجِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَيْنَ أَيْ الْبَاقِيَاتُ مِنْ كَوْنِ الضَّرْبِ لِمَنْ قَامَتْ إلَخْ) بَلْ وَكَذَا إنْ أَبَيْنَ مِنْ الْقِيَامِ وَمِنْ الرَّفْعِ حِينَ قَامَتْ الْأُولَى ثُمَّ قُمْنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُضْرَبُ لَهُنَّ أَجَلٌ مُسْتَأْنَفٌ بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى اهـ بْن قَالَ ح وَكَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ مَعَ مَا نَقَلَ

أَوْ لِثُبُوتِ مَوْتِهِ (وَ) كَذَا (مَالُهُ) فَيُورَثُ حِينَئِذٍ وَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (وَ) بَقِيَتْ (زَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَ) زَوْجَةُ (مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ) (لِلتَّعْمِيرِ) إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا وَإِلَّا فَلَهُمَا التَّطْلِيقُ كَمَا لَوْ خَشِيَتَا الزِّنَا (وَهُوَ) أَيْ التَّعْمِيرُ أَيْ مُدَّتُهُ (سَبْعُونَ) سَنَةً مِنْ يَوْمِ وُلِدَ وَتُسَمِّيهَا الْعَرَبُ دَقَّاقَةَ الْأَعْنَاقِ (وَاخْتَارَ) الشَّيْخَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْقَابِسِيُّ (ثَمَانِينَ وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ) سَنَةً وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَلِذَا قَدَّمَهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سَنَةٍ) بِأَنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَتْ أُخْرَى عِشْرُونَ (فَالْأَقَلُّ) أَيْ فَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ (وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ التَّخْمِينِ لِلضَّرُورَةِ (وَحَلَفَ الْوَارِثُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّقْدِيرِ بِأَنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ حَقٌّ، وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُعْتَمِدًا عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ يَظُنُّ بِهِ الْعِلْمَ فَإِنْ أَرَّخَتْ الْبَيِّنَةُ الْوِلَادَةَ فَلَا يَمِينَ. (وَإِنْ) (تَنَصَّرَ) أَيْ كَفَرَ (أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ) يُحْمَلُ عِنْدَ الْجَهْلِ فَتَبِينُ زَوْجَتُهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا فَلِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ. (وَاعْتَدَّتْ) الزَّوْجَةُ (فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) بَعْضِهِمْ بَعْضًا (بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ إذْ يُحْتَمَلُ مَوْتُهُ آخِرَ الْقِتَالِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ يُونُسَ وَالْمُتَيْطِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُنَّ إذَا قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِلْأُولَى، وَبَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيهِنَّ وَلَا يَحْتَجْنَ إلَى عِدَّةٍ، قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ إذَا أَنْفَقْنَ مِنْ مَالِهِ فِي عِدَّةِ الْأُولَى ثُمَّ قُمْنَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِنَّ بِمَا أَنْفَقْنَ مِنْ مَالِهِ مِنْ حِينَ أَخَذَ الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْجِيحُهُنَّ عَلَيْهَا بِلَا مُرَجِّحٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لِثُبُوتِ مَوْتِهِ) هَذَا إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا مُسْتَمِرَّةً وَإِلَّا نَجَزَ عِتْقُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُوَثِّقِينَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَقِيلَ: إنَّهَا تُطَالِبُ بِسَعْيِهَا فِي مَعَاشِهَا لِثُبُوتِ مَوْتِهِ أَوْ لِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْقَطَّانِ وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهَا تُزَوَّجُ (قَوْلُهُ: فَيُورَثُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ ثَبَتَ مَوْتُهُ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُرَادُ وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَ إذْ ثَبَتَ مَوْتُهُ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ مَعَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لَا وَارِثُهُ يَوْمَ الْفَقْدِ وَلَا وَارِثُهُ يَوْمَ بُلُوغِهِ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ بِدُونِ حُكْمٍ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ، وَأَقْوَالُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ مُسْتَحِقَّ إرْثِهِ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ تَمْوِيتِهِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَتْ زَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَمَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ لِلتَّعْمِيرِ) أَيْ ثُمَّ حُكِمَ بِمَوْتِهِ وَاعْتَدَّتْ زَوْجَةُ كُلٍّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَقُسِّمَ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْقَسْمِ لِتَرِكَتِهِ لَمْ يَمْضِ الْقَسْمُ وَيَرْجِعُ لَهُ مَتَاعُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ خَشِيَتَا الزِّنَا) فَإِنَّ لَهُمَا التَّطْلِيقَ، وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُمَا دَائِمَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا شُكَّ فِي فَقْدِهِ هَلْ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ تَحْقِيقًا احْتِيَاطًا فِي زَوْجَتِهِ وَمَالِهِ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الْبَاجِيَّ فِي سِجِلَّاتِهِ قِيلَ: يُعَمِّرُ خَمْسًا وَسَبْعِينَ وبِهِ قَضَى ابْنُ زَرْبٍ اهـ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ مَنْ فُقِدَ وَقَدْ بَلَغَ سِنَّ التَّعْمِيرِ أَوْ جَاوَزَهُ كَمَنْ فُقِدَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى ابْنِ السَّبْعِينَ إذَا فُقِدَ لَهَا زِيدَ لَهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ أَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا ابْنُ الثَّمَانِينَ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ زِيدَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ مِائَةٍ اُجْتُهِدَ فِيمَا يُزَادُ لَهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ عَلَى مَا يُقَدِّرُونَهُ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِمْ أَيْ إنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمْ وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلتَّعَذُّرِ (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عِنْدَ الْجَهْلِ) أَيْ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِ مِنْ الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَصْلًا أَوْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ إحْدَاهُمَا بِالطَّوْعِ وَالْأُخْرَى بِالْإِكْرَاهِ كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ قِيَامُهُمَا كَالْجَهْلِ إذَا عُدِمَ الْمُرَجِّحُ لِإِحْدَاهُمَا فَيَتَسَاقَطَانِ أَمَّا حَيْثُ وُجِدَ الْمُرَجِّحُ كَمَا هُنَا، وَهُوَ كَوْنُ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ مُثْبِتَةً، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّافِيَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ قِيَامُهُمَا كَالْجَهْلِ اهـ بْن وَلَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجَةُ مَنْ تَنَصَّرَ، وَشُكَّ فِيهِ هَلْ تَنَصَّرَ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مُكْرَهٌ فَكَامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فِي كَوْنِهَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي غَيْرِ الْعَالِمِ، وَقِيلَ كَالْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا فَلَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ أَصْلًا وَأَمَّا لَوْ عُلِمَ إكْرَاهُهُ فَكَالْمُسْلِمِ تَبْقَى زَوْجَتُهُ فِي عِصْمَتِهِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ) الَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي هَذَا مَا نَصُّهُ فَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ قِيلَ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ قَرِيبَةً كَانَتْ الْمَعْرَكَةُ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقِيلَ بَعْدَ أَنْ يَتَلَوَّمَ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَنْصَرِفُ مِنْ هَرَبٍ أَوْ مِنْ انْهِزَامٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمَعْرَكَةُ عَلَى بُعْدٍ مِنْ بِلَادِهِ مِثْلِ إفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ ضُرِبَ لِامْرَأَتِهِ أَجَلُ سَنَةٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتَتَزَوَّجُ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُ عَزَا الْأَوَّلَ لِسَحْنُونٍ وَنَحْوُهُ فِي نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَعَزَا ابْنُ يُونُسَ الثَّانِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهَا شَارِحُ التُّحْفَةِ وَعَزَا الْمُتَيْطِيُّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَا الثَّانِيَ لِلْعُتْبِيَّةِ وَوَافَقَهُ التَّوْضِيحُ فِي عَزْوِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: جَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الثَّانِيَ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرًا لَهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالتَّفْسِيرَيْنِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُمْ اخْتَلَفَتْ فِي الْأَوَّلِ فَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ، وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ

وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّهَا رَأَتْهُ حَضَرَ الصَّفَّ فَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ خَرَجَ مَعَ الْجَيْشِ، فَقَطْ فَتَكُونُ زَوْجَتُهُ كَالْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ (وَهَلْ يُتَلَوَّمُ) أَيْ يُنْتَظَرُ مُدَّةً تَعْتَدُّ بَعْدَهَا بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ (وَيُجْتَهَدُ) فِي قَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ تَعْتَدُّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ أَصْلًا (تَفْسِيرَانِ) لِقَوْلِ مَالِكٍ تَعْتَدُّ يَوْمَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ فَبَعْضُهُمْ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْتَقْصَى أَمْرُهُ وَيُسْتَبْرَأُ خَبَرُهُ (وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَانْقِضَاءِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ (كَالْمُنْتَجَعِ) أَيْ الْمُرْتَحَلِ (لِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ فِي زَمَنِهِ) فَفُقِدَ أَوْ فُقِدَ فِي بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِجَاعٍ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ ذَهَابِ الطَّاعُونِ، وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْمَفْقُودِ. (وَ) اعْتَدَّتْ (فِي الْفَقْدِ) لِلزَّوْجِ فِي الْقِتَالِ الْوَاقِعِ (بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ) كَائِنَةٍ (بَعْدَ النَّظَرِ) مِنْ السُّلْطَانِ فِي أَمْرِهِ وَالتَّفْتِيشِ عَنْهُ وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْمَفَاقِيدِ الْأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِسُكْنَى الْمُعْتَدَّاتِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِنَّ، فَقَالَ: (وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ) بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا السُّكْنَى وُجُوبًا عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ مَاتَ اسْتَمَرَّتْ فِي الْبَائِنِ وَكَذَا فِي الرَّجْعِيِّ عَلَى تَفْصِيلٍ كَمَا يَأْتِي. (أَوْ) (الْمَحْبُوسَةِ) أَيْ الْمَمْنُوعَةِ مِنْ نِكَاحٍ (بِسَبَبِهِ) بِغَيْرِ طَلَاقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَعَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِهِ وَإِنَّمَا تَعَقَّبَهُ اللَّقَانِيُّ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَتَحْسِبُهَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ هِيَ التَّحْقِيقُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الِالْتِقَاءِ وَالِانْفِصَالِ أَيَّامٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا مَاتَ يَوْمَ الِانْفِصَالِ فَلَوْ حَسِبَتْ مِنْ الِالْتِقَاءِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ غَيْرَ كَامِلَةٍ فَتَحْسِبُ عِدَّتَهَا مِنْ يَوْمِ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْعِدَّةِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إلْغَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ: لَوْ كَانَ الْقِتَالُ أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا فَمِنْ آخِرِ يَوْمٍ اهـ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ يَوْمِ الْمُعْتَرَكِ وَكَذَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ يَحْتَمِلُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمُعْتَرَكِ أَوْ انْتِهَائِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهِ، وَكَذَلِكَ الِالْتِقَاءُ يُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِدَّةِ فَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ حَسَنٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) إلَّا أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مَا لِلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّ مَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَفْسِيرًا لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ الْمُرَادُ مِنْ يَوْمِ آخِرِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَهُوَ يَوْمُ الِانْفِصَالِ (قَوْلُهُ: وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ) فَإِذَا كَانَتْ الْمَعْرَكَةُ بَعِيدَةً مِنْ بَلَدِهِ يُوَسِّعُ فِي الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً يُقَلِّلُ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ تَفْسِيرَانِ) وَلَمْ يَقُلْ: تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: فَبَعْضُهُمْ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ) أَيْ فَيَكُونُ خِلَافًا لِقَوْلِ أَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ) أَيْ حَمَلَهُ عَلَى الْوِفَاقِ لَهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي زَمَنِهِ) أَيْ أَوْ الْمُرْتَحِلُ فِي زَمَنِهِ وَلَوْ لِبَلَدٍ لَا طَاعُونَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فِي بَلَدِهِ) أَيْ الطَّاعُونِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَنَةٍ كَائِنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَسْرِهِ عِنْدَ الْعَدُوِّ وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَنَّ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَجَمِيعِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ سِوَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَا مِنْ بَعْدِ النَّظَرِ وَالتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ يَتَنَبَّهْ ح وَلَا غَيْرُهُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَالْكَمَالُ لِلَّهِ قُلْت مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ نَقَلَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ، وَوَقَعَ الْقَضَاءُ بِهِ فِي الْأَنْدَلُسِ قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ: وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَرْبُ السُّلْطَانِ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَفْقُودِ لَا مِنْ يَوْمِ قِيَامِ الزَّوْجَةِ عِنْدَهُ عَلَى مَا اُسْتُحْسِنَ مِنْ الْخِلَافِ، وَقَالَ ابْنُ عَاصِمٍ أَيْضًا عَقِبَ مَا مَرَّ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلِ أَشْهَبَ: إنَّهُ يَتَلَوَّمُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ؛ لِأَنَّ مَحْمَلَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الرَّفْعِ فَعَبَّرَ بِالرَّفْعِ عَنْهُ تَجَوُّزًا اهـ فَقَدْ تَأَوَّلَ ابْنُ عَاصِمٍ عِبَارَةَ ابْنِ رُشْدٍ وَرَدَّهَا لِمَا بِهِ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ الْمَفَاقِيدِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ الْمَفْقُودِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ أَرْبَعَ سِنِينَ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَالْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَالْمَفْقُودُ بِأَرْضِ الشِّرْكِ كَالْأَسِيرِ وَحُكْمُهُمَا أَنْ تَبْقَى زَوْجَتُهُمَا لِانْتِهَاءِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَالْمَفْقُودُ فِي الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَحُكْمُهُ أَنْ تَعْتَدَّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَالْمَفْقُودُ فِي الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَحُكْمُهُ أَنْ يُؤَجَّلَ سَنَةً بَعْدَ النَّظَرِ وَالْكَشْفِ عَنْهُ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ هَذَا حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ فِي الْأَقْسَامِ كُلِّهَا وَلَا لِإِذْنِ الْقَاضِي لِلزَّوْجَةِ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا عَلَى الزَّوْجِ) أَيْ إذَا كَانَ حَيًّا (قَوْلُهُ: اسْتَمَرَّتْ فِي الْبَائِنِ) أَيْ مُطْلَقًا كَانَ الْمَسْكَنُ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَمْ لَا، وَالْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ رَأْسُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ)

كَالْمَزْنِيِّ بِهَا غَيْرِ عَالِمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ، وَمَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ (فِي حَيَاتِهِ السُّكْنَى) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسَةِ لَا بِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهَا السُّكْنَى مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَاعْتُرِضَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السُّكْنَى لَا تُقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْفَسْخِ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لَوَجَبَ لَهَا السُّكْنَى فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُهُ. (وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا) السُّكْنَى مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ دَخَلَ بِهَا) وَلَوْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً (وَالْمَسْكَنُ) الَّذِي هِيَ سَاكِنَةٌ فِيهِ وَقْتَ الْمَوْتِ (لَهُ) بِمِلْكٍ (أَوْ) إجَارَةٍ وَ (نَقَدَ كِرَاءَهُ) كُلَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَوْ نَقَدَ الْبَعْضَ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِهِ فَقَطْ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا مَاتَ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، وَلَوْ حُكْمًا وَأَمَّا إنْ مَاتَ، وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ بَائِنًا فَالسُّكْنَى ثَابِتَةٌ لَهَا مُطْلَقًا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا، نَقَدَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا؛ إذْ هِيَ مُطَلَّقَةٌ فَالسُّكْنَى لَهَا بِلَا شَرْطٍ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ (لَا بِلَا نَقْدٍ) لِلْكِرَاءِ فَلَا سُكْنَى لَهَا (وَهَلْ مُطْلَقًا) كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ لِلْوَرَثَةِ جَمِيعًا فَتَدْفَعُ الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهَا (أَوْ) لَا سُكْنَى لَهَا (إلَّا الْوَجِيبَةُ) فَهِيَ أَحَقُّ بِالسُّكْنَى فِي مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ (تَأْوِيلَانِ) . (وَلَا) سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) بِهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا) مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ إسْكَانَهَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ دُخُولِهِ بِهَا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا مَعَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا (لِيَكُفَّهَا) عَمَّا يُكْرَهُ فَلَا سُكْنَى، وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّ الْمَسْكَنَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِيَكْفُلَهَا بِلَامٍ بَعْدَ الْفَاءِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَهُوَ الْحَضَانَةُ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الصَّغِيرَةِ الْغَيْرِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ فَحَضَانَتُهَا لَا تُوجِبُ سُكْنَاهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي وَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمُطِيقَةِ، وَالْأَوَّلُ عَامٌّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (وَسَكَنَتْ) الْمُعْتَدَّةُ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا (عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ) مَعَ زَوْجِهَا فِي حَيَاتِهِ شِتَاءً وَصَيْفًا (وَرَجَعَتْ لَهُ إنْ نَقَلَهَا) مِنْهُ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ (وَاتُّهِمَ) عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهَا لِيُسْقِطَ سُكْنَاهَا فِيهِ فِي الْعِدَّةِ أَيْ وَالشَّأْنُ أَنَّهُ يُتَّهَمُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ فَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ (أَوْ كَانَتْ) مُقِيمَةً (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا وَقْتَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ إذَا كَانَتْ الْإِقَامَةُ بِغَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ مِلْكًا لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا سُكْنَى لَهَا فَالرَّجْعِيَّةُ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا مِثْلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا بِدَلِيلِ انْتِقَالِهَا أَيْ الرَّجْعِيَّةِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَالْمَزْنِيِّ بِهَا غَيْرَ عَالِمَةٍ) أَيْ فَإِنَّ لَهَا الصَّدَاقُ وَالسُّكْنَى عَلَى مَنْ زَنَى بِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَالِمَةً فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَلَا سُكْنَى (قَوْلُهُ: إنَّ السُّكْنَى) أَيْ سُكْنَى الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمُعْتَدَّةِ، وَلَا لِلْمَحْبُوسَةِ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْبَائِنَ لَهَا السُّكْنَى، وَلَوْ مَاتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ الْمَحْبُوسَةُ لَهَا السُّكْنَى سَوَاءٌ طَلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْحَبْسِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَحْبُوسَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ مَنْ حُبِسَتْ فِي حَيَاتِهِ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ حَبْسِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا التَّأْوِيلُ يَصِحُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا) هَذَا شَامِلٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: مُطِيقَةً) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطِيقَةِ فَلَا سُكْنَى لَهَا إلَّا بِالشَّرْطِ الْآتِي وَهُوَ إذَا أَسْكَنَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ مُطْلَقًا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ وَمَنْ دَخَلَ بِصَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا سُكْنَى لَهَا فِي الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَلَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَ ضَمَّهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقَلَهَا اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَخَذَهَا لِيَكْفُلَهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ مَوْتِهِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ إنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ. (قَوْلُهُ: لَا بِلَا نَقْدٍ) هَذَا بَيَانٌ لِمُحْتَرَزِ الشَّرْطَيْنِ فِي وُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَجِيبَةً) أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (قَوْلُهُ: أَوْ مُشَاهَرَةً) أَيْ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُدَّةِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ كَكُلِّ شَهْرٍ أَوْ كُلِّ سَنَةٍ أَوْ كُلِّ جُمُعَةٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي الْوَجِيبَةِ وَأَمَّا الْمُشَاهَرَةُ فَلَا سُكْنَى لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ كَانَ لَهَا السُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَفِي الْمُشَاهَرَةِ لَا سُكْنَى لَهَا اتِّفَاقًا وَفِي الْوَجِيبَةِ تَأْوِيلَانِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا) أَيْ فَإِذَا أَسْكَنَهَا مَعَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَجَبَتْ لَهَا السُّكْنَى وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَسْكَنَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهَا) أَيْ لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي أَسْكَنَهَا مَعَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِأَجْلِ كَفَالَتِهَا ثُمَّ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا مَتَى أَسْكَنَهَا مَعَهُ فَلَهَا السُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ مُطِيقَةً أَمْ لَا إلَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً وَقَصَدَ بِإِسْكَانِهَا مَعَهُ كَفَالَتَهَا ثُمَّ مَاتَ فَلَا سُكْنَى لَهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ عَامٌّ هُوَ الصَّوَابُ لَا خَاصٌّ بِالصَّغِيرَةِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ مَعَ زَوْجِهَا فِي حَيَاتِهِ) الْأَوْلَى قَبْلَ طَلَاقِهَا وَفِي حَالِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ لَهُ) أَيْ لِمَحَلِّ سُكْنَاهَا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ الْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ بَلْ لِلِاسْتِئْنَافِ

غَيْرَ وَاجِبَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِهِ (لِشَرْطٍ) اشْتَرَطَهُ عَلَيْهَا أَهْلُ الرَّضِيعِ (فِي إجَارَةِ رَضَاعٍ) أَيْ شَرَطُوا عَلَيْهَا أَنْ لَا تَرْضِعَهُ إلَّا فِي دَارِ أَهْلِهِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَتَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ (وَانْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُ الرَّضِيعِ بِرَضَاعِهِ بِمَسْكَنِهَا. (وَ) رَجَعَتْ وُجُوبًا لِتَعْتَدَّ بِمَنْزِلِهَا (مَعَ ثِقَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ (إنْ) (بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ) بَعْدَ وُصُولِهَا لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا (إنْ خَرَجَتْ ضَرُورَةً) أَيْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ (فَمَاتَ) زَوْجُهَا (أَوْ طَلَّقَهَا) بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا (فِي) سَيْرِهَا وَبُعْدِهَا عَنْ مَنْزِلِهَا (كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) دَخَلَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَرْجِعْ بَلْ تَسْتَمِرُّ كَمَا لَوْ دَخَلَتْ فِي الْإِحْرَامِ. (وَ) رَجَعَتْ (فِي) الْحَجِّ (التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ النَّوَافِلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ خَرَجَ) الزَّوْجُ مَعَهَا (لِكَرِبَاطٍ) فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَ وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجَتْ لَكَانَ أَحْسَنَ (لَا) إنْ كَانَ الْخُرُوجُ (لِمُقَامٍ) أَيْ إقَامَةٍ (هُنَاكَ) بِرَفْضِ سُكْنَى مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ (وَإِنْ وَصَلَتْ) مُبَالَغَةٌ فِيمَا قَبْلَ النَّفْيِ أَيْ تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا، وَإِنْ وَصَلَتْ لِمَكَّةَ أَوْ لِمَحَلِّ الرِّبَاطِ وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَالْأَحْسَنُ) رُجُوعُهَا (وَلَوْ أَقَامَتْ) فِي مَحَلٍّ كَالرِّبَاطِ (نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ) بِأَنْ أَقَامَتْ سَبْعَةً وَلَكِنَّ النَّقْلَ عَلَى الْمُسْتَحْسَنِ أَنَّهَا تَرْجِعُ وَلَوْ أَقَامَتْ عَامًا (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (خِلَافُهُ) وَأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بَلْ تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ لَكِنَّ عَدَمَ رُجُوعِهَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمَّا قَبْلَهَا فَتَرْجِعُ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ الْمُسْتَحْسَنُ. ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ لَا لِمُقَامٍ بِقَوْلِهِ (وَفِي) سَفَرِ (الِانْتِقَالِ) وَرَفَضَ الْأَوَّلَ فَمَاتَ الزَّوْجُ أَوْ طَلَّقَ مُخَيَّرَةً (تَعْتَدُّ) إنْ شَاءَتْ (بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا) أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَأَشْمَلَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لَهَا (الْكِرَاءُ) يَنْقُدُهُ عَنْهَا حَالَ كَوْنِهِ (رَاجِعًا) مَعَهَا حَيْثُ لَزِمَهَا الرُّجُوعُ لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَرْجِعْ مَعَهَا فَلَوْ قَالَ رَاجِعَةً بِالتَّأْنِيثِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فَالْكِرَاءُ عَلَيْهَا لِانْتِقَالِ مَالِهِ لِلْوَرَثَةِ كَمَا لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ إذَا اعْتَدَّتْ حَيْثُ شَاءَتْ. وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ وَرَجَعَتْ فِي كُلِّ الْأَقْسَامِ مُقَيَّدًا بِمَنْ طَرَأَ عَلَيْهَا مُوجِبُ الْعِدَّةِ قَبْلَ تَلَبُّسِهَا بِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى - كَمَا قَدَّمْنَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ جَعْلَهَا لِلْحَالِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاتِّهَامَ شَرْطٌ فِي رُجُوعِهَا كَأَنْ يُطَلِّقَهَا بِالْقُرْبِ مِنْ نَقْلِهَا أَوْ يَمُوتَ بِالْقُرْبِ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي نَقَلَهَا فِيهِ بِخِلَافِ جَعْلِهَا لِلِاسْتِئْنَافِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالشَّأْنَ اتِّهَامُهُ مُطْلَقًا، وَأُجْرَةُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ وَقْتَ الْفِرَاقِ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ: غَيْرَ وَاجِبَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا زَائِرَةً لَهُمْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ وُجُوبًا لِتَعْتَدَّ بِمَنْزِلِهَا مَعَ ثِقَةٍ) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ لِلْحَجِّ ضَرُورَةً مَعَ زَوْجِهَا فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ سَيْرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ رُجُوعُهَا لِتَعْتَدَّ بِمَنْزِلِهَا إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ بَعْدَ وُصُولِهَا لَهُ، وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا إنْ قُلْت مَتَى كَانَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ بَعْدَ سَيْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهَا إذَا رَجَعَتْ تُدْرِكُ غَالِبَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ الشَّرْطِ قُلْت يُمْكِنُ إقَامَتُهَا فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ لِمَرَضٍ اعْتَرَاهَا أَوْ لِانْتِظَارِ الثِّقَةِ الَّذِي يَرْجِعُ مَعَهُ تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ أَعْنِي قَوْلَهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا الرُّجُوعُ السَّابِقَةُ وَاللَّاحِقَةُ وَلِذَا لَوْ أَخَّرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمِيعِهَا كَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ دَخَلَتْ فِي الْإِحْرَامِ) أَيْ وَلَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ سَفَرِهَا (قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ فِي الْحَجِّ) أَيْ وَرَجَعَتْ فِي الْحَجِّ التَّطَوُّعِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَإِنْ وَصَلَتْ بِمَكَّةَ وَرَجَعَتْ فِي غَيْرِهِ مِنْ النَّوَافِلِ كَالرِّبَاطِ، وَلَوْ وَصَلَتْ لِمَحَلِّ الرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ خُرُوجُهَا هِيَ كَانَ الزَّوْجُ خَارِجًا مَعَهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَا إنْ كَانَ الْخُرُوجُ لِمُقَامٍ هُنَاكَ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرْجِعَ لِمَحَلِّ سُكْنَاهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهَا، وَلَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ إنَّهُ إذَا كَانَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا أَوْ سَافَرَتْ لِرِبَاطٍ وَوَصَلَتْ لِمَكَّةَ أَوْ لِمَحَلِّ الرِّبَاطِ وَأَقَامَتْ هُنَاكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةً وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ فَالْأَحْسَنُ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ رُجُوعُهَا لِبَلَدِهَا مَعَ ثِقَةٍ لِتُتِمَّ عِدَّتَهَا بِمَحَلِّ سُكْنَاهَا لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مُحَمَّدًا اسْتَحْسَنَ الرُّجُوعَ فِي الْأَشْهُرِ، وَفِي السَّنَةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ التُّونُسِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَهَذَا خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْمُصَنِّفُ فَلَعَلَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَحْرِيفٌ وَأَنَّ الْأَصْلَ وَلَوْ أَقَامَتْ السَّنَةَ أَوْ الْأَشْهُرَ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ قَالَهُ طفي وَقَوْلُ الزَّرْقَانِيِّ وَفِي قَوْلِهِ: السِّتَّةِ أَشْهُرٍ نَظَرٌ هَذَا النَّظَرُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَدَدَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافٌ لِلْأَشْهُرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَشْهُرٍ بَدَلًا مِنْ السِّتَّةِ لَا مُضَافٌ إلَيْهِ فَيَنْتَفِي الِاعْتِرَاضُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مُخَيَّرَةً تَعْتَدُّ إنْ شَاءَتْ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا) أَيْ الْمَكَانَيْنِ الْمُنْتَقَلِ مِنْهُ، وَإِلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمَكَانِهَا أَيْ الَّذِي هِيَ فِيهِ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَمَا قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّخْيِيرِ فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذِهِ أَقْوَالٌ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةَ أَقْوَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لَهَا) أَيْ فِي حَالِ سَفَرِهَا لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ التَّطَوُّعِ كَالرِّبَاطِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي لُزُومِ الْكِرَاءِ لَهُ رُجُوعُهَا سَوَاءٌ رَجَعَ مَعَهَا أَوْ لَا وَكَمَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ رُجُوعِهَا فِي الطَّلَاقِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا كِرَاءُ الْمَنْزِلِ الَّذِي تَرْجِعُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ إذَا اعْتَدَّتْ حَيْثُ شَاءَتْ) أَيْ فِي سَفَرِ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ نَبَّهَ عَلَى مَا إذَا طَرَأَ مُوجِبُ الْعِدَّةِ بَعْدَ تَلَبُّسِهَا بِحَقِّ اللَّهِ

(وَمَضَتْ) (الْمُحْرِمَةُ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ) إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ عَلَى مَا هِيَ فِيهِ وَلَا تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا لِتَعْتَدَّ بِهِ (أَوْ) (أَحْرَمَتْ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَعْدَ مُوجِبِ الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تَمْضِي عَلَى إحْرَامِهَا الطَّارِئِ (وَعَصَتْ) بِإِدْخَالِ الْإِحْرَامِ عَلَى نَفْسِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لِخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ اعْتِكَافٌ فَلَا تَنْفُذُ لَهُ بَلْ تَبْقَى بِبَيْتِهَا حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا، وَكَذَا لَوْ طَرَأَ اعْتِكَافٌ عَلَى إحْرَامٍ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا تَخْرُجُ لِلطَّارِئِ بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى السَّابِقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ تُتِمُّ السَّابِقَ وَلَا تَخْرُجُ لِلَّاحِقِ إلَّا فِيمَا إذَا طَرَأَ إحْرَامٌ، وَعَصَتْ وَتَقَدَّمَتْ السِّتَّةُ فِي الِاعْتِكَافِ. (وَلَا سُكْنَى لِأَمَةٍ) مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ (لَمْ تُبَوَّأْ) أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَعَ زَوْجِهَا بَيْتٌ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَلَهَا السُّكْنَى (وَلَهَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ لَمْ تُبَوَّأْ (الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَتِهَا) إذَا انْتَقَلُوا مِنْ مَسْكَنِهِمْ (كَبَدْوِيَّةٍ) مُعْتَدَّةٍ (ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ) فَلَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ حَيْثُ كَانَ يَتَعَذَّرُ لُحُوقُهَا بِهِمْ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فَقَطْ عَمَّا إذَا ارْتَحَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ وَتَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِهَا، فَإِنْ ارْتَحَلَ أَهْلُ كُلٍّ فَمَعَ أَهْلِهَا إنْ افْتَرَقُوا، وَإِلَّا فَمَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا. (أَوْ لِعُذْرٍ) أَيْ كَانْتِقَالِ بَدْوِيَّةٍ وَكَانْتِقَالٍ لِعُذْرٍ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَنْتَقِلَ لِعُذْرٍ (لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا) (كَسُقُوطِهِ أَوْ خَوْفِ جَارِ سُوءٍ) أَوْ لُصُوصٍ (وَ) إذَا انْتَقَلَتْ (لَزِمَتْ الثَّانِيَ) إلَّا لِعُذْرٍ (وَ) إذَا انْتَقَلَتْ لَزِمَتْ (الثَّالِثَ) وَهَكَذَا، فَإِذَا انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ رُدَّتْ بِالْقَضَاءِ قَهْرًا عَنْهَا. (وَ) جَازَ لَهَا (الْخُرُوجُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَضَتْ الْمُحْرِمَةُ أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ) أَيْ مَضَتْ الْمُحْرِمَةُ عَلَى إحْرَامِهَا إنْ طَرَأَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ وَمَضَتْ الْمُعْتَكِفَةُ عَلَى اعْتِكَافِهَا إنْ طَرَأَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أَوْ إحْرَامٌ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ وَقَالَ عِوَضَهُ كَالْمُعْتَدَّةِ إنْ اعْتَكَفَتْ لَا إنْ أَحْرَمَتْ لَوَفَّى بِالصُّوَرِ السِّتِّ كُلِّهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ) أَيْ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ اعْتِكَافٌ) أَيْ عَلَى عِدَّةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفُذُ لَهُ) أَيْ فَلَا تَخْرُجُ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَلَبِّسَةً بِإِحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ عِدَّةٍ ثُمَّ يَطْرَأَ عَلَيْهَا وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَالصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ تِسْعَةٌ وَالْوَاقِعِيَّةُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَلَبِّسَةَ بِالْإِحْرَامِ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ، وَالْمُتَلَبِّسَةُ بِالْعِدَّةِ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ، أَوْ اعْتِكَافٌ وَالْمُتَلَبِّسَةُ بِالِاعْتِكَافِ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ أَوْ عِدَّةٌ (قَوْلُهُ: فَتُتِمُّ السَّابِقَ وَلَا تَخْرُجُ لِلَّاحِقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا تُتِمُّ السَّابِقَ فِي خَمْسَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُعْتَكِفَةً وَطَرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ أَوْ عِدَّةٌ أَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً وَطَرَأَ عَلَيْهَا اعْتِكَافٌ أَوْ عِدَّةٌ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً وَطَرَأَ عَلَيْهَا اعْتِكَافٌ فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهَا إحْرَامٌ مَضَتْ عَلَى إحْرَامِهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ تَبِيتُ فِيهِ عِنْدَهُ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي لَمْ تُبَوَّأْ أَيْ لَمْ يُسْكِنْهَا زَوْجُهَا فِي بَيْتٍ لَا سُكْنَى لَهَا عَلَى الزَّوْجِ لَا فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ وَلَا فِي وَفَاةٍ بَلْ تَعْتَدُّ عِنْدَ سَادَاتِهَا، وَلَهَا الِانْتِقَالُ حِينَئِذٍ مَعَ سَادَاتِهَا إذَا انْتَقَلُوا كَمَا كَانَ لَهَا ذَلِكَ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ حَيْثُ لَمْ تُبَوَّأْ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ مِمَّنْ لَمْ تُبَوَّأْ وَلَا كَلَامَ لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْخِدْمَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ بِالتَّزْوِيجِ، وَأَمَّا الَّتِي بُوِّئَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَلَهَا السُّكْنَى فِي طَلَاقِهِ أَوْ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ لِسَادَاتِهَا نَقْلُهَا مَعَهُمْ عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَلَهُمْ نَقْلُهَا مَعَهُمْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ كَمَا فِي بْن وَالْبَدْرِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ يَتَعَذَّرُ لُحُوقُهَا بِهِمْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) أَيْ لَوْ بَقِيَتْ مُعْتَدَّةً بِمَحَلِّ أَهْلِ زَوْجِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ لُحُوقُهَا بِأَهْلِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمَحَلِّ زَوْجِهَا لَمْ تَرْتَحِلْ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَدْوِيَّةِ عَنْ الْحَضَرِيَّةِ وَالْقَرَوِيَّةِ فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَ أَهْلِهَا بَلْ تَعْتَدُّ بِمَحَلِّهَا فَإِذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَكَانَتْ فِي حَضَرٍ أَوْ فِي قُرًى فَلَا يَجُوزُ انْتِقَالُهَا مَعَ أَهْلِهَا وَلَا مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا إذَا ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ مَشَقَّةٌ فِي عَوْدِهَا لِأَهْلِهَا أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الِانْتِقَالِ وَالْعَوْدِ الْمَشَقَّةُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهَا تُؤْمَرُ بِالِارْتِحَالِ مَعَهُمْ إذَا كَانَ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهَا فِي الْعَوْدِ لِأَهْلِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمِثْلُهُ فِي بْن (قَوْلُهُ وَكَانْتِقَالٍ لِعُذْرٍ) أَيْ إنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الِانْتِقَالُ لِمَا أَحَبَّتْ مِنْ الْأَمْكِنَةِ وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ خِلَافَهُ إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَصَوْنِ نَسَبِهِ لِأَجْلِ عُذْرٍ لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا (قَوْلُهُ: كَسُقُوطِهِ) أَيْ وَكَوَحْشَةٍ لِانْتِقَالِ جِيرَانٍ، وَأَمَّا الْخَوْفُ فَيَأْتِي لَهَا بِمُؤْنِسَةٍ، وَلَا تَخْرُجُ وَالْمُؤْنِسَةُ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ مُطَلِّقِهَا رُدَّتْ بِالْقَضَاءِ أَيْ لِأَنَّ بَقَاءَهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَكَانِهَا الَّذِي كَانَتْ سَاكِنَةً فِيهِ حِينَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَجَازَ لَهَا) (الْخُرُوجُ) فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ أَيْ وَأَوْلَى فِي النَّهَارِ وَمَحَلُّ جَوَازِ خُرُوجِهَا فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ مَأْمُونًا وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجُ فِيهِمَا بَلْ نَهَارًا ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَهَا التَّطَرُّقُ نَهَارًا أَوْ الْخُرُوجُ سَحَرًا قُرْبَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَتَرْجِعُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرَى أَنْ يُحْتَاطَ لِلْإِنْسَانِ فَتُؤَخِّرَ خُرُوجَهَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَأْتِيَ حِينَ غُرُوبِهَا، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ هُوَ اللَّائِقُ بِعُرْفِ هَذَا الزَّمَانِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَنْتَشِرُ النَّاسُ فِيهِ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهَا أَهْلُ الْفَسَادِ اهـ بْن

(فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ) الْمُرَادُ بِهِمَا مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَلِيلٍ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ لِلْعِشَاءِ فَجَعْلُهُمَا طَرَفَيْ النَّهَارِ مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُجَاوَرَةُ. (لَا) تَخْرُجُ (لِضَرَرِ جِوَارٍ) بِالنِّسْبَةِ (لِحَاضِرَةٍ) إذْ ضَرَرُ الْجِيرَانِ فِي حَقِّهَا لَيْسَ بِعُذْرٍ يُبِيحُ لَهَا الِانْتِقَالَ بِخِلَافِ الْبَدْوِيَّةِ (وَرَفَعَتْ) أَمْرَهَا (لِلْحَاكِمِ) لِيَكُفَّهُمْ عَنْهَا فَإِنَّ ظَهَرَ ظُلْمُهَا زَجَرَهَا، فَإِنْ زَالَ الضَّرَرُ، وَإِلَّا أَخْرَجَ الظَّالِمَ (وَأَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ (لِمَنْ يَخْرُجُ) أَيْ يُخْرِجُهُ الْحَاكِمُ (إنْ أَشْكَلَ) الْأَمْرُ عَلَيْهِ إمَّا لِعَدَمِ بَيِّنَةٍ أَوْ لِتَعَارُضِهَا. (وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا) مَعَهَا بِلَا كِرَاءٍ (ثُمَّ طَلَّقَهَا فَطَلَبَتْ مِنْهُ الْكِرَاءَ زَمَنَ الْعِدَّةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ أَوْ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمُكَارَمَةَ قَدْ زَالَتْ (قَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي. (وَسَقَطَتْ) أَيْ السُّكْنَى بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ (إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا الَّذِي لَزِمَهَا السُّكْنَى فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ أُجْرَةِ مَا خَرَجَتْ مِنْهُ، وَلَوْ أَكْرَاهُ زَوْجُهَا لِلْغَيْرِ (كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ) أُمُّهُ مَثَلًا (بِهِ) مُدَّةً ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُهَا مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا طَلَبَ لَهَا بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْضِعِهَا الَّذِي هَرَبَتْ إلَيْهِ، أَوْ عَلِمَ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ. (وَ) جَازَ (لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُ الدَّارِ فِي) عِدَّةِ (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ عِدَّتِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ، وَهُوَ الْغَرِيمُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ يُعْتَدُّ فِيهَا، وَيَرْضَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ يَقُومُ مَقَامَ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَثْنُوا ذَلِكَ، وَلَا بَيَّنُوهُ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَنْ بَاعَ دَارًا مُؤَجَّرَةً، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ. (فَإِنْ) بِيعَتْ بِشَرْطِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ (وَارْتَابَتْ) بِجَسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأْخِيرِ حَيْضٍ (فَهِيَ) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ (أَحَقُّ) بِالسُّكْنَى فِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إذْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي التَّطْوِيلِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَالتَّمَاسُكِ بِهِ. (وَ) جَازَ (لِلزَّوْجِ) بَيْعُ الدَّارِ (فِي) عِدَّةِ مُطَلَّقَتِهِ (ذَاتِ الْأَشْهُرِ) كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ أَوْ بَيَانِ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي كَمَنْ بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَهُوَ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَبِيعَهَا لِجَهْلِ الْمُدَّةِ، وَقَوْلُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي حَوَائِجِهَا) أَيْ أَوْ لِعُرْسٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِحَوَائِجِهَا وَإِذَا خَرَجَتْ لِحَوَائِجِهَا أَوْ لِعُرْسٍ فَلَا تَبِيتُ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا (قَوْلُهُ: لَا تَخْرُجُ لِضَرَرٍ) أَيْ كَمُشَاوَرَةٍ بَيْنَهُمْ، وَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ أَوْ خَوْفِ جَارِ سُوءٍ أَيْ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يُمْكِنُهَا الرَّفْعُ وَهَذَا فِيمَنْ يُمْكِنُهَا اهـ خش (قَوْلُهُ لِحَاضِرَةٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَاضِرَةٍ بِخِلَافِ الْبَدْوِيَّةِ إلَّا إنْ كَانَ فِي الْبَدْوِ حَاكِمٌ يُنْصِفُ فَالْمَدَارُ إذَنْ عَلَى وُجُودِ الْحَاكِمِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الْحَاضِرَةِ وَالْبَادِيَةِ فَمَتَى وُجِدَ الْحَاكِمُ الَّذِي يُزِيلُ الضَّرَرَ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ فَلَا تَنْتَقِلُ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ بَدْوِيَّةً وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ الِانْتِقَالُ كَانَتْ حَضَرِيَّةً أَوْ بَدْوِيَّةً وَالْمُصَنِّفُ كَالْمُدَوَّنَةِ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَضَرِيَّةِ وَالْبَدْوِيَّةِ نَظَرًا لِلشَّأْنِ مِنْ وُجُودِ الْحَاكِمِ فِي الْحَاضِرَةِ دُونَ الْبَادِيَةِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْت ضَابِطُهُ إنْ قَدَرَتْ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهَا بِوَجْهٍ مَا لَمْ تَنْتَقِلْ وَحَمَلَهَا ابْنُ عَاتٍ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ بِهَا مَنْ تَرْفَعُ أَمْرَهَا إلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا مَعَهَا) أَيْ فِي الْبَيْتِ الَّذِي تَمْلِكُ ذَاتَهُ أَوْ مَنْفَعَتَهُ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوْلَى تَرَدُّدٌ أَيْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَكْوِيِّ وَرَدَّهُ ابْنُ رَاشِدٍ قَائِلًا: إنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَكْوِيِّ وَهَمٌ اُنْظُرْ بْن وَلَكِنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ كَمَا فِي الشَّارِحِ والمج اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ طَاعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى مُدَّةَ الْعِصْمَةِ وَتَوَابِعِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، أَوْ إنْ طَاعَتْ مُدَّةَ الْعِصْمَةِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ مِلْكًا لَهَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ اكْتَرَتْهُ أَوْ مَلَكَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَتْ لَهُ فِي الْعَقْدِ السُّكْنَى فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَسَقَطَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ أَوْ مِنْ طَلَاقٍ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَرَكَتْ مَا كَانَ وَاجِبًا لَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدُ وَلَهَا عَنْهُ عِوَضٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَكْرَاهُ زَوْجُهَا لِلْغَيْرِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ أَكْرَاهُ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِمَّا اكْتَرَى بِهِ الْأَوَّلُ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَخَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهَا وَأَقَامَتْ بِغَيْرِهِ إنَّمَا تَسْقُطُ سُكْنَاهَا، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَلَا تَسْقُطُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ عَوْدِهَا لِمَحَلِّهَا وَمَا يَأْتِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ خُرُوجَهَا بِلَا إذْنٍ وَعَجْزَهُ عَنْ رَدِّهَا مُسْقِطٌ لَهَا فَهُوَ خَاصٌّ بِمَنْ فِي الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: هَرَبَتْ أُمُّهُ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ أَوْ غَيْرُهَا، وَقَوْلُهُ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ وَلِيَّهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَاءَتْ تَطْلُبُهَا) أَيْ النَّفَقَةَ مُدَّةَ هُرُوبِهَا بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِمَوْضِعِهَا وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لَمْ تَسْقُطْ (قَوْلُهُ: وَلِلْغُرَمَاءِ إلَخْ) قَالَ ح أَبُو الْحَسَنِ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءُ الْعِدَّةِ فَأَجَازَهُ اللَّخْمِيُّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي مَتَى يَصِلُ لِقَبْضِ الدَّارِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ فِيهِ فِي الدَّيْنِ اهـ بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَمَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَبَاعَهَا الْوَارِثُ لِطَلَبِ الْغَرِيمِ جَازَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ لِلضَّرَرِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ الضَّرَرِ الطَّارِئِ فَهُوَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ بَيْعُ الدَّارِ إلَخْ) مِثْلُهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْأَشْهَرِ كَمَا قَالَهُ عج

فِي الْأَشْهُرِ أَيْ تَحَقَّقَ اعْتِدَادُهَا بِالْأَشْهُرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَ) فِي جَوَازِ الْبَيْعِ (مَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ) مَعَ مُطَلَّقَتِهِ كَبِنْتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَامًا وَخَمْسِينَ وَمَنْعِهِ (قَوْلَانِ) . (وَلَوْ) (بَاعَ) الْغَرِيمُ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَالزَّوْجُ فِي الْأَشْهُرِ فِي مُتَوَقَّعَةِ الْحَيْضِ الْمُرْتَابَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّهُ (إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ) فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ فَمَرْدُودٌ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِزَوَالِهَا وَلِلتَّرَدُّدِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ. (وَأُبْدِلَتْ) الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ أَيْ يَلْزَمُ زَوْجَهَا أَنْ يُبْدِلَهَا (فِي) الْمَسْكَنِ (الْمُنْهَدِمِ) مَسْكَنًا غَيْرَهُ (وَ) أُبْدِلَتْ فِي الْمَسْكَنِ (الْمُعَارِ) لِزَوْجِهَا (وَالْمُسْتَأْجَرِ) لَهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ (الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْإِعَارَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ مَكَانًا آخَرَ إلَى تَمَامِ الْعِدَّةِ إنْ أَرَادَ رَبُّ الدَّارِ إخْرَاجَهَا وَلَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا فِيهِ بِرِضَا رَبِّهِ بِإِجَارَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أُخْرَى، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ، وَأَمَّا مِنْ وَفَاةٍ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهَا السُّكْنَى إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ وَإِذَا انْهَدَمَ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْعَدَمَ كَوْنُهُ لَهُ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ السُّكْنَى. (وَإِنْ) انْهَدَمَ الْمَسْكَنُ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَ (اخْتَلَفَا فِي مَكَانَيْنِ) فَطَلَبَتْ وَاحِدًا وَالزَّوْجُ غَيْرَهُ (أُجِيبَتْ) لِمَا طَلَبَتْهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ بِكَثْرَةِ كِرَائِهِ، أَوْ بِجِوَارِهَا لِغَيْرِ مَأْمُونٍ. (وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ وَنَحْوَهُ) كَالْقَاضِي وَالْمُعَمِّرِ إذَا مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا، وَعُزِلَ وَقُدِّمَ غَيْرُهُ (لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ) حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا بِهِ، إنْ لَمْ تَرْتَبْ بَلْ (وَإِنْ ارْتَابَتْ) بِجَسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ إلَى خَمْسِ سِنِينَ (كَالْحَبْسِ) عَلَى رَجُلٍ (حَيَاتَهُ) فَيُطَلِّقُ أَوْ يَمُوتُ لَا يُخْرِجُهَا الْمُسْتَحِقُّ بَعْدُ بِحَبْسِ غَيْرِهِ حَتَّى تُتِمُّ عِدَّتَهَا، وَإِنْ ارْتَابَتْ (بِخِلَافِ) (حَبْسِ مَسْجِدٍ) أَيْ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ كَائِنَةٍ (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ السَّاكِنِ مِنْ إمَامٍ أَوْ مُؤَذِّنٍ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عُزِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ قَوْلَانِ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ الْبَرَاءَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا لَا اسْتِثْنَاءُ خُصُوصِ الْأَشْهُرِ، وَذَلِكَ بِحَيْثُ إنَّهَا إنْ حَاضَتْ تَمْكُثُ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْأَقْرَاءِ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ مَكَثَتْ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ عبق وَاسْتِثْنَاءُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ يَعْنِي عِدَّتَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَكَذَا قَرَّرَهُ طفي وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ بْن وَأَمَّا بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ خُصُوصِ الْأَشْهُرِ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا ثُمَّ إنَّ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ وَمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ فَقَدْ نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأَ حَيْضُهَا وَمُدَّةُ الْعِدَّةِ بِهِ مَجْهُولَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَالِ وَاحْتِمَالِ الطَّوَارِئِ فَمَنْ نَظَرَ لِلْحَالِ أَجَازَ، وَمَنْ نَظَرَ لِاحْتِمَالِ الطَّوَارِئِ مَنَعَ وَعَلَى الْجَوَازِ لَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَ لَهَا حَيْضٌ، وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ، وَعَلَى الْمَنْعِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغُرَمَاءَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا كَالزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ فِي الْمُطَلَّقَةِ ذَاتِ الْأَشْهُرِ الْمُتَوَقِّعَةِ الْحَيْضَ الْمُرْتَابَةِ إذَا بَاعَا الدَّارَ وَقَالَا فِي عَقْدِ السِّلَعِ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ الْحَاصِلَةُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ الَّتِي سَتَحْصُلُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ جَوَازَهُ، وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ لِلْمُشْتَرِي، وَهَذَا حَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ الْمَتْنَ تَبِعَ فِيهِ عبق وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَرَضَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ مُكْثِ الْمُعْتَدَّةِ إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ فَاسِدٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْرُوضُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، وَبِهِ قَرَّرَ الْمَوَّاقُ، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَلَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْمُكْثِ فِيهَا إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ كَانَ فَاسِدًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَهَذَا عِنْدِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُلْزِمُهُ ذَلِكَ فَلَا تَأْخِيرَ لِلشَّرْطِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِزَوْجِهَا أَنْ يُسْكِنَهَا فِيهِ أَيْ مَحَلِّ سُكْنَاهَا الْأَوَّلِ الَّذِي انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ أَوْ إعَارَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ وَفَاةٍ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ وَانْهَدَمَتْ الدَّارُ الَّتِي لِلْمَيِّتِ، أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَإِنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا انْهَدَمَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرًا، وَقَوْلُهُ: وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ أَيْ إذَا كَانَ مُسْتَأْجَرًا وَانْهَدَمَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ إذَا انْهَدَمَتْ مَقْصُورَتُهَا أُبْدِلَتْ بِمَقْصُورَةٍ أُخْرَى مِنْ مَقَاصِيرِ دَارِ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ بِتَمَامِهِ فَإِنَّهَا لَا تُبْدَلُ بِغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ لِلْمَيِّتِ دَارٌ أُخْرَى لِانْتِقَالِهَا لِلْوَرَثَةِ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا فِيهَا بِخِلَافِ الدَّارِ الَّتِي كَانَتْ مَقْصُورَتُهَا بِهَا وَانْهَدَمَتْ الْمَقْصُورَةُ فَإِنَّ الدَّارَ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ لِلْوَرَثَةِ لَكِنْ تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِدَادِهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ بِكَثْرَةِ كِرَائِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ كِرَائِهِ فَلَا تُجَابُ مَا لَمْ تَتَحَمَّلْ بِالزَّائِدِ، وَإِلَّا أُجِيبَتْ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا الزَّائِدُ مِنْ الْأَكْثَرِ إنْ كَانَ مَا دَعَاهَا إلَيْهِ يَلِيقُ بِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: إلَى خَمْسِ سِنِينَ) هَذَا فِي الْمُرْتَابَةِ بِجَسِّ بَطْنٍ، وَأَمَّا الْمُرْتَابَةُ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضَةِ فَسَنَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَالْحَبْسِ عَلَى رَجُلٍ حَيَاتَهُ) أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِهِ يَكُونُ حَبْسًا عَلَى آخَرَ أَوْ مِلْكًا لَهُ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَ الْمُطَلِّقُ حَقَّهُ فِي ذَلِكَ الْحَبْسِ لِإِنْسَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى كَمَا قَالَهُ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ إسْقَاطَهُ هِبَةٌ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُطَلِّقِ هِبَةُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ وَإِخْرَاجُهَا مِنْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ مَوْقُوفَةً عَلَى

أَوْ أُفْرِغَ لِغَيْرِهِ عَنْ وَظِيفَتِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا فَلِلْإِمَامِ الثَّانِي إخْرَاجُ زَوْجَةِ الْأَوَّلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ دَارَ الْإِمَارَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْمَرْأَةُ لَهَا فِيهِ حَقٌّ بِخِلَافِ دَارِ الْإِمَامَةِ. (وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا) السَّيِّدُ أَوْ يُعْتِقُهَا (السُّكْنَى) مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهَا الْمَبِيتُ فَهِيَ تُخَالِفُ الْحُرَّةَ فِي هَذَا (وَزِيدَ) لَهَا عَلَى السُّكْنَى (مَعَ الْعِتْقِ) أَيْ عِتْقِهِ لَهَا، وَهُوَ حَيٌّ لَا بِالْمَوْتِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (نَفَقَةُ الْحَمْلِ) إنْ كَانَ حَمْلٌ، وَأَمَّا فِي مَوْتِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهَا؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ (كَالْمُرْتَدَّةِ) الْحَامِلِ لَهَا السُّكْنَى، وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا لَمْ تُؤَخَّرْ، وَاسْتُبْرِئَتْ إنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ (وَالْمُشْتَبِهَةِ) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ وَطْءَ شُبْهَةٍ إمَّا غَلَطًا، وَلَا زَوْجَ لَهَا، أَوْ لَهَا زَوْجٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِمَّا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ يَدْرَأُ الْحَدَّ كَمَنْ نَكَحَ ذَاتَ مَحْرَمٍ جَهْلًا فَحَمَلَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فَلَوْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ دُونَهَا فَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ أَيْضًا فَزَانِيَةٌ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ فَقَوْلُهُ: (إنْ حَمَلَتْ) رَاجِعٌ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُشْتَبِهَةِ. (وَهَلْ) (نَفَقَةُ) الْمُشْتَبِهَةِ بِغَلَطٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ (ذَاتَ الزَّوْجِ) الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) مِنْ الْوَاطِئِ لَهَا (عَلَيْهَا) نَفْسِهَا مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ لِلْحُرَّةِ وَحَيْضَةٍ لِلْأَمَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ بَلْ الصَّوَابُ فَالْوَاجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ) لَهَا غَلَطًا وَلَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلَانِ) فَإِنْ حَمَلَتْ فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى كَمَا تَقَدَّمَ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لَكَانَتْ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى زَوْجِهَا بِلَا خِلَافٍ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ الزَّوْجُ بِلِعَانٍ فَإِنْ نَفَاهُ فَعَلَى الْغَالِطِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْجِدِ مُطْلَقًا فَاسْتَأْجَرَهَا الْإِمَامُ وَسَكَنَ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا زَوْجَتُهُ إلَّا لِتَمَامِ أَجَلِهِ كَالْمُكْتَرَاةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَلِلْإِمَامِ الثَّانِي إخْرَاجُ زَوْجَةِ الْأَوَّلِ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ يَتَوَقَّفُ عَلَى جَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَفِي الْمَوَّاقِ وَكَذَلِكَ زَوْجَةُ إمَامِ الْمَسْجِدِ السَّاكِنِ فِي دَارِهِ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرَى جِيرَانُ الْمَسْجِدِ أَنَّ إخْرَاجَهَا مِنْ النَّظَرِ فَذَلِكَ لَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ اهـ وَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ: اُخْتُلِفَ إذَا مَاتَ إمَامُ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ الْمُحْبَسَةِ عَلَيْهِ فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، وَبِهِ جَرَى عَمَلُ قُرْطُبَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاتٍ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ غَيْرَهُ وَقِيلَ تَخْرُجُ مِنْهَا إنْ أَخْرَجَهَا جَمَاعَةُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيِّ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ فَتْحُونٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ اهـ فَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ فَلَهَا السُّكْنَى مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا وَذَلِكَ بِحَيْضَةٍ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَإِذَا أَعْتَقَهَا وَهُوَ حَيٌّ كَانَ لَهَا السُّكْنَى أَيْضًا وَكَانَ لَهَا النَّفَقَةُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا (قَوْلُهُ: السُّكْنَى) أَيْ إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَلْزَمُهَا الْمَبِيتُ) أَيْ فِي مَحَلِّ سُكْنَاهَا سَوَاءٌ مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ إنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ لَهَا الْمُوَاعَدَةَ فِيهَا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَهُ: قُلْت قَوْلُهَا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ لَهَا الْمَبِيتُ فِي الْحَيْضَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مِنْ عِتْقٍ أَوْ وَفَاةٍ اهـ وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا نَصَّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ أَعْتَقَهَا اهـ بْن فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ طَرِيقَةٌ مُرَجَّحَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِطَرِيقَةِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لَمْ تُؤَخَّرْ) أَيْ مُدَّةً طَوِيلَةً كَالْحَامِلِ بَلْ إمَّا أَنْ تَرْجِعَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ تُقْتَلَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ فَقَوْلُهُ وَاسْتُبْرِئَتْ أَيْ قَبْلَ قَتْلِهَا بِحَيْضَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ) أَيْ عَلَى زَوْجِهَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ، وَاسْتَشْكَلَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ ثُبُوتَ السُّكْنَى لِلْمُرْتَدَّةِ بِأَنَّهَا تُسْجَنُ حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تُقْتَلَ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُفْرَضُ فِيمَا إذَا غَفَلَ عَنْ سَجْنِهَا أَوْ كَانَ السَّجْنُ فِي بَيْتِهَا (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَبِهَةِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي غَلِطَ بِهَا تَارَةً تَكُونُ لَا زَوْجَ لَهَا وَتَارَةً تَكُونُ لَهَا زَوْجٌ، وَإِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَتَارَةً تَكُونُ مَدْخُولًا بِهَا وَتَارَةً لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ فَإِنْ حَمَلَتْ فَالنَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى عَلَى الْغَالِطِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالسُّكْنَى عَلَيْهِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ الْغَالِطِ فَسُكْنَاهَا، وَنَفَقَتُهَا عَلَى الْغَالِطِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَالسُّكْنَى عَلَى الْغَالِطِ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْغَالِطِ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا لَوْ بَنَى بِهَا زَوْجُهَا فَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى زَوْجِهَا حَمَلَتْ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الزَّوْجُ حَمْلَهَا بِلِعَانٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَهَا السُّكْنَى عَلَى الزَّوْجِ مَا لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْغَالِطِ فَإِنْ لَحِقَ بِهِ فَالنَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حِينَئِذٍ عَلَى الْغَالِطِ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَلَهَا السُّكْنَى فَقَطْ وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي عَنْ بَعْضِ التَّعَالِيقِ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ يَقُولُ تَرَدُّدٌ اهـ ثُمَّ إنَّ حِكَايَةَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ وَوَهَّمَهُ فِيهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَعِبَارَتُهُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَيْهَا

[فصل الاستبراء]

دَرْسٌ] (فَصْلٌ يَجِبُ) (الِاسْتِبْرَاءُ) لِجَارِيَةٍ (بِحُصُولِ الْمِلْكِ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِانْتِزَاعِهَا مِنْ عَبْدِهِ لَا بِتَزَوُّجٍ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ تُوقَنُ الْبَرَاءَةُ) فَإِنْ تُيُقِّنَتْ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا أَيْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ فَلَا اسْتِبْرَاءَ كَحَيْضِ مُودَعَةٍ عِنْدَهُ أَوْ مَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا حَتَّى اشْتَرَاهَا (وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا) قَبْلَ حُصُولِ الْمِلْكِ وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ كَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ (وَلَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ) احْتِرَازًا مِمَّنْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً أَوْ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لِلْوَطْءِ وَهُوَ لَا يَطَأُ (وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ) لَا إنْ لَمْ تُطِقْهُ كَبِنْتِ ثَمَانٍ (أَوْ كَبِيرَةً لَا يَحْمِلَانِ عَادَةً) كَبِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ وَبِنْتِ سَبْعِينَ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ كُلٍّ بِثَلَاثَةِ شُهُورٍ كَمَا يَأْتِي (أَوْ وَخْشًا أَوْ بِكْرًا أَوْ رَجَعَتْ) لِسَيِّدِهَا (مِنْ غَصْبٍ) وَقَدْ غَابَ عَلَيْهَا الْغَاصِبُ الْبَالِغُ غِيبَةً يُمْكِنُ فِيهَا إصَابَتُهَا وَلَا يُصَدَّقَانِ فِي نَفْيِهِ فَقَوْلُهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِقْرَارُ لِيَشْمَلَ هَذِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ الِاسْتِبْرَاءُ] فَصْلٌ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ) حَيْثُ عَلَّقَ الْوُجُوبَ بِالِاسْتِبْرَاءِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاجِبُ لَا الْمُدَّةُ وَقَوْلُهُ: بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ بِسَبَبِ الْمِلْكِ الْحَاصِلِ أَيْ الْمُتَجَدِّدِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهَا الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ حَتَّى يَنْظُرَهَا النِّسَاءُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: بِشِرَاءٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ وَأَرَادَ وَطْأَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا، وَفِي عج يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ فَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ اهـ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَا نَصُّهُ: وَاسْتِبْرَاءُ الْإِمَاءِ فِي الْبَيْعِ وَاجِبٌ لِحِفْظِ النَّسَبِ ثُمَّ قَالَ فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُ أَمَةٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا رَفِيعَةً كَانَتْ أَوْ وَضَيْعَةً اهـ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ مَا نَصُّهُ: الِاسْتِبْرَاءُ لِتَمْيِيزِ مَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْ مَاءِ الْبَائِعِ ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ لَا تَتَوَاضَعُ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَهَذِهِ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَلَا اسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُشْتَرِي الْوَطْءَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ مِمَّا لَعَلَّهَا أَحْدَثَتْهُ اهـ وَفِي الْمَعُونَةِ مَا نَصُّهُ مَنْ وَطِئَ أَمَةً ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا اهـ فَتَحْصُلُ أَنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ، وَالْبَائِعُ لَا يَسْتَبْرِئُ إلَّا إذَا وَطِئَ، وَكَذَلِكَ سُوءُ الظَّنِّ لَا يَسْتَبْرِئُ الْمَالِكُ لِأَجْلِهِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ أَوْ التَّزْوِيجَ كَمَا يَأْتِي اهـ بْن. (قَوْلُهُ لَا بِتَزَوُّجٍ) أَيْ فَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا (قَوْلُهُ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ وَكَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ مُدَّةَ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) أَيْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا أَيْ لَمْ يَخْتَلِ بِهَا (قَوْلُهُ حَتَّى اشْتَرَاهَا) أَيْ كَشِرَاءِ بَائِعِهَا قَبْلَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لَهَا عَلَيْهِ فَإِذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا لِإِنْسَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِيَ بِهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ كَمَنْ كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا فِي الظَّاهِرِ إلَّا أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَغِيرَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ الَّتِي حَصَلَ مِلْكُهَا كَبِيرَةً يُمْكِنُ حَمْلُهَا بَلْ وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ كَبِيرَةً لَا يَحْمِلَانِ عَادَةً فَمَصَبُّ الْمُبَالَغَةِ، قَوْلُهُ: لَا يَحْمِلَانِ عَادَةً لَا قَوْلُهُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ هَذَا إذَا لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ بَلْ وَإِنْ أَطَاقَتْهُ وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَبِنْتِ ثَمَانٍ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَقَدْ نَصَّ الْمُتَيْطِيُّ عَلَيْهِ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ (قَوْلُهُ: كَبِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ) مِثَالٌ لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي تُطِيقُ الْوَطْءَ، وَلَا تَحْمِلُ عَادَةً. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ كُلٍّ إلَخْ) لَا يُقَالُ إنَّ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَادَةً قَدْ تَيَقَّنَتْ بَرَاءَتَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ أَنْ لَا تُوقِنَ الْبَرَاءَةَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّرْطُ عَدَمُ تَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْوَطْءِ لَا مِنْ الْحَمْلِ فَمَتَى لَمْ تَتَيَقَّنْ بَرَاءَتَهَا مِنْ الْوَطْءِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ تَيَقَّنَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَخْشًا) عَطْفٌ عَلَى صَغِيرَةً فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا هَذَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا بَلْ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وَالْوَخْشُ بِسُكُونِ الْخَاءِ الْحَقِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيُطْلَقُ الْوَخْشُ أَيْضًا عَلَى الرَّذْلِ مِنْ النَّاسِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِكْرًا) أَيْ لِاحْتِمَالِ إصَابَتِهَا خَارِجَ الْفَرْجِ، وَحَمْلِهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعَتْ لِسَيِّدِهَا) أَيْ أَوْ لِزَوْجِهَا إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَصْبٍ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ نَفَقَتَهَا فِي حَالِ اسْتِبْرَائِهَا عَلَى سَيِّدِهَا لَا عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ حَمَلَتْ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْمَدَارَ فِي كَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَى الْوَاطِئِ لَا عَلَى كَوْنِ الْوَلَدِ لَاحِقًا بِهِ كَمَا أَنَّ الْمَدَارَ فِي الْمَسْكَنِ عَلَى كَوْنِهَا مَحْبُوسَةً بِسَبَبِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ: بِحُصُولِ الْمِلْكِ مُرَادُهُ بِهِ الِاسْتِقْرَارُ) أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِحُصُولِ الْمِلْكِ الِاسْتِقْرَارُ تَحْتَ يَدِ الْمَالِكِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ هَذِهِ أَيْ الرَّاجِعَةَ

(أَوْ) رَجَعَتْ مِنْ (سَبْيٍ) بِأَنْ سَبَاهَا الْحَرْبِيُّ وَغَابَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ لِسَيِّدِهَا (أَوْ غُنِمَتْ) مِنْ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْغَانِمِ اسْتِبْرَاؤُهَا (أَوْ اُشْتُرِيَتْ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً) الْأَوْلَى حَذْفُ وَلَوْ؛ لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ غَيْرُ الزَّوْجِ (وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) فَإِنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَلَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الزَّوْجِ فِي عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَشُبِّهَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ قَوْلُهُ: (كَالْمَوْطُوءَةِ) لِسَيِّدِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا (إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ) أَيْ إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا، وَمَفْهُومُ مَوْطُوءَةٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَأْهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يُزَوِّجَهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ لِلْأَمْنِ مِنْ حَمْلِهَا مِنْهُ (وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا) لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ: إنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا فَيَعْتَمِدُ الزَّوْجُ عَلَى قَوْلِهِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهَا وَيَطَأُ فَهَذَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ: أَوْ زُوِّجَتْ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ لِلْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ. (وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ) بَائِعٍ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ (تَزْوِيجُهَا) فَاعِلُ جَازَ أَيْ جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً ادَّعَى بَائِعُهَا أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا لِرَجُلٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ اسْتِبْرَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا لَهَا اعْتِمَادًا عَلَى دَعْوَى بَائِعِهَا. (وَ) جَازَ (اتِّفَاقُ الْبَائِعِ) لِأَمَةٍ (وَالْمُشْتَرِي) لَهَا (عَلَى) اسْتِبْرَاءٍ (وَاحِدٍ) حَيْثُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ غَصْبٍ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا، وَهِيَ الرَّاجِعَةُ مِنْ سَبْيٍ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ بَلْ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْإِنْشَاءِ، أَوْ التَّمَامِ فَيَنْطَبِقُ حِينَئِذٍ عَلَى الرَّاجِعَةِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَا تُمْلَكُ إلَّا أَنَّهُ حَصَلَ فِيهِ خَلَلٌ بِعَدَمِ التَّصَرُّفِ، فَإِذَا رَجَعَتْ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ السَّابِي فَقَدْ تَمَّ الْمِلْكُ (قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعَتْ مِنْ سَبْيٍ) قَالَ فِيهَا إذَا سَبَى الْعَدُوُّ أَمَةً أَوْ حُرَّةً لَمْ تُوطَأْ الْحُرَّةُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثِ حِيَضٍ، وَالْأَمَةُ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَلَا يُصَدَّقْنَ فِي نَفْيِ الْوَطْءِ وَإِنْ زَنَتْ الْحَامِلُ فَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَضَعَ أَيْ لَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا حَتَّى تَضَعَ، وَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ، وَقِيلَ: إنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: إنَّ الْوَطْءَ جَائِزٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ لَهَا قَبْلَ وَضْعِهَا حَرَامٌ أَمَّا لَوْ حَصَلَ لَهَا الْحَمْلُ مِنْ الْغَاصِبِ لَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً) قِيلَ: إنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الِاسْتِغْنَاءَ عَنْهُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ إحْيَاءٌ عَلَيْهِ مُنْدَرِجٌ تَحْتَهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِاعْتِرَاضٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ لَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَيْ هَذَا إذَا غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ بَلْ وَلَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ انْتَهَى عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ اُشْتُرِيَتْ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: صَغِيرَةً وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ اُشْتُرِيَتْ مُبَالَغَةً فِي: " مُتَزَوِّجَةٍ " اشْتَرَاهَا غَيْرُ الزَّوْجِ، وَالْحَالُ أَنَّهَا طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِذَا كَانَتْ الْمُبَالَغَةُ الْمَذْكُورَةُ حَصَلَتْ بِالْعَطْفِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَلَوْ لِحُصُولِ الْمُبَالَغَةِ بِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَلَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الزَّوْجِ فِي عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ اعْتِمَادًا عَلَى إخْبَارِ السَّيِّدِ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْتَمِدُ عَلَى إخْبَارِهِ اتِّفَاقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَعَبُّدِيٌّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) الْقَائِلِ: إنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي اسْتِبْرَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ كَالْمَوْطُوءَةِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ كَمَا يَجِبُ بِإِخْرَاجِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ كَالْمَوْطُوءَةِ لِسَيِّدِهَا مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لِغَيْرِهِ بِأَنْ زَنَتْ فَلَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْبَيْعِ إلَّا مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَفِي التَّزْوِيجِ يَجِبُ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَغَيْرِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ إذَا أَرَادَ وَطْأَهَا وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ إنَّهُ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: هَذِهِ يُفْهَمُ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا بِالْأَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا فَأَوْلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَبْرَأْتُهَا وَقَوْلُهُ: تَزْوِيجُهَا أَيْ وَأَمَّا وَطْؤُهُ هُوَ أَيْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِيهِ عَلَى دَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا كَمَا مَرَّ أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ بَيْعُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ اعْتِمَادًا عَلَى دَعْوَى الْبَائِعِ كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا الِاعْتِمَادِ؛ إذْ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ لِإِرَادَةِ الْبَيْعِ إلَّا فِي الْمَوْطُوءَةِ لِلْبَائِعِ، وَهَذِهِ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِبْرَاءٍ وَاحِدٍ) قَالَ بْن الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ فَقَطْ، وَبِذَلِكَ يَنْتَفِي تَكْرَارُهُ مَعَ الْمُوَاضَعَةِ الْآتِيَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ تُوضَعَ إلَخْ أَيْ قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ: حَتَّى تَرَى الدَّمَ أَيْ فَبَعْدَ رُؤْيَتِهِ يَحْصُلُ الشِّرَاءُ وَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي لِاسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا)

لِحُصُولِ غَرَضِهِمَا بِذَلِكَ بِأَنْ تُوضَعَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ حَتَّى تَرَى الدَّمَ. (وَكَالْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ وَأَعَادَ الْكَافَ لِبُعْدِ الْفَصْلِ أَيْ وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ غَلَطًا كَمَا لَوْ زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا، وَفَائِدَةُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي هَذِهِ مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِهِ تَظْهَرُ فِيمَنْ رَمَاهُ بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ فَلَا يُحَدُّ إذَا لَمْ يَسْتَبْرِئْ، وَإِلَّا حُدَّ. (أَوْ سَاءَ الظَّنَّ) أَيْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ إذْ أَسَاءَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا ظَنَّهُ بِالْأَمَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَمِثْلُهُ بِقَوْلِهِ (كَمَنْ) أَيْ كَأَمَةٍ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُودَعَةٍ أَوْ مَرْهُونَةٍ مَثَلًا (تَخْرُجُ) فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ، أَوْ يُدْخَلُ عَلَيْهَا فَاشْتَرَاهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ قَدْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ غَصْبٍ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَمَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ تَخْرُجُ فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ فِي أَمَتِهِ (أَوْ) كَانَتْ مَمْلُوكَةً (لِكَغَائِبٍ) عَنْهَا لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا عَادَةً أَوْ لِصَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ (أَوْ مَجْبُوبٍ) فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا مَثَلًا (أَوْ مُكَاتَبَةٍ) تَتَصَرَّفُ بِالْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ (عَجَزَتْ) عَنْ الْأَدَاءِ وَرَجَعَتْ رِقًّا فَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ أَمْثِلَةِ سُوءِ الظَّنِّ. (أَوْ) (أَبْضَعَ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمَةِ بِأَنْ دَفَعَ ثَمَنًا لِمَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِهِ فَاشْتَرَاهَا (وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ) مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فِي إرْسَالِهَا فَحَاضَتْ فِي الطَّرِيقِ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا، وَلَا يَكْتَفِي بِهَذِهِ الْحَيْضَةِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِأَمِينِهِ بِخِلَافِ لَوْ قَدِمَ بِهَا الْمُبْضَعُ مَعَهُ أَوْ أَرْسَلَهَا بِإِذْنٍ. (وَ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ (بِمَوْتِ سَيِّدٍ) وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا. (وَإِنْ) (اُسْتُبْرِئَتْ) أَيْ اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءِ الْوَارِثِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِأَنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ وَطِئَهَا وَالْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا لِأَجْلِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْحُرَّةُ إذَا وُطِئَتْ غَلَطًا لَكِنْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ زَنَتْ) أَيْ كَمَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لَوْ زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ إذَا وُطِئَتْ غَلَطًا، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ اسْتِبْرَائِهَا وَلَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ السَّيِّدِ قَبْلَ الْوَطْءِ بِاشْتِبَاهٍ وَمَا مَعَهُ مِنْ الزِّنَا وَالْغَصْبِ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا حَقَّ بِهِ) أَيْ بِالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لِلْفِرَاشِ وَقَوْلُهُ: تَظْهَرُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْحَدِّ وَعَدَمِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَمَّا إنْ أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ فَالْحَدُّ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْفِهِ السَّيِّدُ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ رَمَاهُ) أَيْ رَمَى وَلَدَ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: مُودَعَةً أَوْ مَرْهُونَةً مَثَلًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا) أَيْ يَخْتَلِي بِهَا سَيِّدُهَا أَوْ غَيْرُهُ وَهِيَ عِنْدَ الْمُودَعِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى الْأَمَةَ الْمُودَعَةَ أَوْ الْمَرْهُونَةَ عِنْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ عِنْدَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَا تَخْرُجُ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَمَا يَأْتِي مَفْهُومُ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ يَشُقُّ فِي أَمَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ فِي أَمَتِهِ كُلَّمَا خَرَجَتْ وَدَخَلَتْ فِيهِ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ الْمَرْهُونَةِ وَالْمُودَعَةِ إذَا كَانَتَا تَخْرُجَانِ وَاسْتَبْرَأَهُمَا فَإِنْ اسْتَبْرَأَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ هَذَا، وَقَدْ أَفَادَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ أَمَتِهِ الَّتِي تَخْرُجُ فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً أَمَّا غَيْرُهَا فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا خَرَجَتْ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْمَجْهُولَةِ الْحَالِ قَوْلَانِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْرَمٍ) أَيْ أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مَمْلُوكَةً لِمَحْرَمٍ مِنْ مَحَارِمِهَا بِأَنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِابْنِ أَخِيهَا أَوْ ابْنِ أُخْتِهَا وَبَاعَهَا لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إذَا أَرَادَ وَطَأَهَا (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا) أَيْ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهَا، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا إذَا وَطِئَ، وَمَا فِي عبق فَغَيْرُ صَوَابٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مَعَ تَحَقُّقِ زِنَاهَا فَأَحْرَى مَعَ سُوءِ الظَّنِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ وَكَذَا مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَهَا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ (قَوْلُهُ: تَتَصَرَّفُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ سَيِّدِهَا ثُمَّ عَجَزَتْ فَلَا يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُكْتَفَى إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُكْتَفَى بِهَا وَلَا تُسْتَبْرَأُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدِمَ بِهَا الْمُبْضَعُ مَعَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُبْضَعِ وَالرَّسُولِ الَّذِي بِإِذْنٍ يَدُهُ كَيَدِ الْمَالِكِ، وَالظَّاهِرُ إنْ عِلْمَ الْمُبْضَعُ أَنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ لَا يَأْتِي بِهَا، وَإِنَّمَا يُرْسِلُهَا مَعَ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِرْسَالِ اهـ خش (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَيْ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا خُفْيَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا، وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَكَانَتْ لَا تَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَلَهُ وَطْؤُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ أَيْ وَسَوَاءٌ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْأَمَةُ قِنًّا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُقَالُ: إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُورَثُ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَظْهَرُ هَذَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَرَادَ الْوَارِثُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا تَأَمَّلْ اهـ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ قِيلَ فِي الْأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا: لَا تَحْتَاجُ لِلِاسْتِبْرَاءِ غَائِبًا كَانَ سَيِّدُهَا أَوْ حَاضِرًا مَا كَانَ

(أَوْ) (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) مِنْ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى أَوْ الْمُطَلِّقِ لَهَا بِحَيْثُ حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ بِخِلَافِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا. (وَ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (بِالْعِتْقِ) تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا فَلَيْسَ لِأَجْنَبِيٍّ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مُعْتِقُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِدَّةِ زَوْجِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ أَيْضًا وَأَمَّا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَعْتَقَهَا فَقَدْ حَلَّتْ مَكَانَهَا لِلْأَزْوَاجِ وَأَمَّا الْمُعْتِقُ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ عِدَّةٍ وَهَذَا فِي الْقِنِّ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَسْتَأْنِفَ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ عِتْقِهَا. وَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا السَّيِّدُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَاسْتَأْنَفَتْ) الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ عِتْقِهَا (إنْ اُسْتُبْرِئَتْ) قَبْلَ عِتْقِهَا، أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَا يَكْفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ، وَلَا الْعِدَّةُ السَّابِقَانِ عَلَى الْعِتْقِ (أَوْ) (غَابَ) سَيِّدُهَا عَنْهَا (غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ) مِنْهَا فَحَاضَتْ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ أَرْسَلَ لَهَا الْعِتْقَ (أُمُّ الْوَلَدِ) (فَقَطْ) فَاعِلُ اسْتَأْنَفَتْ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لِلسَّيِّدِ فَالْحَيْضَةُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ فِي الْحُرَّةِ فَكَمَا أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا تَكْتَفِي بِمَا ذُكِرَ فَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ، وَقَوْلُهُ: فَقَطْ أَيْ بِخِلَافِ الْقِنِّ فَتَكْتَفِي بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ عَلَى الْعِتْقِ، وَقَوْلُهُ: (بِحَيْضَةٍ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا مِمَّنْ يُمْكِنُ حَيْضُهَا وَسَيَأْتِي اسْتِبْرَاءُ الصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ. (وَإِنْ) (تَأَخَّرَتْ) الْحَيْضَةُ لِلْقِنِّ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ بِلَا سَبَبٍ عَنْ عَادَتِهَا، وَكَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ تَأَخَّرَتْ لِسَبَبِ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ) سَوَاءٌ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَهَا (أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ) بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ (فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) مُدَّةُ اسْتِبْرَائِهَا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَلَى الرَّاجِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعِيدًا أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْ بِسَيِّدِهَا فَلَمْ يَبْقَ الِاسْتِبْرَاءُ إلَّا لِسُوءِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: أَوْ انْقَضَتْ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْأَمَةَ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَاعْتَدَّتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى وَارِثِهِ؛ لِأَنَّهَا حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ زَمَنًا مَا فَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا لِسُوءِ الظَّنِّ؛ إذْ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ وَطْئِهَا، وَكَذَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ بَاعَهَا سَيِّدُهَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ مَاتَ) أَيْ السَّيِّدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى أَوْ الْمُطَلِّقِ لَهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا زَمَنًا مَا، فَإِذَا عَلِمْت أَنَّ حُكْمَ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُغَايِرٌ لِحُكْمِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: أَوْ انْقَضَتْ عَطْفٌ عَلَى إنْ اُسْتُبْرِئَتْ لَا عَلَى اُشْتُرِيَتْ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ هَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بَلْ وَإِنْ انْقَضَتْ مَعَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْقَضِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ (قَوْلُهُ:) (وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِدَّةِ زَوْجِهَا) أَيْ الْمُطَلِّقِ لَهَا أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُعْتِقُ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ عِدَّةِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ يَطَؤُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا فَأَعْتَقَهَا عَقِبَ الشِّرَاءِ وَعَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا وَلَا يَكْفِي فِي إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ انْقَضَتْ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَلَكِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ مَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ إذَا كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً ثُمَّ أَعْتَقَهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَا تَكْفِيهَا تِلْكَ الْعِدَّةُ السَّابِقَةُ عَلَى الْعِتْقِ كَمَا إنَّهُ لَا يَكْفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ الْحَاصِلُ قَبْلَهُ إذَا كَانَ اسْتَبْرَأَهَا وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: عُلِمَ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا خُفْيَةً وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْتَفِي بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْغَيْبَةِ الْحَاصِلَيْنِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَتَكْتَفِي بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ فَتَحْصُلُ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ غَيْرَهَا وَلَوْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ أَوْ كَانَ سَيِّدُهَا غَائِبًا عَنْهَا قَبْلَهُ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الْوُصُولُ إلَيْهَا، وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَهَا فَأُمُّ الْوَلَدِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ أَوْ كَانَ سَيِّدُهَا غَائِبًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ أَيْ الْعِتْقَ لَهَا، وَأَمَّا غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ فَتُسْتَبْرَأُ أَيْضًا مَا لَمْ تَكُنْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ أَوْ كَانَ غَائِبًا قَبْلَهُ، وَإِلَّا اكْتَفَتْ بِذَلِكَ، وَلَا تَحْتَاجُ لِاسْتِئْنَافِ اسْتِبْرَاءٍ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ إلَخْ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: بِحَيْضَةٍ أَنَّ الْقَرْءَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الطُّهْرَ كَالْعِدَّةِ بَلْ الدَّمُ فَبِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَتُّعُ بِغَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ حَيْضُهَا) أَيْ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ عَادَتِهَا الْمُعْتَادَةِ لِلنِّسَاءِ، وَهُوَ إتْيَانُهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَادَتَهَا أَنْ تَأْتِيَهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَتْ عَادَتَهَا أَنَّ الدَّمَ يَأْتِيهَا بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ إلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ عَادَتَهَا أَنَّهَا لَا تَحِيضُ إلَّا بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ إلَّا لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إلَى تِسْعَةٍ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ أَوْ تَكْتَفِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ الْأَوَّلُ سَمَاعُ يَحْيَى وَالثَّانِي سَمَاعُ عِيسَى وَهُوَ الرَّاجِحُ فَعُلِمَ أَنَّ مُعْتَادَةَ الْحَيْضِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ

(كَالصَّغِيرَةِ) الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ (وَالْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ (وَنَظَرَ النِّسَاءُ) الْعَارِفَاتُ، وَالْجَمْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ فَتَأَخَّرَ لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَفِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ لَا فِيمَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَلَا فِيمَنْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَلَا فِي صَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ (فَإِنْ ارْتَبْنَ) بِجَسِّ بَطْنٍ (فَتِسْعَةُ) أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ. (وَ) اُسْتُبْرِئَتْ الْحَامِلُ (بِالْوَضْعِ) لِجَمِيعِ حَمْلِهَا، وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ (كَالْعِدَّةِ) فَلَا يَكْفِي بَعْضُهُ وَتَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ ارْتَابَتْ. (وَحَرُمَ) عَلَى الْمَالِكِ (فِي زَمَنِهِ الِاسْتِمْتَاعُ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ مِنْ وَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ حَامِلًا أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ، وَهِيَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ مِنْ سَيِّدِهَا فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي الْعِدَّةِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ شَرَعَ فِي مَفَاهِيمِ قُيُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَى صَغِيرَةٍ (إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ) كَبِنْتِ ثَمَانٍ فَأَقَلَّ وَهَذَا مَفْهُومُ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ (أَوْ) أَطَاقَتْهُ لَكِنْ (حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ عِنْدَهُ وَلَمْ تَحْصُلْ إسَاءَةُ ظَنٍّ (كَمُودَعَةٍ) وَمَرْهُونَةٍ وَأَمَةِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ، وَلَمْ تَخْرُجْ) لِلتَّصَرُّفِ فِي حَوَائِجِهَا (وَلَمْ يَلِجْ) أَيْ يَدْخُلْ (عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ أَوْ بَتَّ الْبَيْعَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا بِالْحَيْضِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إسَاءَةُ ظَنٍّ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ. (أَوْ) (أَعْتَقَ) أَمَتَهُ الْمَوْطُوءَةَ لَهُ (وَتَزَوَّجَ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ (أَوْ) (اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَإِنْ) كَانَ الشِّرَاءُ لَهَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ، وَوَطْؤُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ مُبَاحًا، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ. ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ سِتَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ تَكْتَفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ مُعْتَادَةَ الْحَيْضِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ عَشَرَةٍ عَلَى مَا قِيلَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَيْضِ، وَلَا تَكْتَفِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِدَّةَ ثَبَتَتْ بِالْقُرْآنِ فَشُدِّدَ فِيهَا، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَدْ ثَبَتَ بِخَبَرِ آحَادٍ. (قَوْلُهُ: كَالصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ) هَاتَانِ تَمَامُ السِّتَّةِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْضَةٍ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ تَأَخَّرَتْ أَوْ أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ كَالْيَائِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ عَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ فَإِذَا نَظَرَ النِّسَاءُ الْعَارِفَاتُ لِمَنْ ذُكِرَ، وَقُلْنَ: إنَّهَا لَا حَمْلَ بِهَا فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ لَا فِيمَنْ عَادَتُهَا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ يُكْتَفَى فِيهَا بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرِ النِّسَاءِ، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ نَظَرَ النِّسَاءِ خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ دُونَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ هُوَ مُحَصِّلُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ إلَخْ) صَوَابُهُ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ، وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا زَالَتْ أَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا، وَإِلَّا بِأَنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ قَبْلَ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ زَوَالِهَا، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ الرِّيبَةُ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ التِّسْعَةِ، وَإِنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ نَقْلُ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: وَتَرَبَّصَتْ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ ارْتَابَتْ) أَيْ إنْ ارْتَابَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ بِجَسِّ بَطْنٍ تَرَبَّصَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا) بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: إنَّهُ جَائِزٌ وَاخْتَارَ بْن مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْحُرْمَةِ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: كَمُودَعَةٍ وَمَرْهُونَةٍ) أَيْ حَاضَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي أَمَةِ زَوْجَتِهِ وَأَمَةِ وَلَدِهِ (قَوْلُهُ: وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِالْخِيَارِ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ فَحَاضَتْ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ، وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) هَذَانِ الْقَيْدَانِ رَاجِعَانِ لِلْمُودَعَةِ، وَمَا بَعْدَهَا، وَهِيَ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ، فَإِنْ تَخَلَّفَ قَيْدٌ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِسُوءِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَطْأَهُ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ) أَيْ وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ لَيُفَرِّقَ بَيْنَ وَلَدِهِ بِوَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْ وَطْءِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْقَوْلَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَأَمَّا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ وُجُوبُ اسْتِبْرَائِهِ إنَّمَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ، وَوَطْؤُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَوَهَّمًا اهـ وَعِبَارَةُ بْن وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ وَهُوَ ابْنُ كِنَانَةَ إنَّمَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِتَزَوُّجِهِ لَهَا إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي يُوجِبُهُ الشِّرَاءُ الْحَاصِلُ بَعْدُ وَإِلَّا عُومِلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) هَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ يَطَؤُهَا أَوَّلًا بِالْمُلْكِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ بَاعَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (الْمُشْتَرَاةَ) لَهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ دَخَلَ) بِهَا قَبْلَ شِرَائِهَا (أَوْ) لَمْ يَبِعْهَا وَلَكِنَّهُ (أَعْتَقَ) بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ (أَوْ مَاتَ) بَعْدَ مَا دَخَلَ وَاشْتَرَى (أَوْ) كَانَ الزَّوْجُ مُكَاتَبًا فَاشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا وَ (عَجَزَ) هَذَا الزَّوْجُ (الْمُكَاتَبُ) فَرَجَعَتْ لِسَيِّدِهِ بِأَنْ انْتَزَعَهَا مِنْهُ (قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ) الْحَاصِلِ بِالشِّرَاءِ ظَرْفٌ تَنَازَعَهُ الْأَفْعَالُ الْأَرْبَعَةُ (لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ) فِيمَا عَدَا الْعِتْقَ أَيْ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا أَوْ انْتَزَعَهَا مِنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ (وَلَا زَوْجٍ) يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ (إلَّا بِقَرْأَيْنِ) أَيْ طُهْرَيْنِ (عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ مِنْ قُرْأَيْنِ وَبِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُمَا عِدَّةُ فَسْخِ النِّكَاحِ النَّاشِئِ مِنْ شِرَاءِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ فَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ قُرْآنِ كَعِدَّةِ طَلَاقِهَا، وَمَفْهُومُ وَقَدْ دَخَلَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ كَفَتْ حَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ بِقَوْلِهِ (وَ) إنْ بَاعَ الْمَدْخُولَ بِهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وَطْءِ الْمِلْكِ اُسْتُبْرِئَتْ (بِحَيْضَةٍ) ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْمِلْكِ هَدَمَ عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ (كَحُصُولِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ بَيْعٍ وَمَا مَعَهُ (بَعْدَ حَيْضَةٍ) حَصَلَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَكْتَفِي بِحَيْضَةٍ أُخْرَى تُكْمِلُ بِهَا عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَتُغْنِي عَنْ حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ (أَوْ) حُصُولِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ (حَيْضَتَيْنِ) فَعَلَيْهَا حَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ إذَا عَتَقَتْ بَعْدَ الْحَيْضَتَيْنِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ بَعْدَهُمَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ حَيْضَةً كَمَا مَرَّ. (أَوْ حَصَلَتْ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ وَلَا إنْ حَصَلَتْ أَيْ أَسْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ حُصُولِ مِلْكٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (فِي أَوَّلِ) نُزُولِ (الْحَيْضِ) فَتَكْتَفِي بِهِ غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ. (وَهَلْ) اكْتِفَاؤُهَا بِهِ (إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ مِقْدَارُ حَيْضَةٍ كَافِيَةٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَإِنْ مَضَى قَدْرُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ اسْتَأْنَفَتْ ثَانِيَةً (أَوْ) مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِهَا إلَّا أَنْ يَمْضِيَ (أَكْثَرُهَا) يَعْنِي الْحَيْضَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ فَالْمُرَادُ بِأَكْثَرِهَا أَقْوَاهَا انْدِفَاقًا، وَهُمَا الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ الَّتِي اعْتَادَتْهَا؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِيهِمَا أَكْثَرُ انْدِفَاقًا مِنْ بَاقِي الْحَيْضَةِ (تَأْوِيلَانِ) فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ انْتِقَالُ الْمِلْكِ قَبْلَ مُضِيِّ قَدْرِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ اكْتَفَتْ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ اتِّفَاقًا وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِهَا انْدِفَاقًا لَمْ تَكْتَفِ بِهَا، وَاسْتَأْنَفَتْ أُخْرَى اتِّفَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصَارَ يَطَؤُهَا بِالنِّكَاحِ وَهَذِهِ كَانَ يَطَؤُهَا بِالنِّكَاحِ فَصَارَ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ الْحُرَّ أَوْ الْعَبْدَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لِسَيِّدِهَا الْمُشْتَرِي وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَعْدَهُ وَطْءُ الْمِلْكِ أَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ شِرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لِمَنْ تَزَوَّجَهَا غَيْرَ الْمُعْتِقِ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ مَاتَ بَعْدَ شِرَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَلَا تَحِلُّ لِلْوَارِثِ وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ الْوَارِثُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُكَاتَبًا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا تَحِلُّ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ، وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ ذَلِكَ السَّيِّدُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ وَرَجَعَتْ لِسَيِّدِهِ فَلَا تَحِلُّ لِسَيِّدِهِ وَلَا لِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ السَّيِّدُ إلَّا بِقَرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: تَنَازَعَهُ الْأَفْعَالُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ وَهِيَ بَاعَ وَأَعْتَقَ وَمَاتَ وَعَجَزَ. (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا إلَخْ) أَيْ إنَّ قَوْلَهُ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْعِتْقِ وَقَوْلَهُ وَلَا زَوْجٍ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ بَاعَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي حِلِّهَا لِلسَّيِّدِ أَوْ الزَّوْجِ حَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ اُسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ، وَكَذَا فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي اسْتِبْرَاؤُهَا بِحَيْضَةٍ، وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَحُصُولِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ بَنَى بِهَا فَحَاضَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْضَةً فَأَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِي حِلِّهَا لِلْمُشْتَرِي وَلِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ الْمُشْتَرِي وَلِمَنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلِلْوَارِثِ وَلِمَنْ زَوَّجَهَا لَهُ الْوَارِثُ بِحَيْضَةٍ أُخْرَى بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْبَيْعِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَا مَعَهُ أَيْ مِنْ الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ (قَوْلُهُ أَوْ حُصُولِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَيْضَتَيْنِ) أَيْ حَصَلَتَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا فَحَاضَتْ عِنْدَهُ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِمَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ إلَّا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَهُ اسْتِبْرَاءٌ، وَإِلَّا بِأَنْ تَقَدَّمَهُ اسْتِبْرَاءٌ كَمَا هُنَا فَلَا يُوجِبُهُ، وَهَذَا فِي الْقِنِّ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ عِتْقَهَا يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ مُطْلَقًا تَقَدَّمَهُ اسْتِبْرَاءٌ آخَرُ، أَمْ لَا فَقَوْلُهُ: أَوْ حَيْضَتَيْنِ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْقِنِّ (قَوْلُهُ: أَيْ أَسْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ حَصَلَتْ رَاجِعٌ لِلْأَسْبَابِ الْمَفْهُومَةِ ضِمْنًا مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مِثْلِ مَوْتِ الْمَالِكِ أَوْ عِتْقِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَتَكْتَفِي بِهِ غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ وَأَمَّا هِيَ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ عَتَقَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ

وَمَا بَيْنَهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ. (أَوْ) (اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ عِنْدَ إرَادَتِهِ وَطْأَهَا تَعَدِّيًا مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا (ثُمَّ) بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَاءِ ابْنِهِ (وَطِئَهَا) الْأَبُ فَقَدْ مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا، وَحَرُمَتْ عَلَى ابْنِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ صَارَ فِي مَمْلُوكَةٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا، وَكَذَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا الِابْنُ فَوَطِئَهَا أَبُوهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ) أَيْضًا (عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ لِفَسَادِ وَطْئِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَ مِلْكَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بِتَلَذُّذِهِ، وَلَوْ بِالْوَطْءِ بَلْ يَكُونُ لِلِابْنِ التَّمَاسُكُ بِهَا فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ) مِنْ الْأَشْيَاخِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْأَبُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ لَحُرِّمَتْ عَلَى الْأَبِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْأَبُ بِوَطْئِهِ. (وَيُسْتَحْسَنُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِبَائِعِهَا (إنْ غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ) أَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا) وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِبْرَاءِ وَلَوْ كَانَتْ اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ الْمِلْكُ بَعْدَ نُزُولِ الدَّمِ يَوْمًا وَقَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَسْتَأْنِفُ هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ إذَا حَصَلَ مُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي أَوَّلِ حَيْضَتِهَا اكْتَفَتْ بِذَلِكَ وَلَا تَحْتَاجُ فِي اسْتِبْرَائِهَا لِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ وَإِذَا حَصَلَ الْمُوجِبُ بَعْدَ أَكْثَرِ حَيْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْنَافِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي الْمُرَادِ بِأَكْثَرِ الْحَيْضِ هَلْ الْمُرَادُ أَكْثَرُهُ زَمَانًا أَوْ أَكْثَرُهُ انْدِفَاقًا، وَالْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ مَنَاسٍ فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ سِتَّةَ أَيَّامٍ وَمَلَكَهَا بَعْدَ نُزُولِهِ عَلَيْهَا يَوْمَيْنِ اكْتَفَتْ بِذَلِكَ الْحَيْضِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ حَصَلَ بَعْدَ أَكْثَرِهِ انْدِفَاقًا أَيْ سَيَلَانًا وَجَرْيًا، وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ حَصَلَ الْمُوجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ اكْتَفَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ لَا يَحْصُلَ بَعْدَ أَكْثَرِهِ زَمَنًا ثُمَّ إنَّ ابْنَ الْمَوَّازِ قَيَّدَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَصَلَ الْمُوجِبُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ اكْتَفَتْ بِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمُوجِبُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ الْحَيْضِ يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَتْ وَلَوْ بَقِيَ أَكْثَرُ زَمَانِ الْحَيْضِ كَمَا لَوْ كَانَ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ فَمَلَكَهَا بَعْدَ نُزُولِ الدَّمِ عَلَيْهَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ بَعْضًا لَهُ بَالٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الِاسْتِبْرَاءِ لِتَقَدُّمِ حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَهَلْ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ خَارِجٌ عَنْ التَّأْوِيلَيْنِ وَالتَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي تَفْسِيرِ أَكْثَرِ حَيْضِهَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْمُرَادُ أَكْثَرُهُ انْدِفَاقًا أَوْ زَمَانًا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا) أَيْ وَتَلَذُّذِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَوَطِئَهَا أَبُوهُ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ بَيْنَ فَخِذَيْهَا بِالْقِيمَةِ فَصَارَ وَطْؤُهُ فِي مَمْلُوكَةٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَبِ ثَانِيًا مِنْ وَطْئِهِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ الْأَوَّلِ لِفَسَادِ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ أَفَادَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْأَبُ اسْتَبْرَأَهَا ابْتِدَاءً قَبْلَ وَطْئِهِ (قَوْلُهُ: لَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ وَطْئِهِ الَّذِي حَصَلَ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ اسْتِبْرَاءٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَطِئَهَا الِابْنُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ لَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا، وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ مِنْ مَاءِ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهَا الْأَبُ بِوَطْئِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ مَتَى وَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَى الِابْنِ، وَحَرَّمَهَا عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْأَبِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا ثُمَّ إنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَبِيهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ حَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ دُونَ أَبِيهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحْسَنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ رَبَّ الْأَمَةِ إذَا بَاعَهَا بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ بَعْدَ أَنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا رَدَّهَا لِلْبَائِعِ فَيُسْتَحَبُّ لِلْبَائِعِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ مُخْتَارًا فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ رَدُّهَا فَهِيَ مَأْمُونَةٌ مِنْ وَطْئِهِ فَلِذَا كَانَ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ لَهَا مَنْدُوبًا لَا وَاجِبًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِلْبَائِعِ وَرَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُسْتَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مِنْ وَطْئِهِ وَهُمْ إذَا لَمْ يُرَاعُوا الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ لَزِمَهُمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ أَمِينٍ كَالْمُودَعِ وَالْمُرْتَهِنِ ثُمَّ رُدَّتْ لِرَبِّهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَبَهْرَامَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْ مُطْلَقًا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِغَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْوِيلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقٌ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الِاسْتِحْبَابِ فَقِيلَ مُطْلَقٌ وَقِيلَ إنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي خَاصَّةً. (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ) الَّذِي فِي ح بَعْدَ نُقُولٍ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا أَنَّ اسْتِحْبَابَ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ

نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ إلَّا أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَزِيدِ أَحْكَامٍ وَلِذَا أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ فَقَالَ (وَتَتَوَاضَعُ) الْأَمَةُ (الْعَلِيَّةُ) أَيْ الرَّائِعَةُ الْجَيِّدَةُ الَّتِي تُرَادُ لِلْفِرَاشِ وُجُوبًا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا أَوْ لَا (أَوْ وَخْشٌ) بِسُكُونِ الْخَاءِ أَيْ خَسِيسَةٌ تُرَادُ لِلْخِدْمَةِ (أَقَرَّ الْبَائِعٌ بِوَطْئِهَا) فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ فَلَا مُوَاضَعَةَ وَإِنَّمَا يَسْتَبْرِئُهَا الْمُشْتَرِي (عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ) مُتَعَلِّقٌ بِتَتَوَاضَعُ فَحَقِيقَةُ الْمُوَاضَعَةِ جَعْلُ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا عِنْدَ أَمِينٍ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ مِنْ رَجُلٍ ذِي أَهْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ (وَالشَّأْنُ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ (النِّسَاءُ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّجُلَ الْأَمِينَ الَّذِي لَا أَهْلَ، وَلَا مَحْرَمَ لَهُ يَكْفِي وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكِفَايَةِ. (وَإِذَا) (رَضِيَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (بِغَيْرِهِمَا) أَيْ بِوَضْعِهَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِقَالُ) عَمَّا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُهَا مِنْ عِنْدِهِ إلَّا لِوَجْهٍ، وَأَمَّا إذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِقَالُ، وَمَفْهُومُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُمَا مَعًا الِانْتِقَالَ (وَنُهِيَا) نَهْيَ كَرَاهَةٍ (عَنْ) وَضْعِهَا عِنْدَ (أَحَدِهِمَا) الْمَأْمُونِ وَإِلَّا حَرُمَ. (وَهَلْ يُكْتَفَى) فِي الْمُوَاضَعَةِ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْ النِّسَاءِ، وَتُصَدَّقُ فِي إخْبَارِهَا عَنْ حَيْضِهَا (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (يُخَرَّجُ) أَيْ يُقَاسَ (عَلَى التُّرْجُمَانِ) أَيْ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ هَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ أَوْ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ فَلَا يَكْفِي الْوَاحِدُ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمُتَرْجِمِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدَةِ. (وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي) أَمَةٍ (مُتَزَوِّجَةٍ) اشْتَرَاهَا غَيْرُ زَوْجِهَا كَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَغَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَرَدَّ الْبَيْعَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَبْرِئُهَا وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْفَرَجِ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَذَلِكَ أَيْضًا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُطْلَقٌ وَعَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ حَمَلَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ لِلْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَتَبِعَهُمَا عبق وَشَارِحُنَا (قَوْلُهُ: نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْأَعَمَّ وَهُوَ مُطْلَقُ الْكَشْفِ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ الشَّامِلِ لِلْمُوَاضَعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَزِيدِ أَحْكَامٍ) وَذَلِكَ كَالنَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ وَشَرْطِ النَّقْدِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ فِي زَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ، وَضَمَانُهَا مِنْهُ، وَشَرْطُ النَّقْدِ مُفْسِدٌ لِبَيْعِهَا بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ مُدَّتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَضَمَانُهَا مِنْهُ، وَالنَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: وَتَتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ وَخْشٌ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا أَيْ إذَا كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مِنْ وَطْئِهِ، وَإِلَّا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا، وَخْشًا أَوْ عَلِيَّةً بِالنَّظَرِ لِحَالِهَا عِنْدَ النَّاسِ لَا بِالنَّظَرِ لِحَالِهَا عِنْدَ مَالِكِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يُرِيدَ الْمُشْتَرِي الْوَطْءَ فَلَيْسَتْ كَالِاسْتِبْرَاءِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَلِيَّةَ يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا، وَالْوَخْشُ إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا يُخْشَى أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَسْتَبْرِئُهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَطَأَهَا وَإِلَّا فَلَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَنَّهُ فِي الْفَرْدَيْنِ اللَّذَيْنِ يُقَالُ فِيهِمَا مُوَاضَعَةٌ تَجْرِي عَلَيْهِمَا أَحْكَامُ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ لُزُومِ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ مُدَّتَهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَفِي غَيْرِهِمَا تَجْرِي أَحْكَامُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ لُزُومِ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُوَاضَعَةَ كَمَا تَكُونُ فِيمَنْ تَحِيضُ تَكُونُ فِي غَيْرِهَا كَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ (قَوْلُهُ: يَكْفِي) أَيْ وَضْعُهَا عِنْدَهُ أَيْ وَهُوَ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَضْعِهَا عِنْدَ مَنْ لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَحْرَمَ جَوَازُ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَدَمٌ أَوْ أَصْحَابٌ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: يَكْفِي أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ وَقَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ مُفَادُ قَوْلِ الذَّخِيرَةِ وَمِنْ شَرْطِ الْأَمِينِ إذَا كَانَ رَجُلًا أَنْ يَكُونَ مُتَزَوِّجًا (قَوْلُهُ: عَمَّا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ) وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِيمَنْ تُوضَعُ عِنْدَهُ حَيْثُ عَيَّنَ الْمُشْتَرِي غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ، وَقَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِقَالُ أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: وَنُهِيَا) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ لَا مَعًا فَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ إذَا وُضِعَتْ عِنْدَهُ خَوْفًا مِنْ تَسَاهُلِهِ مِنْ إصَابَتِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهَا فِي ضَمَانِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بِالْمُشْتَرِي إذَا وُضِعَتْ عِنْدَهُ خَوْفًا مِنْ تَسَاهُلِهِ فِي إصَابَتِهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ نَظَرًا لِعَقْدِ الْبَيْعِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُ النَّهْيِ بِهِمَا مَعًا لِإِقْرَارِ الثَّانِي لِمَنْ وُضِعَتْ عِنْدَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ فَالنَّهْيُ إمَّا نَهْيُ كَرَاهَةٍ أَوْ حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَازِرِيُّ يُخَرَّجُ إلَخْ) أَيْ يُخَرَّجُ الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي التُّرْجُمَانِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّخْرِيجَ لِلْمَازِرِيِّ مِنْ عِنْدِهِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَجْرَاهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَائِفِ الْوَاحِدِ وَالتُّرْجُمَانِ اهـ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا قَبْلَ الْمَازِرِيِّ اهـ بْن وَالتُّرْجُمَانُ هُوَ الَّذِي يُفَسِّرُ لُغَةً بِلُغَةٍ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ كَجُلْجُلَانٍ وَبِفَتْحِهِمَا كَزَعْفَرَانٍ وَبِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِضَمِّ ثَالِثِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ) أَيْ بَلْ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمُتَرْجِمِ) أَيْ إنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ التُّرْجُمَانَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ؛ لِأَنَّهُمَا شَاهِدَانِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْحَاكِمِ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ كِفَايَةِ التُّرْجُمَانِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكَفَتْ وَاحِدَةٌ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ اشْتَرَاهَا غَيْرُ زَوْجِهَا) وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي مُوَاضَعَتِهَا لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ اشْتَرَاهَا

لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا (وَ) لَا فِي (حَامِلٍ) مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا لِعِلْمِ الْمُشْتَرِي بِشُغْلِ الرَّحِمِ بِالْوَلَدِ (وَ) لَا فِي (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ؛ إذْ الْعِدَّةُ تُغْنِي عَنْ الْمُوَاضَعَةِ وَعَنْ الِاسْتِبْرَاءِ (وَ) لَا فِي (زَانِيَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ النَّاشِئَ عَنْ الزِّنَا لَا يَلْحَقُ بِالْبَائِعِ وَلَا بِغَيْرِهِ (كَالْمَرْدُودَةِ) لِبَائِعِهَا (بِعَيْبٍ أَوْ فَسَادٍ) لِلْبَيْعِ (أَوْ إقَالَةٍ إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي) عَلَى الْأَمَةِ فَلَا مُوَاضَعَةَ؛ إذْ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي هَذِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَيْبَةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمُوَاضَعَةُ إنْ ظَنَّ الْوَطْءَ، أَوْ لَمْ يَظُنَّ وَرُدَّتْ لِفَسَادِ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ أَوْ رُدَّتْ لِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ. (وَفَسَدَ) بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ (إنْ نَقَدَ) الْمُشْتَرِي فِيهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ (بِشَرْطٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ، وَكَذَا يُفْسِدُهُ شَرْطُ النَّقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ (لَا) إنْ نَقَدَ (تَطَوُّعًا) فَلَا يَفْسُدُ وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ الْبَيْعُ بَتًّا فَلَوْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ لَمُنِعَ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا. (وَفِي الْجَبْرِ) أَيْ جَبْرِ الْمُشْتَرِي (عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ) أَيَّامَ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ وَعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ حَتَّى تَرَى الدَّمَ فَيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ (قَوْلَانِ وَ) إذَا قُلْنَا بِالْإِيقَافِ فَتَلِفَ كَانَتْ (مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ) وَهُوَ الْبَائِعُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ وَالْمُشْتَرِي إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ هَلَكَتْ أَيَّامَ الْمُوَاضَعَةِ، وَمَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِ قَوْلِهِ: وَمُصِيبَتُهُ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ: وَفِي الْجَبْرِ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِيقَافِ، وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بَعْدَ الْجَبْرِ فَكَذَلِكَ إنْ وَقَفَ بِتَرَاضِيهِمَا. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ مُنْفَرِدَةً، وَالِاسْتِبْرَاءُ كَذَلِكَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا لَوْ اجْتَمَعَا مُتَّفِقَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرُ زَوْجِهَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَأَوْلَى لَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا الْمُسْتَرْسِلُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا فِي حَامِلٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ زَوْجٍ نَعَمْ تُسْتَبْرَأُ بِوَضْعِ حَمْلِهَا، وَفَائِدَةُ كَوْنِ وَضْعِ الْحَمْلِ اسْتِبْرَاءً لَا مُوَاضَعَةً لُزُومُ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ لِعِلْمِ الْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي مُوَاضَعَتِهَا (قَوْلُهُ وَلَا فِي زَانِيَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا زَنَتْ الْأَمَةُ فَبَاعَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ زِنَاهَا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مُوَاضَعَتُهَا وَيَنْتَظِرُ حَيْضَةً يَسْتَبْرِئُهَا بِهَا فَنَفْيُ الْمُوَاضَعَةِ عَنْهَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ اسْتِبْرَائِهَا، وَفَائِدَةُ كَوْنِ هَذِهِ الْحَيْضَةِ اسْتِبْرَاءً لَا مُوَاضَعَةً تَرَتُّبُ النَّفَقَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا اسْتَبْرَأَهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمُوَاضَعَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا غَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ أَوْ لِفَسَادٍ أَوْ بِإِقَالَةٍ فَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ مُوَاضَعَتُهَا بِمَعْنَى اسْتِبْرَائِهَا إنْ ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ وَطِئَهَا حِينَ غَابَ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا، وَكَانَ الرَّدُّ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَمَا إذَا رَدَّهَا الْمُشْتَرِي لِفَسَادِ الْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا بِقَصْدِ الْمِلْكِ أَوْ كَانَ رَدَّهَا لِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ تَعَلُّقِ ضَمَانِهَا بِهِ بِأَنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، أَوْ رَدَّهَا لِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا بِنِيَّةِ الْمِلْكِ بَلْ قَبَضَهَا ائْتِمَانًا عَلَى اسْتِبْرَائِهَا فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا الْبَائِعُ إذَا رُدَّتْ إلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمُوَاضَعَةُ مُرَادُهُ بِهَا الِاسْتِبْرَاءُ أَيْ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ لَهَا وَقَوْلُهُ: وَرُدَّتْ لِفَسَادٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا رُدَّتْ لِفَسَادٍ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ، وَهَذَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ: أَوْ لَمْ يَظُنَّ، وَمُرَادُهُ بِالْقَبْضِ قَبْضُهَا بِقَصْدِ الْمِلْكِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ) (وَفَسَدَ بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ) أَيْ الْبَيْعُ الْمَدْخُولُ فِيهِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ نَصًّا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَرَى الدَّمَ فَيَمْضِيَ الْبَيْعُ فَيَكُونَ الْمَدْفُوعُ ثَمَنًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَرَاهُ فَيُرَدَّ الْبَيْعَ فَيَكُونَ مَا نَقَدَهُ سَلَفًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُفْسِدُهُ شَرْطُ النَّقْدِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَفَسَدَ إنْ شَرَطَ النَّقْدَ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إنَّمَا هُوَ شَرْطُهُ وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ إذَا اشْتَرَطُوا الْمُوَاضَعَةَ أَوْ جَرَى بِهَا الْعُرْفُ فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ وَلَا جَرَى الْعُرْفُ بِهَا بَلْ بِعَدَمِهَا كَمَا فِي مِصْرَ لَمْ يَفْسُدْ الْبَيْعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ، وَيُحْكَمُ بِالْمُوَاضَعَةِ، وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى رَدِّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ، وَلَوْ طُبِعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ جَوَازُ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ: لَمُنِعَ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعَا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَإِذَا مَضَتْ فَسَخَهُ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا حَتَّى تَرَى الدَّمَ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَظْهَرُ مِنْهُمَا الْجَبْرُ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِيقَافِ) أَيْ وَأَوْقَفَاهُ بِالْفِعْلِ بِيَدِ عَدْلٍ فَتَلِفَ (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ قَبْلَ الْحَيْضَةِ، وَقَدْ تَلِفَ الثَّمَنُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي قَبُولِهَا بِالْعَيْبِ أَوْ الْحَمْلِ بِالثَّمَنِ التَّالِفِ، وَتَصِيرُ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَكَانَتْ مُصِيبَةُ الثَّمَنِ التَّالِفِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ) أَيْ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ: وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِيقَافِ وَنَصُّهُ هَكَذَا وَمُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ وَفِي الْجَبْرِ عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: بِتَرَاضِيهِمَا) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُوقَفْ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مَعَهُ

[باب تداخل العدد]

أَيْ مِنْ نَوْعٍ وَمُخْتَلِفَيْنِ أَيْ مِنْ نَوْعَيْنِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ بِبَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ بَابٌ يُمْتَحَنُ بِهِ الْفُقَهَاءُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ بِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ الْعَقْلِيَّةِ وَسَبْعٌ فِي الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الطَّارِئَ إمَّا عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ بِتِسْعٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ طُرُوُّ عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ عَلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ فَالطَّارِئُ يَهْدِمُ السَّابِقَ إلَّا إذَا كَانَ الطَّارِئُ أَوْ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ عِدَّةَ وَفَاةٍ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ فَقَالَ. {فَصْلٌ} إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ لِعِدَّةٍ مُطْلَقًا أَوْ اسْتِبْرَاءٍ (قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ) (انْهَدَمَ الْأَوَّلُ) أَيْ بَطَلَ حُكْمُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْمُوجِبَانِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ بِفِعْلٍ سَائِغٍ أَمْ لَا (وَائْتَنَفَتْ) أَيْ اسْتَأْنَفَتْ حُكْمَ الطَّارِئِ فِي الْجُمْلَةِ؛ إذْ قَدْ تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَمَثَّلَ لِلْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا. وَبَدَأَ بِطُرُوِّ عِدَّةٍ عَلَى عِدَّةٍ بِقَوْلِهِ (كَمُتَزَوِّجٍ بَائِنَتَهُ) بِأَنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا (يُطَلِّقُ) أَيْ يُطَلِّقُهَا أَيْضًا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) فَتَأْتَنِفُ عِدَّةً مِنْ طَلَاقِهِ الثَّانِي وَيَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ (أَوْ) بَعْدَ تَزَوُّجِهَا (يَمُوتُ مُطْلَقًا) بَنَى بِهَا أَوْ لَا فَتَأْتَنِفُ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَتَنْهَدِمُ الْأُولَى. وَمَثَّلَ لِطُرُوِّ عِدَّةِ طَلَاقٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ بِقَوْلِهِ (وَكَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ) وَطْءٍ (فَاسِدٍ) مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهِيَ ذَاتُ زَوْجٍ (ثُمَّ يُطَلِّقُ) الزَّوْجُ فَتَأْتَنِفُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ مِنْ يَوْمِهِ، وَيَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَثَلَاثَةُ قُرُوءٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَبِوَضْعِ الْحَمْلِ كُلِّهِ، وَمِثْلُهُ طُرُوُّ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ، وَمَفْهُومُ يُطَلِّقُ لَوْ مَاتَ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ كَمَا يَأْتِي. وَأَشَارَ لِمَفْهُومِ بَائِنَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَكَمُرْتَجِعٍ) لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا (وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ) أَيْ يَطَأْهَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهَا ثُمَّ (طَلَّقَ أَوْ مَاتَ) قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَتَأَنَّفُ عِدَّةَ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّ ارْتِجَاعَهَا يَهْدِمُ الْعِدَّةَ (إلَّا أَنْ يُفْهَمَ) مِنْ ارْتِجَاعِهِ بِقَرِينَةِ حَالٍ أَوْ مَقَالٍ (ضَرَرٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابِ تَدَاخُلِ الْعَدَدِ] قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ نَوْعٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ نَوْعَيْنِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِأَشْهُرٍ، وَالِاسْتِبْرَاءُ بِالْحَيْضِ (قَوْلُهُ يُمْتَحَنُ بِهِ الْفُقَهَاءُ) أَيْ لِاشْتِبَاهِ صُوَرِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ لَا يَتَأَتَّى أَنْ يَحْصُلَ فِي الْخَارِجِ مَا ذُكِرَ، وَاَلَّذِي يَتَأَتَّى إنَّمَا هُوَ طُرُوُّ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ كَمَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ كَمَالِ عِدَّتِهَا، وَطَلَّقَهَا ثَانِيًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ شَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ، أَوْ وُطِئَتْ غَلَطًا، وَيَتَأَتَّى أَيْضًا طُرُوُّ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ غَلَطًا أَوْ غَصْبًا فَلَمَّا شَرَعَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ وُطِئَتْ غَلَطًا ثَانِيًا، أَوْ غَصْبًا أَوْ بِزِنًا، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا طُرُوُّ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ كَمَا لَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَشَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ فَوُطِئَتْ غَلَطًا أَوْ بِزِنًا أَوْ بِغَصْبٍ فَهَذِهِ سَبْعَةٌ (قَوْلُهُ: فَالطَّارِئُ إلَخْ) هَذِهِ إشَارَةٌ لِضَابِطِ هَذَا الْبَابِ. (فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَدِ) (قَوْلُهُ: لِعِدَّةٍ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ إنَّهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وُطِئَتْ بِغَصْبٍ أَوْ غَلَطًا كَانَ الْوَاطِئُ لَهَا مُطَلِّقَهَا أَوْ غَيْرَهُ، وَكَمَا لَوْ مَاتَ زَوْجُهَا فَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَطَرَأَ عَلَيْهَا زِنًا أَوْ غَصْبٌ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ فَقَدْ انْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ: إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ لِعِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ أَرْبَعِ صُوَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ أَوْ قَبْلَ تَمَامِ اسْتِبْرَاءٍ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ غَلَطًا أَوْ بِزِنًا فَشَرَعَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ وُطِئَتْ غَلَطًا أَوْ غَصْبًا أَوْ زِنًا مِنْ الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِفِعْلٍ سَائِغٍ) أَيْ جَائِزٍ كَالطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا أَيْ كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: انْهَدَمَ الْأَوَّلُ وَائْتَنَفَتْ أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ: إذْ تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) أَيْ إذَا كَانَ الطَّارِئُ وَالْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ عِدَّةَ وَفَاةٍ كَمَا لَوْ شَرَعَتْ تَعْتَدُّ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ تُسْتَبْرَأُ مِنْ زِنًا فَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَوُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ غَصْبٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُطَلِّقُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا تَبْقَى عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَتَأْتَنِفُ عِدَّةً مِنْ طَلَاقِهِ الثَّانِي) أَيْ لِأَنَّ تَزَوُّجَهُ وَبِنَاءَهُ بِهَا يَهْدِمُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَزِنًا أَوْ غَصْبٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُطَلِّقُ الزَّوْجُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: فَثَلَاثَةُ قُرُوءٍ) أَيْ فَتَسْتَأْنِفُ بَعْدَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ حَامِلًا) أَيْ مِنْ الزِّنَا وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَتَحِلُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ حَمْلَ الزِّنَا يَهْدِمُ أَثَرَ نَفْسِهِ، وَأَثَرَ الصَّحِيحِ السَّابِقِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ السَّابِقُ طَلَاقًا لَا مَوْتًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ طُرُوِّ الطَّلَاقِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي انْهِدَامِ حُكْمِ الْأَوَّلِ وَاسْتِئْنَافِ حُكْمِ الثَّانِي طُرُوُّ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ (قَوْلُهُ: لَوْ مَاتَ) أَيْ الزَّوْجُ بَعْدَ شُرُوعِهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) أَيْ أَجَلِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ وَأَجَلِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا طَرَأَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَلَى شَيْءٍ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا شَيْءٌ لَزِمَهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا مَسَّهَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَقَوْلُهُ: مِنْ يَوْمَ طَلَّقَ أَيْ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهِ لَهَا ثَانِيًا، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ ارْتِجَاعَهَا يَهْدِمُ الْعِدَّةَ أَيْ الْعِدَّةَ الْأُولَى الْكَائِنَةَ مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ إنْ قُلْت

(بِالتَّطْوِيلِ) عَلَيْهَا كَأَنْ يُرَاجِعَهَا عِنْدَ قُرْبِ تَمَامِ الْعِدَّةِ ثُمَّ يُطَلِّقَهَا (فَتَبْنِي الْمُطَلَّقَةُ) عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى (إنْ لَمْ تُمَسَّ) أَيْ تُوطَأْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، فَإِنْ وَطِئَهَا اسْتَأْنَفَتْ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ هَدَمَ عِدَّتَهَا. وَمَثَّلَ لِطُرُوِّ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى عِدَّةٍ بِقَوْلِهِ (وَكَمُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (وَطِئَهَا الْمُطَلِّقُ أَوْ غَيْرُهُ) وَطْئًا (فَاسِدًا) (بِكَاشْتِبَاهٍ) أَوْ غَصْبٍ أَوْ زِنًا أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ وَتَنْهَدِمُ الْعِدَّةُ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً (مِنْ وَفَاةٍ) وُطِئَتْ فَاسِدًا (فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَأَمَدُ الِاسْتِبْرَاءِ. وَشَبَّهَ فِي أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ طُرُوُّ عِدَّةِ وَفَاةٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ فَقَالَ (كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ فَاسِدٍ مَاتَ زَوْجُهَا) أَيَّامَ الِاسْتِبْرَاءِ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ تَمَامُ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ وَقْتِ شُرُوعِهَا فِيهِ وَأَجَلُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ زَوْجِهَا فَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا. (وَكَمُشْتَرَاةٍ مُعْتَدَّةٍ) أَيْ إنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَة مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ، أَوْ مِنْ طَلَاقٍ، وَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَعَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعْ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا وَاكْتَفَتْ بِالْعِدَّةِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا. (وَ) لَوْ تَزَوَّجَتْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ، وَدَخَلَ بِهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ زَنَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِاشْتِبَاهٍ فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَقَدْ طَرَأَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْعِدَّةِ (هَدَمَ وَضْعُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْ تَزَوَّجَ بَائِنَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي عِدَّةِ طَلَاقِهَا الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ طَلَاقِهَا الْأَوَّلِ وَمَنْ طَلَّقَ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا بَعْدَ ارْتِجَاعِهَا وَقَبْلَ الْمَسِّ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الِارْتِجَاعِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ مُبَانَتَهُ أَجْنَبِيَّةٌ، وَمَنْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فَطَلَاقُهُ الْوَاقِعُ فِيهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ طَلَاقُ زَوْجَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَعْتَدُّ مِنْهُ وَلَا تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الِارْتِجَاعَ هَدَمَهَا اهـ خش. (قَوْلُهُ بِالتَّطْوِيلِ) تَصْوِيرٌ لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ هَدَمَ عِدَّتَهَا) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ فَتَحْتَاجُ لِاسْتِئْنَافِ عِدَّةٍ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّانِي لِمَا ذُكِرَ وَلِاحْتِمَالِ حُصُولِ حَمْلٍ مِنْ وَطْئِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِقَصْدِهِ الضَّرَرَ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُفْهَمَ هَذَا تَقْيِيدٌ مِنْ ابْنِ الْقَصَّارِ لِلْمَذْهَبِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً مِنْ الطَّلَاقِ الثَّانِي مُطْلَقًا مَسَّهَا قَبْلَهُ أَمْ لَا قَصَدَ بِرَجْعَتِهَا الْإِضْرَارَ بِهَا لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ أَمْ لَا وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْقَصَّارِ كَمَا قَالَ السَّخَاوِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَمُعْتَدَّةٍ وَطِئَهَا الْمُطَلِّقُ إلَخْ) يَجِبُ أَنْ تُخَصَّصَ هَذِهِ بِالْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ عِدَّتُهَا قُرْآنِ وَاسْتِبْرَاؤُهَا حَيْضَةٌ فَإِذَا وُطِئَتْ بِاشْتِبَاهٍ عَقِبَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَلَا بُدَّ مِنْ قُرْأَيْنِ كَمَالِ عِدَّتِهَا وَلَا يَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ عبق وَكَمُعْتَدَّةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ) أَيْ لِكَوْنِهَا مُعْتَدَّةً وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ النَّاكِحُ غَيْرَ الْمُطَلِّقِ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ النَّاكِحُ هُوَ الْمُطَلِّقَ إلَّا أَنْ يُعَمَّمَ فِي الْفَسَادِ بِأَنْ يَكُونَ لِمَا ذُكِرَ أَوْ لِخَلَلٍ فِي الصَّدَاقِ أَوْ الْعَقْدِ مَثَلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عِدَّةُ الْوَفَاةِ) أَيْ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَقَوْلُهُ: وَأَمَدُ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا) أَيْ لِأَنَّ هَذِهِ طَرَأَ فِيهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا طَرَأَ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ: وَكَمُشْتَرَاةٍ مُعْتَدَّةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، عِدَّةُ الْوَفَاةِ شَهْرَانِ وَخَمْسِ لَيَالٍ وَحَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ لِنَقْلِ الْمِلْكِ وَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ وَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ فَلَا تَحِلُّ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ وَثَلَاثَةٌ لِلشِّرَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ارْتِفَاعُهَا لِلرَّضَاعِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّ قُرْأَيْنِ وَلَا تَحِلُّ بِمُضِيِّ سَنَةٍ لِلطَّلَاقِ وَثَلَاثَةٍ لِلشِّرَاءِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا أَيْ لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَهَذَا رَاجِعٌ لِلطَّلَاقِ إنْ قُلْت الْمُشْتَرَاةُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ وَفَاةٍ تَحْرُمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مُشْتَرِيهَا لِتَلَبُّسِهَا بِالْعِدَّةِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا تَحِلُّ بِتَمَامِ الْعِدَّةِ وَلَا تَنْتَظِرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ قُلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا: وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيُخَصَّصُ بِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهَا أَقْصَاهُمَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعْ فَلَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَمَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةٍ وَلَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إذَا تَمَّتْ عِدَّتُهَا إنْ وُجِدَ مَعَهَا مَا تَسْتَبْرِئُ بِهِ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ اسْتِبْرَاءَهَا فَلَزِمَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي مُعْتَدَّةٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا تُطَالَبُ بِهِ مَا دَامَتْ مُعْتَدَّةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا تَمَّتْ عِدَّتُهَا يُنْظَرُ إنْ وُجِدَ مَعَهَا مَا تَسْتَبْرِئُ بِهِ حَلَّتْ، وَإِلَّا انْتَظَرَتْ اسْتِبْرَاءَهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَزَوَّجَتْ مُعْتَدَّةً إلَخْ) صُورَتُهُ امْرَأَةٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ فَوُطِئَتْ بِاشْتِبَاهٍ أَوْ بِزِنًا أَوْ بِغَصْبٍ أَوْ نُكِحَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَدَخَلَ بِهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ نَشَأَ حَمْلٌ وَلَحِقَ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حَيْضَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَلَوْ بَعْدَ تَقَدُّمِ حَيْضَةٍ عَلَيْهِ فَهَذَا الْوَضْعُ يَهْدِمُ الِاسْتِبْرَاءَ وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَيَهْدِمُ أَيْضًا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ وَأَمَّا إنْ لَحِقَ ذَلِكَ الْحَمْلُ بِصَاحِبِ الْوَطْءِ الثَّانِي بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ

(حَمْلٍ أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) بِأَنْ أُلْحِقَ بِصَاحِبِ الْعِدَّةِ بِأَنْ وَطِئَهَا الثَّانِي قَبْلَ حَيْضَةٍ (غَيْرَهُ) مَفْعُولُ هَدَمَ أَيْ هَدَمَ وَضْعُ الْحَمْلِ اللَّاحِقِ بِالصَّحِيحِ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِخَوْفِ الْحَمْلِ، وَقَدْ أُمِنَ بِالْوَضْعِ (وَ) لَوْ أُلْحِقَ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ (بِفَاسِدٍ) كَمَا لَوْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ حَيْضَةٍ وَلَمْ يَنْفِهِ الثَّانِي هَدَمَ (أَثَرَهُ) أَيْ الْفَاسِدَ (وَأَثَرَ الطَّلَاقِ) أَيْ يُجْزِيهَا عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَعَنْ عِدَّةِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَ طَلَاقًا (لَا) يَهْدِمُ أَثَرَ (الْوَفَاةِ) بَلْ عَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ مِنْ الْفَاسِدِ أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَكُونُ الْوَضْعُ سِقْطًا، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ بَعْدَ حَمْلِهَا مِنْ الْفَاسِدِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ الْآنَ فَاسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ. وَلَمَّا قَدَّمَ التَّدَاخُلَ بِاعْتِبَارِ مُوجِبَيْنِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ الْمُوجِبُ وَاحِدًا، وَلَكِنْ الْتَبَسَ بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَعَلَى كُلٍّ) مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ (الْأَقْصَى) مِنْ الْأَجَلَيْنِ (مَعَ الِالْتِبَاسِ) إمَّا مِنْ جِهَةِ مَحَلِّ الْحُكْمِ، وَمَحَلُّهُ الْمَرْأَةُ، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ، وَمَثَّلَ لِلْأَوَّلِ بِمِثَالَيْنِ فَقَالَ (كَمَرْأَتَيْنِ) تَزَوَّجَهُمَا رَجُلٌ (إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَالْأُخْرَى بِصَحِيحٍ كَأُخْتَيْنِ مِنْ رَضَاعٍ مَثَلًا، وَلَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا (أَوْ) كِلْتَيْهِمَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ لَكِنَّ (إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ) بَائِنًا وَجَهِلَتْ (ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ) فِي الْمِثَالَيْنِ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الَّتِي فَسَدَ نِكَاحُهَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ الَّتِي طَلُقَتْ فِي الثَّانِي. ثُمَّ مَثَّلَ لِلِالْتِبَاسِ مِنْ جِهَةِ سَبَبِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ: (وَكَمُسْتَوْلَدَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ) بِغَيْرِ سَيِّدِهَا (مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ) مَعًا غَائِبَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي وَكَانَ الْوَطْءُ الثَّانِي وَاقِعًا بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ كَانَ بِشُبْهَةٍ كَغَلَطٍ أَوْ بِعَقْدٍ غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنَّ وَضْعَ ذَلِكَ الْحَمْلِ يَهْدِمُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا يَهْدِمُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ بَلْ تَنْتَظِرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهُمَا وَضْعُ الْحَمْلِ وَالْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَهْدِمُ أَثَرَ الصَّحِيحِ مِنْ الْوَفَاةِ وَعَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ. (قَوْلُهُ: أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) أَيْ بِذِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَذَلِكَ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي وَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى ذَلِكَ الْوَطْءِ حَيْضَةٌ أَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ الثَّانِي وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ الْوَطْءُ بَعْدَ حَيْضَةٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ وَطِئَهَا الثَّانِي قَبْلَ حَيْضَةٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ حَيْضَةٍ إلَى آخِرِ مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: الِاسْتِبْرَاءَ) أَيْ وَأَوْلَى عِدَّةُ الصَّحِيحِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَيْ إنَّهُ يُجْزِيهَا ذَلِكَ الْوَضْعُ عَنْ مُسَبِّبٍ لِوَطْأَيْنِ أَعْنِي الْعِدَّةَ وَالِاسْتِبْرَاءَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ حَيْضَةٍ) الْأَوْلَى كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي الْكَائِنِ بَعْدَ حَيْضَةٍ وَلَا يَتَأَتَّى اللُّحُوقُ بِالثَّانِي إلَّا إذَا كَانَ وَطْؤُهُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فِي الْعِدَّةِ غَيْرَ عَالِمٍ (قَوْلُهُ: هَدَمَ أَثَرَهُ) أَيْ إنَّهُ يُجْزِيهَا عَنْ اسْتِبْرَائِهِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ عِدَّةِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَ طَلَاقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفَاسِدِ أَوْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ كَمَا اسْتَصْوَبَهُ بْن خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ: إنَّ الطَّلَاقَ إنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْفَاسِدِ فَإِنَّ الْوَضْعَ لَا يَهْدِمُ أَثَرَ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ وُطِئَتْ الْمَرْأَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ بِشُبْهَةٍ وَشَرَعَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَاحِقٍ بِالْوَطْءِ الْفَاسِدِ فَلَا يَهْدِمُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ عَلَى مَا قَالَ عبق وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَهْدِمُهَا كَمَا قَالَ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ: إنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ مِنْ الْفَاسِدِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ مِنْ الْفَاسِدِ حَيْثُ كَانَ الْحَمْلُ لَاحِقًا بِصَاحِبِهِ وَضْعُ ذَلِكَ الْحَمْلِ، وَأَقَلُّ مُدَّتِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ (قَوْلُهُ: قَدْ يَكُونُ الْوَضْعُ سِقْطًا) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لُحُوقُهُ بِالثَّانِي إلَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ، وَالسِّقْطُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ، وَإِنْ كَانَ أَمَدُ حَمْلِهِ أَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ كَانَ لَاحِقًا بِالْأَوَّلِ لَا بِالثَّانِي فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فِي الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا) أَيْ إنَّهُ نُعِيَ لَهَا زَوْجُهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَحَمَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجِ الثَّانِي فَتَبَيَّنَ أَنَّ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ مَاتَ الْآنَ فَاسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: مَحَلِّ الْحُكْمِ) الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ) أَيْ سَبَبِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْوَفَاةُ فَإِنَّهَا سَبَبٌ فِي الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْعِدَّةُ (قَوْلُهُ:) (كَأُخْتَيْنِ مِنْ رَضَاعٍ) أَيْ تَزَوَّجَهُمَا مُتَرَتِّبَيْنِ وَلَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا وَمَاتَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِمَا (قَوْلُهُ: أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) أَيْ إنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا إذَا صَدَقَ عَلَيْهَا أَنَّهُ قَدْ مَضَى لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَمَضَى ثَلَاثُ حِيَضٍ، وَيَتَدَاخَلَانِ فَتَحِلُّ بِأَقْصَاهُمَا (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ سَبَبِ الْحُكْمِ) أَيْ مِنْ جِهَةٍ هِيَ سَبَبُ الْحُكْمِ فَالْحُكْمُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالسَّبَبُ هُوَ مَوْتُ الزَّوْجِ هُنَا، وَهَذَا السَّبَبُ قَدْ الْتَبَسَ فَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُتَأَخِّرٌ. (قَوْلُهُ:) (وَكَمُسْتَوْلَدَةٍ) أَيْ وَكَأَمَةٍ أَوَلَدَهَا سَيِّدُهَا وَزَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ أَيْ فَإِنَّ عَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ، وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَامْرَأَتَيْنِ، وَفِيهِ قَلَقٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلٍّ؛ إذْ لَيْسَ هُنَا إلَّا وَاحِدَةٌ فَقَطْ أُجِيبُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ أَوْ إنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ الْمَجْرُورِ بِعَلَى أَيْ عَلَى كُلٍّ، وَعَلَى مِثْلِ مُسْتَوْلَدَةٍ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَعِدَّةُ إلَخْ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ: مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ مَعًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ مَاتَ قَبْلَ وَطْئِهِ لَهَا أَوْ بَعْدَهُ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمَوْتِ تَقَدُّمُ الْوَطْءِ قَبْلَهُ بَلْ

[باب أحكام الرضاع]

وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَلَمْ يُعْلَمُ السَّابِقُ) مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ (فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ) شَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ (أَوْ جُهِلَ) مِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا هَلْ هُوَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ مُسَاوٍ (فَعِدَّةُ حُرَّةٍ) تَجِبُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ سَبْقِ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً (وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ) وَهِيَ حَيْضَةٌ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا وَقَدْ حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ وَمَاتَ عَنْهَا بَعْدَ حِلِّ وَطْئِهِ لَهَا فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ (وَ) عَلَيْهَا (فِي الْأَقَلِّ) كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا شَهْرَانِ فَأَقَلُّ (عِدَّةُ حُرَّةٍ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ لَا فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً، وَلَيْسَ عَلَيْهَا حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا (وَهَلْ) حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا (قَدْرُهَا) أَيْ قَدْرُ عِدَّةِ الْأَمَةِ (كَأَقَلَّ) فَيُكْتَفَى بِعِدَّةِ حُرَّةٍ (أَوْ أَكْثَرَ) فَتَمْكُثُ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَحَيْضَةً فِي ذَلِكَ (قَوْلَانِ) . ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّضَاعِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهُ وَمَا لَا يَحْرُمُ فَقَالَ [دَرْسٌ] (بَابٌ حُصُولُ) أَيْ وُصُولُ (لَبَنِ امْرَأَةٍ) لِلْجَوْفِ وَلَوْ شَكًّا لِلِاحْتِيَاطِ (وَإِنْ) كَانَتْ الْمَرْأَةُ (مَيِّتَةً وَصَغِيرَةً) لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَعَجُوزًا قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَا مَعًا فَالْأَصْلُ أَنَّهَا أَمَةٌ لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ حُرَّةٍ احْتِيَاطًا كَمَا فِي النَّقْلِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَابِقٌ أَلْبَتَّةَ بِأَنْ مَاتَا مَعًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّرْطُ أَعْنِي قَوْلَهُ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا إلَخْ مَانِعٌ مِنْ الصِّدْقِ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهَا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوَّلًا لَا يَلْزَمُهَا بِسَبَبِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَحِينَئِذٍ لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا ثُمَّ لَمَّا مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ حُرَّةٌ لَزِمَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَبِتَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ ثُمَّ يَلْزَمُهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ لِكَوْنِهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ عِدَّةِ وَفَاةِ زَوْجِهَا حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرَ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ فَلِأَجْلِ هَذَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِالْأَمْرَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَالثَّانِي فَسَّرَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ [بَاب أَحْكَامِ الرَّضَاعِ] (بَابُ الرَّضَاعِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ التَّاءِ وَتَرْكِهَا فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَ التَّاءِ أَيْ أَنْكَرَ ثُبُوتَ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: رَضِعَ مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ نَجْدٍ وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ فِي لُغَةِ تِهَامَةَ وَأَهْلِ مَكَّةَ يَتَكَلَّمُونَ بِهِمَا اهـ قَالَ عِيَاضٌ: ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْخَارِجِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِبَانٌ، وَاللَّبَنُ يُقَالُ لِلْخَارِجِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِهِنَّ وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا خِلَافُ قَوْلِهِمْ فَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَبَنُ الْفَحْلِ مُحَرِّمٌ» اهـ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمَجَازِ أَوْ التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ: لَبَنِ امْرَأَةٍ) أَيْ لَا لَبَنِ ذَكَرٍ فَلَا يُحَرِّمُ، وَلَوْ كَثُرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَبَنَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَمَا فِي عبق عَنْ تت وَقَوْلُهُ: امْرَأَةٍ أَيْ آدَمِيَّةٍ، وَأَمَّا لَبَنُ الْجِنِّيَّةِ فَلَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَيْنَ مُرْتَضِعَيْهَا كَذَا فِي عبق وَتَوَقَّفَ فِيهِ وَلَدُهُ وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي نِكَاحِهِمْ (قَوْلُهُ: لِلْجَوْفِ) أَيْ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ لَا إنْ وَصَلَ لِلْحَلْقِ وَرُدَّ فَلَا يُحَرِّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَذَا فِي عبق وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّحْرِيمِ هُوَ الْوُصُولُ لِلْجَوْفِ هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَةِ الْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ بَشِيرٍ هُوَ الْوُصُولُ لِلْحَلْقِ اُنْظُرْ طفي (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ وُصُولُهُ مَشْكُوكًا فِيهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وُصُولُ لَبَنِ امْرَأَةٍ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَلَوْ مَصَّهُ؛ لِأَنَّ " لَبَنَ " اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٍّ يَصْدُقُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مَيِّتَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَيَّةً بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مَيِّتَةً دَبَّ الطِّفْلُ فَرَضَعَهَا أَوْ حَلَبَ مِنْهَا وَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي بِثَدْيِهَا لَبَنٌ ابْنُ نَاجِيٍّ وَكَذَا إنْ شَكَّ هَلْ هُوَ لَبَنٌ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَبَنٌ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا مُخَالِفَ لَهُ وَظَاهِرُ ح اعْتِمَادُ مَا لِابْنِ نَاجِيٍّ قَالَهُ عبق قَالَ بْن: وَالظَّاهِرُ انْتِفَاءُ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ بِأَنْ يَكُونَ الشَّكُّ الَّذِي نَفَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الشَّكَّ فِي وُجُودِ اللَّبَنِ وَعَدَمِهِ، وَالشَّكُّ الَّذِي أَثْبَتَ بِهِ التَّحْرِيمَ هُوَ الشَّكُّ فِي الْمَوْجُودِ هَلْ هُوَ لَبَنٌ أَمْ لَا فَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَاضِحٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مَيِّتَةً رُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَوْلِ الشَّاذِّ بِعَدَمِ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَقَعُ بِغَيْرِ الْمُبَاحِ وَلَبَنُ الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ) إنَّمَا قَيَّدَ الصَّغِيرَةَ بِعَدَمِ إطَاقَةِ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ أَطَاقَتْهُ لَنُشِرَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَعَجُوزًا قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ) أَيْ عَنْ الْوِلَادَةِ أَيْ فَلَبَنُهَا مُحَرِّمٌ، وَهَذَا مُقْتَضَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَبَنُ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ لِكِبَرٍ لَغْوٌ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ فِي مُقَدِّمَاتِهِ تَقَعُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ وَالْعَجُوزِ الَّتِي لَا

وَإِنْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ (بِوَجُورٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا يُدْخَلُ فِي وَسَطِ الْفَمِ أَوْ مَا صُبَّ فِي الْحَلْقِ مِنْ اللَّبَنِ (أَوْ سَعُوطٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مَا صُبَّ فِي الْأَنْفِ (أَوْ حُقْنَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحُصُولِ وَالْوَجُورُ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ مُطْلَقِ اللَّبَنِ فَالْمَعْنَى لَا يَسْتَقِيمُ أُجِيبُ بِأَنَّ الْبَاءَ بَاءُ الْآلَةِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ الْمُوصِلَةُ لِلْجَوْفِ، وَجُورًا أَيْ آلَةَ وَجُورٍ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْمُضَافِ وَقَوْلُهُ: (تَكُونُ غِذَاءً) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ صِفَةٌ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ عَلَى الرَّاجِحِ أَيْ شَرْطُ تَحْرِيمِ الْحُقْنَةِ كَوْنُهَا غِذَاءً بِالْفِعْلِ وَقْتَ انْصِبَابِهَا، وَإِنْ احْتَاجَ بَعْدَ ذَلِكَ لِغِذَاءٍ بِالْقُرْبِ، وَأَمَّا مَا وَصَلَ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ (أَوْ خُلِطَ) لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ وَكَانَ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا لِغَيْرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَا غُلِبَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ فَلَا يَحْرُمُ فَلَوْ خُلِطَ لَبَنُ امْرَأَةٍ بِلَبَنِ أُخْرَى صَارَ ابْنًا لَهُمَا مُطْلَقًا تَسَاوَيَا أَمْ لَا (وَلَا) إنْ كَانَ (كَمَاءٍ أَصْفَرَ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِلَبَنٍ (وَبَهِيمَةٍ) ارْتَضَعَ عَلَيْهَا صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ فَلَا يَحْرُمُ (وَ) لَا (اكْتِحَالٍ بِهِ) أَوْ وَصَلَ مِنْ أُذُنٍ أَوْ مَسَامِّ الرَّأْسِ (مُحَرِّمٌ) اسْمُ فَاعِلٍ خَبَرُ قَوْلِهِ حُصُولُ أَيْ نَاشِرٌ لِلْحُرْمَةِ (إنْ حَصَلَ فِي الْحَوْلَيْنِ) مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ (أَوْ بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ) عَلَيْهِمَا (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) الصَّبِيُّ بِالطَّعَامِ عَنْ اللَّبَنِ (وَلَوْ فِيهِمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا بِحَيْثُ لَا يُغْنِيهِ اللَّبَنُ عَنْ الطَّعَامِ لَوْ عَادَ إلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِغْنَاءُ فِيهِمَا بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِبَقَاءِ التَّحْرِيمِ إلَى تَمَامِهِمَا. (مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ) مِنْ الذَّوَاتِ مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ مُحَرِّمٌ فَالْمُحَرَّمُ مِنْ النَّسَبِ سَبْعٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلَى قَوْلِهِ {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْآيَةِ بِمَا حَرَّمَهُ الرَّضَاعُ إلَّا بِالْأُمِّ وَالْأُخْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَلِدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ إنْ كَانَ لَبَنًا لَا مَاءً أَصْفَرَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: إنْ بِوَجُورٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ وُصُولُ اللَّبَنِ لِجَوْفِ الرَّضِيعِ بِرَضَاعٍ أَيْ مَصٍّ بَلْ وَلَوْ كَانَ بِوَجُورٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا صُبَّ فِي الْحَلْقِ) أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْ وَوَصَلَ لِلْجَوْفِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: مَا صُبَّ فِي الْأَنْفِ) أَيْ وَوَصَلَ لِلْجَوْفِ (قَوْلُهُ لَا يَسْتَقِيمُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ وُصُولُ اللَّبَنِ لِلْجَوْفِ بِنَوْعٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ آلَةُ وَجُورٍ) أَيْ أَوْ آلَةُ سَعُوطٍ أَوْ آلَةُ حُقْنَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْمُضَافِ) أَيْ وَإِلَّا لَاقْتَضَى الْكَلَامُ أَنَّ الْوَجُورَ وَمَا بَعْدَهُ آلَةٌ مُوصِلَةٌ لِلْجَوْفِ لَا نَوْعٌ مِنْ اللَّبَنِ فَيُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ هَذَا وَالْحَقُّ أَنَّ الْوَجُورَ وَالسَّعُوطَ فِعْلُ الشَّخْصِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي وَسَطِ الْفَمِ أَوْ فِي الْحَلْقِ، وَالثَّانِي صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْأَنْفِ وَحِينَئِذٍ فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُقْنَةِ الِاحْتِقَانُ وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الدُّبُرِ وَقَوْلُهُ: تَكُونُ غِذَاءً الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْحُقْنَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا وَصَلَ مِنْ اللَّبَنِ لِلْجَوْفِ مِنْ الْأُذُنِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ مَسَامِّ الرَّأْسِ لَا يُحَرِّمُ، وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ لِلْحُقْنَةِ فَقَطْ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَجَعَلَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ قَوْلَهُ: تَكُونُ غِذَاءً قَيْدًا فِي الثَّلَاثَةِ، وَدَرَجَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَامِلِهِ، وَتَبِعَهُ تت وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ بْن وَذَكَرَ نُقُولًا تُفِيدُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت (قَوْلُهُ: مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ) أَيْ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ أَيْ كَوْنُهُ غِذَاءً بَلْ تُحَرِّمُ وَإِنْ كَانَ مَصَّةً (قَوْلُهُ: مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ) أَيْ أَوْ دَوَاءٍ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ أَيْ لَبَنُ الْمَرْأَةِ غَالِبًا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ) أَيْ لِاسْتِهْلَاكِهِ. (قَوْلُهُ: صَارَ ابْنًا لَهُمَا تَسَاوَيَا أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَقِيلَ بِإِلْغَاءِ الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا كَالطَّعَامِ وَالْقَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورَ قَالَ عبق: وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّبَنَ يُحَرِّمُ إذَا جُبِّنَ أَوْ سُمِّنَ، وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّضِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ مَا رَضَعَهُ الطِّفْلُ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ مَاءً أَصْفَرَ أَوْ غَيْرَهُ كَمَاءٍ أَحْمَرَ مِمَّا لَيْسَ بِلَبَنٍ فَلَا يُحَرِّمُ وَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: لَبَنِ وَأَمَّا تَغَيُّرُ طَعْمِ اللَّبَنِ أَوْ رِيحِهِ فَيُحَرِّمُ وَكَذَا إنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ يَسِيرًا بِغَيْرِ الصُّفْرَةِ وَالْحُمْرَةِ أَوْ بِهِمَا حَيْثُ كَانَ لَبَنًا كَالْمِسْمَارِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: وَلَا كَمَاءٍ أَصْفَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَبَهِيمَةٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: امْرَأَةٍ وَقَوْلُهُ: وَاكْتِحَالٍ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِوَجُورٍ أَوْ سَعُوطٍ (قَوْلُهُ أَوْ وَصَلَ مِنْ أُذُنٍ) أَيْ وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولُهُ لِلْجَوْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِزِيَادَةِ إلَخْ) أَيْ أَوْ فِي الشَّهْرَيْنِ الزَّائِدَيْنِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَوْ إنَّ الْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّضَاعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَالْحَوْلَيْنِ لَا يُحَرِّمُ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَهُمَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) أَيْ بَعْدَ الْفِطَامِ كَمَا قَالَ بِحَيْثُ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ الرَّضَاعُ مِنْ غَيْرِ فِطَامٍ كَانَ مُحَرِّمًا فِي مُدَّتِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالطَّعَامِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيهِمَا) أَيْ فَإِنْ اسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ بَعْدَ الْفِطَامِ كَانَ غَيْرَ مُحَرِّمٍ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِغْنَاءُ فِي الْحَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِغْنَاءُ فِيهِمَا إلَخْ) صَوَابُهُ وَسَوَاءٌ رَضَعَ فِيهِمَا بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ بَيْنَ الِاسْتِغْنَاءِ وَالْعَوْدِ لِلرَّضَاعِ، وَحَاصِلُ الْفِقْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الرَّضَاعُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِأَنْ لَمْ يُفْطَمْ أَصْلًا أَوْ فُطِمَ وَلَكِنْ أَرْضَعَتْهُ بَعْدَ فِطَامِهِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ نَشَرَ الْحُرْمَةَ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ اسْتَغْنَى فَإِمَّا أَنْ يَحْصُلَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ وَكَذَا إنْ كَانَ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ

وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» فَأُمُّك مِنْ الرَّضَاعِ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ لَهُ عَلَيْك وِلَادَةٌ وَأُمَّهَاتُهَا، وَأُخْتُك مَنْ رَضَعَتْ مَعَك عَلَى امْرَأَةٍ، وَكُلُّ بِنْتٍ وَلَدَتْهَا مُرْضِعَتُك أَوْ فَحْلُهَا الْمَنْسُوبُ لَهُ ذَلِكَ اللَّبَنُ وَبِنْتُك كُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْهُ زَوْجَتُك بِلَبَنِك أَوْ أَرْضَعَتْهَا بِنْتُك مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَأَخَوَاتُ الْفَحْلِ عَمَّاتُك وَأَخَوَاتُ الْمُرْضِعِ خَالَاتُك وَبَنَاتُ الْأَخِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ زَوْجَةُ أَخِيك بِلَبَنِهِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ أُخْتُك وَمِثْلُ النَّسَبِ الصِّهْرُ. وَاسْتَثْنَى الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّ مَسَائِلَ وَأَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (إلَّا) (أُمَّ أَخِيك أَوْ) أُمَّ (أُخْتِك) فَإِنَّهَا تَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أُمُّك أَوْ امْرَأَةُ أَبِيك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَخَاك أَوْ أُخْتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (وَأُمَّ وَلَدِ وَلَدِك) هِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا بِنْتُك أَوْ زَوْجَةُ ابْنِك وَكِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَ وَلَدِك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (وَ) إلَّا (جَدَّةَ وَلَدِك) هِيَ أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك أُمُّهَا (وَأُخْتُ وَلَدِك) هِيَ بِنْتُك أَوْ رَبِيبَتُك وَلَوْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ وَلَدَك فَلَكَ نِكَاحُ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) إلَّا (أُمَّ عَمِّكَ وَعَمَّتِك) هِيَ إمَّا جَدَّتُك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك، وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ عَمَّك أَوْ عَمَّتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (وَأُمَّ خَالِك وَخَالَتُك) هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا (فَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ) هَذِهِ السِّتَّةُ (مِنْ الرَّضَاعِ) وَقَدْ يَحْرُمْنَ لِعَارِضٍ كَمَا لَوْ رَضَعَتْ بِنْتٌ مَعَ وَلَدِك عَلَى زَوْجَتِك أَوْ عَلَى أُمِّك فَصَارَتْ بِنْتَك أَوْ أُخْتَك. (وَقُدِّرَ الطِّفْلُ) الرَّضِيعُ (خَاصَّةً) دُونَ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ (وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ) زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ بَطْنِهَا وَظَهْرِهِ (مِنْ) حِينِ (وَطْئِهِ) لَهَا الَّذِي أَنْزَلَ فِيهِ (لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ اللَّبَنِ (وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ) كَثِيرَةٍ وَلَوْ طَلَّقَهَا فَأَوْلَادُهُ مِنْ غَيْرِهَا مَا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ عَلَى الرَّضَاعِ إخْوَةٌ لِذَلِكَ الطِّفْلِ (وَ) لَوْ تَأَيَّمَتْ، وَفِي ثَدْيِهَا لَبَنٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَوَطِئَهَا ثَانٍ وَأَنْزَلَ (اشْتَرَكَ) الزَّوْجُ الثَّانِي (مَعَ) الزَّوْجِ (الْقَدِيمِ) فِي الْوَلَدِ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِي، وَلَوْ كَثُرَتْ الْأَزْوَاجُ كَانَ ابْنًا لِلْجَمِيعِ مَا دَامَ لَبَنُ الْأَوَّلِ فِي ثَدْيِهَا، وَثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ. (وَلَوْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَمَذْهَبُهَا أَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ لَا يُحَرِّمُ سَوَاءٌ حَصَلَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ وَمُقَابِلُهُ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ يُحَرِّمُ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ حَصَلَ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ رَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ وَهَذَا هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَخْ قَوْلُهُ: «مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ حُرْمَةُ بَقِيَّةِ السَّبْعَةِ الْكَائِنَةِ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ اللَّبَنُ) أَيْ الَّذِي رَضَعْتَهُ (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتُ الْفَحْلِ) أَيْ فَحْلٍ مِنْ مُرْضِعَتِك الْمَنْسُوبِ لَهُ ذَلِكَ اللَّبَنُ الَّذِي رَضَعْته (قَوْلُهُ وَأَخَوَاتُ الْمُرْضِعِ) أَيْ الَّتِي أَرْضَعَتْك (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ النَّسَبِ) أَيْ فِي كَوْنِ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ فَيُحَرِّمُ الرَّضَاعُ مَا حَرَّمَهُ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّضَاعَ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَتْهُ الصِّهَارَةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْك أُمُّ زَوْجَتِك وَبِنْتُهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُخْتُهَا وَخَالَتُهَا وَعَمَّتُهَا وَبِنْتُ أَخِيهَا وَبِنْتُ أُخْتِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا أُمَّ أَخِيك إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ نَسَبًا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمُّ أَخٍ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمٌّ أَوْ زَوْجَةُ أَبٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الرَّضَاعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي وَلِذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي جَعْلِهِ هَذَا اسْتِثْنَاءً وَتَخْصِيصًا وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ الْعُدُولُ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى لَا النَّافِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ امْرَأَةُ أَبِيك) أَيْ وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك (قَوْلُهُ: هِيَ أُمُّك) أَيْ هِيَ مِنْ النَّسَبِ أُمُّك (قَوْلُهُ: وَأُخْتَ وَلَدِك) وَكَذَلِكَ أُخْتُ أَخِيك فَهِيَ نَسَبًا إمَّا أُخْتُك أَوْ بِنْتُ زَوْجَةِ أَبِيك وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك، وَأَمَّا رَضَاعًا فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْك، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَقَدَّرَ الطِّفْلَ خَاصَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ فَهِيَ نَسَبًا إمَّا جَدَّتُك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك، وَأَمَّا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ خَالَك أَوْ خَالَتَك لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْك (قَوْلُهُ: لِعَارِضٍ) أَيْ كَكَوْنِ أُخْتِ وَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا بِنْتَك أَوْ أُخْتَك مِنْهُ أَيْضًا كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحُ وَكَكَوْنِ أُمِّ أَخِيك أَوْ أُخْتِك مِنْ الرَّضَاعِ اتَّصَفَتْ بِكَوْنِهَا أُخْتَك مِنْهُ أَيْضًا بِأَنْ رَضَعْت أَنْتَ مَعَهَا عَلَى ثَدْيٍ وَكَكَوْنِ أُمِّ وَلَدِ وَلَدِك وَجَدَّةِ وَلَدِك أُخْتَك أَوْ جَدَّتَك مِنْ الرَّضَاعِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَصَارَتْ بِنْتَك أَوْ أُخْتَك) فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ أُخْتًا لِوَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا أَنَّهُ عَرَضَ لَهَا كَوْنُهَا بِنْتًا لَك أَوْ أُخْتًا لَك فَحُرِّمَتْ عَلَيْك لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: دُونَ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ) أَيْ وَدُونَ أُصُولِهِ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِخَاصَّةٍ، وَأَمَّا فُرُوعُ ذَلِكَ الطِّفْلِ فَإِنَّهُمْ كَهُوَ فِي حُرْمَةِ الْمُرْضِعَةِ وَأُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَخَالَاتِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ حَصَلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَحْرُمُ عَلَى ذَلِكَ الطِّفْلِ مُرْضِعَتُهُ وَأُصُولُهَا وَفُصُولُهَا وَعَمَّاتُهَا وَخَالَاتُهَا، وَيَحْرُمُ أَيْضًا عَلَيْهِ أُصُولُ الرَّجُلِ وَفُصُولُهُ وَعَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ الطِّفْلُ إنْ كَانَتْ بِنْتًا وَفُصُولُهَا عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ دُونَ أُصُولِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ حِينِ وَطْئِهِ لَهَا الَّذِي أَنْزَلَ فِيهِ) أَيْ لَا مِنْ حِينِ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَلَا مِنْ حِينِ وَطْئِهِ لَهَا بِغَيْرِ إنْزَالٍ فِيهِ فَإِذَا رَضَعَ وَلَدٌ عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا رَجُلٌ أَوْ رَضَعَهَا بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَقَبْلَ وَطْئِهِ لَهَا أَوْ رَضَعَهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الرَّضِيعُ ابْنًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ لِانْقِطَاعِ اللَّبَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرَّجُلِ

حَصَلَ اللَّبَنُ (بِحَرَامٍ) أَيْ بِسَبَبِ وَطْءٍ حَرَامٍ (لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ) كَمَا إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ حَدَثَ مِنْ وَطْئِهِ لَبَنٌ فَكُلُّ رَضِيعٍ شَرِبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ يَكُونُ ابْنًا لِصَاحِبِهِ أَوْ تَزَوَّجَ بِمُحَرَّمَةٍ أَوْ بِخَامِسَةٍ عَالِمًا فَأَوْلَى فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ لَوْ كَانَ بِحَرَامٍ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِمَا ذُكِرَ جَاهِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَمَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ لَا يَلْحَقَ الْوَلَدُ بِهِ ضَعِيفٌ. (وَحُرِّمَتْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ صَاحِبِ اللَّبَنِ (إنْ أَرْضَعَتْ) بِلَبَنِهِ (مَنْ) أَيْ طِفْلًا (كَانَ) أَيْ الطِّفْلُ (زَوْجًا لَهَا) سَابِقًا فَصُورَتُهَا تَزَوَّجَتْ رَضِيعًا بِوِلَايَةِ أَبِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ فَتَزَوَّجَتْ بَالِغًا وَطِئَهَا فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ الطِّفْلَ الَّذِي كَانَ زَوْجَهَا فَتَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ (لِأَنَّهَا) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (زَوْجَةُ ابْنِهِ) مِنْ الرَّضَاعِ فَالْبُنُوَّةُ طَرَأَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ (كَمُرْضِعَةِ مُبَانَتِهِ) بِالْإِضَافَةِ أَيْ كَتَحْرِيمِ زَوْجَةٍ أَرْضَعَتْ رَضِيعَةً كَانَ أَبَانَهَا زَوْجُهَا، وَصُورَتُهَا تَزَوَّجَ بِرَضِيعَةٍ وَطَلَّقَهَا وَعِنْدَهُ زَوْجَةٌ كَبِيرَةٌ وَطِئَهَا وَبِهَا لَبَنٌ أَرْضَعَتْ تِلْكَ الرَّضِيعَةَ الَّتِي كَانَ أَبَانَهَا فَإِنَّ الْمُرْضِعَةَ تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ (أَوْ مُرْتَضِعٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مُبَانَتِهِ يَعْنِي وَاللَّبَنُ مِنْ غَيْرِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ مِنْ الثَّانِي فَأَرْضَعَتْ طِفْلَةً فَهَذِهِ الرَّضِيعَةُ تَحْرُمُ عَلَى مَنْ كَانَ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ رَضَاعًا فَتَقْدِيرُ الْمُصَنِّفِ وَكَتَحْرِيمِ رَضِيعَةٍ مُرْتَضِعَةٍ مِنْ مُطَلَّقَتِهِ فَمُرْتَضِعٌ بِكَسْرِ الضَّادِ اسْمُ فَاعِلٍ. (وَإِنْ) (أَرْضَعَتْ) امْرَأَةٌ تَحِلُّ لَهُ بَنَاتُهَا وَلَمْ يَكُنْ تَلَذَّذَ بِهَا (زَوْجَتَيْهِ) الرَّضِيعَتَيْنِ (اخْتَارَ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَكَذَا لَوْ كُنَّ أَكْثَرَ لِصَيْرُورَتِهِنَّ إخْوَةً مِنْ الرَّضَاعِ (وَأَنَّ الْأَخِيرَةَ) عَقْدًا أَوْ رَضَاعًا (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (قَدْ بَنَى) أَيْ تَلَذَّذَ (بِهَا) أَيْ بِالزَّوْجَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ (حَرُمَ الْجَمِيعُ) الْمُرْضِعَةُ لِلْعَقْدِ عَلَى الرَّضِيعَتَيْنِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ، وَالرَّضِيعَتَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِزَوْجَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ الْمُرْضِعَةِ هَذَا إذَا انْقَطَعَ عَقِبَ الْمُفَارَقَةِ بَلْ وَإِنْ اسْتَمَرَّ اللَّبَنُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ سِنِينَ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَتَمَادَى اللَّبَنُ بِهَا لِخَمْسِ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَأَرْضَعَتْ وَلَدًا كَانَ ذَلِكَ الرَّضِيعُ ابْنًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَأَوْلَادُ ذَلِكَ الرَّجُلِ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مَا تَقَدَّمَ عَلَى الرَّضَاعِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ إخْوَةٌ لِذَلِكَ الرَّضِيعِ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَبَنَاتُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَبَنَاتُ فَحْلِهَا مَا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ إخْوَةٌ لَهُ أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَنَاتِ الْمَرْأَةِ وَالْفَحْلِ عَلَى الرَّضَاعِ أَوْ تَأَخَّرَ مِنْهُنَّ عَنْهُ إخْوَةٌ لِذَلِكَ الصَّبِيِّ فَيَجُوزُ لِأَخِ ذَلِكَ الطِّفْلِ وَلِأَصْلِهِ نِكَاحُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَنِكَاحُ بَنَاتِهَا دُونَهُ وَدُونَ فُرُوعِهِ (قَوْلُهُ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ) عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّبَنُ فِي وَطْءٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ زِنًا يُحَرِّمُ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَكَمَا لَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَتُهُ مِنْ الزِّنَا كَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ مَنْ أَرْضَعَتْهَا الْمَزْنِيُّ بِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَبَنُهُ، وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقُ بِهِ، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَلَا يُحَرِّمُ بِلَبَنِهِ مِنْ قِبَلِ فَحْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّهُ يُحَرِّمُ، وَذَلِكَ أَصَحُّ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا تَقَعُ بِذَلِكَ حُرْمَةٌ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُحَرِّمُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ إنْ كَانَ ابْنَهُ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا خَطَأٌ مَا عَلِمْتُ مَنْ قَالَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ اهـ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: صَوَابُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بِحَرَامٍ إلَّا أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَوْ بِحَرَامٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ اهـ بْن وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ نَشْرِهَا فِي الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَلْحَقُ بِهِ فَلَا خِلَافَ فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَزَوَّجَ بِمُحَرَّمَةٍ) أَيْ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَقَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ أَيْ الْمُحَرَّمُ وَالْخَامِسَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) صَوَابُهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ نَشْرُ الْحُرْمَةِ، وَلَا يُقَالُ: هَذَا مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالزِّنَا حَلَالٌ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ أَيْ إنَّ الزِّنَا لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بَيْنَ أُصُولِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَفُرُوعِهَا وَبَيْنَ الزَّانِي، وَمَا هُنَا فِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَبَنَاتِ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُرْتَضِعٍ مِنْهَا) أَيْ وَكَتَحْرِيمِ شَخْصٍ مُرْتَضِعٍ مِنْهَا وَالْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ رَضَاعًا) أَيْ وَالدُّخُولُ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ وَلَوْ طَرَأَتْ الْأُمُومَةُ كَمَا هُنَا وَقَيَّدَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمَّهَاتِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ اسْمُ فَاعِلٍ) أَيْ مِنْ ارْتَضَعَ وَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى الصَّغِيرَةِ؛ إذْ هِيَ الْمُرَادُ تَحْرِيمُهَا، وَذَكَرَ الْوَصْفَ لِكَوْنِهَا بِمَعْنَى الشَّخْصِ، وَأَمَّا الْمُرْتَضَعُ مِنْهَا بِفَتْحِ الضَّادِ فَهِيَ الْمُبَانَةُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا (قَوْلُهُ تَحِلُّ لَهُ بَنَاتُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً وَلَا مَفْهُومَ لِهَذَا بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا أَرْضَعَتْ حَلِيلَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ قَبْلَ التَّلَذُّذِ بِهَا زَوْجَتَيْهِ الرَّضِيعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا حَرُمَ الْجَمِيعُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ تَلَذَّذَ بِهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ كَأَنْ تَلَذَّذَ بِهَا فَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأَخِيرَةَ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي يَخْتَارُهَا الْأَخِيرَةَ مِنْهُمَا عَقْدًا أَوْ رَضَاعًا إنْ تَرَتَّبَتَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ اخْتِيَارِ وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ الرَّضِيعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ زَوْجَةٌ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر: لَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَفُرِّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هُنَا بَيْنَهُمَا صَحِيحًا، وَطَرَأَ مَا أَفْسَدَهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ مُتَزَوِّجِ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا

لِلتَّلَذُّذِ بِأُمِّهِمَا مِنْ الرَّضَاعِ (وَأُدِّبَتْ الْمُتَعَمِّدَةُ) بِإِرْضَاعِهَا مَنْ ذُكِرَ (لِلْإِفْسَادِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَمِّدَةٍ (وَفُسِخَ نِكَاحُ) الزَّوْجَيْنِ الْمُكَلَّفَيْنِ (الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الرَّضَاعِ بِأُخُوَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ سَفِيهَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ) يَثْبُتُ بِهَا الرَّضَاعُ (عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا) بِهِ (قَبْلَ الْعَقْدِ) وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ أَقَامَهَا أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا أَوْ قَامَتْ احْتِسَابًا وَمَفْهُومُ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بَعْدَهُ هُوَ الزَّوْجُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَةُ لَمْ يُفْسَخْ لِاتِّهَامِهَا عَلَى مُفَارَقَتِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ إلَخْ وَلَمْ يُتَّهَمْ هُوَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ (وَلَهَا) إذَا فُسِخَ (الْمُسَمَّى) الْحَلَالُ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ (بِالدُّخُولِ) سَوَاءٌ عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ عَلِمَ فَقَطْ (إلَّا أَنْ تَعْلَمَ فَقَطْ) بِالرَّضَاعِ وَأَنْكَرَ الْعِلْمَ (فَكَالْغَارَّةِ) لِلزَّوْجِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَتَزَوَّجَتْ فِيهَا عَالِمَةً بِالْحُكْمِ فَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ بِالدُّخُولِ وَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَهُ. (وَإِنْ) (ادَّعَاهُ) الزَّوْجُ أَيْ ادَّعَى الرَّضَاعَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (فَأَنْكَرَتْ) (أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ) فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ (وَلَهَا النِّصْفُ) ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ لِيَفْسَخَ بِلَا شَيْءٍ (وَإِنْ) (ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ) (لَمْ يَنْدَفِعْ) النِّكَاحُ عَنْهَا بِالْفَسْخِ لِاتِّهَامِهَا عَلَى قَصْدِ فِرَاقِهِ (وَلَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ لَا تُمَكَّنُ مِنْ طَلَبِ ذَلِكَ وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا بِفَسَادِ الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ لَمْ يُفْسَخْ وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ. (وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ) بِالرَّضَاعِ بَيْنَ وَلَدَيْهِمَا الصَّغِيرَيْنِ (مَقْبُولٌ قَبْلَ) عَقْدِ (النِّكَاحِ) فَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ (لَا بَعْدَهُ) فَلَا يُقْبَلُ كَإِقْرَارِهِمَا بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِلتَّلَذُّذِ بِأُمِّهِمَا مِنْ الرَّضَاعِ) أَيْ وَالتَّلَذُّذُ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ (قَوْلُهُ: مَنْ ذُكِرَ) أَيْ وَهُوَ الزَّوْجَتَانِ الرَّضِيعَتَانِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَمِّدَةٍ) أَيْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَعَمِّدَةَ لِلْإِفْسَادِ تُؤَدَّبُ لِعِلْمِهَا بِالتَّحْرِيمِ الْمُوجِبِ لِلتَّأْدِيبِ لَا بِأُدِّبَتْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَعَمِّدَةَ تُؤَدَّبُ لِلْإِفْسَادِ الْحَاصِلِ مِنْهَا فَلَا يُعْلَمُ هَلْ تَعَمَّدَتْ الْإِفْسَادَ الْمُقْتَضِي لِعِلْمِهَا بِالتَّحْرِيمِ الْمُوجِبِ لِلتَّأْدِيبِ أَوْ تَعَمَّدَتْ الْإِرْضَاعَ وَلَمْ تَتَعَمَّدْ لِلْإِفْسَادِ لِكَوْنِهَا جَاهِلَةً (قَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) تَنَازَعَهُ فُسِخَ وَالْمُتَصَادِقِينَ أَيْ إنَّهُمَا إذَا تَصَادَقَا عَلَى الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ كَانَ تَصَادُقُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ بِهَا الرَّضَاعُ) أَيْ وَهِيَ رَجُلَانِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَامْرَأَتَانِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَا مُنْكِرَيْنِ لَهُ لَكِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ هُوَ عَيْنُ الْحُكْمِ فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعَقْدِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارٍ لَا بِقِيَامٍ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَهَا إذَا فُسِخَ) أَيْ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَيْهِ أَوْ لِقِيَامِ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَلِمَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالرَّضَاعِ حِينَ الْعَقْدِ هَذَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ وَفِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَا هَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ فَكَالْغَارَّةِ لِلزَّوْجِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فَكَالْغَارَّةِ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فَيَكُونُ حَوَالَةً عَلَى مَعْلُومٍ لَا عَلَى مَجْهُولٍ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدًا، وَهُوَ اسْتِحْقَاقُهَا لِرُبْعِ دِينَارٍ فَقَطْ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْبُضْعُ عَنْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقْدِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَاهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَأَنْكَرَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا فِي فَسْخِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ وَقَعَ فَاسِدًا عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَيَلْزَمُهُ كُلُّ الصَّدَاقِ لِدُخُولِهِ عَالِمًا بِهِ (قَوْلُهُ: أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْقِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغُرْمِ؛ إذْ لَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغُرْمِ الصَّدَاقِ؛ إذْ لَوْ عُمِلَ بِهِ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ إلَخْ) وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ، وَهِيَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ، وَفُرْقَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَفَسْخَ الْمُتَرَاضِعَيْنِ وَهِيَ هَذِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِاتِّهَامِهَا عَلَى قَصْدِ فِرَاقِهِ) أَيْ وَلَا مُخَلِّصَ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ إلَّا بِالْفِدَاءِ مِنْهُ، أَوْ يُطَلِّقُ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ طَلَّقَ بِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا تُقَدَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ إذَا حَصَلَتْ مُفَارَقَةٌ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْمَوْتِ) أَيْ وَحَصَلَتْ الْمُفَارَقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَهُ) أَيْ وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ حَصَلَتْ الْمُفَارَقَةُ قَبْلَهُ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ مَقْبُولٌ) قَالَ طفي: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْأَبُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ الِابْنُ الصَّغِيرُ، وَالِابْنَةُ الْبِكْرُ كَذَا النَّقْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِالصِّغَرِ فِي الْبِنْتِ وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ) أَيْ إذَا كَانَ إقْرَارُهُمَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ سَوَاءٌ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهُ فَلَا يُقْبَلُ) أَيْ وَلَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ أَوْ حَصَلَ فَشْوٌ مِنْ النَّاسِ قَبْلَ إقْرَارِهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ: كَإِقْرَارِهِمَا بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَانَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدَانِ الْكَبِيرَانِ سَفِيهَيْنِ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ السَّفِيهَيْنِ كَالصَّغِيرَيْنِ وَحِينَئِذٍ

فَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَبِيرَيْنِ كَأَجْنَبِيَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْنِ، أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي وَشَمِلَ قَوْلُهُ: الْأَبَوَيْنِ أَبَاهُ وَأَبَاهَا أَوْ أَبَا أَحَدِهِمَا وَأُمَّ الْآخَرِ، وَلَا يَشْمَلُ أُمَّهُمَا لِدُخُولِ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ: امْرَأَتَيْنِ وَشَبَّهَ فِي الْقَبُولِ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ قَوْلَهُ: (كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ بِأَنْ يَقُولَ رَضَعَ ابْنِي مَعَ فُلَانَةَ أَوْ بِنْتِي مَعَ فُلَانٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُغْنِي عَمَّا قَبْلَهَا لِفَهْمِهَا مِنْ هَذِهِ بِالْأَوْلَى (وَ) إذَا قُبِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَأَرَادَ النِّكَاحَ بَعْدَ ذَلِكَ (لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (أَنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّمَا فَعَلْته لِعَدَمِ إرَادَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ حَصَلَ عَقْدٌ فُسِخَ (بِخِلَافِ) قَوْلِ (أُمِّ أَحَدِهِمَا) أَرْضَعْته أَوْ أَرْضَعْتُهَا مَعَ ابْنِي مَثَلًا وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى إقْرَارِهَا أَوْ رَجَعَتْ عَنْهُ اعْتِذَارًا (فَالتَّنَزُّهُ) مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَلَيْسَتْ كَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إنْ فَشَا مِنْهَا ذَلِكَ قَبْلَ إرَادَةِ النِّكَاحِ وَجَبَ التَّنَزُّهُ وَقُبِلَ قَوْلُهَا، وَأَوْلَى أُمُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقُبِلَ إقْرَارُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَهُ الِاعْتِذَارُ لَأَفَادَ الرَّاجِحَ بِلَا كُلْفَةٍ. (وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ (بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) أَيْ مَعَ امْرَأَةٍ (وَبِامْرَأَتَيْنِ) إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ (قَبْلَ الْعَقْدِ) لَا إنْ لَمْ يَفْشُ ذَلِكَ مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَبَ وَالْأُمَّ فِي الْبَالِغَيْنِ، وَالْأُمَّ مَعَ امْرَأَةٍ أُخْرَى فِي الْبَالِغَيْنِ كَمَا مَرَّ (وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ) أَيْ عَدَالَةُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَعَدَالَةُ الْمَرْأَتَيْنِ (مَعَ الْفُشُوِّ) أَوْ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَلَا لِقِيَامِ الْفُشُوِّ مَقَامَهَا (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ لَا تُشْتَرَطُ (وَ) يَثْبُتُ (بِرَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَشَا أَوْ لَا وَغَيْرُ الْعَدْلَيْنِ لَا يُقْبَلَانِ إلَّا مَعَ فُشُوٍّ قَبْلَهُ فَالتَّرَدُّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: فَهُمَا إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ يَجْرِي فِي إقْرَارِ الْأَبَوَيْنِ بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ مَا جَرَى فِي إقْرَارِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ إقْرَارَ الْأَبَوَيْنِ بِرَضَاعِ وَلَدَيْهِمَا الْكَبِيرَيْنِ لَا يُقْبَلُ أَصْلًا (قَوْلُهُ أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ إقْرَارِهِمَا (قَوْلُهُ: لِدُخُولِ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ امْرَأَتَيْنِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَثَبَتَ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِهِ إلَّا إذَا فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا) هَذَا تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَلَدُهُ غَيْرَ بَالِغٍ وَكَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: تُغْنِي عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ مَقْبُولٌ قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا قُبِلَا) أَيْ إذَا قُبِلَ إقْرَارُ أَبَوَيْهِمَا لِكَوْنِ الْوَلَدَيْنِ صَغِيرَيْنِ أَوْ إقْرَارُ أَبَوَيْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ إنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ عج أَنَّهُ يَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَيْهَا إذَا وُجِدَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ عَقْدٌ فُسِخَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَوَلَّى الْأَبُ الْمُقِرُّ ذَلِكَ الْعَقْدَ أَوْ لَا بِأَنْ رَشَدَ الْوَلَدُ وَعَقَدَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ مَحَلُّ الْفَسْخِ إنْ تَوَلَّى الْأَبُ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَقْدَ لِلْأَبِ فَصَارَ ذَلِكَ كَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى هَذَا يَتَطَرَّقُ الْخِلَافُ فِي الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهَا كَالْوَصِيِّ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدُ وَإِنْ كَانَتْ تُوَكِّلْ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَتْ عَنْهُ اعْتِذَارًا) بِأَنْ تَقُولَ: أَنَا كُنْت كَاذِبَةً فِي إقْرَارِي بِرَضَاعِهَا إنَّمَا أَرَدْت مَنْعَهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنَّهَا كَالْأَبِ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْعَاقِدِ لِلنِّكَاحِ فَكَانَتْ كَالْأَبِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى) أَيْ فِي قَبُولِ الْقَوْلِ وَوُجُوبِ التَّنَزُّهِ قَوْلُ أُمِّهِمَا مَعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي غَيْرِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَوْ أُمًّا وَأَوْلَى بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا فَيُفْسَخُ إذَا وَقَعَ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فُشُوُّهُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِهِ وَإِنْ فَشَا قَوْلُهُمَا بِهِ قَبْلَ نِكَاحِ الرَّضِيعَيْنِ يُثْبِتُهُ وَهُوَ مِثْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ نَعَمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي مَعْنَى الْفُشُوِّ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: وَفِي كَوْنِ الْفُشُوِّ الْمُعْتَبَرِ فِي شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فُشُوَّ قَوْلِهَا ذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهَا أَوْ فُشُوَّ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ يُثْبِتُ الرَّضَاعَ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْفُشُوِّ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ كَمَا يَشْمَلُ أُمَّهُمَا إذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ أَوْ بَالِغَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَتِهِمَا إلَّا إذَا فَشَا ذَلِكَ مِنْهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا تُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ) الْأَوْلَى أَوْ لَا تُشْتَرَطُ مَعَهُ وَقَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ الْأُولَى لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ذَكَرَتْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالرَّضَاعِ إلَّا مَعَ الْفُشُوِّ كَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا الْفُشُوُّ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَيْنِ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ رُشْدٍ اخْتَلَفَا هَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَهُ فَالْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ فَقَوْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق أَوْ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا مَعَ عَدَمِهِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا مَعَ عَدَمِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ جَعَلَ الْفُشُوَّ شَرْطًا فِي شَهَادَتِهِمَا فَلَوْ قَالَ: أَوْ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَطْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَبِرَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ صَغِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَيْنِ شَهِدَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالتَّرَدُّدُ) أَيْ فَيَجْرِي التَّرَدُّدُ السَّابِقُ

[باب أسباب النفقة]

(لَا بِامْرَأَةٍ) أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا (وَلَوْ فَشَا) ذَلِكَ مِنْهَا قَبْلَ الْعَقْدِ. (وَنُدِبَ التَّنَزُّهُ مُطْلَقًا) فِي كُلِّ شَهَادَةٍ لَا تُوجِبُ فِرَاقًا كَشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَدْلًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ بِلَا فُشُوٍّ عَلَى أَحَدِ التَّرَدُّدَيْنِ وَمَعْنَى التَّنَزُّهِ عَدَمُ الْإِقْدَامِ عَلَى النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ إنْ حَصَلَ النِّكَاحُ. (وَرَضَاعُ الْكُفْرِ مُعْتَبَرٌ) فَلَوْ أَرْضَعَتْ الْكَافِرَةُ صَغِيرَةً مَعَ ابْنِهَا أَوْ صَغِيرًا مَعَ بِنْتِهَا لَمْ يَحِلَّ لِذَلِكَ الطِّفْلِ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ وَلَا الْكَبِيرَةِ. (وَالْغِيلَةُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ (وَطْءُ) الْمَرْأَةِ (الْمُرْضِعِ) (وَتَجُوزُ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى، فَإِنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ الْوَلَدِ مُنِعَ، وَإِنْ شُكَّ كُرِهَ. [دَرْسٌ] (بَابُ النَّفَقَةِ) ذَكَرَ فِيهِ أَسْبَابَ النَّفَقَةِ الثَّلَاثَةَ: الْقَرَابَةُ وَالرِّقُّ وَالنِّكَاحُ، وَأَقْوَى أَسْبَابِهَا النِّكَاحُ فَلِذَا بَدَأَ بِهِ فَقَالَ (يَجِبُ لِمُمَكِّنَةٍ) مِنْ نَفْسِهَا (مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ) بِلَا مَانِعٍ بَعْدَ أَنْ دَعَتْ هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَوْ وَكِيلُهَا لِلدُّخُولِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَبَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَتَجَهَّزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَادَةً (عَلَى الْبَالِغِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ لَا عَلَى صَغِيرٍ وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا بَالِغَةً وَافْتَضَّهَا وَلَا لِغَيْرِ مُمَكِّنَةٍ أَوْ لَمْ يَحْصُلُ مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا دُعَاءٌ أَوْ حَصَلَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَتَجَهَّزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَا لِغَيْرِ مُطِيقَةٍ وَلَا مُطِيقَةٍ بِهَا مَانِعٌ كَرَتْقٍ إلَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا عَالِمًا (وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (مُشْرِفًا) عَلَى الْمَوْتِ أَيْ بَالِغًا حَدَّ السِّيَاقِ وَهُوَ الْأَخْذُ فِي النَّزْعِ وَهَذَا الشَّرْطُ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَا بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لِتَقَدُّمِ الْكَلَامِ عَلَى أُمِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تِلْكَ لَكَفَتْهُ هَذِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَشَا ذَلِكَ مِنْهَا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ إنْ فَشَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمًّا أَوْ أَجْنَبِيَّةً (قَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ لِذَلِكَ الطِّفْلِ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ وَلَا الْكَبِيرَةِ) أَيْ أَسْلَمَتْ أَوْ لَمْ تُسْلِمْ فَالْإِسْلَامُ يَرْفَعُ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَالْغِيلَةُ) أَيْ الَّتِي هَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّهْيِ عَنْهَا ثُمَّ تَرَكَهُ وَطْءُ الْمُرْضِعِ أَيْ وَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي زَمَنِ إرْضَاعِهَا وَقِيلَ: هِيَ إرْضَاعُ الْحَامِلِ وَلَدَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَنْهَى النَّاسَ عَنْ الْغِيلَةِ حَتَّى سَمِعْت أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» أَيْ فَتَرَكْت النَّهْيَ عَنْهَا فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِهَا فَقِيلَ هِيَ وَطْءُ الْمُرْضِعِ، وَقِيلَ: إرْضَاعُ الْحَامِلِ، وَإِرَادَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - النَّهْيُ عَنْهَا لِضَرَرِهَا بِالْأَوْلَادِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهَا يُقَوِّي الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِي مَعْنَاهَا؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تَدُلُّ عَلَى ضَرَرِ إرْضَاعِ الْحَامِلِ لِوَلَدِهَا. (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ) الَّذِي فِي كَلَامِ عِيَاضٍ جَوَازُ الْكَسْرِ وَالْفَتْحِ قَالَ فِي الْمَشَارِقِ: وَالْغِيلَةُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِهَا اهـ وَيُقَالُ بِالْهَاءِ وَتَرْكِهَا، وَهَذَا فِي الرَّضَاعِ وَأَمَّا غِيلَةُ الْقَتْلِ فَهِيَ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ اُنْظُرْ بْن [بَاب أَسْبَابَ النَّفَقَةِ] (بَابُ النَّفَقَةِ) (قَوْلُهُ: يَجِبُ لِمُمَكِّنَةٍ) أَيْ لِزَوْجَةٍ مُمَكِّنَةٍ وَهِيَ الَّتِي لَا تَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ إذَا طُلِبَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بَوَّأَهَا زَوْجُهَا مَعَهُ بَيْتًا أَمْ لَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ابْنُ سَلْمُونٍ وَعَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ وَكِسْوَتُهَا طُولَ بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ مِنْ كَسْبِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً فَنَفَقَتُهَا كَذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بَوَّأَهَا مَعَهُ بَيْتًا أَمْ لَا اهـ وَانْظُرْ قَوْلَهُ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعُرْفٍ جَرَى بِهِ فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا فَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي النِّكَاحِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِلَا مَانِعٍ) أَيْ يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَالِغِ) أَيْ عَلَى زَوْجِهَا الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى صَغِيرٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهَا بَالِغَةً) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَلْ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا كَبِيرَةً، وَأَوْلَى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً هَذَا وَقَدْ صَحَّحَ فِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الصَّغِيرِ إذَا دَخَلَ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي التَّوْضِيحِ جَعَلَ السَّلَامَةَ مِنْ الْمَرَضِ وَبُلُوغَ الزَّوْجِ وَإِطَاقَةَ الزَّوْجَةِ لِلْوَطْءِ شُرُوطًا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا الَّتِي دَعَتْ لِلدُّخُولِ، فَإِنْ اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لَهَا وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَجَعَلَ اللَّقَانِيُّ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةَ شُرُوطًا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِلْمَرْأَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَدَعَتْ لِلدُّخُولِ لَكِنَّهُ لَمْ يُعَضِّدْهُ بِنَقْلٍ وَالظَّاهِرُ مَا فِي التَّوْضِيحِ كَمَا قَالَ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا لِغَيْرِ مُمَكِّنَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ مَنَعَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ بِأَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَيَكْفِي فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا أَنْ لَا تَمْتَنِعَ مِنْ التَّمْكِينِ بِأَنْ يَسْأَلَهَا الْقَاضِي هَلْ تُمَكِّنُهُ إذَا حَضَرَ أَوْ لَا فَإِنْ أَجَابَتْ بِالتَّمْكِينِ وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ حَالَةَ كَوْنِهِ عَالِمًا بِالْمَانِعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا) أَيْ بِأَنْ كَانَا صَحِيحَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا مَرَضًا خَفِيفًا يُمْكِنُ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاع فَالْمَرَضُ الْمَذْكُورُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا بَلْ تَجِبُ لَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اتِّفَاقًا وَفِي وُجُوبِهَا مَعَ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الِاسْتِمْتَاعُ، وَلَمْ يَبْلُغْ صَاحِبُهُ حَدَّ السِّيَاقِ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْوُجُوبُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا الشَّرْطُ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا

فَدُخُولُ هَذَا وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ (قُوتٌ) فَاعِلُ يَجِبُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ لِزَوْجَتِهِ الْمُطِيقَةِ الْمُمَكِّنَةِ مَا تَأْكُلُهُ (وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ) فِي الْأَرْبَعَةِ فَلَا يُجَابُ لِأَنْقَصَ مِنْهَا إنْ قَدَرَ وَلَا تُجَابُ هِيَ لِأَزْيَدَ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ غَنِيًّا وَحَالُهُ أَعْلَى مِنْ حَالِهَا فَطَلَبَتْ حَالَةً أَعْلَى مِنْ حَالِهَا فَتُجَابُ لِذَلِكَ لَكِنْ لَا إلَى مُسَاوَاةِ حَالِهِ بَلْ لِحَالَةٍ وُسْطَى كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ حَالُهَا أَعْلَى مِنْ حَالِهِ وَلَكِنْ لَا قُدْرَةَ عَلَى حَالِهَا، وَإِنَّمَا لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حَالَةٍ فَوْقَ حَالِهِ وَدُونَ حَالِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهَا عَنْ حَالِهِ إلَى مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَحْمَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: بِالْعَادَةِ الْمُرَادُ بِهَا عَادَةُ أَمْثَالِهَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا قُدْرَةَ لَهُ إلَّا عَلَى أَدْنَى كِفَايَةٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَالْعِبْرَةُ بِوُسْعِهِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ذَا قَدْرٍ وَهِيَ فَقِيرَةٌ أُجِيبَتْ لِحَالَةٍ أَعْلَى مِنْ حَالِهَا وَدُونَ حَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً ذَاتَ قَدْرٍ وَهُوَ فَقِيرٌ إلَّا أَنَّهُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى أَرْفَعَ مِنْ حَالِهِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى حَالِهَا رَفَعَهَا بِالْقَضَاءِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَصَدَقَ عَلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنْ يُقَالَ: اُعْتُبِرَ وُسْعُهُ وَحَالُهَا فَتَدَبَّرْ (وَ) اُعْتُبِرَ حَالُ (الْبَلَدِ) الَّتِي هُمَا بِهَا (وَ) حَالُ (السِّعْرِ) فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَكْفِيهَا مِنْ الْقُوتِ (وَإِنْ أَكُولَةً) جِدًّا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ (وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ) النَّفَقَةَ الْمُعْتَادَةَ (مَا تَقْوَى بِهِ) عَلَى الرَّضَاعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ قَوْلَهُ (إلَّا الْمَرِيضَةَ وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ) جِدًّا (فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا تَأْكُلُهُ) حَالَ الْمَرَضِ وَقِلَّةِ الْأَكْلِ (عَلَى الْأَصْوَبِ) وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُقَرَّرِ لَهَا نَفَقَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا قُرِّرَ وَلَوْ قَلَّ أَكْلُهَا بِكَمَرَضٍ، وَأَمَّا لَوْ زَادَ أَكْلُهَا بِالْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ مِنْ نَحْوِ فَاكِهَةٍ وَدَوَاءٍ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقُوتِ فَيَلْزَمُهُ، وَلَوْ نَحْوَ سُكَّرٍ وَلَوْزٍ وَعُنَّابٍ تَتَقَوَّتُ بِهِ، وَهَلْ وَلَوْ فِي الْمُقَرَّرِ لَهَا نَفَقَةٌ هُوَ الظَّاهِرُ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ. (وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (الْحَرِيرُ) وَالْخَزُّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اُعْتِيدَ وَاتَّسَعَ حَالُ الزَّوْجِ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِقَوْلِهِ: بِالْعَادَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ (وَحُمِلَ) أَيْ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ أَبْقَاهُ عَلَى عُمُومِهِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، وَهَذَا الْحَمْلُ هُوَ الْمَذْهَبُ (وَ) حَمَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَصَلَ الْإِشْرَافُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا. (قَوْلُهُ: فَدُخُولُ هَذَا) أَيْ الزَّوْجِ الْمُشْرِفِ (قَوْلُهُ: مَا تَأْكُلُهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْقُوتِ مَا يُقْتَاتُ وَيُؤْكَلُ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْقُوتِ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ (قَوْلُهُ: وَكِسْوَةٌ) ابْنُ عَاشِرٍ إنَّمَا تَجِبُ الْكِسْوَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّدَاقِ مَا تَتَشَوَّرُ بِهِ أَوْ كَانَ وَطَالَ الْأَمْرُ حَتَّى خَلَقَتْ كِسْوَةُ الشَّوْرَةِ كَذَا فِي الْمُتَيْطِيِّ وَمِنْ جُمْلَةِ الْكِسْوَةِ عِنْدَهُ الْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِالْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَاعْتِبَارُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِالْعَادَةِ أَيْ بِعَادَةِ أَمْثَالِهَا فَلَوْ طَلَبَتْ أَزْيَدَ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا أَوْ طَلَبَ هُوَ أَنْقَصَ مِمَّا جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ وَيُرَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ لِعَادَةِ أَمْثَالِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِنْ مُجْمَلٍ وَالْمُرَادُ بِوُسْعِهِ حَالُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ اقْتِدَاءً بِالْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] وَاعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ حَالِهِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ سَوَاءٌ تَسَاوَيَا غِنًى أَوْ فَقْرًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَنِيًّا، وَالْآخَرُ فَقِيرًا لَكِنَّ اعْتِبَارَ حَالِهِمَا عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فَقْرًا أَوْ غِنًى ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فَاللَّازِمُ حَالَةٌ وُسْطَى بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَنَفَقَةُ الْفَقِيرِ عَلَى الْغَنِيَّةِ أَزْيَدُ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَى الْفَقِيرَةِ كَمَا أَنَّ نَفَقَةَ الْغَنِيِّ عَلَى الْفَقِيرَةِ أَقَلُّ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَى الْغَنِيَّةِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق تَبَعًا لعج مِنْ أَنَّ اعْتِبَارَ حَالِهِمَا إذَا تَسَاوَيَا فَإِذَا زَادَ حَالُهَا اُعْتُبِرَ وُسْعُهُ فَقَطْ وَإِنْ نَقَصَتْ حَالَتُهَا عَنْ حَالَتِهِ اُعْتُبِرَتْ حَالَةٌ وُسْطَى بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي بْن مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الْمُعْتَمَدِ وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ فَرَاجِعْهُ إنْ أَرَدْت الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا، وَكَلَامُ شَارِحِنَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ) أَيْ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ حَالُ الْبَلَدِ مِنْ كَوْنِهَا حَاضِرَةً يَأْكُلُ أَهْلُهَا النَّاعِمَ أَوْ بَادِيَةً يَأْكُلُ أَهْلُهَا الْخَشِنَ، وَقَوْلُهُ: وَحَالُ السِّعْرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَيْ مِنْ كَوْنِهِ رَخَاءً أَوْ غَلَاءً فَالْأَوَّلُ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى التَّنَعُّمِ فِي الْمَأْكَلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ) أَيْ فَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَإِمْضَائِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهَا غَيْرَ أَكُولَةٍ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا مَا لَمْ تَرْضَ بِالْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ: تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلزَّوْجَةِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُرْضِعِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا بَلْ تُزَادُ عَلَى النَّفَقَةِ الْمُعْتَادَةِ مَا تَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الرَّضَاعِ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الزَّوْجِ ذَلِكَ الزَّائِدَ إذَا كَانَ وَلَدُ الزَّوْجَةِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ وَلَدُهَا رِقًّا فَالزَّائِدُ عَلَى سَيِّدِهَا كَأُجْرَةِ الْقَابِلَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا تَأْكُلُهُ) أَيْ بِالْفِعْلِ حَالَ الْمَرَضِ وَحَالَةَ قِلَّةِ الْأَكْلِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الْمُعْتَادِ أَيْ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ طَعَامًا كَامِلًا تَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا وَتَصْرِفُ الْبَاقِيَ مِنْهُ فِي مَصَالِحِهَا خِلَافًا لِأَبِي عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْوَبِ) أَيْ عِنْدَ الْمُتَيْطِيِّ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ) أَيْ الْقَائِلِ إذَا زَادَ مَا تَأْكُلُهُ فِي حَالِ مَرَضِهَا عَلَى مَا تَأْكُلُهُ فِي حَالِ صِحَّتِهَا لَزِمَهُ قَدْرُ مَا تَأْكُلُهُ فِي حَالِ صِحَّتِهَا (قَوْلُهُ يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ) أَيْ بِأَنْ تُحْمَلَ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا تَأْكُلُهُ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي أَوْ التَّفَكُّهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُعْتِيدَ) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا لُبْسَهُ فَإِذَا تَزَوَّجَ إنْسَانٌ بِنْتَ أَكَابِرَ

(عَلَى) سَاكِنِي (الْمَدِينَةِ لِقَنَاعَتِهَا) . وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْقُوتُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِالْعَادَةِ (فَيُفْرَضُ) لَهَا (الْمَاءُ) لِلشُّرْبِ وَالطَّبْخِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي وَلِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَوْ مِنْ احْتِلَامٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَا زِنًا (وَالزَّيْتُ) لِلْأَكْلِ وَالِادِّهَانِ، وَالْوُقُودِ (وَالْحَطَبُ) لِلطَّبْخِ وَالْخَبْزِ (وَالْمِلْحُ) وَالْبَصَلُ؛ لِأَنَّهُ مُصْلِحٌ (وَاللَّحْمُ) لِلْمُوسِرِ (الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ) فِي الْجُمُعَةِ، وَلَا يُفْرَضُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَا عَلَى فَقِيرٍ إلَّا بِقَدْرِ مَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ، وَلَا يُفْرَضُ عَسَلٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ إلَّا إذَا كَانَ إدَامًا عَادَةً، وَلَا فَاكِهَةٌ رَطْبَةٌ وَلَا يَابِسَةٌ إلَّا إذَا كَانَتْ إدَامًا عَادَةً كَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ. (وَ) يُفْرَضُ (حَصِيرٌ) تَحْتَ الْفِرَاشِ أَوْ هُوَ الْفِرَاشُ بِاعْتِبَارِ عَادَةِ أَمْثَالِهَا (وَسَرِيرٌ اُحْتِيجَ لَهُ) عَادَةً (وَأُجْرَةُ قَابِلَةٍ) لِحُرَّةٍ وَلَوْ مُطَلَّقَةً وَيَجِبُ لَهَا عِنْدَ الْوِلَادَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (وَزِينَةٌ تَسْتَضِرُّ) أَيْ يَحْصُلُ لَهَا ضَرَرٌ عَادَةً (بِتَرْكِهَا كَكُحْلٍ وَدُهْنٍ مُعْتَادَيْنِ) وَصْفٌ كَاشِفٌ؛ إذْ الْمَوْضُوعُ فِي الْمُعْتَادِ (وَحِنَّاءٌ) لِرَأْسِهَا اُعْتِيدَ لَا لِخِضَابِهَا وَلَا لِيَدَيْهَا وَلَا لِدَوَاءٍ (وَمَشْطٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ مَا يُخَمَّرُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ دُهْنٍ وَحِنَّاءٍ وَغَيْرِهِمَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَأَمَّا الْمُشْطُ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَهُوَ الْآلَةُ فَلَا تَلْزَمُهُ كَمَا أَنَّ الْمُكْحُلَةَ لَا تَلْزَمُهُ كَمَا يَأْتِي لَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ (إخْدَامُ أَهْلِهِ) أَيْ أَهْلِ الْإِخْدَامِ بِأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ ذَا سَعَةٍ، وَهِيَ ذَاتُ قَدْرٍ لَيْسَ شَأْنُهَا الْخِدْمَةَ، أَوْ هُوَ ذَا قَدْرٍ تُزْرِي خِدْمَةُ زَوْجَتِهِ بِهِ فَإِنَّهَا أَهْلٌ لِلْإِخْدَامِ بِهَذَا الْمَعْنَى فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِخَادِمٍ (وَإِنْ بِكِرَاءٍ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) إذَا لَمْ تَكْفِ الْوَاحِدَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ شَأْنِهَا لُبْسُ الْحَرِير فَلَا يَلْزَمُهُ إلْبَاسُهَا الْحَرِيرَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ أَمْ لَا كَانَ غَنِيًّا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: عَلَى سَاكِنِي الْمَدِينَةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ، وَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَهُوَ فِيهَا كَالنَّفَقَةِ فَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: فَيُفْرَضُ إلَخْ) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ الْقُوتُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بَيَّنَ مَا هُوَ الَّذِي يُقْضَى بِهِ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ هَلْ الْأَعْيَانُ أَوْ أَثْمَانُهَا فَبَيَّنَ أَنَّهُ يُفْرَضُ الْأَعْيَانُ بِقَوْلِهِ: فَيُفْرَضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَغَسْلِ الثِّيَابِ) بَلْ وَلَوْ لِلرَّشِّ إنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (قَوْلُهُ وَالْغُسْلِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغُسْلُ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ أَوْ مُسْتَحَبًّا كَالْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ: لَا زِنًا) فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِالْمَاءِ لِغُسْلِهَا وَلَوْ مِنْ زِنًا قَالَ: وَلَا غَرَابَةَ فِي إلْزَامِهِ الْمَاءَ لِغُسْلِهَا مِنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ الْقَوْلَ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: وَاللَّحْمُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ لَا مِنْ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُعْتَادًا فَيَجْرِيَ عَلَى الْعَادَةِ (قَوْلُهُ: الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ) أَيْ يُفْرَضُ اللَّحْمُ زَمَنًا بَعْدَ زَمَنٍ فَيُفْرَضُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْجُمُعَةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَفِي حَقِّ الْوَسَطِ مَرَّتَانِ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي حَقِّ الْمُنْحَطِّ الْحَالِ مَرَّةً فِي الْجُمُعَةِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْفَقِيرَ يُفْرَضُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ فَيُرَاعَى عَادَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَوْ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً مَثَلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَحَصِيرٌ) أَيْ مِنْ بَرْدِيٍّ أَوْ حُلَفَاءَ أَوْ سَمُرٍ (قَوْلُهُ: اُحْتِيجَ لَهُ) أَيْ لِيَمْنَعَ عَنْهَا الْعَقَارِبَ أَوْ الْبَرَاغِيثَ أَوْ نَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ قَابِلَةٍ) يَعْنِي أَنَّ أُجْرَةَ الْقَابِلَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوَلِّدُ النِّسَاءَ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً بَائِنًا وَلَوْ نَزَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ كَالنَّفَقَةِ، وَقِيلَ: إنَّ أُجْرَةَ الْقَابِلَةِ عَلَيْهَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي وَلَدُهَا حُرٌّ كَالزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ الَّتِي مِثْلُ أَمَةِ الْجَدِّ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ الَّتِي يَكُونُ وَلَدُهَا رَقِيقًا لِسَيِّدِهَا فَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ لَازِمَةٌ لِسَيِّدِهَا قَوْلًا وَاحِدًا لِمِلْكِهِ لِلْوَلَدِ وَلَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لَهَا عِنْدَ الْوِلَادَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ) أَيْ مِنْ الْفَرَارِيجِ وَالْحُلْبَةِ بِالْعَسَلِ وَالْمُفَتَّقَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ يَحْصُلُ لَهَا ضَرَرٌ عَادَةً بِتَرْكِهَا) أَيْ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهَا الشَّعَثُ عِنْدَ تَرْكِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْمَرَضُ لَا مَا يَحْتَاجُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ اعْتَادَتْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي لُزُومِ ذَلِكَ عَلَى الضَّرَرِ اُعْتِيدَ أَمْ لَا فَإِنْ ضَرَّ تَرْكُهُ بِهَا لَزِمَهُ اُعْتِيدَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ تَرْكُهُ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ اُعْتِيدَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: مُعْتَادَيْنِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ لِلزِّينَةِ الَّتِي تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا وَلَا تَتَضَرَّرُ بِتَرْكِهِ إلَّا إذَا كَانَ مُعْتَادًا لَهَا (قَوْلُهُ: لَهُ لِخِضَابِهَا وَلَا لِيَدَيْهَا) أَيْ وَلَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَضَرَّرُ بِتَرْكِهَا (قَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ) أَيْ بَلْ هِيَ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّ عَلَيْهَا أُجْرَةَ الْبَلَّانَةِ الَّتِي تَتَوَلَّى ذَلِكَ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أُمُورٍ عَلَى الزَّوْجِ وَاحِدٌ مِنْهَا فَقَطْ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: أَيْ أَهْلَ الْإِخْدَامِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِيهِ عَوْدَ الضَّمِيرِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى الْمُضَافِ مِثْلُ قَوْلِك جَاءَ عَبْدُ رَبِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَأَنَّهُ يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَهُمَا الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَهْلٌ لِلْإِخْدَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِكِرَاءٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ بِشِرَاءٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِخِدْمَتِهَا إلَّا إذَا حَصَلَ التَّمْلِيكُ بِصِيغَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِخْدَامِ لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ لِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي كَوْنِهَا أَهْلًا؛ لَأَنْ

(وَقُضِيَ لَهَا بِخَادِمِهَا) عِنْدَ التَّنَازُعِ مَعَ الزَّوْجِ (إنْ أَحَبَّتْ) وَأَحَبَّ هُوَ أَنْ يَخْدُمَهَا خَادِمُهُ (إلَّا لِرِيبَةٍ) فِي خَادِمِهَا تَضُرُّ بِالزَّوْجِ فِي الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا فَلَا يُقْضَى لَهَا بِخَادِمِهَا بَلْ يُجَابُ الزَّوْجُ لِمَا ادَّعَى إنْ قَامَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى تَصْدِيقِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ أَوْ كَانَتْ أَهْلًا، وَالزَّوْجُ فَقِيرٌ (فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ) وَلَوْ غَنِيَّةً ذَاتَ قَدْرٍ (مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ) وَطَبْخٍ لَهُ لَا لِضُيُوفِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ (بِخِلَافِ) (النَّسْجِ وَالْغَزْلِ) وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مِنْ التَّكَسُّبِ عَادَةً فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لَهَا لَا عَلَيْهَا لَهُ. (لَا مُكْحُلَةٌ) أَيْ الْآلَةُ الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الْكُحْلُ وَكَذَا الْمُشْطُ بِالضَّمِّ أَيْ الْآلَةُ (وَ) لَا (دَوَاءٌ) وَفَاكِهَةٌ لِغَيْرِ أُدْمٍ (وَحِجَامَةٌ) أَيْ أُجْرَتُهَا، وَلَا أُجْرَةُ طَبِيبٍ (وَثِيَابُ الْمَخْرَجِ) أَيْ الَّتِي تَلْبَسُهَا لِلْخُرُوجِ بِهَا، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِهَا الْحَمَّامَ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ فَيُقْضَى لَهَا بِالْخُرُوجِ لَا بِالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الطِّبِّ وَالدَّوَاءِ وَهِيَ لَا تَلْزَمُ. (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (التَّمَتُّعُ) أَيْ الِانْتِفَاعُ (بِشَوْرَتِهَا) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَتَاعُ الْبَيْتِ مِنْ فَرْشٍ وَغِطَاءٍ وَلِبَاسٍ وَآنِيَةٍ فَيَسْتَعْمِلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ بَيْعِ ذَلِكَ وَهِبَتِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِهِ وَهُوَ حَقٌّ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا دَخَلَتْ بِهِ بَعْدَ قَبْضِ مَهْرِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا) إنْ خَلِقَتْ إلَّا الْغِطَاءَ وَالْوِطَاءَ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ. (وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلٍ كَالثُّومِ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَخْدُمَ أَوْ لَيْسَتْ أَهْلًا فَهَلْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ قَوْلَانِ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ لَهَا بِخَادِمِهَا) أَيْ إذَا طَلَبَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ خَادِمَهَا يَخْدُمُهَا وَيَكُونُ عِنْدَهَا، وَطَلَبَ الزَّوْجُ أَنْ يَخْدُمَهَا خَادِمَةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِخَادِمِهَا؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُلْزَمُ الزَّوْجُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ وَهُوَ الْقَضَاءُ بِخَادِمِهَا عِنْدَ التَّنَازُعِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ شَاسٍ بِمَا إذَا كَانَ خَادِمُهَا مَأْلُوفًا وَإِلَّا قُضِيَ بِخَادِمِ الزَّوْجِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ أَيْ الْقَضَاءُ بِخَادِمِهَا سَوَاءٌ كَانَ مَأْلُوفًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي الدِّينِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تِلْكَ الْخَادِمَةُ تَأْتِي بِرِجَالٍ لِلْمَرْأَةِ يُفْسِدُونَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ الدُّنْيَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ تِلْكَ الْخَادِمَةُ تَسْرِقُ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ لَفِيفِ النَّاسِ، وَالزَّوْجُ لَيْسَ ذَا قَدْرٍ (قَوْلُهُ: وَطَبْخٍ لَهُ) أَيْ وَلَهَا وَقَوْلُهُ: لَا لِضُيُوفِهِ أَيْ وَلَا لِأَوْلَادِهِ، وَلَا لِعَبِيدِهِ وَلَا لِأَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ) أَيْ مِنْ الدَّارِ أَوْ مِنْ خَارِجِهَا، وَلَوْ مِنْ الْبَحْرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَادَةَ أَهْلِ بَلَدِهَا (قَوْلُهُ: وَغَسْلِ ثِيَابِهِ) أَيْ فَيَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَكَذَا غَسْلُ ثِيَابِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ غَسْلَ ثِيَابِهِ وَثِيَابِهَا يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَقَالَ الْأَبِيُّ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّسْجِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَنْسِجَ وَلَا أَنْ تَغْزِلَ وَلَا أَنْ تَخِيطَ لِلنَّاسِ بِأُجْرَةٍ وَتَدْفَعَهَا لِزَوْجِهَا يُنْفِقُهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ مِنْ أَنْوَاعِ الْخِدْمَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَكَسَّبَ لَهُ إلَّا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ نِسَاءِ بَلَدِهَا جَارِيَةً بِالنَّسْجِ وَالْغَزْلِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مِنْ التَّكَسُّبِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَكَسَّبَ لَهُ أَيْ بِأَنْ تَخِيطَ أَوْ تَنْسِجَ لِلنَّاسِ وَتَجْمَعَ أُجْرَةَ ذَلِكَ وَتَدْفَعَهَا لَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَخِيطَ ثَوْبَهَا وَثَوْبَ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ تَكَسُّبًا بَلْ مِنْ الْخِدْمَةِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِ خِيَاطَةِ ثَوْبِهِ وَثَوْبِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ لَزِمَهَا، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: لِلْخُرُوجِ بِهَا) أَيْ لِلْأَفْرَاحِ أَوْ لِلزِّيَارَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ ثِيَابُ الْمَخْرَجِ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْغَنِيَّ (قَوْلُهُ: وَلِبَاسٍ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ مِنْ ثِيَابِهَا مَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ (قَوْلُهُ: فَيَسْتَعْمِلُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا. (قَوْلُهُ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ بَيْعِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّوْرَةِ وَظَاهِرُهُ أَبَدًا وَاَلَّذِي فِي الْمِعْيَارِ أَوَّلَ النِّكَاحِ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ أَنَّ الشَّوْرَةَ لَا تَبِيعُهَا الزَّوْجَةُ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَرَى أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا الزَّوْجُ قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا أَظُنُّ أَنَّ لَهَا التَّصَرُّفَ فِيهَا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَهِيَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَاتٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ لَيْسَ لَهَا بَيْعُ شَوْرَتِهَا مِنْ نَقْدِهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ انْتِفَاعِ الزَّوْجِ بِهَا، وَالسَّنَةُ فِي ذَلِكَ قَلِيلَةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: مَا دَخَلَتْ بِهِ بَعْدَ قَبْضِ مَهْرِهَا) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا تَجَهَّزَتْ مِنْ مَالِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ بَيْعِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ عَلَيْهَا الْحَجْرُ إذَا تَبَرَّعَتْ بِزَائِدَةِ ثُلُثِهَا، فَإِنْ كَانَ مَا تَجَهَّزَتْ بِهِ مِنْ مَالِهَا قَدْرَ ثُلُثِهَا فَأَقَلَّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ بَيْعِهِ مُطْلَقًا وَفِي بْن وَقَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مَا دَخَلَتْ بِهِ بَعْدَ قَبْضِ صَدَاقِهَا إلَخْ يَشْمَلُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ مِنْ هَدِيَّةٍ مُشْتَرَطَةٍ أَوْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ كَالنَّشَانِ بِمِصْرَ فَفِي اخْتِصَارِ الطُّرَرِ مَا نَصُّهُ: وَلِلزَّوْجِ امْتِهَانُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الْجِهَازِ حَتَّى يَلِيَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الشِّرَاءُ مِنْ نَقْدِهَا ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ كَانَ مَعَهَا كِسْوَةٌ مِنْ جَهَازِهَا أَوْ هَدِيَّةٌ قَدْ اُشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ كَالْمُشْتَرَطَةِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ كِسْوَتُهَا حَتَّى تَخْلُقَهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا) أَيْ فَلَوْ جَدَّدَ مَا يَلِي مِنْ شَوْرَتِهَا وَطَلَّقَهَا فَلَا يُقْضَى لَهَا بِأَخْذِهِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَهُ مَنْعُهَا إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَكُونَ فَاقِدَ الشَّمِّ

وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ. (لَا) مَنْعُ (أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ) فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ (أَنْ يَدْخُلُوا لَهَا) وَكَذَا الْإِخْوَةُ وَالْأَجْدَادُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ عَلَى مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَلَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِمْ الْحِنْثَ بِخِلَافِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَهُ الْمَنْعُ (وَحُنِّثَ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ (إنْ) (حَلَفَ) أَنْ لَا يَدْخُلُوا لَهَا فَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ لَا بِمُجَرَّدِ الْحَلِفِ وَلَا بِالْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ إنَّمَا يَكُونُ بِفِعْلِ ضِدِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (كَحَلِفِهِ) عَلَى (أَنْ لَا تَزُورَ وَالِدَيْهَا) فَيَحْنَثُ وَيُقْضَى لَهَا بِالزِّيَارَةِ (إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً وَلَوْ شَابَّةً) وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَمَانَةِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً لَمْ تَخْرُجْ، وَلَوْ مُتَجَالَّةً أَوْ مَعَ أَمِينَةٍ لِتَطَرُّقِ الْفَسَادِ بِالْخُرُوجِ (لَا إنْ) (حَلَفَ) بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا (لَا تَخْرُجُ) وَأَطْلَقَ لَفْظًا وَنِيَّةً فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِخُرُوجِهَا، وَلَا لِأَبَوَيْهَا (وَقُضِيَ لِلصِّغَارِ) مِنْ أَوْلَادِهَا بِالدُّخُولِ إلَيْهَا (كُلَّ يَوْمٍ) مَرَّةً لِتَتَفَقَّدَ حَالَهُمْ (وَلِلْكِبَارِ) مِنْ أَوْلَادِهَا (كُلَّ جُمُعَةٍ) مَرَّةً (كَالْوَالِدَيْنِ) يُقْضَى لَهُمَا فِي الْجُمُعَةِ مَرَّةً (وَمَعَ أَمِينَةٍ) مِنْ جِهَتِهِ (إنْ اتَّهَمَهُمَا) بِإِفْسَادِهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا أَخُوهَا وَعَمُّهَا وَخَالُهَا وَابْنُ أَخِيهَا وَابْنُ أُخْتِهَا فَلَهُ مَنْعُهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ الشَّبْرَخِيتِيُّ. (وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِهِ) كَأَبَوَيْهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهَا بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى حَالِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَأْكُلْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا يَبْلُغُ بِهِمْ) أَيْ بِالْإِخْوَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ الْحِنْثَ أَيْ لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِدُخُولِهِمْ الْمُوجِبَ لِحِنْثِهِ إذَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْمَنْعُ) أَيْ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهُمْ مِنْ الدُّخُولِ لَهَا (قَوْلُهُ: قُضِيَ بِتَحْنِيثِهِ) أَيْ حَكَمَ الْقَاضِي بِفِعْلِهِمْ الْأَمْرَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ حِنْثُهُ وَهُوَ الدُّخُولُ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا تَزُورَ وَالِدَيْهَا) أَيْ لَا وَلَدَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِقُصُورِ مَرْتَبَتِهِ عَنْ مَرْتَبَةِ وَالِدَيْهَا (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ) أَيْ إنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَزُورُهُمْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ يَحْكُمَ لَهَا الْقَاضِي بِالْخُرُوجِ لِلزِّيَارَةِ فَإِذَا خَرَجَتْ بِالْفِعْلِ حَنِثَ (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لَهَا بِالزِّيَارَةِ) أَيْ فِي الْجُمُعَةِ مَرَّةً، وَالْفَرْضُ أَنَّ وَالِدَيْهَا بِالْبَلَدِ لَا إنْ بَعِدُوا عَنْهَا فَلَا يُقْضَى لَهَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَابَّةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مُتَجَالَّةً بَلْ وَلَوْ كَانَتْ شَابَّةً وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ: لَا يَحْنَثُ فِي الشَّابَّةِ إذَا حَلَفَ لَا تَخْرُجُ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الشَّابَّةِ الْمَأْمُونَةِ، وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ الْمَأْمُونَةُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِزِيَارَةِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يُقْضَى بِخُرُوجِهَا شَابَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَجَالَّةً اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لِتَطَرُّقِ الْفَسَادِ بِالْخُرُوجِ) أَيْ مَعَ الْأَمِينَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى إلَخْ) أَشَارَ بَعْضُهُمْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ حَالِ التَّخْصِيصِ وَحَالِ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ فِي حَالِ التَّخْصِيصِ يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ ضَرَرِهَا؛ فَلِذَا حَنِثَ بِخِلَافِ حَالِ التَّعْمِيمِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدُ الضَّرَرِ فَلِذَا كَانَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِخُرُوجِهَا وَلَا يَحْنَثُ وَمَفْهُومُ أَطْلَقَ لَفْظًا وَنِيَّةً أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ لَفْظًا وَنَوَى تَخْصِيصَهُمَا فَهُوَ كَالْقَسَمِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَلَا لِأَبَوَيْهَا) أَيْ وَلَوْ لِزِيَارَتِهِمْ إذَا طَلَبَتْهَا. (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الدُّخُولِ لَهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَتَضَرَّرَ بِكَثْرَةِ دُخُولِهِمْ لَهَا فَيُقْضَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَعَ أَمِينَةٍ إلَخْ) قَالَ عبق: وَأُجْرَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى الظَّاهِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّ زِيَارَتَهُمَا لَهَا لِمَنْفَعَتِهِمَا، وَقَدْ تَوَقَّفَتْ عَلَى الْأَمِينَةِ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا فِي الْمِعْيَارِ أَوَّلَ النِّكَاحِ عَنْ الْعَبْدُوسِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَبَوَيْنِ مَحْمُولَانِ فِي زِيَارَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَعَدَمِ الْإِفْسَادِ حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ مُنِعَا مِنْ زِيَارَتِهَا إلَّا مَعَ أَمِينَةٍ اهـ فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِفْسَادِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ إفْسَادُهُمَا لَهَا فَإِنَّهُمَا ظَالِمَانِ وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِكَوْنِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ ضَرَرُ الْأَبَوَيْنِ بِبَيِّنَةٍ فَأُجْرَةُ الْأَمِينَةِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا ظَالِمَانِ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَقَدْ انْتَفَعَا بِالزِّيَارَةِ كَمَا قَالَ بْن وَإِنْ كَانَ ضَرَرُ الْأَبَوَيْنِ مُجَرَّدَ اتِّهَامٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا قَالَ عبق لِانْتِفَاعِهِ بِالْحِفْظِ. (قَوْلُهُ: إنْ اتَّهَمَهُمَا) أَيْ الْوَالِدَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَادَ مُطْلَقًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إنْ اتَّهَمَهُمَا كَانَا كَالْوَالِدَيْنِ فِي أَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ لَهَا إلَّا مَعَ أَمِينَةٍ مِنْ جِهَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ أَوْ كَانَ غَائِبًا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ بِإِفْسَادِهَا عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا اتَّهَمَهُمَا بِأَخْذِ مَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ مَنْعَهُمَا لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ اهـ قَالَ عبق وَقَوْلُهُ: وَمَعَ أَمِينَةٍ إنْ اتَّهَمَهُمَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَيْ غَيْرَ مُسَافِرٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا مَعَ أَمِينَةٍ وَهَذَا الْقَيْدُ وَقَعَ لِصَاحِبِ الشَّامِلِ وَتَبِعَهُ تت وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ؛ إذْ النَّقْلُ أَنَّهُ مَتَى اتَّهَمَهُمَا بِإِفْسَادِهَا عَلَيْهِ مُنِعَا مِنْ الدُّخُولِ إلَّا مَعَ أَمِينَةٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُضُورِ الزَّوْجِ بِالْبَلَدِ وَعَدَمِهِ قَالَ بْن: وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ مَعَ الْبَحْثِ عَنْهُ سِوَى صَاحِبِ الشَّامِلِ وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَخُوهَا) أَيْ وَكَذَا جَدُّهَا وَقَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهُمْ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَتَّهِمْهُمْ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْ وَمُقَابِلُهُ مَا مَرَّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَيُمَكَّنُونَ مِنْ زِيَارَتِهَا فِي كُلِّ جُمُعَتَيْنِ أَوْ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَهَا الِامْتِنَاعُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ رِضَاهَا بِسُكْنَاهَا مَعَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ الضَّرَرُ لَهَا بِمُشَاجَرَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا

(إلَّا الْوَضِيعَةَ) فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُمْ، وَكَذَا الشَّرِيفَةُ إنْ اشْتَرَطُوا عَلَيْهَا سُكْنَاهَا مَعَهُمْ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيهِمَا مَا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى عَوْرَاتِهَا (كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا) فَلِلْآخَرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُ (إنْ كَانَ لَهُ حَاضِنٌ) غَيْرُهُمَا يَحْضُنُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ حَالَ الْبِنَاءِ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يَبْنِيَ) أَحَدُهُمَا (وَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ (مَعَهُ) عَالِمٌ بِهِ الْآخَرُ وَأَرَادَ عَزْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ. (وَقُدِّرَتْ) نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ (بِحَالِهِ) أَيْ بِحَسَبِ حَالِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا (مِنْ يَوْمٍ) أَيْ فِي يَوْمٍ فَتَكُونُ مُيَاوَمَةً كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَالْأُجَرَاءِ (أَوْ جُمُعَةٍ) كَبَعْضِ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ (أَوْ شَهْرٍ) كَأَرْبَابِ الْمَدَارِسِ وَالْمَسَاجِدِ وَبَعْضِ الْجُنْدِ وَخَدَمِهِمْ (أَوْ سَنَةٍ) كَأَرْبَابِ الرِّزْقِ وَالْبَسَاتِينِ. (وَ) قُدِّرَتْ (الْكِسْوَةُ) فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ (بِالشِّتَاءِ) مَا يُنَاسِبُهُ (وَالصَّيْفِ) مَا يُنَاسِبُهُ إذَا لَمْ تُنَاسِبْ كِسْوَةُ كُلٍّ الْآخَرَ عَادَةً وَإِلَّا كَفَتْ وَاحِدَةٌ إذَا لَمْ تَخْلَقْ، وَكَذَا يُقَالُ: الْمُرَادُ كُلُّ شِتَاءٍ وَكُلُّ صَيْفٍ إنْ خَلَقَتْ كِسْوَةُ كُلٍّ فِي عَامِهَا فَإِنْ لَمْ تَخْلَقْ بِأَنْ كَانَتْ تَكْتَفِي بِهَا كَالْعَامِ الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ اكْتَفَتْ بِهَا إلَى أَنْ تَخْلَقَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ شِتَاءً وَصَيْفًا. (وَضُمِنَتْ) النَّفَقَةُ الشَّامِلَةُ لِلْكِسْوَةِ (بِالْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ إذَا ضَاعَتْ مِنْهَا (مُطْلَقًا) مَاضِيَةً كَانَتْ أَوْ حَالَّةً أَوْ مُسْتَقْبَلَةً قَامَتْ عَلَى ضَيَاعِهَا بَيِّنَةٌ أَوْ لَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ لَا، فَرَّطَتْ فِي ضَيَاعِهَا أَوْ لَا (كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ) تَقْبِضُهَا الْحَاضِنَةُ لِتُنْفِقَهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي حَضَانَتِهَا فَتَضِيعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَانْظُرْ هَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَ خَدَمِهِ وَجَوَارِيهِ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ وَطْءَ أَمَتِهِ، وَرُبَّمَا احْتَاجَ لِخِدْمَةِ أَرِقَّائِهِ كَذَا فِي خش وعبق قَالَ بْن: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَ جَوَارِيهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا مُشَاجَرَةٌ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَعْلِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ عَدَمَ السُّكْنَى مَعَ أَهْلِهِ بِقَوْلِهِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الضَّرَرِ بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى أَمْرِهَا وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَسْتُرَهُ عَنْهُمْ مِنْ شَأْنِهَا وَقَدْ نُقِلَ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَسْكُنَ مَعَ الزَّوْجَةِ فَتَكُونَ الزَّوْجَةُ أَحْرَى بِالِامْتِنَاعِ مِنْ السُّكْنَى مَعَهَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْوَضِيعَةَ) أَيْ ذَاتَ الصَّدَاقِ الْقَلِيلِ وَكَذَا الشَّرِيفَةُ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهَا سُكْنَاهَا مَعَهُمْ أَيْ فَلَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الِامْتِنَاعُ، وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطَّلِعُوا إلَخْ أَيْ وَإِلَّا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِامْتِنَاعُ، وَمِثْلُ الِاطِّلَاعِ الْمَذْكُورِ ثُبُوتُ الضَّرَرِ بِغَيْرِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُمَا السُّكْنَى مَعَ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ضَرَرٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ، وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ مِنْ الْمَنْزِلِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ الْبِنَاءِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ عِنْدَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ إخْرَاجُهُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ أَيْ كَافِلٌ يَكْفُلُهُ وَإِلَّا فَلَا امْتِنَاعَ لِمَنْ لَيْسَ مَعَهُ الْوَلَدُ أَنْ يَسْكُنَ مَعَ الْوَلَدِ سَوَاءٌ حَصَلَ الْبِنَاءُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ) أَيْ قُدِّرَ قَبْضُهَا أَيْ قُدِّرَ زَمَنُ قَبْضِهَا أَيْ قُدِّرَ الزَّمَنُ الَّذِي تُدْفَعُ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَضُمِنَتْ بِالْقَبْضِ وَقَوْلُهُ: بِحَالِهِ الْمُرَادُ بِالْحَالِ الطَّاقَةُ مِنْ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ يَوْمٍ بَيَانٌ لِحَالِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ إمَّا قَبْلَ حَالٍ أَيْ بِزَمَنِ حَالِهِ لِأَجْلِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ مِنْ يَوْمٍ، وَإِمَّا قَبْلَ يَوْمٍ، وَيَكُونُ بَيَانًا لِحَالِهِ أَيْ مِنْ يُسْرِ يَوْمٍ وَعُسْرِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقَةً بِمَحْذُوفٍ أَيْ فَتُدْفَعُ مِنْ يَوْمٍ أَيْ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ إلَخْ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَقُدِّرَتْ إلَخْ فِي غَيْرِ الْمَلِيءِ بِالْفِعْلِ، وَفِي قَوْلِهِ وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يُقْضَى بِتَعْجِيلِ النَّفَقَةِ فِيهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِحَالِ الزَّوْجِ فَقَطْ، وَأَمَّا قَدْرُ النَّفَقَةِ وَجِنْسُهَا فَبِحَالِهِمَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ) أَيْ وَتَقْبِضُهَا مُعَجَّلَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَضُمِنَتْ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا فَتَقْبِضُ نَفَقَةَ الْيَوْمِ مِنْ أَوَّلِهِ وَالشَّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ وَكَذَلِكَ الْجُمُعَةُ وَالسَّنَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْحَالُ التَّعْجِيلَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَالُ التَّأْخِيرَ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ حَتَّى تَقْبِضَهَا وَلَا يَكُونُ عَدَمُ قُدْرَتِهِ الْآنَ عُسْرًا بِالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: بِالشِّتَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ فَصْلُهُ، وَمَا وَالَاهُ مِنْ فَصْلِ الرَّبِيعِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّيْفِ فَصْلُهُ وَمَا وَالَاهُ مِنْ فَصْلِ الْخَرِيفِ (قَوْلُهُ بِالشِّتَاءِ مَا يُنَاسِبُهُ) أَيْ مِنْ فَرْوٍ وَلِبْدٍ وَلِحَافٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُنَاسِبْ كِسْوَةُ كُلٍّ) أَيْ مِنْ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ الْآخَرَ (قَوْلُهُ: إنْ خَلَقَتْ كِسْوَةُ كُلٍّ فِي عَامِهَا) اعْلَمْ أَنَّ مَا خَلَقَ مِنْ الْكِسْوَتَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْعُرْفِ مِنْ كَوْنِهِ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَهُوَ لِلزَّوْجِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَخْلَقْ) بِأَنْ كَانَتْ تَكْتَفِي بِهَا أَيْ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَثَلًا كَالِاكْتِفَاءِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ الشُّمُولُ لِمَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ أَوْ عَنْ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ، وَبِذَلِكَ قَرَّرَ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَهُ طفي وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ قَالَ السُّودَانِيُّ: وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَأَمَّا مَا قَبَضَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَنْ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ فَإِنَّهَا تَضْمَنُهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا فَهُوَ كَنَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ لَهَا قَبَضَتْهُ فَالْقَبْضُ لِحَقِّ نَفْسِهَا لَا لِلْغَيْرِ حَتَّى تَضْمَنَ ضَمَانَ الرِّهَانِ وَالْعَوَارِيّ وَارْتَضَى

فَتَضْمَنَهَا (إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ) مِنْ غَيْرِ سَبَبِهَا فَلَا تَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا، وَلَا هِيَ مُتَمَحِّضَةٌ لِلْأَمَانَةِ بَلْ أَخَذَتْهَا لِحَقِّ الْمَحْضُونِ فَتَضْمَنُهَا كَالرِّهَانِ وَالْعَوَارِيّ، وَأَمَّا مَا قَبَضَتْهُ مِنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ فَالضَّمَانُ مِنْهَا مُطْلَقًا كَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا. (وَيَجُوزُ) لِلزَّوْجِ (إعْطَاءُ الثَّمَنِ عَمَّا لَزِمَهُ) لِزَوْجَتِهِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (وَ) يَجُوزُ لَهُ (الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِهِ) الَّذِي لَهُ عَلَيْهَا عَمَّا وَجَبَ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ إنْ كَانَ فَرَضَ ثَمَنًا أَوْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ (إلَّا لِضَرَرٍ) عَلَيْهَا بِالْمُقَاصَّةِ بِأَنْ تَكُونَ فَقِيرَةً يُخْشَى ضَيْعَتُهَا بِالْمُقَاصَّةِ. (وَسَقَطَتْ) نَفَقَتُهَا (إنْ أَكَلَتْ مَعَهُ) وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً، وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ، فَإِذَا كَسَاهَا مَعَهُ فَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهَا (وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ الْأَكْلِ مَعَهُ وَتَطْلُبُ فَرْضَهَا أَوْ الْأَعْيَانَ لِتَأْكُلَ وَحْدَهَا. (أَوْ) (مَنَعَتْ) زَوْجَهَا (الْوَطْءَ أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ) بِدُونِهِ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَنَعَتْهُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْمَنْعِ عِنْدَ التَّنَازُعِ. (أَوْ) (خَرَجَتْ) مِنْ مَحَلِّ طَاعَتِهِ (بِلَا إذْنٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى رَدِّهَا بِنَفْسِهِ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ حَاكِمٍ يُنْصِفُ أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً فَإِنْ قَدَرَ بِأَنْ خَرَجَتْ، وَهُوَ حَاضِرٌ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهَا لَمْ تَسْقُطْ؛ لِأَنَّهُ كَخُرُوجِهَا بِإِذْنِهِ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) أَيْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَسْقُطْ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ لِلْحَمْلِ، وَكَذَا الرَّجْعِيَّةُ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ. (أَوْ بَانَتْ) بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ أَيْ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الرَّضَاعِ أُجْرَةٌ لَهَا حَقِيقَةً، وَلَيْسَتْ نَفَقَةً لِلْوَلَدِ وَحِينَئِذٍ فَتَضْمَنُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ ثَبَتَ ضَيَاعُهَا بِبَيِّنَةٍ كَنَفَقَتِهَا. (قَوْلُهُ فَتَضْمَنُهَا) وَهَلْ يَرْجِعُ الْوَلَدُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْأَبِ، وَيَرْجِعُ الْأَبُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي (قَوْلُهُ: عَمَّا لَزِمَهُ لِزَوْجَتِهِ) أَيْ نَفَقَةً لَهَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الزَّوْجِ الَّذِي يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ ابْتِدَاءً الْأَعْيَانُ لَكِنْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَثْمَانَ إنْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِهَا، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ دَفْعِ الثَّمَنِ، وَلَوْ عَنْ طَعَامٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ غَيْبَتُهُ عَنْ الْبَائِعِ، وَكَوْنُهُ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ، وَهِيَ مَفْقُودَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ طَعَامَ الزَّوْجِ تَحْتَ يَدِهَا غَيْرُ غَائِبٍ عَنْهَا وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَزِيدَهَا إنْ غَلَا سِعْرُ الْأَعْيَانِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَتْ ثَمَنَهَا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ نَقَصَ سِعْرُهَا مَا لَمْ يَسْكُتْ مُدَّةً، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّوْسِعَةَ عَلَيْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ اشْتَرَتْ الْأَعْيَانَ قَبْلَ غُلُوِّهَا أَوْ قَبْلَ الرُّخْصِ وَإِلَّا فَلَا يَزِيدُهَا شَيْئًا فِي الْأَوَّلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ فِي الثَّانِي اهـ تَقْرِيرِيٌّ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَيُفْرَضُ الْمَاءُ وَالزَّيْتُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لَهُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِهِ) مَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَإِلَّا وَجَبَتْ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُقَاصَّةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ الصَّادِقَ بِالْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: إنْ أَكَلَتْ مَعَهُ) أَيْ فَإِذَا أَكَلَتْ مَعَهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا مُدَّةَ أَكْلِهَا مَعَهُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً فَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَطَلَبَتْ الْفَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَنْهُ وَقُضِيَ لَهَا بِالْفَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً وَإِذَا طَلَبَتْ نَفَقَةَ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ وَادَّعَى أَنَّهَا أَكَلَتْ مَعَهُ فِيهَا صُدِّقَ الزَّوْجُ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا ذَكَرَهُ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهَا غَيْرَ مُقَرَّرَةٍ بِأَنْ كَانَتْ تَأْخُذُ مَا يَكْفِيهَا مِنْ الْقُوتِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا كَسَفِيهَةٍ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَسَاهَا مَعَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فَرَضَ لَهَا ثَمَنَهَا (قَوْلُهُ: وَلَهَا الِامْتِنَاعُ) أَيْ مَا لَمْ تَلْتَزِمْ الْأَكْلَ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنَعَتْ زَوْجَهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَكَلَتْ أَيْ سَقَطَتْ إنْ أَكَلَتْ أَوْ مَنَعَتْ زَوْجَهَا الْوَطْءَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا مَنَعَتْهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ حَيْثُ خَالَفَهَا الزَّوْجُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَرَضُ الَّذِي ادَّعَتْهُ فِي مَحَلٍّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَنَعَتْهُ فِيهِ) هَذَا هُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ وَاخْتَارَهَا الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمْ وَمُقَابِلُهَا أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهَا لَهُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ الِاسْتِمْتَاعِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا وَعَدَمِ سُقُوطِهَا بِمَنْعِهَا لَهُ مِمَّا ذُكِرَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْمَنْعِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا تَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا، وَقَالَتْ: لَمْ أَمْنَعْهُ، وَإِنَّمَا الِامْتِنَاعُ مِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ لَهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ النَّفَقَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْعَ مِمَّا ذُكِرَ إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ جِهَتِهَا بِأَنْ تُقِرَّ بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ عَلَى مَا يَظْهَرُ اهـ خش (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ إلَخْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا ظَالِمَةً لَا إنْ كَانَتْ مَظْلُومَةً، وَلَا حَاكِمَ يُنْصِفُهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ جَهْرًا، أَوْ خُفْيَةً لِمَكَانٍ مَعْلُومٍ، وَأَمَّا الْهَارِبَةُ خُفْيَةً لِمَكَانٍ مَجْهُولٍ، فَإِنَّ نَفَقَتَهَا تَسْقُطُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا لَوْ عَلِمَ بِمَكَانِهَا اُنْظُرْ خش (قَوْلُهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهَا) أَيْ مِنْ الْخُرُوجِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِمَحَلِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ

إنْ لَمْ تَحْمِلْ، فَإِنْ حَمَلَتْ فَلَهَا النَّفَقَةُ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهَا) أَيْ الْبَائِنِ (نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَ) لَهَا (الْكِسْوَةُ) (فِي أَوَّلِهِ) أَيْ إذَا طَلُقَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ فَلَهَا الْكِسْوَةُ إلَى آخِرِ الْحَمْلِ عَلَى عَادَتِهَا، وَلَوْ بَقِيَتْ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ (وَ) لَهَا (فِي الْأَشْهُرِ) لِلْحَمْلِ أَيْ إذَا أَبَانَهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا فَلَهَا مِنْ الْكِسْوَةِ (قِيمَةُ مَنَابِهَا) أَيْ الْأَشْهُرِ فَيُقَوَّمُ مَا يَصِيرُ لِتِلْكَ الْأَشْهُرِ مِنْ الْكِسْوَةِ لَوْ كُسِيَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ فَتُعْطَى تِلْكَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ. (وَاسْتَمَرَّ) أَيْ الْمَسْكَنُ لِلْحَامِلِ الْبَائِنِ (إنْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمُطَلِّقِ فَلَا يُسْقِطُهُ الْمَوْتُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا، وَلِلْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِلِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالْأُجْرَةُ فِيهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ وَاَلَّتِي فِي الْعِصْمَةِ فَلَا يَسْتَمِرُّ لَهَا الْمَسْكَنُ إنْ مَاتَ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ كَمَا مَرَّ وَتَسْقُطُ الْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ لِكَوْنِ الْحَمْلِ صَارَ وَارِثًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِسْوَةَ وَالنَّفَقَةَ يَسْقُطَانِ فِي الْجَمِيعِ بِالْمَوْتِ وَيَسْتَمِرُّ الْمَسْكَنُ فِي الْبَائِنِ مُطْلَقًا وَفِي الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ. (لَا إنْ) (مَاتَتْ) الْمُطَلَّقَةُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا فِي كِرَاءِ الْمَسْكَنِ (وَرُدَّتْ النَّفَقَةُ) الْأَوْلَى قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ خَمْسَ صُوَرٍ: مَوْتُهُ وَمَوْتُهَا، وَهِيَ فِيهِمَا إمَّا فِي الْعِصْمَةِ لَهُ أَوْ رَجْعِيَّةً، وَإِمَّا بَائِنَةً، وَهِيَ حَامِلٌ، أَوْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيًّا وَلَكِنْ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ قَبْضِ النَّفَقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا، وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ (كَانْفِشَاشِ الْحَمْلِ) فَتُرَدُّ نَفَقَتُهُ جَمِيعُهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ لِوَقْتِ الِانْفِشَاشِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَمِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ وَكَذَلِكَ كِسْوَتُهُ، وَلَوْ بَعْدَ أَشْهُرٍ، وَسَوَاءٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِهِ أَمْ لَا. (لَا) (الْكِسْوَةُ) الَّتِي قَبَضَتْهَا، وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ وَمَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (بَعْدَ) مُضِيِّ (أَشْهُرٍ) مِنْ قَبْضِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَحْمِلْ) شَرْطٌ فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْوَطْءِ، وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا خَرَجَتْ مِنْ مَحَلِّ سُكْنَاهَا أَمْ لَا عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا بَعْدَ أَنْ خَرَجَتْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِهِ أَيْ إنَّهُ إذَا حَصَلَتْ بِبَيْنُونَةٍ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى الْحَمْلِ قَبْلَ ظُهُورِهِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهَا وَانْتَظَرَ ظُهُورَهُ وَحَرَكَتَهُ فَإِنَّ لَهَا كِسْوَتَهَا الْمُعْتَادَةَ وَلَوْ كَانَتْ تَبْقَى بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْكِسْوَةِ إذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لَهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَشْهُرِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي أَثْنَاءِ الْأَشْهُرِ وَقَوْلُهُ: قِيمَةُ مَنَابِهَا أَيْ قِيمَةُ مَنَابِ الْأَشْهُرِ مِنْ الْكِسْوَةِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَفَقَةُ الْحَمْلِ أَيْ وَلَهَا قِيمَةُ مَنَابِ الْأَشْهُرِ مِنْ الْكِسْوَةِ إذَا أَبَانَهَا فِي أَثْنَائِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَبَانَهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا فَلَهَا مَنَابُ الْأَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْكِسْوَةِ فَيُقَوَّمُ مَا يَصِيرُ لِتِلْكَ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ مِنْ الْكِسْوَةِ لَوْ كُسِيَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ فَيَسْقُطُ وَتُعْطَى مَا يَنُوبُ الْأَشْهُرَ الْبَاقِيَةَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا قَبْلَ وَضْعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ بَطْنَهَا صَارَ قَبْرًا لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِنُزُولِهِ كَذَا فِي شب خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى إذَا مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالسُّقُوطِ قَوْلُ ابْنِ الشِّقَاقِ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَالْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَاعْتَمَدَهُ عج وَصَوَّبَ شَيْخُنَا وَبِنَّ اعْتِمَادَهُ لَهُ وَمَا فِي الشَّامِلِ وَإِنْ حَكَمَ بِهِ بَعْضُ الْقُضَاةِ كَابْنِ الْخَرَّازِ وَأَفْتَى بِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ كَمَا قَالَ عج (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ وَضْعِهَا) أَيْ فَيَسْتَمِرُّ الْمَسْكَنُ لَهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِلِ) أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ لِلْبَائِنِ غَيْرِ الْحَامِلِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَائِنَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا يَسْتَمِرُّ لَهَا الْمَسْكَنُ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَامِلِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُجْرَةُ فِيهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ فِي الْبَائِنِ الْحَامِلِ وَغَيْرِ الْحَامِلِ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ الْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ) أَيْ كِسْوَةُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ وَنَفَقَتُهَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ كَمَا تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ نَفَقَةُ وَكِسْوَةُ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنِ حَامِلًا كَانَتْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فِي كِرَاءِ الْمَسْكَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى إنَّمَا كَانَتْ حَقًّا لِذَاتِهَا لِوُجُوبِ عِدَّتِهَا فِي مَنْزِلِهَا وَلَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِيهَا حَتَّى تُورَثَ (قَوْلُهُ: خَمْسَ صُوَرٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى سَبْعُ صُوَرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِمَّا بَائِنَةً وَهِيَ حَامِلٌ) أَيْ يَمُوتُ زَوْجُهَا بَعْدَ قَبْضِهَا النَّفَقَةَ أَوْ تَمُوتُ هِيَ (قَوْلُهُ: كَانْفِشَاشِ الْحَمْلِ) أَيْ حَمْلِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا، وَالْمُرَادُ بِانْفِشَاشِهِ تَبَيُّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَمْلٌ بِهَا بَلْ كَانَ عِلَّةً أَوْ رِيحًا كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ فَسَادَهُ وَاضْمِحْلَالَهُ بَعْدَ تَكَوُّنِهِ (قَوْلُهُ فَتُرَدُّ نَفَقَتُهُ جَمِيعُهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنْفَاقُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ لَا، وَقِيلَ: إنَّهَا لَا تُرَدُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ رَدَّتْهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالثَّانِي رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا مِنْ رَجُلٍ يَجِبُ لَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ أَنَّهُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ، وَهَذَا يُرَجِّحُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ: فَمِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ أَيْ فَتُرَدُّ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ كِسْوَتُهُ) أَيْ كِسْوَةُ الْحَمْلِ إذَا أَنْفَشَ فَإِنَّهَا تَرُدُّهَا، وَلَوْ لَبِسَتْهَا أَشْهُرًا (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ صَدَّقَهَا (قَوْلُهُ: لَا الْكِسْوَةُ) أَيْ بِخِلَافِ كِسْوَةٍ كَسَاهَا لَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا

فَلَا تَرُدُّ هِيَ وَلَا وَرَثَتُهَا مِنْهَا شَيْئًا، وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بَعْدَ أَشْهُرٍ فَلَا تَرُدُّهَا، وَمَفْهُومُ أَشْهُرٍ رَدُّهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (بِخِلَافِ) (مَوْتِ الْوَلَدِ) الْمَحْضُونِ إذَا قَبَضَتْ حَاضِنَتُهُ كِسْوَتَهُ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَمَاتَ (فَيَرْجِعُ) الْأَبُ (بِكِسْوَتِهِ) عَلَيْهَا وَكَذَا مَا بَقِيَ مِنْ نَفَقَتِهِ (وَإِنْ) كَانَتْ (خَلَقَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَاللَّامِ أَيْ بَالِيَةً. (وَإِنْ) (كَانَتْ) أَيْ الْبَائِنُ الْحَامِلُ (مُرْضِعَةً فَلَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ) أَيْ أُجْرَتُهُ (أَيْضًا) زِيَادَةً عَلَى نَفَقَةِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا إرْضَاعَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَرْضَعَتْ فَلَهَا أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: سَابِقًا وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ - إذَا كَانَتْ مُرْضِعَةً - نَفَقَةَ الْحَمْلِ وَنَفَقَةَ الرَّضَاعِ مَعَ الْمَسْكَنِ وَالْكِسْوَةِ. (وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (بِدَعْوَاهَا) الْحَمْلَ (بَلْ بِظُهُورِ الْحَمْلِ وَحَرَكَتِهِ) كَالتَّفْسِيرِ لِظُهُورِ الْحَمْلِ، وَهُوَ يَتَحَرَّكُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فَتَجِبُ) لَهَا النَّفَقَةُ بِالظُّهُورِ وَالْحَرَكَةِ (مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ فَتُحَاسَبُ بِمَا مَضَى قَبْلَ الظُّهُورِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ آنِفًا، وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَالْكِسْوَةُ فِي أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى وُجُوبِهِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي يُقَرَّرُ لَهَا فِيهِ النَّفَقَةُ وَتَسْتَحِقُّهَا فِيهِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهَا تُحَاسَبُ بِمَا مَضَى. (وَلَا نَفَقَةَ) عَلَى مُلَاعِنٍ (لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ) لِعَدَمِ لُحُوقِهِ وَلَهَا السُّكْنَى؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ (وَ) لِحَمْلِ (أَمَةٍ) عَلَى أَبِيهِ الْمُطَلِّقِ بَلْ هِيَ عَلَى سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مِلْكُهُ، وَالْمِلْكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرُدُّهَا إنْ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ أَشْهُرٍ مِنْ قَبْضِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا تُرَدُّ هِيَ) أَيْ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ، وَقَوْلُهُ: وَلَا وَرَثَتُهَا أَيْ وَلَا يَرُدُّهَا وَرَثَتُهَا إنْ مَاتَتْ هِيَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ فَإِذَا كَسَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ أَشْهُرٍ مِنْ قَبْضِهَا فَلَا تَرُدُّ تِلْكَ الْكِسْوَةَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَإِنَّهَا تَرُدُّهَا (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ الْأَبُ بِكِسْوَتِهِ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَأْخُذُهَا الْأَبُ جَمِيعُهَا وَلَا حَظَّ مِنْهَا لِلْأُمِّ فَلَا تُورَثُ تِلْكَ الْكِسْوَةُ عَنْ الْوَلَدِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ كَعِبَارَاتِ صَاحِبِ الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَالْمُفِيدِ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إنَّمَا دَفَعَهَا لِظَنِّهِ لُزُومَهَا لَهُ، فَإِذَا هِيَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ، وَمَا وَقَعَ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ سَلْمُونٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَلِكَ تَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِسْوَةِ وَوَرِثَتْ اهـ تَحْرِيفٌ، وَاَلَّذِي فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ وَإِنْ رَثَّتْ وَكَذَا هُوَ فِي ابْنِ فَتُّوحٍ وَالْجَزِيرِيِّ وَالْمُفِيدِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ لَا وَرِثَتْ مِنْ الْإِرْثِ وَلِهَذَا قَالَ طفي: إنَّ مَا فِي عج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ، وَهُوَ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ يَرْجِعُ الْأَبُ بِالْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَلَكَهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا يَوْمًا فَيَوْمًا خَطَأٌ صُرَاحٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ قُلْت مَا ذَكَرَهُ عج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ مِنْ رُجُوعِهِ فِي الْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْهِبَةِ حَيْثُ قَالَ: مَا كَسَا ابْنَهُ مِنْ ثَوْبٍ فَهُوَ لِلِابْنِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْأَبُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْإِمْتَاعِ اهـ فَالتَّخْطِئَةُ خَطَأٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بِحَمْلِ مَا لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْكِسْوَةِ الْغَيْرِ الْوَاجِبَةِ، وَمَا قَبْلَهُ عَلَى الْوَاجِبَةِ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا قَبَضَتْ حَاضِنَتُهُ كِسْوَتَهُ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ثُمَّ مَاتَ هَلْ يَأْخُذُهَا الْأَبُ بِتَمَامِهَا أَوْ يَأْخُذُ مِنْهَا مَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ فَقَطْ طَرِيقَتَانِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّةُ الَّتِي قَبَضَتْ كِسْوَتَهُ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً (قَوْلُهُ: فَلَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ أَيْضًا) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَتَكُونُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ نَقْدًا لَا طَعَامًا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَضُرَّ رَضَاعُهَا بِالْوَلَدِ، وَهِيَ حَامِلٌ، وَإِلَّا كَانَتْ أُجْرَتُهُ لِمَنْ تُرْضِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأُمِّ فِي رَضَاعِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: بَلْ بِظُهُورِ الْحَمْلِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِوَضْعِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ بِتَحَرُّكِهِ أَوْ بِوَضْعِهِ رِوَايَتَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: كَالتَّفْسِيرِ إلَخْ) أَيْ أَوْ إنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبَيَانِ مَبْدَأِ الْوُجُوبِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمَعْنَى وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَالْكِسْوَةِ إذَا حَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ فِي أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا بَيَانٌ لِلْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَبْدَأِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ حَمْلِ مُلَاعَنَةٍ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ لِلتَّعَدِّيَةِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ لِأُمِّ حَمْلِ مُلَاعَنَةٍ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ لُحُوقِهِ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِ نَسَبِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ لَا لِرُؤْيَةِ الزِّنَا، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الرَّمْيِ مَا لَمْ تَأْتِ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ عَنْهُ بِلِعَانِ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَبِيهِ الْمُطَلِّقِ) أَيْ الَّذِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَمَّا إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَنَفَقَةُ حَمْلِهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إلَّا الرَّجْعِيَّةَ رَاجِعٌ لِلْفَرْعَيْنِ قَبْلَهُ لَا لِثَانِيهِمَا فَقَطْ، وَلَا لِأَوَّلِهِمَا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ: إلَّا الْأَمَةَ الرَّجْعِيَّةَ فَاقْتِصَارُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْأَمَةِ يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِلْفَرْعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: إلَّا الزَّوْجَةَ الرَّجْعِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا أَمَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَوْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ الثَّانِي كَانَ أَوْلَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ مُقَدَّمٌ) أَيْ فَالْمَالِكُ لِلْوَلَدِ مُقَدَّمٌ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ بِالتَّزْوِيجِ وَانْتِزَاعِ الْمَالِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَعَلَيْهِ حَوْزُ الْمِيرَاثِ دُونَ الْأَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ

(وَلَا) نَفَقَةَ (عَلَى عَبْدٍ) لِحَمْلِ مُطَلَّقَتِهِ وَالْبَائِنِ فَإِنْ عَتَقَ الزَّوْجُ وَهِيَ حَامِلٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ عِتْقِهِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ إلَخْ إلَى شُرُوطِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ كَوْنُهُ لَاحِقًا بِهِ وَحُرًّا، وَأَبُوهُ حُرٌّ بِذِكْرِ أَضْدَادِهَا كَمَا هِيَ عَادَتُهُ (إلَّا) الْأَمَةَ (الرَّجْعِيَّةَ) فَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ حَامِلًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ. (وَسَقَطَتْ) النَّفَقَةُ عَنْ الزَّوْجِ (بِالْعُسْرِ) وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ بِهَا بَعْدَ يُسْرِهِ وَمَعْنَى سَقَطَتْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهَا مَا دَامَ مُعْسِرًا. (لَا إنْ) (حُبِسَتْ) أَيْ سُجِنَتْ فِي دَيْنٍ فَلَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا (أَوْ حُبِسَتْ) هِيَ فِي دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَالٌ، وَأَخْفَاهُ عَنْهَا فَيَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِأَدَائِهِ لَهَا وَأَحْرَى لَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا لَمْ تَسْقُطْ (أَوْ حَجَّتْ الْفَرْضَ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَتَطَوُّعٍ بِإِذْنِهِ (وَلَهَا نَفَقَةُ) حَضَرٍ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَنْهَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاهَا وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً (وَإِنْ) كَانَتْ الزَّوْجَةُ (رَتْقَاءَ) وَنَحْوَهَا مِنْ كُلِّ ذَاتِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْوَطْءَ إنْ دَخَلَ بِهَا عَالِمًا أَوْ رَضِيَ بِاسْتِمْتَاعِهِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ. (وَإِنْ) (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ فِي زَمَنٍ (بَعْدَ يُسْرٍ) وَلَمْ يُنْفِقْ زَمَنَ الْيُسْرِ (فَالْمَاضِي) زَمَنَ الْيُسْرِ هُوَ الَّذِي (فِي ذِمَّتِهِ) تُطَالِبُهُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ (وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهُ) عَلَيْهِ (حَاكِمٌ) وَلَا يَسْقُطُ الْعُسْرُ إلَّا زَمَنَهُ خَاصَّةً فَلَا يَنْعَطِفُ السُّقُوطُ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ عَلَى مَا تَجَمَّدَ فِي زَمَنِ الْيُسْرِ. (وَرَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ (بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ) حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ سَرَفٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى زَمَنِ الْإِنْفَاقِ إلَّا أَنْ تَقْصِدَ بِهِ الصِّلَةَ فَلَا تَرْجِعُ (وَإِنْ) كَانَ (مُعْسِرًا) حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ (كَمُنْفِقٍ عَلَى) كَبِيرٍ (أَجْنَبِيٍّ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ غَيْرَ سَرَفٍ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا (إلَّا لِصِلَةٍ) فَلَا رُجُوعَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الصِّلَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي إنْفَاقِهَا عَلَى زَوْجِهَا الصِّلَةُ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهَا، وَفِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا نَفَقَةَ عَلَى عَبْدٍ لِحَمْلِ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] خَاصٌّ بِالزَّوْجِ الْحُرِّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ بَلْ إنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً فَنَفَقَتُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهَا (قَوْلُهُ: فَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ، وَحِينَئِذٍ فَنَفَقَةُ حَمْلِهَا دَاخِلَةٌ فِي نَفَقَتِهَا، وَنَفَقَتُهَا لَازِمَةٌ لِزَوْجِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفَقَةَ حَمْلِ الرَّجْعِيَّةِ لَازِمَةٌ لِلْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ انْدِرَاجِهَا فِي نَفَقَةِ أَمَةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلْزَمُهُ بِالْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ:) (وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ) أَيْ بِعُسْرِ الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ بِهَا بَعْدَ يُسْرِهِ) أَيْ لَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ يُسْرِهِ بِنَفَقَتِهَا زَمَنَ عُسْرِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً بِحُكْمِ حَاكِمٍ مَالِكِيٍّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةٍ بِحُكْمِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِمَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ) أَيْ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ السُّقُوطَ وَأَرَادَ عَدَمَ اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بِهَا إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا سَقَطَتْ لِلْإِعْسَارِ فَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا شَيْئًا فِي زَمَنِ الْإِعْسَارِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ فِي زَمَنِ إنْفَاقِهَا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ مَا دَامَ مُعْسِرًا) فَإِنْ عَادَ لَهُ الْمَلَاءُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْعُسْرُ سَقَطَتْ وَلَا تَعُودُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ مُمَاطِلَةً فَإِنَّهَا تُسْقِطُ نَفَقَتَهَا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: حُبِسَتْ فِي دَيْنٍ أَيْ بِسَبَبِ دَيْنٍ بِأَنْ حُبِسَتْ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهَا اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَأَحْرَى لَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: حَبَسَتْهُ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ فِي النَّصِّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَجَّتْ الْفَرْضَ) أَيْ أَصَالَةً وَأَمَّا الْمَنْذُورُ فَكَالتَّطَوُّعِ إنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا، وَإِلَّا سَقَطَتْ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ) أَيْ بِأَنْ زَادَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ أَوْ سَاوَتْهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ نَقَصَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَنْ نَفَقَةِ الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاهَا) أَيْ سِوَى نَفَقَةِ السَّفَرِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً أَيْ وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْحَضَرِ مُقَرَّرَةً (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ بِهَا عَالِمًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِطَاقَةِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ فَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهَا فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَتْقَاءَ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ سَرَفٍ) أَيْ فَإِنْ كَانَ سَرَفًا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الْمُعْتَادِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَقْصِدَ بِهِ الصِّلَةَ فَلَا تَرْجِعُ) أَيْ وَعَدَمُ الْقَصْدِ أَصْلًا كَقَصْدِ الرُّجُوعِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ فِي زَمَنِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مُوسِرًا بَلْ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ الْعُسْرَ لَا يُسْقِطُ عَنْ الزَّوْجِ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ لَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: كَمُنْفِقٍ عَلَى كَبِيرٍ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَإِذَا كَانَ شَخْصَانِ فِي مَحَلٍّ فَأَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يُنْفِقْ الْآخَرُ فَلَهُ مُحَاسَبَتُهُ بِمَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ غَيْرَ سَرَفٍ، وَإِلَّا حَاسَبَ بِقَدْرِ الْمُعْتَادِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِصِلَةٍ) أَيْ لَا لِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَيَكُونَ فِي الْكَلَامِ احْتِبَاكٌ فَحَذَفَ صِلَةً مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ وَحَذَفَ غَيْرَ سَرَفٍ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُنْفِقُ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا مَحْمُولٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ عَلَى عَدَمِ الصِّلَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ

عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجَهِ الْقَوْلِ لِمُدَّعِي الْإِنْفَاقِ بِيَمِينٍ. (وَ) رَجَعَ الْمُنْفِقُ (عَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ) حِينَ الْإِنْفَاقِ (لَهُ مَالٌ) أَوْ أَبٌ مُوسِرٌ (عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ) إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ فَلَا يَمِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ بَعْدَهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ وَيُشْتَرَطُ فِي الرُّجُوعِ أَيْضًا أَنْ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ لِوَقْتِ الرُّجُوعِ فَإِنْ ضَاعَ وَتَجَدَّدَ غَيْرُهُ لَمْ يَرْجِعْ وَأَنْ لَا يَكُونَ نَقْدًا يَتَيَسَّرُ لِلصَّغِيرِ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ عَرَضًا أَيْ أَوْ نَقْدًا يَعْسُرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ. (وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ (الْفَسْخُ) بِطَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ (إنْ) (عَجَزَ) زَوْجُهَا (عَنْ نَفَقَةٍ حَاضِرَةٍ) وَمِثْلُهَا الْكِسْوَةُ وَلَهَا أَنْ تَبْقَى مَعَهُ، وَمِثْلُ الْحَاضِرَةِ الْمُسْتَقْبَلَةُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا (لَا مَاضِيَةٍ) لِصَيْرُورَتِهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَا حُرَّيْنِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (عَبْدَيْنِ) أَوْ أَحَدَهُمَا (لَا إنْ عَلِمَتْ) عِنْدَ الْعَقْدِ (فَقْرَهُ) فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ ثُمَّ أَعْسَرَ (أَوْ) عَلِمَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ (أَنَّهُ مِنْ السُّؤَّالِ الطَّائِفِينَ بِالْأَبْوَابِ) (إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ) أَيْ السُّؤَالَ فَلَهَا الْفَسْخُ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ (أَوْ يَشْتَهِرَ بِالْعَطَاءِ وَيَنْقَطِعَ) مُسْتَثْنًى مِنْ الْأُولَى فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ وَإِذَا أَرَادَتْ الْفَسْخَ وَرَفَعَتْ لِلْحَاكِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتُحْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ عَلَى الصِّلَةِ (قَوْلُهُ: عَكْسُ ذَلِكَ) أَيْ فَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الصِّلَةِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِنْفَاقَ صِلَةٌ وَادَّعَى الْمُنْفِقُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ صِلَةً بَلْ قَصَدَ الرُّجُوعَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ بِيَمِينٍ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا فَيَحْلِفُ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ أَوْ أَنَّهُ أَنْفَقَ وَلَمْ يَقْصِدْ صِلَةً، وَمَحَلُّ حَلِفِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ حِينَ الْإِنْفَاقِ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْمُنْفِقُ عَلَى الصَّغِيرِ) الَّذِي فِي الْمِعْيَارِ أَنَّ الرَّبِيبَ الصَّغِيرَ كَالصَّغِيرِ الْأَجْنَبِيِّ، وَنَقَلَهُ أَيْضًا ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ الْمَشَارِقِ قَالَ فِي الْمِعْيَارِ: إلَّا أَنْ تُثْبِتَ الْأُمُّ أَنَّهُ الْتَزَمَ الْإِنْفَاقَ عَلَى الرَّبِيبِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْتِزَامٍ وَقِيلَ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الرَّبِيبِ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَاتٍ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ) أَيْ عَلِمَ الْمَالَ حِينَ الْإِنْفَاقِ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ أَنَّ لَهُ أَبًا مُوسِرًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَاشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِالْأَبِ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْأَبُ طَرْحَهُ وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ عَلَيْهِ إذَا عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي اللُّقَطَةِ وَقَوْلُهُ: عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ ثُمَّ عَلِمَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَقِيلَ: لَهُ الرُّجُوعُ، وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ قَوْلِهَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ، وَلَا يُتَّبَعُ الْيَتِيمُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ فَيُسَلِّفَهُ حَتَّى يَبِيعَ عُرُوضَهُ وَالثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي مَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَغِيرٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ فَيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ ذَلِكَ، وَالْأَوْلَى تَقْيِيدُ مُطْلَقِهَا بِمُقَيَّدِهَا فَيَكُونَ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ) أَيْ حِينَ الْإِنْفَاقِ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ اهـ قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ: وَكَذَا يَرْجِعُ إنْ لَمْ يَنْوِ رُجُوعًا وَلَا عَدَمَهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ وَاحِدًا مِنْهُمَا نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ فِي نَوَازِلِ الْأَحْبَاسِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إنْ كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُنْفِقُ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ الْقِيَامُ بِهِ وَطَلَبُهُ فَلَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ ثُمَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْ الطَّلَاقُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَجَزَ لَهَا أَنْ تَطْلُقَ حَالًا فَيُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ ثُمَّ طَلَّقَ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ التَّلَوُّمِ طُلِّقَ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْ لَهَا طَلَبُ الْفَسْخِ وَالْقِيَامِ بِهِ لَا أَنَّهَا تُوقِعُ الْفَسْخَ الْآنَ، وَقَدْ تَسَمَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ تَطْلِيقٌ كَمَا سَيَقُولُ. (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ) أَيْ إنْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ ذَلِكَ أَثْبَتَهُ أَمْ لَا وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ النَّفَقَةِ وَطُولِبَ بِهَا فَإِمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمَلَاءَ وَيَمْتَنِعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُجِيبَ بِشَيْءٍ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْعَجْزَ فَإِنْ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ طُلِّقَ عَلَيْهِ حَالًا، وَإِنْ قَالَ: أَنَا مُوسِرٌ وَلَكِنْ لَا أُنْفِقُ فَقِيلَ: يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَقِيلَ: يُحْبَسُ، وَإِذَا حُبِسَ وَلَمْ يُنْفِقْ طُلِّقَ عَلَيْهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْهُ وَإِنْ ادَّعَى الْعَجْزَ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَإِمَّا أَنْ يُثْبِتَ الْعَجْزَ، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْعَجْزَ، فَيُقَالُ لَهُ: طَلِّقْ أَوْ أَنْفِقْ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْإِنْفَاقِ فَقِيلَ يُتَلَوَّمُ لَهُ ثُمَّ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ بَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ تُلُوِّمَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ثُمَّ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يُثْبِتْ عُسْرَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْحَاضِرَةِ الْمُسْتَقْبَلَةُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَرَدَّهُ بْن تَبَعًا لِبَعْضِ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا، وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَالنَّقْلُ أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّطْلِيقُ حَالًا نَعَمْ لَهَا بَعْدَ طُولِ النَّفَّةِ التَّطْلِيقُ إذَا أَرَادَتْهُ، وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَلَهَا الْفَسْخُ لَا لِقَوْلِهِ مَاضِيَةٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ) أَيْ وَلَزِمَهَا الْمُقَامُ مَعَهُ بِلَا نَفَقَةٍ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ السُّؤَّالِ لِشُهْرَةِ حَالِهِ، وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَسْأَلُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَّالِ الطَّائِفِينَ بِالْأَبْوَابِ) أَيْ وَدَخَلَتْ عَلَى ذَلِكَ رَاضِيَةً بِهِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَتَّبٍ) أَيْ بَلْ مُشَوِّشٌ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا إذَا عَلِمَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقْرَهُ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ إلَّا إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَطَاءِ، وَانْقَطَعَ وَكَذَلِكَ إذَا عَلِمَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ

(فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِهَا (بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ) إنْ شَكَتْ عَدَمَهَا (أَوْ الطَّلَاقِ) أَيْ يُلْزِمُهُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ تُطَلِّقَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالطَّلَاقِ (تُلُوِّمَ) أَيْ تُصُبِّرَ لَهُ (بِالِاجْتِهَادِ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ (وَزِيدَ) فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ (إنْ مَرِضَ أَوْ سُجِنَ) بَعْدَ إثْبَاتِ الْعُسْرِ لَا فِي زَمَنِ إثْبَاتِهِ فَيُزَادُ بِقَدْرِ مَا يُرْجَى لَهُ شَيْءٌ، وَهَذَا إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ مِنْ الْمَرَضِ، وَخَلَاصُهُ مِنْ السِّجْنِ عَنْ قُرْبٍ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ (ثُمَّ) بَعْدَ التَّلَوُّمِ (طُلِّقَ) عَلَيْهِ (وَإِنْ) كَانَ الَّذِي ثَبَتَ عُسْرُهُ وَتُلُوِّمَ لَهُ (غَائِبًا) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ مَا يُقَابِلُ النَّفَقَةَ، وَالتَّلَوُّمُ لِلْغَائِبِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ أَوْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَأَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ إلَيْهِ (أَوْ وَجَدَ) الزَّوْجُ (مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ) خَاصَّةً فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا صَبْرَ لَهَا عَادَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ (لَا إنْ قَدَرَ عَلَى الْقُوتِ) كَامِلًا، وَلَوْ مِنْ خَشِنِ الْمَأْكُولِ أَوْ خُبْزٍ بِغَيْرِ أُدْمٍ (وَ) وَجَدَ مِنْ الْكِسْوَةِ (مَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ) أَيْ جَمِيعَ بَدَنِهَا وَلَوْ مِنْ الْخَيْشِ أَوْ الصُّوفِ أَوْ دُونَ مَا يَلْبَسُهُ فُقَرَاءُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ (وَإِنْ غَنِيَّةً) وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُرَاعَى حَالُهُمَا فِي النَّفَقَةِ فَهُوَ مِنْ فُرُوعِ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا يُفْرَضُ، وَهَذَا مِنْ فُرُوعِ الْعَجْزِ الْمُوجِبِ لِلْفَسْخِ. (وَلَهُ الرَّجْعَةُ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا (إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا) عَادَةً لَا دُونَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّجْعَةُ بَلْ لَا تَصِحُّ. (وَلَهَا) أَيْ لِلْمُطَلَّقَةِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ (النَّفَقَةُ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ إذَا وَجَدَ يَسَارًا (وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ) ؛ لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ مِنْ السُّؤَّالِ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ إلَّا إذَا تَرَكَهُ فَلَهَا الْفَسْخُ. (قَوْلُهُ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ الْعُدُولِ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ وَفِي كُلِّ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ فِيهِ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ عَدْلٍ اهـ خش وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَافٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لعبق فِيمَا مَرَّ وَنَازَعَ فِيهِ بْن كَمَا تَقَدَّمَ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ تُطَلِّقَهَا) أَيْ فَإِنْ أَنْفَقَ وَكَسَا أَوْ طَلَّقَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَالًا قَبْلَ تَلَوُّمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تُلُوِّمَ إلَخْ) أَيْ ابْتِدَاءً وَلَا يُؤْمَرُ بِالنَّفَقَةِ بِحَيْثُ يُقَالُ لَهُ إمَّا أَنْ تُنْفِقَ أَوْ تُطَلِّقَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي أَمْرِهِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ ثُبُوتُ عُسْرَةِ (قَوْلُهُ: بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ فِي زَمَنِ التَّلَوُّمِ وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ ثُمَّ قَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَوُّمِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: إنْ مَرِضَ أَوْ سُجِنَ) أَيْ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ الْكَائِنَةِ بِالِاجْتِهَادِ بَعْدَ إثْبَاتِ الْعُسْرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ الَّتِي بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ التَّلَوُّمِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ أَيْ وَعَدَمِ الْوُجْدَانِ لِلنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ: طُلِّقَ عَلَيْهِ) وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ: فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَائِبًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي ثَبَتَ عُسْرُهُ وَتُلُوِّمَ لَهُ حَاضِرًا بَلْ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَائِبَ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ لِلْعُسْرِ بِالنَّفَقَةِ سَوَاءٌ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ سَوَاءٌ دُعِيَ إلَى الدُّخُولِ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي بَهْرَامَ حَيْثُ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِ أَوْ دَعْوَتِهِ لَهُ فَظَهَرَ لَك أَنَّ الدُّخُولَ وَالدَّعْوَةَ لَهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَ حَاضِرًا لَا غَائِبًا كَمَا فِي ح خِلَافًا لِبَهْرَامَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِثُبُوتِ عُسْرِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ) أَيْ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَعْذِرُ إلَيْهِ) أَيْ يُرْسِلُ إلَيْهِ إمَّا أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهَا، أَوْ يُطَلَّقَ عَلَيْك (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَوْ كَانَ غَيْرَ غَائِبٍ لَكِنْ وَجَدَ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَنِيَّةً) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الرَّجْعَةُ) أَيْ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ فَهُوَ بَائِنٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ مَا إذَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ، وَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ؛ إذْ هُوَ رَجْعِيٌّ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا) أَيْ مِنْ خُبْزٍ وَإِدَامٍ عَلَى عَادَتِهَا فَإِذَا كَانَتْ غَنِيَّةً شَأْنُهَا أَكْلُ اللَّحْمِ الضَّانِي فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إلَّا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْخُبْزِ وَالْمِشِّ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ، وَلَوْ رَضِيَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ إنْ رَضِيَتْ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي الرَّجْعَةِ الْيَسَارُ الْكَامِلُ مَعَ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا وَجَدَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُوتِ؛ لِأَنَّ الْمُلَاءَمَةَ وَالرَّغْبَةَ عَنْ الطَّلَاقِ تُنَاسِبُ ذَلِكَ بِخِلَافِ فَكَاكِهَا وَصَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً فَلَا يَعُودُ الضَّرَرُ وَهَذَا، وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الزَّمَنِ الَّذِي إذَا أَيْسَرَ بِنَفَقَتِهِ كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: شَهْرٌ، وَقِيلَ: نِصْفُ شَهْرٍ وَقِيلَ: يَوْمٌ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَيَنْبَغِي أَنْ تُؤَوَّلَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى إدَامَةِ النَّفَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا تَرَدَّدَ بَعْدَ الشَّهْرِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَ نِصْفِهِ عَلَى الثَّانِي فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ عَلَى هَذَا، وَقِيلَ: هَذَا التَّقْيِيدُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا التَّقْيِيدُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَالنَّقْلُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ بَلْ لَا تَصِحُّ) أَيْ وَلَوْ رَضِيَتْ كَمَا فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ عَنْ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ صِحَّتِهَا إذَا رَضِيَتْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الَّتِي أَوْقَعَهَا الْحَاكِمُ إنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ ضَرَرِ فَقْرِهِ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا إذَا زَالَ مُوجِبُ الطَّلْقَةِ، وَهُوَ الْإِعْسَارُ (قَوْلُهُ: إذَا وَجَدَ يَسَارًا) أَيْ يَمْلِكُ بِهِ الرَّجْعَةَ، وَأَمَّا إذَا وَجَدَ يَسَارًا يَنْقُصُ عَنْ وَاجِبِ مِثْلِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ إذْ لَا يَمْلِكُ بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَرْتَجِعَ

(وَ) لَهَا (طَلَبُهُ) أَيْ مُطَالَبَتُهُ (عِنْدَ) قَصْدِ (سَفَرِهِ بِنَفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلِ) إلَى قُدُومِهِ لِيَدْفَعَهَا لَهَا مُعَجَّلَةً (أَوْ يُقِيمَ لَهَا كَفِيلًا) يَدْفَعُهَا لَهَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ الزَّوْجُ يَدْفَعُهَا لَهَا. (وَفُرِضَ) أَيْ الْإِنْفَاقُ (لَهَا) بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ (فِي) (مَالِ) زَوْجِهَا (الْغَائِبِ وَ) فِي (وَدِيعَتِهِ) الَّتِي أَوْدَعَهَا النَّاسَ (وَ) فِي (دَيْنِهِ) الَّذِي عَلَى النَّاسِ (وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُنْكِرِ) لِلدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، وَتَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ (بَعْدَ حَلِفِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَفُرِضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ يُفْرَضُ لَهَا فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ (بِاسْتِحْقَاقِهَا) أَيْ بِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ النَّفَقَةَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا مَالًا وَلَا أَقَامَ لَهَا وَكِيلًا بِذَلِكَ (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَةِ (بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ النَّفَقَةِ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ مَالِ الْغَائِبِ (كَفِيلٌ وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا) (قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ وَادَّعَى مُسْقِطًا فَإِنْ أَثْبَتَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا. (وَبِيعَتْ دَارُهُ) فِي نَفَقَتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا، وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهَا لِسُكْنَاهُ (بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ) لَهَا (وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ) إلَى الْآنَ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْقَطْعِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَهَا طَلَبُهُ) عَطْفٌ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَهَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ: يَدْفَعُهَا لَهَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ الزَّوْجُ يَدْفَعُهَا لَهَا) أَيْ مِنْ يَوْمٍ فَيَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ فَجُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ فَشَهْرٍ أَوْ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ السَّفَرَ الْمُعْتَادَ وَلَمْ يُتَّهَمْ وَأَمَّا إذَا اُتُّهِمَ فِي أَنَّ قَصْدَهُ السَّفَرُ الزَّائِدُ عَلَى الْمُعْتَادِ حَلَفَ وَدَفَعَ لَهَا نَفَقَةَ الْمُعْتَادِ أَوْ يُقِيمُ لَهَا حَمِيلًا بِنَفَقَةِ الزَّائِدِ عَلَى الْمُعْتَادِ بَعْدَ دَفْعِ الْمُعْتَادِ أَوْ إقَامَةِ حَمِيلٍ بِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَفُرِضَ لَهَا فِي مَالِ زَوْجِهَا إلَخْ) أَيْ إنَّ الزَّوْجَةَ إذَا غَابَ زَوْجُهَا فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا تَطْلُبُ نَفَقَتَهَا فَإِنَّ الْحَاكِمَ أَوْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ يَفْرِضُونَ لَهَا مَا طَلَبَتْ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا عَلَى مَا مَرَّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا لَكِنْ إنَّمَا يُفْرَضُ لَهَا بَعْدَ حَلِفِهَا أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ، وَمِثْلُ الزَّوْجَةِ فِي فَرْضِ نَفَقَتِهَا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ الْمَالُ الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ الْوَدِيعَةُ وَالدَّيْنُ وَالْأَوْلَادُ وَالْأَبَوَانِ فَتُفْرَضُ نَفَقَتُهُمْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إذَا طَلَبُوا ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي مَالِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَالْقِرَاضِ مَثَلًا بِأَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ مَثَلًا: فَرَضْتُ لَكِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ أَنْصَافٍ مِنْ الْفِضَّةِ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ أَوْ الْمُودَعِ عِنْدَ النَّاسِ أَوْ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَفِي وَدِيعَتِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يُقْضَى مِنْهَا دَيْنٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَفِي دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى النَّاسِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَفَرْضُهَا فِي الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مِنْ قَرْضٍ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَخَذَ مِنْهُ وَلَا يُبَاعُ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ وَيَكْفِي فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ فِي الدَّيْنِ إقْرَارُ الْمَدِينِ بِهِ بِلَا يَمِينٍ مِنْهَا أَنَّ لِزَوْجِهَا عَلَيْهِ دَيْنًا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنَّهُ تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ: وَفُرِضَ، وَقَوْلُهُ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ الْفَرْضَ فِي مَالِ الْغَائِبِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ حَلِفِهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَكَذَا إقَامَتُهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُنْكِرِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ حَلِفِهَا (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهَا) أَيْ فَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا أَخَذَتْهُ وَتَرُدُّ لَهُ الزَّوْجَةُ إنْ تَزَوَّجَتْ، وَأَثْبَتَ أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا النَّفَقَةَ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: لَا تُرَدُّ لَهُ بَعْدَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ وَالْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلُ، وَالْمُوَافِقُ لِفَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فِي نَفَقَتِهَا) أَيْ وَكَذَا فِي نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ لُبَابَةَ بَعْدَ حَلِفِهِمْ أَنَّهُ عَدِيمٌ، وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: إنَّهُ لَا يُبَاعُ لِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ عَقَارُ الْغَائِبِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَيْعُ جَمِيعِ مَالِ الْغَائِبِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِفَتْوَى ابْنِ لُبَابَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفَقَةَ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ جِهَةِ فَرْضِهَا فِي مَالِ الْغَائِبِ وَوَدِيعَتِهِ وَدَيْنِهِ بِاتِّفَاقٍ، وَهَلْ هِيَ مِثْلُهَا مِنْ جِهَةِ بَيْعِ عَقَارِ الْغَائِبِ لَهَا أَوْ لَا قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهَا) أَيْ وَشَهَادَتُهُمْ أَنَّهَا فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ مُغَايِرٌ لِلشَّهَادَةِ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَقُولُ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ، وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ وَالشَّهَادَةُ بِالْأَوَّلِ عَلَى الْقَطْعِ دُونَ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إلَّا إذَا قَالَ الشُّهُودُ ذَلِكَ وَقَدْ حَكَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ خِلَافًا فِي وُجُوبِهِ وَفِي كَوْنِهِ شَرْطَ كَمَالٍ (قَوْلُهُ: فِي عِلْمِهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَخْرُجُ فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْخُرُوجِ الْمَنْفِيِّ، وَعَلَيْهِ فَيَتَسَلَّطُ النَّفْيُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى قَيْدٍ زَائِدٍ فَالْقَيْدُ هُوَ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْكَلَامِ وَعَلَيْهِ يَنْصَبُّ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ غَالِبًا فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِهِمْ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِتَكُونَ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَوْ جَعَلْنَا الْعِلْمَ ظَرْفًا لِنَفْيِ الْخُرُوجِ لَكَانَتْ عَلَى الْقَطْعِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بَاعَهَا فِي غَيْبَتِهِ أَوْ بَاعَهَا سِرًّا قَبْلَ الْغَيْبَةِ هَذَا وَإِذَا بِيعَ عَقَارُ الْغَائِبِ لِلنَّفَقَةِ أَوْ فِي دَيْنٍ ثُمَّ قَدِمَ وَأَثْبَتَ الْبَرَاءَةَ مِمَّا بِيعَ فِيهِ عَقَارُهُ فَذَكَرَ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ بِحَالٍ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِمَا قَبَضَ وَقِيلَ: إنَّهُ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي وَقِيلَ

ثُمَّ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهَا تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ) تَطُوفُ بِالدَّارِ دَاخِلًا وَخَارِجًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ أَوْ غَيْرُهَا (قَائِلَةً) لِمَنْ يُوَجِّهُهُ الْقَاضِي مَعَهَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْعَقَارَ وَيُحَدِّدَهُ بِحُدُودِهِ وَالْوَاحِدُ كَافٍ وَالِاثْنَانُ أَوْلَى (هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هِيَ) الدَّارُ (الَّتِي شُهِدَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (بِمِلْكِهَا لِلْغَائِبِ) لِيَشْمَلَ صُورَتَيْنِ شَهَادَتَهُمْ بِمِلْكِهَا وَشَهَادَةَ غَيْرِهِمْ بِهِ. (وَإِنْ) (تَنَازَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ (فِي عُسْرِهِ) وَيُسْرِهِ (فِي) حَالَ (غَيْبَتِهِ) فَقَالَ لَهَا: كُنْت حَالَ غَيْبَتِي مُعْسِرًا فَلَا نَفَقَةَ عَلَيَّ، وَقَالَتْ لَهُ: بَلْ كُنْت مُوسِرًا (اُعْتُبِرَ حَالُ قُدُومِهِ) فَيُعْمَلُ عَلَيْهِ إنْ جُهِلَ حَالُ خُرُوجِهِ فَإِنْ قَدِمَ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَقَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فَإِنْ عُلِمَ حَالُ خُرُوجِهِ عُمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فِي هَذَا كَالزَّوْجَةِ. (وَ) إنْ تَنَازَعَا بَعْدَ قُدُومِهِ (فِي إرْسَالِهَا لَهَا) وَفِي تَرْكِهَا عِنْدَ السَّفَرِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينٍ (إنْ رَفَعَتْ) أَمْرَهَا فِي غَيْبَتِهِ (مِنْ يَوْمِئِذٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهَا لَا بِرَفَعَتْ أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ (لِحَاكِمٍ) لَا مِنْ يَوْمِ سَفَرِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ السَّفَرِ قَبْلَ الرَّفْعِ (لَا) إنْ رَفَعَتْ (لِعُدُولٍ وَجِيرَانٍ) مَعَ تَيَسُّرِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَرْفَعْ أَصْلًا أَوْ رَفَعَتْ لَا لِحَاكِمٍ مَعَ تَيَسُّرِ الرَّفْعِ لَهُ (فَقَوْلُهُ:) فِي الْإِرْسَالِ بِيَمِينِهِ وَهَذَا فِيمَنْ فِي الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ، وَلَوْ رَجْعِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مُطْلَقًا (كَالْحَاضِرِ) يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ أَوْ يَدْفَعُ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ فَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ اتِّفَاقًا، وَالْكِسْوَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالنَّفَقَةِ (وَ) حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا (حَلَفَ لَقَدْ قَبَضَتْهَا) مِنْهُ فِي الْحَاضِرِ أَوْ مِنْ رَسُولِهِ فِي الْغَائِبِ وَيَعْتَمِدُ فِي حَلِفِهِ عَلَى كِتَابِهَا وَنَحْوِهِ (لَا) يَحْلِفُ لَقَدْ (بَعَثْتُهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْعَقَارُ خُيِّرَ ذَلِكَ الْغَائِبُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِهِ لِلْعَقَارِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي أَيْ يَرُدُّهُ لَهُ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كَمَا تَجْرِي فِي بَيْعِ الْعَقَارِ لِلدَّيْنِ تَجْرِي فِي بَيْعِهِ لِلنَّفَقَةِ إذَا قَدِمَ وَأَثْبَتَ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِلْكُ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يُوَجِّهَ مِنْ عِنْدِهِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ لِأَجْلِ حِيَازَتِهِ بِأَنْ يَطُوفَا بِهِ دَاخِلًا وَخَارِجًا، وَيُحِدَّانِهِ بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ يَقُولَانِ لِمَنْ يُوَجِّهُهُ الْقَاضِي مَعَهُمَا: هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي شُهِدَ بِمِلْكِهِ لِلْغَائِبِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُبَاعُ ذَلِكَ الْعَقَارُ، وَمَحَلُّ الِاحْتِيَاجِ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ إذَا كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ شَهِدَتْ بِأَنَّ لَهُ دَارًا بِمَحَلِّ كَذَا، وَلَمْ تَذْكُرْ حُدُودَهَا وَلَا جِيرَانَهَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْتَاجُ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ صُورَتَيْنِ شَهَادَتَهُمْ بِمِلْكِهَا إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ شَاهِدَا الْحِيَازَةِ هُمَا اللَّذَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِ اُحْتِيجَ لِأَرْبَعَةٍ فَقَطْ اثْنَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِ وَبِالْحِيَازَةِ وَاثْنَانِ مُوَجَّهَانِ مَعَهُمَا لِلْحِيَازَةِ وَإِنْ شَهِدَ بِالْحِيَازَةِ غَيْرُ شَاهِدَيْ الْمِلْكِ اُحْتِيجَ لِسِتَّةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ قَدِمَ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: وَفِي إرْسَالِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَطَالَبَتْهُ الزَّوْجَةُ بِنَفَقَتِهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهِ فَقَالَ: أَرْسَلْتُهَا لَك أَوْ قَالَ: تَرَكْتهَا لَكِ عِنْدَ سَفَرِي، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ زَوْجَتُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إنْ كَانَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِحَاكِمٍ فِي شَأْنِ ذَلِكَ وَأَذِنَ لَهَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهَا وَالرُّجُوعِ بِذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا لَكِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لَا مِنْ يَوْمِ السَّفَرِ فَإِذَا سَافَرَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، وَحَصَلَ الرَّفْعُ فِي نِصْفِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَأَمَّا نِصْفُ السَّنَةِ الْأَوَّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ رَفَعَتْ لِعُدُولٍ وَجِيرَانٍ مَعَ تَيَسُّرِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْفُتْيَا كَمَا فِي عبق نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ رَفْعَهَا إلَيْهِمْ كَرَفْعِهَا لِلْحَاكِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْوَتِدُ وَصَوَّبَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَذَلِكَ لِثِقَلِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ عَلَى كَثِيرٍ وَحِقْدِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ إذَا قَدِمَ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ عَمَلَ قُضَاةِ بَلَدِهِ تُونُسَ عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ لِلْعُدُولِ بِمَنْزِلَةِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ، وَأَنَّ الرَّفْعَ لِلْجِيرَانِ لَغْوٌ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ نَفَقَةِ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ حُكْمُ نَفَقَتِهَا فَإِذَا نَازَعَتْهُ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ فِي نَفَقَةِ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ فَقَالَ: أَرْسَلْتهَا لَك أَوْ تَرَكْتهَا عِنْدَك قَبْلَ سَفَرِي فَإِنْ كَانَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا فِي ذَلِكَ لِحَاكِمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَنَى بِهِمْ عَلَى الظَّاهِرِ، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ رَفَعَتْ لِعُدُولٍ أَيْ لَا إنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا بِسَبَبِ نَفَقَتِهَا فِي حَالِ غِيَابِ زَوْجِهَا لِعُدُولٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا) أَيْ فِي عَدَمِ إرْسَالِ الزَّوْجِ النَّفَقَةَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ: إنَّهُ أَرْسَلَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجْعِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ بَائِنًا حَامِلًا بَلْ وَلَوْ رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) أَيْ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهَا لَهَا وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِحَاكِمٍ أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا يُعْتَنَى بِأَمْرِهَا بِخِلَافِ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ) أَمَّا لَوْ تَجَمَّدَتْ عَلَيْهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ تِلْكَ الْمُتَجَمِّدَةَ لِمَا مَضَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُ فِي حَلِفِهِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: كَيْفَ يَصِحُّ حَلِفُهُ لَقَدْ قَبَضَتْهَا إذَا كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ أَرْسَلَهَا لَهَا، وَهُوَ غَائِبٌ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُوصِلْهَا لَهَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي يَمِينِهِ لَقَدْ قَبَضَتْهَا عَلَى إخْبَارِ الرَّسُولِ الَّذِي أَرْسَلَ مَعَهُ الدَّرَاهِمَ لِمَا يَعْرِفُ مِنْ أَمَانَتِهِ وَصِدْقِ مَقَالَتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ اتِّفَاقًا) مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ النَّفَقَةُ مُقَرَّرَةً وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا

[فصل في بيان النفقة بالملك والقرابة]

لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْوُصُولِ وَهُوَ الْأَصْلُ. (وَ) إنْ تَنَازَعَا (فِي) قَدْرِ (مَا فَرَضَهُ) الْحَاكِمُ لَهَا وَعُزِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ نَسِيَ مَا فَرَضَهُ (فَقَوْلُهُ: إنْ أَشْبَهَ) أَشْبَهَتْ هِيَ أَمْ لَا (وَإِلَّا) يُشْبِهْ (فَقَوْلُهَا إنْ أَشْبَهَتْ وَإِلَّا) تُشْبِهْ هِيَ أَيْضًا (ابْتَدَأَ الْفَرْضَ) لِمَا يَسْتَقْبِلُ، وَلَهَا نَفَقَةُ الْمِثْلِ فِي الْمَاضِي (وَفِي حَلِفِ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ) مِنْهُمَا (تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الْحَلِفُ. (فَصْلٌ) إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ وَدَابَّتِهِ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالسَّبَبَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَهُمَا الْمِلْكُ وَالْقَرَابَةُ وَمُتَعَلِّقِهِمَا (إنَّمَا تَجِبُ) (نَفَقَةُ رَقِيقِهِ) أَيْ لَا رَقِيقِ رَقِيقِهِ وَلَا رَقِيقِ أَبَوَيْهِ (وَ) نَفَقَةُ (دَابَّتِهِ) أَيْ عَلَفِهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى) يَكْفِيهَا، فَإِنْ كَانَ مَرْعًى وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْرِيحُهَا لِلْمَرْعَى فَمَحَطُّ الْحَصْرِ فِي الْأَوَّلِ رَقِيقُهُ، وَفِي الثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى (وَإِلَّا) يُنْفِقْ بِأَنْ امْتَنَعَ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِنْفَاقِ (بِيعَ) عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ، وَلَا يُحْبَسُ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ (كَتَكْلِيفِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ رَقِيقًا أَوْ دَابَّةً مِنْ الْعَمَلِ (مَا لَا يُطِيقُ) أَيْ عَمَلًا لَا يُطِيقُهُ عَادَةً فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مَا أَيْ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْبَيْعِ. (وَيَجُوزُ) لِلْمَالِكِ الْأَخْذُ (مِنْ لَبَنِهَا مَا لَا يَضُرُّ بِنِتَاجِهَا) لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ اللَّبَنِ أَوْ عَمَّا أَخَذَ فَإِنْ أَخَذَ مَا يَضُرُّ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْإِنْفَاقِ الْوَاجِبِ. (وَبِالْقَرَابَةِ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ بِتَجِبُ تَقْدِيرُهُ بِالْمِلْكِ أَيْ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ بِالْمِلْكِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ (عَلَى) الْوَلَدِ الْحُرِّ (الْمُوسِرِ) صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا (نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ) الْحُرَّيْنِ، وَلَوْ كَافِرَيْنِ، وَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ أَوْ بِالْعَكْسِ (الْمُعْسِرَيْنِ) بِنَفَقَتِهِمَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَمَامُ الْكِفَايَةِ حَيْثُ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَلَدِ وَأُجْبِرَا عَلَى الْكَسْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ التَّكَسُّبِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُعْسِرِ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِصَنْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِيُنْفِقَ عَلَى أَبَوَيْهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ وَكَذَا عَكْسُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحِينَئِذٍ بِمَثَابَةِ الدَّيْنِ وَالدَّيْنُ لَا يُصَدَّقُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي دَفْعِهِ لِصَاحِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ أَشْبَهَتْ) أَيْ انْفَرَدَتْ بِالشِّبْهِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي مَعَ شَاهِدٍ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عِيَاضٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِجَوَازِ الْحَلِفِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: الرَّاجِحُ الْحَلِفُ) أَيْ لِاسْتِظْهَارِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ لَهُ [فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّفَقَةِ بِالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةُ] (فَصْلٌ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ وَدَابَّتِهِ) (قَوْلُهُ: وَمُتَعَلِّقِهِمَا) أَشَارَ لِمُتَعَلِّقِ الْمِلْكِ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا بِيعَ كَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ، وَأَمَّا مُتَعَلِّقُ الْقَرَابَةِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَخَادِمِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: رَقِيقِهِ) أَيْ الْقِنِّ وَالْمُشْتَرَكِ وَالْمُبَعَّضِ بِقَدْرِ الْمِلْكِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ الْمُخَدَّمِ فَعَلَى مُخْدَمِهِ بِفَتْحِ الدَّالِ فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنَّهَا عَلَى سَيِّدِهِ وَقِيلَ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ يَسِيرَةً وَإِلَّا فَعَلَى ذِي الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا رَقِيقِ أَبَوَيْهِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمَا بِالْمِلْكِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَدَابَّتِهِ) وَاعْلَمْ أَنَّ نَفَقَةَ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعًى وَاجِبَةٌ وَيُقْضَى بِهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ مُنْكَرٌ، وَإِزَالَتُهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَدَخَلَ فِي الدَّابَّةِ هِرَّةٌ عَمِيَتْ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ انْقَطَعَتْ عِنْدَهُ حَيْثُ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الِانْصِرَافِ فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّ لَهُ طَرْدَهَا. (قَوْلُهُ: فَمَحَطُّ الْحَصْرِ) قَالَ بْن الْأَظْهَرُ أَنَّ الْحَصْرَ مُنْصَبٌّ عَلَى جَمِيعِ مَا بَعْدَهُ أَيْ إنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ أَصَالَةً بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ وَخَادِمِهِمَا خَادِمِ زَوْجَةِ الْأَبِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي يَصِحُّ بَيْعُهُ وَأَمَّا الْحَيَوَانُ غَيْرُ الرَّقِيقِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُزَكَّى فَيُجْبَرُ عَلَى زَكَاتِهِ أَوْ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُزَكَّى، وَلَا يُبَاعُ كَكَلْبِ الصَّيْدِ فَيُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ تُبَاعُ مَنْفَعَتُهُ، وَالرَّقِيقُ الَّذِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَأُمُّ الْوَلَدِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إذَا عَجَزَ سَيِّدُهَا عَنْ نَفَقَتِهَا أَوْ غَابَ عَنْهَا فَقِيلَ تَسْعَى فِي مَعَاشِهَا وَقِيلَ تُزَوَّجُ وَقِيلَ تُعْتَقُ وَاخْتِيرَ هَذَا، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ فَيُؤْمَرَانِ بِالْخِدْمَةِ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِمَا إنْ كَانَ لَهُمَا قُوَّةٌ عَلَى الْخِدْمَةِ، وَوَجَدَا مَنْ يَخْدُمَانِهِ، وَإِلَّا حُكِمَ بِعِتْقِهِمَا (قَوْلُهُ: أَيْ عَمَلًا لَا يُطِيقُهُ عَادَةً) أَيْ عَمَلًا لَا يُطِيقُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْعَادَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَكْلِيفَهُ عَمَلًا لَا يُطِيقُهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ مَا لَا يُطِيقُهُ أَصْلًا كَيْفَ يُكَلَّفُ بِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَ مَا يَضُرُّ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ مِمَّا فَضَلَ عَنْهُ، وَعَنْ زَوْجَاتِهِ وَلَوْ أَرْبَعًا لَا عَنْ نَفَقَةِ خَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ؛ إذْ نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى نَفَقَتِهِمَا مَا لَمْ يَحْتَجْ لَهُمَا، وَإِلَّا قُدِّمَتْ نَفَقَتُهُمَا عَلَى نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ، أَوْ كَافِرَيْنِ وَالْوَلَدُ كَافِرٌ بَلْ، وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَالْوَلَدُ كَافِرًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُونَا عَاجِزَيْنِ عَنْ الْكَسْبِ بَلْ قَادِرَيْنِ عَلَيْهِ لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ تَكَسُّبُهُمَا بِصَنْعَةٍ تُزْرِي بِالْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَا عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ الَّتِي يَتَكَسَّبَانِ بِهَا تُزْرِي بِالْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُعْسِرِ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ أَيْ بِالْفِعْلِ أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُوسِرِ بِالْفِعْلِ الْقَادِرُ عَلَى التَّكَسُّبِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكَسُّبُ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ عَلَى أَبَوَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ الْمُعْسِرِ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِصَنْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا

(وَأَثْبَتَا) أَيْ الْوَالِدَانِ (الْعَدَمَ) بِالْفَتْحِ أَيْ الْفَقْرَ عِنْدَ ادِّعَاءِ الْوَلَدِ يُسْرَهُمَا بِعَدْلَيْنِ لَا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ (لَا بِيَمِينٍ) أَيْ لَا مَعَ يَمِينٍ مِنْهُمَا مَعَ الْعَدْلَيْنِ. (وَهَلْ الِابْنُ إذَا طُولِبَ) مِنْ وَالِدِهِ (بِالنَّفَقَةِ) وَادَّعَى الْعَدَمَ (مَحْمُولٌ عَلَى الْمَلَاءِ) فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْعَدَمِ (أَوْ) عَلَى (الْعَدَمِ) فَإِثْبَاتُ مَلَائِهِ عَلَيْهِمَا (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُنْفَرِدًا لَيْسَ لَهُ أَخٌ أَوْ لَهُ أَخٌ وَادَّعَى الْعَدَمَ أَيْضًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ أَخٌ مُوسِرٌ فَعَلَى مَنْ ادَّعَى الْعَدَمَ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ. (وَ) يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ نَفَقَةُ (خَادِمِهِمَا) أَيْ خَادِمِ الْوَالِدَيْنِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ إلَيْهِ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَى الْخِدْمَةِ بِأَنْفُسِهِمَا حُرًّا كَانَ الْخَادِمُ أَوْ رَقِيقًا لَهُمَا بِخِلَافِ خَادِمِ الْوَلَدِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ نَفَقَتُهُ (وَلَوْ احْتَاجَ لَهُ وَ) نَفَقَةُ (خَادِمِ زَوْجَةِ الْأَبِ) الْمُتَأَهِّلَةِ لِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ. (وَ) يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُوسِرِ (إعْفَافُهُ) أَيْ الْأَبِ (بِزَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ) لَا أَكْثَرَ إنْ أَعَفَّتْهُ الْوَاحِدَةُ. (وَلَا تَتَعَدَّدُ) النَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ لِزَوْجَتَيْ الْأَبِ (إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَمَةً عَلَى ظَاهِرِهَا) وَأَوْلَى إنْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ، وَالْقَوْلُ لِلْأَبِ فِيمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا الِابْنُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ، وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ الْأُمُّ، وَلَوْ غَنِيَّةً. (لَا) يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ نَفَقَةُ (زَوْجِ أُمِّهِ) الْفَقِيرِ (وَلَا) نَفَقَةُ (جَدٍّ) وَجَدَّةٍ مُطْلَقًا (وَ) لَا نَفَقَةُ (وَلَدِ ابْنٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلَى جَدِّهِ. (وَلَا يُسْقِطُهَا) عَنْ الْوَلَدِ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ الْأُمِّ (بِفَقِيرٍ) أَوْ كَانَ غَنِيًّا فَافْتَقَرَ، وَكَذَا الْبِنْتُ تَتَزَوَّجُ بِفَقِيرٍ لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ، وَكَذَا مَنْ الْتَزَمَ نَفَقَةَ أَجْنَبِيَّةٍ فَتَزَوَّجَتْ بِفَقِيرٍ لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الْمُلْتَزِمِ بِخِلَافِ تَزَوُّجِهَا بِغَنِيٍّ فَتَسْقُطُ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. (وَوُزِّعَتْ) نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ (عَلَى الْأَوْلَادِ) الْمُوسِرِينَ (وَهَلْ عَلَى الرُّءُوسِ) الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَلَوْ تَفَاوَتُوا فِي الْيَسَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ الْمُعْسِرِ وَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ الْأَبِ صَنْعَةٌ (تَنْبِيهٌ) مَنْ لَهُ أَبٌ وَوَلَدٌ فَقِيرَانِ وَقَدَرَ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا فَقِيلَ يَتَحَاصَّانِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِابْنُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَبُ وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَالصَّغِيرُ مِنْ الْأَوْلَادِ عَلَى الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ عِنْدَ الضِّيقِ فَلَوْ تَسَاوَى الْوَلَدَانِ صِغَرًا أَوْ كِبَرًا وَأُنُوثَةً تَحَاصَّا. (قَوْلُهُ وَأَثْبَتَا الْعَدَمَ) يَعْنِي لَوْ طَلَبَ الْأَبَوَانِ نَفَقَتَهُمَا مِنْ الْوَلَدِ فَقَالَ لَهُمَا لَا يَلْزَمُنِي؛ لِأَنَّكُمَا غَنِيَّانِ وَخَالَفَاهُ فِي ذَلِكَ وَادَّعَيَا الْعَدَمَ فَعَلَيْهِمَا أَنْ يُثْبِتَا فَقْرَهُمَا فَإِنْ لَمْ يُثْبِتَاهُ بِعَدْلَيْنِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ يَمِينٍ مِنْهُمَا مَعَ الْعَدْلَيْنِ) أَيْ بِخِلَافِ إثْبَاتِ الْعَدَمِ فِي الدُّيُونِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ بِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْعَدَمِ) أَيْ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ فَإِثْبَاتُ مَلَائِهِ عَلَيْهِمَا) أَيْ فَإِنْ عَجَزَا عَنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَالثَّانِي لِابْنِ الْفَخَّارِ فَلِذَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ لِبَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ تَعْلِيلَ ابْنِ الْفَخَّارِ قَبُولَ قَوْلِ الِابْنِ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ إنَّمَا هِيَ فِي فَاضِلِ مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الدُّيُونِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ انْفِرَادِ الْوَلَدِ وَتَعَدُّدِهِ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ فَقِيلَ إنَّ الْخِلَافَ مُقَيَّدٌ وَقِيلَ إنَّهُ مُطْلَقٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خَادِمِ الْوَلَدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ نَفَقَتُهُ وَلَوْ احْتَاجَ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى آكَدُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَكْفِي الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَوْلَادَ فَقَطْ فَقِيلَ: يُقَدِّمُ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ، وَقِيلَ: يَتَحَاصَّانِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الْأَبَوَيْنِ فَهُوَ ضَعِيفٌ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ خَادِمِ الْوَلَدِ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ كَالْأَبَوَيْنِ بَلْ هُوَ أَوْلَى، وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا وَجْهَ لَهُ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَنَّ عَلَى الْأَبِ إخْدَامَ وَلَدِهِ فِي الْحَضَانَةِ إنْ احْتَاجَ لِخَادِمٍ، وَكَانَ الْأَبُ مَلِيًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَضَانَةِ أَوْ كَانَ فِيهَا وَلَمْ يَحْتَجْ أَوْ كَانَ الْأَبُ غَيْرَ مَلِيءٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْدَامُهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُتَأَهِّلَةِ لِذَلِكَ) أَيْ الَّتِي هِيَ أَهْلٌ لِلْإِخْدَامِ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ الْخَادِمُ الَّذِي لِزَوْجَةِ الْأَبِ وَهَذَا الظَّاهِرُ مُسَلَّمٌ (قَوْلُهُ: بِزَوْجَةٍ) أَيْ لَا بِأَمَةٍ، وَإِنَّمَا أَكَّدَ بِوَاحِدَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّوْجَةِ الْجِنْسُ (قَوْلُهُ: إنْ أَعَفَّتْهُ) فَإِنْ لَمْ تُعِفَّهُ الْوَاحِدَةُ زِيدَ عَلَيْهَا مَنْ يَحْصُلُ بِهِ الْعَفَافُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَعَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهَا وَقَوْلُهُ: وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ وَأَوْلَى إنْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْعَفَافُ يَحْصُلُ بِوَاحِدَةٍ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِلْأَبِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَفَافُ يَحْصُلُ بِوَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَنِيَّةً) أَيْ لِأَنَّ النَّفَقَةَ هُنَا لِلزَّوْجِيَّةِ لَا لِلْقَرَابَةِ، وَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ مِنْ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَى أُمِّهِ إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَنِيَّةً فَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَغَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا زَوْجِ أُمِّهِ الْفَقِيرِ) أَيْ وَلَوْ تَوَقَّفَ إعْفَافُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهَا بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْأَبِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَةِ زَوْجِ الْأُمِّ الْفَقِيرِ عَلَى الِابْنِ سَوَاءٌ كَانَ فَقْرُهُ حَاصِلًا حِينَ التَّزَوُّجِ بِهَا، أَوْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ تَزَوَّجَتْهُ مُعْسِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ لَزِمَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ

(أَوْ) عَلَى (الْإِرْثِ) الذَّكَرُ كَأُنْثَيَيْنِ (أَوْ) عَلَى (الْيَسَارِ) حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِيهِ (أَقْوَالٌ) أَرْجَحُهَا الْأَخِيرُ. (وَ) تَجِبُ (نَفَقَةُ الْوَلَدِ) عَلَى أَبِيهِ الْحُرِّ الْمُوسِرِ بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ، وَهَذَا مُجْمَلٌ فَصَّلَهُ بِقَوْلِهِ (الذَّكَرِ) الْحُرِّ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ (حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ) فَتَسْقُطُ عَنْ الْأَبِ وَلَا تَعُودُ بَعْدَ أَنْ طَرَأَ جُنُونٌ أَوْ عَجْزٌ كَعَمًى أَوْ زَمَانَةٍ وَلَا يَجِبُ عَلَى أُمِّ غَيْرِ الرَّضَاعِ عَلَى مَا يَأْتِي إلَّا الْمُكَاتَبَةَ عَلَى مَا يَأْتِي أَيْضًا بِقَوْلِهِ: وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ. (وَ) تَجِبُ نَفَقَةُ (الْأُنْثَى) الْحُرَّةِ عَلَى أَبِيهَا (حَتَّى يَدْخُلَ) بِهَا (زَوْجُهَا) الْبَالِغُ وَاسْتُظْهِرَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنْ دَخَلَ لَمْ يُشْتَرَطْ بُلُوغُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ يُدْعَى لِلدُّخُولِ وَهِيَ مُطِيقَةٌ فَتَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ مُجَرَّدُ الْخَلْوَةِ. (وَتَسْقُطُ) نَفَقَةُ الْوَلَدِ وَكَذَا نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ (عَنْ) الْمُنْفِقِ (الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ) فَإِذَا مَضَى زَمَنٌ وَهُوَ يَأْكُلُ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ مَثَلًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لِسَدِّ الْخَلَّةِ، وَقَدْ حَصَلَتْ فَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ (إلَّا) فِي مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ تَجِبَ (لِقَضِيَّةٍ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَجَمَّدَتْ فِي الْمَاضِي فَرَفَعَ مُسْتَحِقُّهَا لِحَاكِمٍ لَا يَرَى السُّقُوطَ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَحَكَمَ بِلُزُومِهَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ فَرَضَهَا وَقَدَّرَهَا لِلزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْمُسْتَقْبِلَاتِ نَصَّ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ إذْ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْرِضَ شَيْئًا وَاحِدًا عَلَى الدَّوَامِ قَبْلَ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ يُنْفِقُ) عَلَى الْوَلَدِ خَاصَّةً شَخْصٌ (غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ) عَلَى الصَّغِيرِ فَيَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَبِ مُوسِرًا كَالْمَالِ لَا إنْ أَنْفَقَ مُتَبَرِّعٌ أَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا فَلَا يَرْجِعُ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا إنْ أَنْفَقَ شَخْصٌ عَلَى وَالِدَيْنِ لِأَحَدٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِمَا إلَّا لِقَضِيَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَالِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ عَامٌّ، وَالثَّانِي خَاصٌّ بِالْوَلَدِ. (وَاسْتَمَرَّتْ) نَفَقَةُ الْأُنْثَى عَلَى أَبِيهَا بِمَعْنَى عَادَتْ عَلَيْهِ (إنْ) (دَخَلَ) بِهَا الزَّوْجُ (زَمِنَةً) وَاسْتَمَرَّتْ بِهَا الزَّمَانَةُ (ثُمَّ طَلَّقَ) أَوْ مَاتَ وَهِيَ زَمِنَةٌ فَقِيرَةٌ وَلَوْ بَالِغًا (لَا إنْ) تَزَوَّجَهَا صَحِيحَةً وَ (عَادَتْ) لِلْأَبِ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ (بَالِغَةً) ثَيِّبًا صَحِيحَةً (قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ) فَلَا تَعُودُ عَلَى الْأَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَقْوَالٌ) الْأَوَّلُ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَمُطَرِّفٍ وَالثَّالِثُ لِمُحَمَّدٍ وَأَصْبَغَ وَفِي ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ هُوَ الثَّالِثُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: الذَّكَرِ الْحُرِّ) أَيْ وَأَمَّا الْوَلَدُ الرَّقِيقُ فَنَفَقَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَقَوْلُهُ: الْفَقِيرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ صَنْعَةٌ لَا مَعَرَّةَ فِيهَا عَلَى الْوَلَدِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ تَقُومُ بِهِ لَسَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عَنْ الْأَبِ مَا لَمْ تَكْسُدْ صَنَعَتُهُ أَوْ يَنْفُذْ مَالُ الْوَلَدِ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَإِلَّا كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا أَوْ أَعْمَى اسْتَمَرَّتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفْ صَنْعَةً تَقُومُ بِهِ يُمْكِنُ تَعَاطِيهَا مَعَ الْعَمَى، وَإِلَّا سَقَطَتْ عَنْ الْأَبِ وَصَارَ كَغَيْرِ الْأَعْمَى اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى أُمِّ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَلَى أَبِيهِ الْحُرِّ أَيْ لَا الْأُمِّ؛ إذْ لَا يَجِبُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ نَفَقَةُ الْأُنْثَى الْحُرَّةِ) أَيْ الَّتِي لَا مَالَ لَهَا، وَلَا صَنْعَةَ تَقُومُ بِهَا وَقَوْلُهُ: عَلَى أَبِيهَا أَيْ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا الْبَالِغُ) أَيْ الْمُوسِرُ لَا الْفَقِيرُ فَتَسْتَمِرُّ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ وَلَا تَسْقُطُ بِدُخُولِهِ كَمَا مَرَّ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ إلَخْ) أَيْ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ سَابِقًا مِنْ أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا إذَا كَانَ بَالِغًا، وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا حَالَةَ كَوْنِهَا بَالِغَةً أَوْ غَيْرَ بَالِغَةٍ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ دُخُولٌ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ فِي الدُّعَاءِ لِلدُّخُولِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ يُدْعَى لِلدُّخُولِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ مُطِيقَةٌ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ: أَوْ يُدْعَى لِلدُّخُولِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ دُخُولٌ أَيْ اخْتِلَاءٌ بِالْفِعْلِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ كَانَتْ مُطِيقَةً أَمْ لَا فَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا، وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا عَادَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى أَبِيهَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً (قَوْلُهُ: نَفَقَةُ الْوَلَدِ إلَخْ) الْأَوْلَى نَفَقَةُ الْقَرَابَةِ الشَّامِلَةِ لِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ مَعًا (قَوْلُهُ لِسَدِّ الْخَلَّةِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ الْحَاجَةِ، وَالْمُرَادُ بِالسَّدِّ الدَّفْعُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا سَوَاءٌ حُكِمَ بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ) أَيْ كَمَا فِي خش وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ قَالَ بْن وَهَذَا الَّذِي شَرَحُوا بِهِ وَهُوَ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ أَنَّهُ فَرَضَهَا وَقَدَّرَهَا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْحَاكِمُ: فَرَضْتُ أَوْ قَدَّرْتُ عَلَيْكَ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُودَ الْأَبِ مُوسِرًا) أَيْ حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ: كَالْمَالِ أَيْ كَوُجُودِ الْمَالِ لِلصَّغِيرِ حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي خَاصٌّ بِالْوَلَدِ) هَذَا الْحَلُّ الَّذِي حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا هُوَ الصَّوَابُ وَمَا فِي خش مِنْ النَّقْلِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى عَادَتْ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا فِي مُدَّةِ زَوْجِيَّتِهَا عَلَى زَوْجِهَا لَا عَلَى الْأَبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: سَابِقًا وَالْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا (قَوْلُهُ: زَمِنَةً) أَيْ مَرِيضَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَالِغًا) أَيْ وَلَوْ رَجَعَتْ لِأَبِيهَا بَالِغًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا زَمِنَةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَعُودَ بَالِغًا أَمْ لَا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهَا فِي الَّتِي تَعُودُ صَحِيحَةً، وَهِيَ قَوْلُهُ: لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق حَيْثُ قَالَ لَا إنْ دَخَلَتْ زَمِنَةً ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ

بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَتْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا فَتَعُودُ وَهَلْ إلَى الْبُلُوغِ أَوْ إلَى دُخُولِ زَوْجٍ بِهَا قَوْلَانِ وَلَوْ عَادَتْ بِكْرًا فَإِلَى دُخُولِ زَوْجٍ (أَوْ) دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا زَمِنَةً فَصَحَّتْ وَ (عَادَتْ الزَّمَانَةُ) عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ تَأَيَّمَتْ زَمِنَةً ثَيِّبًا بَالِغَةً فَلَا تَعُودُ عَلَى أَبِيهَا وَأَوْلَى لَوْ تَزَوَّجَتْ صَحِيحَةً فَزَمِنَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا فَتَأَيَّمَتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَعُودُ عَلَى الْأَبِ إلَّا إذَا عَادَتْ لِأَبِيهَا صَغِيرَةً أَوْ بِكْرًا أَوْ بَالِغًا زَمِنَةً، وَقَدْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا كَذَلِكَ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَأَيَّمَتْ زَمِنَةً فَقِيرَةً، وَقِيلَ: إنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهَا إنْ رَجَعَتْ زَمِنَةً عَادَتْ عَلَى أَبِيهَا مُطْلَقًا. (وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَفَقَةُ وَلَدِهَا) الْأَرِقَّاءِ إنْ دَخَلُوا مَعَهَا بِشَرْطٍ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِمْ وَقْتَ الْكِتَابَةِ أَوْ حَدَثُوا بَعْدَهَا لَا عَلَى أَبِيهِمْ وَلَا سَيِّدِهِمْ (إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ) مَعَهَا (فِي الْكِتَابَةِ) بِأَنْ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا أَوْ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ مَعَهَا فَنَفَقَتُهَا وَنَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَيْهِ. (وَلَيْسَ عَجْزُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الشَّامِلِ لِلْأَبِ وَلِلْمُكَاتَبَةِ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ النَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ (عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ شَرْطُهَا الْيَسَارُ فِي الْحَالِ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَمَنُوطَةٌ بِالرَّقَبَةِ إلَى أَجَلِهَا فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأُمِّ نَفَقَةُ أَوْلَادِهَا عَلَى الْمَعْرُوفِ إلَّا الْمُكَاتَبَةَ. ذَكَرَ مَا هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ (وَعَلَى الْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ) بِأَبِي الرَّضِيعِ (أَوْ الرَّجْعِيَّةِ رَضَاعُ وَلَدِهَا) مِنْ ذِي الْعِصْمَةِ أَوْ الْمُطَلِّقِ (بِلَا أَجْرٍ) تَأْخُذُهُ مِنْ الْأَبِ (إلَّا لِعُلُوِّ قَدْرٍ) بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ لَا يُرْضِعُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَلْزَمُهَا رَضَاعُهُ فَلَوْ أَرْضَعَتْ لَكَانَ لَهَا الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى الْأَبِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَمِثْلُ الشَّرِيفَةِ الْمَرِيضَةُ، وَمَنْ قَلَّ لَبَنُهَا (كَالْبَائِنِ) لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ (إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ) الْوَلَدُ (غَيْرَهَا) شَرِيفَةً أَوْ بَائِنًا فَيَلْزَمُهَا مَلِيًّا كَانَ الْأَبُ أَوْ مُعْدَمًا، وَيَجِبُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْأُجْرَةُ إنْ أَرْضَعَتْ (أَوْ) يَقْبَلُ غَيْرَهَا وَ (يَعْدَمُ الْأَبُ أَوْ يَمُوتُ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ) فَيَلْزَمُهَا رَضَاعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQزَمِنَةٌ غَيْرُ بَالِغٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَتْ إلَخْ) أَيْ الصَّحِيحَةُ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ صَحِيحَةً وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا وَبَعْدَ أَنْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَتْ بِكْرًا) أَيْ وَلَوْ عَادَتْ الصَّحِيحَةُ لِأَبِيهَا بِكْرًا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ صَحِيحَةً وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ زَوَالِ بَكَارَتِهَا فِي الْحَالَتَيْنِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَادَتْ لِأَبِيهَا صَغِيرَةً) أَيْ إلَّا إذَا عَادَتْ لِأَبِيهَا صَحِيحَةً صَغِيرَةً وَهَذِهِ هِيَ قَوْلُ الشَّارِحِ سَابِقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَتْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِكْرًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، وَهَذِهِ هِيَ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَلَوْ عَادَتْ بِكْرًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَالِغًا إلَخْ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَاسْتَمَرَّتْ إنْ دَخَلَ إلَخْ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ ثَلَاثَ صُوَرٍ تَعُودُ فِيهَا النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ وَكَذَا تَعُودُ عَلَيْهِ إنْ طَرَأَ لِلْوَلَدِ مَالٌ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ ذَهَبَ أَوْ بَلَغَ زَمِنًا طَرَأَ لَهُ مَالٌ وَذَهَبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بَالِغًا) أَيْ أَوْ رَجَعَتْ بَالِغًا وَقَوْلُهُ وَقَدْ كَانَ إلَخْ رَاجِعٌ لِصُورَةِ قَوْلِهِ أَوْ بَالِغًا (قَوْلُهُ: عَادَتْ عَلَى أَبِيهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَادَتْ بَالِغًا أَمْ لَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ زَمِنَةً وَاسْتَمَرَّتْ بِهَا الزَّمَانَةُ وَتَأَيَّمَتْ وَهِيَ زَمِنَةٌ أَوْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ زَمِنَةٌ فَصَحَّتْ عِنْدَهُ ثُمَّ عَادَتْ الزَّمَانَةُ عِنْدَ الزَّوْجِ فَتَأَيَّمَتْ وَهِيَ زَمِنَةٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ ظَاهِرَةٌ مُخَالِفَةُ النَّقْلِ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً فَصَحَّتْ عِنْدَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَعَادَتْ الزَّمَانَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ يُصَوَّرَ بِمَا قَالَ الشَّارِحُ وَيُحْمَلُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: إنْ دَخَلَ بِهَا زَمِنَةً وَاسْتَمَرَّتْ الزَّمَانَةُ لَا عَلَى قَوْلِهِ: إنْ دَخَلَ بِهَا بَالِغَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا يَتِيمًا إلَّا الْمُكَاتَبَةَ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلُوا مَعَهَا) أَيْ إنْ كَانُوا مَوْجُودِينَ وَقْتَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَدَخَلُوا مَعَهَا فِيهَا بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ حَامِلًا إلَخْ أَيْ فَدَخَلُوا مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَجْزُهُ عَنْهَا عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ) أَيْ بِحَيْثُ يَعُودُ قِنًّا فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ شَرْطُهَا الْيَسَارُ فِي الْحَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ (قَوْلُهُ: فَمَنُوطَةٌ بِالرَّقَبَةِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَمَّا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالرَّقَبَةِ، وَالنَّفَقَةُ لَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَا بَلْ بِالْيَسَارِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ فَلَمْ يَكُنْ الْعَجْزُ عَنْ النَّفَقَةِ عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: رَضَاعُ وَلَدِهَا) أَيْ بِنَفْسِهَا وَاسْتَأْجَرَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ) أَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ أَوْ مِنْ ذَوِي النَّسَبِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهَا فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهَا رَضَاعُهُ) أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ يَقْبَلُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الشَّرِيفَةِ) أَيْ فِي كَوْنِهَا لَا يَلْزَمُهَا رَضَاعُ وَلَدِهَا إذَا كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا. (قَوْلُهُ وَمَنْ قَلَّ لَبَنُهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا وَمِنْ الْمَرِيضَةِ غَيْرَ عَالِيَةِ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ يَقْبَلُ غَيْرَهَا فَلَوْ أَرْضَعَتْ كَانَ لَهَا الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ أَعْدَمَ فَفِي مَالِ الْأَبِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ أُمِّهِ الشَّرِيفَةِ الْقَدْرِ وَالْبَائِنِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَغْلَبِ مِنْ رُجُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ (قَوْلُهُ شَرِيفَةً) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا فِي الْعِصْمَةِ أَوْ رَجْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْأُجْرَةُ) أَيْ فِي مَالِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي مَالِ الْأَبِ إنْ كَانَ مَلِيًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ مَجَّانًا بِنَفْسِهَا أَوْ تَسْتَأْجِرُ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ

[فصل الحضانة]

وَلَهَا الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ. (وَاسْتَأْجَرَتْ) الْأُمُّ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْأَبِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا عَلَيْهِ الْقَدْرُ أَوْ لَا (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَانٌ) أَوْ لَهَا وَلَا يَكْفِيهِ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ حَمَلَتْ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْأَبِ أَوْ الْوَلَدِ إذَا أَيْسَرَا. (وَلَهَا) أَيْ الْأُمِّ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا رَضَاعٌ (إنْ قَبِلَ) الْوَلَدُ (غَيْرَهَا) (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ مِثْلِهَا مِنْ مَالِ الْوَلَدِ أَوْ مِنْ مَالِ أَبِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (وَلَوْ وَجَدَ) الْأَبُ (مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا) أَيْ عِنْدَ أُمِّهِ (مَجَّانًا) أَيْ بِلَا عِوَضٍ فَأَوْلَى عِنْدَهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالتَّذْكِيرِ وَالْأَوْلَى هِيَ الَّتِي فِيهَا تَرْجِيحُ ابْنِ يُونُسَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ فِي التَّأْوِيلِ) فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ تَعَيَّنَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ، وَلَهَا أَيْضًا الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا إرْضَاعٌ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: إنْ قَبِلَ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ. الْحَضَانَةُ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النَّفَقَاتِ شَرَعَ فِي الْحَضَانَةِ وَهِيَ حِفْظُ الْوَلَدِ، وَالْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِ فَقَالَ (وَحَضَانَةُ الذَّكَرِ) الْمُحَقَّقِ مِنْ وِلَادَتِهِ (لِلْبُلُوغِ) فَإِنْ بَلَغَ وَلَوْ زَمِنًا أَوْ مَجْنُونًا سَقَطَتْ عَنْ الْأُمِّ وَاسْتَمَرَّتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ كَمَا مَرَّ، وَعَلَيْهِ الْقِيَامُ بِحَقِّهِ، وَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا عَنْ الْمُشْكِلِ مَا دَامَ مُشْكِلًا. (وَ) حَضَانَةُ (الْأُنْثَى) (كَالنَّفَقَةِ) يَعْنِي حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ وَلَيْسَ مِثْلَ الدُّخُولِ الدُّعَاءُ لَهُ فِي الْمُطِيقَةِ بِالتَّشْبِيهِ فَالنَّفَقَةُ فِي الْجُمْلَةِ (لِلْأُمِّ) وَلَوْ كَافِرَةً إذَا طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا فَإِنْ كَانَ حَيًّا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَهِيَ حَقٌّ لَهُمَا وَلِلْأُمِّ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ. (وَلَوْ) (أَمَةً عَتَقَ وَلَدُهَا) فَحَضَانَتُهُ لَهَا إذَا تَأَيَّمَتْ وَسَوَاءٌ كَانَ أَبُوهُ حُرًّا أَوْ لَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُعْتَقْ فَدَفَعَ بِقَوْلِهِ: عَتَقَ وَلَدُهَا تَوَهُّمَ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَحْضُنُ الْحُرَّ. (أَوْ) (أُمَّ وَلَدٍ) مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَهَا الْأُجْرَةُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَيَقُولُ بَدَلَهُ فَيَلْزَمُهَا رَضَاعُهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا مَالَ لِلصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَاسْتَأْجَرَتْ الْأُمُّ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ) أَيْ وَهِيَ مَنْ فِي الْعِصْمَةِ وَالرَّجْعِيَّةُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ عَلِيَّةِ الْقَدْرِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْوَلَدِ أَوْ الْأَبِ مَالٌ أَمْ لَا وَالْعَلِيَّةُ وَالْبَائِنُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَالْوَلَدِ مَالٌ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ يَقْبَلُ غَيْرَهَا أَمْ لَا وَلَا رُجُوعَ لَهَا بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْأَبِ أَوْ الصَّبِيِّ إذَا أَيْسَرَا (قَوْلُهُ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا رَضَاعٌ) أَيْ وَهِيَ الْبَائِنُ وَعَلِيَّةُ الْقَدْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ رَجْعِيَّةً. (قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَدَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَبَ إذَا قَالَ لِلْأُمِّ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ: عِنْدِي مَنْ تُرْضِعُهُ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ أَقَلَّ مِمَّا تَأْخُذِينَهُ وَقَالَتْ الْأُمُّ الْمَذْكُورَةُ: أَنَا أُرْضِعُهُ وَآخُذُ أُجْرَةَ أَمْثَالِي اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأُمِّ، وَأَمَّا إنْ قَالَ الْأَبُ: عِنْدِي مَنْ تُرْضِعُهُ مَجَّانًا عِنْدَ أُمِّهِ، وَقَالَتْ أُمُّهُ: أَنَا أُرْضِعُهُ وَآخُذُ أُجْرَةَ مِثْلِي فَقَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقِيلَ: يُجَابُ الْأَبُ، وَقِيلَ: لَا يُجَابُ، وَإِنَّمَا تُجَابُ الْأُمُّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَرْجَحِ فِي التَّأْوِيلِ يُنَاسِبُ نُسْخَةً عِنْدَهَا، وَلَا يُنَاسِبُ نُسْخَةً عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى عِنْدَهُ) أَيْ فَأَوْلَى إذَا وَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا إرْضَاعٌ) أَيْ أَصَالَةً، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَلْزَمُهَا لِعَارِضِ كَوْنِهِ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَيَّدَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إذَا كَانَ لَهَا الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا قَبِلَ غَيْرَهَا، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا فَلِأَيِّ شَيْءٍ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: إنْ قَبِلَ غَيْرَهَا [فَصَلِّ الْحَضَانَةِ] (الْحَضَانَةُ) (قَوْلُهُ: وَهِيَ حِفْظُ الْوَلَدِ) أَيْ فِي مَبِيتِهِ وَذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ وَقَوْلُهُ وَالْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِ أَيْ مِنْ طَعَامِهِ وَلِبَاسِهِ وَتَنْظِيفِ جِسْمِهِ وَمَوْضِعِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَلَغَ وَلَوْ زَمِنًا إلَخْ) نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِمَا حَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذْ قَالَ الْمَشْهُورُ فِي غَايَةِ أَمَدِ النَّفَقَةِ أَنَّهَا الْبُلُوغُ فِي الذَّكَرِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ السَّلَامَةِ مِنْ الْجُنُونِ وَالزَّمَانَةِ وَالْمَشْهُورُ غَايَةً فِي أَمَدِ الْحَضَانَةِ أَنَّهَا الْبُلُوغُ فِي الذَّكَرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ اهـ بْن وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ: إنَّ أَمَدَ الْحَضَانَةِ فِي الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا غَيْرَ زَمِنٍ (قَوْلُهُ: يَعْنِي حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ) أَيْ فَلَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ اسْتَمَرَّتْ حَضَانَتُهَا وَلَا تَسْقُطُ بِالْعَقْدِ، وَلَا بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلَ الدُّخُولِ الدُّعَاءُ لَهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَسْقُطُ عَنْ الْأَبِ بِالدُّعَاءِ لِلدُّخُولِ إذَا كَانَتْ مُطِيقَةً، وَأَمَّا الْحَضَانَةُ فَتَسْتَمِرُّ حِينَئِذٍ، وَلَا تَسْقُطُ وَقَدْ تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ، وَتَسْتَمِرُّ النَّفَقَةُ كَمَا إذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا لِغَيْرِ بَالِغٍ فَبَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ السُّقُوطُ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ فَقَدْ يَسْقُطَانِ، وَذَلِكَ بِدُخُولِ الْبَالِغِ بِهَا وَقَدْ تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ فَقَطْ، وَذَلِكَ بِدُخُولِ غَيْرِ الْبَالِغِ بِهَا، وَقَدْ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ فَقَطْ وَذَلِكَ بِدُعَاءِ الْبَالِغِ لِلدُّخُولِ بِالْمُطِيقَةِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا مِنْ أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَسْقُطُ بِدُخُولِ غَيْرِ الْبَالِغِ لَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ إذَا طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا) هَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ: وَالْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ. (قَوْلُهُ: وَلِلْأُمِّ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ) أَيْ فَحَضَانَةٌ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: لِلْبُلُوغِ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ: لِلْأُمِّ خَبَرٌ ثَانٍ وَقَوْلُهُ: كَالنَّفَقَةِ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ بَابِ تَعَدُّدِ الْأَخْبَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ " حَضَانَةُ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لِلْأُمِّ وَقَوْلُهُ: لِلْبُلُوغِ وَكَالنَّفَقَةِ حَالَانِ مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْبُلُوغِ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ: لِلْأُمِّ حَالٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِلْأُمِّ مُتَعَلِّقًا بِحَضَانَةُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَوْصُولِ قَبْلَ تَمَامِ صِلَتِهِ؛ لِأَنَّ حَضَانَةُ فِي قُوَّةِ أَنْ يَحْضُنَ وَلِلْبُلُوغِ خَبَرٌ قَبْلَ تَمَامِ الْمَوْصُولِ بِالصِّلَةِ (قَوْلُهُ: مَاتَ سَيِّدُهَا) أَيْ وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَهَا أَيْ أَوْ نَجَزَ عِتْقَهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَإِنَّمَا صَوَّرَهَا الشَّارِحُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ

وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَتَأَيَّمَتْ إذَا لَمْ يَتَسَرَّ سَيِّدُهَا بِهَا. (وَلِلْأَبِ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (تَعَهُّدُهُ عِنْدَ أُمِّهِ، وَأَدَبُهُ وَبَعْثُهُ لِلْمَكْتَبِ) وَلَوْ قَالَ: لِمُعَلِّمٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (ثُمَّ) بَعْدَ الْأُمِّ (أُمُّهَا ثُمَّ) بَعْدَ أُمِّ الْأُمِّ (جَدَّةُ الْأُمِّ) أَيْ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ الصَّادِقِ بِهَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا، وَجِهَةُ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ (إنْ انْفَرَدَتْ) الْأُمُّ أَوْ الْجَدَّةُ (بِالسُّكْنَى عَنْ أُمٍّ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا) بِتَزْوِيجٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَا كُلُّ أُنْثَى ثَبَتَتْ حَضَانَتُهَا لَا بُدَّ أَنْ تَنْفَرِدَ بِالسُّكْنَى عَمَّنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا (ثُمَّ الْخَالَةُ) الشَّقِيقَةُ أَوْ لِأُمٍّ (ثُمَّ خَالَتُهَا) أَيْ خَالَةُ الْأُمِّ، وَيَلِيهَا عَمَّةُ الْأُمِّ، وَقَدْ أَسْقَطَهَا الْمُصَنِّفُ (ثُمَّ جَدَّةُ الْأَبِ) أَيْ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَيَشْمَلُ أُمَّ الْأَبِ وَأُمَّ أُمِّهِ وَأُمَّ أَبِيهِ، وَالْقُرْبَى تُقَدَّمُ عَلَى الْبُعْدَى، وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّ الْأَبِ تُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّ أَبِيهِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ (الْأَبُ ثُمَّ الْأُخْتُ) لِلْمَحْضُونِ (ثُمَّ الْعَمَّةُ) لَهُ ثُمَّ عَمَّةُ أَبِيهِ ثُمَّ خَالَةُ أَبِيهِ (ثُمَّ) بَعْدَ خَالَةِ الْأَبِ (هَلْ بِنْتُ الْأَخِ) شَقِيقًا أَوْ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ (أَوْ) بِنْتُ (الْأُخْتِ) كَذَلِكَ (أَوْ الْأَكْفَأُ مِنْهُنَّ) أَيْ الْأَشَدُّ كِفَايَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا تَكُونُ لَهَا إلَّا بَعْدَ فِرَاقِهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَالْفِرَاقُ إنَّمَا يَكُونُ بِمَوْتِهِ عَنْهَا أَوْ تَنْجِيزِهِ لِعِتْقِهَا، وَأَمَّا قَبْلَ فِرَاقِهَا لِسَيِّدِهَا فَالْحَضَانَةُ حَقٌّ لَهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ) أَيْ بَعْدَ اسْتِيلَادِ السَّيِّدِ لَهَا (قَوْلُهُ فَتَأَيَّمَتْ) أَيْ مَاتَ زَوْجُهَا الْمَذْكُورُ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مَعًا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَسَرَّ سَيِّدُهَا بِهَا) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ فَإِنْ تَسَرَّى بِهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَزَوُّجِ الْأُمِّ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّسَرِّي الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ لِاِتِّخَاذِهَا لِلْوَطْءِ وَاعْلَمْ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا فِي مُقَابَلَةِ تَرْكِ حَضَانَتِهَا لِوَلَدِهَا فَفِي سُقُوطِ حَضَانَتِهَا وَعَدَمِهَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ رِوَايَتَيْ عِيسَى وَأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ تُخَالِعُ عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا فَيَلْزَمُهَا الْإِسْقَاطُ (قَوْلُهُ وَلِلْأَبِ تَعَهُّدُهُ) أَيْ النَّظَرُ فِي شَأْنِهِ وَقَوْلُهُ: وَأَدَبُهُ أَرَادَ بِالْأَدَبِ التَّأْدِيبَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ الْأُمِّ) أَيْ ثُمَّ الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَضَّانَةِ بَعْدَ الْأُمِّ إذَا مَاتَتْ أَوْ حَصَلَ لَهَا وَجْهٌ مُسْقِطٌ لِحَضَانَتِهَا أُمُّهَا، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ أَيْ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ، وَتُجْعَلُ اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ لِأَجْلِ أَنْ يَنْدَفِعَ الِاعْتِرَاضُ الْوَارِدُ عَلَيْهِ بِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ قَصْرَ الْجَدَّةِ عَلَى جَدَّةِ الْأُمِّ دَنِيَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجِهَةُ الْإِنَاثِ مُقَدَّمَةٌ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الذُّكُورِ، فَإِذَا وُجِدَتْ جَدَّةٌ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ بَعِيدَةٌ لِلْوَلَدِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلَدِ مِائَةُ جَدَّةٍ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى أُمِّ أَبِي الْأُمِّ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ ولعج طَرِيقَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُمَا إذَا تَسَاوَيَا قُدِّمَتْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّ الْأُمِّ وَأَوْلَى إذَا كَانَتْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّ الْأُمِّ أَقْرَبَ، وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ أَقْرَبَ قُدِّمَتْ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلنَّقْلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا عبق اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ انْفَرَدَتْ الْأُمُّ) الْأَوْلَى أُمُّ الْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةُ أَيْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَأَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ ابْنُ سَلْمُونٍ مَا نَصُّهُ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْعَوَّادِ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلْجَدَّةِ إذَا سَكَنَتْ مَعَ بِنْتِهَا السَّاقِطَةِ الْحَضَانَةِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ مَالِكٍ وَبِهَا الْعَمَلُ وَاخْتَارَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ كَذَا ذَكَرَ الْمَوَّاقُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُتَيْطِيَّ اقْتَصَرَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْجَدَّةِ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ ذَلِكَ فِي الَّتِي شَأْنُهَا الشَّفَقَةُ عُلِمَ أَنَّهُ مُشْتَرَطٌ فِي غَيْرِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَالَةُ) أَيْ خَالَةُ الْوَلَدِ أُخْتُ أُمِّهِ شَقِيقَتُهَا أَوْ لِأُمِّهَا أَوْ لِأَبِيهَا وَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الَّتِي لِلْأُمِّ وَاَلَّتِي لِلْأُمِّ عَلَى الَّتِي لِلْأَبِ كَمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأَبِ فِي الْجَمِيعِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن وَابْنِ عَرَفَةَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْخَالَةَ لِلْأَبِ لَا حَضَانَةَ لَهَا فَغَيْرُ صَوَابٍ (قَوْلُهُ: أَيْ خَالَةُ الْأُمِّ) أَيْ وَهِيَ أُخْتُ جَدَّةِ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَسْقَطَهَا الْمُصَنِّفُ) أَيْ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ خَالَتُهَا ثُمَّ عَمَّةُ الْأُمِّ ثُمَّ جَدَّةُ الْأَبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ جَدَّةُ الْأَبِ) تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأَبِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ قَرَابَاتِهِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرَابَاتٌ فَفِي تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى قَرَابَتِهِ وَعَكْسِهِ ثَالِثًا الْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِهِ أَحَقُّ مِنْهُ وَهُوَ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِهِنَّ لِنَقْلِ الْقَاضِي لَهَا وَعَزَاهُ فِي الْبَيَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَعَلَى الْأَوَّلِ جَرَى فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَيَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِجَدَّةِ الْأَبِ حَقِيقَتَهَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ أُمَّ الْأَبِ الَّتِي هِيَ جَدَّةُ الْمَحْضُونِ لَا حَضَانَةَ لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ أُمِّ الْأَبِ تُقَدَّمُ إلَخْ) يَأْتِي هُنَا الطَّرِيقَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ وَهُمَا طَرِيقَةُ اللَّقَانِيِّ وَطَرِيقَةُ عج. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمَّةُ لَهُ) أَيْ لِلْمَحْضُونِ وَهِيَ أُخْتُ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ عَمَّةُ أَبِيهِ أَيْ وَهِيَ أُخْتُ جَدِّهِ لِأَبِيهِ وَهَاتَانِ دَاخِلَتَانِ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ الْعَمَّةُ وَأَمَّا عَمَّةُ الْأُمِّ فَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ خَالَةُ أَبِيهِ أَيْ وَهِيَ أُخْتُ جَدَّةِ الطِّفْلِ قَدْ أَسْقَطَهَا الْمُصَنِّفُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ

بِالْقِيَامِ بِحَالِ الْمَحْضُونِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَاخْتَارَ مَا قَبْلَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَمُفَادُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلُ (أَقْوَالٌ) حَقُّهُ تَرَدُّدٌ (ثُمَّ) الشَّخْصُ (الْوَصِيُّ) الشَّامِلُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (ثُمَّ الْأَخُ) لِلْمَحْضُونِ (ثُمَّ ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْأَخِ لَكِنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْجَدُّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَهُوَ يَشْمَلُ مَا قَرُبَ مِنْهَا، وَمَا بَعُدَ فَقَدْ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا (ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُهُ) قَرُبَ كُلٌّ أَوْ بَعُدَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَقْرَبَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبْعَدِ (لَا جَدٌّ لِأُمٍّ) فَلَا حَضَانَةَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ (خِلَافَهُ) أَيْ أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ؛ لِأَنَّ لَهُ حَنَانًا وَشَفَقَةً وَقَدْ قَدَّمُوا الْأَخَ لِلْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْعَمِّ انْتَهَى، وَعَلَيْهِ فَمَرْتَبَتُهُ تَلِي مَرْتَبَةَ الْجَدِّ لِلْأَبِ كَمَا فَهِمَهُ التَّتَّائِيُّ (ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى) وَهُوَ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَعَصَبَتُهُ نَسَبًا ثُمَّ مُوَالِيهِ (ثُمَّ الْأَسْفَلُ) وَهُوَ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ بِأَنْ كَانَ عَتِيقَ وَالِدِ الْمَحْضُونِ أَوْ جَدِّهِ، أَوْ عَتِيقَ الْمَوْلَى الْأَعْلَى بِأَنْ كَانَ الْمَوْلَى الْأَعْلَى اسْتَحَقَّ الْحَضَانَةَ فَمَاتَ فَعَتِيقُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (وَقُدِّمَ) الشَّخْصُ (الشَّقِيقُ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى الَّذِي لِلْأُمِّ (ثُمَّ) الَّذِي (لِلْأُمِّ ثُمَّ) الَّذِي (لِلْأَبِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ (وَ) قُدِّمَ (فِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ) مِنْ رِجَالٍ كَعَمَّيْنِ وَنِسَاءٍ كَخَالَتَيْنِ (بِالصِّيَانَةِ وَالشَّفَقَةِ) فَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهِمَا قُدِّمَ الْأَسَنُّ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَبِالْقُرْعَةِ. (وَشَرْطُ الْحَاضِنِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (الْعَقْلُ) فَلَا حَضَانَةَ لِمَجْنُونٍ، وَلَوْ يُفِيقُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَلَا لِمَنْ بِهِ طَيْشٌ (وَالْكِفَايَةُ) أَيْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِشَأْنِ الْمَحْضُونِ فَ (لَا) حَضَانَةَ لِعَاجِزٍ عَنْ ذَلِكَ (كَمُسِنَّةٍ) أَيْ ذَاتِ مُسِنَّةٍ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَيْ أَقْعَدَهَا السِّنُّ عَنْ الْقِيَامِ بِشَأْنِ الْمَحْضُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا مَنْ يَحْضُنُ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْعَمَى وَالصَّمَمَ وَالْخَرَسَ وَالْمَرَضَ وَالْإِقْعَادَ (وَحِرْزُ الْمَكَانِ فِي الْبِنْتِ يُخَافُ عَلَيْهَا) الْفَسَادُ يَعْنِي فِي الَّتِي بَلَغَتْ سِنًّا يُخَافُ عَلَيْهَا فِيهِ الْفَسَادُ بِأَنْ بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ، وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ يُخَافُ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حِرْزُ الْمَكَانِ قَبْلَ الْإِطَاقَةِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَيُشْتَرَطُ حِرْزُ الْمَكَانِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَتَسْقُطُ حَضَانَةُ ذِي الْمَكَانِ الْمَخُوفِ مَا لَمْ يَنْتَقِلْ لِمَأْمُونٍ (وَالْأَمَانَةُ) أَيْ أَمَانَةُ الْحَاضِنِ وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا فِي الدِّينِ فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ كَشِرِّيبٍ وَمُشْتَهِرٍ بِزِنًا وَلَهْوٍ مُحَرَّمٍ (وَأَثْبَتَهَا) أَيْ الْأَمَانَةَ إنْ نُوزِعَ فِيهَا، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ نُوزِعَ فِيهِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ إثْبَاتَ ضِدِّهَا عَلَى مُنَازِعِهِ (وَعُدِمَ كَجُذَامٍ مُضِرٍّ) رِيحُهُ أَوْ رُؤْيَتُهُ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ عَاهَةٍ مُضِرَّةٍ يُخْشَى عَلَى وَلَدِهَا مِنْهَا وَلَوْ كَانَ بِالْوَلَدِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِالِانْضِمَامِ قَدْ تَحْصُلُ زِيَادَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَذْكُرَهَا (قَوْلُهُ: بِالْقِيَامِ بِحَالِ الْمَحْضُونِ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِلْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الشَّخْصُ الْوَصِيُّ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ مُقَدَّمَ الْقَاضِي وَوَصِيَّ الْوَصِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحْضُونَ إذَا كَانَ ذَكَرًا أَوْ كَانَ أُنْثَى غَيْرَ مُطِيقَةٍ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَثْبُتُ لِوَصِيِّهِ اتِّفَاقًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَحْضُونُ أُنْثَى مُطِيقَةً، وَكَانَ الْحَاضِنُ أُنْثَى أَوْ كَانَ ذَكَرًا وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ الْمَحْضُونَةِ أَوْ جَدَّتِهَا وَتَلَذَّذَ بِهَا بِحَيْثُ صَارَتْ الْمَحْضُونَةُ مِنْ مَحَارِمِهِ وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ حِينَئِذٍ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رُجِّحَ. (قَوْلُهُ: مَا قَرُبَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَدَّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْمَحْضُونِ، وَهُوَ الْجَدُّ لَهُ دَنِيَّةٌ أَوْ كَانَ عَالِيًا فَإِنَّهُ يَتَوَسَّطُ بَيْنَ الْأَخِ وَابْنِهِ لَا أَنَّ الْقَرِيبَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا وَالْبَعِيدَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الْعَمِّ وَابْنِهِ كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا جَدٌّ لِأُمٍّ فَلَا حَضَانَةَ لَهُ) أَيْ كَالْخَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَدِّ لِلْأُمِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا لَا فِي خُصُوصِ الْقَرِيبِ وَأَنَّ الْبَعِيدَ لَا حَضَانَةَ لَهُ اتِّفَاقًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ لَهُ حَضَانَةً فَمَرْتَبَتُهُ تَلِي مَرْتَبَةَ الْجَدِّ لِلْأَبِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْجَدِّ لِلْأَبِ وَابْنِ الْأَخِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى) أَيْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى؛ إذْ لَا رَحِمَ لَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ) أَيْ الْمُعْتِقُ لِلْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَصَبَتُهُ نَسَبًا) أَيْ كَابْنِ الْمُعْتِقِ وَابْنِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَأَخِيهِ وَابْنِ أَخِيهِ وَجَدِّهِ وَعَمِّهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ مَوَالِيهِ أَيْ مُعْتِقُ الْوَلَدِ الْمَحْضُونِ عَلَى مَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ) أَيْ يُمْكِنُ فِيهَا جَرَيَانُ الشِّقَاقَةِ وَعَدَمِهَا مِثْلِ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَبَنَاتِ الْأُخْتِ وَكَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَيَّنَهُمْ احْتِرَازًا مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى. (قَوْلُهُ وَفِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى أَيْ وَقُدِّمَ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ بِالشَّقَّاقَةِ، وَفِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِالصِّيَانَةِ وَالشَّفَقَةِ، وَالْمُرَادُ بِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ بِالصِّيَانَةِ وَالشَّفَقَةِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ صِيَانَةٌ أَوْ شَفَقَةٌ عَلَى مُسَاوِيهِ فِي الرُّتْبَةِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَقْوَى شَفَقَةً أَوْ أَكْثَرُ صِيَانَةً لِلْمَحْضُونِ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا صِيَانَةٌ وَفِي الْآخَرِ شَفَقَةٌ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ ذِي الشَّفَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الرَّجْرَاجِيِّ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْحَاضِنِ) أَيْ وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِلْحَاضِنِ الْعَقْلُ إلَخْ فَالشُّرُوطُ لِاسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ لَا لِمُبَاشَرَتِهَا (قَوْلُهُ: طَيْشٌ) أَيْ خِفَّةُ عَقْلٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَمَانَةُ فِي الدِّينِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ هُنَا حِفْظُ الدَّيْنِ، وَأَمَّا حِفْظُ الْمَالِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَرُشْدٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَانَةُ فِي الْأَصْلِ حِفْظَ الْمَالِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: أَنَّ إثْبَاتَ ضِدِّهَا)

عَلَى مَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ جَرْيِ الْعَادَةِ (وَرُشْدٌ) الْمُرَادُ بِهِ صَوْنُ الْمَالِ فَلَا حَضَانَةَ لِسَفِيهٍ مُبَذِّرٍ لِئَلَّا يُتْلِفَ مَالَ الْمَحْضُونِ. (لَا إسْلَامٌ) فَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْحَاضِنِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (وَضُمَّتْ) الذَّاتُ الْحَاضِنَةُ (إنْ خِيفَ) عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْهَا فَسَادٌ كَأَنْ تُغَذِّيَهُ بِلَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ خَمْرٍ (لِمُسْلِمِينَ) لِيَكُونُوا رُقَبَاءَ عَلَيْهَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْجَمْعُ بَلْ الْمُسْلِمُ الْوَاحِدُ كَافٍ فِي ذَلِكَ. (وَإِنْ) كَانَتْ (مَجُوسِيَّةً أَسْلَمَ زَوْجُهَا) وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى الْكُفْرِ فَتَثْبُتُ لَهَا الْحَضَانَةُ وَتُضَمُّ إنْ خِيفَ لِمُسْلِمِينَ، وَلَا تَنْتَقِلُ لِلْأَبِ، وَمِثْلُ الْأُمِّ الْجَدَّةُ وَالْخَالَةُ وَالْأُخْتُ الْمَجُوسِيَّاتُ إذَا أَسْلَمَ الْأَبُ. (وَ) شَرْطُ الْحَضَانَةِ (لِلذَّكَرِ) مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ (مَنْ يَحْضُنُ) مِنْ الْإِنَاثِ أَيْ مَنْ يَصْلُحُ لَهَا مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِذَلِكَ أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى أَحْوَالِ الْأَطْفَالِ كَالنِّسَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ الذَّكَرِ لِمُطِيقَةٍ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا لَهَا، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْحَضَانَةِ، كَأَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا، وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهُ، وَلَوْ مَأْمُونًا ذَا أَهْلٍ عِنْدَ مَالِكٍ. (وَ) شَرْطُهَا (لِلْأُنْثَى) الْحَاضِنَةِ وَلَوْ أُمًّا (الْخُلُوُّ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ) بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا سَقَطَتْ لِاشْتِغَالِهَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ فَلَيْسَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ كَالدُّخُولِ وَوَطْءُ السَّيِّدِ لِلْأَمَةِ الْحَاضِنَةِ كَدُخُولِ الزَّوْجَةِ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَهَا بِتَزَوُّجِهَا وَدُخُولِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُسْقِطٌ (وَيَسْكُتَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ وَقَوْلُهُ: ضِدُّهَا أَيْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمَانَةِ وَغَيْرِهَا فَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ أَنَّ مَنْ نَفَى شَرْطًا مِنْ الشُّرُوطِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ دَعْوَاهُ، وَالْحَاضِنُ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا حَتَّى يُثْبِتَ عَدَمَهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ جَرْيِ الْعَادَةِ) أَيْ وَلَيْسَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بِطَبِيعَةِ الْمَرَضِ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَ حَدِيثِ «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ» وَحَدِيثِ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحِ وَحَاصِلُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَمْرَاضَ لَا تُعْدِي بِطَبْعِهَا لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مُخَالَطَةَ الْمَرِيضِ لِلصَّحِيحِ سَبَبًا لِإِعْدَاءِ مَرَضِهِ وَقَدْ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ عَنْ سَبَبِهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ فَقَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ «لَا عَدْوَى» مَعْنَاهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ يُعْدِي بِطَبْعِهِ وَالْأَمْرُ فِي حَدِيثِ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ» إلَخْ نَظَرًا لِكَوْنِ مُخَالَطَةِ الْمَرِيضِ سَبَبًا عَادِيًا فِي الْعَدْوَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَرُشْدٌ) اعْلَمْ أَنَّ الرُّشْدَ يُطْلَقُ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ الْمُصَاحِبِ لِلْبُلُوغِ وَيُطْلَقُ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُصَاحِبُهُ بُلُوغٌ فَالرُّشْدُ أَمْرٌ كُلِّيٌّ تَحْتَهُ فَرْدَانِ فَرْدٌ صَاحَبَهُ بُلُوغٌ وَفَرْدٌ لَمْ يُصَاحِبْهُ بُلُوغٌ فَنَكَّرَ الْمُصَنِّفُ رُشْدًا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَوْعٌ مِنْهُ، وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ مُجَرَّدًا عَنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ عَرَّفَ الرُّشْدَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَامِلُ وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِ الْمُصَاحِبِ لِلْبُلُوغِ فَإِذَا ثَبَتَ لِلصَّبِيِّ حِفْظُ الْمَالِ ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ فِي حَضَانَةِ غَيْرِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّغِيرُ مَعَ حَاضِنِهِ حَاضِنَيْنِ لِذَلِكَ الْمَحْضُونِ فَالصَّبِيُّ الْأَوَّلُ مَعَ حَاضِنِهِ يَشْتَرِكَانِ فِي حَضَانَةِ الصَّبِيِّ الثَّانِي فَحَضَانَةُ الْكَبِيرِ مِنْ حَيْثُ الْحِفْظُ لِلذَّاتِ، وَحَضَانَةُ الصَّغِيرِ مِنْ حَيْثُ الْحِفْظُ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ: وَصَوْنُ الْمَالِ) أَيْ لِحُسْنِ تُصَرِّفْهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَضُمَّتْ الذَّاتُ الْحَاضِنَةُ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَجُوسِيَّةً) مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهَا لِلْحَضَانَةِ وَضَمِّهَا لِمُسْلِمِينَ إنْ خِيفَ عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْهَا، وَقَالَ طفي: إنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهَا لِلْحَضَانَةِ لَا فِي الضَّمِّ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْأُمِّ) أَيْ الْمَجُوسِيَّةِ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لَهَا وَضَمِّهَا لِلْمُسْلِمِينَ إنْ خِيفَ الْجَدَّةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْحَضَانَةِ) أَيْ وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ وَقَوْلُهُ لِلذَّكَرِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاضِنَ إذَا كَانَ ذَكَرًا فَيُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لَهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ الْإِنَاثِ مَنْ يَصْلُحُ لِتَوْلِيَةِ أَمْرِ الْمَحْضُونِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ) بَيَانٌ لِلذَّكَرِ أَيْ الَّذِي هُوَ أَبٌ (قَوْلُهُ: أَوْ سُرِّيَّةٍ) هِيَ الْأَمَةُ الْمُتَّخَذَةُ لِلْفِرَاشِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ) أَيْ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ مُتَبَرِّعَةٍ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَوْ فِي زَمَنِ الْحَضَانَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ صَيْرُورَتُهُ مَحْرَمًا زَمَنَ الْحَضَانَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَبْلَهَا غَيْرَ مَحْرَمٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا) أَيْ بِأُمِّ الْمَحْضُونَةِ فِي زَمَنِ إطَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا حَضَانَةَ لَهُ) أَيْ فِي زَمَنِ إطَاقَتِهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ خِلَافًا لِأَصْبَغَ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا) أَيْ شَرْطُ ثُبُوتِهَا، وَقَوْلُهُ: لِلْأُنْثَى أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ الْحَاضِنُ أُنْثَى خُلُوُّهَا عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا، وَهَذَا صَادِقٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ أَصْلًا، أَوْ لَهَا زَوْجٌ وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا نَزَعَ الْوَلَدَ مِنْهَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى الْوَلَدِ بِنَزْعِهِ مِنْهَا الضَّرَرَ، وَإِلَّا بَقِيَ عِنْدَهَا، وَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا أَوْ لَا كَمَا اخْتَارَهُ عج وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ لَهُ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهُ إنْ كَانَ رَضِيعًا، وَإِلَّا سَقَطَتْ وَارْتَضَاهُ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ بِهَا سَقَطَتْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّوْجُ غَيْرَ بَالِغٍ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ كَالدُّخُولِ) أَيْ فِي إسْقَاطِ الْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الِاشْتِغَالُ عَنْ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ إلَّا إذَا دَخَلَ بِالْفِعْلِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَانْتَقَلَتْ

بَعْدَ ذَلِكَ (الْعَامِ) بِلَا عُذْرٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ الْمُتَزَوِّجَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالدُّخُولِ أَوْ عَلِمَ وَجَهِلَ الْحُكْمَ أَوْ سَكَتَ دُونَ عَامٍ أَوْ عَامًا لِعُذْرٍ انْتَقَلَتْ لَهُ، وَسَقَطَ حَقُّ الدُّخُولِ بِهَا مَا لَمْ تَتَأَيَّمْ قَبْلَ قِيَامِهِ عَلَيْهَا (أَوْ يَكُونَ) الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِهَا (مَحْرَمًا) لِلْمَحْضُونِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَهُ حَضَانَةٌ لِلْوَلَدِ كَأَنْ تَتَزَوَّجَ أُمُّهُ بِعَمِّهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الزَّوْجُ (لَا حَضَانَةَ لَهُ كَالْخَالِ) لِلْمَحْضُونِ تَتَزَوَّجُهُ الْحَاضِنَةُ (أَوْ) يَكُونَ الزَّوْجُ (وَلِيًّا) لِلْمَحْضُونِ أَيْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا (كَابْنِ الْعَمِّ) تَتَزَوَّجُهُ الْحَاضِنَةُ فَلَا تَسْقُطُ. وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَسْقُطُ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الْقَرِيبِ مَحْرَمًا أَوْ غَيْرَهُ بَيَّنَ بَقَاءَهَا مَعَ الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ فِي سِتِّ مَسَائِلَ فَقَالَ (أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ) لَوْ قَالَ غَيْرَهَا أَيْ الْحَاضِنَةَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ فَلَا تَسْقُطُ بِدُخُولِهَا. (أَوْ) قَبِلَ غَيْرَهَا وَ (لَمْ تُرْضِعْهُ) أَيْ وَأَبَتْ أَنْ تُرْضِعَهُ (الْمُرْضِعَةُ عِنْدَ أُمِّهِ) صَوَابُهُ عِنْدَ بَدَلِ أُمِّهِ وَهِيَ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَ تَزْوِيجِ أُمِّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ دَخَلَ بِهَا فَانْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِغَيْرِهَا وَالْمَحْضُونُ رَضِيعٌ وَقَبِلَ غَيْرَ أُمِّهِ وَأَبَتْ الْمُرْضِعَةُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهَا الْحَضَانَةُ عَنْ أُمِّهِ بِأَنْ قَالَتْ: لَا أُرْضِعُهُ إلَّا فِي بَيْتِي أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ الْأُمِّ. (أَوْ لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ) غَيْرُهَا (أَوْ) يَكُونُ ثُمَّ غَيْرُهَا وَلَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ بِأَنْ كَانَ (غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ عَاجِزًا) أَوْ غَائِبًا (أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا، وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ الْمُتَزَوِّجَةُ (حُرَّةٌ) أَوْ أَمَةٌ فَلَا مَفْهُومَ لِحُرَّةٍ فَلَوْ حَذَفَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْحَالِيَّةَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ أَيْ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ أُمِّهِ الْمُتَزَوِّجَةِ لِكَوْنِ أَبِيهِ رَقِيقًا، أَوْ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِأُمُورِ مَالِكِهِ، وَإِلَّا انْتَقَلَتْ لَهُ عَنْ أُمِّهِ. (وَفِي) سُقُوطِ حَضَانَةِ الْحَاضِنَةِ (الْوَصِيَّةِ) عَلَى الْمَحْضُونِ أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا تَتَزَوَّجُ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الطِّفْلِ وَعَدَمِ سُقُوطِهَا (رِوَايَتَانِ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَنْ يَلِيهَا فِي الرُّتْبَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِتَزَوُّجِهَا وَدُخُولِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْقِطٌ لِحَضَانَتِهَا وَيَسْكُتَ بَعْدَ عِلْمِهِ الْعَامَ بِلَا عُذْرٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالدُّخُولِ وَأَنَّهُ مُسْقِطٌ (قَوْلُهُ: الْعَامَ) هُوَ مَحْسُوبٌ مِنْ الْعِلْمِ بِالدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ الْحُكْمَ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ دُخُولَهَا بِالزَّوْجِ مُسْقِطٌ لِحَضَانَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ سَكَتَ دُونَ عَامٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَ الْعَامُ كَامِلًا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَتَأَيَّمْ) أَيْ تَطْلُقْ أَوْ يَمُتْ زَوْجُهَا الَّذِي قَدْ دَخَلَ بِهَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قِيَامِهِ) أَيْ قِيَامِ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِهَا مَحْرَمًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِهَا مَحْرَمًا لِلْمَحْضُونِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ أَوْ لَا أَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ وَكَانَ غَيْرَ مَحْرَمٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِدُخُولِهِ (قَوْلُهُ: كَالْخَالِ لِلْمَحْضُونِ تَتَزَوَّجُهُ الْحَاضِنَةُ) أَيْ الْكَائِنَةُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: كَابْنِ الْعَمِّ) أَيْ وَكَالْوَصِيِّ عَلَى الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ: الْقَرِيبِ) أَيْ لِلْوَلَدِ الْمَحْضُونِ (قَوْلُهُ: مَحْرَمًا) أَيْ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْعَمُّ بِأُمِّ الْمَحْضُونِ أَوْ بِجَدَّتِهِ الْحَاضِنَةِ لَهُ أَوْ يَتَزَوَّجَ خَالُهُ بِحَاضِنَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ أَيْ كَأَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنُ الْعَمِّ بِخَالَتِهِ أَوْ خَالَةِ أُمِّهِ الْحَاضِنَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي سِتِّ مَسَائِلَ) الْأَوْلَى فِي سَبْعِ مَسَائِلَ مَبْدَؤُهَا قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ وَآخِرُهَا قَوْلُهُ: وَفِي الْوَصِيَّةِ رِوَايَتَانِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ) أَيْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْحَاضِنَةُ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَهَا فَإِنَّهَا تَبْقَى عَلَى حَضَانَتِهَا وَلَا تَسْقُطُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمَحْضُونُ رَضِيعًا أَوْ غَيْرَهُ وَاخْتَارَهُ عج وَقَصَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَلَى الرَّضِيعِ وَكَذَا بْن حَيْثُ قَالَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ أَيْ وَهُوَ رَضِيعٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ أُمِّهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ عَدَمَ سُقُوطِ الْحَضَانَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَخْصُوصٌ بِالْأُمِّ فَلَوْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لِلْجَدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَامْتَنَعَتْ الْمُرْضِعَةُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ الْخَالَةِ، وَقَالَتْ: لَا أُرْضِعُهُ عِنْدَ الْخَالَةِ بَلْ أُرْضِعُهُ عِنْدِي أَوْ عِنْدَ الْجَدَّةِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ اسْتِمْرَارَ الْحَضَانَةِ لِلْجَدَّةِ بَلْ تَنْتَقِلُ لِلْخَالَةِ تَأَمَّلْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْحَاضِنَةِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَاجِزًا أَوْ كَانَ غَائِبًا (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ أَبَا الْمَحْضُونِ إذَا كَانَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً حُرَّةً وَتَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْ الْمَحْضُونِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَبْقَى عِنْدَ أُمِّهِ وَلَا يُنْتَزَعُ مِنْهَا، وَمِثْلُ مَا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ حُرَّةً مَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً سَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهَا الْمَحْضُونَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا انْتَقَلَتْ لَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ قَائِمًا بِهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحَضَانَةِ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ عَنْ أُمِّهِ لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا هُوَ ظَاهِرُ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا فِي الْأُمِّ خَاصَّةً كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَاللَّخْمِيِّ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَغَيْرِهِمْ اُنْظُرْ طفي وبن (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ سُقُوطِهَا) أَيْ وَتَفَرُّدِهِمْ حِينَئِذٍ بِمَسْكَنٍ (قَوْلُهُ: رِوَايَتَانِ) أَيْ عَنْ مَالِكٍ وَالرِّوَايَةُ بِعَدَمِ السُّقُوطِ بِهَا وَقَعَتْ الْفَتْوَى وَحَكَمَ بِهَا ابْنُ حَمْدُونٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ وَقَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ: إنَّهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَصِيَّةِ لَا تُسْقِطُهُ الزَّوْجِيَّةُ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ جَارِيَتَانِ فِي الْوَصِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ، وَلَوْ قَالَ الْأَبُ فِي إيصَائِهِ: إنْ تَزَوَّجَتْ فَانْزِعُوهُمْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَلَا وِصَايَةَ لَهَا رَوَاهُ

(وَ) شَرْطُ الْحَاضِنِ (أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ) فَهَذَا عَطْفٌ عَلَى عَقْلٌ وَهُوَ آخِرُ الْمَشْرُوطِ أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الطِّفْلِ أَعَمُّ مِنْ وَلِيِّ الْمَالِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَنَائِبُهُ وَوَلِيُّ الْعُصُوبَة كَالْعَمِّ وَالْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ (حُرٌّ) لَا رَقِيقٌ (عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ) الْأَوْلَى عَنْ مَحْضُونٍ لِيَعُمَّ الْوَلَدَ وَغَيْرَهُ أَيْ إذَا أَرَادَ وَلِيُّ الْمَحْضُونِ سَفَرًا فَلَهُ أَخْذُ الْمَحْضُونِ مِنْ الْحَاضِنِ، وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْحَضَانَةِ (وَإِنْ) كَانَ الْوَلَدُ (رَضِيعًا) لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبَلَ الرَّضِيعُ غَيْرَ أُمِّهِ، وَأَنْ لَا يُخَافَ عَلَى الطِّفْلِ مِنْ السَّفَرِ (أَوْ تُسَافِرَ هِيَ) أَيْ الْحَاضِنَةُ عَنْ بَلَدِ الْوَلِيِّ فَلَهُ نَزْعُهُ مِنْهَا، وَشَرْطُ سَفَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَوْنُهُ (سَفَرَ نَقْلَةٍ) وَانْقِطَاعٍ (لَا تِجَارَةٍ) أَوْ زِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَأْخُذُهُ وَلَا تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا وَيَتْرُكُهُ الْوَلِيُّ عِنْدَهَا (وَحَلَفَ) مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الْحَاضِنَةِ فَالْوَلِيُّ يَحْلِفُ أَنَّهُ أَرَادَ النَّقْلَةَ لِيَنْزِعَهُ مِنْهَا وَالْحَاضِنُ يَحْلِفُ أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرَ التِّجَارَةِ لِيَبْقَى الْوَلَدُ بِيَدِهِ (سِتَّةَ بُرُدٍ) ظَرْفٌ لِيُسَافِرَ وَتُسَافِرَ فَهُوَ شَامِلٌ لِسَفَرِ الْوَلِيِّ وَسَفَرِ الْحَاضِنَةِ أَيْ إنَّ شَرْطَ مَسَافَةِ سَفَرِ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ أَنْ يَكُونَ سِتَّةَ بُرُدٍ فَأَكْثَرَ أَيْ سَفَرِ الْوَلِيِّ الَّذِي يَأْخُذُ الْمَحْضُونَ فِيهِ وَسَفَرِ الْحَاضِنَةِ الَّذِي يَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِنَزْعِهِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ فَالْحَضَانَةُ لَا تَسْقُطُ كَمَا يَأْتِي (وَظَاهِرُهَا) مَسَافَةُ (بَرِيدَيْنِ) فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ مَجْرُورًا، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُهَا ضَعِيفٌ (إنْ سَافَرَ) الْوَلِيُّ أَوْ الْحَاضِنَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحَمَّدٌ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْحَاضِنِ) أَيْ شَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِلْحَاضِنِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِلْحَاضِنِ أَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ حُرٌّ عَنْ مَحْضُونٍ حُرٍّ سَفَرَ نَقْلَةٍ سِتَّةَ بُرُدٍ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْمَحْضُونِ مِنْ حَاضِنَتِهِ، وَيُقَالُ لَهَا: اتْبَعِي مَحْضُونَك إنْ شِئْت وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلِيٌّ حُرٌّ عَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ لِلْمَحْضُونِ عَبْدًا وَأَرَادَ السَّفَرَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ مَعَهُ، وَيَبْقَى عِنْدَ حَاضِنَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَرَارَ لَهُ وَلَا مَسْكَنَ، وَاحْتَرَزَ بِالْوَلَدِ الْحُرِّ عَنْ الْوَلَدِ الْعَبْدِ إذَا سَافَرَ وَلِيُّهُ فَلَا يَأْخُذُهُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَحْتَ نَظَرِ سَيِّدِهِ أَيْ مَالِك أَمْرِهِ حَضَرًا وَسَفَرًا. (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الطِّفْلِ أَعَمُّ إلَخْ) تَفْسِيرُ الْوَلِيِّ هُنَا بِمَا ذَكَرَ الشَّامِلُ لِوِلَايَةِ الْمَالِ وَلِوِلَايَةِ الْعُصُوبَة هُوَ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ عج: الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ الْأَبِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (قَوْلُهُ: لَا رَقِيقٌ) أَيْ فَلَا يُسْقِطُ سَفَرُهُ حَقَّ الْحَاضِنَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَاضِنَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهُ إذْ لَا مَسْكَنَ لَهُ وَقَدْ يُبَاعُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيعًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ الْحُرُّ عَنْ الْوَلَدِ الْحُرِّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ، وَيَأْخُذُهُ وَلِيُّهُ مَعَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُ الرَّضِيعَ بَلْ إنَّمَا يَأْخُذُ الْوَلَدَ إذَا أَثْغَرَ، وَقِيلَ: يَأْخُذُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ أُمِّهِ) الْأَوْلَى غَيْرَ حَاضِنَتِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الْأُمِّ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَوْ تُسَافِرَ هِيَ) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ حَضَانَةِ الْحَاضِنَةِ أَنْ لَا تُسَافِرَ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ عَنْ بَلَدِ وَلِيِّ الْمَحْضُونِ الْحُرِّ فَإِنْ سَافَرَتْ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا، وَكَانَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَسَفَرِ النَّزَاهَةِ وَالسَّفَرِ لِطَلَبِ مِيرَاثٍ أَوْ حَقٍّ (قَوْلُهُ: بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا) أَيْ إذَا سَافَرَتْ، وَقَوْلُهُ: وَيَتْرُكُهُ الْوَلِيُّ عِنْدَهَا أَيْ إذَا سَافَرَ هُوَ وَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَظَاهِرُهُ كَانَ السَّفَرُ سِتَّةَ بُرُدٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مَا قَالَهُ عج وَتَبِعَهُ عبق وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: إنْ كَانَ السَّفَرُ لَيْسَ سَفَرَ نَقْلَةٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا لَكِنْ لَا تَأْخُذُ الْوَلَدَ مَعَهَا إلَّا إذَا كَانَ السَّفَرُ قَرِيبًا كَبَرِيدٍ لَا إنْ بَعُدَ فَلَا تَأْخُذُهُ وَإِنْ كَانَتْ حَضَانَتُهَا بَاقِيَةً وَتَبِعَهُ خش عَلَى ذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّهَا إذَا سَافَرَتْ لِكَتِجَارَةٍ وَأَخَذَتْ الْوَلَدَ مَعَهَا فَحَقُّ الْوَلَدِ فِي النَّفَقَةِ بَاقٍ عَلَى الْأَبِ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْ أَبِيهِ بِسَفَرِهِ مَعَهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ) رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ لِنَقْلَةٍ أَخَذَهُ وَحَلَفَ وَإِنْ سَافَرَتْ الْحَاضِنَةُ لِكَتِجَارَةٍ أَخَذَتْهُ وَحَلَفَتْ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِكُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ؛ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: وَحَلَفَ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ مِنْهُمَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ لَا كَمَا ارْتَضَاهُ عج وتت وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَقِيلَ: إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَارْتَضَاهُ الْمَوَّاقُ هَذَا وَلَمْ يَنْسُبْ ابْنُ عَرَفَةَ لُزُومَ الْيَمِينِ إلَّا لِابْنِ الْهِنْدِيِّ وَنَسَبَ الِاكْتِفَاءَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الِاسْتِيطَانِ دُونَ يَمِينٍ لِابْنِ يُونُسَ وَجَمَاعَةٍ مَعَ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ح: فَانْظُرْ كَيْفَ يَعْدِلُ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ الْأَكْثَرِ لَكِنْ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِالْيَمِينِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا بَرِيدَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ سَفَرَ الْبَرِيدَيْنِ يَكُونُ كَافِيًا فِي قَطْعِ الْحَضَانَةِ إذَا سَافَرَ الْوَلِيُّ أَوْ سَافَرَ الْحَاضِنُ (قَوْلُهُ: وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ مَجْرُورًا) فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَظَاهِرُهَا بَرِيدَانِ؛ لِأَنَّ الْمُثَنَّى يُرْفَعُ بِالْأَلِفِ (قَوْلُهُ: إنْ سَافَرَ لِأَمْنٍ وَأَمِنَ مِنْ الطَّرِيقِ) هَذَانِ الشَّرْطَانِ أَيْ كَوْنُ السَّفَرِ لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ وَالْأَمْنِ فِي الطَّرِيقِ مُعْتَبَرَانِ أَيْضًا فِي سَفَرِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا كَوْنُهُ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ وَغَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْإِسَاءَةِ عَلَيْهَا، وَكَوْنُهُ حُرًّا وَكَوْنُ الْبَلَدِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهَا قَرِيبَةً بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِهَا خَبَرُهَا فِيهَا، وَأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْبَلَدُ تُقَامُ فِيهَا الْأَحْكَامُ فَإِذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ وَطَلَبَ الزَّوْجُ السَّفَرَ بِزَوْجَتِهِ قُضِيَ بِسَفَرِهَا مَعَهُ، وَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا فَلَا تُجْبَرُ

سَفَرَ نَقْلَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ (لِأَمْنٍ) أَيْ لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ (وَأَمِنَ) كُلٌّ (فِي الطَّرِيقِ) عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعَلَى الْمَحْضُونِ، وَإِلَّا لَمْ يَنْزِعْهُ الْوَلِيُّ مِنْهَا وَنُزِعَ مِنْ الْحَاضِنَةِ (وَلَوْ) كَانَ (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّرِيقِ (بَحْرٌ) عَلَى الْأَصَحِّ فَالْمَدَارُ عَلَى الْأَمْنِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ) أَيْ الْحَاضِنَةُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْوَلِيِّ أَوْ مَعَ الْمَحْضُونِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِسَفَرِهِ سَفَرَ نَقْلَةٍ (لَا أَقَلَّ) مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ، وَمِنْ بَرِيدَيْنِ عَلَى الضَّعِيفِ فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا، وَلَا تُمْنَعُ الْحَاضِنَةُ مِنْ السَّفَرِ بِهِ. (وَلَا تَعُودُ) الْحَضَانَةُ لِمَنْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِالتَّزْوِيجِ (بَعْدَ الطَّلَاقِ) لَهَا أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا (أَوْ) بَعْدَ (فَسْخِ) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) بَعْدَ الْبِنَاءِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) . (أَوْ) بَعْدَ (الْإِسْقَاطِ) أَيْ إذَا أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا مِنْهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ الْعَوْدَ لَهَا فَلَا تَعُودُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لِلْحَاضِنِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: تَعُودُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ. (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْإِسْقَاطُ بِمَعْنَى السُّقُوطِ (لِكَمَرَضٍ) مِنْ كُلِّ عُذْرٍ لَا يُقْدَرُ مَعَهُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَالِ الْمَحْضُونِ كَعَدَمِ لَبَنٍ أَوْ حَجِّ فَرْضٍ أَوْ سَفَرِ الْوَلِيِّ بِالْمَحْضُونِ سَفَرَ نَقْلَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى السَّفَرِ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: سَفَرَ نَقْلَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ) رَاجِعٌ لِلْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَلِيِّ يَأْخُذُ الْوَلَدَ مِنْ الْحَاضِنَةِ إذَا سَافَرَ سِتَّةَ بُرُدٍ سَفَرَ نُقْلَةٍ إنْ كَانَ سَفَرُهُ لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ وَيَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْوَلَدِ الْمَحْضُونِ فِي الطَّرِيقِ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الْحَاضِنَةِ إذَا سَافَرَتْ السِّتَّةَ بُرُدٍ لِتِجَارَةٍ لَا يُنْزَعُ الْوَلَدُ مِنْهَا إذَا كَانَ سَفَرُهَا لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ وَكَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْوَلَدِ مَعَهَا فِي الطَّرِيقِ، وَإِلَّا نُزِعَ الْوَلَدُ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمِنَ كُلٌّ فِي الطَّرِيقِ) أَيْ وَلَوْ بِحَسَبِ غَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ الْقَطْعِ بِالْأَمْنِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَنْزِعْهُ الْوَلِيُّ) أَيْ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ، وَقَوْلُهُ: وَنُزِعَ مِنْ الْحَاضِنَةِ أَيْ إذَا أَرَادَتْ السَّفَرَ لِكَتِجَارَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِيهِ بَحْرٌ) مُبَالَغَةٌ فِي أَخْذِهِ إذَا أُرِيدَ السَّفَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا أَرَادَ سَفَرَ النَّقْلَةِ وَكَانَ سِتَّةَ بُرُدٍ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ وَكَذَلِكَ الْحَاضِنَةُ إذَا سَافَرَتْ لِكَتِجَارَةٍ كَانَ لَهَا أَخْذُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ إذَا سَافَرَ وَلَا الْحَاضِنَةُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَلَا يُمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ أَخْذِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَ أَخْذَهُ عَلَى الْبَرِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ سَافَرَ الْوَلِيُّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ لِنَقْلَةٍ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَكَانَ لِلْوَلِيِّ أَخْذُهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِسَفَرِهِ سَفَرَ نَقْلَةٍ) أَيْ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ إذَا أَرَادَتْهُ (قَوْلُهُ: لَا أَقَلَّ) أَيْ لَا إنْ كَانَ سَفَرُ الْوَلِيِّ سَفَرَ نَقْلَةٍ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا وَلَا إنْ كَانَ سَفَرُهَا سَفَرَ نَقْلَةٍ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ فَلَا تُمْنَعُ الْحَاضِنَةُ مِنْ أَخْذِهِ مَعَهَا وَالسَّفَرِ بِهِ إذْ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِذَلِكَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ سَقَطَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا بَلْ الْحَقُّ فِي الْحَضَانَةِ بَاقٍ لِمَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ رَدَّ الْمَحْضُونِ لِمَنْ انْتَقَلَتْ عَنْهُ الْحَضَانَةُ فَإِنْ كَانَ لِلْأُمِّ فَلَا مَقَالَ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ لِأُخْتِهَا مَثَلًا فَلِلْأَبِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَعُودُ أَيْ جَبْرًا عَلَى مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ بِتَزَوُّجِهَا أَمَّا لَوْ سَلَّمَ لَهَا الْحَضَانَةَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَهَا فَإِنَّهَا تَعُودُ لَهَا لَكِنْ تَارَةً يَكُونُ لِلْأَبِ مَقَالٌ وَتَارَةً لَا يَكُونُ لَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ فَسْخِ الْفَاسِدِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِالتَّزْوِيجِ وَأَخَذَ الْوَلَدَ مَنْ بَعْدَهَا فِي الْمَرْتَبَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ فُسِخَ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّ حَضَانَتَهَا لَا تَعُودُ وَهَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَدَرَأَ الْحَدَّ أَمَّا لَوْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ النِّكَاحُ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَلَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَعُودُ لَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَسْخَ الْفَاسِدِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَعُودُ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ أَوْ لَا وَكَذَا إنْ كَانَ فَسْخُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَلَمْ يَدْرَأْ الْحَدَّ كَالْخَامِسَةِ وَالْمَحْرَمِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا إنْ كَانَ فَسْخُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ وَيَدْرَأُ الْحَدَّ كَالْمَحْرَمِ وَالْخَامِسَةُ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ أَوْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَفُسِخَ لِذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا فَإِنَّ الْحَضَانَةَ لَا تَعُودُ؛ لِأَنَّ فَسْخَ نِكَاحِهَا كَطَلَاقِهَا مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْأَصْوَبُ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْأَرْجَحِ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ تَرْجِيحَهُ إنَّمَا وَقَعَ فِيهَا دُونَ مَا قَبْلَهَا وَقِيلَ إنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ وَسَقَطَتْ حَضَانَتُهَا ثُمَّ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادِهِ فَإِنَّ حَضَانَتَهَا تَعُودُ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ أَوْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَانَ يَدْرَأُ الْحَدَّ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ) أَيْ لِلْغَيْرِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ وُجُوبِهَا لَهَا إلَخْ) هَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا أَسْقَطَتْ الْأُمُّ حَضَانَتَهَا لِلْأَبِ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَلِإِسْقَاطِهَا لَهُ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَهُمَا زَوْجَانِ كَمَا مَرَّ وَشَامِلٌ لِمَا إذَا أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ حَضَانَتَهَا بَعْدَ أَنْ أَسْقَطَتْ بِنْتُهَا حَضَانَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ خُلْعِهَا؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْأُمِّ حَضَانَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ خُلْعِهَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْجَدَّةِ

فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ عَادَتْ الْحَضَانَةُ بِزَوَالِهِ (أَوْ لِمَوْتِ الْجَدَّةِ) عَطْفٌ عَلَى مَرَضٍ فَالْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِي مَوْتٍ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُقَدَّرٌ دُخُولُهَا عَلَى الْجَدَّةِ فَيَشْمَلُ غَيْرَهَا مِنْ كُلِّ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ بِتَزْوِيجٍ مِنْ قِبَلِهِ كَالْأُمِّ مَثَلًا يَعْنِي إذَا مَاتَتْ الْجَدَّةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ وَمِثْلُ الْمَوْتِ تَزْوِيجُهَا (وَالْأُمُّ) مَثَلًا الَّتِي سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا بِتَزْوِيجِهَا (خَالِيَةٌ) مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّ الْحَضَانَةُ تَعُودُ إلَيْهَا بِمَوْتِ الْجَدَّةِ أَوْ تَزْوِيجِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَضَانَةَ إذَا انْتَقَلَتْ لِشَخْصٍ لِمَانِعٍ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ، وَقَدْ مَاتَ أَوْ تَزَوَّجَ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَعُودُ لِلْأَوَّلِ. (أَوْ لِتَأَيُّمِهَا) أَيْ الْحَاضِنَةِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِمَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهَا (قَبْلَ عِلْمِهِ) أَيْ عِلْمِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ حِينَ التَّزَوُّجِ فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ لَهَا، وَلَا مَقَالَ لِمَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ شَرْعًا حَالَ تَزَوُّجِ الْأُمِّ، وَفِي جَعْلِ هَذَا الِاسْتِمْرَارِ عَوْدًا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمُصَنِّفِ تَسَمُّحٌ. (وَلِلْحَاضِنَةِ) أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا (قَبْضُ نَفَقَتِهِ) وَكِسْوَتِهِ وَغِطَائِهِ وَوِطَائِهِ وَجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الطِّفْلُ وَلَيْسَ لِأَبِي الْمَحْضُونِ أَنْ يَقُولَ لَهَا ابْعَثِيهِ لِيَأْكُلَ عِنْدِي ثُمَّ يَعُودَ لَك لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالطِّفْلِ وَالْإِخْلَالِ بِصِيَانَتِهِ وَالضَّرَرِ عَلَى الْحَاضِنَةِ لِلْمَشَقَّةِ، وَلَيْسَ لَهَا مُوَافَقَةُ الْأَبِ عَلَى ذَلِكَ لِضَرَرِ الطِّفْلِ؛ إذْ أَكْلُهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ ثُمَّ إنَّ قَبْضَ النَّفَقَةِ يُقَدَّرُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الْأَبِ بِالنَّظَرِ لِحَالِهِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَمِنْ أَعْيَانٍ أَوْ أَثْمَانٍ وَلِحَالِ الْحَاضِنَةِ مِنْ قُرْبِ الْمَسْكَنِ مِنْ الْأَبِ وَبُعْدِهِ وَأَمْنِهِ وَخَوْفِهِ وَأَمَّا السُّكْنَى فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهَا عَلَى الْأَبِ لِلْمَحْضُونِ وَالْحَاضِنَةِ مَعًا، وَلَا اجْتِهَادَ فِيهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: سُكْنَى الطِّفْلِ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى الْحَاضِنَةِ مَا يَخُصُّ نَفْسَهَا بِالِاجْتِهَادِ فِيهِمَا أَيْ فِيمَا يَخُصُّ الطِّفْلَ، وَمَا يَخُصُّ الْحَاضِنَ وَقِيلَ تُوَزَّعُ عَلَى الرُّءُوسِ فَقَدْ يَكُونُ الْمَحْضُونُ مُتَعَدِّدًا، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَ) لِلْحَاضِنَةِ (السُّكْنَى بِالِاجْتِهَادِ) الْمَشْيُ عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ وَلَوْ مَشَى عَلَى مَذْهَبِهَا لَقَدَّمَ قَوْلَهُ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى قَوْلِهِ: وَالسُّكْنَى لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ صَوَابٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِذَا أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ بَعْدَ طَلَاقِ بِنْتِهَا صَحَّ الْإِسْقَاطُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ حَقَّهُ فِيهَا انْتَقَلَ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الْمَرْتَبَةِ لَا لِلْمَسْقَطِ لَهُ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَهَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا وَقَدْ أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ أَوْ الْخَالَةُ حَقَّهَا قَبْلَ مُخَالَعَةِ ابْنَتِهَا أَوْ أُخْتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ عَادَتْ الْحَضَانَةُ بِزَوَالِهِ) أَيْ مَا لَمْ تَتْرُكْهُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ سَنَةً فَلَا تَأْخُذُهُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ يَأْلَفُ الْوَلَدُ مَنْ هُوَ عِنْدَهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِ نَقْلَتُهُ مِنْ عِنْدِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَوْتِ الْجَدَّةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ إذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَأَخَذَتْ الْجَدَّةُ الْوَلَدَ ثُمَّ فَارَقَ الزَّوْجُ الْأُمَّ، وَقَدْ مَاتَتْ الْجَدَّةُ أَوْ تَزَوَّجَتْ، وَالْأُمُّ خَالِيَةٌ مِنْ الْمَوَانِعِ فَهِيَ أَحَقُّ مِمَّنْ بَعْدَ الْجَدَّةِ وَهِيَ الْخَالَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا كَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجَدَّةَ إذَا مَاتَتْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِمَنْ بَعْدَهَا كَالْخَالَةِ وَلَا تَعُودُ لِلْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ مُتَأَيِّمَةً. (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ مَثَلًا خَالِيَةٌ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْجَدَّةِ وَلَا لِلْأُمِّ وَلَا لِلْمَوْتِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَوْ لِكَمَوْتِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ الْحَضَانَةُ وَقَدْ خَلَّى مَنْ قَبْلَهُ كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَأَيُّمِهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَنْ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ إلَيْهِ بِتَزْوِيجِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَمِرُّ لِلْحَاضِنَةِ وَلَا مَقَالَ لِمَنْ بَعْدَهَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ مَنْ بَعْدَهَا بِزَوَاجِهَا وَسَكَتَ عَنْ أَخْذِ الْوَلَدِ عَامًا أَوْ أَقَلَّ وَلَمْ يَقُمْ حَتَّى تَأَيَّمَتْ وَلَمْ يَنْزِعْهُ مِنْهَا وَلَا مَقَالَ لَهُ وَمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ الْعَامَ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا فَإِنْ سَكَتَ أَقَلَّ مِنْ الْعَامِ كَانَ لَهُ انْتِزَاعُهُ فَفِيمَا إذَا لَمْ تَتَأَيَّمْ فَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ كَذَا ذَكَرَهُ عج وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: إذَا عَلِمَ مَنْ بَعْدَهَا فَلَا مَقَالَ لَهُ إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ الْعَامَ، وَإِلَّا فَلَهُ مَقَالٌ فَإِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِ هُنَا يُقَيَّدُ بِمَا مَرَّ بِحَيْثُ يُقَالُ: مَفْهُومُ قَبْلَ عِلْمِهِ أَنَّهَا إذَا تَأَيَّمَتْ بَعْدَ عِلْمِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ الْحَضَانَةُ وَسُكُوتِهِ كَانَ لَهُ انْتِزَاعُهُ إنْ كَانَ السُّكُوتُ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ، وَإِلَّا فَلَا وَفِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَحَلَّيْنِ مُخْتَلِفٌ فَكَيْفَ يُقَيَّدُ أَحَدُهُمَا بِمَا فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَبِي الْمَحْضُونِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا طَلَبَ ذَلِكَ فَلَا يُجَابُ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ) أَيْ إنَّ الْحَاضِنَةَ مُخْتَصَّةٌ بِذَلِكَ، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمْنِهِ) أَيْ فَيُعْطِي نَفَقَةً كَثِيرَةً كَجُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَقَوْلُهُ: وَخَوْفِهِ أَيْ فَيُعْطِي نَفَقَةً قَلِيلَةً كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ: فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لعج وَتَبِعَهُ عبق وَشَارِحُنَا وَسَيَأْتِي لَك مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا يَخُصُّ الطِّفْلَ) أَيْ بِأَنْ يُجْعَلَ نِصْفُ أُجْرَةِ الْمَسْكَنِ مَثَلًا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَنِصْفُهَا عَلَى الْحَاضِنِ، أَوْ ثُلُثُهَا مَثَلًا عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَثُلُثَاهَا عَلَى الْحَاضِنِ أَوْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تُوَزَّعُ عَلَى الرُّءُوسِ) فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا يَخُصُّ الْحَاضِنَ مِنْ الْمَسْكَنِ، وَأَمَّا مَا يَخُصُّ الْمَحْضُونَ مِنْهُ فَعَلَى الْأَبِ بِاتِّفَاقِ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَيَأْتِي لَك أَقْوَالٌ أُخَرُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ بْن وتت مَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَفِي بْن مَا نَصُّهُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِيمَا يَلْزَمُهُ الْأَبُ لِلْوَلَدِ مَا نَصُّهُ وَكَذَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ عَنْ مَسْكَنِهِ

(وَلَا شَيْءَ لِحَاضِنٍ) زِيَادَةً عَلَى السُّكْنَى (لِأَجْلِهَا) أَيْ الْحَضَانَةِ وَأَمَّا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَضَانَةِ فَقَدْ يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ كَالْأُمِّ الْفَقِيرَةِ فِي مَالِ وَلَدِهَا الْمَحْضُونِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ الْمَذْكُورُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا سَحْنُونٌ وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ عَلَى قَدْرِ مَا يَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ السُّكْنَى عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ اهـ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَقَدْ أَفَادَ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ كَمَا فَهِمَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَنَصُّهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَى الْأَبِ السُّكْنَى وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ الْقَائِلِ: إنَّ أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ عَلَى الْحَاضِنَةِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونٌ: تَكُونُ السُّكْنَى عَلَى حَسَبِ الِاجْتِهَادِ، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيِّ وَهُوَ قَرِيبٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ، وَرُوِيَ لَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَيْثُ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا، وَأَنَّهَا عَلَى الْمُوسِرِ مِنْ الْأَبِ وَالْحَاضِنَةِ، وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأُمِّ مِنْ السُّكْنَى اهـ فَقَوْلُ التَّوْضِيحِ: وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلًا إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ بِكَوْنِ السُّكْنَى كُلِّهَا عَلَى الْأَبِ هُوَ الضَّعِيفُ الْمُقَابِلُ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَا أَنَّهُ مَذْهَبُهَا فَيَبْطُلُ بِهِ مَا ادَّعَاهُ عبق تَبَعًا لِشَيْخِهِ مِنْ ضَعْفِ مَا لِسَحْنُونٍ وَجَعْلِ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ هُوَ الْمَشْهُورَ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن وَقَوْلُ التَّوْضِيحِ وَأَنَّهَا عَلَى الْمُوسِرِ مِنْ الْأَبِ وَالْحَاضِنَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا أَيْسَرَتْ دُونَ الْأَبِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَبِ سُكْنَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ أَيْسَرَ الْأَبُ دُونَ الْحَاضِنَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَاضِنَةِ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ السُّكْنَى (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِحَاضِنٍ لِأَجْلِهَا) أَيْ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ نَفَقَةِ أُجْرَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يُنْفَقُ عَلَى الْحَاضِنَةِ مِنْ مَالِ الْغُلَامِ، وَالْخِلَافُ إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ غَنِيَّةً أَمَّا الْفَقِيرَةُ فَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ لِأَجْلِ فَقْرِهَا لَا لِلْحَضَانَةِ اُنْظُرْ طفي اهـ بْن (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى السُّكْنَى) أَيْ مِنْ نَفَقَةٍ وَأُجْرَةِ حَضَانَةٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ السُّكْنَى (قَوْلُهُ: لِأَجْلِهَا) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ وَهُوَ لِحَاضِنٍ.

[باب البيع]

ذَكَرَ فِيهِ الْبَيْعَ وَهُوَ أَوَّلُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ (يَنْعَقِدُ) أَيْ يَحْصُلُ وَيُوجَدُ (الْبَيْعُ) وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ فَتَخْرُجُ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ وَالنِّكَاحُ وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ وَالصَّرْفِ وَالْمُرَاطَلَةُ وَالسَّلَمُ أَيْ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْبَيْعِ الْأَعَمِّ كَمَا قَالَ. قَالَ: وَالْغَالِبُ عُرْفًا أَخَصُّ مِنْهُ بِزِيَادَةِ ذُو مُكَايَسَةِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ مُعَيَّنٌ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ انْتَهَى وَالْمُكَايَسَةُ الْمُغَالَبَةُ. وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْعَاقِدُ وَهُوَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمِّنُ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ وَصَرَّحَ بِالْأَوَّلِ مُبْتَدِئًا بِهِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ الْبَيْعَ] «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابٌ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) (قَوْلُهُ: أَيْ يَحْصُلُ وَيُوجَدُ) إنَّمَا فَسَّرَ يَنْعَقِدُ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ انْعِقَادَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَقَوُّمِهِ بِأَجْزَائِهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُفَسِّرَ بِيَصِحُّ أَوْ يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الْبَيْعُ بِالْمُعَاطَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الصِّيَغِ وَلَا يَكُونُ صَحِيحًا أَوْ لَازِمًا، وَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) أَيْ عَقْدٌ مُحْتَوٍ عَلَى عِوَضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ) أَيْ عَلَى ذَوَاتِ غَيْرِ مَنَافِعِ وَغَيْرِ تَمَتُّعٍ أَيْ انْتِفَاعٍ بِلَذَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ إلَخْ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَتَخْرُجُ مِنْ الْأَخَصِّ بِقَوْلِهِ: ذُو مُكَايَسَةٍ (قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ) هُوَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ مُغَايِرٍ لِنَوْعِهِ، وَأَمَّا الْمُرَاطَلَةُ فَهِيَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ مِنْ نَوْعِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ وَلَمَّا كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ الشَّارِحُ كَمَا قَالَ أَيْ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْغَالِبُ عُرْفًا أَيْ وَالْغَالِبُ إطْلَاقُهُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى أَخَصَّ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ الْمُتَقَدِّمِ بِسَبَبِ أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ السَّابِقِ ذُو مُكَايَسَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ذُو مُكَايَسَةٍ) أَيْ صَاحِبُ مُغَالَبَةٍ وَمُشَاحَحَةٍ خَرَّجَ هِبَةَ الثَّوَابِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مُشَاحَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَتَى دُفِعَتْ الْقِيمَةُ لَزِمَ الْوَاهِبَ قَبُولُهَا وَلَا يُجَابُ لِأَزِيدَ وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَهُ الْمُكَايَسَةُ وَالْمُغَالَبَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّ تَخَلُّفُهَا فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ كَبَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ) أَيْ وَأَمَّا الْعِوَضُ الْآخَرُ فَصَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ غَيْرَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ عَرَضًا وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدُ الصَّرْفُ وَالْمُرَاطَلَةُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِيهِمَا غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ بَلْ الْعِوَضَانِ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فِي الْمُرَاطَلَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا ذَهَبٌ وَالْآخَرُ فِضَّةٌ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنُ غَيْرِ الْعَيْنِ فِيهِ) إضَافَةُ غَيْرُ فِيهِ لِلْعُمُومِ

(بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ أَوْ بِالشَّيْءِ الَّذِي (يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) مِنْ قَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا. (وَإِنْ) حَصَلَ الرِّضَا (بِمُعَاطَاةِ) بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَدْفَعَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ أَوْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فَيَدْفَعَ لَهُ الْآخَرُ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّمٍ وَلَا إشَارَةٍ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُحَقِّرَاتِ وَلَزِمَ الْبَيْعُ فِيهَا بِالتَّقَابُضِ أَيْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنَ، وَأَمَّا أَصْلُ الْبَيْعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ فَمَنْ أَخَذَ مَا عَلِمَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِكِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ فَقَدْ وَجَدَ أَصْلَ الْعَقْدِ لَا لُزُومَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ إعْطَاءً لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ وَإِنْ كَانَ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا إعْطَاءً، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إذْ كَلَامُهُ فِي الِانْعِقَادِ، وَلَوْ بِلَا لُزُومٍ. (و) إنْ حَصَلَ الرِّضَا (ب) قَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِعْنِي) وَنَحْوَهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ابْتِدَاءً (فَيَقُولُ) لَهُ الْبَائِعُ (بِعْت) وَنَحْوَهُ وَإِذَا انْعَقَدَ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَبُولُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْإِيجَابِ فَأَوْلَى إذَا كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: اشْتَرِ السِّلْعَةَ مِنِّي أَوْ خُذْهَا بِكَذَا وَنَحْوَهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ انْعِقَادُ الْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَرْضَى أَوْ كُنْت هَازِلًا، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهَا عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ رَاجِحٌ وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مُعَيَّنٌ فِيهِ كُلُّ مَا خَالَفَ الْعَيْنَ خَرَجَ السَّلَمُ فَإِنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ لَيْسَ مُعَيَّنًا بَلْ فِي الذِّمَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَا لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ فَيَشْمَلُ الْغَائِبَ فَبَيْعُ الْغَائِبِ لَيْسَ سَلَمًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ مُعَيَّنٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي السَّلَمِ فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ فِي السَّلَمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَرَضًا قُلْت الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا، وَإِنَّمَا آثَرَ الْعَيْنَ بِالذِّكْرِ نَظَرًا لِلشَّأْنِ اهـ عَدَوِيٌّ . (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) أَيْ بِسَبَبِ وُجُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِشَيْءٍ إلَخْ، إلَى أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً وَأَنْ تَكُونَ مَعْرِفَةً وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْصُولَ يَعُمُّ دَائِمًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَقَدْ تَعُمُّ وَقَدْ لَا تَعُمُّ (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ) أَيْ عُرْفًا سَوَاءٌ دَلَّ عَلَى الرِّضَا لُغَةً أَيْضًا أَوْ لَا فَالْأَوَّلُ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالثَّانِي كَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ وَالْمُعَاطَاةِ. (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ مِنْ قَوْلٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْهُمَا أَوْ قَوْلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِتَابَةٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ إشَارَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ جَانِبٍ وَقَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْ الْآخَرِ . (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَالُّ الرِّضَا غَيْرَ مُعَاطَاةٍ بِأَنْ كَانَ قَوْلًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ إشَارَةً بَلْ، وَإِنْ كَانَ دَالُّ الرِّضَا مُعَاطَاةً وِفَاقًا لِأَحْمَدَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ أَمْ لَا، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَوْلِ عِنْدَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ فِي الْمُحَقَّرَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلُزُومُ الْبَيْعِ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَاطَاةِ بِالتَّقَابُضِ أَيْ بِالْقَبْضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَمَنْ أَخَذَ رَغِيفًا مِنْ شَخْصٍ وَدَفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ الرَّغِيفَ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ فَيَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ) أَيْ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ، أَيْ كَالصَّدَقَةِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ أَيْ إنْ وَجَدَ مِنْ الْآخَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعٌ بَيْنَهُمَا وَأَكْلُهُ غَيْرُ حَلَالٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ الرِّضَا بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْنِي) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَبِعْنِي إلَخْ مَدْخُولٌ لِلْمُبَالَغَةِ فَهُوَ عُطِفَ عَلَى بِمُعَاطَاةٍ وَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِهَا وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِانْدِرَاجِ هَذَا تَحْتَ قَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا أَنَّ كُلَّ مُبَالَغَةٍ ذَكَرَهَا بَعْدَ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمُعَاطَاةِ يَنْعَقِدُ بِتَقَدُّمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: بِعْنِي فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ وَفِيمَا قَبْلَهَا وَلِهَذَا أَتَى بِهَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ، وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ لِدُخُولِهَا مَعَهَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت وَنَحْوَهُ) أَيْ كَأَخَذْتُهَا أَوْ رَضِيَتْ بِهَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِيجَابِ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوَّلًا وَيَقَعُ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا (قَوْلُهُ: انْعِقَادُ الْبَيْعِ) أَيْ لُزُومُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِكَاكُ عَنْهُ أَيْ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا: بِعْنِي، فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلٌ رَاجِحٌ) هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ خش وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَاضِيَ يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ أَتَى بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ، وَلَوْ حَلَفَ وَالْمُضَارِعُ إنْ حَلَفَ مَنْ أَتَى بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَا لَزِمَ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فَهَلْ هُوَ كَالْمَاضِي وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ كَالْمُضَارِعِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ وَالْمَعْمُولَ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ) لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، كَذَا قَالَ عج -

كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ الْآتِيَة؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَحِينَئِذٍ فَمَحَلُّ الِانْعِقَادِ بِذَلِكَ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الرِّضَا بِهِ أَوْ خَالَفَ وَلَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْآتِيَةِ فَأَوْلَى مَعَ صِيغَةِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمُضَارِعِ عَلَى الْبَيْعِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ لِدَلَالَةِ الْمُضَارِعِ عَلَى الْحَالِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ. (و) يَنْعَقِدُ (ب) قَوْلِ الْمُشْتَرِي (ابْتَعْت) وَاشْتَرَيْت وَنَحْوَ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي (أَوْ) بِقَوْلِ الْبَائِعِ (بِعْتُك) أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَذَلِكَ (وَيَرْضَى الْآخَرُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَظَاهِرُهُ الِانْعِقَادُ، وَلَوْ قَالَ الْبَادِئُ: لَا أَرْضَى، وَإِنَّمَا كُنْت مَازِحًا مَثَلًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ) الْمُتَكَلِّمُ بِالْمُضَارِعِ ابْتِدَاءً مِنْهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ (وَإِلَّا) يَحْلِفُ (لَزِمَ) الْبَيْعُ وَلَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ. (إنْ قَالَ أَبِيعُكَهَا بِكَذَا) فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ (أَوْ) قَالَ الْمُشْتَرِي (أَنَا أَشْتَرِيهَا بِهِ) أَيْ بِكَذَا فَرَضِيَ الْبَائِعُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ أُرِدْ الشِّرَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ فَمَحَلُّ الْحَلِفِ فِيهِمَا حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّضَا قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَا يَمِينَ. (أَوْ تَسَوَّقَ بِهَا) عُطِفَ عَلَى أَنْ قَالَ أَيْ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَإِلَّا لَزِمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنَّ كَلَامَ بْن نَقْلًا عَنْ ح يَقْتَضِي اعْتِمَادَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ انْعِقَادِ الْبَيْعِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَرْضَى أَوْ كُنْت هَازِلًا، وَلَوْ حَلَفَ وَنَصُّهُ، مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اسْتَنَدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ وَكَانَ قِيَاسُهُ هَذَا مَطْعُونًا فِيهِ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ الْبَحْثَ فِيهِ فَجَزَمَ بِاللُّزُومِ، وَلَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي وَحَلَفَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ الْآتِيَةِ) مُرَادُهُ بِهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَحَلَفَ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ قَالَ إلَى قَوْلِهِ أَخَذْتهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ، وَإِنَّمَا كَانَ هَازِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمُضَارِعِ عَلَى الْبَيْعِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَقَدْ قَالُوا: يَطْلُبُ الْيَمِينَ مِنْ الرَّاجِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ مَعَ كَوْنِهِ آتِيًا بِالْمُضَارِعِ الْأَقْوَى دَلَالَةً فَلْيَكُنْ طَلَبُ الْيَمِينِ مِنْ الرَّاجِعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا الرَّاجِعُ بِالْأَمْرِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَتَعَقَّبَهُ بْن قَائِلًا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَدَلَالَةُ الْأَمْرِ عَلَى الرِّضَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْمُضَارِعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ مُحْتَمَلًا بِخِلَافِ الْمُضَارِعِ، فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لِذَلِكَ لُغَةً فَالْمَاضِي لَمَّا كَانَ دَالًّا عَلَى الرِّضَا مِنْ غَيْرِ احْتِمَالٍ انْعَقَدَ الْبَيْعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَالْأَمْرُ كَبِعْنِي إنَّمَا يَدُلُّ لُغَةً عَلَى الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ لَهُ أَوْ الْتِمَاسِهِ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِرِضَاهُ وَعَدَمِهِ لَكِنَّ الْعُرْفَ دَلَّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَوِي الْأَمْرُ مَعَ الْمَاضِي (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِصِيغَةِ الْمَاضِي. (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمُصَدَّرَتَيْنِ بِالْمَاضِي، أَعْنِي: ابْتَعْت وَبِعْتُك (قَوْلُهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ يَدُلُّ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَقَبِلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَاضِي) أَيْ فَقَالَ: يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِهِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ وَقَوْلُهُ: وَالْمُضَارِعُ أَيْ فَقَالَ: إنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ) أَيْ الْيَمِينُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: إنْ قَالَ أَبِيعُكهَا بِكَذَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ لِلْبَيْعِ وَقَالَ: مَنْ أَتَانِي بِعَشَرَةٍ فَهِيَ لَهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِذَلِكَ إنْ سَمِعَ كَلَامَهُ أَوْ بَلَغَهُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَنْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَلَا بَلَغَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ذَكَرَهُ فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْيَارِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ) أَيْ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْوَعْدَ أَوْ الْمَزْحَ (قَوْلُهُ: لَمْ أُرِدْ الشِّرَاءَ) أَيْ، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْوَعْدَ بِهِ أَوْ الْمَزْحَ وَالْهَزْلَ؛ لِأَنَّ هَزْلَ الْبَيْعِ لَيْسَ جِدًّا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْهَزْلُ جِدًّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْعِتْقِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّ الْحَلِفِ فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ تَرَدُّدٌ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَمِينٌ وَيَلْزَمُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْمُضَارِعِ أَوَّلًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ تَرَدُّدَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَاعِبٍ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي: يَا فُلَانُ بِعْنِي سِلْعَتَك بِعَشَرَةٍ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ لَهُ: بِأَحَدَ عَشَرَ فَيَقُولُ: لَا، ثُمَّ يَقُولُ الْبَائِعُ: أَبِيعُكَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ، فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت؛ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بَيْعًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّضَا قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَا يَمِينَ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَمَّا أَوْجَبَهُ لِصَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا أَجَابَهُ صَاحِبُهُ بَعْدُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ فِي صِيغَةٍ يَلْزَمُهُ بِهَا الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ كَصِيغَةِ الْمَاضِي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي صِيغَةِ الْمُضَارِعِ كَمَا هُوَ لَفْظُهُ فَإِذَا أَتَى أَحَدُهُمَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَرَجَعَ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا رَضِيَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَإِلَّا لَزِمَهُ) -

الْبَيْعُ إنْ تَسَوَّقَ بِهَا أَيْ أَوْقَفَهَا فِي سُوقِهَا (فَقَالَ) لَهُ شَخْصٌ (بِكَمْ) تَبِيعُهَا (فَقَالَ) لَهُ (بِمِائَةٍ) مَثَلًا (فَقَالَ) الشَّخْصُ (أَخَذْتُهَا) بِهَا فَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْبَيْعَ قَالَ الْحَطَّابُ مَفْهُومُ تَسَوَّقَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَحُكْمُ مَا تَسَوَّقَ وَمَا لَمْ يَتَسَوَّقْ سَوَاءٌ وَهُوَ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ أَوْ عَلَى إرَادَتِهِ فَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ كَمَا إذَا حَصَلَ تَمَاكُسٌ وَتَرَدُّدٌ بَيْنَهُمَا أَوْ سَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ قَالَ: لَا أَرْضَى فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ. وَأَشَارَ لِلْعَاقِدِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ بِذِكْرِ شَرْطَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَشَرْطُ) صِحَّة عَقْدِ (عَاقِدِهِ) أَيْ الْبَيْعِ (تَمْيِيزٌ) بِأَنْ يَكُونَ إذَا كَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنُ الْجَوَابِ عَنْهُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَفْهُومِ قَوْلَهُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ (بِسُكْرٍ) حَرَامٌ أَيْ بِسَبَبِهِ (فَتَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ فَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِ التَّرَدُّدِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ إذْ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا كَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ هَذَا الْمَشْرُوبَ غَيْرُ مُسْكِرٍ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَالْمُرَادُ بِالْمُسْكِرِ هُنَا مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ فَيَشْمَلُ الْمُرْقِدَ وَالْمُخَدِّرَ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ قَطْعًا لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعُ إنْ تَسَوَّقَ بِهَا إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهُ عَدَمُ الرِّضَا، وَلَوْ حَلَفَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفَصَّلَ الْأَبْهَرِيُّ فَقَالَ: إنْ أَشْبَهَ مَا سَمَّاهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ لَزِمَ الْبَيْعُ وَإِلَّا حَلَفَ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ جَارِيَةٌ فِي صُورَةِ الْمَنْطُوقِ وَالْمُعْتَمَدُ أَوَّلُهَا وَهُوَ الْحَلِفُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ وَإِلَّا لَزِمَ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْمَفْهُومِ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَوْقُوفَةٍ لِلسَّوْمِ اُنْظُرْ بْن وَعَلَى هَذَا فَيُزَادُ فِي الْمَفْهُومِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ خش. (قَوْلُهُ: مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالْعَلَّامَةُ بْن خِلَافًا لخش حَيْثُ ضَعَّفَهُ وَاعْتَمَدَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَأَنَّ غَيْرَ الْمَوْقُوفَةِ لِلسَّوْمِ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ لَاعِبٌ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ إلَخْ) إنَّمَا عَمِلَ بِالْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لِلتُّهْمَةِ وَهِيَ تَنْتَفِي بِالْقَرِينَةِ كَمَا قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ تَمَاكُسٌ وَتَرَدُّدٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهَا بِخَمْسِينَ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا فَقَالَ لَهُ بِسِتِّينَ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِكَمْ تَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: بِمِائَةٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذْتُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَقُمْ إلَخْ) هَذِهِ الْحَالَةُ مَحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (تَنْبِيهٌ) لَا يَضُرُّ فِي الْبَيْعِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَا عَنْ الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ عُرْفًا وَلِلْبَائِعِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي فِي الْمُزَايَدَةِ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ إلْزَامِهِ، كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا زَادَ فِي السِّلْعَةِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهَا أَوْ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ، فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُ بِهَا وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ بِيَدِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا كَانَ لِرَبِّهَا إلْزَامُهُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ صِحَّةَ عَقْدِ عَاقِدِهِ) إنَّمَا قُدِّرَ الْمُضَافُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا هُوَ الْعَقْدُ لَا الْعَاقِدُ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ الْمُضَافُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ فَإِنَّ الَّذِي يُقَابِلُ اللُّزُومَ الصِّحَّةُ وَقَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ شَرْطٌ فِي وُجُودِ الْعَقْدِ لَا فِي صِحَّتِهِ فَالْمُرَادُ شَرْطُ وُجُودِ عَقْدِ عَاقِدِهِ؛ لِأَنَّ فَقْدَ التَّمْيِيزِ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ بِحَيْثُ لَا تُوجَدُ حَقِيقَتُهُ لِفَقْدِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لَا صِحَّتُهُ مَعَ وُجُودِ حَقِيقَتِهِ تَأَمَّلْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) خِلَافًا لِمَا فِي طفى مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَجَعَلَ التَّمْيِيزَ شَرْطًا فِي لُزُومِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي التَّلْقِينِ وَفَسَادُ الْبَيْعِ يَكُونُ لِأُمُورٍ مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ أَوْ غَيْرِ عَالِمٍ بِالْبَيْعِ، وَقَوْلُ ابْنِ بَزِيزَةَ فِي شَرْحِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ أَنَّ بَيْعَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ وَقَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّ الْعَقْدَ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ فَاسِدٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ لِتَوَقُّفِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ عَلَى الرِّضَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مَفْقُودٌ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَفْهُومِ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزَةِ بِسُكْرٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَفِي عَدَمِ انْعِقَادِ بَيْعِهِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ) أَيْ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: إذْ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا) أَيْ يُوهِمُ أَنَّ أَحَدَ التَّرَدُّدَيْنِ قَائِلٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ قَائِلٌ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرِبٍ أَوْ لَا، غَيَّبَ الْحَوَاسَّ أَيْضًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ) أَيْ فَلَهُ إذَا أَفَاقَ أَنْ يَرُدَّهُ وَأَنْ يَمْضِيَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي إقْرَارَتِهِ وَسَائِرِ عُقُودِهِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعُقُودِ) أَيْ وَهِيَ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الطَّلَاقِ وَمَا بَعْدَهُ فَهِيَ إخْرَاجَاتٌ

كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ فَتَلْزَمُهُ. (و) شَرْطُ (لُزُومِهِ) أَيْ عَقْدَ عَاقِدِهِ (تَكْلِيفٌ) وَرُشْدٌ وَطَوْعٌ فِي بَيْعِ مَتَاعِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ مَتَاعِ غَيْرِهِ وَكَالَةٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ وَيَلْزَمُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ أَوَّلًا فِي الْبَيْعِ كَافٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ الثَّالِثِ. قَوْلُهُ (لَا إنْ أُجْبِرَ) الْعَاقِدُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ، وَكَذَا عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ طَلَبُ مَالٍ ظُلْمًا، وَلَوْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبَيْعِ عَلَى الْمَذْهَبِ (جَبْرًا حَرَامًا) وَهُوَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ (وَرُدَّ عَلَيْهِ) مَا جُبِرَ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ وَلَا يُفِيتُهُ تَدَاوُلُ أَمْلَاكٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا إيلَادٍ (بِلَا ثَمَنٍ) هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا أُجْبِرَ عَلَى سَبَبِهِ بِأَنْ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِ مَالٍ لِظَالِمٍ فَبَاعَ مَتَاعَهُ لِذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ فَقَطْ فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَيَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ (وَمَضَى) بَيْعُ الْمَجْبُورِ (فِي جَبْرِ عَامِلٍ) جَبَرَهُ السُّلْطَانُ عَلَى بَيْعِ مَا بِيَدِهِ لِيُوفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا ظَلَمَ فِيهِ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ جَبْرَهُ هَذَا حَقٌّ فَعَلَهُ السُّلْطَانُ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِجَازِ لَكَانَ أَحْسَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ جَارٍ فِي الطَّافِحِ وَمَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ مِنْ التَّمْيِيزِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الطَّافِحُ كَالْمَجْنُونِ لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ أَصْلًا لَا جِنَايَاتٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مِنْ نَوْعٍ مِنْ التَّمْيِيزِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: إذَا كَانَ السَّكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ إلَّا فِيمَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ السَّكْرَانُ عِنْدَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ فَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجُوزُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَتَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَالْعُقُودُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ اهـ فَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي لَا فِي كِلَيْهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ نَحْوَهُ لِلْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ عَلَى مَا فِي ح عَنْهُ اهـ بْن. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ أَلْ فِي الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ كَسَائِرِ عُقُودِهِ وَإِقْرَارَاتِهِ أَيْ مَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَإِنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ طَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ فَيَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ الثَّالِثِ) أَيْ وَهُوَ الطَّوْعُ أَيْ وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ الثَّانِي وَهُوَ الرُّشْدُ فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ أَيْ غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَا يَضُرُّ بَعْدَ مَوْضِعِ الْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ فَبَاعَ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لِلْمَصْلَحَةِ وَهِيَ الرِّفْقُ بِالْمَسْجُونِ لِئَلَّا يَتَبَاعَدَ النَّاسُ مِنْ الشِّرَاءِ فَيَهْلَكُ الْمَظْلُومُ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ كِنَانَةَ قَدْ اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ هِلَالٍ وَالْعُقْبَانِيُّ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ، كَذَا فِي بْن. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ إذَا سَلَّفَهُ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَمِنَهُ إنْسَانٌ فَدَفَعَ الْمَالَ عَنْهُ لِعَدَمِهِ، فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَقُولَ لِلْحَمِيلِ: أَنْتَ ظَلَمْت وَمَالُك لَمْ تَدْفَعْهُ لِي بِخِلَافِ الْمُسَلِّفِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُسَلِّفِ كَالْحَمِيلِ عَلَى الْمُكْرَهِ بَلْ عَلَى الظَّالِمِ. (قَوْلُهُ: جَبْرًا حَرَامًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ جَبْرًا حَلَالًا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا كَجَبْرِهِ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ لِتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ أَوْ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ لِنَفَقَةِ زَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْجَبْرِ الْحَلَالِ الْجَبْرُ عَلَى الْبَيْعِ لِأَجْلِ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَرَاجِ الْحَقِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ الَّتِي أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا لِلْمُشْتَرِي وَأَمْضَى الْبَيْعَ، فَقَوْلُهُ: وَرُدَّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْبَائِعِ أَيْ إنْ أَرَادَ الْبَائِعُ الرَّدَّ وَلَهُ أَنْ يَمْضِيَهُ (قَوْلُهُ: بِلَا ثَمَنٍ إلَخْ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الظَّالِمِ أَوْ وَكِيلِهِ بِالثَّمَنِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ مُكْرَهٌ أَمْ لَا تَوَلَّى الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ قَبْضَ الثَّمَنِ بِيَدِهِ أَوْ قَبَضَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا خَاصٌّ إلَخْ) وَقَدْ اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ فِي أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ إذَا رَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ فِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ: إنَّهُ لَازِمٌ وَبِهِ الْعَمَلُ وَفِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ فَهَلْ يُرَدُّ بِالثَّمَنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَبَقِيَ قَوْلٌ رَابِعٌ لِسَحْنُونٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَضْغُوطَ إنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ رَدَّ الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُهُ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ وَيُرَدُّ الْمَبِيعُ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِبَيِّنَةِ) تَشْهَدُ بِتَلَفِهِ مِنْ الْبَائِعِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ قَوْلٌ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ كَالْمُودِعِ (قَوْلُهُ: فِي جَبْرِ عَامِلٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَلْتَزِمُ بِالْبَلَدِ أَوْ الْإِقْلِيمِ وَيَظْلِمُ النَّاسَ، وَكَذَا كُلُّ حَاكِمٍ ظَلَمَ فِي حُكْمِهِ كَقَائِمٍ مَقَامَ الَّذِي يَنْزِلُ الْبَلَدَ مِنْ طَرَفِ الْمُلْتَزَمِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَضَى يُوهِمُ أَنَّ جَبْرَ -

وَمَحَلُّ بَيْعِ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ بَاقِيَةً بِعَيْنِهَا وَإِلَّا أَخَذَهَا رَبُّهَا. (وَمُنِعَ) أَيْ حَرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ (بَيْعُ) رَقِيقٍ (مُسْلِمٍ) صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ (وَمُصْحَفٍ) وَجُزْئِهِ وَكُتُبِ حَدِيثٍ (وَصَغِيرٍ) كَافِرٍ كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ مَجُوسِيًّا لِجَبْرِهِمَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَفِي مَفْهُومِ صَغِيرٍ وَهُوَ الْكَبِيرُ أَيْ الْبَالِغُ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَالْمَجُوسِيِّ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَانَ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ كَالْكِتَابِيِّ الْكَبِيرِ جَازَ بَيْعُهُ إنْ كَانَ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ (لِكَافِرٍ) ذِمِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَا يُمْنَعُ بَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِهِ أَمْرًا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ جَارِيَةٍ لِأَهْلِ الْفَسَادِ أَوْ مَمْلُوكٍ (وَأُجْبِرَ) الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ لِلْبَيْعِ (عَلَى إخْرَاجِهِ) عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ (بِعِتْقٍ) نَاجِزٍ (أَوْ هِبَةٍ) لِمُسْلِمٍ (وَلَوْ) وَهَبَتْهُ كَافِرَةٌ اشْتَرَتْهُ (لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ) الْمُسْلِمِ وَقُدْرَتِهَا عَلَى اعْتِصَارِهَا مِنْهُ لَا تُمْنَعُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا فِي الْإِخْرَاجِ (عَلَى الْأَرْجَحِ لَا) يَكْفِي الْإِخْرَاجُ (بِكِتَابَةٍ) إنْ لَمْ تَبِعْ وَإِلَّا كُفَّتْ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ بَيْعِهَا بِقَوْلِهِ وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَبِيعَتْ، وَلَوْ قَالَ لَا بِكَكِتَابَةٍ لِيَشْمَلَ التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْعِتْقَ لِأَجَلٍ كَانَ أَوْلَى وَيُؤَاجَرُ الْمُدَبَّرُ وَنَجَزَ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ وَتُبَاعُ خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ. (و) لَا (رَهْنٍ) فِي دَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَامِلِ عَلَى بَيْعِ مَا بِيَدِهِ لِوَفَاءِ مَا ظَلَمَ فِيهِ غَيْرَهُ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ يَمْضِي الْبَيْعُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ، وَأَجَابَ بْن بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَضَى فِي جَبْرِ عَامِلٍ أَيْ وَمَضَى عَمَلُ الْقُضَاةِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي جَبْرِ عَامِلٍ وَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ لِلسُّلْطَانِ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَإِعْطَائِهِ أَنَّهُ إذَا ضَغَطَ لَهُ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَإِعْطَائِهِ فَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ إذَا ضَغَطَ، فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ فَلَهُ الْقِيَامُ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَغَطَ فِيمَا خَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حَصَلَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَمْ يَضْغَطْ إلَّا فِيمَا صَارَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ بَيْعٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ جَبْرِ السُّلْطَانِ لِلْعَامِلِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَجْلِ أَنْ يُوفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا ظَلَمَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ غَصَبَ أَعْيَانًا وَاسْتَمَرَّتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ وَعَلِمَ رَبُّهَا وَإِلَّا أَخَذَهَا رَبُّهَا (قَوْلُهُ: وَمُصْحَفٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِقِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ كَمُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُ كَكُتُبِ الْعِلْمِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكُتُبِ حَدِيثٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَمْنَعُ بَيْعَ كُتُبِ الْعِلْمِ لَهُمْ مُطْلَقًا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْكَافِرُ الَّذِي يَشْتَرِي مَا ذَكَرَ يُعَظِّمُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَمَلُّكِهِ لَهُ إهَانَةٌ وَيَمْنَعُ أَيْضًا بَيْعَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَهُمْ لِأَنَّهَا مُبَدَّلَةٌ فَفِيهِ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يَمْنَعُ بَيْعَ مَا ذُكِرَ لَهُمْ تُمْنَعُ أَيْضًا هِبَتُهُ لَهُمْ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَيَمْضِي الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسَلَّمِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَلَكِنْ يُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِمْ كَالْمَبِيعِ لَهُمْ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ جَارِيَةٍ لِأَهْلِ الْفَسَادِ) أَيْ أَوْ بَيْعِ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً وَالْخَشَبَةُ لِمَنْ يَتَّخِذْهَا صَلِيبَهُ وَالْعِنَبُ لِمَنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا وَالنُّحَاسُ لِمَنْ يَتَّخِذْهُ نَاقُوسًا، وَكَذَا يُمْنَعُ أَنْ يُبَاعَ لِلْحَرْبِيِّينَ آلَةُ الْحَرْبِ مِنْ سِلَاحٍ أَوْ كُرَاعٍ أَوْ سَرْجٍ وَكُلُّ مَا يَتَّقُونَ بِهِ فِي الْحَرْبِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ خِبَاءٍ أَوْ مَاعُونٍ وَيُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَيْعُ الطَّعَامِ لَهُمْ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَجُوزُ فِي الْهُدْنَةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْهُدْنَةِ فَلَا يَجُوزُ، وَاَلَّذِي فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الشَّاطِبِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ وَابْنُ جُزَيٍّ فِي الْقَوَانِينَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ فِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا عَنْ الشَّاطِبِيِّ أَنَّ بَيْعَ الشَّمْعِ لَهُمْ مَمْنُوعٌ إذَا كَانُوا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى إضْرَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لِأَعْيَادِهِمْ فَمَكْرُوهٌ، اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ لِلْبَيْعِ عَلَى إخْرَاجِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا. وَنَسَبَهُ سَحْنُونٌ لِأَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَافِرٌ أَمَّا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِلَا خِلَافٍ وَيُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِبَيْعٍ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى بَيْعَهُ الْإِمَامُ لَا السَّيِّدُ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةً لِلْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ الْكَافِرَ يَتَوَلَّاهَا وَلَيْسَ تَوْلِيَتُهُ لَهَا كَتَوْلِيَةِ الْبَيْعِ فِي إهَانَةِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ تَوَلَّى الْكَافِرُ بَيْعَهُ نَقَضَهُ الْإِمَامُ وَبَاعَهُ هُوَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ صَادِرَةً مِنْ كَافِرَةٍ اشْتَرَتْهُ وَوَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ أَيْ أَوْ مِنْ كَافِرٍ اشْتَرَاهُ وَوَهَبَهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَالْأَبُ كَالْأُمِّ وَالْأُنْثَى فَرْضُ مَسْأَلَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ إلَخْ) مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ إنَّ هِبَتَهَا لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ لَا تَكْفِي فِي الْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الصَّغِيرَ مَعَ أَنَّ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ سَوَاءٌ فِي الِاعْتِصَارِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ فِيهِ فَرْضَ الْخِلَافِ وَالتَّرْجِيحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَأَمَّا الْهِبَةُ لِلْكَبِيرِ فَإِنَّهَا تَكْفِي فِي الْإِخْرَاجِ اتِّفَاقًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إفَاتَةِ الِاعْتِصَارِ بِالتَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا رَهْنٍ) -

فَيُؤْخَذُ الرَّهْنُ وَيُبَاعُ (وَأَتَى) الْكَافِرُ الرَّاهِنُ بَدَلَهُ (بِرَهْنِ ثِقَةٍ) فِيهِ وَفَاءٌ لِلدَّيْنِ (إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ) حِينَ ارْتِهَانِهِ (بِإِسْلَامِهِ) أَيْ إسْلَامِ الْعَبْدِ الرَّهْنِ وَهَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ مُحْرِزٍ (وَلَمْ يُعَيِّنْ) لِلرَّهْنِيَّةِ أَيْ لَمْ يَقَعْ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ فِي قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ عَلَى رَهْنِهِ بِعَيْنِهِ وَهَذَا الْقَيْدُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ عَيَّنَهُ أَمْ لَا أَوْ عَلِمَ بِإِسْلَامِهِ وَعَيَّنَ (عَجَّلَ) الدَّيْنَ لِرَبِّهِ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي قَبُولِ التَّعْجِيلِ وَفِي بَقَاءِ ثَمَنِ الْعَبْدِ الَّذِي أَسْلَمَ رَهْنًا وَفِي رَهْنِ ثِقَةٍ بَدَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسَرًا بَقِيَ ثُمَّ شَبَّهَ فِي التَّعْجِيلِ قَوْلُهُ (كَعِتْقِهِ) أَيْ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ الْمَرْهُونَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ مُطْلَقًا كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَا وَجَبَ تَعْجِيلُ دَيْنِهِ بِشَرْطِهِ. (و) إذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ (جَازَ) لِلْمُشْتَرِي (رَدُّهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَافِرِ (بِعَيْبٍ) ثُمَّ يُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا مَرَّ. (و) إنْ بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ بِخِيَارٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ زَمَنَ الْخِيَارِ، فَإِنْ حَصَلَ إسْلَامُهُ (فِي) زَمَنِ (خِيَارِ مُشْتَرٍ) بِالتَّنْوِينِ (مُسْلِمٍ) نَعْتُهُ (يُمْهَلُ) الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمُ ذُو الْخِيَارِ (لِانْقِضَائِهِ) أَيْ لِانْقِضَاءِ زَمَنِ خِيَارِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ الْعَبْدِ، فَإِنْ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ جُبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا تَقَدَّمَ (و) إنْ أَسْلَمَ فِي خِيَارِ الْكَافِرِ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا فَلَا يُمْهَلُ بَلْ (يُسْتَعْجَلُ الْكَافِرُ) صَاحِبُ (الْخِيَارِ مِنْهُمَا) بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ لِئَلَّا يَدُومَ مِلْكُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِعْجَالِ قَوْلُهُ (كَبَيْعِهِ) أَيْ كَمَا يَسْتَعْجِلُ السُّلْطَانُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ (إنْ أَسْلَمَ) فِي غَيْبَةِ سَيِّدِهِ الْكَافِرِ (وَبَعُدَتْ غَيْبَةُ سَيِّدِهِ) بِأَنْ يَكُونَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ أَوْ يَوْمَيْنِ عَلَى الْخَوْفِ، فَإِنْ قَرُبَتْ لَمْ يَبِعْ بَلْ يُكْتَبُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَا يَكْفِي الْإِخْرَاجُ بِرَهْنٍ. (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الرَّهْنُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ الَّذِي رَهَنَهُ الْكَافِرُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ ثَمَنُهُ لِمَالِكِهِ الْكَافِرِ وَلَا يَبْقَى الْعَبْدُ رَهْنًا؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِمْرَارَ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَأَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ بِبَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الرَّهْنِ يُبَاعُ وَيَأْتِي الرَّاهِنُ بِرَهْنِ ثِقَةٍ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِلَّا عُجِّلَ الدَّيْنُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الرَّاهِنَ مُوسِرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ عَيْنًا) أَيْ مُطْلَقًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ: بَقِيَ) أَيْ بَقِيَ الْعَبْدُ الَّذِي أَسْلَمَ رَهْنًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَيْ ذَلِكَ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَفِي الْإِتْيَانِ لَهُ بِرَهْنٍ مَكَانَ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا تَحَتَّمَ رَدُّ الْعِتْقِ وَبَقَاءُ الْعَبْدِ رَهْنًا (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَفَرَضَ بْن الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا طَرَأَ إسْلَامُ الْعَبْدِ بَعْدَ بَيْعِهِ قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ الْبَحْثُ بِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا مِنْ السُّلْطَانِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَلَا مُوجِبَ لِتَخْصِيصِ عبق الْقَاعِدَةَ بِبَيْعِ الْمُفْلِسِ اهـ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ سَابِقًا عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ إلَخْ فَقَدْ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي عَبْدٍ إسْلَامُهُ سَابِقٌ عَلَى بَيْعِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِيَارٍ لِمُسْلِمٍ) أَيْ لِمُشْتَرٍ مُسْلِمٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَافِرٍ صَادِقٍ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْكَافِرُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ مُشْتَرِيًا أَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَفِي خِيَارِ إلَخْ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِيُمْهَلُ وَلَمَّا قَدَّمَهُ عَلَيْهِ أَوْقَعَ الظَّاهِرَ مَوْقِعَ الْمُضْمَرِ وَالْعَكْسُ وَالْأَصْلُ وَيُمْهِلُ مُشْتَرٍ مُسْلِمٌ فِي خِيَارِهِ لِانْقِضَائِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَدَّهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمُ الْبَيْعَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ فِي خِيَارِ الْكَافِرِ إلَخْ) أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَوْ بَاعَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا مِنْ نَصْرَانِيٍّ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ وَقِيلَ لِمَالِكِ الْخِيَارِ: اخْتَرْ أَوْ رُدَّ ثُمَّ بِعْ عَلَى مَنْ صَارَ إلَيْهِ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَافِرَ يُسْتَعْجَلُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ مَعَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَاَلَّذِي فِي نَصِّ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَاقِدَانِ كَافِرَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا لَمْ يُعَجَّلْ إذْ قَدْ يَصِيرُ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا، وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشِيرُ إلَى ضَعْفِهِ، فَقَوْلُ عبق إنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ، اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحَصَلَ إسْلَامُ الْعَبْدِ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ، فَإِنَّهُ يُمْهَلُ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ خِيَارِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا وَكَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِهِ الْكَافِرِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَسْتَعْجِلُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ الْإِمْهَالِ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَائِعَ صَاحِبَ الْخِيَارِ يُجِيزُ الْبَيْعَ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ. (قَوْلُهُ: بِالْإِمْضَاءِ) أَيْ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، فَإِنْ أَمْضَى الْبَيْعَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِمَا مَرَّ، وَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِهِ إنْ أَسْلَمَ وَبَعُدَتْ غِيبَةُ سَيِّدِهِ) مَحَلُّ الِاسْتِعْجَالِ بِبَيْعَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى قُدُومُ سَيِّدِهِ، فَإِنْ رُجِيَ قُدُومُهُ انْتَظَرَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) أَيْ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخَوْفِ) أَيْ مَعَ الْخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ -

فَإِنْ أَجَابَ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ. (وَفِي الْبَائِعِ) الْمُسْلِمِ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ مِنْ كَافِرٍ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ زَمَنَ الْخِيَارِ (يُمْنَعُ) الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ (مِنْ الْإِمْضَاءِ) أَيْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي الْكَافِرِ فَلَوْ جُعِلَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي الْكَافِرِ اُسْتُعْجِلَ. (وَفِي جَوَازِ بَيْعِ مَنْ أَسْلَمَ) مِنْ رَقِيقِ الْكَافِرِ عِنْدَهُ (بِخِيَارٍ) أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخِيَارِ بِلَا تَرَدُّدٍ وَعَدَمُ الْجَوَازِ بِخِيَارٍ (تَرَدُّدُ) وَاسْتُظْهِرَ الْجَوَازُ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَدَثَ إسْلَامُهُ عِنْدَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ حَقِّهِ مِنْ الِاسْتِقْصَاءِ فِيهِ. (وَهَلْ مُنِعَ) بَيْعُ الْكَافِرِ (الصَّغِيرِ) لِكَافِرٍ كَمَا مَرَّ مَحَلُّهُ (إذَا لَمْ يَكُنْ) الصَّغِيرُ (عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ) كَأَنْ يَبِيعُهُ لِيَهُودِيٍّ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ وَعَكْسُهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَيْ مُعْتَقَدِهِ الْخَاصِّ جَازَ (أَوْ) الْمَنْعُ (مُطْلَقٌ) وَافَقَ دَيْنَ مُشْتَرِيهِ أَوْ لَا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) فِي الْبَيْعِ (أَبُوهُ) أَوْ كَانَ الْأَبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا جَازَ وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلُهُ: مُطْلَقٌ (تَأْوِيلَانِ) فِي الصَّغِيرِ الْكِتَابِيِّ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَكَبِيرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ حُكْمًا وَالتَّأْوِيلَانِ مُقَابِلَانِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ الرَّاجِحِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا، وَإِنْ مَلَكَ الْمُسْلِمُ عَبْدًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمَجُوسِيُّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيُّ الصَّغِيرُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ امْتَثَلَ وَإِلَّا جُبِرَ عَلَيْهِ (وَجَبَرَهُ بِتَهْدِيدٍ وَضَرْبٍ) وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْمَعْنَى وَجُبِرَ الْكَافِرُ عَلَى إخْرَاجِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُصْحَفِ مِنْ يَدِهِ بِمَا ذَكَرَ لَا قُتِلَ، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي وُجُوبًا. (وَلَهُ) أَيْ لِلْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ (شِرَاءُ بَالِغٍ) مَفْهُومُ صَغِيرٍ فِيمَا تَقَدَّمَ (عَلَى دِينِهِ) كَنَصْرَانِيٍّ لِمِثْلِهِ (إنْ أَقَامَ) بِهِ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَابَ) أَيْ بِإِخْرَاجِهِ بِوَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَائِعِ يُمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ) ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي هَذَا قَوْلَيْنِ وَهُمَا مُخَرَّجَانِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ هَلْ هُوَ مُنْحَلٌّ فَيَمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ أَوْ مُنْبَرِمٍ فَيَجُوزُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ انْحِلَالُهُ، ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّهُ مُنْبَرِمٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ السَّيِّدِ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ وَبَيْنَ ابْتِدَائِهِ بِجَامِعِ تَمَلُّكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الْإِمْضَاءِ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّهُ مُنْبَرِمٌ وَأَنَّ الَّذِي بِيَدِ السَّيِّدِ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ أَوْ قُلْنَا: إنَّهُ مُنْحَلٌّ وَإِنْ بِيَدِ السَّيِّدِ ابْتِدَاءُ تَقْرِيرِهِ لِمِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ، فَقَدْ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ مَا هُوَ مُخَرَّجٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِابْنِ مُحْرِزٍ خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا وَالْخِيَارُ لَهُ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فَوَاضِحٌ كَوْنُ الْمُسْلِمِ عَلَى خِيَارِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي احْتَمَلَ بَقَاءَ الْخِيَارِ لَمُدَّتِهِ إذْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ وَتَعْجِيلُهُ إذْ لَا حُرْمَةَ لِعَقْدِ الْكَافِرِ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَبِهِ نُظِرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: اُسْتُعْجِلَ) أَيْ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، فَإِنْ رَدَّهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَمْضَاهُ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِوَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ وَقُلْنَا: إنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى خِيَارٍ لِمَالِكِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي لِمَا فِيهِ مِنْ طَلَبِ الِاسْتِقْصَاءِ لِلْكَافِرِ فِي الثَّمَنِ وَفِي الْعُدُولِ عَنْهُ تَضْيِيقٌ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا يُدْفَعُ ضَرَرُ الْعَبْدِ لِضَرَرِ السَّيِّدِ الْكَافِرِ أَوْ لَا يَجُوزُ لِبَقَاءِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ زَمَنَ الْخِيَارِ؟ طَرِيقَتَانِ فَقَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ أَيْ طَرِيقَتَانِ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، الْأُولَى لِعِيَاضٍ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَعَلَى الثَّانِي إذَا بِيعَ بِخِيَارٍ فَالظَّاهِرُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ أَمَدَّ الْخِيَارَ جُمُعَةً هُنَا كَغَيْرِهِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ طَرِيقَتَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يَجِبُ بَيْعُهُ بَتًّا (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْأَبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ قَبْلَ شِرَاءِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ جَازَ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ مُطْلَقٌ) قَالَ بْن: فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرَطَ فِي كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: وَهَلْ مَنْعُ الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ مُطْلَقٌ أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ تَأْوِيلَانِ كَانَ أَوْلَى وَيَدُلُّ لِذَلِكَ كَلَامُ عِيَاضٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وح وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ فَلَا كَلَامَ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْنِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِلْأَبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجَازَ شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ جَازَ أَيْ مُطْلَقًا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا عَلِمْت اهـ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ) أَيْ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الْمَجُوسِيُّ يُمْنَعُ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ اتِّفَاقًا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ كَمَا أَنَّ كِبَارَ الْمَجُوسِ يُمْنَعُ بَيْعُهُمْ لِكَافِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي مُوَافِقًا لِذَلِكَ الْمَبِيعِ فِي الِاعْتِقَادِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مُقَابِلَانِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا بَيَانٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) أَيْ مُنِعَ بَيْعُ الصَّغِيرِ الْكَافِرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كِتَابِيًّا فَهُوَ مُسْلِمٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ التَّهْدِيدُ أَيْ التَّخْوِيفُ بِالضَّرْبِ وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي الضَّرْبُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ) أَيْ شِرَاؤُهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مِنْ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: إنْ أَقَامَ) أَيْ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ -

فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ إنْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنْ يُقِيمَ بِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْرُجَ بِهِ لِبِلَادِ الْحَرْبِ لِئَلَّا يَعُودَ جَاسُوسًا أَوْ يُطْلِعَ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَلَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَقَامَ بِالْفِعْلِ، كَذَا اسْتَظْهَرَ (لَا) بَالِغٌ عَلَى (غَيْرِهِ) أَيْ عَلَى غَيْرِ دِينِ مُشْتَرِيهِ فَلَا يَجُوزُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَقَوْلُهُ (وَالصَّغِيرُ عَلَى الْأَرْجَحِ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عُطِفَ عَلَى بَالِغٍ أَيْ وَلَهُ شِرَاءُ الصَّغِيرِ أَيْ إنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ كَمَا هُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الرَّاجِحِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِيهِ تَرْجِيحٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ عُطِفَ عَلَى الْمَنْفِيِّ أَيْ غَيْرُهُ كَانَ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الصَّغِيرِ وَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَصَغِيرٌ لِكَافِرٍ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِيهِ أَيْضًا تَرْجِيحٌ. وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ وَذَكَرَ أَنَّهَا سِتَّةٌ بِقَوْلِهِ (وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) أَيْ شُرِطَ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (طَهَارَةٌ) وَانْتِفَاعٌ بِهِ وَإِبَاحَةٌ وَقُدْرَةٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَعَدَمِ نَهْيٍ وَجَهْلٍ بِهِ، وَقَوْلُهُ: طَهَارَةٌ أَيْ أَصْلِيَّةٌ بَاقِيَةٌ أَوْ عَرَضَ لَهَا نَجَاسَةٌ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا كَالثَّوْبِ إذَا تَنَجَّسَ وَيَجِبُ تَبْيِينُهُ مُطْلَقًا جَدِيدًا أَوْ لَا يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ أَوْ لَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُصَلِّي أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ. (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ مَا نَجَاسَتُهُ أَصْلِيَّةٌ أَوْ لَا يُمْكِنُ طَهَارَتُهُ (كَزِبْلٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ، وَلَوْ مَكْرُوهًا وَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَجِلْدِهَا، قَوْلُهُ: وَلَوْ دُبِغَ (و) ك (زَيْتٍ) وَسَمْنٍ وَعَسَلٍ (تَنَجَّسَ) مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ اخْتِيَارًا، وَأَمَّا اضْطِرَارًا كَخَمْرٍ لِإِزَالَةِ غُصَّةٍ فَيَصِحُّ. (وَانْتِفَاعٌ) بِهِ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا، وَلَوْ قَلَّ كَتُرَابٍ (لَا كَمُحَرَّمٍ) أَكْلُهُ (أَشْرَفَ) عَلَى الْمَوْتِ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ أَيْ النَّزْعَ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQحِينَ الْبَيْعِ الْإِقَامَةَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ) أَيْ السَّابِقَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الرَّاجِحَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَنْعُ بَيْعِ الصَّغِيرِ لِلْكَافِرِ مُطْلَقًا كَانَ مَجُوسِيًّا أَوْ كِتَابِيًّا عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَصَغِيرٌ لِكَافِرٍ) أَيْ فَيَكُونُ مُكَرَّرًا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِاخْتِيَارٍ عَطَفَهُ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَصَغِيرٌ لِكَافِرٍ لَكِنَّهُ كَرَّرَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّرْجِيحِ نَعَمْ التَّرْجِيحُ هُنَا لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ بَلْ لِعِيَاضٍ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ نَهْيٍ) أَيْ عَنْ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: وَجَهْلٍ بِهِ) أَيْ وَعَدَمُ جَهْلٍ بِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَصْلِيَّةٌ بَاقِيَةٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى مَفْهُومِهِ الْخَمْرُ إذَا تَحَجَّرَ أَوْ خُلِّلَ فَلَوْ قَالَ عِوَضٌ أَصْلِيَّةٌ بَاقِيَةٌ أَوْ عَرَضٌ إلَخْ حَالِيَّةٌ أَوْ مَآلِيَّةٌ أَوْ يَقُولُ: حَاصِلَةٌ أَوْ مُسْتَحْصِلَةٌ لَكَانَ ظَاهِرًا وَيَدْخُلُ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ وَلَا يَدْخُلُ الْخَمْرُ فِي قَوْلِنَا أَوْ مَآلِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَحَجَّرَ أَوْ خُلِّلَ لَا يَبْقَى خَمْرًا فَهُوَ مَا دَامَ خَمْرًا لَا يَطْهُرُ أَبَدًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عُرِضَ لَهَا) لَعَلَّ الْأَوْلَى لَهُ أَيْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمُتَّصِفِ بِالطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَبْيِينُهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ قَالَ: تَبْيِينَهَا كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَا يُصَلِّي وَلَا يَنْقُصُ الثَّوْبَ الْغُسْلُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح (قَوْلُهُ: أَوَّلًا يُمْكِنُ طَهَارَتُهُ) أَيْ أَوْ كَانَتْ نَجَاسَتُهُ عَارِضَةً وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ طَهَارَتُهُ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهَا. (قَوْلُهُ: كَزِبْلٍ إلَخْ) مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قِيَاسِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ عَلَى الْعَذِرَةِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَمْنَعُ بَيْعَهَا فَدَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْعُذْرَةَ مَمْنُوعَةٌ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ حَصَلَ ح فِي بَيْعِ الْعُذْرَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ لِمَالِكٍ عَلَى فَهْمِ الْأَكْثَرِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَفَهْمِ أَبِي الْحَسَنِ لَهَا، وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّرُورَةِ لَهَا فَيَجُوزُ وَعَدَمُهَا فَيُمْنَعُ وَهُوَ لِأَشْهَبَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا الزِّبْلُ فَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ وَهُوَ قِيَاسُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ عَلَى الْعُذْرَةِ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِجَوَازِهِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِجَوَازِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَتُزَادُ الْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَفَهْمِ أَبِي الْحَسَنِ وَفِي التُّحْفَةِ: وَنَجَسٌ صَفْقَتُهُ مَحْظُورَهْ ... وَرَخَّصُوا فِي الزِّبْلِ لِلضَّرُورَهْ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الزِّبْلِ دُونَ الْعُذْرَةِ لِلضَّرُورَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَكْرُوهًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمُبَاحِ مُحَرَّمًا كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا كَسَبُعٍ وَضَبُعٍ وَثَعْلَبٍ وَذِئْبٍ وَهِرٍّ (قَوْلُهُ: وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةٌ وَقَعَتْ لِمَالِكٍ جَوَازُ بَيْعِهِ كَانَ يُفْتِي بِهَا ابْنُ اللَّبَّادِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ مَا نَصُّهُ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا أَنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ وَالْأَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ مِمَّنْ لَا يَغُشَّ بِهِ إذَا بَيَّنَ؛ لِأَنَّ تَنْجِيسَهُ بِسُقُوطِ النَّجَاسَةِ فِيهِ لَا يُسْقِطُ مِلْكَ رَبِّهِ عَنْهُ وَلَا يُذْهِبُ جُمْلَةَ الْمَنَافِعِ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْلَفَ عَلَيْهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَصْرِفُهُ فِيمَا كَانَ لَهُ هُوَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِيهِ، وَهَذَا فِي الزَّيْتِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يُجِيزُ غُسْلَهُ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ غُسْلَهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فَسَبِيلُهُ فِي الْبَيْعِ سَبِيلُ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ إلَخْ -

الْمُبَاحِ الْمُشْرِفِ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِإِمْكَانِ ذَكَاتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ بَيْعِ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ، وَلَوْ مُحَرَّمًا لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الْبَالِغُ حَدَّ السِّيَاقِ فَلَا. (و) شُرِطَ لَهُ (عَدَمُ نَهْيٍ) مِنْ الشَّارِعِ عَنْ بَيْعِهِ (لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ) وَحِرَاسَةٍ وَأَوْلَى غَيْرُهُمَا وَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ لَهُمَا. (وَجَازَ هِرٌّ وَسَبْعٌ) أَيْ بَيْعُهُمَا جَوَازًا مُسْتَوِيًا (لِلْجِلْدِ) أَيْ لِأَخْذِهِ، وَأَمَّا لِلَحْمٍ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِلْجِلْدِ فَمَكْرُوهٌ ثُمَّ إذَا ذَكَّى بِقَصْدِ أَخْذِ الْجِلْدِ فَقَطْ لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ لِنَجَاسَتِهِ بِعَدَمِ تَعَلُّقِ الذَّكَاةِ بِهِ وَعَلَى أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُؤْكَلُ، وَأَمَّا الْجِلْدُ فَيُؤْكَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍّ. (وَحَامِلٌ مُقَرَّبٌ) آدَمِيَّةٌ أَوْ دَابَّةٌ أَيْ جَازَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وَمُقْرِبٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَقْرَبَتْ الْحَامِلُ إذَا قَرُبَ وَضْعُهَا. (و) شُرِطَ لَهُ (قُدْرَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ (لَا كَآبِقٍ) حَالَ إبَاقِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ مَنْ لَا يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ وَلَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ وَإِلَّا جَازَ إذْ هُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (و) لَا (إبِلٍ) وَبَقَرٍ (أُهْمِلَتْ) أَيْ تُرِكَتْ فِي الْمَرْعَى حَتَّى تَوَحَّشَتْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا إلَّا بِعُسْرٍ. (و) لَا (مَغْصُوبٍ) لِغَيْرِ غَاصِبِهِ حَيْثُ كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ أَوْ تَأْخُذُهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ، وَلَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لِمَنْعِ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا جَازَ (إلَّا) أَنْ يَبِيعَهُ (مِنْ غَاصِبِهِ) أَيْ لَهُ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ بِالْفِعْلِ لِلْمُشْتَرِي (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِ بَيْعِهِ لِغَاصِبِهِ (إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ) وَبَقِيَ عِنْدَهُ (مُدَّةً) هِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا قِيلَ أَوْ لَا يَشْتَرِطُ الرَّدُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى رَدِّهِ جَازَ اتِّفَاقًا أَوْ غَيْرُ عَازِمٍ مُنِعَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَقَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْجَوَازُ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِيَةُ. (وَلِلْغَاصِبِ) إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبُ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْ رَبِّهِ (نُقِضَ) بَيْعُ (مَا بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ يُوقِفُهُ (إنْ وَرِثَهُ) مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لِمُورِثِهِ لَهُ (لَا) إنْ (اشْتَرَاهُ) مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ أَيْ أَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ النَّقْضُ. (وَوَقْفُ مَرْهُونٍ) بَاعَهُ مَالِكُهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ حَوْزِهِ أَيْ وَقَفَ بَيْعَهُ (عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ) فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَتَعَجُّلُ دِينِهِ وَالرَّدُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ) هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلَهُ وَالْمُصَنِّفُ) أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ الْمُشَرَّفَ بِالْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: فِي بَحْثِهِ) أَيْ اسْتِظْهَارِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ أَوْ مُبَاحَهُ (قَوْلُهُ: لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ) أَيْ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِهِ فَفِي الْحَدِيثِ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» وَقَوْلُهُ: وَكَكَلْبِ صَيْدٍ أَيْ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ: أَبِيعُهُ وَأَحُجُّ بِثَمَنِهِ، وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ مُبَاحُ الِاتِّخَاذِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كَلْبَ صَيْدِ أَوْ حِرَاسَةً، وَأَمَّا قَوْلُ التُّحْفَةِ: وَاتَّفَقُوا أَنَّ كِلَابَ الْمَاشِيَهْ ... يَجُوزُ بَيْعُهَا كَكَلْبِ الْبَادِيَهْ فَقَدْ انْتَقَدَ وَلَدُهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ فِي كَلْبِ الْحِرَاسَةِ بَلْ الْخِلَافُ فِيهِ مِثْلُ كَلْبِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: لِلْجِلْدِ) الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْجِلْدِ قَيْدٌ فِي بَيْعِ السَّبُعِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْهِرُّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِيُنْتَفَعَ بِهِ حَيًّا وَلِلْجِلْدِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ شَرْحُ الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَحَامِلٌ مُقَرَّبٌ) وَمِثْلُهَا ذُو الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ مَا ذَكَرَ نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْعَ بَيْعِ ذِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْحَامِلِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ وَعَلَى تَسَلُّمِ الْمُشْتَرِي لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ) مُنِعَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ لَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ الَّذِي هُوَ الْمَوْضُوعُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) نَحْوُهُ لِلْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا عَلِمَ الْمُبْتَاعُ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَكَانَ عِنْدَ مَنْ يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ، فَإِنْ وَجَدَ هَذَا الْآبِقَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلِمَهَا الْمُبْتَاعُ قَبَضَهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ تَغَيَّرَ أَوْ تَلِفَ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَسْتَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْغَاصِبُ الَّذِي تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مُقِرًّا (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ بِالْفِعْلِ وَأَوْلَى إذْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مُنِعَ) أَيْ مُنِعَ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ رَدُّهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) أَيْ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى عَدَمِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ بِأَنْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ أَوْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ اشْتَرَاهُ) ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَصَوَّرُ مَعَ فَرْضِ بَيْعِهِ وُجُودُ شَرْطِ شِرَائِهِ الَّذِي هُوَ الْعَزْمُ عَلَى رَدِّهِ أَوْ رَدَّهُ بِالْفِعْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَعَلَيْهِ مَا هُنَا اهـ بْن. (تَنْبِيهٌ) مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَرِيكٌ فِي دَارٍ بَاعَ كُلَّهَا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَلَكَ حَظَّ شَرِيكِهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ رَجَعَ فِيهِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَفَ بَيْعَهُ) أَيْ إمْضَاءَ بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ إمْضَاؤُهُ وَلُزُومُهُ

إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ أَوْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنِ ثِقَةٍ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ قَبْلَ حَوْزِهِ مَضَى بَيْعُهُ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ دَفْعُ بَدَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَتَأْوِيلَانِ بِالرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ وَجَعْلِ الثَّمَنِ رَهْنًا وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ أَوْ دَيْنُهُ عَرَضًا، وَإِنْ أَجَازَ تَعَجَّلَ انْتَهَى. (و) وَقْفُ (مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ بَيْعُ مِلْكِ غَيْرِ الْبَائِعِ (عَلَى رِضَاهُ) أَيْ رِضَا مَالِكِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْبَائِعَ فُضُولِيٌّ بَلْ (وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي) بِذَلِكَ وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ وَيُطَالَبُ الْفُضُولِيُّ فَقَطْ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ صَارَ وَكِيلًا لَهُ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِحَضْرَتِهِ وَإِلَّا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا مِنْ جِهَتِهِ أَيْضًا، وَكَذَا بِغَيْرِهَا إذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ وَسَكَتَ عَامًا وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ فِي سُكُوتِهِ إذَا ادَّعَاهُ وَمَحَلُّ مُطَالَبَةِ الْفُضُولِيِّ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْضِ عَامٌ، فَإِنْ مَضَى وَهُوَ سَاكِتٌ سَقَطَ حَقُّهُ هَذَا إنْ بِيعَ بِحَضْرَتِهِ، وَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِهَا مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ عَشْرَةُ أَعْوَامٍ وَحَيْثُ نُقِضَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَعَ الْقِيَامِ فَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْبَائِعَ مَالِكٌ أَوَّلًا عَلِمَ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَكِنْ قَامَتْ شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْهُ الْعَدَاءَ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَالِكِ وَيَتَعَاطَى أُمُورَهُ فَيَظُنُّ أَنَّ الْمَالِكَ وَكَّلَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. (و) وُقِفَ (الْعَبْدُ الْجَانِي) أَيْ وُقِفَ إمْضَاءُ بَيْعِهِ الْوَاقِعِ مِنْ سَيِّدِهِ (عَلَى رِضَا مُسْتَحَقِّهَا) أَيْ الْجِنَايَةُ فَلَهُ الرَّدُّ وَالْإِمْضَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ بِيعَ) أَيْ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ إنْ بِيعَ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ بَيْعِ الرَّهْنِ وَبَقَاؤُهُ رَهْنًا بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُبَاعَ الرَّهْنُ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دَيْنَهُ، فَإِنْ كَمَّلَهُ لَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ. الثَّانِي أَنْ يُبَاعَ الرَّهْنُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنِ ثِقَةٍ بَدَلَ الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ بَدَلَ الْأَوَّلِ فَلَا رَدَّ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ لِأَجَلِهِ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ كَعَرَضٍ مِنْ بَيْعٍ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَيُعَجَّلُ دَيْنُهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ وَإِنْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَيْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَوَقْفُ مِلْكِ غَيْرِهِ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا الْقُدُومُ عَلَيْهِ فَقِيلَ بِمَنْعِهِ وَقِيلَ بِجَوَازِهِ وَقِيلَ بِمَنْعِهِ فِي الْعَقَارِ وَالْجَوَازِ فِي الْعُرُوضِ. (قَوْلُهُ: وَيُطَالَبُ الْفُضُولِيُّ فَقَطْ بِالثَّمَنِ) أَيْ إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَهُ فَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ الْفُضُولِيُّ الْبَائِعُ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ صَارَ وَكِيلًا لَهُ أَيْ وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ وَكِيلَهُ لَا الْمُشْتَرِي مِنْ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ يَكُونُ لَازِمًا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمَالِكِ إذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَسَكَتَ عَامًا أَيْ مِنْ حِينِ عِلْمِهِ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْعِلْمِ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ وَكَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ قِيَامِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: سَقَطَ حَقُّهُ) أَيْ وَصَارَ الثَّمَنُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ الْفُضُولِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِهَا) أَيْ وَعَلِمَ وَسَكَتَ الْعَامَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ وَقَوْلُهُ: عَشَرَةُ أَعْوَامٍ ظَاهِرُهُ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ عَرَضًا مَعَ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي الْعَرَضِ مُدَّتُهَا سَنَةٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. انْتَهَى. مُؤَلِّفٌ. (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ كَوْنِ الْمَالِكِ لَهُ نَقْضُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ غَاصِبًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ، فَإِنْ فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ فَقَطْ كَانَ عَلَى الْفُضُولِيِّ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ غَاصِبًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي فِي جَمِيعِ صُوَرِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْغَلَّةُ فِيهَا لِلْمَالِكِ وَهِيَ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ مَالِكٍ وَلَمْ تَقُمْ شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْهُ الْعَدَاءُ وَأَوْلَى إذَا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ الْجَانِي إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ حُكْمَ الْإِقْدَامِ عَلَى بَيْعِهِ مَعَ عِلْمِ الْجِنَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي هِبَتِهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِجِنَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ الْأَرْشَ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْجَوَازَ وَاسْتَحْسَنَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ إذَا بَاعَهُ سَيِّدُهُ كَانَ بَيْعُهُ صَحِيحًا لَكِنَّهُ غَيْرَ مَاضٍ فَيَتَوَقَّفُ مُضِيُّهُ وَلُزُومُهُ عَلَى رِضَا مُسْتَحَقِّ الْجِنَايَةِ بِهِ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي، فَإِنْ شَاءَ مُسْتَحَقُّ الْجِنَايَةِ أَمْضَى ذَلِكَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ فِي الْجِنَايَةِ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِلَّا فَلَا كَلَامَ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ إذَا بَاعَهُ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ أَوَّلًا بَيْنَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِهِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ دَفْعِهِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الْمُسْتَحَقُّ بَيْنَ إجَازَتِهِ الْبَيْعَ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الْعَبْدِ وَإِذَا دَفَعَ الْبَائِعُ الْأَرْشَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ الْعَالِمِ بِالْجِنَايَةِ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِتَحَمُّلِ الْأَرْشِ بِسَبَبِ بَيْعِهِ وَقَالَ: مَا رَضِيَتْ بِتَحَمُّلِهِ طُولِبَ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْأَرْشَ، وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِهِ كَانَ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ أَوْ إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: عَلَى رِضَا إلَخْ) أَيْ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ)

(وَحَلَفَ) سَيِّدُهُ الْعَالِمُ بِجِنَايَتِهِ أَنَّهُ مَا بَاعَ رَاضِيًا بِتَحَمُّلِهَا (إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الرِّضَا) بِتَحَمُّلِ الْأَرْشِ (بِالْبَيْعِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ كَانَ (لِلْمُسْتَحِقِّ) وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيُّهُ (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ فِي الْجِنَايَةِ أَيْ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ (إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ الْأَرْشَ) فَالْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ أَوَّلًا وَبَعْدَ امْتِنَاعِهِ لِلْمُبْتَاعِ لِتُنَزِّلَهُ مَنْزِلَتَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ و (أَخْذُ ثَمَنِهِ) وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ بَعْدَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِهِ أَيْضًا كَمَا أَشَرْنَا لَهُ ثُمَّ إنْ دَفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ فَظَاهِرٌ (و) إنْ دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ (رَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِهِ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ (أَوْ بِثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ الْعَبْدِ (إنْ كَانَ أَقَلَّ) مِنْ الْأَرْشِ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ فَمِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لَمْ يَلْزَمْنِي إلَّا مَا دَفَعْت لِي، وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ يَقُولُ لَهُ: لَا يَلْزَمُنِي غَيْرُهُ (وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْعَبْدِ الْجَانِي (إنْ تَعَمَّدَهُمَا) وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهَا حَالَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ. (وَرَدَّ الْبَيْعَ فِي) حَلِفِهِ قَبْلَهُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ (لَأَضْرِبَنَّهُ) مَثَلًا أَوْ أَحْبِسَنَّهُ أَوْ أَفْعَلَ بِهِ (مَا) أَيْ فِعْلًا (يَجُوزُ) كَعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ فَلَمَّا مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ فَتَجَرَّأَ وَبَاعَهُ رُدَّ بَيْعُهُ أُطْلِقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ أَجَلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ فِي الْمُقَيَّدِ بِهِ ارْتَفَعَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ رَدَّ الْبَيْعَ أَيْضًا وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَضَرَبَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ بَرَّ وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ إنَّ شَأْنَهُ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ مُطْلَقًا حَلَفَ بِعِتْقِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ أَوْ عَلَى مَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يُرَدُّ لِمِلْكِهِ الْمُسْتَمِرِّ فِيمَا يَجُوزُ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَجُوزُ فَيَرُدُّ لِمِلْكِهِ وَلَا يَسْتَمِرُّ وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ (وَرُدَّ لِمِلْكِهِ) مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ رَدِّهِ لِلضَّرْبِ ثُمَّ يُجْبَرُ عَلَى عَوْدِهِ لِلْمُشْتَرِي. (وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ) مَثَلًا (عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَأَخْذُ الْعَبْدِ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ السَّيِّدُ أَوْ الْمُشْتَرِي لِرَبِّ الْجِنَايَةِ أَرْشَهَا وَقَوْلُهُ: وَالْإِمْضَاءُ أَيْ إمْضَاءُ بَيْعِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ سَيِّدُهُ) أَيْ حَلَفَ سَيِّدُ الْجَانِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: رَاضِيًا بِتَحَمُّلِهَا أَيْ الْجِنَايَةِ أَيْ بِتَحَمُّلِ أَرْشِهَا (قَوْلُهُ: إنْ اُدُّعِيَ إلَخْ) يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَمَا إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي لِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ ثُمَّ مَحَلُّ الْحَلِفِ إذَا بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْجِنَايَةِ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ، أَوْ لَهُ إمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ إنْ لَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ فِي دَفْعِ الْأَرْشِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ أَبِي خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِهِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِهِ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْجِنَايَةِ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الْعَبْدِ وَفِي إمْضَائِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ لَهُ مَا كَانَ يَمْلِكُ بِالْبَيْعِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي مُسْتَحِقُّ الْجِنَايَةِ فَلَا تُنْتِجُ تَقْدِيمَ الْمُبْتَاعِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَمْضِي الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ) أَيْ وَضَاعَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَرْشِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ حَيْثُ افْتَكَّهُ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَهَا أَيْ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَيُحْمَلُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى التَّعَمُّدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَيْبٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِهَا وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهَا حَالَ الشِّرَاءِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بِهَا حَالَ الشِّرَاءِ فَلَا رَدَّ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْبَيْعِ) أَيْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّهِ وَقَوْلُهُ: فِي حَلِفِهِ لَأَضْرِبَنَّهُ إلَخْ أَيْ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سِلْكِ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَحْكُمُ الْحَاكِمَ بِرَدِّ الْبَيْعِ ثُمَّ إنْ فَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْحَالِفِ عَلَى الضَّرْبِ تَبِعَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَوْنِ الْيَمِينِ عَلَى حِنْثٍ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلِذَا قَالَ شَارِحُنَا فِي حَلِفِهِ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ لَأَضْرِبَنَّهُ مَثَلًا أَوْ أَحْبِسَنَّهُ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ يُنْجَزُ عَلَيْهِ إذَا بَاعَ وَلَا يَرُدُّ الْبَيْعُ عِنْدَ ابْنِ دِينَارٍ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ لَعَلَّهُ يَمْلِكُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَمَّا مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ) أَيْ فَلَمَّا مُنِعَ شَرْعًا مِنْ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: ارْتَفَعَتْ) أَيْ انْحَلَّتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ لِكَوْنِ الْأَجَلِ قَدْ انْقَضَى وَهُوَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، لَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ بَيْعِهِ لَهُ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ وَحِينَئِذٍ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ بَيْعِهِ لَهُ عَزْمُهُ عَلَى الضِّدِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ضَرْبِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَمِرُّ) أَيْ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعِتْقُ بَعْدَ رَدِّهِ لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَرُدَّ لِمِلْكِهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ لِيَضْرِبَهُ ثُمَّ يَرُدُّ لِلْمُشْتَرِي، قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ وَرَدَّ لِمِلْكِهِ أَيْ الْمُسْتَمِرِّ رَدًّا عَلَى ابْنِ دِينَارٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ يُرَدُّ الْبَيْعُ وَلَكِنْ لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ لِمِلْكِهِ الْمُسْتَمِرِّ بَلْ يُعْتَقُ بِالْحُكْمِ بَعْدَ رَدِّهِ لِمِلْكِهِ مِثْلَ الْحَلِفِ عَلَى ضَرْبِهِ مَا لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ لِمِلْكِهِ) أَيْ الْمُسْتَمِرِّ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا

أَوْ غَيْرِهِ وَدَفَعَ بِهَذَا أَنَّ كَوْنَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ) لِمَالِ الْبَائِعِ الْكَثِيرِ وَلِذَا عَرَّفَهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يُشْتَرَطُ انْتِفَاؤُهَا شَرْعًا وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ أَوْ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَمُودَ أَوْ قَدَرَ عَلَى تَعْلِيقِ مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْجَوَازِ أَيْ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْجَوَازِ إذْ إضَاعَةُ الْمَالِ إنَّمَا يُنْهِي عَنْهَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا وَعَلَيْهِ فَهَذَا الشَّرْط غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَأَمِنَ كَسْرَهُ) فَمُعْتَبَرٌ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمِنْ كَسْرَهُ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَلَمْ يَصِحَّ لِلْغَرَرِ (وَنَقَضَهُ) أَيْ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ (الْبَائِعُ) وَفِي كَوْنِ قَلْعِهِ نَفْسَهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي خِلَافٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ حَالَ الْقَلْعِ مِنْ الْبَائِعِ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ الْمُشْتَرِي. (و) جَازَ بَيْعُ (هَوَاءٍ) بِالْمَدِّ أَيْ فَضَاءٍ (فَوْقَ هَوَاءٍ) بِأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِصَاحِبِ أَرْضٍ بِعْنِي عَشْرَةَ أَذْرُعٍ مَثَلًا فَوْقَ مَا تَبْنِيهِ بِأَرْضِك (إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ) الْأَسْفَلُ وَالْأَعْلَى لَفْظًا أَوْ عَادَةً لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ وَيَمْلِكُ الْأَعْلَى جَمِيعَ الْهَوَاءِ الَّذِي فَوْقَ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَا الْأَسْفَلِ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ الْآتِي وَهُوَ مَضْمُونٌ وَيَجْرِي فِي قَوْلِهِ وَغَرْزُ جِذَاعٍ إلَخْ قَوْلُهُ هُنَا إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ فَفِيهِ احْتِبَاكٌ. (و) جَازَ عَقْدٌ عَلَى (غَرْزِ جِذْعٍ) أَيْ جِنْسِهِ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ (فِي حَائِطٍ) لِآخَرَ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً وَخَرْقُ مَوْضِعِ الْجِذْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُكْتَرِي (وَهُوَ مَضْمُونٌ) أَيْ لَازِمُ الْبَقَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْبِيدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ مُدَّةً وَأَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَهُ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَ بِهَذَا) أَيْ بِالتَّصْرِيحِ بِجَوَازِ بَيْعِ هَذَا مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ كَوْنَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا عَرَّفَهَا) أَيْ فَاللَّامُ لِلْكَمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ هِيَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ انْتِفَاؤُهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْعَمُودِ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ انْتِفَاءَ إضَاعَةِ الْمَالِ مُطْلَقًا لِمَا كَانَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إضَاعَةِ مَالٍ فِي إخْرَاجِ الْعَمُودِ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ انْتِفَاءُ إضَاعَةِ الْمَالِ الْكَثِيرِ مُصَوَّرٌ بِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ) أَيْ فَيَهْدِمُ ذَلِكَ الْبِنَاءَ وَيُخْرِجُ الْعَمُودَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ إلَّا أَنَّهُ مَالٌ قَلِيلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ لِلْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ كَبِيرُ ثَمَنٍ إلَّا أَنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَاعْتَرَضَهُ ح بِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتْبَعُ الرَّغَبَاتِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْجَوَازِ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا) أَيْ بِأَنْ رُمِيَ فِي الْبَحْرِ أَوْ النَّارِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي مُقَابِلَةِ شَيْءٍ، وَلَوْ يَسِيرًا جَازَ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الْغَبْنِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا الشَّرْطُ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الْبَيْعِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَأَمِنَ كَسْرَهُ) أَيْ اعْتَقَدَ عَدَمَ كَسْرِ الْعَمُودِ عِنْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبِنَاءِ لِيَحْصُلَ التَّسْلِيمُ الْحِسِّيُّ وَيَرْجِعُ فِي أَمْنِ كَسْرِهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَضَهُ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ نَقْضُ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ انْكَسَرَ الْعَمُودُ قَبْلَ نَقْضِ الْبِنَاءِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا) أَيْ وَهُوَ مَا صَدَرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ وَهُوَ الَّذِي صَدَرَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْقَابِسِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: إنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رُجِّحَ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ حَالَ الْقَلْعِ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَلْعُهُ عَلَى الْبَائِعِ يَصِيرُ مِثْلَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَهُوَ لَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: فَوْقَ هَوَاءٍ) أَيْ، وَأَمَّا هَوَاءٌ فَوْقَ أَرْضٍ كَأَنْ يَقُولُ إنْسَانٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: بِعْنِي عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْفَرَاغِ الَّذِي فَوْقَ أَرْضِك أَبِنِّي فِيهَا بَيْتًا فَيَجُوزُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْجَوَازُ عَلَى وَصْفِ الْبِنَاءِ إذْ الْأَرْضُ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَاطِنَ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأُخْرَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَوَاءٌ فَوْقَ بِنَاءٍ إنْ وُصِفَ بِنَاءُ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ: إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ) أَيْ إنْ وُصِفَ ذَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ الْعِظَمِ وَالْخِفَّةِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَوَصَفَ مُتَعَلِّقَ الْبِنَاءِ أَيْضًا مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ (قَوْلُهُ: وَالْغَرَرُ) أَيْ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ يَرْغَبُ فِي خِفَّةِ بِنَاءِ الْأَعْلَى وَصَاحِبَ الْأَعْلَى يَرْغَبُ فِي ثِقَلِ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ فَرَغْبَتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ فَإِذَا وَصَفَ كُلٌّ بِنَاءَهُ انْتَفَى الْغَرَرُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ: الْآتِي وَهُوَ مَضْمُونٌ) أَيْ لَازِمُ الْبِنَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِهَدْمِ الْأَسْفَلِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَوْ وَارِثُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ إعَادَةَ الْأَسْفَلِ إنْ هُدِمَ وَإِذَا هُدِمَ الْأَعْلَى كَانَ لِصَاحِبِهِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: بَيْعًا أَوْ إجَارَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْعَقْدِ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً فَالْأَوَّلُ كَأَنْ يَقُولَ إنْسَانٌ لِجَارِهِ أَشْتَرِي مِنْك مَغْرَزَ هَذِهِ الْجُذُوعِ الْعَشَرَةِ مِنْ حَائِطِك بِكَذَا. أَوْ الثَّانِي كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَسْتَأْجِرُ مِنْك -

فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ وَارِثَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ إعَادَةُ الْحَائِطِ إنْ هُدِمَ وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ مَوْضِعِ الْجِذْعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي مَوْضِعِ الْجِذْعِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا خَلَلَ فِي الْحَائِطِ (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ) الْعَاقِدُ حِينَ الْعَقْدِ (مُدَّةً) مُعَيَّنَةً لِذَلِكَ (فَإِجَارَةٌ) أَيْ فَهِيَ إجَارَةٌ لِمَوْضِعِ الْغَرْزِ مِنْ الْحَائِطِ (تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ) أَيْ الْحَائِطِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَيَرْجِعُ لِلْمُحَاسَبَةِ. (و) شُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (عَدَمُ حُرْمَةٍ) لِبَيْعِهِ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَعَدَمُ نَهْيٍ وَذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ (وَلَوْ لِبَعْضِهِ) وَيُقَيِّدُ الْبَعْضُ بِمَا إذَا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى عِلْمِ حُرْمَةِ الْحَرَامِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَاسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ قُلَّتَيْ خَلٍّ فَإِذَا إحْدَاهُمَا خَمْرٌ أَوْ دَارَيْنِ فَتَبَيَّنَ وَقْفُ إحْدَاهُمَا أَوْ شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مَيِّتَةٌ فَإِنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي. (و) شُرِطَ عَدَمُ (جَهْلٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (بِمَثْمُونِ) كَبَيْعٍ بِزِنَةِ حَجَرٍ أَوْ صَنْجَةِ مَجْهُولٍ (أَوْ ثَمَنٍ) كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِمَا يَظْهَرُ مِنْ السِّعْرِ بَيْنَ النَّاسِ الْيَوْمَ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ تَفْصِيلًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ جَهِلَ الثَّمَنَ أَوْ الْمُثْمَنِ ضَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْجَهْلُ فِي التَّفْصِيلِ وَعُلِمَتْ جُمْلَتُهُ، وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ الْجَهْلُ بِالْجُمْلَةِ فَقَطْ وَعُلِمَ التَّفْصِيلُ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَبَيْعِ صُبْرَةٍ بِتَمَامِهَا مَجْهُولَةَ الْقَدْرِ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا كَمَا سَيَأْتِي وَمَثَّلَ لِلتَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ) مَثَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ أَوْ أَحَدُهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَغْرَزَ هَذِهِ الْجُذُوعِ الْعَشَرَةِ مِنْ حَائِطِك مُدَّةَ سَنَتَيْنِ مَثَلًا بِكَذَا. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ مَحَلِّ الْجُذُوعِ بِمَثَابَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ إذَا انْهَدَمَ إعَادَتُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى بِالِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً إلَخْ) ، فَإِنْ جَهِلَ الْأَمْرَ حُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: فَإِجَارَةٌ) الْأَوْلَى فَكِرَاءٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِجَارَةِ الْعَقْدُ عَلَى مَنَافِعِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ) أَيْ لِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَعَدَمُ نَهْيٍ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِيمَا سَبَقَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِهِ الْخَاصِّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ لِكَوْنِهِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَقَوْلُهُ: هُنَا وَعَدَمُ حُرْمَةٍ أَيْ لِتَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَمَلُّكُهُ حَرَامًا كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِبَعْضِهِ) أَيْ وَعَدَمُ حُرْمَةٍ بِبَيْعِهِ أَوْ لِتَمَلُّكِهِ كُلِّهِ بَلْ، وَلَوْ لِبَعْضِهِ فَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا يُحَرَّمُ بَيْعُ أَوْ تَمَلُّكُ كُلِّهِ كَكَلْبَيْنِ أَوْ خِنْزِيرَيْنِ، وَالثَّانِي كَثَوْبٍ وَخَمْرٍ أَوْ ثَوْبٍ وَكَلْبٍ بِيعَا صَفْقَةٍ وَكَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِبَعْضِهِ الْمُشَارِ لَهُ بِلَوْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ تَخْرِيجًا وَهُوَ إبْطَالُ الْحَرَامِ وَإِمْضَاءُ الْحَلَالِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلِمَ بِحُرْمَةِ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ: وَيُقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ وَيُقَيَّدُ امْتِنَاعُ الْبَيْعِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْهِيًّا عَنْ بَيْعِ بَعْضِهِ بِمَا إذَا عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِحُرْمَةِ الْبَعْضِ وَإِلَّا فَلَا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ يَعْلَمَا بِحُرْمَةِ الْبَعْضِ فَلَا يَضُرُّ وَقَوْلُهُ: كَمَا إذَا اشْتَرَى إلَخْ مِثَالٌ لِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا بِحُرْمَةِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ الصَّفْقَةُ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا بَطَلَتْ كُلُّهَا لِأَجْلِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْحَرَامِ أَيْ عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِحُرْمَتِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْعُيُوبِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي) وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَاقِي وَهُوَ الْحَلَالُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَكَانَ الْحَرَامُ أَقَلَّهَا، أَمَّا إنْ كَانَ الْحَرَامُ أَكْثَرَ الصَّفْقَةِ وَجَبَ رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ التَّمَسُّكُ بِالْحَلَالِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى قُلَّتَيْ خَلٍّ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا خَمْرًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْخَلِّ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّ الْخَمْرَ مِنْ الثَّمَنِ لِفَسَادِ بَيْعِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا اسْتَمَرَّ الْخَمْرُ عَلَى حَالَتِهِ فَلَوْ تَخَلَّلَ أَوْ تَحَجَّرَ قَبْلَ رَدِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ رَدِّ بَيْعِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْبَائِعِ لَهُ حِينَ الْبَيْعِ وَهَلْ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَوْ هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ لِلْمُشْتَرِي قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: عَدَمُ جَهْلٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ مَعْلُومَيْنِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَجَهْلُ أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْعَالِمُ مِنْهُمَا بِجَهْلِ الْجَاهِلِ أَوْ لَا وَقِيلَ: يُخَيَّرُ الْجَاهِلُ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْعَالِمُ بِجَهْلِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِجَهْلِهِ فَسَدَ الْبَيْعُ كَجَهْلِهِمَا مَعًا وَقَوْلُهُ: وَجَهْلٍ عُطِفَ عَلَى حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ بِزِنَةِ حَجَرٍ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِكَمِّيَّةِ الْمُثْمَنِ وَقَدْرِهِ (قَوْلُهُ: ضُرَّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْجَهْلُ بِالْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ مَعًا بَلْ وَلَوْ كَانَ الْجَهْلُ بِالتَّفْصِيلِ فَقَطْ، وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلُ أَشْهَبَ وَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ الْجَهْلُ بِالْجُمْلَةِ فَقَطْ وَعَلِمَ التَّفْصِيلَ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ) أَيْ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ كَمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ مَعْلُومًا كَشِرَاءِ صُبْرَةٍ أَوْ شَقَّةٍ مَعْلُومَةِ الْقَدْرِ كُلُّ ذِرَاعٍ أَوْ إرْدَبٍّ مِنْهَا بِكَذَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعٌ: عِلْمُ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ وَجَهْلُهُمَا وَجَهْلُ الْجُمْلَةِ فَقَطْ وَجَهْلُ التَّفْصِيلِ فَقَطْ، فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي حَالَتَيْنِ وَيَصِحُّ فِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِلتَّفْصِيلِ إلَخْ) أَيْ لِلْجَهْلِ بِهِ أَيْ وَأَمَّا جَهْلُ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ مَعًا -

مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُشْتَرَكَانِ فِيهِمَا بِالتَّفَاوُتِ كَثُلُثٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَثُلُثَيْنِ مِنْ الْآخَرِ لِأَحَدِهِمَا وَبِيعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِكَذَا) أَيْ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الثَّمَنِ فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِالتَّفْصِيلِ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ، فَإِنْ فَاتَ مَضَى بِالثَّمَنِ مَفْضُوضًا عَلَى الْقَيِّمِ وَالْمَنْعُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَفِ الْجَهْلُ وَإِلَّا جَازَ كَمَا إذَا سَمَّيَا لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا أَوْ قَوَّمَا كُلًّا بِانْفِرَادِهِ أَوْ دَخَلَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ جَعَلَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعَقْدِ فِي الْجَمِيعِ (و) ك (رِطْلٍ مِنْ) لَحْمِ (شَاةٍ) مَثَلًا قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ السَّلْخِ وَهَذَا مِثَالٌ لِجَهْلِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا صِفَةُ اللَّحْمِ بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ السَّلْخِ فَجَائِزٌ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي لِلرِّطْلِ هُوَ الْبَائِعُ وَوَقَعَ الشِّرَاءُ عَقِبَ الْعَقْدِ، وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَيَجُوزُ (و) ك (تُرَابِ) حَانُوتِ (صَائِغٍ) أَوْ عَطَّارٍ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا جُهِلَ تَفْصِيلًا إنْ رُئِيَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا إنْ لَمْ يُرَ فِيهِ شَيْءٌ (وَرَدَّهُ مُشْتَرِيه، وَلَوْ خَلَّصَهُ) وَلَا يَكُونُ تَخْلِيصُهُ فَوْتًا يَمْنَعُ رَدَّهُ (وَلَهُ الْأَجْرُ) إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْخَارِجِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (لَا) يَمْنَعُ بَيْعُ تُرَابِ (مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) بِغَيْرِ صِنْفِهِ وَإِمَّا بِهِ فَيُمْنَعُ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (و) لَا بَيْعَ (شَاةٍ) مَذْبُوحَةٍ جُزَافًا (قَبْلَ سَلْخِهَا) قِيَاسًا عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا لِلذَّبْحِ وَأَحْرَى بَعْدَهُ، وَأَمَّا وَزْنًا فَيُمْنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ لَحْمٍ وَعَرَضٍ وَزْنًا. (و) جَازَ بَيْعُ (حِنْطَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَأَنْ يَشْتَرِيَ شَقَّةً بِتَمَامِهَا غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْقَدْرِ بِقِيَاسِ خَشَبَةٍ مَجْهُولَةٍ كُلُّ خَشَبَةٍ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: بِالتَّفَاوُتِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بِنِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا جَهْلَ فِي الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ تَمْثِيلُهُ لِلْجَهْلِ بِالتَّفْصِيلِ وَهَذِهِ لَا جَهْلَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ) ظَاهِرُهُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِاشْتِرَاكِهِمَا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ) أَيْ الْمَبِيعُ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْآتِيَةِ مَضَى بِالثَّمَنِ أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ خِلَافِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا سَمَّيَا) أَيْ عِنْدَ الْبَيْعِ لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا كَأَشْتَرِي هَذَا بِكَذَا وَهَذَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ قَوْمًا) أَيْ قَبْلَ الْبَيْعِ لِأَجْلِ فَضِّ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهِمَا بِأَنْ قَوَّمَ أَحَدَهُمَا بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسَةٍ وَاشْتَرَاهُمَا الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ) أَيْ أَوْ دَخَلَا عَلَى تَسَاوِي الْعَبْدَيْنِ فِي الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا تَقْوِيمٌ أَوْ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ مِنْهُمَا تَقْوِيمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ جَعَلَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جُزْءًا مُعَيَّنًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَا لِهَذَا الْعَبْدِ ثُلُثَ الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ الْعَبْدَانِ وَيَجْعَلُ لِلْآخَرِ ثُلُثَاهُ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَكَرِطْلٍ إلَخْ) كَمَا إذَا رَأَيْتَ الْجَزَّارَ قَابِضًا عَلَى شَاةٍ قَبْلَ ذَبْحِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلْخِ فَقُلْتَ لَهُ أَشْتَرِي مِنْك رِطْلًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ أَوْ أَشْتَرِيهَا مِنْك كُلَّهَا كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا فَيُمْنَعُ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا شِرَاؤُهَا كُلِّهَا بَعْدَ السَّلْخِ كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا شِرَاءُ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي لِلرِّطْلِ) أَيْ أَوْ لِلشَّاةِ كُلِّهَا كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ السَّلْخِ بَلْ وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَيَجُوزُ أَيْ لِعِلْمِ الْبَائِعِ بِصِفَةِ لَحْمِ شَاتِهِ أَيْ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ كَانَ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: إنْ رُئِيَ) أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَلَّصَهُ) رَدَّ بِمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ إذَا خَلَّصَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَيَبْقَى لِمُشْتَرِيهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ عَلَى غَرَرِهِ إنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْخَارِجِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْخَارِجِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْخَارِجِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا خَلَّصَهُ أَوْ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ: لَا يُمْنَعُ بَيْعُ تُرَابٍ مَعْدِنٍ) أَيْ وَأَمَّا نَفْسُ الْمَعْدِنِ بِتَمَامِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَهُ لِلْإِمَامِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ شَاءَ، وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ دُونَ تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: لَا يُمْنَعُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِغَيْرِ صِنْفِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا وَزْنًا) أَيْ وَأَمَّا شِرَاؤُهَا كُلِّهَا قَبْلَ السَّلْخِ وَزْنًا كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ لَحْمٍ وَعَرَضٍ وَزْنًا) مُرَادُهُ بِالْعَرَضِ الْجِلْدُ وَالصُّوفُ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا اسْتَثْنَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُ إنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ أَنَّ الِالْتِفَاتَ لِلْوَزْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَقْصُودَ اللَّحْمُ وَهُوَ مَغِيبٌ بِخِلَافِ الْجُزَافِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الذَّاتُ بِتَمَامِهَا وَهِيَ مَرْئِيَّةٌ، وَعِبَارَةُ خش وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الذَّاتُ الْمَرْئِيَّةُ بِتَمَامِهَا كَشَاةٍ حَيَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ لِلشَّاةِ بِتَمَامِهَا قَبْلَ السَّلْخِ عَلَى الْوَزْنِ فَالْمَقْصُودُ حِينَئِذٍ مَا شَأْنُهُ الْوَزْنُ وَهُوَ اللَّحْمُ فَيَرْجِعُ إلَى بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ الْمَجْهُولِ الصِّفَةِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلٍ وَتِبْنٍ إنْ بِكَيْلٍ) اعْلَمْ أَنَّ أَحْوَالَ الزَّرْعِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا قَائِمٌ أَوْ غَيْرُ قَائِمٍ وَالثَّانِي إمَّا قَتٌّ وَإِمَّا مَنْقُوشٌ وَإِمَّا فِي تِبْنٍ وَإِمَّا مُخَلَّصٌ وَالْمَبِيعُ إمَّا الْحَبُّ وَحْدَهُ وَإِمَّا السُّنْبُلُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ الْحَبَّ وَحْدَهُ فَيَجُوزُ بِالْكَيْلِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَيَجُوزُ جُزَافًا فِي الْمُخَلَّصِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ السُّنْبُلَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا فِي الْقَتِّ وَالْقَائِمِ دُونَ الْمَنْفُوشِ وَدُونَ مَا فِي -

مَثَلًا بَعْدَ يُبْسِهَا فَالْمُرَادُ كُلُّ مَا يَتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ جَوْدَتِهِ وَرَدَاءَتِهِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ بِفَرْكٍ أَوْ نَحْوِهِ (فِي سُنْبُلٍ) قَبْلَ حَصْدِهِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ تَمَامُ حَصْدِهِ وَدَرْسِهِ وَذَرْوِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (و) فِي (تِبْنٍ) بَعْدَ الدَّرْسِ (إنْ) وَقَعَ (بِكَيْلٍ) رَاجِعٌ لَهُمَا، فَإِنْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ لَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ تِبْنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ فِي سُنْبُلِهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَحَزْرُهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِجَوَازِ بَيْعِ الزَّرْعِ قَائِمًا فِي أَرْضِهِ بِشَرْطِ يُبْسِهِ وَكَوْنِ ثَمَرَتِهِ فِي رَأْسِهِ كَقَمْحٍ وَأَنْ يَكُونَ جُزَافًا مَعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ تِبْنِهِ لَا بِالْفَدَّانِ بِلَا حِرْزٍ وَلَا جُزَافًا مُجَرَّدًا عَنْ التِّبْنِ. (و) جَازَ بَيْعُ (قَتٍّ) مِنْ نَحْوَ قَمْحٍ مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي رَأْسِ قَصَبَتِهِ (جُزَافًا) لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ لَا نَحْوَ فُولٍ مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي جَمِيعِ قَصَبَتِهِ. (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ بَعْدَ حَصْدِهِ (مَنْفُوشًا) أَيْ مُخْتَلِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فِي الْجَرِينِ أَوْ فِي مَوْضِعِ حَصْدِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ قَائِمًا وَحَزَرَهُ وَإِلَّا جَازَ. (و) جَازَ بَيْعُ (زَيْتِ زَيْتُونٍ) أَيْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ قَبْلَ عَصْرِهِ (بِوَزْنٍ) كَبِعْنِي عَشَرَةَ أَرْطَالٍ مِنْ زَيْتِ زَيْتُونِك بِكَذَا أَوْ جَمِيعَهُ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا (إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ) خُرُوجُهُ عِنْدَ النَّاسِ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَصْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَ خُرُوجُهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَ عَصْرِهِ (إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ) الْمُشْتَرِي أَيْ يَشْتَرِطُ خِيَارَهُ إذَا رَآهُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَأَنْ لَا يُنْقَدَ بِشَرْطٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمَفْهُومِ. (و) جَازَ بَيْعُ (دَقِيقِ حِنْطَةٍ) قَبْلَ طَحْنِهَا كَبِعْنِي صَاعًا أَوْ كُلُّ صَاعٍ مِنْ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ بِكَذَا إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ خُرُوجُهُ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الطَّحْنُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَ مُنِعَ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الزَّيْتِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الشَّرْطِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ وَالِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا. (و) جَازَ بَيْعُ (صَاعٍ) مَثَلًا (أَوْ كُلِّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) أُرِيدَ شِرَاءُ جَمِيعِهَا إنْ عُلِمْت صِيعَانُهَا بَلْ وَإِنْ (جُهِلْت. لَا) يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ صَاعٍ بِكَذَا (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الصُّبْرَةِ أَوْ كُلِّ ذِرَاعٍ مِنْ شَقَّةٍ أَوْ كُلِّ رِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ أَوْ شَمْعَةٍ لِزِفَافٍ (وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) أَيْ بِيعَ الْبَعْضُ مِمَّا ذَكَرَ فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQتِبْنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ وَهُوَ فِي سُنْبُلِهِ قَائِمًا وَحَزَرَهُ وَإِلَّا جَازَ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ حِنْطَةٍ) أَيْ وَحْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قَتًّا أَوْ مَنْفُوشًا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ) أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ لِئَلَّا يَكُونَ سَلَمًا فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَتِبْنٍ) عُطِفَ عَلَى سُنْبُلٍ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، أَيْ أَوْ فِي تِبْنٍ بَعْدَ دَرْسِهَا (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ بِكَيْلٍ) أَيْ كَأَشْتَرِي كُلَّ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ قَتٍّ جُزَافًا) أَيْ وَأَوْلَى بَيْعُ الْقَائِمِ جُزَافًا (قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ فُولٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَتِّهِ جُزَافًا، وَلَوْ رَآهُ قَائِمًا لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا مَنْفُوشًا) أَيْ بِيعَ جُزَافًا وَأَوْلَى إذَا كَانَ فِي تِبْنِهِ وَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَقَتٌّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ) أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُهُ عِنْدَ النَّاسِ لَا يَخْتَلِفُ فِي الْجَوْدَةِ وَالصَّفَاءِ وَالْخُضُورِيَّةِ وَالْبَيَاضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاخْتِلَافُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إذْ لَا يَنْظُرُ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْمَبِيعِ الْكُلَّ أَوْ قَدْرًا مَعْلُومًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَتَأَخَّرُ عَصْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ خُرُوجُهُ عِنْدَ النَّاسِ جَازَ بَيْعُهُ بَتًّا، وَاشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ خُرُوجُهُ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بَتًّا، وَجَازَ إنْ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ حِينَئِذٍ بِشَرْطٍ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّيْتِ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّقِيقِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُنْقَدَ بِشَرْطٍ) أَيْ بِأَنْ لَا يُنْقَدَ أَصْلًا أَوْ يُنْقَدَ تَطَوُّعًا، فَإِنْ نُقِدَ بِشَرْطٍ أَوْ شَرْطِ النَّقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ فَسَدَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: أَوْ كُلُّ صَاعٍ) أَيْ أَوْ بِعْنِي جَمِيعَ دَقِيقِ هَذَا الْقَمْحِ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ خُرُوجُهُ) أَيْ فِي النُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ السَّلَمُ فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَصَاعٌ أَوْ كُلُّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ لِلْبَائِعِ: أَشْتَرِي مِنْك صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ أَشْتَرِي مِنْك كُلَّ صَاعٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِكَذَا. وَأَرَادَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ شِرَاءَ جَمِيعِهَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا سَوَاءٌ كَانَتْ الصُّبْرَةُ مَعْلُومَةً الصِّيعَانِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَتَهَا كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْجُمْلَةِ مَعْلُومَةَ التَّفْصِيلِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ جَهْلَ الْجُمْلَةِ فَقَطْ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: لَا مِنْهَا إلَخْ) كَقَوْلِهِ أَبِيعُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ وَأَرَادَ بِمِنْ التَّبْعِيضَ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَشْتَرِي مِنْك بَعْضَ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِمِنْ كَقَوْلِهِ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، أَوْ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الشَّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا أَوْ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الشَّمْعَةِ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا، فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا التَّبْعِيضُ مُنِعَ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا فَلَا يُمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرَدْ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَطَرِيقَتَانِ الْمَنْعُ لِتَبَادُرِ التَّبْعِيضِ مِنْهَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْجَوَازُ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهَا، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُتَبَادِرَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْمَنْعَ بِإِرَادَةِ الْبَعْضِ وَأَقْوَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأُولَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بْن نَقْلًا عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ فَانْظُرْهُ وَمِثْلُ الْإِتْيَانِ بِمِنْ وَإِرَادَةُ الْبَعْضِ فِي الْمَنْعِ مَا إذَا قَالَ: أَشْتَرِي مِنْك مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمَيِّتُ مِنْ هَذِهِ الشَّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا، أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَكْفِينِي قَمِيصًا مِنْ هَذِهِ الشَّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا

لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ حَالًّا وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْعِلْمَ الْحَاصِلَ فِي الْمَآلِ. (و) جَازَ بَيْعُ (شَاةٍ) مَثَلًا (وَاسْتِثْنَاءً) مَفْعُولٌ مَعَهُ (أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ) مِنْهَا مَثَلًا مِمَّا دُونَ الثُّلُثِ فَاسْتِثْنَاءُ الثُّلُثِ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ كَانَ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ إنْ بِيعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ السَّلْخِ، فَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَهُمَا فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ قَدْرِ الثُّلُثِ، فَإِنْ اسْتَثْنَى جُزْءًا شَائِعًا فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ (وَلَا يَأْخُذُ) الْمُسْتَثْنَى الْأَرْبَعَةَ الْأَرْطَالَ (لَحْمَ غَيْرِهَا) بَدَلًا عَنْهَا، وَلَوْ قَالَ وَلَا يَأْخُذُ بَدَلَهَا أَيْ الْأَرْطَالَ لَشَمِلَ أَخْذَ بَدَلِهَا لَحْمًا أَوْ غَيْرِهِ كَدَرَاهِمَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى فَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لَكِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَنْهَضُ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ السَّلْخِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَنْعُ. (و) جَازَ بَيْعُ (صُبْرَةٍ وَثَمَرَةٍ) جُزَافًا (وَاسْتِثْنَاءُ) كَيْلٍ (قَدْرِ ثُلُثٍ) فَأَقَلَّ لَا أَكْثَرَ وَأَشْعَرَ ذِكْرَ قَدْرٍ بِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى كَيْلٌ فَلَوْ كَانَ جُزْءًا شَائِعًا جَازَ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا. (و) جَازَ بَيْعُ حَيَوَانٍ وَاسْتِثْنَاءُ (جِلْدٍ وَسَاقِطٍ) رَأْسٌ وَأَكَارِعُ لَا كِرْشٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ فَإِنَّهَا مِنْ اللَّحْمِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِيهِ وَقَدْ مَرَّ (بِسَفَرٍ فَقَطْ) رَاجِعٌ لِلْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ مَعًا كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُمَا فِي السَّفَرِ فَقَطْ لِخِفَّةِ ثَمَنِهِمَا فِيهِ دُونَ الْحَضَرِ (و) جَازَ اسْتِثْنَاءُ (جُزْءٍ) شَائِعٍ (مُطْلَقًا) مِنْ حَيَوَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ أَشْتَرِي مِنْك مَا تُوقِدُهُ النَّارُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْعَةِ فِي الزِّفَافِ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْبَعْضَ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَالثَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ شَاةٍ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ شِرَاءِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِلْجَهْلِ بِالصِّفَةِ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ رِطْلٍ أَوْ كُلِّ رِطْلٍ مِنْهَا قَبْلَ سَلْخِهَا، كَذَا قِيلَ لَكِنْ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ الْجَوَازُ، وَلَوْ بَلَغَتْ الْأَرْطَالُ الْمُسْتَثْنَاةُ الثُّلُثَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ بَقَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَاسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ) إنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْأَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَاةٍ وَالْأَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِهَا بِحَسَبِ الشَّأْنِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ قَدْرِ الثُّلُثِ) أَيْ مِنْ الْأَرْطَالِ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ مُشْتَرًى؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْمَسْلُوخَةَ بِمَنْزِلَةِ الصُّبْرَةِ وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْلُوخَةِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الثُّلُثِ فِي الْمَسْلُوخَةِ وَمَنَعَهُ فِي غَيْرِهَا، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيهِمَا وَاسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ جَائِزٌ فِيهِمَا هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ السَّلْخِ فَلِبَائِعِهَا اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَثْنَى جُزْءًا شَائِعًا) أَيْ كَرُبُعٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ سُدُسٍ قَبْلَ السَّلْخِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ أَيْ مِنْ الْأَجْزَاءِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا مِثْلَ نِصْفِهَا وَثُلُثَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْخُذُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُشْتَرِي أَرْطَالًا عِوَضًا عَنْ الْأَرْطَالِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا مِنْ لَحْمِ شَاةٍ أُخْرَى غَيْرَ الشَّاةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى) أَيْ فَالْبَائِعُ قَدْ اشْتَرَى الْأَرْطَالَ الْمُسْتَثْنَاةَ وَبَاعَهَا بِاللَّحْمِ أَوْ الدَّرَاهِمَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى) أَيْ لِمَا اسْتَثْنَاهُ عَلَى مِلْكِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ نَقْلًا (قَوْلُهُ: مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ) أَيْ وَبَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ بِلَحْمٍ أَوْ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: وَصُبْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَاسْتِثْنَاءِ قَدْرِ ثُلُثٍ) مِثْلَ الثَّمَرَةِ الْمَقَاثِي وَالْخُضَرِ وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ فَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُسْتَثْنَى قَدْرًا مَعْلُومًا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ شَرْطَ كَوْنِهِ الثُّلُثَ فَأَدْنَى اهـ بْن قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ جُزَافًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ كَيْلًا إلَّا الثُّلُثَ فَأَقَلَّ فَإِذَا بَاعَ جُزَافًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ مِنْهُ وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ، فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ مُقَاصَّةً مِنْ الثَّمَنِ جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ بِنَقْدٍ وَلَمْ يُقَاصَّهُ جَازَ إنْ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا وَلَمْ يَكُنْ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: وَثَمَرَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ جُزْءًا شَائِعًا) أَيْ كَأَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِكَذَا إلَّا رُبُعَهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: فَيَجْرِي فِيهَا إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ: إنْ حَصَلَ الْبَيْعُ وَاسْتِثْنَاؤُهَا قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَ السَّلْخِ جَازَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ السَّلْخِ جَازَ، وَلَوْ كَانَتْ الثُّلُثَ لَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: بِسَفَرٍ فَقَطْ) أَيْ وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْحَضَرِ وَأَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا فَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ عِنْدَ اسْتِثْنَاءِ مَا ذَكَرَ فِي الْحَضَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ وَأَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَيُوَافِقُهُ نَقْلُ الْمَازِرِيِّ الْمَنْعَ عَنْ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش وعبق مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ بِسَفَرٍ فَقَطْ لِلْجِلْدِ فَقَطْ، وَأَمَّا السَّقَطُ وَهِيَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ عَلَى حُكْمِ قَلِيلِ اللَّحْمِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ يُونُسَ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا طَرِيقَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ أَوْ الرَّأْسِ فَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ فِي السَّفَرِ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ هُنَاكَ وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ وَقَوَّى بْن طَرِيقَةَ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: لِخِفَّةِ ثَمَنِهِمَا فِيهِ دُونَ الْحَضَرِ) أَيْ فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَهَلْ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمُقْتَضَى -

أَوْ غَيْرِهِ سَفَرًا وَحَضَرًا ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى الْحَيَوَانَ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَى (وَتَوَلَّاهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بِذَبْحٍ أَوْ سَلْخٍ أَوْ عَلَفٍ وَسَقْيٍ وَحِفْظٍ وَغَيْرِهِ (الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ (وَلَمْ يُجْبَرْ) الْمُشْتَرِي (عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ وَمَسْأَلَةِ الْجُزْءِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ شَرِيكٌ (بِخِلَافِ) اسْتِثْنَاءِ (الْأَرْطَالِ) فَيُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا (وَخُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (فِي دَفْعِ) مِثْلِ (رَأْسٍ) وَبَقِيَّةِ سَاقِطٍ وَمِثْلَ جِلْدٍ (أَوْ قِيمَتِهَا) أَيْ قِيمَةِ الرَّأْسِ وَالْأَوْلَى قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ (وَهِيَ) أَيْ الْقِيمَةُ (أَعْدَلُ) لِمُوَافَقَةِ الْقَوَاعِدِ فِي أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ (وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ دَفَعَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّنُ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ حُذِفَ لَفْظُ دَفَعَ لَاسْتَقَامَ قَوْلَهُ هُنَا وَهَلْ إلَخْ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ نَائِبَ فَاعِلِ خُيِّرَ هُوَ فِي دَفَعَ لَا ضَمِيرَ الْمُشْتَرِي أَيْ وَقَعَ التَّخْيِيرُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي " دَفَعَ " (أَوْ لِلْمُشْتَرِي) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلَانِ) . (وَلَوْ مَاتَ مَا) أَيْ حَيَوَانٌ (اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ) شَيْءٌ (مُعَيَّنٌ) مِنْ جِلْدٍ وَسَاقِطٍ أَوْ أَرْطَالٍ (ضَمِنَ الْمُشْتَرِي) لِلْبَائِعِ مِنْ الْمُعَيَّنِ (جِلْدًا وَسَاقِطًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا إذْ لَهُ دَفْعُ مِثْلِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِلَّةِ أَوَّلًا وَالْمُعْتَبَرُ سَفَرُ الْبَائِعِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِيمًا. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَصُبْرَةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَتَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي) قَالَ طفى: اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ سَوَاءٌ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ عَلَى الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجُزْءِ وَالْأَرْطَالِ شَرِيكَانِ وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: وَلَمْ أَرَ هَذَا الْفَرْعَ بِعَيْنِهِ لِغَيْرِ الْمُؤَلِّفِ اهـ قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ: يَصِحُّ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الذَّبْحِ وَيَجْعَلَ هَذَا الْفَرْعَ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ أَنَّ أُجْرَةَ الذَّبْحِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَإِنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ صَارَا كَأَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ وَكَأَنَّ الْبَائِعَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ فَصَحَّ كَلَامُهُ حِينَئِذٍ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْمَبِيعِ فَهَذَا الْفَرْعُ عَلَى هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ صَرِيحًا فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ بْن وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَتَوَلَّاهُ أَيْ الْمَبِيعَ إلَخْ مُرَادُهُ الْمَبِيعُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجِلْدُ أَوْ الْجِلْدُ وَالسَّاقِطُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُطْلَقًا أَرْطَالًا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا أَوْ جِلْدًا أَوْ سَاقِطًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ فَيُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ) اعْلَمْ أَنَّ أُجْرَةَ الذَّبْحِ وَكَذَلِكَ السَّلْخُ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الذَّبْحِ إذْ لَوْ شَاءَ أَعْطَى الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا لِكُلٍّ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا أُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ وَحْدَهُ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرًى فَقِيلَ عَلَى الْبَائِعِ وَقِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ السَّاقِطِ وَحْدَهُ فَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَهُ فِي الْمَوْتِ هَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ، وَكَذَلِكَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا) أَيْ وَالْمُشْتَرِي دَاخِلٌ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِلْبَائِعِ لَحْمًا مِنْ الْمَبِيعِ وَلَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِالذَّبْحِ (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ) لِمَا قَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِثْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِلْدٍ وَرَأْسٍ أَوْ قِيمَتُهُ وَهِيَ أَعْدَلُ لِمُوَافَقَتِهِ الْقَوَاعِدَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى وَإِلَّا مُنِعَ أَخْذَ شَيْءٍ عِوَضًا عَنْهُ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ حَيْثُ لَمْ يَذْبَحْهَا الْمُشْتَرِي، فَإِنْ ذَبَحَهَا تَعَيَّنَ لِلْبَائِعِ مَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ جِلْدٍ وَسَاقِطٍ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ، كَذَا قِيلَ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ سَوَاءٌ ذُبِحَتْ أَمْ لَا فَهُمَا طَرِيقَتَانِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الطَّرِيقَةَ الثَّانِيَةَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ سَاقِطٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي دَفْعٍ كَرَأْسٍ كَانَ أَشْمَلَ لِدُخُولِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي قَوْلَانِ) قَالَ ح قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَالْقَوْلَانِ تُؤُوِّلَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي أَلْيَقُ بِظَاهِرِهَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا اهـ وَالْخِلَافُ وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِي الْجِلْدِ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي تُؤُوِّلَ عَلَيْهِ الْقَوْلَانِ صَرِيحٌ فِي تَسْوِيَةِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ فِي الْحُكْمِ فَلَا يُقَالُ: كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْخِلَافَ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ الْجِلْدُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَا ضَمِيرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَذِكْرُ الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَوْلَى ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ (قَوْلُهُ: مَا اسْتَثْنَى مِنْهُ مُعَيَّنٌ) أَرَادَ بِالْمُعَيَّنِ مَا قَابَلَ الشَّائِعَ فَيَدْخُلُ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَالْأَرْطَالُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْمُشْتَرِي جِلْدًا وَسَاقِطًا) أَيْ فَيَضْمَنُ مِثْلَهُمَا أَوْ قِيمَتَهُمَا، كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ. وَقَالَ طفى: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا وَهُوَ مُرْتَضَى ابْنِ رُشْدٍ قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَى الضَّمَانُ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ قِيمَتَهُ أَوْ جِلْدًا مِثْلَهُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَغْرَمُ مَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى -

(لَا لَحْمًا) وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ قَبْلُ بِالْأَرْطَالِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَاسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ فِي طَلَبِهِ بِالذَّبْحِ وَجَبْرِهِ عَلَيْهِ. (و) جَازَ بَيْعُ (جُزَافٍ) مُثَلَّثُ الْجِيمِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِهِ سَبْعَةَ شُرُوطٍ بِقَوْلِهِ (إنْ رُئِيَ) حَالُ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّا عَلَى الْمَعْرِفَةِ لِوَقْتِ الْعَقْدِ وَكَفَّتْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ الْمُتَّصِلُ بِهِ كَمَا فِي مَغِيبِ الْأَصْلِ وَكَصُبْرَةٍ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَحَلُّ شَرْطِ الرُّؤْيَةِ مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهَا تَلَفُ الْمَبِيعِ كَقِلَالِ خَلٍّ مُطَيَّنَةٍ يُفْسِدُهَا فَتْحُهَا وَإِلَّا جَازَتْ إنْ كَانَتْ مَمْلُوءَةً أَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ نَقْصِهَا، وَلَوْ مِنْ إخْبَارِ الْبَائِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِفَةٍ مَا فِيهَا مِنْ الْخَلِّ (وَلَمْ يُكْثِرْ) الْمَبِيعَ (جِدًّا) أَيْ أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا لَا جِدًّا، فَإِنْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزَرَهُ أَوْ قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَدُّهُ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (وَجَهِلَاهُ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَا عَمَّا إذَا عَلِمَاهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ جُزَافًا (وَحَزَرَاهُ) أَيْ الْمَبِيعُ جُزَافًا بِالْفِعْلِ (وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ) شَرْطُ صِحَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمٍ أَوْ ظَنِّ الِاسْتِوَاءِ وَإِلَّا فَسَدَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ الِاسْتِوَاءُ فِي الْوَاقِعِ لَزِمَ وَإِلَّا، فَإِنْ ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ عُلُوٌّ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَانْخِفَاضٌ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ) بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ وَنَبَّهَ بِلَفْظِ الْعَدِّ عَلَى أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يُبَاعُ كُلٌّ جُزَافًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ وَكَانَتْ الشَّاةُ تُبَاعُ بِلَا جِلْدٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِسُدُسِ قِيمَةِ الشَّاةِ كَمَنْ بَاعَ شَاةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَعَرْضٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ فَاسْتَحَقَّ الْعَرْضَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ فَاتَتْ الشَّاةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهَذَا بَيِّنٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ اهـ قُلْتُ وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلُوهُ فَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالضَّمَانِ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهِمَا أَوْ قِيمَتِهِمَا خِلَافُهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَا لَحْمًا) أَيْ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا مَا لَمْ يَأْكُلْهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا ضَمِنَ مِثْلَ الْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ جُزَافٍ) الْجُزَافُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَلَكِنَّهُ خُفِّفَ فِيمَا شُقَّ عِلْمُهُ مِنْ الْمَعْدُودِ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْمَشَقَّةُ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إنْ رُئِيَ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّا إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجُزَافِ الْحُضُورُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ زَرْعًا قَائِمًا أَوْ صُبْرَةَ طَعَامٍ أَوْ غَيْرَهُمَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ أَوْ سَابِقَةً عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ كُلِّهِ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا حِينَ الْعَقْدِ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْعُ الْقَائِمُ وَالثِّمَارُ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ فَقَدْ اُغْتُفِرَ فِيهِمَا عَدَمُ الْحُضُورِ إنْ تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ وَبِالثَّانِي قَرَّرَ ح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ: مُرَادُهُمْ بِالْمَرْئِيِّ الْحَاضِرُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِهِ رُؤْيَتُهُ أَوْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالصِّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِعُسْرِ الرُّؤْيَةِ كَقِلَالِ الْخَلِّ الْمَخْتُومَةِ إذَا كَانَ فِي فَتْحِهَا مَشَقَّةٌ وَفَسَادٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِدُونِ فَتْحٍ هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِهِ فَحُمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رُئِيَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ، وَأُخِذَ مِنْهُ شَرْطُ الرُّؤْيَةِ بِاللُّزُومِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ عَدَمُ رُؤْيَتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَثُرَ جِدًّا يَمْنَعُ بَيْعَهُ جُزَافًا سَوَاءٌ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِتَعَذُّرِ حَزْرِهِ وَمَا كَثُرَ لَا جِدًّا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا إنْ كَانَ مَعْدُودًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي عِلْمِهِ بِالْعَدَدِ وَيُحْزَرُ إنْ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَيْ وَجَهِلَا قَدْرَ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَلَوْ كَانَ لَا مَشَقَّةَ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَاهُ) أَيْ وَجَهِلَ الْمُتَبَايِعَانِ قَدْرَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا إذَا عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا قَطُّ) أَيْ فَإِذَا عَلِمَ أَحَدُهُمَا قَدْرَهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَجَهْلُهُ الْآخَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ عَلِمَ صَاحِبُهُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلِمَ قَصَدَ خَدِيعَةَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ لَكِنْ إنْ أَعْلَمَهُ حَالَ الْعَقْدِ بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَحَزَرَاهُ بِالْفِعْلِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ بِأَنَّ اعْتَادَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، فَلَوْ وَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَفَى كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ أَمْ لَا فَالشَّرْطُ حَزْرُ الْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَانَ الْحَزْرُ مِنْهُمَا أَوْ مِمَّنْ وَكَّلَاهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ) أَيْ فِي عِلْمِهِمَا أَوْ ظَنِّهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ فَسَدَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ) سَالِبَةٌ مَعْدُولَةُ الْمَحْمُولِ أَيْ جُعِلَ فِيهَا السَّلْبُ جُزْءًا مِنْ مَدْخُولِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وُجُودَ الْمَوْضُوعِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْطُوقُهَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ يُعَدُّ بِمَشَقَّةٍ وَبِكَوْنِهِ لَا يُعَدُّ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ مَشَقَّةٌ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ لَوْ ذَكَرَ هَذَا وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ: وَنَبَّهَ بِلَفْظِ الْعَدِّ لَكَانَ صَوَابًا، وَقَوْلُ عبق وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ وَهَذَا مَنْطُوقُهُ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَنْطُوقَهُ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ، وَأَنْ لَا يُعَدَّ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ مَشَقَّةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدُودَ لَا يُبَاعُ جُزَافًا إلَّا إذَا -

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةً (وَلَمْ تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ) أَيْ آحَادُهُ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الشَّرْطِ قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا أَنْ تَقْصِدَ أَفْرَادُهُ بِالثَّمَنِ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ) أَيْ ثَمَنُ أَفْرَادِهِ فَيَجُوزُ كَبِيضٍ وَتُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَبِطِّيخٍ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْجُزَافِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مَعَ مَكِيلٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي. ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ بَعْضِ الشُّرُوطِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ فَقَالَ (لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّ إنْ رُئِيَ إذْ هُوَ فِي مَحَلِّ الصِّفَةِ لِجُزَافٍ أَيْ جُزَافٍ مَرْئِيٍّ لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ (وَإِنْ) كَانَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ (مِلْءَ ظَرْفٍ) فَارِغٍ كَقُفَّةٍ يَمْلَؤُهَا مِنْ حِنْطَةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَارُورَةٍ يَمْلَؤُهَا زَيْتًا بِدِرْهَمٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا بَيْعُ مِلْئِهِ جُزَافًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الظَّرْفُ مَمْلُوءًا أَوَّلًا فَاشْتَرَى مَا فِيهِ جُزَافًا بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَمْلَأَهُ (ثَانِيًا) مِنْ ذَلِكَ الْمَبِيعِ (بَعْدَ تَفْرِيغِهِ) بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ حَالَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ الظَّرْفُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (فِي كَسَلَّةِ تِينٍ) وَعِنَبٍ وَقِرْبَةِ مَاءٍ وَجَرَّارِهِ وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ تَفْرِيغِهِ فَيَجُوزُ شِرَاءُ مِلْئِهِ فَارِغًا وَمِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ بِدِرْهَمِ مَثَلًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ السَّلَّةَ وَنَحْوَهَا بِمَنْزِلَةِ الْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالسَّلَّةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْإِنَاءُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الزَّبِيبُ وَالتِّينُ وَنَحْوَهُمَا ثُمَّ عُطِفَ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ مُشَارِكَةٌ لَهُ فِي الْمَنْعِ الْأَوَّلَانِ مِنْهَا مُحْتَرِزًا وَحُزِرَ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مُحْتَرِزٌ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ. أَحَدُهَا قَوْلُهُ (و) لَا (عَصَافِيرِ) وَنَحْوَهَا مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ كَحَمَامٍ وَصِغَارِ دَجَاجٍ (حَيَّةٌ) لِعَدَمِ تَيَسُّرِ حَزْرِهِ بِخِلَافِ الْمَذْبُوحَةِ فَيَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزَافًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةٌ فِي كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةٌ لِلْمَشَقَّةِ لِاحْتِيَاجِهِمَا لِآلَةٍ وَتَحْرِيرٍ لَا يَتَأَتَّى لِكُلِّ النَّاسِ بِخِلَافِ الْعَدِّ لِتَيَسُّرِهِ لِغَالِبِ النَّاسِ فَالْجُزَافُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ فِي الْمَعْدُودِ وَخَمْسَةٍ فِي غَيْرِهِ بِإِسْقَاطٍ وَلَمْ يُعَدُّ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ مُخْتَصَّانِ بِالْمَعْدُودِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةٌ) أَيْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ لَا إنْ مَنْطُوقُ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ تَقْرِيرِهِ وَزَادَ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَالْمُسْتَثْنَى لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذَا الشَّرْطِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ كُلُّ شَرْطٍ هُوَ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْطِ تَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ) أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَفْرَادُهُ مَقْصُودَةٌ وَكَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا كَثِيرًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، فَإِنْ قَلَّ التَّفَاوُتُ جَازَ وَهُوَ قَوْلُهُ: بَعْدُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ) أَيْ ثَمَنُ أَفْرَادِ مَا تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ بِأَنْ كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أَفْرَادِهِ قَلِيلًا وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ فَلَا يُبَاعُ جُزَافًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ تِلْكَ الْأَفْرَادِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا يَكُونُ قَصْدُ الْإِفْرَادِ مُضِرًّا فِي بَيْعِهِ جُزَافًا فَعَلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا يُبَاعُ جُزَافًا إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَإِذَا قَصَدْت جَازَ جُزَافًا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةِ أَحْوَالٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: وَبِطِّيخٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِطِّيخٌ كُلُّهُ كَبِيرٌ أَوْ كُلُّهُ صَغِيرٌ لَا مَا بَعْضُهُ صَغِيرٌ وَبَعْضُهُ كَبِيرٌ وَهَذَا التَّرَجِّي قُصُورٌ قَالَ فِي الْقُبَابِ مَا نَصُّهُ وَالْجَوَازُ فِي الْمَعْدُودِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَحَقَّقَتْ الْمَشَقَّةُ فِي عَدَدِهِ لِكَثْرَتِهِ وَتَسَاوِي أَفْرَادُهُ كَالْجَوْزِ وَالْبِيضِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مَبْلَغُهُ لَا آحَادَهُ كَالْبِطِّيخِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجُزَافُ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ وَالنُّصُوصُ بِذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقِيلَ: إنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ دِرْهَمًا لِعَطَّارٍ لِيُعْطِيَك بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَبْزَارِ مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ وَلَا لِفَوَّالٍ لِيَدْفَعَ لَك بِهَا فُولًا حَارًّا أَوْ مُدَمَّسًا وَلَا أَنْ تَأْتِيَ لِجَزَّارٍ وَتَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُكَوِّمَ لَك كَوْمًا مِنْ اللَّحْمِ لِتَشْتَرِيَهُ جُزَافًا بَلْ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُجْزِفًا عِنْدَهُ قَبْلَ طَلَبِك وَأَنْ تَرَاهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ بَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَهُوَ فُسْحَةٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ) أَيْ لَا غَيْرَ مُبْصَرٍ حِينَ الْعَقْدِ وَلَا قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ الْمُرَادُ لَا غَيْرَ حَاضِرٍ، وَلَوْ أُبْصِرَ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ مَنْعُ بَيْعِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَلَوْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لِلْخُرُوجِ عَنْ الرُّخْصَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ جَوَازُ الْخَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ وَثَمَرِ الْحَائِطِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْحُضُورُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا بَيْعُ مِلْئِهِ جُزَافًا) أَيْ بَلْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ مِلْئِهِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَرْئِيٍّ حَالَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلَا قَبْلَهُ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) كَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُبَالَغَتَيْنِ مَعًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَدْرَ كَلَامِ عبق مِنْ رُجُوعِهِ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ) أَيْ مِمَّا -

إنْ كَثُرَتْ مَحْبُوسَةً (بِقَفَصٍ) وَأَوْلَى غَيْرُ الْمَحْبُوسَةِ. ثَانِيهَا قَوْلُهُ (و) لَا (حَمَامٌ فِي بُرْجٍ) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْحَزْرِ فِيهِ إنْ لَمْ يُحَطْ بِهِ مَعْرِفَةً قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا جَازَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: حَمَامُ بُرْجٍ، مِنْ بَيْعِ الْبُرْجِ مَعَ الْحَمَامِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْبُرْجِ. ثَالِثُهَا قَوْلُهُ (و) لَا (ثِيَابٍ) وَرَقِيقٍ وَحَيَوَانٍ لِتَفَاوُتِ آحَادِهَا فِي الْقِيمَةِ لِقَصْدِ أَفْرَادِهَا. رَابِعُهَا قَوْلُهُ (و) لَا (نَقْدٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَا فُلُوسٌ لِقَصْدِ أَفْرَادِهَا أَيْضًا (إنْ سُكَّ) لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَوْلَى (وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (وَإِلَّا) يَتَعَامَلُ بِالْعَدَدِ بَلْ بِالْوَزْنِ (جَازَ) بَيْعُهُ جُزَافًا لِعَدَمِ قَصْدِ الْأَفْرَادِ حِينَئِذٍ فَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ إنْ سُكَّ أَيْضًا وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا نَفَى الشَّرْطَيْنِ أَيْ إنْ لَمْ يَسُكَّ وَلَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ عَدَدًا بَلْ وَزْنًا جَازَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ جُزَافًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النَّفْيُ إذَا تَوَجَّهَ لِكَلَامٍ مُقَيَّدٍ بِقَيْدَيْنِ أَفَادَ نَفْيَهُمَا مَعًا وَنَفْيَ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيَصْدُقُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَحْكُومٍ عَلَيْهَا بِالْجَوَازِ وَهِيَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَالْمَسْكُوكُ الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالتَّعَامُلِ عَدَدًا فَقَطْ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ أَوَّلًا، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا فَلَوْ قَالَ وَنَقْدٌ إنْ تُعُومِلَ بِالْعَدَدِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَإِذَا تُعُومِلَ بِهِمَا كَدَنَانِيرِ مِصْرَ رُوعِيَ الْعَدَدُ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ تَفْصِيلًا بِقَوْلِهِ (فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا) بَعْدَ الْعَقْدِ (بِعِلْمِ الْآخَرِ) حِينَ الْعَقْدِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ جُزَافًا (خُيِّرَ) الْجَاهِلُ (وَإِنْ أَعْلَمَهُ) أَيْ أَعْلَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِعِلْمِهِ أَوْ عَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ (أَوَّلًا) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ وَدَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِلَّا لَزِمَ الْقِيمَةُ (كَالْمُغَنِّيَةِ) تَشْبِيهٌ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدْخُلُ بَعْضُهُ تَحْتَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ إنْ كَثُرَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي عَدِّهَا مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا حَمَامٍ فِي بُرْجٍ) أَيْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِدُونِ الْبُرْجِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَحَاطَ بِهَا مَعْرِفَةً بِالْحَزْرِ فِي وَقْتِ هَدَوْهَا أَوْ نَوْمِهَا جَازَ شِرَاؤُهَا جُزَافًا وَمَا قِيلَ هُنَا يُقَالُ فِي الْعَصَافِيرِ (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الصُّورَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَانِ فِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ إنْ أَحَاطَ بِالْحَمَّامِ مَعْرِفَةً وَعَدَمُ الْجَوَازِ أَنْ فَقَدْ الْقَيْدَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ الْبُرْجِ بِمَا فِيهِ إذَا رَآهُ وَأَحَاطَ بِهِ مَعْرِفَةً وَحَزْرًا اهـ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَ مَا رَوَى عَنْهُ أَصْبَغُ وَنَصُّ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَا فِي الْبُرْجِ مِنْ حَمَامٍ أَوْ بَيْعِهِ بِحَمَامِهِ جُزَافًا إنْ رَآهُ وَأَحَاطَ بِهِ مَعْرِفَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِتَفَاوُتِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: لِقَصْدِ أَفْرَادِهَا مَعَ تَفَاوُتِ آحَادِهَا (قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى التَّعَامُلِ بِالْعَدَدِ فَمَتَى تُعُومِلَ بِهَا عَدَدًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا كَانَتْ مَسْكُوكَةً أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَامَلْ بِهَا عَدَدًا بَلْ تُعُومِلَ بِهَا وَزْنًا جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا مَسْكُوكَةً أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَهَذَا رَاجِعٌ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لعج وَتَبِعَهُ عبق نَقَلَهُ شَارِحُنَا ثُمَّ اعْتَرَضَهُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ وَفِي هَذَا الِاقْتِضَاءِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ رُجُوعُهُ لِلْقَيْدَيْنِ مَعًا أَيْ وَإِلَّا يَجْتَمِعُ الشَّرْطَانِ بِأَنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ فَيَدْخُلُ تَحْتَ إلَّا ثَلَاثِ صُوَرٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ عج وَتَبِعَهُ عبق ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا جَازَ يَتَعَيَّنُ رُجُوعُهُ لِلْقَيْدِ الثَّانِي وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْقَيْدَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ وَلَمْ يَكُنْ التَّعَامُلُ بِهِ عَدَدًا جَازَ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْجَوَازَ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ وَكَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا لِانْتِفَاءِ الْقَيْدَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مَسْكُوكَةً وَالتَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا لِانْتِفَاءِ الْقَيْدِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَرَدَّهُ شَارِحُنَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ النَّفْيُ لِلْقَيْدَيْنِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْنِي مَا إذَا كَانَ مَسْكُوكًا وَالتَّعَامُلُ بِهِ وَزْنًا بَلْ يَقْتَضِي الْجَوَازَ فِي صُوَرٍ ثَلَاثٍ هِيَ إحْدَاهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَأَلَّا يَجْتَمِعَ الشَّرْطَانِ بِأَنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ فَشَمَلَ كَلَامُهُ ثَلَاثَ صُوَرٍ مِنْ جُمْلَتِهَا الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى رُجُوعُ النَّفْيِ لِلْقَيْدَيْنِ نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ إحْدَى هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مَمْنُوعَةٌ عَلَى الْمُتَعَمَّدِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ وَكَانَ التَّعَامُلُ بِهِ عَدَدًا فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ: إنْ سَكَّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا) هَذِهِ الصُّورَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَوَجُّهِ النَّفْيِ لِلْقَيْدَيْنِ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَوَجُّهِ النَّفْيِ لِلْقَيْدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَالثَّالِثَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَوَجُّهِ النَّفْيِ لِلْقَيْدِ الثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِقَوْلِهِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ سَكَّ (قَوْلُهُ: مُنِعَ) أَيْ مُطْلَقًا مَسْكُوكًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ مَسْكُوكًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ تَفْصِيلًا) أَيْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ لِأَحَدِهِمَا وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ يَعْلَمَ الْجَاهِلُ حِينَ الْعَقْدِ بِعِلْمِ ذَلِكَ الْعَالِمِ أَوْ لَا يَعْلَمُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِقَدْرِهِ أَيْ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ الْكَمْيَّةَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْعُ جُزَافٍ (قَوْلُهُ: لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ) أَيْ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ الْكَائِنِ مِنْ الْعَالِمِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالْقَدْرِ وَعَلِمَ الْآخَرُ بِعِلْمِهِ وَتَرَكَا الدُّخُولَ عَلَى الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ وَارْتَكَبَا الْجُزَافَ صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ قَصْدُهُ غَرَرُ -

أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ فَسَدَ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَلْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ خُيِّرَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ ثَمَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ إنْ قَصَدَ الِاسْتِزَادَةَ فِي الثَّمَنِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ. وَلَمَّا كَانَ الْغَرَرُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ انْضِمَامِ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَهُ إلَيْهِ يُصَيِّرُ فِي الْمَعْلُومِ جَهْلًا لَمْ يَكُنْ وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ (و) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (جُزَافِ حَبٍّ) كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مِمَّا أَصْلُهُ الْبَيْعُ كَيْلًا (مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَبِّ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَا لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ (أَوْ) مَعَ مَكِيلٍ مِنْ (أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ الْبَيْعُ جُزَافًا لِخُرُوجِهِمَا مَعًا عَنْ الْأَصْلِ. (و) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (جُزَافِ أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا (مَعَ مَكِيلِهِ) أَيْ مَكِيلٍ مِنْ الْأَرْضِ كَبِعْنِي هَذِهِ الْأَرْضَ مَعَ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِك بِكَذَا لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَمْنُوعَةٍ. وَأَشَارَ إلَى الرَّابِعَةِ الْجَائِزَةِ بِقَوْلِهِ (لَا) يَمْنَعُ اجْتِمَاعُ جُزَافٍ أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا كَالْأَرْضِ (مَعَ) مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا كَمَكِيلِ (حَبٍّ) عُقْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَجُوزُ لِمَجِيءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَصْلِهِ. (وَيَجُوزُ جُزَافَانِ) صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُمَا الْبَيْعُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا أَوْ أَحَدُهُمَا كَيْلًا وَالْآخَرُ جُزَافًا كَحَبٍّ وَأَرْضٍ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْجُزَافِ الْوَاحِدِ مِنْ حَيْثُ تَنَاوُلِ الرُّخْصَةِ لَهُمَا. (و) يَجُوزُ (مَكِيلَانِ) كَذَلِكَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ. (و) يَجُوزُ (جُزَافٌ) عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يُضَافُ إلَخْ أَيْ وَيَجُوزُ جُزَافٌ أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا كَصُبْرَةٍ أَوْ جُزَافًا كَقِطْعَةِ أَرْضٍ (مَعَ عَرَضٍ) كَعَبْدٍ مِمَّا لَا يُبَاعُ كَيْلًا وَلَا جُزَافًا. (و) يَجُوزُ (جُزَافَانِ) صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ (عَلَى كَيْلٍ) أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ) أَيْ الْمَكِيلُ وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ لَوْ ذَكَرَهُ كَانَ أَوْلَى أَيْ ثَمَنُ الْمَكِيلِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ اخْتِلَافِهِ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةُ أَقْفِزَةٍ بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى أَرْبَعَةٌ بِدِينَارٍ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْأَرْبَعَةَ بِدِينَارٍ وَالثَّلَاثَةَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِينَارٍ لَجَازَ كَمَا لَوْ كَانَتْ كُلُّ صُبْرَةٍ ثَلَاثَةَ أَرَادِبَ بِدِينَارٍ (و) اتَّحَدَتْ (الصِّفَةُ) كَمَا مَثَّلْنَا احْتِرَازًا مِنْ صُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَاحِبِهِ وَغَلَبَتُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ) أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُغَنِّي فَلَيْسَ كَالْأَمَةِ - فَلَا يُوجِبُ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مُغَنِّيًا فَسَادًا وَلَا يُوجِبُ وُجُودَهُ مُغَنِّيًا بِدُونِ شَرْطِ خِيَارًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْ غِنَائِهِ تَعَلُّقُ النَّاسِ بِهِ بِحَسَبِ الشَّأْنِ وَالْعَادَةِ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ (قَوْلُهُ: كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا وَهَذِهِ الصُّبْرَةُ الْمَعْلُومَةُ الْقَدْرِ مِنْ كَوْنِهَا عَشَرَةَ أَرَادِبَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ بِثَمَنَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الصُّبْرَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ مَكِيلٍ مِنْ أَرْضٍ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ جُزَافًا بِكَذَا وَمِائَةَ ذِرَاعٍ أَوْ فَدَّانٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ بِكَذَا أَوْ بِعْنِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَمِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِك بِكَذَا فَالثَّمَنُ إمَّا مُتَعَدِّدٌ أَوْ مُتَّحِدٌ (قَوْلُهُ: مَعَ مَكِيلِهِ) بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى أَرْضٍ نَظَرًا لِلْجِنْسِ وَبِالتَّأْنِيثِ مَعَ التَّنْوِينِ صِفَةٌ لِأَرْضٍ مَحْذُوفَةٍ أَيْ أَوْ مَعَ أَرْضٍ مَكِيلَةٍ. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ) أَيْ وَهِيَ اجْتِمَاعُ جُزَافٍ مِنْ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ وَاجْتِمَاعُ جُزَافٍ مِنْ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْ أَرْضٍ وَاجْتِمَاعُ جُزَافٍ مِنْ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: مَمْنُوعَةٌ أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ الْمَكِيلَ مِنْ الثَّمَنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا مَعَ حَبٍّ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ الْمَعْلُومَةَ الْقَدْرِ وَهَذِهِ الْأَرْضَ الْمَجْهُولَةَ الْقَدْرِ بِمِائَةٍ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُمَا الْبَيْعَ جُزَافًا) كَقِطْعَتَيْ أَرْضٍ مَجْهُولَتَيْ الْقَدْرِ يَشْتَرِيهِمَا جُزَافًا بِدِينَارٍ أَوْ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى بِدِينَارَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَيْلًا) أَيْ كَصُبْرَتَيْ حَبٍّ مَجْهُولَتَيْ الْقَدْرِ اشْتَرَاهُمَا جُزَافًا بِدِينَارٍ أَوْ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى بِدِينَارَيْنِ وَوَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ جُزَافًا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: كَحَبٍّ وَأَرْضٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَاشْتَرَاهُمَا جُزَافًا بِدِينَارٍ أَوْ أَحَدُهُمَا بِدِينَارٍ وَالْآخَرُ بِدِينَارَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَكِيلَانِ) كَأَشْتَرِي مِنْكَ عَشَرَةَ أَرَادِبَ قَمْحًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَعَشَرَةَ أَرَادِبَ شَعِيرًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِكَذَا اتَّفَقَ الثَّمَنُ فِي الْمَكِيلَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ وَكَأَشْتَرِي مِنْكَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى بِكَذَا وَكَأَشْتَرِي مِنْكَ عَشَرَةَ أَرَادِبَ حَبٍّ وَعَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ بِكَذَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَكِيلَانِ كَذَلِكَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُمَا الْبَيْعَ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا أَوْ أَحَدُهُمَا كَيْلًا وَالْآخَرُ جُزَافًا (قَوْلُهُ: وَجُزَافٌ مَعَ عَرَضٍ) كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ أَوْ الْقِطْعَةَ الْأَرْضِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ مَعَ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ الثَّوْبِ بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَجُزَافَانِ عَلَى كَيْلٍ) كَأَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الْقَمْحِ كُلُّ إرْدَبٍّ بِكَذَا فَقَدْ اتَّحَدَ ثَمَنُ الْكَيْلِ وَاتَّحَدَتْ صِفَةُ الْمَبِيعِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَرَادِبَ) أَيْ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: بِدِينَارٍ أَيْ وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ ثَمَنِ الْمَكِيلِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ صُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ ثَمَنُ الْمَكِيلِ كَكُلِّ إرْدَبٍّ مِنْهُمَا بِدِينَارٍ أَوْ اخْتَلَفَ كَكُلِّ إرْدَبٍّ مِنْ صُبْرَةِ الْقَمْحِ بِدِينَارَيْنِ وَمِنْ الشَّعِيرِ بِدِينَارٍ

وَالِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ. (وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ عَلَى كَيْلٍ) أَوْ عَدَدٍ أَوْ ذَرْعٍ (غَيْرُهُ مُطْلَقًا) مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَذْرُوعًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ جُزَافًا كَصُبْرَةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِكَذَا وَعَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةَ كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا بَلْ ثَمَنُهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ الْمَكِيلَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ السِّلْعَةَ حِينَ الْبَيْعِ مَجْهُولٌ. (وَجَازَ) الْبَيْعُ (بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) مِنْ مَكِيلٍ كَقَمْحٍ وَمَوْزُونٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ (و) بِرُؤْيَةِ (الصِّوَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا وَهُوَ مَا يَصُونُ الشَّيْءَ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَجَوْزٍ، وَلَوْزٍ أَيْ بِرُؤْيَةِ قِشْرِ بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْسِرْ شَيْئًا مِنْهُ لِيَرَى مَا بِدَاخِلِهِ. (و) جَازَ بَيْعٌ وَشِرَاءٌ مُعْتَمَدًا فِيهِ (عَلَى) الْأَوْصَافِ الْمَكْتُوبَةِ فِي (الْبَرْنَامَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الدَّفْتَرُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ أَوْصَافُ مَا فِي الْعَدْلِ مِنْ الثِّيَابِ الْمَبِيعَةِ لِتُشْتَرَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ وُجِدَ عَلَى الصِّفَةِ لُزُومٌ وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي. (و) جَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ (مِنْ الْأَعْمَى) سَوَاءٌ وُلِدَ أَعْمَى أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ وَيَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَوْصَافِ الْمَبِيعِ. (و) جَازَ الْبَيْعُ (بِرُؤْيَةٍ) سَابِقَةٍ عَلَى وَقْتِ الْعَقْدِ (لَا يَتَغَيَّرُ) الْمَبِيعُ عَادَةً (بَعْدَهَا) إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ، وَلَوْ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْبَتِّ وَيَجُوزُ عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ. (وَحَلَفَ) بَائِعٌ (مُدَّعٍ) عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ (لِبَيْعٍ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الصُّبْرَتَانِ مِنْ الْقَمْحِ وَإِحْدَاهُمَا جَيِّدَةً وَالْأُخْرَى رَدِيئَةً وَاشْتَرَاهُمَا مَعًا كُلُّ إرْدَبٍّ مِنْهُمَا بِدِينَارٍ أَوْ الْإِرْدَبُّ مِنْ هَذِهِ بِدِينَارَيْنِ وَمِنْ الْأُخْرَى بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: كَصُبْرَةِ إلَخْ) أَيْ وَكَبَلَّاصِ سَمْنٍ كُلُّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ ثَوْبًا، وَكَذَلِكَ شَقَّةُ قُمَاشٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِكَذَا عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةُ، كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا وَكَكَوْمِ بِطِّيخٍ كُلُّ بِطِّيخَةٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةً، كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا الْقَيْدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْإِطْلَاقَ وَمِنْ خَطِّ شَيْخِ شُيُوخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَاجِّ هُنَا مَا نَصُّهُ سَوَاءٌ سَمَّى لِذَلِكَ الْغَيْرِ ثَمَنًا أَمْ لَا بِدَلِيلِ صُوَرُ الْمَنْعِ الثَّلَاثِ فِي مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَمَّى لِتِلْكَ السِّلْعَةِ ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ: أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ وَهَذَا الثَّوْبُ بِدِينَارٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِلثَّوْبِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ قَدْ يُسَاوِي الثَّوْبُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ هَذَا الْجُزَافِ فَصَارَتْ التَّسْمِيَةُ كَلَا تَسْمِيَةَ وَمَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ الثَّوْبَ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ وَلَوْ جُزَافًا لِمَا مَرَّ أَنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ) أَيْ كَعَدْلٍ مَمْلُوءٍ مِنْ الْقُمَاشِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ أَيْ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَةِ الْمُقَوَّمِ لَلْمِثْلِيِّ فِي كِفَايَةِ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ إذَا كَانَ الْمُقَوِّمُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي نَشْرِهِ إتْلَافٌ كَالشَّاشِ وَإِلَّا اكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ: وَالصِّوَانِ) عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ رُؤْيَةٍ وَهُوَ بَعْضٌ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِمَا فِي حَلِّ الْعَدْلِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ تَلْوِيثِهِ وَمُؤْنَةِ شَدِّهِ إنْ لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي فَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الصِّفَةَ بِحَالِهَا وَلَكِنْ وَجَدَ فِي الْعَدْلِ زِيَادَةً فِي الْعَدَدِ عَلَى مَا فِي الْبَرْنَامَجِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَدْلًا بِبَرْنَامَجِهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ خَمْسِينَ ثَوْبًا فَوَجَدَ فِيهِ أَحَدًا وَخَمْسِينَ فَقَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ الْبَائِعُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي الثِّيَابِ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ الثِّيَابِ، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: يَرُدُّ مِنْهَا ثَوْبًا كَيْفَ وَجَدَهُ فِيهِ أَيَّ يَرُدُّ أَيْ ثَوْبٍ شَاءَ رَدَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ وَجَدَ فِي الْعَدْلِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ثَوْبًا وَضَعَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ جُزْءًا مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ ثَوْبًا مَثَلًا قَالَ مَالِكٌ إنْ وَجَدَ مِنْ الثِّيَابِ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَرَدَّ الْبَيْعَ أَيْ إنْ شَاءَ وَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْمُعَيَّنِ وَمَا هُنَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ مِنْ الْأَعْمَى) أَيْ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ جُزَافٍ؛ لِأَنَّ الْجُزَافَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى أَوْصَافِ الْمَبِيعِ فَتُذْكَرُ لَهُ الْأَوْصَافُ لِيَعْتَمِدَ عَلَيْهَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَهَذَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ مَعْرِفَتُهُ لِلْمَبِيعِ بِغَيْرِ وَصْفٍ، وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لِلْمَبِيعِ بِدُونِ وَصْفٍ فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصَفْ لَهُ الْمَبِيعُ كَالسَّمْنِ فِي الشَّاةِ وَكَالْأَدْهَانِ وَالْمَشْمُومَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا بِاللَّمْسِ وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةٍ) أَيْ جَازَ الْبَيْعُ بَتًّا وَعَلَى الْخِيَارِ بِسَبَبِ رُؤْيَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا) أَيْ إذَا ظَنَّ أَوْ جَزَمَ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْغِيبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ إلَّا فِيمَا بِيعَ عَلَى الْوَصْفِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ) أَيْ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا بَعْدَهَا أَيْ وَقَبْلَ وَقْتِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ بَائِعٌ مُدَّعٍ عَدَمَ الْمُخَالِفَةِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّ صِلَةَ مُدَّعٍ مَحْذُوفَةٌ وَأَنَّ اللَّامَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَتْ

بَيْعِ (بَرْنَامَجٍ) وَقَدْ تَلِفَ أَوْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ وَادَّعَى مُخَالَفَتَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَهُ: بَلْ أَنْتَ قَدْ بَدَّلْته وَمَعْمُولُ حَلَفَ قَوْلُهُ (إنَّ مُوَافَقَتَهُ) أَيْ مُوَافَقَةَ مَا فِي الْعَدْلِ أَيْ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ (لِلْمَكْتُوبِ) فِي الْبَرْنَامَجِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ الْمَبِيعَ. (و) حَلَفَ دَافِعٌ مُدَّعٍ (عَدَمَ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ) وَهُوَ دَافِعُ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ مِنْ صَرَّافٍ أَوْ مَدِينٍ أَوْ مُقْرِضٍ أَوْ غَيْرِهِمْ إذَا قَبَضَهَا الْمَدْفُوعُ لَهُ بِقَوْلِ الدَّافِعِ: إنَّهَا جِيَادٌ فَادَّعَى آخِذُهَا أَنَّهُ وَجَدَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا رَدِيئًا أَوْ نَاقِصًا وَأَنْكَرَ الدَّافِعُ أَنْ تَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَيَحْلِفُ فِي نَقْصِ الْعَدَدِ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا وَفِي نَقْصِ الْوَزْنِ وَالْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَيَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى الْمُفَاصَلَةِ أَوْ اخْتَلَفَا، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا أَوْ لِيَزِنهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ بِيَمِينِهِ فِي الرَّدِيءِ وَالنَّاقِصِ. (و) إنْ اشْتَرَى عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ عَلَيْهَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى (بَقَاءِ الصِّفَةِ) الَّتِي رَآهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ (إنْ شَكَّ) أَيْ حَصَلَ شَكٌّ هَلْ تَغَيَّرَ فِيمَا بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالْقَبْضِ أَمْ لَا، فَإِنْ قَطَعَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَدَمِ التَّغَيُّرِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ قَطَعَ بِالتَّغَيُّرِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَلِكَ، وَإِنْ رَجَّحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ فَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَخَّرَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ ذَوَاتِ الْحَلِفِ. (و) جَازَ بَيْعُ (غَائِبٍ) فَهُوَ عُطْفٌ عَلَى عَمُودٍ إنْ وُصِفَ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQصِلَةَ مُدَّعٍ إذْ الْبَيْعُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ مُتَّفِقَانِ عَلَيْهِ لَا مُدَّعٍ لَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَأَنَّهَا بِمَعْنَى فِي وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَا قَبَضَ الْمَتَاعَ وَغَابَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ مَا قَبَضَ الْمَتَاعَ وَتَلِفَ الْبَرْنَامَجُ عَدَمَ مُوَافَقَةِ مَا فِي الْعَدْلِ لِمَا فِي الْبَرْنَامَجِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْمُوَافَقَةَ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْلِفُ أَنَّ مَا فِي الْعَدْلِ مُوَافِقٌ لِلْمَكْتُوبِ فِي الْبَرْنَامَجِ وَهَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ، فَإِنْ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُصَدَّقٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَكَذَا إذَا قَبَضَهُ لِيَقْلِبَ وَيَنْظُرُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَلِفَ) أَيْ الْبَرْنَامَجُ (قَوْلُهُ: إنَّ مُوَافَقَتَهُ) أَيْ إنَّ مُوَافَقَةَ مَا فِي الْعَدْلِ لِلْمَكْتُوبِ فِي الْبَرْنَامَجِ حَاصِلَةٌ فَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ إنْ قُلْت: الْقَاعِدَةُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا الْمُدَّعِي وَهُنَا قَدْ حَلَفَ الْبَائِعُ وَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُوَافَقَةِ قُلْت الْبَائِعُ وَإِنْ ادَّعَى الْمُوَافَقَةَ إلَّا إنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ وهَذَا كَذَلِكَ إذْ الْأَصْلُ الْمُوَافَقَةُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ دَفْعٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ أَيْ حَلَفَ مُدَّعٍ عَدَمَ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ رَدِيئًا وَلَا نَاقِصًا فَمَفْعُولُ حَلَفَ مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمْ) كَمُشْتَرٍ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ وَجَدَهَا إلَخْ) أَيْ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا نَاقِصَةَ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى آخِذُهَا) أَيْ بَعْدَ أَنْ غَابَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ فِي الْعَدَدِ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ دَفَعَ الْقَدْرَ الْفُلَانِيَّ بِتَمَامِهِ جَزْمًا وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَحَقَّقَ أَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ النَّاقِصَةَ الْعَدَدِ دَرَاهِمُهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا كَامِلًا أَوْ جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي نَقْصِ الْوَزْنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَالْغِشِّ خِلَافَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي النَّقْصِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ نَقْصَ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ عَلَى الْبَتِّ وَيَحْلِفُ فِي الْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الْمَغْشُوشَةَ لَيْسَتْ دَرَاهِمَهُ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى رُؤْيَةِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي بِيعَ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ بَقَاءِ الصِّفَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي خش وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ) تَفْسِيرٌ لِبَقَائِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ حَصَلَ شَكٌّ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَلِكَ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَجَحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ الَّذِي فِي ظَنِّنَا إنَّهُ تَغَيَّرَ أَوْ إنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَطَعَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ رَجَّحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ ظَنَّتْ التَّغَيُّرَ أَوْ عَدَمَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ وَلَا يَشْتَرِطُ كَوْنُ الْقَطْعِ أَوْ التَّرْجِيحِ حَاصِلًا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ غَائِبٍ) اعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الْغَائِبِ فِيهِ سِتُّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ بِدُونِهَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ أَوْ عَلَى السُّكُوتِ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ إلَّا مَا بِيعَ بِدُونِ صِفَةٍ عَلَى اللُّزُومِ أَوْ السُّكُوتِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ بَيْعُ غَائِبٍ أَيْ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ أَوْ السُّكُوتِ هَذَا إذَا وَصَفَ ذَلِكَ الْمَبِيعَ الْغَائِبَ بَلْ وَإِنْ بِلَا وَصْفٍ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لَا إنْ كَانَ بَتًّا أَوْ عَلَى السُّكُوتِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَقَوْلُهُ: عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ قَيْدٌ فِيمَا بَعْدَ لَوْ فَقَطْ وَهُوَ الْمَبِيعُ بِلَا وَصْفٍ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَزَاهُ لَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَائِبَ لَا يُبَاعُ إلَّا بِالصِّفَةِ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَا وَصْفٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلُ لِبَعْضِ كُبَرَاءِ أَصْحَابِ

(وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ) لِنَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ لَكِنْ (عَلَى) شَرْطِ (خِيَارِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِالرُّؤْيَةِ) لِلْمَبِيعِ لِيَخِفَّ غَرَرُهُ لَا عَلَى اللُّزُومِ أَوْ السَّكْتِ فَيَفْسُدُ فِي غَيْرِ التَّوْلِيَةِ إذْ فِيهَا لَا يَضُرُّ السُّكُوتُ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَقَوْلُهُ عَلَى خِيَارِهِ إلَخْ شَرْطٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ إذْ الْبَيْعُ عَلَى الْوَصْفِ يَجُوزُ بِإِلْزَامٍ فَلَوْ حَذَفَ وَلَوْ: كَانَ أَوْضَحَ (أَوْ) بِيعَ غَائِبٌ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ، وَلَوْ (عَلَى يَوْمٍ) ذَهَابًا فَقَطْ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى أَكْثَرُ، فَكَلَامُهُ فِيمَا بِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ لَا فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَوْمٍ بَلْ، وَلَوْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَأَتَى بِهَذَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ مَا عَلَى يَوْمٍ فَدُوِّنَ كَالْحَاضِرِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهِ وَإِلَّا كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، الْمَفْرُوضُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَرُؤْيَتِهِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ حَاضِرَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا فِيمَا فِي فَتْحِهِ ضَرَرٌ أَوْ فَسَادٌ غَيْرُ حَاضِرٍ مَجْلِسَ الْعَقْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ، وَلَوْ بِالْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ (أَوْ وَصَفَهُ) أَيْ وَلَوْ وَصَفَهُ (غَيْرُ بَائِعِهِ) فَيَجُوزُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ غَيْرُ؛ لِأَنَّ وَصْفَ غَيْرِ الْبَائِعِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وَصْفِ الْبَائِعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَصْفَ يُقْرَأُ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَنْفِيِّ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَالتَّقْدِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِمَامِ قَالَ ح قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ لِنَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْجِنْسَ أَوْ النَّوْعَ بِنَاءً عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَظَاهِرُ سَلَّمَهَا الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ جِنْسِ السِّلْعَةِ أَهِيَ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ مَثَلًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ وَصْفُ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ خِيَارِهِ) أَيْ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إذَا رَأَى الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: إذْ فِيهَا لَا يَضُرُّ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: وَلَّيْتُكَ مَا اشْتَرَيْت بِمَا اشْتَرَيْت بِدُونِ وَصْفٍ لِمَا اشْتَرَاهُ فَيَجُوزُ إذَا جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْمَوْلَى أَوْ دَخَلَا عَلَى السُّكُوتِ وَيَكُونُ لِلْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْخِيَارُ، وَأَمَّا عَلَى اللُّزُومِ فَيُمْنَعُ لِلْجَهَالَةِ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ، وَأَمَّا الَّذِي وُصِفَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْبَتِّ وَعَلَى الْخِيَارِ وَعَلَى السُّكُوتِ فَالصُّوَرُ سِتٌّ، الْمَنْعُ فِي اثْنَتَيْنِ وَالْجَوَازُ فِي أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى يَوْمٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَائِبًا غِيبَةً بَعِيدَةً بَلْ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا عَلَى يَوْمٍ، حَاصِلُهُ أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ لَا بُدَّ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ كَوْنِهِ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَتْ مَسَافَةُ الْغَيْبَةِ يَوْمًا، وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ بِلَا وَصْفٍ أَوْ بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ غِيبَتُهُ بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا عَلَى يَوْمٍ فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ ابْنُ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: كَالْحَاضِرِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ بَتًّا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَرُؤْيَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ حَقُّهُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ ذَكَرَهُ هُنَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هُنَا وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ الْمَفْرُوضُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَهُوَ عَلَى يَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ) الْمُعْتَرَضُ لَهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ ح وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَقْتَضِي إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ غَائِبًا عَلَى يَوْمٍ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى دُونِ يَوْمٍ الصَّادِقُ بِالْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلَ) مُرَادُهُ بِهِ الْمُدَوَّنَةُ فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا يُؤْخَذُ مِنْهَا مِنْ خَمْسِ مَوَاضِعَ وَتَحْصُلُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بِالْبَلَدِ، وَأَمَّا مَا بِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ فَمُفَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا يَوْمًا فَأَكْثَرَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ إلَّا إذَا حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَرُئِيَ وَمُفَادُ النَّقْلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِي رُؤْيَتِهِ ضَرَرٌ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ دُونَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ صَحَّ بَيْعُهُ عَلَى اللُّزُومِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ مَشَقَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ وَصْفُهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا وَصْفٍ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وَصْفِ الْبَائِعِ) فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الشَّيْءُ بِوَصْفِ بَائِعِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِوَصْفِهِ إذْ قَدْ يَقْصِدُ الزِّيَادَةَ فِي الصِّفَةِ لِإِنْفَاقِ سِلْعَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ بِوَصْفِ الْبَائِعِ نَعَمْ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فَهُوَ أَيْ كَوْنُ الْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ شَرْطٌ فِي النَّقْدِ عِنْدَهُمَا لَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ اهـ فَمَتَى كَانَ الْوَصْفُ مِنْ الْبَائِعِ مُنِعَ النَّقْدُ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ بِشَرْطٍ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا

وَلَوْ بِلَا وَصْفِهِ غَيْرَ بَائِعِهِ أَيْ بِأَنْ وَصَفَهُ بَائِعُهُ. وَشَرْطُ مَا بِيعَ غَائِبًا عَلَى اللُّزُومِ بِوَصْفٍ أَمْرَانِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) جِدًّا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَوْ يُظَنُّ أَنَّ الْمَبِيعَ يُدْرَكُ عَلَى مَا وُصِفَ، فَإِنْ بَعُدَ جِدًّا (كَخُرَاسَانَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ) مِنْ كُلِّ مَا يُظَنُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ لَمْ يَجُزْ وَيَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا عَلَى اللُّزُومِ أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) بِأَنْ أُمْكِنَتْ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنْ أُمْكِنَتْ بِدُونِهَا بِأَنْ كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَلَا يَجُوزُ بِالْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الرُّؤْيَةِ إلَى الْوَصْفِ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْغَائِبِ الْمَبِيعِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ فَقَطْ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ ضَعِيفٌ. (و) جَازَ (النَّقْدُ) تَطَوُّعًا (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ عَلَى اللُّزُومِ عَقَارًا أَوْ غَيْرِهِ لَا عَلَى الْخِيَارِ الْمُبَوَّبِ لَهُ أَوْ الِاخْتِيَارِ فَيُمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا. وَجَازَ النَّقْدُ (مَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) الْمَبِيعِ عَلَى اللُّزُومِ بِوَصْفِ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَلَوْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ لَا يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا وَصْفِهِ) أَيْ وَلَوْ انْتَفَى وَصْفُ غَيْرِ الْبَائِعِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ إلَخْ) تَلَخَّصَ مِنْ هُنَا وَمِمَّا مَرَّ أَنْ مَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطَانِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بَعْدَهَا أَيْ أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ تَغَيُّرٌ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالْعَقْدِ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَهَذَا إذَا بِيعَ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ قُرْبٌ وَلَا عَدَمَ تَغَيُّرٍ. (قَوْلُهُ: أَنْ مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ سَوَاءٌ بِيعَ بِوَصْفٍ أَوْ بِلَا وَصْفٍ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يَجُوزُ، وَلَوْ بَعُدَ جِدًّا عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ اهـ خش (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) الْمَنْفِيُّ بِلَا مَشَقَّةٍ أَيْ وَإِنْ انْتَفَى إمْكَانُ رُؤْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَإِذَا انْتَفَى إمْكَانُ رُؤْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ ثَبَتَ إمْكَانُهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي رُؤْيَتِهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَمْكَنَتْ بِمَشَقَّةٍ) أَيْ وَذَلِكَ كَالْغَائِبِ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ ذَهَابًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ وَأَمَّا الْغَائِبُ الَّذِي بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُوفًا أَوْ غَيْرَ مَوْصُوفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) أَيْ أَوْ بِيعَ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ) أَيْ بَيْنَ يَدَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَجِدَارٍ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ مَثَلًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ حَاضِرًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ غَائِبًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِغِيبَتِهِ غِيبَتُهُ عَنْ الْبَصَرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ ضَعِيفٌ) وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفَادَهُ النَّقْلُ وَهُوَ أَنَّ الْحَاضِرَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا لِضَرَرٍ وَغَيْرُ الْحَاضِرِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: وَجَازَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فِيهِ) إنَّمَا قَيَّدَ جَوَازَ النَّقْدِ بِالتَّطَوُّعِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَمَعَ الشَّرْطِ إلَخْ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ الْغَائِبَ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا بِشَرْطٍ وَهُوَ كَوْنُ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ غَيْرَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا فِي عبق وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا أَوَّلًا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ بْن، فَإِنَّهُ نَازَعَ فِي كَوْنِ وَصْفِ الْبَائِعِ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا، وَأَمَّا النَّقْدُ بِشَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ وَأَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ إذَا كَانَ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ غَيْرَ الْبَائِعِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهُمَا امْتَنَعَ النَّقْدُ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ عَقَارٍ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ تَقْرُبَ غِيبَتُهُ كَيَوْمَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ إذَا بِيعَ بِالْوَصْفِ غَيْرَ الْبَائِعِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا مُنِعَ النَّقْدُ بِشَرْطِ. (قَوْلِهِ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعُهُ بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَكِنَّ مَحَلَّ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ بِالصِّفَةِ إنْ كَانَ الْوَاصِفُ لَهُ غَيْرَ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا عَلِمْت فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ الْغَائِبُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: أَوْ الِاخْتِيَارِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْتُك سِلْعَةً مِنْ سِلْعَتِي كَذَا، الْغَائِبَتَيْنِ بِمَحَلِّ كَذَا بِدِينَارٍ عَلَى الِاخْتِيَارِ أَيْ عَلَى أَنَّك تَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَعْدَ رُؤْيَتِهِمَا (قَوْلُهُ: وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) قَيَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا إذَا بِيعَ الْعَقَارُ جُزَافًا، فَإِنْ بِيعَ مُذَارَعَةً فَلَا يَصِحُّ النَّقْدُ فِيهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَكَذَا قَالَهُ مَالِكٌ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ وَاعْتَرَضَ طفي تَقْيِيدَ التَّوْضِيحِ قَائِلًا: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ هَذَا وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ وَلِذَا أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ جَوَازَ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَلَوْ بِيعَ مُذَارَعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَضَمِنَهُ مُشْتَرٍ وَيَذْكُرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَجَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ

وَأَمَّا بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِالشَّرْطِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. (وَضَمِنَهُ) أَيْ الْعَقَارَ الْغَائِبَ (الْمُشْتَرِي) بِالْعَقْدِ أَيْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَلَوْ بِيعَ مُذَارَعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا وَهَذَا إنْ وَافَقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ أَدْرَكَتْهُ سَالِمًا وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ مُنَازَعَةٍ. (و) جَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَقَارِ (إنْ قَرُبَ) مَحَلُّهُ (كَالْيَوْمَيْنِ) فَأَقَلَّ وَبِيعَ عَلَى اللُّزُومِ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ أَوْ بِوَصْفِ غَيْرِ بَائِعِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ (وَضَمِنَهُ) أَيْ غَيْرُ الْعَقَارِ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا (بَائِعٌ) وَقَوْلُهُ (إلَّا لِشَرْطٍ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ إلَى مَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ مُنَازَعَةٍ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ لَا لِلثَّانِي لِعَدَمِ صِحَّةِ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ أَيْ ضِمْنِ الْعَقَارِ الْمُشْتَرِي إلَّا لِمُنَازَعَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الْمَبِيعَ سَالِمًا أَوْ مَعِيبًا بَاقِيًا أَوْ هَالِكًا فَإِنَّ الضَّمَانَ حِينَئِذٍ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُشْتَرِي إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ. (وَقَبْضُهُ) أَيْ الْغَائِبِ أَيْ الْخُرُوجُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) لَا عَلَى الْبَائِعِ وَشَرْطُهُ عَلَى بَائِعِهِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ لَا إنْ كَانَ ضَمَانُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَجَائِزٌ. (وَحَرُمَ) كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا (فِي نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَلَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ (وَطَعَامِ رِبَا فَضْلٍ) أَيْ زِيَادَةٍ (وَنَسَاءٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ تَأْخِيرٍ لَكِنَّ حُرْمَةَ رِبَا الْفَضْلِ فِيمَا اتَّحَدَ جِنْسُهُ مِنْ النَّقْدِ وَاتَّحَدَ مِنْ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي مُخْتَلَفِ الْجِنْسِ مِنْهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَرِبَا النَّسَاءِ يَحْرُمُ فِي النُّقُودِ مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا بِيعَ مُذَارَعَةً النِّزَاعُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْدِ فِيهِ بِشَرْطٍ أَوَّلًا لَا مِنْ جِهَةِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَعَدَمِ دُخُولِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ إلَّا إذَا بِيعَ جُزَافًا، وَأَمَّا إذَا بِيعَ مُذَارَعَةً لَمْ يَكُنْ مِنْ ضَمَانِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ تَوْفِيَةٍ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ لَا بِالْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِالشَّرْطِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ وَهُوَ مَا قَالَهُ بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ) أَيْ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الَّذِي بِيعَ وَهُوَ غَائِبٌ بِوَصْفٍ أَوْ بِرُؤْيَةٍ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ وَقَعَ عَلَى الْبَتِّ (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ الْعَقَارِ) أَيْ الَّذِي بِيعَ وَهُوَ غَائِبٌ (قَوْلُهُ: كَالْيَوْمَيْنِ) أَيْ ذَهَابًا وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَوْمَانِ وَعَنْ مَالِكٍ يَوْمٌ وَنَحْوُهُ وَهُوَ يَوْمٌ ثَانٍ، إلَى هَذَا يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَالْيَوْمَيْنِ فَأَقَلَّ. تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَعْمَلُ بِالشَّرْطِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إذَا تَطَوَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَعْدَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِشَرْطٍ يَشْمَلُ الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُنَازَعَةٍ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: الْمُشْتَرِي عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ إذَا هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَتْ فِي بَقَاءِ الصِّفَةِ وَتَبِعَهَا الْمُصَنِّفُ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِيهِ وَكِلَاهُمَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْهَلَاكِ وَعَدَمُ النَّقْصِ فَلِمَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا؟ قُلْت الْهَلَاكُ ثَبَتَ وُقُوعُهُ وَالصِّفَةُ الْبَائِعُ يَقُولُ: هِيَ بَاقِيَةٌ لَمْ تَتَغَيَّرْ أَصْلًا وَالْمُشْتَرِي يَزْعُمُ تَغَيُّرَهَا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ نَقَصَهَا أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ لَا تُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا تُوجِبُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ غَائِبًا عَلَى الصِّفَةِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ مُنَازَعَةٍ وَإِلَّا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَغَيْرَ الْعَقَارِ الْمَبِيعَ غَائِبًا ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا لِشَرْطٍ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقِّقٍ) أَيْ وَهُوَ مُصَادَفَةُ الْعَقْدِ لَهُ سَلِيمًا (قَوْلُهُ: يُفْسِدُ الْعَقْدَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ كَوَكِيلِهِ فَانْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ اللَّازِمُ لَهُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَصَارَ اشْتِرَاطُ الْإِتْيَانِ بِهِ مُوجِبًا لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَجَائِزٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَيْعٌ وَحِيَازَةٌ (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ كِتَابًا وَسُنَّةً إلَخْ) أَيْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ قَالَ فِي الصَّحِيحِ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ» وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ عَلَى حُرْمَتِهِ وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الْقَوْلِ بِإِبَاحَةِ رِبَا الْفَضْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ وَقِيلَ: إنَّ النَّقْدَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَسْكُوكِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَظْهَرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي نَقْدِ (قَوْلِهِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ فَتَجْرِي فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ زِيَادَةٍ) يَعْنِي فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ لَا فِي الصِّفَةِ إذْ لَا حُرْمَةَ فِي زِيَادَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ بِرِبَا الْفَضْلِ فِي مُخْتَلِفِ الْجِنْسِ فَيَجُوزُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَبَيْعُ قَمْحٍ بِأُرْزٍ أَوْ فُولٍ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا)

وَكَذَا فِي الطَّعَامِ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فَكُلُّ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ يَدْخُلُهُ رِبَا النَّسَاءِ دُونَ عَكْسٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ رِبَا نَسًا فِي النَّقْدِ حَرِّمْ وَمِثْلَهُ ... طَعَامٌ وَإِنْ جِنْسَاهُمَا قَدْ تَعَدَّدَا وَخُصَّ رِبَا فَضْلٍ بِنَقْدٍ وَمِثْلُهُ ... طَعَامُ رِبًا إنْ جِنْسُ كُلٍّ تَوَحَّدَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُجْمَلٌ أَرَادَ بِهِ بَيَانَ أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ يَدْخُلَانِ فِي النَّقْدِ وَالطَّعَامِ فِي الْجُمْلَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ، وَأَمَّا تَفْصِيلُ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَلِذَلِكَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا فِي قَوْلِهِ عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا إلَخْ ثُمَّ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَيَجُوزُ مَا سَلِمَ مِنْ قِسْمَيْ الرِّبَا. (لَا) يَجُوزُ (دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ) بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ مِثْلُهُمَا (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الدِّرْهَمِ كَشَاةٍ مَثَلًا بَدَلُ الدِّرْهَمِ مَعَ الدِّينَارِ وَبَيْعُ الدِّينَارِ وَالشَّاةِ (بِمِثْلِهِمَا) أَيْ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ وَوَجْهُ رِبَا الْفَضْلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى احْتِمَالُ كَوْنِ الرَّغْبَةِ فِي أَحَدِ الدِّينَارَيْنِ أَوْ أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ أَكْثَرَ، وَجَهْلُ التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ مَا صَاحَبَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ كَالشَّاةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ النَّقْدِ. (و) لَا يَجُوزُ صَرْفُ (مُؤَخَّرٍ وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَرِيبًا) مَعَ فُرْقَةٍ بِبَدَنٍ اخْتِيَارًا، وَلَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَانُوتِ لِيَأْتِيَ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ مِنْهُ لَا إنْ لَمْ تَحْصُلْ فُرْقَةٌ فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا طَالَ كَمَا يَأْتِي (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَرِيبًا خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ: إنَّ التَّأْخِيرَ غَلَبَةٌ لَا يَضُرُّ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ طَالَ كَأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ عَدُوٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ قَدْرُهُ لِأَجَلٍ وَلَا فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَدْرُهَا لِأَجَلٍ وَلَا بَيْعُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ قَدْرُهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَقَلَّ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الطَّعَامِ) أَيْ مُطْلَقًا اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ إرْدَبِّ قَمْحٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِإِرْدَبِّ فُولٍ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ) أَيْ كَخَوْخٍ وَتُفَّاحٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قِنْطَارٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِقِنْطَارٍ مِنْ الْآخَرِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: فَكُلُّ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ) أَيْ وَهُوَ النَّقْدُ وَالطَّعَامُ الرِّبَوِيُّ (قَوْلُهُ: دُونَ عَكْسٍ) أَيْ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا النَّسَاءِ يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ أَيْ لِأَنَّ الطَّعَامَ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ يَدْخُلُهُ رِبَا النَّسَاءِ وَلَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْخَوْخِ بِالْخَوْخِ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ طَعَامُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: إنَّ جِنْسَ كُلٍّ تَوَحَّدَا) أَيْ إنْ تَوَحَّدَ جِنْسُ كُلٍّ مِنْ النَّقْدِ وَالطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ (قَوْلُهُ: مُجْمَلٌ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ رِبَا النَّسَاءِ وَرِبَا الْفَضْلِ يَحْرُمُ فِي النَّقْدِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ وَيَحْرُمُ فِي الطَّعَامِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ كَانَ الطَّعَامُ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي الرِّبَوِيَّاتِ (قَوْلُهُ: هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ) أَيْ لِمَا بَعْدَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ: بَابُ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي النُّقُودِ وَالطَّعَامِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ الرِّبَا بَلْ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: احْتِمَالُ كَوْنِ إلَخْ) فَيَدْفَعُ ذَلِكَ الرَّاغِبَ لِأَجْلِ رَغْبَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ التَّمَاثُلَ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مُسَاوَاةُ الدِّينَارِ لِلدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ لِلدِّرْهَمِ بَلْ شَكَّ فِي تَسَاوِيهِمَا أَوْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ جَزْمَنَا بِالْمُسَاوَاةِ لَجَازَ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُبَادَلَةِ لَا مِنْ قَبِيلِ الصَّرْفِ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا صَاحَبَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْعَرَضِ يُقَدَّرُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ وَالْمَنْعِ فِي هَذِهِ مُطْلَقٌ، وَلَوْ تَحَقَّقَ تَمَاثُلُ الدِّينَارَيْنِ وَتَمَاثُلُ قِيمَةِ الْعَرَضَيْنِ اهـ وَإِذَا مُنِعَ الْبَيْعُ لِأَجْلِ هَذَا التَّفَاضُلِ الْمُتَوَهَّمِ فَأَحْرَى الْمَنْعُ لِلتَّفَاضُلِ الْمُحَقَّقُ كَبَيْعِ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِاثْنَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا قَدْ مَنَعَ الصُّورَتَيْنِ وَأَبَا حَنِيفَةَ أَجَازَهُمَا وَالشَّافِعِيَّ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَأَجَازَ الْأُولَى وَمَنَعَ الثَّانِيَةَ وَتُسَمَّى الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِمَسْأَلَةِ دِرْهَمٍ وَمُدِّ عَجْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) أَيْ لِوُجُودِ رِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَرِيبًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعِيدًا مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ قَرِيبًا هَذَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ الْبَعِيدُ أَوْ الْقَرِيبُ اخْتِيَارًا بَلْ وَلَوْ كَانَ غَلَبَةً وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ التَّأْخِيرِ الْقَرِيبِ مَعَ الْمُفَارَقَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ الْقَرِيبِ مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِأَنْ يَدْخُلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا طَالَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ التَّأْخِيرُ اخْتِيَارًا، فَإِنْ حَصَلَتْ مُفَارَقَةُ الْأَبَدَانِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا ضَرَّ ذَلِكَ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ قَلِيلًا ضَرَّ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةُ أَبَدَانً ضُرَّ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَلَا يَضُرُّ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ كَاسْتِقْرَاضِهِ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً ضَرَّ مُطْلَقًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الضَّرَرِ مُطْلَقًا كَانَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ، فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً) أَيْ فَيَضُرُّ قَلِيلًا كَانَ التَّأْخِيرُ أَوْ كَثِيرًا

وَبِعِطْفِ " غَلَبَةً " عَلَى " قَرِيبًا " يَكُونُ فِي كَلَامِهِ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ حَالَ الْغَلَبَةِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَعْنِي اخْتِيَارًا، فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ الرَّدَّ حَالَ الْبُعْدِ. وَعُطِفَ عَلَى قَرِيبًا أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَوْ عُقِدَ وَوُكِّلَ فِي الْقَبْضِ) أَيْ وَبَطَلَ الصَّرْفُ إنْ تَوَلَّى الْقَبْضَ غَيْرُ عَاقِدِهِ وَكَالَةً عَنْهُ، وَلَوْ شَرِيكَهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَرْجَحِ. (أَوْ) وَلَوْ (غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) عَنْ الْمَجْلِس (وَطَالَ) بِلَا فُرْقَةٍ بِبَدَنٍ فَيَفْسُدُ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَهُ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ أَوْ حَلَّ صُرَّتَهُ أَوْ فَتَحَ صُنْدُوقَهُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ كَثِيرٍ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ ضُرَّ، وَلَوْ قَرِيبًا كَمَا مَرَّ. (أَوْ) غَابَ (نَقْدَاهُمَا) مَعًا عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا فُرْقَةُ بَدَنٍ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (بِمُوَاعَدَةٍ) أَيْ بِسَبَبِهَا بِأَنْ جَعَلَاهَا عَقْدًا لَا يَأْتَنِفَانِ غَيْرَهُ كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ لِنَقْدِ الدَّرَاهِمِ أَوْ وَزْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا أَخَذْت مِنْك كَذَا، وَكَذَا بِدِينَارٍ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: نَعَمْ قَالَ فِيهَا وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ انْتَهَى أَيْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْمُوَاعَدَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ لِلصَّرْفِ فَيَذْهَبُ مَعَهُ الْآخَرُ ثُمَّ يُجَدِّدَانِ عَقْدًا بَعْدَ النَّقْدِ فَهَذَا جَائِزٌ (أَوْ) كَانَ الصَّرْفُ (بِدَيْنٍ) بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ فَيَسْقُطُ الدَّرَاهِمُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالْمَنْعِ (إنْ تَأَجَّلَ) مِنْهُمَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّأْجِيلُ (مِنْ أَحَدِهِمَا) وَمِنْ الْآخَرِ حَالٌّ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ أَخَذَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فِي نَظِيرِ الدَّرَاهِمِ الْمَتْرُوكَةِ لِصَاحِبِهِ، وَكَذَا الْآخَرُ فَالْقَبْضُ إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَعَقْدُ الصَّرْفِ قَدْ تَقَدَّمَ فَقَدْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي قُرْبِ التَّأْخِيرِ وَبُعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَبَطَلَ الصَّرْفُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ مَظِنَّةَ التَّأْخِيرِ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ الصَّرْفِ إنْ تَوَلَّى الْقَبْضَ غَيْرُ عَاقِدِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَقَدَ إلَخْ وَاقِعٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى، وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ قَرِيبًا، وَلَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرِيكَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا أَوْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ شَرِيكًا، وَلَوْ فِي غِيبَةِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ قِيلَ إنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ فِي غِيبَتِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ شَرِيكًا فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ قَبَضَ فِي غِيبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ شَرِيكٍ ضَرَّ إنْ قَبَضَ فِي غِيبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ قَبَضَ بِحَضْرَتِهِ فَلَا يَضُرُّ وَقِيلَ: إنْ قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ قَبَضَ فِي غِيبَتِهِ ضَرَّ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ فِي الْمُصَنِّفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِلَا فُرْقَةَ بَدَنٍ لِدَفْعِ مَا يُقَالُ أَنَّ بَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ هُنَا وَطَالَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَوْ قَرِيبًا تَنَاقَضَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا هُنَا لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ قَرِيبًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ تَفَرُّقٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَسَلَّفَ هَذَا الدِّينَارَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ وَتَسَلَّفَ الْآخَرُ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ، وَأَمَّا لَوْ حَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا صُرَّتَهُ فَلَا مَنْعَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غَابَ نَقْدَاهُمَا هِيَ مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ أَيْ عَلَى اسْتِحْدَاثِ شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي أَوْ بِدَيْنٍ فَهِيَ مَسْأَلَةُ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ صَرْفُ مَا هُوَ مُتَقَرِّرٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ، فَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُنِعَ الصَّرْفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرْفَ عَلَى الذِّمَّةِ لَمْ تَكُنْ الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً بِشَيْءٍ قَبْلَ الصَّرْفِ وَالصَّرْفُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ شُغْلَهَا بِخِلَافِ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ مَشْغُولَةٌ فِيهِ قَبْلَ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ نَعَمْ) أَيْ وَيَجْعَلَا ذَلِكَ الْقَوْلَ نَفْسَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ) أَيْ وَلَكِنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلصَّرْفِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ أَصْرِفَ مِنْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ وَقَوْلُهُ: فَيَذْهَبُ مَعَهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ كَذَا فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ دِينَارٍ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُجَدِّدَانِ عَقْدًا بَعْدَ النَّقْدِ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِهِمَا لِلسُّوقِ وَنَقْدِهِمَا لِلدَّنَانِيرِ يُجَدِّدَانِ عَقْدَ الصَّرْفِ بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ كُلَّ دِينَارٍ صَرَفَهُ، كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: إنْ تَأَجَّلَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ الدَّيْنَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: اقْتَضَى) أَيْ قَبَضَ وَأَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِاقْتَضَى أَيْ أَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مَا أَسَلَفَهُ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ أَخَذَهُ مِنْ نَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ: الْمَتْرُوكَةُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الَّتِي تَرَكَهَا لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْآخَرُ) أَيْ الَّذِي لَهُ الدَّرَاهِمُ كَأَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ الدَّرَاهِمَ فِي نَظِيرِ الدِّينَارِ الَّذِي تَرَكَهُ لِصَاحِبِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ الدِّينَارُ حِينَ تَصَارَفَا قَدْ عَجَّلَ الدِّينَارَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَسَلَّفَهُ لِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْأَجَلُ يَصْرِفُهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَظَهَرَ

فَلَوْ حَلَّا مَعًا جَازَ كَمَنْ لَهُ دَرَاهِمُ حَالَّةٌ عَلَى أَحَدٍ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ أَخَذَ عَنْهَا دِينَارًا فَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ تَأْخِيرٌ بِمُوَاعَدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ) صَرَفَ مُرْتَهِنُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ مُودِعٍ بِالْكَسْرِ مِنْ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ و (غَابَ رَهْنٌ) مُصَارِفٌ عَلَيْهِ (أَوْ وَدِيعَةٌ) كَذَلِكَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ فَيُمْنَعُ، وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ رَبِّهِمَا فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا (وَلَوْ سُكَّ) كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنْ سَكًّا جَازَ الصَّرْفُ فِي غِيبَتِهِمَا (ك) امْتِنَاعِ صَرْفِ حُلِيٍّ (مُسْتَأْجِرٍ وَعَارِيَّةٍ) إنْ غَابَا عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَإِلَّا جَازَ (و) كَامْتِنَاعِ صَرْفِ (مَغْصُوبٍ) غَائِبٍ (إنْ صِيغَ) بِخِلَافِ مَسْكُوكٍ وَمَكْسُورٍ وَتِبْرٍ وَكُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَجُوزُ صَرْفُهُ، وَلَوْ غَائِبًا لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ (إلَّا أَنْ يَذْهَبَ) أَيْ يُتْلِفُ الْمَغْصُوبُ الْمَصُوغَ عِنْدَ الْغَاصِبِ (فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ صَارَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَإِذَا لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ بِالتَّلَفِ (فَكَالدَّيْنِ) أَيْ فَحُكْمُهُ كَصَرْفِ الدَّيْنِ الْحَالِّ الْمُتَرَتِّبِ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الْجَوَازُ. (و) لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ (بِتَصْدِيقٍ فِيهِ) أَيْ فِي وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ أَوْ جَوْدَتِهِ وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ التَّصْدِيقِ فُرُوعًا خَمْسَةً فَقَالَ (كَمُبَادَلَةِ رِبَوِيَّيْنِ) مِنْ نَقْدَيْنِ أَوْ طَعَامَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ أَوْ مُخْتَلِفِيهِ فَالْمُرَادُ، وَلَوْ رِبَا نَسَاءٍ يَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِمَا (و) كُلُّ شَيْءٍ (مُقْرَضٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لِآخِذِهِ التَّصْدِيقُ فِيهِ لِاحْتِمَالِ وُجْدَانِ نَقْصٍ فَيَغْتَفِرهُ لِحَاجَتِهِ أَوْ عِوَضًا عَنْ الْمَعْرُوفِ فَيَدْخُلُهُ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ (و) كُلُّ (مَبِيعٍ لِأَجَلٍ) طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ لِاحْتِمَالِ نَقْصٍ فِيهِ فَيَغْتَفِرُهُ آخِذُهُ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ فَفِيهِ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (و) كُلُّ (رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) لِمَا ذُكِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَّا مَعًا جَازَ) لَا يُقَالُ هَذَا مُقَاصَّةٌ لَا صَرْفٌ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُتَّحِدَيْ الصِّنْفِ فَلَا تَكُونُ فِي دَيْنَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَلَا صِنْفَيْ نَوْعٍ كَإِبْرَاهِيمِيٍّ وَمُحَمَّدِيٍّ (قَوْلُهُ: أَخَذَ عَنْهَا دِينَارًا) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْأَحَدِ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ تَأْخِيرٌ) أَيْ فِي دَفْعِ الدِّينَارِ عَنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ حَيْثُ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِصَرْفِهِ وَبَقَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ (قَوْلُهُ: وَغَابَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الصَّرْفِ جَازَ صَرْفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ) أَيْ ضَمَانَ الدِّينَارِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْمُودَعِ وَقَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ أَيْ عَقْدِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ إذَا شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودِعِ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِمَا بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُودِعِ صَارَ كَأَنَّهُ حَاضِرٌ فِي مَجْلِسِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَسْكُوكًا فَيُمْنَعُ صَرْفُهُ فِي غِيبَتِهِ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ مِنْ جَوَازِ صَرْفِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْمُودَعُ الْمَسْكُوكَ الْغَائِبَ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَوْلِ، قَالَ ح وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْكُوكَيْنِ لَا فِي الْمَصُوغَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ) أَيْ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ سَكًّا بِالْمُطَابِقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ إذَا كَانَ بِأَوْ تَجُوزُ فِيهِ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ: جَازَ الصَّرْفُ فِي غِيبَتِهِمَا) أَيْ لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَوْلِ وَلِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُودِعِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ عَلَى هَلَاكِهِ فَلَمَّا كَانَ يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِالذِّمَّةِ فَكَأَنَّهُ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: كَمُسْتَأْجَرٍ وَعَارِيَّةٍ) تَشْبِيهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَنْعِ إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَالصِّحَّةِ إنْ حَضَرَ لَا فِيهِمَا وَفِي سَكٍّ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ فِي الْمَسْكُوكِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِانْقِلَابِهِ صَرْفًا فِي الْعَارِيَّةِ وَعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ لِانْقِلَابِهِ سَلَفًا بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا (قَوْلُهُ: وَمَغْصُوبٍ) أَيْ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَرْفُهُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِغَاصِبِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ صِيغَ) أَيْ كَالْحُلِيِّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ كَالسَّبَائِكِ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَصُوغِ وَغَيْرِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَصُوغَ إذَا هَلَكَ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ لِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ وَقَبْلَ هَلَاكِهِ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ فَيُحْتَمَلُ عِنْدَ غِيبَتِهِ أَنَّهُ هَلَكَ وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَمَا يَدْفَعُهُ فِي صَرْفِهِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَصُوغِ فَبِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي صَرْفِهِ فِي غِيبَتِهِ احْتِمَالُ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَصُوغَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ) أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِتَصْدِيقٍ فِيهِ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَقْدٍ أَيْ وَحُرِّمَ فِي نَقْدٍ وَحُرِّمَ الصَّرْفُ مُلْتَبِسًا بِتَصْدِيقٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَبِرُهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَيَجِدُهُ نَاقِصًا أَوْ رَدِيئًا فَيَرْجِعُ بِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ بِتَأْخِيرٍ، وَإِنْ اشْتَرَطَ عَدَمَ الرُّجُوعِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَزِمَ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (قَوْلُهُ: كَمُبَادَلَةِ رِبَوِيَّيْنِ) أَيْ لِئَلَّا يُوجَدَ نَقْصٌ فَيَدْخُلُ التَّفَاضُلُ إنْ شَرَطَا عَدَمَ الرُّجُوعِ بِالنَّقْصِ أَوْ التَّأْخِيرِ إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ بِهِ بَعْدَ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ) أَيْ بِالرِّبَوِيَّيْنِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ رِبَا النَّسَاءِ أَيْ مَا يَدْخُلُهُ، وَلَوْ رِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِمَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ

وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّصْدِيقُ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَذْفُ هَذَا الْفَرْعِ (و) كُلُّ دَيْنٍ (مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ) لِئَلَّا يَجِدَ نَقْصًا فَيَغْتَفِرُهُ فَيَصِيرُ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلُ مُسَلِّفٌ (و) حَرُمَ (بَيْعٌ وَصَرْفٌ) أَيْ اجْتِمَاعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ كَأَنْ يَدْفَعَ دِينَارَيْنِ وَيَأْخُذَ ثَوْبًا وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَصَرَفَ الدِّينَارَ عِشْرُونَ لِتُنَافِي أَحْكَامِهِمَا لِجَوَازِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ دُونَهُ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَرَقُّبِ الْحَلِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ أَوْ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقٍ فِيهَا فَلَا يَعْلَمُ مَا يَنُوبُهُ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ وَاسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ صُورَتَيْنِ لِيَسَارَتِهِمَا أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ) أَيْ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ أَيْ ذُو الْجَمِيعِ (دِينَارًا) كَأَنْ يَشْتَرِي شَاةً وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ فَيَجُوزُ وَلِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ يَجْتَمِعَا) أَيْ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ (فِيهِ) أَيْ فِي الدِّينَارِ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِأَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَلَوْ كَانَ صَرْفُهُ يُسَاوِي عَشَرَةً فِي هَذَا الْمِثَالِ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُنَاجَزَةِ فِي سِلْعَةِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ كَالنَّقْدِ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ فِي بَقَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حُكْمِهِ حَالٌ عَلَى الِانْفِرَادِ فَأَوْجَبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحُرْمَةِ التَّصْدِيقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مُبَادَلَةُ الشَّيْئَيْنِ الرِّبَوِيَّيْنِ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِيهَا وَالْآخَرُ جَوَازُ التَّصْدِيقِ فِيهَا قَالَ بْن وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ مُسَلَّفٌ) قَالَ خش ثُمَّ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْغِرْيَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ إذَا وَقَعَ فِي الْقَرْضِ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ فِي الْبَيْعِ لِأَجْلِ عَدَمِ الْفَسْخِ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِظَاهِرِهَا وَحَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يُفْسَخُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَالْمَبِيعِ لِأَجَلٍ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَأَنَّ الْمُعَجَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ يُرَدُّ وَيَبْقَى حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ وَأَنَّ الصَّرْفَ يُرَدُّ وَكَذَلِكَ مُبَادَلَةُ الرِّبَوِيَّيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ فَسْخِهَا (قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ بَيْعٌ وَصَرْفٌ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِ جَمْعِهِمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ احْتَوَى عَلَى أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عَلَى انْفِرَادِهِ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ حَرَّمَهُ قَالَ: وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَهُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ وَكَمَا يَمْنَعُ مُصَاحَبَةَ الصَّرْفِ لِلْبَيْعِ يَمْنَعُ أَنْ يُصَاحِبَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الْبَيْعِ الَّتِي أَشَارَ لَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: عُقُودٌ مَنَعْنَاهَا مَعَ الْبَيْعِ سِتَّةٌ ... وَيَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ جِصٌّ مُشَنَّقُ فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شَرِكَةٌ ... نِكَاحٌ قِرَاضٌ مَنْعُ هَذَا مُحَقَّقُ (قَوْلُهُ: لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا) أَيْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَنَافِيَ اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: لِتَرَقُّبِ الْحِلِّ) أَيْ حِلِّ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: بِوُجُودِ عَيْبٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَأْدِيَتِهِ) أَيْ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعْلَمُ مَا يَنُوبُهُ) أَيْ الصَّرْفُ بِمَعْنَى الدِّينَارِ الْمَصْرُوفِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ) أَيْ بَعْدَ تَقْوِيمِ السِّلْعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَرَقُّبَ حِلِّ الصَّرْفِ يَكُون بِوُجُودِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّأْدِيَةِ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ تَكُونُ بِهِمَا أَيْضًا وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَرَقُّبِ الْحِلِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَذَلِكَ يُؤَدِّي لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ اسْتَحَقَّتْ لَا يَعْلَمُ مَا يَنُوبَ الصَّرْفَ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ) أَيْ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذُو الْجَمِيعِ) إنَّمَا قُدِّرَ ذَلِكَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ الدِّينَارَ لَيْسَ هُوَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ، وَإِنَّمَا هُوَ صَاحِبُهُمَا لِاجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً) أَيْ تُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَوْ تُسَاوِي أَرْبَعَةً وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي مَعَهَا سِتَّةٌ أَوْ تُسَاوِي ثَلَاثَةً وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي مَعَهَا تُسَاوِي سَبْعَةً (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي مَعَ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَمَا مَثَّلَهُ الشَّارِحُ أَوْ ثَمَنُ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُ الدِّينَارِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَةَ الْأَثْوَابِ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَالْعَشَرَةُ دَنَانِيرُ وَقَعَتْ فِي بَيْعٍ لَيْسَ إلَّا وَالْحَادِيَ عَشْرَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْأَثْوَابِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ الْحَادِيَ عَشَرَ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ كُلَّ ثَوْبٍ خَصَّهُ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ صَرْفُهُ يُسَاوِي عَشَرَةً) أَيْ وَالْأَثْوَابُ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ الدِّينَارَ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَهَذَا صَرْفٌ، وَالدَّنَانِيرُ الْعَشَرَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَثْوَابِ كُلُّ دِينَارٍ فِي مُقَابَلَةِ ثَوْبٍ وَهَذَا بَيْعٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ وَلَيْسَ الْجَمِيعُ دِينَارًا بَلْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي غَيْرِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السِّلْعَةَ كَالنَّقْدِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا صَاحَبَتْ الدَّرَاهِمَ صَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الدَّرَاهِمِ الْمَدْفُوعَةِ

تَعْجِيلَ الصَّرْفِ وَأَجَازَ تَأْخِيرَ السِّلْعَةِ (و) حَرُمَ (سِلْعَةٌ) كَشَاةٍ أَيْ بَيْعُهَا لِشَخْصٍ (بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ) فَدُونَ (إنْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ) الدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعِ (أَوْ) تَأَجَّلَتْ (السِّلْعَةُ) مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ أَوْ بَعْضُهُمَا وَهُوَ السِّلْعَةُ وَتَأْجِيلُ بَعْضِهَا كَتَأْجِيلِ كُلِّهَا إلَّا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا أَوْ بَعَثَ مَنْ يَأْخُذَهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ (أَوْ) تَأَجَّلَ (أَحَدُ النَّقْدَيْنِ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَيْضًا (بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِمَا) لِأَجَلٍ وَاحِدٍ وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَهَا فَقَطْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِيَسَارَةِ الدِّرْهَمَيْنِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَأَخُّرُ الصَّرْفِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْبَيْعُ (أَوْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ) فَيَجُوزُ بِالْأَوْلَى فَذَكَرَهُ لِتَتْمِيمِ الْأَقْسَامِ لَكِنَّ الْجَوَازَ حِينَئِذٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا بَعْدَهَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّقْيِيدُ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ قِيلَ لَهُ فَهَلْ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي إفْرَادِهِ تَفْصِيلًا وَتَقْيِيدًا. وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا بِقَيْدِ التَّعْجِيلِ قَوْلُهُ (كَدَرَاهِمَ) أَيْ كَجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ دَرَاهِمَ (مِنْ دَنَانِيرَ) كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَصَرَفَ الدِّينَارَ عِشْرُونَ وَوَقَعَ الْبَيْعُ (بِالْمُقَاصَّةِ) أَيْ عَلَى شَرْطِهَا بِأَنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا اُجْتُمِعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَثْنَاةِ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ أَسْقَطَا لَهُ دِينَارًا (و) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ) مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّهُ يُعْطِيهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَسْقُطُ الْعَاشِرُ فِي نَظِيرِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ حَصَلَتْ بَعْدُ وَأَشَارَ لِمَفْهُومِ وَلَمْ يَفْضُلْ بِقَوْلِهِ (و) الْحُكْمُ (فِي) فَضْلِ الدِّرْهَمِ أَوْ (الدِّرْهَمَيْنِ) بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فِي الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ أَوْ السِّلْعَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ الدَّنَانِيرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ وَعَجَّلَ الدِّينَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ) عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ إذَا تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمَا عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ إذَا تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ. (قَوْلُهُ: وَتَأْجِيلُ بَعْضِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ، وَكَذَا تَأْجِيلُ بَعْضِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ كَتَأْجِيلِ أَحَدِهِمَا بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْجِيلُهَا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ) أَيْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْمَقْبُوضَةِ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَجَّلَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ) أَيْ كَمَا لَوْ تَأَجَّلَ الدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَعُجِّلَتْ السِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عُجِّلَ الدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ مِنْ الْبَائِعِ وَأُجِّلَ الدِّرْهَمَانِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْبَيْعُ) أَيْ لِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِتَقْدِيمِ الْمُقَوَّمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ مَا إذَا تَعَجَّلَ النَّقْدَانِ وَتَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَكَانَ الْقِيَاسُ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ حِينَئِذٍ مَقْصُودٌ وَقَدْ حَصَلَتْ الْمُنَاجَزَةُ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ لَمَّا كَانَتْ كَالْجُزْءِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ تَأْجِيلُهَا كَتَأْجِيلِ بَعْضِهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ تَأْجِيلَ بَعْضِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ كَتَأْجِيلِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: فَذَكَرَهُ) أَيْ فَذَكَرَ هَذَا الْقَسَمَ مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِتَتْمِيمِ الْأَقْسَامِ) أَيْ الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْجَوَازَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ عَجَّلَ الْجَمِيعَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالدِّرْهَمَيْنِ بَلْ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي دِينَارٍ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ تَأْجِيلِهِمَا بِأَجَلٍ وَاحِدٍ وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ فَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ لَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ حِينَئِذٍ مُرَاعًى بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ، فَإِنَّهُمَا لِقِلَّتِهِمَا تُسُومِحَ فِيهِمَا وَعَلِمَ أَنَّ الصَّرْفَ غَيْرُ مُرَاعًى فَأُجِيزَ تَأْجِيلُ النَّقْدَيْنِ لِأَجَلٍ وَاحِدٍ وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ كَانَ الْمَنْعُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَالْجَوَازُ فِي صُورَتَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَالْمَنْعُ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ وَالْجَوَازُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: لَمَّا اسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَصَرْفٍ (قَوْلُهُ: فَهَلْ هَذَا) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ هَلْ جَوَازُ هَذَا الْمُسْتَثْنَى عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: تَفْصِيلًا وَتَقْيِيدًا) أَيْ وَأَجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي الدِّينَارِ مَحْظُورٌ كَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ كَمَا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا يُقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ بَلْ هُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ السِّلَعُ وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَفْضُلْ مِنْ الدَّرَاهِمِ شَيْءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ صَرْفَ دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ تَأَجَّلَتْ السِّلَعُ وَالدَّنَانِيرُ أَوْ تَعَجَّلَا أَوْ تَأَجَّلَ أَحَدُهُمَا وَتَعَجَّلَ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى سِتَّةَ عَشَرَ ثَوْبًا كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا عَلَى شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَصَرْفُ الدِّينَارِ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ ثَمَنُ الْأَثْوَابِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَيَسْقُطُ عَنْهُ وَاحِدٌ فِي نَظِيرِ السِّتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا لِلْمُقَاصَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ أَوْ تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ أَوْ تَأَجَّلَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ

فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسَةً مِنْ كُلِّ دِينَارٍ (و) الْحُكْمُ (فِي) فَضْلِ (أَكْثَرَ) مِنْ دِرْهَمَيْنِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَيْ دِرْهَمٍ فَمَجْمُوعُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ حِينَئِذٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا عِشْرُونَ مِنْهَا فِي نَظِيرِ دِينَارٍ يَفْضُلُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ (كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) أَيْ كَاجْتِمَاعِهِمَا فِي دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الدِّينَارِ التَّاسِعِ فِي الْمِثَالِ فَيَجُوزُ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ (و) حَرُمَ اتِّفَاقًا (صَائِغٌ) أَيْ مُعَاقَدَتُهُ وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (يُعْطَى الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ) أَيْ حَرُمَ إعْطَاءُ صَائِغٍ الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَائِغٍ سَبِيكَةَ فِضَّةٍ بِوَزْنِهَا دَرَاهِمَ أَوْ أَنْصَافَ فِضَّةٍ مَسْكُوكَةٍ وَيَدْفَعُ لَهُ السَّبِيكَةَ لِيَصُوغَهَا لَهُ وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يُرَاطِلَهُ الشَّيْءَ الْمَصُوغَ عِنْدَهُ بِجِنْسِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةُ وَالْأُولَى تُمْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ أُجْرَةً، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَحَلُّ الْمَنْعِ إنْ زَادَهُ وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِنَقْدٍ مُخَالِفٍ لِنَقْدِ الصَّائِغِ جِنْسًا كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ امْتَنَعَتْ الْأُولَى لِلتَّأْخِيرِ وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ يَدًا بِيَدٍ (كَزَيْتُونٍ) أَيْ كَمَنْعِ دَفْعِ زَيْتُونٍ مَثَلًا (وَأُجْرَتِهِ) أَيْ أُجْرَةِ عَصْرِهِ (لِمُعْصِرِهِ) وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْآنَ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالتَّحَرِّي لِلشَّكِّ فِي الْمُمَاثَلَةِ أَوْ يَخْلِطُهُ عَلَى زَيْتُونٍ عِنْدَهُ ثُمَّ يَقْسِمُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ عَلَى حَسَبِ كُلٍّ، وَأَمَّا عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ لَهُ بِعَيْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ وَالْمَنْعُ فِي الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِخِلَافِ نِصْفِ تِبْرٍ) وَمَسْكُوكٍ بِسِكَّةٍ لَا تَرُوجُ بِمَحَلِّ الْحَاجَةِ لِلشِّرَاءِ بِهَا كَسِكَّةٍ مَغْرِبِيَّةٍ بِمِصْرَ (يُعْطِيهِ الْمُسَافِرُ) الْمُحْتَاجَ (و) يُعْطِي (أُجْرَتَهُ دَارَ الضَّرْبِ) أَيْ أَهْلَهُ (لِيَأْخُذَ) عَاجِلًا (زِنَتَهُ) فَيَجُوزُ لِحَاجَتِهِ إلَى الرَّحِيلِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَشْتَدَّ (وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) ، وَلَوْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَإِلَّا جَازَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (وَبِخِلَافِ) إعْطَاءِ (دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ) أَيْ فِيمَا يَرُوجُ رَوَاجَ النِّصْفِ، وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ أَوْ نَقَصَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ وَدَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْطِيهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ عَنْهُ الْعَاشِرَ لِلْمُقَاصَّةِ وَيَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَثْوَابَ الْعَشَرَةَ وَدِرْهَمًا (قَوْلُهُ: دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ وَالْحُكْمُ فِي فَضْلِ الدِّرْهَمِ وَقَوْلُهُ: أَوْ خُمُسُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ خُمُسُهُ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسُ دِرْهَمٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَدَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ لِلْبَائِعِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ عَنْهُ دِينَارًا لِلْمُقَاصَّةِ وَيَدْفَعُ الْبَائِعُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَدِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: عِشْرُونَ مِنْهَا فِي نَظِيرِ دِينَارٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِلْمُقَاصَّةِ وَيَدْفَعُ الْبَائِعُ لَهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) أَيْ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا بَيْعٌ وَصَرْفٌ حَقِيقَةً فَكَيْفَ يُشَبِّهُ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ لَيْسَتْ نَفْسَ الْإِعْطَاءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَدْفَعُ لَهُ السَّبِيكَةَ إلَخْ) أَيْ فَآلَ الْأَمْرُ لِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى تُمْنَعُ) أَيْ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ فِي بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَتْ الْأُولَى) أَيْ سَوَاءٌ دَفَعَ لَهُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ سَوَاءٌ دَفَعَ لَهُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَزَيْتُونٍ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ الْجُلْجُلَانَ وَبِزْرَ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ وَالْقَمْحَ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَطْحَنُهُ وَيَأْخُذُ الْآنَ مِنْهُ دَقِيقًا قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالتَّحَرِّي (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةً) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُجْرَتُهُ لِمُعْصِرِهِ إذْ الْمَنْعُ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ أُجْرَةً لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً وَلِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: وَمَسْكُوكٌ بِسِكَّةٍ لَا تَرُوجُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلتِّبْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ عَبَّرَ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَالِ وَعَبَّرَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عبق وَانْظُرْ لَوْ كَانَ مَعَ الْمُسَافِرِ مَصُوغٌ إلَى قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ غَيْرُ صَوَابٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: يُعْطِيهِ الْمُسَافِرَ الْمُحْتَاجَ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ غَيْرَ الْمُسَافِرِ يُمْنَعُ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا دَارُ الضَّرْبِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِمْ فَلَوْ أَعْطَاهُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِدَارِ الضَّرْبِ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ بِمَا هُوَ الشَّأْنُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ الْجَوَازِ وَهُوَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مِمَّا أُجِيزَ لِضَرُورَةٍ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الشَّخْصُ دِرْهَمًا لِآخَرَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِنِصْفِهِ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا أَوْ فُلُوسًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِضَّةٌ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِهِ شُرُوطًا تَبَعًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنِ لُبٍّ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الْجَوَازُ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ بِسَبَبِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مَثَلًا بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَهُ سِلْعَةٌ وَالسِّلْعَةُ تُجْعَلُ مِنْ جِنْسِ مَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ فَيَكُونُ هُنَاكَ تَفَاضُلٌ مَشْكُوكٌ (قَوْلُهُ: بِنِصْفٍ) أَيْ فِي نِصْفِ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا يَرُوجَ رَوَاجَ النِّصْفِ) أَيْ مِثْلَ الْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ والزلاطة الخمساوية وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَرُوجُ رَوَاجُهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي النَّفَاقِ بِفَتْحِ النُّونِ بِأَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ الَّتِي تُشْتَرَى بِهَذَا تُشْتَرَى بِالْآخِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ) أَيْ وَزْنُ ذَلِكَ الرَّائِجِ عَنْ

عَنْ النِّصْفِ (وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْفُلُوسِ كَطَعَامٍ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ: أَوَّلُهَا كَوْنُ الْمَبِيعِ دِرْهَمًا لَا أَكْثَرَ، ثَانِيهَا كَوْنُ الْمَرْدُودِ نِصْفَهُ فَأَقَلَّ لِيَعْلَمَ أَنَّ الشِّرَاءَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: دِرْهَمٌ بِنِصْفِ، ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ (فِي بَيْعٍ) لِذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ إنْ دَفَعَ الدِّرْهَمَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الصَّانِعِ أُجْرَةً لَهُ وَعَجَّلَ الصَّانِعُ نِصْفَهُ، وَأَشَارَ لِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَسَكًّا) أَيْ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ فَلَوْ كَانَ قِطْعَتَيْ فِضَّةٍ لَا سِكَّةَ فِيهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَاتَّحَدَتْ) سِكَّتِهِمَا أَيْ تُعُومِلَ بِهِمَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَتَعَامَلُ بِهِ فَلَوْ قَالَ وَتُعُومِلَ بِهِمَا كَانَ أَوْضَحَ، وَلِسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَعُرِفَ الْوَزْنُ) أَيْ عُرِفَ أَنَّ هَذَا يَرُوجُ بِدِرْهَمٍ وَهَذَا بِنِصْفٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا وَزْنًا، وَلِسَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَانْتَقَدَ الْجَمِيعُ) أَيْ الدِّرْهَمُ وَمُقَابِلُهُ مِنْ النِّصْفِ مَعَ السِّلْعَةِ (كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَإِلَّا فَلَا) صَوَابُهُ تَقْدِيمٌ وَإِلَّا فَلَا عَلَى كَدِينَارٍ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ فَلَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ مِثَالٌ لِمَا انْخَرَمَ فِيهِ بَعْضُ الشُّرُوطِ وَالْأَحْسَنُ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَيْ كَالرَّدِّ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ كَأَنْ يَدْفَعَ دِينَارًا وَيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ ذَهَبًا وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ سِلْعَةً أَوْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ لِيَأْخُذَ دِرْهَمًا وَبِالثَّانِي سِلْعَةً فَتَأَمَّلْ (وَرُدَّتْ زِيَادَةٌ) زَادَهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَصْلِ حَيْثُ وَقَعَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الصَّرْفِ بِأَنْ لَقِيَ صَاحِبَهُ فَقَالَ لَهُ اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَزِدْنِي ـــــــــــــــــــــــــــــQنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ فَالْأَوَّلُ كَتِسْعَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ وَالثَّانِي كَالزَّلَاطَةِ الْخَمْسَاوِيَّةِ أَوْ خَمْسَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: كَوْنُ الْمَبِيعِ دِرْهَمًا) أَيْ شَرْعِيًّا أَوْ مَا يَرُوجُ رَوَاجُهُ زَادَ وَزْنُهُ عَنْهُ كَثَمَنِ رِيَالٍ أَوْ نَقَصَ كَزَلَاطَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَدَمُ الْجَوَازِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ رِيَالًا أَوْ نِصْفَ رِيَالٍ أَوْ رُبْعَ رِيَالٍ وَلَكِنْ قَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي الرِّيَالِ الْوَاحِدِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ رُبْعِهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أُجِيزَ صَرْفُ الرِّيَالِ الْوَاحِدِ بِالْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ، وَكَذَا نِصْفُهُ وَرُبْعُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَلَا يَجُوزُ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ) أَيْ فَلَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ وَيَأْخُذَ نِصْفًا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَدْفَعُ ثَلَاثَةً وَيَأْخُذُ نِصْفًا (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَقْصُودُ) أَيْ بِالذَّاتِ، وَأَمَّا الصَّرْفُ وَالْمُبَادَلَةُ فَغَيْرُ مَقْصُودَةٍ (قَوْلُهُ: فِي بَيْعٍ لِذَاتٍ) أَيْ كَأَنْ تَشْتَرِي سِلْعَةً بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَتَدْفَعُ لِلْبَائِعِ دِرْهَمًا لِيَرُدَّ لَكَ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) أَيْ كَإِجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ كَدَفْعِك لِلصَّانِعِ نَعْلًا أَوْ دَلْوًا يُصَلِّحُهُ فَبَعْدَ إصْلَاحِهِ دَفَعْت لَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ أُجْرَتِهِ وَرَدَّ عَلَيْك الصَّانِعُ نِصْفَ دِرْهَمٍ حَالًّا فَلَوْ دَفَعْت لَهُ الدِّرْهَمَ وَأَخَذْت مِنْهُ نِصْفَهُ وَتَرَكْت شَيْئَكَ عِنْدَهُ لِيُصَلِّحَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ انْتِقَادَ الْجَمِيعِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَاحْتَرَزَ بِالْبَيْعِ مِنْ الْقَرْضِ وَالصَّدَقَةِ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فُلُوسٌ مَثَلًا أَوْ عَرَضٌ مِنْ قَرْضٍ فَيَدْفَعُ دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَكَأَنْ يَدْفَعَ لِآخَرَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ صَدَقَةً وَيَرُدُّ لَهُ نِصْفَهُ فِضَّةً. (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرْطَ التَّعَامُلُ بِهِمَا لَا كَوْنُهُمَا سِكَّةَ سُلْطَانٍ وَاحِدٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَرَفَ إلَخْ) أَيْ إنْ عَرَفَ أَنَّ هَذَا يَشْتَرِي بِهِ قَدْرَ مَا يَشْتَرِي بِالْآخَرِ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا وَزْنًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ النِّصْفُ الْمَرْدُودُ أَكْثَرَ فِي الْوَزْنِ مِنْ الدِّرْهَمِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالنِّفَاقِ وَالرَّوَاجِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى جَرَى الْعُرْفُ أَنَّ هَذَا نِصْفُ هَذَا فَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ وَزْنِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ لِلرَّدِّ وَبَعْضُهُمْ مَنَعَ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالْوَزْنِ، قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ الْوَزْنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ جُزَافًا وَلَا خَفَاءَ فِي مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ تَقْدِيمُ إلَخْ) إنَّمَا صَوَّبَهُ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الِانْتِقَادِ وَأَنَّ الْمَعْنَى يَشْتَرِطُ فِي الْجَوَازِ هُنَا انْتِقَادَ الْجَمِيعِ كَمَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَسْأَلَةَ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا انْتَقَدَ الْجَمِيعُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَا يَتَوَقَّفُ الْجَوَازُ عَلَى انْتِقَادِ الْجَمِيعِ بَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ أَيْضًا إذَا عُجِّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلَا تَجُوزُ وَصَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ لِلْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ دِرْهَمًا وَبِالثَّانِي سِلْعَةً) الْأَوْلَى لِيَأْخُذَ بِنِصْفِهِمَا فِضَّةً وَبِنِصْفِهِمَا الثَّانِي سِلْعَةً تَأَمَّلْ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَهِيَ صُورَةُ الدِّينَارِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ سَابِقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ بَيْعٌ وَصَرْفٌ فِي دِينَارٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ بَيْعُ نِصْفِ الدِّينَارِ بِالسِّلْعَةِ وَأَخَذَ نِصْفَهُ الثَّانِيَ ذَهَبًا وَالصَّرْفُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، وَأَمَّا الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ فَهُوَ لَيْسَ بِصَرْفٍ حَتَّى يُقَالَ: يَجْتَمِعَانِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ إلَخْ) صُورَتُهَا رَجُلٌ صَرَفَ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ لَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: قَدْ اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَنَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي فَزَادَهُ دَرَاهِمَ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَا يَنْقُضُ الصَّرْفَ فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الدَّرَاهِمِ الْأَصْلِيَّةِ فَرَدَّهَا فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ) أَيْ وَنَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: فَزِدْنِي) أَيْ فَزَادَهُ دَرَاهِمَ ثُمَّ

(لِعَيْبِهِ) أَيْ لِوُجُودِ عَيْبٍ فِي أَصْلِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّرْفِ زَادَهُ فَتُرَدُّ لِرَدِّهِ كَالْهِبَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِلْبَيْعِ فَتُرَدُّ إنْ رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ (لَا) تُرَدُّ الزِّيَادَةُ (لِعَيْبِهَا) أَيْ لِوُجُودِ عَيْبٍ بِهَا فَقَطْ (وَهَلْ) عَدَمُ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا (مُطْلَقًا) عَيَّنَهَا أَمْ لَا أَوْجَبَهَا أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَأَخْذَ بَدَلِ الْمَزِيدِ الزَّائِفِ مُخَالِفٌ لَهَا (أَوْ) مَحَلُّ عَدَمِ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا (إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا) الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ فَتُرَدُّ وَحْدَهَا وَمَعْنَى إيجَابِهَا أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ نَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي وَنَحْوَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ نَعَمْ أَزِيدُك أَوْ أَنْ يَقُولَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ عَنْ صَرْفِ النَّاسِ أَنَا أَزِيدُك وَأَوْلَى إنْ اجْتَمَعَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ مَعَ قَوْلِهِ أَزِيدُك، فَإِنْ عَدِمَا لَمْ يَكُنْ إيجَابًا (أَوْ) مَحَلُّ عَدَمِ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا (إنْ عُيِّنَتْ) كَهَذَا الدِّرْهَمُ، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ كَأَزِيدُك دِرْهَمًا جَازَ رَدُّهَا وَأَخْذُ الْبَدَلِ وَعَلَيْهِمَا فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وِفَاقٌ لَهَا (تَأْوِيلَاتٌ) وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْعَقْدِ تُرَدُّ لِعَيْبِهِ وَعَيْبِهَا. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بَعْدَهَا عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ فَقَالَ (وَإِنْ رَضِيَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ مِنْهُمَا (بِالْحَضْرَةِ) أَيْ فِي حَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ (بِنَقْصِ وَزْنٍ) أَيْ أَوْ عَدَدٍ فِيمَا دَفَعَ لَهُ صَحَّ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَوْ قَالَ قَدْرَ بَدَلِ وَزْنٍ لَشَمَلَ الْعَدَدَ (أَوْ) رَضِيَ (بِكَرَصَاصٍ) خَالِصٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْمَغْشُوشِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ النُّحَاسَ وَالْقَزْدِيرَ (بِالْحَضْرَةِ) أَيْ فِي حَضْرَةِ الْعَقْدِ أَيْ بِقُرْبِهِ وَرِضَاهُ فَهَذَا قَيْدٌ لِلْحَضْرَةِ الْأُولَى لَا تَكْرَارَ صَحَّ الصَّرْفُ (أَوْ) لَمْ يَرْضَ الْمُطَّلِعُ عَلَى النَّقْصِ بِهِ أَوْ عَلَى كَالرَّصَاصِ وَلَكِنْ (رَضِيَ) الدَّافِعُ لِلْمَعِيبِ (بِإِتْمَامِهِ) أَيْ إتْمَامِ الصَّرْفِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ فَيَشْمَلُ تَكْمِيلَ الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ وَتَبْدِيلِ الرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ بِالْحَضْرَةِ إلَى هُنَا لِيَكُونَ رَاجِعًا لِلْجَمِيعِ (أَوْ) رَضِيَ الْآخِذُ (بِمَغْشُوشٍ) أَيْ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ أَوْ رَضِيَ الدَّافِعُ بِإِبْدَالِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الدَّرَاهِمِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي صَرَفَ بِهَا الدِّينَارَ فَرَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا بِسَبَبِ الْعَيْبِ الَّذِي وَجَدَهُ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا الدَّرَاهِمَ الْمَزِيدَةَ بَعْدَ الصَّرْفِ. (قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ) أَيْ لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: فَتُرَدُّ أَيْ تِلْكَ الْهِبَةُ لِوَاهِبِهَا حَيْثُ رُدَّتْ السِّلْعَةُ لِصَاحِبِهَا بِسَبَبِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: لَا تُرَدُّ الزِّيَادَةُ) أَيْ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِعَيْبِهَا، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي صُلْبِ الصَّرْفِ فَتُرَدُّ لِعَيْبِهَا كَمَا تُرَدُّ لِعَيْبِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَيْنَهَا) أَيْ دَافَعَهَا بِأَنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَأَشَارَ لَهُ بِأَخْذِهَا إشَارَةً حِسِّيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْجَبَهَا) أَيْ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَتُرَدُّ وَحْدَهَا) أَيْ لِعَيْبِهَا وَيَأْخُذُ بَدَلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ نَعَمْ أَزِيدُك) الْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا لَتَكَرَّرَ قَوْلُهُ: الْآتِي وَأَوْلَى إلَخْ مَعَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَدِمَا) كَأَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى دَفْعِهَا لَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ نَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يَقُلْ الصَّيْرَفِيُّ: أَزِيدُك (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَوْجَبَهَا الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجِبْهَا أَوْ أَنَّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُعَيَّنْ الزِّيَادَةُ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا عُيِّنَتْ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ بِالْخِلَافِ وَالْأَخِيرَانِ بِالْوِفَاقِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّالِثُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ فِيهَا مَا يَمْنَعُهُ لِقَوْلِهَا فَزَادَهُ دِرْهَمًا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَالْمُؤَجَّلُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَرَدَّ بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَا يُنَافِيهِ التَّأْجِيلَ بَلْ الْمُعَيَّنُ قَدْ يُؤَجَّلُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلُ قَوْلِهَا إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَزِيدُك لَوْ تَأْتِينِي عِنْدَ أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ عِنْدَ الْأَجَلِ أَتَاهُ وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا فَوَجَدَهُ زَائِفًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا دَفَعَ لَهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ غَيْرُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَزِيدُك دِرْهَمًا، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَيِّدِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ) أَيْ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّرْفِ الْمُنَاجَزَةُ وَهُوَ عَدَمُ افْتِرَاقِ الْمُتَصَارِفَيْنِ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَهُمَا يُؤَدِّي لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَهُوَ يُؤَدِّي لِرِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ إمَّا نَقْصُ عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ خَالِصٍ أَوْ مَغْشُوشٍ بِأَنْ كَانَ فِضَّةً مَخْلُوطَةً بِنُحَاسٍ مَثَلًا، فَإِنْ اطَّلَعَ الْآخِذُ عَلَى ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَةِ أَبْدَانٍ وَلَا طُولٍ وَرَضِيَ بِذَلِكَ مَجَّانًا صَحَّ الْعَقْدُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ الْآخِذُ بِذَلِكَ وَرَضِيَ الدَّافِعُ بِإِبْدَالِهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ مُطْلَقًا عُيِّنَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَمْ لَا وَيُجْبَرُ عَلَى إتْمَامِ الْعَقْدِ مَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ تُعَيَّنْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ، فَإِنْ عُيِّنَتْ فَلَا يُجْبَرُ. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي حَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ الَّذِي حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ أَصْلَهُ لِلَّقَانِيِّ وَنَصُّهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفُ: بِالْحَضْرَةِ أَيْ حَضْرَةُ الِاطِّلَاعِ وَلَمَّا كَانَتْ قَدْ تَبْعُدُ مِنْ الْعَقْدِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالْحَضْرَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ حَضْرَةِ الْعَقْدِ اهـ وَالْأَحْسَنُ كَمَا فِي بْن وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَضْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ حَضْرَةُ الْعَقْدِ وَيَلْزَمُ مِنْ الْقُرْبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَقْدِ الْقُرْبُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاطِّلَاعِ فَإِنَّ الِاطِّلَاعَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةَ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَهَذَا قُيِّدَ لِلْحَضْرَةِ الْأُولَى) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنْ رَضِيَ بِحَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ الْكَائِنَةِ فِي حَضْرَةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ رَاجِعًا لِلْجَمِيعِ) أَيْ لِيَكُونَ قَوْلُهُ: بِالْحَضْرَةِ رَاجِعًا لِكُلِّ مِنْ رِضَا الْآخِذِ

كَانَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بِالْحَضْرَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِنْ طَالَ نَقَضَ إلَخْ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ لَا لِلْمَغْشُوشِ فَقَطْ (صَحَّ) الصَّرْفُ (وَأُجْبِرَ) الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِتْمَامِ (إنْ لَمْ تُعَيَّنْ) الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَادْفَعْ لِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ عُيِّنَ السَّالِمُ، فَإِنْ عُيِّنَتَا مَعًا فَلَا جَبْرَ كَأَنْ عُيِّنَ أَحَدُهُمَا وَكَانَ هُوَ الْمَعِيبَ. (وَإِنْ طَالَ) مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ أَوْ حَصَلَ افْتِرَاقٌ، وَلَوْ بِقُرْبٍ (نُقِضَ) الصَّرْفُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ نُقِضَ إلَخْ وَهَذَا فِي الْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (إنْ قَامَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ (بِهِ) أَيْ بِالْعَيْبِ أَيْ بِحَقِّهِ فِيهِ بِأَنْ طَلَبَ الْبَدَلَ أَوْ تَتْمِيمَ النَّاقِصِ أَيْ وَأَخَذَ الْبَدَلَ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا إنْ قَامَ فَأَرْضَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِنْدِهِ زَادَهُ لَهُ فَلَا نَقْضَ وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ قَوْلَهُ (كَنَقْصِ الْعَدَدِ) وَلَوْ يَسِيرًا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ طُولٍ أَوْ مُفَارَقَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ وَمِثْلُهُ نَقْصُ الْوَزْنِ فِيمَا يَتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا (وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غُشَّ) ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ يُنْقَضُ مَعَ الطُّولِ أَوْ الْمُفَارَقَةِ إنْ قَامَ بِهِ (أَوْ لَا) يُنْقَضُ (بَلْ يَجُوزُ فِيهِ الْبَدَلُ تَرَدُّدٌ) مُسْتَوْفَى الْمُعَيَّنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَأَمَّا مِنْ أَحَدِهِمَا فَالرَّاجِحُ النَّقْضُ. (وَحَيْثُ نُقِضَ) الصَّرْفُ أَيْ حَكَمْنَا بِنَقْضِهِ وَكَانَ فِي الدَّنَانِيرِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ (فَأَصْغَرُ دِينَارٍ) هُوَ الَّذِي يَنْقُضُ وَلَا يَتَجَاوَزُ بِأَكْبَرَ مِنْهُ (إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ) مُوجِبُ النَّقْضِ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ (ف) الَّذِي يَنْقُضُ (أَكْبَرُ مِنْهُ) ، فَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَتَسَاوَتْ فِي الْكِبَرِ أَوْ الصِّغَرِ نُقِضَ وَاحِدٌ فَقَطْ مَا لَمْ يَتَجَاوَزْهُ مُوجِبُ النَّقْضِ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ فَالثَّانِي وَهَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرِضَا الدَّافِعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ: مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا عَلَيْهِ) أَيْ فَإِذَا رَضِيَ الْآخِذُ لِلْمَعِيبِ بِهِ مَجَّانًا وَطَلَبَ الدَّافِعُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ أُجْبِرَ الدَّافِعُ عَلَى إمْضَائِهِ، وَكَذَا إذَا رَضِيَ الْآخِذُ لِلْمَعِيبِ بِإِبْدَالِهِ وَامْتَنَعَ الدَّافِعُ مِنْ الْبَدَلِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ أَوْ أَرَادَ الْآخِذُ لِلْمَعِيبِ فَسْخَ الْعَقْدِ وَطَلَبَ الدَّافِعُ الْبَدَلَ فَإِنَّ الْآخِذَ لِلْمَعِيبِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْبَدَلِ وَعَدَمِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ نَقْصِ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الرَّصَاصِ أَوْ النُّحَاسِ أَوْ الْمَغْشُوشِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأَبْدَانِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ، فَإِنْ رَضِيَ آخِذُ الْمَعِيبِ بِهِ مَجَّانًا صَحَّ الصَّرْفُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ فَلَيْسَ لَهُ الرِّضَا بِهِ مَجَّانًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْصِ الصَّرْفِ فِيهِ سَوَاءٌ قَامَ بِحَقِّهِ فِيهِ وَطَلَبَ الْبَدَلَ أَوْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا أَوْ أَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ بِهِ نَقْصَ الْوَزْنِ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِ الْمَعِيبِ مَجَّانًا بَلْ قَامَ بِحَقِّهِ بِحَيْثُ طَلَبَ الْبَدَلَ نُقِضَ الصَّرْفُ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ كَهَذَا الدِّينَارِ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى غِشٍّ فِي الدِّينَارِ أَوْ فِي الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى أَنَّ الْمَذْهَبَ كُلَّهُ عَلَى إجَازَةِ الْبَدَلِ وَلَا يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ الْعَقْدِ وَفِي ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ وَلَمْ يَزَلْ الْمُعَيَّنُ مَقْبُوضًا لِوَقْتِ الْبَدَلِ فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْبَدَلِ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ وَذِمَّةُ أَحَدِهِمَا مَشْغُولَةٌ لِصَاحِبِهِ فَفِي الْبَدَلِ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمَغْشُوشَ الْمُعَيَّنَ فِيهِ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهُمَا نَقْضُ الصَّرْفِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْبَدَلِ. (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ افْتِرَاقُ أَبْدَانٍ وَانْفِضَاضٍ لِمَجْلِسِ الصَّرْفِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ افْتِرَاقٌ) أَيْ بِالْأَبْدَانِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) الْأَوْلَى وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ الشَّامِلِ لِلرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَشَامِلٌ لِنَقْصِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَهُمَا بَعْدُ وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ الرَّصَاصَ وَنَحْوَهُ مِثْلُ الْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ الرِّضَا بِهِ مَجَّانًا، وَإِنْ قَامَ بِهِ فَسْخُ الصَّرْفِ وَاخْتَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الرَّصَاصَ وَنَحْوَهُ مِثْلُ نَقْصِ الْعَدَدِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ فَسَادُ الصَّرْفِ سَوَاءٌ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا أَوْ قَامَ بِهِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ مُوَافَقَتُهُ، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى مُخْتَارِ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَنَصَّ الْمَازِرِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غَشَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ قَامَ بِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: فَأَرْضَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ وَلَمْ يُبَدِّلْ لَهُ ذَلِكَ الْمَعِيبَ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَنْقُضُ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَامَ بَعْدَ الطُّولِ وَلَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا بَلْ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الْقِيَامِ بِلَا شَيْءٍ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: كَنَقْصِ الْعَدَدِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ نَقْصِ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قُلْتُمْ: إنَّ نَقْصَ الْعَدَدِ يُوجِبُ نَقْضَ الصَّرْفِ، وَلَوْ رَضِيَ الْآخِذُ بِهِ مَجَّانًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ إنْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا فَلَا يُنْقَضُ، فَإِنْ قَامَ بِهِ وَأَخَذَ الْبَدَلَ نُقِضَ، إنَّ نَاقِصَ الْعَدَدِ لَمْ يَقْبِضْ لَا حِسًّا وَلَا مَعْنًى بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ قَبَضَ حِسًّا أَوْ مَعْنًى (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ) أَيْ بَلْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غَشَّ) أَيْ كَهَذَا الدِّينَارِ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَيَجِدُ أَحَدَهُمَا مَغْشُوشًا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِابْنِ الْكَاتِبِ وَالثَّانِيَةُ لِلَّخْمِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى فَالْمُعَيَّنُ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ الْمُعَيَّنُ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: صِغَارٌ) أَيْ كَأَنْصَافِ مَحَابِيبَ (قَوْلُهُ: وَكِبَارٌ) أَيْ مِثْلُ الْمَحَابِيبِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ) فَاَلَّذِي يَنْقُضُ أَكْبَرُ مِنْهُ أَيْ وَلَا

(لَا الْجَمِيعُ) عَلَى الْمَشْهُورِ (وَهَلْ) نَقْضُ الْأَصْغَرِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرَ مِنْهُ دُونَ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا (وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ) عِنْدَ الْعَقْدِ (لِكُلِّ دِينَارٍ) عَدَدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ إنْ سُمِّيَ وَإِلَّا نُقِضَ الْجَمِيعُ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الْإِطْلَاقُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ التَّرَدُّدِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي السِّكَّةِ الْمُتَّحِدَةِ الرَّوَاجِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي) صَرْفِ (السِّكَكِ) الْمُخْتَلِفَةِ النَّفَاقِ (أَعْلَاهَا) أَيْ أَجْوَدَهَا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا (أَوْ) يَنْفَسِخُ (الْجَمِيعُ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي السِّكَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ (قَوْلَانِ) (وَشَرَطَ لِلْبَدَلِ) حَيْثُ أُجِيزَ أَوْ وَجَبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ (جِنْسِيَّةٌ) أَيْ نَوْعِيَّةٌ لِلسَّلَامَةِ مِنْ التَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ قِطْعَةِ ذَهَبٍ بَدَلَ دِرْهَمٍ زَائِفٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَوَّلُ إلَى أَخْذِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ وَلَا أَخْذِ عَرَضٍ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ يَسِيرًا يُغْتَفَرُ اجْتِمَاعُهُ فِي الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الصِّنْفِيَّةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ أَوْ أَوْزَنَ أَوْ أَنْقَصَ (و) شَرَطَ لَهُ (تَعْجِيلٌ) لِلسَّلَامَةِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ وَلَمَّا كَانَ الطَّارِئُ عَلَى الصَّرْفِ إمَّا عَيْبًا وَقَدْ قُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ. وَإِمَّا اسْتِحْقَاقًا شَرَعَ فِي بَيَانِهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) مِنْ أَحَدِ الْمُتَصَارِفَيْنِ شَيْءُ (مُعَيَّنٌ) مِنْ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ، وَكَذَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ عَلَى الرَّاجِحِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْبَرُ الْآبِيُّ لِمَنْ طَلَبَ إتْمَامَ الْعَقْدِ بِلَا تَرَدُّدٍ (سُكَّ) مُرَادُهُ بِالْمَسْكُوكِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ (بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ) بِلَا افْتِرَاقِ بَدَنٍ (أَوْ) اُسْتُحِقَّ (مَصُوغٌ مُطْلَقًا) أَيْ حَصَلَتْ مُفَارَقَةٌ أَوْ طُولٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَصُوغَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْقُضُ الْأَصْغَرُ وَتُقْطَعُ حَبَّةٌ مِنْ الْأَكْبَرِ فِي نَظِيرِ مَا زَادَ عَلَى الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ لَا تُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَمَحَلُّ نَقْضِ الْأَكْبَرِ إذَا تَعَدَّى مُوجِبَ النَّقْضِ الْأَصْغَرِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَصْغَرُ ثَانٍ وَإِلَّا فَالنَّقْضُ لِلْأَصْغَرِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: لَا الْجَمِيعُ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ كَأَنَّهُ مُفْرَدٌ بِنَفْسِهِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ مِنْ قِيمَةِ مُصَاحِبِهِ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَنْقُضُ الْجَمِيعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَجْمُوعَ مُقَابِلٌ لِلْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ سَمَّوْا عِنْدَ الْعَقْدِ لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ لَمْ يُسَمُّوا لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدًا بَلْ جَعَلُوا كُلَّ الدَّرَاهِمِ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ الدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ التَّرَدُّدِ) أَيْ أَنَّ الْأُولَى لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّرَدُّدِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِيهِ تَشْوِيشٌ عَلَى الْفَهْمِ إذْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّحَيُّرُ فِي الْحُكْمِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالتَّرَدُّدِ طَرِيقَتَانِ وَهُمَا مُحْتَوِيَتَانِ عَلَى بَيَانِ الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا ضَرَرَ فِي ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: فِي السِّكَّةِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ سِكَّتُهَا وَاحِدَةٌ بِحَيْثُ كَانَتْ كُلُّهَا مُتَّحِدَةً فِي النَّفَاقِ وَالرَّوَاجِ (قَوْلُهُ: الْمُخْتَلِفَةِ النَّفَاقِ) أَيْ الرَّوَاجِ بِسَبَبِ الْعُلُوِّ وَالدَّنَاءَةِ كَمَحْبُوبٍ وجنزرلي (قَوْلُهُ: أَعْلَاهَا) أَيْ لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي فِي الدَّرَاهِمِ الْمَرْدُودَةِ إنْ كَانَ دَافِعًا عَالِمًا بِهِ فَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي الِانْتِقَادِ فَأُمِرَ بِرَدِّ أَجْوَدِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ زَادَ مَا بِهِ الْعَيْبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ صَرْفِ الْأَعْلَى، وَكَانَ هُنَاكَ مُتَوَسِّطٌ وَأَدْنَى فُسِخَ الْمُتَوَسِّطُ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الْأَدْنَى. (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي السِّكَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ) أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى جَمْعُ الْأَغْرَاضِ فِي وَاحِدٍ فَوَجَبَ فَسْخُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ تَرْجِيحُهُ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: حَيْثُ أُجِيزَ) أَيْ بِأَنْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بِالْحَضْرَةِ وَلَمْ يَرْضَ ذَلِكَ الْآخِذُ بِالْمَعِيبِ وَأَرَادَ الدَّافِعُ إبْدَالَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مُعَيَّنَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ نَوْعَيْهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ لَا الْجِنْسُ الْحَقِيقِيُّ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ نَوْعَانِ مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ النَّقْدُ وَحِينَئِذٍ فَالْفِضَّةُ مِنْ أَفْرَادِ جِنْسِ الذَّهَبِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِيَّةِ حَقِيقَتَهَا لَاقْتَضَى جَوَازَ دَفْعِ الذَّهَبِ بَدَلًا عَنْ الْفِضَّةِ وَالْعَكْسُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَهَبٍ) أَيْ وَالْفِضَّةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلذَّهَبِ تُقَدَّرُ ذَهَبًا فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي تَمَاثُلِ الذَّهَبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَخْذِ عَرَضٍ عَنْهُ) أَخْذُ الْعَرَضِ لَيْسَ فِيهِ تَفَاضُلٌ، وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ فِي مَنْعِهِ: اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ، وَحِينَئِذٍ فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا تُسَاوِي قِيمَتُهُ دِينَارًا جَازَ لِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ حِينَئِذٍ فِي دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ كَثِيرَةٌ مُنِعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَشَرَطَ لِلْبَدَلِ جِنْسِيَّةً مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ عَيْنٍ وَعَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْجِنْسِ عَيْنًا مُنِعَ لِلتَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا جَازَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَسِيرَةً وَإِلَّا مُنِعَ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ اخْتِلَافُ الصِّنْفِيَّةِ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِلَّا مُنِعَ كَصَرْفِ دِينَارٍ بِدَرَاهِمَ مُتَوَسِّطَةٍ فِي الْجُودَةِ اطَّلَعَ فِي بَعْضِهَا عَلَى زَائِفٍ وَأَخَذَ عَنْهُ دِرْهَمًا أَجْوَدُ وَأَنْقَصُ فِي الْوَزْنِ أَوْ أَدْوَنُ فِي السِّكَّةِ وَأَرْجَحُ فِي الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ عَلَى الرَّاجِحِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ

يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ (نُقِضَ) الصَّرْفُ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ عَيْنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهَا وَيُتَمَّمُ الصَّرْفُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ بِالْحَضْرَةِ (صَحَّ وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ (إنْ تَرَاضَيَا) بِالْبَدَلِ وَمَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمِنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا جُبِرَ عَلَيْهِ (تَرَدُّدٌ) فِي الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي لِقَوْلِهِ فِي الْمَعِيبِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ وَقِيلَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَارٍ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٌ (وَلِلْمُسْتَحِقِّ) لِلْمَصُوغِ أَوْ الْمَسْكُوكِ الْمَصْرُوفِ (إجَازَتُهُ) أَيْ الصَّرْفُ وَإِلْزَامُهُ لِلْمُصْطَرِفِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْقُضُ فِيهَا وَذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ فِي غَيْرِ مَصُوغٍ أَوْ فِيهِ مُطْلَقًا وَأَوْلَى فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَنْقُضُ صَرْفُ الْمَسْكُوكِ فِيهَا وَإِذَا أَجَازَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُصْطَرِفِ بِمَا أَخَذَهُ، فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ دِينَارًا وَأَخَذَ الْمُصْطَرِفُ نَظِيرَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ صَرْفًا مُؤَخَّرًا؛ لِأَنَّ الْمُنَاجَزَةَ وَقَعَتْ (إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفَ) بِأَنَّ مَنْ صَارَفَهُ مُتَعَدٍّ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِتَعَدِّيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَةٌ وَالْمُصْطَرِفُ بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ آخِذِ الدَّرَاهِمِ وَآخِذِ الدَّنَانِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ اسْتَحَقَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُنْفَرِدَيْنِ شَرَعَ فِي بَيَانِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ مُتَّصِلًا بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَجَازَ مُحَلًّى) بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَيْ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبًا كَمُصْحَفٍ وَسَيْفٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُحَلَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQتَسْوِيَةِ الْمَسْكُوكِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِالْمُعَيَّنِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِيهَا وَسَحْنُونٌ فَفَرَّقَا بَيْنَ الْعَيْنِ يُنْتَقَضُ، وَغَيْرُهُ لَا يُنْتَقَضُ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِهَا عَلَى تَأْوِيلَاتٍ أَحَدُهَا لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِيمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ إذَا اسْتَحَقَّ بِالْحَضْرَةِ مُطْلَقًا، الثَّانِي لِابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ خِلَافَهُمَا إذَا اسْتَحَقَّ بِالْحَضْرَةِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُنْتَقَضُ فِي الْمُعَيَّنِ وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى النَّقْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ مُطْلَقًا، الثَّالِثُ لِلَّخْمِيِّ حُمِلَ الْإِطْلَاقُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى تَفْصِيلِ أَشْهَبَ وَخَصَّهُ بِمَا اسْتَحَقَّ فِي الْحَضْرَةِ فَجَعَلَهُ وِفَاقًا هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ فَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَضْرَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا فِي ح أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَأَشْهَبُ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَقُولُ: إذَا حَصَلَ التَّعْيِينُ يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ، وَلَوْ مَعَ الْحَضْرَةِ، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَخِيرِ اهـ بْن وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ إنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ بِمَسْكُوكَيْنِ أَوْ بِمَسْكُوكٍ وَمَصُوغٍ فَاسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْمَجْلِسَ أَوْ بَعْدَ طُولٍ فَإِنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ يَنْقُضُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا حِينَ الْعَقْدِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَصُوغًا نُقِضَ عَقْدُ الصَّرْفِ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَصُوغَ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَسْكُوكًا بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ صَحَّ عَقْدُ الصَّرْفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيهِ التَّرَاضِي عَلَى الْبَدَلِ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَرَادَ نَقْضَ الصَّرْفِ لِمَنْ أَرَادَ إتْمَامَهُ بِدَفْعِ الْبَدَلِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَقِيلَ: إنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْبَدَلِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ أَبَى لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَبَاهُ وَأَرَادَ نَقْضَ الصَّرْفِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اهـ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مَصُوغٌ نُقِضَ صَرْفُهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِالْحَضْرَةِ كَغَيْرِهِ مِنْ تِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ إنْ طَالَ وَالْأَصَحُّ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا أَوْ يُجْبَرُ الْآبِّي تَرَدُّدٌ كَانَ أَوْضَحُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُجْبَرُ فِيهِ مَنْ طَلَبَ نَقْصَ الصَّرْفِ لِمَنْ أَرَادَ إتْمَامَهُ بِدَفْعِ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ فِي الْمَعِيبِ إلَخْ أَيْ وَيُقَاسُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْعَيْبِ وَجُعِلَ التَّرَدُّدُ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ غَيْرِهِ طَرِيقَةٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الصِّحَّةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَضْرَةِ مُطْلَقَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا التَّرَدُّدُ فِي قَوْلِهِ: وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا إلَخْ فَتَخْصِيصُ الشَّيْخِ سَالِمٍ لَهُ بِالْمُعَيَّنِ وَإِنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَعِيبِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَعَيَّنْ فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ يُخَالِفُ الْعَيْبَ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَإِلَى طَرِيقَةِ طفى أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَازَ إلَخْ وَهِيَ التَّحْقِيقُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ بْن فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ نَقْلَ ح يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ) أَيْ وَلَهُ نَقْضُهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الَّذِي جُرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَمَا هُنَا لَيْسَ كَالْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ الَّذِي جُرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَالشَّرْطِيِّ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْإِجَازَةُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْقُضُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَنْقُضُ صَرْفُ الْمَسْكُوكِ فِيهَا) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا اسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ فِي الْحَضْرَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَةٌ) أَيْ

(ثَوْبًا) طُرِّزَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ نُسِجَ بِهِ حَيْثُ كَانَ (يَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُحَلَّى شَيْءٌ (إنْ سُبِكَ) أَيْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ تَقْدِيرًا، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى فَرْضِ سَبْكِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحِلْيَةِ وَيَكُونُ كَالْخَالِي مِنْهَا فَيُبَاعُ بِمَا فِيهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ (بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) يَتَنَازَعُ فِيهِ كُلٌّ مِنْ بَيْعِ الْمُقَدَّرِ وَمُحَلًّى وَسَيَأْتِي الْمُحَلَّى بِهِمَا مَعًا وَلِجَوَازِ بَيْعِ الْمُحَلَّى شُرُوطٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ أُبِيحَتْ) تَحْلِيَتُهُ كَسَيْفٍ وَمُصْحَفٍ وَعَبْدٍ لَهُ أَنْفٌ أَوْ سِنٌّ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَوْ لَمْ تُبَحْ كَدَوَاةٍ وَسِكِّينٍ وَشَاشٍ مُقَصَّبٍ وَثَوْبِ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا بَلْ بِالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ مَا بِيعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحِلْيَةِ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَسَمَّرَتْ) الْحِلْيَةُ عَلَى الْمُحَلَّى بِأَنْ يَكُونَ فِي نَزْعِهَا فَسَادٌ أَوْ غُرْمُ دَرَاهِمَ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَعَجَّلَ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ وَمُثْمَنٍ فَلَوْ أَجَّلَ مُنِعَ بِالنَّقْدِ، فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ جَازَ بَيْعُهُ (مُطْلَقًا) كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَبَعًا لِلْجَوْهَرِ أَمْ لَا بِيعَ بِصِنْفِهِ أَوْ غَيْرِ صِنْفِهِ لَكِنْ يُزَادُ إنْ بِيعَ بِصِنْفِهِ شَرْطٌ رَابِعٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ بَيْعُهُ (بِصِنْفِهِ إنْ كَانَتْ) أَيْ الْحِلْيَةُ (الثُّلُثَ) فَدُونَ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ (وَهَلْ) يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ قِيمَتِهَا ثُلُثُ قِيمَةِ الْمُحَلَّى بِحِلْيَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَوْ بِالْوَزْنِ) أَيْ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ وَزْنِهَا ثُلُثَ الْقِيمَةِ (خِلَافٌ) ، فَإِنْ بِيعَ سَيْفٌ مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِسَبْعِينَ دِينَارًا ذَهَبًا وَكَانَ وَزْنُ حِلْيَتِهِ عِشْرِينَ وَلِصِيَاغَتِهَا تُسَاوِي ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ النَّصْلِ وَحْدَهُ أَرْبَعُونَ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَوَّلِ وَجَازَ عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ حُلِّي) شَيْءٌ (بِهِمَا) أَيْ بِالنَّقْدَيْنِ مَعًا (لَمْ يَجُزْ) بَيْعُهُ (بِأَحَدِهِمَا) وَأَوْلَى كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ لَا (إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ) الَّذِي هُمَا فِيهِ وَهُوَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ فَيَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ يَتَعَيَّنُ لَهُ رَدُّهُ أَيْ لِأَنَّهُ كَصَرْفٍ عَلَى خِيَارِ شَرْطِيٍّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصْطَرِفَ لَمَّا أُخْبِرَ بِتَعَدِّي مَنْ صَارَفَهُ كَانَ دَاخِلًا عَلَى عَدَمِ إتْمَامِ الصَّرْفِ فَهُوَ مُجَوِّزٌ لِتَمَامِهِ، وَعَدَمُ تَمَامِهِ كَالصَّرْفِ عَلَى خِيَارٍ (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ بِمَا فِيهِ نَقْدًا إلَخْ) وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنَّهُ يُبَاعُ بِغَيْرِ مَا فِيهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعَرَضِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا سُبِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعَرَضِ وَبِالنَّقْدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ صِنْفِ مَا فِيهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا سُبِكَ، فَإِنْ بِيعَ بِعَرَضٍ جَازَ بِلَا شَرْطٍ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ بِيعَ بِنَقْدٍ، فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِصِنْفِ مَا فِيهِ اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفِ مَا فِيهِ اُشْتُرِطَ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ جَرَى عَلَى الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ بَيْعِ الْمُحَلَّى) أَيْ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى تَقْدِيرِ سَبْكِهِ وَقَوْلُهُ: بِيعَ الْمُحَلَّى أَيْ بَيْعُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِالْعَرَضِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: إنْ أُبِيحَتْ) لِمَا كَانَ الْأَصْلُ فِي بَيْعِ الْمُحَلَّى الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِهِ بِصِنْفِهِ بَيْعَ ذَهَبٍ وَعَرَضٍ بِذَهَبٍ أَوْ بَيْعَ فِضَّةٍ وَعَرَضٍ بِفِضَّةٍ وَفِيهِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ بَيْعٌ وَصَرْفٌ فِي أَكْثَرِ مِنْ دِينَارٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ لَكِنْ رَخَّصَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ شَرَطُوا لِجَوَازِ بَيْعِهِ هَذِهِ الشُّرُوطَ فَمَا كَانَ لَيْسَ مُبَاحَ الِاتِّخَاذِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ فَلِذَا لَا يُبَاعُ بِالنَّقْدِ إلَّا عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: كَسَيْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِلْيَةُ عَلَى نَصْلِهِ أَوْ عَلَى جِفْنِهِ أَوْ عَلَى حَمَائِلِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وح عَنْ الْبَاجِيَّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْحَمَائِلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ لَا بِجِنْسِ الْحِلْيَةِ وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ مَا بِيعَ بِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى إلَّا أَنْ تَقِلَّ الْحِلْيَةُ أَوْ الدَّوَاةُ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ فِي نَزْعِهَا فَسَادٌ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسَمَّرَةً أَوْ مَخِيطَةً أَوْ مَنْسُوجَةً أَوْ مُطَرَّزَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إنْ سُمِّرَتْ خُصُوصَ التَّسْمِيرِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِمَا بَعْدَهُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيرُهُ عَلَى نُسْخَةِ سُقُوطِهِ لِيُنَاسِبَ الْكَلَامَ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يَصِحُّ التَّنَازُعُ الَّذِي ادَّعَاهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِتَعَيُّنِ كَوْنِهِ مَعْمُولًا لِمُحَلًّى اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُزَادُ إنْ بِيعَ بِصِنْفِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ إنَّهُ إذَا بِيعَ بِغَيْرِ صِنْفِ الْحِلْيَةِ تَكْفِي الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِلْيَةُ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً، وَإِنْ بِيعَ بِصِنْفِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ رَابِعٍ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ. (قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةُ الْمُحَلَّى بِحِلْيَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَرْجِيحُهُ والثَّانِي قَالَ الْبَاجِيَّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قِيَاسًا عَلَى السَّرِقَةِ والزَّكَاةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الصِّيَاغَةِ فِيهِمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا الْمُرَادُ بِالثَّانِي وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ لِأَنَّ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ ثَلَاثُونَ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الْمُحَلَّى بِحِلْيَتِهِ لِأَنَّهَا سَبْعُونَ وَثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَلَى الثَّانِي) وَذَلِكَ لِأَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ السَّيْفِ بِحِلْيَتِهِ سَبْعُونَ وَوَزْنُ الْحِلْيَةِ عِشْرُونَ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ بَيْعُ سِلْعَةٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ فَأَحْرَى بَيْعُ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ بَيْعِ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (قَوْلُهُ: إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَزِيدَا عَلَى

فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ. وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدِ غَيْرِ صِنْفِهِ يُسَمَّى صَرْفًا وَبِصِنْفِهِ مَسْكُوكَيْنِ عَدَدًا مُبَادَلَةً وَبِهِ وَزْنًا مُرَاطَلَةً وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَوَّلِ شَرَعَ فِي حُكْمِ الثَّانِي وَشُرُوطِهِ فَقَالَ (وَجَازَتْ) جَوَازًا مُسْتَوِيًا (مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ) مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِشُرُوطٍ: أَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْمُبَادَلَةِ وَأَنْ تَكُونَ مَعْدُودَةً وَأَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً دُونَ سَبْعَةٍ وَأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ وَأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ وَأَنْ تَقَعَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا فَأَشَارَ لِاشْتِرَاطِ الْقِلَّةِ بِقَوْلِهِ الْقَلِيلِ وَلِكَوْنِهَا مَعْدُودَةً بِقَوْلِهِ (الْمَعْدُودِ) وَقَوْلُهُ (دُونَ سَبْعَةٍ) بَيَانٌ لِلْقَلِيلِ وَأَرَادَ بِهِ السِّتَّةَ فَدُونُ، وَأَشَارَ إلَى كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ بِقَوْلِهِ (بِأَوْزَنَ مِنْهَا بِسُدُسٍ سُدُسٍ) فَأَقَلَّ عَلَى مُقَابِلِهِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بِسُدُسٍ سُدُسٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مُسَاوِيَةً لِلْجَانِبِ الْآخَرِ جَازَتْ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ الْمَعْرُوفِ بِشَرْطِ تَمَحُّضِهِ وَحُصُولِهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنْعِ دَوَرَانِهِ مِنْ جِهَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثُّلُثِ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ) أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَبَيْعُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ) أَيْ النَّقْدُ الْقَلِيلُ فَالْقَلِيلُ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَيَانًا لِلْقَلِيلِ. (قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ) أَيْ سِتَّةٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ مَعْدُودَةً) أَيْ وَأَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُبَادَلَةُ فِيهَا مَعْدُودَةً أَيْ يَتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا لَا وَزْنًا فَلَا تَجُوزُ الْمُبَادَلَةُ فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا وَزْنًا وَلَا فِي أُوقِيَّةِ تِبْرٍ كَامِلَةٍ بِأُوقِيَّةٍ نَاقِصَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً) أَيْ وَأَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ الْمُبْدَلَةُ قَلِيلَةً (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ) أَيْ الَّتِي فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ أَيْ أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمَزِيدُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ، قَالَ بْن هَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ جَمَاعَةَ لَكِنْ قَالَ فِي الْقُبَابِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ لَا يَذْكُرُونَ هَذَا الشَّرْطَ وَقَدْ جَاءَ لَفْظُ السُّدُسِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِلتَّمْثِيلِ وَالشَّرْطِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَطْلَقَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْجَلَّابُ وَالتَّلْقِينُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الْقَوْلَ فِي قَدْرِ النَّقْصِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَعَزَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اشْتِرَاطَ كَوْنِ النَّقْصِ سُدُسًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْدِيدًا بَلْ فَرْضًا. (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَقَعَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ وَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ الْمُبَادَلَةِ مِنْ كَوْنِ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ مَسْكُوكَةً وَهَلْ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ أَوْ لَا يَشْتَرِطُ فِي ذَلِكَ؟ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِهِمَا اهـ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا مِنْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْكُوكِ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ) الْأَوْلَى بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ إذْ قَدْ أَشَارَ إلَى اشْتِرَاطِ الْقِلَّةِ بِقَوْلِهِ الْقَلِيلُ وَإِلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ التَّعَامُلِ بِهَا عَدَدًا بِقَوْلِهِ الْمَعْدُودِ وَأَشَارَ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ بِقَوْلِهِ بِأَوْزَنَ مِنْهَا وَأَشَارَ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ بِقَوْلِهِ بِسُدُسٍ سُدُسٍ (قَوْلُهُ: الْمَعْدُودِ) أَيْ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا فَلَا تَجُوزُ الْمُبَادَلَةُ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا كَمُبَادَلَةِ أَرْبَعَةِ أَوَاقٍ تِبْرٍ كَامِلَةٍ بِأَرْبَعَةٍ نَاقِصَةٍ، وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ إذَا تُعُومِلَ بِهَا وَزْنًا. (قَوْلُهُ: بِسُدُسٍ سُدُسٍ) كَرَّرَ لَفْظَ السُّدُسِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ سُدُسٌ فِي الْجَمِيعِ، وَمِثْلُهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَقَلَّ مِنْهُ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ بِسَمَاحَةِ النَّفْسِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا السُّدُسُ وَفِي الْبَعْضِ الْبَاقِي دُونَ السُّدُسِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ أَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا سُدُسًا وَفِي بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ سُدُسٍ أَوْ كَانَتْ فِي بَعْضِهَا أَقَلَّ مِنْ سُدُسٍ وَفِي الْبَعْضِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهَا تُمْنَعُ، وَسُدُسُ الثَّانِي عُطِفَ عَلَى سُدُسٍ الْأَوَّلِ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ وَهُوَ جَائِزٌ نَثْرًا وَنَظْمًا عِنْدَ بَعْضِ النُّحَاةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ إبْدَالِ وَاحِدٍ كَامِلٍ بِاثْنَيْنِ مُوَازِنَيْنِ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَإِبْدَالِ رِيَالٍ بِأَرْبَعَةِ أَرْبَاعِ رِيَالٍ مُوَازِنَةً لَهُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُبَادَلَةِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ زِيَادَةٌ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا مُسَاوَاةً، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَادَلَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِيهَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مُسَاوِيَةً لِلْجَانِبِ الْآخَرِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُسَاوِيَةٍ بَلْ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً جَازَتْ الْمُبَادَلَةُ مُطْلَقًا بِلَا شَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالشُّرُوطِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ) أَيْ فِي جَوَازِ الْمُبَادَلَةِ الْمَعْرُوفِ أَيْ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي مَنْعَهَا لِطَلَبِ الشَّارِعِ الْمُسَاوَاةَ فِي النُّقُودِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ دَوَرَانُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَمَنْعُ دَوَرَانِ الْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِشَرْطِهِ وَهُوَ تَمَحُّضُ الْفَضْلِ مِنْ جِهَةٍ وَيُمْنَعُ دَوَرَانُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي

أَشَارَ إلَى مَنْعِهِ بِقَوْلِهِ (و) النَّقْدُ (الْأَجْوَدُ) جَوْهَرِيَّةً حَالَ كَوْنِهِ (أَنْقَصَ) وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِأَرْدَأَ جَوْهَرِيَّةٍ كَامِلًا وَزْنًا لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً) بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى الْأَجْوَدِ فَكَانَ الْأَجْوَدُ تَعْرِيفُهُ أَيْ وَهُوَ أَنْقَصُ فَحَذَفَهُ مِنْ هَذَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ كَمَا حُذِفَ مِمَّا قَبْلَهُ جَوْهَرِيَّةً لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ هُنَا سِكَّةً عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ: أَجْوَدُ سِكَّةً وَأَنْقَصَ وَزْنًا وَيُقَابِلُهُ رَدِيءُ السِّكَّةِ كَامِلٌ وَزْنًا، وَلَوْ قَالَ وَالْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ (مُمْتَنِعٌ) لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ بَلْ مُسَاوِيًا أَوْ أَوْزَنَ فَتَحْتُهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ (جَازَ) لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ. وَلَمَّا قَدَّمَ الصَّرْفَ وَالْمُبَادَلَةَ ذَكَرَ الْمُرَاطَلَةَ بِقَوْلِهِ (و) جَازَتْ (مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (بِمِثْلِهِ) أَيْ بِعَيْنِ مِثْلِهِ، ذَهَبٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ وَزْنًا إمَّا (بِصَنْجَةٍ) فِي إحْدَى الْكِفَّتَيْنِ وَالذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ فِي الْأُخْرَى (أَوْ كِفَّتَيْنِ) يُوضَعُ عَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي كِفَّةٍ وَعَيْنُ الْآخَرِ فِي أُخْرَى (وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا) أَيْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا فِي الْكِفَّتَيْنِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ عَيْنِهِ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ الْقَائِلِ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ الْعَيْنَيْنِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْبَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا وَتَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدُ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِقَصْدِ الْمُغَالَبَةِ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ مِنْ أَصْلِهِ تَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي مَنْعَ الْمُبَادَلَةِ لَكِنَّ الشَّارِعَ أَجَازَهَا لِلْمَعْرُوفِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ تَمَحُّضُ الْفَضْلِ مِنْ جِهَةٍ، فَإِنْ دَارَ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْتَفَى الْمَعْرُوفُ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ فَتُمْنَعُ الْمُبَادَلَةُ حِينَئِذٍ فَعَلِمْتَ أَنَّ الَّذِي يَدُورُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنَّمَا هُوَ الْفَضْلُ لَا الْمَعْرُوفُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَى مَنْعِهِ) أَيْ إلَى مَنْعِ دَوَرَانِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ هَذَا ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ: فَحَذَفَهُ) أَيْ الْحَالُ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْقَصُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَيْ وَحَيْثُ قَدَّرْنَا الْحَالَ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي، وَحَاصِلُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ ظَاهِرُهُ مَنْعُ إبْدَالِ الْأَجْوَدِ سِكَّةً بِالْأَرْدَإِ سِكَّةً إذَا كَانَا كَامِلَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِوُجُودِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْحَالَ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ وَالْأَجْوَدُ سِكَّةً حَالَةَ كَوْنِهِ أَنْقَصَ وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِرَدِيءِ السِّكَّةِ الْكَامِلِ وَزْنًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ التَّمْيِيزَ وَهُوَ جَوْهَرِيَّةٌ، وَذَكَرَ الْحَالَ الَّذِي هُوَ أَنْقَصُ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي الْحَالُ وَهُوَ أَنْقَصُ وَذَكَرَ التَّمْيِيزَ الَّذِي هُوَ سِكَّةً فَفِيهِ احْتِبَاكٌ، وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ الْحَالُ فِي الْمَعْطُوفِ لَأُشْكِلَ الْإِخْبَارُ بِالِامْتِنَاعِ وَذَلِكَ لِكَوْنِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَلَمَّا قَدَّرْنَا الْحَالَ ظَهَرَ أَنَّ الْفَضْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَظَهَرَ الِامْتِنَاعُ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ. (قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٌ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ مُمْتَنِعَانِ مَعَ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَيْنٌ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ النَّقْدِ، فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْمَسْكُوكِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكُوكَانِ مُتَّحِدَيْ السِّكَّةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ: إمَّا بِصَنْجَةٍ أَوْ كِفَّتَيْنِ) أَوْ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ كَمَا فِي عبق وَالْقَوْلَانِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِصَنْجَةٍ وَكِفَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَرْجَحِ مِنْهُمَا وَقِيلَ: إنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ اخْتَلَفَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِالْمَثَاقِيلِ فَقِيلَ: لَا تَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ إلَّا بِكِفَّتَيْنِ وَقِيلَ: تَجُوزُ بِالْمَثَاقِيلِ أَيْضًا وَهُوَ أَصْوَبُ اهـ قَالَ طفى وَمَا صَوَّبَهُ عِيَاضٌ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ تَبَعًا لَهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَثَاقِيلِ كَمَا قَالَ الْأَبِيُّ: الصَّنْجَةُ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِصَنْجَةٍ أَيْ وَأَوْلَى بِكِفَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كِفَّتَيْنِ يَعْنِي فَقَطْ. (قَوْلُهُ: بِصَنْجَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ أَمْ لَا وَالصَّنْجَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَبِالسِّينِ وَهُوَ أَفْصَحُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ) مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِهَا بِكِفَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: مِثْلُ عَيْنِهِ) ظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ فِي الْمُرَاطَلَةِ، وَلَوْ قَلِيلَةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ بِخِلَافِ الْمُبَادَلَةِ، إنْ قُلْت: إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ عَيْنِهِ فَأَيُّ غَرَضٍ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ اعْتِبَارَ الرَّغْبَةِ فِي الْإِنْصَافِ دُونَ الْكِبَارِ أَوْ بِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ الْمُرَاطَلَةُ مِنْ كِبَارٍ وَصِغَارٍ أَوْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ فَيَرْغَبُ فِي ذَهَبِ صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ جَيِّدًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا) أَيْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ بِالْجُزَافِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمُرَاطَلَةِ إذَا كَانَتْ بِصَنْجَةٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا لِلتَّعَامُلِ بِهِمَا عَدَدًا، وَأَمَّا الْمُتَعَامِلُ بِهِمَا وَزْنًا فَيَتَّفِقُ عَلَى جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ فِيهِمَا بِصَنْجَةٍ مَجْهُولَةٍ وَبِكِفَّتَيْنِ، وَلَوْ لَمْ تُوزَنْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ الْمُرَاطَلَةِ بِهِمَا لِجَوَازِ بَيْعِ النَّقْدِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا جُزَافًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْعَيْنَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْجَوْدَةِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ (قَوْلُهُ: كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ إلَخْ)

بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ إسْكَنْدَرِيَّةٍ (أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدَ) وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مُسَاوٍ لِجَمِيعِ الْآخَرِ فِي جَوْدَتِهِ (لَا) إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْضُهُ (أَدْنَى) مِنْ الْآخَرِ (و) بَعْضُهُ (أَجْوَدَ) مِنْهُ كَسَكَنْدَرِيَّةٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيَّةٍ وَفِي فَرْضِهِمْ أَنَّ السَّكَنْدَرِيَّةَ أَدْنَى مِنْ الْمِصْرِيَّةِ وَالْمَغْرِبِيَّةَ أَجْوَدُ مِنْهَا فَيُمْنَعُ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْأَشْيَاخِ (عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ) فِي الْمُرَاطَلَةِ كَالْجَوْدَةِ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمُتَوَسِّطِ لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ بِجَيِّدِ تِبْرٍ (و) الْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ (الصِّيَاغَةِ) فِي الْمُرَاطَلَةِ (كَالْجَوْدَةِ) فَمَا قِيلَ فِي السِّكَّةِ يَجْرِي فِي الصِّيَاغَةِ وَقَوْلُ الْأَقَلِّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْقَدْرِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا فَصَوَابُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ. (و) جَازَ بَيْعُ (مَغْشُوشٍ) كَذَهَبٍ فِيهِ فِضَّةٌ (بِمِثْلِهِ) مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ غَيْرَهُمَا (و) بَيْعُهُ (بِخَالِصٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ (وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) رَاجِعٌ لِلثَّانِي وَالْخِلَافُ فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ كَغَيْرِهِ وَإِلَّا جَازَ قَطْعًا وَشَرْطُ جَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ، وَلَوْ بِعَرَضٍ أَنْ يُبَاعَ (لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشَّ بِهِ) بَلْ يَتَصَرَّفُ بِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَتَحْلِيَةٍ أَوْ تَصْفِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ. (وَكُرِهَ) بَيْعُهُ (لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ) أَنْ يَغُشَّ بِهِ بِأَنْ شَكَّ فِي غِشِّهِ (وَفَسَخَ مِمَّنْ) يَعْلَمُ أَنَّهُ (يَغُشُّ) بِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) بِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ بِتَعَذُّرِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ فَاتَ (فَهَلْ يَمْلِكُهُ) أَيْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ لِثَمَنِ الْمَغْشُوشِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ نُدِبَ لَهُ التَّصْدِيقُ (أَوْ يَتَصَدَّقُ) وُجُوبًا (بِالْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الثَّمَنِ (أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى) فَرْضِ بَيْعِهِ (مِمَّنْ لَا يَغُشُّ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ مِمَّنْ يَغُشُّ يُبَاعُ بِأَزْيَدَ (أَقْوَالٌ) أَعْدَلُهَا ثَالِثُهَا ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ (قَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ) لِمَا فِي الذِّمَّةِ قَدْرًا وَصِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَغْرِبِيَّةَ أَجْوَدُ مِنْ الْمِصْرِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةُ أَجْوَدُ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّة (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدُ إلَخْ) أَيْ كَمُرَاطَلَةِ دَنَانِيرَ بَعْضُهَا مِصْرِيَّةٌ وَبَعْضُهَا سَكَنْدَرِيَّةٌ بِدَنَانِيرَ كُلُّهَا سَكَنْدَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ فَرَبُّ الْمِصْرِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِرَدَاءَةِ السَّكَنْدَرِيَّةِ نَظَرًا لِجَوْدَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ وَرَبُّ الْمَغْرِبِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَتَهَا عَلَى الْمِصْرِيَّةِ نَظَرًا لِمُصَاحَبَةِ السَّكَنْدَرِيَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ) أَيْ وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ السِّكَّةُ فِي الْمُرَاطَلَةِ كَالْجَوْدَةِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ نَاقِصٍ بِرَدِيءٍ كَامِلٍ وَلَا مُرَاطَلَةُ سِكَّتَيْنِ جَيِّدَةٍ وَرَدِيئَةٍ بِسِكَّةٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ الرَّدِيءِ الْمَسْكُوكِ بِتِبْرٍ جَيِّدٍ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: فَمَا قِيلَ فِي السِّكَّةِ يَجْرِي فِي الصِّيَاغَةِ) أَيْ فَيُقَالُ كَمَا لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ نَاقِصٍ بِرَدِيءٍ كَامِلٍ وَلَا مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمُتَوَسِّطٍ لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَصُوغٍ بِجَيِّدٍ غَيْرِ مَصُوغٍ بَلْ مُكَسِّرٌ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ بِجَيِّدِ تِبْرٍ وَمُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَصُوغٍ بِجَيِّدٍ مَكْسُورٍ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا) أَيْ وَاَلَّذِي يَعْتَبِرُهُمَا كَالْجَوْدَةِ إنَّمَا هُوَ الْأَقَلُّ (قَوْلُهُ: فَصَوَابُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ) أَيْ أَنَّ الصَّوَابَ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ فَلَا يَدُورُ بِهِمَا الْفَضْلُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا (قَوْلُهُ: وَمَغْشُوشٍ بِمِثْلِهِ) أَيْ بِمَغْشُوشِ مِثْلِهِ وَظَاهِرُهُ تَسَاوِي الْغِشِّ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي ح وَلَمْ يَلْتَفِتْ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَعَ تَسَاوِي الْغِشِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لَكِنْ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الدَّاخِلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ) أَيْ وَأَوْلَى بِعَرَضٍ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلثَّانِي) أَيْ وَهُوَ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَغُشَّ بِهِ) أَيْ أَوْ يُبْقِيهِ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ لَكِنْ لَا يَغُشَّ بِهِ (قَوْلُهُ: بِتَحْلِيَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِتَحْلِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشُّ) مَثَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالصَّيَارِفَةِ وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ التَّمْثِيلَ بِهِمْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ لِمَنْ يَغُشُّ لَا لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ) أَيْ بَعْدَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَدْخُلُ الثَّمَنُ فِي مِلْكِهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَالْمَغْشُوشُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَنْهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالزَّائِدِ) وَجْهُ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُفْسَخُ، وَلَوْ عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَوَاتِ بَلْ يُبَاعُ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ قَضَاءُ قَرْضٍ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ سِتُّونَ صُورَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَرَتِّبَ فِي الذِّمَّةِ إمَّا مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَضَاؤُهُ بِمُسَاوٍ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ أَوْ بِأَفْضَلَ صِفَةً أَوْ قَدْرًا أَوْ بِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا فَهَذِهِ ثَلَاثُونَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ سِتُّونَ صُورَةً، ثَلَاثُونَ فِي الْقَرْضِ وَثَلَاثُونَ فِي الْبَيْعِ، أَمَّا الثَّلَاثُونَ الَّتِي فِي الْقَرْضِ فَاثْنَا عَشَرَ مِنْهَا

(بِأَفْضَلَ) مِنْهُ (صِفَةً) كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ إرْدَبٍّ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ جَيِّدٍ مِثْلُهُ رَدِيءٌ؛ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ بِشَرْطِ عَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْقَرْضِ وَإِلَّا فَسَدَ كَاشْتِرَاطِ زِيَادَةِ الْقَدْرِ (وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ) جَازَ الْقَضَاءُ (بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا) مَعًا كَنِصْفِ إرْدَبِّ قَمْحٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ رَدِيءٍ عَنْ كَامِلٍ جَيِّدٍ وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ قَدْرًا فَقَطْ (لَا) يَجُوزُ قَضَاؤُهُ (أَزْيَدَ عَدَدًا) مِنْ الْمُقْضَى عَنْهُ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا فِي الْمُتَعَامِلِ بِهِ عَدَدًا كَعَشَرَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ عَنْ ثَمَانِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يُقَابِلُهُ أَزْيَدَ وَزْنًا أَمْ لَا، وَأَمَّا الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا، وَلَوْ مَعَ الْعَدَدِ فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ الْعَدَدِ إذَا اتَّحَدَ الْوَزْنُ كَنِصْفَيْ رِيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَرْبَاعِهِ عَنْ كَامِلٍ فَيَجُوزُ إذْ الْمُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا وَوَزْنًا كَمَا فِي مِصْرَ يُلْغَى فِيهِ جَانِبُ الْعَدَدِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ، وَقَوْلُهُ (أَوْ) أَزْيَدَ (وَزْنًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَلَا يَجُوزُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمَّ لَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ الْوَزْنِ يَسِيرَةً جِدًّا (كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ) عَلَى آخَرَ فَيَجُوزُ وَعُطِفَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ أَزْيَدَ عَدَدًا قَوْلُهُ (أَوْ دَارٌ) أَيْ لَا إنْ زَادَ عَدَدُ الْقَضَاءِ وَلَا إنْ دَارَ (فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ كَعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ عَنْ تِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ أَوْ عَكْسُهُ وَكَعَشَرَةِ أَنْصَافِ مَقْصُوصَةٍ عَنْ ثَمَانِيَةٍ مَخْتُومَةٍ (وَثَمَنُ الْمَبِيعِ) الْمُتَرَتِّبِ فِي الذِّمَّةِ (مِنْ الْعَيْنِ) بَيَانٌ لِثَمَنٍ (كَذَلِكَ) يَجْرِي فِي قَضَائِهِ مَا جَرَى فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ فَيَجُوزُ بِالْمُسَاوِي وَالْأَفْضَلِ صِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَمْنُوعَةٌ وَالثَّمَانِيَةُ عَشَرَ الْبَاقِيَةُ جَائِزَةٌ، أَمَّا الْجَائِزَةُ فَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِمُسَاوٍ قَدْرًا وَصِفَةً أَوْ بِأَفْضَلَ صِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ فِيهِمَا أَمْ لَا أَوْ بِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ فِيهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْضِيُّ وَالْمَقْضِيُّ عَنْهُ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَيْنًا، وَأَمَّا الِاثْنَا عَشَرَ الْمَمْنُوعَةُ فَهِيَ الْقَضَاءُ بِأَزْيَدَ قَدْرًا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَا أَوْ بِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا وَلَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْضِيُّ وَالْمَقْضِيُّ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَيْنًا، وَأَمَّا الثَّلَاثُونَ الَّتِي فِي الْبَيْعِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَبِأَفْضَلَ صِفَةً) أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فِي الْقَضَاءِ بِأَفْضَلَ صِفَةً حُطَّ الضَّمَانُ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُهُ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: جَيِّدٍ) رَاجِعٌ لِلدِّينَارِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ مِثْلِهِ رَدِيءٌ) أَيْ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا اتَّحَدَ نَوْعُهُ أَوْ اخْتَلَفَ (قَوْلُهُ: أَوْ دِينَارٌ أَوْ ثَوْبٌ) أَيْ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ رَدِيءٍ أَوْ نِصْفُ ثَوْبٍ، وَقَوْلُهُ: رَدِيءٌ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ نِصْفُ إرْدَبِّ قَمْحٍ رَدِيءٍ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ نِصْفُ ثَوْبٍ رَدِيءٍ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ قَدْرًا فَقَطْ) أَيْ فَيَجُوزُ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَمْ يَجُزْ كَقَضَاءِ إرْدَبِّ شَعِيرٍ عَنْ إرْدَبِّ قَمْحٍ وَقَضَاءُ نِصْفِ دِينَارٍ أَوْ نِصْفِ ثَوْبٍ عَنْ دِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَإِنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتُعَجَّلْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قَدْرًا فَقَطْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا. (قَوْلُهُ: لَا بِأَزْيَدَ عَدَدًا) أَيْ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ يُقَابِلُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَالْمُقَابِلُ لَهَا هُوَ الثَّمَانِيَةُ (قَوْلُهُ: يُلْغَى فِيهِ جَانِبُ الْعَدَدِ) الَّذِي فِي خش أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا يُلْغَى الْوَزْنُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ يُلْغَى الْعَدَدُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهَا اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا كَانَ يَتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضِهَا بِأَزْيَدَ عَدَدًا بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا فَلَا يَضُرُّ فِيهَا زِيَادَةُ الْعَدَدِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْوَزْنُ، وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ الزِّيَادَةُ فِي الْوَزْنِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ مَعَ الْعَدَدِ كَمَا فِي مِصْرَ فَهَلْ يُلْغَى الْوَزْنُ أَوْ الْعَدَدُ خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ نِصْفَيْ رِيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَرْبَاعِهِ عَنْ كَامِلٍ، وَلَوْ اتَّحَدَ الْوَزْنُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَزِيدَ وَزْنًا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِأَزْيَدَ وَزْنًا (قَوْلُهُ: حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا كَسَمْنٍ أَوْ عَرَضًا كَحَرِيرٍ (قَوْلُهُ: كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ) أَيْ إذَا كَانَ هَذَا الرُّجْحَانُ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ كَأَنْ يَكُونَ رَاجِحًا فِي مِيزَانٍ صَيْرَفِيٍّ وَمَرْجُوحًا أَوْ مُسَاوِيًا فِي مِيزَانٍ آخَرَ، أَمَّا الرُّجْحَانُ فِي كُلِّ الْمَوَازِينِ فَلَا يُغْتَفَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ دَارِ فَضْلٍ إلَخْ) هَذَا كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا أَيْ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَدْرِ الْفَضْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَصَوَابُ الْمِثَالِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ كَقَضَاءِ تِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ عَنْ عَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ اهـ بْن عَلَى أَنَّ الْمِثَالَ الْأَوَّلَ لَيْسَ الْمَنْعُ فِيهِ لِخُصُوصِ دَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْقَضَاءَ بِزِيَادَةٍ فِي الْقَدْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ) أَيْ فَالْمُقْتَرِضُ تَسَاهَلَ فِي دَفْعِ الْعَشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زِيَادَةٌ لِرَغْبَتِهِ فِي جَوْدَةِ التِّسْعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا وَالْمُقْرِضُ يَرْغَبُ فِي أَخْذِ الْعَشَرَةِ لِزِيَادَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ رَدِيئَةً بِالنِّسْبَةِ لِتِسْعَتِهِ الَّتِي أَقْرَضَهَا (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ كَتِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ عَنْ عَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَكَعَشَرَةِ أَنْصَافٍ مَقْصُوصَةٍ) الْأَوْلَى فِي التَّمْثِيلِ عَكْسُهُ كَمَا قِيلَ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِالْمُسَاوِي وَالْأَفْضَلِ صِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَبِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا إنْ حَلَّ) إلَخْ

أَمْ لَا وَبِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا إنْ حَلَّ لَا قَبْلَهُ وَلَا إنْ دَارَ فَضْلٌ إلَّا فِي صُورَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) قَضَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ عَيْنًا (بِأَكْثَرَ) عَدَدًا أَوْ وَزْنًا مِمَّا فِي الذِّمَّةِ وَأَوْلَى صِفَةً، إذْ عِلَّةُ مَنْعِ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ وَهِيَ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ مَنْفِيَّةٍ هُنَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً جَازَ مُطْلَقًا بِمُسَاوٍ وَأَزْيَدَ قَدْرًا وَصِفَةً وَبِأَقَلَّ إنْ كَانَ عَرَضًا كَطَعَامٍ وَجُعِلَ الْأَقَلُّ فِي مُقَابَلَةِ قَدْرِهِ وَيَبْرِيهِ مِمَّا زَادَ لَا إنْ جُعِلَ الْأَقَلُّ فِي مُقَابَلَةِ الْكُلِّ فَيُمْنَعُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ فِي الطَّعَامِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ جَازَ إنْ كَانَ بِمِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا لَا بِأَزْيَدَ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَلَا بِأَقَلَّ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ (وَدَارَ الْفَضْلُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ (بِسِكَّةٍ) فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ (وَصِيَاغَةٍ) أَيْ أَوْ صِيَاغَةِ بَدَلِهَا (وَجَوْدَةٍ) أَيْ مَعَهَا أَيْ يُقَابِلَانِ الْجَوْدَةَ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَابِلُ الْجَوْدَةَ فَلَا يَقْضِي عَشَرَةً تِبْرًا جَيِّدَةً عَنْ مِثْلِهَا رَدِيئَةً مَسْكُوكَةً أَوْ مَصُوغَةً وَلَا الْعَكْسُ بِخِلَافِ الْمُرَاطَلَةِ فَلَا يَدُورُ الْفَضْلُ فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ الْأَكْثَرِ إلَّا بِالْجَوْدَةِ خَاصَّةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّصْوِيبِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ لَمْ يَجِبْ فِيهَا لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ شَيْءٌ حَتَّى يُتَّهَمُ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَضْلَ فِي الْمَسْكُوكِ وَالْمَصُوغِ لِفَضْلِ الْجَوْدَةِ (وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ) أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ تَرَتَّبَتْ لِشَخْصٍ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ قُطِعَ التَّعَامُلُ بِهَا وَأَوْلَى تَغَيُّرُهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ الْفُلُوسَ عَلَى مَا يَشْمَلُ غَيْرَهَا نَظَرًا لِلْعُرْفِ (فَالْمِثْلُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ قَضَاءُ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ قَطْعِ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ التَّغَيُّرِ، وَلَوْ كَانَتْ حِينَ الْعَقْدِ مِائَةٌ بِدِرْهَمِ ثُمَّ صَارَتْ أَلْفًا بِهِ أَوْ عَكْسُهُ (أَوْ عُدِمَتْ) بِالْكُلِّيَّةِ فِي بَلَدِ تَعَامُلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي غَيْرِهَا (فَالْقِيمَةُ) وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِمَّا تَجَدَّدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَجَلُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ جَائِزَةٍ وَقَوْلُهُ: جَازَ بِأَكْثَرَ أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فَهُمَا صُورَتَانِ جَائِزَتَانِ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ ثَمَانِيَةٌ وَمَفْهُومٌ وَبِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا إنْ حَلَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيهِمَا فَتَكُونُ الصُّوَرُ عَشَرَةً فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا ثَمَانِيَةٌ جَائِزَةٌ وَاثْنَتَانِ مَمْنُوعَتَانِ كَمَا عَلِمْت وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا فَفِيهِمَا عِشْرُونَ صُورَةً تَأْتِي (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) لَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَانَ فِيهِ قَضَاءُ الْعَيْنِ بِأَفْضَلَ مِنْهَا صِفَةً فَفِيهِ حُطَّ الضَّمَانُ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَجَلِ فِي الْعَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلَا يَأْتِي مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى صِفَةً) أَيْ وَأَوْلَى أَكْثَرَ بِمَعْنَى أَعْلَى صِفَةً كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ كَانَ) أَيْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَدْخُلُ قَضَاءَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَجَلِ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَلَا تَأْتِي فِي الْقَرْضِ مُطْلَقًا وَلَا فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إنْ شَاءَ عَجَّلَ أَوْ بَقِيَ لِلْأَجَلِ، وَأَمَّا ضَعْ وَتَعَجَّلْ فَإِنَّهَا تَجْرِي فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ كَانَ الْقَرْضُ أَوْ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا (قَوْلُهُ: فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَضَاءِ دَيْنِ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ كَدَيْنِ الصَّدَاقِ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْقَرْضِ وَالصَّدَاقِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ صِيَاغَةٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْوَاوَ الْأُولَى بِمَعْنَى أَوْ وَالثَّانِيَةَ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَدَارَ الْفَضْلُ بِسِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ مَعَ جَوْدَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى) أَيْ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا قَضَاءُ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَصُوغِ وَعَكْسِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ أَبِي مُحْرِزٍ الْجَوَازُ وَهَذِهِ الصُّورَةُ خَارِجَةٌ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّقْرِيرِ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا تَبَعًا لتت مِنْ جَعْلِ الْوَاوِ الْأُولَى بِمَعْنَى أَوْ وَالثَّانِيَةِ بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْعَكْسُ) أَيْ وَلَا يَقْضِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ رَدِيئَةٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ مَصُوغَةٍ عَنْ عَشَرَةِ تِبْرًا جَيِّدَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْجَوْدَةِ خَاصَّةً) وَلَا يَدُورُ بِالسِّكَّةِ أَوْ الصِّيَاغَةِ مَعَ الْجَوْدَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ فَالْمِثْلُ أَوْ عُدِمَتْ فَالْقِيمَةُ) أَيْ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطٍ غَيْرَ مَا ذَكَرَ كَمَا فِي ح قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: تَرَتَّبَتْ لِشَخْصٍ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ بِقَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهَا قِرَاضًا كَمَا وَقَعَتْ الْفَتْوَى بِذَلِكَ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ فَالْوَاجِبُ الْمِثْلُ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ قَطْعِ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ التَّغَيُّرِ، فَإِنَّ مَالَ الْقِرَاضِ لَمْ يَتَرَتَّبْ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ وَإِلَّا كَانَ فِي ضَمَانِهِ، لَكِنْ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ لِلزَّرْقَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ لِمَالِ الْقِرَاضِ بَعْضَ تَعَلُّقٍ بِذِمَّةِ الْعَامِلِ إذْ لَوْ ادَّعَى الْخَسَارَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَضْمَنُ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَشْمَلُ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرَ الْفُلُوسِ بِأَنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَتَعَامَلُ بِهِ الشَّامِلُ لِلدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْعُرْفِ) أَيْ فَإِنَّ الْعُرْفَ إطْلَاقُ الْفُلُوسِ عَلَى كُلِّ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْفُلُوسُ حِينَ الْعَقْدِ مِائَةً بِدِرْهَمٍ ثُمَّ صَارَتْ أَلْفًا بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الرِّيَالُ حِينَ الْعَقْدِ بِتِسْعِينَ ثُمَّ صَارَ بِمِائَةٍ وَسِتِّينَ أَوْ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ بِمِائَةٍ وَسِتِّينَ ثُمَّ صَارَ بِتِسْعِينَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِمَّا تَجَدَّدَ) أَيْ يَدْفَعُهَا مِمَّا تَجَدَّدَ وَظَهَرَ مِنْ الْمُعَامَلَةِ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ الَّتِي

وَظَهَرَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ الْحُلُولِ (وَالْعَدَمِ) مَعًا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا فَأَشْبَهَ وَقْتَ الْإِتْلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَيْهِ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْغِشِّ لِوُقُوعِهَا غَالِبًا فِي الْبِيَاعَاتِ بِقَوْلِهِ (وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ) أَيْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ وَأَعَدَّهَا لِيَغُشَّ بِهِ النَّاسَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ وَيَفْسَخُ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ رُدَّ لَهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ بِهِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ لِئَلَّا يَعُودَ، فَإِنْ غَشَّهُ لَا لِيَبِيعَهُ أَوْ يَبِيعَهُ مُعَيَّنًا غَشَّهُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ أَنْ لَا يَغُشَّ بِهِ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَالرُّجُوعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْغِشِّ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ أَيْ وَلَا يُكْسَرُ الْخُبْزُ وَلَا يُرَاقُ اللَّبَنُ وَيُرَدُّ الْخُبْزُ لِرَبِّهِ إنْ كُسِرَ إنْ كَانَ بِنَقْصِ وَزْنٍ، فَإِنْ كَانَ بِإِدْخَالِ شَيْءٍ فِيهِ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ يُبَاعُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَغْشُوشِ إنْ قَلَّ بَلْ (وَلَوْ كَثُرَ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعُدِمَتْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ فَيُقَالُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَيَدْفَعُ الْمَدِينُ ثَمَانِيَةً مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ وَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهَا اثْنَا عَشَرَ دَفَعَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهَا وَهَكَذَا وَتَعْتَبِرُ الْقِيمَةُ فِي بَلَدِ الْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ فِي غَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ. (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْعَدَمُ وَالِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَالْعِبْرَةُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا إذْ لَا يَجْتَمِعَانِ إلَّا وَقْتَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا، فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ ثُمَّ عُدِمَتْ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَدَمِ، وَإِنْ عَدِمَتْ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ وَقْتَ الْإِتْلَافِ) أَيْ لِلسِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ يَوْمِ الْعَدَمِ وَعَنْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَانْظُرْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا لَمْ يَقَعْ تَحَاكُمٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ طَلَبَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّحَاكُمِ وَحِينَئِذٍ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ طَلَبِهَا ثُمَّ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ تَعْتَبِرُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقَ وَالْعَدَمِ، وَكَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ حَصَلَتْ مُمَاطَلَةٌ مِنْ الْمَدِينِ حَتَّى عَدِمَتْ تِلْكَ الْفُلُوسُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَدِينِ مَطْلٌ وَإِلَّا كَانَ لِرَبِّهَا الْأَحَظُّ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوْ مِمَّا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ السِّكَّةِ الْجَدِيدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْقَدِيمَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ لِظُلْمِ الْمَدِينِ بِمَطْلِهِ، قَالَ عج كَمَنْ عَلَيْهِ طَعَامٌ امْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِهِ حَتَّى غَلَا فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا قِيمَتُهُ يَوْمِ امْتِنَاعِهِ وَتَبَيَّنَ ظُلْمُهُ (قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ) أَيْ جَوَازًا لَا وُجُوبًا خِلَافًا لعبق لِمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ كَثُرَ فَإِنَّ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالتَّصَدُّقُ عِنْدَهُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّصَدُّقِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يُرَاقُ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَتُحْرَقُ الْمَلَاحِفُ وَالثِّيَابُ الرَّدِيئَةُ النَّسْجِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ وَقِيلَ: إنَّهَا تُقْطَعُ خِرَقًا خِرَقًا وَتُعْطَى لِلْمَسَاكِينِ وَقِيلَ: لَا يَحِلُّ الْأَدَبُ بِمَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يُرَاقُ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ وَلَا تُحْرَقُ الثِّيَابُ وَلَا تُقْطَعُ الثِّيَابُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ الْغَاشُّ بِالضَّرْبِ حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ ابْنُ سَهْلٍ، قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي نَفْسِ الْمَغْشُوشِ هَلْ يَجُوزُ الْأَدَبُ فِيهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ زَنَى رَجُلٌ مَثَلًا فَلَا قَائِلَ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُؤَدَّبُ بِالْمَالِ، وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ بِالْحَدِّ وَمَا يَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ مِنْ أَخْذِ الْمَالِ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ جَوَازِهِ، وَقَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ أَمَّا الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ فَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَفَتْوَى الْبُرْزُلِيِّ بِتَحْلِيلِ الْمَغْرَمِ لَمْ يَزَلْ الشُّيُوخُ يَعُدُّونَهَا مِنْ الْخَطَأِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ) أَيْ فَإِنْ بَاعَهُ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَائِمًا أَيْ فَإِنْ فَاتَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْمُشْتَرِي فَفِي الثَّمَنِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ هَلْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ الثَّمَنِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ أَوْ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى مَنْ لَا يَغُشُّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ لَا يُفْسَخُ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالْمُرَابَحَةِ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْغِشِّ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَمَاسَكَ بِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَزِمَ الْمُشْتَرِي بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِبَيْعِهِ) أَيْ بَلْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي مَنْزِلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الْغِشُّ أَيْ وَالْفَرْضُ إنَّهُ غِشٌّ لِيَبِيعَهُ مُبَيِّنًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّمَسُّكُ) أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ أَيْ وَلَهُ الرَّدُّ وَحَاصِلُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مَغْشُوشٌ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِقَدْرِهِ خُيِّرَ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ لَكِنْ إنْ تَمَاسَكَ رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْغِشِّ، وَإِنْ رَدَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ هَذَا كَلَامُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ يَتَمَاسَكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْغِشِّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ تَعَيُّنِ الرَّدِّ وَفَسَادِ الْبَيْعِ، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ عج إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ يُخَيَّرُ أَيْضًا بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ الْخُبْزُ لِرَبِّهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَمَلَّكُهُ (قَوْلُهُ: إنْ كُسِرَ) أَيْ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ وَقَوْلُهُ: وَيَرُدُّ الْخُبْزَ أَيْ إذَا تَجَرَّأَ عَلَيْهِ

[فصل علة حرمة طعام الربا]

لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ بَلْ يُؤَدَّبُ صَاحِبُهُ وَيُتْرَكُ لَهُ أَيْ حَيْثُ يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى) أَوْ وَرِثَ أَوْ وَهَبَ لَهُ (كَذَلِكَ) أَيْ مَغْشُوشًا فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ بَلْ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ يَبِيعُهُ مِمَّنْ لَا يَغُشُّ (إلَّا) الْمُشْتَرِي (الْعَالِمُ) بِغِشِّهِ (لِيَبِيعَهُ) لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ رُدَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِفَوَاتِهِ أَوْ ذَهَابِ الْمُشْتَرِي فَفِي ثَمَنِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ فَالتَّصَدُّقُ بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبِعْهُ أَوْ بَاعَهُ وَرُدَّ عِنْدَ عَدَمِ الْفَوَاتِ وَهَذَا الرَّدُّ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُ بِالْفَسْخِ فِيمَا مَرَّ وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِ الْغِشِّ مُدْخِلًا مَا لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْتَ الْكَافِ بِقَوْلِهِ (كَبَلِّ الْخُمُرِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خِمَارٍ بِكَسْرِهَا (بِالنَّشَاءِ) لِظُهُورِ صَفَاقَتِهَا وَمَزْجِ لَبَنٍ بِمَاءٍ وَسَمْنٍ بِغَيْرِهِ (وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ) لِإِيهَامِ جَوْدَةِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ قَالَ: وَخَلْطِ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ، كَانَ أَعَمَّ. وَمِنْهُ خَلْطُ لَحْمِ الذَّكَرِ بِلَحْمِ الْأُنْثَى وَلَحْمِ الضَّأْنِ بِلَحْمِ الْمَعْزِ (وَنَفْخِ اللَّحْمِ) بَعْدَ سَلْخِهِ كَمَا يُفِيدُهُ إضَافَةُ نَفْخٍ إلَى اللَّحْمِ فَلَيْسَ هَذَا قَيْدًا زَائِدًا عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ طَعْمَ اللَّحْمِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ سَمِينٌ بِخِلَافِ يَسِيرِ مَاءٍ بِلَبَنٍ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِ أَوْ بِعَصِيرٍ لِيَتَعَجَّلَ تَخْلِيلَهُ وَنَفْخُ جِلْدِ اللَّحْمِ قَبْلَ سَلْخِهِ لِاحْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ فَفِيهِ صَلَاحٌ وَمَنْفَعَةٌ (عِلَّةُ) حُرْمَةِ (طَعَامِ الرِّبَا) أَيْ الطَّعَامُ الْمُخْتَصُّ بِالرِّبَا أَيْ رِبَا الْفَضْلِ يَعْنِي الرِّبَا فِي الطَّعَامِ (اقْتِيَاتٌ) أَيْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِاسْتِعْمَالِهِ بِحَيْثُ لَا تَفْسُدُ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَفِي مَعْنَى الِاقْتِيَاتِ إصْلَاحُ الْقُوتِ كَمِلْحٍ وَتَابِلٍ (وَادِّخَارٌ) بِأَنْ لَا يَفْسُدَ بِتَأْخِيرِهِ إلَى الْأَمَدِ الْمُبْتَغَى مِنْهُ عَادَةً وَلَا حَدَّ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ بَلْ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (وَهَلْ) يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ كَوْنُهُ مُتَّخِذًا (لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ) بِأَنْ يَكُونَ غَالِبُ اسْتِعْمَالِهِ اقْتِيَاتَ الْآدَمِيِّ بِالْفِعْلِ كَقَمْحٍ وَذُرَةٍ أَوْ أَنْ لَوْ اسْتَعْمَلَ كَلُوبِيَا أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (تَأْوِيلَانِ) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْبَيْضِ وَالتِّينِ وَالْجَرَادِ وَالزَّيْتِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَيْضِ وَالزَّيْتِ عَلَى أَنَّهُمَا رِبَوِيَّانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي الْجَرَادِ الْخِلَافَ فِي رِبَوِيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعِلَّةِ وَذَكَرَ أَنَّ التِّينَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَكَوْنُهُ مُتَّخِذًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا، وَأَمَّا رِبَا النَّسَاءِ فَعِلَّتُهُ مُجَرَّدُ الطُّعْمِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي فَتَدْخُلُ الْفَاكِهَةُ وَالْخُضَرُ كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ، أَوْ بُقُولٌ كَخَسٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ (كَحَبٍّ) مُرَادُهُ بِهِ بِالْبُرِّ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِشَعِيرِ النَّبِيِّ (وَهِيَ) أَيْ الثَّلَاثَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَسَرَهُ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ: لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ) أَيْ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ عَلَى مَا قَالَ الْحَطَّابُ وَقَالَ عج إنَّهُ يُطْرَحُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَاهُ لِيَبِيعَهُ مِمَّنْ يَغُشُّ بِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَحْدَثَ الْغِشَّ لِيَغُشَّ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: فَالتَّصَدُّقُ بِهِ مَحْمُولٌ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مُشْتَرِيهِ الْعَالِمِ بِغِشِّهِ لِيَغُشَّ بِهِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَسْخُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ تَنَافٍ [فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا] دَرْسٌ فَصْلٌ عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ (قَوْلُهُ: حُرْمَةِ) إنَّمَا قَدَّرَ حُرْمَةَ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ: إنَّ الذَّوَاتَ كَالطَّعَامِ لَا تُعَلَّلُ، وَإِنَّمَا تُعَلَّلُ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ: أَيْ الطَّعَامُ الْمُخْتَصُّ بِالرِّبَا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاخْتِصَاصِ فَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الطَّعَامَ الرِّبَوِيَّ لَا يَتَّصِفُ بِالْحُرْمَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ قَلْبًا، وَالْأَصْلُ: عِلَّةُ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ أَوْ أَنَّ فِيهِ حَذْفَ مُضَافٍ ثَانٍ أَيْ عِلَّةُ حُرْمَةِ رِبَا الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ تَأَمَّلْ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلَّةِ الْعَلَامَةُ لَا الْبَاعِثُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَبْعَثَ الْمَوْلَى أَمْرٌ مِنْ الْأُمُورِ عَلَى أَمْرٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْبَاعِثُ الَّذِي يَبْعَثُ الْمُكَلَّفَ عَلَى الِامْتِثَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ رِبَا الْفَضْلِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّبَا هُنَا رِبَا الْفَضْلِ، وَأَمَّا رِبَا النَّسَاءِ فَسَيَأْتِي أَنَّ عِلَّةَ حُرْمَتِهِ مُجَرَّدُ الطُّعْمِيَّةِ وُجِدَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ أَوْ وُجِدَ الِاقْتِيَاتُ فَقَطْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَحَكَى التَّادَلِيُّ حَدَّهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ) أَيْ فَالْمَرْجِعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الِادِّخَارِ مُعْتَادًا فَلَا عِبْرَةَ بِادِّخَارِ الرُّمَّانِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ) أَيْ لِلْعَيْشِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ لَوْ اُسْتُعْمِلَ) أَيْ أَوْ يَكُونُ غَالِبًا اسْتِعْمَالُهُ اقْتِيَاتُ الْآدَمِيِّ أَنْ لَوْ اُسْتُعْمِلَ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ قَوْلُ الْقَاضِيَيْنِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَتَدْخُلُ الْفَاكِهَةُ) أَيْ فَتَدْخُلُ الْفَاكِهَةُ وَمَا بَعْدَهَا فِي عِلَّةِ رِبَا النَّسَاءِ الْمَذْكُورَةِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ، وَلَوْ قَالَ: فَتَدْخُلُ أَيْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْفَاكِهَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَيْ تَتَحَقَّقُ فِيهِمَا كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ) أَيْ وَلَيْمُونٍ وَنَارِنْجٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَنَحْوَ الْخَسِّ كَكُرَّاثٍ وَجَزَرٍ وَقُلْقَاسٍ وَكُرُنْبٍ (قَوْلُهُ: الْبُرِّ) هُوَ الْقَمْحُ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ

(جِنْسٌ) وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا فَيَحْرُمُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا (وَعَلَسٍ) قَرِيبٌ مِنْ خِلْقَةِ الْبُرِّ طَعَامُ أَهْلِ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ (وَأُرْزٍ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَهِيَ) أَيْ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ (أَجْنَاسٌ) يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا مُنَاجَزَةً (وَقُطْنِيَّةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الطَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِهَا عَدَسٍ وَلُوبِيَا وَحِمَّصٍ وَتُرْمُسٍ وَفُولٍ وَجُلْبَانٍ وَبِسِيلَةٍ (وَمِنْهَا) أَيْ الْقُطْنِيَّةُ (كِرْسِنَّةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ قِيلَ قَرِيبَةٌ مِنْ الْبَسِيلَةِ وَقِيلَ هِيَ الْبَسِيلَةُ نَفْسُهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (وَهِيَ) هُنَا (أَجْنَاسٌ) يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا مُنَاجَزَةً. (وَتَمْرٍ) بِرْنِيٍّ وَصَيْحَانِيٌّ وَغَيْرِهِمَا (وَزَبِيبٍ) أَحْمَرِهِ وَأَسْوَدُهُ وَصَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ (وَلَحْمِ طَيْرٍ) بَرِّيٍّ وَبَحْرِيٍّ إنْسِيٍّ وَوَحْشِيٍّ كَغِرْبَانٍ وَرَخْمٍ وَمِنْهُ النَّعَامُ (وَهُوَ) أَيْ لَحْمُ الطَّيْرِ بِأَنْوَاعِهِ (جِنْسٌ) وَاحِدٌ (وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ) بِأَنْ طُبِخَ بِأَمْرَاقٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَبْزَارٍ أَمْ لَا وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ جِنْسًا وَاحِدًا وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَحْمٌ طُبِخَ بِأَبْزَارٍ إنَّمَا هُوَ فِي نَقْلِهِ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ فَهُوَ غَيْرُ مَا هُنَا (كَدَوَابِّ الْمَاءِ) كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى آدَمَيْهِ وَتُرْسِهِ وَكَلْبِهِ وَخِنْزِيرِهِ (وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ) إنْ كَانَ إنْسِيًّا كَإِبِلٍ وَغَنَمٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (وَحْشِيًّا) كَغَزَالٍ وَحِمَارِ وَحْشٍ وَبَقَرِهِ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ إنْ كَانَتْ مُبَاحَةً، فَإِنْ مُنِعَ أَوْ كُرِهَ أَكْلُهَا فَفِيهَا لَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْأَنْعَامِ بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا أَيْ الْخَيْلِ وَبَهِيمَةِ غَيْرِ الْأَنْعَامِ، وَأَمَّا الْهِرُّ وَالثَّعْلَبُ وَالضَّبُعُ فَمَكْرُوهٌ بَيْعُ لَحْمِ الْأَنْعَامِ بِهَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي أَكْلِهَا وَمَالِكٌ يَكْرَهُ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ انْتَهَى. (وَالْجَرَادِ) جِنْسُ غَيْرِ الطَّيْرِ (و) لَيْسَ مُتَّفِقًا عَلَى رِبَوِيَّتِهِ بَلْ (فِي رِبَوِيَّتِهِ خِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ (وَفِي جِنْسِيَّةِ الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ) كَلَحْمِ طَيْرٍ وَبَقَرٍ فِي إنَاءَيْنِ أَوْ إنَاءِ بِأَبْزَارٍ نَاقِلَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيَصِيرَانِ بِالطَّبْخِ بِهَا جِنْسًا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِسَلَامَتِهِ مِمَّا أُورِدَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْحَبَّ فَيَشْمَلُ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَغَيْرَهَا فَكَيْفَ يَقُولُ وَهِيَ جِنْسٌ (قَوْلُهُ: جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ حَيْثُ قَالَا: إنَّ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةَ أَجْنَاسٌ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيمَا بَيْنَهُمَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى سَبِيلِ الْمُنَاجَزَةِ (قَوْلُهُ: لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا) أَيْ فِي الْقُوتِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضِ مُتَفَاضِلًا) وَلَوْ مُنَاجَزَةً وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ التَّفَاضُلُ جِدًّا كَبَيْعِ حَبَّةٍ بِحَبَّتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاعْلَمْ أَنَّ نُخَالَةَ الْقَمْحِ مِثْلُهُ بِخِلَافِ نُخَالَةِ الشَّعِيرِ فَإِنَّهَا كَالتِّبْنِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا) أَيْ وَيَحْرُمُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضِ لِأَجَلٍ اتَّفَقَ الْقَدْرُ أَوْ اخْتَلَفَ لِلنَّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَقُطْنِيَّةٍ) هِيَ كُلُّ مَا لَهُ غِلَافٌ مِنْ الْحُبُوبِ وَهُوَ الْأَصْنَافُ السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْقُطْنِيَّةُ (قَوْلُهُ: يَضُمُّ بَعْضَهَا لِبَعْضِ) أَيْ لِأَجَلِ تَكْمِيلِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ هُنَا أَجْنَاسٌ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: إنَّهَا هُنَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَالزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَتَمْرٍ) أَيْ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا، وَلَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ كَبِرْنِيٍّ وَصَيْحَانِيٍّ وَعَجْوَةٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الزَّبِيبِ (قَوْلُهُ: وَبَحْرِيٍّ) الْمُرَادُ بِالطَّيْرِ الْبَحْرِيِّ الطَّيْرُ الَّذِي يَأْلَفُ الْبَحْرَ كَالْغَطَّاسِ، فَإِنَّهُ يَغْطِسُ فِي الْبَحْرِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ بِالسَّمَكِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الطَّيْرِ الْبَرِّيِّ، وَأَمَّا الَّذِي فِي دَاخِلِ الْمَاءِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ وَلَا يَصِحُّ إدْخَالُهُ هُنَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ) لَا مَحَلَّ لِهَذَا هُنَا وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ ذَوَاتِ اللُّحُومِ وَيَقُولُ وَالْمَطْبُوخُ مِنْ جِنْسِ جِنْسٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ) أَيْ طَبْخُهُ بِالْأَبْزَارِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ فِي نَقْلِهِ عَنْ اللَّحْمِ) حَاصِلُ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَنَّ الطَّبْخَ بِالْأَبْزَارِ إنَّمَا يَنْقُلُ اللَّحْمَ الْمَطْبُوخَ عَنْ النِّيءِ فَيَصِيرُ الْمَطْبُوخُ بِالْأَبْزَارِ جِنْسًا وَالنِّيءِ جِنْسًا آخَرَ يَجُوزُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا اللَّحْمُ الْمَطْبُوخُ مِنْ جِنْسٍ كَالطَّيْرِ فَكُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ وَمَا طُبِخَ بِغَيْرِهَا كَمَا أَنَّ النِّيءَ وَالْمَطْبُوخَ بِغَيْرِ إبْرَازٍ جِنْسٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: كَدَوَابِّ الْمَاءِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ جِنْسٌ وَقَوْلُهُ: وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ أَيْ وَكَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ جِنْسٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: حَتَّى آدَمَيْهِ) وَأَوْلَى السَّمَكُ الْمُمَلَّحُ كَالْفَسِيخِ فَتَمْلِيحُ السَّمَكِ لَا يَصِيرُهُ جِنْسًا غَيْرَ جِنْسِ السَّمَكِ وَالْبَطَارِخُ فِي حُكْمِ الْمُودِعِ فِي السَّمَكِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَيُبَاعُ مُنْفَرِدًا عَنْ السَّمَكِ بِالسَّمَكِ مُتَفَاضِلًا كَمَا يُبَاعُ لَحْمُ الطَّيْرِ بِبَيْضِهِ مُتَفَاضِلًا، كَذَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ) أَيْ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ) أَيْ كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ يَعْنِي الْحَيَّةَ (قَوْلُهُ: وَبَهِيمَةِ غَيْرِ الْأَنْعَامِ) مُرَادُهُ بِهَا الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ (قَوْلُهُ: فَمَكْرُوهٌ بَيْعُ لَحْمِ الْأَنْعَامِ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَذْبُوحَةً وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَ لَحْمِ الْمُبَاحِ وَلَحْمِ الْمَكْرُوهِ مَكْرُوهٌ فَقَطْ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: خِلَافُ) الْأَوَّلِ قَالَ سَنَدٌ وَالْجَلَّابُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي قَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ رِبَا الْفَضْلِ فِي الطَّعَامِ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاقْتِيَاتُ غَلَبَةً (قَوْلُهُ: نَاقِلَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ نَاقِلَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَطْبُوخَيْنِ عَنْ النِّيءِ

يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ فَلَا يَحْرُمُ (قَوْلَانِ) رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَالْأَوْلَى خِلَافٌ، وَأَمَّا إنْ طُبِخَ أَحَدُهُمَا بِأَبْزَارٍ فَقَطْ أَوْ كُلٌّ بِلَا أَبْزَارٍ فَهُمَا جِنْسَانِ اتِّفَاقًا (وَالْمَرَقُ) كَاللَّحْمِ فَيُبَاعُ بِمَرَقٍ مِثْلُهُ وَبِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ وَبِمَرَقٍ وَلَحْمٍ كَهُمَا بِمِثْلِهِمَا مُتَمَاثِلًا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (وَالْعَظْمُ) الْمُخْتَلِطُ بِاللَّحْمِ كَاللَّحْمِ بِمَنْزِلَةِ نَوَى التَّمْرِ حَيْثُ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ أَوْ انْفَصَلَ وَكَانَ يُؤْكَلُ كَالْقَرْقُوشِ وَإِلَّا فَيُبَاعُ بِاللَّحْمِ مُتَفَاضِلًا كَالنَّوَى بِالتَّمْرِ (وَالْجِلْدُ كَهُوَ) أَيْ كَاللَّحْمِ فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِمِثْلِهَا تَحَرِّيًا وَلَا يُسْتَثْنَى الْجِلْدُ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ بِخِلَافِ الصُّوفِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ عَرْضٌ مَعَ طَعَامٍ وَالْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ كَالْعَرْضِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ) إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بَيْضُ دَجَاجٍ أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا بِشَرْطِ اسْتِثْنَائِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ فِي الْأَوَّلِ بَيْعُ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ وَفِي الثَّانِي بَيْعُ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ (وَذُو زَيْتٍ) أَيْ أَصْنَافٌ وَيَعْلَمُ مِنْهَا أَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ (كَفُجْلٍ) أَيْ بِزْرِ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الزَّيْتُ وَدَخَلَ بِالْكَافِ سَلْجَمٌ وَجُلْجُلَانُ وَقُرْطُمٌ وَزَيْتُونٌ وَبِزْرُ الْكَتَّانِ أَوْلَى بِالدُّخُولِ مِنْ السَّلْجَمِ عَلَى التَّحْقِيقِ (وَالزُّيُوتُ أَصْنَافٌ) أَيْ أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا (كَالْعُسُولِ) الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْلٍ وَرُطَبٍ وَعِنَبٍ فَإِنَّهَا أَصْنَافٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا مُنَاجَزَةً (لَا الْخُلُولِ) فَلَيْسَتْ بِأَصْنَافٍ بَلْ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحُمُوضَةُ (و) لَا (الْأَنْبِذَةِ) فَإِنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْهَا الشُّرْبُ وَالْخُلُولُ مَعَ الْأَنْبِذَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ مُقَابِلُهُ أَظْهَرَ (وَالْأَخْبَازِ) جَمِيعُهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ) كَانَ (بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً) كَفُولٍ وَعَدَسٍ (إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ) ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِهَا جِنْسًا مُنْفَرِدًا يُبَاعُ بِالْخُبْزِ مُتَفَاضِلًا مُنَاجَزَةً وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْأَبْزَارِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ. (وَبَيْضٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى حَبٍّ أَيْ فَهُوَ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَجَمِيعُهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ نَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ الْمَازِرِيُّ فَتَتَحَرَّى الْمُسَاوَاةُ، وَإِنْ اقْتَضَى التَّحَرِّي مُسَاوَاةَ بَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ. (وَسُكَّرٍ) رِبَوِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: رَجَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ اهـ بْن قَالَ شَيْخُنَا وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَجَحَ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي وَهُوَ بَقَاءُ الْجِنْسَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى خِلَافٌ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ مِنْ أَنَّهُ يُعَبَّرُ بِالْقَوْلَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ التَّشْهِيرِ لَهُمَا وبِالْخِلَافِ عِنْدَ التَّشْهِيرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: كَهُمَا) أَيْ كَمَا يُبَاعُ لَحْمٌ وَمَرَقٌ بِمِثْلِهِمَا أَيْ بِلَحْمٍ وَمَرَقٍ (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ) أَيْ وَهِيَ بَيْعُ مَرَقٍ بِمَرَقٍ وَبَيْعُ مَرَقٍ بِلَحْمٍ وَبَيْعُ مَرَقٍ بِمَرَقٍ وَلَحْمٍ وَبَيْعُ مَرَقٍ وَلَحْمٍ بِمَرَقٍ وَلَحْمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمَاثُلِ فِي الْقَدْرِ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا مُنِعَ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَنْفَصِلْ) أَيْ الْعَظْمُ عَنْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُبَاعُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْ اللَّحْمِ وَكَانَ ذَلِكَ الْعَظْمُ لَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ: فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِمِثْلِهَا) أَيْ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ، وَأَمَّا بَيْعُ الشَّاةِ الْحَيَّةِ؛ بِشَاةٍ أُخْرَى حَيَّةٌ فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، وَأَمَّا بَيْعُ الْحَيَّةِ بِالْمَذْبُوحَةِ فَهُوَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَسَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهَا تَحَرِّيًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا بِالتَّحَرِّي وَالتَّخْمِينِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَرَضٌ مَعَ طَعَامٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ عَرَضٍ مَعَ طَعَامٍ بِعَرَضٍ مَعَ طَعَامٍ لِأَنَّ الْعَرَضَ مَعَ الطَّعَامِ يُقَدَّرُ طَعَامًا فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: كَالْعَرَضِ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِاللَّحْمِ نَقْدًا وَلِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَذُو زَيْتٍ) مُبْتَدَأٌ وَالزُّيُوتُ عُطِفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَصْنَافٌ خَبَرٌ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَيْ أَصْنَافٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا مُنَاجَزَةً (قَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ كَزَيْتِهِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَأَكْلُهُ عُرْفٌ طَارِئٌ (قَوْلُهُ: أَيْ أَجْنَاسٌ) فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا مُنَاجَزَةً (قَوْلُهُ: لَا الْخُلُولِ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْعُسُولِ، وَالْأَنْبِذَةِ وَالْأَخْبَازِ عُطِفَ عَلَى الْخُلُولِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْبِذَةِ) كَمَاءِ الزَّبِيبِ وَالتِّينِ وَالْخَرُّوبِ وَالْعِرْقِ سَوْسٍ وَالتَّمْرِ وَالْمِشْمِشِ وَالْقُرَّاصِيَّةِ (قَوْلُهُ: جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ فَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا النَّبِيذُ مَعَ أَصْلِهِ كَالتَّمْرِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ رُطَبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ، وَأَمَّا بَيْعُ الْخَلِّ بِالتَّمْرِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ النَّبِيذُ لَا يَصِحُّ بِالتَّمْرِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّ الْخَلَّ وَالتَّمْرَ طَرَفَانِ بَعِيدٌ مَا بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ تَقْرُبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهَذَا أَظْهَرُ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبِيذَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ التَّمْرِ وَالْخَلِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ مُطْلَقًا، وَلَوْ مُتَمَاثِلًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَلِّ إذَا تَمَاثَلَا قَدْرًا، وَأَمَّا التَّمْرُ بِالْخَلِّ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا، وَلَوْ مَعَ تَفَاضُلِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ) أَيْ مِثْلُ مَحْلَبٍ وَسِمْسِمٍ وَشَيْبَةٍ وَكَافُورَةٍ وَأَوْلَى مِنْ الْأَبْزَارِ مَا إذَا كَانَ بِدُهْنٍ كَسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ كَالْفَطِيرِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ مَا كَانَ بِأَبْزَارٍ مِنْ الْكَعْكِ صِنْفٌ وَمَا كَانَ بِدُهْنٍ مِنْهُ صِنْفٌ آخَرُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الِاقْتِيَاتُ

وَكُلُّهُ صِنْفٌ (وَعَسَلٍ) رِبَوِيٍّ وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ كَالْعُسُولِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أَصْنَافًا إلَّا وَهِيَ رِبَوِيَّةٌ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي رِبَوِيَّتِهِ صَرَّحَ بِهِ هُنَا وَالسُّكَّرُ وَالْعَسَلُ صِنْفَانِ (وَمُطْلَقِ لَبَنٍ) رِبَوِيٍّ وَهُوَ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمِ حَلِيبِ وَمَخِيضٍ وَمَضْرُوبٍ وَمِنْهُ اللِّبَأُ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ وَقْتَ الْوِلَادَةِ. (وَحُلْبَةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَاللَّامِ وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا رِبَوِيَّةٍ (وَهَلْ إنْ اخْضَرَّتْ) أَوْ وَلَوْ يَابِسَةً (تَرَدُّدٌ) هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ إذْ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا طَعَامٌ وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ دَوَاءٌ وَلَيْسَتْ بِطَعَامٍ وَقِيلَ الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَبَعْضُهُمْ أَبْقَى الْأَقْوَالَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَعَلَيْهِ فَالرَّاجِحُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَبَعْضُهُمْ رَدَّهَا لِقَوْلٍ وَاحِدٍ بِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْخَضْرَاءِ وَابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْيَابِسَةِ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا طَعَامٌ يَحْرُمُ فِيهَا النَّسَاءُ أَوْ لَا فَلَا (وَمُصْلِحُهُ) أَيْ مُصْلِحُ الطَّعَامِ وَهُوَ مَا لَا يَتِمُّ الِانْتِفَاعُ بِالطَّعَامِ إلَّا بِهِ رِبَوِيٌّ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَمِلْحٍ وَبَصَلٍ وَثُومٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ (وَتَابِلٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا وَقَدْ تُهْمَزُ وَمِثْلُهُ بِقَوْلِهِ (كَفُلْفُلٍ) بِضَمِّ الْفَاءَيْنِ (وَكُزْبَرَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَبِزَايٍ وَقَدْ تُبَدَّلُ سِينًا وَضَمِّ الْبَاءِ وَقَدْ تُفْتَحُ (وَكَرَوْيَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفِي لُغَةٍ عَلَى وَزْنِ زَكَرِيَّا وَأُخْرَى كَتَيْمِيَا (وَآنِيسُونَ وَشَمَارٍ وَكَمُّونَيْنِ) أَبْيَضُ وَأَسْوَدُ (وَهِيَ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ (أَجْنَاسٌ لَا خَرْدَلٌ) فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ (وَزَعْفَرَانٍ) لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا طَعَامٍ (وَخُضَرٍ) كَخَسٍّ (وَدَوَاءٍ) كَصَبْرٍ (وَتِينٍ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ (وَمَوْزٍ) لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ (وَفَاكِهَةٍ) كَتُفَّاحٍ إذَا لَمْ تُدَّخَرْ بَلْ (وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ) كَالتُّفَّاحِ وَالْكُمَّثْرَى بِدِمَشْقَ (وَكَبُنْدُقٍ) وَفُسْتُقٍ بِضَمِّ الْفَاءِ مَعَ فَتْحِ التَّاءِ أَوْ ضَمِّهَا وَجَوْزٍ، وَلَوْزٍ مِمَّا يُدَّخَرُ وَلَا يُقْتَاتُ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالِادِّخَارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِاقْتِيَاتُ غَالِبًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهُ صِنْفٌ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِتْعِ مِنْهُ وَالْمُكَرَّرِ وَالْعَوَامِّ وَالنَّبَاتِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ صِنْفٍ مِنْهَا بِآخَرَ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أَصْنَافًا إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ التَّكْرَارَ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَكَمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا أَصْنَافٌ وَهُنَا حَكَمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ وَالْحُكْمَانِ مُتَغَايِرَانِ (قَوْلُهُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا) أَيْ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَصْنَافٌ (قَوْلُهُ: صِنْفَانِ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَسَلِ بِالسُّكَّرِ مُتَفَاضِلًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ رَطْبٍ بِيَابِسٍ الْمَمْنُوعُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَيَجُوزُ بَيْعُ السُّكَّرِ بِالْقَصَبِ وَبِمَائِهِ قَبْلَ طَبْخِهِ وَبِرَبِّهِ وَهُوَ مَاؤُهُ الْمَطْبُوخُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَصَبِ بِعَسَلِهِ وَلَا بِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ رَبُّهُ أَبْزَارًا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ اللَّبَنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ) أَيْ وَالْيَابِسَةُ دَوَاءٌ وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ هُنَا كَظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ هَذَا خِلَافَ النَّقْلِ وَاعْتَرَضَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ عَلَى الْمُصَنِّفِ هُنَا بِمِثْلِ اعْتِرَاضِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَأَجَابَ عج بِأَنَّ كَلَامَ الْجُزُولِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ يَدُلُّ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ مِنْ كَوْنِهَا طَعَامًا قَطْعًا وَالْخِلَافُ فِي رِبَوِيَّتِهَا وَعَدَمِ رِبَوِيَّتِهَا أَيْ فِي كَوْنِهَا يَدْخُلُهَا رِبَا الْفَضْلِ أَوْ لَا يَدْخُلُهَا وَقَالَ ح بَعْدَ مَا ذُكِرَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً أَمْ لَا وَذَكَرَ كَلَامَهُ فَانْظُرْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً قَطْعًا) أَيْ لَا يَدْخُلُهَا رِبَا الْفَضْلِ قَطْعًا بَلْ يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَيْسَتْ بِطَعَامٍ فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا رِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: كَفُلْفُلٍ) أَيْ وَزَنْجَبِيلٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَجْنَاسٌ) الضَّمِيرُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمِلْحِ وَالتَّوَابِلِ أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا أَجْنَاسٌ هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّمَارَ وَالْأَنِيسُونَ جِنْسٌ وَالْكَمُّونَيْنِ جِنْسٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا طَعَامَ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُهُ لَا رِبَا الْفَضْلِ وَلَا رِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: كَخَسٍّ) أَيْ وَقُلْقَاسٍ وَسَلْقٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَبَامِيَةٍ وَمُلُوخِيَّةٍ وَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ (قَوْلُهُ: وَدَوَاءٍ) لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَشْرِبَةُ كَشَرَابِ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْحُمَاضِ وَشَرَابِ الْجَلَّابِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ وَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مُتَقَارِبَةٌ فَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَصَبْرٍ) أَيْ وَمُرٍّ وَلِبَانٍ وَمَحْلَبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَقَاقِيرِ الْعِطْرِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ) لِأَنَّهُ يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ، وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لِلْعَيْشِ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَفَاكِهَةٍ) أَيْ مَا عَدَا الْعِنَبَ، فَإِنَّهُ رِبَوِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَتَزَبَّبُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ خِلَافًا لخش (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ رِبَوِيَّةِ مَا اُدُّخِرَ بِقُطْرٍ (قَوْلُهُ: وَالْكُمَّثْرَى) أَيْ وَكَذَلِكَ الرُّمَّانُ وَالْمِشْمِشُ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْفَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: فُسْتُقٌ كَقُنْفُذٍ وَجُحْدُبٍ مَعْرُوفٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُدَّخَرُ وَلَا يُقْتَاتُ) فِيهِ أَنَّ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ وَالْبُنْدُقَ وَالْفُسْتُقَ يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ فَالْحَقُّ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الِاقْتِيَاتَ أَنْ يَكُونَ غَالِبًا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ فَهِيَ رِبَوِيَّةٌ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ امْتِنَاعُ التَّفَاضُلِ فِيهَا وَظَاهِرُ الْبَاجِيَّ اعْتِمَادُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ:)

لِتَرَكُّبِ الْعِلَّةِ مِنْهُمَا (وَبَلَحٍ إنْ صَغُرَ) بِأَنْ انْعَقَدَ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْعَلَفِ لَا لِلْأَكْلِ فَأَحْرَى الْإِغْرِيضُ وَالطَّلْعُ، وَأَمَّا الزَّهْوُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ بُسْرٍ فَرُطَبٍ فَتَمْرٍ فَطَعَامٌ رِبَوِيٌّ وَهُوَ مَفْهُومُ صَغُرَ (وَمَاءٌ) عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا طَعَامٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَالْعَذْبُ جِنْسٌ وَالْمَالِحُ جِنْسٌ وَفَائِدَةُ اخْتِلَافِ الْجِنْسِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ (وَيَجُوزُ) بَيْعُهُ (بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ) ، وَكَذَا بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ لَا إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً كَأَنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْأَكْثَرَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ تُوجِبُ الْمَنْعَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ فَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَالطَّحْنُ) لِلْحَبِّ (وَالْعَجْنُ) لِلدَّقِيقِ (وَالصَّلْقُ) لِشَيْءٍ مِنْ الْحُبُوبِ (إلَّا التُّرْمُسَ وَالتَّنْبِيذَ) لِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ (لَا يُنْقَلُ) كُلٌّ مِنْهَا عَنْ أَصْلِهِ فَالدَّقِيقُ لَيْسَ جِنْسًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ أَجْزَاءٍ وَالْعَجِينُ مَعَ الدَّقِيقِ أَوْ الْقَمْحِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْمَصْلُوقُ مَعَ غَيْرِهِ جِنْسٌ لَكِنْ لَا يُبَاعُ مَصْلُوقٌ بِمِثْلِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ، وَلَا بِيَابِسٍ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ، وَكَذَا التَّنْبِيذُ لَا يُنْقَلُ عَنْ أَصْلِهِ، وَكَذَا عَصِيرُ الْعِنَبِ مَعَ الْعِنَبِ، وَأَمَّا التُّرْمُسُ فَصَلْقُهُ يَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ لِطُولِ أَمَدِهِ وَتَكَلُّفِ مُؤْنَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْعِهِ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَحْلُوَ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ خَلِّهِ) يَعْنِي تَخْلِيلَ النَّبِيذِ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ عَنْ أَصْلِ النَّبِيذِ لَا عَنْ النَّبِيذِ إذْ الْخَلُّ وَالنَّبِيذُ جِنْسٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (و) طُبِخَ بِخِلَافِ (طَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ) ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ عَنْ النِّيءِ وَعَنْ الْمَطْبُوخِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِتَرَكُّبِ الْعِلَّةِ مِنْهُمَا) أَيْ لِتَرَكُّبِ عِلَّةِ الرِّبَا مِنْ أَمْرَيْنِ وَقَدْ انْتَفَى أَحَدُهُمَا فِيمَا ذَكَرَ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِيهِ هَذَا كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ انْعَقَدَ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الرَّامِخِ وَهُوَ الصَّغِيرُ جِدًّا (قَوْلُهُ: فَأَحْرَى الْإِغْرِيضُ وَالطَّلْعُ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَرَاتِبَ الْبَلَحِ سَبْعَةٌ طَلْعٌ فَإِغْرِيضٌ فَبَلَحٌ صَغِيرٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنِّينِي فَبَلَحٌ كَبِيرٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالزَّهْوِ فَبُسْرٌ فَرُطَبٌ فَتَمْرٌ وَيَجْمَعُهَا قَوْلُك طَابَ زَبَرْتُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً وَالْبَاقِي مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ بِمَا فِيهِ عِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ الطَّلْعِ بِمِثْلِهِ وَبِالسِّتَّةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْإِغْرِيضِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْكَبِيرِ بِمِثْلِهِ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبُسْرِ بِمِثْلِهِ وَالِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ وَبِالتَّمْرِ وَبَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالْجَائِزُ مِنْ هَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُنَاجَزَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَالْجَوَازُ، وَلَوْ مَعَ التَّفَاضُلِ، وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَبَيْعُ الطَّلْعِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْإِغْرِيضِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعِ بَعْدَهُ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، وَلَوْ لِأَجْلِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ الْجُذَاذِ أَوْ مَجْذُوذًا، وَأَمَّا عَلَى التَّبْقِيَةِ فِي شَجَرِهِ حَتَّى يُرَادَ لِأَكْلِهِ فَيُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ بَيْعُ التَّمْرِ بِرُطَبٍ أَوْ بِبُسْرٍ أَوْ بِكَبِيرِ بَلَحٍ، وَكَذَا يُمْنَعُ بَيْعُ كَبِيرِ الْبَلَحِ بِرُطَبٍ لَا بِبُسْرٍ؛ لِأَنَّهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا يُمْنَعُ الْبُسْرُ بِالرُّطَبِ عَلَى أَيِّ حَالٍ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا فَصُوَرُ الْمَنْعِ خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَإِلَّا لَمُنِعَ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَالْعَذْبُ جِنْسٌ) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا يُشْرَبُ، وَلَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمِلْحِ مَا لَا يُشْرَبُ أَصْلًا، وَلَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً) أَيْ حِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُنَاجَزَةً أَوْ لِأَجَلٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ حَتَّى يَدْخُلَهُ رِبَا النَّسَاءِ وَحَيْثُ كَانَا جِنْسَيْنِ كَانَ ذَلِكَ سَلَمًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) أَيْ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ إنَّمَا هُوَ الْقَلِيلُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْكَثِيرَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُهُ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ تُوجِبُ الْمَنْعَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا التُّرْمُسُ) أَيْ فَإِنَّ صَلْقَهُ يَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِهِ وَأَلْحَقَ بِصَلْقِ التُّرْمُسِ تَدْمِيسَ الْفُولِ وَصَلْقَ الْفُولِ الْحَارِّ لِلْكُلْفَةِ أَيْ الْمَشَقَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْفُولِ الْمُدَمَّسِ وَالْفُولِ الْحَارِّ بِالْفُولِ الْيَابِسِ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ مُنَاجَزَةً. (قَوْلُهُ: فَالدَّقِيقُ لَيْسَ جِنْسًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْحَبِّ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ هُنَا تُعْتَبَرُ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْعَجِينُ مَعَ الدَّقِيقِ أَوْ الْقَمْحِ جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ فَلَا يُبَاعُ الْعَجِينُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَمَاثِلًا وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي قَدْرِ الدَّقِيقِ تَحَرِّيًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي بَيْعِ الْعَجِينِ بِالْقَمْحِ وَفِي جَانِبِ الْعَجِينِ إذَا بِيعَ بِالدَّقِيقِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّبِيذَ مَعَ التَّمْرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ مَعَ الْخَلِّ جِنْسٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَلِّ مُتَمَاثِلًا. لَا مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا الْخَلُّ مَعَ التَّمْرِ فَهُمَا جِنْسَانِ فَالتَّمْرُ طَرَفٌ وَالْخَلُّ طَرَفٌ وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَعَ كُلِّ طَرَفٍ جِنْسٌ وَالطَّرَفَانِ جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ) أَيْ وَأَمَّا طَبْخُ أَرْزٍ بِأَبْزَارٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ

بِغَيْرِهَا وَالْجَمْعُ لَيْسَ بِمُرَادٍ فَالْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ، وَكَذَا بِالْبَصَلِ فَمَتَى أُضِيفَ لِلْمَاءِ وَالْمِلْحِ الْبَصَلُ كَفَى فِي النَّقْلِ (و) بِخِلَافِ (شَيِّهِ) أَيْ اللَّحْمِ بِالنَّارِ (وَتَجْفِيفِهِ) بِنَارٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ هَوَاءٍ (بِهَا) أَيْ بِالْأَبْزَارِ، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ لَا بِدُونِهَا (و) بِخِلَافِ (الْخَبْزِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ عَنْ الْعَجِينِ وَالدَّقِيقِ (وَقَلْيِ قَمْحٍ) مَثَلًا، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ (وَسَوِيقٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْقَمْحُ الْمَصْلُوقُ الْمَطْحُونُ بَعْدَ صَلْقِهِ، فَإِنَّهُ يَنْقُلُ لِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لَا يَنْقُلُ (و) بِخِلَافِ (سَمْنٍ) أَيْ تَسْمِينٍ، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ (وَجَازَ تَمْرٌ) أَيْ بَيْعُهُ (وَلَوْ قَدُمَ بِتَمْرٍ) جَدِيدٍ أَوْ قَدِيمٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَدِيمٌ بِجَدِيدٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ. (و) جَازَ لَبَنٌ (حَلِيبٌ) أَيْ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ (وَرُطَبٌ) بِمِثْلِهِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ مَا نَضِجَ وَلَمْ يَيْبَسْ وَإِلَّا فَتَمْرٌ. (وَمَشْوِيٌّ) بِمِثْلِهِ (وَقَدِيدٌ) بِمِثْلِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّحْمَ إمَّا قَدِيدٌ أَوْ مَشْوِيٌّ أَوْ مَطْبُوخٌ أَوْ نَيْءٌ فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدِ بِمِثْلِهِ جَائِزٌ كَالنِّيءِ بِكُلِّ وَاحِدٍ إنْ كَانَ بِأَبْزَارٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا مُنِعَ مَعَ الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ رُطَبٌ بِيَابِسٍ وَمَعَ الْمَطْبُوخِ مُتَفَاضِلًا فَقَطْ، وَأَمَّا الْمَشْوِيُّ وَالْقَدِيدُ وَالْمَطْبُوخُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهَا بِوَاحِدٍ مِنْ بَاقِيهَا إنْ كَانَ النَّاقِلُ فِي كُلٍّ أَوْ لَا نَاقِلَ فِيهِمَا، وَلَوْ مُتَمَاثِلًا، فَإِنْ كَانَ النَّاقِلُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ جَازَ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا (وَعَفَنٌ) وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ طَعْمُهُ مِنْ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ وَمَغْلُوثٌ بِمِثْلِهِ إنْ قَلَّ الْغَلْثُ (وَزُبْدٌ) بِمِثْلِهِ (وَسَمْنٌ) هُوَ زُبْدٌ مَطْبُوخٌ بِمِثْلِهِ (وَجُبْنٌ) بِمِثْلِهِ (وَأَقِطٌ) لَبَنٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ بِمِثْلِهِ فَقَوْلُهُ (بِمِثْلِهَا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمِثْلِهِ (كَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ) أَيْ يَجُوزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ إنْ كَانَا رَطْبَيْنِ أَوْ يَابِسَيْنِ (لَا رَطْبَهُمَا بِيَابِسِهِمَا) بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا رَطْبَهَا بِيَابِسِهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَعَلَيْهَا يَكُونُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَا فِي عبق وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ كُلَّ مَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ نُقِلَ عَنْ أَصْلِهِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ اللَّحْمُ وَالْأَرْزُ وَغَيْرُهُمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ شَيِّهِ وَتَجْفِيفِهِ بِهَا) أَيْ بِالْأَبْزَارِ أَيْ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْمُصْلِحِ كَالْبَصَلِ أَوْ الثُّومِ مِنْ الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: لَا بِدُونِهَا) أَيْ لَا إنْ كَانَ التَّجْفِيفُ بِدُونِ أَبْزَارٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ النِّيءِ (قَوْلُهُ: وَسَوِيقٍ وَسَمْنٍ) الظَّاهِرُ كَمَا لح أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَسَمْنٍ بِمَعْنَى مَعَ وَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ السَّوِيقَ إذَا لُتَّ بِسَمْنٍ يَنْتَقِلُ عَنْ السَّوِيقِ غَيْرِ الْمَلْتُوتِ، وَبِهَذَا يَسْلَمُ مِنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ غَازِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَسَمْنٍ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السَّمْنَ جِنْسٌ غَيْرَ الزُّبْدِ وَالْحَلِيبِ وَأَنْ أُجِيبَ عَنْهُ أَيْضًا بِمَا قَالَ شَارِحُنَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّوِيقِ التَّسْوِيقُ وَالْمُرَادَ بِالسَّمْنِ التَّسْمِينُ أَيْ أَنَّ التَّسْوِيقَ يَنْقُلُ السَّوِيقَ عَنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْقَمْحُ وَالتَّسْمِينُ يَنْقُلُ السَّمْنَ عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ (قَوْلُهُ: وَمَشْوِيٌّ بِمِثْلِهِ وَقَدِيدٌ بِمِثْلِهِ) نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ، وَنَقَلَ عَقِبَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْمَشْوِيُّ بِالْمَشْوِيِّ وَلَا الْقَدِيدُ بِالْقَدِيدِ إلَّا بِتَحَرِّي أُصُولِهِمَا وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا بِتَحَرِّي الْأُصُولِ فَلَا عِبْرَةَ بِالشَّيْءِ وَالتَّقْدِيدِ اسْتَوَى أَوْ اخْتَلَفَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَقَدِيدٌ) أَيْ مُقَدَّدٌ وَمُشْمِسٌ بِالشَّمْسِ، ثُمَّ إنَّ شَارِحَنَا تَبَعًا لعج حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قَدِيدٌ مِنْ اللَّحْمِ وَعَفَنٌ مِنْ اللَّحْمِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَلَحْمٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: قَدِيدٌ وَعَفَنٌ أَيْ مِنْ الْبَلَحِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ صُوَرَ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ إمَّا قَدِيدٌ أَوْ مَشْوِيٌّ أَوْ مَطْبُوخٌ أَوْ نِيءٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْجُمْلَةُ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَالْبَاقِي بِلَا تَكْرَارٍ عَشَرَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَحْكَامَهَا مُسْتَوْفَاةً (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ بِأَبْزَارٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُتَمَاثِلًا وَمُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِأَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ (قَوْلُهُ: مُسْتَحْجَرٌ) أَيْ بَعْدَ إخْرَاجِ زُبْدِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمِثْلِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اللَّبَنَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ: حَلِيبٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطُ وَمَخِيضٌ وَمَضْرُوبٌ وَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ إمَّا بِنَوْعِهِ أَوْ بِغَيْرِ نَوْعِهِ فَالصُّوَرُ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ وَالْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ الْجَائِزُ مِنْهَا قَطْعًا سِتَّ عَشْرَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِثْلِهِ وَبَيْعُ الْمَخِيضِ بِالْمَضْرُوبِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ بِالْحَلِيبِ أَوْ الزُّبْدِ أَوْ السَّمْنِ أَوْ الْجُبْنِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا، وَأَمَّا بَيْعُ الْمَخِيضِ أَوْ الْمَضْرُوبِ بِالْأَقِطِ فَقِيلَ بِالْجَوْزِ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَاسْتَظْهَرَ لِأَنَّ الْأَقِطَ إمَّا مَخِيضٌ أَوْ مَضْرُوبٌ فَهُوَ بَيْعُ رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَا اخْتَلَفَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ، كَذَا قَالُوا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْجُبْنُ مِنْ حَلِيبٍ أَوْ مِنْ مَخِيضٍ أَوْ مَضْرُوبٍ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ إذَا كَانَ مِنْ مَخِيضٍ أَوْ مَضْرُوبٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ حَلِيبٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَأَمَّا الصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ اتِّفَاقًا فَتِسْعَةٌ، بَيْعُ الْحَلِيبِ بِزُبْدٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ جُبْنٍ أَوْ أَقِطٍ وَبَيْعُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ أَوْ جُبْنٍ أَوْ أَقِطٍ وَبَيْعُ السَّمْنِ بِجُبْنٍ أَوْ أَقِطٍ (قَوْلُهُ: لَا رَطْبَهُمَا بِيَابِسِهِمَا) أَيْ لَا رَطْبَ الزَّيْتُونِ

مَرْفُوعًا لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَرْفُوعَاتِ قَبْلَ الْكَافِ. (و) لَا (مَبْلُولٍ) مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِمِثْلِهِ) مِنْ جِنْسٍ رِبَوِيٍّ لَا مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا لَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْبَلَلِ لِجَوَازِ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَشْرَبُ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ. (و) لَا (لَبَنٍ) حَلِيبٍ (بِزُبْدٍ) سَوَاءٌ أُرِيدَ أَخْذُ اللَّبَنِ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يُخْرَجَ زُبْدُهُ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالزُّبْدِ وَأَوْلَى بِالسَّمْنِ. (وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ) أَيْ قَدْرُهُ (فِي) بَيْعِ (خُبْزٍ بِمِثْلِهِ) مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ دَقِيقِ كُلٍّ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ كَانَ وَزْنُ أَحَدِ الْخُبْزَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَا مِنْ صِنْفَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ اُعْتُبِرَ وَزْنُ الْخُبْزَيْنِ فَقَطْ لَا الدَّقِيقِ وَقَوْلُنَا فِي بَيْعِ خُبْزٍ، وَأَمَّا فِي الْقَرْضِ فَيَكْفِي الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ الْمُبَايَعَةَ بِذَلِكَ بَلْ الْمَعْرُوفُ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْجِيرَانُ فِيمَا بَيْنَهُمْ الْخُبْزَ وَالْخَمِيرَ وَيَقْضُونَ مِثْلَهُ (كَعَجِينٍ) بِيعَ (بِحِنْطَةٍ أَوْ) بِ (دَقِيقٍ) فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الدَّقِيقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَحَرِّيًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْعَجِينِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا كَانَ أَصْلُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ (وَجَازَ قَمْحٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِدَقِيقٍ) بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ غَيْرُ نَاقِلٍ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ وُزِنَا) أَيْ فَالشَّرْطُ التَّمَاثُلُ بِالْوَزْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَمَاثُلِ الْكَيْلِ أَوْ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (تَرَدُّدٌ) . (وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ) الْمَطْلُوبَةُ فِي الرِّبَوِيَّاتِ (بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ) فَمَا وَرَدَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَالُ كَالْقَمْحِ فَالْمُمَاثَلَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ لَا بِالْوَزْنِ وَهَذَا مِمَّا يُضْعِفُ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَمَا وَرَدَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ أَنَّهُ يُوزَنُ كَالنَّقْدِ فَالْمُمَاثَلَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَمْحٍ بِقَمْحٍ وَزْنًا وَلَا نَقْدٍ بِنَقْدٍ كَيْلًا (وَإِلَّا) يَرِدُ عَنْ الشَّرْعِ مِعْيَارٌ مُعَيَّنٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ (فَبِالْعَادَةِ) الْعَامَّةِ كَاللَّحْمِ، فَإِنَّهُ يُوزَنُ فِي كُلِّ بَلَدٍ أَوْ الْخَاصَّةُ كَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ، فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فَيُعْمَلُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِعَادَتِهِ (فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ) فِيمَا هُوَ مِعْيَارُهُ لِسَفَرٍ أَوْ بَادِيَةٍ (جَازَ التَّحَرِّي) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاللَّحْمِ بِيَابِسِهِمَا (قَوْلُهُ: لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَرْفُوعَاتِ) أَيْ وَهُوَ التَّمْرُ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا لَبَنٍ حَلِيبٍ بِزُبْدٍ) أَيْ أَوْ سَمْنٍ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْرُجَ زُبْدُهُ أَيْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مَخِيضًا أَوْ مَضْرُوبًا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْبَيْعِ إذَا اسْتَوَى الْخُبْزَانِ دَقِيقًا بِالتَّحَرِّي، وَلَوْ كَانَ وَزْنُ أَحَدِ الْخُبْزَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ وَزْنُ الْخُبْزَيْنِ فَقَطْ لَا الدَّقِيقُ) أَيْ فَإِنْ اسْتَوَى وَزْنُهُمَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَخْبَازَ كُلَّهَا جِنْسٌ، وَلَوْ مِنْ قُطْنِيَّةٍ وَقَمْحٍ، فَإِنْ كَانَا مِنْ صِنْفَيْنِ غَيْرِ رِبَوِيَّيْنِ كَبِزْرِ بِرْسِيمٍ وَبِزْرٍ غَاسُولٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رِبَوِيًّا وَالْآخَرُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ لَمْ يُعْتَبَرْ وَزْنٌ وَلَا غَيْرُهُ لِجَوَازِ الْمُفَاضَلَةِ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي الْعَدَدُ) أَيْ رَدُّ الْعَدَدِ، وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ عَلَى الْعَدَدِ أَوْ نَقَصَ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِرَدِّ الْعَدَدِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ الْقَرْضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ لَا قَدْرُ الدَّقِيقِ وَلَا الْعَدَدُ سَوَاءٌ كَانَ الْخُبْزَانِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي بَيْعِ الْخُبْزِ بِمِثْلِهِ تَحَرِّي قَدْرَ الدَّقِيقِ إنْ اتَّحِدَا أَصْلًا وَإِلَّا يَتَّحِدَا أَصْلًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسَاوِي فِي الْوَزْنِ كَالْقَرْضِ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمَوَّاقِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ يَكْفِي الْعَدَدُ، وَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا فِي الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: وَيَقْضُونَ مِثْلَهُ) أَيْ فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ) أَيْ لِدَقِيقِهِمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ قَدْرِ الْعَجِينِ وَمُقَابِلُهُ، وَلَوْ بِالتَّحَرِّي فِيمَا يَكُونُ فِيهِ التَّحَرِّي لِأَجْلِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ: غَيْرُ نَاقِلٍ) أَيْ حَتَّى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ وُزِنَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ فَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِنَفْيِهِ وَقِيلَ بِجَوَازِهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَرَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَيَجْعَلُ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلِ وَاحِدٍ وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ إنْ وُزِنَا أَيْ وَهَلْ الْجَوَازُ مَحَلُّهُ إنْ وُزِنَا، وَأَمَّا إنْ كِيلَا فَالْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلِ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا أَيْ أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كِيلَا أَوْ وُزِنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ ذُو أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَالرَّاجِحُ أَوَّلُهَا (قَوْلُهُ: بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ) أَيْ بِالْمِعْيَارِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَلَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ الْمِعْيَارِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ يُكَالُ كَالْقَمْحِ فَلَا تَصِحُّ الْمُبَادَلَةُ فِيهِ إلَّا إذَا حَصَلَ التَّمَاثُلُ بِالْكَيْلِ أَيِّ كَيْلٍ كَانَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ أَنَّهُ يُوزَنُ كَالنَّقْدِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَمْحٍ بِقَمْحٍ وَزْنًا) أَيْ كَقِنْطَارٍ قَمْحًا بِقِنْطَارٍ قَمْحًا (قَوْلُهُ: وَلَا نَقْدٍ بِنَقْدٍ كَيْلًا) أَيْ كَرُبْعِ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ بِرُبْعِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ) أَيْ فَبَعْضُ الْبِلَادِ تَسْتَعْمِلُ الْكَيْلَ فِيمَا ذَكَرَ دُونَ الْوَزْنِ وَبَعْضُ الْبِلَادِ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِعَادَتِهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ سَمْنٍ بِسَمْنٍ وَلَا زَيْتٍ بِزَيْتٍ وَلَا عَسَلٍ بِعَسَلٍ كَيْلًا فِي بَلَدِ عَادَتِهِمْ وَزْنُهُ وَلَا وَزْنًا فِي بَلَدٍ عَادَتُهُمْ كَيْلُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُسِرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي) حَاصِلُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّ كُلَّ مَا يُبَاعُ وَزْنًا وَلَا يُبَاعُ كَيْلًا مِمَّا هُوَ رِبَوِيٌّ تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَالْقِسْمَةُ عَلَى تَحَرِّي الْوَزْنِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ مَا يُبَاعُ كَيْلًا لَا وَزْنًا مِمَّا هُوَ رِبَوِيٌّ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَلَا الْقِسْمَةُ بِالتَّحَرِّي لِكَيْلِهِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَيْلِهِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ فَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْقِسْمَةِ فِيهِ وَالْمُبَادَلَةُ عَلَى التَّحَرِّي عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الْجَوَازُ فِيمَا يُبَاعُ وَزْنًا لَا كَيْلًا وَهُوَ مَذْهَبُ

(إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّحَرِّي (لِكَثْرَتِهِ) وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا يَتَأَتَّى الْجَوَازُ فَالصَّوَابُ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّحَرِّي لِكَثْرَةٍ أَوْ يَزِيدُ لَا قَبْلَ إنْ، وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: إنْ أَمْكَنَ وَخَصَّ التَّحَرِّي بِعُسْرِ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْعَدَدَ لَا يُعْسَرَانِ لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِالْعُسْرِ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ، وَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ الْوَزْنُ (وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) أَيْ بَطَلَ أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ عِبَادَةً كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ عَقْدًا كَنِكَاحِ الْمَرِيضِ أَوْ الْمُحْرِمِ وَكَبَيْعِ مَا لَا قُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَوْ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (إلَّا لِدَلِيلٍ) يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ كَالنَّجْشِ وَالْمُصَرَّاةِ وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا فَسَادُ الصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا وَلَا دَلَالَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ عَلَى الصِّحَّةِ وَمَحَلُّ الْقَاعِدَةِ مَا لَمْ يَكُنْ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَالصَّلَاةِ بِالْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ أَلَا تَرَى أَنَّ إشْغَالَ بُقْعَةِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ أَوْ الْإِعْرَاضِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ أَوْ لُبْسِ الْحَرِيرِ حَرَامٌ فِي ذَاتِهِ مُطْلَقًا تَلَبَّسَ بِصَلَاةٍ أَمْ لَا ثُمَّ مَثَّلَ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (كَحَيَوَانٍ) مُبَاحِ الْأَكْلِ يُبَاعُ (بِلَحْمِ جِنْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ (إنْ لَمْ يُطْبَخْ) ، فَإِنْ طُبِخَ، وَلَوْ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ جَازَ لِبُعْدِ الطَّبْخِ عَنْ الْحَيَوَانِ وَشَمَلَ قَوْلُهُ كَحَيَوَانٍ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ وَيُرَادُ لِلْقِنْيَةِ وَمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ وَالثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّالِثُ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي فِي آخِرِ كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَزْنِهِ عُسْرٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهُ قَيَّدَ جَوَازَ تَحَرِّي الْوَزْنِ بِعُسْرِهِ بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ) أَيْ إنْ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحَرِّيهِ بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ جَوَازَ التَّحَرِّي عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحَرِّي مَعَ أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّحَرِّي إنَّمَا يُنْتِجُ مَنْعَهُ لَا جَوَازَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَزِيدُ لَا قَبْلَ أَنْ) أَيْ وَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ عُسِرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ) أَيْ لِعَدَمِ الْكَثْرَةِ جِدًّا (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ) الْمُرَادُ لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمَعْهُودِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ التَّعَذُّرُ وَهُوَ الْبَادِيَةُ وَمَحَلُّ السَّفَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْكَيْلَ الْغَيْرَ الْمَعْهُودِ جَائِزٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَهْلٌ بِثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ قُفَّةٍ مِنْ الْقَمْحِ بِكَذَا مَمْنُوعٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ) أَيْ كَالْقُفَّةِ وَالطَّاقِيَّةِ وَالْإِنَاءِ وَالْمُخِلَّةِ وَالْغِرَارَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِالْعُسْرِ) أَيْ ثُمَّ إنَّ تَقْيِيدَ جَوَازِ التَّحَرِّي بِعُسْرِ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) أَيْ مَنْهِيٌّ عَنْ تَعَاطِيهِ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ شَامِلَةٌ لِلْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَهِيَ الْعُقُودُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا مَثَّلَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ إمَّا لِذَاتِهِ كَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ أَوْ لِوَصْفِهِ كَالْخَمْرِ وَهُوَ الْإِسْكَارُ أَوْ لِخَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِعْرَاضَ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ النَّهْيَ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ كَانَ مُقْتَضِيًا لِلْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ لِخَارِجٍ عَنْهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَحَلُّ الْقَاعِدَةِ أَيْ فَسَادُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لِوَصْفِهِ أَوْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّهْيَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِدَلِيلٍ) أَيْ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةٍ أَيْ عَلَى صِحَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا فَسَادَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ مُتَّصِلًا بِالنَّهْيِ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ مُخَصِّصًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: كَالنَّجْشِ وَالْمُصْرَاةِ) يَعْنِي الْعَقْدَ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالْفَسَادِ لَوْلَا وُجُودُ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ إلَخْ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تَرْكُ التَّلَبُّسِ بِهَذَا الْأَمْرِ الْغَيْرِ الْمُنْعَقِدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَحَيَوَانٍ) أَيْ حَيٍّ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ مُبَاحُ الْأَكْلِ لِأَجْلِ صِحَّةِ التَّعْلِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمُزَابَنَةِ إذْ بَيْعُ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا بِاللَّحْمِ جَائِزٌ لِعَدَمِ الْمُزَابَنَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ) أَيْ وَهُوَ اللَّحْمُ، وَقَوْلُهُ: بِمَجْهُولٍ أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ) أَيْ كَمَا أَفَادَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَنَقْلُ اللَّحْمِ عَنْ الْحَيَوَانِ يَكُونُ بِأَدْنَى نَاقِلٍ بِخِلَافِ نَقْلِ اللَّحْمِ عَنْ اللَّحْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الطَّبْخِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّحْمَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْحَيَوَانِ إلَّا بِالطَّبْخِ

أَوْ قَلَّتْ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُ بِلَحْمِ جِنْسِهِ جَوَازُهُ بِلَحْمِ غَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَبِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا بَعْدَهُ طَعَامٌ حُكْمًا (أَوْ) كَحَيَوَانٍ مُطْلَقًا بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ (بِمَا) أَيْ بِحَيَوَانٍ (لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ) كَطَيْرِ مَاءٍ (أَوْ) بِحَيَوَانٍ (لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ) كَخَصْيِ مَعْزٍ (أَوْ قَلَّتْ) مَنْفَعَةٌ كَخَصْيِ ضَأْنٍ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ فِيمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِأَرْبَعَةٍ وَإِذَا ضَرَبْتهَا فِيمَا بَعْدَهُ تَكَرَّرَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، وَإِذَا ضَرَبَتْهَا فِي الْأَخِيرَةِ تَكَرَّرَ اثْنَانِ وَهُمَا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ أَوْ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا قَلَّتْ فَالْبَاقِي تِسْعَةٌ تُضَمُّ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا بِاللَّحْمِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَبَقِيَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ فَيَجُوزُ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَبَيْعُ حَيَوَانٍ يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ قَطْعًا فَالصُّوَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنَّمَا مُنِعَ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ طَعَامٌ حُكْمًا وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ (فَلَا يَجُوزُ إنْ) أَيْ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا بَعْدَهُ فَلِذَا ثَنَّى الضَّمِيرَ، وَلَوْ قَالَ فَلَا تَجُوزُ أَيْ الثَّلَاثَةُ (بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ) ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامِ نَسِيئَةٍ كَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ (كَخَصْيِ ضَأْنٍ) مِثَالٌ لِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ كَمَا مَرَّ إذْ مَنْفَعَتُهُ وَهِيَ الصُّوفُ يَسِيرَةٌ، فَإِنْ كَانَ يُقْتَنَى لِصُوفِهِ جَازَ (وَكَبَيْعِ الْغَرَرِ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا) الَّتِي سَتَظْهَرُ فِي السُّوقِ أَوْ الَّتِي يَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ (أَوْ) بَيْعُهَا (عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ الْعَاقِدِ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (أَوْ) عَلَى (حُكْمِ غَيْرِهِ) أَجْنَبِيٌّ أَيْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فُلَانٌ أَيْ جَعَلَا الْعَقْدَ بَتًّا، وَالثَّمَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَبْزَارٍ (قَوْلُهُ: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَإِنَاثِ الضَّأْنِ وَفُحُولِهَا، وَكَذَا إنَاثُ الْمَعْزِ وَفُحُولُهَا (قَوْلُهُ: وَمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ) أَيْ كَطَيْرِ مَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ) أَيْ كَخَصْيِ الْمَعْزِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَّتْ) أَيْ مَنْفَعَتُهُ كَخَصْيِ ضَأْنٍ إذْ مَنْفَعَتُهُ وَهِيَ الصُّوفُ يَسِيرَةٌ (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ) أَيْ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ) أَيْ الْحَيَوَانُ بِلَحْمِ غَيْرِ جِنْسِهِ بِأَنْ بِيعَ الْحَيَوَانُ الْحَيُّ بِلَحْمِ طَيْرٍ أَوْ بِلَحْمِ سَمَكٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُنَاجَزَةً أَوْ لِأَجَلٍ وَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ الْأُولَى مَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ الْمَبِيعُ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَنْفَعَتُهُ كَثِيرَةٌ وَيُرَادُ لِلْقِنْيَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا) أَيْ مَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ الَّذِي بِيعَ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ أَوْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ قَلِيلَةً (قَوْلُهُ: طَعَامٌ حُكْمًا) أَيْ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ تَجِبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ، وَلَوْ كَانَا جِنْسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَحَيَوَانٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ إلَّا اللَّحْمُ أَوْ قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ضَرَبَتْهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةُ وَقَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرِ) أَيْ وَهُوَ مَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ (قَوْلُهُ: بِمَا قَلَّتْ) أَيْ إذَا بِيعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ (قَوْلُهُ: تُضَمُّ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ شَمَلَ كَلَامُهُ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ وَهِيَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِلَحْمِ جِنْسِهِ وَبَيْعِ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَبَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، وَبَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ فَهَذِهِ سِتَّ عَشَرَةَ صُوَرٌ الْمُكَرَّرِ مِنْهَا ثَلَاثٌ يَبْقَى ثَلَاثَ عَشَرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ اللَّحْمَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَجَبَتْ الْمُنَاجَزَةُ، وَالْمُمَاثَلَةُ فِي الْوَزْنِ وَالْجَفَافِ أَوْ الرُّطُوبَةِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ جَازَتْ الْمُفَاضَلَةُ وَوَجَبَتْ الْمُنَاجَزَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مُنِعَ) أَيْ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلَانِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ طَعَامٌ حُكْمًا) أَيْ فَإِذَا بِيعَتْ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ كَانَ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِلَحْمِ جِنْسِهِ وَإِذَا بِيعَتْ بِمِثْلِهَا كَانَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ الْمَشْكُوكِ فِي تَمَاثُلِهِ (قَوْلُهُ: فَلِذَا ثَنَّى) أَيْ فَلِأَجْلِ اعْتِبَارِ أَنَّ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ قِسْمٌ وَمَا بَعْدَهُ قِسْمٌ ثَنَّى الضَّمِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ أَيْ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا كِرَاءُ أَرْضٍ وَلَا تُؤْخَذُ قَضَاءً عَنْ دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَلَا يُؤْخَذُ قَضَاءً عَنْ ثَمَنِهَا طَعَامٌ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ لِكَثْرَةِ مَنْفَعَتِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ، وَلَوْ لِأَجَلٍ وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ وَأَخْذُهُ قَضَاءً عَمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَأَخْذُ الطَّعَامِ قَضَاءً عَنْ ثَمَنِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُقْتَنًى لِمَنَافِعَ غَيْرُ الْأَكْلِ صَارَ لَيْسَ طَعَامًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الثَّلَاثَةِ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ اللَّحْمُ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً وَلَا الِاقْتِضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ لِلْجَزَّارِ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يَأْخُذُ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ لَحْمًا أَوْ قَمْحًا لِإِلْغَاءِ الدَّرَاهِمِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا أَوَّلًا بِطَعَامٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ خَصِيُّ الضَّأْنِ يُقْتَنَى لِصُوفِهِ وَقَوْلُهُ: جَازَ أَيْ جَازَ بَيْعُهُ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ اقْتِنَاءَهُ لِأَجْلِ صُوفِهِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ ذِي الْمَنْفَعَةِ الْكَثِيرَةِ، وَمِثْلُهُ خَصْيُ الْمَعْزِ إذَا كَانَ يُقْتَنَى لِشَعْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُغْنِي وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّبْصِرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ الْغَرَرِ) أَيْ الْبَيْعِ الْمُلَابِسِ لِلْغَرَرِ لَا إنَّ الْغَرَرَ مَبِيعٌ وَالْغَرَرُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَرَضِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعَهَا عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِمَا تَحْكُمُ بِهِ أَوْ بِمَا تَرْضَى بِهِ أَنْت مِنْ الثَّمَنِ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتهَا بِذَلِكَ ثُمَّ يَفْرِضُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِأَنْ يَقُولَ: رَضِيَتْ أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا أَوْ

مَوْكُولٌ عَلَى حُكْمِهِ (أَوْ) عَلَى (رِضَاهُ) أَيْ رِضَا مَنْ ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا أَنَّ الْحُكْمَ يَرْجِعُ لِلْإِلْزَامِ بِخِلَافِ الرِّضَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا أَنَا حَكَمْت عَلَيْكُمَا بِكَذَا وَأَنَا رَضِيت بِكَذَا (أَوْ تَوَلَّيْتُك) أَيُّهَا الْبَائِعُ (سِلْعَةً) لِغَيْرِك بِمَا اشْتَرَيْتهَا بِهِ (لَمْ يَذْكُرْهَا) الْمَوْلَى وَلَا غَيْرُهُ لِمَنْ وَلَّاهُ (أَوْ) لَمْ يَذْكُرْ (ثَمَنَهَا) وَقَوْلُهُ (بِإِلْزَامٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ. وَالسُّكُوتُ كَالْإِلْزَامِ إلَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَتَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ. (وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرَهُ وَلَا يَعْلَمَ مَا فِيهِ، أَوْ بِلَيْلٍ وَلَوْ مُقْمِرًا وَلَا يَتَأَمَّلَهُ بَلْ يَكْتَفِيَ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِلَمْسِهِ، فَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ تَبِيعَهُ ثَوْبَك بِثَوْبِهِ وَتَنْبِذُهُ إلَيْهِ وَيَنْبِذُهُ إلَيْك بِلَا تَأَمُّلٍ مِنْكُمَا عَلَى الْإِلْزَامِ فَالْمُفَاعَلَةُ هُنَا عَلَى بَابِهَا وَمِثْلُهُ فِي الْمَنْعِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَنَبَذَهُ لَهُ (فَيَلْزَمُ) فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ بِخِيَارٍ جَازَ (وَكَبَيْعِ الْحَصَاةِ وَهَلْ هُوَ بَيْعُ) قَدْرٍ مِنْ أَرْضٍ مَبْدَؤُهُ مِنْ الرَّامِي بِالْحَصَاةِ إلَى (مُنْتَهَاهَا) أَيْ الْحَصَاةِ (أَوْ) هُوَ بَيْعٌ (يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا) مِنْ يَدِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَيْ مَتَى سَقَطَتْ مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ، وَلَوْ بِاخْتِيَارِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فَفَاسِدٌ لِجَهْلِ زَمَنِ وُقُوعِهَا فَفِيهِ تَأْجِيلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَكَمْت بِأَنَّ الثَّمَنَ كَذَا، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْك بِمَا تَحْكُمُ بِهِ أَنْتَ يَا بَائِعُ أَوْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ بِمَا تَرْضَى بِهِ أَنْتَ أَوْ بِمَا يَرْضَى بِهِ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك بِذَلِكَ ثُمَّ يَحْكُمُ الْبَائِعُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ بِثَمَنٍ يَذْكُرُهُ، أَوْ يَقُولُ: رَضِيت أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا (قَوْلُهُ: مَنْ ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِلْإِلْزَامِ) بِمَعْنَى أَنَّ الْمُحَكِّمَ يُلْزِمُهُمَا الثَّمَنَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ جَبْرًا عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الرِّضَا، فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُمَا الثَّمَنَ الَّذِي رَضِيَهُ بَلْ إنْ رَضِيَا بِهِ فِيهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ لِمَا يَرْضَيَانِ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِإِلْزَامٍ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِإِلْزَامِ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الثَّمَنُ فَقَدْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى مَا يَرْضَيَانِ بِهِ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَاقِدِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهَذَا وَقَدْ يُعَبِّرُ بِهَذَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الرِّضَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَخَصُّ مِنْهُ فَيَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ الرِّضَا بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَذْكُرْهَا الْمَوْلَى وَلَا غَيْرُهُ لِمَنْ وَلَّاهُ) أَيْ وَإِنَّمَا ذَكَرَ لَهُ ثَمَنَهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَهَا أَيْ أَوْ ذَكَرَهَا لَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَهَا (قَوْلُهُ: بِإِلْزَامٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُضِرَّ الدُّخُولُ عَلَى لُزُومِ الْبَيْعِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ، وَأَمَّا عَلَى حُكْمِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ أَوْ الرِّضَا مِنْهُمَا، وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ الْجَاهِلِ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ) أَيْ وَكَالْبَيْعِ الْمُحْتَوِي عَلَى مُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ بِأَنْ يَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ الثَّوْبَ قَبْلَ تَأَمُّلِهِ فِيهَا بِكَذَا وَأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ لَمْسِ الْمُشْتَرِي لَهَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشُرَهَا وَيَعْلَمَ مَا فِيهَا أَوْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْبَائِعُ وَيَطْرَحُهَا لِلْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَيْعُ فَاللَّمْسُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا النَّبْذُ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ فَقَوْلُهُ: وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَيْ مُلَامَسَةِ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ أَيْ وَيَكْتَفِيَا فِي لُزُومِ الْبَيْعِ وَتَحَقُّقِهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشُرَهَا وَيَعْلَمَ مَا فِيهَا، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهَا لَهُ قَبْلَ التَّأَمُّلِ فِيهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَعْجَبَتْهُ أَمْسَكَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا كَانَ جَائِزًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْشُرُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَنْشُرُهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَتَأَمَّلُهُ بَلْ يَكْتَفِي فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِلَمْسِهِ أَيْ بِلَمْسِ الْمُشْتَرِي لَهُ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْمُلَامَسَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ بِلَيْلٍ مُقْمِرٍ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ لِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَحَاصِلُهَا أَنَّ بَيْعَ الثَّوْبِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَا فِيهَا بِاللَّيْلِ، وَلَوْ كَانَ مُقْمِرًا مَمْنُوعٌ وَمِثْلُ الثَّوْبِ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِاللَّيْلِ، وَلَوْ مُقْمِرًا الْحَيَوَانُ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ، وَكَذَا مَأْكُولُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ شِرَاءُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي اللَّيْلِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ اللَّيْلُ مُقْمِرًا أَوْ غَيْرَ مُقْمِرٍ؛ لِأَنَّ الْخِبْرَةَ بِالْيَدِ تُبَيِّنُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مِنْ سَمْنٍ أَوْ هُزَالٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ لِغَيْرِ الْمَأْكُولَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِي اللَّيْلِ الْمُقْمِرِ دُونَ الْمُظْلِمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُوتَ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَانْظُرْ هَلْ شِرَاءُ الْحُبُوبِ فِي اللَّيْلِ الْمُقْمِرِ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَتَنْبِذُهُ إلَيْهِ) أَيْ بِلَا تَأَمُّلٍ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى لُزُومِ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ نَبْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ بَيْعٌ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَبِيعُك عَلَى الْبَتِّ قَدْرًا مِنْ أَرْضِي هَذِهِ مَبْدَؤُهُ مِنْ مَحَلِّ وُقُوفِي أَوْ مِنْ مَحَلِّ وُقُوفِ فُلَانٍ إلَى مَا يَنْتَهِي رَمْيُهُ الْحَصَاةَ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَيُمْنَعُ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الرَّمْيِ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ بَيْعٌ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا وَانْعِقَادُ الْبَيْعِ إذَا وَقَعَتْ الْحَصَاةُ مِنِّي أَوْ مِنْك أَوْ مِنْ فُلَانٍ بِاخْتِيَارٍ مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ وَيَأْخُذُ الْحَصَاةَ فِي يَدِهِ أَوْ جَيْبِهِ فَإِذَا أَوْقَعَهَا لَزِمَ الْبَيْعُ فَقَدْ عُلِّقَ الِانْعِقَادُ عَلَى السُّقُوطِ فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِزَمَنِ وُقُوعِهَا فَفِيهِ تَأْجِيلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَلَوْ عَيَّنَ لِوُقُوعِهَا بِاخْتِيَارِهِ أَجَلًا مَعْلُومًا وَكَانَ قَدْرَ زَمَنِ الْخِيَارِ كَأَنْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الظُّهْرِ أَوْ مِنْ الْيَوْمِ إلَى غَدٍّ قَصْدًا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لَمْ يَفْسُدْ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ) أَيْ فِي زَمَانٍ غَيْرِ

(أَوْ) هُوَ بَيْعٌ يَلْزَمُ (عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ) الْحَصَاةُ مِنْ الثِّيَابِ مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ) مِنْ الرَّامِي لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِقَصْدٍ جَازَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْبَائِعِ وَجُعِلَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ السِّلَعُ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ جَازَ كَانَ الْوُقُوعُ بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (أَوْ) هُوَ بَيْعٌ يَلْزَمُ (بِعَدَدِ مَا يَقَعُ) مِنْ الْحَصَاةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ كَانَ لِي بِعَدَدِهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ فِي عِبَارَةٍ كَانَ لَك بِعَدَدِهِ إلَخْ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْمُتَفَرِّقَةِ حَالَ رَمْيِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَصَاةِ الْجِنْسُ أَيْ خُذْ جُمْلَةً مِنْ الْحَصَى فِي كَفِّك أَوْ كَفَّيْك وَحَرَّكَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ مَثَلًا فَمَا وَقَعَ فَلِي بِعَدَدِهِ إلَخْ (تَفْسِيرَاتٌ) أَرْبَعَةٌ لِلْحَدِيثِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَاتٌ (وَكَبَيْعِ مَا) أَيْ جَنِينٍ (فِي بُطُونِ الْإِبِلِ) مَثَلًا وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ فِي الْمُوَطَّإِ (أَوْ) بَيْعِ مَا فِي (ظُهُورِهَا) أَيْ بَيْعِ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْجَنِينُ مِنْ مَاءِ هَذَا الْفَحْلِ بِخِلَافِ الْعَسِيبِ، فَإِنَّهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْفِعْلِ أَيْ صُعُودُهُ عَلَى الْأُنْثَى كَمَا يَأْتِي فَلَا تَكْرَارَ (أَوْ) اشْتَرَى شَيْئًا وَأَجَّلَ ثَمَنَهُ (إلَى أَنْ يُنْتَجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ النِّتَاجُ بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ الْأَوْلَادَ وَفَسَّرَ الْمُصَنِّفُ الثَّلَاثَةَ بِمَا فِي الْمُوَطَّإِ بِقَوْلِهِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (وَهِيَ الْمَضَامِينُ وَالْمَلَاقِيحُ) جَمْعُ مَضْمُونٍ وَمَلْقُوحٍ (وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ فِيهِمَا (وَكَبَيْعِهِ) يَشْمَلُ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيْعُ الذَّاتِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَيْ بَيْعُ الْبَائِعِ سِلْعَةً دَارًا أَوْ غَيْرَهَا (بِالْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ (حَيَاتَهُ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلْغَرَرِ لِعَدَمِ عِلْمِ مُدَّةِ الْحَيَاةِ (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَجْهُولَ الْقَدْرِ كَمَا إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْمُشْتَرِي (أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ عُلِمَ) الْمِثْلِيُّ بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ طَعَامِ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ فِي ثَلَاثٍ وَبِالْمِثْلِ فِي وَاحِدَةٍ (وَلَوْ) كَانَ فِي الْحَالَيْنِ (سَرَفًا) بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ الْمُنْفِقِ عَلَيْهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا كَانَ السَّرَفُ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يَرْجِعْ بِبَدَلِهِ (وَرُدَّ) الْمَبِيعُ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْمَجْلِسِ سِلَعٌ كَمَقَاطِعِ قُمَاشٍ فَيَشْتَرِي مَقْطَعًا بِدِينَارٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْطَعُ الَّذِي تَأْخُذُهُ هُوَ الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ الْحَصَاةُ فَيَأْخُذُ حَصْوَةً وَيَرْمِيهَا فَكُلُّ مَا جَاءَتْ عَلَيْهِ كَانَ هُوَ الْمَبِيعَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قَصْدٌ لِمَقْطَعٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْقَصْدُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ) أَيْ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ) أَيْ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الْحَصَاةِ الَّتِي تَكَسَّرَتْ وَقَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ أَيْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: كَانَ لَك) أَيْ أَيُّهَا الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ) أَيْ وَهُوَ مَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ «نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ» (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ) أَيْ مِنْ الْجَنِينِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ بَيْعُ الْأَجِنَّةِ لَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ، وَإِنْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي رُدَّتْ، فَإِنْ فَاتَتْ كَانَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وأُجْبِرَا عَلَى أَنْ يَجْمَعَا بَيْنَهُمَا أَوْ يَبِيعَا (قَوْلُهُ: وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الْجَنِينِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ جَنِينَ إبِلٍ أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلْإِمَامِ فِي الْمُوَطَّإِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رَوَى فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا «لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ» ، وَإِنَّمَا «نَهَى فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ: الْمَضَامِينُ، وَالْمَلَاقِيحُ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ» فَقَالَ مَالِكٌ الْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إنَاثِ الْإِبِلِ وَالْمَلَاقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ وَحَبْلُ الْحُبْلَةِ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ يُنْتَجَ نِتَاجُ النَّاقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِهَا) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْإِبِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ أَوْ مَا فِي ظُهُورِ فُحُولِهَا أَوْ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْإِبِلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَلَا حَاجَةَ لِلْمَحْذُوفِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَلِدَ الْأَوْلَادَ) أَيْ الَّتِي هِيَ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا كَأَشْتَرِي مِنْك سِلْعَةَ كَذَا بِدِينَارٍ مُؤَجَّلٍ إلَى أَنْ يُولَدَ لِلْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ نَاقَتِي وَلَدٌ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ وَمَحْبُولُ الْمَحْبُولَةِ لَا أَنَّ الْأَوَّلَ اسْمُ مَفْعُولٍ وَالثَّانِيَ جَمْعُ حَابِلٍ كَظَالِمٍ وَظَلَمَةٍ وَإِلَّا كَانَ عَيَّنَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْمَضَامِينُ فَالْحَبَلُ الْأَوَّلُ مَصْدُوقَةُ الْوَلَدُ الثَّانِي وَالْحَبَلَةُ مَصْدُوقُهُ الْوَلَدُ الْأَوَّلِ الَّذِي فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَفِي جَعْلِ الْوَلَدِ الثَّانِي مَحْبُولًا مَجَازُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: حَيَاتَهُ) أَمَّا لَوْ كَانَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً جَازَ إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ تَمَامِهَا رَجَعَ مَا بَقِيَ لِلْوَارِثِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ هِبَةٌ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُقَوَّمًا) أَيْ مُطْلَقًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَوْ مَجْهُولَهُ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّ يَوْمٍ يُعْطِيهِ دَجَاجَةً وَكَانَ مَا أَعْطَاهُ لَهُ مُنْضَبِطًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ وَحِينَ الْجَهْلِ تَكُونُ الْقِيمَةُ بِالتَّحَرِّي الْعَادِي. (قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) أَيْ لِأَنَّ مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ إمَّا مُقَوَّمٌ أَوْ مِثْلِيٌّ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَوْ مَجْهُولَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَفًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا أَنْفَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِنْ مُقَوَّمٍ وَمِثْلِيٍّ سَرَفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ لَكِنَّ الرُّجُوعَ بِالسَّرَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ السَّرَفُ قَائِمًا أَوْ فَاتَ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِبَدَلِهِ) أَيْ بِبَدَلِ السَّرَفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ السَّرَفِ يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا قَائِمًا أَوْ فَائِتًا، وَأَمَّا السَّرَفُ فَيَرْجِعُ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ الَّتِي

بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيُقَاصِصْهُ بِمَا أَنْفَقَ فَمَنْ لَهُ فَضْلٌ أَخَذَهُ (وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ) وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (يَسْتَأْجِرُ عَلَى عُقُوقِ الْأُنْثَى) حَتَّى تَحْمِلَ وَلَا شَكَّ فِي جَهَالَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَحْمِلُ (وَجَازَ زَمَانٌ) كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (أَوْ مَرَّاتٌ) كَمَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ بِكَذَا (فَإِنْ أَعَقَتْ) أَيْ حَمَلَتْ وَعَلَامَتُهُ إعْرَاضُهَا عَنْ الْفَحْلِ (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا اُنْتُفِعَ (وَكَبَيْعَتَيْنِ) جَعَلَهَا بَيْعَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ تَبَدُّدِ الْمُثْمَنِ فِي السِّلْعَتَيْنِ وَالثَّمَنُ فِي السِّلْعَةِ الْوَاحِدَةِ (فِي بَيْعَةٍ) أَيْ عَقْدٌ وَاحِدٌ وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (يَبِيعُهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ أَكْثَرَ لِأَجَلٍ) وَيَخْتَارُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت بِكَذَا فَلَا مَنْعَ (أَوْ) يَبِيعُ بِإِلْزَامٍ (سِلْعَتَيْنِ) أَيْ إحْدَاهُمَا (مُخْتَلِفَتَيْنِ) جِنْسًا كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ أَوْ صِنْفًا كَرِدَاءٍ وَكِسَاءٍ لِلْجَهْلِ فِي الْمُثْمَنِ إنْ اتَّحَدَ الثَّمَنُ أَوْ فِيهِ وَفِي الثَّمَنِ إنْ اخْتَلَفَ (إلَّا) إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ) فَقَطْ مَعَ اتِّفَاقِهَا فِيمَا عَدَاهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا عَلَى اللُّزُومِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الدُّخُولُ عَلَى الْأَجْوَدِ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مَعَ اتِّحَادِ الثَّمَنِ فِي غَيْرِ طَعَامٍ (لَا) فِي (طَعَامٍ) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ طَعَامَيْنِ كَصُبْرَتَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مِنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ شَيْئًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَجْوَدَ وَهُوَ تَفَاضُلٌ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ بَلْ (وَإِنْ مَعَ غَيْرِهِ) كَبَيْعِ أَحَدِ طَعَامَيْنِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْجَوَازُ وَأَنَّ الطَّعَامَ تَبَعٌ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الطَّعَامَ لَوْ اتَّفَقَ جَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَكَيْلًا أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً مَعَ الِاتِّفَاقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَهَا الشَّارِحُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ هِيَ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَفِي بْن تَحْقِيقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْبَيْعَ كَالْإِجَارَةِ فِي الرُّجُوعِ بِالسَّرَفِ مُطْلَقًا كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ بِذَاتِهِ، وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ بِبَدَلِهِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا يَخْدُمُ الشَّخْصَ عِنْدَ آخَرَ وَالْآخَرُ يُطْعِمُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَيَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَاصِصْهُ بِمَا أَنْفَقَ) أَيْ وَيُقَاصِصْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ) تُطْلَقُ الْعَسِيبُ عَلَى الذَّكَرِ وَعَلَى ضِرَابِ الْفَحْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ وَقَوْلُهُ: عَلَى عُقُوقِ الْأُنْثَى أَيْ حَمْلِهَا أَيْ يُسْتَأْجَرُ الْفَحْلُ لِلضِّرَابِ إلَى حَمْلِ الْأُنْثَى فَعَلَى بِمَعْنَى إلَى وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِعُقُوقٍ بِأَنَّ الْمَسْمُوعَ إعْقَاقٌ وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّ أَعَقَّتْ رُبَاعِيٌّ، وَعَقَاقٌ كَسَحَابٍ وَكِتَابٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَحْمِلُ) أَيْ فَيَغِبْنَ رَبُّ الْفَحْلِ وَقَدْ تَحْمِلُ فِي زَمَنٍ قَرِيبٍ فَيَغِبْنَ رَبُّ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَجَازَ زَمَانٌ) أَيْ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى ضِرَابِهِ زَمَانًا مُعَيَّنًا أَوْ مَرَّاتٍ مُعَيَّنَةً، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَثَلَاثِ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَقْت) أَيْ حَمَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ الزَّمَانِ أَوْ الْمَرَّاتِ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: تَنْفَسِخُ فِي الْمَرَّاتِ دُونَ الزَّمَانِ بَلْ يَأْتِي الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ أَخْذِهَا بِأُنْثَى تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ أَوْ يُؤَدِّي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِذَا آجَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِدِينَارٍ وَحَمَلَتْ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّينَارِ (قَوْلُهُ: فِي السِّلْعَتَيْنِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ سِلْعَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: فِي السِّلْعَةِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ سِلْعَةً. (قَوْلُهُ: أَيْ عَقْدٌ وَاحِدٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْعَةِ الْعَقْدُ وَحِينَئِذٍ فَفِي إمَّا لِلظَّرْفِيَّةِ أَوْ السَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: يَبِيعُهَا) أَيْ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بَتًّا بِعَشَرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَجَلٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ وَيَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي عَلَى السُّكُوتِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَارُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهَا الشِّرَاءَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَجَلٍ، وَإِنَّمَا مُنِعَ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ حَالَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ) أَيْ بَلْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا مَنْعَ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا مَنْعَ فِي عَكْسِ مِثَالِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهَا بِأَحَدَ عَشَرَ نَقْدًا أَوْ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَرَدُّدِ الْمُشْتَرِي غَالِبًا؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ إنَّمَا يَخْتَارُ الْأَقَلَّ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهُمَا) أَيْ مِنْ الْجِنْسِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: الْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْقِيمَةَ دَائِمًا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ طَعَامٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَا ثَوْبَيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْعَبِيدِ وَالْبَقَرِ وَالشَّجَرِ الَّذِي لَا ثَمَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَا فِي طَعَامٍ) أَيْ لَا إنْ كَانَ السِّلْعَتَانِ الْمُخْتَلِفَتَانِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَقَطْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَعَامًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا طَعَامٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ إلَّا بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ لَا فِي طَعَامٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ طَعَامَيْنِ) أَيْ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ وَالْكَيْلِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ إلَخْ) الْأَوْضَحُ فَإِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً بَعْدَ أَنْ اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا وَانْتَقَلَ ثَمَنُهَا لِهَذِهِ فَالْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ)

فِيمَا عَدَاهُمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْغَالِبَ الدُّخُولُ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَجْوَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا انْتِقَالَ وَبِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَحْمُولَةٍ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ سَمْرَاءَ مِثْلَ الْكَيْلِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَحِينَئِذٍ فَالطَّعَامُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَيَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِمَا عَدَاهُمَا. وَمَثَّلَ لِلطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (كَنَخْلَةٍ) أَيْ بَيْعُ نَخْلَةٍ (مُثْمِرَةٍ) عَلَى اللُّزُومِ لِيَخْتَارَهَا الْمُشْتَرِي (مِنْ نَخَلَاتٍ) مُثْمِرَاتٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا فَإِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً يُعَدُّ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهَا فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ إنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا. وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ عَدُّ الْمُخْتَارِ مُنْتَقِلًا مَوْجُودَةً فِيمَنْ بَاعَ بُسْتَانَهُ الْمُثْمِرَ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدَ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَةٍ يَخْتَارُهَا أَشَارَ إلَى جَوَازِهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْبَائِعُ يَسْتَثْنِي خَمْسًا مِنْ جِنَانِهِ) الْمُثْمِرِ الْمَبِيعِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْهُ فَيَجُوزُ إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ مِنْ رَدِيئِهِ فَلَا يَخْتَارُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَرُ الْمُسْتَثْنَى قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ كَيْلًا أَوْ أَقَلَّ وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ وَلَا لَقِيمَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (وَكَبَيْعِ حَامِلٍ) أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ (بِشَرْطِ الْحَمْلِ) إنْ قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَمَا إذَا كَانَ صُبْرَتَانِ مِنْ الطَّعَامِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَوْبٌ أَوْ مَعَ إحْدَاهُمَا ثَوْبٌ دُونَ الْأُخْرَى وَيَقُولُ الْمَالِكُ لَهُمَا لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ مَعَ الثَّوْبِ الَّذِي مَعَهَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ وَلَك الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ، أَوْ أَبِيعُك إمَّا هَذِهِ الصُّبْرَةَ مَعَ الثَّوْبِ بِدِينَارٍ وَإِمَّا هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَحْدَهَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي تَعْيِينِ مَا يَأْخُذُهُ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهِمَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ أَوْ بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ لِدُخُولِ الشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهُمَا) أَيْ مِنْ الْجِنْسِ وَالْكَيْلِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُقَاسَ هَذَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ فَقَطْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: بِمَا عَدَاهُمَا) بِأَنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ أَوْ الْكَيْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ إذَا اتَّحَدَ الطَّعَامَانِ نَوْعًا وَكَيْلًا وَصِفَةً أَيْ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً فَأَجْزِ اخْتَلَفَا فِي النَّوْعِ أَوْ الْكَيْلِ فَامْنَعْ اتَّحَدَا فِي النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِلطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْبَلَحَ طَعَامٌ، وَاللِّيفَ وَالْجَرِيدَ وَالْخَشَبَ غَيْرُ طَعَامٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نَخَلَاتٍ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهَا) أَيْ وَهَذِهِ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَلَحُهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُنْتَقِلِ عَنْهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ) أَيْ إنْ دَخَلَا عَلَى كَيْلِهِمَا أَوْ عَلَى كَيْلِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي بَيْعِ إحْدَى صُبْرَتَيْنِ عَلَى اللُّزُومِ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي بَيْعِ نَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ مِنْ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَاتٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَيَحْذِفُ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَوْجُودَةً) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا يُنَافِي جَوَابَيْهِ الْآتِيَيْنِ بِقَوْلِهِ إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْعِبَارَةَ لَا تَخْلُو عَنْ حَذْفٍ، وَالْأَصْلُ وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً فِي مَنْ بَاعَ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَشَارَ لِجَوَازِهِ بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُسْتَثْنَى خَمْسًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذَا الْبُسْتَانَ الْمُثْمِرَ بِمِائَةٍ إلَّا خَمْسَ نَخَلَاتٍ أَخْتَارُهَا مِنْهُ وَأُعَيِّنُهَا عَلَى حِدَّةٍ فَالْمُسْتَثْنَى هُنَا الثَّمَرَةُ مَعَ الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَصُبْرَةٌ وَثَمَرَةٌ وَاسْتِثْنَاءٌ قَدْرَ ثُلُثٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَاكَ الثَّمَرَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى) أَيْ لَا مُشْتَرًى، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ إلَخْ أَيْ أَوْ أَنَّهُ مُشْتَرًى لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثَمَرُ الْمُسْتَثْنَى) أَيْ ثَمَرُ النَّخْلِ الْمُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ: قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ) أَيْ الَّذِي فِي الْبُسْتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ) أَيْ سَوَاءٌ زَادَ عَدَدُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى خَمْسِ نَخَلَاتٍ أَوْ نَقَصَ أَوْ كَانَ قَدْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ خَمْسَ نَخَلَاتٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ عَدَدَ النَّخْلِ الْمُسْتَثْنَى أَوْ قِيمَتَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَ عَدَدِ نَخْلِ الْبُسْتَانِ أَوْ ثُلُثَ قِيمَةِ نَخْلِهِ (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ حَامِلٍ) أَيْ فَهُوَ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ مَضَى بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ مُخْتَلِفٌ فِي صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِصِحَّتِهِ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ بَحْثًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ عِنْدَ الْفَوَاتِ ظَهَرَ أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَالصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى مَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ، كَذَا فِي المج وَهُوَ وَجِيهٌ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ يُزَادُ فِي ثَمَنِهَا فَأَخْذُ مَا زِيدَ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ) أَيْ الْبَائِعُ بِاشْتِرَاطِهِ الْحَمْلَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ مِثْلُهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ تُبَاعُ بِأَقَلَّ مِمَّا بِيعَتْ بِهِ وَهَذَا يَتَأَتَّى فِي الدَّوَابِّ وَالْأَمَةِ الْوَخْشِ

فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ كَالْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ إذْ قَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهَا بِهِ دُونَ الرَّائِعَةِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ فِي الْوَخْشِ وَفِي غَيْرِ آدَمِيٍّ وَعَلَى التَّبَرِّي فِي الرَّائِعَةِ (وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ) إجْمَاعًا (لِلْحَاجَةِ) أَيْ لِلضَّرُورَةِ كَأَسَاسِ الدَّارِ فَإِنَّهَا تُشْتَرَى مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ عُمْقِهِ وَلَا عَرْضِهِ وَلَا مَتَانَتِهِ وَكَإِجَارَتِهَا مُشَاهَرَةٌ مَعَ احْتِمَالِ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ لِحَافٍ وَالْحَشْوُ مَغِيبٌ وَشُرْبٍ مِنْ سِقَاءٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ مَعَ اخْتِلَافِ الشُّرْبِ وَالِاسْتِعْمَالِ (لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَيْ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ قَصْدَهُ فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَسَارَةِ الْكَثِيرِ كَبَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا وَبِقَيْدِ عَدَمِ الْقَصْدِ بِيعَ الْحَيَوَانُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ عَلَى مَا مَرَّ. (وَكَمُزَابَنَةٍ) بِالتَّنْوِينِ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ كُلّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَمَّا يَقْصِدُهُ مِنْهُ وَفَسَّرَهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ بِقَوْلِهِ (مَجْهُولٍ) أَيْ بَيْعُ مَجْهُولٍ (بِمَعْلُومٍ) رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) بَيْعِ مَجْهُولٍ (بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ) فِيهِمَا لِلْغَرَرِ بِسَبَبِ الْمُغَالَبَةِ. فَإِنْ تَحَقَّقَتْ الْمَغْلُوبِيَّةُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ جَازَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) الْمَجْهُولُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْمَعْلُومِ (إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعِوَضَيْنِ كَثْرَةً بَيِّنَةً تَنْتَفِي مَعَهَا الْمُغَالَبَةُ (فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ) أَيْ فِيمَا لَا رِبَا فَضْلٍ فِيهِ فَيَشْمَلُ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا نَسَاءٍ فَقَطْ كَالْفَوَاكِهِ وَمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبًا أَصْلًا كَقُطْنٍ وَحَدِيدٍ لَكِنْ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الطَّعَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ، وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِلتَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ كَمَا لَا يَخْفَى. وَلَمَّا قَيَّدَ الْمُزَابَنَةَ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ وَلَوْ بِدُخُولِ نَاقِلٍ لَا مُزَابَنَةَ فِيهِ عُطِفَ عَلَى فَاعِلِ جَازَ قَوْلُهُ (و) جَازَ (نُحَاسٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِتَوْرٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ يُشْرَبُ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا فِي الْعِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُوجِبُ زِيَادَةَ ثَمَنِهَا بَلْ نَقْصَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي) كَأَنْ يَقُولُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَخَافُ أَنْ أَبِيعَهَا لَك فَتَرُدُّهَا عَلَيَّ بِالْحَمْلِ فَأَنَا لَا أَبِيعُهَا لَك إلَّا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ لِأَجْلِ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَى رَدِّهَا لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَقَوْلُهُ: فَإِنَّ قَصْدَ التَّبَرِّي أَيْ مِنْ عَيْبِ الْحَمْلِ وَاشْتِرَاطِ الْحَمْلِ لِلتَّبَرِّي لَا يَتَأَتَّى فِي الدَّوَابِّ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ إنَّمَا تَجُوزُ فِي الرَّقِيقِ لَا فِي الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ أَوْ وَخْشِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الرَّائِعَةِ) وَذَلِكَ لِلْغَرَرِ فِي الْخَفِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجُوزُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ، فَإِنَّهُ قَادِمٌ عَلَيْهِ مُحَقَّقٌ لِوُجُودِهِ، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَالْحَمْلُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ وَخْشًا وَكَانَ الْحَمْلُ خَفِيًّا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْحَمْلِ لِأَجْلِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى فَرْضِ إذَا لَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ لَا يَضُرُّهُ وُجُودُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا بِخِلَافِ الْعِلِّيَّةِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ خَفِيًّا رُبَّمَا جَوَّزَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ وَلَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ فَتَظْهَرُ أَنَّهَا حَامِلٌ فَيَعُودُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِمَا قَصَدَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحَمْلِ بِأَنْ يَقُولَ: أَرَدْت بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ الشَّرْطِ الْبَرَاءَةَ أَوْ الِاسْتِزَادَةَ فِي الثَّمَنِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِمَا قَصَدَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِمَا قَصَدَ فَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَهُ بِاشْتِرَاطِ الْحَمْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَرَرٌ يَسِيرٌ) أَيْ وَهُوَ مَا شَأْنُ النَّاسِ التَّسَامُحُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَأَسَاسِ الدَّارِ) أَيْ كَالْغَرَرِ بِالنِّسْبَةِ لِأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَإِلَّا فَالْأَسَاسُ لَيْسَ غَرَرًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ لِحَافٍ) أَيْ، وَأَمَّا حَشْوُ الطَّرَّاحَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَظَرِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا) أَيْ بَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْحَمْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْصَدُ فِي الْبَيْعِ عَادَةً وَهُوَ غَرَرٌ إذْ يَحْتَمِلُ حُصُولُهُ وَعَدَمُ حُصُولِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ فَهَلْ تَسْلَمُ أُمُّهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ تَمُوتُ (قَوْلُهُ: بِالتَّنْوِينِ) هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ قِرَاءَتِهِ بِالْإِضَافَةِ وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ) مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ زَبُونٌ إذَا مُنِعَتْ مِنْ حِلَابِهَا وَالْمَنْعُ الدَّفْعُ وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ لِدَفْعِهِمْ الْكُفَّارَ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ: مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَبَيْعِ إرْدَبِّ قَمْحٍ بِغِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا فِيهَا مِنْ الْقَمْحِ وَكَقِنْطَارٍ خَوْخًا بِقَفَصٍ مَمْلُوءٍ خَوْخًا لَا يُعْلَمُ وَزْنَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ) أَيْ كَبَيْعِ غِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ قَمْحًا بِغِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ مِنْهُ وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا فِيهِمَا أَوْ بَيْعُ قَفَصِ خَوْخٍ بِمِثْلِهِ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ وَالْمَجْهُولُ بِالْمَجْهُولِ أَيْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْهُ أَوْ بَيْعُ الْمَجْهُولَيْنِ مِنْهُ إذَا كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً بَيِّنَةً كَمَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ غَيْرُ بَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) أَيْ كَبَيْعِ إرْدَبِّ أَرْزٍ بِصُبْرَةِ قَمْحٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرَ أَوْ صُبْرَتَيْنِ مِنْهُمَا مَجْهُولَتَيْ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَنُحَاسٌ) هُوَ مُثَلَّثُ النُّونِ أَيْ غَيْرُ مَصْنُوعٍ، وَقَوْلُهُ: بِتَوْرٍ هُوَ فِي اللُّغَةِ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ يُشْرَبُ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُطْلَقُ نُحَاسٍ مَصْنُوعٍ سَوَاءٌ كَانَ تَوْرًا أَوْ حُلَّةً أَوْ إبْرِيقًا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ النُّحَاسِ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ بِالنُّحَاسِ الْمَصْنُوعِ وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلُ أَرْبَعَةٌ الثَّانِيَةُ بَيْعُ النُّحَاسِ

وَسَوَاءٌ كَانَا جُزَافَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَالْجَوَازُ إنْ بِيعَ نَقْدًا، وَكَذَا مُؤَجَّلًا وَقَدَّمَ النُّحَاسَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مِثْلُ الْمَصْنُوعِ الْمُؤَجَّلِ وَإِلَّا مُنِعَ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ أَوَانِي النُّحَاسِ بِالْفُلُوسِ؛ لِأَنَّهُمَا مَصْنُوعَانِ إنْ عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَوَزْنُ الْأَوَانِي أَوْ جُهِلَ الْوَزْنُ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا لَوْ جُهِلَ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ مَعًا، وَأَمَّا مَا تَكَسَّرَ مِنْهَا وَمَا بَطَلَ مِنْ الْفُلُوسِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِفُلُوسٍ مُتَعَامِلٍ بِهَا وَهُمَا دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ (لَا فُلُوسَ) عَطْفٌ عَلَى تَوْرٍ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ نُحَاسٍ بِفُلُوسٍ لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْفُلُوسِ بِصَنْعَتِهَا بِخِلَافِ صَنْعَةِ الْإِنَاءِ وَمَحِلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ جُهِلَ عَدَدُهَا سَوَاءٌ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ أَمْ لَا كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا أَوْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَضْلُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا إذَا عُلِمَ عَدَدُهَا وَوَزْنُ النُّحَاسِ. [دَرْسٌ] (وَكَكَالِئٍ) أَيْ دَيْنٍ مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ الْحِفْظُ أَيْ بَيْعُ دَيْنٍ (بِمِثْلِهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّهَا لِكَوْنِهِ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ بِقَوْلِهِ (فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ الْمَدِينِ (فِي مُؤَخَّرٍ) قَبَضَهُ عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ حَلَّ الدَّيْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِالْفُلُوسِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا وَهَذِهِ هِيَ الْآتِيَةُ لِلْمُصَنِّفِ وَالثَّالِثَةُ بَيْعُ النُّحَاسِ الْمَصْنُوعِ بِالْفُلُوسِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ أَوَانِي النُّحَاسِ بِالْفُلُوسِ إلَى آخِرِهِ وَالرَّابِعَةُ بَيْعُ الْفُلُوسِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِمِثْلِهَا وَسَنَذْكُرُهَا، وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ النُّحَاسِ غَيْرَ الْمَصْنُوعِ بِالتَّوْرِ وَلَمْ يُمْنَعْ لِلْمُزَابَنَةِ لِانْتِقَالِهِ بِالصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَا جُزَافَيْنِ) أَيْ مَجْهُولَيْ الْوَزْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَجْهُولًا وَزْنُهُ وَالْآخَرُ مَعْلُومًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَا مَعْلُومَيْ الْوَزْنِ لَجَازَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَقِنْطَارِ نُحَاسٍ بِإِنَاءِ نِصْفِ قِنْطَارٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُؤَجَّلًا وَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ قَدْرَ كُلٍّ مِنْ النُّحَاسَيْنِ جَازَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا فَالْجَوَازُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُؤَجَّلًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّمُ النُّحَاسَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ذَلِكَ النُّحَاسُ تَوْرًا وَإِلَّا مُنِعَ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّمُ التَّوْرُ فَأَجِزْ مُطْلَقًا كَانَ الْأَجَلُ يُمْكِنُ أَنْ يُكْسَرَ التَّوْرُ فِيهِ وَيُعْمَلُ نُحَاسًا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُكْسَرَ التَّوْرُ فِيهِ وَيُعَادُ نُحَاسًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَجَلِ لِقِصَرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَوَزْنُ النُّحَاسِ فَالْجَوَازُ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ، فَإِنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ جَازَ وَإِلَّا، فَإِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ جَازَ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُنِعَ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ الْفُلُوسِ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ أَوَّلًا، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَوَانِي النُّحَاسِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ لَا فُلُوسَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ نُحَاسٍ غَيْرِ مَصْنُوعٍ بِفُلُوسٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِ النُّحَاسِ مُكَسَّرًا أَوْ فُلُوسًا بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: بِفُلُوسٍ أَيْ مُتَعَامَلٍ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ جُهِلَ عَدَدُهَا) أَيْ الْفُلُوسِ وَإِنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ، وَلَوْ مَعَ الْكَثْرَةِ الَّتِي تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِكَوْنِ الْفُلُوسِ لَا تُبَاعُ جُزَافًا كَمَا سَبَقَ لَا لِمُجَرَّدِ الْمُزَابَنَةِ وَإِلَّا لَجَازَ فِي حَالِ الْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا عُلِمَ عَدَدُهَا وَوَزْنُ النُّحَاسِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا، فَعُلِمَ أَنَّ أَقْسَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ بَيْعِ النُّحَاسِ بِالْفُلُوسِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَمْتَنِعُ فِيهِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَقِسْمٌ يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَقِسْمٌ يَمْتَنِعُ فِيهِ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ وَإِلَّا جَازَ. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْفُلُوسِ السَّحَاتِيتِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالْفُلُوسِ الدِّيوَانِيَّةِ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْفُلُوسَ غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ، فَإِنْ تَمَاثَلَا عَدَدًا فَأَجِزْ، وَإِنْ جَهِلَ عَدَدَ كُلٍّ، فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ فَأَجِزْ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْفُلُوسَ رِبَوِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا إذَا تَمَاثَلَا وَزْنًا أَوْ عَدَدًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ الْحِفْظُ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الدَّيْنَ مَكْلُوءٌ لَا كَالِئٌ وَالْكَالِئُ إنَّمَا هُوَ صَاحِبُهُ فَهُوَ الَّذِي يَحْفَظُ الْمَدِينَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ فِي إسْنَادِ مَعْنَى الْفِعْلِ لِلْمُلَابَسَةِ فَحَقُّ الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ أَنْ تُسْنَدَ لِلشَّخْصِ بِأَنْ يُقَالَ وَكَدَيْنِ كَالِئٍ صَاحِبُهُ فَأُسْنِدَتْ لِلدَّيْنِ لِلْمُلَابَسَةِ الَّتِي بَيْنَ الدَّيْنِ وَصَاحِبِهِ أَوْ أَنَّ كَالِئَ بِمَعْنَى مَكْلُوءٍ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ لِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْحَافِظِ الْمَحْفُوظِ وَعَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فِيهِ أَنَّ مِنْ جُمْلَتِهَا بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَيَلْزَمُ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَشْمَلُ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ لُغَةً الَّتِي هِيَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَتَأَخُّرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لُغَةً إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ سَمَّوْا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِاسْمٍ يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ فَتَحْرِيمُهُ بِالْكِتَابِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَتَحْرِيمُهُمَا بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ) هُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ وَعَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: فِي مُؤَخَّرِ) أَيْ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (قَوْلُهُ: حَلَّ الدَّيْنُ) أَيْ الْمَفْسُوخُ

أَمْ لَا إنْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ (مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَغَائِبٍ) عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ بِيعَ الْعَقَارُ مُذَارَعَةً أَوْ جُزَافًا (وَ) أَمَةٍ (مُوَاضَعَةٍ) فِي حَالِ مُوَاضَعَتِهَا فَسَخَهَا الْمُشْتَرِي فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ شَأْنُهَا أَنْ تَتَوَاضَعَ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ فِيهِ أَمَةً عِنْدَهُ رَائِعَةً أَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا (أَوْ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ (مَنَافِعُ عَيْنٍ) أَيْ ذَاتًا مُعَيَّنَةً كَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ مُعَيَّنَيْنِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فِي الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ مَثَلًا فَهِيَ كَالدَّيْنِ لِتَأَخُّرِ أَجْزَائِهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا إذَا أُسْنِدَتْ لِمُعَيَّنٍ أَشْبَهَتْ الْمُعَيَّنَاتِ الْمَقْبُوضَةِ وَصَحَّحَ لَكِنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا الْمَنَافِعُ الْمَضْمُونَةُ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَسُكْنَى دَارٍ كَذَلِكَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي مَنْعِهَا وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الدَّيْنِ، وَلَوْ حَالًّا (بِدَيْنٍ) لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقَدُّمِ عِمَارَةِ ذِمَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا وَيُتَصَوَّرُ الْأَوَّلُ فِي أَرْبَعَةٍ كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ وَلِآخَرَ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَيَبِيعُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَيْنَهُ بِدَيْنِ صَاحِبِهِ وَالثَّانِي فِي ثَلَاثَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ) أَيْ الَّذِي فُسِخَ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَفَسَخَهُ فِي طَعَامٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ فَفَسَخَهَا فِي دَنَانِيرَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَفَسَخَهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الدَّيْنِ أَجْلًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَوْ مَعَ حَطِيطَةِ بَعْضِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ كَانَ نَقْدًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ خِلَافًا لعبق إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ بَلْ هُوَ سَلَفٌ أَوْ مَعَ حَطِيطَةٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ بَعْضَهُ لَيْسَ فَسْخًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ الِانْتِقَالُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ عج ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ وَلَوْ اتِّهَامًا فَدَخَلَ فِيهِ حِينَئِذٍ مَا إذَا أَخَذَ مِنْهُ فِي الدَّيْنِ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مُؤَخَّرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَعَادَ إلَيْهَا يُعَدُّ لَغْوًا وَدَخَلَ أَيْضًا مَا لَوْ قَضَاك دَيْنَك ثُمَّ رَدَدْتُهُ لَهُ سَلَمًا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَقَعَانِ بِمِصْرَ كَثِيرًا لِلتَّحَيُّلِ عَلَى التَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَفْسُوخُ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) أَيْ يَتَأَخَّرُ ضَمَانُهُ، وَإِنْ حَصَلَ قَبْضُ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ بِالْفِعْلِ كَمَا فِي الْأَمَةِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تَتَوَاضَعَ أَوْ الْمُرَادُ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَالْأَوَّلُ كَالْغَائِبِ وَالثَّانِي كَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ إذْ لَا يَقْبِضُهَا شَرْعًا بِحَيْثُ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: كَغَائِبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخْذُهُ لِذَلِكَ الْغَائِبِ فِي الدَّيْنِ عَلَى وَصْفٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَعَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ مَعَ بَقَاءِ الصِّفَةِ الْمُعَيَّنَةِ حِينَ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: بَيْعُ الْعَقَارِ مُذَارَعَةً) كَمَا لَوْ طَلَبْت الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَأَعْطَاكَ دَارًا غَائِبَةً كُلُّ ذِرَاعٍ بِكَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ جُزَافًا أَيْ كَمَا لَوْ طَلَبْت الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ بَعْدَ حُلُولِهِ فَأَعْطَاك دَارًا غَائِبَةً فِي الدَّيْنِ جُزَافًا، فَإِنْ قُلْت الْعَقَارُ الْمَبِيعُ جُزَافًا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ قُلْتُ هُوَ وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا شَرْعًا لَكِنَّ قَبْضَهُ مُتَأَخِّرٌ حِسًّا وَمَتَى تَأَخَّرَ الْقَبْضُ شَرْعًا أَوْ حِسًّا فَالْمَنْعُ وَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ مِنْهُ إلَّا بِالْقَبْضَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَنْعِ فِي الْجُزَافِ كَالْمُذَارَعَةِ هُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شب خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ الْجَوَازِ فِي الْجُزَافِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَالشَّارِحِ بَهْرَامَ وَهُوَ تَأْوِيلُ فَضْلٍ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ رَائِعَةً أَوْ وَخْشًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مَنَافِعَ مَضْمُونَةً بَلْ، وَلَوْ كَانَ مَنَافِعَ عَيْنٍ أَيْ ذَاتٌ مُعَيَّنَةٌ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّ فَسْخَ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مَنَافِعِ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ بَلْ هُوَ جَائِزٌ وَمِثْلُ الْفَسْخِ فِي مَنَافِعِ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْفَسْخُ فِي ثِمَارٍ يَتَأَخَّرُ جَذُّهَا أَوْ سِلْعَةٍ فِيهَا خِيَارٌ أَوْ رَقِيقٌ فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ أَوْ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ. (قَوْلُهُ: كَرُكُوبِ دَابَّةٍ) أَيْ كَأَنْ يَفْسَخُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ جُمُعَةٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ شَهْرًا أَوْ سُكْنَى دَارٍ مُعَيَّنَةٍ سَنَةً (قَوْلُهُ: لِتَأَخُّرِ أَجْزَائِهَا) أَيْ فَقَبْضُ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ) قَدْ كَانَ عج يَعْمَلُ بِهِ فَكَانَتْ لَهُ حَانُوتٌ سَاكِنٌ فِيهَا مُجَلِّدٌ يُجَلِّدُ الْكُتُبَ فَكَانَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ أُجْرَةٌ فِي ذِمَّتِهِ يَسْتَأْجِرُهُ بِهَا عَلَى تَسْفِيرِ كُتُبٍ، وَكَانَ يَقُولُ: هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي فِي ثَلَاثَةٍ) أَيْ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فِي أَقَلَّ

كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَيَبِيعُهُ مِنْ ثَالِثٍ لِأَجَلٍ وَلَا يَمْتَنِعُ فِي هَذَا الْقِسْمِ بَيْعُهُ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَا بِمَنَافِعَ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَبَيْعُهُ بِمَا ذُكِرَ وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ عَيْنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَشْغَلَ ذِمَّةَ صَاحِبِهِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْأَخَفِّ مِنْ فَسْخِهِ بِهِ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَنْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ذَكَرَ بَيْعَهُ بِالنَّقْدِ وَلَا يَخْلُو مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا بِقَوْلِهِ (وَمَنْعُ بَيْعِ دَيْنِ مَيِّتٍ) أَيْ عَلَيْهِ (أَوْ) عَلَى (غَائِبٍ، وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) أَوْ عُلِمَ مِلَاؤُهُ (وَ) عَلَى (حَاضِرٍ) ، وَلَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) بِهِ وَالدَّيْنُ مِمَّا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا طَعَامَ مُعَاوَضَةٍ وَبِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَلَيْسَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَلَا عَكْسَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ. (وَكَبَيْعِ الْعُرْبَانِ) اسْمٌ مُفْرَدٌ وَيُقَالُ: أُرْبَانُ بِضَمِّ أَوَّلِ كُلٍّ وَعُرْبُونٌ وَأُرْبُونٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَفَتْحِهِ وَهُوَ (أَنْ) يَشْتَرِيَ أَوْ يَكْتَرِيَ السِّلْعَةَ وَ (يُعْطِيَهُ) أَيْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (شَيْئًا) مِنْ الثَّمَنِ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (إنْ كَرِهَ الْبَيْعَ لَمْ يُعِدْ إلَيْهِ) مَا أَعْطَاهُ، وَإِنْ أَحَبَّهُ حَاسَبَهُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيُفْسَخُ، فَإِنْ فَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَرِهَ الْبَيْعَ أَخَذَهُ وَإِلَّا حَاسَبَ بِهِ جَازَ. (وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ) أَيْ وَالِدَةٍ، وَلَوْ كَافِرَةً غَيْرَ حَرْبِيَّةٍ أَوْ مَجْنُونَةً (فَقَطْ) لَا أَبٌ وَلَا جَدَّةٌ (مِنْ وَلَدِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ ثَلَاثَةٍ كَمَا أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْتَنِعُ فِي هَذَا الْقِسْمِ بَيْعُهُ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ فَإِذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لِخَالِدٍ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ بِمَنَافِعَ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الدَّيْنَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ إنْ قُلْت: سَيَأْتِي أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى حَاضِرٍ أَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ وَالْمُعَيَّنُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَنَافِعُ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَتْ نَقْدًا قُلْت الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ مَا لَيْسَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُعَيَّنَ وَمَنَافِعَهُ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ فَهِيَ نَقْدٌ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الْمَقْبُوضَ بِالْفِعْلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَيْنٌ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ جَازَ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: ذَكَرَ بَيْعَهُ أَيْ ذَكَرَ حُكْمَ بَيْعِهِ فَفِي كَلَامِهِ حَذْفُ مُضَافِينَ وَاحِدٌ فِي الْأَوَّلِ وَوَاحِدٌ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي تَرِكَتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْهَا بِتَقْدِيرِ دَيْنٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِرَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا وَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَكَانَتْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَبِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ وَكَانَ مُسَاوِيًا لَا أَنْقَصَ وَإِلَّا كَانَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ وَلَا أَزْيَدَ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ حَظُّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك وَلَيْسَ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ قَبْلَ قَبْضِهِ احْتِرَازًا مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، فَإِنْ وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا مُنِعَ الْبَيْعُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ لِيُعْلَمَ حَالُهُ مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مِقْدَارِ عِوَضِ الدَّيْنِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدِينِ مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى وَالْمَبِيعُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى دَيْنًا أَوْ وَهَبَ لَهُ وَكَانَ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الرَّهْنُ أَوْ الْحَمِيلُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِمَا وَحُضُورِ الْحَمِيلِ وَإِقْرَارِهِ بِالْحَمَّالَةِ، وَإِنْ كُرِهَ التَّحَمُّلُ لِمَنْ مَلَكَهُ وَلِرَبِّ الرَّهْنِ إذَا شَرَطَ دُخُولَهُ وَكَرِهَ ذَلِكَ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِلدَّيْنِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَضَعَهُ عِنْدَ أَمِينٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَرِثَ دَيْنًا بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ بِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَلِلرَّاهِنِ وَضْعُهُ عِنْدَ أَمِينٍ إذَا كَرِهَ وَضْعَهُ عِنْدَ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: اسْمُ مُفْرَدٍ) أَيْ لَا جَمْعٍ وَلَا اسْمَ جَمْعٍ (قَوْلُهُ: وَفَتَحَهُ) إلَّا أَنَّهُ إذَا ضُمَّ أَوَّلُهُ سُكِّنَ ثَانِيهِ وَإِذَا فُتِحَ أَوَّلُهُ فُتِحَ ثَانِيهِ، كَذَا رَأَيْته فِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَكْتَرِيَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَنْعَ الْعُرْبَانِ يَجْرِي فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَا فِي الْبَيْعِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأُولَى مِنْهُ فِي الْمَنْعِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُرَاهِنَةِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَهُ مَجَّانًا) كَقَوْلِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي لَا أَبِيعُك السِّلْعَةَ إلَّا إذَا أَعْطَيْتنِي دِينَارًا آخُذُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَخَذْت السِّلْعَةَ أَوْ كَرِهَتْ أَخْذَهَا (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ قَالَهُ الْمَوَّاقُ لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ) أَيْ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (قَوْلُهُ: أَيْ وَالِدَةُ) أَيْ وَأَمَّا الْأُمُّ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا تَحْرُمُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرَ حَرْبِيَّةٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً بِأَنْ ظَفِرَ بِالْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا مَنْ ظَفِرَ بِهِ وَيَبِيعُهُ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونَةً) عُطِفَ عَلَى كَافِرَةٍ أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ عَاقِلَةً بَلْ، وَلَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً

وَأَنَّ مَنْ زَنَى (وَإِنْ) حَصَلَ التَّفْرِيقُ (بِقِسْمِهِ) فِي مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا وَرِثَ جَمَاعَةٌ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ قِسْمَتُهَا، وَلَوْ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ اشْتَرَطُوا عَدَمَ التَّفْرِقَةِ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْمِلْكِ (أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا) الْأُمِّ أَوْ الْوَالِدِ (لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ) ، وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ وَلَا يُسْتَثْنَى مَالَهُ (مَا لَمْ يُثْغَرْ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ نَبَاتٍ بَدَّلَ رَوَاضِعَهُ بَعْدَ سُقُوطِهَا إثْغَارًا (مُعْتَادًا) ، فَإِنْ تَعَجَّلَ الْإِثْغَارَ فَلَا تَفْرِيقَ (وَصَدَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ) مَعَ وَلَدِهَا فِي دَعْوَاهَا الْأُمُومَةَ فَلَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا اتَّحَدَ سَابِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ إلَّا لِقَرِينَةٍ عَلَى كَذِبِهَا (وَلَا تَوَارُثَ) بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا وَلَا تَوَارُثَ مَعَ شَكٍّ أَمَّا هِيَ فَلَا تَرِثُهُ قَطْعًا، وَأَمَّا هُوَ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهَا وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ وَيَجْرِي هُنَا وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يُطِلْ الْإِقْرَارَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَرِثَهَا وَمَنَعَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا (مَا لَمْ تَرْضَ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا، فَإِنْ رَضِيَتْ طَائِعَةً غَيْرَ مَخْدُوعَةٍ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَنْعَ التَّفْرِيقِ خَاصٌّ بِالْعَاقِلِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ بِالرَّعْيِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ لَمْ يُفْسَخْ فَلَيْسَ كَتَفْرِيقِ الْعَاقِلِ (وَفَسْخُ) الْعَقْدِ الْمُتَضَمِّنِ لِلتَّفْرِقَةِ إذَا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ (إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ) وَاحِدٍ بِأَنْ أَبَى مُبْتَاعُ الْأُمِّ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَلَدَ أَوْ عَكْسُهُ، فَإِنْ جَمَعَاهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ وَمَحَلُّ الْفَسْخِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يُفْتِ الْمَبِيعُ وَإِلَّا لَمْ يَفْسَخْ وَجُبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ، وَأَمَّا إجَارَةُ أَحَدِهِمَا أَوْ رَهْنُهُ فَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَإِنْ بِقِسْمَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ التَّفْرِيقُ بِبَيْعٍ بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ بِقِسْمَةٍ أَوْ بِدَفْعِ أَحَدِهِمَا أُجْرَةً أَوْ صَدَاقًا خِلَافًا لِمَا فِي خش، وَإِنَّمَا تَجُوزُ التَّفْرِقَةُ فِي الْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ بِإِجَارَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ نِكَاحِهِ لَا بِدَفْعِ أَحَدِهِمَا أُجْرَةً أَوْ صَدَاقًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَطُوا عَدَمَ التَّفْرِقَةِ) أَيْ فِي الْجَوَازِ بِأَنْ اشْتَرَطُوا جَمْعَهُمَا عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ جِوَارُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا مَلَكَ لِسَيِّدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ مَلَكَ أُمًّا وَوَلَدَهَا أَنْ يَبِيعَ الْأُمَّ لِرَجُلٍ وَوَلَدَهَا لِعَبْدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُثْغَرْ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ إثْغَارِهِ أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ إتْيَانِ زَمَنِ إثْغَارِهِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ جَاءَ زَمَنُ الْإِثْغَارِ الْمُعْتَادِ فَلَا تُمْنَعُ التَّفْرِقَةُ سَوَاءٌ حَصَلَ إثْغَارٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ شِدَّةَ احْتِيَاجِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ وَظُهُورِ آثَارِ الْمَحَبَّةِ تَنْتَهِي لِزَمَنِ الْإِثْغَارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِزَمَنِ الْإِثْغَارِ زَمَنُ نَبَاتِ بَدَلِ الرَّوَاضِعِ كُلِّهَا لَا بَعْضِهَا، وَلَوْ الْمُعْظَمَ (قَوْلُهُ: بَدَلِ رَوَاضِعِهِ) أَيْ بَدَلِ أَسْنَانِهِ الَّتِي نَبَتَتْ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْبُنُوَّةَ الْمَانِعَةَ مِنْ التَّفْرِيقِ. تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَبِإِقْرَارِ مَالِكِيهِمَا وَدَعْوَى الْأُمِّ مَعَ قَرِينَةِ صِدْقِهَا لَا مَعَ قَرِينَةِ كِذْبِهَا وَتَصْدِيقِ الْأُمِّ إنَّمَا يَنْفَعُ فِي مَنْعِ التَّفْرِيقِ لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْبُنُوَّةِ فَلَا يَخْتَلِي بِهَا وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْبُنُوَّةِ وَإِقْرَارِ الْمَالِكَيْنِ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ فِي مَنْعِ التَّفْرِقَةِ وَيَثْبُتُ بِهِ الْمِيرَاثُ وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ: اتَّحَدَ سَابِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ أَيْ صَدَّقَهَا السَّابِي أَوْ كَذَّبَهَا وَقَوْلُهُ: وَصُدِّقَتْ أَيْ بِيَمِينٍ إنْ اُتُّهِمَتْ وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَرِثُهَا قَطْعًا إنْ كَانَ لَهَا إلَخْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ وَارِثٌ لَا يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَرِثُهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ: لَا يَرِثُهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَبْنَى الْقَوْلَيْنِ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَوْ حَائِزٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَرِثُ وَعَلَى الثَّانِي يَرِثُ وَخَصَّ اللَّخْمِيَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ إقْرَارُهَا بِأُمُومَتِهِ وَإِلَّا وَرِثَهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَالطُّولُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هُنَا وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ إلَخْ) أَيْ وَخَصَّ اللَّخْمِيَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ، وَأَمَّا إذَا طَالَ الْإِقْرَارُ وَرِثَهَا اتِّفَاقًا وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا مِنْ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لَهَا وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ حَائِزٌ فَلَا يَرِثُهَا اتِّفَاقًا، وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَرِثَهَا فَيَقُولُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهَا وَيَجْرِي هُنَا وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَتْ طَائِعَةً غَيْرَ مَخْدُوعَةٍ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَنْعَ التَّفْرِيقِ حَقٌّ لِلْأُمِّ وَقِيلَ: إنَّهُ حَقٌّ لِلْوَلَدِ وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ، وَلَوْ رَضِيَتْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِهِ فِي الْبَهَائِمِ) وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ لَمْ يُفْسَخْ) أَيْ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ) دَخَلَ فِيهِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا صَدَاقًا وَالْمُخَالَعَةُ بِهِ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا عِوَضًا فِي إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ فَتُرَدُّ الْهِبَةُ وَالْخُلْعُ وَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ أَبَى مُشْتَرِي الْوَلَدِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُمَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَمَعَاهُمَا) أَيْ بَعْدَ التَّفْرِقَةِ بِأَنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ بَاعَا مَعًا لِغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ) الْأَوْلَى مُضِيُّ الْعَقْدِ أَيْ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ التَّفْرِقَةُ قَبْلَ جَمْعِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إجَارَةُ أَحَدِهِمَا أَوْ رَهْنُهُ) أَيْ وَكَذَا تَزْوِيجُ الْأُمِّ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ أَيْ لِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ فِي الْمِلْكِ وَهَذَا مَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَاخْتَارَهُ خش وعبق وَقَالَ عج: إنَّهُ يُفْسَخُ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ شب

وَجُبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزِ وَاحِدٍ أَيْضًا (وَهَلْ) التَّفْرِقَةُ الْحَاصِلَةُ (بِغَيْرِ عِوَضٍ) كَهِبَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ التَّصَدُّقُ بِهِ أَوْ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَوْ هِبَتُهُمَا لِشَخْصَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَفْسَخُ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِلَا عِوَضٍ لَا فَسْخَ فِيهِ اتِّفَاقًا فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ (أَوْ يَكْتَفِي) فِي جَمْعِهِمَا (بِحَوْزٍ) ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا ابْتَدَأَ بِالْمَعْرُوفِ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ عَنْهُ (كَالْعِتْقِ) لِأَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ قَصْدِ الضَّرَرِ فَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ (وَجَازَ بَيْع نِصْفِهِمَا) مَثَلًا لِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ اتَّفَقَ الْجُزْءُ أَوْ اخْتَلَفَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ بَيْعَ نِصْفِ أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ كَذَلِكَ. (و) جَازَ (بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ) النَّاجِزِ وَإِبْقَاءُ الْآخَرِ قِنًّا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ لِلْعِتْقِ قُيِّدَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ. (و) جَازَ بَيْعُ (الْوَلَدِ مَعَ) بَيْعِ (كِتَابَةِ أُمِّهِ) يَعْنِي إذَا بِيعَتْ كِتَابَةُ أُمِّهِ وَجَبَ بَيْعُهُ مَعَهَا فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ مَعَ كِتَابَةِ الْوَلَدِ فَلَوْ قَالَ وَأَحَدُهُمَا مَعَ كِتَابَةِ الْآخَرِ لَكَانَ أَشْمَلَ (و) جَازَ (لَمُعَاهِدٍ) حَرْبِيٍّ نَزَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا (التَّفْرِقَةُ) بَيْنَهُمَا (وَكُرِهَ) لَنَا (الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ) بِالتَّفْرِقَةِ وَالْكَرَاهَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَلَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُسِخَ رَجَعَ لِمِلْكِ الْمُعَاهِدِ (وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ) مِنْ الْبَيْعِ أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ فَالْأَوَّلُ (كَأَنْ) يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ هِبَتُهُمَا لِشَخْصَيْنِ) أَيْ بِأَنْ وَهَبَهُمَا مَالِكُهُمَا لِشَخْصَيْنِ، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُمَا شَخْصَانِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَالتَّفْرِقَةِ الْحَاصِلَةِ بِعِوَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ وَيُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ إنْ أَبَيَا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ) أَيْ وَأَمَّا مَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِالتَّأْوِيلِ الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حُكْمَ مَا يَجِبُ إذَا وُجِدَ الْوَلَدُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَالْأُمُّ فِي مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمَ هَلْ صَارَ إلَيْهِمَا بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ فِي هَذَا وُجُوبُ جَمْعِهِمَا بِمِلْكٍ وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا) أَيْ لِاتِّحَادِ الْمَالِكِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُشْتَرِي ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلْعِتْقِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَوْ ثُلُثُهُمَا أَوْ نِصْفُ أَحَدِهِمَا وَرُبْعُ الْآخَرِ مَثَلًا وَبَقِيَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا مِنْ جُزْءِ الْآخَرِ فَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْعِهِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ) أَيْ وَإِبْقَاءُ الْآخَرِ قِنًّا وَيَجِبُ حِينَئِذٍ جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ وَلَا يَجُوزُ تَفْرِقَتُهُمَا (قَوْلُهُ: النَّاجِزُ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ بِالْأَوْلَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّحْبِيسُ كَالْعِتْقِ كَمَا فِي شب اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ الْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْوَلَدَ يُقْرَأُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى نِصْفِهِمَا لَا بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَبَيْعُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: الْإِذْنُ) أَيْ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْوَلَدُ مَعَ كِتَابَةِ أُمِّهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَتَقَتْ الْأُمُّ إلَى وَقْتِ الْإِثْغَارِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى جَمْعِ أُمِّهِ مَعَهُ فِي حَوْزِهِ إنْ أَبَى (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِمُعَاهَدٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ خِلَافًا لِابْنِ مُحْرِزٍ الْقَائِلِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مُعَاهِدٌ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ لَهُ التَّفْرِقَةُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَمْنُوعَةً فِي شَرِيعَتِهِمْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَاهِدُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ أَيْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَبَاعَ مُفَرِّقًا لَهُمَا. ، فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بَيْعُهُ لَكِنْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْمُعَاهَدُ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ الْبَيْعِ إمَّا أَنْ لَا يَقْتَضِيَهُ الْعَقْدُ وَيُنَافِيَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَوْ يُخِلَّ بِالثَّمَنِ أَوْ يَقْتَضِيَهُ الْعَقْدُ أَوْ لَا يَقْتَضِيَهُ وَلَا يُنَافِيهِ فَالْمُضِرُّ الْأَوَّلَانِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِثَالَ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ كَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَالْقِيَامِ بِالْعَيْبِ وَرَدِّ الْعِوَضِ عِنْدَ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ فَهَذِهِ الْأُمُورُ لَازِمَةٌ دُونَ شَرْطٍ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ لَهَا فَشَرْطُهَا تَأْكِيدٌ وَالرَّابِعُ كَشَرْطِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ وَالرَّهْنِ فَهَذِهِ أُمُورٌ لَا تُنَافِي الْعَقْدَ وَلَا يَقْتَضِيهَا بَلْ إنْ اُشْتُرِطَتْ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا، هَذَا تَفْصِيلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى تَحْرِيمِ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ مُطْلَقًا لِمَا وَرَدَ مِنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» وَذَهَبَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ جَابِرًا بَاعَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاشْتَرَطَ حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا لِلْمَدِينَةِ وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأَعْتِقَهَا، وَإِنْ اشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَجَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَعَرَفَ مَالِكٌ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا فَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وُجُوهِهَا وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ وَلَا أَحْسَنَ تَأْوِيلَ الْآثَارِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ

أَنْ (لَا يَبِيعَ) أَوْ لَا يَهَبَ أَوْ لَا يَتَّخِذُهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ لَا يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ لَا يَرْكَبَهَا أَوْ لَا يَلْبَسَهَا أَوْ لَا يَسْكُنَهَا أَوْ لَا يُؤَاجِرَهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُبْتَاعُ عَلَى شَرْطِ إنْ بِعْتهَا لِغَيْرِي فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْإِقَالَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا. (إلَّا) شَرْطًا مُلْتَبِسًا (بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ) ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَمِثْلُ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ التَّحْبِيسُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَاحْتَرَزَ بِالتَّنْجِيزِ عَنْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَاِتِّخَاذِ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وُجُوهًا أَرْبَعَةً أَوَّلُهَا الْإِبْهَامُ وَأَشَارَ لَهُ مَعَ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُجْبَرْ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ (إنْ أَبْهَمَ) الْبَائِعُ فِي شَرْطِهِ الْعِتْقَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأَنْ قَالَ: أَبِيعُك بِشَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِإِيجَابٍ وَلَا خِيَارٍ، وَشَرْطُ النَّقْدِ فِي هَذَا يُفْسِدُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. وَثَانِيهَا التَّخْيِيرُ وَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْمُخَيَّرِ) عِنْدَ الشِّرَاءِ فِي الْعِتْقِ وَرَدِّ الْبَيْعِ أَيْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ إنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الْعِتْقَ وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ أَيْضًا فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ. وَثَالِثُهَا الْإِيجَابُ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ عَلَى) شَرْطِ (إيجَابِ الْعِتْقِ) بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُك عَلَى شَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهُ لُزُومًا لَا تَخَلُّفَ لَكَ عَنْهُ فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ، فَإِنْ أَبَى أَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (كَأَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعِتْقِ لَا بِقَيْدِ الْجَبْرِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عِتْقٍ. ثُمَّ عُطِفَ عَلَى مَا يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ قَوْلُهُ (أَوْ) شَرْطٌ (يُخِلُّ بِالثَّمَنِ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَى جَهْلٍ فِيهِ بِزِيَادَةٍ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ نَقْصٍ إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ (كَبَيْعٍ وَ) شَرْطِ (سَلَفٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثْمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنْ لَا يَبِيعَ) أَيْ لِأَحَدٍ أَيْ أَصْلًا أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ إنْ بِعْتهَا لِغَيْرِي فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ) أَيْ وَيَعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ إنْ بَاعَهَا بِالْقُرْبِ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: إلَّا شَرْطًا إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ مُلْتَبِسٍ بِكُلِّ كَيْفِيَّةٍ إلَّا شَرْطًا مُلْتَبِسًا إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيُفْسِدُ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وُجُوهًا أَرْبَعَةً) أَيْ أَقْسَامًا أَرْبَعَةً الْبَيْعُ فِيهَا صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا يُفْتَرَقُ الْجَوَابُ فِي صِفَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ مِنْ افْتِقَارِهِ لِصِفَةٍ وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لَهَا وَفِي الْجَبْرِ عَلَى الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ وَفِي شَرْطِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى عِتْقِهِ بَلْ إنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ عِتْقَهُ وَإِذَا تَرَكَ عِتْقَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِإِيجَابٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ وَالْعِتْقُ لَازِمٌ لَك (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ أَوْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ) وَذَلِكَ لِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ فَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَيَمْضِي وَفِي عَدَمِهِ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَفِي إمْضَائِهِ، فَإِنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْفَوَاتِ رَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ رَدَّ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ أَوْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ بَلْ إمَّا أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُرَدَّ الْعَبْدُ لِبَائِعِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ لَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ أَيْضًا) أَيْ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ إلَخْ) أَيْ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ بَلْ مُرَادُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَرَدِّ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ) أَيْ إلْزَامِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ أَيْ وَشَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ لَا يُفْسِدُهُ وَالْعِتْقُ هُنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهَا) أَيْ الرَّقَبَةَ حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يُفْسِدُهُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى صِيغَةٍ لِحُصُولِهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ مِنْ الْمُشْتَرِي) أَيْ صَادِرًا مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ لِأَنَّهُ الْمُتَسَلِّفُ أَمَّا لَوْ كَانَ الشَّرْطُ صَادِرًا مِنْ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهَا بِنَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَسَلِّفٌ. (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ) مِثَالٌ لِلشَّرْطِ الَّذِي يُخِلُّ بِالثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَيْ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ صَادِرًا مِنْ الْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُثَمِّنُ أَيْ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ صَادِرًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْ وَالِانْتِفَاعُ بِالسَّلَفِ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذَا مُغَايِرٌ لَمُفَادِ قَوْلِهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْأَوَّلِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ وَحَاصِلَ الثَّانِي الْجَهْلُ إمَّا بِالثَّمَنِ

أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا جَمْعُهُمَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَجَائِزٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (وَصَحَّ) الْبَيْعُ (إنْ حُذِفَ) شَرْطُ السَّلَفِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ (أَوْ حُذِفَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ) وَنَحْوُهُ مِنْ كُلِّ شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ إنْ حُذِفَ أَيْ الشَّرْطُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ خَلَلًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ لَا بِقَيْدِ حَذْفِ الشَّرْطِ بَلْ بِقَيْدِ بَقَائِهِ وَلُزُومِهِ قَوْلُهُ (كَشَرْطِ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ وَأَجَلٍ) مَعْلُومٍ وَخِيَارٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهَا بَلْ مِمَّا تَعُودُ عَلَى الْبَيْعِ بِمَصْلَحَةٍ وَهِيَ جَائِزَةٌ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ مَعَ إسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ غَابَ) أَيْ الْمُتَسَلِّفُ مِنْهُمَا عَلَى السَّلَفِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ إنْ حُذِفَ، وَلَوْ ذَكَرَهُ عِنْدَهُ كَانَ أَوْلَى (وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ) وَهُوَ نَقْضُ الْبَيْعِ مَعَ الْغَيْبَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِتَمَامِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِشَرْطٍ سَوَاءٌ أَسْقَطَ شَرْطَ السَّلَفِ أَمْ لَا بِقَوْلِهِ (وَفِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ السَّلَفِ (إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (أَكْثَرُ الثَّمَنِ) أَيْ يَلْزَمُ فِيهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ (وَالْقِيمَةِ) يَوْمَ الْقَبْضِ (إنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي) الْبَائِعَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْلَفَ أَخَذَهَا بِالنَّقْصِ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ (فَالْعَكْسُ) أَيْ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَسْلَفَ لِيَزْدَادَ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَتَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِمَا إذَا فَاتَ مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّرْطُ الْمُخِلُّ بِالثَّمَنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ لِلْمَقْصُودِ، وَالْحُكْمُ أَنَّ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ الثَّمَنِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ [دَرْسٌ] (وَكَالنَّجْشِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِالْمُثْمَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ لِلْمُقْرِضِ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُقْرِضُ لَهُ وَهُوَ الْبَائِعُ مُنْتَفِعًا بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ هُوَ الْبَائِعُ صَارَ الْمُقْرِضُ لَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي مُنْتَفِعًا بِنَقْصِ الثَّمَنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْبَيْعُ إنْ حَذَفَ شَرْطَ السَّلَفِ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ وَهَذَا مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ فَاتَ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ فَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ خَلَلًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ وَأَجَلٍ) أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ مَعَ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ لِلثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ وَلَا حَمِيلٍ وَهَذِهِ الْأُمُورُ الْمُشْتَرَطَةُ يُقْضَى بِهَا مَعَ الشَّرْطِ وَلَا يُقْضَى بِهَا دُونَ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَغِبْ الْمُتَسَلِّفُ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي تَسَلَّفَهَا بَلْ، وَلَوْ غَابَ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ السَّلَفَ لِرَبِّهِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَوْ بَعْدَ غِيبَةِ الْمُتَسَلِّفِ عَلَى السَّلَفِ غِيبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَمُقَابِلَهُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْقَضِ مَعَ الْغَيْبَةِ عَلَى السَّلَفِ، وَلَوْ أَسْقَطَ شَرْطَ السَّلَفِ لِوُجُودِ مُوجِبِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَأَوُّلَ الْمُدَوَّنَةَ الْأَقَلُّونَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ، وَلَوْلَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ لَأَمْكَنَ رُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ غَابَ إلَى الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ أَيْ إنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ الْغَائِبَيْنِ، أَمَّا شَرْطُ الرَّهْنِ الْغَائِبِ فَفِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ وَتَوَقُّفُ السِّلْعَةِ حَتَّى يَقْبِضَ الرَّهْنَ الْغَائِبَ، وَأَمَّا شَرْطُ الْحَمِيلِ الْغَائِبِ فَفِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ إنْ قَرُبَتْ غِيبَتُهُ لَا إنْ بَعُدَتْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ أَنَّ الْحَمِيلَ قَدْ يَرْضَى بِالْحَمَّالَةِ وَقَدْ لَا يَرْضَى فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِيهِ الْقُرْبُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي حَكَى طفي تَشْهِيرَهُ الْقَوْلُ الثَّانِي فَفِي المج نَقْلًا عَنْهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ حَذْفَ شَرْطِ السَّلَفِ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ لَا يَنْفَعُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إنْ فَاتَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ الشَّرْطِ شَرْطَهُ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَسْلَفَ الْبَائِعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِعِشْرِينَ وَالْقِيمَةُ ثَلَاثُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ لَزِمَهُ ثَلَاثُونَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَلِّفُ هُوَ الْبَائِعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عِشْرُونَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَلِّفُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ، وَقِيلَ: إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُشْتَرِي يَغْرَمُ الْأَقَلَّ إذَا تَسَلَّفَ مِنْ الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَغِبْ عَلَى مَا تَسَلَّفَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَالَغَتْ فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ طفي لَا تَقْيِيدَ لِلْأَوَّلِ خِلَافًا لخش (قَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنَّمَا فِيهِ الْمِثْلُ لِأَنَّهُ كَعَيْنِهِ فَلَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَانَ قَائِمًا وَرُدَّ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا وَقَعَ) أَيْ لِحُكْمِ مَا إذَا فَاتَ مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ سَوَاءٌ أَسْقَطَ ذَلِكَ الشَّرْطَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّمَنُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا) أَيْ

أَيْضًا حَيْثُ عَلِمَ بِالنَّاجِشِ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِالنَّاجِشِ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي (يَزِيدُ) فِي السِّلْعَةِ عَلَى ثَمَنِهَا مِنْ غَيْرِ إرَادَتِهِ شِرَاءَهَا (لِيَغُرَّ) غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ فِي السِّلْعَةِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ فَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ مُسَاوٍ لِكَلَامِ الْإِمَامِ بِحَمْلِ الثَّمَنِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ فِي الْمُنَادَاةِ لَا الْقِيمَةِ وَقَوْلُ الْمَازِرِيِّ يَزِيدُ أَيْ عَلَى ثَمَنِ الْمُنَادَاةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِيَغُرَّ أَيْ لِيَئُولَ أَمْرُهُ لِلْغَرَرِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَاللَّامُ لِلْعَاقِبَةِ وَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الشِّرَاءَ (فَإِنْ عَلِمَ) الْبَائِعُ بِالنَّاجِشِ (فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ (فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ) يَوْمَ الْقَبْضِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى ثَمَنَ النَّجْشِ (وَجَازَ) لِحَاضِرِ سَوْمِ سِلْعَةٍ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا (سُؤَالُ الْبَعْضِ) مِنْ الْحَاضِرِينَ (لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ) فِيهَا لِيَشْتَرِيَهَا السَّائِلُ بِرُخْصٍ، وَلَوْ بِعِوَضٍ كَكَفٍّ عَنْ الزِّيَادَةِ وَلَك دِرْهَمٌ وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ اشْتَرَاهَا أَمْ لَا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ امْرَأَةٍ أَوْ يَسْعَى فِي رِزْقِهِ أَوْ وَظِيفَةٍ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: كُفَّ وَلَك بَعْضُهَا كَرُبْعِهَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَطَاءِ مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ (لَا) يَجُوزُ سُؤَالُ (الْجَمِيعِ) أَوْ الْأَكْثَرِ أَوْ الْوَاحِدِ الَّذِي فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ كَشَيْخِ السُّوقِ، فَإِنْ وَقَعَ هَذَا وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي قِيَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّجْشِ» وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إلَخْ تَعْلِيلٌ لِتَقْدِيرِ بَيْعِهِ أَيْ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا إلَخْ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ مَعَ الِالْتِفَاتِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ " يَزِيدُ " لِيَغُرَّ يُؤْذِنُ بِأَنَّ النَّجْشَ مُرَادٌ بِهِ النَّاجِشُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْعِ الْمُقَدَّرَ الزِّيَادَةُ، وَلَوْ حُمِلَ النَّجْشُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَعْنِي الزِّيَادَةَ وَرَجَعَ ضَمِيرُ " يَزِيدُ " لِلْفَاعِلِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْحَدِيثِ كَانَ فِي غُنْيَةً عَنْ تَقْدِيرِ بَيْعٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالنَّاجِشِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عَلِمَ بِالنَّاجِشِ) أَيْ وَأَقَرَّهُ عَلَى فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى ثَمَنِهَا) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ تُبَاعَ بِهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ وَهُوَ الْقِيمَةُ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا بَلَغَهَا بِزِيَادَتِهِ قِيمَتَهَا فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هُوَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ تُبَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ) أَيْ فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ تُبَاعَ بِهِ أَوْ زَادَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ بَلَغَهَا الْقِيمَةُ بِزِيَادَتِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعُمُومِ حَمَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الَّذِي وَقَعَ فِي الْمُنَادَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ قِيمَتَهَا وَزَوَّدَ النَّاجِشُ عَلَيْهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَبَلَّغَهَا النَّاجِشُ قِيمَتَهَا بِزِيَادَتِهِ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا فَالْمَنْعُ اتِّفَاقًا وَإِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقِيمَةِ بَلْ سَاوَاهَا بِزِيَادَتِهِ أَوْ كَانَتْ زِيَادَتُهُ أَنْقَصَ مِنْهَا فَهُوَ مَمْنُوعٌ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَجَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَمَنْدُوبٌ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعَلَى تَأْوِيلِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَدَارُ) أَيْ فِي الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الشِّرَاءَ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ أَنْ يُغْرِ غَيْرَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالنَّاجِشِ) أَيْ وَسَكَتَ حَتَّى حَصَلَ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ إلَخْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَالْإِثْمُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ وَلَهُ التَّمَاسُكُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيمَةُ إذَا فَاتَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَفِي إيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَمْثِلَةِ الْفَاسِدِ شَيْءٌ وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ التَّلَقِّي الْآتِيَةِ وَشَارِحُنَا تَبِعَ عج فِي قَوْلِهِ: الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى ثَمَنَ النَّجْشِ) ، كَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ شَاءَ يُرِيدُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الثَّمَنَ إذْ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَالْقِيمَةُ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ فِي حَالَةِ قِيَامِ الْمَبِيعِ وَحَالَةِ فَوَاتِهِ فَفِي حَالَةِ قِيَامِهِ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ يَرُدَّهُ، فَإِنْ فَاتَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِوَضٍ) مُبَالَغَةٌ فِي سُؤَالِهِ عَنْ الْكَفِّ وَقَوْلُهُ: بِعِوَضٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ اشْتَرَاهَا أَمْ لَا) ، كَذَا لِابْنِ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمُرَابَحَةِ: كَانَ ابْنُ هِلَالٍ يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: إنَّهُ مَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ رَبُّهَا لَمْ يَبِعْهُ، وَقَالَ الْعَبْدُوسِيُّ: لَا إشْكَالَ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَقَدْ تَرَكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فِيمَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ امْرَأَةٍ) أَيْ فَيَجُوزُ سُؤَالُ الْبَعْضِ لَيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ فِيهَا، وَلَوْ بِعِوَضٍ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْعِوَضُ أَخَذَهَا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ بَلَدٍ كَانَ مُلْتَزِمًا بِهَا أَوْ عَنْ رِزْقِهِ أَوْ وَظِيفَةٍ وَانْحَلَّتْ عَنْهُ فَيَجُوزُ لِمَنْ سَعَى فِي أَخْذِهَا مِنْ نَائِبِ السُّلْطَانِ سُؤَالَ الْبَعْضِ لَيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ فِي حُلْوَانِهَا لِيَأْخُذَهَا، وَلَوْ بِعِوَضٍ يَجْعَلُهُ لَهُمْ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْعِوَضُ أَخَذَهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ جَازَ) أَيْ بِحَيْثُ يَغْرَمُ ذَلِكَ الْمَسْئُولُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يَنُوبُ الْبَعْضُ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ السَّائِلُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ هَذَا) أَيْ سُؤَالُ الْجَمِيعِ أَوْ الْأَكْثَرُ أَوْ الْوَاحِدُ الَّذِي فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إقْرَارٌ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِي قِيَامِ)

السِّلْعَةِ بَيْنَ رَدِّهَا وَعَدَمِهِ، فَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، فَإِنْ أَمْضَى فَلَهُمْ أَنْ يُشَارِكُوهُ فِيهَا وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ الشَّرِكَةَ إنْ أَبَوْا (وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ) سِلَعًا، وَلَوْ لِتِجَارَةٍ (لِعَمُودِيٍّ) قَدِمَ بِهَا الْحَاضِرَةَ وَلَا يَعْرِفُ ثَمَنَهَا بِالْحَاضِرَةِ وَكَانَ الْبَيْعُ لِحَاضِرٍ فَلَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ لِبَدْوِيٍّ مِثْلَهُ أَوْ كَانَ الْعَمُودِيُّ يَعْرِفُ ثَمَنَهَا فَيَجُوزُ تَوَلِّي بَيْعِهَا لَهُ هَذَا إذَا قَدِمَ بِهَا الْعَمُودِيُّ لِلْحَاضِرِ بَلْ (وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ) أَيْ الْعَمُودِيِّ (لَهُ) أَيْ لِلْحَاضِرِ السِّلْعَةُ لِيَبِيعَهَا لَهُ (وَهَلْ) يُمْنَعُ بَيْعُ الْحَاضِرِ (لِقَرَوِيٍّ) أَيْ لِسَاكِنِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ سِلَعَهُ الَّتِي يَجْهَلُ سِعْرَهَا مِنْ حَاضِرٍ كَمَا يُمْنَعُ لِبَدْوِيٍّ (قَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ (وَفُسِخَ) إنْ لَمْ يَفُتْ وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ (وَأَدَّبَ) كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْحَاضِرِ وَالْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَهَلْ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ قَوْلَانِ (وَجَازَ) لِلْحَضَرَيَّ (الشِّرَاءُ لَهُ) أَيْ لِلْعَمُودِيِّ أَوْ الْقَرَوِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَيْ بِالنَّقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ رَدِّهَا أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْضَى) أَيْ، فَإِنْ أَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَهُمْ أَيْ لِمَنْ سَأَلَهُمْ الْكَفَّ أَنْ يُشَارِكُوهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِاشْتِرَاكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَةِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ وَلَمْ يَحْصُلْ إمْضَاءٌ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، فَإِنَّهُ لَا اشْتَرَاكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَيَخْتَصُّ بِهَا الْمُشْتَرِي اهـ خش (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَلْزَمَهُمْ الشَّرِكَةَ) أَيْ إنْ حَصَلَ فِيهَا تَلَفٌ أَوْ خُسْرٌ وَظَاهِرُهُ كَانَ الِاشْتِرَاءُ فِي سُوقِ السِّلْعَةِ أَمْ لَا أَرَادَهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ تِلْكَ التِّجَارَةِ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا هَذِهِ كَمَسْأَلَةِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا إنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِسُوقِهِ لَا لِكَسْفَرٍ أَوْ قَنِيَّةٍ وَغَيْرِهِ حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تِجَارَةٍ لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ هُنَا فِي الظُّلْمِ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ ظَالِمٌ بِسُؤَالِهِ الْجَمِيعَ، وَلَوْ حُكْمًا وَهُمْ ظَالِمُونَ بِإِجَابَتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَبْرِ، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إلْزَامَ الْمَسْئُولِينَ الشَّرِكَةَ إنْ أَبَوْا قَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ لَا صِحَّةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي سُؤَالِهِمْ إنَّمَا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ حَيْثُ أَمْضَى الْبَيْعَ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَقَدْ سَلَّمُوا لَهُ لَمَّا سَأَلَهُمْ وَأَسْقَطُوا حَقَّهُمْ وَرَضِيَ هُوَ بِالشِّرَاءِ وَحْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الشَّرِكَةِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ: سِلَعًا) أَيْ كَسَمْنٍ وَعَسَلٍ وَفَحْمٍ وَحَنْظَلٍ وَبَابُونَجٍ وَشِيحٍ وَسَنَامَكِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِتِجَارَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَّلَهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ بَلْ، وَلَوْ حَصَّلَهَا بِثَمَنٍ بِأَنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَنْعَ بِالسِّلَعِ الَّتِي حَصَلُوهَا بِلَا ثَمَنٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْضًا «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ) أَيْ الْحَاضِرُ لِبَدَوِيٍّ مِثْلَهُ أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْبَدْوِيَّ لَا يَجْهَلُ أَسْعَارَ هَذِهِ السِّلَعِ فَلَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِأَسْعَارِهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مِنْ حَضَرِيٍّ أَوْ مِنْ بَدَوِيٍّ فَبَيْعُ الْحَضَرِيِّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ بَدْوِيٍّ لِبَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْعَمُودِيُّ يَعْرِفُ ثَمَنَهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْيَ لِأَجْلِ أَنْ يَبِيعُوا لِلنَّاسِ بِرُخَصٍ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ إنَّمَا تُوجَدُ إذَا كَانُوا جَاهِلِينَ بِالْأَسْعَارِ فَإِذَا عَلِمُوا بِالْأَسْعَارِ فَلَا يَبِيعُونَ إلَّا بِقِيمَتِهَا كَمَا يَبِيعُ الْحَاضِرُ فَبَيْعُ الْحَاضِرِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِهِمْ وَمَا فِي خش مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْعَمُودِيُّ عَالِمًا بِالْأَسْعَارِ أَوْ جَاهِلًا لَهَا فَهُوَ ضَعِيفٌ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي بْن مَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَ مَا فِي خش، فَإِنَّهُ أَيَّدَهُ بِالنَّقْلِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَوَلِّي بَيْعِهَا لَهُ) أَيْ فَيَجُوزُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهَا لَهُ فَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ) هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَلَوْ بِإِرْسَالِ الْعَمُودِيِّ السِّلْعَةَ لِلْحَاضِرِ وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى الْأَبْهَرِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ اُضْطُرَّ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَيْ لِسَاكِنِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَدَنِيَّ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ الْحَاضِرَ اتِّفَاقًا وَبِهِ قِيلَ وَقِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرَوِيِّ مَا لَيْسَ بِعَمُودِيٍّ فَيَشْمَلُ الْمَدَنِيَّ وَحِينَئِذٍ فَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ) بَلْ جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَفَسْخٌ) أَيْ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِمَنْ يَمْنَعُ الْبَيْعَ لَهُ وَهُوَ الْبَدْوِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ، وَلَا أَدَبَ عَلَى الْجَاهِلِ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ وَقَوْلُهُ: وَهَلْ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ أَيْ وَهَلْ الْأَدَبُ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَدَّبَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ أَوْ إنْ اعْتَادَهُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ وَهُوَ الْقَوْلُ بِمَنْعِ الْبَيْعِ لَهُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ)

أَوْ بِالسِّلَعِ (وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ) عَلَى دُونِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ عَلَى مِيلٍ وَقِيلَ فَرْسَخٍ أَيْ السِّلَعُ الَّتِي مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ (أَوْ) تَلَقِّي (صَاحِبِهَا) قَبْلَ وُصُولِهِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ مَا وَصَلَ مِنْ السِّلَعِ قَبْلَهُ أَوْ سَيَصِلُ (كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ) مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ أَوْ الْقَادِمِ قَبْلَ وُصُولِهَا (بِصِفَةٍ) فَيُمْنَعُ، وَلَوْ طَعَامًا لِقُوتِهِ (وَلَا يُفْسَخُ) هَذَا الْبَيْعُ إنْ وَقَعَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا أَوْ يَعْرِضُهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ فَيُشَارِكُهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ قَوْلَانِ. (وَجَازَ لِمَنْ) مَنْزِلُهُ أَوْ قَرْيَتُهُ (عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ) مِنْ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ لَهَا السِّلَعُ (أَخْذُ) أَيْ شِرَاءُ (مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ مِنْ السِّلَعِ الْمَارَّةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ بِالْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ لَهَا وَإِلَّا أُخِذَ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَأَمَّا مَنْ عَلَى دُونِ السِّتَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّلَقِّي وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا يَمْنَعُ تَلَقِّي الْبَلَدِيِّ مِنْهُ لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لَهَا سُوقٌ وَمَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ أُخِذَ لِقُوتِهِ فَقَطْ وَإِلَّا أُخِذَ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَأَمَّا الشِّرَاءُ بَعْدَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ حَتَّى تَصِلَ إلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهَا فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ) مَبِيعِ الْبَيْعِ (الْفَاسِدِ) عَلَى الْبَتِّ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَمْ لَا إلَى الْمُشْتَرِي (بِالْقَبْضِ) الْمُسْتَمِرِّ نَقْدُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَمْ لَا كَانَ الْمَبِيعُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (أَوْ بِالسِّلَعِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّرَاءِ لَهُ أَيْ جَازَ الشِّرَاءُ لَهُ بِالنَّقْدِ وَبِالسِّلَعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَّلَهَا بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِ مَالٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَخَصَّ عبق السِّلَعَ بِاَلَّتِي حَصَّلَهَا بِمَالٍ، وَأَمَّا الَّتِي حَصَّلَهَا بِغَيْرِ مَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا سِلَعًا وَقَالَ بْن ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنْ لَا يَجُوزَ الشِّرَاءُ لَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ لَا بِالسِّلَعِ مُطْلَقًا وَإِلَّا كَانَ بَيْعًا لِسِلَعِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ وَجِيهٌ (قَوْلُهُ: وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا لِلْبَلَدِ وَاخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ التَّلَقِّي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ؟ فَإِذَا كَانَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ هَذَا سَفَرٌ لَا تَلَقِّي، وَقِيلَ: إنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةِ فَرْسَخٍ أَيْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّلَقِّي إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقِيلَ: إنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةِ مِيلٍ، فَإِنْ كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةٍ أَزْيَدَ مِنْ الْمِيلِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُهَا (قَوْلُهُ: كَأَخْذِهَا) أَيْ كَشِرَائِهَا عَلَى الصِّفَةِ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ أَوْ الْقَادِمِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ وُصُولِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَعَامًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَا يَشْتَرِيهِ طَعَامًا لِقُوتِهِ وَهَذِهِ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا وَلِقَوْلِهِ كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ مِنْ صَاحِبِهَا بِصِفَةٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَيُنْهَى الْمُتَلَقِّي عَنْ تَلَقِّيهِ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ فَسَادِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا) أَيْ وَهَلْ يَخْتَصُّ الْمُتَلَقِّي بِالسِّلْعَةِ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَوْ تَلَقَّى صَاحِبُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَعْرِضُهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ) أَيْ أَوْ يُجْبَرُ عَلَى عَرْضِهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ وَإِلَّا فَعَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ وَالثَّانِي شَهَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ جَوَازَ تَلَقِّي جِمَالِ السَّائِقِينَ مِنْ الْبَحْرِ وَالْخُبْزِ مِنْ الْفُرْنِ وَكَذَلِكَ تَلَقِّي الثِّمَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: مِنْ السِّلَعِ) أَيْ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَلَقِّيَ يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي يُجْلَبُ إلَيْهَا وَهَذَا مَرَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لِقُوتِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَانَ لِلسِّلْعَةِ الْمَجْلُوبَةِ سُوقٌ فِي الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا أَوْ كَانَ لَا سُوقَ لَهَا بَلْ تُبَاعُ فِي الْبُيُوتِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِرَاجٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا سُوقٌ فِي الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا أَمْ لَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقُوتِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَخَذَ لِقُوتِهِ) أَيْ مِمَّا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ السِّلَعِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْقُوتِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ) أَيْ كَانَ الْأَخْذُ لِلْقُوتِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: مُتَّفَقًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَسَادِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِالْقَبْضِ) أَيْ لَا بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَلَا بِإِقْبَاضِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِلُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ بِالْقَبْضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانَ الرِّهَانِ الْمُفَصَّلِ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ وَبَيْنَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِ قِيَامِهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ عَلَى نَحْوِ مَا يَقْبِضُهُ الْمَالِكُ لَا تَوْثِقَةً كَالرِّهَانِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ كَالْعَوَارِيِّ وَلَا دَخْلَ عَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ كَالْخِيَارِ قَالَ بْن وَلَا يَتَوَقَّفُ الْقَبْضُ عَلَى الْحَصَادِ وَجَذِّ الثَّمَرَةِ حَيْثُ كَانَ

بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْقَبْضِ وَتَقْيِيدِ الْقَبْضِ بِالْمُسْتَمِرِّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ لِبَائِعِهَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى رُكُوبَهَا مُدَّةً وَأَخَذَهَا بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهَا فَاسِدًا فَهَلَكَتْ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ (وَرُدَّ) الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا لِرَبِّهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وُجُوبًا وَيَحْرُمُ انْتِفَاعُ الْمُشْتَرِي بِهِ مَا دَامَ قَائِمًا (وَلَا غَلَّةَ) تَصْحَبُهُ فِي رَدِّهِ بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ضَمَانِهِ وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ لَهُ رَجَعَ بِهَا، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا لَهُ غَلَّةٌ لَا تَفِي بِالنَّفَقَةِ رَجَعَ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ (فَإِنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي (مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ) وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ (بِالثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُخْتَلَفًا فِيهِ بَلْ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْقَبْضِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ (و) ضَمِنَ (مِثْلَ الْمِثْلِيِّ) إذَا بِيعَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَعَلِمَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ وُجُودُهُ إلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَمَحَلُّ لُزُومِ الْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِمَا فَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ أَيْ، وَأَمَّا مِلْكُهُ فَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِالْفَوَاتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ انْتِقَالِ ضَمَانِ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ الْفَاسِدُ مُنْتَفَعًا بِهِ شَرْعًا فَخَرَجَ شِرَاءُ الْمَيْتَةِ وَالزِّبْلِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَأَمَّا نَحْوُ كَلْبِ الصَّيْدِ وَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ فَالْقِيمَةُ بِإِتْلَافِهِ لِلتَّعَدِّي لَا لِلْقَبْضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: بِالْعَقْدِ) أَيْ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَيْ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ وَلَا يُعَدُّ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْقَبْضِ) أَيْ وَهُوَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِأَنْ كَانَ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ كَالطَّعَامِ وَكَالْغَائِبِ وَمَا فِيهِ مُوَاضَعَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهَا) أَيْ الْبَائِعُ لِيَسْتَوْفِيَ الرُّكُوبَ الْمُدَّةَ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا (قَوْلُهُ: فَاسِدًا) أَيْ شِرَاء فَاسِدًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا قَبْضًا مُسْتَمِرًّا (قَوْلُهُ: وَرَدَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِحُكْمٍ بِرَدِّهِ إنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْحَاكِمِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْمُحَكَّمِ، وَالْعُدُولُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ إمَّا لِعَدَمِ أَمَانَتِهِ أَوْ لِعَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِالْأُمُورِ، فَإِنْ غَابَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ رَفَعَ الْآخَرُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ أَوْ لِلْعُدُولِ وَفَسَخَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا غَلَّةَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَاسْتَغَلَّهُ عَالِمًا بِوَقْفِيَّتِهِ فَيَرُدُّ الْغَلَّةَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَعَلِمَ بِوَقْفِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِبَيْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ رَاضِيًا بِبَيْعِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَقْفٌ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ رِضَا الرَّشِيدِ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ إلَى حِينِ الْحُكْمِ بِرَدِّ الْمَبِيعِ لِكَوْنِهِ فِي ضَمَانِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ، وَلَوْ عَلِمَ بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِالْفَسَادِ وَبِوُجُوبِ الرَّدِّ لَا يَنْفِي عَنْهُ الضَّمَانَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلَوْ فِي بَيْعِ الثَّنِيَّا الْمَمْنُوعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَبَيْعِ الثَّنِيَّا هُوَ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ بِبَيْعِ الْمُعَادِ بِأَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَتَى أَتَى لَهُ بِالثَّمَنِ رَدَّ الْمَبِيعَ لَهُ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ الشَّرْطُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ تَوَاطَآ عَلَيْهِ قَبْلَهُ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِتَرَدُّدِ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ إسْقَاطَ الشَّرْطِ الْمُوجِبِ لِخَلَلِ الْمَبِيعِ يُصَحِّحُهُ وَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ وَاسْتَغَلَّهُ قَبْلَ الرَّدِّ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ عَلَى مَا قَالَهُ ح وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الْقَائِلِ: إنَّهَا لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بَلْ بَقِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَالْغَلَّةُ لَهُ لَا الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَبْقَاهُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِأُجْرَةٍ كَمَا يَقَعُ بِمِصْرَ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَأَمَّا إذَا تَبَرَّعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الْتِزَامِ الْبَيْعِ مَتَى رَدَدْت إلَيَّ الثَّمَنَ دَفَعْت لَك الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الْوَعْدِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّفَقَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ قَدْرَ الْغَلَّةِ أَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ أَزْيَدَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّفَقَ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ لَهُ) أَيْ كَسَقْيٍ وَعِلَاجٍ فِي زَرْعٍ وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَحَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَالِهِ غَلَّةً لَا تَفِي إلَخْ) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ فِي الْخِيَارِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى مَا لَهُ غَلَّةٌ فَالنَّفَقَةُ فِي الْغَلَّةِ رَأْسًا بِرَأْسٍ كَانَتْ النَّفَقَةُ قَدْرَ الْغَلَّةِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهَا أَوْ أَنْقَصَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي المج. (قَوْلُهُ: مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ) هَذِهِ قَاعِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ إذْ قَدْ يَأْتِي مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَكِنَّهُ يَمْضِي إذَا فَاتَ بِالْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ: مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ أَيْ إلَّا مَا اسْتَثْنَى كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ) هَذَا إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ وَهِيَ كُلُّ فَاسِدٍ مُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ إذَا فَاتَ، فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَهَذِهِ أَغْلَبِيَّةٌ أَيْضًا لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةٍ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَتَأْوِيلَانِ مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بِيعَ جُزَافًا أَوْ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ وَلَكِنْ نَسِيَ ذَلِكَ

فِي الْجُزَافِ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ مَكِيلَتُهُ بَعْدُ وَإِلَّا وَجَبَ رَدُّ الْمِثْلِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ: وَالْفَوَاتُ (بِتَغَيُّرِ سُوقٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ و) غَيْرِ (عَقَارٍ) كَحَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْعَقَارُ فَلَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ السُّوقِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ وَلَا ذَاتُهُ (وَفِيهَا شَهْرٌ) يُعَدُّ طُولًا (وَ) فِيهَا أَيْضًا (شَهْرَانِ) بَلْ وَثَلَاثَةٌ لَيْسَتْ بِطُولٍ، وَلَوْ قَالَ وَفِيهَا الشَّهْرُ طُولٌ وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِطُولٍ لَكَانَ أَصْوَبَ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ (أَنَّهُ خِلَافٌ) مَعْنَوِيٌّ (وَقَالَ) الْمَازِرِيُّ عَلَى مَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ (بَلْ) هُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ (فِي شَهَادَةٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٌ أَيْ مُعَايَنَةٌ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى مَرَّةً أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ يُفِيتُهُ الشَّهْرُ بِمَظِنَّةِ تَغَيُّرِهِ فِيهِ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ فَحَكَمَ بِأَنَّ الشَّهْرَ فِيهِ طُولٌ وَرَأَى مَرَّةً أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُفِيتُهُ الشَّهْرَانِ وَالثَّلَاثَةُ لِعَدَمِ مَظِنَّةِ تَغَيُّرِهِ فِي ذَلِكَ فَحَكَمَ فِيهِ بِعَدَمِ طُولِ مَا ذَكَرَ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ كَاللَّخْمِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى اللَّخْمِيِّ بِمَا لَا وَجْهَ لَهُ فَظَنَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَوَّلِ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ قَائِلٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، فَرَاجِعْهُ فِي التَّتَّائِيِّ أَوْ الشَّبْرَخِيتِيِّ تَفْهَمَ الْمَقْصُودَ. (وَ) يَفُوتُ (بِنَقْلِ عَرَضٍ) كَثِيَابٍ (وَمِثْلِيٍّ) كَقَمْحٍ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (لِبَلَدٍ) آخَرَ أَوْ الْعَكْسُ، وَكَذَا لِمَحَلٍّ آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِبَلَدٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ (بِكُلْفَةٍ) فِي الْوَاقِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هُوَ كُلْفَةٌ كَحَمْلِهِ لَهُ عَلَى دَوَابِّهِ وَخَدَمِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ تَعَذَّرَ وُجُودُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ أَيْ وَلَا يَنْتَظِرُ لِوَقْتِ وُجُودِهِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمِثْلِيِّ. ، فَإِنَّهُ يَصْبِرُ عَلَيْهِ لِوَقْتِ الْوُجُودِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَالْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ سُوقِ إلَخْ) هَذَا حِلُّ مَعْنَى لَا حِلُّ إعْرَابٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ قَوْلَهُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ تَقْدِيرَ الْعَامِلِ أَوْلَى لِئَلَّا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ السُّوقِ) أَيْ لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُرَادُ لَهُ الْعَقَارُ الْقِنْيَةُ فَلَا يُنْظَرُ فِيهِ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَلَا لِقِلَّتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ فِيهِ فَوْتًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ وَالْقَضَاءُ فِيهِمَا بِالْقِيمَةِ كَمَا لَوْ عَدِمَ الْمِثْلِيَّ كَالْفَرْعِ فَلَا يَعْدِلُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ، ثُمَّ إنَّ كَوْنَ الْمِثْلِيِّ لَا يُفِيتُهُ حَوَالَةَ السُّوقِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبِعْ جُزَافًا وَإِلَّا فَاتَ بِحَوَالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي النَّوَادِرِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ) يَعْنِي أَنَّ مُجَرَّدَ طُولِ إقَامَةِ الْحَيَوَانِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةِ نَقْلٍ وَلَا تَغَيُّرَ فِي ذَاتٍ أَوْ سُوقٍ مُفِيتٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ فِي الذَّاتِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَإِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ مَعَ الْمَظِنَّةِ مُفِيتًا فَالتَّغَيُّرُ مَعَ التَّحَقُّقِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا أَيْضًا أَيْ فِي كِتَابِ السَّلَمِ شَهْرَانِ أَيْ لَيْسَ بِطُولٍ هَذَا مُرَادُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَفِي حَدِّ الطُّولِ قَوْلَانِ فَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَسْكُتَ سَكْتَةً لَطِيفَةً عَلَى قَوْلِهِ شَهْرٌ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ وَشَهْرَانِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَشَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُسْتَفَادُ الشَّهْرَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذْ مَا ذَكَرَهُ يُفِيدُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ طُولٌ بِاتِّفَاقِ الْمَحَلَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ) أَيْ إنَّ مَا وَقَعَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ رَاجِعٌ لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّهْرَ طُولٌ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْحَيَوَانُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا وَالْمَحَلُّ الثَّانِي الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ طُولًا ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ فِي شَهَادَةٍ) أَيْ أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ الْإِمَامُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الشَّهْرَ طُولٌ بِالنَّظَرِ لِمُشَاهَدَةٍ وَمُعَايَنَةٍ أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَيَوَانٍ صَغِيرٍ حَضَرَ عِنْدَهُ وَعَايَنَهُ وَشَاهَدَهُ كَغَنَمٍ فَإِنَّ الشَّهْرَ فِيهِ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَحُكْمُهُ ثَانِيًا بِأَنَّ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ طُولًا بِالنَّظَرِ لَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ وَشَاهَدَهُ مِنْ حَيَوَانٍ كَبِيرٍ كَبَقَرٍ وَإِبِلٍ فَإِنَّ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِيهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلتَّغَيُّرِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ لِاخْتِلَافِ مَحَلُّهُمَا لَيْسَا مُخْتَلِفَيْنِ حَقِيقَةً إنَّمَا الْخِلَافُ الْحَقِيقِيُّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَحِلِّ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَابَلَ الْخِلَافَ الْحَقِيقِيَّ بِالشَّهَادَةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْخِلَافَ اللَّفْظِيَّ وَيُوَجِّهُ بِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَائِلُ إلَخْ) نَصُّ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اعْتَقَدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَعْنِي اللَّخْمِيَّ أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ بِعَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَى أَنَّ الْمِقْدَارَ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَمْضِي إلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ الْحَيَوَانُ بِتَغَيُّرِهِ فِي ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى التَّخَيُّرِ اهـ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّخْمِيِّ تَعَسُّفٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَأَنْصَفَ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ اعْتَرَضَ عَلَى اللَّخْمِيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ

أَوْ فِي سَفِينَةٍ فَيُرَدُّ قِيمَةَ الْعَرَضِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ فِي مَحَلِّهِمَا، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَيْسَ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ كَعَبْدٍ وَحَيَوَانٍ يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِفَوْتٍ فَيُرَدُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَوْ مَكْسٌ فَالْقِيمَةُ (وَبِالْوَطْءِ) لِأَمَةٍ، وَلَوْ وَخْشًا ثَيِّبًا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا وَيَفْتَضُّهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَغَيُّرِ الذَّاتِ. (وَبِتَغَيُّرِ ذَاتِ غَيْرِ مِثْلِيٍّ) مِنْ عَقَارٍ وَعَرَضٍ وَحَيَوَانٍ ومِنْهُ تَغَيُّرُ الدَّابَّةِ بِالسِّمَنِ أَوْ الْهُزَالِ وَالْأَمَةِ بِالْهُزَالِ فَقَطْ، وَأَمَّا تَغَيُّرُ ذَاتِ الْمِثْلِيِّ لَا تُفِيتُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَرُدُّ مِثْلَهُ حِينَئِذٍ فَلَوْ حُذِفَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ كَانَ أَحْسَنَ (وَخُرُوجٍ) لِلْمَبِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ، وَلَوْ وَجَدَ التَّغَيُّرَ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَ وُجُودِ التَّغَيُّرِ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ وَلَوْ وُجِدَ التَّغَيُّرُ بِالْفِعْلِ قَالَ بْن: وَالصَّوَابُ اتِّفَاقُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ الْوَاقِعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ فَوْتٌ قَطْعًا وَعَلَى أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فِي الشَّهْرِ إلَى الثَّلَاثَةِ هَلْ هُوَ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ فَيَكُونُ فَوْتًا أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ فَوْتًا وَلَيْسَ الْخِلَافُ الَّذِي فِيهَا لَفْظِيًّا وَهُوَ الْخِلَافُ فِي حَالٍ وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْخِلَافِ فِي حَالٍ وَالْخِلَافُ فِي شَهَادَةٍ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يُقَالُ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَانِ فَيَقُولُ الْقَائِلُ بِجَوَازِهِ بِاعْتِبَارِ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَهِيَ الْحَاضِرَةُ فِي ذِهْنِهِ حِينَ الْقَوْلِ وَيَقُولُ الْآخَرُ بِمَنْعِهِ بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي حَضَرَتْ فِي ذِهْنِهِ حِينَ الْقَوْلِ، وَلَوْ حَضَرَ فِي ذِهْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَائِلَيْنِ مَا حَضَرَ فِي ذِهْنِ الْآخَرِ لَوَافَقَهُ فَهَذَا لَيْسَ خِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي شَهَادَةٍ فَيُقَالُ حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَتَّبًا عَلَى أَحَدِ الْحَالَيْنِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَنْفِي الْآخَرَ بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَثَلًا الْمُشَاهَدَةُ تَقْضِي بِكَذَا وَيَنْفِي غَيْرُهُ فَهُوَ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ. مَثَلًا الْخِلَافُ فِي مَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ هَلْ يَصِحُّ التَّطْهِيرُ بِهِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخِلَافُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ يُضَافُ بِالرِّيقِ فَمَنْ مَنَعَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالَةِ الْإِضَافَةِ وَمَنْ أَجَازَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالَةِ عَدَمِهَا وَكُلٌّ يُسَلِّمُ وُقُوعَ الْحَالَيْنِ فَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْخِلَافُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ يَرَى أَنَّهُ يُضَافُ وَلَا بُدَّ وَلَا يُمْكِنُ عَادَةً عَدَمُ إضَافَتِهِ، وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ يَرَى نَقِيضَ هَذَا فَهُوَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ هَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الثَّلَاثَةَ وَمَا دُونَهَا فَوْتٌ، يَرَى أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ. وَمِنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِفَوْتٍ، يَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا قَوْلُ شَارِحِنَا أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ رَأَى إلَخْ فَتَوْفِيقٌ لَمْ يَقُلْهُ الْمَازِرِيُّ وَلَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ مَا بَيَّنَ بِهِ الْخِلَافَ مَعْنَى الْخِلَافِ فِي حَالٍ لَا مَعْنَى الْخِلَافِ فِي شَهَادَةٍ اهـ كَلَامُ بْن ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَ الصَّقَلِّيُّ عَلَى اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا فِي الْمُعَارَضَةِ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ قَوْلَهَا الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَيْسَتْ فَوْتًا إنَّمَا هُوَ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ السَّلَم إذَا كَانَ طَعَامًا وَرَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانٌ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى عَيْنِ رَأْسِ مَالِهِ جَازَ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِمُفَوِّتٍ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ فِيهَا وَالثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَا تُفِيتُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي ذَاتِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ حَتَّى يَتَعَارَضَ الْمَوْضِعَانِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مَعْرُوفٌ يُخَفَّفُ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ عَدُّوا حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ فِيهَا غَيْرُ مُفِيتَةٍ مَعَ الْقَطْعِ هُنَا بِأَنَّهَا مُفِيتَةٌ وَهَذَا اعْتِرَاضٌ ظَاهِرٌ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِمَا) أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُمَا فِيهِ فَلَوْ كَانَ النَّقْلُ غَيْرَ مُفَوِّتٍ لِرَدِّ الْعَرَضِ بِذَاتِهِ وَدَفَعَ الْمِثْلِيَّ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي نُقِلَ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَيُرَدُّ) أَيْ وَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَكِنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُسَلِّمَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَبِالْوَطْءِ) أَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَبِوَطْئِهِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ وَبِوَطْءٍ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا وَطِئَهَا الْغَيْرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ لَا يُفِيتُهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَبِالْوَطْءِ أَنَّ الْمُقَدَّمَاتِ لَا تُفِيتُ، وَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِهَا، فَإِنْ ادَّعَى وَطْأَهَا صُدِّقَ عَلِيَّةً أَوْ وَخْشًا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ فَتَفُوتُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ صُوَرٍ، فَإِنْ ادَّعَى عَدَمَهُ صُدِّقَ فِي الْوَخْشِ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ وَتُرَدُّ وَلَا اسْتِبْرَاءَ كَعَلِيَّةٍ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَتُرَدُّ وَلَكِنْ تُسْتَبْرَأُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَاتَتْ. (قَوْلُهُ: لِأَمَةٍ) أَيْ لَا لِمَمْلُوكٍ ذَكَرِ فَلَا يَكُونُ فَوْتًا وَقَوْلُهُ: لِأَمَةٍ أَيْ وَلَوْ بِدُبُرِهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بَالِغًا بَلْ صَغِيرًا فَلَا يَكُونُ وَطْؤُهُ فَوْتًا. (قَوْلُهُ: وَيَفْتَضُّهَا) أَيْ غَيْرُ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ كَانَ أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّ رَدَّ الْمِثْلِ اعْتِرَافٌ بِفَوَاتِهِ نَعَمْ التَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمِثْلِيِّ يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّ مَعَ الْفَوَاتِ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا

(عَنْ يَدٍ) بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ تَحْبِيسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ نَفْسِهِ لَا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ فَلَا يُفِيتُ، وَبِيعَ بَعْضُ مَا لَا يَنْقَسِمُ وَلَوْ قَلَّ كَبَيْعِ الْكُلِّ كَبَيْعِ أَكْثَرِ مَا يَنْقَسِمُ وَإِلَّا فَاتَ مَا بِيعَ فَقَطْ. (وَتَعَلُّقُ حَقٍّ) بِالْمَبِيعِ فَاسِدًا لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي (كَرِهْنَهُ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهِ لِعُسْرِ الرَّاهِنِ فَلَوْ قَدَرَ لِمُلَائِهِ لَمْ يَكُنْ فَوْتًا (وَإِجَارَتِهِ) اللَّازِمَةِ بِأَنْ كَانَتْ وَجِيبَةً أَوْ نَقْدِ كِرَاءِ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَسْخِهَا بِتَرَاضٍ وَهَذَا فِي رَهْنٍ وَإِجَارَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ تَغَيُّرَ الذَّاتِ مُفِيتٌ وَشَمَلَ ذَلِكَ الْأَرْضَ وَكَانَ فِيهَا تَفْصِيلٌ وَخَفَاءٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) بِتَغَيُّرِ (أَرْضٍ بِبِئْرٍ) حُفِرَتْ فِيهَا لِغَيْرِ مَاشِيَةٍ (وَعَيْنٍ) فُتِقَتْ فِيهَا، وَلَوْ لِمَاشِيَةٍ أَوْ أُجْرِيَتْ إلَيْهَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ (و) بِإِنْشَاءِ (غَرْسٍ وَبِنَاءٍ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ) صِفَةٌ لِغَرْسٍ وَبِنَاءٍ وَلَا يَرْجِعُ لِبِئْرٍ وَعَيْنٍ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمَا ذَلِكَ وَمِثْلُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ الْقَلْعُ وَالْهَدْمُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا أَحَاطَ الْغَرْسَ أَوْ الْبِنَاءَ بِهَا وَلَمْ يَعُمَّ الْأَرْضَ وَلَا مُعْظَمَهَا وَإِلَّا فَاتَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَظِيمَ الْمُؤْنَةِ لِحَمْلِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ عَمَّ مَا دُونَ الْجُلِّ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَفَاتَتْ بِهِمَا) أَوْ بِأَحَدِهِمَا (جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ) أَوْ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: جِهَةٌ أَيْ لَا الْجَمِيعُ فَلَمْ يُحْتَرَزْ بِهِ عَنْ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ (لَا أَقَلُّ) مِنْ الرُّبْعِ فَلَا يُفِيتُ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَوْ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْجِهَةِ الرُّبُعَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ بِالْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ تَغَيُّرُ الذَّاتِ لَا يُفِيتُهُ فَالْوَاجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَدُّ مِثْلِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَالْخِلَافُ مَذْكُورٌ فِي طفي وَنَصَّهُ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ الَّذِي لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ. وَابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَفُوتُ بِتَغَيُّرِ الذَّاتِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُلْتَئِمٍ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَمِثْلَ الْمِثْلِيَّ إذْ الْمِثْلُ هُوَ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْفَوَاتِ عِنْدَهُ وَتِلْكَ طَرِيقَةُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ وَأَصْلُهَا لِابْنِ يُونُسَ فَهُمَا طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا لِابْنِ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ اللَّازِمَ فِي الْفَوَاتِ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوِّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ إلَّا أَنْ يُعْدَمَ كَثَمَرٍ فِي غَيْرِهِ إبَّانَهُ فَقِيمَتُهُ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَشَى الْمُصَنِّفُ سَابِقًا فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيُّ أَنَّ اللَّازِمَ مَعَ الْفَوَاتِ هُوَ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ وَاخْتَارَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِمَا يَأْتِي التَّفْرِيعُ وَالْخِلَافُ فِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَالنَّقْلِ وَالتَّغَيُّرُ هَلْ يُفِيتُ الْمِثْلِيَّ أَمْ لَا فَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْمِثْلَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بِعَدَمِ الْفَوَاتِ وَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْقِيمَةَ قَالَ بِالْفَوَاتِ، وَأَمَّا رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ كَمَا تَوَهَّمَهُ عج فَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ: عَنْ يَدٍ) أَيْ عَنْ يَدِ مُشْتَرِيه. (قَوْلُهُ: أَوْ تَحْبِيسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ نَفْسِهِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَبَسَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ هَذَا حَبْسٌ عَنْ نَفْسِي بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَبْسٌ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِهِ كَأَنْ حَبَسَ دَارًا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِشِرَاءِ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ وَأَنْ يَحْبِسَ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْوَصِيُّ شِرَاءً فَاسِدًا وَحَبَسَهُ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يُرَدُّ وَلَا يَكُونُ التَّحْبِيسُ مُفِيتًا لَهُ. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ الْكُلِّ) أَيْ فِي كَوْنِهِ فَوْتًا وَقَوْلُهُ: كَبَيْعِ أَكْثَرَ مَا يَنْقَسِمُ أَيْ، فَإِنَّهُ فَوْتٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ بَاعَ بَعْضَ مَا يَنْقَسِمُ فَاتَ مَا بِيعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَرْضٌ بِبِئْرٍ وَعَيْنٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ بِدُونِ رُبْعِ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَاشِيَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ حُفِرَ لِلزِّرَاعَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَأْنَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ عِظَمَ الْمُؤْنَةِ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ وَجْهُ خُرُوجِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَأْنَهُ عِظَمَ الْمُؤْنَةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَظِيمَ الْمُؤْنَةِ بِالْفِعْلِ كَانَ مُفِيتًا كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الزَّرْعُ فَلَا يُفِيتُ كَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْفَسْخُ فِي الْإِبَّانِ أَيْ زَمَنِ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي كِرَاءُ الْمِثْلِيِّ وَلَا يُقْلِعُ زَرْعَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ وَفَازَ بِذَلِكَ الزَّرْعِ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ الْقَلْعُ وَالْهَدْمُ) أَيْ فِي كَوْنِهِمَا مُفَوِّتِينَ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَظِيمَ الْمُؤْنَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِيمَا أَحَاطَ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ بِهَا) أَيْ كَالسُّوَرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ أَحَاطَا بِهَا كَالسُّوَرِ، فَإِنْ كَانَا عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ أَفَاتَا وَإِلَّا فَلَا يُفِيتَانِ شَيْئًا، وَإِنْ عَمَّا الْأَرْضَ كُلَّهَا أَوْ مُعْظَمَهَا، فَإِنَّهُمَا يُفِيتَانِ الْأَرْضَ بِتَمَامِهَا سَوَاءٌ كَانَا عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنْ غَرَسَ النِّصْفَ وَعَمَّهُ بِالْغَرْسِ كَانَ مُفِيتًا لِلْأَرْضِ بِتَمَامِهَا كَمَا لَوْ عَمَّ كُلَّهَا أَوْ مُعْظَمَهَا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَشَى ابْنُ عَرَفَةَ فَحَدُّ الْيَسِيرِ عِنْدَهُ الثُّلُثُ فَمَا زَادَهُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مُفِيتٌ لَهَا بِتَمَامِهَا، وَمِثْلُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ لِابْنِ رُشْدٍ إذْ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ النِّصْفَ كَالرُّبْعِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْغَرْسُ بِنَاحِيَةٍ فِيهَا وَجَلَّهَا لَا غَرْسَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَفُوتَ مِنْهَا مَا غَرَسَ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي سَائِرِهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْرُوسُ مِنْ الْأَرْضِ يَسِيرًا كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَأَنْتَ تَرَاهُ أَحَالَ الْقَدْرَ الَّذِي يَفُوتُ بِالْغَرْسِ دُونَ مَا لَمْ يُغْرَسْ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَزِمَهُ الْبَاقِي، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ ثُمَّ قَالَ وَتَلِفَ بَعْضُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ) أَيْ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ

يَوْمَ الْقَبْضِ لَا بِالْمِسَاحَةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ مُفِيتًا إمَّا لِنَقْصِ مَحَلِّهِمَا عَنْ الرُّبُعِ أَوْ لِعَدَمِ عِظَمِ الْمُؤْنَةِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَظْمُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِبَائِعِ الْأَرْضِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْقِيمَةُ) يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ قِيمَةُ مَا غَرَسَهُ أَوْ بَنَاهُ (قَائِمًا) لَا مَقْلُوعًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِوَجْهِ شَبَهٍ عَلَى التَّأْبِيدِ (عَلَى الْمَقُولِ) عِنْدَ الْمَازِرِيِّ (وَالْمُصَحَّحِ) عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ (وَفِي بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا وَقَعَ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ مِنْ بَائِعِهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا بِأَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ بِيَدِ بَائِعِهِ أَوْ يَبِيعَهُ بَائِعُهُ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَهُ مِنْهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَفُوتُ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ أَمْ لَا مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَمْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي صَحِيحًا أَمْ لَا إذْ لَا يَحْصُلُ الْفَوَاتِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ اتِّفَاقًا (تَأْوِيلَانِ) بِالْفَوْتِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى الْفَوْتِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْبَائِعِ يَوْمَ بَيْعِهِ أَيْ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْبَائِعَ وَهُوَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَمْضِي وَيَكُونُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ أَصْلِهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ. وَعَلَى عَدَمِ الْفَوْتِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِي رُدَّ لِبَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْبَائِعَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ بَائِعِهِ فِيهِ بَيْعٌ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ الْإِمْضَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالصَّدَقَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عِتْقُ الْمُشْتَرِي بِأَنْوَاعِهِ وَهِبَتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَوْتٌ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا بِالثَّمَنِ وَإِلَّا رُدَّ عِتْقُهُ وَرُدَّ لِبَائِعِهِ (لَا إنْ قَصَدَ) الْمُشْتَرِي (بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ) فَلَا يُفِيتُهُ مُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. (و) لَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَاسِدًا وَوَجَبَتْ فِي الْمُقَوَّمِ أَوْ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ ثُمَّ زَالَ الْمُفِيتُ (ارْتَفَعَ الْمُفِيتُ) أَيْ حُكْمُهُ وَهُوَ عَدَمُ رَدِّهِ لِبَائِعِهِ (إنْ عَادَ) الْمَبِيعُ لِحَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا كَإِرْثٍ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ وَرُدَّ إلَى بَائِعِهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِعَدَمِ الرَّدِّ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْفَوَاتُ (بِتَغَيُّرِ السُّوقِ) ثُمَّ يَعُودُ السُّوقُ الْأَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتِلْكَ الْجِهَةِ وَمَا قِيمَةُ الْجِهَةِ الْبَاقِيَةِ، فَإِنْ قِيلَ قِيمَةُ الْجِهَةِ الْمَغْرُوسَةِ مِائَةٌ وَقِيمَةُ الْجِهَةِ الْأُخْرَى مِائَتَانِ أَوْ ثَلَثُمِائَةٍ فَاتَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ وَرَدَّ الْبَاقِيَ وَحَاصَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْقِيمَةُ) أَيْ لَا الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ كَمَا خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ وَنَسَبَهُ لِلْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُهُ: قَائِمًا أَيْ لَا مَقْلُوعًا يَوْمَ جَاءَ بِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُصَحَّحُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَحْصُلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ، قِيلَ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ وَقِيلَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ قَائِمًا، وَقِيلَ مَقْلُوعًا يَوْمَ جَاءَ بِهِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِتَغَيُّرِ السُّوقِ) أَيْ وَهُوَ الْعُرُوض وَالْحَيَوَانُ. (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ وَهُوَ الْمِثْلِيُّ وَالْعَقَارُ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَجَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِلْفَضْلِ وَابْنِ الْكَاتِبِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) أَيْ مَضَى الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ قِيمَتُهُ لِلْبَائِعِ يَوْمَ بَيْعِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَهُ وَلَا يُقَالُ: هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ فَاسِدًا إذَا فَاتَ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: بَيْعُ الْمُشْتَرِي لِلسِّلْعَةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ قَبْضِهَا. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْقَبْضِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ تَسَمُّحًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ مُضِيِّ بَيْعِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَوْتًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا هُوَ نَقْضٌ وَفُسِخَ لَهُ فَكَانَ الْمُرَادُ بِالْفَوْتِ فِي هَذَا فَوْتَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي تَفْسِيرٌ مُرَادٌ. (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ) أَيْ ذَلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي أَيْ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَبَضَهُ) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَائِعُ قَبَضَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: رُدَّ) أَيْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: بَقِيٍّ بِيَدِ بَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ: رَدَّهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ بَاعَهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ. (قَوْلُهُ: لِبَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ وَنُقِضَ ذَلِكَ الْبَيْعُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ بَائِعِهِ فِيهِ بَيْعٌ) هَذَا مَحَطُّ الْكَأَنِيَّةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُرَدُّ ذَلِكَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَضَمَانُهُ إنْ حَصَلَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَصَدَ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا عَلِمَ بِالْفَسَادِ فَبَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَصَدَ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ فَإِنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ الْفَاسِدَ لَا يَمْضِي وَلَا يُفِيتُهُ الْبَيْعُ الثَّانِي اتِّفَاقًا وَلَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ بَلْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ لَا الْعِتْقُ، فَإِنَّهُ فُوِّتَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِالْبَيْعِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِنْ بَائِعِهِ. (قَوْلُهُ: الْإِفَاتَةُ) أَيْ لِشِرَائِهِ الْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ رَدِّهِ لِبَائِعِهِ) أَيْ وَيَثْبُتُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ عَادَ الْمَبِيعُ) أَيْ فِيمَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ كَالسَّمْنِ وَالْهُزَالِ وَنَقْلِ الْعَرَضِ وَالْمِثْلِيِّ لَا مَا لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ كَالْوَطْءِ وَالْعِتْقِ وَطُولِ الزَّمَانِ وَالْمَوْتِ وَذَهَابِ الْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ اخْتِيَارِيًّا) أَيْ بِالشِّرَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاء فَاسِدًا وَبَاعَهَا بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ هَذَا الَّذِي بَاعَهَا لَهُ أَوْ أَنَّ مَنْ بَاعَهَا وَهَبَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهَا لِوَارِثِهِ ثُمَّ وَرِثَهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ: ضَرُورِيًّا أَيْ كَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِعَدَمِ الرَّدِّ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُرَدُّ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَغَيُّرِ السُّوقِ) أَيْ لِأَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ الَّذِي أَوْجَبَ الْفَوَاتَ

[فصل في بيوع الآجال]

فَلَا يَرْتَفِعُ وَوَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا وَجَبَ فِي غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَهِيَ بُيُوعٌ ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ لَكِنَّهَا تُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ، وَلِذَا قَالَ (وَمَنَعَ) عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ (لِلتُّهْمَةِ) أَيْ لِأَجْلِ ظَنِّ قَصْدِ مَا مُنِعَ شَرْعًا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ (مَا) أَيْ بَيْعٌ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ (كَثُرَ قَصْدُهُ) أَيْ قَصْدُ النَّاسِ لَهُ لِلتَّوَصُّلِ إلَى الرِّبَا الْمَمْنُوعِ وَذَلِكَ (كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ) أَيْ كَبَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَسَلَفٍ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ لِلتُّهْمَةِ عَلَى أَنَّهُمَا قَصْدُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ الْمَمْنُوعِ كَأَنْ يَبِيعَ سِلْعَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِي إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ سِلْعَةَ وَدِينَارًا نَقْدًا أَخَذَ عَنْهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ السِّلْعَةِ وَهُوَ بَيْعٌ وَالْآخَرُ عَنْ الدِّينَارِ وَهُوَ سَلَفٌ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مَنْعَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا شَرَطَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا الِاتِّهَامِ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ الْفُرُوعِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ (وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ) أَيْ وَكَبَيْعٍ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَيَشْتَرِيهَا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا فَآلَ أَمْرُهُ لِدَفْعِ خَمْسَةٍ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً (لَا مَا قَلَّ) قَصْدُهُ فَلَا يَمْنَعُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ مِنْ سَبَبِ الْمُشْتَرِي وَلَا بِقُدْرَتِهِ فَلَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ حَصَّلَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُفَوِّتَ السِّلْعَةَ عَلَى رَبِّهَا بِحَيْثُ لَا تُرَدُّ لَهُ فَلِذَا إذَا عَادَ السُّوقَ الْأَوَّلَ مَا زَالَ فَوَاتُهَا عَلَى رَبِّهَا بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالصَّدَقَةِ وَالنَّقْلِ، فَإِنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ فَوَاتِهَا عَلَى رَبِّهَا فَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَكَمْنَا بِالْفَوَاتِ نَظَرًا لِظَاهِرِ الْحَالِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ الْمُفِيتُ حَكَمْنَا بِزَوَالِ حُكْمِهِ وَعَدَمِ الرَّدِّ نَظَرًا لِلِاتِّهَامِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ تَغَيُّرَ الذَّاتِ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ بِتَجْوِيعٍ أَوْ تَفْرِيطٍ فِي صَوْنِهِ وَحَمْلِ الْغَالِبِ عَلَى غَيْرِهِ طَرْدًا لِلْبَابِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْتَفِعُ) أَيْ حُكْمُ الْمُفِيتِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الرَّدِّ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ. (قَوْلُهُ: مَا وَجَبَ فِي غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ) أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْعَقَارُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُمَا لَا يَفُوتَانِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ [فَصْلٌ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ] (قَوْلُهُ: تُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ) أَيْ وَهُوَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ أَوْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً أَوْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ. (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ) إمَّا عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ السَّعْدُ فِي شَرْحِ تَصْرِيفِ الْغَزِّيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْفَصْلَ بِالتَّرْجَمَةِ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْعَطْفِ فَوُجُودُهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ مُعْتَرَضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَ مَا تَقَعُ وَاوُ الِاسْتِئْنَافِ فِي أَوَائِلِ الْفُصُولِ وَالْأَبْوَابِ وَمَطَالِعِ الْقَصَائِدِ. (قَوْلُهُ مَا كَثُرَ إلَخْ) نَائِبُ فَاعِلِ مُنِعَ أَيْ مُنِعَ الْبَيْعُ الَّذِي كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَاعِلُهُ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْأَمْرَ الْمَمْنُوعَ وَقَوْلُهُ: كَبَيْعِ إلَخْ مِثَالٌ لِمَا كَثُرَ قَصْدُهُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ كَبَيْعٍ يُؤَدِّي لِبَيْعٍ وَسَلَفٍ. (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالدَّيْنَ بِالدَّيْنِ وَالْمُبَادَلَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ فَالْبَيْعُ الْمُؤَدِّي لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ لِكَثْرَةِ قَصْدِ النَّاسِ إلَيْهِ لِلتَّوَصُّلِ لِلْمَمْنُوعِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِلتُّهْمَةِ عَلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ الْمَمْنُوعَ) أَيْ لِأَنَّ التُّهْمَةَ عَلَى قَصْدِ ذَلِكَ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَالنَّصُّ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ سِلْعَةً وَدِينَارًا) أَيْ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهَا مُلْغَاةٌ. (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ عبق قَالَ ح اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ صَرِيحِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِهِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَنْعِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَابِعُوهُ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى فَقَوْلُ عبق وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا ضَعِيفٌ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصُّوَر ثَلَاثٌ: بَيْعٌ وَسَلَفٌ بِشَرْطٍ وَلَوْ بِجَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَنْعِهَا سَابِقًا، وَبَيْعٌ وَسَلَفٌ بِلَا شَرْطٍ لَا صَرَاحَةَ وَلَا حُكْمًا وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي أَجَازُوهَا وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ وَتُهْمَةُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَكَرَّرُ الْبَيْعُ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَى مَنْعِهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا فَمَا أَجَازُوهُ سَابِقًا غَيْرُ مَا مَنَعُوهُ هُنَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِيهِ التُّهْمَةُ بِالدُّخُولِ عَلَى شَرْطِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَسَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ) هَذَا مِثَالٌ ثَانٍ لِمَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ لِأَجْلِ التَّوَصُّلِ لِلْمَمْنُوعِ، فَإِنْ قُلْت: الْبَيْعُ إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَكَانَ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ. قَوْلُهُ: وَسَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ قُلْت الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ كَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَقَدْ يَكُونُ وَسِيلَةً كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ لَمْ يُعْلَمْ حُكْمَ كَثْرَةِ الْقَصْدِ لِمَا يَكُونُ وَسِيلَةً ضَرُورَةَ أَنَّ قَصْدَ الْمَقَاصِدِ أَقْوَى مِنْ قَصْدِ الْوَسَائِلِ. (قَوْلُهُ: فَآلَ أَمْرُهُ لِدَفْعِ إلَخْ) أَيْ فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّ شَيْئَهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَشَرَةً. (قَوْلُهُ: لَا مَا قَلَّ) أَيْ لَا يُمْنَعُ بَيْعٌ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ قَلَّ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ لِلتَّوَصُّلِ إلَى مَمْنُوعٍ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ

(كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) أَيْ كَبَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ يُؤَدِّي لِذَلِكَ كَبَيْعِ ثَوْبَيْنِ بِدِينَارٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ أَحَدُهُمَا بِدِينَارٍ فَيَجُوزُ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ دَفَعَ لَهُ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ عِنْدَهُ بِالْآخَرِ لِضَعْفِ تُهْمَةِ ذَلِكَ لِقِلَّةِ قَصْدِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا صَرِيحُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْجَاهَ وَالْقَرْضَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا سُحْتٌ (أَوْ أَسْلِفْنِي) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ (وَأُسَلِّفُك) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَنَصْبِ الْفِعْلِ أَيْ وَكَبَيْعٍ أَدَّى إلَى ذَلِكَ كَبَيْعِهِ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِدِينَارٍ نَقْدًا وَدِينَارٍ إلَى شَهْرَيْنِ فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ أَنَّهُ دَفَعَ الْآنَ دِينَارًا سَلَفًا لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ دِينَارِهِ وَالثَّانِي سَلَفٌ مِنْهُ يَدْفَعُ لَهُ مُقَابِلَهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ الثَّانِي فَلَا يُمْنَعُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْغَالِبِ لَا يَقْصِدُونَ إلَى السَّلَفِ إلَّا نَاجِزًا لَا بَعْدَ مُدَّةٍ. وَلَمَّا كَانَ مَا تَقَدَّمَ فَاتِحَةٌ لِبُيُوعِ الْآجَالِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا فَمَا اشْتَمَلَ عَلَى إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ مَنَعَ وَمَا لَا فَلَا بِقَوْلِهِ (فَمَنْ بَاعَ) مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا (لِأَجَلٍ) كَشَهْرٍ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ اشْتَرَى الْبَائِعُ أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ وَكِيلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ إلَخْ مِثَالٌ لِمَا قَلَّ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ كَبَيْعٍ جَائِزٍ مُؤَدٍّ لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ مَا إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِلَا مَحْذُوفٍ وَهُوَ الْمَوْصُولُ الِاسْمِيُّ وَحَذْفَهُ مَعَ بَقَاءِ صِلَتِهِ جَائِزٌ وَمَثَّلُوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: 46] أَيْ وَاَلَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكُمْ لِاخْتِلَافِ الْمَنْزِلَيْنِ. (قَوْلُهُ: كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) إطْلَاقُ الضَّمَانِ هُنَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْحِفْظُ، كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لِلضَّمَانِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إطْلَاقَيْنِ أَخَصُّ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَأَعَمُّ وَهُوَ الْحِفْظُ وَالصَّوْنُ الْمُوجِبُ تَرْكُهُ لِلْغُرْمِ وَمِنْهُ قَوْلُنَا: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ وَمِنْهُ ضَمَانُ الرِّهَانِ وَضَمَانُ الْمَبِيعِ وَمِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ الضَّمَانُ هُنَا فَهُوَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ وَلَا يُنْظَرُ إلَخْ) حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِي الْبَيْعِ الْمُؤَدِّي لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْجَوَازُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ لِيَحْفَظَ لَهُ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: بِالْآخِرِ) أَيْ بِالثَّوْبِ الْآخِرِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا صَرِيحُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْك دَيْنٌ لِإِنْسَانٍ فَيَضْمَنُكَ شَخْصٌ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ وَالثَّانِي كَأَنْ تُسَلِّفَهُ اثْنَيْ عَشْرَ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَرُدَّ لَكَ عَشَرَةً كَمَا فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: سُحْتٌ) فَسَّرُوهُ بِأَنَّهُ كَسْبُ مَا لَا يَحِلُّ. (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ) إنَّمَا فُتِحَتْ الْهَمْزَةُ فِي الْأَوَّلِ وَضُمَّتْ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ، وَبَابُ الْأَفْعَالِ تُفْتَحُ هَمْزَةُ أَمْرِهِ وَتُضَمُّ هَمْزَةُ مُضَارِعِهِ نَحْوَ أَكْرِمْنِي وَأُكْرِمُك. (قَوْلُهُ: وَنُصِبَ الْفِعْلُ) أَيْ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ بَعْدَ وَاوِ الْمَعِيَّةِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ أَيْ لِيَكُنْ مِنِّي مَعَ سَلَفٍ مِنْك أَيْ لِيَكُنْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا سَلَفٌ لِلْآخَرِ. (قَوْلُهُ: فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ وَعَادَتْ إلَيْهَا مُلْغَاةٌ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بَيْعٌ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: سَلَفٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَقَوْلُهُ: يَدْفَعُ أَيْ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي مُقَابِلَهُ. (قَوْلُهُ: لَا يَقْصِدُونَ إلَى السَّلَفِ إلَخْ) أَيْ إنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ السَّلَفَ حَالًا بِمَا يَدْفَعُونَهُ. (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ مُدَّةٍ) أَيْ وَلَا يَقْصِدُونَ أَنَّ مَا يَدْفَعُونَهُ قَدْ يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى كَوْنِهِ سَلَفًا كَمَا فِي دَفْعِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الدِّينَارَيْنِ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ مَا تَقَدَّمَ فَاتِحَةً لِبُيُوعِ الْآجَالِ) أَيْ إنَّ مَا تَقَدَّمَ قَاعِدَتَانِ لِبُيُوعِ الْآجَالِ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا جَمِيعُ مَسَائِلِ الْبَابِ الْآتِيَةِ فَقَوْلُهُ: يَمْنَعُ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَسَائِلِ الْبَابِ الْمَمْنُوعَةِ وَقَوْلُهُ: لَأَقَلَّ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَسَائِلِ الْبَابِ الْجَائِزَةِ فَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي مُفَصَّلَةٌ لِلْقَاعِدَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ إجْمَالًا. (قَوْلُهُ: فَمَا اشْتَمَلَ عَلَى إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ، وَسَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً. (قَوْلُهُ: فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ إلَخْ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا إلَى أَنَّ شُرُوطَ بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُتَطَرِّقِ إلَيْهَا التُّهْمَةُ خَمْسَةٌ أَنْ تَكُونَ الْبَيْعَةُ الْأُولَى لِأَجَلٍ فَلَوْ كَانَتْ نَقْدًا كَانَتْ الثَّانِيَةُ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ فَلَيْسَتَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى ثَانِيًا هُوَ الْمَبِيعُ أَوَّلًا وَأَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ ثَانِيًا هُوَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ، وَالْبَائِعُ أَوَّلًا هُوَ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ وَالْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ وَكِيلَهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْآخَرِ أَوْ شِرَائِهِ أَوْ جَهِلَهُ وَأَنْ يَكُونَ صِنْفُ ثَمَنِ الشِّرَاءِ الثَّانِي مِنْ صِنْفِ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا) اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْمُقَوَّمِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمِثْلِيِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمِثْلِيُّ قَدْرًا أَوْ صِفَةً بِمِثْلِهِ فَمَنْ عَمَّمَ هُنَا فَقَدْ أَخْطَأَ، كَذَا قَالَ ح. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اشْتَرَاهُ) لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ ثُمَّ التَّرَاخِيَ أَوْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ جَوَازُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفَاعِلُ اشْتَرَاهُ هُوَ فَاعِلُ بَاعَ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ عَائِدٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ أَيْ بَاعَ شَيْئًا وَحَذَفَهُ لِلْعُمُومِ وَقَوْلُهُ: اشْتَرَاهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ كَمَحْجُورِهِ مَثَلًا فَهُوَ

أَوْ مَأْذُونِهِ عَيَّنَ مَا بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ (بِجِنْسِ ثَمَنِهِ) الَّذِي بَاعَهُ بِهِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَيْنٍ) مُتَّفَقٌ فِي الْبَيْعَتَيْنِ صِنْفًا وَصِفَةً كَمُحَمَّدِيَّتَيْنِ أَوْ يَزِيدِيَّتَيْنِ وَسَيَذْكُرُ اخْتِلَافَ السِّكَّةِ فِي قَوْلِهِ وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ (وَطَعَامٍ) ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ مَعَ اتِّفَاقِ صِنْفِهِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ (وَعَرَضٍ) وَالْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى أَوْ (فَإِمَّا) أَنْ يَشْتَرِيَهُ (نَقْدًا أَوْ لِلْأَجْلِ) الْأَوَّلِ (أَوْ) لِأَجْلِ (أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ أَكْثَرَ) فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجَلِ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ (أَوْ أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ أَكْثَرَ) يَحْصُلُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً (يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ وَأَبْعَدَ مِنْهُ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ تُهْمَةُ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الْبَائِعِ وَفِي الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا التِّسْعُ صُوَرٍ الْبَاقِيَةِ فَجَائِزَةٌ وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ تَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَوْ الثَّمَنَانِ فَالْجَوَازُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ أَوْ الثَّمَنَانِ فَانْظُرْ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ بِالْعَطَاءِ، فَإِنْ دَفَعَتْ قَلِيلًا عَادَ إلَيْهَا كَثِيرًا فَالْمَنْعُ وَإِلَّا فَالْجَوَازُ وَلَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلُّهُ أَوْ تَأْجِيلَهُ كُلُّهُ وَكَانَتْ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ بَعْضِهِ فِي كُلِّ الصُّوَرِ وَتَأْجِيلِ الْبَعْضِ الْبَاقِي إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ مِثْلِهِ أَوْ أَبْعَدَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَضْرُوبَةٌ فِي أَحْوَالِ قَدْرِ الثَّمَنِ الثَّلَاثَةِ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعٌ وَتَسْقُطُ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثِ مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (وَكَذَا لَوْ أَجَّلَ) مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي (بَعْضُهُ) وَعَجَّلَ بَعْضَهُ (مُمْتَنِعٌ) مِنْ الصُّوَرِ التِّسْعِ (مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَكْرُوهٌ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: فَإِمَّا نَقْدًا عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ هُوَ الْجَوَابُ وَالتَّقْدِيرُ فَفِي شِرَائِهِ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إمَّا نَقْدًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَأْذُونِهِ) أَيْ عَبْدِهِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِسَيِّدِهِ أَمَّا إنْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ جَازَ مُطْلَقًا وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يُمْنَعُ كَالْوَكِيلِ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَعَرَضٌ) أَيْ وَالْمُرَادُ عَرَضٌ مُتَّفَقُ الصِّنْفِيَّةِ فِي الْبَيْعَتَيْنِ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صِفَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالطَّعَامَ فَيَشْمَلُ الْحَيَوَانَ. (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً) أَيْ مِنْ ضَرْبَ ثَلَاثَةِ أَحْوَالِ الثَّمَنِ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فِي أَرْبَعِ أَحْوَالِ الشِّرَاءِ الثَّانِي مِنْ كَوْنِهِ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ شِئْت قُلْت وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْعُقْدَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَجْلِسِ الْعُقْدَةِ الْأُولَى أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ قَدْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ مَضْرُوبَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ صُورَةً، وَإِنْ شِئْت قُلْتَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا لَكِنْ الْمُصَنِّفُ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الْعَيْنِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الطَّعَامِ وَالْعَرَضِ وَالْحَيَوَانِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِأَقَلَّ إلَخْ) كَأَنْ يَشْتَرِي مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشْرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ ثَمَانِيَةً فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ الْآنَ أَوْ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ وَيَرْجِعُ لَهُ بَدَلَهَا عَشَرَةً بَعْدَ شَهْرٍ وَالْبَائِعُ الثَّانِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي الْأَخِيرَةِ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ اثْنَيْ عَشْرَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ) أَيْ دَفْعَ الْقَلِيلِ فِي الْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا التِّسْعُ صُوَرٍ الْبَاقِيَةُ) أَيْ وَهِيَ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَشِرَاؤُهُ بِثَمَانِيَةٍ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِلْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَشِرَاؤُهُ بِاثْنَيْ عَشْرَ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّمَنَانِ) أَيْ أَوْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ فَأَجِزْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ وَذَلِكَ بِأَنْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: إنْ تَسَاوَى الْأَجَلَانِ إلَخْ أَيْ فَأَجِزْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الثَّمَنَانِ وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ. (قَوْلُهُ: فَالْمَنْعُ) أَيْ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشْرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْجَوَازُ) وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: أَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلِ بِاثْنَيْ عَشْرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ) أَيْ أَحْوَالُ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلِّهِ أَوْ تَعْجِيلُ كُلِّهِ أَرْبَعَةً: وَهِيَ تَأْجِيلُهُ إلَى الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ تُضَمُّ لِتَعْجِيلِهِ كُلِّهِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُهُ: فِي ثَلَاثَةٍ أَيْ كَوْنِ الثَّمَنِ الثَّانِي قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ الصُّوَرِ) أَيْ كَانَ هَذَا الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: مَضْرُوبَةٌ فِي أَحْوَالِ قَدْرِ الثَّمَنِ) أَيْ قَدْرِ الثَّمَنِ الثَّانِي وَهِيَ كَوْنُهُ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَجَّلَ بَعْضَهُ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ فِيمَا مَضَى مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كَذَلِكَ لَوْ أَجَّلَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي بَعْضَهُ يَمْتَنِعُ فِي صُورَةِ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا تَعَجَّلَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعٌ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ فَاعِلٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ فِي وُقُوعِ الْوَصْفِ مُبْتَدَأَ الِاعْتِمَادِ، وَكَذَا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُؤَكَّدٌ عَامِلُهُ مُمْتَنِعٌ أَيْ مُمْتَنِعٌ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كَالِامْتِنَاعِ السَّابِقِ

أَيْ كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ أَوْ بَعْضِهِ فَتَحْتُهُ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٌ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٌ لِدُونِ الْأَجَلِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَعَجَّلَ الْأَقَلَّ وَهُوَ الْعَشَرَةُ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ السَّبْعَةُ الَّتِي لِأَبْعَدَ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً خَمْسَةً مِنْهَا عَنْ الْخَمْسَةِ الْأُولَى وَخَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَةً. (أَوْ) مَا تَعَجَّلَ فِيهِ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ أَوْ بَعْضَهُ فَتَحْتُهُ صُورَتَانِ أَيْضًا الْأُولَى أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِلْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ فِي أَرْبَعَةٍ عِنْدَ الشَّهْرِ وَيَأْخُذُ سِتَّةً عَنْ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي نَقَدَهَا أَوَّلًا فَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً سِتَّةً عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَأَرْبَعَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةً، فَالْمَمْنُوعُ أَرْبَعَةٌ وَالْجَائِزُ خَمْسَةٌ. وَلَمَّا كَانَ مِنْ ضَابِطِ الْجَوَازِ أَنْ يَسْتَوِيَ الْأَجَلَانِ وَمِنْ ضَابِطِ الْمَنْعِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُعْرَضُ الْمَنْعُ لِلْجَائِزِ فِي الْأَصْلِ وَالْجَوَازُ لِلْمُمْتَنِعِ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ (كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ) كَبَيْعِهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ شِرَائِهَا إلَيْهِ (إنْ شَرَطَا) حِينَ الشِّرَاءِ (نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ) وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ لِابْتِدَائِهِ بِهِ بِسَبَبِ عِمَارَةِ ذِمَّةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ، وَمَفْهُومٌ أَنَّ شَرْطَ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ أَنَّهُمَا إنْ لَمْ يُشْتَرَطَا نَفْيُهَا بِأَنْ اشْتَرَطَاهَا أَوْ سَكَتَا عَنْهَا جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلِذَلِكَ) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ لِلشَّرْطِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُقَاصَّةِ تَأْثِيرًا سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِثُبُوتِهَا أَوْ نَفْيِهَا (صَحَّ فِي أَكْثَرِ) مِنْ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ بِهِ كَبَيْعِهَا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرِ وَشِرَائِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ (لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ (إذَا شَرَطَاهَا) أَيْ الْمُقَاصَّةَ لِلسَّلَامَةِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، وَلَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِهَا بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي عِلَّتِهِ وَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ) أَيْ تَعَجَّلَ فِيهِ كُلَّ الْأَقَلِّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ أَيْ أَوْ تَعَجَّلَ فِيهِ كُلَّ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ: الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا تَعَجَّلَ كُلَّ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٌ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٌ لِدُونِ الْأَجَلِ) أَيْ فَقَدْ دَفَعَ قَلِيلًا فِي كَثِيرٍ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ السِّلْعَةَ لَمَّا خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ صَارَتْ مُلْغَاةً فَآلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثَمَانِيَةٌ بَعْضُهَا نَقْدًا وَبَعْضُهَا مُؤَجَّلًا يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي عَشَرَةً فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا تَعَجَّلَ كُلٌّ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ) أَيْ بَيْعُهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَائِعَ) أَيْ الثَّانِيَ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ؛ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: وَخَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَةً) أَيْ وَهَذَا سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ (قَوْلُهُ: الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا عَجَّلَ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا عَجَّلَ بَعْضُ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ وَقَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٌ نَقْدًا إلَخْ هَذِهِ الصُّورَةُ لَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِهَا لِمَا تَعَجَّلَ فِيهِ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ كَمَا ذَكَرَهُ بَلْ هِيَ مِمَّا تَعَجَّلَ فِيهِ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَعْضُهُ الْمُرَادُ بِهِ أَوْ تَعَجَّلَ بَعْضَهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ وَهُوَ يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: فَالْمَمْنُوعُ) أَيْ مِنْ الصُّوَرِ التِّسْعِ. وَقَوْلُهُ: وَالْجَائِزُ خَمْسَةُ أَيْ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِعَشَرَةٍ خَمْسَةٌ مِنْهَا نَقْدًا وَخَمْسَةٌ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ أَوْ يَشْتَرِيهَا بِاثْنَيْ عَشْرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ، وَحَاصِلُ هَذِهِ الصُّوَرِ التِّسْعِ أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الْبَعْضُ الْمُؤَجَّلُ أَجَلَهُ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ جَازَ مُطْلَقًا فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مُنِعَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْبَعْضُ مُؤَجَّلًا لِأَبْعَدَ (قَوْلُهُ: مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ) هُوَ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَبَّهَ. (قَوْلُهُ: كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ شَرَطَ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالتَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا. (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُقَاصَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِهَا عِنْدَ تَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْمُتَمَاثِلَانِ فَلَمْ يَبْقَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ غَيْرَ الزَّائِدِ فِي إحْدَى الذِّمَّتَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَعْمِيرُ ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ الْبَيْعُ فِي مَسْأَلَةِ شِرَائِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَبْعَدِ مِنْ الْأَجَلِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذْ بَاقِي الصُّوَرِ الْمَمْنُوعَةِ كَذَلِكَ وَهِيَ شِرَاؤُهَا ثَانِيًا بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ كَمَا فِي ح وَحِينَئِذٍ فَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَكْثَرِ فَرْضُ مِثَالٍ. (قَوْلُهُ: بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّوَرِ الَّتِي أَصْلُهَا الْمَنْعُ وَاَلَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ لَا يُفْسِدُهَا إلَّا شَرْطُ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ لَا السُّكُوتُ لِأَنَّ التُّهْمَة فِيهَا

(وَالرَّدَاءَةُ) مِنْ جَانِبٍ (وَالْجَوْدَةُ) مِنْ جَانِبٍ آخَرَ مُعْتَبَرَتَانِ فِي الثَّمَنَيْنِ (كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ) فَالرَّدِيءُ كَالْقَلِيلِ وَالْجَيِّدُ كَالْكَثِيرِ فَحَيْثُ يُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ يُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الرَّدِيءُ وَحَيْثُ جَازَ يَجُوزُ هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَهُوَ يُفِيدُ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْأَجَلَانِ أَوْ دَفَعَتْ الْيَدُ السَّابِقَةُ أَجْوَدَ فَعَادَ إلَيْهَا أَرْدَأَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ مِنْ مَنْعِ صُوَرِ الْأَجَلِ كُلِّهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الثَّمَنِ الثَّانِي مُعَجَّلًا نَقْدًا وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي اتِّحَادِ الْقَدْرِ وَصُوَرُهَا ثَمَانِيَةٌ فَقَطْ يَجُوزُ مِنْهَا صُورَةٌ فَقَطْ وَهِيَ مَا نُقِدَ فِيهَا الْأَجْوَدُ وَيُمْنَعُ الْبَاقِي فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْآتِيَةِ. ثُمَّ صَرَّحَ بِبَعْضِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: بِجِنْسِ ثَمَنِهِ بِقَوْلِهِ (وَمُنِعَ) بَيْعُ سِلْعَةٍ (بِذَهَبٍ وَ) شِرَاؤُهَا (بِفِضَّةٍ) أَوْ عَكْسُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَعِيفَةٌ فَإِذَا شَرَطَ نَفْيَهَا تَحَقَّقَتْ التُّهْمَةُ، وَأَمَّا مَا أَصْلُهَا الْمَنْعُ فَتَجُوزُ إذَا شَرَطَاهَا؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهَا قَوِيَّةٌ فَإِذَا شَرَطَاهَا بَعُدَتْ التُّهْمَةُ فَلِذَا قِيلَ بِالْمَنْعِ إذَا سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِهَا. (قَوْلُهُ: وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّ الصُّوَرَ اثْنَا عَشْرَ بِأَنْ تَقُولَ إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلِذَلِكَ الشِّرَاءُ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَبِيعَ بِجَيِّدٍ وَيَشْتَرِيَ بِرَدِيءِ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً، وَإِنَّ الصُّوَرَ الَّتِي تَمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهَا الْأَقَلُّ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَيُمْنَعُ تَعْجِيلُ الْأَرْدَإِ فِيهَا وَإِذَا اشْتَرَى بِأَرْدَأَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَجْوَدَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ صُّوَرَ الْأَجَلِ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَحَيْثُ يُمْنَعُ إلَخْ) أَيْ فَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ الَّتِي يُمْنَعُ فِيهَا تَعْجِيلُ الْأَقَلِّ يُمْنَعُ فِيهَا تَعْجِيلُ الرَّدِيءِ فَحَيْثُ ظَرْفُ مَكَان مَجَازًا. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ جَازَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ضَمِيرَ جَازَ رَاجِعٌ لِتَعْجِيلِ الْأَقَلِّ مَعَ أَنَّ تَعْجِيلَ الْأَقَلِّ دَائِمًا مَمْنُوعٌ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا مُقَاصَّةٌ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ضَمِيرَ جَازَ رَاجِعٌ لِلتَّعْجِيلِ لَا بِقَيْدِ الْأَقَلِّ أَوْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْأَجَلَانِ) أَيْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَجْوَدَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَرَادَ مِنْهُ كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَعَادَ إلَيْهَا أَرْدَأُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَرْدَأُ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ أَزْيَدَ عَدَدًا مِمَّا دَفَعَهُ أَوْ مُسَاوِيًا فِي الْعَدَدِ لِمَا دَفَعَهُ أَوَّلًا وَأَقَلَّ مِنْهُ فِي الْعَدَدِ. (قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَنْعِ صُوَرَ الْأَجَلِ كُلِّهَا) أَيْ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ الثَّانِيَ إمَّا دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ فِي الْقَدْرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِجَيِّدٍ وَالشِّرَاءُ بِرَدِيءٍ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ صُورَةً كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا الْمُقَاصَّةُ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الثَّمَنِ الثَّانِي مُعَجَّلًا) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْجَوْدَةُ وَالرِّدَاءُ فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا أَيْ وَالْفَرْضُ اتِّحَادُ الثَّمَنَيْنِ فِي الْقَدْرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مُنِعَ فَكَذَا هُنَا إنْ كَانَ الْمُعَجَّلَ الْأَجْوَدَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْأَرْدَأَ مُنِعَ وَقَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَخْ أَيْ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْمَنْعَ فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا مُطْلَقًا وَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنَانِ غَيْرَ مُتَّحِدَيْ الْقَدْرِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَزْيَدَ مِنْ الْآخَرِ كَانَ هُنَاكَ قِلَّةٌ وَكَثْرَةٌ حَقِيقَةً فَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ. (قَوْلُهُ: فِي اتِّحَادِ الْقَدْرِ) أَيْ قَدْرِ الثَّمَنِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَيْ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَدْرِ وَالْعَدَدِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَيِّدًا أَوْ الْآخَرُ رَدِيئًا. (قَوْلُهُ: وَصُوَرُهَا ثَمَانِيَةٌ) أَيْ وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنَانِ مُتَّحِدَيْ الْقَدْرِ وَبَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ أَوْ الْعَكْسُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ وَأَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ بِرَدِيءٍ وَاشْتَرَى بِجَيِّدٍ فَمَتَى كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ مُنِعَ لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا، فَإِنْ عَجَّلَ الْأَرْدَأ مُنِعَ السَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ، وَإِنْ عَجَّلَ الْأَجْوَدَ جَازَ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ وَالسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْآتِيَةِ) أَيْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ أَخَصُّ مِنْ مَسْأَلَةِ السِّكَّتَيْنِ لِفَرْضِ هَذِهِ فِي اتِّحَادِ الثَّمَنَيْنِ قَدْرًا، وَأَمَّا

فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي تَقْدِيمِ الذَّهَبِ وَمِثْلُهَا فِي تَقْدِيمِ الْفِضَّةِ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ أَيْ الِاتِّهَامِ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ جَازَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا) بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَجَّلُ يَزِيدُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمُؤَخَّر كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِسِتِّينَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ. (و) مُنِعَ الْبَيْعُ ثُمَّ الشِّرَاءُ (بِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ) سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ أَوْ اخْتَلَفَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْعَدَدِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ أَمْ لَا (كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ) الْأَوَّلِ وَأَوْلَى لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ (بِمُحَمَّدِيَّةٍ) نِسْبَةً لِمُحَمَّدٍ السَّفَّاحِ أَوَّلِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهِيَ الْجَيِّدَةُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ) نِسْبَةً لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهِيَ الرَّدِيئَةُ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُقَاصَّةِ هُنَا إذْ شَرْطُهَا تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ (وَإِنْ اشْتَرَى) مَا بَاعَهُ (بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِأَنْ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاشْتَرَاهَا بِشَاةٍ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقَلَّ أَوْ لِأَكْثَرَ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ إمَّا قِيمَتُهَا قَدْرَ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِيَةُ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ اتِّحَادِهِمَا قَدْرًا أَوْ كَوْنُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ) حَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِفِضَّةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِذَهَبٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ قِيمَةَ الْفِضَّةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً وَمِثْلُهَا يُقَالُ فِيمَا إذَا بَاعَ أَوَّلًا بِذَهَبٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِتُهْمَةِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ عَجَّلَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا كَأَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِسِتِّينَ دِرْهَمًا لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِدِينَارَيْنِ نَقْدًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ هَلْ هُوَ جَائِزٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تُهْمَةَ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ مُنْتَفِيَةٌ بِالْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ قَدْ يَأْخُذُ الْقَلِيلَ لِحَاجَتِهِ وَيَدْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَثِيرَ جِدًّا فَفِيهِ دَفْعُ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، كَذَا نَظَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ بْن وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمَنْعِ وَذَكَرَ نَصَّهَا فَانْظُرْهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ وَالْمُسَاوَاةَ هُنَا أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِاعْتِبَارِ صَرْفِ الْمِثْلِ لَا بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ؛ لِأَنَّ الْقِلَّةَ وَالْمُسَاوَاةَ وَالْكَثْرَةَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ إنَّمَا تَتَأَتَّى فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِسِكَّةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِسِكَّةٍ أُخْرَى لِأَجَلٍ فَإِمَّا أَنْ يَتَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَوْ يَكُونَ الْأَجَلُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَسَاوَى الثَّمَنَانِ فِي الْقَدْرِ أَوْ يَكُونُ الثَّانِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَبِيعَ بِسِكَّةٍ جَيِّدَةٍ وَيَشْتَرِي بِرَدِيئَةٍ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ ثَمَانَ عَشَرَةَ صُورَةً مَمْنُوعَةً لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ كُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا كَالْأَوَّلِ، أَمَّا إنْ كَانَ نَقْدًا فَصُوَرُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إمَّا قَدْرُ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِالْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَإِ يَجُوزُ مِنْهَا اثْنَتَانِ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَجْوَدَ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالْأَرْبَعَةُ مَمْنُوعَةٌ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَعْتَرِضُ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِالسِّكَّتَيْنِ كَالِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَأُخِذَ مِمَّا هُنَا الْمَنْعُ فِي صُوَرِ الْأَجَلِ كُلِّهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ كَمَا عَلِمْت وَأُخِذَ مِمَّا تَقَدَّمَ التَّفْصِيلَ فِي صُوَرِ النَّقْدِ وَهِيَ سِتَّةٌ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ وَأَوْلَى عَكْسُهُ فَقَدْ نَبَّهَ بِالْمِثَالِ الْأَخَفِّ تُهْمَةً عَلَى مَنْعِ الْأَشَدِّ تُهْمَةً. (قَوْلُهُ: تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ) أَيْ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ: بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنُهُ) الضَّمِيرُ فِي مُخَالِفٍ رَاجِعٌ لِعَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ نَعْتٌ لَهُ وَضَمِيرُ ثَمَنِهِ لِلْمَبِيعِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِمُخَالِفٍ أَيْ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ ذَلِكَ الْعَرَضَ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ أَوَّلًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِيعَ أَوَّلًا بِعَرَضٍ أَوْ بِعَيْنٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالْحَيَوَانَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لِصِنْفِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَانَ أَظْهَرَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مُخَالِفٌ ثَمَنَهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ مُوَافِقٍ لِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ فِي الصِّنْفِيَّةِ كَمَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَوْبٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَوْبٍ فَالشِّرَاءُ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً يُمْنَعُ مِنْهَا مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِيَةِ أَقَلَّ وَكَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى وَكَانَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَمَا عَدَاهَا فَالْجَوَازُ اتِّفَاقًا فِي الْجَمِيعِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لَقِيمَةِ الْأُولَى كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوَّلَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى وَكَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوَّلِهِ أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْأُولَى وَكَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي لِلْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إذَا عَجَّلَ الْأَكْثَرَ فَفِي جَوَازِهِ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذَا جَائِزٌ اتِّفَاقًا

(جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ فَقَطْ) وَمُنِعَتْ التِّسْعَةُ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ مَا أُجِّلَ فِيهِ الثَّمَنَانِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. (وَ) الْمَبِيعُ (الْمِثْلِيُّ) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ الْمُوَافِقُ لِمَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ (صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ) أَيْ كَعَيْنِهِ أَيْ كَعَيْنِ مَا بَاعَهُ وَمِنْ اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَهُ فَفِيهِ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً فَمَنْ بَاعَ إرْدَبًّا لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ فَإِمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ وَالثَّمَنُ إمَّا مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَيُمْنَعُ) مِنْهَا الثَّلَاثُ الَّتِي عُجِّلَ فِيهَا الْأَقَلُّ وَصُورَتَانِ أَيْضًا هُمَا بَقِيَّةُ صُوَرِ الْأَقَلِّ وَهُمَا شِرَاؤُهُ مِثْلَهُ (بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ) مِنْهُ لَكِنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِيهِمَا (إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ) أَيْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَعُدُّونَ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِكَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ سَلَفًا فَيَصِيرُ الْمَمْنُوعُ خَمْسًا وَهِيَ شِرَاؤُهُ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَقَدْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ لِنِصْفِ الشَّهْرِ أَوْ لِلشَّهْرِ أَوْ لِشَهْرَيْنِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَصِيرُ لَهُ دِرْهَمَانِ تَرَكَهُمَا لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي نَظِيرِ غَيْبَتِهِ عَلَى الْمِثْلِيِّ وَهِيَ تُعَدُّ سَلَفًا فَآلَ إلَى سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ، وَمَفْهُومُ " صِفَةً " أَمْرَانِ: الْمُبَايِنَةُ جِنْسًا كَقَمْحٍ وَفُولٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَالْمُبَايَنَةُ نَوْعًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ) الْمُوَافِقِ لَهُ جِنْسًا (كَقَمْحٍ) بَاعَهُ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ صِنْفًا آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ كَسُلْتٍ (وَشَعِيرٍ مُخَالِفٍ) بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَهُ عَبْدًا فَاشْتَرَى مِنْهُ ثَوْبًا فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا (أَوْ لَا) يَكُونُ مُخَالِفًا لِاتِّحَادِ جِنْسِهِمَا فَيُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ ثَلَاثٌ إنْ لَمْ يَغِبْ وَخَمْسٌ إنْ غَابَ (تَرَدُّدٌ) . (وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا) كَعَبْدٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا مِثْلَهُ (فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ) فِي الْجِنْسِيَّةِ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا (كَتَغَيُّرِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ الْمُقَوَّمَةِ تَغَيُّرًا (كَثِيرًا) حَالَ شِرَائِهَا بِزِيَادَةٍ كَسِمَنٍ أَوْ نَقْصٍ كَهُزَالٍ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا بِخِلَافِ طُولِ الزَّمَانِ فَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا لِوُجُودِ التُّهْمَةِ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الرَّاجِعُ لِلْيَدِ الْأُولَى هُوَ مَا خَرَجَ مِنْهَا أَوْ مِثْلُهُ شَرَعَ فِيمَا إذَا عَادَ إلَيْهَا بَعْضُهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اشْتَرَى) الْبَائِعُ لِثَوْبَيْنِ مَثَلًا لِأَجَلٍ (أَحَدَ ثَوْبَيْهِ) ، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَ كَانَ أَشْمَلَ (لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ (مُطْلَقًا) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِثَمَنٍ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (نَقْدًا) يُرِيدُ أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ (امْتَنَعَ) فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ لِمَا فِي الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ غَيْرِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ وَحِينَئِذٍ فَمَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ الصُّوَرِ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْعَرَضُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ثَانِيًا نَقْدًا سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا أُجِّلَ فِيهِ الثَّمَنَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَجَلُ الثَّمَنِ الثَّانِي لِأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لِأَزْيَدَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ الْمُشْتَرَى بِهِ ثَانِيًا قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً) هَذَا مَفْهُومُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: الَّتِي عُجِّلَ فِيهَا الْأَقَلُّ) أَيْ وَهِيَ شِرَاؤُهُ ثَانِيًا بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: إنْ غَابَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ جَازَتْ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ فَتَكُونُ صُوَرُ الْجَوَازِ تِسْعَةً: وَهِيَ الشِّرَاءُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَبِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ وَبِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ. (قَوْلُهُ: لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ) عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَوَجْهُ وُجُودِ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ فِيهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ دَفَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ قَلِيلًا يَعُودُ إلَيْهِ عِنْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي كَثِيرًا. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ أَعْنِي مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ فِي التَّرَدُّدِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا الْمُخَالِفُ فِي الصِّفَةِ كَالسَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا حَالَ شِرَائِهَا) أَيْ عَنْ حَالِهَا وَقْتَ بَيْعِهِ لَهَا. (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ التُّهْمَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ ثَلَاثٌ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَيَجُوزُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَهُ فَفِيهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ، الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا خَمْسُ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ أَوْ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَالْجَائِزُ سَبْعُ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِلْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِي الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ) أَيْ الْأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ وَالْمُسَلِّفُ هُوَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ الثَّانِي وَمَعَهُ زِيَادَةُ الثَّوْبِ هَذَا إذَا اشْتَرَى

وَلَمَّا فِي الْأَقَلِّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ (لَا بِمِثْلِهِ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ (أَوْ) بِثَمَنٍ (أَكْثَرَ) كَذَلِكَ فَيَجُوزُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ كَصُوَرِ الْأَجَلِ الثَّلَاثَةِ فَالْجَوَازُ فِي سَبْعٍ. (وَامْتَنَعَ) شِرَاءُ أَحَدِ ثَوْبَيْهِ (بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ) كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِذَهَبٍ أَوْ بِمُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِفِضَّةٍ أَوْ بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ عَكْسُهُ (إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ) فِي شِرَاءِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ كَثْرَةً تُبْعِدُ تُهْمَةَ الصَّرْفِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُمَا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَلَا يَرْجِعُ الِاسْتِثْنَاءُ لِصُورَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْيَزِيدِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِيهَا الْمَنْعُ مُطْلَقًا. وَلَمَّا ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ ثَانِيًا بَعْضَ الْأَوَّلِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ مَعَ الْمَبِيعِ الْأَوَّلِ سِلْعَةٌ أُخْرَى بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَبِيعُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ (بِعَشَرَةٍ) لِأَجَلٍ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ) أُخْرَى (نَقْدًا) يُرِيدُ أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ (مُطْلَقًا) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ سِتٌّ (أَوْ لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ امْتَنَعَ فِي السَّبْعِ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ فِي شِرَائِهِ بِمِثْلٍ أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي شِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمِثْلِ لِأَبْعَدَ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ فَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً يَأْخُذُ عَنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ وَمَعَهُ الثَّوْبُ الثَّانِي زِيَادَةً. (قَوْلُهُ: وَلِمَا فِي الْأَقَلِّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ) أَمَّا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ فَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ الْآنَ خَمْسَةً سَلَفًا لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ رَدَّ إلَيْهِ عَشَرَةً خَمْسَةً فِي نَظِيرِ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَخَذَهَا وَهِيَ سَلَفٌ وَخَمْسَةً ثَمَنُ الثَّوْبِ، وَأَمَّا فِي الْأَبْعَدِ فَلِأَنَّهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ عَشَرَةً خَمْسَةً ثَمَنُ السِّلْعَةِ وَخَمْسَةً سَلَفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ الثَّانِي دَفَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ خَمْسَةً بَدَلَ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَخَذَهَا سَلَفًا (قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ إلَخْ) هَذَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَهُ وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى كُلَّ مَا بَاعَهُ فَلَا تَكْرَارَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي قِيمَةَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ بِذَهَبٍ وَاشْتَرَى بِفِضَّةٍ أَوْ الْعَكْسُ تُهْمَةُ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَفِيمَا إذَا بَاعَ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَاشْتَرَى بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ الْعَكْسِ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَجَّلُ زَائِدًا عَلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِرُبْعِهِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْآتِي أَوْ بِأَكْثَرَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَلِمَا إذَا اشْتَرَى الْبَائِعُ بِأَقَلَّ لِأَبْعَدَ فَقَدْ عَجَّلَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الْأَكْثَرَ اهـ خش وَرَدَّهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَجَّلِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ مَا كَانَ نَقْدًا فِي الْحَالِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ شب وَنَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ شَارِحِنَا ثُمَّ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا) أَيْ فَهَذَا جَائِزٌ لِبُعْدِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ حِينَئِذٍ بِزِيَادَةِ ذَلِكَ الْمُعَجَّلِ عَلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ بِالرُّبْعِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِيهَا الْمَنْعُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ أَطْلَقَتْ الْمَنْعَ فِي شِرَاءِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ صِنْفِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ الشَّامِلِ لِلْبَيْعِ بِذَهَبٍ وَالشِّرَاءِ بِفِضَّةٍ وَعَكْسِهِ وَلِلْبَيْعِ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَالشِّرَاءِ بِيَزِيدِيَّةٍ وَعَكْسِهِ فَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمُدَوَّنَةَ بِمَا إذَا لَمْ يُكْثِرْ الْمُعَجَّلَ وَإِلَّا جَازَ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَارْتَضَاهُ الْمُصَنِّفُ وَحِينَئِذٍ فَالْقَيْدُ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْيَزِيدِيَّةِ وَفِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ مَعَ الْمَبِيعِ إلَخْ) أَيْ ذَكَرَ مَا إذَا اشْتَرَى الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الْمَبِيعَ الْأَوَّلَ مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا اشْتَرَى مَا بَاعَهُ مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى مِنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَتَصَوَّرُ فِيهَا اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي إمَّا مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ يَمْتَنِعُ مِنْهَا سَبْعٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ كَانَ الثَّمَنُ فِي السِّلْعَتَيْنِ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالسَّابِعَةُ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَالْجَائِزُ مِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ خَمْسَةُ صُوَرِ الْأَجَلِ الثَّلَاثِ أَيْ إذَا اشْتَرَى لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ اشْتَرَى مَبِيعَهُ مَعَ السِّلْعَةِ الْأُخْرَى بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ لِأَبْعَدَ. (قَوْلُهُ: فِي شِرَائِهِ بِمَثَلٍ أَوْ أَقَلَّ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ثَوْبُهُ قَدْ رَجَعَتْ إلَيْهِ وَقَدْ دَفَعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَشَرَةً أَوْ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً وَزَادَهُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا ثَوْبًا أَوْ شَاةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَلِّفَ هُنَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا وَانْتِفَاعُهُ بِالسِّلْعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِهَا وَبِزِيَادَةِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: فِي شِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ رَجَعَتْ لَهُ سِلْعَتُهُ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ وَخَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَشَرَةً خَمْسَةٌ مِنْهَا فِي مُقَابِلَةِ السِّلْعَةِ الثَّانِيَةِ وَخَمْسَةٌ

أَوْ لِأَبْعَدَ (أَوْ) اشْتَرَاهُ بَعْدَ بَيْعِهِ بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ (بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ (امْتَنَعَ) لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَأَمَّا لِلْأَجَلِ فَجَائِزٌ فَقَوْلُهُ أَوْ بِخَمْسَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعَ سِلْعَةٍ، وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ جَوَابٌ عَنْ السَّبْعِ فِيمَا قَبْلَهَا وَعَنْ الثَّلَاثِ أَوْ التِّسْعِ فِيهَا وَوَجْهُ كَوْنِهَا تِسْعًا أَنَّ قِيمَةَ السِّلْعَةِ الَّتِي مَعَ الْخَمْسَةِ إمَّا أَنْ تُفْرَضُ خَمْسَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَالْكُلُّ مَمْنُوعٌ (لَا) إنْ اشْتَرَاهُ (بِعَشَرَةٍ) أَوْ أَكْثَرَ (وَسِلْعَةٍ) فَيَجُوزُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ لَا لِأَبْعَدَ وَيَجِبُ تَعْجِيلُ السِّلْعَةِ فِي صُوَرِ الْجَوَازِ مِنْ صُوَرِ خَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ وَسِلْعَةٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَابْتِدَاءً لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً (و) لَا (بِمِثْلٍ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ فَيَجُوزُ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّتِهِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَا هُوَ بِلَصْقِهِ وَآخِرُهُ هُنَا لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْجَوَازِ فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ وَثَلَاثُ صُوَرِ الْأَجَلِ جَائِزَةٌ وَتَقَدَّمَتْ سَبْعٌ مُمْتَنِعَةٌ فَصُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ (وَلَوْ اشْتَرَى) ثَانِيًا (بِأَقَلَّ) مِمَّا بَاعَ بِهِ (لِأَجَلِهِ) أَوْ لِأَبْعَدَ وَقُلْنَا بِالْجَوَازِ (ثُمَّ رَضِيَ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي (بِالتَّعْجِيلِ) لِلْأَقَلِّ فَفِيهِ (قَوْلَانِ) بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِحَالِ الْعَقْدِ وَالْمَنْعِ نَظَرًا لِمَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ أَنَّ السِّلْعَةَ رَجَعَتْ لِصَاحِبِهَا وَدَفَعَ الْآنَ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الشَّهْرِ عَشْرَةً وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ نَظَرًا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلَهُ (كَتَمْكِينِ بَائِعٍ) بِالتَّنْوِينِ (مُتْلِفٍ) صِفَتُهُ وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ (مَا) أَيْ مَبِيعًا (قِيمَتُهُ) وَقْتَ إتْلَافِهِ (أَقَلُّ) مِنْ ثَمَنِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَقِيمَتُهَا وَقْتَ الْإِتْلَافِ ثَمَانِيَةٌ وَغَرِمَهَا عَاجِلًا (مِنْ) أَخْذِ (الزِّيَادَةِ) أَيْ الزَّائِدِ عَلَى الْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَلَفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ رَدَّ الْمُشْتَرِي لَهُ الْخَمْسَةَ الَّتِي أَخَذَهَا سَلَفًا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَبْعَدَ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَجَعَتْ لَهُ سِلْعَتُهُ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَدْ دَفَعَ لَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ عَشَرَةً فَهِيَ سَلَفٌ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ الثَّانِي دَفَعَ لَهُ الْبَائِعُ بَدَلَهَا اثْنَيْ عَشَرَ عَشَرَةً عِوَضًا عَنْ السَّلَفِ وَاثْنَيْنِ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ الْأُخْرَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَلِّفَ هُنَا الْمُشْتَرِي وَفِيمَا قَبْلَهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ) بَيَانُهُ أَنَّهُ آلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ خَمْسَةٌ وَسِلْعَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ يَأْخُذُ عِنْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً خَمْسَةً فِي مُقَابَلَةِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ سَلَفٌ وَخَمْسَةً فِي مُقَابَلَةِ السِّلْعَةِ وَهِيَ الثَّمَنُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَالْمُسَلِّفُ نَفْسُ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ يَدْفَعُ عَشَرَةً لِلْبَائِعِ خَمْسَةً عِوَضًا عَنْ السِّلْعَةِ وَهِيَ بَيْعٌ وَخَمْسَةً أَسَلَفَهَا لِلْبَائِعِ يَقْبِضُهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى مَعَ سِلْعَةٍ) أَيْ لَكِنَّ السِّلْعَةَ فِيمَا مَرَّ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُنَا مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ كَوْنِهَا تِسْعًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا وَجْهُ كَوْنِهَا ثَلَاثًا أَنَّ الشِّرَاءَ الثَّانِي إمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تُقْرَضَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ قِيمَةَ السِّلْعَةِ مَعَ الْخَمْسَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِثْلَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّك إذَا بِعْت سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ السِّلْعَةِ مَعَ الْخَمْسَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً يَجُوزُ مِنْهَا صُوَرُ الْأَجَلِ الثَّلَاثَةِ وَيَمْتَنِعُ مِنْهَا الْبَاقِي وَهُوَ تِسْعَةٌ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ. (قَوْلُهُ: لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ مُقَابِلُ خَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ آخَرَ مَعَ سِلْعَةٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ عَشَرَةً أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ كَاثْنَيْ عَشْرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ يَجُوزُ فِي سِتَّةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لَهُ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ وَيَمْتَنِعُ فِي اثْنَتَيْنِ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ وَوَجْهُ الْجَوَازِ فِي السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْبَائِعَ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ شَاةً وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ يَأْخُذُ عِوَضًا عَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْأَجَلِ فَالْجَوَازُ لِوُقُوعِ الْمُقَاصَّةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا نَفْيَهَا، وَأَمَّا لِأَبْعَدَ فَالْمَنْعُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ أَوَّلًا يَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ. (قَوْلُهُ: لِلْأَجَلِ) أَيْ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ ثُمَّ رَضِيَ بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْجَوَازُ عَلَى حَالِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ يَمْنَعُ مِنْ التَّعْجِيلِ؛ لِأَنَّهَا مِنْهُمَا عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ قَوْلَانِ، قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ هُوَ الرَّاجِحُ لِعِلَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ لِلْأَجَلِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى التَّأْخِيرِ أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ ثُمَّ رَضِيَا بِالتَّأْخِيرِ لِأَبْعَدَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيمَا آلَ لَلْمَنْعِ، وَقَدْ وَقَعَ جَائِزًا قَوْلَانِ لِشَمْلِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: كَتَمْكِينٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ أَتْلَفَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَانَتْ قِيمَتُهَا حِينَ الْإِتْلَافِ ثَمَانِيَةً وَدَفَعَ لَهُ قِيمَتَهَا حِينَ الْإِتْلَافِ وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ هَلْ يُمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَةِ وَهُوَ الدِّرْهَمَانِ فَيَأْخُذُ الْعَشَرَةَ بِتَمَامِهَا أَوْ لَا يُمَكَّنُ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الثَّمَانِيَةَ الَّتِي دَفَعَهَا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي الدِّرْهَمَانِ قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: مُتْلِفٌ) بِأَنْ أَحْرَقَ الثَّوْبَ أَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ فَالْحُكْمُ جَارٍ فِيمَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ الْإِتْلَافِ وَفِيمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إذْ كَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الزَّائِدَ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا إنَّهُمْ أَجْرَوْا الْبَابَ عَلَى سُنَنِ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ الزَّائِدُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الزِّيَادَةَ مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي فَلَا يَتَعَلَّقُ الْأَخْذُ بِهَا فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَزِيدِ كَانَ أَوْلَى وَحَاصِلُ

(عِنْدَ الْأَجَلِ) أَيْ هَلْ يُمَكَّنُ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنْ أَخْذ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَيَأْخُذُ الْعَشَرَةَ بِتَمَامِهَا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ لَا يُمَكَّنُ إلَّا مِنْ قَدْرِ مَا دَفَعَ وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي الزَّائِدُ لِلِاتِّهَامِ عَلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ قَوْلَانِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: مُتْلِفٌ أَنَّهُ تَعَمَّدَ، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَ مِنْهُ خَطَأً مُكِّنَ قَوْلًا وَاحِدًا. (وَإِنْ أَسْلَمَ) شَخْصٌ (فَرَسًا) مَثَلًا (فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ) مَثَلًا (ثُمَّ بَعْدَ) الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ (اسْتَرَدَّ) فَرَسًا (مِثْلَهُ مَعَ) زِيَادَةِ (خَمْسَةٍ) مِنْ الْعَشَرَةِ الْأَثْوَابِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ (مُنِعَ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَمْسَةُ الْمَزِيدَةُ مَعَ الْفَرَسِ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً لِلْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ فَرَسًا رُدَّ لَهُ مِثْلُهُ وَهُوَ عَيْنُ السَّلَفِ وَزَادَهُ الْأَثْوَابَ فَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ (كَمَا) يُمْنَعُ (وَلَوْ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْفَرَسَ بِعَيْنِهِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ، وَأَمَّا لِلْأَجَلِ فَيَجُوزُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ) الْأَثْوَابُ الْمَزِيدَةُ (لِأَجَلِهَا) عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ لَا أَدْنَى وَلَا أَجْوَدَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْحِمَارِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَوَابِ أَنَّ الزِّيَادَةَ بِمَعْنَى الْمَزِيدَةِ أَوْ أَنَّهَا تُعُورِفَتْ فِي الْمَزِيدِ فَلَا اعْتِرَاضَ. (قَوْلُهُ: لِبُعْدِ التُّهْمَةِ) أَيْ لِاسْتِحْقَاقِهِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الْإِتْلَافِ. (قَوْلُهُ: لِلِاتِّهَامِ عَلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ) أَيْ فَالْبَائِعُ قَدْ سَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ ثَمَانِيَةً وَأَخَذَ مِنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ عِوَضَهَا عَشَرَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَسْأَلَتَا الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ لَيْسَتَا مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ وَلَكِنَّهُمَا شَبِيهَتَانِ بِهَا لِبِنَائِهِمَا عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ وَبَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ بِأَنَّ بَيْعَ الْأَجَلِ حَقِيقَةً بَيْعُ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ بَيْعٌ بِالْأَثْوَابِ لِأَجَلٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ مَبِيعًا لِنَصِّهِمْ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعِوَضَيْنِ مَبِيعٌ بِالْآخِرِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ مُجَرَّدُ التَّمْثِيلِ فَلَا مَفْهُومَ لِفَرَسٍ وَلَا لِعَشَرَةٍ وَلَا لِأَثْوَابٍ وَلَا لِخَمْسَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ أَسْلَمَ مُقَوَّمًا فَرَسًا أَوْ غَيْرَهُ فِي مُقَوَّمٍ كَانَ ذَلِكَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ ثِيَابًا أَوْ غَيْرَهَا كَانَتْ الثِّيَابُ عَشَرَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الْمَرْدُودُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَرَدَّ) أَيْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ خَمْسَةٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ مَعَ تَعْجِيلِ خَمْسَةٍ وَإِلَّا نَافَى بَعْضَ صُوَرِ الْإِطْلَاقِ بَلْ الْمُرَادُ مَعَ الْمُوَافَقَةِ عَلَى رَدِّ خَمْسَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ خَمْسَةٍ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ مَا لَوْ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ فَقَطْ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ الِاثْنَتَا عَشَرَةَ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِ الْمَرْدُودِ مُسَاوِيَةً لَقِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ كَانَ رَدُّ الْمِثْلِ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ لِمِثْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا اسْتِئْنَافُ بَيْعٍ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَهَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ وَالثَّانِي مَا لَوْ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَشَاةٍ فَتُمْنَعُ الصُّوَرُ كُلُّهَا كَالْمَنْطُوقِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَدَّ مِثْلِ الْفَرَسِ مَعَ غَيْرِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَرَدِّ مَثَلِهَا مَعَ بَعْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُمْنَعُ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ أَيْ الْمُسَلَّمِ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ أَيْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ لَوْ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ لِأَجَلِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِلْأَجَلِ فَيَجُوزُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ قَبْلَ الْأَجَلِ فَرَسًا مُمَاثَلَةً لِمَا أَسْلَمَهُ مَعَ خَمْسَةٍ فَالْمَنْعُ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ الْفَرَسَ بِذَاتِهَا قَبْلَ الْأَجَلِ مَعَ خَمْسَةٍ فَالْمَنْعُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ وَالْجَوَازُ فِي حَالَةٍ إنْ قُلْت: إذَا كَانَتْ الْأَثْوَابُ الْخَمْسَةُ مُؤَجَّلَةً لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ مَا وَجْهُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ عَيْنَ الْفَرَسِ

فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ (الْمُعَجَّلُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ) كَمَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الدَّافِعُ الْفَرَسَ مِنْ الْأَثْوَابِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُسَلَّمِ (أَوْ الْمُؤَخَّرِ) عَنْ الْأَجَلِ كَمَا فِي الثَّالِثَةِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ (مُسَلِّفٌ) وَقَدْ اجْتَمَعَ السَّلَفُ مَعَ بَيْعٍ فَعِلَّةُ الْمَنْعِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ بَيَانُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ الْخَمْسَةَ الْمُعَجَّلَةَ سَلَفٌ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ يَقْبِضُهَا مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ وَفِي الثَّانِي أَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنْ أَجَلِهَا سَلَفٌ مِنْ الْمُسْلِمِ يَقْبِضُهَا مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ إذْ ذَاكَ وَالْفَرَسُ الْمَرْدُودَةُ مَبِيعَةٌ بِالْخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ الْبَاقِيَةِ فَقَدْ اجْتَمَعَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ (وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا) مَثَلًا (بِعَشْرَةٍ) مِنْ الْعَيْنِ (لِأَجَلٍ) كَشَهْرٍ (ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ) مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْإِقَالَةِ (وَدِينَارًا) مِنْ الْمُشْتَرِي (نَقْدًا) مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الدِّينَارُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْحِمَارَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ إذْ الْمُشْتَرِي تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ دَفَعَ عَنْهَا مُعَجَّلًا الْحِمَارَ الْمُشْتَرَى مَعَ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ تِسْعَةً عِوَضُ الْحِمَارِ وَهُوَ بَيْعٌ وَدِينَارًا عَنْ الدِّينَارِ السَّابِقِ وَهُوَ سَلَفٌ وَقَوْلُنَا مِنْ الْعَيْنِ، وَأَمَّا مِنْ الْعَرَضِ كَمَا إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ وَالدِّينَارَ مَبِيعَانِ بِالْأَثْوَابِ (أَوْ) زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ دِينَارًا (مُؤَجَّلًا) مُنِعَ أَيْضًا (مُطْلَقًا) كَانَ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلُ (فِي) أَيْ مِنْ (جِنْسِ الثَّمَنِ) أَيْ صِفَتِهِ بِأَنْ يُوَافِقَهُ سِكَّةً وَجَوْهَرِيَّةً، وَكَذَا وَزْنًا (لِلْأَجَلِ) لَا لِدُونِهِ وَلَا لِأَبْعَدَ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَأَبْقَى دِينَارَ الْأَجَلِ وَلَا مَحْظُورَ فِيهِ (وَإِنْ زِيدَ) مَعَ الْحِمَارِ الْمَرْدُودِ (غَيْرُ مُعَيَّنٍ) كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ جَازَ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِعَرَضٍ وَحِمَارٍ مُعَجَّلَيْنِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي مُؤَخَّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَنْعُ إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ مِثْلَهَا قُلْت إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ مِثْلَهَا عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا السَّلَفَ بِالسِّلْعَةِ الْمَدْفُوعَةِ أَوْ لَا وَسَمَّوْهُ سَلَمًا تَحَيُّلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ عَيْنَهَا فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا رَدَّ الْعَيْنِ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ إذْ الشَّأْنُ فِيهِ عَدَمُ رَدِّ الْعَيْنِ فَلِذَا جَرَى السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ مَا إذَا رَدَّ الْفَرَسَ بِعَيْنِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ مَعَ خَمْسَةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَجَّلَ خَمْسَةَ الْأَثْوَابِ أَوْ أَخَّرَهَا لِدُونِ الْأَجَلِ فَيُقَالُ: إنَّهُ تَرَتَّبَ لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ أَثْوَابٍ لِلْأَجَلِ عَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً مَعَ الْفَرَسِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الَّتِي عَجَّلَهَا سَلَفٌ أَسْلَفَهَا لِلْبَائِعِ يَقْبِضُهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَالْخَمْسَةُ الْأَثْوَابُ الْأُخْرَى الَّتِي أَسْقَطَهَا عَنْهُ الْبَائِعُ مَبِيعَةٌ بِالْفَرَسِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، وَأَمَّا إذَا أَخَّرَ تِلْكَ الْخَمْسَةَ بَعْدَ الْأَجَلِ فَيُقَالُ: إنَّ الْبَائِعَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ أَثْوَابٍ أَسْقَطَ عَنْهُ مِنْهَا خَمْسَةً فِي مُقَابَلَةِ الْفَرَسِ وَهُوَ بَيْعٌ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ وَأَخَّرَهُ بِالْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ ذَلِكَ سَلَفًا مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الْمُعَجَّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي) وَهُوَ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ عَلَى الْأَجَلِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا. (قَوْلُهُ: الْبَاقِيَةُ) الَّتِي أَبْرَأَهُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا فَالدِّينَارُ إمَّا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَيْ مُوَافِقًا لَهُ فِي صِفَتِهِ أَوْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ مَمْنُوعَةٌ إلَّا إذَا كَانَ الدِّينَارُ مُوَافِقًا لِلثَّمَنِ فِي صِفَتِهِ وَكَانَ مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ الدِّينَارُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ) أَيْ مِنْ صِنْفِهِ بِأَنْ وَافَقَهُ سِكَّةً وَجَوْهَرِيَّةً وَوَزْنًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الدِّينَارُ الْمَرْدُودُ مُحَمَّدِيًّا وَكَانَ الْبَيْعُ بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِفِضَّةٍ وَالْمَرْدُودُ ذَهَبًا أَوْ الْعَكْسُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا لَجَازَ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مَبِيعَانِ بِالْأَثْوَابِ) أَيْ لِأَنَّ الْبَائِعَ لِلْحِمَارِ قَدْ بَاعَ لِلْمُشْتَرِي مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْأَثْوَابِ بِدِينَارٍ وَحِمَارٍ. (قَوْلُهُ: لِفَسْخِ الدَّيْنِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ إلَّا لَوْ كَانَ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا مُؤَجَّلًا فَيُقَالُ: إنَّهُ قَدْ بَاعَ الْحِمَارَ بِتِسْعَةِ أَثْوَابٍ وَفَسَخَ الثَّوْبَ الْعَاشِرَ وَهُوَ مُؤَجَّلٌ فِي الدِّينَارِ الْمُؤَجَّلِ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ فِي دَيْنٍ وَهُوَ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلِ مَعَ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْحِمَارَ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْعَيْنِ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِاجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ كَمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ الدِّينَارَ الْمَزِيدَ إذَا لَمْ يَبْقَ لِأَجَلِهِ فَهُوَ مَحْضُ سَلَفٍ قَارَنَهُ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: لِلْأَجَلِ) حَالٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ وَالْحَالُ، وَإِنْ كَانَتْ قَيْدًا لِعَامِلِهَا إلَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَحَطَّةُ الْأَوَّلِ مُقَيَّدًا بِالثَّانِي وَلَيْسَ الثَّانِي مَقْصُودًا بِالذَّاتِ بَلْ بِالتَّبَعِ فَلَا يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ شَيْئَيْنِ بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ غَيْرُ سَائِغٍ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ، كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُقَاصَّةِ إذْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ) أَيْ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زِيدَ مَعَ الْحِمَارِ الْمَرْدُودِ غَيْرُ عَيْنٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَاعَ الْحِمَارَ أَوَّلًا بِغَيْرِ عَرَضٍ بِأَنْ بَاعَهُ بِعَيْنٍ لِأَجَلٍ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَعَ عَرَضٍ. (قَوْلُهُ: لِفَسْخٍ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِفَسْخٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ) مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ وَرَدَّهُ وَعَرَضًا مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ

(وَبِيعَ) الْحِمَارُ (بِنَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَالٍّ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ هِيَ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ (لَمْ يُقْبَضْ) أَيْ الثَّمَنُ النَّقْدُ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ، وَكَذَا إنْ بِيعَ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ يَتَقَايَلَا إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ وَالْمَزِيدُ فِي هَذِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ. (جَازَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ) مَعَ الْحِمَارِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الْمَزِيدُ فِضَّةً وَالثَّمَنُ ذَهَبًا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ، فَإِنْ تَأَخَّرَ الْمَزِيدُ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ سَلَفٌ مُقَارِنٌ لِلْمَبِيعِ وَهُوَ الْحِمَارُ الْمُشْتَرَى بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنٌ فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَهُوَ فَسْخٌ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَمَفْهُومُ لَمْ يُقْبَضْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا عُجِّلَ الْمَزِيدُ أَمْ لَا وَاحْتُرِزَ بِالنَّقْدِ عَنْ بَيْعِهِ بِعَرَضٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَغَيْرِهِ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ وَإِلَّا مُنِعَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا (وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ) وَلَزِمَ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَفَسَخَ الثَّانِيَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) مَبِيعُ الْبَيْعِ (الثَّانِي) بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ (فَيُفْسَخَانِ) مَعًا لِسَرَيَانِ الْفَسَادِ لِلْأَوَّلِ بِالْفَوَاتِ وَحِينَئِذٍ لَا مُطَالَبَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدٌ قَدْ رَجَعَ لِبَائِعِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِرُجُوعِ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ وَسَقَطَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ (وَهَلْ) فَسْخُ الْبَيْعَتَيْنِ فِي الْفَوَاتِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي (مُطْلَقًا) كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ فَسَخَ دِينَارًا مَثَلًا فِي الْعَرَضِ الْمُؤَخَّرِ وَبِيعَ الْحِمَارُ بِتِسْعَةٍ حِينَ رَدِّهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْحِمَارِ بِنَقْدٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْحِمَارُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَمْ يُقْبَضْ ذَلِكَ الثَّمَنُ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ مَعَ الْحِمَارِ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ فِيهَا غَيْرُ عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ) أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَزِيدَ) أَيْ مَعَ الْحِمَارِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَبِيعَ بِنَقْدٍ وَقَوْلُهُ: تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ أَيْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَذَلِكَ سَلَفٌ أَيْ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَّرَ مَا هُوَ مُعَجَّلٌ، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَلَمْ تُقْبَضْ حَتَّى تَقَايَلَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي دِينَارًا مُؤَجَّلًا لَكَانَ الْبَائِعُ قَدْ أَخَذَ الْحِمَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِتِسْعَةٍ وَقَدْ أَسْلَفَهُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ الْحَالَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بَدَلُهُ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحِمَارُ الْمُشْتَرَى) أَيْ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي حِينَ الْإِقَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَزِيدُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنٌ، هَذَا أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَدْ صَرَفَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَتَوْضِيحُهُ، أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَعَ عَرَضٍ لِأَجَلٍ كَانَ الْحِمَارُ مَأْخُوذًا عَنْ تِسْعَةٍ وَالْعَاشِرُ قَدْ فُسِخَ فِي الْعَرَضِ، وَكَذَا إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَتَقَايَلَا قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى زِيَادَةِ شَيْءٍ مَعَ الْحِمَارِ مُؤَجَّلٌ فَالْحِمَارُ مَأْخُوذٌ فِي مُقَابَلَةِ تِسْعَةٍ، وَالْعَاشِرُ فُسِخَ فِي الشَّيْءِ الْمُؤَجَّلِ الْمَزِيدِ مَعَ الْحِمَارِ. (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ لَمْ يَقْبِضْ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ لَا عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَوْ أَجَّلَ؛ لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالنَّقْدِ) أَيْ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَهُوَ حَالٌّ وَقَوْلُهُ: عَنْ بَيْعِهِ بِعَرَضٍ أَيْ حَالٍّ وَتَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَوْ أَجَّلَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِطْلَاقِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) أَيْ عَرَضًا مُعَيَّنًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إنْ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَفُسِخَ الدَّيْنُ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ حَالَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْحِمَارِ ثَوْبًا لِأَجَلٍ فَالْحِمَارُ مَأْخُوذٌ فِي مُقَابَلَةِ تِسْعَةٍ وَهَذَا بَيْعٌ وَالثَّوْبُ الْعَاشِرُ سَلَفٌ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَإِنْ رَدَّ مَعَ الْحِمَارِ شَاةً فَقَدْ فُسِخَ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ فِي الشَّاةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ بِحَالٍ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ مُؤَجَّلًا وَهُوَ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ فَيَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَوَّلُ) هُوَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَسْبَقَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ أَوَّلِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ الْأَوَّلِ فَقَطْ هُوَ الْأَصَحُّ وَخَالَفَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ يُفْسَخَانِ مَعًا وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ. (قَوْلُهُ: بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُهُ أَيُّ مُفَوِّتٍ كَانَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ أَنَّهُ لَا يُفَوَّتُ هُنَا إلَّا الْعُيُوبُ الْمُفْسِدَةُ وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَاخْتَلَفُوا بِمَ تَفُوتُ بِهِ السِّلْعَةُ فَقِيلَ: إنَّهَا تَفُوتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَأَعْلَى وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ إذْ هُوَ لَيْسَ بَيْعٌ

[فصل حكم بيع العينة]

قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) إنَّمَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ (إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ) اللَّازِمَةُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي يَوْمَ قَبْضِهِ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَمَانِيَةً وَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَشْرَةً، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ فِي ذَلِكَ (خِلَافٌ) فَمَحَلُّهُ فِي فَسْخِ الْأَوَّلِ حَيْثُ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ فَاتَ بَعْدَ بَيْعِهِ لِبَائِعِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فُسِخَ الثَّانِي فَقَطْ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فُسِخَا مَعًا بِاتِّفَاقٍ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ وَمَسَائِلَهُ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ، وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ التَّحَيُّلُ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَالْعِينَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَيَاءٌ تَحْتِيَّةٌ فَنُونٌ، وَأَهْلُ الْعِينَةِ قَوْمٌ نَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ لِطَلَبِ شِرَاءِ السِّلَعِ مِنْهُمْ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ فَيَذْهَبُونَ إلَى التُّجَّارِ فَيَشْتَرُونَهَا مِنْهُمْ لِيَبِيعُوهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُمْ فَهِيَ بَيْعُ مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ سِلْعَةً قَبْلَ مِلْكِهِ إيَّاهَا لِطَالِبِهَا بَعْدَ شِرَائِهَا؛ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصِدِهِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ لِيَأْخُذَ عَنْهُ كَثِيرًا، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ وَمَمْنُوعٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةً) وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ (أَنْ يَشْتَرِيَهَا) مِنْ مَالِكِهَا (لِيَبِيعَهَا) لِطَالِبِهَا مِنْهُ (بِثَمَنٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِنَمَاءٍ، وَهِيَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِهَا هَذَا إنْ بَاعَهَا لِلطَّالِبِ بِنَقْدٍ كُلِّهِ، أَوْ بِمُؤَجَّلٍ كُلِّهِ بَلْ (وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ) وَعَجَّلَ الطَّالِبُ بَعْضَهُ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَرَدَ بِلَوْ قَوْلُ الْعُتْبِيَّةِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْهَا بِعْ مِنْهَا لِحَاجَتِك، وَالْبَاقِي لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ بَيْعِ بَعْضِهَا لِحَاجَتِهِ لَا يَفِي بِمَا اُشْتُرِيَتْ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَشَارَ لِلْقَسَمِ الثَّانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQفَاسِدٌ لِثَمَنٍ وَلَا مُثَمِّنٍ، وَإِنَّمَا فُسِخَ لِأَجْلِ أَنَّهُمَا تَطَرَّقَا بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الرِّبَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) أَيْ كَعَشَرَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ أَيْ كَثَمَانِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَيْ كَاثْنَيْ عَشْرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ) أَيْ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَفْسَخْ الْأَوَّلَ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ دَفْعُ الْقِيمَةِ مُعَجَّلَةً وَهِيَ أَقَلُّ وَيَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ أَكْثَرَ وَهُوَ عَيْنُ الْفَسَادِ الَّذِي مَنَعْنَا مِنْهُ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَتْ أَوْ فَاتَتْ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّنَا إذَا فَسْخَنَا الثَّانِيَةَ وَدَفَعْنَا الْقِيمَةَ عَشَرَةً أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ وَبَقِيَتْ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا فَلَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَدْفَعُ عَشَرَةً أَوْ اثْنَيْ عَشَرَةَ وَنَأْخُذُ عَشَرَةً. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا ارْتَبَطَا صَارَا كَالْعَقْدِ الْوَاحِدِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَشْهُورِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَعَلَى الثَّانِي يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَنْ لَهُ زِيَادَةٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ: فُسِخَا مَعًا بِاتِّفَاقٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ. [فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ] (فَصْلٌ ذُكِرَ فِيهِ حُكْمُ بَيْعِ الْعِينَةِ) (قَوْلُهُ وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ) أَيْ بَيْعُ الْعِينَةِ وَقَوْلُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ، وَهُوَ بُيُوعُ الْآجَالِ وَقَوْلُهُ التَّحَيُّلُ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فَيَاءٌ تَحْتِيَّةٌ) أَيْ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا الْعَوْنُ (قَوْلُهُ لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي إلَخْ) أَرَادَ بِالْبَائِعِ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ السِّلْعَةُ وَبِالْمُشْتَرِي الطَّالِبَ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَتُهُ بَائِعًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ طُلِبَتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ لَمْ يَكُنْ بَائِعًا بَلْ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَقَطْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا سُمِّيَتْ عِينَةً لِإِعَانَةِ أَهْلِهَا لِلْمُضْطَرِّ عَلَى تَحْصِيلِ مَطْلُوبِهِ عَلَى وَجْهِ التَّحَيُّلِ بِدَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْفَصْلِ) أَيْ وَعَلَى نُسْخَةٍ بِثَمَنٍ يُقَالُ: لَا ثَمَرَةَ لِذِكْرِ ذَلِكَ إلَّا التَّوَصُّلَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَاعَ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِهَا) أَيْ لَا بِقَوْلِهِ يَشْتَرِيهَا؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ سَوَاءٌ عَجَّلَ كُلَّ الثَّمَنِ، أَوْ أَجَّلَ الْكُلَّ، أَوْ عَجَّلَ الْبَعْضَ وَأَجَّلَ الْبَعْضَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ لِلطَّالِبِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٌ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ أَيْ الَّذِينَ يَتَحَيَّلُونَ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِلَوْ وَمَوْضُوعُ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ بَعْدُ. (قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ لِلطَّالِبِ حِينَ بَاعَهَا لَهُ: خُذْهَا إلَخْ وَلَا يَتَأَتَّى هَذَا إلَّا إذَا كَانَ الطَّالِبُ مِنْ أَهْلِ الْبِيَاعَاتِ، وَكَانَتْ السِّلْعَةُ يُمْكِنُ بَيْعُ بَعْضِهَا (قَوْلُهُ مِنْهَا لِحَاجَتِكَ) أَيْ وَهُوَ مَا يَدْفَعُهُ مُعَجَّلًا لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَا يَفِي إلَخْ) الْأَوْلَى لَا يَفِي بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ أَيْ وَالشِّرَاءُ بِغُلُوٍّ وَالْبَيْعُ بِرُخْصٍ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ) أَيْ فِي رَدِّ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعُتْبِيَّةِ بِلَوْ فَإِنَّهُ

بِقَوْلِهِ (وَكُرِهَ) لِمَنْ قِيلَ لَهُ سَلِّفْنِي ثَمَانِينَ وَأَرُدُّ ذَلِكَ عَنْهَا مِائَةً أَنْ يَقُولَ (خُذْ) مِنِّي (بِمِائَةٍ مَا) أَيْ سِلْعَةً (بِثَمَانِينَ) قِيمَةً لِيَكُونَ حَلَالًا وَمَا سَأَلْتَنِيهِ حَرَامٌ (أَوْ اشْتَرِهَا) أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِينَةِ إذَا مَرَّتْ عَلَيْك السِّلْعَةُ الْفُلَانِيَّةُ فَاشْتَرِهَا (وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الَّذِي فِي تَوْضِيحِهِ، وَأَنَا أُرْبِحُكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ الْكَرَاهَةُ مَعَ الْإِيمَاءِ وَأَيْضًا فَإِنَّ كَلَامَهُ هُنَا يُوهِمُ حُرْمَةَ التَّصْرِيحِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْإِيمَاءِ ذِكْرُ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ قَدْرِهِ فَسَمَّاهُ إيمَاءً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الرِّبْحِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِقَدْرِهِ حَرُمَ، وَإِنْ، أَوْمَأَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِلَفْظِهِ، نَحْوُ وَلَا يَكُونُ إلَّا خَيْرًا جَازَ (وَلَمْ يَفْسَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ وَلِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْفَسْخِ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ مُخْرِجًا لَهُ مِنْ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ (اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَ) أَنَا (آخُذُهَا) مِنْك (بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ) كَشَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا، ثُمَّ تَارَةً يَقُولُ الْآمِرُ لِي وَتَارَةً لَا يَقُولُ لِي وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَتْ) السِّلْعَةُ (الْآمِرَ) بِالْعَشَرَةِ (إنْ قَالَ) فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ اشْتَرِهَا (لِي) وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَهَلْ لِلْمَأْمُورِ جَعْلُ مِثْلِهِ، أَوْ الْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ الرِّبْحِ خِلَافٌ (وَفِي الْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ الثَّانِي، وَهُوَ أَخْذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ (إنْ لَمْ يَقُلْ لِي) فَيَرُدَّ عَيْنَهَا (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) بِيَدِ الْآمِرِ (فَالْقِيمَةُ) لِلْمَأْمُورِ حَالَّةٌ يَوْمَ قَبَضَهَا الْآمِرُ (أَوْ إمْضَائِهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةٌ وَكَلَام الْعُتْبِيَّةِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنْ التُّجَّارِ وَيُبْقِيهَا عِنْدَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٌ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْعِينَةِ وَظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ الْكَرَاهَةُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا دَخَلَا أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِاحْتِيَاجِهِ يَبِيعُ مِنْ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِقَدْرِ مَا يَنْقُدُهُ لِلْبَائِعِ وَيُبْقِي بَقِيَّتَهَا عِنْدَهُ لِلْأَجَلِ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ سِلْعَةٌ فَيَشْتَرِيهَا مِنْ مَالِكِهَا، ثُمَّ يَبِيعُهَا لِمَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ بِثَمَنٍ كُلِّهِ مُعَجَّلٍ، أَوْ كُلِّهِ مُؤَجَّلٍ، أَوْ بَعْضِهِ مُعَجَّلٍ وَبَعْضِهِ مُؤَجَّلٍ، فَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمْ أَنَّ عَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرْكُ مِنْ وَجْهَيْنِ: إتْيَانُهُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مَحَلًّا لَهَا الثَّانِي أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَالشِّرَاءُ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ فَمَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اشْتَرَى لِيَبِيعَ لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَكَرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ ذِكْرُهُ هُنَا، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ الْإِطْلَاقُ كَمَا قَالَ عبق، وَأَمَّا إنْ أَعْطَى رَبُّ مَالٍ لِمُرِيدِ سَلَفٍ مِنْهُ بِالرِّبَا ثَمَانِينَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا سِلْعَةً عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ يَبِيعُهَا لَهُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي آخَرِ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ السِّلْعَةُ كَانَ الْمَقْصُودُ بِشِرَائِهَا، وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ صُورَةً إنَّمَا هُوَ دَفْعُ قَلِيلٍ لِيَأْخُذَ عَنْهُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أَرَادَ بِالْإِيمَاءِ لِتَرْبِيحِهِ عَدَمَ التَّصْرِيحِ بِقَدْرِ الرِّبْحِ سَوَاءٌ، أَوْمَأَ لِلتَّرْبِيحِ، أَوْ صَرَّحَ بِهِ إجْمَالًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ فَنَاظِرٌ فِيهِ لِتَطْبِيقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ صَرَّحَ بِقَدْرِهِ حَرُمَ) أَيْ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِأَجَلٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ نَقْدًا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا وَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: اشْتَرِهَا بِعَشْرَةٍ نَقْدًا وَأَنَا آخُذُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ كَمَا هُوَ مُفَادُ التَّوْضِيحِ، وَهُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِنْ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَلِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إلَخْ) فِي ح إنَّهُ أَتَى بِهِ لِيَرُدَّ قَوْلَ فَضْلٍ يَجِبُ أَنْ يُفْسَخُ لِحَمْلِهِ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحَيُّلِ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافٍ اشْتَرِهَا) حَاصِلُ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ مَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَنٍ وَيَأْخُذَهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ آخَرَ أَنَّ الثَّمَنَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَا نَقْدًا، أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ، أَوْ الْأَوَّلُ نَقْدًا، وَالثَّانِي لِأَجَلٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَقُولَ: لِي أَمْ لَا فَهَذِهِ

أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ وَفِي الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي، وَإِمْضَاءُ الْعُقْدَةِ الثَّانِيَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (وَلُزُومِهِ) أَيْ الْآمِرُ (الِاثْنَا عَشَرَ) لِلْأَجَلِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْمَأْمُورِ، وَلَوْ شَاءَ الْآمِرُ عَدَمَ الشِّرَاءِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْزَمْهُ فَقَوْلُهُ، أَوْ إمْضَائِهَا أَيْ إنْ أَخَذَهَا الْآمِرُ وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ مَنْعُهَا مِنْهُ لِكَوْنِهِ كَوَكِيلِ الْآمِرِ (قَوْلَانِ) وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَلَا جُعْلَ لِلْمَأْمُورِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَبِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ (اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَ) أَنَا (آخُذُهَا) مِنْك (بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا) فَيُمْنَعُ (إنْ نَقَدَ الْمَأْمُورَ) الْعَشَرَةَ (بِشَرْطٍ) عَلَيْهِ مِنْ الْآمِرِ بِأَنْ قَالَ الْآمِرُ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ وَانْقُدْهَا عَنِّي، وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ جَعَلَ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ سَلَفِهِ وَتَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ فَهُوَ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ بِشَرْطٍ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا حَذَفَ الشَّرْطَ صَحَّ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ وَلَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْآمِرَ فِي هَذِهِ أَيْضًا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْعَشَرَةُ نَقْدًا، وَيُفْسَخُ الثَّانِي إنْ وَقَعَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ (الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ، أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي أَوَّلِ قِسْمَيْ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ، وَأَمَّا فِي قِسْمِهَا الثَّانِي، وَهُوَ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَلَا جُعْلَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (لَا جُعْلَ لَهُ) فِيهِمَا لِئَلَّا يَلْزَمَ تَتْمِيمُ الْفَاسِدِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مَا قَدَّمَهُ. . (وَجَازَ) نَقْدُ الْمَأْمُورِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ شَرْطٍ بَلْ وَقَعَ تَطَوُّعًا وَلَهُ الدِّرْهَمَانِ (كَنَقْدِ الْآمِرِ) نَفْسَهُ بِأَنْ دَفَعَ الْعَشَرَةَ لِلْمَأْمُورِ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِهَا لِي بِالْعَشَرَةِ وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَهُ الدِّرْهَمَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أُجْرَةٌ لَهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي) بِأَنْ قَالَ اشْتَرِهَا بِعَشْرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشْر نَقْدًا (فَفِي الْجَوَازِ) أَيْ جَوَازِ شِرَائِهِ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا (وَالْكَرَاهَةِ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ نَقَدَ الْمَأْمُورَ بِشَرْطٍ، فَإِنْ تَطَوَّعَ جَازَ قَطْعًا (وَبِخِلَافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQثَمَانِيَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا إلَّا سِتَّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ لَفْظَ بِخِلَافٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا صُورَتَانِ؛ لِأَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَقُولَ لِي أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَآخُذُهَا) إمَّا بِالرَّفْعِ أَيْ وَأَنَا آخُذُهَا فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ، أَوْ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةً بَعْدَ وَاوِ الْمَعِيَّةِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ إلَخْ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ جَازَ إلَخْ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَارَةً يَقُولُ الْآمِرُ لِي) أَيْ تَارَةً يَقُولُ الْآمِرُ اشْتَرَاهَا لِي بِعَشْرَةٍ نَقْدًا، وَأَنَا آخُذُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ خِلَافٌ إلَخْ) وَمَشَى الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِي الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ لِي وَالْفَرْضُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِشِرَائِهَا بِعَشْرَةٍ وَاتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَوَقَعَ ذَلِكَ فَقِيلَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي، وَهُوَ أَخْذُ الْآمِرِ لَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْآمِرِ رُدَّتْ لِلْمَأْمُورِ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ فَاتَتْ فِي يَدِ الْآمِرِ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَدَّ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْقَبْضِ حَالَّةً بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ زَادَتْ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ، أَوْ نَقَصَتْ وَقِيلَ إنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ يَمْضِي مَعَ الْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْأَجَلِ وَلَا يُفْسَخُ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، أَوْ فَائِتَةً، وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا فَاتَ لَا يُفْسَخُ مَعَ أَنَّهُ يُفْسَخُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مُطْلَقًا لَكِنْ يُرَدُّ عَيْنُهُ إذَا لَمْ يَفُتْ وَقِيمَتُهُ إذَا فَاتَ الثَّانِي لَزِمَ الْقِيمَةُ هُنَا حَالَ الْفَوَاتِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ يَمْضِي إذَا فَاتَ الثَّمَنُ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَتُرَدُّ عَيْنُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ وَإِلَى هَذَا الْجَوَابِ أَشَارَ الشَّارِحُ وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْضِ هُنَا بِالثَّمَنِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا فِي أَحَدِهِمَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ أَوْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْمَأْمُورِ) أَيْ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ شِرَاءِ الثَّانِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ لِعَدَمِ قَوْلِهِ لِي (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ مَنْعُهَا) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَا قَبْلَ التَّفْرِيعِ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَلَوْ شَاءَ الْآمِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ كَوَكِيلِ الْآمِرِ) يَقْدَحُ فِي هَذَا جَعْلُهُ ضَامِنًا لَهَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ ضَمَانِهَا مِنْ الْمَأْمُورِ وَبَيْنَ كَوْنِ الْآمِرِ مُخَيَّرًا فِي الشِّرَاءِ وَعَدَمِهِ أَلَا تَرَى أَنْ مَا بِيعَ بِالْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، كَذَلِكَ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ مُدَّةَ الْخِيَارِ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الشِّرَاءِ وَعَدَمِهِ فَقَدْ وُجِدَ نَظِيرٌ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي) قَالَ ح وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ اهـ. بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) أَيْ الْقَوْلُ بِفَسْخِ الْبَيْعِ الثَّانِي وَإِمْضَائِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ لِي، ثُمَّ إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا جُعْلَ لَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَسَخَ الْبَيْعَ الثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَظَاهِرٌ عَدَمُ الْجَعْلِ، وَإِذَا مَضَى عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَقَدْ أَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ يُفِيدُ إلَخْ) الضَّمِيرُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَوَجْهُ الْإِفَادَةِ أَنَّ هَذَا شَأْنُ الْإِجَارَةِ وَالسَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالسَّلَفِ وَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي حُصُولِ الصِّحَّةِ إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ) أَيْ مِنْ الْآمِرِ عَلَى الْمَأْمُورِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَقْدٌ وَقَوْلُهُ كَالنَّقْدِ أَيْ كَالنَّقْدِ بِالْفِعْلِ مِنْ الْمَأْمُورِ بِشَرْطِ الْآمِرِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْآمِرَ فِي هَذِهِ أَيْضًا) أَيْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِهِ لِي الْمُفِيدُ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَيُفْسَخُ الثَّانِي إنْ وَقَعَ) أَيْ مُرَاعَاةً لِعِلَّةِ اجْتِمَاعِ السَّلَفِ وَالْإِجَارَةِ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ) قَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ

[فصل في أحكام الخيار]

(وَأَشْتَرِيهَا) مِنْك (بِعَشَرَةٍ نَقْدًا) فَمَمْنُوعٌ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُسْلِفُهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ (فَتَلْزَمُ) الْآمِرَ (بِالْمُسَمَّى) الْحَلَالِ، وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ لِأَجَلِهَا (وَلَا تُعَجَّلُ الْعَشَرَةُ) لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (وَإِنْ عُجِّلَتْ أُخِذَتْ) أَيْ رُدَّتْ لِلْآمِرِ، وَلَوْ غَابَ عَلَيْهَا الْمَأْمُورُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ (وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ) زَادَ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ، أَوْ نَقَصَ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي) فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا ثَانِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ تَمَامُ السِّتَّةِ الْأَقْسَامِ الْمَمْنُوعَةِ (فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ) الثَّانِي بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا (إذَا فَاتَ) بَلْ يَمْضِي بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا وَعَلَى الْمَأْمُورِ الِاثْنَا عَشَرَ لِلْأَجَلِ يُؤَدِّيهَا لِبَائِعِهِ عِنْدَهُ (وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةَ) الَّتِي أَمَرَ بِهَا (أَوْ يَفْسَخُ) الْبَيْعَ (الثَّانِي مُطْلَقًا) فَاتَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ لَكِنْ تُرَدُّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِهَا وَحِينَئِذٍ فَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى الرَّدِّ إنْ لَمْ تَفُتْ، وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا إنْ فَاتَتْ فَأَحَدُهُمَا الْإِمْضَاءُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي لُزُومُ الْقِيمَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) أَيْ الْبَيْعُ (فَالْقِيمَةُ) أَنَّهُ لَا فَسْخَ مَعَ الْفَوَاتِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ إمَّا إيضَاحٌ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ، أَوْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَتُرَدُّ بِعَيْنِهَا إلَّا إلَخْ (قَوْلَانِ) . . [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ، وَهُوَ قِسْمَانِ خِيَارُ تَرَوٍّ أَيْ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ لَلْبَائِعَيْنِ، أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَخِيَارُ نَقِيصَةٍ، وَهُوَ مَا كَانَ مُوجِبُهُ نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَيُسَمَّى الْحُكْمِيَّ؛ لِأَنَّهُ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ) أَيْ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ أَيْ لَا بِالْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْمُولًا بِهِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَلَمَّا كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ تَخْتَلِفُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ بَيْنَهَا بِقَوْلِهِ وَمُدَّتُهُ (كَشَهْرٍ) أَيْ شَهْرٍ وَسِتَّةِ أَيَّامٍ (فِي دَارٍ) وَمِثْلِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفَسَخَ فَظَاهِرٌ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَإِنْ أَمْضَى فَقَدْ أَخَذَهُ. (قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ وَلِاخْتِيَارِ ابْنِ زَرْقُونٍ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَصَحِّ وَبِهَذَا يَسْقُطُ تَعَقُّبُ الْمَوَّاقِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ لَعَلَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَقْحَمَهَا النَّاسِخُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اعْتِمَادَ الْمَوَّاقِ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ زَرْقُونٍ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا قَوْلَيْنِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَفِيهَا قَوْلَانِ لَهُ الْأَقَلُّ، أَوْ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَيْسَ فِيهَا الثَّالِثُ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ جَارِيَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كَذَا اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا وَنَقَلَ ح كَلَامَهُ فَانْظُرْهُ. . (قَوْلُهُ يَجُوزُ) ظَاهِرُهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ كَانَ نَقَدَ الْآمِرُ بِشَرْطٍ اشْتَرَطَهُ الْمَأْمُورُ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا إلَخْ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَفِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ فَمَرَّةً أَجَازَ إذَا كَانَتْ الْبَيْعَتَانِ نَقْدًا وَانْتَقَدَ الْآمِرُ وَمَرَّةً كَرِهَهُ لِلْمُرَاوَضَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا فِي السِّلْعَةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ فِي مِلْكِ الْمَأْمُورِ اهـ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ إذَا نَقَدَ الْآمِرُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْآمِرُ يُسْلِفُهُ إلَخْ هَذَا التَّعْلِيلُ أَصْلُهُ لتت وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَكَأَنَّهُمَا رَأَيَا أَنَّ لِآمِرٍ سَلَفَ عَشْرَةٍ لِلْمَأْمُورِ؛ لِيَدْفَعَ لَهُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ اثْنَا عَشَرَ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَكُنْ لِلزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ لِأَجْلِ تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِسَلَفِ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى الْأَجَلِ، ثُمَّ يَرُدَّهَا إلَيْهِ وَالْآمِرُ يَدْفَعُ الِاثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِلْبَائِعِ الْأَصْلِيِّ، وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَهَلْ لَا يُرَدُّ) أَيْ فَهَلَّا يُرَدُّ الْبَيْعُ الثَّانِي إذَا فَاتَ السِّلْعَةُ وَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً رُدَّتْ بِذَاتِهَا وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ أَيْ وَتُرَدُّ بِعَيْنِهَا إلَخْ) أَيْ وَهَذَا الثَّانِي أَحْسَنُ. . [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ] (فَصْلٌ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ) (قَوْلُهُ عِنْدَنَا) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَهُمْ وَوَافَقَهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَالسُّيُورِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ فَاشْتِرَاطُهُ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَهَذَا الْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّ صِحَّتَهُ لَا تُنَافِي أَنَّهُ خَبَرُ آحَادٍ وَعَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالْمُتَوَاتِرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِجْمَاعِيَّاتِ، وَالْمُتَوَاتِرُ يُفِيدُ الْقَطْعَ بِخِلَافِ خَبَرِ الْآحَادِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ حَمَلَ التَّفَرُّقَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى تَفَرُّقِ الْأَقْوَالِ لَا عَلَى تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ كَمَا حَمَلَ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ خِيَارُ تَرَوٍّ) أَيْ وَيُقَالُ لَهُ: خِيَارٌ شَرْطِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ لَهُ لَفْظُ الْخِيَارِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ تَخْتَلِفُ إلَخْ) أَيْ لَمَا كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ تَخْتَلِفُ عِنْدَنَا إلَخْ أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ الْقَائِلَيْنِ بِأَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ كَشَهْرِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي دَارٍ فَإِنَّ مُدَّتَهُ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَسِتَّةِ أَيَّامٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ مُدَّتِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَشَهْرٍ مِثَالٌ لِمُقَدَّرٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ

بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ (وَلَا يَسْكُنُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْكُنَ بِأَهْلِهِ كَثِيرًا فِي مُدَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ أَمْ لَا لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ هَذَا إذَا كَانَ بِلَا أَجْرٍ، وَإِلَّا جَازَ فِي الْأَرْبَعَةِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، فَإِنْ سَكَنَ يَسِيرًا لِغَيْرِ اخْتِبَارِهَا جَازَ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي صُورَةِ الشَّرْطِ وَلِاخْتِبَارِهَا جَازَ فِي الْأَرْبَعِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا فَالْمَمْنُوعُ سِتٌّ، الْفَاسِدُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ (وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْجُمْلَةُ عَشْرَةٌ (وَاسْتَخْدَمَهُ) أَيْ جَازَ اسْتِخْدَامُهُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ اخْتِبَارُ حَالِهِ فَقَطْ إنْ كَانَ مِنْ رَقِيقِ الْخِدْمَةِ، وَأَنْ تَكُونَ يَسِيرَةً لَا ثَمَنَ لَهَا، فَإِنْ كَانَ لَا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ، أَوْ كَثِيرَةً لَمْ تُجْزِ فَيَرْجِعُ الِاسْتِخْدَامُ لِسُكْنَى الدَّارِ، وَكَذَا لُبْسُ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ، وَاسْتِعْمَالُهَا تَجْرِي فِيهِ السِّتَّ عَشْرَةَ صُورَةً الْمُتَقَدِّمَةَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَسْكُنُ وَقَوْله وَاسْتَخْدَمَهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. . (وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ) لَيْسَ شَأْنَهَا الرُّكُوبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَدْخُولِ الْحَصْرِ، وَهُوَ أَحْسَنُ وَيَكُونُ رَادًّا بِالْأَوَّلِ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَبِالثَّانِي عَلَى الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ) أَيْ كَأَرْضٍ وَضَيْعَةٍ وَحَانُوتٍ وَخَانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الْعَقَارِ شَهْرٌ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ، أَوْ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: إنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ التُّونُسِيِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ الْإِسْكَانُ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ لِلْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ كَانَ لِلِاخْتِبَارِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي الْأَرْبَعَةِ) أَيْ كَانَ بِشَرْطٍ أَمْ لَا لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَكُنْ بِأُجْرَةٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهِمَا أَيْ كَانَ الْإِسْكَانُ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي الْأَرْبَعِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَ بِأُجْرَةٍ، أَوْ كَانَ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَهَذِهِ) ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا أَيْ فَيَكُونُ صُوَرُ سُكْنَى الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً، وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْكُنَ كَثِيرًا، أَوْ يَسِيرًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ السُّكْنَى بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ السُّكْنَى بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً عُلِمَ حُكْمُهَا مِنْ الشَّارِحِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ بِأَجْرٍ جَازَ مُطْلَقًا فِي صُوَرِهَا الثَّمَانِي كَانَتْ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَتْ كَثِيرَةً، أَوْ يَسِيرَةً لِلِاخْتِبَارِ، أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ سَكَنَ بِغَيْرِ أَجْرٍ مُنِعَ فِي الْكَثِيرِ فِي صُوَرِهِ الْأَرْبَعِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ لِلِاخْتِبَارِ وَغَيْرِهِ وَمُنِعَ فِي الْيَسِيرِ فِي صُورَتَيْ غَيْرِ الِاخْتِبَارِ أَيْ مَا إذَا سَكَنَ لِغَيْرِ الِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ وَجَازَ فِي صُورَتَيْ الِاخْتِبَارِ. (قَوْلُهُ فَالْمَمْنُوعُ سِتٌّ) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْإِسْكَانُ كَثِيرًا بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا وَكَانَ ذَلِكَ بِلَا أُجْرَةٍ، وَكَذَا إنْ كَانَ يَسِيرًا لِغَيْرِ اخْتِبَارٍ كَانَ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ بِلَا أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ الْفَاسِدُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْإِسْكَانُ كَثِيرًا بِشَرْطٍ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا، أَوْ كَانَ يَسِيرًا بِلَا أَجْرٍ لِغَيْرِ اخْتِبَارٍ (قَوْلُهُ وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ) فَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِهِ أَيْ بِالرَّقِيقِ وُكِّلَ بِالْخِيَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِيَارَ إنْ قُصِدَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْأَبْعَدِ مِنْهُمَا، وَإِنْ قُصِدَ بِهِ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ جَازَ اسْتِخْدَامُهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَيْ جَازَ اسْتِخْدَامُ الْمُشْتَرِي لَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ كَثِيرَةٌ) أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ الِاسْتِخْدَامُ لِسُكْنَى الدَّارِ) أَيْ فِي جَرَيَانِ السِّتَّ عَشْرَةَ صُورَةً فِيهِ وَحَاصِلُهَا أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ إمَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا بِشَرْطٍ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ إمَّا بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَحَاصِلُ حُكْمِهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ جَازَ فِي ثَمَانِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ جَازَ بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ، وَإِلَّا مُنِعَ فَالْمَمْنُوعُ سِتٌّ وَالْفَاسِدُ مِنْهَا ثَلَاثٌ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَسْكُنُ مَجَّانًا، وَإِلَّا جَازَ كَاخْتِبَارِهَا فِي الْيَسِيرِ وَالِاسْتِخْدَامِ فِي الرَّقِيقِ كَذَلِكَ لَكَانَ حَسَنًا (قَوْلُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّكْنَى مَمْنُوعَةٌ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَالِاسْتِخْدَامُ جَائِزٌ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا هَذَا خِلَافُ الْمُرَادِ. . (قَوْلُهُ وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ) قَالَ طفى ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يُرَادُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ فَمُدَّةُ الْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ، فَإِنْ اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ فِيهَا لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ كَانَ أَمَدُ الْخِيَارِ فِيهَا يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَهَا فَبَرِيدٌ أَوْ بَرِيدَانِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا لِعَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ أَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ أَمَدًا لِلْخِيَارِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمَدٌ لِلرُّكُوبِ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تُرَادُ لِلرُّكُوبِ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَلَوْلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ كَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا عَلَيْهِ أَيْ كَيَوْمٍ لِاشْتِرَاطِ رُكُوبِهَا لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِهِ دَاخِلَ الْبَلَدِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ. وَعَلَى هَذَا حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِكَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّابَّةِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ سَوَاءٌ اُشْتُرِطَ اخْتِبَارُ حَالِهَا بِغَيْرِ الرُّكُوبِ، أَوْ بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ، أَوْ خَارِجِهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ اخْتِبَارُهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ

أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ اخْتِبَارَهَا لَهُ بَلْ لِقُوَّتِهَا وَأَكْلِهَا وَغَلَائِهَا وَرُخْصِهَا مَثَلًا، فَإِنْ اشْتَرَطَ الرُّكُوبَ فِي الْبَلَدِ فَيَوْمٌ وَنَحْوُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا) أَيْ لِشَرْطِهِ فَقَطْ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ وَغَيْرَهُ فَثَلَاثَةٌ وَلَيْسَ قَصْدُهُ بِدُونِ شَرْطٍ كَشَرْطِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَ الْبَلَدِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ) سَيْرِ (الْبَرِيدِ) وَنَحْوِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ (أَشْهَبُ وَالْبَرِيدَيْنِ وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ قَوْلِ أَشْهَبَ (خِلَافًا) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَالْبَرِيدُ عِنْدَهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَالْبَرِيدَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ كَذَلِكَ، أَوْ الْبَرِيدُ ذَهَابًا وَمِثْلُهُ إيَابًا وَالْبَرِيدَانِ كَذَلِكَ، أَوْ وِفَاقًا فَالْبَرِيدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَهَابًا وَالْبَرِيدَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ ذَهَابًا وَإِيَابًا (تَرَدُّدٌ) الْأَوْلَى تَأْوِيلَانِ. . (وَكَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ) وَعَرَضٍ وَمِثْلِيٍّ (وَصَحَّ) أَيْ الْخِيَارُ وَجَازَ (بَعْدَ) عَقْدٍ (بُتَّ) أَيْ يَصِحُّ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْخِيَارَ (وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ (إنْ نَقَدَ) الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَالَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَرْكَبُ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا مَعَ كَوْنِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ شَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَهَا فَلَيْسَ لَهُ رُكُوبُهَا إلَّا بَرِيدًا، أَوْ بَرِيدَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ لَيْسَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَدَخَلَ فِيهَا الطَّيْرُ وَالْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ كَذَا قَرَّرَ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ إنْ جَرَى عُرْفٌ فِيهَا بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ إلَخْ) أَيْ، أَوْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخِيَارُ فِيهَا لِلرُّكُوبِ بَلْ لِقُوَّتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَطَ الرُّكُوبَ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبُ وَاشْتُرِطَ الْخِيَارُ لِاخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ فَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ كَالْحَمِيرِ وَالْبِغَال بِمِصْرَ، أَوْ فِي خَارِجِهَا كَحَمِيرِ التَّرَّاسِينَ (قَوْلُهُ فَيَوْمُ) أَيْ فَأَمَدُ الْخِيَارِ يَوْمٌ فَقَطْ لَا ثَلَاثَةٌ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَيْ لِشَرْطِهِ) أَيْ لِشَرْطِ اخْتِبَارِهَا بِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ وَغَيْرَهُ) أَيْ، فَإِنْ اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ كَأَكْلِهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ قَصْدُهُ) أَيْ وَلَيْسَ قَصْدُ الْمُشْتَرِي الِاخْتِبَارَ بِالرُّكُوبِ بِدُونِ شَرْطٍ كَشَرْطِ اخْتِبَارِهَا بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ قَصْدَ الرُّكُوبِ لَيْسَ كَاشْتِرَاطِهِ قَوْلَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُقَابِلُهُ إنْ قَصَدَ الرُّكُوبَ كَاشْتِرَاطِهِ قَوْلَ أَبِي عِمْرَانَ وَصَحَّحَهُ عِيَاضٌ فَإِذَا اشْتَرَى دَابَّةً عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ رُكُوبَهَا لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ عَلَى الثَّانِي وَنَصُّ عِيَاضٍ ذَهَبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَى أَنَّهَا لَا تُرْكَبُ أَيَّامَ الْخِيَارِ إلَّا بِشَرْطٍ وَذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ رُكُوبَهَا فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ الْعُرْفُ عِنْدَ النَّاسِ الِاخْتِبَارُ بِالرُّكُوبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَيْسَ قَصْدُهُ إلَخْ هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ طَرِيقَةَ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ مُطْلَقًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ وَشَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ جَازَ لَهُ رُكُوبُهَا يَوْمًا، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ مَا عَلِمْتَهُ مِنْ الْخِلَافِ، وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ دَابَّةَ الرُّكُوبِ إذَا اشْتَرَطَ فِيهَا الْخِيَارَ لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ دَاخِلَ الْبَلَدِ فَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهَا يَوْمٌ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ سَيْرِ الْبَرِيدِ) هُوَ سَفَرُ نِصْفِ يَوْمٍ بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ أَيْ وَإِذَا شَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَ الْبَلَدِ فَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ سَيْرِ الْبَرِيدِ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى تَأْوِيلَانِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا وَالْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ. . (قَوْلُهُ وَعَرَضٍ) مِنْ جُمْلَتِهِ الْكُتُبَ وَهَلْ السُّفُنُ كَذَلِكَ، أَوْ كَالدُّورِ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْخُضَرُ وَالْفَوَاكِهُ فَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ ابْتِدَاءً لَا أَنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ مَعَ مَنْعِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ بَعْدَ بَتٍّ) أَيْ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَتِّ وَالْخِيَارِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مَمْنُوعٍ كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ التَّوْضِيحِ لِخُرُوجِ الرُّخْصَةِ عَنْ مَوْرِدِهَا؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الْخِيَارِ رُخْصَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مُحْتَوٍ عَلَى غَرَرٍ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا يَحْصُلُ لَهُ هَلْ الثَّمَنُ، أَوْ الْمُثَمَّنُ لِجَهْلِهِ بِانْبِرَامِ الْعَقْدِ وَمَتَى يَحْصُلُ؟ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا لَكِنْ رَخَّصَ الشَّارِعُ فِيهِ فَأَبَاحَهُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْخِيَارَ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا (قَوْلُهُ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ تَقَرَّرَ لَهُ بِالْبَتِّ الْوَاقِعِ أَوَّلًا ثَمَنٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَوْجَبَ ذَلِكَ الثَّمَنَ

فَإِنْ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ فَالْمَنْعُ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي، وَالْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ، أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا (تَأْوِيلَانِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ جَعْلِ الْخِيَارِ بَعْدَ الْبَتِّ (الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ. . (وَفَسَدَ) الْخِيَارُ إنْ وَقَعَ (بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ) شَخْصٍ (بَعِيدٍ) ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْخِيَارِ بِأَمَدٍ بَعِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ سِلْعَةً فِيهَا الْخِيَارُ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا لَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ لِتَمَامِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ الْقَبْضُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ دُخُولُهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَالْمَنْعُ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ) أَيْ تَأْخِيرِ رَدِّ السِّلْعَةِ فَكَأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ إنَّمَا رَدَّهَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ، وَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ لَهُ بِالنَّظَرِ لِآخِرَةِ الْأَمْرِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْبَتِّ فَقَدْ فَسَخَهُ الْبَائِعُ فِي سِلْعَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَحْتَمِلُ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَأَنْ يَرُدَّهُ وَعَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ لَهُ يُظَنُّ أَنَّهُ أَخَّرَ رَدَّهَا لِلْبَائِعِ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ اللَّازِمِ بِمَعْنَى مَعَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ فَسْخُ الْبَائِعِ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَفِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي إلَّا إنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْفَاسِخُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ هُوَ الْبَائِعُ إذَا عَلِمْت هَذَا فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَبِالنَّظَرِ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ مَعَ احْتِمَالِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ، أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا لَيْسَ عَقْدًا حَقِيقَةً إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَطْيِيبُ نَفْسِ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ لَا حَقِيقَةُ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِبَعْضِ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمَّا اتَّفَقَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى مَا جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْخِيَارِ عُدَّ بَائِعًا؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ السِّلْعَةَ عَنْ مِلْكِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَتِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَاضِيَهُمَا عَلَى الْخِيَارِ بَعْدَ الْبَتِّ بَيْعٌ مُؤَتَنَفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا وَمِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَالضَّمَانُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ هَذَا إذَا جَعَلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ اتِّفَاقًا بَلْ، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ فِيهَا أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ كَالْوَاقِعِ فِيهَا فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. . (قَوْلُهُ وَفَسَدَ الْخِيَارُ) أَيْ فَسَدَ الْبَيْعُ الْمُحْتَوِي عَلَى الْخِيَارِ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةٍ إلَخْ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الصَّحِيحِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الْعَقَارِ شَهْرٌ وَيَلْحَقُ بِهِ سِتَّةُ أَيَّامٍ فَإِذَا بِعْتُك الدَّارَ عَلَى مُشَاوَرَةِ زَيْدٍ وَكَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ كَأَرْبَعِينَ يَوْمًا كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى

(أَوْ) بِشَرْطِ (مُدَّةٍ زَائِدَةٍ) عَلَى مُدَّتِهِ بِكَثِيرٍ (أَوْ) مُدَّةٍ (مَجْهُولَةٍ) كَإِلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ، أَوْ يَقْدَمَ زَيْدٌ وَوَقْتُ قُدُومِهِ لَا يُعْلَمُ وَيَسْتَمِرُّ الْفَسَادُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ (أَوْ) بِشَرْطِ (غَيْبَةٍ) مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ زَمَنَ الْخِيَارِ (عَلَى مَا) أَيْ مَبِيعٍ (لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) ، وَلَوْ قَالَ عَلَى مِثْلِيٍّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ؛ لِأَنَّ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ جَائِزٌ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ وَالْفَسَادِ فِي الْمِثْلِيِّ مَا لَمْ يُطْبَعُ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُنْ ثَمَرًا فِي أُصُولِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَفْسُدْ وَلَمْ يُمْنَعْ، وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي ذِكْرِ الْفَاسِدِ بِالشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ الطَّبْعِ بِأَنَّ نَصَّ اللَّخْمِيِّ الْمَنْعُ فَقَطْ، وَأَنَّهُ إنْ وَقَعَ مَضَى وَلَمْ يُفْسَخْ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ فَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ شِرَاءَ الْمِثْلِيِّ وَأَخْفَاهُ فِي نَفْسِهِ وَحِينَ شَرَطَ الْبَائِعُ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ أَسْلَفَهُ لَهُ فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ (أَوْ) بِشَرْطِ (لُبْسِ ثَوْبٍ) زَمَنَ الْخِيَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِقِيَاسِهِ عَلَيْهِ (وَ) إذَا فَسَخَ (رَدَّ أُجْرَتَهُ) ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ الْكَثِيرَ الْمُنْقِصَ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ. . (وَيَلْزَمُ) الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا كَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ، أَوْ غَيْرُهُ (بِانْقِضَائِهِ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا فِي حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الرَّدُّ لِلْبَيْعِ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ كَانَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الْإِمْضَاءُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ (وَرَدُّ) الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ أَيْ وَجَازَ لِمَنْ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ عَلَى الْآخَرِ (فِي كَالْغَدِ) الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسَافَةِ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَيْنِ يَلْحَقَانِ بِأَمَدِ الْخِيَارِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَا فِي خش بِأَمَدٍ فَالْيَوْمُ الْوَاحِدُ لَيْسَ بِأَمَدٍ بَعِيدٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِقَدْرِ الْأَمَدِ الْبَعِيدِ وَلَا الْقَرِيبِ وَحِينَئِذٍ فَيُرْجَعُ فِيهِمَا لِلْعُرْفِ اهـ. تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ، أَوْ بِشَرْطِ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مُدَّتِهِ بِكَثِيرٍ) أَيْ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ بِيَوْمٍ، أَوْ بَعْضِ يَوْمٍ لَمْ يَضُرَّ اشْتِرَاطُهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَدَّ فِي كَالْغَدِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَجْهُولَةٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَطَ مُشَاوَرَتُهُ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ بِهِ لَكِنْ بِمُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَمَدِ الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِشَرْطِ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ، أَوْ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ بِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُشَاوَرَةَ الْبَعِيدِ يُلَاحَظُ فِيهَا الْبُعْدُ وَلَا يُلَاحِظُ فِيهَا الزَّمَانُ، وَالْمُدَّةُ الزَّائِدَةُ يُلَاحَظُ فِيهَا الزَّمَانُ لَا الْبُعْدُ وَالْمُدَّةُ الْمَجْهُولَةُ يُلَاحَظُ فِيهَا الْجَهَالَةُ لَا الزَّمَنُ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ، أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ بِخِيَارٍ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ وَشَرَطَ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي الْغَيْبَةَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ لِتَرَدُّدِ الْمَبِيعِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ مَبِيعٌ وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ سَلَفٌ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَفْهُومُ شَرْطِ أَنَّ الْغَيْبَةَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا لَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَكَانَتْ مِثْلِيَّةً فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ وَمَفْهُومُ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَإِذَا تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي تَسْلِيمِ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ الْمَبِيعُ بِالْخِيَارِ قُضِيَ لِلْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِهِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِأَخْذِهِ. فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ وَلَمْ يُعَيَّنْ وُقُوعُهُ لِمَاذَا؛ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لَفْظًا وَقَصْدًا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِهِ مُطْلَقًا فِي اللَّفْظِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصْدًا يُنَاقِضُ قَصْدَ الْآخَرِ فَسْخَ الْبَيْعِ قَالَهُ ح (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُرُوضِ الْمُقَوَّمَةِ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا كَالطَّوَاقِيِ وَالشِّيلَانِ وَالْبَوَابِيجِ وَالْأَوَانِي الصِّينِيِّ (قَوْلُهُ وَأَخْفَاهُ) أَيْ أَخْفَى ذَلِكَ الِالْتِزَامَ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِأَنْ رَدَّ الْبَيْعَ، وَضَمِيرُ يَرُدَّهُ لِلْمِثْلِيِّ وَقَوْلُهُ إنْ رَدَّهُ أَيْ لِنَفْسِهِ بِأَنْ أَمْضَى الْبَيْعَ (قَوْلُهُ، أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ عَلَى خِيَارٍ بِشَرْطِ لُبْسِ الثَّوْبِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ اللُّبْسُ مُنْقِصًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَسِيرًا بِأَنْ شَرَطَ لُبْسَهُ لِقِيَاسِهِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُجْرَةَ وَالْغَلَّةَ لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ زَمَنُهُ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ فِي الصَّحِيحِ لِلْمُشْتَرِي وَأَمْضَى الْبَيْعَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ زَمَنُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ مَحْمُولٌ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا فَبَيْعُ الْبَتِّ الْفَاسِدِ يَنْتَقِلُ فِيهِ الضَّمَانُ بِالْقَبْضِ فَيَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِالْغَلَّةِ، وَأَمَّا بَيْعُ الْخِيَارِ فَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ فِيهِ بِالْقَبْضِ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا فَلِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَالْغَلَّةُ فِيهِ لِلْبَائِعِ. . (قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِانْقِضَائِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَرَدَّ فِي كَالْغَدِ (قَوْلُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ مَا أُلْحِقَ بِهِ كَالْغَدِ، وَهُوَ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ أَيْ بَعْدَ شَهْرٍ فِي دَارٍ وَبَعْدَ كَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ وَبَعْدَ كَثَلَاثٍ فِي دَابَّةٍ وَبَعْدَ كَيَوْمٍ فِي ثَوْبٍ أَيْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمَيْنِ وَاقِعَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ سِتَّةُ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الرَّقِيقَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمَيْنِ وَاقِعَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ

وَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ يَوْمًا وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ النَّصُّ عَلَى مُدَّتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنْ وَقَعَ بِخِيَارٍ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى مُدَّتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَزِمَ بِانْقِضَائِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ كَالْغَدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا نَصَّ عَلَى مُدَّةٍ أَقَلَّ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي الدَّارِ. . (وَ) فَسَدَ بَيْعُ الْخِيَارِ (بِشَرْطِ نَقْدٍ) لِلثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ بِالْفِعْلِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ حُصُولُ النَّقْدِ بِالْفِعْلِ عِنْدَ شَرْطِهِ أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ إذْ النَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ وَلَمَّا شَارَكَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْفَسَادِ بِشَرْطِ النَّقْدِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ شَبَّهَهَا بِهِ فَقَالَ (كَغَائِبٍ) مِنْ غَيْرِ الْعَقَارِ بِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى الْبَتِّ وَبَعُدَتْ غَيْبَتُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (وَعُهْدَةُ ثَلَاثٍ) فَإِنَّ شَرْطَ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ (وَمُوَاضَعَةٌ) بِيعَتْ عَلَى الْبَتِّ بِخِلَافِ الْمُسْتَبْرَأَةِ لِنُدُورِ الْحَمْلِ فِيهَا. . (وَأَرْضٌ) لِزِرَاعَةٍ (لَمْ يُؤْمَنْ رِيُّهَا) فَإِنْ شَرْطَ نَقْدِ الْكِرَاءِ يُفْسِدُ إجَارَتَهَا (وَجَعَلَ) عَلَى تَحْصِيلِ آبِقٍ مَثَلًا (وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَرَاءٌ فَزَايٌ أَيْ حِفْظِ وَحِرَاسَةِ (زَرْعٍ) فَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الزَّرْعِ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فَيَكُونُ الْمَنْقُودُ سَلَفًا، أَوْ سَلَامَتُهُ فَيَكُونُ ثَمَنًا (وَأَجِيرٌ) مُعَيَّنٌ (تَأَخَّرَ) شُرُوعُهُ (شَهْرًا) وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيَّامٍ كَمَا مَرَّ، فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّابَّةَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمَيْنِ وَاقِعَيْنِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا، وَهُوَ يَوْمٌ فَالْجُمْلَةُ سِتَّةُ أَيَّامٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّوْبِ فَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالْغَدِ أَدْخَلَتْ الْيَوْمَ وَالْكَافُ فِي كَشَهْرٍ أَدْخَلَتْ السِّتَّةَ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّارِ وَالثَّلَاثَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ وَالْيَوْمَ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ يَوْمًا) أَيْ كَالدَّابَّةِ تُشْتَرَى بِالْخِيَارِ لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ دَاخِلَ الْبَلَدِ عَلَى مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فِي كَالْغَدِ، وَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ يَوْمًا لَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ النَّصُّ عَلَى الْمُدَّةِ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ عج وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ الْإِطْلَاقُ وَعَزَا شب ذَلِكَ التَّقْيِيدَ لِأَبِي الْحَسَنِ اُنْظُرْ بْن. . (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ نَقْدٍ) أَيْ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَيْسَ كَشَرْطِ السَّلَفِ الْمُصَاحِبِ لِلْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَبِشَرْطِ نَقْدٍ إلَخْ، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَلَا يَضُرُّ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْعَقَارِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا مُطْلَقًا وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَلَا يَفْسُدُ شَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ وَمَعَ الشَّرْطِ) أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ إنْ قَرُبَ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَيَجُوزُ فِيهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَعُهْدَةُ ثَلَاثٍ) أَيْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُرَدُّ فِيهَا الْعَبْدُ الْمَبِيعُ بِكُلِّ حَادِثٍ مِنْ الْعُيُوبِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ لِقِلَّةِ الضَّمَانِ فِيهَا لِنُدْرَةِ أَمْرَاضِهَا فَاحْتِمَالُ الثَّمَنِ فِيهَا لِلسَّلَفِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَهُوَ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ (قَوْلُهُ وَمُوَاضَعَةٌ) أَيْ وَأَمَةٍ بِيعَتْ عَلَى الْبَتِّ بِشَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَظْهَرَ حَامِلًا فَيَكُونَ سَلَفًا، أَوْ تَحِيضَ فَيَكُونَ ثَمَنًا لَا إنْ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْمُوَاضَعَةِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمُهَا كَمَا فِي بِيَاعَاتِ مِصْرَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُ النَّقْدِ لَكِنْ لَا يُقَرَّانِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ تُنْزَعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتُجْعَلُ تَحْتَ يَدٍ أَمِينَةٍ، وَمَفْهُومُ بِيعَتْ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَوْ بِيعَتْ عَلَى الْخِيَارِ امْتَنَعَ النَّقْدُ فِيهَا مُطْلَقًا، وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَبْرَأَةِ) أَيْ، وَهِيَ الْأَمَةُ الْوَخْشُ الَّتِي لَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا إذَا اشْتَرَاهَا إنْسَانٌ بِقَصْدِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَاشْتِرَاطُ النَّقْدِ لَا يُفْسِدُ بَيْعَهَا. . (قَوْلُهُ وَأَرْضٌ لِزِرَاعَةٍ) أَيْ أَجَّرَهَا رَبُّهَا عَلَى الْبَتِّ وَقَوْلُهُ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَرَاضِي النِّيلِ الْعَالِيَةِ، أَوْ مِنْ الْأَرَاضِي الَّتِي تُرْوَى بِالْمَطَرِ وَقَوْلُهُ، فَإِنَّ شَرْطَ النَّقْدِ يُفْسِدُهَا أَيْ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ رُوِيَتْ وَالسَّلَفِيَّةِ إنْ لَمْ تُرْوَ، فَإِنْ أُمِنَ رَيُّهَا كَأَرْضِ النِّيلِ الْمُنْخَفِضَةِ جَازَ النَّقْدُ فِيهَا، وَلَوْ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ شَرْطَ نَقْدِ الْكِرَاءِ يُفْسِدُ إجَارَتَهَا) أَيْ، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَالنَّقْدُ فِيهَا مَمْنُوعٌ، وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كِرَاءَ الْأَرْضِ إنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ مُنِعَ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا تَطَوُّعًا وَبِشَرْطٍ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً، أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ جَازَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا وَبِشَرْطٍ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ جَازَ النَّقْدُ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا وَمُنِعَ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ إنَّ مَأْمُونَةَ الرَّيِّ بِالنِّيلِ إذَا رُوِيَتْ بِالْفِعْلِ يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ فَالنَّقْدُ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: جَائِزٌ وَمُمْتَنِعٌ وَوَاجِبٌ. (قَوْلُهُ وَجَعَلَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ جَاعَلَ شَخْصًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ مَثَلًا وَاشْتَرَطَ الْمَجْعُولُ لَهُ انْتِقَادَ الْجُعَلِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا لَا إنْ كَانَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بْن وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ النَّقْدَ يَمْتَنِعُ فِي الْجُعْلِ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ زَرْعٍ) أَيْ، أَوْ لِرَعْيِ غَنَمٍ، أَوْ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَقَوْلُهُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَيْ لِتَعَذُّرِ

اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا مُعَيَّنًا عَاقِلًا، أَوْ غَيْرَهُ وَكَانَ لَا يَشْرَعُ فِي الْعَمَلِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ فَإِنْ شَرْطَ نَقْدِ الْأُجْرَةِ يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ سَلَفًا وَسَلَامَتُهُ فَيَكُونُ ثَمَنًا فَالْعِلَّةُ فِي الْكُلِّ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّة وَالثَّمَنِيَّةِ وَتَقْيِيدُ الْأَجِيرِ بِالْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي أَنَّ الْكِرَاءَ الْمَضْمُونَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ تَعْجِيلُ النَّقْدِ، أَوْ الشُّرُوعُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ يَمْتَنِعُ النَّقْدُ فِيهَا مُطْلَقًا بِشَرْطٍ وَغَيْرِهِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ وَضَابِطُ ذَلِكَ كُلُّ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ يُمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِكَوْنِ الثَّمَنِ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ فَقَالَ (وَمَنْعُ) النَّقْدِ (وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي) بَيْعِ (مُوَاضَعَةٍ) بِخِيَارٍ (وَ) بَيْعِ شَيْءٍ (غَائِبٍ) بِخِيَارٍ (وَ) فِي (كِرَاءٍ ضُمِنَ) بِخِيَارٍ وَلَا مَفْهُومَ لِضُمِنَ فَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مَثَلًا مُعَيَّنَةً، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ عَلَى الْخِيَارِ لِيَرْكَبَهَا مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مُطْلَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَلَفِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّقْدَ بِشَرْطٍ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ لِحِرْزِ الزَّرْعِ مُفْسِدٌ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ خَلَفُ الزَّرْعِ إذَا تَلِفَ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ خَلَفُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَيَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى ضَعِيفٍ لِأَجْلِ جَمْعِ النَّظَائِرِ، نَعَمْ إذَا كَانَ الزَّرْعُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حِرَاسَتِهِ مُعَيَّنًا فَلَا يَجِبُ الْخَلَفُ اتِّفَاقًا وَحِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ. (قَوْلُهُ عَاقِلًا، أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَمَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا وَقْتَ صَلَاحِ الْبَحْرِ لِلرُّكُوبِ فَالْكِرَاءُ جَائِزٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ وَقْتُ صَلَاحِ الْبَحْرِ لِلرُّكُوبِ قَرِيبًا، مِثْلُ نِصْفِ شَهْرٍ جَازَ شَرْطُ النَّقْدِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ كَعِشْرِينَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَأُجِيزَ تَأَخُّرُ شُرُوعِهِ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ وَيُعْلَمُ الْمَنْعُ عِنْدَ تَأَخُّرِ شُرُوعِهِ شَهْرًا بِالْأَوْلَى، وَأَمَّا عِبَارَتُهُ فَتُوهِمُ عَدَمَ الْمَنْعِ عِنْدَ تَأَخُّرِ شُرُوعِهِ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَالْعِلَّةُ فِي الْكُلِّ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ امْتِنَاعَ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ تُعَدُّ سَلَفًا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَازَ النَّقْدُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِشَرْطٍ لِعَدَمِ وُجُودِ هَذِهِ الْعِلَّةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا (قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ تَعْجِيلُ النَّقْدِ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ الشُّرُوعُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مَنْعِ النَّقْدِ فِيهَا بِشَرْطٍ وَغَيْرِهِ بَلْ هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ لِمَسَائِلَ أُخَرَ غَيْرَهَا وَلِذَا زَادَ بَعْضُهُمْ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ بِخِيَارٍ؛ لِأَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَا تَدْخُلُ فِي أَيَّامِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِهَا فَائِدَةٌ (قَوْلُهُ كُلُّ مَا) أَيْ كُلُّ مَبِيعٍ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ النَّقْدَ فِيهِ) أَيْ تَطَوُّعًا وَبِشَرْطٍ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْمِثْلِيُّ مَكِيلًا كَانَ، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ مَعْدُودًا بِأَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَأْسَ مَالٍ السَّلَمَ وَأُجْرَةَ الْكِرَاءِ وَثَمَنَ الْأَمَةِ الْمُوَاضَعَةِ، أَوْ الْغَائِبِ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ نَقْدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا، أَوْ عَلَى الْخِيَارِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يُفْسَخَ فِي غَيْرِهِ، وَالْغَيْبَةُ عَلَيْهِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَلَا التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (قَوْلُهُ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ، وَهُوَ هُنَا الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَصَارَ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوْلُهُ فِي مُؤَخَّرٍ أَيْ، وَهُوَ الْمَبِيعُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ. (قَوْلُهُ فِي مُوَاضَعَةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً بِخِيَارٍ، وَهِيَ مِمَّنْ يَتَوَاضَعُ مِثْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْدُ فِيهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بَيَانُهُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ ذَاتًا غَائِبَةً عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا، وَلَوْ تَطَوُّعًا حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِع فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَفَرَضْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَتًّا كَانَ الْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّقْدِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ بِالنَّقْدِ فَلَا يَضُرُّ، وَفَرْضُنَا أَنَّ الثَّمَنَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَازَ نَقْدُهُ، وَلَوْ بِشَرْطٍ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، أَوْ عَلَى الْخِيَارِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ ضَمِنَ بِخِيَارٍ) أَيْ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَدْرَ أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَمَا فِي الدَّابَّةِ الَّتِي تُبَاعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِاخْتِبَارِ ثَمَنِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ، أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ، وَهِيَ الَّتِي كِرَاؤُهَا يُقَالُ لَهُ مَضْمُونٌ (قَوْلُهُ لِيَرْكَبَهَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ إذَا عَقَدَهُ بِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ

وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي الْكِرَاءِ بِالْخِيَارِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَجَازَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ فِي النَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَهَذَا إنَّمَا يُؤَثِّرُ مَعَ الشَّرْطِ، وَأَمَّا فِي الْكِرَاءِ بِالْخِيَارِ فَاللَّازِمُ فِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي النَّقْدِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا (وَ) فِي (سَلَّمَ بِخِيَارٍ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرْ إنْ لَمْ يُنْقَدْ فَقَوْلُهُ بِخِيَارٍ رَاجِعٍ لِلْأَرْبَعِ. . [دَرْسٌ] (وَاسْتَبَدَّ) أَيْ اسْتَقَلَّ (بَائِعٌ) بَاعَ (أَوْ مُشْتَرٍ) اشْتَرَى (عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ) أَيْ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ فِي أَخْذِهَا وَرَدِّهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ أَمْرُهُ عَلَى مَشُورَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ (لَا) إنْ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى (عَلَى خِيَارِهِ) ، أَوْ الْغَيْرِ (وَرِضَاهُ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِنَفْسِهِ دُونَ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ، أَوْ الرِّضَا؛ لِأَنَّ مَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ، أَوْ الرِّضَا لِلْغَيْرِ مُعْرِضٌ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُقَوِّي نَظَرَهُ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ (فِي مُشْتَرٍ) اشْتَرَى عَلَى خِيَارِ غَيْرِهِ، أَوْ رِضَاهُ دُونَ الْبَائِعِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ فِيهِمَا كَالْمَشُورَةِ (وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى نَفْيِهِ) فِيهِمَا (فِي الْخِيَارِ) دُونَ الرِّضَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِبْدَادُ كَالْمَشُورَةِ (وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْعُولَ لَهُ الْخِيَارُ وَالرِّضَا (كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَا فَمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِإِمْضَاءٍ، أَوْ رَدٍّ اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ ضَعِيفَةٌ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى رَافِعِ الْخِيَارِ مِنْ الْفِعْلِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُكْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ بَلْ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ شَيْئًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فِي شَيْءٍ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّ مَا تَعَجَّلَ مِنْ النَّقْدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ سَلَفَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ ثَمَنًا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَانْبِرَامِهِ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُسْلِمُ مَا لَهُسَّ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي بَابِ السَّلَمِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ السَّلَمُ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ أَيْ لِمَا يُؤَخَّرُ إلَيْهِ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَيْ إنْ انْتَفَى النَّقْدُ بِشَرْطٍ وَتَطَوُّعًا، فَإِنْ حَصَلَ نَقْدٌ مُطْلَقًا فَسَدَ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا. . (قَوْلُهُ وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ) مُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ اسْتَقَلَّ بَائِعٌ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ إذَا بَاعَ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَاحِدًا، أَوْ مُتَعَدِّدًا، أَوْ اسْتَقَلَّ مُشْتَرٍ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ إذَا اشْتَرَى عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ يَسْتَقِلُّ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِمَا فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً، أَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ كَزَيْدٍ، ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يُبْرِمَ الْبَيْعَ، أَوْ يَرُدَّهُ دُونَ مَشُورَةِ زَيْدٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ وَلَا يَفْتَقِرُ فِي إبْرَامِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ إلَى مَشُورَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُشَاوَرَةِ الْمُوَافَقَةُ لِخَبَرِ «شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ» وَقَوْلُهُ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ مَعْلُومَانِ كَأَشْتَرِي مِنْك سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا، وَكَذَا عَلَى مَشُورَةِ فُلَانٍ وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ حُكْمِ غَيْرِهِ، أَوْ رِضَاهُ أَيْ فِي الثَّمَنِ فَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَعْلُومًا فَلَا مُنَافَاةَ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ فَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ هَذَا فِي الْمَشُورَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَى مَشُورَتِهِ إنْ شَاءَ أَمْضَى، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ فَكَالْخِيَارِ وَالرِّضَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الْبَيْعِ عَلَى إمْضَاءِ فُلَانٍ اُنْظُرْ خش. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا فُلَانٍ، أَوْ اخْتِيَارِهِ لِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ (قَوْلُهُ عَلَى نَفْيِهِ فِيهِمَا) أَيْ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِبْدَادِ فِي الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْخِيَارِ أَيْ فِيمَا إذَا بَاعَ عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ، أَوْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارِهِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَى) فَإِذَا قَالَ بِعْت بِكَذَا عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ، أَوْ رِضَاهُ، أَوْ اشْتَرَيْت بِكَذَا عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ، أَوْ رِضَاهُ فَفُلَانٌ هَذَا كَالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى خِيَارِ فُلَانِ، أَوْ رِضَاهُ، أَوْ بَاعَ سِلْعَةً عَلَى خِيَارِهِ، أَوْ رِضَاهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا اسْتِقْلَالَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا خِيَارُهُ، أَوْ رِضَاهُ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِإِبْرَامِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ بَائِعًا كَانَ، أَوْ مُشْتَرِيًا مَا لَمْ يَسْبِقْهُ فُلَانٌ لِغَيْرِ مَا حَصَلَ مِنْهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ الِاسْتِقْلَالُ إنْ كَانَ بَائِعًا فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَا، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ لَا فِي الْخِيَارِ وَلَا فِي الرِّضَا، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ فِي الرِّضَا بَائِعًا كَانَ، أَوْ مُشْتَرِيًا وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ فِي الْخِيَارِ بَائِعًا كَانَ، أَوْ مُشْتَرِيًا. (قَوْلُهُ إلَى رَافِعِ الْخِيَارِ إلَخْ) الْحَاصِلُ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْمُشْتَرَطَ لِأَحَدِهِمَا يَرْتَفِعُ إمَّا بِقَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ فَأَشَارَ هُنَا لِمَا يَرْفَعُهُ مِنْ الْفِعْلِ وَسَيَأْتِي يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَرْفَعُهُ

(وَرَضِيَ مُشْتَرٍ) رَضِيَ فِعْلٌ مَاضٍ وَمُشْتَرٍ فَاعِلُهُ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ (كَاتَبَ) الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِالْخِيَارِ وَأَوْلَى عِتْقُهُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، أَوْ لِأَجَلٍ، أَوْ التَّدْبِيرُ (أَوْ زَوَّجَ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الرَّقِيقَ إنْ كَانَ أَمَةً بَلْ (وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ قَصَدَ) بِفِعْلٍ غَيْرِ صَرِيحٍ فِي الرِّضَا كَتَجْرِيدِ مَا عَدَا الْفَرْجَ مِنْ الْأَمَةِ (تَلَذُّذًا) وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ إقْرَارِهِ إذْ قَدْ تُجَرَّدُ لِلتَّقْلِيبِ (أَوْ رَهَنَ) الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ (أَوْ آجَرَ، أَوْ أَسْلَمَ) الرَّقِيقَ (لِلصَّنْعَةِ) ، أَوْ الْمَكْتَبِ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ حَجَمَهُ (أَوْ تَسَوَّقَ) بِالْمَبِيعِ أَيْ، أَوْقَفَهُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ (أَوْ) (جَنَى) الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ (إنْ تَعَمَّدَ) وَسَيَأْتِي الْخَطَأُ (أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ) مِنْ الْأَمَةِ قَصْدًا بِخِلَافِ نَظَرِ الذَّكَرِ لِفَرْجِ الذَّكَرِ إذْ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، وَكَذَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ لِفَرْجِ الْأَمَةِ، أَوْ الْعَبْدِ (أَوْ عَرَّبَ دَابَّةً) أَيْ فَصَدَهَا فِي أَسَافِلِهَا (أَوْ وَدَّجَهَا) فَصَدَهَا فِي وَدَجِهَا (لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً) مَا عَدَا فَرْجَهَا فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مَا لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ قَصَدَ التَّلَذُّذَ (وَهُوَ) أَيْ كُلُّ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ رِضًا مِنْ الْمُشْتَرِي (رَدٌّ) لِلْبَيْعِ (مِنْ الْبَائِعِ) إذَا صَدَرَ مِنْهُ زَمَنَ خِيَارِهِ (إلَّا الْإِجَارَةَ) فَلَا تُعَدُّ رَدًّا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ دَعْوَى (أَنَّهُ اخْتَارَ) فَأَمْضَى الْبَيْعَ (أَوْ رَدَّ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَمْضَى الْمُقَدَّرِ لَا عَلَى اخْتَارَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ أَحَدُ نَوْعَيْ الِاخْتِيَارِ فَلَا يَكُونُ قَسِيمًا لَهُ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَرِضَا مُشْتَرٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا، أَوْ أَمَةً عَلَى الْخِيَارِ لَهُ وَكَاتَبَهُ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا، أَوْ مُؤَجَّلًا أَعْتَقَ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْمَبِيعِ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا زَوَّجَ الْأَمَةَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْعَبْدُ إذَا زَوَّجَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُعَدُّ رِضًا بِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَإِلَى الرَّدِّ عَلَى أَشْهَبَ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ رَضِيَ فِعْلٌ مَاضٍ) أَيْ وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ لَا أَنَّهَا لِلْعَطْفِ وَرِضَا مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى بِانْقِضَائِهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا مَعَ الْكِتَابَةِ وَمَا مَعَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لَا يُوهِمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَعُدَّ الْمُشْتَرِي رَاضِيًا بِالْكِتَابَةِ وَمَا مَعَهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الْكِتَابَةَ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ رَجَّحَ فِيهَا الْقَوْلَ بِأَنَّهَا بَيْعٌ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فَدَفْعُ هَذَا التَّوَهُّمِ بِالنَّصِّ عَلَى أَنَّهَا مُفَوِّتَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا رَجَحَ فِيهَا أَيْضًا مِنْ أَنَّهَا عِتْقٌ. (قَوْلُهُ، أَوْ زَوَّجَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَقْدَ كَافٍ فِي عَدِّ الْمُشْتَرِي رَاضِيًا بِالْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَصَدَ بِفِعْلٍ غَيْرِ صَرِيحٍ تَلَذُّذًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا لَيْسَ مَوْضُوعًا لِقَصْدِ التَّلَذُّذِ بِهَا مِثْلُ تَجْرِيدِ بَعْضِهَا كَصَدْرٍ وَسَاقٍ مَثَلًا، فَإِنْ قَالَ قَصَدْت بِهِ التَّلَذُّذَ عُدَّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَذَّةٌ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ قَالَ قَصَدْت بِذَلِكَ الْفِعْلِ تَقْلِيبَهَا فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا بِهَا، وَلَوْ حَصَلَتْ لَهُ لَذَّةٌ بِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفِعْلُ مَوْضُوعًا لِقَصْدِ اللَّذَّةِ مِثْلُ كَشْفِ الْفَرْجِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ التَّلَذُّذِ وَالرِّضَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، أَوْ رَهْنٌ) الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهَا رَهَنَ الْأَمَةَ، أَوْ الْعَبْدَ، أَوْ غَيْرَهُمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ رِضًا مِنْهُ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ قَبَضَهُ مِنْ الْبَائِعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْبَائِعِ وَرَهَنَهُ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا مُفَوِّتًا لِخِيَارِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ آجَرَ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُيَاوَمَةً وَقَوْلُهُ، أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ هَيِّنَةً (قَوْلُهُ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ عَادَةً إلَّا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ أَوْقَفَهُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ) أَيْ، وَلَوْ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدِّهِ رِضًا تَكْرَارُهُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ، أَوْ جَنَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ إنْ تَعَمَّدَ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى الْخِيَارِ، ثُمَّ إنَّهُ قَطَعَ يَدَ ذَلِكَ الْعَبْدِ، أَوْ رِجْلَهُ، أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَمْدًا فَيُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي الْخَطَأُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَعَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ لِفَرْجِ الذَّكَرِ) أَيْ فَلَا يُعَدُّ رِضًا (قَوْلُهُ، أَوْ الْعَبْدِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ رِضًا إذْ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ؛ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أُنْثَى وَالْحَالُ أَنَّهَا تُشْتَهَى وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَهَا ذَكَرًا وَكَانَ نَظَرُهُ لِلْفَرْجِ قَصْدًا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لِلْفَرْجِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا هُوَ النَّظَرُ الَّذِي يَحِلُّ بِالْمِلْكِ فَنَظَرُ الذَّكَرِ لِفَرْجِ الذَّكَرِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الرِّضَا إذْ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، وَكَذَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ لِفَرْجِ امْرَأَةٍ وَلِفَرْجِ ذَكَرٍ اشْتَرَتْهُ بِالْخِيَارِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ رِضًا فَالظَّاهِرُ إعْمَالُ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ قَصْدِ التَّلَذُّذِ وَنَظَرِ الْفَرْجِ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا فِي المج عَنْ عج (قَوْلُهُ وَدَّجَهَا) بِتَشْدِيدِ الدَّال (قَوْلُهُ إلَّا الْإِجَارَةَ) زَادَ اللَّخْمِيُّ وَالْإِسْلَامَ لِلصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ) أَيْ غَلَّةَ الْمَبِيعِ زَمَنَ الْخِيَارِ لَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْخِيَارِ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَتْ رَدًّا مِنْ الْبَائِعِ وَهَذَا الْقَيْدُ يَجْرِي فِيمَا إذَا أَسْلَمَهُ الْبَائِعُ لِلصَّنْعَةِ بِعَمَلِهِ مُدَّةً؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَيَلْزَمُ

بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ ظَرْفٌ لِدَعْوَى الْمُقَدَّرِ أَيْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَيَّامَ خِيَارٍ لِيَأْخُذَهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ، أَوْ يُلْزِمُهَا لِمَنْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ (وَلَا) يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (بَيْعُ مُشْتَرٍ) لَهُ الْخِيَارُ فِي زَمَنِهِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ بَاعَ وَادَّعَى أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ (فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ) الْإِمْضَاءَ (بِيَمِينٍ، أَوْ) لَا يُصَدَّقُ وَ (لِرَبِّهَا نَقْضُهُ) وَلَهُ إجَازَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِانْقِضَائِهِ، وَهُوَ يَشْمَلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ، وَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَغَابَ الْآخَرُ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ بَائِعًا أَنَّهُ أَمْضَاهُ فِي زَمَنِهِ، أَوْ مُشْتَرِيًا أَنَّهُ رَدَّ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَى الْإِشْهَادِ إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ، وَإِنْ أَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِشْهَادٍ، وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ فَلْيُشْهِدْ وَهَذَا بَيِّنٌ اهـ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْبَائِعِ ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ يُفْتَقَرُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ الْإِمْضَاءَ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِي صُوَرٍ، وَقَدْ حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ هَكَذَا اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَيَّامَ الْخِيَارِ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ بِانْقِضَاءِ أَمَدِهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ كَالْغَدِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْبَيْعِ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لَهُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ لِيَأْخُذَهُ مِنْ الْبَائِعِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ فَبَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ إجَازَةَ الْبَيْعِ لِأَجْلِ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ وَادَّعَى بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ الرَّدَّ لِيُلْزِمَهُ لِلْبَائِعِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ لِأَجْلِ انْتِزَاعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ) أَيْ مِنْ اخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ وَالرَّدَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى الْخِيَارِ، ثُمَّ بَاعَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَلَمْ يُخْبِرْ الْبَائِعَ بِاخْتِيَارِهِ إمْضَاءَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَأَرَادَ نَقْضَ الْبَيْعِ، أَوْ أَخْذَ الرِّبْحِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ فِي دَعْوَاهُ اخْتِيَارَ الْإِمْضَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِيَمِينٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ سَلَاطَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا بِأَخْذِ رِبْحٍ وَلَا بِنَقْضِ بَيْعٍ وَهَذَا مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ قَبْلَ بَيْعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ نَقْضِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَ إجَازَتِهِ وَأَخْذِ رِبْحِهِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُصَدَّقُ وَلِرَبِّهَا نَقْضُهُ) كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ سَحْنُونًا طَرَحَ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ إنَّ مَا فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَضَهُ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الْخِيَارِ لَمْ تَنْقَضِ، وَإِنَّمَا لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى أَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَيَقُولُ لَهُ أَنْتَ بِعْت السِّلْعَةَ، وَهِيَ فِي ضَمَانِي فَالرِّبْحُ لِي فَالصَّوَابُ أَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ أَيْ رِبْحُ الْمُشْتَرِي الْحَاصِلُ فِي بَيْعِهِ قَوْلَانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي لَمَّا كَانَ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ نَقْضُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لَكِنَّهُ مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ يُتَّهَمُ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَانَ الرِّبْحُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ

وَأَخْذُ الثَّمَنِ (قَوْلَانِ) وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ وَلَا بَيْعَ مُشْتَرٍ إلَخْ بِمَا مَرَّ مِنْ دَلَالَةِ التَّسَوُّقِ عَلَى الرِّضَا فَكَانَ الْبَيْعُ أَوْلَى وَالصَّوَابُ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّسَوُّقِ إنَّمَا هِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ فَالْبَيْعُ أَحْرَى فِي الرِّضَا وَمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَالتَّسَوُّقُ أَحْرَى فِي عَدَمِ الرِّضَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ هَذِهِ (وَانْتَقَلَ) الْخِيَارُ مِنْ مُكَاتَبٍ لَهُ الْخِيَارُ (لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ زَمَنَ خِيَارِهِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ (وَ) انْتَقَلَ خِيَارُ مَدِينٍ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ لَهُ (لِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ) بِمَالِ الْمَدِينِ الْحَيِّ، أَوْ الْمَيِّتِ وَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ خِيَارِهِ وَلَا يَحْتَاجُ الِانْتِقَالُ إلَى حُكْمٍ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغَرِيمِ وَإِذَا اخْتَارَ الْأَخْذَ فَالرِّبْحُ لَلْمَدِينِ وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْغَرِيمِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْغَرِيمُ الثَّمَنَ الَّذِي لَزِمَ الْمُفْلِسَ فِي بَيْعٍ لَازِمٍ فَالرِّبْحُ لِلْمُفْلِسِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ (وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) مَعَ هَذَا الْغَرِيمِ سَوَاءٌ قَامَ الْغَرِيمُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَ) الْوَارِثُ شَيْئًا (بِمَالِهِ) الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ رَدِّ الْغَرِيمِ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ حِينَئِذٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ تَضْعِيفُ التَّخْيِيرِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ أَمَّا لَوْ كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَوَقَعَ الْبَيْعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ بِتَخْيِيرِ الْبَائِعِ بَيْنَ نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَأَخْذِ رِبْحِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ السِّلْعَةِ بَعْدَ النَّقْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اخْتِيَارٌ فَحَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَوَقَعَ النِّزَاعُ فِيهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ وَبَاعَ الْمُشْتَرِي زَمَنَهُ مَا بِيَدِهِ فَلِلْبَائِعِ رَدُّ الْمَبِيعِ قَطْعًا إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَزِمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالْقِيمَةُ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الثَّمَنُ فَقَطْ، فَإِنْ بَاعَهُ الْبَائِعُ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ، أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ) أَيْ رَبِحَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ التَّسَوُّقَ وَأَحْرَى الْبَيْعُ دَالٌّ عَلَى الرِّضَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ، وَإِنْ وَقَعَ وَبَاعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الرِّضَا، فَإِنْ كَانَ نِزَاعُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَقَوْلَانِ الْأَوَّلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَالثَّانِي أَنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَأَخْذِ الرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَ نِزَاعُهُمَا قَبْلَ فَرَاغِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَوْلَانِ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الرِّبْحِ وَالْمُعْتَمَدُ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ مَا انْبَنَى عَلَيْهَا مِنْ الْخِلَافِ فَضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتِبٍ) أَيْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ، أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ شَاءَ السَّيِّدُ أَمْضَى الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَلَا كَلَامَ لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَ عَجْزِهِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ بَعْدَ عَجْزِهِ يُؤَدِّي لِتَصَرُّفِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ خِيَارُ مَدِينٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلِغَرِيمٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ الْمَعْمُولُ لِانْتَقَلَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ خِيَارُ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَلِوَارِثٍ (قَوْلُهُ وَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ لَا تَكْفِي فِي انْتِقَالِ الْخِيَارِ الَّذِي لِلْمَدِينِ لِلْغَرِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَفْلِيسِهِ، وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ الِانْتِقَالُ إلَى حُكْمِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّفْلِيسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بَلْ يَنْتَقِلُ خِيَارُ الْمَدِينِ لِغُرَمَائِهِ بِمُجَرَّدِ تَفْلِيسِهِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَارَ) أَيْ الْغَرِيمُ الْأَخْذَ أَيْ لِلسِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ بِخِيَارِ (قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ عَلَى الْبَتِّ وَفَلَّسَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهَا فَأَدَّاهُ الْغَرِيمُ فَإِنَّ رِبْحَهَا لِلْمُفْلِسِ وَخَسَارَتَهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ عَلَى الْبَتِّ ثَمَنُهَا لَازِمٌ لَهُ فَلِذَا كَانَ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَاهَا بِخِيَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهَا إلَّا بِمَشِيئَةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ صَارَ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا عَلَيْهِ ضَرَرًا (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، وَقَدْ اشْتَرَى بِخِيَارٍ وَمَاتَ زَمَنَ الْخِيَارِ فَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ لِغُرَمَائِهِ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ وَقَوْلُهُ قَامَ الْغَرِيمُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عج مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْوَارِثُ شَيْئًا بِمَالِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَدِينَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ وَأَدَّى ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا، وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَرَدَّ الْغُرَمَاءُ تِلْكَ السِّلْعَةَ فَأَرَادَ الْوَارِثُ أَخْذَ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِمَالِهِ وَيُؤَدِّي ثَمَنَهَا لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَ بِخِيَارٍ لَهُ وَمَاتَ وَرَدَّ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ وَأَرَادَ الْوَارِثُ أَخْذَهَا وَدَفْعَ الثَّمَنِ لَهُمْ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فَصَحَّ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ أَيْ الثَّمَنَ لِلْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ

(وَ) انْتَقَلَ خِيَارُ مَيِّتٍ غَيْرِ مُفْلِسٍ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى الْخِيَارِ (لِوَارِثٍ) لَيْسَ مَعَهُ غَرِيمٌ أَصْلًا، أَوْ مَعَهُ غَرِيمٌ لَمْ يَحُطَّ دَيْنَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مَا قَبْلَهُ (وَالْقِيَاسُ) عِنْدَ أَشْهَبَ، وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَهُوَ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي عِلَّةِ حُكْمِهِ عِنْدَ الْحَامِلِ، وَإِنْ خَصَّ بِالصَّحِيحِ حَذْفَ الْأَخِيرِ (رَدَّ الْجَمِيعَ) مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَيُجْبَرُ مُرِيدُ الْإِمْضَاءِ عَلَى الرَّدِّ مَعَ الرَّدِّ (إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ) السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ لِمَا فِي التَّبْعِيضِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَالْمَعْلُومُ الثَّانِي هُنَا هُوَ الْمُورِثُ وَالْأَوَّلُ الْوَارِثُ وَالْعِلَّةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ وَالْحُكْمُ التَّصَرُّفُ بِالْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ (وَالِاسْتِحْسَانُ) عِنْدَ أَشْهَبَ أَيْضًا، وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ مَعْنًى يَنْقَدِحُ فِي ذِهْنِ الْمُجْتَهِدِ تَقْصُرُ عَنْهُ عِبَارَتُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى دَلِيلُ الْحُكْمِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ، وَأَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ (أَخَذَ الْمُجِيزُ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ السِّلْعَةِ فَيُمَكَّنُ مَنْ أَرَادَ الْإِجَازَةَ مِنْ أَخْذِ نَصِيبِ الرَّادِّ وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ لِيَرْتَفِعَ ضَرَرُ التَّبْعِيضِ إنْ شَاءَ الْمُجِيزُ ذَلِكَ، وَإِلَّا وَجَبَ رَدُّ الْجَمِيعِ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالتَّبْعِيضِ فَذَلِكَ لَهُ (وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ) بِخِيَارٍ وَمَاتَ قَبْلَ مُضِيِّهِ (كَذَلِكَ) فَيَدُلُّهُمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ وَيُنَزَّلُ الْمُجِيزُ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالرَّادُّ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ، فَالْقِيَاسُ إجَازَةُ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الرَّادِّ الْجَمِيعَ وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِحْسَانِ، وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بَيْنَ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الْمُجِيزِ أَنَّ الْمُجِيزَ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ صَارَ لَهُ نَصِيبُ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْبَائِعُ أَنْتَ رَضِيت بِإِخْرَاجِ السِّلْعَةِ بِهَذَا الثَّمَنِ فَأَنَا أَدْفَعُهُ لَك ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ بِخِيَارٍ وَلَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ لِبَائِعِهَا وَرَدَّ الْغَرِيمُ الْبَيْعَ وَأَخَذَهَا الْوَارِثُ بِثَمَنٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي الثَّمَنَ لِبَائِعِهَا وَلَا يُؤَدِّيهِ لِلْغُرَمَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ وَيُؤَدِّي الرِّبْحَ لِلْغُرَمَاءِ، وَهُوَ صَوَابٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إذَا أَخَذَ الْوَارِثُ بِمَالِهِ فَالرِّبْحُ لِلْمَيِّتِ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ لِوَارِثٍ) أَيْ، فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى الْإِجَازَةِ، أَوْ الرَّدِّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالْقِيَاسُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ يَقْتَضِي رَدَّ الْجَمِيعِ، أَيْ قِيَاسُ الْوَارِثِ عَلَى الْمُوَرِّثِ وَأَنَّ مَا كَانَ لِلْمُوَرِّثِ يَكُونُ لِلْوَارِثِ يَقْتَضِي رَدَّ الْجَمِيعِ فَكَمَا أَنَّ الْمُوَرِّثَ إذَا اشْتَرَى بِالْخِيَارِ، ثُمَّ إنَّهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَجَازَ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ وَرَدَّ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالشَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ إذَا رَدَّ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّ الْمُجِيزَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ كَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَانْتَقَلَ الْحَقُّ فِي الْخِيَارِ لِوَرَثَتِهِ، وَقَدْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ مِنْهُ وَطَلَبَ الرَّدَّ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُجِيزِ إنَّ صَاحَبَكَ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَصَارَ الْآنَ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِي السِّلْعَةِ إلَّا أَنَا وَأَنْتَ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الرَّادِّ يَعُودُ لِمِلْكِ الْبَائِعِ وَقِيَامُكَ أَنْتَ بِحَقِّك مُوجِبٌ لِضَرَرِي مِنْ تَبْعِيضِ السِّلْعَةِ وَلَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا كُلَّهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَكَ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّهُ لَك بَلْ أَسْقَطَهُ وَانْتَقَلَ لِي فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِرَدِّ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ حَمْلٌ مَعْلُومٌ) أَيْ عِلْمُ تَصَوُّرٍ لَا عِلْمُ تَصْدِيقٍ إذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ حُكْمٌ مَعْلُومٌ لَمْ يَصِحَّ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ خُصَّ) أَيْ التَّعْرِيفُ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ وَقَوْلُهُ حَذْفُ الْأَخِيرِ أَيْ الْقَيْدِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مُسَاوٍ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ عَلَى الرَّدِّ) أَيْ عَلَى رَدِّ مَا بِيَدِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَكْمُلَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ (قَوْلُهُ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ) أَيْ بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَيْنَ الَّذِي لَمْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَالْحُكْمُ عِنْدَ التَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْسَانُ) أَيْ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ مَعْنًى يَنْقَدِحُ) كَأَنْ يُصَرِّحَ الْمُجْتَهِدُ بِالْحُكْمِ وَتَنْقَدِحَ الْعِلَّةُ فِي ذِهْنِهِ وَلَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْهَا وَقَوْلُهُ تَقْصُرُ عَنْهُ عِبَارَتُهُ أَيْ، أَوْ لَا يُنَافِي ذِكْرَ التَّوْجِيهِ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَالْفَرْقُ إلَخْ فَإِنَّ هَذَا دَلِيلٌ لِلْحُكْمِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّلِيلِ الْعِلَّةُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَخَذَ الْمُجِيزُ الْجَمِيعَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِمُضِيِّ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ لِلْمُجِيزِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ: الْخِيَارُ كَانَ لِمُوَرِّثِي وَأَنْتَ لَيْسَ لَكَ إلَّا ثَمَنُ سِلْعَتِك فَأَنَا أُوَفِّيهِ لَكَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ الْمُجِيزُ ذَلِكَ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْمُتَقَدِّمِ فَيَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ وَيُنَزَّلُ الْمُجِيزُ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُجِيزَ هُنَا أَرَادَ عَدَمَ أَخْذِ السِّلْعَةِ، وَالرَّادُّ لِلْبَيْعِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي أَرَادَ أَيْضًا عَدَمَ أَخْذِهَا. (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ إجَازَةُ الْجَمِيعِ) أَيْ فَقِيَاسُ وَرَثَةِ الْبَائِعِ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ يَقْتَضِي إجَازَةَ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ إذَا بَاعَ بِخِيَارٍ لَهُ، ثُمَّ إنَّهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَجَازَ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَمْضِي الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَتُدْفَعُ السِّلْعَةُ بِتَمَامِهَا لِلْمُشْتَرِي لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ إذَا أَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ بَيْنَ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي) أَيْ حَيْثُ كَانَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي يَدْخُلُهُمْ الِاسْتِحْسَانُ كَمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ، وَأَمَّا وَرَثَةُ الْبَائِعِ فَلَا يَدْخُلُهُمْ الِاسْتِحْسَانُ بَلْ الْقِيَاسُ فَقَطْ (قَوْلُهُ نَصِيبُ غَيْرِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الرَّادُّ

وَلَا يُمَكَّنُ الرَّادُّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِمَنْ صَارَ لَهُ حِصَّةُ الْمُجِيزِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ (تَأْوِيلَانِ) ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ. . (وَإِنْ) (جُنَّ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَيْهِ بِالْآخَرِ (نَظَرَ السُّلْطَانُ) فِي الْأَصْلَحِ لَهُ مِنْ إمْضَاءٍ، أَوْ رَدٍّ (وَنُظِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ انْتَظَرَ (الْمُغْمَى) عَلَيْهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَنْظُرَ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ طَالَ) إغْمَاؤُهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ (فُسِخَ) الْبَيْعُ وَلَا يَنْظُر لَهُ السُّلْطَانُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْظُرُ لَهُ (وَالْمِلْكُ) زَمَنَ الْخِيَارِ (لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَلٌّ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلٌ لَا تَقْرِيرٌ (وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ فِي زَمَنِهِ لَهُ أَيْ لِلْبَائِعِ (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ) أَيْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) فَيَتْبَعَهُ. . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْبَائِعُ بَيَانٌ لِمَنْ يَصِيرُ لَهُ نَصِيبُ الرَّادِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ الرَّادُّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمُجِيزِ وَقَوْلُهُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ عِلَّةٌ لِصَيْرُورَةِ حِصَّةِ الْمُجِيزِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ (قَوْلُهُ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي) ، وَهُوَ رَدُّ الْجَمِيعِ السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَإِنَّ مَنْ طَلَبَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ) أَيْ وَفِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ، وَهُوَ إجَازَةُ الْجَمِيعِ لِلْبَيْعِ وَدَفْعُ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ. . (قَوْلُهُ، وَإِنْ جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ بِطُولٍ، وَأَمَّا إنْ أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا بِقُرْبٍ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَلَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ) أَيْ ذُو السَّلْطَنَةِ فَيَشْمَلُ نُوَّابَ السُّلْطَانِ فَلَوْ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَحَكَمَ بِالْأَصْلَحِ مِنْ الرَّدِّ، أَوْ الْإِمْضَاءِ، ثُمَّ إنَّهُ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اخْتَارَهُ بَلْ مَا نَظَرَهُ السُّلْطَانُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ وَمَضَى يَوْمٌ، أَوْ يَوْمَانِ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَزَالَ الْجُنُونُ فَهَلْ تُحْسَبُ تِلْكَ الْمُدَّةُ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ لِقِيَامِ السُّلْطَانِ مَقَامَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُلْغَى وَتُبْتَدَأُ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ فَلَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمَبِيعُ لَازِمٌ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ انْتَظَرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِإِفَاقَتِهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ إنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ طَالَ إغْمَاؤُهُ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ مَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ وَطَالَ إغْمَاءَهُ بَعْدَهُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ فَسَخَ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَهُ اُسْتُؤْنِفَ لَهُ الْأَجَلُ وَمَفْهُومُ طَالَ أَنَّهُ لَوْ أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ بِقُرْبٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ وَهَلْ يَخْتَارُ فَوْرًا، أَوْ يُؤْتَنَفُ لَهُ أَجَلٌ طَرِيقَتَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ إذَا تَكَاسَلَ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَنْظُرْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ الْأَجَلُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَفْقُودَ كَالْمَجْنُونِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَإِنْ طَالَ فَسَخَ، وَأَمَّا الْأَسِيرُ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَالْمَفْقُودِ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ، فَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ، وَإِنْ تَابَ نَظَرَ بِنَفْسِهِ لِقَصْرِ الْمُدَّةِ اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ) أَيْ وَالْمِلْكُ لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلُ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي فَالْإِمْضَاءُ تَقْدِيرٌ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَأَصْلُ مِلْكِهِ حَصَلَ بِالْعَقْدِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ أَيْ أَنَّ الْمَبِيعَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، أَوْ مُنْعَقِدٌ أَيْ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ الْحَاصِلَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَقَطْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلِلْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي إلَّا أَنَّ كَوْنَ الْغَلَّةِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَمَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنَّ الْغُنْمَ هُنَا لِلْمُشْتَرِي وَالْغُرْمَ أَيْ الضَّمَانَ عَلَى الْبَائِعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ ثَمَرَاتٍ كَوْنِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ وَمَا يُوهَبُ مُبْتَدَأٌ وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي مَالَهُ أَيْ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِلْعَبْدِ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ لِلْعَبْدِ جَائِزٌ مُطْلَقًا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُخَالِفًا لِمَالِ الْعَبْدِ جَازَ الِاشْتِرَاطُ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ مُنِعَ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يُرَاعَى بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَنِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ نَاجِيٍّ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَتْبَعُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اسْتَثْنَى أَيْ اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَالُ الْمَعْلُومُ

(وَالْغَلَّةُ) الْحَادِثَةُ زَمَنَ الْخِيَارِ مِنْ لَبَنٍ وَسَمْنٍ وَبَيْضٍ (وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ) عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ (لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ فِيهِمَا (بِخِلَافِ الْوَلَدِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ لَا غَلَّةٍ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُوَبَّرَةُ فَكَمَال الْعَبْدِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِشَرْطٍ (وَالضَّمَانُ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ تَلَفُهُ، أَوْ ضَيَاعُهُ بِبَيِّنَةٍ وَسَوَاء كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا (وَحَلَفَ مُشْتَرٍ) فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ ادَّعَى تَلَفَهُ، أَوْ ضَيَاعَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُتَّهَمًا أَمْ لَا وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت وَيَحْلِفُ غَيْرُهُ مَا فَرَّطَتْ فَقَطْ (إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) كَأَنْ يَقُولَ ضَاعَتْ، أَوْ مَاتَتْ فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ بَاعَهَا، أَوْ أَكَلَهَا، أَوْ يَقُولُ ضَاعَتْ يَوْمَ كَذَا فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهَا عِنْدَهُ بَعْدَهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُغَابَ عَلَيْهِ) كَحَلْيٍ وَثِيَابٍ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. . ثُمَّ بَيَّنَ مَا بِهِ يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خَيَّرَ الْبَائِعُ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ (الْأَكْثَرُ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ، أَوْ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ اخْتِيَارُ الْإِمْضَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ وَالرَّدُّ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (فَالثَّمَنُ) يَضْمَنُهُ دُونَ الْتِفَاتٍ إلَى الْقِيمَةِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي ضَمَانِهِ الثَّمَنَ قَوْلُهُ (كَخِيَارِهِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَجْهُولُ كَاَلَّذِي يُوهَبُ لَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. . (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ لَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ مُدَّةَ الْخِيَارِ عَلَيْهِ لَازِمَةٌ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِهِ وَإِذَا أَخَذَ الْبَائِعُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا مَجَّانًا وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ فِيهِمَا) أَيْ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا لَهُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ) أَيْ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْجُزْءِ الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ كَجُزْءٍ فَاتَ، وَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَغَيْرُ التَّامِّ، وَعَلَى هَذَا فَالصُّوفُ التَّامُّ مُخَالِفٌ لِلثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِثْلُهَا عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، أَوْ كَانَ فَاسِدًا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ انْتِقَالِ ضَمَانِ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ فَهُوَ فِي بَيْعِ الْبَتِّ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيْعِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا) أَيْ بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالشَّرِيكِ فَلَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، وَالْمُرَادُ الْمُتَّهَمُ عِنْدَ النَّاسِ لَا عِنْدَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) اسْتِثْنَاءً مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ وَقَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ رَاجِعٌ لِيُغَابَ عَلَيْهِ لَا لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ أَيْضًا وَرَجَّعَهُ بَعْضُهُمْ لَهُمَا مَعًا فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِكَذِبِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِصِدْقِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صِدْقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهُمَا مَعًا وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْكَذِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الثَّانِي فَقَطْ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي، وَهُوَ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْكَذِبِ اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ، أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ ضَمَانِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ مَعَ الضَّمَانِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ وَهِيَ أَكْثَرُ، أَوْ غَرِمَ الثَّمَنَ، وَهُوَ مُسَاوٍ، أَوْ أَكْثَرُ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بْن. . (قَوْلُهُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِخِيَارٍ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ لَكِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ كَمَا أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ فِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ إلَخْ) هَذَا يَجْرِي فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ وَفِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْأَخِيرِ إذْ لَا يَمِينَ مَعَ ظُهُورِ الْكَذِبِ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ (قَوْلُهُ، أَوْ الْقِيمَةُ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى الْإِمْضَاءُ فِي مَعْدُومٍ؟ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَدَمُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَكَأَنَّهُ فِي مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ) أَيْ أَنَّهُ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، أَوْ يَحْلِفُ أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ فَالثَّمَنُ يَضْمَنُهُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ، أَوْ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ غَرِمَهُ وَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ وَغَرِمَهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَغْرَمَ الثَّمَنَ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا حَلَفَ الْيَمِينَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ مَعَ الضَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ رَاضِيًا وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الشِّرَاءَ، وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ مَا فَرَّطَ، وَإِلَّا ضَمِنَ

لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ) عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ (وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ) مُشْتَرٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَمَعْنَى ضَمَانِهِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. . وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي قَوْلِهِ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ، ذَكَرَ جِنَايَةَ الْعَاقِدَيْنِ وَأَنَّهَا سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً: ثَمَانِيَةٌ فِي الْبَائِعِ وَمِثْلُهَا فِي الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ كُلٍّ إمَّا عَمْدًا، أَوْ خَطَأً مُتْلَفَةً، أَوْ غَيْرَ مُتْلَفَةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى جِنَايَةِ الْبَائِعِ فَقَالَ (وَإِنْ) (جَنَى بَائِعٌ) زَمَنَ الْخِيَارِ (وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا) وَلَمْ يُتْلِفْهُ (فَرَدٌّ) أَيْ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى رَدِّ الْبَيْعِ (وَخَطَأٌ فَلِلْمُشْتَرِي) إنْ أَجَازَ الْبَائِعُ بِمَالِهِ فِيهِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي (خِيَارُ الْعَيْبِ) إنْ شَاءَ تَمَسَّكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ رَدَّ وَأَخَذَ الثَّمَنَ (وَإِنْ تَلِفَ) الْمَبِيعُ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَالْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهِ (وَتَعَمَّدَ) الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ وَلَمْ يُتْلِفْ الْمَبِيعَ (فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، أَوْ) الْإِمْضَاءُ (أَخَذَ) أَرْشَ (الْجِنَايَةِ، وَإِنْ) (تَلِفَتْ) السِّلْعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ (ضَمِنَ) لِلْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ. (وَإِنْ) (أَخْطَأَ) الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (أَخْذُهُ نَاقِصًا) وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ فَجِنَايَةُ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ، أَوْ رَدِّهِ لِلْبَائِعِ (وَإِنْ) (تَلِفَتْ) السِّلْعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ جِنَايَةِ الْبَائِعِ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي ثَمَانِيَةِ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ وَلَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا) كَمَا تَقَدَّمَ (وَخَطَأٌ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ) وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا) الْمُشْتَرِي فِيهِمَا (ضَمِنَ) لِلْبَائِعِ (الثَّمَنَ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ خَيَّرَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْبَائِعُ (وَجَنَى) الْمُشْتَرِي (عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) وَلَمْ تَتْلَفْ السِّلْعَةُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ رَدُّ الْبَيْعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ، أَوْ) الْإِمْضَاءِ وَأَخْذُ (الثَّمَنِ) فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ كَمَا عَلَيْهِ جُمْلَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ وَفِي تَرْكِ الْمَبِيعِ مَعَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) فِي الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاخْتِيَارِ الْمُجَامِعِ لِلْخِيَارِ وَالْمُنْفَرِدِ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَنَ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِ لَقَدْ ضَاعَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. بْن وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَقَاصَّانِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْمُقَاصَّةِ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنَانِ مُتَّفِقَيْنِ حُلُولًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا بِمُؤَجَّلٍ، وَقَدْ تَلْفِت عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَغْرَمُ الثَّمَنَ حَالًّا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ غَرِمَ الْمُشْتَرِي مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لعبق وَفِي بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَتَقَاصَّانِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُ الثَّمَنَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِنْ أَجَلٍ، أَوْ حُلُولٍ وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ فَعَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا. . (قَوْلُهُ أَيْ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى رَدِّ الْبَيْعِ) أَيْ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْبَيْعَ قَبْلَ جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ شَأْنُهُ لَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا الْإِجَارَةَ كَرَّرَهُ لِأَجْلِ تَتْمِيمِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ وَخَطَأٌ) أَيْ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهُ (قَوْلُهُ إنْ أَجَازَ الْبَائِعُ) أَيْ الْبَيْعَ وَأَمْضَاهُ بِسَبَبِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي، فَإِنْ رَدَّ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُهُ خَطَأً رَدًّا كَجِنَايَتِهِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ مُنَافٍ لِقَصْدِ الْفَسْخِ إذْ الْخَطَأُ لَا يُجَامِعُ الْقَصْدَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ تَمَسَّكَ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ) أَيْ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَتَلِفَ الْمَبِيعُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْجِنَايَةِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ) أَيْ عَمْدًا (قَوْلُهُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَخْتَارَ الرَّدَّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ، أَوْ الْإِمْضَاءَ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ أَخْذِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا جَنَى عَمْدًا، أَوْ خَطَأً عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ جِنَايَةً غَيْرَ مُتْلِفَةٍ فَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَانِ: طَرِيقَةٌ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِمَّا أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَطَرِيقَةٌ لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْجِنَايَةَ إنْ كَانَتْ عَمْدًا خُيِّرَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ يَدْفَعُهُ فِي كُلٍّ مِنْ حَالَتَيْ تَخْيِيرِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَيْ حَالَتَيْ تَخْيِيرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَالَةَ الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ وَفِي تَرْكِ) أَيْ رَدِّ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ أَعَادَهُ لِتَتِمَّ الْأَقْسَامُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ

فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَأَشَارَ إلَى الِاخْتِيَارِ مَعَ الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (اشْتَرَى) الْمُشْتَرِي (أَحَدَ ثَوْبَيْنِ) لَا بِعَيْنِهِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ (وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ) وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ فِي إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ (فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا) (ضَمِنَ وَاحِدًا) مِنْهُمَا (بِالثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّتُهُ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنَ الثَّمَنَ خَاصَّةً وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ ضَيَاعُ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ ضَمِنَ وَاحِدًا أَيْ فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ طَوْعِ الْبَائِعِ بِدَفْعِهِمَا وَسُؤَالُ الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا) وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا (أَوْ) ادَّعَى (ضَيَاعَ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا فَقَطْ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ (ضَمِنَ نِصْفَهُ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالضَّائِعِ هَلْ هُوَ الْمَبِيعُ، أَوْ غَيْرُهُ فَأَعْمَلْنَاهُ الِاحْتِمَالَيْنِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي فِي ادِّعَاءِ ضَيَاعِ وَاحِدٍ فَقَطْ (اخْتِيَارُ) جَمِيعِ (الْبَاقِي) وَرَدُّهُ إنْ كَانَ زَمَنُ الْخِيَارِ بَاقِيًا، وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا فِي اخْتِيَارِ نِصْفِ الْبَاقِي مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ: قَالَ كُنْت اخْتَرْت هَذَا الْبَاقِيَ، ثُمَّ ضَاعَ الْآخَرُ لَمْ يُصَدَّقْ وَيَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ، وَإِنْ قَالَ: كُنْت اخْتَرْت التَّالِفَ ضَمِنَهُ بِتَمَامِهِ وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ قَوْلُهُ (كَسَائِلٍ) غَيْرَهُ (دِينَارًا) مَثَلًا قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ، أَوْ قَرْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ. . (قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ بَيْعُ خِيَارٍ فَقَطْ وَبَيْعُ اخْتِيَارٍ فَقَطْ وَبَيْعُ خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَبَيْعُ الْخِيَارِ فَقَطْ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ الْخِيَارُ أَيْ التَّرَوِّي لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ كَأَبِيعُكَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بِكَذَا عَلَى الْخِيَارِ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ وَبَيْعُ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ بَيْعٌ جَعَلَ فِيهِ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي التَّعْيِينَ لِمَا اشْتَرَاهُ كَأَبِيعُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْبَتِّ بِدِينَارٍ وَجَعَلْت لَك يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ تَخْتَارُ فِيهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَبَيْعُ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ بَيْعٌ جَعَلَ فِيهِ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الِاخْتِيَارَ فِي التَّعْيِينِ وَبَعْدَهُ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالْخِيَارِ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ كَأَبِيعُكَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَبَعْدَ اخْتِيَارِ وَاحِدٍ لَك الْخِيَارُ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَضِيعَ الثَّوْبَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ تَمْضِي أَيَّامُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ فَهَذِهِ تِسْعٌ وَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِهِمَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فَقَطْ كِلَاهُمَا مَبِيعٌ فَيَضْمَنُهُمَا الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُمَا ضَمَانَ الْخِيَارِ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا، أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَزِمَاهُ مَعًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي بَيْعِ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا، أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِكُلِّ الثَّمَنِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا وَفِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ، وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَخْتَرْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا فَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَ التِّسْعِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ) الْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِي كَلَامِهِ أَيْ أَحَدٌ كَثَوْبَيْنِ أَيْ أَحَدُ شَيْئَيْنِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اشْتَرَاهُمَا مِنْ شَخْصَيْنِ فَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) أَيْ لَقَدْ ضَاعَا وَمَا فَرَّطَتْ (قَوْلُهُ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ ضَيَاعُ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ فَيُقَالُ: هَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَيَضْمَنُ لَهُ نِصْفَ الْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ لَا لِقَوْلِهِ بِالثَّمَنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْآخَرَ بِغَيْرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ بِدَفْعِهِمَا) أَيْ لِلْمُشْتَرِي لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا إلَخْ) رَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنْ سَأَلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا أَحَدُهُمَا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَبِيعَةٍ وَالْآخَرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَتَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ ضَاعَا وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَبِيعٍ فَمَا وَجْهُ ضَمَانِهِ لِقِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ ضَمِنَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ (قَوْلُهُ فَأَعْمَلْنَا الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ احْتِمَالَ كَوْنِ الضَّائِعِ هُوَ الْمَبِيعُ وَاحْتِمَالَ كَوْنِهِ غَيْرَهُ أَيْ أَنَّنَا ارْتَكَبْنَا حَالَةً وُسْطَى؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الضَّائِعِ هُوَ الْمَبِيعُ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ، وَعَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ غَيْرَ الْمَبِيعِ يُحْكَمُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ فَعَمِلْنَا بِكُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَخَذْنَا مِنْ كُلٍّ طَرَفًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ اخْتِيَارَ نِصْفِ الْبَاقِي لَا جَمِيعَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَإِذَا اخْتَارَ جَمِيعَ الْبَاقِي لَزِمَ كَوْنُ الْمَبِيعِ ثَوْبًا وَنِصْفًا، وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ بِتَمَامِهِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اخْتِيَارُ الْبَاقِي كَمَا فِي ح عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ وَابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ) أَيْ فِي ضَمَانِ الِاشْتِرَاكِ، وَهُوَ ضَمَانُ جُزْءٍ بِحَسَبِ

(فَيُعْطَى) السَّائِلُ (ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ) أَحَدَهَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ (فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ) وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ (فَيَكُونُ) السَّائِلُ (شَرِيكًا) بِالثُّلُثِ فِي السَّالِمِ وَالتَّالِفِ فَلَهُ فِي السَّالِمِ ثُلُثُهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ وَيَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا، فَإِنْ قَبَضَهَا عَلَى أَنْ يَنْقُدَهَا، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا جَيِّدًا وَازِنًا أَخَذَهُ، وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ الْخِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) اشْتَرَاهُمَا مَعًا عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِمَا خِيَارُ التَّرَوِّي وَقَبَضَهُمَا (لِيَخْتَارَهُمَا) مَعًا، أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا فَالْمُرَادُ بِاخْتِيَارِهِمَا أَنَّهُ فِيهِمَا بِالْخِيَارِ لَا الِاخْتِيَارِ الْمُقَابِلِ لِلْخِيَارِ (فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ) يَضْمَنُهُمَا ضَمَانَ مَبِيعِ الْخِيَارِ إنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ (وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَهُمَا بِيَدِهِ) وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَتَى بِهِ لِتَتْمِيمِ أَحْكَامِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَفِي) اشْتِرَائِهِ عَلَى (اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَازِمٌ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا يَرُدُّ إلَّا أَحَدَهُمَا فَمَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَلَمْ يَدَّعِ ضَيَاعَ شَيْءٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ (يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَا يُعْلَمُ مَا هُوَ مِنْهُمَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا شَرِيكًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا، أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَسَوَاءٌ كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (وَفِي) اشْتِرَائِهِ أَحَدَهُمَا عَلَى (الِاخْتِيَارِ) ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ، وَهِيَ أَوَّلُ صُوَرِ هَذَا الْمَبْحَثِ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ (لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) مِنْ الثَّوْبَيْنِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ الِاخْتِيَارَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ دَلِيلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا لِكُلٍّ مُطْلَقًا أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ قَبَضَ لِيَخْتَارَ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ وَلَا بِقَيْدِ كَوْنِ الْمَضْمُونِ نِصْفًا (قَوْلُهُ فَيُعْطَى ثَلَاثَةً) أَيْ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ وَاحِدًا مِنْهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ لِيَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ أَيْ إلْزَامِ أَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْهَا مِنْ حِينِ قَبَضَهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ تَلَفَ الدِّينَارَيْنِ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ شَرِيكًا) هَذَا تَصْرِيحٌ بِوَجْهِ الشَّبَهِ لِخَفَائِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا ضَائِعٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّشْبِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُطْلَقُ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ خَفِيٌّ فِي الْمُشَبَّهِ بِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا ضَمِنَ النِّصْفَ يَتَضَمَّنُ الشَّرِكَةَ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِ الثُّلُثَيْنِ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إذَا عَدِمَ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا) أَيْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْبَاقِي وَمِنْ التَّالِفَيْنِ كَمَا يَضْمَنُ الثُّلُثَ الثَّالِثَ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الدِّينَارَيْنِ التَّالِفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا بَقِيَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا، أَوْ مُتَّهَمًا وَحَلَفَ عَلَى الضَّيَاعِ حُسِبَ لَهُ دِينَارَانِ أَخَذَهُ قَضَاءً وَيَكُونُ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ قَرْضًا، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا وَلَمْ يَحْلِفْ حُسِبَ لَهُ الدِّينَارَانِ التَّالِفَانِ إنْ أُخِذَا قَضَاءً وَحُسِبَا عَلَيْهِ إنْ أُخِذَا قَرْضًا (قَوْلُهُ، فَإِنْ قَبَضَهَا عَلَى أَنْ يَنْقُدَهَا إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا فَيُعْطَى ثَلَاثَةً عَلَى أَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْهَا مِنْ حِينِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا) فَلَوْ ادَّعَى الدَّافِعُ عَلَى الْآخِذِ أَنَّهُ اخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا بَعْدَ نَقْدِهَا وَوَزْنِهَا وَادَّعَى الْآخِذُ أَنَّهَا ضَاعَتْ قَبْل أَنْ يَخْتَارَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ لِيَخْتَارَهُمَا) أَيْ لِيَتَرَوَّى فِي أَنْ يَأْخُذَهُمَا مَعًا، أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ، أَوْ يَرُدَّهُمَا) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ، أَوْ يَرُدَّهُمَا وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَالْمُرَادُ بِالِاخْتِيَارِ إلَخْ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ لَا حَذْفَ فِيهَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِيهِمَا بِالْخِيَارِ صَادِقٌ بِالطَّرَفَيْنِ الرِّضَا وَالرَّدِّ فَالتَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ فَلَوْ قَالَ، أَوْ الْمُرَادُ إلَخْ كَانَ، أَوْلَى. (قَوْلُهُ فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا لَزِمَاهُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ فَقَطْ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ وَلَوْ كَانَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَاهُ جَمِيعًا كَضَيَاعِ الْجَمِيعِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ قَالَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ حَكَى ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا التَّقْيِيدَ عَنْ بَعْضِ الْمُذَاكِرِينَ قَالَ، وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهُ، أَوْ التَّبَعُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ إيَّاهُ بِثَمَنِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ احْتَبَسَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهُ، أَوْ التَّبَعُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ أَتَى بِهِ لِتَتْمِيمِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ لِهَذَا الْقِسْمِ، وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى الثَّوْبَيْنِ مَعًا عَلَى الْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ أَقْسَامِ الثَّوْبَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الضَّيَاعَ، أَوْ التَّلَفَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا بَاقِيَيْنِ بِيَدِهِ حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ لَزِمَاهُ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَزِمَاهُ بِانْقِضَائِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَعْضُهُمْ) قَالَ بْن وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ح وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا فَقَطْ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ، أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ لَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ فَلُزُومُ النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ بِالثَّمَنِ فِي صُورَتَيْنِ عَلَى التَّقْرِيرِ الثَّانِي وَفِي ثَلَاثٍ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا) قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى اللُّزُومِ. .

عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْمَبِيعِ وَسَوَاءٌ كَانَا بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ إذْ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى لُزُومِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى خِيَارِ التَّرَوِّي أَتْبَعَهُ بِخِيَارِ النَّقِيصَةِ أَيْ الْعَيْبِ فَقَالَ (وَرُدَّ) أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ جَازَ رَدُّهُ لِمَا طَرَأَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ (بِعَدَمِ) وُجُودِ وَصْفٍ (مَشْرُوطٍ) اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ لَهُ (فِيهِ غَرَضٌ) كَانَ فِيهِ مَالِيَّةٌ كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا طَبَّاخَةً فَلَا تُوجَدُ كَذَلِكَ، أَوْ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ (كَثَيِّبٍ) أَيْ كَشَرْطِ ثُيُوبَةِ أَمَةٍ (لِيَمِينٍ) عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَ بِكْرًا وَاشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ (فَيَجِدَهَا بِكْرًا) وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ وَجْهٍ (وَإِنْ) كَانَ الشَّرْطُ (بِمُنَادَاةٍ) عَلَيْهَا حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ، أَوْ خَيَّاطَةٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَتُرَدُّ بِعَدَمِهِ (لَا إنْ انْتَفَى) الْغَرَضُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْقِضَاءُ الْمَالِيَّةِ كَعَبْدٍ لِلْخِدْمَةِ فَيُشْتَرَطُ أَنَّهُ غَيْرُ كَاتِبٍ فَيُوجَدُ كَاتِبًا، أَوْ أَنَّهُ جَاهِلٌ فَيُوجَدُ عَالِمًا فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَلَا رَدَّ (وَ) رَدَّ (بِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) مِمَّا يُنْقِصُ الثَّمَنَ، أَوْ الْمَبِيعَ، أَوْ التَّصَرُّفَ، أَوْ يَخَافُ عَاقِبَتَهُ، ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَعَوَرٍ) وَأَحْرَى الْعَمَى إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا، أَوْ الْمُبْتَاعُ لَا يُبْصِرُ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ تَامَّ الْحَدَقَةِ يُظَنُّ بِهِ الْإِبْصَارُ رُدَّ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَالْمُشْتَرِي بَصِيرًا (وَقَطْعِ) ، وَلَوْ أُنْمُلَةٍ (وَخِصَاءٍ) بِالْمَدِّ، وَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِ رَقِيقٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَغِنَاءِ الْأَمَةِ وَيُسْتَثْنَى الْبَقَرُ فَإِنَّ الْخِصَاءَ فِيهَا لَيْسَ عَيْبًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إلَّا الْخَصِيُّ (وَاسْتِحَاضَةٌ) ، وَلَوْ فِي وخش؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ وَالنُّفُوسُ تَكْرَهُهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الْبَائِعِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ تَحِيضُ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا الدَّمُ فَلَا تُرَدُّ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ تَأَخُّرِهَا عَنْ وَقْتِ مَجِيئُهَا زَمَنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَرُدَّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ لِمَا طَرَأَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ بِعَدَمِ الْبَاءِ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ كَانَ فِيهِ مَالِيَّةٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ يَزِيدُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَيَقِلُّ عِنْدَ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا) أَيْ، وَلَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سَهْلٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا لَا يَصْدُقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا نَصْرَانِيَّةً فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً فَأَرَادَ رَدَّهَا وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ كَوْنَهَا نَصْرَانِيَّةً لِكَوْنِهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ عِنْدَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ وَجْهٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ صُدِّقَ فِي الْيَمِينِ دُونَ غَيْرِهَا أَنَّ الْيَمِينَ مَظِنَّةُ الْخَفَاءِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ بِمُنَادَاةٍ، وَلَوْ اسْتَنَدَ لِزَعْمِ الرَّقِيقِ كَأَنْ يَقُولَ السِّمْسَارُ: يَا مَنْ يَشْتَرِي مَنْ تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ وَلَا يُعِدْ مَا يَقَعُ فِي الْمُنَادَاةِ مِنْ تَلْفِيقِ السِّمْسَارِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُمْ لَا يُلَفِّقُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُمْ يُلَفِّقُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا رَدَّ عِنْدَ عَدَمِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَى الظَّاهِرِ لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الْمَالِيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَطَ لِلْغَرَضِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَالِيَّةٌ أَمْ لَا، فَالْغَرَضُ أَعَمُّ مِنْ الْمَالِيَّةِ وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَعَمِّ انْتِفَاءُ الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ فَيُلْغَى الشَّرْطُ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا يَنْفَعُ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ لَا أُهِينُ الْعَالِمَ بِخِدْمَتِي نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ كَاتِبٍ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لِغَرَضٍ، وَهُوَ خَوْفُ اطِّلَاعِ الْعَبْدِ عَلَى عَوْرَاتِ السَّيِّدِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلَامَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ) أَيْ أَمْثِلَةُ الشَّيْءِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ الْمُنْقِصِ لِلثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ، أَوْ لِلتَّصَرُّفِ، أَوْ يَخَافُ عَاقِبَتَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ الْمُبْتَاعُ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ حَاضِرًا لَكِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يُبْصِرُ وَقَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ إلَخْ شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا، وَالْمُشْتَرِي مُبْصِرًا فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْعَمَى وَلَا بِالْعَوَرِ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا لِحَمْلِهِ عَلَى الرِّضَى بِهِ حَالَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا لَا يَظْهَرُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ (قَوْلُهُ كَغِنَاءِ الْأَمَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِرَدِّهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ) قَالَ فِي الشَّامِلِ إنْ حَاضَتْ حَيْضَةَ اسْتِبْرَاءٍ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَا رَدَّ اهـ. وَمَحَلُّهُ إذَا قَبَضَهَا وَهِيَ نَقِيَّةٌ مِنْ الْحَيْضِ أَمَّا إنْ قَبَضَهَا فِي أَوَّلِ الدَّمِ، ثُمَّ تَمَادِي اسْتِحَاضَةً فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتِحَاضَةٌ وَقَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْ، أَوْ لِلْمُوَاضَعَةِ، أَوْ مُرَادُهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمُوَاضَعَةَ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَبِهَذَا قَيَّدَ ابْنُ سَهْلٍ فِي نَوَازِلِهِ وَنَصُّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ، إنَّمَا هُوَ عَيْبٌ فِي الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لَا فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَكَذَلِكَ فِي الْمُقَرَّبِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ ابْنَ عَتَّابٍ أَفْتَى بِأَنَّهُ عَيْبٌ حَتَّى فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي وَطْأَهَا، وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَا أَصْبِرُ عَلَى ارْتِفَاعِ حَيْضَتِهَا كَمَا أَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ

لَا يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ لِمِثْلِهِ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الرِّيبَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَتَوَاضَعُ فَلَا تُرَدُّ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ (وَعَسَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْيُسْرَى فَقَطْ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى عُلْيَا، أَوْ وَخْشًا (وَزِنًا) ، وَلَوْ غَصْبًا (وَشُرْبٍ) لِمُسْكِرٍ، أَوْ أَكْلِ نَحْوِ أَفْيُونٍ (وَبَخَرٍ) بِفَمٍ، أَوْ فَرْجٍ، وَلَوْ فِي وَخْشٍ (وَزَعَرٍ) أَيْ عَدَمِ نَبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ، وَلَوْ لِذَكَرٍ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمَرَضِ إلَّا لِدَوَاءٍ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ غَيْرِهَا كَالْحَاجِبَيْنِ (وَزِيَادَةِ سِنٍّ) عَلَى الْأَسْنَانِ، أَوْ طُولِ إحْدَاهَا فِي ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ، أَوْ وَخْشٍ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ، أَوْ مُؤَخَّرِهِ (وَظُفْرٍ) بِالتَّحْرِيكِ لَحْمٌ نَابِتٌ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَنْفِ إلَى سَوَادِهَا وَمِثْلُهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي الْعَيْنِ (وَعُجَرٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ كِبَرُ الْبَطْنِ وَقِيلَ عُقْدَةٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ، أَوْ غَيْرِهِ وَقِيلَ مَا يَنْعَقِدُ فِي الْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ (وَبُجَرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ فَفَتْحِ الْجِيمِ مَا يَنْعَقِدُ فِي ظَاهِرِ الْبَطْنِ (وَ) وُجُودُ أَحَدِ (وَالِدَيْنِ) دَنِيَّةً وَأَوْلَى وُجُودُهُمَا مَعًا، أَوْ وُجُودُ (وَلَدٍ) ، وَإِنْ سَفُلَ حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ (لَا جَدٍّ وَلَا أَخٍ) ، وَلَوْ شَقِيقًا (وَجُذَامِ أَبٍ) ، أَوْ أُمٍّ، وَإِنْ عَلَا؛ لِأَنَّهُ يُعْدِي، وَلَوْ لِأَرْبَعَيْنِ جَدًّا، وَلَوْ قَالَ أَصْلٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (أَوْ جُنُونِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (بِطَبْعٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا دَخَلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْوَسْوَاسَ وَالصَّرْعَ الْمُذْهِبَ لِلْعَقْلِ (لَا) إنْ كَانَ (بِمَسِّ جِنٍّ) فَلَا يُرَدُّ بِهِ الْفَرْعُ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لَهُ (وَسُقُوطِ سِنَّيْنِ) مُطْلَقًا (وَفِي الرَّائِعَةِ) أَيْ الْجَمِيلَةِ سُقُوطُ (الْوَاحِدَةِ) عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ كَوَخْشٍ، أَوْ ذَكَرٍ مِنْ مُقَدَّمٍ فَقَطْ نَقَصَ الثَّمَنَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَالَ وَسُقُوطُ سِنٍّ إلَّا فِي غَيْرِ الْمُقَدَّمِ مِنْ وَخْشٍ فَاثْنَتَانِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ (وَشَيْبٍ بِهَا) أَيْ بِالرَّائِعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَقَدْ رَأَيْت لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ اهـ. مِنْهُ وَهَذَا إذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا حِينَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يُعْلَمْ قِدَمُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ مِنْ قَبْلُ فَهُوَ عَيْبٌ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ، وَقَدْ بَلَغَتْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشِبْهُ ذَلِكَ فَهُوَ عَيْبٌ فِي جَمِيعِ الرَّقِيقِ فَارِهَةً وَدَنِيئَةً اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا زَمَنًا لَا يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ لِمِثْلِهِ كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا مُوجِبًا لِرَدِّهَا بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَتْ تَتَوَاضَعُ، فَإِنْ كَانَتْ تُسْتَبْرَأُ فَطَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ ابْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ التَّأْخِيرُ عَيْبًا يُوجِبُ رَدَّهَا وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَتَّابٍ أَنَّهُ عَيْبٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ مِنْ قَبْلُ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ إنَّهَا كَانَتْ تَحِيضُ عِنْدِي وَاحْتُمِلَ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ عِنْدَهُ كَانَ عَيْبًا اتِّفَاقًا تُرَدُّ بِهِ. (قَوْلُهُ لَا يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ لِمِثْلِهِ) أَيْ بِأَنْ تَأَخَّرَ شَهْرَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا شَهْرَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً فَذَلِكَ عَيْبٌ اهـ. وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهَا تُرَدُّ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ لِمَا يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي فَتُرَدُّ بِبَقِيَّةِ عُيُوبِ الْفَرْجِ بِالْأَوْلَى قَالَ فِي الْجَلَّابِ إلَّا الْعُنَّةَ وَالِاعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ وَزِنًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَاعِلًا، أَوْ مَفْعُولًا وَشَمِلَ اللِّوَاطَ إذَا كَانَ فَاعِلًا لَا مَفْعُولًا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا أَيْضًا لَذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ وَتَخَنُّثُ عَبْدٍ (قَوْلُهُ، أَوْ أَكَلِ نَحْوِ أَفْيُونٍ) أَيْ فَمَتَى ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ سَوَاءً كَانَ مِنْ عَلَى الرَّقِيقِ، أَوْ مِنْ وَخْشِهِ (قَوْلُهُ بِفَمٍ) أَيْ وَلَوْ لِذَكَرٍ كَمَا فِي ح لِتَأَذِّي سَيِّدِهِ بِكَلَامِهِ (قَوْلُهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمَرَضِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ يَشُدُّ الْفَرْجَ وَعَدَمُهُ يُرْخِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِدَوَاءٍ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الزُّعُورِ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّعَرُ لِغَيْرِ دَوَاءٍ بِأَنْ كَانَ خِلْقَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِدَوَاءٍ اسْتَعْمَلَهُ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا (قَوْلُهُ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَرَضِ (قَوْلُهُ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ إلَخْ) تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ زِيَادَةِ سِنٍّ وَطُولِ إحْدَاهَا (قَوْلُهُ لَحْمٌ نَابِتٌ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ) عِبَارَةُ عج ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ الظُّفْرُ لَحْمُ نَابِتٌ فِي شَفْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي الْعَيْنِ) أَيْ فَيُرَدُّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْبَصَرَ وَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ حَلِفِهِ (قَوْلُهُ وَبُجَرٍ) فِي الصِّحَاحِ الْبُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ خُرُوجُ السُّرَّةِ وَنُتُوءُهَا وَغِلَظُ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَوُجُودُ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ بِمَكَانِ قَرِيبٍ يُمْكِنُ إبَاقُهُ إلَيْهِ لَا إنْ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ جِدًّا، أَوْ انْقَطَعَتْ طَرِيقُهُ (قَوْلُهُ لَا جَدَّ) أَيْ لَا وُجُودَ جَدٍّ فِي بَلَدٍ قَرِيبٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ وَذَلِكَ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ مِنْ شِدَّةِ الْأُلْفَةِ وَالشَّفَقَةِ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَيَحْمِلُهُمَا ذَلِكَ عَلَى الْإِبَاقِ لَهُمَا دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ أَقَارِبِهِمَا (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا دَخْلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ) أَيْ الْمُرَادُ بِالْجُنُونِ الطَّبِيعِيِّ مَا لَا دَخْلَ إلَخْ بِأَنْ كَانَ مِنْ غَلَبَةِ خَلْطِ السَّوْدَاءِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَخْلَاطِ الثَّلَاثَةِ الصَّفْرَاءِ وَالدَّمِ وَالْبَلْغَمِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الطِّبِّ وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ بْن نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ مُبَارَكٍ أَنَّ الْجُنُونَ الطَّبِيعِيَّ مَا يَكُونُ مِنْ جِنٍّ يَسْكُنُ فِي الشَّخْصِ مِنْ أَوَّلِ الْخِلْقَةِ فَمَتَى خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ خَلَقَ سُكَّانَهُ مَعَهُ فَصَارَ صَرْعُهُمْ وَوَسْوَسَتُهُمْ لَهُ بِالطَّبْعِ أَيْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ وَمَسِّ الْجِنِّ هُوَ الصَّرْعُ الْعَارِضُ مِنْ الْجِنِّ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا يَسْكُنُ فِي الْمَصْرُوعِ بَلْ يَعْرِضُ لَهُ أَحْيَانًا اهـ. كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ لَا بِمَسِّ جِنٍّ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ تَأَمَّلْ كَيْفَ جَعَلُوا هُنَا مَسَّ الْجِنِّ لَيْسَ بِعَيْبٍ مَعَ أَنَّ عُيُوبَ الرَّقِيقِ يُرَدُّ بِقَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَجَعَلُوا الْجُنُونَ فِي الزَّوْجَيْنِ، وَلَوْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ عَيْبًا مَعَ أَنَّ عُيُوبَهُمَا الَّتِي يُرَدُّ بِهَا مَا كَانَتْ كَثِيرَةً لَا قَلِيلَةً اهـ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا فِي النِّكَاحِ فِي نَفْسِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي أَصْلِ الرَّقِيقِ، وَهُوَ أَضْعَفُ كَمَا هُوَ

الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا (فَقَطْ، وَإِنْ قَلَّ) لَا بِوَخْشٍ، أَوْ ذَكَرٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ بِحَيْثُ يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ (وَجُعُودَتِهِ) أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ مُرَجَّلٍ أَيْ مُرْسَلٍ بِأَنْ يَكُونُ فِيهِ تَكْسِيرَاتٌ مِنْ لَفِّهِ عَلَى عُودٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ فِي وَخْشٍ لَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَمَدَّحُ بِهِ (وَصُهُوبَتِهِ) أَيْ كَوْنُهُ يَضْرِبُ إلَى الْحُمْرَةِ فِي رَائِعَةٍ فَقَطْ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُنَّ ذَلِكَ (وَكَوْنُهُ وَلَدَ زِنَا) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ (، وَلَوْ وَخْشًا) أَيْ دَنِيًّا خَسِيسًا (وَبَوْلٍ فِي فَرْشٍ) حَالَ نَوْمِهِ (فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ) فِيهِ الْبَوْلَ بِأَنْ يَبْلُغَ زَمَنًا لَا يَبُولُ الصَّغِيرُ فِيهِ غَالِبًا (إنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ حُصُولُهُ (عِنْدَ الْبَائِعِ، وَإِلَّا) يَثْبُتُ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ (حَلَفَ) أَنَّهَا لَمْ تَبُلْ عِنْدَهُ، وَإِلَّا رُدَّتْ عَلَيْهِ (إنْ أُقِرَّتْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ وُضِعَتْ النَّسَمَةُ الْمَبِيعَةُ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى (عِنْدَ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) وَبَالَتْ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا أُقِرَّتْ عِنْدَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُشْتَرِي يَشْمَلُ الْبَائِعَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إذْ الْمُرَادُ أَنَّهَا أُقِرَّتْ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ رَجُلٍ ذِي زَوْجٍ وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ، أَوْ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ بِبَوْلِهَا عِنْدَهُ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنْ بَالَتْ عِنْدَ أَمِينٍ كَانَ أَبْيَنَ وَدَلَّ قَوْلُهُ إنْ أُقِرَّتْ إلَخْ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ لَا فِي حُدُوثِهِ وَقِدَمِهِ إذْ لَا يَحْسُنُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ إنْ أُقِرَّتْ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ بِالرَّائِعَةِ الشَّابَّةِ الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا وَمَحَلُّ الرَّدِّ بِالشَّيْبِ وَمَا بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَا لِدُخُولِهِ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَجُعُودَتُهُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ شَعْرَهَا قَدْ سَوِدَ، أَوْ جَعُدَ فَإِنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ اهـ. اللَّخْمِيُّ إنْ فَعَلَ بِشَعْرِهَا فَعَلَ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا رُدَّتْ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَالتَّجْعِيدُ أَنْ يَكُونَ شَعْرُهَا أَسْبَطَ فَيُلَفُّ عَلَى عُودٍ؛ لِأَنَّ الْأَجْعَدَ أَحْسَنُ مِنْ الْأَسْبِطِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لَوْ قَالَ وَتَجْعِيدُهُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ وَخْشًا) قَالَ ح الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ أَيْ الْجُعُودَةِ وَالصُّهُوبَةِ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي أَبِي الْحَسَنِ قَالَ عِيَاضٌ مَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الصَّهْبَاءَ لَوْ سَوِدَ شَعْرُهَا لَكَانَ لَهُ الْقِيَامُ؛ لِأَنَّ هَذَا غِشٌّ وَتَدْلِيسٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَبِيبٍ وَذَلِكَ فِي الرَّائِعَةِ وَلَيْسَ فِي غَيْرِهَا عَيْبًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ رَائِعَةً، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عبق التَّابِعُ لَهُ شَارِحُنَا مِنْ التَّقْيِيدِ بِالرَّائِعَةِ هُوَ الصَّوَابُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فِي وَقْتٍ) أَيْ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ الْبَوْلُ فِي وَقْتِ، وَقَوْلُهُ يُنْكَرُ فِيهِ الْبَوْلُ أَيْ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَنَّهَا أَيْ الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّتْ) شَرَطَ فِي قَوْلِهِ وَحَلَفَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ حُصُولُ الْبَوْلِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حُصُولَ الْبَوْلِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا أَخْبَرَ بِبَوْلِهِ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَبُلْ عِنْدَهُ، فَإِنْ حَلَفَ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ نَكَلَ رَدَّ ذَلِكَ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ وَالنَّفَقَةَ فِي زَمَنِ وَضْعِهَا عِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَلَفَ أَيْ الْبَائِعُ إنْ أَقَرَّتْ إلَخْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ أَيْ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ النَّسَمَةَ لَمَّا أَقَرَّتْ عِنْدَ الْغَيْرِ وَبَالَتْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَرْجِيحٌ لِقَوْلِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ حَلَفَ الْبَائِعُ اهـ. خش (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ) الْأَوْلَى كَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ أَيْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ وَضْعِهِ عِنْدَ الْغَيْرِ أَنْ يَبُولَ عِنْدَهُ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَدِيمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي بَائِعَهُ عَلَى عَدَمِ قِدَمِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَلَا بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ عِنْدَ الْغَيْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَوْلِ عِنْدَ مَنْ وُضِعَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَأَتَّى الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا تُوضَعُ عِنْدَهُ أَصْلًا كَمَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَلْ تُوضَعُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا إمَّا أَنَّهَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي قَوْلِهِ بَالَتْ عِنْدِي، وَإِمَّا أَنَّهَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ تَبُولَ عِنْدَهُ وَيُنْكِرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ رَجُلٍ ذِي زَوْجٍ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَمَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ رَجُلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجٌ (قَوْلُهُ بِبَوْلِهَا) أَيْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حَلِفِ الْبَائِعِ مِنْ إقْرَارِهَا تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَوْلِهَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَحْسُنُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَنِزَاعُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ حَادِثًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي

وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْحُدُوثِ وَقِدَمِهِ، الْقَوْلُ لِمَنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ لَهُ، أَوْ رَجَحَتْ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ كَمَا يَأْتِي (وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ وَفُحُولَةِ أَمَةٍ اشْتَهَرَتْ) هَذِهِ الصِّفَةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ اشْتَهَرَا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ (وَهَلْ هُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَخَنُّثِ الْعَبْدِ وَفُحُولَةِ الْأَمَةِ (الْفِعْلُ) بِأَنْ يُؤْتَى الذَّكَرُ وَتَفْعَلُ الْأُنْثَى فِعْلَ شِرَارِ النِّسَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يُرَدَّ وَلَا يَتَكَرَّرُ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَزِنًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا فِي الْمَفْعُولِ (أَوْ التَّشَبُّهِ) بِأَنْ يَتَكَسَّرَ الْعَبْدُ فِي مَعَاطِفِهِ وَيُؤَنِّثَ كَلَامَهُ كَالنِّسَاءٍ وَتُذَكِّرَ الْأَمَةُ كَلَامَهَا وَتُغَلِّظَهُ (تَأْوِيلَانِ وَقَلَفِ ذَكَرٍ) أَيْ تَرْكِ خِتَانِهِ (وَ) تَرْكِ خِفَاضِ (أُنْثَى) مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ وَخْشًا (مُوَلَّدٌ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ (أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مِلْكِهِمْ وَفَاتَ وَقْتُهُ فِيهِمَا بِأَنْ بَلَغَا طَوْرًا يُخْشَى مَرَضُهُمَا إنْ خُتِنَا فَالْمُصَنِّفُ أَخَلَّ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ: كَوْنُهُمَا مُسْلِمَيْنِ وَفَاتَ وَقْتُ الْفِعْلِ وَكَوْنُ الْمَوْلُودِ مِنْهُمَا وُلِدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ، أَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي مِلْكِهِ (وَخُتِنَ مَجْلُوبُهُمَا) خَشْيَةَ كَوْنِهِمَا مِنْ رَقِيقٍ آبِقٍ إلَيْهِمْ، أَوْ غَارُوا عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَا مِنْ قَوْمٍ لَيْسَ عَادَتُهُمْ الِاخْتِتَانَ، ثُمَّ شِبْهُهُ فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ بِعَدَمٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْبَائِعَ يَحْلِفُ مَا بَالَتْ عِنْدَهُ إنْ وُضِعَتْ عِنْدَ أَمِينٍ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا بَالَتْ. (قَوْلُهُ لِمَنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ لَهُ) أَيْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ مُسْتَنِدَةً لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ رَجَحَتْ بِلَا يَمِينٍ) فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ قَطْعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ ظَنًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ تُقْطَعْ وَلَمْ تُظَنَّ لِوَاحِدٍ بَلْ حَصَلَ الشَّكُّ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ وَإِنَّمَا حَلَفَ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الْبَوْلِ الشَّكُّ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ (قَوْلُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتَهَرَتْ الْأَمَةُ فَقَطْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ اشْتَهَرَا بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ) أَيْ فَالِاشْتِهَارُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَخَنُّثِ الْعَبْدِ وَفِي فُحُولَةِ الْأَمَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْوَاضِحَةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ أَيْضًا عَنْهَا فَإِنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّ الشُّهْرَةَ شَرْطٌ فِي رَدِّ الْأُنْثَى بِالْفُحُولَةِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيُرَدُّ بِالتَّخَنُّثِ اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الْأَمَةُ بِهَذَا الْقَيْدِ وَلَمْ يُجْعَلْ الرَّجُلَ مُشَارِكًا لَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّخَنُّثَ فِي الْعَبْدِ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيُنْقِصُ نَشَاطَهُ وَالتَّذْكِيرُ فِي الْأَمَةِ لَا يَمْنَعُ جَمِيعَ الْخِصَالِ الَّتِي تُرَادُ مِنْهَا وَلَا يُنْقِصُهَا فَإِذَا اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ كَانَ عَيْبًا؛ لِأَنَّهَا مَلْعُونَةٌ فِي الْحَدِيثِ وَجَعَلَ فِي الْوَاضِحَةِ الِاشْتِهَارَ قَيْدًا فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ اهـ. عِيَاضٌ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْإِفْرَادَ فِي الِاشْتِهَارِ كَمَا فِي الْمُصَنِّفِ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلِابْنِ الْحَاجِبِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يُؤْتَى الذَّكَرُ) أَيْ فِي دُبُرِهِ وَقَوْلُهُ فِعْلُ شِرَارِ النِّسَاءِ أَيْ مِنْ الْمُسَاحَقَةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَرُدَّ أَيْ، وَإِلَّا يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفِعْلِ فَلَا رَدَّ، وَلَوْ حَصَلَ التَّشَبُّهُ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ، أَوْ التَّشَبُّهُ) أَيْ وَإِذَا حَصَلَ الرَّدُّ بِالتَّشَبُّهِ فَالرَّدُّ بِالْفِعْلِ، أَوْلَى (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا فِي الْمَفْعُولِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْفَاعِلَ يُرَدُّ بِالزِّنَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْفَاعِلُ لَائِطًا، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ فَلَا يُرَدُّ إلَّا إذَا اشْتَهَرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَسَبَبُهُمَا أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ يُرَدُّ بِتَخَنُّثِ الْعَبْدِ وَتَذَكُّرِ الْأَمَةِ إنْ اشْتَهَرَتْ وَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُمَا يُرَدَّانِ بِالْفِعْلِ دُونَ التَّشَبُّهِ فَجَعَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَفْسِيرًا لَهَا وَجَعَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ خِلَافًا وَاحْتَجَّ لَهُ أَبُو عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَوْ رَأَى الْفِعْلَ لَكَانَ عَيْبًا، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَحْتَاجُ لِقَيْدِ الِاشْتِهَارِ فِي الْأَمَةِ فَلِذَا حُمِلَ التَّخَنُّثُ وَالْفُحُولَةُ عَلَى التَّشَبُّهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، أَوْ طَوِيلُ الْإِقَامَةِ) أَيْ، أَوْ كَانَ لَيْسَ مُوَلَّدًا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لَكِنَّهُ طَالَتْ إقَامَتُهُ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ وَفَاتَ وَقْتُهُ فِيهِمَا) أَيْ وَفَاتَ وَقْتُ الْخِتَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ فَالْمُصَنِّفُ أَخَلَّ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّدِّ بِعَدَمِ الْخِتَانِ إذَا وُلِدَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُولَدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَأَنْ يَفُوتَ وَقْتُ خِتَانِهِ وَشَرْطُ الرَّدِّ فِيمَنْ لَمْ يُولَدْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَأَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَأَنْ يَفُوتَ وَقْتُ خِتَانِهِ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْقُيُودِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا وُلِدَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، أَوْ وُلِدَ بِغَيْرِهَا وَطَالَتْ إقَامَتُهُ فِيهَا يَرُدُّ بِتَرْكِ الْخِتَانَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ الْمَوْلُودِ مِنْهُمَا) أَيْ وَكَوْنُ الْمَوْلُودِ الَّذِي وُلِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْهُمَا أَيْ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى وُلِدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَخُتِنَ مَجْلُوبِهِمَا) أَيْ الْمَجْلُوبِ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالنَّصُّ يُفِيدُ أَنَّ الْخِتَانَ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْمَجْلُوبِ إذَا كَانَ نَصْرَانِيًّا، أَوْ كَافِرًا غَيْرُهُ لَا يَخْتَتِنُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْتَتِنُ كَالْيَهُودِ فَلَا يَكُونُ وُجُودُهُ مَخْتُونًا عَيْبًا اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَبَّهَهُ إلَخْ)

(كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ) أَيْ بِعَدَمِ بَرَاءَةِ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (اشْتَرَاهُ) مَنْ أَرَادَ بَيْعَهُ (بِبَرَاءَةٍ) مِنْ عَيْبٍ تَمْنَعُ رَدًّا بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَرِيحَةً كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عُيُوبٍ لَا يَعْلَمُهَا مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ، أَوْ حُكْمًا كَشِرَائِهِ مِنْ الْحَاكِمِ، أَوْ الْوَارِثِ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، ثُمَّ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْت أَنَّك اشْتَرَيْته بِالْبَرَاءَةِ لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْك إذْ قَدْ أُصِيبُ بِهِ عَيْبًا وَتُفْلِسُ، أَوْ تَكُونُ عَدِيمًا فَلَا يَكُونُ لِي رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِك. . ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعُيُوبِ الْخَاصَّةِ بِالدَّوَابِّ وَلِذَا عَطَفَهُ مُكَرِّرًا كَافَ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ (وَكَرَهَصٍ) ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ بَاطِنَ الْحَافِرِ مِنْ حَجَرٍ (وَعَثْرٍ) شَهِدَتْ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ، أَوْ قَامَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى قِدَمِهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ (وَحَرْنٍ) ، وَهُوَ عَدَمُ الِانْقِيَادِ (وَعَدَمُ حَمْلِ مُعْتَادٍ) بِأَنْ وَجَدَهَا لَا تُطِيقُ حَمْلَ أَمْثَالِهَا لِضَعْفِهَا وَمِثْلُهُ عَدَمُ سَيْرِهَا سَيْرَ أَمْثَالِهَا عَادَةً (لَا) رَدَّ فِي (ضَبَطٍ) ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِكِلْتَا الْيَدَيْنِ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قُوَّةُ الْيَمِينِ عَنْ قُوَّتِهَا الْمُعْتَادَةِ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ بِهَا وَحْدَهَا (وَ) لَا رَدَّ فِي (ثُيُوبَةٍ) فِيمَنْ يُفْتَضُّ مِثْلُهَا، وَلَوْ رَائِعَةً (إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا) لِصِغَرِهَا فَعَيْبٌ فِي رَائِعَةٍ مُطْلَقًا كَوَخْشٍ إنْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا غَيْرُ مُفْتَضَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ بِخَطِّهِ وَالْأَوْلَى، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا عَكْسُهُ، وَهُوَ بَيْعُهُ بِبَرَاءَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِعُهْدَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةً لِلتَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ أَيْ بِعَدَمِ بَرَاءَةٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ هُنَا ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ لَا ضَمَانُهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْبَرَاءَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ مِنْ عُيُوبٍ لَا يَعْلَمُهَا) اعْلَمْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعَيْبِ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَبِيعِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ وَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ عَرَضًا، أَوْ حَيَوَانًا غَيْرَ رَقِيقٍ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ إذَا بِيعَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ فِي الرَّقِيقِ إذَا طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَنْ يَجْهَلَ الْبَائِعُ الْعُيُوبَ الَّتِي تَبَرَّأَ مِنْهَا وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عُيُوبِ لَا يَعْلَمُهَا مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ كَشِرَائِهِ مِنْ الْحَاكِمِ) أَيْ الَّذِي يَبِيعُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ، أَوْ مَالَ الْمُفْلِسِ لِأَجْلِ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ) أَيْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُعْلِمْ الْمُشْتَرِيَ حِينَ بَاعَهُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي بَاعَهُ لَهُ بِالْعُهْدَةِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ. . (قَوْلُهُ وَكَرَهْصٍ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ الدَّبَرَ، وَهُوَ الْقُرْحَةُ وَالنِّطَاحُ وَالرَّفْسُ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ وَتَقْوِيسُ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةُ الْأَكْلِ وَالنُّفُورُ الْمُفْرِطِينَ، وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ فَلَيْسَتْ عَيْبًا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، وَعَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْمُعْتَادِ اهـ. عَدَوِيٌّ وَفِي بْن وَجَدْتُ بِخَطِّ ابْنِ غَازِيٍّ مَا نَصُّهُ قِيلَ: الْعَمَلُ الْيَوْمُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَرَسًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ هَذَا؟ اهـ. قُلْت: وَقَدْ اُشْتُهِرَ بِهَذَا الْعَمَلُ فِي فَاسَ فَفِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ وَبَعْدَ شَهْرٍ الدَّوَابُّ بِالْخُصُوصْ ... بِالْعَيْبِ لَا تُرَدُّ فَافْهَمْ النُّصُوصْ (قَوْلُهُ شَهِدَتْ الْعَادَةُ) الْأَوْلَى شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِدَمِهِ بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ كَانَ بِهَا، وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ عَلَى قَدَمِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِقَوَائِمِهَا، أَوْ بِغَيْرِهَا أَثَرُهُ وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: إنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدِيمٌ وَرَدَّ هَذَا إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ حَمْلٍ مُعْتَادٍ) الْمُرَادُ بِالْحَمْلِ مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا الْوَلَدِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا شَرَطَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشِّرَاءِ حَمْلَ الدَّابَّةِ فَوَجَدَهَا غَيْرَ حَامِلٍ فَلَهُ الرَّدُّ حَيْثُ اُعْتِيدَ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي حَمْلَهَا جَعَلَ لِلْجَنِينِ ثَمَنًا وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قُوَّةُ الْيَمِينِ) أَيْ فَإِنْ نَقَصَتْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ وَلَا يَجْبُرُ ضَعْفَ الْيَمِينِ زِيَادَةُ قُوَّةِ الْيَسَارِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ (قَوْلُهُ: وَلَا رَدَّ فِي ثُيُوبَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَمَةً يُفْتَضُّ مِثْلُهَا لِكَوْنِهَا كَبِيرَةً فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ بَكَارَتَهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَلِيَّةً، أَوْ وَخْشًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ سَلَامَتِهَا مِنْ الِافْتِضَاضِ وَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا قَدْ وُطِئَتْ لَا عَلَى أَنَّهَا زَنَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِمَاءِ اقْتِنَاؤُهُنَّ لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ فَعَيْبٌ) أَيْ تُرَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا غَيْرُ مُفْتَضَّةٍ أَمْ لَا؛ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَطَ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَلَا تُرَدُّ

(وَعَدَمِ فُحْشِ ضِيقِ قُبُلٍ) ، فَإِنْ تَفَاحَشَ ضِيقُهُ فَعَيْبٌ، وَكَذَا السِّلْعَةُ الْمُتَفَاحِشَةُ وَاخْتِلَاطُ مَسْلَكَيْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (وَ) عَدَمِ فُحْشِ (كَوْنِهَا زَلَّاءَ) أَيْ قَلِيلَةَ لَحْمِ الْأَلْيَتَيْنِ (وَ) لَا رَدَّ فِي (كَيٍّ) بِنَارٍ (لَمْ يُنْقِصْ) الثَّمَنَ، فَإِنْ نَقَصَهُ فَعَيْبٌ وَالْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ (وَتُهْمَةٍ بِسَرِقَةٍ) عِنْدَ الْبَائِعِ لَا رَدَّ بِهَا (حُبِسَ فِيهَا) وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحْبَسْ (ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ) بِثُبُوتِ أَنَّ السَّارِقَ غَيْرُهُ، أَوْ بِوُجُودِ الْمَتَاعِ لَمْ يُسْرَقْ، أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَتَاعِ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ بَرَاءَتُهُ فَلَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي نَفْسِهِ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَيْبٌ (وَ) لَا رَدَّ فِي (مَا) أَيْ عَيْبٍ (لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ) أَيْ تَغْيِيرٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ (كَسُوسِ الْخَشَبِ وَ) فَسَادِ بَطْنِ (الْجَوْزِ) وَنَحْوِهِ (وَمُرِّ قِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ وَجَدَهُ غَيْرَ مُسْتَوٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّدَّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَيُعْمَلُ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِ يَنْبَغِي، وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ (وَلَا قِيمَةَ) لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي نَقْصِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ تَغْيِيرِهَا. . ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَغْيِيرِهِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَخْ بِقَوْلِهِ (وَرَدُّ الْبَيْضِ) لِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ قَبْلَ كَسْرِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي كَسْرِهِ إنْ كَسَرَهُ، دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا هَذَا إنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ كَالْمُنْتِنِ وَكَذَا إنْ جَازَ أَكْلُهُ كَالْمَمْرُوقِ إنْ دَلَّسَ بَائِعُهُ كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا، أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ وَلَمْ يَكْسِرْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالثُّيُوبَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ فُحْشٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَ قُبُلَهَا ضَيِّقًا ضِيقًا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ فَلَا رَدَّ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَمْدُوحٌ (قَوْلُهُ فَعَيْبٌ) أَيْ فَتُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ مِنْ جِوَارِي الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّقْصِ فِي الْخِلْقَةِ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي فُحْشِ ضِيقِهِ، أَوْ فِي فُحْشِ اتِّسَاعِهِ وَعَدَمِ فُحْشِهِ؛ نَظَرَهَا النِّسَاءِ وَتُجْبَرُ الْأَمَةُ عَلَى تَمْكِينِهِنَّ مِنْ الِاطِّلَاعِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى نَظَرِهِنَّ لَهَا لَكِنْ لَوْ مَكَّنَتْ جَازَ لَهُنَّ النَّظَرُ اهـ. تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا زَلَّاءُ) عَطْفٌ عَلَى ضِيقٍ فَالْقَيْدُ، وَهُوَ عَدَمُ الْفُحْشِ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِهِ بِمَعُونَةِ الْعَطْفِ أَيْ إنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا صَغِيرَةَ الْأَلْيَتَيْنِ صِغَرًا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهَا أَمَّا لَوْ جُعِلَ عَطْفًا عَلَى عَدَمٍ فَلَا يَكُونُ كَلَامُهُ مُفِيدًا لِذَلِكَ الْقَيْدِ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهَذَا الْقَيْدِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي ح؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كَوْنَهَا زَلَّاءَ لَيْسَ عَيْبًا لَكِنْ أَوَّلَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِمَا إذَا كَانَ يَسِيرًا كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْقُصْ الثَّمَنَ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ نَقَصَ الْجَمَالَ، وَهُوَ مُفَادُ الشَّامِلِ كَمَا فِي ح وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُخَالِفُهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى نَقَصَ الثَّمَنَ، أَوْ الْجَمَالَ، أَوْ الْخِلْقَةَ فَهُوَ عَيْبٌ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ. بْن فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَمِّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ لَمْ يَنْقُصْ أَيْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصٌ لِلثَّمَنِ وَلَا لِلْجَمَالِ وَلَا لِلْخِلْقَةِ، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْبِسْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَشْهُورٍ بِالْعَدَاءِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي نَفْسِهِ) أَيْ بِالسَّرِقَةِ لِكَوْنِهِ مَشْهُورًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا رَدَّ فِيمَا إلَخْ) أَيْ لَا رَدَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرِ ذَاتِ الْمَبِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ الرَّدُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ) أَيْ فَإِذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّدِّ بِذَلِكَ الْعَيْبِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ عَمِلَ بِهَا (قَوْلُهُ بَعْدَ تَغْيِيرِهَا) أَيْ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهَا بَعْدَ تَغَيُّرِهَا. . (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَغْيِيرِهِ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ ذَكَرَ الْعَيْبَ الَّذِي يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَرَدَّ الْبَيْضَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيْضَ إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِهِ مَذِرًا، أَوْ مَمْرُوقًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكْسِرَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ يَشْوِيَهُ، أَوْ لَا يَفْعَلُ بِهِ فِعْلًا فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ فَمَتَى اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِهِ مَذِرًا فَإِنَّهُ يُرَدُّ لِبَائِعِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا كَسَرَهُ، أَوْ شَوَاهُ، أَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ فِعْلًا أَصْلًا وَذَلِكَ لِفَسَادِ بَيْعِهِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى كَوْنِهِ مَمْرُوقًا، فَإِنْ دَلَّسَ الْبَائِعُ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ، أَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ فِعْلًا أَصْلًا وَأَمَّا إنْ شَوَاهُ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَفَاتَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ الْكَسْرِ وَالشَّيِّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ شَيِّهِ، أَوْ قَلْيِهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ النَّقْصِ وَفَاتَ الْبَيْعُ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَسْرِهِ وَلَمْ يَشْوِهِ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْحَادِثِ بِالْكَسْرِ وَالتَّمَاسُكِ بِهِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ بِأَنْ يَقُومَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ إنْ كَسَرَهُ) أَيْ أَوْ شَوَاهُ

فَإِنْ كَسَرَهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ قَلْيٍ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَالِمًا وَمَعِيبًا فَيُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَصَحِيحٌ مَعِيبٌ فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُ صَحِيحًا غَيْرَ مَعِيبٍ عَشْرَةٌ وَصَحِيحًا مَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْخُمُسُ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي. . وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا الدَّارَ فَإِنَّ عَيْبَهَا قَدْ يَزُولُ بِالْإِصْلَاحِ؛ فَلِذَا قَسَّمُوهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قَلِيلٌ جِدًّا لَا تُرَدُّ بِهِ وَلَا قِيمَةَ وَمُتَوَسِّطٌ لَا تُرَدُّ بِهِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ، وَكَثِيرٌ تُرَدُّ بِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا رَدَّ بِوُجُودِ (عَيْبٍ قَلَّ) جِدًّا (بِدَارٍ) كَسُقُوطِ شُرَّافَةٍ وَكَسْرِ عَتَبَةٍ وَلَا أَرْشَ لَهُ (وَفِي قَدْرِهِ) أَيْ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَلِيلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَالْمُرَادُ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ الْمُتَوَسِّطِ هَلْ يُرَدُّ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، أَوْ هُوَ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، أَوْ مَا دُونَ الرُّبُعِ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الثَّمَنِ، أَوْ عَنْ عَشَرَةٍ مِنْ الْمِائَةِ (تَرَدُّدٌ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي فِي قَدْرِهِ التَّرَدُّدُ فَتُقَوَّمُ الدَّارُ سَالِمَةً وَمَعِيبَةً وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ (كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّارِ (مِنْهُ) السُّقُوطَ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ الْهَدْمُ أَمْ لَا أَيْ وَكَانَ الصَّدْعُ يُنْقِصُ الثَّمَنَ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْقَلِيلِ جِدًّا الَّذِي لَا رَدَّ بِهِ وَلَا رُجُوعَ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْهُ فَمِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي تُرَدُّ بِهِ وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ يُعْلَمُ مِنْ التَّرَدُّدِ فِي الْمُتَوَسِّطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَإِنْ كَسَرَهُ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ وَكَسَرَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ قَلْيٍ) الْمُرَادُ بِنَحْوِ الْقَلْيِ الشَّيُّ (قَوْلُهُ وَمَا نَقَصَهُ) أَيْ وَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ وَأَرْشُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لَمْ يُرَدَّ) أَيْ سَوَاءٌ ظَهَرَ أَنَّهُ مَذِرٌ، أَوْ مَمْرُوقٌ. . (قَوْلُهُ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ) فَلِذَا قِيلَ إنَّ الْكِتَابَ يُرَدُّ بِنَقْصِ وَرَقَةٍ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا الدَّارَ) أَيْ وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْعَقَارِ كَالْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْخَانِ فَلَا تُرَدُّ كَغَيْرِهَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بَلْ بِالْكَثِيرِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عَيْبَهَا إلَخْ هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الدَّارِ وَغَيْرِهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّارَ يَسْهُلُ إصْلَاحُ عَيْبِهَا وَزَوَالُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَلِأَنَّ الدَّارَ لَا تَخْلُو عَنْ عَيْبٍ فَلَوْ رُدَّتْ بِالْقَلِيلِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ فَتُسُوهِلَ فِيهَا وَلِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِلتِّجَارَةِ بَلْ لِلْقِنْيَةِ فَتُسُوهِلَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَكَسْرُ عَتَبَةٍ) أَيْ أَوْ رَفٍّ، أَوْ خَلْعُ بَلَاطَةٍ، أَوْ ضَبَّةٍ (قَوْلُهُ أَيْ الْقَلِيلُ) يَعْنِي مِنْ الْعَيْبِ لَا جِدًّا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامًا؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِيمَا فِيهِ الْأَرْشُ، وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ، وَهُوَ غَيْرُ الْيَسِيرِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ هَلْ يُرَدُّ لِلْعُرْفِ) أَيْ فَمَا قَضَى الْعُرْفُ بِقِلَّتِهِ فَهُوَ قَلِيلٌ وَمَا قَضَى بِكَثْرَتِهِ فَهُوَ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ، أَوْ مَا دُونَ الثُّلُثِ) أَيْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَوْلُهُ مَا دُونَ الرُّبُعِ أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَتَّابٍ (قَوْلُهُ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الثَّمَنِ) الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الْقِيمَةِ بِأَنْ نَقَصَ نِصْفُ الْقِيمَةِ فَأَقَلُّ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فَإِذَا اشْتَرَيْت دَارًا فَوَجَدْت بِهَا عَيْبًا أَرْشُهُ إذَا طُرِحَ مِنْ قِيمَتِهَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُعْظَمِهَا بِأَنْ كَانَ نِصْفَهَا، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ، أَوْ عَنْ عَشْرَةٍ) أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ عَنْ عَشْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً أَمَّا الْمُنْقِصُ لِلْعَشْرَةِ فَكَثِيرٌ فَإِذَا اشْتَرَيْت دَارًا فَوَجَدْت بِهَا عَيْبًا يَنْقُصُ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ مِنْ مِائَةٍ قِيمَتُهَا فَهُوَ قَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ عَشْرَةً فَهُوَ كَثِيرٌ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَلَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ: إنَّ الْيَسِيرَ مَا نَقَصَ عَنْ الْعَشَرَةِ وَمَا نَقَصَ الْعَشَرَةِ كَثِيرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْ كَمْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي بِهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اُرْدُدْ عَلَيَّ مَا بِعْتُهُ لَك وَخُذْ الثَّمَنَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَفِي التُّحْفَةِ: إنَّ الْمُتَوَسِّطَ كَالْكَثِيرِ فِي الرَّدِّ بِهِ قَالَ فِيهَا: وَبِالْكَثِيرِ الْمُتَوَسِّطُ لَحِقْ ... فِيمَا مِنْ الْعَيْبِ الْخِيَارُ قَدْ يَحِقْ قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ الْهَدْمُ أَمْ لَا) هَكَذَا فِي الْأُمَّهَاتِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ خِلَافًا لِمَا اخْتَصَرَهَا عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ وَنَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا فَوَجَدَ فِيهَا صَدْعًا، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى الْجِدَارِ فَلْيَرُدَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ، وَقَدْ تَعَقَّبَ عَلَيْهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْهُ) أَيْ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا الْهَدْمُ مِنْ ذَلِكَ الصَّدْعِ (قَوْلُهُ وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ فَقِيلَ إنَّهُ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ الثُّلُثُ وَقِيلَ مَا نَقَصَهَا الرُّبُعُ وَقِيلَ مَا نَقَصَهَا عَشْرَةٌ

لِأَنَّهُ مَا زَادَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْجِدَارُ الَّذِي لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ، أَوْ الْعَيْبُ (وَاجِهَتَهَا) أَيْ فِي وَاجِهَتِهَا وَنَقَصَ الثُّلُثُ، أَوْ الرُّبُعُ فَأَكْثَرُ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (أَوْ) يَكُونُ مُتَعَلِّقًا (بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ) مِنْ مَنَافِعِهَا وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَمِلْحٍ بِئْرُهَا بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ) أَيْ بِمَحَلِّ الْآبَارِ الَّتِي مَاؤُهَا حُلْوٌ وَكَتَهْوِيرِ بِئْرِهَا وَغَوْرِ مَائِهَا، أَوْ خَلَلِ أَسَاسِهَا، أَوْ لَا مِرْحَاضَ لَهَا، أَوْ كَوْنِهِ عَلَى بَابِهَا، أَوْ سُوءِ جَارِهَا، أَوْ شُؤْمِهَا، أَوْ جِنِّهَا، أَوْ كَثْرَةِ نَمْلِهَا، أَوْ بَقِّهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَتْ) الْأَمَةُ لِمُشْتَرِيهَا (أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ) لِبَائِعِي، أَوْ أَنَا حُرَّةٌ، وَكَذَا الذَّكَرُ (لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (لَكِنَّهُ عَيْبٌ) يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ إنْ قَالَتْهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بَلْ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ، أَوْ الْمُوَاضَعَةِ لَا إنْ قَالَتْهُ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ، ثُمَّ (إنْ رَضِيَ بِهِ) وَأَرَادَ بَيْعَهَا (بَيَّنَ) ذَلِكَ وُجُوبًا، وَلَوْ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي لَا رَدَّ لَهُ فِيهَا. . وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْعُيُوبِ الذَّاتِيَّةِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا هُوَ كَالذَّاتِيِّ، وَهُوَ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ الْبَائِعُ فِعْلًا فِي الْمَبِيعِ يُظَنُّ بِهِ كَمَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ كَالْمُشْتَرَطِ بِقَوْلِهِ (وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ) وَلَوْ آدَمِيًّا كَأَمَةٍ لِرَضَاعِ أَيْ تُرِكَ حَلْبُهَا لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا فَيُظَنُّ بِهِ كَثْرَةُ اللَّبَنِ (كَالشَّرْطِ) الْمُصَرَّحِ بِهِ فَلَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِعْلِيٌّ بِخِلَافِ الْقَوْلِيِّ كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ عَامِلْ فُلَانًا فَإِنَّهُ ثِقَةٌ مَلِيءٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَتْ مِائَةً وَقِيلَ: إنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ مَا نَقَصَ مُعْظَمَ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا السُّقُوطَ مِنْهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ الَّذِي فِيهِ الصَّدْعُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا السُّقُوطَ مِنْهُ فِي وَاجِهَتِهَا أَيْ حَائِطِ بَابِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ بَلْ إمَّا أَنْ يَرُدَّهَا بِهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَلَا رَدَّ بِعَيْبٍ قَلَّ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ قَلِيلًا فِي وَاجِهَتِهَا أَيْ حَائِطِ بَابِهَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِهِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ أَشَارَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ، أَوْ الْعَيْبُ) أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَوَسِّطًا؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يَكُونُ فِي وَاجِهَتِهَا لَا يَكُونُ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ وَنَقَصَ الثُّلُثُ) أَيْ ثُلُثُ الْقِيمَةِ، أَوْ رُبُعُهَا (قَوْلُهُ، أَوْ يَكُونُ) أَيْ الْعَيْبُ مُتَعَلِّقًا الْأَوْضَحُ مُصَوِّرًا، أَوْ مُتَلَبِّسًا بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى خَبَرِ يَكُونُ (قَوْلُهُ بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الدَّارِ بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ كَوْنُهُ عَلَى بَابِهَا) أَيْ مُوَاجِهًا لِبَابِهَا، أَوْ كَانَ فِي دِهْلِيزِهَا، أَوْ كَانَ مِرْحَاضُهَا بِقُرْبِ الْبُيُوتِ، أَوْ بِقُرْبِ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ، أَوْ شُؤْمُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَتَرَقَّبُ الْمَكْرُوهَ بِسُكْنَاهَا كَأَنْ يَكُونَ مَنْ سَكَنَهَا يَمُوتُ، أَوْ يَحْصُلُ لَهُ الْفَقْرُ، أَوْ تَمُوتُ ذُرِّيَّتُهُ (قَوْلُهُ، أَوْ جِنُّهَا) أَيْ، أَوْ سُوءُ جِنِّهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بَقُّهَا) أَيْ، أَوْ كَثْرَةُ بَقِّهَا فَبَقُّ الدَّارِ إنَّمَا يُرَدُّ بِهِ إذَا كَانَ كَثِيرًا كَالنَّمْلِ، وَأَمَّا قَوْلُ التُّحْفَةِ: وَالْبَقُّ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الدُّورِ ... وَيُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ النَّاظِمِ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الْكَثْرَةِ وَأَصْلَحَهُ بِقَوْلِهِ: وَكَثْرَةُ الْبَقِّ تَعِيبُ الدَّوْرَا ... وَتُوجِبُ الرَّدَّ لِأَهْلِ الشُّورَى (قَوْلُهُ، أَوْ أَنَا حُرَّةٌ) أَيْ بِعِتْقٍ، أَوْ أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ وَغَارَ الْعَدُوُّ عَلَى بَلَدِنَا وَأَخَذَنِي مِنْهَا اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا قَالَتْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ إذَا شَاعَتْ الْغَارَةُ عَلَى أَحْرَارِ بَلَدِهِمْ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَلَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا وَلَا يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ لَمْ تَحْرُمْ) أَيْ لِحَمْلِهَا عَلَى عَدَمِ الصِّدْقِ فِيمَا قَالَتْهُ، وَاتِّهَامِهَا عَلَى الرُّجُوعِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ، أَوْ الْمُوَاضَعَةِ) أَيْ، أَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَتْهُ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُبُوتُهُ فِي زَمَنِ ضَمَانِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ بَيْنَ ذَلِكَ وُجُوبًا) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا قَالَتْ ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَالْمُوَاضَعَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الرِّضَا، وَهُوَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَهِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَكِنَّهُ عَيْبٌ، وَلَوْ بَاعَهَا بَيَّنَ؛ كَانَ أَحْسَنَ. . (قَوْلُهُ الذَّاتِيَّةُ) أَيْ الْقَائِمَةُ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ تَكَلَّمَ عَلَى مَا هُوَ) أَيْ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا هُوَ كَالذَّاتِيِّ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ أَيْ الْعَيْبُ الَّذِي هُوَ كَالذَّاتِيِّ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ أَيْ ظُهُورُ الْحَالِ بَعْدَ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ لَا نَفْسِ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ كَالْمُشْتَرَطِ) أَيْ وَبَيَّنَ أَنَّهُ كَالْمُشْتَرَطِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى تَكَلَّمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ) أَيْ، وَلَوْ حِمَارَةٌ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ لَبَنِهَا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا لِتَغْذِيَةِ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ كَالشَّرْطِ) أَيْ كَشَرْطِ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ صَرَاحَةً، ثُمَّ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ الْمَشْرُوطُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْقَائِلُ مَا عَامَلَ بِهِ الْآخَرُ فُلَانًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَقُلْ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، وَإِلَّا

ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ، قَوْلُهُ (كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ) ، أَوْ بِيَدِهِ مِحْبَرَةٌ وَقَلَمٌ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ، أَوْ أَمَرَ الْعَبْدَ بِهِ، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ الْقَدِيمَ لِيَظُنَّ أَنَّهُ جَدِيدٌ (فَيَرُدَّهُ) أَيْ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّغْرِيرُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ (بِصَاعٍ) خَاصٍّ بِالْأَنْعَامِ وَظَاهِرُهُ صَاعٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ تَكَرَّرَ حَلْبُهَا حَيْثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَيْضًا وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا (مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) أَيْ قُوتِ مَحَلِّهِ وَلَوْ لَحْمًا وَلَا عِبْرَةَ بِقُوتِهِ هُوَ عَرَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ الْمُشْتَرِي (وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا بَدَلًا عَنْ الصَّاعِ وَلَوْ بِتَرَاضِيهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ بِرَدِّ الْمُصَرَّاةِ وَجَبَ الصَّاعُ عَلَى الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ اللَّبَنِ عِوَضًا عَنْهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ اللَّبَنِ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى اللَّبَنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْجَوَازِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَكَذَا يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ وُجُودِ الْغَالِبِ، وَلَوْ غَلَبَ اللَّبَنُ رَدَّ صَاعًا مِنْهُ غَيْرَ لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَمِنَ مَا عَامَلَهُ فِيهِ، وَمِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ قَوْلُ صَيْرَفِيٍّ نَقَدَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ أَجْرٍ هِيَ طَيِّبَةٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَإِعَارَةُ شَخْصٍ لِآخَرَ إنَاءً مَخْرُوقًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ، وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ فَتَلِفَ مَا وُضِعَ فِيهِ بِسَبَبِ الْخَرْقِ فَلَا ضَمَانَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ عَقْدُ إجَارَةٍ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَصَيْرَفِيٍّ نَقَدَ بِأُجْرَةٍ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ جَيِّدٌ مَعَ عِلْمِهِ بِرَدَاءَتِهِ وَكَإِجَارَةِ إنَاءٍ فِيهِ خَرْقٌ وَأَخْبَرَ الْمُؤَجِّرُ أَنَّهُ سَالَمَ مَعَ عِلْمِهِ بِخَرْقِهِ فَتَلِفَ مَا وُضِعَ فِيهِ قَالَهُ عج وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ إذَا نَقَدَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ غَرَّ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَغُرَّ بِأَنْ أَخْطَأَ مَثَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ وَغَرَّ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ زَائِفٌ وَقَالَ: إنَّهُ جَيِّدٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ) أَيْ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ رَدَّ، أَوْ تَمَاسَكَ إذَا ظَهَرَ الْحَالُ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ لِلتَّشْبِيهِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمْثِيلِ، وَأَنَّهُ مَثَّلَ لِلْغُرُورِ الْفِعْلِيِّ بِمِثَالَيْنِ: الْأَوَّلُ التَّصْرِيَةُ وَهَذَا هُوَ الثَّانِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَبِيعِ، أَوْ بِمُلَابِسِهِ (قَوْلُهُ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ) أَيْ حِينَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ بِيَدِهِ أَيْ، أَوْ يَبِيعُهُ وَبِيَدِهِ إلَخْ فَيَظُنُّ أَنَّهُ كَاتِبٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلَهُ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَرُدُّهُ أَيْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ السَّيِّدَ فَعَلَهُ، أَوْ أَمَرَ الْعَبْدَ بِفِعْلِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ تَخَلَّفَ الْمَشْرُوطُ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ السَّيِّدَ فَعَلَهُ وَلَا أَمَرَ الْعَبْدَ بِفِعْلِهِ فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي لِاحْتِمَالِ فِعْلِ الْعَبْدِ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي كَوْنِ الْبَائِعِ أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ، أَوْ لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ إلَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَهِيمِيًّا، أَوْ كَانَ آدَمِيًّا (قَوْلُهُ بِصَاعٍ) أَيْ مَعَ صَاعٍ وَقَوْلُهُ خَاصٌّ بِالْأَنْعَامِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ أَمَةً، أَوْ رَدَّ حِمَارَةً فَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا (قَوْلُهُ عَلَى الرِّضَا) أَيْ فَقَدْرُ الصَّاعِ مُتَعَيِّنٌ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِغُلُوِّ الصَّاعِ وَلَا لِرُخْصِهِ (قَوْلُهُ وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الذَّاتِ الْمُصَرَّاةِ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ لِكُلِّ ذَاتٍ صَاعًا وَلَوْ تَعَدَّدَ حَلْبُهَا (قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) أَيْ وَلَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ مِنْ تَمْرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ «إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَحَمَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ غَالِبَ قُوتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ يُشْعِرُ بِأَنَّ هُنَاكَ غَالِبًا وَغَيْرَهُ أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَالِبٌ بَلْ كَانَ هُنَاكَ صِنْفَانِ مُسْتَوِيَانِ، أَوْ ثَلَاثَةٌ مُسْتَوِيَةٌ فِي الْقُوتِيَّةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَعْلَى، أَوْ مِنْ الْأَدْنَى، أَوْ مِنْ الْأَوْسَطِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ السَّنْهُورِيُّ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَوْسَطِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ فَيَرُدُّهُ مَعَ صَاعٍ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) أَيْ غَابَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِيعَ الطَّعَامُ) أَيْ، وَهُوَ الصَّاعُ (قَوْلُهُ وَجَبَ الصَّاعُ) أَيْ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ فَأَلْ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ) أَيْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ الْمُصَرَّاةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ، وَكَذَا يُفِيدُ) أَيْ هَذَا التَّعْلِيلُ السَّابِقُ يُفِيدُ إلَخْ وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْحَيَوَانَ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ قَبْلَ أَخْذِ اللَّبَنِ فَلَا صَاع عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ مَعَ الصَّاعِ فَلَا حُرْمَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ بَدَلُ اللَّبَنِ وَالْمَمْنُوعُ عَدَمُ رَدِّ الْبَدَلِ وَهَذَا رَدُّ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَدَّ الْمُبْدَلَ أَيْضًا وَاعْلَمْ أَنَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي لِلصَّاعِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ مَعْنًى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفُوزُ بِاللَّبَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ وَأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً هَذَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَأَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَهُوَ «لَا تُصَرُّ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ فَمَنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ

(لَا إنْ) (عَلِمَهَا) الْمُشْتَرِي (مُصَرَّاةً) فَلَا رَدَّ لَهُ (أَوْ) (لَمْ تُصَرُّ وَ) لَكِنْ (ظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ) لِكِبَرِ ضَرْعِهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَا رَدَّ لَهُ (إلَّا) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ فَلَهُ الرَّدُّ إنْ اجْتَمَعَتْ حَيْثُ نَقَصَ حِلَابُهَا عَمَّا ظَنَّهُ: وَهِيَ (إنْ قَصَدَ) مِنْهَا اللَّبَنَ لَا غَيْرَ (وَاشْتُرِيَتْ فِي وَقْتِ) كَثْرَةِ (حِلَابِهَا) كَوَقْتِ الرَّبِيعِ، أَوْ قُرْبِ وِلَادَتِهَا (وَكَتَمَهُ) الْبَائِعُ بِأَنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُشْتَرِي بِقِلَّةِ لَبَنِهَا الَّذِي ظَنَّ كَثْرَتَهُ فَلَهُ رَدُّهَا بِغَيْرِ صَاعٍ إذْ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ التَّصْرِيَةِ بَلْ مِنْ بَابِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى أَنْ يَجِدَهَا مُصَرَّاةً، الثَّانِيَةُ أَنْ يَظُنَّ كَثْرَةَ لَبَنِهَا عَنْ مُعْتَادِ مِثْلِهَا فَلَا يَرُدَّهَا إلَّا بِالشُّرُوطِ، الثَّالِثَةُ وَهِيَ الْمَفْهُومُ أَنْ يَجِدَهَا يَنْقُصُ لَبَنُهَا عَنْ حِلَابِ أَمْثَالِهَا فَهَذِهِ يَرُدُّهَا مُطْلَقًا ظَنَّ كَثْرَةَ لَبَنِهَا عَلَى الْعَادَةِ أَمْ لَا عَلِمَهَا مُصَرَّاةً أَمْ لَا وَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ (وَلَا) إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ (بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ) فَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا (عَلَى الْأَحْسَنِ وَتَعَدَّدَ) الصَّاعُ (بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ الْمُشْتَرَاةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحِ) وَقَالَ الْأَكْثَرُ يُكْتَفَى بِصَاعٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِهَا؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُفِيدُهُ التَّعَدُّدُ كَثْرَةُ اللَّبَنِ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الصَّاعِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ بِعُقُودٍ تَعَدَّدَ اتِّفَاقًا. . (وَإِنْ) (حُلِبَتْ) الْمُصَرَّاةُ حَلْبَةً (ثَالِثَةً) فِي يَوْمٍ ثَالِثٍ فَحَلَبَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ بِمَنْزِلَةِ حَلْبَةٍ وَاحِدَةٍ (فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ) أَيْ حَلْبُهَا ثَالِثَةً (رِضًا) فَلَا رَدَّ لَهُ (وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ رَدُّهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ مَعَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ (وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا) لِمَا مَرَّ، أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ وَرَجَحَ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ فَلَهُ الرَّدُّ إذَا قَدِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» لِنَسْخِهِ بِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ مِنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَابْنِ يُونُسَ لَا نَسْخَ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ، وَإِنَّمَا حَدِيثُ: الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً) أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ فَلَا رَدَّ لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَا لَمْ يَجِدْهَا قَلِيلَةً الدَّرِّ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي بْن، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةً بَعْدَ شِرَائِهَا وَقَبْلَ حَلْبِهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إمْسَاكَهَا رِضًا بِهَا وَكَانَ لَهُ رَدُّهَا، وَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَمْسَكَهَا لِلِاخْتِبَارِ لَمْ يَحْلِفْ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ بَعْدَ حِلَابِهَا وَأَمْسَكَهَا لِيَحْلُبَهَا ثَانِيًا لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ عَادَتَهَا، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ فَحَلَبَهَا أَهْلُهُ زَمَانًا فَلَهُ إذَا قَدِمَ رَدُّهَا وَصَاعًا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ ظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ) أَيْ ظَنَّ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ لَبَنِ مِثْلِهَا عَادَةً هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَهَا تَحْلِبُ حِلَابَ أَمْثَالِهَا (قَوْلُهُ لَا غَيْرُ) أَيْ مِنْ عَمَلٍ، أَوْ لَحْمٍ (قَوْلُهُ، أَوْ قُرْبِ وِلَادَتِهَا) أَيْ، أَوْ بَعْدَ وِلَادَتِهَا بِقُرْبٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُخْبَرْ إلَخْ) أَيْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِقِلَّةِ لَبَنِهَا عَمَّا ظَنَّهُ مَعَ حِلَابِهَا حِلَابَ أَمْثَالِهَا (قَوْلُهُ أَنْ يَجِدَهَا مُصَرَّاةً) أَيْ وَهَذِهِ لَهُ رَدُّهَا مَعَ صَاعٍ (قَوْلُهُ عَنْ مُعْتَادِ مِثْلِهَا) أَيْ فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ وَقَوْله فَلَا يَرُدُّهَا إلَّا بِالشُّرُوطِ أَيْ وَإِذَا رَدَّهَا فَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ رَدَّهَا لِرَهَصٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) أَيْ عَلَى مَا اسْتَحْسَنَهُ التُّونُسِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى أَشْهَبُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَدَّ مُصَرَّاةً (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالْأَرْجَحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَقَلِّ أَيْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَكْثَرُ) أَيْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ خش فِي كَبِيرِهِ وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الْعَطَّارِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْكِيَهُ إمَّا مُسَاوِيًا لِمَا قَبْلَهُ، أَوْ يُقَدِّمَهُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِقَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَ) أَيْ الشِّرَاءُ لِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ الْمُصَرَّاةِ بِعُقُودٍ وَقَوْلُهُ تَعَدَّدَ أَيْ الصَّاعُ. . (قَوْلُهُ، وَإِنْ حُلِبَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَلَبَ الْمُصَرَّاةَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَمْرُهَا فَحَلَبَهَا ثَانِيَةً لِيَخْتَبِرَهَا فَوَجَدَ لَبَنَهَا نَاقِصًا عَنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ فَلَهُ رَدُّهَا اتِّفَاقًا فَلَوْ حَلَبَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهُوَ رِضًا بِهَا وَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذْ بِهَا يُخْتَبَرُ أَمْرُهَا كَذَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ حَلْبُهَا ثَالِثَةً وَيَرُدُّهَا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الِاخْتِبَارَ بِالْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ، أَوْ وِفَاقٌ فَذَهَبَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى إطْلَاقِهِ أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، أَوْ لَا وَذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ إلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، وَهُوَ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ اخْتِبَارٌ بِالثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ أَيْ مُتَعَلِّقَانِ بِكَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ حَلَبَهَا رَابِعَةً فَهُوَ رِضًا بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ ثَالِثٍ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا فِي طفى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَلَبَاتِ الْمَرَّاتُ لَا الْأَيَّامُ اهـ. عَدَوِيٌّ وَفِي بْن تَقْيِيدُهُ بِالْحَلَبَاتِ الْمُعْتَادَةِ كَبُكْرَةٍ وَعَشِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ)

وَلَوْ حُلِبَتْ مِرَارًا وَمَحَلُّهُمَا أَيْضًا فِي الْحَلْبِ الْحَاصِلِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ فَمَا حَصَلَ فِي زَمَنِهِ لَا يُمْنَعُ، وَلَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي (وَمُنِعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (بَيْعُ حَاكِمٍ) رَقِيقَ مَدِينٍ، أَوْ غَائِبٍ (وَوَارِثٍ) لِقَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ (رَقِيقًا فَقَطْ) رَاجِعٌ لَهُمَا إنْ (بَيَّنَ) الْوَارِثُ (أَنَّهُ إرْثٌ) ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْوَارِثُ أَنَّهُ إرْثٌ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ وَارِثٌ، ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ بِالْعَيْبِ وَيَكْتُمُهُ، أَوْ يَعْلَمُ الْمَدِينُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ، وَإِلَّا فَلَا (وَخُيِّرَ) فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ (مُشْتَرٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبِهِ (ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ حَالَ الْبَيْعِ وَتَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الْوَارِثِ ظَنٌّ أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ إرْثٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إرْثٌ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي غَيْرَ وَارِثٍ خُيِّرَ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّ بَيْعَهُمَا غَيْرُ الرَّقِيقِ مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ تَقُولُ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْحَلْبَةِ الثَّالِثَةِ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ صَرَّحْت بِذَلِكَ لَمَا تَأَتَّى قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا، أَوْ وِفَاقًا تَأْوِيلَانِ، فَالْمُرَادُ أَنَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَيْدِ السَّابِقِ، وَهُوَ حُصُولُ الِاخْتِبَارِ بِالثَّانِيَةِ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى ثَوْرًا لِلْحَرْثِ فَحَرَثَ بِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ فَرَقَدَ فَلَمْ يَرُدَّهُ، ثُمَّ حَرَثَ بِهِ ثَانِيَ يَوْمٍ فَرَقَدَ فَلَيْسَ الْحَرْثُ ثَانِيَ يَوْمٍ رِضًا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الِاخْتِبَارَ كَمَا ذَكَرَهُ الْوَانُّوغِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ أَيْ حَلْبُهَا ثَالِثًا رِضًا (قَوْلُهُ، وَلَوْ حُلِبَتْ مِرَارًا) أَيْ، وَلَوْ حَلَبَهَا أَهْلُهُ، وَهُوَ غَائِبٌ مِرَارًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) أَيْ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِهِ بَيْعُ الْحَاكِمِ وَلَا الْوَارِثِ، وَلَوْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إرْثٌ (قَوْلُهُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ) أَيْ، وَأَمَّا بَيْعُ الْوَارِثِ لِأَجْلِ الْقَسْمِ بَيْنَهُمْ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ، وَهُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي شب اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ) وَحِينَئِذٍ فَبَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ مُطْلَقًا بَيَّنَ، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ عج وَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْوَارِثِ وَالْحَاكِمِ، فَإِنْ بَيَّنَا كَانَ بَيْعُهُمَا لِلرَّقِيقِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يَتَمَاسَكَ كَمَا فِي طفى اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ بَرَاءَةٍ) أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ الْبَائِعَ وَارِثٌ سَوَاءٌ كَانَ بِإِعْلَامِ الْوَارِثِ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خُيِّرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ لَيْسَ مَقْصُودًا لِخُصُوصِهِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ وَارِثٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ) أَيْ بِشَرْطِهِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ أَيْ إنْ انْتَفَى عِلْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَيْبِ الْمُصَاحِبِ لِكِتْمَانِهِ وَانْتَفَى عِلْمُ الْمَدِينِ لَهُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ وَكَتَمَهُ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْمَدِينُ وَحْدَهُ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ كَتْمَهُ تَدْلِيسٌ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ آخَرَ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَارِثِ وَالْحَاكِمُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُهُمَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبٍ وَتَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ (قَوْلُهُ ظَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ جَهْلُهُمَا لِيَشْمَلَ مَا إذَا ظَنَّهُ غَيْرُهُمَا، أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُخْبِرُ إنْ ظَنَّ أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُهُمَا، أَوْ جَزَمَ بِأَنَّهُ غَيْرُهُمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ حِينَ الْبَيْعِ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا، أَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَا رَدَّ لَهُ. (قَوْلُهُ وَتَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ عِنْدِي عِلْمٌ أَنَّ الْبَائِعَ وَارِثٌ، أَوْ حَاكِمٌ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي مُتَعَلِّقِ الْأَحْكَامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِ الْحُكْمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ لَا وُرُودَ لِهَذَا السُّؤَالِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ لِلْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ عِنْدَ نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ شَرْطُ كَوْنِ بَيْعِهِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ ظَنَّهُ وَارِثًا فَلَا رَدَّ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ فَلَا رَدَّ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إرْثٌ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي غَيْرَ وَارِثٍ خُيِّرَ، وَإِنْ ظَنَّهُ وَارِثًا فَلَا رَدَّ مِثْلَ مَا إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرُهُمَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ فَالسَّائِلُ نَظَرَ لِرُجُوعِهِ لِلْمَنْطُوقِ وَالْمُجِيبُ نَظَرَ لِرُجُوعِهِ لِلْمَفْهُومِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ وَجَوَابِهِ كَمَا فِي بْن وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ بَنَاهُ عَلَى مَا قَالَهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ خَاصٌّ بِالْوَارِثِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ التَّبْيِينِ، وَعَلَى مَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِلْمِ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْحَاكِمِ لِيَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إلَخْ مَفْهُومُ الْقَيْدِ فِيهِمَا وَلَا وُرُودَ لِهَذَا

لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ (وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَيْضًا (تَبَرِّي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ (فِيهِ) أَيْ الرَّقِيقِ فَقَطْ (مِمَّا) أَيْ مِنْ عَيْبٍ (لَمْ يَعْلَمْ) بِهِ الْبَائِعُ (إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ) عِنْدَ بَائِعِهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ فَتَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فَلَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي إنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ، أَوْ بَاعَهُ بِفَوْرِ مِلْكِهِ لَهُ فَلَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ وَلَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّقِيقِ فَلَا تَنْفَعُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ مُطْلَقًا فَشَرْطُهَا بَاطِلٌ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. . وَلَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ بِسِلْعَتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُبَيِّنَهُ مُفَصَّلًا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا عَلِمَهُ) أَيْ عَلِمَ الْبَائِعُ حَاكِمًا، أَوْ وَارِثًا، أَوْ غَيْرَهُمَا الْعَيْبَ (بَيَّنَ) وُجُوبًا (أَنَّهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ (وَوَصَفَهُ) زِيَادَةً عَلَى الْبَيَانِ إنْ كَانَ شَأْنُهُ الْخَفَاءُ كَالْإِبَاقِ، وَالسَّرِقَةِ وَصْفًا شَافِيًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْتَفَرُ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ (أَوْ أَرَاهُ لَهُ) إنْ كَانَ ظَاهِرًا كَالْعَوَرِ وَالْكَيِّ (وَلَمْ يُجْمِلْهُ) يَعْنِي وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُجْمِلَهُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِلَمْ الَّتِي تُفِيدُ الْمُضِيَّ وَالْمُرَادُ الْحَالُ، أَوْ الِاسْتِقْبَالُ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ قَالَ وَلَا يُجْمِلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، فَإِنْ أَجْمَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَوْلِهِ: هُوَ زَانٍ سَارِقٌ، وَهُوَ سَارِقٌ فَقَطْ لَمْ يَكْفِ وَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَظَنَّ أَنَّ ذِكْرَ الثَّانِي مَعَهُ كَذِكْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَجْمَلَهُ فِي جِنْسِهِ مَعَ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ كَقَوْلِهِ: سَارِقٌ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي يَسِيرِ السَّرِقَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، أَوْ لَا يَنْفَعُهُ (وَ) مُنِعَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (زَوَالُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِشْكَالِ أَصْلًا (قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ وَتَبَرَّى غَيْرُهُمَا) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ وَحَاكِمٍ وَتَبَرَّأَ مِمَّا يَظْهَرُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ تَنْفَعُهُ تِلْكَ الْبَرَاءَةُ مِنْ رَدِّ الْمُشْتَرِي لَهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَالثَّانِي أَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ إلَخْ) حَدَّ بَعْضُهُمْ الطُّولَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ. (تَتِمَّةٌ) قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ، وَلَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِي عَبْدِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَفَهُ عَبْدًا وَتَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِهِ دَخَلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَأَمَّا رَدُّ الْقَرْضِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ الْبَرَاءَةِ فِيهِ إلَّا إذَا وَقَعَ الرَّدُّ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتُهْمَةِ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَتَقَدَّمَ مَنْعُ التَّصْدِيقِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَلَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطَانِ فَلَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَرُدُّ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ عَالِمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَجَبَ حَلِفُهُ مَا كَانَ عَالِمًا بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُبْتَاعُ عِلْمَهُ وَفِي حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ، وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا قَوْلَا ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفَخَّارِ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى الثَّانِي اهـ. بْن. (قَوْلُهُ الْعَيْبَ) أَيْ الَّذِي فِي الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ رَقِيقًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ بَيَّنَ وُجُوبًا أَنَّهُ) أَيْ الْعَيْبَ بِهِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ هَذَا الْعَبْدُ يَأْبِقُ، أَوْ يَسْرِقُ، أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ تَعْثِرُ فَلَوْ قَالَ أَبِيعُك بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ كَذَا كَالْإِبَاقِ، أَوْ السَّرِقَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ هُوَ بِهِ لَمْ يُفِدْهُ (قَوْلُهُ وَصْفًا شَافِيًا) أَيْ كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ بِأَنْ يَقُولَ: إنَّهُ يَأْبِقُ لِمَوْضِعِ كَذَا، أَوْ شَأْنُهُ سَرِقَةُ مَا قَدْرُهُ كَذَا، وَلَا يُجْمِلُ فِي الْبَيَانِ بِحَيْثُ يَقُولُ إنَّهُ يَأْبِقُ، أَوْ أَنَّهُ سَارِقٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْتَفَرُ الْإِبَاقُ لِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ، وَقَدْ يُغْتَفَرُ سَرِقَةُ شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ انْتَهَى فَالْمُرَادُ بِالْإِجْمَالِ أَنْ يَذْكُرَ أَمْرًا كُلِّيًّا يَدُلُّ عَلَى الْعَيْبِ الْجُزْئِيِّ الْقَائِمِ بِالْعَبْدِ، وَعَلَى غَيْرِهِ كَسَارِقٍ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِسَرِقَةِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ وَشَامِلٌ لِسَرِقَةِ كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ كُلِّ أُسْبُوعٍ، أَوْ كُلِّ سَنَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَائِمَ بِهِ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَرَاهُ لَهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ رَاجِعٌ لِلْعَيْبِ وَالْمَجْرُورُ لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَوْ أَرَاهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ أَرَى الْبَصَرِيَّةَ تَتَعَدَّى بِنَفْسِهَا لِمَفْعُولَيْنِ بِهَمْزَةِ النَّقْلِ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ اللَّامُ هُنَا مُقْحَمَةٌ لِلتَّقْوِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْمِلْهُ) أَيْ فِي الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا) أَيْ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِلَمْ الْمُفِيدَةِ لِلْمُضِيِّ عَلَى الْحَالِ، أَوْ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ هُنَا وَلَمْ يُجْمِلْهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ أَجْمَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا فِيهِ مُجْمَلًا وَذَكَرَهُ مَعَ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ زَانٍ فَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجْمَالَ مِنْ حَيْثُ سَارِقٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجْمَلَهُ فِي جِنْسِهِ) أَيْ، وَإِنْ أَجْمَلَ فِي بَيَانِ الْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ بِأَنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ (قَوْلُهُ مَعَ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ) أَيْ مَعَ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُ أَفْرَادِ الْجِنْسِ يَأْخُذُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَثَلًا سَرِقَةُ دِينَارٍ يَأْخُذُ مِنْ مُطْلَقِ سَرِقَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ مِنْهُ سَرِقَةُ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي يَسِيرِ السَّرِقَةِ) أَيْ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ يَسِيرِ السَّرِقَةِ دُونَ الْمُتَفَاحِشِ مِنْهَا، أَوْ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بَيَانَهُ مُجْمَلًا كَلَا بَيَانٍ، وَالْأَوَّلُ لِلْبِسَاطِيِّ وَالثَّانِي لِبَعْضِ مُعَاصِرِيهِ وَفِي بْن أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّوَادِرِ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَح وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ أَنَّ فِيهِ قَلِيلَ ذَلِكَ الْعَيْبِ، وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لِلْعُيُوبِ كُلِّهَا كَثِيرِهَا وَقَلِيلِهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ، أَوْ أَبِيعُك هَذَا الْحَيَوَانَ جُزَارَى فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الْبِسَاطِيِّ وَغَيْرُهُ، أَوْ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ فِي هَذَا وَفِي شب الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ فِي هَذَا

أَيْ الْعَيْبُ قَبْلَ الرَّدِّ سَوَاءٌ زَالَ قَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَأَنْ يَكُونَ لِلرَّقِيقِ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَيَمُوتُ فَلَا رَدَّ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مَا زَالَ (مُحْتَمَلُ الْعَوْدِ) كَبَوْلٍ بِفُرُشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ وَسَلَسِ بَوْلٍ وَسُعَالٍ مُفْرِطٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَجُنُونٍ وَبَرَصٍ وَجُذَامٍ حَيْثُ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ يُمْكِنُ عَوْدُهُ فَإِنَّ زَوَالَ مَا ذُكِرَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ، وَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ حَالَ زَوَالِهِ (وَفِي زَوَالِهِ) أَيْ الْعَيْبِ إنْ كَانَ عَيْبَ تَزْوِيجٍ (بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) الْمَدْخُولِ بِهَا، أَوْ الزَّوْجِ الَّذِي دَخَلَ إذْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي الزَّوْجِ أَيْضًا (وَطَلَاقُهَا) بَائِنًا وَمِثْلُهُ الْفَسْخُ بِغَيْرِهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ) عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (وَالْأَحْسَنُ أَوْ) يَزُولُ (بِالْمَوْتِ فَقَطْ) مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الطَّلَاقِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ قَاطِعٌ لِلْعُلْقَةِ دُونَ الطَّلَاقِ لَكِنَّ فِي مَوْتِهَا مُطْلَقًا عِلْيَةً، أَوْ وَخْشًا، وَأَمَّا فِي مَوْتِهِ فَلَا يَزُولُ عَيْبُهَا بِهِ إلَّا إذَا كَانَتْ وَخْشًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (أَوْ لَا) يَزُولُ بِمَوْتٍ وَلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَ التَّزَوُّجَ مِنْهُمَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى تَرْكِهِ غَالِبًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ (أَقْوَالٌ) مَحَلُّهَا فِي التَّزَوُّجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَى سَيِّدِهِ بِطَلَبِهِ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ يَتَسَلَّطَ عَلَى السَّيِّدِ فَعَيْبٌ مُطْلَقًا فِي مَوْتِ، أَوْ طَلَاقٍ. . [دَرْسٌ] (وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ، أَوْ سُكُوتٍ طَالَ بِلَا عُذْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ مَا عَلِمَهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ بِهِ اهـ. عَدَوِيٌّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ أَيْ الْعَيْبُ) يَعْنِي الْقَدِيمَ، وَهُوَ الْكَائِنُ حِينَ الْبَيْعِ، أَوْ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الرَّدِّ مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ) أَيْ بِأَنْ زَالَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّ زَوَالَهُ بَعْدَ الْقِيَامِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ لِلرَّقِيقِ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَيَمُوتُ) وَكَأَنْ يَكُونَ بِهِ حُمَّى، أَوْ بَيَاضٌ عَلَى سَوَادِ عَيْنِهِ فَيَزُولَانِ، أَوْ نَزَلَ مَاءٌ مِنْ عَيْنِهِ فَيَبْرَأُ (قَوْلُهُ وَفِي زَوَالِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُطْلِعْ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَمَاتَتْ، أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا، أَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ وَأَنَّهُ مَاتَ، أَوْ طَلَّقَهَا فَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ لِزَوَالِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ بِزَوَالِ الْعِصْمَةِ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ وَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ إنْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِالْمَوْتِ لَا بِالطَّلَاقِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَيْبَ التَّزْوِيجِ إنَّمَا يَزُولُ الْعِصْمَةُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلْعِلَّةِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَهُ الرَّدُّ بِزَوَالِهَا بِكُلٍّ مِنْ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ عَيْبَ التَّزْوِيجِ بَاقٍ وَلَمْ يَزُلْ بِزَوَالِ الْعِصْمَةِ لَا بِالْمَوْتِ وَلَا بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ إذْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجِ، أَوْ طَلَاقِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِ الزَّوْجِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَطَلَاقُهَا إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي طَلَاقِ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَكَذَا مَوْتُهَا، وَأَمَّا طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَذَا مَوْتُهَا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ اتِّفَاقًا؛ وَلِذَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ بَائِنًا) أَيْ لَا رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ) أَيْ تَأْوِيلَ فَضْلٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ التُّونُسِيُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ إذَا ارْتَفَعَتْ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ لَمْ يَبْقَ إلَّا اعْتِبَارُ الْوَطْءِ، وَهُوَ لَوْ وَهَبَهَا لِعَبْدِهِ فَوَطِئَهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا مِنْهُ وَأَرَادَ بَيْعَهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ ذَلِكَ قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَشْهَبَ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالثَّالِثُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، أَوْ يَزُولُ) أَيْ عَيْبُ التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ دُونَ الطَّلَاقِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَزَوَالُ الْعِصْمَةِ بِالطَّلَاقِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ زَوَالِهَا بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي مَوْتِهَا مُطْلَقًا) أَيْ لَكِنْ فِي مَوْتِ الزَّوْجَةِ يَزُولُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ مِنْ الرَّجُلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ، أَوْ مِنْ وَخْشِهِ وَفِي مَوْتِ الزَّوْجِ يَزُولُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ مِنْ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ وَخْشًا لَا إنْ كَانَتْ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ عِلْيَةً، أَوْ وَخْشًا الْأَوْلَى عُلْيَا، أَوْ وَخْشًا (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يَزُولُ) أَيْ عَيْبُ التَّزْوِيجِ بِمَوْتٍ وَلَا طَلَاقٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ الْعَيْبِ، وَلَوْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ فَعَيْبٌ مُطْلَقًا) الْأَوْلَى فَالْعَيْبُ بَاقٍ مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ فَلَهُ الرَّدُّ بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ وَالْمُرَادُ بِتَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ بِطَلَبِهِ تَشَفُّعَهُ بِجَمَاعَةٍ وَسِيَاقَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ. . (قَوْلُهُ وَمَنَعَ مِنْ الرَّدِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) هَذَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فِي بَلَدِ الْبَائِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي، فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلٍ)

(إلَّا مَا) أَيْ فِعْلًا (لَا يُنْقِصُ) الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ الرَّدُّ (كَسُكْنَى الدَّارِ) ، أَوْ الْحَانُوتِ، أَوْ إسْكَانِهِمَا لِغَيْرِهِ زَمَنَ الْخِصَامِ، وَكَذَا مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ بِخِلَافٍ كَسُكْنَى الدَّارِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ وَكَاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَالِاتِّجَارِ وَالْإِسْلَامِ لِلصَّنْعَةِ، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَدَالٌّ عَلَى الرِّضَا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا مَا لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ دُونَ زَمَنِهِ، وَهُوَ مَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَكُلُّهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكُتُبِ (وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ) بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ (فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وَرُدَّ، فَإِنْ سَكَتَ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمِ رَدَّ بِلَا يَمِينٍ وَأَكْثَرَ فَلَا رَدَّ وَلِعُذْرٍ فَالرَّدُّ مُطْلَقًا. . وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ التَّصَرُّفَ اخْتِيَارًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَخْرَجَ مِنْهُ مَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا كَمُسَافِرٍ) اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِالسَّفَرِ وَ (اُضْطُرَّ لَهَا) أَيْ لِلدَّابَّةِ لِرُكُوبٍ، أَوْ حَمْلٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا وَلَا رَدَّهَا إلَّا فِيمَا قَرُبَ وَخَفَّتْ مُؤْنَتُهُ، فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ حَبَسَهَا وَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَرَضِيتُ وَقَوْلُهُ، أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ وَإِجَارَةٍ وَإِسْلَامٍ لِلصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُنْقِصُ الْمَبِيعَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يَنْقُصُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ مَعَ أَنَّ مَا لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَيَجْعَلُ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنَّ الْفِعْلَ الَّذِي لَا يَنْقُصُ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ زَمَنَ الْخِصَامِ) أَيْ مُخَاصَمَةِ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي وَتَنَازُعِهِمَا فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا) أَيْ كَاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَالْإِجَارَةِ وَإِسْلَامِ الْعَبْدِ لِلصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ مَا لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا) أَيْ، وَهُوَ الْغَلَّةُ النَّاشِئَةُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ مَا لَمْ يَطُلْ سُكُوتُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، وَإِلَّا كَانَ اسْتِغْلَالُهُ دَالًّا عَلَى الرِّضَا، وَعَلَى هَذَا الْقِسْمِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي لِلْقَضَاءِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ، ثُمَّ يَرُدُّ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَتَبَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ بِطُرَّتِهِ تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا، وَإِنْ حَلَبَتْ ثَالِثَةً، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى اسْتَغَلَّهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَلَعَلَّ الْغَلَّةَ النَّاشِئَةَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ مِثْلُ مَا لَا يَنْقُصُ كَسُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانِهَا وَاغْتِلَالِ الْحَائِطِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ دَلَّ عَلَى الرِّضَا، وَلَوْ لَمْ يَطُلْ اهـ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَعْنِي سُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانَهَا لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) أَيْ، وَأَمَّا حُصُولُهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُطَالَعَةُ فِي الْكُتُبِ) أَيْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ سُكْنَى الدَّارِ فَيَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَسَكَتَ ثُمَّ طَلَبَ الرَّدَّ، فَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِعُذْرٍ رَدَّ مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ رَدَّ بَعْدَ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ أُجِيبَ لِذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ طَلَبَ الرَّدَّ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ أُجِيبَ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ طَلَبَ الرَّدَّ بَعْدَ أَكْثَرِ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلَا يُجَابُ، وَلَوْ مَعَ الْيَمِينِ وَحَيْثُ قِيلَ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي وَنَكَلَ فَلَا رَدَّ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الرِّضَا دَعْوَى تَحْقِيقٍ لَا إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ فِي الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ كَمَا فِي شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ يَوْمًا آخَرَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَقَوْلُهُ: إنَّ التَّصَرُّفَ أَيْ بِالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَاللُّبْسِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِسْلَامِ لِلصَّنْعَةِ وَقَوْلُهُ اخْتِيَارًا يَعْنِي عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا، وَلَوْ حَذَفَ اخْتِيَارًا كَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ، أُولَاهُمَا أَيْ أَخْرَجَ، أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ لَا كَمُسَافِرٍ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُسَافِرٍ وَأَنَّهَا مُدْخَلَةٌ لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى لَفْظِ دَابَّةٍ مَحْذُوفٍ فَيَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ، وَالتَّقْدِيرُ لَا كَدَابَّةِ مُسَافِرٍ فَالرَّقِيقُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَالدَّابَّةِ فِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلٍّ فِي السَّفَرِ لَا يُعَدُّ رِضًا بِخِلَافِ الْحَضَرِ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهُمَا فِيهِ يُعَدُّ رِضًا سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا لُبْسُ الثَّوْبِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا اتِّفَاقًا كَانَ فِي الْحَضَرِ، أَوْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ) أَيْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الرُّكُوبُ مَانِعًا لَهُ مِنْ الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا رَدُّهَا) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهَا

وَلَا مَفْهُومَ لَاضْطُرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ السَّفَرُ مَظِنَّةُ الِاضْطِرَارِ. وَثَانِيَتَهُمَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) (تَعَذَّرَ قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ) إمَّا لِعُسْرِ قَوْدِهَا وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ فَرَكِبَهَا لِغَيْرِ الرَّدِّ بَلْ لِمَحَلِّهِ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إلَى رَبِّهَا أَمَّا رُكُوبُهَا لِلرَّدِّ، وَلَوْ اخْتِيَارًا فَلَا يَمْنَعُ رَدًّا (فَإِنْ) (غَابَ بَائِعِهِ) أَيْ بَائِعُ الْمُطَّلِعِ عَلَى الْعَيْبِ (أَشْهَدَ) عَدْلَيْنِ بِعَدَمِ الرِّضَا، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ الْحَاضِرِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ، أَوْ عَدَمِ عِلْمِ مَحَلِّهِ (أَعْلَمَ الْقَاضِي) بِعَجْزِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ أَشْهَدَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا غَيْرُ شَرْطٍ فِي الرَّدِّ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ فَلَهُ انْتِظَارُهُ عِنْدَ بُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَيَرْجِعُ بِأَرْشِهِ إنْ هَلَكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ وَلَا أَعْلَمَ الْحَاكِمَ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِثِقَلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقُضَاةِ (فَتَلَوَّمَ) الْقَاضِي أَيْ تَرَبَّصَ يَسِيرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لَاضْطُرَّ) أَيْ؛ لِأَنَّ رُكُوبَ الْمُسَافِرِ لَهَا اخْتِيَارًا كَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ رَدُّهَا وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَمُقَابِلُهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ، وَهُوَ مُسَافِرٌ لَا يَرْكَبُهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا اُضْطُرَّ لِذَلِكَ فَلْيُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَيَرْكَبُهَا، أَوْ يَحْمِلُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا فِيهِ، فَإِنْ رَكِبَهَا مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ عُدَّ رِضًا مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالِاضْطِرَارِ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ شَدِيدَةً أَمْ لَا وَهَذَا الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ اُنْظُرْ بْن. . (قَوْلُهُ وَثَانِيَتَهُمَا) أَيْ وَأَخْرَجَ ثَانِيَتَهُمَا بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فِي بَلَدِ الْبَائِعِ، ثُمَّ إنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الدَّابَّةِ، ثُمَّ إنَّهُ رَكِبَهَا فِي حَالَ ذَهَابِهِ لِمَوْضِعِهِ لِيُرْسِلَهَا لِرَبِّهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ رِضًا بِهَا حَيْثُ كَانَ يَتَعَذَّرُ قَوْدُهَا لِكَوْنِهَا لَا تَسِيرُ غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ ذَا هَيْئَةٍ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَسُوقَهَا وَيَمْشِيَ خَلْفَهَا (قَوْلُهُ لِحَاضِرِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ، أَوْ حَاضِرٌ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ اخْتِيَارًا) أَيْ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ لِلرُّكُوبِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ) أَيْ سَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، أَوْ بَعُدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ أَشْهَدَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ وَاجِبٌ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَقَوْلُهُ بِعَدَمِ الرِّضَا أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ إشْهَادُهُمَا بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، وَإِلَّا رَدَّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ مِنْ غَيْبَتِهِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ يُرْسِلُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ، وَإِلَّا رَدَدْنَاهَا عَلَيْك فَقَدْ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ فِي الْعِبَارَةِ هُنَا فَقَرِيبُ الْغَيْبَةِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ مِنْ أَوَّل الْأَمْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ أَيْ إنْ انْتَظَرَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْقَاضِي، أَوْ بَعْدَ حُضُورِهِ بَعْدَ إرْسَالِ الْقَاضِي لَهُ وَإِذَا حَضَرَ وَادَّعَى رِضَا الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَا يَكُونُ الْإِشْهَادُ مَانِعًا مِنْ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ رَدِّ الْمُقَدَّرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا غَيْرُ شَرْطٍ إلَخْ) فِي بْن أَنَّ أَصْلَ هَذَا الِاعْتِرَاضِ لِابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْإِشْهَادِ، وَأَمَّا إعْلَامُ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْهُ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي الْقِيَامَ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ، وَالرَّدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حُكْمٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ انْتِظَارَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الْقَاضِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِي أَيْ إذَا أَرَادَ الْقِيَامَ عَلَى الْبَائِعِ فِي غَيْبَتِهِ وَالرَّدَّ عَلَيْهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا انْتَظَرَهُ حَتَّى يَحْضُرَ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ إنَّهُمَا) أَيْ الْإِشْهَادَ وَإِعْلَامَ الْقَاضِي بِعَجْزِهِ عَنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ وَوَجَدَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ، أَوْ بَعِيدَهَا وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ يُفَصِّلُ، فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ رَدَّ عَلَى وَكِيلِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ حُضُورَهُ فَإِذَا حَضَرَ رَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ رَفَعَ لِلْقَاضِي فَيُرْسِلُ لَهُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ، وَإِلَّا رَدَدْنَاهَا عَلَيْك، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِعَدَمِ الرِّضَا وَرَدَّ عَلَى وَكِيلِهِ وَانْتَظَرَ حُضُورَهُ حَتَّى حَضَرَ وَرَدَّ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ غَايَتُهُ أَنَّهُ فَاتَهُ الْمُسْتَحَبُّ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ لِبُعْدِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ، أَوْ عَدَمِ عِلْمِ مَحَلِّهِ فَإِمَّا أَنْ يَنْتَظِرَ قُدُومَهُ فَإِذَا قَدِمَ رَدَّ عَلَيْهِ وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ فَيُعْلِمَ الْقَاضِيَ بِعَجْزِهِ فَيَتَلَوَّمَ لَهُ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ حُكِمَ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ حُكِمَ بِرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ انْتِظَارُهُ عِنْدَ بُعْدِ غَيْبَتِهِ) أَيْ، وَكَذَا عِنْدَ قُرْبِهَا لَهُ انْتِظَارُهُ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَعَدَمُ وَكِيلٍ) أَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ وَكِيلٍ (قَوْلُهُ وَلَا أَعْلَمَ الْحَاكِمَ) أَيْ بِعَجْزِهِ عَنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ)

(فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) كَعَشَرَةٍ فِي الْأَمْنِ وَيَوْمَيْنِ فِي الْخَوْفِ (إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ فَلَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَأَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ لِيَحْضُرَ، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ (كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ) فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّلَوُّمِ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ (وَفِيهَا) فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (أَيْضًا نَفْيٌ) أَيْ انْتِفَاءُ أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ (التَّلَوُّمِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْضِعَ الْآخَرَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ التَّلَوُّمِ لَا أَنَّ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ حِينَئِذٍ الْوِفَاقُ الْآتِي (وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ التَّلَوُّمُ (عَلَى الْخِلَافِ) لِلْمَحَلِّ الَّذِي ذَكَرَهُ، أَوْ الْوِفَاقُ بِحَمْلِ الْمَسْكُوتِ فِيهِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِيهِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْجُ قُدُومَهُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ لَوْ تَلَوَّمَ وَيُحْمَلُ الْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا رُجِيَ قُدُومُهُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ (تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الْوِفَاقُ (ثُمَّ) بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّلَوُّمِ (قَضَى) الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ (إنْ أَثْبَتَ) الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي (عُهْدَةً) أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْقِيَامُ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الرَّقِيقِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ إلَّا فِيهِ بِالشَّرْطَيْنِ (مُؤَرَّخَةً) فِي إسْنَادِ التَّارِيخِ لِلْعُهْدَةِ تَجَوُّزٌ وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً زَمَنُ الْبَيْعِ لِعِلْمِ هَلْ الْعَيْبُ قَدِيمٌ، أَوْ حَادِثٌ (وَ) أَثْبَتَ (صِحَّةَ الشِّرَاءِ) خَوْفَ دَعْوَى الْبَائِعِ عَلَيْهِ فَسَادَهُ إذَا حَضَرَ فَيُكَلِّفُهُ الْيَمِينَ بِالصِّحَّةِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ عَلَّلَ عَدَمَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمَ وُجُوبِ الْإِعْلَامِ بِالْعَجْزِ (قَوْلُهُ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) أَيْ الْمَعْلُومِ الْمَوْضِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ (قَوْلُهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) أَيْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُدُومَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ الْقَائِلِ إنَّهُ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا إلَخْ) أَيْ إنَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا لَمْ تَذْكُرْ التَّلَوُّمَ بَلْ قَالَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ انْتِفَاءً) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ، وَهُوَ النَّفْيُ وَأَرَادَ الْحَاصِلَ بِهِ، وَهُوَ الِانْتِفَاءُ وَقَوْلُهُ أَيْ عَدَمُ ذِكْرِهِ بَيَانٌ لِانْتِفَاءِ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ أَنَّ فِيهَا) أَيْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ، وَفِيهَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ إبْقَاءً لِلْمَصْدَرِ عَلَى حَالِهِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ حِينَئِذٍ الْوِفَاقُ الْآتِي) أَيْ بِجَمِيعِ، أَوْجُهِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَوْضِعِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَرْجُوًّا قُدُومُهُ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي نُفِيَ فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَنْ كَانَ غَيْرَ مَرْجُوٍّ قُدُومُهُ عَلَى أَنَّ بْن نَقَلَ أَنَّ فِيهَا التَّصْرِيحَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا دَاعِي لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْمَحَلُّ لِلْأَوَّلِ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، وَمَنْ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ لَا يَرُدُّ الْحَاكِمُ عَلَيْهِمَا إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ، وَالْمَحَلُّ الثَّانِي ذُكِرَ فِيهِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا بِدُونِ تَلَوُّمٍ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ الْمَسْكُوتِ فِيهِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَسْكُوتِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ أَيْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ أَخْذًا مِنْ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَا إذَا خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ) أَيْ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ قَضَى، وَفِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إثْبَاتِ تِلْكَ الْمُوجِبَاتِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ إثْبَاتَ الْعُهْدَةِ الْمُؤَرَّخَةِ وَمَا بَعْدَهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّ إنْ الشَّرْطِيَّةَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مَاضٍ قَلَبَتْهُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ أَثْبَتَ عُهْدَةً وَالْمَعْنَى يُرْشِدُ لِذَلِكَ وَكَانَ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْمُضِيِّ لَا تَقْلِبُهَا إنْ لِلِاسْتِقْبَالِ، ثُمَّ إنَّ ثُبُوتَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْأَمْوَالِ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ) الْأَوْلَى أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ أَيْ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ هُنَا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ، أَوْ السَّنَةِ، أَوْ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ ضَمَانُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، أَوْ السَّنَةِ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ تَبَرَّأَ مِنْهُ بَرَاءَةً تَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِهِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ لَا تَنْفَعُ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ رَدٌّ وَلَا يُعْمَلُ بِتَبَرِّيهِ مِنْهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِهَا فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ هُنَا مَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إنَّمَا إلَخْ) أَيْ إثْبَاتُ اشْتِرَائِهِ عَلَى الْعُهْدَةِ (قَوْلُهُ فِي الرَّقِيقِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ الَّذِي اطَّلَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ رَقِيقًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعَيْبِ لَا تَنْفَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ بِالشَّرْطَيْنِ) هُمَا طُولُ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً إلَخْ) أَيْ فَالْأَصْلُ الْحَقِيقِيُّ مُؤَرَّخٌ زَمَنُهَا الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْبَيْعِ وَإِثْبَاتُ تَارِيخِ زَمَنِهَا بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي: تَشْهَدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا عَلَى الْعُهْدَةِ أَيْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ إلَخْ) عِلَّةً لِإِثْبَاتِ التَّارِيخِ (قَوْلُهُ هَلْ الْعَيْبُ) أَيْ الَّذِي يَدَّعِي الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ قَدِيمٌ فِي الْوَاقِعِ كَمَا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي، أَوْ لَيْسَ قَدِيمًا بَلْ حَادِثٌ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ خَوْفُ دَعْوَى الْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ فَفَائِدَةُ إثْبَاتِ صِحَّةِ الشِّرَاءِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ كَانَ

إثْبَاتُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا التَّارِيخُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَمِلْكِ الْبَائِعِ لَهُ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى هَذَيْنِ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَعَدَمِ الرِّضَا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا تَكْفِي الْبَيِّنَةُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَلِفَ مُقَدَّمٌ عَلَى الثُّبُوتِ فِيهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ إثْبَاتُ الْعُهْدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَلِفِ وَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَيُّهُمَا طَاعَ بِهِ كَفَى. . (وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (فَوْتُهُ) قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ (حِسًّا) كَتَلَفِهِ، أَوْ ضَيَاعِهِ، أَوْ حُكْمًا (كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ) وَحَبْسٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ فِي الْجَمِيعِ فَقَوْلُهُ حِسًّا تُرِكَ مِثَالُهُ وَقَوْلُهُ كَكِتَابَةِ مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ وَإِذَا وَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ (فَيَقُومُ) الْمَبِيعُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا (سَالِمًا) بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَمَعِيبًا) بِثَمَانِينَ مَثَلًا (وَيُؤْخَذُ) لِلْمُشْتَرِي (مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ) أَيْ نِسْبَةُ نَقْصِ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا أَيْ نِسْبَةُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ الْخُمُسُ فِي الْمِثَالِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ كَيْفَ كَانَ. . (وَ) لَوْ تَعَلَّقَ بِالْمَبِيعِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْ رَهْنٍ، أَوْ إجَارَةٍ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ (وُقِفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ) وَنَحْوِهِمَا كَإِخْدَامِهِ وَإِعَارَتِهِ (لِخَلَاصِهِ) مِمَّا ذُكِرَ (وَرُدَّ) عَلَى بَائِعِهِ بَعْدَ الْخَلَاصِ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) ، فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَقْسَامِ التَّغَيُّرِ الْحَادِثِ الْقَلِيلِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالْمُخْرِجِ عَنْ الْمَقْصُودِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ قَوْلُهُ (كَعَوْدِهِ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ (بِعَيْبٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعُ مَحْمُولًا عَلَى سَلَامَةِ الْعَقْدِ مِنْ الْفَسَادِ السَّلَامَةُ مِنْ الْيَمِين إذَا حَضَرَ الَّتِي كَانَ يَسْتَظْهِرُ بِهَا عَلَيْهِ وَاَلَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ لِإِثْبَاتِ صِحَّةِ الشِّرَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَحَصَلَ مُفَوِّتٌ فَيَمْضِي بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَلَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْعَيْبِ، وَهُنَا لَمْ يَعْتَقِدْ سَلَامَتَهُ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْبَيْعَ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ سَالِمًا، وَإِلَّا مَضَى بِالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ إثْبَاتُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى قَبْلَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الرِّضَا) أَيْ بِالْمَبِيعِ حِينَ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مَا لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ التَّارِيخُ وَمِلْكُ الْبَائِعِ لَهُ لِوَقْتِ الْبَيْعِ وَمِنْهَا مَا لَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ فِيهِ، وَهُوَ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَعَدَمُ الرِّضَا بِالْمَبِيعِ حِينَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَمِنْهَا مَا يَكْفِي فِيهِ الْيَمِينُ، أَوْ الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ الْعُهْدَةُ وَصِحَّةُ الشِّرَاءِ. . (قَوْلُهُ فَوَّتَهُ) أَيْ فَوَّتَ الْمَبِيعَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (قَوْلُهُ كَتَلَفِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَقَتْلِهِ لِلْعَبْدِ الْمَبِيعِ عَمْدًا، أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَقَتْلِهِ لَهُ خَطَأً، أَوْ قَتْلِ غَيْرِهِ لَهُ، أَوْ مَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ (قَوْلُهُ كَكِتَابَةٍ) أَيْ فَلَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهُ أَرْشًا، ثُمَّ عَجَزَ كَانَ لَهُ رَدُّهُ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ فِي الْجَمِيعِ) حَتَّى فِي صُورَةِ مَا إذَا وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَيَكُونُ الْأَرْشُ لِلْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ لَا الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُعْطِي إلَّا الْمَعِيبَ وَالْأَرْشُ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ عَقْدُ الْعَطِيَّةِ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ بِذَهَابِ عَيْنِهِ، أَوْ بِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ خُرُوجُهُ بِلَا عِوَضٍ كَمَا مَثَّلَ، وَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنْ يَدِهِ بِعِوَضٍ فَلَا أَرْشَ فِيهِ وَسَيَقُولُ وَإِنْ بَاعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِذَا وَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ) أَيْ كَمَا لَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الِاطِّلَاعِ حِسًّا، أَوْ حُكْمًا فَيَقُومُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ فَيَقُومُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَقَوْلُهُ فَيَقُومُ أَيْ، وَلَوْ كَانَ مَحْبُوسًا عِنْدَ الْبَائِعِ لِلثَّمَنِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَتَانِ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا بَلْ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَمَّا كَانَ لِمَعْرِفَةِ النَّقْصِ كَانَ الْمِثْلِيَّاتُ أَيْضًا. . (قَوْلُهُ، أَوْ إجَارَةٍ) أَيْ، أَوْ إعَارَةٍ، أَوْ إخْدَامٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَيْ وَحَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَقَفَ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ رِضًا (قَوْلُهُ وَوُقِفَ) أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ بَقِيَ فِي رَهْنِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَرَدَّ عَلَى بَائِعِهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ حِينَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ جَرَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ إمَّا قَلِيلٌ، أَوْ مُتَوَسِّطٌ، أَوْ كَثِيرٌ فَيَجْرِي عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ آخَرَ، ثُمَّ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَقَطْ، أَوْ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ حَيْثُ اشْتَرَى بِهِمَا فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ

كَانَ هُوَ الْقَدِيمُ فَقَطْ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي زَمَنَ الْعُهْدَةِ حَيْثُ اشْتَرَى بِهَا فَيَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى عَلَى الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ (أَوْ) عَوْدِهِ لَهُ (بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ كَبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ إرْثٍ) . . وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ الْفَوَاتِ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابَةٍ إلَخْ، وَكَانَ فِي حُكْمِهِ بِعِوَضٍ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ) (بَاعَهُ) الْمُشْتَرِي (لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ (مُطْلَقًا) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ قَبْلَهُ مَا دَامَ لَمْ يُعِدْ إلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءِ عَلَى بَائِعِهِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ رَدَّهُ فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ، وَهُوَ مَا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (أَوْ) بَاعَهُ الْمُشْتَرِي (لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ (بِمِثْلِ ثَمَنِهِ) دَلَّسَ بَائِعُهُ الْأَوَّلُ أَمْ لَا (أَوْ بِأَكْثَرَ) مِنْ ثَمَنِهِ (إنْ دَلَّسَ) بِأَنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ حِينَ الْبَيْعِ وَكَتَمَهُ كَأَنْ بَاعَهُ مُدَلَّسًا بِثَمَانِيَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ (فَلَا رُجُوعَ) لِلْمُشْتَرِي فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَا لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ عَلَى بَائِعِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ لِظُلْمِهِ بِتَدْلِيسِهِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ وَلَقَدْ أَحْسَنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَذْفِ صِلَةِ فَلَا رُجُوعَ لِاخْتِلَافِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مُدَلِّسًا (رَدَّ) الْمَبِيعَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَانَ هُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَيْبُ الَّذِي رَدَّ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ زَمَنَ الْعُهْدَةِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ عَوْدُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ، ثُمَّ بَاعَهَا لِآخَرَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ الَّذِي فِيهَا، ثُمَّ إنَّهَا عَادَتْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ فَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْهُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْتُهُ لِأَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ، ثُمَّ بَاعَهُ عَمْرٌو لِخَالِدٍ ثُمَّ بَاعَهُ خَالِدٌ لِبَكْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ عَمْرٌو مِنْ بَكْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ رَدَّ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَيُخَيَّرُ ذَلِكَ الْبَائِعُ الْأَخِيرُ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ، أَوْ يَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ وَهَكَذَا بَائِعُهُ إلَى أَنْ يَحْصُلَ تَمَاسُكٌ، أَوْ يَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ إرْثٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ لَهُ بِمُعَاوَضَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ مَا عَادَ لَهُ اخْتِيَارًا، أَوْ جَبْرًا. . (قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ إلَخْ) أَيْ وَلَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْفَوَاتِ الْحُكْمِيِّ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابَةٍ وَكَانَ فِيهِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ ابْنًا لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَبًا لَهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ إلَيْهِ أَوْ لَا فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ) أَيْ مِنْ الْأَرْشِ فَهَذِهِ سِتٌّ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَعِيبٌ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَلَمْ يَعُدْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ بِأَكْثَرَ وَسَوَاءٌ بَاعَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ قَبْلَهُ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ فِي الثَّمَنِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى بِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِلَّةُ لِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْقِلَّةَ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ كَأَنْ يَبِيعَهُ، أَوْ وَكِيلُهُ ظَانًّا أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ قِيمَتِهِ وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ رَدَّهُ فِي الْأَخِيرِ) أَيْ فِي أَحْوَالِ الثَّمَنِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلَا رَدَّ لَهُ فِي أَحْوَالِ الثَّمَنِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ يُعَدُّ رِضًا بِالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ وَقَوْلُهُ، أَوْ بِأَكْثَرَ أَيْ، أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ إنْ دَلَّسَ أَيْ إنْ عَلِمَ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ وَكَتَمَهُ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَرْشِ وَقَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي مَا إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَكَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَمَا قَبْلَهَا مَا إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ بَاعَ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ) أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَانِيًا رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي بَاعَهُ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ فِي حَذْفِ صِلَةِ، فَلَا رُجُوعَ، لِاخْتِلَافِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى وَالثَّانِيَة أَعْنِي مَا إذَا بَاعَ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ لَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا عَلَى بَائِعِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلُ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ هُنَا رُجُوعٌ بِأَرْشٍ لِكَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّ الْمَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مُدَلِّسًا) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ

(ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إنْ شَاءَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ مِنْهُ، وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ فِي الثَّمَانِيَةِ وَيَفْضُلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ دِرْهَمَانِ (وَ) إنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ (بِأَقَلَّ) مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ (كَمَّلَ) الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ فَيَدْفَعُ لَهُ دِرْهَمَيْنِ دَلَّسَ أَمْ لَا وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا رَجَعَ لِيَدِ مُشْتَرِيهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا يُرَدُّ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ ذَكَرَ أَقْسَامَ التَّغَيُّرِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَكِنْ لَا بِقَيْدِ حُدُوثِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ وَعَوْدِهِ لَهَا، وَأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُتَوَسِّطٌ وَيَسِيرٌ وَكَثِيرٌ وَاسْتَوْفَاهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ) الْمَعِيبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ آخَرَ حَدَثَ عِنْدَهُ (إنْ تَوَسَّطَ) هَذَا الْحَادِثُ بَيْنَ الْمُخْرِجِ عَنْ الْمَقْصُودِ وَالْقَلِيلِ (فَلَهُ) التَّمَسُّكُ بِهِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الْقَدِيمِ وَ) لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (وَدَفْعُ) أَرْشِ (الْحَادِثِ) عِنْدَهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ كَمَا يَأْتِي. . وَلَمَّا كَانَ الْعَيْبُ عَرَضًا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى طَرِيقِ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَقُوِّمَا) أَيْ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (بِتَقْوِيمٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَقْوِيمِ (الْمَبِيعِ) صَحِيحًا وَمَعِيبًا فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ أَيْ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ فَيُقَوَّمُ صَحِيحًا بِعَشْرَةٍ مَثَلًا وَبِالْقَدِيمِ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْحَادِثِ مَعَهُ بِسِتَّةٍ، فَإِنْ رَدَّ دَفَعَ خُمُسَ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ خُمُسَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَّا لِتَقْوِيمَتَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ، ثُمَّ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَفْضُلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ دِرْهَمَانِ) يَدْفَعُهُمَا لَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَفِي بْن أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ رُجُوعِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِزَائِدِ الثَّمَنِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَإِذَا رَدَّ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ اهـ، وَقَدْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ الثَّانِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَيْبِ وَإِنَّمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَهُ بِأَقَلَّ كَمَّلَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لَهُ بِأَقَلَّ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَمْ يُكَمِّلْ سَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ شِرَائِهِ بِثَمَانِيَةٍ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ كَمَّلَ لَهُ) إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَمْ يُعِدْ الْمَبِيعَ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ لِلْأَجْنَبِيِّ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى، وَهُنَا قَدْ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ وَمِنْهُ وَلَمْ تَعُدْ السِّلْعَةُ لَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِكَمَالِ الثَّمَنِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالْبَائِعِ قُلْت قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ لِرُجُوعِ سِلْعَتِهِ إلَيْهِ فَلْيُرْجِعْ لِذَلِكَ ثَمَنَهُ كُلَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِكَمَالِ الثَّمَنِ لَتَضَرَّرَ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ النَّقْصُ إنَّمَا هُوَ لِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ لَا لِلْعَيْبِ فَلِذَا لَمْ يَكْمُلْ لَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا) أَيْ وَذَكَرَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ إلَخْ) إنَّمَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُشْتَرِي إذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ وَفِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ يُخَيَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، فَإِنْ قَبِلَهُ بِالْحَادِثِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ صَارَ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَالْعَدَمِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. . (قَوْلُهُ وَمَعِيبًا) أَيْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يُقَوَّمُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ هُوَ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ إنَّمَا يُقَوَّمُ تَقْوِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَقْوِيمُهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْأُخْرَى بِالْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّخْيِيرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي عبق وَفِي الْمُتَيْطِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْحَادِثُ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَدْخُلُ فِي أَمْرٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ اهـ. وَلَعَلَّ ثَمَرَةَ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ شَيْئًا قَبْلَ التَّقْوِيمِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَبِالتَّقْدِيمِ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْحَادِثِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَدِيمِ بِسِتَّةٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ قَدْ نَقَصَهُ خُمُسَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ دَفَعَ الثَّمَنَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ وَأَرَادَ الرَّدَّ دَفَعَ أَرْبَعَةً أَرْشَ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ قَدْ نَقَصَ خُمُسَ الْقِيمَةِ فَيَرُدُّ أَرْبَعَةً خُمُسَ الثَّمَنِ فَالْقِيمَةُ مِيزَانٌ لِلرُّجُوعِ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ خُمُسَهُ) أَيْ

صَحِيحًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ فَقَطْ لِيَعْلَمَ النَّقْصَ لِيَرْجِعَ بِأَرْشِهِ فَتَأَمَّلْ. وَتُعْتَبَرُ التَّقْوِيمَاتُ (يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي) لَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا الْقَدِيمُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثُ يَوْمَ الْحُكْمِ خِلَافًا لِزَاعِمِيهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (إنْ زَادَ) الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ وَلَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ (بِكَصِبْغٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَغُ بِهِ وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ، وَلَوْ بِإِلْقَاءِ رِيحٍ فِي الصِّبْغِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخِيَاطَةَ وَالْكَمَدَ، وَكُلُّ مَا لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ، أَوْ يَنْفَصِلُ بِفَسَادٍ (أَنْ) يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، أَوْ (يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ) فِي الثَّوْبِ (بِمَا زَادَ) بِصَبْغِهِ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ مَعِيبًا فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ مَعِيبًا بِلَا صِبْغٍ عِشْرُونَ وَبِالصِّبْغِ خَمْسَةً وَعِشْرُونَ فَقَدْ زَادَهُ الصِّبْغُ الْخُمُسَ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِهِ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ أَمْ لَا وَالتَّقْوِيمُ (يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ) صَوَابُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (وَ) إنْ حَدَثَ عِنْدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ عَيْبٌ (جُبِرَ بِهِ) أَيْ بِالزَّائِدِ الْعَيْبُ (الْحَادِثُ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَقْطِيعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ سَاوَاهُ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إنْ تَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ، وَإِنْ نَقَصَ غَرِمَ تَمَامَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إنْ رَدَّهُ، فَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا مِائَةً وَبِالْقَدِيمِ تِسْعِينَ وَبِالْحَادِثِ ثَمَانِينَ وَبِالزِّيَادَةِ تِسْعِينَ لَسَاوَى الزَّائِدُ النَّقْصَ، فَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ غَرِمَ إنْ رَدَّ نِصْفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQخُمُسَ الثَّمَنِ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ. (قَوْلُهُ صَحِيحًا) أَيْ بِعَشْرَةٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ أَيْ بِثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ نَقَصَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا الْخُمُسَ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لِيَرْجِعَ بِأَرْشِهِ أَيْ إنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ أَيْ، أَوْ يَسْقُطَ عَنْهُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ وَحَاصِلُهُ مَا الْمُوجِبُ لِتَقْوِيمِهِ صَحِيحًا وَهَلَّا اكْتَفَى بِتَقْوِيمِهِ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَقَطْ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا قُوِّمَ صَحِيحًا لِأَجْلِ الرِّفْقِ بِالْمُشْتَرِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةٌ وَبِالْقَدِيمِ ثَمَانِيَةٌ وَبِالْحَادِثِ سِتَّةٌ فَالْحَادِثُ نَقَصَهُ اثْنَيْنِ فَلَوْ نُسِبَتْ لِلثَّمَانِيَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَدْفَعَ رُبُعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَسَبْنَاهُمَا لِلْعَشَرَةِ كَانَا خُمُسًا فَلَزِمَهُ خُمُسُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي) وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْبَيْعِ وَالْمَبِيعِ فَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا كَانَ ضَمَانُهُ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَبِالْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، أَوْ غَائِبًا فَبِالْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُوَاضَعَةٌ فَبِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَإِنْ كَانَ ثِمَارًا فَبِالْأَمْنِ مِنْ الْجَائِحَةِ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ فَبِدَفْعِهِ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا لِلْإِشْهَادِ فَبِالْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ إنْ زَادَ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ) أَيْ عِنْدَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَحْدُثْ إلَخْ أَيْ، وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَغُ بِهِ) أَيْ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ إلْقَاءَ الرِّيحِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَاشِرٍ ضَبْطَهُ بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ، وَإِنْ زَادَ بِسَبَبٍ كَصَبْغٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُوَافِقًا لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَشْمَلُ إلْقَاءَ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمَصْدَرِ الْفِعْلُ الِاخْتِيَارِيُّ لَكِنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَنْفَصِلُ بِفَسَادٍ) أَيْ، وَأَمَّا مَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ بِغَيْرِ فَسَادٍ فَكَالْعَدِمِ فَيَكُونُ بِمَثَابَةِ مَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ، أَوْ يَرُدُّ) أَيْ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَقَوْلُهُ يَشْتَرِكُ بِمَا زَادَ أَيْ بِقَدْرِ مَا زَادَ أَيْ إنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ دَفْعِ مَا زَادَهُ الصَّبْغُ (قَوْلُهُ مَعِيبًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ قِيمَتِهِ وَإِنَّمَا نَظَرَ لِقِيمَتِهِ مَعِيبًا وَلِقِيمَتِهِ بِالزِّيَادَةِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ عَنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِ بَائِعِهِ، وَهُوَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِ بَائِعِهِ إلَّا مَعِيبًا. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ) أَيْ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ وَاعْتِبَارُ قِيمَتِهِ مَعِيبًا، وَزِيَادَةِ الصَّبْغِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ التَّقْوِيمِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ لَا مُتَعَلِّقٍ بِزَادَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ تَكُونَ يَوْمَ الْبَيْعِ نَعَمْ اعْتِبَارُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) أَيْ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْخَاصَّ وَأَرَادَ الْعَامَّ (قَوْلُهُ، وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَعَ الزِّيَادَةِ أَيْ بِكَصَبْغٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَاوَاهُ) أَيْ، فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَةُ الزَّائِدِ أَرْشَ الْحَادِثِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إلَخْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمَنْصُوصُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ إنْ تَمَاسَكَ فَلَهُ أَخْذُ أَرْشِ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ هُنَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ إذَا سَاوَتْ قِيمَةُ الزَّائِدِ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَتَمَاسَكَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشٍ قَدِيمٍ لِتَجْرِي حَالَةُ الْمُسَاوَاةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ رُبَّمَا كَانَتْ حَالَةُ الْمُسَاوَاةِ، أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ حَالَةِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدُ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى الْجَبْرِ الْمُحَاسَبَةُ بِمَا زَادَ مِنْ أَرْشِ الْحَادِثِ لَا تَنْزِيلَهُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَ) أَيْ قِيمَةُ الزَّائِدِ عَنْ أَرْشِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ أَيْ، وَأَمَّا إنْ زَادَتْ قِيمَةُ مَا زَادَهُ عَلَى أَرْشِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لَسَاوَى الزَّائِدُ النَّقْصَ) أَيْ لَسَاوَى قِيمَةَ الزَّائِدِ أَرْشَ النَّقْصِ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَفِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ عج وبن (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ (قَوْلُهُ غَرِمَ إنْ رَدَّ نِصْفَ

عُشْرَ الثَّمَنِ وَخَمْسَةً وَتِسْعِينَ شَارَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ (وَفُرِقَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مُخَفَّفًا (بَيْنَ) بَائِعٍ (مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ) الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ مَا فَعَلَهُ فِيهِ كَصِبْغِهِ صِبْغًا لَا يُصْبَغُ بِهِ مِثْلُهُ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِلنَّقْصِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، فَإِنْ رَدَّ أُعْطِيَ أَرْشَ الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ (كَهَلَاكِهِ) ، أَوْ قَطْعِ يَدِهِ مَثَلًا (مِنْ) عَيْبِ (التَّدْلِيسِ) وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَبَقَ، أَوْ سَرَقَ فَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ، فَإِنْ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَمِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ بَدَلٌ مِنْ التَّدْلِيسِ مِنْ الْعَيْبِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ وَلَمْ يُحْوِجْ إلَى تَقْدِيرِ عَطْفٍ وَمَعْطُوفٍ (وَأَخَذَهُ) أَيْ أَخَذَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (بِأَكْثَرَ) مِنْ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ كَأَنْ يَبِيعَهُ لَهُ بِعَشْرَةٍ وَيَأْخُذَ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ رَدَّهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ إلَخْ (وَتَبَرَّى مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ) فِي زَعْمِهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ بِهِ عَيْبًا، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَمُدَلِّسٌ، وَإِلَّا فَلَا وَيُعْلَمُ كَذِبُهُ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَالْمُدَلِّسُ لَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ وَغَيْرُهُ تَنْفَعُهُ أَيْ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، وَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ لَكَانَ أَحْسَنَ، أَوْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ أَيْ وَمِمَّا عُلِمَ، وَإِلَّا فَالتَّبَرِّي مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَدْلِيسٌ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْفَرْقِ. . (وَرَدَّ سِمْسَارٌ جُعْلًا) أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَرُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ يَفُوزُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ رَدَّهُ وَهَذَا إنْ كَانَ رَدُّ السِّلْعَةِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَأَمَّا إنْ قَبِلَهَا الْبَائِعُ بِلَا تَحَكُّمٍ فَلَا يُرَدُّ الْجُعْلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعُشْرِ الثَّمَنِ) أَيْ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَخَمْسَةً وَتِسْعِينَ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ بِمِثْلِ نِصْفِ عُشْرِ الثَّمَنِ إنْ رَدَّ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ مُخَفَّفًا) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا فِي الْمَعَانِي، وَأَمَّا فِي الْأَجْسَامِ فَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ وَهَذَا فِي الْغَالِبِ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ بِعَكْسِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ، أَوْ زَادَ بِكَصَبْغٍ أَيْ، وَإِنْ نَقَصَ بِكَصَبْغٍ فَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ التَّوْضِيحِ وَبِهِ قَرَّرَ عبق، أَوَّلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَصِحُّ تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ نَقْصٍ حَصَلَ بِسَبَبِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي مَعْرِضِ الْكَلَامِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَتَفْصِيلِهَا وَسَيَأْتِي يَتَكَلَّمُ عَلَى التَّغَيُّرِ الْحَادِثِ بِسَبَبٍ فَعَلَهُ اُنْظُرْ طفى وَح اهـ. بْن. (قَوْلُهُ بَيْنَ بَائِعٍ مُدَلِّسٍ) أَيْ، وَهُوَ الْعَالِمُ بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ حِينَ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ هُوَ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ أَصْلًا، أَوْ عَلِمَ بِهِ وَنَسِيَهُ حِينَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ لَا يُصْبَغُ بِهِ مِثْلُهُ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ النَّقْصُ بِسَبَبِ الصَّبْغِ وَسَوَاءٌ غَرِمَ لِذَلِكَ الصَّبْغَ ثَمَنًا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لِلنَّقْصِ) أَيْ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ) أَيْ، فَإِنْ رَدَّ أَعْطَى أَرْشَ الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَوَّازِ إنْ تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ إنْ كَانَ الْأَمْرُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ النَّقْصُ عِنْدَهُ كَالصَّبْغِ لَمْ يَغْرَمْ لَهُ ثَمَنًا، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَرْشُ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ اُنْظُرْ ح، وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. بْن (قَوْلُهُ كَهَلَاكِهِ) أَيْ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فِي هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَقَطَعَهُ مِنْ أَجْلِ التَّدْلِيسِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِسَبَبِ التَّدْلِيسِ فَقَطْ فَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُ مُدَلِّسٍ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فِي زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ وَلَيْسَ هَذَا دَاخِلًا فِي الْغَيْرِ وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا يَأْتِي، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَائِعَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ، أَوْ يُقِرَّ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ إبَاقَهُ بِيَمِينٍ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ كَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ) أَيْ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي أَخْذِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ، وَإِلَّا رَدَّ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ أَعَادَهَا الْمُصَنِّفُ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ (قَوْلُهُ وَتَبَرَّى مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرِّي مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِي زَعْمِهِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّبَرِّي الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا تَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَدْلِيسٌ (قَوْلُهُ، أَوْ يُجَابُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي زَعْمِهِ. . (قَوْلُهُ وَرَدَّ إلَخْ) أَيْ وَفَرَّقَ فِي رَدِّ السِّمْسَارِ جُعْلًا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ رَدَّ السِّلْعَةَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قِدَمِهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَدُّ الْجُعْلُ) أَيْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، أَوْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ السِّمْسَارُ بِالْعَيْبِ أَمَّا إنْ عَلِمَ بِهِ وَكَتَمَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ مُطْلَقًا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ، وَأَمَّا إذَا تَمَّ الْبَيْعُ فَابْنُ يُونُسَ يَقُولُ: لَهُ الْجُعْلُ الْمُسَمَّى لَهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ، وَإِلَّا فَجُعْلُ مِثْلِهِ، وَالْقَابِسِيُّ

(وَ) رُدَّ (مَبِيعٌ) نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِمَوْضِعِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ (لِمَحَلِّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَدِّ الْمُقَدَّرِ أَيْ إنْ رَدَّهُ لِلْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَوْ بَعُدَ وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ لِمَوْضِعِهِ الَّتِي غَرِمَهَا وَقَوْلُهُ (إنْ رَدَّ) الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ (بِعَيْبٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتَّةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا (رَدَّ) أَيْ فَرَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (إنْ قَرُبَ) الْمَوْضِعُ الَّذِي نَقَلَهُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَعُدَ (فَاتَ) بِنَقْلِهِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَعَ وُجُودِ الْقَدِيمِ بِقَوْلِهِ (كَعَجَفِ دَابَّةٍ) أَيْ هُزَالِهَا (وَسِمَنِهَا) سِمَنًا بَيِّنًا لَا مَا صَلُحَتْ بِهِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، ثُمَّ جَعَلَ السِّمَنَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ رَدَّ بِالْقَدِيمِ لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ السِّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَلَا مِنْ الْمُفِيتِ وَلَا مِنْ الْقَلِيلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ عَدَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّط كَالْمُصَنِّفِ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْهُ فِي مُطْلَق التَّخْيِيرِ وَمَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ هُزَالَ وَسِمَنَ الرَّقِيقِ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ. . (وَ) حُدُوثُ (عَمًى وَشَلَلٍ وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ) ، وَكَذَا عَبْدٍ عَلَى الرَّاجِحِ (وَجُبِرَ) الْعَيْبُ الْحَادِثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبَ تَزْوِيجٍ (بِالْوَلَدِ) الْحَاصِلِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَصِيرُ كَأَنْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَجْبُرُ النَّقْصَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقُولُ: لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إذَا عَلِمَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ مَعَ الْبَائِعِ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ الْجُعُلُ الْمُسَمَّى اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي جُعْلِ السِّمْسَارِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، أَوْ الْعُرْفِ فَلَوْ اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ، أَوْ السِّمْسَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى السِّمْسَارِ ابْتِدَاءً فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ الْبَائِعُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى السِّمْسَارِ، وَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَيْهِ فَالْمُشْتَرِي دَفَعَهُ عَنْهُ كَجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ. . (قَوْلُهُ وَمَبِيعٌ لِمَحَلِّهِ) عَطْفٌ عَلَى سِمْسَارٍ أَيْ وَرُدَّ مَبِيعٌ إلَخْ أَيْ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي رَدِّ مَبِيعٍ لِمَحَلِّهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالْأَصْلُ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا رَدَّهُ لِمَحَلِّهِ إنْ رُدَّ بِعَيْبٍ، وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا فَاتَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ الْمُدَلِّسَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمَبِيعِ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِلْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرَى لَهُ لِبَيْتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْبَائِعُ الْمُدَلِّسَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُهُ لِبَلَدِهِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْحَمْلِ لِسَفَرِهِ وَإِحْضَارِهِ بِمَحَلِّ قَبْضِهِ، وَأَمَّا الْبَائِعُ غَيْرُ الْمُدَلِّسِ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَبِيعِ لِمَحَلِّ قَبْضِهِ بَلْ رَدُّهُ لِمَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ قَرُبَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ، فَإِنْ بَعُدَ فَاتَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرُبَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ تَبِعَ فِيهِ الْمُتَيْطِيُّ وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا نَقَلَهُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ مُدَلِّسٍ فَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ لِمَحَلِّهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قُرْبٍ وَبُعْدٍ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتَّةِ) أَيْ وَهُوَ مِنْ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَيْسَ بِعَيْبِ أَصْلًا وَانْظُرْ مَا وَجْهُ أَخْذِهِ أَرْشَ الْقَدِيمِ إذَا تَمَاسَكَ حَيْثُ كَانَ السِّمَنُ غَيْرَ عَيْبٍ أَصْلًا مَعَ أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً وَاطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَاسَكُ بِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ إلَّا إذَا فَاتَ الرَّدُّ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ (قَوْلُهُ فِي مُطْلَقِ التَّخْيِيرِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ التَّخْيِيرُ فِيهِ مُغَايِرًا لِلتَّخْيِيرِ فِي الْمُتَوَسِّطِ. . (قَوْلُهُ وَعَمًى إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْعَمَى وَمَا بَعْدَهُ إذَا حَدَثَ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالتَّمَاسُكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ أَمَةٍ) أَيْ بِحُرٍّ، أَوْ بِعَبْدٍ حَصَلَ دُخُولٌ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ، وَكَذَا عَبْدٍ) أَيْ فَتَزْوِيجُهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ ح (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبُ تَزْوِيجٍ) أَيْ بِأَنْ زَنَتْ الْأَمَةُ، أَوْ حَصَلَ لَهَا عَمًى، ثُمَّ وَلَدَتْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَخْ) الَّذِي لِابْنِ عَاشِرٍ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِذَا رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ فِي قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ لَكِنْ مَا فِي الشَّارِحِ هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمِثْلُهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَنَصِّ التَّكْمِيلِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمَازِرِيُّ صِفَةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ قِيمَتُهَا سَالِمَةً مِائَةٌ، وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانُونَ وَبِالْقَدِيمِ وَعَيْبِ النِّكَاحِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سِتُّونَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِالْقَدِيمِ وَبِعَيْبِ النِّكَاحِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ ثَمَانِينَ، أَوْ تِسْعِينَ فَقَدْ جَبَرَ الْوَلَدُ عَيْبَ النِّكَاحِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ جَمِيعَ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِمَا ذُكِرَ سَبْعِينَ خُيِّرَ فِي إمْسَاكِهَا مَعَ رُجُوعِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ خُمْسُ الثَّمَنِ وَرَدُّهَا مَعَ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ، وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَنِ اهـ. كَلَامُ التَّكْمِيلِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا رَدَّهَا بِوَلَدِهَا، أَوْ حَبَسَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا جَبَرَ الْوَلَدُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ تَجْبُرُ النَّقْصَ) أَيْ أَرْشَ النَّقْصِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ تُسَاوِيهِ، أَوْ تَزِيدُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا سَالِمَةً مِائَةً وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ تِسْعِينَ وَبِالْعَيْبَيْنِ ثَمَانِينَ وَبِالنَّظَرِ لِلْوَلَدِ تُسَاوِي تِسْعِينَ، أَوْ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ فَيُخَيَّرُ

أَيْ تُسَاوِيهِ، أَوْ تَزِيدُ، فَإِنْ نَقَصَتْ رُدَّ مَعَ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ. ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ) الْبَائِعُ (بِالْحَادِثِ، أَوْ يَقِلَّ) الْعَيْبُ الْحَادِثُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ (فَكَالْعَدِمِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي التَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ بَلْ إنَّمَا لَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ، أَوْ الرَّدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَثَّلَ لِلْقَلِيلِ جِدًّا بِقَوْلِهِ (كَوَعْكٍ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَهُوَ أَمْرَاضٌ يَخِفُّ أَلَمُهَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهِ بِمَغْثِ الْحُمَّى أَيْ خَفِيفِهَا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَخَفِيفِ حُمَّى (وَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَجَعُ الرَّأْسِ (وَذَهَابِ ظُفْرٍ) ، وَلَوْ مِنْ رَائِعَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ مُتَوَسِّطٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ (وَخَفِيفِ حُمَّى) ، وَهُوَ مَا لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ (وَوَطْءِ ثَيِّبٍ وَقَطْعٍ) لِشُقَّةِ (مُعْتَادٍ) لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لِلْبَلَدِ الَّتِي يَتَّجِرُ بِهَا كَقَطْعِهَا نِصْفَيْنِ دَلَّسَ أَمْ لَا وَكَجَعْلِهَا قَمِيصًا، أَوْ قَبَاءً إنْ دَلَّسَ، وَإِلَّا فَمُتَوَسِّطٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَمُفَوِّتٌ. . [دَرْسٌ] ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْمُفِيتُ بِقَوْلِهِ (وَ) التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (الْمُخْرِجُ عَنْ) الْغَرَضِ (الْمَقْصُودِ) مِنْ الْمَبِيعِ (مُفِيتٌ) لِلرَّدِّ بِالْقَدِيمِ وَلَوْ دَلَّسَ الْبَائِعُ وَإِذَا كَانَ مُفِيتًا (فَالْأَرْشُ) مُتَعَيِّنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَعَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ (كَكِبَرِ صَغِيرٍ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَاقِلٌ، أَوْ غَيْرُهُ (وَهَرَمٍ) ، وَهُوَ مَا أَضْعَفَ الْقُوَى وَالْمَنْفَعَةَ، أَوْ أَكْثَرَهُمَا (وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ) بِالْقَافِ وَبِالْفَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ، وَلَوْ فِي الْعِلْيَةِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشْتَرِي فِيهِمَا إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْحَادِثِ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْبَائِعَ بِالزَّائِدِ إذَا رَدَّ بِخِلَافِ الصَّبْغِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّبْغَ يَشِينُهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ، فَإِنْ نَقَصَتْ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَمَةِ سَالِمَةً مِائَةً وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانِينَ وَبِالْعَيْبَيْنِ سِتِّينَ وَبِالنَّظَرِ لِلْوَلَدِ تُسَاوِي سَبْعِينَ فَإِنَّهُ إذَا رَدَّ الْأَمَةَ يَرُدُّ عُشْرَ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِخُمْسِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ) أَيْ بِدُونِ أَرْشٍ (قَوْلُهُ، أَوْ يَقِلَّ) بِالْجَزْمِ عَطْفٌ عَلَى تَوَسُّطٍ مِنْ قَوْلِهِ إنْ تَوَسَّطَ أَيْ وَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ إنْ قَلَّ فَكَالْعَدِمِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى يَقْبَلُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ فَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ قَسِيمُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ إنَّمَا لَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ الرَّدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْقَدِيمُ لِخَسَارَتِهِ بِغُرْمِ أَرْشِ الْحَادِثِ إذَا رَدَّ فَحَيْثُ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْعَيْبُ الْقَلِيلُ إذَا كَانَ قَدِيمًا فَيَرُدُّ بِهِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ إذَا كَانَ حَادِثًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ مَعَهُ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَتَوَقَّعُ تَدْلِيسَهُ فَلِذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِالْقَدِيمِ مُطْلَقًا قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ بِإِلْغَاءِ الْقَلِيلِ فِيهِمَا، أَوْ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ يَخِفُّ أَلَمُهَا) أَيْ لِمُدَافِعَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ مُتَوَسِّطٌ فِي الرَّائِعَةِ) أَيْ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَهُوَ غَيْرُ مُتَوَسِّطٍ بِخِلَافِ الْإِصْبَعِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا وَذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ فِي الرَّائِعَةِ لَا فِي الْوَخْشِ وَانْظُرْ ذَهَابَ مَا زَادَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ فِيهَا هَلْ هُوَ يَسِيرٌ كَالْأُنْمُلَةِ، أَوْ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ، أَوْ لِلْبَلَدِ الَّتِي يَتَّجِرُ بِهَا) أَيْ يَتَّجِرُ بِالسِّلْعَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادِ) أَيْ كَتَفْصِيلِ الشُّقَّةِ قِلْعَ مَرْكَبٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الشُّقَّةُ مِنْ حَرِيرٍ، أَوْ مِنْ كَتَّانٍ، أَوْ مِنْ صُوفٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا لَا مِنْ خُصُوصِ الْحَرِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عبق (قَوْلُهُ فَمُفَوِّتٌ) أَيْ لِلرَّدِّ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ. . (قَوْلُهُ وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ) أَيْ وَالتَّغْيِيرُ الْمُخْرِجُ عَنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَمِنْ الْبَيْعِ لِإِذْهَابِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَالْأَرْشُ) أَيْ فَالْأَرْشُ الْقَدِيمُ مُتَعَيِّنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةَ وَظَاهِرُهُ فَوَاتُ الرَّدِّ وَأَخْذُ الْأَرْشِ، وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِقَبُولِهِ بِالْحَادِثِ الَّذِي لَا يَذْهَبُ عَيْنُهُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا تَعَيُّنُ الْأَرْشِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جَابِرٌ لِمَا حَدَثَ عِنْدَهُ وَلَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ الْمُتَوَسِّطِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ أَيْ وَجُبِرَ بِمَا حَصَلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأُمُورِ الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهِ كَخِيَاطَةٍ وَصَبْغٍ وَطَرْزٍ وَكَمْدِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَمَا قَالَ عج وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ الْقِيَاسُ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ هُنَا فَإِذَا جُبِرَ بِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا صَارَ مُتَوَسِّطًا، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ الْعَيْبُ بِالْجَبْرِ كَالْعَدَمِ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْمُتَوَسِّطِ ابْتِدَاءً اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَكِبَرِ صَغِيرٍ إلَخْ) عَاقِلٍ أَمْ لَا أَمَّا الصَّغِيرُ الْعَاقِلُ؛ فَلِأَنَّهُ يُرَادُ مِنْهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ فَإِذَا كَبِرَ أَيْ بَلَغَ فَقَدْ زَالَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَاقِلِ فَصَغِيرُهُ يُرَادُ لِلَحْمِهِ وَبِكِبْرِهِ يَزُولُ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا) أَيْ كِبَرٌ أَضْعَفَ الْقُوَى أَيْ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ، وَأَضْعَفَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهُ أَيْ أَضْعَفَهُ عَنْهَا. (قَوْلُهُ وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) أَيْ فَإِذَا افْتَضَّهَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ قَدِيمٍ تَعَيَّنَ التَّمَاسُكُ بِهَا وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ ابْنٌ رَاشِدٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْمَذْهَبِ فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَانِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ الِافْتِضَاضَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ، فَإِنْ شَاءَ تَمَاسَكَ وَأَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ وَدَفَعَ أَرْشَ الْبَكَارَةِ

(وَقَطْعٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ) كَجَعْلِ الشُّقَّةِ بَرَانِسَ، أَوْ قِلَاعًا لِلْمَرْكَبِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَرْشُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَهْلِكَ) الْمَعِيبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) مِنْ الْبَائِعِ كَتَدْلِيسِهِ بِحِرَابَتِهِ فَحَارَبَ فَقُتِلَ (أَوْ) يَهْلِكُ (بِسَمَاوِيٍّ زَمَنُهُ) أَيْ زَمَنُ عَيْبِ التَّدْلِيسِ (كَمَوْتِهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَأَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ (فِي) زَمَنِ (إبَاقِهِ) الَّذِي دَلَّسَ فِيهِ بِأَنْ اقْتَحَمَ نَهْرًا، أَوْ تَرَدَّى، أَوْ دَخَلَ جُحْرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَمَنُهُ إلَخْ عَمَّا لَوْ مَاتَ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ حَالِ تَلَبُّسِهِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ بَلْ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ فَقَطْ. . وَلَمَّا ذَكَرَ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ ذَكَرَ مَا إذَا هَلَكَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (بَاعَهُ الْمُشْتَرِي) قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (وَهَلَكَ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (بِعَيْبِهِ) أَيْ عَيْبِ التَّدْلِيسِ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي (عَلَى) الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (الْمُدَلِّسِ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ (عَلَى بَائِعِهِ) هُوَ لِعَدَمِهِ، أَوْ غَيْبَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ حَاضِرٌ (بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) الَّذِي أَخَذَهُ الْمُدَلِّسُ لِكَشْفِ الْعَيْبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِتَدْلِيسِهِ (فَإِنْ) سَاوَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ (زَادَ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ (فَلِلثَّانِي) أَيْ فَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَحْفَظُهُ لَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي حَتَّى يَدْفَعَهُ لَهُ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ (وَإِنْ نَقَصَ) الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ (فَهَلْ) الْبَائِعُ الثَّانِي (يُكْمِلُهُ) لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ هَذَا الزَّائِدَ مِنْهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ، أَوْ لَا يُكْمِلُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الْأَوَّلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلَانِ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ عَلَى بَائِعِهِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُدَلِّسِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُدَلِّسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ كَانَ مُدَلِّسًا وَقَيَّدَهُ الْبَاجِيَّ بِالْعِلْيَةِ وَارْتَضَى ح مَا لِبَهْرَامَ وَابْنِ غَازِيٍّ مِنْ الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا وَثَالِثُهَا قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا إنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ثَانِيهَا (قَوْلُهُ وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفَرَقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ أَيْ الْمَبِيعُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَمَحْمُولٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُعْتَادِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَهُوَ مُفِيتٌ مُطْلَقًا كَانَ مُدَلِّسًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ كَجَعْلِ الشُّقَّةِ بَرَانِسَ، أَوْ قِلَاعًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَرِيرًا، أَوْ قُطْنًا، أَوْ كَتَّانًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفَوِّتٌ لِلرَّدِّ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَهُ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفَوِّتٌ وَهَلَكَ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَذَكَرَهُ هُنَاكَ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَذَكَرَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إنَّهُ غَيْرُ مُكَرَّرٍ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مُفِيتٌ، وَإِنَّمَا هَلَكَ بِالْقَدِيمِ فَقَطْ وَمَا هُنَا حَدَثَ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مُفِيتٌ وَهَلَكَ بِالْقَدِيمِ أَيْضًا فَلَمَّا تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ هُنَا إلَّا بِالْأَرْشِ نَظَرًا لِمَا حَدَثَ عِنْدَهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَقُّ التَّعْمِيمُ فِيمَا هُنَا وَفِيمَا مَرَّ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفِيتٌ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقَدِيمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَتَدْلِيسِهِ بِحِرَابَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ أَمَةً حَامِلًا وَدَلَّسَ عَلَيْهِ بِحَمْلِهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِمَوْتِهَا بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ (قَوْلُهُ بِأَنْ اقْتَحَمَ) أَيْ دَخَلَ (قَوْلُهُ، أَوْ تَرَدَّى) أَيْ سَقَطَ مِنْ مَحَلٍّ عَالٍ كَجَبَلٍ لِأَسْفَلَ فَمَاتَ (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) أَيْ لَا بِأَرْشِ الْقَدِيمِ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ عَمَّا لَوْ مَاتَ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ حَالِ تَلَبُّسِهِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) أَيْ كَمَا لَوْ دَلَّسَ الْبَائِعُ بِإِبَاقِهِ فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ إبَاقٌ. . (قَوْلُهُ مَا إذَا هَلَكَ بِهِ) أَيْ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَاوَى) أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُدَلِّسِ (قَوْلُهُ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ) أَيْ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشْرَةٍ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعَشْرَةٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ زَادَ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِاثْنَيْ عَشْرَ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِآخَرَ بِعَشَرَةٍ وَقَوْلُهُ فَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَحْفَظُهُ لَهُ أَيْ إذَا سَلَّمَهُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ الزَّائِدَ بِرِضَاهُ، وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ مَنْعُ الثَّالِثِ مِنْ أَخْذِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ غَيْرُ وَكِيلٍ لِلثَّانِي حَتَّى يَقْبِضَ لَهُ مِنْ الْأَوَّلِ قَهْرًا عَنْهُ، وَقَدْ يُبْرِئُ الثَّانِي الْأَوَّلَ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِآخَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُكْمِلُهُ إلَخْ) وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُكْمِلُهُ لَهُ) ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ إلَخْ) إنْ قُلْت إنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِهِ لِضَرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَحْضُرَ الثَّانِي، أَوْ يَحْصُلَ لَهُ يَسَارٌ فَلَمَّا لَمْ يَصْبِرْ لِحُضُورِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ) أَيْ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَفِيهِ أَنَّ بَائِعَهُ لَيْسَ مُدَلِّسًا حَيْثُ يَأْخُذُ مِنْهُ أَرْشَ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ يَدَهُ كَيَدِ بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ كَذَا قِيلَ وَتَأَمَّلْهُ

ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، أَوْ بِمَا يُكْمِلُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ، أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ فَقَالَ (وَلَمْ يَحْلِفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ) لِلْعَيْبِ أَيْ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي بَلْ يَرُدُّ بِلَا يَمِينٍ (إلَّا) أَنْ يُحَقِّقَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى (بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ) أَيْ أَنَّهُ أَرَاهُ لَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ وَمِثْلُ دَعْوَى الْإِرَاءَةِ مَا إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَلَّبَ وَعَايَنَ (وَلَا) يَحْلِفُ أَيْضًا إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ (الرِّضَا بِهِ) حِينَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (إلَّا) أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (بِدَعْوَى مُخْبِرٍ) أَيْ دَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَهُ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ حِينَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ الْبَائِعُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ حَلِفَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ بِأَنْ كَانَ مَسْخُوطًا، أَوْ كَانَ أَهْلًا لَهَا وَلَمْ يَقُمْ الْبَائِعُ بِشَهَادَتِهِ، فَإِنْ قَامَ بِشَهَادَتِهِ أَيْ بِإِثْبَاتِ الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِشَهَادَتِهِ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَيُتِمَّ الْبَيْعَ وَلَا يُفِيدُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ دَعْوَى عَدَمِ الرِّضَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، ثُمَّ هُوَ) أَيْ بَائِعُهُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ، أَوْ بِمَا يُكْمِلُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُدَلِّسِ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ لَمْ يَنْقُصْ عَلَيْك بِتَدْلِيسِي سِوَى مَا دَفَعْتُهُ مِنْ الْأَرْشِ فَخُذْهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ يَقُولُ لَهُ لَا رُجُوعَ لَك عَلَيَّ لَوْ هَلَكَ بِيَدِك إلَّا بِمَا دَفَعَتْهُ لِي فَخُذْهُ هَذَا، وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، وَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ التَّوْجِيهُ الَّذِي قَدْ عَلِمْته، وَأَمَّا قَوْلُ عبق، ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، أَوْ كَمَالِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَمُرَادُهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ بِكَمَالِهِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ تَتِمَّتُهُ اهـ. فَإِذَا بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشَرَةٍ لِزَيْدٍ، ثُمَّ بَاعَهُ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِمِائَةٍ فَاطَّلَعَ عَمْرٌو فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَرَجَعَ عَلَى زَيْدٍ الَّذِي بَاعَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ أَرْشَ الْعَيْبِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ، فَإِنْ أَخَذَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ أَرْشَ الْعَيْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجَعَ بَائِعُهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشَرَةٍ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ بِكَمَالِهِ. . (قَوْلُهُ الثَّابِتِ) أَيْ الَّذِي يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ عَلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ) أَيْ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا بَائِعَ إنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ وَقَوْلُهُ، أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ مُشْتَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَأَرَادَ الرَّدَّ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: أَنْتَ رَأَيْته وَقْتَ الشِّرَاءِ وَأَنْكَرَ رُؤْيَتَهُ فَطَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ بِلَا يَمِينٍ وَقَوْل الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُحَلِّفْ يَصِحُّ فِيهِ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُهُ وَيَصِحُّ فَتْحُ الْيَاءِ وَسُكُونُ الْحَاءِ وَكَسْرُ اللَّامِ أَيْ لَمْ يَقْضِ الشَّرْعُ بِتَحْلِيفِهِ (قَوْلُهُ مَا إذَا أَشْهَدَ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَلَّبَ الْمَبِيعَ وَعَايَنَهُ أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَالَ أَنَا لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى هَذَا الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقْتَ التَّقْلِيبِ وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: بَلْ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا إذَا حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ حِينَ الْبَيْعِ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعُ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ أَيْضًا إنْ ادَّعَى) أَيْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ الرِّضَا يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ حِينَ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ رَضِيَ بِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ) أَيْ لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ ذَلِكَ الْمُخْبِرَ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ، أَوْ لَا لَقَدْ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ بِأَنَّك رَضِيَتْ بِهِ حِينَ اطِّلَاعِكَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَظَاهِرِ الشَّارِحِ الْإِطْلَاقُ أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ لَهُ الْمُخْبِرَ سَوَاءٌ حَلَفَ الْبَائِعُ لَقَدْ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ، أَوْ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَمَّاهُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخْبِرَ إذَا سَمَّاهُ الْبَائِعُ يُسْأَلُ، فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعَ عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَكَانَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ، وَقَدْ قَامَ بِهَا الْبَائِعُ حَلَفَ الْبَائِعُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدُ عَدْلٍ وَسَقَطَ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَسْخُوطًا أَيْ فَاسِقًا، أَوْ أَهْلًا وَلَمْ يَقُمْ الْبَائِعُ بِشَهَادَتِهِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَ وَرَدَّ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ مَسْخُوطًا؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ مِمَّا يُرَجِّحُ دَعْوَى الْبَائِعِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنْ كَذَّبَ الْمُخْبِرُ الْبَائِعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، أَوْ مَسْخُوطًا كَمَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْيَمِينِ اهـ بْن (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا) أَيْ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْ الْبَائِعِ حَيْثُ سَمَّاهُ

الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا تَنَازَعَا وَلَمْ يَشْهَدْ لِلْبَائِعِ شَاهِدٌ عَدْلٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْبَائِعُ الرُّؤْيَةَ، أَوْ الرِّضَا عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فِي الْخَفِيِّ وَبِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْإِرَاءَةَ، أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقْلِيبِ، أَوْ أَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ بِالرِّضَا بِهِ مُخْبِرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ إذَا بَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ مَثَلًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِقُرْبِ الْبَيْعِ فَادَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا أَبَقَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ إلَّا لِكَوْنِهِ كَانَ يَأْبِقُ عِنْدَك وَأَنْتَ قَدْ دَلَّسَتْ عَلَيَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَحْلِفُ (بَائِعٌ أَنَّهُ) يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا (لَمْ يَأْبِقْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ مَنَعَ وَضَرَبَ؛ الْعَبْدُ عِنْدَهُ (لِإِبَاقِهِ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي (بِالْقُرْبِ) وَأَوْلَى بِالْبُعْدِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أُخْبِرْت بِأَنَّهُ كَانَ يَأْبِقُ عِنْدَك فَلَهُ تَحْلِيفُهُ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الْمُبَيَّنِ جَمِيعُهُ، أَوْ الْمَكْتُومِ جَمِيعُهُ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا بُيِّنَ بَعْضُهُ وَكُتِمَ بَعْضُهُ فَقَالَ (وَ) إنْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِبَعْضِ الْعَيْبِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فَاخْتَلَفَ (هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ) بَيَانِ (أَكْثَرِ الْعَيْبِ) كَقَوْلِهِ يَأْبِقُ خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا وَكَانَ أَبَقَ عِشْرِينَ (فَ) هَذَا (يَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي (بِالزَّائِدِ) الَّذِي كَتَمَهُ الْبَائِعُ فَقَطْ أَيْ بِأَرْشِهِ، وَهُوَ الْخَمْسَةُ الَّتِي كَتَمَهَا فَيُقَالُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا، فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْبِقُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ قِيلَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ (وَ) بَيَّنَ بَيَانَ (أَقَلِّهِ) كَالْخَمْسَةِ فِي الْمِثَالِ وَيَكْتُمُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ (بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَتَمَ الْأَكْثَرَ كَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَ، أَوْ كَتَمَ وَلَا بَيْنَ الْمَسَافَةِ وَالْأَزْمِنَةِ (، أَوْ) يَرْجِعُ (بِالزَّائِدِ) أَيْ بِأَرْشِ مَا كَتَمَ (مُطْلَقًا) بَيْنَ الْأَكْثَرِ، أَوْ الْأَقَلِّ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَ، أَوْ كَتَمَ (أَوْ) يُفَرَّقُ (بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَهُ) فَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الزَّائِدِ الَّذِي كَتَمَهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ، أَوْ الْأَقَلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ لِلْبَائِعِ شَاهِدٌ عَدْلٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ أَصْلًا، أَوْ لَهُ شَاهِدٌ مَسْخُوطٌ وَقَوْلُهُ إنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ وَلَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَقَوْلُهُ وَبِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ ادَّعَى إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فِي الْخَفِيِّ) أَيْ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ خَفِيًّا. (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مُكِّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ لَحَلَّفَهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ عَيْبٍ يُسَمِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ، وَهُوَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ لَمْ يَحْلِفْ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ أَيْ لَمْ يَحْلِفْ حَلِفًا مُصَوَّرًا بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَكَسْرُهَا أَيْ عَلَى الْحِكَايَةِ أَيْ حِكَايَةِ الصِّيغَةِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ الْبَائِعِ لَوْ كَانَ يَحْلِفُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ إلَخْ) فَرْضُ مِثَالٍ أَيْ، وَلَمْ يَسْرِقْ وَلَمْ يَزْنِ وَلَمْ يَشْرَبْ وَنَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِإِبَاقِهِ) عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ، وَهُوَ يَحْلِفُ أَيْ أَنَّ الْحَلِفَ مِنْ الْبَائِعِ لِأَجْلِ إبَاقِ الْعَبْدِ بِالْقُرْبِ مَنْفِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى) هَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ ظَاهَرَهُ أَنَّ عَدَمَ تَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ لِكَوْنِهِ اتَّهَمَهُ بِإِبَاقِهِ عِنْدَهُ بِسَبَبِ إبَاقِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِالْقُرْبِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ سَوَاءٌ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ، أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ قَالَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ بِإِبَاقِهِ عِنْدَك، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِاسْمِهِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَيْضًا وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ الَّذِي سَمَّاهُ مَسْخُوطًا، أَوْ عَدْلًا وَلَمْ يَقُمْ الْمُشْتَرِي بِشَهَادَتِهِ، وَإِلَّا حَلَفَ مَعَهُ وَرَدَّ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ. . (قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ) أَيْ عَلَى مَا بَيْنَهُ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا) أَيْ مِنْ عَيْبِ الْإِبَاقِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَقْوِيمِهِ سَلِيمًا ثُمَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي كَتَمَهُ نَحْوَهُ فِي عبق وَخَشٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَقُومُ مَعِيبًا بِمَا بَيَّنَ فَقَطْ، ثُمَّ يَقُومُ مَعِيبًا بِمَا بَيَّنَ وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَيَّنَهُمَا فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ يَأْبِقُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ يَأْبِقُ عِشْرِينَ يَوْمًا فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ وَلَا يَقُومُ سَلِيمًا لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ عَلَى الْمُبْتَاعِ كَذَا فِي بْن وَغَيْرِهِ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَيْ مِمَّا كَتَمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَيْ مِنْ عَيْبِ الْإِبَاقِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا) أَيْ وَسَكَتَ هَذَا الْقَوْلُ عَمَّا إذَا بَيَّنَ النِّصْفَ وَكَتَمَ النِّصْفَ كَمَا لَوْ قَالَ إنَّهُ يَأْبِقُ عَشْرَةً، وَهُوَ يَأْبِقُ عِشْرِينَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ أَيْ يَرْجِعُ بِأَرْشِ مَا كَتَمَهُ مِثْلُ مَا إذَا بَيَّنَ الْأَكْثَرَ وَكَتَمَ الْأَقَلَّ كَذَا فِي خش وعبق قَالَ شَيْخُنَا بَلْ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا بَيَّنَ الْمَسَافَةَ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ شَأْنُهُ يَأْبِقُ عِشْرِينَ مِيلًا فَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ بَعْضَهَا وَيَكْتُمُ بَعْضَهَا وَقَوْلُهُ وَالْأَزْمِنَةُ كَمَا إذَا كَانَ شَأْنُهُ يَأْبِقُ عِشْرِينَ يَوْمًا فَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ بَعْضَهَا وَيَكْتُمُ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بِالزَّائِدِ) أَيْ بِأَرْشِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَلَاكِهِ إلَخْ)

(أَوْ لَا) يَهْلِكُ فِيمَا بَيَّنَهُ بَلْ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ. . (وَ) إنْ ابْتَاعَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا مُتَعَدِّدًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ بِمِائَةٍ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِبَعْضِهِ (رَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ (بِحِصَّتِهِ) مِنْ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ كَانَ يَنْوِيهِ مِنْ الثَّمَنِ النِّصْفُ فَأَقَلُّ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ كُلِّ ثَوْبٍ عَشَرَةً وَالْمَعِيبُ وَاحِدٌ، أَوْ اثْنَانِ إلَى خَمْسَةٍ رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ، وَهُوَ عَشْرَةٌ فِي الْمِثَالِ، أَوْ خَمْسَةٌ، وَهُوَ عِشْرُونَ إلَى نِصْفِهِ، وَهُوَ خَمْسُونَ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالشَّائِعُ فَسَيَأْتِيَانِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ مِثْلِيًّا، فَإِنْ كَانَ سِلْعَةً كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِعَبْدٍ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ السِّلْعَةِ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبَيْعِ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً) كَعَبْدٍ، أَوْ دَارٍ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا رَدَّهُ وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ الدَّارِ وَهَكَذَا وَلَا يَرْجِعُ بِجُزْءٍ مِنْ السِّلْعَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَعِيبُ (الْأَكْثَرَ) مِنْ النِّصْفِ، وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِحِصَّتِهِ بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ الْمَبِيعُ فِيمَا بَيَّنَهُ الْبَائِعُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ مَا كَتَمَهُ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ هُوَ الْأَقَلُّ، أَوْ الْأَكْثَرُ وَبَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْأَكْثَرَ، أَوْ الْأَقَلَّ فَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هَلَكَ فِيمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يَهْلِكُ إلَخْ) لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرُهُ بَدَلَ قَوْلِهِ أَوَّلًا كَانَ أَحْسَنَ إذْ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا قَوْلٌ رَابِعٌ وَإِنَّهُ قَسِيمُ قَوْلِهِ هَلْ يُفَرِّقُ وَلِأَجْلِ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ عَطْفِهِ بِأَوْ مَعَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَالثَّانِي قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ بَلَدِ ابْنِ يُونُسَ وَالثَّالِثُ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. . (قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ) أَيْ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِبَعْضِهِ) أَيْ، أَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ كَالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ، أَوْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلتُّونُسِيِّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ يَنْوِيه) تَفْسِيرٌ لِمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ لَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَوِّمُ كُلَّ سِلْعَةٍ بِمُفْرَدِهَا عَلَى أَنَّهَا سَلِيمَةٌ وَيَنْسِبُ قِيمَةَ الْمَعِيبِ عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ إلَى الْجَمِيعِ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا وَضَّحَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا كَانَ إلَخْ وَلِلتَّقْوِيمِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ، وَحَاصِلُهَا أَنْ تَقُومَ الْأَثْوَابُ كُلُّهَا سَالِمَةً ثُمَّ تُقَوَّمُ ثَانِيًا بِدُونِ الْمَعِيبِ وَتُنْسَبُ الْقِيمَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا، أَوْ كَانَ مُقَوَّمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ فَسَيَأْتِيَانِ أَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ فِيهِمَا بِمِثْلِ مَا ظَهَرَ مَعِيبًا، أَوْ اسْتَحَقَّ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ الصَّفْقَةِ، أَوْ أَكْثَرَهَا وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ، وَإِنْ ابْتَاعَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَدُّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ظَاهِرٌ إلَخْ وَقَوْله إنْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَيْ كَمِائَةِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ، أَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ مَعْدُودًا كَمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةَ إرْدَبٍّ، أَوْ مِائَةَ قِنْطَارٍ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ أَيْ قِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ السِّلْعَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ وَرَجَعَ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ إلَى جَمِيعِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ الْآتِي وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ الدَّارِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ عُشْرِ الْعَبْدِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قِيمَةَ عُشْرِ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا كَدَارِ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ كِتَابٍ، أَوْ ثَوْبٍ وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ فَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ بِمَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَاخْتُلِفَ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ لِقِيمَةِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْوَاقِعِ ثَمَنًا، وَهُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا فَيُقَالُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ نِسْبَتُهَا لِلْمِائَةِ قِيمَةُ الْأَثْوَابِ الْمَبِيعَةِ الْعُشْرُ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الدَّارِ الْوَاقِعَةِ ثَمَنًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شَارِحُنَا هُنَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا رَجَعَ بِقِيمَةِ عُشْرِ الدَّارِ، وَعَلَى هَذَا مَشَى شَارِحُنَا أَوَّلًا حَيْثُ قَالَ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ السِّلْعَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبَيْنِ رَجَعَ بِخُمْسِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ الدَّارِ لَا بِقِيمَةِ خُمُسِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَعْشَارِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً رَجَعَ بِخُمُسَيْ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ خُمُسِهِمَا، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ نِصْفِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِجُزْءٍ مِنْ السِّلْعَةِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا بِعُشْرِهَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا وَلَا بِخُمُسِهَا

إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ، أَوْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ بِالْبَعْضِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ هَذَا إنْ كَانَ السَّالِمُ بَاقِيًا، فَإِنْ فَاتَ فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ مُطْلَقًا وَأَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أَحَدَ مُزْدَوَجَيْنِ) لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ كَأَحَدِ خُفَّيْنِ، أَوْ مِصْرَاعَيْنِ، أَوْ قُرْطَيْنِ، أَوْ سِوَارَيْنِ لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالتَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أُمًّا وَوَلَدَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ فَإِذَا وَجَدَ الْعَيْبَ بِأَحَدِهِمَا وَجَبَ رَدُّهُمَا مَعًا، أَوْ التَّمَسُّكُ بِهِمَا مَعًا. . (وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُشْتَرِي (التَّمَسُّكَ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ) ، أَوْ تَعَيَّبَ (أَكْثَرُهُ) بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ ثَمَنُهُ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوَّلًا، ثُمَّ تَقْوِيمِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَهَذَا فِي الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ كَثِيَابٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَّحِدًا كَدَارٍ فَاسْتَحَقَّ بَعْضُهَا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ، وَإِنْ قَلَّ، وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ فَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ كَالْمِثْلِيِّ وَضَمِيرُ أَكْثَرِهِ لِلْمَبِيعِ لَا لِأَقَلَّ. . وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ انْفَسَخَتْ الْعُقْدَةُ أَتَى بِثَمَرَةِ ذَلِكَ، وَلَوْ فَرَّعَ بِالْفَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبَيْنِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا بِكُلِّ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَرُدُّ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْمَبِيعِ السَّالِمِ وَالْمَعِيبِ وَيَأْخُذُ كُلَّ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَتَمَاسَكُ بِالْبَعْضِ) أَيْ، وَهُوَ السَّلِيمُ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَيَرُدُّ الْبَعْضَ الْمَعِيبَ مَجَّانًا أَيْ، وَأَمَّا التَّمَاسُكُ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْمَعِيبِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عِلَّةُ الْمَنْعِ مِنْ أَنَّ التَّمَاسُكَ بِالْبَاقِي فِي الْقَلِيلِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْرَفُ مَا يَنُوبُ الْأَقَلُّ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ بَعْدَ التَّقْوِيمِ. (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا أَيْ مَحَلُّ مَنْعِ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ وَرَدِّ الْمَعِيبِ الْأَكْثَرِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ السَّلِيمُ كُلُّهُ بَاقِيًا وَكَذَلِكَ الْمَعِيبُ وَقَوْلُهُ، فَإِنْ فَاتَ أَيْ السَّلِيمُ بِأَنْ حَصَلَ فِيهِ هَلَاكٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ أَيْ وَالتَّمَاسُكُ بِالسَّلِيمِ مِنْ الْعَيْبِ الْهَالِكِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا وَفَاتَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْجَمِيعَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رَدَّ قِيمَةَ الْهَالِكِ عَيْنًا وَرَجَعَ فِي عَيْنٍ، وَهُوَ الثَّمَنُ الْعَيْنُ وَقِيمَةُ الْعَرَضِ الَّذِي قَدْ فَاتَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَرَدُّ الْعَيْنِ وَالرُّجُوعِ فِيهَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا لَمْ يَفُتْ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَمَسَّكَ بِالسَّلِيمِ مِنْ الْمَعِيبِ الَّذِي هَلَكَ عِنْدَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْعَرَضِ الْقَائِمِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَعِيبَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَكَانَ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّ السَّلِيمَ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ الْقَائِمِ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ) أَيْ مِنْ أَحَدِ الْمُزْدَوَجَيْنِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالتَّمَسُّكِ بِالسَّلِيمِ أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ، أَوْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ جَوَازِ رَدِّ الْمَعِيبِ وَالتَّمَاسُكُ بِالسَّلِيمِ مِنْ الْمُزْدَوَجَيْنِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مَا فِي خش وعبق تَبَعًا لعج لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ الَّذِي مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ وَلَكِنْ رَدَّ ذَلِكَ طفى وَقَالَ الصَّوَابُ جَوَازُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّرَاضِي كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ جَوَازِهَا مُرَاضَاةً فِي الْخُفَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا لِإِمْكَانِ شِرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَرْدَةَ الْآخَرِ لِيَكْمُلَ انْتِفَاعُهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَجَبَ رَدُّهُمَا مَعًا، أَوْ التَّمَسُّكُ بِهِمَا مَعًا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ رَدُّ الْمَعِيبِ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْإِثْغَارِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ بِذَلِكَ، وَإِلَّا جَازَ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي عَدَمِ التَّفْرِقَةِ لِلْأُمِّ لَا لِلْوَلَدِ، وَإِلَّا مَنَعَ، وَلَوْ رَضِيَتْ الْأُمُّ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَعِيبُ أَقَلَّ مِنْ وَجْهِ الصَّفْقَةِ. . (قَوْلُهُ، أَوْ تَعَيَّبَ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَكْثَرُهُ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فَحَبَسَهَا الْبَائِعُ لِأَجْلِ الثَّمَنِ، أَوْ الْإِشْهَادِ فَتَعَيَّبَ، أَوْ تَلِفَ أَكْثَرُهَا عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْأَقَلِّ الْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَاقِي) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ بِالتَّمَاسُكِ بِذَلِكَ الْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ إلَخْ) إنْ قُلْت هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَلَّ، أَوْ تَعَيَّبَ وَرَدَّهُ وَتَمَسَّكَ بِالْأَكْثَرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قُلْت لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ انْفَسَخَتْ الْعُقْدَةُ بِرَدِّ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَكَانَ التَّمَسُّك بِالْأَقَلِّ كَابْتِدَاءِ عَقْدٍ بِمَجْهُولٍ الْآنَ بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُقْدَةَ الْأُولَى انْحَلَّتْ مِنْ أَصْلِهَا حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْأَكْثَرَ، أَوْ تَعَيَّبَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَكْثَرِ، أَوْ تَعْيِيبَهُ كَاسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ وَإِذَا تَعَيَّبَ الْأَكْثَرُ، أَوْ اُسْتُحِقَّ وَانْحَلَّتْ عُقْدَةُ الْبَيْعِ كَأَنْ تَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِالْأَقَلِّ السَّالِمِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ الْآنَ بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ أَيْ رَدُّ الْأَكْثَرِ بِحِصَّتِهِ قَائِلًا هَذِهِ جَهَالَةٌ طَارِئَةٌ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ تَقْوِيمُ كُلِّ جُزْءٍ إلَخْ) أَيْ وَنِسْبَةُ قِيمَةِ الْبَاقِي إلَى قِيمَةِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَّحِدًا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا مُتَّحِدًا (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ) أَيْ، وَأَمَّا الْمُقَوَّمُ الْمَوْصُوفُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْمُقَوَّمُ وَالْمُتَّحِدُ وَالْمَوْصُوفُ فَلَا يَحْرُمُ فِيهِ ذَلِكَ. . (قَوْلُهُ، وَلَوْ فَرَّعَ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ

لَكَانَ أَوْلَى فَقَالَ (وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ تُسَاوِي عَشْرَةً) بِيعَا (بِثَوْبٍ) مَثَلًا (فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ) الْمُسَاوِيَةُ لِلْعَشَرَةِ، وَهِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الصَّفْقَةِ فُسِخَ الْبَيْعُ لِاسْتِحْقَاقِ جُلِّ الصَّفْقَةِ وَرَدُّ مَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ إنْ كَانَ قَائِمًا (فَأَعْلَى) إنْ (فَاتَ الثَّوْبُ) بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى (فَلَهُ) أَيْ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ (قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ وَ) جَازَ (رَدَّ أَحَدُ الْمُشْتَرَيَيْنِ) الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ مَبِيعٍ مُتَّحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَاطَّلَعَا فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَوْ أَبَى الْبَائِعُ وَقَالَ لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ بِتَعَدُّدِ مُتَعَلِّقِهِ وَمُشْتَرِيه، وَأَمَّا الشَّرِيكَانِ إذَا اشْتَرَيَا مَعِيبًا فِي صَفْقَةٍ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ وَقَبُولُ الْجَمِيعِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ (وَ) جَازَ لِمُشْتَرٍ مِنْ بَائِعَيْنِ مَثَلًا رَدٌّ (عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ) الْغَيْرِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ دُونَ الرَّدِّ عَلَى الْآخَرِ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الثَّابِتِ وُجُودُهُ وَقِدَمُهُ ذَكَرَ تَنَازُعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وُجُودِهِ وَقِدَمِهِ فَقَالَ (وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي) نَفْيِ (الْعَيْبِ) الْخَفِيِّ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوَاوِ يُوهِمُ الِاسْتِئْنَافَ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْرِيعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ التَّمَسُّكِ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا بَاقِيًا، أَوْ فَائِتًا وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ إلَخْ) اسْمُ كَانَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَدِرْهَمَانِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بِيعَا بِثَوْبٍ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِكَانَ الثَّانِيَةِ، أَوْ إنْ كَانَ غَيْرَ ثَانِيَةٍ وَدِرْهَمَانِ اسْمُهَا وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ بِيعَا بِثَوْبٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَيْنِ فَاسْمُ كَانَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَبِيعِ وَدِرْهَمَيْنِ خَبَرُهَا وَسِلْعَةٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ) أَيْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بِيعَا الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ فَأَعْلَى) أَيْ مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ كَتَغَيُّرِ الذَّاتِ (قَوْلُهُ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ) أَيْ يَأْخُذُهَا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِيمَا يُقَابِلُهُمَا مِنْ سُدُسِ الثَّوْبِ بِحَيْثُ يَكُونُ شَرِيكًا بِسُدُسِهَا، أَوْ سُدُسِ قِيمَتِهَا، وَأَمَّا تَمَسُّكُهُ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ بِتَمَامِهَا فَجَائِزٌ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ بِكَمَالِهِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِ الثَّوْبِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ أَيْ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ وَاللَّامُ لِلِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ بِمَعْنَى عَلَى وَقَوْلُهُ وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ يُقْرَأُ رَدَّ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَالدِّرْهَمَيْنِ مَفْعُولُهُ وَالْفِعْلُ يُفِيدُ وُجُوبَ الرَّدِّ فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَهُ الْمُفِيدُ لِلتَّخْيِيرِ مَعَ التَّفْرِيعِ عَلَى حُرْمَةِ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ مُشْكِلٌ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوَّلُهُمَا أَنَّ قَسِيمَ مَا ذُكِرَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ الثَّوْبِ كُلِّهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِهِ، فَقَطْ الثَّانِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلُهُ فَلَهُ إمَّا بِمَعْنَى عَلَى، أَوْ لِلِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ رَدَّ يُقْرَأُ فِعْلًا مَاضِيًا فَيُفِيدُ الْوُجُوبَ أَيْ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الدِّرْهَمَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدِّرْهَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِ الثَّوْبِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ تَمَاسُكِهِ بِهِمَا فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ بِتَمَامِهَا هَذَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ طفى حُرْمَةَ التَّمَسُّكِ هُنَا بِالدِّرْهَمَيْنِ بِمَا يَنُوبُهُمَا مِنْ الثَّوْبِ عِنْدَ فَوَاتِهَا بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ فَقَدْ أَطْبَقَ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الشُّرَّاحِ عَلَى تَقْيِيدِ حُرْمَةِ التَّمَسُّكِ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ، أَوْ تَعَيَّبَ أَكْثَرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا وَكَانَ بَاقِيًا، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا وَفَاتَ فَهُوَ كَاسْتِحْقَاقٍ، أَوْ تَعَيَّبَ الْأَقَلُّ فِي جَوَازِ التَّمَسُّكِ بِالسَّالِمِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ اللَّامَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهَا لِلتَّخْيِيرِ وَلَا يُجْعَلُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ إلَخْ مُفَرَّعًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ التَّمَاسُكِ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ بَلْ هُوَ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ رَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرَيَيْنِ غَيْرَ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَ شِرَاؤُهُمَا لِلْقِنْيَةِ، وَلَوْ كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَخْصَانِ سِلْعَةً وَاحِدَةً كَعَبْدٍ لِخِدْمَتِهِمَا، أَوْ سِلَعًا مُتَعَدِّدَةً فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ بَلْ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نِصْفَهَا مَثَلًا، ثُمَّ اطَّلَعَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَأَرَادَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَنْ يَرُدَّ نَصِيبَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَأَبَى غَيْرُهُ مِنْ الرَّدِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ نَصِيبَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ مُتَعَلِّقُهُ وَمُشْتَرِيهِ وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ أَوَّلًا إنَّمَا لَهُمَا الرَّدُّ مَعًا، أَوْ التَّمَاسُكُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ دُونَ الْآخَرِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الشَّرِيكَانِ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا) أَيْ دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ، وَعَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ تَعَدَّدَ بِأَنْ بَاعَ شَخْصَانِ عَبْدًا وَاحِدًا كَأَنْ اتَّخَذَاهُ لِلْخِدْمَةِ مَثَلًا وَاشْتَرَاهُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ فَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبِيعِ دُونَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعَانِ شَرِيكَيْنِ فِي التِّجَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ فَالرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا رَدٌّ عَلَى الْآخَرِ. . (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ الْخَفِيِّ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا عَيْبَ بِهِ أَصْلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَى

(أَوْ) نَفْيِ (قِدَمِهِ) بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَدِيمٌ وَالْبَائِعُ حَادِثٌ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى إذْ الْأَصْلُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَا يُضْعِفُ قَوْلَهُ فَيَحْلِفُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَبَوْلٌ فِي فُرُشٍ إلَخْ وَبِيَمِينٍ فِي الثَّانِيَةِ تَارَةً وَبِعَدَمِهَا أُخْرَى كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَقَوْلُهُ (إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي) بِقِدَمِهِ قَطْعًا، أَوْ رُجْحَانًا فَالْقَوْلُ لَهُ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ قِدَمِهِ فَقَطْ (وَحَلَفَ مَنْ لَمْ تَقْطَعْ بِصِدْقِهِ) مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ بِأَنْ ظَنَّتْ قِدَمَهُ فَلِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ أَوَظَنَّتْ حُدُوثَهُ، أَوْ شَكَّتْ فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينِ وَمَفْهُومُهُ إنْ قَطَعَتْ بِقَدَمِهِ فَلِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ، أَوْ حُدُوثِهِ فَلِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ وَهَذَا فِي عَيْبٍ خَفِيٍّ، أَوْ ظَاهِرٍ شَأْنُهُ الْخَفَاءُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ كَكَوْنِهِ أَعْمَى، وَهُوَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الظَّاهِرُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ لَا يَخْفَى فَلَا قِيَامَ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ لِعَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (وَقُبِلَ) فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَأَنَّهُ قَدِيمٌ، أَوْ حَادِثٌ (لِلتَّعَذُّرِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (غَيْرُ عَدُوٍّ، وَإِنْ مُشْرِكَيْنِ) بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ وَالْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِ الْكَافِرُ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ (وَيَمِينُهُ) أَيْ الْبَائِعِ أَيْ صِفَتُهَا إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ، أَوْ عَدَمِهِ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ (بِعْتُهُ) وَمَا هُوَ بِهِ فِي غَيْرِ ذِي التَّوْفِيَةِ، وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ (وَ) يَزِيدُ (فِي ذِي التَّوْفِيَةِ) أَيْ مَا فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْ مِثْلِيٍّ وَغَائِبٍ وَمُوَاضَعَةٍ وَثِمَارٍ عَلَى رُءُوسِ شَجَرٍ وَذِي عُهْدَةٍ وَخِيَارٍ (وَأَقْبَضْته) لِلْمُشْتَرِي (وَمَا هُوَ) أَيْ الْعَيْبُ (بِهِ) وَيَحْلِفُ (بَتًّا) أَيْ عَلَى الْقَطْعِ (فِي) الْعَيْبِ (الظَّاهِرِ) كَالْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَخَرْقِ الثَّوْبِ (وَعَلَى) نَفْيِ (الْعِلْمِ) بِأَنْ يَقُولَ وَمَا أَعْلَمُهُ بِهِ (فِي الْخَفِيِّ) كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَسَكَتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشْتَرِي وُجُودَهُمَا، أَوْ وُجُودَ أَحَدِهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ، أَوْ نَفَى قِدَمَهُ) أَيْ بِأَنْ وَافَقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ لَكِنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي حُدُوثَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي قِدَمَهُ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ ثَابِتٌ، وَأَمَّا إنْ صَاحَبَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ وَجَبَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَالْبَائِعُ يُرِيدُ نَقْصَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَوْلِهِ حَدَثَ عِنْدك فَهُوَ مُدَّعٍ اهـ. بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَدِيمٌ) أَيْ هَذَا الْعَيْبُ الْمَوْجُودُ فِيهِ قَدِيمٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ حَادِثٌ) أَيْ وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ حَادِثٌ أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ يَبُولُ فِي الْفُرُشِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ بَوْلَهُ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ فَإِذَا قَالَ الْأَمِينُ: إنَّهُ بَالَ عِنْدِي حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَوْلٌ عِنْدَهُ وَيُمْنَعُ الْمُشْتَرِي مِنْ رَدِّهِ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحُدُوثِ فَقَوْلُ الْأَمِينِ قَدْ أَضْعَفَ قَوْلَ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَا يَبُولُ فِي الْفُرُشِ أَصْلًا (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا) حَاصِلُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ، فَإِنْ قَطَعَتْ بِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ رَجَّحَتْ ذَلِكَ، أَوْ شَكَّتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ) أَسْنَدَ الشَّهَادَةَ لِلْعَادَةِ مَعَ أَنَّ الشَّاهِدَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِاسْتِنَادِهِمْ فِي شَهَادَتِهِمْ لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ غَالِبًا (قَوْلُهُ قَيَّدَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنَّفِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ، أَوْ قِدَمُهُ كَقِدَمِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي نَفْيِ قِدَمِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ لِلْمُشْتَرِي بِقِدَمِهِ، وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَيَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِقِدَمِهِ سَوَاءٌ اسْتَنَدُوا فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ، أَوْ لِلْمُعَايَنَةِ، أَوْ لِإِخْبَارِ الْعَارِفِينَ، أَوْ لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُمْ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ) ، فَإِنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِلْبَائِعِ بِالْحُدُوثِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِلْمُشْتَرِي بِالْقِدَمِ عَمِلَ بِقَوْلِ الْأَعْرَافِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمَعْرِفَةِ عَمِلَ بِقَوْلِ الْأَعْدَلِ، فَإِنْ تَكَافَآ فِي الْعَدَالَةِ سَقَطَا لِتَكَاذُبِهِمَا وَإِذَا سَقَطَا كَانَ كَالشَّكِّ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ) أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ (قَوْلُهُ فِي عَيْبِ خَفِيٍّ) أَيْ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ تَنَازَعَا فِي حُدُوثِهِ وَقِدَمِهِ (قَوْلُهُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ لَا يَخْفَى) أَيْ كَكَوْنِهِ مُقْعَدًا، أَوْ أَعْمَى فَاقِدَ الْحَدَقَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا قِيَامَ بِهِ) أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَهُ وَرَضِيَ بِهِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْفَعُ الْمُشْتَرِي شَهَادَةَ الْعَادَةِ بِقِدَمِهِ، وَلَوْ قَطَعَتْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَبِلَ فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ) أَيْ الْمُتَنَازَعِ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَنَّهُ قَدِيمٌ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ بَلْ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْمُسْلَمِ غَيْرِ الْعَدْلِ عِنْدَ وُجُودِهِمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُقْبَلُ مَعَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ مُشْرِكَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْعُدُولِ مُسْلِمِينَ بَلْ، وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ) أَيْ إنْ أَرْسَلَهُ الْقَاضِي وَكَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا حَيًّا لَا يَخْفَى عَيْبُهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ) أَيْ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ وَقِدَمِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِحُدُوثِهِ ظَنًّا (قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ) أَيْ، أَوْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي وُجُودِ الْعَيْبِ وَعَدَمِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ وَجَدَ مَا يُضْعِفُ دَعْوَى الْبَائِعِ عَدَمُهُ، أَوْ قَامَ لِلْمُشْتَرِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَى الْبَائِعِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ فَكَيْفَ يُعَمَّمُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَمِينِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ)

عَنْ يَمِينِ الْمُبْتَاعِ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِيهِمَا وَقِيلَ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا وَقِيلَ كَالْبَائِعِ أَيْ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْتُهُ وَمَا أَعْلَمُ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَيْبًا. . (وَالْغَلَّةَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (لِلْفَسْخِ) أَيْ فَسْخِ الْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ أَيْ الدُّخُولِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِأَنْ يَثْبُتَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ يَرْضَى بِأَخْذِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ الَّتِي لَا يَدُلُّ اسْتِيفَاؤُهَا عَلَى الرِّضَا بِأَنْ نَشَأَتْ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَصُوفٍ وَلَبَنٍ وَعَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَسُكْنَى دَارٍ لَا يَنْقُصُ (وَلَمْ تُرَدَّ) الْغَلَّةُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَيْ لَا يُقْضَى بِرَدِّهَا وَصَرَّحَ بِهَذَا، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (بِخِلَافِ وَلَدٍ) حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَرُدُّهُ مَعَ أُمِّهِ سَوَاءٌ اشْتَرَى الْأُمَّ حَامِلًا أَمْ حَمَلَتْ عِنْدَهُ فَوَجَدَ بِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ عَيْبًا (وَ) بِخِلَافِ (ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) حِينَ الشِّرَاءِ وَاشْتَرَطَهَا مَعَ الْأَصْلِ فَيَرُدَّهَا مَعَ الْأَصْلِ الْمَعِيبِ، وَلَوْ طَابَتْ، أَوْ جُذَّتْ، فَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ كَيْلَهُ وَقِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ ثَمَنَهُ إنْ بَاعَهُ وَعَلِمَ قَدْرَ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ أَيْضًا (وَ) بِخِلَافِ (صُوفٍ تَمَّ) وَقْتُ الشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي لِدُخُولِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ فَيَرُدُّ لِلْبَائِعِ مَعَ الْغَنَمِ الْمَعِيبَةِ، وَإِنْ فَاتَ رُدَّ وَزْنُهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رُدَّ الْغَنَمُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْتُهُ وَأَقْبَضْته وَمَا هُوَ بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَا هُوَ بِهِ لَيْسَ نَقِيضَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ وَمُتَعَلِّقُ الْيَمِينِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَقِيضَ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِهِ؛ لِأَنَّ نَقِيضَ الْقِدَمِ عَدَمُ الْقِدَمِ وَقَوْلُ الْبَائِعِ أَقَبَضْته وَمَا هُوَ بِهِ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ الْقِدَمِ وَتَضَمُّنُ الْيَمِينِ لِنَقِيضِ الدَّعْوَى كَافٍ مِثْلُ الْحَلِفِ عَلَى نَقِيضِهَا. (قَوْلُهُ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ بِقِدَمِ الْعَيْبِ ظَنًّا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ فَيَقُولُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ اشْتَرَيْته، وَهُوَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فِي عِلْمِي (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ فَيَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ وَفِيهِ هَذَا الْعَيْبُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ كَالْبَائِعِ) هَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ حَبِيبٍ. . (قَوْلُهُ أَيْ الدُّخُولُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) تَفْسِيرٌ لِلْفَسْخِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا ذُكِرَ لَا خُصُوصُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ نَشَأَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ إلَخْ) أَيْ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَمَّا إنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَهُوَ رِضًا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَرِضًا فَإِذَا سَكَنَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَقَامَ بِهِ حَالًا فَالْغَلَّةُ، وَهِيَ السُّكْنَى الْحَاصِلَةُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ تَكُونُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْخِصَامِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ وَقَبْلَ الْخِصَامِ فَذَلِكَ رِضًا، وَلَوْ قَلَّ الزَّمَنُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَلَّةَ الَّتِي تُجَامِعُ الْفَسْخَ مَا كَانَتْ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ سَوَاءٌ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكِ مُنْقِصٍ كَالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكِ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى، أَوْ نَشَأَتْ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَكَذَلِكَ مَا كَانَتْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَنَشَأَتْ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَطُلْ، أَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى إذَا كَانَتْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا الْغَلَّةُ الَّتِي لَا تُجَامِعُ الْفَسْخَ أَيْ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى الرِّضَا فَهِيَ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَنَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ مُنْقِصٍ كَالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ تَحْرِيكٍ أَصْلًا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ وَطَالَ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ وَلَدٍ) أَيْ لِأَمَةٍ، أَوْ لِإِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَقَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ مَعَ أُمِّهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَغْلَةً خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ حَيْثُ جَعَلَ الْوَلَدَ غَلَّةً وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي وِلَادَتِهَا إذَا رَدَّهَا إلَّا إذَا نَقَّصَتْهَا الْوِلَادَةُ فَيَرُدُّ مَعَهَا مَا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يُجْبَرَ ذَلِكَ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالْوِلَادَةِ بِالْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إذَا رَدَّهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) أَيْ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا غَلَّةٌ يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَ الرَّدُّ بَعْدَ أَنْ جَذَّهَا فَلَا يَرُدُّهَا لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ جَذِّهَا رَدَّهَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تَزْهُ، فَإِنْ أَزْهَتْ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَاتَ) أَيْ بِأَكْلٍ، أَوْ بِبَيْعٍ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) هَذَا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ بِغَيْرِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفَوَاتُ بِالْبَيْعِ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمَكِيلَةُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثَمَنَهُ إنْ عَلِمَ كَمَا قَالَ، أَوْ ثَمَنَهُ إنْ عَلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَيَكُونُ لَهُ الصُّوفُ فِي مُقَابَلَةِ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْغَنَمِ ثَمَنَ الصُّوفِ إنْ بَاعَهُ، أَوْ قِيمَتَهُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ كَمَا قِيلَ فِي الثَّمَرَةِ إنْ قَلَّتْ لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ عِنْدَ انْتِفَاءِ عِلْمِ الْمَكِيلَةِ وَالْوَزْنِ قُلْت؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْأُصُولَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ مِثْلَ الْغَنَمِ لَزِمَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطٍ تَأْتِي وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا وَأَخْذُ الْقِيمَةِ لَيْسَ بَيْعًا بِخِلَافِ رَدِّ الْغَنَمِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الصُّوفَ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْغَنَمِ وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى رَدِّ الْأُصُولِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ الْإِبَارِ

وَمَحَلُّ رَدِّ الصُّوفِ التَّامِّ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بَعْدَ جَزِّهِ مِثْلَهُ، وَإِلَّا فَلَا لِجَبْرِهِ بِمَا حَصَلَ، ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَرُدَّ قَوْلُهُ (كَشُفْعَةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ وَتَفْلِيسٍ وَفَسَادٍ) فَالْغَلَّةُ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ، وَلَا تُرَدُّ لِلْآخِذِ بِهَا وَلِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ وَلِلْمُفْلِسِ وَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي فُسِخَ شِرَاؤُهُ لِفَسَادِهِ وَلَا تُرَدُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَا لِلْبَائِعِ وَهَذَا فِي غَلَّةٍ غَيْرِ ثَمَرَةٍ، أَوْ فِيهَا إنْ فَارَقَتْ الْأُصُولَ، وَإِلَّا رُدَّ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ تَيْبَسْ عَلَى أُصُولِهَا وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْعَيْبِ مَا لَمْ تَزْهُ وَفِي الْفَلَسِ مَا لَمْ تُجَذَّ. . (وَدَخَلَتْ) السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِالْعَيْبِ (فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إنْ رَضِيَ بِالْقَبْضِ) أَيْ بِقَبْضِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا (أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ) الْعَيْبِ (عِنْدَ حَاكِمٍ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ) أَيْ بِالرَّدِّ إنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى حَاضِرٍ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ، ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً. . (وَلَمْ يَرُدَّ) الْمَبِيعَ (بِغَلَطٍ) أَيْ بِسَبَبِ غَلَطٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ أَيْ جَهِلَ اسْمَ الْمَبِيعِ الْخَاصِّ (إنْ سَمَّى بِاسْمِهِ) الْعَامِّ الَّذِي يَشْمَلُهُ وَغَيْرُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِشَخْصِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ، أَوْ يَبِيعَ هَذَا الْحَجَرَ بِرُخْصٍ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى حَجَرًا فَيَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالْمَنْظُورُ لَهُ هَذَا الزَّمَنُ لَا زَمَنُ جَذِّ الْمُشْتَرِي لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُذُّهَا غَالِبًا إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لَكِنْ لَا يُنْظَرُ لِهَذَا وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِوَقْتِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ رَدِّ الصُّوفِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ فَهَلْ كَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الصُّوفِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُرَدُّ مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ تُرَدَّ أُصُولُهَا حَتَّى ظَهَرَ فِيهَا أُخْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تُرَدَّ) أَيْ وَلَيْسَ هَذَا رَاجِعًا لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا تَتَأَتَّى الشُّفْعَةُ فِي أُمِّهِ وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ مَعَ أُمِّهِ، وَكَذَا فِي الْفَلَسِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْوَلَدُ مُفَوِّتٌ لَهُ وَمُوجِبٌ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ كَشُفْعَةٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مِثْلَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ لِلْفَلَسِ وَالْفَسَادِ فَكَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ وَلَا تُرَدُّ لِلْبَائِعِ كَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ وَلَا تُرَدُّ لِلْآخِذِ بِهَا وَكَذَلِكَ يَفُوزُ بِهَا الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ وَلَا تُرَدُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَكَذَلِكَ يَفُوزُ بِهَا مَنْ أُخِذَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْمَبِيعُ لِأَجْلِ تَفْلِيسِهِ، أَوْ لِفَسَادِ بَيْعِهِ وَلَا تُرَدُّ لِبَائِعِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ غَيْرَ ثَمَرَةٍ، أَوْ كَانَتْ ثَمَرَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَفَارَقَتْ الْأُصُولَ بِالْجَذِّ، فَإِنْ لَمْ تُجَذَّ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى أُصُولِهَا فَفِي الْعَيْبِ وَالْفَسَادِ يَجِبُ رَدُّهَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تَزْهُ، فَإِنْ أَزْهَتْ اسْتَحَقَّهَا الْمُشْتَرِي وَفِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَجِبُ رَدُّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَالْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ، وَإِلَّا فَازَ بِهَا الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الشِّقْصُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمُسْتَحَقُّ وَفِي الْفَلَسِ يَجِبُ رَدُّهَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تُجَذَّ بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ بِقَوْلِهِ: وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَقَيَا ... يَضْبِطُهُ تَجُذُّ عَفْزًا شِسْيَا فَالتَّاءُ فِي تَجُذُّ لِلتَّفْلِيسِ وَالْجِيمُ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ أَيْ تَفُوتُ الثِّمَارُ عَلَى الْبَائِعِ فِي التَّفْلِيسِ بِالْجَذِّ، وَالْعَيْنُ وَالْفَاءُ فِي عَفْزًا لِلْعَيْبِ وَالْفَسَادِ وَالزَّايِ لِلزَّهْوِ وَالشَّيْنُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْفَائِزُونَ بِغَلَّةٍ هُمْ خَمْسَةٌ ... لَا يَطْلُبُونَ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ الرَّدُّ فِي عَيْبٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ ... وَبِشُفْعَةٍ فَلَسٍ مَعَ اسْتِحْقَاقٍ فَالْأَوَّلَانِ لِزَهْوِهَا فَازَا بِهَا ... وَالْجَذُّ فِي فَلَسٍ وَيُبْسِ الْبَاقِي وَإِنَّمَا قُلْنَا، أَوْ كَانَتْ ثَمَرَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَأْبُورَةَ حِينَ الشِّرَاءِ، أَوْ حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ لَيْسَتْ غَلَّةً فَتُرَدُّ لِلْبَائِعِ فِي الْفَلَسِ وَالْعَيْبِ وَالْفَسَادِ مُطْلَقًا، وَلَوْ أَزْهَتْ، أَوْ يَبِسَتْ، أَوْ جُذَّتْ وَفِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ وَالْمُسْتَحِقُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي فُسِخَ شِرَاؤُهُ) ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسَادِ إلَّا فِي الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِوَقْفِيَّتِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْغَلَّةَ (قَوْلُهُ وَلَا لِلْبَائِعِ) أَيْ الَّذِي بَاعَ لِمُفْلِسٍ وَلَا الَّذِي بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا (قَوْلُهُ، أَوْ فِيهَا إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا فِي الثَّمَرَةِ إنْ فَارَقَتْ الْأُصُولَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرَ مَأْبُورَةٍ حِينَ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا رَدَّ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ، وَإِلَّا تُفَارِقُ الْأُصُولَ بَلْ كَانَتْ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ مُدَّةَ كَوْنِهَا لَمْ تَيْبَسْ، وَلَوْ أَزْهَتْ، فَإِنْ يَبِسَتْ فَازَ بِهَا الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَيْعِ) أَيْ وَتُرَدُّ لِلْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَفِي الْعَيْبِ مُدَّةَ كَوْنِهَا لَمْ تَزْهُ، فَإِنْ أَزْهَتْ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي فِيهِمَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تُجَذَّ) أَيْ، وَلَوْ يَبِسَتْ، فَإِنْ جُذَّتْ فَازَ بِهَا الْمُفْلِسُ. . (قَوْلُهُ بِالْقَبْضِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَضِيَ لَا بِدَخَلْت (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ قَبْضِهَا مَعَ مُضِيِّ زَمَانٍ يُمْكِنُ قَبْضُهَا فِيهِ، أَوْ لَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ رَضِيَ بِالْقَبْضِ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ وَلَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهَا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ. . (قَوْلُهُ أَيْ جَهِلَ اسْمَ الْمَبِيعِ الْخَاصِّ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَطِ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ جَهْلُ اسْمِهِ الْخَاصِّ فَالْغَلَطُ وَاقِعٌ فِي الِاسْمِ الْخَاصِّ، وَالتَّسْمِيَةُ وَاقِعَةٌ بِالِاسْمِ الْعَامِّ فَلَا تَنَاقُضَ

وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ الْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عِلْمِ الْآخَرِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ وَكِيلٍ، وَإِلَّا رَدَّ بِالْغَلَطِ قَطْعًا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ كَهَذِهِ الزُّجَاجَةِ فَإِذَا هِيَ يَاقُوتَةٌ لَثَبَتَ الرَّدُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ سَمَّى بِاسْمٍ خَاصٍّ كَتَسْمِيَةِ الْحَجَرِ يَاقُوتَةً. . (وَلَا) يَرُدُّ الْمَبِيعَ (بِغَبْنٍ) بِأَنْ يَكْثُرَ الثَّمَنُ، أَوْ يَقِلَّ جِدًّا (وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ) بِأَنْ خَرَجَ عَنْ مُعْتَادِ الْعُقَلَاءِ (وَهَلْ) عَدَمُ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ (إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ) الْمَغْبُونُ (وَيُخْبِرُهُ) أَيْ يُخْبِرُ صَاحِبَهُ (بِجَهْلِهِ) تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِسْلَامِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْنِي كَمَا تَبِيعُ لِلنَّاسِ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ الْقِيمَةَ، أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ غَيْرِي، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ) بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا قِيمَتُهُ لِأَشْتَرِيَ بِهَا، أَوْ لِأَبِيعَ بِهَا فَيَقُولُ لَهُ قِيمَتُهُ كَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ تَنْوِيعٌ ظَاهِرِيٌّ وَالْمُؤَدَّى وَاحِدٌ فَلَهُ الرَّدُّ حِينَئِذٍ قَطْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ قَوْلِهِ غَلَطٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ سَمَّى بِاسْمِهِ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ) أَيْ لِتَفْرِيطِهِ إذْ لَوْ شَاءَ لَتَمَسَّكَ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذَا بِدِرْهَمٍ، أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذَا بِدِرْهَمٍ وَيَرْضَى الْآخَرُ فَيُوجَدُ يَاقُوتَةٌ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ غَلَطٌ يُحْتَجُّ بِهِ (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) ، وَهُوَ الْجَهْلُ لِذَاتِ الْمَبِيعِ وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ اسْمِهِ الْخَاصِّ بِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ خَاصٍّ غَيْرِ اسْمِهِ الْخَاصِّ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ، وَكَذَا لَوْ سُمِّيَ بِاسْمٍ خَاصٍّ) أَيْ فَظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسَمًّى بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسَمًّى بِعَامٍّ (قَوْلُهُ كَتَسْمِيَةِ الْحَجَرِ يَاقُوتَةً) أَيْ فَإِذَا سَمَّى الْحَجَرَ يَاقُوتَةً فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي حَجَرًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا جَهِلَ ذَاتَ الْمَبِيعِ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ اسْمَهُ الْخَاصَّ بِهِ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ عَامٍّ فَلَا رَدَّ، وَإِنْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ خَاصٍّ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ الْخَاصِّ فَلَهُ الرَّدُّ سَوَاءٌ كَانَ مُسَمًّى بِاسْمٍ خَاصٍّ آخَرَ، أَوْ كَانَ مُسَمًّى بِالِاسْمِ الْعَامِّ. . (قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِغَبْنٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ بِالْغَبْنِ، أَوْ الْمُشْتَرِي بِهِ وَكِيلًا، أَوْ وَصِيًّا، وَإِلَّا رَدَّ مَا صَدَرَ مِنْهُمَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، فَإِنْ بَاعَا بِغَبْنٍ وَفَاتَ الْمَبِيعُ رَجَعَ الْمُوَكِّلُ وَالْمَجْحُورُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا وَقَعَ الْغَبْنُ وَالْمُحَابَاةُ بِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ بِذَلِكَ، وَإِنْ اشْتَرَيَا بِغَبْنٍ وَفَاتَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُوَكِّلُ وَالْمَحْجُورُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا وَقَعَتْ الْمُحَابَاةُ وَالْغَبْنُ بِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ رَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ فِي طُرَرِهِ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يَتَقَيَّدُ الْغَبْنُ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِالثُّلُثِ كَالْغَبْنِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لِأَنْفُسِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ، أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ بَلْ مَا نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ نَقْصًا بَيِّنًا، أَوْ زَادَ عَلَيْهَا زِيَادَةً بَيِّنَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثُّلُثُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْغَبْنُ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مُغَالَبَةِ النَّاسِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ بِمَا خَالَفَ الْعَادَةَ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ مُعْتَادِ الْعُقَلَاءِ أَيْ فِي الْمُغَالَبَةِ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُبَالَغَةِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادَةِ، وَأَمَّا الْمُبَالَغَةُ الْمُعْتَادَةُ فَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَقِيلَ الثُّلُثُ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» اهـ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ إنْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَلَى قِيمَتِهِ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ بِنُقْصَانِ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهِ فَأَعْلَى إذَا كَانَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعَ، وَقَامَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْعَامِ وَبِهَذَا أَفْتَى الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيُّ وَابْنِ لُبٍّ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ عَاصِمٍ فِي مَتْنِ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ بِغَبْنٍ فِي مَبِيعٍ قَامَا ... فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَامَا وَأَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعْ ... وَالْغَبْنُ لِلثُّلْثِ فَمَا زَادَ وَقَعْ وَعِنْدَ ذَا يُفْسَخُ بِالْأَحْكَامِ ... وَلَيْسَ لِلْعَارِفِ مِنْ قِيَامِ اهـ. قُلْت وَالْعَمَلُ بِهِ مُسْتَمِرٌّ عِنْدَنَا بِفَاسَ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ الْقِيمَةَ) أَيْ فَيَقُولُ لَهُ بِعْتُ لِلنَّاسِ بِكَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ يَكْذِبُ بَلْ بَاعَ بِأَقَلَّ (قَوْلُهُ كَمَا تَشْتَرِي مِنْ غَيْرِي) أَيْ فَيَقُولُ لَهُ قَدْ اشْتَرَيْت مِنْ غَيْرِك بِكَذَا، وَهُوَ يَكْذِبُ بَلْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ ظَاهِرِيٌّ) أَيْ تَنْوِيعٌ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ فَقَوْلُهُ، أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَالْمُقَابِلُ مَحْذُوفٌ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، أَوْ لَا يُرَدُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالْمُؤَدَّى وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مُوجِبَ الرَّدِّ جَهْلُ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي وَكَذِبُ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَمَتَى كَانَ هُنَاكَ جَهْلٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكَذَبَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَالرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَهْلٌ فَلَا رَدَّ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ فَكَذَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَة فَلَا رَدَّ بِالْغَبْنِ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَطْعِ أَيْ الِاتِّفَاقِ عَلَى الرَّدِّ إذَا كَانَ هُنَاكَ اسْتِسْلَامٌ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ لَا مُطْلَقًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اتِّفَاقًا بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لِذَلِكَ الْقَائِلِ كَذَا

أَوْ لَا يَرُدُّ مُطْلَقًا (تَرَدُّدٌ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْأَوَّلُ. . (وَرَدَّ) الرَّقِيقَ خَاصَّةً الْمُتَقَدِّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعَ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ رَقِيقًا (فِي) زَمَنِ (عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) وَالْعُهْدَةُ لُغَةً مِنْ الْعَهْدِ، وَهُوَ الْإِلْزَامُ وَالِالْتِزَامُ وَاصْطِلَاحًا تَعَلُّقُ الْمَبِيعِ بِضَمَانِ الْبَائِعِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَهِيَ قِسْمَانِ عُهْدَةُ سَنَةٍ وَسَتَأْتِي، وَهِيَ طَوِيلَةُ الزَّمَانِ قَلِيلَةُ الضَّمَانِ وَعُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَهِيَ قَلِيلَةُ الزَّمَانِ كَثِيرَةُ الضَّمَانِ يُرَدُّ فِيهَا الرَّقِيقُ (بِكُلِّ) عَيْبٍ (حَادِثٍ) فِي دِينِهِ، أَوْ بَدَنِهِ، أَوْ خُلُقِهِ، وَلَوْ مَوْتًا بِسَمَاوِيٍّ (إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ) مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ كَالْإِبَاقِ، أَوْ السَّرِقَةِ فَلَا رَدَّ بِهِ إنْ حَدَثَ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعُهْدَةِ فِيمَا عَدَاهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ سُقُوطَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِالتَّبَرِّي مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَبَرَّأَ مِنْ جَمِيعِهَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عُهْدَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي. (وَدَخَلَتْ) عُهْدَةُ الثَّلَاثِ (فِي) زَمَنِ (الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ بِأَنْ تُنْتَظَرَ أَقْصَاهُمَا حَتَّى تُخْرَجَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الثَّلَاثِ انْتَظَرْته، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ غَيْرِ مُوَاضَعَةٍ فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَتَسْتَقِلُّ الْعُهْدَةُ بِنَفْسِهَا وَلَا تَدْخُلُ مَعَ شَيْءٍ. (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الرَّقِيقِ زَمَنَ الْعُهْدَةِ وَيَدْخُلُ فِيهَا الْكِسْوَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُرَدُّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْلَامِ، أَوْ الْمُكَايَسَةِ. (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ، وَقَدْ عَلِمْت الطَّرِيقَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهَا بِلَوْ فَجُمْلَةُ مَا فِي الْغَبْنِ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ طُرُقٍ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْأَوَّلُ) أَيْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْلَامِ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ لِلرُّجُوعِ لِلْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الرَّدِّ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) مُتَعَلِّقٌ بِحَادِثٍ وَبِكُلِّ حَادِثٍ مُتَعَلِّقٍ بِرَدٍّ، وَبَاؤُهُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ وَرَدٌّ بِسَبَبِ وُجُودِ كُلِّ عَيْبٍ حَادِثٍ حَدَثَ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ أَنَّهُ عَيْبٌ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْمَوْصُوفَ اللَّيَالِي لِأَجْلِ تَذْكِيرِ الْعَدَدِ وَاللَّيَالِي تَسْتَلْزِمُ الْأَيَّامَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْإِلْزَامُ) أَيْ إلْزَامُ الْغَيْرِ شَيْئًا، وَالِالْتِزَامُ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ قَلِيلَةُ الزَّمَانِ كَثِيرَةُ الضَّمَانِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ فِيمَا هِيَ فِيهِ لَازِمٌ لَا خِيَارَ فِيهِ لَكِنْ إنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ تَمَّ لُزُومُهُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَعًا، وَإِنْ أَصَابَهُ نَقْصٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَعَيْبٍ قَدِيمٍ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ وَيُلْغَى الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْهَا إنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ فِي دِينِهِ) أَيْ بِأَنْ حَدَثَ فِيهِ فِسْقٌ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ مَوْتًا بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ، أَوْ غَرَقًا، أَوْ حَرْقًا، أَوْ سُقُوطًا مِنْ عَالٍ، أَوْ قَتْلًا بِغِيلَةٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْكُلِّيَّةِ ذَهَابُ الْمَالِ فَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاشْتَرَطَ مَالَهُ لِلْعَبْدِ، ثُمَّ ذَهَبَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ جُلَّ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ فَلَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمَالِ صَارَ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهُ، وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرِطُ مَالَهُ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ وَرَدَّ الْمَالَ لِبَائِعِهِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ وَذَهَبَ الْمَالُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَهُ رَدُّهُ بِذَهَابِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا بَعْدَ حَلِّ الشَّارِحِ لَهُ بِقَوْلِهِ بِكُلِّ حَادِثٍ حَدَثَ فِي دِينِهِ، أَوْ بَدَنِهِ، أَوْ خُلُقِهِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ بِهِ إنْ حَدَثَ مِثْلُهُ) أَيْ وَأَوْلَى لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ مِثْلِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْعُهْدَةُ مُشْتَرَطَةً، أَوْ مُعْتَادَةً، أَوْ حَمَلَ النَّاسَ السُّلْطَانُ عَلَيْهَا وَخَصَّ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ بِالْمُعْتَادَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَطَةً، أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا فَيُرَدُّ مَعَهَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ مَعَ بَقَاءِ الْعُهْدَةِ) أَيْ الضَّمَانِ فِيمَا عَدَاهُ فَإِذَا تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ إبَاقِهِ، وَقَدْ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ فَأَبَقَ فِي زَمَنِهَا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلَاكُهُ بَلْ سَلَّمَ فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْإِبَاقِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ فَتَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ هَلَاكُهُ زَمَنَهَا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَطْ لَا مِنْهُ وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) فَإِذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِمَا حَدَثَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ مُشْتَرَطَةً، أَوْ مُعْتَادَةً، أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَخَصَّهُ اللَّقَانِيِّ بِالْمُعْتَادَةِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَطَةُ، أَوْ الَّتِي حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا فَيُرَدُّ فِيهِمَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اللَّقَانِيَّ خَصَّصَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُعْتَادَةِ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ فِيهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ) قَالَ بْن وَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ قَرَّرَ بِهِ تت وَالثَّانِي قَرَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا: وَهَذَا الثَّانِي، أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَدْخُلُ فِي الثَّانِي وَلَا عَكْسَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ أَيْ الْمُوَاضَعَةُ) إنَّمَا فَسَّرَ الِاسْتِبْرَاءَ هُنَا بِالْمُوَاضَعَةِ؛ لِأَنَّ التَّدَاخُلَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ وَالِاسْتِبْرَاءُ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ انْتَظَرْت الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ) أَيْ وَتَدَاخَلَا فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ مَعَ شَيْءٍ) أَيْ لَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ وَلَا تَدْخُلُ أَيْضًا فِي الْخِيَارِ بَلْ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ مُضِيِّ أَمَدِ الْخِيَارِ وَلَا تَدْخُلُ أَيْضًا فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ تُؤْتَنَفُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ، وَكَذَا بَعْدَ

مِمَّا يَقِيهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ. (عَلَيْهِ وَلَهُ الْأَرْشُ) فِي جِنَايَةٍ عَلَيْهِ زَمَنَهَا وَالْغَلَّةُ (كَالْمَوْهُوبِ) لِلْعَبْدِ زَمَنَهَا ثَابِتَةً (لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ النَّفَقَةُ لَا صِلَةَ الْمَوْهُوبِ وَاللَّامُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ بِمَعْنَى عَلَى وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِلَةً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَاسْتُثْنِيَ مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ قَوْلُهُ (إلَّا) الْعَبْدَ (الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ) عِنْدَ الْبَيْعِ لِمُشْتَرِيهِ، أَوْ لَهُ فَمَا يُوهَبُ لَهُ زَمَنَهَا لِلْمُشْتَرِي (وَ) رُدَّ (فِي) (عُهْدَةِ السَّنَةِ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ) فِي الرَّقِيقِ (بِطَبْعٍ، أَوْ مَسِّ جِنٍّ لَا) إنْ كَانَ (بِكَضَرْبَةٍ) وَطَرْبَةٍ وَخَوْفٍ لِسُهُولَةِ زَوَالِهِ بِمُعَالَجَةٍ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِالْعُهْدَتَيْنِ (إنْ شُرِطَا) عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ بِحَمْلِ السُّلْطَانِ النَّاسَ عَلَيْهِمَا (أَوْ اُعْتِيدَا) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِمَا (وَلِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهُمَا) عَنْ الْبَائِعِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهِمَا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَ) الْعَيْبُ (الْمُحْتَمَلُ) حُدُوثُهُ زَمَنَهُمَا وَبَعْدَهُ الْمُطَّلَعُ عَلَيْهِ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِمَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا قَطَعَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ حَدَثَ زَمَنَهُمَا فَمِنْ الْبَائِعِ وَلَمَّا اسْتَثْنَى الْمُتَيْطِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً لَا عُهْدَةَ فِيهَا أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ فِي رَقِيقٍ غَيْرِ مُنْكَحٍ بِهِ (لَا فِي) رَقِيقٍ (مُنْكَحٍ بِهِ) دَفَعَهُ الزَّوْجُ صَدَاقًا؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُكَارَمَةُ وَمَحَلُّ سُقُوطِ الْعُهْدَةِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ إنْ اُعْتِيدَتْ، فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ عَمِلَ بِهَا (أَوْ) رَقِيقٍ (مُخَالَعٍ) بِهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُنَاجَزَةُ (أَوْ مُصَالَحٍ) بِهِ (فِي دَمٍ عَمْدٍ) فِيهِ قِصَاصٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ، أَوْ مِنْ الْخَطَأِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِيَارِ وَالْمُوَاضَعَةِ وَدَخَلَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ. . (قَوْلُهُ مِمَّا يَقِيه الْحَرَّ وَالْبَرْدَ) أَيْ لَا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ زَمَنَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ لِلْبَائِعِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ لَا صِلَةَ الْمَوْهُوبِ) أَيْ لَا أَنَّهُ صِلَةٌ لِلْمَوْهُوبِ أَيْ بَلْ صِلَتُهُ مُقَدَّرَةٌ بِلَفْظٍ لَهُ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ ثَانٍ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِأَلْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا (قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ) أَيْ لَكِنَّهُ يُقَدَّرُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا لَهُ (قَوْلُهُ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ) أَيْ بِحُدُوثِ جُذَامٍ وَبَرَصٍ مُحَقَّقَيْنِ وَفِي مَشْكُوكِهِمَا قَوْلَانِ فَقِيلَ إنَّ الْمَشْكُوكَ كَالْمُحَقَّقِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ وَهْبٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ إنَّمَا اخْتَصَّتْ عُهْدَةُ السَّنَةِ بِهَذِهِ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ تَتَقَدَّمُ أَسْبَابُهَا وَيَظْهَرُ مِنْهَا مَا يَظْهَرُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ دُونَ فَصْلٍ بِحَسَبِ مَا أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ مِنْ حُصُولِ ذَلِكَ الدَّاءِ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ (قَوْلُهُ وَجُنُونٌ) وَلَا يُرَدُّ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ فَلَوْ أَصَابَ الرَّقِيقَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْأَدْوَاءِ فِي السَّنَةِ، ثُمَّ ذَهَبَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا لَمْ يُرَدَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَوْدِهِ (قَوْلُهُ بِطَبْعٍ) أَيْ بِفَسَادِ الطَّبِيعَةِ كَغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَسِّ جِنٍّ أَيْ بِأَنْ كَانَ بِوَسْوَاسٍ وَيُرَدُّ بِهِ هُنَا دُونَ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ الطَّبِيعِيِّ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَأَمَّا مَا كَانَ بِضَرْبَةٍ وَنَحْوِهَا كَطَرْبَةٍ فَلَا يُرَدُّ بِهِ فِيهِمَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ عج قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِكَضَرْبَةٍ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجُنُونِ طَبِيعِيًّا، أَوْ بِمَسِّ جِنٍّ، أَوْ حَدَثَ بِكَضَرْبَةٍ فِي الرَّدِّ بِكُلٍّ مِنْهَا فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ وَالثَّلَاثِ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ إنْ شُرِطَا، أَوْ اُعْتِيدَا) ، فَإِنْ انْتَفَيَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِمَا فِي الرَّدِّ بِحَادِثٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ رِوَايَةَ الْمِصْرِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْعُهْدَةِ فِي الرَّقِيقِ إلَّا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ، أَوْ حَمْلِ السُّلْطَانِ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَإِنْ انْتَفَى مَا ذُكِرَ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا فِي الرَّدِّ بِحَادِثٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ لِاخْتِصَاصِهَا بِدَرْكِ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ دُونَ الْعَيْبِ وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ وَفِي الْبَيَانِ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِهَا، وَإِنْ اشْتَرَطُوهَا (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِحَمْلِ السُّلْطَانِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ، وَلَوْ حُكْمًا وَجَرَّدَ الْمُصَنِّفُ الْفِعْلَيْنِ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي مَعْنَى الزَّمَانِ، أَوْ الضَّمَانِ أَيْ إنْ شَرَطَ الزَّمَانَانِ، أَوْ الضَّمَانَانِ، أَوْ اُعْتِيدَ (قَوْلُهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهِمَا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ) مُرَادُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا فَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي أَثْنَاءِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ حَادِثٍ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ وَلَا يَكُونُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فِي بَاقِي الْعُهْدَةِ مُسْقِطًا لِمَا مَضَى مِنْهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَمِنْ الْبَائِعِ) أَيْ بِدُونِ يَمِينٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْقَطْعِ وَبِهِ عِنْدَ الظَّنِّ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ بَعْدَهُمَا فَمِنْ الْمُشْتَرِي بِدُونِ يَمِينٍ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ ظَنَّتْ، أَوْ شَكَّتْ فَمِنْ الْمُشْتَرِي لَكِنْ مَعَ يَمِينِ الْبَائِعِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ وَرُدَّ بِكُلِّ حَادِثٍ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَبِالْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فِي رَقِيقٍ غَيْرِ مُنْكَحٍ بِهِ لَا فِي مُنْكَحٍ بِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ عُمِلَ بِهَا) أَيْ فِي الْمُنْكَحِ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ طَرِيقَةَ) أَيْ الْخُلْعِ الْمُنَاجَزَةُ أَيْ، وَالْعُهْدَةُ تُنَافِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَعَ بِهِ يَكُونُ حَالًّا

فَكَذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَالْعُهْدَةُ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُسْلَمٍ فِيهِ) كَأَنْ يُسْلِمَ دِينَارًا فِي عَبْدٍ (أَوْ بِهِ) كَأَنْ يُسْلِمَ عَبْدًا فِي بِرٍّ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ يُطْلَبُ فِيهَا التَّخْفِيفُ. . (أَوْ قَرْضٍ) فَإِذَا اقْتَرَضَ رَقِيقًا فَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَيَلْزَمُ رَدُّ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُقْرِضُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَالْمَأْخُوذُ عَنْ قَضَائِهِ كَذَلِكَ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، أَوْ مَأْخُوذٌ عَنْ دَيْنٍ (أَوْ) رَقِيقٍ غَائِبٍ بِيعَ (عَلَى صِفَةٍ) لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ عَلَى الرُّؤْيَةِ (أَوْ مُقَاطَعٌ بِهِ مُكَاتَبٌ) أَيْ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ النُّجُومِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ إذْ رُبَّمَا أَدَّتْ الْعُهْدَةُ لِعَجْزِهِ فَيَرِقُّ (أَوْ) رَقِيقٍ (مَبِيعٍ عَلَى كَمُفْلِسٍ) ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ السَّفِيهَ وَالْغَائِبَ لِدَيْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَنَفَقَةِ زَوْجَةٍ (أَوْ مُشْتَرِي لِلْعِتْقِ) أَيْ بِشَرْطِ عِتْقِهِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلِلتَّسَاهُلِ فِي ثَمَنِهِ (أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ) عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ لِلتَّسَاهُلِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ وَالْبَيْعِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ. . (أَوْ) (رَدَّ بِعَيْبٍ) عَلَى بَائِعِهِ فَلَا عُهْدَةَ لِلْبَائِعِ عَلَى الرَّادِّ؛ لِأَنَّهُ حَلٌّ لِلْبَيْعِ لَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ (أَوْ وَرَّثَ) أَيْ إذَا خَصَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ رَقِيقٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُؤَجَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِالتَّسَاهُلِ فِيهِ؛ وَلِذَا أَجَازُوا فِيهِ الْغَرَرَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَالْعُهْدَةُ) صَرِيحُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِمَا فِيهِ الْمَالُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَصَالَحَ عَنْهُ بِعَبْدٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَأْخُوذًا عَنْ دَيْنٍ وَلَا عُهْدَةَ فِي الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُصَالَحَ بِهِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ قِصَاصٌ، أَوْ مَالٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَلَا مَفْهُومَ لِدَمِ الْعَمْدِ بَلْ كَذَلِكَ الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ إقْرَارٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُصَالَحَ بِهِ عَنْ الدَّمِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ دَمَ خَطَأٍ، أَوْ عَمْدٍ فِيهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الْمَالُ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ كَالْهِبَةِ وَالْمَدْفُوعَ فِي صُلْحِ الْإِقْرَارِ مَدْفُوعٌ عَنْ دَيْنٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّمِ الْمُوجِبِ لِلْمَالِ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَمَّا الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ فَعَدَمُ الْعُهْدَةِ فِيهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ كَالْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ فَالْقَصْدُ بِدَفْعِ الْعَبْدِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ وَقَطْعُهَا يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ وَالْعُهْدَةُ تَقْتَضِي عَدَمَهَا، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ غَيْرِ الدَّمِ، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا فَفِيهِ الْعُهْدَةُ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَنْ دَيْنٍ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: إنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فِيهِ الْعُهْدَةُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمُعَيَّنٍ لَا بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ الَّذِي لَا عُهْدَةَ فِيهِ فَمَعْنَاهُ الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَكُونُ فِيهِ الْعُهْدَةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ عُهْدَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْهِبَةَ فِي حَقِّ الدَّافِعِ وَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى تَرْكِ خُصُومَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا فِيهِ عُهْدَةٌ، وَأَمَّا الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ، أَوْ دَمٍ فَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عُهْدَةٌ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِي ذَلِكَ انْتِفَاءً لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَمَا عُلِّلَ بِهِ سُقُوطُ الْعُهْدَةِ فِي الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ كَمَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْعُهْدَةِ، أَوْ لَا فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمُعَيَّنٍ كَمَا ذَكَرْنَا اهـ. بْن فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ مُطْلَقًا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَمٍ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ بِمُعَيَّنٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ، وَإِلَّا فَلَا. . (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ عَلَى الرُّؤْيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا مَرْئِيًّا، أَوْ بَيْعٍ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ عَلَى الْبَرَاءَةِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا عِلْمُ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ إنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِهِ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكَمَ (قَوْلُهُ السَّفِيهُ وَالْغَائِبُ لِدَيْنٍ) أَيْ إذَا بِيعَ عَلَيْهِمَا الْعَبْدُ لِدَيْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ) أَيْ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَأْخُوذِ صُلْحًا عَنْ الدَّيْنِ وَالْمَأْخُوذِ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ تَبِعَ فِيهِ بَعْضَهُمْ وَبَعْضَهُمْ أَبْقَى الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَجَعَلَ الْمَأْخُوذَ عَنْ الدَّيْنِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ مُطْلَقًا أُخِذَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالْمُشَاحَّةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى الْعُهْدَةِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ إلَخْ. . (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَلٌّ لِلْبَيْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ حَلٌّ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ) أَيْ عِنْدَ سَحْنُونٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهَذَا الْقَوْلُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَنَصُّهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الْعُهْدَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُقَالِ مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ فِيهِ الْعُهْدَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا عُهْدَةَ فِيهِ وَهَذَا عِنْدِي إذَا اُنْتُقِدَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُنْتَقَدْ فَلَا عُهْدَةَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ كَالْعَبْدِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ اهـ. مِنْ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ وَحَكَى فَضْلٌ عَنْ سَحْنُونٍ كَمَقُولِ أَصْبَغَ فِي الْإِقَالَةِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ اهـ فَثَبَتَ أَنَّ لَهُ

وَكَذَا مَا بِيعَ فِي الْمِيرَاثِ (أَوْ وُهِبَ) لِلثَّوَابِ وَأَوْلَى غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ (أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا) فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى بَائِعِهَا لِلْمَوَدَّةِ السَّابِقَةِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاعَدَةَ حَصَلَتْ بِفَسْخِ النِّكَاحِ (أَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ) الرَّقِيقُ الْبَيْعَ لَهُ فَأَحَبَّ شَخْصًا فَلَا عُهْدَةَ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي حَالَ الْبَيْعِ بِالْوَصِيَّةِ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُضَرُّ لِتَنْفِيذِ غَرَضِ الْمَيِّتِ (أَوْ) مُوصًى (بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ) حَيْثُ عَيَّنَ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرُوا سَعِيدًا عَبْدَ زَيْدٍ وَأَعْتِقُوهُ عَنِّي (أَوْ مُكَاتَبٌ بِهِ) أَيْ وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُكَ عَلَى عَبْدِك فُلَانٍ فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ، أَوْ مُقَاطَعٌ بِهِ مُكَاتَبٌ (أَوْ الْمَبِيعُ فَاسِدًا) إذَا فَسَخَ الْبَيْعَ وَرَدَّ الرَّقِيقَ لِبَائِعِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ (وَسَقَطَتَا) أَيْ الْعُهْدَتَانِ (بِكَعِتْقٍ) نَاجِزٍ وَكِتَابَةٍ وَإِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ (فِيهِمَا) أَيْ فِي زَمَنِهِمَا فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا حَدَثَ مِنْ عَيْبٍ وَالْأَرْجَحُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ شَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَمَا يَنْتَهِي بِهِ ضَمَانُهُ فَقَالَ (وَضَمِنَ بَائِعٌ) مَبِيعًا (مَكِيلًا) وَغَايَةُ ضَمَانِهِ (لِقَبْضِهِ) مُبْتَاعَهُ (بِكَيْلٍ) مُتَعَلِّقٍ بِمَكِيلًا وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ ضَمِنَ الْبَائِعُ الْمَكِيلَ فِي حَالِ كَيْلِهِ إلَى قَبْضِهِ وَقَبْضُهُ تَفْرِيغُهُ فِي أَوْعِيَةِ الْمُشْتَرِي وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَبْضِهِ (كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بِالْوَزْنِ، أَوْ الْعَدِّ (وَالْأُجْرَةِ) لِلْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ، أَوْ الْعَدِّ الْحَاصِلِ بِهِ التَّوْفِيَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ إذْ لَا تَحْصُلُ التَّوْفِيَةُ إلَّا بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، أَوْ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ الثَّمَنِ إذَا كَانَ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ مَعْدُودًا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لَهُ (بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ) فَلَا أُجْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلَيْنِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَكَذَا مَا بِيعَ فِي الْمِيرَاثِ) وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إرْثٌ أَمْ لَا وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْوَارِثِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَحْدُثُ اهـ. خش (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ) أَيْ بِقِسْمَيْهَا وَلِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ فِيهَا وَالْعُهْدَةُ تَقْتَضِي الْمُشَاحَّةَ (قَوْلُهُ لِلْمَوَدَّةِ السَّابِقَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي عَدَمَ رَدِّهَا بِمَا يَحْدُثُ فِيهَا فِي ثَلَاثٍ، أَوْ سَنَةٍ وَلَهُ رَدُّهَا بِقَدِيمٍ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَهُمَا بِفَسْخِ النِّكَاحِ) ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهَا لَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَصَارَ لَا يَطَؤُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا فَإِنَّهُ، وَإِنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ إلَّا أَنَّهُ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ فَلَمْ تَحْصُلْ الْمُبَاعَدَةُ بَيْنَهُمَا بِشِرَائِهِ لَهَا بِخِلَافِ شِرَائِهَا لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا عُهْدَةَ) أَيْ لِأَجْلِ تَنْفِيذِ غَرَضِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ إذَا عُلِمَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ دَاخِلٌ عَلَى تَنْفِيذِ غَرَضِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ حَيْثُ عَيَّنَ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَالْعُهْدَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ بِحَادِثٍ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ يَشْتَرِي غَيْرَهُ فَلَمْ يَفُتْ غَرَضُ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ لَا أَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ حَتَّى يَكُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعُهْدَةُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ أَنَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ الرُّجُوعَ أَيْ عَلَى الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ أَيْ بِأَرْشِ ذَلِكَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ بَعْدَ صُدُورِ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ وَيُمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ وَمُقَابِلُ الْأَرْجَحِ قَوْلَانِ: لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْعُهْدَةِ، وَقِيلَ يَنْقَضِ الْعِتْقُ وَيَرُدُّ بِذَلِكَ الْحَادِثِ، وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِمُوَافَقَةِ سَحْنُونٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ لِخِلَافِهِ. . (قَوْلُهُ عَلَى مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ) أَيْ كَالْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَالْعُهْدَةِ وَالْغَلَطِ وَالْغَبْنِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَتَوْفِيَةُ الشَّيْءِ تَأْدِيَتُهُ (قَوْلُهُ لِقَبْضِهِ) أَيْ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ مُشْتَرِيهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَكِيلًا) فِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِهِ بِمَكِيلًا كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا فَالْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِضَمِنَ وَقَوْلُهُ فِي حَالِ كَيْلِهِ أَرَادَ بِالْكَيْلِ الْفِعْلَ لَا الْآلَةَ، وَإِلَّا لَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ (قَوْلُهُ تَفْرِيغُهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ التَّفْرِيغِ فِي أَوْعِيَةِ الْمُشْتَرِي كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا هَلَكَ حَالَ تَفْرِيغِهِ فِيهَا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ التَّفْرِيغُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ مَا يَشْمَلُ تَسْلِيمَهُ لَهُ وَتَفْرِيغَهُ فِي أَوْعِيَتِهِ لَا خُصُوصَ التَّفْرِيغِ فِي أَوْعِيَتِهِ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ فِي حَالِ التَّفْرِيغِ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ مُطْلَقًا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَبْضِهِ) أَيْ وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لِقَبْضِهِ بِسَبَبِ تَمَامِ كَيْلِهِ وَتَمَامُ كَيْلِهِ خُرُوجُهُ مِنْ مِعْيَارِهِ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ الْبَاءَ فِي بِكَيْلِهِ بِمَعْنَى بَعْدُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَبْضِهِ (قَوْلُهُ كَمَوْزُونِ وَمَعْدُودٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ ضَمَانَ الْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بِوَزْنٍ، أَوْ عَدٍّ فَلَوْ فَرَّغَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَيْتِهِ مَثَلًا، ثُمَّ وُجِدَتْ فَأْرَةٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا فَعَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَفِي ح اُخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْقِمْعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّوْفِيَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، أَوْ يَأْتِي الْمُشْتَرِي بِإِنَاءٍ وَاسِعٍ اهـ. وَانْظُرْ لَوْ تَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ، أَوْ الْوَزْنَ، أَوْ الْعَدَّ بِنَفْسِهِ هَلْ طَلَبَ الْبَائِعَ بِأُجْرَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَ شَأْنُهُ ذَلِكَ، أَوْ سَأَلَهُ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ الثَّمَنِ) أَيْ أُجْرَةَ كَيْلِهِ، أَوْ وَزْنِهِ، أَوْ عَدِّهِ

عَلَى فَاعِلِهَا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُقَالِ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى سَائِلِ مَا ذُكِرَ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا (فَكَالْقَرْضِ) الْفَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَالْقَرْضِ أَيْ مَقِيسَةٌ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ فَمَنْ اقْتَرَضَ إرْدَبًّا مَثَلًا فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ وَإِذَا رَدَّهُ فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ وَمَحَلُّ التَّوَهُّمِ الْأَوَّلِ (وَاسْتَمَرَّ) ضَمَانُ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ عَلَى الْبَائِعِ (بِمِعْيَارِهِ) الشَّرْعِيِّ مِنْ مِكْيَالٍ، أَوْ مِيزَانٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهُ. . (وَلَوْ) (تَوَلَّاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ (الْمُشَتَّرَيْ) نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ فَلَوْ سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِغِرَارَةِ الْمُشْتَرِي فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَالَهُ الْبَائِعُ، أَوْ نَائِبُهُ وَنَاوَلَهُ لِلْمُبْتَاعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ الْقَبْضُ بِأَخْذِهِ وَلَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ. . وَلَمَّا بَيَّنَ صِفَةَ قَبْضِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ صِفَةِ قَبْضِ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (وَقَبْضُ الْعَقَارِ) ، وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ (بِالتَّخْلِيَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ إنْ وُجِدَتْ، وَإِنْ لَمْ يُخْلِ الْبَائِعُ مَتَاعَهُ مِنْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَى، وَأَمَّا هِيَ، فَإِنَّ قَبْضَهَا بِالْإِخْلَاءِ وَلَا يَكْفِي التَّخْلِيَةُ (وَ) قَبْضُ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ عُرُوضٍ وَأَنْعَامٍ وَدَوَابِّ (بِالْعُرْفِ) الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ كَاحْتِيَازِ الثَّوْبِ وَتَسْلِيمِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْقَبْضِ فِيمَا ذُكِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ عَلَى فَاعِلِهَا) أَيْ وَهُوَ الْبَائِعُ أَعْنِي الْمُقِيلَ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرِكَ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا) أَيْ فَلَا يُضَرُّ بِإِلْزَامِهِ الْأُجْرَةَ. (قَوْلُهُ عَلَى سَائِلِ مَا ذُكِرَ) أَيْ سَائِلِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَهُوَ الْمُقَالُ وَالْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا مَسْئُولُهَا) أَيْ، وَهُوَ الْمُقِيلُ وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فَاعِلِهَا (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَفَاعِلُ الْمَعْرُوفِ لَا يَغْرَمُ (قَوْلُهُ فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ) أَيْ لَا عَلَى الْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا وَفَاعِلُ الْمَعْرُوفِ لَا يَغْرَمُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ التَّوَهُّمِ الْأَوَّلِ) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْأُجْرَةِ صُورَةُ زِيَادَةٍ مُعَجَّلَةٍ (قَوْلُهُ بِمِعْيَارِهِ) حَالٌ أَيْ مَا دَامَ الْمَبِيعُ بِمِعْيَارِهِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ نَائِبُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمِعْيَارِ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النَّائِبُ غَيْرَ الْبَائِعِ، أَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ. . (قَوْلُهُ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا لِقَبْضِهِ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ أَيْ هَذَا إذَا تَوَلَّى الْبَائِعُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ بَلْ وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي نِيَابَةً عَنْهُ فَإِذَا تَوَلَّاهُ الْبَائِعُ وَسَقَطَ الْمِكْيَالُ فَتَلِفَ مَا فِيهِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إذَا تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ وَسَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ فَهَلَكَ مَا فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِغَرَائِزِهِ، أَوْ أَوَانَيْهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمِكْيَالُ لَهُ، أَوْ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَيْسَ لَهُ إنَاءٌ حَاضِرٌ غَيْرُهُ فَضَمَانُ مَا فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَضَمَانُ الْإِنَاءِ مِنْ رَبِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ هُنَا أَرْبَعٌ: الْأُولَى أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْوَزْنَ مَثَلًا ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَوْزُونَ لِيُفَرِّغَهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ اتِّفَاقًا، الثَّانِيَةُ مِثْلُهَا وَيَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي التَّفْرِيغَ أَيْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمِيزَانِ لِيُفَرِّغَهُ فِي ظَرْفِهِ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِمَا وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فَقَالَ قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا خِلَافُ مُحَصَّلٍ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ مِنْ بَائِعِهِ، أَوْ مِنْ مُبْتَاعِهِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْوَزْنَ وَالتَّفْرِيغَ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْبَائِعِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى ظَرْفِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا تَوَلَّى بِنَفْسِهِ الْوَزْنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِيَفْرُغَ قَبْضٌ لِنَفْسِهِ، الرَّابِعَةُ أَنْ لَا يَحْضُرَ ظَرْفُ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي حَمْلَ الْمَوْزُونِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ مِيزَانًا، أَوْ جُلُودًا، أَوْ أَزْيَارًا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ الْقَبْضَ حَقِيقَةً فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَعَلَيْك بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ مِنْ زُبْدَةِ الْفِقْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِغِرَارَةِ الْمُشْتَرِي) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَالَهُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. . (قَوْلُهُ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ قَبْضُ الْمِثْلِيِّ بِالْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِكَذَا (قَوْلُهُ وَيُمَكِّنُهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَتْ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفَاتِيحُ كَفَى تَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَانْظُرْ لَوْ مَكَّنَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمَنَعَهُ مِنْ الْمَفَاتِيحِ كَمَا لَوْ فَتَحَ لَهُ الدَّارَ وَأَخَذَ الْمَفَاتِيحَ مَعَهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا، أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَشَارِحِنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّمْكِينِ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ عَدَمِ أَخْذِ الْمَفَاتِيحَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ قَبْضَهَا بِالْإِخْلَاءِ) أَيْ إخْلَاءِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي التَّخْلِيَةُ) أَيْ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ (قَوْلُهُ كَاحْتِيَازِ الثَّوْبِ) أَيْ حِيَازَتِهَا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَنْ اعْتِرَاضِ الْمَوَّاقِ عَلَى قَوْل الْمُصَنِّفِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ إلَخْ بِأَنَّ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ.

إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، أَوْ إذَا بِيعَ الْعَقَارُ مُذَارَعَةً، أَوْ غَيْرَهُ إذَا كَانَ غَائِبًا، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ الصَّحِيحُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَخْلِيَةٍ وَلَا عُرْفٍ (وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْحَاضِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا عُهْدَةُ ثَلَاثِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ خَمْسَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (إلَّا) السِّلْعَةَ (الْمَحْبُوسَةَ) عِنْدَ بَائِعِهَا (لِلثَّمَنِ) الْحَالِّ أَيْ لِإِتْيَانِ الْمُشْتَرِي بِهِ (أَوْ) الْمَحْبُوسَةِ (لِلْإِشْهَادِ) عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي (فَكَالرَّهْنِ فِيهِمَا) أَيْ فَيَضْمَنُهَا الْبَائِعُ ضَمَانَ الرِّهَانِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ الثَّانِي، وَهُوَ رَأْيُ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (وَإِلَّا) الْمَبِيعُ (الْغَائِبُ) غَيْرُ الْعَقَارِ عَلَى صِفَةٍ، أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (فَبِالْقَبْضِ) كَالْفَاسِدِ مُطْلَقًا عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ (وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةُ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ) يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَإِلَّا الثِّمَارُ) الْمَبِيعَةُ بَيْعًا صَحِيحًا عَلَى أُصُولِهَا بَعْدَ الطِّيبِ فَضَمَانُهَا عَلَى بَائِعِهَا (لِلْجَائِحَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَائِدَتُهُ فِي الْفَاسِدِ وَفِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ كَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ فَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ كَانَ أَوْلَى، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَلْ تَظْهَرُ فِيهِ وَفِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ إنَّمَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ إذَا بِيعَ مُذَارَعَةً لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ إذَا بِيعَ بِالصِّفَةِ، أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ فَائِدَةَ الْقَبْضِ تَظْهَرُ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ قُلْنَا إنَّ فَائِدَتَهُ تَظْهَرُ فِيمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ إلَخْ (قَوْلُهُ يَدْخُلُ) أَيْ مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ الْمَبِيعُ، وَلَوْ قَالَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا يَدْخُلُ إلَخْ كَانَ، أَوْلَى وَمَحَلُّ الدُّخُولِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةٍ وَلَا عُهْدَةٍ وَلَا مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ، أَوْ لِلْإِشْهَادِ عَلَى مَا قَالَ بَعْدَ (قَوْلِهِ الْمَبِيعُ الْحَاضِرُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْغَائِبُ وَمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى الْعُهْدَةِ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ يَتَوَقَّفُ دُخُولُهُ فِي ضَمَانِهِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعُهْدَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ خَمْسَ مَسَائِلَ وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَمَا فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَمَا بِيعَ بِخِيَارٍ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ ثَمَانِيَةً وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْمَزِيدَةَ اتِّكَالًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَالْعُهْدَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَأَنَّ مَا فِيهِ حَقَّ تَوْفِيَةٍ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدٍّ (قَوْلُهُ ضَمَانُ الرِّهَانِ) أَيْ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ، أَوْ هَلَاكَهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ هُوَ فِي ضَمَانِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ مُسْلَمٌ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مَا جَرَى فِي إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الْخِلَافِ يَجْرِي فِي الْأُخْرَى لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَفِي مَعْنَى احْتِبَاسِهِ لِأَجْلِ الثَّمَنِ احْتِبَاسُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ. بْن ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ كَالرَّهْنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إذْ الْبَائِعُ إذَا ضَمِنَهُ إنَّمَا يَضْمَنُهُ ضَمَانَ تُهْمَةٍ فَقَطْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ ضَمَانَهُ أَصَالَةً عَلَى الْمُشْتَرِي، أَلَا تَرَى أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَفِي عَنْ الْبَائِعِ بِالْبَيِّنَةِ نَعَمْ يَحْسُنُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْبَائِعِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَكَّنْ الْمُشْتَرِي مِنْهَا فَلَيْسَ كَالرَّهْنِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ أَيْ كَمَا قَالَهُ طفى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ مُقَابِلِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى غَيْرُ مَعْلُومَةٍ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي بْن أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ قَبَضَهَا أَمْ لَا وَهَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا رَأَتْ الدَّمَ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ التَّابِعِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى إلَى أَيْ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي بِيعَتْ فِيهِ إلَى الْحَيْضَةِ (قَوْلُهُ الْمَبِيعَةُ بَيْعًا صَحِيحًا) أَيْ، وَأَمَّا الثِّمَارُ الْمَبِيعَةُ بَيْعًا فَاسِدًا، فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ لَنَا فَاسِدٌ يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَجُذَّهَا الْمُشْتَرِي كَذَا فِي عج وَتَبِعَهُ عبق وخش وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ لِي فِيهِ وَقْفَةٌ مَعَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفَاسِدَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ

أَيْ إلَى وَقْتِ أَمْنِ الْجَائِحَةِ، وَأَمْنُهَا بِتَنَاهِي الطِّيبِ كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَوْ مِنْ غَاصِبٍ حَتَّى تُؤْمَنَ الْجَائِحَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَائِحَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَمِنْ الْمُبْتَاعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. . (وَ) لَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِصَاحِبِهِ لَا أُقْبِضُكَ مَا بِيَدِي حَتَّى أَقْبِضَ مَا بِيَدِك (بُدِئَ الْمُشْتَرِي) بِدَفْعِ الثَّمَنِ النَّقْدِ جَبْرًا (لِلتَّنَازُعِ) أَيْ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَرَضًا، أَوْ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ بَائِعِهِ كَالرَّهْنِ عَلَى الثَّمَنِ فَكَلَامُهُ فِي بَيْعِ عَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ بِنَقْدِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ عَلَى التَّبْدِئَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى نَقْدَيْنِ مُبَادَلَةً، أَوْ صَرْفًا قِيلَ لَهُمَا إنْ تَأَخَّرَ قَبْضُكُمَا انْتَقَضَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَا مِثْلِيَّيْنِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ، أَوْ عَرَضَيْنِ تُرِكَا حَتَّى يَصْطَلِحَا، فَإِنْ كَانَا بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ وَكَّلَ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَهُمَا. . (وَالتَّلَفُ) لِلْمَبِيعِ بَيْعًا صَحِيحًا لَازِمًا الْحَاصِلُ (وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ) بِأَنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، أَوْ ثِمَارًا قَبْلَ أَمْنِ جَائِحَتِهَا، أَوْ مُوَاضَعَةً، أَوْ غَائِبًا (بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِجِنَايَةِ أَحَدٍ (يُفْسَخُ) الْعَقْدُ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَلَفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ إحْضَارِهِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُ مِثْلُهُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِيهِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى مُعَيَّنٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَازِمًا بَيْعُ الْخِيَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَسَيَذْكُرُ إتْلَافَ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِقَوْلِهِ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ إلَخْ وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ. . (وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي) بَتًّا بَيْنَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَالتَّمَاسُكِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْمِثْلِ، أَوْ الْقِيمَةِ (إنْ غُيِّبَ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ إنْ أَخْفَى الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَكْفِي فِيهِ التَّمَكُّنُ فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ أَيْ إلَى وَقْتٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى إلَى، وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ (قَوْلُهُ، وَأَمَّنَهَا بِتَنَاهِي الطِّيبِ) أَيْ سَوَاءٌ جَذَّهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا فَمَتَى تَنَاهَى طِيبُهَا انْتَقَلَ الضَّمَانُ لِمُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَائِحَةِ) أَيْ كَمَا إذَا تَسَاقَطَتْ الثِّمَارُ بِرِيحٍ، أَوْ مَطَرٍ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ أَخْذِ الْجَيْشِ لَهَا، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ كَالْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ فَلَيْسَ بِجَائِحَةٍ. . (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي التَّسْلِيمِ أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي لَا أَدْفَعُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ لَا أَدْفَعُ لَك الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ مَا بَاعَ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَاعَهُ فِي يَدِهِ كَالرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بَيْعَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ مُرَاطَلَةً، أَوْ مُبَادَلَةً، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ عَلَى وَجْهِ الصَّرْفِ، أَوْ بَيْعَ عَرَضٍ بِعَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ بِمِثْلِيٍّ، أَوْ عَرَضٍ بِمِثْلِيٍّ لَمْ يُجْبَرُ وَاحِدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَا مِثْلِيَّيْنِ إلَخْ) أَرَادَ بِهِمَا مَا يَشْمَلُ بَيْعَ الْمِثْلِيِّ بِالْمِثْلِيِّ وَالْمِثْلِيِّ بِالْعَرَضِ وَالْعَرَضِ بِالْعَرَضِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِمَا فِي الصَّرْفِ وَالْمُرَاطَلَةِ يُقَالُ لَهُمَا مَا ذُكِرَ وَفِي الْعَرْضَيْنِ وَالْمِثْلَيْنِ يُتْرَكَانِ إذَا لَمْ يَكُونَا بِحَضْرَةِ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَا إلَخْ (قَوْلُهُ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَهُمَا) أَيْ أَنَّهُ يُوَكِّلُ شَخْصًا يُمْسِكُ الْمِيزَانَ فِي الْمُرَاطَلَةِ وَيَضَعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنَهُ فِي كِفَّةٍ لِيُدْفَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنَاجَزَةً وَيَأْخُذَ الْعَيْنَ مِنْهُمَا فِي الصَّرْفِ لِيَدْفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنَاجَزَةً وَيَقْبِضَ مِنْهُمَا فِي الْمِثْلَيْنِ لِيَدْفَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنَاجَزَةً. . (قَوْلُهُ وَالتَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ) أَيْ وَتَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ، وَأَمَّا الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ، أَوْ لِلْإِشْهَادِ فَلَا يَدْخُلَانِ هُنَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ ضَمَانَهُمَا كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ انْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمَانَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ مُطْلَقًا فَيَكُونَانِ دَاخِلَيْنِ هُنَا (قَوْلُهُ، أَوْ ثِمَارًا) أَيْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ أَمْنِ جَائِحَتِهَا وَقَوْلُهُ، أَوْ غَائِبًا أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ ضَيَاعَهُ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ضَمِنَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ فَمُخَالَفَةُ بَيْعِ الْبَتِّ لِبَيْعِ الْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَأْتِي أَعْنِي قَوْلَهُ وَخُيِّرَ إنْ غُيِّبَ فَإِذَا غَيَّبَهُ الْبَائِعُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَفِي بَيْعِ الْبَتِّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِي بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي يَغْرَمُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْفَسْخُ إذَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ. . (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخْفَى الْمَبِيعَ وَقْتَ ضَمَانِهِ مِنْهُ وَادَّعَى هَلَاكَهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْبَتِّ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي بَلْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ، وَأَنَّ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ لَا أَصْلَ لَهَا، وَنَكَلَ ذَلِكَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ، أَوْ التَّمَاسُكِ، وَيُطَالِبُ الْبَائِعَ بِمِثْلِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ لَزِمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي هُنَا أَيْ فِي الْبَتِّ دُونَ الْخِيَارِ مَعَ أَنَّ ضَمَانَ السِّلْعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا مُنْبَرِمٌ فَتَعَلُّقُ الْمُشْتَرِي بِهَا أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِ الْبَائِعِ لِكَوْنِ السِّلْعَةِ عَلَى مِلْكِهِ وَمَا تَقَدَّمَ كَانَتْ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ قَالَ طفى وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ، أَوْ الْإِشْهَادِ بِنَاءً عَلَى مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهَا كَالرَّهْنِ إذْ لَا تَخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا، وَإِنَّمَا لَهُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ نَعَمْ لَهُ التَّخْيِيرُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُهَا ضَمَانَ أَصَالَةٍ (قَوْلُهُ بَيَّنَ الْفَسْخِ)

وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي، وَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْفَسْخُ (أَوْ عُيِّبَ) بِالْمُهْمَلَةِ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ بَائِعُهُ مَا يُنْقِصُهُ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ بِالْأَرْشِ فِي الْعَمْدِ وَبِغَيْرِهِ فِي الْخَطَأِ كَالسَّمَاوِيِّ (أَوْ اُسْتُحِقَّ) مِنْ الْمَبِيعِ جُزْءٌ (شَائِعٌ، وَإِنْ قَلَّ) فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا اُسْتُحِقَّ وَبَيْنَ الرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ كَثُرَ الْمُسْتَحَقُّ كَثُلُثٍ فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا انْقَسَمَ، أَوْ لَا اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ، أَوْ لَا كَأَنْ قَلَّ عَنْ ثُلُثٍ وَلَمْ يَنْقَسِمْ كَحَيَوَانٍ وَشَجَرَةٍ وَلَمْ يُتَّخَذْ لِلْغَلَّةِ، فَإِنْ انْقَسَمَ، أَوْ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ مُنْقَسِمًا أَمْ لَا فَلَا خِيَارَ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ وَاحْتُرِزَ بِالشَّائِعِ مِنْ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ. . (وَتَلِفَ بَعْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعُ الْمُعَيَّنُ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ (أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ) أَيْ الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَمْ لَا (كَعَيْبٍ بِهِ) فَيُنْظَرُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ لَزِمَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ، فَإِنْ اتَّحَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَأَنَّ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ لَا أَصْلَ لَهَا. (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْفَسْخُ) هَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهَا يَكُونُ مَا هُنَا مُوَافِقًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي السَّلَمِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَثْبُتُ التَّخْيِيرُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا عِنْدَ النُّكُولِ وَبَعْدَ الْحَلِفِ، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَبَهْرَامَ وتت حَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ، أَوْ عَيْبٌ) قَالَ طُفَى يَنْبَغِي، أَوْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُقْرَأُ عُيِّبَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ تَعَيَّبَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَانَ ضَمَانِ الْبَائِعِ إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَهَكَذَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَتَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَوْنِ الْبَائِعِ عَيْبُهُ يُوجِبُ التَّنَاقُضَ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ أَيْ يُوجِبُ غُرْمَ الْأَرْشِ وَيَفُوتُ الْكَلَامُ عَلَى الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ اهـ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ التَّعْيِيبَ هُنَا عَلَى تَعْيِيبِ الْبَائِعِ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ لُزُومِ الْبَائِعِ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ الْأَرْشَ إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي التَّمَاسُكَ إنْ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ خَطَأً فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالسَّمَاوِيِّ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَعْيِيبَ الْبَائِعِ لَهُ يُوجِبُ الْأَرْشَ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَلَا تَخْيِيرَ وَالتَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ فِي السَّمَاوِيِّ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق غَيْرُ مُسْلَمٍ (قَوْلُهُ، أَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمَبِيعِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَلَّ) دَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إنْ قَلَّ الْمُسْتَحَقُّ يَتَعَيَّنُ التَّمَاسُكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ الْقَلِيلُ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْقَسِمٍ وَغَيْرَ مُتَّخَذٍ لِلْغَلَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ انْقَسَمَ) الضَّمِيرُ لِلْمَبِيعِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْقَسِمْ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ انْقَسَمَ إلَخْ) الْأَوْلَى، فَإِنْ انْقَسَمَ كَانَ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ أَوَّلًا، أَوْ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ وَكَانَ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ فَلَا خِيَارَ إلَخْ وَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُضَمُّ لِلْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُتَّخَذَ لِلْغَلَّةِ، أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا كَالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ، أَوْ قَلِيلًا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ يُمْكِنُ قَسْمُهُ، أَوْ لَا مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا، وَكَذَا إنْ كَانَ قَلِيلًا وَكَانَ الْمَبِيعُ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ وَلَمْ يُتَّخَذْ لِلْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا، أَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ، وَهُوَ مُتَّخَذٌ لِلْغَلَّةِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ أَقَلَّهُ، وَهُوَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ النِّصْفُ فَأَقَلُّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّمَاسُكُ بِهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ. . (قَوْلُهُ وَتَلِفَ بَعْضُهُ) هَذَا فِي الْمُتَعَدِّدِ كَمَا يُفِيدُهُ عج، وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فِي حَلِّ قَوْلِهِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ، وَإِنْ قَلَّ مِنْ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الدَّارِ وَالْأَرْضِ مُطْلَقًا شَائِعًا وَمُعَيَّنًا، وَفِي الْمُتَعَدِّدِ الشَّائِعِ، وَأَمَّا الْمُتَعَدِّدُ وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ مُعَيَّنٌ فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَلِفَ بَعْضُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثِمَارًا وَتَلِفَ بَعْضُهَا بِسَمَاوِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُؤَمَّنْ مِنْ الْجَائِحَةِ، أَوْ غَائِبًا وَتَلِفَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِسَمَاوِيٍّ عَمَّا لَوْ كَانَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي النِّصْفَ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْبَاقِي) أَيْ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ، أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لَزِمَ الْبَاقِي إلَخْ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ النِّصْفِ كَبَقَاءِ الْجُلِّ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، فَإِنْ اتَّحَدَ) أَيْ الْمَبِيعُ كَعَبْدٍ، أَوْ دَابَّةٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ التَّلَفِ

خُيِّرَ الْمُشْتَرِي (وَ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ (حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ) الْبَاقِي لِاخْتِلَالِ الْبَيْعِ بِتَلَفِ جُلِّهِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ فَتَمَسُّكُ الْمُشْتَرِي بِبَاقِيهِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا يَخُصُّ الْبَاقِي إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْجَمِيعِ، ثُمَّ النَّظَرُ فِيمَا يَخُصُّ كُلَّ جُزْءٍ عَلَى انْفِرَادِهِ (إلَّا الْمِثْلِيَّ) فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ بَلْ يُخَيَّرُ لَكِنَّ التَّخْيِيرَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي التَّعْيِيبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ فَيَرُدُّ الْجَمِيعَ وَبَيْنَ التَّمَسُّكِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ لَا بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبهُ مِنْ الثَّمَنِ. . [دَرْسٌ] (وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ) عَيْبًا (فِي) مِثْلِيٍّ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ (قَلِيلٍ) عَيْبُهُ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْمُعْتَادِ (لَا يَنْفَكُّ) عَنْهُ الْمِثْلِيُّ بِأَنْ تَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ الطَّارِئِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الِاسْتِحْقَاقِ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ وَالتَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ، أَوْ اُسْتُحِقَّ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الْأَقَلِّ الْبَاقِي وَوَجَبَ رَدُّ الْمَبِيعِ وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ إلَّا الْمِثْلِيَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَتَلِفَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَمْ لَا، أَوْ تَعَيَّبَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالسَّالِمُ مِنْ التَّعْيِيبِ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ تَعَيَّنَ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ أَوَالِاسْتِحْقَاق وَالسَّالِمُ مِنْ التَّعْيِيبِ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَفِي التَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِذَلِكَ الْبَاقِي الْقَلِيلِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ، أَوْ اُسْتُحِقَّ وَإِمَّا فِي التَّعْيِيبِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ أَيْ رَدِّ جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِكُلِّ الثَّمَنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِذَلِكَ السَّالِمِ فَقَطْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا التَّخْيِيرُ هُوَ الثَّابِتُ فِي الْمُقَوَّمِ إذَا وُجِدَ الْعَيْبُ بِأَكْثَرِهِ وَبَقِيَ الْأَقَلُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ فَالْمَمْنُوعُ فِيهِ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ تَمَسَّكَ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ جَازَ وَحِينَئِذٍ فَيَتَّحِدُ فِي الْمَعِيبِ حُكْمُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِضَيَاعِ فَائِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَالْأَوْلَى رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلتَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ إذْ قَالَ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فِيهِمَا فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ فِي التَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِ الْبَاقِي، وَفِي الْفَسْخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ التَّعْيِيبِ (قَوْلُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ مَنَابُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ فَلَيْسَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَإِنَّمَا يَأْتِي هَذَا فِي الْمُقَوَّمِ. . (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمِثْلِيَّ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا بَعْضَهُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابًا لِسُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إلَّا الْمِثْلِيَّ فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ فِيهِ بِالْأَقَلِّ بَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ قِيلَ وَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ مُطَّرَدٌ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ لِوَاجِدٍ) صِلَةٌ لِكَلَامٍ وَقَوْلُهُ فِي قَلِيلٍ خَبَرُ لَا وَقَلِيلٌ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ عَيْبُهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ قَلِيلٍ أَيْ لَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ عَيْبًا فِي مِثْلِيٍّ قَلِيلٍ عَيْبُهُ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمُضَافِ؛ لِأَنَّ كَلَامًا بِمَعْنَى تَكَلَّمَ عَامِلُ النَّصْبِ فِي قَوْلِهِ لِوَاجِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ نَصْبَ الشَّبِيهِ بِالْمُضَافِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ وَجَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت» ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ نَحْوِهِ جُزَافًا، أَوْ كَيْلًا فَوَجَدَ تَغَيُّرًا فِي أَسْفَلِهِ مُخَالِفًا لِأَعْلَاهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ بِمَا يَنْفَكُّ عَنْ الطَّعَامِ عَادَةً، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْ الطَّعَامِ كَالْبَلَلِ الَّذِي يُوجَدُ فِي قَعْرِ الْمَخْزَنِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمَبِيعُ كُلُّهُ لَازِمٌ لَهُ وَلَا يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ كَانَ الْمَعِيبُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْفِكَاكِ ذَلِكَ الْعَيْبِ عَنْ الطَّعَامِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَبَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيُلْزَمُ الْمُشْتَرِي السَّلِيمَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الثُّلُثِ قَلِيلٌ لَا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي رَدًّا فَلَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَأَبَى الْبَائِعُ وَطَلَبَ رَدَّ الْبَيْعِ فَلَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي لِمَا طَلَبَ، فَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالسَّلِيمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أُجِيبَ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ وَلَيْسَ

(كَقَاعٍ) أَيْ قَعْرِ مَخْزَنِ الطَّعَامِ، أَوْ الْأَنْدَرِ بِهِ بَلَلٌ يَسِيرٌ فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (، وَإِنْ انْفَكَّ) الْعَيْبُ الْقَلِيلُ عَنْهُ عَادَةً كَابْتِلَالِ بَعْضِهِ بِمَطَرٍ، أَوْ نَدًى وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ (فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ) الْمَعِيبِ مُرَادُهُ بِهِ مَا دُونَ الثُّلُثِ (بِحِصَّتِهِ) وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي السَّلِيمُ بِمَا يَنُوبُهُ (لَا أَكْثَرُ) مِنْ الرُّبُعِ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بِأَنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الْمَعِيبِ وَإِلْزَامُهُ الْمُشْتَرِي السَّلِيمِ بِمَا يَنُوبُهُ بَلْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي التَّمَسُّكِ بِالْجَمِيعِ، أَوْ رَدِّ الْجَمِيعِ (وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ) أَيْ الْتِزَامُ السَّلِيمِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ الْمَعِيبُ (بِحِصَّتِهِ) ، وَأَمَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ (مُطْلَقًا) كَانَ الرُّبُعَ فَأَقَلَّ، أَوْ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، إذْ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ لِيُجْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَهَذَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَلَا إشْكَالَ (وَرُوجِعَ) فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةٍ (لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ) لِجَوَازِ اخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَيَتَسَامَحُ عِنْدَ بَيْعِ الْجُمْلَةِ فَيُسَمِّي الْعَشَرَةَ لِمَا يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْهَا وَلِمَا يُسَاوِي أَقَلَّ. . (وَصَحَّ) الْبَيْعُ إنْ شَرَطَا عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ بَلْ (، وَلَوْ سَكَتَا) عَنْ بَيَانِ الرُّجُوعِ لَهَا وَلِلتَّسْمِيَةِ (لَا إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لَهَا) أَيْ لِلتَّسْمِيَةِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْوَاقِعِ مُوَافِقَةٌ لِلْقِيمَةِ. . وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ يَفْسَخُ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ مِنْ مُشْتَرٍ، أَوْ بَائِعٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ قَدَّمَهُ ثَمَّ كَانَ أَوْلَى كَمَا مَرَّ فَقَالَ (أَوْ إتْلَافُ الْمُشْتَرِي) وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ (قَبْضٌ) لِمَا أَتْلَفَهُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ (وَ) إتْلَافُ (الْبَائِعِ) لِمَبِيعٍ عَلَى الْبَتِّ (وَالْأَجْنَبِيِّ) (يُوجِبُ الْغُرْمَ) أَيْ قِيمَةُ الْمُقَوَّمِ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ (وَكَذَلِكَ إتْلَافُهُ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّلِيمَ بِحِصَّتِهِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعُ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ طَلَبَ التَّمَاسُكَ بِالسَّلِيمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أُجِيبَ لِذَلِكَ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي قَلِيلٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَقَاعٍ) أَيْ كَبَلَلِ قَاعِ مَخْزَنٍ، أَوْ أَنْدَرَ (قَوْلُهُ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ) أَيْ وَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) أَيْ، وَأَمَّا الْتِزَامُهُ السَّلِيمَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: رَدُّ الْجَمِيعِ، أَوْ التَّمَاسُكُ بِالْجَمِيعِ، أَوْ بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَأَمَّا التَّمَاسُكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلْزَامِ الْبَائِعِ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشْرَةِ أَثْوَابٍ، أَوْ شِيَاهٍ مَثَلًا بِمِائَةٍ، وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرَةً فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا، أَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِبَاقِي الصَّفْقَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَالتَّسْمِيَةُ لَغْوٌ لِجَوَازِ اخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرُّجُوعِ لِلْقِيمَةِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمُسْتَحَقُّ، أَوْ الْمَعِيبُ وَبَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الصَّفْقَةِ وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمَعِيبِ، أَوْ الْمُسْتَحَقِّ إلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ وَيَرْجِعُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ، أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ أَرْبَعَةٌ وَقُوِّمَتْ بِعِشْرِينَ وَقُوِّمَتْ السِّتَّةُ السَّالِمَةُ بِسِتِّينَ فَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمَعِيبِ، وَهِيَ عِشْرُونَ إلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ ثَمَانُونَ يَكُونُ ذَلِكَ رُبُعًا فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِرُبُعِ الْمِائَةِ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ وَيُتَسَامَحُ) أَيْ فِي التَّسْمِيَةِ. . (قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ) أَيْ إنْ حَصَلَ اسْتِحْقَاقٌ لِبَعْضِهَا، أَوْ ظَهَرَ فِي بَعْضِهَا عَيْبٌ وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ بَلْ، وَلَوْ سَكَتَا عَنْ بَيَانِ الرُّجُوعِ لَهَا وَلِلتَّسْمِيَةِ) أَيْ وَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ) أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ. . (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) أَيْ لِمَا اشْتَرَاهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِتْلَافُ لِكُلِّ الْمَبِيعِ، أَوْ لِبَعْضِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ أَيْ ثَمَنُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ الَّذِي أُتْلِفَ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ) أَيْ لِمَبِيعٍ عَلَى الْبَتِّ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْإِتْلَافُ لِكُلِّ الْمَبِيعِ، أَوْ لِبَعْضِهِ كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا وَهَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ غُرْمَ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَغُرْمَ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ لِمَنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ فَيُرَادُ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ خُصُوصُ الْمُشْتَرِي أَيْ أَنَّ جِنَايَةَ الْبَائِعِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً تُوجِبُ غُرْمَ الْقِيمَةِ، أَوْ الْمِثْلِ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِ الْبَائِعِ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ حَيْثُ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءَ، أَوْ الرَّدَّ وَقَالَ تت إنْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ غَرِمَ الْبَائِعُ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ خش قَالَ بْن وَلَا سَلَفَ لَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَلْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ فَفِيهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا نَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِعَيْنِهِ فَفَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ فَتَعَدَّى الْبَائِعُ عَلَى الطَّعَامِ فَأَتْلَفَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ دَنَانِيرِهِ، وَلَوْ هَلَكَ الطَّعَامُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ وَلَا ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَإِتْلَافُ

وَأَرَادَ إتْلَافَ بَعْضِهِ بِمَعْنَى تَعْيِيبِهِ، وَلَوْ قَالَ تَعْيِيبُهُ لَكَانَ أَصَرْحُ فِي الْمُرَادِ أَيْ تَعْيِيبُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ مِنْهُ الضَّمَانُ وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ مَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي يُوجِبُ غُرْمَ أَرْشِ الْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي. . (وَإِنْ) (أَهْلَكَ بَائِعٌ صُبْرَةً) مِنْ مِثْلِيٍّ بِيعَتْ (عَلَى الْكَيْلِ) ، أَوْ الْوَزْنِ، أَوْ الْعَدِّ كَكُلِّ صَاعٍ، أَوْ كُلِّ رِطْلٍ بِكَذَا (فَالْمِثْلُ) يَلْزَمُهُ (تَحَرِّيًا لِيُوفِيَهُ) لِلْمُشْتَرِي (وَلَا خِيَارَ لَك) يَا مُشْتَرِي فِي رَدِّ الْبَيْعِ، أَوْ التَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ مَعَ رِضَا الْبَائِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ لَهُ الْمِثْلُ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ (أَوْ) أَهْلَكَهَا (أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ) يَوْمَ التَّلَفِ (إنْ جُهِلَتْ الْمَكِيلَةُ) ، وَإِلَّا فَمِثْلُهَا (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ (اشْتَرَى) بِهَا (الْبَائِعُ مَا يُوفِي) قَدْرَ تَحَرِّي مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ (فَإِنْ فَضَلَ) شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لِحُصُولِ رُخْصٍ (فَلِلْبَائِعِ) إذْ لَا ظُلْمَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَخَذَ مِثْلَ مَا اشْتَرَى (وَإِنْ نَقَصَ) مَا اشْتَرَاهُ بِالْقِيمَةِ عَنْ قَدْرِ تَحَرِّي مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ لِحُصُولِ غَلَاءٍ (فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) ، فَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ عَنْ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَالتَّمَاسُكُ بِمَا يَخُصُّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ (وَجَازَ) لِمُشْتَرٍ وَمَوْهُوبٍ شَيْئًا (الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) مِنْ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ (إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ الَّذِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِلْمُشْتَرِي كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْإِتْلَافُ لِكُلِّهِ، أَوْ لِبَعْضِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا إتْلَافُهُ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ تَعْيِيبُ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ قَبَضَ) أَيْ لِلْمَبِيعِ فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ كُلُّهُ وَمَا فِي خش أَنَّهُ يَغْرَمُ ثَمَنَ الْبَعْضِ، وَأَنَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا إلَى آخَرِ مَا قَالَهُ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ صَرَّحَ بِهِ أَحَدٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ لِمَا هُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ مِنْهُ الضَّمَانُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا وَقَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ مَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَيْ أَوْ الْبَيْعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْيِيبَ الْبَائِعِ يُوجِبُ غُرْمَهُ لِلْمُشْتَرِي الْمِثْلَ، أَوْ الْقِيمَةَ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا تَعَيَّبَ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَالتَّمَاسُكِ فَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعْيِيبُ بِسَمَاوِيٍّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا مَرَّ. . (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعٌ إلَخْ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَمَّا لَوْ أَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ الْمَجْهُولَ قَبْلَ كَيْلِهِ فَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي لَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ لَا الْمِثْلَ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِابْنِ بَشِيرٍ وَفَصَّلَ الْمَازِرِيُّ فَجَعَلَ هَذَا أَيْ لُزُومَ الْقِيمَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَيُعَدُّ إتْلَافُهُ قَبْضًا؛ لِمَا يَتَحَرَّى فِيهِ مِنْ الْمَكِيلَةِ فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ إنْ أَتْلَفَ طَعَامًا ابْتَاعَهُ عَلَى الْكَيْلِ قَبْلَ كَيْلِهِ وَعُرِفَ كَيْلُهُ فَهُوَ قَبْضٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَيْلُهُ فَالْقَدْرُ الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِيهَا إنْ كِيلَ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَمِثْلُهُ الْمَازِرِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَالْمِثْلُ يَلْزَمُهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَأْتِي بِصُبْرَةٍ مِثْلِهَا لِيُوفِيَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهَا حَقَّهُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَوْ أَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَالْقِيمَةُ أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَمِثْلُهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ صُبْرَةً مِثْلَهَا فِي الْكَيْلِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَ فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ التُّونُسِيُّ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُتَعَدِّي لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُخَاصَمَةُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْهُ لِضَرَرِهِ بِتَأَخُّرِهِ لِوُجُودِ الْمُتَعَدِّي اهـ. الْمَازِرِيُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُتَعَدِّي مُعْسِرًا لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْفَسْخُ، أَوْ انْتِظَارُ الْيُسْرِ فَلَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِمَا لَزِمَ الْمُتَعَدِّي ارْتَفَعَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي اهـ. بْن (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَوَجَبَ التَّمَاسُكُ بِالْقَدْرِ الَّذِي اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ شَيْئًا) تَنَازَعَهُ مُشْتَرٍ وَمَوْهُوبٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ اسْتِثْنَاءً مِنْ مَحْذُوفِ، وَالْأَصْلِ، وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِكُلِّ شَيْءٍ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ إلَّا مُطْلَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ إلَّا الطَّعَامَ الَّذِي حَصَلَ بِمُعَاوَضَةٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا، أَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ لِمَا وَرَدَ فِي الْمُوَطَّإِ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ تَعَبُّدِيٌّ وَقِيلَ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَهُ غَرَضٌ فِي ظُهُورِهِ فَلَوْ أُجِيزَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَبَاعَ أَهْلُ الْأَمْوَالِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ بِخِلَافِ مَا إذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ وَيَظْهَرُ لِلْفُقَرَاءِ فَتَقْوَى بِهِ قُلُوبُ النَّاسِ لَا سِيَّمَا فِي زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ

فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَأَرَادَ بِمُطْلَقِهِ رِبَوِيًّا كَقَمْحٍ أَوْ لَا كَتُفَّاحٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. . (وَلَوْ) كَانَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ (كَرِزْقِ قَاضٍ) وَإِمَامِ مَسْجِدٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجُنْدِيٍّ وَكَاتِبٍ مِمَّا جُعِلَ لَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَعَالِمٍ جُعِلَ لَهُ فِي نَظِيرِ التَّعْلِيمِ لَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ (أَخَذَ) أَيْ اشْتَرَى (بِكَيْلٍ) ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ لَا جُزَافًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ حُكْمًا فَلَيْسَ فِيهِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ (أَوْ) ، وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ (كَلَبَنِ شَاةٍ) مَثَلًا فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الطَّعَامَ الْمَكِيلَ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ جُزَافًا وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ جَوَازُ بَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ، أَوْ شِيَاهٍ بِالْمُدَّةِ إنْ عُلِمَ قَدْرُ مَا تَحْلِبُ تَحَرِّيًا وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ مُعَيَّنَةٍ كَثِيرَةٍ كَعَشْرَةٍ. . وَلَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الضَّعِيفُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِ الطَّعَامِ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ) كَمَا إذَا وَكَّلَ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ بِيَدِهِ، أَوْ عَلَى بَيْعِهِ فَقَبَضَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَبِيعَهُ فَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَيَمْتَنِعُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَنْ يَبِيعَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشِّدَّةِ (قَوْلُهُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ) أَيْ دَرَاهِمَ، أَوْ غَيْرِهَا قَالَ عبق ضَابِطُ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ تَتَوَالَى فِي الطَّعَامِ عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ. (قَوْلُهُ كَرِزْقِ قَاضٍ) أَيْ كَطَعَامٍ جُعِلَ لِلْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ فِعْلٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ، وَهُوَ الْحُكْمُ فَأَشْبَهَ الْعَطِيَّةَ (قَوْلُهُ مِمَّا جُعِلَ إلَخْ) أَيْ وَنَحْوُهُمْ مِمَّا جُعِلَ إلَخْ وَالْأَوْلَى مِمَّنْ جُعِلَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ قِيَامِهِ بِمَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ) أَيْ، وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ قِيَامِهِ بِمَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ عبق وَدَخَلَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ أَيْضًا طَعَامٌ جُعِلَ صَدَاقًا، أَوْ خُلْعًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا مَأْخُوذٌ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْمِثْلِيُّ الْمَبِيعُ فَاسِدًا إذَا فَاتَ وَوَجَبَ مِثْلُهُ، فَالصَّوَابُ كَمَا لَبَن أَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ مُتْلَفٍ بِجَامِعِ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَيْسَتْ اخْتِيَارِيَّةً بَلْ جَرَّ إلَيْهَا الْحَالُ فِي كُلٍّ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَ بِكَيْلٍ) جُمْلَةً حَالِيَّةً مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، أَوْ صِفَةً لَهُ وَقَوْلُهُ بِكَيْلٍ أَيْ كُلُّ إرْدَبٍّ بِكَذَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ بَائِعُهُ اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ وَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَائِعُهُ اشْتَرَاهُ جُزَافًا، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ مُدَّةَ شَهْرٍ وَكَانَ حِلَابُهَا مَعْلُومًا لَهُ بِالتَّحَرِّي وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ مُعَيَّنَةٍ كَثِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لَبَنَ تِلْكَ الشَّاةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِرَبِّ أَغْنَامٍ، أَوْ بَقَرٍ أَشْتَرِي مِنْك لَبَنَ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ مَثَلًا شَهْرًا، أَوْ شَهْرَيْنِ بِكَذَا بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى لَبَنِهَا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَأَنْ تَكُونَ الْأَغْنَامُ الَّتِي مِنْهَا الشَّاةُ، أَوْ الشَّاتَانِ مُعَيَّنَاتٍ وَأَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً كَعَشَرَةٍ وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ وَأَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ لَا يَنْقُص اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَأَنْ يُعْرَفَ وَجْهُ حِلَابِ تِلْكَ الْأَغْنَامِ بِالتَّحَرِّي وَأَنْ تَكُونَ مُتَقَارِبَةَ اللَّبَنِ وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ فِي إبَّانِ اللَّبَنِ، فَإِنْ وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّمَانِيَةُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُ لَبَنِ تِلْكَ الشِّيَاهِ قَبْلَ قَبْضِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ جُزَافًا، وَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ. . (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ) لَيْسَ هَذَا عَطْفًا عَلَى الْحَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْمَنْعِ وَمَا هُنَا شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ بَلْ هِيَ حَالٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ حَيْثُ أُخِذَ بِكَيْلٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مُنِعَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ كَلَا قَبْضَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا وَكَّلَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا رَهْنًا، أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُعْتَمِدًا عَلَى قَبْضِهِ الْمَعْنَوِيِّ بَلْ حَتَّى يَكِيلَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ الْأَوَّلَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَبَاعَهُ لَأَجْنَبِيٍّ) رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ أَيْ وَقَبْلَ قَبْضِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ بَاعَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ قَبَضَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ هَكَذَا قِيلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَيْضًا وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَتَوَالَ فِيهَا عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ بَلْ تَخَلَّلَهُمَا الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَالْأَوْلَى أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِمَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ رَاجِعٌ

وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي كِلَا وَجْهَيْ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ وَقَبْضِهِ فِي دَيْنِهِ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فَقَبْضُهُ كَلَا قَبْضٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ ثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الْبَيْعِ وَثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الشِّرَاءِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ مِنْ نَفْسِهِ مِمَّنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (كَوَصِيٍّ لِيَتِيمَيْهِ) وَوَالِدٍ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ وَسَيِّدٍ لِعَبْدَيْهِ فَيَجُوزُ بَيْعُ طَعَامِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، ثُمَّ بَيْعُهُ عَلَيْهِ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ لِمَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ وَأَخْذٍ بِكَيْلٍ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ بِالْعَقْدِ) أَيْ بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ (جُزَافٍ) أَيْ بَيْعِ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ جُزَافًا قَبْلَ قَبْضِهِ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الْمُعَاوَضَةِ بِقَوْلِهِ (وَكَصَدَقَةٍ) وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِطَعَامٍ، وَلَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِشَخْصٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. . (وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ مَا) أَيْ طَعَامٍ (عَلَى مُكَاتَبٍ) كَاتَبَهُ بِهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُكَاتَبُ أَيْ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ بِعَيْنٍ، أَوْ عَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ عَجَّلَ الْعِتْقَ) لِلْمُكَاتَبِ بِأَنْ يَبِيعَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ، أَوْ بَعْضَهَا وَيُعَجِّلَ الْعِتْقَ عَلَى بَقَاءِ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِكُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ قَبَضَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ وَيَدُ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَالْحَقُّ الْجَوَازُ فِي هَذِهِ كَمَا فِي طفى وبن، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ وَمَنَعَهُ مَعَ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْبِضَهُ) أَيْ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ الطَّعَامَ لِنَفْسِهِ أَيْضًا فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَيْ الَّذِي وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ، أَوْ عَلَى شِرَائِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ أَخْذِ الْوَكِيلِ لَهُ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ، وَإِنْ كَانَ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ إذَا أَخَذَهُ فِي الدَّيْنِ لَكِنْ لَيْسَ هُنَا تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ أَصْلًا فَلَيْسَ هَذَا مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَشَارِحُنَا تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ مِنْ الْمَنْعِ التَّوْضِيحَ وَاعْتَرَضَهُ طفي بِمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ وَاسْتِدْلَالُ التَّوْضِيحِ عَلَى الْمَنْعِ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنُ الطَّعَامِ إذَا وَكَّلَهُ الْمَدِينُ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَدُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنُ الطَّعَامِ إذَا وَكَّلَهُ الْمَدِينُ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ يُتَّهَمُ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ بِهِ الدَّيْنَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَتْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهَا قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ اتِّهَامُهُ عَلَى بَيْعِ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ ثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَقَبَضَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ قَبْضِهِ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ فَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، أَوْ يَأْخُذَهُ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ الْمَنْعُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا سِيَّمَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَعَبُّدِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اتِّفَاقٌ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْجَوَازِ فَالْأَقْرَبُ مَنْعُهَا اهـ. لَكِنْ تَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَهُ الْأَقْرَبُ مَنْعُهَا بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ الْجَوَازِ هُوَ ظَاهِرُ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ جُزَافٌ) أَيْ جَازَ بَيْعُ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ جُزَافًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَيْلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا جُزَافًا وَلَا عَلَى الْكَيْلِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا جَازَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ وَكَصَدَقَةٍ) أَيْ أَنَّ طَعَامَ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالْقَرْضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ طَعَامٍ لَيْسَ مُعَاوَضًا عَلَيْهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ بْن وَيُقَيَّدُ الْجَوَازُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ اشْتَرَاهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَإِلَّا فَالْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي طَعَامِ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا بِكَيْلٍ، ثُمَّ أَقْرَضَهُ رَجُلًا، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، أَوْ قَضَاهُ لِرَجُلٍ عَنْ قَرْضٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَبِيعُهُ أَحَدٌ مِمَّنْ صَارَ إلَيْهِ ذَلِكَ الطَّعَامُ حَتَّى يَقْبِضَهُ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِلسَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْكِتَابَةَ عِتْقٌ، أَوْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ طَعَامٌ) جَعَلَ مَا وَاقِعَةً عَلَى طَعَامٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَرِينَةِ كَوْنِ الْبَحْثِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ كَاتَبَهُ بِهِ) أَيْ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا بَيْعُ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهَلْ مَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ عَجَّلَ الْعِتْقَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِكَوْنِهِ أَمْرًا عَظِيمًا مُحْتَرَمًا يَتَشَوَّفُ الشَّارِعُ إلَيْهِ اُغْتُفِرَ لِأَجْلِهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لَهُ جَمِيعَهَا خَرَجَ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى صِيغَةٍ (قَوْلُهُ، أَوْ بَعْضَهَا) أَيْ، أَوْ بَاعَهُ بَعْضَ النُّجُومِ وَأَبْقَى النُّجُومَ الْبَاقِيَةَ لِأَجْلِهَا وَعَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي بِكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ

أَوْ الْجَوَازِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ وَلَا يُحَاصِصُ بِهَا السَّيِّدُ الْغُرَمَاءَ فِي مَوْتٍ وَلَا فَلَسٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِلْمُكَاتَبِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَا لِأَجْنَبِيٍّ (تَأْوِيلَانِ وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا (إقْرَاضُهُ) قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ وَفَاؤُهُ) قَبْلَ قَبْضِهِ (عَنْ قَرْضٍ) عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَأَمَّا وَفَاؤُهُ عَنْ دَيْنٍ فَيُمْنَعُ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ لِمُقْتَرَضٍ) أَيْ يَجُوزُ لِمَنْ تَسَلَّفَ طَعَامًا أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسْلِفِ وَسَوَاءٌ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِلْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَوْلِ. . (وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا، وَلَوْ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ (إقَالَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ مِنْ جَمِيعِهِ أَيْ جَمِيعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ بِأَنْ يَرُدَّهُ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهَا حَلٌّ لِلْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّعَامِ بِبَلَدِ الْإِقَالَةِ وَكَوْنُهَا بِالثَّمَنِ لَا بِزِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ لِأَجَلٍ لِلْبَيْعِ وَإِذَا كَانَتْ فِي سَلَمٍ وَجَبَ فِيهِ تَعْجِيلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بِخِلَافِ تَأْخِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِقَالَةِ فَيَجُوزُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومٌ مِنْ الْجَمِيعِ الْمَنْعُ مِنْ الْإِقَالَةِ عَلَى الْبَعْضِ وَأَخْذِ الْبَعْضِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ إنْ غَابَ الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِوَضًا عَنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَبَاقِي النُّجُومِ فِي ذِمَّتِك حَتَّى تَحِلَّ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَ نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ قَبْلَ قَبْضِ ذَلِكَ النَّجْمِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَجِّلْ الْعِتْقَ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَمْ تُوجَدْ حُرْمَةُ الْعِتْقِ الَّتِي اُغْتُفِرَ ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ لِمُرَاعَاتِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَاعَهُ جَمِيعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، أَوْ بَاعَهُ نَجْمًا مِنْهَا وَأَبْقَى الْبَاقِيَ لِأَجْلِهِ عَجَّلَ عِتْقَهُ حِينَ بَاعَهُ النَّجْمَ، أَوْ لَمْ يُعَجِّلْهُ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ حَتَّى يَلْزَمَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَاصِصُ بِهَا السَّيِّدُ الْغُرَمَاءَ) أَيْ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ فِي مَوْتِهِ وَلَا فِي فَلَسِهِ وَهَذَا كَالْعِلَّةِ لِمَا قَبْلَهُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِلْمُكَاتَبِ بِدَيْنٍ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَمُنِعَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لَا لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ وَلَا تُبَاعُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهَذَا مُجَرَّدُ إفَادَةِ حُكْمٍ، وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لِلْغَرَضِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ مَا قَبْلَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ، أَوْ وَفَاؤُهُ عَنْ قَرْضٍ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ شَخْصًا بِطَعَامٍ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَرْضٍ، وَأَمَّا عَكْسُهُ، وَهُوَ أَنْ يُحِيلَ بِطَعَامٍ عَلَيْك مِنْ بَيْعٍ عَلَى طَعَامٍ لَك عَلَى شَخْصٍ مِنْ قَرْضٍ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْك إذَا أَحَلْته فَقَدْ بَاعَ لَك الطَّعَامَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِك مِنْ بَيْعٍ بِغَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْك وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَأَمَّا وَفَاؤُهُ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ قَرْضٍ بِأَنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ (قَوْلُهُ وَجَازَ بَيْعُهُ لِمُقْتَرِضٍ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالْعَطْفِ أَيْ جَازَ لِمَنْ اقْتَرَضَ طَعَامًا بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا عَكْسُ قَوْلِهِ وَجَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا إقْرَاضُهُ، ثُمَّ إنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُقْتَرِضُ اقْتَرَضَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا لَوْ اقْتَرِضْهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْبَائِعِ لِمُقْرِضِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا، وَإِنْ ابْتَعْت طَعَامًا فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى أَسْلَفْتَهُ رَجُلًا فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ. (قَوْلُهُ أَيْ جَمِيعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ جَمِيعُ الْمَبِيعِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَفْهُومِ بَعْدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْمَتْنِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ شَخْصٍ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُوقِعَا الْإِقَالَةَ فِي جَمِيعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا غَابَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا حَلٌّ لِلْبَيْعِ) أَيْ لَا بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ، وَإِلَّا مُنِعَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّعَامِ) أَيْ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ بِبَلَدٍ الْإِقَالَةِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ إذْ لَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّرْطَ هُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَلَدِ الْإِقَالَةِ، أَوْ غَيْرِهَا فَكَيْفَ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فَإِذَا أَسْلَمَك طَعَامًا فِي عَرَضٍ فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ إلَّا إذَا كَانَ الطَّعَامُ فِي بَلَدِ الْإِقَالَةِ، فَإِنْ نَقَلْت ذَلِكَ الطَّعَامَ لِمَحَلٍّ بَعِيدٍ فَأَقَالَك صَارَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى تَأْخِيرٍ فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَجَبَ فِيهِ تَعْجِيلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) أَيْ تَعْجِيلُ رَدِّهِ لِلْمُسْلِمِ وَقَوْله لِفَسْخِ دَيْنٍ أَيْ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي دَيْنٍ أَيْ، وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ الْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ فِيهِ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ لَازِمٌ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ إنْ غَابَ الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا، أَوْ طَعَامًا؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعًا وَسَلَفًا

فَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَعَرَضٍ جَازَتْ مِنْ الْبَعْضِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْجَمِيعِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شِيكَ) يَا مُشْتَرِي الْمَدْفُوعِ ثَمَنًا فِي الطَّعَامِ الْمُقَالِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِغَلَاءٍ، أَوْ رُخْصٍ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَيْنِهِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَعَدَلَ عَنْ ثَمَنِك إلَى شِيكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ خُصُوصُ الْعَيْنِ أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ فِيهِ أَيْ، وَإِنْ تَغَيَّرَ سَوْقُ ثَمَنِك كَانَ عَيْنًا، أَوْ غَيْرَهُ (لَا) إنْ تَغَيَّرَ (بَدَنُهُ) بِزِيَادَةٍ (كَسِمَنِ دَابَّةٍ) دَفَعَهَا ثَمَنًا وَكِبَرِهَا وَزَوَالِ عَيْبِهَا، أَوْ نُقْصَانٍ كَعَوَرِهَا (وَهُزَالِهَا) عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ لِتَغَيُّرِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِخِلَافِ) تَغَيُّرِ (الْأَمَةِ) بِسِمَنٍ، أَوْ هُزَالٍ فَلَا يُفِيتُ الْإِقَالَةَ وَالْعَبْدُ أَوْلَى وَفُرِّقَ بِأَنَّ الدَّوَابَّ تُشْتَرَى لِلَحْمِهَا وَالرَّقِيقَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ تَغَيَّرَتْ بِعَوَرٍ، أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ لَكَانَ ذَلِكَ مُفِيتًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. . (وَ) لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك الْبَائِعُ (مِثْلَ مِثْلَيْك) أَيُّهَا الْمُشْتَرِي أَيْ مِثْلَ ثَمَنِك الْمِثْلُ الَّذِي دَفَعَتْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِك الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك عَيْنَ مِثْلَيْك وَلَا الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ ثُمَّ التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ غَيْرِهِ عَنْهُ وَلَا مَعَ زِيَادَةٍ، أَوْ تَأْخِيرٍ (إلَّا الْعَيْنَ) فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ قَبْلَ قَبْضِ الطَّعَامِ عَلَى مِثْلِهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (دَفْعُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ) عَيْنُك (بِيَدِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ. . (وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَيَمْنَعُهَا مَا يَمْنَعُهُ فَإِذَا وَقَعَتْ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فُسِخَتْ وَإِذَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَقْتَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ (إلَّا فِي الطَّعَامِ) قَبْلَ قَبْضِهِ فَهِيَ فِيهِ حَلُّ بَيْعٍ إنْ وَقَعَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ كَمَا مَرَّ (وَ) إلَّا فِي (الشُّفْعَةِ) أَيْ الْأَخْذُ بِهَا فَلَيْسَتْ بَيْعًا وَلَا حَلَّ بَيْعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْبَيْعُ مَا كَانَ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ تَقَعْ الْإِقَالَةُ فِيهِ وَالسَّلَفُ مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ) أَيْ إمَّا لِعَدَمِ قَبْضِهِ، أَوْ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَلَكِنَّهُ لِمَ يَغِبْ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَعَرَضٍ أَيْ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ غَابَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَمْ لَا، أَوْ كَانَ عَيْنًا، أَوْ طَعَامًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَطَعَامًا وَقَبَضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَغَابَ عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ دَفَعَهَا ثَمَنًا) أَيْ فِي الطَّعَامِ الَّذِي أُرِيدَ الْإِقَالَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَغَيُّرِ الْأَمَةِ) أَيْ الْمَدْفُوعَةِ ثَمَنًا فِي الطَّعَامِ الَّذِي أُرِيدَ الْإِقَالَةُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ أَمَةَ وَطْءٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي مُخَالَفَةُ الدَّوَابِّ الْمَأْكُولَةِ اللَّحْمِ لِلرَّقِيقِ مَعَ أَنَّ الدَّابَّةَ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ تَغَيُّرُهَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِقَالَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مُخَالَفَةِ الرَّقِيقِ لِلدَّابَّةِ طَرِيقَةٌ مِنْ طُرُقٍ ثَلَاثٍ، وَالثَّانِيَةُ إنَّمَا يُرَادُ مِنْ الرَّقِيقِ الْخِدْمَةُ كَالدَّابَّةِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالثَّالِثَةُ طَرِيقَةُ يَحْيَى الرَّقِيقُ وَالدَّوَابُّ سَوَاءٌ فِي أَنَّ تَغَيُّرَهَا بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ مَانِعٌ مِنْ الْإِقَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ وَمِثْلَ مِثْلَيْك) عَطْفٌ عَلَى بَدَنِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَسَلُّطُ تَغَيُّرٍ عَلَى الْمَعْطُوفِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى رَدِّ مُتَغَيِّرٍ بَدَنُهُ وَلَا مِثْلُ مِثْلَيْك وَقَيَّدَهُ ح وَتَبِعَهُ عبق بِالسَّلَمِ قَالَ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ الْمِثْلِيِّ قَالَهُ فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بْن قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَفْرُوضَةٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَلَامُنَا فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَيْضًا الْمَرْدُودُ مِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَبِيعِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ الثَّمَنُ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّك إذَا أَسْلَمْت قِنْطَارًا مِنْ الْكَتَّانِ، أَوْ مِنْ الْقُطْنِ فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ، أَوْ اشْتَرَيْت بِالْكَتَّانِ، أَوْ الْقُطْنِ إرْدَبًّا مِنْ الْقَمْحِ حَالًّا فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْقَمْحِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إلَيْك الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَتَّانًا مِثْلَ كَتَّانِك، وَإِنَّمَا تَجُوزُ إذَا كَانَ يَرُدُّ إلَيْك كَتَّانَك بِذَاتِهِ حَالًّا، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ إلَيْهِ الْكَتَّانَ فِي غَيْرِ طَعَامٍ جَازَتْ الْإِقَالَةُ مِنْ ذَلِكَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك مِثْلَ كَتَّانِك (قَوْلُهُ وَلَا الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى رَدِّ ثَمَنِ الْمِثْلِيِّ، ثُمَّ يَقَعُ التَّرَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ غَيْرَهُ عِوَضًا عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا مَعَ زِيَادَةٍ، أَوْ تَأْخِيرٍ) أَيْ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِك، أَوْ عَلَى تَأْخِيرٍ لِرَدِّ ثَمَنِك يَا مُشْتَرِي، وَلَوْ يَوْمًا، وَلَوْ بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ (قَوْلُهُ تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَدِّ مِثْلِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنْ وَقَعَتْ)

بَلْ هِيَ لَاغِيَةٌ فَمَنْ بَاعَ شِقْصًا، ثُمَّ أَقَالَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لَا يَعْتَدُّ بِهَا، وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَخُيِّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي وَيَكْتُبَ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَتْ حَلَّ بَيْعٍ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ. . (وَ) إلَّا فِي (الْمُرَابَحَةِ) فَهِيَ حَلُّ بَيْعٍ فَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ. . (وَ) جَازَتْ (تَوْلِيَةٌ) فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَ) جَازَتْ (شَرِكَةٌ) فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَالْإِقَالَةِ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ كَالْقَرْضِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ (أَنْ يَنْقُدَ) الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا (عَنْك) يَا مَوْلَى، أَوْ مُشْرِكٍ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا الثَّمَنَ، أَوْ حِصَّتَك مِنْهُ فِي الشَّرِكَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ مِنْهُ لَك وَيُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ الشَّرْطُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ عِلَّةَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لَمْ تَظْهَرْ إلَّا فِي الشَّرِكَةِ فَهَذَا الشَّرْطُ خَاصٌّ بِهَا كَمَا هُوَ النَّقْلُ (وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا) أَيْ عَقْدَ الْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ قَدْرًا وَأَجَلًا وَحُلُولًا وَرَهْنًا وَحَمِيلًا (فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ خَاصَّةً، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ، وَإِلَّا كَانَتْ بَيْعًا وَقَوْلُهُ فِي الْبَلَدِ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ فِي الْبَلَدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا عَلِمْت سَابِقًا وَإِبْدَالَهُ بِقَوْلِهِ وَأَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ لَا الْبَيْعِ، وَإِلَّا مُنِعَتْ (قَوْلُهُ بَلْ هِيَ لَاغِيَةٌ) أَيْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ شَرْعًا كَالْمَعْدُومَةِ حِسًّا (قَوْلُهُ وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ) أَيْ وَلَيْسَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى كَوْنِ الْإِقَالَةِ بَيْعًا بَلْ عَلَى الْبَيْعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيُكْتَبُ عُهْدَتُهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَجَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ. (قَوْلُهُ وَتَوْلِيَةُ) عَطْفٌ عَلَى جُزَافٍ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ بِالْعَقْدِ جُزَافٌ وَالتَّوْلِيَةُ تَصْيِيرُ مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَهِيَ فِي الطَّعَامِ غَيْرِ الْجُزَافِ رُخْصَةٌ وَشَرْطُهَا كَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ وَشَرِكَةُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالشَّرِكَةِ هُنَا جَعْلُ مُشْتَرٍ قَدْرًا لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِاخْتِيَارِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ هُنَا احْتِرَازًا مِنْ الشَّرِكَةِ الْمُتَرْجَمِ عَنْهَا بِكِتَابِ الشَّرِكَةِ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هُنَا إلَى مَبْحَثِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَقَوْلُهُ قَدْرًا أَخْرَجَ بِهِ التَّوْلِيَةَ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ أَخْرَجَ بِهِ الْإِقَالَةَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ جَعَلَ قَدْرًا لِغَيْرِ بَائِعِهِ لَكِنْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَوْلُهُ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِدِينَارٍ، ثُمَّ جَعَلَ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْهَا الرُّبُعَ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَلَا يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ شَرِكَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ كَالْقَرْضِ) خَبَرٌ عَنْ أَنَّ وَقَوْلُهُ كَالْإِقَالَةِ حَالٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَالِ كَوْنِهِمَا مُمَاثِلَيْنِ لِلْإِقَالَةِ كَالْقَرْضِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْرُوفِ أَيْ وَطَعَامُ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْك) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْك (قَوْلُهُ الثَّمَنَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لِيَنْقُدَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَوْلَى وَقَوْلُهُ، أَوْ حِصَّتُك رَاجِعٌ لِلْمُشْرِكِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ) أَمَّا فِي الشَّرِكَةِ فَوَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْرَكَ بِالْفَتْحِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَقَدْ سَلَّفَ الْمُشْرِكَ نِصْفَ الثَّمَنِ وَنِصْفُ الثَّمَنِ الْآخَرِ بَيْعٌ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ يَشْتَرِطُ النَّقْدَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ لَا يَكُونُ مَعَهُ نَقْدٌ فَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ عَنْهُ ثُمَّ وَلَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ سَلَفًا ابْتِدَاءً مِنْ حَيْثُ شَرْطُ النَّقْدِ وَبَيْعًا انْتِهَاءً مِنْ حَيْثُ أَخْذُ الْمَبِيعِ فِي نَظِيرِ الثَّمَنِ كَذَا وُجِّهَ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَمْ تَظْهَرْ إلَّا فِي الشَّرِكَةِ) أَيْ وَلَا تَظْهَرُ فِي التَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَلِّيهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ وَلَا سَلَفَ إلَّا إذَا كَانَ يَرْجِعُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ بِمَا دَفَعَ، وَهُوَ لَا يَرْجِعُ هُنَا فَمَا هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْحَوَالَةِ لَا السَّلَفِ (قَوْلُهُ فَهَذَا الشَّرْطُ) أَيْ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ عَنْك خَاصٌّ بِهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي ح وَالْمَوَّاقِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَمَا فِي تت مِنْ رُجُوعِهِ لِلتَّوَلِّيَةِ أَيْضًا لَا يُسَاعِدُهُ نَقْلٌ وَمَا وَجَّهَهُ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ خَاصٌّ بِهَا) أَيْ، وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ شَرَطَ الْمُوَلِّي عَلَى الْمُوَلَّى نَقْدَ الثَّمَنِ كُلِّهِ عَنْهُ قَالَ عبق وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ يَجْرِي فِي الشَّرِكَةِ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ قَدْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْك فِي خُصُوصِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ (قَوْلُهُ قَدْرًا) أَيْ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَفِي أَجَلِهِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَفِي حُلُولِهِ إنْ كَانَ حَالًّا (قَوْلُهُ أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ) أَيْ وَحُكْمُ الْإِقَالَةِ فِي هَذَا الشَّرْطِ حُكْمُهُمَا كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اتِّفَاقِ الْعَقْدَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ نَعَمْ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا اتِّفَاقُهُمَا فِي الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا التَّعْجِيلُ (قَوْلُهُ خَاصَّةً) أَيْ، وَأَمَّا بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ، أَوْ كَانَا فِي غَيْرِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ، وَهُوَ اسْتِوَاءُ الْعَقْدَيْنِ. (قَوْلُهُ وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ) أَيْ لِجَوَازِ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَأَمَّا فِي الْإِقَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا) أَيْ، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا مُنِعَا لِاخْتِلَافِ الْعَقْدَيْنِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَرْضَيْنِ فِي الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ

(وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ (فَبَيْعٌ كَغَيْرِهِ) يُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُهُ وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهِ كَعَدَمِ الْقَبْضِ وَتَبْطُلُ الرُّخْصَةُ فِي الثَّلَاثَةِ فَتَمْنَعُ الْإِقَالَةَ وَالتَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا بَعْدَهُ وَلَا عَلَى غَيْرِ طَعَامٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ كَمَا مَرَّ. . (وَضَمِنَ) الْمُشْرَكُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الشَّيْءَ (الْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (الْمُعَيَّنَ) كَعَبْدٍ، وَهُوَ الْحِصَّةُ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ بِالشَّرِكَةِ فَقَطْ فَيَرْجِعُ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ مَعَ عَدَمِ قَبْضِهِ الْمُثَمَّنِ، وَلَوْ طَعَامًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعَهُ مَعْرُوفًا (وَ) ضَمِنَ الْمُشْرَكَ وَالْمَوْلَى بِالْفَتْحِ (طَعَامًا كِلْتَهُ) يَا مُشْرِكُ، أَوْ مُوَلِّي بِالْكَسْرِ (وَصَدَّقَك) مَنْ شَرَكْتَهُ، أَوْ وَلَّيْتَهُ، ثُمَّ تَلِفَ وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَك بَيِّنَةٌ (وَإِنْ أَشْرَكَهُ) أَيْ أَشْرَكَ الْمُشْتَرِي شَخْصًا سَأَلَهُ الشَّرِكَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَشْرَكْتُك (حَمَلَ) التَّشْرِيكَ (وَإِنْ أَطْلَقَ) ، الْوَاوُ حَالِيَّةٌ، وَإِنْ زَائِدَةٌ (عَلَى النِّصْفِ) ، وَإِنْ قَيَّدَ بِشَيْءٍ فَوَاضِحٌ. . (وَإِنْ) (سَأَلَ) شَخْصٌ (ثَالِثٌ شَرِكَتَهُمَا) أَيْ شَرِكَةَ اثْنَيْنِ اشْتَرَيَا سِلْعَةً وَاتَّفَقَ نَصِيبُهُمَا بِأَنْ صَارَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ (فَلَهُ الثُّلُثُ) ، فَإِنْ اخْتَلَفَ نَصِيبُهُمَا فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا مُنِعَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ رُخْصَةً وَالرُّخْصَةُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَأَجَازَهُمَا أَشْهَبُ فَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ اتِّفَاقُ الثَّمَنَيْنِ قَدْرًا وَوُقُوعُهُمَا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَوُقُوعُهَا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ لَا الْبَيْعِ وَتَعْجِيلُ رَدِّ الثَّمَنِ إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَشَرَطَ التَّوْلِيَةَ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ اسْتِوَاءُ الْعَقْدَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَأَجَلِهِ، أَوْ حُلُولِهِ وَفِي الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ إنْ كَانَ وَكَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا وَشَرْطُ الشَّرِكَةِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ عَلَى الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ وَأَنْ يَتَّفِقَ عَقْدَاهُمَا وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَالِاتِّفَاقُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَكَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا شَرْطًا فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فَقَطْ دُونَ الْإِقَالَةِ وَاشْتِرَاطُ عَدَمِ النَّقْدِ عَنْهُ شَرْطٌ فِي الشَّرِكَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ النَّقْدَ عَلَى الْمُشْرَكِ، أَوْ اخْتَلَفَ الْعَقْدَانِ فِي النَّقْدِ وَالتَّأْجِيلِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ، أَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ غَيْرَ عَيْنٍ، أَوْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الثَّمَنَيْنِ فِي الْإِقَالَةِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ بَيْعًا مُؤْتَنَفًا (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى غَيْرِ طَعَامٍ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي غَيْرِ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ، وَهِيَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ تَجْرِي فِي غَيْرِ الطَّعَامِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُشْرِكُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْمُوَلِّي (قَوْلُهُ الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنُ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ، وَإِنْ ابْتَعْت سِلْعَةً بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْهَا حَتَّى أَشْرَكْتَ فِيهَا، ثُمَّ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ قَبْلَ قَبْضِ الشَّرِيكِ وَابْتَعْت طَعَامًا فَاكْتَلْته ثُمَّ أَشْرَكَتْ فِيهِ رَجُلًا فَلَمْ تُقَاسِمَهُ حَتَّى هَلَكَ الطَّعَامُ فَضَمَانُ ذَلِكَ مِنْكُمَا وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْحِصَّةُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلشَّيْءِ الْمُشْتَرَى الْمُعَيَّنِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ قَوْلِهِ كَعَبْدٍ وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَيْ لَا بِكُلِّهِ إذْ لَا يَضْمَنُ الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ حِصَّةَ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ طَعَامًا) يُفْرَضُ ذَلِكَ فِي الْجُزَافِ، وَإِلَّا فَمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ ضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ لَا مِنْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وَلَا مِنْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ لِعَدَمِ قَبْضِهِمَا (قَوْلُهُ كِلْته) أَيْ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ تُوَلِّيَ، أَوْ تُشْرِكَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَصَدَّقَك مَنْ شَرَكْتَهُ) أَيْ صَدَّقَك فِي وَفَاءِ الْكَيْلِ مِنْ بَائِعِك وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ تَصْدِيقُهُ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْتَ نَصَّهَا وَحَمَلَ الطِّخِّيخِيُّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ طَعَامًا وَصَدَّقَ الْبَائِعُ فِي كَيْلِهِ، ثُمَّ وَلَّى غَيْرَهُ، أَوْ شَرَكَهُ فِيهِ ضَمِنَهُ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ بِمُجَرَّدِ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَعَلَى هَذَا فَالْخِطَابُ لِبَائِعِ الْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ انْتِقَالُ الضَّمَانِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ إذَا قَالَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ كِلْت الطَّعَامَ عَلَى ذِمَّتِك وَوَضَعْته فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَعَالَ خُذْهُ وَصَدَّقَهُ فَتَلِفَ لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ خش وَغَيْرُهُ بَعِيدٌ. (قَوْلُهُ حُمِلَ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا تَرْجِيحَ فِيهِ لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ الْوَاوُ حَالِيَّةٌ) أَيْ، وَإِنْ أَشْرَكَ حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ وَالْحَالُ أَنَّهُ أُطْلِقَ وَهَذَا، أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مُتَعَلِّقَ حُمِلَ أَيْ، وَإِنْ أَشْرَكَهُ حُمِلَ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى النِّصْفِ شَرْطٌ وَجَوَابٌ لَا مُبَالَغَةَ لِبُعْدِ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ حَذْفِ فَاءِ الْجَوَابِ اخْتِيَارًا وَهُوَ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ التَّقْيِيدُ بِالنِّصْفِ فَهَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ حَمْلٌ وَإِنَّمَا الْحَمْلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالِاحْتِمَالِ، وَإِنْ كَانَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ التَّقْيِيدَ بِغَيْرِ النِّصْفِ فَهَذَا لَا يَقُولُ فِيهِ أَحَدٌ بِالْحَمْلِ عَلَى النِّصْفِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ) (سَأَلَ ثَالِثٌ شَرِكَتَهُمَا) أَيْ سَأَلَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا أَشْرِكَانِي فَقَالَا لَهُ أَشْرَكْنَاك (قَوْلُهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ نَصِيبُهُمَا) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَإِذَا قَالَا لَهُ أَشْرَكْنَاك كَانَ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ وَنِصْفُ الثُّلُثَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ وَلِلْأَوَّلِ السُّدُسُ وَلِلثَّانِيَّ الثُّلُثُ

كَمَا لَوْ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ، وَلَوْ اتَّفَقَ نَصِيبُهُمَا (وَإِنْ وَلَّيْت) شَخْصًا (مَا اشْتَرَيْت) مِنْ السِّلَعِ (بِمَا) أَيْ بِمِثْلِ ثَمَنٍ (اشْتَرَيْت) بِهِ وَلَمْ تَذْكُرْ لَهُ ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا (جَازَ إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ) الْمَبِيعَ بِأَنْ شَرَطْت لَهُ الْخِيَارَ، أَوْ سَكَتَّ (وَلَهُ الْخِيَارُ) إذَا رَآهُ وَعَلِمَ الثَّمَنَ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا، أَوْ حَيَوَانًا وَعَلَيْهِ مِثْلُ صِفَةِ الْعَرَضِ، أَوْ الْحَيَوَانِ أَيْ إنْ كَانَ الْمِثْلُ حَاضِرًا عِنْدَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ دَخَلَ عَلَى الْإِلْزَامِ لَمْ يَجُزْ لِلْمُخَاطَرَةِ وَالْقِمَارِ (وَإِنْ رَضِيَ) الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (عَبْدٌ) وَلَمْ يَعْلَمْ بِثَمَنِهِ (ثُمَّ عَلِمَ بِالثَّمَنِ فَكَرِهَ) شِرَاءَهُ، أَوْ عَكْسَهُ أَيْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ، ثُمَّ عَلِمَ بِالْمُثَمَّنِ (فَكَرِهَ فَذَلِكَ لَهُ) . . وَلَمَّا كَانَتْ الْأَبْوَابُ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ سِتَّةً أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (وَالْأَضْيَقُ) مِمَّا يُطْلَبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ (صَرْفٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ، أَوْ طُولُ الْمَجْلِسِ (ثُمَّ إقَالَةُ طَعَامٍ) مِنْ سَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ لِلْإِتْيَانِ بِالثَّمَنِ مِنْ نَحْوِ الْبَيْتِ وَالْإِحَالَةِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ (ثُمَّ تَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ فِيهِ) أَيْ فِي طَعَامِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِيهِمَا فِيمَا قَارَبَ الْيَوْمَ (ثُمَّ إقَالَةُ عُرُوضٍ وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) أَيْ إقَالَةُ الْعُرُوضِ الْمُسْلَمِ فِيهَا فَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ رَدِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَهُوَ كَصَرِيحِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَلِذَا عَطَفَ صَرِيحَهُ عَلَى مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بِالْوَاوِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرُّتْبَةِ وَمِثَالُ صَرِيحِهِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِدَيْنِهِ فَيَفْسَخَهُ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ لِحَيْثِيَّةِ قَبْضِهِ وَمُقْتَضَى أَنَّهُ، أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْيَوْمِ (ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ) بِالدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ فِي الذِّمَّةِ كَبَيْعِ عَرَضٍ مِنْ سَلَمٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ، أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ بِثَمَنِهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ فَتَأَمَّلْ (ثُمَّ ابْتِدَاؤُهُ) أَوْسَعُ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ خِلَافَ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الصَّرْفِ وَفِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَمَا لَوْ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسَيْنِ) أَيْ وَقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ أَشْرِكْنِي فَقَالَ لَهُ أَشْرَكْتُك فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ سَوَاءٌ اتَّفَقَ نَصِيبُهُمَا، أَوْ اخْتَلَفَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ. (قَوْلُهُ جَازَ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا حَصَلَتْ بِصِيغَةِ التَّوْلِيَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَسَدَ فِي صُورَتَيْ الْإِلْزَامِ وَالسُّكُوتِ وَصَحَّ إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ إلَخْ) إنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا قُلْت ذَلِكَ فِي التَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا فَتَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ عَيْنٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمِثْلُ حَاضِرًا عِنْدَهُ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَاضِرًا عِنْدَ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك؛ لِأَنَّ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ قَدْ بَاعَ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي حَصَلَتْ التَّوْلِيَةُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَ) أَيْ، وَإِنْ عَلِمَ حِينَ التَّوْلِيَةِ بِأَنَّهُ أَيْ بِأَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي وَلَّاهُ لَهُ مُبْتَاعُهُ عَبْدٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِثَمَنِهِ) أَيْ حِينَ التَّوْلِيَةِ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ لَهُ) أَيْ الْخِيَارُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ تَلْزَمُ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ وَلَا تَلْزَمُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ إلَّا بِرِضَاهُ (قَوْلُهُ الْمُفَارَقَةُ) أَيْ مُفَارَقَةُ الْمُتَصَارِفَيْنِ مَعًا، أَوْ أَحَدِهِمَا لِيَأْتِيَ بِدَرَاهِمِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ طُولُ الْمَجْلِسِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الِاصْطِرَافِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ إقَالَةُ طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ) أَيْ، ثُمَّ يَلِي الصَّرْفَ فِي الضِّيقِ الْإِقَالَةُ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ مِنْ سَلَمٍ ظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ الْإِقَالَةَ الْمَذْكُورَةَ بِكَوْنِ الطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ سَوَاءٌ وَقَعَتْ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ بَعْدَهُ يَجُوزُ فِيهَا تَأْخِيرُ رَدِّ الثَّمَنِ، وَلَوْ سَنَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ مِنْ سَلَمٍ، أَوْ مِنْ بَيْعٍ فَلَوْ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ التَّوْلِيَةِ، أَوْ الشَّرِكَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَجْرِي فِيهَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي كُلٍّ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِزَمَنٍ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فِي الْعُرُوضِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مِنْ سَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ التَّعْلِيلُ بِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ رَدِّ الثَّمَنِ، وَلَوْ سَنَةً كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ الْبَيْتِ) أَيْ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْإِتْيَانِ بِهِ يَوْمًا وَمَا قَارَبَهُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَرْتَبَةِ الْآتِيَةِ لِتَقَوِّيهِ هُنَا بِانْضِمَامِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَهُ فَارْتَفَعَتْ مَرْتَبَتُهُ فِي الْأَضْيَقِيَّةِ وَلَا يُقَالُ الْإِقَالَةُ فِي الطَّعَامِ لَيْسَتْ بَيْعًا فَكَيْفَ يَكُونُ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ الْإِقَالَةُ لَمَّا قَارَنَهَا التَّأْخِيرُ عُدَّتْ بَيْعًا لِخُرُوجِهَا عَنْ مَوْرِدِ الرُّخْصَةِ. (قَوْلُهُ وَالْإِحَالَةُ) أَيْ إحَالَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ وَقَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ أَيْ عَلَى قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) أَيْ افْتِرَاقِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِنْ مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي طَعَامِ السَّلَمِ) أَيْ الْمُوَلَّى فِيهِ، أَوْ الْمُشْرَكِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا قَارَبَ الْيَوْمَ) أَيْ وَيُمْنَعُ تَأْخِيرُهُ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فَهُوَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) قَالَ ح التَّرْتِيبُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَضْيَقُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الصَّرْفِ وَبَيْنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَشَدَّدُوا فِي الصَّرْفِ وَخَفَّفُوا فِي الْأَخِيرِ، وَأَمَّا مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَسَائِلِ فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذِهِ

[فصل في المرابحة]

مَا عَلِمْت وَالْحُكْمَ فِيمَا بَيْنَهُمَا مُتَّحِدٌ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ لِلذَّهَابِ لِنَحْوِ الْبَيْتِ؛ وَالضِّيقَ وَالْوُسْعَ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ. {فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ وَهُوَ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَزِيَادَةُ رِبْحٍ مَعْلُومٍ لَهُمَا (وَجَازَ) الْبَيْعُ حَالَ كَوْنِهِ (مُرَابَحَةً) (وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمُرَادُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بَيْعَ الْمُسَاوَمَةِ فَقَطْ لَا مَا يَشْمَلُ الْمُزَايَدَةَ وَالِاسْتِئْمَانَ إذْ الْأَوْلَى تَرْكُهُمَا أَيْضًا لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَيْثِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ، وَأَمَّا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَهِيَ مُسْتَوِيَةٌ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَّا بِقَدْرِ نَقْلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مَا عَلِمْت) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَضُرُّ فِي الصَّرْفِ الْمُفَارَقَةُ وَطُولُ الْمَجْلِسِ وَيُغْتَفَرُ فِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ التَّأْخِيرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَضُرُّ التَّأْخِيرُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ) أَيْ اغْتِفَارُ التَّأْخِيرِ لِلذَّهَابِ إلَخْ، وَأَمَّا التَّأْخِيرُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُغْتَفَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَالْخِلَافُ فِي إقَالَةِ الْعُرُوضِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَقْوَى مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهُ وَهَكَذَا، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ [فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ] {فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ} (قَوْلُهُ وَزِيَادَةُ رِبْحٍ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْوَضِيعَةِ وَالْمُسَاوَاةِ لَا يُقَالُ لَهُ مُرَابَحَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِمَا حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلنَّوْعِ الْغَالِبِ فِي الْمُرَابَحَةِ الْكَثِيرِ الْوُقُوعِ لَا أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَةِ الْمُرَابَحَةِ الشَّامِلَةِ لِلْوَضِيعَةِ وَالْمُسَاوَاةِ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُرَابَحَةَ بِأَنَّهَا بَيْعٌ مُرَتَّبٌ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ بَيْعٍ تَقَدَّمَهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فَقَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ صَادِقٌ بِكَوْنِ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ قَالَ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ الْمُسَاوَمَةُ وَالْمُزَايَدَةُ وَالِاسْتِئْمَانُ وَخَرَجَ بِالثَّانِي الْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشُّفْعَةُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْوَضِيعَةِ وَالْمُسَاوَاةِ إمَّا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ فِي التَّسْمِيَةِ أَيْ اصْطِلَاحٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْمُنَاسَبَةِ أَوْ أَنَّ الْوَضِيعَةَ رِبْحٌ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ رِبْحٌ لِلْبَائِعِ، وَإِطْلَاقُ الْمُرَابَحَةِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ بِاعْتِبَارِ رِبْحِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ إذْ قَدْ يَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً أُخْرَى يَرْبَحُ فِيهَا وَانْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ إذْ قَدْ يَبِيعُهَا فَيَرْبَحُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَجَازَ) الْأَوْلَى جَعْلُ الْوَاوِ لِلِاسْتِئْنَافِ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ مِنْ أَنَّ الْأَنْسَبَ بِالْوَاوِ الْوَاقِعَةِ فِي أَوَّلِ التَّرَاجِمِ الِاسْتِئْنَافُ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً لِلْجُمْلَةِ بَعْدَهَا عَلَى جُمْلَةِ جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةً وَالضَّمِيرُ فِي جَازَ لِلْبَيْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ حَالَ كَوْنِهِ مُرَابَحَةً أَيْ ذَا رِبْحٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ وَلَوْ افْتَقَرَ لِفِكْرَةٍ حِسَابِيَّةٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ بَعْدُ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ الْمَازِرِيِّ الْجَوَازَ بِمَا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ إدْرَاكُ أَجْزَاءِ جُمْلَةِ الرِّبْحِ لِفِكْرَةٍ حِسَابِيَّةٍ تَشُقُّ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا حَتَّى يَغْلِبَ الْغَلَطُ وَإِلَّا مُنِعَ. (قَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) أَيْ وَأَمَّا هُوَ فَهُوَ غَيْرُ مَحْبُوبٍ لِكَثْرَةِ احْتِيَاجِ الْبَائِعِ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى) أَيْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ لَا الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَإِلَّا نَاقَضَهُ مَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ خِلَافُ اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ الْمُسَاوَمَةُ فَقَطْ) أَيْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ أَوْ الْإِضَافَةُ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ) كَأَنْ تَأْتِيَ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَتَقُولَ لَهُ بِعْنِي هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا فَيَقُولُ لَك يَفْتَحُ اللَّهُ فَتَزِيدَ لَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَرْضَى فَتَأْخُذَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَك الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَزِيدُ عَلَيْك وَلِذَا عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ بَيْعٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ ثَمَنُ مَبِيعِهِ الْمَعْلُومِ قَدْرُهُ عَلَى اعْتِبَارِ ثَمَنٍ فِي بَيْعٍ قَبْلَهُ إنْ الْتَزَمَ مُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ لَا عَلَى قَبُولِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَةَ الْمُرَابَحَةِ وَقَوْلُهُ إنْ الْتَزَمَ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ (قَوْلُهُ لَا مَا يَشْمَلُ الْمُزَايَدَةَ) أَيْ وَهِيَ أَنْ تُعْطِيَ السِّلْعَةَ لِلدَّلَّالِ يُنَادِي عَلَيْهَا فِي السُّوقِ فَيُعْطِي زَيْدٌ فِيهَا عَشَرَةً فَيَزِيدُ عَلَيْهِ عَمْرٌو وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَقِفَ عَلَى حَدٍّ فَيَأْخُذُهَا بِهِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَالِاسْتِئْمَانَ) كَأَنْ تَأْتِيَ لِرَبِّ السِّلْعَةِ وَتَقُولَ لَهُ أَنَا أَجْهَلُ ثَمَنَهَا بِعْنِي كَمَا تَبِيعُ النَّاسَ فَيَقُولُ لَهُ أَنَا أَبِيعُ لَهُمْ بِكَذَا فَتَأْخُذُ مِنْهُ بِمَا قَالَ وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا بَيْعٌ يَتَوَقَّفُ صَرْفُ قَدْرِ ثَمَنِهِ عَلَى عِلْمِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ لِمَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ أَيْ قَبْلَ الرُّكُونِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلشَّحْنَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا قَبْلَ الرُّكُونِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ حَرَامٌ

وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ جَهْلِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَالْجَوَازِ (وَلَوْ عَلَى) ثَمَنٍ (مُقَوَّمٍ) مَوْصُوفٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِحَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ مِثْلِهِ عَلَى الْوَصْفِ لَا الْقِيمَةِ وَيَزِيدُهُ رِبْحًا مَعْلُومًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ (وَهَلْ) الْجَوَازُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُقَوَّمُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا حَمْلًا لِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ظَاهِرِهِ (أَوْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ عِنْدَهُ (إنْ كَانَ) الْمُقَوَّمُ (عِنْدَ الْمُشْتَرِي) مُرَابَحَةً أَيْ فِي مِلْكِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَ مُرَابَحَةً عَلَيْهِ فَيُوَافِقَ أَشْهَبَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ (تَأْوِيلَانِ) فَمَحَلُّهُمَا فِي مُقَوَّمٍ مَضْمُونٍ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَإِلَّا لَمُنِعَ اتِّفَاقًا كَمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى الْمَنْعِ فِي مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ إمَّا مَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِهِ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ (وَحُسِبَ) عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ مَا يَرْبَحُ وَمَا لَا يَرْبَحُ بَلْ وَقَعَ عَلَى رِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا (رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ) أَيْ مُشَاهَدَةٌ مَحْسُوسَةٌ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ (كَصَبْغٍ) أَيْ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إنْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ كَانَ مِمَّنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا فَيُحْسَبُ وَيُحْسَبُ رِبْحُهُ فَإِنْ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ عُمِلَ لَهُ مَجَّانًا فَلَا يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ رِبْحُهُ وَكَذَا مَا يُصْبَغُ بِهِ وَمَا يُخَاطُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ هُوَ وَلَا رِبْحُهُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْبَائِعِ وَإِلَّا حُسِبَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ (وَطَرْزٍ وَقَصْرٍ وَخِيَاطَةٍ وَفَتْلٍ) بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ فَتْلِ الْحَرِيرِ وَالْغَزْلِ (وَكَمْدٍ) بِسُكُونِ الْمِيمِ دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ لِتَحْسِينِهِ (وَتَطْرِيَةٍ) جَعْلُ الثَّوْبِ فِي الطَّرَاوَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلِمَا فِي الثَّانِي) أَيْ بَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ وَقَوْلُهُ مِنْ جَهْلِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَيْ جَهْلِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَالِمٌ بِهِ مِنْ جِهَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَإِلَّا كَانَ فَاسِدًا فَالْمُرَادُ وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ نَوْعٍ مِنْ الْجَهَالَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى مُقَوَّمٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ مُرَابَحَةً عَيْنًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً بَلْ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا (قَوْلُهُ مَوْصُوفٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّ كَوْنَ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مَوْصُوفًا لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا وَسَيَأْتِي فِي التَّأْوِيلَيْنِ التَّعَرُّضُ لِلْمُعَيَّنِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي فَالْمُرَادُ أَنَّهُ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِمُقَوَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا فَإِذَا أَرَادَ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ الْمُقَوَّمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَبِيعَهَا بِمُقَوَّمٍ مُمَاثِلٍ لِلْمُقَوَّمِ الْأَوَّلِ فِي صِفَتِهِ وَيَزِيدَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ رِبْحًا مَعْلُومًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُقَوَّمُ الْمَوْصُوفُ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةً لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَمِ الْحَالِّ أَيْ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَجَلُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَذَلِكَ لِأَنَّ دُخُولَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ لَهُ ذَلِكَ الْمُقَوَّمَ الْآنَ وَهُوَ مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ هُوَ عَيْنُ السَّلَمِ الْحَالِّ وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ فَيُوَافِقُ أَشْهَبَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَمَحَلُّهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ تَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ الْمُشْتَرَى بِهِ مُرَابَحَةً إمَّا مَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا فِيهِمَا وَإِمَّا مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِمَّا مَضْمُونٌ لَيْسَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ مُنِعَ اتِّفَاقًا وَإِلَّا فَخِلَافٌ (قَوْلُهُ وَحُسِبَ رِبْحُ مَالِهِ إلَخْ) أَيْ وَحُسِبَ رِبْحُ أُجْرَةِ الْفِعْلِ الَّذِي لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَكَمَا يُحْسَبُ رِبْحُ تِلْكَ الْأُجْرَةِ تُحْسَبُ تِلْكَ الْأُجْرَةُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى رِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ السِّلْعَةِ وَرِبْحُهُ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْفِعْلِ الَّذِي لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَرِبْحُهَا وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحُسِبَ إلَخْ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا بَيَّنَ الْبَائِعُ جَمِيعَ مَا لَزِمَ تَفْصِيلًا إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْإِجْمَالِ كَأَنْ يَقُولَ قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةٍ ثُمَّ يُفَصِّلُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يَرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يَرْبَحُ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ضَرْبَ الرِّبْحِ لَا عَلَى الْكُلِّ وَلَا عَلَى الْبَعْضِ بَلْ غَايَةُ مَا قَالَ أَبِيعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا وَبَقِيَ صُوَرُ الشَّرْطِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ضَرْبَ الرِّبْحِ عَلَى الْكُلِّ أَوْ عَلَى الْبَعْضِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ تَفْصِيلِ مَا لَزِمَ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَفْصِيلِهِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ فَيُعْمَلُ بِمَا اُشْتُرِطَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ كَمَا يَأْتِي قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَا يَرْبَحُ) أَيْ مَا يَرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يَرْبَحُ لَهُ وَقَوْلُهُ بَلْ وَقَعَ عَلَى رِبْحٍ إلَخْ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ بَيَّنَ مَا لَزِمَ تَفْصِيلًا إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْإِجْمَالِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مَحْسُوسَةٌ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا كَاللُّيُونَةِ فِي التَّطْرِيَةِ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ مُدْرَكَةٌ بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ بَدَلَ قَوْلِهِ أَيْ مُشَاهَدَةٌ إلَخْ كَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ كَصَبْغٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ مَصْدَرًا لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ مِثَالٌ لِلْفِعْلِ الَّذِي لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْكَسْرِ أَيْ الْأَثَرِ وَعَلَى هَذَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ فِي الْكَلَامِ أَيْ كَعَمَلِ صِبْغٍ وَتَقْدِيرُ الشَّارِحِ أُجْرَةَ عَمَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِثَالٌ لِلْأُجْرَةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي قَوْلِهِ وَحُسِبَ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّبْغِ الْأَثَرُ وَلَا دَاعِيَ لِتَقْدِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فَيُحْسَبُ) أَيْ الصَّبْغُ أَيْ أُجْرَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ هُوَ) أَيْ قِيمَتُهُ وَلَا رِبْحُهُ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يُنْظَرُ لِلْقِيمَةِ وَلَا يَصِحُّ النَّظَرُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ لِلْقِيمَةِ فَإِنْ أُلْغِيَ ذَلِكَ صَحَّ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً (قَوْلُهُ وَإِلَّا حُسِبَا) أَيْ ثَمَنُ مَا ذُكِرَ وَرِبْحُهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا يُقَالُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ عَلَى الطَّرْزِ وَالْخِيَاطَةِ وَمَا بَعْدَهَا حَسَبَ الْأُجْرَةَ وَرِبْحَهَا وَلَوْ كَانَ

لِيَلِينَ وَيَذْهَبَ مَا فِيهِ مِنْ خُشُونَةٍ وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) حُسِبَ (أَصْلُ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ) مِمَّا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَكِنَّهُ أَثَرُ زِيَادَةٍ فِي الْمَبِيعِ فَيُعْطَى لِلْبَائِعِ دُونَ رِبْحِهِ حَيْثُ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ (كَحُمُولَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْأَحْمَالُ أَيْ كِرَاؤُهَا وَبِفَتْحِهَا الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُهَا وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الْأُجْرَةِ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ أَيْ إنْ كَانَتْ تَزِيدُ فِي الثَّمَنِ بِأَنْ تُنْقَلَ مِنْ بَلَدٍ أَرْخَصَ إلَى بَلَدٍ أَغْلَى فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةِ مَثَلًا وَاسْتَأْجَرَ فِي حَمْلِهَا بِخَمْسَةٍ أَوْ عَلَى شَدِّهَا أَوْ طَيِّهَا فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَقَطْ دُونَ الرِّبْحِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) حُسِبَ كِرَاءُ (شَدٍّ وَطَيٍّ اُعْتِيدَ أُجْرَتُهُمَا) بِأَنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِتَوْلِيَتِهِمَا بِنَفْسِهِ بَلْ لِتَوْلِيَةِ الْغَيْرِ لَهُمَا وَكَذَا إذَا كَانَ لَا عَادَةَ أَصْلًا (وَ) حُسِبَ أَصْلُ (كِرَاءِ بَيْتٍ لِسِلْعَةٍ) فَقَطْ لَا لَهُ وَلَا لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ تَبَعٍ (وَإِلَّا) يَكُنْ الطَّيُّ وَالشَّدُّ مُعْتَادَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ لِلسِّلْعَةِ خَاصَّةً (لَمْ يُحْسَبْ) أَصْلُهُ وَلَا رِبْحُهُ (كَسِمْسَارٍ لَمْ يُعْتَدْ) فَلَا يُحْسَبُ مَا أَخَذَهُ وَلَا رِبْحُهُ فَإِنْ اُعْتِيدَ بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ لَا تُشْتَرَى السِّلْعَةُ إلَّا بِوَاسِطَةٍ كَانَ مِنْ الْجُلَّاسِ أَوْ غَيْرِهِمْ حُسِبَتْ الْأُجْرَةُ فَقَطْ عَلَى الْمَذْهَبِ (إنْ بَيَّنَ) ابْتِدَاءً (الْجَمِيعَ) شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْمُرَابَحَةِ أَيْ مَحَلُّ جَوَازِهَا إنْ بَيَّنَ جَمِيعَ مَا لَزِمَ السِّلْعَةَ مَعَ الرِّبْحِ وَيَشْمَلُ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَأْنُهُ عَمَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ عُمِلَ لَهُ مَجَّانًا فَلَا يَحْسِبُ لَهُ أُجْرَةً وَلَا رِبْحًا لَهَا (قَوْلُهُ وَأَصْلُ مَا زَادَ) أَيْ وَحَسَبَ أُجْرَةَ الْفِعْلِ الَّذِي زَادَ فِي الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُعْطِي لِلْبَائِعِ تِلْكَ الْأُجْرَةَ مُجَرَّدَةً عَنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْأَحْمَالِ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَحُمُولَةٍ بِالضَّمِّ مِثَالٌ لِمَا زَادَ فِي الثَّمَنِ وَإِنْ قَدَّرْت مُضَافًا أَيْ كَكِرَاءِ حُمُولَةٍ كَانَ مِثَالًا لِأَصْلِ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَبِفَتْحِهَا الْإِبِلُ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْضًا كَأُجْرَةِ حُمُولَةٍ إنْ جُعِلَ مِثَالًا لِأَصْلِ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ أَوْ كَحَمْلِ حُمُولَةٍ إنْ جُعِلَ مِثَالًا لِمَا زَادَ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تُطْلَقُ) أَيْ الْحَمُولَةُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ عَلَى نَفْسِ الْأُجْرَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ إذْ لَيْسَ فِي الْقَامُوسِ وَالصِّحَاحِ أَنَّ الْحَمُولَةَ تُطْلَقُ عَلَى أُجْرَةِ الْحَمْلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ إنْ كَانَتْ تَزِيدُ فِي الثَّمَنِ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ حِسَابِ أُجْرَةِ الْحُمُولَةِ إنْ كَانَتْ الْحُمُولَةُ تَزِيدُ فِي الثَّمَنِ أَيْ وَكَانَتْ مِمَّا لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَآجَرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْسِبُ لَهُ أُجْرَةً كَمَا لَا يَحْسِبُ لَهَا رِبْحًا وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى إذَا تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الشَّدِّ وَالطَّيِّ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ اُعْتِيدَ أُجْرَتُهَا بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ لِيَرْجِعَ لِلْحُمُولَةِ وَالشَّدِّ وَالطَّيِّ كَانَ أَوْلَى اهـ بْن. (قَوْلُهُ بِأَنْ تُنْقَلَ مِنْ بَلَدٍ أَرْخَصَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ سَوَاءً لَمْ يَحْسِبْ أُجْرَةَ الْحُمُولَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ سِعْرُهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُقِلَتْ إلَيْهِ أَرْخَصَ وَلَا يَبِيعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا فِي هَذِهِ الْبَلَدِ أَرْخَصُ مِنْ بَلَدِ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِلْبَيَانِ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا إذَا بَيَّنَ كَذَلِكَ فِي حَالَةِ الْمُسَاوَاةِ لَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً إلَّا إذَا بَيَّنَ لِأَنَّ النَّقْلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَظِنَّةُ الْعَيْبِ فَهُوَ مِنْ بَيَانِ مَا يُكْرَهُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأَنْ تُنْقَلَ مِنْ بَلَدٍ أَرْخَصَ إلَى بَلَدٍ أَغْلَى) إنَّمَا كَانَ نَقْلُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُوجِبًا لِزِيَادَةِ الثَّمَنِ لِرَغْبَةِ الْمُشْتَرِي فِيهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا نُقِلَتْ مِنْ مَحَلٍّ فِيهِ رُخْصٌ (قَوْلُهُ وَلَا لَهُمَا) أَيْ وَلَا يَحْسِبُ أُجْرَةَ بَيْتٍ لَهُمَا هَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ تَابِعَةً بَلْ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ تَابِعَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ تُحْسَبْ الْأُجْرَةُ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ لَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهَا بَعْضُ الْكِرَاءِ وَهُوَ رُجُوعٌ لِلتَّوْظِيفِ وَهُوَ لَا يُعْمَلُ بِهِ هُنَا (قَوْلُهُ مُعْتَادَيْنِ) الْأَوْلَى مُعْتَادٌ أُجْرَتُهُمَا بِأَنْ كَانَ شَأْنُهُ تَعَاطِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ شَأْنُهُ تَعَاطِيَهُمَا بِنَفْسِهِ وَآجَرَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْسِبُ أُجْرَتَهُمَا وَلَا رِبْحَهُمَا وَأَوْلَى لَوْ تَعَاطَاهُمَا بِنَفْسِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْفِعْلِ الَّذِي لِأَثَرِهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَإِنَّهُ مَتَى أَجَرَ عَلَيْهِ حَسَبَ الْأُجْرَةِ وَرِبْحِهَا وَلَوْ كَانَ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ لَا يَقْوَى قُوَّةَ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَسِمْسَارٍ لَمْ يُعْتَدْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ السِّمْسَارَ إذَا لَمْ يُعْتَدْ بِأَنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ دُونَهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ تُحْسَبُ أُجْرَتُهُ وَرِبْحُهَا وَقِيلَ لَا يُحْسَبَانِ وَقِيلَ تُحْسَبُ أُجْرَتُهُ دُونَ رِبْحِهَا وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ لَا يُحْسَبُ أَصْلًا لَا هُوَ وَلَا رِبْحُهُ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَا وَإِنْ اُعْتِيدَ بِأَنْ كَانَ الْمَتَاعُ لَا يُشْتَرَى مِثْلُهُ إلَّا بِسِمْسَارٍ فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ رُشْدٍ يُحْسَبُ أَصْلُهُ دُونَ رِبْحِهِ وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ يُحْسَبُ هُوَ وَرِبْحُهُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ إلَّا بِوَاسِطَةٍ) أَيْ إلَّا بِوَاسِطَةِ السِّمْسَارِ وَقَوْلُهُ كَانَ أَيْ ذَلِكَ السِّمْسَارُ مِنْ الْجُلَّاسِ أَيْ فِي أَمَاكِنِهِمْ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمْ أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ الطَّوَّافِينَ (قَوْلُهُ مَا لَزِمَ السِّلْعَةَ) أَيْ مَا غَرِمَهُ فِيهَا مِنْ ثَمَنٍ وَأُجْرَةِ صَبْغٍ وَطَرْزٍ وَخِيَاطَةٍ وَأُجْرَةِ حَمْلٍ وَطَيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ مَعَ الرِّبْحِ أَيْ مَعَ دُخُولِهَا عَلَى الْبَيْعِ بِالرِّبْحِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُحْسَبُ) أَيْ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُحْسَبَ أَصْلُهُ وَرِبْحُهُ أَوْ أَصْلُهُ دُونَ رِبْحِهِ فَالْأَوَّلُ كَالثَّمَنِ وَأُجْرَةِ الصَّبْغِ وَالطَّرْزِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْفَتْلِ وَالْكَمْدِ، وَالثَّانِي كَأُجْرَةِ

الثَّانِي أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُحْسَبُ وَيُرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يُرْبَحُ وَمَا لَا يُحْسَبُ أَصْلًا وَيُضْرَبُ الرِّبْحُ عَلَى مَا يُرْبَحُ لَهُ فَقَطْ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ ثُمَّ أَشَارَ لِوَجْهٍ ثَالِثٍ بِقَوْلِهِ (أَوْ) لَمْ يُبَيِّنْ الْجَمِيعَ ابْتِدَاءً بَلْ أَجْمَلَ ثُمَّ (فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ فَقَالَ هِيَ بِمِائَةٍ) إجْمَالًا ثُمَّ فَصَّلَ بِقَوْلِهِ (أَصْلُهَا كَذَا) كَثَمَانِينَ (وَحَمْلُهَا كَذَا) كَعَشَرَةٍ وَصَبْغُهَا خَمْسَةٌ وَقَصْرُهَا ثَلَاثَةٌ وَشَدُّهَا وَاحِدٌ وَطَيُّهَا وَاحِدٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا لَهُ رِبْحُ مِنْ غَيْرِهِ فَيُفَضُّ الرِّبْحُ عَلَى مَا يُحْسَبُ وَيُسْقَطُ مَا لَا يُحْسَبُ فِي الثَّمَنِ (أَوْ) قَالَ أَبِيعُ (عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ) الثَّمَنَ وَالْكُلَفَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرِّبْحَ عَلَى جَمِيعِ مَا بَيَّنَهُ وَلَا عَلَى بَعْضٍ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا قَالَ أَبِيعُ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَهَذَا مَحَلُّ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ وَحُسِبَ رِبْحُ إلَخْ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَهِيَ بِمِائَةٍ وَأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولُ بَيَّنَ عَائِدًا عَلَى الرِّبْحِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ مُرَابَحَةً وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يُفَصِّلَا) حِينَ الْبَيْعِ (مَا لَهُ الرِّبْحُ) مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يَكُونُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُفَصِّلَا إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ فَقَالَ هِيَ بِمِائَةٍ إلَخْ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ وَبِهِ يَسْقُطُ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ مُعْتَرِضًا عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ إسْقَاطُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ (وَ) إذَا قَالَ أَبِيعُهَا بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ (وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ) أَيْ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ السِّلْعَةُ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً فَالزِّيَادَةُ عَشَرَةٌ وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَالزِّيَادَةُ اثْنَا عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَمْلِ وَالشَّدِّ وَالطَّيِّ إذَا اسْتَأْجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَمَا لَا يُحْسَبُ أَيْ وَبَيْنَ مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَا أَصْلُهُ وَلَا رِبْحُهُ كَأُجْرَةِ السِّمْسَارِ وَأُجْرَةِ صَبْغٍ وَمَا مَعَهُ إذَا تَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اشْتَرَيْتُهَا بِكَذَا وَدَفَعْتُ أُجْرَةَ الصَّبْغِ كَذَا وَأُجْرَةَ الْخِيَاطَةِ كَذَا وَأُجْرَةَ الطَّرْزِ كَذَا وَأُجْرَةَ الْحَمْلِ كَذَا وَأُجْرَةَ الطَّيِّ وَالشَّدِّ كَذَا وَأُجْرَةَ السِّمْسَارِ كَذَا وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يُبَيِّنَ مَا يُحْسَبُ وَيُرْبَحُ لَهُ) أَيْ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُحْسَبَ وَيُرْبَحَ لَهُ كَالثَّمَنِ وَأُجْرَةِ الصَّبْغِ وَالطَّرْزِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْفَتْلِ وَالْكَمْدِ وَقَوْلُهُ وَمَا لَا يُرْبَحُ أَيْ وَيُبَيِّنُ مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يُرْبَحُ لَهُ كَأُجْرَةِ الْحَمْلِ وَالشَّدِّ وَالطَّيِّ وَقَوْلُهُ وَمَا لَا يُحْسَبُ أَصْلًا أَيْ وَيُبَيِّنُ مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ أَصْلًا كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ وَيُضْرَبُ الرِّبْحُ عَلَى مَا يُبِحْ لَهُ فَقَطْ) أَيْ أَوْ يُضْرَبُ الرِّبْحُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ الشَّأْنُ أَنَّهُ لَا يُرْبَحُ لَهُ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ أَنَّهُ يُبَيِّنُ جَمِيعَ مَا غَرِمَهُ عَلَى السِّلْعَةِ وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ مَا يُرْبَحُ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ) أَيْ وَجَرَيَانُ الْعُرْفِ بِضَرْبِ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ عَلَى مَا يُرْبَحُ لَهُ فَقَطْ كَاشْتِرَاطِ الْبَائِعِ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْعَمَلِ بِهِ وَلُزُومِهِ (قَوْلُهُ لِوَجْهٍ ثَالِثٍ) أَيْ مِنْ أَوْجُهِ الْجَوَازِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ يَجْرِيَانِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا أَجْمَلَ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ضَرْبَ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ عَلَى مَا يُرْبَحُ لَهُ بِحَسَبِ الشَّأْنِ خَاصَّةً فَتَكُونُ الصُّوَرُ أَرْبَعَةً قَالَهُ شَيْخُنَا وَشَارِحُنَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لعبق عَلَى مَا إذَا أَجْمَلَ أَوَّلًا ثُمَّ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يُرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يُرْبَحُ لَهُ وَلَا كَوْنَ الرِّبْحِ يُضْرَبُ عَلَى جَمِيعِ مَا بَيَّنَهُ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَقَوْلُهُ فَيُفَضُّ الرِّبْحُ عَلَى مَا يُحْسَبُ أَيْ عَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُحْسَبَ أَيْ وَيُرْبَحَ لَهُ وَقَوْلُهُ وَيَسْقُطُ مَا لَا يُحْسَبُ أَيْ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يُحْسَبَ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ وَذَلِكَ كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ الَّذِي مِنْ عِنْدِهِ وَأُجْرَتِهِ إنْ تَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا مَا شَأْنُهُ أَنْ يُحْسَبَ وَلَا يُرْبَحَ لَهُ فَلَا يُفَضُّ عَلَيْهِ الرِّبْحُ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَهَذَا مَحَلُّ التَّفْصِيلِ إلَخْ) الْمُشَارُ إلَيْهِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ بِحَالَتَيْهِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الْمُؤْنَةَ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْإِجْمَالِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يُرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يُرْبَحُ لَهُ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُسِبَ رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا أَجْمَلَ ابْتِدَاءً ثُمَّ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ لَهُ حَالَتَانِ هَذَا أَيْ قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ حَالَةٌ وَقَوْلُهُ هِيَ بِمِائَةٍ إلَخْ حَالَةٌ أُخْرَى فَكَمَا أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ ابْتِدَاءً لَهُ وَجْهَانِ كَذَلِكَ إذَا أَجْمَلَ ابْتِدَاءً ثُمَّ فَسَّرَ لَهُ وَجْهَانِ فَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْجَمِيعَ ابْتِدَاءً بَلْ أَجْمَلَ ثُمَّ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ هِيَ بِمِائَةٍ أَصْلُهَا كَذَا وَحَمْلُهَا كَذَا وَشَدُّهَا كَذَا وَطَيُّهَا كَذَا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا لَهُ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا كَوْنَ الرِّبْحِ عَلَى جَمِيعِ مَا بَيَّنَهُ وَلَا عَلَى بَعْضِهِ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ أَبِيعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُبَيِّنُ الثَّمَنَ وَالْكُلَفَ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَوْنَ الرِّبْحِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ وَلَا عَلَى بَعْضِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَبَيَّنَ الثَّمَنَ وَالْكُلَفَ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ) أَيْ عَلَى جَعْلِ مَفْعُولِ بَيَّنَ الرِّبْحَ وَقَوْلُهُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ فَقَالَ بِمِائَةٍ إلَخْ أَيْ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ وَالْكُلَفَ لَا يَتَأَتَّى تَفْصِيلُ مَا لَهُ رِبْحٌ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فَرْعٌ عَنْ بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْكُلَفِ أَمَّا عَلَى جَعْلِ مَفْعُولِ بَيَّنَ الثَّمَنَ وَالْكُلَفَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَقَالَ هِيَ بِمِائَةٍ إلَخْ وَلِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَبِهِ يَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ بِهَذَا التَّقْرِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ سَابِقًا فَقَالَ هِيَ بِمِائَةٍ أَصْلُهَا كَذَا وَحَمْلُهَا كَذَا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا لَهُ رِبْحٌ مِنْ غَيْرِهِ الْمُفِيدُ أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ أَيْ أَوْ قَالَ أَبِيعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ مَسْأَلَةً أُخْرَى مُسْتَقِلَّةً يَسْقُطُ قَوْلُ

وَهَكَذَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَإِذَا قَالَ أَبِيعُهَا بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ زِيدَ خُمُسُ الْأَصْلِ وَإِذَا قَالَ الْعَشَرَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ زِيدَ نِصْفُ الْأَصْلِ وَهَكَذَا وَشَبَّهَ فِي زِيَادَةِ عُشْرِ الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ يُؤْخَذُ وَفِي الْمُشَبَّهِ يُتْرَكُ فَقَالَ (وَالْوَضِيعَةُ) أَيْ الْحَطِيطَةُ (كَذَلِكَ) فَإِذَا بَاعَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَالنَّقْصُ جَزَاء مِنْ أَحَدَ عَشَرَ أَيْ تُجَزَّأُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ وَيُنْقَصُ مِنْهَا وَاحِدٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَسْقُطَ عُشْرُ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ بِوَضِيعَةِ عِشْرِينَ جُزْءًا وَتَسْقُطُ نِصْفُهَا الْعَشَرَةُ عِشْرُونَ فَنِصْفُ الْأَصْلِ بِأَنْ تُجَزَّأَ الْعَشَرَةُ وَبِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ فَمِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ ثُلُثَانِ وَأَرْبَعُونَ فَمِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَالضَّابِطُ أَنْ تُجَزِّئَ الْأَصْلَ أَجْزَاءً بِعَدَدِ الْوَضِيعَةِ وَتَنْسِبَ مَا زَادَهُ عَدَدُ الْوَضِيعَةِ عَلَى عَدَدِ الْأَصْلِ إلَى أَجْزَاءِ الْأَصْلِ الَّتِي جُعِلَ عَدَدُهَا بِعَدَدِ الْوَضِيعَةِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا قَالَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ فَتُجَزَّأُ الْعَشَرَةُ ثَلَاثِينَ جُزْءًا وَتُنْسَبُ أَجْزَاءُ مَا زَادَ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عِشْرُونَ لِلثَّلَاثِينَ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ فَيُحَطُّ عَنْهُ ثُلُثَا الثَّمَنِ ثُمَّ عُطِفَ عَلَى أَنْ بَيَّنَ الْجَمِيعَ قَوْلُهُ (لَا أَبْهَمَ) بِأَنْ أَجْمَلَ الْأَصْلَ مَعَ الْمُؤَنِ (كَقَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا) أَوْ ثَمَنُهُ كَذَا وَلَمْ يُفَصِّلْ وَبَاعَ مُرَابَحَةً الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ فَلَا يَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْفَسَادُ (أَوْ قَامَتْ بِشَدِّهَا وَطَيِّهَا بِكَذَا وَلَمْ يُفَصِّلْ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا لَهُ الرِّبْحُ مِنْ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ غَازِيٍّ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ أَوْ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ عَلَى مَا يُفِيدُهُ عِيَاضٌ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَوْ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ بَعْدَ الْإِجْمَالِ فَقَالَ هِيَ بِمِائَةٍ أَصْلُهَا كَذَا وَحَمْلُهَا كَذَا وَبَاعَ عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ كَرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَقَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ لِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ مَفْعُولُ بَيَّنَ الثَّمَنَ وَالْكُلَفَ كَمَا هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَعَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ عَلَى قَوْلِهِ هِيَ بِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ هِيَ بِمِائَةٍ الثَّمَنُ كَذَا وَشَدُّهَا كَذَا وَطَيُّهَا كَذَا لَا يُرْبَحُ لَهُ إلَّا إذَا دَخَلَا عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ قَدْرَ الرِّبْحِ فَلَا تَصِحُّ الْمُقَابَلَةُ وَإِنْ جُعِلَ مَفْعُولُ بَيَّنَ الرِّبْحَ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَوْ قَالَ أَبِيعُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ الرِّبْحَ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ هِيَ بِمِائَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا إجْمَالٌ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَفْسِيرٌ لِلْمُؤْنَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْسَبُ ذَلِكَ الزَّائِدُ عَلَى الْأَصْلِ كَالْعَشَرَةِ إلَيْهِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُزَادُ عَلَى الثَّمَنِ فَإِذَا قَالَ أَبِيعُ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَالْأَحَدَ عَشَرَ تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ بِوَاحِدٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا يَكُونُ عَشَرًا فَيُزَادُ عَلَى الثَّمَنِ عَشَرَةٌ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً زِيدَ عَلَيْهَا عَشَرَةٌ وَإِذَا قَالَ أَبِيعُك بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ اثْنَيْ عَشَرَ فَالِاثْنَا عَشَرَ تَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ بِاثْنَيْنِ نِسْبَتُهُمَا لِلْعَشَرَةِ خَمْسٌ فَيُزَادُ عَلَى الثَّمَنِ خَمْسَةٌ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً زِيدَ عَلَيْهَا خُمُسُهَا وَذَلِكَ عِشْرُونَ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ) أَيْ أَنْ يَزِيدَ لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنْ الثَّمَنِ أَحَدَ عَشَرَ بِحَيْثُ يَبْقَى إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةً أَحَدًا وَعِشْرِينَ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ يَصِيرُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ وَلِذَا بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَزِيدَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْوَضِيعَةُ) أَيْ وَوَضِيعَةُ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمُرَابَحَةِ أَيْ كَمُرَابَحَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فِي زِيَادَةِ عُشْرِ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ فِي مُرَابَحَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ تُجْعَلُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ بِزِيَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى الْعَشَرَةِ وَيَأْخُذُهُ الْبَائِعُ وَفِي وَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ تُجْعَلُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ لَكِنْ لَا بِزِيَادَةِ وَاحِدٍ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَشَرَةَ تُجَزَّأُ لِأَحَدَ عَشَرَ وَيَسْقُطُ مِنْهَا وَاحِدٌ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تُجْعَلُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ الِاعْتِبَارَ مُخْتَلِفٌ. (قَوْلُهُ وَالضَّابِطُ إلَخْ) هَذَا ضَابِطٌ لِمَا إذَا زَادَتْ الْوَضِيعَةُ عَلَى الْأَصْلِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَضِيعَةُ تُسَاوِي الْأَصْلَ أَوْ تَنْقُصُ عَنْهُ فَضَابِطُهُ أَنْ تُضَمَّ الْوَضِيعَةُ لِلْأَصْلِ وَتُنْسَبَ الْوَضِيعَةُ لِلْمَجْمُوعِ وَيُحَطَّ مِنْ الثَّمَنِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِذَا بَاعَهُ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عَشَرَةً فَتَزِيدُهَا عَلَى الْأَصْلِ فَالْجُمْلَةُ عِشْرُونَ تُنْسَبُ الْوَضِيعَةُ لِلْمَجْمُوعِ تَكُونُ نِصْفًا فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي نِصْفُ الثَّمَنِ، وَإِذَا بَاعَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً زِيدَتْ الْوَضِيعَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ نِسْبَةُ الْوَضِيعَةِ لِلْمَجْمُوعِ ثُلُثٌ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ لَكِنْ هَذَا خِلَافُ عُرْفِنَا الْآنَ فَإِنَّ عُرْفَنَا الْآنَ فِي وَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ وَضْعُ النِّصْفِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى الْعُرْفُ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ أَنْ تُجَزِّئَ الْأَصْلَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَشَرَةُ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَإِذَا قَالَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا قَالَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ تُجَزِّئُ الْعَشَرَةَ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَتَنْسِبُ مَا زَادَ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ وَاحِدٌ لِلْأَحَدَ عَشَرَ يَكُنْ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً جَعَلَ مِائَةً وَعَشَرَةَ أَجْزَاءٍ وَحَطَّ مِنْهَا عَشَرَةً وَإِذَا قِيلَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ جُعِلَتْ الْعَشْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ جُزْءًا وَنُسِبَتْ الْخَمْسَةُ لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ كَانَتْ ثُلُثًا فَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ وَإِذَا قِيلَ بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عِشْرِينَ جُعِلَتْ الْعَشَرَةُ عِشْرِينَ جُزْءًا وَنُسِبَتْ الْعَشَرَةُ لَلْعِشْرِينَ تَكُنْ نِصْفًا فَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي نِصْفُ الثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا فَوَضِيعَةُ الْعَشَرَةِ عِشْرِينَ كَوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عَشَرَةً وَلَمْ تَقَعْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ فِي عُرْفِنَا الْآنَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُفَصِّلْ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الثَّمَنِ وَلَا أُجْرَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي فُعِلَتْ بِهَا وَلَا مَا لَهُ الرِّبْحُ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أُبْهِمَ وَأُجْمِلَ الْأَصْلُ مَعَ الْمُؤْنَةِ فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ

وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَاخْتُلِفَ (هَلْ هُوَ) أَيْ الْإِبْهَامُ فِيهِمَا (كَذِبٌ) لِزِيَادَتِهِ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يُحْسَبُ فِيهِ وَجَعْلِهِ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً (أَوْ غِشٌّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنَّمَا أَبْهَمَ (تَأْوِيلَانِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ إنْ حُطَّ عَنْهُ الزَّائِدُ وَرِبْحُهُ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ مَضَتْ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ حَطِّ مَا يَجِبُ حَطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخَالِفَةٌ لِمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي حُكْمِ الْغِشِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَعَ الْقِيَامِ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ وَهُنَا يَتَحَتَّمُ وَذَكَرَ أَنَّهُ مَعَ الْفَوَاتِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَهُنَا يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ مَا بَقِيَ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ فَقَوْلُهُ أَوْ غِشٌّ فِيهِ نَظَرٌ فَلَوْ قَالَ وَهَلْ هُوَ كَذِبٌ أَوْ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَيَمْضِيَ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ إسْقَاطِ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ مِنْ الثَّمَنِ تَأْوِيلَانِ لَطَابَقَ مَا ذُكِرَ (دَرْسٌ) (وَوَجَبَ) عَلَى بَائِعِ مُرَابَحَةً وَغَيْرَهَا (تَبْيِينُ مَا يَكْرَهُ) فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ أَوْ وَصْفِهِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا كَثَوْبِ مَنْ بِهِ حَكَّةٌ أَوْ جَرَبٌ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَغِشٌّ أَوْ كَذِبٌ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ كَرَاهَتِهِ وَلَوْ كَرِهَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْبَيَانُ (كَمَا) يَجِبُ عَلَى بَائِعِ مُرَابَحَةً بَيَانُ مَا (نَقَدَهُ وَعَقَدَهُ) أَيْ عَقَدَ عَلَيْهِ حَيْثُ اخْتَلَفَ مَا نَقَدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُفْسَخُ لِعَدَمِ التَّبْيِينِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي التَّأْوِيلَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ بِالْفَسَادِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ وَهُمَا إنَّمَا يَجْرِيَانِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ فَسْخُهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ كَذَا فِي ح وَأَمَّا قَوْلُ عج إنَّهُ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ فَفِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُفَصِّلْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ لِزِيَادَتِهِ فِي الثَّمَنِ) يَعْنِي بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ عُمُومِ اللَّفْظِ وَقَوْلُهُ وَجَعْلُهُ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً أَيْ عَلَى مَا لَا يُحْسَبُ أَصْلًا (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ لُبَابَةَ وَابْنِ عَبْدُوسٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَالثَّانِي تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ وَإِلَيْهِ نَحَا التُّونُسِيُّ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ مُحْرِزٍ (قَوْلُهُ إنْ حُطَّ عِنْدَ الزَّائِدِ) أَيْ الَّذِي لَا يُحْسَبُ أَصْلًا وَرِبْحُهُ أَيْ وَحُطَّ عَنْهُ أَيْضًا رِبْحُ مَا لَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ (قَوْلُهُ لَا تَلْزَمُهُ) أَيْ لَا تَلْزَمُ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرِيَ وَلَوْ حُطَّ عَنْهُ الزَّائِدُ وَرِبْحُهُ (قَوْلُهُ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ) أَيْ وَهَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ مَضَتْ) أَيْ مَضَى بَيْعُهَا وَلَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ بِمَا بَقِيَ أَيْ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ حَطِّ مَا يَجِبُ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْغِشِّ وَأَمَّا عَلَى الْكَذِبِ فَيَجْرِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْكَذِبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَقِيمَتِهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ رِبْحَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَعَ الْقِيَامِ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ) أَيْ بَلْ ذُكِرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ وَقَوْلُهُ وَهُنَا يَتَحَتَّمُ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنْ يُحَتَّمَ الْفَسْخُ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ عَلَى تَأْوِيلِ الْغِشِّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ عِنْدَ قِيَامِ الْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ أَوْ غِشٌّ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي لَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ جَارِيَةً عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْبِيرُ بِالْغِشِّ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لعبق قَالَ بْن وَلَا يَخْفَى سُقُوطُ هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ تَابِعٌ لِأَصْحَابِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْكَذِبِ وَبِالْغِشِّ فَإِصْلَاحُ كَلَامِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ إفْسَادٌ لَهُ لِعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَذَلِكَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَنَقَلَ التَّوْضِيحُ وَالْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ لَطَابَقَ مَا ذُكِرَ) أَيْ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الثَّانِي لَا تَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ وَلَا عَلَى حُكْمِ الْكَذِبِ وَلَا عَلَى حُكْمِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ تَبْيِينُ مَا يَكْرَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ مَا يَكْرَهُهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْرَهْهُ الْمُشْتَرِي وَيَكْرَهُ غَيْرُهُ يَجِبُ الْبَيَانُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مُحْرَقًا أَوْ الْحَيَوَانُ مَقْطُوعَ عُضْوٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَصَفَهُ أَيْ كَكَوْنِ الْعَبْدِ يَأْبَقُ أَوْ يَسْرِقُ وَكَمَا مَثَّلَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ مَا يَكْرَهُ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ أَوْ وَصْفِهِ كَأَنْ عُدِمَ بَيَانُهُ تَارَةً كَذِبًا وَتَارَةً غِشًّا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ بَابِ الْمُرَابَحَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ غِشٌّ وَكَذِبٌ وَوَاسِطَةٌ فَالْغِشُّ فِي سِتِّ مَسَائِلَ وَكُلُّهَا فِي الْمَتْنِ عَدَمُ بَيَانِ طُولِ الزَّمَانِ وَكَوْنُهَا بَلَدِيَّةً أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ وَجَزِّ الصُّوفِ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ وَاللَّبْسِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَإِرْثُ الْبَعْضِ، وَالْكَذِبُ فِي سِتٍّ أَيْضًا عَدَمُ بَيَانِ تَجَاوُزِ الزَّائِفِ وَالرُّكُوبِ وَاللَّبْسِ وَهِبَةِ اُعْتِيدَتْ وَجَزِّ الصُّوفِ التَّامِّ وَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ، وَالْوَاسِطَةُ فِي سِتٍّ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ لَا تَرْجِعُ لِلْغِشِّ وَلَا لِلْكَذِبِ وَهِيَ عَدَمُ بَيَانِ مَا نَقَدَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ وَمَا إذَا أُبْهِمَ وَعَدَمُ بَيَانِ الْأَجَلِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَثَلَاثٌ تَرَدَّدَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى خِلَافٍ عَدَمُ بَيَانِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْظِيفِ وَالْوِلَادَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَمَا نَقَدَهُ وَعَقَدَهُ) أَيْ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ الثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَهُ وَاَلَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّهِ وَبَيْنَ التَّمَاسُكِ بِهِ بِمَا نَقَدَهُ هُوَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَمَا نَقَدَهُ كَمَا فِي ح وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْغِشِّ وَلَا الْكَذِبِ.

(مُطْلَقًا) سَوَاءٌ عَقَدَ بِذَهَبٍ وَنَقَدَ فِضَّةً أَوْ عَكْسَهُ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا وَنَقَدَ عَرْضًا أَوْ عَكْسَهُ وَأَمَّا إنْ نَقَدَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِبَيَانٍ (وَ) وَجَبَ عَلَى بَائِعِ الْمُرَابَحَةِ بَيَانُ (الْأَجَلِ) الَّذِي اشْتَرَى إلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ هَذَا إنْ دَخَلَا عَلَى التَّأْجِيلِ ابْتِدَاءً بَلْ (وَإِنْ بِيعَ) الْمَبِيعُ (عَلَى النَّقْدِ) ثُمَّ أُجِّلَ بِتَرَاضِيهِمَا فَيَجِبُ عَلَى بَائِعِ الْمُرَابَحَةِ نَقْدًا بَيَانُ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ اللَّاحِقَ كَالْوَاقِعِ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (طُولِ زَمَانِهِ) أَيْ زَمَانِ مُكْثِ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ وَلَوْ عَقَارًا لِأَنَّ النَّاسَ يَرْغَبُونَ فِي الَّذِي لَمْ يَتَقَادَمْ عَهْدُهُ فِي أَيْدِيهِمْ (وَ) إنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ زَائِفٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُ (تَجَاوُزِ الزَّائِفِ) أَوْ النَّاقِصِ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَالْمُرَادُ بِتَجَاوُزِهِ الرِّضَا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُعْتَدْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَكَذِب كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (هِبَةٍ) لِبَعْضِ الثَّمَنِ (اُعْتِيدَتْ) بَيْنَ النَّاسِ بِأَنْ تُشْبِهَ عَطِيَّةَ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ أَوْ وُهِبَ لَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَجِبْ الْبَيَانُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ الْبَيَانِ الْمُقَدَّرِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْبَيَانِ مُطْلَقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِحَالٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ اللَّاحِقَ) أَيْ لِلْبَيْعِ كَالْوَاقِعِ فِيهِ فَإِنْ تَرَكَ بَيَانَ الْأَجَلِ كَانَ غِشًّا فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَأَمَّا مَعَ فَوَاتِهَا فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ اهـ خش وَمَا مَرَّ عَنْ بْن يَقْتَضِي أَنَّهُ مِثْلُ مَا نَقَدَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ إذَا كَتَمَهُ فِي كَوْنِهِ لَيْسَ غِشًّا وَلَا كَذِبًا وَلِذَا ذَكَرَ عج أَنَّهُ إذَا كَتَمَ الْأَجَلَ وَبَاعَ مُرَابَحَةً فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ قَائِمًا رُدَّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ أَمْ لَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغِشِّ وَإِنْ فَاتَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ نَقْدًا مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَجَلَ وَبَاعَ مُرَابَحَةً فَقِيلَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَيَكُونُ عَدَمُ بَيَانِهِ مِنْ الْغِشِّ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ خش وَقِيلَ بِفَسَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ بْن وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ الرَّدُّ مُطْلَقًا قَائِمًا أَوْ فَائِتًا وَالْمَرْدُودُ فِي الْقِيَامِ السِّلْعَةُ وَفِي الْفَوَاتِ دَفْعُ الْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهَذِهِ الْجُزْئِيَّةُ لَيْسَتْ جَارِيَةً عَلَى الْغِشِّ وَلَا عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أُخِذَ بِهِ لِلْأَجَلِ مُطْلَقًا لَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَلَا فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا لِأَنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ سَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ حَيْثُ أَخَّرَهُ لِلْأَجَلِ بِالثَّمَنِ وَقَدْ انْتَفَعَ بِمَا زِيدَ لَهُ مُرَابَحَةً، وَفِي حَالَةِ الْفَوَاتِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ وَالْقِيمَةُ مِنْ صِنْفَيْنِ فَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ لَزِمَ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ فَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَقَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ تَأْجِيلَ الْأَقَلِّ مَحْضُ مَعْرُوفٍ لَا نَفْعَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَطُولِ زَمَانِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَكَثَ عِنْدَهُ مُدَّةً يَسِيرَةً وَأَرَادَ الْبَيْعَ مُرَابَحَةً فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَقَارًا) أَيْ وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ الْمَبِيعُ فِي ذَاتِهِ أَوْ فِي سُوقِهِ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَصْلًا لَكِنْ قَلَّتْ الرَّغْبَةُ فِيهِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ قَالَ إنَّمَا يَجِبُ بَيَانُ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ إذَا تَغَيَّرَ فِي ذَاتِهِ أَوْ تَغَيَّرَ سُوقُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ فَإِنْ مَكَثَ عِنْدَهُ كَثِيرًا وَبَاعَ مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ كَانَ غِشًّا فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَتَجَاوُزِ الزَّائِفِ) أَيْ وَالتَّجَاوُزُ عَنْ الزَّائِفِ وَهُوَ الْمَغْشُوشُ الَّذِي خُلِطَ ذَهَبُهُ أَوْ فِضَّتُهُ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِتَجَاوُزِهِ الرِّضَا بِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَرْكَهُ وَتَرْكَ بَدَلِهِ لِأَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْتَدْ) أَيْ وَلَوْ إذَا كَانَ تَجَاوُزُ الزَّائِفِ مُعْتَادًا بَلْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمُعْتَادِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَكَذِبٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ إنْ حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي الزَّائِدَ وَرِبْحَهُ فَإِنْ لَمْ يَحُطَّ عَنْهُ ذَلِكَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ أَوْ الْقِيمَةِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ. (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ) أَيْ نَقْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ يُونُسَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الزَّائِفَ أَنْقَصُ فَمَا فِي عبق وخش إنْ تَرَكَ بَيَانَهُ مِنْ الْغِشِّ فِيهِ نَظَرٌ وَنَصَّ ح عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةً وَدَفَعَ مِنْ جُمْلَتِهَا وَاحِدًا زَائِفًا وَلَمْ يُبَيِّنْ التَّجَاوُزَ عَنْهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعَ بِالتِّسْعَةِ وَقِيمَةِ الزَّائِفِ فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ لَزِمَ فِيهِ الْقِيمَةُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ التِّسْعَةِ وَقِيمَةِ الزَّائِفِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ بَيَانُ هِبَةٍ اُعْتِيدَتْ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ الْبَيَانَ فَكَذِبٌ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَحَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا وَهَبَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَرِبْحِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ كَمَا قَالَ أَصْبَغُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ يَلْزَمُ إذَا حَطَّ عَنْهُ مَا وَهَبَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحُطَّ عَنْهُ رِبْحَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ مُشْكِلٌ حَيْثُ جَعَلَ عَدَمَ بَيَانِ الْهِبَةِ كَذِبًا وَسَيَأْتِي أَنَّ الْكَذِبَ يُحَطُّ فِيهِ الزَّائِدُ وَرِبْحُهُ فَإِنْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ فِي دَفْعِ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ

(وَ) وَجَبَ بَيَانُ (أَنَّهَا لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً) إذَا كَانَتْ تَلْتَبِسُ بِبَلَدِيَّةٍ مَرْغُوبٍ فِيهَا أَكْثَرَ وَكَذَا يَجِبُ بَيَانُ أَنَّهَا بَلَدِيَّةٌ إنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي غَيْرِهَا أَكْثَرَ (أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ) يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى لَيْسَتْ أَيْ يَجِبُ بَيَانُ أَنَّهَا مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي غَيْرِهَا أَكْثَرَ وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى بَلَدِيَّةٍ أَيْ يُبَيِّنُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي التَّرِكَةِ أَكْثَرَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَغِشٌّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (وِلَادَتِهَا) عِنْدَهُ (وَإِنْ بَاعَ وَلَدَهَا مَعَهَا) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَظُنُّ أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ مَعَ وَلَدِهَا وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَيَانُ لِكَوْنِهِ يَجْبُرُ النَّقْصَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (جَذِّ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) أَيْ كَانَتْ مَأْبُورَةً وَقْتَ الشِّرَاءِ فَأَخَذَ ثَمَرَتَهَا وَأَرَادَ بَيْعَ الْأَصْلِ مُرَابَحَةً فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَكَذِبٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْبُورَةِ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ فَيَجِبُ لِطُولِهِ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ جَزِّ (صُوفٍ تَمَّ) حِينَ الشِّرَاءِ إذَا أَرَادَ بَيْعَ الْغَنَمِ مُرَابَحَةً لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ وَالصُّوفِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَلَا مَفْهُومَ لَتَمَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَجِبُ بَيَانُ أَخْذِ الصُّوفِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا وَقْتَ الشِّرَاءِ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (إقَالَةُ مُشْتَرِيهِ) إذَا بَاعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْإِقَالَةُ كَاشْتِرَائِهِ بِعَشَرَةٍ وَبَيْعِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَتَقَايَلَا عَلَيْهَا فَإِذَا بَاعَ مُرَابَحَةً عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرِبْحِهِ مَا لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ بَيَانُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ الْبَيَانَ كَانَ غِشًّا فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ بِمَا نَقَدَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ لَزِمَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ قَوْلُهُ إنَّهَا لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَوِلَادَتِهَا) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى ذَاتًا سَوَاءً كَانَتْ مِنْ نَوْعِ مَا لَا يَعْقِلُ أَوْ مِنْ نَوْعِ مَا يَعْقِلُ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ سَوَاءٌ حَمَلَتْ عِنْدَهُ أَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَلَوْ بِقُرْبِ وِلَادَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ ذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ وَلَدَهَا مَعَهَا، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَلَدَتْ أَنَّ وَطْءَ السَّيِّدِ لَا يَجِبُ بَيَانُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا رَائِعَةً وَافْتَضَّهَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ افْتِضَاضَ الرَّائِعَةِ فَكَذِبٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّ عَنْهُ مَا يَنُوبُ الِافْتِضَاضَ وَرِبْحَهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ قِيلَ لِلْبَائِعِ أَعْطِهِ مَا نَقَصَهُ الِافْتِضَاضُ وَرِبْحُهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَسْتَرْجِعَ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا مُفْتَضَّةً مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَلَا يُزَادُ أَوْ يَنْقُصُ عَنْهُ بَعْدَ الِافْتِضَاضِ فَلَا تَنْقُصُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوِلَادَةَ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ عَيْبٌ وَطُولُ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ إلَى أَنْ وَلَدَتْ غِشٌّ وَمَا نَقَصَهَا التَّزْوِيجُ وَالْوِلَادَةُ مِنْ قِيمَتِهَا كَذِبٌ فِي الثَّمَنِ فَإِنْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ بِإِثْرِ شِرَائِهَا وَبَاعَهَا مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ فَقَدْ انْتَفَى الْغِشُّ لِعَدَمِ طُولِ الزَّمَانِ وَانْتَفَى الْكَذِبُ فِي الثَّمَنِ لِعَدَمِ التَّزْوِيجِ وَوُجِدَ الْعَيْبُ فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ بِهِ فَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ هَذَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ تَعَيَّنَ التَّمَاسُكُ وَالرُّجُوعُ بِأَرْشِ عَيْبِ الْوِلَادَةِ وَإِنْ وُجِدَتْ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ وَبَاعَ مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ وَكَانَتْ قَائِمَةً فَلَهُ الْقِيَامُ بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ شَاءَ فَلَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَائِعُ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ بِالْغِشِّ وَالْعَيْبِ فَيُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَتَمَاسَكَ بِمَا نَقَدَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ حَطُّ الْبَائِعِ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ عَنْهُ مُلْزِمًا لَهُ بِالْمَبِيعِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِالْغِشِّ وَالْعَيْبِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً وَفَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمُفَوِّتٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَمِنْ لَوَازِمِهِ أَنْ يَكُونَ مُفَوِّتًا مِنْ الْغِشِّ وَالْكَذِبِ وَذَلِكَ كَبَيْعِهَا وَإِهْلَاكِهَا وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ فَإِنْ شَاءَ قَامَ بِالْعَيْبِ فَحُطَّ عَنْهُ أَرْشُهُ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَإِذَا رَضِيَ بِهِ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ بِالْغِشِّ أَوْ الْكَذِبِ وَقِيَامُهُ بِالْأَوَّلِ أَنْفَعُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْغِشِّ دُونَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَحَوَالَةِ سُوقٍ وَحُدُوثِ قَلِيلِ عَيْبٍ أَوْ حُدُوثِ عَيْبٍ مُتَوَسِّطٍ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَهُ الرِّضَا بِهِ وَيَقُومُ بِالْغِشِّ فَيَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالْمُسَمَّى لِأَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ قِيَامِهِ بِالْكَذِبِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَالْقِيمَةِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْبُورَةِ) أَيْ وَقْتَ الشِّرَاءِ إذَا جَذَّهَا قَبْلَ طِيبِهَا عِنْدَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَأَرَادَ بَيْعَ الْأَصْلِ مُرَابَحَةً فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ أَيْ حَتَّى طَابَتْ وَجَذَّهَا (قَوْلُهُ فَيَجِبُ لِطُولِهِ) أَيْ فَيَجِبُ الْبَيَانُ لِطُولِ الزَّمَانِ وَلَا يُحْتَاجُ لِبَيَانِ جَذِّ الثَّمَرَةِ الَّتِي كَانَتْ وَقْتَ الشِّرَاءِ غَيْرَ مَأْبُورَةٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ بَيَانُ جَزِّ صُوفٍ تَمَّ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ الْبَيَانَ كَانَ كَذِبًا كَتَرْكِ بَيَانِ جَذِّ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا وَقْتَ الشِّرَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ طُولٌ فِي الزَّمَانِ أَوْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَرَةِ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْبَيَانُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَأْبُورَةً وَأَمَّا الصُّوفُ فَيَجِبُ فِيهِ الْبَيَانُ إذَا أَخَذَهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ تَامٍّ أَنَّ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمَأْبُورَةِ إذَا جُذَّتْ الشَّأْنُ أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِخِلَافِ الصُّوفِ غَيْرِ التَّامِّ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ فِي حَشْوِ نَحْوِ طَرَّاحَةٍ فَإِنْ تَرَكَ بَيَانَ جَزِّ الصُّوفِ غَيْرِ التَّامِّ كَانَ غِشًّا كَمَا فِي عبق وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ بَيَانِ جَزِّ الصُّوفِ إذَا كَانَ غَيْرَ تَامٍّ فَخِلَافُ النَّقْلِ وَالنَّقْلُ أَنَّ غَيْرَ التَّامِّ يَكُونُ غَلَّةً وَلَا يَجِبُ بَيَانُهُ إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ نَعَمْ إذَا طَالَ الزَّمَانُ وَجَبَ الْبَيَانُ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِطُولِ الزَّمَانِ فَلَوْ بَيَّنَ طُولَ الزَّمَانِ كَفَى وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَمَنْ ابْتَاعَ حَوَانِيتَ أَوْ دُورًا أَوْ حَوَائِطَ أَوْ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ غَنَمًا فَاغْتَلَّهَا أَوْ حَلَبَ الْغَنَمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ

فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْإِقَالَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً عَلَى الْعَشَرَةِ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْإِقَالَةُ (بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ) فَلَا يَجِبُ بَيَانُهَا لِأَنَّهَا بَيْعٌ ثَانٍ فَلَهُ الْبَيْعُ عَلَيْهِ مُرَابَحَةً وَمِثْلُهُمَا إذَا وَقَعَتْ مَعَ بُعْدٍ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (الرُّكُوبِ) لِلدَّابَّةِ (وَاللُّبْسِ) لِلثَّوْبِ إذَا كَانَا مُنْقِصَيْنِ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (التَّوْظِيفِ) وَهُوَ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَى السِّلَعِ بِالِاجْتِهَادِ (وَلَوْ) كَانَ الْمَبِيعُ الْمُوَظَّفُ عَلَيْهِ (مُتَّفِقًا) فِي الصِّفَةِ كَثَوْبَيْنِ جِنْسًا وَصِفَةً لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ فِي تَوْظِيفِهِ وَيَزِيدُ فِي بَعْضِهَا لِرَغْبَةٍ فِيهِ وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ خَرَجَ الْمِثْلِيُّ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْبَيَانُ إذَا بَاعَ بَعْضَهُ مُرَابَحَةً عَلَى التَّوْظِيفِ حَيْثُ اتَّفَقَتْ أَجْزَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَغِشٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ قَوْلَهُ (إلَّا) إنْ كَانَ الْمَبِيعُ (مِنْ سَلَمٍ) مُتَّفَقٍ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ لِأَنَّ آحَادَهُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الصِّفَةُ وَلِذَا إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ ثَوْبٌ رَجَعَ بِمِثْلِهِ لَا بِقِيمَتِهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي غَيْرِ السَّلَمِ وَمَحَلُّهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْلِمُ تَجَاوَزَ عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِأَخْذِ أَدْنَى مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ (لَا غَلَّةِ رَبْعٍ) مُشْتَرِي اغْتَلَّهَا وَأَرَادَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ، وَالرَّبْعُ الْمَنْزِلُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَرْضَ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَلَوْ عَبَّرَ بِعَقَارٍ كَانَ أَحْسَنَ وَمِثْلُهُ الْحَيَوَانُ وَلَعَلَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَحْتَاجُ مِنْ النَّفَقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ تُحَوَّلَ الْأَسْوَاقُ فَلْيُبَيِّنْ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ جَزَّ صُوفَ الْغَنَمِ فَلْيُبَيِّنْهُ كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ الشِّرَاءِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمئِذٍ تَامًّا فَقَدْ صَارَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهَذَا نُقْصَانٌ مِنْ الْغَنَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا فَلَمْ يَنْبُتْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ اهـ فَقَدْ عَلَّلْت بَيَانَ غَيْرِ التَّامِّ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْبُتْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا بَيَّنَ طُولَ الزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ لِبَيَانِ جَزِّ ذَلِكَ الْغَيْرِ التَّامِّ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْإِقَالَةِ عَلَيْهَا) أَيْ لِنُفْرَةِ النُّفُوسِ مِمَّا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَ كَذِبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ هُوَ غِشٌّ، وَعَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَإِذَا حَطَّ الْبَائِعُ الزَّائِدَ وَهُوَ الْخَمْسَةُ وَرِبْحُهَا لَزِمَ الْبَيْعُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَحُطَّهُ الْبَائِعُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ بِمَا نَقَدَهُ مِنْ الثَّمَنِ هَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَالْقِيمَةِ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ (قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ) أَيْ مُلْتَبِسَةٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ كَأَنْ تَقَعَ الْإِقَالَةُ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ ثَانٍ) أَيْ فَلَا يُلْتَفَتُ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيمَا تَقَعُ فِيهِ الْإِقَالَةُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ إذَا وَقَعَتْ مَعَ بُعْدٍ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ بِالثَّمَنِ الَّذِي حَصَلَ الشِّرَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَهُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لَكِنْ مَعَ بُعْدٍ مِنْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَالرُّكُوبِ لِلدَّابَّةِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتهَا بِمِائَةٍ وَرَكِبْتهَا الْمَسَافَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَإِنْ تَرَكَ بَيَانَ الرُّكُوبِ أَوْ اللُّبْسِ كَانَ كَذِبًا (قَوْلُهُ إذَا كَانَا مُنْقَصَيْنِ) وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الرُّكُوبِ فِي السَّفَرِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةً لِعَجَفِهَا وَتَنْقِيصِهَا كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَالْمَدَارُ عَلَى التَّنْقِيصِ كَانَ الرُّكُوبُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ بَيَانُ التَّوْظِيفِ) أَيْ بَيَانُ أَنَّهُ مِنْهُ كَأَنْ يَشْتَرِيَ مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَثَلًا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَيُوَظِّفَ عَلَى كُلِّ ثَوْبٍ مِنْهَا دِرْهَمًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ التَّوْظِيفَ مِنْهُ إذْ قَدْ يُخْطِئُ نَظَرُهُ فِي التَّوْظِيفِ. وَمَحَلُّ الْبَيَانِ إذَا أَرَادَ بَيْعَ بَعْضِ الصَّفْقَةِ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بَيْعَهَا بِتَمَامِهَا صَفْقَةً عَلَى الْمُرَابَحَةِ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَّفِقًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُخْتَلِفًا فِي الصِّفَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُتَّفِقًا فِيهَا وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ نَافِعٍ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ قَالَ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ التِّجَارَةِ الدُّخُولَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ وَقِيلَ إنَّهُ كَذِبٌ قَالَ عج وَيَنْبَغِي كَمَا وَقَعَ فِي مَجْلِسِ الْمُذَاكَرَةِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَيُقَالُ إنَّ تَرْكَ الْبَيَانِ غِشٌّ إذَا كَانَ الْمُوَظَّفُ عَلَيْهِ مُتَّفِقَ الصِّفَةِ لِإِيهَامِ شِرَائِهِ كَذَلِكَ وَكَذِبٌ فِي مُخْتَلِفِ الصِّفَةِ لِاحْتِمَالِ خَطَئِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ وُجُوبُ الْبَيَانِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ الْمُوَظَّفُ عَلَيْهِ مُتَّفِقًا (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ) أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْبَيَانُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الصِّفَةُ) أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنَّ الْقَصْدَ فِيهِ إلَى الْآحَادِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي غَيْرِ السَّلَمِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ لِلتَّوْظِيفِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ سَلَمٍ (قَوْلُهُ بِأَخْذِ أَدْنَى) أَيْ وَوُظِّفَ الثَّمَنُ عَلَى هَذِهِ السِّلَعِ الَّتِي أَخَذَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهَا مُرَابَحَةً وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَجْوَدَ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ عَلَى حَالِهِ وَوَظَّفَ قِيمَةَ الْأَجْوَدِ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْبَعْضَ مُرَابَحَةً لِأَنَّ أَخْذَهُ الْأَجْوَدَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَهَبَهُ الْبَائِعُ شَيْئًا وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ إنْ وَهَبَهُ شَيْئًا وَجَبَ أَنْ يُبَيِّنَ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ) أَيْ بَيَانُ الِاسْتِغْلَالِ لِعَدَمِ حُدُوثِ مَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَالرَّبْعُ) أَيْ فِي الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ أَيْ فَهُوَ هُنَا مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ وَإِرَادَةِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْحَيَوَانُ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ابْتَاعَ دُورًا

مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرَّبْعُ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ. قَوْلَهُ (كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ) لِسِلْعَةٍ اشْتَرَى نِصْفَهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهَا بِأَزْيَدَ كَخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُ جُمْلَتَهَا مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ اشْتَرَى أَوَّلًا بِكَذَا وَثَانِيًا بِكَذَا (لَا إنْ وَرِثَ بَعْضَهُ) أَوْ وُهِبَ لَهُ بَعْضُهُ وَاسْتَكْمَلَ الْبَاقِيَ بِالشِّرَاءِ وَأَرَادَ بَيْعَ الْبَعْضِ الْمُشْتَرَى مُرَابَحَةً فَيَجِبُ الْبَيَانُ وَأَمَّا الْبَعْضُ الْمَوْرُوثُ وَنَحْوُهُ فَلَا يُبَاعُ مُرَابَحَةً إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ (وَهَلْ) وُجُوبُ الْبَيَانِ (إنْ تَقَدَّمَ الْإِرْثُ) عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِ النِّصْفِ الْمُشْتَرَى لِيَكْمُلَ لَهُ مَا وَرِثَ بَعْضَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ (أَوْ) وُجُوبُ الْبَيَانِ (مُطْلَقًا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ (تَأْوِيلَانِ) (وَإِنْ غَلِطَ) الْبَائِعُ مُرَابَحَةً عَلَى نَفْسِهِ فَأَخْبَرَ (بِنَقْصٍ) عَمَّا اشْتَرَى بِهِ (وَصُدِّقَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِي غَلَطِهِ (أَوْ أَثْبَتَ) ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ (رَدَّ) الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ أَيْ لَهُ ذَلِكَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ (أَوْ دَفَعَ مَا تَبَيَّنَ) أَنَّهُ ثَمَنٌ صَحِيحٌ (وَرِبْحَهُ) إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً (فَإِنْ فَاتَتْ) بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ (خُيِّرَ مُشْتَرِيهِ) أَيْضًا (بَيْنَ) دَفْعِ الثَّمَنِ (الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَ) دَفْعِ (قِيمَتِهِ) فِي الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيِّ (يَوْمَ بَيْعِهِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ لَا يَوْمَ قَبْضِهِ (مَا لَمْ تَنْقُصْ) قِيمَتُهُ (عَنْ الْغَلَطِ وَرِبْحِهِ) فَلَا يَنْقُصُ عَنْهُمَا. وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ الْكَذِبِ وَالْغِشِّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِهِمَا مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوْتِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَذَبَ) الْبَائِعُ أَيْ زَادَ فِي إخْبَارِهِ كَأَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِينَ وَقَدْ كَانَ اشْتَرَى بِأَرْبَعِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ حَوَائِطَ أَوْ حَيَوَانًا أَوْ رَقِيقًا وَاغْتَلَّهَا وَحَلَبَ الْغَنَمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ اهـ وَاعْتَرَضَ أَبُو الْحَسَنِ تَعْلِيلَ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ بِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِمَا ذُكِرَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ شَرْعًا أَنَّهُ لَا يُبَيِّنُ أَلَا تَرَى اللُّبْسَ وَالرُّكُوبَ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيُبَيِّنُ فَلِذَا قَالَ الْوَانُّوغِيُّ الصَّوَابُ أَنْ يُعَلِّلَ عَدَمَ الْبَيَانِ بِعَدَمِ حُدُوثِ مَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ وَلَا مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرَّبْعُ) أَيْ فَإِذَا كَانَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ لَا يَجِبُ بَيَانُ أَخْذِ غَلَّتِهِ فَمَا بَالُك بِمَا يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ فَلَا يَجِبُ بَيَانُ أَخْذِ غَلَّتِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ اشْتَرَى أَوَّلًا بِكَذَا وَثَانِيًا بِكَذَا) قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ وُجُوبِ الْبَيَانِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ الثَّانِي لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ بَلْ لِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا بَيَّنَ وَالْمُصَنِّفُ لَوَّحَ لِهَذَا الْقَيْدِ بِقَوْلِهِ كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَا إنْ وَرِثَ بَعْضَهُ) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بَيْعَ الْبَعْضِ الْمُشْتَرَى مُرَابَحَةً) هَذَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ وَقَعَ التَّأْوِيلَانِ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبِهِ شَرَحَ ح وَغَيْرُهُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ فَرَضَ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ بَيْعَ الْجَمِيعِ مُرَابَحَةٌ إذْ هَذَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَيَّنَ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَيَجِبُ الْبَيَانُ) أَيْ فَيَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ ثَمَنَ النِّصْفِ الْمُشْتَرَى عَشَرَةٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ لَهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَوْرُوثٌ وَعَلَّلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ مَوْرُوثٌ دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا ابْتَاعَ وَمَا وَرِثَ إذَا بَيَّنَ فَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ عَلَى مَا ابْتَاعَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ النِّصْفَ شَائِعٌ وَقَوْلُهُ فَيَجِبُ الْبَيَانُ إلَخْ أَيْ فَإِنْ بَاعَ النِّصْفَ الْمُشْتَرَى وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ مِيرَاثٌ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ بِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ وَهُوَ النِّصْفُ بِفَوَاتِ السِّلْعَةِ فَنِصْفُهُ مُشْتَرًى يَمْضِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَنِصْفِ الرِّبْحِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ مَوْرُوثٌ فَيَمْضِي بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالرِّبْحِ لِسَرَيَانِ الْمَوْرُوثِ فِي أَجْزَاءِ مَا اشْتَرَى اهـ خش وَحَاصِلُهُ أَنَّ النِّصْفَ الْمَوْرُوثَ عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ لِأَنَّهُ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَمَعَ الْفَوَاتِ يَلْزَمُهُ فِي النِّصْفِ الْمَوْرُوثِ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَأَمَّا النِّصْفُ الْمُشْتَرَى فَالْبَيْعُ فِيهِ مَاضٍ مَعَ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَنِصْفِ الرِّبْحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ) أَيْ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ لِعَدَمِ زِيَادَتِهِ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ أَثْبَتَ الْبَائِعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا وَأَخْذُ ثَمَنِهِ وَلَهُ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَيَدْفَعَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ ثَمَنٌ صَحِيحٌ وَرِبْحَهُ عَلَى حِسَابِ مَا أَرْبَحَ لِلثَّمَنِ الَّذِي غَلِطَ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ خِيَرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَ الْبَائِعِ لَهُ حَيْثُ يَدْفَعُ لَهُ الصَّحِيحَ وَرِبْحَهُ مَعَ أَنَّ الْبَائِعَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَفْرِيطٍ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ فِي أَمْرِهِ (قَوْلُهُ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ) أَيْ لِأَنَّ حَوَالَةَ السُّوقِ وَإِنْ أَفَاتَتْ السِّلْعَةَ فِي الْغِشِّ وَالْكَذِبِ لَا تُفِيتُهَا فِي الْغَلَطِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْقَصُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْغَلَطِ وَرِبْحِهِ بِحَيْثُ يَدْفَعُ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِدَفْعِ الْغَلَطِ وَرِبْحِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْغَلَطَ وَرِبْحَهُ أَقَلُّ مِنْ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَالْعَاقِلُ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ دَفْعِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إنَّمَا يَخْتَارُ دَفْعَ أَقَلِّهِمَا وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ دَفْعُهُ لِلْغَلَطِ وَرِبْحِهِ حَيْثُ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ أَيْ زَادَ فِي إخْبَارِهِ) أَيْ عَلَى مَا هُوَ ثَمَنُهُ فِي الْوَاقِعِ وَقَوْلُهُ كَأَنْ يُخْبِرَ إلَخْ أَيْ أَوْ يَتْرُكَ بَيَانَ تَجَاوُزِ الزَّائِفِ أَوْ الرُّكُوبِ أَوْ اللُّبْسِ أَوْ هِبَةٍ اُعْتِيدَتْ أَوْ جَزِّ الصُّوفِ التَّامِّ أَوْ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ فَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِ الْكَذِبِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِخَمْسِينَ) أَيْ وَبَاعَهَا مُرَابَحَةً

وَسَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (لَزِمَ) الْبَيْعُ (الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّهُ) أَيْ حَطَّ الْبَائِعُ الزَّائِدَ الْمَكْذُوبَ بِهِ (وَرِبْحَهُ) فَإِنْ لَمْ يَحُطَّهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ وَخُيِّرَ بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَالرَّدِّ (بِخِلَافِ الْغِشِّ) فَلَا يَلْزَمُهُ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَالرَّدِّ ابْنُ عَرَفَةَ الْغِشُّ أَنْ يُوهِمَ وُجُودَ مَفْقُودٍ مَقْصُودٍ وُجُودُهُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ يَكْتُمَ فَقْدَ مَوْجُودٍ مَقْصُودٍ فَقْدُهُ مِنْهُ انْتَهَى كَأَنْ يُرَقِّمَ عَلَى السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَيَبِيعَ بِالثَّمَنِ الْأَصْلِيِّ لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ الْغَلَطَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ يَنْفُخَ اللَّحْمَ لِإِيهَامِ أَنَّهُ سَمِينٌ وَجَعْلُ الْمِدَادِ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَوْ ثَوْبِهِ لِإِيهَامِ أَنَّهُ كَاتِبٌ وَكَأَنْ يَكْتُمَ طُولَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَبِيعَ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانِ طُولِ الْإِقَالَةِ فَقَدْ كَتَمَ بَيَانَ مَوْجُودٍ مَقْصُودٍ فَقْدُهُ هَذَا كُلُّهُ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ (وَإِنْ فَاتَتْ) وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (فَفِي الْغِشِّ) يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ (أَقَلُّ الثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ (وَالْقِيمَةِ) يَوْمَ قَبْضِهَا وَلَا يُضْرَبُ رِبْحٌ عَلَيْهَا (وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (بَيْنَ) دَفْعِ الثَّمَنِ (الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ قِيمَتِهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ) فَإِنْ زَادَتْ خُيِّرَ بَيْنَ دَفْعِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ فَكَلَامُ التَّتَّائِيِّ مِنْ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي هُوَ الصَّوَابُ وَلَمَّا كَانَ الْغَاشُّ أَعَمَّ مِنْ الْمُدَلِّسِ لِأَنَّ مَنْ طَالَ زَمَانُ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ غَاشٌّ وَلَا يُقَالُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إخْبَارُهُ بِالزِّيَادَةِ عَمْدًا أَيْ عَلَى جِهَةِ الْعَمْدِ أَوْ السَّهْوِ (قَوْلُهُ أَيْ حَطَّ الْبَائِعُ الزَّائِدَ الْمَكْذُوبَ بِهِ وَرِبْحَهُ) هُوَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ) أَيْ بِجَمِيعِ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ وَالْخَمْسُونَ وَقَوْلُهُ وَالرَّدُّ أَيْ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْغِشِّ فَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ وَإِنْ حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ مَا غَشَّ بِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ مَثَلًا وَيُرَقِّمُ عَلَيْهَا عَشَرَةً ثُمَّ يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَانِيَةِ بِعَشَرَةٍ لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّهُ غَلِطَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ غِشٌّ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي حَالَةِ الْغِشِّ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي نَقَدَهُ وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ وَرِبْحُهَا أَوْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ ثَمَنَ مَا غَشَّ بِهِ وَهُوَ الدِّرْهَمَانِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْغِشَّ مُوَافِقٌ لِلْعَيْبِ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَمُخَالِفٌ لَهُ فِي حَالِ الْفَوَاتِ وَأَمَّا الْكَذِبُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْعَيْبِ فِي الْحَالَيْنِ (قَوْلُهُ أَنْ يُوهِمَ وُجُودَ مَفْقُودٍ مَقْصُودٍ وُجُودُهُ فِي الْمَبِيعِ) مِثَالُهُ أَنْ تَبِيعَ سِلْعَةً وَرِثْتهَا وَتُوهِمَ أَنَّك اشْتَرَيْتهَا فَقَدْ أَوْهَمْت وُجُودَ مَفْقُودٍ وَهُوَ شِرَاؤُهَا وَشِرَاؤُهَا فِي بَيْعِهَا مُرَابَحَةً مَقْصُودٌ لِلْمُشْتَرِي وَمِثَالُ صُورَةِ الْكَتْمِ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً وَتَطُولَ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ طُولَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ فَهَذَا قَدْ كَتَمَ وُجُودَ مَوْجُودٍ مَقْصُودٍ فَقْدُهُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ يَكْتُمَ فَقْدَ مَوْجُودٍ) هَكَذَا لَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَوَابُهُ أَوْ يَكْتُمَ وُجُودَ مَوْجُودٍ مَقْصُودٍ فَقْدُهُ لِأَنَّ الْمَكْتُومَ هُوَ وُجُودُ مَا يَكُونُ الْمَقْصُودُ فَقْدُهُ مِثْلَ أَنْ يَكْتُمَ طُولَ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ وَيُظْهِرَ جِدَّتَهُ قَالَ طفى وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ مَقْصُودٍ فَقْدُهُ مِنْهُ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ لَهُمَا اهـ وَضَمِيرُ لَهُمَا لِلْمَفْقُودِ وَالْمَوْجُودِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْعَيْبِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ بَيْنَ الْغِشِّ وَالْعَيْبِ فَمَا كَانَ يُكْرَهُ وَلَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ لِأَجْلِهِ يُسَمَّى غِشًّا كَطُولِ إقَامَةِ السِّلْعَةِ عِنْدَهُ وَكَوْنِهَا غَيْرَ بَلَدِيَّةٍ أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ لِأَجْلِهِ يُسَمَّى عَيْبًا كَالْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْقِيمَةِ لَا تَنْقُصُ لِلْغِشِّ بِاعْتِبَارِ ذَاتِ الْمَبِيعِ فَقَطْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ ذَاتِ الْعَيْبِ فَإِنَّ ذَاتَ الْمَبِيعِ نَاقِصَةٌ غَالِبًا فَافْهَمْ قَالَهُ طفي اهـ بْن (قَوْلُهُ كَأَنْ يُرَقِّمَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَانِيَةٍ وَيُرَقِّمَ عَلَيْهَا عَشَرَةً وَيَبِيعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَانِيَةِ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَكْتُمَ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِلشِّقِّ الثَّانِي مِنْ التَّعْرِيفِ وَجَمِيعُ مَا قَبْلَهُ مِثَالٌ لِلشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَكَأَنْ يَكْتُمَ طُولَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ أَيْ أَوْ يَكْتُمَ كَوْنَهَا بَلَدِيَّةً أَوْ أَنَّهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَإِرْثِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ يَوْمَ قَبْضِهَا) هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ يَوْمَ بَيْعِهَا وَالرَّاجِحُ الْأُولَى وَعَلَيْهَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغِشِّ وَالْكَذِبِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِيهِمَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَبَيْنَ الْغَلَطِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ يَوْمَ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ أَنَّ الْغِشَّ وَالْكَذِبَ أَشْبَهُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ مِنْ الْغَلَطِ وَالضَّمَانِ فِي الْفَسَادِ بِالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّوَابُ) وَفِي خش وعبق تَبَعًا لِبَهْرَامَ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَقِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ مَا لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ وَإِلَّا غَرِمَ الْمُشْتَرِي الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ فَقَطْ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ قَالَ عبق وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلْبَائِعِ قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ إذْ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّقْيِيدِ مَعْنًى إذْ لَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُهَا بِاخْتِيَارِهِ وَلَهُ دَفْعُ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ رَدَّ شَارِحُنَا ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ زَادَتْ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَالْكَذِبِ وَرِبْحِهِ فَالتَّقْيِيدُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ عبق وخش مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ هُوَ مَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح وَكَذَلِكَ المج (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ طَالَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا مَنْ كَتَمَ كَوْنَهَا بَلَدِيَّةً أَوْ كَوْنَهَا مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ إرْثِ بَعْضِهَا فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ غَاشٌّ

[فصل في أن العقد على شيء يتناول غيره بالتبع]

فِيهِ مُدَلِّسٌ أَوْ بَاعَ عَلَى غَيْرِ مَا عَقَدَ أَوْ نَقَدَ وَلَمْ يُبَيِّنْ غَاشٌّ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَلَيْسَ بِمُدَلِّسٍ أَفْرَدَ الْمُدَلِّسَ بِحُكْمٍ يَخُصُّهُ فَقَالَ (وَمُدَلِّسُ) بَيْعِ (الْمُرَابَحَةِ كَغَيْرِهَا) أَيْ كَالْمُدَلِّسِ فِي غَيْرِهَا فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ وَيُحْتَمَلُ كَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ مِنْ الْمَسَائِلِ السِّتَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ فِي الْخِيَارِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ وَتَفْتَرِقُ الْمُرَابَحَةُ مِنْ غَيْرِهَا فِيمَا لَوْ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَذِبِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ يُرِيدُ أَوْ الْغِشَّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا تُشْبِهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ (دَرْسٌ) {فَصْلٌ} فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ (تَنَاوَلَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْحَبْسَ كَذَلِكَ (الْأَرْضَ) الَّتِي هِيَ بِهَا (وَتَنَاوَلَتْهُمَا) أَيْ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُقَالُ لَهُ مُدَلِّسٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ نَقَدَ غَيْرَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَبَاعَ مُرَابَحَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ (قَوْلُهُ غَاشٌّ عِنْدَ سَحْنُونٍ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاشِّ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْمَبِيعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِنْ فَاتَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ بِأَقَلَّ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَنَقَدَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ غَيْرَ سَحْنُونٍ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنَّ مَنْ نَقَدَ غَيْرَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً وَكَتَمَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ يَكُونُ مُدَلِّسًا مَعَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِغَاشٍّ وَلَا كَاذِبٍ بَلْ هُوَ وَاسِطَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَمُدَلِّسُ الْمُرَابَحَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمُدَلِّسِ الْمُرَابَحَةِ مَنْ بِسِلْعَتِهِ عَيْبٌ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ وَكَتَمَهُ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْمُدَلِّسِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَهَذَا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَمَّا عَلَى الثَّانِي فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ عَلِمَ بِسِلْعَتِهِ عَيْبًا وَكَتَمَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) أَيْ فَإِنْ حَدَثَ عِنْدَ عَيْبٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا جِدًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا أَوْ مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ فَمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ يَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَسِيرًا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَخِيَارُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ ثَابِتٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا خُيِّرَ إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْحَادِثِ أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَإِنْ كَانَ مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ تَعَيَّنَ التَّمَاسُكُ وَأَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ كَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ مِنْ الْمَسَائِلِ السِّتَّةِ) أَيْ إنَّ الْمُدَلِّسَ وَهُوَ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ بِالسِّلْعَةِ عَيْبًا وَيَكْتُمُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِ الْمُدَلِّسِ فِي الْمَسَائِلِ السِّتَّةِ السَّابِقَةِ فِي كُلٍّ مِنْ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَالْمُزَايَدَةِ وَالْمُسَاوَمَةِ (قَوْلُهُ إنْ نَقَصَ) أَيْ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ ضَمِيرَ فِيهَا لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لِلْمُرَابَحَةِ عِنْدَ الْكَذِبِ وَالْغِشِّ وَضَمِيرُ لِأَنَّهُ لِابْنِ يُونُسَ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ كَمَا فِي عبق وَتَفْتَرِقُ الْمُرَابَحَةُ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا لَوْ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَذِبِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا أَيْ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَالَ فِيهَا أَيْ فِي الْمُرَابَحَةِ عِنْدَ الْكَذِبِ وَالْغِشِّ إنَّهَا تُشْبِهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ أَيْ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ إنَّمَا يُضْمَنُ فِيهِ بِالْقَبْضِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ إذَا وَقَعَتْ مُحْتَوِيَةً عَلَى الْكَذِبِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ عَلَى غِشٍّ أَوْ كِتْمَانِ عَيْبٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ شَبِيهَةً بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلَا يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِقَبْضِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءَ مُزَايَدَةٍ أَوْ مُسَاوَمَةٍ وَكَانَ فِي السِّلْعَةِ عَيْبٌ كَتَمَهُ الْبَائِعُ أَوْ غَشَّ أَوْ كَذَبَ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ وَتَلِفَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. [فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ] (فَصْلٌ تَنَاوَلَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ الْأَرْضَ إلَخْ) قَدْ اشْتَمَلَ هَذَا الْفَصْلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْمُدَاخَلَةِ وَبَيْعِ الثِّمَارِ وَالْعَرَايَا وَالْجَوَائِحِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَلَمْ يَحْضُرْنِي وَجْهُ مُنَاسَبَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ كَمَا لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْفَصْلِ لِمَا قَبْلَهُ اهـ وَقَدْ بَيَّنَ خش الْمُنَاسَبَةَ بَيْنَهُمَا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَارَةً تَكُونُ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ وَتَارَةً تَكُونُ نَقْصًا مِنْهُ وَالتَّدَاخُلُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ يُشْبِهُ الْمُرَابَحَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَبِيعِ تَارَةً وَنَقْصٌ مِنْهُ أُخْرَى وَالزِّيَادَةُ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ تَنَاوَلَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ الْأَرْضَ إلَخْ وَالنَّقْصُ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لَا الزَّرْعَ وَلَا الشَّجَرَ الْمُؤَبَّرَ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى شَجَرٍ وَفِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ أَوْ عَلَى أَرْضٍ وَفِيهَا زَرْعٌ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ فَهُوَ نَقْصٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ تَنَاوَلَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ الْأَرْضَ) أَيْ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا الْأَرْضَ تَنَاوُلًا شَرْعِيًّا وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِذَلِكَ التَّنَاوُلِ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ كَمَا سَيَقُولُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ الَّتِي هُمَا بِهَا) أَيْ لَا أَزْيَدَ أَيْ وَهُوَ مَا يَمْتَدُّ فِيهِ جَرِيدُ النَّخْلَةِ وَجُدُرُهَا الْمُسَمَّى بِحَرِيمِ النَّخْلَةِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ دُخُولُهُ، وَعَدَمُ دُخُولِ حَرِيمِ النَّخْلَةِ طَرِيقَةٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وتت وَالشَّيْخِ خَضِرٍ وَرَجَّحَهَا شب تَبَعًا لعج وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ دُخُولَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الشَّجَرَةِ وَهُوَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَرَجَّحَهُ بَعْضٌ وَشَارِحُنَا قَدْ مَشَى عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَيْ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بَيْعًا أَوْ رَهْنًا أَوْ وَصِيَّةً أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ حَبْسًا (قَوْلُهُ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ) وَإِذَا كَانَ عَلَى

وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ أَوْ عُرْفٌ وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهِ (لَا الزَّرْعَ وَالْبَذْرَ) صَوَابُهُ وَالْبَذْرَ لَا الزَّرْعَ أَيْ وَتَنَاوَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ مَا فِيهَا مِنْ بَذْرٍ لَا الزَّرْعَ الظَّاهِرَ عَلَيْهَا لِأَنَّ إبَارَهُ خُرُوجُهُ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ (وَ) لَا تَتَنَاوَلُ (مَدْفُونًا) فِيهَا مِنْ رُخَامٍ أَوْ عُمُدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ حَيْثُ بَاعَ أَرْضَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَا فِيهَا وَعَلِمَ الْمَالِكُ أَوْ ادَّعَاهُ وَأَشْبَهَ أَنْ يَمْلِكَهُ هُوَ أَوْ مُوَرِّثُهُ وَإِلَّا فَهُوَ لُقَطَةٌ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَإِلَّا فَرِكَازٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (كَلَوْ جُهِلَ) مَالِكُهُ أَيْ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ بَلْ لُقَطَةٌ أَوْ رِكَازٌ وَأَمَّا مَا تَخَلَّقَ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي جَزْمًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى حُوتًا فَوَجَدَ فِي بَطْنِهِ جَوْهَرَةً أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى عَلَيْهَا مِلْكُ الْغَيْرِ وَإِلَّا فَهِيَ لُقَطَةٌ (وَلَا) يَتَنَاوَلُ (الشَّجَرَ) أَيْ الْعَقْدَ عَلَيْهِ (الثَّمَرَ الْمُؤَبَّرَ) كُلَّهُ هُوَ (أَوْ أَكْثَرُهُ) وَالتَّأْبِيرُ خَاصُّ بِالنَّخْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّجَرِ الَّذِي دَخَلَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِلسُّنَّةِ خِلَافًا لِابْنِ عَتَّابٍ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ حَيْثُ تَنَاوَلَتْ الْأَرْضُ الشَّجَرَ وَهُوَ أَصْلُ الثَّمَرِ الْمُؤَبَّرِ فَتَتَنَاوَلُهُ بِالْأَوْلَى أَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ وَمَحَلُّ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ لِلْأَرْضِ وَتَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الْأَرْضِ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ أَوْ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ فَإِذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ أَوْ الرَّاهِنُ أَوْ نَحْوُهُمَا إفْرَادَ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ عَنْ الْأَرْضِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِإِفْرَادِهِمَا عَنْ الْأَرْضِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ إفْرَادَ الْأَرْضِ عَنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِإِفْرَادِهِمَا عَنْ الْأَرْضِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ إفْرَادَ الْأَرْضِ عَنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْأَرْضِ. {تَنْبِيهٌ} لَيْسَ مِنْ الشَّرْطِ تَخْصِيصُ بَعْضِ أَمْكِنَةٍ بِالذِّكْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ جَمِيعَ مَا أَمْلِكُ مَثَلًا فَإِذَا قَالَ بِعْتُهُ جَمِيعَ أَمْلَاكِي بِقَرْيَةِ كَذَا وَهِيَ الدَّارُ وَالْحَانُوتُ مَثَلًا وَلَهُ غَيْرُهُمَا فَذَلِكَ الْغَيْرُ لِلْمُبْتَاعِ أَيْضًا وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ مُخَصِّصًا لَهُ لِأَنَّ ذِكْرَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ إنَّمَا يُخَصِّصُهُ وَيَقْصُرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ إذَا كَانَ مُنَافِيًا لَهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ وَالْبَذْرَ) أَيْ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي تَنَاوَلَتْهُمَا أَيْ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ وَتَنَاوَلَ أَيْضًا الْبَذْرَ الْمُغَيَّبَ فِيهَا لَا الزَّرْعَ الْبَارِزَ عَلَى وَجْهِهَا وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الصَّوَابُ لِأَنَّ الْبَذْرَ إنْ جُعِلَ عَطْفًا عَلَى الزَّرْعِ كَانَ مَاشِيًا عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ تَنَاوُلِ الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ وَإِنْ جُعِلَ الْبَذْرُ عَطْفًا عَلَى الْمُثْبَتِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَنْفِيَّيْنِ بِمُثْبَتٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَدْفُونًا عَطْفٌ عَلَى الزَّرْعِ فَيَكُونُ فِيهِ تَشْتِيتٌ فِي الْعَطْفِ حَيْثُ عُطِفَ عَلَى الْمُثْبَتِ تَارَةً وَعَلَى الْمَنْفِيِّ أُخْرَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ إبَارَهُ) أَيْ الْمُفِيتَ لِدُخُولِهِ تَبِعَا خُرُوجَهُ مِنْ الْأَرْضِ أَيْ ظُهُورُهُ عَلَى وَجْهِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ إبَارَ الزَّرْعِ خُرُوجُهُ مِنْ الْأَرْضِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ مِنْ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الْأَرْضِ الْبَذْرَ الْكَائِنَ فِيهَا وَعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لِلزَّرْعِ الظَّاهِرِ عَلَى وَجْهِهَا وَقِيلَ إنَّ إبَارَ الزَّرْعِ بِخُرُوجِ الْبَذْرِ مِنْ يَدِ بَاذِرِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ الْبَذْرَ وَلَا الزَّرْعَ وَقِيلَ إبَارُهُ بِإِفْرَاكِهِ وَعَلَى هَذَا فَالْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ يَتَنَاوَلُ الْبَذْرَ الْمُغَيَّبَ فِيهَا وَالزَّرْعَ الظَّاهِرَ عَلَى وَجْهِهَا. (قَوْلُهُ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ) أَيْ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُؤَبَّرَ لَا يَدْخُلُ تَبَعًا (قَوْلُهُ وَلَا تَتَنَاوَلُ) أَيْ الْأَرْضُ أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مَدْفُونًا إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ شَخْصٌ فَلَيْسَ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى الْمَالِكِ (قَوْلُهُ فَهُوَ لُقَطَةٌ) أَيْ يُعَرِّفُهَا وَاجِدُهَا سَنَةً وَبَعْدَهَا تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ هَذَا مُقْتَضَى نَصِّ بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ لُقَطَةً أَنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفِ سَنَةٍ لِأَنَّ شَأْنَ الْمَدْفُونِ طُولُ الْعَهْدِ فَهُوَ مَالٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ مَحَلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَرِكَازٌ) أَيْ فَيُخَمَّسُ وَالْبَاقِي لِوَاجِدِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ لُقَطَةٌ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عُلِمَ أَنَّهُ جَرَى عَلَيْهَا مِلْكُ الْغَيْرِ بِأَنْ وُجِدَتْ مَثْقُوبَةً فَهِيَ لُقَطَةٌ فَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلْمُشْتَرِي إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَنَّهَا تَخَلَّقَتْ فِي بَطْنِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى عَلَيْهَا مِلْكٌ لِأَحَدٍ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَقِيلَ إنَّهَا لِلْبَائِعِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ إنْ بِيعَ الْحُوتُ وَزْنًا فَالْجَوْهَرَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي بَطْنِهِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ بِيعَ جُزَافًا فَهِيَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الْمُؤَبَّرِ أَيْ الْمُؤَبَّرُ هُوَ أَوْ أَكْثَرُهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِضَمِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْمُؤَبَّرُ هُوَ أَوْ أَكْثَرُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أُصُولًا عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَتْ أَوْ أَكْثَرُهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُصُولِ لَا يَتَنَاوَلُ تِلْكَ الثَّمَرَةَ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ التَّأْبِيرَ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ إنْ نَازَعَهُ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى حُدُوثَهُ بَعْدَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ وَالتَّأْبِيرُ خَاصٌّ) أَيْ التَّأْبِيرُ بِالْمَعْنَى الْآتِي خَاصٌّ إلَخْ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَالتَّأْبِيرُ فِي غَيْرِهِ إلَخْ كَذَا قِيلَ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا التَّأْبِيرُ فِي غَيْرِهَا هَذِهِ طَرِيقَةٌ لِلْبَاجِيِّ

وَهُوَ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى لِئَلَّا تَسْقُطَ ثَمَرَتُهَا وَأَمَّا التَّأْبِيرُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الثِّمَارِ فَهُوَ بُرُوزُ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَتَمَيُّزُهَا عَنْ أَصْلِهَا وَأَمَّا الزَّرْعُ فَإِبَارُهُ أَنْ يَظْهَرَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الشِّرَاءُ عَلَى الشَّجَرِ فَقَطْ أَوْ دَخَلَ ضِمْنًا بِأَنْ اشْتَرَى أَرْضًا بِهَا شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ وَمَفْهُومُ أَكْثَرِهِ شَيْئَانِ النِّصْفُ وَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ وَالْأَقَلُّ الْمُؤَبَّرُ وَهُوَ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ الْغَيْرِ الْمُؤَبَّرِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُنْعَقِدِ فَلِلْمُبْتَاعِ وَلَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ شَرْطُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (إلَّا بِشَرْطٍ) مِنْ الْمُبْتَاعِ لِجَمِيعِ مَا أُبِّرَ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ قَصْدٌ لِبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِخِلَافِ شَرْطِ بَعْضِ الْمُزْهِي وَلَمَّا كَانَ التَّأْبِيرُ خَاصًّا بِالنَّخْلِ شَبَّهَ غَيْرَهُ بِهِ بِقَوْلِهِ (كَالْمُنْعَقِدِ) مِنْ ثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ مِنْ تِينٍ وَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَخَوْخٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِأَصْلِهِ إلَّا لِشَرْطٍ وَانْعِقَادُهَا بُرُوزُهَا وَتَمَيُّزُهَا عَنْ أَصْلِهَا (وَمَالِ الْعَبْدِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْمُنْعَقِدِ أَيْ لَا يَنْدَرِجُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَبْدِ مَالُهُ إلَّا لِشَرْطٍ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ وَيَبْقَى بِيَدِهِ حَتَّى يَنْزِعَهُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا فِي الْعَبْدِ الْكَامِلِ الرِّقِّ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَمَالُهُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ عَكْسُ مَا لِلْمُصَنِّفِ وَالْمُبَعَّضُ إذَا بِيعَ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ فَمَالُهُ لَيْسَ لِبَائِعٍ وَلَا لِمُشْتَرٍ انْتِزَاعُهُ وَيَأْكُلُ مِنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لَا يَخْدُمُ فِيهِ سَيِّدَهُ فَإِنْ مَاتَ أَخَذَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ وَعُطِفَ عَلَى الْمُنْعَقِدِ قَوْلُهُ (وَخِلْفَةِ الْقَصِيلِ) بِمَعْنَى مَقْصُولٍ أَيْ مَجْذُوذٍ وَالْخِلْفَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَا يُخْلِفُهُ الزَّرْعُ بَعْدَ جَذِّهِ أَيْ إذَا عَقَدَ عَلَى قَصِيلٍ كَقَصَبٍ وَبِرْسِيمٍ فَلَا يَنْدَرِجُ فِيهِ خِلْفَتُهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا الْجَذَّةُ الْأُولَى الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ مَشَى عَلَى الْأُولَى لَقَالَ وَفِي مَعْنَى التَّأْبِيرِ بُرُوزُ الثَّمَرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى) الْمُرَادُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهَا وَضْعُهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَتَمَيُّزُهَا عَنْ أَصْلِهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ ضِمْنًا) أَيْ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ) أَيْ فَلَا يَكُونُ الثَّمَرُ الْمُؤَبَّرُ لِلْمُشْتَرِي بَلْ لِلْبَائِعِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ خِلَافًا لِابْنِ عَتَّابٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَبَعٌ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى نَخْلًا وَكَانَ فِيهَا ثَمَرٌ أَقَلُّهُ مُؤَبَّرٌ وَأَكْثَرُهُ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُؤَبَّرَ الْقَلِيلَ يَكُونُ تَبَعًا لِلْكَثِيرِ الْغَيْرِ الْمُؤَبَّرِ فِي تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى النَّخْلَةِ لَهُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُنْعَقِدِ) أَيْ مِثْلُ الْكَثِيرِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ فِي تَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ الْمُؤَبَّرِ لَهُ غَيْرِ الْمُنْعَقِدِ الْأَكْثَرِ فِي تَبَعِيَّةِ الْمُنْعَقِدِ الْأَقَلِّ لَهُ فِي تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الشَّجَرِ لَهُ فَإِذَا اشْتَرَى شَجَرًا وَفِيهِ ثَمَرٌ مُنْعَقِدٌ وَغَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَكَانَ غَيْرُ الْمُنْعَقِدِ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْمُنْعَقِدَ الْقَلِيلَ يَكُونُ تَبَعًا لِغَيْرِ الْمُنْعَقِدِ الْكَثِيرِ فِي تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الشَّجَرِ لَهُ فَيَكُونُ الثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطٍ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الشَّجَرِ لِلثَّمَرِ الْمُؤَبَّرِ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُشْتَرِي دُخُولَهُ فَإِنْ شَرَطَ دُخُولَهُ كَانَ الْعَقْدُ مُتَنَاوِلًا لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ بَعْضِهِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي اشْتِرَاطُ بَعْضِ الْمُؤَبَّرِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَصْدٌ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ شَرْطَ بَعْضِهِ قَصْدٌ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ دَلِيلٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ فِيهِ وَالِاعْتِنَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شَرْطِ بَعْضِ الْمُزْهِي) أَيْ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْمُزْهِي فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لِأَصْلِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُنْعَقِدًا كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ (قَوْلُهُ وَمَالِ الْعَبْدِ) إضَافَةُ الْمَالِ لِلْعَبْدِ تَقْتَضِي أَنَّهُ بِمِلْكٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ لَا يُشْكَلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] لِأَنَّ ضَرْبَ الْمَثَلِ بِعَبْدٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَنْدَرِجُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَبْدِ مَالُهُ) أَيْ بَلْ هُوَ لِبَائِعِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ) أَيْ أَوْ اشْتَرَطَهُ مُبْهَمًا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَيَبْقَى بِيَدِهِ إلَخْ) هَذَا اسْتِئْنَافٌ أَيْ وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا اسْتَثْنَاهُ الْمُشْتَرِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَبْقَى إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمَالِ لِلْعَبْدِ جَائِزٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَالُ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا اشْتَرَطَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ أَمْ لَا كَانَ مَالُ الْعَبْدِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مَعْلُومًا قَبْلَ الْبَيْعِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُخَالِفًا لِلْمَالِ فِي الْجِنْسِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ أَيْضًا أَنْ يُشْتَرَطَ كُلُّ الْمَالِ فَإِنْ اُشْتُرِطَ بَعْضُهُ مُنِعَ وَهُوَ مَا فِي عبق أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ الشَّرْطُ بَلْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ بَعْضَهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ كُلُّهُ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ بْن وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ مُبْهَمًا فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ خِلَافٌ وَعَلَى الصِّحَّةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ لِأَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ لِلَّخْمِيِّ وَظَاهِرُ بْن تَرْجِيحُهُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ انْدِرَاجِ مَالِ الْعَبْدِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا إلَخْ) هَذَا إذَا بِيعَ لِغَيْرِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ بِأَنْ بِيعَ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَمَّا إذَا بِيعَ لِأَحَدِهِمْ فَإِنْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا كَانَ بَعْضُهُ لِلْبَائِعِ وَبَعْضُهُ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي بْن

إلَّا لِشَرْطٍ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً كَبَلَدٍ يُسْقَى بِغَيْرِ مَطَرٍ وَأَنْ يُشْتَرَطَ جَمِيعُهَا وَأَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَرْكُهَا حَتَّى تُحَبِّبَ وَأَنْ يَبْلُغَ الْأَصْلُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِاشْتِرَاطِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فِي بَيْعِ الْأَصْلِ فَفِي الْخِلْفَةِ أَوْلَى (وَإِنْ أُبِرَ) أَوْ انْعَقَدَ (النِّصْفُ) أَوْ مَا قَارَبَهُ (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) فَمَا أُبِرَ أَوْ انْعَقَدَ لِلْبَائِعِ إلَّا لِشَرْطٍ وَمَا قَبْلَهُ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا بِشَرْطٍ (وَلِكِلَيْهِمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْأَصْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالثَّمَرُ لِلْآخَرِ أَوْ بَيْنَهُمَا (السَّقْيُ) إلَى الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِجَذِّ الثَّمَرَةِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقْلًا عَنْ سَحْنُونٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ إذَا بِيعَ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْبَائِعُ الْمَالَ لَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي هُوَ مَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ وَنَقَلَ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُشْتَرِي الْمَالَ قِيلَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَقِيلَ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لِلْمُبْتَاعِ وَهُوَ رِوَايَةُ يَحْيَى مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاقْتَصَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ) أَيْ لِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي وَالْبَطْنُ الثَّانِي لَا يَتَنَاوَلُهَا الْعَقْدُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا) أَيْ الْخِلْفَةِ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي اشْتِرَاطِ الْخِلْفَةِ حِينَ الْعَقْدِ عَلَى الْأَصْلِ وَأَمَّا شِرَاؤُهَا بَعْدَ أَنْ يُشْتَرَى أَصْلُهَا وَقَبْلَ جَذِّهِ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ كَذَا فِي عبق وَرَدَّهُ بْن قَائِلًا هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ جَمِيعِهَا لِأَنَّ الْآخَرَيْنِ شَرْطَانِ فِي جَوَازِ شِرَاءِ الْقَصِيلِ، وَجَوَازُ شِرَاءِ الْخِلْفَةِ فَرْعٌ مِنْهُ وَمَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَصْلِ يُعْتَبَرُ فِي الْفَرْعِ وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَاشْتِرَاطُهُمَا فِي الْخِلْفَةِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا شِرَاؤُهَا بَعْدَ شِرَاءِ أَصْلِهَا وَبَعْدَ جَذِّهِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ غَرَرٌ غَيْرُ تَابِعٍ بَلْ مَقْصُودٌ (قَوْلُهُ كَبَلَدٍ) أَيْ كَزَرْعِ بَلَدٍ يُسْقَى إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُشْتَرَطَ جَمِيعُهَا) أَيْ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهَا بِالْعَقْدِ فَيُمْنَعُ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَرْكُهَا) أَيْ فِي الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ حَتَّى تُحَبِّبَ أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بَيْعٌ لِلْحَبِّ قَبْلَ وُجُودِهِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَبْلُغَ الْأَصْلُ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِاشْتِرَاطِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فِي بَيْعِ الْأَصْلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِي الْقَصِيلِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا خَرَجَ الْقَصِيلُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يُرْعَى أَوْ يُحْصَدَ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ حَتَّى يَبْلُغَ أَنْ يُرْعَى أَوْ يُحْصَدَ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ قَصِيلٍ أَوْ قَرَظٍ أَوْ قَصَبٍ قَدْ بَلَغَ أَنْ يُرْعَى أَوْ يُحْصَدَ عَلَى أَنْ يُتْرَكَ حَتَّى يُحَبِّبَ أَوْ يَتْرُكَهُ شَهْرًا إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَ الْآنَ فِي قَصْلِهِ فَيَتَأَخَّرَ شَهْرًا وَهُوَ دَائِمٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَفِي الْخِلْفَةِ أَوْلَى) فِي بْن أَنَّ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ كَمَا جَعَلَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ شَرْطَيْنِ لِاشْتِرَاطِ الْخِلْفَةِ كَذَلِكَ جَعَلَهُمَا شَرْطَيْنِ فِي جَوَازِ شِرَاءِ الْقَصِيلِ اهـ لَكِنْ جَعْلُهُمَا شَرْطَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ الْخِلْفَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِلْفَةِ فَرْعُ جَوَازِ شِرَاءِ الْقَصِيلِ فَالْقَصِيلُ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَلَى الْجَذِّ إنْ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِأَنْ بَلَغَ أَنْ يُرْعَى فَهُوَ الَّذِي يَجُوزُ اشْتِرَاطُ خِلْفَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يُرْعَى فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ اشْتِرَاطِ خِلْفَتِهِ لِأَنَّ فِي قَطْعِهِ حِينَئِذٍ فَسَادًا وَكَذَلِكَ إذَا بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَأَرَادَ شِرَاءَهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ فِي أَرْضِهِ حَتَّى يُجَبَّبَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ اشْتِرَاطِ خِلْفَتِهِ فَالْحَقُّ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لَيْسَا مُعْتَبَرَيْنِ أَصَالَةً فِي شِرَاءِ الْخِلْفَةِ بَلْ فِي شِرَاءِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُبِّرَ النِّصْفُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) هَذَا إذَا كَانَ النِّصْفُ مُعَيَّنًا بِأَنْ كَانَ مَا أُبِّرَ فِي نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا وَلَمْ يُؤَبَّرْ فِي نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا وَأَمَّا إنْ كَانَ النِّصْفُ الْمُؤَبَّرُ شَائِعًا بِأَنْ كَانَ مَا أُبِّرَ شَائِعًا فِي كُلِّ نَخْلَةٍ وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ شَائِعًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ وَقِيلَ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ كُلُّهُ لِلْمُبْتَاعِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي تَسْلِيمِهِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَقِيلَ الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا أَحَدِهِمَا بِتَسَلُّمِ الْجَمِيعِ لِلْآخَرِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَمُقَابِلُهُ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا بِشَرْطٍ) أَيْ وَالنِّصْفُ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا إذَا شَرَطَهُ الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ وَأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَتَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ امْتِنَاعُ اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ وَأَنَّ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ضَعِيفٌ وَإِنْ صَدَرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ (قَوْلُهُ وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ) هَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْمُشَاحَّةِ وَأَمَّا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فَالسَّقْيُ عَلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْقِسْمَةِ فِي قَوْلِهِ وَسَقَى ذُو الْأَصْلِ أَيْ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اقْتَسَمَا الثَّمَرَةَ ثُمَّ اقْتَسَمَا الْأُصُولَ فَوَقَعَ ثَمَرُ هَذَا فِي أَصْلِ هَذَا فَالسَّقْيُ عَلَى ذِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أُصُولٍ عَلَيْهَا ثِمَارٌ مُؤَبَّرَةٌ كُلُّهَا وَقَوْلُهُ

(مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ) بِأَنْ يَضُرَّ سَقْيُ الْمُشْتَرِي بِثَمَرَةِ الْبَائِعِ أَوْ سَقْيُ الْبَائِعِ بِأَصْلِ الْمُشْتَرِي (وَ) تَنَاوَلَتْ (الدَّارُ) الْمَبِيعَةُ أَوْ الْمُكْتَرَاةُ (الثَّابِتَ) فِيهَا بِالْفِعْلِ حِينَ الْعَقْدِ لَا غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الثُّبُوتَ (كَبَابٍ وَرَفٍّ) غَيْرِ مَخْلُوعَيْنِ لَا مَخْلُوعَيْنِ أَوْ مُهَيَّأَيْنِ لِدَارٍ جَدِيدَةٍ قَبْلَ التَّرْكِيبِ وَلَا مَا يُنْقَلُ مِنْ دَلْوٍ وَبَكَرَةٍ وَصَخْرٍ وَتُرَابٍ مُعَدٍّ لِإِصْلَاحِهَا فَلِلْبَائِعِ إلَّا لِشَرْطٍ (وَ) تَنَاوَلَتْ الدَّارُ (رَحًا مَبْنِيَّةً بِفَوْقَانِيَّتِهَا) إذْ لَا يَتِمُّ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّمَا تَتَنَاوَلُ السُّفْلَى فَقَطْ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ (وَسُلَّمًا سُمِّرَ) عَطْفٌ عَلَى بَابٍ (وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ وَفِي تَنَاوُلِ الدَّارِ السُّلَّمَ غَيْرَ الْمُسَمَّرِ (قَوْلَانِ) وَإِنَّمَا جَرَى الْقَوْلَانِ فِي هَذَا دُونَ الْبَابِ الْمَخْلُوعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ تَرْكَ عَادَتِهِ لِمَحَلِّهِ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْحَاجَةِ لَهُ بِخِلَافِ السُّلَّمِ فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّرْ (وَ) تَنَاوَلَ (الْعَبْدُ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَوْ أَمَةً (ثِيَابَ مَهْنَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ أَيْ خِدْمَتِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ حِينَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ ثِيَابِ الزِّينَةِ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ (وَهَلْ يُوَفِّي) لِلْبَائِعِ (بِشَرْطِ عَدَمِهَا) بِأَنْ شَرَطَ أَنْ لَا تَكُونَ دَاخِلَةً فِي الْبَيْعِ وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ بَيْعَهُ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ إذْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ لَا) يُوَفِّي لَهُ بِشَرْطِهِ بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ مَضَتْ الْفَتْوَى عِنْدَ الشُّيُوخ وَشَبَّهَ فِي هَذَا الثَّانِي سِتَّ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَمُشْتَرِطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ) مِنْ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ عَلَى الْبَائِعِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بَيْنَهُمْ كَمَا لَوْ بَاعَهُ أُصُولًا عَلَيْهَا ثِمَارٌ مُؤَبَّرٌ نِصْفُهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَضُرَّ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ ضَرَّ سَقْيُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُنِعَ مِنْ السَّقْيِ. (قَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ) أَيْ لَا غَيْرِ الثَّابِتِ (قَوْلُهُ لَا مَخْلُوعَيْنِ أَوْ مُهَيَّأَيْنِ لِدَارٍ جَدِيدَةٍ قَبْلَ التَّرْكِيبِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الدَّارِ لِلْبَابِ وَالرَّفِّ الْمَخْلُوعَيْنِ أَوْ الْمُهَيَّأَيْنِ لِدَارٍ جَدِيدَةٍ قَبْلَ تَرْكِيبِهِمَا هُوَ مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ بَعْضِ مَشَايِخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ مِنْ تَنَاوُلِ الْعَقْدِ عَلَى الدَّارِ لَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا مَا يُنْقَلُ) مِنْ جُمْلَتِهِ الدِّكَكُ مَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى نَقْلُهَا وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْقَلُ الْأَزْيَارُ فَهِيَ لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً بِهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ وَصَخْرٍ) أَيْ أَحْجَارٍ مَطْرُوحَةٍ فِيهَا وَكَذَا عُمُدٍ وَأَخْشَابٍ وَأَمَّا الْأَخْشَابُ وَالْعُمُدُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ وَالْبَلَاطُ الْمَبْنِيُّ فَهِيَ دَاخِلَةٌ (قَوْلُهُ مُعَدٍّ لِإِصْلَاحِهَا) أَيْ كَاَلَّذِي تَسْتَوِي بِهِ الْأَرْضُ أَوْ الْبِنَاءُ (قَوْلُهُ وَرَحًى مَبْنِيَّةٍ إلَخْ) قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الرَّحَى عَلَى السُّفْلَى تَجَوُّزًا وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ الرَّحَى اسْمٌ لِلسُّفْلَى وَالْعُلْيَا وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ بِفَوْقَانِيَّتِهَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَصَدَ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ الرَّدَّ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ بَيْنَ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَأَنَّ الْعَقْدَ يَتَنَاوَلُهُ لِابْنِ زَرِبٍ وَابْنِ الْعَطَّارِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ وَأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَنَاوَلُهُ إلَّا بِشَرْطٍ لِابْنِ عَتَّابٍ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَحَلَّ لِلتَّرَدُّدِ لِأَنَّ الْخِلَافَ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ السُّلَّمُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِرُقِيِّ غُرَفِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ نَقْلًا عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَإِلَّا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن. {تَنْبِيهٌ} يَجِبُ كَمَا فِي ح عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُشْتَرِي وَثَائِقَ الْعَقَارِ وَالْأَخِيرُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الدَّارِ حَانُوتٌ بِجِوَارِهَا حَيْثُ كَانَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ حُدُودُهَا وَحَدُّ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ دَارًا أَوْ أَرْضًا مِنْهُ إذَا كَانَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ فَإِذَا قِيلَ حَدُّهَا الشَّرْقِيُّ شَجَرَةُ كَذَا دَخَلَتْ الشَّجَرَةُ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِضِدِّهِ وَإِذَا قِيلَ حَدُّهَا الْقِبْلِيُّ دَارُ فُلَانٍ فَلَا تَدْخُلُ تِلْكَ الدَّارُ وَلَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى دَارٍ وَفِيهَا مَا لَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَحَيَوَانٍ أَوْ أَزْيَارٍ غَيْرِ مَبْنِيَّةٍ وَكَانَ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْ بَابِهَا إلَّا بِهَدْمِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُقْضَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِهَدْمِهِ وَيَكْسِرُ الْبَائِعُ أَزْيَارَهُ وَيَذْبَحُ حَيَوَانَهُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِذَلِكَ حِينَ الشِّرَاءِ أَمْ لَا وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الِاسْتِحْسَانُ هَدْمُهُ وَيَبْنِيهِ الْبَائِعُ إذَا كَانَ لَا يَبْقَى بِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَيْبٌ يُنْقِصُ الدَّارَ وَإِلَّا قِيلَ لِلْمُبْتَاعِ أَعْطِهِ قِيمَةَ مَتَاعِهِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَائِعِ اهْدِمْ وَابْنِ وَأَعْطِ قِيمَةَ الْبَيْعِ فَإِنْ أَبَى نَظَرَ الْحَاكِمُ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ عج وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِالْقَوَاعِدِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الضَّرَرَانِ مُخْتَلِفَيْنِ اُرْتُكِبَ أَخَفُّهُمَا وَإِنْ تَسَاوَيَا فَإِنْ اصْطَلَحَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى شَيْءٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا فَعَلَ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ مَا يُزِيلُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي المج (قَوْلُهُ وَهَلْ يُوفِي لِلْبَائِعِ بِشَرْطِ عَدَمِهَا) بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَبِيعُك الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ مَا عَدَا ثِيَابَ الْمِهْنَةِ (قَوْلُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ بَيْعَهُ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ) أَيْ بَلْ يُبَاعُ لَابِسًا لَهَا فَإِذَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي كَسَاهُ وَرَدَّ ثِيَابَ الْمِهْنَةِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَبِهِ مَضَتْ الْفَتْوَى) أَيْ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَصَحَّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَمَا بَيْنَهُمَا نَظَائِرُ تَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ الْقَائِلَ إنَّهُ يُوفِي لِلْبَائِعِ بِشَرْطِ عَدَمِهَا هُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْقَائِلُ بِأَنَّهُ لَا يُوفِي بِشَرْطِ عَدَمِهَا بَلْ الشَّرْطُ بَاطِلٌ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ قَالَ ابْنُ مُغِيثٍ وَهُوَ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْفَتْوَى وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَحَلَّ لَيْسَ لِلتَّرَدُّدِ لِأَنَّ الْخِلَافَ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافٍ لِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ كَانَ أَقْرَبَ لِاصْطِلَاحِهِ اهـ بْن وَقَوْلُ الشَّارِحِ ابْنِ حَبِيبٍ وَبِهِ مَضَتْ الْفَتْوَى الْأُولَى ابْنُ مُغِيثٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ كَمُشْتَرِطِ) أَيْ إنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْأُصُولَ مَعَ ثِمَارِهَا الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا صَفْقَةً أَوْ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ قَبْلَ طِيبِهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَاشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي زَكَاةَ الثَّمَرِ أَوْ

لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ وَتَكُونُ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِحُدُوثِ سَبَبِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ ثَمَرًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ زَرْعًا أَخْضَرَ مَعَ أَصْلِهِ وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَتَوْضِيحِهِ وَأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَسَادُ الْبَيْعِ أَيْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِجَهْلِ الثَّمَنِ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَفْضُلُ لَهُ مِنْهُ لَوْ زَكَّى انْتَهَى (وَ) مُشْتَرِطِ (أَنْ لَا عُهْدَةَ) إسْلَامٍ وَهِيَ دَرَكُ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ الْعَيْبِ بِأَنْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ مِنْ الْقِيَامِ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَأَمَّا التَّبَرِّي مِنْ الْعَيْبِ مِنْ الرَّقِيقِ بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَصَحِيحٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْعُهْدَةِ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ إسْقَاطُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ (وَ) مُشْتَرِطِ أَنْ (لَا مُوَاضَعَةَ) فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيُحْكَمُ بِهَا لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (أَوْ) مُشْتَرِطِ أَنْ (لَا جَائِحَةَ) فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِيمَا عَادَتُهُ أَنْ يُجَاحَ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ الْبَيْعَ فِيهِ يَفْسُدُ أَيْ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ (أَوْ) مُشْتَرِطِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ لِكَذَا) كَشَهْرٍ مَثَلًا (فَلَا بَيْعَ) مُسْتَمِرٌّ بَيْنَهُمَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَبِّ عَلَى الْبَائِعِ إذَا طَابَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إلَخْ) أَيْ وَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَهَا الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي جَازَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَصَلَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَقَدْ عُلِمَ الْمِقْدَارُ وَإِلَّا فَالشَّرْطُ مُؤَكِّدٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِحُدُوثِ سَبَبِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ إفْرَاكُ الْحَبِّ وَطِيبُ الثَّمَرِ (قَوْلُهُ مَعَ أَصْلِهِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَسَادُ الْبَيْعِ) أَيْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْعُتْبِيَّةِ وَالنَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَصَاحِبِ الطِّرَازِ وَصَرَّحَ بِالْفَسَادِ أَيْضًا ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ عَدَمُ وُجُودِهِ فَالْمُصَنِّفُ قَدْ نَقَلَ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَفَسَادَ الشَّرْطِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إذْ لَا يَدْرِي) أَيْ الْبَائِعُ مَا يَفْضُلُ لَهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ أَنْ لَا عُهْدَةَ) أَيْ وَكَشَرْطِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ بِعُهْدَةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ دَرَكُ) أَيْ ضَمَانُ (قَوْلُهُ بِأَنْ أَسْقَطَ إلَخْ) أَيْ حِينَ الشِّرَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَبِيعُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا عَلَى أَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِك أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلَا قِيَامَ لَك بِذَلِكَ عَلَيَّ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَأَسْقَطَ حَقَّهُ وَأَمَّا لَوْ أَسْقَطَ ذَلِكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَفِي الْتِزَامَاتِ ح عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَإِذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ مِنْ الْقِيَامِ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ ظُهُورِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْإِسْقَاطِ وَالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ إسْقَاطُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَيَعْمَلُ بِذَلِكَ الْإِسْقَاطِ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ إسْقَاطُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَعْمَلُ بِهِ أَيْضًا إذَا كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَطَ أَنْ لَا جَائِحَةَ) هُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ سَمْعُ ابْنُ الْقَاسِمِ إسْقَاطَ الْجَائِحَةِ لَغْوٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ ابْنَ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ الْقِيَامَ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ تَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ قَبْلَ وُجُوبِهِ فَكَذَا فِي الْعَقْدِ وَلَا يُؤَثِّرُ فَسَادًا لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ أَمْرٌ نَادِرٌ اهـ قَالَ عج وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ اشْتَرَطَ هَذَا الشَّرْطَ فِيمَا عَادَتُهُ أَنْ يُجَاحَ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ يَفْسُدُ فِيهِ الْعَقْدُ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أَصْلَ النَّصِّ الَّذِي تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِ التَّعْلِيلُ بِنُدُورِ الْجَائِحَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُجَاحَ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَصْلِ الْمُتَابِعِ لَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ عبق وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ الْأَمِيرِ عَلَيْهِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اقْتَصَرَ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ عَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ لَكِنَّهُ عَلَّلَ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ لِنُدْرَةِ الْجَائِحَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُجَاحَ فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بِالْفَسَادِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اهـ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ لَيْسَ مُقَابِلًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ لَهُ وَقَدْ مَشَى فِي المج عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَيْثُ قَالَ وَفَسَدَ الْعَقْدُ بِإِسْقَاطِ جَائِحَةِ مَا يُجَاحُ عَلَى الظَّاهِرِ وِفَاقًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَإِلَّا يَكُنْ يُجَاحُ عَادَةً لَغَا الشَّرْطُ اهـ لَكِنْ هَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش مِنْ أَنَّ قَوْلَ أَبِي الْحَسَنِ بِالْفَسَادِ لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ الْحَالَةِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ الْبَيْعَ فِيهِ يَفْسُدُ أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَذَا الْفَرْعِ وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقِيَامِ بِالْجَائِحَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الْمَبِيعِ تَنْدُرُ فِيهِ الْجَوَائِحُ أَوْ تَكْثُرُ فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ مُقَابِلٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ بْن هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ السُّلَيْمَانِيَّةِ وَمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَأْتِ إلَخْ) صُورَتُهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِكَذَا لِوَقْتِ كَذَا وَعَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي بِالثَّمَنِ فِي وَقْتِ كَذَا فَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا مُسْتَمِرٌّ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ ذَكَرَ ابْنُ لُبَابَةَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ وَصِحَّتُهُمَا

وَيَكُونُ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ الَّذِي سَمَّيَاهُ (أَوْ) مُشْتَرِطِ (مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ) كَشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ أُمِّيًّا فَيُوجَدُ كَاتِبًا أَوْ الْأَمَةُ نَصْرَانِيَّةً فَتُوجَدُ مُسْلِمَةً وَلَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ تَزْوِيجِهَا بِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ كَمَا مَرَّ (وَصُحِّحَ) أَيْ الْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ لَا وَهُوَ الرَّاجِحُ (تَرَدُّدٌ) فِيمَا قَبْلَ التَّشْبِيهِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْبَذْرُ وَالثَّمَرُ الْغَيْرُ الْمُؤَبَّرِ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَصْلِهِمَا شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ فَقَالَ (وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ بَلَحٍ وَرُمَّانٍ وَتِينٍ وَعِنَبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَنَحْوِهِ) كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَفُولٍ وَخَسٍّ وَكُرَّاتٍ وَجَزَرٍ وَفُجْلٍ (بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (صَلَاحُهُ) بِيُبْسِ حَبٍّ وَبِانْتِفَاعٍ بِكَخَسٍّ وَعُصْفُرٍ (إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ) بِأَكْمَامِهِ فَإِنْ اسْتَتَرَ بِهَا كَقَلْبِ جَوْزٍ وَلَوْزٍ فِي قِشْرِهِ وَكَقَمْحٍ فِي سُنْبُلِهِ وَبِزْرِ كَتَّانٍ فِي جَوْزِهِ لَمْ يَصِحَّ جُزَافًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ وَيَصِحُّ كَيْلًا كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ وَحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلٍ وَتِبْنٍ إنْ بِكَيْلٍ وَأَمَّا شِرَاءُ مَا ذُكِرَ مَعَ قِشْرِهِ فَيَجُوزُ جُزَافًا وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا فِي شَجَرِهِ لَمْ يُقْطَعْ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ مَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِي وَرَقِهِ فِيمَا لَهُ وَرَقٌ وَإِلَّا مُنِعَ بَيْعُهُ جُزَافًا أَيْضًا (وَ) صَحَّ بَيْعُ مَا ذُكِرَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ وَهِيَ بَيْعُهُ (مَعَ أَصْلِهِ) كَبَلَحٍ صَغِيرٍ مَعَ نَخْلِهِ وَزَرْعٍ مَعَ أَرْضِهِ (أَوْ) بَيْعُ أَصْلِهِ مِنْ نَخْلٍ أَوْ أَرْضٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ (أُلْحِقَ) الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ (بِهِ) أَيْ بِأَصْلِهِ الْمَبِيعِ قَبْلَهُ (أَوْ) بِيعَ مَا ذُكِرَ مُنْفَرِدًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (عَلَى) شَرْطِ (قَطْعِهِ) فِي الْحَالِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ طَوْرِهِ إلَى طَوْرٍ آخَرَ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ (إنْ نَفَعَ) أَيْ شَرْطٌ (قَطَعَهُ) فِي الْحَالِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ طَوْرِهِ إلَى طَوْرٍ آخَرَ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ (إنْ نَفَعَ) أَيْ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالْحِصْرِمِ وَإِلَّا فَهُوَ إضَاعَةُ مَالٍ كَالْكُمَّثْرَى قَبْلَ ظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهَا فَإِنَّهَا غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهَا إذْ هِيَ مُرَّةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَاضْطُرَّ لَهُ) الْمُرَادُ بِالِاضْطِرَارِ الْحَاجَةُ أَيْ احْتَاجَ لَهُ الْمُتَبَايِعَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (وَلَمْ يَتَمَالَأْ) أَيْ لَمْ يَقَعْ مِنْ أَهْلِهِ وَأَكْثَرِهِمْ التَّمَالُؤُ (عَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفَسْخُ الْبَيْعِ وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ آخِرُ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْقِدَا عَلَى هَذَا فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَغَرِمَ الثَّمَنَ اهـ فَدَلَّ كَلَامُهَا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ انْعَقَدَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ لَا قَبْلَهُ فَقَوْلُ عبق إذْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا انْعَقَدَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ الشَّرْطَ وَقَعَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ كَمَا يُوهِمُهُ بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ الْبَيْعَ انْعَقَدَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ قَبْلَ مَجِيءِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ إلَخْ) قَالَ عِيَاضٌ عَلَى هَذَا حَمَلَ أَكْثَرُهُمْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ طُولِبَ بِهِ وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ إذْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ) أَيْ جُزَافًا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الثِّمَارَ أَيْ الْفَوَاكِهَ وَالْحُبُوبَ وَالْبُقُولَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إلَّا إذَا بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ بِيعَتْ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ أُلْحِقَتْ بِأَصْلِهَا الْمَبِيعِ أَوَّلًا أَوْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ بِقُرْبٍ إنْ نَفَعَ وَاحْتِيجَ لَهُ وَلَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُنِعَ بَيْعُهُ عَلَى الْجَذِّ كَمَا يُمْنَعُ بَيْعُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ بَدَا صَلَاحُهُ) بِلَا هَمْزٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْبُدُوِّ بِمَعْنَى الظُّهُورِ لَا مِنْ الْبَدْءِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالصِّحَّةِ لِيُعْلَمَ بِالصَّرَاحَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي الْمَفْهُومِ أَوْ الْمَخْرَجِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهُ ذَلِكَ صَرَاحَةً وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيمَا يَمْتَنِعُ الْفَسَادُ (قَوْلُهُ بِيُبْسِ حَبٍّ) أَيْ وَزَهْوِ بَلَحٍ وَحُصُولِ الْحَلَاوَةِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الثِّمَارِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ) أَيْ كَالْبَلَحِ وَالتِّينِ وَالْخَوْخِ وَالْعِنَبِ وَالْفُجْلِ وَالْكُرَّاتِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ اسْتَتَرَ بِغِلَافِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَقٌ كَالْقَمْحِ فِي سُنْبُلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ جُزَافًا وَيَجُوزُ كَيْلًا وَأَمَّا بَيْعُهُ بِقِشْرِهِ أَيْ تِبْنِهِ فَيَجُوزُ جُزَافًا وَأَوْلَى كَيْلًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَدَا صَلَاحُهُ وَأَمَّا لَوْ اسْتَتَرَ بِوَرَقِهِ كَالْفُولِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا لَا مُنْفَرِدًا وَلَا مَعَ تِبْنِهِ وَيَجُوزُ كَيْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَيْسَ مُسْتَتِرًا فِي أَكْمَامِهِ وَلَا فِي وَرَقِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَأَوْلَى عَلَى الْوَزْنِ وَمَا اسْتَتَرَ فِي أَكْمَامِهِ إنْ بِيعَ وَحْدَهُ يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَيَجُوزُ كَيْلًا وَإِنْ بِيعَ مَعَ تِبْنِهِ جَازَ جُزَافًا وَكَيْلًا وَمَا اسْتَتَرَ بِوَرَقِهِ يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا بِيعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ تِبْنِهِ وَجَازَ كَيْلًا. (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ كَيْلًا) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذَا الزَّرْعَ بِتَمَامِهِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ) عَطْفٌ عَلَى بَدَا صَلَاحُهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ أُلْحِقَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ أَوَّلًا ثُمَّ أُلْحِقَ أَصْلُهُ بِهِ فَمَمْنُوعٌ لِفَسَادِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَلَا يَتْبَعُ الثَّانِي لِتَأَخُّرِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ بَيْعُهُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ جَعَلَ قَوْلَهُ إنْ نَفَعَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ فَنَقُولُ إنَّمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْجَوَازِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إنْ نَفَعَ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفِ هَذَا الشَّرْطَ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ شَرْطِ الْبَيْعِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِمَّا يُرَخَّصُ فِيهِ كَعَدَمِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ وَاضْطُرَّ لَهُ) أَيْ لِلْبَيْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (قَوْلُهُ الْحَاجَةُ) أَيْ لَا بُلُوغُ الْحَدِّ الَّذِي يَنْتَفِي مَعَهُ الِاخْتِيَارُ

أَيْ عَلَى قَطْعِهِ فَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وُقُوعِهِ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يَضُرُّ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ بِالْفِعْلِ مُنِعَ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَالُؤِ اتِّفَاقُهُمْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ التَّوَافُقُ حَقِيقَةً (لَا) بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (عَلَى) شَرْطِ (التَّبْقِيَةِ أَوْ) عَلَى (الْإِطْلَاقِ) مِنْ غَيْرِ بَيَانِ جَذٍّ وَلَا تَبْقِيَةٍ فَلَا يَصِحُّ وَضَمَانُ الثَّمَرَةِ مِنْ الْبَائِعِ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ (وَبَدْؤُهُ) أَيْ الصَّلَاحِ (فِي بَعْضِ حَائِطٍ) وَلَوْ فِي نَخْلَةٍ (كَافٍ فِي) صِحَّةِ بَيْعِ (جِنْسِهِ) فِي ذَلِكَ الْحَائِطِ وَفِي مُجَاوِرِهِ مِمَّا يَتَلَاحَقُ طِيبُهُ بِطِيبِهِ عَادَةً لَا فِي جَمِيعِ حَوَائِطِ الْبَلَدِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ جِنْسِهِ غَيْرَهُ فَلَا يُبَاعُ تِينٌ بِبُدُوِّ صَلَاحِ خَوْخٍ أَوْ بَلَحٍ وَلَا عَكْسُهُ (إنْ لَمْ تَبْكَرْ) الشَّجَرَةُ أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ بَاكُورَةً أَيْ يَسْبِقُ طِيبُهَا غَيْرَهَا بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ مَعَهُ تَتَابُعُ الطِّيبِ لِعَارِضٍ كَمَرَضٍ وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي نَفْسِهَا وَفِيمَا مَاثَلَهَا (لَا) يُبَاعُ (بَطْنٌ ثَانٍ) مِمَّا يَطْرَحُ بَطْنَيْنِ فَأَكْثَرَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (بِأَوَّلٍ) أَيْ بِبُدُوِّ صَلَاحِ بَطْنِ أَوَّلٍ فَمَنْ بَاعَ بَطْنًا بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَيْ عَلَى قَطْعِهِ) أَيْ وَبَيْعِهِ قَبْلَ الطِّيبِ (قَوْلُهُ فَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى قَطْعِهِ وَبَيْعِهِ قَبْلَ الطِّيبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) أَيْ فَإِنْ تَمَالَأَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى قَطْعِهِ قَبْلَ صَلَاحِهِ مُنِعَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعُوا إلَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ نَقْلًا عَنْ ح وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ وَالْمَازِرِيُّ الْمَنْعَ هُنَا بِكَوْنِ الضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ بِالنَّقْدِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ جَازَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَاخْتَارَ بْن هَذَا التَّقْيِيدَ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي المج وَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ هُنَا فُرُوعًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَنَصُّهُ إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى الْجَذِّ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ جَازَ لَهُ إبْقَاؤُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ فِيهَا لِأَنَّ شِرَاءَهَا كَانَ فَاسِدًا فَلَا يُصْلِحُهُ شِرَاءُ الْأَصْلِ فَإِنْ صَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ بِمِيرَاثٍ مِنْ بَائِعِ الثَّمَرَةِ لَمْ يَنْفَسِخْ شِرَاؤُهَا إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ وَرِثَهُ مِنْ غَيْرِ بَائِعِ الثَّمَرَةِ وَجَبَ الْفَسْخُ فِيهَا وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ عَلَى الْبَقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ فَلَمْ يَفْطِنْ لِذَلِكَ حَتَّى أَزْهَتْ فَالْبَيْعُ مَاضٍ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ بِشِرَاءِ الْأَصْلِ كَانَ قَابِضًا لِلثَّمَرَةِ وَفَاتَتْ بِمَا حَصَلَ فِيهَا عِنْدَهُ مِنْ الزَّهْوِ فَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ قَبْلَ الْإِبَارِ أَيْضًا فُسِخَ الْبَيْعُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى نَخْلًا قَبْلَ الْإِبَارِ عَلَى أَنْ تَبْقَى الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَلَوْ اشْتَرَى الْأَصْلَ بَعْدَ الْإِبَارِ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الثَّمَرَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ) أَيْ فَإِنْ جَذَّهَا الْمُشْتَرِي رُطَبًا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ رَدَّ قِيمَتَهَا وَثَمَرًا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهُ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَجَذَّهَا فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ عَلَى قَاعِدَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَمَا فِي تت وَغَيْرِهِ اهـ بْن وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَلَى التَّبْقِيَةِ إلَى أَنْ يَطِيبَ فَاسِدٌ إجْمَاعًا وَأَمَّا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ وَالْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ كَانَ مِثْلِيًّا وَجُهِلَتْ مَكِيلَتُهُ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ) أَيْ فِي بَعْضِ شَجَرِ حَائِطٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَخْلَةٍ أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ عَرَاجِينِ نَخْلَةٍ وَقَوْلُهُ كَافٍ فِي صِحَّةِ بَيْعِ جِنْسِهِ الْكَائِنِ فِي ذَلِكَ الْحَائِطِ أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُهُ وَقَوْلُهُ وَفِي مُجَاوِرِهِ أَيْ وَكَافٍ فِي صِحَّةِ بَيْعِ جِنْسِهِ الْكَائِنِ فِي الْحَوَائِطِ الْمُجَاوِرَةِ لِتِلْكَ الْحَائِطِ الَّتِي بَدَا الصَّلَاحُ فِي بَعْضِ شَجَرِهَا وَقَوْلُهُ مِمَّا يَتَلَاحَقُ إلَخْ أَيْ فَإِنْ كَانَ لَا يَتَلَاحَقُ طِيبُهُ بِطِيبِهِ بَلْ يَتَأَخَّرُ طِيبُهُ عَنْهُ عَادَةً فَلَا يَكُونُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي أَحَدِ الْحَائِطَيْنِ كَافِيًا فِي صِحَّةِ بَيْعِ ذَلِكَ الْجِنْسِ فِي الْحَائِطِ الْآخَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ وَقَوْلُهُ لَا فِي جَمِيعِ حَوَائِطِ الْبَلَدِ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالثِّمَارِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَإِنْ نَخْلَةٌ مِنْ نَخَلَاتٍ كَثِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ بَعْضِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ يُبْسِ جَمِيعِ الْحَبِّ لِأَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ لِأَكْلِ الثِّمَارِ رَطْبَةً لِأَجْلِ التَّفَكُّهِ بِهَا أَكْثَرُ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ تَتَابُعُ طِيبِ الثِّمَارِ وَلَيْسَتْ الْحُبُوبُ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لِلْقُوتِ لَا لِلتَّفَكُّهِ وَهَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُ أَنَّ نَحْوَ الْمَقْثَأَةِ كَالثِّمَارِ فَلَوْ قَالَ وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضٍ كَحَائِطٍ كَافٍ فِي جِنْسِهِ لَشَمِلَ نَحْوَ الْمَقْثَأَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُبَاعُ تِينٌ بِبُدُوِّ صَلَاحِ خَوْخٍ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ أَجَازَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا لَمْ يَطِبْ تَبَعًا لِمَا طَابَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَبْكَرْ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْكَافِ لِقَوْلِ الْقَامُوسِ بَكِرَ كَفَرِحَ إذَا كَانَ صَاحِبَ بَاكُورٍ أَيْ سَبَقَ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ (قَوْلُهُ غَيْرَهَا) أَيْ طِيبَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ لِعَارِضٍ كَمَرَضٍ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يَسْبِقُ طِيبُهَا غَيْرَهَا وَقَوْلُهُ وَهِيَ كَافِيَةٌ فِي نَفْسِهَا أَيْ فَتُبَاعُ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا مَاثَلَهَا أَيْ مِمَّا هُوَ مَرِيضٌ عَادَتُهُ أَنْ يَبْكَرَ لِمَرَضِهِ وَاخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ وَلَمْ يُبَكِّرْ بِالْفِعْلِ فِي هَذَا الْعَامِ (قَوْلُهُ لَا بَطْنٌ ثَانٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّجَرَ إذَا كَانَ يُطْعِمُ فِي السَّنَةِ بَطْنَيْنِ مُتَمَيِّزَيْنِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْبَطْنُ الثَّانِي بَعْدَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ صَلَاحِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ

ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَائِهِ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْبَطْنَ الثَّانِي بَعْدَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي (وَهُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ (الزَّهْوُ) فِي الْبَلَحِ بِاحْمِرَارِهِ أَوْ اصْفِرَارِهِ وَمَا فِي حُكْمِهِمَا كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ (وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ) فِي غَيْرِهِ مِنْ الثِّمَارِ كَالْعِنَبِ (وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ) بِأَنْ يَمِيلَ إنْ انْقَطَعَ إلَى صَلَاحٍ كَالْمَوْزِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَطِيبَ حَتَّى يُدْفَنَ فِي نَحْوِ التِّبْنِ (وَ) هُوَ (فِي ذِي النَّوْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ صَاحِبِ الْوَرَقِ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ (بِانْفِتَاحِهِ) أَيْ انْفِتَاحِ أَكْمَامِهِ فَيَظْهَرُ وَرَقُهُ (وَ) فِي (الْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا) بِأَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا فِي الْحَالِ وَذَلِكَ بِاسْتِقْلَالِ وَرَقِهِ وَتَمَامِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ (وَهَلْ هُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ (فِي الْبِطِّيخِ) الْأَصْفَرِ كَالْعَبْدَلِيِّ وَالْخِرْبِزِ وَالْقَاوُونِ وَالضَّمِيرِيِّ (الِاصْفِرَارُ) بِالْفِعْلِ (أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبْطِيخِ) بِأَنْ يَقْرُبَ مِنْ الِاصْفِرَارِ (قَوْلَانِ) وَلَمْ يَذْكُرْ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ وَلَعَلَّهُ تَلَوَّنَ لُبُّهُ بِالْحُمْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمَّا ذَكَرَ مَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ بِقَوْلِهِ لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ ذَكَرَ مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَهُوَ قِسْمَانِ مَا لَهُ آخِرٌ وَمَا لَا آخِرَ لَهُ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُشْتَرِي) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (بُطُونُ كَيَاسَمِينٍ) وَوَرْدٍ (وَمَقْثَأَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ كَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ وَبِطِّيخٍ وَكَجُمَّيْزٍ مِنْ كُلِّ مَا يَخْلُفُ وَلَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ أَيْ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ (وَلَا يَجُوزُ) تَوْقِيتُهُ (بِكَشَهْرٍ) كَالْفُولِ لِاخْتِلَافِ حَمْلِهَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ) فِيمَا يَخْلُفُ (إنْ اسْتَمَرَّ) بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا قُطِعَ مِنْهُ شَيْءٌ خَلَفَهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ لَهُ آخِرُ يَنْتَهِي إلَيْهِ (كَالْمَوْزِ) فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ (وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ) مَعَ سُنْبُلِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَفُولٍ وَذُرَةٍ (أُفْرِكَ) وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْرَهُهُ فَإِنْ وَقَعَ فَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا بِالْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلَ فِي الصَّلَاحِ وَفِي الْمَوَّاقِ سَمَعُ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّجَرَةُ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَلَا يُبَاعُ الْبَطْنُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ بَلْ كُلُّ بَطْنٍ وَحْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ إلَى آخِرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَبْدُوَ طِيبُ الثَّانِي اهـ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَائِهِ) أَيْ فَرَاغِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِهَذَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ الْبَطْنُ الْأُولَى لَا تَفْرُغُ إلَّا بَعْدَ طِيبِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ الْبَطْنُ الثَّانِيَةُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبُطُونَ مُتَمَيِّزَةٌ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ كَالنَّبْقِ وَالْجُمَّيْزِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَطْرَحُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الشِّتَاءِ وَمَرَّةً فِي الصَّيْفِ فَكُلُّ بَطْنٍ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ الْأُخْرَى وَأَمَّا مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأُولَى لِأَنَّ طِيبَ الثَّانِيَةِ يَلْحَقُ طِيبَ الْأُولَى عَادَةً وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ كَيَاسَمِينٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْبَطْنُ الثَّانِيَةُ الْمُتَمَيِّزَةُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأُولَى لَا يَجُوزُ لِمَنْ اشْتَرَى الْأُولَى اشْتِرَاطُ دُخُولِ الْبَطْنِ الثَّانِيَةِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ اشْتِرَاطِ خِلْفَةِ الْقَصِيلِ لِأَنَّ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ إنَّمَا تَخَلَّفَتْ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الْقَصِيلِ بِخِلَافِ الْبَطْنِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ الزُّهُوُّ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِضَمِّهِمَا وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهِمَا) أَيْ وَمَا فِي حُكْمِ الِاحْمِرَارِ وَالِاصْفِرَارِ وَقَوْلُهُ كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ أَيْ كَظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِي الْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ فَهُوَ دَائِمًا أَخْضَرُ لَا يَحْمَرُّ وَلَا يَصْفَرُّ فَزُهُوُّهُ بِظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ نَحْوِ التِّبْنِ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَنَحْوِهِ كَالنُّخَالَةِ (قَوْلُهُ وَفِي ذِي النَّوْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَقَوْلُهُ بِانْفِتَاحِهِ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ أَيْ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي ذِي النَّوْرِ كَائِنٌ بِانْفِتَاحِهِ (قَوْلُهُ وَالْخِرْبِزِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ المهناوي (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبِطِّيخِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ وَلَا فِي الْحَبِّ وَلَا فِي الْمَرْعَى وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ بِطِيبِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ وَالْبُرُّ وَالْفُولُ وَالْجُلُبَّانُ وَالْحِمَّصُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْحُبُوبِ بُدُوُّ صَلَاحِهَا بِالْيُبْسِ وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبُنْدُقُ وَالْفُسْتُقُ وَأَمَّا الْقَرَظُ وَالْبِرْسِيمُ فَبُدُوُّ صَلَاحِهِ أَنْ يُرْعَى دُونَ فَسَادٍ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْقِثَّاءِ وَالْفَقُّوسِ وَالْخِيَارِ أَنْ يَنْعَقِدَ وَيُوجَدُ لَهُ طَعْمٌ وَكَذَلِكَ الْقَرْعُ وَالْبَاذِنْجَانُ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَيَاسَمِينٍ) هُوَ مُنَوَّنٌ وَلَا عَلَمِيَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ أَلْ وَالْإِضَافَةَ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ (قَوْلُهُ وَكَجُمَّيْزٍ إلَخْ) أَيْ وَبَاذِنْجَانٍ إنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ بُطُونَ الْجُمَّيْزِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّهَا بِصَلَاحِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا مُنْفَرِدًا عَنْ بَعْضٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجُوزُ بِكَشَهْرٍ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ بُطُونَهُ مُتَمَيِّزَةٌ وَلَا يُبَاعُ كُلٌّ مِنْ بُطُونِهِ إلَّا مُنْفَرِدًا وَلَا يُبَاعُ الثَّانِي بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُمَّيْزَ يَطْرَحُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ مُتَمَيِّزَتَيْنِ كُلُّ مَرَّةٍ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى بُطُونٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزَةٍ فَتُوجَدُ بُطُونٌ فِي آنٍ ثُمَّ تَنْقَطِعُ ثُمَّ تُوجَدُ بُطُونٌ فِي آنٍ آخَرَ فَهُوَ بِالنَّظَرِ لِلْمَرَّتَيْنِ الْمُتَمَيِّزِ طَرْحُهُ فِيهِمَا كَمَرَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ وَبِالنَّظَرِ لِلْبُطُونِ الْآتِيَةِ فِي آنٍ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ كَيَاسَمِينٍ (قَوْلُهُ وَمَضَى إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْحَبَّ إذَا بِيعَ قَائِمًا مَعَ سُنْبُلِهِ جُزَافًا بَعْدَ إفْرَاكِهِ وَقَبْلَ يُبْسِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَإِذَا وَقَعَ مَضَى بِقَبْضِهِ بِحَصَادِهِ وَقَوْلُنَا إذَا بِيعَ قَائِمًا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا جُذَّ

وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْمَنْعِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ وَلِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَعَلَيْهِ بَعْضُهُمْ (قَبْلَ يُبْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَهُ بَلْ اشْتَرَطَ إبْقَاءَهُ لِلْيُبْسِ أَوْ أَطْلَقَ (بِقَبْضِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُضِيِّ أَيْ يَمْضِي بِقَبْضِهِ بِحَصَادِهِ فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَيْعُهُ مَعَ سُنْبُلِهِ وَأَمَّا بَيْعُهُ مُجَرَّدًا عَنْ سُنْبُلِهِ قَبْلَ يُبْسِهِ فَمُضِيُّهُ بِكَيْلِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَأَمَّا بَيْعُهُ بَعْدَ يُبْسِهِ مُجَرَّدًا عَنْ سُنْبُلِهِ فَيَجُوزُ عَلَى الْكَيْلِ لَا عَلَى الْجُزَافِ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ وَمَعَ سُنْبُلِهِ يَجُوزُ جُزَافًا لِأَنَّ بَيْعَ الزَّرْعِ الْقَائِمِ جُزَافًا جَائِزٌ وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مَمْنُوعٌ وَبَعْدَهُ جَائِزٌ بِشَرْطِ عَدَمِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ ذَكَرَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ فَقَالَ (دَرْسٌ) (وَرُخِّصَ) جَوَازًا (لِمُعْرٍ) وَهُوَ وَاهِبُ الثَّمَرَةِ (وَقَائِمٍ مَقَامَهُ) مِنْ وَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ وَمُشْتَرٍ لِلْأَصْلِ مَعَ الثَّمَرَةِ أَوْ لِلْأَصْلِ فَقَطْ بَلْ (وَإِنْ) قَامَ مَقَامَهُ (بِاشْتِرَاءِ) بَقِيَّةِ (الثَّمَرَةِ) الْمُعْرَاةِ (فَقَطْ) دُونَ أَصْلِهَا (اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ) نَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ أَيْ اشْتِرَاؤُهَا مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ أَوْ مِمَّنْ قَامَ مَقَامَهُ (تَيْبَسُ) أَيْ شَأْنُهَا أَنْ تَيْبَسَ بِالْفِعْلِ إنْ تُرِكَتْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لَا أَنَّهَا حِينَ الشِّرَاءِ يَابِسَةٌ وَلَا يَكْفِي يُبْسُ جِنْسِهَا فَيُخْرَجُ عِنَبُ مِصْرَ وَبَلَحُهَا وَزَيْتُونُهَا وَلَوْزِهَا (كَلَوْزٍ) وَجَوْزٍ وَنَخْلٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ وَزَيْتُونٍ فِي غَيْرِ مِصْرَ (لَا كَمَوْزٍ) وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَتُفَّاحٍ وَبُرْقُوقٍ لِفَقْدِ يُبْسِهِ لَوْ تُرِكَ وَمِثْلُهُ مَا لَا يَيْبَسُ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يَيْبَسَ كَعِنَبِ مِصْرَ وَنَخْلِهِ كَمَا عُلِمَ بِشُرُوطٍ ثَمَانِيَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَفَظَ) الْمُعْرَى حِينَ الْإِعْطَاءِ (بِالْعَرِيَّةِ) كَأَعْرَيْتُكَ لَا بِلَفْظِ الْعَطِيَّةِ وَلَا الْهِبَةِ وَالْمِنْحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَبَدَا صَلَاحُهَا) وَقْتَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْعَرِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْفُولِ الْأَخْضَرِ وَكَالْفَرِيكِ فَإِنَّ بَيْعَهُمَا جُزَافًا جَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَقَوْلُنَا مَعَ سُنْبُلِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا بِيعَ وَحْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أُفْرِكَ وَلَمْ يَيْبَسْ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا لِأَنَّهُ مُغَيَّبٌ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْكَيْلِ لِعَدَمِ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِالْيُبْسِ فَإِنْ وَقَعَ وَبِيعَ عَلَى الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَمْضِي بِقَبْضِهِ بِالْكَيْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا وَقَبْلَ يُبْسِهِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بَعْدَ الْيُبْسِ فَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ سُنْبُلِهِ فَإِنْ بِيعَ وَحْدَهُ جَازَ عَلَى الْكَيْلِ لَا جُزَافًا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَرْئِيٍّ وَإِنْ كَانَ مَعَ سُنْبُلِهِ جَازَ عَلَى الْكَيْلِ كَكُلِّ إرْدَبٍّ بِكَذَا وَجُزَافًا (قَوْلُهُ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْمَنْعِ) أَيْ فَتُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ وَلِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَيْ مِنْ كَوْنِ الْكَرَاهَةِ لِلتَّنْزِيهِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ مُخَالِفَةً لِمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ بَقِيَّةَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ فِيهَا الْحُرْمَةُ وَنَصُّهَا وَبَيْعُ الْحَبِّ بَعْدَ إفْرَاكِهِ وَقَبْلَ يُبْسِهِ أَكْرَهُهُ فَإِنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَلَا أَرَى أَنَّهُ يُفْسَخُ اهـ قَالَ عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ الْفَوَاتِ هُنَا فَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ إلَى أَنَّهُ الْقَبْضُ بِالْحَصَادِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةَ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَذَهَبَ غَيْرُ أَبِي مُحَمَّدٍ إلَى أَنَّ الْفَوَاتَ بِالْعَقْدِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بِالْيُبْسِ وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالْقَبْضِ بَلْ بِمُفَوِّتٍ بَعْدَهُ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَمَحَلُّ مَنْعِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَمُضِيِّهِ بِالْفَوَاتِ إنْ اشْتَرَى الْحَبَّ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَيْبَسَ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ ذَلِكَ أَمَّا إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَرْكُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ ذَلِكَ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَكَانَ لِمُشْتَرِيهِ تَرْكُهُ حَتَّى يَيْبَسَ كَمَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى وَكَذَا فِي ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيْعِ عَلَى السُّكُوتِ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَيْعُهُ مُجَرَّدًا عَنْ سُنْبُلِهِ) أَيْ عَلَى الْكَيْلِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ ذَكَرَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّ شِرَاءَ الثَّمَرَةِ الرَّطْبَةِ بِخَرْصِهَا يَابِسًا يَدْفَعُ عَنْهُ الْجُذَاذَ فِيهِ رِبَا نَسَاءٍ تَحْقِيقًا وَرِبَا فَضْلٍ شَكًّا لِأَنَّ الْخَرْصَ لَيْسَ قَدْرَ الثَّمَرَةِ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَرُخِّصَ) أَيْ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْمَنْعُ لَلرِّبَا بْن (قَوْلُهُ لِمُعْرٍ إلَخْ) قَالَ تت الْعَرِيَّةُ ثَمَرُ نَخْلٍ أَوْ غَيْرُهُ يَيْبَس وَيُدَّخَرُ يَهَبُهَا مَالِكُهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِثَمَرٍ يَابِسٍ إلَى الْجُذَاذِ (قَوْلُهُ مِنْ وَارِثٍ) أَيْ لِلْأُصُولِ وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ إعْرَاءِ مُوَرِّثِهِ بَعْضَ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ وَمَوْهُوبٍ) أَيْ لَهُ الْأُصُولُ وَالثَّمَرَةُ بَعْدَ إعْرَاءِ بَعْضِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ مَعَ الثَّمَرَةِ) أَيْ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ الْعَرِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْأَصْلِ فَقَطْ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ بَقِيَّةِ الثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ رُخِّصَ إنَّمَا يَتَعَدَّى لِلْمُرَخَّصِ فِيهِ بِفِي يُقَالُ رَخَّصَ الشَّرْعُ لَنَا فِي كَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فِي اشْتِرَاءِ ثَمَرَةٍ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ ضَمَّنَ رَخَّصَ مَعْنَى أُبِيحَ أَوْ أَنَّهُ عَدَّاهُ لِلْمُرَخَّصِ فِيهِ بِنَفْسِهِ تَوَسُّعًا كَمَا فِي {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف: 155] أَيْ مِنْ قَوْمِهِ (قَوْلُهُ أَيْ اشْتِرَاؤُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ الَّتِي مُنِحَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ مِمَّنْ قَامَ مَقَامَهُ) أَيْ وَهُوَ وَارِثُهُ الَّذِي وَرِثَ تِلْكَ الْعَرِيَّةَ مِنْهُ وَالْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَالْمَوْهُوبُ الَّذِي وَهَبَهَا لَهُ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ شَأْنِهَا أَنَّهَا تَيْبَسُ وَلَمْ تَكُنْ الْآنَ يَابِسَةً إنْ قُلْت الْمُضَارِعُ يَدُلُّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ قُلْت عُدُولُهُ عَنْ صِيغَةِ الْمَاضِي لِلْمُضَارِعِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُضَارِعِ الِاسْتِقْبَالُ (قَوْلُ وَلَا يَكْفِي يُبْسُ جِنْسِهَا) أَيْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ يُبْسِ شَخْصِهَا (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ ثَمَانِيَةٍ) هَذَا عَدَدٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ عَشَرَةٌ الثَّمَانِيَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا وَالتَّاسِعُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِخَرْصِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَالْعَاشِرُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَرَةٌ تَيْبَسُ (قَوْلُهُ إنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ) أَيْ بِمَادَّتِهَا

لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لِأَجْلِ الرُّخْصَةِ (وَكَانَ) الشِّرَاءُ (بِخَرْصِهَا) أَيْ قَدْرِهَا مِنْ الثَّمَرِ لَا بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ إلَّا بِخَرْصِهَا لَا بِعَيْنٍ وَلَا عَرْضٍ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ الْجَوَازُ (وَنَوْعِهَا) فَلَا يُبَاعُ صَيْحَانِيٌّ بِبَرْنِيِّ وَلَا عَكْسُهُ وَمُرَادُهُ بِهِ الصِّنْفُ (يُوَفَّى) الْخَرْصُ (عِنْدَ الْجُذَاذِ) لَا عَلَى شَرْطِ التَّعْجِيلِ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا التَّعْجِيلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِهِ فَلَا يَضُرُّ سَوَاءٌ اُشْتُرِطَ التَّأْجِيلُ أَوْ سُكِتَ عَنْهُ (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ لَا فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ (وَ) كَانَ الْمُشْتَرَى مِنْ الْعَرِيَّةِ (خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ) وَإِنْ أَعْرَى أَكْثَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الرُّخْصَةِ الْمَعْرُوفُ (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَدْرِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ (بِعَيْنٍ) أَوْ عَرْضٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِخُرُوجِ الرُّخْصَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ قَوْلُهُ (إلَّا لِمَنْ أَعْرَى عَرَايَا) لِوَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ (فِي حَوَائِطَ) أَوْ حَائِطٍ (فَمِنْ كُلٍّ) مِنْهَا (خَمْسَةٌ) مِنْ الْأَوْسُقِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكُلُّ خَمْسَةٍ بِوَاوِ الْحَالِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِأَنَّهَا أَصْرَحُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ أَيْ فَيَجُوزُ مِنْ كُلِّ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ (إنْ كَانَ) الْإِعْرَاءُ وَقَعَ (بِأَلْفَاظٍ) أَيْ بِعُقُودٍ وَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافِ زَمَنِهَا أَيْضًا فَإِنْ اتَّحَدَ الزَّمَنُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ (لَا بِلَفْظٍ) أَيْ عَقْدٍ وَاحِدٍ كَبِأَلْفَاظٍ بِوَقْتٍ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لِأَجْلِ الرُّخْصَةِ) لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرَ الْبَاجِيَّ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ الْجَوَازُ) لَكِنْ إذَا بِيعَتْ بِالْعَرْضِ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ بِثَمَرٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ كَيْلِهَا لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ اشْتِرَاءُ الثَّمَرَةِ الْمَمْنُوحَةِ رَطْبَةً بِمَكِيلٍ يَابِسٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشُرُوطٍ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَكِيلُ خَرْصَهَا أَيْ قَدْرَ كَيْلِهَا لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ شِرَائِهَا بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ اشْتِرَاءُ الثَّمَرَةِ الْمَمْنُوحَةِ بِمَكِيلٍ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ بِمَكِيلٍ. (قَوْلُهُ لَا عَلَى شَرْطِ التَّعْجِيلِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِوَفَاءِ الْخَرْصِ عِنْدَ الْجُذَاذِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ تَعْجِيلُهُ عَلَى جَذِّ الْعَرِيَّةِ فَشَرْطُ تَعْجِيلِهِ مُفْسِدٌ سَوَاءٌ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَأَمَّا التَّعْجِيلُ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَضُرُّ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ التَّأْجِيلَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَلَوْ قَالَ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ تَعْجِيلُهُ لَطَابَقَ النَّقْلَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ) أَيْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ تَعْجِيلِ الْخَرْصِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ فَإِنْ جَذَّ الْعَرِيَّةَ رَطْبًا رَدَّ مِثْلَهَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهَا هَذَا إذَا فَاتَتْ بَعْدَ الْجَذِّ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً بَعْدَ جَذِّهَا لَرَدَّهَا بِذَاتِهَا كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْخَرْصُ فِي ذِمَّةِ الْمُعْرِي لَا فِي حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ اتِّبَاعًا لِلرُّخْصَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ شَرْطِ التَّعْيِينِ وَيَبْقَى فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ فَأَقَلُّ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْعَرِيَّةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَأَرَادَ شِرَاءَهَا بِتَمَامِهَا فَيُمْنَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الرُّخْصَةِ الْمَعْرُوفُ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا دَفْعُ الضَّرَرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِنَاءً إلَخْ عِلَّةٌ لِلْمَفْهُومِ أَيْ لَا أَكْثَرَ بِنَاءً إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ) أَيْ مِمَّا أَعْرَاهُ أَمَّا لَوْ كَانَ الزَّائِدُ سِلْعَةً كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِخَرْصِهَا وَسِلْعَةً بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ كَذَا فِي خش قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ عَلَى أَنَّا لَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا قَالَهُ فَضْلًا عَنْ مَشْهُورِيَّتِهِ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمُعْرِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَعَ الْقَدْرِ الْمُرَخَّصِ فِي شِرَائِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ زِيَادَةً عَلَيْهِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَعْرَاهُ أَوْ كَانَ سِلْعَةً أُخْرَى لِخُرُوجِ الرُّخْصَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا عَرَّى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَاشْتَرَى مِنْهَا خَمْسَةً بِالْخَرْصِ وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعَرْضٍ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّهُ جَائِزٌ وَمَنَعَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهَا كَمَا لَوْ أَقَالَهُ مِنْ طَعَامٍ ابْتَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَكَمُسَاقَاةٍ وَبَيْعٍ وَإِقْرَاضٍ وَبَيْعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الرُّخَصِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ هَذَا اهـ كَلَامُهُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَصَحِّ دُونَ الْأَرْجَحِ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ حَاكٍ لِلتَّصْوِيبِ عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَصْرَحُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا تُفِيدُ جَوَازَ الشِّرَاءِ مِنْ كُلِّ عَارِيَّةٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ فِي ذَاتِهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَوْ أَكْثَرَ وَأَمَّا نُسْخَةُ الْوَاوِ فَتُوهِمُ أَنَّ كُلَّ عَرِيَّةٍ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَا يُعْلَمُ عَيْنُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ كُلُّ عَرِيَّةٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَدَّرَ أَيْ فَيَأْخُذُ جَمِيعَهَا بِخِلَافِ نُسْخَةِ فَمِنْ كُلٍّ فَلَا تَحُوجُ لِتَقْدِيرٍ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ الْأَلْفَاظِ إذَا كَانَ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَاحِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعَدُّدُ الْأَلْفَاظِ أَيْ الْعُقُودِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَنَحْوِهِ لِلرَّجْرَاجِيِّ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ اُنْظُرْ ح وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْقَابِسِيِّ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ إنْ كَانَ الْمُعْرَى وَاحِدًا فَالْقَابِسِيُّ يَقُولُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ كُلِّ عَرِيَّةٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ إنْ

(عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَكَى التَّرْجِيحَ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ أَقَرَّهُ فَصَحَّ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الثَّامِنِ بِبَيَانِ عِلَّةِ التَّرْخِيصِ وَهِيَ إحْدَى عِلَّتَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ بِقَوْلِهِ (لِدَفْعِ الضَّرَرِ) عَنْ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْحَاصِلِ لَهُ بِدُخُولِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَخُرُوجِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا لَا يَجِبُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ مِنْ حَرِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِلْمَعْرُوفِ) أَيْ الرِّفْقِ بِالْمُعْرَى بِالْفَتْحِ لِكِفَايَتِهِ الْمُؤْنَةَ وَالْحِرَاسَةَ لَا لِلتَّجْرِ فَيُمْنَعُ بِالْخَرْصِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَيَجُوزُ بِعَيْنٍ وَعَرْضٍ وَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ ثَلَاثَ مَسَائِلَ فَقَالَ (فَيَشْتَرِي بَعْضَهَا) كَثُلُثِهَا أَوْ نِصْفِهَا (كَكُلِّ الْحَائِطِ) إذَا أُعْرِيَ جَمِيعُهُ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ (وَبَيْعِهِ) بِالْجَرِّ أَيْ وَكَبَيْعِ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ (الْأَصْلَ) لِلْمُعْرَى بِالْفَتْحِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمَّا كَانَ لَنَا مَا يُشْبِهُ الْعَرِيَّةَ فِي التَّرْخِيصِ فِي شِرَاءِ الثَّمَرَةِ بِخَرْصِهَا وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْعَرِيَّةِ فِي شَيْءٍ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ لَك شِرَاءُ أَصْلٍ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ثَمَرِ أَصْلٍ لِغَيْرِك (فِي حَائِطِك بِخَرْصِهِ) مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْمُمْكِنَةِ إذْ شَرْطُ لَفْظِ الْعَرِيَّةِ وَكَوْنُ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُعْرِي لَا يَتَأَتَّى هُنَا (إنْ قَصَدْت) بِشِرَائِك الثَّمَرَةَ (الْمَعْرُوفَ) بِرَبِّ الْأَصْلِ (فَقَطْ) لَا إنْ قَصَدْت رَفْعَ الضَّرَرِ وَأَمَّا بِالْعَيْنِ فَيَجُوزُ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ (وَبَطَلَتْ) الْعَرِيَّةُ (إنْ مَاتَ) مُعْرِيهَا أَوْ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ كَإِحَاطَةِ دَيْنٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ مُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ (قَبْلَ الْحَوْزِ) لَهَا لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْحَوْزِ كَسَائِرِ الْعَطَايَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ الْعَرَايَا بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي أَوْقَاتٍ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) هُوَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَقَرَّهُ وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يُرَجِّحْهُ وَأَجَابَ تت بِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَقَرَّهُ صَحَّتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ وَمُقَابِلُ الْأَرْجَحِ مَا لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ إنْ أَعْرَى عَرَايَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَا يَشْتَرِي مِنْ جَمِيعِ تِلْكَ الْعَرَايَا بِالْخَرْصِ إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَرَايَا بِأَلْفَاظٍ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (قَوْلُهُ بِبَيَانِ) أَيْ مَعَ بَيَانِ أَوْ حَالَ كَوْنِ الشَّرْطِ الثَّامِنِ مُلْتَبِسًا بِبَيَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ شِرَاءُ الثَّمَرَةِ لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ أَوْ لِلْمَعْرُوفِ لَا إنْ كَانَ شِرَاؤُهَا لِلتَّجْرِ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِالْخَرْصِ بَلْ بِالْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ لِلْمُعْرِي عَلَى الشِّرَاءِ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَوْلَى هُمَا مَعًا وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَّلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ وَعَلَّلَ اللَّخْمِيُّ بِالثَّانِي فَقَطْ فَإِذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ مُنِعَ بِاتِّفَاقِ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ جَازَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَعْرُوفِ جَازَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ لِكِفَايَتِهِ الْمُؤْنَةَ) الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ السَّقْيِ مِثْلُ التَّقْلِيمِ وَالتَّنْقِيَةِ وَالْحِرَاسَةِ وَأَمَّا السَّقْيُ فَهُوَ عَلَى الْمُعْرِي كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ) أَيْ فَرَّعَ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي جَوَازِ شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا الْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ فَيَشْتَرِي بَعْضَهَا) أَيْ فَبِسَبَبِ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْرُوفُ يَجُوزُ لِلْمُعْرِي بِالْكَسْرِ شِرَاءُ بَعْضِ عَرِيَّتِهِ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ الضَّرَرِ فَلَا يَجُوزُ إذْ لَا يَزُولُ الضَّرَرُ بِشِرَاءِ الْبَعْضِ لِدُخُولِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ لِلْحَائِطِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْعَرِيَّةِ بِلَا بَيْعٍ فَشِرَاءُ بَعْضِ الْعَرِيَّةِ جَائِزٌ عَلَى طَرِيقَةِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا عَلَى طَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ لَا عَلَى طَرِيقَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ (قَوْلُهُ كَكُلِّ الْحَائِطِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُعْرِي بِالْكَسْرِ شِرَاءُ ثَمَرِ كُلِّ الْحَائِطِ بِخَرْصِهِ إذَا أَعْرَاهُ جَمِيعَهُ وَكَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَعْرُوفُ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ الضَّرَرِ فَلَا يَجُوزُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ مَعَ كَوْنِ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ لِغَيْرِهِ كَذَا قِيلَ وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ سَالِمٌ النَّفْرَاوِيُّ بِأَنَّ الضَّرَرَ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى الثَّمَرَةِ إذْ قَدْ يَلْحَقُ الْأُصُولَ أَوْ الْبِنَاءَ مَثَلًا فَالْحَقُّ أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ الْحَائِطِ جَائِزٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ وَبَيْعِهِ الْأَصْلَ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُعْرِي بِالْكَسْرِ إذَا بَاعَ الْأَصْلَ لِلْمُعْرَى بِالْفَتْحِ أَوْ لِغَيْرِهِ شِرَاءُ عَرِيَّتِهِ بِخَرْصِهَا إلَّا أَنَّهُ إنْ بَاعَ الْأَصْلَ دُونَ الثَّمَرَةِ فَيُعَلَّلُ بِكُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ وَإِنْ بَاعَ الثَّمَرَ مَعَ الْأَصْلِ فَيُعَلَّلُ بِالْمَعْرُوفِ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَنَصُّهُ إذَا بَاعَ الْمُعْرِي أَصْلَ حَائِطِهِ وَثَمَرَتَهُ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ لِأَنَّهُ رِفْقٌ بِالْمُعْرَى وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ وَالْأَصْلُ وَبَيْعِهِ الْأَصْلَ مَعَ ثَمَرَتِهِ اهـ بْن وَإِنَّمَا حَمَلَاهُ عَلَى هَذَا لِاقْتِرَانِهِ بِالْمِثَالَيْنِ قَبْلَهُ الْمَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَإِذَا بَاعَ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْأَصْلَ لِغَيْرِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَبَاقِي الثَّمَرِ لِآخَرَ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُعْرَى الْعَرِيَّةَ فَإِنَّمَا يَشْتَرِي الْعَرِيَّةَ مَنْ صَارَ لَهُ بَقِيَّةُ الثَّمَرَةِ لَا مَنْ صَارَ لَهُ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ اشْتَرَى مَنْ صَارَ لَهُ الْأَصْلُ وَيَجُوزُ لِلْمُعْرِي بِالْكَسْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا إذَا امْتَنَعَا لِأَنَّهُ ثَبَتَتْ لَهُ الرُّخْصَةُ بِالْعَرِيَّةِ نَعَمْ لَا يَقْدُمُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِخَرْصِهِ (قَوْلُهُ فِي حَائِطِك) نَعْتٌ لِأَصْلٍ (قَوْلُهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا) أَيْ وَالْمُتَأَتِّي هُنَا سِتَّةٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَكَوْنُ الْخَرْصِ مِنْ نَوْعِهَا وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ ذَلِكَ الْخَرْصِ وَأَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ الْمُشْتَرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِقَصْدِ الْمَعْرُوفِ فَقَطْ وَاعْتِبَارُ هَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِخَرْصِهَا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَقَطْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ

[جائحة الثمار]

(وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْحَوْزُ (حَوْزُ الْأُصُولِ) فَقَطْ أَيْ تَخْلِيَتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ (أَوْ) لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ مِنْ (أَنْ يُطْلِعَ ثَمَرُهَا) بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ بِوَزْنِ يُكْرِمُ أَيْ يَصِيرُ طَلْعًا وُضِعَ عَلَيْهِ طَلْعُ الذَّكَرِ وَهُوَ التَّأْبِيرُ أَوْ لَا وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ مِنْ طَلَعَ يَطْلُعُ كَيَنْصُرُ وَمَعْنَاهُ يَظْهَرُ فَلَوْ حَازَهَا وَلَمْ يَطْلُعْ ثَمَرُهَا بَطَلَتْ (تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الثَّانِي وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي هِبَةِ الثَّمَرَةِ وَصَدَقَتِهَا وَتَحْبِيسِهَا (وَزَكَاتُهَا) أَيْ الثَّمَرَةُ الْمُعْرَاةُ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا (وَسَقْيُهَا) حَتَّى تَنْتَهِيَ (عَلَى الْمُعْرِي) بِالْكَسْرِ وَسَوَاءٌ أَعْرَى بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ قَبْلَهُ وَمَا عَدَا السَّقْيَ مِنْ تَقْلِيمٍ وَتَنْقِيَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعَلَى الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ (أَوْ) إنْ نَقَصَتْ الْعَرِيَّةُ عَنْ النِّصَابِ (كَمُلَتْ) مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ وَزَكَّاهَا مُعْرِيهَا (بِخِلَافِ الْوَاهِبِ) وَالْمُتَصَدِّقُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا سَقْيَ إنْ وَهَبَ قَبْلَ الطِّيبِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا فَإِنْ وَهَبَ بَعْدَ الطِّيبِ فَعَلَى الْوَاهِبِ (دَرْسٌ) وَلَمَّا كَانَتْ الْجَائِحَةُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الثِّمَارِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ) عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ مَا يَنْبُتُ لَا بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَيَشْمَلُ مَا يَيْبَسُ كَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَمَا لَا يَيْبَسُ كَالْخَوْخِ وَالْمَوْزِ وَالْأُتْرُجِّ وَمَا كَانَ بُطُونًا وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ بَلْ يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا كَالْمَقَاثِيِّ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَلِذَا مَثَّلَ بِقَوْلِهِ (كَالْمَوْزِ وَالْمَقَاثِي) الْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْقِثَّاءَ وَالْخِيَارَ وَالْبِطِّيخَ وَالْقَرْعَ وَالْبَاذِنْجَانَ فَالْكَافُ لَيْسَتْ لِلتَّشْبِيهِ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالثِّمَارِ حَقِيقَتُهَا الْعُرْفِيَّةُ (وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ) وَأُجِيحَتْ فِي مُدَّةٍ تُجَذُّ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَازَ لَك وَلِقَوْلِهِ إنْ قَصَدْت الْمَعْرُوفَ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِغَيْرِ رَبِّ الْحَائِطِ بِخَرْصِهِ قَصْدَ الْمَعْرُوفَ أَوْ دَفْعَ الضَّرَرِ وَلَا لِرَبِّ الْحَائِطِ إنْ قَصَدَ دَفْعَ الضَّرَرِ أَوْ التَّجْرَ (قَوْلُهُ وَهَلْ هُوَ أَيْ الْحَوْزُ) الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الْعَرِيَّةُ لِلْمُعْرَى إنْ مَاتَ الْمُعْرِي أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ فَلَسٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ مُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ حَوْزُ الْأُصُولِ فَقَطْ إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَالَ إنَّ الْحِيَازَةَ الَّتِي تَصِحُّ بِهَا الْعَرِيَّةُ لِلْمُعْرَى إنْ مَاتَ الْمُعْرِي هِيَ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبَضَ الْأَصْلَ وَطَلَعَ فِيهَا الثَّمَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَبَطَلَتْ الْعَرِيَّةُ إنْ مَاتَ الْمُعْرِي قَبْلَ حَوْزِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْعَرِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ مَرْوَانَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ خِلَافٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِصِحَّةِ الْحِيَازَةِ لِلْمُعْرَى وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَبْضِ الْأُصُولِ فِي حَيَاةِ الْمُعْرِي وَإِنْ لَمْ تَطْلُعْ فِيهَا الثَّمَرَةُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهَا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ كَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ مُفَسِّرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْعَارِيَّةِ وَخِلَافٌ لِمَا فِيهَا فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ التَّأْوِيلَاتِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا أُبِّرَتْ النَّخْلُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْرِي صَحَّتْ لِلْمُعْرَى لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ لِعَرِيَّتِهِ، وَإِنْ قَبَضَ الْأُصُولَ وَحَازَهَا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ فَاَلَّذِي يَعْتَبِرُ التَّأْبِيرَ إنَّمَا هُوَ أَشْهَبُ وَقَوْلُهُ مُقَابِلٌ لِلتَّأْوِيلَيْنِ لِأَنَّهُ يَقُولُ يَكْفِي أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ التَّأْبِيرُ أَوْ حَوْزُ الْأَصْلِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا فَيَتَعَيَّنُ تَفْسِيرُ يَطْلُعُ بِيَظْهَرُ سَوَاءٌ ضُبِطَ بِضَمِّ الْيَاءِ مَعَ تَخْفِيفِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ أَوْ بِفَتْحِ الْيَاءِ مَعَ ضَمِّ اللَّامِ ثُلَاثِيًّا مِنْ بَابِ أَكْرَمَ أَوْ نَصَرَ لِقَوْلِ الْقَامُوسِ طَلَعَ الْكَوْكَبُ وَالشَّمْسُ طُلُوعًا ظَهَرَ كَأَطْلَعَ اهـ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ يَصِيرُ طَلْعًا فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ اُنْظُرْ بْن ثُمَّ نَقَلَ عَنْ طفي أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَسَاقَ عِبَارَاتِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَانْظُرْهَا فِيهِ وَذُكِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِ الثَّمَرَةِ تَمَيُّزُهَا عَنْ الْأَصْلِ وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى الْإِبَارِ لَا ظُهُورُ صَلَاحِهَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ أَوْ لَا بُدَّ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِي يَشْتَرِطُ فِي الْحَوْزِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ وَأَنْ يَطْلُعَ وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَدْ حَلَّهُ بِحَلٍّ حَسَنٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَاهِبِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَادَّةَ الْعَرِيَّةِ تَقْتَضِي بَقَاءَ تَعَلُّقٍ لَهُ بِهَا وَلِذَا رُخِّصَ لِلْمُعْرَى مَا لَمْ يُرَخَّصْ لِغَيْرِهِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْوَاهِبِ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الزَّكَاةِ وَالسَّقْيِ لِوُجُوبِ زَكَاتِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَلِأَنَّهُ لَا كَبِيرَ مَنْفَعَةٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي السَّقْيِ حِينَئِذٍ [جَائِحَةُ الثِّمَارِ] (قَوْلُهُ وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ) الْجَائِحَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْجَوْحِ وَهُوَ الْهَلَاكُ وَاصْطِلَاحًا مَا أَتْلَفَ مِنْ مَعْجُوزٍ عَنْ دَفْعِهِ عَادَةً قَدْرًا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ نَبَاتٍ بَعْدَ بَيْعِهِ كَذَا عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ مِنْ مَعْجُوزٍ بَيَانٌ لِمَا وَقَوْلُهُ قَدْرًا مَفْعُولٌ أَتْلَفَ وَأَطْلَقَ فِي الْقَدْرِ لِأَجْلِ أَنْ يَعُمَّ الثِّمَارَ وَغَيْرَهَا لِأَنَّ الثِّمَارَ وَإِنْ اُشْتُرِطَ فِيهَا كَوْنُ التَّالِفِ ثُلُثًا لَكِنَّ الْبُقُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا وُضِعَتْ جَائِحَةُ الثِّمَارِ عَنْ الْمُشْتَرِي لِمَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّمَرَةِ مِنْ حَقِّ التَّوْفِيَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا) أَيْ بِالثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَمَا كَانَ بُطُونًا) الْأَوْلَى وَمَا كَانَ بَطْنًا وَاحِدًا كَمَا مَرَّ وَمَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْبَاذِنْجَانَ) أَيْ وَالْبَامِيَةَ وَالْفُولَ الْأَخْضَرَ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَاثِي مَا يَشْمَلُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالثِّمَارِ حَقِيقَتُهَا الْعُرْفِيَّةُ) أَيْ وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهَا مَا يَنْبُتُ الصَّادِقُ بِالْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ وَغَيْرِهِ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ) أَيْ هَذَا إذَا بِيعَتْ عَلَى التَّبْقِيَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَهِيَ طِيبُهَا بَلْ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ أَيْ الْقَطْعِ وَعَدَمِ التَّأْخِيرِ لِانْتِهَاءِ طِيبِهَا فَإِنْ قُلْت هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا وَوَجْهُ الْمُعَارَضَةِ أَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي وَضْعِ

عَادَةً أَوْ بَعْدَهَا وَقَدْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ جَذِّهَا فِيهَا عَلَى عَادَتِهَا أَوْ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا فَشَيْئًا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأُجِيحَتْ فِيهَا (وَإِنْ) كَانَتْ الثَّمَرَةُ (مِنْ عَرِيَّتِهِ) بِأَنْ اشْتَرَاهَا مُعْرِيهَا بِخَرْصِهَا فَأُجِيحَتْ فَتُوضَعُ عَنْهُ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ وَلَا تُخْرِجُهَا الرُّخْصَةُ عَنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (لَا) إنْ كَانَتْ مِنْ (مَهْرٍ) فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ قِيَامٌ بِجَائِحَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مِنْ عَرِيَّةٍ أَوْ مَهْرٍ وَالرَّدُّ فِي الْأَوَّلِ عَلَى أَشْهَبَ وَفِي الثَّانِي عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ وَضْعِ الْجَائِحَةِ الثَّلَاثَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ بَلَغَتْ) الْجَائِحَةُ (ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ) أَيْ مَكِيلَةَ الْمُجَاحِ ثَمَرًا أَوْ ثُلُثَ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ فِي مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ كَبِطِّيخٍ (وَلَوْ) كَانَ الْمُجَاحُ (مِنْ) أَحَدِ صِنْفَيْ نَوْعٍ (كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ) بِيعَا مَعًا وَأُجِيحَ أَحَدُهُمَا وَكَانَتْ ثُلُثَ الْمَجْمُوعِ وَلَا يُنْظَرُ لِثُلُثِ الْمُجَاحِ وَحْدَهُ وَأَشَارَ لِثَانِي الشُّرُوطِ بِقَوْلِهِ (وَبَقِيَتْ) عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ (لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا) فَإِنْ تُرِكَتْ لَا لِذَلِكَ فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَائِحَةِ التَّبْقِيَةَ فَيُفِيدُ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ لَا تُوضَعُ جَائِحَتُهَا وَهَذَا يُنَافِي الْمُبَالَغَةَ هُنَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْجَذِّ قَوْلَيْنِ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ وَضْعُ الْجَائِحَةِ وَفِيمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ عَدَمُ وَضْعِهَا وَالرَّاجِحُ مَا هُنَا اهـ عَدَوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ انْتِهَاءِ طِيبِهَا عَلَى الْجَذِّ فَأَبْقَاهَا الْمُشْتَرِي فَأُجِيحَتْ بَعْدَ أَيَّامِ الْجَذِّ الْمُعْتَادِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ جَذِّهَا فِيهَا كَمَا يَأْتِي وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ وَأُجِيحَتْ فِي مُدَّتِهِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَدْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ جَذِّهَا فِيهَا فَلَا خِلَافَ فِي وَضْعِهَا. (قَوْلُهُ عَادَةً) أَيْ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَوْ بَعْدَهَا أَيْ أَوْ حَصَلَتْ الْجَائِحَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُجَذُّ فِيهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُنِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتُوضَعُ عَنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَرْصِ كَمَا تُوضَعُ عَمَّنْ اشْتَرَى ثَمَرًا بِدَرَاهِمَ إنْ بَلَغَتْ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ (قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ كَوْنِهَا مَبِيعَةً وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ أَيْ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا لَا تُوضَعُ جَائِحَتُهَا لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَعْرَاهُ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَرِيَّتَهُ بِخَرْصِهَا أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ فَإِنَّ الْجَائِحَةَ مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَحِينَئِذٍ فَتُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَعْرَاهُ أَوْسُقًا مِنْ حَائِطِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ ثُمَّ أُجِيحَ ثَمَرُ الْحَائِطِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مِقْدَارُ تِلْكَ الْأَوْسُقِ فَلَا قِيَامَ لِلْمُعْرِي بِالْجَائِحَةِ وَلَا تُحَطُّ عَنْهُ اتِّفَاقًا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ صُوَرٍ ثَلَاثٍ طَرَفَانِ وَوَاسِطَةٌ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي لَغْوِهَا فِي النِّكَاحِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَثُبُوتِهَا لِأَنَّهَا عِوَضٌ قَوْلَا الْعُتْبِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَصَوَّبَهُ الصَّقَلِّيُّ وَاللَّخْمِيُّ اهـ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا عِوَضٌ أَيْ لِلْبُضْعِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمَهْرُ ثَمَرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ ثَمَرٍ عُوِّضَتْ فِيهِ ثَمَرًا فَفِيهِ الْجَائِحَةُ اتِّفَاقًا. {تَنْبِيهٌ} لَا جَائِحَةَ فِي الثَّمَرَةِ الْمَدْفُوعَةِ خُلْعًا وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِهَا فِي الْمَهْرِ وَذَلِكَ لِضَعْفِ الْخُلْعِ عَنْ الصَّدَاقِ بِجَوَازِ الْغَرَرِ فِيهِ دُونَ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ إنْ بَلَغَتْ الْجَائِحَةُ) أَيْ بِمَعْنَى الْهَالِكِ (قَوْلُهُ ثَمَرًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمُجَاحِ ثَمَرًا (قَوْلُهُ فِي مَوْزُونٍ) أَيْ كَالْعِنَبِ وَالتِّينِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ ثُلُثَ الْوَزْن أَوْ الْعَدِّ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُصُورًا وَلَوْ قَالَ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ كَيْلِ الْمُجَاحِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ صِنْفًا وَاحِدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ صِنْفَيْ نَوْعٍ بِيعَا مَعًا فَأُجِيحَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنَّهَا تُوضَعُ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ مَكِيلَةِ الْجَمِيعِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِاعْتِبَارِ ثُلُثِ الْقِيمَةِ فَإِنْ بَلَغَتْ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ وُضِعَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ بَلَغَتْ ثُلُثَ مَكِيلَةِ النَّوْعَيْنِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ كَوْنِ مَا أَتْلَفَتْهُ الْجَائِحَةُ مِنْ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ ثُلُثَ الْمَبِيعِ لَكِنْ هَلْ الْمُعْتَبَرُ ثُلُثُ قِيمَتِهِ أَوْ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي صُورَتَيْنِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ نَوْعًا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالْمَقَاثِيِّ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ صِنْفَيْ نَوْع خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ نَوْعًا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالثَّمَرِ وَالْعِنَبِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ ثُلُثِ مَكِيلَتِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِيعَا مَعًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ بِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لِلذَّاهِبِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ ثُلُثَ الْمَجْمُوعِ) أَيْ ثُلُثَ مَكِيلَةِ الْمَجْمُوعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِيمَةُ ذَلِكَ الذَّاهِبِ ثُلُثَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ لِثُلُثِ الْمُجَاحِ وَحْدَهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ الْمُقَابِلَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ بِلَوْ يَقُولُ أَنَّهُ يُنْظَرُ لِثُلُثِ مَكِيلَةِ الْمُجَاحِ وَحْدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ كَمَا عَلِمْت فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا يُنْظَرُ لِثُلُثِ قِيمَةِ الْجَمِيعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا) مِنْ أَيَّامِ الطِّيبِ حُكْمًا أَيَّامُ الْجُذَاذِ الْمُعْتَادَةُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا أَيْ وَلْتُجَذَّ فِي أَيَّامِ الْجُذَاذِ الْمُعْتَادَةِ الْكَائِنَةِ بَعْدَ الطِّيبِ (قَوْلُهُ لَا لِذَلِكَ) أَيْ كَمَا لَوْ انْتَهَى طِيبُهَا وَاشْتَرَاهَا عَلَى الْجَذِّ وَأَبْقَاهَا

وَالرَّاجِحُ ثُبُوتُ الْجَائِحَةِ وَمِنْ أَيَّامِ الطِّيبِ حُكْمًا أَيَّامُ الْجُذَاذِ الْمُعْتَادَةُ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَأُفْرِدَتْ) بِالشِّرَاءِ عَنْ أَصْلِهَا (أَوْ أُلْحِقَ أَصْلُهَا) بِهَا فِي الشِّرَاءِ (لَا عَكْسُهُ) وَهُوَ شِرَاءُ أَصْلِهَا ثُمَّ شِرَاؤُهَا (أَوْ مَعَهُ) أَيْ مَعَ أَصْلِهَا فَلَا جَائِحَةَ فِيهِمَا (وَ) إذَا أُجِيحَ بَطْنٌ مِمَّا يُطْعِمُ بُطُونًا كَالْمَقْثَأَةِ وَجَنَى بَطْنَيْنِ مَثَلًا أَوْ اشْتَرَى بَطْنًا وَاحِدَةً مِمَّا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالْعِنَبِ أَوْ أَصْنَافًا كَبَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَسْوَاقُهُ فِي أَوَّلِ مُجْنَاهُ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ وَأُجِيحَ بَعْضُهُ فَإِنْ بَلَغَ مَا أُجِيحَ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ وَ (نَظَرَ) أَيْ نَسَبَ وَاعْتَبَرَ قِيمَةَ (مَا أُصِيبَ) بِالْجَائِحَةِ (مِنْ الْبُطُونِ) أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا ذَكَرْنَا (إلَى) قِيمَةِ (مَا بَقِيَ) سَلِيمًا (فِي زَمَنِهِ) أَيْ وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُصَابِ وَالسَّلِيمِ فِي زَمَنِهِ فَالْمُجَاحُ يَوْمُ الْجَائِحَةِ وَيُسْتَأْنَى بِغَيْرِهِ (لَا يَوْمُ الْبَيْعِ) خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ ذَلِكَ يَوْمَ الْبَيْعِ ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ كُلٍّ يَوْمَ الْجَائِحَةِ (وَلَا يَسْتَعْجِلُ) بِتَقْوِيمِ السَّالِمِ يَوْمَ الْجَائِحَةِ (عَلَى الْأَصَحِّ) بَلْ يَسْتَأْنِي بِهِ حَتَّى يَجْنِيَ السَّالِمَ ثُمَّ يُقَالُ مَا قِيمَتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ زَمَنَ الْجَائِحَةِ هَذَا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَيُقَالُ مَا قِيمَتُهُ الْآنَ كَمَا يُقَالُ فِي الْمُجَاحِ مَا قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجَائِحَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ وَضْعَ الْجَائِحَةِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَصَابَتْ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْمُصَابِ فَيَثْبُتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأُجِيحَتْ بَعْدَ أَيَّامِ الْجُذَاذِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ جَذِّهَا وَكَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ تَنَاهِي طِيبِهَا وَأَخَّرَ جَذَّهَا لِوُجُودِ رُطُوبَةٍ فِيهَا كَالْعِنَبِ وَقَوْلُهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا قَالَ الْبَاجِيَّ وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ) أَيْ وَهُوَ رِوَايَةُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّمَرَةَ إذَا بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ تَنَاهَى طِيبُهَا حِينَ الشِّرَاءِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَتَنَاهَ طِيبُهَا وَبَقِيَتْ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا فَأُجِيحَتْ فَإِنَّ جَائِحَتَهَا تُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى الْجَذِّ بَعْدَ أَنْ تَنَاهَى طِيبُهَا وَأُجِيحَتْ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تُجَذُّ فِيهَا عَادَةً أَوْ بَعْدَهَا وَقَدْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ جَذِّهَا فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاهِيَةَ الطِّيبِ حِينَ الشِّرَاءِ وَاشْتَرَاهَا عَلَى الْجَذِّ وَأُخِّرَ جَذُّهَا فَأُجِيحَتْ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامٍ كَانَ يُمْكِنُ الْجَذُّ فِيهَا فَهَذِهِ فِيهَا خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ وَضْعُ الْجَائِحَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ) أَيْ فَلَا جَائِحَةَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا فِي الثَّانِي اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْعَكْسَ وَمَا مَعَهُ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ لِأَجْلِ تَتْمِيمِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ وَنَظَرَ إلَخْ) أَيْ وَنَسَبَ قِيمَةَ مَا أُصِيبَ إلَى قِيمَةِ مَا بَقِيَ وَمَا أُجِيحَ وَحُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَفِي كَلَامِهِ حَذْفُ مُضَافَيْنِ وَحَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ (قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا) أَيْ كَصِنْفٍ مِنْ صِنْفَيْنِ بَرْنِيِّ وَصَيْحَانِيٍّ اشْتَرَاهُمَا مَعًا وَأُجِيحَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ مَا بَقِيَ سَلِيمًا) أَيْ مَعَ انْضِمَامِ قِيمَةِ مَا أُجِيحَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ) أَيْ مَلْحُوظًا قِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُجَاحِ وَالسَّالِمِ فِي زَمَنِهِ (قَوْلُهُ وَيَسْتَأْنِي بِغَيْرِهِ) أَيْ لِزَمَنِهِ وَلَا يَسْتَعْجِلُ عَلَى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ فَإِذَا أُجِيحَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ اُنْتُظِرَ لِفَرَاغِ الْبَطْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ ثُمَّ يُقَالُ مَا قِيمَةُ الْمُجَاحِ فِي زَمَنِهِ فَإِذَا قِيلَ ثَلَاثُونَ وَمَا قِيمَةُ الْبَطْنِ الثَّانِي فِي زَمَانِهِ قِيلَ عِشْرُونَ وَمَا قِيمَةُ الثَّالِثِ فِي زَمَانِهِ قِيلَ عَشَرَةٌ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّك إذَا نَسَبْت الثَّلَاثِينَ لِلسِّتِّينَ قِيمَةِ مَجْمُوعِ الْمَجُوحِ وَالسَّالِمِ يَكُونُ نِصْفًا وَقَوْلُهُ وَيَسْتَأْنِي بِغَيْرِهِ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُجَاحِ يَوْمَ الْجَائِحَةِ وَيُسْتَعْجَلُ بِتَقْوِيمِ غَيْرِهِ عَلَى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ فَفِي يَوْمِ الْجَائِحَةِ يُقَالُ مَا قِيمَةُ الْمُجَاحِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيُقَالُ كَذَا ثُمَّ يُقَالُ وَمَا قِيمَةُ السَّالِمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَيُقَالُ كَذَا وَإِلَى رَدِّ هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُسْتَعْجَلُ بِتَقْوِيمِ السَّالِمِ يَوْمَ الْجَائِحَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ أَرْبَعَةٌ قِيلَ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ فِي وَقْتِهِ وَلَا يَسْتَعْجِلُ بِالتَّقْوِيمِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْبُطُونِ فَإِذْ أُجِيحَتْ بَطْنٌ مَثَلًا قِيلَ مَا قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَمَا قِيمَةُ السَّالِمِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا يَوْمَ الْبَيْعِ فَيُقَالُ كَذَا وَقِيلَ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ يَوْمَ الْجَائِحَةِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقِيلَ يَسْتَعْجِلُ بِالتَّقْوِيمِ بِحَيْثُ يُقَالُ يَوْمَ الْجَائِحَةِ مَا قِيمَةُ الْمُجَاحِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيُقَالُ كَذَا وَمَا قِيمَةُ السَّالِمِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ فَيُقَالُ كَذَا وَقِيلَ لَا يَسْتَعْجِلُ بِتَقْوِيمِ السَّالِمِ عَلَى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ بَلْ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْبُطُونِ يُنْظَرُ كَمْ تُسَاوَى كُلُّ بَطْنٍ زَمَنَ الْجَائِحَةِ عَلَى أَنَّهَا تُقْبَضُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ الثَّانِي وَالثَّالِثَ بِقَوْلِهِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يَسْتَعْجِلُ بِتَقْوِيمِ السَّالِمِ يَوْمَ الْجَائِحَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَوْلِ الرَّابِعِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَفِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يُرَاعَى فِي التَّقْوِيمِ يَوْمُ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمُ الْجَائِحَةِ وَعَلَى الثَّانِي فَقِيلَ يَسْتَعْجِلُ بِتَقْوِيمِ السَّالِمِ عَلَى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ وَقِيلَ لَا يَسْتَعْجِلُ بِتَقْوِيمِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ زَمَنِينَ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ مَا قِيمَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْمُجَاحِ وَالسَّالِمِ يَوْمَ الْبَيْعِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ السَّالِمِ (قَوْلُهُ هَذَا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْبُطُونِ يُنْظَرُ مَا قِيمَةُ كُلِّ بَطْنٍ زَمَنَ الْجَائِحَةِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ فِي أَوْقَاتِهِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ يُقَالُ مَا قِيمَةُ كُلِّ بَطْنٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا تُجَذُّ وَتُقْبَضُ وَقْتَ كَذَا وَلَا شَكَّ أَنَّ قِيمَةَ مَا يُقْبَضُ فِي أَوْقَاتِ وُجُودِهِ إذَا كَانَتْ تُعَجَّلُ الْآنَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ مَا اُعْتُبِرَ وُجُودُهُ الْآنَ أَعْنِي يَوْمَ الْجَائِحَةِ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ

وَلَوْ قُلْت (وَفِي) وَضْعِ جَائِحَةِ الثَّمَرَةِ (الْمُزْهِيَةِ) فِي النَّخْلِ أَوْ الَّتِي بَدَا صَلَاحُهَا فِي غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا فَلَا جَائِحَةَ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ تَابِعَةَ التَّابِعَةِ لِلدَّارِ أَوْ الْأَرْض الْمُكْتَرَاة فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَابِعَة فَالْجَائِحَةُ اتِّفَاقًا وَالْمُرَادُ بِتَبَعِيَّتِهَا أَنْ تَكُونَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ أَيْ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا ثُلُثَ قِيمَةِ الْكِرَاءِ فَأَقَلَّ وَاشْتُرِطَ إدْخَالُهَا بِعَقْدِ الْكِرَاءِ وَعَدَمُ وَضْعِ جَائِحَتِهَا (تَأْوِيلَانِ) وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ غَيْرِ الْمُزْهِيَةِ التَّابِعَةِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَشْتَرِطَ جُمْلَتَهَا وَأَنْ يَكُونَ طِيبُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَأَنْ يَقْصِدَ بِاشْتِرَاطِهَا دَفْعَ الضَّرَرِ بِالتَّصَرُّفِ إلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُزْهِيَةٍ وَغَيْرَ تَابِعَةٍ فَاشْتِرَاطُ إدْخَالِهَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فَإِنْ أَزْهَتْ جَازَ اشْتِرَاطُهَا مُطْلَقًا (وَهَلْ هِيَ) أَيْ الْجَائِحَةُ (مَا) أَيْ كُلُّ شَيْءٍ (لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ) لَوْ عَلِمَ بِهِ (كَسَمَاوِيٍّ) كَالْبَرْدِ وَالْحَرِّ أَيْ وَالسَّمُومِ وَالثَّلْجِ وَالْمَطَرِ وَالْجَرَادِ وَالْفَأْرَةِ وَالْغُبَارِ وَالنَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَجَيْشٌ) لَا سَارِقٌ فَإِنَّهُ يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (أَوْ وَسَارِقٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا (خِلَافٌ) وَمَحَلُّ كَوْنِ السَّارِقِ جَائِحَةً عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ فَيَتْبَعُهُ الْمُشْتَرِي (وَتَعْيِيبُهَا كَذَلِكَ) أَيْ كَذَهَابِ عَيْنِهَا فَيُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَ ثُلُثُ قِيمَتِهَا فَأَكْثَرُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْوَضْعِ لَا بِقَيْدِ الْمَكِيلَةِ فَإِنْ أَصَابَهَا غُبَارٌ أَوْ عَفَنٌ مِنْ غَيْرِ ذَهَابِ عَيْنٍ فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ الْقِيمَةِ اُعْتُبِرَتْ وَإِلَّا فَلَا (وَتُوضَعُ) الْجَائِحَةُ الْحَاصِلَةُ (مِنْ الْعَطَشِ وَإِنْ قَلَّتْ) لِأَنَّ سَقْيَهَا عَلَى الْبَائِعِ فَأَشْبَهَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ مَا لَمْ يَقِلَّ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ عَادَةً فَلَا يُوضَعُ وَشَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَلَّتْ قَوْلُهُ (كَالْبُقُولِ) مِنْ خَسٍّ وَكُزْبَرَةٍ وَهُنْدُبَا وَسَلْقٍ وَكُرَّاثٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ الْعَطَشِ أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQحِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قُلْت) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُجَاحِ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُزْهِيَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا فِيهَا نَخْلَةٌ مَثَلًا مُزْهِيَةٌ وَهِيَ تَبَعٌ لِلدَّارِ أَيْ قِيمَةُ ثَمَرَتِهَا ثُلُثُ الْكِرَاءِ فَأَقَلُّ وَاشْتَرَطَ إدْخَالَهَا فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ فَأُجِيحَتْ تِلْكَ النَّخْلَةُ فَذَهَبَ ثُلُثُ مَكِيلَتِهَا فَهَلْ تُوضَعُ جَائِحَتُهَا لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ مُبْتَاعَةٌ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُفْرَدَةً فَهِيَ كَغَيْرِهَا أَوْ لَا جَائِحَةَ وَلَوْ ذَهَبَ جَمِيعُهَا لِأَنَّهَا تَبَعٌ وَالْجَائِحَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي ثَمَرَةٍ مَقْصُورَةٍ بِالْبَيْعِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ فِي النَّخْلِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مِنْ النَّخْلِ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ النَّخْلِ (قَوْلُهُ فَلَا جَائِحَةَ اتِّفَاقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تَابِعَةً أَوْ غَيْرَ تَابِعَةٍ وَيَفْسُدُ الْكِرَاءُ فِي الثَّانِي كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ لَا فِي الْأَوَّلِ إذَا اشْتَرَطَ إدْخَالَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَابِعَةً) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا مُزْهِيَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ غَيْرِ الْمُزْهِيَةِ) أَيْ اشْتِرَاطُ إدْخَالِهَا فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَزْهَتْ جَازَ اشْتِرَاطُهَا مُطْلَقًا) حَاصِلُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُزْهِيَةً جَازَ اشْتِرَاطُهَا مُطْلَقًا كَانَتْ تَابِعَةً لِلْكِرَاءِ أَوْ لَا وَلَا يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ إلَّا بِالشَّرْطِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ غَيْرَ تَابِعَةٍ وُضِعَتْ جَائِحَتُهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً فَفِي وَضْعِ جَائِحَتِهَا وَعَدَمِ وَضْعِهَا تَأْوِيلَانِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُزْهِيَةٍ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ تَابِعَةٍ فَاشْتِرَاطُهَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا اتِّفَاقًا وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ كَسَمَاوِيٍّ) أَيْ كَالْأَمْرِ الْمَنْسُوبِ لِلسَّمَاءِ وَقَوْلُهُ كَالْبَرْدِ هُوَ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ أَمْثِلَةٌ لِلسَّمَاوِيِّ وَقَوْلُهُ وَالْجَرَادُ هُوَ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكَافِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَيْ كَالدُّودِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ وَسَارِقٌ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ نَافِعٍ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَأَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ اهـ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَائِلًا لَا فَرْقَ بَيْنَ فِعْلِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ لِمَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّمَرَةِ مِنْ حَقِّ التَّوْفِيَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَيَتْبَعُهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَلَا يَحُطُّ الْبَائِعُ شَيْئًا عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ فَيَتْبَعُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا وَالْحَالُ أَنَّهُ يُرْجَى يَسَارُهُ عَنْ قُرْبٍ وَإِلَّا كَانَ جَائِحَةً عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَمَحَلُّ كَوْنِ السَّارِقِ الْمُعَيَّنِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمَرْجُوِّ الْيَسَارِ عَنْ قُرْبٍ جَائِحَةً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَإِلَّا كَانَ جَائِحَةً اتِّفَاقًا وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْجَيْشِ جَائِحَةً إذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ أَحَدٌ أَوْ عُرِفَ مِنْهُ أَحَدٌ وَكَانَ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا يُرْجَى يَسَارُهُ عَنْ قُرْبٍ أَمَّا لَوْ عُرِفَ مِنْهُ أَحَدٌ وَكَانَتْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ يُرْجَى يَسَارُهُ عَنْ قُرْبٍ فَلَا يَكُونُ مَا أَخَذَهُ الْجَيْشُ جَائِحَةً تُوضَعُ بَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ ذَلِكَ الْمَعْرُوفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَتَعْيِيبُهَا كَذَلِكَ) يَعْنِي أَنَّ الثَّمَرَةَ إذْ لَمْ تَهْلَكْ بَلْ تَعَيَّبَتْ بِغُبَارٍ وَشِبْهِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِحَةٌ تُحَطُّ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ إلَخْ لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا نَقْصُ ثُلُثِ الْقِيمَةِ لَا نَقْصُ ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ كَمَا فِي ذَهَابِ الْعَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ تَهْلِكْ الثِّمَارُ بَلْ تَعَيَّبَتْ فَقَطْ بِكَغُبَارٍ يُصِيبُهَا أَوْ رِيحٍ يُسْقِطُهَا قَبْلَ أَنْ يَتَنَاهَى طِيبُهَا فَيَنْقُصَ ثَمَنُهَا فَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِحَةٌ يُنْظَرُ لِمَا نَقَصَ هَلْ ثُلُثُ الْقِيمَةِ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ ذَلِكَ جَائِحَةً وَإِنَّمَا هُوَ عَيْبٌ وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَتَمَسَّكَ أَوْ يَرُدَّ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتُوضَعُ) أَيْ جَائِحَةُ الثِّمَارِ مِنْ الْعَطَشِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّتْ أَيْ هَذَا إذَا بَلَغَتْ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ بَلْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ أَيْ كَالْبُقُولِ)

مَا لَمْ يَكُنْ تَافِهًا لَا بَالَ لَهُ (وَالزَّعْفَرَانِ وَالرِّيحَانِ وَالْقُرْطِ) بِضَمِّ الْقَافِ حَشِيشٌ يُشْبِهُ الْبِرْسِيمَ فِي الْخِلْقَةِ (وَالْقَضْبِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَا يُرْعَى (وَوَرَقِ التُّوتِ) يُشْتَرَى لِدُودِ الْحَرِيرِ أَيْ لِعَلَفِهِ (وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ كَالْجَزَرِ) وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْفُجْلِ وَاللُّفْتِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِشَرْطِ رُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ وَقَلْعِ شَيْءٍ مِنْهُ وَيُرَى فَإِنَّهُ يُعْرَفُ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ مَجْهُولًا (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ بَاقِيهَا) أَيْ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْجَائِحَةِ (وَإِنْ قَلَّ) وَلَيْسَ لَهُ انْحِلَالُ الْعُقْدَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَدْ يُخَيَّرُ أَوْ يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي وَالْفَرْقُ كَثْرَةُ تَكَرُّرِ الْجَوَائِحِ فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَاخِلٌ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَإِنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا) مُخْتَلِفَةً مِنْ حَائِطٍ أَوْ حَوَائِطَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (فَأُجِيحَ بَعْضُهَا) مِنْ جِنْسٍ أَوْ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ (وُضِعَتْ) بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ (إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْجِنْسِ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ الْجَائِحَةُ (ثُلُثَ) قِيمَةِ (الْجَمِيعِ) فَأَكْثَرَ أَيْ جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَأَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْجَمِيعِ تِسْعِينَ وَقِيمَةُ الْمُجَاحِ ثَلَاثِينَ وَالشَّرْطُ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَأُجِيحَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ الْجَائِحَةُ (ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ) فَأَكْثَرُ فَإِنْ عُدِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تُوضَعْ (وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ) الصَّلَاحُ فِي طِيبِهَا (فَلَا جَائِحَةَ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ وَالْمُرَادُ بِتَنَاهِي الطِّيبِ بُلُوغُهَا الْحَدَّ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ لَهُ مِنْ تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ أَوْ زَهْوٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَمَا تُوضَعُ جَائِحَةُ الْبُقُولِ وَإِنْ قَلَّتْ سَوَاءٌ كَانَتْ جَائِحَتُهَا مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَائِحَةَ مِنْ الْعَطَشِ تُوضَعُ وَإِنْ قَلَّتْ كَانَ الْمُجَاحُ ثِمَارًا أَوْ بَقْلًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْعَطَشِ فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ بَقْلًا وُضِعَتْ وَإِنْ قَلَّتْ وَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ ثِمَارًا وُضِعَتْ إنْ كَانَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ فَلَيْسَتْ الْبُقُولُ كَالثِّمَارِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبُقُولَ لَمَّا كَانَتْ تُجَذُّ أَوَّلًا فَأَوَّلًا لَمْ يَنْضَبِطْ قَدْرُ مَا يَذْهَبُ مِنْهَا. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ) أَيْ التَّالِفُ بِالْجَائِحَةِ تَافِهًا (قَوْلُهُ وَالزَّعْفَرَانِ) أَيْ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْعُصْفُرِ (قَوْلُهُ مَا يُرْعَى) أَيْ كَالْجُلُبَّانِ وَالْبِرْسِيمِ (قَوْلُهُ أَيْ لِعَلَفِهِ) أَيْ فَتُوضَعُ جَائِحَتُهُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً (قَوْلُهُ وَالْفُجْلِ وَاللُّفْتِ) أَيْ وَالْكُرُنْبِ وَالْقُلْقَاسِ فَتُوضَعُ جَائِحَتُهَا وَإِنْ قَلَّتْ كَانَتْ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَهُ مُغَيَّبَ الْأَصْلِ كَالْبُقُولِ هُوَ نَحْوُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا جَائِحَةُ الْبُقُولِ كَالسَّلْقِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْكُرَّاثِ وَغَيْرِهَا فَيُوضَعُ قَلِيلُ مَا أُجِيحَ مِنْهُ وَكَثِيرُهُ اهـ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا الْمَقَاثِيُّ وَالْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ وَالْفُجْلُ وَالْجَزَرُ وَالْمَوْزُ وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالْعُصْفُرُ وَالْفُولُ الْأَخْضَرُ وَالْجُلُبَّانُ فَحُكْمُ ذَلِكَ كُلُّهُ حُكْمُ الثِّمَارِ يُرَاعَى فِيهِ ذَهَابُ الثُّلُثِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَقَاثِيَّ كَالْبُقُولِ يُوضَعُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَشْهَرُ وَبِهِ الْقَضَاءُ اهـ مِنْهُ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثِّمَارَ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ جَائِحَتِهَا مِنْ ذَهَابِ الثُّلُثِ وَالْبُقُولُ تُوضَعُ جَائِحَتُهَا وَإِنْ قُلْت وَالْمَقَاثِي مُلْحَقَةٌ بِالثِّمَارِ وَمُغَيَّبُ الْأَصْلِ مُلْحَقٌ بِالْبُقُولِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَلْحَقَهُمَا الْمُتَيْطِيُّ بِالثِّمَارِ وَأَلْحَقَ أَشْهَبُ الْمَقَاثِيَّ بِالْبُقُولِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ مُغَيَّبِ الْأَصْلِ كَمَا أَشْعَرَ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتُوضَعُ الْجَائِحَةُ مِنْ مُغَيَّبِ الْأَصْلِ وَإِنْ قَلَّتْ لَكِنَّ الْجَوَازَ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَرَى الْمُشْتَرِي ظَاهِرَهُ وَأَنْ يُقْلَعَ شَيْءٌ مِنْهُ وَيُرَى فَلَا يَكْفِي فِي الْجَوَازِ رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ بِدُونِ قَلْعٍ خِلَافًا لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ، وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يُحْزَرَ إجْمَالًا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ حَزْرٍ بِالْقِيرَاطِ أَوْ الْفَدَّانِ أَوْ الْقَصَبَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ مَجْهُولًا) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ مُغَيَّبَ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مَقْلُوعًا بِالْفِعْلِ لِأَنَّ مَا لَمْ يُقْلَعْ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ أَيْ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْجَائِحَةِ) أَيْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ فَقَدْ يُخَيَّرُ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ جُزْءًا شَائِعًا كَجُزْءٍ مِنْ دَارٍ سَوَاءً كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ أَثْوَابًا وَاسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا مُعَيَّنٌ فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَوَجَبَ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ كُلَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ فَإِنَّهُ لِنُدُورِهِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَأُجِيحَ بَعْضُهَا) أَيْ فَذَهَبَ بِالْجَائِحَةِ بَعْضُهَا وَقَوْلُهُ مِنْ جِنْسٍ حَالٌ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ الْمُجَاحِ بَعْضًا مِنْ جِنْسٍ أَوْ بَعْضًا مِنْ كُلِّ جِنْسٍ أَيْ أَوْ جِنْسًا وَبَعْضَ جِنْسٍ آخَرَ (قَوْلُهُ إنْ بَلَغَتْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الشَّرْطَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أُجِيحَ جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسٍ وَأَمَّا لَوْ أُجِيحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ قُوِّمَتْ كُلُّهَا سَالِمَةً وَمُجَاحَةً وَنَسَبَ قِيمَةَ الْمُجَاحَةِ لِقِيمَةِ السَّالِمَةِ وَنَظَرَ لِلنَّقْصِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ وُضِعَتْ الْجَائِحَةُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُجَاحُ مِنْ كُلِّ ثُلُثٍ مَكِيلَتَهُ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الذَّاهِبُ ثُلُثَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُجَاحُ جِنْسًا وَبَعْضَ جِنْسٍ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ جِنْسٍ وَيَحْذِفُ قَوْلَهُ أَوْ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ عُدِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تُوضَعْ) أَيْ وَلَوْ أَذْهَبَتْ الْجَائِحَةُ الْجِنْسَ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ إلَخْ) لِمَا ذُكِرَ إنَّ شَرْطَ وَضْعِ الْجَائِحَةِ أَنْ تُصِيبَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ انْتِهَاءِ طِيبِهَا ذَكَرَ مَفْهُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَنَاهَتْ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَبِيعَةَ إذَا أَصَابَتْهَا الْجَائِحَةُ بَعْدَ تَنَاهِي طِيبِهَا فَإِنَّهَا لَا تُوضَعُ وَسَوَاءٌ بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ

فَتَوَانَى الْمُشْتَرِي فِي الْجَذِّ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَتْ الْجَائِحَةُ فِي مُدَّةِ جَذِّهَا عَلَى الْعَادَةِ فَإِنَّهَا تُوضَعُ (كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ) لَا جَائِحَةَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ طِيبِهِ بِدُخُولِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُجَرَّدَ دُخُولِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَامَلْ يُمْنَعُ اعْتِبَارُ الْجَائِحَةِ فِيهِ (وَ) كَ (يَابِسِ الْحَبِّ) الْمَبِيعِ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْقَطْعِ وَبَقِيَ إلَى أَنْ يَبِسَ فَلَا جَائِحَةَ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَأُجِيحَ فَإِنَّهَا تُوضَعُ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ (وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ) إذَا أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ (بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ) مَا أُجِيحَ وَمَا لَمْ يُجَحْ بِالْجُزْءِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ (أَوْ تَرْكِهِ) بِأَنْ يَحِلَّ الْعَقْدُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ (إنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ) وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ وَكَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي جِهَةٍ لَزِمَهُ سَقْيُ مَا عَدَا الْمُجَاحَ فَإِنْ بَلَغَ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ خُيِّرَ مُطْلَقًا كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ لَوْ أُجِيحَ دُونَ الثُّلُثِ لَزِمَهُ سَقْيُ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ (وَ) بَائِعٌ (مُسْتَثْنِي كَيْلٍ) مَعْلُومٍ كَعَشَرَةِ أَرَادِبَ (مِنْ الثَّمَرَةِ) الْمُبَاعَةِ عَلَى أُصُولِهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مَثَلًا (تُجَاحُ) تِلْكَ الثَّمَرَةُ (بِمَا) أَيْ بِالْقَدْرِ الَّذِي (يُوضَعُ) فِي الْجَائِحَةِ وَهُوَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرَ (يَضَعُ) الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ الْمُسْتَثْنَى (عَنْ مُشْتَرِيهِ) أَيْ مُشْتَرِي الثَّمَرَةِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ الْمُجَاحِ مِنْ الثَّمَرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرَى فَلَوْ بَاعَ ثَمَرَةَ ثَلَاثِينَ إرْدَبًّا بِخَمْسَةَ عَشَرَةَ وَاسْتَثْنَى عَشْرَةَ أَرَادِبَ فَأُجِيحَ ثُلُثُ الثَّلَاثِينَ وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ وَثُلُثُ الْقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاحِ وَتَنَاهِي طِيبِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيعَتْ بَعْدَ تَنَاهِي طِيبِهَا عَلَى الْجَذِّ فَأَخَّرَ جَذَّهَا فَأُجِيحَتْ وَالْمُرَادُ بِتَنَاهِي طِيبِهَا بُلُوغُهَا لِلْحَدِّ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ رُطَبٍ أَوْ زَهْوٍ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرَةِ هُنَا مَا يُخْرَجُ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ مِنْ الْأَرْضِ فَيَشْمَلُ الْبُقُولَ لَا مَا قَابَلَهَا اُنْظُرْ خش وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ وَضْعِ الْجَائِحَةِ حِينَئِذٍ هُوَ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا مَرَّ وَالرَّاجِحُ رِوَايَةُ سَحْنُونٍ عَنْهُ مِنْ وَضْعِهَا كَمَا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَتَوَانَى الْمُشْتَرِي فِي الْجَذِّ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهَا الْحَدَّ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ لَهُ اخْتِيَارًا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَتْ الْجَائِحَةُ فِي مُدَّةِ جَذِّهَا عَلَى الْعَادَةِ فَإِنَّهَا تُوضَعُ) أَيْ لِأَنَّ أَيَّامَ الْجَذِّ الْمُعْتَادَةَ فِي حُكْمِ أَيَّامِ الطِّيبِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُوضَعُ جَائِحَةُ الْقَصَبِ الْحُلْوِ وَهُوَ أَحْسَنُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ الْقِيَاسُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَجَائِحَةُ الْقَصَبِ غَيْرِ الْحُلْوِ تُوضَعُ إذَا بَلَغَتْ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا وَانْظُرْ هَلْ هُوَ الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ اهـ بْن وَقَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ الْحَقُّ أَنَّ مُرَادَهُ قَصَبُ السُّكَّرِ قَبْلَ دُخُولِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ إذَا بِيعَ عَلَى الْجَذِّ أَيْ وَأَمَّا الْفَارِسِيُّ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ اعْتِبَارُ الْجَائِحَةِ فِيهِ) أَيْ فَهُوَ وَإِنْ صَحَّ بَيْعُهُ لَكِنَّهُ لَا جَائِحَةَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ مَا تَنَاهَى طِيبُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ بِيعَ وَحْدَهُ أَوْ بِأَرْضِهِ أَوْ تَبَعًا لَهَا وَأَمَّا إنْ بِيعَ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى شَرْطِ الْجَذِّ وَحِينَئِذٍ تُوضَعُ جَائِحَتُهُ إذَا حَصَلَتْ فِي أَيَّامِ جَذِّهِ أَوْ تَأَخَّرَ جَذُّهُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ سَقْيُ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا) هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَطَرِيقَةُ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ سَقْيُ السَّالِمِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُجَاحَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثُّلُثَيْنِ أَوْ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُجَاحَ تَارَةً يَكُونُ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَر وَتَارَةً يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَتَارَةً يَكُونُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَيْنِ فَأَكْثَرَ خُيِّرَ بَيْنَ سَقْيِ الْكُلِّ أَوْ فَكِّ الْعُقْدَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُجَاحِ شَائِعًا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا خُيِّرَ أَيْضًا بَيْنَ سَقْيِ الْكُلِّ وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ أَوْ يَفُكُّ الْعَقْدَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَهُ سَقْيُ السَّالِمِ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لَزِمَهُ سَقْيُ الْكُلِّ كَانَ شَائِعًا أَمْ لَا هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَكِنَّ كَلَامَ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ سَقْيُ الْجَمِيعِ إذَا كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ سَقْيُ السَّالِمِ دُونَ الْمُجَاحِ وَنَصُّ الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا إنْ أُجِيحَتْ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ وَأُخْرَى سَالِمَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مُسَاقَاةُ السَّالِمَةِ إذَا كَانَتْ الْجَائِحَةُ يَسِيرَةً الثُّلُثَ فَأَقَلَّ قَالَهُ مُحَمَّدٌ اهـ مواق وَفِيهِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ نَحْوُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْيَسِيرِ وَهُوَ مَا دُونَ الثُّلُثِ طَرِيقَتَيْنِ وَكَلَامُ الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ تُجَاحُ بِمَا يُوضَعُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أُجِيحَتْ تِلْكَ الثَّمَرَةُ الْمَبِيعَةُ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا يُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ جَمِيعَ مَكِيلَتِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ وَيُوضَعُ مِنْ الْمَكِيلَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ نَقَصَتْ الثَّمَرَةُ الثُّلُثَ حُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي فِي مِثَالِ الشَّارِحِ خَمْسَةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَوُضِعَ مِنْ الْمَكِيلَةِ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ وَإِنْ نَقَصَتْ الثَّمَرَةُ النِّصْفَ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ نِصْفُهُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَمِنْ الْمَكِيلَةِ نِصْفُهَا خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى فَلَا يُوضَعُ مِنْ الْقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ وَإِنَّمَا يُوضَعُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ {تَنْبِيهٌ} لَوْ تَنَازَعَا فِي حُصُولِ الْجَائِحَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي مَا يَدَّعِيهِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَيْهَا وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أَذْهَبَتْهُ هَلْ هُوَ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ

[فصل في اختلاف المتبايعين]

دَرْسٌ) {فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ) لِذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ بِنَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (فِي جِنْسِ الثَّمَنِ) أَيْ الْعِوَضِ فَيَشْمَلُ الْمُثَمَّنَ إذْ هُوَ ثَمَنٌ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ كَانَ أَوْضَحَ كَذَهَبٍ وَعَرْضٍ (أَوْ) فِي (نَوْعِهِ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ (حَلَفَا وَفُسِخَ) مَعَ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ وَجَدَ شُبْهَةً مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا (وَرَدَّ مَعَ الْفَوَاتِ قِيمَتَهَا) إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً وَمِثْلَهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ بَيْعِهَا) لَا يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَا الْحُكْمِ (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِهِ) أَيْ قَدْرِ الثَّمَنِ كَعِشْرِينَ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةٍ (كَمَثْمُونِهِ) أَيْ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ مَثْمُونِ الثَّمَنِ كَبِعْتُكَ عَبْدًا بِدِينَارٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْعَبْدَ وَهَذَا الثَّوْبَ بِهِ، وَالتَّشْبِيهُ فِي الْقَدْرِ فَقَطْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ حُكْمَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فِي الثَّمَنِ وَمِثْلُهُ الْمُثَمَّنُ كَمَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ مُطْلَقًا وَيَرُدُّ مَعَ الْفَوَاتِ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يُنْظَرُ لِدَعْوَى شَبَهٍ وَلَا لِعَدَمِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسَةِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لِدَعْوَى الشَّبَهِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْفَوَاتِ وَلِذَا أَعَادَ الْعَامِلَ فِيهَا بِقَوْلِهِ وَفِي قَدْرِهِ إلَخْ (أَوْ) فِي (قَدْرٍ أُجِّلَ) كَبِعْتُ لِشَهْرٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لِشَهْرَيْنِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ] فَصْلٌ إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ إلَخْ} كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا الْحِمَارَ بِدِينَارٍ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ فَقَالَ بَلْ بِعْتَهُ لِي بِثَوْبٍ مَحَلَّاوِيٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ لِذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَالْمُكْتَرِينَ يَجْرِي فِيهِ مَا ذُكِرَ هُنَا وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِهِ النَّسِيئَةُ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا تَبَايَعَا بِالْحُلُولِ أَوْ بِالْأَجَلِ وَاخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْعِوَضِ) قَالَ بْن يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالثَّمَنِ مَا قَابَلَ الْمُثَمَّنَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدُ كَمَثْمُونِهِ تَشْبِيهًا فِي الْجَمِيعِ أَيْ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ فَفِي الْأَوَّلَيْنِ يُفْسَخُ مُطْلَقًا وَفِي الْأَخِيرِ يُفْسَخُ بِشَرْطِ الْقِيَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالثَّمَنِ الْعِوَضَ الصَّادِقَ بِالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ كَمَثْمُونِهِ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَقَدْرِهِ فَقَطْ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ ضَمِيرَ قَدْرِهِ يَرْجِعُ لِلثَّمَنِ الشَّامِلِ لِلثَّمَنِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ كَمَثْمُونِهِ ضَائِعًا فَالظَّاهِرُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ ح وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ بِارْتِكَابِ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الْمُثَمَّنَ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا الْحِمَارَ بِدِينَارٍ فَقَالَ بَلْ الَّذِي بِعْتَهُ لِي بِالدِّينَارِ هَذَا الْعَبْدُ. {تَنْبِيهٌ} مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الْمُثَمَّنِ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ مَا لَوْ انْعَقَدَ السَّلَمُ أَوْ بَيْعُ النَّقْدِ عَلَى خَيْلٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا عَلَى ذُكْرَانٍ وَالْآخَرُ عَلَى إنَاثٍ وَذَلِكَ لِتَبَايُنِ الْأَغْرَاضِ لِأَنَّ الْإِنَاثَ تُرَادُ لِلنَّسْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي ذُكْرَانِ الْبِغَالِ وَإِنَاثِهَا فَإِنَّ هَذَا مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي صِفَةِ الْمُثَمَّنِ لِأَنَّ الْبِغَالَ لَا تُرَادُ لِلنَّسْلِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ إنْ انْتَقَدَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْته بِعَشَرَةٍ مَحْبُوبٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةِ رِيَالٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ) أَيْ قَالَ أَسْلَمْت فِي قَمْحٍ وَقَالَ الْآخَرُ فِي شَعِيرٍ أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذَا الْحِمَارَ مِنْك بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ مِنْ الشَّعِيرِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ قَمْحٍ (قَوْلُهُ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَيَبْدَأُ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ مَعَ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ) لَكِنْ مَعَ الْقِيَامِ يَرُدُّ السِّلْعَةَ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ وَرَدَّ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ مَعَ الْفَوَاتِ أَيْ مَعَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ قِيمَتَهَا أَيْ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَتَقَاصَّا إذَا سَاوَتْ الْقِيمَةُ الثَّمَنَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا فَمَنْ لَهُ الزَّائِدُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ {تَنْبِيهٌ} مِثْلُ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فِي التَّحَالُفِ وَالْفَسْخِ مُطْلَقًا الِاخْتِلَافُ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ كَمَنْ بَاعَ حَائِطَهُ وَقَالَ اشْتَرَطْت نَخَلَاتٍ اخْتَارَهَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا وَقَالَ الْمُبْتَاعُ مَا اشْتَرَطْتَ إلَّا هَذِهِ النَّخَلَاتِ بِعَيْنِهَا ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لِوُضُوحِهِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُنْكِرِهِ بِيَمِينٍ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ وَمِنْ هُنَا مَسْأَلَةُ التَّنَازُعِ هَلْ هِيَ أَمَانَةٌ أَوْ بَيْعٌ أَوْ سَلَفٌ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُصُورًا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّ مَعَ الْفَوَاتِ عِوَضَهَا كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ يَوْمَ بَيْعِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ أَوَّلُ زَمَنٍ تَسَلَّطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَقَالَ ابْنُ شَبْلُونَ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بَلْ الْعَبْدَ وَهَذَا الثَّوْبَ بِهِ) أَيْ أَوْ قَالَ أَسْلَمْتُك دِينَارًا فِي ثَوْبَيْنِ أَوْ إرْدَبَّيْنِ فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَلْ فِي ثَوْبٍ أَوْ إرْدَبٍّ فَقَطْ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُثَمَّنِ كَمُنْكِرِ الْعَقْدِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ أَنْكَرَ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ بِدِينَارٍ بِيَمِينِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ) أَيْ بَهْرَامُ وَعَلَى هَذَا فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَدْرِهِ لِلثَّمَنِ لَا بِمَعْنَى الْعِوَضِ الصَّادِقِ بِالْمُثَمَّنِ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ كَمَثْمُونِهِ ضَائِعًا بَلْ يُجْعَلُ الضَّمِيرُ فِي قَدْرِهِ رَاجِعًا لِلثَّمَنِ بِمَعْنَى الْمُقَابِلِ لِلْمُثَمَّنِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ (قَوْلُهُ مَعَ الْفَوَاتِ) أَيْ أَنَّهُ مَعَ الْفَوَاتِ يَمْضِي الْبَيْعُ بِمَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مُشَبِّهًا وَبِمَا قَالَهُ الْبَائِعُ إذَا انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ وَأَمَّا مَعَ الْقِيَامِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَلَا لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ الْخَمْسَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَقَدْرِ الْمُثَمَّنِ وَقَدْرِ الْأَجَلِ وَفِي الرَّهْنِ

(أَوْ) فِي أَصْلِ (رَهْنٍ) أَيْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ عَلَى رَهْنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ رَهْنٍ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الرَّهْنِ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا هُنَاكَ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ هَلْ هِيَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَهُنَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ (أَوْ) فِي (حَمِيلٍ حَلَفَا) فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوعِ الْخَمْسَةِ (وَفُسِخَ) إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ فَوَاتِهَا، وَمَحَلُّ الْفَسْخِ فِي هَذَا الْبَابِ (إنْ حُكِمَ بِهِ) فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْفَسْخَيْنِ مَعًا فَيَشْمَلُ السَّبْعَ مَسَائِلَ وَقِيلَ يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ كَاللِّعَانِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِإِمْضَاءِ الْعَقْدِ بِمَا قَالَ الْآخَرُ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ ذَلِكَ لَا عِنْدَ مُقَابِلِهِ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ فِي الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا ثَبَتَ الْفَسْخُ وَكَأَنَّهُمَا تَقَايَلَا كَمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ وَقَوْلُهُ (ظَاهِرًا) عِنْدَ النَّاسِ (وَبَاطِنًا) عِنْدَ اللَّهِ مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ فُسِخَ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ فَيَجُوزُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ بِجَمِيعِ أَوْجُهِ التَّصَرُّفِ وَلَوْ بِوَطْءِ الْجَارِيَةِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ فِي الْوَاقِعِ (كَتَنَاكُلِهِمَا) يُفْسَخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ حُكِمَ بِهِ (وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ) فِي الْفُرُوعِ الْخَمْسَةِ فَقَطْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَفِي قَدْرِهِ. . . إلَخْ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (ادَّعَى الْأَشْبَهَ) أَيْ إنْ أَشْبَهَ فِي دَعْوَاهُ أَشْبَهَ الْبَائِعُ أَمْ لَا فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يُشَبِّهَا تَحَالَفَا وَقُضِيَ بِالْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَلِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ) الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَمِيلِ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَصْلِ رَهْنٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ وَهُوَ قَدْرٍ أَوْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْأَجَلُ أَيْ أَنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لَكِنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمُضَافِ أَوْلَى مِنْ الْعَطْفِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّقْيِيدِ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَلِذَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي أَصْلِ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ أَوْ فِي قَدْرِهِمَا حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ كَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الرَّهْنِ أَوْ نَوْعِهِ فَذَكَرَ عبق وخش أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ وَهُوَ الْفَسْخُ بَعْدَ التَّحَالُفِ مَعَ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ بْن أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ كَالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى خش (قَوْلُهُ أَوْ فِي حَمِيلٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّك تَأْتِينِي بِحَمِيلٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِلَا حَمِيلٍ (قَوْلُهُ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ مِنْهُمَا عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ فَوَاتِهَا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ وَحَلَفَ إنْ فَاتَ (قَوْلُهُ إنْ حُكِمَ بِهِ) أَيْ بِالْفَسْخِ أَيْ أَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَتَعُودُ السِّلْعَةُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ حَقِيقَةً ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا وَاشْتِرَاطُ الْحُكْمِ فِي الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ فِي الْفَسْخَيْنِ) الْفَسْخُ الْأَوَّلُ مَا كَانَ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْفَسْخُ الثَّانِي مَا كَانَ عِنْدَ الْقِيَامِ فَقَطْ وَذَلِكَ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ تَقَدَّمَتْ (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ) أَيْ بِالْفَسْخِ أَيْ وَبَعْدَ تَحَالُفِهِمَا (قَوْلُهُ لَا عِنْدَ مُقَابِلِهِ) أَيْ لِحُصُولِ الْفَسْخِ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ) أَيْ إذَا اسْتَمَرَّ التَّنَازُعُ مَوْجُودًا وَلَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ بِغَيْرِ حُكْمٍ (قَوْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرُجِّحَ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ بِأَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ الْقَوْلَيْنِ وَزَادَ ثَالِثًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَظْلُومًا فُسِخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَبِيعِ بِالْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فُسِخَ ظَاهِرًا فَقَطْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَاصِبٌ لِلْمَبِيعِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ فُسِخَ) فِيهِ أَنَّ نَائِبَ فَاعِلِهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْعَقْدِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَالًا مِنْهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الْفَسْخِ الْمَفْهُومِ مِنْ فُسِخَ وَالْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُبْتَاعِ وَطْءُ الْأَمَةِ إذَا ظَفِرَ بِهَا وَأَمْكَنَهُ وَطْؤُهَا كَانَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا وَهَذَا ثَمَرَةُ كَوْنِ الْفَسْخِ فِي الْبَاطِنِ وَثَمَرَةُ كَوْنِهِ ظَاهِرًا أَنَّهُ يُمْنَعُ التَّعَرُّضَ لِلْبَائِعِ الَّذِي أَرَادَ التَّصَرُّفَ بَعْدَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَيْ إنْ أَشْبَهَ فِي دَعْوَاهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ أَفْعَلَ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ عَلَى حَالِهِ يُوهِمُ أَنَّ الْبَائِعَ إذْ كَانَ أَشْبَهَ أَيْ أَقْوَى شَبَهًا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ تَسَاوَيَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا وَقَضَى بِالْقِيمَةِ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا مَعْنَى الْفَسْخِ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا تَحَالَفَا وَفُسِخَ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ شب وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ

(إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ كُلُّهُ فَإِنْ فَاتَ الْبَعْضُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ صُدِّقَ وَحَلَفَ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ (تَجَاهُلُ الثَّمَنِ) بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَعْلَمُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتُهَا إنْ فَاتَتْ هَذَا إذَا كَانَ التَّجَاهُلُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مِنْ وَارِثٍ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَيَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْعِلْمَ فَإِنْ وَافَقَهُ الْآخَرُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعِلْمِ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَإِنْ فَاتَتْ إنْ أَشْبَهَ فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ السِّلْعَةُ فِي قِيَامِهَا وَالْقِيمَةُ فِي فَوَاتِهَا وَيَبْدَأُ الْمُشْتَرِي هُنَا بِالْيَمِينِ وَكَذَا بِوَرَثَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ (وَبَدَأَ الْبَائِعُ) بِالْحَلِفِ وُجُوبًا أَيْ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ التَّجَاهُلِ وَهَذَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقْضَى بِالْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ إلَّا السَّلَمَ فَسَلَمُ وَسَطٍ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بِحَالَةِ سُوقٍ وَكَذَا إنْ فَاتَ بِيَدِ الْبَائِعِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الشَّرْطُ أَعْنِي قَوْلَهُ إنْ فَاتَ رَاجِعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ تَحَالُفِهِمَا وَالْفَسْخُ إنْ حُكِمَ بِهِ أَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَأَمَّا مَعَ فَوَاتِهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى شَبَهًا أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَيْضًا أَمْ لَا وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ مَا قَالَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مَا قَالَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفُسِخَ وَرُدَّتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ يَوْمَ بَيْعِهَا إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً وَرُدَّ مِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ تَجَاهُلُ الثَّمَنِ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ الْمُفِيتِ الْجَاهِلُ الثَّمَنِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَفِيهِ الْقِيمَةُ سَوَاءٌ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ أَيْ مِنْ مُتَعَلِّقِهِمَا تَجَاهُلُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ رَدَّ قِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً وَمِثْلَهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَعُلِمَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ فَقَطْ وَلَا يُتَصَوَّرُ حَلِفُهُ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ لِقَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا أَدْرَى وَاعْلَمْ أَنَّ نُكُولَهُمَا كَحَلِفِهِمَا فِي الْفَسْخِ وَكَذَا نُكُولُ أَحَدِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا فُسِخَ الْبَيْعُ وَرُدَّتْ السِّلْعَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَسْخَ هُنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ كَذَا قِيلَ وَرَدَّهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ النِّزَاعَ إلَّا الْحُكْمُ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهَا) أَيْ وَتُرَدُّ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ هَذَا إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً وَإِلَّا رُدَّ مِثْلُهَا وَقَوْلُهُ إنْ فَاتَتْ أَيْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (قَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَارِثٍ لَهُمَا) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى وَارِثُ كُلٍّ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ وَقَوْلُهُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَيْ أَنَّ وَارِثَ أَحَدِهِمَا ادَّعَى الْجَهْلَ وَأَحَدُ الْبَائِعَيْنِ ادَّعَى الْجَهْلَ أَيْضًا وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ وَارِثَ كُلٍّ إذَا ادَّعَى الْجَهْلَ بِالثَّمَنِ أَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَوَارِثُ الْآخَرِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْقَدْرَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَرُدَّتْ السِّلْعَةُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ رَدُّ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً أَوْ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ فَهَذَا يَجْرِي فِي الْعَاقِدَيْنِ وَكَذَا بَيْنَ وَرَثَتِهِمَا أَوْ وَرَثَةِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْعَاقِدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَافَقَهُ الْآخَرُ فَظَاهِرٌ) أَيْ فَإِنْ وَافَقَهُ الْجَاهِلُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَشْبَهَ قَوْلَ مُدَّعِي الْعِلْمِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ) أَيْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْمَعْلُومِ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَاتَتْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ فَاتَتْ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعِلْمِ إنْ أَشْبَهَ مَعَ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ مُدَّعِي الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ رُدَّتْ السِّلْعَةُ أَيْ لِبَائِعِهَا وَقَوْلُهُ وَالْقِيمَةُ أَيْ وَرُدَّتْ لَهُ الْقِيمَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ الْمُشْتَرِي هُنَا) أَيْ عِنْدَ تَجَاهُلِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَإِنَّمَا بَدَأَ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ عِنْدَ التَّجَاهُلِ لِأَنَّ تَجَاهُلَ الثَّمَنِ عِنْدَهُمْ كَالْفَوَاتِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فِي مِلْكِهِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْفَوَاتَ يُوجِبُ تَبْدِئَةَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الَّذِي يُصَدَّقُ أَوْ لَا إذَا ادَّعَى مَا يُشْبِهُ الْبَائِعَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا بِوَرَثَتِهِ) أَيْ وَكَذَا يُبْدَأُ بِوَرَثَتِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَ تَجَاهُلٌ فِي الثَّمَنِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ) أَيْ فِي جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ مَعَ الْقِيَامِ أَوْ الْفَوَاتِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَمَعَ الْقِيَامِ فِي الْقَدْرِ وَمِنْ الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِهِ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ وَكَذَا فِي قَدْرِهِمَا لِأَنَّ لَهُمَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا بَدَأَ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي إخْرَاجَهُ بِغَيْرِ مَا رَضِيَ بِهِ

فَإِنْ كَانَ فِي الْمُثَمَّنِ بَدَأَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَرَثَةُ كُلٍّ بِمَنْزِلَتِهِ فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِمَا مَعًا فَالظَّاهِرُ تَبْدِئَةُ الْبَائِعِ (وَحَلَفَ) مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ) وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَأَنْ يَقُولَ مَا بِعْتهَا لَهُ بِثَمَانِيَةٍ وَلَقَدْ بِعْتهمَا بِعَشَرَةٍ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ بِعَشَرَةٍ وَلَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ قَالَ بَعْضٌ وَجَازَ الْحَصْرُ كَأَنْ يَقُولَ مَا بِعْتهَا إلَّا بِعَشَرَةٍ أَوْ إنَّمَا بِعْتهَا بِعَشَرَةٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ) مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ هُوَ شَهْرٌ وَأَوَّلُهُ هِلَالُ رَمَضَانَ وَقَدْ انْقَضَى فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ أَوَّلُهُ نِصْفُهُ فَالِانْتِهَاءُ نِصْفُ شَوَّالٍ (فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ التَّقَضِّي) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَهَذَا إنْ أَشْبَهَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ غَيْرُهُ أَمْ لَا فَإِنْ أَشْبَهَ غَيْرُهُ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ أَيْضًا حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ عُمِلَ بِالْعُرْفِ بِالْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إنْ حَلَفَ (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَبْضِ الثَّمَنِ) بَعْدَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَقَبَضْتُك وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ (أَوْ) فِي تَسْلِيمِ (السِّلْعَةِ) فَقَالَ الْبَائِعُ أَقَبَضْتُهَا وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي (فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا) الثَّمَنُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَالسِّلْعَةُ عِنْدَ الْبَائِعِ (إلَّا لِعُرْفٍ) بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَافَقَهُ الْعُرْفُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ وَيَدْخُلُ فِي الْعُرْفِ طُولُ الزَّمَنِ فِي الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ طُولًا يَقْضِي الْعُرْفُ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَصْبِرُ بِالثَّمَنِ إلَى مِثْلِهِ وَذَلِكَ عَامَانِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَعِشْرُونَ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَظْهَرُ مُرَاعَاةُ أَحْوَالِ النَّاسِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إلَّا لِعُرْفٍ وَقَوْلُهُ (كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ بَانَ بِهِ) الْمُشْتَرِي أَيْ انْفَصَلَ عَنْ الْبَائِعِ بِهِ (وَلَوْ كَثُرَ) فَالْقَوْلُ لِلْمُبْتَاعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ الْعُرْفَ (وَإِلَّا) يَنْفَصِلُ بِهِ (فَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ (إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ) أَيْ الثَّمَنِ (بَعْدَ الْأَخْذِ) لِلْمُثَمَّنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْمُثَمَّنِ) أَيْ فِي جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِهِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوَاتِهَا فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَمَعَ قِيَامِهَا فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ بِعَشَرَةٍ وَالْبَائِعُ يَقُولُ إنَّمَا بِعْتُ لَك هَذَا الثَّوْبَ بِخَمْسَةٍ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيَبْدَأُ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الْإِثْبَاتِ) أَيْ فَلَوْ قُدِّمَ الْإِثْبَاتُ عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُعْتَبَرُ يَمِينُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى حَلِفِهِ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ أَفَادَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَقَدْ بِعْتهَا بِعَشَرَةٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْبَيْعِ بِثَمَانِيَةِ الْبَيْعُ بِعَشَرَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَاعَ بِتِسْعَةٍ (قَوْلُهُ وَلَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِثَمَانِيَةٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الشِّرَاءِ بِعَشَرَةٍ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا بِتِسْعَةٍ (قَوْلُهُ وَجَازَ الْحَصْرُ) أَيْ فَيَقُومُ مَقَامَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَمِثْلُ الْحَصْرِ لَفْظُ فَقَطْ فِي الْقِيَامِ مَقَامَهُمَا (قَوْلُهُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَدْرِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ التَّقَضِّي) أَيْ فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْأَجَلِ وَأَنْكَرَ انْقِضَاءَهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا كَانَ مُكْرِيًا أَوْ مُكْتَرِيًا وَالْفَرْضُ عَدَمُ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِهَا فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ عُمِلَ بِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا (قَوْلُهُ وَفُسِخَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً) أَيْ فَتُرَدُّ السِّلْعَةُ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَتُرَدُّ قِيمَتهَا لَهُ مَعَ فَوَاتِهَا وَيَبْدَأُ الْبَائِعُ بِالْيَمِينِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَسْخَ بِرَدِّ السِّلْعَةِ أَوْ رَدِّ قِيمَتِهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ كَانَتْ إلَخْ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ إلَخْ لَا فِي الْفَسْخِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عُمِلَ بِالْعُرْفِ بِالْيَمِينِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ (قَوْلُهُ وَتَفَاسَخَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً) أَيْ فَتُرَدُّ السِّلْعَةُ لِبَائِعِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَوَرَثَةُ الْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ فَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي بَاعَهَا لِمُوَرِّثِهِمْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الثَّمَنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ تَقُمْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ أَقْبَضَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهَذَا إذَا اعْتَرَفَتْ الْوَرَثَةُ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ اشْتَرَى تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ الْمُدَّعِي وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَعَدَمِهِ وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ شِرَاءَ مُوَرِّثِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى ذَلِكَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ كَذَا ثَمَنُ سِلْعَةِ كَذَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَمِينٍ فَإِنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى مَنْ يَظُنُّ بِهِ الْعِلْمَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِدَيْنِهِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا غَرِمَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ فِي تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ) أَيْ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا وَافَقَتْ دَعْوَى الْمُشْتَرِي فِيهِ الْعُرْفَ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي اللَّحْمَ أَوْ الْبَقْلَ وَمَا أَشْبَهَهُ كَالْفَاكِهَةِ وَبَانَ بِهِ أَيْ ذَهَبَ بِهِ عَنْ بَائِعِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ مَا دَفَعْتَ إلَيَّ ثَمَنَهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي دَفَعْتُ إلَيْك ثَمَنَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ لِأَنَّهُ قَاضٍ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ دَفْعِ ثَمَنِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَانَ بِمَا ذُكِرَ بَلْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بِالْحَضْرَةِ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَقَالَ

(وَإِلَّا) بِأَنْ ادَّعَى دَفْعَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَالْعُرْفُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (فَهَلْ يُقْبَلُ) دَعْوَى الْمُشْتَرِي الدَّفْعَ سَوَاءٌ كَانَ الدَّفْعُ قَبْلَ الْأَخْذِ هُوَ الشَّأْنُ أَوْ لَا (أَوْ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ (فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ الْعُرْفُ بِالْقَبْضِ قَبْلَ الْأَخْذِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهَذَا لَا يُشْكَلُ مَعَ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّفْعَ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ بِهِ (أَوْ لَا) يُقْبَلُ مُطْلَقًا جَرَى عُرْفٌ بِالدَّفْعِ قَبْلَ الْأَخْذِ فَقَطْ أَوْ بِهِ وَبِالدَّفْعِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ مُدَّعٍ لِدَفْعِ ثَمَنِهِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ وَهَذَا حَيْثُ قَبَضَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ اتِّفَاقًا (وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشْتَرِي دَفَعْتُ ثَمَنَهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ سَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمُثَمَّنِ أَوْ اُعْتِيدَ دَفْعُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ وَبَعْدَهُ مَعًا فَلَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي لِدَعْوَاهُ مَا يُخَالِفُ الْعُرْفَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعُرْفَ دَفْعُ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ قَدْ ادَّعَى الدَّفْعَ بَعْدَ أَخْذِ الْمُثَمَّنِ وَلِانْقِطَاعِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِجَرَيَانِهِ بِالدَّفْعِ قَبْلَ الْأَخْذِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَى دَفْعَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَبِنْ بِالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَالْعُرْفُ الدَّفْعُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ الثَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ مِنْ الْبَائِعِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ الْمُثَمَّنَ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ) هَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّفْعُ قَبْلَ الْأَخْذِ) أَيْ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ هُوَ الشَّأْنُ أَيْ الْعُرْفُ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ بِأَنْ كَانَ الشَّأْنُ دَفْعَ الثَّمَنِ بَعْدَ الْأَخْذِ وَوَجْهُ قَبُولِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ شَهَادَةُ الْعُرْفِ لَهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَعْنِي مَا إذَا جَرَى بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ وَدَلَالَةُ تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ السِّلْعَةَ عَلَى أَخْذِهِ الثَّمَنَ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ السِّلْعَةَ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهَا فَدَفْعُهَا لَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَخْذِ ثَمَنِهَا (قَوْلُهُ أَوْ فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ أَوْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ الدَّفْعَ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ لَا غَيْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا لَا يُشْكِلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الدَّفْعَ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ جَرَى عُرْفٌ بِالدَّفْعِ) أَيْ بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ إلَخْ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقِرٌّ بِالْقَبْضِ وَمُدَّعٍ لِدَفْعِ الثَّمَنِ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ فَادِّعَاؤُهُ دَفْعَ الثَّمَنِ لَا يُبْرِيهِ حَتَّى يَثْبُتَ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لَعُرِفَ مِنْ التَّفْصِيلِ بِأَنَّهُ تَارَةً يَبِينُ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَتَارَةً لَا يَبِينُ بِهِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَارَةً يَدَّعِي دَفْعَ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَتَارَةً يَدَّعِي الدَّفْعَ بَعْدَ أَخْذِهِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اخْتَلَفَ فِي الْقَبْضِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ عِوَضٍ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ ثَبَتَ عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَتَرْكُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْضُهُ مُخَالِفٌ لِهَذَا بِأَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِعُرْفٍ فَيُعْمَلُ بِدَعْوَى مُوَافَقَةٍ وَيُحْذَفُ مَا عَدَاهُ كَذَا قَالَهُ عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ عَيْنُ مَا فِي اللُّبَابِ وَقَدْ سَاقَ ح كَلَامَ اللُّبَابِ شَاهِدًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ التَّمْثِيلُ لِلْعُرْفِ بِاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ وَتَفْرِيعُ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافُ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَ الْأَخْذِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ السِّلْعَةَ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُثَمَّنِ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا أَشْهَدَ بِأَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّ هَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ السِّلْعَةَ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَقْبِضْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ أَقْبَضَهَا لَهُ إنْ بَادَرَ وَأَمَّا لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمُثَمَّنَ فَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ شَهْرٍ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ كَالْجُمُعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِحَالٍ كَذَا فِي خش وح وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَ إشْهَادِ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ مُخَالِفٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ إشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَكِنْ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَنَصُّهُ الْأَشْبَهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ أَنَّ الْبَائِعَ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ السِّلْعَةِ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ إلَّا

(مُقْتَضٍ) عُرْفًا (لِقَبْضِ مُثَمَّنِهِ) وَهُوَ السِّلْعَةُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى عَدَمِ الْقَبْضِ (وَحَلَّفَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ الْمُشْتَرِي (بَائِعِهِ) إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ السِّلْعَةَ (إنْ بَادَرَ) الْمُشْتَرِي كَالْعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ الْإِشْهَادِ لَا إنْ بَعُدَ كَالشَّهْرِ (كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ) عَلَى نَفْسِهِ (بِقَبْضِهِ) أَيْ الثَّمَنَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي إنْ بَادَرَ (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي الْبَتِّ) وَالْخِيَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الْبَتِّ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ بِيَاعَاتِ النَّاسِ (كَمُدَّعِي الصِّحَّةِ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ دُونَ مُدَّعِي الْفَسَادِ إنْ اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ كَقَوْلِ أَحَدِهِمَا وَقَعَ الْبَيْعُ وَقْتَ ضُحَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْآخَرُ وَقْتَ النِّدَاءِ الثَّانِي وَظَاهِرُهُ فَاتَ الْمَبِيعُ أَمْ لَا وَرُجِّحَ (إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ) فَإِنْ غَلَبَ كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَالْمُغَارَسَةِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِيهَا (وَهَلْ) الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ مُطْلَقًا اخْتَلَفَ بِهِمَا الثَّمَنُ أَمْ لَا أَوْ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا) أَيْ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَفِي نُسْخَةٍ بِهَا بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ أَيْ بِالصِّحَّةِ (الثَّمَنُ) كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا وُقُوعَهُ عَلَى الْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ وَادَّعَى الْآخَرُ وُقُوعَهُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَكَدَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّ الْبَيْعَ بِمِائَةٍ وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ بِقِيمَتِهَا (فَكَقَدْرِهِ) أَيْ فَكَالِاخْتِلَافِ فِيهِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَإِنْ فَاتَتْ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ الْبَائِعُ أَمْ لَا فَإِنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَلَزِمَ الْمُبْتَاعَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ قَبَضَ الْعِوَضَ اهـ فَإِنَّ قَوْلَهُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَقْدِهِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الشَّهَادَةَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِشْهَادُهُ بِدَفْعِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ مُثَمَّنِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ إلَّا وَقَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ وَقِيلَ إنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ طُولٍ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ السِّلْعَةِ وَإِنْ كَانَ بِالْقُرْبِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْيَمِينُ لِلْبَائِعِ إنْ بَادَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُهُ مِنْهُ وَقَالَ إنَّمَا أَشْهَدْت لَهُ بِهِ ثِقَةً مِنِّي وَلَمْ يُوَفِّنِي جَمِيعَهُ وَطَلَبَ يَمِينَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي وَفَّيْتُك وَلِي بَيِّنَةٌ وَلَا أَحْلِفُ فَإِنْ قَامَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقُرْبِ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ رَجَّحَتْ قَوْلَهُ وَمِثْلُ إشْهَادِ الْبَائِعِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مَا إذَا أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ إنْ بَادَرَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَشْهَدَ بِقَبْضِهِ ثِقَةً مِنْهُ بِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ) وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ كَأَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْخِيَارِ فَقَطْ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الْخِيَارِ وَأَمَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ لَكِنْ ادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ فَقِيلَ يَتَفَاسَخَانِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ وَيَكُونُ الْبَيْعُ بَتًّا وَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِأَنَّ الْخِيَارَ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (قَوْلُهُ كَقَوْلِ أَحَدِهِمَا وَقَعَ الْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ وَكَقَوْلِ أَحَدِهِمَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْفَسَادِ وَقَالَ الْآخَرُ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مُدَّعِي الْفَسَادِ بَيْنَ وَجْهِهِ كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ فَاتَ الْمَبِيعُ أَمْ لَا) هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ شب وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَدْ فَاتَتْ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ عبق لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الْفَسَادِ مَا لَمْ يَتَقَارَرَا عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَنَازُعِهِمَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ كَالصَّرْفِ) أَيْ كَمُدَّعِي فَسَادِ الصَّرْفِ سَوَاءٌ بَيَّنَ وَجْهَ الْفَسَادِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالْمُغَارَسَةِ) بَحَثَ فِيهِ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الْقِرَاضِ وَالْمُغَارَسَةِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ فِيهِمَا وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ مُطْلَقًا إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي مَنْطُوقِ قَوْلِهِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ مَعَ اخْتِلَافِ الثَّمَنِ بِهِمَا وَعَدَمِهِ وَأَمَّا مَفْهُومُ الشَّرْطِ وَهُوَ مَا إذَا غَلَبَ الْفَسَادُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ اخْتَلَفَ بِهِمَا الثَّمَنُ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ بِعَشَرَةٍ وَيَدَّعِيَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَقَعَ بِعَشَرَةٍ قَبْلَ النِّدَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالصِّحَّةِ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ اخْتِلَافَ الثَّمَنِ لَا يَكُونُ بِالصِّحَّةِ فَقَطْ بَلْ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْفَسَادِ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ (قَوْلُهُ كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا وُقُوعَهُ عَلَى الْأُمِّ إلَخْ) اُعْتُرِضَ التَّمْثِيلُ بِذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ بِأَنَّ التَّفْرِيقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ إذَا لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ فَالْفَسْخُ لِأَجْلِ عَدَمِ الْجَمْعِ لَا لِأَجْلِ الْفَسَادِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ هَذَا الْمِثَالِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَدَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّ الْبَيْعَ بِمِائَةٍ إلَخْ) أَيْ وَكَدَعْوَى أَحَدِهِمَا بَيْعَ عَبْدٍ حَاضِرٍ بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرِ بَيْعَ عَبْدٍ حَاضِرٍ مَعَ عَبْدٍ آبِقٍ بِعَشَرَتَيْنِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ

وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُشْبِهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِشَبَهِهِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَتَلْزَمُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ (تَرَدُّدٌ) وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ فَوَاتَ الْمَبِيعِ فِي غَيْرِ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ يَتَرَجَّحُ بِهِ جَانِبُ الْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ لِتَرْجِيحِهِ بِالضَّمَانِ وَالْغُرْمِ وَكَانَ الْمُسْلِمُ مُشْتَرِيًا وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَائِعًا نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي بَابِ السَّلَمِ عَلَى الْعَكْسِ فِي بَابِ بَيْعِ النَّقْدِ بِقَوْلِهِ (وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ) رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِيَدِهِ (الْعَيْنِ) الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ) الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا (أَوْ) فَوَاتِ (السِّلْعَةِ) الَّتِي هِيَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرِ الْعَيْنِ مِنْ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (كَالْمُشْتَرِي) فِي بَابِ الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ وَإِذَا كَانَ مِثْلَهُ (فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) حَيْثُ فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِهِ وَكَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ قَدْرِ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ (إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا) أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلِمِ إنْ أَشْبَهَ (وَإِنْ ادَّعَيَا) مَعًا (مَا لَا يُشْبِهُ) وَالْمَوْضُوعُ فَوَاتُ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ أَوْ السِّلْعَةِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى (فَسَلَمُ وَسَطٍ) مِنْ سَلُومَاتِ النَّاسِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَزَمَانِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيُرَدُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ فِي فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةٍ وَغَيْرِهَا (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي مَوْضِعِهِ) الَّذِي يُقْبَضُ فِيهِ (صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا) يَدَّعِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْعَقْدِ بَلْ ادَّعَيَا مَعًا غَيْرَهُ (فَالْبَائِعُ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُصَدَّقُ إنْ أَشْبَهَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ أَمْ لَا فَإِنْ أَشْبَهَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ صُدِّقَ (وَإِنْ لَمْ يُشَبِّهْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (تَحَالَفَا وَفُسِخَ) وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ وَهَلْ هُوَ بِتَطَوُّلِ الزَّمَنِ أَوْ بِقَبْضِهِ قَوْلَانِ فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَ فَوَاتِهِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا مُطْلَقًا وَاحْتَاجَ الْفَسْخَ لِحُكْمٍ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْمَوَاضِعَ كَالْآجَالِ وَتَقَدَّمَ احْتِيَاجُ الْفَسْخِ فِيهَا لِحُكْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ وَالْغُرْمُ) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا فَاتَتْ غَرِمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إنْ لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ وَالْقِيمَةَ إذَا فُسِخَ وَعَطْفُ الْغُرْمِ عَلَى الضَّمَانِ لِلتَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ فِي نَوْعِهِمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَيْعِ النَّقْدِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ فِي الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ فَمَعَ الْقِيَامِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَيْعِ النَّقْدِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا مَعَ الْفَوَاتِ فَيَنْعَكِسُ السَّلَمُ مَعَ بَيْعِ النَّقْدِ فَفِي بَيْعِ النَّقْدِ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَفِي السَّلَمِ إذَا فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا الَّذِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ الْبَائِعُ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ أَيْضًا أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَدَّ الْمُسْلِمُ مَا يَجِبُ رَدُّهُ مِنْ قِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَزِمَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ سَلَمُ وَسَطٍ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا) فَطُولُ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِمَا ذُكِرَ عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ الْمَقْبُوضَةِ فِي بَيْعِ النَّقْدِ وَقِيلَ إنَّ فَوَاتَ الْعَيْنِ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِهِ) فِيهِ أَنَّهُ بَعْدَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ كَيْفَ يُعْقَلُ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يَدَّعِي بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ الْقَبْضِ أَنَّ مَا قَبَضَهُ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ وَالْبَاقِي لَمْ يَقْبِضْهُ وَالْمُسْلِمُ يَدَّعِي أَنَّ الْمَقْبُوضَ رَأْسُ الْمَالِ كُلُّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَسَلَمُ وَسَطٍ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ سَلَمُ وَسَطٍ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ اهـ عَدَوِيٌّ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ يُسْلِمُ عَشَرَةَ دَنَانِير فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ مَثَلًا وَبَعْضُهُمْ يُسْلِمُهَا فِي ثَمَانِيَةٍ وَبَعْضُهُمْ يُسْلِمُهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ يَلْزَمُ الْوَسَطُ وَهُوَ الْعَشَرَةُ (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُسْلَمَ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ كَالْمُشْتَرِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا عَامٌّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ فِي الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ فَسَلَمُ وَسَطٍ خَاصٌّ بِمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيُعَمَّمُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ وَيُخَصَّصُ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا) أَيْ وَهُوَ الْمِثْلُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَوْضِعِهِ) أَيْ فِي مَوْضِعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ الْقَبْضِ لَحُكِمَ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ يُصَدَّقُ إنْ أَشْبَهَ) أَيْ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَقَدْ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِالْغُرْمِ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا) أَيْ وَبَدَأَ الْبَائِعُ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الثَّانِي مِنْهُمَا وَانْظُرْ مَا حَكَاهُ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَوَاتُ هُنَا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ جَارٍ فِي رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا تَفُوتُ بِهِ الْعَيْنُ وَمَا يَفُوتُ بِهِ غَيْرُهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ فِي مَحَلِّ قَبْضِهِ قَبْلَ فَوَاتِهِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَوْضِعَ عَقْدِهِ أَوْ ادَّعَيَا غَيْرَهُ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَاحْتَاجَ الْفَسْخُ لِحُكْمٍ) أَيْ فَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَحَالُفِهِمَا مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالْآجَالِ) أَيْ فِي أَنَّ لَهُمَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ احْتِيَاجُ الْفَسْخِ فِيهَا لِحُكْمٍ)

[باب السلم وشروطه]

(كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ) لِفَسَادِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ وَأُرِيدَ حَقِيقَتُهَا أَيْ الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ فَإِنْ أُرِيدَ الْمَدِينَةُ الْمُعَيَّنَةُ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) الْعَقْدُ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ (بِالْفُسْطَاطِ) وَهِيَ مِصْرُ الْقَدِيمَةُ (وَقَضَى) الْوَفَاءَ (بِسُوقِهَا) أَيْ سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ إنْ تَنَازَعَا فِي مَحَلِّ الْقَبْضِ مِنْهَا إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ (وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهَا) إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ فَيَعْمَلُ بِهِ (دَرْسٌ) {بَابٌ} ذُكِرَ فِيهِ السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (شَرْطُ) صِحَّةِ عَقْدِ (السَّلَمِ) وَهُوَ بَيْعٌ يَتَقَدَّمُ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ وَيَتَأَخَّرُ الْمُثَمَّنُ لِأَجَلٍ وَهِيَ سَبْعَةٌ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ أَوَّلُهَا (قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ) وَرَأْسُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ وَلَمَّا كَانَ مَا يُعَجَّلُ أَصْلًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ سُمِّيَ رَأْسَ الْمَالِ فَالْمُرَادُ بِالْمَالِ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَرَأْسُهُ الْمُسْلَمُ (أَوْ تَأْخِيرُهُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (وَلَوْ بِشَرْطٍ) لِخِفَّةِ الْأَمْرِ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمُهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَجَلُ السَّلَمِ كَيَوْمَيْنِ وَذَلِكَ فِيمَا شُرِطَ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ فَيَجِبُ أَنْ يُقْبَضَ بِالْمَجْلِسِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْمُضِرُّ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا أَيْ مُعَجَّلًا أَوْ فِي حُكْمِ النَّقْدِ وَلَا يُؤَخَّرُ بِشَرْطٍ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ انْتَهَى (وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ) عَلَى الثَّلَاثَةِ بِلَا شَرْطٍ (إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا) بِأَنْ لَا يَحِلَّ أَجَلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ حُكِمَ بِهِ (قَوْلُهُ كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَقْبِضُ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي مِصْرَ وَأُرِيدَ بِهَا الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ لِلْجَهْلِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْبَضُ فِيهِ السَّلَمُ (قَوْلُهُ أَيْ الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ) وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ أُسْوَانَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَعَرْضُهُ مِنْ عُقْبَةَ أيلة لِبَرْقَةَ (قَوْلُهُ بِالْفُسْطَاطِ) أَيْ أَوْ بِمِصْرَ الْقَاهِرَةِ لِعَدَمِ الْجَهْلِ وَالْفُسْطَاطُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَسُمِّيَتْ مِصْرُ الْقَدِيمَةُ بِذَلِكَ لِضَرْبِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِهَا فُسْطَاطَه أَيْ خَيْمَتَهُ حِينَ فَتَحَهَا وَأَرْسَلَ يَسْتَشِيرُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي سُكْنَاهُ بِهَا أَوْ فِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة لِأَنَّهَا دَارُ الْمُلْكِ إذْ ذَاكَ فَقَالَ عُمَرُ لِلرَّسُولِ أَيُّهُمَا تَبْلُغُهُ رَاحِلَتِي فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتُ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَصِلُ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة إلَّا فِي السُّفُنِ وَتَصِلُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتَ فَقَالَ عُمَرُ لَا يَسْكُنُ أَمِيرِي حَيْثُ لَا تَصِلُ إلَيْهِ رَاحِلَتِي قُلْ لَهُ يَسْكُنْ حَيْثُ هُوَ نَازِلٌ (قَوْلُهُ وَقَضَى بِسَوْقِهَا) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُسْلِمُ قَبْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِالْفُسْطَاطِ كَانَ جَائِزًا فَإِنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي مَحَلِّ الْقَبْضِ مِنْ الْفُسْطَاطِ قُضِيَ بِالْقَبْضِ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ الْفُسْطَاطِ إنْ كَانَ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ بِالْفُسْطَاطِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْبَلَدِ كَانَ مُرْتَبِطًا بِمَا قَبْلَهُ خَاصًّا بِهِ أَيْ وَقَضَى بِسُوقِ الْبَلَدِ الْمُعَدِّ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلسِّلْعَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ كَانَ عَامًّا لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا أَكْرَيْت حَمَّارًا عَلَى حَمْلِ إرْدَبٍّ مَثَلًا لِلْفُسْطَاطِ فَيَلْزَمُ الْحَمَّارَ حَمْلُهُ عَلَى حِمَارِهِ لِسُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهَا أَيْ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ قَضَاهُ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِالْقَضَاءِ بِمَحَلٍّ خَاصٍّ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ [بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ] {بَابُ السَّلَمِ} (قَوْلُهُ وَهِيَ سَبْعَةٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَرْطُ السَّلَمِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ جَمِيعَ شُرُوطِهِ (قَوْلُهُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ قَبْضُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ وَإِنَّمَا أُكِّدَ بِكُلِّهِ لِفَسَادِ جَمِيعِهِ بِتَأْخِيرِ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَوْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ أَصْلًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْلَا هُوَ مَا حَصَلَ وَقَوْلُهُ سُمِّيَ أَيْ ذَلِكَ الْمُعَجَّلُ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْمَالِ) أَيْ الْمُضَافُ إلَيْهِ رَأْسُ (قَوْلُهُ أَوْ تَأْخِيرُهُ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَأْخِيرُهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَأْخِيرُهَا بِشَرْطٍ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ بِفَسَادِ السَّلَمِ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ لِظُهُورِ قَصْدِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ الشَّرْطِ وَعَدَمِ قَصْدِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) أَيْ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَعْنِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ لِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ بَيْعِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا شَرْطُ السَّلَمِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا صَحِيحٌ أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَيْ أَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا الْقَبْضُ أَوْ التَّأْخِيرُ ثَلَاثًا فَدُونَ فَإِنْ فُقِدَا بِأَنْ تَأَخَّرَا أَكْثَرَ فُقِدَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقْبَضَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُؤَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ مُعَجَّلًا إلَخْ) أَيْ فَالشَّرْطِيَّةُ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَهَذَا يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَفِي فَسَادِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ فَسَدَ السَّلَمُ اتِّفَاقًا كَانَ

فَسَادِهِ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ أُخِّرَ بِشَرْطٍ وَإِنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ جِدًّا حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَسَدَ اتِّفَاقًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ إطْلَاقُهُ مِنْ أَنَّ التَّرَدُّدَ جَارٍ فِي التَّأْخِيرِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ وَأَنَّ التَّأْخِيرَ إنْ كَثُرَ جِدًّا وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ مُفْسِدٌ قَطْعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْفَسَادُ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ قَلَّتْ بِغَيْرِ شَرْطٍ (وَجَازَ) السَّلَمُ (بِخِيَارٍ) فِي عَقْدِهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (لِمَا يُؤَخَّرُ) رَأْسُ الْمَالِ (إلَيْهِ) وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ فَقَطْ وَلَوْ فِي رَقِيقٍ وَدَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) رَأْسَ الْمَالِ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِلَّا فَسَدَ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَشَرْطُ النَّقْدِ مُفْسِدٌ وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ بِالنَّقْدِ تَطَوُّعًا إنْ كَانَ الْمَنْقُودُ مِمَّا تَقْبَلُهُ الذِّمَّةُ بِأَنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَيْنِ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ كَثَوْبٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ نَقْدُهُ تَطَوُّعًا فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُفْسِدٌ مُطْلَقًا حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ أَمْ لَا وَأَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ أَفْسَدَ إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِلَّا فَلَا (وَجَازَ) السَّلَمُ أَيْضًا (بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَسُكْنَى دَارٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ إنْ قُبِضَتْ وَلَوْ تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّأْخِيرُ كَثِيرًا جِدًّا بِأَنْ حَلَّ أَجَلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ فَقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ بِفَسَادِ السَّلَمِ وَعَدَمِ فَسَادِهِ سَوَاءٌ كَثُرَ التَّأْخِيرُ جِدًّا أَوْ لَا إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أُمُورًا أَرْبَعَةً: الْأَوَّلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِشَرْطٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ بِلَا شَرْطٍ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا، الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ كَثُرَتْ جِدًّا لَا يَخْتَلِفُ فِي الْفَسَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي الزِّيَادَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ كَثُرَتْ جِدًّا وَحَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ، الثَّالِثُ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالتَّرَدُّدِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ فَقَدْ قَالَ ح الْقَوْلَانِ كِلَاهُمَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، الرَّابِعُ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لِتَصْرِيحِ ابْنِ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي نَقْلِ ح عَنْهُ اُنْظُرْ بْن وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَبَعًا لعج. (قَوْلُهُ أَوْ كَثُرَ جِدًّا) أَيْ وَكَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ (قَوْلُهُ فَسَدَ اتِّفَاقًا) أَيْ فَالِاتِّفَاقُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ وَالْخِلَافُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ وَلَمْ تَبْلُغْ أَجَلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ التَّأْخِيرَ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ بَلْ التَّأْخِيرُ إذَا كَثُرَ جِدًّا إنْ كَانَ بِشَرْطٍ كَانَ مُفْسِدًا مُطْلَقًا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَفْسَدَ اتِّفَاقًا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَإِلَّا فَمِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ هَذَا كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت عَدَمَ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ وَجَازَ بِخِيَارٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِخِيَارٍ وَقَوْلُهُ لِمَا يُؤَخَّرُ إلَيْهِ اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى زَمَانٍ أَوْ أَجَلٍ وَضَمِيرُ يُؤَخَّرُ رَاجِعٌ لِرَأْسِ الْمَالِ لَا عَلَى مَا فَكَانَ الْوَاجِبُ إبْرَازَ الضَّمِيرِ أَيْ لِمَا يُؤَخَّرُ هُوَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي رَقِيقٍ وَدَارٍ) وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ رَقِيقًا أَيْ أَوْ دَارًا وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ الدَّارَ مُسْلَمٌ فِيهَا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ هُنَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَهَبَ ابْنُ مُحْرِزٍ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ يَخْتَلِفُ هُنَا بِاخْتِلَافِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ دَارٍ وَرَقِيقٍ وَغَيْرِهِمَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَرَدَّهُ عِيَاضٌ وَابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ نَقْدُهُ) الْأَوْلَى اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ مَعَ نَقْدِهِ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ مُفْسِدٌ) أَيْ لِلسَّلَمِ الْوَاقِعِ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا) إنْ قُلْت إذَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَثَوْبٍ وَحَيَوَانٍ فَلَا يَلْزَمُ فِي نَقْدِهِ بِشَرْطِ سَلَفٍ فَمَا وَجْهُ مَنْعِهِ قُلْت وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ فِيهِ دُخُولًا عَلَى غَرَرٍ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا تَمَّ الْبَيْعُ كَانَ ثَمَنًا وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَمَامِهِ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ بَاطِلًا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ أَمَدَ الْخِيَارِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُبْتَاعِ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ أَمَدَ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ كَانَ قَدْ انْتَفَعَ بِالسِّلْعَةِ بَاطِلًا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ جَائِزٌ) أَيْ فِي السَّلَمِ الْوَاقِعِ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ كَسُكْنَى دَارٍ) أَيْ كَأُسْلِمُكَ سُكْنَى دَارِي هَذِهِ أَوْ خِدْمَةَ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ رُكُوبَ دَابَّتِي هَذِهِ شَهْرًا فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ آخُذُهُ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا (قَوْلُهُ إنْ قُبِضَتْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ أَيْ إنْ شَرَعَ فِي قَبْضِهَا وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا كَسَفِينَةٍ مَثَلًا مُلْحَقَةٌ بِالْعَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَبْضُهَا بِقَبْضِ أَصْلِهَا ذِي الْمَنْفَعَةِ وَالشُّرُوعِ فِي اسْتِيفَائِهَا مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ أَصْلِهَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالشُّرُوعِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي سَلَمِ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَخِفُّوهُ فِي السَّلَمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ) كَأُسْلِمُكَ سُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ سَنَةً فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ آخُذُهُ مِنْك بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ فَلَا يَجُوزُ إذَا تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ

وَإِنَّمَا مُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَهَذَا ابْتِدَاءً دَيْنٌ فِي دَيْنٍ وَهُوَ أَخَفُّ وَاحْتُرِزَ بِمُعَيَّنٍ عَنْ مَنْفَعَةٍ مَضْمُونَةٍ فَلَا يَجُوزُ كَقَوْلِ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ لِي وَقْتَ كَذَا (وَ) جَازَ (بِجُزَافٍ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ بَيْعِهِ (وَ) جَازَ (تَأْخِيرُ حَيَوَانٍ) جُعِلَ رَأْسَ مَالٍ وَلَوْ إلَى أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (بِلَا شَرْطٍ) وَيُمْنَعُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ) يَجُوزُ تَأْخِيرُ كُلٍّ بِلَا شَرْطٍ (إنْ كِيلَ) الطَّعَامُ (وَأُحْضِرَ) الْعَرْضُ مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِانْتِقَالِ ضَمَانِهِمَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَبَضَهُمَا فَتَرْكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِقَبْضِهِمَا لَا يَضُرُّ فَإِنْ لَمْ يَكِلْ الطَّعَامَ وَلَمْ يُحْضِرْ الْعَرْضَ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ (أَوْ كَالْعَيْنِ) لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا عَنْ الثَّلَاثَةِ بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا حَصَلَ كَيْلٌ أَوْ إحْضَارٌ أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُهُ وَالنَّقْلُ الْكَرَاهَةُ فَالْمُرَادُ كَالْعَيْنِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (تَأْوِيلَانِ) (وَ) جَازَ (رَدُّ زَائِفٍ) وُجِدَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ (وَعُجِّلَ) بَدَلُهُ وُجُوبًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيُغْتَفَرُ الثَّلَاثَةُ بِالشَّرْطِ وَهَذَا إنْ قَامَ بِالْبَدَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِكَثِيرٍ فَإِنْ قَامَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِكَيَوْمَيْنِ جَازَ التَّأْخِيرُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ (وَإِلَّا) يُعَجِّلْ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِلَا بِشَرْطٍ (فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنَّمَا مُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ وَإِنَّمَا مُنِعَ أَخْذُ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ عَنْ الدَّيْنِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيُجِيزُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَمِلَ بِهِ عج فِي نَازِلَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ حَانُوتٌ فِيهِ مُجَلِّدٌ فَتَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ أُجْرَةٌ فَدَفَعَ لَهُ كُتُبًا يُجَلِّدُهَا لَهُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) مَحَلُّ مَنْعِ السَّلَمِ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي اسْتِيفَائِهَا وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي خش تَبَعًا لِلَّقَانِيِّ قَالَ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى هَذَا فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْمَنْفَعَةَ بِالْمُعَيَّنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ شُرِطَ فِي جَوَازِ السَّلَمِ بِمَنَافِعِهِ الشُّرُوعُ أَيْضًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ اهـ بْن وَقَالَ عج لَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا مُتَمَسِّكًا بِظَاهِرِ النَّقْلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عبق وَهُوَ ظَاهِرُ شَارِحِنَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. {تَنْبِيهٌ} لَوْ وَقَعَ السَّلَمُ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَتَلِفَ ذُو الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا رَجَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ قِيَاسًا لِلْمَنْفَعَةِ عَلَى الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ إلَخْ) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إنْ كَانَ عَيْنًا لَا يَجُوزُ ذِكْرُ حُكْمِ تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَقَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ أَيْ عَنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ وَأَمَّا مَعَ الشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) لَا يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ فَقَوْله يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَيْ بِالشَّرْطِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِحَوْزِهِ بَلْ تَرَكَهُمَا فِي حَوْزِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا يَغْلِبُ عَلَيْهِمَا أَشْبَهَا الْعَيْنَ فَيُؤَدِّي لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُؤَدِّي لِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يُقَالُ لَهُ دَيْنٌ (قَوْلُهُ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ النَّقْلُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا لَا بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ التَّشْبِيهِ بِالْعَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ قَائِلٌ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَالْمُرَادُ إلَخْ أَيْ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي أَوْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ النَّهْيِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إذَا كَانَا رَأْسَ مَالٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ مُنِعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ فَالْجَوَازُ إنْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَإِلَّا كُرِهَ وَقِيلَ بِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِمَا بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا وَلَوْ كِيلَ الطَّعَامُ أَوْ أُحْضِرَ الْعَرْضُ هَذَا حَاصِلُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ وَجَازَ رَدُّ زَائِفٍ) أَيْ وَجَازَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ زَائِفٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الزَّائِفَ هُوَ الْمَغْشُوشُ بِأَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ مَخْلُوطًا بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا خَالِصًا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَخْذُ بَدَلِهِ بَلْ يَفْسُدُ مُقَابِلُهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَغْشُوشِ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَخْذُ بَدَلِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْبَدَلَ وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ) بَلْ وَلَوْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَعَجَّلَ بَدَلَهُ) أَيْ وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ فَيُغْتَفَرُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ تَأْخِيرُ رَدِّ الْبَدَلِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِالشَّرْطِ وَأَمَّا التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَيَفْسُدُ السَّلَمُ فِيمَا قَابَلَ الزَّائِفَ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ تَعْجِيلِ رَدِّ الْبَدَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَعَدَمُ اغْتِفَارِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ جَازَ التَّأْخِيرُ) أَيْ لِرَدِّ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ أَيْ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ إذَا رَدَّ زَائِفًا ظَهَرَ لَهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ بَدَلَهُ إلَّا بَعْدَ جُمُعَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُعَجِّلْ) أَيْ بَدَلَ الزَّائِفِ (قَوْلُهُ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ الزَّائِفُ وَصَحَّ الْبَاقِي إعْطَاءً لِلتَّابِعِ حُكْمَ نَفْسِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ فَقَوْلُهُ عَلَى

(لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ) إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَلَمْ يَدْخُلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ بَلْ رَضِيَ بِالزَّائِفِ أَوْ سَامَحَ مِنْ عِوَضِهِ لَمْ يَفْسُدْ مَا يُقَابِلُهُ أَوْ دَخَلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى التَّأْخِيرِ كَثِيرًا إنْ ظَهَرَ زَائِفٌ فَسَدَ الْجَمِيعُ وَكَذَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ إنْ وَقَعَ عَقْدُ السَّلَمِ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِ مَا ظَهَرَ مَعِيبًا (وَ) جَازَ لِلْمُسْلِمِ (التَّصْدِيقُ) أَيْ تَصْدِيقُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِي السَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ أَيْ فِي كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَعَدَدِهِ إذَا أَتَى بِهِ بَعْدَ أَجَلِهِ لَا قَبْلَهُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ مَنْعِهِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ (كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ لَا مِنْ قَرْضٍ (ثُمَّ) إنْ وَجَدْت نَقْصًا أَوْ زَيْدًا عَلَى مَا صَدَّقْت فِي السَّلَمِ وَالْبَيْعِ يَكُنْ (لَك) أَيُّهَا الْمُصَدِّقُ (أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ وَالنَّقْصُ الْمَعْرُوفُ) فِيهِمَا (وَإِلَّا) يَكُنْ الزَّيْدُ مَعْرُوفًا بَلْ فَاحِشًا وَجَبَ رَدُّ الزَّائِدِ كُلِّهِ وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ الْمُتَعَارَفَ وَتَرَكَ هَذَا لِوُضُوحِهِ وَأَشَارَ لِلْمُتَفَاحِشِ مِنْ النَّقْصِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (لَا رُجُوعَ لَك) عَلَيْهِ (إلَّا بِتَصْدِيقٍ) مِنْهُ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ) مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِ إلَى وُجُودِ النَّقْصِ أَوْ بَيِّنَةٍ حَضَرَتْ كَيْلَ الْبَائِعِ وَشَهِدَتْ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي مِنْ النَّقْصِ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ النَّقْصِ (وَحَلَفَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْدِيقِ وَالْبَيِّنَةِ (لَقَدْ أَوْفَى) جَمِيعَ (مَا سَمَّى) لِلْمُشْتَرِي الْمُصَدِّقِ لَهُ وَهَذَا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اكْتَالَهُ أَوْ حَضَرَ كَيْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اكْتَالَهُ وَلَا قَامَ عَلَى كَيْلِهِ بَلْ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى شَخْصٍ أَوْ وَكِيلٍ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) يَحْلِفُ (لَقَدْ بَاعَهُ) الصَّوَابُ لَقَدْ وَصَلَهُ أَوْ أُرْسِلَ لَهُ (مَا) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي (كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ) أَوْ قِيلَ لَهُ بِهِ (إنْ عَلِمَ) الْبَائِعُ (مُشْتَرِيهِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ بِأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ أَنَّ قَدْرَ مَا أَرْسَلْته لِلْمُشْتَرِي كَذَا (وَإِلَّا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَحْسَنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ لَا الْجَمِيعُ) أَيْ وَلَا يَفْسُدُ الْجَمِيعُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَسَادَ مَا يُقَابِلُ الزَّائِفَ فَقَطْ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَأَنْ يُقَوَّمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالزَّائِفِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ الْأَجَلِ عِنْدَ قِيَامِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا لَوْ قَامَ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ فَلَا يَفْسُدُ مَا يُقَابِلُهُ وَيَجِبُ إبْدَالُهُ وَأَنْ لَا يَدْخُلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ بَدَلِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِبَدَلِ الزَّائِفِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ وَوَقَعَ عَقْدُ السَّلَمِ عَلَى عَيْنِهِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا عَيْبٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ وَلَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ بَلْ كَانَ مَوْصُوفًا فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا ظَهَرَ فِيهِ أَوْ فِي بَعْضِهِ عَيْبٌ بَلْ يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِ ذَلِكَ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ مَنْعِهِ) أَيْ مِنْ مَنْعِ التَّصْدِيقِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ أَيْ خَوْفًا مِنْ ظُهُورِ نَقْصٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَظُهُورُ زِيَادَةٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك (قَوْلُهُ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) أَيْ عَلَى الْحُلُولِ (قَوْلُهُ الزَّيْدُ وَالنَّقْصُ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ لَك وَعَلَيْك أَيْ فَلَكَ الزِّيَادَةُ وَعَلَيْك النَّقْصُ سَوَاءٌ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا وَحَكَى ح هُنَا الْخِلَافَ إذَا اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا مَثَلًا فَوُجِدَتْ أَكْثَرَ هَلْ يَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الزَّائِدِ وَأَمَّا إذَا وَجَدَهَا الْمُشْتَرِي أَنْقَصَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ (قَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ فِيهِمَا) أَيْ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعُرْفُ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْإِرْدَبَّ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ رُبْعًا أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ رُبْعًا فَإِنَّ هَذَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّصْدِيقِ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ فِي النَّقْصِ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ فِي حَالَةِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ هَذَا) أَيْ الْكَلَامَ عَلَى الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ (قَوْلُهُ وَشَهِدَتْ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي) أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ حِينَ الْكَيْلِ كَانَ نَاقِصًا لِهَذَا الْقَدْرِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ النَّقْصِ) أَيْ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ قَدْرُ الْمُتَعَارَفِ ثُمَّ إنَّهُ إنْ كَانَ الطَّعَامُ مَضْمُونًا كَمَا فِي السَّلَمِ رَجَعَ بِمِثْلِ النَّقْصِ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُعَيَّنًا كَمَا فِي الْبَيْعِ رَجَعَ بِحِصَّةِ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْدِيقِ) أَيْ تَصْدِيقِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْبَائِعِ عَلَى النَّقْصِ (قَوْلُهُ وَالْبَيِّنَةِ) أَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تَشْهَدُ لِلْمُسْلِمِ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالنَّقْصِ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ (قَوْلُهُ الْمُصَدِّقِ لَهُ) أَيْ عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ بَلْ بَعَثَ بِهِ) أَيْ بِالْمَكِيلِ وَقَوْلُهُ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعِ وَذَلِكَ بِأَنْ اكْتَالَهُ وَكِيلُ الْبَائِعِ أَوْ مَدِينُهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْمُشْتَرِي وَكَتَبَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمَدِينُ وَرَقَةً لِلْبَائِعِ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ أَرْسَلَ لَهُ رَسُولًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ أَخْبَرَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي اكْتَالَهُ وَأَرْسَلَهُ إلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ الصَّوَابُ لَقَدْ وَصَلَهُ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُسْلِمُ لَا يُنَازَعُ فِي الْبَيْعِ لِحُصُولِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ هَلْ وَصَلَ لَهُ أَوْ أُرْسِلَ لَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ أَمْ لَا فَيَحْلِفُ لَقَدْ وَصَلَك أَوْ أُرْسِلَ إلَيْك الْقَدْرُ الَّذِي كَتَبَ لِي بِهِ وَكِيلِي أَوْ مَدِينِي أَوْ الْقَدْرُ الَّذِي قَالَ لِي عَلَيْهِ وَكِيلِي أَوْ مَدِينِي أَيْ أَخْبَرَنِي بِهِ مُبَاشَرَةً أَوْ مَعَ رَسُولٍ وَقَوْلُهُ لَقَدْ وَصَلَهُ أَيْ وَصَلَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ أَيْ إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ إذَا

بِأَنْ لَمْ يَحْلِفْ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك يَا مُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (حَلَفْت) يَا مُشْتَرِي فِي الصُّورَتَيْنِ أَنَّك وَجَدْته نَاقِصًا (وَرَجَعْت) فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فَلَا شَيْءَ لَك فِي الْأُولَى وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ نَكَلَ أَوْ لَا وَحَلَفَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ (وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا) يُغَابُ عَلَيْهِ كَثَوْبٍ فِي شَيْءٍ وَالْمُرَادُ عَقَدْت السَّلَمَ عَلَيْهِ لَا أَسْلَمْت بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَهَلَكَ) الْعَرْضُ (بِيَدِك) يَا مُسْلِمُ (فَهُوَ) أَيْ ضَمَانُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (إنْ أَهْمَلَ) أَيْ تَرَكَهُ عِنْدَك عَلَى السَّكْتِ (أَوْ أَوْدَعَ) أَيْ تَرَكَهُ عِنْدَك عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ (أَوْ عَلَى) وَجْهِ (الِانْتِفَاعِ) بِهِ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ بِأَنْ يَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهُ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (وَ) ضَمَانُهُ (مِنْك) أَيُّهَا الْمُسْلِمُ (إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) لَك بِهَلَاكِهِ مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك (وَ) قَدْ (وُضِعَ) عِنْدَك (لِلتَّوَثُّقِ) بِأَنْ حَبَسْته حَتَّى تَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ أَوْ لِيَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ وَكَذَا إنْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ (وَنُقِضَ السَّلَمُ) فِي هَذَا الْأَخِيرِ أَيْ قَوْلُهُ وَمِنْك إلَخْ (وَحَلَفَ) الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَغْيِيبِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ وَإِلَّا لَمْ يُنْقَضْ لَكِنْ إنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَيْرِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ (وَإِلَّا) تَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلَتْ (خُيِّرَ الْآخَرُ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِ السَّلَمِ وَبَقَائِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ (وَإِنْ أَسْلَمْت حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا) أَيْ عَقَدْت السَّلَمَ بِذَلِكَ فَتَلِفَ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ) لَا يَنْقُضُ (وَيَتْبَعُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَعْلَمَ الْمُسْلِمَ أَوْ الْبَائِعُ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ قَبْلَ ذَلِكَ حِينَ أَخَذَهُ لِلطَّعَامِ أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ الْكَيْلَ وَإِنَّ وَكِيلِي أَوْ مَدِينِي كَتَبَ إلَيَّ كِتَابًا أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَيْك قَدْرُهُ كَذَا وَكَذَا وَقَبِلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ النَّقْصُ الْفَاحِشُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَقَدْ أَوْفَاهُ مَا سَمَّى فِيمَا إذَا اكْتَالَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ حَضَرَ كَيْلَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك يَا مُشْتَرِي أَيْ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك الْبَائِعُ يَا مُشْتَرِي أَنَّ مَدِينَهُ أَوْ وَكِيلَهُ أَعْلَمَهُ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَيْك قَدْرُهُ كَذَا وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكْتَلْهُ وَلَمْ يَحْضُرْ كَيْلَهُ (قَوْلُهُ وَرَجَعْت) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ بِالطَّعَامِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا كَمَا فِي السَّلَمِ أَوْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ مُعَيَّنًا كَمَا فِي الْبَيْعِ عَلَى النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْمُسْلِمَ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ رَجَعَ بِالنَّقْصِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ الطَّعَامُ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ النَّقْصَ لِلْمُسْلِمِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا بَاشَرَ كَيْلَ الطَّعَامِ أَوْ حَضَرَهُ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ وَلَكِنْ أَعْلَمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلِمَ بِذَلِكَ إنْ حَلَفَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَقَدْ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ بِالنَّقْصِ فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ نَكَلَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ ضَمَانُهُ مِنْهُ أَيْ لِانْتِقَالِهِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ إنْ أَهْمَلَ) أَيْ إنْ تَرَكَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِ هَمَلًا وَكَسَلًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَسْتَثْنِيَ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَقَوْلُهُ مَنْفَعَتَهُ أَيْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ السَّلَمُ ثَابِتٌ وَيَضِيعُ رَأْسُ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ أَحَدٍ رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَك بِهَلَاكِهِ مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك) أَيْ وَادَّعَيْت أَنَّ هَلَاكَهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُسْلِمُ) أَيْ فَفَاعِلُ حَلَفَ هُوَ الْمُسْلِمُ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ وَمِنْك إلَخْ وَإِنَّمَا الْتَفَتَ مِنْ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْك إلَى الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ وَحَلَفَ وَلَمْ يَقُلْ وَحَلَفْت لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَلَفَ وَالْأَخِيرُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا إلَخْ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِلتُّونُسِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَغْيِيبِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَادَّعَى هَلَاكَهُ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مَحَلَّ نَقْضِ السَّلَمِ فِي الْأَخِيرِ إذَا حَلَفَ الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَحَلُّ ضَمَانِ الْمُسْلِمِ فِي الْأَخِيرِ وَنَقْضِ السَّلَمِ إنْ حَلَفَ حَيْثُ لَمْ تَشْهَدْ إلَخْ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَوْ جَعَلَهُ الشَّارِحُ مَفْهُومًا لِلْمَتْنِ كَانَ أَحْسَنَ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ إدْرَاجُ هَذَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَيَتْبَعُ الْجَانِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ وَضَاعَ رَأْسُ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِتْلَافِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَأَمَّا إنْ عُلِمَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَيَتْبَعُ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ) أَيْ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ) أَيْ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهَلَكَ بِيَدِ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ أَوْ التَّوَثُّقِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ أَحَدًا أَهْلَكَهُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ وَلَا يُنْقَضُ السَّلَمُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَيُنْقَضُ السَّلَمُ إنْ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِهِ وَإِمْضَائِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِثْلِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمْت حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا) أَيْ فَأَفْلَتَ الْحَيَوَانُ أَوْ أَبَقَ أَوْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ

(الْجَانِيَ) عَلَى الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ فِي هَذِهِ وَعَلَى الْعَرْضِ فِي السَّابِقَةِ وَهُوَ إمَّا الْمُسْلِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ وَإِمَّا الْأَجْنَبِيُّ حَيْثُ اعْتَرَفَ بِالتَّلَفِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ فَقَوْلُهُ يَتْبَعُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ مَا اشْتَمَلَ عَلَى نَفْيِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (أَنْ لَا يَكُونَا) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ (طَعَامَيْنِ) لَا نَحْوُ سَمْنٍ فِي بُرٍّ (وَلَا نَقْدَيْنِ) لَا ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ ذَهَبٍ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِي فِضَّةٍ (وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ) كَثَوْبٍ فِي ثَوْبَيْنِ (أَوْ) فِي (أَجْوَدَ) مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ (كَالْعَكْسِ) وَهُوَ سَلَمُ شَيْءٍ فِي أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ إلَخْ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) فِي أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَيَصِيرُ كَالْجِنْسَيْنِ فَيُسْلَمُ الْبَعْضُ مِنْهُ فِي أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ (كَفَارَّةِ الْحُمُرِ) جَمْعُ حِمَارٍ أَيْ سَرِيعِ السَّيْرِ مِنْهَا (فِي) الْحُمُرِ (الْأَعْرَابِيَّةِ) الْمُتَعَدِّدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِفِعْلِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لَكِنْ إنْ هَدَمَهُ أَوْ أَفْلَتَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَكَذَا إذَا هَدَمَ أَوْ أَبَقَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ هَدَمَهُ أَوْ أَفْلَتَهُ الْمُسْلِمُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ رَجَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ إسْلَامُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَالْمُرَادُ بِالسَّابِقَةِ مَا إذَا أَسْلَمَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَانِي فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَمَّا الْمُسْلِمُ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِإِتْلَافِهِ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ وَهَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا نَكَلَ الْمُسْلِمُ عَنْ الْيَمِينِ وَاخْتَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَقَاءَ السَّلَمِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ وَفُسِخَ السَّلَمُ فَلَا يُعْقَلُ رُجُوعُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلِمِ الْجَانِي وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ أَمَّا الْمُسْلِمُ وَذَلِكَ حَيْثُ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ أَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ كَانَ أَوْلَى وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْحَيَوَانَ أَوْ الْعَقَارَ إذَا تُرِكَ هَمَلًا عِنْدَ الْمُسْلِمِ أَوْ وَدِيعَةً أَوْ لِلِانْتِفَاعِ فَانْفَلَتَ الْحَيَوَانُ أَوْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ بِنَفْسِهِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ مِثْلُ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا، فَإِنْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ أَوْ أَفْلَتَ الْحَيَوَانُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْمُسْلِمِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْجَانِي وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ أَوْ الْعَقَارُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ عَارِيَّةً ثُمَّ إنَّهُ تَلِفَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى إتْلَافِ أَحَدٍ لَهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ وَلَيْسَ كَالْعَرْضِ فِي أَنَّ السَّلَمَ يُنْقَضُ إنْ حَلَفَ الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمِينَ هُنَا عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ وَالْعَقَارَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ تُهْمَةِ إخْفَائِهِ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهِ بِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ كَالْعَرْضِ وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِ الْمُسْلَمِ لَهُ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ مِنْهُ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَلَيْسَ لِلْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ حَالَةٌ يُخَيَّرُ فِيهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ كَالْعَرْضِ كَمَا أَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا حَالَةٌ يَتَعَيَّنُ فِيهَا نَقْضُ السَّلَمِ بِخِلَافِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لِآخَرَ أُسْلِمُك إرْدَبَّ قَمْحٍ فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ أَوْ فُولٍ وَلَا يَجُوزُ أُسْلِمُك دِينَارًا فِي دِينَارٍ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ أَوْ السَّلَفِ جَازَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُلُوسَ الْجُدُدَ هُنَا كَالْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَا طَعَامَيْنِ أَوْ نَقْدَيْنِ لِأَدَائِهِ لِرِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ أَوْ لِأَدَائِهِ لِرِبَا النَّسَاءِ عِنْدَ تَمَاثُلِ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ أَيْ سَوَاءٌ تَسَاوَى رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ أَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ هَذَا فِي غَيْرِ الطَّعَامَيْنِ وَالنَّقْدَيْنِ اهـ بْن وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ جَوَازُ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ كَقِنْطَارٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَبْيَضَ فِي مِثْلِهِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْئًا) أَيْ وَأَنْ لَا يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ شَيْئًا أَسْلَمَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ كَثَوْبٍ فِي ثَوْبَيْنِ) أَيْ وَكَسَلَمِ قِنْطَارٍ كَتَّانًا فِي قِنْطَارَيْنِ وَكَإِرْدَبِّ جِبْسٍ فِي إرْدَبَّيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ) كَثَوْبِ رَدِيءٍ فِي جَيِّدٍ وَكَقِنْطَارٍ كَتَّانًا أَبْيَضَ فِي قِنْطَارٍ مِنْ كَتَّانٍ أَسْوَدَ لِأَنَّ الْأَبْيَضَ أَجْوَدُ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ) أَيْ مِنْ تُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَإِذَا أَسْلَمْت ثَوْبَيْنِ فِي ثَوْبٍ فَكَأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ضَمِنَ لِلْمُسْلِمِ ثَوْبًا مِنْهُمَا لِلْأَجَلِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ الْآخَرَ فِي نَظِيرِ ضَمَانِهِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهَا هُنَا وَأَلْغَوْهَا فِي بُيُوعِ الْآجَالِ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ هُنَاكَ أَضْعَفَهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَوْجُهٍ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ وَالْمُسْلَمَ فِيهِ إمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا جِنْسًا وَمَنْفَعَةً مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْجَوَازِ كَسَلَمِ الْعَيْنِ فِي الطَّعَامِ وَالطَّعَامِ فِي الْحَيَوَانِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْمَنْعِ إلَّا أَنْ يُسْلَمَ الثَّمَنُ فِي مِثْلِهِ فَيَكُونُ قَرْضًا، وَإِمَّا أَنْ يَتَّحِدَ الْجِنْسُ وَتَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ الْمَنْفَعَةُ وَيَخْتَلِفَ الْجِنْسُ كَالْبِغَالِ وَالْبَرَاذِينِ مِنْ الْخَيْلِ وَفِيهِ قَوْلَانِ فَمَنْ مَنَعَ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا وَمَنْ أَجَازَ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ الْمُتَعَدِّدَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ سَلَمِ الْحِمَارِ السَّرِيعِ الْمَشْيِ فِي مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ سَرِيعٍ

وَهِيَ الضَّعِيفَةُ السَّيْرِ (وَ) كَسَلَمِ الْوَاحِدِ مِنْ (سَابِقِ الْخَيْلِ) فِي أَكْثَرَ مِنْهُ غَيْرِ سَابِقٍ وَعَكْسُهُ (لَا) فَرَسٌ (هِمْلَاجٌ) أَيْ سَرِيعُ الْمَشْيِ مِنْهَا إذْ لَا تُصَيِّرُهُ سُرْعَةُ مَشْيِهِ مُغَايِرًا لِأَبْنَاءِ جِنْسِهِ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُ الْوَاحِدِ مِنْهَا فِي أَكْثَرَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ السُّرْعَةُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ سَابِقًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ هَذَا الْهِمْلَاجُ (كَبِرْذَوْنٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْفَرَسُ الَّذِي أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّانِ وَهُوَ الْعَرِيضُ الْخِلْقَةِ الْغَلِيظِ لَا سَبْقَ لَهُ بَلْ يُرَادُ لِمَا يُرَادُ لَهُ الْبِغَالُ مِنْ الْحَمْلِ وَالسَّيْرِ فَيُسْلَمُ الْهِمْلَاجُ مِنْهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مِنْ الْهَمَالِجَةِ الَّتِي لَمْ تَتَّصِفْ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ بَلْ بِسُرْعَةِ السَّيْرِ خَاصَّةً (وَ) كَسَلَمِ (جَمَلٍ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (كَثِيرِ الْحَمْلِ) فِي أَكْثَرَ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ لِتَبَايُنِ الْمَنْفَعَةِ بِذَلِكَ (وَصُحِّحَ) تَبَايُنُ الْمَنْفَعَةِ فِي الْإِبِلِ بِمَا تَقَدَّمَ (وَبِسَبْقِهِ) فِي الْيَسِيرِ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ كَافٍ وَالْمَقْصُودُ بِالصَّحِيحِ الثَّانِي إذْ لَا كَلَامَ فِي الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْعَكْسُ وَأَمَّا سَلَمُ الْوَاحِدِ فِي الْوَاحِدِ فَلَا يَجُوزُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَجْوَدَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَإِلَّا جَازَ إنْ عَجَّلَ الصَّغِيرَ كَمَا يَأْتِي كَذَا فِي خش وعبق وَقَالَ بْن تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَعْرَابِيَّةِ الْمُفِيدِ لِلتَّعَدُّدِ تَبِعَ فِيهِ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ كَمَا تَوَهَّمَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَبَّرَتْ أَيْضًا بِالْإِفْرَادِ فَقَالَتْ كَاخْتِلَافِ الْحِمَارِ الْفَارَّةِ النُّجُبِ بِالْحِمَارِ الْأَعْرَابِيِّ فَيَجُوزُ اهـ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ حِمَارٌ يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِي آخَرَ يُرَادُ لِلرُّكُوبِ اهـ وَذَكَرَ بْن قَبْلَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ الْعَدَدِ إلَّا مَعَ ضَعْفِ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ أَمَّا إذَا قَوِيَ اخْتِلَافُ الْمَنْفَعَةِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ وَلَوْ اتَّحَدَ الْعَدَدُ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا قَائِلًا إنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ يُصَيِّرُ الْجِنْسَ كَالْجِنْسَيْنِ وَمَا قِيلَ هُنَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الضَّعِيفَةُ السَّيْرِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْرَابِيَّةِ ضَعِيفَةُ السَّيْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْسُوبَةً لِلْأَعْرَابِ أَيْ سُكَّانِ الْبَادِيَةِ أَوْ كَانَتْ مِصْرِيَّةً لَا خُصُوصَ الْمَنْسُوبَةِ لِلْأَعْرَابِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ حِمَارٍ سَرِيعِ السَّيْرِ فِي مُتَعَدِّدٍ مِنْ الْمِصْرِيَّةِ ضَعِيفٍ غَيْرِ سَرِيعٍ كَحِمَارِ الْجَبَّاسَةِ وَالتَّرَّابِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ الْمَدَارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ سَابِقِ الْخَيْلِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي يَسْبِقُ غَيْرَهُ فِي حَالِ الرِّمَاحَةِ بِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَيْلَ إمَّا أَعْرَابِيَّةٌ وَهِيَ مَا كَانَ أَبَوَاهَا مِنْ الْخَيْلِ وَإِمَّا أَعْجَمِيَّةٌ وَهِيَ الْبِرْذَوْنَةُ وَهِيَ مَا كَانَ أَبُوهَا مِنْ الْخَيْلِ وَأُمُّهَا مِنْ الْبَقَرِ وَالْعَرَبِيَّةُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا كَانَ مُتَّخَذًا لِلرِّمَاحَةِ وَالْجَرْيِ وَحُسْنُهَا بِكَثْرَةِ سَبْقِهَا لِغَيْرِهَا وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ مُتَّخَذٍ لِلرِّمَاحَةِ بَلْ لِلْهَمْلَجَةِ أَيْ لِلْمَشْيِ دَرَجًا كَالرَّهَوَانِ وَحُسْنُهَا بِسُرْعَةِ مَشْيِهَا وَكَثْرَةِ دَرَجِهَا، وَأَمَّا الْأَعْجَمِيَّةُ فَهِيَ مَا اُتُّخِذَ لِلْحَمْلِ وَهِيَ تَارَةً تَكُونُ كَثِيرَةَ الْهَمْلَجَةِ وَالدَّرَجِ وَتَارَةً لَا تَكُونُ كَذَلِكَ أَيْ لَا دَرَجَ وَلَا جَرْيَ فِيهَا فَالْهَمْلَجَةُ يَتَّصِفُ بِهَا كُلٌّ مِنْ الْأَعْرَابِيَّةِ وَالْبِرْذَوْنِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ الْأَعْرَابِيِّينَ فِي الْآخَرِ الْوَاحِدِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ فِي وَاحِدٍ عَلَى مَا مَرَّ وَيَجُوزُ سَلَمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْبِرْذَوْنُ الْوَاحِدُ فِي اثْنَيْنِ وَعَكْسُهُ وَيَجُوزُ سَلَمُ النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَعْرَابِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي سَبَقَهَا كَثِيرٌ فِي فَرَسَيْنِ أَعْرَابِيَّيْنِ مِنْ نَوْعِهَا لَيْسَ سَبْقُهُمَا كَثِيرًا، وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي لَا سَبْقَ لَهُ بَلْ لَهُ دَرَجٌ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ الْوَاحِدِ فِي اثْنَيْنِ مِنْ نَوْعِهِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسَابِقِ الْخَيْلِ أَيْ يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي نَوْعِهِ الْوَاحِدِ فِي اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ لَا هِمْلَاجَ الْهَمْلَجَةُ سُرْعَةُ السَّيْرِ أَيْ السَّيْرُ دَرَجًا فَالْهِمْلَاجُ هُوَ الرَّهَوَانُ أَيْ لَا يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي نَوْعِهِ الْوَاحِدُ فِي اثْنَيْنِ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِلْهَمْلَجَةِ بَرْذَنَةٌ فَيَجُوزُ وَذَلِكَ كَالْبِرْذَوْنِ الْمُتَّصِفِ بِالْهَمْلَجَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي اثْنَيْنِ عَرَبِيَّيْنِ اتَّصَفَا بِالْهَمْلَجَةِ بَلْ وَيَجُوزُ أَيْضًا سَلَمُ الْبِرْذَوْنِ الْهِمْلَاجِ فِي بِرْذَوْنَيْنِ خَالِيَيْنِ عَنْ الْهَمْلَجَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ. (قَوْلُهُ أَيْ سَرِيعُ الْمَشْيِ) أَيْ عِنْدَهُ سُرْعَةُ دَرَجٍ فِي الْمَشْيِ مِنْ غَيْرِ رِمَاحَةٍ وَقَوْلُهُ مِنْهَا حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مِنْ الْخَيْلِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ السُّرْعَةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ فِيهِ هَمْلَجَةً (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْهَمْلَجَةِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا) أَيْ لِغَيْرِهِ فِي الرِّمَاحَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْهِمْلَاجَ لَا رِمَاحَةَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّانِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَبَوَاهُ مَنْشَؤُهُمَا بِلَادُ الْعَجَمِ أَيْ أَنَّ أَبَوَاهُ مَنْسُوبَانِ لِبِلَادِ الْعَجَمِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْبِرْذَوْنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَجَمَلٍ كَثِيرِ الْحَمْلِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ الْجَمَلَ إذَا كَانَ يَحْمِلُ كَثِيرًا فِي وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ مُعَدَّيْنِ لِلْحَمْلِ لَكِنَّ حِمْلَهُمَا قَلِيلٌ وَقَوْلُهُ وَبِسَبْقِهِ أَيْ يَجُوزُ سَلَمُ الْمُعَدِّ لِلسَّبْقِ كَالْهَجِينِ فِي الْمُعَدِّ لِلسَّبْقِ مِنْ جِنْسِهِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ سَبْقًا، وَأَمَّا سَلَمُ الْمُعَدِّ لِلْحَمْلِ فِي الْمُعَدِّ لِلرُّكُوبِ وَالسَّبْقِ وَالْعَكْسِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ وَصُحِّحَ وَبِسَبْقِهِ أَشَارَ بِهِ لِاخْتِيَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِبَارَ السَّبْقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِبِلَ صِنْفَانِ صِنْفٌ يُرَادُ

(وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ) عَلَى الْعَمَلِ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ فَلِذَا قَالَ إذَا كَانَتْ الْبَقَرَةُ ذَكَرًا بَلْ (وَلَوْ أُنْثَى وَكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ) وَكَذَا الْجَوَامِيسُ وَالْبَقَرُ عَلَى الْأَوْجَهِ (وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ) لِدُخُولِهَا فِي الشَّاةِ فِي قَوْلِهَا إلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةً بِالْكَرَمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) لِأَنَّ الضَّأْنَ مَقْصُودَةٌ لِلصُّوفِ لَا لِلَّبَنِ (وَ) كَ (صَغِيرَيْنِ) أَيْ وَكَسَلَمِ صَغِيرَيْنِ مِنْ كُلِّ الْأَجْنَاسِ فَيَجُوزُ (فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ) مِنْ جِنْسِهِمَا (أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ) مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْكَافِ (إلَى الْمُزَابَنَةِ) بِأَنْ يَطُولَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ إلَى أَنْ يَصِيرَ فِيهِ الصَّغِيرُ كَبِيرًا أَوْ يَلِدَ فِيهِ الْكَبِيرُ صَغِيرًا لِأَدَائِهِ فِي الْأَوَّلِ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَفِي الثَّانِي وَهُوَ الْعَكْسُ فِيهِمَا لِلْجَهَالَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ أَوْ هَذَا الْكَبِيرَ فِي صَغِيرَيْنِ أَوْ صَغِيرٍ يُخْرَجُ مِنْهُ بَعْدَ مُدَّةِ كَذَا وَلَا يَدْرِي أَيَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُ أَوْ لَا (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ خِلَافِ جَوَازِ سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ وَأَمَّا صَغِيرَانِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ فَجَائِزٌ بِشَرْطِهِ وَلَمْ تَتَأَوَّلْ عَلَى خِلَافِهِ (كَالْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ) فَلَا يُسْلَمُ صَغِيرُ كُلٍّ فِي كَبِيرِهِ وَلَا عَكْسُهُ اتَّحَدَ عَدَدُ كُلٍّ أَوْ اخْتَلَفَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِهِمَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّ صَغِيرَ الرَّقِيقِ جِنْسٌ مُخَالِفٌ أَيْ لِكَبِيرِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَدُّ الْكَبِيرِ فِي الرَّقِيقِ إنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ صَغِيرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْحَمْلِ وَصِنْفٌ يُرَادُ لِلرُّكُوبِ لَا لِلْحَمْلِ وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْهُمَا صِنْفَانِ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ مَا يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِيمَا يُرَادُ لِلرُّكُوبِ وَالسَّيْرِ عَلَيْهِ جَيِّدُ أَحَدِهِمَا فِي جَيِّدِ الْآخَرِ وَفِي رَدِيئَةٍ وَالرَّدِيءُ فِي الْجَيِّدِ وَكَذَلِكَ فِي الرَّدِيءِ اتَّفَقَ الْعَدَدُ أَوْ اخْتَلَفَ وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّا يُرَادُ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْجَيِّدُ فِي الرَّدِيءِ وَلَا عَكْسُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ جَيِّدًا فِي رَدِيئَيْنِ فَأَكْثَرَ وَعَكْسُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ أَوْ الرَّدِيءُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إنْ تَقَدَّمَ الرَّدِيءُ وَضَمَانٌ بِجُعْلٍ إنْ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ ثَوْرًا قَوِيًّا عَلَى الْعَمَلِ فِي اثْنَيْنِ ضَعِيفَيْنِ لَا قُوَّةَ لَهُمَا مِثْلُهُ عَلَى الْعَمَلِ وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ بِالْفَرَاهَةِ وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أُنْثَى) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ أَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْ الْأُنْثَى اللَّبَنُ لَا الْقُوَّةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ وَاحِدَةٍ فِي اثْنَيْنِ أَقَلَّ قُوَّةً مِنْهَا (قَوْلُهُ وَكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ) أَيْ فَيَجُوزُ سَلَمُ شَاةٍ كَثِيرَةَ اللَّبَنِ فِي اثْنَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا كَثْرَةُ لَبَنٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ فَظَهَرَ أَنَّ الْبَقَرَ يُعْتَبَرُ فِي اخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا أَمْرَانِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ) أَيْ عُمُومُ الشَّاةِ لِلضَّأْنِ لِأَنَّ قَوْلَهَا إلَّا شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى غَزَارَةِ اللَّبَنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَعْزٍ وَضَأْنٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ ضَأْنَ الْغَنَمِ فِي مَعْزِهَا وَلَا الْعَكْسُ إلَّا شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةٌ بِالْكَرَمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ فَشُمُولُ لَفْظِ شَاةٍ لِلضَّأْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْعِلَّةِ وَهِيَ غَزَارَةُ اللَّبَنِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ وَإِلَّا فَلَفْظُ شَاةٍ لَا عُمُومَ فِيهِ بَلْ مُطْلَقٌ وَحِينَئِذٍ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْعُمُومِ الْعُمُومُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الشُّمُولُ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ وَهُوَ اسْتِغْرَاقُ اللَّفْظِ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُمُومَ الِاصْطِلَاحِيَّ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ وَشَاةٌ لَيْسَ مِنْهَا وَأَمَّا شُمُولُ اللَّفْظِ لِشَيْءٍ آخَرَ فَمَنْظُورٌ فِيهِ لِلْعِلَّةِ كَمَا هُنَا فَإِنَّ شُمُولَ الشَّاةِ لِلضَّأْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْعِلَّةِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) أَيْ وَصَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافَ ظَاهِرِهَا مِنْ عُمُومِ الشَّاةِ لِلضَّأْنِ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ النَّعْجَةِ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَلَوْ كَانَ لَبَنُهَا غَزِيرًا بِخِلَافِ الْمَعْزَةِ الْغَزِيرَةِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُهَا فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّأْنِ كَالتَّابِعِ لِمَنْفَعَةِ الصُّوفِ وَلِأَنَّ لَبَنَهَا غَالِبًا أَقَلُّ مِنْ لَبَنِ الْمَعْزِ وَأَمَّا الْمَعْزُ فَمَنْفَعَةُ شَعْرِهَا يَسِيرَةٌ وَلَبَنُهَا كَثِيرٌ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا قَالَ اللَّقَانِيُّ وَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُهَا إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَصُحِّحَ ضَعِيفٌ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ الْأَجْنَاسِ) أَيْ إلَّا مَا يُخْرِجُهُ بَعْدُ مِنْ الْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنْفَعَةِ صَيَّرَتْهُمَا كَالْجِنْسَيْنِ فَصَارَ مُبَايَعَةً خَالِيَةً عَنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالضَّمَانُ بِجُعْلٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْكَافِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعِ صُوَرٍ قَبْلَهُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْهَا وَهُمَا الْأَوَّلِيَّانِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنْهَا وَهُمَا الْأَخِيرَتَانِ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ) أَيْ فَإِنْ أَدَّى لَهَا مُنِعَ وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَطُولَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلتَّأْدِيَةِ لِلْمُزَابَنَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمُزَابَنَةِ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ فِي الْأَوَّلِ وَالْجَهَالَةُ فِي الثَّانِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَاهَا الْمُتَقَدِّمُ وَهِيَ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هُنَا مِنْ الْأَوَّلِ أَعْنِي بَيْعَ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ نَظَرًا لِجَهْلِ انْتِفَاعِ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ اضْمَنْ لِي هَذَا لِأَجَلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ فَفِي ذِمَّتِك وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَك، وَالثَّانِي لَك فِي ضَمَانِك (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ فِي صُورَةٍ مِمَّا سَبَقَ يُسْلَمُ فِيهَا كَبِيرَانِ لَا فِي صَغِيرٍ وَلَا فِي كَبِيرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الِانْفِرَادِ

وَكَبِيرِهِ بِبُلُوغِ سِنِّ التَّكَسُّبِ بِالْعَمَلِ وَالتَّجْرِ وَهُوَ عِنْدِي بُلُوغُ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ الِاحْتِلَامُ انْتَهَى ثُمَّ عُطِفَ عَلَى كَفَارَّةِ قَوْلُهُ (وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي) جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ (غَيْرِهِ) قِصَارٍ رِقَاقٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ قَدْ يُصْنَعُ مِنْهُ صِغَارٌ فَيُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِذْعِ الْمَخْلُوقِ لَا الْمَنْجُورِ الْمَنْحُوتِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى جَائِزَةً لَا جِذْعًا فَالْكَبِيرُ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ جُذُوعٌ بَلْ جَوَائِزُ وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَبِيرٍ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ الصَّغِيرُ إلَّا بِفَسَادٍ لَا يَقْصِدُهُ الْعُقَلَاءُ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبِيرِ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الصَّغِيرِ كَنَخْلٍ فِي صَنَوْبَرٍ وَهَذَا الْأَخِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَكَسَيْفِ قَاطِعٍ) جَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فَيَجُوزُ (فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ) فِيهِمَا مَعًا لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ (وَكَالْجِنْسَيْنِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) بَيْنَهُمَا يَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ (كَرَقِيقِ) ثِيَابِ (الْقُطْنِ وَ) رَقِيقِ ثِيَابِ (الْكَتَّانِ) فَأَوْلَى غَلِيظُهُمَا أَوْ غَلِيظُ أَحَدِهِمَا فِي رَقِيقِ الْآخَرِ (لَا جَمَلٌ) مَثَلًا أَوْ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ (فِي جَمَلَيْنِ) أَيْ فِي مُتَعَدِّدٍ (مِثْلِهِ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِجَمَلَيْنِ (عُجِّلَ أَحَدُهُمَا) وَأُخِّرَ الْآخَرُ لِأَجْلِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُعَجَّلُ زِيَادَةٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ وَأَمَّا سَلَمُ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا بِشَرْطِهِ وَهُوَ عَدَمُ طُولِ الْأَجَلِ جِدًّا بِحَيْثُ يُؤَدِّي لِلْمُزَابَنَةِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ فِي جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ) أَيْ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَمِثْلُ مَا لِلشَّارِحِ لخش وشب قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ وَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لَهُ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ عِنْدَ فَارَّةِ الْحُمُرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَهُمَا هَلْ يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا أَسْلَمَ بَعْضَ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَنْفَعَةِ فِي بَعْضٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَدُّدُ وَالشَّارِحُ قَدْ مَشَى فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ وَمَشَى هُنَا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ طُولٌ وَلَا غِلَظٌ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ) حَيْثُ اكْتَفَى بِالْغِلَظِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ يَقُولُ إنْ وُجِدَا مَعًا جَازَ وَإِنْ وُجِدَ الطُّولُ فَقَطْ مُنِعَ وَإِنْ وُجِدَ الْغِلَظُ فَقَطْ جَازَ فَالْمَدَارُ فِي الْجَوَازِ عِنْدَهُ عَلَى الْغِلَظِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغِلَظِ وَالطُّولِ أَنَّ الْغِلَظَ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ إخْرَاجُ جُذُوعٍ مِنْ الْجِذْعِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الطُّولِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَهُ بِسُهُولَةٍ كَقَطْعِهِ قِطَعًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ) أَيْ وَهُوَ الطَّوِيلُ الْغَلِيظُ الْمُسْلَمُ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْغَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ جُذُوعٌ مُغَايِرَةٌ لِلطَّوِيلِ الْغَلِيظِ فِي وَصْفَيْهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ جُذُوعًا إذَا كَانَتْ خِلْقَةً لَيْسَ فِيهَا نَجْرٌ وَلَا نَحْتٌ وَإِلَّا كَانَتْ جَوَائِزَ لَا جُذُوعًا فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ جَوَائِزَ مُنِعَ السَّلَمُ (قَوْلُهُ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الصَّغِيرِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَشَبُ أَنْوَاعًا فَلَا يُشْتَرَطُ الْكِبَرُ وَلَا الصِّغَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكَلَامِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) مُقَابِلُهُ أَنَّ الْخَشَبَ كُلَّهُ جِنْسٌ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ مَا لَمْ تَخْتَلِفْ مَنْفَعَتُهُ كَالْأَلْوَاحِ لِلْأَبْوَابِ وَالْجَوَائِزِ لِلسَّقْفِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دُونَهُ فِيهِمَا) أَيْ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مَعًا وَإِنَّمَا جَازَ لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لَا فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ إنْ كَانَ السَّيْفَانِ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ فَقَطْ أَوْ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّبَاعُدِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا مَعَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مُنِعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ سَلَمُ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي سَيْفَيْنِ مَنْعُ سَلَمِ سَيْفٍ قَاطِعٍ جَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فِي سَيْفٍ وَاحِدٍ دُونَهُ فِيهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَارَّةِ الْحُمُرِ. (قَوْلُهُ وَكَالْجِنْسَيْنِ) لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْطَفُ هَذَا عَلَيْهِ إلَّا قَوْلُهُ كَفَارَّةِ الْحُمُرِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنَّ قَوْلَهُ كَفَارَّةِ الْحُمُرِ مِثَالٌ لِلْجِنْسِ الْوَاحِدِ الَّذِي اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ فَلَا يَصِحُّ انْدِرَاجُ هَذَا فِيهِ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ مِنْ هُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَافِ كَانَ أَوْلَى قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُقْحَمَتَانِ بَيْنَ نَظَائِرَ مِنْ نَمَطٍ وَاحِدٍ اهـ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ وَكَالْجِنْسَيْنِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ لَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ، وَالْجِنْسَانِ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) أَيْ بِخِلَافِ مُتَّحِدِ الْجِنْسِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا مَرَّ كَسَلَمِ غَلِيظِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي رَقِيقِهَا وَرَقِيقِ غَزْلٍ فِي غَلِيظِهِ وَعَكْسِهِ وَأَمَّا سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي غَلِيظِ مِثْلِهَا أَوْ رَقِيقِهَا فِي مِثْلِهِ فَالْمَنْعُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ فَأَوْلَى إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ اخْتِلَافُهُمَا بِالْمَنْفَعَةِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا زِيَادَةً عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِيَّةِ (قَوْلُهُ مِثْلِهِ) أَيْ فِي الصِّفَةِ أَعْنِي السَّبْقَ وَالْقُوَّةَ عَلَى الْحَمْلِ (قَوْلُهُ صِفَةً لِجَمَلَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ مِثْلَ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْإِبْهَامِ فَهِيَ نَكِرَةٌ كَمَوْصُوفِهَا وَشِدَّةِ إبْهَامِهَا وَتَوَغُّلِهَا فِيهِ مَنَعَ تَثْنِيَتَهَا بِدَلِيلِ الزَّيْدَانِ أَوْ الزَّيْدُونِ مِثْلِ عَمْرٍو (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ

وَأَوْلَى إذَا أُجِّلَا مَعًا فَإِنْ عُجِّلَا مَعًا فَبَيْعٌ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَا مَعًا أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ بِأَسْبَقِيَّةٍ أَوْ حَمْلٍ جَازَ مُطْلَقًا عُجِّلَا أَوْ أُجِّلَا أَوْ أَحَدُهُمَا (وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ) صَنْعَةً شَرْعِيَّةً فَيُسْلَمُ الْوَاحِدُ فِي الْوَاحِدِ أَوْ فِي الْأَكْثَرِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ سَلَمِ فَارَّةِ الْحُمُرِ وَالْبَقَرَةِ فِي غَيْرِهِ الْمُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعَدُّدُ كَمَا مَرَّ (لَا) تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ (بِالْبَيْضِ) أَيْ بِكَثْرَتِهِ فَلَا تُسْلَمُ دَجَاجَةٌ بَيُوضٌ فِي غَيْرِهَا (وَ) لَا (الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ) فِي غَيْرِ آدَمِيٍّ بَلْ (وَلَوْ آدَمِيًّا) عَلَى الصَّحِيحِ وَالْأَشْهَرِ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِهِمَا لِاخْتِلَافِ خِدْمَةِ النَّوْعَيْنِ فَخِدْمَةُ الذَّكَرِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَالْأَسْفَارِ وَشِبْهِهِ وَخِدْمَةُ الْإِنَاثِ دَاخِلَ الْبَيْتِ كَالْعَجْنِ وَالْخَبْزِ وَالطَّبْخِ وَشِبْهِهَا وَلِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النَّاسِ قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) لَا تَخْتَلِفُ الْجَوَارِي بِسَبَبِ (غَزْلٍ وَطَبْخٍ) لِسُهُولَتِهِمَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (إنْ لَمْ تَبْلُغْ) كُلٌّ مِنْهُمَا (النِّهَايَةَ) بِأَنْ تَفُوتَ نَظَائِرُهَا فِيهِ وَزَادَ الْمَوَّاقُ وَأَنْ يَكُونَ الْغَزْلُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَلِمِثْلِهِ تُرَادُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُسَلَّمٌ فِي الْغَزْلِ وَأَمَّا الطَّبْخُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ نَاقِلٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ بَلَغَ النِّهَايَةَ أَوْ لَا (وَ) لَا يَخْتَلِفُ الرَّقِيقُ بِمَعْرِفَةِ (حِسَابٍ وَكِتَابَةٍ) فَلَا يُسْلَمُ حَاسِبٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا كَاتِبٌ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَكَرَ أَنَّ الْمُقَابِلَ لَهُ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ لَا بِالْمَنْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ، وَفِي جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ أَحَدُهُمَا نَقْدٌ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ رِوَايَتَانِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَبِالْأُولَى أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِالثَّانِيَةِ أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ اهـ قَالَ بْن وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْمَنْعِ وَرَجَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَأَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إذَا أُجِّلَا مَعًا) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِهَذَا أَوْ بِهَذَا فَقَدْ تَحَقَّقَ السَّلَفُ مَعَ النَّفْعِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ السَّلَفُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا مَعًا إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " مِثْلِهِ " وَقَوْلُهُ أَجْوَدَ أَيْ مِنْ الْجَمَلِ الْمُسْلَمِ وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ جَمَلًا أَدْنَى فِي اثْنَيْنِ أَجْوَدَ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ عُجِّلَا أَوْ أُجِّلَا أَوْ أُجِّلَ أَحَدُهُمَا وَكَذَا لَوْ دَفَعَ جَمَلًا أَجْوَدَ فِي اثْنَيْنِ رَدِيئَيْنِ فَهَذِهِ صُوَرٌ سِتٌّ حُكْمُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ جَمَلًا فِي جَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّانِي أَدْنَى مِنْهُ فَإِنْ عُجِّلَا مَعًا أَوْ عُجِّلَ الْأَعْلَى فَأَجِزْ وَإِنْ أُجِّلَا مَعًا أَوْ عُجِّلَ الْأَدْنَى فَامْنَعْ وَإِنْ دَفَعَ جَمَلًا فِي جَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسَاوٍ لِلْجَمَلِ الْمَدْفُوعِ رَأْسَ مَالٍ وَالْآخَرُ أَعْلَى مِنْهُ فَأَجِزْ إنْ عُجِّلَا أَوْ عُجِّلَ الْمُسَاوِي، وَإِنْ أُجِّلَا أَوْ أُجِّلَ الْمُسَاوِي وَعُجِّلَ الْأَعْلَى فَامْنَعْ لِأَنَّهُ لَمَّا أُجِّلَ الْمُسَاوِي صَارَ الْغَرَضُ مُلْتَفَتًا لَهُ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَإِنْ دَفَعَ جَمَلًا فِي جَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَدْنَى وَالثَّانِي مُسَاوٍ جَازَ إنْ عُجِّلَا أَوْ عُجِّلَ الْمُسَاوِي وَأُخِّرَ الْأَدْنَى، وَإِنْ أُجِّلَا أَوْ أُجِّلَ الْمُسَاوِي وَعُجِّلَ الْأَدْنَى فَامْنَعْ فَالصُّوَرُ إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا وَهَذَا التَّفْصِيلُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِثْلِهِ بَلْ الْمَنْعُ مُطْلَقًا إذَا أُجِّلَ أَحَدُهُمَا أَوْ أُجِّلَا مَعًا وَنَحْوُهُ قَوْلُ ح لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مِثْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ نَبَّهَ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ. (قَوْلُهُ صَنْعَةً شَرْعِيَّةً) أَيْ كَالصَّيْدِ بِهِ وَتَوْصِيلِ الْكُتُبِ وَاحْتُرِزَ بِالشَّرْعِيَّةِ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ كَتَعْلِيمِهِ الْكَلَامَ وَالصِّيَاحَ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ جَوَازَ السَّلَمِ فِي مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ (قَوْلُهُ فَيُسْلَمُ الْوَاحِدُ) أَيْ الْمُعَلَّمُ فِي الْوَاحِدِ أَوْ فِي الْأَكْثَرِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ أَيْ إذَا كَانَ مِنْ نَوْعِهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ، وَأَمَّا سَلَمُ وَاحِدٍ بِلَا تَعْلِيمٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ بِلَا تَعْلِيمٍ فَيَجُوزُ بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ أَنَّ الطَّيْرَ أَجْنَاسٌ لَا عَلَى سَمَاعِ عِيسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الطَّيْرَ جِنْسٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا إذَا اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُ بِالتَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ فَارَّةِ الْحُمُرِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قُوَّةَ الِاخْتِلَافِ بِالتَّعْلِيمِ كَقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ فِي فَارَّةِ الْحُمُرِ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ فِيهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي اثْنَيْنِ غَيْرِ بُيُوضٍ لِعَدَمِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا فِي وَاحِدَةٍ غَيْرِ بُيُوضٍ فَجَائِزٌ لِأَنَّهُ قَرْضٌ (قَوْلُهُ وَلَا الذُّكُورَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ طَيْرًا أَوْ غَيْرَهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَلَيْسَ هَذَا رَاجِعًا لِلطَّيْرِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ آدَمِيًّا فَلَا تُسْلَمُ الدَّجَاجَةُ فِي دِيكَيْنِ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا الذَّكَرُ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي اثْنَيْنِ وَعَكْسُهُ لِأَنَّ هَذَا سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَا الدَّجَاجَةُ فِي الدِّيكِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الذَّكَرِ مِنْهُ لِأَنَّهُ سَلَمُ الْأَجْوَدِ فِي الْأَرْدَإِ وَأَمَّا سَلَمُ الذَّكَرِ فِي الذَّكَرِ مِنْ الْآدَمِيِّ أَوْ مِنْ الطَّيْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَالْأُنْثَى فِي الْأُنْثَى فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ قَرْضٌ (قَوْلُهُ وَلِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النَّاسِ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ النِّهَايَةَ) أَيْ فَإِنْ بَلَغَتْهَا جَازَ سَلَمُهَا فِي غَيْرِ بَالِغَةِ النِّهَايَةِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا لَا تَغْزِلُ وَلَا تَطْبُخُ أَوْ تَغْزِلُ أَوْ تَطْبُخُ وَلَكِنَّهَا غَيْرُ بَالِغَةِ النِّهَايَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْجَوَارِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِالْغَزْلِ وَالطَّبْخِ إنْ لَمْ تَبْلُغْ النِّهَايَةَ (قَوْلُهُ فَلَا يُسْلَمُ حَاسِبٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْحِسَابِ (قَوْلُهُ وَلَا كَاتِبٌ كَذَلِكَ) أَيْ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْكِتَابَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ الْعَبِيدُ عِنْدَ مَالِكٍ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قَبَائِلُهُمْ فَالْبَرْبَرِيُّ وَالنَّوْبِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ لَا يُسْلَمُ أَحَدُهُمْ فِي الْآخَرِ إلَّا أَنَّ الصَّنْعَةَ

لِأَنَّهُ عِلْمٌ لَا صِنَاعَةٌ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغَا النِّهَايَةَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يُنْقَلَانِ وَلَوْ اجْتَمَعَا وَكَذَا الْقِرَاءَةُ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَايَةِ وَالنِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا نَاقِلَةٌ (وَالشَّيْءُ) طَعَامًا أَوْ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا إذَا أُسْلِمَ (فِي مِثْلِهِ) صِفَةً وَقَدْرًا (قَرْضٌ) سَوَاءٌ كَانَ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ أَوْ غَيْرِهِمَا فِي الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ وَحِينَئِذٍ إذَا قَصَدَ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا الطَّعَامُ وَالنَّقْدُ فَلَا يَكُونُ قَرْضًا إلَّا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ (وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ (أَنْ يُؤَجَّلَ) أَيْ السَّلَمُ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِمَعْلُومٍ) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ لَهُمْ عَادَةٌ بِوَقْتِ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَسَدَ وَأَشَارَ لِأَقَلِّ الْأَجَلِ بِقَوْلِهِ (زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ لَا يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ إلَّا مَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالنَّيْرُوزِ) إلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَةَ كَالْمَنْصُوصَةِ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ الْجَدِيدُ وَفِي سَابِعِهِ وِلَادَةُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (وَالْحَصَادِ وَالدَّارِسِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ (وَقُدُومِ الْحَاجِّ) وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ (وَاعْتُبِرَ) فِي الْحَصَادِ وَمَا مَعَهُ (مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ) وَسَوَاءٌ وُجِدَتْ الْأَفْعَالُ أَوْ عُدِمَتْ فَالْمُرَادُ وُجُودُ الْوَقْتِ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْوُقُوعُ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ زَائِدٍ إلَخْ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ يُشْتَرَطَ (أَنْ يُقْبَضَ) الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِبَلَدِ) غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ عَلَى مَسَافَةٍ (كَيَوْمَيْنِ) فَأَكْثَرَ ذَهَابًا فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ نِصْفُ شَهْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْقُلُهُمْ فَتُصَيِّرُهُمْ أَجْنَاسًا إذَا كَانَا تَاجِرَيْنِ مُخْتَلِفَيْ التِّجَارَةِ كَبَزَّازٍ وَعَطَّارٍ أَوْ صَانِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الصَّنْعَةِ كَخَبَّازٍ وَخَيَّاطٍ فَيُسْلَمُ الصَّانِعُ فِي التَّاجِرِ لَا أَحَدُهُمَا فِي وَاحِدٍ يُرَادُ لِمُجَرَّدِ الْخِدْمَةِ وَيُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي عَدَدٍ يُرَادُ مِنْهُ الْخِدْمَةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عِلْمٌ لَا صِنَاعَةٌ) أَيْ وَاَلَّذِي يَنْقُلُ الرَّقِيقَ عَنْ جِنْسِهِ إنَّمَا هُوَ الصَّنْعَةُ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يُنْقَلَانِ وَلَوْ اجْتَمَعَا) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَائِلِ بِنَقْلِهِمَا إذَا اجْتَمَعَا وَقَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَا أَيْ مَا لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ وَلَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَإِلَّا نُقِلَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَايَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَبْنِي الْبِنَاءَ الْمُعْتَبَرَ وَالْآخَرُ دُونَهُ أَنَّ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ جِنْسَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالنِّجَارَةِ) بِالنُّونِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ أَيْضًا بِالتَّاءِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَالْقَرْضِ وَالسَّلَفِ أَوْ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ فِي الْعَرْضِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ نَفْعَ الْمُقْرِضِ أَوْ نَفْعَهُمَا مَعًا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ) أَيْ أَوْ السَّلَفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إلَخْ) كَأَبِيعُكَ هَذَا الدِّينَارَ بِدِينَارٍ لِشَهْرٍ أَوْ أَبِيعُك هَذَا الْإِرْدَبَّ الْقَمْحَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ لِشَهْرٍ أَوْ أُسْلِمُكَ هَذَا الدِّينَارَ فِي دِينَارٍ لِشَهْرٍ أَوْ أُسْلِمُكَ هَذَا الْإِرْدَبِّ فِي إرْدَبٍّ مِثْلِهِ لِشَهْرٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ فِي دِينَارٍ آخُذُهُ مِنْك بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ خُذْ هَذَا الْإِرْدَبَّ الْقَمْحَ وَآخُذُ مِنْك بَعْدَ شَهْرٍ إرْدَبًّا قَالَ شَيْخُنَا وَيُعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِذَا لَمْ يُسَمُّوا شَيْئًا وَتُعُورِفَ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ دَرَاهِمَ فِي مِثْلِهَا يَكُونُ قَرْضًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَا مَمْنُوعًا (قَوْلُهُ وَأَنْ يُؤَجَّلَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ضُرِبَ الْأَجَلُ فَإِنَّ الْغَالِبَ تَحْصِيلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَيْعِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ إذْ كَأَنَّهُ إنَّمَا بِيعَ مَا هُوَ عِنْدَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ، وَاشْتُرِطَ فِي الْأَجَلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِيُعْلَمَ مِنْهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْأَجَلُ الْمَجْهُولُ لَا يُفِيدُ لِلْغَرَرِ وَإِنَّمَا حُدَّ أَقَلُّ الْأَجَلِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ غَالِبًا وَاخْتِلَافُهَا مَظِنَّةً لِحُصُولِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَهُمْ عَادَةٌ بِوَقْتِ الْقَبْضِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِضَرْبِ الْأَجَلِ وَذَلِكَ كَأَرْبَابِ الْمَزَارِعِ وَأَرْبَابِ الْأَلْبَانِ وَأَرْبَابِ الثِّمَارِ فَإِنَّ عَادَةَ الْأَوَّلِ الْقَبْضُ عِنْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ وَعَادَةَ مَنْ بَعْدَهُمْ الْوَفَاءُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِمْ زَمَنَ الرَّبِيعِ وَزَمَنَ جَذِّ الثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) بَلْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ كَافِيَةٌ فِي الْأَجَلِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ) أَيْ كَمُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَتَأْجِيلُ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ إلَيْهَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَأَمَّا مَا أَجَلُهُ عِشْرُونَ سَنَةً وَنَحْوُهَا فَمَكْرُوهٌ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ كَالنَّيْرُوزِ وَالْحَصَادِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ لِذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَسْتَثْنِيهِ. (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَةَ) أَيْ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالْمَنْصُوصَةِ فَالْأَوَّلُ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى إرْدَبِّ قَمْحٍ إلَى النَّيْرُوزِ أَوْ إلَى عَاشُورَاءَ أَوْ لِعِيدِ الْفِطْرِ أَوْ لِعِيدِ الْأَضْحَى أَوْ لِمَوْلِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَالُ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّ النَّيْرُوزَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ تُوتَ وَأَنَّ عَاشُورَاءَ عَاشِرُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَأَنَّ مَوْلِدَ النَّبِيِّ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا وَالثَّانِي كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ إلَى أَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ أَوْ آخُذُهُ مِنْك بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَالْحَصَادُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّأْجِيلَ بِالْفِعْلِ الَّذِي يُفْعَلُ فِي الْأَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ كَالتَّأْجِيلِ بِهَا (قَوْلُهُ وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفَاهُ إلَّا بِشِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ لَا بِالْحِسَابِ (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ فِي الْحَصَادِ وَمَا مَعَهُ) أَيْ مِنْ الدِّرَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَقَوْلُهُ مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ أَيْ الْوَقْتُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ غَالِبُ مَا ذُكِرَ وَهُوَ وَسَطُ الْوَقْتِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ وُجِدَتْ الْأَفْعَالُ أَعْنِي الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ تُوجَدْ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ التَّأْجِيلِ بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إذَا كَانَ قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِبَلَدِ عَقْدِهِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ

بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمَيْنِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَخْرُجَا بِالْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ خَرَجَ) الْعَاقِدُ الشَّامِلُ لَهُمَا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ وَتَعْجِيلِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ بِالْمَجْلِسِ وَأَنْ يَكُونَ السَّفَرُ فِي الْيَوْمَيْنِ (بِبَرٍّ أَوْ) بَحْرٍ (بِغَيْرِ رِيحٍ) كَالْمُنْحَدَرَيْنِ احْتِرَازًا مِنْ السَّفَرِ بِالرِّيحِ كَالْمُقْلَعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ لِجَوَازِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْكَثِيرَةِ فِي سَاعَةٍ فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ فَقَوْلُهُ بِبَرٍّ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَيَوْمَيْنِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ خَرَجَ كَانَ أَحْسَنَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ خَمْسَةٌ مَتَى اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ وَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ (وَالْأَشْهَرُ) إذَا ضَرَبْت أَجَلًا لِلسَّلَمِ تُحْسَبُ (بِالْأَهِلَّةِ) إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَوَّلِهَا فَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا حُسِبَ الثَّانِي وَالثَّالِث بِالْهِلَالِ (وَتَمَّمَ) الشَّهْرَ الْأَوَّلَ (الْمُنْكَسِرَ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا (مِنْ الرَّابِعِ) وَإِنْ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ هِلَالًا (وَ) إنْ أُجِّلَ (إلَى رَبِيعٍ) مَثَلًا (حَلَّ بِأَوَّلِهِ) أَيْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَهُوَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْهُ (وَفَسَدَ) السَّلَمُ إنْ قَالَ أَقْضِيك (فِيهِ) أَيْ فِي رَبِيعٍ مَثَلًا لِجَهْلِهِ بِاحْتِمَالِ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ (عَلَى الْمَقُولِ) وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَفْسُدُ وَيَقْضِيهِ وَسَطَهُ وَمِثْلُهُ الْعَامُ (لَا) إنْ قَالَ أَقْضِيك (فِي الْيَوْمِ) الْفُلَانِيِّ فَلَا فَسَادَ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْضُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ عَقْدِهِ فَالْمُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الْمَسَافَةِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ يَوْمَيْنِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فِي الْبَلَدَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ بِالْفِعْلِ قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ إذَا شُرِطَ الْقَبْضُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ السَّلَمُ وَلَمْ يُضْرَبْ أَجَلٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ وَقْتٌ لَا يُوجَدُ إلَّا فِيهِ جَازَ ذَلِكَ وَكَانَتْ الْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ كَالْأَجَلِ وَيُجْبَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْخُرُوجِ بِفَوْرِ الْعَقْدِ أَوْ التَّوْكِيلِ عَلَى الْوَفَاءِ فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْبَلَدِ جُبِرَ عَلَى الْقَضَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اهـ ثُمَّ إنَّ الِاكْتِفَاءَ بِمَسَافَةٍ كَيَوْمَيْنِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِبَعْضِهَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِبَعْضِهَا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمَيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَوْ اخْتَلَفَ السُّوقُ بِالْفِعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْجِيلِ بِنِصْفِ شَهْرٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْبَلَدَيْنِ حِينَئِذٍ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدَةِ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ حَيْثُ قَالَ يَكْفِي وَلَوْ نِصْفَ يَوْمٍ إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَسْعَارُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ فَالْخُرُوجُ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِهِ لَا يَكْفِي كَمَا أَنَّ اشْتِرَاطَهُ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ بِالْفِعْلِ لَا يَكْفِي فَالشَّرْطُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ وَالْخُرُوجِ بِالْفِعْلِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ بِالْمَجْلِسِ) أَيْ أَوْ قُرْبِهِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَيَوْمَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَحْدِيدَ الْمَسَافَةِ بِالْبَرِّ تَارَةً وَبِالْبَحْرِ أُخْرَى مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا تُقَدَّرُ بِالْبَرِّ فَقَطْ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إنْ خَرَجَ أَيْ إنْ خَرَجَ فِي الْحَالِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّيْرُ فِي الْبَرِّ أَوْ فِي الْبَحْرِ بِغَيْرِ رِيحٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ {تَنْبِيهٌ} لَوْ حَصَلَ عَائِقٌ عَنْ الْخُرُوجِ وَرَجَا انْكِشَافَهُ انْتَظَرَهُ وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُسْلِمُ فِي الْبَقَاءِ وَالْفَسْخِ قَالَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الْخُرُوجَ مِنْ غَيْرِ عَائِقٍ فَسَدَ الْعَقْدُ فَإِنْ سَافَرَ وَوَصَلَ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمَيْنِ فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ كَانَ صَحِيحًا وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ حَتَّى يَمْضِيَ الْيَوْمَانِ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ بِرِيحٍ كَانَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةَ فِي عَدَمِ التَّأْجِيلِ بِنِصْفِ شَهْرٍ (قَوْلُهُ خَمْسَةٌ) الْأَوَّلُ اشْتِرَاطُ قَبْضِهِ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِلْبَلَدِ الثَّانِيَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقْبَضَ إلَخْ أَيْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ قَبْضُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِلْبَلَدِ إذْ الشَّرْطُ اشْتِرَاطُ قَبْضِهِ فَوْرًا لَا قَبْضُهُ بِالْفِعْلِ، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْبَلَدُ الثَّانِيَةُ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِمَسَافَتِهَا، الثَّالِثُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ الْخُرُوجُ فَوْرًا وَأَنْ يَخْرُجَا بِالْفِعْلِ إمَّا بِنَفْسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا، الرَّابِعُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قُرْبِهِ، الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ فِي يَوْمَيْنِ بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّلَمَ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَجَّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ إلَّا إذَا اُشْتُرِطَ قَبْضُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِبَلَدِ غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَكَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ وَاشْتُرِطَ حِينَ الْعَقْدِ خُرُوجُهُمَا بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا وَخَرَجَا يَوْمَهُ بِالْفِعْلِ وَعُجِّلَ رَأْسُ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ قَرْبِهِ وَكَانَ السَّفَرُ فِي الْبَرِّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّأْجِيلُ بِنِصْفِ شَهْرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَشْهَرُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ فَتُجْعَلُ أَلْ فِي الْأَشْهُرِ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ بِآخِرِ أَوَّلِ جُزْءٍ أَيْ بِآخِرِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ رُؤْيَةُ هِلَالِهِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ إذْ طَالَبَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَقْتَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَامْتَنَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ الدَّفْعِ وَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ اللَّيْلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ وَرَجَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ زَرْبٍ وَابْنُ سَهْلٍ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَائِلًا يَكُونُ حُلُولُ الْأَجَلِ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ إذَا قَالَ فِي شَهْرِ كَذَا وَفِي وَسَطِ السَّنَةِ إذَا قَالَ فِي سَنَةِ كَذَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلٌ فِي رَبِيعٍ فِي الْعَامِ الْفُلَانِيِّ أَيْ مِثْلُهُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَقَدْ عَلِمْت الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ لِاحْتِمَالِ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ

وَيُحْمَلُ عَلَى طُلُوعِ فَجْرِهِ وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَأَنْ يَضْبِطَ) الْمُسْلَمَ فِيهِ (بِعَادَتِهِ) أَيْ عَادَةِ أَهْلِ مَحَلِّ الْعَقْدِ (مِنْ كَيْلٍ) كَقَمْحٍ (أَوْ وَزْنٍ) كَلَحْمٍ (أَوْ عَدَدٍ) كَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ وَقَوْلُهُ (كَالرُّمَّانِ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْوَزْنِ وَلِلْعَدَدِ لِأَنَّهُ يُوزَنُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَيُعَدُّ فِي بَعْضِهَا (وَقِيسَ) الرُّمَّانُ (بِخَيْطٍ) وَلَوْ بِيعَ وَزْنًا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ أَيْ اُعْتُبِرَ قِيَاسُهُ بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا أَنَّهُ يُقَاسُ بِالْفِعْلِ إذْ هُوَ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَالْبَيْضِ) وَقِيسَ بِخَيْطٍ أَيْضًا وَعُطِفَ عَلَى مَنْ كِيلَ أَوْ عَلَى بِعَادَتِهِ قَوْلُهُ (أَوْ بِحِمْلٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يُقَاسَ بِحَبْلٍ وَيُقَالُ أُسَلِّمُك فِيمَا يَسَعُ هَذَا (أَوْ جُرَزَةٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ حُزْمَةٌ مِنْ الْقَتِّ (فِي كَقَصِيلٍ) مَا يُقْصَلُ أَيْ مَا يُرْعَى وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْبَقْلَ وَالْقُرْطَ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْقَضْبَ بِفَتْحِهَا (لَا) يَضْبِطُ كَالْقَصِيلِ (بِفَدَّانٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ (أَوْ) يُضْبَطُ (بِتَحَرٍّ) مَعَ عَدَمِ آلَةِ الْوَزْنِ لَا مَعَ وُجُودِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَهَلْ) مَعْنَى التَّحَرِّي أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك لَحْمًا مَثَلًا مَا إذَا تَحَرَّى كَانَ (بِقَدْرِ كَذَا) أَيْ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ مَثَلًا (أَوْ) مَعْنَاهُ أَنْ يُسْلَمَ فِي نَحْوِ لَحْمٍ وَ (يَأْتِي بِهِ) أَيْ بِالْقَدْرِ بِأَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ أَوْ قُفَّةٍ مَثَلًا (وَيَقُولُ) أُسْلِمُكَ فِي (كَنَحْوِهِ) وَزْنًا أَوْ كَيْلًا فَإِذَا حَصَلَ الْمُسْلَمُ فِيهِ تَحَرَّى مُمَاثَلَةً لَا أَنَّهُ يُوزَنُ بِهِ أَوْ يُكَالُ وَإِلَّا فَسَدَ لِلْجَهْلِ (تَأْوِيلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ (وَفَسَدَ) السَّلَمُ إنْ ضُبِطَ (بِمَجْهُولٍ) كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ (وَإِنْ نَسَبَهُ) لِمَعْلُومٍ كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ وَهُوَ إرْدَبٌّ أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ وَهُوَ رِطْلٌ (أُلْغِيَ) الْمَجْهُولُ وَاعْتُبِرَ الْمَعْلُومُ (وَجَازَ) أَنْ يُضْبَطَ (بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَآخِرُهُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ) أَيْ قَوْلُهُ أَقْضِيك فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى طُلُوعِ فَجْرِهِ أَيْ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ وَقْتَ طُلُوعِ فَجْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ) أَيْ إنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يُضْبَطَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ ضَبْطُهُ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِضَبْطِهِ بِهِ فِي بَلَدِ السَّلَمِ فَلَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يُضْبَطْ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قَمْحٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ لِقَدْرِهِ أَوْ ضَبْطٍ بِغَيْرِ مَا يُضْبَطُ بِهِ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قِنْطَارِ قَمْحٍ أَوْ إرْدَبِّ لَحْمٍ أَوْ إرْدَبِّ بَيْضٍ أَوْ قِنْطَارِ بِطِّيخٍ (قَوْلُهُ يَصِحُّ إلَخْ) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا يُضْبَطُ بِالْوَزْنِ وَقَوْلُهُ الْآتِي وَالْبَيْضُ مِثَالٌ لِمَا يُضْبَطُ بِالْعَدَدِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِخَيْطٍ) أَيْ بِسَعَةِ خَيْطٍ وَيُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَضَرَ الرُّمَّانُ قِيسَتْ كُلُّ رُمَّانَةٍ بِالْخَيْطِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيعَ وَزْنًا) بِأَنْ يُقَالَ أُسْلِمُكَ فِي قِنْطَارٍ مِنْ الرُّمَّانِ دِينَارًا كُلُّ رُمَّانَةٍ سَعَةُ هَذَا الْخَيْطِ أَوْ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي مِائَةِ رُمَّانَةٍ كُلُّ رُمَّانَةٍ سَعَةُ هَذَا الْخَيْطِ آخُذُ ذَلِكَ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يُقَاسُ بِالْفِعْلِ) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ بِحِمْلٍ) أَيْ كَأَنْ يُقَالَ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي عَشَرَةِ أَحْمَالِ بِرْسِيمٍ كُلُّ حِمْلٍ مِلْءُ هَذَا الْحَبْلِ وَيُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ جُرَزَةٍ) أَيْ وَاعْتُبِرَ قِيَاسُهَا أَيْضًا بِخَيْطٍ كَأُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي مِائَةِ حُزْمَةٍ مِنْ الْبِرْسِيمِ أَوْ الْكُرَّاثِ أَوْ الْكُزْبَرَةِ كُلُّ حُزْمَةٍ تَمْلَأُ هَذَا الْخَيْطَ آخُذُهَا مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا (قَوْلُهُ لَا بِفَدَّانٍ) أَيْ أَوْ قِيرَاطٍ أَوْ قَصَبَةٍ وَلَوْ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ بِصِفَةِ جَوْدَةٍ أَوْ رَدَاءَةٍ لِأَنَّهُ يَخْتَلِف وَلَا يُحَاطُ بِصِفَتِهِ فَلَا يَكُونُ السَّلَمُ فِي هَذَا أَيْ فِي الْقَصِيلِ وَالْبُقُولِ إلَّا عَلَى الْأَحْمَالِ أَوْ الْحُزَمِ. {تَنْبِيهٌ} لَوْ ضَاعَ الْخَيْطُ الَّذِي يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْعَقْدِ الْقِيَاسُ بِهِ جَرَى عَلَى مَا يَأْتِي فِي ذِرَاعِ الرَّجُلِ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ كَذَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ أَوْ بِتَحَرٍّ) عَطْفٌ عَلَى بِعَادَتِهِ لَا عَلَى كَيْلٍ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالتَّحَرِّي (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ آلَةُ الْوَزْنِ وَكُنَّا نَعْلَمُ قَدْرَهَا وَاحْتَجْنَا لِلسَّلَمِ فِي اللَّحْمِ مَثَلًا فَيَجُوزُ أَنْ تُسْلِمَ الْجَزَّارَ فِي مِائَةِ قِطْعَةٍ مَثَلًا كُلُّ قِطْعَةٍ لَوْ وُزِنَتْ كَانَتْ رِطْلًا أَوْ رِطْلَيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا عُدِمَتْ آلَةُ الْكَيْلِ وَعُلِمَ قَدْرُهَا وَاحْتِيجَ لِلسَّلَمِ فِي الطَّعَامِ فَتَقُولُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي قَمْحٍ مِلْءَ زَكِيبَتَيْنِ كُلُّ زَكِيبَةٍ لَوْ كِيلَتْ كَانَتْ إرْدَبًّا آخُذُ ذَلِكَ الْقَمْحَ فِي شَهْرِ كَذَا هَذَا مَعْنَى ضَبْطِ السَّلَمِ بِالتَّحَرِّي عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَالتَّأْوِيلِ الثَّانِي يَقُولُ الْمُرَادُ أَنْ تَأْتِيَ لَلْجَزَّار بِحَجَرٍ أَوْ بِقِطْعَةِ لَحْمٍ مَثَلًا وَتَقُولُ لَهُ أُسْلِمُكَ فِي مِائَةِ قِطْعَةٍ مِنْ اللَّحْمِ كُلُّ قِطْعَةٍ لَوْ وُزِنَتْ كَانَتْ قَدْرَ هَذَا الْحَجَرِ أَوْ قَدْرَ هَذِهِ الْقِطْعَةِ اللَّحْمِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُوزَنُ اللَّحْمُ بَعْدَ حُضُورِهِ بِهَذَا الْحَجَرِ أَصْلًا بَلْ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ أَعْطَى الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مِائَةَ قِطْعَةِ لَحْمٍ مُمَاثِلَةٍ لِذَلِكَ الْحَجَرِ تَحَرِّيًا بِدُونِ أَنْ تُوزَنَ بِهِ وَإِلَّا فَسَدَ أَوْ تَأْتِيَ لِصَاحِبِ الْقَمْحِ بِقُفَّةٍ أَوْ غِرَارَةٍ مَثَلًا لَا يُعْلَمُ قَدْرُهَا وَتَقُولُ لَهُ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي قَمْحٍ لَوْ كِيلَ بِهَذِهِ الْقُفَّةِ لَكَانَ مِلْأَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ آخُذُهُ فِي شَهْرِ كَذَا وَلَا يُكَالُ بِهَا عِنْدَ حُضُورِهِ بَلْ يَتَحَرَّى الْمُمَاثِلَ لِمِلْئِهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِلَّا فَسَدَ لِلْجَهْلِ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَالثَّانِي لِابْنِ زَرِبٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسَبَهُ) أَيْ الْمَجْهُولَ لِمَعْلُومٍ وَقَوْله أُلْغِيَ أَيْ الْمَجْهُولُ وَاعْتُبِرَ الْمَعْلُومُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ وَجَازَ بِذِرَاعٍ إلَخْ) كَأُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي ثَوْبٍ طُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ فُلَانٍ وَأَرَاهُ ذِرَاعَهُ وَقَوْلُهُ رَجُلٌ مُعَيَّنٌ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الرَّجُلَ فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحْمَلَانِ عَلَى ذِرَاعِ وَسَطٍ أَصْبَغَ وَهَذَا مُجَرَّدُ اسْتِحْسَانٍ وَالْقِيَاسُ الْفَسْخُ فَإِنْ خِيفَ غَيْبَةُ ذِي الذِّرَاعِ أُخِذَ قَدْرُهُ وَجُعِلَ بِيَدِ عَدْلٍ إنْ اتَّفَقَا وَإِلَّا أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا قِيَاسَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ مَاتَ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَأْخُذْ قِيَاسَهُ وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ فَإِنْ قَرُبَ الْعَقْدُ بِأَنْ لَمْ يَفُتْ رَأْسُ الْمَالِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَإِنْ فَاتَ

أَيْ عَظْمِ ذِرَاعِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَرَاهُ الذِّرَاعَ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلَهُ (كَوَيْبَةٍ وَحَفْنَةٍ) أَيْ مَعَ حَفْنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ فِيهَا إذَا أَرَاهُ إيَّاهَا وَفِي شَرْطِ رُؤْيَتِهَا قَوْلَانِ (وَفِي الْوَيْبَاتِ وَالْحَفَنَاتِ قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَتْ الْحَفَنَاتُ بِعَدَدِ الْوَيْبَاتِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عَدَدِ الْوَيْبَاتِ فَالْمَنْعُ [دَرْسٌ] (وَ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ (أَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ) أَيْ السَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ (الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً) بِبَلَدِ السَّلَمِ وَمَكَانِهِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ كَمَا فِي الْبَرْبَرِيِّ وَالرُّومِيِّ وَالْبُخْتِ وَالْعِرَابِ وَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ نَعَمْ لَوْ قَالَ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الرَّغَبَاتُ كَانَ أَوْضَحَ (كَالنَّوْعِ) أَيْ الصِّنْفِ كَرُومِيٍّ وَبَرْبَرِيٍّ (وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَ) التَّوَسُّطِ (بَيْنَهُمَا) وَقَوْلُهُ (وَاللَّوْنِ) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النَّوْعِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْغِلَظَ وَالرِّقَّةَ وَالْكِبَرَ وَالصِّغَرَ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ بَيَانُ الْجَمِيعِ فِي كُلِّ مَجْرُورٍ بِفِي مِمَّا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فِيمَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ اللَّوْنِ وَمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ مَثَلًا بَيَانُ اللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِهِ كَالْآدَمِيِّ وَالْخَيْلِ لَا فِي الطَّيْرِ وَنَحْوِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَيَوَانِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِتَبْيِينِ صِفَاتِهِ فَإِنْ اخْتَصَّ نَوْعٌ بِشَيْءٍ عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ كَقَوْلِهِ وَمَرْعَاهُ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْعَسَلِ (فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ وَ) يَزِيدُ عَلَى بَيَانِ اللَّوْنِ وَمَا قَبْلَهُ (مَرْعَاهُ) أَيْ مَرْعَى الْعَسَلِ أَيْ مَرْعَى نَحْلِهِ عَلَى قُرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) كَذَا يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ) وَيَزِيدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إنْ أَشْبَهَ فَإِنْ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُ بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حُمِلَا عَلَى ذِرَاعٍ وَسَطٍ وَلَا يُنْبَشُ قَبْرُهُ إنْ دُفِنَ لِيُقَاسَ ذِرَاعُهُ وَلَوْ دُفِنَ بِقُرْبٍ. {تَنْبِيهٌ} قَوْلُهُ وَجَازَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مَحَلُّ الْجَوَازِ مَا لَمْ يَنْصِبْ السُّلْطَانُ ذِرَاعًا وَإِلَّا فَلَا فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ أَيْ عَظْمُ ذِرَاعِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذِرَاعَهُ الْحَدِيدَ أَوْ الْخَشَبَ الَّذِي يَقِيسُ بِهِ (قَوْلُهُ كَوَيْبَةٍ وَحَفْنَةٍ) كَأُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي وَيْبَةٍ وَحَفْنَةً بِحَفْنَةِ فُلَانٍ لِشَهْرِ كَذَا فَالْوَيْبَةُ مَعْلُومَةٌ وَالْحَفْنَةُ غَيْرُ مَعْلُومٍ قَدْرُهَا إذْ لَا يُعْلَمُ هَلْ هِيَ ثُلُثُ قَدَحٍ أَوْ نِصْفُهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَفْنَةِ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ مَعًا لَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنَّهَا مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ إذَا أَرَاهُ إيَّاهَا) الْأَوْلَى صَاحِبَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ صَاحِبِهَا وَأَمَّا رُؤْيَةُ الْحَفْنَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ وَفِي الْوَيْبَاتِ إلَخْ) أَرَادَ بِهَا مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَكَذَلِكَ الْحَفَنَاتُ فَإِذَا أَسْلَمَ فِي وَيْبَاتٍ وَحَفَنَاتٍ مَعْلُومَاتٍ كَثَلَاثِ وَيَبَات وَثَلَاثِ حَفَنَاتٍ بِحَفْنَةِ فُلَانٍ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَوْ يُمْنَعُ كَمَا هُوَ نَقْلُ عِيَاضٍ عَنْ الْأَكْثَرِ وَسَحْنُونٍ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى تَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا) أَيْ بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ كَانَ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ لَا الْقِيمَةُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْقِيمَةَ تَتْبَعُ الرَّغَبَاتِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَحِينَئِذٍ فَالصِّفَاتُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرَةٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ كَالنَّوْعِ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ كَالنَّوْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَا تِلْكَ الْأَوْصَافُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فَقَالَ وَذَلِكَ كَالنَّوْعِ (قَوْلُهُ أَيْ الصِّنْفِ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أُسْلِمُك فِي آدَمِيٍّ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِنْفِهِ (قَوْلُهُ وَاللَّوْنِ) أَيْ كَكَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ (قَوْلُهُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ بِالْجَرِّ) أَيْ وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ أَيْ وَاللَّوْنُ يَزِيدُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ أَوْ وَيَزِيدُ اللَّوْنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ) أَيْ الدَّاخِلَةُ عَلَى اللَّوْنِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ بَيَانُ الصِّنْفِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا لَازِمٌ فِي كُلِّ مَبِيعٍ وَأَمَّا اللَّوْنُ وَمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ إلَخْ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِهِ إذَا كَانَتْ الْأَغْرَاضُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ وَاللَّوْنُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِ فِي الثِّيَابِ وَالْعَسَلِ وَبَعْضِ الْحَيَوَانِ كَالْآدَمِيِّ وَالْخَيْلِ، وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الثِّيَابِ، وَالْغِلَظُ وَالرِّقَّةُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الثِّيَابِ وَالْعَسَلِ، وَالصِّغَرُ وَالْكِبَرِ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَأَنْ يُبَيِّنَ كَاللَّوْنِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ اللَّوْنِ. (قَوْلُهُ وَمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ) أَيْ وَلِبَيَانِ مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ وَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ وَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَبْيِينِ صِفَاتِهِ) أَيْ وَأَنْ تُبَيَّنَ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ عَادَةً وَذَلِكَ كَالنَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَالتَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَاللَّوْنُ هَذَا إذَا قُرِئَ اللَّوْنُ بِالْجَرِّ وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالنَّصْبِ أَوْ الرَّفْعِ فَقَوْلُهُ فِي الْحَيَوَانِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّوْعِ وَمَا بَعْدَهُ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْعَسَلِ اللَّوْنُ أَوْ وَاللَّوْنُ يُزَادُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَمَرْعَاهُ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ ذَكَرَ وُجُوبَ بَيَانِ الْمَرْعَى فِي الْعَسَلِ وَالْمُصَنِّفُ مُطَّلِعٌ وَرَدَّهُ ح بِأَنَّ الْمَازِرِيَّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ نَصَّ عَلَيْهِ اهـ بْن وَإِنَّمَا وَجَبَ بَيَانُ الْمَرْعَى فِي الْعَسَلِ لِاخْتِلَافِهِ بِذَلِكَ طَعْمًا وَرَائِحَةً وَحَلَاوَةً (قَوْلُهُ يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ

(النَّاحِيَةَ وَالْقَدْرَ) كَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ (وَ) كَذَا (فِي الْبُرِّ وَ) يَزِيدُ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ (جِدَّتُهُ) أَوْ قِدَمِهِ (وَمِلْأَهُ) أَوْ ضَامِرَهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا) وَإِلَّا فَلَا (وَسَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً بِبَلَدٍ هُمَا) أَيْ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ (بِهِ) أَيْ فِيهِ نَبْتًا بَلْ (وَلَوْ بِالْحَمْلِ) إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بِالنَّبْتِ لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ (بِخِلَافِ) مَا إذَا لَمْ يَكُونَا مَعًا بِبَلَدٍ بَلْ أَحَدُهُمَا نَحْوَ (مِصْرَ فَالْمَحْمُولَةُ) وَهِيَ الْبَيْضَاءُ (وَ) نَحْوُ (الشَّامِ فَالسَّمْرَاءُ) أَيْ فَهِيَ الَّتِي يُقْضَى بِهَا فِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ الْبَيَانِ ابْتِدَاءً وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِلَّا فَهُمَا فِي زَمَانِنَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ (وَ) بِخِلَافِ (نَقْيٍ أَوْ غَلِثٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْمُتَوَسِّطُ كَمَا يَأْتِي وَفِي نُسْخَةٍ وَنَفْيُ الْغَلِثِ بِنُونٍ وَفَاءٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْغَلِثِ أَيْ وَبِخِلَافِ نَفْيِ الْغَلِثِ فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُ بَلْ يُنْدَبُ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ (وَ) يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي الْحَيَوَانِ وَ) يَزِيدُ (سِنُّهُ وَالذُّكُورَةُ وَالسِّمَنُ وَضِدَّيْهِمَا وَ) يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي اللَّحْمِ وَ) يَزِيدُ (خَصِيًّا وَرَاعِيًا أَوْ مَعْلُوفًا) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ (لَا) يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ فِي اللَّحْمِ (مِنْ كَجَنْبٍ) إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ (وَ) يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي الرَّقِيقِ وَ) يَزِيدُ (الْقَدَّ) أَيْ الْقَدْرَ مِنْ طُولٍ أَوْ قِصَرٍ وَنَحْوِهِمَا (وَالْبَكَارَةَ وَاللَّوْنَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ النَّاحِيَةَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا كَكَوْنِ التَّمْرِ مَدَنِيًّا أَوْ أَلْوَاحِيًّا أَوْ بُرُلُّسِيًّا وَالْحُوتِ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مِلْحٍ أَوْ مِنْ بِرْكَةِ الْفَيُّومِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ) أَيْ فَيُبَيِّنُ فِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ كَوْنَهُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْبُرِّ) أَيْ وَكَذَا يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ فِي الْبُرِّ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ) أَيْ نَوْعَهُ وَجَوْدَتَهُ أَوْ رَدَاءَتَهُ أَوْ كَوْنَهُ مُتَوَسِّطًا وَلَوْنَهُ مِنْ كَوْنِهِ أَبْيَضَ أَوْ أَحْمَرَ وَلَا بُدَّ فِيهِ أَيْضًا مِنْ ذِكْرِ الْبَلَدِ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْبُرِّ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ عَادَةً (قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا) أَيْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ مُقَابِلِهِ فَالْمَدَارُ عَلَى عُرْفِ الْبَلَدِ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ فِيهَا بِذَلِكَ وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ عَادَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا هُنَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَسَمْرَاءَ) أَيْ وَيَذْكُرُ كَوْنَهَا سَمْرَاءَ أَيْ حَمْرَاءَ وَقَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولَةً أَيْ بَيْضَاءَ وَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ هُمَا أَيْ إذَا وَقَعَ عَقْدُ السَّلَمِ بِبَلَدٍ هُمَا بِهِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالسَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ مُطْلَقُ سَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ كَانَ ذِكْرُ النَّوْعِ مُغْنِيًا عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ لِلْبُرِّ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا سَمْرَاءُ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ أَيْ شَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ وَبِالْمَحْمُولَةِ الْمَحْمُولَةُ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ أَيْ شَدِيدَةِ الْبَيَاضِ كَانَتْ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ مُغْنِيَةً عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ دَاخِلَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مُغْنٍ عَنْ ذِكْرِ السَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْحِمْلِ) رُدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا يُحْمَلَانِ لِبَلَدٍ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ أَيْ بَيَانُ كَوْنِهِمَا سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً وَلَا يَفْسُدُ السَّلَمُ بِتَرْكِ بَيَانِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ) أَيْ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ حَكَى خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي النَّبْتِ فَقَالَ إذَا كَانَا فِي الْبَلَدِ نَبْتًا فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا بَلَدُ الْحَمْلِ فَيَجِبُ فِيهَا الْبَيَانُ اتِّفَاقًا وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا هُوَ فِي بَلَدِ الْحِمْلِ وَأَمَّا بَلَدُ النَّبْتِ فَيَجِبُ فِيهَا الْبَيَانُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَالْمَحْمُولَةُ) الْفَاءُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ بِخِلَافِ مِصْرَ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ الْمَقْضِيِّ بِهِ فِيهَا فَالْمَحْمُولَةُ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ الْمَوْجُودِ بِمِصْرَ إنَّمَا هُوَ الْمَحْمُولَةُ وَالْمَوْجُودُ بِالشَّامِ إنَّمَا هُوَ السَّمْرَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ بَلْ قُلْنَا إنَّ هَذَا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِزَمَانِنَا هَذَا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمَا أَيْ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ فِي كُلٍّ مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ فِي زَمَانِنَا هَذَا (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ أَيْ عَلَى الْأَكْثَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي الْإِطْلَاقِ لَا الْوُجُودِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ اللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا إذَا كَانَ آدَمِيًّا أَوْ مِنْ الْخَيْلِ كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ سِنُّهُ) أَيْ فَفِي الرَّقِيقِ يُذْكَرُ كَوْنُهُ بَالِغًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ يَافِعًا وَهُوَ مَا دُونَ الْمُرَاهِقِ وَفِي غَيْرِ الرَّقِيقِ يُبَيِّنُ كَوْنَهُ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا أَوْ يُذْكَرُ عَدَدُ السِّنِينَ كَابْنِ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ السِّنِّ بِذِكْرٍ الْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ لِأَنَّ مَا صَغُرَ سِنُّهُ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ جَيِّدٌ وَغَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ رُبَّمَا يُرْغَبُ فِي كَبِيره مَا لَا يُرْغَبُ فِي صَغِيرِهِ وَقَدْ يُسْتَغْنَى بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَنْ ذِكْرِ السِّمَنِ وَالذُّكُورِيَّةِ وَضِدَّيْهِمَا (قَوْلُهُ وَالسِّمَنَ) الْمَوَّاقِ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ السَّمْن فِي الْحَيَوَانِ اهـ قُلْت ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ جَامِعِ الطُّرَرِ وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ فِي اللَّحْمِ وَالْحَيَوَانِ مِثْلَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ فِي اللَّحْمِ) الْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ النَّوْعُ وَالْجَوْدَةُ أَوْ الرَّدَاءَةُ أَوْ التَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا وَالذُّكُورَةُ وَالسَّمْن وَضِدَّيْهِمَا اهـ (قَوْلُهُ لَا مِنْ كَجَنْبٍ) أَيْ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ فَخِذٍ (قَوْلُهُ الْخَاصُّ بِهِ) دُفِعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ أَنَّ ذِكْرَ اللَّوْنِ هُنَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى اللَّوْنِ الْخَاصِّ بِالرَّقِيقِ وَمَا تَقَدَّمَ

الْخَاصَّ بِهِ كَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْبَيَاضِ أَوْ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (وَكَالدَّعَجِ) وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سِعَتِهَا وَالْكُحْلِ وَهُوَ الْحَوَرُ أَيْ شِدَّةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ وَسَوَادُهَا (وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ) وَهُوَ كَثْرَةُ لَحْمِ الْخَدَّيْنِ وَالْوَجْهُ بِلَا كَلَحٍ وَهُوَ تَكَشُّرٌ فِي عُبُوسَةٍ (وَ) كَذَا (فِي الثَّوْبِ وَ) يَزِيدُ (الرِّقَّةَ وَالصَّفَاقَةَ وَضِدَّيْهِمَا وَ) يُبَيِّنُ (فِي الزَّيْتِ) النَّوْعَ (الْمُعْصَرَ مِنْهُ) مِنْ الزَّيْتُونِ أَوْ السِّمْسِمِ أَوْ حَبِّ الْفُجْلِ أَوْ بِزْرِ الْكَتَّانِ (وَبِمَا يُعْصَرُ بِهِ) مِنْ مَعْصَرَةٍ أَوْ مَاءٍ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ (وَحُمِلَ فِي) إطْلَاقِ (الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ) إنْ كَانَ (وَإِلَّا فَالْوَسَطِ) أَيْ يُقْضَى بِالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ (كَوْنُهُ) أَيْ السَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ (دَيْنًا) فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِلَّا كَانَ مُعَيَّنًا وَهُوَ مُؤَدٍّ لِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالذِّمَّةُ قَالَ الْقَرَافِيُّ مَعْنًى شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمُكَلَّفِ قَابِلٌ لِلِالْتِزَامِ وَاللُّزُومِ وَنَظَمَهُ ابْنُ عَاصِمٍ بِقَوْلِهِ: وَالشَّرْحُ لِلذِّمَّةِ وَصْفٌ قَامَا ... يَقْبَلُ الِالْتِزَامَ وَالْإِلْزَامَا أَيْ وَصْفٌ قَامَ بِالنَّفْسِ بِهِ صِحَّةُ قَبُولِ الِالْتِزَامِ كَلَكَ عِنْدِي دِينَارٌ وَأَنَا ضَامِنٌ لِكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيُحْمَلُ عَلَى اللَّوْنِ الْعَامِّ مِثْلُ مُطْلَقِ حُمْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ وَقَدْ يُقَالُ إذَا حُمِلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى اللَّوْنِ الْعَامِّ كَأَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ تَأَمَّلْ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ إسْقَاطُ اللَّوْنِ هُنَا لِتَقَدُّمِهِ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ الرَّقِيقِ وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ اللَّوْنُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْخَاصِّ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ الْخَاصُّ بِهِ) أَيْ فَإِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ رُومِيٍّ فَيَذْكُرُ لَوْنَهُ الْخَاصَّ بِهِ مِثْلَ كَوْنِهِ شَدِيدَ الْبَيَاضِ وَبَيَاضًا مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ وَإِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ أَسْوَدَ فَيَذْكُرُ لَوْنَهُ الْخَاصَّ بِهِ مِثْلَ كَوْنِهِ شَدِيدَ السَّوَادِ أَوْ كَوْنِهِ يَمِيلُ لِصُفْرَةٍ أَوْ لِحُمْرَةٍ (قَوْلُهُ وَالْكُحْلُ) أَيْ وَيَزِيدُ الْكُحْلُ وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْكُحْلُ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الثَّوْبِ) أَيْ وَكَذَا يُبَيِّنُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَاللَّوْنِ فِي الثَّوْبِ وَلَوْ حَذَفَ الثَّوْبَ فِيمَا مَرَّ لَكَانَ أَوْلَى لِإِغْنَاءِ مَا هُنَا عَنْهُ أَوْ قَالَ أَوَّلًا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَسَلِ وَمَرْعَاهُ وَفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَضِدَّيْهِمَا لَا غِنًى عَمَّا هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَضِدَّيْهِمَا) ضِدُّ الرِّقَّةِ الْغِلَظُ وَالصَّفَاقَةُ وَهِيَ الْمَتَانَةُ ضِدُّهَا الْخِفَّةُ (قَوْلُهُ الْمُعْصَرِ مِنْهُ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَسْمُوعَ فِي فِعْلِهِ عَصَرَ ثُلَاثِيًّا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْمَعْصُورِ مِنْهُ كَذَا بَحَثَ ابْنُ غَازِيٍّ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِوُرُودِ أَعْصَرَ الرُّبَاعِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} [النبأ: 14] قِيلَ هِيَ الرِّيحُ لِأَنَّهَا تَعْصِرُ السَّحَابَ (قَوْلُهُ مِنْ الزَّيْتُونِ) بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ بَيَانُ الْمُعْصَرِ بِهِ وَالْمُعْصَرِ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بَيَانُ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَّا لَوْ قَالَ وَفِي الزَّيْتِ وَالْمُعْصَرِ مِنْهُ بِالْوَاوِ كَمَا قَالَ فِيمَا سَبَقَ حَتَّى يُفْهَمَ مِنْهُ الِاحْتِيَاجُ لِبَيَانِ الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بَيَانُ الْمُعْصَرِ مِنْهُ وَالْمُعْصَرِ بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا سَبَقَ فَيُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَا هُنَا مُنْدَرِجٌ فِيمَا سَبَقَ وَالْمُصَنِّفِ إنَّمَا قَالَ وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ أَيْ وَيُبَيِّنُ فِي الزَّيْتِ النَّوْعَ الْمُعْصَرَ مِنْهُ وَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَذْكُرُ الْأَوْصَافَ السَّابِقَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بَيَانَ الْمُعْصَرِ مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يُطْلِقُونَ الْجَيِّدَ عَلَى الْقَمْحِ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ الْإِرْدَبُّ مِنْهُ يَأْتِي نِصْفَ إرْدَبٍّ وَعَلَى الْإِرْدَبِّ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ يَأْتِي ثُلُثَيْ إرْدَبٍّ وَعَلَى الْقَمْحِ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ الْإِرْدَبُّ مِنْهُ يَأْتِي ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْإِرْدَبِّ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي الْإِطْلَاقِ الْأَخِيرِ فَإِذَا أَسْلَمَ فِي قَمْحٍ وَقَالَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ جَيِّدًا وَأَطْلَقَ قُضِيَ بِهَذَا الْغَالِبِ فِي الْإِطْلَاقِ فَلَوْ كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يُطْلِقُونَ الْجَيِّدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ أَغْلَبِيَّةٍ فِي الْإِطْلَاقِ قُضِيَ بِالْوَسَطِ وَهُوَ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ الْإِرْدَبُّ مِنْهُ يَأْتِي ثُلُثَيْ إرْدَبٍّ فَقَوْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ أَيْ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الْجَيِّدِ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَاجِيَّ لَا مَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِي الْبَلَدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْح ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ أَيْ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُتَوَسِّطَ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِابْنِ فَرْحُونٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا تَبَعًا لعبق وَلَكِنْ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ الْغَالِبُ فِي الْوُجُودِ أَيْ الْأَكْثَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَوَسِّطِ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ طفي وبن (قَوْلُهُ وَهُوَ مُؤَدٍّ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ أَدَّى لِبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُغْنِي عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ إذْ لَا تَبَيُّنَ فِي الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّبْيِينَ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ تَبْيِينَ الصِّفَاتِ قَدْ يَكُونُ فِي غَائِبٍ مُعَيَّنٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلِهَذَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ) أَيْ لِأَنَّهُ يَهْلَكُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَتَرَدَّدُ الثَّمَنُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ إنْ هَلَكَ وَبَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ لَمْ يَهْلَكْ (قَوْلُهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ) أَيْ وَصْفٌ اعْتِبَارِيٌّ يَحْكُمُ بِهِ الشَّرْعُ وَيُقَدِّرُ وُجُودَهُ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ الشَّخْصُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وُجُودٌ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ فِي الطَّهَارَةِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَقَوْلُهُ قَابَلَ إلَخْ الْإِسْنَادُ فِيهِ مَجَازٌ أَيْ يَقْبَلُ الْمُكَلَّفُ بِسَبَبِهِ أَنْ يُلْزَمَ بِأَرْشِ الْجِنَايَاتِ

وَقَبُولُ الْإِلْزَامِ كَأَلْزَمْتُكَ دِيَةَ فُلَانٍ (وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (عِنْدَ حُلُولِهِ) أَيْ حُلُولِ أَجَلِهِ الْمُعَيَّنِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ وَلِذَا قَالَ (وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ) وَعُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ مُفَرَّعٍ عَلَى الشَّرْطَيْنِ قَبْلَهُ مَرْفُوعٌ أَوْ مَجْرُورٌ أَيْ فَيَجُوزُ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ فِي مُحَقَّقِ الْوُجُودِ قَوْلُهُ (لَا نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ وَقَلَّ) فَلَا يَجُوزُ لِفَقْدِ الشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَتَبِعَ فِي قَيْدِ الْقِلَّةِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا (أَوْ) ثَمَرُ (حَائِطٍ) عُيِّنَ وَقَلَّ أَيْ صَغُرَ فَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَثَمَرُ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ وَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ حَقِيقَةً فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ غَيْرَ أَنَّهُ تَارَةً يَقَعُ الْعَقْدُ عَلَى تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا وَتَارَةً يَقَعُ عَلَيْهِ مُجَرَّدًا عَنْ التَّسْمِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا شُرُوطٌ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ فِي مُعْظَمِهَا كَمَا بَيَّنَهُ وَحِينَئِذٍ فَالتَّفْرِقَةُ نَظَرًا لِلَّفْظِ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ وَهِيَ إحْدَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ فَظَهَرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ حَائِطٍ أَيْ لَا يُسْلَمُ فِيهِ سَلَمًا حَقِيقِيًّا وَبَيْنَ قَوْلِهِ (وَشُرِطَ) لِشِرَاءِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ (إنْ سُمِّيَ) فِي الْعَقْدِ (سَلَمًا لَا) إنْ سُمِّيَ (بَيْعًا إزْهَاؤُهُ) لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ سَلَمًا مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَيْثُ سُمِّيَ سَلَمًا شُرُوطٌ سِتَّةٌ فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا عَدَا كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأُجُورِ الْإِجَارَاتِ وَأَثْمَانِ الْبِيَاعَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَقْبَلُ بِسَبَبِهِ أَيْضًا الِالْتِزَامَ لِلْأَشْيَاءِ فَإِذَا الْتَزَمَ شَيْئًا اخْتِيَارًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَزِمَهُ قَالَ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ هَذَا التَّعْرِيفِ وَصَحَّ إنَاطَةُ الْأَحْكَامِ بِهَذَا الْوَصْفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وُجُودٌ لِارْتِبَاطِ تَقْدِيرِهِ بِأَوْصَافٍ لَهَا تَحَقُّقٌ وَهِيَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ فَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَا ذِمَّةَ لَهُ فَمَنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِيهِ رَتَّبَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ هَذَا الْمَعْنَى الْمُقَدَّرَ وَهُوَ الَّذِي تُقَدَّرُ الْأَجْنَاسُ الْمُسْلَمُ فِيهَا مُسْتَقِرَّةً فِيهِ حَتَّى يَصِحَّ مُقَابَلَتُهَا بِالْأَعْوَاضِ الْمَقْبُوضَةِ وَتُقَدَّرُ أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ مُسْتَقِرَّةً فِيهِ وَكَذَا صَدَقَاتُ الْأَنْكِحَةِ وَسَائِرُ الدُّيُونِ وَمَنْ لَا يَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى مُقَدَّرًا فِي حَقِّهِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّهِ سَلَمٌ وَلَا ثَمَنٌ لِأَجَلٍ وَلَا حَوَالَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَبُولُ الْإِلْزَامِ) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حَاكِمًا (قَوْلُهُ وَوُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِئَلَّا يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ) أَيْ بَلْ الشَّرْطُ وُجُودُهُ أَيْ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ بَلْ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي الْأَجَلِ بِتَمَامِهِ مَا عَدَا وَقْتِ الْقَبْضِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْمُشْتَرِطِ لِوُجُودِهِ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْأَجَلِ بِتَمَامِهِ مِنْ حِينِ عَقْدِ السَّلَمِ بَلْ وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الْحُلُولِ وَوُجِدَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَعُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُودُهُ إلَخْ لِاقْتِضَائِهِ فَسَادًا إذْ هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الشَّرْطِ أَيْ يُشْتَرَطُ كَذَا لَا نَسْلَ إلَخْ فَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَجْرُورٌ) هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّ مُحَقَّقَ الْوُجُودِ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَالْمُتَّصِفُ بِالْجَوَازِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ الشَّرْطَيْنِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الْأَوَّلِ بِحُصُولِ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي بِعَدَمِ وُجُودِهِ إذْ لِقِلَّتِهَا قَدْ لَا يُوجَدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا) فَإِذَا قَالَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى عَجَلٍ مِنْ أَوْلَادِ هَذِهِ الْبَقَرَاتِ وَكَانَتْ أَلْفًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْجَوَازِ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْبَقَرَاتِ صَيَّرَهَا كَغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَكَأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ وَالْغَالِبُ حُصُولُ الْوِلَادَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ فَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي إلَخْ) قَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي قَيْدِ الْقِلَّةِ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ تت وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفي بِأَنَّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرَهَا مِمَّنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ لَمْ يُقَيِّدْ الْحَائِطَ بِالصِّغَرِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَائِطَ قَلِيلٌ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَقُلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قِنْطَارٍ مِنْ بَلَحِ هَذَا الْحَائِطِ آخُذُهُ مِنْك وَقْتَ كَذَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ سَلَمًا حَقِيقَةً بِحَيْثُ يَجُوزُ أَخْذُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ بِدُونِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ بَلْ هَذَا الْعَقْدُ بَيْعٌ حَقِيقَةً وَسَلَمٌ مَجَازًا فَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ تَارَةً يَقَعُ الْعَقْدُ) أَيْ عَلَى ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْحَالَيْنِ أَيْ وَلِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَالَيْنِ شُرُوطٌ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذْ كَانَ الْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ بَيْعًا حَقِيقِيًّا لَا سَلَمًا (قَوْلُهُ فَالتَّفْرِقَةُ) أَيْ بَيْنَ مَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا وَمَا إذَا لَمْ يُسَمَّ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي كُلٍّ شُرُوطٌ عَلَى حِدَةٍ مَنْظُورٌ فِيهَا لِلَّفْظِ لَا لِلْمَعْنَى وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ التَّفْرِقَةَ مَنْظُورٌ فِيهَا لِلَّفْظِ بَلْ لِلْمَعْنَى فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الثِّمَارِ فِي الْحَالَتَيْنِ بَيْعٌ لَا أَنَّهُ فِي أَحَدِهِمَا بَيْعٌ وَفِي الْآخَرِ سَلَمٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهِيَ إحْدَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْمَعَانِي مُتَّحِدَةً (قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِشِرَاءِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) أَيْ لِصِحَّةِ شِرَاءِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ إلَخْ) عِلَّةً لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَأَجَابَ اللَّقَانِيُّ عَنْ الْمُنَافَاةِ

فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي السَّلَمِ خَاصَّةً خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ إنْ سُمِّيَ بَيْعًا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا، الشَّرْطُ الْأَوَّلُ إزْهَاؤُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي فِيهِمَا (سَعَةُ الْحَائِطِ) بِحَيْثُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ صَغِيرًا (وَ) الثَّالِثُ فِيمَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا فَقَطْ (كَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ) مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ مَعْنَى كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَحُمِلَ عَلَى الْحُلُولِ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ وَلَفْظَ السَّلَمِ التَّأْجِيلَ (وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ فِيهِمَا إسْلَامُهُ (لِمَالِكِهِ) أَيْ مَالِكِ الْحَائِطِ إذْ لَوْ أُسْلِمَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُعَيَّنٌ رُبَّمَا لَمْ يَبِعْهُ لَهُ مَالِكُهُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ (وَ) الْخَامِسُ فِيهِمَا (شُرُوعُهُ) أَيْ فِي الْأَخْذِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ قَرِيبٍ كَنِصْفِ شَهْرٍ فَقَطْ لَا أَزْيَدَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ (لِنِصْفِ شَهْرٍ) فَلَا يَضُرُّ (وَ) السَّادِسُ فِيهِمَا (أَخْذُهُ) أَيْ انْتِهَاءُ أَخْذِهِ لِكُلِّ مَا اشْتَرَاهُ (بُسْرًا أَوْ رُطَبًا) وَزِيدَ سَابِعٌ وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَخْذِهِ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَكْفِي الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا الشَّرْطُ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ (لَا) أَخْذُهُ (تَمْرًا) أَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي حِينَ الْإِزْهَاءِ وَقُرْبِ الرُّطَبِ مِنْهُ وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِمِعْيَارِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ جُزَافًا فَلَهُ إبْقَاؤُهُ الْمُعْتَادُ إلَى أَنْ يَتَتَمَّرَ لِأَنَّ الْجُزَافَ قَدْ تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ إلَّا ضَمَانُ الْجَوَائِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ حَائِطٍ أَيْ أَسْلَمَ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ كُلَّ قِنْطَارٍ أَوْ إرْدَبٍّ بِكَذَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَحْرُمُ وَقَوْلُهُ وَشُرِطَ إنْ سَمِّي سَلَمًا أَيْ وَشُرِطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ سَلَمًا عَلَى بَعْضِ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ مِثْلُ قِنْطَارٍ مِنْهُ أَوْ قِنْطَارَيْنِ فَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ وَهَذَا فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِهِ وَكِلَاهُمَا عَلَى الْكَيْلِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي السَّلَمِ) أَيْ فِيمَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا) أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ سَمَّى سَلَمًا اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْمَبِيعِ شُرُوطٌ سِتَّةٌ وَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا اُشْتُرِطَ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اعْتِبَارُ الشُّرُوطِ كُلِّهَا سَوَاءٌ سُمِّيَ سَلَمًا أَوْ بَيْعًا وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ طفي اهـ بْن (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ إزْهَاؤُهُ) أَيْ اصْفِرَارُهُ أَوْ احْمِرَارُهُ وَطِيبُ غَيْرِ النَّخْلِ كَإِزْهَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ سَعَةُ الْحَائِطِ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ (قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ) أَيْ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ حَالَ الْعَقْدِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ إذَا شُرِطَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَاهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَا مَتَى يَأْخُذُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُمَا لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا وَكَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِي عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ مُتَوَالِيًا) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَفَرِّقًا أَيْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ مَعْنَى كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ) أَيْ لَا أَنَّهَا شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْخَمْسَةِ فَتَكُونُ ثَمَانِيَةً وَقَوْلُهُ مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَخْذِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَصِحُّ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ السُّكُوتُ حِينَ الْعَقْدِ عَنْ بَيَانِ مَا يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَعَنْ بَيَانِ ابْتِدَاءِ وَقْتِ الْأَخْذِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ) أَيْ عِنْدَ السُّكُوتِ عَلَى الْحُلُولِ أَيْ عَلَى أَخْذِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً حَالًا وَتَأْخِيرُ قَبْضِهِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا يُشْتَرَطُ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ وَإِذَا سُمِّيَ بَيْعًا لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهَا (قَوْلُهُ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ) لَكِنْ لَوْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ وَإِسْلَامُهُ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ قَرِيبٍ كَنِصْفِ شَهْرٍ فَقَطْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّ الْعِشْرِينَ قَرِيبٌ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ إلَيْهَا وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ عَنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ) أَيْ إذَا كَانَ أَجَلُ الشُّرُوعِ لَا يَسْتَلْزِمُ صَيْرُورَتَهُ تَمْرًا وَإِلَّا فَسَدَ. (قَوْلُهُ وَالسَّادِسُ فِيهِمَا أَخَذَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِجَعْلِ أَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا شَرْطًا إذْ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ حَالَ الْعَقْدِ وَهُوَ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ لَمْ يَأْخُذْهُ بِالْفِعْلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ بُسْرًا أَيْ وَاشْتِرَاطُ أَخْذِهِ بُسْرًا وَأَمَّا الْأَخْذُ بِالْفِعْلِ فَيُجْعَلُ أَمْرًا طَارِئًا أَيْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا (قَوْلُهُ لِبُعْدٍ إلَخْ) أَيْ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ وَضَمِيرُ بَيَّنَهُ لِلتَّمْرِ (قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِمِعْيَارِهِ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قِنْطَارٍ مِنْ ثَمَرِ هَذَا الْحَائِطِ أَوْ أَشْتَرِي مِنْك قِنْطَارًا مِنْ ثَمَرِهِ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ جُزَافًا) كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا فِي ثَمَرِ حَائِطِك كُلِّهِ أَوْ أَشْتَرِي ثَمَرَ حَائِطِك هَذَا كُلَّهُ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُزَافَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْجُزَافِ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالتَّوْفِيَةِ (قَوْلُهُ قَدْ تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ إلَخْ) هَذَا كِنَايَةٌ عَنْ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَقَوْلُهُ وَقَدْ دَخَلَ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا ضَمَانَ الْجَوَائِحِ) أَيْ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ أَيْ الْكَثِيرِ أَيْ أَنَّهُ أَمْرٌ نَادِرٌ. {تَنْبِيهٌ} لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ سُمِّيَ سَلَمًا لِأَنَّهُ مَجَازٌ كَمَا مَرَّ نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ رَأْسِهِ غَيْرَ طَعَامٍ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا مُنِعَ لِلنَّسِيئَةِ أَوْ أَنَّهُ إذَا ضُبِطَ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِهِ بِمِعْيَارِهِ

(فَإِنْ) كَانَ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ رُطَبًا لَا بُسْرًا وَ (شَرَطَ) فِي الْعَقْدِ (تَتَمُّرَ الرُّطَبِ) شَرْطًا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ أَيَّامًا يَصِيرُ فِيهَا تَمْرًا (مَضَى بِقَبْضِهِ) وَلَمْ يُفْسَخْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمِثْلُهُ إذَا يَبِسَ قَبْلَ اطِّلَاعٍ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ بِقَبْضِهِ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فُسِخَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَهَلْ الْمُزْهِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ مَا لَمْ يَرْطُبْ فَيَشْمَلُ الْبُسْرَ إنْ شَرَطَ تَتَمُّرَهُ (كَذَلِكَ) يُمْضَى بِقَبْضِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) وَصُوِّبَ (أَوْ) هُوَ (كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) بِفَسْخٍ وَلَوْ قَبَضَ مَا لَمْ يَفُتْ (تَأْوِيلَانِ) وَلَمَّا كَانَ السَّلَمُ فِي تَمْرِ الْحَائِطِ بَيْعًا لَا سَلَمًا حَقِيقَةً وَبَيْعُ الْمِثْلِيِّ الْمُعَيَّنِ يُفْسَخُ بِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ انْقَطَعَ) ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أُسْلِمَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ بِجَائِحَةٍ أَوْ تَعَيُّبٍ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ لَزِمَهُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَ (رَجَعَ) الْمُسْلِمُ (بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ السَّلَمِ عَاجِلًا اتِّفَاقًا وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ وَلَوْ طَعَامًا (وَهَلْ) يَرْجِعُ (عَلَى) حَسَبِ (الْقِيمَةِ) فَيُنْظَرُ لِقِيمَةِ كُلٍّ مِمَّا قُبِضَ وَمِمَّا لَمْ يُقْبَضْ فِي وَقْتِهِ وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا أَسْلَمَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ وَسْقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعْتَادِ فِيهِ فَإِنْ بِيعَ جُزَافًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الرُّطَبِ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ وَكَانَ بَلَحُهَا حِينَ الْعَقْدِ رُطَبًا وَاشْتَرَطَ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَقَاءَ ذَلِكَ الرُّطَبِ عَلَى أُصُولِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ التَّمْرِ وَالرُّطَبِ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ وَلِقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ فِيهِ فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ التَّتَمُّرِ أَوْ قَبْلَهُ مَضَى الْعَقْدُ وَلَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ) أَيْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ) أَيْ قَالَ هَذَا التَّعْلِيلَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ وَقَبْلَ الْيُبْسِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْمُزْهِي إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الْكَيْلِ مِنْ ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُزْهٍ أَيْ أَحْمَرُ أَوْ أَصْفَرُ وَشَرَطَ الْمُشْتَرِي بَقَاءَهُ عَلَى أَصْلِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ اشْتِرَاطِ تَتَمُّرِ الرُّطَبِ فَيَمْضِي بِقَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ قَبْلَ التَّتَمُّرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الشُّيُوخِ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَوْ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيُفْسَخُ وَلَوْ قُبِضَ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمِثْلِ إنْ عُلِمَتْ مَكِيلَتُهُ وَإِلَّا فَبِالْقِيمَةِ وَهَذَا رَأْيُ ابْنُ شَبْلُونَ (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ) عِبَارَةُ ابْنِ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يُزْهِيَ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَزْهُوَ يُقَالُ زَهَا النَّخْلُ يَزْهُو إذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ وَأَزْهَى يُزْهِي إذَا احْمَرَّ أَوْ اصْفَرَّ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنَى الِاحْمِرَارِ وَالِاصْفِرَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يَزْهُو وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يُزْهِي اهـ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمُّ مِيمِ الْمُزْهِي لِأَنَّهُ مِنْ أَزْهَى وَفَتْحِهَا لِأَنَّهُ مِنْ زَهَا خِلَافًا لِمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ وَلِمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الضَّمِّ كَالشَّارِحِ. (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ) أَيْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ أَوْ عَدَمِهِ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ وَمِثْلُهُ ثَمَرُ الْقَرْيَةِ الْغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ عَلَى مَا اُسْتُظْهِرَ وَسَوَاءٌ كَانَ الِانْقِطَاعُ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ عَلَى الصَّوَابِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِجَائِحَةٍ أَيْ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ قَالَ طفي تَعْبِيرُهُ بِالِانْقِطَاعِ كَالْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرٌ فِي انْقِطَاعِ إبَّانِهِ وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بِجَائِحَةٍ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ الْكُلِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُعَيَّنٌ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْمُعَيَّنَاتِ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ لِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَيْسَ مِنْ السَّلَمِ فِي شَيْءٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا قَبَضَ بَعْضَ سَلَمِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ لَزِمَهُ مَا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي هَذَا كَمَا اُخْتُلِفَ فِي الْمَضْمُونِ إذَا انْقَطَعَ إبَّانُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ هَذَا إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بِجَائِحَةٍ وَأَمَّا بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَهْمٌ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْمَضْمُونِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَهُوَ الْقَرْيَةُ الْمَأْمُونَةُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ عَاجِلًا اتِّفَاقًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَعْجِيلَ الرُّجُوعِ بِمَا بَقِيَ وَاجِبٌ وَأَنَّهُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا بِالْقَضَاءِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ تَعْجِيلَهُ يَقْضِي لَهُ بِهِ وَلَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ عَاجِلًا وَيَنْتَظِرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ حَصَلَ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ قُبِضَ بَعْضُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ إنَّمَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ جَازَ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنِ كَذَا فِي خش (قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ) أَيْ بَدَلِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ عَاجِلًا وَلَا يُؤَخَّرُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَدَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ مَا يَأْخُذُهُ بَدَلًا عَنْ ثَمَنِ مَا بَقِيَ لَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ وَلَوْ طَعَامًا لَا يُقَالُ

وَانْقَطَعَ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ مِائَةً وَقِيمَةُ الْبَاقِي خَمْسِينَ فَنِسْبَةُ الْبَاقِي لِلْمَأْخُوذِ الثُّلُثُ فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ) يَرْجِعُ (عَلَى) حَسَبِ (الْمَكِيلَةِ) فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فِي الْمِثَالِ (تَأْوِيلَانِ) وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَخْذَهُ فِي نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ مِمَّا لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ الْقِيمَةُ عَادَةً وَإِلَّا رَجَعَ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا (وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ) وَهِيَ مَا يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا فِي بَعْضِ إبَّانِهِ مِنْ السَّنَةِ (كَذَلِكَ) يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ (أَوْ) هِيَ مِثْلُهُ (إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (فِيهَا) لِأَنَّ السَّلَمَ فِيهَا مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى عِدَّةِ حَوَائِطَ بِخِلَافِ السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ فَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ وَتَسْمِيَتُهُ سَلَمًا مَجَازٌ (أَوْ تُخَالِفُهُ فِيهِ) أَيْ فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا (وَفِي السَّلَمِ) فِيهَا (لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ) فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ دُونَ الْحَائِطِ (تَأْوِيلَاتٌ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا) أَيْ مُسْلَمٌ فِيهِ (لَهُ إبَّانَ) أَيْ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يَأْتِي فِيهِ وَهَذَا فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ (أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ) مَأْمُونَةٍ وَلَوْ صَغِيرَةً قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ (خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ) وَأَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ (وَ) فِي (الْإِبْقَاءِ) لِقَابِلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّأْخِيرُ بِسَبَبِ الْمُشْتَرِي فَيَنْبَغِي عَدَمُ تَخْيِيرِهِ لِظُلْمِهِ الْبَائِعَ بِالتَّأْخِيرِ فَتَخْيِيرُهُ زِيَادَةُ ظُلْمٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَجِبُ التَّأْخِيرُ (وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ) وَانْقَطَعَ بِجَائِحَةٍ أَوْ هُرُوبِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ تَفْرِيط الْمُشْتَرِي حَتَّى مَضَى الْإِبَّانُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّا نَقُولُ الْعُقْدَةُ قَدْ انْفَسَخَتْ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ فَمَا يَأْخُذُهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ لَيْسَ ثَمَنًا عَنْ الطَّعَامِ وَإِنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ) أَيْ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانَهُ (قَوْلُهُ فَنِسْبَةُ الْبَاقِي لِلْمَأْخُوذِ) أَيْ فَنِسْبَةُ قِيمَةِ الْبَاقِي لِقِيمَةِ الْمَأْخُوذِ مَعَ قِيمَةِ الْبَاقِي الثُّلُثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ قِيمَةَ الْبَاقِي تُنْسَبُ لِمَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الثُّلُثُ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ فَتُضَمُّ قِيمَةُ الْبَاقِي لِقِيمَةِ الْمَأْخُوذِ ثُمَّ تُنْسَبُ قِيمَةُ الْبَاقِي لِمَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ تَكُونُ ثُلُثًا فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَكِيلَةِ لِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَأْخُذْهُ فَفِي الْمِثَالِ السَّابِقِ تُضَمُّ الْخَمْسِينَ الْمَأْخُوذَةَ لِلْخَمْسِينَ الَّتِي لَمْ تُؤْخَذْ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مِائَةً ثُمَّ تُنْسَبُ مَا لَمْ يُؤْخَذْ لِلْمَجْمُوعِ يَكُونُ نِصْفًا فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ مُزَيْنٍ قَالَ طفي وَتَعَقَّبَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ صَوَابٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلَانِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَقَوْله عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَخَذَهُ فِي نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ أَيْ أَخَذَهُ فِي مُدَّةٍ لَا تَخْتَلِفُ فِيهَا الْقِيمَةُ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْبَعْضَ وَانْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ قَبْلَ أَخْذِ الْبَاقِي رَجَعَ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا وَمِثْلُ الِاشْتِرَاطِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَرُ يُجْنَى فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَكَانَ الشَّأْنُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا جُمْلَةً وَاحِدَةً فَإِذَا قَبَضَ الْمُسْلِمُ الْبَعْضَ وَانْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ قَبْلَ أَخْذِ الْبَاقِي رَجَعَ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ) أَيْ وَهَلْ السَّلَمُ فِي قَدْرٍ مِنْ ثَمَنِ الْقَرْيَةِ كَالسَّلَمِ فِي قَدْرٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَيَدْخُلُ فِي التَّشْبِيهِ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مِنْ ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ وَقَبَضَ الْبَعْضَ ثُمَّ فَاتَ الْبَاقِي بِجَائِحَةٍ فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَالْمُحَاسَبَةُ بِالْبَاقِي وَحَيْثُ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى حَسَبِ الْقِيمَةِ أَوْ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ تَأْوِيلَانِ وَهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَقِيلَ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَإِذَا رَضِيَا بِهَا جَازَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِ الْبَاقِي وَهَلْ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى حَسَبِ الْقِيمَةِ أَوْ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ تَأْوِيلَانِ وَاعْتَمَدَ عج الْقَوْلَ الثَّانِي فَلَوْ تَنَازَعَا فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ وَطَلَبَ الْآخَرُ الْبَقَاءَ لِقَابِلٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ طَلَبَ الْبَقَاءَ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا) (الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ مِنْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَسَقْيِهَا وَبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ وَأَنْ يُسْلَمَ لِمَالِكِ حَائِطٍ وَأَنْ يُشْتَرَطَ الشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ وَأَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا وَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى عِدَّةِ حَوَائِطَ) أَيْ فَلَا يَدْرِي الْمُسْلِمُ مِنْ أَيُّهَا يَأْخُذُ سَلَمَهُ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ الْحَقِيقِيَّ. (قَوْلُهُ وَفِي السَّلَمِ) أَيْ وَفِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ بِخِلَافِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَاتٌ) الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ) أَيْ وَهُوَ السَّلَمُ فِي الذِّمَّةِ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ مِنْ غَيْرِ قَرْيَةٍ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ مَأْمُونَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْقَرْيَةُ غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ فَمَسْكُوتٌ عَنْهَا أَوْ دَاخِلَةٌ تَحْتَ حُكْمِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ إلَخْ فَيَتَحَتَّمُ فِي قَطْعِ ثَمَرِهَا الْفَسْخُ كَمَا فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ كَانَ بِالْجَائِحَةِ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَأَمَّا الْحَائِطُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدْخُلُ هُنَا بِحَالٍ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِنْ انْقَطَعَ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ إلَخْ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ انْقِطَاعِ الثَّمَرَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَجِبُ التَّأْخِيرُ) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ

(قَوْلُهُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ) بِالْبَاقِي لِقَابِلٍ لِأَنَّ السَّلَمَ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَا يَبْطُلُ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ كَالدَّيْنِ (إلَّا أَنْ يَرْضَيَا) مَعًا (بِالْمُحَاسَبَةِ) بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ لَا الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا بَلْ (وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ إذَا اُسْتُكْمِلَتْ الشُّرُوطُ وَمَا لَا يَجُوزُ إذَا اخْتَلَّ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ (وَيَجُوزُ) وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَاءِ وَهِيَ أَنْسَبُ (فِيمَا طُبِخَ) مِنْ الْأَطْعِمَةِ إنْ حُصِرَتْ صِفَتُهُ (وَ) فِي (اللُّؤْلُؤِ) كَذَلِكَ (وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ) وَهُوَ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ إلَّا أَنْ يَنْدُرَ وُجُودُهُ (وَالزُّجَاجِ وَالْجِصِّ وَالزِّرْنِيخِ وَأَحْمَالِ الْحَطَبِ) كَمِلْءِ هَذَا الْحَبْلِ وَيُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ وَأَوْلَى وَزْنًا كَقِنْطَارٍ (وَ) فِي (الْأَدْمِ) بِالْفَتْحِ أَيْ الْجِلْدِ (وَ) فِي (صُوفٍ بِالْوَزْنِ لَا بِالْجِزَازِ) جَمْعُ جِزَّةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ فِيهِمَا وَأَمَّا شِرَاؤُهُ لَا عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ فَيَجُوزُ بِالْجِزَازِ تَحَرِّيًا وَبِالْوَزْنِ مَعَ رُؤْيَةِ الْغَنَمِ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْجَزُّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْقِسْمَةِ (وَ) فِي نُصُولِ (السُّيُوفِ) وَالسَّكَاكِينِ (وَ) فِي (تَوْرٍ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ إنَاءٌ يُشْبِهُ الطَّشْتَ (لِيَكْمُلَ) عَلَى صِفَةٍ خَاصَّةٍ وَإِطْلَاقُ التَّوْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ كَمَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ بِالْبَاقِي) أَيْ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا مَعًا بِالْمُحَاسَبَةِ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ لَا الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِجَائِحَةٍ أَوْ لِهُرُوبِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ قَصْدِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَمَّا إذَا كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِتَفْرِيطِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى قَصْدِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ عَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالتُّونُسِيُّ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ) أَيْ وَتَكُونُ الْمُحَاسَبَةُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ لَا الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) هَذِهِ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ جَازَ عَدَمُ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ فَإِذَا تَحَاسَبَا رَدَّ مِنْهَا مَا قِيمَتُهُ قَدْرُ قِيمَةِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ السَّلَمِ فَإِذَا أَسْلَمَهُ أَرْبَعَةَ أَثْوَابٍ فِي عَشَرَةِ قَنَاطِيرِ بَلَحٍ فَقَبَضَ مِنْهَا خَمْسَةً وَانْقَطَعَ الثَّمَرُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثَوْبَيْنِ قِيمَتُهَا قِيمَةُ مَا لَمْ يُقْبَضْ إذَا تَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ إنَّمَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُقَوَّمًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِعَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ عِوَضًا عَمَّا لَمْ يُقْبَضْ احْتَمَلَ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الثَّوْبُ الْمَرْدُودُ مُسَاوِيًا لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجُوزُ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ بِالْقِلَّةِ أَوْ الْكَثْرَةِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إقَالَةٌ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ وَهِيَ بَيْعٌ فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْأَثْوَابِ جُزْءًا شَائِعًا يَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا بِهِ لِلْبَائِعِ فَيَسْلَمَا مِنْ احْتِمَالِ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ فَيَجُوزُ بِاتِّفَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ) فِيهِ أَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَمْنُوعٌ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَلَوْ طَعَامًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُقَوَّمًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَاتًا قَائِمَةً بِعَيْنِهَا لَا فَسَادَ لَهَا بِالتَّأْخِيرِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَهْلَكًا لَا بَقَاءَ لَهُ لِفَسَادِهِ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ طُبِخَ) لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ مَا كَانَ مَطْبُوخًا بِالْفِعْلِ حَالَ الْعَقْدِ بَلْ الْمُرَادُ فِيمَا يُطْبَخُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى خَرُوفٍ مُحَمَّرٍ آخُذُهُ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ كَانَ مَطْبُوخًا بِالْفِعْلِ حَالَ الْعَقْدِ كَالْمَرَبَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا حَصَرَتْهُ الصِّفَةُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْدُرَ وُجُودُهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ كَبِيرًا كِبَرًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَهَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَمَا لَا يُوجَدُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى وَزْنًا) أَيْ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْمَالٍ مِنْ الْحَطَبِ كُلُّ حِمْلٍ قِنْطَارَانِ أَوْ كُلُّ حِمْلٍ مِلْءُ هَذَا الْحَبْلِ وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْحَطَبِ مِنْ كَوْنِهِ حَطَبَ سَنْطٍ أَوْ طَرْفَاءَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ الْجِلْدِ) أَيْ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي جُلُودِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَنَحْوِهَا إذَا شُرِطَ شَيْئًا مَعْلُومًا وَالْإِدَامُ فِي الْأَصْلِ الْجِلْدُ بَعْدَ الدَّبْغِ وَالْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ الْجِلْدِ سَوَاءٌ كَانَ مَدْبُوغًا أَوْ غَيْرَ مَدْبُوغٍ (قَوْلُهُ لَا بِالْجَزَزِ) أَيْ عَدَدًا كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا فِي أَرْبَعِ جَزَزٍ مِنْ الصُّوفِ فَيُمْنَعُ لِاخْتِلَافِهِمَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْجَمْعِ وَالْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ لَا عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشُّرُوطِ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ مَجْزُوزًا جِزَازًا وَبِالْوَزْنِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ وَتَوْرٍ لِيَكْمُلَ) صُورَتُهُ وَجَدْت نُحَاسًا يُعْمَلُ طَشْتًا أَوْ حُلَّةً أَوْ تَوْرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَقُلْت لَهُ كَمِّلْهُ لِي عَلَى صِفَةِ كَذَا بِدِينَارٍ فَيَجُوزُ إنْ شَرَعَ فِي تَكْمِيلِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلَائِلَ كَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ أَيْضًا إذَا كَانَ عِنْدَ النَّحَّاسِ نُحَاسٌ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ كَسَرَهُ وَأَعَادَهُ وَكَمَّلَهُ مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ النُّحَاسِ كَمَا يَأْتِي وَقَدْ جَعَلَ عج وعبق وَشَارِحُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِأُسْلُوبِ

مَجَازٌ كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ السَّلَمِ عَلَى هَذَا الشِّرَاءِ مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوعُ وَلَوْ حُكْمًا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ بَائِعُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَا وَجَدَ صَانِعًا شَرَعَ فِي عَمَلِ تَوْرٍ مَثَلًا فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ جُزَافًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يُكْمِلَهُ لَهُ جَازَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ لَمْ يَضْمَنْهُ مُشْتَرِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهَذَا بِخِلَافِ شِرَاءِ ثَوْبٍ لِيَكْمُلَ فَيُمْنَعُ كَمَا يَأْتِي لِإِمْكَانِ إعَادَةِ التَّوْرِ إنْ جَاءَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ يَعْمَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ إذَا جَاءَ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ فَإِنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ مُنِعَ كَمَا إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ تَوْرًا وَهَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ مِنْهُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ مُعَيَّنًا دُونَ الْمَصْنُوعِ مِنْهُ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَ (الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَكَوْنِ الْبَائِعِ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِتَيَسُّرِهِ عِنْدَهُ فَأَشْبَهَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالشِّرَاءَ إمَّا لِجُمْلَةٍ يَأْخُذُهَا مُفَرَّقَةً عَلَى أَيَّامٍ كَقِنْطَارٍ بِكَذَا كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ يَعْقِدُ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ عَدَدًا مُعَيَّنًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ (كَالْخَبَّازِ) وَالْجَزَّارِ بِنَقْدٍ وَبِغَيْرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَأْجِيلُ الْمُثَمَّنِ بَلْ يُشْتَرَطُ الشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَأَجَازُوا التَّأْخِيرَ لِنِصْفِ شَهْرٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ بَيْعٌ) فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ وَجَبَ الْفَسْخُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ السَّلَمِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْمُجَوِّزِ فِي السَّلَمِ تَعْيِينَ الْمَصْنُوعِ مِنْهُ وَالصَّانِعِ وَهُنَا عُيِّنَ الْمَصْنُوعُ مِنْهُ وَهَذِهِ يَمْنَعُهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنْتَ إذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ وَجَدْتهَا لَهَا شَبَهٌ بِالسَّلَمِ نَظَرًا لِلْمَعْدُومِ فِي حَالِ الْعَقْدِ وَلَهَا شَبَهٌ بِالْبَيْعِ نَظَرًا لِلْمَوْجُودِ وَلَيْسَتْ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَلَكِنَّ أَقْرَبَ مَا يَتَمَشَّى عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ أَشْهَبَ الَّذِي يُجِيزُ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مَجَازٌ) أَيْ فَهُوَ مِثْلُ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) كَذَا قَالَ عج وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا لِأَنَّهُ هُنَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْمَصْنُوعِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَالْآتِيَةُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ وَنَحْوَهُ لَبَنٌ كَمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَلْ لَهَا شَبَهٌ بِالسَّلَمِ وَبِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ التَّلَفُ مِنْهُ أَوْ ادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ضَمَّنَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ كَمِّلْهُ لِي عَلَى صِفَةِ كَذَا وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْك كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَنْعِ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ مُنِعَ كَمَا إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ إلَخْ) إنَّمَا مُنِعَ فِيهِمَا لِلنَّقْصِ إذَا نُقِضَ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَطْلُوبِ. (قَوْلُهُ كَمَا إذْ اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ تَوْرًا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْجَوَازِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ التَّوْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ التَّوْرِ وَالثَّوْبِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ يَتَّفِقَانِ فِي الْمَنْعِ إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ مَا عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ الْغَزْلِ وَالنُّحَاسِ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَاتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ لَهُ تَوْرًا أَوْ ثَوْبًا وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْجَوَازِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ جُمْلَةٌ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ غَيْرُ مَا اشْتَرَى بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يَأْتِ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ يَعْمَلُ لَهُ بَدَلُهُ مِنْ ذَلِكَ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي حَالَةٍ وَهُوَ الْمَنْعُ فِي الثَّوْبِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ غَزْلٌ لَا يَأْتِي ثَوْبًا عَلَى تَقْدِيرِ إذَا لَمْ يَأْتِ الْمَبِيعُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَالْجَوَازُ فِي التَّوْرِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ نُحَاسٌ لَا يَأْتِي تَوْرًا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ يُمْكِنُ كَسْرُهُ وَإِعَادَتُهُ وَتَكْمِيلُهُ بِمَا عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ حَقِيقَةً) أَيْ وَهُوَ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنْهُ غَالِبًا وَقَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ بِالْفِعْلِ رَجَعَ لِمَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي قَالَ وَاَلَّذِي غَرَّ عبق التَّابِعِ لَهُ الشَّارِحُ أَنَّ بَعْضَهُمْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ وَأَرَادَ بِهِ نَفْسَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَتَوَهَّمَ التَّغَايُرَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِجُمْلَةٍ يَأْخُذُهَا مُفَرَّقَةً عَلَى أَيَّامٍ وَذَلِكَ لِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيهَا (قَوْلُهُ دُونَ الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ عَدَدًا مُعَيَّنًا فَالْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ كَالْخَبَّازِ وَالْجَزَّارِ) يَتَأَتَّى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الصُّورَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ (قَوْلُهُ بِنَقْدٍ وَبِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّرَاءِ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الْمُعَجَّلِ وَبِغَيْرِهِ الْمُؤَجَّلُ أَيْ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ مُخَالِفٌ لِلسَّلَمِ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ) أَيْ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَأْجِيلِ الْمُثَمَّنِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ بَيْعٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الشُّرُوعَ فِي الْأَخْذِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَأَجَازُوا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ) صَرَّحَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَالشِّرَاءُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُطْلَقُ عَلَى السَّلَمِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ بَيْعًا لَا سَلَمًا

(وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ) فَلَا يُعَيَّنُ الْعَامِلُ وَالْمَعْمُولُ مِنْهُ وَيَكُونُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَعَقْدٍ عَلَى قِنْطَارِ خُبْزٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ كَذَا وَقَوْلُهُ (كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ) تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلَ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الصَّانِعَ إنْ كَانَ دَائِمَ الْعَمَلِ كَانَ بَيْعًا لَا سَلَمًا مَعَ أَنَّهُ سَلَمٌ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَائِمَ الْعَمَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا إنْ نَصَبَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا مَا نَصَبَ نَفْسَهُ لَهُ مِنْ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ كَالْخَبَّازِ وَاللَّبَّانِ وَالْجَزَّارِ وَالْبَقَّالِ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ تَارَةً وَالسَّلَمُ أُخْرَى بِشُرُوطِهِ وَإِلَّا فَالسَّلَمُ بِشُرُوطِهِ وَلَوْ اُسْتُدِيمَ عَمَلُهُ كَالْحَدَّادِ وَالنَّجَّارِ وَالْحَبَّاكِ (وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ) كَاعْمَلْ مِنْ هَذَا الْحَدِيدِ بِعَيْنِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الْخَشَبِ بِعَيْنِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الْغَزْلِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) تَعْيِينِ (الْعَامِلِ) أَوْ هُمَا بِالْأَوْلَى وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ الْمَعْمُولَ مِنْهُ (وَ) أَمَّا (إنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ) وَعَيَّنَهُ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ (وَاسْتَأْجَرَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَمَلِهِ (جَازَ إنْ شَرَعَ) فِي الْعَمَلِ وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ لِنِصْفِ شَهْرٍ (عُيِّنَ عَامِلُهُ أَمْ لَا) (لَا) يَجُوزُ السَّلَمُ (فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ) عَادَةً وَصْفًا كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ (كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ) وَأَوْلَى تُرَابُ الصَّوَّاغِينَ وَمِنْ ذَلِكَ الْحِنَّاءُ الْمَخْلُوطَةُ بِالرَّمْلِ وَالنِّيلَةُ الْمَخْلُوطَةُ بِالطِّينِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ قَدْرُ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَلْطِ (وَ) لَا يُسْلَمُ فِي (الْأَرْضِ وَالدُّورِ) لِأَنَّ وَصْفَهُمَا مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَعْيِينُ الْبُقْعَةِ الَّتِي هُمَا بِهَا فَيُصَيِّرُهُمَا مِنْ الْمُعَيَّنِ وَشَرْطُ السَّلَمِ كَوْنُهُ فِي الذِّمَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُمْ نَزَّلُوا دَوَامَ الْعَمَلِ مَنْزِلَةَ تَعَيُّنِ الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ) بِأَنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ تَسَاوَى عَمَلُهُ وَانْقِطَاعُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ غَيْرِ دَائِمِ الْعَمَلِ جَائِزٌ وَهُوَ سَلَمٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ مِنْهُ فَإِنْ عُيِّنَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَانَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ اسْتِصْنَاعَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ سَلَمٌ سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ الْمَعْقُودُ مَعَهُ دَائِمَ الْعَمَلِ أَمْ لَا كَأَنْ تَقُولَ لِإِنْسَانٍ اصْنَعْ لِي سَيْفًا أَوْ سَرْجًا صِفَتُهُ كَذَا بِدِينَارٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَأَنْ لَا يُعَيِّنَ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَهُوَ سَلَمٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ عَدَمِ دَوَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الصَّانِعَ) أَيْ صَانِعَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ (قَوْلُهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ) أَيْ أَنَّ عَيْنَ الْعَامِلِ أَوْ الْمَعْمُولِ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَشْتَرِي مِنْك قِنْطَارَ خُبْزٍ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ أَوْ مِنْ عَمَلِك (قَوْلُهُ وَالسَّلَمُ أُخْرَى) أَيْ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَفِيهِ أَنَّهُمْ نَزَّلُوا دَوَامَ الْعَمَلِ مَنْزِلَةَ تَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ حَقِيقَةً فَهُوَ مُعَيَّنٌ تَنْزِيلًا وَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى السَّلَمُ عِنْدَ دَوَامِ الْعَمَلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ دَائِمَ الْعَمَلِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ تَسَاوَى عَمَلُهُ وَانْقِطَاعُهُ (قَوْلُهُ فَالسَّلَمُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ أَجَلٍ لِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اُسْتُدِيمَ عَمَلُهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ غَيْرُ دَائِمِ الْعَمَلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفَسَدَ) أَيْ السَّلَمُ وَقَوْلُهُ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ تَعْيِينَ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ لَا يَضُرُّ فِي السَّلَمِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَعْيِينِ الْعَامِلِ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ ذَلِكَ الرَّجُلُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا فَذَلِكَ غَرَرٌ اهـ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا عَيَّنَ الْعَامِلَ فَقَطْ لِقَوْلِهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْجِصَّ وَالْآجُرَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ مواق (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا بِالْأَوْلَى) أَيْ فَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ يَفْسُدُ فِيهَا السَّلَمُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ دَوَرَانُ الْمَعْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ فَهُوَ غَرَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ الْعَامِلَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا وَفِي الْأُولَى أَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بَلْ فِي شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْمَنْعُ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْمَعْمُولَ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلَ إذَا لَمْ يَشْتَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ حَدِيدًا مَثَلًا مُعَيَّنًا وَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنْهُ سَيْفًا بِدِينَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ شَرَطَ تَعْجِيلَ النَّقْدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي الشَّيْءِ وَهُوَ جَائِزٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَأْجَرَهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرُ الْبَائِعِ لَجَازَ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الشُّرُوعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَتَوْرٍ لِيَكْمُلَ أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا قَبْلَهَا وَقَعَ عَلَى الْمَصْنُوعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهَذِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الْمَعْمُولِ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَمَلَكَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى عَمَلِهِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِي الْأُولَى أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَهِيَ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَامِلِ وَعَدَمُ تَعْيِينِهِمَا وَتَعْيِينُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِي وَالْعَكْسُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي حَالَةٍ وَفَسَادُهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ حَالَتَانِ فَقَطْ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامِلَ أَوْ لَا يُعَيِّنُ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا طُبِخَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْحِنَّاءُ الْمَخْلُوطَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُهُمَا نَقْدًا مِنْ غَيْرِ سَلَمٍ فَجَائِزٌ إذَا تَحَرَّى قَدْرَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْلِمُ فِي الْأَرْضِ وَالدُّورِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لِآخَرَ أُسْلِمُك مِائَةَ دِينَارٍ فِي

(وَ) لَا فِي (الْجُزَافِ) لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ بَيْعِهِ رُؤْيَتَهُ وَبِهَا يَصِيرُ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (وَ) لَا فِي (مَا لَا يُوجَدُ) أَصْلًا أَوْ إلَّا نَادِرًا كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ الْخَارِجِ عَنْ الْعَادَةِ (وَ) لَا يَجُوزُ (حَدِيدٍ) أَيْ سَلَمُهُ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ وَبِالْعَكْسِ) لِيَسَارَةِ الصَّنْعَةِ (وَلَا كَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ) لِإِمْكَانِ مُعَالَجَةِ الْغَلِيظِ حَتَّى يَصِيرَ رَقِيقًا (إنْ لَمْ يَغْزِلَا) وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّ غَلِيظَ الْغَزْلِ يُرَادُ لِغَيْرِ مَا يُرَادُ لَهُ رَقِيقُهُ كَغَلِيظِ ثِيَابِهِ فِي رَقِيقِهَا (وَ) لَا فِي (ثَوْبٍ) نَاقِصٍ (لِيَكْمُلَ) عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ عِنْدَهُ الْغَزْلُ كَمَا مَرَّ فِي التَّوْرِ (وَ) لَا (مَصْنُوعٍ قُدِّمَ) أَيْ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ (لَا يَعُودُ) لِأَصْلِهِ وَهُوَ (هَيِّنُ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ) لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ لِسُهُولَةِ صُنْعِهِ وَكَذَا الْعَكْسُ بِالْأَوْلَى (بِخِلَافِ النَّسْجِ) أَيْ الْمَنْسُوجِ يُسْلَمُ فِي غَزْلٍ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ وَأَوْلَى فِي شَعْرٍ لِأَنَّ صُعُوبَةَ صَنْعَتِهِ صَيَّرَتْهُ جِنْسًا آخَرَ (إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ) فَلَا تُسْلَمُ فِي خَزٍّ لِأَنَّهَا تَنْفُشُ وَتَصِيرُ خَزًّا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ) أَيْ أَصْلُ الْمَصْنُوعِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ بَلْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ صَعْبَهَا كَغَزْلٍ فِي ثَوْبٍ أَيْ جُعِلَ رَأْسَ مَالٍ (اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ) الْمَضْرُوبُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مَصْنُوعًا مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ بِمَا يَفْضُلُ مِنْهُ إنْ كَانَ وَإِلَّا ذَهَبَ عَمَلُهُ هَدَرًا وَإِلَّا جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ (وَإِنْ عَادَ) الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ (اُعْتُبِرَ) الْأَجَلُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي إسْلَامِ الْمَصْنُوعِ فِي أَصْلِهِ وَإِسْلَامِ أَصْلِهِ فِيهِ فَإِنْ وَسِعَ الْأَجَلُ جُعِلَ الْمَصْنُوعُ كَأَصْلِهِ أَوْ جُعِلَ أَصْلُهُ مِثْلَهُ بِوَضْعِ الصَّنْعَةِ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ كَإِسْلَامِ آنِيَةٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَعَكْسُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَيِّنِ الصَّنْعَةِ الْإِطْلَاقُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَعُودُ فَهَيِّنُ الصَّنْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي أَرْبَعَةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ الطِّينِ أَوْ فِي دَارٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْبُقْعَةُ الَّتِي تَكُونُ الدَّارُ وَالْأَفْدِنَةُ فِيهَا وَمَتَى عُيِّنَتْ الْبُقْعَةُ كَانَ مَا فِيهَا مِنْ الدَّارِ وَالْفَدَادِينِ مُعَيَّنًا وَالسَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَلَا فِي الْجُزَافِ) قِيلَ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِتَحَرٍّ إلَخْ لِأَنَّ الْمُتَحَرَّى جُزَافٌ قَطْعًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُزَافَ الَّذِي يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّحَرِّي لِكَثْرَتِهِ وَالسَّابِقُ الْجَائِزُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ التَّحَرِّي أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا لَا يُوجَدُ) أَيْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَقَوْلُهُ أَصْلًا أَيْ كَالْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ وَلَا تُسْلَمُ سُيُوفٌ فِي حَدِيدٍ سَوَاءٌ كَانَ يُخْرَجُ مِنْهُ سُيُوفٌ أَمْ لَا وَالْمَنْعُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ سَلَمُ الْحَدِيدِ الَّذِي لَا يُخْرَجُ مِنْهُ سُيُوفٌ فِي سُيُوفٍ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّيُوفَ مَعَ الْحَدِيدِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَسَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِي جِنْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَتْ السُّيُوفُ مَعَ الْحَدِيدِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُفَارِقَةَ أَيْ الَّتِي يُمْكِنُ إزَالَتُهَا لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ مُعَالَجَةِ الْغَلِيظِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَسَلَمُ الْغَلِيظِ فِي الرَّقِيقِ يُؤَدِّي لِسَلَمِ الشَّيْءِ فِي جِنْسِهِ وَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي فِي عَكْسِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَلِيظَ الْغَزْلِ يُرَادُ لِغَيْرِ مَا يُرَادُ لَهُ رَقِيقُهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُمَا وَاخْتِلَافُ الْمَنْفَعَةِ يُصَيِّرُ أَفْرَادَ الْجِنْسِ كَالْجِنْسَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا فِي ثَوْبٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ قَدْ نُسِجَ بَعْضُهُ لِيُكْمِلَهُ لَهُ صَاحِبُهُ عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَيْهَا بِخِلَافِ التَّوْرِ النُّحَاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَنْعِ فِي الثَّوْبِ وَالْجَوَازِ فِي التَّوْرِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ فَالْجَوَازُ فِي التَّوْرِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَشْتَرِيَ جُمْلَةَ النُّحَاسِ الَّذِي عِنْدَهُ وَالْمَنْعُ هُنَا فِي الثَّوْبِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ كَثِيرٌ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ وَهُوَ هَيِّنٌ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ الْهَيِّنَةَ كَالْعَدَمِ فَالْغَزْلُ لَا يُخْرِجُ الْكَتَّانَ عَنْ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْكَتَّانُ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ كَتَّانًا فِي كَتَّانٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَعُودُ لِأَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ أَمْكَنَ عَوْدُهُ أَمْ لَا وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ بِحَيْثُ يُقَالُ إنْ كَانَ الْأَجَلُ مُتَّسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ عَوْدُ ذَلِكَ الْمَصْنُوعِ فِيهِ لِأَصْلِهِ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ بَلْ الْمَنْعُ مُطْلَقًا اتَّسَعَ الْأَجَلُ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَكْسُ) أَيْ سَلَمُ الصُّوفِ أَوْ الْكَتَّانِ فِي الْغَزْلِ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ الْكَتَّانَ الْمَجْعُولَ رَأْسَ مَالٍ يُمْكِنُ غَزْلُهُ (قَوْلُهُ يُسْلَمُ فِي غَزْلٍ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ) فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ مِنْ الْكَتَّانِ فِي غَزْلٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ فِي كَتَّانٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ صُعُوبَةَ صَنْعَتِهِ) أَيْ النَّسْجِ بِمَعْنَى الْمَنْسُوجِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ إلَخْ مَفْهُومِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ جَازَ كَمَا فِي النَّسْجِ بِمَعْنَى الْمَنْسُوجِ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْلَمُ فِي خَزٍّ) أَيْ فَالنَّسْجُ فِيهَا كَالْغَزْلِ فِي الْكَتَّانِ فَكَمَا لَا يُسْلَمُ الْغَزْلُ فِي الْكَتَّانِ لِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ لَا يُسْلَمُ ثِيَابُ الْخَزِّ فِي الْخَزِّ وَالْخَزُّ مَا كَانَ قِيَامُهُ مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهُ مِنْ وَبَرٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُدِّمَ إلَخْ) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي أَصْلِهِ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قُدِّمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ عَادَ رَاجِعٌ لِلْمَصْنُوعِ صَعْبِ الصَّنْعَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ نَسْجِهِ وَلَيْسَ مَفْهُومًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا لَا يَعُودُ بِحَيْثُ يَكُونُ ضَمِيرُ عَادَ لِلْمَصْنُوعِ الْهَيِّنِ الصَّنْعَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَهَيِّنُ الصَّنْعَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ

عَادَ أَوْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا أَصْلُهُ فِيهِ وَغَيْرُ الْهَيِّنِ إنْ لَمْ يَعُدْ أُسْلِمَ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ أُسْلِمَ فِي أَصْلِهِ أَوْ أَصْلُهُ فِيهِ (وَالْمَصْنُوعَانِ) مِنْ جِنْسٍ هَانَتْ الصَّنْعَةُ أَمْ لَا (يَعُودَانِ) أَيْ يُمْكِنُ عَوْدُهُمَا لِأَصْلِهِمَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُمْكِنْ (يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ) الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا فَإِنْ تَقَارَبَتْ كَقَدْرِ نُحَاسٍ فِي مِثْلِهِ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ كَإِبْرِيقٍ فِي طَشْتٍ أَوْ مَسَامِيرَ فِي سَيْفٍ (وَجَازَ) بِلَا جَبْرٍ (قَبْلَ زَمَانِهِ) أَيْ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَبُولُ صِفَتِهِ) أَيْ مَوْصُوفِهَا (فَقَطْ) لَا أَدْنَى وَلَا أَجْوَدَ وَلَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَر لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك (كَقَبْلِ مَحَلِّهِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اُشْتُرِطَ فِيهِ الْقَبْضُ أَوْ مَوْضِعُ الْعَقْدِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَيَجُوزُ (فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا) حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا (وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ الْأَجَلِ حَتَّى فِي الْعَرْضِ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا فِي الذِّمَّةِ عُدَّ مُسَلِّفًا وَازْدَادَ الِانْتِفَاعُ بِسُقُوطِ الضَّمَانِ وَيُزَادُ فِي الطَّعَامِ بِأَنَّ فِيهِ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ (إنْ لَمْ يَدْفَعْ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (كِرَاءً) لِلْمُسْلِمِ لِحَمْلِهِ لِلْمَحَلِّ وَإِلَّا مُنِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ سَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ أَمْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ اتِّسَاعُ الْأَجَلِ وَلَا ضِيقُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَغَيْرُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ جَازَ سَلَمُهُ فِي أَصْلِهِ كَالْغَزْلِ وَالْكَتَّانِ، وَإِنْ أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ كَأَوَانِي النُّحَاسِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِهِ فِي أَصْلِهِ وَسَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ عَادَ) أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا أَصْلُهُ فِيهِ أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِأَجَلٍ وَلَا لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ) أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ. (قَوْلُهُ وَالْمَصْنُوعَانِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَصْنُوعَيْنِ إذَا أُرِيدَ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ أَمْكَنَ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ إنْ تَقَارَبَتْ مُنِعَ لِأَنَّهُ مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ جَازَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَصْنُوعَانِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ صَنْعَتُهُمَا هَيِّنَةً أَمْ لَا وَقَوْلُهُ يَعُودَانِ أَيْ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَعُودَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ هَانَتْ الصَّنْعَةُ) أَيْ كَسَلَمِ غَزْلٍ فِي غَزْلٍ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ كَسَلَمِ طَشْتٍ نُحَاسٍ فِي حُلَّةٍ أَوْ فِي طَشْتٍ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ النَّظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ عِنْدَ إمْكَانِ الْعَوْدِ وَأَنَّهَا إذَا تَبَاعَدَتْ يَجُوزُ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَقَارَبَتْ كَقِدْرِ نُحَاسٍ فِي مِثْلِهِ) وَكَسَلَمِ ثَوْبٍ رَقِيقٍ فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ مُنِعَ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ كَإِبْرِيقٍ فِي طَشْتٍ) أَيْ وَكَثَوْبٍ رَقِيقٍ فِي غَلِيظٍ (قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي حُكْمِ اقْتِضَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْ وَجَازَ لِلْمُسْلِمِ قَبُولُ الْمَوْصُوفِ بِصِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَيْ وَفِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ بِلَا جَبْرٍ) أَيْ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْلَمُ فِيهِ نَقْدًا وَإِلَّا أُجْبِرَ الْمُسْلِمُ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَجَلَ حِينَئِذٍ حَقٌّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَأَمَّا فِي الْقَرْضِ فَيُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ كَانَ الْقَرْضُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا كَحَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ زَمَانِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ مَوْصُوفِهَا) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ قَبُولُ مَوْصُوفِ صِفَتِهِ لِأَنَّ الَّذِي يَقْبِضُهُ الْمُسْلِمُ مَوْصُوفُ الصِّفَةِ لَا الصِّفَةُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبُولُ مِثْلِهِ لَكَانَ أَصْرَحَ فِي الرَّدِّ أَيْ قَبُولِ الْمُمَاثِلِ لَهُ صِفَةً وَقَدْرًا سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لَا أَجْوَدَ وَلَا أَرْدَأَ. (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ أَقَلَّ أَوْ أَرْدَأَ وَقَوْلُهُ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك أَيْ إنْ كَانَ أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ وَكُلٌّ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مَمْنُوعٌ فِي السَّلَمِ وَالْقَرْضِ لَا يَدْخُلُهُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُقْرِضِ حَتَّى أَنَّهُ يُحَطُّ الضَّمَانُ عَنْ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِ مَحَلِّهِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلِمِ قَبُولُهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ الْجَوَازُ قَبْلَ مَحَلِّهِ بِشَرْطِ الْحُلُولِ فِيهِمَا وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ الْجَوَازُ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِيهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَالْمُصَنِّفُ فَصَلَ بَيْنَ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ وَانْظُرْ مَا مُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ جَرَى عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إنْ حَلَّ أَوْ عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَقَوْلُهُ وَفِي الْعَرْضِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ثِيَابًا أَوْ جَوَاهِرَ أَوْ لَآلِئَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْعَرْضِ كُلْفَةٌ فِي نَقْلِهِ لِمَحَلِّهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ إلَخْ) عِلَّةً لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِسُقُوطِ الضَّمَانِ) أَيْ عَنْهُ لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ فِيهِ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ عِوَضٌ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ الْآنَ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ بَاعَ الْمُسْلِمُ الطَّعَامَ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِهَذَا الْمَأْخُوذِ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ) أَيْ جَوَازِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَحَلِّ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ

(وَلَزِمَ) الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبُولًا لِلْمُسْلِمِ وَدَفْعًا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إنْ أَيْسَرَ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْمَحَلِّ أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِمَا (كَقَاضٍ) أَيْ حَاكِمٍ يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ (إنْ غَابَ) الْمُسْلِمُ وَلَا وَكِيلَ لَهُ حَاضِرٌ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَكِيلُ الْغَائِبِ (وَجَازَ) بَعْدَهُمَا أَيْضًا (أَجْوَدُ) أَيْ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ (وَأَرْدَأُ) لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ (لَا) يَجُوزُ (أَقَلُّ) عَدَدًا أَوْ كَيْلًا أَيْ مَعَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فِي طَعَامٍ أَوْ نَقْدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ غَيْرِ مُمَاثِلٍ (إلَّا) أَنْ يَأْخُذَ الْأَقَلَّ قَدْرًا (عَنْ مِثْلِهِ) صِفَةً (وَيُبْرِئُ) الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (مِمَّا زَادَ) لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لَا مُكَايَسَةَ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ وَالنَّقْدِ فَيَجُوزُ قَبُولُ الْأَقَلِّ مُطْلَقًا أَبْرَأَ أَوْ لَمْ يُبْرِئْ كَنِصْفِ قِنْطَارٍ مِنْ نُحَاسٍ عَنْ قِنْطَارٍ مِنْهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ (وَلَا) يَجُوزُ (دَقِيقٌ) أَيْ أَخْذُهُ (عَنْ قَمْحٍ) مُسْلَمٍ فِيهِ (وَ) لَا (عَكْسُهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّحْنَ نَاقِلٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَصَارَ كَجِنْسَيْنِ فَفِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قَضَاءِ السَّلَمِ بِجِنْسِهِ شَرَعَ فِي قَضَائِهِ بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَ) جَازَ قَضَاؤُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً، أَوَّلُهَا قَوْلُهُ (إنْ جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) كَسَلَمِ ثَوْبٍ فِي حَيَوَانٍ فَأَخَذَ عَنْهُ دَرَاهِمَ إذْ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَثَانِيهَا قَوْلُهُ (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً) كَدَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ أُخِذَ عَنْهُ طَشْتٌ نُحَاسٌ إذْ يَجُوزُ بَيْعُ الطَّشْتِ بِالثَّوْبِ يَدًا بِيَدٍ وَلَوْ قَالَ بِالْمَأْخُوذِ لِيَكُونَ ضَمِيرُ بَيْعِهِ عَائِدًا عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ لَسَلِمَ مِنْ تَشْتِيتِ الضَّمِيرِ، وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَأْخُوذِ (رَأْسُ الْمَالِ) كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ إذْ يَجُوزُ سَلَمُ الدَّرَاهِمِ فِي طَشْتٍ نُحَاسٍ، وَالرَّابِعُ أَنْ يُعَجِّلَ الْمَأْخُوذَ لِيَسْلَمَ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، ثُمَّ بَيَّنَ مُحْتَرَزَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَالَ فِي مُحْتَرَزِ الْأَوَّلِ (لَا طَعَامٍ) أُسْلِمَ فِيهِ فَلَا يَقْضِي عَنْهُ غَيْرُهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَفُولٍ عَنْ قَمْحٍ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَفِي مُحْتَرَزِ الثَّانِي (وَ) لَا (لَحْمٍ) غَيْرِ مَطْبُوخٍ أَيْ أَخَذَهُ (بِحَيَوَانٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بَيَانُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمْتُك عَشَرَةَ مَحَابِيبَ فِي عَشَرَةِ أَرَادِبِ قَمْحٍ أَوْ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ آخُذُهَا مِنْك فِي رَشِيدٍ فَدَفَعْتهَا إلَيَّ فِي بُولَاقَ وَأَعْطَيْتنِي أُجْرَةَ الْحِمْلِ دِينَارًا صِرْتُ كَأَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْك تِسْعَةَ أَرَادِبَ أَوْ تِسْعَةَ أَثْوَابٍ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ وَالْعَاشِرُ كَأَنَّهُ سَلَفٌ رُدَّ إلَيَّ الْآنَ وَالْإِرْدَبُّ أَوْ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ عَادَ عَلَيَّ نَفْعًا لِأَجْلِ سَلَفِي الدِّينَارَ، وَبَيَانُ الثَّانِي أَنَّ التِّسْعَةَ دَنَانِيرَ الْوَاقِعَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ أَرَادِبَ أَوْ الْعَشَرَةِ أَثْوَابَ بَيْعٌ وَمَا وَقَعَ مِنْ الْكِرَاءِ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الْعَاشِرِ سَلَفٌ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا) أَيْ لَزِمَ الْمُسْلَمَ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ وَكَانَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا طُلِبَ مِنْهُ وَكَانَ مَلِيًّا فَقَوْلُهُ بَعْدَهُمَا أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ لِلْمَحَلِّ فَبَعْدِيَّةُ الْمَحَلِّ بَعْدِيَّةُ وُصُولٍ وَبَعْدِيَّةُ الْأَجَلِ بَعْدِيَّةُ انْقِضَاءٍ. {تَنْبِيهٌ} إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بَعْدَهُمَا إذَا أَتَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِجَمِيعِهِ فَإِنْ أَتَاهُ بِبَعْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ حَيْثُ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا وَأَمَّا الْقَرْضُ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ وَفِي جَبْرِ رَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ عَلَى قَبْضِ بَعْضِهِ وَقَبُولِ امْتِنَاعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ جَمِيعَهُ وَالْمَدِينُ مُوسِرٌ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ مَعَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْقَرْضَ بَابُهُ الْمَعْرُوفُ وَالْمُسَامَحَةُ (قَوْلُهُ كَقَاضٍ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْقَبُولِ أَيْ إذْ غَابَ الْمُسْلِمُ عَنْ مَوْضِعِ الْقَبْضِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ وَأَتَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْقَاضِي بِالشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ وَجَازَ أَجْوَدُ وَأَرْدَأُ) أَيْ وَجَازَ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالْمَحَلِّ قَبُولُ أَجْوَدَ مِمَّا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَبُولُ أَرْدَأِ مِمَّا فِيهَا وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَالتَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا دَفَعَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّفْضِيلِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ الْقَبُولُ وَإِنْ دَفَعَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَشَقَّةَ تَعْوِيضِهِ بِمِثْلِ مَا اُشْتُرِطَ لَزِمَ قَبُولُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ) أَيْ حُسْنُ دَفْعٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ أَيْ قَبْضٍ مِنْ الْمُسْلِمِ. (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ الْجَوْدَةِ) أَيْ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَأَخْذُ الْأَقَلِّ عَنْ الْأَكْثَرِ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا كَانَ بِصِفَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ مَا عَدَا صُورَةَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ وَمَشَى عَلَيْهِ عبق وخش وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْأَقَلِّ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَمَتَى كَانَ الْأَقَلُّ بِصِفَةٍ مَا فِي الذِّمَّةِ جَازَ أَبْرَأَهُ مِمَّا زَادَ أَمْ لَا وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ إلَّا عَنْ مِثْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَقَلُّ بِغَيْرِ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ قَالَ طفي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي طَعَامٍ أَوْ نَقْدٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ دَقِيقٌ) أَيْ أَخْذُهُ عَنْ قَمْحٍ مُسْلَمٍ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا فِي الْقَرْضِ فَيَجُوزُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بِتَحَرِّي مَا فِي الدَّقِيقِ مِنْ الْقَمْحِ وَمَا فِي الْقَمْحِ مِنْ الدَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ) أَيْ وَجَوَازُ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَا لَحْمٍ)

أَيْ عَنْ حَيَوَانٍ مُسْلَمٍ فِيهِ وَلَا عَكْسُهُ مِنْ جِنْسِهِ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ مُنَاجَزَةً وَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَامٌّ فِي بَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَبَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ جَائِزٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَزَ الثَّانِي. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَا يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي غَيْرِهِ كَبَقَرٍ فِي غَنَمٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ جَوَازُ أَخْذِ لَحْمِ أَحَدِهِمَا عَنْ نَفْسِ الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ هُنَا فَبَيَّنَ الْمَنْعَ لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَفِي مُحْتَرَزِ الثَّالِثِ (وَ) لَا (ذَهَبٍ) عَنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ (وَرَأْسُ الْمَالِ) الْمَدْفُوعِ فِيهِ (وَرِقٌ وَ) لَا (عَكْسُهُ) أَيْ أَخْذُ وَرِقٍ عَنْ عَرْضٍ رَأْسُ مَالِهِ ذَهَبٌ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا بَاعَ الْعَرْضَ لِغَرِيمِهِ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يُرَاعَى رَأْسُ الْمَالِ فَيَجُوزُ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا كَمَا أَشَرْنَا لَهُ (وَ) إنْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (جَازَ) لِلْمُسْلِمِ (بَعْدَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ) عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (لِيَزِيدَهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الثَّوْبِ الْمَوْصُوفِ (طُولًا) أَوْ عَرْضًا أَوْ صَفَاقَةً وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الثَّوْبِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَتَعْيِينِهِ بِأَنْ يَقُولَ مِنْ هَذِهِ الشُّقَّةِ أَوْ هَذِهِ الشُّقَّةَ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ حَالٌّ وَكَذَا إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ إنْ كَانَ مِنْ صِنْفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلَهُ (كَقَبْلِهِ) أَيْ الْأَجَلِ أَيْ زَادَ الْمُسْلِمُ دَرَاهِمَ قَبْلَ الْأَجَلِ لِيَزِيدَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ طُولًا عَلَى طُولِهِ (إنْ عَجَّلَ) الْمُسْلِمُ (دَرَاهِمَهُ) الْمَزِيدَةَ وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ لَحْمٍ. (قَوْلُهُ أَيْ عَنْ حَيَوَانٍ مُسْلَمٍ فِيهِ) فَإِذَا أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا فِي حَيَوَانٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ لَحْمًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ حَيَوَانًا مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ حَيَوَانٌ عَنْ لَحْمٍ مُسْلَمٍ فِيهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ يَجُوزُ وَفِي بْن أَنَّ صُورَةَ الْعَكْسِ لَا يَتَقَيَّدُ الْمَنْعُ فِيهَا بِالْجِنْسِ بَلْ تُمْنَعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَذَا خَارِجٌ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ اللَّحْمَ طَعَامٌ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ جَائِزٌ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ الطَّيْرِ وَحَيَوَانَاتِ الْمَاءِ بِلَحْمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ الْأَنْعَامِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَا لَحْمٍ عَنْ حَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ أَيْ جِنْسُهُ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِهِ هُنَا فِي بَابِ السَّلَمِ فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَجِنْسَانِ فِي السَّلَمِ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ لَحْمِ أَحَدِهِمَا قَضَاءً عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ) أَيْ مِنْ أَنَّ ذَوَاتَ الْأَرْبَعِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالطَّيْرَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَدَوَابَّ الْمَاءِ جِنْسٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْجِنْسُ فِي بَابِ السَّلَمِ وَهُوَ مَا كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ مُتَّحِدَةً وَهُوَ مَا يُسْلَمُ فِي غَيْرِهِ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا ذَهَبٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عِوَضًا عَنْ عَرْضٍ. (قَوْلُهُ وَرَأْسُ الْمَالِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَقَوْلُهُ الْمَدْفُوعُ فِيهِ أَيْ فِي الْعَرْضِ أَوْ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا بَاعَ الْعَرْضَ لِغَرِيمِهِ) أَيْ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْعَرْضُ (قَوْلُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ عَجَّلَهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ إلَّا فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلطُّولِ حَيْثُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ الْعَرْضُ وَالصَّفَاقَةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) أَيْ كَوْنُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ يَزِيدُهُ طُولًا أَوْ عَرْضًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الثَّوْبُ الَّتِي يَدْفَعُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ صِنْفِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ أَوْ لَا أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَزِيدُهُ طُولًا يُوصَلُ بِالطُّولِ الْأَوَّلِ لِلُزُومِ تَأْخِيرِ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الثَّوْبِ) أَيْ الَّتِي يَدْفَعُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى زِيَادَةِ الطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ أَوْ الصَّفَاقَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ وَأُخِذَ مُقَطَّعًا أَزْيَدَ مِنْ الْأَوَّلِ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ أَصْفَقَ مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَمٌ حَالٌّ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي لِلسَّلَمِ الْحَالِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يُعَجِّلْ) أَيْ وَكَذَا يُمْنَعُ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ الثَّوْبَ الْمَأْخُوذَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ) أَيْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَبِيعَةٌ بِالدَّرَاهِمِ وَتَأْخِيرُ مَا فِي الذِّمَّةِ سَلَفٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ الثَّوْبُ الَّتِي يَدْفَعُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفُسِخَ دَيْنٌ) أَيْ وَهُوَ الثَّوْبُ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي دَيْنٍ أَيْ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَطْوَلُ أَوْ الْأَعْرَضُ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِهِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ زِيَادَةً عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِيَزِيدَهُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُعَجِّلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الْمَزِيدَةَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ الَّتِي يَزِيدُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الطُّولِ فَقَطْ لَا فِي الْعَرْضِ وَالصَّفَاقَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ فَسْخُ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ الصَّفْقَةِ الْأُولَى إلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ الطُّولِ فَإِنَّهَا لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ الصَّفْقَةِ الْأُولَى وَإِنَّمَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ أَوَّلًا قَدْ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا وَاَلَّذِي اسْتَأْنَفُوهُ صَفْقَةٌ أُخْرَى، الثَّالِثُ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ حِينَ الْعَقْدِ عَلَى الزِّيَادَةِ مِقْدَارُ أَجَلِ السَّلَمِ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الثَّانِي سَلَمٌ حَقِيقِيٌّ، الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ،

[فصل في القرض]

وَبَقِيَ مِنْ أَجَلِ الْأَصْلِ نِصْفُ شَهْرٍ فَأَكْثَرُ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ وَأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ فَقَطْ (وَ) جَازَ أَيْضًا زِيَادَةُ (غَزْلٍ) عَلَى الْغَزْلِ الْأَصْلِيِّ (يَنْسِجُهُ) وَيَزِيدُهُ فِي طُولِ الشُّقَّةِ أَوْ عَرْضِهَا وَهَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ لَا الْبَيْعِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لَا لِمُنَاسَبَةِ وَأُخْرِجَ مِنْ قَوْلِهِ كَقَبْلِهِ إنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ قَوْلُهُ (لَا) إنْ زَادَهُ دَرَاهِمَ قَبْلَ الْأَجَلِ لِيُعْطِيَهُ إذَا حَلَّ (أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ) مِمَّا أُسْلِمَ فِيهِ فَيُمْنَعُ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ بِخِلَافِ زِيَادَةِ الطُّولِ فَإِنَّ الْعُقْدَةَ الْأُولَى بَاقِيَةٌ وَاسْتَأْنَفَ عُقْدَةً ثَانِيَةً (وَلَا يَلْزَمُ) الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (دَفْعُهُ) أَيْ السَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِغَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ (وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ) كَجَوْهَرٍ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ فَإِنْ رَضِيَا جَازَ وَلَوْ ثَقُلَ حَمْلُهُ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَيُقْضَى بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ دَرْسٌ {فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا (يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) أَيْ كُلُّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ مِنْ عَرْضٍ وَحَيَوَانٍ وَمِثْلِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَامِسُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنْ يَزِيدَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ لِيَزِيدَهُ طُولًا وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ) أَيْ بَلْ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ يَدْفَعُ لَهُ الثَّوْبَ الْأَوَّلَ بِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ) أَيْ كَمَا جَازَ قَبْلَ الْأَجَلِ الزِّيَادَةُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِيَزِيدَهُ طُولًا جَازَ زِيَادَةُ غَزْلٍ وَدَرَاهِمَ لِمَنْ عَاقَدْتَهُ أَوَّلًا عَلَى نَسْجِ غَزْلٍ عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ لِيَزِيدَ ذَلِكَ الْغَزْلُ فِي طُولِ الشُّقَّةِ أَوْ عَرَضِهَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ لَا لِمُنَاسَبَةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ اسْتِدْلَالًا عَلَى مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ لَكِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَقُولَ كَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ (قَوْلُهُ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك) هَذِهِ الْعِلَّةُ ثَابِتَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهِيَ مَشْطُوبٌ عَلَيْهَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِخَطِّهِ لِمَا فِيهَا مِنْ النَّظَرِ لِأَنَّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ زَادَهُ دَرَاهِمَ لِيَأْخُذَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَصِحُّ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْقَبْضِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَبْضَ هُنَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ) فَإِذَا أَلْقَى الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْقَضَاءِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَامْتَنَعَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ) قِيلَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الدَّفْعِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ ثَقُلَ حَمْلُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَضِيَا) أَيْ رَضِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَفْعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَرَضِيَ الْمُسْلِمُ بِقَبُولِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ جَازَ بِشَرْطِ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَيْنُ) أَيْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ عَيْنٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَيْنًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ مِنْهُمَا حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَضَاءِ فَيَلْزَمُ رَبَّهُ الْقَبُولُ إذَا دَفَعَهُ لَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ إذَا طَلَبَهُ رَبُّهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَضَاءِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَالْحَقُّ لِمَنْ عَلَيْهِ الْعَيْنُ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ فَإِذَا طَلَبَ الْمَدِينِ تَعْجِيلَ الْعَيْنِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَوْ طَلَبَ دَفْعَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ رَبُّهَا عَلَى قَبُولِهَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ أَوْ الْمَكَانَيْنِ خَوْفٌ فَلَا يُجْبَرُ مَنْ هِيَ لَهُ عَلَى قَبُولِهَا قَبْلَ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ قَبْضُهَا فَلَوْ جَبَرَهُ عَلَى قَبُولِهَا وَتَلِفَتْ مِنْهُ ضَاعَتْ عَلَى الدَّافِعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَيْنِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا [فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ] {فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ هُوَ لُغَةً الْقَطْعُ. سُمِّيَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ لِلْمُقْتَرِضِ قَرْضًا؛ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنْ مَالِ الْمُقْرِضِ وَشَرْعًا عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ لَا عَاجِلًا تَفَضُّلًا فَقَطْ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ عَارِيَّةٍ لَا تَحِلُّ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةٍ. فَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ مُتَمَوَّلٍ دَفْعُ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ كَقِطْعَةِ نَارٍ فَلَيْسَ بِقَرْضٍ، وَقَوْلُهُ فِي عِوَضٍ أَخْرَجَ دَفْعَهُ هِبَةً، وَقَوْلُهُ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ أَخْرَجَ السَّلَمَ وَالصَّرْفَ، وَقَوْلُهُ لَا عَاجِلًا عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْعِوَضِ مُؤَجَّلًا لَا مُعَجَّلًا وَأَخْرَجَ بِهَذَا الْمُبَادَلَةَ الْمِثْلِيَّةَ كَدَفْعِ دِينَارٍ أَوْ إرْدَبٍّ فِي مِثْلِهِ حَالًّا، وَقَوْلُهُ تَفَضُّلًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الدَّفْعِ تَفَضُّلًا أَوْ لِأَجْلِ التَّفَضُّلِ وَلَا يَكُونُ الدَّفْعُ تَفَضُّلًا إلَّا إذَا كَانَ النَّفْعُ لِلْمُقْتَرِضِ وَحْدَهُ، وَقَوْلُهُ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ أَيْ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الدَّفْعُ جَوَازَ عَارِيَّةٍ لَا تَحِلُّ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ دَفْعٍ يَقْتَضِي جَوَازَ عَارِيَّةٍ لَا تَحِلُّ فَلَا يُسَمَّى قَرْضًا شَرْعًا بَلْ عَارِيَّةً، وَقَوْلُهُ مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ حَالٌ مِنْ عِوَضٍ (قَوْلُهُ يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) أَيْ مَا يَقْبَلُ جِنْسُهُ السَّلَمَ فِيهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَرْضُ فِي الْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ سَلَمِهِ لِعَارِضِ الْجَهْلِ كَمَا يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي الْعَرَضِ وَالْحَيَوَانِ لِعَارِضٍ كَعَدَمِ الْأَجَلِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ مُطَّرِدَةٍ مُنْعَكِسَةٍ قَائِلَةٍ كُلُّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ إلَّا الْجَوَارِيَ يَصِحُّ أَنْ يُقْرَضَ، وَبَعْضُ مَا يَصِحُّ أَنْ يُقْرَضَ يَصِحُّ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ فَعَكْسُهَا بِالْمُسْتَوِي صَحِيحٌ وَأَمَّا عَكْسُهَا عَكْسًا لُغَوِيًّا وَهُوَ كُلُّ مَا لَا

وَالْأَصْلُ فِيهِ النَّدْبُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَا لَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ كَدَارٍ وَبُسْتَانٍ وَتُرَابِ مَعْدِنٍ وَصَائِغٍ وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الْقَرْضُ، وَلَمَّا كَانَ السَّلَمُ فِي الْجَوَارِي جَائِزًا وَلَا يَصِحُّ قَرْضُهُنَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ اسْتَثْنَاهُنَّ بِقَوْلِهِ (إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ) فَلَا يَجُوزُ قَرْضُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ، وَلِذَا انْتَفَى الْمَنْعُ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ امْرَأَةً (وَرُدَّتْ) وُجُوبًا إنْ أَقْرَضَهَا لِمَنْ تَحِلُّ لَهُ (إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) كَوَطْءٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى وَلَيْسَ الْغَيْبَةُ عَلَيْهَا بِفَوْتٍ عَلَى الْأَظْهَرِ (فَالْقِيمَةُ) أَيْ فَتَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ بِالْقِيمَةِ، وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى رَدِّهَا إنْ فَاتَ بِوَطْءٍ وَلَوْ ظَنًّا كَغَيْبَةٍ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا مُفَوِّتَةٌ، وَجَازَ إنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا لَوْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (كَفَاسِدِهِ) أَيْ كَفَاسِدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إذَا فَسَدَ رُدَّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِحُّ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقْرَضَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَطْ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَرْضُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ بِمِثْلِهِ وَكَذَا جِلْدُ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى نَجِسٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْعَكْسُ مُسْتَقِيمًا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ قَرْضِهِمَا وَهُوَ الْمُصَحِّحُ لِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْقَاعِدَةُ مُنْعَكِسَةً عَكْسًا لُغَوِيًّا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِمَا وَيَصِحُّ قَرْضُهُمَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ النَّدْبُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ لَا الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ النَّدْبُ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُوجِبُهُ كَالْقَرْضِ لِتَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ، وَالْكَرَاهَةُ كَقَرْضِ مِمَّنْ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ أَوْ لِمَنْ يَخْشَى صَرْفَهُ فِي مُحَرَّمٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَحَقَّقَا ذَلِكَ، أَوْ حُرْمَتُهُ كَجَارِيَةٍ تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ وَلَا يَكُونُ مُبَاحًا (قَوْلُهُ وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ) أَيْ يُتَنَافَسُ فِيهِ لِكِبَرِهِ كِبَرًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ) أَيْ الطَّالِبِ لِلْقَرْضِ وَالْآخِذِ لَهُ فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ) أَيْ مِنْ احْتِمَالِ إعَارَةِ الْفُرُوجِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْقَرْضِ رَدُّ مُعَيَّنِ الْمُقْتَرَضَةِ وَيَجُوزُ رَدُّ مِثْلِهَا كَمَا يَأْتِي، وَلِهَذَا التَّعْلِيلِ أَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَرْضَهَا إذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا لَا عَيْنَهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا تَبْعُدُ مُوَافَقَتُهُ لِلْمَشْهُورِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِسَلَمِ الشَّيْءِ فِي جِنْسِهِ إلَّا أَنْ يُفْرِضَ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُقْتَرِضِ وَتَمَحَّضَ النَّفْعُ لَهُ وَنَقَلَ ح فِي آخِرِ الْفَصْلِ مَنْعَ مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ مِنْ الْمُقْرِضِ. هَذَا وَالْمَشْهُورُ مَنْعُ قَرْضِ الْجَارِيَةِ الَّتِي تَحِلُّ سَوَاءٌ كَانَ قَرْضُهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ سَوَاءٌ شَرَطَ رَدَّ عَيْنِهَا أَوْ مِثْلِهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ) أَيْ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ امْرَأَةً) أَيْ أَوْ كَانَ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ فِي مُدَّةِ الْقَرْضِ أَيْ أَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَا تُشْتَهَى مُدَّةَ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْغَيْبَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهَا فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَقِيلَ إنَّهَا فَوْتٌ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَيْسَتْ فَوْتًا مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنَّهَا تَفُوتُ إنْ كَانَ يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْمَعُونَةِ وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ الثَّالِثَ بِزِيَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْوَطْءُ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي فَوَاتِهَا بِمُجَرَّدِ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا، ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَعُونَةِ وَالْمَازِرِيِّ. وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَكَلَامُ الشَّارِحِ مُحْتَمِلٌ لِارْتِضَاءِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَيْسَ مُجَرَّدُ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا فَوْتًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُمْكِنَ فِيهَا الْوَطْءُ فَيَكُونَ مُرْتَضِيًا لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إنْ فَاتَتْ بِوَطْءٍ) وَأَوْلَى بِاسْتِيلَادٍ وَتَكُونُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ خِلَافًا لعبق؛ لِأَنَّ لُزُومَ قِيمَتِهَا بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ أَوْ الْغَيْبَةِ يُوجِبُ أَنَّهَا حَمَلَتْ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَجَازَ إنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ ذَاتَهَا عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ إنْ قُلْتَ رَدُّهَا بِذَاتِهَا يُعَارِضُ قَوْلَهُمْ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ الْمِثْلَ أَوْ الْعَيْنَ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْقَرْضُ وَهُنَا قَدْ تَغَيَّرَ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ رَدِّ الْعَيْنِ قُلْتُ قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَرْضِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ أَيْ كَفَاسِدِ الْبَيْعِ) أَيْ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِمُفَوِّتٍ فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى فَالْقِيمَةُ كَالْقِيمَةِ فِي فَاسِدِهِ أَيْ مِنْ كَوْنِهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ هَذَا، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كَفَاسِدِ الْقَرْضِ أَيْ كَفَاسِدِ جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَرْضِ وَهَذَا مُفَادُ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ) أَيْ وَأَصْلُهُ الْبَيْعُ وَإِنَّمَا كَانَ الْبَيْعُ أَصْلًا لِلْقَرْضِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي -

فَيَفُوتُ بِالْقِيمَةِ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ وَأَتَى بِهَذَا التَّشْبِيهِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ مَا فَسَدَ مِنْ الْقَرْضِ غَيْرَ هَذَا الْفَرْعِ إلَّا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا ذَكَرَ. (وَحَرُمَ) عَلَى الْمُقْرِضِ (هَدِيَّتُهُ) أَيْ هَدِيَّةُ الْمُقْتَرِضِ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مَدِينٌ فَيَؤُولُ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ، وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْمَدِينِ مُطْلَقًا كَانَ أَفْيَدَ ثُمَّ الْحُرْمَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ قَصَدَ الْمُهْدِي بِهَدِيَّتِهِ تَأْخِيرَهُ بِالدَّيْنِ وَنَحْوَهُ وَوَجَبَ رَدُّهَا إنْ لَمْ تَفُتْ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَظَاهِرًا فَقَطْ إنْ قَصَدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى (إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ) قَبْلَ الْقَرْضِ (مِثْلُهَا) فَإِنْ تَقَدَّمَ مِثْلُهَا مِنْ الْمُهْدِي لِلْمُهْدَى لَهُ صِفَةً وَقَدْرًا لَمْ يَحْرُمْ (أَوْ) لَمْ (يَحْدُثْ مُوجِبٌ) كَصِهَارَةٍ أَوْ جِوَارٍ وَكَانَ الْإِهْدَاءُ لِذَلِكَ لَا لِلدَّيْنِ (كَرَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ فَيَحْرُمُ هَدِيَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ، وَقَوْلُهُ (وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَامِلِهِ فَقَطْ أَيْ تُمْنَعُ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ لِرَبِّهِ نَظَرًا لِلْمَآلِ أَيْ لِمَا بَعْدَ نَضُوضِ الْمَالِ أَيْ لِلِاتِّهَامِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَهْدَى لِرَبِّهِ لِيَبْقَى الْمَالُ بِيَدِهِ بَعْدَ النَّضُوضِ لِيَعْمَلَ بِهِ ثَانِيًا (وَذِي الْجَاهِ) تَحْرُمُ الْهَدِيَّةُ لَهُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعِوَضٍ إلَّا أَنَّ الْغَالِبَ فِي دَفْعِ الْمُتَمَوَّلِ فِي الْعِوَضِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى طَرِيقِ التَّفَضُّلِ فَهُوَ خِلَافُ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ فَيَفُوتُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَيَرُدُّ مِثْلَهُ، وَقَوْلُهُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ أَيْ بِحَيْثُ يَرُدُّ الْمِثْلَ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي فَاسِدِهِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُسْتَفَادُ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ كَفَاسِدِهِ أَيْ الْقَرْضِ يَعْنِي غَيْرَ هَذَا الْفَرْعِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ ذَلِكَ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ شَبَّهَ بَقِيَّةَ جُزْئِيَّاتِ الْقَرْضِ الْفَاسِدِ بِهَذَا الْجُزْءِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أَيْ هَدِيَّةُ الْمُقْتَرِضِ) أَيْ الْهَدِيَّةُ الْكَائِنَةُ مِنْ الْمُقْتَرِضِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ إلَّا فِي ذِي الْجَاهِ وَالْقَاضِي فَإِنَّ الْمُرَادَ الْهَدِيَّةُ الْوَاصِلَةُ لَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُرْمَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلٍّ مِنْ الْآخِذِ وَالدَّافِعِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا قَالَ خش فِي كَبِيرِهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْهَدِيَّةِ حَقِيقَتَهَا فَقَطْ بَلْ كُلُّ مَا حَصَلَ بِهِ الِانْتِفَاعُ كَرُكُوبِ دَابَّةِ الْمُقْتَرِضِ وَالْأَكْلِ فِي بَيْتِهِ عَلَى طَرِيقِ الْإِكْرَامِ أَوْ شُرْبِ فِنْجَانِ قَهْوَةٍ أَوْ جَرْعَةِ مَاءٍ وَالتَّظَلُّلِ بِجِدَارِهِ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الشُّرْبِ وَالتَّظَلُّلِ وَكَذَلِكَ الْأَكْلُ إنْ كَانَ لِأَجْلِ الْإِكْرَامِ لَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِرَبِّ الْمَالِ) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ هُوَ الْمُقْرِضُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مُقْتَرِضًا أَوْ غَيْرَهُ فَيَشْمَلُ مَدِينَ الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَالسَّلَمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْحُرْمَةُ ظَاهِرًا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْحُرْمَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِآخِذِ الْهَدِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالدَّافِعِ فَهِيَ بَاطِنِيَّةٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ) أَيْ وَإِلَّا رَدَّ الْقِيمَةَ وَرَدَّ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرًا فَقَطْ) أَيْ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِرَدِّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ رَدِّ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا إنْ فَاتَتْ وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ وَجْهَ اللَّهِ) أَيْ لَا مُكَافَأَةً لِرَبِّ الدَّيْنِ وَإِلَّا حَرُمَ أَخْذُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُكَافَأَةُ الْمَطْلُوبَةُ فِي حَدِيثِ «مَنْ صَنَعَ مَعَكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تُكَافِئُوهُ فَادْعُوَا لَهُ حَتَّى تَظُنُّوا أَنَّكُمْ كَافَأْتُمُوهُ» فَالْمُرَادُ بِهَا الْمُكَافَأَةُ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ) أَيْ لِلْهَدِيَّةِ مِنْ الْمَدِينِ لِرَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ كَرَبِّ الْقِرَاضِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إهْدَاءُ الْعَامِلِ لِئَلَّا يَقْصِدَ بِذَلِكَ أَنْ يَسْتَدِيمَ عَمَلَهُ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ أَمَّا قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ فَبِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَخْذَهُ مِنْهُ فَيُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَهْدَى إلَيْهِ لِيَبْقَى الْمَالُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَالِ فَيَجُوزُ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْمَالِ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ أَوْ الْمَآلِ وَهُوَ أَنْ يَتَرَقَّبَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَنَّهُ بَعْدَ نَضُوضِ الْمَالِ يُعَامِلُهُ ثَانِيًا لِأَجْلِ هَدِيَّتِهِ لَهُ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَامِلِهِ فَقَطْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ بَعْد شَغْلِهِ، وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ بَعْدَ الشَّغْلِ لِعَدَمِ قُدْرَةِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى فَسْخِ الْقِرَاضِ. حِينَئِذٍ إنَّمَا كَانَتْ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةً لِلْعَامِلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ فَقَطْ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَعَامِلِهِ بِالْكَافِ. (قَوْلُهُ وَذِي الْجَاهِ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ مَحَلُّ مَنْعِ الْأَخْذِ عَلَى الْجَاهِ إذَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَمْنَعُ غَيْرَهُ بِجَاهِهِ مِنْ غَيْرِ مَشْيٍ وَلَا حَرَكَةٍ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَذِي الْجَاهِ مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ أَيْ مِنْ حَيْثُ جَاهِهِ فَقَطْ كَمَا إذَا احْتَرَمَ زَيْدٌ مَثَلًا بِذِي جَاهٍ وَمُنِعَ مِنْ أَجْلِ احْتِرَامِهِ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ زَيْدٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجُوزُ دَفْعُ الضَّيْعَةِ لِذِي الْجَاهِ لِلضَّرُورَةِ إنْ كَانَ يَحْمِي بِسِلَاحِهِ، فَإِنْ كَانَ يَحْمِي بِجَاهِهِ فَلَا؛ لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْجَاهِ اهـ وَبَيَانُهُ أَنَّ ثَمَنَ الْجَاهِ إنَّمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَخْذِ عَلَى الْوَاجِبِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَذْهَبَ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ اهـ وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ عَنْ ثَمَنِ الْجَاهِ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي حُكْمِ ثَمَنِ الْجَاهِ فَمِنْ قَائِلٍ بِالتَّحْرِيمِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ قَائِلٍ بِالْكَرَاهَةِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ مُفَصِّلٍ فِيهِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ ذُو الْجَاهِ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ وَتَعَبٍ وَسَفَرٍ فَأَخَذَ أَجْرَ مِثْلِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْحَقُّ وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيُّ عَمَّنْ يَحْرُسُ النَّاسَ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُخِيفَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَجَابَ ذَلِكَ جَائِزٌ

(وَالْقَاضِي) كَذَلِكَ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الدَّافِعِ لِلْقَاضِي إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَهُ خَلَاصُ حَقِّهِ أَوْ دَفْعُ مَظْلِمَتِهِ عَنْهُ بِدُونِهِ فَالْحُرْمَةُ عَلَى الْقَاضِي فَقَطْ (وَمُبَايَعَتُهُ) أَيْ مَنْ تَحْرُمُ هَدِيَّتُهُ مِنْ مَدِينٍ وَذِي جَاهٍ وَقَاضٍ تَحْرُمُ مُبَايَعَتُهُ (مُسَامَحَةً) أَيْ بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَإِنْ وَقَعَ رَدٌّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ (أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ) الْأَحْسَنُ كَوْنُهُ مَصْدَرًا مَرْفُوعًا مُضَافًا لِمَنْفَعَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى هَدِيَّتِهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ وَحَرُمَ فِي الْقَرْضِ جَرُّ مَنْفَعَةٍ (كَشَرْطِ) قَضَاءِ (عَفِنٍ بِسَالِمٍ) وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ (أَوْ) شَرْطِ دَفْعِ (دَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ) غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ وَلَوْ لِحَاجٍّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْفِيفِ مُؤْنَةِ حَمْلِهِ، وَمَفْهُومُهُ الْجَوَازُ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) شَرْطِ دَفْعِ (خُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ اسْمٌ لِلرَّمَادِ الْحَارِّ الَّذِي يُخْبَزُ بِهِ أَوْ لِلْحُفْرَةِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا الرَّمَادُ الْحَارُّ لِذَلِكَ أَيْ بِخُبْزِ مَلَّةٍ لِحُسْنِ خُبْزِهَا عَلَى خُبْزِ الْفُرْنِ (أَوْ عَيْنٍ) أَيْ يَحْرُمُ قَرْضُهَا إذَا (عَظُمَ حَمْلُهَا) لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا بِمَوْضِعٍ آخَرَ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ أُجْرَةَ الْحَمْلِ وَغَرَرَ الطَّرِيقِ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ الشَّامِلُ لِلْعَرْضِ وَالْمِثْلِيِّ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْمَنْعِ قَوْلَهُ (كَسَفْتَجَةٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَفَتْحِ الْجِيمِ لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ مَعْنَاهَا الْكِتَابُ الَّذِي يُرْسِلُهُ الْمُقْتَرِضُ لِوَكِيلِهِ بِبَلَدٍ لِيَدْفَعَ لِلْمُقْرِضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَاهٌ قَوِيٌّ بِحَيْثُ لَا يُتَجَاسَرُ عَلَيْهِ عَادَةً، وَأَنْ يَكُونَ سَيْرُهُ مَعَهُمْ بِقَصْدِ تَجْوِيزِهِمْ فَقَطْ لَا لِحَاجَةٍ لَهُ وَأَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ يَدْخُلَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِمَا يَدْفَعُونَهُ لَهُ اهـ وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ نَعَمْ يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ اهـ بْن. {تَنْبِيهٌ} لَوْ جَاءَتْ مُغْرَمَةٌ عَلَى جَمَاعَةٍ وَقَدَرَ أَحَدُهُمْ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ لَكِنَّ حِصَّتَهُ تُؤْخَذُ مِنْ بَاقِيهِمْ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ أَوْ يُكْرَهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ أَوْ يَحْرُمُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ وَعَزَاهُ فِي الْمَوَّاقِ لِسَحْنُونٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ حِصَّتَهُ لَا تُؤْخَذُ مِنْ بَاقِيهِمْ كَانَ لَهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَعُمِلَ فِيمَا يَأْخُذُهُ الْمُكَّاسُ مِنْ الْمَرْكَبِ بِتَوْزِيعِهِ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُمْ نَجَوْا بِهِ. (قَوْلُهُ وَالْقَاضِي كَذَلِكَ) أَيْ تَحْرُمُ الْهَدِيَّةُ لَهُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ، هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ لَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ فِي جَوَازِ الْهَدِيَّةِ لَهُ بَعْدَ الْوِلَايَةِ إذَا كَانَ مُعْتَادًا لَهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ قَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ مُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُهُ بِغَيْرِ مُسَامَحَةٍ فَقِيلَ يَجُوزُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ وَاسْتَظْهَرَ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ شِرَاءُ الْمَدِينِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ مُسَامَحَةً فَيُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ حَمْلِ الْمَدِينِ عَلَى زِيَادَةٍ فِي السَّلَفِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفًا) الْأَوْلَى زِيَادَةُ الْوَاوِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ وَلِأَنَّ كَوْنَهُ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى هَدِيَّتِهِ لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ النُّسَخُ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ بِالْعَطْفِ بِأَوْ وَالْوَاوِ وَإِنَّمَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ أَوْ تُوهِمُ أَنَّ الْمَمْنُوعَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَوْ أَنَّهَا لِلتَّنْوِيعِ إذْ الْهَدِيَّةُ نَوْعٌ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ جَعْلُهُ مَصْدَرًا مُضَافًا أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ فِعْلًا مَاضِيًا وَ " مَنْفَعَةٍ " مَفْعُولَهُ فَهُوَ إمَّا صِلَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ مَا جَرَّ مَنْفَعَةً وَحَذْفُ الْمَوْصُولِ وَإِنْ جَازَ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا فِي {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: 46] وَلَا دَلِيلَ هُنَا وَإِمَّا صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَحَذْفُ الْمَوْصُوفِ بِالْجُمْلَةِ لَا يَنْقَاسُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْضَ اسْمٍ مَجْرُورٍ بِمِنْ أَوْ بِفِي نَحْوُ مِنَّا ظَعَنَ وَمِنَّا أَقَامَ أَيْ مِنَّا فَرِيقٌ ظَعَنَ وَفَرِيقٌ أَقَامَ وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: إنْ قُلْت مَا فِي قَوْمِهَا لَمْ تِيثَمِ ... يَفْضُلُهَا فِي حَسَبٍ وَمِيسَمِ أَيْ أَحَدٌ يَفْضُلُهَا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا أَنَا ابْنُ جَلَا وَطَلَّاعُ الثَّنَايَا أَيْ أَنَا ابْنُ رَجُلٍ جَلَا فَشَاذٌّ (قَوْلُهُ أَيْ وَحَرُمَ فِي الْقَرْضِ جَرُّ مَنْفَعَةٍ) أَيْ لِلْمُقْرِضِ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ قَلِيلَةً قَالَ فِي المج وَمِنْ ذَلِكَ فَرَّعَ مَالِكٌ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَخِّرْ الْمَدِينَ وَأَنَا أُعْطِيك مَا تَحْتَاجُهُ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ سَلَفٌ نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ أَخِّرْهُ وَأَنَا أَقْضِيهِ عَنْهُ جَازَ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَطَ دَفْعَ دَقِيقٍ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِقَضَاءٍ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَظْهَرَ جَرُّ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْرِضِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِحَاجٍّ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَمْدِيسِيَّةِ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ لِلْحَاجِّ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ أَيْ بِخُبْزِ مَلَّةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَلَّةِ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ، وَقِيلَ إنَّ الْمَلَّةَ اسْمٌ لِمَا يُخْبَزُ فِي الرَّمَادِ الْحَارِّ الَّذِي فِي الْحُفْرَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ خُبْزٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُبْزِ فُرْنٍ بِمَلَّةٍ إنَّ قَرْضَ خُبْزِ فُرْنٍ بِمِثْلِهِ وَخُبْزِ مَلَّةٍ بِمِثْلِهِ الْجَوَازُ مَعَ تَحَرِّي مَا فِي الْخُبْزَيْنِ مِنْ الدَّقِيقِ وَلَا يَكْفِي وَزْنُهُمَا مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَزْنُهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَيْخَنَا اعْتَمَدَ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي الْعَدَدِ فِي قَرْضِ الْخُبْزِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَسَامَحُ فِيهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ، فَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ رِبَوِيٍّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَزْنُهُمَا فَقَطْ. {تَنْبِيهٌ} خُبْزُ الْمَلَّةِ هُوَ الْمَشْهُورُ بِالْفَطِيرِ الدَّمَاسِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالْمِثْلِيُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا أَوْ طَعَامًا كَالدَّقِيقِ وَالْكَعْكِ. (قَوْلُهُ مَعْنَاهَا الْكِتَابُ) أَيْ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ الْآنَ بِالْبَالُوصَةِ

نَظِيرَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ بِبَلَدِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا جَرَّ مَنْفَعَةً (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ) أَيْ يَغْلِبَ سَائِرَ الطُّرُقِ فَلَا حُرْمَةَ بَلْ يُنْدَبُ لِلْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ بَلْ قَدْ يَجِبُ (وَكَعَيْنٍ) أَيْ ذَاتٍ مِنْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (كُرِهَتْ إقَامَتُهَا) عِنْدَ مَالِكِهَا خَوْفَ تَلَفٍ أَوْ ضَيَاعٍ فَيَحْرُمُ سَلَفُهَا لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا إنْ جَرَى شَرْطٌ أَوْ عُرْفٌ كَمَا مَرَّ (إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ) أَيْ قَرِينَةٌ (عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ) فَيَجُوزُ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ السَّابِقَةِ كَمَا إذَا كَانَ الْقَمْحُ الْمُسَوِّسُ أَوْ الْعَفِنُ إذَا بَاعَهُ الْآنَ أَحَظُّ لَهُ مِمَّا يَأْتِي لَهُ بَدَلُهُ لِغَلَاءٍ وَنَحْوِهِ (كَفَدَّانٍ) هُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا مِنْ الْأَرْضِ فِي عُرْفِ مِصْرَ جَمْعُهُ أَفَدِنَةٌ وَفَدَادِينُ وَفُدْنٌ (مُسْتَحْصِدٌ) بِكَسْرِ الصَّادِ اسْمُ فَاعِلِ أَحْصَدَ وَهُوَ لَازِمٌ أَيْ حَانَ حَصْدُهُ أَقْرَضَهُ رَبُّهُ لِرَجُلٍ (خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُقْرِضِ فِي حَصْدِهِ وَدَرْسِهِ وَذَرْوِهِ لِيَسَارَتِهِ فِي جَانِبِ زَرْعِهِ، وَالْمُقْتَرِضُ (يَحْصُدُهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا (وَيَدْرُسُهُ) وَيَذْرُوهُ وَيَضْبِطُ مَكِيلَتَهُ وَيَنْتَفِعُ بِهَا وَالْمُقْرِضُ غَيْرُ قَاصِدٍ نَفْعَ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَالتَّشْبِيهُ يُفِيدُهُ (وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ) عَلَى الْمُقْرِضِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى التَّصْدِيقِ فِيهَا بِقَوْلِهِ وَمُقْرِضٌ وَأَمَّا التِّبْنُ فَلِمُقْرِضِهِ. (وَمَلَكَ) الْقَرْضَ أَيْ مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ بِالْعَقْدِ كَكُلِّ مَعْرُوفٍ مِنْ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ تُقْبَضْ (وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ) لِمُقْرِضِهِ إنْ أَرَادَهُ (إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ) فَيُعْمَلُ بِكُلٍّ، فَإِنْ انْتَفَيَا كَانَ كَالْعَارِيَّةِ الْمُنْتَفِي فِيهَا شَرْطُ الْأَجَلِ وَالْعَادَةِ فَيَبْقَى لَهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ إعَارَةٌ لِمِثْلِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُقْتَرِضُ رَدَّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ نَظِيرَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ بِبَلَدِهِ إلَخْ) وَإِنَّمَا مُنِعَ؛ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ انْتَفَعَ بِحِرْزِ مَالِهِ مِنْ آفَاتِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا جَرَّ مَنْفَعَةً) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ، ثُمَّ شَبَّهَ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهُ مِثَالٌ لِلْعَيْنِ الَّتِي عَظُمَ حَمْلُهَا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ كَسَفْتَجَةٍ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ كَمَضْمُونِ سَفْتَجَةٍ أَيْ مَا تَضَمَّنَتْهُ السَّفْتَجَةُ وَهِيَ الْعَيْنُ الْعَظِيمَةُ الْحِمْلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ) أَيْ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ جَمِيعَ طُرُقِ الْمَحَلِّ الَّتِي يَذْهَبُ الْمُقْرِضُ مِنْهَا إلَيْهِ، فَإِنْ غَلَبَ الْخَوْفُ لَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ فَلَا يَجُوزُ، وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ الْهَلَاكُ أَوْ نَهْبُ الْمَالِ فِي كُلِّ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ لِلْأَمْنِ) أَيْ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ حِفْظِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ عَلَى مَضَرَّةِ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا (قَوْلُهُ خَوْفَ تَلَفٍ) أَيْ بِعُثَّةٍ أَوْ سُوسٍ أَوْ عَفَنٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَيْنَ سَلِيمَةٌ لَكِنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَ رَبِّهَا فَكُرِهَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ تَلَفِهَا بِطُرُوِّ مَا ذُكِرَ فَيُقْرِضُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ جَدِيدًا. (قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا) لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ نَفْعَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ جَرَى إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ يَحْرُمُ تَسَلُّفَهَا لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا يَعْنِيَ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ تَسَلُّفِهَا لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا إنْ شَرَطَ أَخْذَ الْبَدَلِ جَدِيدًا أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ. {تَنْبِيهٌ} مِنْ مِثْلِ الْحَرَامِ الدَّاخِلِ تَحْتَ كَافِ التَّمْثِيلِ فِي قَوْلِهِ كَشَرْطِ عَفَنٍ إلَخْ قَرْضُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ لِيَأْخُذَ عَنْهَا كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ مَثَلًا وَكَدَفْعِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ قَمْحٍ لِخَبَّازٍ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ خُبْزٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ) أَيْ مَعَ الشَّرْطِ أَوْ الْعَادَةِ (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ لَا نَفْعَ الْمُقْرِضِ أَوْ نَفْعَهُمَا مَعًا كَقَرْضِ الْمُلْتَزِمِينَ بِالْبِلَادِ فَلَّاحِيهِمْ الْبَذْرَ لِيَزْرَعُوا وَيَدْفَعُوا لَهُمْ الْخَرَاجَ أَوْ نَفْعَ أَجْنَبِيٍّ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُقْرِضِ بِحَيْثُ يَكُونُ نَفْعُهُ كَنَفْعِهِ فَيُمْنَعُ فِي الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ) أَيْ الَّتِي أَوَّلُهَا قَوْلُهُ كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ (قَوْلُهُ اسْمُ فَاعِلِ أَحْصَدَ) الْأَوْلَى اسْمُ فَاعِلِ اسْتَحْصَدَ (قَوْلُهُ وَالْمُقْتَرِضُ يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ) أَيْ وَضَمَانُهُ فِي حَالِ حَصْدِهِ وَدَرْسِهِ مِنْ مُقْرِضِهِ (قَوْلُهُ وَالتَّشْبِيهُ يُفِيدُهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ كَفَدَّانٍ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُقْتَرِضِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِمَا إذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُقْرِضَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَ الْمُقْتَرِضَ فِي قَدْرِ الْقَرْضِ إذَا أَتَى لَهُ بِهِ. (قَوْلُهُ مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ) أَيْ وَصَارَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ بِالْعَقْدِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ كَكُلِّ مَعْرُوفٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِالْعَقْدِ لَكِنْ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ الْمِلْكُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْحِيَازَةِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَرْضَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَيَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ إلَّا أَنَّ الْقَرْضَ يَتِمُّ مِلْكُهُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ، فَإِنْ حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مَانِعٌ قَبْلَ الْحَوْزِ لَمْ يَبْطُلْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ مِلْكُهُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ إلَّا إذَا حَازَهُ، فَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ لِلدَّافِعِ قَبْلَ الْحَوْزِ بَطَلَ. هَذَا مَا يُفِيدُهُ بْن خِلَافًا لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ تت مِنْ أَنَّ الْقَرْضَ كَغَيْرِهِ لَا يَتِمُّ مِلْكُهُ إلَّا بِالْحَوْزِ، فَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ حَوْزِهِ بَطَلَ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ أَنْ يَرُدَّ الْقَرْضَ لِمُقْرِضِهِ إنْ طَلَبَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ عَادَةَ أَمْثَالِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُقْرِضُ عَلَيْهِ رَدَّهُ مَتَى طَلَبَهُ مِنْهُ أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَهُ رَدُّهُ وَلَوْ قَبْلَ انْتِفَاعِهِ بِهِ عَادَةَ أَمْثَالِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ إذَا قَبَضَ الْقَرْضَ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَجَلٌ مَضْرُوبٌ أَوْ مُعْتَادٌ لَزِمَهُ رَدُّهُ إذَا انْقَضَى ذَلِكَ الْأَجَلُ وَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ عَادَةَ أَمْثَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضُرِبَ لَهُ أَجَلٌ وَلَمْ يَعْتَدْ فِيهِ أَجَلٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ رَدُّهُ لِمُقْرِضِهِ إلَّا إذَا انْتَفَعَ بِهِ عَادَةَ أَمْثَالِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الَّذِي اقْتَرَضَهُ وَأَنْ يَرُدَّ عَيْنَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، فَإِنْ تَغَيَّرَ وَجَبَ رَدُّ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْقَرْضَ إذَا لَمْ يُؤَجَّلْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ

[فصل في المقاصة]

لَزِمَ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ (كَأَخْذِهِ) أَيْ كَمَا لَا يَلْزَمُ رَبَّهُ أَخْذُهُ (بِغَيْرِ مَحَلِّهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ عَلَيْهِ (إلَّا الْعَيْنَ) فَيَلْزَمُ رَبَّهَا أَخْذُهَا بِغَيْرِ مَحَلِّهَا لِخِفَّةِ حَمْلِهَا وَيَنْبَغِي إلَّا لِخَوْفٍ أَوْ احْتِيَاجٍ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ وَأَنَّ مِثْلَ الْعَيْنِ الْجَوَاهِرُ الْخَفِيفَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَابِ السَّابِقِ كَالْعُرُوضِ دَرْسٌ. {فَصْلٌ} فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَهَذَا الْفَصْلُ بَيَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَلَّفَهُ تِلْمِيذُهُ بَهْرَامُ فَقَالَ (تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ) وَهِيَ إسْقَاطُ مَا لَكَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى غَرِيمِك فِي نَظِيرِ مَا لَهُ عَلَيْك بِشُرُوطِهِ وَعَبَّرَ بِالْجَوَازِ إمَّا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ أَوْ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ طَلَبَهَا مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ الْحُكْمِ بِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إمَّا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا فَأَشَارَ إلَى كَوْنِهِمَا عَيْنًا بِقَوْلِهِ (فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ عَلَى الْحُلُولِ فَإِذَا طَلَبَهُ الْمُقْرِضُ قَبْلَ انْتِفَاعِ الْمُقْتَرِضِ بِهِ رُدَّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ يُقَيَّدُ غَيْرُ الْعَيْنِ بِمَا إذَا كَانَا فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا كَانَا فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَّا لِخَوْفٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ يَلْزَمُ رَبَّهَا أَخْذُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَالْأَجَلِ وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَابِ السَّابِقِ كَالْعُرُوضِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَرْضَ إنْ كَانَ عَيْنًا وَأَرَادَ الْمُقْتَرِضُ رَدَّهُ لَزِمَ رَبَّهُ قَبُولُهُ مُطْلَقًا كَانَ فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ أَوْ فِي غَيْرِهِ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَا إلَّا لِخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ أَوْ احْتِيَاجٍ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا قَبْلَ الْمَحَلِّ وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ غَيْرَ عَيْنٍ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا فَيُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْقَبُولِ إذَا أَتَى بِهِ الْمُقْتَرِضُ فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ، وَأَمَّا دَيْنُ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ عَيْنِ الْقَرْضِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَيُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُولِ إنْ كَانَا فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَإِنْ كَانَا فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا أَوْ كَانَا فِي الْمَحَلِّ وَلَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى الْقَبُولِ. [فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ] {فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ} (قَوْلُهُ بَيَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ لَهُ بَيَاضًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ بَابَ الرَّهْنِ، وَإِنَّمَا أَلَّفَ بَهْرَامُ فِي هَذَا الْبَيَاضِ فَصْلَ الْمُقَاصَّةِ لِقَوْلِهِ اعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ الْأَشْيَاخِ فِي الْغَالِبِ أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْبَابَ أَيْ بَابَ الْقَرْضِ بِذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَأَرَدْت أَنْ أَذْكُرَ شَيْئًا مِنْهَا لِيَكُونَ تَتْمِيمًا لِغَرَضِ النَّاظِرِ اهـ (قَوْلُهُ إمَّا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) أَيْ فِيهَا فَغَالِبُ أَحْوَالِهَا الْجَوَازُ، وَأَمَّا وُجُوبُهَا فَهُوَ قَلِيلٌ إذْ هُوَ فِي أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ الْقَسِيمَ لِلْوُجُوبِ لِوُجُوبِهَا إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ إلَخْ وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْعُدُولِ عَنْهَا فِي صُوَرِ الْوُجُوبِ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا الْقَضَاءُ بِهَا لِطَالِبِهَا اهـ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي الْمُصَنَّفَ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَهَذَا لَا يُنَافِي الْقَضَاءَ بِهَا لِطَالِبِهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَحْوَالٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ حَالَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا أَوْ يَكُونَا مُؤَجَّلَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الْأَجَلِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فِيهِ فَالْجُمْلَةُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ حَالَةً وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَّحِدَا قَدْرًا وَصِفَةً أَوْ فِي الْقَدْرِ فَقَطْ أَوْ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ أَوْ يَخْتَلِفَا فِيهِمَا فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ حَالَةً (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ دَيْنَيْ الْعَيْنِ إنْ اتَّفَقَا قَدْرًا وَصِفَةً فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً كُلُّهَا

(إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا) أَيْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا (وَصِفَةً) كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَمِثْلِهَا (حَلَّا) مَعًا (أَوْ) حَلَّ (أَحَدُهُمَا أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ، وَلَوْ حَذَفَ هَذَا اكْتِفَاءً بِدُخُولِهِ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ لَكَانَ أَخْصَرَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْعَيْنَانِ (صِفَةً) أَيْ جَوْدَةً وَرَدَاءَةً (مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ) كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ (أَوْ) مَعَ (اخْتِلَافِهِ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ (فَكَذَلِكَ) أَيْ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ (إنْ حَلَّا) مَعًا إذْ هِيَ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ مُبَادَلَةٌ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (فَلَا) تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ بَدَلٌ مُسْتَأْخِرٌ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ (كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مِنْ بَيْعٍ) فَتَجُوزُ إنْ حَلَّا وَإِلَّا فَلَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا فِي قَوْلِهِ فَلَا فَقَطْ، وَمَفْهُومُ مِنْ بَيْعٍ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ حَلَّا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ حَلَّا فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ هُوَ الَّذِي مِنْ بَيْعٍ مُنِعَتْ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَنْ قَرْضٍ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَنْ بَيْعٍ بِزِيَادَةٍ وَهِيَ جَائِزَةٌ (وَالطَّعَامَانِ) فِي الْمُقَاصَّةِ كِلَاهُمَا (مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ) فَتَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا صِفَةً وَقَدْرًا حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا كَأَنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ أَوْ اخْتِلَافِهِ كَقَمْحٍ وَفُولٍ فَتَجُوزُ إنْ حَلَّا وَإِلَّا فَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQجَائِزَةٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً ثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَتِسْعَةٌ مَمْنُوعَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَاحِدَةٌ جَائِزَةٌ وَالْبَاقِي مَمْنُوعٌ فَجُمْلَةُ مَا فِي دَيْنِ الْعَيْنِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ. (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا فِي الصِّفَةِ اتِّحَادُهُمَا فِي النَّوْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ وَالذَّهَبِيَّةُ وَالْفِضِّيَّةُ (قَوْلُهُ حَلَّا مَعًا) أَيْ وَيُقْضَى بِهَا حِينَئِذٍ إنْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَيْ وَيُقْضَى بِهَا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا طَلَبَهَا مَنْ حَلَّ أَجَلُ دَيْنِهِ لَا إنْ طَلَبَهَا مَنْ لَمْ يَحِلَّ دَيْنُهُ إذْ لِلَّذِي حَلَّ دَيْنُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا وَأَخْذُهُ لِدَيْنِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ حَتَّى يَحِلَّ دَيْنُ الْآخَرِ فَيَقْضِيهِ لَهُ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ وَيُقْضَى بِهَا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا اتَّفَقَ أَجَلُ الدَّيْنَيْنِ وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَإِنَّمَا جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُعَاوَضَةُ وَالْمُبَارَأَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ هَذَا) أَيْ قَوْلَهُ حَلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً) هَذَا مَفْهُومُ اتِّحَادِ الصِّفَةِ فِيمَا مَرَّ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي الْقَدْرِ أَيْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ إنْ حَلَّا مَعًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ صَرَفُ مَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) أَيْ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فِي الْأَوَّلِ وَالْحُلُولِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّا) أَيْ وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ الْإِطْلَاقِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعَةٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْعَيْنَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا صِفَةً وَاتَّحَدَ نَوْعُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْ الْأَجَلِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ فَالْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ. (قَوْلُهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً) أَيْ كَدِينَارٍ كَامِلٍ وَدِينَارٍ نَاقِصٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ بَيْعٍ حَالٍّ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمَا فِي الزِّنَةِ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْعَدَدِ بَلْ هِيَ أَحْرَى فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قِيلَ إنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ دَيْنَيْ الْعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَزْنِ أَوْ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ إنْ حَلَّا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا فَلَا تَجُوزُ فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ وَاحِدَةٌ جَائِزَةٌ وَالثَّلَاثَةُ مَمْنُوعَةٌ نَعَمْ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَالَّةُ هِيَ الْعَيْنَ الْوَازِنَةُ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ لَا فِي قَوْلِهِ إلَخْ أَيْ لَا أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَلَا فَقَطْ أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَحَاصِلُهَا الْمَنْعُ إذَا كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ بَيْعٍ حَلَّا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمُبَادَلَةِ وَأَحَدُ الْعَيْنَيْنِ أَكْثَرُ فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا حَلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجُوزُ وَعَلَى الثَّانِي تُمْنَعُ (قَوْلُهُ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ) أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ حَلَّا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا) أَيْ سَوَاءٌ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَيْنَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْ الْقَدْرِ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَاعْتَمَدَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَدَيْنِ الْعَيْنِ فِي صُوَرِ الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الطَّعَامَيْنِ إذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً، فَإِنْ اتَّفَقَا

كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا (وَمُنِعَا) أَيْ الطَّعَامَانِ أَيْ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي الطَّعَامَيْنِ (مِنْ بَيْعٍ وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ) قَدْرًا وَصِفَةً لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَطَعَامٍ بِطَعَامٍ وَدَيْنٍ بِدَيْنٍ نَسِيئَةً وَهَاتَانِ الْعِلَّتَانِ فِي غَيْرِ الْحَالَّيْنِ (وَمِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ) تَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا وَصِفَةً وَقَدْرًا (وَحَلَّا) مَعًا (لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ) حَلَّ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ فَتُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَجَلِ. (وَتَجُوزُ) الْمُقَاصَّةُ (فِي الْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا) تَسَاوَيَا أَجَلًا أَمْ لَا، تَسَاوِي بَيْنَهُمَا كَكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ اخْتَلَفَ لِبُعْدِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ فِي الْعَرْضِ (إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَصِفَةً) كَثَوْبَيْنِ هَرَوِيَّيْنِ أَوْ مَرْوِيَّيْنِ (كَأَنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا) كَكِسَاءٍ وَرِدَاءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدْرًا وَصِفَةً جَازَتْ فِي أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا مُنِعَ فِي أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً جَازَ فِي وَاحِدَةٍ وَمُنِعَ فِي ثَلَاثَةٍ فَقَوْلُهُ فَتَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا صِفَةً، وَقَدْرًا كَإِرْدَبٍّ وَإِرْدَبٍّ مِنْ قَمْحٍ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ أَوْ لَمْ يَحِلَّا اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا فَلَا تَجُوزُ، وَقَوْلُهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا أَيْ فَتُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَسَوَاءٌ حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا. (قَوْلُهُ وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ) أَيْ كَأَنْ أُسْلِمَك عَلَى إرْدَبٍّ وَتُسْلِمَنِي عَلَى إرْدَبٍّ أَوْ أَكْثَرَ، وَقَوْلُهُ وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ أَجَلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ فَصُوَرُ الطَّعَامَيْنِ مِنْ بَيْعٍ أَرْبَعَةٌ وَكُلُّهَا تَمْنَعُ الْمُقَاصَّةَ فِيهَا اتَّفَقَا قَدْرًا وَصِفَةً أَوْ قَدْرًا فَقَطْ أَوْ صِفَةً فَقَطْ فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِجَوَازِهَا عِنْدَ اتِّفَاقِ الطَّعَامَيْنِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْحُلُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تَجْرِي فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ نَسِيئَةً) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ لَكِنْ يَرِدُ أَنَّ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ لَا يُنْظَرُ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا عَدَمَ الْحُلُولِ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ) أَيْ فَهِيَ تَجْرِي فِي أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ إذَا كَانَ الطَّعَامَانِ مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ وَمِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَيْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَا حَالَّيْنِ، وَعِلَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ كَأَنَّهُ اقْتَضَى عَنْ طَعَامِ السَّلَمِ الَّذِي لَهُ طَعَامَ الْقَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مَحْظُورَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِطَعَامِ الْبَيْعِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ كَوْنُ الْمُقَاصَّةِ مَعْرُوفًا أَيْضًا. {تَنْبِيهٌ} الطَّعَامَانِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ صُوَرُهُ اثْنَا عَشْرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا صِفَةً، وَقَدْرًا صُوَرُهُ أَرْبَعَةٌ تَجُوزُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ إذَا حَلَّا وَتُمْنَعُ فِي ثَلَاثَةٍ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً أَوْ قَدْرًا فَالْمَنْعُ فِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَ الْأَجَلَانِ أَوْ اخْتَلَفَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا وَصِفَةً الْأَوْلَى حَذْفُ الْجِنْسِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ وَالِاتِّفَاقُ فِي الصِّفَةِ يَسْتَلْزِمُ الِاتِّفَاقَ فِيهِ (قَوْلُهُ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا) الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ فِي مَسَائِلِ الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ الْعَرْضُ النَّوْعُ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَتَحْتَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَجَلِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ تَقْدِيرُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمُقَابِلُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْمَنْعِ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ الْجَوَازِ تَغْلِيبًا لِلْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ وَتَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي الْعَرْضَيْنِ) الْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالطَّعَامَ فَيَشْمَلُ الْحَيَوَانَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إذَا كَانَا عَرْضَيْنِ، فَإِنْ اتَّفَقَا فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ كَثَوْبَيْنِ هَرَوِيَّيْنِ أَوْ مَرْوِيَّيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْقُطْنِ جَيِّدَيْنِ أَوْ رَدِيئَيْنِ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً وَهِيَ مَا إذَا حَلَّ أَجَلُهُمَا أَوْ أَجَلُ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ

(وَاتَّفَقَا أَجَلًا) لِبُعْدِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ أَيْضًا وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ بَيْعٌ وَإِطْلَاقُ الْمُقَاصَّةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ (وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا) مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا) مَعًا (أَوْ) لَمْ يَحِلَّ (أَحَدُهُمَا) وَإِلَّا جَازَتْ فَتَجُوزُ بِحُلُولِ أَحَدِهِمَا كَمَا تَجُوزُ بِحُلُولِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ (وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا) كَثَوْبَيْ قُطْنٍ (وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ) كَهَرَوِيَّيْنِ أَوْ مَرْوِيَّيْنِ (أَوْ مُخْتَلِفَةٌ) كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هَرَوِيًّا وَالْآخَرُ مَرْوِيًّا (جَازَتْ) الْمُقَاصَّةُ (إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ) وَأَحْرَى إنْ حَلَّا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلُ مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ (فَلَا) تَجُوزُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، وَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ مُتَّفِقَةٌ مَعَ لَفْظِ أَوْ بِأَنْ يَقُولَ وَالصِّفَةُ مُخْتَلِفَةٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ حَيْثُ اتَّفَقَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَتَجُوزُ فِي الْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا إلَخْ، وَتَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ بِمَا ذَكَرْنَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجَلِ لَمْ تَجُزْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَدَّى إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مُنِعَ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا اُنْظُرْ تَفْصِيلَهُ فِي الْأَصْلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ قَرْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا نَوْعًا كَثَوْبٍ وَكِسَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ وَجُوخَةٍ فَفِيهِ صُوَرٌ اثْنَا عَشْرَ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي تِسْعَةٍ وَهِيَ مَا إذَا حَلَّ أَجَلُهُمَا أَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَتُمْنَعُ فِي ثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاخْتَلَفَا أَجَلًا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَإِنْ اتَّحَدَا نَوْعًا وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ كَثَوْبَيْنِ مِنْ الْقُطْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَكَثَوْبَيْنِ إحْدَاهُمَا هَرَوِيَّةٌ وَالْأُخْرَى مَرْوِيَّةٌ فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً أَيْضًا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي سِتَّةٍ إذَا حَلَّ الْعَرْضَانِ أَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَتُمْنَعُ فِي سِتَّةٍ إنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَالْأَجَلُ مُخْتَلِفٌ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ (قَوْلُهُ وَاتَّفَقَا أَجَلًا) أَيْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا) أَيْ وَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ مُنِعَتْ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ مَمْنُوعَةٌ لِمَا فِي الْمُقَاصَّةِ حِينَئِذٍ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَّ الْعَرْضَانِ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا جَازَتْ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ جَائِزَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ مَنْعِ هَذِهِ السِّتَّةِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ) أَيْ مَعَ حُلُولِهِمَا أَوْ حُلُولِ أَحَدِهِمَا أَيْ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ فِي الْأَجَلِ يَبْعُدُ مَعَهُ قَصْدُ الْمُكَايَسَةِ وَالْمُغَالَبَةِ كَمَا يَبْعُدُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ) أَيْ إنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَ أَجَلُهُمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلُ) أَيْ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَأَجَلُهُمَا مُخْتَلِفٌ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ وَتَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ هُنَا، وَقَوْلُهُ بِمَا ذَكَرْنَا أَيْ مِنْ كَوْنِ الْعَرْضَيْنِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرِ مِنْ قَرْضٍ. (قَوْلُهُ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ، وَقَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ عَلَى تَفْصِيلٍ أَيْ لَمْ تَجُزْ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ، وَقَوْلُهُ إنْ أَدَّى إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مُنِعَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِذَلِكَ جَازَتْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَرْضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الصِّفَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَكَانَ الْحَالُّ مِنْهُمَا أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ مُنِعَ لِمَا فِيهَا مِنْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَدْنَى أَوْ أَقَلَّ فَامْنَعْ أَيْضًا لِمَا فِي الْمُقَاصَّةِ حِينَئِذٍ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَا أَجَلًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلِذَا جَازَتْ، وَأَمَّا إذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَدْنَى أَوْ أَقَلَّ فَامْنَعْ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَجْوَدَ صِفَةً فَأَجِزْ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي الْقَرْضِ فَلَا يَدْخُلُهُ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك، وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَسَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا بِخِلَافِ دَيْنِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك، فَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَكْثَرَ فَامْنَعْ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُ الْعَرْضَيْنِ مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَأَجِزْهُ عَلَى مَا سَبَقَ فَتَقُولُ إنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا مِنْ بَيْعٍ فَامْنَعْ إنْ كَانَ أَدْنَى صِفَةً أَوْ أَقَلَّ قَدْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ صِفَةً أَوْ أَكْثَرَ قَدْرًا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ أَدْنَى صِفَةً أَوْ أَقَلَّ قَدْرًا مُنِعَ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ قَدْرًا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَأَجِزْ إنْ كَانَ أَجْوَدَ صِفَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَرْضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الصِّفَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَا

[باب في الرهن]

بَابٌ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ وَعُرْفًا مَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ مَا قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ فَتَخْرُجُ الْوَدِيعَةُ وَالْمَصْنُوعُ عِنْدَ صَانِعِهِ وَقَبْضُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَبْدًا جَنَى عَلَيْهِ كَمَا قَالَ وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِقَوْلِهِ (الرَّهْنُ بَذْلُ) أَيْ إعْطَاءُ (مَنْ لَهُ الْبَيْعُ) صِحَّةً وَلُزُومًا (مَا يُبَاعُ) مِنْ كُلِّ طَاهِرٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومٍ غَيْرِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَدَخَلَ فِيهِ رَهْنُ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ مِنْ الْمَدِينِ وَغَيْرِهِ وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَصْلِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ مَا يُبَاعُ يُخْرِجُ مَا فِيهِ غَرَرٌ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُهُ عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ غَرَرًا) أَيْ ذَا غَرَرٍ (وَلَوْ اُشْتُرِطَ فِي الْعَقْدِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ بَيْعٍ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا مُطْلَقًا لِضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَإِنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْوَدُ أَقْرَبَ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجْوَدُ مِنْ بَيْعٍ أَقْرَبَ أَوْ حَالًّا. [بَابٌ فِي الرَّهْنِ] (قَوْلُهُ فِي الرَّهْنِ) أَيْ فِي ذِكْرِ حَقِيقَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ فِي الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ) قَالَ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] أَيْ مَحْبُوسَةٌ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ) أَيْ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَهُ الْوَانُّوغِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مِنْ الرَّهْنِ إلَّا مَا هُوَ مَقْبُوضٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ لَا يُسَمَّى رَهْنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَةِ الرَّهْنِ وَلَا شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَلَا لُزُومِهِ بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَصِحُّ وَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ، ثُمَّ يَطْلُبُ الْمُرْتَهِنُ الْإِقْبَاضَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ يَصِحُّ الرَّهْنُ قَبْل الْقَبْضِ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ فَأَنْتَ تَرَى الْقَبْضَ وَالْإِقْبَاضَ مُتَأَخِّرَيْنِ عَنْ الرَّهْنِ وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْ الشَّيْءِ غَيْرُهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِعْطَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَبْضِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْإِعْطَاءَ أَوْ الْقَبْضَ الْحِسِّيَّ بَلْ الْمَعْنَوِيَّ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْعَقْدِ أَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْقَلِيلِ، وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَعَرَّفَهُ بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ بِنَاءً عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ) أَيْ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْبَيْعِ صِحَّةً وَهُوَ الْمُمَيِّزُ وَلُزُومًا وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ فَمَنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ، وَمَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مِنْ صَبِيٍّ لَا مَيْزَ لَهُ وَيَصِحُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِمْ أَيْ إنْ اشْتَرَطَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ وَإِلَّا فَهُوَ تَبَرُّعٌ بَاطِلٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَيَلْزَمُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ كَالْبَيْعِ، فَإِنْ قُلْت الْمَرِيضُ يَصِحُّ بَيْعُهُ دُونَ رَهْنِهِ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قُلْتُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الْمَرِيضِ وَرَهْنِهِ فَلَا بَحْثَ حِينَئِذٍ لَكِنْ مَا فِي الْوَثَائِقِ مِنْ الْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى رَهْنٍ فِي مُعَامَلَةٍ جَدِيدَةٍ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي كَلَامِهِمْ فِي دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى مَرَضِهِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ مِنْ الْمَدِينِ وَغَيْرِهِ) أَيْ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ لِلْمَدِينِ وَلِغَيْرِهِ فَمِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ، فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ لِي دَرَاهِمُ دَيْنًا عَلَى زَيْدٍ وَلَهُ عَلَيَّ طَعَامٌ أَوْ عَرْضٌ دَيْنًا فَأَجْعَلُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيَّ رَهْنًا فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ كَانَ لِي دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ وَزَيْدٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَيَرْهَنُنِي زَيْدٌ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى عَمْرٍو فِي دَيْنِي الَّذِي عَلَيْهِ بِأَنْ يَدْفَعَ لِي وَثِيقَةَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى عَمْرٍو حَتَّى يَقْضِيَنِي دَيْنِي (قَوْلُهُ فِي الْأَصْلِ) مُرَادٌ بِهِ شَرْحُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي الزَّرْقَانِيِّ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ رَهْنُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدَّيْنِ الرَّهْنِ مِثْلَ أَجْلِ الدَّيْنِ الَّذِي فِيهِ الرَّهْنُ أَوْ يَكُونَ أَبْعَدَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَجْلُ الدَّيْنِ الرَّهْنِ أَقْرَبَ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ الرَّهْنُ حَالًّا مُنِعَ الرَّهْنُ لِأَدَائِهِ لَا سَلِّفْنِي وَأُسَلِّفُك إنْ كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ قَرْضٍ وَلِأَدَائِهِ لِاجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ إنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَيْنَ الرَّهْنِ إذَا كَانَ أَقْرَبَ أَجَلًا بَقَاؤُهُ بَعْدَ حُلُولِهِ عِنْدَ الْمَدِينِ حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ فِيهِ يُعَدُّ سَلَفًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ حَالًّا فَبَقَاؤُهُ عِنْدَ الْمَدِينِ إلَى حُلُولِ أَجَلِ الْمُؤَجَّلِ يُعَدُّ سَلَفًا وَهُوَ مُصَاحِبٌ لِلْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ وَمَا فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ رَهْنُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ فَالشَّرْطُ فِي صِحَّتِهِ قَبْضُهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى حَوْزِهِ وَدَفْعُ الْوَثِيقَةِ لِلْمُرْتَهَنِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالْمُرْتَهِنِ فَشَرْطُ كَمَالٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ أَيْ ذَا غَرَرٍ) أَيْ لِأَنَّ الْآبِقَ مَثَلًا إذَا كَانَ رَهْنًا كَانَ ذَا غَرَرٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُودَهُ وَقْتَ الرَّهْنِ وَعَدَمَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْتَمَلُ الْقَبْضُ عَلَيْهِ وَعَدَمُهُ وَلَيْسَ الْعَبْدُ نَفْسَ الْغَرَرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ رَهْنَهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ وَقَعَ الرَّهْنُ تَطَوُّعًا بَلْ وَلَوْ اشْتَرَطَ رَهْنَهُ فِي حَالِ عَقْدِ الْبَيْعِ

لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لِعَقْدِ الْبَيْعِ لِجَوَازِ تَرْكِ الرَّهْنِ مِنْ أَصْلِهِ فَشَيْءٌ فِي الْجُمْلَةِ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءٍ (وَثِيقَةً) لِأَجْلِ تَوَثُّقِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (بِحَقٍّ) أَيْ فِي حَقٍّ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ مَوْجُودٍ أَوْ سَيُوجَدُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ لَازِمًا أَوْ آيِلًا لِلُّزُومِ، وَلِذَا صَحَّ فِي الْجُعْلِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي فَلَهُ حَبْسُهُ فِيمَا يَصِحُّ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَنَافِعِهِ. وَمَثَّلَ بِمَنْ لَهُ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ (كَوَلِيٍّ) لِمَحْجُورٍ مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ بِرَهْنِ مَالِ مَحْجُورِهِ لِمَصْلَحَةٍ كَكِسْوَتِهِ أَوْ طَعَامِهِ لَا لِمَصْلَحَةِ الْوَلِيِّ (وَمُكَاتَبٍ) لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ (وَمَأْذُونٍ) لَهُ فِي تِجَارَةٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا سَيِّدُهُمَا فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ ضَمَانِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُمَا فِيهِ لِحُصُولِ الِاشْتِغَالِ بِهِ لَهُمَا عَنْ مَصَالِحِ السَّيِّدِ دُونَ الرَّهْنِ (وَ) لِلسَّيِّدِ رَهْنُ (آبِقٍ) وَبَعِيرٍ شَرَدَ فِي دَيْنٍ عَلَى السَّيِّدِ الرَّاهِنِ لِصِحَّةِ رَهْنِ الْغَرَرِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَرَرًا وَالْمَصْدَرُ فِيهِ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَلِلْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِالْغَرَرِ مَا كَانَ خَفِيفًا، وَلِذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْجَنِينِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ يَخْتَصُّ بِنَحْوِ الْآبِقِ إنْ حَصَّلَهُ وَحَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ لِلرَّاهِنِ وَإِلَّا فَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (وَ) رَهْنُ (كِتَابَةٍ) وَمُكَاتَبٍ (وَاسْتَوْفَى مِنْهَا) فِيهِمَا (أَوْ) مِنْ ثَمَنِ (رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ) فَإِنْ فَلِسَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْقَرْضِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ جَوَازُ رَهْنِ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَجُوزُ رَهْنُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِمَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ) أَيْ الْغَرَرِ لِعَقْدِ الْبَيْعِ أَيْ أَوْ الْقَرْضِ الْمُشْتَرَطِ رَهْنُهُ فِيهِمَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ سَرَيَانِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ بِلَوْ يَقُولُ بِالسَّرَيَانِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْحَقِّ الَّذِي يَتَوَثَّقُ فِيهِ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَلِذَا صَحَّ فِي الْجُعْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ لِلُّزُومِ بِالشَّرْعِ فِي الْعَمَلِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً وَلَا آيِلَةً لِلُّزُومِ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ وَهُوَ قَابِضُ الرَّهْنِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَقْبِضُ الرَّهْنَ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَثَّقَ بِهِ فِي حَقِّهِ فَلَهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الرَّاهِنُ دَيْنَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ لَا مِنْ ذَاتِهِ إذْ لَا يُعْقَلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ تَحَمَّلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الْكِتَابَةَ وَرَهَنَ عَلَيْهَا رَهْنًا فَهَذَا الرَّهْنُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي تَحَمَّلَ الْأَجْنَبِيُّ بِكِتَابَتِهِ إذَا عَجَزَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَلَمْ تَكُنْ آيِلَةً لِلُّزُومِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَوَصِيٍّ وَمُقَدِّمِ قَاضٍ (قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ تَعُودُ عَلَى الْمَحْجُورِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ فِي رَهْنِ مَالِ الصَّغِيرِ وَلَوْ رَبْعًا أَيْ عَقَارًا، فَإِذَا رَهَنَ عَقَارًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ وَلَا يُكَلِّفُهُ الْحَاكِمُ بَيَانَ السَّبَبِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِعَقَارِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى النَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ بَلْ حَتَّى يُثْبِتَهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ لَا لِمَصْلَحَةِ الْوَلِيِّ) أَيْ فَإِذَا رَهَنَ الْوَلِيُّ مَالَ مَحْجُورِهِ فِي مَصْلَحَتِهِ هُوَ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبٍ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ إذَا تَدَايَنَ أَوْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَلَا يَرْهَنُ لِسَيِّدِهِ فِي نُجُومِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا آيِلَةٍ لِلُّزُومِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الِاشْتِغَالِ بِهِ إلَخْ) أَيْ لِتَفْتِيشِهِمَا عَلَى الْمَضْمُونِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِهِ وَالْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِهِ هَلْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ عَنْ مَصَالِحِ السَّيِّدِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا خِدْمَةٌ لِسَيِّدِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَهُمَا لَا يَشْتَغِلَانِ بِمَصَالِحِ السَّيِّدِ بَلْ بِمَصَالِحِ أَنْفُسِهِمَا فَالْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالضَّمَانِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الرَّهْنَ مُعَاوَضَةٌ وَالضَّمَانَ تَبَرُّعٌ وَهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ دُونَ التَّبَرُّعَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَرَرًا) أَيْ رَاجِعٌ لَهُ عَلَى أَنَّهُ مِثَالٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْمَصْدَرُ فِيهِ) أَيْ وَالْمَصْدَرُ الْمُقَدَّرُ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَبَذْلُ آبِقٍ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ كَبَذْلِ وَلِيٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْغَرَرِ) أَيْ الَّذِي يَصِحُّ رَهْنُهُ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْجَنِينِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ رَهْنِهِ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ الْآبِقِ) أَيْ بِالْآبِقِ وَنَحْوِهِ كَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْمَانِعِ) أَيْ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَلَسٍ، وَقَوْلُهُ إنْ حَصَّلَهُ وَحَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ أَيْ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عِنْدَهُ بَعْدَ تَحْصِيلِهِ وَحِيَازَتِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ أَوْ أَبَقَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ حَصَّلَهُ وَحَازَهُ وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدٍ حَاضِرٍ رُهِنَ وَحَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ آبِقٍ عِنْدَهُ وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ وَلَا يَضُرُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا رُجُوعُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ وَاسْتِمْرَارِهِ عِنْدَهُ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ مَعَ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ وَسُكُوتِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن، وَأَمَّا فِي عبق وخش مِنْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا حَصَّلَ الْآبِقَ وَحَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ، ثُمَّ أَبَقَ ثَانِيًا وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَهُ عَبْدًا حَاضِرًا وَحَازَهُ، ثُمَّ أَبَقَ وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ اخْتِصَاصُ الْمُرْتَهِنِ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) أَيْ وَأَلَّا يُحَصِّلَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ بَلْ بَعْدَهُ فَهُوَ أَيْ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ أَيْ مِثْلُهُمْ فِي الْمُحَاصَّةِ فِي ذَلِكَ الْآبِقِ (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ) عَطْفٌ عَلَى وَلِيٍّ، وَقَوْلُهُ وَمُكَاتَبٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ رَهْنِهِ، وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ إذَا وَقَعَ يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِكِتَابَتِهِ، وَقِيلَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ أَيْ مِنْ نُجُومِهَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ، وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِي رَهْنِ الْكِتَابَةِ وَالْمُكَاتَبِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ أَيْ كَذَلِكَ فِيهِمَا

قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُرْتَهِنَ الصَّبْرُ لِحُلُولِ النُّجُومِ بَلْ لَهُ طَلَبُ بَيْعِ الْكِتَابَةِ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهَا عَاجِلًا فَقَوْلُهُ أَوْ رَقَبَتِهِ عُطِفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي مِنْهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ. (وَ) رَهْنُ (خِدْمَةِ مُدَبَّرٍ) وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدٍ (وَإِنْ رُقَّ جُزْءٌ) مِنْ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (فَمِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ وَمَعْنَى رَهْنِ الْخِدْمَةِ رَهْنُ الْأُجْرَةِ النَّاشِئَةِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُرْهَنُ (لَا) رَهْنُ (رَقَبَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي دَيْنٍ تَأَخَّرَ عَنْ التَّدْبِيرِ بِخِلَافِ دَيْنٍ تَقَدَّمَ أَوْ عَلَى أَنْ يُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَيَصِحُّ رَهْنُهَا (وَ) لَوْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ (هَلْ) يَمْضِي وَ (يَنْتَقِلُ) الرَّهْنُ (لِخِدْمَتِهِ) أَوْ يَبْطُلُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ بَلْ قِيلَ اتِّفَاقًا (قَوْلَانِ) وَمَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ اتِّفَاقًا جَعَلَ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا رَهَنَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ، وَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ لَوْ قَالَ خَلِيلٌ فَلَوْ رَهَنَهُ عَبْدًا فَظَهَرَ مُدَبَّرًا فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ لَتَنَزَّلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلَهُ (كَظُهُورِ حَبْسِ دَارٍ) رُهِنَتْ رَقَبَتُهَا عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لِرَاهِنِهَا فَثَبَتَ حَبْسُهَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِمَنْفَعَتِهَا وَكِرَائِهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَجُزْءٍ مِنْهَا يَجُوزُ رَهْنُهُ، وَلَا يَبْطُلُ هَذَا الْجُزْءُ بِبُطْلَانِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ أَوْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلَا يَعُودُ لِمَنْفَعَتِهَا فَإِنْ ظَهَرَتْ حُبِسَا عَلَى غَيْرِ الرَّاهِنِ أَوْ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ بِمَوْتِهِ أَوْ بِانْقِضَاءِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ شَرَطَهَا لَهُ الْوَاقِفُ فَلَا يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِمَنْفَعَتِهَا قَطْعًا وَعَطَفَ عَلَى آبِقٍ قَوْلَهُ (وَ) رَهْنُ (مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ بَلْ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ كَمَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ تَحْصِيلِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ عُطِفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ) أَيْ لَا عَلَى كِتَابَةٍ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ رَقَبَةَ الْمُكَاتَبِ إنَّمَا يَجُوزُ رَهْنُهَا إذَا عَجَزَ لَا قَبْلَ الْعَجْزِ. (قَوْلُهُ وَخِدْمَةِ مُدَبَّرٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَمَنْ مَعَهُ فِي الدَّيْنِ مُدَّةً مَعْلُومَةً سَوَاءٌ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِ تِلْكَ الْخِدْمَةِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الرَّاهِنُ دَيْنَهُ وَلَوْ رَهَنَ السَّيِّدُ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ وَمَاتَ السَّيِّدُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ سَابِقٌ عَلَى التَّدْبِيرِ أَوْ لَاحِقٌ لَهُ وَرَقَّ الْمُدَبَّرُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي رُقَّ (قَوْلُهُ لِيُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ دَيْنٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهَا لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ السَّابِقُ عَلَيْهِ كَانَ السَّيِّدُ حَيًّا أَوْ مَاتَ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْهُ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ لَا إنْ كَانَ حَيًّا. (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُبَاعَ إلَخْ) أَيْ فِي دَيْنٍ سَابِقٍ أَوْ لَاحِقٍ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّدْبِيرِ وَلِلسَّيِّدِ رَهْنُهُ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِهِ هُنَا وَمَا يَأْتِي لَهُ اهـ وَفِي بْن أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا رُهِنَ لِيُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ مُطْلَقًا صَحَّ الرَّهْنُ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ عَقْدِ الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ اُشْتُرِطَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ إذَا لَا يُدْرَى مَتَى يَمُوتُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ) أَيْ وَدَخَلَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ أَنَّهُ يُبَاعُ فِي حَالِ حَيَاةِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِخِدْمَتِهِ) أَيْ فَيَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهَا بِأَنْ تُبَاعَ لَهُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ) أَيْ وَلَا يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِخِدْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَهُ الرَّقَبَةَ وَهِيَ لَا تُرْهَنُ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ إلَخْ) قَالَ بْن لَمْ يَقْتَصِرْ الْمَوَّاقُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ بَلْ قَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ، ثُمَّ بَعْدَ حِينٍ اطَّلَعْت عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَإِذَا هُوَ عَيْنُ مَا اخْتَصَرَ خَلِيلٌ أَيْ مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ وَهَلْ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا رَقَبَتِهِ اهـ وَكَأَنَّ هَذَا مِنْ الْمُلْحَقَاتِ الَّتِي أَلْحَقَهَا الْمَوَّاقُ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ، وَلِذَا تَرَى نُسَخَ الْمَوَّاقِ مُخْتَلِفَةً بِحَسَبِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْمُخَرَّجَاتِ وَاعْلَمْ أَنَّ تت وَالشَّارِحَ بَهْرَامَ قَرَّرَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ وَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا رَقَبَتِهِ وَكَذَا الشَّيْخُ سَالِمٌ مُعْتَرِضًا عَلَى الْمَوَّاقِ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِمَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ثِقَةٌ أَمِينٌ عَلَى الْعِلْمِ وَفِي ح عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا رَقَبَتِهِ وَيَكْفِي هَذَا شَاهِدًا لِلْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ فَثَبَتَ حَبْسُهَا عَلَيْهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْحَبْسِ وَقْتَ الرَّهْنِ هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ عَالِمًا بِأَنَّهَا وَقْفٌ وَغَرَّ الْمُرْتَهِنَ فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى انْتِقَالِ الرَّهْنِ لِلْغَلَّةِ وَلَوْ انْفَرَدَ الْمُرْتَهِنُ بِالْعِلْمِ بَطَلَ الرَّهْنُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْغَلَّةِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ كَذَا ذَكَرَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِمَنْفَعَتِهَا وَكِرَائِهَا) أَيْ فَيَقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَصْلِ دَيْنِهِ إنْ لَمْ يُوَفِّهِ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ هَذَا الْجُزْءُ) أَيْ رَهْنُ هَذَا الْجُزْءِ، وَقَوْلُهُ بِبُطْلَانِ مَا أَخَذَ أَيْ بِبُطْلَانِ رَهْنِ الدَّارِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهَا هَذَا الْجُزْءَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَهْنَهُ لِلدَّارِ يَتَضَمَّنُ رَهْنَ مَنْفَعَتِهَا فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهَا حَبْسٌ بَطَلَ رَهْنُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ رَهْنِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بُطْلَانُ رَهْنِ الْأَمْرِ الْآخَرِ هَذَا تَوْجِيهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَا يَعُودُ لِمَنْفَعَتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَ الرَّقَبَةَ وَهِيَ لَا يَصِحُّ رَهْنُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ. (قَوْلُهُ وَمَا لَا يَبْدُو صَلَاحُهُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْغَرَرَ جَائِزٌ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّ مَا لَمْ يُخْلَقْ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرِ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَرَهْنِ الْجَنِينِ وَهُوَ مَا لِلْمَازِرِيِّ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيِّ وَرَهْنُ ثَمَرَةٍ لَمْ تُخْلَقْ كَالْجَنِينِ. قُلْتُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَلَى ارْتِهَانِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تَظْهَرْ وَاخْتَلَفَا فِي

(وَانْتَظَرَ) بُدُوَّ صَلَاحِهِ (لِيُبَاعَ) بَعْدَهُ فِي الدَّيْنِ (وَحَاصَّ مُرْتَهِنَهُ) أَيْ مُرْتَهِنَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِدَيْنِهِ كُلِّهِ الْغُرَمَاءُ (فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ) قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِيمَا عَدَا الثَّمَرَةَ أَوْ الزَّرْعَ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (فَإِذَا صَلَحَتْ) أَيْ بَدَا صَلَاحُهَا بَعْدَ الْمُحَاصَّةِ (بِيعَتْ) وَاخْتَصَّ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهَا (فَإِنْ وَفَّى) ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ (رَدَّ) لِلْغُرَمَاءِ جَمِيعَ (مَا) كَانَ (أَخَذَهُ) فِي الْمُحَاصَّةِ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ (وَإِلَّا) يَفِ الثَّمَنُ بِدَيْنِهِ (قُدِّرَ) أَوَّلًا (مُحَاصًّا) لِلْغُرَمَاءِ (بِمَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ اخْتِصَاصِهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا بِالْجَمِيعِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَثُمِائَةِ دِينَارٍ لِثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَرَهَنَ لِأَحَدِهِمْ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَفَلِسَ أَوْ مَاتَ فَوُجِدَ عِنْدَ الرَّاهِنِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا فَيَأْخُذُ كُلٌّ خَمْسِينَ نِصْفَ دَيْنِهِ وَإِنَّمَا دَخَلَ الْمُرْتَهِنُ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ لَا بِعَيْنِ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ الْآنَ، فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ بِيعَ وَاخْتَصَّ الْمُرْتَهِنُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً رَدَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي كَانَ أَخَذَهَا، وَكَذَا مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ إنْ بِيعَتْ بِأَكْثَرَ لَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَإِنْ بِيعَتْ بِأَقَلَّ كَخَمْسِينَ اخْتَصَّ بِهَا وَقُدِّرَ مُحَاصًّا بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ لَهُ مِنْ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إلَّا ثَلَاثُونَ مَعَ الْخَمْسِينَ ثَمَنِ الثَّمَرَةِ يَجْتَمِعُ لَهُ ثَمَانُونَ وَيَرُدُّ لِصَاحِبَيْهِ عِشْرِينَ لِكُلٍّ عَشَرَةٌ مَعَ الْخَمْسِينَ فَيَصِيرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سِتُّونَ، ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُحْتَرَزَ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ وَمَا يُبَاعُ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (لَا) مَنْ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ (كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ) فَلَا يَرْهَنُ كَمَا لَا يَبِيعُ، وَلَا يَشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا جَازَ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَالْقَيِّمَيْنِ مِنْ كُلِّ مَنْ تَوَقَّفَ تَصَرُّفُهُ عَلَى تَصَرُّفِ الْآخَرِ. وَأَشَارَ لِلثَّانِي وَهُوَ مُحْتَرَزُ مَا يُبَاعُ بِقَوْلِهِ (وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) وَلَوْ دُبِغَ وَجِلْدِ أُضْحِيَّةٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِ (وَكَجَنِينٍ) وَسَمَكٍ فِي مَاءٍ وَطَيْرٍ فِي هَوَاءٍ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى جِلْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَمْثِلَةِ مَا لَا يُرْتَهَنُ وَحَذَفَهَا مِنْ جَنِينٍ كَانَ أَحْسَنَ (وَ) لَا رَهْنُ (خَمْرٍ وَإِنْ) كَانَتْ مِلْكًا (لِذِمِّيٍّ) رَهَنَهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ (إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ) الْخَمْرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQارْتِهَانِ مَا فِي الْبَطْنِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ كَالثَّمَرَةِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَجُوزُ إفْرَادُ ثَمَرِ النَّخْلِ بِالرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ، وَقَدْ أَجَازُوا ارْتِهَانَهُ سِنِينَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي الثَّانِيَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَانْتَظَرَ إلَخْ) يَعْنِي إذَا رَهَنَ زَرْعًا أَوْ ثَمَرًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَمَاتَ أَوْ فَلِسَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَا مَالَ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ لِبُدُوِّ الصَّلَاحِ، ثُمَّ يُبَاعُ وَيُوَفَّى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ وَانْتَظَرَ إلَخْ أَيْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ انْتَظَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَحَاصَّ مُرْتَهِنَهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَهَنَ ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، ثُمَّ مَاتَ أَوْ فَلِسَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَخَلَّفَ مَالًا مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ غَيْرِ ذَلِكَ الرَّهْنِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ فِي الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ غَيْرَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَفَّى ثَمَنَهَا بِالدَّيْنِ) أَيْ بِدَيْنِ الْمُرْتَهِنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ قُدِّرَ إلَخْ) تَعْبِيرُهُ بِقُدِّرَ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُحَاصَّةَ قَدْ وَقَعَتْ وَاَلَّذِي يَقَعُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا بَقِيَ بَعْدَ ثَمَنِ مَا بِيعَ فَكَأَنَّ الْمُحَاصَّةَ الْوَاقِعَةَ سَابِقًا بِالْبَاقِي فَيَرُدُّ مَا فَضَلَ بِهِ الْغُرَمَاءُ قَالَهُ شب (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُمْكِنُ إلَخْ فَهُوَ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُومٍ. (قَوْلُهُ إلَّا ثَلَاثُونَ) وَذَلِكَ لِأَنَّك تَجْمَعُ الدُّيُونَ وَتَنْسُبُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ لِذَلِكَ الْمَجْمُوعِ وَبِتَلِّك النِّسْبَةِ يُؤْخَذُ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ فَمَجْمُوعُ الدَّيْنِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَالْمُرْتَهِنُ لَهُ مِنْهَا خَمْسُونَ نِسْبَتُهَا لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ خَمْسٌ فَيُعْطَى خُمُسَ مَالِ الْمُفْلِسِ وَهُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ يَكُنْ ذَلِكَ ثَلَاثِينَ. (قَوْلُهُ كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ) أَيْ عَلَى يَتِيمٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَرْهَنُ أَيْ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوصِي، فَإِنْ اخْتَلَفَا نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ) أَيْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ الَّذِي أَوْصَاهُمَا بِأَنْ نَصَّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ أَوْ بِالرَّهْنِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق أَنَّ إيصَاءَهُمَا مُتَرَتِّبَيْنِ كَنَصِّهِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْكَافَ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالْمَعْنَى لَا أَحَدٌ كَوَصِيَّيْنِ (قَوْلُهُ وَالْقَيِّمَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ أَقَامَهُمَا الْقَاضِي لِلنَّظَرِ فِي شَأْنِ الْيَتِيمِ (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا تَوَقَّفَ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا تَوَقَّفَ إلَخْ وَذَلِكَ كَالنَّاظِرَيْنِ عَلَى وَقْفٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ دُبِغَ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يُدْبَغْ اتِّفَاقًا بَلْ وَلَوْ دُبِغَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ رَهْنُ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُبَاعُ لِنَجَاسَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ فِي ذَاتِهِ وَلِشَرَفِ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَكَلْبِ صَيْدٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ بَيْعِ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ (قَوْلُهُ وَكَجَنِينٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَحْمَدُ بْنُ مُيَسَّرٍ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ ارْتِهَانُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا ارْتِهَانُ ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي جَوَازِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَحْوُهُ نَقْلُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ يَجُوزُ رَهْنُ الْجَنِينِ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَبَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِهِ فِيهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَإِنَّ لِذِمِّيٍّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مِلْكًا لِمُسْلِمٍ وَرَهَنَهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِذِمِّيٍّ وَرَهَنَهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ الْخَمْرَةُ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ

قَبْلَ إرَاقَتِهَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَرَدِّهَا لِلذِّمِّيِّ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ يَخْتَصُّ بِهَا عَنْ الْغُرَمَاءِ (وَإِنْ تَخَمَّرَ) عَصِيرٌ وَنَحْوُهُ مَرْهُونٌ لِمُسْلِمٍ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (أَهْرَاقَهُ) الْمُرْتَهِنُ (بِحَاكِمٍ) يَرَاهُ إنْ كَانَ فِي الْمَحَلِّ مَنْ يَحْكُمُ بِبَقَائِهَا وَتَخْلِيلِهَا وَإِلَّا أَرَاقَهَا بِلَا رَفْعٍ لِلْأَمْنِ مِنْ التَّعَقُّبِ وَتَغْرِيمِهِ قِيمَتَهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ لِذِمِّيٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ رُدَّتْ لَهُ، وَلَا تُرَاقُ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (وَصَحَّ مُشَاعٌ) أَيْ رَهْنُهُ مِنْ عَقَارٍ وَعَرْضٍ وَحَيَوَانٍ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ (وَحِيزَ) الْجُزْءُ الْمُشَاعُ لِيَتِمَّ الرَّهْنُ (بِجَمِيعِهِ) أَيْ مَعَ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الْجُزْءُ الْمَرْهُونُ (إنْ بَقِيَ فِيهِ) شَيْءٌ (لِلرَّاهِنِ) لِئَلَّا تَجُولَ يَدُ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ فَيَبْطُلُ، فَإِنْ كَانَتْ الْبَقِيَّةُ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ اكْتَفَى الْمُرْتَهِنُ بِحَوْزِ الْجُزْءِ الْمَرْهُونِ (وَلَا يَسْتَأْذِنُ) الرَّاهِنُ لِلْجُزْءِ الْمُشَاعِ (شَرِيكَهُ) أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ بِحِصَّتِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَشْهُورُ نَعَمْ يُنْدَبُ الِاسْتِئْذَانُ لِمَا فِيهِ مِنْ جَبْرِ الْخَوَاطِرِ (وَلَهُ) أَيْ لَلشَّرِيك الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ (أَنْ يَقْسِمَ) بِإِذْنِ الرَّاهِنِ (وَيَبِيعَ) مَنَابَهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (وَيُسَلِّمَ) لِلْمُشْتَرِي مَا بَاعَهُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ بِبَيْعِهَا مُفْرَدَةً جُبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ وَكَانَ ثَمَنُهُ رَهْنًا إنْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأُرِيقَتْ عَلَى الْمُسْلِمِ وَرُدَّتْ عَلَى الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ قَبْلَ إرَاقَتِهَا عَلَى الْمُسْلِمِ) هَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَقَوْلُهُ وَرَدِّهَا لِلذِّمِّيِّ أَيْ وَقَبْلَ رَدِّهَا لِلذِّمِّيِّ رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ لِذِمِّيٍّ وَرَهَنَهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوْلَى فَإِنَّهَا لَا تُرَاقُ وَلَا تُرَدُّ وَيَخْتَصُّ بِهَا الْمُرْتَهِنُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَمَاءِ التِّينِ وَالزَّبِيبِ وَالْعُنَّابِ وَعِرْقِ السُّوسِ (قَوْلُهُ أَهْرَاقَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ وُجُوبًا، وَقَوْلُهُ بِحَاكِمٍ أَيْ بَعْدَ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ الَّذِي يَرَى إرَاقَتَهَا وَحُكْمُهُ بِذَلِكَ فَكُلٌّ مِنْ الْإِرَاقَةِ وَمَا تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ مِنْ الرَّفْعِ وَاجِبٌ قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ عِنْدَنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ دَعْوَى لِغَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ فِي الْمَحَلِّ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ يَرَى بَقَاءَهَا وَتَخْلِيلَهَا دُونَ إرَاقَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحَلِّ حَاكِمٌ يَرَى بَقَاءَهَا أَرَاقَهَا الْمُرْتَهِنُ بِدُونِ رَفْعٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ) أَيْ وَهُوَ الْعَصِيرُ الَّذِي تَخَمَّرَ، وَقَوْلُهُ رُدَّتْ لَهُ أَيْ إنْ لَمْ يُسْلِمْ قَبْلَ رَدِّهَا وَإِلَّا أُرِيقَتْ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِرَاقَةَ بِحَاكِمٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَصَحَّ مُشَاعٌ) أَيْ صَحَّ رَهْنُ جُزْءٍ مُشَاعٍ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَرُبْعٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا التَّصَدُّقُ بِهِ وَلَا وَقْفُهُ كَالْحَنَفِيَّةِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي) أَيْ الْجُزْءُ الْبَاقِي بِلَا رَهْنٍ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِ الرَّاهِنِ اقْتَصَرَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْحَوْزِ عَلَى حِصَّةِ الرَّاهِنِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي لَهُ حَازَ مَالَهُ كُلَّهُ مَا رَهَنَ وَمَا لَمْ يَرْهَنْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلسَّبَبِيَّةِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِجَعْلِ ضَمِيرِ جَمِيعِهِ لِمَا يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ لَا لِلْمَرْهُونِ مِنْهُ الْجُزْءُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ يَمْلِكُ النِّصْفَ وَرَهَنَ الرُّبْعَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِحَوْزِ مَا يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ فَقَطْ وَهُوَ النِّصْفُ وَلَوْ جُعِلَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْمَرْهُونِ مِنْهُ الْجُزْءُ لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَوْزِ الْجَمِيعِ فِي الْقَرْضِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَأْذِنُ شَرِيكَهُ) أَيْ فِي رَهْنِهِ لِذَلِكَ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الشَّرِيكُ يَتَصَرَّفُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ أَيْ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ رَهْنُ الشَّرِيكِ لِعَدَمِ إلَخْ (قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ يَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ إذَا أَرَادَ رَهْنَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ شَرِيكَهُ فِي رَهْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ بَيْعِهِ نَاجِزًا وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الشَّرِيكَ مِنْ بَيْعِ حَظِّهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُنْدَبُ إلَخْ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ غَازِيٍّ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ تَأَمَّلْ مَا هُنَا مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ غَايَةَ مَا نَفَى الْمُصَنِّفُ هُنَا الْوُجُوبُ وَهَذَا لَا يُنَافِي انْبِغَاءَ اسْتِئْذَانِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَيْسَ الْمَنْفِيُّ هُنَا الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ حَتَّى تَحْصُلَ الْمُعَارَضَةُ، وَإِنَّمَا نُدِبَ اسْتِئْذَانُ الشَّرِيكِ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ الْأَقْسَامِ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ عج هُنَا أَنَّ مَا غُصِبَ بِاسْمِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَعَ الشُّيُوعِ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ غَصَبَ بِاسْمِهِ كَغَصْبِ حِصَّةِ أَحَدِ شَرِيكَيْنِ فِي دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ قَمْحٍ وَذَكَرَ أَيْضًا خِلَافًا فِي بَرَاءَةِ مَدِينٍ أَخَذَهُ مِنْهُ ظَالِمٌ وَقَوِيَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْبَرَاءَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَالْبَرَاءَةُ لِتَعَيُّنِهَا (قَوْلُهُ أَنْ يَقْسِمَ) أَيْ الْمُشْتَرَكَ إنْ كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَيَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا هُوَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ دُونَ قَوْلِ عبق بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ مِمَّا يَنْقَسِمُ مِنْ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ فَرَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ قَاسَمَهُ فِيهِ الرَّاهِنُ، وَالرَّهْنُ كَمَا هُوَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ أَقَامَ الْإِمَامُ مَنْ يَقْسِمُ لَهُ، ثُمَّ تَبْقَى حِصَّةُ الرَّاهِنِ فِي الْوَجْهَيْنِ رَهْنًا وَيُطْبَعُ عَلَى كُلِّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ اهـ بْن وَأَجَابَ شَيْخُنَا بِأَنَّ مُرَادَ عبق بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَيْ بِغَيْرِ رِضَاهُ أَيْ أَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ الْقِسْمَةُ عَلَى رِضَاهُ بَلْ يَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الرَّاهِنِ وَمُقَاسَمَتِهِ لَهُ اهـ وبن قَدْ الْتَفَتَ لِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ فَاعْتَرَضَ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَيَبِيعُ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَنَابَهُ أَيْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ

وَإِلَّا قُضِيَ الدَّيْنُ مِنْهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنِ ثِقَةٍ (وَلَهُ) أَيْ لِلرَّاهِنِ (اسْتِئْجَارُ جُزْءِ غَيْرِهِ) أَيْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ غَيْرِ الرَّاهِنِ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ رَهْنُ جُزْئِهِ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ جَوَلَانِ يَدِهِ عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَيَقْبِضُهُ) أَيْ أُجْرَةَ الْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ (الْمُرْتَهِنُ لَهُ) أَيْ لَلشَّرِيكِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا هُوَ لِئَلَّا تَجُولَ يَدُهُ عَلَيْهِ فَيَبْطُلُ حَوْزُهُ وَالْمُرْتَهِنُ (وَلَوْ) رَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَ (أَمَّنَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (شَرِيكًا) أَيْ جَعَلَا الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ أَمِينًا لَهُمَا عَلَى الرَّهْنِ وَوَضَعَا الْحِصَّةَ تَحْتَ يَدِهِ (فَرَهَنَ) الشَّرِيكُ الْأَمِينَ (حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ) أَيْضًا أَوْ لِغَيْرِهِ (وَأَمَّنَا) أَيْ الْأَمِينُ وَالْمُرْتَهِنُ (الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ) عَلَى هَذِهِ الْحِصَّةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ شَائِعَةٌ (بَطَلَ حَوْزُهُمَا) لِلْحِصَّتَيْنِ مَعًا لِجَوَلَانِ يَدِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا رَهَنَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ الرَّاهِنِ الثَّانِي وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ حِصَّتَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَالثَّانِي يَدُهُ جَائِلَةٌ أَوْ لَا عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِالِاسْتِئْمَانِ الْأَوَّلِ فَلَوْ جَعَلَا حِصَّةَ الثَّانِي تَحْتَ يَدِ أَجْنَبِيٍّ بَطَلَ رَهْنُ الثَّانِي فَقَطْ. (وَ) صَحَّ الشَّيْءُ (الْمُسْتَأْجَرُ) أَيْ رَهْنُهُ عِنْدَ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (وَ) الْحَائِطُ (الْمُسَاقَى) أَيْ رَهْنُهُ عِنْدَ الْعَامِلِ (وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ) بِالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ (كَافٍ) عَنْ حَوْزٍ ثَانٍ لِلرَّهْنِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُمَا، فَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا جَعَلَ مَعَهُمَا أَمِينًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عِنْدَ رَجُلٍ يَرْضَيَانِهِ. (وَالْمِثْلِيُّ) مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ يَصِحُّ رَهْنُهُ (وَلَوْ عَيْنًا) وَلَيْسَ مِنْهُ هُنَا الْحُلِيُّ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِطَبْعٍ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ الْمِثْلِيِّ (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ (إنْ طَبَعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمِثْلِيِّ طَبْعًا لَا قُدْرَةَ عَلَى فَكِّهِ غَالِبًا أَوْ إذَا زَالَ عُلِمَ زَوَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَأَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَلَا يَكُونُ رَهْنُ الشَّرِيكِ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحِصَّتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْهَا وَتَسْلِيمُهَا لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ أَوْ اطِّلَاعِ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا التَّعْلِيلِ قَالَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمُشَاعِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الصِّحَّةِ، فَإِنْ وَقَعَ وَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الدَّابَّةِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَتَلِفَتْ فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَضْمَنَ الْبَائِعُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِ هَذَا الشَّرِيكِ الْبَائِعِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُودِعِ وَالْمُودِعُ إذَا وَضَعَ يَدَ أَجْنَبِيٍّ عَلَى الْأَمَانَةِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ جَوَلَانِ يَدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ (قَوْلُهُ وَيَقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ لَهُ) أَيْ وَيَقْبِضُ أُجْرَتَهُ الْمُرْتَهِنُ وَيُسَلِّمُهَا لَهُ وَكَذَا يُؤَاجِرُ لَهُ الْجُزْءَ الْمُرْتَهَنَ وَلَا يُؤَاجِرُهُ هُوَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْجَوَلَانِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمَّنَا شَرِيكًا) أَيْ الشَّرِيكَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ فَرَهَنَ الشَّرِيكُ الْأَمِينَ) أَيْ الَّذِي هُوَ الشَّرِيكُ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِلْمُرْتَهِنِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ الْأَمِينُ) أَيْ وَهُوَ الرَّاهِنُ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ وَالْمُرْتَهِنُ أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ بَطَل حَوْزُهُمَا) أَيْ حَوْزُ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَالَ عبق وَفَسَدَتْ الْعُقْدَةُ أَيْ عُقْدَةُ الرَّهْنِ مِنْ أَصْلِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي بَطَلَ إنَّمَا هُوَ الْحَوْزُ فَقَطْ لِجَوَلَانِ يَدِ كُلٍّ مِنْ الرَّاهِنَيْنِ فِي حِصَّتِهِ الَّتِي رَهَنَهَا فَإِذَا قَامَ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ وَطَلَبَ حَوْزَ الرَّهْنِ حَوْزًا صَحِيحًا قَبْلَ الْمَانِعِ قُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَغَيْرُهُ اُنْظُرْ بْن إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ عبق عَلَى مَا إذَا حَصَلَ مَانِعٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ وَالرَّاهِنُ الثَّانِي هُوَ الْأَمِينُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ بِالِاسْتِئْمَانِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ حِصَّتَهُ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ بَطَلَ رَهْنُ الثَّانِي) أَيْ لِجَوَلَانِ يَدِهِ فِي حِصَّتِهِ بِالِاسْتِئْمَانِ عَلَى حِصَّةِ الْأَوَّلِ وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَلْزَمُ أَنَّ حِصَّتَهُ تَحْتَ يَدِهِ. (قَوْلُهُ وَصَحَّ الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ أَيْ رَهْنُهُ) أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَارًا مِنْ رَبِّهَا شَهْرًا فَيَجُوزُ لِرَبِّهَا إذَا تَدَايَنَ مِنْ زَيْدٍ دَيْنًا أَنْ يَرْهَنَهُ تِلْكَ الدَّارَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُمَا) أَيْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ وَالْحَائِطِ الْمُسَاقَى رَهْنٌ عِنْدَهُمَا أَيْ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْكَسْرِ وَعَامِلِ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ جَعَلَ مَعَهُمَا) أَيْ جَعَلَ الْمُرْتَهَنُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسَاقِي أَمِينًا يُلَازِمُهُمَا فِي الْبَيْتِ الْمُسْتَأْجَرِ أَوْ الْحَائِطِ لِأَجْلِ حَوْزِهِ وَهَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ مِمَّنْ فِي الْحَائِطِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وَاحِدٍ غَيْرِهِمْ؟ قَوْلَانِ فِي خش وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَجْعَلَانِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَوْ الْمُسَاقِي، وَقَوْلُهُ عِنْدَ رَجُلٍ أَيْ غَيْرِهِمَا يَرْضَيَانِهِ لِيَحُوزَهُ لَهُمَا وَلَا يَكْتَفِي بِأَمَانَتِهِمَا بِحَيْثُ يُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَأْجَرِ أَوْ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُمَا إنَّمَا هُوَ لِأَنْفُسِهِمَا لَا لِلْمُرْتَهِنِ فَيَلْزَمُ عَدَمُ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ سَاقَى حَائِطَهُ مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ وَيَنْبَغِي لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَعَ الْعَامِلِ فِي الْحَائِطِ غَيْرَهُ الصَّقَلِّيُّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَاقَى حَائِطَهُ، ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلْ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ مَالِكٌ وَجَعْلُهُ بِيَدِ الْمُسَاقِي أَوْ أَجِيرٍ لَهُ يُبْطِلُ رَهْنَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَهْنُ مَا هُوَ مُؤَجَّرٌ فِي تَقَرُّرِ حَوْزِهِ لِمُرْتَهِنِهِ لِكَوْنِهِ بِيَدِ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ وَلَغْوِهِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَأْجِرُ بِحَوْزِ مُرْتَهِنِهِ جَعَلَ الْمُرْتَهِنُ يَدَهُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ، الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ وَالثَّانِي لِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ لِاخْتِيَارِهِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي الْمُسْتَأْجَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَالْمِثْلِيُّ وَلَوْ عَيْنًا بِيَدِهِ) الْأَوْلَى الْمُبَالَغَةُ عَلَى غَيْرِ

حِمَايَةً لِلذَّرَائِعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا قَصَدَا بِهِ السَّلَفَ وَسَمَّيَاهُ رَهْنًا وَالسَّلَفُ مَعَ الْمُدَايَنَةِ مَمْنُوعٌ وَالطَّبْعُ الْمَقْدُورُ عَلَى فَكِّهِ، وَلَا يُعْلَمُ زَوَالُهُ كَالْعُدْمِ، وَمَفْهُومُ بِيَدِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي رَهْنِهِ طَبْعٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الطَّبْعَ شَرْطُ صِحَّةٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الرَّهْنِ وَعَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَطْبَعْ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ قَبْلَ الطَّبْعِ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ (وَفَضْلَتُهُ) أَيْ فَضْلَةُ الرَّهْنِ يَصِحُّ رَهْنُهَا بِأَنْ رَهَنَ رَهْنًا يُسَاوِي مِائَةً فِي دَيْنٍ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ كَخَمْسِينَ، ثُمَّ يَرْهَنُ الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ فِي دَيْنٍ آخَرَ (إنْ عَلِمَ) الْأَوَّلُ (وَرَضِيَ) بِذَلِكَ لِيَصِيرَ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ اُشْتُرِطَ رِضَا الْأَمِينِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ (وَلَا يَضْمَنُهَا) أَيْ الْفَضْلَةَ الْمَرْهُونَةَ لِلثَّانِي الْمُرْتَهِنِ (الْأَوَّلُ) إذَا كَانَتْ بِيَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَيْنِ فَيَقُولُ وَالْمِثْلِيُّ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ وَتَكُونُ الْمُبَالَغَةُ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ وَأَيْضًا الْعَيْنُ تَتَسَارَعُ الْأَيْدِي إلَيْهَا أَكْثَرَ فَالْمُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الطَّبْعِ غَيْرُهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ بِوُجُوبِ الطَّبْعِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا إلَّا بِالطَّبْعِ عَلَيْهَا هَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ شَاسٍ فَلَمْ يَذْكُرُوا عَنْ أَشْهَبَ إلَّا أَنَّ طَبْعَ الْعَيْنِ مُسْتَحَبٌّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّبْعِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ جَمِيعَ الْمِثْلِيَّاتِ لَا تُرْهَنُ إلَّا مَطْبُوعًا عَلَيْهَا قَالَ ح. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِوُجُوبِ الطَّبْعِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَجَبَ الطَّبْعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي وُجُوبِهِ أَوْ نَدْبِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ طَرِيقَتَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ حِمَايَةً) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الطَّبْعُ عَلَيْهِ حِمَايَةً أَيْ سَدًّا لِلذَّرَائِعِ أَيْ لِأَجْلِ حِمَايَةِ الذَّرَائِعِ وَسَدِّهَا، وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الطَّبْعُ لِأَجْلِ الْحِمَايَةِ لِاحْتِمَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالسَّلَفُ مَعَ الْمُدَايَنَةِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ السَّلَفُ مُشْتَرَطًا فِي عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَهَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُشْتَرَطًا فِي عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ، وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ وَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَهُوَ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ (قَوْلُهُ كَالْعَدَمِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ كَافِيًا فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ إنَّ الطَّبْعَ شَرْطُ صِحَّةٍ) أَيْ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَبِهِ قِيلَ، وَقِيلَ إنَّهُ شَرْطٌ فِي اخْتِصَاصِ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إذَا حَصَلَ لِلرَّاهِنِ مَانِعٌ قَبْلَ الطَّبْعِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ) يَدُلُّ لِهَذَا مَا فِي ح عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَنَصُّهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ لَوْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ قَبْلَ أَنْ يُطْبَعَ عَلَى الرَّهْنِ فَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ الشَّيْخِ وَلَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ؛ لِأَنَّ هَذَا رَهْنٌ مَحُوزٌ فَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الطَّبْعِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَحَقُّ بِهِ إنْ حَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ الطَّبْعِ كَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ وَفَضْلَتُهُ) أَيْ وَصَحَّ رَهْنُ قِيمَةِ فَضْلَتِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ يَرْهَنُ الزَّائِدَ) أَيْ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ الْأَوَّلُ) أَيْ إنْ عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ بِرَهْنِهَا وَرَضِيَ بِذَلِكَ وَهَذَا إذَا رَهَنَ الْفَضْلَةَ بِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ أَمَّا لَوْ رَهَنَهَا لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدَّيْنِ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ وَإِلَّا مُنِعَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَبْعَدَ مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ يُبَاعُ الرَّهْنُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْأَوَّلِ وَيُقْضَى الدِّينَانِ كَمَا يَأْتِي فَيُعَجَّلُ الدَّيْنَ الثَّانِيَ قَبْلَ أَجَلِهِ وَهُوَ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَقْرَبَ مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ يُبَاعُ الرَّهْنُ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الثَّانِي وَيُقْضَى الدِّينَانِ فَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ وَهُوَ سَلَفٌ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ مِنْ بَيْعٍ لَزِمَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَإِنْ كَانَ قَرْضًا لَزِمَ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَضْلَةَ إمَّا أَنْ تُرْهَنَ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَإِمَّا أَنْ تُرْهَنَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ رُهِنَتْ لِلْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ وَإِنْ رُهِنَتْ لِغَيْرِهِ جَازَ مُطْلَقًا تَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَوْ لَا. نَعَمْ يُشْتَرَطُ رِضَا الْحَائِزِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ أَوْ كَانَ أَمِينًا غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْأَوَّلِ وَرِضَاهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ هُوَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ اُشْتُرِطَ رِضَا الْأَمِينِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرَ حَائِزًا لِلثَّانِي، وَقَوْلُهُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَائِزٍ وَلَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَاهُ وَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَمْ أَرْضَ إلَّا بِرَهْنِهِ كُلِّهِ فِي دَيْنِي؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَيْثُ كَانَ الثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ فِي دَيْنِهِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْأَوَّلُ جَمِيعَ دَيْنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلثَّانِي وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَمَا يَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ دَيْنَهُ مَضْمُونٌ فِيهِ يَأْخُذُهُ كَامِلًا وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْأَسْوَاقُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ) يَعْنِي أَنَّ الْفَضْلَةَ لَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ إذَا كَانَتْ بِيَدِهِ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا وَتَلِفَتْ

وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهَا بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قَدْرَ دَيْنِهِ إنْ أَحْضَرَ الثَّوْبَ الرَّهْنَ وَقْتَ ارْتِهَانِ الْفَضْلَةِ أَوْ عُلِمَ بَقَاؤُهُ بِبَيِّنَةٍ حِينَئِذٍ وَإِلَّا ضَمِنَ الْجَمِيعَ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَوْلَهُ (كَتَرْكِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ) مِنْ رَهْنٍ يُغَابُ عَلَيْهِ أَيْ تَرَكَهَا الْمُسْتَحِقُّ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهَا بِاسْتِحْقَاقِهَا خَرَجَتْ مِنْ الرَّهِينَةِ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ أَمِينًا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا بَقِيَ (أَوْ رَهْنِ نِصْفِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى تَرْكِ أَيْ إذَا ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ مَثَلًا فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ جَمِيعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَهُوَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مُؤْتَمَنٌ (وَمُعْطًى) بِالتَّنْوِينِ اسْمُ مَفْعُولٍ (دِينَارًا) أَعْطَاهُ لَهُ مَدِينٌ أَوْ مُسَلِّفٌ (لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ) قَرْضًا أَوْ قَضَاءً (وَيَرُدَّ نِصْفَهُ) فَزَعَمَ تَلَفَهُ قَبْلَ صَرْفِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ كُلَّهُ بَلْ نِصْفَهُ إنْ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ مِنْ حِينِ الْإِعْطَاءِ وَأَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَصْرِفَهُ وَيَأْخُذَ نِصْفَهُ فَضَاعَ قَبْلَ الصَّرْفِ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ، فَإِنْ ضَاعَ بَعْدَهُ فَمِنْهُمَا كَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ لَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ حَقَّهُ ضَمِنَ جَمِيعَهُ ضَمَانَ الرِّهَانِ ثُمَّ رَجَعَ لِتَتْمِيمِ مَسْأَلَةِ وَفَضْلَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ) الدَّيْنِ (الثَّانِي أَوَّلًا) قَبْلَ أَجَلِ الْأَوَّلِ (قُسِمَ) الرَّهْنُ بَيْنَهُمَا عَلَى الدَّيْنَيْنِ (إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهُ وَيَدْفَعُ لِلْأَوَّلِ قَدْرَ مَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ لَا أَزْيَدَ وَالْبَاقِي لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الثَّانِي فَلَا يُعْطَى لِلثَّانِي مِنْهُ إلَّا مِقْدَارُهُ وَيَكُونُ بَقِيَّةُ الرَّهْنِ كُلُّهَا لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ قَسْمُهُ (بِيعَ) الرَّهْنُ (وَقُضِيَا) أَيْ الدَّيْنَانِ مَعًا حَيْثُ كَانَ فِيهِ فَضْلَةٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يُبَعْ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ، وَعَطَفَ عَلَى " مُشَاعٍ " قَوْلَهُ. (وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ) أَيْ وَصَحَّ رَهْنُ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ، فَإِنْ وَفَّى الرَّاهِنُ مَا عَلَيْهِ رَجَعَ الرَّهْنُ لِرَبِّهِ وَإِلَّا بِيعَ فِي الدَّيْنِ (وَرَجَعَ صَاحِبُهُ) وَهُوَ الْمُعِيرُ (بِقِيمَتِهِ) عَلَى الْمُسْتَعِيرِ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا أَمِينٌ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَبْلَغَ دَيْنِهِ فَقَطْ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ الرَّاهِنُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَهَذَا إذَا رُهِنَتْ الْفَضْلَةُ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلُّهُ عِنْدَهُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ وَفِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ إذَا تَلِفَ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ. (قَوْلُهُ وَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهَا بَيِّنَةٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا لِلْفَضْلَةِ وَلَا لِمَا قَابَلَ دَيْنَهُ (قَوْلُهُ إنْ أَحْضَرَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ الْفَضْلَةَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْجَمِيعَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ ضَاعَ بِتَمَامِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ مِنْ رَهْنٍ يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا كَانَتْ مِنْ رَهْنٍ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَعَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ النِّصْفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ النِّصْفِ الْبَاقِي رَهْنًا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي قَدْ اُسْتُحِقَّ فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ كُلَّهُ بَلْ نِصْفَهُ) أَيْ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا اُتُّهِمَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ) أَيْ فَضَمَانُ الدِّينَارِ كُلِّهِ مِنْ رَبِّهِ أَيْ لِأَنَّ الْقَابِضَ لَهُ أَمِينٌ فِيهِ قَبْلَ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاعَ بَعْدَهُ فَمِنْهُمَا) أَيْ لِأَنَّهُ بَعْدَ الصَّرْفِ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ تَلِفَ قَبْلَ الصَّرْفِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ الثَّانِي) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا إذَا تَسَاوَى الدَّيْنَانِ فِي الْأَجَلِ أَوْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَبْعَدَ لِوُضُوحِهِ وَهُوَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيَقْضِيَانِ مَعًا مَعَ التَّسَاوِي وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهُ إذْ رُبَّمَا أَدَّى الْقَسْمُ لِنَقْصِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ بَعُدَ أَجَلُ الثَّانِي فَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ يُقْسَمُ الرَّهْنُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بِيعَ وَقَضَيَا (قَوْلُهُ قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ قَسْمُهُ) وَيُدْفَعُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّهْنِ قَدْرَ مَا يُوَفِّيهِ وَيَبْقَى ذَلِكَ رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ فِي الْقَسْمِ إشْكَالًا؛ لِأَنَّ قَسْمَ الْأَوَّلِ قَدْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ فَلَا يَفِي بِدَيْنِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى رَهْنِ الْجَمِيعِ وَجَوَابُ ابْنِ عَاشِرٍ أَنَّ الْفَضْلَةَ رُهِنَتْ بِعِلْمِهِ وَرِضَاهُ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى ذَلِكَ، يُرَدُّ بِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ. اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ لِلْأَوَّلِ قَدْرَ مَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ لَا أَزْيَدَ) أَيْ بِأَنْ يَنْظُرَ لِعَدَدِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ فَيُعْطَى مِنْ الرَّهْنِ مِقْدَارَ مَا يُوَفِّيهِ وَيَبْقَى ذَلِكَ رَهْنًا لِحُلُولِ أَجَلِهِ. (قَوْلُهُ وَالْبَاقِي) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ لِلدَّيْنِ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَاقِي يُوَفِّيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ وَقُضِيَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَلَا يُوقَفُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ وَلَوْ أَتَى لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا أَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ أَجَلَهُ لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الرَّاهِنَ قَدْ أَدْخَلَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بَيْعَ رَهْنِهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الدَّيْنَ كَمَا يَأْتِي وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِ يَقْضِي الدَّيْنَانِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ، فَإِنْ أَتَى بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ فَلَا يَقْضِي الدَّيْنَانِ (قَوْلُهُ الدَّيْنَانِ مَعًا) أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ وَصِفَةُ الْقَضَاءِ أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ كُلَّهُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِ الْحَقِّ فِيهِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ فَضْلَةٌ عَنْ الْأَوَّلِ) أَيْ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ وَقُضِيَا. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْقَوْلِ

[مبطلات الرهن]

وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ (أَوْ) يَرْجِعُ (بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فِي الدَّيْنِ قَوْلَانِ (نَقَلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْفَاضِلُ عَنْ الْقِيمَةِ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ لِلْمُسْتَعِيرِ (وَضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ (إنْ خَالَفَ) وَرَهَنَ فِي غَيْرِ مَا اسْتَعَارَ لَهُ لِتَعَدِّيهِ كَدَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ أَوْ عَكْسِهِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ أَوْ قَامَتْ عَلَى تَلَفِهِ بَيِّنَةٌ، وَلِلْمُعِيرِ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَوْ وِفَاقٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) يَضْمَنُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى التَّعَدِّي أَوْ خَالَفَ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَمْ لَا نَظَرًا لِتَعَدِّيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا (أَوْ) مَحَلُّ الضَّمَانِ (إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ) عَلَى نَفْسِهِ (لِمُعِيرِهِ) بِالتَّعَدِّي (وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ خَالَفَهُمَا فِي التَّعَدِّي وَقَالَ لِلْمُعِيرِ إنَّمَا أَعَرْتُهُ لِيَرْهَنَهُ فِي عَيْنِ مَا رَهَنَ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ (وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ) عَلَى تَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنْ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ وَيَكُونُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْ قَدْرِهَا مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ فَقَوْلُ أَشْهَبَ حِينَئِذٍ وِفَاقٌ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا حَيْثُ وَافَقَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعِيرَ عَلَى أَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمُعَارَ فِي قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ إذْ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ. دَرْسٌ (وَبَطَلَ) الرَّهْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ) تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ يَوْمُ الرَّهْنِ مُتَأَخِّرًا عَنْ يَوْمِ الِاسْتِعَارَةِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الرَّهْنِ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا أَدَّى) أَيْ أَوْ بِمَا أَدَّاهُ الْمُسْتَعِيرُ فِي دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ لَا لِلشَّكِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا) أَيْ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَرَوَاهَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُتْبِعُهُ بِقِيمَتِهِ، وَرَوَاهَا غَيْرُهُ وَيُتْبِعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ وَلَمَّا اخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَمَّا اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ رُجُوعُ صَاحِبِهِ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ خَمْسِينَ وَبَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِمِائَةٍ وَفَّى بِهَا دَيْنَهُ يَرْجِعُ صَاحِبُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِخَمْسِينَ وَالْخَمْسُونَ الْأُخْرَى تَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَسْلَفَهُ نَفْسَ السِّلْعَةِ وَهِيَ حِينَئِذٍ إنَّمَا بِيعَتْ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ بِتَمَامِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً وَبَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِخَمْسِينَ فَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ كَدَرَاهِمَ) أَيْ كَاسْتِعَارَتِهِ لِرَهْنِهِ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ. (قَوْلُهُ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ) أَيْ أَنَّ لِلْمُعِيرِ تَضْمِينَهُ قِيمَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ كَذَا قَالَ عبق وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وعج وَابْنِ عَاشِرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ لَا يَصِحُّ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ؛ لِأَنَّ أَشْهَبَ لَا يَقُولُ بِهَذَا التَّخْيِيرِ وَأَيْضًا يَكُونُ الْمُعِيرُ إذَا نَكَلَ يُخَيَّرُ فَلَهُ أَخْذُ شَيْئِهِ وَإِذَا حَلَفَ لَزِمَهُ إبْقَاؤُهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَيَكُونُ النُّكُولُ أَنْفَعَ لَهُ مِنْ الْحَلِفِ وَهَذَا عَكْسُ الْقَوَاعِدِ فَالصَّوَابُ كَمَا أَفَادَهُ ح وَالْمَوَّاقُ وخش وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ضَمَانَ الْعَدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَيْثُ إذَا هَلَكَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَاعَ يَضْمَنُهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ بِالتَّعَدِّي كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا فَلَا سَبِيلَ إلَى تَضْمِينِهِ بَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ مِثْلَ مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا اهـ بْن إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ إذَا تَلِفَ وَلَوْ قَامَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ الْمُعِيرَ وَالْمُسْتَعِيرَ عَلَى التَّعَدِّي، وَقَوْلُهُ أَوْ خَالَفَ أَيْ أَوْ خَالَفَهُمَا بِأَنْ قَالَ لِلْمُعِيرِ إنَّمَا أَعَرْتُهُ لِيَرْهَنَ فِي عَيْنِ مَا رَهَنَ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافًا فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي) أَيْ وَوَافَقَهُ الْمُعِيرُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ) أَيْ وَنَكَلَ الْمُعِيرُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ فَقَوْلُ أَشْهَبَ حِينَئِذٍ وِفَاقٌ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَوْ خَالَفَهُمَا وَحَلَفَ الْمُعِيرُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ، وَقَدْ صَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا حَيْثُ وَافَقَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَحَلُّ الضَّمَانِ حَيْثُ أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّوْفِيقِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَمَصَبُّ التَّوْفِيقِ عَلَى الْحَالِ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ خَالَفَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَتَأَمَّلْ. . [مُبْطِلَات الرَّهْن] (قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِشَرْطٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ الْمُصَاحِبِ لِشَرْطٍ مُنَاقِضٍ لِمُقْتَضَاهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ، أَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ

بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ (بِشَرْطٍ) أَيْ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ (مُنَافٍ) لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (كَأَنْ) يَشْتَرِطَ الرَّاهِنُ أَنْ (لَا يُقْبَضَ) مِنْ يَدِهِ أَوْ لَا يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ الْأَجَلِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الرَّهْنَ (فِي بَيْعٍ) أَوْ قَرْضٍ (فَاسِدٍ ظَنَّ فِيهِ اللُّزُومَ) أَيْ لُزُومَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ فَدَفَعَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَظُنَّ اللُّزُومَ فَيُرَدُّ لِلرَّاهِنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِاشْتِرَاطِهِ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فَدَفَعَهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ كَانَ رَهْنًا فِي قِيمَتِهِ (وَ) مَنْ جَنَى خَطَأً جِنَايَةً تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَظَنَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ بِانْفِرَادِهِ فَأَعْطَى بِهَا رَهْنًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَا يَلْزَمُهُ (حَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ) لَهُ بِانْفِرَادِهِ وَمَا عَلِمَ عَدَمَ اللُّزُومِ، وَقَوْلُهُ (وَرَجَعَ) فِي رَهْنِهِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ وَرَجَعَ الرَّهْنُ جُمْلَةً فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ جِهَةٍ إلَى أُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَيْعَهُ إذَا اُحْتِيجَ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْخُوذٌ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ الرَّهْنِ وَالْأَمْرُ الْمُنَاقِضُ لَهُمَا مُنَاقِضٌ لِلْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا شَرْطُ عَدَمِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ لَا لِنَفْسِ حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ لَا بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ وَلَا بِمَعْنَى الْمَدْفُوعِ لِلتَّوَثُّقِ فِي حَقِّ الصَّالِحِ لَأَنْ يُبَاعَ (قَوْلُهُ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ) أَيْ لِمَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الرَّهْنِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّهْنَ يُقْبَضُ مِنْ الرَّاهِنِ وَأَنَّهُ يُبَاعُ إذَا لَمْ يُوَفِّ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ فَإِذَا شَرَطَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ لَا يُقْبَضُ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مُنَاقِضًا لِمَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) أَيْ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ كَالْوَاقِعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ أَوْ لَأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ عَفِنًا فِي جَيِّدٍ إذَا شُرِطَ فِيهِ رَهْنٌ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُقْتَرِضُ ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَظُنَّ اللُّزُومَ بِأَنْ دَفَعَهُ جَازِمًا بِلُزُومِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ أَوْ شَاكًّا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ فَاسِدًا وَيَسْتَرِدُّهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَدَفَعَهُ لِصَاحِبِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَأَمَّا إنْ فَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَدَفَعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ رَهْنًا عَلَى الثَّمَنِ ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، أَوْ دَفَعَهُ الْمُقْتَرِضُ لِلْمُقْرِضِ ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ فَيُرَدُّ لِلرَّاهِنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا فِي عِوَضِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ بُطْلَانِ الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ إذَا دَفَعَهُ الْمَدِينُ ظَانًّا لُزُومَهُ وَأَنَّهُ يُرَدُّ لِرَبِّهِ فَاتَ الْمَبِيعُ أَمْ لَا طَرِيقَةٌ لِابْنِ شَاسٍ وَهِيَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ يَكُونُ ذَلِكَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِيمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَقَدْ تَمَحَّلَ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فَجَعَلَ الْمُصَنِّفَ مَاشِيًا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ بَلْ الْمُتَطَوَّعُ بِهِ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ظُنَّ فِيهِ اللُّزُومَ أَوْ لَا بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ الْمُتَطَوَّعَ بِهِ أَوْلَى بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ فِي الْمُشْتَرَطِ الْعَمَلُ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِ فَإِنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ بَدِيهِيٌّ كَذَا فِي عبق وَبَحَثَ فِيهِ بْن بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُتَطَوَّعَ بِهِ كَالْمُشْتَرَطِ فَإِنَّ ابْنَ يُونُسَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُشْتَرَطِ وَالْمُتَطَوَّعِ بِهِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ فِيهِ اللُّزُومَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّهْنُ وَدَفَعَهُ فَإِنَّهُ يُرَدُّ أَيْضًا لِرَبِّهِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ كَانَ رَهْنًا فِي الْقِيمَةِ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُخْطِئُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ كَانَ رَهْنًا فِي الْجَمِيعِ، وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ فِي رَهْنِهِ رَاجِعٌ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ الرَّهْنُ رَاجِعٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ رَجَعَ فِي رَهْنِهِ أَنَّ الْمَعْنَى وَرَجَعَ الرَّاهِنُ فِي رَهْنِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ مِنْ الضَّعِيفِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ قَوْلِنَا وَرَجَعَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِرُجُوعِهِ بِتَمَامِهِ لِرَبِّهِ وَبِرُجُوعِهِ مِنْ جِهَةٍ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَيَظْهَرُ رُجُوعُهُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ أَيْ وَرَجَعَ الرَّهْنُ) أَيْ لِرَاهِنِهِ، وَقَوْلُهُ وَجُمْلَةً أَيْ بِتَمَامِهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِشَرْطٍ مُنَافٍ كَأَنْ لَا يَقْبِضَ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ فِيهَا يَرْجِعُ جُمْلَةً لِلرَّاهِنِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَأَمَّا إنْ فَاتَ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَرْجِعُ مِنْ جِهَةٍ لِجِهَةِ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ

كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الثَّمَنِ إلَى مَا لَزِمَ مَعَ الْفَوَاتِ وَفِي الْمُخْطِئِ الرَّاهِنِ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ إلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لُزُومَهَا لِلْعَاقِلَةِ فَرَهَنَ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي جَمِيعِ الدِّيَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) بِاشْتِرَاطِهِ (فِي قَرْضٍ) جَدِيدٍ اقْتَرَضَهُ مَدِينُهُ فَطَلَبَ مِنْهُ رَهْنًا يَكُونُ فِي الْجَدِيدِ (مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَهُوَ تَوَثُّقُهُ فِي الْقَدِيمِ بِالرَّهْنِ (وَصَحَّ) الرَّهْنُ (فِي الْجَدِيدِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ وَيُحَاصِصُ بِالْقَدِيمِ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِاخْتِصَاصُ بِهِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلرَّاهِنِ لَا الصِّحَّةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْفَسَادِ إذْ هُوَ فَاسِدٌ فَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ الْمَانِعِ فَقَدْ تَجَوَّزَ بِإِطْلَاقِ الصِّحَّةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ. (وَ) بَطَلَ (بِمَوْتِ رَاهِنِهِ أَوْ فَلَسِهِ) وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ لَا بِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ فَقَطْ، وَكَذَا يَبْطُلُ بِمَرَضِهِ أَوْ بِجُنُونِهِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ (قَبْلَ حَوْزِهِ) أَيْ قَبْضِهِ (وَلَوْ جَدَّ فِيهِ) أَيْ فِي حَوْزِهِ فَلَا يُفِيدُهُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْجَدَّ فِي حَوْزِهِمَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ (وَ) بَطَلَ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ (فِي وَطْءٍ) لِأَمَةٍ مَرْهُونَةٍ (أَوْ) فِي (إسْكَانٍ) لِدَارٍ مَرْهُونَةٍ (أَوْ إجَارَةٍ) لِذَاتٍ مَرْهُونَةٍ (وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ) أَوْ يُؤَاجِرْ أَوْ يَطَأْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلِ الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الرَّهْنُ جُمْلَةً وَلَا يَرْجِعُ مِنْ جِهَةٍ لِجِهَةٍ أَصْلًا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ فَاتَ (قَوْلُهُ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ) الْأَوْلَى مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ إلَى حِصَّتِهِ مِنْهَا فَإِذَا وَفَّى حِصَّتَهُ مِنْهَا أَخَذَ رَهْنَهُ وَلَا يَبْقَى رَهْنًا عَنْ الْعَاقِلَةِ وَهَذَا إذَا خَصَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا كَبِيرًا، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا وَظَنَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ظَنَّ اللُّزُومَ لَيْسَ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِاشْتِرَاطِهِ فِي قَرْضٍ جَدِيدٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُعْسِرًا بِهِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْقَدِيمُ مُؤَجَّلًا حِينَ أَخَذَ الرَّهْنَ أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ أَجَلُهُ لَصَحَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِ دَيْنِهِ كَانَ تَأْخِيرُهُ كَابْتِدَاءِ سَلَفٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَرِيمُ عَدِيمًا وَكَانَ الرَّهْنُ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمَلِيءِ اُنْظُرْ بْن. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي قَرْضٍ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ جَدِيدٍ لَصَحَّ فِي الْبَيْعِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ كَذَا فِي عبق وَنَحْوُهُ قَوْلُ ح وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ قَرْضٍ بَلْ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ وَشَرَطَ أَنَّ الْأَوَّلَ دَاخِلٌ فِي رَهْنِ الثَّانِي فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ اهـ وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْحُرْمَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَكَذَا صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْفَلَسِ أَنَّ دَيْنَ الْبَيْعِ مِثْلُ الْقَرْضِ فِي الْفَسَادِ اُنْظُرْ بْن وَعِلَّةُ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ حَالًّا اجْتِمَاعَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَالْغَرَرُ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الرَّهْنِ كَذَا فِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَانْظُرْ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِاخْتِصَاصُ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ح كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ لِغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ الْمَانِعِ) أَيْ فَلِأَجْلِ كَوْنِهِ فَاسِدًا يَجِبُ رَدُّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) أَيْ هَذَا إذَا فُلِّسَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بِأَنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ قِيَامِهِمْ عَلَيْهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَفْلِيسُهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ بِأَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَمَنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا بِإِحَاطَةِ إلَخْ) أَيْ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَبْطُلُ بِمَرَضِهِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْحَوْزُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَالْجُنُونِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَنْفَعُ (قَوْلُهُ فَلَا يُفِيدُهُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُفِيدُ وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْقَوْلِ) أَيْ فَاكْتَفَى فِي حَوْزِهِمَا بِأَدْنَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ رَاهِنِهِ فَلَا بُدَّ فِي حَوْزِهِ مِنْ أَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْقَبْضُ. (قَوْلُهُ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْوَطْءِ وَمَا بَعْدَهُ قِيلَ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلْحَوْزِ فَقَطْ، وَقِيلَ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ وَقَبْلَ فَوَاتِ الرَّهْنِ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ رَدُّ الرَّهْنِ لِحَوْزِهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِبُطْلَانِهِ اُنْظُرْ بْن، وَقَوْلُهُ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ لِأَمَةٍ مَرْهُونَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْوَطْءِ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ لِجَوَلَانِ يَدِهِ فِي أَمَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ وَطْءُ غَيْرِ الْبَالِغِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ أَوْ إسْكَانٍ) أَيْ أَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفَ أَوْ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ أَوْ سُكْنَى أَيْ وَبِإِذْنِهِ لَهُ فِي أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ الدَّارَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةٍ) أَيْ أَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي أَنْ يُؤَاجِرَ الذَّاتَ الْمَرْهُونَةَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ حَتَّى يَطَأَ أَوْ يَسْكُنَ أَوْ يُؤَاجِرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ أَوْ يُؤَاجِرْ أَوْ يَطَأْ) أَيْ فَالْوَطْءُ بِالْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ فَأَوْلَى الْإِحْبَالُ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ نَاجِيٍّ فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ كَالتَّصَرُّفِ

فَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ أَحْسَنَ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْمَانِعِ (وَتَوَلَّاهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ (الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنُ وَهَذَا جَوَابُ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَتَوَصَّلُ الرَّاهِنُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ حَيْثُ كَانَ الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِسْكَانِ مُبْطِلًا مَعَ أَنَّ الْمَنَافِعَ لِلرَّاهِنِ (أَوْ) بِإِذْنِهِ لِلرَّاهِنِ (فِي بَيْعٍ) لِلرَّهْنِ (وَسَلَّمَ) لَهُ الرَّهْنَ (وَإِلَّا) يُسَلِّمْهُ لَهُ (حَلَفَ) أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ أَوْ لِيَأْتِيَ لَهُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ بَدَلَهُ لَا لِيَكُونَ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (وَبَقِيَ الثَّمَنُ) حِينَئِذٍ رَهْنًا لِلْأَجَلِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الرَّاهِنُ (بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ) فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَفِي كَوْنِهِ يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ (كَفَوْتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ (بِجِنَايَةٍ) عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ) مِنْ الْجَانِي أَوْ قِيمَةُ مَا نَقَصَهُ فَالْمَأْخُوذُ يَبْقَى رَهْنًا إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ. (وَ) بَطَلَ (بِعَارِيَّةٍ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ (أُطْلِقَتْ) أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رَدٌّ فِي الْأَجَلِ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَهُ (وَ) إنْ لَمْ تُطْلَقْ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْإِذْنِ كَمَا فِي ح وَابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ) أَيْ وَإِذَا بَطَلَ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ فِعْلٌ هُوَ مَا يُفِيدُ التَّوْضِيحُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ وَعَلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ فِي مَحَلِّهَا، رُدَّ بِهَا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ وَطْءٌ أَوْ إسْكَانٌ أَوْ إجَارَةٌ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ فِعْلٌ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فَلَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَعَلَى هَذَا فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ وَوَفَّقَ أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِأَنَّ مَا لَا يُنْقَلُ يَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ كَالْإِجَارَةِ وَالْإِسْكَانِ وَمَا يُنْقَلُ كَالْأَمَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ فِعْلُ الْوَطْءِ وَعَلَى هَذَا التَّوْفِيقُ فَالْمُبَالَغَةُ فِي مَحَلِّهَا لَكِنْ يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَبِإِذْنٍ فِي وَطْءٍ بِقَوْلِنَا وَوَطِئَ الرَّاهِنُ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ مَشَى فِي المج عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ وَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ إجَارَتَهُ مَعَ إذْنِ الرَّاهِنِ لَهُ فَفِي ضَمَانِهِ مَا فَاتَ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ قَوْلًا وَاحِدًا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّ كِرَاءَهُ رَهْنٌ مَعَ رَقَبَتِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ كِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَانَ هَذَا قَرِينَةً عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُمْكِنُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ وَذَلِكَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ وَخَرَجَ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ. (قَوْلُهُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي بَيْعٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي وَطْءٍ أَيْ وَبَطَلَ الرَّهْنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَهُ لَهُ وَبَاعَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إنِّي لَمْ آذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ إلَّا لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ لَا لِيَأْخُذَ ثَمَنَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَبُولَ قَوْلِهِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَلَمْ يَبِعْهُ فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ أَوْ لَا يَبْطُلُ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ لِإِحْيَائِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ أَيْ وَبَاعَهُ وَهُوَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ مَا أَذِنْت لَهُ فِي بَيْعِهِ إلَّا لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ لَا لِيَأْخُذَ ثَمَنَهُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا لِلْأَجَلِ إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ لَهُ الرَّهْنَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُسَلِّمْهُ لَهُ) أَيْ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ أَخَذَهُ مَنْ خَلْفَهُ وَبَاعَهُ (قَوْلُهُ حَلَفَ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ الرَّهْنُ وَصَارَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ) أَيْ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ عَفَنٍ أَوْ أَكَلٍ أَوْ سُوسٍ أَوْ عُثَّةٍ. (قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُمَاثَلَتِهِ لِلْأَوَّلِ فِي الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَفَوْتِهِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَبَقِيَ الثَّمَنُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَتْلَفَتْ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَاحْتَرَزَ بِهَا عَمَّا إذَا لَمْ يُؤْخَذْ لِلْجِنَايَةِ شَيْءٌ بِأَنْ عَفَا الرَّاهِنُ عَنْ الْجَانِي فَإِنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى بِلَا رَهْنٍ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ عَفْوَهُ يَمْضِي وَلَوْ كَانَ مُعْدَمًا فَانْظُرْهُ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ الرَّاهِنُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ رَهْنًا وَإِلَّا عَجَّلَ الدَّيْنَ هَذَا إنْ كَانَ مَلِيًّا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ أَتْلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ بَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا (قَوْلُهُ فَالْمَأْخُوذُ يَبْقَى رَهْنًا) أَيْ وَيَجِبُ الطَّبْعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَوُضِعَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ وَبِعَارِيَّةٍ أُطْلِقَتْ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِنْ نَاحِيَتِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ كَجَوَلَانِ يَدِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رَدٌّ فِي الْأَجَلِ) أَيْ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ

بَلْ وَقَعَتْ (عَلَى) شَرْطِ (الرَّدِّ) أَيْ رَدِّهَا إلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي الْأَجَلِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ رَجَعَ) الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ (اخْتِيَارًا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا (فَلَهُ أَخْذُهُ) مِنْ الرَّاهِنِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِرَهْنِهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ (إلَّا بِفَوْتِهِ) قَبْلَ أَخْذِهِ أَيْ إلَّا أَنْ يُفِيتُهُ مَالِكُهُ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (بِكَعِتْقٍ) أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ (أَوْ حَبْسٍ أَوْ تَدْبِيرٍ) أَوْ بَيْعٍ (أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ) عَلَى الرَّاهِنِ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذُهُ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ فِي غَيْرِ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا فِي قِيَامِهِمْ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَالْمَوْتِ (وَ) إنْ رَجَعَ لِرَاهِنِهِ (غَصْبًا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ (أَخْذُهُ) مِنْهُ (مُطْلَقًا) فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الدَّيْنَ (وَإِنْ وَطِئَ) الرَّاهِنُ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ (غَصْبًا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ (فَوَلَدُهُ) مِنْهَا (حُرٌّ) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَعَجَّلَ) الرَّاهِنُ (الْمَلِيُّ الدَّيْنَ) لِلْمُرْتَهِنِ (أَوْ قِيمَتَهَا) أَيْ عَجَّلَ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَلِيًّا (بَقِيَ) الرَّهْنُ الَّذِي هُوَ الْأَمَةُ لِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ الْوَضْعِ أَوْ حُلُولِ الْأَجَلِ فَتُبَاعُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا إنْ وَفَّى وَوَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ، فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَنْ الدَّيْنِ اتَّبَعَ السَّيِّدَ بِالْبَاقِي، وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا أُمُّ الْوَلَدِ. (وَصَحَّ) الرَّهْنُ (بِتَوْكِيلِ مُكَاتَبِ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِهِ، وَكَذَا أَخُوهُ) غَيْرُ مَحْجُورِهِ، وَكَذَا وَلَدُهُ الرَّشِيدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ أَيْ رَدُّهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ بَلْ وَقَعَتْ عَلَى شَرْطِ رَدِّهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَجَلِ أَيْ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِرَدِّهَا، وَقَوْلُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا تَعْمِيمٌ فِي شَرْطِ الرَّدِّ فَالشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ كَأَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ لِلْمُسْتَعِيرِ خُذْ هَذِهِ الدَّابَّةَ مَثَلًا اقْضِ عَلَيْهَا حَاجَتَك وَرُدَّهَا إلَيَّ وَالْحَالُ أَنَّ فَرَاغَ الْحَاجَةِ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ أَوْ عِنْدَهُ، وَالشَّرْطُ الْحُكْمِيُّ كَأَنْ تُقَيِّدَ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَخْذُهُ أَيْ أَخْذُ ذَلِكَ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ أَجْنَبِيًّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ اخْتِيَارًا) أَيْ بِغَيْرِ عَارِيَّةٍ فَصَحَّتْ الْمُقَابَلَةُ وَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْعَارِيَّةَ فِيهَا رَدٌّ اخْتِيَارًا فَلَا تَصِحُّ الْمُقَابَلَةُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَإِجَارَةٍ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا بِفَوْتِهِ) أَيْ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا عَادَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ اخْتِيَارًا أَوْ بِعَارِيَّةٍ مُقَيَّدَةٍ فَلَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَفُتْ عِنْدَ الرَّاهِنِ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِكَعِتْقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ تَدْبِيرٍ) فِيهِ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ فَكَيْفَ يُبْطِلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ انْضَمَّ لَهُ هُنَا مَا هُوَ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ دَفْعُهُ لِلرَّاهِنِ اخْتِيَارًا. (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِذَا أَخَذَهُ وَخَلَصَ مِنْ الرَّهِينَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ مَا فَعَلَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ أَيْ وَلَهُ عَدَمُ أَخْذِهِ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ بَعْدَ فَوَاتِهِ بِكَعِتْقٍ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الرَّاهِنَ الْمُوسِرَ إذَا أَعْتَقَ الْمَرْهُونَ أَوْ كَاتَبَهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعَجَّلَ الدَّيْنَ وَإِلَّا بَقِيَ قَالَ عبق، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِي أَخْذِهِ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا عَلَى قَصْدِ إبْطَالِ الرَّهِينَةِ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ بِخِلَافِ عِتْقِ الْعَبْدِ وَهُوَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْحَمْلَ عَلَى إبْطَالِ الرَّهِينَةِ حَتَّى يُعَامَلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ قَالَ بْن وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ح مِنْ تَقْيِيدِ مَا هُنَا بِمَا يَأْتِي أَيْ أَنَّ الْغَاصِبَ هُنَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّهْنُ بَلْ يَمْضِي مَا فَعَلَهُ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا أَخَذَ الرَّهْنَ غَصْبًا مِنْ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ لَمْ يَفُتْ عِنْدَ الرَّاهِنِ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَرْكِهِ وَيُعَجِّلُ لَهُ الدَّيْنَ وَإِنْ فَاتَهُ الرَّاهِنُ بِمُفَوِّتٍ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مَضَى فِعْلُهُ وَعَجَّلَ الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَخَلَصَ الرَّهْنُ لَزِمَ الرَّاهِنَ مَا فَعَلَهُ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ وَإِنْ لَمْ يَخْلُصْ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهِينَةِ بِبَيْعٍ فِي الرَّهِينَةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الدَّيْنَ) أَيْ فَإِنْ عَجَّلَ لَهُ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ رُدَّ لِلرَّاهِنِ غَصْبًا وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّهْنُ إنْ فَوَّتَهُ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ أَوْ يَتْرُكَهُ وَيُعَجِّلَ لَهُ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ أَيْ عَجَّلَ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ) فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَعَجَّلَهَا طُولِبَ عِنْدَ الْأَجَلِ بِبَاقِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَتُبَاعُ) أَيْ فَبَعْدَ مُضِيِّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهُوَ وَضْعُهَا أَوْ حُلُولُ أَجَلِ الدَّيْنِ تُبَاعُ (قَوْلُهُ إنْ وَفَّى) أَيْ بَعْضُهَا بِالدَّيْنِ وَوَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ، فَإِنْ وَفَّى بَعْضُهَا بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهَا بِيعَتْ كُلُّهَا (قَوْلُهُ وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ سِتٌّ هَذِهِ وَالْأَمَةُ الَّتِي أَحْبَلَهَا الشَّرِيكُ أَوْ عَامِلُ الْقِرَاضِ أَوْ وَارِثُ الْمَدِينِ أَوْ سَيِّدُهَا الْعَالِمُ بِجِنَايَتِهَا مَعَ الْإِعْسَارِ فِي الْكُلِّ أَوْ أَحْبَلَهَا الْمُفْلِسُ بَعْدَ أَنْ وُقِفَتْ لِلْبَيْعِ وَالْأَمَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السِّتِّ قِنٌّ حَامِلَةٌ بِحُرٍّ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةَ لَا تَحْمِلُ أَمَةٌ قِنٌّ بِحُرٍّ. (قَوْلُهُ بِتَوْكِيلٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَوْكِيلٍ أَوْ مَعَ تَوْكِيلِ الْمُرْتَهِنِ مُكَاتَبَ الرَّاهِنِ أَوْ أَخَاهُ فِي حَوْزِهِ لَهُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ سَبِيلٌ كَمَا أَنَّ أَخَاهُ غَيْرُ مَحْجُورِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَذَا وَلَدُهُ الرَّشِيدُ) هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا بَائِنًا عَنْ الْأَبِ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ

(عَلَى الْأَصَحِّ لَا) تَوْكِيلِ (مَحْجُورِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ زَوْجَتِهِ (وَرَقِيقِهِ) وَلَوْ مَأْذُونًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (وَالْقَوْلُ) عِنْدَ تَنَازُعِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ (لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ لِأَمِينٍ) لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يَكْرَهُ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ خَوْفَ دَعْوَى ضَيَاعِهِ وَقَدْ يَكْرَهُ الْمُرْتَهِنُ حِيَازَةَ نَفْسِهِ خَوْفَ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَ (وَ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْأَمِينِ وَاخْتَلَفَا (فِي تَعْيِينِهِ نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِي الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا فَيُقَدِّمُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا خُيِّرَ فِي دَفْعِهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (وَإِنْ سَلَّمَهُ) الْأَمِينُ لِأَحَدِهِمَا (دُونَ إذْنِهِمَا) يَعْنِي دُونَ إذْنِ الرَّاهِنِ إنْ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَدُونَ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ إنْ سَلَّمَهُ لِلرَّاهِنِ فَالْكَلَامُ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ) وَضَاعَ عِنْدَهُ (ضَمِنَ) الْأَمِينُ لِلرَّاهِنِ (قِيمَتَهُ) يَوْمَ تَلَفِهِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ الدَّيْنِ سَقَطَ الدَّيْنُ وَبَرِئَ الْأَمِينُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدَّيْنِ ضَمِنَ الْأَمِينُ الزِّيَادَةَ وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَ) إنْ سَلَّمَهُ (لِلرَّاهِنِ ضَمِنَهَا) الْأَمِينُ (أَوْ الثَّمَنَ) أَيْ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى أَوْ الدَّيْنَ بَدَلَ الثَّمَنِ. (وَانْدَرَجَ) فِي رَهْنِ الْغَنَمِ (صُوفٌ تَمَّ) عَلَى ظَهْرِهَا يَوْمَ الرَّهْنِ تَبَعًا لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَنْدَرِجْ (وَ) انْدَرَجَ فِي رَهْنِ أَمَةٍ (جَنِينٌ) فِي بَطْنِهَا وَقْتَ الرَّهْنِ وَأَوْلَى بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الِابْنِ صَحِيحٌ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ خِلَافًا لَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ وَرَقِيقِهِ) شَمَلَ الْمُدَبَّرَ وَلَوْ مَرِضَ سَيِّدُهُ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ وَلَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَأْذُونًا) أَيْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ لِأَمِينٍ) أَيْ عِنْدَ أَمِينٍ وَسَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ تَسْلِيمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَ الْقَوْلُ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِطَالِبِ الْأَمِينِ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا دَخَلَا عَلَى السُّكُوتِ، وَأَمَّا لَوْ امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْعَقْدِ مِنْ قَبْضِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِوَضْعِهِ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ عِنْدَ تَنَازُعِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ مَثَلًا يُوضَعُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ يُوضَعُ عِنْدِي أَوْ بِالْعَكْسِ بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ يُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ وَقَالَ الرَّاهِنُ يُوضَعُ عِنْدَك فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ وَضْعَهُ عِنْدَ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا فَيُقَدِّمُهُ) أَيْ وَلَا يَعْدِلُ لِغَيْرِهِمَا فَيُقَدِّمُهُ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصْلُحُ لِوَضْعِهِ عِنْدَهُ لِرِضَاهُمَا بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ فِي الصَّلَاحِيَّةِ فِي وَضْعِهِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ خُيِّرَ أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ) أَيْ بِحَيْثُ إذَا تَلِفَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالْفِعْلِ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّى وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَانَ الرَّهْنُ بَاقِيًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ آخَرَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ تَعَلَّقَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ تَعَلَّقَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى تَقْرِيرٍ ثَانٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَ إمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الضَّمَانِ بِالْفِعْلِ وَيُقَيَّدَ بِمَا إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ أَوْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سَقَطَ الدَّيْنُ) أَيْ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ. وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الرَّاهِنِ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَمِينِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَحَالَةِ الْمُسَاوَاةِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَضْمِينِ الْأَمِينِ الزِّيَادَةَ إذَا سَلَّمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ الرَّاهِنُ عَلَى ذَلِكَ التَّسْلِيمِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُغَرِّمَ الْقِيمَةَ أَيَّهُمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ عَلَيْهِ هَذَا بِأَخْذِهِ وَهَذَا بِدَفْعِهِ وَتُوقَفُ تِلْكَ الْقِيمَةُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ غَيْرِهِمَا لِلْأَجَلِ، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ، ثُمَّ إنَّ الرَّاهِنَ إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْأَمِينِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَفِي بْن عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إنْ غَرِمَ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ بِالتَّعَدِّي رَجَعَ بِهَا عَلَى الْأَمِينِ (قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ الْأَمِينَ يَغْرَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ بِدُونِ تَفْرِيطٍ أَمْ لَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمِينَ مُتَعَدٍّ بِالدَّفْعِ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْمُرْتَهِنُ مُتَعَدٍّ بِأَخْذِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي بْن (قَوْلُهُ ضَمِنَهَا) أَيْ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ أَيْ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا) أَيْ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَغَرِمَهُ لَهُ حَيْثُ تَلِفَ الرَّهْنُ عِنْدَ الرَّاهِنِ وَرَجَعَ الْأَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ بِكُلِّ مَا غَرِمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا إلَى أَنَّ " أَوْ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّفْصِيلِ لَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ ضَمِنَ الْقِيمَةَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الثَّمَنَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَوْ الدَّيْنَ أَيْ لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى دَيْنِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ وَانْدَرَجَ صُوفٌ تَمَّ) أَيْ لِأَنَّهُ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ قُصِدَتْ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَنْدَرِجْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ تَامًّا وَقْتَ الرَّهْنِ فَلَا يَنْدَرِجُ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ غَيْرَ التَّامِّ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ وَهِيَ لَا تَنْدَرِجُ (قَوْلُهُ وَجَنِينٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهَا فَدَخَلَ هُنَا كَالْبَيْعِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَوْ شَرَطَ الرَّاهِنُ عَدَمَ دُخُولِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجُزْءِ مِنْ أُمِّهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بَعْدَهُ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ بَعْدَ الرَّهْنِ يَكُونُ جُزْءًا مِنْهَا، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَا الرَّهْنُ بِخِلَافِهِ قَبْلُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ

(وَفَرْخُ نَخْلٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفَسِيلِ بِالْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ (لَا غَلَّةٌ) كَلَبَنٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَعَسَلِ نَحْلٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، وَكَذَا الْبَيْضُ بَلْ هِيَ لِلرَّاهِنِ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَتَدْخُلُ (وَ) لَا (ثَمَرَةٌ وَإِنْ وُجِدَتْ) يَوْمَ الرَّهْنِ، وَلَا تَكُونُ بِإِزْهَائِهَا كَالصُّوفِ التَّامِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَ) لَا (مَالُ عَبْدٍ) إلَّا بِشَرْطٍ (وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ) أَيْ يَجُوزُ وَيَلْزَمُ عَقْدُ رَهْنٍ يُقْبَضُ الْآنَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَقْرَضَهُ اسْتَمَرَّتْ رَهِينَتُهُ بِقَبْضِهِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ (أَوْ بَاعَ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَيْ وَجَازَ الِارْتِهَانُ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا وَيَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي ثَمَنِهِ (أَوْ يَعْمَلْ لَهُ) بِالْجَزْمِ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّ أَقْرَضَ أَيْ وَجَازَ الِارْتِهَانُ وَأَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ عَبْدِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِهِ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَ رَبُّ الثَّوْبِ رَهْنًا لِلْخَيَّاطِ مَثَلًا فِي الْأُجْرَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الرَّاهِنِ وَشَمَلَ صُورَةً أَيْضًا وَهِيَ أَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفْعَ الْأُجْرَةِ لِلْأَجِيرِ وَيَخْشَى أَنْ يُفَرِّطَ فِي الْعَمَلِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْمَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْأُجْرَةِ، أَوْ يَسْتَأْجِرُ مِنْ الرَّهْنِ مَنْ يَعْمَلُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ فِي إجَارَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (فِي جُعْلٍ) أَيْ عِوَضِ جُعْلٍ بِأَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْآبِقِ مَثَلًا رَهْنًا عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي تَثْبُتُ لَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَهُوَ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِالْعَمَلِ (لَا) يَصِحُّ رَهْنٌ (فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَبَيْعِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إنْ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا (أَوْ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ كَاكْتِرَائِهِ دَابَّةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ رَهْنًا، فَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا لِيَسْتَوْفِيَ الْعَمَلَ مِنْهَا لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا يَتَوَهَّمُ وُقُوعُهَا عَاقِلٌ وَأَمَّا إنْ أَخَذَ رَهْنًا عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ فَجَائِزٌ. (وَ) لَا يَصِحُّ رَهْنٌ فِي (نَجْمِ كِتَابَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ ذَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ وَفَرْخُ نَخْلٍ) أَيْ وَانْدَرَجَ فِي رَهْنِ النَّخْلِ فَرْخُ النَّخْلِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفَسِيلِ وَبِالْوَدِيِّ وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ انْدَرَجَ فَرْخُ النَّخْلِ فِي رَهْنِهِ (قَوْلُهُ لَا غَلَّةٌ) عَطْفٌ عَلَى صُوفٍ أَيْ لَا يَنْدَرِجُ فِي الرَّهْنِ غَلَّةٌ فَإِذَا رَهَنَ حَيَوَانًا فَلَا تَدْخُلُ غَلَّتُهُ فِي الرَّهْنِ بَلْ لِلرَّاهِنِ أَخْذُهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَتْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً يَوْمَ الرَّهْنِ وَلَوْ أَزْهَتْ أَوْ يَبِسَتْ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ بِإِزْهَائِهَا كَالصُّوفِ) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصُّوفِ أَنَّهَا تُتْرَكُ لِتَزْدَادَ طِيبًا فَهِيَ غَلَّةٌ لَا رَهْنٌ وَالصُّوفُ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهِ بَعْدَ تَمَامِهِ بَلْ فِي بَقَائِهِ تَلَفٌ لَهُ فَالسُّكُوتُ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى إدْخَالِهِ اهـ خش وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالثَّمَرَةِ الْيَابِسَةِ (قَوْلُهُ وَلَا مَالُ عَبْدٍ) أَيْ وَلَا يَنْدَرِجُ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ مَالُهُ إلَّا بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ) صُورَتُهُ أَنَّهُ يَقُولُ شَخْصٌ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الشَّيْءَ عِنْدَك رَهْنًا عَلَى مَا اقْتَرَضْتُهُ مِنْك أَوْ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ مِنْك فُلَانٌ أَوْ عَلَى ثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ فَالرَّهْنُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ صَحِيحٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا قَبْلَ الرَّهْنِ لَكِنْ لَا يَسْتَمِرُّ لُزُومُهُ إلَّا إذَا حَصَلَ بَيْعٌ أَوْ قَرْضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ كَانَ لَهُ أَخْذُ رَهْنِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَارْتَهَنَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ لُزُومُ رَهِينَةِ الشَّيْءِ الَّذِي رَهَنَهُ إنْ أَقْرَضَ أَوْ بَاعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّ أَيْ الرَّهْنُ فِيمَا يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَلَزِمَ بِحُصُولِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ اسْتَمَرَّتْ رَهْنِنَّتُهُ) أَيْ اسْتَمَرَّ لُزُومُ رَهْنِنَّتِهِ الْحَاصِلَةِ بِقَبْضِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يُقْرِضْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ لَهُ أَخْذُ رَهْنِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِحَّةَ الرَّهْنِ وَلُزُومَهُ حَاصِلَانِ مِنْ الْآنَ وَالْمُتَوَقِّفُ عَنْ الْقَرْضِ أَوْ الْبَيْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنَّمَا هُوَ اسْتِمْرَارُ اللُّزُومِ. (قَوْلُهُ عَلَى مَحَلِّ أَقْرَضَ) أَيْ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ جَزْمِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ) أَيْ كَأَنْ تَسْتَأْجِرَ زَيْدًا عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَك هَذَا الثَّوْبَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَك بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ تَسْتَأْجِرَ دَابَّتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِأُجْرَةٍ قَدْرُهَا كَذَا وَتُعْطِيهِ رَهْنًا فِي الْأُجْرَةِ الَّتِي تَجِبُ لَهُ عَلَيْك بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ يَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْأُجْرَةِ) أَيْ بِحَيْثُ يُبَاعُ الرَّهْنُ وَتُسْتَوْفَى الْأُجْرَةُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُ مِنْ الرَّهْنِ أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعَمَلُ فِي جُعْلٍ أَيْ فِي عِوَضِ جُعْلٍ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْجُعْلِ هُنَا الْأُجْرَةُ لَا الْعَقْدُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُعْلَ أَيْ بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا أَيْ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الدَّابَّةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا (قَوْلُهُ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنِ) أَيْ أَخَذَ الدَّابَّةَ مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ قَلْبِ الْحَقَائِقِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ) بِأَنْ يَبِيعَهُ وَيَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فَجَائِزٌ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْهُونِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا احْتِرَازًا مِنْ الْأَمَانَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ وَدِيعَةً أَوْ قِرَاضًا وَتَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَمَنَافِعِهَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ، وَأَمَّا أَخْذُ رَهْنٍ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ أَوْ قِيمَةُ مَنْفَعَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ ذَاتِ الْمُعَيَّنِ وَقِيمَةَ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ وَفِي نَجْمِ كِتَابَةٍ) الْمُرَادُ بِهِ

عَلَى عَبْدٍ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ فَرْعُ التَّحَمُّلِ وَالْكِتَابَةَ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَلَا آيِلَةٍ لِلُّزُومِ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُ رَهْنٍ فِيهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ. ، وَلَمَّا كَانَتْ غَلَّاتُ الرَّهْنِ وَمَنَافِعُهُ لِلرَّاهِنِ تَكَلَّمَ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِهَا لِلْمُرْتَهِنِ بِشُرُوطٍ فَقَالَ (وَجَازَ) لِلْمُرْتَهِنِ (شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ لِنَفْسِهِ مَجَّانًا بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ عُيِّنَتْ) مُدَّتُهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ وَكَانَ (بِبَيْعٍ) أَيْ وَاقِعًا فِي عَقْدِ بَيْعٍ فَقَطْ (لَا) فِي عَقْدِ (قَرْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَفِي الْقَرْضِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَيُمْنَعُ شَرْطُهَا وَالتَّطَوُّعُ بِهَا فِي الْقَرْضِ عُيِّنَتْ أَمْ لَا كَالتَّطَوُّعِ بِالْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ شَرْطٌ، وَكَذَا يُمْنَعُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ أَوْ لَا وَهَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَمَانِ صُوَرٍ: الْمَنْعُ فِي سَبْعٍ وَالْجَوَازُ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ (وَفِي ضَمَانِهِ) أَيْ الرَّهْنِ الَّذِي اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ لِلْمُرْتَهِنِ مَجَّانًا (إذَا تَلِفَ) عِنْدَهُ فِي الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِصِدْقِ اسْمِ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَأْجَرًا كَسَائِرِ الْمُسْتَأْجَرَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ. (قَوْلُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِرَهْنٌ وَكَذَا قَوْلُهُ لِلسَّيِّدِ أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَرْهَنَ أَجْنَبِيٌّ لِلسَّيِّدِ رَهْنًا فِيمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ النُّجُومِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَجْنَبِيٌّ صِحَّةُ أَخْذِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي نَجْمٍ أَوْ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ بِيعَ الرَّهْنُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ) أَيْ لِأَنَّ صِحَّةَ رَهْنِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ تَحَمُّلِهِ وَضَمَانِهِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَوْ عَجَزَ الْمَضْمُونُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَزِمَ الضَّامِنَ دَفْعُهُ وَالرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهَا) أَيْ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَكُونُ فِي دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ لَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) أَيْ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا يُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ وَالْأَوَّلُ بَيْعٌ وَالثَّانِي إجَارَةٌ. وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَضِعْ عَلَى الرَّاهِنِ بَلْ وَقَعَتْ جُزْءًا مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا. (قَوْلُهُ وَالتَّطَوُّعُ بِهَا فِي الْقَرْضِ عُيِّنَتْ أَمْ لَا كَالتَّطَوُّعِ بِالْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهَا هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَكَذَا يُمْنَعُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَتْ (قَوْلُهُ ثَمَانِ صُوَرٍ) حَاصِلُهَا أَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ يَتَطَوَّعَ بِهَا الرَّاهِنُ عَلَيْهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَاقِعًا فِي عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَأَخْذُ الْمُرْتَهِنِ لَهَا فِي رَهْنِ الْقَرْضِ مَمْنُوعٌ فِي صُوَرِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَوْ لَا مُشْتَرَطَةً أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهَا وَفِي رَهْنِ الْبَيْعِ الْمَنْعُ فِي ثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُتَطَوَّعًا بِهَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَطَةً وَلَمْ تُعَيَّنْ مُدَّتُهَا وَالْجَوَازُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اُشْتُرِطَتْ وَكَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِيهَا إذَا اُشْتُرِطَتْ لِيَأْخُذَهَا مَجَّانًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَوْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ يُعَجَّلُ لَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْبَاقِي يُدْفَعُ لَهُ فِيهِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا امْتَنَعَ لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ يُتْرَكُ لِلرَّاهِنِ جَازَ إلَّا إذَا كَانَ اشْتِرَاطُ أَنَّ الْبَاقِيَ يُتْرَكُ لِلرَّاهِنِ وَاقِعًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ لِلْغَرَرِ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَبْقَى، وَأَمَّا الصُّوَرُ السَّبْعَةُ الْمَمْنُوعَةُ فَالْمَنْعُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ أَخْذُ الْمُرْتَهِنِ الْمَنْفَعَةَ مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَنْ يَحْسِبَهَا مِنْ الثَّمَنِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي صُوَرِ الْقَرْضِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إنْ اُشْتُرِطَتْ مَجَّانًا وَإِنْ اُشْتُرِطَ أَخْذُهَا لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ اجْتِمَاعُ السَّلَفِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَطَةٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ أَبَاحَ لَهُ الرَّاهِنُ الِانْتِفَاعَ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَإِنْ كَانَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ جَرَى عَلَى مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسَامَحَةٌ حَرُمَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي صُوَرِ الْبَيْعِ أَنَّهَا إنْ

(تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الضَّمَانُ (وَأُجْبِرَ) الرَّاهِنُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ (إنْ شُرِطَ) الرَّهْنُ (بِبَيْعٍ) أَيْ فِي عَقْدِ بَيْعٍ، وَلَا مَفْهُومَ لِبَيْعٍ إذْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ (وَعُيِّنَ) الرَّهْنُ الْمُشْتَرَطُ (وَإِلَّا) يُعَيَّنْ عِنْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ وَقَعَ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ مَا (فَرَهْنُ ثِقَةٍ) أَيْ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ (وَالْحَوْزُ) الْحَاصِلُ لِلْمُرْتَهِنِ (بَعْدَ مَانِعِهِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالرَّهْنِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَلَسٍ أَيْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ أَنَّ حَوْزِي لِلرَّهْنِ كَانَ قَبْلَ الْمَانِعِ وَنَازَعَهُ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ (لَا يُفِيدُ) وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ (وَلَوْ شَهِدَ) لَهُ (الْأَمِينُ) الَّذِي وَضَعَ الرَّهْنَ عِنْدَهُ بِأَنَّ الْحَوْزَ قَبْلَ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ غَيْرِ الْأَمِينِ (وَهَلْ تَكْفِي بَيِّنَةٌ) لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ (عَلَى الْحَوْزِ) لِلرَّهْنِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمَانِعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّحْوِيزِ (وَبِهِ عُمِلَ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (أَوْ) لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى (التَّحْوِيزِ) أَيْ مُعَايَنَتِهِمْ أَنَّ الرَّاهِنَ سَلَّمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْمَانِعِ (تَأْوِيلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَطَةٍ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ إنْ كَانَتْ مَجَّانًا وَإِنْ كَانَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَجْرِي عَلَى مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَطَةً فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تُعَيَّنْ مُدَّتُهَا فَعِلَّةُ الْمَنْعِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ إذَا اُشْتُرِطَتْ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمَّا اشْتَرَطَ أَخْذَهَا فِي الْعَقْدِ صَارَتْ هِيَ وَمَا سُمِّيَ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لِلْجَهْلِ بِمُدَّتِهَا وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ فَعِلَّةُ الْمَنْعِ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ الْأَجَلِ، هَذَا كُلُّهُ فِي أَخْذِ الْمُرْتَهِنِ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَخْذَ الْغَلَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ دَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلْ لِذَلِكَ أَجَلًا جَازَ فِي الْقَرْضِ وَمُنِعَ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ بِالْأَجَلِ دُونَ الْبَيْعِ وَإِنْ أَجَّلَ ذَلِكَ بِأَجْلٍ مَعْلُومٍ، فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُوَفِّيَهُ الرَّاهِنُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ جَازَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْفَاضِلَ مِنْ الدَّيْنِ يُعْطِيهِ بِهِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا مُنِعَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْفَاضِلَ مِنْ الدَّيْنِ يُتْرَكُ لِلْمَدِينِ جَازَ فِي الْقَرْضِ دُونَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) هَذَا التَّرَدُّدُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَغْلِبَ حُكْمُ الرَّهْنِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ الرَّاجِحُ الضَّمَانُ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ إذَا تَلِفَ عِنْدَهُ فِي الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ إلَخْ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ إذَا تَلِفَ فِي الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ مَنْفَعَتُهَا، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَ بَعْدَهَا فَهُوَ كَالرَّهْنِ فِي الضَّمَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اُشْتُرِطَتْ الْمَنْفَعَةُ لِيَأْخُذَهَا مَجَّانًا، فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ ضَمَانَ الرَّهْنِ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ فِيهِ لِيَكُونَ الْمَنْفَعَةُ وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ صَرَاحَةً (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا اُشْتُرِطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ وَكَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ بِعَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ إذْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَعُيِّنَ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عُيِّنَ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ بِأَنْ وَقَعَ) أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ فَرَهْنُ ثِقَةٍ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنِ ثِقَةٍ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ أَوْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَبَيْنَ الْفَسْخِ فَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ إنْ فَاتَ، فَإِنْ حَصَلَ الْهَلَاكُ أَوْ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ فَلَا مَقَالَ لَهُ إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ الرَّاهِنُ فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ. (قَوْلُهُ وَالْحَوْزُ) أَيْ وَدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ الْحَوْزَ بَعْدَ حُصُولِ الْمَنْعِ أَيْ دَعْوَاهُ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ أَنَّهُ حَازَ قَبْلَ حُصُولِهِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَقْتَضِي حُصُولَ دَعْوَى وَ " بَعْدَ " مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَى الْمُقَدَّرَةِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَإِبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَوْزَ بَعْدَ الْمَانِعِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إذَا وُجِدَ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ وَنَازَعَهُ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَقَالُوا لَهُ إنَّ حَوْزَك لِمَا هُوَ بِيَدِك إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ) أَيْ أَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ وَكَذَّبَهُ الْغُرَمَاءُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ وَهُوَ الْحَوْزُ أَيْ وَالشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ لَا تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى. هَذَا وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ شَهَادَةَ الْقَبَّانِي بِأَنَّ وَزْنَ مَا قَبَضَهُ فُلَانٌ كَذَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا قَبَضَ مَا وَزَنَهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَ بِهِمَا مَعًا فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا حَيْثُ كَانَ بُطْلَانُ بَعْضِهَا لِلتُّهْمَةِ كَمَا هُنَا وَمَحَلُّ بُطْلَانِ شَهَادَةِ الْقَبَّانِي إذَا شَهِدَ بِالْوَزْنِ مَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ كَالْقَاضِي كَمَا بِمِصْرَ وَإِلَّا عَمِلَ بِشَهَادَتِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَابِعَ الْمُقَامِ مِنْ الْقَاضِي مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ وَضْعِ الْيَدِ وَعَدَمُ اخْتِلَاسِهِ مِثْلًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَوْزِ نَقْلُ الرَّهْنِ مِنْ دَارِ الرَّاهِنِ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا وَيَطْبَعَ عَلَيْهِ أَوْ يَأْخُذَ مَفَاتِيحَهُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحَوْزِ عَلَى النَّافِيَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ وَالْمُثْبِتَةُ تُقَدَّمُ عَلَى النَّافِيَةِ؛ لِأَنَّهَا أَزْيَدُ عِلْمًا مَا لَمْ تُؤَيَّدْ بِقَرَائِنَ كَمَا فِي فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ لَمَّا سَأَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ رَهْنِ دَارٍ ادَّعَى

وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا وَ) لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ الْمُعَيَّنَ الْمُشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ (مَضَى بَيْعُهُ) وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً (قَبْلَ قَبْضِهِ) لِلْمُرْتَهِنِ (إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ) فِي طَلَبِهِ حَتَّى بَاعَهُ وَصَارَ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ لِتَفْرِيطِهِ (وَإِلَّا) يُفَرِّطْ بَلْ جَدَّ فِي الطَّلَبِ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي مُضِيِّ الْبَيْعِ فَاتَ أَمْ لَا وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا وَفِي رَدِّهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَيَبْقَى رَهْنًا وَإِلَّا فَالثَّمَنُ (وَ) إنْ بَاعَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْبَيْعِ فَيَكُونُ رَهْنًا (إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ) مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ مَا نَقَصَ وَالدَّيْنُ عَيْنٌ مُطْلَقًا أَوْ عَرْضٌ مِنْ قَرْضٍ (أَوْ) بِيعَ بِمِثْلِ الدَّيْنِ فَأَكْثَرَ وَ (دَيْنُهُ عَرْضًا) مِنْ بَيْعٍ إذْ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْعَرْضِ قَبْلَ أَجَلِهِ وَلَوْ بِيعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذْ الْأَجَلُ فِيهِ مِنْ حَقِّهِمَا بِخِلَافِ الْعَرْضِ مِنْ قَرْضٍ فَإِنَّ الْأَجَلَ فِيهِ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ (وَإِنْ أَجَازَ) الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ (تَعَجَّلَ) دَيْنَهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا أَتْبَعَهُ بِالْبَاقِي. ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ بِعِوَضٍ ذَكَرَ تَصَرُّفَهُ بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَبَقِيَ) الْعَبْدُ رَهْنًا (إنْ دَبَّرَهُ) سَيِّدُهُ الرَّاهِنُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرْتَهِنُ حِيَازَتَهَا بِبَيِّنَةٍ فَأَقَامَ الْغُرَمَاءُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ سَاكِنٌ فِيهَا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ أَشْعُرْ بِرُجُوعِهِ لَهَا وَفِي السُّؤَالِ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ ابْنُ رُشْدٍ لِعِيَاضٍ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبُطْلَانِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا) قَالَ ح أَشَارَ بِذَلِكَ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَنَصُّهَا وَلَا يَقْضِي بِالْحِيَازَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ بِحَوْزِهِ فِي حَبْسٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُعْطِي فِي صِحَّتِهِ أَنَّ الْمُعْطَى قَدْ حَازَ وَقَبَضَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَيِّنَةٌ، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْضَ بِذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ اهـ وَوَجْهُ كَوْنِ كَلَامِهَا الْمَذْكُورِ دَالًّا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَمُحْتَمِلًا لَهُمَا أَنَّ قَوْلَهَا حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ الْحَوْزِ أَيْ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ الْمَرْهُونَ فِي حَوْزِ الشَّخْصِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ قَبْلَ الْمَانِعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّحْوِيزُ أَيْ التَّسْلِيمُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُعَايَنَةِ. (قَوْلُهُ الْمُشْتَرَطَ) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ الرَّهْنُ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ مَضَى بَيْعُهُ وَهَلْ يَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا أَوْ يَكُونُ لِلرَّاهِنِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا؟ فِيهِ خِلَافٌ مُخَرَّجٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَبَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي مُضِيِّ الْبَيْعِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لِلْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَوْ لِلْمُعْطَى - بِالْفَتْحِ - كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَكَانَ مُشْتَرَطًا فِي عَقْدِ الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ قَبْضِهِ مَضَى بَيْعُهُ وَلِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ وَفِي رَدِّهِ إنْ لَمْ يَفُتْ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا التَّأْوِيلِ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ إذَا لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَبِيعُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَيُجْعَلُ الثَّمَنُ رَهْنًا وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَصَّارِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ الْمُعَيَّنَ الْمُشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْحَالُ أَنَّ الرَّاهِنَ الْبَائِعَ سَلَّمَ الرَّهْنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الرَّاهِنَ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَلَوْ أَتَاهُ بِرَهْنٍ بَدَلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى رَهْنٍ مُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ خَالَفَ الرَّاهِنَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ الْعَقْدِ الْأَصْلِيِّ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الرَّهْنُ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بَعْدَهُ فَإِمَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِمُسَاوٍ لَهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَيْنًا مُطْلَقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ الدَّيْنِ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَيَرْجِعَ الرَّهْنُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ أَوْ يُجِيزُهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَيُطَالِبُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ كَانَ عَيْنًا مُطْلَقًا وَإِنْ كَمَّلَهُ لَهُ أَخَذَهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ، فَإِنْ بَاعَهُ بِمُسَاوٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا مُطْلَقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ بَلْ الْبَيْعُ لَازِمٌ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ، فَإِنْ رَدَّ بَيْعَهُ رَجَعَ رَهْنًا وَإِنْ أَمْضَاهُ عَجَّلَ الدَّيْنَ، فَالْخِيَارُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ، وَلُزُومُ الْبَيْعِ فِي أَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضٍ مِنْ قَرْضٍ) أَيْ أَوْ مِنْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ) أَيْ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الَّتِي يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَأَوْلَى فِي التَّعْجِيلِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ الَّتِي يَكُونُ الْبَيْعُ فِيهَا لَازِمًا وَلَا خِيَارَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَبَقِيَ إنْ دَبَّرَهُ) أَيْ بَقِيَ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِيَّةِ لِلْأَجَلِ، فَإِنْ دَفَعَ سَيِّدُهُ الدَّيْنَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ حِينَ التَّدْبِيرِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَانَ التَّدْبِيرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَبَّرَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا لَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَبْقَى عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِيَّةِ بَلْ

(وَمَضَى عِتْقُ) الرَّاهِنِ (الْمُوسِرِ) لِعَبْدِهِ الْمَرْهُونِ (وَكِتَابَتِهِ) لَهُ بَلْ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً (وَعَجَّلَ) الدَّيْنَ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ رَهْنٍ بَدَلَهُ (وَالْمُعْسِرُ) إنْ أَعْتَقَ الرَّهْنَ أَوْ كَاتَبَهُ (يَبْقَى) عَبْدُهُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ مَعَ جَوَازِ فِعْلِهِ ابْتِدَاءً، فَإِنْ أَيْسَرَ فِي الْأَجَلِ أَخَذَ مِنْ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ مِقْدَارُ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ (فَإِذَا تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِيعَ) الْعَبْدُ (كُلُّهُ وَالْبَاقِي) مِنْ ثَمَنِهِ عَنْ الدَّيْنِ (لِلرَّاهِنِ) مِلْكًا (وَمُنِعَ الْعَبْدُ) الرَّهْنُ (مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا) بِأَنْ نَصَّ عَلَى دُخُولِهَا مَعَهُ فِي الرَّهْنِ أَوْ اشْتَرَطَ دُخُولَ مَالِهِ مَعَهُ فَدَخَلَتْ وَالْأَخْصَرُ وَالْأَوْضَحُ لَوْ قَالَ الْمَرْهُونَةُ مَعَهُ وَأَوْلَى فِي الْمَنْعِ لَوْ رُهِنَتْ وَحْدَهَا وَأَمَّا لَوْ رُهِنَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ جَازَ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَزَوْجَتِهِ رُهِنَتْ مَعَهُ أَوْ لَا. (وَحُدَّ مُرْتَهِنٌ وَطِئَ) أَمَةً مَرْهُونَةً عِنْدَهُ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَفُوتُ بِتَدْبِيرِهِ لِحُصُولِ التَّقْصِيرِ بِعَدَمِ قَبْضِهِ اهـ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ هَذَا التَّقْيِيدَ وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ هَلْ يَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ كَمَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ أَوْ يَكُونُ التَّدْبِيرُ كَالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ فَيُفَصَّلُ بَيْنَ كَوْنِ السَّيِّدِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا؟ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ إنْ فَرَّطَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ حَتَّى دَبَّرَهُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ كَانَ رَهْنًا تَأَمَّلْ. إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رَهْنَ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ بِطُرُوِّ تَدْبِيرِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي النَّصِّ عَلَى هَذَا. قُلْت إنَّمَا يَجُوزُ وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ ابْتِدَاءً إذَا دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى أَنْ يُبَاعَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَهَذَا مَمْنُوعٌ بِخِلَافِ طُرُوُّ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ إذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ سَيِّدُهُ لِرَبِّهِ. (قَوْلُهُ وَمَضَى إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ أَوْ الْكِتَابَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ كَانَ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُعَجَّلُ كَالْعَرْضِ مِنْ بَيْعٍ، فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِتَعْجِيلِهِ فَكَذَلِكَ يُعَجَّلُ وَإِلَّا بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ، وَقِيلَ تَبْقَى قِيمَتُهُ رَهْنًا، وَقِيلَ يَأْتِي سَيِّدُهُ بِرَهْنٍ مُمَاثِلٍ لَهُ (قَوْلُهُ بَلْ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً) فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي قَوْلِ التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَكَالْبَيْعِ إلَى آخِرِ مَا نَصَّهُ لَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَضَى وَنَحْوُهُ فِي ح اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَسَارٌ فِي الْأَجَلِ بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ بِمِقْدَارِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَيْ، فَإِنْ كَانَ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ إلَّا ثَمَنَ كُلِّ الْعَبْدِ بِيعَ كُلُّهُ لَكِنْ لَا يُبَاعُ إلَّا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَعَلَّهُ أَنْ يَحْدُثَ فِيهِ يَسَارٌ وَإِنْ كَانَ يَفِي بِالدَّيْنِ ثَمَنُ بَعْضِ الْعَبْدِ بِيعَ بَعْضُهُ وَكَانَ الْبَاقِي حُرًّا وَهَذَا فِي الْعِتْقِ، وَأَمَّا فِي الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ كُلُّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ بَيْعَ الْبَعْضِ خَاصٌّ بِالْعِتْقِ إذْ لَا يُعْهَدُ التَّبْعِيضُ فِي الْكِتَابَةِ وَحِينَئِذٍ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فِي الْكِتَابَةِ بِيعَ كُلُّهُ وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ وَالْبَاقِي مِنْ ثَمَنِهِ عَنْ الدَّيْنِ لِلرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ وَمُنِعَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا رَهَنَ أَمَةَ عَبْدِهِ وَحْدَهَا أَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ رَهْنَهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَهُ يُشْبِهُ الِانْتِزَاعَ مِنْ السَّيِّدِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ عَرَضَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ لِلْبَيْعِ، وَقَدْ يُبَاعَانِ مُجْتَمِعَيْنِ فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَلَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرُ حِلَّ الْوَطْءِ وَعَدَمَهُ صَارَ ذَلِكَ التَّعْرِيضُ شَبِيهًا بِانْتِزَاعِهَا مِنْهُ، فَإِنْ تَعَدَّى وَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَقُلْنَا يُشْبِهُ الِانْتِزَاعَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ انْتِزَاعًا حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إذَا افْتَكَّهَا السَّيِّدُ مِنْ الرَّهْنِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ السَّابِقِ عَلَى الرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ انْتِزَاعًا حَقِيقِيًّا لَافْتَقَرَ لِتَمْلِيكٍ ثَانٍ (قَوْلُهُ الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا) صِفَةٌ لِأَمَةٍ وَلَمَّا جَرَتْ الصِّفَةُ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ أُبْرِزَ الضَّمِيرُ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صِفَةً لِعَبْدِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ كَذَا قِيلَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الْفَاصِلُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْعَامِلِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْعَبْدِ وَحِينَئِذٍ فَالْإِبْرَازُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ لِجَرَيَانِ الصِّفَةِ عَلَى مَنْ هِيَ لَهُ فَهُوَ مِثْلُ زَيْدٌ هِنْدٌ ضَارِبَتُهُ هِيَ. (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ عَدَمُ اجْتِمَاعِ الْعَبْدِ مَعَهَا فِي الرَّهْنِيَّةِ (قَوْلُهُ كَزَوْجَتِهِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ وَمَرْهُونَةً مَعَ زَوْجِهَا الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَالسَّيِّدُ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ الزَّوْجَةِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا كَمَا لَوْ بَاعَهَا السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا) أَيْ فَلِذَا كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا زِنًا مَحْضًا فَيُحَدُّ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ وَالْوَلَدُ النَّاشِئُ مِنْ وَطْئِهِ رَقِيقٌ لِلرَّاهِنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ وَمَا نَقَصَهَا رَهْنًا فِي الدَّيْنِ وَلَا يُلْحَقُ

وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَطْؤُهُ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ الرَّاهِنِ فَلَا حَدَّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عَطَاءٍ بِجَوَازِ إعَارَةِ الْفُرُوجِ مَعَ مَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا مِنْ الدَّيْنِ فَتَفُوتُ الشُّبْهَةُ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ حَمَلَتْ وَهَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَوِّجَةً (وَتُقَوَّمُ) الْمَوْطُوءَةُ بِإِذْنٍ (بِلَا وَلَدٍ حَمَلَتْ أَمْ لَا) لِأَنَّ حَمْلَهَا انْعَقَدَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَلَا قِيمَةَ لَهُ وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ بِلَا إذْنٍ فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ فَتُقَوَّمُ بِوَلَدِهَا لِرِقِّهِ وَتُقَوَّمُ لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا، وَتَرْجِعُ مَعَ وَلَدِهَا لِمَالِكِهَا وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِتَلْزَمَ قِيمَتُهَا الْوَاطِئَ بِالْإِذْنِ، وَلَا تَرْجِعُ لِلرَّاهِنِ. (وَلِلْأَمِينِ) الْمَوْضُوعِ عِنْدَهُ الرَّهْنُ (بَيْعُهُ) فِي الدَّيْنِ (بِإِذْنٍ) مِنْ الرَّاهِنِ وَاقِعٍ (فِي عَقْدِهِ) أَيْ الرَّهْنِ وَأَوْلَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَوْكِيلٍ فِي بَيْعِهِ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا (إنْ لَمْ يَقُلْ) الرَّاهِنُ بِعْهُ (إنْ لَمْ آتِ) بِالدَّيْنِ فِي وَقْتِ كَذَا (كَالْمُرْتَهِنِ) لَهُ بَيْعُهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا فِي حَالِ الْعَقْدِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَ لِلْأَمِينِ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِعْهُ إنْ لَمْ آتِ بِالدَّيْنِ وَقْتَ كَذَا أَوْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْعَقْدِ مُطْلَقًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ ثَوْبِ الْغَيْبَةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ عَسِرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَبِحَضْرَةِ عُدُولٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ نَدْبًا، فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ تَيَسُّرِهِ (مَضَى مُطْلَقًا فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَمِينِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ تَافِهًا وَلَمْ يَخْشَ فَسَادَهُ وَإِلَّا جَازَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمُرْتَهِنِ وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا الْمُرْتَهِنُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى لَحَرُمَتْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّهُ رَاعَى فِي مَنْعِ وَطْئِهَا الزِّنَا بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ وَحَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا) أَيْ بِوَطْئِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ أَمَّا لَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ ثَيِّبٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا نَقَصَهَا مَا لَمْ تَكُنْ صَغِيرَةً تُخْدَعُ وَإِلَّا فَطَوْعُهَا كَالْإِكْرَاهِ. (قَوْلُهُ إنْ حَمَلَتْ) أَيْ مِنْ وَطْءِ الْمُرْتَهِنِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي وَطْئِهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ الْحَدِّ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي وَطْئِهَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ وَإِلَّا حُدَّ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَهُ فِي الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ الْمَوْطُوءَةُ بِإِذْنٍ بِلَا وَلَدٍ إلَخْ) أَيْ تُقَوَّمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ يَوْمَ الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ أَيْ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَغْرَمَ قِيمَتَهَا لِلرَّاهِنِ، وَقَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ إلَخْ مُسْتَأْنَفٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِنْ أَذِنَ فَلَا حَدَّ وَتُقَوَّمُ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ إلَخْ قَاصِرٌ عَلَى الثَّانِيَةِ لَا لِلِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا وَلَدٍ يَبْعُدُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى تُقَوَّمُ بِوَلَدِهَا لِأَجْلِ أَنْ يُعْرَفَ نَقْصُهَا، وَتَرْجِعُ لِمَالِكِهَا مَعَ وَلَدِهَا، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَتُقَوَّمُ وَحْدَهَا لِأَجْلِ أَنْ تَلْزَمَ لِلْوَاطِئِ بِالْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ وَقُوِّمَتْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَلْزَمَ لَهُ بِالْقِيمَةِ لَا لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا، وَتَرْجِعَ لِمَالِكِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَمْلَهَا انْعَقَدَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ) أَيْ لِلُحُوقِهِ بِالْمُرْتَهِنِ، وَقَوْلُهُ فَلَا قِيمَةَ لَهُ أَيْ فَلَا ثَمَنَ لَهُ يُدْفَعُ لِلرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ فَتُقَوَّمُ بِوَلَدِهَا وَتُقَوَّمُ لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا) فَإِذَا وَطِئَهَا وَوَلَدَتْ وَكَانَ الْوَطْءُ يُنْقِصُهَا عَشَرَةً قُوِّمَ الْوَلَدُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةً جُبِرَ النَّقْصُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ رَجَعَ عَلَى الْوَاطِئِ بِالْبَاقِي وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِزِيَادَةٍ عَلَى سَيِّدِهَا، وَقَوْلُهُ وَتَرْجِعُ مَعَ وَلَدِهَا لِمَالِكِهَا أَيْ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَرْجِعُ لِلرَّاهِنِ) أَيْ وَإِنَّمَا تَرْجِعُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ (قَوْلُهُ وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنَ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ بِإِذْنٍ) أَيْ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ (قَوْلُهُ وَاقِعٌ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ) أَيْ فِي وَقْتِ عَقْدِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِذْنَ مَحْضُ تَوْكِيلٍ أَيْ تَوْكِيلٌ مَحْضٌ سَالِمٌ عَنْ تَوَهُّمِ الْإِكْرَاهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بَعْدَهُ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْإِذْنَ الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِذْنِ لِضَرُورَتِهِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ فَإِذْنُهُ كَلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ قَالَهُ فَلَا يَسْتَقِلُّ الْأَمِينُ بِالْبَيْعِ حِينَئِذٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ إثْبَاتِ الْغَيْبَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ) أَيْ وَأَمَّا إذْنُ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ فِي حَالِ الْعَقْدِ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ أَيْ جَوَازُ اسْتِقْلَالِهِ بِالْبَيْعِ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ زَرْقُونٍ، وَالْمَنْعُ لِبَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْإِذْنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَوَّى اللَّخْمِيِّ بَيْنَ شَرْطِ تَوْكِيلِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ اهـ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ مَشَى عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ مِنْ مَنْعِ اسْتِقْلَالِ الْمُرْتَهِنِ بِالْبَيْعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ وَإِلَّا بِأَنْ قَيَّدَ لِلْأَمِينِ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَيَّدَ أَوْ أَطْلَقَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَيَّدَ لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاهِنَ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لِلْأَمِينِ أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُطْلِقَ أَوْ يُقَيِّدَ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ، فَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ الْإِذْنُ لِلْأَمِينِ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَطْلَقَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ، وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لَهُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ قَيَّدَ أَوْ ` أَطْلَقَ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ إنْ لَمْ آتِ بِالدَّيْنِ فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ لَمْ يَقُلْ (قَوْلُهُ فَبِحَضْرَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَبِيعُهُ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَمِينًا أَوْ مُرْتَهِنًا بِحَضْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْشَ فَسَادَهُ) أَيْ لَوْ بَقِيَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ)

مُطْلَقًا (وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ) الْمُوَكَّلُ عَلَى حَوْزِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَيْ لَا يَعْزِلُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يَمْضِي عَزْلُهُ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى عَزْلِهِ فَلَهُمَا ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْأَمِينِ (إيصَاءٌ بِهِ) أَيْ بِالرَّهْنِ عِنْدَ سَفَرِهِ أَوْ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَرَاهِنَيْنِ وَهُمَا لَمْ يَرْضَيَا إلَّا بِأَمَانَتِهِ لَا أَمَانَةِ غَيْرِهِ (وَبَاعَ الْحَاكِمُ) الرَّهْنَ (إنْ امْتَنَعَ) الرَّاهِنُ مِنْ بَيْعِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ وَهُوَ مُوسِرٌ، وَلَا يُحْبَسُ، وَلَا يُضْرَبُ، وَلَا يُهَدَّدُ، وَكَذَا يُبَاعُ إذَا غَابَ الرَّاهِنُ مَعَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالْبَيْعِ (وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ) عَلَى الرَّاهِنِ (بِنَفَقَتِهِ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهِ حَيْثُ احْتَاجَ لِنَفَقَةٍ كَالْحَيَوَانِ وَكَعَقَارٍ احْتَاجَ لِحُرْمَةٍ وَلَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ غَلَّتَهُ لَهُ وَمَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ لَا فِي عَيْنِ الرَّهْنِ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) لَهُ الرَّاهِنُ فِي الْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (وَلَيْسَ) الرَّهْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُطْلَقًا) أَيْ تَيَسَّرَ الرَّفْعُ لَهُ أَوْ لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْمُضِيِّ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ أَمَّا لَوْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ كَانَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ كَالشَّفِيعِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَعْزِلُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ إلَى بَدَلٍ أَوْثَقَ مِنْهُ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْزِلَهُ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُوَكَّلًا عَلَى حَوْزِ الرَّهْنِ أَوْ عَلَى بَيْعِهِ عَلَى مَا ظَهَرَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِوَضْعِهِ عِنْدَ أَمِينٍ غَيْرِهِ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ لَمْ تَنْفُذْ وَصِيَّتُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْفُذُ الْإِيصَاءُ بِهِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْإِيصَاءِ بِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ اهـ خش، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْإِيصَاءُ بِالْقَضَاءِ فَالْقَاضِي مِثْلُ الْأَمِينِ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُهُمَا الْوَكِيلُ وَلَوْ مُفَوَّضًا إلَيْهِ، وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي الْمُقَامُ عَلَى أَيْتَامٍ بِخِلَافِ الْخَلِيفَةِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُجْبَرِ وَإِمَامِ الصَّلَاةِ الْمُقَامِ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُوصِيَ بِمَنْصِبِهِ وَيَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ النَّاظِرُ الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْإِيصَاءَ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْقَاضِي كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ إنْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لِلْأَمِيرِ وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا يُهَدَّدُ) أَيْ لَا يُخَوَّفُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا يُبَاعُ) أَيْ يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ، وَقَوْلُهُ إذَا غَابَ الرَّاهِنُ أَيْ أَوْ مَاتَ (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ) أَيْ وَثُبُوتُ أَنَّ الرَّهْنَ مِلْكٌ لَهُ أَوْ اسْتِعَارَةٌ أَيْ وَبَعْدَ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فَفِي ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ إذَا غَابَ الرَّاهِنُ أَوْ مَاتَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الدَّيْنُ وَمِلْكُ الرَّهْنِ لَهُ وَتَحْلِيفُهُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ دَيْنَهُ وَلَا قَبَضَهُ وَلَا أَحَالَ بِهِ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الرَّهْنِ أَوْلَى بِالْبَيْعِ أَيْ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُخَالِفًا لِابْنِ يُونُسَ فِي قَوْلِهِ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِي الْأَوْلَى بِالْبَيْعِ الرَّهْنِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَبِيعُ مَا هُوَ الْأَوْلَى لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَنَصُّهُ الرَّهْنُ لَا يُبَاعُ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ غَابَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ قُرْبِ غَيْبَتِهِ مِنْ بَعْدِهَا وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا الْقَاضِي فَأَشْبَهَ حُكْمَهُ عَلَى الْغَائِبِ اهـ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ رُبَّمَا اقْتَضَى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ لَهُ شَيْءٌ يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ غَيْرَ الرَّهْنِ نَظَرَ الْحَاكِمُ فَيُوَافِقُ مَا لِابْنِ يُونُسَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ) ابْنُ عَاشِرٍ أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَالِكِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَمْلُوكُ رَهْنًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرِ خِيفٍ إلَخْ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى كَشَجَرٍ أَيْ مِمَّا يَتَوَقَّفُ سَلَامَتُهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا يَلْزَمُ مَالِكَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا نَفَقَتُهُ وَبَعْدَ اللُّزُومِ فَارَقَتْ هَذِهِ قَوْلَهُ وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ قَالَ طفي، وَهَذَا الْحَمْلُ صَوَابٌ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ فَيُؤْخَذُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْعَقَارَ كَالشَّجَرِ لَا كَالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمِسَناوِيُّ مَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ الْعَقَارَ كَالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِافْتِقَارِهِ لِلْإِصْلَاحِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ فَيَرْجِعُ بِهَا فِي ذِمَّتِهِ قَالَ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْأَشْجَارِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ أَشْهَبَ إنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا تَكُونُ فِي الرَّهْنِ مُبْدَأً بِهَا فِي ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ) أَمَّا فِي الْحَيَوَانِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ يَقْتَضِي قَصْرَ الرَّهْنِ عَلَى الْحَيَوَانِ دُونَ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى دَابَّتِهِ وَعَلَى رَقِيقِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِمَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُ عَقَارِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى كَشَجَرٍ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْعَقَارِ لَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ

(رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِالْإِنْفَاقِ بِمَعْنَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الضَّالَّةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا فِي عَيْنِ الْمُلْتَقِطِ وَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَفَقَتِهَا (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الرَّاهِنُ (بِأَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنُ (رَهْنٌ بِهَا) أَيْ فِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِأَنْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ أَوْ بِمَا أَنْفَقْتَ أَوْ عَلَى مَا أَنْفَقْتَ كَانَ رَهْنًا بِهَا يُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَفَقَتِهِ فِي ذَلِكَ الرَّهْنِ قَطْعًا، وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا قَالَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ هَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصْرِيحِ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ الْفَاضِلَةَ تَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ وَإِنْ قَالَ) أَنْفِقْ (وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ تَأْوِيلَانِ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك إلَخْ لَا فِي الْوَاوِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ ذَلِكَ فَالْمُصَنِّفُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى الْفَرْقَ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّ الظَّاهِرَ التَّأْوِيلُ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي الرَّهْنِيَّةِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهَا فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِيهَا وَفَرَّعَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ وَعَلَى تَعْرِيفِهِ أَوَّلَ الْبَابِ لِلرَّهْنِ الدَّالِّ بِظَاهِرِهِ عَلَى عَدَمِ افْتِقَارِهِ لِلَفْظٍ. قَوْلُهُ (فَفِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ) بِأَنْ يَقُولَ خُذْ هَذِهِ رَهْنًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ بِرَهْنِ كَذَا وَنَحْوِ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQإصْلَاحُهُ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ فِيهِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ النَّفَقَةُ أَيْ الشَّيْءُ الْمُنْفَقُ أَيْ وَلَيْسَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ بَلْ بِمُجَرَّدِ وَفَاءِ الدَّيْنِ انْحَلَّ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهِينَةِ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا دَاعِيَ لِذِكْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ كَوْنَهُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ رَهْنًا فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الدُّيُونَ فِي الذِّمَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُرْهَنُ فِيهَا حِينَئِذٍ فَذَكَرَ قَوْلَهُ وَلَيْسَ رَهْنًا فِيهِ مُضْطَرٌّ لِذِكْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ النَّفَقَةِ فِي الذِّمَّةِ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُتْبِعُهُ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِ الرَّهْنِ رَهَنَهُ فِيهَا أَوْ لَا فَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ رَهْنًا فِيهَا بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ فِي عَيْنِ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ، وَقَوْلُهُ وَيَكُونُ أَيْ الْمُنْفِقُ مُقَدَّمًا إلَخْ، فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الضَّالَّةِ فَلَا يَرْجِعُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى رَبِّهَا وَضَاعَتْ عَلَى الْمُنْفِقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّالَّةِ وَالرَّهْنِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا حَيْثُ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا فِي عَيْنِهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى الرَّهْنِ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ الضَّالَّةَ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَلِذَا رَجَعَ بِالنَّفَقَةِ فِي عَيْنِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنَّ صَاحِبَهُ مَعْرُوفٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَلَوْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ غَابَ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ) أَيْ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَكُونُ الرَّاهِنُ رَهْنًا فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي أَنَّ الرَّهْنَ رُهِنَ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ: أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك بِسَبَبِ الرَّهْنِ أَوْ وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ فَالرَّهْنُ رُهِنَ فِيهَا عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا وَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ أَيْ أَوْ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَجَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ ذَلِكَ) أَيْ إنْ سُلِّمَ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ لَا فِي الْوَاوِ. وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَا لَا أُسَلِّمُ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ صَاحِبِ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يُفِيدُ أَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ النَّفَقَةَ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا وَقَعَا فِي عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك إلَخْ لَا فِي الْوَاوِ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَى الرَّهْنِ فَقَطْ وَلَا يَزِيدُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ النَّفَقَةُ فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ. الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ فَالرَّهْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ اتِّفَاقًا. الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ وَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ وَمِثْلُهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا قَالَ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَالْمُصَنِّفُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ) أَيْ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَةِ الَّتِي فِيهَا عَلَى وَالصِّيغَةِ الَّتِي فِيهَا الْوَاوُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقَاسُ الصِّيغَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَاوُ عَلَى الَّتِي فِيهَا عَلَى فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَوَجْهُ ظُهُورِ عَدَمِ الْفَرْقِ أَنَّ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك بِسَبَبِ الرَّهْنِ أَيْ أَنَّهُ الْحَامِلُ لَك عَلَى الْإِنْفَاقِ فَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلِاحْتِمَالَيْنِ كَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى الْفَرْقَ) أَيْ فَقَالَ إنَّ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ قَرِيبٌ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ بِخِلَافِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ النَّفَقَةَ بِسَبَبِ الرَّهْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتِمُّ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ تَسَاوِي التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ فَفِي افْتِقَارِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ

فِي النَّفَقَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ فِيهَا بِرَهْنِ الرَّهْنِ فِيهَا وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ بَلْ يَكْفِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (تَأْوِيلَانِ وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ) مِنْ مَالِهِ (عَلَى) رَهْنٍ (كَشَجَرٍ) أَوْ زَرْعٍ (خِيفَ عَلَيْهِ) التَّلَفُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ وَأَبَى الرَّاهِنُ مِنْهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَيْثُ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهُ فَاحْتِيجَ لِإِجْرَائِهِ أَوْ لِإِصْلَاحِ الْبِئْرِ (بُدِئَ) مِنْ الثَّمَرِ أَوْ الْحَبِّ (بِالنَّفَقَةِ) الَّتِي صَرَفَهَا فِي ذَلِكَ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ الشَّجَرَ أَوْ الزَّرْعَ، وَلَا تَكُونُ النَّفَقَةُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَكَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ دَخَلَ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الرَّهْنِ رَهْنًا بِهَا كَانَ سَلَفًا مِنْهُ لِلرَّاهِنِ بِخِلَافِ هَدْمِ الْبِئْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ إحْيَاءُ الزَّرْعِ وَنَحْوُهُ إنَّمَا يَحْصُلُ عَنْ إنْفَاقِهِ بُدِئَ بِهِ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِدُونِ عِلْمِهِ بِالنَّفَقَةِ، فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى عَدَمِ جَبْرِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ (مُطْلَقًا) كَانَ الرَّهْنُ مُشْتَرَطًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لِلْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَهُ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ فِي الْإِنْفَاقِ، فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَ فِي الرَّهْنِ لَا الذِّمَّةِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهَلْ هُوَ يُجْبِرُ الرَّاهِنَ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِإِحْيَاءِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ كَشَجَرٍ أَوْ لَا (وَ) تُؤُوِّلَتْ (عَلَى التَّقْيِيدِ) لِعَدَمِ جَبْرِهِ (بِالتَّطَوُّعِ) بِالرَّهْنِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) دُونَ الْمُشْتَرَطِ فِي الْعَقْدِ فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ عَقَارِهِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا تَأْوِيلَانِ إشَارَةً إلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي شُرُوطِ ضَمَانِ الرَّهْنِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بِقَوْلِهِ (وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ إنْ كَانَ بِيَدِهِ) لَا بِيَدِ أَمِينٍ (وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَحُلِيٍّ وَسِلَاحٍ وَثِيَابٍ وَكُتُبٍ مِنْ كُلِّ مَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَكَتْمُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَعَ خِلَافٌ هَلْ الرَّهْنُ يَحْتَاجُ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي قَوْلُ أَشْهَبَ فَإِذَا دَفَعَ الْمَدِينُ لِرَبِّ الدَّيْنِ سِلْعَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ أَمْسِكْهَا حَتَّى أَدْفَعَ لَك حَقَّك كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ رَهْنًا عِنْدَ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِمَا يَتَفَرَّعُ التَّأْوِيلَانِ السَّابِقَانِ فِي النَّفَقَةِ إذَا قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ بَلْ فِي الدَّيْنِ فَقَدْ رَاعَى قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِافْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَمَنْ قَالَ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي الدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ مَعًا فَقَدْ رَاعَى قَوْلَ أَشْهَبَ بِعَدَمِ افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ عَكَسَ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي النَّفَقَةِ مُفَرَّعَانِ فِي الْوَاقِعِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَا الْعَكْسِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَفِي افْتِقَارِ إلَخْ لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلتَّفْرِيعِ أَيْ فِيهِ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ فِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لِذَلِكَ قَوْلَيْنِ فَالتَّأْوِيلَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَفَرَّعَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ إلَخْ لَا يَظْهَرُ وَتَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثَانِيًا تَأْوِيلَانِ صَوَابُهُ قَوْلَانِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فِي النَّفَقَةِ) أَيْ فِي كَوْنِ الرَّهْنِ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ افْتِقَارِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الرَّهْنِ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الرَّهْنِ رَهْنًا فِيهَا (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَدَايَنَهُ لِيُوَفِّيَهُ (قَوْلُهُ خِيفَ عَلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ هُنَا الظَّنُّ فَمَا فَوْقَهُ وَمَفْهُومُ خِيفَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ إذَا تُرِكَ لَانْبَغَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ) أَيْ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِ الرَّاهِنِ فَالشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الدَّيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بُدِئَ أَيْ بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الرَّهْنِ، فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَتِهِ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ) أَيْ لِشِبْهِهِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ السُّكْنَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بُدِئَ بِهِ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ) قَالَ عبق مَعْنَى التَّبْدِئَةِ بِمَا أَنْفَقَ أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ يَكُونُ فِي ثَمَنِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ وَفِي رِقَابِ النَّخْلِ، فَإِنْ سَاوَى مَا ذُكِرَ لِلنَّفَقَةِ أَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ قَصَرَ ذَلِكَ عَنْ نَفَقَتِهِ لَمْ يَتْبَعْ الرَّاهِنَ بِالزَّائِدِ وَضَاعَ عَلَيْهِ وَكَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ الْمُتَعَلِّقِ إنْفَاقُهُ فِيهَا بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ نَفَقَتِهِ بُدِئَ بِهَا فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ) أَيْ الْمَرْهُونَيْنِ وَخِيفَ عَلَيْهِمَا الْفَسَادُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَلَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرٌ، فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَتْ النَّفَقَةُ فِي الرَّهْنِ لَا فِي الذِّمَّةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الرَّهْنُ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ وَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الرَّهْنِ. (قَوْلُهُ وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ) أَيْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ أَوْ رَدَّهُ وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الضَّيَاعِ أَوْ يَوْمَ الِارْتِهَانِ؟ قَوْلَانِ وَوَفَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا ظَهَرَ عِنْدَهُ يَوْمَ ادَّعَى التَّلَفَ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ حَتَّى ضَاعَ اهـ بْن نَقْلًا عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا بِيَدِ أَمِينٍ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ إلَخْ وَذَلِكَ كَالسَّفِينَةِ وَقْتَ جَرْيِهَا رُهِنَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ آلَتِهَا، وَأَمَّا آلَتُهَا فَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا رُهِنَتْ وَقْتَ جَرْيِ السَّفِينَةِ أَوْ رَاسِيَةً

لَا حَيَوَانٍ وَعَقَارٍ (وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ) أَوْ شَاهِدٌ مَعَ يَمِينٍ (بِكَحَرْقِهِ) أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ تَلَفِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَضْمَنُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ شَرَطَ) الْمُرْتَهِنُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ (الْبَرَاءَةَ) أَيْ عَدَمَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ الشَّرْطِ (أَوْ عَلِمَ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ) الْمُعْتَادِ وَضْعُهُ فِيهِ وَادَّعَى حَرْقَهُ مَعَ مَتَاعِهِ فَيَضْمَنُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ (إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا) مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ فَلَا ضَمَانَ، وَقَوْلُهُ مُحْرَقًا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ أَيْ مَعْطُوبًا مُحْرَقًا أَوْ مَقْطُوعًا أَوْ مَكْسُورًا أَوْ مَبْلُولًا (وَأَفْتَى) أَيْ أَفْتَى الْإِمَامُ الْبَاجِيَّ (بِعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الضَّمَانِ (فِي الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّ الرَّهْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَا حَيَوَانٍ وَعَقَارٍ) أَيْ وَسَفِينَةٍ وَاقِفَةٍ فِي الْمَرْسَى فَإِذَا ادَّعَى ضَيَاعَ ذَلِكَ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ تَلَفَهُ أَوْ رَدَّهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مَا لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ كَمَا فِي ح وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الرَّهْنِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بَابُ الْعَوَارِيّ، وَضَمَانُ الصُّنَّاعِ، وَالْمَبِيعُ بِخِيَارٍ، وَنَفَقَةُ الْمَحْضُونِ إذَا دُفِعَتْ لِلْحَاضِنِ، وَالصَّدَاقُ إذَا دُفِعَ لِلْمَرْأَةِ وَحَصَلَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمَا بِيَدِ الْوَرَثَةِ إذَا طَرَأَ دَيْنٌ أَوْ وَارِثٌ آخَرُ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ، وَالسِّلْعَةُ الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الضَّمَانَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ أَوْ هَلَاكِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا ضَمَانُ تُهْمَةٍ وَهِيَ تَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ) أَيْ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا التَّعْلِيلِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ لَا لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ الشَّرْطِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ إنَّمَا يَحْسُنُ خِلَافُ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ، وَأَمَّا فِي رَهْنٍ مُتَطَوَّعٍ بِهِ فَلَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَهُ بِالرَّهْنِ مَعْرُوفٌ وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ ثَانٍ فَهُوَ إحْسَانٌ عَلَى إحْسَانٍ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهَذَا التَّقْيِيدُ مَعْمُولٌ بِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الضَّمَانِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا عَلِمَ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِبَعْضِهِ فِيهِ الْحَرْقُ (قَوْلُهُ وَادَّعَى حَرْقَهُ) أَيْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ وَأَنَّهُ حَرَقَ مَعَ مَتَاعِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا) قِيلَ الْأَوْلَى غَيْرُ مُحْرَقٍ إذْ الْبَعْضُ الْمُحْرَقُ لَا يَبْقَى، وَإِنَّمَا الَّذِي يَبْقَى الْبَعْضُ غَيْرَ الْمُحْرَقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُحْرَقَ يُطْلَقُ عَلَى مَا أَذْهَبَتْهُ النَّارُ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَلَى مَا بَقِيَتْ آثَارُهَا فِيهِ وَلَمْ تُذْهِبْهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ بِكَحَرْقِهِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَأَطْلَقَهُ ثَانِيًا فِي قَوْلِهِ إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا بِالْمَعْنَى الثَّانِي عَلَى طَرِيقِ شِبْهِ الِاسْتِخْدَامِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّهْنَ إنْ كَانَ مُتَّحِدًا كَفَى الْإِتْيَانُ بِبَعْضٍ مِنْهُ مُحْرَقًا وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مُحْرَقًا (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ فَلَا يُبْرِئُهُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا مَجْمُوعُ شَيْئَيْنِ الْإِتْيَانُ بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا وَعِلْمُ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ، وَأَمَّا إنْ أَتَى بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا وَلَمْ يَعْلَمْ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ أَوْ عَلِمَ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا فَالضَّمَانُ ثَابِتٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَزَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَيْدًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يَعْلَم أَنَّ النَّارَ الَّتِي أَحْرَقَتْ الْمَحَلَّ لَيْسَتْ مِنْ سَبَبِهِ، فَإِنْ جَهِلَ كَوْنَهَا بِسَبَبِهِ أَوْ لَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مُعْتَبَرٌ فَلَا وَجْهَ لِإِهْمَالِ الْمُصَنِّفِ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ أَفْتَى الْإِمَامُ الْبَاجِيَّ) أَيْ لَمَّا احْتَرَقَتْ أَسْوَاقُ طَرْطُوشَةَ وَهُوَ وَجِيهٌ. قَالَ بْن وَبِذَلِكَ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ مِثْلَ فَتْوَى الْبَاجِيَّ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَنَصُّهُ وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ نَزَلَ عِنْدَهُمْ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ لَمَّا فَتَحَ الرُّومُ زُوَيْلَةَ وَالْمَهْدِيَّةَ وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ وَكَثُرَتْ الْخُصُومَاتُ مَعَ الْمُرْتَهِنِينَ وَالصُّنَّاعِ وَفِي الْبَلَدِ مَشَايِخُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَوَافِرُونَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِتَكْلِيفِ الْمُرْتَهِنِ وَالصُّنَّاعِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَا عِنْدَهُ قَدْ أَخَذَهُ الرُّومُ وَأَفْتَيْتُ بِتَصْدِيقِهِمْ وَكَانَ الْقَاضِي حِينَئِذٍ يَعْتَمِدُ فَتْوَايَ فَتَوَقَّفَ لِكَثْرَةِ مَنْ خَالَفَنِي حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّ شَيْخَ الْجَمَاعَةِ السُّيُورِيِّ أَفْتَى بِمَا أَفْتَيْت بِهِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا كِتَابُ الْمُنْتَقَى فَذَكَرَ

الْمُعْتَادِ وَضْعُهُ فِيهِ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ كَانَ بِهِ إذْ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا، وَفَتْوَى الْبَاجِيَّ ضَعِيفَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ بَلْ بِيَدِ أَمِينٍ أَوْ تَرَكَاهُ فِي مَوْضِعِهِ كَثِمَارٍ بِشَجَرَةٍ وَزَرْعٍ بِأَرْضِهِ أَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَدُورٍ وَعَبِيدٍ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِكَحَرْقِهِ أَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ مُحْرَقًا مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ أَوْ عِلْمِ احْتِرَاقِ الْمَحَلِّ الْمَوْضُوعِ فِيهِ الرَّهْنُ فَقَطْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ (فَلَا) ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (وَلَوْ اشْتَرَطَ) الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (ثُبُوتَهُ) أَيْ الضَّمَانِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ) وَكَذَا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ) وَنَحْوِهِ مَعَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ فَيَضْمَنُ بِخِلَافِ لَوْ صَدَّقُوهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَالُوا رَأَيْنَاهَا مَيِّتَةً وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهَا الرَّهْنُ وَحَلَفَ أَنَّهَا الرَّهْنُ (وَحَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ (أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ) فِي دَعْوَى التَّلَفِ (وَ) أَنَّهُ (لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ قَالُوا: " وَ " لِلتَّقْسِيمِ بِمَعْنَى أَوْ، وَإِنَّمَا حَلَفَ مَعَ ضَمَانَةِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ عَلَى إخْفَائِهِ رَغْبَةً فِيهِ (وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ) أَيْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ (إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ) مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ وُهِبَ) لَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ الْمُرْتَهِنُ لِرَبِّهِ، وَلَا يَكُونُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ عَلَى وَجْهِ التَّوَثُّقِ بِهِ لَا الْأَمَانَةِ (إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ) لِرَبِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ فِي الِاحْتِرَاقِ مِثْلَ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ وَذَكَرَ كَلَامَ الْبَاجِيَّ اهـ. (قَوْلُهُ الْمُعْتَادُ وَضْعُهُ فِيهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَفَتْوَى الْبَاجِيَّ ضَعِيفَةٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ بْن قَدْ اعْتَمَدَ فَتْوَاهُ، وَأَمَّا شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَغَيْرِهِ فَقَدْ ضَعَّفُوهَا وَصَحَّحُوا الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ وَتَبِعَهُمْ فِي ذَلِكَ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَدُورٍ وَعَبِيدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ تَعَدٍّ وَإِلَّا ضَمِنَ. وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يُسَافِرَ بِالرَّهْنِ أَوْ يَبِيعَ الدَّيْنَ فَيُسَلِّمَ الرَّهْنَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ احْتِرَاقَ الْمَحَلِّ الْمَوْضُوعِ فِيهِ الرَّهْنُ فَقَطْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ) فِيهِ أَنَّ إدْخَالَ هَذَا تَحْتَ إلَّا لَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ وَأَفْتَى بِعَدَمِهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ ثُبُوتَهُ) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ مُتَّهَمًا كَانَ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ) أَيْ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَكَذَّبَهُ الْعُدُولُ صَرِيحًا بِأَنْ قَالُوا إنَّهُ بَاعَهَا وَنَحْوُهُ أَوْ ضَمِنَا بِأَنْ قَالَ جِيرَانُهُ أَوْ الْمُصَاحِبُونَ لَهُ فِي السَّفَرِ لَا نَعْلَمُ مَوْتَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَمَفْهُومُ يُكَذِّبُهُ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْعُدُولُ كَمَا لَوْ قَالُوا إنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَتْ مَعَهُ دَابَّةٌ وَمَاتَتْ وَلَكِنْ لَا نَدْرِي هَلْ هِيَ دَابَّةُ الرَّهْنِ أَوْ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَأَوْلَى إذَا قَالُوا إنَّهَا دَابَّةُ الرَّهْنِ لَكِنْ فِي الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ أَنَّهَا هِيَ دُونَ الثَّانِيَةِ وَمَفْهُومُ عُدُولٍ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ غَيْرُهُمْ لَمْ يَضْمَنْ لِتَطَرُّقِ التُّهْمَةِ بِكَتْمِهِمْ الشَّهَادَةَ لَهُ بِمَوْتِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَيْ وَكَذَا يَكْفِي فِي تَضْمِينِهِ تَكْذِيبُ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ لِأَنَّهَا دَعْوَى مَالِيَّةٍ يَكْفِي فِيهَا الْعَدْلُ وَالْمَرْأَتَانِ (قَوْلُهُ فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ) الْمُرَادُ دَعْوَاهُ تَلَفَ مَا لَا يَضْمَنُهُ فَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ وَلَا لِمَوْتٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَذِّبَهُ الْعُدُولُ فِي دَعْوَاهُ سَرِقَةَ الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ أَنَّهَا الرَّهْنُ) أَيْ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ لَا، فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَغَرِمَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِالْحَلِفِ مَعَ تَضْمِينِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ، فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَقَطْ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَغَرِمَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ إنَّ الْقَوْلَ بِحَلِفِهِ مُطْلَقًا قَوْلُ ابْنِ مُزَيْنٍ قَالَ عِيَاضٌ وَحَمَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا حَلَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ فِيمَا يَضْمَنُهُ فَأَوْلَى فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ إلَّا أَنَّهُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَحْلِفُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَلَا غُرْمَ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا يَضْمَنُهُ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ: حَلِفُهُ مُطْلَقًا مُتَّهَمًا أَوْ لَا، وَعَدَمُ حَلِفِهِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ كَالْوَدِيعَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ وَهَبَ أَيْ هِبَةً يَبْرَأُ بِهَا الْمَدِينُ الَّذِي هُوَ الرَّاهِنُ بِأَنْ وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى هِبَتِهِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ مَعَ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ لِغَيْرِ الْمَدِينِ صَارَ مَنْ عِنْدَهُ الرَّهْنُ أَمِينًا عَلَى الرَّهْنِ لَا مُرْتَهِنًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ ح وَإِذَا وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ، ثُمَّ تَلِفَ الرَّهْنُ فَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ إبْطَالُ الْهِبَةِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ الدَّيْنَ لِأَجْلِ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ مِنْ الرَّهْنِ وَيَلْزَمَ الرَّاهِنَ غُرْمُ الدَّيْنِ وَيَتَقَاصَّانِ، فَإِنْ فَضَلَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ دَفَعَهُ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَتَرَدَّدَ ح فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِمَا لِأَشْهَبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَالِفَ

بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ يَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ) مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ (فَيَقُولَ) رَبُّهُ (اُتْرُكْهُ عِنْدَك) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَمَانَةً، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَالضَّمَانُ، وَلَا مَفْهُومَ لِيَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ بَلْ مَتَى قَالَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ. ، ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا جَنَى الرَّهْنُ بَعْدَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَدَنٍ فَقَالَ (وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ) أَيْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ) بِالْجِنَايَةِ (لَمْ يُصَدَّقْ) الرَّاهِنُ (إنْ أُعْدِمَ) أَيْ إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَلَوْ بِالْبَعْضِ حَالَ اعْتِرَافِهِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُصَدَّقْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَيُخَيَّرُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي تَسْلِيمِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِدَائِهِ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَهَذَا فِي رَهْنٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْجِنَايَةُ كَعَبْدٍ، وَأَمَّا حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ جِنَايَةٌ بَلْ إمَّا هَدَرٌ وَإِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ كَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ وَالرَّاكِبِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِلَّا) يَكُنْ الرَّاهِنُ مُعْدَمًا بَلْ كَانَ مَلِيًّا (بَقِيَ) الرَّهْنُ عَلَى رَهْنِيَّتِهِ (إنْ فَدَاهُ) رَاهِنُهُ بِأَنْ دَفَعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) يَفْدِهِ سَيِّدُهُ الْمَلِيُّ (أَسْلَمَ) الرَّهْنَ وُجُوبًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَكِنْ (بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَجَلِ وَدَفْعِ الدَّيْنِ) لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجِنَايَةِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ جُبِرَ عَلَى دَفْعِهِ وَعَلَى إسْلَامِهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَبْقَى رَهْنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّهُ فِي حَالِ الْفِدَاءِ يَبْقَى سَاقِطًا حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ وَفِي حَالِ عَدَمِهِ يَبْقَى مَعَهُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَقُولُ بِلُزُومِ الْهِبَةِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَصْلٌ يُخَرَّجُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فُعِلَ لِغَرَضٍ فَلَمْ يَتِمَّ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ بَرَاءَةِ الرَّاهِنِ مِنْهُ بِقَبْضِهِ مِنْهُ أَوْ هِبَتِهِ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ قَبْلَهَا فَأَعْرَضَ الرَّاهِنُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك) أَيْ أَوْ أَبْقِهِ عِنْدَك أَوْ خَلِّهِ عِنْدَك أَوْ دَعْهُ عِنْدَك أَوْ أَمْسِكْهُ عِنْدَك (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَقُلْ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَالضَّمَانُ) أَيْ بِأَنْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ مِنْ عِنْدِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْ، وَأَمَّا إذَا أَحْضَرَهُ لَهُ وَدَعَاهُ لِأَخْذِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يَقُلْ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِرُجُوعِهِ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَحْضَرَهُ لَهُ كَفَى ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك أَوْ لَا بِأَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْهُ (قَوْلُهُ بَلْ مَتَى قَالَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فِي الثَّانِيَةِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى قَالَ الرَّاهِنُ بَعْدَ بَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحْضَرَهُ لَهُ أَوْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّ الرَّهْنَ جَنَى جِنَايَةً أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ فَقَطْ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا وَقْتَ اعْتِرَافِهِ وَلَوْ بِبَعْضِ الدَّيْنِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ خَلَصَ مِنْ الدَّيْنِ تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ جِنَايَتَهُ قَبْلَ الِارْتِهَانِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرَّاهِنَ الْمُقِرَّ بِالْجِنَايَةِ مُعْدَمٌ وَالْمُرْتَهِنَ حَائِزُهُ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ إذَا كَانَ مَلِيًّا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ بِالْجِنَايَةِ) أَيْ فَقَطْ دُونَ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْجِنَايَةَ لَمْ تَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ حَالَ اعْتِرَافِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ) الْأَوْضَحُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ بَلْ إمَّا هَدَرٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَائِقٌ وَلَا رَاكِبٌ وَلَا قَائِدٌ (قَوْلُهُ بَلْ كَانَ مَلِيًّا) أَيْ مِنْ حِينِ الِاعْتِرَافِ بِالْجِنَايَةِ لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ بَقِيَ الرَّهْنُ عَلَى رَهْنِيَّتِهِ) أَيْ لِلْأَجَلِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَفُكَّهُ سَيِّدُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَإِمَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى بَيْعِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى بَقَاءِ الدَّيْنِ أَجَلًا ثَانِيًا بِذَلِكَ الرَّهْنِ أَوْ بِرَهْنٍ بَدَلَهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ الثَّانِي فَكَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفَعَ الدَّيْنَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ بَقِيَ ذَلِكَ الْجَانِي رَهْنًا لِلْأَجَلِ، فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ أُجْبِرَ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِسْلَامِ ذَلِكَ الْجَانِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ لَوْ أَبَى مِنْ فِدَائِهِ أَوْ لَا وَهُوَ مَلِيٌّ، ثُمَّ أَرَادَهُ حِينَ جَاءَ الْأَجَلُ وَنَازَعَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَسَبَقَ إلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ الَّذِي قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْفِدَاءِ وَمَسْأَلَةِ عَدَمِ الْفِدَاءِ (قَوْلُهُ يَبْقَى سَاقِطًا) أَيْ يَبْقَى رَهْنًا حَالَةَ كَوْنِهِ سَاقِطًا حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ يَبْقَى مَعَهُ أَيْ يَبْقَى رَهْنًا مُصَاحِبًا لَهُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا بَقِيَ إنْ فَدَاهُ إذَا اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ الْمَلِيُّ أَنَّهُ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ، وَأَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الرَّهْنِ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَهُ، ثُمَّ رَهَنَهُ بَقِيَ أَيْضًا رَهْنًا إنْ فَدَاهُ، فَإِنْ أَبَى مِنْ فِدَائِهِ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَحَمُّلِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَأُجْبِرَ عَلَى إسْلَامِهِ مَعَ تَعْجِيلِ الْحَقِّ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ

(وَإِنْ ثَبَتَتْ) الْجِنَايَةُ بَعْدَ الرَّهْنِ بِبَيِّنَةٍ (أَوْ اعْتَرَفَا) مَعًا أَيْ الْمُرْتَهِنَانِ، فَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ بَقِيَ رَهْنًا بِحَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ (وَأَسْلَمَهُ) أَيْ أَرَادَ إسْلَامَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ (فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا) كَالرَّاهِنِ (فَ) الْعَبْدُ الْجَانِي (لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ) رُهِنَ مَعَهُ أَوْ لَا وَيَبْقَى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِلَا رَهْنٍ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ (وَإِنْ فَدَاهُ) الْمُرْتَهِنُ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (فَفِدَاؤُهُ) نَافِذٌ (فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ) دُونَ مَالِهِ مُبْدَأٌ بِهِ عَلَى الدَّيْنِ وَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ (إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ) فَإِنْ رَهَنَ بِهِ فَفِدَاؤُهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا ذِمَّةُ الرَّاهِنِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْفِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا (وَلَمْ يُبَعْ) الْعَبْدُ الْجَانِي الْمَفْدِيُّ سَوَاءٌ كَانَ فِدَاؤُهُ فِي الرَّقَبَةِ فَقَطْ أَوْ فِيهَا وَفِي الْمَالِ (إلَّا فِي الْأَجَلِ) أَيْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَهُوَ إنَّمَا يُبَاعُ عِنْدَ الْأَجَلِ (وَإِنْ) فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ (فَلَيْسَ) الرَّهْنُ (رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِالْفِدَاءِ بَلْ هُوَ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا بِهِ فَلَوْ قَالَ كَبِإِذْنِهِ لَوَافَقَ الرَّاجِحَ مَعَ إفَادَةِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ أَيْضًا قَوْلُهُ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ إلَخْ (وَإِنْ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ أَوْ سَقَطَ) الْبَعْضُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ طَلَاقٍ قَبْلَ بِنَاءٍ (فَجَمِيعُ الرَّهْنِ) وَلَوْ تَعَدَّدَ (فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَحُولُ عَلَيْهِ الْأَسْوَاقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يَرْضَ مَنْ هُوَ لَهُ بِتَعْجِيلِهِ أُلْغِيَ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ تَغْرِيمِ الرَّاهِنِ قِيمَتَهُ يَوْمَ رَهْنِهِ لِتَعَدِّيهِ وَبَيْنَ صَبْرِهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَاعَ وَيُتْبِعَهُ بِثَمَنِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ أَقَلَّ وَإِلَّا غَرَّمَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الرَّهْنِ) أَيْ وَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ بِبَيِّنَةٍ حَالَةَ كَوْنِهَا بَعْدَ الرَّهْنِيَّةِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا جَنَى بَعْدَ رَهْنِهِ أَمَّا إذَا جَنَى قَبْلَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَفَدَاهُ الرَّاهِنُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ أَتَى بِرَهْنٍ ثِقَةٍ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَغَرَّ الْمُرْتَهِنَ وَإِنْ اعْتَرَفَا، فَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ أَسْلَمَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ بَعْدَ الرَّهْنِيَّةِ إذَا ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ مِنْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِالْجَانِي ثَلَاثُ حُقُوقٍ حَقُّ السَّيِّدِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِذَاتِهِ فِي دَفْعِ فِدَائِهِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَالرَّاهِنِ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِذَا اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَإِمَّا أَنْ يَفْدِيَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ فَدَاهُ بِإِذْنِهِ كَانَ الْفِدَاءُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَالْعَبْدُ رَهْنًا فِي الدَّيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كُلَّ ذَلِكَ إلَّا فَدَاهُ الرَّاهِنِ لَهُ فَإِنَّهُ تَرَكَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا مُسَاوٍ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِمَالِهِ) أَيْ مَعَ مَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُؤَدِّيَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ وَيَبْقَى رَهْنًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ زَادَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ مُشْتَرَطًا دُخُولُهُ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا قَبَضَهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ قَدْ يُسْتَحَقُّ مِنْهُمْ فَيَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ غُرْمُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ كَدَفْعِهِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ فِدَاءَ الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مُشْتَرَطًا دُخُولُهُ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبِعْ) أَيْ جَبْرًا عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِدَاؤُهُ فِي الرَّقَبَةِ فَقَطْ) أَيْ لِكَوْنِهِ رَهْنًا بِغَيْرِ مَالِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ فِيهَا وَفِي الْمَالِ أَيْ إذَا كَانَ رَهْنًا بِمَالِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ الرَّهْنُ إنَّمَا يُبَاعُ (قَوْلُهُ أَيْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) أَيْ الَّذِي أَرَادَ إسْلَامَهُ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الرَّهْنُ) أَيْ فَلَيْسَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ وَلَا مَالُهُ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى كَوْنِ الْعَبْدِ رَهْنًا فِي الْفِدَاءِ (قَوْلُهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ) هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ. الْمُتَيْطِيُّ وَقَدْ خَالَفَ كُلٌّ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَوْلَهُ فِيمَنْ أَمَرَ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ سِلْعَةٌ يُنْقَدُ ثَمَنُهَا عَنْهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَكُونُ بِيَدِ الْمَأْمُورِ رَهْنًا فِيمَا دَفَعَ لِافْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ رَهْنٌ فِيهِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَدْ يُجَابُ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الدَّافِعَ فِي الْجِنَايَةِ مُرْتَهِنٌ فَانْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ وَصْفِهِ، وَلِأَشْهَبَ بِتَقَدُّمِ اخْتِصَاصِ الرَّاهِنِ بِمَالِ الْعَبْدِ قَبْلَ جِنَايَتِهِ فَاسْتُصْحِبَ وَعَدَمِ تَقَدُّمِ اخْتِصَاصِ الْآمِرِ بِالسِّلْعَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنُ يَكُونُ رَهْنًا لَهُ أَيْ فِيهِ أَيْ فِي الْفِدَاءِ كَمَا أَنَّهُ رَهْنٌ فِي الدَّيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْفِدَاءَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَقَطْ إنْ رَهَنَ بِغَيْرِ مَالِهِ وَإِلَّا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ، سَوَاءٌ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَضَى) أَيْ الرَّاهِنُ بَعْضَ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ سَقَطَ الْبَعْضُ أَيْ أَوْ سَقَطَ بَعْضُ الدَّيْنِ عَنْ الرَّاهِنِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّحَدَ كَعَبْدٍ وَدَارٍ بَلْ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَثِيَابٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ وَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الرَّهْنِ رَهْنٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ قَدْ تَحُولُ عَلَيْهِ الْأَسْوَاقُ) أَيْ فَيَرْخُصُ الرَّهْنُ وَلَا يَفِي

فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ (كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) أَيْ الرَّهْنِ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَمَا بَقِيَ مِنْهُ رَهْنٌ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ فَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يَنْقَسِمُ قُسِمَ وَبَقِيَ نَصِيبُ الرَّاهِنِ رَهْنًا وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكَاتِ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَيْعَ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ كُلَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَلَوْ فَاتَ وَإِمْضَائِهِ فَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ كَبَعْدِ الْقَبْضِ إنْ غَرَّهُ الرَّاهِنُ وَإِلَّا بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بَعْدَ قَبْضِهِ جُبِرَ عَلَى خَلَفِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. (وَالْقَوْلُ) عِنْدَ تَنَازُعِ الْمُرْتَهِنَيْنِ بِأَنْ قَالَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ هُوَ رَهْنٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ أَمَانَةٌ أَوْ عَارِيَّةً أَوْ وَضَعْتَ يَدَك عَلَيْهِ بِلَا إذْنِي (لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ) لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ فَمَنْ ادَّعَى خِلَافَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَقَدْ يَدَّعِي نَفْيَهَا الْمُرْتَهِنُ كَمَا إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ رُهِنَ لِيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ (وَهُوَ) أَيْ الرَّهْنُ الْمَحُوزُ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ (كَالشَّاهِدِ) لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ إذَا اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِ الدَّيْنِ) فَمَنْ شَهِدَ لَهُ حَلَفَ مَعَهُ وَصُدِّقَ (لَا الْعَكْسُ) أَيْ لَيْسَ الدَّيْنُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ بَلْ يَقُولُ لِلْمُرْتَهِنِ إذَا تَلِفَ وَاخْتَلَفَا فِي وَصْفِهِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَلَوْ ادَّعَى صِفَةً دُونَ قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْغَارِمُ مُصَدَّقٌ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ هَلَاكَهُ وَلَكِنْ أَتَى بِرَهْنٍ دُونَ قَدْرِ الدَّيْنِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ الرَّهْنُ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ مُسَاوٍ لِلدَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا الرَّهْنُ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَجَمِيعُ الرَّهْنِ فِيمَا بَقِيَ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مُتَّحِدًا، وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِمَنْ وَفَّى حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ، وَمِثَالُ تَعَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَرَجُلَيْنِ رَهَنَا دَارًا لَهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ كَانَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُرْتَهِنُ وَاتَّحَدَ الرَّاهِنُ كَمَا لَوْ رَهَنَ زَيْدٌ عَمْرًا وَبَكْرًا رَهْنًا وَوَفَّى أَحَدَهُمَا حَقَّهُ كَانَ لَهُ أَخْذَ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ يَنْقَسِمُ وَإِلَّا كَانَتْ تِلْكَ الْحِصَّةُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي أَوْ يَجْعَلُ الرَّهْنَ كُلَّهُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ وَلَا يُمَكِّنُ الرَّاهِنَ مِنْهُ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَوْزُ رَهْنِ الثَّانِي وَإِذَا اتَّحَدَ الْمُرْتَهِنُ وَتَعَدَّدَ الرَّاهِنُ كَمَا لَوْ رَهَنَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو دَارًا يَمْلِكَانِهَا مِنْ بَكْرٍ فَكُلُّ مَنْ قَضَى دَيْنَهُ مُكِّنَ مِنْ حِصَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ لِأَمِينٍ. (قَوْلُهُ كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ فَإِنَّهُ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا) أَيْ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا جَمِيعُ الرَّهْنِ رَهْنٌ فِي بَعْضِ الدَّيْنِ وَهَذِهِ بَعْضُ الرَّهْنِ رَهْنٌ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ) أَيْ وَإِلَّا يُمْكِنْ قَسْمُهُ بِيعَ جَمِيعُهُ وَجُعِلَ ثَمَنُ حِصَّةِ الرَّاهِنِ رَهْنًا إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ آخَرَ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكَاتِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ حَيَوَانٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَرَهَنَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ دُونَ الْآخَرِ وَطَلَبَ الْآخَرُ بَيْعَ حِصَّتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مُشْتَرٍ لِلْحِصَّةِ أَوْ كَانَ بَيْعُهَا وَحْدَهَا يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهَا فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يُبَاعُ بِتَمَامِهِ وَيُجْعَلُ ثَمَنُ حِصَّةِ الرَّاهِنِ رَهْنًا (قَوْلُهُ كَبَعْدِ الْقَبْضِ) أَيْ كَمَا يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ بَعْدَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ قَدْ غَرَّهُ وَإِلَّا يَغُرَّهُ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ جُبِرَ) أَيْ الرَّاهِنُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِرَهْنٍ بَدَلَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ أَيْ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ) الْحَقُّ فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا صَوَّرَ بِهِ ح وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعِنْدَ صَاحِبِهَا دَيْنٌ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ هَلْ هِيَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ؟ وَمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ هُوَ رَبُّ السِّلْعَةِ غَالِبًا، وَقَدْ يَدَّعِي نَفْيَهَا مَنْ بِيَدِهِ وَيَدَّعِي الْإِيدَاعَ لِأَجْلِ أَنْ يَسْقُطَ الضَّمَانُ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ، وَأَمَّا تَصْوِيرُ عبق لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ اُنْظُرْ بْن، وَلِذَا صَوَّرَهَا شَارِحُنَا بِمَا صَوَّرَ بِهِ ح فَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ أَيْ مَعْلُومٍ لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا (قَوْلُهُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ) أَيْ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا أَخَذَهُ وَثِيقَةً بِحَقِّهِ وَلَا يَتَوَثَّقُ إلَّا بِمِقْدَارِ دَيْنِهِ فَأَكْثَرَ قَالَ ح وَسَوَاءٌ أَنْكَرَ الزَّائِدَ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى أَنَّ الرَّهْنَ فِي دُونِهِ فَإِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ مِائَةُ دِينَارٍ وَأَنَّ الرَّهْنَ فِي خَمْسِينَ مِنْهَا وَالْمُرْتَهِنُ يَقُولُ إنَّهُ رَهْنٌ فِي الْمِائَةِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِيَمِينٍ فَيَدْفَعُ الْخَمْسِينَ وَيَأْخُذُ الرَّهْنَ وَتَبْقَى الْخَمْسُونَ الثَّانِيَةُ بِلَا رَهْنٍ وَلَيْسَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ إنَّهُ رَهْنٌ فِي الْمِائَةِ وَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ فِيهِ دِينَارٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ دِينَارَانِ صُدِّقَ مَنْ شَهِدَ لَهُ الرَّهْنُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِينَارًا صُدِّقَ الرَّاهِنُ أَوْ دِينَارَيْنِ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِلرَّاهِنِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ هَلْ يُضَمُّ لِلرَّهْنِ وَيَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْهُ أَوْ لَا؟ وَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُمُّ لَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ شَاهِدًا حَقِيقِيًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا الْعَكْسُ) عَطْفٌ عَلَى الْمُبْتَدَأِ أَيْ لَا يَكُونُ الدَّيْنُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا فَإِذَا دَفَعَ لَهُ ثَوْبَيْنِ وَتَنَازَعَا فِي أَنَّ كِلَيْهِمَا رَهْنٌ أَوْ أَحَدُهُمَا وَدِيعَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ شَاهِدًا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَنْتَهِي شَهَادَتُهُ (إلَى) قَدْرِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَبَالَغَ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ يَكُونُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ الرَّهْنُ (بِيَدِ أَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ (مَا) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ (لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ) بِأَنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ بِأَنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَ بِيَدِ أَمِينٍ لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ. ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّاهِدُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَكَانَتْ أَحْوَالُهُ ثَلَاثًا وَهِيَ شَهَادَتُهُ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا يَشْهَدُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ إذْ قَالَ الدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عِشْرُونَ فَقِيمَتُهُ إمَّا عَشَرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ فَأَكْثَرُ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَشَارَ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ) الَّذِي شَهِدَ لَهُ الرَّهْنُ بِقَدْرِ دَيْنِهِ (وَأَخَذَهُ) فِي دَيْنِهِ لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) الرَّاهِنُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ كَمَا ادَّعَى أَوْ أَكْثَرَ كَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ إلَّا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ خِبْرَةَ رَبِّهِ تَنْفِي ضَرَرَهُ، فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ الْحَقَّ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَغَرِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ قَائِلًا وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الرَّهْنُ إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ بِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَثَّقْ مِنْهُ بِإِشْهَادٍ عَلَى عَيْنِهِ وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلرَّاهِنِ إنْ أَشْبَهَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ شَاهِدٌ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ لِأَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَنْتَهِي شَهَادَتُهُ) أَيْ شَهَادَةُ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ إلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ أَيْ إلَى قَدْرِ بُلُوغِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ الدَّيْنُ خَمْسَةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عَشَرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ دَعْوَى الرَّاهِنِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَدِ أَمِينٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ أَمِينٍ فَيَشْهَدُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ فِي كَوْنِهِ شَاهِدًا وَلَغْوُهُ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ الْقَاضِي وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ اهـ وَعَلَيْهِ فَصَوَابُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَنَسَبَ فِي التَّوْضِيحِ التَّصْوِيبَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ) فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَانَ فِي حَوْزِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ شَاهِدًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ أَنَّ الشَّاهِدَ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ لَمْ يَتَمَحَّضْ كَوْنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ، وَمَحَلُّ كَوْنِ مَا بِيَدِ الْأَمِينِ مِنْ الرَّهْنِ شَاهِدًا إذَا كَانَ قَائِمًا، وَأَمَّا إذَا فَاتَ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ فَاتَ حِينَئِذٍ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَحَيْثُ فَاتَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ إلَخْ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ مَعْمُولَةٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّاهِدِ أَيْ وَالرَّهْنُ يَشْهَدُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ مُدَّةَ عَدَمِ فَوَاتِهِ فِي ضَمَانِ رَاهِنِهِ بِأَنْ كَانَ قَائِمًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ قَائِمًا أَيْ مُطْلَقًا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ إلَخْ) بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا رَهْنَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ) يَكُونُ الرَّهْنُ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِهِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَهِيَ تَقُومُ مَقَامَهُ وَإِذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَصَارَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ كَدَيْنٍ بِلَا رَهْنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. (قَوْلُهُ وَكَانَتْ أَحْوَالُهُ) أَيْ أَحْوَالُ الرَّهْنِ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الْأَحْوَالِ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ إمَّا عَشَرَةٌ) الْأَوْلَى فَقِيمَتُهُ إمَّا عِشْرُونَ فَأَكْثَرُ أَوْ عَشَرَةٌ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَشَارَ لِلْأَوْلَى بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الدَّيْنَ عِشْرُونَ وَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَوُجِدَتْ قِيمَةَ الرَّهْنِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ الدَّيْنَ عِشْرُونَ فَإِذَا حَلَفَ خُيِّرَ الرَّاهِنُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْعِشْرِينَ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا أَوْ يَدْفَعَ لَهُ الرَّهْنَ فِي دَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَإِذَا دَفَعَ لَهُ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ إلَّا إذَا حَلَفَ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ عَشَرَةٌ بَعْدَ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ عِشْرُونَ فَإِذَا حَلَفَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى دَفْعِ الْعِشْرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ يَكْرَهُ أَخْذَ الرَّهْنِ لِمَا فِي أَخْذِهِ مِنْ كُلْفَةِ بَيْعِهِ وَخَوْفًا مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ سَلَّمَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَيْنُهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ عبق مِنْ الرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي هَذِهِ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ افْتَكَّهُ فَهُوَ أَيْ الرَّاهِنُ أَحَقُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ صَادِقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا ادَّعَى) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ) أَيْ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا عُمِلَ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ

وَأَشَارَ لِلْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ زَادَ) قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَوَافَقَتْ قِيمَتُهُ قَوْلَ الرَّاهِنِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ (حَلَفَ الرَّاهِنُ) عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ وَأَخَذَهُ وَدَفَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَقَصَ) قَوْلُ الرَّاهِنِ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّهُ زَادَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى قِيمَتِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ (حَلَفَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ (وَأَخَذَهُ) الْمُرْتَهِنُ (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) الرَّاهِنُ (بِقِيمَتِهِ) وَهُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهَا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ) رَهْنٍ (تَالِفٍ) عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لِتَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ لِيَغْرَمَهَا الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ تَوَجَّهَ الْغُرْمُ عَلَيْهِ (تَوَاصَفَاهُ، ثُمَّ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى الصِّفَةِ (قَوْمٌ) مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَقُضِيَ بِقَوْلِهِمْ وَكَفَى الْوَاحِدُ عَلَى مَا رَجَّحَ هُنَا (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي صِفَتِهِ (فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا يَسِيرًا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ لِقِلَّةِ مَا ذَكَرَهُ جِدًّا (فَإِنْ تَجَاهَلَا) بِأَنْ قَالَ كُلٌّ لَا عِلْمَ لِي (فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ) وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ (وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) بِهَا (إنْ بَقِيَ) لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ؛ لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ وَالشَّاهِدُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَهَلْ) تُعْتَبَرُ (يَوْمَ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ الرَّهْنِ) لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي دُيُونَهُمْ غَالِبًا (إنْ تَلِفَ) مُقَابِلُ إنْ بَقِيَ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ وَهُوَ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَ (قَوْلُهُ حَلَفَ الرَّاهِنُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَقَوْلُهُ وَأَخَذَهُ أَيْ الرَّهْنَ، وَقَوْلُهُ وَدَفَعَ أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ) أَيْ وَهُوَ عِشْرُونَ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا عُمِلَ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي صُورَتَيْنِ إذَا حَلَفَ وَحْدَهُ أَوْ نَكَلَا مَعًا. (قَوْلُهُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَيَحْلِفُ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ عَشَرَةٌ وَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ عِشْرُونَ وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ قِيمَةُ الرَّهْنِ فَقَطْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِعَشْرَيْنِ وَأَقَامَ شَاهِدًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فَقَطْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَدَّعِي أَنَّ الرَّهْنَ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَأَنَّ شَهَادَتَهُ سَارِيَةٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ، وَالْيَمِينُ تَابِعَةٌ لِلشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّهْنَ كَالشَّاهِدِ لِقِيمَتِهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَبْدَأُ بِالْحَلِفِ إلَّا مَنْ تَقَوَّى جَانِبُهُ وَقِيمَةُ الرَّهْنِ قَرِيبَةٌ مِنْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَقَدْ تَقَوَّى جَانِبُهُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ فَلَوْ أَخَذَهُ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ الرَّاهِنُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ، فَإِنْ افْتَكَّهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهِيَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَخَذَهُ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَفْتَكَّهُ فَلَا يَفْتَكُّهُ إلَّا بِمَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِشْرُونَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ هُنَا فَكُّهُ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ لَا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لِدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَتِهِ، وَأَخْذُهُ فِيمَا مَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِشَهَادَةِ الرَّهْنِ لَهُ. (قَوْلُهُ وَكَفَى الْوَاحِدُ) أَيْ فِي التَّقْوِيمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّهُ إعْلَامٌ بِالْقِيمَةِ لَا مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا رُجِّحَ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَجَاهَلَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَجَهِلَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ صِفَتَهُ وَقِيمَتَهُ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَعْلَمُ قِيمَتَهُ الْآنَ وَلَا صِفَتَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَدْرِي هَلْ يَفْضُلُ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا؟ وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَيْمَانِهِمَا كَتَجَاهُلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الثَّمَنَ أَوْ لَا؟ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ، فَإِنْ تَجَاهَلَا أَنَّهُ لَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا وَعَلِمَهُ الْآخَرُ حَلَفَ الْعَالِمُ عَلَى مَا ادَّعَى، فَإِنْ نَكَلَ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ) أَيْ فَالرَّهْنُ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ) الْكَلَامُ هُنَا فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً فِي قَدْرِ الدَّيْنِ لَا لِتُضْمَنَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بَاقِيًا لَا تُضْمَنُ قِيمَتُهُ، وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ لِتُضْمَنَ قَبْلَ يَوْمِ قَبْضِ الرَّهْنِ، وَقِيلَ يَوْمَ التَّلَفِ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُرَ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ أَخْذِهِ فَالضَّمَانُ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ وَإِنْ رُئِيَ عِنْدَهُ بَعْدَهُ فَمِنْ يَوْمِ التَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَدْرَ الدَّيْنِ هُوَ الَّذِي يُحْكَمُ بِهِ لَا الْقِيمَةُ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً لِأَيِّهِمَا لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَوْمَ التَّلَفِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا تَلِفَ وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لِتَكُونَ شَاهِدَةً يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ كَانَتْ شَاهِدَةً إلَى وَقْتِ الضَّيَاعِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ قِيمَتُهُ شَاهِدَةً وَقْتَ الضَّيَاعِ أَوْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ كَالشَّاهِدِ يَضَعُ خَطَّهُ وَيَمُوتُ فَيُرْجَعُ لِخَطِّهِ فَيُقْضَى بِشَهَادَتِهِ يَوْمَ وَضَعَهَا أَوْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِارْتِهَانِ أَيْ يَوْمَ عَقْدِ الرَّهْنِ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهَا الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ الرَّهْنِ) أَيْ الِارْتِهَانِ أَيْ يَوْمَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ يَوْمِ الِارْتِهَانِ (قَوْلُهُ إنْ تَلِفَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَلِفَ مَدْخُولُ

[باب في أحكام الفلس]

(وَإِنْ اخْتَلَفَا) بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوْ عِنْدَهُ (فِي مَقْبُوضٍ) بِيَدِ صَاحِبِ دَيْنَيْنِ ثَابِتَيْنِ أَحَدُهُمَا بِرَهْنٍ وَالْآخَرُ بِلَا رَهْنٍ (فَقَالَ الرَّاهِنُ عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ) لِيَأْخُذَهُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْآخَرِ (وَزَّعَ) ذَلِكَ الْمَقْبُوضَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِهِمَا (بَعْدَ حَلِفِهِمَا) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَسَوَاءٌ حَلَّ الدَّيْنَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا (كَالْحَمَالَةِ) تَشْبِيهٌ فِي التَّوْزِيعِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَهُوَ يَحْتَمِلُ صُورَتَيْنِ: الْأُولَى مَدِينٌ بِمِائَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِ أَصَالَةً وَالثَّانِيَةُ بِحَمَالَةٍ، الثَّانِيَةُ عَلَيْهِ مِائَتَانِ أَصَالَةً ضَمِنَهُ فِي إحْدَاهُمَا شَخْصٌ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى ادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّ الْمَقْبُوضَ مِائَةُ الْحَمَالَةِ، وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ الْأَصَالَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ ادَّعَى أَنَّ الْمَقْبُوضَةَ هِيَ الَّتِي بِغَيْرِ الْحَمَالَةِ، وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ هِيَ الَّتِي بِالْحَمَالَةِ وُزِّعَ الْمَقْبُوضُ عَلَيْهِمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ. [دَرْسٌ] {بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ (لِلْغَرِيمِ) رَبِّ الدَّيْنِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَيُطْلَقُ الْغَرِيمُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَفَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ (مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا (بِمَالِهِ) بِأَنْ زَادَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَقِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَلْ، وَهُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ، وَقَوْلَهُ يَوْمَ التَّلَفِ مُرْتَبِطٌ بِمَحْذُوفٍ، وَأَصْلُ الْكَلَامِ وَهَلْ إنْ تَلِفَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَلَا زِيَادَةَ فِي الْكَلَامِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَقْبُوضٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِشْرُونَ دِينَارًا عَلَى عَمْرٍو فَرَهَنَهُ عَمْرٌو عَلَى عَشَرَةٍ مِنْهَا رَهْنًا، ثُمَّ قَضَاهُ مِنْهَا عَشَرَةً، ثُمَّ إنَّهُمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمُدَّةٍ أَوْ حِينَ الْقَضَاءِ قَالَ الرَّاهِنُ الْعَشَرَةُ الَّتِي دَفَعْتهَا لَك قَدْ بَيَّنْتُ لَك وَقْتَ دَفْعِهَا أَنَّهَا قَضَاءٌ لِدَيْنِ الرَّهْنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ بَيَّنْتَ أَنَّهَا قَضَاءٌ لِدَيْنِ غَيْرِ الرَّهْنِ فَالْحُكْمُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَتُقْضَى الْعَشَرَةُ الْمَقْبُوضَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ فَتَصِيرُ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ نِصْفُهَا لِلرَّهْنِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ بِلَا رَهْنٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَلَّ الدَّيْنَانِ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا اتَّحَدَ أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ تَقَارَبَ أَوْ تَبَاعَدَ قَالَ عبق وخش وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ تَوْزِيعِ الْمَقْبُوضِ عَلَى الدَّيْنَيْنِ إنْ كَانَا حَالَّيْنِ أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ تَقَارَبَا، وَأَمَّا إنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَأَجَلُهُمَا مُتَبَاعِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَجَلِ الْقَرِيبِ وَكَذَا إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ اهـ، وَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ بَيَانٌ عِنْدَ الدَّفْعِ وَأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ إنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الَّذِي بَيَّنَهُ عِنْدَ الْقَضَاءِ هَلْ دَيْنُ الرَّهْنِ أَوْ دَيْنُ غَيْرِهِ كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ الرَّاهِنُ عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ الْمَقْبُوضُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ كَمَا فِي بْن وَنَصَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ اخْتَلَفَا عِنْدَ الْقَضَاءِ أَيُّ الْحَقَّيْنِ يُبْدَأُ بِهِ لَجَرَى عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اهـ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيَانَ الْمَدْفُوعِ عَنْهُ وَادَّعَى الْآخَرُ إبْهَامَهُ فَنَقَلَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الْإِبْهَامِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمُدَّعِي الْبَيَانِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ يُقْسَمُ بَيْنَ الْبَيَانِ وَالْإِبْهَامِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي فِيهِ التَّنَازُعُ فَيَتَشَطَّرُ وَذَكَرَ بْن بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ عبق وَتَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ بِقَدْرِهِمَا) أَيْ لَا عَلَى الْجِهَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِمَا) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَحِلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا كَانَ الْأَجَلَانِ مُتَقَارِبَيْنِ أَوْ مُتَبَاعِدَيْنِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ بِحَمَالَةٍ) أَيْ تَحَمَّلَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ أَيْ ضَمِنَهَا (قَوْلُهُ ادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّ الْمَقْبُوضَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهُ بَيَّنَ لَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّ هَذَا الْمَقْبُوضَ مِائَةُ الْحَمَالَةِ وَقَالَ الدَّافِعُ بَلْ بَيَّنْتُ لَكَ أَنَّهَا مِائَةُ الْأَصَالَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا فِي حُصُولِ الْبَيَانِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي تَعَلُّقِهِ بِمِائَةِ الْأَصَالَةِ أَوْ الْحَمَالَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ حَلِفِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَيِّ الْمِائَتَيْنِ يُبْدَأُ بِهَا فَإِنَّ الْمَقْبُوضَ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. [بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ] {بَابٌ فِي الْفَلَسِ} (قَوْلُهُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ) رَاجِعٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ لِمَالِهِ وَدَافِعٌ لَهُ لِلْمَدِينِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَفْعُولٌ رَاجِعٌ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُومٌ وَمَدْفُوعٌ لَهُ الْمَالُ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ) أَيْ مَنْعُ الْمَدِينِ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَوْ مَنْعُ مَدِينٍ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَمَنْ إمَّا مَوْصُولَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهِيَ وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا، وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ عِتْقٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا هِبَةٌ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ عَلَيْهِ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ اهـ خِلَافًا لِمَا فِي تت مِنْ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا كَانَ دَيْنُهُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ الْمَدِينِ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِشَيْخِهِ

وَكَذَا إنْ سَاوَاهُ وَاسْتَظْهَرَ (مِنْ تَبَرُّعِهِ) بِعِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ حَمَالَةٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ هُوَ ذَلِكَ وَلَهُمْ رَدُّهُ حَيْثُ عَلِمُوا وَمِنْ التَّبَرُّعِ قَرْضٌ لِعَدِيمٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ ضَيَاعِ مَالِ الْغَيْرِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَكِسْرَةٍ لِسَائِلٍ وَنَفَقَةِ عِيدَيْنِ وَأُضْحِيَّةٍ وَنَفَقَةِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ دُونَ سَرَفٍ فِي الْجَمِيعِ وَخَرَجَ بِتَبَرُّعِهِ تَصَرُّفُهُ الْمَالِيُّ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَمِنْهُ هِبَةُ الثَّوَابِ (و) لِلْغَرِيمِ مَنْعُهُ (مِنْ سَفَرِهِ) أَيْ الْمَدِينِ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (إنْ حَلَّ) الدَّيْنُ (بِغَيْبَتِهِ) وَأَيْسَرَ وَلَمْ يُوَكِّلْ فِي قَضَائِهِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ مُوسِرٌ (وَ) لَهُ مَنْعُهُ مِنْ (إعْطَاءِ غَيْرِهِ) مِنْ الْغُرَمَاءِ بَعْضَ مَا بِيَدِهِ (قَبْلَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ فَيَرْجِعُ لِلتَّبَرُّعِ (أَوْ) إعْطَاءِ غَيْرِهِ (كُلَّ مَا بِيَدِهِ) وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمَدِينِ (لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ) كَابْنِهِ وَأَخِيهِ وَزَوْجَةٍ يَمِيلُ إلَيْهَا وَصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَلِلْغَرِيمِ مَنْعُهُ مِنْهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحُّ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَّهَمِ عَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ الْآتِي أَنَّ هَذَا أَخَفُّ مِنْ ذَلِكَ (لَا) مَنْعُهُ مِنْ إعْطَاءِ (بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ الْحَالِّ دَيْنُهُ وَيَجُوزُ لَهُ هُوَ أَيْضًا ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخُ عَلِيٌّ السَّنْهُورِيُّ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُهُ بَلْ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ كَمَا كَتَبَ ذَلِكَ بَعْضُ تَلَامِذَةِ ابْنِ عبق نَقْلًا عَنْهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ سَاوَاهُ وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي الزَّائِدِ وَكَذَا فِي الْمُسَاوِي بَلْ النَّقْلُ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا أَحَاطَ بِبَعْضِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعِ إذَا كَانَ التَّبَرُّعُ يُنْقِصُ مَالَهُ عَنْ الدَّيْنِ فَإِذَا كَانَتْ حَمَالَتُهُ الَّتِي تَحَمَّلَ بِهَا لَا يَحْمِلُهَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَلَا تَجُوزُ وَتُفْسَخُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَحْمِلُهَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَهِيَ جَائِزَةٌ فِي الْحُكْمِ سَائِغَةٌ فِي فِعْلِهَا اُنْظُرْ بْن فَإِذَا كَانَ يَمْلِكُ مِائَةً وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ دِينَارًا، فَإِنْ تَحَمَّلَ بِأَرْبَعِينَ جَازَ وَإِنْ تَحَمَّلَ بِسِتِّينَ مُنِعَ. (قَوْلُهُ مِنْ تَبَرُّعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُنِعَ (قَوْلُهُ أَوْ حَمَالَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ هُوَ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ أَيْ التَّبَرُّعُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ حَيْثُ عَلِمُوا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ التَّبَرُّعِ قَرْضٌ لِعَدِيمٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ لِعَدِيمٍ لِمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْإِعْطَاءِ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَأُضْحِيَّةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ تَبَرُّعًا وَنَفَقَةُ ابْنِهِ وَأَبِيهِ أَيْ الْمُعْدَمَيْنِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَلَيْسَتْ تَبَرُّعًا، وَأَمَّا إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ فَيُمْنَعُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِتَبَرُّعِهِ تَصَرُّفُهُ الْمَالِيُّ) أَيْ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِالتَّفْلِيسِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ وَأَوْلَى بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فَيُمْنَعُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بِالتَّبَرُّعَاتِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ الَّذِي لَا يُمْنَعُ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَدِينُ مُطْلَقًا) أَيْ لَا بِقَيْدِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّ مِنْ وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَدِينِ بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ بِدَلِيلِ الصِّلَةِ أَوْ الصِّفَةِ وَضَمِيرُ سَفَرِهِ رَاجِعٌ لِلْمَدِينِ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ بِغَيْبَتِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَلَكِنَّهُ ثَابِتُ الْعُسْرِ فَلَا يَمْنَعُهُ أَوْ كَانَ مُوسِرًا وَوَكَّلَ فِي قَضَائِهِ إذَا حَلَّ أَوْ ضَمِنَهُ مُوسِرٌ فَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَمَحَلُّ عَدَمِ مَنْعِهِ إذَا كَانَ لَا يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِاللَّدَدِ وَإِلَّا كَانَ لِلْغَرِيمِ مَنْعُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَرَاخَى فِي الرُّجُوعِ مِنْ السَّفَرِ لَدَدًا (قَوْلُهُ وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ) أَيْ، وَأَمَّا دَفْعُهُ بَعْضَ مَا بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا أَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا وَالسَّلَفُ مِنْ جُمْلَةِ التَّبَرُّعِ فَيَرُدُّ كُلَّ مَا أَعْطَاهُ لِلْغَيْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَرُدُّ كُلَّ مَا أَعْطَاهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ بَلْ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ مُعَجَّلًا فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهِ مُؤَجَّلًا هِبَةٌ تُرَدُّ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ إعْطَاءُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ كُلَّ مَا بِيَدِهِ، وَمِثْلُ إعْطَاءِ الْكُلِّ مَا إذَا بَقِيَ فِي يَدِهِ فَضْلَةٌ لَا يُعَامِلُهُ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَإِنْ وَقَعَ وَأَعْطَى جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ الْأَجَلِ كَانَ لِغَيْرِهِ رَدُّ الْجَمِيعِ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا يَبْقَى الْبَعْضُ الْجَائِزُ مَعَ الْحُلُولِ مِنْ بَابِ صَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا فَسَدَتْ كُلُّهَا (قَوْلُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ خِلَافٍ حَكَاهُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَا حَكَاهُ وَأَنْ لَا يَجُوزُ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحِّ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَضَى بِهِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ حِينَ نَزَلَتْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ بِقَفِصَةٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنَّهُ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي اعْتِبَارِ إقْرَارِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ الْآخَرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفْلِسِ وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ أَنَّ إقْرَارَ كُلٍّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ إنَّمَا يَمْضِي إذَا كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا بِالْإِقْرَارِ لَا بِالْبَيِّنَةِ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ كُلٍّ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَا يَمْضِي سَوَاءٌ كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ حَيْثُ جَازَ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي لِلْغُرَمَاءِ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ حَيْثُ جَازَ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا بِالْإِقْرَارِ لَا بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ أَخَفُّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ

إنْ كَانَ صَحِيحًا لَا مَرِيضًا (وَ) لَا مَنْعُهُ مِنْ (رَهْنِهِ) أَيْ رَهْنِ بَعْضِ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَدَثَتْ اُشْتُرِطَ فِيهَا الرَّهْنُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَالرَّاهِنُ صَحِيحٌ وَأَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ بِأَنْ لَا يَرْهَنَ كَثِيرًا فِي قَلِيلٍ فَشُرُوطُ عَدَمِ الْمَنْعِ سِتَّةٌ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الثَّابِتُ مِنْ قَبْلُ فَلَا يَرْهَنُ فِيهِ (وَفِي) جَوَازِ (كِتَابَتِهِ) لِرَقِيقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَمَنْعُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَاتَبَهُ بِكِتَابَةِ مِثْلِهِ لَا أَقَلَّ فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا، وَلَا أَكْثَرَ فَيَجُوزُ قَطْعًا (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (التَّزَوُّجُ) وَوَطْءُ مِلْكِهِ وَشِرَاءُ جَارِيَةٍ (وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا وَتَطَوُّعِهِ بِالْحَجِّ تَرَدُّدٌ) لِابْنِ رُشْدٍ وَحْدَهُ وَالْمُخْتَارُ الْمَنْعُ فِيمَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ تُعِفُّهُ وَحَجُّ التَّطَوُّعِ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ الْمَنْعُ فَلَوْ قَالَ وَلَهُ تَزَوُّجُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ لَا حَجَّةُ فَرِيضَةٍ لَطَابَقَ النَّقْلَ. ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى التَّفْلِيسِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَى مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَا بِيَدِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ فَقَالَ (وَفُلِّسَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْمَدِينُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ ذَلِكَ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ فَهُوَ أَشَدُّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا لَا مَرِيضًا) هَذَا هُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْمَرِيضَ تَنْقَطِعُ مُعَامَلَتُهُ أَوْ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ بِالْمَوْتِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا لِبَعْضِهِمْ مُقَابِلًا لَهُ وَأَنَّ الْمَرِيضَ كَالصَّحِيحِ فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَشُرُوطُ عَدَمِ الْمَنْعِ) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ سِتَّةٌ مُسَاقُهَا هَكَذَا: أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ بَعْضَ مَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي مُعَامَلَةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ قَدْ اُشْتُرِطَ فِي تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ صَحِيحًا، وَأَنْ يُصِيبَ وَجْهَ الرَّهْنِ: قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْجَوَازَ مُطْلَقٌ وَتَعَقَّبَ شَيْخُنَا هَذِهِ الشُّرُوطَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِيمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ الْأُوَلُ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فَلَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ بِالْمُعَامَلَةِ الْحَادِثَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ وَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِعَدَمِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ إقْرَارًا، وَأَمَّا كَوْنُ الرَّاهِنِ صَحِيحًا فَالْمَرِيضُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي إعْطَاءِ الْبَعْضِ كَمَا فِي بْن عَنْ ح اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَدِينِ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنْ يَرْهَنَ بَعْضَ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ أَوْ قَدِيمَةٍ عَلَى الْإِحَاطَةِ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَدِينُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ أَيْ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ) أَيْ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ، وَأَمَّا الْمُفْلِسُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْمَالِ الْمَوْجُودِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ غَيْرُ جَارٍ فِي تَزَوُّجِهِ ثَانِيَةً زَائِدَةً عَلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْعَفَافُ وَغَيْرُ جَارٍ فِي تَزَوُّجِهِ ثَالِثَةً زَائِدَةً عَلَى الثَّانِيَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْعَفَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَارٍ فِي كُلِّ مَا زَادَ عَلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَفَافُ لَا فِي خُصُوصِ الْأَرْبَعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِابْنِ رُشْدٍ) أَيْ فَهُوَ تَرَدُّدٌ لِوَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَاهُ التَّجَبُّرُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ تُعِفُّهُ) أَيْ لِأَنَّهَا تُعِفُّهُ عَادَةً، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ تَرَدُّدِ ابْنُ رُشْدٍ وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ مِنْ تَزَوُّجِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِعِفَّتِهِ بِهَا عَادَةً، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ تَزَوُّجِهِ بِالْوَاحِدَةِ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تُشْبِهُ نِسَاءَهُ لَا إنْ كَانَتْ أَعْلَى وَأَنْ يُصْدِقَهَا مِثْلَ صَدَاقِهَا، فَإِنْ أَصْدَقَهَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا فَلِغُرَمَائِهِ الزَّائِدُ يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الزَّائِدُ دَيْنًا لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ) أَيْ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ مَالِكٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى التَّفْلِيسِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِتَفْلِيسٍ بَلْ حَالَةٌ قَبْلَهُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ يُشِيرُ لِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ التَّفْلِيسُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدِينَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: الْحَالَةُ الْأُولَى إحَاطَةُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إتْلَافُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا حَبْسٌ وَلَا إقْرَارٌ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَإِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ إبْطَالُهُ وَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ مَالِيًّا وَإِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ فَيَسْجُنُونَهُ أَوْ يَقُومُونَ عَلَيْهِ فَيَسْتَتِرُ مِنْهُمْ فَلَا يَجِدُونَهُ

أَيْ فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَحْكُمَ بِخَلْعِ مَا بِيَدِهِ لِغُرَمَائِهِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ وَيُحْتَمَلُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ لِلْحَاكِمِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ (حَضَرَ) الْمَدِينُ (أَوْ غَابَ) وَلَوْ عَلَى مَسَافَةِ شَهْرٍ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ) حَالَ خُرُوجِهِ (مِلَاؤُهُ) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ أَيْ تَقَدُّمُ غِنَاهُ عَلَى وَقْتِ غَيْبَتِهِ الْمُتَوَسِّطَةِ كَعَشَرَةٍ أَوْ الْبَعِيدَةِ، فَإِنْ عُلِمَ لَمْ يُفَلَّسُ وَغَيْبَةُ مَالِهِ كَغَيْبَتِهِ وَأَشَارَ لِشُرُوطِ التَّفْلِيسِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ (بِطَلَبِهِ) أَيْ التَّفْلِيسِ أَيْ بِسَبَبِ طَلَبِ الْغَرِيمِ لَهُ (وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ) مِنْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ فَيَكْفِي طَلَبُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا فُلِّسَ لِلْبَعْضِ كَانَ لِلْبَاقِي مُحَاصَّتُهُ وَفُهِمَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يُفَلِّسُ نَفْسَهُ. الشَّرْطُ الثَّانِي قَوْلُهُ (دَيْنًا حَلَّ) أَصَالَةً أَوْ بِانْتِهَاءِ أَجَلِهِ فَلَا يُفَلَّسُ بِمُؤَجَّلٍ. وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (زَادَ) ذَلِكَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ (عَلَى مَالِهِ) الَّذِي بِيَدِهِ فَلَا يُفَلَّسُ بِمُسَاوٍ (أَوْ) لَمْ يَزِدْ لَكِنْ (بَقِيَ) مِنْ مَالِ الْمَدِينِ (مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ) فَيُفَلَّسُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَنْ عَلَيْهِ مِائَتَانِ مِائَةٌ حَالَّةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَجَّلَةٌ وَمَعَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَالْبَاقِي بَعْدَ وَفَاءِ الْمِائَةِ الْحَالَّةِ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيُفَلَّسُ وَلَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ. وَلَمَّا كَانَ لِلْحَجْرِ أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ: مَنْعُ الْمُفَلَّسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَحُولُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَيَمْنَعُونَهُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَمِنْ التَّزَوُّجِ وَلَهُمْ قَسْمُ مَالِهِ بِالْمُحَاصَّةِ وَهَذِهِ الْحَالَةُ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا وَلَمْ يَذْكُرْهَا. الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا لَزِمَهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا مَنْعُهُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَقَسْمُ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَحُلُولُ مَا كَانَ مُؤَجَّلًا مِنْ الدَّيْنِ وَإِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفُلِّسَ حَضَرَ أَوْ غَابَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَفُلِّسَ إلَخْ لِلْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَحَجَرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ بِدَيْنٍ حَلَّ عَلَيْهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحَجْرُ مِنْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ أَوْ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ تُسَمَّى فَلَسًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَالثَّالِثَةُ تُسَمَّى فَلَسًا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَالْأَعَمِّيَّةُ وَالْأَخَصِّيَّةُ بِاعْتِبَارِ التَّحَقُّقِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ الْمَالِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَكُلَّمَا وُجِدَ الْأَخَصُّ وُجِدَ الْأَعَمُّ وَلَا عَكْسَ إذْ قَدْ يَقُومُ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمَدِينِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعُوا الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْ فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ جَازَ لَهُ أَنْ يُفَلِّسَهُ خِلَافًا لِعَطَاءٍ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفْلِيسُ؛ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَةِ الْمِدْيَانِ وَإِذْلَالًا لَهُ (قَوْلُهُ حَضَرَ أَوْ غَابَ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا مِثْلَ اضْرِبْ زَيْدًا ذَهَبَ أَوْ حُبِسَ أَيْ اضْرِبْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ فُلِّسَ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ لَمْ يُفَلَّسْ) أَيْ اسْتِصْحَابًا لِحَالِهِ قَبْلَ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْبَةُ مَالِهِ كَغَيْبَتِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْمَدِينُ وَغَابَ مَالُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَفْلِيسُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ غَيْبَةُ الْمَالِ بَعِيدَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً أَوْ قَرِيبَةً وَاَلَّذِي فِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى التَّفْلِيسِ إنْ بَعُدَ الْمَالُ جِدًّا كَشَهْرٍ، وَأَمَّا إنْ غَابَ غَيْبَةً مُتَوَسِّطَةً كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنَّهُ لَا يُفَلَّسُ وَأَشْهَبُ يَقُولُ إنَّهُ يُفَلَّسُ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً فَإِنَّهُ يُكْشَفُ عَنْ الْمَالِ وَيُفْحَصُ عَنْهُ هَلْ يَفِي بِالدَّيْنِ فَلَا يُفَلَّسُ أَوْ لَا يَفِي بِهِ فَيُفَلَّسُ؟ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ لِشُرُوطِ التَّفْلِيسِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَهِيَ أَنْ يَطْلُبَ الْغُرَمَاءُ تَفْلِيسَهُ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ وَطَلَبُ التَّفْلِيسِ لِأَجْلِهِ حَالًّا، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْحَالُّ يَزِيدُ عَلَى مَا بِيَدِ الْمَدِينِ مِنْ الْمَالِ أَوْ كَانَ مَا بِيَدِ الْمَدِينِ يَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ الْحَالِّ وَلَكِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَا تَفِي بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ بِطَلَبِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِفُلِّسَ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الطَّالِبِ أَوْ سَكَتَ. (قَوْلُهُ فَيَكْفِي طَلَبُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فَيَكْفِي فِي تَفْلِيسِ الْحَاكِمِ لَهُ طَلَبُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لِتَفْلِيسِهِ، وَأَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ إذَا أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ تَفْلِيسَ الْغَرِيمِ وَحَبْسَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَدَعُهُ لِيَسْعَى حُبِسَ لِمَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ كَانَ لِلْبَاقِي مُحَاصَّتُهُ) أَيْ كَانَ لِمَنْ لَمْ يَطْلُبْ تَفْلِيسَهُ مُحَاصَّةُ مَنْ طَلَبَ تَفْلِيسَهُ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُفَلِّسُ نَفْسَهُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ وَيُثْبِتَ عَدَمَهُ وَيُفَلِّسُهُ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْغُرَمَاءِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ دَيْنًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ دَيْنٍ أَيْ لِأَجْلِ إرَادَةِ دَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ لِأَجْلِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا (قَوْلُهُ زَادَ ذَلِكَ الدَّيْنُ) أَيْ الْحَالُ الَّذِي عَلَيْهِ عَلَى مَالِهِ الَّذِي بِيَدِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحَالُّ كُلُّهُ لِطَالِبِ تَفْلِيسِهِ أَوْ بَعْضُهُ لَهُ وَبَعْضُهُ لِغَيْرِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَدِينَ لَا يُفَلَّسُ إلَّا إذَا كَانَ دَيْنُ الطَّالِبِ لِتَفْلِيسِهِ الْحَالِّ زَائِدًا عَلَى مَا بِيَدِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْحَالُّ زَائِدًا عَلَى مَا بِيَدِهِ وَلَكِنَّ دَيْنَ الطَّالِبِ لِتَفْلِيسِهِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْحَالِّ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا بِيَدِهِ لَا يُفَلَّسُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا يُفَلَّسُ بِمُسَاوٍ) أَيْ إذَا كَانَ مَا بِيَدِهِ مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَالُّ فَإِنَّهُ لَا يُفَلَّسُ وَلَا تُهْتَكُ حُرْمَتُهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَيُفَلَّسُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ لَا يُفَلَّسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ الْمُؤَجَّلَةَ لَا يُفَلَّسُ بِهَا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِلْمَازِرِيِّ (قَوْلُهُ فَيُفَلَّسُ وَلَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُفَلَّسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْفَضْلَةُ الْبَاقِيَةُ بِيَدِهِ يُعَامِلُهُ النَّاسُ بِسَبَبِهَا وَيُرْجَى مِنْ تَنْمِيَتِهِ لَهَا مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إنَّهُ لَا يُفَلَّسُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ هُوَ

مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، وَبِيَعُ مَالِهِ وَحَبْسُهُ، وَرُجُوعُ الْإِنْسَانِ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا وَأَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (فَمَنْعُ) الْمُفَلَّسِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ (مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ وَلَوْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ يُمْنَعُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ وَقَعَ التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يُوقَفُ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ أَوْ الْغُرَمَاءِ (لَا) إنْ الْتَزَمَ شَيْئًا (فِي ذِمَّتِهِ) لِغَيْرِ رَبِّ الدَّيْنِ إنْ مَلَكَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ وَدَيْنُهُمْ بَاقٍ عَلَيْهِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُمْ دَيْنَهُمْ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفٍ غَيْرِ مَالِيٍّ (كَخُلْعِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ مَالٍ (وَطَلَاقِهِ) وَلَوْ أَدَّى إلَى حُلُولِ مُؤَخَّرِ الصَّدَاقِ وَتُحَاصِصُ بِهِ (وَقِصَاصِهِ) مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ بِالْأَصَالَةِ (وَعَفْوِهِ) عَنْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ مِمَّا لَا مَالَ فِيهِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ (وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ) الَّتِي أَحْبَلَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ وَلَوْ بَعْدَ الْأَعَمِّ (وَ) إذَا أَعْتَقَهَا (تَبِعَهَا مَالُهَا إنْ قَلَّ) بَلْ وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَا يَلْزَمُ بِانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ (وَحَلَّ بِهِ) أَيْ بِالْفَلَسِ الْأَخَصِّ (وَبِالْمَوْتِ) لِلْمَدِينِ (مَا أُجِّلَ) عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ فِيهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْهَبُ فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِتَفْلِيسِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يُرْجَى بِتَحْرِيكِهِ الْفَضْلَةَ وَفَاءَ الْمُؤَجَّلِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَفِي أَيْ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ التَّحْرِيكِ فَوَافَقَ مَا لِابْنِ مُحْرِزٍ. (قَوْلُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ) أَيْ وَأَمَّا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ فَهَذَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ (قَوْلُهُ وَبِيعَ مَالُهُ) أَيْ مَا وُجِدَ مِنْ مَالِهِ، وَقَوْلُهُ وَحَبَسَهُ أَيْ إذَا جَهِلَ حَتَّى يَثْبُتَ عَدَمُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَخْفَى مَالَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ كَمَا تَتَرَتَّبُ عَلَى التَّفْلِيسِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ تَتَرَتَّبُ أَيْضًا عَلَى التَّفْلِيسِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ نَعَمْ يَخْتَصُّ الْفَلَسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ عَنْ الْأَعَمِّ بِحُلُولِ مَا أُجِّلَ، إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَمَّا كَانَ لِلْحَجْرِ أَيْ الْحَاصِلِ بِالْفَلَسِ الْأَعَمِّ أَوْ الْأَخَصِّ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَحَلَّ بِهِ أَيْ بِالْفَلَسِ لَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ بَلْ بِمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا " وَفُلِّسَ " إشَارَةٌ لِلْفَلَسِ بِمَعْنَيَيْهِ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ) بَلْ وَبِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَيْضًا وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) دَخَلَ فِيهِ النِّكَاحُ كَمَا قَالَ ح (قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ) وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ يَبْطُلُ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِرَدٍّ وَلَا قَبُولٍ فَكَأَنَّهُ فَهِمَهُ عَلَى الصَّوَابِ وَإِلَّا لَمْ يَقْبَلْهُ عَلَى عَادَتِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ اتِّفَاقِ الْغُرَمَاءِ وَاخْتِلَافِهِمْ فِي رَدِّهِ وَإِمْضَائِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْغُرَمَاءِ أَيْ عِنْدَ اتِّفَاقِهِمْ وَبِهَذَا حَصَلَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إذَا حَصَلَ مِنْ الْمُفَلَّسِ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ فَلَا يَبْطُلُ بَلْ يُوقَفُ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَقَوْلُ الْجَوَاهِرِ بَلْ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا التَّوْفِيقُ لعج وَاسْتَحْسَنَهُ بْن (قَوْلُهُ لَا فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ شَيْئًا لِغَيْرِ رَبِّ الدَّيْنِ إنْ مَلَكَهُ، ثُمَّ مَلَكَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ دَفْعِهِ لَهُ حَيْثُ مَلَكَهُ بَعْدَ وَفَاءِ دَيْنِهِمْ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَصَرُّفُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ فِي غَيْرِ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ صَحِيحٌ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ دَفْعِ مَا الْتَزَمَهُ (قَوْلُهُ كَخُلْعِهِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ، وَقَوْلُهُ لِمَا فِيهِ إلَخْ هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا فُلِّسَتْ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُخَالِعَ زَوْجَهَا عَلَى مَالٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَوْ صَرِيحَهُ أَنَّ خُلْعَ الْمَرْأَةِ الْمُفَلَّسَةِ كَتَزْوِيجِ الرَّجُلِ الْمُفَلَّسِ وَنَصُّهُ وَمَا دَامَ الْمَدِينُ قَائِمَ الْوَجْهِ فَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ مَا لَمْ يُفَلَّسْ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تُخَالِعُ زَوْجَهَا بِمَالٍ وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِهَا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُخَالِعَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تُفَلَّسُ فِيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَطَلَاقُهُ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْفِيفِ الْمُؤْنَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَتُحَاصِصُ) بِهِ أَيْ لِأَنَّهَا تُحَاصِصُ بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ طَلَّقَهَا أَوْ لَا، وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ جَعَلَ لَهُ الطَّلَاقَ مَعَ أَنَّ الصَّدَاقَ الْمُؤَخَّرَ يَدْفَعُهُ حَالًّا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا تُحَاصِصُ بِهِ مُطْلَقًا طَلَّقَ أَمْ لَا فَلَيْسَ الطَّلَاقُ مُوجِبًا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقِصَاصُهُ) أَيْ لَا يُمْنَعُ الْمُفَلَّسُ مِنْ أَنْ يَقْتَصَّ مِمَّنْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إمَّا الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ عَاقِلَتِهِ إلْزَامُ الْجَانِي بِالدِّيَةِ نَعَمْ لَهُمْ التَّرَاضِي عَلَيْهَا، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ وَالْعَفْوِ مَجَّانًا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لِلْغُرَمَاءِ مَنْعَهُ مِنْ الْقِصَاصِ وَيُلْزِمُونَهُ أَخْذَ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي جَوَازَ قِصَاصِهِ حَتَّى عِنْدَ أَشْهَبَ لِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ جَبْرُ الْمُفَلَّسِ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ فَتَأَمَّلْ. قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ) أَيْ مُقَرَّرٌ كَالْمَتَالِفِ الْأَرْبَعَةِ فَلِلْغُرَمَاءِ مَنْعُهُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ مَجَّانًا (قَوْلُهُ الَّتِي أَيْ أَحْبَلَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الَّتِي أَحْبَلَهَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ عِتْقِهَا؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ أَحْبَلَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ بِكَوْنِ الْوَلَدِ مَعَهَا أَوْ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ أَوْ شُهْرَةِ ذَلِكَ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ فَلَا يَكْفِي (قَوْلُهُ وَتَبِعَهَا مَالُهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ سَيِّدُهَا أَمَّا لَوْ اسْتَثْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَخَذَهُ الْغَرِيمُ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ فِيهِمَا) فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بَقَاءَ دَيْنِهِ مُؤَجَّلًا لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ لِأَنَّ لِلْمَدِينِ حَقًّا فِي تَخْفِيفِ ذِمَّتِهِ بِحُكْمِ

مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمَدِينُ عَدَمَ حُلُولِهِ بِهِمَا وَمَا لَمْ يَقْتُلْ الدَّائِنُ الْمَدِينَ عَمْدًا فَلَا يَحِلُّ كَمَوْتِ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ فَلَسِهِ فَلَا يَحِلُّ بِهِمَا دَيْنُهُ (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ عَلَى الْمُفَلَّسِ أَوْ الْمَيِّتِ (دَيْنَ كِرَاءٍ) لِدَارٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ وَجِيبَةٍ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ فَيَحِلُّ بِفَلَسِ الْمُكْتَرِي أَوْ مَوْتِهِ وَلِلْمُكْرِي أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ، فَإِنْ كَانَ الْمُفَلَّسُ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُكْرِي وَرَدَّ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَ قَبَضَهَا وَإِنْ تَرَكَ عَيْنَ شَيْئِهِ لِلْمُفَلَّسِ حَاصَصَ بِأُجْرَتِهِ حَالًا، وَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَى بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ حَاصَصَ بِهَا كَمَا يُحَاصِصُ فِي الْمَوْتِ وَيَأْخُذُ مَنَابَهُ بِالْحِصَاصِ حَالًا وَيُخَيَّرُ فِي فَسْخِ مَا بَقِيَ فِي الْفَلَسِ، فَإِنْ أَبْقَاهُ لِلْمُفَلَّسِ رَدَّ مَنَابَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا وَحَاصَصَ بِهِ وَإِلَّا حَاصَصَ بِالْجَمِيعِ، هَذَا مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ شَارِحِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ) الَّذِي فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ فِي غَيْبَتِهِ (مَلِيًّا) فَإِنَّهُ يَحِلُّ مَا عَلَيْهِ مِنْ مُؤَجَّلٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ تَبْيِينَ خَطَئِهِ بِمِلَائِهِ (وَإِنْ نَكَلَ الْمُفَلَّسُ) الَّذِي أَقَامَ شَاهِدًا بِحَقٍّ لَهُ عَلَى شَخْصٍ عَنْ الْيَمِينِ مَعَهُ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْعِ، وَأَمَّا لَوْ طَلَبَ جَمِيعُ الْغُرَمَاءِ بَقَاءَ دُيُونِهِمْ مُؤَجَّلَةً كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يَحِلُّ بِهِمَا. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمَدِينُ) أَيْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَقْتُلْ الدَّائِنُ الْمَدِينَ) الْمُرَادُ بِالدَّائِنِ رَبُّ الدَّيْنِ، وَالْمَدِينُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ كَمَوْتِ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ فَلَسِهِ) أَيْ فَالدَّيْنُ إنَّمَا يَحِلُّ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا بِمَوْتِ مَنْ لَهُ (قَوْلُهُ وَجِيبَةٍ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ لِسَنَةٍ، ثُمَّ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ الدَّابَّةِ الَّتِي اكْتَرَاهَا فَتَحِلُّ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ بِتَمَامِهَا بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةَ إلَخْ) هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُشَارِ لَهُ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَمْ تَسْتَوْفِ الْمَنْفَعَةُ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِهَا وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّوَازِلِ إنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ بَلْ يُحَاصِصُ الْمُكْرِيَ بِأُجْرَةِ الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بِتَمَامِهَا وَلَكِنْ لَا يَأْخُذُ إلَّا أُجْرَةَ الْبَعْضِ الْمُسْتَوْفَى وَيُوقَفُ مُقَابِلُ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ فَكُلُّ مَا اُسْتُوْفِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَيْ اسْتَوْفَاهُ الْغُرَمَاءُ أَخَذَ الْمُكْرِي مَا يَنُوبُهُ مِمَّا وُقِفَ، وَمَحَلُّ الْوَقْفِ لِمُقَابِلِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ إذَا لَمْ يَفْسَخْ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ وَمَا فِي خش مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا اُسْتُوْفِيَتْ الْمَنْفَعَةُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ يَحِلُّ دَيْنُ الْكِرَاءِ الْمُؤَجَّلِ بِاتِّفَاقٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَرْعَ الِاسْتِيفَاءِ يَمْنَعُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ وِفَاقٍ وَخِلَافٍ. ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ لِرَدِّ الْخِلَافِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ وَحَمْلُ الْكِرَاءِ عَلَى الْوَجِيبَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يَتَأَتَّى فِيهَا كَوْنُ الْكِرَاءِ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْمُشَاهَرَةِ فَإِنَّ الْكِرَاءَ فِيهَا حَالٌّ بِنَفْسِهِ فَلَا يُقَالُ فِيهَا وَحَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ، لَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ الْمُؤَجَّلِ يَحِلُّ بِالْفَلَسِ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ أَخْذُهُمَا فِي الْفَلَسِ إنْ شَاءَ لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَمَا فَهِمَهُ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ عَيْنَ شَيْئِهِ لِلْمُفَلَّسِ) أَيْ إلَى أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ يَأْخُذَهُ بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ إلَخْ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ شَيْئًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ لِلْمُفَلَّسِ) هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ وَحَاصَصَ بِهَا) أَيْ بِبَعْضِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الْبَعْضِ لِاكْتِسَابِهِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ قَبَضَهُ، وَقَوْلُهُ حَاصَصَ بِالْجَمِيعِ أَيْ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَيْ أُجْرَةِ مَا اسْتَوْفَاهُ الْمُفَلَّسُ وَمَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَدِمَ) عَطْفٌ عَلَى دَيْنِ كِرَاءٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ وَلَوْ قَدِمَ الْمَدِينُ الْغَائِبُ مَلِيًّا، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ وَمُقَابِلُهُ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إذَا قَدِمَ الْمَدِينُ الْغَائِبُ مَلِيئًا فَوَجَدَ الْحَاكِمَ فَلَّسَهُ فَلَا يَحِلُّ مَا كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَيْهِ. قَالَ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ خِلَافَ مَا حَكَمَ بِهِ فَصَارَ كَحُكْمٍ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حِينَ قَضَى بِتَفْلِيسِهِ كَانَ مُجَوِّزًا لِمَا قَدْ ظَهَرَ الْآنَ مِنْ الْمُلَاءِ وَأَيْضًا فَهُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ لَا يَرُدُّ ذَلِكَ إذَا قَدِمَ مَلِيئًا فَكَذَلِكَ مَنْ بَقِيَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ) أَيْ لَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِي حُكْمِهِ بِخَلْعِ مَالِ

(حَلَفَ كُلٌّ) مِنْ الْغُرَمَاءِ مَعَ الشَّاهِدِ لِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَةَ الْمُفَلَّسِ فِي الْيَمِينِ (كَهُوَ) أَيْ كَحَلِفِ الْمُفَلَّسِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ (وَأَخَذَ) كُلُّ حَالِفٍ (حِصَّتَهُ) مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ (وَلَوْ نَكَلَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْحَالِفِ فَلَا يَأْخُذُ الْحَالِفُ سِوَى قَدْرِ نَصِيبِهِ مَعَ حَلِفِهِ عَلَى الْجَمِيعِ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَأْخُذُ جَمِيعَ حَقِّهِ وَلَوْ نَكَلَ الْجَمِيعُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ حَقُّ النَّاكِلِ إنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بَقِيَّةَ مَا عَلَيْهِ (وَقُبِلَ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمُفَلَّسُ الْأَخَصُّ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ مِثْلَهُ الْأَعَمُّ أَيْ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (بِالْمَجْلِسِ) الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ أَوْ قَامَتْ فِيهِ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ (أَوْ قُرْبِهِ) بِالْعُرْفِ (إنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ) الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ بِهِ بِالْحُكْمِ أَوْ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ بِهِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْهُ بِهِ (لَا) إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ) فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِغَيْرِهِمْ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ تَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَ مُعَامَلَتِهِ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِلَّا قُبِلَ إقْرَارُهُ (وَهُوَ) أَيْ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ فِيهِ إقْرَارُهُ بِأَنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْمَجْلِسِ بِطُولٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (فِي ذِمَّتِهِ) يُحَاصِصُ الْمُقِرُّ لَهُ بِهِ فِيمَا يَتَجَدَّدُ لَهُ مِنْ مَالٍ لَا فِيمَا بِيَدِهِ فَقَوْلُهُ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِالْمَجْلِسِ أَوْ قُرْبِهِ وَلِقَوْلِهِ لَا بِبَيِّنَةٍ (وَقُبِلَ) مِنْ الْمُفَلَّسِ مُطْلَقًا (تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ) بِأَنْ يَقُولَ هَذَا قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ رَبُّهُمَا أَوْ كَانَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ بِطُولٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَدِينِ لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تَنْفَعُهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ حَلَفَ كُلٌّ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْغُرَمَاءِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَحْلِفُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَوْ وَصِيُّهُ، وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقِيلَ يُؤَخَّرُ لِرُشْدِهِ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْأَنْدَلُسِيِّينَ، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ بِالْأَخِيرِ اُنْظُرْ بْن، وَقَوْلُهُ حَلَفَ كُلٌّ أَيْ عَلَى جَمِيعِ الْحَقِّ الَّذِي ادَّعَى بِهِ الْمُفَلَّسُ، وَقَوْلُهُ أَيْ كَحَلِفِ الْمُفَلَّسِ أَيْ أَنْ لَوْ كَانَ يَحْلِفُ (قَوْلُهُ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ) أَيْ أَخَذَ كُلُّ حَالِفٍ مَنَابَهُ فَقَطْ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ بِالْمُحَاصَّةِ هَذَا إذَا حَلَفَ كُلُّهُمْ بَلْ وَلَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ غَيْرُ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ سِوَى قَدْرِ نَصِيبِهِ) أَيْ بِالْحِصَاصِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ عِيسَى وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَمَا فِي شب (قَوْلُهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ حَقِّهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ وَنَكَلَ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْحَالِفَ يَأْخُذُ جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَا نَصِيبَهُ فِي الْحِصَاصِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ) أَيْ لِلْغُرَمَاءِ إنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَيَقْتَسِمُهُ جَمِيعُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بَقِيَّةَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ وَيَقْسِمُهُ جَمِيعُ الْغُرَمَاءِ مَنْ حَلَفَ وَمَنْ لَمْ يَحْلِفْ فَيَأْخُذُ الْحَالِفُ حِصَّةً بِالْحَلِفِ وَحِصَّةً بِالْحِصَاصِ مَعَ النَّاكِلِينَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ دُونَ قَوْلِ خش وَاخْتَصَّ بِهِ النَّاكِلُ اهـ بْن. {تَنْبِيهٌ} لَوْ طَلَبَ مَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْعَوْدَ لِلْيَمِينِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَلِفِ الْمَطْلُوبِ فَلَا يُمْكِنُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حَلِفِهِ فَفِي تَمْكِينِهِ قَوْلَانِ الْأَظْهَرُ مِنْهُمَا عَدَمُ تَمْكِينِهِ كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ آخِرَ الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَقَبْلَ إقْرَارِهِ بِالْمَجْلِسِ) ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ جَائِزٌ إنْ كَانَتْ دُيُونُ الْقَائِمِينَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَهِيَ لَا تَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ أَوْ تَسْتَغْرِقُهُ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مُعَامَلَتِهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ وَكَلَامُ ابْنِ مُيَسَّرٍ هَذَا هُوَ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَدْ رَجَّحَهُ عبق وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مُعَامَلَتِهِ إلَخْ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قَامُوا عَلَيْهِ مَتَى كَانَ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَلَوْ عُلِمَ تَقَدُّمَ مُعَامَلَتِهِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ قَبُولُ إقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدُّيُونُ ثَابِتَةً عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ قَالَ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، فَإِنْ كَانَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ، وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لَهُ الْمُفَلَّسُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ تَقَدُّمَ مُدَايَنَةٍ أَوْ خُلْطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَدَخَلَ فِي الْحِصَاصِ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اهـ فَجَعَلَ الثَّالِثَ خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ قَبُولِ إقْرَارِهِ لِغَيْرِ الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ إذَا كَانَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُبِلَ إقْرَارُهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ بِالْبَيِّنَةِ لَا تَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ أَوْ عُلِمَ تَقَدُّمُ مُعَامَلَةٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ قُبِلَ إقْرَارُهُ وَدَخَلَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمُحَاصَّةِ. إنْ قُلْتَ إذَا كَانَتْ الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ بِالْبَيِّنَةِ لَا تَسْتَغْرِقُ مَا بِيَدِهِ لَا يُفَلَّسُ كَمَا تَقَدَّمَ، قُلْت يُفْرَضُ فِيمَا إذَا كَانَ مَا بِيَدِ الْغَرِيمِ حَالَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ كَاسِدًا لَا يُسَاوِي الدَّيْنَ وَلَمَّا فُلِّسَ حَصَلَ لِلْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ غُلُوٌّ وَصَارَ الدَّيْنُ لَا يَسْتَغْرِقُهُ فَإِذَا أَقَرَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قُبِلَ إقْرَارُهُ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْ الْمُفَلَّسِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَوْ الْأَخَصِّ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ تَعْيِينُهُ إلَخْ) مَفْهُومُ تَعْيِينِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ كَمَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي مَالِي قِرَاضٌ كَذَا لَمْ يُقْبَلْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ آخِرَ الْقِرَاضِ وَنَصَّهُ الصَّقَلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَا عَيَّنَهُ فِي الْفَلَسِ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا فَلَا يُحَاصِصُ رَبُّهُ الْغُرَمَاءَ كَمَا لَا يُصَدَّقُ فِي الدَّيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ بِطُولٍ) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يُعَيِّنْ رَبَّهُمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ عَيَّنَ رَبَّهُمَا بَلْ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ هَذَا إذَا كَانَ التَّعْيِينُ لِمَا ذُكِرَ فِي مَجْلِسِ التَّفْلِيسِ أَوْ قُرْبِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ بِطُولٍ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ تَقْيِيدُهُ بِالْمَجْلِسِ أَوْ قُرْبِهِ لَكِنْ نَقَلَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ عَنْ النَّاصِرِ

(إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ) أَيْ بِأَصْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ عِنْدَهُ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ لَمْ تُعَيِّنْ رَبَّهُ وَقُبِلَ مِنْهُ تَعْيِينُهُ وَلَوْ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ وَتَحَاصَصَهُ الْغُرَمَاءُ، وَلَا يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ فِي مَرَضِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ إذَا أَقَرَّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (وَالْمُخْتَارُ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ) الْمُفَلَّسُ فِي تَعْيِينِ مَا بِيَدِهِ لِأَرْبَابِهِ كَهَذِهِ السِّلْعَةِ لِفُلَانٍ مَعَ يَمِينِ الْمُقِرِّ لَهُ وَلَوْ مُتَّهَمًا عَلَيْهِ (بِلَا بَيِّنَةٍ) بِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ مَا بِيَدِهِ أَمْتِعَةُ النَّاسِ وَلَيْسَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِغَيْرِ رَبِّهِ (وَحُجِرَ أَيْضًا) عَلَى الْمُفَلَّسِ الْأَخَصِّ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (إنْ تَجَدَّدَ) لَهُ (مَالٌ) بَعْدَ الْحَجْرِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ أَصْلٍ كَرِبْحِ مَالٍ تَرَكَهُ بِيَدِهِ بَعْضُ مَنْ فَلَّسَهُ أَوْ عَنْ مُعَامَلَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْ غَيْرِ أَصْلٍ كَمِيرَاثٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَدِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ كَانَ فِي مَالٍ مَخْصُوصٍ فَيَتَصَرَّفُ فِي الْمُتَجَدِّدِ إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَبِهِ الْعَمَلُ وَقِيلَ يُجَدَّدُ عَلَيْهِ بَعْدَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (وَانْفَكَّ) الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ وَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا أَوْ وَافَقَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بَقِيَّةٌ (وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ رَدَّ هَذَا التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ حَيْثُ قَالَ يُقْبَلُ تَعْيِينُ الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِمَا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَقُبِلَ مِنْهُ تَعْيِينُهُ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ سَوَاءٌ كَانَ مَا عَيَّنَهُ مُتَّهَمًا عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ خِلَافًا لِأَصْبَغَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ فِيهَا إقْرَارٌ بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ وَهُنَا إقْرَارٌ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَقَدْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَلَمْ تَبْقَ فِي ذِمَّتِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ) أَيْ غَيْرُ مُفَلَّسٍ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي خش وعبق مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ وَقُبِلَ إلَخْ عَلَى الْمُفَلَّسِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ قَالَا وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ الْمُفَلَّسُ الْمَرِيضُ، وَهَذَا تَحْرِيفٌ فِي النَّقْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ أَضْعَفُ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَحْتَاجُهُ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ كَذَا فَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَرِيضٌ غَيْرُ مُفَلَّسٍ لَا مَرِيضٌ مُفَلَّسٌ كَمَا تَوَهَّمَهُ خش وعبق (قَوْلُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ) ، فَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قُبِلَ إقْرَارُهُ إنْ كَانَ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ إلَخْ) أَيْ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ فِي تَعْيِينِ مَا بِيَدِهِ لِأَرْبَابِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا كَانَ صَانِعًا وَعَيَّنَ الْمَصْنُوعَ أَوْ كَانَ غَيْرَ صَانِعٍ وَعَيَّنَ الْقِرَاضَ أَوْ الْوَدِيعَةَ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ: الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَدَمُ قَبُولِ تَعْيِينِهِ مُطْلَقًا خَشْيَةَ أَنْ يَخُصَّ صَدِيقَهُ. وَالثَّانِي يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ إنْ قَامَتْ بِأَصْلِهِ بَيِّنَةٌ وَيُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْمَصْنُوعَ مُطْلَقًا وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَالثَّالِثُ يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْمَصْنُوعَ مُطْلَقًا وَهُوَ لِأَصْبَغَ. وَالرَّابِعُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ يُقْبَلُ تَعْيِينُ الْمُفَلَّسِ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْمَصْنُوعَ إذَا كَانَ عَلَى أَصْلِ الدَّفْعِ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بَيِّنَةٌ. قَالَ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الصَّانِعِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ مَا بِيَدِهِ أَمْتِعَةُ النَّاسِ وَلَيْسَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَهُ وَكَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ فَاللَّخْمِيُّ اخْتَارَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَعْيِينِ الصَّانِعِ وَقَوْلَ أَصْبَغَ فِي تَعْيِينِ الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ وَلَمَّا كَانَ اخْتِيَارُهُ فِي الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ ضَعِيفًا أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَلَمَّا كَانَ اخْتِيَارُهُ فِي تَعْيِينِ الصَّانِعِ قَوِيًّا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ إلَخْ) مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِطُولٍ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ عبق (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَتَى بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ وَاسْتَمَرَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ إنْ تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ مَعَ أَنَّهُ مَتَى حُكِمَ بِخَلْعِ مَالِهِ وَأَخَذِ الْمَالِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوهُ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَيْضًا أَنَّهُ حَجْرٌ ثَانٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُفَلَّسَ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ وَأَخْذِ مَالِهِ مِنْهُ فَقَدْ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَإِذَا تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ الَّذِينَ حَجَرُوا عَلَيْهِ أَوَّلًا أَوْ غَيْرُهُمْ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (قَوْلُهُ إنْ تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَسْمٌ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ لِلْمَالِ الَّذِي أَخَذُوهُ مِنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ) أَيْ وَهُوَ إذَا فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ أَيْ زَمَانُ عَدَمِ تَجَدُّدِ الْمَالِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُجَدَّدُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يُكْشَفُ عَنْ حَالِهِ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَغَيُّرُ الْأَحْوَالِ فِيهَا وَحُصُولُ الْكَسْبِ، فَإِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ مَالٌ حُجِرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَانْفَكَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ) الْأَوْلَى بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ فَالْقَسْمُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مَتَى أُخِذَ الْمَالُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ زَالَ الْحَجْرُ عَنْهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَالْحَجْرُ عَلَى الْمُفَلَّسِ لَيْسَ كَالْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِ فَكِّ حَجْرِ الْمُفَلَّسِ لِحَاكِمٍ بِخِلَافِ حَجْرِ السَّفِيهِ فَإِنَّ فَكَّهُ يَحْتَاجُ لَهُ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى

[أحكام الحجر على المفلس]

بِالْفَكِّ، وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ وَحُجِرَ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدِينُ فَأَطْلَقَهُ أَوَّلَ الْبَابِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَهُنَا عَلَى الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ (فَبَاعُوا) مَالَهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ (وَاقْتَسَمُوا) الثَّمَنَ عَلَى حَسَبِ دُيُونِهِمْ أَوْ اقْتَسَمُوا السِّلَعَ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ حَيْثُ يُسَوَّغُ ذَلِكَ (ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ) بَعْدَ ذَلِكَ فَفَلِسَ (فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ) فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرَيْنِ وَفِيمَا تَجَدَّدَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِهِمْ فَضْلَةٌ (كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) أَيْ حُكْمِهِ بِخَلْعِ الْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ فَدَايَنَ غَيْرُهُمْ فَلَا دَخْلَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ فَضْلَةٌ (إلَّا) أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْآخَرِينَ (كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ وَ) أَرْشِ (جِنَايَةٍ) وَوَصِيَّةٍ وَخَلْعٍ فَلِلْأَوَّلِينَ الدُّخُولُ مَعَ الْآخَرِينَ. [دَرْسٌ] ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ بِقَوْلِهِ (وَبَيْعُ مَالُهُ) أَيْ بَاعَهُ الْحَاكِمُ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارُ لِلْمُفَلَّسِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْقَائِمَيْنِ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ الطَّعْنَ فِي بَيِّنَةِ صَاحِبِهِ وَبَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ، وَلَا أَسْقَطَهُ، وَلَا أَحَالَ بِهِ وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ (بِحَضْرَتِهِ) نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ (بِالْخِيَارِ) لِلْحَاكِمِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفَلَّسِ الرَّدُّ أَيَّامًا (ثَلَاثًا) لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنِ الْقَصَّارِ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَائِلَيْنِ لَا يَنْفَكُّ حَجْرٌ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَنْسَبَ) أَيْ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَانِيًا لَمَّا تَجَدَّدَ مِنْ الْمَالِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ فَكِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ) أَيْ مِمَّا بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ فَبَاعُوا إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ قَامُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا فَتَرَكُوهُ فَدَايَنَ آخَرِينَ، ثُمَّ فَلَّسُوهُ دَخَلَ الْأَوَّلُونَ مَعَ الْآخَرِينَ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَسُوغُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ مُوَافِقًا لِمَا بِيَدِهِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ فَلَا دُخُولَ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ الشَّرْطِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ أَيْ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ هَذَا تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ، ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ إنَّ الْآخَرِينَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ) أَيْ فِي أَثْمَانِ السِّلَعِ الَّتِي أَخَذَهَا (قَوْلُهُ وَفِيمَا تَجَدَّدَ) أَيْ وَلَا فِيمَا تَجَدَّدَ عَنْ أَثْمَانِ تِلْكَ السِّلَعِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْآخَرِينَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ) أَيْ بِيَدِ الْمُفْلِسِ عَنْ دَيْنِ الْآخَرِينَ فَضْلَةٌ فَيَتَحَاصَصُ فِيهَا الْأَوَّلُونَ كَمَا لَوْ كَانَتْ السِّلَعُ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَقْتَ التَّفْلِيسِ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ لِكَسَادِهَا، ثُمَّ بَعْدَ التَّفْلِيسِ حَصَلَ فِيهَا رَوَاجٌ وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُفَلَّسُ إذَا كَانَ مَا بِيَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ بِخَلْعِ الْمَالِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَسْمٌ لِلْمَالِ بَلْ وَقَعَ الْقَسْمُ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ فَضْلَةٌ) أَيْ بَعْدَ وَفَاءِ الْآخَرِينَ دَيْنَهُمْ فَإِنَّ الْأَوَّلِينَ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ الْأَوَّلِينَ مَعَ الْآخَرِينَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَ الْآخَرِينَ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا إذَا اسْتَفَادَ مَالًا مِنْ غَيْرِ أَمْوَالِ الْآخَرِينَ كَإِرْثٍ (قَوْلُهُ مَعَ الْآخَرِينَ) أَيْ فَيَتَحَاصُّونَ كُلُّهُمْ فِيهِ. [أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس] (قَوْلُهُ إلَى بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ) أَيْ التَّفْلِيسِ (قَوْلُهُ وَبِيعَ مَالُهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِحَضْرَةِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ، وَقَوْلُهُ وَبِيعَ مَالُهُ ظَاهِرُهُ الشُّمُولُ لِلدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاخْتَارَهُ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى إبْقَائِهَا حَتَّى تُقْبَضَ، وَقِيلَ إنَّهَا لَا تُبَاعُ وَتَبْقَى عَلَى آجَالِهَا اهـ شب (قَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ كُلُّ غَرِيمٍ دَيْنَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ إعْذَارِ الْحَاكِمِ لِلْمُفَلَّسِ فِي كُلِّ بَيِّنَةٍ وَبَعْدَ إعْذَارِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَائِمِينَ، وَالْمُرَادُ بِإِعْذَارِهِ لَهُ فِيهَا قَطْعُ عُذْرِهِ وَحُجَّتِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَلَكَ مَطْعَنٌ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ؟ وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِعْذَارَ فِي الْبَيِّنَةِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْإِعْذَارُ لِلْمُفَلَّسِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ عَنْ الدَّيْنِ فِيهِ تَسَامُحٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْقَائِمَيْنِ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْذَارَ لَيْسَ فِي الدَّيْنِ بَلْ فِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَثْبَتَتْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي بَعْضِ طُرُرِهِ تَأَمَّلْ هَلْ هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ قَضَاءٍ وَهُمْ إنَّمَا أَوْجَبُوهَا عَلَى طَالِبٍ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ إمَّا حَالًا فَقَطْ كَالْغَائِبِ أَوْ حَالًا وَمَآلًا كَالْمَيِّتِ أَوْ هِيَ يَمِينُ مُنْكِرٍ فَلَا تَتَوَجَّهُ إلَّا بِدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَبَضَ أَوْ أَسْقَطَ مَثَلًا وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ حَاضِرًا وَادَّعَى قَضَاءَ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَيَمِينُ طَالِبِهِ يَمِينُ مُنْكِرٍ لَا يَمِينُ قَضَاءٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ خِيَارٍ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْبَتَّ (قَوْلُهُ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ) فَإِذَا زَادَ أَحَدٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدَّ الْحَاكِمُ بَيْعَهُ وَبَاعَ لِهَذَا الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَلِذَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا، وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا، وَهَذَا بِخِلَافِ خِيَارِ التَّرَوِّي فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ كَمَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ الْبَيْعَ بِخِيَارِ التَّرَوِّي وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ خِيَارُ الْحَاكِمِ ثَلَاثًا بَعْدَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ

إلَّا مَا يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ (وَلَوْ كُتُبًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ احْتَاجَ لَهَا وَلَوْ فِقْهًا وَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ (أَوْ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا) قَالَ فِيهَا الْقَضَاءُ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقُنْيَةِ كَدَارِهِ وَخَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ وَسَرْجِهِ وَسِلَاحِهِ وَخَاتَمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ، وَبِيعَ عَلَيْهِ ثَوْبَا جُمُعَتِهِ إنْ كَانَ لَهُمَا قِيمَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ مَلْبُوسُ جُمُعَتِهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ (وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ) الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ الْمُحْتَاجِ لَهَا (تَرَدُّدٌ) لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَحْدَهُ، وَأَمَّا كَثِيرَةُ الْقِيمَةِ وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ لَهَا فَتُبَاعُ جَزْمًا (وَأَوْجَرَ رَقِيقَهُ) الَّذِي لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ (بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) فَلَا تُؤَاجَرُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ وَأَوْلَى الْمُكَاتَبُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ نَعَمْ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ (وَلَا يُلْزَمُ) الْمُفَلَّسُ بَعْدَ أَخْذِ مَا بِيَدِهِ (بِتَكَسُّبٍ) لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ (وَتَسَلُّفٍ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ، وَلَا قَبُولُهُ، وَلَا قَبُولُ صَدَقَةٍ، وَلَا هِبَةٍ (وَ) لَا (اسْتِشْفَاعٍ) أَيْ أَخْذُ شِقْصٍ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ فَضْلٌ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ (وَ) لَا (عَفْوٍ) عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهُ (لِلدِّيَةِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهَا لِيُوَفِّيَ بِهَا دَيْنَهُ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا بِخِلَافِ مَا يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ، فَيَلْزَمُ بِعَدَمِ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ) الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤَاجَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْخِيَارِ ثَلَاثًا بِسِلَعِ الْمُفَلَّسِ بَلْ كُلُّ مَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ سِلَعِ غَائِبٍ وَمَغْنَمٍ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ إلَّا مَا يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ) أَيْ كَطَرِيِّ اللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَاكِهَةِ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهَا إلَّا سَاعَةً مِنْ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كُتُبًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْكُتُبَ لَا تُبَاعُ أَصْلًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَآلَةِ ذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ) أَيْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فَإِنَّ فِيهَا تَرَدُّدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْحِفْظَ قَدْ ذَهَبَ الْآنَ فَلِذَا أَجْرَاهَا بَعْضُهُمْ عَلَى آلَةِ الصَّانِعِ (قَوْلِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا كَثِيرَةً فِي نَفْسِهِمَا وَيُحْتَمَلُ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا بِالنَّظَرِ لِصَاحِبِهِمَا وَإِذَا بِيعَا فَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهُمَا كَمَا أَنَّ دَارَ سُكْنَاهُ تُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهَا فَلَا تُبَاعُ (قَوْلُهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ) أَيْ الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْأَثْوَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّثْنِيَةِ، وَقَدْ أُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّثْنِيَةَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ لُبْسُ ثَوْبَيْنِ قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ أَوْ جُبَّةٍ وَرِدَاءٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ) أَيْ مِنْ لُبْسِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَوْبٍ وَشَيْءٍ آخَرَ يَجْعَلُهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ أَوْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ (قَوْلُهُ وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا تَرَدُّدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ الصَّائِغَ تَرَدَّدَ فِي آلَةِ الصَّانِعِ الْمُحْتَاجِ لَهَا هَلْ هِيَ مِثْلُ ثِيَابِ الْجُمُعَةِ لَا تُبَاعُ إلَّا إذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهَا أَوْ تُبَاعُ مُطْلَقًا؟ قَلَّتْ قِيمَتُهَا أَوْ كَثُرَتْ فَكَثِيرَةُ الْقِيمَةِ مَجْزُومٌ بِبَيْعِهَا وَالتَّرَدُّدُ فِي قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ أَيْ وَعَدَمِ بَيْعِهَا وَإِنَّمَا تُبَاعُ إذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا كَثِيَابِ الْجُمُعَةِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَحْدَهُ) وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَاهُ التَّحَيُّرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ فَمَعْنَاهُ الِاخْتِلَافُ كَأَنْ يَنْقُلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلًا جَازِمًا بِهِ وَيَنْقُلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ قَوْلًا مُغَايِرًا لَهُ جَازِمًا بِهِ فَإِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي مِثْلِ هَذَا بِتَرَدُّدٍ كَانَ بِمَعْنَى خِلَافٍ فِي النَّقْلِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) اللَّخْمِيُّ تُبَاعُ خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَإِنْ طَالَ الْأَجَلُ كَعَشْرِ سِنِينَ وَيُبَاعُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ بَعْدَ الدَّيْنِ تُبَاعُ رَقَبَتُهُ لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْقِنُّ فَهَذَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ ادَّعَى فِي أَمَةٍ أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ يَكُونَ قَدْ فَشَا ذَلِكَ قَبْلَ ادِّعَائِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ قَائِمٌ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ أَنَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَلَوْ عَامَلَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى التَّكَسُّبِ إذَا فُلِّسَ وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَسَوَاءٌ كَانَ صَانِعًا أَوْ تَاجِرًا. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ جَبْرِهِ عَلَى التَّكَسُّبِ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ التَّكَسُّبَ فِي عَقْدِ الدَّيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ) أَيْ يَطْلُبَ مَالًا عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لِأَجْلِ وَفَاءِ غُرَمَائِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا قَبُولُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ (قَوْلُهُ فِيهِ فَضْلٌ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ) أَيْ وَابْتِدَاءُ الْمِلْكِ وَاسْتِحْدَاثُهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ أُخْرَى وَلَوْ مَاتَ الْمُفَلَّسُ عَنْ شُفْعَةٍ فَالشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْغُرَمَاءِ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ وَلَا عَفْوٍ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ بِعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ لِأَجْلِ أَخْذِ الدِّيَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْقَوَدُ وَالْعَفْوُ مَجَّانًا وَعَلَى الدِّيَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ مَجَّانًا فَقَطْ فَلَا يَتَأَتَّى إلْزَامُهُ عَلَى الْعَفْوِ لِأَجْلِ الدِّيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعٌ مِنْ صِحَّةِ ثُبُوتِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ الْجَانِي

أَيْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ وَإِنْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ انْتَزَعَهُ فَلَهُمْ أَخْذُهُ (أَوْ) انْتِزَاعُ أَيْ اعْتِصَارُ (مَا وَهَبَهُ) قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ (لِوَلَدِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ بِخِلَافِ مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَ الْإِحَاطَةِ فَلَهُمْ رَدُّهُ، ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِهِ مِنْ تَعْجِيلٍ وَاسْتِينَاءٍ بِقَوْلِهِ (وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ) أَيْ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرْضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُتَرَبَّصُ بِهِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ طَلَبًا لِلزِّيَادَةِ، ثُمَّ يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَفِيهِ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا أَوْ بِلَا خِيَارٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ) وَعَرْضِهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ (كَالشَّهْرَيْنِ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ بِالنَّظَرِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ، وَأَمَّا مَا يُخْشَى فَسَادُهُ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا كَسَاعَةٍ، وَأَمَّا نَحْوُ سَوْطٍ وَدَلْوٍ فَيُبَاعُ عَاجِلًا. (وَقُسِمَ) مَالُ الْمُفَلَّسِ الْمُتَحَصِّلِ (بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ) بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَيَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تَجْمَعَ الدُّيُونَ وَتَنْسُبَ كُلَّ دَيْنٍ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَ لِغَرِيمٍ عِشْرُونَ وَلِآخَرَ ثَلَاثُونَ وَلِآخَر خَمْسُونَ فَالْمَجْمُوعُ مِائَةٌ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ لَهَا خَمْسٌ، وَنِسْبَةُ الثَّلَاثِينَ لَهَا خَمْسٌ وَعَشْرٌ، وَنِسْبَةُ الْخَمْسِينَ لَهَا نِصْفٌ، فَإِذَا كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عِشْرِينَ أَخَذَ صَاحِبُ الْخَمْسِينَ نِصْفَهَا عَشَرَةً وَصَاحِبُ الثَّلَاثِينَ خُمُسَهَا وَعُشْرَهَا سِتَّةً وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ خُمُسَهَا أَرْبَعَةً. وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهِيَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لَمَجْمُوع الدُّيُونِ فَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مِائَةٌ وَلِآخَرَ خَمْسُونَ وَلِآخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَنِسْبَتُهُ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ النِّصْفُ فَكُلُّ غَرِيمٍ يَأْخُذُ نِصْفَ دَيْنِهِ (بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ) أَيْ لَا يُكَلِّفُ الْقَاضِي غُرَمَاءَ الْمُفَلَّسِ، وَكَذَا غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ إثْبَاتَ أَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ جَبْرُهُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ حَبَسَ حَبْسًا وَشَرَطَ أَنْ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَلِغُرَمَائِهِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى مُحَمَّدٌ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ ذَلِكَ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُجْبَرُ الْمُفَلَّسُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرِهِ. {تَنْبِيهٌ} قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ كَانَ الْمُفَلَّسُ امْرَأَةً فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا مُعَجَّلَ مَهْرِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ لِلزَّوْجِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهَا إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الدِّينَارَ وَنَحْوَهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَأَمَّا مَا تَدَايَنَتْهُ بَعْدَ دُخُولِ زَوْجِهَا فَإِنَّ مَهْرَهَا يُؤْخَذُ فِيهِ هَذَا نَصُّ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهَا نَظَرٌ وَسَكَتَ عَنْ كَالِئِهَا كَمُؤَخَّرِ الصَّدَاقِ هَلْ لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُهُ فِي دَيْنِهِمْ أَمْ لَا؟ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ لِلزَّوْجِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ اعْتِصَارُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ الِانْتِزَاعَ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ، وَمَجَازِهِ بِالنِّسْبَةِ لِانْتِزَاعِ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِيهِ اعْتِصَارٌ فَإِطْلَاقُ الِانْتِزَاعِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ لُغَةً لِأَخْذِ السَّيِّدِ مَالَ رَقِيقِهِ وَلِأَخْذِ الْوَالِدِ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ انْتِزَاعٌ فَالْمَجَازُ عُرْفِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُسْتَأْنَى) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتَرَبَّصُ بِهِ أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ أَيْ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا أَيْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِالْعَقَارِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤَخَّرُ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا، ثُمَّ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَى عَقَارِهِ وَعَلَى عَرْضِهِ إذَا كَانَ كَثِيرَ الْقِيمَةِ، وَقَوْلُهُ كَالشَّهْرَيْنِ أَيْ ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ لَمْ يُسْتَأْنَ بِذَلِكَ خُيِّرَ الْمُفَلَّسُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي سِلَعِ الْمُفَلَّسِ حَيْثُ بَاعَهَا بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ إذَا أَمْضَى الْمُفَلَّسُ بَيْعَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُسْتَأْنَى فِي بَيْعِ رَبْعِ الْمُفَلَّسِ يَتَسَوَّقُ بِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْعَرْضُ فَيَتَسَوَّقُ بِهِمَا يَسِيرًا وَالْحَيَوَانُ أَسْرَعُ بَيْعًا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَأْنَى بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ مِثْلَ الدَّارِ ابْنُ رُشْدٍ لَفْظُهُ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْعَرْضَ كَالْعَقَارِ يُسْتَأْنَى بِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ يُسْتَأْنَى بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ أَنَّ الْعُرُوضَ الَّتِي كَالدُّورِ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ يُسْتَأْنَى بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِنِسْبَةِ كُلِّ دَيْنٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي عَمَلِ الْمُحَاصَّةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ) أَيْ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ دَيْنِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُكَلِّفُ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُقَسِّمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُكَلِّفَهُمْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِحَصْرِهِمْ وَمَوْتِ مُوَرِّثِهِمْ وَتَعَدُّدِهِمْ أَيْ مَرْتَبَتِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ وَأَهْلِ

(وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ) أَيْ بِالْقَسْمِ (إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ) لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ غَرِيمٍ آخَرَ وَالذِّمَّةُ قَدْ خَرِبَتْ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَلَا يُسْتَأْنَى لِعَدَمِ خَرَابِ الذِّمَّةِ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي الْمُفَلَّسِ الْحَاضِرِ أَوْ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدِهَا حَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا اُسْتُؤْنِيَ كَالْمَوْتِ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِبُعْدِ الْغَيْبَةُ مَا قَابَلَ الْقَرِيبَةَ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَةَ (وَقُوِّمَ) دَيْنٌ عَلَى الْمُفَلَّسِ (مُخَالِفُ النَّقْدِ) مِنْهُ مِنْ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ بِأَنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا مُتَّفِقَ الصِّفَةِ أَوْ مُخْتَلِفَهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَقْوِيمٌ (يَوْمَ الْحِصَاصِ) أَيْ قَسْمُ الْمَالِ يُقَوَّمُ حَالًّا وَلَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ حَلَّ بِالْفَلَسِ (وَاشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَصِفَتِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ (بِمَا يَخُصُّهُ) فِي الْحِصَاصِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ كَأَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةَ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ لِشَخْصٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ أَيْضًا عُرُوضٌ تُسَاوِي مِائَةً وَطَعَامٌ يُسَاوِي مِائَةً فَلِصَاحِبِ الْمِائَةِ ثُلُثُ مِائَةِ الْمُفَلَّسِ وَيُشْتَرَى لِصَاحِبِ الْعَرْضِ عَرْضٌ صِفَةُ عَرْضِهِ بِثُلُثِهِ الثَّانِي وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ صِفَةُ طَعَامِهِ بِالثُّلُثِ الثَّالِثِ، وَجَازَ مَعَ التَّرَاضِي أَخْذُ الثَّمَنِ إنْ خَلَا مِنْ مَانِعٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَمَضَى) الْقَسْمُ (إنْ رَخُصَ) السِّعْرُ بِالضَّمِّ كَكَرُمَ عِنْدَ الشِّرَاءِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ بِمَا نَابَهُ مَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ جَمِيعَ دَيْنِهِ (أَوْ غَلَا) كَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ سُدُسَ دَيْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَلَدِ فَلَا كُلْفَةَ فِي إثْبَاتِهِ وَالدَّيْنُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهُ غَالِبًا فَإِثْبَاتُ حَصْرِ الْغُرَمَاءِ مُتَعَسِّرٌ اهـ ثُمَّ إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِلْوَرَثَةِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْقَطْعِ بِأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى هَذَا فَلَوْ قَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَ هَذَا قَطْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُعَجِّلُ بِقَسْمِ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بَلْ يَسْتَأْنِي بِهِ وُجُوبًا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ غَرِيمٍ آخَرَ فَتُجْمَعُ الْغُرَمَاءُ، وَأَمَّا الْمُفَلَّسُ فَلَا يَسْتَأْنِي بِقَسْمِ مَالِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ كَانَ بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَكَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِ الْحَاضِرِينَ مِنْ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ كَانَ يَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِي بِالْقَسْمِ بِاجْتِهَادِهِ فَفِي مَفْهُومِ الْمَوْتِ وَهُوَ الْمُفَلَّسُ تَفْصِيلٌ. (قَوْلُهُ فَقَطْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إنْ عَرَفَ بِالدَّيْنِ أَيْ إنْ عَرَفَ بِالدَّيْنِ لَا غَيْرُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ فِي الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَقَطْ فَحَسْبُ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَصْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاسْتُؤْنِيَ بِالْقَسْمِ فِي الْمَوْتِ فَحَسْبُ أَيْ لَا غَيْرُهُ، وَهَذَا يُنَافِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْفَلَسِ وَأَنَّهُ قَدْ يُسْتَأْنَى فِيهِ (قَوْلُهُ وَالذِّمَّةُ قَدْ خَرِبَتْ) أَيْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ خَرَابِ الذِّمَّةِ) أَيْ لِعَدَمِ خَرَابِهَا حَقِيقَةً وَإِنْ خَرِبَتْ حُكْمًا، وَلِذَا عَجَّلَ مَا كَانَ فِيهَا مُؤَجَّلًا مِنْ الدَّيْنِ فَذِمَّةُ الْمُفَلَّسِ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً حَقِيقَةً فَإِذَا طَرَأَ غَرِيمٌ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِذِمَّتِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِلِاسْتِينَاءِ فِي الْفَلَسِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ زَالَتْ بِالْمَرَّةِ فَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِذِمَّتِهِ فَلِذَا وَجَبَ الِاسْتِينَاءُ فِي الْمَوْتِ وَلِأَنَّ الْمُفَلَّسَ لَوْ كَانَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ لَأَعْلَمَ بِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِعْلَامُ بِهِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُخَالِفِ مِنْ جُمْلَةِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ مُقَوَّمٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمُخَالِفِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَرْضًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ مُخَالِفًا لِلنَّقْدِ عَرْضًا إلَخْ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَقْوِيمٌ أَيْ بَلْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَحَاصِلُهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُفَلَّسِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا نَقْدٌ وَبَعْضُهَا عَرْضٌ وَبَعْضُهَا طَعَامٌ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ دَنَانِيرُ وَلِأَحَدِهِمْ عُرُوضٌ وَلِبَعْضِهِمْ طَعَامٌ فَإِنَّ مَا خَالَفَ النَّقْدَ مِنْ مُقَوَّمٍ وَمِثْلِيٍّ يُقَوَّمُ يَوْمَ قَسْمِ الْمَالِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمِ الْحِصَاصِ فَإِذَا كَانَ لِغَرِيمٍ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَيْهِ وَلِغَرِيمٍ عَرْضٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِآخَرَ طَعَامٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ النَّقْدِ ثُلُثَهَا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ الثُّلُثُ فَيُعْطِي لِصَاحِبِ النَّقْدِ مَنَابَهُ وَيَشْتَرِي لِصَاحِبِ الْعَرْضِ عَرْضًا مِنْ صِفَةِ عَرْضِهِ بِمَا نَابَهُ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الطَّعَامِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرَى إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِ مُخَالِفِ النَّقْدِ إذَا كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ نَقْدًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ عُرُوضًا مُوَافِقَةً لِمَالِ الْمُفَلَّسِ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْوِيمِ بَلْ يَتَحَاصُّونَ بِنِسْبَةِ عَرْضِ كُلٍّ لِمَجْمُوعِ الْعُرُوضِ (قَوْلُهُ وَمَضَى إنْ رَخُصَ أَوْ غَلَا) فَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُفَلَّسِ مِائَةُ دِينَارٍ لِوَاحِدٍ وَعَشَرَةُ أَرَادِبَ لِوَاحِدٍ وَعَشَرَةُ أَثْوَابٍ لِوَاحِدٍ وَقُوِّمَ كُلٌّ مِنْ الْأَرَادِبِ وَالثِّيَابِ بِمِائَةٍ فَجُمْلَةُ الدَّيْنِ ثَلَثُمِائَةٍ وَكَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةً فَاقْتَسَمَهَا أَرْبَابُ الدُّيُونِ فَخَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَلَمْ يَشْتَرِ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَوْ الثِّيَابِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى لَهُ خَمْسَةَ أَرَادِبَ أَوْ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ أَوْ عَشَرَةً فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْضِي فِيمَا بَيْنَ رَبِّ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ رُجُوعٌ فِي الرُّخْصِ بَلْ يَفُوزُ بِنِصْفِ دَيْنِهِ أَوْ كُلِّهِ دُونَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُ نُحَاصِصُكَ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ دَيْنِكَ بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا زَادَهُ الرُّخْصُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى دَيْنِهِ فَيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمْ

فَلَا رُجُوعَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ فِي الرُّخْصِ، وَلَا لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْغَلَاءِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ فِيهِمَا بِمَا بَقِيَ لَهُ، فَإِنْ زَادَ مَا اشْتَرَى لَهُ عَلَى دَيْنِهِ رَدَّ الزَّائِدَ عَلَى الْغُرَمَاءِ (وَهَلْ يَشْتَرِي) لِمَنْ دَيْنُهُ يُخَالِفُ النَّقْدَ كَأَنْ أَسْلَمَ لِلْمُفَلَّسِ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ أَرَادِبَ (فِي شَرْطِ جَيِّدٍ) شَرَطَهُ الْمُسْلَمُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ (أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمُفْلِسِ (أَوْ) يَشْتَرِي لَهُ (وَسَطَهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا (قَوْلَانِ) وَلَوْ اشْتَرَطَ دَنِيءٌ هَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِمَا يَنُوبُهُ أَدْنَى الدَّنِيءِ أَوْ وَسَطُهُ قَوْلَانِ أَيْضًا (وَجَازَ) لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مُخَالِفٌ (الثَّمَنُ) أَيْ أَخْذُ الثَّمَنِ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ (إلَّا لِمَانِعٍ) شَرْعِيٍّ (كَالِاقْتِضَاءِ) أَيْ كَالْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الِاقْتِضَاءِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسَلِّمَ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا كَعَبْدٍ أَسْلَمَهُ فِي عَرْضٍ كَثَوْبَيْنِ فَحَصَلَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ قِيمَةُ ثَوْبٍ جَازَ لَهُ أَخْذُ تِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ عَبْدًا فِي عَيْنٍ وَثَوْبٍ، وَلَا مَانِعَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ فِضَّةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَصَرْفٍ مُتَأَخِّرٍ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا. (وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ) عَلَى نَفْسِهَا حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا لَا حَالَ عُسْرِهِ لِقَوْلِهِ فِي النَّفَقَةِ وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَحَاصُّونَ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا فَالثَّوْبُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كَمَالٍ طَرَأَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَ الشِّرَاءَ حَتَّى حَصَلَ غُلُوٌّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ خُمُسَ دَيْنِهِ كَإِرْدَبَّيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ فَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ أَنْ يَقُولَ ارْجِعْ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثِ دَيْنِي الَّذِي نَابَنِي فِي الْحِصَاصِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَبَيْنَ الْمُفَلَّسِ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَيَتْبَعُهُ فِي الْغَلَاءِ بِمَا نَقَصَ مِنْ دَيْنِهِ فَيَصِيرُ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ فِي الرُّخْصِ فِي الْمِثَالِ نِصْفُ الْأَرَادِبِ أَوْ الثِّيَابِ وَيَبْقَى لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ فِي الْغَلَاءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَ أَوْ أَثْوَابٍ. (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْعَرْضِ الَّذِي حَصَلَ الرَّخَاءُ أَوْ الْغُلُوُّ عِنْدَ الشِّرَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ الْغَرِيمُ صَاحِبُ الْعَرْضِ عَلَى الْمَدِينِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فَيَسْقُطُ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَفِي الْغَلَاءِ يَتْبَعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَجْلِ الْغَلَاءِ مِنْ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ) أَيْ بَعْدَ الَّذِي أَخَذَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَيْ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ (قَوْلُهُ فِي شَرْطِ جَيِّدٍ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْمُفَلَّسِ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ جَيِّدًا بِأَنْ أَسْلَمَهُ فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ أَسْلَمَهُ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَحَلَّاوِيٍّ جَيِّدَةٍ (قَوْلُهُ أَدْنَى الْجَيِّدِ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَسَطَهُ) أَيْ وَسَطَ الْجَيِّدِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى ظُلْمٌ عَلَى الْمُفَلَّسِ وَالْأَدْنَى ظُلْمٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْمُفَلَّسِ أَدْنَى أَيْ مِنْ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) إنْ قُلْت هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّلَمِ وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ قُلْت مَا مَرَّ إذَا لَمْ يُفَلَّسْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا فُلِّسَ فَلِلْمُفَلَّسِ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ عِنْدَ التَّرَاضِي، وَأَمَّا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ صِفَةَ طَعَامِهِ أَوْ مِثْلَ عَرْضِهِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ (قَوْلُهُ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ) أَيْ بَدَلًا عَمَّا يَنُوبُهُ مِنْ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ) الْمَوَّاقُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَرْفَعُ التُّهْمَةَ، وَقِيلَ إنَّ التَّفْلِيسَ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ فَيَجُوزُ فِي التَّفْلِيسِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الِاقْتِضَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُمَا رِوَايَتَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ وَجَازَ وَفَاءُ الْمُسْلِمِ فِيهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَقَوْلُهُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُهُ) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ الْمَأْخُوذِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ آلَ أَمْرُهُ، وَقَوْلُهُ إلَى أَنَّهُ أَيْ الْمُسْلِمُ دَفَعَ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ) بَلْ يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ لَهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَصَرْفٍ مُتَأَخِّرٍ) أَيْ وَإِلَى اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ. (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ إلَخْ) أَيْ وَالْبَيْعُ وَالسَّلَفُ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ الْعَيْنُ عَرْضًا كَثَوْبَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ ذَهَبًا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ إنْ كَانَ فِضَّةً لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ أَوْ كَانَ ذَهَبًا وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا كَثَوْبَيْنِ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي إرْدَبَّيْنِ قَمْحًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ عَشَرَةٌ مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ عَنْ مِثْلِهَا مِنْ الْعِشْرِينَ سَلَفٌ وَالْإِرْدَبُّ الْبَاقِي بِذِمَّتِهِ عَنْ الْعَشَرَةِ الْأُخْرَى بَيْعٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا) سَوَاءٌ كَانَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا أَوْ تَسَلَّفَتْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا أَنْفَقَتْهُ حَالَ يُسْرِهِ عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ لَا حَالَ عُسْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ تَسَلَّفَتْ أَوْ كَانَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ النَّفَقَةُ حَكَمَ بِهَا أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي

(وَبِصَدَاقِهَا) كُلِّهِ أَوْ بَاقِيهِ وَلَوْ فَلِسَ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِالْفَلَسِ (كَالْمَوْتِ) أَيْ كَمَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا وَصَدَاقِهَا فِي الْمَوْتِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ (لَا) تُحَاصِصُ (بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ) فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، لَكِنْ لَهَا الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ إنْ أَنْفَقَتْ حَالَ يُسْرِهِ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَكَذَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا عَلَى أَبَوَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَتَسَلَّفَتْ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مَلِيٌّ فَتُحَاصِصُ. (وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ) لِغَرِيمٍ بَعْدَ الْقَسْمِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ) مِنْ مَالِ مُفَلَّسٍ أَوْ مَيِّتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفُلِّسَ بِسَبَبِهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَبِصَدَاقِهَا كُلِّهِ) فَلَوْ حَاصَّتْ بِصَدَاقِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَدَّتْ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَا تُحَاصِصُ فِيمَا رَدَّتْهُ عَلَى الصَّوَابِ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى زَوْجٍ مِائَتَانِ وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ مَعَهُمَا بِمِائَةِ الصَّدَاقِ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ نِسْبَتُهُ مِنْ الدُّيُونِ النِّصْفُ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ دَيْنِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ، فَإِذَا قُدِّرَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ مُحَاصَّةٌ بِخَمْسِينَ نِصْفِ الصَّدَاقِ كَانَ لَهَا فِي الْحِصَاصِ ثَلَاثُونَ لِتَبَيُّنِ أَنَّ مَجْمُوعَ الدُّيُونِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَقَطْ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَتَرُدُّ عِشْرِينَ لِلْغَرِيمَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِيَكْمُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ هِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَلَا دُخُولَ لَهَا مَعَهُمَا فِيمَا رَدَّتْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا فِي عبق وخش فَهُوَ غَلَطٌ فِي صِنَاعَةِ الْعَمَلِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَنْفَقَتْ عَلَى وَلَدِ الْمُفَلَّسِ فِي حَالِ يُسْرِهِ فَإِنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ، وَهَذَا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَاكِمٌ وَإِلَّا حَاصَّتْ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ تَسَلَّفَتْهَا أَوْ أَنْفَقَتْهَا مِنْ عِنْدِهَا فَالْمُحَاصَّةُ بِهَا مَشْرُوطَةٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ إنْفَاقُهَا عَلَى الْوَلَدِ فِي حَالِ يُسْرِ الْأَبِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَاكِمٌ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَهَا الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ (قَوْلُهُ إنْ أَنْفَقَتْ حَالَ يُسْرِهِ) وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا تُحَاصَصْ) أَيْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى أَبَوَيْ زَوْجِهَا الْمُفَلَّسِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ حُكِمَ بِتِلْكَ النَّفَقَةِ، وَأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ تَسَلَّفَتْ تِلْكَ النَّفَقَةَ، وَأَنْ يَكُونَ إنْفَاقُهَا عَلَيْهِمَا حَالَ يُسْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ حَالَ الْيُسْرِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُحَاصَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِ الْمُفَلَّسِ وَمَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى أَبَوَيْهِ وَكَذَا الْحُكْمُ بِهَا وَيَخْتَلِفَانِ فِي اشْتِرَاطِ التَّسَلُّفِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا تُحَاصِصُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى أَبَوَيْ زَوْجِهَا الْمُفَلَّسِ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَالْمُعْتَمَدُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي المج. (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ أَوْ الْمَيِّتَ إذَا قَسَّمَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ بَعْدَ الْقَسْمِ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَارِثُ وَلَا الْوَصِيُّ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عَشَرَةً وَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ أَحَدُهُمْ غَائِبٌ اقْتَسَمَ الْحَاضِرَانِ مَالَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْنِ اهـ وَقَوْلُنَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا اقْتَسَمُوا عَالِمِينَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِحِصَّتِهِ وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُنَا وَالْحَالُ إلَخْ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ عَالِمًا بِالْغَرِيمِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَرِيمَ الطَّارِئَ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ وَهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعَا لَهُ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ظَهَرَ عَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ حَاضِرًا لِلْقَسْمِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ لَهُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِبَقَاءِ مَا يَنُوبُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ، وَأَمَّا لَوْ حَضَرَ إنْسَانٌ قِسْمَةَ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ حَصَلَ الْقَسْمُ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْقَسْمِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا تَرَكَ حَقَّهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ: وَحَاضِرٌ لِقَسْمِ مَتْرُوكٍ لَهُ ... عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ أَهْمَلَهُ لَا يَمْنَعُ الْقِيَامَ بَعْدَ أَنْ بَقِيَ ... لِلْقَسْمِ قَدْرُ دَيْنِهِ الْمُحَقَّقِ وَيَقْبِضُ مِنْ ذَلِكَ حَقًّا مَلَكَهُ ... بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا تَرَكَهُ

(وَإِنْ) بِيعَ (قَبْلَ فَلَسِهِ رَجَعَ) الْغَرِيمُ الطَّارِئُ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (بِالْحِصَّةِ) أَيْ بِمَا يَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدِمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ فَلَوْ أَخَذَ غَرِيمٌ سِلْعَةً فِي نَظِيرِ حِصَّتِهِ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِمَا يَنُوبُهُ وَلَوْ بِيعَتْ سِلْعَةٌ قَبْلَ الْقَسْمِ لِأَجْنَبِيٍّ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَنَاوَلُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمُصَنِّفِ صَحِيحَةٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ بَعْدَ فَلَسِهِ وَجَعْلُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُسْتَحَقِّ قَبْلَ الْفَلَسِ مِنْ جُمْلَةِ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الرُّجُوعِ (كَوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ) طَرَأَ كُلٌّ (عَلَى مِثْلِهِ) فَيَرْجِعُ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ بِالْحِصَّةِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ ظَهَرَ دَيْنٌ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُشْتُهِرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ) أَوْ وَصِيُّهُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ (وَأَقْبَضَ) الْغُرَمَاءَ (رَجَعَ عَلَيْهِ) بِمَا ثَبَتَ عَلَى الْمَيِّتِ لِتَفْرِيطِهِ وَاسْتِعْجَالِهِ كَمَا لَوْ قَبَضَ لِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ قَالَ مَا عَلِمْت بِالدَّيْنِ إلَّا حِينَ وَجَدْتُ الْوَثِيقَةَ حَلَفَ وَكَانَ لَهُ الْقِيَامُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ الْوَرَثَةُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ حَقًّا، فَإِنْ قَالَ كُنْت أَعْلَمُ دَيْنِي وَلَكِنْ كُنْت أَنْتَظِرُ وُجُودَ الْوَثِيقَةِ أَوْ الْبَيِّنَةِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِحَقِّهِ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِي أَنَّهُ يُقْبَلُ وَذَلِكَ عُذْرٌ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَإِنْ بِيعَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ بِيعَ بَعْدَ فَلَسِهِ بَلْ وَإِنْ كَانَ قَدْ بِيعَ قَبْلَ فَلَسِهِ وَلَكِنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَسْمِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ السِّلْعَةِ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ أَوْ وَقَعَ قَبْلَهُمَا لَكِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ وَقَعَ بَعْدَ الْقَسْمِ اهـ. وَبَعْدَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ قَوْلِهِ وَإِنْ فَيَقُولُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ قَبْلَ فَلَسِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ فِيهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا يَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَدْ بِيعَتْ قَبْلَ الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْقَسْمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لَا بِالْحِصَّةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةً، وَأَمَّا جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَصِحُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ الْفَلَسِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِذَا بِيعَتْ قَبْلَهُ يَرْجِعُ بِالْحِصَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَاضِرٌ عَنْ غَائِبٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِالْحِصَّةِ) أَيْ الَّتِي تَخُصُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لِلْقِسْمَةِ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ غَرِيمٌ سِلْعَةً إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِمَا يَنُوبُهُ أَيْ بِالْحِصَاصِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيعَتْ سِلْعَةٌ قَبْلَ الْقَسْمِ لِأَجْنَبِيٍّ) هَذَا حَلٌّ لِمَنْطُوقِ الْمَتْنِ وَلَوْ شَرْطِيَّةٌ جَوَابُهَا رَجَعَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ أَيْ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ) أَيْ هَذَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ الْفَلَسِ بَلْ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ رَجَعَ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ أَيْ الَّتِي تَخُصُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرَ الْقَسْمِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ الرُّجُوعُ بِالْحِصَّةِ سَوَاءٌ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ أَوْ بِيعَتْ بَعْدَ فَلَسِهِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ عَنْ بْن مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ إنْ كَانَ الْمُفَلَّسُ بَاعَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالثَّمَنِ فَكَانَ الْأَحْسَنُ لِمُلَاقَاتِهِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ رَجَعَ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا زَادَ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَا عَلِمْته مِنْ التَّفْصِيلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ وَهُوَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَنَاوَلُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا) أَيْ، وَإِنَّمَا الَّذِي اقْتَسَمُوهُ مَالُ الْمُفَلَّسِ (قَوْلُهُ كَوَارِثٍ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الطَّارِئُ ثَلَاثَةً إمَّا غَرِيمٌ عَلَى غَرِيمٍ وَإِمَّا وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ وَإِمَّا غَرِيمٌ عَلَى وَارِثٍ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَوَّلِ شَبَّهَ بِهِ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ كَوَارِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْآتِيَ لَيْسَ مَفْهُومَ مَا مَرَّ نَعَمْ هُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا مَرَّ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَيَّدَ قَوْلَهُ وَإِنْ ظَهَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ رَجَعَ ذَلِكَ الطَّارِئُ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ بِالْمُحَاصَّةِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قَبَضُوا أَوَّلًا بِقَدْرِ مَا أَخَذَهُ هَذَا الطَّارِئُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ هَذَا الْفَرْعِ وَلَا يَأْخُذُ الْوَارِثُ إذَا رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ لِلطَّارِئِ أَحَدًا مِنْ الْغُرَمَاءِ عَنْ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ عَالِمِينَ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ حِينَ قَسْمِهِمْ، وَإِلَّا أَخَذَ الْمَلِيءُ مِنْهُمْ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ عَلَى الْمَيِّتِ الْأَوْلَى رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَخُصُّهُ أَنْ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَمُقَابِلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَجَعَ عَلَيْهِ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِيهَا الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ

(وَأَخَذَ مَلِيءٌ) أَوْ حَاضِرٌ أَوْ حَيٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ (عَنْ مُعْدَمٍ) وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ مِنْهُمْ (مَا لَمْ يُجَاوِزْ) دَيْنُ الطَّارِئِ (مَا قَبَضَهُ) لِنَفْسِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ أَكْثَرَ فَهَذَا خَاصٌّ بِمَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْوَارِثُ لِلطَّارِئِ مَعَ الشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ (رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ) بِمَا دَفَعَهُ لِلطَّارِئِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَفِيهَا) أَيْضًا (الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ عَدِيمًا فَعَلَى الْوَارِثِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَيْهِ (وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ) لَا وَيُحْمَلُ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (عَلَى التَّخْيِيرِ) أَيْ أَنَّ الطَّارِئَ مُخَيَّرٌ فِي رُجُوعِهِ ابْتِدَاءً عَلَى الْغَرِيمِ أَوْ عَلَى الْوَارِثِ، فَإِنْ رَجَعَ ابْتِدَاءً عَلَى الْوَارِثِ رَجَعَ الْوَارِثُ عَلَى الْغَرِيمِ (تَأْوِيلَانِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ مَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا يَسْهُلُ الْأَخْذُ مِنْهُ عَنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُ أَسْهَلَ لِعَدَمِ الْآخَرِ أَوْ لَدَدِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ أَنْ يَكُونُوا كَالْوَرَثَةِ يُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ أَيْ لَا مِنْ كُلٍّ حِصَّتُهُ فَقَطْ، وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْوَارِثُ وَقَبَضَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَبْلَغِ التَّرِكَةِ كُلِّهَا لَا بِمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ (فَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ) غَرِيمٍ (غَائِبٍ عُزِلَ لَهُ) أَيْ عَزَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ الْقَسْمِ (فَمِنْهُ) أَيْ فَضَمَانُهُ مِنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ نَائِبَهُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا فَرَّطَ، فَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ بِشَيْءٍ وَضَمَانُهَا مِمَّا ضَاعَ فَلَوْ عَزَلَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ فَضَاعَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ (كَعَيْنٍ) أَيْ نَقْدِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَقْفٍ) مِنْ الْحَاكِمِ (لِغُرَمَائِهِ) فَتَلِفَ فَمِنْهُمْ لِتَفْرِيطِهِمْ فِي قَسْمِهَا إذْ لَا كُلْفَةَ فِي قَسْمِ الْعَيْنِ (لَا عَرْضٍ) وُقِفَ لِلْغُرَمَاءِ لِيُعْطَى لَهُمْ إنْ وَافَقَ دَيْنَهُمْ أَوْ لِيُبَاعَ لَهُمْ إنْ خَالَفَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِهَذَا (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ إلَخْ) مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ فِي طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى غُرَمَاءِ مَيِّتٍ أَوْ مُفَلَّسٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَخَذَ إلَخْ فِي طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى وَرَثَةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ مِيرَاثًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ مُشْتَهِرًا بِالدَّيْنِ أَوْ لَا عَلِمُوا بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ لَا، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ حَقُّ الطَّارِئِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ وَإِلَّا فَلَا يَدْفَعُ لَهُ إلَّا مَا قَبَضَهُ فَقَطْ وَيَرْجِعُ ذَلِكَ الطَّارِئُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانُوا أَمْلِيَاءَ أَوْ عَلَى الْمَلِيءِ مِنْهُمْ، فَإِنْ أُعْدِمُوا كُلُّهُمْ لَمْ يَرْجِعْ بِذَلِكَ الْبَاقِي عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ عَنْ مُعْدَمٍ وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأَخَذَ مَلِيءٌ أَوْ حَاضِرٌ أَوْ حَيٌّ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ) أَيْ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُهْرَةُ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ وَلَا عِلْمُ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ خَاصٌّ بِمَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُقْبِضُ لِغَيْرِهِ فَلَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ اُشْتُهِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَرِيمِ إذَا حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ اهـ بْن وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي المج مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِحَمْلِهِمَا عَلَى التَّخْيِيرِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ كَمَا هُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ الْغُرَمَاءُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ طُرُوُّ الْغَرِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ لِغَرِيمٍ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونُوا كَالْوَرَثَةِ) أَيْ الْقَابِضِينَ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْوَارِثُ) أَيْ حِينَ الْقَسْمِ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ، وَقَوْلُهُ بِمَبْلَغِ التَّرِكَةِ أَيْ إذَا كَانَ دَيْنُهُ يَسْتَغْرِقُهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ لَا بِمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمَتْنِ هُنَا مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ قَسْمُ مَالِ الْمُفَلَّسِ أَوْ الْمَيِّتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ جَمِيعِهِمْ بَلْ يُقْسَمُ وَلَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فَيَعْزِلُ نَصِيبَهُ إلَى قُدُومِهِ بَيَّنَ حُكْمَ تَلَفِ ذَلِكَ النَّصِيبِ الْمَعْزُولِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ ضَمَانَ نَصِيبِ الْغَائِبِ الْمَعْزُولِ لَهُ مِنْهُ إنْ عَزَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ لَا مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا مِنْ الْمِدْيَانِ وَإِنْ عَزَلَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْغُرَمَاءُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ وَمَحَلُّ كَوْنِ ضَمَانِ مَا عَزَلَهُ الْحَاكِمُ مِنْ الْغَائِبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ النَّصِيبُ الْمَعْزُولُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَإِلَّا يَكُنْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ بَلْ عُزِلَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَضَاعَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ. (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا اتَّبَعَتْ ذِمَّتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا تَرَتَّبَ ظُهُورُ مَالٍ لَهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ضَاعَ الْمَالُ عَلَى أَرْبَابِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ) أَيْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا بِالْحِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِ الْغَائِبِ لَوْ بَقِيَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَائِبِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ قَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَزَاهُ الْمَازِرِيُّ لِمَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ مِنْ رُجُوعِ الطَّارِئِ عَلَى الْغَائِبِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا ضَاعَ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وُقِفَ لَهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَهَلَكَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ كَعَيْنٍ إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ دَيْنُهُمْ عَيْنًا، وَنَحْوُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ اهـ بْن فَعَلَى هَذَا لَوْ وُقِفَتْ الْعَيْنُ لِيَشْتَرِيَ لَهُمْ بِهَا مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ فَضَاعَتْ كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وُقِفَ لِغُرَمَائِهِ) أَيْ وُقِفَ لِيُقْسَمَ عَلَى غُرَمَائِهِ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ تَفْرِيطٌ لَا يَضْمَنُونَ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلنَّمَاءِ فَلَمَّا وُقِفَتْ لِلْغُرَمَاءِ كَانَ

فَضَاعَ فَعَلَى الْمُفَلَّسِ أَوْ الْمَيِّتِ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ (وَهَلْ) عَدَمُ ضَمَانِهِمْ الْعَرْضَ كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِمْ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْجِنْسِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْعَرْضُ (بِكَدَيْنِهِ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِصِفَةِ دَيْنِ الْغَرِيمِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْغَرِيمِ كَالْعَيْنِ (تَأْوِيلَانِ) وَلَوْ حَذَفَ الْبَاءَ لَكَانَ أَوْضَحَ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ إلَخْ قَوْلَهُ (وَتَرَكَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفَلَّسِ الْأَخَصِّ مِنْ مَالِهِ (قُوتَهُ) أَيْ مَا يَقْتَاتُ بِهِ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ لَا مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ (وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ) لِغَيْرِهِ كَزَوْجَاتِهِ وَوَالِدَيْهِ وَأَوْلَادِهِ وَرَقِيقِهِ الَّذِي لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرِهِ (لِظَنِّ يَسْرَتِهِ) أَيْ إلَى وَقْتٍ يُظَنُّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ مَا يَتَأَتَّى بِهِ الْمَعِيشَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ وَالْمَظَالِمِ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقُهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَمْوَالِ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ (وَ) يَتْرُكُ لَهُمْ أَيْضًا (كِسْوَتَهُمْ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (دَسْتًا) بِدَالٍ مَفْتُوحَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَتَيْنِ مُقَابِلَ ثِيَابِ الزِّينَةِ (مُعْتَادًا) كَقَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَيُزَادُ لِلْمَرْأَةِ مِقْنَعَةٌ وَإِزَارٌ وَلِخَوْفِ شِدَّةِ بَرْدٍ مَا يَقِيهِ (وَلَوْ وَرِثَ) الْمُفَلَّسُ (أَبَاهُ) أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (بِيعَ) فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَعَتَقَ الْبَاقِي إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَمَانُهَا مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْعَرْضِ فَإِنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ فَلَيْسَ بِمُجَرَّدِ وَقْفِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَضَاعَ) أَيْ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُمْ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ بَيْعِهِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ) أَيْ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالْحَيَوَانَ وَالثِّيَابَ وَالْكُتُبَ (قَوْلُهُ وَهَلْ عَدَمُ ضَمَانِهِمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَدَمُ ضَمَانِ الْغَرِيمِ لِلْعَرْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَرْضُ مُمَاثِلًا لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْإِطْلَاقُ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَالتَّقْيِيدُ لِابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِهِمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ إنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْقَسْمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ مِنْهُمْ وَضَمَانُ الْعَرْضِ مِنْ الْمَدِينِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِ قَوْلِهِ وَضَمَانُ الْعَرْضِ مِنْ الْمَدِينِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مُقَيَّدٌ بِالْعَرْضِ الْمُخَالِفِ لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَوُقِفَ لِيُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُ دَيْنِهِمْ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِدَيْنِهِمْ وَوُقِفَ لِيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ فَضَمَانُهُ مِنْهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ ضَمَانُ الْعَرْضِ الْمَوْقُوفِ مِنْ الْمَدِينِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُهُ حَيْثُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقَ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلدَّيْنِ لَا يُعْطَى حُكْمُ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ لَوْ حَصَلَ فِيهِ نَمَاءٌ كَانَ رِبْحُهُ لِلْمُفَلَّسِ وَمَنْ لَهُ النَّمَاءُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ قَالَ طفي وَالتَّأْوِيلَانِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا اُنْظُرْ قَوْلَهُ تَأْوِيلَانِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الَّذِي أَوْقَفَ الْعَرْضَ لِلْغَرِيمِ الْقَاضِي لَا الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمِدْيَانِ اتِّفَاقًا اهـ خش. (قَوْلُهُ لَا مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ يَقْتَاتُ بِطَعَامٍ فِيهِ تَرَفُّهٌ فَلَا يَتْرُكُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ فَيَتْرُكُ لَهُ مَا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ لَا مَا فِيهِ تَرَفُّهٌ (قَوْلُهُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لَا بِالِالْتِزَامِ لِسُقُوطِهَا بِالْفَلَسِ (قَوْلُهُ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَامِدًا فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ وَهُوَ الْمُقْتَاتُ أَيْ مَا يُقْتَاتُ بِهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ يُتْرَكُ لَهُ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِتَرَكَ عَلَى أَنَّهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ تَرَكَ لَهُ تَرْكًا مُسْتَمِرًّا لِظَنِّ يَسْرَتِهِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ فِي لَحْظَةٍ فَلَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَلَالٌ وَأَقَلُّهُ حَرَامٌ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ وَالْقَلِيلُ مِنْهُ حَلَالٌ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرَاهَةُ مُعَامَلَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْمُحَرِّمِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ كُلُّ مَالِهِ حَرَامٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ فَهَذَا تُمْنَعُ مُعَامَلَتُهُ وَمُدَايَنَتُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ مِثْلُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ لَا مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَسَبِيلُ مَالِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ لِأَرْبَابِهِ سَبِيلُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَيْسَ إلَّا، وَقِيلَ يُصْرَفُ فِي جَمِيعِ مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ كَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَاخْتُلِفَ إذَا نُزِعَ مِنْهُ لِيُصْرَفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَالْمَظَالِمُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) أَيْ جَوْعَتَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَكَلَامُ ح فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِمْ أَيْ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ فَإِنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ إلَخْ) قَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ وَرِثَ الْمُفَلَّسُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَمَنَعُوهُ التَّصَرُّفَ أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ مِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ شِرَاءِ الْمُفَلَّسِ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ شِرَاءَهُ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ الْوُقُوعِ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَوْ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا هُوَ مُحَصَّلُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَصَرُّفِهِ الْمَالِيِّ فَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ

وَيَمْلِكُ بَاقِيَ الثَّمَنِ (لَا) إنْ (وَهَبَ لَهُ) فَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ بَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ (إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلِمَ بِالْقَرَابَةِ كَالْأُبُوَّةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَعْتِقُ كَالْإِرْثِ. وَأَشَارَ إلَى ثَالِثِ أَحْكَامِ الْفَلَسِ الْأَخَصِّ بِقَوْلِهِ (وَحُبِسَ) الْمُفَلَّسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ (لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ) لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ (وَلَمْ يَسْأَلْ) أَيْ وَلَمْ يَطْلُبْ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ (الصَّبْرَ) أَيْ التَّأْخِيرَ عَنْ الْحَبْسِ (لَهُ) أَيْ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ (بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ) وَأَوْلَى بِالْمَالِ (فَغَرِمَ) حَمِيلُ الْوَجْهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ) أَيْ بِمَجْهُولِ الْحَالِ (وَإِنْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمِدْيَانِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعُسْرِ مِنْ تَمَامِ النِّصَابِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُسْرِهِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ لَمْ يَضْمَنْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ اسْتِظْهَارٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ الْعُسْرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ لَا إنْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ أَوْ مَوْتَهُ لَا فِي غَيْبَتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْمَشْهُورُ مَا لِلَّخْمِيِّ لَكِنَّ اللَّخْمِيُّ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَكْتُمُ الْمَالَ وَإِلَّا غَرِمَ الضَّامِنُ مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ أَيْضًا بِأَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُ وَلَوْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ بِمَنْ يُتَّهَمُ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ وَذَكَرَ قَسِيمَ مَجْهُولِ الْحَالِ بِقَوْلِهِ (أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ) بِحَسَبِ ظَاهِرِ حَالِهِ فَيُحْبَسُ (إنْ تَفَالَسَ) أَيْ أَظْهَرَ الْفَلَسَ مِنْ نَفْسِهِ بِادِّعَائِهِ الْفَقْرَ وَلَمْ يَعِدْ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ، وَمِلَاؤُهُ بِالْمَدِّ الْغِنَى، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَهْمُوزًا فَالْجَمَاعَةُ وَبِلَا هَمْزٍ فَالْأَرْضُ بِجِنْسِ الْمُتَّسِعَةَ (وَإِنْ وَعَدَ) أَيْ مِنْ ذُكِرَ مِنْ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمِلَاءِ (بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرَ كَالْيَوْمِ) وَالْيَوْمَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَحْسَنُ (أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ) عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَلَا يَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي (وَإِلَّا) يُعْطِي يَأْتِي حَمِيلًا بِالْمَالِ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ (سُجِنَ) حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ أَوْ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ (كَمَعْلُومِ الْمِلَاءِ) وَهُوَ الْمُلِدُّ الْمُعَانِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQشِرَائِهِ لِأَبِيهِ بِخُصُوصِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ إنْ رَدَّهُ الْغُرَمَاءُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَجَازُوهُ بِيعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْعِتْقِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ وَهَبَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفَلَّسِ مُطْلَقًا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَحُبِسَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ، وَقَوْلُهُ الْمُفَلَّسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ فَاعِلُ حُبِسَ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِلْمِدْيَانِ مُفَلَّسًا كَانَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا التَّقْسِيمِ كَمَا يَأْتِي ظَاهِرُ الْمُلَاءِ وَمَعْلُومُهُ وَهُمَا لَا يُفَلَّسَانِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُلِّسَ إلَى قَوْلِهِ بِطَلَبِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْلِيسَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ يُخْفِي بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا فَيَحْتَاجُ أَنْ يُحْبَسَ إلَى أَنْ يُثْبِتَ عُسْرَهُ وَلَمْ يُخْفِ مَالًا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ تَوَقُّفِ التَّفْلِيسِ عَلَى ثُبُوتِ الْعُدْمِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ) أَيْ إلَى ثُبُوتِ (قَوْلُهُ إنْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدَمٌ؟ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْمِلَاءِ، وَهَذَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْغَالِبُ وَهُوَ التَّكَسُّبُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْفَقْرُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مِلْكَ لَهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ) أَيْ فَلَا يُحْبَسُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ جُهِلَ أَيْ إنْ جُهِلَ فِي حَالِ كَوْنِهِ لَمْ يَسْأَلْ إلَخْ فَلَوْ سَأَلَ الصَّبْرَ عَنْ الْحَبْسِ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ يَضْمَنُهُ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ، ثُمَّ إنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ هَرَبَ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ غَرِمَ الْحَمِيلُ الدَّيْنَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَغَرِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ؟ وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَجْهِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَالِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالْأَنْدَلُسِيِّينَ وَلَا يَقْضِي النَّظَرُ غَيْرَهُ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ يُكَلَّفُ بِإِقَامَةِ حَمِيلٍ بِالْمَالِ إلَى أَنْ يُثْبِتَ الْعُدْمَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حَمِيلِ الْمَالِ سُجِنَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ وَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ الْحَمِيلُ عُدْمَ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعُسْرِ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُسْرِهِ أَيْ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ) أَيْ الْحَمِيلُ، وَقَوْلُهُ عُسْرَهُ أَيْ عُسْرَ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ مَا لِلَّخْمِيِّ إلَخْ) قَالَ بْن نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِفَاسَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَثْبَتَ عُدْمَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ) عَطْفٌ عَلَى جُهِلَ حَالُهُ أَيْ حُبِسَ إنْ جُهِلَ حَالُهُ أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ وَلَوْ كَانَ مُقْعَدًا وَيُحَدَّدُ مَنْ يُخْشَى هُرُوبُهُ، وَأُجْرَةُ الْحَبَّاسِ كَأُجْرَةِ الْعَوْنِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَعَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَلِدَّ الْمَطْلُوبُ كَمَا أَفَادَهُ ح أَوْ الْمُرَادُ بِظَاهِرِ الْمِلَاءِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ بِسَبَبِ لُبْسِهِ الْفَاخِرَ مِنْ الثِّيَابِ وَرُكُوبِهِ لِجَيِّدِ الدَّوَابِّ وَلَهُ خَدَمٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ حَقِيقَةُ حَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ) أَيْ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ أَيْ فَإِنْ سَأَلَهُ أُجِيبَ وَهَلْ يَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ كَالْمَجْهُولِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ حَمِيلٍ بِالْمَالِ وَلَا يَكْفِي حَمِيلُ الْوَجْهِ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ، وَقِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ فِي غَيْرِ الْمُلِدِّ وَالثَّانِي فِي الْمُلِدِّ فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ بَلْ قَوْلٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ كَمَعْلُومِ الْمِلَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ

وَمِنْهُ مَنْ يَأْخُذُ أَمْوَالَ النَّاسِ لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ يَدَّعِي ذَهَابَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يُصَدِّقْهُ مِنْ احْتِرَاقِ مَنْزِلِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يُحْبَسُ أَبَدًا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ السِّجْنِ (وَأُجِّلَ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ الْمَدِينِ غَيْرُ الْمُفَلَّسِ عُلِمَ مِلَاؤُهُ أَوْ ظَهَرَ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ (لِبَيْعِ عَرْضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ) لَا بِالْوَجْهِ (وَإِلَّا سُجِنَ) وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ كَالْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ الْمُفَلَّسَ قَدْ ضُرِبَ عَلَى يَدَيْهِ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَيَبِيعُ عَرْضَهُ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْجِيلٍ (وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الْمَدِينِ وَلَوْ مُفَلَّسًا لَمْ يُعْلَمْ عِنْدَهُ نَاضٌّ أَيْ فِي جَبْرِهِ عَلَى الْحَلِفِ (عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى حَلِفِهِ (تَرَدُّدٌ) فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمِلَاءِ وَمَعْلُومِهِ، وَأَمَّا مَعْلُومُ النَّاضِّ فَلَا يَحْلِفُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ) عِنْدَهُ (لَمْ يُؤَخَّرْ) وَلَمْ يَحْلِفْ (وَضُرِبَ) أَيْ مَعْلُومُ الْمِلَاءِ عَلِمَ بِالنَّاضِّ أَمْ لَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى سُجِنَ لَا عَلَى لَمْ يُؤَخَّرْ (مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ (وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ) أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعُسْرِ مَجْهُولِ الْحَالِ، وَظَاهِرِ الْمَلَاءِ قَائِلَةٌ (إنَّهُ) أَيْ مُدَّعِي الْعُسْرِ (لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ حَلَفَ كَذَلِكَ) أَيْ يَقُولُ فِي يَمِينِهِ لَا أَعْرِفُ لِي مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْوَاقِعِ لَا يَعْلَمُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ (وَزَادَ) فِي يَمِينِهِ (وَإِنْ وَجَدَ) مَالًا (لَيَقْضِيَنَّ) الْغُرَمَاءَ حَقَّهُمْ وَفَائِدَةُ الزِّيَادَةِ عَدَمُ تَحْلِيفِهِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا ـــــــــــــــــــــــــــــQيُحْبَسُ أَبَدًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ كَذَا قَالَ شَارِحُنَا تَبَعًا لعبق وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحَمِيلُ حَمِيلًا بِالْمَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ السِّجْنِ وَالضَّرْبِ إلَّا حَمِيلٌ غَارِمٌ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِيَاضٍ وَكَذَا فِي مَتْنِ الْعَاصِمِيَّةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُلِدِّ الْمُعَانِدِ، وَقَوْلُهُ لِلتِّجَارَةِ أَيْ لَأَنْ يَتَّجِرَ لَهُمْ فِيهَا بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ مَالِهِ (قَوْلُهُ قَدْ ضُرِبَ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ قَدْ ضَرَبَهُ الْحَاكِمُ عَلَى يَدَيْهِ أَيْ مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ أَيْ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ) أَيْ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْمِلَاءِ وَمَعْلُومِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ التَّصَرُّفِ إذْ لَا يُفَلَّسُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ هُوَ الَّذِي يَتَعَاطَى بَيْعَ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الْمَدِينِ الَّذِي بِيعَ مَالُهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ مُفَلَّسًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُفَلَّسٍ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومَ الْمِلَاءِ أَوْ ظَاهِرَهُ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مُفَلَّسًا لِجَهْلِ حَالِهِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عِنْده نَاضًّا (قَوْلُهُ أَيْ فِي جَبْرِهِ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى إخْفَاءِ النَّاضِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ؟ فَقِيلَ يَحْلِفُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ دَحُونٍ، وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي عَلِيٍّ الْحَدَّادِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ التُّجَّارِ حَلَفَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ وَلَا يَحْلِفُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَاجِرًا وَالْخِلَافُ فِي هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ اهـ بْن وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ فَلَا يَحْلِفُ) أَيْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْحَلِفِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ عُلِمَ بِالنَّاضِّ) أَيْ عُلِمَ بِأَنَّ عِنْدَهُ نَاضًّا أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَا عَلَى لَمْ يُؤَخَّرْ) أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ إلَّا مَنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ عُلِمَ بِالْمِلَاءِ وَلَمْ يُعْلَمْ بِالنَّاضِّ فَلَا يُضْرَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) أَيْ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ ضَرَبَهُ قَاصِدًا إتْلَافَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ) أَيْ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَثْبُتُ الْعُسْرُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَكْثَرِ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ قَائِلَةٌ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَخْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهَا مَحْكِيَّةٌ بِقَوْلٍ مُقَدَّرٍ، وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَجُوزُ فَتْحُهَا عَلَى أَنَّهَا مَجْرُورَةٌ بِجَارٍّ مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ بِشَهِدَ أَيْ وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْوَاقِعِ وَلَا يَعْلَمُ الشَّاهِدُ بِهِ وَانْظُرْ هَلْ يُغْتَفَرُ فِي ذَلِكَ لِلْعَوَامِّ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الِاغْتِفَارَ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا شَهِدَ وَحَلَفَ أَنْ مَا شَهِدَ بِهِ حَقٌّ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَامِّيًّا وَإِلَّا اُغْتُفِرَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا احْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ الْبَتَّ وَنَفْيَ الْعِلْمِ فَفِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ قَالَتْ إنَّهُ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ بِعُسْرِ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمِلَاءِ) أَيْ وَأَمَّا مَعْلُومُ الْمِلَاءِ فَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا لَا نَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَمِثْلُهُ مَنْ يُقِرُّ بِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الْحَقِّ وَمِلَائِهِ فَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِعُدْمِهِ وَأَنَّهَا لَا تَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ إذْ يُحْتَمَلُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْمُفِيدِ وَرَجَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ لَا يَعْلَمُهُ بِكَإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي الْيَمِينِ قَوْلَيْنِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَهِيَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إذْ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا لِي مَالٌ لَكَفَى فَزِيَادَةُ ذَلِكَ مُجَرَّدُ تَوْكِيدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ وَجَدْته لَأَقْضِيَنَّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا يَزِيدُهَا لِأَجْلِ دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ حُدُوثُ مَالٍ فَزِيَادَتُهَا مُجَرَّدُ اسْتِحْبَابٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِتَرْكِ الْخُصُومَاتِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ

(وَأُنْظِرَ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] (وَحَلَّفَ) الْمَدِينُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ (الطَّالِبَ) الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (إنْ ادَّعَى) الْمِدْيَانُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الطَّالِبِ (عِلْمَ الْعُدْمِ) وَلَمْ يُصَدِّقْهُ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ ظُلْمٌ، فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ عَدِيمٌ فَلَا يَمِينَ، وَلَا حَبْسَ وَوَجَبَ إنْظَارُهُ، فَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ حَلَفَ الْمَدِينُ، وَلَا يُحْبَسُ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ حَلَفَ وَفَاعِلُهُ الطَّالِبُ (وَإِنْ سَأَلَ) الطَّالِبُ (تَفْتِيشَ دَارِهِ) أَيْ دَارَ الْمَدِينِ وَلَوْ غَيْرَ مُفَلَّسٍ وَمِثْلُ الدَّارِ الْحَانُوتُ وَالْمَخْزَنُ (فَفِيهِ) أَيْ فَفِي إجَابَتِهِ لِذَلِكَ (تَرَدُّدٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَمِهِ، وَأَمَّا تَفْتِيشُ جَيْبِهِ أَوْ كُمِّهِ أَوْ كِيسِهِ فَيُجَابُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَفِيفٌ (وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمِلَاءِ) عَلَى بَيِّنَةِ الْعُدْمِ (إنْ بَيَّنَتْ) سَبَبَهُ بِأَنْ بَيَّنَتْ أَنَّهُ أَخْفَاهُ، فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ وَجْهَ الْعُدْمِ أَمْ لَا (وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ) حَالُهُ مِنْ السِّجْنِ (إنْ طَالَ سَجْنُهُ) وَطُولُهُ مُعْتَبَرٌ (بِقَدْرِ الدَّيْنِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً (وَ) حَالِ (الشَّخْصِ) قُوَّةً وَضَعْفًا وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ وَاحْتُرِزَ بِالْمَجْهُولِ مِنْ ظَاهِرِ الْمِلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِعُدْمِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (وَحُبِسَ النِّسَاءِ) فِي دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (عِنْدَ أَمِينَةٍ) مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ (أَوْ) عِنْدَ امْرَأَةٍ (ذَاتِ) رَجُلٍ (أَمِينٍ) مَعْرُوفٍ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ مِنْ اشْتِرَاطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأُنْظِرَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأُنْظِرَ يَسَارُهُ أَيْ لِثُبُوتِ ذَلِكَ وَلَا يُلَازِمُ رَبُّ الدَّيْنِ الْغَرِيمَ بِحَيْثُ كُلَّمَا يَأْتِيهِ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَدْ أَوْجَبَ إنْظَارَهُ لِلْيُسْرِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ إنَّهُ بَعْدَ إثْبَاتِ عُسْرِ الْغَرِيمِ يُلَازِمُهُ رَبُّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَحَلَّفَ الْمَدِينُ الطَّالِبَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدِينُ مَجْهُولَ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرَ الْمِلَاءِ أَوْ مَعْلُومَ الْمِلَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالنَّاضِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْعُدْمِ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ، أَوْ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْلِفُ وَلَا يُحَلِّفْ أَحَدًا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ حَلَفَ الْمَدِينُ) أَيْ حَلَفَ أَنَّ الطَّالِبَ يَعْلَمُ بِعُدْمِهِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمَدِينُ كَمَا نَكَلَ الطَّالِبُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدِينَ سَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرَ الْمِلَاءِ أَوْ مَعْلُومَهُ إذَا طَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِعُدْمِهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَلِفَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا سِجْنَ وَإِنْ كَذَّبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِعُدْمِهِ وَحُبِسَ الْمَدِينُ فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ أَوْ يُقِيمَ حَمِيلًا بِالْمَالِ، فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَدِينِ، فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يُسْجَنْ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ ظُلْمٌ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَإِنْ سَأَلَ الطَّالِبُ الْحَاكِمَ تَفْتِيشَ دَارِ الْمَدِينِ لَعَلَّهُ أَنْ يَجِدَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ يُبَاعُ لَهُ فَفِي إجَابَتِهِ لِذَلِكَ وَعَدَمِ إجَابَتِهِ تَرَدُّدٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى عُدْمِهِ وَحَلِفِهِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْعُدْمُ فَلَا تَفْتِيشَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَفِي إجَابَتِهِ لِذَلِكَ) أَيْ وَعَدَمِ إجَابَتِهِ فَالْقَوْلُ بِالْإِجَابَةِ أَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَة قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجَابَةِ لِابْنِ عَتَّابٍ وَابْنِ مَالِكٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ أَنَّهَا تُفَتَّشُ عَلَيْهِ فَمَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ وَادَّعَتْهُ زَوْجَتُهُ كَانَ لَهَا وَمَا وُجِدَ مِنْ عُرُوضِ تِجَارَةٍ بِيعَ لِغُرَمَائِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ وَجَدَ فِيهَا مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ تِجَارَتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ اهـ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ التَّفْتِيشِ اهـ بْن وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِتَفْتِيشِ دَارِ مَنْ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ سَرِقَةٌ حَيْثُ كَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا فَلَا، اُنْظُرْهُ. (قَوْلُهُ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا) أَيْ بِتُونُسَ (قَوْلُهُ وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمِلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ لَوْ شَهِدَ لَهُ قَوْمٌ بِالْمِلَاءِ وَقَوْمٌ بِالْعُدْمِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمِلَاءِ تُقَدَّمُ إنْ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمِلَاءِ أَيْ إنْ عَيَّنَتْ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِسَبَبِهِ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ مَالٌ بَاطِنٌ أَخْفَاهُ سَوَاءٌ بَيَّنَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ سَبَبَ الْعُدْمِ بِأَنْ قَالَتْ مَالُهُ حُرِقَ أَوْ غَرِقَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ بَيِّنَةُ الْمِلَاءِ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِهِ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ وَجْهَ الْعُدْمِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَلَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمِلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ مَا بِهِ الْعَمَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ حَذْفُ قَوْلِهِ إنْ بَيَّنَتْ، فَإِنْ قِيلَ شَهَادَةُ بَيِّنَةِ الْمِلَاءِ مُسْتَصْحَبَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمِلَاءُ وَبَيِّنَةُ الْعُدْمِ نَاقِلَةٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ أُجِيبَ بِأَنَّ النَّاقِلَةَ هُنَا شَهِدَتْ بِالنَّفْيِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهَا الْمُسْتَصْحَبَةُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ فَتَقْدِيمُ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ النَّاقِلَةُ بِالنَّفْيِ وَالْمُسْتَصْحَبَةُ بِالْإِثْبَاتِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ سِجْنُهُ) أَيْ وَلَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْعُدْمِ؛ لِأَنَّ طُولَ سِجْنِهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِعُدْمِهِ فَإِذَا حَلَفَ مَعَ الطُّولِ أُخْرِجَ (قَوْلُهُ وَحَالِ الشَّخْصِ) أَيْ فَلَيْسَ الْوَجِيهُ كَالْحَقِيرِ وَلَا الْقَوِيُّ كَالضَّعِيفِ وَلَا الدَّيْنُ الْكَثِيرُ كَالْقَلِيلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَيَقْضِيَنَّ الْغُرَمَاءَ حَقَّهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ) أَيْ لَا بِطُولِ سِجْنِهِ وَحَلِفِهِ وَمَعْلُومُ الْمِلَاءِ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ أَوْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِذَهَابِ مَالِهِ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ فَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ عِنْدَ أَمِينَةٍ) أَيْ لَا يُخْشَى عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا حُبِسَتْ عِنْدَهَا أَيْ وَالْأَمْرَدُ الْبَالِغُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُحْبَسُ وَحْدَهُ أَوْ عِنْدَ مَحْرَمٍ وَغَيْرُ الْبَالِغِ لَا يُحْبَسُ (قَوْلُهُ أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ لِيُفِيدَ

زَوْجٍ أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ (وَ) حُبِسَ (السَّيِّدُ) فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ (لِمُكَاتَبِهِ) إذَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي قِيمَةِ الْكِتَابَةِ مَا يَفِي بِهِ (وَالْجَدُّ) يُحْبَسُ لِوَلَدِ ابْنِهِ (وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ) وَأُمِّهِ (لَا الْعَكْسُ) أَيْ لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ (كَالْيَمِينِ) فَلِلْوَالِدِ أَنْ يُحَلِّفَ وَلَدَهُ لَا الْعَكْسُ (إلَّا) الْيَمِينَ (الْمُنْقَلِبَةَ) مِنْ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ابْنِهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَهُ الِابْنُ وَلَمْ يَحْلِفْ لِرَدِّ دَعْوَاهُ فَرُدَّتْ عَلَى الْأَبِ فَيَحْلِفُهَا الْأَبُ اتِّفَاقًا (وَ) إلَّا (الْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الِابْنِ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَطَالَبَهُ الزَّوْجُ بِجِهَازِهَا فَيَحْلِفُ الْأَبُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ أَعَارَ ابْنَتَهُ شَيْئًا مِنْ جِهَازِهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَيَحْلِفُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ. (وَلَمْ يُفَرَّقْ) فِي السِّجْنِ (بَيْنَ) الْأَقَارِبِ (كَالْأَخَوَيْنِ وَالزَّوْجَيْنِ) الْمَحْبُوسَيْنِ فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا (إنْ خَلَا) السِّجْنُ مِنْ الرِّجَالِ فَلَا يُجَابُ رَبُّ الْحَقِّ إلَى التَّفْرِيقِ إنْ طَلَبَهُ، وَقَوْلُهُ إنْ خَلَا قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُ حُبِسَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَحَلٍّ لَا رِجَالَ فِيهِ (وَلَا يَمْنَعُ) أَيْ الْحَاكِمُ (مُسَلِّمًا) يُسَلِّمُ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَلَوْ زَوْجَةً لَا تَبِيتُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأُ يُمْنَعُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَمُسَلِّمًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي (وَخَادِمًا) يَخْدُمُهُ فِي مَرَضٍ (بِخِلَافِ زَوْجَةٍ) إنْ قَصَدَتْ الْبَيَاتَ عِنْدَهُ وَحُبِسَ فِي غَيْرِ دَيْنِهَا وَإِلَّا لَمْ تُمْنَعْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتِرَاطَ الْأَمَانَةِ فِيهَا أَيْضًا مَعَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَمِينَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَيَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ أَمَانَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ سَحْنُونٍ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا لَمْ يُحْبَسْ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ بَيْعَ الْكِتَابَةِ بِنَقْدٍ اهـ بْن، وَقَوْلُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لِمُكَاتَبِهِ أَيْ حَالٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ، وَقَوْلُهُ لِمُكَاتَبِهِ أَيْ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَحْبِسُ دَيْنَ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ تُوَفَّى بِالدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ مِنْهَا لَا يَفِي بِهِ أَوْ كَانَ الْحَالُّ مِنْهَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَلَا يُحْبَسُ لَهُ وَيَتَقَاصَّانِ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ) أَيْ وَلَوْ أَلَدَّ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَالْمُرَادُ الْوَالِدُ نَسَبًا لَا رَضَاعًا، وَأَمَّا الْوَالِدُ رَضَاعًا فَيُحْبَسُ لِدَيْنِ وَلَدِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْوَالِدَيْنِ فِي دَيْنِ الْوَلَدِ فَلَا أَظْلِمُ الْوَلَدَ لَهُمَا أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمَا مَا يَفْعَلُ بِالْمُلِدَّيْنِ أَلَدَّ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ كَالتَّقْرِيعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِحَقِّ الْوَلَدِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى رَدْعًا وَزَجْرًا وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الضَّرْبَ أَشَدُّ مِنْ الْحَبْسِ فَمُقْتَضَى كَوْنِ الْوَالِدَيْنِ لَا يُحْبَسَانِ لِلْوَلَدِ عَدَمُ ضَرْبِهِمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ الْحَبْسُ لِدَوَامِهِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرْبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْأَشَدِّ تَرْكُ مَا هُوَ دُونَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَلِلْوَالِدِ أَنْ يُحَلِّفَ وَلَدَهُ لَا الْعَكْسُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ وَلَا يُقْضَى لِلْوَلَدِ بِتَحْلِيفِ وَالِدِهِ إذَا شَحَّ الْوَلَدُ وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفَ وَالِدِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَدُّهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَدَّ أَشَدُّ مِنْ الْيَمِينِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلَدِ تَحْلِيفُ وَالِدِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ حَدِّهِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْوَلَدِ أَنْ يُحَلِّفَ وَالِدَهُ فِي حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَحُدَّهُ وَيَكُونَ بِذَلِكَ عَاقًّا وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ فَإِنَّ الْعُقُوقَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفَسَقَ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ) أَيْ الِابْنُ لِرَدِّ دَعْوَى أَبِيهِ، وَقَوْلُهُ فَرُدَّتْ أَيْ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ كَدَعْوَى الْأَبِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ بِحَقٍّ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ الْوَلَدُ مَعَهُ فَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْأَبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَهُوَ مَا قَالَهُ عبق وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْلِفُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِيهِ الِابْنُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَالِدُ عَلَيْهِ فَنَكَلَ الْوَلَدُ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ لِلْأَبِ شَاهِدٌ عَلَى حَقِّهِ عَلَى الْوَلَدِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَالزَّوْجَيْنِ إنْ خَلَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ بِخِلَافِ زَوْجَةٍ فَإِنَّهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا وَاسْتَظْهَرَ مَا لِسَحْنُونٍ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ وَقَبِلَهُ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ لَيْسَا بِخِلَافٍ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ وَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى وَوَجَّهَ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِكَوْنِهَا مَعَهُ إدْخَالَ الرَّاحَةِ عَلَيْهِ وَالرِّفْقَ بِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَهْمُومٌ وَالتَّفْرِيقُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ بِخِلَافِ بَيَاتِهَا عِنْدَ الْمَحْبُوسِ فَإِنَّهُ تَنْعِيمٌ لَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ يُخْشَى بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْحِيلَةَ فِي خَلَاصِهِ فَيُمْنَعُ (قَوْلُهُ يَخْدُمُهُ فِي مَرَضٍ) أَيْ شَدِيدٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ كَانَ مَرَضُهُ خَفِيفًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ يُخْدَمُ عَادَةً، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَوْجَةٍ) أَيْ غَيْرِ مَحْبُوسَةٍ مَعَهُ فَإِنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ سَلَامِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَتْ الْبَيَاتَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ بِقَصْدِ السَّلَامِ فَلَا تُمْنَعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا وَهُوَ شَامِلٌ لِلزَّوْجَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْبَيَاتِ طُولُ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تُمْنَعْ) أَيْ لِأَنَّهَا إنْ شَاءَتْ لَمْ تَحْبِسْهُ كَمَا أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ إذَا حُبِسَا مَعًا فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا وَخَلَا الْحَبْسُ عَنْ

(وَأُخْرِجَ لِحَدٍّ) وَلَوْ قَتْلًا وَيُؤْخَذُ الدَّيْنُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَى أَرْبَابِهِ (أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ) لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالضِّيقِ الْمَقْصُودِ مِنْ السِّجْنِ (لِعَوْدِهِ) أَيْ إلَى عَوْدِ عَقْلِهِ فَيُعَادُ فِي السِّجْنِ (وَاسْتُحْسِنَ) إخْرَاجُهُ (بِكَفِيلٍ بِوَجْهٍ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَأَخِيهِ وَقَرِيبٍ) قُرْبًا (جِدًّا) أَيْ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ لَا بَعِيدَهَا وَالْمُرَادُ الْمَرَضُ الشَّدِيدُ (لِيُسَلِّمَ) عَلَى مَنْ ذُكِرَ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ (لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) فَلَا يَخْرُجُ لَهُمَا، وَلَا لِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ بَلْ لِوُضُوءٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ (وَ) لَا يَخْرُجُ لِقِتَالِ (عَدُوٍّ إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ أَوْ أَسْرِهِ) بِمَوْضِعِهِ فَيَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحُكْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الْخَاصِّ بِقَوْلِهِ (وَلِلْغَرِيمِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ وَمَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ وَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ لَهُ الثَّمَنَ (أَخْذُ عَيْنِ مَا لَهُ) الثَّابِتِ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُفَلَّسِ قَبْلَ الْفَلَسِ (الْمُحَازِ) صَوَابُهُ الْمَحُوزِ مِنْ حَازَ، وَلَا يُقَالُ أَحَازَ (عَنْهُ) عَنْ الْغَرِيمِ (فِي الْفَلَسِ) الْوَاقِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَقَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ السِّلْعَةَ لِيَقْلِبَهَا أَوْ لِيَتَرَوَّى فِي أَخْذِهَا، ثُمَّ عَقَدَ الْبَيْعَ بَعْدَ الْفَلَسِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ (لَا) الْمُحَازِ عَنْهُ فِي (الْمَوْتِ) فَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ، فَصَارَ بِثَمَنِهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِيهِ أَيْضًا وَبَالَغَ عَلَى أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّجَالِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَأُخْرِجَ) أَيْ الْمَدِينُ مِنْ السِّجْنِ بِغَيْرِ كَفِيلٍ لِأَجْلِ إقَامَةِ حَدٍّ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْحَدُّ غَيْرَ قَتْلٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَتْلًا (قَوْلُهُ أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ) أَيْ أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ بِغَيْرِ حَمِيلٍ أَصْلًا لَا بِالْوَجْهِ وَلَا بِالْمَالِ وَيَسْتَمِرُّ خُرُوجُهُ إلَى أَنْ يَعُودَ لَهُ عَقْلُهُ، فَإِنْ عَادَ لَهُ عَقْلُهُ عَادَ لِلسِّجْنِ (قَوْلُهُ لِعَوْدِهِ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْخُرُوجِ مُسْتَمِرًّا إلَى أَنْ يَعُودَ لَهُ عَقْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ لِلسِّجْنِ فَالْمُسْتَمِرُّ هُوَ الْخُرُوجُ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْحَالِ لَا الْإِخْرَاجُ إذْ لَا اسْتِمْرَارَ لَهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ) أَيْ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ) أَيْ أَوْ لِحُضُورِ جِنَازَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ إذَا كَانَ الْآخَرُ حَيًّا وَإِلَّا فَلَا يَخْرُجُ كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلسَّلَامِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَلَوْ مَرِيضًا مَرَضًا شَدِيدًا وَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْقِيَاسَ الَّذِي صَوَّبَهُ الْبَاجِيَّ وَجَرَى عَلَى اسْتِحْسَانِ ابْنِ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَحْسَنَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. . (قَوْلُهُ لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) أَيْ وَلَا لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ حَنِثَ، ثُمَّ قُيِّمَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَصْرِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْعِيدَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا بَدَلَ لَهَا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ خُرُوجُهُ لَهَا فَنَصَّ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِ لَهَا دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ بَلْ لِوُضُوءٍ) أَيْ بَلْ يَخْرُجُ لِوُضُوءٍ أَيْ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ فِي السِّجْنِ وَإِلَّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَا لَهُ) أَيْ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ لِلْمُفَلَّسِ وَيُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَخْذَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ إذَا لَمْ يُنَازِعْهُ الْغُرَمَاءُ. {تَنْبِيهٌ} يَتَعَيَّنُ ضَبْطُ لَامِ مَا لَهُ بِالْفَتْحِ فَيَكُونُ مُرَكَّبًا مِنْ مَا الْمَوْصُولَةِ وَمِنْ لَهُ أَيْ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ لَا فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ اشْتِرَاطُ إمْكَانِ أَخْذِهِ، وَأَمَّا عَلَى جَرِّ اللَّامِ عَلَى أَنَّ لَفْظَ مَالٍ مُضَافٌ لِضَمِيرِ الْغَرِيمِ فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ شَرْطُ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ مُحْتَرَزَاتِهِ لَا تَدْخُلُ فِي الْمَالِ اهـ شب (قَوْلُهُ وَمَوْهُوبٌ لَهُ الثَّمَنَ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مُحَاصَّةُ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارُ الْمُفَلَّسِ قَبْلَ الْفَلَسِ) يَعْنِي أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ أَيْ مَالُ الْغَرِيمِ يَتَعَيَّنُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُفَلَّسِ بِهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ إلَّا بَعْدَ التَّفْلِيسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ قِيلَ مَعَ يَمِينِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ، وَقِيلَ بِدُونِ يَمِينٍ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ عَلَى الْأَصْلِ بَيِّنَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِهَا وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَنْ حَازَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ حَازَ ثُلَاثِيًّا وَاسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مَحُوزٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ أَحَازَ أَيْ حَتَّى يَكُونَ اسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مُحَازًا وَأَصْلُ مَحُوزٍ مَحْوُوزٌ، وَأَمَّا مُحَازُّ فَأَصْلُهُ مُحْوَزٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَصْرِيفُهَا لَا يَخْفَى عَلَيْك (قَوْلُهُ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ) أَرَادَ بِنَحْوِهِ هِبَةَ الثَّوَابِ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِيهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهُ) أَيْ، فَإِنْ وَقَعَ الْفَلَسُ قَبْلَ الْبَيْعِ لَكِنْ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَ الْبَيْعِ بِفَلَسِهِ لِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ مُفَلَّسٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ بِالثَّمَنِ ذِمَّةَ الْمُفَلَّسِ وَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَالِ الَّذِي خَلَعُوهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ قَسْمِ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لَهُمْ، ثُمَّ إنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَنُهُ حَالًّا فَلَهُ حَبْسُ سِلْعَتِهِ فِي الثَّمَنِ أَوْ بَيْعُهَا لِأَجْلِهِ وَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُ فِي ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ حَادِثَةٌ. نَعَمْ إنْ حَصَلَ رِبْحٌ كَانَ لِلْمُفَلَّسِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَحُلُولُ مَا عَلَى الْمُفَلَّسِ سَابِقٌ عَلَى هَذَا فَلَا يُقَالُ إنَّهُ حَلَّ بِهِ (قَوْلُهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ فَصَارَ أَيْ رَبُّهُ بِثَمَنِهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنُ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا فَلِذَا كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَحَاصَصَ مَعَهُمْ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِيهِ) أَيْ

عَنْهُ فِي الْفَلَسِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ (مَسْكُوكًا) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عُرِفَ بِطَبْعٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ (وَ) لَوْ كَانَ عَيْنُ مَالِهِ رَقِيقًا (آبِقًا) فَلِرَبِّهِ الرِّضَا بِهِ إنْ وَجَدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَا يَجُوزُ (وَ) إذَا رَضِيَ بِهِ (لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ) وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلِلرُّجُوعِ فِي عَيْنِ مَالِهِ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ) بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، فَإِنْ فَدَوْهُ (وَلَوْ بِمَالِهِمْ) وَأَوْلَى بِمَالِ الْمُفَلَّسِ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ أَعْطَوْهُ حَمِيلًا ثِقَةً لَمْ يَأْخُذْهُ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) أَخْذُهُ (لَا) إنْ لَمْ يُمْكِنْ نَحْوُ (بُضْعٍ) فَالزَّوْجَةُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا الْمُحَاصَّةُ بِصَدَاقِهَا إذَا فَلِسَ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْهُ مِنْهُ إذْ لَا يُمْكِنُ رُجُوعُهَا فِي الْبُضْعِ وَلَهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّدَاقِ فَتُحَاصِصُ بِنِصْفِهِ (وَعِصْمَةٍ) كَمَنْ خَالَعَتْهُ عَلَى مَالٍ تَدْفَعُهُ لَهُ فَخَالَعَهَا فَفَلَّسَتْ فَيُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا خَالَعَهَا عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي الْعِصْمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ (وَ) لَا فِي (قِصَاصٍ) صُولِحَ فِيهِ بِمَالٍ، ثُمَّ فَلِسَ الْجَانِي لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ شَرْعًا فِي الْقِصَاصِ بَعْدَ الْعَفْوِ، وَفِي جَعْلِ مَا لَا يُمْكِنُ شَرْطًا نَظَرٌ إذْ لَا يُخَاطَبُ الْمُكَلَّفُ إلَّا بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَنْتَقِلْ) عَيْنُ مَالِهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ الْبَيْعِ، فَإِنْ انْتَقَلَ فَالْحِصَاصُ (لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةَ) فَلَا رُجُوعَ وَأَوْلَى لَوْ عُجِنَتْ أَوْ بُذِرَتْ (أَوْ خُلِطَ) عَيْنُ مَالِهِ (بِغَيْرِ مِثْلٍ) وَلَمْ يَتَيَسَّرْ تَمْيِيزُهُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِزَيْتٍ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ أَوْ بِسَمْنٍ أَوْ بِمُسَوَّسٍ، وَأَمَّا خَلْطُهُ بِمِثْلِيٍّ فَغَيْرُ مُفَوِّتٍ (أَوْ سُمِّنِ زُبْدُهُ أَوْ فَصَلَ ثَوْبُهُ) أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا وَلَوْ قَالَ أَوْ فُصِّلَ شَيْؤُهُ لَشَمِلَ مَسْأَلَةَ الْجِلْدِ وَغَيْرَهَا وَهَذَا بِخِلَافِ دَبْغِ الْجِلْدِ وَصَبْغِ الثَّوْبِ أَوْ نَسْجِ الْغَزْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَوْتِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْءَ غَيْرُ الْمَحُوزِ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ، وَأَمَّا الْمَحُوزُ فَرَبُّهُ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَحُوزًا أَوْ غَيْرَ مَحُوزٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَبُّهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَسْكُوكًا) أَيْ دَفَعَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَفُلِّسَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَعُرِفَ ذَلِكَ الْمَسْكُوكُ عِنْدَهُ بِطَبْعٍ عَلَيْهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَازَمَتْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مِنْ وَقْتِ قَبْضِهَا لِوَقْتِ تَفْلِيسِهِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ لَا يَرْجِعُ الْمُسْلِمُ فِي عَيْنِ دَرَاهِمِهِ الْمَسْكُوكَةِ بَلْ يُحَاصِصُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي الْأَحَادِيثِ مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ، وَالنَّقْدَانِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ اهـ وَحُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثْمَنِ (قَوْلُهُ وَآبِقًا) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ الْآبِقِ بِأَنْ يَتَّفِقَ الْبَائِعُ مَعَ الْغُرَمَاءِ عَلَى أَخْذِهِ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ وَلَا شَيْءَ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِبَائِعِ الْعَبْدِ إذَا أَبَقَ أَنْ يَرْضَى بِالْمُحَاصَّةِ وَلَا يَطْلُبُ الْعَبْدَ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ وَإِذَا رَضِيَ بِهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لَا يَجُوزُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ الرِّضَا بِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَاصِصَ بِثَمَنِهِ، فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَرَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَجِدْهُ رَجَعَ لِلْحِصَاصِ وَلَا عِبْرَةَ بِاتِّفَاقِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ، وَهَذَا الْخِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ أَخْذَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ ابْتِدَاءٌ، فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ إنْ وَجَدَهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بِمَالِ الْمُفَلَّسِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا كَانَ الْفِدَاءُ بِمَالِ الْمُفَلَّسِ الْمَخْلُوعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ) أَيْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ وَاسْتِيفَاؤُهُ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ قَوْلِهِ سَابِقًا مَالَهُ بِفَتْحِ اللَّامِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ إلَّا مُمْكِنَ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ فِيهِ بِخِلَافِ الشَّيْءِ الَّذِي ثَبَتَ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ تَارَةً يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ وَتَارَةً لَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ فَالزَّوْجَةُ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ إذَا فُلِّسَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قُبِضَ وَحِيزَ قَبْلَ الْفَلَسِ وَالزَّوْجُ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَبْضٌ لِلْبُضْعِ قَبْلَ الْفَلَسِ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ بِالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ بِنِصْفِهِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالدُّخُولُ يُكْمِلُهُ أَوْ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْ وَلَهَا الرِّضَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ وَحِينَئِذٍ فَتُحَاصِصُ بِجَمِيعِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ وَتُحَاصِصُ بِنِصْفِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَالدُّخُولُ يُكَمِّلُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ فُلِّسَ الْجَانِي) أَيْ فَيُحَاصِصُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَرَثَةُ غُرَمَاءِ الْجَانِي بِمَا صَالَحَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفِي جَعْلِ مَا لَا يُمْكِنُ شَرْطًا إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا لِأَخْذِ الْغَرِيمِ عَيْنَ شَيْئِهِ إمْكَانُ اسْتِيفَائِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَمْ يُجْعَلْ عَدَمُ الْإِمْكَانِ شَرْطًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةَ) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَيْ وَاسْتَمَرَّ لَا إنْ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ عَطَفَ بِلَا بَعْدَ النَّفْيِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُعْطَفُ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الطَّحْنُ هُنَا نَاقِلًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ هُنَا عَنْ الْعَيْنِ وَهُوَ يَكُونُ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَالنَّقْلُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجِنْسِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِأَقْوَى شَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ هُنَاكَ عَدَمُهُ هُنَا وَلَا عَكْسُهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِمُسَوَّسٍ) أَيْ أَوْ خَلْطِ قَمْحٍ جَيِّدٍ بِمُسَوَّسٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَطَّعَ الْجِلْدَ نِعَالًا)

فَلَا يُفَوِّتُ (أَوْ ذَبَحَ كَبْشَهُ) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ (أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ) الَّذِي اشْتَرَاهُ مُفْرَدًا عَنْ أَصْلِهِ وَإِلَّا فَلَا يُفَوِّتُ إلَّا بِجَذِّهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْكَبْشِ الْمَذْبُوحِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ السَّمْنِ إنْ قُلْنَا إنَّ التَّفْلِيسَ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ فَيَجُوزُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْأَخْذِ قَوْلَهُ (كَأَجِيرٍ رَعَى) لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا يَرْعَاهُ فِي أُجْرَةِ رَعْيِهِ إذَا فَلِسَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ بَلْ يُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ، وَقَوْلُهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ كَأَجِيرِ عَلَفٍ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ صَانِعِ سِلْعَةٍ بِحَانُوتِ رَبِّهَا أَوْ بَيْتِهِ لَا يَكُونُ كُلٌّ أَحَقَّ بِمَا بِيَدِهِ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ بَلْ يُحَاصِصُ (وَ) نَحْوِ (ذِي حَانُوتٍ) وَدَارٍ تَجَمَّدَ لَهُ كِرَاءٌ عَلَى مُكْتَرِيهِ حَتَّى فَلِسَ أَوْ مَاتَ الْمُكْتَرِي فَلَا يَكُونُ رَبُّهُ أَحَقَّ (فِيمَا) أَيْ بِمَا (بِهِ) مِنْ أَمْتِعَةٍ بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (وَرَادٍّ لِسِلْعَةٍ) عَلَى بَائِعِهَا بِالْفِعْلِ (بِعَيْبٍ) اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَفَلِسَ الْبَائِعُ وَهِيَ بِيَدِهِ وَعَلَيْهِ ثَمَنُهَا فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُنَا بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ فَفَلِسَ الْبَائِعُ قَبْلَهُ فَفِي كَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا قَوْلَانِ (وَإِنْ أُخِذَتْ) الْمَعِيبَةُ (عَنْ دَيْنٍ) أَيْ بَدَلَهُ كَانَ عَلَى بَائِعِهَا فَاطَّلَعَ آخِذُهَا عَلَى عَيْبٍ فَرَدَّهَا عَلَى مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ، ثُمَّ فَلِسَ فَلَا يَكُونُ رَادُّهَا أَحَقَّ بِهَا بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَخَذَهَا بِثَمَنٍ أَوْ عَنْ دَيْنٍ هَذَا كُلُّهُ فِي سِلَعِ الْبَيْعِ (وَهَلْ الْقَرْضُ) أَيْ الْمَأْخُوذُ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ فَيُفَلَّسُ الْمُقْتَرِضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ هَذَا مُفَوِّتٌ هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَا يُفَوِّتُ إلَّا بِجَذِّهَا كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَأَمَّا التَّتَمُّرُ فَلَا يُفَوِّتُ الرُّجُوعَ فِي أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا إنَّ التَّفْلِيسَ) الْأَوْلَى إنْ قُلْنَا إنَّ أَخْذَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُفَلَّسِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي أَخْذِ التَّمْرِ بَيْعَ رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ وَفِي أَخْذِ الْكَبْشِ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ اقْتِضَاءٌ عَنْ ثَمَنِ الْحَيَوَانِ لَحْمًا مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا قُلْنَا وَفِي أَخْذِ السَّمْنِ الِاقْتِضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا، وَأَمَّا التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ النِّعَالِ أَوْ أَخْذِ الثِّيَابِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ كَأَجِيرٍ رَعَى) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمَوَاشِي دَائِمًا أَوْ غَالِبًا تَبِيتُ بِاللَّيْلِ عِنْدَ رَبِّهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَبِيتُ عِنْدَهُ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا فِي أُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ صَانِعِ سِلْعَةٍ بِحَانُوتِ رَبِّهَا أَوْ بَيْتِهِ) أَيْ بَيْتِ رَبِّهَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَوْلَى الصَّانِعُ عَلَى السِّلْعَةِ بِحَيْثُ صَارَ يَصْنَعُهَا فِي مَحَلِّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي أُجْرَتِهِ إذَا فُلِّسَ رَبُّهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فِيمَا بِهِ) أَيْ بِمَا فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَابُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتُ فِيمَا فِيهَا مِنْ أَمْتِعَةٍ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ نَقْلِ الصَّقَلِّيِّ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا قَوْلَ الْجَمَاعَةِ إلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ فَإِنَّهُ جَعَلَ رَبَّ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ أَحَقَّ بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ كَالدَّوَابِّ تُكْتَرَى لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا وَيُفَلَّسُ الْمُكْتَرِي فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِالْحَمْلِ فِي أُجْرَتِهِ كَمَا يَأْتِي وَنَقَلَهُ أَيْضًا الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَذَكَرَ الْجِنَانُ أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِفَاسَ فِي الرَّحَى بِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَصَاحِبُهَا أَحَقُّ بِمَا فِيهَا مِنْ الْآلَةِ كَالدَّوَابِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ فَفُلِّسَ الْبَائِعُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَلَسِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِفَلَسِ الْبَائِعِ حِينَ رَدَّهَا عَلَيْهِ أَمْ لَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ أَوْ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْبَيْعِ حِينَ الْفَلَسِ يَمْنَعُ الْبَائِعَ مِنْ أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَمَا مَرَّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. . . إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَعْنِي مُحَاصَّةَ الْمُشْتَرِي لِلْغُرَمَاءِ وَاخْتِصَاصَهُ بِهَا مَنْصُوصٌ فَقَدْ حَكَى ابْنُ يُونُسَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا. . . إلَخْ) هَذَا الْفَرْعُ حَمَلَ عَلَيْهِ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالرَّادُّ لِلسِّلْعَةِ بِعَيْبٍ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا فِي الثَّمَنِ وَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ شَارِحُنَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ حَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ أَوْلَى وَكِلَاهُمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِعَيْبٍ مَأْخُوذَةً بِثَمَنٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ دَيْنٍ، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمَأْخُوذَةِ عَنْ دَيْنٍ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَا يُؤْخَذُ عَنْ الدَّيْنِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَتَسَامَحُ فِيمَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً مِنْ عِشْرِينَ مَثَلًا فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمَدِينِ إذَا طَلَبَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَهَا أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ بِهِ إذْ لَوْ رُدَّتْ لَبِيعَتْ مَثَلًا بِعَشَرَةٍ فَتَبْقَى الْعَشَرَةُ الْأُخْرَى مُخَلَّدَةً بِذِمَّتِهِ وَبِأَخْذِ ذَلِكَ تَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ خش وَبِمَا عَلِمْت مِنْ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ بِالتَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ تَعْلَمُ سُقُوطَ قَوْلِ ح. قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِأَنَّ الرَّادَّ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ إذَا بِيعَتْ بِالنَّقْدِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أُخِذَتْ بِالنَّقْدِ كَانَ أَبْيَنَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ اخْتِصَاصُ الرَّادِّ بِالسِّلْعَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَرَادُّ السِّلْعَةِ. . . إلَخْ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلِلْغَرِيمِ. . . إلَخْ أَيْ فَتَحْسُنُ حِينَئِذٍ الْمُبَالَغَةُ وَبِهَذَا حَلَّ ابْنُ غَازِيٍّ الْمُبَالَغَةَ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ كَانَ عَلَى بَائِعِهَا) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَيُفَلَّسُ الْمُقْتَرِضُ. . . إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ، فَإِنْ كَانَ تَفْلِيسُهُ قَبْلَ حَوْزِ الْمُقْتَرِضِ لَهُ بَطَلَ الْقَرْضُ كَالتَّبَرُّعِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَوْزِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُقْرِضِ وَلَا لِغُرَمَائِهِ مَعَ الْمُقْتَرِضِ

(كَذَلِكَ) لَا يَكُونُ مُقْرِضُهُ أَحَقَّ بِهِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مُقْتَرِضُهُ) وَيَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمُقْرِضِ لِلُزُومِ عَقْدِهِ بِالْقَوْلِ وَيُحَاصِصُهُمْ الْمُقْرِضُ بِهِ (أَوْ كَالْبَيْعِ) يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُفَلَّسَ أَوْ يَمُوتَ الْمُقْتَرِضُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَكُونَ رَبُّهُ أَحَقَّ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ فِي الْفَلَسِ وَيُحَاصِصُ بِهِ فِي الْمَوْتِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي وَقَوْلُ عج مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لَمْ يُرَجَّحْ، وَإِنَّمَا الْمُرَجَّحُ قَوْلَانِ هَلْ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا أَيْ قَبَضَ أَمْ لَا أَوْ أَحَقُّ بِهِ مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ (وَلَهُ) أَيْ لِلْغَرِيمِ إذَا وَجَدَ سِلْعَتَهُ قَدْ رَهَنَهَا الْمُفَلَّسُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ وَحَازَهَا الْمُرْتَهِنُ (فَكُّ الرَّهْنِ) بِدَفْعِ مَا رُهِنَتْ فِيهِ وَأَخْذِهِ (وَحَاصَّ) الْغُرَمَاءَ (بِفِدَائِهِ) وَلَهُ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهِ (لَا بِفِدَاءِ) الرَّقِيقِ (الْجَانِي) عِنْدَ الْمُفَلَّسِ إذَا أَسْلَمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَفَدَاهُ رَبُّهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلَا يُحَاصِصُ بِالْفِدَاءِ غُرَمَاءَ الْمُفَلَّسِ بَلْ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَيَضِيعُ عَلَيْهِ (وَ) لِمَنْ حَاصَصَ بِثَمَنِ سِلْعَتِهِ (نَقْضُ الْمُحَاصَّةَ إنْ رُدَّتْ) عَلَى الْمُفَلَّسِ (بِعَيْبٍ) أَوْ فَسَادٍ وَأَخَذَهَا لَا إنْ رُدَّتْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقَالَةٍ؛ لِأَنَّهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ نَقْضٌ لِبَيْعِهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُفَلَّسِ (وَ) لِمَنْ أَخَذَ سِلْعَتَهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا حَدَثَ عِنْدَهُ (رَدُّهَا، وَالْمُحَاصَّةُ) بِثَمَنِهَا (بِعَيْبٍ) أَيْ بِسَبَبِ وُجُودِ عَيْبٍ (سَمَاوِيٍّ) حَدَثَ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ (أَوْ) بِسَبَبِ عَيْبٍ نَشَأَ (مِنْ مُشْتَرِيهِ) الَّذِي هُوَ الْمُفَلَّسُ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا (أَوْ) نَشَأَ (مِنْ) صُنْعِ (أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ) الْمُفَلَّسُ (أَرْشَهُ أَوْ أَخَذَهُ) مِنْهُ (وَعَادَ) الْمَبِيعُ فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (لِهَيْئَتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ كَذَا قِيلَ، وَهَذَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَرْضِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْهِبَةِ مِنْ بُطْلَانِهَا بِطُرُوِّ الْمَانِعِ قَبْلَ الْحَوْزِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ مُقْرِضُهُ أَحَقَّ بِهِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَشَهَّرَهُ الْمَازِرِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ كَالْبَيْعِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ هَلْ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا) هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْقَوْلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ صَرَّحَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَلِكَ الْمَوَّاقُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُرَجَّحُ عِنْدَ عج لَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِدَفْعِ مَا رُهِنَتْ فِيهِ) أَيْ عَاجِلًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَكِنَّهُ يَحِلُّ بِالْفَلَسِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ الرَّاهِنُ عَدَمَ حُلُولِ مَا عَلَيْهِ بِفَلَسِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الرَّاهِنُ عَدَمَ حُلُولِ مَا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ بَائِعِ الرَّهْنِ فِدَاؤُهُ بِدَفْعِ مَا رَهَنَ فِيهِ حَالًّا وَأَخْذِهِ بَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ عَلَى حَالِهِ وَيُحَاصِصُ بَائِعَهُ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ عَبْدًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَجَنَى ذَلِكَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ فَلَسِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَلَسِهِ فِي الْجِنَايَةِ فَبَائِعُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيُحَاصِصَ بِثَمَنِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ وَلَا يُحَاصِصَ بِمَا فَدَاهُ بِهِ بَلْ يَضِيعُ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ بَلْ فِي رَقَبَةِ الْجَانِي إذْ لَهُ تَسْلِيمُهُ فِيهَا فَصَارَ فِدَاءُ الْبَائِعِ لَهُ مَحْضَ تَبَرُّعٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ كَانَ ذِمَّتُهُ وَالرَّهْنُ مِنْ سَبَبِهِ، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ فَلَا خِيَارَ لِبَائِعِهِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهِ. (قَوْلُهُ لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي) هُوَ بِالْقَصْرِ مَصْدَرُ فَدَاهُ وَبِالْمَدِّ مَصْدَرُ فَادَاهُ وَكُلٌّ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كُلٍّ الْمُفْدَى بِهِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ يُحَاصِصُ بِهِ أَوْ لَا يُحَاصِصُ بِهِ (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُفَلَّسِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ رُجُوعِهِ بِهِ دَيْنًا عَلَى الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا نَفَى الْمُحَاصَّةَ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ مِنْ نَفْيِ تَرَتُّبِهِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ نَقَضَ الْمُحَاصَّةَ) أَيْ وَأَخَذَ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَهَا لِلْمُفَلَّسِ أَيْ وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْمُحَاصَّةِ وَيُسَلِّمُ تِلْكَ السِّلْعَةَ لِلْغُرَمَاءِ وَيُحَاصِصُ مَعَهُمْ فِي ثَمَنِهَا كَمَالٍ طَرَأَ (قَوْلُهُ إنْ رُدَّتْ) أَيْ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي حَاصَصَ بَائِعُهَا بِثَمَنِهَا لِعَدَمِ وُجُودِهَا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَقْتَ الْمُحَاصَّةِ (قَوْلُهُ بِعَيْبٍ) أَيْ قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَوْ حَادِثٍ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَيَأْخُذُهَا بَائِعُهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ الَّذِي رُدَّتْ بِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ طَرَأَ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَهُ رَدُّهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا خَرَجَتْ السِّلْعَةُ عَنْ مِلْكِ الْمُفَلَّسِ وَكَلَامُهُ الْآتِي فِيمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُفَلَّسِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِبَائِعِهَا نَقْضُ الْمُحَاصَّةِ وَأَخْذُهَا، وَإِنَّمَا يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا. (قَوْلُهُ وَرَدُّهَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا وَجَدَ عَيْنَ سِلْعَتِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَلَمَّا أَخَذَهَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا سَمَاوِيًّا أَوْ نَاشِئًا عَنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا أَوْ نَاشِئًا مِنْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ وَعَادَ الْمَبِيعُ لِهَيْئَتِهِ سَوَاءٌ أَخَذَ الْمُفَلَّسُ لَهُ أَرْشًا أَمْ لَا فَذَلِكَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ رَضِيَ بِسِلْعَتِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ) الضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ أَيْ مُشْتَرِي سِلْعَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُفَلَّسُ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ عَلَى شَيْنٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَقْلُ إذَا عَادَ لِهَيْئَتِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّ فِيهَا مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ سَوَاءٌ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا، فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ

الْأُولَى، وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ الْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَمَّا عَادَ لِهَيْئَتِهِ صَارَ مَا أَخَذَهُ الْمُفَلَّسُ مِنْ الْأَرْشِ كَالْغَلَّةِ فَقَوْلُهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَخَذَ لَهُ أَرْشًا أَمْ لَا (فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يَقُومَ يَوْمَ الْبَيْعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُحَاصِصُ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الثَّمَنِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ إحْدَاهُمَا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ. (وَ) لِمَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ بَاقِيَةً عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَكَانَ قَدْ قَبَضَ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بَعْضَ ثَمَنِهَا وَلَوْ أَكْثَرَهُ (رَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ وَأَخْذُهَا) وَلَهُ تَرْكُهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِبَاقِي الثَّمَنِ (وَ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ مِثْلِيًّا وَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوَّلًا فَفُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَالْبَاقِي فَاتَ (أَخْذُ بَعْضِهِ) الْمَوْجُودِ وَيَرُدُّ مَا يَخُصُّهُ مِمَّا قَبَضَ إنْ كَانَ قَبَضَ شَيْئًا (وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ) أَيْ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَفْضُوضًا عَلَى الْقِيَمِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مَا وَجَدَ وَحَاصَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ بِبَاقِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ شَيْئًا وَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْأَخْذِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِعِشْرِينَ وَاقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهِمَا عَشَرَةً وَبَاعَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا، ثُمَّ فَلِسَ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْعَبْدِ الْبَاقِي فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ حَتَّى يَرُدَّ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْمَقْبُوضَةَ مُفَوَّضَةٌ عَلَيْهِمَا وَهَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً وَإِلَّا فَضَّ الْعَشَرَةَ الْمُقْتَضَاةَ عَلَى حَسَبِ قِيمَتِهِمَا وَرَدَّ حِصَّةَ الْبَاقِي. وَشَبَّهَ فِي قَوْلِهِ " وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ " قَوْلَهُ (كَبَيْعِ أُمٍّ) عَاقِلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَدَتْ) عِنْدَ الْمُفَلَّسِ الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ قَبْلَ الْحَمْلِ بِدَيْنٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَأَبْقَى وَلَدَهَا، ثُمَّ فُلِّسَ فَوَجَدَ بَائِعُهَا الْوَلَدَ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَحَاصَصَ بِمَا يَنُوبُ الْأُمَّ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْآنَ مَوْجُودَةً يَوْمَ الْبَيْعِ وَقِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ بَيْعِهَا لِلْمُفَلَّسِ؟ فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْحَاضِرَةِ الْآنَ؟ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ حَاصَصَ الْغُرَمَاءَ بِثُلُثِي الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَوَجْهُ الْمُحَاصَّةِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا غَيْرَ حَامِلٍ أَنَّ الْأَخْذَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا الْمُفَلَّسُ مَعَ وَلَدِهَا الْمَوْجُودِ مَعَهَا حِينَ الشِّرَاءِ لَكَانَ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهَا أَيْ مَا تَعَدَّدَ فِيهِ الْمَبِيعُ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأُمُّ أَوْ الْوَلَدُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ (أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ) وَأَبْقَى الْأُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي وَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ جَعَلْتُمْ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فِي جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَادَ الْمَبِيعُ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْخِيَارُ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ إذَا عَادَ الْمَبِيعُ لِهَيْئَتِهِ فَقَطْ قُلْتُ الْفَرْقُ أَنَّ جِنَايَةَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةٌ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَدٍّ فَأَشْبَهَتْ السَّمَاوِيَّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ الْأَرْشِ) أَيْ إذَا رَضِيَ بِهَا وَأَخَذَهَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَخَذَ الْمُفَلَّسُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي أَرْشًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ) أَيْ فَيُحَاصِصُ بِنِسْبَةِ نَقْصِهِ أَيْ إنْ أَخَذَهُ، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهُ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي قَبْلُ وَإِلَّا يُخَيَّرُ بَائِعُ السِّلْعَةِ بَيْنَ رَدِّهَا وَالْمُحَاصَّةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا أَرْشَ لَهُ وَأَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا، لَهُ فِيهِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا وَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهَا وَيُحَاصِصَ بِنِسْبَةِ النَّقْصِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُومَ. . . إلَخْ) فَإِذَا بَاعَهَا بِمِائَةٍ وَقِيمَتُهَا سَالِمَةً خَمْسُونَ وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ أَرْبَعُونَ فَقَدْ نَقَّصَتْهَا الْجِنَايَةُ الْخُمُسَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ وَيُحَاصِصَ بِعِشْرِينَ خُمُسِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكَهَا وَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَهُوَ مِائَةٌ (قَوْلٌ كَسِلْعَتَيْنِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ بَعْضَهُ وَحَاصَ بِالْفَائِتِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ ذَلِكَ الْمَبِيعَ لِلْمُفَلَّسِ، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ رَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَبِيعُ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ الْآتِي وَأَخَذَ بَعْضَهُ قَسِيمًا لِهَذَا بَلْ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ وَرَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سِلْعَةً أَوْ سِلْعَتَيْنِ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَقَبَضَ مِنْهَا خَمْسَةً، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ الْبَائِعُ مَبِيعَهُ قَائِمًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يُحَاصِصَ بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ الْخَمْسَةَ الَّتِي قَبَضَهَا وَيَأْخُذَ مَبِيعَهُ. (قَوْلُهُ فَوَجَدَ بَعْضَ الْمَبِيعِ) أَيْ قَائِمًا وَالْبَاقِي فَاتَ أَيْ بِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ (قَوْلُهُ مَفْضُوضًا عَلَى الْقِيَمِ) أَيْ عَلَى قِيَمِ السِّلَعِ (قَوْلُهُ وَبَاعَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا) أَيْ أَوْ مَاتَ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ مَفْضُوضَةٌ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْعَبْدَيْنِ أَيْ عَلَى قِيمَتِهِمَا. (قَوْلُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَيْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ بَيْعِ أُمِّهِ أَوْ لَا عَلَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا الْآنَ (قَوْلُهُ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ) أَيْ فَجُمْلَةُ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْمَجْمُوعِ ثُلُثٌ فَإِذَا أَخَذَ الْوَلَدُ الْبَاقِيَ بِلَا بَيْعٍ حَاصَصَ الْغُرَمَاءَ بِثُلُثِي الثَّمَنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ إلَى مَجْمُوعِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ الْمُحَاصَّةِ إلَخْ) أَيْ وَوَجْهُ أَخْذِ الْوَلَدِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُحَاصَّةُ بِمَا يَنُوبُ الْأُمَّ مِنْ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا غَيْرَ حَامِلٍ وَلَمْ نَقُلْ إنَّ الْوَلَدَ حِينَئِذٍ غَلَّةٌ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَيُحَاصِصُ بِجَمِيعِ ثَمَنِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ) أَيْ فَكَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ لِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبَيْعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ أَمَةً مَثَلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ وَأَبْقَى الْأُمَّ، ثُمَّ فُلِّسَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِيَ

وَأَوْلَى إنْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (فَلَا حِصَّةَ) لِلْمَيِّتِ مِنْهُمَا، وَلَا لِلْوَلَدِ الْمَبِيعِ بَلْ إمَّا أَخْذُ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَصَةُ بِجَمِيعِهِ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِجِنَايَةٍ فَكَالْبَيْعِ فِي تَفْصِيلِهِ إنْ أَخَذَ لَهُ عَقْلًا وَإِلَّا فَكَالْمَوْتِ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَوْجُودِ إلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. (وَأَخَذَ) الْمُفَلَّسُ (الثَّمَرَةَ) غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ شِرَاءِ أَصْلِهَا الَّتِي جَذَّهَا مِنْ الْأَشْجَارِ أَيْ فَازَ بِهَا إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ أُصُولَهُ، وَكَذَا يَفُوزُ بِالصُّوفِ الْغَيْرِ التَّامِّ إذَا جَزَّهُ، فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أُصُولِهِ أَخَذَهُ الْبَائِعُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُفَلَّسُ بِسَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ (وَ) أَخَذَ (الْغَلَّةَ) الْحَادِثَةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَمَالِ الْعَبْدِ إذَا انْتَزَعَهُ وَكَاللَّبَنِ إذَا حَلَبَهُ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ (إلَّا صُوفًا تَمَّ) يَوْمَ شِرَاءِ الْغَنَمِ (وَثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً) يَوْمَ الشِّرَاءِ لِأَصْلِهَا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ أُصُولَهُ وَالصُّوفَ وَلَوْ جَزَّهُ، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُفَلَّسِ حَاصَصَ بِثَمَنِهِ، وَكَذَا الثَّمَرَةُ إنْ لَمْ يَجُزَّهَا، فَإِنْ جَزَّهَا حَاصَصَ الْبَائِعُ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً عِنْدَهُ بِعَيْنِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ أَنَّ الصُّوفَ لَمَّا كَانَ تَامًّا يَوْمَ الْبَيْعِ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ إذْ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ فَجَزُّهُ لَا يُفِيتُهُ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ. (وَ) إذَا فُلِّسَ مُكْتَرِي دَابَّةٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ دُورٍ قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ (أَخَذَ الْمُكْرِي) وَجِيبَةً (دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ) وَدُورَهُ مِنْ الْمُكْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا حِصَّةَ لِلْمَيِّتِ فِي الْأُولَى بِاتِّفَاقٍ وَلَا لِلْوَلَدِ الْمَبِيعِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الْأُمِّ وَبَيْعِ الْوَلَدِ حَيْثُ قَالُوا إذَا بِيعَتْ الْأُمُّ وَأَخَذَ الْوَلَدَ حَاصَصَ بِالْأُمِّ الْفَائِتَةِ، وَإِذَا بِيعَ الْوَلَدُ وَأَخَذَ الْأُمَّ فَلَا يُحَاصِصُ بِالْوَلَدِ الْفَائِتِ أَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِهَا فَلِذَا إذَا بَاعَهَا وَأَخَذَ الْوَلَدَ حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ كَالْغَلَّةِ فَلِذَا إذَا بَاعَهُ وَأُخِذَتْ الْأُمُّ فَلَا يُحَاصِصُ بِقِيمَتِهِ فَلَوْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ حَقِيقَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فِيهِ عِوَضًا (قَوْلُهُ فَكَالْبَيْعِ فِي تَفْصِيلِهِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَبَيْعِ أُمِّ وَلَدٍ وَإِنْ بَاعَ الْوَلَدَ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمَأْخُوذُ لَهُ عَقَلًا الْأُمَّ إنْ أَخَذَ وَلَدَهَا حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمَأْخُوذُ لَهُ عَقَلًا الْوَلَدَ إنْ أُخِذَتْ أُمُّهُ فَلَا مُحَاصَّةَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْمَوْتِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أُصُولًا وَعَلَيْهَا ثِمَارٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ فَطَابَتْ تِلْكَ الثِّمَارُ وَجَذَّهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّهُ فُلِّسَ وَأَخَذَ الْبَائِعُ أُصُولَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِتِلْكَ الثِّمَارِ حَيْثُ جَذَّهَا قَبْلَ الْفَلَسِ وَإِلَّا لَمْ يَفُزْ بِهَا وَتَكُونُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ) أَيْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ بَاقِيًا عَلَى أُصُولِهِ حِينَ التَّفْلِيسِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُفَلَّسُ بِسَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَ ذَلِكَ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَالِ الْعَبْدِ) أَيْ الْحَادِثِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَقَوْلُهُ إذَا انْتَزَعَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُفَلَّسَ، وَقَوْلُهُ إذَا حَلَبَهُ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُفَلَّسَ، وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَحْلُبْهُ بِأَنْ كَانَ فِي ضَرْعِ الْحَيَوَانِ حِينَ التَّفْلِيسِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَمِثْلُ اللَّبَنِ الِاسْتِخْدَامُ وَالسُّكْنَى (قَوْلُهُ إلَّا صُوفًا تَمَّ وَثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً) إنْ كَانَ هَذَا اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ كَانَ مُنْقَطِعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا غَلَّةً وَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ وَالْغَلَّةَ كَانَ مُتَّصِلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ وَمُنْقَطِعًا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي. (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ أُصُولَهُ وَالصُّوفَ وَلَوْ جَزَّهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِأَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الصُّوفَ إذَا جَزَّهُ الْمُشْتَرِي غَلَّةً لَيْسَ لِلْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا أَيْ الْغَنَمَ مَجْزُوزَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكَهَا وَيُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى الْغَنَمَ وَلَا صُوفَ عَلَيْهَا، ثُمَّ فُلِّسَ فَالصُّوفُ الَّذِي نَبَتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ تَابِعٌ لِلْغَنَمِ، فَإِنْ تَرَكَهَا بَائِعُهَا لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِالثَّمَنِ كَانَ الصُّوفُ لَهُمْ وَإِنْ أَخَذَهَا الْبَائِعُ كَانَ الصُّوفُ لَهُ مَا لَمْ يُجَزَّ، فَإِنْ جُزَّ كَانَ غَلَّةً وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ فَإِنْ جَزَّهَا حَاصَصَ الْبَائِعُ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً) أَيْ وَلَا يَأْخُذُهَا الْبَائِعُ أَصْلًا وَمَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ قَدْ طَابَتْ وَإِلَّا أَخَذَهَا الْبَائِعُ وَلَوْ جَزَّهَا الْمُشْتَرِي كَالصُّوفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا إنَّ الصُّوفَ إذَا جُزَّ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ إذَا جُزَّتْ فَلَا تُرَدُّ وَلَوْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَيُحَاصِصُ الْبَائِعُ بِمَا يَخُصُّهَا (قَوْلُهُ فَجَزُّهُ لَا يُفِيتُهُ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا يُفِيتُهُ عَلَيْهِ ذَهَابُ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ) أَيْ الْمُؤَبَّرَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِلَّةً إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً عَنْ أَصْلِهَا فَجَذُّهَا يُفِيتُهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَوْ كَانَتْ طَابَتْ يَوْمَ بَيْعِهَا لَكَانَتْ كَالصُّوفِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ بْن. (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً أَوْ أَرْضًا أَوْ دَارًا لِشَخْصٍ وَجِيبَةً، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَدَارَهُ وَفَسَخَ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِأُجْرَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَوْفَى الْمُفَلَّسُ فِيهَا الْمَنْفَعَةَ قَبْلَ الْفَلَسِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ كَمَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مُحَاصَصَتُهُ فِي الْمَوْتِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ أَيْ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَخْذُ وَالْمُرَادُ أَخْذُ الْمُكْرِي فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ بَابُ الْفَلَسِ، وَقَوْلُهُ

وَفُلِّسَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ مَا ذُكِرَ وَفَسَخَ فِيمَا بَقِيَ وَيُحَاصِصُ بِكِرَاءِ مَا مَضَى أَيْ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ لِحُلُولِهِ بِالْفَلَسِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَيَتَعَيَّنُ التَّرْكُ وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ حَالًّا كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً وَمَا مَرَّ فِيهِ وَفِي الْمَوْتِ مَعَ إرَادَةِ الْمُحَاصَّةِ لَا مَعَ إرَادَةِ الْأَخْذِ فِي الْفَلَسِ (وَقُدِّمَ) رَبُّ الْأَرْضِ بِكِرَائِهَا (فِي زَرْعِهَا) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حِصَّةَ السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا، وَكَذَا مَا بَعْدَهَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ أَرْضَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ (فِي الْفَلَسِ) أَيْ فَلَسِ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْهَا وَهِيَ حَائِزَةٌ لَهُ فَحَوْزُهَا كَحَوْزِ رَبِّهَا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَفُلِّسَ مُشْتَرِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَسَوَاءٌ جَذَّ الزَّرْعَ أَمْ لَا وَمِثْلُ الزَّرْعِ الْغَرْسُ أَوْ أَنَّهُ يَشْمَلُهُ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ وَالسَّاقِي أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا الْمُرْتَهِنُ (ثُمَّ) إذَا اسْتَوْفَى الْكِرَاءَ يُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الزَّرْعِ (سَاقِيهِ) أَيْ الْأَجِيرُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سَقْيِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الذِّمَّةِ إذْ لَوْلَاهُ مَا انْتَفَعَ بِالزَّرْعِ (ثُمَّ) يَلِي سَاقِيهِ فِيمَا فَضَلَ عَنْهُ (مُرْتَهِنُهُ) الْحَائِزُ لَهُ، ثُمَّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَالْغُرَمَاءُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يُقَدَّمُ عَلَى السَّاقِي وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْمَوْتِ. (وَالصَّانِعُ أَحَقُّ) مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي فَلَسِ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ (وَلَوْ بِمَوْتٍ) لَهُ (بِمَا بِيَدِهِ) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أُجْرَتَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِهِ كَالرَّهْنِ حَائِزُهُ أَحَقُّ بِهِ فِي فَلَسٍ وَمَوْتٍ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَصْنُوعُهُ بِيَدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَابَّتَهُ أَيْ الْمَكْرِيَّةَ كِرَاءَ وَجِيبَةٍ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى بَابِ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَوْتِ يُحَاصِصُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَفُلِّسَ قَبْلَ. . . إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ الَّذِي فُلِّسَ كَانَ أَوْضَحَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُكْتَرِيَ بِكَوْنِهِ فُلِّسَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فُلِّسَ بَعْدَ اسْتِيفَائِهَا كَانَ الْكِرَاءُ مُنْقَضِيًا فَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ أَخَذَ الْمُكْرِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفَسَخَ. . . إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّابَّةِ وَالدَّارِ وَالْأَرْضِ لِلْمُفَلَّسِ (قَوْلُهُ لِحُلُولِهِ) أَيْ الْكِرَاءِ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ التَّرْكُ) أَيْ تَرْكُ الشَّيْءِ الْمُكْتَرَى لِلْغُرَمَاءِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْوَجِيبَةِ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ) الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ وَإِنْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ إلَخْ حَاصِلُ الْمُنَافَاةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ أَفَادَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ كَانَ الْحَقُّ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي أَخْذُ مَا أَكْرَاهُ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُ هُنَا الْأَخْذَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُلُولِ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ فَرْعٌ عَنْ حُلُولِ الْكِرَاءِ فَالْمُصَنِّفُ لَمَّا أَفَادَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ أَفَادَ هُنَا أَنَّ الْمُكْرِيَ مُخَيَّرٌ فِي الْفَلَسِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحَاصِصَ الْكِرَاءَ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ التَّسْلِيمُ وَالْمُحَاصَّةُ بِالْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّكَ إذَا اكْتَرَيْت أَرْضًا مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ عَشْرَ سِنِينَ فَزَرَعْتهَا، ثُمَّ اكْتَرَيْت شَخْصًا بِعَشَرَةٍ يَسْقِي لَك الزَّرْعَ، ثُمَّ تَدَايَنْت دِينَارًا وَرَهَنْتَ ذَلِكَ الزَّرْعَ فِيهِ، ثُمَّ إنَّك فَلِسْت فَرَبُّ الْأَرْضِ يُقَدَّمُ فِي الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَهُ بِالْأَرْضِ اتِّصَالٌ قَوِيٌّ فَكَأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَإِذَا بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ بَعْدَ أَخْذِ رَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَتَهُ قُدِّمَ السَّاقِي يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ يَلِيهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ بِكِرَائِهَا فِي زَرْعِهَا) اُسْتُشْكِلَ تَقْدِيمُهُ فِي زَرْعِهَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَأَجَابَ عبق بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ لَا أَنَّهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ، وَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ مَعْنَى تَقْدِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ بِالْكِرَاءِ فِي زَرْعِهَا يَكُونُ رَهْنًا بِيَدِهِ فَيُبَاعُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِهِ الْكِرَاءُ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ بَقِيَّةٌ قُدِّمَ السَّاقِي فِيهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَلْزَمُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا حَاجَةَ لِجَوَابِ عبق (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الزَّرْعِ الْغَرْسُ) بَلْ وَكَذَلِكَ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إلْحَاقُ الْبِنَاءِ بِالْغَرْسِ كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ وَالسَّاقِي أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا الْمُرْتَهِنُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ أَنْ رَبَّ الْأَرْضِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سَقْيِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالسَّاقِي الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى خِدْمَةِ الْأَرْضِ وَخِدْمَةِ زَرْعِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالسَّقْيِ أَوْ بِإِصْلَاحِهَا بِالْفَحْتِ أَوْ الْجَرْفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَهَذَا غَيْرُ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ قَبْلَ رَبِّ الْأَرْضِ وَغَيْرِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الزَّرْعِ أَيْ الْمُرْتَهِنُ الَّذِي رَهَنَ الْمُكْتَرِي الزَّرْعَ عِنْدَهُ فِي دَيْنٍ تَدَايَنَهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أَحَقُّ بِمَا بِيَدِهِ) مَحَلُّهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ إذَا فُلِّسَ رَبُّهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ أَمَّا إذَا فُلِّسَ رَبُّهُ قَبْلَ الْعَمَلِ فَيُخَيَّرُ الصَّانِعُ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ وَيُحَاصِصَ بِالْكِرَاءِ أَوْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ بِمَوْتٍ) لَوْ هُنَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالْفَلَسِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا لَا لِخِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ إذْ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْخُطْبَةِ وَبِلَوْ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ

بِأَنْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ أَوْ لَمْ يُجْزِهِ كَالْبِنَاءِ أَوْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ (فَلَا) يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا) كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالْبَنَّاءِ (إلَّا النَّسْجَ فَكَالْمَزِيدِ) أَيْ فَهُوَ كَالْمُضَافِ الْمَزِيدِ فِي الصَّنْعَةِ أَيْ حُكْمُهُ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ حُكْمُ مَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَصَبَّاغٍ يَصْبُغُ الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ وَرَقَّاعٍ يُرَقِّعُ الْفِرَاءَ مَثَلًا بِرِقَاعٍ مِنْ عِنْدِهِ وَبَيَّنَ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ (يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمَزِيدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ نَقَصَ الثَّوْبُ مَثَلًا بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْغَزْلِ وَمَا قِيمَةُ الصَّنْعَةِ؟ أَيْ النَّسْجِ كَمَا يُقَالُ مَا قِيمَةُ الثَّوْبِ بِلَا صَبْغٍ وَمَا قِيمَةُ الصَّبْغِ وَالشَّرِكَةِ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ كُلٍّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّسْجَ كَالْمَزِيدِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ بَلْ كَعَمَلِ الْيَدِ كَمَا أَنَّ الْمَزِيدَ فِي الْمَوْتِ كَعَمَلِ الْيَدِ يُحَاصَصُ بِهِ. (وَالْمُكْتَرِي) لِدَابَّةٍ فَفُلِّسَ رَبُّهَا أَوْ مَاتَ أَحَقُّ (بِالْمُعَيَّنَةِ) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْ مَنَافِعِهَا مَا نَقَدَهُ مِنْ الْكِرَاءِ قُبِضَتْ أَمْ لَا لِقِيَامِ تَعَيُّنِهَا مَقَامَ قَبْضِهَا (وَ) أَحَقُّ أَيْضًا (بِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ (إنْ قُبِضَتْ) قَبْلَ تَفْلِيسِ رَبِّهَا أَوْ مَوْتِهِ لَا بَعْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ (وَلَوْ أُدِيرَتْ) الدَّوَابُّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي وَذَكَرَ عَكْسَ الَّتِي قَبْلَهَا بِقَوْلِهِ (وَرَبُّهَا) أَحَقُّ (بِالْمَحْمُولِ) عَلَيْهَا مِنْ أَمْتِعَةِ الْمُكْتَرِي إذَا فُلِّسَ أَوْ مَاتَ يَأْخُذُهُ فِي أُجْرَةِ دَابَّتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّهَا مَعَهَا) فِي السَّفَرِ (مَا لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْمَحْمُولَ (رَبُّهُ) الْمُكْتَرِي الْمُفَلَّسُ قَبْضَ تَسَلُّمٍ، فَرَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِهِ حَالَ نُزُولِ الْأَحْمَالِ فِي الْمَنَازِلِ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَرَبُّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ غَالِبًا كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ اهـ شب (قَوْلُهُ بِأَنَّ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ) أَيْ ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ أَوْ تَسَلَّمَهُ رَبُّهُ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ (قَوْلُهُ كَالْبِنَاءِ) أَيْ وَكَالصَّانِعِ الَّذِي يَصْنَعُ لِرَبِّ الشَّيْءِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ إذَا انْصَرَفَ يَتْرُكُهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُضِفْ. . . إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا النَّسْجَ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الصَّانِعِ إذَا كَانَ مَصْنُوعُهُ لَيْسَ بِيَدِهِ يُحَاصِصُ أُجْرَتَهُ وَلَا تَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الصَّانِعُ نَسَّاجًا وَإِلَّا شَارَكَ الْغُرَمَاءَ بِقِيمَةِ نَسْجِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ الصَّانِعُ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِأُجْرَتِهِ إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ لَيْسَ بِيَدِهِ بَلْ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِقِيمَةِ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي مَسْأَلَةِ النَّسْجِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِضَافَةِ إنَّمَا هِيَ فِي الْفَلَسِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَاصِصَ بِمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ أَيْ فَهُوَ) الضَّمِيرُ لِلنَّسْجِ (قَوْلُهُ يُشَارِكُ) أَيْ الْغُرَمَاءَ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ بِقِيمَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ الْمُضَافِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ مُشَارِكٌ بِقِيمَةِ النَّسْجِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَهُ مُشَبَّهًا بِهِ (قَوْلُهُ أَيْ قِيمَةِ الْمَزِيدِ) أَيْ بِقِيمَةِ مَا زَادَ مِنْ عِنْدِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا أُجْرَةُ الْعَمَلِ فَهُوَ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُقَالُ مَا قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا وَمَا قِيمَتُهُ بِلَا صَبْغٍ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الصَّنْعَةَ فَلَا تُقَوَّمُ إلَّا صَنْعَتُهُ وَلَوْ قُوِّمَ بِجُمْلَتِهِ لَرُبَّمَا زَادَ ذَلِكَ فَيَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ كُلٍّ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ أَبْيَضَ عَشَرَةً كَانَ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ ثُلُثُ الثَّوْبِ وَلِلْغُرَمَاءِ ثُلُثَاهُ وَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْغَزْلِ خَمْسَةً وَقِيمَةُ النَّسْجِ وَاحِدًا كَانَ لِلنَّاسِجِ سُدُسُ الثَّوْبِ وَلِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ (قَوْلُهُ ضَعِيفٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّسَّاجَ كَالصَّبَّاغِ هُوَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ النَّسَّاجَ لَيْسَ كَالصَّبَّاغِ وَنَصُّهُ إنْ كَانَ الصَّانِعُ قَدْ عَمِلَ الصَّنْعَةَ وَرَدَّ الْمَصْنُوعَ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّانِعِ فِيهَا إلَّا عَمَلُ يَدِهِ كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالنَّسَّاجِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ بَلْ كَعَمَلِ الْيَدِ) أَيْ فَيَكُونُ النَّسَّاجُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إنْ كَانَ الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ بِيَدِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الْمَزِيدَ) أَيْ مِثْلَ الصَّبْغِ فِي الْمَوْتِ كَعَمَلِ الْيَدِ يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ أَيْ وَلَا يُشَارِكُهُمْ فِي الثَّوْبِ بِقِيمَةِ الْمَزِيدِ كَمَا فِي الْفَلَسِ. (قَوْلُهُ قُبِضَتْ) أَيْ قَبَضَهَا الْمُكْتَرِي قَبْلَ تَفْلِيسِ رَبِّهَا أَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ) أَيْ لَا إنْ قُبِضْت بَعْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَبْضُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِأُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أُدِيرَتْ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا هَزَلَتْ دَابَّةٌ أَوْ مَاتَتْ أَتَى لَهُ رَبُّهَا بِبَدَلِهَا فَمَتَى فُلِّسَ رَبُّهَا أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ أَحَقُّ بِتِلْكَ الدَّابَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا (قَوْلُهُ وَذَكَرَ عَكْسَ الَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ فَلَسُ رَبِّ الدَّابَّةِ وَهَذِهِ فَلَسُ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ وَرَبُّهَا أَحَقُّ بِالْمَحْمُولِ) مِثْلُ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ السَّفِينَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَا يَخْتَصُّ ذُو حَانُوتٍ بِمَا فِيهِ مِنْ حِيَازَةِ الظَّهْرِ أَقْوَى مِنْ حِيَازَةِ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَمْلِ وَالنَّقْلِ قَالَهُ النَّاصِرُ (قَوْلُهُ إذَا فُلِّسَ أَوْ مَاتَ) أَيْ إذَا فُلِّسَ الْمُكْتَرِي أَوْ مَاتَ (قَوْلُهُ يَأْخُذُهُ فِي أُجْرَةِ دَابَّتِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ مِنْهُ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ فَضْلَةٌ كَانَتْ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَحْمُولَ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ فَرَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ، وَقَوْلُهُ حَالَ نُزُولِ الْأَحْمَالِ فِي الْمَنَازِلِ أَيْ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَقْبِضْهَا قَبْضَ تَسَلُّمٍ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَرَبُّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَبَضَ الْمَحْمُولَ رَبُّهُ قَبْضَ تَسَلُّمٍ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَحْمُولِ وَغَيْرِهِ فِي الْمَوْتِ

(وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي) لِسِلْعَةٍ شِرَاءً فَاسِدًا دَفَعَ ثَمَنَهَا لِلْبَائِعِ أَوْ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ) الْقَائِمَةِ (يُفْسَخُ) أَيْ إنْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ (لِفَسَادِ الْبَيْعِ) وَقَدْ فَلِسَ الْبَائِعُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (أَوْ لَا) يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ (أَوْ) هُوَ أَحَقُّ بِهَا (فِي) الثَّمَنِ (النَّقْدِ) الْمَدْفُوعِ لِرَبِّهَا لَا فِيمَا أُخِذَتْ عَنْ عَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (أَقْوَالٌ وَهُوَ) أَيْ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا (أَحَقُّ بِثَمَنِهِ) الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ قَائِمًا وَعُرِفَ بِعَيْنِهِ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ بَقِيَتْ السِّلْعَةُ أَوْ فَاتَتْ فَهِيَ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْأَقْوَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَفُتْ وَتَارَةً بِالسِّلْعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا وَتَارَةً يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا فَاتَتْ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا. (وَ) الْمُشْتَرِي أَحَقُّ (بِالسِّلْعَةِ) الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ (إنْ بِيعَتْ) بِسِلْعَةٍ أُخْرَى (وَاسْتُحِقَّتْ) الَّتِي أَخَذَهَا لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ الْمُوجِبِ لِخُرُوجِ سِلْعَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ لِيَكُونَ قَوْلُهُ اُسْتُحِقَّتْ نَعْتًا لِسِلْعَةٍ كَانَ أَوْلَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَفْرَادُ قَاعِدَةِ دَفْعِ الْعَرْضِ فِي الْعَرْضِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ الْآتِي وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ إلَخْ (وَقُضِيَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْفَلَسِ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ رَبَّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ قَامَ لِطَلَبِ الْأُجْرَةِ بِالْقُرْبِ مِنْ التَّسْلِيمِ أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقِيَاسُ مَا هُنَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي إنَّمَا هُوَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَعَدَمِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِ الْحَمَّالِ فِيمَا قَرُبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ الْحَوْزِ اهـ بْن فَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا قَامَ رَبُّهَا بِالْقُرْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَحْمُولِ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا بِنَقْدٍ دَفَعَهُ لِبَائِعِهَا أَوْ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي لِلْجُمُعَةِ مَثَلًا، ثُمَّ فُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْفَسَادِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ أَوْ إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ يُفْسَخُ) أَيْ الَّتِي يَفْسَخُ الْحَاكِمُ عَقْدَ شِرَائِهَا أَيْ الَّتِي يَسْتَحِقُّ عَقْدُ شِرَائِهَا أَنْ يَفْسَخَهُ الْحَاكِمُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَحَقُّ بِالسِّلْعَةِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ أَوْ بِالدَّيْنِ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالثَّالِثُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، وَمَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا بَعْدَ الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِاتِّفَاقٍ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا وَعُرِفَ بِعَيْنِهِ تَعَيَّنَ أَخْذُهُ وَلَا عَلَقَةَ لَهُ بِالسِّلْعَةِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا يَأْتِي إذَا اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ لَا بِالدَّيْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ وَقْتَ التَّفْلِيسِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ رُدَّتْ لِلْبَائِعِ وَفُلِّسَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ خش وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لعج وَتَبِعَهُ عبق حَيْثُ عَمَّمَ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْ كَانَتْ وَقْتَ التَّفْلِيسِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ جَارِيَةٌ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْفَلَسِ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا فِي الْمَوْتِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ (قَوْلُهُ وَتَارَةً بِالسِّلْعَةِ) أَيْ وَتَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ (قَوْلُهُ وَالسِّلْعَةُ إنْ بِيعَتْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ عَمْرًا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ زَيْدٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَأَوْلَى فَاسِدًا، ثُمَّ فُلِّسَ زَيْدٌ أَوْ مَاتَ وَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ عَمْرٌو أَحَقُّ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ إنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَلَا يُخَالِفُ أَخْذَهَا هُنَا فِي الْمَوْتِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَبِاسْتِحْقَاقِهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فَوَجَبَ رُجُوعُهُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَبِعِوَضِهِ إنْ فَاتَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهَا هِيَ عَلَى ثَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالدَّنَانِيرِ. (قَوْلُهُ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِاسْتِحْقَاقِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ اُسْتُحِقَّتْ صِفَةٌ لِسِلْعَةٍ وَالصِّفَةُ لَا تُعْطَفُ عَلَى الْمَوْصُوفِ فَلَا تَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا زَائِدَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ جَوَازِ زِيَادَةِ الْوَاوِ فِي الصِّفَةِ لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ وَيَصِحُّ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ وَسَوَّغَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ وُقُوعُهَا فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ الْمُشَابِهِ لِلنَّفْيِ أَوْ يُقَدَّرُ لَهَا صِفَةٌ أَيْ سِلْعَةً أُخْرَى وَالْحَالُ أَنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الْوَاوِ عَاطِفَةً لِجُمْلَةِ اُسْتُحِقَّتْ عَلَى جُمْلَةِ بِيعَتْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ السِّلْعَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا الْمُحْدَثَ عَنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَضَى بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا وَفَّاهُ لِصَاحِبِهِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْوَثِيقَةَ الَّتِي فِيهَا الدَّيْنُ لِيَأْخُذَهَا أَوْ لِيُقَطِّعَهَا فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَقُومَ رَبُّ الدَّيْنِ بِهَا مَرَّةً أُخْرَى، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أَخْذَ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ أَوْ تَقْطِيعَهَا لَا يُفِيدُهُ فَائِدَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلْقَضَاءِ بِأَخْذِهَا أَوْ تَقْطِيعِهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمَدِينُ الْوَثِيقَةَ

عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ (بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ) مِنْهُ وَبِالْخَصْمِ عَلَيْهَا أَيْ الْكِتَابَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا بِالْوَفَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِئَلَّا يَدَّعِيَ رَبُّ الدَّيْنِ سُقُوطَهَا مِنْهُ فَيُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا أَوْ يُخْرِجَ صُورَتَهَا مِنْ السِّجِلِّ إنْ كَانَ لَهَا سِجِلٌّ وَيَدَّعِي بِهَا (أَوْ تَقْطِيعِهَا) حَيْثُ لَا سِجِلَّ لَهَا لِئَلَّا يُخْرِجَ غَيْرَهَا قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ الْحَزْمُ تَقْطِيعُهَا وَكِتَابَةُ بَرَاءَةٍ بَيْنَهُمَا (لَا) يُقْضَى لِزَوْجٍ طَلَّقَ، وَلَا لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ بِأَخْذِ وَثِيقَةِ (صَدَاقٍ قُضِيَ) لِمَا فِي حَبْسِهَا عِنْدَ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِسَبَبِ الشُّرُوطِ الَّتِي فِيهَا وَلُحُوقِ النَّسَبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي النَّسَبِ وَقَدْرِ الْمَهْرِ لِيُقَاسَ عَلَيْهَا نَحْوُ أُخْتِهَا وَعِلْمِ مَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَلِرَبِّهَا) أَيْ الْوَثِيقَةِ (رَدُّهَا) مِنْ الْمَدِينِ إنْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ (إنْ ادَّعَى) رَبُّهَا (سُقُوطَهَا) أَوْ سَرِقَتَهَا مِنْهُ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا فِيهَا إنْ حَلَفَ رَبُّهُ عَلَى بَقَائِهِ إذْ الْأَصْلُ فِي كُلِّ مَا كَانَ بِإِشْهَادٍ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى سُقُوطِهَا لَشَمَلَ السَّرِقَةَ وَالْغَصْبَ وَنَحْوَهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ بِرَدِّهَا بِالْبَاءِ أَيْ قُضِيَ لِرَبِّهَا بِرَدِّهَا. (وَ) قَضَى (لِرَاهِنٍ) وُجِدَ (بِيَدِهِ رَهْنُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ) لِلْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ بَلْ ادَّعَى سُقُوطَهُ أَوْ إعَارَتَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ غَصْبَهُ وَيَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ إنْ قَامَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ طُولٍ، فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ الْخَطَّابُ. فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يَقْضِي لِلرَّاهِنِ بِأَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ أَيْ بِيَمِينِهِ إنْ طَالَ زَمَنُ حَوْزِهِ لِرَهْنِهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا الْوَثِيقَةُ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالرَّهْنِ أَشَدُّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِالْوَثِيقَةِ (كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا) أَيْ كَمَا يَقْضِي لِلْمَدِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَادَّعَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي الْقَضَاءِ لَهُ بِأَخْذِهَا وَإِنْ أَخَذَهَا وَقَطَّعَهَا لَا يُفِيدُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ يُخْرِجُ عِوَضَهَا مِنْ السِّجِلِّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَضَى بِأَخْذِ الْوَثِيقَةِ أَيْ بَعْدَ الْخَصْمِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ تَقْطِيعُهَا أَيْ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى وَفَاءِ مَا فِيهَا أَوْ كَتَبَ وَثِيقَةً تُنَاقِضُهَا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْخَصْمَ عَلَيْهَا لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَدَّعِي أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ وَأَنَّ الْمَدِينَ أَخَذَهَا وَخَصَمَ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ ح وَالْجَزِيرِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى بِأَخْذِهَا لِيُخْصَمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ تُرَدُّ لِصَاحِبِهَا وَهُوَ صَاحِبُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ الَّذِي اقْتَضَى دَيْنَهُ (قَوْلُهُ بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ مِنْهُ وَبِالْخَصْمِ عَلَيْهَا) أَيْ وَتَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِ رَبِّهَا وَهُوَ صَاحِبُ الدَّيْنِ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَهُ تت عَنْ الْخَضْرَاوِيِّ وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ صَاحِبُ الْوَثَائِقِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْصِمُ عَلَيْهَا وَتَبْقَى عِنْدَ الْمَدِينِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ بِلَا رِيبَةٍ فِيهِ بِأَنْ كَانَ بِخَطِّ رَبِّ الدَّيْنِ وَخَتْمِهِ (قَوْلُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ) هُوَ الْعَلَّامَةُ النُّوَيْرِيُّ وَالْمُرَادُ بِالتَّكْمِلَةِ تَكْمِلَةُ شَرْحِ شَيْخِهِ الْبِسَاطِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَوَاضِعَ مِنْ الْمَتْنِ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهَا فَكَتَبَ عَلَيْهِ النُّوَيْرِيُّ وَسَمَّاهُ التَّكْمِلَةَ (قَوْلُهُ الْحَزْمُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الرَّأْيُ السَّدِيدُ (قَوْلُهُ وَكِتَابَةُ بَرَاءَةٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي وَرَقَةٍ أُخْرَى أَنَّ فُلَانًا رَبَّ الدَّيْنِ وَصَلَهُ دَيْنُهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْهُ وَيَكْتُبَ الشُّهُودُ خُطُوطَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْوَرَقَةِ (قَوْلُهُ قَضَى) أَيْ قَضَاهُ الزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ، وَقَوْلُهُ بِأَخْذِ وَثِيقَةِ صَدَاقٍ أَيْ لِيُبْقِيَهَا عِنْدَهُ أَوْ لِيَقْطَعَهَا (قَوْلُهُ وَلُحُوقِ النَّسَبِ) أَيْ نَسَبِ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ الْوَلَدِ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ تِلْكَ الْوَثِيقَةِ لُحُوقُهُ بِهِ وَعَدَمُهُ إذَا كُتِبَ فِيهَا تَارِيخُ عَقْدِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهَا) أَيْ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَعْنِي أَنَّ وَثِيقَةَ الدَّيْنِ إذَا وُجِدَتْ بِيَدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَطَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَقَالَ سَقَطَتْ أَوْ سُرِقَتْ مِنِّي وَقَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَلْ دَفَعْتُ مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ وَلَهُ أَخْذُ الْوَثِيقَةِ مِنْ الْمَدِينِ إنْ حَلَفَ عَلَى سُقُوطِهَا أَوْ سَرِقَتِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مَا فِيهَا وَلَا أَبْرَأ مِنْهُ وَلَا أَحَالَ بِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَدِينِ دَفْعُ مَا فِي الْوَثِيقَةِ مِنْ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَقَضَى لِرَاهِنٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا وُجِدَ بِيَدِ رَاهِنِهِ فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِ الرَّهْنِ فَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَكَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ لَمْ تَدْفَعْ شَيْئًا مِنْهُ وَالرَّهْنُ سَقَطَ مِنِّي أَوْ سُرِقَ مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ هَذَا إذَا قَامَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ طُولٍ مِنْ حَوْزِ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ، فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَلْ ادَّعَى سُقُوطَهُ أَوْ إعَارَتَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ إلَخْ) فِي تَسْوِيَتِهِ بَيْنَ دَعْوَى الْإِعَارَةِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ بَلْ التَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْإِعَارَةِ كَدَعْوَى السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ أَوْ السُّقُوطِ، وَأَمَّا فِي الْإِعَارَةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ مُطْلَقًا قَامَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ مِنْ حَوْزِ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ أَيْ مِنْ حَوْزِ الرَّاهِنِ لِرَهْنِهِ، وَالْقُرْبُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَيْهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ) الْأَوْلَى فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَامَ بِالْقُرْبِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ (قَوْلُهُ أَشَدُّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِالْوَثِيقَةِ) أَيْ فَالشَّأْنُ أَنَّ الْوَثِيقَةَ تُوضَعُ فِي الْجَيْبِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَشَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِي الصُّنْدُوقِ فَيَنْدُرُ سُقُوطُ الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَثِيقَةِ (قَوْلُهُ كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا) هَذَا تَشْبِيهٌ فِيمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَقَضَى لِرَاهِنٍ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ وَثِيقَةً بِهِ وَأَنَّهَا سَقَطَتْ أَوْ تَلِفَتْ

[باب في بيان أسباب الحجر وأحكامه]

بِدَفْعِ الدَّيْنِ لِرَبِّهِ إنْ ادَّعَى الْوَفَاءَ وَتَقْطِيعَ الْحُجَّةِ وَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ عَدَمَهُ وَأَنَّ الْحُجَّةَ ضَاعَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ أَنَّهُ وَفَّاهُ جَمِيعَ الدَّيْنِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إلَخْ لِوُجُودِ الْوَثِيقَةِ بِيَدِ الْمَدِينِ فِيهَا فَهِيَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِمْ مَنْ ادَّعَى الْقَضَاءَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَإِلَّا غَرِمَ وَهِيَ مَخْصُوصَةٌ بِهَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ (شَاهِدُهَا) أَيْ الْوَثِيقَةِ، الَّذِي كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِيهَا (إلَّا بِهَا) أَيْ بِإِحْضَارِهَا يَعْنِي وَلَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مُسْتَحْضِرًا لِلْقَضِيَّةِ فَطَلَبَ إحْضَارَ الْوَثِيقَةِ لِيَتَذَكَّرَهَا وَيَعْلَمَ حَقِيقَةَ مَا فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ أَوْ ادَّعَى دَفْعَ الْجَمِيعِ وَرَبُّ الدَّيْنِ ادَّعَى دَفْعَ الْبَعْضِ وَمِنْهَا الدَّيْنُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا الْجُنُونُ وَالصِّبَا وَالسَّفَهُ وَالْمَرَضُ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (الْمَجْنُونُ) بِصَرْعٍ أَوْ اسْتِيلَاءِ وَسْوَاسٍ (مَحْجُورٌ) عَلَيْهِ مِنْ حِينِ جُنُونِهِ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ إنْ كَانَ وَجُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَيَمْتَدُّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ (لِلْإِفَاقَةِ) مِنْ جُنُونِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِمَا وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ وَلَا وِلَايَةَ لِلْأُمِّ مِنْ حَيْثُ الْحَجْرُ وَإِنَّمَا لَهَا الْحَضَانَةُ (وَالصَّبِيُّ) مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ أَحَدٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ دَفَعْتُ لَك الدَّيْنَ وَقَطَّعْتَ الْوَثِيقَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَمِينُ أَنَّهُ وَفَّاهُ جَمِيعَ الدَّيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فَقْدَ الْوَثِيقَةِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لِرَبِّهِ) أَيْ بِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَدِينُ إلَّا الْيَمِينُ وَذَلِكَ لِأَنَّ فَقْدَ الْوَثِيقَةِ مِنْ يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ شَاهِدٌ لِلْمَدِينِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْوَثِيقَةِ بِيَدِ الْمَدِينِ فِيهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَلَمْ تُوجَدْ الْوَثِيقَةُ بِيَدِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْقَاعِدَةُ الَّتِي قَالُوهَا مَخْصُوصَةٌ بِهَذِهِ أَيْ مُخَرَّجٌ مِنْ عُمُومِهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ يَعْنِي وَلَمْ يَكُنْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إلَخْ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَاهِدَ الْوَثِيقَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهَا إلَّا بَعْدَ حُضُورِهَا مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ لِلْقَضِيَّةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَذَكِّرًا لَهَا فَلَا تَتَوَقَّفُ شَهَادَتُهُ عَلَى حُضُورِهَا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا لِلْحَقِّ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مُدَّعِيًا لِدَفْعِ جَمِيعِهِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي دَفْعَ بَعْضِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَثِيقَةَ مُكْتَتَبَةٌ بِمَا دَفَعَ فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ مُسْتَحْضِرٍ لِمَا دَفَعَ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا بِهَا [بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ] (بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ) الْحَجْرُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى قُوَّتِهِ أَوْ تَبَرُّعِهِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ فَدَخَلَ بِالثَّانِي حَجْرُ الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ وَدَخَلَ بِالْأَوَّلِ حَجْرُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ وَالرَّقِيقِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْقُوتِ وَلَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ غَيْرَ تَبَرُّعٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فَلَا يُمْنَعَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ إذَا كَانَ غَيْرَ تَبَرُّعٍ أَوْ كَانَ تَبَرُّعًا وَكَانَ بِثُلُثِ مَالِهِمَا وَأَمَّا تَبَرُّعُهُمَا بِزَائِدٍ عَنْ الثُّلُثِ فَيُمْنَعَانِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الدَّيْنُ) أَيْ وَمِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ الدَّيْنُ وَأَرَادَ بِهِ الْفَلَسَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ. وَقَوْلُهُ وَالسَّفَهُ أَرَادَ بِهِ التَّبْذِيرَ وَعَدَمَ حُسْنِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ أَيْ وَمِنْهَا أَيْضًا الرِّقُّ وَالنِّكَاحُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَةِ فَأَسْبَابُ الْحَجْرِ سَبْعَةٌ وَلَيْسَ مِنْهَا الرِّدَّةُ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَيْسَ بِمَالِكٍ. (قَوْلُهُ: الْمَجْنُونُ بِصَرْعٍ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْجِنِّيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ وَسْوَاسٍ وَهُوَ الَّذِي يُخَيَّلُ إلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْبَقًا أَوْ مُتَقَطِّعًا وَحَمَلَ الشَّارِحُ الْجُنُونَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَصْرَعُ أَوْ وَسْوَاسٍ لِأَنَّ مَا بِالطَّبْعِ أَيْ غَلَبَةُ السَّوْدَاءِ لَا يُفِيقُ مِنْهُ عَادَةً فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ وَجُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَلَكِنَّهُ جُنَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَاَلَّذِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ) أَيْ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ صَغِيرًا أَوْ كَانَ كَبِيرًا لَكِنَّهُ سَفِيهٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَيْسَ صَغِيرًا وَلَا سَفِيهًا بَلْ رَشِيدًا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْإِفَاقَةِ أَيْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِفَاقَةِ إذَا أَفَاقَ رَشِيدًا فَإِنَّ الْحَجْرَ يَنْفَكُّ عَنْهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِفَكِّهِ . (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ) أَيْ الذَّكَرُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ لِلْبُلُوغِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ فَسَيَأْتِي

لِمَنْ ذَكَرَ (لِبُلُوغِهِ) فَإِذَا بَلَغَ الذَّكَرُ رَشِيدًا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فَسَادٌ أَوْ هَلَاكٌ فَيَمْنَعُهُ الْأَبُ أَوْ مَنْ ذَكَرَ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى سُقُوطِ حَضَانَتِهَا بِالْبِنَاءِ بِهَا ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ خَمْسَةً ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُشْتَرَكَةٌ وَاثْنَانِ مُخْتَصَّانِ بِالْأُنْثَى فَقَالَ (بِثَمَانِ عَشْرَةَ) سَنَةً أَيْ بِتَمَامِهَا وَقِيلَ بِالدُّخُولِ فِيهَا (أَوْ الْحُلُمِ) أَيْ الْإِنْزَالِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْإِنْزَالَ فِي النَّوْمِ (أَوْ الْحَيْضُ أَوْ الْحَمْلُ) بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى (أَوْ الْإِنْبَاتُ) أَيْ النَّبَاتُ الْخَشِنُ لَا الزَّغَبُ لِلْعَانَةِ لَا لِلْإِبْطِ أَوْ اللِّحْيَةِ أَوْ الشَّارِبِ فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ (وَهَلْ) النَّبَاتُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ مِمَّا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ وَحَقِّ الْعِبَادِ مِنْ طَلَاقٍ وَقِصَاصٍ وَحَدٍّ مِمَّا يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ (إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْبَاطِلِ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا حَدٌّ وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ وَيَحْكُمُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ (تَرَدُّدٌ) وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ وَبَقِيَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ نَتِنُ الْإِبْطِ وَفَرْقُ الْأَرْنَبَةِ وَغِلَظُ الصَّوْتِ (وَصُدِّقَ) الصَّبِيُّ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا كَمُطَلِّقٍ وَجَانٍّ ادَّعَى عَدَمَهُ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ وَكَمُدَّعٍ وُجُودَهُ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ فِي الْجِهَادِ أَوْ لِيَؤُمَّ النَّاسَ أَوْ لِيَكْمُلَ بِهِ عَدَدُ جَمَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ (إنْ لَمْ يُرَبْ) أَيْ يُشَكَّ فِي شَأْنِهِ فَإِنْ اُرْتِيبَ فِيهِ لَمْ يُصَدَّقْ لَكِنْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ كَأَنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ بَالِغٌ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَخَالَفَهُ أَبُوهُ فِي بُلُوغِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهُ فِي الْجِنَايَةِ وَالطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ لِدَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي قَوْلِهِ لِحِفْظِ مَالِ الْأَبِ بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ حَجْرُ الْحَضَانَةِ مِنْ تَدْبِيرِ نَفْسِهِ وَصِيَانَةِ مُهْجَتِهِ مِنْ الْهَلَاكِ أَوْ الْفَسَادِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْحَاكِمِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ) أَيْ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الذَّهَابِ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَاتِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى بَلَغَ عَاقِلًا زَالَ عَنْهُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَيْثُ تَدْبِيرُ نَفْسِهِ وَصِيَانَةُ مُهْجَتِهِ إذْ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مِنْ وُقُوعِ نَفْسِهِ فِي مَهْوَاةٍ أَوْ فِيمَا يُؤَدِّي لِقَتْلِهِ أَوْ عَطَبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الذَّهَابِ حَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لِجَمَالِهِ مَثَلًا وَإِلَّا كَانَ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ النَّاسِ أَجْمَعِينَ مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا) أَيْ وَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِنْزَالُ) أَيْ إنْزَالُ الْمَنِيِّ مُطْلَقًا فِي نَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ لِلْحُلُمِ الْإِنْزَالَ فِي النَّوْمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَيْضُ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي جَلْبِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عَلَامَةً اهـ خش. (قَوْلُهُ: أَيْ النَّبَاتُ الْخَشِنُ) أَيْ النَّبَاتُ لِلشَّعْرِ الْخَشِنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ فِي زَمَنٍ لَا يَنْبُتُ فِيهِ عَادَةً وَقَوْلُهُ لِلْعَانَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْإِنْبَاتُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ) أَيْ فَإِنَّ نَبَاتَ الشَّعْرِ فِي الْإِبِطِ وَنَبَاتَ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ عَلَامَةً عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَلَامَةِ مَا يَحْصُلُ الْبُلُوغُ عِنْدَهَا مِنْ غَيْرِ تَأَخُّرٍ عَنْهَا. (قَوْلُهُ إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ فَلَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِلْمَازِرِيِّ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَالَ إنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ لَهُ فَلِمَالِكٍ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَطْعِ وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَيْنَ الشَّخْصِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ مِنْ قَذْفٍ وَقَطْعٍ وَقَتْلٍ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّ مَا نَسَبَهُ لِابْنِ رُشْدٍ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةً أُخْرَى وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ ابْنِ رُشْدٍ لِقَوْلِهِ إنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا عَلَى مَا نَقَلَ عَنْهُ الْمَوَّاقُ وَلِقَوْلِهِ ثَانِيًا إنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ فِي حَقِّ اللَّهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ) أَيْ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا (قَوْلُهُ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا) أَيْ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: ادَّعَى عَدَمَهُ) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ مِنْهُ أَيْ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ إنْكَارَ الْبُلُوغِ شُبْهَةٌ وَالْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ بِالْإِنْزَالِ أَوْ الْحَيْضِ بَلْ وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ وَفِي عبق وخش إنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ لَا يُصَدَّقُ وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي ح عَنْ زَرُّوقٍ وَيُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُهُ حَيْثُ يَجْهَلُ التَّارِيخَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرَبْ) الْمَحْفُوظُ فِيهِ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فَالرِّيبَةُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ لَا مِنْهُ أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنَّا رِيبَةٌ فِيمَا قَالَهُ وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَالْمَعْنَى إنْ لَمْ يُوقِعْ غَيْرَهُ فِي رِيبَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي صِدْقِهِ. (قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ دُونَ الْجِنَايَةِ لِلشُّبْهَةِ

فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ (وَلِلْوَلِيِّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (رَدُّ تَصَرُّفِ) شَخْصٍ (مُمَيِّزٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِمُعَاوَضَةٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَأَمَّا بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ وَعِتْقٍ فَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ وَمُرَادُهُ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الصَّبِيَّ وَالْبَالِغَ السَّفِيهَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْبَالِغِ وَجَازَ أَنْ يُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الصَّبِيِّ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ الْآتِي كَالسَّفِيهِ تَشْبِيهًا تَامًّا ثُمَّ إذَا رَدَّ الْوَلِيُّ بَيْعَهُ فَالثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُمَيِّزُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَهُ فِي شَهَوَاتِهِ الَّتِي يَسْتَغْنِي عَنْهَا وَحُمِلَ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي شَهَوَاتِهِ الَّتِي يُسْتَغْنَى عَنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُمَيِّزِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ بِتَصَرُّفِهِ أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ (إنْ رَشَدَ) لَكِنَّ جَعْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُصَدَّقُ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا إنْ لَمْ يُرَبْ وَلَمْ يُشَكَّ فِي صِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ فَإِنْ اُرْتِيبَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْأَمْوَالِ وَيُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْجِنَايَةِ إنْ ادَّعَى عَدَمَهُ فَإِنْ ادَّعَى وُجُودَهُ صُدِّقَ فِي الطَّلَاقِ فَقَطْ دُونَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الرِّيبَةَ فِي قَوْلِهِ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُمَيِّزَ إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَكَانَتْ تِلْكَ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ وَلِأَجْلِ إنْفَاقِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَاسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إجَازَتِهَا وَرَدِّهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِوَلِيِّهِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا الْخِيَارُ بَيْنَ إجَازَتِهَا وَرَدِّهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا بَاعَ الْيَتِيمُ دُونَ إذْنِ وَصِيِّهِ أَوْ صَغِيرٌ بِدُونِ إذْنِ أَبِيهِ شَيْئًا مِنْ عَقَارِهِ أَوْ أُصُولِهِ بِوَجْهِ السَّدَادِ فِي نَفَقَتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَكَانَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ الَّذِي بَاعَ أَوْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ مِنْ أُصُولِهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ، الْقَوْلُ الثَّانِي يُرَدُّ الْبَيْعُ إنْ رَأَى الْوَلِيُّ أَنَّ الرَّدَّ هُوَ الْوَجْهُ وَالْمَصْلَحَةُ وَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ الَّذِي صَوْنُهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ الْمَصُونُ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَلَا يَتْبَعُ الثَّمَنَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بَاعَ مَا غَيْرُهُ أَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ وَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ لِإِدْخَالِهِ إيَّاهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ وَصِيُّهُ وَالْحَاكِمُ وَمُقَدِّمُهُ (قَوْلُهُ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَلَوْ فِي عَقَارِهِ وَلَوْ كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ إلَخْ أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ وَهَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ وَيَصِحُّ جَعْلُ اللَّامِ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْمَعْنَى وَلِلْمَوْلَى لَا لِغَيْرِهِ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الرَّدَّ مُتَعَيَّنٌ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ وَأَنَّ الْإِجَازَةَ كَذَلِكَ تَتَعَيَّنُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: بِمُعَاوَضَةٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ بِأَنْ كَانَ الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ أَمَّا لَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ تَحَتَّمَ الرَّدُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ لِأَجْلِ إنْفَاقِهِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا تَحَتَّمَ الرَّدُّ وَلَا يَتْبَعُ بِالثَّمَنِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُحْمَلُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ إنْفَاقُهُ عَلَى التَّبْذِيرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى الْمَحَاجِيرِ كَمَا فِي نَقْلِ ح وَابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ) صَوَابُهُ لَمْ يُتْبَعْ فِي ذِمَّتِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُمَيِّزِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ تَصَرُّفُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاضٍ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إذَا رَشَدَ لِأَنَّ سُكُوتَ الْوَلِيِّ مَعَ عِلْمِهِ إمْضَاءٌ لَهُ فَفِي الْمَوَّاقِ وَإِذَا تَصَرَّفَ الْمَحْجُورُ بِرُؤْيَا مِنْ وَصِيِّهِ وَطَالَ تَصَرُّفُهُ فَأَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ وَابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّ مَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَاضٍ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ وَبِهِ الْعَمَلُ. (قَوْلُهُ: رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ إنْ رَشَدَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِمَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ كَالْمُعَاوَضَةِ أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَأَمَّا وَارِثُ الْمَحْجُورِ الْبَائِعِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لَهُ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ مِنْ رَدِّ التَّصَرُّفِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا تَصَرُّف بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَلْ لِوَارِثِهِ أَنْ يَرُدَّهُ مِنْ بَعْدِهِ كَمَا كَانَ يَرُدُّهُ هُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ لَا يَرُدُّهُ؟ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ رَشَدَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْيِيرِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَابْنُ عَتَّابٍ فَقَالَا إنَّ الْوَلِيَّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ وَلَا بِالْبَيْعِ حَتَّى رَشَدَ الْمَحْجُورُ فَإِنْ ذَلِكَ يَمْضِي اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ

الرَّاجِحِ (وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ) أَيْ وَلَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ بَلَغَ فَفَعَلَهُ فَلَهُ رَدُّ ذَلِكَ وَإِمْضَاؤُهُ فَالْمُرَادُ بِالْحِنْثِ فِعْلُ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ أَيْ الْحِنْثُ اللُّغَوِيُّ لَا حَقِيقَةُ الْحِنْثِ إذْ الصَّبِيُّ لَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَّقَ الْيَمِينَ فِي صِغَرِهِ وَفَعَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ نَقِيضَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحِنْثَ أَنْ لَوْ كَانَ بَالِغًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالَ النُّفُوذِ أَيْ لَا حَالَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَمِينٍ انْعَقَدَتْ وَهِيَ هُنَا لَمْ تَنْعَقِدْ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ لِقَوْلِهِ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ وَالصَّبِيُّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (أَوْ وَقَعَ الْمُوقِعُ) عَطْفٌ عَلَى حَنِثَ أَيْ وَلَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ الْخِيَارُ فِي رَدِّ تَصَرُّفِهِ وَإِمْضَائِهِ وَلَوْ وَقَعَ تَصَرُّفُهُ الْمُوقِعُ أَيْ الصَّوَابُ وَهَذَا إذَا تَغَيَّرَ الْحَالُ بِزِيَادَةٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نَقْصٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ فَلَا رَدَّ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالتَّحْقِيقُ الْإِطْلَاقُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ وَالْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ فِيمَا بَيْنَ تَصَرُّفِهِ وَرَدِّهِ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْوَلِيِّ لِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَوْلًى عَلَيْهِ وَإِلَّا رَدَّ الْغَلَّةَ أَيْضًا بِخِلَافِ بَيْعِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَتُرَدُّ الْغَلَّةُ مُطْلَقًا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآتِيَ جَارٍ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّغِيرِ الْمُهْمَلِ وَالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ الْمُهْمَلِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الْمُهْمَلُ فَلَا خِلَافَ فِي رَدِّ تَصَرُّفِهِ وَحِينَئِذٍ فَجَعْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ لِلْمَحْجُورِ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِلْبِنَاءِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوحِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِيهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ) مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِمْضَاءَ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ أَوْ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَفْعَلُ كَذَا) أَيْ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ ذَلِكَ أَيْ الَّذِي حَلَفَ بِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ الْقَائِلِ إذَا حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي الْمَتْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحِنْثُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الرُّشْدِ كَانَ كَمَا لَوْ حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ وَحَنِثَ فِي حَالِ صِغَرِهِ فَإِنْ دَخَلَهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رُشْدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ اتِّفَاقًا فِي الصُّورَتَيْنِ وَلِذَا قَالَ ح لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَكَانَ أَبْيَنَ وَأَوْضَحَ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ السَّفِيهُ فِي حَالِ سَفَهِهِ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى تَرْكِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَزِمَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِمَالٍ كَعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ حَالَ النُّفُوذِ لَا حَالَ التَّعْلِيقِ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِمَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ حَالَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ وَلَوْ اُعْتُبِرَ حَالَ التَّعْلِيقِ لَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِمِلْكِهِ لِمَحَلِّهِ حِينَئِذٍ وَتَقْرِيرُ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ أَنَّ مَا مَرَّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ حَالِ النُّفُوذِ لَا حَالِ التَّعْلِيقِ أَيْ وَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَالُ التَّعْلِيقِ لَا حَالُ النُّفُوذِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ إلَخْ) هَذَا مُبَالَغَةٌ أَيْضًا فِي أَنَّ لَهُ الْإِمْضَاءَ وَالرَّدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ أَيْ وَلَوْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالسَّدَادِ فَلَا يَلْزَمُهُ إمْضَاؤُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِمْضَاءَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فِيمَا بَاعَ أَوْ نَقْصٍ فِيمَا اشْتَرَى. (قَوْلُهُ: وَالتَّحْقِيقُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَرَجَّحَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَدَّ الْغَلَّةَ أَيْضًا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا الْبَائِعَ مَوْلًى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْغَلَّةَ كَمَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ وَلَوْ كَانَ أَمَةً زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَتُرَدُّ هِيَ وَوَلَدُهَا فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي رَدَّهَا مَعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتُرَدُّ الْغَنَمُ بِنَسْلِهَا وَالْأَرْضُ وَلَوْ بُنِيَتْ وَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ. (قَوْلُهُ: فَتُرَدُّ الْغَلَّةُ مُطْلَقًا إلَخْ) هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ عبق وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ يَفُوزُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِالْغَلَّةِ مُطْلَقًا عَلِمَ أَنَّهُ مَوْلًى عَلَيْهِ أَمْ لَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِيَوْمِ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ) نَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمَنْ أَوْدَعْته وَدِيعَةً فَاسْتَهْلَكَهَا ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَذَلِكَ فِي مَالِ الِابْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ اهـ وظَاهِرُهُ كَانَ إتْلَافُهُ بِأَكْلِهِ أَوْ بِطَرْحِهِ فِي الْبَحْرِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ صَانَ بِهِ مَالَهُ أَمْ لَا وَأَمَّا قَوْلُ عبق تَبَعًا لعج وَلَا يَتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَغَيْرُ صَوَابٍ وَاسْتِدْلَالُ عج بِقَوْلِ الرَّجْرَاجِيِّ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ طفى إنَّهُ وَهْمٌ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّجْرَاجِيِّ الْمَذْكُورَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الصَّبِيُّ فِيمَا بَاعَهُ وَأَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي

(وَضَمِنَ) الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (مَا أَفْسَدَ) أَيْ مَا أَتْلَفَهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِالْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا ابْنَ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَجْمَاءِ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الصَّبِيِّ (إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَالِ الَّذِي أَفْسَدَهُ فَإِنْ أُمِنَ أَيْ اُسْتُحْفِظَ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا أُمِنَ عَلَيْهِ فِي أَكْلٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي صَانَهُ أَيْ حَفِظَهُ خَاصَّةً فَإِنْ تَلِفَ وَأَفَادَ غَيْرَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِذَا بَاعَ مَا أُمِنَ عَلَيْهِ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ مِنْ مَالِهِ إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ إلَّا أَنَّ رَبَّ السِّلْعَةِ يَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِيهَا بِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِمَا ذَكَرَ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَأْمِينُهُ وَفِيمَا أَتْلَفَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ وَقِيلَ كِلَاهُمَا هَدَرٌ (وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ الْمُمَيِّزِ (كَالسَّفِيهِ) تَشْبِيهٌ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَوْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إلَى هُنَا إنْ أُرِيدَ الصَّبِيُّ (إنْ لَمْ يَخْلِطْ) مَنْ ذَكَرَ فِي وَصِيَّتِهِ بِأَنْ لَا يَتَنَاقَضَ أَوْ بِأَنْ يُوصِيَ بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ (إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ) وَإِنْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبِحِفْظِهِ لِمَالِهِ بِأَنْ لَا يَصْرِفَهُ فِي شَهَوَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ مَعَ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ رُشْدُهُ (و) إلَى (فَكِّ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ) مِنْ قَاضٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَا الْأَبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَكٍّ مِنْ أَبِيهِ بِخِلَافِ ذِي الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ فَيَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ الْفَكُّ مِنْهُمَا إلَى إذْنِ الْقَاضِي وَصُورَةُ الْفَكِّ أَنْ يَقُولَ لِلْعُدُولِ اشْهَدُوا إنِّي فَكَكْت الْحَجْرَ عَنْ فُلَانٍ مَحْجُورِي وَأَطْلَقَتْ لَهُ التَّصَرُّفَ وَمَلَّكْت لَهُ أَمْرَهُ لِمَا قَامَ عِنْدِي مِنْ رُشْدِهِ وَحِفْظِهِ لِمَالِهِ وَإِنَّمَا احْتَاجَ ذُو الْوَصِيِّ إلَى الْفَكِّ بِخِلَافِ ذِي الْأَبِ مَعَ أَنَّهُ الْأَصْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الصَّبِيُّ) مِثْلُهُ السَّفِيهُ فَمَا قِيلَ فِي الصَّبِيِّ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُؤْمَنَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ مَا لَمْ يَصُنْ بِهِ مَالَهُ يُقَالُ فِي السَّفِيهِ فِي إتْلَافِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ) نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ فَأَتْلَفَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَهْلُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ قَدْ سَلَّطَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَجْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ وَلَهُمَا مَالٌ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَتْلَفَا وَمَا صَانَاهُ مِنْ مَالِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ لِأَنَّ رَبَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَلَوْ كَانَ إتْلَافُهُ لَهُ بِأَكْلِهِ لَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ) أَيْ صَانَهُ فَإِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يَتَغَذَّى بِنِصْفِ فِضَّةٍ فَبَاعَ مَا أَمِنَ عَلَيْهِ وَصَارَ يَتَغَذَّى كُلَّ يَوْمٍ بِخَمْسَةِ أَنْصَافٍ فَلَا يَضْمَنُ فِي مَالِهِ إلَّا النِّصْفَ الْفِضَّةَ لَا مَا زَادَ اهـ. وَقَوْلُهُ إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَهُ وَمَا صَانَهُ مِنْ مَالِهِ فَإِذَا كَانَ مَا صَانَهُ أَقَلَّ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ ضَمِنَهُ وَإِذَا كَانَ مَا صَرَفَهُ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ أَقَلَّ لَزِمَهُ الْقَدْرُ الَّذِي صَرَفَهُ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ. (تَنْبِيهٌ) عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا لَوْ أَوْدَعَ الْمُمَيِّزُ شَيْئًا عِنْدَ آخَرَ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ بِمَا صَانَ بِهِ مَالَهُ (قَوْلُهُ إنَّ الْمَالَ فِي مَالِهِ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّتِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ وَدِيَةُ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى عُضْوٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ إذَا كَانَتْ دِيَةُ ذَلِكَ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَفِي مَالِهِ فَهُوَ كَالْمُمَيِّزِ فِي ذَلِكَ اهـ وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ بَلْ وَلَا التَّمْيِيزُ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ) أَيْ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ . (قَوْلُهُ وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ فِي حَالِ مَرَضِهِ. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ مُطْلَقُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الشَّامِلُ لِلسَّفِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي جَمِيعِ إلَخْ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ خُصُوصُ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: مَنْ ذَكَرَ) أَيْ الْمُمَيِّزُ وَالسَّفِيهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَنْ ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَتَنَاقَضَ) أَيْ فِيهَا فَمَتَى لَمْ يَتَنَاقَضْ فِيهَا كَانَتْ صَحِيحَةً سَوَاءٌ كَانَ لِفَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ كَانَ الْمُوصَى لَهُ صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا إمَّا إنْ تَنَاقَضَ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارَيْنِ كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ فَقِيرًا. (قَوْلُهُ: بِقُرْبَةٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِغَيْرِهَا كَإِيصَائِهِ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ كَانَتْ بَاطِلَةً. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ: إلَى حِفْظِ) أَيْ مَعَ حِفْظِ إلَخْ أَيْ مَعَ صَيْرُورَةِ ذِي الْأَبِ حَافِظًا لِمَالِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ لِبُلُوغِهِ فَقَطْ ذَكَرَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ يَكُونُ لِبُلُوغِهِ مَعَ صَيْرُورَتِهِ حَافِظًا لِمَالِهِ بَعْدَهُ فَقَطْ إنْ كَانَ ذَا أَبٍ أَوْ مَعَ فَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمُ إنْ كَانَ ذَا وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٌ فَذُو الْأَبِ بِمُجَرَّدِ صَيْرُورَتِهِ حَافِظًا لِلْمَالِ بَعْدَ بُلُوغِهِ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ يُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا حَجَرَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ عِنْوَانُ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا لِلْمَالِ إلَّا لِفَكِّ الْأَبِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَبَ الْأَصْلُ أَيْ وَالْوَصِيُّ فَرْعٌ أَيْ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ حَجْرُ الْأَبِ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ وَحِينَئِذٍ

لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ وَلَدَهُ فِي وِلَايَةِ الْوَصِيِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ صَارَ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقَدَّمِ فَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْفَكِّ وَلَمْ يُوصِ عَلَيْهِ فَأَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ فَكِّ حَاكِمٍ وَلَا يُقَالُ صَارَ مُهْمَلًا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى حِفْظِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِبُلُوغِهِ وَإِلَى بِمَعْنَى مَعَ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ بَعْدَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ قَوْلُهُ (إلَّا كَدِرْهَمِ لِعَيْشِهِ) وَعَيْشِ وَلَدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ مِنْ لَحْمٍ وَبَقْلٍ وَخُبْزٍ وَغَسْلِ ثِيَابِ وَمَا يَحْلِقُ بِهِ رَأْسَهُ وَأُجْرَةِ حَمَّامٍ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمَعَاشِ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ أَيْضًا (لِإِطْلَاقِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى تَصَرُّفِ أَيْ فَلَا يُرَدُّ بَلْ يَلْزَمُهُ (وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ) أَيْ النَّسَبُ بِلِعَانٍ فَلَا يُرَدُّ (وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) وَتَبِعَهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَقِصَاصٍ) لِجِنَايَةٍ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ (وَنَفْيِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ أَيْ إسْقَاطِهِ بِالْعَفْوِ عَنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ عَمْدًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ) كَقَوْلِهِ قَطَعْت يَدَ زَيْدٍ أَوْ قَذَفْته (وَتَصَرُّفُهُ) أَيْ السَّفِيهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْمُهْمَلِ الْمُحَقَّقِ السَّفَهِ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ مَحْمُولٌ (عَلَى الْإِجَازَةِ) فَلَا يُرَدُّ وَلَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَعِتْقٍ (عِنْدَ مَالِكٍ) وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ كَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي رَدِّ تَصَرُّفِهِ الْحَجْرُ وَلَمْ يُوجَدْ (لَا عِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَحْتَاجُ لِلْفَكِّ بِالْأُولَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حَجْرَ الْأَبِ لَمَّا كَانَ حَجْرَ أَصَالَةٍ مِنْ غَيْرِ جَعْلٍ وَلَا إدْخَالِ أَحَدٍ كَانَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ أَحَدٌ وَحَجْرُ الْوَصِيِّ بِالْجَعْلِ وَالْإِدْخَالِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِإِخْرَاجِ الْوَصِيِّ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ أَبُوهُ لِلسَّفَهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي حَجَرْت عَلَى ابْنِي فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَزَالُ بَاقِيًا فِي حَجْرِهِ وَلَوْ صَارَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ وَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ إلَّا إذَا قَالَ أَبُوهُ فَكَكْت الْحَجْرَ لَا عَنْهُ أَوْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِإِطْلَاقِهِ. (قَوْلُهُ مَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ) أَيْ لِسَفَهِ بِأَنْ قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي حَجَرْت عَلَى وَلَدِي وَهَلْ لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ وَلَوْ قَبْلَهُ خِلَافٌ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَقَوْلُهُ لَا يَنْتَقِلُ أَيْ ذَلِكَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَهَذَا أَقْوَى طَرِيقَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْأَبُ لِسَفَهِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إذَا كَانَ بِقُرْبِهِ كَالْعَامِ فَإِنْ زَادَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْحَجْرِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقَدَّمِ) أَيْ أَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَ الْوَلَدُ الْحَاكِمَ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي وِلَايَتِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَمَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ. (قَوْلُهُ فَأَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَصَرُّفُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَصِيِّ كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ ح وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ مَاتَ وَصِيُّهُ قَبْلَ فَكِّهِ الْحَجْرَ عَنْهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْخِلَاف الْآتِي مَوْضُوعُهُ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ. (قَوْلُهُ وَإِلَى بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ فَالْغَايَةُ هُنَا مُنْضَمَّةٌ لِلْغَايَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ غَايَةُ الْحَجْرِ مَجْمُوعَ الْغَايَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ) أَيْ حَجْرِ الصِّغَرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ طَرَأَ لَهُ سَفَهٌ حِينَ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِالْبُلُوغِ أَيْ إذَا كَانَ ذَكَرًا وَأَمَّا الْأُنْثَى فَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا إذَا عَنَّسَتْ أَوْ مَضَى لَهَا عَامٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا. (قَوْلُهُ إلَّا كَدِرْهَمٍ) أَيْ إلَّا تَصَرُّفُهُ بِكَدِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ بَلْ يَكُونُ مَاضِيًا وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَانْظُرْ لَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يَتَصَرَّفَ هُوَ فِيهِ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ لَا. وَفِي بْن أَنَّ الْهِبَةَ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِهِ) هَذَا إخْرَاجٌ لِمَا يَخُصُّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ) أَيْ كَاسْتِلْحَاقِهِ لِوَلَدٍ سَوَاءٌ كَانَ لَاعَنَ فِيهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَتَبِعَهَا مَالُهَا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ اسْتَثْنَاهُ حِينَ الْعِتْقِ وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْهَا. (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ وَيَدْفَعَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ بِالْعَفْوِ عَنْ جَانٍ) فَإِذَا جَنَى شَخْصٌ جِنَايَةً عَمْدًا عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّ ذَلِكَ الْمَحْجُورِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ رَدُّ عَفْوِهِ عَنْهُ بَلْ يَمْضِي ذَلِكَ الْعَفْوُ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ) لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَوْ عَفَا عَنْهُ كَانَ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ وَلَهُ أَيْضًا رَدُّهُ إنْ رَشَدَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَفَهُهُ أَصْلِيًّا غَيْرَ طَارِئٍ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَعَلَ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الصُّورَةَ الْأُولَى وَجَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَسْمِعَةِ وَأَمَّا الْيَتِيمُ الَّذِي لَمْ يُوصِ بِهِ أَبُوهُ لِأَحَدٍ وَلَا أَقَامَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ وَلِيًّا وَلَا نَاظِرًا فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ رَشِيدًا كَانَ أَوْ سَفِيهًا مُعْلِنًا بِالسَّفَهِ أَوْ غَيْرَ مُعْلِنٍ اتَّصَلَ سَفَهُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ أَوْ سَفِهَ بَعْدَ حُصُولِ الرُّشْدِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ الرَّابِعُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى حَالِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ وَمَا قَضَى بِهِ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا فِي أَحْوَالِهِ جَازَتْ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا لَمْ يَجُزْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ سَفَهُهُ أَوْ لَا يَتَّصِلَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاتَّفَقَ جَمِيعُهُمْ أَنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ لَمْ يُرَدَّ مِنْهَا شَيْءٌ إذَا جَهِلَتْ حَالَتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ بِرُشْدٍ وَلَا سَفَهٍ وَانْظُرْ بَقِيَّةَ

الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ) ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ السَّفَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَالْمُرَادُ بِالْمُهْمَلِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا: الذَّكَرُ الْبَالِغُ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْأُنْثَى تُرَدُّ تَصَرُّفَاتُهُمَا وَمَفْهُومُ مُحَقَّقِ السَّفَهِ أَنَّ مَجْهُولَهُ مَاضٍ تَصَرُّفُهُ اتِّفَاقًا (و) يَنْبَنِي (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ) بِحِفْظِ الْمَالِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِفَكِّهِ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ وَلَا يَمْضِي تَصَرُّفُهُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ عِنْدَهُ وَهُوَ الْحَجْرُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَمْضِي لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عِنْدَهُ وَهِيَ السَّفَهُ (وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى) الْمَحْجُورَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَفَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ (دُخُولُ زَوْجٍ) بِهَا (وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا) أَيْ حُسْنُ تَصَرُّفِهَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَهِيَ عَلَى الْحَجْرِ وَلَوْ شَهِدَ بِرُشْدِهَا وَمُجَرَّدُ الدُّخُولِ كَافٍ فِي ذَاتِ الْأَبِ (وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا) عَلَيْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِتَجْدِيدِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) صَوَابُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَمَعَ ذَلِكَ فَابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُرَتَّبْ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بَلْ عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا الْحَجْرُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ الدُّخُولِ وَقِيلَ سِتَّةُ أَعْوَامٍ وَقِيلَ سَبْعَةٌ فَإِذَا مَضَى مَا ذَكَرَ انْفَكَّ عَنْهَا الْحَجْرُ وَلَوْ كَانَ أَبُوهَا جَدَّدَ عَلَيْهَا حَجْرًا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ بِلَا احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ إلَّا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَكٍّ بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ إذْ الْمَوْضُوعُ زِيَادَةُ أَمْرَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الدُّخُولُ وَالشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ مُضِيُّ عَامٍ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمُهْمَلَةُ فَأَفْعَالُهَا مَرْدُودَةٌ حَتَّى يَمْضِيَ لَهَا عَامٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلْيُحْفَظْ هَذَا الْمَقَامُ فَكَثِيرًا مَا يَقَعُ السُّؤَالُ فِي تَصَرُّفَاتِ النِّسَاءِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ الْمُفْتِي إنْ كَانَتْ حَسَنَةَ التَّصَرُّفِ فَأَفْعَالُهَا مَاضِيَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ خَطَأٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذِكْرِ مَا هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى إلَخْ فَقَالَ (وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا) إذَا بَلَغَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَقْوَالِ فِي ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ) أَيْ الْمِصْرِيُّ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ مَالِكٍ لَا الْمَدَنِيُّ شَيْخُ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْأُنْثَى) أَيْ الْمُهْمَلَيْنِ وَقَوْلُهُ تُرَدُّ تَصَرُّفَاهُمَا أَيْ اتِّفَاقًا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَإِلَى أَنْ تُعَنِّسَ الْأُنْثَى وَتَقْعُدَ عَنْ الْمَحِيضِ أَوْ تَمْضِيَ سَنَةٌ بَعْدَ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى الْمَحْجُورَةِ) أَيْ ذَاتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ أَيْ زِيدَ فِي خُرُوجِ الْأُنْثَى الْبِكْرِ مِنْ حَجْرِ الْأَوْلِيَاءِ الثَّلَاثَةِ شَرْطَانِ دُخُولُ الزَّوْجِ بِهَا وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا وَعَلَى هَذَا فَذَاتُ الْأَبِ لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا بِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ بُلُوغِهَا وَحُسْنِ تَصَرُّفِهَا وَشَهَادَةِ الْعُدُولِ بِذَلِكَ وَدُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا بِأُمُورٍ خَمْسَةٍ الْبُلُوغِ وَحُسْنِ تَصَرُّفِهَا وَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَدُخُولِ زَوْجٍ بِهَا وَفَكِّ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُقَدَّمِ فَإِنْ لَمْ يَفُكَّا الْحَجْرَ عَنْهَا كَانَ تَصَرُّفُهَا مَرْدُودًا وَلَوْ عَنَّسَتْ أَوْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَطَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ حِفْظِ الْمَالِ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهَا. (قَوْلُهُ: وَفَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ. (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا) أَيْ شَهَادَتُهُمْ بِذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ وَمُجَرَّدُ الدُّخُولِ كَافٍ فِي ذَاتِ الْأَبِ) أَيْ فِي فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهَا يَعْنِي مَعَ الشَّهَادَةِ بِرُشْدِهَا وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكٍّ مِنْ الْأَبِ وَلَا لِمُضِيِّ مُدَّةٍ قَدْرُهَا سَنَةٌ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى مَا قِيلَ وَقَوْلُهُ وَمُجَرَّدُ إلَخْ دُخُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُرَتَّبْ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالشَّهَادَةِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَجْرِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا الْحَجْرُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ الدُّخُولِ) أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا بَعْدَهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى مُضِيُّ سَنَةٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ بِصَلَاحِ حَالِهَا لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَاقِعًا فِي مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ) أَيْ دَعْوَاهُ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ أَيْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ إنَّمَا جَدَّدَ الْحَجْرَ لِسَفَهِهَا فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا إذَا فَكَّهُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ فَكٍّ بَعْدَ الدُّخُولِ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَنَقَلَهُ ح وَالتَّوْضِيحُ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَعْمُولَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَاتَ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُقَدَّمِ لَا تَخْرُجُ مِنْ الْوِلَايَةِ مَا لَمْ تُطْلَقْ مِنْ الْحَجْرِ وَإِنْ عَنَّسَتْ أَوْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَطَالَ زَمَانُهَا وَحَسُنَ حَالُهَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا كَذَاتِ الْأَبِ لَا يَتَوَقَّفُ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْهَا عَلَى إطْلَاقِهَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ. (قَوْلُهُ: الدُّخُولِ) أَيْ مُجَرَّدِ الدُّخُولِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُضِيِّ عَامٍ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ أَيْ سِتَّةِ أَعْوَامٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَهَذَا عَلَى مُقَابِلِ الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: فَأَفْعَالُهَا مَرْدُودَةٌ) أَيْ اتِّفَاقًا حَيْثُ عُلِمَ سَفَهُهَا فَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهَا فَفِي بْن مُضِيُّ أَفْعَالِهَا وَفِي عج عَنْ النَّاصِرِ رَدُّهَا حِينَ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا بِمُضِيِّ سَنَةٍ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ تُعَنِّسُ وَتَقْعُدُ عَنْ الْمَحِيضِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَزِيدَ أَيْ فِي الْأُنْثَى الْمَحْجُورَةِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الذَّكَرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ حِفْظُ مَالِ ذِي الْأَبِ وَفَكُّ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ. (قَوْلُهُ: وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا رَشَّدْتُك وَرَفَعْت الْحَجْرَ عَنْك فَإِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ ارْتَفَعَ الْحَجْرُ عَنْهَا وَصَارَتْ تَصَرُّفَاتُهَا مَاضِيَةً قَالَ لَهَا ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ بَعْدَهُ شَهِدَتْ الْعُدُولُ بِصَلَاحِ حَالِهَا أَوْ لَا فَمَحَلُّ

وَكَذَا بَعْدَهُ (كَالْوَصِيِّ) لَكِنْ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ (وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا) مِنْ غَيْرِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَصَرُّفَهَا مَاضٍ وَلَا يُرَدُّ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ (وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ) هَلْ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَالرَّاجِحُ لَا فَلَوْ قَالَ وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهَا كَالْوَصِيِّ بَعْدَهُ لَا الْمُقَدَّمِ لَطَابَقَ الْمُعْتَمَدَ بِسُهُولَةٍ وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ الْوَلِيِّ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْوَلِيُّ) عَلَى الْمَحْجُورِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ السَّفَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ (الْأَبُ) الرَّشِيدُ لَا الْجَدُّ وَالْأَخُ وَالْعَمُّ إلَّا بِإِيصَاءٍ مِنْ الْأَبِ (وَلَهُ الْبَيْعُ) لِمَالِ وَلَدِهِ الْمَحْجُورِ لَهُ (مُطْلَقًا) رُبُعًا أَوْ غَيْرَهُ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ) أَيْ الْبَيْعِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي لِحَمْلِهِ عَلَى السَّدَادِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (ثُمَّ) يَلِي الْأَبَ (وَصِيُّهُ) فَوَصِيُّ الْوَصِيِّ (وَإِنْ بَعُدَ وَهَلْ) هُوَ (كَالْأَبِ) لَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْبَيَانُ مُطْلَقًا (أَوْ) لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ (إلَّا الرُّبُعَ) أَيْ الْمُنَزَّلَ وَالْمُرَادُ الْعَقَارُ مُطْلَقًا إذَا بَاعَهُ (فَبِبَيَانِ السَّبَبِ) الْآتِي ذِكْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَوَقُّفِ فَكِّ حَجْرِ ذَاتِ الْأَبِ عَلَى الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ إذَا لَمْ يُرَشِّدْهَا أَبُوهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي ذَاتِ الْوَصِيِّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَهُ) أَيْ وَكَذَا لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَبِمُجَرَّدِ تَرْشِيدِهَا انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: كَالْوَصِيِّ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّ قِيلَ إنَّهُ كَالْأَبِ فَلَهُ أَنْ يُرَشِّدَ الْبِكْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَعَلَى كُلٍّ فَهَلْ الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْبَيِّنَةُ رُشْدَهَا وَبِهِ قِيلَ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ رُشْدِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَنَحْوِهِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْشِيدُهَا إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِذَا دَخَلَتْ كَانَ لَهُ تَرْشِيدُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ تَرْشِيدَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَحْوُهُ لتت وَاعْتَرَضَهُ طفى فَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ إذْ هِيَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا خِلَافَ فِيهَا وَبِهَذَا قَرَّرَ ح اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَصَرُّفَهَا) أَيْ تَصَرُّفَ الْمُرْشَدَةِ الَّتِي رَشَدَهَا أَبُوهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَاضٍ أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لخش وعبق حَيْثُ قَالَا بِرَدِّهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ بْن وَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ التَّرْشِيدَ لَا يَتَبَعَّضُ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ لَا) أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّ مُقَدَّمَ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بَلْ كَذَا قَبْلَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ رُشْدَهَا بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ تَرْشِيدُهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْلُومَةَ الرُّشْدِ يَجُوزُ تَرْشِيدُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْلُومَةَ الرُّشْدِ يَجُوزُ تَرْشِيدُهَا مُطْلَقًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ وَمَجْهُولَةُ الرُّشْدِ يَجُوزُ لِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلِلْوَصِيِّ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُقَدَّمِ تَرْشِيدُهَا لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ وَمَعْلُومَةُ السَّفَهِ تَرْشِيدُهَا لَغْوٌ مُطْلَقًا . (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الرُّشْدَ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَطْرَأْ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِلْحَاكِمِ لَا لِلْأَبِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: الْأَبُ الرَّشِيدُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا فَلَا كَلَامَ لَهُ وَلَا لِوَلِيِّهِ إلَّا بِتَقْدِيمٍ عَلَى الِابْنِ خَاصٍّ مُغَايِرٍ لِلتَّقْدِيمِ عَلَى أَبِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ إلَخْ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ النَّفْيَ اشْتِرَاطُهُ وُجُودُ سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ سَبَبٍ أَيِّ سَبَبٍ كَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَحِلُّ لِلْأَبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَبِيعَ بِدُونِ سَبَبٍ أَصْلًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) أَيْ كَابْنِ سَلْمُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ تَصَرُّفُ الْأَبِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ السَّدَادِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا بَاعَ الْأَبُ مَتَاعَ وَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ وَالنَّظَرِ اتِّفَاقًا حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ لِحَمْلِهِ عَلَى السَّدَادِ وَلَوْ بَاعَ مَتَاعَ وَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَبْيَنَ لِلْمُرَادِ وَإِذَا كَانَ بَيْعُ الْأَبِ مَتَاعَ وَلَدِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ مَحْمُولًا عَلَى النَّظَرِ وَالسَّدَادِ اتِّفَاقًا فَلَا اعْتِرَاضَ لِلِابْنِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِيمَا بَاعَهُ عَلَيْهِ أَبُوهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يَمْضِي بَيْعُهُ وَإِنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ فُسِخَ اهـ وَأَطْلَقَ فِي الْفَسْخِ فَظَاهِرُهُ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنِ رُشْدٍ حُكْمُ مَا بَاعَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ حَابَى بِهِ يُرَدُّ مَعَ الْقِيَامِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَعَ الْفَوَاتِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: فَبِبَيَانِ السَّبَبِ) الْمُرَادُ بِبَيَانِهِ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ لَا مُجَرَّدُ ذِكْرِهِ بِاللِّسَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَالتَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَشْيَاخَ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ عَقَارَ الْيَتِيمِ هَلْ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ أَنَّهُ بَاعَهُ لِذَلِكَ السَّبَبِ وَلَا يَلْزَمُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا بَاعَ عَقَارَ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَ الْوَجْهِ الَّذِي بَاعَ لِأَجْلِهِ بَلْ

(خِلَافٌ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْوَصِيِّ (هِبَةٌ) مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ (لِلثَّوَابِ) ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقِيمَةُ وَالْوَصِيُّ كَالْحَاكِمِ لَا يَبِيعُ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْأَبِ (ثُمَّ) يَلِي الْوَصِيَّ (حَاكِمٌ) أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ (وَبَاعَ) الْحَاكِمُ مَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى بَيْعِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ (بِثُبُوتِ يُتْمِهِ وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى) بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ (وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ) بِأَنْ يَقُولُوا لِلْحَاكِمِ أَوْ لِمَنْ وَجَّهَهُ الْحَاكِمُ مَعَهُمْ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ وَأَطْلَعْنَاكُمْ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا أَوْ شَهِدَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْيَتِيمِ خَشْيَةَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا بِيعَ لَيْسَ هُوَ مَا شُهِدَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَنَّهُ بَيْتٌ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا وَتَنْتَهِي حُدُودُهُ إلَى كَذَا وَكَذَا كَفَتْ عَنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ (وَالتَّسَوُّقُ) بِالْمَبِيعِ أَيْ إظْهَارُهُ لِلْبَيْعِ وَالْمُنَادَاةُ عَلَيْهِ (و) ثُبُوتُ (عَدَمِ إلْغَاءِ) أَيْ وُجُودِ (زَائِدٍ) عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَى فِيهِ (وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ) الْمُعْطَى بِأَنْ يَكُونَ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ وَأَنْ يَكُونَ عَيْنًا حَالًّا لَا عَرَضًا وَلَا مُؤَجَّلًا خَوْفَ الرُّخْصِ وَالْعَدَمِ (وَفِي) لُزُومِ (تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ) الشَّاهِدِينَ بِذَلِكَ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِي الْحَاكِمِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمْ وَإِلَّا نَقَضَ حُكْمُهُ وَأَمَّا الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمْ وَإِلَّا نَقَضَ حُكْمُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ شُرُوطٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (لَا حَاضِنٍ) أَيْ كَافِلٍ (كَجَدٍّ) وَأُمٍّ وَعَمٍّ فَلَيْسَ بِوَلِيٍّ عَلَى الْيَتِيمِ فَلَا يَبِيعُ مَتَاعَهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا بِالنَّصِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِعْلُهُ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَشْهِيرُ الْقَوْلَيْنِ مَعًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ شَهَرَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ فَهِمَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَالْوَصِيُّ كَالْحَاكِمِ لَا يَبِيعُ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ بِالْقِيمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذَا الْغَرَضِ أَنْ يَهَبَ هِبَةَ الثَّوَابِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ الْمِسَناوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ إنَّمَا يُقْضَى فِيهَا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْفَوَاتِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرَّدِّ وَإِعْطَاءِ الْقِيمَةِ وَالْقِيمَةُ الَّتِي يُقْضَى بِهَا بَعْدَ الْفَوَاتِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَنْقُصَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْفَوَاتِ عَنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْهِبَةِ وَهَذَا ضَرَرٌ بِالْيَتِيمِ فَلِذَا لَمْ تَجُزْ لِلْوَصِيِّ هِبَةُ الثَّوَابِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ بِالْعَقْدِ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي يَوْمَ الْبَيْعِ فَإِذَا حَصَلَ نَقْصٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْيَتِيمِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَإِهْمَالِهِ) أَيْ مِنْ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ. (قَوْلُهُ: وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ) أَيْ لِمَا قَصَدَ بَيْعَهُ. (قَوْلُهُ: وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ) أَيْ وَاطِّلَاعُ الشُّهُودِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَقَارًا بِأَنْ يُرْسِلَ الْقَاضِي جَمَاعَةً يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ وَيَطُوفُونَ بِهِ مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ ثُمَّ يَقُولُونَ لِلْحَاكِمِ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ وَاطَّلَعْنَا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي شَهِدَ عِنْدَك بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلصَّغِيرِ أَوْ يُرْسِلَ الْقَاضِي مَعَهُمْ أَحَدًا مِنْ طَرَفِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ بَعْدَ الطَّوَافِ بِهِ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي حُزْنَاهُ وَاطَّلَعْنَا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْيَتِيمِ. (قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ بَيِّنَةُ الْحِيَازَةِ هِيَ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ إلَخْ إذَا كَانَتْ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاحْتِيَاجِ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ. (قَوْلُهُ وَالتَّسَوُّقِ) أَيْ وَثُبُوتُ التَّسَوُّقِ لِلْمَبِيعِ أَيْ لِلشَّيْءِ الَّذِي أُرِيدَ بَيْعُهُ وَقَوْلُهُ أَيْ إظْهَارُهُ لِلْبَيْعِ وَالْمُنَادَاةُ عَلَيْهِ أَيْ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إلْغَاءِ زَائِدٍ) أَيْ وَعَدَمُ وُجُودِ مَنْ يَدْفَعُ زَائِدًا عَلَى مَا أَعْطَى فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ وَالسَّدَادُ إلَخْ) لَا يُقَالُ الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ إلَّا لِغِبْطَةٍ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ زَائِدًا عَلَى الْقِيمَةِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَالْوَصِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ بِالسَّدَادِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ الْوَصِيُّ يَبِيعُ لِغِبْطَةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ وَالْحَاكِمُ لَا يَبِيعُ إلَّا لِحَاجَةٍ فَصَارَ الْوَصِيُّ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَقْوَى اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ) أَيْ وَعَدَمِ لُزُومِهِ أَيْ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ عِنْدِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْوَلَدَ الْفُلَانِيَّ يَتِيمٌ مُهْمَلٌ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ مَحَلًّا فِي جِهَةِ كَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ تَصْرِيحِهِ) أَيْ فِي السِّجِلِّ الَّذِي يَكْتُبُ فِيهِ الْوَقَائِعَ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي السِّجِلِّ ثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ يُتْمُهُ وَبِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ إهْمَالُهُ وَبِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِلْكُهُ لِمَحَلٍّ فِي جِهَةِ كَذَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ التَّصْرِيحِ بِأَسْمَائِهِمْ فَإِذَا تَرَكَ التَّصْرِيحَ نَقَضَ حُكْمَهُ عَلَى الظَّاهِرِ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا تَرَكَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْغَائِبُ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِ لِأَجْلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ لِأَجْلِ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ فَلَا بُدَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَافِلٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاضِنِ الْكَافِلُ الَّذِي يَكْفُلُ الْيَتِيمَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُ مَتَاعَهُ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَافِلَ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَوَلِّيهِ أَمْرَ الْيَتِيمِ وَالنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ كَانَ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ لِحَاجَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرِفَ بِذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمْضِي تَصَرُّفُهُ لَا فِي الْقَلِيلِ وَلَا فِي الْكَثِيرِ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مُضِيُّ التَّصَرُّفِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ فِي الْكَثِيرِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْكَافِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ تَعْبِيرُ

وَاسْتُحْسِنَ أَنَّ الْعُرْفَ كَالنَّصِّ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا لِأَهْلِ الْبَوَادِي وَغَيْرِهِمْ أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ وَلَا يُوصِي عَلَى أَوْلَادِهِ اعْتِمَادًا عَلَى أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ جَدٍّ وَيَكْفُلُ الصِّغَارَ مَنْ ذَكَرَ فَلَهُمْ الْبَيْعُ بِشُرُوطِهِ وَيَمْضِي وَلَا يَنْقُضُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالشَّفَقَةِ وَحُسْنِ التَّرْبِيَةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ) تَصَرُّفِ الْحَاضِنِ فِي الشَّيْءِ (الْيَسِيرِ) حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا عُرْفَ (وَفِي حَدِّهِ) أَيْ الْيَسِيرِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ (تَرَدُّدٌ) وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (وَلِلْوَلِيِّ) أَبًا أَوْ غَيْرَهُ (تَرْكُ التَّشَفُّعِ) أَيْ الْأَخْذِ لِمَحْجُورِهِ بِالشُّفْعَةِ إذَا كَانَ نَظَرًا (و) تَرْكُ (الْقِصَاصِ) الْوَاجِبِ لِلصَّغِيرِ خَاصَّةً وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَنْظُرُ لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقِصَاصٍ وَإِذَا تَرَكَا بِالنَّظَرِ (فَيَسْقُطَانِ) فَلَا قِيَامَ لِلْمَحْجُورِ بِهِمَا إذَا بَلَغَ وَرَشَدَ بِخِلَافِ تَرْكِهِمَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ فَلَهُ الْقِيَامُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ (وَلَا يَعْفُو) فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَإٍ مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا لِعُسْرٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ (وَمَضَى عِتْقُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ لِعَبْدِ مَحْجُورِهِ بَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً (بِعِوَضٍ) مِنْ غَيْرِ مَالِ الْعَبْدِ (كَأَبِيهِ) أَيْ أَبِي الْمَحْجُورِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ وَإِنْ بِلَا عِوَضٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ عِتْقِ رَقِيقِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبِيهِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ أَبَاهُ لَكِنَّ مَحَلَّ مُضِيِّ عِتْقِ أَبِيهِ (إنْ أَيْسَرَ) الْأَبُ يَوْمَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ وَغَرِمَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَهُ فَإِنْ أَعْسَرَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَرُدَّ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهَا بِبَابِ الْقَضَاءِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يَحْكُمُ) أَيْ إنَّمَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَنْ يَحْكُمَ (فِي الرُّشْدِ و) فِي ضِدِّهِ وَهُوَ السَّفَهُ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ بِحَاضِنٍ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْقَرِيبِ. (قَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ أَنَّ الْعُرْفَ كَالنَّصِّ) أَيْ أَنَّ الْعُرْفَ الْجَارِيَ بِتَوَلِّيهِ أَمْرَ الْيَتِيمِ وَالنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ كَالنَّصِّ عَلَى وِصَايَتِهِ وَنَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْكَافِلَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ بِدُونِ هَذَا الْعُرْفِ وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ جَيِّدَةٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي لِأَنَّهُمْ يُهْمِلُونَ الْإِيصَاءَ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمْ) أَيْ كَأَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْإِيصَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الصِّغَارِ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ عَنْ صِغَارٍ يُعْتَمَدُ فِي تَرْبِيَتِهِمْ عَلَى أَخٍ لَهُمْ كَبِيرٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ عَمٍّ (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ) ابْنُ هِلَالٍ فِي بَيْعِ الْحَاضِنِ عَلَى مَحْضُونِهِ الْيَتِيمِ الصَّغِيرِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مَا لِأَصْبَغَ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَجُوزُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ ثُمَّ قَالَ فَعَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِشُرُوطٍ وَهِيَ مَعْرِفَةُ الْحَضَانَةِ وَصِغَرُ الْمَحْضُونِ وَالْحَاجَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْبَيْعِ وَتَفَاهَةُ الْمَبِيعِ وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَعْرِفَةُ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَتَشْهَدُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا بَيِّنَةٌ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ كَانَ لِلْمَحْضُونِ إذَا كَبُرَ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَقَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَخْذُ لِمَحْجُورِهِ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحْجُورُ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا. (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الْقِصَاصِ) أَيْ وَلِلْوَلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ تَرْكُ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ لِلصَّغِيرِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَى أَطْرَافِهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ التَّرْكُ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً لِلْمَحْجُورِ وَتَرْكُ الْقِصَاصِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَنْظُرُ لِنَفْسِهِ) أَيْ فِيمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى لِوَلِيِّهِ أَنْ يَتْرُكَ مَا وَجَبَ لَهُ وَإِذَا نَظَرَ فِيمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَفَا عَنْ الْجَانِي فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ رَدُّ ذَلِكَ الْعَفْوِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَفْيِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقِصَاصُ الْأُولَى كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَنَفْيُهُ أَوْ يَزِيدُ قَوْلُهُ إلَخْ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقِصَاصٌ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى مُغَايِرَةٌ لِهَذِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَسْقُطَانِ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا حَصَلَ تَرْكُ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّشَفُّعِ وَالْقِصَاصِ بِالنَّظَرِ فَيَسْقُطَانِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْفُو) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْجِنَايَةِ خَطَأً مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ وَأَمَّا عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالْقِصَاصُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَنْ عَمْدٍ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُسْرٍ أَيْ مِنْ الْجَانِي وَيَحْتَمِلُ إلَّا لِعُسْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَاحْتِيَاجِهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَمَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبٍ وَأَعْتَقَ رَقِيقَ الْمَحْجُورِ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي أَيْ إذَا كَانَ الْعِتْقُ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ حِينَ الْعِتْقِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ رُدَّ الْعِتْقُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا لِلْمَحْجُورِ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَمَا فِي خش مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا فَغَيْرُ صَوَابٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَالِ الْعَبْدِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْعِتْقَ يُرَدُّ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (وَقَوْلُهُ أَيْ أَبِي الْمَحْجُورِ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَمْضِي عِتْقُ الْوَلِيِّ إذَا كَانَ أَبًا لِلْمَحْجُورِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا وَإِنْ بِلَا عِوَضٍ مُعَيَّنٍ حِينَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبِيهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ غَيْرَ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ) أَيْ الْوَلِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبَاهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ تَامٍّ. (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ) أَيْ الْأَبُ وَالْمُرَادُ بِثَمَنِهِ قِيمَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُحْكَمُ فِي الرُّشْدِ إلَخْ) أَيْ إذَا اُحْتِيجَ لِلْحُكْمِ بِأَنْ حَصَلَ

بَيَانُهُمَا (و) فِي شَأْنِ (الْوَصِيَّةِ) مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى لَهُ إذَا تَعَدَّدَ يَحْصُلُ الِاشْتِرَاكُ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَمِنْ صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ (و) فِي (الْحَبْسِ الْمُعْقِبِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِمَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ كَحَبْسٍ عَلَى زَيْدٍ وَعَقِبِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَقِّبِ كَعَلَى زَيْدٍ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُضَاةِ لِكَوْنِ الْحُكْمِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ غَائِبٍ (و) فِي (أَمْرِ الْغَائِبِ) فِيمَا يُبَاعُ عَلَيْهِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ دَيْنِهِ (و) فِي (النَّسَبِ) مِنْ لُحُوقٍ وَعَدَمِهِ (و) فِي (الْوَلَاءِ) كَكَوْنِ فُلَانٍ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى فُلَانٍ (و) فِي (حَدٍّ) لِحُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ مُتَزَوِّجٍ بِغَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ (وَقِصَاصٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ (وَمَالِ يَتِيمٍ) الْأَوْلَى وَأَمْرُ يَتِيمٍ لِيَشْمَلَ تَرْشِيدَهُ وَضِدَّهُ وَتَقْدِيمَ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ وَتَعَدُّدَهُ وَانْفِرَادَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ (الْقُضَاةُ) فَاعِلُ يَحْكُمُ لِخَطَرِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ أَوْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ أَوْ حَقِّ مَنْ لَيْسَ مَوْجُودًا بِهَا فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا غَيْرُهُمْ مَضَى إنْ حَكَمَ صَوَابًا وَأُدِّبَ وَالْمُرَادُ الْقُضَاةُ أَوْ نُوَّابُهُمْ وَأَوْلَى السُّلْطَانُ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ وَالْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ وَنَحْوِهِمْ وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي يُبَاعُ لَهُ عَقَارُ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِهِ أَوْ إلَّا الرُّبُعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ شَرَعَ فِي تَعْدَادِ وُجُوهِهِ وَهِيَ أَحَدَ عَشَرَ ذَكَرَ مِنْهَا عَشَرَةً وَأَسْقَطَ الْخَوْفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ لِعِلْمِهِ بِالْأُولَى أَوْ لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِهَا فَقَالَ (وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنَازُعٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحُكْمِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَعَاطِي أُمُورِ تَرِكَتِهِ وَوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا) أَيْ فَلَا يَحْكُمُ بِأَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ إلَّا الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَفِي الْحَبْسِ الْمُعْقِبِ) أَيْ صِحَّةً وَبُطْلَانًا وَأَصْلًا فَلَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْحَبْسِ الْمُعْقِبِ أَوْ بُطْلَانِهِ أَوْ بِأَنَّ هَذَا الْحَبْسَ مُعْقِبٌ أَوْ غَيْرُ مُعْقِبٍ أَوْ أَنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ هَذَا أَوْ هَذَا يُشَارِكُ هَذَا إلَّا الْقَاضِيَ وَأَمَّا الْحَبْسُ غَيْرُ الْمُعْقِبِ كَحَبْسٍ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُضَاةِ لِكَوْنِ الْحُكْمِ عَلَى غَيْرِ غَائِبٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْمُعْقِبِ الْحَبْسَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا لَا يَنْقَطِعُونَ صَارَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُعْقِبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْكُمُ فِي شَأْنِهِ إلَّا الْقُضَاةُ. (قَوْلُهُ وَأَمْرِ الْغَائِبِ) أَيْ غَيْرِ الْمَفْقُودِ لِأَنَّ لِزَوْجَتِهِ الرَّفْعَ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ أَوْ يُقَالُ مُرَادُهُ بِالْغَائِبِ مَا يُسَمَّى غَائِبًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَالْمَفْقُودُ لَا يُسَمَّى غَائِبًا فِي اصْطِلَاحِهِمْ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي اصْطِلَاحِهِمْ مَنْ عُلِمَ مَوْضِعُهُ وَالْمَفْقُودُ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ (تَنْبِيهٌ) مِنْ جُمْلَةِ أَمْرِ الْغَائِبِ فَسْخُ نِكَاحِهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَوْ لِتَضَرُّرِ الزَّوْجَةِ بِخُلُوِّ الْفِرَاشِ فَلَا يَفْسَخُ نِكَاحَهُ إلَّا الْقَاضِي مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْوُصُولُ إلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ يَأْخُذُ دَرَاهِمَ عَلَى الْفَسْخِ وَإِلَّا قَامَ مَقَامَهُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالنَّسَبِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِي النَّسَبِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا إلَّا الْقُضَاةُ فَلَا يَحْكُمُ بِأَنَّ فُلَانًا مِنْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ أَوْ لَيْسَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إلَّا الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: كَكَوْنِ فُلَانٍ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى فُلَانٍ إلَخْ) فَإِذَا أَقَمْت بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ زَيْدًا عَتِيقٌ لِأَبِي أَوْ لِجَدِّي وَأَنَّ لِي الْوَلَاءَ عَلَيْهِ وَأَرِثُهُ إذَا مَاتَ وَحَصَلَ تَنَازُعٌ فَاَلَّذِي يَحْكُمُ بِأَنَّ لِي الْوَلَاءَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ مُتَزَوِّجٍ بِغَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِحُرَّةٍ أَوْ بِأَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَأَمَّا الرَّقِيقُ الْمُتَزَوِّجُ بِمِلْكِ سَيِّدِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَزَوِّجٍ أَصْلًا فَيُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ إذَا ثَبَتَ مُوجِبُ الْحَدِّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. (قَوْلُهُ الْأَوْلَى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّسْفِيهَ وَالتَّرْشِيدَ هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَأَمَّا مَا بَعْدَهُمَا فَكُلُّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَالِ يَتِيمٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّصْوِيبِ. (قَوْلُهُ: الْقُضَاةُ) أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْعَشَرَةَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إذَا اُحْتِيجَ لِلْحُكْمِ إلَّا الْقُضَاةُ وَزِيدَ عَلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَاللِّعَانُ فَإِنْ حَكَمَ غَيْرُ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَضَى حُكْمُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا وَأُدِّبَ وَأَمَّا التَّقْرِيرُ فِي الْأَطْيَانِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى الْبِرِّ فَإِنَّمَا يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ الْبَاشَا لَا لِلْقُضَاةِ فَهُمْ مَعْزُولُونَ عَنْ التَّقْرِيرِ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ نَقْلًا عَنْ عج وَمَحَلُّ كَوْنِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةَ عَشْرَةَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إلَّا الْقَاضِي إنْ كَانَ وَلَا يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ دَرَاهِمَ عَلَى حُكْمِهِ وَإِلَّا قَامَ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ مَقَامَهُ فِيمَا ذَكَرَ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: لِخَطَرِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ) أَيْ لِعِظَمِهَا أَيْ لِخَطَرِ بَعْضِهَا كَالْقِصَاصِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلنَّسَبِ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيَجْتَمِعُ حَقُّ اللَّهِ وَالْخَطَرُ فِي الْحُدُودِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَقِّ مَنْ لَيْسَ مَوْجُودًا) أَيْ كَالْغَائِبِ وَالْحَبْسِ الْمُعْقِبِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحَصْرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إضَافِيٌّ أَيْ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ وَالْمُحَكَّمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ مِثْلُ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ وَالْوَالِي إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَكَّمُوا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ ابْتِدَاءً فَإِنْ حُكِّمُوا مَضَى حُكْمُهُمْ إنْ كَانَ صَوَابًا وَأُدِّبُوا. (قَوْلُهُ: الْخَوْفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ) أَيْ يَأْخُذُهُ غَصْبًا

أَيْ الْيَتِيمِ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ وَبَاعَ الْحَاكِمُ بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ لَهُ وَصِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (لِحَاجَةٍ) كَنَفَقَةٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْنٍ لَا قَضَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ (أَوْ غِبْطَةٍ) بِأَنْ زِيدَ فِي ثَمَنِ مِثْلِهِ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ مِنْ مَالٍ حَلَالٍ (أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا) أَيْ عَلَيْهِ خَرَاجٌ أَيْ حِكْرٌ فَيُبَاعُ وَيُبَدَّلُ بِمَا لَا حِكْرَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَظَّفُ أَكْثَرَ نَفْعًا فَلَا يُبَاعُ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (حِصَّةً) فَيُسْتَبْدَلُ بِهِ غَيْرُهُ كَامِلًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ (أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ) وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ (فَيُسْتَبْدَلُ) أَيْ فَيُبَاعُ لِيُسْتَبْدَلَ لَهُ (خِلَافُهُ) وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا عَدَا الْبَيْعَ لِحَاجَةٍ حَتَّى مَا يُبَاعَ لِغِبْطَةٍ وَرَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا مَا عَدَا مَسْأَلَةً أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا (أَوْ) لِكَوْنِهِ أَيْ مَسْكَنِهِ (بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ) وَإِنْ قَلُّوا فَيُسْتَبْدَلُ لَهُ مَسْكَنٌ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ لَا عَقَارُهُ الَّذِي لِلتَّجْرِ أَوْ الْكِرَاءِ لِغُلُوِّهِ غَالِبًا بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ (أَوْ) لِكَوْنِهِ بَيْنَ (جِيرَانِ سُوءٍ) يُخْشَى مِنْهُمْ الضَّرَرُ فِي الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا فَيَشْمَلُ أَهْلَ الْبِدَعِ فَيُسْتَبْدَلُ لَهُ مَنْزِلٌ بَيْنَ أَهْلِ السَّنَةِ (أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا) فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ (وَلَا مَالَ لَهُ) يَشْتَرِي لَهُ بِهِ حِصَّةَ الشَّرِيكِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ خِلَافَهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ) عَنْهُ فَيَصِيرُ مُنْفَرِدًا عَنْهَا (أَوْ) خَشْيَةَ (الْخَرَابِ وَلَا مَالَ لَهُ) يُعَمِّرُ بِهِ (أَوْ لَهُ) مَالٌ (وَالْبَيْعُ أَوْلَى) مِنْ الْعِمَارَةِ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْمَحَاجِيرِ الثَّلَاثَةِ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ شَرَعَ فِي الْمَحْجُورِ الرَّابِعِ فَقَالَ (وَحُجِرَ عَلَى الرَّقِيقِ) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا لِسَيِّدِهِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَلَوْ كَانَ حَافِظًا لِلْمَالِ بِمُعَاوَضَةٍ وَغَيْرِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَهُوَ فِي يَوْمِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ وَفِي يَوْمِ سَيِّدِهِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ (إلَّا بِإِذْنٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَيْ الْيَتِيمُ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ) وَبَاعَ الْحَاكِمُ أَوْ لَهُ وَصِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عج وَأَصْلُهُ لِشَيْخِهِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَاعْتَرَضَهُ طفى قَائِلًا الْبَيْعُ لِهَذِهِ الْوُجُوهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْيَتِيمِ ذِي الْوَصِيِّ خَاصَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْيَتِيمُ الْمُهْمَلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَبِيعُ لِحَاجَتِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ. وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ الْآخَرَ يَقُولُ إنَّ الْوَصِيَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ عَقَارَ الْيَتِيمِ إلَّا لِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ يُكَلَّفُ إثْبَاتَ الْوَجْهِ الَّذِي يَبِيعُ لِأَجْلِهِ أَوْ لَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَهُ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ لِهَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ بْن (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ أَيْ الْيَتِيمِ أَيْ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَهُ أَبٌ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَبَ يَبِيعُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الَّذِي فِي حَجْرِهِ الرُّبُعَ وَغَيْرَهُ لِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلِغَيْرِهَا وَفِعْلُهُ فِي رُبُعِ وَلَدِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ السِّلَعِ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاحِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْوَصِيُّ وَحْدَهُ ثُمَّ نَقَلَ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ مِنْ ثُبُوتِ يُتْمِهِ وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا قَصَدَ بَيْعَهُ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى إلَى آخِرِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ هُوَ كَالْأَبِ أَوْ إلَّا الرُّبُعَ فَبَيَانُ السَّبَبِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ مِنْ مَالٍ حَلَالٍ) التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ وَقَعَ فِي كَلَامِ سَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ وَيَكُونُ مَالُ الْمُبْتَاعِ حَلَالًا طَيِّبًا كَذَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ فَتُّوحٍ اهـ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْحَلَالَ وُجُودُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّا نَقُولُ الْحَلَالُ مَا جُهِلَ أَصْلُهُ لَا مَا عُلِمَ أَصْلُهُ وَأَصْلُ أَصْلِهِ حَتَّى يَتَعَذَّرَ. (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ نَفْعًا) أَيْ مِنْ الْخَالِي عَنْ التَّوْظِيفِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ نَفْعُ الْمُوَظَّفِ مِثْلَ نَفْعِ الْخَالِي فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ حُلُولُو التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ وَعَدَمُ بَيْعِهِ إلَّا لِمَانِعٍ آخَرَ اُنْظُرْ شب. (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِهِ حِصَّةً) أَيْ أَمْكَنَ قَسْمُهَا أَمْ لَا أَرَادَ شَرِيكُهُ الْبَيْعَ أَمْ لَا وَالْحَالُ أَنَّ لِلْيَتِيمِ مَالًا (قَوْلُهُ أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ) أَيْ فَيُبَاعُ وَيُسْتَبْدَلُ لَهُ مَالُهُ غَلَّةً كَثِيرَةً. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ) أَيْ فَيُبَاعُ وَيُسْتَبْدَلُ لَهُ عَقَارٌ لَهُ غَلَّةٌ (قَوْلُهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْخِلَافُ غَيْرَ عَقَارٍ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالْعَقَارِ اهـ خش. (قَوْلُهُ: حَتَّى مَا يُبَاعُ لِغِبْطَةٍ) أَيْ فَيَجِبُ الِاسْتِبْدَالُ فِيهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَرْنَاطِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِبْدَالِ فِيهَا كَالْبَيْعِ لِحَاجَةٍ. (قَوْلُهُ: لِغُلُوِّهِ غَالِبًا) أَيْ لِغُلُوِّ كِرَائِهِ فَالْمَصْلَحَةُ حِينَئِذٍ فِي إبْقَائِهِ. (قَوْلُهُ: يَخْشَى مِنْهُمْ الضَّرَرَ فِي الدِّينِ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا خَوَارِجَ يَخْشَى عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يَعْتَقِدَ اعْتِقَادَهُمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ الدُّنْيَا) أَيْ أَوْ يَخْشَى مِنْهُمْ عَلَى الْوَلَدِ فِي دُنْيَاهُ بِأَنْ يَسْرِقُوا مَتَاعَهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) أَيْ وَإِلَّا قُسِمَ لِلْيَتِيمِ حِصَّتُهُ وَلَا تُبَاعُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَحَجْرٌ عَلَى الرَّقِيقِ) أَيْ حَجْرًا أَصْلِيًّا كَالْحَجْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَحِينَئِذٍ فَتَصَرُّفَاتُهُ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ) وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْحَقِّ فِي زِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِسَبَبِ الْمَالِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي لَهُ مَالٌ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ مَا لَا مَالَ لَهُ. (قَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ فَلَهُ رَدُّ تَصَرُّفَاتِهِ كَانَتْ بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ) أَيْ سَيِّدُهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي يَوْمِهِ وَإِلَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مَاضِيًا. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُلْتَبِسًا بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ فِي كُلِّ نَوْعٍ بَلْ وَلَوْ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ وَحُكْمُهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَنَّهُ كَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ لَا أَنَّهُ وَكِيلٌ فَإِذَا تَصَرَّفَ

وَلَوْ ضِمْنًا كَكِتَابَتِهِ فَإِنَّهَا إذْنٌ حُكْمًا لِإِحْرَازِهِ بِهَا نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَكَشِرَائِهِ لَهُ بِضَاعَةً وَوَضْعِهَا بِحَانُوتٍ مَثَلًا وَأَمْرِهِ بِجُلُوسِهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ وَالْمَأْذُونُ مَنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ أَوْ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَالرِّبْحُ لِلْعَبْدِ وَأَمَّا لِلسَّيِّدِ فَوَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ (وَلَوْ) أَذِنَ لَهُ (فِي نَوْعٍ) خَاصٍّ كَالْبَزِّ (فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ) فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ بَاقِي الْأَنْوَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَدْرُونَ فِي أَيِّ الْأَنْوَاعِ أَقْعَدَهُ فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ مَا قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلَوْ فِي نَوْعٍ فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ فِي سَائِرِ الْأَنْوَاعِ ثُمَّ إنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ سَوَاءٌ مَنَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ مَضَى مَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ مَنْعُهُ مِنْ التَّعَدِّي فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَمَّا مُضِيُّهُ فَرُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ كَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ (وَلَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ (أَنْ يَضَعَ) عَنْ بَعْضِ غُرَمَائِهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ (و) لَهُ أَنْ (يُؤَخِّرَ) غَرِيمًا بِمَا حَلَّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَبْعُدْ التَّأْخِيرُ (وَيُضِيفَ) بِطَعَامٍ يَدْعُو لَهُ النَّاسَ وَلَهُ الْإِعَارَةُ (إنْ اسْتَأْلَفَ) فِي الْجَمِيعِ أَيْ فَعَلَهُ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ (و) لَهُ أَنْ (يَأْخُذَ قِرَاضًا) مِنْ غَيْرِهِ وَرِبْحُهُ كَخَرَاجِهِ لَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ وَلَا يَتَّبِعُهُ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بِهِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ نَفْسَهُ فِي الْإِجَارَةِ (و) أَنْ (يَدْفَعَهُ) لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ كَهِبَةٍ) لَهُ وَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ أُعْطِيت لَهُ بِالْمُعَاوَضَةِ وَلَوْ بِهِبَةِ ثَوَابٍ لَا بِصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَضَى تَصَرُّفُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ضِمْنًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ صَرِيحًا كَأَذَنْتُكَ فِي التِّجَارَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ ضِمْنًا. (قَوْلُهُ وَكَشِرَائِهِ) أَيْ وَكَشِرَاءِ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ بِضَاعَةً وَوَضْعِهَا إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ الْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ تَرْشِيدَ السَّيِّدِ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ رَشَّدْتُك. (قَوْلُهُ: وَالْمَأْذُونُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ يَكُونُ الْعَبْدُ وَكِيلًا فِي صُورَةٍ وَكَالْوَكِيلِ فِي صُورَتَيْنِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهِمَا مَضَى تَصَرُّفُهُ إنْ كَانَ نَظَرًا وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَمْضَيْت تَصَرُّفَك كَانَ نَظَرًا أَمْ لَا وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا وَكِيلًا فَتَصَرُّفُهُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ أَصْلًا وَلَوْ غَيْرَ صَوَابٍ. (قَوْلُهُ: فَوَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ) أَيْ هَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ بَلْ وَلَوْ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ. (قَوْلُهُ: فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ أَنَّ إذْنَهُ فِي النَّوْعِ الْفُلَانِيِّ خَاصَّةً وَأُعْلِنَ ذَلِكَ فَإِنْ أَشْهَرَ ذَلِكَ وَأَعْلَنَهُ اخْتَصَّ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ وَالنَّقْلُ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ الَّذِي أَذِنَ فِيهِ كَانَ تَصَرُّفُهُ مَاضِيًا بَلْ وَجَائِزًا ابْتِدَاءً خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مِنْ مُضِيِّهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ ابْتِدَاءً اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَلَوْ اُشْتُهِرَ مَنْعُهُ مِنْهُ خِلَافًا وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي أَيِّ الْأَنْوَاعِ أَقْعَدَهُ) فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النَّوْعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَقَطْ كَانَ ذَلِكَ غَرَرًا لِلنَّاسِ. (قَوْلُهُ: بِالْمَعْرُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَضَعَ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْوَضِيعَةِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا كَانَ مَا يَضَعُهُ قَلِيلًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مُنِعَتْ الْوَضِيعَةُ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ مُعْتَبَرَانِ بِالْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبْعُدْ التَّأْخِيرُ) أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ وَالْبُعْدُ أَيْضًا مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يَعُدُّوا تَأْخِيرَ الدَّيْنِ لِلِاسْتِئْلَافِ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّفْعِ كَمَنْ يُؤَخِّرُ دَيْنَهُ لِحُبِّ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْمَحْمَدَةِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْإِعَارَةُ إنْ اسْتَأْلَفَ) فِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعِيرَ مِنْ مَالِهِ عَارِيَّةً مَأْذُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَكَذَلِكَ الْعَطِيَّةُ اهـ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا يُعِيرُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ الصَّقَلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُعِيرَ دَابَّتَهُ لِلْمَكَانِ الْقَرِيبِ اهـ وَالْمَنْعُ مِنْهَا وَلَوْ لِلِاسْتِئْلَافِ هُوَ الصَّوَابُ اهـ بْن (قَوْلُهُ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ اسْتِئْلَافٍ وَلَوْ قَلَّ الْمَالُ إذَا عُلِمَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن فَإِنْ عُلِمَ كَرَاهَةُ السَّيِّدِ لِذَلِكَ مُنِعَتْ وَكُلُّ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ لِلسَّيِّدِ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ قِرَاضًا وَيَدْفَعُهُ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اسْتِلْزَامِ الْإِذْنِ فِي التَّجَرِ أَخْذُ الْقِرَاضِ وَإِعْطَاؤُهُ نَقَلَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَجْرٌ أَوْ إجَارَةٌ وَإِيدَاعٌ لِلْغَيْرِ اهـ بْن فَمَنْ قَالَ إنَّ الْعَمَلَ فِي الْقِرَاضِ مِنْ قَبِيلِ التِّجَارَةِ أَجَازَ لِلْمَأْذُونِ أَخْذَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِ وَدَفْعَهُ قِرَاضًا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَمَنْ قَالَ إنَّ عَمَلَهُ فِي مَالِ الْغَيْرِ قِرَاضًا مِنْ قَبِيلِ الْإِجَارَةِ وَدَفْعُهُ الْمَالِ لِغَيْرِهِ قِرَاضًا مِنْ قَبِيلِ الْوَدِيعَةِ مُنِعَ مِنْ دَفْعِهِ الْمَالَ لِغَيْرِهِ وَأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ قِرَاضًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَا يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (تَنْبِيهٌ) كَمَا يَجُوزُ لِلْمَأْذُونِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا التَّسَرِّي وَهِبَةُ الثَّوَابِ وَقَبُولُ الْوَدِيعَةِ وَأَخْذُ اللُّقَطَةِ لَا اللَّقِيطِ وَالتَّوْكِيلُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: وَرِبْحُهُ) أَيْ الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ كَخَرَاجِهِ أَيْ أُجْرَةِ خِدْمَتِهِ وَقَوْلُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ نَفْسَهُ فِي الْإِجَارَةِ أَيْ وَمَا تَحَصَّلَ مِنْ إجَارَتِهِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ فِي كَهِبَةٍ بِالْمُعَاوَضَةِ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: لَا بِصَدَقَةٍ) أَيْ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا ذَكَرَ بِصَدَقَةٍ وَلَا بِهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَلَا بِنَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ وَإِنَّمَا

(وَأُقِيمَ مِنْهَا) أَيْ أَخَذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (عَدَمُ مَنْعِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْهِبَةِ أَيْ مِنْ قَبُولِهَا أَيْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُ عَبْدِهِ مِنْ قَبُولِهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ قِيلَ إنَّ لَهُ الْمَنْعَ لَكَانَ حَسَنًا لِلْمَالِيَّةِ الَّتِي تَلْحَقُ السَّيِّدَ (وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْقَبُولُ) لِلْهِبَةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ فِيهِ فَأَوْلَى الْمَأْذُونُ وَمَنْ اسْتَقَلَّ بِالْقَبُولِ اسْتَقَلَّ بِالرَّدِّ ثُمَّ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ فَأُخِذَ مِنْهُ جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ وَالرَّاجِحُ مَا هُنَا (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَأْذُونِ فِي قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ (كَالْحُرِّ) مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَا الْغُرَمَاءُ وَالسَّيِّدُ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا بَعْدَهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بَعْدَ التَّفْلِيسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ (وَأَخْذُ) الدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ (مِمَّا) أَيْ مِنْ الْمَالِ الَّذِي (بِيَدِهِ) أَيْ مِمَّا لَهُ سُلْطَةٌ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ فِيهِ أَمْ لَا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا (وَإِنْ) كَانَ مَا بِيَدِهِ (مُسْتَوْلَدَتَهُ) أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَوْ رِبْحِهِ وَأَمَّا وَلَدُهَا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ فَلَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَهِيَ وَوَلَدُهَا لِلسَّيِّدِ قَطْعًا (كَعَطِيَّتِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَإِعْطَاءِ الْغَيْرِ لَهُ عَطِيَّةً تُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ (وَهَلْ إنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ) أَيْ لِأَجْلِ قَضَائِهِ وَإِلَّا فَكَخَرَاجِهِ تَكُونُ لِلسَّيِّدِ (أَوْ) يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْهَا (مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخْذُ مِمَّا بِيَدِهِ قَوْلُهُ (لَا غَلَّتِهِ) الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهُ فَتُؤْخَذُ لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ ضِمْنًا ـــــــــــــــــــــــــــــQنَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا بِالْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِيمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لَمَّا كَانَ طَارِئًا بَعْدَ الْإِذْنِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: وَأُقِيمَ مِنْهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِذَا وُهِبَ لِلْمَأْذُونِ مَالٌ وَقَدْ اغْتَرَقَهُ دَيْنٌ فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ شَيْءٌ وَلَا مِنْ خَرَاجِهِ وَأَرْشِ جِرَاحِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالٍ وُهِبَ لِلْعَبْدِ أَوْ تُصَدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ الْعَبْدُ اهـ فَقَالَ عِيَاضٌ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ قَبُولِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا يُجْبِرُونَهُ عَلَى الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَصَرَّفُ فِي تِلْكَ الْعَطِيَّةِ إلَّا بِإِذْنٍ. (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى الْمَأْذُونُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُقِيمَ مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَقَلَّ بِالْقَبُولِ اسْتَقَلَّ بِالرَّدِّ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَكُلٌّ مِنْ الْمَأْذُونِ وَغَيْرِهِ لَهُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَلَهُ رَدُّهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِذَا رَدَّهَا فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِهَا وَإِذَا قَبِلَهَا فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَى رَدِّهَا. (قَوْلُهُ: جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ) أَيْ عَلَى قَبُولِهَا إذَا رَدَّهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهَا إذَا قَبِلَهَا. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ مَا هُنَا) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا إذَا رَدَّهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهَا إذَا قَبِلَهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِمَعْنَى خَلْعِ الْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْحَاكِمِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا بِطَلَبِهِ دَيْنًا حَلَّ أَيْ إذَا طَلَبَ الْغُرَمَاءُ تَفْلِيسَهُ لِأَجْلِ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِ دَيْنٍ حَالٍّ. (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهُ) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ الَّذِي خَلَعَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ لَزِمَهُ فِيمَا تَجَدَّدَ فَيُحَاصِصْ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إسْقَاطُهُ) أَيْ الدَّيْنِ أَيْ عَنْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُفْلِسُ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ وَلِلسَّيِّدِ إسْقَاطُ الدَّيْنِ عَنْهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَسْقَطْت الدَّيْنَ عَنْك فَيَسْقُطُ وَلَا يُتْبَعُ بِهِ وَلَوْ عَتَقَ. (قَوْلُهُ: وَأَخْذُ الدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ فَلَّسَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَيْ مِمَّا لَهُ سَلَاطَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَحُوزًا بِيَدِهِ حِيَازَةً حِسِّيَّةً أَوْ لَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ) أَيْ فَتُبَاعُ لِأَنَّهَا مَالُهُ وَلَا حُرِّيَّةَ فِيهَا وَإِلَّا كَانَتْ أَشْرَفَ مِنْ سَيِّدِهَا وَكَذَا لَهُ بَيْعُهَا لِغَيْرِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لَكِنْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ عَتَقَ فَإِنْ بَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ مَضَى بَيْعُهَا وَمِثْلُ مُسْتَوْلَدَتِهِ فِي الْبَيْعِ لِلدَّيْنِ مَنْ بِيَدِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْحُرِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَمْ يَبِعْ أَحَدًا مِنْهُمْ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ أَيْ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ بَلْ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِنْ مَالِ تِجَارَةٍ أَوْ رِبْحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا لَهُ بَلْ لِلسَّيِّدِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عِتْقِهِ عَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَوْ كَانَ مَالًا لَتَبِعَهُ إنْ عَتَقَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى الرِّقِّيَّةِ حَتَّى يَكُونَ مَالًا فَلَوْ بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ رُدَّ بَيْعُهُ وَإِذَا عَلِمَتْ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لِسَيِّدِهِ فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهَا وَتُبَاعُ حِينَئِذٍ بِوَلَدِهَا وَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِيَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا بِيعَ بِهِ مِلْكُهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَعَطِيَّتِهِ) إنَّمَا ذَكَرَهَا وَإِنْ دَخَلَتْ فِيمَا بِيَدِهِ لِبَيَانِ مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ مُنِحَ) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ أَخْذِ الْعَطِيَّةِ فِي الدَّيْنِ إنْ مُنِحَ لِأَجْلِ وَفَائِهِ وَإِلَّا فَلَا تُؤْخَذُ فِيهِ بَلْ تَكُونُ لِلسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْهَا مُطْلَقًا) أَيْ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ عبق وخش هُمَا جَارِيَانِ فِيمَا مُنِحَ بَعْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا مَا مُنِحَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ قَالَ بْن قَدْ تَبِعَا فِي هَذَا الْقَيْدِ تت قَالَ طفى وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا مُنِحَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ وَبَعْدَهُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ) أَيْ الَّذِي

(وَرَقَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ (وَإِنْ) (لَمْ يَكُنْ) لِلْمَأْذُونِ (غَرِيمٌ) فَكَغَيْرِهِ أَيْ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ (وَلَا يُمَكَّنُ) عِنْدَ (ذِمِّيٍّ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهِ تَمْكِينُهُ (مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ مِمَّا لَا يُبَاحُ تَمَلُّكُهُ (إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ تِجَارَتَهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ تِجَارَةِ السَّيِّدِ وَلَا مَفْهُومَ لِذِمِّيٍّ بَلْ عَبْدُهُ الْمُسْلِمُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّمِّيِّ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَلَا لِتَجْرٍ بَلْ غَيْرِهِ كَالتَّوْكِيلِ عَلَى التَّقَاضِي وَالسَّلَمِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ (وَأَلَّا) يَتَّجِرَ لِسَيِّدِهِ بَلْ لِنَفْسِهِ بِمَالِهِ (فَقَوْلَانِ) فِي تَمْكِينِهِ وَعَلَيْهِ فَيَحِلُّ لِلسَّيِّدِ تَنَاوُلُهُ وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ الْخَامِسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فَقَالَ (وَعَلَى مَرِيضٍ) أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لِلْقِسْمَيْنِ (حَكَمَ الطِّبُّ) أَيْ أَهْلُهُ الْعَارِفُونَ بِهِ (بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ (كَسِلٍّ) بِكَسْرِ السِّينِ مَرَضٌ يَنْحَلُّ بِهِ الْبَدَنُ فَكَأَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا (وَقُولَنْجِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتُكْسَرُ مَرَضٌ مِعَوِيٌّ مُؤْلِمٌ يَعْسَرُ مَعَهُ خُرُوجُ الْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَقَوْلُهُ مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ نِسْبَةً لِلْمِعَى (وَحُمَّى قَوِيَّةٍ) حَارَّةٍ تُجَاوِزُ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ مَعَ إزْعَاجِ الْبَدَنِ وَالْمُدَاوَمَةِ (وَحَامِلِ سِتَّةٍ) أَيْ أَتَمَّتْهَا وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ (وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ) ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الِاعْتِرَافِ وَأَمَّا الْحَبْسُ لِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِيَسْتَبْرِئَ أَمْرَهُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ (أَوْ) مُقَرَّبٍ (لِقَطْعٍ) لَا مَحْبُوسٍ لَهُ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ (إنْ خِيفَ الْمَوْتُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَقَبَتُهُ) مِثْلُ رَقَبَتِهِ فِي كَوْنِ الْغُرَمَاءِ لَا يَأْخُذُونَ دَيْنَهُمْ مِنْ ثَمَنِهَا أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ) أَيْ وَلِهَذَا إذَا فَضَلَ مِنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُمْ يَتْبَعُونَ بِهَا ذِمَّتَهُ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ غَرِيمٌ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ إلَّا مَا فَضَلَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا يَنْتَزِعُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ) . نَحْوُهُ لعج وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالْحُرِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا فَالْأَوْلَى تَقْرِيرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالِانْتِزَاعِ فَقَطْ كَمَا فَعَلَهُ تت اُنْظُرْ طفى اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّقِيقَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ انْفَكَّ ذَلِكَ الْحَجْرُ عَنْهُ فَإِنْ أُرِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَا فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ: إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِمَالِ السَّيِّدِ أَوْ بِمَالِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تِجَارَتَهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ تِجَارَةِ السَّيِّدِ) أَيْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فَإِنْ مَكَّنَهُ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ وَبَاعَ مَا ذَكَرَ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ أَدَبًا لِلسَّيِّدِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْعَبْدُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ وَلَا لِتَجْرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذِمِّيٍّ أَيْ لَا مَفْهُومَ لِذِمِّيٍّ وَلَا لِتَجْرٍ. (قَوْلُهُ: كَالتَّوْكِيلِ عَلَى التَّقَاضِي وَالسَّلَمِ) أَيْ فَإِذَا وَكَّلَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الْكَافِرَ عَلَى قَبْضِ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ عَلَى سَلَمِ دَرَاهِمَ فِي سِلَعٍ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ قَضَاءً عَنْ الدَّيْنِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ السَّلَمِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: بِمَالِهِ) أَيْ لَا بِمَالِ السَّيِّدِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا هَذَا ظَاهِرُهُ وَاَلَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا اتَّجَرَ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ السَّيِّدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: فِي تَمْكِينِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي السَّلَمِ الثَّانِي وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ أَوْ بَيْعِهِمَا أَوْ شِرَائِهِمَا أَوْ يَأْتِي الْكَنِيسَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ دِينَهُمْ اهـ عِيَاضٌ قِيلَ مُرَادُهُ بِعَبْدِهِ هُنَا مُكَاتَبُهُ إذْ لَا تَحْجِيرَ لَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ هُوَ فِي مَأْذُونٍ يَتَّجِرُ بِمَالِ نَفْسِهِ وَقِيلَ فِيمَا تَرَكَهُ لَهُ سَيِّدَهُ تَوْسِعَةً لَهُ اهـ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ طفى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: تَنَاوُلُهُ) أَيْ أَخْذُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا أَرَادَ انْتِزَاعَ مَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ. . (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ) أَيْ كَحَامِلِ سِتَّةٍ وَالْمَحْبُوسِ لِلْقَتْلِ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ الْمَوْتُ بِهِ غَالِبًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَثْرَةِ الْمَوْتِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَوْتُ مِنْهُ شَهِيرًا لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ مِنْهُ غَلَبَةُ الْمَوْتِ بِهِ فَيُقَالُ فِي الشَّيْءِ أَنَّهُ كَثِيرٌ إذَا كَانَ وُجُودُهُ مُسَاوِيًا لِعَدَمِهِ وَالْغَلَبَةُ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الرُّوحَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ يَنْحَلُّ بِهِ الْبَدَنُ وَيُضْعِفُهُ وَيَتَرَاءَى مِنْهُ أَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ مَرَضٌ مِعَوِيٌّ إلَخْ) كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ دَاوُد الْحَكِيمُ فِي النُّزْهَةِ أَنَّهُ رِيحٌ غَلِيظٌ يَحْتَبِسُ فِي الْمِعَى. (قَوْلُهُ نِسْبَةً لِلْمِعَى) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَاحِدُ الْأَمْعَاءِ أَيْ الْمَصَارِينِ بِحُلُولِهِ فِيهَا لَا فِي الْمَعِدَةِ. (قَوْلُهُ وَحُمَّى قَوِيَّةٍ) أَيْ وَهِيَ الْحُمَّى الْمُطْبِقَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ مِصْرَ بِالنَّوْشَةِ. (قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ) أَيْ فَلَوْ تَبَرَّعَتْ بَعْدَ السِّتَّةِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ السَّابِعِ بِأَنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ كَانَ تَبَرُّعُهَا مَاضِيًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ تَمَامِ السِّتَّةِ تُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَوْ لَمْ تَدْخُلُ فِي السَّابِعِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَامِلِ سِتَّةٍ مَعْنَاهُ حَامِلٌ مَنْسُوبٌ لِلسِّتَّةِ وَمَتَى أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا تُنْسَبُ إلَيْهَا وَيَكْفِي فِي الْعِلْمِ بِبُلُوغِهَا السِّتَّةَ أَشْهُرٍ إخْبَارُهَا بِذَلِكَ وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءَ. (قَوْلُهُ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) لَا يُقَالُ إنَّ عَطْفَ الْعَامِلِ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَرُبَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ وَخِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ (وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ) وَإِنْ لَمْ يُصَبْ بِجُرْحٍ (لَا) خَفِيفِ مَرَضٍ (كَجَرَبٍ) وَرَمَدٍ أَوْ ضِرْسٍ أَوْ حُمَّى يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَنْشَأُ عَنْهُ مَوْتٌ عَادَةً (و) حُجِرَ عَلَى (مُلَجِّجٍ) أَيْ سَائِرٍ فِي اللُّجَّةِ (بِبَحْرٍ) مِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ عَائِمًا أَحْسَنَ الْعَوْمِ (وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) أَيْ الْفَزَعُ بِشِدَّةِ الرِّيحِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ الْمُخَوَّفِ (فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ) لَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّ بِهِمَا قِوَامَ بَدَنِهِ (و) غَيْرِ (مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) لَا مَالِيَّةٍ كَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ فَإِنْ حَابَى فِي الْمَالِيَّةِ فَمِنْ ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ وَكَانَتْ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ (وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ) إنْ تَبَرَّعَ وَلَوْ بِثُلُثِهِ وَلَا يَنْفُذُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَبَرُّعُهُ (لِمَالٍ) أَيْ مِنْ مَالٍ (مَأْمُونٍ) أَيْ لَا يُخْشَى تَغَيُّرُهُ (وَهُوَ الْعَقَارُ) كَدَارٍ وَأَرْضٍ وَشَجَرٍ فَلَا يُوقَفُ بَلْ يَنْفُذُ الْآنَ حَيْثُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بِأَنْ يَأْخُذَهُ الْمُتَبَرِّعُ لَهُ بِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ الْمَوْتَ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ نَفَذَ ذَلِكَ الْبَعْضُ عَاجِلًا فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَمْضِ غَيْرُ مَا نَفَذَ وَإِنْ صَحَّ نَفَذَ الْجَمِيعُ (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وُقِفَ تَبَرُّعُهُ لِعَدَمِ أَمْنِ مَالِهِ (فَمِنْ الثُّلُثِ) يَوْمَ التَّنْفِيذِ إنْ حَمَلَهُ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ فِي مَرَضِهِ (وَإِلَّا) يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ (مَضَى) تَبَرُّعُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ التَّبَرُّعِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ مُطْلَقًا وَلَهُ فِيهَا الرُّجُوعُ ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ السَّادِسَ لِلْحَجْرِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَعَقَّبَهُ بِالْخَامِسِ لِمُشَارَكَتِهِمَا فِي أَنَّ الْحَجْرَ فِيهِمَا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّبَرُّعَاتِ فَقَالَ (و) حُجِرَ (عَلَى الزَّوْجَةِ) الْحُرَّةِ الرَّشِيدَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ حَجْرِ السَّيِّدِ عَلَى رَقِيقِهِ وَالْوَلِيِّ عَلَى السَّفِيهِ (لِزَوْجِهَا) الْبَالِغِ الرَّشِيدِ أَوْ وَلِيِّ السَّفِيهِ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (عَبْدًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَحْذُوفِ الَّذِي بَقِيَ مَعْمُولُهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَهِيَ انْفَرَدَتْ بِعِطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ مَعْمُولُهُ لِأَنَّا نَقُولُ ذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَوْ مِثْلُ الْوَاوِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَخِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ) فِيهِ أَنَّهُ مَتَى خِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ تُرِكَ الْقَطْعُ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الشَّرْطِ مُشْكِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُفْرَضُ فِي الْمَقْطُوعِ لِلْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ وَلَوْ خِيفَ مَوْتُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ فَإِذَا قَرُبَ لِلْقَطْعِ وَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: صَفَّ الْقِتَالِ) أَيْ حَضَرَ صَفَّ الْقِتَالِ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفِ أَوْ هُوَ مَجْرُورٌ بِإِضَافَتِهِ لِحَاضِرِ وَاحْتُرِزَ بِصَفِّ الْقِتَالِ عَمَّنْ حَضَرَ صَفَّ النِّظَارَةِ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الظَّاءِ أَوْ صَفِّ الرَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَصَفُّ النِّظَارَةِ هُمْ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ الْمَغْلُوبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَاهِدِينَ فَيَنْصُرُونَهُ وَصَفُّ الرَّدِّ هُمْ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَرُدُّونَ أَسْلِحَتَهُمْ إلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: مُلَجِّجٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً اسْمُ فَاعِلٍ. (قَوْلُهُ أَحْسَنَ الْعَوْمِ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ سَفِينَةٍ لَا إنْ كَانَ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْحَجْرِ عِنْدَ حُصُولِ الْهَوْلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ) أَيْ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَرِيضٍ أَيْ وَمَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَحْضُرُ عَلَيْهِ فِي تَدَاوِيهِ وَمُؤْنَتِهِ وَلَا فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ وَلَوْ بِكُلِّ مَالِهِ وَأَمَّا التَّبَرُّعَاتُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهَا إذَا كَانَتْ بِزَائِدٍ عَنْ الثُّلُثِ وَأَمَّا تَبَرُّعُهُ بِالثُّلُثِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَمِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعَاتِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ وَكَذَلِكَ صُلْحُ الْقِصَاصِ فَإِذَا جَنَى جِنَايَةً وَمَرِضَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَ بِالدِّيَةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَيُمَكَّنُ أَرْبَابُ الْجِنَايَةِ مِنْ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فَمِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ فَتَنْفُذُ تِلْكَ الْمُحَابَاةُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ وَسِعَهَا مَضَتْ بِتَمَامِهَا وَإِنْ لَمْ يَسَعْهَا نَفَذَ مِنْهَا مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَقَطْ وَتُعْتَبَرُ الْمُحَابَاةُ يَوْمَ فِعْلِهَا لَا يَوْمَ الْحُكْمِ فَحَوَالَةُ السُّوقِ بَعْدَ فِعْلِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَغْوٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ وَلَوْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لِوَارِثٍ فِي الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: وَوَقَفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إذَا تَبَرَّعَ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِأَنْ أَعْتَقَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَقَفَ فَإِنْ ذَلِكَ يُوقَفُ فَإِنْ مَاتَ قَوْمٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ وَسِعَهُ كُلَّهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ فَقَطْ وَإِنْ صَحَّ وَلَمْ يَمُتْ مَضَى جَمِيعُ تَبَرُّعِهِ هَذَا إذَا كَانَ مَالُهُ الْبَاقِي بَعْدَ التَّبَرُّعِ غَيْرَ مَأْمُونٍ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ الْبَاقِي بَعْدَ التَّبَرُّعِ مَأْمُونًا وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ فَإِنَّ مَا بَتَلَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَمْ يُوقَفْ وَيَنْفُذُ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ عَاجِلًا وَوَقَفَ مِنْهُ مَا زَادَ ثُمَّ إنْ صَحَّ نَفَذَ الْجَمِيعُ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَمْضِ غَيْرُ مَا نَفَذَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ إلَخْ) أَيْ وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صُنِعَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى تَبَرُّعُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ أَيْ لِأَنَّهُ بَتَلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً. (قَوْلُهُ: الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِهِ تَارَةً يُوقَفُ لِمَوْتِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَتَارَةً لَا يُوقَفُ وَيَنْفُذُ حَالًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ تُوقَفُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْمُوصِي مَأْمُونًا أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ . (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ بِالْخَامِسِ) أَيْ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْخَامِسِ وَهُوَ الْمَرَضُ. (قَوْلُهُ وَحُجِرَ عَلَى الزَّوْجَةِ) أَيْ وَحَجَرَ الشَّرْعُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَا لِأَبِيهَا وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّ السَّفِيهِ) أَيْ أَوْ لِوَلِيِّ الزَّوْجِ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا) أَيْ فَالْحَجْرُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ السَّفِيهِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرُ فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَى زَوْجَتِهِ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ

لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ مَالِهَا التَّجَمُّلُ بِهِ وَالزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا لَهُ حَقٌّ فِي التَّجَمُّلِ مِنْ مَالِهَا دُونَ سَيِّدِهِ (فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا) وَلَوْ بِعِتْقٍ حَلَفَتْ بِهِ وَحَنِثَتْ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ (وَإِنْ) كَانَ تَبَرُّعُهَا حَاصِلًا (بِكَفَالَةٍ) أَيْ ضَمَانٍ مِنْهَا لِأَجْنَبِيٍّ لَا لِزَوْجِهَا فَيَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَتْ أَكْرَهَنِي لَمْ تُصَدَّقْ وَهَذَا فِي غَيْرِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ فَلَهُ مَنْعُهَا مُطْلَقًا بَلَغَتْ الثُّلُثَ أَوْ لَا (وَفِي) جَوَازِ (إقْرَاضِهَا) أَيْ دَفْعِهَا مَالًا قَرْضًا لِأَجْنَبِيٍّ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِرَدِّهِ لَهَا فَهُوَ كَبَيْعِهَا أَوْ مَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ كَالْهِبَةِ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ لِمُطَالَبَتِهَا بِهِ (قَوْلَانِ) الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا دَفْعُهَا مَالًا قِرَاضًا لِعَامِلٍ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ (وَهُوَ) أَيْ تَبَرُّعُهَا بِزَائِدِ الثُّلُثِ (جَائِزٌ) أَيْ مَاضٍ (حَتَّى يَرُدَّ) أَيْ حَتَّى يَرُدَّ الزَّوْجُ جَمِيعَهُ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَرْدُودٌ حَتَّى يُجِيزَهُ (فَمَضَى) جَمِيعُ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) الزَّوْجُ بِتَبَرُّعِهَا (حَتَّى تَأَيَّمَتْ) بِطَلَاقٍ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ (أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) وَلَوْ قَالَ أَوْ مَاتَتْ لَكَفَى دُخُولُ مَوْتِهِ تَحْتَ تَأَيَّمَتْ (كَعِتْقِ الْعَبْدِ) رَقِيقَهُ وَلَمْ يُعْلِمْ سَيِّدَهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ فَيَمْضِي إذَا لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ (و) كَتَبَرُّعِ مَدِينٍ بِشَيْءٍ قَبْلَ (وَفَاءِ الدَّيْنِ) وَلَوْ يَعْلَمُ غَرِيمُهُ بِهِ حَتَّى وَفَّى دَيْنَهُ فَتَبَرُّعُهُ مَاضٍ لَيْسَ لِلْغَرِيمِ رَدُّهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ) عَلَى ثُلُثِهَا وَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَلَهُ رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَبَرُّعُهَا بِعِتْقٍ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرَضَ) أَيْ الْمَقْصُودَ مِنْ مَالِهَا التَّجَمُّلُ بِهِ أَيْ لِزَوْجِهَا وَالزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا لَهُ حَقٌّ فِي التَّجَمُّلِ بِمَالِهَا دُونَ السَّيِّدِ إنْ قِيلَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ سَفِيهًا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لَهُ فِي الْحَجْرِ دُونَ وَلِيِّهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لِوَلِيِّهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ السَّفِيهَ قَدْ تَمُوتُ زَوْجَتُهُ فَيَرِثُهَا فَلِذَا كَانَ الْحَجْرُ وَالنَّظَرُ فِي تَبَرُّعِهَا لِلْوَلِيِّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ إذَا مَاتَتْ لَا يَرِثُهَا وَإِنَّمَا لَهُ التَّجَمُّلُ حَالَ حَيَاتِهَا فَلِذَا كَانَ الْحَجْرُ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي تَبَرُّعٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَةِ أَبَوَيْهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَتْ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ وَلَوْ قَصَدْت بِذَلِكَ ضَرَرَ الزَّوْجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رَدِّ الثُّلُثِ إذَا قَصَدْت بِهِ ضَرَرَ الزَّوْجِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَحَلُّ الْحَجْرِ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعِهَا بِزَائِدِ الثُّلُثِ إذَا كَانَ التَّبَرُّعُ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَأَمَّا لَهُ فَلَهَا أَنْ تَهَبَ جَمِيعَ مَالِهَا لَهُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ اُنْظُرْ شب. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِتْقٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَبَرُّعُهَا بِأَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ بِعِتْقٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَإِذَا ضَمِنَتْ مَا يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ غَيْرَ الزَّوْجِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّ الضَّمَانِ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ زَوْجَهَا كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَدُّ ضَمَانِهَا لَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ مِنْ أَنَّ ضَمَانَهَا لِزَوْجِهَا كَضَمَانِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ كَفَالَتَهَا لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا كَمَا يَرُدُّ كَفَالَتَهَا لِأَجْنَبِيٍّ إذَا كَفَلَتْهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ أَكْرَهَنِي أَيْ الزَّوْجُ عَلَى ضَمَانِهِ لَمْ تُصَدَّقْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَضْمُونِ زَوْجَهَا أَوْ غَيْرَهُ وَكَوْنِ مَا ضَمِنَتْهُ قَدْرَ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ) أَيْ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا) أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ لِلْخُرُوجِ وَالزَّوْجُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ وَقَدْ تُحْبَسُ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِلزَّوْجِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ إقْرَاضِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا رَدُّهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْعِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلِزَوْجِهَا الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إقْرَاضُ الْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا كَإِقْرَاضِ الزَّوْجَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ بَلْ هُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يُرَدَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ وَالْمَدِينِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ وَحِينَئِذٍ فَيَمْضِي تَبَرُّعُ الزَّوْجَةِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ حَتَّى زَالَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَكَذَا يَمْضِي تَبَرُّعُ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ السَّيِّدُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ وَكَذَا يَمْضِي تَبَرُّعُ الْمَدِينِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْغُرَمَاءُ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: فَمَضَى إلَخْ) هَذَا مِنْ ثَمَرَاتِ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَمْضِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ أَيْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ لَا إنْ لَمْ تَنْقَضِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ اهـ شب. (قَوْلُهُ: كَعِتْقِ الْعَبْدِ رَقِيقَهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِتْقَ مَصْدَرٌ مُتَعَدٍّ مَعَ أَنَّهُ مَصْدَرُ عَتَقَ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ لَازِمٌ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ إنَّمَا هُوَ أَعْتَقَ الرُّبَاعِيُّ وَمَصْدَرُهُ الْإِعْتَاقُ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ عِتْقِ اسْمَ مَصْدَرِ الرُّبَاعِيِّ بِمَعْنَى إعْتَاقٍ فَيُضَافُ لِلْمَفْعُولِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَإِنَّهُ لَازِمٌ لَا يَطْلُبُ مَفْعُولًا أَيْ كَأَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ أَنْ تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتِ مَنْ عَتَقَ وَنَحْوَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِهَا فَإِنَّهَا تَمْضِي وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ كَمَا يَمْضِي تَبَرُّعُ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَيَمْضِي إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَفْعَالَ الْعَبْدِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يَرُدَّهَا السَّيِّدُ. (قَوْلُهُ: كَتَبَرُّعِ مَدِينٍ) أَيْ بِصَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ. (قَوْلُهُ: حَتَّى وَفَّى دَيْنَهُ) أَيْ فَلَوْ عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِتَبَرُّعَاتِ الْمَدِينِ وَرَدُّوهَا وَبَقِيَتْ بِيَدِهِ حَتَّى أَوْفَاهُمْ دُيُونَهُمْ فَإِنَّ تِلْكَ التَّبَرُّعَاتِ تَكُونُ مَاضِيَةً لِأَنَّ رَدَّ الْغُرَمَاءِ رَدُّ إيقَافٍ لَا إبْطَالٍ وَأَمَّا لَوْ تَلْفِت بِيَدِهِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُ بَدَلُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ) هَذَا مُبَيِّنٌ لِإِجْمَالِ قَوْلِهِ وَعَلَى الزَّوْجَةِ إلَخْ فَلَا مُعَارَضَةَ اهـ شب

[باب في أقسام الصلح وأحكامه]

رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ إجَازَتُهُ لَا رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ لِئَلَّا يَلْزَمَ عِتْقُ الْمَالِكِ بَعْضًا بِلَا اسْتِكْمَالٍ (وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثُّلُثِ تَبَرُّعٌ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ) مَا بَيْنَ التَّبَرُّعَيْنِ بِعَامٍ عَلَى قَوْلٍ أَوْ نِصْفِهِ عَلَى آخَرَ فَلَهَا التَّبَرُّعُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَكَأَنَّهُ لِلْبُعْدِ صَارَ مَالًا بِرَأْسِهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (الصُّلْحُ) ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عَنْ إقْرَارٍ وَسُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ وَهُوَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ هِبَةٌ وَبَيَّنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ السُّكُوتَ وَالْإِنْكَارَ بَعْدُ فَقَالَ (عَلَى) أَخْذِ (غَيْرِ الْمُدَّعَى) بِهِ (بَيْعٌ) لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهِ كَدَعْوَاهُ بِعَرَضٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَأَقَرَّ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ عَلَى عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطُ الْبَيْعِ كَصُلْحِهِ عَنْ عَبْدٍ بِثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ أَوْ لَا يَبِيعَهُ أَوْ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ بِشَيْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا تَبَرَّعَتْ بِالزَّائِدِ حُمِلَتْ عَلَى أَنَّ قَصْدَهَا إضْرَارُ الزَّوْجِ فَعُومِلَتْ بِنَقِيضِ قَصْدِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الثُّلُثِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ إلَّا الزَّائِدَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ رَدَّ الْجَمِيعِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ إجَازَتُهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ فِي الثُّلُثِ كَوَرَثَةِ الْمَرِيضِ. (تَنْبِيهٌ) رَدُّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَرَدُّ إبْطَالٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَأَمَّا رَدُّ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ رَدُّ إيقَافٍ بِإِيقَافٍ وَرَدُّ الْوَلِيِّ الشَّامِلِ لِلسَّيِّدِ لِأَفْعَالِ مَحْجُورِهِ فَهُوَ رَدُّ إبْطَالٍ بِاتِّفَاقٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ ... بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَأَوْقِفَنْ رَدَّ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفْ ... فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفْ أَيْ لِلْقَاضِي حُكْمُ مَنْ نَابَ عَنْهُ فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَدِينِ فَإِيقَافٌ أَوْ عَلَى الْمَحْجُورِ فَإِبْطَالٌ. (قَوْلُهُ: إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ إذَا تَبَرَّعَ بِزَائِدٍ عَنْ ثُلُثِهِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ رَدُّ الْجَمِيعِ بَلْ رَدُّ الزَّائِدِ عَنْ الثُّلُثِ فَقَطْ أَوْ إجَازَةُ الْجَمِيعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَادِرَةٌ عَلَى إنْشَاءِ مَا أَبْطَلَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ مُدَّةٍ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ) أَيْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سَهْلٍ وَقَوْلُهُ عَلَى آخَرَ أَيْ وَهُوَ قَوْلِ أَصْبَغَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَحَكَى عج تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ قِيلَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ أَصْبَغَ لِأَنَّهُ تِلْمِيذُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ كَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ فَهُوَ أَدْرَى بِأَقْوَالِهِمْ خُصُوصًا وَقَدْ قَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا ابْنُ سَهْلٍ فَهُوَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ [بَابٌ فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ] (بَابُ الصُّلْحِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ مِنْ حَيْثُ هُوَ. (قَوْلُهُ: إمَّا بَيْعٌ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إنْ كَانَ مُغَايِرًا لِلْمُدَّعَى بِهِ وَكَانَ ذَاتًا فَهُوَ بَيْعٌ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً فَهُوَ إجَارَةٌ وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهُوَ هِبَةٌ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ تَجْرِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَعَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى السُّكُوتِ. أَمَّا جَرَيَانُهَا فِي الْإِقْرَارِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَبِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى بِهِ وَالْمُصَالَحِ بِهِ وَأَمَّا فِي السُّكُوتِ فَلِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَحَدِهِمَا أَيْ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ إمَّا مُقِرٌّ أَوْ مُنْكِرٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَيَّنَ هَذِهِ الْإِقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَجْرِي أَيْضًا فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ وَعَلَى الْإِنْكَارِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْإِنْكَارَ وَالسُّكُوتَ بِالذِّكْرِ فِيمَا يَأْتِي حَيْثُ قَالَ أَوْ السُّكُوتُ أَوْ الْإِنْكَارُ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مَا هُنَا وَيُعَمِّمُ فِي قَوْلِهِ هُنَا الصُّلْحُ إلَخْ أَيْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ لِانْفِرَادِهِمَا عَنْ صُلْحِ الْإِقْرَارِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ لَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ حَذْفِ نَائِبِ الْفَاعِلِ إذْ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ بَيْعٌ لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ أَيْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ عِوَضًا عَنْهُ ذَاتًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَهَذَا مُجْمَلٌ سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ إلَخْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّعَهُ بِالْفَاءِ فَكَانَ يَقُولُ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ فَلَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ بِهِ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ فِي الْبَيْعِ مَعْلُومًا وَفِي الْإِجَارَةِ مُعَيَّنًا حَاضِرًا. (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْمَأْخُوذِ عِوَضًا ظَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ نَقْدًا) اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فِي الذِّمَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُصَالَحِ بِهِ نَقْدًا (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ نَقْدًا وَأَمَّا لِأَجَلٍ فَيُمْنَعُ لِرِبَا النَّسَاءِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ) أَيْ

نَجِسٍ أَوْ غَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَمْ يَصِحَّ (أَوْ إجَارَةٌ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ إنْ كَانَ بِمَنَافِعَ فَهُوَ إجَارَةٌ لِلْمُصَالَحِ بِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهَا فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا كَهَذَا الْعَبْدِ أَوْ كَهَذِهِ الدَّابَّةِ جَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ لِعَدَمِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بَلْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ كَدِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَأَقَرَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَيْهِ بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ وَلَا مَضْمُونَةٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَسَيَذْكُرُ لَهُ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (و) الصُّلْحُ (عَلَى) أَخْذِ (بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (هِبَةٌ) لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ وَإِبْرَاءٌ مِنْهُ (وَجَازَ) الصُّلْحُ (عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ) ذَلِكَ الدَّيْنُ أَيْ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْمُعَاوَضَةِ كَدَعْوَاهُ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا فَيُصَالِحُهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بِهِمَا أَوْ بِعَرَضٍ أَوْ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ نَقْدًا وَيُمْنَعُ بِمَنَافِعَ كَسُكْنَى دَارٍ أَوْ بِمُؤَخَّرٍ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ أَوْ صَرْفِ مُؤَخَّرٍ أَوْ نَسَاءٍ وَكَذَا إنْ أَدَّى إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَصُلْحِهِ عَنْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ بِدَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَدَّى إلَى ضَعَةٍ وَتَعْجِيلٍ كَصُلْحِهِ عَنْ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ أَثْوَابٍ مُؤَجَّلَةٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا وَرُدَّ الْمَمْنُوعُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إنْ فَاتَ وَرَجَعَا لِلْخُصُومَةِ لِئَلَّا يَكُونَ تَتْمِيمًا لِلْفَاسِدِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصُّلْحِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَعْقَبَهُ بِصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ (عَنْ ذَهَبٍ بِوَرِقٍ وَعَكْسِهِ) (إنْ حَلَّا) ـــــــــــــــــــــــــــــQجَائِزَةٌ إذْ هُوَ كَبَيْعِ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ بِنَقْدٍ أَوْ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لَهُ أَوْ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لَهُ نَقْدًا. (قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٌ) أَيْ بِالْمُدَّعَى بِهِ أَيْ إجَارَةٌ لِلْمَنَافِعِ الْمُصَالَحِ بِهَا بِالذَّاتِ الْمُدَّعَى بِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إذَا كَانَ مَنَافِعَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا حَاضِرًا كَكِتَابٍ مَثَلًا تَدَّعِيهِ عَلَى زَيْدٍ وَهُوَ بِيَدِهِ فَيُصَالِحُك بِسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَدَرَاهِمَ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا بِمَنَافِعَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ ذَاتًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا وَإِلَّا كَانَ بَيْعَ مَجْهُولٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا أَيْ حَاضِرًا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَهَذَا الْعَبْدِ وَهَذِهِ الدَّابَّةِ) أَيْ أَوْ هَذَا الْكِتَابِ الْحَاضِرِ. (قَوْلُهُ: بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ كَسُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ أَوْ خِدْمَةِ هَذَا الْعَبْدِ سَنَةً وَقَوْلُهُ أَوْ مَضْمُونَةٍ أَيْ كَسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) أَيْ لِأَنَّ الذِّمَّةَ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ الْمُعَيَّنَ تَقْبَلُ مَنَافِعَهُ كَمَا مَرَّ وَقَبْضُ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصُّلْحُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالسُّكُوتِ غَيْرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ إنْ كَانَ بَيْعًا وَغَيْرُ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ إجَارَةً وَأَمَّا الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءٌ مِنْهُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْهِبَةِ حَقِيقَتَهَا حَتَّى يُحْتَاجَ فِيهَا لِلْقَبُولِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعِي بَلْ الْمُرَادُ بِهَا الْإِبْرَاءُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ وَلَا تَجَدُّدُ حِيَازَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا أَبْرَأْت زَيْدًا مِمَّا عَلَيْهِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِحِيَازَةٍ وَالْهِبَةُ تَحْتَاجُ لَهُمَا مَعًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ) الْأَنْسَبُ فَيَجُوزُ بَقَاءُ التَّفْرِيعِ بَدَلَ الْوَاوِ لِأَنَّ هَذَا مُفَصِّلٌ لِإِجْمَالِ قَوْلِهِ بَيْعٌ وَمُوَضِّحٌ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَنْ الدَّيْنِ إذَا انْتَفَتْ أَوْجُهُ الْفَسَادِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَالنَّسَاءِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَضْعٍ وَتَعَجُّلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَعَرَفَ الْمُدَّعِي قَدْرَ مَا يُصَالِحُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَمْ يَجُزْ وَهَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ صُلْحٍ كَانَ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً وَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي صُلْحِ الزَّوْجَةِ عَنْ إرْثِهَا مَعْرِفَتَهَا لِجَمِيعِ التَّرِكَةِ اهـ. لَكِنْ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ جَازَ عَلَى مَعْنَى التَّحَلُّلِ إذْ هُوَ غَايَةُ الْمَقْدُورِ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ أَبِي الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا) أَيْ كَدَعْوَاهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَ دَيْنٌ عَلَيْهِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ. (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ إلَخْ) أَيْ وَيُمْنَعُ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ كَصُلْحِهِ بِمَنَافِعَ أَوْ بِمُؤَخَّرٍ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ الْعَرَضِ أَوْ الطَّعَامِ الْمُخَالِفِ عَنْ دَعْوَاهُ بِعَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) أَيْ إذَا صَالَحَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْعَرَضِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الطَّعَامِ الدَّيْنِ بِسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَرْفِ مُؤَخَّرٍ) أَيْ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ بِفِضَّةٍ مُؤَجَّلَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَسَاءٍ) كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ مِنْ الْقَمْحِ الدَّيْنِ بِشَعِيرٍ مُؤَجَّلٍ. (قَوْلُهُ: وَرَدِّ الْمَمْنُوعِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ رَدِّ الصُّلْحِ الْمَمْنُوعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَرَدِّ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ فَاتَ وَالرُّجُوعُ لِلْخُصُومَةِ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ وَلَدِ ابْنِ عَاصِمٍ فِي شَرْحِ تُحْفَةِ أَبِيهِ وَنَصُّهُ الصُّلْحَ بِالْحَرَامِ مَفْسُوخٌ فَيُرَدُّ إنْ عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ فَإِنْ فَاتَ رُدَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْحَرَامِ ثُمَّ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي دَعْوَاهُ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا صُلْحًا آخَرَ بِمَا يَجُوزُ بِهِ الصُّلْحُ. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ الصُّلْحُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُصَالَحِ بِهِ وَقَوْلُهُ الْمَمْنُوعِ أَيْ الَّذِي يُمْنَعُ الصُّلْحُ بِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الصُّلْحُ بِمَعْنَى الْمُصَالَحِ بِهِ قَائِمًا وَقَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ أَيْ وَرُدَّتْ قِيمَةُ الصُّلْحِ بِمَعْنَى الْمُصَالَحِ بِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ فَاتَ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الصُّلْحِ إذَا وَقَعَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَلَوْ أُدْرِكَ بِحِدْثَانِ قَبْضِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَّرِفٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ

أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَبِهِ بِأَنْ لَا يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُهُ (وَعُجِّلَ) فَإِنْ اُشْتُرِطَ تَأْخِيرُهُ فَسَدَ وَلَوْ عُجِّلَ وَكَذَا إذَا أُخِّرَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّأْخِيرُ لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَمَثَّلَ لِقَوْلِهِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ بِقَوْلِهِ (كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ) وَاحِدٍ صُولِحَ بِهَا (عَنْ مِائَتَيْهِمَا) أَيْ عَنْ مِائَةِ دِينَارٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ ادَّعَى بِهِمَا فَأَقَرَّ بِهِمَا فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ لَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَسَوَاءٌ أَخَذَ مِنْهُ الدِّرْهَمَ نَقْدًا أَوْ أَخَّرَهُ بِهِ وَكَذَا الْمِائَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُبَايَعَةَ هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ لِلْبَعْضِ وَهِبَةٌ لِلْبَاقِي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ إنْ صَالَحَ بِمُعَجَّلٍ مُطْلَقًا أَوْ مُؤَجَّلٍ وَالصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ لَا عَلَى إنْكَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ (و) جَازَ الصُّلْحُ بِمَالٍ (عَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ يَمِينٍ) أَيْ عَنْهُ أَيْ يَجُوزُ الِافْتِدَاءُ بِمَالٍ عَنْ يَمِينٍ تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ وَيُعَدُّ ذَلِكَ الِافْتِدَاءُ صُلْحًا (أَوْ السُّكُوتِ) أَيْ جَازَ الصُّلْحُ عَنْ مُقْتَضَى السُّكُوتِ مِنْ حَبْسٍ أَوْ تَعْزِيرٍ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَسَكَتَ ثُمَّ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الدَّعْوَى وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ كَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مِثْلَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُمَا فَأُعْطِيَ حُكْمَهُمَا فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدِينَارٍ فَسَكَتَ فَصَالَحَهُ عَلَى دِرْهَمٍ مُؤَخَّرٍ لَمْ يَجُزْ بِالنَّظَرِ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَجُوزُ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِإِرْدَبٍّ مِنْ قَرْضٍ فَسَكَتَ فَصَالَحَهُ بِدِينَارٍ لَمْ يَجُزْ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعٍ (أَوْ) الصُّلْحُ عَلَى (الْإِنْكَارِ) أَيْ يَجُوزُ بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْحَالِ وَأَمَّا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ فَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ الْمُنْكِرُ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ حَرَامٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ قَالَ يَنْفَسِخُ إنْ أُدْرِكَ بِحَدَثَانِ قَبْضِهِ، وَيَنْفُذُ مَعَ الطُّولِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ دَيْنٍ بِثَمَرَةِ حَائِطٍ مُعَيَّنَةٍ قَدْ أَزْهَتْ وَاشْتَرَطَ أَخْذَهَا تَمْرًا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ إنَّهُ سَلَمٌ فَاسِدٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الصُّلْحُ مَمْنُوعًا وَقِيلَ إنَّهُ بَيْعٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الصُّلْحُ جَائِزًا وَأَمَّا الصُّلْحُ بِمَكْرُوهٍ فَهُوَ نَافِذٌ اتِّفَاقًا أُدْرِكَ بِحَدَثَانِ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ) حُلُولُهُ بِحَسَبِ زَعْمِ الْمُدَّعَى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَعُجِّلَ) أَيْ الْمُصَالِحُ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَ الْمُصَالَحِ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحُلُولِ وَالتَّعْجِيلِ فِي صُلْحِهِ عَنْ ذَهَبٍ بِمِثْلِهِ وَعَنْ وَرِقٍ بِمِثْلِهِ كَصُلْحِهِ عَنْ مِائَةٍ بِخَمْسِينَ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا فَالسَّلَفُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَنْ أَجَّلَ مَا عَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا وَالنَّفْعُ لِلْمُدَّعِي بِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: ادَّعَى بِهِمَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا حَالَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ مُنِعَ الصُّلْحُ بِالْمِائَةِ دِينَارٍ وَالدِّرْهَمِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتُعَجَّلْ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ) أَيْ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يُؤَدِّي لِسَلَفٍ مِنْ الْمُدَّعِي جَرَّ نَفْعًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمِائَةَ دِينَارٍ وَالدِّرْهَمِ الْمَأْخُوذَيْنِ صُلْحًا مُؤَجَّلَانِ وَتَأْجِيلُهُمَا عَيْنُ السَّلَفِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالٌّ وَقَدْ انْتَفَعَ هُوَ بِسُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ بِتَقْدِيرِ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ . (قَوْلُهُ: أَيْ يَجُوزُ الِافْتِدَاءُ بِمَالٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ الْيَمِينُ لَا الِافْتِدَاءُ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ فَمِنْ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهِيَ بِمَعْنَى عَنْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ) رَدَّ بِذَلِكَ عَلَى ابْنِ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيِّ فِي قَوْلِهِ إنْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ وَجَبَتْ الْيَمِينُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ لِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ فِيهِ إذْلَالَ نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَذَلَّ نَفْسَهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ» وَمِنْهَا أَنَّ فِيهِ إضَاعَةَ الْمَالِ وَمِنْهَا أَنَّ فِيهِ إغْرَاءً لِلْغَيْرِ وَمِنْهَا أَنْ فِيهِ إطْعَامَ مَا لَا يَحِلُّ وَرُدَّ بِأَنَّ تَرْكَ الْيَمِينِ وَتَرْكَ الْخِصَامِ عِزٌّ لَا إذْلَالٌ وَحِينَئِذٍ فَبَذْلُ الْمَالِ فِيهِ لَيْسَ إضَاعَةً لَهُ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ وَأَمَّا أَكْلُ الْغَيْرِ الْحَرَامَ فَلَا سَبِيلَ عَلَى الْمَظْلُومِ فِيهِ {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} [الشورى: 42] الْآيَةَ اهـ وَجَعَلَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ مَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ تَقْيِيدًا وَجَزَمَ بِهِ فِي شَامِلِهِ قَالَ ح هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَمْ أَرَ مَا يُعَارِضُ هَذَا الْإِطْلَاقَ وَلَمْ أَرَ إلَّا مَا يُقَوِّيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ السُّكُوتُ) كَأَنْ تَدَّعِيَ عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَيَسْكُتَ ثُمَّ يُصَالِحَك بِشَيْءٍ عَمَّا يَقْتَضِيهِ السُّكُوتُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ حَبْسٍ وَتَعْزِيرٍ حَتَّى يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يُنْكِرَ فَيُعَامَلَ بِمُقْتَضَى كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ فِي الْإِقْرَارِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الشُّرُوطِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِنْكَارِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ مُقَابِلُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ حُكْمَ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ شَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ حُكْمَ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ فَقَطْ مِنْ اعْتِبَارِ حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِمَا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ مَا اُعْتُبِرَ فِي الْإِنْكَارِ مِنْ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ قَالَ طفى وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ كَالْإِنْكَارِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ يُمْنَعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ وَقَوْلُهُ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِنْكَارِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ مُؤَجَّلَةً لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِهِ) أَيْ وَالدَّرَاهِمُ إنَّمَا دَفَعَهَا افْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا إقْرَارُهُ وَقَدْ قَالَ أَوَّلًا إنَّهُ يُعْطَى حُكْمَهُمَا فَالْحَقُّ الْمَنْعُ حَتَّى بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعٍ) أَيْ فَفِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ مِنْ بَيْعٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَأَمَّا

وَإِلَّا فَحَلَالٌ وَيُشْتَرَطُ لِلصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ أَوْ الْإِنْكَارِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الِافْتِدَاءُ مِنْ يَمِينٍ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَشَارَ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (إنْ جَازَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ) مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ (عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ) الشَّرْعِيِّ بِأَنْ لَا تَكُونَ هُنَاكَ تُهْمَةُ فَسَادٍ وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ وَأَصْبَغُ أَمْرًا وَاحِدًا وَهُوَ أَنْ لَا تُتَّفَقَ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ مِثَالُ الْمُسْتَوْفِي لِلثَّلَاثَةِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشْرَةٍ حَالَّةٍ فَأَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهَا بِثَمَانِيَةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ بِعَرَضٍ حَالٍّ وَمِثَالُ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَيَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَنْ يَدَّعِيَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ فَيُصَالِحُهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِهَا إلَى شَهْرٍ أَوْ عَلَى خَمْسِينَ مُؤَخَّرَةٍ لِشَهْرٍ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَّرَ صَاحِبَهُ أَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَعْضَ وَأَخَّرَهُ لِشَهْرٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتَدَى مِنْ الْيَمِينِ بِمَا الْتَزَمَ أَدَاءَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ فَالسَّلَفُ التَّأْخِيرُ وَالْمَنْفَعَةُ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْإِنْكَارِ بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلِفِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالنَّظَرِ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ بَيْعُ طَعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ جَائِزٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعٍ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا السُّكُوتَ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِلْمُدَّعِي وَطَعَامُ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ نَزَّلْنَاهُ مَنْزِلَةَ الْإِنْكَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَاعْتُبِرَ فِيهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ فَلَا دَعْوَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَالٍ وَلَا مَنْعَ مِنْ جِهَتِهِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالِ إقْرَارِهِ بِأَنَّهَا مِنْ بَيْعٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَجْوِيزٍ عَقْلِيٍّ كَالْوَسْوَسَةِ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمٌ فَالْحَقُّ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ فَالشَّرْطُ فِي الصُّلْحِ أَنْ يَجُوزَ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ عَلَى دَعْوَاهُ مُنِعَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَحَلَالٌ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الصَّادِقُ فِي الْوَاقِعِ الْمُنْكِرَ بَلْ الْمُدَّعِيَ فَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُنْكِرِ حَلَالٌ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ لِلصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ أَوْ الْإِنْكَارِ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا لِابْنِ مُحْرِزٍ مِنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى السُّكُوتِ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ الِافْتِدَاءُ مِنْ يَمِينٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ وُقُوعُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَقِبَهَا وَإِعَادَةُ الْجَارِ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ يَمِينٍ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَفْرَدَ الِافْتِدَاءَ مِنْ الْيَمِينِ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْإِنْكَارِ كَمَا قَالَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الصُّلْحَ تَارَةً يُلَاحَظُ فِي نَظِيرِ أَصْلِ الدَّعْوَى وَتَارَةً يُلَاحَظُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ) وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ جَائِزًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَعَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا هِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَأَمَّا فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ فَالْمُشْتَرَطُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ إنْ جَازَ) أَيْ الصُّلْحُ وَقَوْلُهُ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ أَيْ عَلَى مُقْتَضَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ قُلْت إنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتِ وَفِي السُّكُوتِ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابٌ وَفِي الْإِنْكَارِ إذَا أَجَابَ بِغَيْرِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ كَانَ إقْرَارًا لَا دَعْوَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ عِنْدِي مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيَّ وَأَجَابَ بِغَيْرِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يُجِبْ لَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ أَجَابَ لَأَجَابَ بِغَيْرِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ وَتَسْمِيَةُ هَذَا دَعْوَى مَجَازٌ إذْ هُوَ إقْرَارٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ خِطَابَ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا قَالَ عبق إذْ لَا مَعْنَى لِهَذَا لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَنَقُولُ إنْ فَرَضْنَا أَنَّهُ الْجَوَازُ صَارَ الشَّرْطُ جَوَازَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْجَوَازِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَإِنْ فَرَضْنَاهُ غَيْرَهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ أَيْضًا إذْ لَا يَكُونُ الْجَوَازُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَنْعِ مَثَلًا بَلْ الْمُرَادُ بِظَاهِرِ الْحُكْمِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ النِّسْبَةُ التَّامَّةُ فِي قَوْلِنَا: تُهْمَةُ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا تُوجِبُ الْحُرْمَةَ: تُهْمَةُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ تُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الصُّلْحِ جَائِزًا عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصُّلْحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ الَّتِي ظَهَرَتْ لَنَا الْمُقْتَضِيَةِ لِلْمَنْعِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَأَصْبَغَ) أَيْ وَاعْتَبَرَ أَصْبَغُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهَا بِثَمَانِيَةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ بِعَرَضٍ حَالٍّ) فَالصُّلْحُ جَائِزٌ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ الْحَالَّةَ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ حَالَّةٍ أَقَلَّ مِنْهَا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ الْحَالَّةِ بِالْعَرَضِ الْحَالِّ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَكَذَلِكَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ عَلَيْهِ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ هِبَةُ الْبَعْضِ وَأَخْذُ الْبَاقِي أَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّ مَا دَفَعَهُ فِدَاءً عَنْ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ) أَيْ فَيُنْكِرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَسْكُتَ فَيُصَالِحَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَالسَّلَفُ التَّأْخِيرُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ سُقُوطُ الْيَمِينِ أَيْ عَنْ الْمُدَّعِي وَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَوَازُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ بَلْ قَدْ يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَيَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ أَوْ حَلِفِهِ) عَطْفٌ عَلَى الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ فَيَسْقُطُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْحَلِفِ وَهَذَا تَنْوِيعٌ فِي الْمَنْفَعَةِ الْعَائِدَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَضَمِيرُ حَلِفِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْنِي لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَسَقَطَ دَيْنُ الْمُدَّعَى عَنْهُ فَتَأْخِيرُ الْمُدَّعِي لَهُ

فَيَسْقُطَ جَمِيعُ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ فَهَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْإِمَامِ جَائِزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ فَيَعْتَرِفَ بِالطَّعَامِ وَيُنْكِرَ الدَّرَاهِمَ فَيُصَالِحَهُ عَلَى طَعَامٍ مُؤَجَّلٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ يَعْتَرِفَ بِالدَّرَاهِمِ وَيُصَالِحَهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى فَسَادِهِ وَيُفْسَخُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَمِثَالُ مَا يُمْتَنَعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَيُنْكِرَهَا ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى أَجَلٍ فَهَذَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَيَجُوزُ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ الْيَمِينِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ إذْ لَمْ تُتَّفَقْ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ قَمْحًا مِنْ قَرْضٍ وَقَالَ الْآخَرُ إنَّمَا لَك عَلَيَّ خَمْسَةٌ مِنْ سَلَمٍ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا مُعَجَّلَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ طَعَامِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (وَلَا يَحِلُّ) الصُّلْحُ (لِلظَّالِمِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ لِلْمَظْلُومِ فَقَوْلُهُمْ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى كَذَا أَيْ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازُهُ عَلَى الْإِنْكَارِ بِاعْتِبَارِ عَقْدِهِ وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ الْمُنْكِرَ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ حَرَامٌ وَإِلَّا فَحَلَالٌ فَإِنْ وَفَّى بِالْحَقِّ بَرِئَ وَإِلَّا فَهُوَ غَاصِبٌ فِي الْبَاقِي وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ قَوْلَهُ (فَلَوْ أَقَرَّ) الظَّالِمُ مِنْهُمَا بِالْحَقِّ (بَعْدَهُ) أَيْ الصُّلْحِ فَلِلْمَظْلُومِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَيْهِ (أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ) لِلْمَظْلُومِ مِنْهُمَا عَلَى الظَّالِمِ (لَمْ يَعْلَمْهَا) حَالَ الصُّلْحِ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ فَلَهُ نَقْضُهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا (أَوْ) لَهُ بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ جِدًّا يَعْلَمُهَا (أَشْهَدَ) عِنْدَ الصُّلْحِ (وَأَعْلَنَ) بِأَنْ كَانَ إشْهَادُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ (أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا) إذَا حَضَرَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْقِطٌ لِذَلِكَ فَقَدْ جَرَّ إلَيْهِ نَفْعًا. (قَوْلُهُ: فَيَسْقُطَ) مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةً بَعْدَ الْفَاءِ الْعَاطِفَةِ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ وَهُوَ حَلِفٌ عَلَى حَدِّ وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي (قَوْلُهُ: مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا) أَيْ وَكَذَا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ مَمْنُوعَةً عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَصْبَغَ. (قَوْلُهُ: فَيَعْتَرِفُ بِالطَّعَامِ إلَخْ) لَا يُقَالُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلَطِ بِالْإِنْكَارِ كَالصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَلَا وَجْهَ لِإِدْرَاجِهِ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ وَاعْتِبَارِ شُرُوطِهِ فِيهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ غَيْرَ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَمْكَنَ أَنْ يَجُوزَ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَدْرَجُوهُ لِذَلِكَ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ وَجَعَلُوا فِيهِ شُرُوطَهُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَاهُمَا فِي الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ جَوَازُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لَكِنَّهُ حَاصِلٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ) أَيْ فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ) أَيْ فَفِيهِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ) أَيْ فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ) أَيْ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. (قَوْلُهُ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ) أَيْ وَيَلْزَمُ امْتِنَاعُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ الِامْتِنَاعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَظِيرُ هَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي. وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَيْ لَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ. أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَوْ دَعْوَى أَحَدِهِمَا كَمَا مُمْتَنِعًا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَوَازُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فِي الْإِنْكَارِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَصْبَغَ لِعَدَمِ اتِّفَاقِ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ . (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ الصُّلْحُ) أَيْ بِمَعْنَى الْمُصَالَحِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَأْخُوذًا أَوْ مَتْرُوكًا فَإِنْ كَانَ الظَّالِمُ هُوَ الْمُدَّعِي حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَأْخُوذُ وَإِنْ كَانَ الظَّالِمُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَتْرُوكُ وَقَوْلُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصُّلْحَ لَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ وَلَوْ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ يَرَى حِلَّهُ لِلظَّالِمِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ الْآتِي فِي الْقَضَاءِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا. (قَوْلُهُ: وَفَرَّعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ فُرُوعًا ثَمَانِيَةً سِتَّةٌ يَسُوغُ لِلْمَظْلُومِ فِيهَا نَقْضُ الصُّلْحِ اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاثْنَانِ لَا يَنْقُضُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ فَاَلَّتِي لِلْمَظْلُومِ نَقْضُ الصُّلْحِ فِيهَا اتِّفَاقًا ثَلَاثَةٌ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّتِي لَهُ نَقْضُهُ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ثَلَاثَةٌ الثَّانِيَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَاَلَّتِي لَا يَنْقُضُ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ السَّابِعَةُ وَاَلَّتِي لَا يَنْقُضُ فِيهَا اتِّفَاقًا وَاحِدَةٌ وَهِيَ الثَّامِنَةُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَرَّ الظَّالِمُ مِنْهُمَا بِالْحَقِّ) حَاصِلُهُ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا أَقَرَّ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ كَانَ لِلْمَظْلُومِ وَهُوَ الْمُدَّعِي فِي الْأُولَى وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ نَقْضُ ذَلِكَ الصُّلْحِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَقُومَ لَهُ عَلَى الْحَقِّ شَاهِدَانِ فَإِنْ قَامَ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِذَلِكَ قَالَهُ الْأَخَوَانِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ نَقَلَهُ الْقَلْشَانِيُّ

وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلِنْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ لَا إنْ عَلِمَهَا وَكَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً لَا جِدًّا فَلَيْسَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَلَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ (أَوْ) صَالَحَ عَلَى إنْكَارٍ لِعَدَمِ وُجُودِ وَثِيقَةٍ ثُمَّ (وَجَدَ وَثِيقَتَهُ) الَّتِي صَالَحَ لِفَقْدِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ الصُّلْحِ وَلَوْ حَذَفَ بَعْدَهُ الْأَوَّلَ لَأَغْنَاهُ هَذَا (فَلَهُ نَقْضُهُ) فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَإِنْ نَسِيَهَا حَالَ الصُّلْحِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا فَلَهُ نَقْضُهُ أَيْضًا وَالْقِيَامُ بِهَا مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ نَسِيَهَا (كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ) عِنْدَ حَاكِمٍ وَاكْتَفَى بِالشَّهَادَةِ سِرًّا أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بَعِيدَةً جِدًّا وَأَنَّهُ إنْ حَضَرَتْ قَامَ بِهَا فَلَهُ نَقْضُهُ (أَوْ يُقِرُّ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (سِرًّا فَقَطْ) وَيَجْحَدُهُ عَلَانِيَةً فَأَشْهَدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى جَحْدِهِ عَلَانِيَةً ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ سَنَةً مَثَلًا لِيَسْتَدْعِيَ إقْرَارَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً قَبْلَ الصُّلْحِ لَمْ يَعْلَمْهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِيُقِرَّ لَهُ بِالْحَقِّ عَلَانِيَةً فَلَهُ نَقْضُهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ عَلَانِيَةً وَيَأْخُذُ حَقَّهُ عَاجِلًا (عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ اسْتِرْعَاءٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ الِاسْتِرْعَاءِ تَقَدُّمُهُ عَلَى الصُّلْحِ فَيَجِبُ ضَبْطُ وَقْتِهِ وَشَرْطُهُ أَيْضًا إنْكَارُ الْمَطْلُوبِ وَرُجُوعُهُ بَعْدَ الصُّلْحِ إلَى الْإِقْرَارِ وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ لَا يَنْتَقِضُ الصُّلْحُ فِيهِمَا مُخْرِجًا لَهُمَا مِمَّا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ عَلِمَ) الْمُصَالِحُ عَلَى إنْكَارٍ (بِبَيِّنَتِهِ) الشَّاهِدَةِ لَهُ عَلَى الْمُنْكِرِ (وَلَمْ يَشْهَدْ) قَبْلَ صُلْحِهِ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلِنْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ هَذِهِ سَتَأْتِي آخِرَ الصُّوَرِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ الْمَظْلُومُ وَهُوَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ يَا أَيُّهَا الْجَمَاعَةُ إنَّ فُلَانًا جَحَدَ حَقِّي الَّذِي لِي عَلَيْهِ وَصَالَحَنِي عَلَى كَذَا وَلِي بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِذَلِكَ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهَا غَائِبَةٌ فَاشْهَدُوا عَلَى أَنَّهَا إذَا حَضَرَتْ قُمْت بِهَا وَلَسْت مُلْتَزِمًا لِذَلِكَ الصُّلْحِ فَإِذَا حَضَرَتْ كَانَ لَهُ نَقْضُهُ اتِّفَاقًا بِشَرْطِ بُعْدِهَا جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ لَا إنْ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ لَا جِدًّا. (قَوْلُهُ: الْأَوَّلَ) أَيْ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ نَقْضُهُ) أَيْ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ وَهُوَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ وَشَيْخُهُ الْبُرْهَانُ اللَّقَانِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا إلَخْ بِمَا إذَا كَانَ قَوْلُهُ إنَّ الْإِبْرَاءَ مُطْلَقًا غَيْرُ مُطْلَقٍ وَأَمَّا إذَا أَبْرَأهُ مَعَ الصُّلْحِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ فَلَا يَبْرَأُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ عَلَى دَوَامِ صِفَةِ الصُّلْحِ لَا إبْرَاءٌ مُطْلَقٌ فَلَمَّا لَمْ يَتِمَّ الصُّلْحُ وَجَعَلَ الشَّارِعُ لَهُ نَقْضَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ إبْرَاؤُهُ قَالَهُ عبق قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن وَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ مِنْ أَنَّ لَهُ نَقْضَهُ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ ظَاهِرٌ إذَا وَقَعَ مَعَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ فَقَطْ وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مَعَ الصُّلْحِ وَالْتَزَمَ عَدَمَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً فَلَا قِيَامَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِي وَثِيقَةِ الصُّلْحِ أَنَّهُ مَتَى قَامَ عَلَيْهِ فِيمَا ادَّعَاهُ فَقِيَامُهُ بَاطِلٌ وَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ زُورٌ وَالْمُسْتَرْعَاةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فَلَا تُسْمَعُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ بَيِّنَةٌ سَوَاءٌ كَانَ عَارِفًا بِهَا حِينَ الصُّلْحِ أَمْ لَا وَإِنْ أَسْقَطَ هَذَا التَّفْصِيلَ مِنْ الْوَثِيقَةِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْرِفْهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ يُقِرُّ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى لَمْ يُعْلِنْ أَيْ وَكَمَنْ يُقِرُّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سِرًّا لَا عَلَى مَدْخُولِ لَمْ وَلَمْ يُبَالِ الْمُصَنِّفُ بِتَشْتِيتِ الْفَاعِلِ فَإِنَّ ضَمِيرَ " يُعْلِنْ " عَائِدٌ عَلَى مَنْ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَضَمِيرَ يُقِرُّ عَائِدٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اتِّكَالًا عَلَى الْمَوْقِفِ. (قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَشْهَدَ قَبْلَ الصُّلْحِ وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِنْكَارِ بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِالْحَقِّ عَلَانِيَةً وَتَكْفِي بَيِّنَةٌ وَاحِدَةٌ تَشْهَدُ بِالْجَحْدِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِحَقِّهِ عَلَانِيَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهَا أَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِلتَّأْخِيرِ عِنْدَ إقْرَارِهِ بِحَقِّهِ عَلَانِيَةً لِأَنَّ إشْهَادَهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ عَلَانِيَةً يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ غَيْرَ مُلْتَزِمٍ لِلتَّأْخِيرِ عِنْدَ إقْرَارِهِ بِحَقِّهِ عَلَانِيَةً. (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ حَقَّهُ عَاجِلًا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ تَأْخِيرِهِ بِهِ لِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْكَافِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ لِفَتْوَى بَعْضِ أَشْيَاخِ شَيْخِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ لِمُطَرِّفٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى فَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهَا ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ وَلَكِنْ اسْتَظْهَرَ فِيهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ الْقِيَامِ عَكْسَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَحْسَنِ وَأَجَابَ شب بِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُصَنِّفِ لَا لِغَيْرِهِ وَهَذَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ وَأُشِيرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ إلَى أَنَّ شَيْخًا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ نَفْسَهُ مِنْ جُمْلَةٍ غَيْرِ الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ. (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى هَذِهِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ الَّتِي أَشْهَدَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَبْلَ الصُّلْحِ بِالتَّأْخِيرِ. (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الِاسْتِرْعَاءِ) أَيْ وَشَرْطُ إفَادَتِهِ فِي نَقْضِ الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ ضَبْطُ وَقْتِهِ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ تَعْيِينُ وَقْتِهِ الْحَاصِلِ فِيهِ خَوْفًا مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِهِ أَيْ الِاسْتِرْعَاءِ وَوَقْتِ الصُّلْحِ فَلَا يُفِيدُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ) أَيْ وَإِلَّا يَرْجِعْ بِأَنْ ثَبَتَ إنْكَارُهُ وَتَمَادَى عَلَيْهِ وَصَالَحَ لَمْ يُفِدْ اسْتِرْعَاؤُهُ شَيْئًا وَقَوْلُ الْعَوَامّ صُلْحُ الْمُنْكِرِ إثْبَاتٌ لِحَقِّ الطَّالِبِ جَهْلٌ مِنْهُمْ . (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا)

وَلَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَزِمَهُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّارِكِ لَهَا حِينَ الصُّلْحِ (أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ) أَيْ الْوَثِيقَةِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِحَقِّهِ (فَقِيلَ لَهُ) أَيْ قَالَ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حَقُّك ثَابِتٌ) إنْ أَتَيْت بِهِ فَهُوَ مُنْكِرٌ فِي الْحَقِيقَةِ (فَأْتِ بِهِ) وَخُذْ حَقَّك (فَصَالَحَ ثُمَّ وَجَدَهُ) بَعْدَ الصُّلْحِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهِ وَلَا يَنْتَقِضُ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ وَلَمَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعُ صُلْحِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ صَوَّرَ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ فَقَالَ (و) جَازَ صُلْحٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ (عَنْ إرْثِ زَوْجَةٍ) مَثَلًا (مِنْ) تَرِكَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى (عَرَضٍ وَوَرِقٍ وَذَهَبٍ) حَاضِرٍ (بِذَهَبٍ) كَائِنٍ (مِنْ التَّرِكَةِ) أَوْ بِوَرِقٍ مِنْهَا (قَدْرَ مَوْرِثِهَا) بِوَزْنِ مَجْلِسٍ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ كَصُلْحِهَا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَالذَّهَبُ ثَمَانُونَ عِنْدَ الْفَرْعِ الْوَارِثِ أَوْ أَرْبَعُونَ عِنْدَ عَدَمِهِ وَالذَّهَبُ حَاضِرٌ فَإِنْ صُولِحَتْ بِعَشَرَةٍ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَضَرَ مِنْ الثَّمَانِينَ أَرْبَعُونَ لَمْ يَجُزْ (فَأَقَلَّ) كَصُلْحِهَا بِخَمْسَةٍ مِنْ ثَمَانِينَ حَاضِرَةٍ حَضَرَ مَا عَدَاهَا أَوْ غَابَ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرْفَ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقِيمَةُ حَظِّهَا مِنْ الْعَرَضِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بَعْضِهِ وَتَرَكَتْ الْبَاقِيَ هِبَةً لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ حَازُوهَا قَبْلَ مَوْتِهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَكَانَ لِوَرَثَتِهَا الْكَلَامُ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ إرْثِهَا مِنْ الذَّهَبِ كَصُلْحِهَا بِأَحَدَ عَشْرَ مِنْ الثَّمَانِينَ الْحَاضِرَةِ فَيَجُوزُ (إنْ) حَضَرَ جَمِيعُ الْمَتْرُوكِ مِنْ عَرَضٍ وَنَقْدٍ وَ (قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ) الَّتِي تَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ فَإِذَا كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ عَشَرَةً وَصَالَحَتْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا جَازَ وَلَوْ كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الْعُرُوض؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الَّتِي أَخَذَتْهَا فِي نَظِيرِ عَشْرَةٍ وَالدِّينَارُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْعَرَضِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ فِي دِينَارٍ فَإِنْ زَادَ مَا أَخَذَتْهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا يَخُصُّهَا عَلَى دِينَارٍ فَإِنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ صَرْفَ دِينَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إذَا حَضَرَتْ مِنْ غَيْبَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَائِبَةً إلَخْ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْعَالِمَ بِهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً لَا جِدًّا لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً جِدًّا إنْ أَشْهَدَ قَبْلَ الصُّلْحِ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا إذَا حَضَرَتْ قَامَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ) صُورَتُهُ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقُّك ثَابِتٌ إنْ أَتَيْت بِالْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ فَقَالَ الْمُدَّعِي ضَاعَتْ مِنِّي فَصَالَحَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْوَثِيقَةَ بَعْدُ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْكِرٌ فِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ مُنْكِرٌ أَيْ كَمَا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا ادَّعَى ضَيَاعَ الْوَثِيقَةِ وَصَالَحَ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ وَمَا سَبَقَ الْمُدَّعِي قَدْ أَشْهَدَ سِرًّا أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ لِضَيَاعِ وَثِيقَتِهِ وَإِنْ وَجَدَهَا قَامَ بِهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَالَحَ لِغَيْبَةِ بَيِّنَةِ الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا عِنْدَ قُدُومِهَا وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فَيَقُولَ لَهُ حَقُّك ثَابِتٌ فَأْتِ بِالْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ وَامْحُهَا وَخُذْ مَا فِيهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي ضَاعَتْ مِنِّي وَأَنَا أُصَالِحُك فَصَالَحَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْوَثِيقَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَا يَنْقُضُ الصُّلْحَ اتِّفَاقًا فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ غَرِيمَهُ فِي هَذِهِ مُعْتَرِفٌ وَإِنَّمَا طَالَبَهُ بِإِحْضَارِ صَكِّهِ لِيَمْحُوَ مَا فِيهِ فَقَدْ رَضِيَ هَذَا بِإِسْقَاطِهِ وَاسْتِعْجَالِ حَقِّهِ وَالْأَوَّلُ مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ وَقَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ لِضَيَاعِ صَكِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ . (قَوْلُهُ صُلْحِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ) أَيْ إذَا صُولِحَ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ وَأَمَّا إذَا صُولِحَ بِشَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةً وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بِيعَ، فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمَا يَخُصُّهُ) أَيْ عَمَّا يَخُصُّهُ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ إرْثِ زَوْجَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا تَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَعُرُوضًا وَعَقَارًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِ الْمَيِّتِ مَثَلًا أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنْ أَخَذَتْ ذَهَبًا مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُوَرَّثِهَا مِنْ ذَهَبِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ أَوْ أَخَذَتْ دَرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُوَرَّثِهَا مِنْ دَرَاهِمِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَاضِرًا كَمَا لَوْ صَالَحَهَا الْوَلَدُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَأَقَلَّ وَالذَّهَبُ ثَمَانُونَ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ بَعْضَ حَقِّهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَتَرَكَتْ الْبَاقِيَ (قَوْلُهُ وَالذَّهَبُ حَاضِرٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الذَّهَبَ الْمَتْرُوكَ الْمُصَالَحَ عَنْهُ حَاضِرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ كُلِّهِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ مِنْهُ الْوَرِقَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ كُلِّهِ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُ الْمُصَالَحِ مِنْهُ حَاضِرًا أَيْضًا أَوْ غَائِبًا وَهَذَا إذَا صُولِحَتْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ أَوْ بِأَقَلَّ مِمَّا يَخُصُّهَا وَأَمَّا إذَا صُولِحَتْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ جَمِيعِ الْمَتْرُوكِ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ وَعَرَضٍ اهـ وَإِنَّمَا شَرَطُوا فِي النَّوْعِ الَّذِي أَخَذَتْ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُهُ غَائِبًا لَزِمَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ فِي الْغَائِبِ نَعَمْ إنْ أَخَذَتْ حِصَّتَهَا مِنْ الْحَاضِرِ فَقَطْ جَازَ لِإِسْقَاطِ الْغَائِبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مُصَالَحَتُهَا بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الذَّهَبِ الْحَاضِرِ حَيْثُ صُولِحَتْ بِذَهَبٍ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ صَرْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَازُوهَا إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهِبَةَ هُنَا لِشَيْءٍ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَهِبَتُهُ إبْرَاءٌ لَا يَحْتَاجُ لِحِيَازَةٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ) أَيْ هَذَا إذَا قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ بَلْ وَلَوْ كَثُرَتْ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ اجْتَمَعَ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ فِي دِينَارٍ)

أَوْ قَلَّتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ دِينَارًا جَازَ وَأَوْلَى إذَا قَلَّا مَعًا فَإِنْ كَثُرَا مَعًا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَصَرْفٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَأَمَّا صُلْحُهَا بِالْعَرَضِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَانَ قَدْرَ مُوَرَّثِهَا مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (لَا) إنْ صَالَحَهَا بِشَيْءٍ (مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ التَّرِكَةِ فَيُمْنَعُ (مُطْلَقًا) كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً (إلَّا بِعَرَضٍ) مِنْ غَيْرِهَا فَتَجُوزُ بِشُرُوطٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ عَرَفَا) أَيْ الْوَارِثُ وَالزَّوْجَةُ (جَمِيعَهَا) أَيْ التَّرِكَةِ لِيَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى مَعْلُومٍ (وَحَضَرَ) جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَقِيقَةً فِي الْعَيْنِ وَحُكْمًا فِي الْعَرْضِ بِأَنْ كَانَتْ قَرِيبَةَ الْغَيْبَةِ بِحَيْثُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ وَعِلَّةُ الشَّرْطِ الثَّانِي السَّلَامَةُ مِنْ النَّقْدِ بِشَرْطٍ فِي الْغَائِبِ (وَأَقَرَّ الْمَدِينُ) بِمَا عَلَيْهِ (وَحَضَرَ) وَقْتُ الصُّلْحِ وَكَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ إنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَا بُدَّ مِنْ جَمِيعِ شُرُوطِ بَيْعِ الدَّيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ فَكَبَيْعِهِ (و) جَازَ صُلْحُ الزَّوْجَةِ مَثَلًا (عَنْ دَرَاهِمَ) أَوْ ذَهَبٍ (وَعَرَضٍ تُرِكَا بِذَهَبٍ) مِنْ عِنْدِ الْوَارِثِ (كَبَيْعٍ وَصَرْفٍ) أَيْ كَجَوَازِ بَيْعٍ وَصَرْفٍ فَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَلِيلًا أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْهَا صَرْفَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ مُنِعَ (وَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ فِي التَّرِكَةِ (دَيْنٌ) لِلْمَيِّتِ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ (فَكَبَيْعِهِ) أَيْ الدَّيْنِ يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقِلَّةِ الدَّرَاهِمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ حَظُّهَا مِنْهَا قَلِيلًا كَمَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ أَوَّلًا بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَأْخُذَ فِي مُقَابَلَتِهَا مَعَ الْعَرَضِ دِينَارًا بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا قَلَّا مَعًا إلَخْ) فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصُّوَرَ الْجَائِزَةَ أَرْبَعٌ أَنْ تَقِلَّ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَنُوبُهَا عَنْ صَرْفِ الدِّينَارِ أَوْ يَقِلَّ قِيمَةُ الْعَرَضِ الَّذِي يَنُوبُهَا عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ يَقِلَّا مَعًا عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ تَأْخُذَ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعَرَضِ دِينَارًا فَقَطْ وَإِنْ كَثُرَ. (قَوْلُهُ لَا مِنْ غَيْرِهَا مُطْلَقًا) يَعْنِي إذَا وَقَعَتْ الْمُصَالَحَةُ عَلَى شَيْءٍ يُعْطِيهَا إيَّاهُ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عُرُوضٍ فَإِنْ كَانَ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ الْعَيْنِ الْمَدْفُوعَةِ صُلْحًا وَالْعَيْنِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا لِأَنَّهَا بَاعَتْ حَظَّهَا مِنْ النَّقْدَيْنِ وَالْعَرَضِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَفِيهِ بَيْعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَعَرَضٍ بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةٍ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَرَضَ إذَا كَانَ مُصَاحِبًا لِلْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُعْطَى حُكْمُ الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ بِعَرَضٍ جَازَ بِشُرُوطٍ. (قَوْلُهُ: إنْ عَرَفَا جَمِيعَهَا) ، هَذَا الشَّرْطُ وَمَا بَعْدَهُ مُعْتَبَرَانِ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ الصُّلْحِ بِعَيْنِ قَدْرِ مُوَرَّثِهَا فَأَقَلَّ أَوْ بِعَرَضٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا وَلَا حُضُورُهَا. (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى مَعْلُومٍ) لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ لِنَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَحُكْمًا فِي الْعَرَضِ) الْأَوْلَى وَلَوْ حُكْمًا فِي الْعَرَضِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَيْ كَيَوْمَيْنِ. (قَوْلُهُ وَعِلَّةُ الشَّرْطِ الثَّانِي إلَخْ) أَيْ إنَّمَا اشْتَرَطَ حُضُورَ التَّرِكَةِ لِأَجْلِ السَّلَامَةِ مِنْ النَّقْدِ فِي الْغَالِبِ بِشَرْطٍ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا شَرْطَ هُنَا فَكَأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ عَقْدَ الصُّلْحِ عَلَى التَّعْجِيلِ شَرْطًا فِي الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ الْمَدِينُ بِمَا عَلَيْهِ وَحَضَرَ) زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمُصَالِحُ مُخَالِفًا لِلْعَرَضِ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ سَلَفًا بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ إلَّا أَقَلَّ مِنْ حَقِّهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَعَنْ دَرَاهِمَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ التَّرِكَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا دَرَاهِمُ وَعَرَضٌ فَصُولِحَتْ الزَّوْجَةُ عَمَّا يَخُصُّهَا بِذَهَبٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا ذَهَبٌ وَعَرَضٌ فَصُولِحَتْ عَمَّا يَخُصُّهَا بِدَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ فَهُوَ جَائِزٌ كَجَوَازِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فَقَوْلُهُ بِذَهَبٍ أَيْ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ عَنْ الْمَيِّتِ دَرَاهِمَ وَعَرَضًا أَوْ بِدَرَاهِمَ إنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ ذَهَبًا وَعَرَضًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَلِيلًا) هَذَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَرَاهِمُ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا دَنَانِيرُ فَيُقَالُ لَهُ إنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ. (قَوْلُهُ: مُنِعَ) أَيْ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَإِلَّا جَازَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا أَوْ قِيمَةُ الْعَرْضِ الَّذِي يَخُصُّهَا بِأَنْ نَقَصَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ عَنْ دِينَارٍ جَازَ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ اجْتَمَعَا فِي دِينَارٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ فَكَبَيْعِهِ) لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فِيهِمَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ مَوْضُوعُهُ أَنَّ التَّرِكَةَ عُرُوضٌ وَدَرَاهِمُ فَصَالَحَ بِدَنَانِيرَ مِنْ عِنْدِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ سَابِقًا وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ فَمَوْضُوعُهُ أَنَّ التَّرِكَةَ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضٌ وَالصُّلْحُ فِيهَا بِعَرَضٍ مِنْ عِنْدِهِ. (قَوْلُهُ: فَكَبَيْعِهِ) أَيْ فَالصُّلْحُ حِينَئِذٍ مُمَاثِلٌ لِبَيْعِ الدَّيْنِ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ

حَيْثُ يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ فَيَمْتَنِعُ صُلْحُهَا بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِ الْغَاصِبِ نَقْدًا إنْ كَانَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ كَانَ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ فَصَالَحَهَا الْوَلَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَجَّلَهَا لَهَا مِنْ عِنْدِهِ جَازَ إذَا كَانَ الْغُرَمَاءُ حُضُورًا مُقِرِّينَ وَهُمْ مِمَّنْ تَأْخُذُهُمْ الْأَحْكَامُ وَهَذَا يَجْرِي فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْمُصَالَحَةِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى صُلْحِ الْأَمْوَالِ انْتَقَلَ لِلْكَلَامِ عَلَى صُلْحِ الدِّمَاءِ فَقَالَ (و) جَازَ الصُّلْحُ (عَنْ) دَمِ (الْعَمْدِ) نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ (بِمَا قَلَّ) عَنْ الدِّيَةِ (وَكَثُرَ) عَنْهَا؛ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ لَهُ (لَا) يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى (غَرَرٍ) دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَرَطْلٍ) أَوْ أَرْطَالٍ (مِنْ) لَحْمِ (شَاةٍ) صَالَحَ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ وَهِيَ حَيَّةٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ قَبْلَ السَّلْخِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ سُلِخَتْ جَازَ كَمَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِهَا حَيَّةً أَوْ مَذْبُوحَةً قَبْلَ السَّلْخِ وَمِنْ الْغَرَرِ ثَمَرَةٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بِالْغَرَرِ ارْتَفَعَ الْقِصَاصُ وَقُضِيَ بِدِيَةِ عَمْدٍ (وَلِذِي دَيْنٍ) مُحِيطٍ (مَنْعُهُ) أَيْ مَنْعُ الْمَدِينِ الْقَاتِلِ أَوْ الْجَارِحِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصُّلْحِ بِمَالٍ لِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ عَلَى مَا لَمْ يُعَامِلْهُ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ كَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ وَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ يَعْتَرِيهِ الْعَيْبُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ مِنْهُ مَا يُوَافِقُ الْبَيْعَ وَمَا يُخَالِفُهُ فَمِمَّا يَتَخَالَفَانِ فِيهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ رُدَّ) فِي الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْخَطَأِ عَلَى إنْكَارِ مُصَالَحٍ بِهِ (مُقَوَّمٌ) مُعَيَّنٌ كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ صُولِحَ بِهِ (بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ) أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ (رُجِعَ) الْمُصَالَحُ عَلَى دَافِعِهِ (بِقِيمَتِهِ) يَوْمَ الصُّلْحِ بِهِ سَلِيمًا صَحِيحًا لَا بِمَا صُولِحَ عَنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ يَجُوزُ أَيْ الصُّلْحُ وَقَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ عَيْنًا وَلَا طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ بِأَنَّ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ وَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا مُقِرًّا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَقَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ أَيْ الصُّلْحُ حَيْثُ يَمْتَنِعُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَدِينُ أَوْ حَضَرَ وَلَمْ يُقِرَّ أَوْ لَمْ تَأْخُذْهُ الْأَحْكَامُ. (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ تَقْدِيرًا وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ التَّرِكَةَ دَرَاهِمُ وَعُرُوضٌ وَالدَّيْنَ حَيَوَانٌ أَوْ عَرَضٌ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حَالَّةٍ وَفِيهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ حَيَوَانٌ أَوْ عَرَضٌ وَالتَّرِكَةَ كُلَّهَا عُرُوضٌ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَإِنْ كَانَ هَذَا خِلَافَ السِّيَاقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ) أَيْ لَا مِنْ بَيْعٍ فَيُمْنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَجْرِي إلَخْ) الْمُشَارُ إلَيْهِ مُرَاعَاةُ بَيْعِ الدَّيْنِ أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مُرَاعَاةِ بَيْعِ الدَّيْنِ جَوَازًا وَمَنْعًا يَجْرِي فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْمُصَالَحَةِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ . (قَوْلُهُ: وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الصُّلْحِ عَمَّا ذَكَرَ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِ الدَّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِمَا قَلَّ عَنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ دَمَ الْعَبْدِ لَا دِيَةَ لَهُ أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لَا غَرَرٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ جَازَ الصُّلْحُ بِمَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ لَا بِغَرَرٍ أَوْ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ بِمَا قَلَّ وَنَبَّهَ عَلَى مَنْعِ الصُّلْحِ بِالْغَرَرِ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَمَّا كَانَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ مَجَّانًا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ جَوَازُ الصُّلْحِ عَنْهُ بِالْغَرَرِ فَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ وَغَيْرُ دَمِ الْعَمْدِ يُفْهَمُ الْمَنْعُ فِيهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: عَلَى غَرَرٍ) عَلَى بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِذِي غَرَرٍ. (قَوْلُهُ: دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ عَلَى غَرَرٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) نَصُّهَا وَإِذَا ادَّعَيْت عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ فَصَالَحَك عَنْهُ بِعَشْرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ لَمْ يَجُزْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَهِيَ حَيَّةٌ بَلْ لَوْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً غَيْرَ مَسْلُوخَةٍ فَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ) أَيْ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ بِالْغَرَرِ أَيْ كَرَطْلٍ مِنْ شَاةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا (فَرْعٌ) لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَرْتَحِلَ الْقَاتِلُ مِنْ بَلَدِ الْأَوْلِيَاءِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصُّلْحُ مُنْتَقَضٌ وَلِصَاحِبِ الدَّمِ يَقُومُ بِالْقِصَاصِ وَلَوْ ارْتَحَلَ الْجَانِي وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يَجُوزُ وَيَحْكُمُ عَلَى الْقَاتِلِ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ أَبَدًا كَمَا شَرَطُوهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَرْتَحِلْ الْقَاتِلُ أَوْ عَادَ وَكَانَ الدَّمُ قَدْ ثَبَتَ كَانَ لَهُمْ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتُ كَانَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ الْعَوْدُ لِلْخِصَامِ وَلَا يَكُونُ الصُّلْحُ قَاطِعًا لِخِصَامِهِمْ لِانْتِقَاضِهِ. (قَوْلُهُ: لِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ عَنْ نَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالصُّلْحِ أَيْ أَنَّ مَنْ يُصَالِحُ بِمَالٍ لِأَجْلِ إسْقَاطِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ) عِلَّةٌ لِمَنْعِهِ مِنْ الصُّلْحِ بِالْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ إلَخْ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ فِي شَيْءٍ لَمَّا يُعَامِلْهُ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَفْسَهُ مِنْ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ فِي صَوْنِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَتَزْوِيجِهِ وَإِيلَادِ أَمَتِهِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا عَامَلُوهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ . (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ حِصَّةٍ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ) أَيْ أَوْ أُخِذَ مِنْ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِشُفْعَةٍ كَمَا لَوْ جَنَى إنْسَانٌ جِنَايَةً عَلَى زَيْدٍ وَصَالَحَهُ بِشِقْصٍ

إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ وَلَا لِلْخِصَامِ فِي الْإِنْكَارِ قِيمَةٌ يَرْجِعُ بِهَا وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ يَرْجِعُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَفِي عِوَضِهِ إنْ فَاتَ وَفِي الدَّمِ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ فَلَوْ كَانَ الْمُقَوَّمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ كَانَ مَوْصُوفًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا (كَنِكَاحٍ) وَقَعَ صَدَاقُهُ بِمَا ذَكَرَ فَوَجَدَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ عَيْبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ أُخِذَ مِنْهَا بِالشُّفْعَةِ (وَخُلْعٍ) عَلَى مُقَوَّمٍ فَوَجَدَ الزَّوْجُ بِهِ عَيْبًا رَجَعَتْ فِي النِّكَاحِ وَرَجَعَ فِي الْخُلْعِ بِالْقِيمَةِ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ (وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ) رَجُلًا أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ قَطَعُوا) يَدًا مَثَلًا (جَازَ صُلْحُ كُلٍّ) مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ (وَالْعَفْوُ عَنْهُ) مَجَّانًا أَوْ الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ الْبَاقِي أَوْ صُلْحُهُ أَوْ صُلْحُ بَعْضٍ وَالْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ بَعْضٍ (وَإِنْ صَالَحَ مَقْطُوعٌ) عَمْدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ مَا يَشْمَلُ الْجُرْحَ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَطْعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ الْقَطْعِ الْجُرْحَ بِمَالٍ عَلَى الْقَطْعِ (ثُمَّ نُزِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ سَالَ دَمُ الْجُرْحِ (فَمَاتَ) الْمَقْطُوعُ (فَلِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَيِّتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي دَارٍ بَاقِيهَا لِعَمْرٍو فَلِعَمْرٍو أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ زَيْدٍ وَيَرْجِعَ زَيْدٌ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ يَوْمَ الصُّلْحِ عَلَى الشَّفِيعِ وَهُوَ عَمْرٌو فَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ عَلَى الدَّافِعِ فِي خُصُوصِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَمَّا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الشَّفِيعِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ وَلَا لِلْخِصَامِ رَاجِعٌ لِلصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ خَطَأً عَلَى إنْكَارٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ) أَيْ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ فِي الْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ إلَخْ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الدَّمِ وَالْجِنَايَةِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِكِتَابٍ مَثَلًا فَأَقَرَّ بِهِ وَصَالَحَهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا فَإِنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ بَاقِيًا رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْحِصَّةِ فِي الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَخُلْعٍ عَلَى مُقَوَّمٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ شِقْصٍ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَقَوْلُهُ فَوَجَدَ الزَّوْجُ بِهِ عَيْبًا أَيْ فَرَدَّهُ لِذَلِكَ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ. (قَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ. (قَوْلُهُ: لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ أَيْضًا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَخُلْعِ الْمِثْلِ لِأَنَّ طَرِيقَ النِّكَاحِ الْمُكَارَمَةُ فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِأَضْعَافِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَبِعُشْرِهِ وَكَذَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ وَأَضْعَافِهِ وَبِعُشْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهِيَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَعَنْ دَمِ الْخَطَأِ فِي الْإِنْكَارِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ عِوَضِ الْقَطَاعَةِ وَعِوَضِ الْكِتَابَةِ وَعِوَضِ الْعُمْرَى. فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ أَتَيْتنِي بِشِقْصِ فُلَانٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَتَى لَهُ بِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الشِّقْصُ أَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي غَيْرِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ إنْ أَتَيْتنِي بِشِقْصِ فُلَانٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ أَسْقَطْت عَنْك الْعِشْرِينَ دِينَارًا وَخَرَجْت حُرًّا فَأَتَاهُ بِهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِشُفْعَةٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي الشُّفْعَةِ عَلَى الشَّفِيعِ وَفِي غَيْرِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَالثَّالِثُ كَمَا لَوْ أَعْمَرْتَ زَيْدًا دَارَك مُدَّةَ حَيَاتِك ثُمَّ صَالَحْتَهُ عَلَى شِقْصٍ مُعَيَّنٍ فِي عَقَارٍ آخَرَ فَرَدَّهُ عَلَيْك بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ زَيْدًا يَرْجِعُ عَلَيْك بِقِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الشُّفْعَةِ وَفِي الشُّفْعَةِ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الشَّفِيعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً لِأَنَّ الشِّقْصَ دُفِعَ إمَّا صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ دَمِ خَطَأٍ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ دُفِعَ صَدَاقًا أَوْ خُلْعًا أَوْ قَطَاعَةً أَوْ عِوَضًا عَنْ الْكِتَابَةِ أَوْ عَنْ الْعُمْرَى وَالطَّارِئُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ نَظَمَهَا ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: صُلْحَانِ عِتْقَانِ وبُضْعَانِ مَعًا ... عُمْرَى بِأَرْشِ عِوَضٍ بِهِ ارْجِعَا فَقَوْلُهُ صُلْحَانِ أَرَادَ بِهِمَا الصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَعَنْ دَمِ الْخَطَأِ عَلَى إنْكَارٍ وَقَوْلُهُ عِتْقَانِ أَرَادَ بِهِمَا عِتْقَ الْمُكَاتَبِ وَالْقِنِّ إذَا أَدَّيَا مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَبُضْعَانِ أَرَادَ بِهِمَا بُضْعَ النِّكَاحِ وَبُضْعَ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ بِأَرْشِ عِوَضٍ الْمُرَادُ بِأَرْشِ الْعِوَضِ قِيمَتُهُ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: جَازَ صُلْحُ كُلٍّ) أَيْ جَازَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ صُلْحُ كُلٍّ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي مَا دُونِ النَّفْسِ وَلِأَوْلِيَائِهِ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ مِمَّنْ ذَكَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاءِ مَنْ صُولِحَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِيَارَ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ لَا يَكُونُ إلَّا بِرِضَاءِ الْقَاتِلِينَ. (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ كُلٍّ وَقَوْلُهُ أَوْ الْقِصَاصُ أَيْ مِنْ كُلٍّ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ اسْمَ الْمَلْزُومِ وَأَرَادَ اللَّازِمَ. (قَوْلُهُ: بِمَالٍ عَلَى الْقَطْعِ) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ دُونَ مَا يَئُولُ لَهُ مِنْ الْمَوْتِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ عَنْهُمَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ

(لَا لَهُ) أَيْ الْقَاطِعِ (رَدُّهُ) أَيْ الصُّلْحِ أَيْ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ (وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ) أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إنَّمَا كَانَ عَنْ قَطْعٍ فَكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ نَفْسٌ وَإِنَّمَا قَسَّمُوا لِتَرَاخِي الْمَوْتِ عَنْ الْجُرْحِ وَلَهُمْ الرِّضَا بِمَا صَالَحَ بِهِ الْمَقْطُوعُ (كَأَخْذِهِمْ) أَيْ أَوْلِيَاءِ الْمَجْرُوحِ (الدِّيَةَ فِي) جِنَايَةِ (الْخَطَإِ) أَيْ كَمَا لَوْ صُولِحَ الْمَجْرُوحُ خَطَأً ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ فَإِنَّ لِلْوَرَثَةِ رَدَّ الصُّلْحِ وَيُقْسِمُونَ وَيَأْخُذُونَ الدِّيَةَ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَيَرْجِعُ الْجَانِي الْمُصَالِحُ بِمَا دَفَعَ مِنْ مَالِهِ وَيَكُونُ فِي الْعَقْدِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَهُمْ تَرْكُ الْقَسَامَةِ وَأَخْذُ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ (وَإِنْ وَجَبَ) أَيْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (لِمَرِيضٍ) وَلَوْ مَرَضًا مَخُوفًا (عَلَى رَجُلٍ) مَثَلًا (جُرْحٌ عَمْدًا) طَرَأَ عَلَى الْمَرَضِ وَأَمَّا طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى الْجُرْحِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا (فَصَالَحَ) الْمَرِيضُ جَارِحَهُ (فِي مَرَضِهِ) بِأَرْشِهِ الْمُسَمَّى فِيهِ (أَوْ غَيْرَهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُسَمًّى أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ دِيَتِهِ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ (ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ) أَيْ فِيهِ (جَازَ) الصُّلْحُ ابْتِدَاءً (وَلَزِمَ) بَعْدَ وُقُوعِهِ (وَهَلْ) الْجَوَازُ وَاللُّزُومُ (مُطْلَقًا) صَالَحَ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ أَوْ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ (أَوْ) إنَّمَا يَجُوزُ وَيَلْزَمُ (إنْ صَالَحَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ (لَا) عَلَيْهِ وَعَلَى (مَا يَئُولُ إلَيْهِ) فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَلْزَمُ (تَأْوِيلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَإِذَا صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ بَطَلَ وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ صُلْحٌ فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْقَسَامَةُ وَالْقِصَاصُ (وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلِيَّيْنِ) عَمَّا فِيهِ قِصَاصٌ بِقَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ عَنْ جَمِيعِ الدَّمِ أَوْ عَنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَنُوبُهُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ (فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ) جَبْرًا فَيَأْخُذُ مَا يَنُوبُهُ وَلَوْ صَالَحَ بِقَلِيلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ صُلْحُ الْمَجْرُوحِ عَنْ جُرْحِ الْعَمْدِ يَجُوزُ صُلْحُهُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَائِلًا إنَّ الْمَقْتُولَ إذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ قَاتِلِهِ مَجَّانًا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ بِالْأَوْلَى خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ عِيسَى مِنْ الْمَنْعِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْجُرْحُ مِمَّا يُقْتَصُّ مِنْ أَجْلِهِ كَقَطْعِ يَدٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْمَتَالِفِ الْأَرْبَعِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَمْدٌ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ النَّفْسِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي يَوْمَ الصُّلْحِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ وَإِذَا بَرِئَ فَالْأَرْشُ وَإِنْ مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الزِّيَادَة فَفِيهِ قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا الْجَوَازُ إذَا كَانَ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى أَرْشِهِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْبُرْءِ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ لَا لَهُ) كَانَ الْأَوْلَى لَا لِلْقَاطِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ مَرْجِعٌ فَكَانَ الْإِظْهَارُ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَسَمُوا) أَيْ وَلَمْ يَقْتُلُوا الْجَانِيَ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ. (قَوْلُهُ: لِتَرَاخِي إلَخْ) أَيْ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ غَيْرِ الْجُرْحِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ صُولِحَ الْمَجْرُوحُ خَطَأً) أَيْ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْجُرْحِ خَطَأً وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ كَالْعَمْدِ. (قَوْلُهُ وَيَقْسِمُونَ وَيَأْخُذُونَ الدِّيَةَ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ أَيْ فِي آخِرَةِ الْأَمْرِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ كَمَا أَنَّ لِأَوْلِيَاءِ الْمَجْرُوحِ أَنْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً بَعْدَ الْقَسَامَةِ فِي جُرْحِ الْخَطَأِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جُرْحِ الْخَطَأِ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ عَلَى الْأَقْوَى . (قَوْلُهُ: وَأَمَّا طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى الْجُرْحِ) أَيْ الْعَمْدِ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا أَيْ فَقِيلَ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي بِقَسَامَةٍ وَقِيلَ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ بِلَا قَسَامَةٍ. (قَوْلُهُ أَيْ فِيهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مِنْ لِلظَّرْفِيَّةِ إنْ مَاتَ فِي زَمَنِ مَرَضِهِ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ لَمْ يَتَأَتَّ التَّأْوِيلَانِ مِنْ كَوْنِهِ صَالَحَ عَنْ الْجُرْحِ لَا عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ أَوْ صَالَحَ عَنْهُمَا مَعًا لِأَنَّ الْجُرْحَ لَمْ يَؤُلْ لِشَيْءٍ وَعَلَى تَسْلِيمِ جَرَيَانِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّهُ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْجُرْحِ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ فَرْضُ الْأَوَّلِ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِمَادِ التَّأْوِيلِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: جَازَ وَلَزِمَ) أَيْ لِأَنَّ لِلْمَرِيضِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ بِمَا شَاءَ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عِيَاضٌ تَأَوَّلَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجُرْحِ دُونَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ النَّفْسِ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ الْقَصَّارِ عَلَى الْجُرْحِ وَمَا تَنَاهَى إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ كَمَا فِي ح وعج وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ جَازَ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ الْوَرَثَةَ وَإِنْ نَزَا فَمَاتَ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ أَنَّ لِلْوَرَثَةِ رَدَّ الصُّلْحِ وَالْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ وَلَا يُقَالُ الصُّلْحُ لَازِمٌ لِلْوَرَثَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ فَكَيْفَ يَلْزَمُ فِيمَا آلَ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ مِنْ أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ الْقَسَامَةَ وَالْقِصَاصَ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُ الصُّلْحُ وَإِنْ نَزَا فَمَاتَ مِنْهُ فَلَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ . (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ مَا يَنُوبُهُ وَلَوْ صَالَحَ بِقَلِيلٍ) وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ وَاَلَّذِي فِي ح مَا نَصُّهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِيمَا صَالَحَ بِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْقَاتِلِ عَلَى حَسَبِ دِيَةِ الْعَمْدِ وَيَضُمَّهُ إلَى مَا صَالَحَ بِهِ

(وَسَقَطَ الْقَتْلُ) وَلَهُ عَدَمُ الدُّخُولِ مَعَهُ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ فَلَا دُخُولَ لِلْمُصَالَحِ مَعَهُ وَلَهُ الْعَفْوُ فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الْمُصَالِحِ وَشِبْهِهِ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ وَقَوْلُهُ (كَدَعْوَاك) أَيُّهَا الْوَلِيُّ (صُلْحَهُ) أَيْ الْقَاتِلِ بِمَالٍ (فَأَنْكَرَ) فَيَسْقُطُ الْقَتْلُ وَكَذَا الْمَالُ إنْ حَلَفَ الْجَانِي فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ وَاسْتَحَقَّ الْمَالَ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَتْلُ وَالْمَالُ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْوَلِيِّ تَضَمَّنَتْ أَمْرَيْنِ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ الْقِصَاصِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَالًا فَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُعْمَلْ بِدَعْوَاهُ الْمَالَ (وَإِنْ صَالَحَ مُقِرٌّ بِخَطَإٍ) أَيْ بِقَتْلٍ خَطَأٍ (بِمَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِصَالَحَ (لَزِمَهُ) الصُّلْحُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْهُ (وَهَلْ) يَلْزَمُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ فِيمَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ (أَوْ) إنَّمَا يَلْزَمُهُ (مَا دَفَعَ) وَالْبَاقِي عَلَى الْعَاقِلَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ (تَأْوِيلَانِ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بِنَاءِ الثَّانِي عَلَى ضَعِيفٍ أَنْ يَكُونَ هُوَ ضَعِيفًا (لَا إنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ قَتْلٌ خَطَأٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ (وَجَهِلَ) أَيْ ظَنَّ (لُزُومَهُ) أَيْ لُزُومَ الْمَالِ الَّذِي هُوَ الدِّيَةُ فَصَالَحَ بِشَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْجَهْلِ أَوْ أَنَّ مِثْلَهُ يَجْهَلُ (وَحَلَفَ) أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ ظَنًّا مِنْهُ لُزُومَ الدِّيَةِ لَهُ (وَرَدَّ) مَا دَفَعَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ أَيْ أَخَذَهُ مِنْ الْمَدْفُوعِ لَهُمْ مَا عَدَا مَا يَخُصُّهُ فَلَا يَرُدُّهُ وَلَا يُقَالُ نَصِيبُهُ هُوَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مُنَجَّمًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَالْمُتَطَوِّعِ بِتَعْجِيلِهِ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ (إنْ طَلَبَ بِهِ) أَيْ بِالصُّلْحِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ (مُطْلَقًا) وَجَدَ مَا صَالَحَ بِهِ بِأَيْدِيهِمْ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ إنْ فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ (أَوْ طَلَبَهُ) هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَاحِبَهُ وَيَقْتَسِمَانِ الْجَمِيعَ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُصَالِحُ بِهِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ اهـ وَبِهِ قَرَّرَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا. وَبِهَذَا النَّقْلِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي خش وعبق مِنْ التَّنْظِيرِ الَّذِي مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْآخَرُ مَعَ الْأَوَّلِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ هَلْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَةٌ عَلَى الْجَارِحِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْجَارِحِ قُصُورٌ لِوُجُودِ النَّقْلِ لَكِنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ صَالَحَ عَنْ عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا مَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ فِي المج لَا طَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ الْقَتْلُ) لَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَسَقَطَ الْقَتْلُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ كَانَ أَوْلَى لِيُفِيدَ سُقُوطَ الْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَخَّرَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُشَبَّهَ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا دُخُولَ لِلْمُصَالِحِ بِهِ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجَانِي بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْآخَرِ الْعَفْوُ وَلَيْسَ لَهُ الْقِصَاصُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ الْقَتْلُ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْآخَرَ يُخَيَّرُ أَوَّلًا فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ عَفَا فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الْمُصَالِحِ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا وَإِنْ لَمْ يَعْفُ فَيُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ مَعَ الْمُصَالِحِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْجَانِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ لَا يَدْخُلُ وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ. (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ) أَيْ الْجَانِي . (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ) أَيْ دَفْعُ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ. (قَوْلُهُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَا دَفَعَ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ وَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَصَالَحَ الْأَوْلِيَاءَ عَلَى مَالٍ قَبْلَ أَنْ تَلْزَمَ الدِّيَةُ الْعَاقِلَةَ بِقَسَامَةٍ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ اهـ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ لَازِمٌ نَافِذٌ وَاخْتُلِفَ بِمَاذَا يَلْزَمُ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ بِالْعَقْدِ وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالدَّفْعِ اهـ إذَا عَلِمْت هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا بِهِ اللُّزُومُ بِأَنْ يَقُولَ وَهَلْ اللُّزُومُ بِالْعَقْدِ فَيَلْزَمُهُ مَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ أَوْ اللُّزُومُ بِالدَّفْعِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا دَفَعَ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ كَمَا فِي ح وطفى اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِتَأْوِيلَانِ يُشْعِرُ بِتَسَاوِيهِمَا مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بِنَائِهِ عَلَى ضَعِيفٍ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعْفُ الْمَبْنِيِّ فَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ أَحَدِ مَشْهُورَيْنِ عَلَى ضَعِيفٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ ظَنَّ لُزُومَهُ) أَيْ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ لَهُ وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ مَا صَالَحَ بِهِ بَلْ يُرَدُّ لَهُ مَا صَالَحَ بِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ فِي كَوْنِ الْمَالِ الَّذِي صَالَحَ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَيُرَدُّ إلَيْهِ مَا دَفَعَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ ثُبُوتِ الْجَهْلِ أَيْ مِنْ ثُبُوتِ جَهْلِهِ أَيْ ظَنِّهِ أَنَّ الدِّيَةَ لَازِمَةٌ لَهُ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى إثْبَاتُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ جَهْلِهِ بِالْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَلِفٍ لَا الثُّبُوتُ بِالْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ ثُبُوتِ أَنَّ مِثْلَهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مِنْ ادَّعَى الْجَهْلَ فِيمَا الْغَالِبُ أَنْ يَجْهَلَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ اهـ بْن فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِلُزُومِ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ بِالْيَمِينِ كَانَ الصُّلْحُ لَازِمًا لَهُ وَلَا يُرَدُّ لَهُ مَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ شَأْنِهِ يَجْهَلُ لُزُومَ الدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الصُّلْحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ) أَيْ بِجَهْلِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْجِيلُهَا. (قَوْلُهُ: إنْ طَلَبَ بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ

(وَوَجَدَ) مَا دَفَعَهُ لَهُمْ بَاقِيًا بِأَيْدِيهِمْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمَا ذَهَبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِمْ (وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ) مَثَلًا (وَارِثَيْنِ) شَخْصًا خَلِيطًا لِأَبِيهِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْوَارِثُ الْمُصَالِحُ لِمَالِ لِأَبِيهِمَا وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الصُّلْحُ (عَنْ إنْكَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَلِصَاحِبِهِ) الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ (الدُّخُولُ) مَعَهُ فِيمَا صَالَحَ بِهِ عَنْ نَصِيبِهِ وَلَهُ تَرْكُ الدُّخُولِ مَعَهُ وَيُطَالِبُ بِجَمِيعِ نَصِيبِهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ يُصَالِحُ كَمَا صَالَحَ أَخُوهُ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِتَرْكِهِ لَهُ فَإِنْ أَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ شَيْئًا وَلَا بَيِّنَةَ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ (كَحَقٍّ) ثَابِتٍ (لَهُمَا) أَيْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَثَلًا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ بِالْوَلَدِيَّةِ وَالْإِرْثِيَّةِ كَتَبَ ذَلِكَ الْحَقَّ (فِي كِتَابٍ أَوْ) أَيْ وَثِيقَةٍ (أَوْ مُطْلَقٍ) بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ فِي كِتَابٍ أَقْرَضَاهُ أَوْ بَاعَا بِهِ سِلْعَةً أَوْ دَفَعَا فِيهِ رَأْسَ سَلَمٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْهُ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِيهِ (إلَّا الطَّعَامَ) وَالْإِدَامَ مِنْ بَيْعٍ (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ فَفِي دُخُولِهِ مَعَهُ تَرَدُّدٌ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اسْتَثْنَى الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ غَيْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ فَتَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ جَوَازُ إذْنِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي اقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ مُقَاسَمَةً وَالْمُقَاسَمَةُ فِي الطَّعَامِ كَبَيْعِهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَأَبُو عِمْرَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ طَلَبُوا الصُّلْحَ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِي وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبَهُ هُوَ أَيْ أَوْ كَانَ الْجَانِي هُوَ الَّذِي طَلَبَ الصُّلْحَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ. (قَوْلُهُ: وَوَجَدَ) أَيْ وَقْتَ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ كَمَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ ظَنًّا مِنْهُ لُزُومَ الْإِثَابَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا وَجَدَ مِمَّا أَثَابَ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا فَاتَ مِنْهُ وَحَيْثُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ بِمَا فَاتَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْهُ وَيَحْسِبُ ذَلِكَ الْفَائِتَ لِلْعَاقِلَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَاخْتَارَهُ البنوفري وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيَحْسِبُ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هَارُونَ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يَحْسِبُ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الْوَارِثَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا وَلَدَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى بِمَالٍ عَلَى شَخْصٍ مُخَالِطٍ لِمُوَرِّثِهِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ أَوْ أَنْكَرَهُ وَصَالَحَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِلْوَارِثِ الْآخَرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ عَنْ نَصِيبِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا وَلَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَعَهُ وَيُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ كُلِّهَا فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ وَلَهُ تَرْكُهَا كُلِّهَا وَلَهُ الْمُصَالَحَةُ بِأَقَلَّ مِنْهَا وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَأَخَذَ حَقَّهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ صَالَحَ بِمَا يَرَاهُ صَوَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ عَلَى غَرِيمِهِ إلَّا الْيَمِينُ. (قَوْلُهُ: فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ مَعَهُ) ثُمَّ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ غَيْرُ الْمُصَالِحِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ وَرَجَعَ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ بَعْدَ صُلْحِ أَحَدِهِمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَوَجْهُهُ كَمَا قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ الصُّلْحَ لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ وَلَمَّا شَارَكَ رَبُّ الدَّيْنِ الْآخَرَ فِي مَا اقْتَضَاهُ شَارَكَهُ هُوَ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ وَدَخَلَ غَيْرُ الْمُصَالِحِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُصَالِحِ وَلَا لِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بِهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَرُجُوعُ الْمُصَالِحِ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ فَتْحٌ لَبَابِ النِّزَاعِ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ يَرْجِعُ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَلَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا عَلَى الْمُصَالِحِ بِمَا رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا بِمَعْنَى بَيْنَ فَمَوْضُوعُ الْكَلَامِ هُنَا فِي الْحَقِّ الْمُشْتَرَكِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ وَكَانَ الْحَقَّانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ كَزَيْدٍ وَلَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا وَكُتِبَ الْحَقَّانِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَسَيَأْتِي الْمُصَنِّفُ يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ فِيهِ قَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَّا الطَّعَامَ فَصَدْرُ الْكَلَامِ قَوْلُهُ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ وَعَجُزُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ بَعْدَ الْإِعْذَارِ فَاخْتَلَفَ شُرَّاحُهَا فِي قَوْلِهَا إلَّا الطَّعَامَ هَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ الْكَلَامِ أَوْ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ لِشَرِيكَيْنِ حَقٌّ عَلَى ثَالِثٍ فِي كِتَابٍ أَوْ مُطْلَقٍ وَاقْتَضَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ بَعْدَ الْإِعْذَارِ أَيْ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ الشَّاخِصِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ لِيَقْبِضَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ إلَّا الطَّعَامَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ لِقَبْضِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ قِسْمَةٌ لِلطَّعَامِ وَالْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَخْذِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الطَّعَامِ

إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ جَوَازُ مُصَالَحَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ عَنْ طَعَامِ الْبَيْعِ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي بَيْعٌ وَمِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ إلَّا الطَّعَامَ إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي فَهْمِ مَرْجِعِ الِاسْتِثْنَاءِ هَلْ هُوَ أَوَّلُ الْكَلَامِ وَهُوَ أَنَّ صُلْحَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ نَصِيبِهِ جَائِزٌ إلَّا الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ أَوْ هُوَ آخِرُ الْكَلَامِ وَهُوَ جَوَازُ إذْنِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي الْخُرُوجِ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ إلَّا الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُ فِي ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ مَعَهُ أَوْ تَوْكِيلِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ وَالْمُقَاسَمَةُ بَيْعٌ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَمْنُوعٌ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَشْخَصَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَخْرُجَ بِشَخْصِهِ أَيْ ذَاتِهِ يُقَالُ شَخَصَ يَشْخَصُ مِنْ بَابِ عَلِمَ أَوْ ضَرَبَ إذَا خَرَجَ شَاخِصًا أَيْ مُسَافِرًا وَالْمَعْنَى أَنَّ لَهُ الدُّخُولَ مَعَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ أَرْبَابِ الدَّيْنِ فَيُسَافِرُ لَهُ بِذَاتِهِ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ (وَيُعْذَرُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَشْخَصْ أَيْ يَقْطَعُ عُذْرَهُ وَحُجَّتَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ بَيِّنَةٍ (فِي الْخُرُوجِ) مَعَهُ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ (أَوْ الْوِكَالَةِ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي اقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ (فَيَمْتَنِعُ) مِنْ ذَلِكَ فَلَا دُخُولَ لِصَاحِبِهِ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْغَرِيمِ الْغَائِبِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) عِنْدَ الْمَدِينِ (غَيْرُ الْمُقْتَضَى) مِنْهُ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ وَيَكُنْ تَامَّةٌ أَيْ يُوجَدُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا قَبَضَهُ الشَّاخِصُ فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ خَرَجَ بِلَا إعْذَارٍ دَخَلَ مَعَهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَكُونَ) الْحَقُّ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا (بِكِتَابَيْنِ) كَتَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ فِي وَثِيقَةٍ عَلَى حِدَتِهِ فَمَا اقْتَضَاهُ أَحَدُهُمَا لَا دُخُولَ لِلْآخَرِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا كَدَيْنَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ (وَفِيمَا لَيْسَ) مُشْتَرَكًا (لَهُمَا) أَيْ بَيْنَهُمَا بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ شَيْءٌ خَاصٌّ بِهِ وَاتَّحَدَتْ السِّلْعَتَانِ جِنْسًا وَصِفَةً كَثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ صَاعَيْنِ وَبَاعَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ كُلٍّ (وَكُتُب) الثَّمَنُ (فِي كِتَابٍ) وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ حِصَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُصَالِحَ فِيهِ عَنْ حِصَّتِهِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ إذَا صَالَحَ عَنْ حِصَّتِهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ بِغَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعٌ كَمَا مَرَّ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِي وَجْهِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلطَّعَامِ لَا فِي الدُّخُولِ فِيهِ وَعَدَمِ الدُّخُولِ فِيهِ إذْ الدُّخُولُ فِيهِ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقٍ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فِي وَجْهِ الِاسْتِثْنَاءِ وَأَنَّ الْحُكْمَ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ السَّفَرِ لِقَبْضِ مَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا مِنْ الطَّعَامِ بِإِذْنِ الْآخَرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ صُلْحِ أَحَدِهِمَا فِي الطَّعَامِ بِاتِّفَاقٍ أَيْ مِنْ الْمُتَأَوِّلِينَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْخَصَ إلَخْ) الْحَقُّ كَمَا قَالَ عج إنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِعْذَارِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَفَرٌ بِأَنْ كَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا بِبَلَدِهِمَا اهـ عَدَوِيٌّ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ فَصَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْغَائِبِ وَسَكَتَ عَنْ الْحَاضِرِ وَهُوَ مِثْلُهُ فِي الْإِعْذَارِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَيُسَافِرُ لَهُ بِذَاتِهِ) أَيْ فَيُسَافِرُ لَهُ أَحَدُهُمْ بِذَاتِهِ. (قَوْلُهُ وَيُعْذِرُ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ) أَيْ بِأَنْ يَطْلُبَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ بِحُضُورِ بَيِّنَةٍ لِيَخْرُجَ مَعَهُ لِيَقْبِضَ حِصَّتَهُ أَوْ يُوَكِّلَهُ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يُسَافِرُ مَعَهُ بِقَبْضِ حِصَّتِهِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَعْذَرَ إلَيْهِ وَامْتَنَعَ وَسَافَرَ لِلْغَرِيمِ وَقَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الشَّاخِصِ فِيمَا اقْتَضَاهُ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ الشُّخُوصِ مَعَهُ وَمِنْ التَّوْكِيلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالدُّخُولِ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَشْخَصَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِعْذَارِ لِصَاحِبِهِ فَلَا دُخُولَ لِصَاحِبِهِ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ الْغَرِيمِ غَيْرُ مَا اقْتَضَاهُ الشَّاخِصُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ تت مِنْ أَنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ الْإِشْخَاصِ وَالْإِعْذَارِ لِصَاحِبِهِ فَيَمْتَنِعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا كَانَ غَائِبًا فَخَرَجَ إلَيْهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ لِصَاحِبِهِ وَامْتِنَاعِهِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا سَوَاءٌ حَصَلَ إعْذَارٌ أَوَّلًا أَوْ كَانَ غَائِبًا وَأَشْخَصَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِعْذَارِ فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا وَأَوْلَى غَائِبًا وَأَعْذَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَامْتَنَعَ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَالْخِلَافُ فِي صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا وَأَعْذَرَ فِي الْخُرُوجِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ عَلَى كَلَامِ عج وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَدْخُلُ مَعَهُ عَلَى مَا قَالَهُ تت وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى يَشْخَصَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ كَدَيْنَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْكِتَابَيْنِ يُفَرِّقَانِ مَا كَانَ أَصْلُهُ مُجْتَمِعًا لِأَنَّهُ كَالْمُقَاسَمَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَيْسَ مُشْتَرَكًا) أَيْ وَفِي الدَّيْنِ الَّذِي لَيْسَ أَصْلُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَبَاعَهُمَا مَعًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) أَيْ بَعْدَ تَقْوِيمِهِمَا لِلسِّلْعَتَيْنِ وَمَعْرِفَةِ قِيمَتِهِمَا وَاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بَيْعِهِمَا صَفْقَةً وَأَنَّهُمَا يُوَزِّعَانِ الثَّمَنَ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ كُلٍّ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ مَا لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَوْبٌ

(قَوْلَانِ) فِي دُخُولِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فِيمَا قَبَضَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَتَبَةَ الْوَاحِدَةَ تَجْمَعُ مَا كَانَ مُتَفَرِّقًا وَعَدَمُ الدُّخُولِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ فَإِنْ بَاعَ كُلٌّ بِانْفِرَادِهِ أَوْ اخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَبِيعِ أَوْ صِفَتُهُ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَوْ بَاعَ كُلٌّ سِلْعَتَهُ مُنْفَرِدَةً لَمْ يَدْخُلْ أَحَدُهُمَا فِيمَا قَبَضَهُ الْآخَرُ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا (وَلَا رُجُوعَ) لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الْغَرِيمِ (إنْ اخْتَارَ مَا عَلَى الْغَرِيمِ) مُسَلِّمًا لِصَاحِبِهِ فِيمَا اقْتَضَاهُ (وَإِنْ هَلَكَ) الْغَرِيمُ أَوْ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ مَا عَلَى الْغَرِيمِ كَالْمُقَاسَمَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَهَا (وَإِنْ صَالَحَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي مِائَةٍ عَلَى غَرِيمٍ بِكِتَابَةٍ أَوْ لَا (عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ) أَيْ بَدَلَهَا وَقَبَضَا (فَلِلْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ (إسْلَامُهَا) أَيْ الْعَشَرَةِ الْمُصَالَحِ بِهَا لِلْمُصَالِحِ وَيَتْبَعُ غَرِيمَهُ بِخَمْسِينِهِ (أَوْ أَخَذَ خَمْسَةً مِنْ شَرِيكِهِ) الْمُصَالِحِ (وَيَرْجِعُ) عَلَى الْغَرِيمِ (بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ) تَمَامَ خَمْسِينِهِ (وَيَأْخُذُ الْآخَرُ) أَيْ الْمُصَالِحُ مِنْ الْغَرِيمِ (خَمْسَةً) أَيْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا بِمَثَابَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَهَذَا فِي الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ وَأَمَّا عَلَى إنْكَارٍ فَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ مِنْ الْمُصَالِحِ خَمْسَةً مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَلَا لِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ يَرْجِعُ بِهِ وَلَمَّا ذَكَرَ الصُّلْحَ الْمُعَجَّلَ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ بِمُؤَخَّرٍ وَلَا يَكُونُ إلَّا عَنْ إقْرَارٍ فَقَالَ (وَإِنْ صَالَحَ) مَنْ لَهُ حَقٌّ (بِمُؤَخَّرٍ) مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (عَنْ مُسْتَهْلَكٍ) مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ (لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إذْ بِاسْتِهْلَاكِ الشَّيْءِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ الْمُسْتَهْلِكَ فَأَخَذَ عَنْهَا مُؤَخَّرًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ فَإِنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ كَمَا أَفَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ يُصَالِحَهُ (بِدَرَاهِمَ) مُؤَخَّرَةٍ وَهِيَ (كَقِيمَتِهِ فَأَقَلَّ) فَيَجُوزُ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ حَسَنٌ اقْتِضَاءً (أَوْ) عَلَى (ذَهَبٍ كَذَلِكَ) أَيْ قَدْرِ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَأَقَلَّ مُؤَخَّرًا وَلَوْ قَالَ إلَّا بِنَقْدٍ كَقِيمَتِهِ فَأَقَلَّ لَكَانَ أَخْصَرَ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مُنِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِلْآخَرِ ثَوْبَانِ فَبَاعَهُمَا صَفْقَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ مَا لِكُلٍّ مِنْ السِّلْعَتَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا دُخُولُ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فِيمَا قَبَضَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَفَ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي مَوْضُوعِ الْخِلَافِ عَلَى بَيْعِهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا أَوْ فِي الْقَدْرِ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ كُتِبَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّمَنُ) أَيْ أَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ بِأَنْ بِيعَ الْعَبْدَانِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنْ سَمَّى الْمُشْتَرِي لِهَذَا خَمْسِينَ وَلِلْآخِرِ أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ كُلَّ سِلْعَتِهِ مُنْفَرِدَةً) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ فَلَوْ بَاعَ كُلًّا بِانْفِرَادِهِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَتَبَ مَا لِكُلٍّ فِي كِتَابٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَتَبَ مَا لَهُمَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ الَّذِي لَهُ الدُّخُولُ عَلَى شَرِيكِهِ فِيمَا اقْتَضَاهُ مِنْ الْغَرِيمِ فَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ وَاخْتَارَ اتِّبَاعَ الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ. (قَوْلُهُ: فِي مِائَةٍ) أَصْلُهَا كَانَ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ بِكِتَابٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِكِتَابٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا أَنْكَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا بَيِّنَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ رُجُوعِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بِالْخَمْسَةِ الْمَدْفُوعَةِ لِشَرِيكِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصُّلْحَ لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَرُجُوعُهُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ فَتْحٌ لَبَاب النِّزَاعِ اهـ عَدَوِيٌّ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ رُجُوعِ شَرِيكِهِ فِي الْغَرِيمِ نَحْوُهُ فِي عبق وخش وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يُصَالِحْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَرِيمَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُؤَدِّيَ أَوْ يُصَالِحَ اهـ بْن . (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ إلَّا عَنْ إقْرَارٍ) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارٍ إنَّمَا يَجُوزُ بِمُعَجَّلٍ لَا بِمُؤَجَّلٍ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا لِأَنَّ التَّأْخِيرَ سَلَفٌ وَالنَّفْعُ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) يَعْنِي مَنْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الطَّعَامِ أَوْ الْحَيَوَانِ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مُؤَخَّرٍ لَمْ يَجُزْ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ حَقٌّ) أَيْ وَهُوَ صَاحِبُ الشَّيْءِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّ لَهُ حَقًّا عِنْدَ الْمُسْتَهْلِكِ وَهُوَ قِيمَةُ شَيْئِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ) تَبِعَ فِي ذِكْرِ الطَّعَامِ تت وَالشَّيْخُ سَالِمٌ قَالَ طفى وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْمُقَوَّمَاتِ وَلِأَنَّ الطَّعَامَ مِثْلِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِهْلَاكِهِ مِثْلُهُ وَأَخْذُ الْعَيْنِ عَنْهُ مُؤَجَّلَةً فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ. وَأَجَابَ عج بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ جُزَافًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُقَوَّمٌ فَإِذَا اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ صُبْرَةً مِنْ الْقَمْحِ جُزَافًا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِمُؤَجَّلٍ إلَّا إذَا كَانَ الْمُؤَجَّلُ عَيْنًا وَكَانَتْ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَقَلَّ. (قَوْلُهُ: لَزِمَتْ قِيمَتُهُ الْمُسْتَهْلِكَ) أَيْ حَالَّةً. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ) أَيْ وَأَمَّا فِي جِنْسِهِ بِمُسَاوٍ فَهُوَ نَفْسُهُ وَلَا فَسْخَ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ سَلِمَ) أَيْ الصُّلْحُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ أَوْ حَطَّ مِنْهَا وَأَنْظَرَهُ بِبَاقِيهَا وَهُوَ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَلَيْسَ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ الْمَمْنُوعِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ

لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَوْ كَانَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِذَهَبٍ حَالَّيْنِ لَجَازَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ كَقِيمَتِهِ إلَخْ وَأَشَارَ لِشَرْطِ الْجَوَازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُسْتَهْلَكُ لَا قِيمَتُهُ (مِمَّا يُبَاعُ بِهِ) أَيْ بِمَا صُولِحَ بِهِ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ ذَهَبًا فَصَالَحَ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسَهُ فَيَمْنَعُ التَّأْخِيرُ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَعَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ طَعَامًا مَكِيلًا فَلَزِمَهُ مِثْلُهُ فَيُمْنَعُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ شَيْئًا مُؤَخَّرًا؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بِخِلَافِ مِثْلِيٍّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مَجْهُولِ الْقَدْرِ فَتَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ (كَعَبْدٍ آبِقٍ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِيمَا قَبْلَهُ لَا تَمْثِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَهْلَكًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِعَرَضٍ مُؤَخَّرٍ وَلَا بِعَيْنٍ أَكْثَرَ مِنْهَا مُؤَخَّرَةٍ بِخِلَافِ قَدْرِهَا فَأَقَلَّ فَيَجُوزُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الْآبِقِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ كَمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا بِتَفْرِيطِهِ حَتَّى أَبَقَ أَوْ تَلِفَ (وَإِنْ صَالَحَ) جَانٍ (بِشِقْصٍ) مِنْ عَقَارٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ (عَنْ مُوضِحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَإٍ) وَأَرَادَ شَرِيكُ الْجَانِي أَخْذَ الشِّقْصِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِالشُّفْعَةِ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ مَثَلًا (فَالشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ) وَهُوَ عَشْرَةٌ (وَبِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ) الْخَطَأِ وَهِيَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ مِنْ قَاعِدَتِهِ فِيمَا أُخِذَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحَصِّلَهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ حَطَّ مِنْهَا وَأَنْظَرَهُ بِبَاقِيهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ فَالسَّلَفُ تَأْخِيرُ صَاحِبِ الْمُسْتَهْلَكِ لِلْمُصَالِحِ وَالْمَنْفَعَةُ الزِّيَادَةُ عَنْ الْقِيمَةِ وَفِيهِ أَيْضًا فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ الْقِيمَةِ الْأَقَلِّ الْحَالَّةِ فِيمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ كَقِيمَتِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ قَدْرَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ) أَيْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ بِالدَّرَاهِمِ الْمُؤَخَّرَةِ وَالذَّهَبِ إذَا كَانَا قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَقَلَّ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ مِمَّا يُبَاعُ بِمَا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِلَّا مُنِعَ. (قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ ذَهَبًا إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ تت قَالَ طفى وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ إحَالَةٌ أَيْ تَغْيِيرٌ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهَا فِي الْمُقَوَّمَاتِ كَمَا عَلِمْت وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ يُبَاعُ بِالْوَرِقِ وَأَخَذَ ذَهَبًا مُؤَخَّرًا أَوْ عَكْسُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِالذَّهَبِ الْحُلِيَّ الَّذِي هُوَ مُقَوَّمٌ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ التَّأْخِيرُ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ بَلْ يَجُوزُ بِدَرَاهِمَ مُؤَخَّرَةٍ فَفِيهَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَمَنْ غَصَبَ لِرَجُلٍ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَاسْتَهْلَكَهُمَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَعَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ طَعَامًا) فِي جَعْلِ هَذَا مُحْتَرَزًا لِقَوْلِهِ وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الطَّعَامَ الْمَكِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالنَّقْدِ وَالْعَرَضِ حَالًّا وَلِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ) أَيْ فَمَنْ اسْتَهْلَكَ صُبْرَةَ طَعَامٍ جُزَافًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِمُؤَخَّرٍ إلَّا بِعَيْنِ قَدْرِهَا فَأَقَلَّ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ الصُّلْحِ عَنْهَا بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ بِعَرْضٍ نَقْدًا وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْهَا بِطَعَامٍ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا يَجُوزُ جُزَافًا وَأَمَّا عَلَى كَيْلٍ لَا يَشُكُّ فِي أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ كَيْلِ الصُّبْرَةِ الْجُزَافِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجُزَافِ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَسَامَحَ الْمُسْتَهْلِكُ بِالْكَسْرِ مِنْ الْبَاقِي اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ فِي الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِعَرَضٍ) أَيْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. (قَوْلُهُ وَلَا بِعَيْنٍ أَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ مُحَصِّلَهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ حَطَّ مِنْهَا وَأَنْظَرَهُ بِالْبَاقِي وَهُوَ حَسَنٌ اقْتِضَاءً. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الْآبِقِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ لَا نَفْسُ الْعَبْدِ حَتَّى يَكُونَ بَيْعًا لَهُ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بَيْعٌ فَإِنْ قُلْت جَعْلُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الصُّلْحُ بِأَقَلَّ مِنْهَا لَا إنْ كَانَ بِقَدْرِهَا قُلْت لَمَّا كَانَ قَدْرُهَا مُؤَجَّلًا وَالْأَجَلُ لَهُ حِصَّةٌ صَارَ كَأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى بَعْضِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: بِالِاسْتِيلَاءِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا عِنْدَهُ أَوْ أَبَقَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ كَالْمُودِعِ أَيْ كَمَا يَضْمَنُ مَنْ ذَكَرَ الْقِيمَةَ حَالًّا بِتَفْرِيطِهِ حَتَّى أَبَقَ أَوْ تَلِفَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِمُؤَجَّلٍ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُؤَجَّلُ عَيْنًا قَدْرَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ وَكَانَ ذَلِكَ الْمُصَالَحُ عَنْ قِيمَتِهِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعَيْنِ الْمُصَالَحِ بِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ بِشِقْصٍ إلَخْ) صُورَتُهَا شَخْصٌ أَوْضَحَ آخَرَ مُوضِحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا صَدَرَتْ مِنْهُ عَمْدًا وَالْأُخْرَى خَطَأً ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِشِقْصٍ مِنْ عَقَارٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ عِشْرُونَ مَثَلًا فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ أَيْ الْجُزْءَ الْمُصَالَحَ بِهِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الشِّقْصَ يُقْسَمُ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْعَمْدِ وَنِصْفٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ فَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ لِلْمَجْرُوحِ نِصْفَ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَدَّرٌ وَيَدْفَعُ لَهُ أَيْضًا دِيَةُ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ دِينَارًا لِأَنَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ مِنْ الشِّقْصِ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ وَفِيهَا شَيْءٌ مُقَرَّرٌ. (تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ

[باب في شروط الحوالة وأحكامها]

فِي مُقَابِلَةِ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ أَنْ يُوَزَّعَ عَلَيْهِمَا لِلْمَعْلُومِ نِصْفُهُ وَلِلْمَجْهُولِ نِصْفُهُ وَالْمَعْلُومُ هُنَا هُوَ دِيَةُ الْخَطَأِ وَالْمَجْهُولُ أَرْشُ الْعَمْدِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَدَّرٌ فَيُؤْخَذُ فِي مُقَابِلَتِهِ نِصْفُ قِيمَةِ الشِّقْصِ (وَهَلْ كَذَلِكَ) يُقَسَّمُ مَا قَابَلَ الْمَجْهُولَ وَالْمَعْلُومَ نِصْفَيْنِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْخَطَإِ (إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ) كَنَفْسٍ وَيَدٍ أَوْ لَا بَلْ يُجْعَلُ الشِّقْصُ عَلَى قَدْرِ دِيَتِهِمَا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَبِثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ إنْ كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً أَوْ الْقَتْلُ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ دِيَةِ النَّفْسِ وَثُلُثِ قِيمَةِ الشِّقْصِ (تَأْوِيلَانِ) وَعَلَى الثَّانِي أَكْثَرُ الْقَرَوِيِّينَ [دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا وَهِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ بِمِثْلِهِ إلَى أُخْرَى تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى (شَرْطُ) صِحَّةِ (الْحَوَالَةِ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ) لَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُرَجَّحَيْنِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ (وَثُبُوتُ دَيْنٍ) لِلْمُحِيلِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَكَذَا لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِلَّا كَانَتْ وِكَالَةً لَا حَوَالَةً وَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِيمَتِهِ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ بْن خِلَافًا لِقَوْلِ عبق وَإِنْ صَالَحَ أَيْ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ. (قَوْلُهُ: فِي مُقَابَلَةِ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ وَمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ. (قَوْلُهُ لِلْمَعْلُومِ نِصْفُهُ وَلِلْمَجْهُولِ نِصْفُهُ) أَيْ فَإِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ يَدْفَعُ فِي مُقَابَلَةِ مَا أَخَذَ عَنْ الْمَجْهُولِ قِيمَتَهُ وَمَا أَخَذَ عَنْ الْمَعْلُومِ يَدْفَعُ فِيهِ الْمَعْلُومَ الَّذِي دُفِعَ نِصْفُ الشِّقْصِ صُلْحًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَنَفْسٍ وَيَدٍ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ قَطَعَ زَيْدٌ يَدَ عَمْرٍو ثُمَّ قَتَلَهُ وَكَانَ أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً فَدِيَةُ النَّفْسِ أَلْفُ دِينَارٍ وَدِيَةُ الْيَدِ خَمْسُمِائَةٍ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْقَائِلِ إنَّ اخْتِلَافَ الْجُرْحَيْنِ كَتَسَاوِيهِمَا يُقَسَّمُ الشِّقْصُ بَيْنَهُمَا فَإِذَا كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا وَالْقَتْلُ خَطَأً فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ نِصْفَ الْقَتْلِ إلَّا إذَا دَفَعَ أَلْفَ دِينَارٍ وَإِذَا أَخَذَ نِصْفَ الْقَطْعِ دَفَعَ عَشَرَةً قِيمَةَ نِصْفِ الشِّقْصِ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً وَالْقَتْلُ عَمْدًا فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُ نِصْفَ الْقَطْعِ إلَّا إذَا دَفَعَ لِأَرْبَابِ الْجِنَايَةِ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا يَأْخُذُ نِصْفَ الْقَتْلِ إلَّا إذَا دَفَعَ عَشَرَةً وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ إنَّ الشِّقْصَ يُجْعَلُ عَلَى قَدْرِ دِيَتِهِمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ دِيَةَ الْيَدِ خَمْسُمِائَةٍ وَدِيَةَ النَّفْسِ أَلْفٌ وَالْمَجْمُوعُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ ثُلُثُهَا لِلْيَدِ وَثُلُثَاهَا لِلنَّفْسِ فَيُقَسَّمُ الشِّقْصُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ثُلُثُهُ لِلْيَدِ وَثُلُثَاهُ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ فَإِذَا كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا وَالْقَتْلُ خَطَأً فَلَا يَأْخُذُ ثُلُثَيْ الْقَتْلِ إلَّا إذَا دَفَعَ دِيَةَ النَّفْسِ كَامِلَةً وَلَا يَأْخُذُ ثُلُثَ الْقَطْعِ إلَّا إذَا دَفَعَ ثُلُثَ قِيمَةِ الشِّقْصِ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً وَالْقَتْلُ عَمْدًا فَلَا يَأْخُذُ ثُلُثَيْ الشِّقْصِ اللَّذَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ إلَّا إذَا دَفَعَ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ ثَلَاثَةَ عَشْرَ دِينَارًا أَوْ ثُلُثَ دِينَارٍ وَلَا يَأْخُذُ الثُّلُثَ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الْقَطْعِ إلَّا إذَا دَفَعَ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ [بَابٌ فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا] (بَابُ الْحَوَالَةِ) بَابُ الْحَوَالَةِ. (قَوْلُهُ: شَرْطُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ) هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّحَوُّلِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا قَالَهُ عِيَاضٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَقْلُ وَكَذَا قَوْلُهُ إلَى أُخْرَى أَيْ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ لِأُخْرَى بِسَبَبِ وُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: تَبْرَأُ بِهَا) الْأُولَى تَبْرَأُ بِهِ أَيْ بِالنَّقْلِ وَلَعَلَّهُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لِأَنَّ النَّقْلَ الْمَذْكُورَ حَوَالَةٌ. (قَوْلُهُ: لَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ رَضِيَ أَوْ لَمْ يَرْضَ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَالِ عَدَاوَةٌ سَابِقَةٌ عَلَى وَقْتِ الْحَوَالَةِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنْ حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ مُنِعَ الْمُحَالُ مِنْ اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَوَكَّلَ مَنْ يَقْتَضِيهِ مِنْهُ لِئَلَّا يُبَالِغَ فِي إيذَائِهِ بِعُنْفِ مُطَالَبَتِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُرَجَّحَيْنِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّاجِحُ اشْتِرَاطُ الْحُضُورِ وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فَقَدْ انْفَرَدَ بِتَشْهِيرِهِ ابْنُ سَلْمُونٍ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِمَا نَقَلَهُ ح مِنْ اقْتِصَارِ الشُّيُوخِ عَلَى اشْتِرَاطِهِ اهـ بْن لَكِنَّ فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ خِلَافَهُ مِنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوَثَّقِينَ مِنْ الْأَنْدَلُسِ اخْتَلَفُوا هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رُجِّحَ كَمَا عَلِمْت وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ مِنْ قَبِيلِ بَيْعِ الدَّيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهَا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ بِدَيْنٍ آخَرَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَلَا يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ وَالْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ) إنَّمَا اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَإِقْرَارُهُ وَإِنْ كَانَ رِضَاهُ لَا يُعْتَبَرُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُبْدِيَ مَطْعَنًا فِي الْبَيِّنَةِ إذَا حَضَرَ أَوْ يُثْبِتَ بَرَاءَتَهُ مِنْ الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَثُبُوتُ دَيْنٍ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الْمُرَادُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ وُجُودُهُ لَا خُصُوصُ الثُّبُوتِ الْعُرْفِيِّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَحِينَئِذٍ فَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ تَصْدِيقُ الْمُحَالِ بِثُبُوتِهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ) أَيْ وَكَذَا يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ دَيْنٍ لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ (قَوْلُهُ وِكَالَةً) أَيْ لِلْمُحَالِ بِتَخْلِيصِ الْحَقِّ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) الْأَوْلَى وَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ لِلْمُحِيلِ عَلَى

كَانَتْ حَمَالَةً إنْ رَضِيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَا حَوَالَةً وَإِنْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ (لَازِمٍ) عَنْ دَيْنِ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَرَقِيقٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ وَسَيِّدٍ فَلَا تَصِحُّ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِمْ بِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ ثَمَنُ سِلْعَةٍ مَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ قَبْلَ لُزُومِهِ (فَإِنْ أَعْلَمَهُ) أَيْ أَعْلَمَ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ (بِعَدَمِهِ) أَيْ الدَّيْنِ بِأَنْ قَالَ لِلْمُحَالِ لَا دَيْنَ لِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ عَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَشَرَطَ) الْمُحِيلِ (الْبَرَاءَةَ) مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَرَضِيَ الْمُحَالُ (صَحَّ) التَّحَوُّلُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّهُ حَيْثُ رَضِيَ بِالتَّحَوُّلِ (وَهَلْ) مَحَلُّ عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ (إلَّا أَنْ يَفْلَسُ أَوْ يَمُوتَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ أَوْ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا مَعَ شَرْطِ الْبَرَاءَةِ وَإِلَّا رَجَعَ (تَأْوِيلَانِ) وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ (وَصِيغَتُهَا) أَيْ لَفْظُهَا الْخَاصُّ كَأَحَلْتُكَ عَلَى فُلَانٍ وَحَوَّلْت حَقَّك عَلَيْهِ وَأَنْتَ مُحَالٌ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ مَا دَلَّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَالِ دَيْنَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ بِمِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَهُوَ شَامِلٌ لِنَحْوِ خُذْ حَقَّك مِنْ فُلَانٍ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَا تَنْحَصِرُ صِيغَتُهَا فِي لَفْظٍ مُشْتَقٍّ مِنْ الْحَوَالَةِ وَهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَحُلُولُ) الدَّيْنِ (الْمُحَالِ بِهِ) وَهُوَ الَّذِي عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَالًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُحَالِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ حَمَالَةً) أَيْ وَعَلَيْهِ لَوْ أُعْدِمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَرَجَعَ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحَالُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ فَلَّسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَمَالَةً لِأَنَّهُ قَدْ تَرَكَ حَقَّهُ حَيْثُ رَضِيَ بِالتَّحَوُّلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَازِمٍ عَنْ دَيْنٍ إلَخْ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا خَارِجٌ بِشَرْطِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ هُنَا تَأَمَّلْ وَفِيهِ أَنَّ الدَّيْنَ مِنْ حَيْثُ هُوَ ثَابِتٌ ثُمَّ النَّظَرُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ إنْ رَآهُمَا صَرَفَاهُ فِيمَا لَهُمَا غِنًى عَنْهُ رَدَّهُ وَإِلَّا ضَمِنَا بِقَدْرِ مَا صَانَا بِهِ مَالَهُمَا فَصَحَّ ثُبُوتُ الدَّيْنِ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَ تَبَيُّنِ شَيْءٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَجْزُومٍ بِلُزُومِهِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ إذْ ذَاكَ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَثُبُوتُ دَيْنِهِ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا يُسْقِطُهُ إسْقَاطُ السَّيِّدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ لَزِمَهُ فَصَحَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِمْ) أَيْ لِعَدَمِ لُزُومِ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِأَنَّ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَسَيِّدِ الرَّقِيقِ طَرْحَ الدَّيْنِ عَنْهُمْ وَإِسْقَاطَهُ. (قَوْلُهُ: ثَمَنُ سِلْعَةٍ مَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ) أَيْ وَكَذَا دَيْنُ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَزَ عَنْهُ لَا يُتْبَعُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحِيلَ السَّيِّدُ أَجْنَبِيًّا عَلَى الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التُّونُسِيِّ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ صَحَّ التَّحَوُّلُ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ التَّحَوُّلِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ إنْ رَضِيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ بْن وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّحَوُّلِ حِينَئِذٍ مِنْ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا حَمَالَةٌ وَلَا يُطَالِبُ إلَّا فِي حَالِ عَدَمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُحَالَ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ دَيْنِهِ اهـ خش. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إنْ عَلِمَ الْمُحَالُ بِأَنَّهُ لَا دَيْنَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْمُحِيلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُحِيلُ بِعِلْمِهِ بِذَلِكَ حِينَ الْحَوَالَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَرَضِيَ الْمُحَالُ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَعْلَمَهُ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ مَحَلُّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُحِيلَ إذَا أَعْلَمَ الْمُحَالَ بِعَدَمِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ وَأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُحَالِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَحَّ التَّحَوُّلُ وَهَلْ لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فَلَّسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ أَوَّلًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا فَلِسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ خِلَافٌ لَا تَقْيِيدٌ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَسَحْنُونٌ أَوْ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُفَلَّسْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ يَمُتْ وَإِلَّا فَلِلْمُحْتَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِدِينِهِ وَحِينَئِذٍ فَرَاوِيَةُ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَهَا ابْنُ الْمَوَّازِ اهـ قَالَ خش وَلَوْ رَضِيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِالْحَوَالَةِ وَدَفَعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَفِي عبق عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَالِ وَلِأَنَّ رِضَاهُ بِالدَّفْعِ صَيَّرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَمِيلِ وَهُوَ يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَبَرُّعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا دَفَعَهُ وَإِلَّا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ . (قَوْلُهُ وَصِيغَتُهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ رِضَا الْمُحِيلِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الصِّيغَةَ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يَتَسَمَّحُونَ فَيُطْلِقُونَ الشَّرْطَ عَلَى الرُّكْنِ. (قَوْلُهُ: مَا دَلَّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ كَانَتْ الدَّلَالَةُ بِطَرِيقِ الصَّرَاحَةِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ أَيْ الْكَائِنِ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِتَرْكِ أَيْ بِسَبَبِ وُجُودِ مِثْلِهِ الْكَائِنِ ذَلِكَ الْمِثْلُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) فِيهِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ لَا يَقْتَضِي انْحِصَارَ صِيغَتِهَا فِي اللَّفْظِ الْمُشْتَقِّ مِنْ الْحَوَالَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ هَذَا ظَاهِرُهُ

أَدَّى إلَى تَعْمِيرِ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ لَا يَدًا بِيَدٍ إنْ كَانَ الدَّيْنَانِ عَيْنًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَالًّا وَيَقْبِضُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا مِثْلَ الصَّرْفِ فَيَجُوزُ وَبَالَغَ عَلَى شَرْطِ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كِتَابَةً) حَلَّتْ أَوْ عَجَّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ وَأَحَالَ بِهَا الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَى غَرِيمٍ (لَا) حُلُولَ الدَّيْنِ لِمُحَالٍ (عَلَيْهِ) فَلَا يُشْتَرَطُ (و) شَرْطُهَا (تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ) الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ (قَدْرًا وَصِفَةً) مُرَادُهُ بِالتَّسَاوِي قَدْرًا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَلَا أَقَلَّ فَلَا يُحِيلُ بِخَمْسَةٍ عَلَى عَشَرَةٍ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ رِبًا فِي الْأَكْثَرِ وَمَنْفَعَةٌ فِي التَّحَوُّلِ إلَى الْأَقَلِّ فَيَخْرُجُ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِي مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ حَتَّى يَمْتَنِعَ أَنْ يُحِيلَ بِخَمْسَةٍ مِنْ عَشْرَةٍ عَلَى مَدِينِهِ أَوْ بِخَمْسَةٍ مِنْ عَشْرَةٍ عَلَيْهِ كَمَا تُوُهِّمَ وَكَذَا لَا يُحِيلُ بِخَمْسَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ عَلَى مِثْلِهَا يَزِيدِيَّةٍ وَلَا عَكْسُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ التَّسَاوِي فِي الصِّفَةِ التَّسَاوِي فِي الْجِنْسِ فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَتِهِ (وَفِي) جَوَازِ (تَحَوُّلِهِ) بِالْأَعْلَى (عَلَى الْأَدْنَى) صِفَةً أَوْ قَدْرًا وَمَنْعِهِ (تَرَدُّدٌ) عَلَّلَ الْجَوَازَ بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَالْمَنْعَ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ فَمُرَادُهُ بِالْأَدْنَى مَا يَشْمَلُ الْأَقَلَّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَى قَوْلِهِ وَتَسَاوِي إلَخْ (وَأَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الدَّيْنَانِ الْمُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ (طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ) أَيْ سَلَمٍ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ رُءُوسُ الْأَمْوَالِ أَوْ اخْتَلَفَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَعُونَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْهِبَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا بِصِيغَةٍ أَوْ مَفْهَمِهَا فَأَرَادَ بِالصِّيغَةِ مَا كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ لَفْظِ الْهِبَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ مَفْهَمِهَا فَلَمَّا اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى قَوْلِهِ وَصِيغَتُهَا وَلَمْ يَقُلْ وَمَفْهَمُهَا عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِصِيغَتِهَا مَا كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ لَفْظِ الْحَوَالَةِ فَتَأَمَّلْ (تَنْبِيهٌ) تَكْفِي الْإِشَارَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْحَوَالَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ لَا مِنْ النَّاطِقِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ كِفَايَتِهَا مُطْلَقًا فِي تَعْرِيفِهِ الصِّيغَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَدَّى إلَى تَعْمِيرِ ذِمَّةٍ) أَيْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِذِمَّةٍ أَيْ بِدَيْنِ ذِمَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ إذْ الذِّمَّةُ لَا تَتَعَمَّرُ بِذِمَّةٍ أُخْرَى وَاعْتَرَضَ بِأَنْ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي حَالَةِ الْحُلُولِ وَقَوْلُهُ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ أَيْ الْمُحَالِ بِهِ وَقَوْلُهُ بِالدَّيْنِ أَيْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَيْ وَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلَخْ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ فِي حَالَةِ الْحُلُولِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اشْتَرَطَ حُلُولَ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَوَالَةِ الْمَنْعُ لَكِنْ رَخَّصَ فِيهَا عِنْدَ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ وَالرُّخْصَةُ لَا تَتَعَدَّى مَوْرِدَهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَالًّا) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ وَالرُّخْصَةُ لَا تَتَعَدَّى مَوْرِدَهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ بِهِ حَالًّا) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ أَيْ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ غَيْرَ حَالٍّ فَلَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَالًّا وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ طفى فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ بِعَدَمِ حُلُولِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ فَأَجْرِهَا عَلَى الْقَوَاعِدِ فَإِنْ أَدَّتْ لِمَمْنُوعٍ فَامْنَعْ وَإِلَّا فَأَجْزِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي جَوَازِهَا أَمَّا حُلُولُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ هُمَا لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَأَمَّا إذَا كَانَا مَعًا غَيْرَ حَالَّيْنِ فَالْمَنْعُ لِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كِتَابَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ غَيْرَ كِتَابَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ كِتَابَةً إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَازِمًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَمُفَادُ مَا هُنَا الْجَوَازُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا هُنَا أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِالْكِتَابَةِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ مَدِينٌ لَهُ وَمَا تَقَدَّمَ أَحَالَ السَّيِّدُ أَجْنَبِيًّا عَلَى الْمُكَاتَبِ فَالْكِتَابَةُ هُنَا مُحَالٌ بِهَا وَمَا مَرَّ مُحَالٌ عَلَيْهَا تَأَمَّلْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهَا وَيَمْتَنِعُ الْحَوَالَةُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ حَالَّةً كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التُّونُسِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْجَوَازِ تَبَعًا لتت وَقَدْ رَدَّهُ طفى فَانْظُرْهُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ الْمُحَالُ بِهَا فَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ حُلُولَهَا قَالَ وَإِلَّا فَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَعْتِقَ مَكَانَهُ لِأَنَّ مَا عَلَى الْكَاتِبِ لَيْسَ دَيْنًا ثَابِتًا فَإِذَا أَعْتَقَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ صَارَ لَازِمًا لَهُ فَقَدْ اشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحُلُولَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ الْحُلُولُ وَرَأَى غَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ دَيْنًا ثَابِتًا كَالدُّيُونِ وَاخْتَارَ سَحْنُونٌ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا قَوْلَ ذَلِكَ الْغَيْرِ اهـ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ عَجَّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ اُنْظُرْ بْن وَجَعَلَ شب تَعْجِيلَ السَّيِّدِ الْعِتْقَ حُلُولًا لِلْكِتَابَةِ حُكْمًا . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رِبًا فِي الْأَكْثَرِ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَتِمُّ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ مِنْ بَيْعٍ إذْ يَجُوزُ قَضَاؤُهُ بِأَزْيَدَ عَدَدًا فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فِي غَيْرِ مَوْرِدِ الرُّخْصَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَمَنْفَعَةٌ فِي التَّحَوُّلِ إلَى الْأَقَلِّ) لِأَنَّ الْمُحَالَ أَخَذَ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ وَانْتَفَعَ الْمُحِيلُ بِبَاقِيهِ (قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ عَنْ الْمَعْرُوفِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْحَوَالَةِ إذْ مَنْ فَعَلَ مَعْرُوفًا لَا يُرَاعِي مَنْفَعَةً. (قَوْلُهُ: تَسَاوِي مَا عَلَيْهِ) أَيْ مَا عَلَى الْمُحِيلِ لِمَا لَهُ أَيْ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى مَدِينِهِ) أَيْ كَائِنَةٍ تِلْكَ الْعَشَرَةِ عَلَى مَدِينِهِ (قَوْلُهُ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى خَمْسَةٍ كَائِنَةٍ عَلَى غَرِيمِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي تَحَوُّلِهِ عَلَى الْأَدْنَى إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ فَلَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَكْثَرِ وَفِي تَحَوُّلِهِ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى تَرَدُّدٌ وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ بِالْمَنْعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ بِالْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: فَمُرَادُهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْأَدْنَى شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الْأَوْصَافِ بِخِلَافِ الْقِلَّةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ

وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَتَجُوزُ إذَا حَلَّ الْمُحَالُ بِهِ فَقَطْ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ فَاشْتَرَطَ حُلُولَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ عَرَفَةَ الصَّقَلِّيُّ وَقَوْلُهُمْ أَصْوَبُ فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ كِلَا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ قَالَ وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا فِي مُطْلَقِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الشُّرُوطِ السِّتَّةِ أَخْرَجَ مِنْهَا قَوْلَهُ (لَا كَشْفُهُ) أَيْ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ يَكْشِفَ الْمُحَالُ (عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ) أَغَنِيٌّ هُوَ أَمْ فَقِيرٌ بَلْ تَصِحُّ مَعَ عَدَمِ الْكَشْفِ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَيَتَحَوَّلُ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ (حَقُّ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَفْلَسَ أَوْ جَحَدَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَقَّ بَعْدَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَأَمَّا جَحْدُهُ قَبْلَهَا وَلَا بَيِّنَةَ فَلَا تَصِحُّ لِفَقْدِ شَرْطِهَا مِنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ حِينَ الْحَوَالَةِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا بَلْ يَتَحَوَّلُ الْحَقُّ مَعَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ بِإِفْلَاسِهِ) أَيْ إفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُحَالِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ الْقَوِيَّ كَالْعِلْمِ وَمِثْلُ عِلْمِهِ بِإِفْلَاسِهِ عِلْمُهُ بِلَدَدِهِ أَوْ عَدَمِهِ (وَحَلَفَ) الْمُحِيلُ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ الْعِلْمِ بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُحَالُ الْعِلْمَ (إنْ ظَنَّ بِهِ الْعِلْمَ) أَيْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَحْلِفْ وَإِنْ اتَّهَمَهُ الْمُحَالُ فَقَوْلُهُ ظُنَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَتَحَوَّلُ إلَخْ قَوْلَهُ (فَلَوْ أَحَالَ بَائِعٌ) لِسِلْعَةٍ شَخْصًا بِدَيْنٍ لَهُ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ (عَلَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الذَّوَاتِ وَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِالْأَدْنَى مَا يَشْمَلُ الْأَقَلَّ فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَفِي تَحَوُّلِهِ عَلَى الْأَدْنَى وَالْأَقَلِّ تَرَدُّدٌ . (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ كَلَامُهُ) أَيْ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَا غَيْرَ طَعَامَيْنِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ وَلِمَا إذَا كَانَ طَعَامَيْنِ مِنْ قَرْضٍ وَلِمَا إذَا كَانَا طَعَامَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَفِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ فِيهَا حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَفِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ إذَا حَلَّ إلَخْ) أَيْ فَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا حَلَّ الْمُحَالُ بِهِ فَقَطْ ابْنُ عَاشِرٍ عِلَّةُ الْمَنْعِ السَّابِقَةِ وَهِيَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَانْظُرْ مَا وَجْهُ الْجَوَازِ اهـ قُلْت وَجْهُهُ أَنَّ قَضَاءَ الْقَرْضِ بِطَعَامِ الْبَيْعِ جَائِزٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَضَاؤُهُ عَنْ قَرْضٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: الصَّقَلِّيُّ) الْمُرَادُ بِهِ ابْنُ يُونُسَ. (قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِشَيْخِنَا فِي حَاشِيَةِ خش نَقْلًا عَنْ شب . (قَوْلُهُ: الشُّرُوطِ السِّتَّةِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى السَّبْعَةُ (قَوْلُهُ لَا كَشْفُهُ إلَخْ) لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مَعْرُوفٌ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْغَرَرُ بِخِلَافِ بَيْعِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ بِحَالِ ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَإِلَّا كَانَ غَرَرًا الْمَازِرِيُّ شَرْطُ بَيْعِ الدَّيْنِ عِلْمُ حَالِ ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَإِلَّا كَانَ غَرَرًا بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْغَرَرُ وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْلَسَ أَوْ جَحَدَ) ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ سَحْنُونٌ الْمُغِيرَةَ أَنَّ شَرْطَ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ إنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَلَهُ شَرْطُهُ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا اهـ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَهُ هَذَا مُنَاقِضٌ لِعَقْدِ الْحَوَالَةِ وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ فِي الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْعَقْدِ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ تَأَمَّلْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُحَالَ لَمْ يُصَدِّقْ الْمُحِيلَ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ فَلَوْ صَدَّقَهُ صَحَّتْ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الْمُحَالِ بِالدَّيْنِ يَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: حِينَ الْحَوَالَةِ) أَيْ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَحَوَّلُ الْحَقُّ مَعَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُحَالُ حِينَ الْحَوَالَةِ عَالِمًا بِإِفْلَاسِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَرَّهُ) اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُحَالَ إذَا عَلِمَ بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلِمَ بِذَلِكَ الْمُحِيلُ أَيْضًا أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُحِيلُ بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ لِلْمُحَالِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ فَإِنْ شَكَّ الْمُحَالُ فِي إفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِ الْمُحِيلِ بِذَلِكَ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ أَنَّ لِلْمُحَالِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ الْقَوِيَّ) أَيْ ظَنَّ الْمُحِيلِ حِينَ الْحَوَالَةِ بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَعِلْمِهِ بِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحَالُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِهِ بَدَلَ إفْلَاسِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ فَيَكُونُ إفْلَاسُهُ أَوْلَى بَلْ كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْفَقْرِ لَيْسَ كَالْعِلْمِ بِالْإِفْلَاسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ) أَيْ يُتَّهَمُ بِالْعِلْمِ بِفَلَسِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ كَانَ مِثْلُهُ إلَخْ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ تُهْمَةٌ فَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُحَالِ بَلْ يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ أَحَالَ بَائِعٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحَالَ مُشْتَرٍ بِالثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الْبَائِعَ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ ثُمَّ حَصَلَ رَدٌّ

[باب في الضمان وأحكامه]

(مُشْتَرٍ) لِتِلْكَ السِّلْعَةِ (بِالثَّمَنِ) أَيْ بِثَمَنِهَا (ثُمَّ رَدَّ) الْمَبِيعَ الْمَفْهُومَ مِنْ بَائِعٍ عَلَى بَائِعِهِ الْمُحِيلِ (بِعَيْبٍ) أَوْ فَسَادٍ (أَوْ اسْتَحَقَّ) الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْحَوَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ دَفْعُهُ لِلْمُحَالِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْمُحِيلِ (وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ) أَيْ اخْتَارَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ بِفَسْخِ الْحَوَالَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (وَالْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ) بِيَمِينٍ أَنَّهُ أَحَالَ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ (إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ) الْمُحَالُ (نَفْيَ الدَّيْنِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ) إذَا مَاتَ أَوْ غَابَ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَاضِرًا فَهُوَ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحَالِ إلَخْ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ (فِي دَعْوَاهُ وِكَالَةً) لِلْمُحَالِ عَلَى قَبْضِ مَالٍ مِنْ مَدِينِهِ (أَوْ سَلَفًا) مِنْ الْمُحِيلِ لِلْمُحَالِ وَيَرُدُّ لَهُ بَدَلَهُ مَعَ صُدُورِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ بَيْنَهُمَا بَلْ الْقَوْلُ لِلْقَابِضِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ مِنْ دَيْنِهِ أَحَالَهُ بِهِ تَغْلِيبًا لِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِأَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ الْمُحِيلَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ وَكَالَةٌ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ مَسْأَلَةَ السَّلَفِ عَلَيْهِ وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ فِي دَعْوَى السَّلَفِ لِلْمُحِيلِ وَخَرَّجَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةَ الْوِكَالَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَيْهِ (الضَّمَانُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ) قَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ جِنْسٌ وَقَوْلُهُ أُخْرَى فَصْلٌ أَخْرَجَ بِهِ الْبَيْعَ وَالْحَوَالَةَ إذْ لَيْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِعَيْبٍ أَوْ بِفَسَادٍ أَوْ حَصَلَ اسْتِحْقَاقٌ قَبْلَ قَبْضِ الْمُحَالِ لِلثَّمَنِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْمُحَالِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَمَا مَعَهُ وَمَا فِي خش مِنْ الْجَزْمِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَصِحَّةِ الْحَوَالَةِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ اُنْظُرْ بْن وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الثَّمَنَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ أَحَالَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ رُدَّتْ لِفَسَادٍ فَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنْ قَبَضَهَا لَمْ يَتْبَعْ بِهَا لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ وَلَا الْوَاهِبَ وَيَضِيعُ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي اهـ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا مَا فِي عبق مِنْ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ فَإِنْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ ثُمَّ رُدَّ الْمَبِيعُ بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُحَالُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ) أَيْ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي حِينَ الْحَوَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ) أَيْ وَاخْتِيرَ الْقَوْلُ الْمُخَالِفُ لَهُ وَهُوَ الْقَوْلُ بِفَسْخِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ التَّعْبِيرُ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ وَصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ لِلَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ الْقَائِلَ بِفَسْخِ الْحَوَالَةِ لِأَشْهَبَ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ إنَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ كُلِّهِمْ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ غَيْرُ جَارٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ تَعْبِيرُهُ بِالِاخْتِيَارِ وَكَوْنُهُ بِلَفْظِ الْفِعْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن وَيُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ تَصْدِيرِهِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمَذْكُورَةَ تُفْسَخُ أَوْ تُفْسَخُ حَيْثُ كَانَ الْبَائِعُ يُظَنُّ مِلْكُهُ لِمَا بَاعَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فُسِخَتْ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الرَّدِّ بِالْفَسَادِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ اتِّفَاقًا وَهَلْ يَدْفَعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ يَدْفَعُ لَهُ الْقِيمَةَ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ. (قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ نَفْيَ الدَّيْنِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِالدَّيْنِ أَوْ بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِنَفْيٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَقَالَ الْمُحَالُ أَحَلْتَنِي عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ فَأَنَا أَرْجِعُ عَلَيْك بِدَيْنِي وَقَالَ الْمُحِيلُ بَلْ أَحَلْتُك عَلَى دَيْنٍ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتِي فَلَا رُجُوعَ لَك عَلَيَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ بِيَمِينٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُحَالُ فِي دَعْوَاهُ. (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُحِيلِ يَعْنِي أَنَّ الْحَوَالَةَ إذَا صَدَرَتْ بَيْنَهُمَا بِصِيغَتِهَا فَلَمَّا قَبَضَ الْمُحْتَالُ الْقَدْرَ الَّذِي احْتَالَ بِهِ قَالَ لَهُ الْمُحِيلُ إنَّمَا أَحَلْتُك لِتَقْبِضَهُ لِي عَلَى سَبِيلِ الْوِكَالَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ أَنَّهُ سَلَفٌ مِنِّي لَك تَرُدُّ بَدَلَهُ وَقَالَ الْمُحْتَالُ إنَّمَا قَبَضْته مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْك فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُحْتَالِ بِيَمِينِهِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَوَالَةِ إنْ أَشْبَهَ أَنَّ مِثْلَهُ يُدَايِنُ الْمُحِيلَ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُحِيلِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ فِي دَعْوَاهُ وِكَالَةً أَوْ سَلَفًا عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْوِكَالَةِ وَالسَّلَفِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَرَادَ بِالْأَصَحِّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ وَمَا خَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَفِ وَغَيْرُ الْأَصَحِّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي السَّلَفِ وَمَا خَرَّجَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا قَوْلٌ مَنْصُوصٌ وَمُخَرَّجٌ عَلَيْهِ قَوْلٌ آخَرُ فِي الْأُخْرَى اهـ وَبِتَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ فِي السَّلَفِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَيْهِ أَيْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّلَفِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اُنْظُرْ بْن [بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ] (بَابُ الضَّمَانِ) (قَوْلُهُ: جِنْسٌ) أَيْ شَامِلٌ لِلْمُعَرَّفِ وَلِلْبَيْعِ وَالْحَوَالَةِ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ شَغْلَ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالْحَقِّ وَفِي الْحَوَالَةِ شَغْلًا لِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحَقِّ الْمُحَالِ. (قَوْلُهُ وَالْحَوَالَةَ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى أَيْ كَمَا أَنَّ الْأُولَى مَشْغُولَةٌ

فِيهِمَا شَغْلٌ بَلْ بَرَاءَةُ ذِمَّةٍ وَقَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ أَنْ يَشْغَلَ رَبُّ الْحَقِّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ مَعَ الْأُولَى وَأَرَادَ بِالذِّمَّةِ الْجِنْسَ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَأَرَادَ الشَّغْلَ بِالْحَقِّ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ بَعْدَ التَّوَقُّفِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ كَعَدَمِ إتْيَانِ الْمَضْمُونِ فِي الْوَجْهِ أَوْ تَهْرِيبِهِ أَوْ تَفْرِيطِ الضَّامِنِ فِي الطَّلَبِ فَقَدْ اشْتَمَلَ تَعْرِيفُهُ عَلَى أَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ وَأَلْ فِي الْحَقِّ لِلْعَهْدِ أَيْ الْحَقُّ الْأَوَّلُ فَخَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَ أُخْرَى لِغَيْرِهِ بِدَيْنٍ (وَصَحَّ) الضَّمَانُ وَلَزِمَ (مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِيمَا ضَمِنَ فِيهِ فَدَخَلَ ضَمَانُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ بِالثُّلُثِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومٌ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَتَارَةً لَا يَصِحُّ كَالْوَاقِعِ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ صَبِيٍّ وَتَارَةً يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ كَالْوَاقِعِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ مَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَمِنْ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَثَّلَ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ بِقَوْلِهِ (كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (أَذِنَ سَيِّدُهُمَا) لَهُمَا فِي الضَّمَانِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا وَإِنْ صَحَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ وَدَخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ قِنٌّ وَذُو شَائِبَةٍ مِنْ مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ ضَمَانِهِمَا بِغَيْرِ إذْنٍ (وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا (بِثُلُثٍ) أَوْ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ شَأْنُهُ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِهِ الضَّرَرُ كَالدِّينَارِ لَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ وَإِنْ صَحَّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ أَوْ الْوَارِثِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَا قَدْرَ الثُّلُثِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ) أَيْ بِالضَّمَانِ بِمَعْنَى الْمَالِ الَّذِي ضَمِنَهُ (إنْ عَتَقَ) ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ لَا وَلَيْسَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْضًا وَالْحَوَالَةُ لَيْسَتْ الذِّمَّةُ الْأُولَى فِيهَا مَشْغُولَةً لِأَنَّهَا بَرِئَتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ) هَذَا دَفْعٌ لِمَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَغْلُ ذِمَّةٍ إلَخْ هَذَا مُبَايِنٌ لِلْمَحْدُودِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا وَلَا مَانِعًا لِأَنَّ الضَّمَانَ سَبَبٌ فِي الشَّغْلِ وَالشَّغْلَ مُسَبَّبٌ عَنْهُ لَا نَفْسُهُ كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ مُسَبَّبٌ عَنْ الْبَيْعِ لَا نَفْسُهُ وَسَلَّمَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وح وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الضَّمَانَ سَبَبٌ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ مَصْدَرُ شَغَلَ الشَّخْصُ ذِمَّتَهُ فَاشْتُغِلَتْ فَشَغْلُ الذِّمَّةِ فِعْلٌ لِلشَّخْصِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَاشْتِغَالُهَا مُسَبَّبٌ عَنْهُ وَشَغْلُهَا هُوَ الضَّمَانُ فَقَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ شَغَلَ ذِمَّتَهُ بِالْحَقِّ أَيْ أَلْزَمَهَا إيَّاهُ فَهُوَ فِعْلٌ مُكْتَسَبٌ لَهُ وَاَلَّذِي لَيْسَ فِعْلًا لِلشَّخْصِ إنَّمَا هُوَ اشْتِغَالُ الذِّمَّةِ وَالْكَلَامُ فِي شَغْلِهَا لَا فِي اشْتِغَالِهَا اللَّازِمِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ) أَيْ إذْ كَانَ الضَّامِنُ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ وَالْمُتَعَدِّدَ أَيْ إذَا تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ (قَوْلُهُ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ التَّوَقُّفِ إلَخْ أَيْ كَمَا فِي ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ إلَخْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الشَّغْلُ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى شَيْءٍ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ اشْتَمَلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ضَمِنَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ كَالْوَاقِعِ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ صَبِيٍّ) أَيْ فَهُوَ فَاسِدٌ يَجِبُ رَدُّهُ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا أَمْ لَا خِلَافًا لِتَقْيِيدِ عج لَهُ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ. (قَوْلُهُ: فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ إذْ لِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَلَهُ إجَازَةُ الْجَمِيعِ وَلِلْوَرَثَةِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَهُمْ إجَازَةُ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ فَإِنَّ لِلسَّيِّدِ إجَازَتَهُ وَلَهُ رَدُّهُ. (قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ بِقَوْلِهِ كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَيُنَافِي تَوَقُّفُ ذَلِكَ عَلَى الْإِذْنِ لَهُمَا فِيهِ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُ الْكَافِ لِلتَّشْبِيهِ وَيُمْكِنُ لِلتَّشْبِيهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُمَا صَارَا بَعْدَ الْإِذْنِ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَقَوْلُهُ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا شَرْطٌ فِي اتِّصَافِهِمَا بِكَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَفِي بْن أَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلَيْنِ وَلِلتَّمْثِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرَيْنِ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهَا وَإِنْ صَحَّ) أَيْ فَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ وَلَهُ إجَازَتُهُ وَإِذَا أَجَازَهُ اتَّبَعَ بِهِ الْمُكَاتَبَ وَالْمَأْذُونَ إنْ عَتَقَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَوْ ضَمِنَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا ضَمِنَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ رَدُّ ذَلِكَ الضَّمَانِ ثُمَّ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا لِدَيْنٍ بِدَلِيلِ جَعْلِهِمَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ) أَيْ بِقَدْرِ ثُلُثٍ لَا بِأَزْيَدَ فَلَا يَلْزَمُ وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ ضَمَانِهَا الزَّوْجَ وَغَيْرَهُ وَلَا بَيْنَ ضَمَانِ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ وَلِغَيْرِهِ ابْنُ عَرَفَةَ كَفَالَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ فِي ثُلُثِهَا وَإِنْ تَكَفَّلَتْ لِزَوْجِهَا وَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ عَطِيَّتُهَا زَوْجَهَا جَمِيعَ مَالِهَا جَائِزَةٌ وَكَذَا كَفَالَتُهَا لَهُ عِنْدَ الْبَاجِيَّ بِجَمِيعِ مَالِهَا وَفِيهَا إنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا فِي كَفَالَتِهَا فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُشْكِلٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَبَرَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِزَائِدٍ عَنْ الثُّلُثِ وَلَوْ يَسِيرًا كَانَ لِلزَّوْجِ أَوْ الْوَارِثِ الرَّدُّ وَهُنَا قَالُوا بِإِجَازَةِ الضَّمَانِ وَعَدَمِ رَدِّهِ إذَا حَصَلَ بِزَائِدِ الثُّلُثِ بِيَسِيرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ لَا رُجُوعَ بِعِوَضِهِ وَالضَّمَانُ فِيهِ رُجُوعٌ عَلَى الْمَضْمُونِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ أَوْ الْوَارِثِ) أَيْ فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ رَدَّ الْجَمِيعَ أَوْ أَمْضَى الْجَمِيعَ وَأَمَّا الْوَرَثَةُ فَإِنْ شَاءُوا رَدُّوا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَا قَدْرَ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ إمْضَاؤُهُ عَلَى إجَازَةٍ

إسْقَاطُهُ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَلَهُ إسْقَاطُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ فَلَا يُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَهُ وَلَا يُبَاعُ فِيهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ (وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الضَّمَانِ فَإِنْ جَبَرَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ شَيْءٌ إنْ عَتَقَ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ أَوْ لَهُ مَالٌ وَجَبَرَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا بِيَدِهِ وَأَمَّا لَوْ جَبَرَهُ عَلَى ضَمَانِ قَدْرِ مَا بِيَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ انْتِزَاعِ مَا بِيَدِهِ (و) صَحَّ الضَّمَانُ (عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمُعْسِرِ بِمَعْنَى الْحَمْلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الضَّامِنِ وَخَصَّ الْمُفْلِسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ إذْ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالنَّوَوِيُّ وَأَمَّا الْحَيُّ أَوْ الْمَيِّتُ الْمُوسِرُ فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَكَذَا ضَمَانُ الْمُفَلَّسِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ (و) صَحَّ ضَمَانُ (الضَّامِنِ) وَلَوْ تَسَلْسَلَ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ الْأَصْلِيَّ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مَعًا بِالْمَالِ أَوْ بِالْوَجْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ وَالثَّانِي بِالْوَجْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (و) صَحَّ ضَمَانُ الدَّيْنِ (الْمُؤَجَّلِ حَالًّا) أَيْ عَلَى الضَّامِنِ بِأَنْ رَضِيَ الْمَدِينُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الْأَجَلِ (إنْ كَانَ) الدَّيْنُ (مِمَّا يُعَجَّلُ) أَيْ يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ وَهُوَ الْعَيْنُ مُطْلَقًا وَالْعَرَضُ وَالطَّعَامُ مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَا يُبَاعُ فِيهِ) أَيْ وَلَا يُبَاعُ ذُو الرِّقِّ فِي الْمَالِ الَّذِي ضَمِنَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَلَوْ كَانَ ضَمَانُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ) أَمَّا غَيْرُ مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْتِقُ وَالضَّمَانُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ إلَخْ) نَصُّ كَلَامِ ح قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الْكَفَالَةِ إذَا كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ بِقَدْرِهَا وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ فَقِيرًا أَوْ لَيْسَ بِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّهُ يُجْبَرُ وَكَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ اهـ بْن . (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) أَيْ وَلَزِمَ أَيْضًا وَإِذَا تَحَمَّلَ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ عَالِمًا بِعُسْرِهِ فَأَدَّى عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي مَالٍ يَطْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ مَعْرُوفٌ وَتَبَرُّعٌ مِنْهُ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى عَنْ الْمُفَلَّسِ بِالتَّشْدِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا كَذَا قَالَ عبق وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ اُنْظُرْ لَفْظَهَا فِي ح. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْحَمْلِ عَنْهُ) أَيْ لَا حَقِيقَةَ الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ قَدْ خَرِبَتْ. (قَوْلُهُ: إذْ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى لَهُ مَالٌ يُوَفَّى مِنْهُ مَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَيُّ) أَيْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. (قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ) أَيْ وَيَأْخُذُ الضَّامِنُ مِمَّا أَدَّاهُ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُوسِرًا وَيَرْجِعُ الضَّامِنُ بِمَا أَدَّاهُ عَنْ الْحَيِّ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ لِلْحَيِّ وَالْمَيِّتِ الْمُوسِرِ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مُحْتَسِبًا إلَّا لِقَرِينَةٍ اهـ خش. (قَوْلُهُ: وَكَذَا ضَمَانُ الْمُفْلِسِ) أَيْ فَإِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى شَخْصٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِتَفْلِيسِهِ أَيْ خَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ وَضَمِنَهُ شَخْصٌ فَإِنَّ الْمَالَ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِهِ لِلْغُرَمَاءِ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ وَمَا بَقِيَ لَهُمْ يَدْفَعُهُ ذَلِكَ الضَّامِنُ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَطَرَأَ لَهُ مَالٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ تَحَمَّلَ مَا عَلَى الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ وَدَفَعَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّاهُ كَمَا مَرَّ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ لِحَمْلِهِ عَلَى التَّبَرُّعِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَمِثْلُهُ فِي عبق وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّقْلَ خِلَافُهُ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَسَلْسَلَ) أَيْ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَسَلْسُلٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالتَّسَلْسُلُ إنَّمَا يَكُونُ مُحَالًا إذَا كَانَ فِي الْمَاضِي. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ ضَامِنَ الضَّامِنِ مَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ الْأَصْلِيَّ أَيْ وَهُوَ الضَّامِنُ لِلْمَدِينِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ فِي الْجُمْلَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ بِالْمَالِ وَالثَّانِي بِالْوَجْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً مِنْ حَيْثُ الرُّجُوعُ فَإِنْ كَانَا مَعًا بِالْمَالِ بُدِئَ بِالْغَرِيمِ إنْ كَانَ حَاضِرًا مَلِيئًا وَإِلَّا فَالضَّامِنُ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالثَّانِي وَإِنْ كَانَا مَعًا بِالْوَجْهِ بُدِئَ بِالْغَرِيمِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ كَلَّفَ الْأَوَّلَ بِإِحْضَارِهِ فَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا كَلَّفَ الثَّانِيَ بِإِحْضَارِ أَحَدِهِمَا فَيَبْرَأُ بِذَلِكَ فَإِنْ غَابَ الْجَمِيعُ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ ثُمَّ مِنْ مَالِ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي كَذَا فِي شب فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِالْوَجْهِ وَضَمِنَهُ الثَّانِي بِالْمَالِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى الْأَوَّلِ الْمَالُ لِعَدَمِ إحْضَارِ الْمَضْمُونِ غَرِمَهُ الثَّانِي عَنْهُ وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِإِحْضَارِ الْمَضْمُونِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَبْرَأُ بِمَا يَبْرَأُ بِهِ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ . (قَوْلُهُ: حَالًّا) أَيْ عَلَى الْحُلُولِ عَلَى الضَّامِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ مُؤَجَّلًا فَأَسْقَطَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَقَّهُ مِنْ التَّأْجِيلِ وَضَمِنَهُ شَخْصٌ عَلَى الْحُلُولِ خَوْفَ الْمُمَاطَلَةِ مَثَلًا فَإِنَّ هَذَا الضَّمَانَ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ عَلَى الْحُلُولِ فِي الْجَوَازِ بِقَيْدِهِ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ لِدُونِ الْأَجَلِ فَإِنْ ضَمِنَهُ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلِأَبْعَدَ مُمْتَنِعٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الدَّيْنِ مِمَّا يُعَجَّلُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مَا أَخَذَ زِيَادَةً فِي نَفْسِ الْحَقِّ وَلَا مُنْفَصِلَةٍ

تَوَثُّقًا بِالضَّامِنِ إذْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْبَيْعِ فَقَطْ (وَعَكْسُهُ) وَهُوَ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِرَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ أَجِّلْ مَدِينَك شَهْرًا وَأَنَا أَضْمَنُهُ لَك فَيَصِحُّ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ) أَيْ مَدِينُهُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَكَأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ ابْتَدَأَ سَلَفًا بِضَامِنٍ وَبِيُسْرِهِ لَمْ يَحْصُلْ بِالضَّامِنِ نَفْعٌ فَيَكُونُ التَّأْخِيرُ مَحْضَ سَلَفٍ وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ لَمْ يُوسِرْ) الْغَرِيمُ (فِي الْأَجَلِ) الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ أَعْسَرَ وَاسْتَمَرَّ عُسْرُهُ إلَى انْقِضَائِهِ فَيَجُوزُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَصَلَ نَفْعٌ بِالضَّمَانِ لَمْ يَحْصُلْ سَلَفٌ بِتَأْخِيرِهِ لِوُجُوبِ انْتِظَارِ الْمُعْسِرِ فَإِنْ لَمْ يُعْسِرْ فِي جَمِيعِهِ بَلْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَائِهِ كَبَعْضِ أَصْحَابِ الْغَلَّاتِ وَالْوَظَائِفِ كَأَنْ يَضْمَنَهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَادَتُهُ الْيَسَارُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ ابْتِدَاءِ يَسَارِهِ يُعَدُّ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسَلِّفًا لِقُدْرَةِ رَبِّ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ عِنْدَ الْيَسَارِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَرَقَّبَ كَالْمُحَقَّقِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ (و) صَحَّ الضَّمَانُ (بِالْمُوسِرِ) بِهِ فَقَطْ (أَوْ بِالْمُعْسِرِ) بِهِ فَقَطْ وَكَلَامُهُ فِي ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا يَعْنِي إذَا كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ حَالًّا وَالْغَرِيمُ مُوسِرٌ بِبَعْضِهِ وَمُعْسِرٌ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ صَحَّ ضَمَانُهُ مُؤَجَّلًا بِهَذَا أَوْ هَذَا (لَا بِالْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً إذْ هُوَ سَلَفٌ لِلْمُوسِرِ بِهِ لِتَأْخِيرِهِ إيَّاهُ بِحَمِيلٍ بِهِ وَانْتَفَعَ بِالضَّامِنِ فِي الْمُعْسِرِ بِهِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ كَضَمَانِ الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ ضَمَانُ الْبَعْضِ مِنْ كُلٍّ وَأَشَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْتَفِعُ بِهَا وَإِنَّمَا تَوَثَّقَ وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِمُخَالِفَتِهِ لِلنَّقْلِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: تَوَثُّقًا) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ وَأَزِيدُك أَيْ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا لَكِنْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُمَاطِلَهُ أَوْ يَأْبَقَ بِالدَّيْنِ فَالضَّمَانُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ. (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ حَطَّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك مَوْجُودٌ فِي الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ مِنْ الْمَرَضِ أَيْضًا فَمُقْتَضَاهُ الْمَنْعُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ حُطَّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك إنَّمَا يُؤَثِّرُ الْمَنْعُ فِي الْبَيْعِ لَا فِي الْقَرْضِ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرَضِ إنْ شَاءَ عَجَّلَ أَوْ أَبْقَى لِلْأَجَلِ فَلَا يُقَالُ عِنْدَ التَّعْجِيلِ إنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمُقْرِضِ حَطَّ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ فَإِذَا عَجَّلَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْهُمَا قِيلَ إنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمُسَلِّمِ حَطَّ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطَيْنِ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِ وَلَوْ قَالَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُوسِرًا هَذَا إذَا كَانَ يَسَارُهُ بِالدَّيْنِ مِنْ قَبْلٍ الْأَجَلِ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْيَسَارُ إنَّمَا حَصَلَ لَهُ أَوَّلَ الْأَجَلِ فَقَطْ أَيْ حِينَ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ الْآنَ فَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ سَلَفًا بِضَامِنٍ وَهُوَ بِيُسْرِهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَجَلِ لَمْ يَحْصُلْ نَفْعٌ بِالضَّمَانِ وَإِنْ حَصَلَ سَلَفٌ بِالتَّأْخِيرِ لِأَنَّ مَنْ أَجَّلَ مَا عَجَّلَ أَوْ عَكْسُهُ يُعَدُّ مُسَلِّفًا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ يُمْضِي ذَلِكَ الْأَجَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعْسِرْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرَّ إعْسَارُهُ لِآخِرِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: بَلْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ بَلْ كَانَتْ الْعَادَةُ حُصُولَ الْيَسَارِ لَهُ فِي أَثْنَائِهِ. (قَوْلُهُ: يُعَدُّ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسَلِّفًا) أَيْ وَقَدْ انْتَفَعَ بِتَوَثُّقِهِ بِالضَّامِنِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ حَالَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ ضَمَانُهُ وَبَيْنَ مَنْ يَكُونُ مُوسِرًا فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ فَيُمْنَعُ ضَمَانُهُ قُلْت أَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِظُهُورِ الْمَعْرُوفِ فِي الْمُوسِرِ حَالَ الْعَقْدِ لِقُدْرَةِ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْهُ حَالًّا فَتَأْخِيرُهُ مَحْضُ مَعْرُوفٍ مِنْهُ وَظُهُورُ قَصْدِ الِانْتِفَاعِ فِي الْمُعْسِرِ أَوَّلًا لِانْتِفَاعِ رَبِّ الدَّيْنِ بِالضَّامِنِ زَمَنَ الْإِعْسَارِ. (قَوْلُهُ: وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ) أَيْ أَجَازَ ضَمَانَهُ أَشْهَبُ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ حُصُولَ الْيَسَارِ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ) أَيْ وَيُسْرُهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ. (قَوْلُهُ: بِالْمُوسِرِ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَهَلْ هُوَ سَمَاعِيٌّ أَوْ قِيَاسِيٌّ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الِارْتِشَافِ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ نَائِبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عِنْدَ شَخْصٍ مِائَتَا دِينَارٍ حَالَّةً وَهُوَ مُوسِرٌ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا وَمُعْسِرٌ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى وَضَمِنَهُ شَخْصٌ بِالْمِائَةِ الْمُوسِرِ بِهَا مُؤَجَّلَةً بِأَنْ قَالَ ضَمَانُ الْمِائَةِ الَّتِي يَقْدِرُ بِهَا عَلَيَّ إلَى شَهْرٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا وَقْتَ الضَّمَانِ وَيَجُوزُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْجُعْلَ بِهَا إلَى شَهْرٍ مَثَلًا إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ إعْسَارَهُ بِهَا جَمِيعَ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِهِمَا وَلَوْ وُجِدَ شَرْطُ الضَّمَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ السَّلَفِ فِي تَأْجِيلِ الْمُوسِرِ بِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِالضَّمَانِ فِي الْمُعْسِرِ بِهَا وَضَمَانِهِ بِبَعْضِ الْمُوسِرِ بِهَا فَقَطْ لِأَجَلٍ كَضَمَانِهِ بِكُلِّهَا فِي الْجَوَازِ بِشَرْطِهِ وَكَذَا ضَمَانُهُ بِبَعْضِ الْمُعْسَرِ بِهَا فَقَطْ لِأَجَلٍ كَضَمَانِهِ بِهَا كُلّهَا لِأَجَلٍ فِي الْجَوَازِ بِشَرْطِهِ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ فِي الْمَنْعِ مَا إذَا ضَمِنَ الْبَعْضَ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ لَا بِالْجَمِيعِ) قَالَ عج مَحَلُّ مَنْعِ ضَمَانِهِ لِلْجَمِيعِ إذَا حَصَلَ التَّأْجِيلُ لِلْمَالَيْنِ وَضَمِنَهَا مَعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَأْجِيلٌ بَلْ ضَمَانٌ فَقَطْ أَوْ حَصَلَ التَّأْجِيلُ فِي الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ضَمَانُهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةِ كَضَمَانِ الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ) أَيْ لِجَوَازِ

لِلرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْمَضْمُونُ فِيهِ بِقَوْلِهِ (بِدَيْنٍ لَازِمٍ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ عَبْدٍ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ (أَوْ آئِلٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى اللُّزُومِ بِهَمْزَتَيْنِ كَبَائِعٍ وَبَائِسٍ وَلَا تُبْدَلُ الثَّانِيَةُ يَاءً (لَا كِتَابَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا آئِلَةٍ لِلُّزُومِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ عَجَزَ عَادَ رَقِيقًا وَالضَّامِنُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَضْمُونِ وَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَصْلَ لَمْ يَلْزَمْ الْفَرْعَ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ أَوْ يَشْتَرِطَ عِتْقَهُ إذَا عَجَزَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ (بَلْ كَجُعْلٍ) وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَيَصِحُّ كَأَنْ يَقُولَ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الشَّارِدِ مَثَلًا فَلَكَ دِينَارٌ وَضَمِنَ الْقَائِلَ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ جَاءَ الْمُجَاعَلُ بِهِ لَزِمَ الضَّامِنُ مَا تَحَمَّلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ لِآخَرَ إنْ ثَبَتَ حَقُّك عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَثَبَتَ (و) كَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ (دَايِنْ فُلَانًا) أَوْ بَايِعْهُ أَوْ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ (وَلَزِمَ) الضَّمَانُ (فِيمَا ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (وَهَلْ يُقَيَّدُ) لُزُومُ الضَّمَانِ (بِمَا يُعَامَلُ) الْمَضْمُونُ (بِهِ) عَادَةً وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا أَشْبَهَ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ فَقَطْ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بَلْ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا كَانَ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ مَثَلًا أَوْ لَا (تَأْوِيلَانِ وَلَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ فِي مَسْأَلَةِ دَايِنْ فُلَانًا (الرُّجُوعُ) عَنْ الضَّمَانِ (قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ) لَا بَعْدَهَا فَإِنْ عَامَلَهُ فِي الْبَعْضِ لَزِمَ فِيمَا عَامَلَ بِهِ دُونَ مَا لَمْ يُعَامَلْ بِهِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا (بِخِلَافِ) قَوْلُهُ لِمُدَّعٍ عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ (احْلِفْ) بِأَنَّ لَك عَلَيْهِ مَا تَدَّعِيهِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْتِزَامِهِ صَارَ كَأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالضَّمَانِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى . (قَوْلُهُ: لِلرُّكْنِ الثَّانِي) أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الضَّامِنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ. (قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِي دَيْنٍ لَا فِي مُعَيَّنٍ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ سِلْعَةً أَوْ أَخَذَ مِنْهُ وَدِيعَةً أَوْ مَالَ قِرَاضٍ أَوْ شَرِكَةً وَأَتَى لَهُ بِحَمِيلٍ عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ أَخَذَ ذَاتَهَا مِنْ الْحَمِيلِ لِاسْتِحَالَتِهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْحَمِيلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْأَخْذِ بِسَبَبِ تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ مِنْ الْقِيمَةِ صَحَّ الضَّمَانُ وَلَزِمَ وَهُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ كَمَا يَقَعُ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ ضَمَانِ بَعْضِ الدَّلَّالِينَ لِبَعْضٍ عَلَى أَنَّ الْمَضْمُونَ إنْ هَرَبَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ كَانَ عَلَى الضَّامِنِ قِيمَةُ مَا هَرَبَ بِهِ فَهَذَا صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ ضَمَانًا فِي الْأَمَانَاتِ صُورَةً. (قَوْلُهُ كَبَائِعٍ) أَيْ فِي الْوَزْنِ لَا فِي أَنَّ فِي كُلٍّ هَمْزَتَيْنِ إذْ الْهَمْزَةُ فِي بَائِعٍ وَبَائِسٍ وَاحِدَةٌ فَقَطْ. (قَوْلُهُ عَادَ رَقِيقًا) أَيْ وَزَالَ الْقَدْرُ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك نُجُومُ الْكِتَابَةِ فَأَتَى لَهُ بِحَمِيلٍ ضَمِنَهُ بِهَا فَذَلِكَ الضَّمَانُ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرِطَ) أَيْ الضَّامِنُ عَلَى السَّيِّدِ عِتْقَهُ إنْ عَجَزَ كَأَنْ يَقُولَ إنْسَانٌ أَنَّا أَضْمَنُهُ فِي الْكِتَابَةِ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ إذَا عَجَزَ وَزَادَ فِي الشَّامِلِ صُورَةً ثَالِثَةً وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ الضَّامِنُ هُوَ عَلَيَّ إنْ عَجَزَ وَإِنَّمَا صَحَّ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ لَازِمٍ لِقُرْبِ الْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ضَمَانُ الْمُجَاعِلِ بِالْكَسْرِ فِي الْأُجْرَةِ بَعْدَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ لِأَنَّ الْجُعَلَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَكِنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ وَلِذَا جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالًا لِلْآيِلِ. (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ الْقَائِلَ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ خَوْفًا مِنْ مُمَاطَلَةِ ذَلِكَ الْقَائِلِ أَوْ مِنْ عَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاءَ الْمُجَاعِلُ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ دَايِنْ فُلَانًا) أَيْ وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ خَدِّمْ فُلَانًا عِنْدَك وَضَمَانُ مَا أَخَذَهُ مِنِّي أَيْ وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِأَهْلِ سُوقٍ اجْعَلُوا فُلَانًا عِنْدَكُمْ سِمْسَارًا وَكُلُّ مَا أَخَذَهُ يُسَمْسِرُ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنِّي. (قَوْلُهُ: وَأَنَا ضَامِنٌ) أَيْ لِمَا تُدَايِنُهُ أَوْ لِوَجْهِهِ وَلَا بُدَّ فِي كَوْنِهِ ضَامِنًا مِنْ ذِكْرِ قَوْلِهِ وَأَنَا ضَامِنٌ وَإِلَّا كَانَ غَرَرًا قَوْلِيًّا لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ فَإِذَا قَالَ دَايِنْ فُلَانًا أَوْ بِعْ لَهُ أَوْ عَامِلْهُ وَلَا يَكُنْ فِي نَفْسِك شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَلَمْ يَقُلْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَائِلَ شَيْءٌ إذَا هَرَبَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ أَوْ فَلِسَ . (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ) أَيْ أَنَّهُ دَايَنَهُ فِيهِ أَوْ عَامَلَهُ فِيهِ أَوْ بَاعَهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا ثَبَتَ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ وَكَذَا بِإِقْرَارٍ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَلِيًّا أَوْ كَانَ مُعْدَمًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يُعَامَلَ بِهِ فَقَطْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ عَامِلْ فُلَانًا وَضَمَانُهُ مِنِّي وَشَأْنُ فُلَانٍ أَنْ يُعَامَلَ فِي ثَلَاثَةٍ فَعَامَلَهُ فِي عَشَرَةٍ فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الْقَائِلُ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالثَّانِي نَسَبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ وَقَيَّدَ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ أَحْسَنَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ دَايِنْهُ أَوْ عَامِلْهُ بِمِائَةٍ أَوْ أَطْلَقَ أَيْ اتِّفَاقًا فِي الْأَخِيرِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَوَّلِ فَلَوْ رَجَعَ الضَّامِنُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَضْمُونُ لَهُ بِرُجُوعِهِ حَتَّى عَامَلَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ مَا تَدَايَنَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَلْزَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ فَلَا بُدَّ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ مِنْ عِلْمِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِالرُّجُوعِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَامَلَهُ فِي الْبَعْضِ) أَيْ قَبْلَ رُجُوعِ الضَّامِنِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ كَمَا لَوْ قَالَ دَايِنْ فُلَانًا فِي مِائَةٍ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهَا فَدَفَعَ لَهُ خَمْسِينَ وَقَالَ الضَّامِنُ رَجَعْت عَنْ الضَّمَانِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا لِلْخَمْسِينَ الَّتِي قَبَضَهَا وَأَمَّا الَّتِي لَمْ يَقْبِضْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ لَوْ دَفَعَهَا لَهُ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ فَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ حُصُولِهَا أَوْ بَعْدَ حُصُولِ بَعْضِهَا

لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا غَرِمَ الضَّامِنُ وَاسْتَمَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إنْكَارِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ الضَّامِنُ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا رُجُوعَ لِلضَّامِنِ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُدَّعِي وَأَشَارَ لِلْمَضْمُونِ فِيهِ أَيْضًا بِجَعْلِهِ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ الْحَقِّ الْمَضْمُونِ (مِنْ ضَامِنِهِ) وَهَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِدَيْنٍ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمُعَيَّنَاتِ وَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَالْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهَا فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (وَإِنْ جَهِلَ) الْحَقَّ الْمَضْمُونَ حَالَ الضَّمَانِ فَإِنَّ الضَّمَانَ صَحِيحٌ فَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ) جَهِلَ (مَنْ لَهُ) الْحَقُّ وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ (و) صَحَّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَهُوَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ (كَأَدَائِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَمَا يَصِحُّ لِشَخْصٍ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنًا عَنْ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (رِفْقًا) بِالْمُؤَدَّى عَنْهُ وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ (لَا عَنَتًا) أَيْ لِأَجْلِ الْعَنَتِ وَالضَّرَرِ بِالْمَدِينِ (فَيَرُدُّ) مَا أَدَّاهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَدِينِ مُطَالَبَةٌ (كَشِرَائِهِ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ شِرَاءُ دَيْنٍ مِنْ رَبِّهِ عَنَتًا بِالْمَدِينِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ فَإِنْ فَاتَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْبَائِعِ فَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِمَوْتِ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَالْحَاكِمُ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ مِنْ الْمَدِينِ لِيَدْفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي عَنَتًا أَوْ الدَّافِعِ فِي الْأُولَى عَنَتًا (وَهَلْ) رَدُّ الشِّرَاءِ عَنَتًا (إنْ عَلِمَ بَائِعُهُ) بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ الْعَنَتَ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ إلَخْ) أَيْ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنَا غَارِمٌ لَك فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ الْحَقُّ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمُعَامَلِ نَفْسِهِ عَامِلْنِي وَأَنَا أُعْطِيك حَمِيلًا فَلَمَّا كَانَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي شَيْءٍ كَانَ لِمَنْ قَالَ عَامِلْهُ أَنْ يَرْجِعَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ) أَيْ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلضَّامِنِ بِشَيْءٍ أَيْ لَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُدَّعِي الَّذِي أَدَّى لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ غَرِمَ لَهُ أَيْ لِلضَّامِنِ أَيْ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَلَا يَحْلِفُ الضَّامِنُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَلَا الْمُدَّعِي لِتَقَدُّمِ يَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: شَرْطًا فِي الضَّمَانِ) أَيْ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ أَيْ صَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ إنْ أَمْكَنَ عَقْلًا وَشَرْعًا اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ الضَّامِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ فِيهِ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الضَّامِنِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ مِثْلِ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَالْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَاحْتُرِزَ أَيْضًا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَقْلًا اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الضَّامِنِ. (قَوْلُهُ: إخْرَاجُ الْمُعَيَّنَاتِ) كَاسْتِعَارَتِك دَابَّةً وَتَأْتِي بِحَمِيلٍ عَلَى أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ تُؤْخَذُ بِذَاتِهَا مِنْ الْحَمِيلِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهَا) لِعَدَمِ جَوَازِ اسْتِيفَائِهَا مِنْ الضَّامِنِ شَرْعًا أَوْ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ أَيْ وَهَذِهِ خَارِجَةٌ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِدَيْنٍ لَازِمٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ دَيْنًا لِأَنَّ الدَّيْنَ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تَقْبَلُهَا الذِّمَّةُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَفْهُومَ الضَّمَانِ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لَا يَشْمَلُ مَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِهَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَاتِ لَا تَقْبَلُهَا الذِّمَمُ وَكَذَا الْحُدُودُ وَنَحْوُهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْدَانِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِإِخْرَاجِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِهَذَا الْقَيْدِ وَهَذَا الْإِيرَادُ يَتَوَجَّهُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ بِدَيْنٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُحْتَرَزَهُ لَا يَشْمَلُهُ التَّعْرِيفُ فَلَا حَاجَةَ لِإِخْرَاجِهِ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَرَضَ إيضَاحُ مَا يَقُومُ بِالذِّمَّةِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُيُودِ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ أَنَا ضَامِنٌ لِكُلِّ مَا عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ الضَّمَانِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: حَالَ الضَّمَانِ) جَهْلُهُ لَهُ حَالَ الضَّمَانِ لَا يُنَافِي عِلْمَهُ بِقَدْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ الْحَمَالَةُ فِيهَا الرُّجُوعُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ بِالْمَجْهُولِ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مَنْ لَهُ عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَهُوَ قَلِيلٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ أَنَا ضَامِنٌ لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِلنَّاسِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ) هَذَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ إنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَمَالَةِ مَا عَلَى الْمِدْيَانِ أَنْ تَكُونَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْحَمِيلِ مَا دَفَعَهُ عَنْهُ وَلِذَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُوَثَّقِينَ بِذِكْرِ رِضَا الْمَدِينِ بِأَنْ يَكْتُبُوا تَحَمَّلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ بِرِضَاهُ أَوْ بِأَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ كَأَدَائِهِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَدَّى عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ إنْ فَعَلَهُ رِفْقًا بِالْمَطْلُوبِ وَإِنْ أَرَادَ الضَّرَرَ بِطَلَبِهِ وَإِعْنَاتِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَا إنْ اشْتَرَى دَيْنًا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَرُدَّ إنْ عُلِمَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ) أَيْ وَلَا كَلَامَ لَهُ وَلَا لِلْمَدِينِ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا لِلْقَضَاءِ وَأَجَابَهُ فَإِنْ امْتَنَعَا مَعًا لَمْ يَلْزَمْهُمَا مَعًا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق. (قَوْلُهُ فَيَرُدُّ مَا أَدَّاهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ رَدَّ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا. (قَوْلُهُ: فَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ) أَيْ فَاللَّازِمُ لَهُ رَدُّ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتِ رَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ بَائِعٍ لِلدَّيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ كَانَ بَائِعًا لَهُ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي شِرَائِهِ الدَّيْنَ وَأَمَّا دَفْعُهُ الدَّيْنَ فَيُرَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَمَّا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ كَانَ قَوِيًّا فَلَا يُوجِبُ رَدَّهُ إلَّا مَا هُوَ قَوِيٌّ كَعِلْمِهِمَا بِخِلَافِ دَفْعِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَقْدًا فَأَثَّرَ فِيهِ الْأَمْرُ الْقَلِيلُ وَهُوَ قَصْدُ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا) لَعَلَّ الْأَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ اهـ أَيْ فَلَا بُدَّ فِي رَدِّ الشِّرَاءِ مِنْ عِلْمِ الْبَائِعِ أَنَّ

لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْفَسَادِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ بِذَلِكَ فَلَا رَدَّ وَلَا فَسَادَ لِلْبَيْعِ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَعَاطَى الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَحَقُّهُ الْأَرْجَحُ أَوْ الرَّدُّ مُطْلَقًا عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ (تَأْوِيلَانِ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ قَوْلُهُ (لَا إنْ ادَّعَى) مُدَّعٍ (عَلَى غَائِبٍ فَضَمِنَ) ضَامِنٌ ذَلِكَ الْغَائِبَ فِيمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ (ثُمَّ أَنْكَرَ) الْغَائِبُ عِنْدَ حُضُورِهِ (أَوْ قَالَ) شَخْصٌ (لِمُدَّعٍ عَلَى مُنْكِرٍ إنْ لَمْ آتِك بِهِ لِغَدٍ فَأَنَا ضَامِنٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ ثَبَتَ بِهَا لَزِمَ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنْ أَتَى بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ شَيْءٌ مَعَ الثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ (وَهَلْ) يَلْزَمُ الضَّامِنَ مَا ادَّعَى بِهِ الْمُدَّعِي (بِإِقْرَارِهِ) كَالْبَيِّنَةِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ تَوَاطَأَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ لِلضَّامِنِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (تَأْوِيلَانِ) فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا الْأُولَى فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَا يُوجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْئًا وَمَحَلُّهُمَا إنْ أَقَرَّ بَعْدَ الضَّمَانِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْحَمَالَةُ قَطْعًا وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُهُ (كَقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْمُنْكِرِ لِلْمُدَّعِي (أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ) وَلَمْ يُوَافِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَلْفٍ بَعْد الْوَاوِ مِنْ الْمُوَافَاةِ وَهِيَ الْمُلَاقَاةُ وَفِي بَعْضِهَا أُوَفِّكَ بِدُونِ أَلْفٍ مَعَ تَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنْ الْوَفَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَبْطَلَ كَوْنَهُ إقْرَارًا وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الضَّمَانِ وَأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ ذَكَرَ مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ فَقَالَ (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ عَلَى أَصْلِهِ (بِمَا أَدَّى) عَنْهُ أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا بَلْ (وَلَوْ مُقَوَّمًا) ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُسَلِّفِ يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ حَتَّى فِي الْمُقَوَّمَاتِ (إنْ ثَبَتَ الدَّفْعُ) مِنْ الضَّامِنِ بِبَيِّنَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِشِرَائِهِ الْعَنَتَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ إمَّا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ. (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ إلَخْ) فِي بْن النَّقْلُ أَنَّهُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَكِنْ يُبَاعُ الدَّيْنُ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِيَرْتَفِعَ الضَّرَرُ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ثَبَتَ قَصْدُ مُشْتَرِي الدَّيْنِ ضَرَرَ الْمَدِينِ وَالْبَائِعُ جَاهِلٌ بِذَلِكَ فَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَمُضِيِّهِ وَيُبَاعُ عَلَى مُشْتَرِيهِ نَقْلًا عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَغَيْرُهُ مَعَ الصَّقَلِّيِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ إلَخْ) يَعْنِي مِنْ مُطْلَقِ اللُّزُومِ أَوْ مِنْ مُطْلَقِ الصِّحَّةِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا ذَكَرَ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَذَا كَانَ أَوْلَى فَلَيْسَ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْمُحْتَرَزَاتِ عَلَى الْقُيُودِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ . (قَوْلُهُ ثُمَّ أَنْكَرَ) أَيْ ثُمَّ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي فَإِنَّ الضَّمَانَ يَسْقُطُ وَلَا يَلْزَمُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَنْكَرَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ بِالنِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ حَضَرَ وَأَقَرَّ بِهِ أَوْ أَنْكَرَ وَثَبَتَ بِالنِّيَّةِ كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا لَكِنَّ مَحَلَّ لُزُومِهِ إذَا أَقَرَّ إذَا كَانَ مُوسِرًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا أَقَرَّ لِاحْتِمَالِ تَوَاطُئِهِ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى أَكْلِ مَالِ الضَّامِنِ هَذَا مُحَصَّلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ آتِك بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ) اعْتَرَضَ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَيْفَ وَهُوَ الْتِزَامٌ أَيْضًا لَوْ كَانَ وَعْدًا لَمْ يَلْزَمْ وَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ سُقُوطُ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ مُعَلَّقٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا فِي اللَّفْظِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ وَالْآخَرِ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى هَذَا الْمُنْكِرِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ إنْ لَمْ آتِك بِهِ وَثَبَتَ الْحَقُّ فَأَنَا ضَامِنٌ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بِجُمْلَتِهِ وَإِذَا أَتَى بِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ نَقِيضُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: مَعَ الثُّبُوتِ) أَيْ وَلَا مَعَ عَدَمِ الثُّبُوتِ أَيْضًا . (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ. (قَوْلُهُ: لِاتِّهَامِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعِيَاضٍ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِبَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ وَقَالَ ح الشَّرْطُ وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ اُنْظُرْ الْمُدَوَّنَةَ فِي الْحَمَالَةِ وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ قَالَ بْن قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا التَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُنَا فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى خِلَافٌ أَيْضًا لَكِنْ لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَا يُوجِبُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ قَطْعًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَقَوْلِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهَا كَالدَّلِيلِ لِلْمُتَقَدِّمَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ قَوِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ الْإِقْرَارِ فَلِذَا لَمْ يُجْعَلْ مَا تَقَدَّمَ ضَمَانًا. (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا لِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ وَإِلَّا كَانَ مُؤَاخَذًا قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ وَحَاصِلُهُ لَمْ يُجْعَلْ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك دَيْنَك الَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ إقْرَارًا بِالْحَقِّ أَيْ مُسْتَلْزِمًا لِلْإِقْرَارِ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَبْطَلَ إلَخْ) أَيْ لِتَعْلِيقِ الْحَقِّيَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقِّيَّةَ لَيْسَتْ ثَابِتَةً وَإِنَّمَا هِيَ مُعَلَّقَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَعَدَمُ التَّوْفِيَةِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ حِينَ التَّعْلِيقِ فَكَذَا الْحَقِّيَّةُ فَلِذَا حَصَلَ الْإِبْطَالُ تَأَمَّلْ تَقْرِيرَ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ . (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُقَوَّمًا) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ رُجُوعِ الضَّامِنِ بِمِثْلِ الْمُقَوَّمِ لَا بِقِيمَتِهِ إذَا كَانَ الْمُقَوَّمُ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ فَأَدَّاهَا الضَّامِنُ أَثْوَابًا فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهَا لَا بِقِيمَتِهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ كَمَا لَوْ كَانَ

أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْحَقِّ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِذَلِكَ (وَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ أَنْ يُصَالِحَ الضَّامِنُ رَبَّ الدَّيْنِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ (بِمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ) أَيْ الْمَدِينِ الصُّلْحُ بِهِ عَمَّا عَلَيْهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَدْفَعَهُ عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ جَازَ لِلضَّامِنِ وَمَا لَا فَلَا فَيَجُوزُ الصُّلْحُ بَعْدَ الْأَجَلِ عَنْ دَنَانِيرَ جَيِّدَةٍ بِأَدْنَى مِنْهَا أَوْ عَكْسُهُ وَلَا يَجُوزُ عَنْ طَعَامِ قَرْضٍ قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ وَكَذَا بَعْدَهُ وَلَا يَجُوزُ عَنْ طَعَامِ سَلَمٍ بِأَدْنَى أَوْ أَجْوَدَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَكَذَا عُرُوضٌ مِنْ سَلَمٍ وَاسْتُثْنِيَ مَسْأَلَتَانِ مِنْ كَلَامِهِ الْأُولَى صُلْحُهُ بِدِينَارٍ عَنْ دَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ حَالًّا الثَّانِيَةُ صُلْحُهُ عَنْ طَعَامِ سَلَمٍ بِأَدْنَى مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ بَعْدَ الْأَجَلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْغَرِيمِ لَا لِلضَّامِنِ لَا إنْ لَمْ يَحُلْ الْأَجَلُ فِيهِمَا (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ الْغَارِمُ عَلَى الْمَدِينِ (بِالْأَقَلِّ مِنْهُ) أَيْ الدَّيْنِ (أَوْ قِيمَتِهِ) أَيْ مَا صَالَحَ بِهِ أَيْ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الدَّيْنُ أَوْ قِيمَةُ مَا صَالَحَ بِهِ (وَإِنْ بَرِئَ الْأَصْلُ) أَيْ الْمَدِينُ بِهِبَةِ الدَّيْنِ لَهُ أَوْ مَوْتِهِ مَلِيًّا وَرَبُّ الدَّيْنِ وَارِثُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (بَرِئَ) الضَّامِنُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّيْنُ خَمْسَةَ مَحَابِيبَ وَدَفَعَ الضَّامِنُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الثِّيَابِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ يُخَيَّرُ الْمَطْلُوبُ إذَا دَفَعَ الضَّامِنُ مُقَوَّمًا مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فِي دَفْعِ مِثْلِ الْمُقَوَّمِ أَوْ قِيمَتِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الضَّامِنُ لَمْ يَشْتَرِ ذَلِكَ الْمُقَوَّمَ الَّذِي دَفَعَهُ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي مِلْكِهِ وَدَفَعَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ لَرَجَعَ بِثَمَنِهِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ مَا لَمْ يُحَابِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ فَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعِشْرِينَ وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَتَهَا عَشَرَةٌ وَدَفَعَهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ إلَّا بِقَيِّمِيهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ وَيَضِيعُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ الْمُحَابَاةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْحَقِّ) أَيْ لَا بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ وَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ دَفَعَ الضَّامِنُ لِلطَّالِبِ بِحَضْرَةِ الْمَضْمُونِ دُونَ بَيِّنَةٍ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ لَمْ يَرْجِعْ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ بِشَيْءٍ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَهُوَ أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي ح فَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ مِنْ مَالِ الْمَضْمُونِ فَهُوَ الْمُقَصِّرُ فَإِنْ غَرِمَهَا الضَّامِنُ ثَانِيًا لِعُسْرِ الْمَضْمُونِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَضْمُونِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَدَّاهَا اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَجَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ جَازَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي مُصَالَحَةِ الْكَفِيلِ رَبَّ الدَّيْنِ خِلَافًا فَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِمِثْلِيٍّ مُخَالِفٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِيٍّ مُمَاثِلٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ بِمُقَوَّمٍ مُمَاثِلٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مُخَالِفٍ جَازَ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ صَالَحَ بِمِثْلِيٍّ أَوْ بِمُقَوَّمٍ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الصُّورَتَانِ الْآتِيَتَانِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْمُصَالَحَةَ بِالْمُقَوَّمِ عَنْ الْعَيْنِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ قِيمَتِهِ وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِيهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ كَانَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا الْجَوَازُ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ الصُّلْحُ بَعْدَ الْأَجَلِ إلَخْ) أَيْ كَمَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ بِالْمُقَوَّمِ عَنْ الْعَيْنِ إمَّا اتِّفَاقًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَ غَيْرِهِ وَفِي الصُّلْحِ بِمِثْلِيٍّ عَنْ الْعَيْنِ قَوْلَانِ بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى تَأْثِيرِ الْغَرَرِ بِمَا يَرْجِعُ بِهِ الْحَمِيلُ لِتَخْيِيرِ الْغَرِيمِ فِي دَفْعِ مَا عَلَيْهِ وَمَا أَدَّى عَنْهُ وَلَغْوِهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ. (قَوْلُهُ: بِأَدْنَى مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَقَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ أَيْ وَهُوَ الصُّلْحُ بَعْدَ الْأَجَلِ عَنْ دَنَانِيرَ رَدِيئَةٍ بِجَيِّدَةٍ لِأَنَّهُ حَسَنٌ قَضَاءً. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عَنْ طَعَامٍ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَضَاءَ الْقَرْضِ بِأَكْثَرَ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أَزِيدُ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا إلَّا كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ. (قَوْلُهُ: بِأَدْنَى) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتُعَجَّلْ وَقَوْلُهُ أَوْ أَجْوَدَ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك. (قَوْلُهُ: وَكَذَا عُرُوضٌ مِنْ سَلَمٍ) أَيْ يُمْنَعُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَدْنَى أَوْ أَجْوَدَ وَهَذَا إذَا صُولِحَ عَلَيْهَا بِجِنْسِهَا وَأَمَّا بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَتَجُوزُ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعِهِ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسَلَّمْ فِيهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ صُلْحُهُ بِدِينَارٍ) أَيْ حَالٍّ عَنْ دَرَاهِمَ حَلَّ أَجَلُهَا وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ أَيْ وَهُوَ صُلْحُهُ بِدَرَاهِمَ حَالَّةٍ عَنْ دِينَارٍ حَلَّ أَجَلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا عُمُومَ فِيهِ إذْ لَمْ يَقُلْ كُلُّ مَا جَازَ صُلْحُ الْغَرِيمِ فِيهِ جَازَ لِلضَّامِنِ الصُّلْحُ فِيهِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَإِنَّمَا قَالَ وَجَازَ إلَخْ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ لَا عُمُومَ فِيهَا فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهَا الصِّدْقُ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَاحَظَ مَا قَالُوهُ أَنَّ مُهْمَلَاتِ الْعُلُومِ كُلِّيَّاتٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْغَرِيمِ) أَيْ لِأَنَّهُ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي الْأُولَى وَحَسَنٌ قَضَاءً أَوْ اقْتِضَاءً فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ لَا لِلضَّامِنِ) أَيْ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فِي الْأُولَى بَيْنَ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عِنْدَ دَفْعِ الضَّامِنِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْ بَاعَهُ لِلضَّامِنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الضَّامِنُ) أَيْ فِيمَا إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَيْنِ بِمُقَوَّمٍ كَمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَصَالَحَ عَنْهَا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ فَيَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْمَدِينِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَقِيمَةِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتِهِ مَلِيًّا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مُعْدَمًا غَرِمَ الْكَفِيلُ

فَرْعُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصْلِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ كُلَّمَا بَرِئَ الضَّامِنُ بَرِئَ الْأَصْلُ بَلْ قَدْ يَبْرَأُ وَقَدْ لَا يَبْرَأُ كَبَرَاءَةِ الضَّامِنِ مِنْ الضَّمَانِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ ضَمَانِهِ وَكَمَا إذَا وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ دَيْنَهُ لِلضَّامِنِ فَإِنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ مَطْلُوبًا لَهُ (وَعُجِّلَ) الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ (بِمَوْتِ الضَّامِنِ) أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ حَاضِرًا مَلِيًّا وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لِعَدَمِ حُلُولِهِ عَلَيْهِ (وَرَجَعَ وَارِثُهُ) أَيْ وَارِثُ الضَّامِنِ عَلَى الْمَدِينِ (بَعْدَ أَجَلِهِ أَوْ) مَوْتِ (الْغَرِيمِ) أَيْ الْمَدِينِ فَيُعَجَّلُ الْحَقُّ أَيْضًا (إنْ تَرَكَهُ) الْمَيِّتُ مِنْهُمَا فَهُوَ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ إنْ تَرَكَهُ أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَلَوْ مَاتَ الْمَدِينُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَلَا طَلَبَ عَلَى الضَّامِنِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ حُلُولُهُ عَلَى الْكَفِيلِ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ فَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَلَا يُعَجَّلُ (وَلَا يُطَالِبُ) الضَّامِنُ أَيْ لَا مُطَالَبَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ (إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا) تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ غَيْرَ مُلِدٍّ وَلَمْ يَقُلْ رَبُّ الدَّيْنِ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يُشْتَرَطْ الضَّمَانُ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ الَّتِي مِنْهَا الْيُسْرُ (أَوْ) غَابَ الْغَرِيمُ (وَلَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ) أَيْ إثْبَاتُ مَالِ الْغَائِبِ وَالنَّظَرُ فِيهِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الطَّالِبِ بَلْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الضَّامِنِ وَإِلَّا طَالَبَهُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ الضَّامِنِ عِنْدَ التَّنَازُعِ (فِي مَلَائِهِ) أَيْ مَلَاءِ الْغَرِيمِ فَلَيْسَ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَةُ الْحَمِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَرْعُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ) أَيْ وَقَدْ انْتَفَى ثُبُوتُهُ عَلَى الْأَصْلِ بِهِبَةِ الدَّيْنِ لَهُ وَبِمَوْتِهِ مَلِيًّا وَرَبُّ الدَّيْنِ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يَبْرَأُ) أَيْ الْأَصْلُ بِبَرَاءَةِ الضَّامِنِ أَيْ كَمَا إذَا أَدَّى الضَّامِنُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبْرَأُ بِدَفْعِهِ. (قَوْلُهُ: بِانْقِضَاءِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الضَّمَانُ مُقَيَّدًا بِوَقْتٍ كَأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فِي مُدَّةِ شَهْرَيْنِ مِنْ أَجَلِ الدَّيْنِ أَيْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَوْ فَلِسَ فِيهِمَا غَرِمْت مَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الضَّمَانِ أَنْ يَقَعَ مُؤَجَّلًا كَأَنْ يَقَعَ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ لِطَلَبِ الْحَوْزِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ مَطْلُوبًا لَهُ) أَيْ وَلَا تَتِمُّ لَهُ هَذِهِ الْهِبَةُ إلَّا إذَا قَبَضَ الضَّامِنُ ذَلِكَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاهِبِ . (قَوْلُهُ: وَعُجِّلَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ) أَيْ الْمَضْمُونُ بِمَوْتِ الضَّامِنِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الضَّامِنَ إذَا مَاتَ أَوْ فَلِسَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الطَّالِبَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَبْقَى لِلْأَجَلِ وَيَتْبَعَ الْغَرِيمَ وَبَيْنَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَالَهُ فَيَأْخُذَهُ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ إذَا مَاتَ وَيُحَاصِصَ بِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ إنْ فَلِسَ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ رَجَعَ وَرَثَةُ الضَّامِنِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعُوا عَنْهُ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ فِي الْمَوْتِ وَفِي الْفَلَسِ يَرْجِعُ الْحَمِيلُ بَعْدَ الْأَجَلِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَهُ الطَّالِبُ بِالْمُحَاصَّةِ مِنْ مَالِهِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعُجِّلَ إلَخْ أَيْ إنْ شَاءَ الطَّالِبُ لَا أَنَّ التَّعْجِيلَ وَاجِبٌ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْحَقِّ طَلَبٌ عَلَى تَرِكَةِ الضَّامِنِ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مُوسِرًا وَإِلَّا كَانَ لَهُ اتِّبَاعُهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتِ الْغَرِيمِ) عَطْفٌ عَلَى مَوْتِ الضَّامِنِ. (قَوْلُهُ: إنْ تَرَكَهُ) أَيْ إنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ الْحَقَّ. (قَوْلُهُ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا) أَيْ وَيَبْقَى الْبَعْضُ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْهُ لِأَجَلِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ الْمَدِينُ) أَيْ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا إلَخْ أَيْ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا لَمْ يُطَالِبْ الْغَرِيمُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُطَالِبُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْكَفِيلَ لَا يُطَالِبُ بِالْحَقِّ فِي مَلَاءِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَحُضُورِهِ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ وَالْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنَّ الطَّالِبَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ طَلَبِ الْغَرِيمِ أَوْ طَلَبِ الضَّامِنِ قَالَ بْن وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ وَهُوَ الْأَنْسَبُ يَكُونُ الضَّمَانُ شَغْلَ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ. (قَوْلُهُ: إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا) أَمَّا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَكَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا أَوْ مَاتَ أَوْ حَاضِرًا وَهُوَ مُعْسِرٌ كَانَ الطَّلَبُ عَلَى الضَّامِنِ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُلِدٍّ) فَإِنْ كَانَ مُلِدًّا تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَى الضَّامِنِ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُلِدٍّ وَلَا مُمَاطِلٍ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَعَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ تَقْيِيدًا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ) أَيْ وَهِيَ الْعُسْرُ وَالْيُسْرُ وَالْغَيْبَةُ وَالْحُضُورُ وَالْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فَإِنْ اشْتَرَطَ ضَمَانَهُ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ أَوْ شَرَطَ رَبُّ الْحَقِّ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ كَانَ لَهُ طَلَبُ الضَّامِنِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ الضَّامِنَ لَا يُطَالِبُ إذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: أَوْ غَابَ الْغَرِيمُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى حَضَرَ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ أَيْ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَى الطَّالِبِ إثْبَاتُ مَالِ الْغَائِبِ وَقَوْلُهُ وَالنَّظَرُ فِيهِ الْأَوْلَى وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الطَّالِبِ) الْمُرَادُ بِهِ رَبُّ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَلَائِهِ) حَاصِلُهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَتَنَازَعَ رَبُّ الدَّيْنِ وَالضَّامِنُ فَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْمَدِينَ مُعْدَمٌ وَطَالَبَ الضَّامِنَ فَادَّعَى أَنَّ الْمَدِينَ مَلِيءٌ

وَلَا الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِعَدَمِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ عَدَمُهُ (وَأَفَادَ شَرْطُ) أَيْ اشْتِرَاطُ رَبِّ الْحَقِّ (أَخْذِ أَيِّهِمَا شَاءَ) مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ الضَّامِنِ بِالْحَقِّ (و) أَفَادَ شَرْطُ (تَقْدِيمِهِ) بِالْأَخْذِ عَلَى الْمَدِينِ (أَوْ) اشْتِرَاطِ الضَّامِنِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا (إنْ مَاتَ) الْغَرِيمُ مُعْدَمًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ افْتَقَرَ أَوْ جَحَدَ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَشَبَّهَ فِي إفَادَةِ الشَّرْطِ قَوْلَهُ (كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ التَّصْدِيقَ) بِلَا يَمِينٍ (فِي) شَأْنِ (الْإِحْضَارِ) فَشَمَلَ دَعْوَى الضَّامِنِ إحْضَارَ الْمَدِينِ وَدَعْوَى رَبِّ الدَّيْنِ عَدَمَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ (طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ) وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (بِتَخْلِيصِهِ) مِنْ الضَّمَانِ (عِنْدَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ) أَيْ الدَّيْنِ وَلَوْ بِمَوْتِ الْمَدِينِ أَوْ فَلَسِهِ حَيْثُ كَانَ الْمَضْمُونُ مَلِيئًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّك مِنْ الْمَدِينِ أَوْ تُسْقِطَ عَنِّي الضَّمَانَ وَكَذَا لَهُ طَلَبُ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَوْ سَكَتَ رَبُّ الدَّيْنِ (لَا) طَلَبِهِ (بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الضَّامِنِ لِيُوَصِّلَهُ لِرَبِّهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ الضَّامِنُ ثُمَّ أَعْدَمَ تَلَوَّمَ كَانَ لِرَبِّ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحِينَئِذٍ طَلَبُ الضَّامِنِ لِتَصْدِيقِهِ فِي مَلَاءِ الْمَضْمُونِ وَلَا طَلَبَ لَهُ عَلَى الْمَضْمُونِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِعَدَمِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ رَبُّ الدَّيْنِ بَيِّنَةً بِعَدَمِ الْمَدِينِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ أَوْ يَتَجَدَّدَ لِلْمَدِينِ مَالٌ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَلَائِهِ أَيْ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ عَالِمٌ بِعَدَمِهِ وَإِلَّا حَلَفَ لَهُ الضَّامِنُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الضَّامِنِ فِي مَلَائِهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّ الْقَوْلَ لِلطَّالِبِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْحَمِيلُ بَيِّنَةً بِمَلَاءِ الْغَرِيمِ قَالَ ح وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَنَصُّهُ وَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَمِيلَ بِدَيْنِهِ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ الْحَمِيلُ شَأْنُك بِغَرِيمِك فَهُوَ مَلِيءٌ بِدَيْنِك وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْغَرِيمُ مُعْدَمٌ وَمَا أَجِدُ لَهُ مَالًا فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ يُسْرُ الْغَرِيمِ وَمَلَاؤُهُ فَيَبْرَأَ وَحَلَفَ لَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ يُسْرِهِ عَلَى إنْكَارِ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ وَغَرِمَ الْحَمِيلُ وَلَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْحَمِيلِ فَإِنْ رَدَّهَا حَلَفَ الْحَمِيلُ وَبَرِئَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ لَيْسَ عَلَى الْحَمِيلِ سَبِيلٌ بَلْ يَبْدَأُ بِالْغَرِيمِ اهـ فَبَانَ لَك أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ ح لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَظْهَرَ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْحَمِيلِ اهـ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ اسْتِظْهَارَ نَفْسِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا الْمَدِينِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُثْبِتْ عَدَمَهُ) أَيْ مَا لَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ بَيِّنَةً بِعُسْرِ الْغَرِيمِ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْ الْحَمِيلِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ شَرْطُ أَخْذِ أَيِّهِمَا شَاءَ) ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً إنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا يُفِيدُ إلَّا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ كَانَ قَبِيحَ الْمُطَالَبَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمِهِ) أَيْ وَأَفَادَ اشْتِرَاطُ رَبِّ الدَّيْنِ تَقْدِيمَ الْحَمِيلِ بِالْمُطَالَبَةِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ مَاتَ الْغَرِيمُ مُعْدَمًا) أَيْ وَأَمَّا مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ مُعْدَمًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قَالَ) أَيْ الضَّامِنُ وَقَوْلُهُ إنْ افْتَقَرَ أَوْ جَحَدَ أَيْ الْمَضْمُونُ. (قَوْلُهُ كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ) أَيْ أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ إذَا شَرَطَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي إحْضَارِ الْمَضْمُونِ بِلَا يَمِينٍ أَوْ بِيَمِينٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ عَدَمَ الْيَمِينِ فِي تَصْدِيقِ دَعْوَاهُ فِي عَدَمِ إحْضَارِ الْمَضْمُونِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ عَمْرٌو وَجْهَ زَيْدٍ لِبَكْرٍ ثُمَّ إنَّهُ تَنَازَعَ رَبُّ الدَّيْنِ وَالضَّامِنُ فِي إحْضَارِ الْمَدِينِ فَادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّهُ أَحْضَرَهُ وَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يُحْضِرْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ بِيَمِينٍ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَإِنْ اشْتَرَطَ الضَّامِنُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ إحْضَارَ الْمَدِينِ بِيَمِينٍ أَوْ بِلَا يَمِينٍ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي إحْضَارِهِ عُمِلَ بِالشَّرْطِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْإِحْضَارِ بِلَا يَمِينٍ عُمِلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ فَخِلَافُ الْأَصْلِ ثَلَاثُ صُوَرٍ اثْنَتَانِ الشَّرْطُ فِيهِمَا مِنْ الضَّامِنِ وَوَاحِدَةٌ الشَّرْطُ فِيهَا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: فَشَمَلَ) أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِتَقْدِيرِ شَأْنِ. (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ إحْضَارِ الْمَدِينِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ إلْزَامُهُ وَقَوْلُهُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِطَلَبٍ لَا بِتَخْلِيصٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْأَجَلِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُلَاحَظٍ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَهُ طَلَبُ الْمَضْمُونِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَتَ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ بِهِ بَلْ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ بِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَلِلْكَفِيلِ إجْبَارُ الْأَصِيلِ عَلَى تَخْلِيصِهِ إذَا طُولِبَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن فَإِنْ قُلْت مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ مُطَالَبَةُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلضَّامِنِ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرٌ مَلِيٌّ. قُلْت يُتَصَوَّرُ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَلَدًا فَإِنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَةَ الضَّامِنِ حِينَئِذٍ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ شَرَطَ تَقْدِيمَ الضَّامِنِ بِالطَّلَبِ أَوْ كَانَ ضَامِنًا فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ. (قَوْلُهُ: لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ)

(وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْحَمِيلُ الْمَالَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِقَبْضِهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (إنْ اقْتَضَاهُ) أَيْ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْ الْأَصِيلِ فَدَفَعَهُ لَهُ أَوْ دَفَعَهُ لَهُ بِلَا طَلَبٍ وَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَمَتَى قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ صَارَ لِرَبِّ الْحَقِّ غَرِيمَانِ الْحَمِيلُ وَالْمَدِينُ يَطْلُبُ أَيَّهمَا شَاءَ (لَا) إنْ (أَرْسَلَ) الضَّامِنَ أَيْ أَرْسَلَهُ الْمَدِينُ لِرَبِّ الدَّيْنِ (بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ الْمَضْمُونِ فَضَاعَ مِنْهُ أَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ حِينَئِذٍ وَيَضْمَنُهُ الْغَرِيمُ وَعَلَامَةُ الْإِرْسَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ لِلْحَمِيلِ ابْتِدَاءً بِلَا طَلَبٍ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ الْمَدِينُ صِرْت بَرِيئًا مِنْهُ وَمِثْلُ الْإِرْسَالِ أَوْ هُوَ إرْسَالٌ حُكْمًا مَا إذَا دَفَعَهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ (وَلَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ الضَّامِنَ (تَأْخِيرُ رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ مَدِينَهُ (الْمُعْسِرِ) وُجُوبُ إنْظَارِهِ فَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ إذْ التَّأْخِيرُ رِفْقٌ بِالضَّامِنِ فَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا فَالضَّامِنُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ أَوْ لَا يَعْلَمُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ الدَّائِنُ أَوْ يَعْلَمَ فَيُنْكِرَ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمَدِينَ (الْمُوسِرَ) يَلْزَمُ الضَّامِنُ (إنْ) عَلِمَ بِالتَّأْخِيرِ و (سَكَتَ) بَعْدَ عِلْمِهِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَ إلَيْهِ وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلضَّامِنِ (إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَى قَوْلِهِ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ فَفِي الْأَوَّلِ الْمُسْتَحِقُّ وَفِي الثَّانِي الْمَدِينُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ عَطْفًا عَلَى بِتَخْلِيصِهِ لِتَعَلُّقِ الطَّلَبِ الْأَوَّلِ بِالْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ التَّسْلِيمُ الْمَدِينُ. (قَوْلُهُ: وَضَمِنَهُ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ أَنَّ الضَّامِنَ تَسَلَّمَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَبِّهِ فَضَاعَ مِنْهُ أَوْ تَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَا إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ دَفَعَهُ لَهُ الْمَضْمُونُ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَتَهُ مِنْهُ فَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَبْضَ الْحَمِيلِ لِلدَّيْنِ يَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوِكَالَةِ عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَوْ يَتَنَازَعَ الْمَدِينُ وَالضَّامِنُ فِي أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ يَمُوتَ الْمَدِينُ أَوْ الضَّامِنُ وَيَعْرَى الْقَبْضُ عَنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوِكَالَةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ اقْتَضَاهُ يَعْنِي أَوْ تَنَازَعَا فَقَالَ الْمَدِينُ اقْتِضَاءً وَقَالَ الضَّامِنُ رِسَالَةً فَالْقَوْلُ لِلْمَدِينِ وَكَذَا لَوْ مَاتَا أَوْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ وَقَوْلُهُ لَا أَرْسَلَ بِهِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى وَجْهِ الْوِكَالَةِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَهُ أَيْ لِمَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ وَهُوَ الْغَرِيمُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الضَّامِنُ غَرِيمًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ: إنْ اقْتَضَاهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُغَرِّمَ الْأَصِيلَ وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الضَّامِنَ نِيَابَةً عَنْ الْمَدِينِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لِلْأَصِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ اُنْظُرْ شب. (قَوْلُهُ: أَوْ دَفَعَهُ) أَيْ الْمَدِينُ لِلطَّالِبِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ الضَّامِنِ وَقَالَ الْمَدِينُ لِلضَّامِنِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْوِكَالَةِ) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْحَقِّ وَافَقَهُ عَلَى دَعْوَاهُ الْوِكَالَةَ وَأَمَّا إنْ نَازَعَهُ فِيهَا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْحَمِيلُ ضَامِنًا لِمَا قَبَضَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْغَرِيمِ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى كَوْنِ الضَّامِنِ وَكِيلًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فِي الْقَبْضِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ وَتَلِفَ مِنْهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ أَنْ يَبْرَأَ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْغَرِيمِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ الْغَرِيمُ لِاحْتِمَالِ تَوَاطُئِهِ مَعَ الضَّامِنِ عَلَى أَخْذِهِمَا الْحَقَّ وَدَعْوَى الضَّيَاعِ نَعَمْ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَى دَفْعِ الْغَرِيمِ لِلضَّامِنِ الْوَكِيلِ بَرِئَ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْغَرِيمِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ إلَخْ) لَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِلْكَفِيلِ طَلَبَ الْمُسْتَحِقِّ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ الضَّمَانِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَسَكَتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّهِ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا أَخَّرَ الْمُسْتَحِقُّ غَرِيمَهُ أَجَلًا ثَانِيًا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ اُطْلُبْ حَقَّك مِنْ الْمَدِينِ أَوْ أَسْقِطْ عَنِّي الضَّمَانَ. (قَوْلُهُ: إذْ التَّأْخِيرُ رِفْقٌ بِالضَّامِنِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُطَالِبْهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ مَعَ كَوْنِ الْمَدِينِ مُعْسِرًا بَلْ أَخَّرَ الدَّيْنَ أَجَلًا ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ بِتَأْخِيرِ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ) أَيْ الَّذِي أَخَّرَهُ إلَيْهِ الدَّائِنُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِالتَّأْخِيرِ وَسَكَتَ) أَيْ إنْ عَلِمَ الضَّامِنُ بِالتَّأْخِيرِ وَسَكَتَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بِقَدْرِ مَا يُرَى عُرْفًا أَنَّهُ رَضِيَ بِبَقَائِهِ عَلَى الضَّمَانِ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يَجْهَلُ أَنَّ سُكُوتَهُ يُسْقِطُ تَكَلُّمَهُ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ ذَلِكَ التَّأْخِيرَ وَأَنْ لَا يَرْضَى بِهِ وَيَقُولُ لَهُ تَأْخِيرٌ لَهُ إبْرَاءٌ لِي مِنْ الضَّمَانِ فَيَجْرِي عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْآتِي فَإِنْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَزِمَ التَّأْخِيرُ لِلْغَرِيمِ وَلَا يَضُرُّهُ إلَّا الْعِلْمُ بِأَنَّ سُكُوتَهُ مُسْقِطٌ لِتَكَلُّمِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالشَّرْطُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأُولَى وَهِيَ تَأْخِيرُ الْمَدِينِ الْمُعْسِرِ لَازِمٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَكَتَ الضَّامِنُ أَوْ أَنْكَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الْحَمِيلُ بِالتَّأْخِيرِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي أُنْظِرَ إلَيْهِ) أَيْ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ) مِثْلُهُ فِي عج وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ

حَلَفَ) رَبُّ الدَّيْنِ (أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ مُسْقِطًا) لِضَمَانِ الضَّامِنِ فَإِنَّ لِكُلٍّ سَقَطَ الضَّمَانُ وَأَشَارَ لِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الضَّامِنُ التَّأْخِيرَ أَيْ لَمْ يَرْضَ بِهِ حِينَ عِلْمِهِ وَقَالَ لِلدَّائِنِ تَأْخِيرُكَ الْمَدِينَ إبْرَاءٌ لِي مِنْ الضَّمَانِ (حَلَفَ) رَبُّ الدَّيْنِ (أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ) الضَّمَانَ بِتَأْخِيرِهِ (وَلَزِمَهُ) الضَّمَانُ وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ فَيَأْخُذُ الْحَقَّ عَاجِلًا فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَزِمَ التَّأْخِيرُ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى تَأْخِيرِ الدَّيْنِ تَكَلَّمَ عَلَى تَأْخِيرِ الْحَمِيلِ بِقَوْلِهِ (وَتَأَخَّرَ غَرِيمُهُ) أَيْ غَرِيمُ رَبِّ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَدِينُ (بِتَأْخِيرِهِ) أَيْ بِتَأْخِيرِ الضَّامِنِ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُ رَبُّ الدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ إلَى أَجَلٍ آخَرَ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ تَأْخِيرَ الْحَمِيلِ فَقَطْ فَلَهُ حِينَئِذٍ طَلَبُ الْمَدِينِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ إنْظَارُ الْمَدِينِ إلَى مَا أَنْظَرَ إلَيْهِ الْحَمِيلَ وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ وَتَأَخَّرَ غَرِيمُهُ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ وَالْمَدِينُ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ فِي الْأَجَلِ أَوْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ تَقْدِيمَ الْحَمِيلِ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَعْرِضُ لِلضَّمَانِ مِنْ الْمُبْطِلَاتِ فَقَالَ (وَبَطَلَ) الضَّمَانُ (إنْ فَسَدَ مُحْتَمَلٌ بِهِ) أَصَالَةً كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَكْسُهُ لِأَجَلٍ أَوْ عُرُوضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِمِّيٌّ سِلْعَةً لِذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَضَمِنَهُ ذِمِّيٌّ فَأَسْلَمَ الضَّامِنُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ حِينَئِذٍ شَيْءٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ الْفَاسِدُ وَلَزِمَ فِيهِ الْقِيمَةُ (أَوْ فَسَدَتْ) الْحَمَالَةُ شَرْعًا بِأَنْ حُرِّمَتْ بَطَلَ الضَّمَانُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَأَرَادَ بِفَسَادِهَا الْفَسَادَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ عَدَمُ مُوَافَقَةِ الشَّرْعِ لِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ أَوْ لِحُصُولِ الْمَانِعِ وَبِالْبُطْلَانِ الْفَاسِدَ اللُّغَوِيَّ أَيْ عَدَمَ الِاعْتِدَاءِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَلْزَمُهُ اتِّحَادُ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَبِجُعْلٍ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ (لِمَدِينِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي سَوَاءٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ ثُمَّ أَعْسَرَ الْآنَ أَيْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الْحَمِيلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي حَقِّهِ حَتَّى تَلِفَ مَالُ الْغَرِيمِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْكَفِيلُ حَتَّى يُعَدَّ رَاضِيًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: حَلَفَ) هَذَا شَرْطٌ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ لَا فِي لُزُومِ التَّأْخِيرِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذْ لَا يَعْقِلُ عَدَمُ لُزُومِ التَّأْخِيرِ مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ الْمُؤَخَّرَ إلَيْهِ قَدْ مَضَى اُنْظُرْ ابْنَ عَاشِرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَائِدَةَ الْحَلِفِ لُزُومُ الضَّمَانِ وَأَمَّا لُزُومُ التَّأْخِيرِ فَلَا فَائِدَةَ لِلِالْتِفَاتِ إلَيْهِ لِكَوْنِ الْأَجَلِ الْمُؤَخَّرِ إلَيْهِ قَدْ مَضَى. (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْمَدِينِ وَحِينَئِذٍ يَبْقَى الدَّيْنُ حَالًّا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَدِينِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَإِنْ كَانَ مُلِدًّا أَوْ غَابَ أُخِذَ مِنْ الضَّامِنِ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ غَازِيٍّ وح وَغَيْرِهِمْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَل رَبُّ الدَّيْن سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَزِمَ التَّأْخِيرُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَالذَّخِيرَةِ وَفِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ وَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَعَقَّبَ طفى بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ عَنْ الْمَضْمُونِ وَيَسْقُطُ التَّأْخِيرُ وَيُؤْخَذُ الدَّيْنُ حَالًّا وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ التَّأْخِيرُ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ خِلَافًا لِمَا فِي التَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَ بِلُزُومِ التَّأْخِيرِ وَبَقَاءِ الْكَفَالَةِ وَخِلَافًا لِمَا فِي تت مِنْ أَنَّ حَالَةَ النُّكُولِ كَحَالَةِ الْحَلِفِ فَيَسْقُطُ التَّأْخِيرُ وَيَغْرَمُ الدَّيْنَ حَالًّا (قَوْلُهُ فَلَهُ حِينَئِذٍ طَلَبُ الْمَدِينِ) أَيْ لِأَنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَضْعَ الْحَمَالَةِ مِنْ أَصْلِهَا عَنْ الضَّامِنِ وَيُطَالِبُ الْغَرِيمَ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ وَتَأَخَّرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَرِيمَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهُ الضَّامِنَ بَلْ تَأْخِيرُهُ أَمْرٌ وَاجِبٌ فَلَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهُ الضَّامِنَ إلَّا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَهُوَ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَلَا مُطَالَبَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ حَتَّى أَنَّهُ يُؤَخِّرُهُ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ) أَيْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ يُحْمَلُ مَا إذَا أَخَّرَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَأَيْسَرَ أَيْ ذَلِكَ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِحَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ بِحَقِّهِ أَوْ شَرَطَ ضَمَانَ الضَّامِنِ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ. (قَوْلُهُ: إنْ فَسَدَ مُتَحَمِّلٌ بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُتَحَمِّلُ بِهِ فَاسِدًا كَمَا لَوْ كَانَ رِبًا كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ لِهَذَا دِينَارًا فِي دِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ أَوْ ادْفَعْ لَهُ دَرَاهِمَ فِي دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَأَنَا حَمِيلٌ بِذَلِكَ فَالْحَمَالَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ مُطْلَقًا وَلَوْ مَاتَ الْمَدِينُ مُعْدَمًا وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ لَكِنْ يَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ كَدَرَاهِمَ) أَيْ وَكَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ مَعْلُومٍ وَكَانَ الْبَيْعُ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَضَمِنَ ذَلِكَ الثَّمَنَ إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقِيمَةُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لِتِلْكَ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عُرُوضًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَصَالَةً وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُتَحَمِّلَ بِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فَسَادُهُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضًا. (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ فَسَدَتْ عَطْفٌ عَلَى إنْ فَسَدَ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى بَطَلَ الضَّمَانُ إنْ فَسَدَتْ الْحَمَالَةُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَسَادَ هُوَ الْبُطْلَانُ وَالضَّمَانُ هُوَ الْحَمَالَةُ فَيَلْزَمُ اتِّحَادُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَهُوَ تَهَافُتٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ وَالْمُرَادُ بِالْفَسَادِ الْفَسَادُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى إلَى قَوْلِنَا إذَا كَانَتْ الْحَمَالَةُ فَاسِدَةً شَرْعًا غَيْرَ مُسْتَوْفِيَةٍ لِلشُّرُوطِ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهَا كَمَا إذَا كَانَتْ بِجُعْلٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَمَالَةِ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا

بِأَنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا لِلضَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمِثْلِ مَا غَرِمَ مَعَ زِيَادَةِ مَا أَخَذَهُ أَمَّا بِجُعْلٍ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِمَدِينِهِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ فَجَائِزٌ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ الْحَقِّ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ لَكِنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ حُلُولُ الدَّيْنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَدِينِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا وَبَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ضَمَانَ مَضْمُونِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ الْوَاصِلُ لِلضَّامِنِ ضَمَانَ مَضْمُونِ الضَّامِنِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ بِالشَّرْطِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاق إذْ لَا تَلَوُّمَ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ قَوْلَهُ (إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (بَيْنَهُمَا) شَرِكَةً وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (أَوْ) فِي (بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَهُمَا شَخْصٌ فِي شَيْءٍ وَتَضَامَنَا فِيهِ (كَقَرْضِهِمَا) أَيْ اقْتِرَاضِهِمَا نَقْدًا أَوْ عَرَضًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِصَاحِبِهِ فَيَجُوزُ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِعَمَلِ السَّلَفِ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ صَاحِبَهُ فِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ الْآخَرُ فِيهِ وَإِلَّا مُنِعَ (وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ) غَيْرُ غُرَمَاءَ (اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ) مِنْ الدَّيْنِ بِقِسْمَتِهِ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا يُؤْخَذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهَذَا إذَا تَحَمَّلُوهُ دُفْعَةً بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيْنَا وَيُوَافِقُهُ الْبَاقِي أَوْ يُقَالُ لَهُمْ أَتَضْمَنُونَ فُلَانًا فَيَقُولُونَ نَعَمْ أَوْ يَنْطِقُ الْجَمِيعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا لَوْ قَالَ وَاحِدٌ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) أَيْ الْجُعْلُ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَتْ الْحَمَالَةُ وَرُدَّ الْجُعْلُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ) أَيْ لِأَنَّ الضَّامِنَ إذَا غَرِمَ الْحَقَّ لِلطَّالِبِ رَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ بِمِثْلِ مَا غَرِمَ مَعَ زِيَادَةِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجُعْلِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ لَمْ يَغْرَمْ بِأَنْ أَدَّى الْغَرِيمُ كَانَ أَخْذُهُ الْجُعْلَ بَاطِلًا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْجُعْلَ إذَا كَانَ لِلْحَمِيلِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَسُقُوطِهَا وَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَتَارَةً تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ، وَتَارَةً تَثْبُتُ الْحَمَالَةُ وَالْبَيْعُ، وَالثَّالِثُ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالْحَمَالَةُ جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْبَائِعِ كَانَتْ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةً لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَصِحَّ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا غَرَضَ لَهُ فِيمَا فَعَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْجَهْلِ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْبَائِعُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالْبَيْعِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ يُرِيدُ وَيَكُونُ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فِي سِلْعَتِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ اهـ قَالَهُ ابْنُ عَاصِمٍ وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا امْتَنَعَ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ شِبْهِ ضَعْةُ وَتُعَجَّلْ لِأَنَّ الْجُعْلَ لِلْمَدِينِ بِمَنْزِلَةِ الْوَضْعِ عَنْهُ وَضَمَانُهُ بِمَنْزِلَةِ تَعْجِيلِ الْحَقِّ أَوْ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ إلَخْ) وَكَذَا إذَا ضَمِنَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ دَيْنًا لِصَاحِبِهِ عَلَى آخَرَ أَوْ ضَمِنَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا عَلَيْهِ وَضَمِنَ ذَلِكَ الْمَضْمُونُ دَيْنًا لِلضَّامِنِ عَلَى آخَرَ فَالْمَصْدَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ مَضْمُونَهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ فِي دَيْنٍ لَهُ أَوْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَيْنًا عَلَى آخَرَ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَقَعَ ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي اشْتِرَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِلَّا كَانَ شَرِكَةَ ذِمَمٍ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ وَهِيَ شَرِكَتُهُمَا لِلتَّجْرِ بِلَا مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا فِي ذِمَّتِهِمَا أَيَّ شَيْءٍ كَانَ وَكُلُّ حَمِيلٍ بِالْآخَرِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: شَرِكَةٌ) أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَاهُ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا وَضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَذَلِكَ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا أَتَى لِأَحَدِهِمَا وَأَخَذَ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ وَمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ حَمِيلًا عَنْهُ يَكُونُ مُسَلِّفًا لِصَاحِبِهِ وَقَدْ انْتَفَعَ بِضَمَانِ صَاحِبِهِ لَهُ الَّذِي أَدَّى هُوَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا اشْتَرَيَا السِّلْعَةَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا نَقُولُ وَإِنْ وُجِدَ التَّعْلِيلُ لَكِنَّهُمْ حَكَمُوا بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِعَمَلِ السَّلَفِ وَعَمَلُهُمْ إنَّمَا كَانَ عِنْدَ التَّسَاوِي (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَهُمَا) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالضَّمَانُ فِي الْمُعَيَّنِ قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَبِجَعْلِ الْكَافِ لِلتَّنْظِيرِ لَا لِلتَّمْثِيلِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ السَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ الْعَطَّارِ خِلَافًا لِابْنِ الْفَخَّارِ الْقَائِلِ بِمَنْعِ ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْقَرْضِ وَرَآهُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا يَرَاهُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً نَظَرًا لِعَمَلِ السَّلَفِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ السَّلَفِ وَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا . (قَوْلُهُ: غَيْرُ غُرَمَاءَ) أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ الْغُرَمَاءُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى جَمَاعَةٌ سِلْعَةً شَرِكَةً بَيْنَهُمْ وَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصْحَابَهُ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَتْبَعُ كُلَّ مَنْ وَجَدَهُ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: اُتُّبِعَ كُلٌّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَدِينِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ لَدَدِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْطِقُ الْجَمِيعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً) أَيْ بِقَوْلِهِمْ نَضْمَنُهُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ) أَيْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ

(إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) رَبُّ الدَّيْنِ فِي عَقْدِ الْحَمَالَةِ (حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ) فَيُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ فِي عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الْجَمِيعَ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا ثُمَّ شَبَّهَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ حَمَالَةَ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَى كُلٍّ بِجَمِيعِ الْحَقِّ قَوْلُهُ (كَتَرَتُّبِهِمْ) فِي الْحَمَالَةِ أَيْ ضَمِنَ كَفِيلٌ بَعْدَ كَفِيلٍ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ فَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِ حَقِّهِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَسَوَاءٌ شَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَمْ لَا عَلِمَ أَحَدُهُمْ بِحَالَةِ الْآخَرِ أَمْ لَا (وَرَجَعَ) الْغَارِمُ (الْمُؤَدِّي) اسْمُ فَاعِلٍ (بِغَيْرِ الْمُؤَدَّى) اسْمُ مَفْعُولٍ (عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ رَجَعَ مَنْ أَدَّى الدَّيْنَ لِرَبِّهِ عَلَى الضَّامِنِ الْآخَرِ بِغَيْرِ الْقَدْرِ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَبْدَلَ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ إلَخْ قَوْلَهُ (بِكُلِّ مَا عَلَى الْمَلْقِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الثَّلَاثِي أَصْلُهُ مَلْقُويٌ (ثُمَّ سَاوَاهُ) فِيمَا غَرِمَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ أَوْ حُمَلَاءَ فَقَطْ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَسَوَاءٌ فِي الْقِسْمَيْنِ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَوْ لَا مِثَالُ ذَلِكَ مَا إذَا اشْتَرَى ثَلَاثَةُ أَنْفَارٍ مَثَلًا سِلْعَةً بِثَلَثِمِائَةٍ عَلَى كُلٍّ مِائَةٌ وَكُلُّ حَمِيلٍ عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا لَقِيَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ وَمِائَتَيْنِ عَنْ صَاحِبِيهِ فَإِذَا وَجَدَ الْغَارِمُ أَحَدَهُمَا أَخَذَهُ بِمِائَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَبِخَمْسِينَ نِصْفِ مَا عَلَى الثَّالِثِ ثُمَّ كُلُّ مَنْ وَجَدَ الثَّالِثَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَتَرَتُّبِهِمْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ أَيْ اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ فِي الْأَحْوَالِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ إلَخْ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ عبق أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ. (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ لَا عَنْ مَلِيءٍ وَيُؤْخَذُ الْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ لَا عَنْ حَاضِرٍ مِثْلِهِ وَيُؤْخَذُ الْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الْجَمِيعَ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا تَعَدَّدُوا وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ لَكِنْ قَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا وَهِيَ مَا إذَا تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ ذَاتُ أَطْرَافٍ أَرْبَعَةٍ تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَا أَخَذَ أَيَّهمْ شَاءَ بِحَقِّهِ فَلَا يُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ إلَّا بِحِصَّتِهِ، تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَيُؤْخَذُ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ إنْ غَابَ الْبَاقِي أَوْ أُعْدِمَ، تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَخَذَ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَلِلْغَارِمِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَرِيمِ، تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَكِنْ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَخَذَ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَلَيْسَ لِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَلْ عَلَى الْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَبَّهَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ تَشْبِيهًا غَيْرَ تَامٍّ لِأَنَّهُ عِنْدَ اشْتِرَاطِ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ يَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ عِنْدَ عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ وَعِنْدَ تَرَتُّبِهِمْ فِي الْحَمَالَةِ يُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحُمَلَاءَ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَغَرِمَ أَحَدُهُمْ الْحَقَّ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنَّ الْمُؤَدَّى يَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَاقَاهُ مِنْ الْحُمَلَاءِ بِمَا عَلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يُسَاوِيهِ فِي غُرْمِ مَا دَفَعَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَأَبْدَلَ إلَخْ) أَيْ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَلَا يَحْتَاجُ لِرَابِطٍ إذَا كَانَ جَارًّا وَمَجْرُورًا كَمَا هُنَا أَوْ كَانَ فِعْلًا كَمَا فِي إنْ تُصَلِّ تَسْجُدْ لِلَّهِ يَرْحَمْك. (قَوْلُهُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الثُّلَاثِيِّ) وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِزِنَةِ مَفْعُولٍ لِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: وَفِي اسْمِ مَفْعُولِ الثَّلَاثِي اطَّرَدَ زِنَةُ مَفْعُولٍ كَآتٍ مِنْ قَصَدَ. (قَوْلُهُ: مَلْقُويٌ) أَيْ فَاجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَقُلِبَتْ الضَّمَّةُ كَسْرَةً لِتَسْلَمَ الْيَاءُ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ التَّرَاجُعَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي إلَخْ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْحُمَلَاءُ غُرَمَاءَ أَوْ كَانُوا غَيْرَ غُرَمَاءَ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ سَوَاءٌ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا وَلَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ تَرَتُّبِهِمْ وَلَا فِيمَا إذَا تَعَدَّدُوا مِنْ غَيْرِ تَرَتُّبٍ وَلَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضٍ وَلَوْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي لِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُؤَدَّى عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْحُمَلَاءِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضٍ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي فَكُلُّ مَنْ غَرِمَ الْجَمِيعَ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْحُمَلَاءِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَغْرَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ حُمَلَاءَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ مِثَالُ ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ وَمِثَالُ مَا لَوْ كَانُوا حُمَلَاءَ غَيْرَ غُرَمَاءَ مَا لَوْ اشْتَرَى زَيْدٌ سِلْعَةً بِثَلَثِمِائَةٍ وَضَمِنَهُ كُلٌّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَشَرَطَ الْبَائِعُ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ سَوَاءٌ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَوْ لَا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَوَجَدَ وَاحِدًا أَخَذَ مِنْهُ الثَّلَثَمِائَةِ وَإِذَا وَجَدَ الْغَارِمُ وَاحِدًا مِنْ صَاحِبَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَكُلٌّ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ رَبُّ الْمَالِ وَقْتَ

أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ وَمِثَالُ ذَلِكَ أَيْضًا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي أَفْرَدَهَا بَعْضُ النَّاسِ بِالتَّأْلِيفِ وَقَدْ أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ مُفَرِّعًا لَهَا بِالْفَاءِ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ) (اشْتَرَى سِتَّةٌ) سِلْعَةً مَثَلًا (بِسِتِّمِائَةٍ) مِنْ رَجُلٍ (بِالْحَمَالَةِ) أَيْ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِ مِائَةٌ عَنْ نَفْسِهِ أَصَالَةً وَالْبَاقِي حَمَالَةً (فَلَقِيَ) الْبَائِعُ (أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ) السِّتَّمِائَةِ (ثُمَّ إنْ لَقِيَ) الْمُؤَدِّي (أَحَدَهُمْ) أَيْ أَحَدَ الْخَمْسَةِ الْبَاقِينَ (أَخَذَهُ بِمِائَةٍ) أَصَالَةً (ثُمَّ) يَقُولُ لَهُ غَرِمْت عَنْ نَفْسِي مِائَةً لَا رُجُوعَ لِي بِهَا عَلَى أَحَدٍ وَخَمْسَمِائَةٍ عَنْك وَعَنْ أَصْحَابِك فَالْمِائَةُ الَّتِي عَلَيْك قَدْ وَصَلَتْ لِي يَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ فَسَاوِنِي فِيهَا فَيَأْخُذُهُ (بِمِائَتَيْنِ) حَمَالَةً فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَرِمَ ثَلَثَمِائَةٍ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ وَمِائَتَيْنِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ (فَإِنْ لَقِيَ أَحَدُهُمَا) ثَالِثًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ (أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ) أَصَالَةً؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ عَنْهُمْ مِائَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ خَمْسُونَ أَصَالَةً يَبْقَى مِائَةٌ وَخَمْسُونَ أَدَّاهَا بِالْحَمَالَةِ يُسَاوِيهِ فِيهَا (و) يَأْخُذُهُ (بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ) فَقَدْ غَرِمَ هَذَا الثَّالِثُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ (فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثُ) الْغَارِمُ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ (رَابِعًا) مِنْهُمْ (أَخَذَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ) أَصَالَةً يَبْقَى لِلثَّالِثِ خَمْسُونَ فَيُسَاوِيهِ فِيهَا الرَّابِعُ (و) يَأْخُذُهُ (بِمِثْلِهَا) خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (ثُمَّ) إنْ لَقِيَ هَذَا الرَّابِعُ خَامِسًا أَخَذَهُ (بِاثْنَيْ عَشْرَ وَنِصْفٍ) أَصَالَةً؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ دَفَعْت خَمْسِينَ نِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ عَنْك وَعَنْ صَاحِبِك فَيُسَاوِيهِ فِيهَا (و) يَأْخُذُهُ (بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ) فَإِذَا لَقِيَ الْخَامِسُ السَّادِسَ أَخَذَهُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا عَنْهُ وَحْدَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ وَلَهُمْ فِي التَّرَاجُعِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِيَسْتَوْفِيَ كُلَّ حَقِّهِ عَمَلٌ يَطُولُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ وَلَمَّا ذَكَرَ تَرَاجُعَ الْحُمَلَاءِ الْغُرَمَاءِ ذَكَرَ تَرَاجُعَ الْحُمَلَاءِ فَقَطْ إذَا شَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَقَالَ (وَهَلْ لَا يَرْجِعُ) الْحَمِيلُ (بِمَا يَخُصُّهُ أَيْضًا) أَيْ كَعَدَمِ رُجُوعِهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِيمَا سَبَقَ فِي الْحُمَلَاءِ الْغُرَمَاءِ (إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ) وَهُمْ حُمَلَاءُ فَقَطْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (أَوَّلًا) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَعَ التَّنْوِينِ أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ أَصَالَةً وَعَلَيْهِمْ بِطَرِيقِ الْحَمَالَةِ وَإِنَّمَا ضُبِطَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُضْبَطْ بِسُكُونِ الْوَاوِ مَعَ لَا النَّافِيَةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مَطْوِيٌّ تَقْدِيرُهُ أَوْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا غَرِمَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ بِإِسْقَاطِ لَا النَّافِيَةِ وَأَيْضًا وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ أَوْ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ أَوْ لَا يَرْجِعُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الْأَصْوَبُ (تَأْوِيلَانِ) فَلَوْ تَحَمَّلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ شَخْصٍ بِثَلَثِمِائَةٍ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَقِيَ رَبُّ الدَّيْنِ أَحَدَهُمْ فَغَرِمَ لَهُ جَمِيعَهَا ثُمَّ لَقِيَ الْغَارِمُ آخَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَاسِمُهُ فِي مِائَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِائَةٌ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الثَّالِثِ بِمِائَةٍ كَذَا قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَقْدِ الْحَمَالَةِ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ) أَيْ دَفَعْتهَا عَنْ أَصْحَابِنَا وَقَوْلُهُ فَسَاوِنِي فِيهَا أَيْ لِأَنَّك شَرِيكِي فِيهَا بِالْحَمَالَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَرِمَ عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ. (قَوْلُهُ: أَدَّاهَا بِالْحَمَالَةِ) أَيْ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ وَقَوْلُهُ يُسَاوِيهِ فِيهَا أَيْ لِأَنَّهُ شَرِيكُهُ فِيهَا بِالْحَمَالَةِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ غَرِمَ هَذَا الثَّالِثُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ) خَمْسُونَ مِنْهَا أَصَالَةً وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَمَالَةً. (قَوْلُهُ: يَبْقَى لِلثَّالِثِ خَمْسُونَ) أَيْ حَمَالَةً عَنْ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ. (قَوْلُهُ: خَمْسَةً وَعِشْرِينَ) أَيْ فَيَكُونُ هَذَا الرَّابِعُ قَدْ دَفَعَ خَمْسِينَ نِصْفَهَا أَصَالَةً وَنِصْفَهَا حَمَالَةً. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا لَقِيَ هَذَا الرَّابِعُ خَامِسًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّابِعَ يَقُولُ لِلْخَامِسِ أَنَا دَفَعْت خَمْسِينَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ نَفْسِي أَصَالَةً فَلَا رُجُوعَ لِي بِهَا وَدَفَعْت عَنْك وَعَنْ صَاحِبِك خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَخُصُّك نِصْفُهَا أَصَالَةً اثْنَا عَشْرَ وَنِصْفٌ وَيَخُصُّ صَاحِبَك اثْنَا عَشْرَ وَنِصْفٌ أَنْتَ شَرِيكِي فِيهَا بِالْحَمَالَةِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَهَا سِتَّةً وَرُبُعًا فَيَكُونُ مَجْمُوعُ مَا دَفَعَهُ الْخَامِسُ لِلرَّابِعِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ. (قَوْلُهُ: يُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ) أَيْ وَلَمْ يُتَّفَقْ تَتْمِيمُ الْعَمَلِ فِي دَرْسٍ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ . (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَا يَرْجِعُ الْحَمِيلُ) أَيْ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمَا يَخُصُّهُ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ فَيُقَاسِمُهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) أَيْ بَعْضُهُمْ حَمِيلٌ بِبَعْضٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَزَاهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ لِأَكْثَرِ مَشَايِخِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ. (قَوْلُهُ: الَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَلُّ) كَابْنِ لُبَابَةَ وَالتُّونُسِيِّ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ يَرْجِعُ) أَيْ الْغَارِمُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ: بِنِصْفِ مَا غَرِمَهُ) أَيْ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا غَرِمَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَرِمَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ يَرْجِعُ الْحَمِيلُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِمَا يَخُصُّهُ بِحَيْثُ يُقَاسِمُهُ فِي جَمِيعِ مَا غَرِمَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ أَوَّلًا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِمَا يَخُصُّهُ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ فَيُقَاسِمُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ هِيَ الْأَصْوَبُ) أَيْ وَأَمَّا الْأُولَى فَغَيْرُ صَوَابٍ إذَا قُرِئَ أَوَّلًا بِسُكُونِ الْوَاوِ مَعَ لَا النَّافِيَةِ وَجَعَلَ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلَ الثَّانِي وَجَعَلَ قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ رَاجِعًا لَهُ وَأَمَّا إذَا قُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَعَ التَّنْوِينِ وَجَعَلَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ مَطْوِيًّا بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَانَتْ صَوَابًا أَيْضًا وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ النُّسْخَةُ أَوْلَى أَيْ لِعَدَمِ احْتِمَالِهَا خِلَافَ الْمُرَادِ بِخِلَافِ الْأُولَى كَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: يُقَاسِمُهُ فِي مِائَتَيْنِ) أَيْ فَالْمِائَةُ الَّتِي تَخُصُّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ يُقَاسِمُهُ فِي الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَفَعَهُمَا عَنْ أَصْحَابِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ أَيْ ذَلِكَ الْغَارِمُ. (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ

وَالصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً هِيَ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ يُقَاسِمُهُ فِي الْأُخْرَى فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسِينَ أَيْضًا فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ وَعَلَى قَوْلٍ الْأَقَلُّ يُقَاسِمُهُ فِي الثَّلَثِمِائَةِ عَلَى كُلٍّ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ أَنَا أَدَّيْت ثَلَثَمِائَةٍ أَنْتَ حَمِيلٌ مَعِي بِهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ قَاسَمَهُ فَمَا دَفَعَهُ وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَرَجَعَ الْأَمْرُ فِي الْمَبْدَأِ إلَى تَوَافُقِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَتَظْهَرُ أَيْضًا فَائِدَةُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا غَرِمَ الْأَوَّلُ مِائَةً فَأَقَلَّ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا عِنْدَهُ فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِشَيْءٍ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا يَخُصُّهُ وَعَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ يُقَاسِمُهُ فِيمَا غَرِمَ وَلَوْ غَرِمَ الْأَوَّلُ مِائَةً وَعِشْرِينَ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ يَأْخُذُ مِنْ الْمَلْقِيّ عَشْرَةً وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَأْخُذُ سِتِّينَ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ شَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ الْوَجْهِ فَقَالَ (وَصَحَّ) أَيْ الضَّمَانُ (بِالْوَجْهِ) أَيْ الذَّاتِ أَيْ بِإِحْضَارِهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَضْمُونِ دَيْنٌ لَا فِي نَحْوِ قِصَاصٍ (وَلِلزَّوْجِ رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ ضَمَانِ الْوَجْهِ إذَا صَدَرَ (مِنْ زَوْجَتِهِ) وَلَوْ كَانَ دَيْنُ مَنْ ضَمِنَتْهُ لَا يَبْلُغُ ثُلُثَهَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ تُحْبَسُ أَوْ تَخْرُجُ لِلْخُصُومَةِ وَفِي ذَلِكَ مَعَرَّةٌ وَعَدَمُ تَمَكُّنٍ مِنْهَا وَمِثْلُ ضَمَانِ الْوَجْهِ ضَمَانُهَا الطَّلَبَ وَهَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ (وَبَرِئَ) الضَّامِنُ (بِتَسْلِيمِهِ لَهُ) أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمَضْمُونَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فِي مَكَان يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ (وَإِنْ بِسِجْنٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ إلَخْ) أَيْ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْغَارِمَ إذَا لَقِيَ آخَرَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمِائَةَ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ يُقَاسِمُهُ فِي الْمِائَةِ الْأُخْرَى الْمَدْفُوعَةِ عَنْ صَاحِبِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ) أَيْ وَإِذَا لَقِيَهُ الْآخَرُ طَالَبَهُ أَيْضًا بِذَلِكَ فَيَقُولُ لَهُ أَدَّيْت لِصَاحِبِنَا الْمَلْقِيّ قَبْلَك خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَاوَيْتُك فِيهَا يَبْقَى لَك زَائِدًا عَلَى مَا دَفَعْنَاهُ مِثْلُهَا خُذْ نِصْفَهُ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ ثُمَّ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الثَّالِثِ وَمَنْ لَقِيَهُ آخِرًا عَلَى الَّذِي لَقِيَهُ أَوَّلًا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ فَيَسْتَوِي الْجَمِيعُ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ دَفَعَ مِائَةً اهـ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي لَقِيَهُ أَوَّلًا دَفَعَ عَنْهُ خَمْسِينَ حَمَالَةً وَأَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَمَعَهُ زِيَادَةٌ عَمَّا دَفَعَ عَنْهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَاَلَّذِي لَقِيَهُ آخِرًا دَفَعَ عَنْهُ خَمْسِينَ حَمَالَةً وَأَخَذَ مِنْهُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا وَهِيَ أَقَلُّ مِمَّا دَفَعَهُ عَنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَالثَّالِثُ عَلَيْهِ مِائَةٌ دَفَعَ عَنْهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ لِلْأَوَّلِ وَسَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا لِلثَّانِي فَقَدْ دَفَعَ أَزْيَدَ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمِائَةِ وَذَلِكَ الزَّائِدُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الثَّالِثِ وَالْمَلْقِيّ لَهُ آخِرًا عَلَى مَنْ لَقِيَهُ أَوَّلًا وَيَأْخُذَانِ مِنْهُ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي مَعَهُ زَائِدَةً يَقْتَسِمَانِهَا كُلُّ وَاحِدٍ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا. (قَوْلُهُ: إلَى تَوَافُقِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ قَوْلِ الْأَكْثَرِ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّبَهُ وَقَوْلِ الْأَقَلِّ وَقَوْلُهُ (فِيمَا ذَكَرْنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ الْغَارِمَ إذَا لَقِيَ آخَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَمِيلَ الَّذِي غَرِمَ أَوَّلًا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْمَبْدَأِ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الثَّالِثِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِخَمْسِينَ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَيَسْتَوِي الْغَارِمُ وَمَنْ لَقِيَهُ فِي أَنَّ مَنْ لَقِيَ الثَّالِثُ أَوَّلًا يَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ وَمَنْ لَقِيَهُ آخِرًا يَأْخُذُ مِنْهُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا عَلَى مَا مَرَّ . (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ الْوَجْهِ) أَيْ وَهُوَ الْتِزَامُ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِالْوَجْهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِإِحْضَارِ الذَّاتِ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ قِصَاصٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ فِي قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ كَحَدٍّ وَتَعْزِيرٍ وَلِذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَذَكَرَهُ فِي ضَمَانِ الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ تُحْبَسُ) أَيْ قَدْ تَعْجِزُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ فَتُحْبَسُ إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ يَأْتِي فِي ضَمَانِ الْمَالِ فَلَوْ عَلَّلُوا بِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِهَا لِطَلَبِهِ وَفِي ذَلِكَ مَعَرَّةٌ عَلَيْهِ كَانَ ظَاهِرًا اهـ بْن ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّعْلِيلِ ظَاهِرٌ فِي ضَمَانِهَا لِغَيْرِهِ وَضَمَانِهَا لَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُهُ بِخُرُوجِهَا لِلتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ فَقَدْ تُحْبَسُ مَعَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ ضَمَانِهَا بِالْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ لَهُ. (قَوْلُهُ: ضَمَانُهَا الطَّلَبَ) أَيْ الْتِزَامُهَا طَلَبَ الْمَضْمُونِ وَالتَّفْتِيشَ عَلَيْهِ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَضْمُونِ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهَا بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنَّ الدَّيْنَ الَّذِي ضَمِنَتْهُ إذَا كَانَ قَدْرَ ثُلُثِهَا فَأَقَلَّ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ رَدِّ الزَّوْجِ ضَمَانَ الزَّوْجَةِ الْوَجْهَ أَوْ الطَّلَبَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فِي مَكَانِ يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ) أَيْ يَقْدِرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ الدَّيْنِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِسِجْنٍ) مَحَلُّ الْبَرَاءَةِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ تَسْلِيمَ الْمَضْمُونِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ قَالَ عبق وَالْبَرَاءَةُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ خَلَاصُهُ مِنْهُ وَهُوَ بِهِ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ

بِأَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُك فِي السِّجْنِ فَعَلَيْك بِهِ (أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ) لِلْمَضْمُونِ لَهُ (إنْ أَمَرَهُ) الضَّامِنُ (بِهِ) أَيْ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِأَمْرِهِ كَوَكِيلِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ أَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَبْرَأْ (إنْ حَلَّ الْحَقُّ) عَلَى الْمَضْمُونِ شَرْطٌ فِي بَرَاءَةِ الضَّامِنِ بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلِذَا تَرَكَ الْعَاطِفَ (و) بَرِئَ ضَامِنُ الْوَجْهِ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ (بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) إحْضَارُهُ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِمَحَلِّهِ (و) بِتَسْلِيمِهِ (بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الضَّمَانِ (إنْ كَانَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْغَيْرِ (حَاكِمٌ) فَيَبْرَأُ بِمَا ذَكَرَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَدِينُ (عَدِيمًا وَإِلَّا) تَحْصُلْ بَرَاءَتُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ (أَغْرَمَ) الضَّامِنُ (بَعْدَ خَفِيفِ تَلَوُّمٍ) وَمَحَلُّ التَّلَوُّمِ الْخَفِيفِ (إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ (كَالْيَوْمِ) وَنَحْوِهِ فَإِنْ بَعُدَتْ غَرِمَ الْكَفِيلُ مَكَانَهُ بِلَا تَلَوُّمٍ وَمِثْلُ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ فِي التَّلَوُّمِ الْحَاضِرُ فَلَوْ قَالَ إنْ حَضَرَ أَوْ قَرُبَتْ غَيْبَةٌ كَالْيَوْمِ لَوْ فِي بِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ) عَنْ ضَامِنِ الْوَجْهِ (بِإِحْضَارِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ (إنْ حَكَمَ) عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ بِالْغُرْمِ قَبْلَ إحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ سَوَاءٌ كَانَ مَسْجُونًا بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ لِإِمْكَانِ أَنْ يُحَاكِمَهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ فَإِنْ مَنَعَ هَذَا الطَّالِبَ مِنْهُ وَمِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى مَوْتِهِ وَمَوْتُهُ يُسْقِطُ الْكَفَالَةَ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا اهـ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَا إذَا حَضَرَ الْمَضْمُونُ فِي زَاوِيَةٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْهَا فَاَلَّذِي وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ وَبِهِ الْعَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ إحْضَارٌ يَبْرَأُ بِهِ قَالَ فِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ: وَضَامِنٌ مَضْمُونُهُ قَدْ حَضَرَا ... بِمَوْضِعِ إخْرَاجِهِ تَعَذَّرَا يَكْفِيهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ الْإِحْضَارَ لَهْ ... بِمَجْلِسِ الشَّرْعِ فَتِلْكَ الْمَنْزِلَهْ وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْقَيْدِ اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي يَدِهِ وَهُوَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَدِينَ بِسَبَبِ أَمْرِ الضَّامِنِ لَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ كَوَكِيلِ الضَّامِنِ فِي التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ) أَيْ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَيْ الضَّامِنِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْرَأْ أَيْ الضَّامِنُ إذَا هَرَبَ الْمَضْمُونُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْبَرَاءَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَا لَمْ يَقُلْ الضَّامِنُ لِرَبِّ الْحَقِّ أَنَا أَضْمَنُ لَك وَجْهَهُ بِشَرْطِ أَنَّك إذَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَوْ جَاءَ بِنَفْسِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنِّي فَإِنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَمِلَ بِشَرْطٍ وَبَرِئَ فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ حَلَّ الْحَقُّ عَلَى الْمَضْمُونِ) أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ أَيْضًا أَمْ لَا كَمَا لَوْ أَخَّرَهُ رَبُّ الْحَقِّ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَأْخِيرَ غَرِيمِهِ قَالَ عج نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ اهـ وَكَأَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ رَأَى أَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ كَضَمَانِ الْمَالِ فِي هَذَا. (قَوْلُهُ: بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ) أَيْ بِتَسْلِيمِ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ نَفْسَهُ بِأَمْرِ الضَّامِنِ وَقَوْلُهُ فِي تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ أَيْ الْبَرَاءَةُ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ حَلَّ الْحَقُّ شَرْطٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ شَرْطٌ فِي الْبَرَاءَةِ بِكُلٍّ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ وَتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ بِأَمْرِهِ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْبَرَاءَةِ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ. (قَوْلُهُ: فَلِذَا تَرَكَ الْعَاطِفَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ عَطَفَ الثَّانِيَ بِالْوَاوِ لَأَوْهَمَ قَصْرَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِمَحَلِّهِ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِ مَحَلِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَحْكَمَةُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ تُجْرَى فِيهِ الْأَحْكَامُ فَإِنْ خَرِبَ وَسَلَّمَهُ لَهُ فِيهِ فَهَلْ يَبْرَأُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ مَبْنَاهُمَا هَلْ الْمُرَاعَى اللَّفْظُ أَوْ الْمَقْصِدُ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وُقُوعُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ بَلَدِ الضَّمَانِ) جَوَّزَ ح كَوْنَ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الِاشْتِرَاطِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَقِّ عَلَى الضَّامِنِ أَنْ يُحْضِرَ لَهُ الْمَضْمُونَ فِي بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ فَأَحْضَرَهُ لَهُ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهَا حَاكِمٌ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِهِ حَاكِمٌ) الْمُرَادُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ الَّذِي أَحْضَرَ فِيهِ يُمْكِنُ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنَّمَا فِيهَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَدِيمًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْإِبْرَاءِ يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَدِيمًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْجَهْمِ وَابْنِ اللُّبَادِ الْقَائِلَيْنِ لَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِتَسْلِيمِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَإِنَّهُ سَلَّمَهُ وَهُوَ مُعْدَمٌ لَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَإِنْ سَلَّمَهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ لَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُغْرِمَ الضَّامِنُ) أَيْ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَامِنَ الْوَجْهِ إلَّا إحْضَارُهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ) وَأَمَّا ضَامِنُ الْمَالِ فَهَلْ يَتَلَوَّمُ لَهُ إذَا غَابَ الْأَصْلُ أَوْ أُعْدِمَ أَوْ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ) الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ يَوْمٌ ثَانٍ. (قَوْلُهُ: الْحَاضِرِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُسَلِّمْهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مَثَلًا لَكِنَّ أَمَدَ التَّلَوُّمِ لِلْغَائِبِ أَكْثَرُ مِنْ أَمَدِهِ لِلْحَاضِرِ كَمَا عِنْدَ عج. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ

حُكْمٌ مَضَى وَهَذَا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الضَّامِنُ عَدَمَهُ أَيْ فَقْرَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُعْسِرًا عِنْدَهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ فَغَرِمَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَضَعُفَ فَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ تَقْدِيمِ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ أَغْلَبِيٌّ (أَوْ) أَثْبَتَ (مَوْتَهُ) أَيْ أَثْبَتَ الضَّامِنُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ فَلَا يَغْرَمُ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ الْمَضْمُونَةَ قَدْ ذَهَبَتْ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ غُرِمَ وَقَوْلُهُ (فِي غَيْبَتِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فَقَطْ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فِي حُضُورِهِ وَلَمْ يُحْضِرْ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ إذْ لَا بُدَّ فِي إثْبَاتِ الْعَدَمِ مِنْ يَمِينِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِعَدَمِهِ حَيْثُ حَضَرَ فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ انْتَفَى ثُبُوتُ الْعَدَمِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ فَإِنَّ عَدَمَهُ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ فَقَطْ (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ (بِهِ) أَيْ بِمَا غُرْمُهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ عَدِيمًا وَقْتَ حُلُولِ الدَّيْنِ (وَ) صَحَّ الضَّمَانُ (بِالطَّلَبِ) وَهُوَ التَّفْتِيشُ عَلَى الْغَرِيمِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَشْتَرِكُ مَعَ ضَمَانِ الْوَجْهِ فِي لُزُومِ الْإِحْضَارِ وَيَخْتَصُّ الْوَجْهُ بِالْغُرْمِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُ الْوَجْهِ فِي غَيْرِ الْمَالِ وَصَحَّ فِي الطَّلَبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فِي قِصَاصٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ مِنْ حُدُودٍ وَتَعْزِيرَاتٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِآدَمِيٍّ وَأَشَارَ إلَى صِيغَتِهِ وَأَنَّهَا إمَّا بِصَرِيحِ لَفْظِهِ وَإِمَّا بِصِيغَةِ ضَمَانِ الْوَجْهِ مَعَ شَرْطِ نَفْيِ الْمَالِ بِقَوْلِهِ (كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ) أَوْ عَلَى طَلَبِهِ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا الطَّلَبَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ) تَصْرِيحًا كَأَضْمَنُ وَجْهَهُ وَلَيْسَ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ (أَوْ) مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَأَنْ (قَالَ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الطَّلَبُ (وَطَلَبَهُ) هُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّلَبِ (بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ) فِي الْبَلَدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ صُدِّقَ (وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ) فِي طَلَبِهِ وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ (وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ) فِي الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِأَنْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ رَبُّ الْحَقِّ مِنْهُ (أَوْ هَرَّبَهُ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (وَعُوقِبَ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ ظَاهِرُهُ مَعَ الْغُرْمِ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَتَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَحَلُّ الْعُقُوبَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَغْرَمْ وَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحُكْمٌ مَضَى) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الطَّالِبُ مُخَيَّرًا بَيْنَ طَلَبِ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ غُرْمُ الضَّامِنِ إذَا لَمْ تَحْصُلْ بَرَاءَتُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الضَّامِنُ عَدَمَ الْغَرِيمِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا غَرِمَ وَالْأَصْلُ وَإِلَّا غَرِمَ إنْ لَمْ يُثْبِتْ عَدَمَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا إنْ أَثْبَتَ إلَخْ. (قَوْلُهُ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) أَيْ لَا إنْ أَثْبَتَ الْحَمِيلُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ أَنَّ الْمَدِينَ كَانَ مُعْدَمًا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ أَثْبَتَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ فَلَا غُرْمَ فَالْإِثْبَاتُ وَاقِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْغُرْمِ وَالْعَدَمُ أَوْ الْمَوْتُ وَاقِعٌ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي بَابِ الْفَلَسِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) أَيْ وَلَوْ أَثْبَتَ الضَّامِنُ أَنَّ الْغَرِيمَ كَانَ مُعْدَمًا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا إثْبَاتُ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى الضَّامِنِ بِالْغُرْمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَضْمُونِ كَانَ حَاضِرًا بِبَلَدِهِ أَوْ غَائِبًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الضَّامِنِ الْغُرْمُ. (قَوْلُهُ: يُثْبِتُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ لِإِثْبَاتِ عَدَمِهِ فِي غَيْبَتِهِ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فِي غَيْبَتِهِ عَدِيمٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الضَّامِنُ) أَيْ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ عَدِيمًا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ بِهِ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْعَدَمِ وَالْمَوْتِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ رَاجِعًا لِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ قَالَ عبق وَهُوَ قُصُورٌ مِنْهُ . (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الضَّمَانُ بِالطَّلَبِ) أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِالطَّلَبِ وَضَمَانُ الطَّلَبِ هُوَ الْتِزَامُ طَلَبِ الْغَرِيمِ وَالتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ التَّفْتِيشُ إلَخْ الضَّمِيرُ لِلطَّلَبِ لَا لِضَمَانِ الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ الْوَجْهُ بِالْغَرِيمِ) أَيْ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَرِيمُ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِحْضَارُ وَأَمَّا ضَمَانُ الطَّلَبِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا فَرَّطَ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ فِي الطَّلَبِ) أَيْ وَصَحَّ ضَمَانُ غَيْرِ الْمَالِ فِي الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ مَقَامَ اشْتِرَاطِ نَفْيِ الْمَالِ تَصْرِيحًا (قَوْلُهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ) الَّذِي يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْمَضْمُونُ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ فَفِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ إنْ كَانَ مِثْلَ الْحَمِيلِ يَقْوَى عَلَى الْخُرُوجِ إلَيْهِ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ كُلِّفَ بِذَلِكَ وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ وَأَمَّا مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ فَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ فِي الْبَلَدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْغَرِيمِ مُعَيَّنًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَا عَزَاهُ عبق لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ فِي الْبَلَدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فِي الْبَلَدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَانَ مَا يَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَدَ فَقَطْ أَوْ الْبَلَدَ وَمَا قَارَبَهَا أَوْ مَسَافَةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ) الْمُتَيْطِيُّ إذَا خَرَجَ لِطَلَبِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ بَرِئَ وَكَانَ

فِي نَحْوِ الْقِصَاصِ (وَحَمَلَ) الضَّمَانَ (فِي مُطْلَقِ) قَوْلِ الضَّامِنِ (أَنَا حَمِيلٌ وَزَعِيمٌ وَأَذِينٌ) مِنْ الْإِذْنِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَعْلَمُ أَنَّ الْحَقَّ قِبَلَهُ أَوْ مِنْ الْإِذَانَةِ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ (وَقَبِيلٌ وَعِنْدِي وَإِلَيَّ، وَشَبَهُهُ) نَحْوُ كَفِيلٍ وَضَامِنٍ وَعَلَيَّ (عَلَيَّ) ضَمَانُ (الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَظْهَرِ) وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا خَلَا عَنْ التَّقْيِيدِ بِشَيْءٍ بِلَفْظٍ أَوْ قَرِينَةٍ (لَا إنْ اخْتَلَفَا) فَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ بِيَمِينٍ (وَلَمْ يَجِبْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (وَكِيلٌ) فَاعِلُ يَجِبُ (لِلْخُصُومَةِ) أَيْ لِأَجْلِهَا أَيْ لِأَجَلٍ أَنْ يُخَاصِمَهُ الْمُدَّعِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِي عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَجَحَدَهُ فَطَالَبَهُ الْحَاكِمُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ وَلَكِنِّي أَخَافُ عِنْدَ حُضُورِهَا أَنْ لَا أَجِدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِيَأْتِنِي بِوَكِيلٍ أُخَاصِمْهُ عِنْدَ حُضُورِ بَيِّنَتِي فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقَامَةُ وَكِيلٍ بِذَلِكَ (وَلَا) يَجِبُ عَلَيْهِ (كَفِيلٌ) يَكْفُلُهُ (بِالْوَجْهِ) حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ مَا يُخَالِفُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ وَقَوْلُهُ (بِالدَّعْوَى) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَجِبُ الْمَنْفِيِّ وَقَوْلُهُ (إلَّا بِشَاهِدٍ) ظَاهِرُهُ فَيَجِبُ كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ أَيْ لَا الْمَالُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ إنْ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي إلَى أَنْ يُقِيمَ الشَّاهِدَ الثَّانِي وَسَيَأْتِي لَهُ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّهَادَاتِ (وَإِنْ ادَّعَى) الطَّالِبُ (بَيِّنَةً) لَهُ بِكَالسُّوقِ (أَوْقَفَهُ) أَيْ أَوْقَفَ الْمَطْلُوبَ الْمُنْكَرَ (الْقَاضِي عِنْدَهُ) وَلَا يَسْجُنُهُ فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَذْهَبُ فِيهَا لِلْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَرْجِعُ وَغَايَةُ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَصَّرَ فِي طَلَبِهِ وَلَا دَلَّسَ وَلَا يَعْرِفُ لَهُ مُسْتَقَرًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْأَجِيرِ عَلَى تَبْلِيغِ الْكِتَابِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْقِصَاصِ) أَيْ فَإِنَّ الضَّامِنَ فِيهَا إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَكْفُولِ فَإِنْ قَصَّرَ عُوقِبَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي ضَمَانِ الطَّلَبِ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَلَيْهِ مَالًا وَفَرَّطَ الضَّامِنُ فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَضْمُونِ أَوْ هَرَّبَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِي قِصَاصٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ تَرَتَّبَ عَلَى الْمَضْمُونِ وَفَرَّطَ الضَّامِنُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ هَرَّبَهُ فَإِنَّهُ يُعَاقِبُ فَقَطْ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ جِرَاحٍ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجِرَاحَاتِ وَكَانَتْ لَهُ فِي رَأْسِ مَالِ الْجَانِي إذْ لَا قِصَاصَ عَلَى الْكَفِيلِ وَهُوَ خَارِجُ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ فِي مُطْلَقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَقَيَّدَ بِالْوَجْهِ أَوْ الْمَالِ أَوْ الطَّلَبِ أَوْ قَامَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى وَاحِدٍ انْصَرَفَ الضَّمَانُ لَهُ وَلَا كَلَامَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْوَجْهَ أَوْ غَيْرَهُ فَقَوْلَانِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَرَادَ الْوَجْهَ لَزِمَهُ وَصُدِّقَ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَاخْتُلِفَ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ أَوْ الْوَجْهِ اخْتِيَارُ ابْنِ يُونُسَ وَصَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ بَعْضُ أَشْيَاخِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْوَجْهِ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَالْأَظْهَرُ أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مُقَابِلَهُ مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ الْمَازِرِيِّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَمَانِ الْوَجْهِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْحَمِيلُ غَارِمٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» . (قَوْلُهُ: وَزَعِيمٌ) مِنْ الزَّعَامَةِ وَهِيَ السِّيَادَةُ لُغَةً وَالضَّامِنُ كَالسَّيِّدِ لِلْمَضْمُونِ. (قَوْلُهُ: عَنْ التَّقْيِيدِ بِشَيْءٍ) أَيْ الْوَجْهِ أَوْ الطَّلَبِ أَوْ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ أَوْ قَرِينَةٍ) فِي خش الْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِمَالٍ وَلَا وَجْهٍ لَا بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ إذْ لَوْ نَوَى شَيْئًا اُعْتُبِرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا عَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِمَا ذَكَرَ الْمَالَ أَوْ الْوَجْهَ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ اخْتَلَفَا) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَلَزِمَ ذَلِكَ أَيْ الْمَالُ لَا إنْ اخْتَلَفَا أَيْ فِي الشَّرْطِ أَوْ الْإِرَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ الضَّامِنُ: إنَّمَا شَرَطْت ضَمَانَ الْوَجْهِ أَوْ أَرَدْته وَقَالَ الطَّالِبُ: بَلْ الْمَالَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الضَّامِنِ بِيَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَدَّعِي عِمَارَةَ ذِمَّةٍ الْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ اخْتِلَافُهُمَا فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَحِينَئِذٍ لَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَافُهُمَا فِي حُلُولِ الْمَضْمُونِ فِيهِ وَتَأْجِيلِهِ أَيْ هَلْ وَقَعَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْحُلُولِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الطَّالِبُ اتِّفَاقًا وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي حُلُولِ أَجَلِهِ وَعَدَمِ حُلُولِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي عَدَمِ الْحُلُولِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقَامَةُ وَكِيلٍ بِذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا بِالْحَقِّ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ لِرَجَاءِ قُدُومِ الشَّاهِدِ الثَّانِي مِنْ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى سَوَاءٌ ادَّعَى الطَّالِبُ قُرْبَ بَيِّنَتِهِ أَوْ بُعْدَهَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ) أَيْ وَلَا يَجِبُ إقَامَةُ وَكِيلٍ وَلَا كَفِيلٍ بِسَبَبِ الدَّعْوَى أَيْ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ الْمَطْلُوبِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ الشَّاهِدِ إلَّا حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ حَمِيلٌ بِالْمَالِ ذَكَرَ هَذَا الْخِلَافَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ فِي الْمُفِيدِ وَقَالَ إنَّ مَذْهَبَ سَحْنُونٍ هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافًا لِمَا فِي شَارِحِنَا تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ الْكَفِيلَ فِيهِ بِالْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ الْكَفِيلُ فِيهِ بِالْمَالِ

[باب في بيان الشركة وأحكامها]

[دَرْسٌ] (بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا وَأَقْسَامِهَا) وَهِيَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الشِّينِ وَالْأُولَى أَفْصَحُ، وَهِيَ لُغَةً: الِاخْتِلَاطُ، وَشَرْعًا: قَالَ الْمُصَنِّفُ (الشِّرْكَةُ إذْنٌ) مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ (فِي التَّصَرُّفِ) أَيْ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالٍ (لَهُمَا) أَيْ لِلْمَأْذُونَيْنِ مَعًا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ فَقَوْلُهُ إذَنْ فِي التَّصَرُّفِ كَالْجِنْسِ يَشْمَلُ الْوَكَالَةَ وَالْقِرَاضَ وَقَوْلُهُ لَهُمَا كَالْفَصْلِ مُخْرِجٌ لِلْوَكَالَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِأَنْ يُوَكِّلَ صَاحِبَهُ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إذْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ بَلْ أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِلْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ. وَقَوْلُهُ (مَعَ أَنْفُسِهِمَا) فَصْلٌ ثَانٍ أَخْرَجَ بِهِ الْقِرَاضَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ لِلْعَامِلِ فَقَطْ دُونَ رَبِّ الْمَالِ (إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) أَيْ مِمَّنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لَهُمَا بِأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَيَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ وَأَشَارَ لِلصِّيغَةِ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ) عَلَيْهَا (عُرْفًا) (كَاشْتِرَاكِنَا) أَيْ يَقُولُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ يَقُولُهُ أَحَدُهُمَا وَيَسْكُتُ الْآخَرُ رَاضِيًا بِهِ أَوْ شَارِكْنِي وَيَرْضَى الْآخَرُ وَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْمُفَاصَلَةَ قَبْلَ الْخَلْطِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ لِلْمُمْتَنِعِ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ بَعْدَ الْعَمَلِ (بِذَهَبَيْنِ أَوْ وَرِقَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَصِحُّ أَيْ بِذَهَبٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَذَهَبٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ وَرِقٍ كَذَلِكَ لَا بِذَهَبٍ مِنْ جَانِبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا] بَابُ الشِّرْكَةِ) (قَوْلُهُ وَفَتْحُهَا) أَيْ فَهُوَ بِوَزْنِ نَعْمَةٍ وَرَحْمَةٍ وَنَبْقَةٍ (قَوْلُهُ وَالْأُولَى) وَهِيَ كَسْرُ الشِّينِ مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ إذْنٌ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَأْذَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ لِلْآذِنِ وَلِنَفْسِهِ فِي مَالٍ لَا أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِلْآذِنِ وَحْدَهُ وَإِلَّا كَانَ وَكَالَةً وَالْمُرَادُ إذْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَلَوْ فِي ثَانٍ حَالٍّ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ التَّعْرِيفُ شِرْكَةَ الْمُفَاوَضَةِ وَشِرْكَةَ الذِّمَمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِإِذْنٍ بَلْ مُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ لِلْآخَرِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ لَهُمَا مُتَعَلِّقًا بِإِذْنٍ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَلِصِدْقِ التَّعْرِيفِ حِينَئِذٍ بِقَوْلِ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مَعِي وَقَوْلُ الْآخَرِ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شِرْكَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْآخَرُ وَهُوَ لَازِمٌ لِلشِّرْكَةِ وَنَفْيُ اللَّازِمِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْمَلْزُومِ (قَوْلُهُ يَشْمَلُ الْوَكَالَةَ وَالْقِرَاضَ) أَيْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ مَعَ أَنْفُسِهِمَا) أَيْ مَعَ بَقَاءِ تَصَرُّفِ أَنْفُسِهِمَا أَيْ الْآذِنُ وَالْمَأْذُونُ وَهُمَا الْمُرَادُ بِالْمَأْذُونَيْنِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ سَابِقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا آذِنٌ وَمَأْذُونٌ بِاعْتِبَارٍ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ جَعْلُ الضَّمِيرِ فِي لَهُمَا وَفِي أَنْفُسِهِمَا لِلْمَأْذُونَيْنِ وَلِلْآذِنَيْنِ وَلِلْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ لِمَا عَلِمْت مِنْ اتِّحَادِهِمَا بِالذَّاتِ وَاخْتِلَافِهِمَا إنَّمَا هُوَ بِالِاعْتِبَارِ فَقَطْ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَعَيُّنِ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ وَعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِلْآذِنِينَ أَوْ الْمَأْذُونِينَ إذْ لَوْ كَانَ رَاجِعًا لِلْمَأْذُونِينَ لَاقْتَضَى أَنَّ كُلًّا لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْآذِنِينَ لَاقْتَضَى تَصَرُّفَ كُلَّ وَاحِدٍ لِشَرِيكِهِ فَقَطْ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَكَالَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ مِمَّنْ كَانَ مُتَأَهِّلًا لَأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَيَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَيْنِ لِلشِّرْكَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَمُوَكِّلٌ لِصَاحِبِهِ فَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ وَمَنْ لَا فَلَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ شِرْكَةُ الرَّقِيقِ وَلَا الصَّبِيِّ وَلَا الْمَجْنُونِ وَلَا السَّفِيهِ وَالْمُرَادُ الْحُرُّ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّ شَرِكَتَهُ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ شَارَكَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَوْ اشْتَرَكَ عَبْدٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَعَ حُرٍّ ثُمَّ خَسِرَ الْمَالَ أَوْ تَلِفَ رَجَعَ سَيِّدُ الْعَبْدِ عَلَى الْحُرِّ بِرَأْسِ الْمَالِ إنْ اسْتَقَلَّ الْحُرُّ بِالْعَمَلِ لَا إنْ عَمِلَا مَعًا فَإِنْ عَمِلَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْحُرِّ إلَّا أَنْ يَغُرَّ الْعَبْدَ شَرِيكُهُ الْحُرُّ بِحُرِّيَّتِهِ فَتَكُونُ الْخَسَارَةُ فِي مَالِ الْحُرِّ جِنَايَةً فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ عَمِلَ فَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ عَمِلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي ح وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَكَ صَبِيٌّ مَعَ بَالِغٍ أَوْ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ اشْتَرَكَ سَفِيهٌ مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ رَشِيدٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ قَوْلُهُ فَيَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ عبق. (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَوْ فِعْلًا كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَالتَّجْرِ فِيهِمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ عُرْفًا سَوَاءٌ كَانَ قَوْلَانِ فَقَطْ أَوْ فِعْلًا فَقَطْ وَأَوْلَى إذَا اجْتَمَعَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِهَا بِالْقَوْلِ هُوَ الَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَعِيَاضٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الشِّرْكَةُ عَقْدٌ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْمُعَاوَضَاتِ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ انْضَمَّ لِذَلِكَ قَوْلٌ أَمْ لَا، ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ إلَخْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الشِّرْكَةُ شِرْكَةَ زَرْعٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَالْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةٍ) أَيْ كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ) أَيْ حَتَّى يَظْهَرَ الْمَالُ بَعْدَ بَيْعِ السِّلَعِ

وَوَرِقٍ مِنْ الْآخَرِ (اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا) وَوَزْنُهُمَا وَجَوْدَتُهُمَا أَوْ رَدَاءَتُهُمَا وَهَذَا إشَارَةٌ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمَحَلُّ أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْعَاقِدَانِ، وَالصِّيغَةُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي شِرْكَةِ النَّقْدِ الِاتِّفَاقُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَكَالَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ وَعِلَّتُهُ فِي اخْتِلَافِ صَرْفِهِمَا شَرْطُ التَّفَاوُتِ إنْ دَخَلَا عَلَى إلْغَاءِ الزَّائِدِ، وَيَأْتِي أَنَّهَا تَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ، وَفِي اخْتِلَافِ وَزْنِهِمَا بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا وَفِي اخْتِلَافِهِمَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً دُخُولُهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشِّرْكَةِ حَيْثُ عَمِلَا عَلَى الْوَزْنِ لَا الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّدِيءِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْقِيمَةِ فَقَدْ صَرَفَا النَّقْدَ لِلْقِيمَةِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّقْدِ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْوَزْنِ فِي بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ (و) تَصِحُّ (بِهِمَا) أَيْ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَتُعْتَبَرُ مُسَاوَاةُ ذَهَبِ كُلٍّ وَفِضَّتِهِ لِمَا لِلْآخَرِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَبِعَيْنٍ) مِنْ جَانِبٍ (وَبِعَرْضٍ) مِنْ آخَرَ (وَبِعَرْضَيْنِ) مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَرْضٌ (مُطْلَقًا) اتَّفَقَا جِنْسًا أَوْ اخْتَلَفَا وَدَخَلَ فِيهِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا وَالْآخَرُ طَعَامًا (و) اُعْتُبِرَ (كُلٌّ) مِنْ الْعَرْضِ الْوَاقِعِ فِي الشِّرْكَةِ مِنْ جَانِبٍ أَوْ جَانِبَيْنِ (بِالْقِيمَةِ) فَالشِّرْكَةُ فِي الْأُولَى بِالْعَيْنِ وَقِيمَةِ الْعَرْضِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقِيمَةِ الْعَرْضَيْنِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ كُلِّ عَشَرَةٍ فَالشِّرْكَةُ بِالنِّصْفِ وَإِذَا كَانَ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عَشَرَةً وَالْآخَرُ عِشْرِينَ فَبِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ أَحْضَرَ) الْعَرْضَ لِلِاشْتِرَاكِ وَالْمُرَادُ بِهِ يَوْمُ عَقْدِ الشِّرْكَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بِالْفِعْلِ، وَهَذَا فِيمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ، وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ كَذِي التَّوْفِيَةِ وَالْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْبَيْعِ لَا فِي الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْخَلْطِ (لَا فَاتَ) أَيْ لَا يَكُونُ التَّقْوِيمُ يَوْمَ الْفَوَاتِ بِبَيْعٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ هَلَاكٍ وَهَذَا كُلُّهُ (إنْ صَحَّتْ) شَرِكَتُهُمَا فَإِنْ فَسَدَتْ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى تَفَاضُلِ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ فَلَا تَقْوِيمَ وَرَأْسُ مَالٍ كُلِّ مَا بِيعَ بِهِ عَرْضُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ فِي الْفَاسِدَةِ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَفِي ضَمَانِهِ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ عَرْضِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْحُكْمُ فِي الطَّعَامَيْنِ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ خَلْطٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَرَأْسُ الْمَالِ قِيمَةُ الطَّعَامِ يَوْمَ الْخَلْطِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الطَّعَامَيْنِ يُفِيتُهُمَا لِعَدَمِ تَمْيِيزِ كُلٍّ بِخِلَافِ خَلْطِ الْعَرْضَيْنِ لِتَمْيِيزِ كُلِّ عَرْضٍ بَعْدَهُ (إنْ خَلَطَا) إنْ جُعِلَ شَرْطًا فِي اللُّزُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَيْ وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا إنْ خَلَطَا وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا حَصَلَ خَلْطٌ أَمْ لَا وَإِنْ جُعِلَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ عَارَضَهُ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا) أَيْ الذَّهَبَيْنِ وَالْوَرِقَيْنِ أَيْ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الذَّهَبَيْنِ أَوْ الْفِضَّتَيْنِ فِي السِّكَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَحَدِ الذَّهَبَيْنِ سِكَّتُهُ مُحَمَّدِيَّةٌ وَالْآخَرُ سِكَّتُهُ يَزِيدِيَّةٌ مَعَ فَرْضِ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْجَوْدَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الْمُحَمَّدِيَّةَ أَجْوَدُ مِنْ الْيَزِيدِيَّةِ. (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ) وَهِيَ الِاتِّفَاقُ فِي الصَّرْفِ وَالْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ لِتَرَكُّبِهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّفَاوُتُ فِي الشِّرْكَةِ أَوْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ فِي اخْتِلَافِ صَرْفِهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا صَرْفًا مَعَ اتِّحَادِهِمَا وَزْنًا وَاتِّفَاقِهِمَا جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً فَإِنْ دَخَلَا عَلَى إلْغَاءِ مَا زَادَ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشِّرْكَةِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى عَدَمِ إلْغَائِهِ فَقَدْ صَرَفَا الشِّرْكَةَ لِغَيْرِ الْوَزْنِ فَيُؤَدِّي إلَى إلْغَاءِ الْوَزْنِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّدِيءِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ دَخَلَا عَلَى تَرْكِ مَا فَضَّلَتْهُ قِيمَةُ الْجَيِّدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْقِيمَةِ) أَيْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْ الرِّبْحِ وَيَعْمَلُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّقْدِ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ إلَخْ) أَيْ وَبَيْعِ النَّقْدِ بِنَوْعِهِ بِالْقِيمَةِ وَإِلْغَاءُ الْوَزْنِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا إلَخْ) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ طَعَامًا وَهَذَا وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ بِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنَّهُ غَلَبَ جَانِبُ الْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ وَلَا يَمْتَنِعُ إلَّا الصُّورَتَانِ الْآتِيَتَانِ فِي الْمُصَنَّفِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ قِيمَةِ الْعَرْضِ يَوْمَ عَقْدِ الشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ) وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةٍ وَلَا خِيَارَ وَلَا غَائِبَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ كَذِي التَّوْفِيَةِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُكَالُ أَوْ يُعَدُّ أَوْ يُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَرْضِ الْمُقَابِلِ لِلْعَيْنِ (قَوْلُهُ لَا فَاتَ) قَالَ طفى اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا مَعَ أَنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ إذَا نَفَى شَيْئًا فَإِنَّمَا يُنَكِّتُ عَلَى مَنْ قَالَ بِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ فِي الشِّرْكَةِ الصَّحِيحَةِ يَوْمَ الْفَوَاتِ مَعَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْفَاسِدَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ عَلَى تَفَاضُلِ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَالَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ) أَيْ لِكَوْنِ الْعَرْضَيْنِ قَدْ خُلِطَا وَلَمْ يَعْلَمْ مَا بِيعَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ لِبَيْعِهِمَا صَفْقَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَكُونُ رَأْسُ مَالِ كُلِّ مَا بِيعَ بِهِ طَعَامُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الطَّعَامَيْنِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَالْعَرْضَيْنِ إذَا خُلِطَا وَلَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ كُلٌّ فَفِي الْعَرْضَيْنِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ يَوْمَ الْبَيْعِ وَفِي الطَّعَامَيْنِ يَوْمَ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ إلَخْ) أَيْ وَرُدَّ

وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ فَبَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الصِّحَّةِ مَعَ انْتِفَاءِ الْخَلْطِ فَلْيَكُنْ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ اللُّزُومِ أَيْ وَضَمَانُ الْمَالَيْنِ مِنْهُمَا إنْ خُلِطَا هُمَا حِسًّا بِأَنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ بَلْ (وَلَوْ حُكْمًا) بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ فِي صُرَّةٍ مُنْفَرِدَةٍ وَجُعِلَا فِي حَوْزِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَضَاعَتْ وَاحِدَةٌ فَمِنْهُمَا (وَإِلَّا) يَحْصُلُ خَلْطٌ حِسِّيٌّ وَلَا حُكْمِيٌّ (فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ) وَحْدَهُ (وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ التَّالِفِ (فَبَيْنَهُمَا) عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ لِلُزُومِ الشِّرْكَةِ بِالْعَقْدِ (وَعَلَى الْمُتْلِفِ) بِالْكَسْرِ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ الَّذِي تَلِفَ مَتَاعُهُ أَوْ بِالْفَتْحِ مَفْعُولٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ صَاحِبِ الْمَالِ الْمُتْلَفِ (نِصْفُ الثَّمَنِ) أَيْ ثَمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِالسَّالِمِ إنْ كَانَتْ الشِّرْكَةُ عَلَى النِّصْفِ وَإِلَّا فَثَمَنُ حِصَّتِهِ فَقَطْ (وَهَلْ) مَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِ التَّالِفِ بَيْنَهُمَا (إلَّا أَنْ يُعْلَمَ) ذُو السَّالِمِ (بِالتَّلَفِ) وَيَشْتَرِي بِالسَّالِمِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (فَلَهُ) أَيْ لِذِي السَّالِمِ الرِّبْحُ وَحْدَهُ (وَعَلَيْهِ) الْخُسْرُ. فَإِنْ اشْتَرَى قَبْلَ عِلْمِهِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي (أَوْ) بَيْنَهُمَا (مُطْلَقًا) اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ أَوْ قَبْلَهُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَنْقُولُ أَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ابْنُ رُشْدٍ يَقُولُ إنْ اشْتَرَى رَبُّ السَّالِمِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالتَّلَفِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ أَوْ يَدْخُلَ مَعَهُ رَبُّ التَّالِفِ وَبَعْدَ الْعِلْمِ اُخْتُصَّ بِهِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ وَإِنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ يَقُولُ: إنْ اشْتَرَى رَبُّ السَّالِمِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَبَيْنَهُمَا وَبَعْدَهُ فَاَلَّذِي تَلِفَ مَالُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ شَرِيكِهِ أَوْ يَدَعَ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ، وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته عَلَى الشِّرْكَةِ، فَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْته لِنَفْسِي اُخْتُصَّ بِهِ وَصُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) رَبُّ السَّالِمِ (الْأَخْذَ لَهُ) أَيْ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ بِأَنَّ لَهُ (تَرَدُّدٌ) حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ الشِّرْكَةِ بِمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ. (وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) وَشَرْطُ جَوَازِهَا مَعَ غَيْبَةِ نَقْدِ أَحَدِهِمَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَمْرَانِ الْأَوَّلُ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) بِأَنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (و) الثَّانِي إنْ (لَمْ يَتَّجِرْ) بِالْحَاضِرِ (لِحُضُورِهِ) أَيْ الْغَائِبِ وَالْمُرَادُ بِالْحُضُورِ الْقَبْضُ أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْحَاضِرِ قَبْلَ قَبْضِ الْغَائِبِ الْقَرِيبِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ امْتَنَعَتْ الشِّرْكَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَّجِرُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، وَكَذَا تُمْنَعُ إنْ قَرُبَتْ وَاتَّجَرَ قَبْلِ قَبْضِهِ فَإِنْ وَقَعَ فَالرِّبْحُ لِمَا حَصَلَ بِهِ التَّجْرُ كَمَا فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَوْ أَخْرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ أَيْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا كَاشْتِرَاكِنَا أَوْ فِعْلًا كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ أَوْ هُمَا مَعًا وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْخَلْطَ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا فَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَدَرَجَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ التَّالِفِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ لِلُزُومِ الشِّرْكَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ) أَيْ أَنَّهَا بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ يَكُونُ ضَمَانُ كُلِّ مَالٍ مِنْ صَاحِبِهِ قَبْلَ الْخَلْطِ فَإِنْ وَقَعَ الْخَلْطُ وَلَوْ حُكْمًا فَالضَّمَانُ مِنْهُمَا فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ قَبْلَ الْخَلْطِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَزِمَتْ وَمَا ضَاعَ فَهُوَ مِنْ صَاحِبِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخَلْطِ فِي الضَّمَانِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخَلْطُ بَلْ مَتَى انْعَقَدَتْ الشِّرْكَةُ وَلَزِمَتْ كَانَ ضَمَانُ الْمَالَيْنِ مِنْهُمَا اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ وَلَوْ حُكْمًا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِيهَا لَا يَكُونُ الضَّمَانُ إلَّا بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ جَسًّا، وَالْخَلْطُ الْحُكْمِيُّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ كَوْنُ الْمَالَيْنِ فِي حَوْزِ وَاحِدٍ، وَلَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ عِنْدَهُمَا بَلْ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ كَمِثَالِ الشَّارِحِ وَمَا قَبْلَهَا كَأَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ فِي صُرَّتَيْنِ بِمَحَلٍّ وَقَفَلَ عَلَيْهِ بِقُفْلَيْنِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِفْتَاحَ قُفْلٍ أَوْ قَفَلَ عَلَيْهِ بِقَفْلٍ وَاحِدٍ وَلَهُ مِفْتَاحَانِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِفْتَاحًا فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ كَمَا اخْتَارَهُ بْن مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمِ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا خَلْطًا حُكْمِيًّا وَلَا حِسِّيًّا. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُتْلِفِ نِصْفُ الثَّمَنِ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى بِالسَّالِمِ سِلْعَةً بِمِائَةٍ فَعَلَى الَّذِي تَلِفَ مَالُهُ نِصْفُ الْمِائَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالسَّالِمِ بَعْدَ التَّلَفِ وَأَمَّا الشِّرَاءُ الْوَاقِعُ قَبْلَ التَّلَفِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ عِلْمٍ وَعَدَمِهِ إذْ لَا يُعْقَلُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَهُوَ ذُو السَّالِمِ (قَوْلُهُ خَيْرٌ) أَيْ رَبُّ السَّالِمِ بَيْنَ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَوْ عَلِمْت أَنَّ مَالَ شَرِيكِي تَلِفَ لَمْ أَشْتَرِ إلَّا لِنَفْسِي (قَوْلُهُ فَلَهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ فَلَهُ الرِّبْحُ وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ (قَوْلُهُ حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ كَمَا قَالَ ح الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ وَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَهُ الشَّارِحُ لَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ الشِّرْكَةِ بِمَا سَبَقَ) أَيْ مِنْ الذَّهَبَيْنِ أَوْ الْوَرِقَيْنِ أَوْ الْعَيْنِ وَالْعَرْضِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ نَقْدَاهُمَا مَعًا مُنِعَتْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ أَمْرَانِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ لِابْنِ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا؛ لِأَنَّهُ نَفْيُ كَوْنِ الشِّرْكَةِ مُبَايَعَةً اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْحَاضِرِ) أَيْ أَنْ يَنْتَفِيَ التَّجْرُ بِالْحَاضِرِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْغَائِبُ

[أقسام الشركة]

أَحَدُهُمَا أَلْفًا وَالْآخَرُ أَلْفًا مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ غَائِبَةٌ ثُمَّ خَرَجَ رَبُّهَا لِيَأْتِيَ بِهَا وَخَرَجَ بِجَمِيعِ الْمَالِ الْحَاضِرِ فَلَمْ يَجِدْهَا فَاشْتَرَى بِجَمِيعِ مَا مَعَهُ تِجَارَةً فَإِنَّمَا لَهُ ثُلُثُ الْفَضْلِ أَيْ الرِّبْحِ (لَا) تَجُوزُ الشِّرْكَةُ (بِذَهَبٍ) مِنْ جَانِبٍ (وَبِوَرِقٍ) مِنْ آخَرَ وَلَوْ عَجَّلَ كُلٌّ مَا أَخْرَجَهُ لِصَاحِبِهِ لِاجْتِمَاعِ الصَّرْفِ وَالشِّرْكَةِ فَإِنْ عَمِلَا فَلِكُلٍّ رَأْسُ مَالِهِ وَيَقْسِمَانِ الرِّبْحَ لِكُلِّ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ دِينَارٌ وَلِكُلِّ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمٌ وَكَذَا الْوَضِيعَةُ (و) لَا (بِطَعَامَيْنِ وَلَوْ اتَّفَقَا) نَوْعًا وَصِفَةً وَقَدْرًا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَ نِصْفَ طَعَامِهِ بِنِصْفِ طَعَامِ الْآخَرِ وَلَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا بَاعَ فَإِذَا بَاعَ لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَائِعًا لِمَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ وَلَمَّا كَانَتْ الشِّرْكَةُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ: مُفَاوَضَةٌ وَعِنَانٌ وَجَبْرٌ وَعَمَلٌ وَذِمَمٌ وَمُضَارَبَةٌ وَهُوَ الْقِرَاضُ ذَكَرَهَا مُرَتَّبَةً هَكَذَا إلَّا أَنَّهُ أَفْرَدَ الْأَخِيرَ بِبَابٍ سَيَأْتِي فَقَالَ (ثُمَّ إنْ أَطْلَقَا التَّصَرُّفَ) بِأَنْ جَعَلَهُ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ غَيْبَةً وَحُضُورًا فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَحْتَاجُ لَهُ التِّجَارَةُ (وَإِنْ بِنَوْعٍ) كَالرَّقِيقِ (فَمُفَاوَضَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُفَاوَضَةٌ أَيْ شِرْكَةُ مُفَاوَضَةٍ أَيْ تُسَمَّى بِذَلِكَ وَهِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنْ تَفَاوُضِ الرَّجُلَانِ فِي الْحَدِيثِ إذَا شَرَعَا فِيهِ وَالْأُولَى عَامَّةٌ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِنَوْعٍ وَالثَّانِيَةُ خَاصَّةٌ بِالنَّوْعِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِطْلَاقِ فِيهِ وَقِيلَ هِيَ مِنْ الْعِنَانِ (وَلَا يُفْسِدُهَا انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا) أَوْ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِشَيْءٍ) مِنْ الْمَالِ غَيْرِ مَالِ الشِّرْكَةِ يَعْمَلُ فِيهِ لِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَنْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَدْخُلَا عَلَى السُّكُوتِ وَيَمْتَنِعَا مِنْ التَّجْرِ بِالْحَاضِرِ حَتَّى يَقْبِضَ الْغَائِبُ (قَوْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الصَّرْفِ وَالشِّرْكَةِ) فَالشِّرْكَةُ مِنْ جِهَةِ بَيْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْضَ مَالِهِ بِبَعْضِ مَالِ الْآخَرِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ ذَهَبًا وَالْآخَرِ فِضَّةً وَالصَّرْفُ مِنْ جِهَةِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا مَالَهُ بِمَالِ آخَرَ مَنْظُورًا فِيهِ لِخُصُوصِ كَوْنِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ ذَهَبًا وَالْآخَرِ فِضَّةً فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ هُوَ الشِّرْكَةُ وَالصَّرْفُ لَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالِاعْتِبَارِ فَبِاعْتِبَارِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بَعْضَ مَالِهِ بِبَعْضِ مَالِ الْآخَرِ شِرْكَةً وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْمَبِيعِ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَالْعَكْسُ صَرْفٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: احْتِجَاجُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمَنْعِ بِهَذَا التَّعْلِيلِ غَيْرُ بَيِّنٍ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ الْمُنْضَمَّةَ لِلشِّرْكَةِ إنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهَا إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعُقُودُ خَارِجَةً عَنْ الشِّرْكَةِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ خَارِجَةٍ عَنْهَا لَمْ تَكُنْ مَانِعَةً لَهَا وَقَدْ نَصَّ عَلَى مَعْنَى هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا فِي الْعُقُودِ الْمُغَايِرَةِ لِلصَّرْفِ وَأَمَّا الصَّرْفُ مَتَى انْضَمَّ لِلشِّرْكَةِ اقْتَضَى مَعَهَا سَوَاءٌ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا أَوْ لَا لِأَجْلِ ضِيقِ الصَّرْفِ وَشِدَّتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اتَّفَقَا نَوْعًا وَصِفَةً وَقَدْرًا) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ جَوَازِهَا حِينَئِذٍ قِيَاسًا عَلَى الْعَيْنِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الشِّرْكَةَ بِالنَّقْدِ وَالطَّعَامِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ وَلَوْ كَانَ الْمَنْعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْعِلَّةِ لَمُنِعَ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ وَأَصْلُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَجَازُوا الشِّرْكَةَ بِالنَّقْدِ وَالطَّعَامِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ النَّقْدِ وَالْعَرْضُ عَلَى الطَّعَامِ وَإِذَا كَانَتْ الشِّرْكَةُ بِطَعَامَيْنِ فَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ آخَرَ غَيْرَ الطَّعَامِ يَغْلِبُ جَانِبُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا حَصَلَ خَلْطُ الطَّعَامَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ طَعَامُ كُلٍّ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ مُشْتَرِيهِ بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ [أَقْسَام الشَّرِكَة] (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ أَطْلَقَا إلَخْ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ انْعِقَادِ الشِّرْكَةِ بِقَوْلِهِمْ اشْتَرَكْنَا مَثَلًا إنْ جَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ التَّصَرُّفَ فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ بَلْ وَإِنْ كَانَ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ فَتِلْكَ الشِّرْكَةُ تُسَمَّى شِرْكَةَ مُفَاوَضَةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ التَّصَرُّفِ إمَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ وَأَمَّا لَوْ قَالَا اشْتَرَكْنَا مُقْتَصِرِينَ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ عَلَى إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَفِي كَوْنِ ذَلِكَ شِرْكَةُ مُفَاوَضَةٍ أَوْ عِنَانٍ يَحْتَاجُ كُلُّ وَاحِدٍ لِمُرَاجَعَةِ صَاحِبِهِ خِلَافٌ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهَا شِرْكَةُ عِنَانٍ. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْوَاوِ) أَيْ لَا غَيْرَ وَمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ جَوَازِ الْكَسْرِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ وَالْمَشَارِقِ إلَّا الْفَتْحُ اهـ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْكَسْرُ لَا يَصِحُّ فِي الْمَصْدَرِ لِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: لِفَاعِلِ الْفِعَالِ وَالْمُفَاعَلَةِ نَعَمْ يَصِحُّ الْكَسْرُ بِتَكَلُّفِ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ لِلشِّرْكَةِ عَلَى حَدِّ جَدِّ جَدِّهِ كَمَا قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى) أَيْ وَهِيَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَهِيَ الَّتِي أَطْلَقَ فِيهَا كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ) أَيْ إطْلَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ) أَيْ مَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَهِيَ الَّتِي أَطْلَقَ فِيهَا كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ التَّصَرُّفَ فِي نَوْعٍ (قَوْلُهُ قِيلَ هِيَ) أَيْ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ بِالْإِطْلَاقِ فِيهِ) أَيْ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفْسِدُهَا انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي فَسَادِهَا مُطْلَقًا أَيْ تَسَاوَيَا فِي عَمَلِ الشِّرْكَةِ أَوْ لَا

إذَا تَسَاوَيَا فِي عَمَلِ الشِّرْكَةِ (وَلَهُ) أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ (أَنْ يَتَبَرَّعَ) بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ (إنْ اسْتَأْلَفَ بِهِ) لِلتِّجَارَةِ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ يَجْرِي فِي شِرْكَةِ الْعِنَانِ أَيْضًا (أَوْ) إنْ (خَفَّ) وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْلِفْ (كَإِعَارَةِ آلَةٍ وَدَفْعِ كِسْرَةٍ) لِفَقِيرٍ (و) لِأَحَدِهِمَا أَنْ (يُبَضِّعَ) أَيْ يَدْفَعَ مَالًا مِنْ الشِّرْكَةِ لِمَنْ يَشْتَرِي بِهِ بِضَاعَةً مِنْ بَلَدِ كَذَا (وَيُقَارِضُ) وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا اتَّسَعَ الْمَالُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ وَإِلَّا مُنِعَ (وَيُودِعُ) مَالَ الشِّرْكَةِ (لِعُذْرٍ) يَقْتَضِي الْإِيدَاعَ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْإِيدَاعُ لِعُذْرٍ (ضَمِنَ) (و) لَهُ أَنْ (يُشَارِكَ فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ أَجْنَبِيًّا لَا تَجُولُ يَدُهُ فِي جَمِيعِهَا (و) أَنْ (يَقْبَلَ) مِنْ سِلْعَةٍ بَاعَهَا هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ (وَيُوَلِّي) سِلْعَةً اشْتَرَاهَا هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ إنْ جَرَتْ لِلتِّجَارَةِ نَفْعًا وَإِلَّا لَزِمَهُ لِشَرِيكِهِ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهُ (وَيَقْبَلُ الْمَعِيبَ، وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ) يُحْتَمَلُ رُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (و) لَهُ أَنْ (يُقِرَّ بِدَيْنٍ) فِي مَالِ الشِّرْكَةِ (لِمَنْ لَا يَتَّهِمُ عَلَيْهِ) وَيَلْزَمُ شَرِيكَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ كَأَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَصَدِيقِهِ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ (و) لَهُ أَنْ (يَبِيعَ بِالدَّيْنِ) بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (لَا الشِّرَاءُ بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ فَعَلَ خُيِّرَ شَرِيكُهُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي خَاصَّةً، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ شِرْكَةِ الذِّمَمِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ وَيَخْتَصُّ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَاهُ وَشُبِّهَ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ قَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إذَا تَسَاوَيَا فِي عَمَلِ الشِّرْكَةِ) أَيْ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَالْمُرَادُ بِتَسَاوِيهِمَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ مَا لَهُمَا مُتَسَاوِيًا كَانَ عَلَى كُلٍّ نِصْفُ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ الْمَالَانِ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَيْنِ كَانَ الْعَمَلُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُقَارِضُ) أَيْ يَدْفَعُ بَعْضَ الْمَالِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ وَيَكُونُ جُزْءُ الرِّبْحِ الْآخَرِ شِرْكَةً (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ جَوَازُ دَفْعِهِ الْقِرَاضَ وَقَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهُ أَيْ جَوَازُ الْإِبْضَاعِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ لِلَّخْمِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْمُبَضِّعَ مَوْتُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ شِرَائِهِ لَمْ يَشْتَرِ لِصَيْرُورَةِ الْمَالِ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصْدُقَ فِي دَعْوَى الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ بِخِلَافِ الْمُودِعِ إذَا أَوْدَعَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَوْدَعَ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرِيكٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُشَارِكَ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الشِّرْكَةُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ شِرْكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرَ مُفَاوَضَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ طفى. (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِهَا) أَيْ بَلْ فِي الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي شَارَكَ فِيهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ وَيَقْبَلُ الْمَعِيبَ) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ الَّذِي اشْتَرَاهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ أَوْ الْمَرْدُودَ مِنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ رُجُوعَ الْمُبَالَغَةِ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ أَيْ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِمَا قَبْلَهُ فَقَطْ أَيْ وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ مِنْ الْقَبُولِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَالْمُرَادُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ إلَى هُنَا. (قَوْلُهُ وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ) أَيْ فِي حَالَةِ الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَقَبْلَ مَوْتِ شَرِيكِهِ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِمَنْ لَا يَتَّهِمُ عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ بَعْدَ تَفَرُّقٍ أَوْ مَوْتٍ فَهُوَ شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ. (وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُؤَاخِذُ بِهِ ذَلِكَ الْمُقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَمَفْهُومٌ بِدَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ لَيْسَتْ مِنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بَلْ وَدِيعَةً لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالْأَوْلَى مِنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بِمَا يَعْمُرُ بِهِ ذِمَّةَ شَرِيكِهِ مَعْمُولًا بِهِ فَأَحْرَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعْمِيرُ ذِمَّتِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِ الْوَدِيعَةِ وَإِلَّا كَانَ تَعْيِينُهُ لِلْوَدِيعَةِ كَإِقْرَارِهِ بِهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَكُونُ شَاهِدًا سَوَاءٌ حَصَلَ تَفَرُّقٌ أَوْ مَوْتٌ أَوْ لَا ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ إنْ قَدِمَ شَرِيكٌ غَائِبٌ عَلَى شَرِيكِهِ فَقَالَ فِي شَيْءٍ مِمَّا بِيَدِهِ هُوَ وَدِيعَةٌ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ رَبَّهَا سَقَطَ قَوْلُهُ وَإِنْ عَيَّنَ رَبَّهَا لَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ إقْرَارِهِ لِمَنْ اسْتَحَقَّ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ حَظَّ الْمُقِرِّ فَقَطْ اهـ وَلَمْ يَذْكُرْ حَلَفَ الشَّرِيكُ وَالْوَجْهُ حَلِفُهُ إنْ حُقِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِبَاطِلٍ وَإِنْ اتَّهَمَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، فَإِنْ بَاعَ بِالدَّيْنِ وَفَلِسَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ مُعْدِمًا ضَاعَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا عَلَى الْبَائِعِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهَا بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا تَكُنْ مُعَيَّنَةً أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ كُلُّ سِلْعَةٍ وَجَدْتهَا وَأَعْجَبَتْك فَاشْتَرِهَا بِالدَّيْنِ فَلَا يَجُوزُ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الشَّرِيكَ إذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَالْمَنْعُ كَانَتْ السِّلْعَةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ جَازَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ مُعَيَّنَةً وَإِلَّا مُنِعَ هَذَا وَفِي بْن تَبَعًا لطفى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ جَوَازِ شِرَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالدَّيْنِ إذْ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ وَالشِّرَاءِ بِهِ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَعَقُّبِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ

(كَكِتَابَةٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ الْمُفَاوَضَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا عِتْقٌ (وَعِتْقٌ عَلَى مَالٍ) يَتَعَجَّلُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِلَا عِتْقٍ، وَأَمَّا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ جَازَ كَبَيْعِهِ (وَأَذِنَ لِعَبْدٍ) مِنْ عَبِيدِ الشِّرْكَةِ (فِي تِجَارَةٍ) لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْحَجْرِ عَنْهُ (أَوْ مُفَاوَضَةٌ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُشَارِكَ شَخْصًا أَجْنَبِيًّا مُفَاوَضَةً إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَمْلِيكٌ مِنْهُ لِلتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ إذْ الْمُرَادُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ هُنَا أَنْ يُشَارِكَ مَنْ تَجُولُ يَدُهُ مَعَهُ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ لَا الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ. (وَاسْتَبَدَّ) أَيْ اسْتَقَلَّ شَرِيكٌ (آخِذُ قِرَاضٍ) مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَتَّجِرُ لَهُ بِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ بِرِبْحِهِ وَخُسْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقَارَضَةَ لَيْسَتْ مِنْ التِّجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ أَجْرُ نَفْسِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ وَيَجُوزُ إنْ كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ أَوْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِيهِ (و) اسْتَبَدَّ شَرِيكٌ (مُسْتَعِيرٌ دَابَّةً بِلَا إذْنٍ) مِنْ شَرِيكِهِ (وَإِنْ لِلشِّرْكَةِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُمَا أَيْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا أَمْتِعَةَ الشِّرْكَةِ فَيَخْتَصُّ بِالرِّبْحِ وَهُوَ الْأُجْرَةُ فَيُحَاسِبُ بِهَا شَرِيكَهُ وَبِالْخُسْرِ وَهِيَ ضَمَانُهَا إنْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطٍ، فَإِنْ أَذِنَ شَرِيكُهُ فَبَيْنَهُمَا (و) اسْتَبَدَّ (مُتَّجِرٌ) مِنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ (بِوَدِيعَةٍ) أُودِعَتْ عِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا (بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ) (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ) بِالتَّجْرِ (فِي الْوَدِيعَةِ) الَّتِي عِنْدَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنَّمَا شِرْكَةُ الذِّمَمِ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ رَأْسُ مَالٍ اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ كَكِتَابَةٍ وَعِتْقٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِعْلُ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَتْهُ الْكِتَابَةُ لِجَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ شَرِيكِهِ وَيَبْقَى مُكَاتَبًا فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا رَجَعَ رَقِيقًا لَهُ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ عِتْقُهُ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةُ نِصْفِهِ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ اهـ بَهْرَامُ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا عِتْقٌ) أَيْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَإِلَّا كَانَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِعْلُهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ وَأَمَّا عِتْقُهُ عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَإِذْنِ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى كِتَابَةٍ (قَوْلُهُ مُفَاوَضَةً) أَيْ بِأَنْ فَوَّضَ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي الشِّرْكَةِ الْأُولَى كُلِّهَا سَوَاءٌ أَشْرَكَهُ فِي كُلِّهَا أَوْ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ لَا الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمُ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يَدْفَعُ لَهُ بَعْضَ مَالِ الشِّرْكَةِ وَيُشَارِكُهُ فِيهِ مُفَاوَضَةً بِحَيْثُ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى حِدَةٍ وَلَا تَجُولُ يَدُهُ فِي الْمَالِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ وَخَسِرَهُ) أَيْ فِيمَا إذَا ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الْخُسْرَ وَظَهَرَ كَذِبُهُ وَإِلَّا فَعَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَلْزَمُهُ خُسْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ أَجْرُ نَفْسِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إنْ كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ) أَيْ وَيَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ إذَا كَانَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَذِنَ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِيهِ وَلَكِنْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي أَخْذِهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ بِإِذْنِهِ يُحْمَلُ أَنَّهُ تَبَرَّعَ لَهُ بِالْعَمَلِ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ وَلَا يَكُونُ الشَّرِيكُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَجُوزُ لَهُ فِيهِمَا أَخْذُ الْقِرَاضِ مُتَعَدِّيًا بِأَخْذِهِ وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِأَخْذِهِ الْقِرَاضَ إلَّا أَذَا أَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَكَانَ الْعَمَلُ فِيهِ يَشْغَلُهُ عَنْ الْعَمَلِ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ، ثُمَّ إنَّهُ فِي حَالِ تَعَدِّيهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ التَّعَدِّي مَانِعًا مِنْ اسْتِبْدَادِهِ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لِلشِّرْكَةِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي حُمِلَتْ عَلَيْهَا لِلشِّرْكَةِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأُجْرَةُ فَيُحَاسَبُ بِهَا شَرِيكُهُ) أَيْ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ تِلْكَ الْأُجْرَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُسْتَعِيرَ بِلَا إذْنٍ يَخْتَصُّ بِالرِّبْحِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأُجْرَةُ فَيُحَاسِبُ بِهَا شَرِيكَهُ تَبِعَ فِيهِ عج وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا اسْتِبْدَادٌ بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى مَا نَشَأَ مِنْ خُصُوصِ الْحَمْلِ كَأَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا سِلَعًا لِلتِّجَارَةِ مِنْ مَحَلٍّ لِمَحَلٍّ آخَرَ فَحَصَلَ بِسَبَبِ الْحَمْلِ رِبْحٌ فَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصِّ يُسَاعِدُهُ وَلَمْ يُوجَدْ وَإِنْ حَمَلَ الرِّبْحَ عَلَى الْأُجْرَةِ كَمَا قَالَ عج فَهَذَا بَعِيدٌ وَمَعَ بُعْدِهِ يَحْتَاجُ لِنَصٍّ يُسَاعِدُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَجْمَلَ فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرِ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ تَوْزِيعًا مِنْ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا اسْتِبْدَادٌ بِالرِّبْحِ بَلْ بِالْخُسْرِ وَالْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا الِاسْتِبْدَادُ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ وَيَدُلُّ لِهَذَا أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اقْتَصَرَ فِي الدَّابَّةِ الْمُسْتَعَارَةِ عَلَى الْخُسْرِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَهُوَ ضَمَانُهَا إنْ تَلِفَتْ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقُولَ كُنْت اسْتَأْجَرْت فَلَا تُضْمَنْ ثُمَّ إنْ تَفْسِيرَ الْخُسْرِ الْمُخْتَصِّ بِهِ إذَا اسْتَعَارَ بِغَيْرِ إذْنٍ بِضَمَانِهَا إذَا تَلِفَتْ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ التَّلَفُ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَعَدٍّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَالضَّمَانُ مِنْهُ وَحْدَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِتَعَدِّيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ فَالضَّمَانُ مِنْهُمَا مَعًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَبِغَيْرِ تَعَدٍّ لَكِنْ وَقَعَ التَّرَافُعُ لِقَاضٍ حَنَفِيٍّ يَرَى ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ مُطْلَقًا تَعَدَّى عَلَيْهَا أَمْ لَا فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِقِيمَتِهَا وَكَانَ تَلَفَهَا بِغَيْرِ تَعَدٍّ كَانَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا إذَا اسْتَعَارَهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ مِنْهُ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ شَرِيكُهُ) أَيْ فِي إعَارَتِهَا (قَوْلُهُ أُودِعَتْ عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَوْ خَلَطَهَا

أَوْ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَّجِرِ بِهَا وَيَرْضَى بِهِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْخُسْرُ عَلَيْهِمَا (وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (وَكِيلٌ) أَيْ كَوَكِيلٍ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَالْكِرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ (فَيُرَدُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ يَعُودُ عَلَى الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَنْ يَرُدَّ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ حَيْثُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا (عَلَى) شَرِيكٍ (حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ) بَيْعًا وَالرَّدُّ عَلَيْهِ (كَالْغَائِبِ) أَيْ كَالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا وَشَرْطُ الرَّدِّ عَلَى الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ يَتَوَلَّ بَيْعًا (إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ غَيْبَةُ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ الْيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ (انْتَظَرَ) لِيَرُدَّ عَلَيْهِ مَا بَاعَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ وَلَا يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ وَأَوْلَى إنْ كَانَا حَاضِرَيْنِ (وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ) فِي مَالِ الشِّرْكَةِ وَكَذَا الْعَمَلُ يُفَضُّ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ (بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ) مِنْ تَسَاوٍ وَتَفَاوُتٍ إنْ شَرَطَا ذَلِكَ أَوْ سَكَتَا عَنْهُ (وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ) فِي ذَلِكَ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ إنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فُضَّ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ (وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ) فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ وَدَخَلَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِسُدُسِ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِسُدُسِ أُجْرَةِ الْعَمَلِ (وَلَهُ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (التَّبَرُّعُ) لِشَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ (وَالسَّلَفُ وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ) لَا قَبْلَهُ أَوْ فِيهِ (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ) عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَالِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِ الْمُتَّجِرِ بِهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اتَّجَرَ بِهَا مَنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ اخْتَصَّ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ وَلَوْ عَلِمَ الْآخَرُ بِتَعَدِّيهِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَإِنْ أَوْدَعَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا وَدِيعَةً فَعَمِلَ فِيهَا تَعَدِّيًا فَرَبِحَ فَإِنْ عَلِمَ شَرِيكُهُ بِالتَّعَدِّي وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ بِهَا بَيْنَهُمَا فَلَهُمَا الرِّبْحُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالرِّبْحُ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ خَاصَّةً فَظَاهِرُهَا أَنَّ رِضَا الشَّرِيكِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ عَمَلِهِ مَعَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ بِالتَّجْرِ فِي الْوَدِيعَةِ الَّتِي عِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُتَّجِرُ أَوْ غَيْرُهُ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْخُسْرُ عَلَيْهِمَا وَيَنْزِلُ عِلْمُ الشَّرِيكِ وَرِضَاهُ مَنْزِلَةَ عَمَلِهِ مَعَهُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ رَضِيَ الشَّرِيكُ وَعَمِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا أَعَانَهُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ مَعَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَيْ كَوَكِيلٍ) أَيْ فَلَيْسَ وَكِيلًا حَقِيقَةً وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ الشَّرْطُ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ الْمُوَكِّلِ بَلْ وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَضَى) أَيْ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ لِلْمَعِيبِ إنْ أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي عُهْدَةً أَيْ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ مِنْ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ مُؤَرَّخَةً أَيْ وَأَثْبَتَ تَارِيخَ الْبَيْعِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا أَيْ عَلَى الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا التَّارِيخُ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الْغَائِبِ الْمُشَبَّهِ لَا الْمُشَبَّهِ بِهِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ (قَوْلُهُ شَرِيكُهُ الْغَائِبُ) أَيْ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ عَلَى شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ) وَأَوْلَى إذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ أَيْ لَا يُرَدُّ عَلَى الْحَاضِرِ جَبْرًا فِيهِمَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرّ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ الْمَرْدُودَ مِنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ بِاشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا التَّفَاوُتَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُقَالُ اشْتِرَاطٌ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الرِّبْحِ وَالْخُسْرِ وَالْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَلِكُلِّ أَجْرٍ عَمَلُهُ لِلْآخَرِ) أَيْ الَّذِي عَمِلَهُ عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ أَجْرَ الْعَمَلِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَحَقِيقَتُهُ الْأُجْرَةُ التَّابِعَةُ لِلْعَمَلِ وَمَجَازُهُ الرِّبْحُ التَّابِعُ لِلْمَالِ وَالْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ دَلَالَتُهُ عَلَى الْحَالَتَيْنِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي لَهُ أَجْرُ الْعَمَلِ الَّذِي عَمِلَهُ عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ اشْتِرَاطِ التَّفَاوُتِ إنَّمَا هُوَ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بِأَثَرِهِ فَوْرًا وَالْجَوَازُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ لَيْسَ كَوَاقِعٍ فِيهَا وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ كَالْوَاقِعِ فِيهَا فَيُمْنَعُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَثَرِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ لَا قَبْلُهُ أَوْ فِيهِ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ مَمْنُوعًا وَظَاهِرُهُ فِي التَّبَرُّعِ وَالسَّلَفِ وَالْهِبَةِ أَمَّا فِي السَّلَفِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ وَالتَّبَرُّعِ فَلِأَنَّ ذَلِكَ كَأَنَّهُ مِنْ رِبْحٍ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ مَنْعِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ حَالَ الْعَقْدِ كَقَبْلِهِ هُوَ مَا فِي شب وَاَلَّذِي فِي عبق أَنَّ غَيْرَ السَّلَفِ يُمْنَعُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ وَأَمَّا السَّلَفُ فَيُمْنَعُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَأَمَّا فِيهِ فَيُفْصَلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَسَلِّفِ ذَا بَصِيرَةٍ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ هَذَا هُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ بِمَنْعِ السَّلَفِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا فِي الشَّارِحِ وشب (قَوْلُهُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ) هُوَ مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ بَلْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ نَصٍّ وَأَمَّا الْخُسْرُ فَهُوَ مَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي مَالِ الشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهِمَا) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ بَعْضِ مَالِ الشِّرْكَةِ تَلَفًا أَوْ خُسْرًا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ

وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ وَإِلَّا غَرِمَ (و) الْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ (لِأَخْذِ لَائِقٍ) بِهِ أَوْ بِعِيَالِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ لِبَاسٍ فَقَطْ إذَا ادَّعَى شِرَاءَهُ (لَهُ) أَوْ لِعِيَالِهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ شَرِيكُهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرُ اللَّائِقِ مِنْهُمَا فَلَا يُصَدَّقُ وَيُرَدُّ لِلشِّرْكَةِ (و) الْقَوْلُ (لِمُدَّعِي النِّصْفِ) بِيَمِينٍ (وَحُمِلَ عَلَيْهِ فِي تَنَازُعِهِمَا) بِيَمِينِهِمَا اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الثَّانِيَ تَكْرَارٌ مَعَ الْأَوَّلِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْآخَرُ حَالَ حَيَاتِهِمَا (وَلِلِاشْتِرَاكِ) أَيْ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ (فِيمَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا) دُونَ مُدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ (إلَّا لِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لِلْحَائِزِ (عَلَيَّ كَإِرْثِهِ) وَقَالَتْ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الشِّرْكَةِ (وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ لَهَا) الصَّوَابُ تَأَخُّرُهُ عَنْهَا، فَإِنْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ عَلَيْهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ تَقُلْ وَأَنَّهُمَا عَقَدَاهَا عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْهَا، وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ لِمُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ (إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ) أَيْ بِتَصَرُّفِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضِينَ وَأَوْلَى إنْ شَهِدَ بِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَلَمْ يَحْصُلْ تَلَفٌ وَلَا خُسْرٌ. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) أَيْ مَنْ اتَّهَمَهُ صَاحِبُهُ وَإِنْ كَانَ فِي ذَاتِهِ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَقَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ أَيْ إنْ كَانَتْ التُّهْمَةُ غَيْرَ قَوِيَّةٍ وَأَمَّا التُّهْمَةُ الْقَوِيَّةُ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن وَمُرَادُهُ بِالتُّهْمَةِ الْقَوِيَّةِ ظُهُورُ كَذِبِهِ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْقَرَائِنِ كَدَعْوَاهُ التَّلَفَ وَهُوَ فِي رُفْقَةٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَكَدَعْوَاهُ الْخَسَارَةَ فِي سِلْعَةٍ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فِيهَا لِشُهْرَةِ سِعْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ شَرِيكُهُ) أَيْ وَقَالَ لَهُ بَلْ اشْتَرَيْت ذَلِكَ لِلشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ) أَيْ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ عَاقِلٍ أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ وَلَوْ كَانَ لَائِقًا بِهِ. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ) فَإِذَا تَنَازَعَا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ ثُلُثَيْ الْمَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ لِكُلٍّ نِصْفُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي النِّصْفِ فَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً بَعْدَ حَلِفِهِمَا هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ نَظَرًا لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَوْزِ، وَالْقَضَاءُ بِالْحَوْزِ لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ بِدُونِ يَمِينٍ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهُ الثُّلُثَيْنِ وَالْآخَرُ ادَّعَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ دَفَعَ لِكُلٍّ مَا سَلَّمَ لَهُ وَقُسِمَ السُّدُسُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُ مُدَّعِي النِّصْفِ الثُّلُثَ وَنِصْفَ سُدُسٍ وَيَأْخُذُ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ النِّصْفَ وَنِصْفَ سُدُسٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِلَّا قُسِمَ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَهُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَأَرَادَتْ وَرَثَتُهُ الْمُفَاصَلَةَ مَعَ شَرِيكِهِ وَقَالُوا لِمُوَرِّثِنَا ثُلُثَا الْمَالِ وَثُلُثَا الرِّبْحِ وَقَالَ الشَّرِيكُ بَلْ الْمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ مُوَرِّثِكُمْ عَلَى التَّنْصِيفِ فَيُحْمَلَانِ عَلَى النِّصْفِ بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ. (قَوْلُهُ وَلِلِاشْتِرَاكِ) عَطْفٌ عَلَى التَّلَفِ وَاللَّامُ مُقَوِّيَةٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشِّرْكَةَ إذَا انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ رَآهُ بِيَدِ شَرِيكِهِ أَنَّهُ لِلشِّرْكَةِ وَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ سِلَعِ التِّجَارَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ الِاخْتِصَاصَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ لِلشِّرْكَةِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ سَوَاءٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالْمُفَاوَضَةِ أَوْ لَا، وَأَوْلَى إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوُقُوعِ الشِّرْكَةِ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ عَلَى إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يَكُونُ لِلشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الْأَمْلَاكِ عَنْ يَدِ أَرْبَابِهَا وَسَوَاءٌ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ سَابِقٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا أَوْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ هَلْ الْمُفَاوَضَةُ سَابِقَةٌ عَلَى الْإِرْثِ أَوْ هُوَ سَابِقٌ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَأَوْلَى لَوْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَاتِ الثَّلَاثَةِ تَكُونُ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ وَأَمَّا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا وَلَمْ تَشْهَدْ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فِي الْمُفَاوَضَةِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ تِلْكَ السِّلْعَةُ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا عَلَى الشِّرْكَةِ، فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ قَدْ عَلِمْتهَا وَزَادَ شَيْخُنَا حَالًا خَامِسًا وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْبَيِّنَةِ قَوْلٌ أَصْلًا زِيَادَةً عَلَى الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ قَدْ وَرِثَهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ وَحُكْمُهُ كَمَا إذَا قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ عَلَيْهَا وَلَا تَأَخُّرَهُ عَنْهَا. (قَوْلُهُ الصَّوَابُ تَأَخُّرُهُ عَنْهَا) أَيْ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَيَّ كَإِرْثِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَأَخُّرَهُ عَنْهَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا قَالَتْ الْبَيِّنَةُ نَعْلَمُ تَقَدُّمَ الْمِيرَاثِ عَلَى الشِّرْكَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِلشِّرْكَةِ لَا لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْمُفَاوَضَةِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَيَّ كَإِرْثِهِ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا لِأَجْلِ أَنْ يُفِيدَ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا إذَا شَهِدَتْ بِتَأَخُّرِهِ عَنْهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ لَا أَنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَيْسَ قَوْلُهَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَ الْمِيرَاثِ عَلَيْهَا كَمَا فَهِمَ الْمُعْتَرِضُ بَلْ قَوْلُهَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا وَشَارِحُنَا حَلَّ الْمُبَالَغَةَ بِهَذَا ثُمَّ صَوَّبَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا جُعِلَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا لَا يَتَأَتَّى الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَيَّ كَمِيرَاثٍ وَإِنْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ عَنْهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضِينَ

(وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ) عَلَيْهِمَا (بِالْإِقْرَارِ بِهَا) أَيْ بِالْمُفَاوَضَةِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) وَاحْتُرِزَ بِالشَّرْطِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِمُجَرَّدِ الشِّرْكَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِهَا فَلَا يَقْتَضِيَانِ الْمُفَاوَضَةَ وَقِيلَ يَقْتَضِيَانِهَا وَقِيلَ الشَّهَادَةُ بِهَا تَقْتَضِيَهَا دُونَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ. (و) الْقَوْلُ (لِمُقِيمِ بَيِّنَةٍ) عَلَى شَرِيكِهِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (بِأَخْذِ مِائَةٍ) مَثَلًا مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ (أَنَّهَا بَاقِيَةٌ) مَعْمُولُ الْقَوْلِ الْمُقَدَّرِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ) وَعَبَّرَ بِأَشْهَدَ دُونَ شَهِدَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ بِهَا وَسَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ قَصُرَ وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ) لَمْ يَشْهَدْ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ (قَصُرَتْ الْمُدَّةُ) مِنْ يَوْمِ أَخَذَهَا إلَى يَوْمِ مَوْتِهِ بِأَنْ قَصُرَتْ عَنْ سَنَةٍ، فَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ فَأَكْثَرَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا لِمَالِ الشِّرْكَةِ (كَدَفْعِ صَدَاقٍ) مِنْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضِينَ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ صَاحِبِهِ وَادَّعَى الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ أَنَّهُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ وَالزَّوْجُ أَنَّهُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْقَوْلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِمَا بِالْإِقْرَارِ) أَيْ هَذَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِمَا بِالْإِقْرَارِ بِهَا بَلْ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِمَا بِالْإِقْرَارِ بِهَا، وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ إلَخْ مُبَالَغَةٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى تَصَرُّفِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضِينَ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ وَابْنِ الشَّقَّاقِ وَابْنِ دَحُونٍ حَيْثُ قَالُوا إنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ بِالْمُفَاوَضَةِ شَهَادَةٌ نَاقِصَةٌ لَا يَجِبُ بِهَا قَضَاءٌ بِشِرْكَةٍ بَيْنَهُمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنُوا مَعْرِفَتَهُمْ بِالشِّرْكَةِ إنْ كَانَتْ بِإِشْهَادٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضِينَ أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْهُمْ بِذَلِكَ فَيَجُوزُ أَنْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ بِسَمَاعٍ وَهَذَا لَا يُفِيدُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ غَيْرِ أَهْلٍ لِهَذَا اهـ. وَفِي بْن مِنْ النُّقُولِ الْمُتَعَدِّدَةِ مَا يُقَوِّي كَلَامَ ابْنِ سَهْلٍ وَأَنَّ قَوْلَ الشُّهُودِ نَحْنُ نَعْرِفُ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ مُتَفَاوِضَانِ شَهَادَةً تَامَّةً وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ الشُّهُودُ الْوَجْهَ الَّذِي عَرَفُوا بِهِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ الْإِقْرَارُ) أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ بِالشِّرْكَةِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ تَصَرُّفِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضِينَ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْتَضِيَانِ الْمُفَاوَضَةَ) الْأَوْلَى فَلَا يَقْتَضِيَانِ الِاشْتِرَاكَ أَيْ فِي الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَقْتَضِيَانِهَا الْأَوْلَى وَقِيلَ يَقْتَضِيَانِهِ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ الشَّهَادَةُ بِهَا تَقْتَضِيهَا الْأَوْلَى تَقْتَضِيهِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي اقْتِضَائِهِمَا لِلِاشْتِرَاكِ لَا لِلْمُفَاوَضَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا. (قَوْلُهُ وَقِيلَ الشَّهَادَةُ بِهَا تَقْتَضِيهَا) الْأَوْلَى وَقِيلَ الْإِشْهَادُ عَلَى الْإِقْرَارِ يَقْتَضِيهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى مُجَرَّدِ الشِّرْكَةِ لَا تَقْتَضِيهِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ كعبق مَقْلُوبٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الشَّهَادَةِ بِمُطْلَقِ الشِّرْكَةِ طَرِيقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلَّخْمِيِّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَالشَّهَادَةِ بِالْمُفَاوَضَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ بَلْ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ مُطْلَقًا وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ يُونُسَ وَالتُّونُسِيِّ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالشِّرْكَةِ كَالشَّهَادَةِ بِالْمُفَاوَضَةِ فَيَجْرِي فِيهَا الْقَوْلَانِ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَكِفَايَةُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا، وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى الْإِقْرَارِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِمُقِيمِ بَيِّنَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ مِائَةً وَكَانَ صَاحِبُهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ أَخْذِهَا بَيِّنَةً لِلتَّوَثُّقِ خَوْفًا مِنْ دَعْوَاهُ رَدَّهَا ثُمَّ مَاتَ الْآخِذُ وَلَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَادَّعَى صَاحِبُهُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ شَرِيكِهِ الْمَيِّتِ وَقَالَتْ وَرَثَتُهُ إنَّهُ رَدَّهَا فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا عِنْدَ مَنْ أَخَذَهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ سَوَاءٌ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ، وَكَذَلِكَ الْأَصْلُ بَقَاؤُهَا عِنْدَ مَنْ أَخَذَهَا إنْ كَانَ قَبَضَهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ لَكِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ أَخَذَهَا لِيَوْمِ مَوْتِهِ، فَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ فِي دَعْوَاهُمْ الرَّدَّ أَيْ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِلْمَالِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ مَثَلًا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْوَرَثَةِ أَنَّهُ رَدَّهَا هَذَا حَاصِلُ الْفِقْهِ. (قَوْلُهُ عَلَى شَرِيكِهِ الْمَيِّتِ) وَأَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ الْحَيِّ أَنَّهُ أَخَذَ مِائَةً مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِأَخْذِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ أَوْ طَالَتْ مَا لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَخْذِهَا بَيِّنَةً مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ أَنْكَرَ أَخْذَهَا بِالْمَرَّةِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بَيِّنَةً بِالْأَخْذِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَا بَيِّنَتُهُ الشَّاهِدَةُ لَهُ بِالرَّدِّ لِتَكْذِيبِهِ لِنَفْسِهِ وَلِبَيِّنَتِهِ بِإِنْكَارِهِ الْأَخْذَ أَوَّلًا. هَذَا حَاصِلُ مَا فِي عبق وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْحَيِّ الْمُقِرِّ كَالْمَيِّتِ وَحِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إذَا قَصُرَتْ الْمُدَّةُ وَتُقْبَلُ إنْ طَالَتْ إذَا كَانَتْ يَدُهُ تَصِلُ لِلْمَالِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ إلَّا لِبَيِّنَةٍ بِالرَّدِّ. (قَوْلُهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ لَا إنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ وَالْمُصَادَفَةِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَصْدِ التَّوَثُّقِ بِهَا أَنْ يُقَالَ لَهُمْ خَوْفُ دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ قَصْدِ التَّوَثُّقِ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بِهَا بَيِّنَةٌ أَصْلًا وَبِمَا إذَا شَهِدَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ عَلَى وَجْهِ الِاتِّفَاقِ وَالْمُصَادَفَةِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ أَنَّهُ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ) كَانَ أَمَانَةً عِنْدَ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى الدَّافِعُ أَنَّ الصَّدَاقَ الْمَدْفُوعَ مِنْ مَالِي الْخَاصِّ بِي

(فِي) ذَلِكَ لِمُدَّعٍ (أَنَّهُ) أَيْ الصَّدَاقَ الْمَدْفُوعَ (مِنْ) مَالِ (الْمُفَاوَضَةِ) لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ (إلَّا أَنْ يَطُولَ) الزَّمَنُ مِنْ يَوْمِ الدَّفْعِ (كَسَنَةٍ) فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي أَنَّهُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ بَلْ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ (وَإِلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَقَامَهَا مُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ (عَلَيَّ كَإِرْثِهِ) فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ (وَإِنْ قَالَتْ) الْبَيِّنَةُ (لَا نَعْلَمُ) تَأَخُّرَهُ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ (وَإِنْ) (أَقَرَّ وَاحِدٌ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِمَا (بَعْدَ تَفَرُّقٍ) وَانْفِصَالٍ مَعَ طُولٍ أَمْ لَا (أَوْ مَوْتٍ) (فَهُوَ شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ) إذَا كَانَ لِمَنْ لَا يَتَّهِمُ عَلَيْهِ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَسْتَحِقُّهُ، وَأَمَّا فِي نَصِيبِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ وَلَوْ لِمُتَّهِمٍ عَلَيْهِ (و) إذَا أَنْفَقَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ اكْتَسَى (أُلْغِيَتْ نَفَقَتُهُمَا وَكِسْوَتُهُمَا، وَإِنْ) كَانَا (بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ) وَلَوْ بَيَّنَا خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا قَعَدَ لِلتَّجْرِ مَعَ قِلَّةِ مُؤْنَةِ كُلِّ وَاحِدٍ فَاغْتُفِرَ اخْتِلَافُ السِّعْرَيْنِ (كَعِيَالِهِمَا) أَيْ كَإِلْغَاءِ نَفَقَةِ وَكِسْوَةِ عِيَالِهِمَا (إنْ تَقَارَبَا) سِنًّا وَعَدَدًا بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِبَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنِ اخْتَلَفَ السِّعْرُ أَمْ لَا. وَيُشْتَرَطُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِيَالِ كَوْنُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً (وَإِلَّا) يَتَقَارَبَا بَلْ اخْتَلَفَا عَدَدًا أَوْ سِنًّا اخْتِلَافًا بَيِّنًا أَوْ كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ (حُسِبَا) أَيْ نَفَقَةُ كُلٍّ وَكِسْوَتُهُ عَلَى عِيَالِهِ لِئَلَّا يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ (كَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِ) أَيْ بِالْعِيَالِ بِمَعْنَى الْأَهْلِ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْعِيَالِ فَيُحْسَبُ إنْفَاقُهُ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى نَفْسِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ الْآخَرِ أَنَّهَا تُلْغَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى نَفْسِهِ دُونَ الْآخَرِ وَنَفَقَةِ الْعِيَالِ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ) وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ ذَلِكَ الشَّرِيكُ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ بَلْ لِمُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ) أَيْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مُطَالَبَتِهِ لِشَرِيكِهِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَيَّ كَإِرْثِهِ) بِأَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَدْفُوعَ فِي الصَّدَاقِ كَعَبْدٍ نَحْوُهُ وَرِثَهُ الزَّوْجُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَيُصَدَّقُ أَنَّهُ مَالُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ) أَيْ هَذَا إذَا قَالَتْ نَعْلَمُ تَأَخُّرَ الْمِيرَاثِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ بَلْ وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَأَخَّرَهُ وَلَا تَقَدُّمَهُ عَنْهَا أَوْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ عَنْهَا وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَهُوَ شَاهِدٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي المج وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ مِنْ جِهَةِ الْحَلِفِ مَعَهُ لَا شَاهِدَ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لِمَنْ لَا يَتَّهِمُ عَلَيْهِ) أَيْ وَصَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الشَّرِيكِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَإِنْ كَانَ يُتَّهَمُ فِي الْإِقْرَارِ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا فِي حِصَّةِ الْمُقِرِّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِي الْإِقْرَارِ لَهُ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ، وَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ نِصْفَ الْحَقِّ مِنْ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّهُ) أَيْ الْجَمِيعَ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا نَصِيبَ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ وَأُلْغِيَتْ نَفَقَتُهُمَا وَكِسْوَتُهُمَا) أَيْ مُطْلَقًا تَقَارَبَ الْإِنْفَاقُ أَوْ لَا تَسَاوَى الْمَالَانِ أَوْ لَا كَذَا قَالَ عج وَتَبِعَهُ عبق قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَحَلُّ إلْغَاءِ النَّفَقَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا إذَا تَسَاوَى الْمَالَانِ فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمَالَانِ وَكَانَتْ الشِّرْكَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا حُسِبَتْ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ أَوْ تَقَارَبَا وَارْتَضَى بْن مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَحَلُّ إلْغَاءِ نَفَقَتِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا إذَا كَانَتَا مُعْتَادَتَيْنِ مُتَعَارَفَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ لَا مَا كَانَ سَرَفًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِبَلَدَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَا بِبَلَدٍ أَوْ بِبَلَدَيْنِ مُتَّفِقَيْ السِّعْرِ بَلْ، وَإِنْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ سَوَاءٌ كَانَا وَطَنَيْنِ لَهُمَا أَوْ غَيْرَ وَطَنَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَيَّنَّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ اخْتِلَافُ السِّعْرِ فِي الْبَلَدَيْنِ بَيِّنًا وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عج وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ وَالسِّعْرُ مُتَقَارِبٌ فَجُعِلَ الشَّرْطُ الْآتِي رَاجِعًا لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا قَعَدَ لِلتَّجْرِ) أَيْ وَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ فِي تَجْرِهِ وَشَأْنُ النَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ الْقِلَّةُ فَلِذَلِكَ اُغْتُفِرَ اخْتِلَافُ السِّعْرِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ. (قَوْلُهُ كَعِيَالِهِمَا) دَخَلَ فِي الْعِيَالِ الزَّوْجَةُ وَالْخَادِمُ وَالْأَوْلَادُ فَهُوَ شَامِلٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ عِيَالَ الرَّجُلِ مَنْ يَعُولُهُمْ وَيُمَوِّنُهُمْ (قَوْلُهُ بِبَلَدٍ. . . إلَخْ) أَيْ كَانَتْ عِيَالُهُمَا بِبَلَدٍ أَوْ بَلَدَيْنِ (قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِيَالِ) وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى النَّفْسِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمَالَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ نَفَقَةُ كُلٍّ وَكِسْوَتُهُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ حُسِبَا رَاجِعٌ لِلنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَهَذَا إنْ بُنِيَ الْفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ فَإِنْ بُنِيَ لِلْفَاعِلِ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلشَّرِيكَيْنِ وَنَفَقَةُ كُلٍّ إلَخْ مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْأَهْلِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِمْ أَيْ بِالْعِيَالِ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ أَفْرَدَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِيَالِ الْأَهْلُ أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْإِنْفَاقِ. (قَوْلُهُ لَا عَلَى نَفْسِهِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ النَّقْلُ بِخِلَافِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عِيَالٌ وَوَلَدٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عِيَالٌ وَلَا وَلَدٌ حَسْبُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَنْفَقَ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ بَهْرَامَ وَغَيْرِهِمَا فَقَوْلُهَا حَسْبُ كُلِّ وَاحِدٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الَّذِي لَا عِيَالَ لَهُ يَحْسِبُ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّ الْآخَرَ يَحْسِبُ الْجَمِيعَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ الْمُتَقَدِّم

أَنَّ شَأْنَ الْأُولَى الْيَسَارَةُ وَلِأَنَّهَا مِنْ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْعِيَالِ فِي الْوَجْهَيْنِ (وَإِنْ اشْتَرَى) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ (جَارِيَةً لِنَفْسِهِ) بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لِخِدْمَةٍ أَوْ وَطْءٍ وَلَمْ يَطَأْ (فَلِلْآخَرِ رَدُّهَا) لِلشِّرْكَةِ وَإِمْضَاؤُهَا بِالثَّمَنِ، فَإِنْ وَطِئَ كَانَتْ لَهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ الْحَمْلِ إنْ حَمَلَتْ وَلَا خِيَارَ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا (لِلْوَطْءِ) وَوَطِئَ بِالْفِعْلِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَطْءِ أَوْ الْإِذْنِ فَمَتَى وَطِئَ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهَا وَلَوْ لَمْ يَطَأْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ فَالْأَصْوَبُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَطْءِ أَوْ بِإِذْنِهِ لَكِنْ فِي الْإِذْنِ يَمْضِي بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَسْلَفَهُ نِصْفَ ثَمَنِهَا وَفِي الْوَطْءِ بِالْقِيمَةِ. (وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً) اُشْتُرِيَتْ (لِلشِّرْكَةِ) فَلَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ إحْدَاهَا أَنْ يَطَأَهَا (بِإِذْنِهِ) فَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا حَمَلَتْ أَمْ لَا أَيْسَرَ أَمْ لَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ لَكِنْ إذَا لَمْ تَحْمِلْ وَأَعْسَرَ بِيعَتْ فِيمَا وَجَبَ لِشَرِيكِهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا تُرَدُّ لِلشِّرْكَةِ وَإِنْ حَمَلَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَمْ تُبَعْ وَلَوْ أَعْسَرَ وَإِنَّمَا يَتْبَعُهُ بِمَالِهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِتَخَلُّفِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِالْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ، ثَانِيهَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) وَطِئَهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ) عَلَى وَاطِئِهَا وُجُوبًا إنْ أَيْسَرَ وَجَوَازًا إنْ أَعْسَرَ إذْ لِشَرِيكِهِ إبْقَاؤُهَا لِلشِّرْكَةِ فِي الْإِعْسَارِ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّقْوِيمَ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَالِهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَأَنْ يَلْزَمَهُ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهَا أَيْ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ بَعْدَ وَضْعِهَا وَلَا يُبَاعُ الْوَلَدُ لِحُرِّيَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنَ نَصِيبِهِ بِمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ اتَّبَعَهُ بِالْبَاقِي كَمَا يَتْبَعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ فِي قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ حَالَةَ الْعُسْرِ لَا فِي يُسْرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَطِئَهَا بِلَا إذْنِهِ لَكِنَّهُ بِيُسْرِهِ قَدْ مَلَكَ جَمِيعَهَا بِالْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَدَمُ الْإِلْغَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا قَالَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إنَّ شَأْنَ الْأُولَى) أَيْ النَّفَقَةِ عَلَى النَّفْسِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا مِنْ التِّجَارَةِ) أَيْ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ التِّجَارَةِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إنَّ مَثَلَ الْمُتَفَاوِضِينَ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْإِخْوَةِ يَمُوتُ أَبُوهُمْ وَيَبْقَى الْمَالُ بِيَدِهِمْ يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَكْتَسُونَ وَرُبَّمَا تَزَوَّجَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ أَوْ حَجَّ فَتُلْغَى نَفَقَتُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ وَلَوْ حَصَلَ تَفَاوُتٌ فِيهِمَا وَلَوْ حَصَلَ اخْتِلَافٌ فِي الْأَنْصِبَاءِ، وَكَذَلِكَ تُلْغَى النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ عَلَى عِيَالِ الْوَرَثَةِ إنْ تَقَارَبَتْ الْعِيَالُ وَإِلَّا حُسِبَتْ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ كَمَا أَنَّهُ يُحْسَبُ ذَلِكَ إذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعِيَالِ وَيُرْجَعُ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أَوْ حَجَّ بِمَا تَزَوَّجَ أَوْ حَجَّ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَطَأْ) أَيْ وَاطَّلَعَ شَرِيكُهُ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ وَطِئَ) أَيْ، فَإِنْ اطَّلَعَ شَرِيكُهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وَطِئَ (قَوْلُهُ أَوْ الْحَمْلُ إنْ حَمَلَتْ) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوَطْءِ إذَا حَمَلَتْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا وَلَمْ تَحْمِلْ تَكُونُ لَهُ بِالْقِيمَةِ وَلَا خِيَارَ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي ح مِنْ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَحْمِلْ سَوَاءٌ وُطِئَتْ أَوْ لَمْ تُوطَأْ فَإِنَّ غَيْرَ الْوَاطِئِ يُخَيَّرُ فِي رَدِّهَا لِلشِّرْكَةِ أَوْ تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ يَوْمَ الْوَطْءِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ التَّخْيِيرَ هُنَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَحْمِلْ سَوَاءٌ وُطِئَتْ أَمْ لَا لَا بِمَا إذَا لَمْ تُوطَأْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ) مَعْنَى هَذِهِ النُّسْخَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الثَّمَنُ وَطِئَ أَمْ لَا، وَلَا خِيَارَ لِلْآخَرِ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ إلَّا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى اشْتَرَاهَا بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْوَطْءِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الثَّمَنُ وَطِئَهَا أَمْ لَا وَلَا خِيَارَ لِشَرِيكِهِ اُنْظُرْ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ تَحْمِلَ أَوْ لَا فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِإِذْنِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الثَّمَنُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَطِئَ أَمْ لَا وَلَا خِيَارَ لِشَرِيكِهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ خُيِّرَ شَرِيكُهُ إذَا لَمْ تَحْمِلْ بَيْنَ رَدِّهَا لِلشِّرْكَةِ وَإِلْزَامِهَا لَهُ الثَّمَنَ هَذَا إذَا لَمْ تُوطَأْ وَإِنْ وُطِئَتْ خُيِّرَ بَيْنَ رَدِّهَا لِلشِّرْكَةِ وَإِلْزَامِهَا لَهُ بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ حَمَلَتْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْءِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا خِيَارَ لِشَرِيكِهِ. (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ بِالْوَطْءِ أَوْ الْإِذْنِ فِي شِرَائِهَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْوَطْءِ مُخَيَّرٌ فِي رَدِّهَا لِلشِّرْكَةِ وَتَقْوِيمِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ وَطِئَهَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَلِلْآخَرِ رَدُّهَا إلَّا أَنْ تُوطَأَ أَوْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ وَطْئِهَا وَلَوْ لَمْ تَحْمِلْ يُفِيتُ خِيَارَ غَيْرِ الْوَاطِئِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ يَمْضِي) أَيْ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ فَتَقُومُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ بِيعَتْ فِيمَا وَجَبَ لِشَرِيكِهِ مِنْ الْقِيمَةِ) أَيْ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مُوسِرًا كَانَ لَهُ أَيْضًا بَيْعُهَا فِيمَا وَجَبَ لِشَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَلَا تُرَدُّ لِلشِّرْكَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي وَطْئِهَا إخْرَاجٌ لَهَا عَنْ مَالِ الشِّرْكَةِ وَتَمْلِيكٌ لِشَرِيكِهِ (قَوْلُهُ بِالْإِذْنِ) أَيْ بِسَبَبِ الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ أَيْ لِلُزُومِ الْقِيمَةِ لِلْوَاطِئِ يَوْمَ الْوَطْءِ فَهُوَ أَيْ الْوَلَدُ مُتَخَلِّقٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَزِمَهُ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهَا إلَخْ) عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ عَدَّهُمْ أَمَةَ الشِّرْكَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا أُمُّ الْوَلَدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَطِئَهَا مُعْسِرًا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لَا كُلُّهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ابْنِ نَاجِيٍّ مِنْ بَيْعِهَا كُلِّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُنْظُرْ عبق، وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي المج عَلَى بَيْعِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي قِسْمَيْ التَّخْيِيرِ) أَيْ بَيْنَ إبْقَائِهَا لِلشِّرْكَةِ وَبَيْنَ تَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاعُ

بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ وَقِيمَتُهَا فِي الْعُسْرِ يَوْمَ الْحَمْلِ وَفِي الْيُسْرِ قَبْلَ يَوْمِ الْوَطْءِ وَقِيلَ يَوْمَ الْحَمْلِ قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ وَحَمَلَتْ قَيْدٌ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَأَشَارَ لِلْحَالَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) تَحْمِلُ فِي الْوَطْءِ بِغَيْرِ إذْنٍ (فَلِلْآخَرِ إبْقَاؤُهَا) لِلشِّرْكَةِ (أَوْ مُقَاوَاتُهَا) بِأَنْ يَتَزَايَدَ فِيهَا حَتَّى تَقِفَ عَلَى عَطَاءِ أَحَدِهِمَا فَيَأْخُذَهَا بِهِ لَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى تَقْوِيمُهَا عَلَى الْوَاطِئِ أَيْ يُخَيَّرُ غَيْرُ الْوَاطِئِ فِي إبْقَائِهَا وَتَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْقِيمَةَ أَخَذَهَا مِنْ الْوَاطِئِ إنْ أَيْسَرَ وَاتَّبَعَهُ إنْ عُسْرَ أَوْ يَلْزَمُهُ بِبَيْعِ مَا يَفِي بِحِصَّتِهِ مِنْهَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شِرْكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَتْبَعَهَا بِشِرْكَةِ الْعِنَانِ فَقَالَ. [دَرْسٌ] (وَإِنْ اشْتَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ فَعِنَانٌ) أَيْ فَهِيَ شِرْكَةُ عِنَانٍ أَيْ تُسَمَّى بِذَلِكَ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَا تُقَادُ بِهِ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَ بِعِنَانِ صَاحِبِهِ لَا يُطْلِقُهُ يَتَصَرَّفُ حَيْثُ شَاءَ وَلِذَا لَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفَ الْمُطْلَقَ دُونَ الْآخَرِ هَلْ تَكُونُ مُفَاوَضَةً فِيمَنْ أَطْلَقَ لَهُ وَعِنَانًا فِيمَنْ قَيَّدَ عَلَيْهِ أَوْ فَاسِدَةً وَاسْتُظْهِرَ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا جَاءَ فِيهَا وَلِأَنَّ هَذِهِ فِيهَا تَفَاوُتٌ فِي الْعَمَلِ (وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ) ذَكَرٍ (وَذِي طِيَرَةٍ) مِمَّا يَشْتَرِكُ فِي الْحَضْنِ كَحَمَامٍ لَا دَجَاجٍ وَإِوَزٍّ وَلَا غَيْرَ طَيْرٍ كَحُمُرٍ وَخَيْلٍ وَرَقِيقٍ (أَنْ يُنْفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ فِي الْفِرَاخِ) الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لَا فِي الْبَيْضِ وَنَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِهَا. (و) وَإِنْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ (اشْتَرِ) كَذَا (وَلِي وَلَك) وَالثَّمَنُ بَيْنَنَا فَاشْتَرَاهَا (فَوَكَالَةٌ) فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ فِي النِّصْفِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلْآمِرِ فَيُطَالِبُهُ بِثَمَنِهِ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَقَوْلُهُ فَوَكَالَةٌ أَيْ وَشِرْكَةٌ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ فِي الْمَقَامِ وَمِنْ قَوْلِهِ لِي وَلَك، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَتَخْفَى فَلِذَا نَصَّ عَلَيْهَا (وَجَازَ) لِرَجُلٍ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي وَلَك (وَانْقُدْ) مَا يَخُصُّنِي مِنْ الثَّمَنِ (عَنِّي) ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ مَعَهُ وَهُوَ سَلَفُهُ لَهُ مَعَ تُوَلِّي الشِّرَاءِ عَنْهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ لَمْ يَقُلْ) السَّائِلُ (و) أَنَا (أَبِيعُهَا لَك) أَيْ عَنْك أَيْ أَنَا أَتَوَلَّى بَيْعَهَا عَنْك، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَكَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِمَا لَكِنْ يَغْرَمُ الْوَاطِئُ فِيهِمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ) هَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْوَلَدِ هَلْ يَلْزَمُ لَهُ قِيمَةٌ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ غَرِمَ الْوَاطِئُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الْوَلَدِ، وَإِنْ قُلْنَا يَوْمَ الْوَطْءِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِتَخَلُّقِ الْوَلَدِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَاوَاتُهَا) الْمُقَاوَاةُ هِيَ الْمُزَايَدَةُ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَاتَّبَعَهُ) أَيْ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَوْ يَلْزَمُهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاتَّبَعَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ شَرَطَا) أَيْ، وَإِنْ شَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ نَفْيَ الِاسْتِقْلَالِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَالْكِرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ صَرِيحُ ابْنِ يُونُسَ وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَنَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ لَا ابْتِدَاءً لِفَقْدِ الْعِلْمِ وَالْوُجُودِ فِي الْفِرَاخِ الَّتِي حَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا (قَوْلُهُ لَا دَجَاجَ وَإِوَزَّ) أَيْ لِانْفِرَادِ الْأُنْثَى مِنْهُمَا بِالْحَضْنِ دُونَ ذَكَرِهِمَا، فَإِنْ دَفَعَ أَحَدٌ بَيْضًا لِذِي دَجَاجَةٍ أَوْ إوَزَّةٍ لِيُرْقِدَهُ تَحْتَهَا وَيَشْتَرِكَا فِي الْفِرَاخِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مِثْلُ بَيْضِهِ كَمَنْ دَفَعَ بَذْرًا لِمَنْ يَزْرَعُهُ فِي أَرْضِهِ. (قَوْلُهُ أَنْ يُنْفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ) أَيْ مُنَاصَفَةً إنْ كَانَتْ قِيمَةُ عَمَلِ الطَّيْرِ قَدْرَ قِيمَةِ عَمَلِ الطَّيْرَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ عَمَلِ الطَّيْرِ تَسَاوِي نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِ الطَّيْرَةِ فَعَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَقَوْلُهُ أَنْ يُنْفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ فِي الْفِرَاخِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ طَيْرٍ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ الَّذِي فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَحَلُّ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَمَامِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا يَمْلِكُهُ بِنِصْفِ مَا يَمْلِكُهُ الْآخَرُ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ مُطْلَقًا فِي الْحَمَامِ وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَنَفَقَةُ كُلٍّ) أَيْ إذَا حَصَلَتْ الشِّرْكَةُ فِي الْفِرَاخِ مَعَ بَقَاءِ كُلِّ طَيْرٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ فَيُطَالِبُهُ بِثَمَنِهِ) هَذَا فَائِدَةُ الْوَكَالَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ الْمَأْمُورِ وَكِيلًا فِي شِرَاءِ النِّصْفِ لِلْآمِرِ أَنْ يُطَالِبَ ذَلِكَ الْمَأْمُورَ ابْتِدَاءً بِالثَّمَنِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَتَقَدَّمَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ وَلَا يَبِيعُ الْمَأْمُورُ النِّصْفَ الَّذِي لِلْآمِرِ إلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَاصِرَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ كَلَامُ الشَّارِحِ أَنَّ بَيْعَ الْمَأْمُورِ نِصْفَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ الْآمِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ شِرْكَةِ الْعِنَانِ يُفِيدُ أَنَّهَا مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَتَخْفَى) اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ لِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ الِالْتِفَاتُ لِمَجْمُوعِ قَوْلِهِ لِي وَلَك وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشِّرْكَةِ وَالِالْتِفَاتُ لِخُصُوصٍ لِي خَفِيَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَانْقُدْ مَا يَخُصُّنِي مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَهُوَ وَكَالَةٌ وَشِرْكَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ صَنَعَهُ) أَيْ الْمَأْمُورُ مَعَ الْآمِرِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ سَلَّفَهُ أَيْ سَلَّفَ الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ وَقَوْلُهُ مَعَ تُوَلِّي الشِّرَاءِ أَيْ مَعَ تَوَلِّي الْمَأْمُورِ الشِّرَاءَ عَنْ الْآمِرِ (قَوْلُهُ أَيْ عَنْك) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ اللَّامَ فِي لَك بِمَعْنَى عَنْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ سِلْعَةَ الشَّخْصِ لَا تُبَاعُ لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ سَلَّفَ الْآمِرَ وَقَدْ جَرَّ ذَلِكَ السَّلَفُ نَفْعًا لِلْمَأْمُورِ وَهُوَ تَوَلِّي الْآمِرِ الْبَيْعَ لِحِصَّةِ ذَلِكَ الْمَأْمُورِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ السِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِذَا عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ النَّقْدِ أَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ بِنَقْدِ ثَمَنِ حِصَّتِهِ وَيَتَوَلَّى بَيْعَهَا، وَإِنْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ النَّقْدِ أَمَرَ الْمَنْقُودَ عَنْهُ بِدَفْعِ

وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، فَإِنْ بَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (حَبْسُهَا) أَيْ السِّلْعَةِ فِي نَظِيرِ مَا نَقَدَهُ عَنْ الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الشَّرْطِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمُطَالَبَةُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْآمِرُ اُنْقُدْ عَنِّي (وَاحْبِسْهَا) عِنْدَك حَتَّى أُوَفِّيَك (فَكَالرَّهْنِ) فِي كَوْنِهِ أَحَقُّ بِهَا وَفِي الضَّمَانِ أَيْ يَكُونَ لَهُ حَبْسُهَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا ضَمَانَ الرَّهْنِ وَلَهُ حَبْسُهَا أَيْضًا إنْ كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يُخْشَى لَدَدُهُ وَلِمَا ذُكِرَ مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُسَلِّفًا ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ الْمُسَلِّفُ غَيْرَهُ فَقَالَ (وَإِنْ أَسْلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي) مِنْ آمِرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُقْتَرِضِ أَمْ لَا (جَازَ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ) الشَّرِيكِ (الْمُشْتَرِي) الْمُتَسَلِّفِ فَيَمْنَعُ لِجَرِّهِ نَفْعًا لِلْمُسَلِّفِ وَلِذَا لَوْ كَانَ الْمُسَلِّفُ أَجْنَبِيًّا وَقَصَدَ نَفْعَ الْمَأْمُورِ فَقَدْ جَازَ ثُمَّ ذَكَرَ شِرْكَةَ الْجَبْرِ الَّتِي قَضَى بِهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ بِهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ بِقَوْلِهِ (وَأُجْبِرَ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الشِّرْكَةِ أَيْ تَشْرِيك الْغَيْرِ مَعَهُ (إنْ اشْتَرَى شَيْئًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (بِسُوقِهِ) أَيْ سُوقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تُجَّارِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِيهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ فِي الْبَلَدِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِبَيْتِهِ أَوْ بِحَانُوتٍ لَيْسَ فِي سُوقِهِ أَوْ فِي زُقَاقٍ أَوْ لَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِيَتَّجِرَ بِهِ فِي بَلَدٍ أُخْرَى. وَلِذَا قَالَ (لَا لِكَسَفَرٍ) بِهِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ (و) لَا (قُنْيَةٍ) وَإِقْرَاءِ ضَيْفٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ إهْدَاءٍ وَصُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ (وَغَيْرُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَاهُ فِي غَيْبَتِهِ وَمِمَّا إذَا تَزَايَدَ مَعَهُ أَوْ كَانَ الْحَاضِرُ لَيْسَ مِنْ تُجَّارِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَا جَبْرَ (وَهَلْ) يُجْبَرُ (و) إنْ اشْتَرَاهَا (فِي الزُّقَاقِ) أَيْ الطَّرِيقِ (لَا كَبَيْتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا نَقَدَ عَنْهُ مُعَجَّلًا وَلَوْ اشْتَرَطَ تَأْجِيلَهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْآمِرِ الْبَيْعَ أَيْ لِحِصَّةِ الْمُسَلِّفِ الَّذِي هُوَ الْمَأْمُورُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ بَاعَ) أَيْ الْآمِرُ تِلْكَ السِّلْعَةَ (قَوْلُهُ فِي كَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا) أَيْ عِنْدَ مَوْتِ الْآمِرِ أَوْ فَلَسِهِ (قَوْلُهُ أَيْ يَكُونُ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ حَبْسُهَا حَتَّى يَقْبِضَ مَا نَقَدَهُ عَنْ الْآمِرِ وَيَكُونُ الْمَأْمُورُ أَحَقَّ بِهَا فِي مَوْتِ الْآمِرِ وَفِي فَلَسِهِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ الرَّهْنِ) أَيْ إذَا ادَّعَى تَلَفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ضَمِنَهَا إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ. فَإِنْ قُلْت إنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَكَالرَّهْنِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ اُنْقُدْ عَنِّي وَاحْبِسْهَا عِنْدَك حَتَّى أُوَفِّيَك كَانَتْ رَهْنًا حَقِيقَةً وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَكَالرَّهْنِ الْمُصَرَّحِ فِيهِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ هَذَا مِنْ جُزْئِيَّاتِ الرَّهْنِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ. وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِمَنْعِ كَوْنِ هَذَا رَهْنًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الرَّهْنِ وَهَذَا لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّشْبِيهُ ظَاهِرٌ وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَحْتَاجُ لِلَّفْظِ مُصَرَّحٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ كَانَ) أَيْ الْمُسَلِّفُ وَقَوْلُهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُقْتَرِضِ الْأَوْلَى مِنْ نَاحِيَةِ الْآمِرِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ السَّلَفُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَسْلَفَ أَوْ الْمُرَادُ جَازَ أَيْ الْعَقْدُ الْمُحْتَوِي عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي) أَيْ مَعْرِفَتُهُ وَوَجَاهَتُهُ وَجَاهُهُ وَإِنَّمَا أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إلَّا لِكَبَصِيرَتِهِ لَتَوَهَّمَ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَوْدُهُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُضَافِ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ قَيْدٌ لَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِجَرِّهِ نَفْعًا لِلْمُسَلِّفِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْآمِرُ هُوَ الْمُسَلِّفُ، وَكَذَا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ نَاحِيَةٍ كَصَدِيقِهِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ الْآمِرِ حِينَئِذٍ نَفْعٌ لِلْمُسَلِّفِ (قَوْلُهُ بِسُوقِهِ) هَذَا شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ الْجَبْرِ عَلَى الشِّرْكَةِ وَهِيَ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ فِي الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِسُوقِهِ وَأَنْ يَكُونَ شِرَاؤُهُ لِلتِّجَارَةِ وَأَنْ تَكُونَ التِّجَارَةُ بِهِ فِي الْبَلَدِ، وَثَلَاثٌ فِي الْمُشْتَرَكِ بِالْفَتْحِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا فِي السُّوقِ وَقْتَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تُجَّارِ تِلْكَ السِّلْعَةِ الَّتِي بِيعَتْ بِحَضْرَتِهِ وَأَلَّا يَتَكَلَّمَ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْجَبْرِ إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُشْتَرِي لِلْحَاضِرِينَ مِنْ التُّجَّارِ وَيَقُولُ لَهُمْ أَنَا لَا أُشَارِكُ أَحَدًا مِنْكُمْ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَزِيدَ زَادَ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجَبْرِ الْمَذْكُورَةِ فَالظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ جَبْرُهُ عَلَى الشِّرْكَةِ، وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ حَيْثُ كَانَ مَا اشْتَرَى بَاقِيًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفْصَلَ فِيهِ كَالشُّفْعَةِ فَلَا جَبْرَ بَعْدَ السَّنَةِ، ثُمَّ إنَّ عُهْدَةَ الدَّاخِلِ الَّذِي أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى دُخُولِهِ مَعَهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَصْلِيِّ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي أُجْبِرَ عَلَى مُشَارَكَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا إلَخْ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْحَاضِرُونَ لِشِرَائِهِ عَلَى مُشَارَكَتِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ تَكَلُّمِهِمْ، وَأَمَّا إنْ حَضَرُوا السَّوْمَ وَقَالُوا لَهُ أُشْرِكْنَا فَأَجَابَهُمْ بِنَعَمْ أَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى مُشَارَكَتِهِ إنْ طَلَبَ كَمَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى مُشَارَكَتِهِمْ إنْ طَلَبُوا. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تُجَّارِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تُجَّارِ ذَلِكَ السُّوقِ بَلْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ التِّجَارَةِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيمَنْ يُرِيدُ الْمُشْتَرِي مُشَارَكَتَهُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِلتِّجَارَةِ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِبَيْتِهِ) أَيْ بِبَيْتِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَوْ لِيَتَّجِرَ بِهِ فِي بَلَدٍ أُخْرَى) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً لَا يُسَمَّى السَّيْرُ إلَيْهَا سَفَرًا عُرْفًا مَا لَمْ يَكُنْ الْبَلَدَانِ فِي مَعْنَى الْبَلَدِ الْوَاحِدِ كَمِصْرِ وَبُولَاقَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ) كَكَثْرَةِ مَا اشْتَرَاهُ لِلْقُنْيَةِ بِدَعْوَاهُ أَوْ تَرَكَ السَّفَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ مِنْ تُجَّارِهِ) أَيْ مِنْ تُجَّارِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَمْ لَا

أَيْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلَانِ) أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْجَبْرِ ثُمَّ ذَكَرَ شِرْكَةَ الْعَمَلِ وَتُسَمَّى شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ أَيْضًا فَقَالَ (وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ) أَيْ فِيهِ بِشُرُوطٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ اتَّحَدَ) كَخَيَّاطَيْنِ (أَوْ تَلَازَمَ) بِأَنْ تَوَقَّفَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا عَلَى عَمَلِ الْآخَرِ كَأَنْ يَنْسِجَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يُنِيرُ وَيَدُورُ وَكَأَنْ يَغُوصَ أَحَدُهُمَا لِطَلَبِ اللُّؤْلُؤِ وَالثَّانِي يُمْسِكُ عَلَيْهِ وَيَجْذِفُ (وَتَسَاوَيَا فِيهِ) أَيْ فِي الْعَمَلِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ عَمَلِهِ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَالْآخَرِ الثُّلُثُ لَمْ يَجُزْ إلَّا فَضُّ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ (أَوْ تَقَارَبَا) فِيهِ عُرْفًا بِأَنْ يَزِيدَ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْعَمَلِ شَيْئًا قَلِيلًا وَقَسَمَا عَلَى النِّصْفِ أَوْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ يَسِيرًا وَقَسَمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ (وَحَصَلَ التَّعَاوُنُ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ) كَخَيَّاطَيْنِ بِحَانُوتَيْنِ تَجُولُ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِي الْآخَرِ. وَلَمَّا كَانَ مَا قَدَّمَهُ فِي صَنْعَةٍ لَا آلَةَ فِيهَا أَوْ فِيهَا آلَةٌ لَا بَالَ لَهَا كَالْخِيَاطَةِ ذُكِرَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ لِآلَةٍ لَهَا بَالٌ كَالصِّيَاغَةِ وَالنَّجَّارَةِ وَالصَّيْدِ بِالْجَوَارِحِ هَلْ يُزَادُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْآلَةِ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ لَا؟ فَقَالَ (وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (آلَةً) مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ كُلٌّ نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ وَهُوَ ظَاهِرُهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ وَقَعَ مُضِيٌّ (و) فِي جَوَازِ (اسْتِئْجَارِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (مِنْ الْآخَرِ) كَأَنْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا آلَةً وَاسْتَأْجَرَ كُلٌّ نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ (أَوْ لَا بُدَّ) لِلْجَوَازِ (مِنْ مِلْكٍ) بِأَنْ يَمْلِكَاهَا مَعًا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ (أَوْ كِرَاءٍ) لَهَا مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَصِيرَ ضَمَانُهَا مِنْهُمَا مَعًا فَهَاتَانِ لَيْسَتَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَبَاعَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ نِصْفَهَا بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ (تَأْوِيلَانِ) فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي الْجَوَازِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُصَنِّفِ لَا فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا. وَمَثَّلَ لِشَرِكَةِ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ (كَطَبِيبَيْنِ) اتَّحَدَ طِبُّهُمَا كَكَحَّالَيْنِ أَوْ تَلَازَمَ (اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ وَصَائِدَيْنِ) اشْتَرَكَا (فِي الْبَازَيْنِ) مَثَلًا بِمِلْكٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْآلَةِ أَوْ بَازٍ لِأَحَدِهِمَا وَكَلْبٍ لِلْآخَرِ لِلتَّلَازُمِ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ اتَّفَقَا فِي الْمَصِيدِ وَالْمَكَانِ وَفِي مِلْكِ ذَاتِهِمَا أَوْ الْجَوَازِ (وَإِنْ افْتَرَقَا) فِي الْمَصِيدِ كَأَنْ يَصْطَادَ أَحَدُهُمَا الْغَزَالَ وَالْآخَرُ بَقَرَ الْوَحْشِ أَوْ فِي الْمَكَانِ أَوْ فِي الْمِلْكِ بِأَنْ يَمْلِكَ أَحَدُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْجَبْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الزُّقَاقُ نَافِذًا (قَوْلُهُ وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ) أَيْ وَلَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَيَجْذِفُ) أَيْ يَقْذِفُ بِالْمِقْذَافِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ عَمَلِهِ، وَأَمَّا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ حَقِيقَةً فَلَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلٍّ مِنْهُمَا آلَةً إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهَا إمَّا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَإِمَّا بِاسْتِئْجَارٍ مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَصِيرَ ضَمَانُهَا مِنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُهَا) أَيْ وَتَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لَوْ وَقَعَ) أَيْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ أَحَدُهُمَا نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ. (قَوْلُهُ وَفِي اسْتِئْجَارِهِ إلَخْ) أَيْ وَاخْتَلَفَ أَيْضًا إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِهِ وَأَجَّرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ أَوْ أَخْرَجَ هَذَا آلَةً وَهَذَا آلَةً وَأَجَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكِهِمَا لَهَا مِلْكًا وَاحِدًا بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إكْرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ كَأَنْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا آلَةً) أَيْ أَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْآلَةَ مِنْ عِنْدِهِ وَاسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْآخَرُ نِصْفَهَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَعُلِمَ أَنَّ صُوَرَ الْخِلَافِ ثَلَاثَةٌ: إخْرَاجُ كُلِّ وَاحِدٍ آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَسْتَأْجِرْ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ وَهَذِهِ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ آلَةٍ، وَالثَّانِيَةُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا الْآلَةَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِهِ وَآجَرَ نِصْفَهَا لِصَاحِبِهِ، وَالثَّالِثَةُ إخْرَاجُ كُلٍّ مِنْهُمَا آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ وَأَجَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ آلَتِهِ بِنِصْفِ آلَةِ الْآخَرِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَشْمَلُهُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي اسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ فَهَاتَانِ) أَيْ مِلْكُهُمَا مَعًا لِلْآلَةِ أَوْ كِرَاؤُهُمَا مَعًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ لَيْسَتَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ) أَيْ بَلْ جَائِزَتَانِ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَبَاعَ إلَخْ تَشْبِيهٌ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَعُلِمَ أَنَّ الصُّوَرَ الْمُتَّفَقَ عَلَى جَوَازِهَا ثَلَاثَةٌ كَمَا أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْجَوَازِ) أَيْ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ لَا فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا أَيْ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا بُدَّ أَيْ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ اتَّحَدَ طِبُّهُمَا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ طِبُّهُمَا كَكَحَّالٍ وَجَرَائِحِيٍّ لَمْ تَجُزْ لِلْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَرُوجُ صَنْعَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ صَنْعَةِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وِفَاقًا وَخِلَافًا وَلَا يُقَالُ حَيْثُ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ كَانَتْ شِرْكَةَ أَمْوَالٍ لَا أَبْدَانٍ وَالْكَلَامُ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الشِّرْكَةُ فِي الدَّوَاءِ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَالْمَقْصُودُ الشِّرْكَةُ فِي التَّطْبِيبِ (قَوْلُهُ اشْتَرَكَا فِي الْبَازَيْنِ مَثَلًا بِمِلْكٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ بَازٍ مَمْلُوكًا لَهُمَا (قَوْلُهُ وَهَلْ، وَإِنْ افْتَرَقَا إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ

بَازَهُ وَالثَّانِي مَنْفَعَةَ الْآخَرِ (رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا و) كَاشْتِرَاكِ (حَافِرَيْنِ بِكَرِكَازٍ وَمَعْدِنٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْبِئْرَ وَالْعَيْنَ وَنَحْوَهُمَا إنْ اتَّحَدَ الْمَوْضِعُ وَنَكَّرَ مَعْدِنَ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الْمَعَادِنِ (وَلَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ بَقِيَّتَهُ) أَيْ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ فِي الْمَعْدِنِ (وَأَقْطَعَهُ الْإِمَامُ) لِمَنْ شَاءَ مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَقَيَّدَ) عَدَمَ اسْتِحْقَاقِ وَارِثِهِ بَقِيَّتَهُ (بِمَا لَمْ يَبْدُ) النَّيْلُ بِعَمَلِ الْمُورِثِ، فَإِنْ بَدَا أَيْ ظَهَرَ اسْتَحَقَّ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ (وَلَزِمَهُ) أَيْ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ (مَا يَقْبَلُهُ صَاحِبُهُ) فَيَلْزَمُهُ الْعَمَلُ مَعَهُ فِيهِ (و) يَلْزَمُهُ (ضَمَانُهُ) أَيْ ضَمَانُ مَا يَقْبَلُهُ صَاحِبُهُ إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ أَيْ يَشْتَرِك مَعَهُ فِي ضَمَانِهِ (وَإِنْ تَفَاصَلَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتِرَاطَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْبَازَيْنِ أَوْ الْكَلْبَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِذَلِكَ عَدَمُ افْتِرَاقِهِمَا أَيْ فِي الْمَكَانِ وَالطَّلَبِ أَيْ وَيُكْتَفَى بِالْأَوَّلِ فَقَطْ وَهَذَا خِلَافُ الْفِقْهِ إذْ الْفِقْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمِلْكِ وَاتِّحَادِ طَلَبِهِمَا أَيْ مَطْلُوبِهِمَا بِأَنْ كَانَ مَا يَطْلُبُهُ أَحَدُ الْبَازَيْنِ وَيَقْصِدُهُ يَطْلُبُهُ الْآخَرُ وَيَقْصِدُهُ، وَمِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ عَدَمُ افْتِرَاقِهِمَا فِي الْمَكَانِ وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَنَّ الْمَدَارَ فِي جَوَازِ الشِّرْكَةِ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، أَمَّا اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْمِلْكِ اتَّحَدَ الْمَصِيدُ أَوْ اخْتَلَفَ اتَّحَدَ الْمَكَانُ أَوْ اخْتَلَفَ، وَأَمَّا اتِّحَادُهُمَا فِي الطَّلَبِ أَيْ اتِّحَادُ مَطْلُوبِهِمَا فَإِذَا اتَّحَدَ أَجْزَأَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ اشْتِرَاكٌ فِي الْمِلْكِ. إذَا عَلِمْت هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ إنْ اتَّفَقَا فِي الْمِلْكِ وَالطَّلَبِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَافٍ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا وَشَارِحُنَا حَاوَلَ فِي كَلَامِهِ حَتَّى أَجْرَى الْمُصَنَّفَ عَلَى الْفِقْهِ لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ الْجَوَازُ، وَإِنْ افْتَرَقَا فِي الْمَصِيدِ أَوْ فِي الْمَكَانِ أَيْ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي مِلْكِهِمَا وَقَوْلُهُ أَوْ فِي الْمِلْكِ أَيْ مَعَ اتِّحَادِهِمَا فِي الطَّلَبِ. (قَوْلُهُ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا) لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَصِيدَا بِبَازَيْهِمَا وَكَلْبَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَمْلِكَا رِقَابَهُمَا أَوْ يَكُونَ الْكَلْبَانِ وَالْبَازَانِ طَلَبُهُمَا وَاحِدٌ لَا يَفْتَرِقَانِ فَجَائِزٌ اهـ عِيَاضٌ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِالْوَاوِ وَأَوْ وَعَزَا الرِّوَايَةَ بِأَوْ لِأَكْثَرِ النُّسَخِ وَلِرِوَايَتِهِ عَنْ شُيُوخِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ ثَلَاثَةٌ إنْ اتَّحَدَ طَلَبُهُمَا بِأَنْ اتَّفَقَ الْبَازَانِ فِي الْمَصِيدِ وَالْمَكَانِ وَحَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِي مِلْكِ ذَاتِهِمَا جَازَتْ الشِّرْكَةُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاشْتِرَاكُ فِي ذَاتِهِمَا وَلَمْ يَتَّحِدْ طَلَبُهُمَا بِأَنْ كَانَ مَصِيدُ أَحَدِهِمَا الطَّيْرُ وَالْآخَرُ الْوَحْشُ مُنِعَتْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ اشْتِرَاكٌ فِي ذَاتِهِمَا وَاخْتَلَفَ طَلَبُهُمَا أَوْ اتَّحَدَ طَلَبُهُمَا وَلَمْ يَحْصُلْ اشْتِرَاكٌ فِي ذَاتِهِمَا فَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فَتَجُوزُ الشِّرْكَةُ عَلَى رِوَايَةِ أَوْ لَا عَلَى رِوَايَةٍ الْوَاوِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَكَاشْتِرَاكِ حَافِرَيْنِ بِكَرِكَازٍ) أَيْ فِي الْحَفْرِ عَلَى رِكَازٍ وَمَعْدِنٍ أَوْ فِي حَفْرِ بِئْرٍ إلَخْ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى جَوَازِ الشِّرْكَةِ فِي الْحَفْرِ عَلَى الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ وَالْآبَارِ وَالْعُيُونِ وَكَذَا الْبُنْيَانُ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْفِرَ هَذَا فِي غَارٍ فِيهِ مَعْدِنٌ وَهَذَا فِي غَارٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ) أَيْ وَارِثُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي الْحَفْرِ عَلَى الْمَعْدِنِ (قَوْلُهُ أَيْ بَقِيَّةُ الْعَمَلِ) أَيْ وَهُوَ الْحَفْرُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَحَافِرِينَ اشْتَرَكَا فِي الْحَفْرِ عَلَى رِكَازٍ. (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ إلَخْ) لَفْظُ التَّهْذِيبِ قَالَ فِي الْمَعَادِن لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ صَاحِبُهَا الَّذِي عَمِلَهَا أَقْطَعَهَا الْإِمَامُ لِغَيْرِهِ فَرَأَى أَنَّهَا لَا تُورَثُ اهـ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ نَيْلًا، فَإِنْ أَدْرَكَ النَّيْلَ وَمَاتَ كَانَ لِوَرَثَتِهِ اهـ وَنَسَبَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ هَذَا الْقَيْدَ لِلْقَابِسِيِّ فَقَالَ: كَلَامُهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَخْرَجَا النَّيْلَ وَاقْتَسَمَاهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّيْلُ ظَاهِرًا مِنْ غَيْرِ إخْرَاجٍ كَانَ لِوَرَثَتِهِ (قَوْلُهُ النَّيْلُ) بِفَتْحِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ) أَيْ وَأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَهُ لِمَنْ شَاءَ، وَإِنْ ظَهَرَ النَّيْلُ قَبْلَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ إذَا قَبِلَ شَيْئًا يَعْمَلُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُلْزِمُ شَرِيكَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي شِرْكَةِ الْعَمَلِ أَنْ يَعْقِدَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَفَاصَلَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ التَّلَفُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ مَعَهُ بَلْ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُمَا عَشْرَةُ أَثْوَابٍ يَخِيطَانِهَا فَتَنَازَعَا وَتَفَاصَلَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةً يَخِيطُهَا، فَإِذَا نَزَلَ السَّارِقُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَخَذَ مِنْهُ الْخَمْسَةَ فَضَمَانُهَا مِنْهُمَا مَعًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا مِمَّنْ ضَاعَ مِنْهُ فَقَطْ فَهُمَا كَالْوَصِيَّيْنِ إذَا اقْتَسَمَا الْمَالَ وَضَاعَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ لِلْآخَرِ يَضْمَنُهُ أَيْضًا لِتَعَدِّيهِ بِرَفْعِ يَدِهِ، وَأَمَّا لَوْ جَاءَ لِأَحَدِهِمَا أَثْوَابٌ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَتَلِفَتْ فَضَمَانُهَا مِنْهُ خَاصَّةً قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَقْبَلُهُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الصَّنْعَةِ لَزِمَ الْآخَرَ عَمَلُهُ وَضَمَانُهُ وَيُؤْخَذُ بِذَلِكَ وَإِنْ افْتَرَقَا اهـ فَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِي الْمُبَالَغَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَاعِيَ لِحَمْلِ كَلَامِهِ كَمَا فِي ح عَلَى مَا إذَا تَلِفَ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَلَمْ يَقُمْ صَاحِبُهُ حَتَّى تَفَاصَلَا وَأَنَّ الْمَعْنَى وَلَزِمَ ضَمَانُهُ إنْ

وَمَحَلُّ اللُّزُومِ وَالضَّمَانِ إذَا قَبِلَهُ فِي حُضُورِ صَاحِبِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ الْقَرِيبَيْنِ اللَّذَيْنِ يُلْغِيَانِ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَمْ يَضْمَنْ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (وَأَلْغَى مَرَضُ) أَحَدِهِمَا (كَيَوْمَيْنِ وَغَيْبَتِهِمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ فَمَا فَعَلَهُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ شَارَكَهُ فِي غَلَّتِهِ الْغَائِبُ أَوْ الْمَرِيضُ (لَا إنْ كَثُرَ) زَمَنُ الْمَرَضِ أَوْ الْغَيْبَةِ بِأَنْ زَادَ عَلَى يَوْمَيْنِ فَلَا يُلْغِي عَمَلَهُ بَلْ يَخْتَصُّ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأُجْرَةٍ مِثْلُ عَمَلِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْأُجْرَةُ الْأَصْلِيَّةُ بَيْنَهُمَا وَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا مِثَالُهُ لَوْ عَاقَدَا شَخْصًا عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِعَشَرَةٍ فَغَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ كَثِيرًا فَخَاطَهُ الْآخَرُ فَالْعَشَرَةُ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ يُقَالُ: مَا مِثْلُ أُجْرَةِ مَنْ خَاطَهُ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةٌ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِاثْنَيْنِ مَضْمُومِينَ لِخَمْسَتِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِأَرْبَعَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ السِّتَّةَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا فِي مِثْلِ الْعَمَلِ مُيَاوَمَةً كَبَنَّاءَيْنِ وَنَجَّارَيْنِ وَحَافِرَيْنِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِجَمِيعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ (وَفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ اشْتِرَاطِ إلْغَاءِ كَثِيرِ الْمَرَضِ أَوْ الْغَيْبَةِ، فَإِنْ عَمِلَا كَانَ مَا اجْتَمَعَا فِيهِ بَيْنَهُمَا وَمَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِاشْتِرَاطِهِ أَنَّهُمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَأَحَبَّ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَمِلَهُ جَازَ (كَكَثِيرِ الْآلَةِ) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْفَسَادِ لَا بِقَيْدِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ إلْغَاءِ آلَةٍ لَا خَطْبَ لَهَا كَمِدَقَّةٍ أَوْ قَصْرِيَّةٍ وَهِيَ الصَّحْفَةُ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ فَمُغْتَفَرٌ (وَهَلْ يُلْغَى) فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ بِاشْتِرَاطِ إلْغَاءِ الْكَثِيرِ (الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ) أَوْ لَا يُلْغَى شَيْءٌ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ كَالْقَصِيرَةِ بَدَلٌ كَالصَّحِيحَةِ وَقَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إنْ كَثُرَ لَكَانَ أَصْوَبَ قَالَ الْحَطَّابُ إنَّ الْفَاسِدَةَ لَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُهَا لِاشْتِرَاطِ إلْغَاءِ طُولِ الْمُدَّةِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الصَّحِيحَةُ إذَا طَالَتْ مُدَّةُ الْمَرَضِ أَوْ الْغَيْبَةِ فِيهَا وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى إلْغَاءِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَهَلْ يُلْغَى مِنْهَا الْيَوْمَانِ وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ أَوْ لَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ وَهُوَ مَا نَسَبَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لِلَّخْمِيِّ أَيْ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ فِي الصَّحِيحَةِ مِنْ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ كَمَا تُلْغَى الْمُدَّةُ الْقَصِيرَةُ أَوْ لَا يُلْغَى شَيْءٌ (تَرَدُّدٌ) ثُمَّ ذَكَرَ شِرْكَةَ الذِّمَمِ بِقَوْلِهِ (و) فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ (بِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ) وَهِيَ أَنْ يَتَعَاقَدَا عَلَى (أَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا) غَيْرَ مُعَيَّنٍ (بِلَا مَالٍ) يُنْقَدُ أَنَّهُ يَعْنِي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَلِفَ هَذَا إذَا قَامَ صَاحِبُهُ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ بَلْ وَلَوْ قَامَ بَعْدَهُ إنْ تَفَاصَلَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ اللُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ الْعَمَلِ فِيمَا يَقْبَلُهُ صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَبِلَهُ بَعْدَ طُولِ غَيْبَتِهِ أَوْ مَرَضِهِ لَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَهُ الْعَمَلُ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ كَيَوْمَيْنِ) قَالَ عبق الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ الثَّلَاثَةَ وَمَا قَارَبَهَا وَذَكَرَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ الْقَرِيبَ الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةِ وَأَنَّ الْبَعِيدَ الْعَشَرَةُ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَسَائِطِ فَمَا قَارَبَ الْقَرِيبَ مِنْهَا فَهُوَ قَرِيبٌ وَمَا قَارَبَ الْبَعِيدَ مِنْهَا فَهُوَ بَعِيدٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمِثْلِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْأُجْرَةُ الْأَصْلِيَّةُ بَيْنَهُمَا) مَحَلُّهُ فِيمَا قَبِلَاهُ ثُمَّ طَرَأَ مَرَضُ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْبَتُهُ بَعْدَ مَا قَبِلَاهُ سَوِيَّةً وَمِثْلُهُ إذَا قَبِلَهُ أَحَدُهُمَا مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ أَوْ فِي مَرَضِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ الْقَرِيبَيْنِ اللَّذَيْنِ يُلْغِيَانِ أَمَّا مَا قَبِلَهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ طُولِ غَيْبَةِ الْآخَرِ أَوْ طُولِ مَرَضِهِ فَالْأُجْرَةُ الْأَصْلِيَّةُ كُلُّهَا لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبِ) أَيْ لِذَلِكَ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَمِلَا) أَيْ: فَإِنْ اشْتَرَطَا إلْغَاءَ كَثِيرِ الْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ وَعَمِلَا وَقَوْلُهُ كَانَ مَا اجْتَمَعَا فِيهِ أَيْ كَانَ أُجْرَةُ مَا اجْتَمَعَا فِي عَمَلِهِ (قَوْلُهُ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَمَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِعَمَلِهِ وَقَوْلُهُ اخْتَصَّ بِهِ أَيْ اخْتَصَّ بِأُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا عَمِلَهُ) أَيْ فِي غَيْبَتِهِ الْكَثِيرَةِ أَوْ مَرَضِهِ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الشَّرْطِ) أَيْ فَإِذَا تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي صُلْبِ عَقْدِ الشِّرْكَةِ بِآلَةٍ كَثِيرَةٍ لَهَا بَالٌ أَوْ اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنَّ الشِّرْكَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً، وَأَمَّا إذَا تَطَوَّعَ أَحَدُهُمَا بِالْآلَةِ الْكَثِيرَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَنْعِهِ وَأَقَرَّهُ أَبُو الْحَسَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شِرْكَةَ الْأَبَدَانِ لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، أَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ فَيَجُوزُ وَاسْتَظْهَرَهُ ح اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلْغَاءِ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّعِ أَوْ الِاشْتِرَاطِ (قَوْلُهُ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَبْيَضَّ (قَوْلُهُ بِاشْتِرَاطِ إلْغَاءِ الْكَثِيرِ) أَيْ بِإِلْغَاءِ الْكَثِيرِ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْغَيْبَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُلْغَى شَيْءٌ) أَيْ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ جَمِيعِ مَا عَمِلَهُ مُنْفَرِدًا فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا لَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وُجُودُ الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إنْ كَثُرَ) أَيْ وَقَدَّمَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا إنْ كَثُرَ لِتَفَرُّعِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذِكْرِ الْفَسَادِ وَقَوْلُهُ لَكَانَ أَصْوَبَ أَيْ لِإِفَادَتِهِ حِينَئِذٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اغْتِفَارُ الشَّيْءِ وَحْدَهُ اغْتِفَارُهُ مَعَ غَيْرِهِ أَيْ وَهَلْ يُلْغَى إلَخْ قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّحِيحَةِ إذَا مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ غَابَ مَا لَا يُلْغَى لِكَثْرَتِهِ وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّاقِ وح وَغَيْرِهِمَا، وَلَعَلَّ أَصْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ فِي الصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ فَصَحَّفَ مَخْرَجَ الْمُبْيَضَّةِ لَفْظَةَ فِي بِالْكَافِ وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ يُلْغَى الْيَسِيرُ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا يُلْغَى وَيَرْجِعُ بِالْجَمِيعِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْجُزْءَ مِنْ الْجُمْلَةِ هَلْ يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَيَصِيرُ لَهُ حُكْمٌ آخَرُ غَيْرَ حُكْمِ الْجُمْلَةِ أَمْ لَا كَمَنْ سَجَدَ عَلَى الْأَنْفِ بَدَلًا عَنْ الْإِيمَاءِ اهـ بْن (قَوْلُهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ لِلشِّرْكَةِ وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ

عَلَى اشْتِرَاءِ شَيْءٍ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِمَا عَلَى أَنَّ كُلًّا حَمِيلٌ عَنْ الْآخَرِ ثُمَّ يَبِيعَانِهِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَحَمَّلْ عَنِّي وَأَتَحَمَّلُ عَنْك وَهُوَ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ، وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك وَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، فَإِنْ دَخَلَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَتَسَاوَيَا فِي التَّحَمُّلِ جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ بَيْنَهُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ بَيْنَهُمَا) إذَا وَقَعَ عَلَى مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ مِنْ تَسَاوٍ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (وَكَبَيْعِ وَجِيهٍ) يَرْغَبُ النَّاسُ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ (مَالَ) شَخْصٍ (خَامِلٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ) فَفَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ وَلِلْغَرَرِ بِالتَّدْلِيسِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ ثَانٍ لِشِرْكَةِ الذِّمَمِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَنَّ هَذِهِ شِرْكَةُ وُجُوهٍ لَا ذِمَمٍ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى بِاشْتِرَاكٍ (وَكَذِي رَحًا وَذِي بَيْتٍ وَذِي دَابَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِاشْتِرَاكٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَيْ وَفَسَدَتْ الشِّرْكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِاشْتِرَاكِهِمَا وَبِمِثْلِ بَيْعِ وَجِيهٍ وَبِمِثْلِ ذِي رَحًا إلَخْ، وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ الْأُولَى وَجَعَلَهُ مُشَبَّهًا فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْفَسَادِ كَانَ أَحْسَنَ. (لِيَعْمَلُوا) أَيْ اشْتَرَكُوا فِي الْعَمَلِ بِأَيْدِيهِمْ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا (إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ كَانَ كِرَاءُ الرَّحَا فِي الْوَاقِعِ أَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ الْبَيْتِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ أَقَلَّ مِنْ كِرَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَثَلًا فَلَوْ كَانَ كِرَاءُ كُلٍّ يُسَاوِي الْآخَرَ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَلَا فَسَادَ فَمَحَلُّ الْفَسَادِ إنْ كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مُتَسَاوٍ (وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ) فَلَوْ أَخَذَ كُلٌّ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَالِهِ مِنْ الْكِرَاءِ فَلَا فَسَادَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ (وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ) بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ أَيْ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ فَاسِدًا فَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يَتَرَادُّونَ الْأَكْرِيَةَ بِأَنْ يَرُدَّ مَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِمُسْتَحِقِّهِ فَإِذَا كَانَتْ الرَّحَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَالْبَيْتُ اثْنَيْنِ وَالدَّابَّةُ وَاحِدًا مَثَلًا فَالْجُمْلَةُ سِتَّةٌ تَفُضُّ عَلَيْهَا الْغَلَّةُ، فَإِذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ ثَلَاثِينَ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً رَجَعَ صَاحِبُ الرَّحَا عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ بِخَمْسَةٍ يَصِيرُ الْحُكْمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مُقْتَضَى هَذِهِ الْقِسْمَةِ فَلِصَاحِبِ الرَّحَا فِي الْمِثَالِ النِّصْفُ وَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ الثُّلُثُ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ السُّدُسُ. (وَإِنْ اُشْتُرِطَ) فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ (عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ) مَثَلًا وَعَمِلَ (فَالْغَلَّةُ) كُلُّهَا (لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ كَأَنَّهُ رَأْسُ الْمَالِ (وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُمَا) أَيْ كِرَاءُ الْمِثْلِ لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ غَلَّةً؛ لِأَنَّ مَنْ اكْتَرَى شَيْئًا فَاسِدًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ (وَقُضِيَ عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) كَحَمَّامٍ وَفُرْنٍ وَحَانُوتٍ وَبُرْجٍ أَبَى أَنْ يُعَمِّرَ مَعَ شَرِيكِهِ (أَنْ يُعَمِّرَ) مَعَهُ (أَوْ يَبِيعَ) مِنْهُ جَمِيعَ حِصَّتِهِ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَبَيْنَهُمَا) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ تَعَاقُدِهِمَا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَاشْتِرَاطِ تَحَمُّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا عَلَى الْآخَرِ فَمَتَى تَعَاقَدَا عَلَى ذَلِكَ كَانَتْ فَاسِدَةً وَسَوَاءٌ اشْتَرَيَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك) يَعْنِي أَنَّهُ يُحْتَمَلُ إسْلَافُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ إنْ دَفَعَ الْكُلَّ فَقَوْلُهُ مِنْ بَابِ تَحَمَّلْ عَنِّي إلَخْ أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَوَّلِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ وَأَسْلَفَنِي إلَخْ أَيْ فِي آخِرَةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ لِعَمَلِ الْمَاضِينَ مِنْ السَّلَفِ، وَإِنْ كَانَ عِلَّةُ الْمَنْعِ وَهِيَ الضَّمَانُ بِجَعْلٍ وَالسَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ مَوْجُودَةٍ. (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمَا يَكُونَانِ مُشْتَرِكَيْنِ فِيهِ عَلَى مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ مِنْ تَسَاوٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةُ الْبَيْنِيَّةِ وَهِيَ التَّسَاوِي وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إذَا وَقَعَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ مُحْتَمِلًا لِذَلِكَ إلَّا أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ عَقْدَةَ الشِّرْكَةِ تَسْتَلْزِمُ كَوْنَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ فَالْمُحْتَاجُ لِبَيَانِهِ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ شِرْكَةَ الذِّمَمِ فَاسِدَةٌ وَإِذَا وَقَعَ كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي اُشْتُرِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ فِي الشِّرْكَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَيَاهُ مَعًا أَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِاشْتِرَاكِهِمَا فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مُتَوَلِّي الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ، وَإِنْ عَلِمَ بِاشْتِرَاكِهِمَا، فَإِنْ جَهِلَ فَسَادَهَا فَحُكْمُ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا مِنْ الضَّمَانِ كَحُكْمِ الضَّمَانِ الصَّحِيحِ فِي غَيْرِ هَذَا، فَإِنْ حَضَرَا مُوسِرَيْنِ لَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا لَمْ يَأْخُذْ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ بِحَالٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعِلْمُهُ بِفَسَادِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا كَجَهْلِهِ بِاشْتِرَاكِهِمَا اهـ خش. (قَوْلُهُ خَامِلٌ) أَيْ سَاقِطٌ لَا الْتِفَاتَ لَهُ (قَوْلُهُ فَفَاسِدٌ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ كَانَ لِلْوَجِيهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْوَجِيهِ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَسُّكِ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَبَيْعٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ فَهُوَ مِثَالٌ ثَانٍ لِشِرْكَةِ الذِّمَمِ (قَوْلُهُ إنَّ هَذِهِ شِرْكَةُ وُجُوهٍ) أَيْ وَإِنَّ شِرْكَةَ الذِّمَمِ لَيْسَ لَهُمَا تَفْسِيرٌ إلَّا الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ وَفَسَدَتْ الشِّرْكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِاشْتِرَاكِهَا إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيٍّ فِي اشْتِرَاكِهَا أَيْ عِنْدَ تَحَقُّقِهَا فِي هَذَا الْفَرْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ الْأُولَى) أَيْ الدَّاخِلَةَ عَلَى كَبَيْعٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ وَأَخَذَ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مُتَسَاوٍ وَتَسَاوَيَا فِي الْغَلَّةِ كَانَتْ فَاسِدَةً، وَإِنْ تَسَاوَتْ الْأَكْرِيَةُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ أَيْضًا فَالْجَوَازُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَكْرِيَةُ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْأَكْرِيَةِ فَالْجَوَازُ أَيْضًا وَالْمَوْضُوعُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى الْعَمَلِ بِأَيْدِيهِمْ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ عَمِلَ رَبُّ الْبَيْتِ أَوْ رَبُّ الرَّحَا وَإِنَّمَا خَصَّ رَبَّ الدَّابَّةِ بِالذِّكْرِ تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ الَّذِي

الْأَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ لِمَنْ يُعَمِّرُ، وَقِيلَ بِقَدْرِ مَا يُعَمِّرُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْجَبْرِيَّ إنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ لِتَقْلِيلِ الشُّرَكَاءِ الْأَخَفُّ فِي الضَّرَرِ وَالْمُرَادُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ إنْ أَبَى التَّعْمِيرَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي أَوَّلًا بِالتَّعْمِيرِ، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْبِئْرُ وَالْعَيْنُ، فَإِنَّ مَنْ أَبَى الْعِمَارَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ بَلْ يُقَالُ لِطَالِبِهَا عَمِّرْ إنْ شِئْت وَلَك مَا حَصَلَ مِنْ الْمَاءِ بِعِمَارَتِك إلَى أَنْ تَسْتَوْفِيَ قَدْرَ مَا أَنْفَقْت مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الشَّرِيكُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ. وَأَمَّا مَا يَنْقَسِمُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْقِسْمَةِ (كَذِي سُفْلٍ) أَيْ كَمَا يُقْضَى عَلَى ذِي سُفْلٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى بِالنِّسْبَةِ لِأَسْفَلَ مِنْهُ إذْ قَدْ يَكُونُ الرُّبْعُ طِبَاقًا مُتَعَدِّدَةً بِأَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ لِمَنْ يُعَمِّرُ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِلْكًا أَوْ وَقْفًا أَوْ أَحَدُهُمَا مِلْكًا وَالْآخَرُ وَقْفًا لَكِنَّ مَحَلَّ بَيْعِ الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيعٌ يُعَمِّرُ مِنْهُ وَلَمْ يُمْكِنْ اسْتِئْجَارٌ بِمَا يُعَمَّرُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اُسْتُثْنِيَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ (إنْ وَهَى) الْأَسْفَلُ أَيْ ضَعُفَ ضَعْفًا شَدِيدًا عَنْ حَمْلِ الْعُلُوِّ، فَإِنْ سَقَطَ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ أُجْبِرَ رَبُّ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي لِيَبْنِيَ رَبُّ الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ عَلَيْهِ (وَعَلَيْهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَنْقَسِمُ بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ وَقْفٌ وَأَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ النَّاظِرُ التَّعْمِيرَ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يُبَاعُ وَيُعَمِّرُهُ طَالِبُ الْعِمَارَةِ وَيَسْتَوْفِي مَا صَرَفَهُ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِصْلَاحِ لَا جَمِيعِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ كَذَا فِي عبق وَكَتَبَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ بِطُرَّتِهِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُبَاعُ الْكُلُّ وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ الْبَعْضِ يَكْفِي فِي الْعِمَارَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِتَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْوَانُّوغِيُّ اهـ. نَعَمْ مَحَلُّ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ رِيعٌ يُعَمَّرُ مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ سِنِينَ وَيَدْفَعُ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلَةً يُعَمِّرُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُبَاعُ. (قَوْلُهُ لِمَنْ يُعَمِّرُ) أَيْ لِشَخْصٍ آخَرَ يُعَمِّرُ، فَإِنْ أَبَى الشَّرِيكُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُعَمِّرَ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا قُضِيَ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِقَدْرِ) أَيْ وَقِيلَ يَبِيعُ الْقَاضِي مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُعَمِّرُ مَا أَبْقَاهُ مِنْ حَظِّهِ. (قَوْلُهُ إنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَهِيَ تَرْتَفِعُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ الْأَخَفُّ) أَيْ الَّذِي وَهُوَ أَخَفُّ فِي الضَّرَرِ مِنْ كَثْرَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لَلشَّرِيك الْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّعْمِيرِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ حَكَمْت عَلَيْك أَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِمُعَيَّنٍ وَهُوَ إذَا قَالَ لَهُ: حَكَمْت عَلَيْك أَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تَبِيعَ لَمْ يَكُنْ الْمَحْكُومُ بِهِ مُعَيَّنًا بَلْ الْحَاكِمُ يَأْمُرُهُ أَوَّلًا بِالْعِمَارَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: عَمِّرْ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَالَ لَهُ: حَكَمْت عَلَيْك بِالْبَيْعِ وَيُجْبِرُهُ عَلَيْهِ فَالْقَضَاءُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ وَالْمُتَعَلِّقُ بِالْعِمَارَةِ الْأَمْرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَفِي مَجَازِهِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْمِيرِ فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَتْ لِلتَّرْدِيدِ فِي الْحُكْمِ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ تَنْوِيعِ حَالَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَالثَّانِيَةُ بِقَضَاءٍ، وَلَا يَتَوَلَّى الْقَاضِي الْبَيْعَ بَعْدَ حُكْمِهِ بَلْ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ الشَّرِيكُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْآبِيَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ التَّعْمِيرُ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُجْبِرَ عَلَى الْعِمَارَةِ مِنْهُ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ. وَانْظُرْ إذَا جَبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيْعِ هَلْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي أَرَادَ الْعِمَارَةَ أَخْذُهُ بِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ إخْرَاجَ شَرِيكِهِ أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَنْ يُفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ وَمَنْ لَا يَفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ الْآبِيَ بِالتَّعْمِيرِ، فَإِنْ امْتَنَعَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ لِجَمِيعِ حِصَّتِهِ وَيُجْبِرُهُ عَلَيْهِ، أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ لَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا دَعَا أَحَدٌ شَرِيكَهُ مَا لَا يَنْقَسِمُ صَاحَبَهُ لِإِصْلَاحِهِ أُمِرَ بِهِ، فَإِنْ أَبَى فَفِي جَبْرِهِ عَلَى بَيْعِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُ أَوْ يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ حَظِّهِ بِقَدْرِ مَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَمَلِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ حَظِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مَلِيًّا جَبَرَهُ عَلَى الْإِصْلَاحِ وَإِلَّا فَلَا الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَسَحْنُونٍ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَنْ أَبَى الْعِمَارَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ أَمْ لَا وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَبَى الْعِمَارَةَ إنْ كَانَ عَلَى الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَجَّحَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ مَا حَصَلَ مِنْ الْمَاءِ بِعِمَارَتِك) وَهُوَ إمَّا كُلُّ الْمَاءِ إنْ كَانَ التَّخْرِيبُ أَذْهَبَ كُلَّ الْمَاءِ وَحَصَلَ الْمَاءُ بِالتَّعْمِيرِ أَوْ مَا زَادَ مِنْهُ بِالْعِمَارَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ (قَوْلُهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَكَذَا مَا قَبْلَهَا مِمَّا اسْتَثْنَى إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ خَمْسُ مَسَائِلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَبَيْعُ الْعَقَارِ الْوَقْفِ لِتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ إذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً لِتَوْسِيعِ مَا ذُكِرَ وَكَانَ التَّوْسِيعُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ لِكَوْنِهِ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَسْفَلِ) أَيْ الْوَاهِي وَقَوْلُهُ أُجْبِرَ رَبُّ الْأَسْفَلِ عَلَى الْبِنَاءِ

أَيْ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ (التَّعْلِيقُ) أَيْ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى حَتَّى يَتِمَّ مِنْ إصْلَاحِ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَالْبِنَاءُ عَلَى ذِي السُّفْلِ (و) عَلَيْهِ أَيْضًا (السَّقْفُ) السَّاتِرُ لِسُفْلِهِ إذْ السُّفْلُ لَا يُسَمَّى بَيْتًا إلَّا بِالسَّقْفِ وَلِذَا كَانَ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ عِنْدَ التَّنَازُعِ (و) عَلَيْهِ أَيْضًا (كَنْسُ مِرْحَاضٍ) يُلْقِي فِيهِ الْأَعْلَى سِقَاطَتَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَقْفِ الْأَسْفَلِ، وَقِيلَ الْكَنْسُ عَلَى الْجَمِيعِ بِقَدْرِ الْجَمَاجِمِ وَاسْتُظْهِرَ (لَا سُلَّمَ) يَرْقَى عَلَيْهِ الْأَعْلَى فَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ بَلْ عَلَى الْأَعْلَى كَالْبَلَاطِ الْكَائِنِ عَلَى سَقْفِ ذِي السُّفْلِ (و) قُضِيَ عَلَى صَاحِبِ عُلُوٍّ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ (بِعَدَمِ زِيَادَةِ الْعُلُوِّ) عَلَى السُّفْلِ (إلَّا الْخَفِيفُ) وَهُوَ مَا لَا يَضُرُّ عُرْفًا حَالًا وَلَا مَآلًا بِالْأَسْفَلِ (و) قُضِيَ (بِالسَّقْفِ لِلْأَسْفَلِ) أَيْ لِصَاحِبِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ (وَبِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ لَا مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامٍ) وَلَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ إلَّا لِعُرْفٍ (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي بَيْتٍ فِيهِ رَحًا مُعَدَّةً لِلْكِرَاءِ خَرِبَتْ (رَحًا) أَيْ عَمَّرَهَا أَحَدُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْبَيْعِ أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى إذَا أَنْذَرَ كَمَا يَأْتِي وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ وَهِيَ الْعَامِلُ وَخِيفَ انْهِدَامُ الْأَسْفَلِ بِوُقُوعِ الْأَعْلَى عَلَيْهِ، فَإِنْ أَنْذَرَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَمَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الْإِنْذَارِ يُمْكِنُ فِيهَا هَدْمُهُ وَلَمْ يَهْدِمْهُ وَسَقَطَ عَلَى الْأَسْفَلِ فَهَدَمَهُ لَزِمَ رَبَّ الْعُلُوِّ إعَادَةُ السُّفْلِ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُنْذِرْ فَلَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ) يَعْنِي إذًا وَهِيَ سُفْلُهُ وَقَوْلُهُ تَعْلِيقُ الْأَعْلَى أَيْ إذَا خِيفَ سُقُوطُهُ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْخَشَبِ الَّذِي يُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْأَعْلَى وَأُجْرَةُ مَنْ يَتَوَلَّى التَّعْلِيقَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيقَ الْأَعْلَى عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ الْوَاهِي هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّ تَعْلِيقَ الْأَعْلَى عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَالْبِنَاءُ) أَيْ وَحَمْلُهُ بِالْبِنَاءِ عَلَى ذِي السُّفْلِ فَإِذَا عَلَّقَهُ وَسَقَطَ الْأَعْلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَطْلُوبَ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَيْضًا السَّقْفُ) فَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ أَنَّ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ الْجَوَائِزَ وَالْوَرَقَةَ وَالْمِسْمَارَ وَالتُّرَابَ وَالْمَاءَ الَّذِي يُعْجَنُ بِهِ التُّرَابُ اهـ وَأَرَادَ بِالْوَرَقَةِ الْخَشَبَ الرَّقِيقَ الَّذِي يُسَمَّرُ فِي الْجَوَائِزِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ ذَلِكَ كَالْبُوصِ الَّذِي يُرَصُّ فَوْقَ الْجَوَائِزِ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَيْضًا) أَيْ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ يُلْقَى فِيهِ الْأَعْلَى إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَمُهُ أَسْفَلَ وَيَنْزِلُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ لِفَمِهِ الْأَسْفَلِ وَيُلْقِي فِيهِ سِقَاطَاتِهِ أَوْ كَانَ لَهُ فَمٌ عِنْدَ صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَفَمٌ عِنْدَ صَاحِبِ السُّفْلِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَقْفِ الْأَسْفَلِ) أَيْ فِي لُزُومِ إصْلَاحِ صَاحِبِ السُّفْلِ لَهُ مَعَ انْتِفَاعِ الْأَعْلَى بِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْكَنْسُ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ خَاصَّةً قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ الشَّارِحُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ قَوْلُ أَصْبَغَ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى الْجَمِيعِ بِقَدْرِ الْجَمَاجِمِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ، أَمَّا إذَا جَرَى بِشَيْءٍ عَمِلَ بِهِ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِي كَنْسِ كَنِيفِ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ فَقِيلَ عَلَى رَبِّهَا وَقِيلَ عَلَى الْمُكْتَرِي وَالْقَوْلَانِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلُهُمَا. وَكُلُّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِشَيْءٍ وَإِلَّا عُمِلَ بِالْعُرْفِ قَطْعًا وَعُرْفُ مِصْرَ أَنَّهُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَأَمَّا طِينُ الْمَطَرِ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْأَسْوَاقِ وَرُبَّمَا أَضَرَّ بِالْمَارَّةِ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ كَنْسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِمْ فَلَوْ جَمَعَهُ أَرْبَابُ الْحَوَانِيتِ فِي وَسَطِ السُّوقِ فَأَضَرَّ بِالْمَارَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ كَنْسُهُ الْبُرْزُلِيُّ وَهَلْ عَلَى الْمُكْتَرِينَ لِلْحَوَانِيتِ أَوْ عَلَى الْمُلَّاكِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى كَنْسِ مِرْحَاضِ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ اهـ شب وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ هُنَا مَسْأَلَةً وَهِيَ مَا لَوْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ فِي دَارٍ وَمَاتَتْ فِيهَا فَقِيلَ إخْرَاجُهَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ لَا عَلَى رَبِّهَا؛ لِأَنَّ رَبَّهَا إنَّمَا كَانَ يَمْلِكُهَا حَالَ حَيَاتِهَا فَإِذَا مَاتَتْ لَمْ يَمْلِكْ مِنْهَا شَيْئًا فَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّارِ إخْرَاجُهَا وَقِيلَ إنَّ إخْرَاجَهَا عَلَى رَبِّهَا لَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِجِلْدِهَا وَجَنِينِهَا وَبِلَحْمِهَا إذَا أَرَادَ إطْعَامَهُ لِكِلَابِهِ وَمَوْتُهَا لَا يَنْقُلُ مِلْكَ رَبِّهَا عَنْهَا وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَغَيْرُهُ الْقَوْلَ الثَّانِي اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لَا سُلَّمٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى التَّعْلِيقِ أَيْ لَا عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ سُلَّمٌ يَرْقَى عَلَيْهِ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ كَالْبَلَاطِ الْكَائِنِ عَلَى سَقْفِ ذِي السُّفْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى، وَأَمَّا مَا يُوضَعُ تَحْتَ ذَلِكَ الْبَلَاطِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ طِينٍ أَوْ جِبْسٍ فَعَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ كَمَا مَرَّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ (قَوْلُهُ وَبِعَدَمِ زِيَادَةِ الْعُلُوِّ) يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى عُلُوِّهِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِعَدَمِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِبِنَاءِ الْأَسْفَلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَزِيدَ زِيَادَةً خَفِيفَةً لَا يَحْصُلُ مَعَهَا ضَرَرٌ حَالًا وَلَا مَآلًا بِالْأَسْفَلِ فَلَا يُمْنَعُ حِينَئِذٍ وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ وَقَضَى بِالسَّقْفِ) أَيْ، وَأَمَّا الْبَلَاطُ الَّذِي فَوْقَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ إلَّا لِعُرْفٍ) أَيْ كَمَا فِي مِصْرَ فَإِنَّ رَبَّ الْحِمَارِ يَسُوقُهُ أَوْ يَقُودُهُ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِلِجَامِهِ فَإِذَا تَنَازَعَ مَعَ الرَّاكِبِ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ قُضِيَ بِهَا لِلسَّائِقِ أَوْ الْمُتَعَلِّقِ بِلِجَامِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ رَحًا إلَخْ) أَيْ أَوْ أَقَامَ حَمَّامًا تَهَدَّمَ أَوْ أَقَامَ دَارًا تَهَدَّمَتْ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِرَحًا وَصُورَتُهُ ثَلَاثَةٌ مُشْتَرِكُونَ فِي بَيْتٍ فِيهِ رَحًا مُعَدَّةٌ لِلْكِرَاءِ ثُمَّ إنَّهَا خَرِبَتْ أَوْ انْهَدَمَ الْبَيْتُ وَاحْتَاجَتْ لِلْإِصْلَاحِ فَأَقَامَهَا

قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ (إذْ أَبَيَا) أَيْ شَرِيكَاهُ مِنْ إقَامَتِهَا مَعَهُ وَمِنْ إذْنِهِمَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ (فَالْغَلَّةُ لَهُمْ) جَمِيعًا بِالسَّوِيَّةِ (وَيَسْتَوْفِي) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُقِيمُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْغَلَّةِ (مَا أَنْفَقَ) عَلَى إقَامَتِهَا وَرَجَعَ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِسَبَبِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَمَفْهُومُ أَبَيَا أَنَّهُمَا إنْ أَذِنَاهُ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ سَكَتَا حِينَ الْعِمَارَةِ عَالِمِينَ بِهَا فَيَرْجِعُ فِي ذِمَّتِهِمَا (و) قُضِيَ عَلَى جَارٍ (بِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ) فِي بَيْتِهِ (لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ) مِنْ جِهَتِهِ (وَنَحْوَهُ) أَيْ الْجِدَارِ كَغَرْزِ خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِ الْإِصْلَاحِ كَثَوْبٍ سَقَطَ أَوْ دَابَّةٍ دَخَلَتْ فِي دَارِهِ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِ جَارِهِ دَارِهِ لِأَخْذِ مَا ذُكِرَ (و) قُضِيَ (بِقِسْمَتِهِ) أَيْ الْجِدَارِ (إنْ طُلِبَتْ) وَصِفَةُ الْقِسْمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَقْسِمَ طُولًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ مَثَلًا فَإِذَا كَانَ طُولُهُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ فِي عَرْضِ شِبْرَيْنِ مَثَلًا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ بِالْقُرْعَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِطُولِهِ امْتِدَادُهُ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ مَثَلًا لَا ارْتِفَاعُهُ و (لَا) يُقْسَمُ (بِطُولِهِ عَرْضًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَرْضُ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِبْرًا مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِيهِ بِطُولِ الْعِشْرِينَ ذِرَاعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمْ بَعْدَ أَنْ أَبَيَا مِنْ الْإِصْلَاحِ وَمِنْ إذْنِهِمَا لَهُ فِيهِ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْعِمَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَاصِلَةَ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فِي عِمَارَتِهَا إلَّا أَنْ يُعْطُوهُ نَفَقَةً فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِمَنْ عَمَّرَ وَعَلَيْهِ لِمَنْ شَارَكَهُ حِصَّتَهُ مِنْ كِرَائِهَا خَرَابًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ أُكْرِيَتْ لِمَنْ يَعْمُرُهَا وَاسْتِشْكَالُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْغَلَّةِ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ جُمْلَةً وَأَخَذَ مَفْرَقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَوْ شَاءَ لَرَفَعَهُمَا لِلْحَاكِمِ فَيُجْبِرُهَا عَلَى الْإِصْلَاحِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يُصْلِحُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْعِمَارَةِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَفْرَادٍ وَقَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ لَكِنْ مَا مَرَّ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ ابْتِدَاءً وَمَا هُنَا فِي عِمَارَتِهِ إذْ أَبَيَا قَبْلَ رَفْعِهِمَا لِلْقَاضِي فَلَا مُنَافَاةَ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ إذْنِهِمَا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ إبَايَتُهُمْ مِنْ الْإِذْنِ لَهُ مِنْ حِينِ طُلِبَتْ مِنْهُمَا الْعِمَارَةُ إلَى آخِرِهَا أَوْ سَكَتَا حِينَ الِاسْتِئْذَانِ ثُمَّ أَبَيَا حَالَ الْعِمَارَةِ أَوْ عَكْسَهُ بِأَنْ أَبَيَا حِينَ الِاسْتِئْذَانِ وَسَكَتَا حِينَ الْعِمَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ سَكَتَا حِينَ الْعِمَارَةِ عَالِمِينَ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْتَأْذَنَهُمَا أَمْ لَا. وَاعْلَمْ أَنَّ فُرُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعَةٌ الْأَوَّلُ مَا إذَا اسْتَأْذَنَهُمَا فِي الْعِمَارَةِ وَأَبَيَا وَاسْتَمَرَّا عَلَى الْمَنْعِ إلَى تَمَامِ الْعِمَارَةِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَ فِي الْغَلَّةِ، وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَسْكُتَا ثُمَّ يَأْبَيَا حَالَ الْعِمَارَةِ، وَالثَّالِثُ عَكْسُهُ وَهُوَ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا وَيَسْكُتَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمَا لِلْعِمَارَةِ وَالْحُكْمُ فِي هَذَيْنِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَ بِهِ فِي الْغَلَّةِ كَالْأَوَّلِ، وَالرَّابِعُ أَنْ يُعَمِّرَ قَبْلَ عِلْمِ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى الْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا سَوَاءٌ رَضُوا بِمَا فَعَلَ أَوْ لَا وَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي ذِمَّتِهِمْ لِقِيَامِهِ عَنْهُمَا بِمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ، وَالْخَامِسُ أَنْ يُعَمِّرَ بِإِذْنِهِمْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ مَا يُنَافِي الْإِذْنَ لِانْقِضَاءِ الْعِمَارَةِ وَحُكْمُهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَالسَّادِسُ أَنْ يَسْكُتُوا حِينَ الْعِمَارَةِ عَالِمِينَ بِهَا سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَهُمْ أَمْ لَا وَحُكْمُهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَالسَّابِعُ أَنْ يَأْذَنُوا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ ثُمَّ يَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ الَّتِي يُعَمِّرُ بِهَا ثُمَّ عَمَّرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْغَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ بَعْدَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِي ذِمَّتِهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمَا لَهُ (قَوْلُهُ وَقُضِيَ عَلَى جَارٍ بِالْإِذْنِ) أَيْ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْجَارِ أَنْ يَأْذَنَ لِجَارِهِ فِي أَنْ يُدْخِلَ الْأُجَرَاءَ وَالْبَنَّائِينَ مِنْ دَارِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِ جِدَارِهِ الْكَائِنِ مِنْ جِهَتِهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَهُمَا دُخُولُ دَارِ الْجَارِ وَضَرُورَةُ الْإِصْلَاحِ وَدُخُولُ دَارِ الْجَارِ أَخَفُّ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْزِلَ كَنِيفِ الْجَارِ إذَا كَانَ فِي دَارِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْجَارِ فِي أَنْ يَأْذَنَ لِجَارِهِ بِإِدْخَالِ الْعَمَلَةِ فِي دَارِهِ لِأَجْلِ نَزْحِهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى الْجَارِ بِالْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ لِتَفَقُّدِ الْجِدَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فَتُّوحٍ وَأَشْعَرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ تَطْيِينَ أَوْ تَبْيِيضَ حَائِطِهِ مِنْ جِهَةِ جَارِهِ فَلَهُ مَنْعُهُ حَيْثُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ إصْلَاحُ جِدَارِهِ كَمَا أَنَّ لِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ إدْخَالِ جِصٍّ وَطِينٍ فِي دَارِهِ وَيَفْتَحُ لَهُ كُوَّةً فِي حَائِطِهِ لِأَخْذِ ذَلِكَ إذْ رُبَّمَا كَدَّرَ عَلَيْهِ دَارِهِ، بَلْ قَالُوا: إذَا أَذِنَ الْجَارُ لِجَارِهِ فِي إدْخَالِهِ الْعَمَلَةَ فِي دَارِهِ لِأَجْلِ إصْلَاحِ جِدَارِهِ وَتَضَرَّرَ مِنْ دُخُولِ الْجَارِ مَعَ الْعَمَلَةِ كَانَ لَهُ وَيَصِفُ مَا يُرِيدُ عَمَلَهُ لِلْعَمَلَةِ وَهُمْ يَعْمَلُونَ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَرْضِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ عَرْضَنَا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ لَا يَقْسِمُ عَرْضَهُ مُلْتَبِسًا بِطُولِهِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِيهِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْقَسْمَ بِالْقُرْعَةِ فَتَارَةً يَأْتِيهِ بِهَا مَا يَلِيهِ وَتَارَةً مَا يَلِي صَاحِبَهُ وَلَوْ أُرِيدَ قَسْمُهُ بِالتَّرَاضِي لَجَازَ الْقَسْمُ عَلَى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مِنْ الطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وح اهـ بْن وَفِي شب أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ تَرَاضِيهِمَا عَلَى قَسْمِهِ عَرْضًا إذَا تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ جِهَتِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ وَشَرْطُ الْبَيْعِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْجِدَارَ يُقْضَى بِقِسْمَتِهِ بِالْقُرْعَةِ طُولًا لَا عَرْضًا وَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِالتَّرَاضِي طُولًا وَعَرْضًا إذَا تَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ جِهَتِهِ وَإِلَّا مُنِعَ وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ

بِأَنْ يَشُقَّ نِصْفَهُ كَمَا رَأَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ (و) قَضَى عَلَى جَارٍ (بِإِعَادَةِ) جِدَارِهِ (السَّاتِرِ لِغَيْرِهِ) عَلَى مَنْ هَدَمَهُ (إنْ هَدَمَهُ ضَرَرًا) بِجَارِهِ (لَا) إنْ هَدَمَهُ (لِإِصْلَاحٍ) كَخَوْفِ سُقُوطِهِ (أَوْ هُدِمَ) بِنَفْسِهِ فَلَا يُقْضَى عَلَى صَاحِبِهِ بِإِعَادَتِهِ فِي الْحَالَتَيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت (و) قُضِيَ (بِهَدْمِ بِنَاءٍ فِي طَرِيقٍ) نَافِذَةٍ أَوَّلًا (وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ) بِالْمَارَّةِ؛ لِأَنَّهَا وَقْفٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا مِلْكًا لِأَحَدٍ بِأَنْ كَانَتْ دَارًا لَهُ وَانْهَدَمَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ حَتَّى يَظُنَّ إعْرَاضَهُ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا كَلَامٌ (و) قُضِيَ (بِجُلُوسِ بَاعَةٍ) أَصْلُهُ بَيْعَةٌ بِفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ بَائِعٍ كَحَائِكٍ وَحَاكَةٍ وَصَائِغٍ وَصَاغَةٍ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا (بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ) وَهِيَ مَا فَضَلَ عَنْ الْمَارَّةِ مِنْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ نَافِذٍ كَانَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَوَّلًا فَلَا فِنَاءَ لِضِيقٍ أَوْ غَيْرِ نَافِذٍ (لِلْبَيْعِ) أَيْ لِأَجْلِهِ لَا لِنَحْوِ حَدِيثٍ (إنْ خَفَّ) الْبَيْعُ أَوْ الْجُلُوسُ، فَإِنْ كَثُرَ كَكُلِّ النَّهَارِ أَوْ أَضَرَّ بِالْمَارَّةِ مُنِعَ فَضْلًا عَنْ الْقَضَاءِ بِهِ وَفِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَفِنَاءِ الدُّورِ قِيلَ ثُمَّ الرَّاجِحُ جَوَازُ كِرَاءِ الْأَفْنِيَةِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ التَّتَّائِيُّ فَتَأَمَّلْهُ. (و) قُضِيَ (لِلسَّابِقِ) مِنْ الْبَاعَةِ لِلْأَفْنِيَةِ إنْ نَازَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَلَوْ اُشْتُهِرَ بِهِ ذَلِكَ الْغَيْرُ (كَمَسْجِدٍ) تَشْبِيهٌ فِي الْقَضَاءِ لِلسَّابِقِ مِنْ مَكَان مِنْهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ السَّابِقِ اعْتَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ كَتَدْرِيسٍ أَوْ تَحْدِيثٍ أَوْ إقْرَاءٍ أَوْ إفْتَاءٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ أَحَقُّ بِهِ اسْتِحْسَانًا لَا وُجُوبًا أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَسْمِهِ بِالْقُرْعَةِ طُولًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جُذُوعٌ لِلشَّرِيكَيْنِ وَإِلَّا لَمْ يُقْسَمْ جَبْرًا لَا طُولًا وَلَا عَرْضًا بَلْ يَتَقَاوَيَاهُ فَمَنْ صَارَ لَهُ اخْتَصَّ بِهِ وَلَهُ قَلْعُ جُذُوعِ شَرِيكِهِ وَمَحَلُّ عَدَمِ قَسْمِهِ حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَتْ جُذُوعُهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْآخَرِ أَبْقَاهَا بِحَالِهَا اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَشُقَّ نِصْفَهُ) الْمُرَادُ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَامَةً فِي نِصْفِ الْعَرْضِ كَوَتَدٍ يُدَقُّ فِي الْجِدَارِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ هَدَمَهُ) لَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ (قَوْلُهُ لَا إنْ هَدَمَهُ لِإِصْلَاحٍ إلَخْ) كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي الْجِدَارِ الَّذِي هُوَ لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ سُتْرَةٌ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ، فَإِنْ اتَّسَعَ مَوْضِعُهُ قُسِمَ كَمَا تُقْسَمُ أَنْقَاضُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ قَضَى عَلَى شَرِيكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ هُدِمَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ لَازِمًا وَأَمَّا تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى هَدْمِهِ الْوَاقِعِ فِي حَيِّزِ لَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يُقْضَى عَلَى صَاحِبِهِ بِإِعَادَتِهِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَيْ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إعَادَتِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا) أَيْ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْبِنَاءِ فِيهَا (قَوْلُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَالطُّولُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ عَلَى الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا كَلَامٌ) أَيْ فَإِذَا أَرَادَ الْبِنَاءَ فِيهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُهْدَمُ بِنَاؤُهُ إذَا بَنَى (قَوْلُهُ وَهِيَ مَا فَضَلَ إلَخْ) أَيْ وَأَفْنِيَةُ الدُّورِ الَّتِي يُقْضَى بِجُلُوسِ الْبَاعَةِ فِيهَا عَلَى مَا زَادَ عَلَى مُرُورِ النَّاسِ فِي طَرِيقٍ وَاسِعَةٍ نَافِذَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا فِنَاءَ لِضِيقٍ إلَخْ) أَيْ لَا فِنَاءَ لِلدُّورِ الَّتِي فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ أَوْ غَيْرِهِ نَافِذَةٍ أَيْ لَا فِنَاءَ فِيهَا يُمَكَّنُ مِنْهُ الْجَالِسُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ لِخُصُوصِ أَهْلِ دُورِهَا وَالْحَقُّ فِي النَّافِذَةِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُمْنَعُ مِنْ ضِيقٍ عَلَيْهِمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْضَى بِجُلُوسِ الْبَاعَةِ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ إنْ خَفَّ الْجُلُوسُ وَكَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ لِاتِّسَاعِ الطَّرِيقِ وَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ نَافِذَةً وَأَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُمْ لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ لَا لِنَحْوِ حَدِيثٍ) أَيْ لَا يُقْضَى بِجُلُوسِهِمْ لِنَحْوِ حَدِيثٍ بَلْ يُمْنَعُ فَضْلًا عَنْ الْقَضَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ وَفِنَاءُ الْمَسْجِدِ كَفِنَاءِ الدُّورِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يُقْضَى بِجُلُوسِ الْبَاعَةِ فِيهِ إنْ خَفَّ وَلَمْ يُضَيَّقْ عَلَى مَارٍّ (قَوْلُهُ ثُمَّ الرَّاجِحُ جَوَازُ كِرَاءِ الْأَفْنِيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْنِيَةَ دُورٍ أَوْ حَوَانِيتَ فَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْبَاعَةِ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ كَثِيرًا فِي فِنَاءِ دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ فَفِي الْمَوَّاقِ سَمَحَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ لِأَصْحَابِ الْأَفْنِيَةِ الَّتِي انْتِفَاعُهُمْ بِهَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمَارَّةِ أَنْ يَكْرُوَهَا ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَهُ اهـ. وَهُوَ يَشْمَلُ بِعُمُومِهِ فِنَاءَ الْحَوَانِيتِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ يَسْقُطُ تَنْظِيرُ عبق فِي فِنَاءِ الْحَوَانِيتِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ تت) أَيْ مِنْ مَنْعِ كِرَائِهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّقْلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ كَمَسْجِدٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ مَنْ سَبَقَ غَيْرَهُ بِالْجُلُوسِ فِي مَحَلٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ صَلَاةٍ أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ وَإِذَا قَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ إذَا رَجَعَ إلَيْهِ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» اهـ بْن وَهَلْ يَكْفِي السَّبْقُ بِالْفُرُشِ فِيهِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِذَاتِهِ، وَأَمَّا السَّبْقُ بِالْفُرُشِ فَهُوَ تَحْجِيرٌ لَا يَجُوزُ خِلَافٌ ذَكَرَهُ ح (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْمُعْتَادِ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ وَيُقَامُ السَّابِقُ الَّذِي سَبَقَ إلَيْهِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْجُمْهُورُ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ وَقَالَ الْجُمْهُورُ مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحَقُّ بِهِ اسْتِحْسَانًا لَا وُجُوبًا وَلَكِنْ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِالْقَضَاءِ حَقِيقَةً لِلْمُشْتَهِرِ

إنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لِمَنْ نَازَعَهُ الْأَوْلَى لَك وَالْأَحْسَنُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تُنَحَّى عَنْهُ لِمَنْ اتَّسَمَ بِهِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ خَارِجًا مَخْرَجَ الْفَتْوَى لَا الْحُكْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي اعْتَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ لَا بِوَقْتٍ آخَرَ وَلَا بِمَا اعْتَادَهُ وَالِدُهُ وَلَا إنْ سَافَرَ سَفَرَ انْقِطَاعٍ ثُمَّ قَدِمَ (و) قُضِيَ عَلَى جَارٍ (بِسَدِّ كَوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا أَيْ طَاقَةٍ (فُتِحَتْ) أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا تُشْرِفُ عَلَى دَارِ جَارِهِ، وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَيُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت (أُرِيدَ سَدٌّ) بِالتَّنْوِينِ (خَلْفَهَا) أَيْ خَارِجَهَا وَكَذَا دَاخِلَهَا أَيْ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَدِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَإِزَالَةِ الْعَتَبَةِ وَالْوَاجِهَةِ وَالشُّبَّاكِ وَالْخَشَبِ بِالْجَوَانِبِ خَوْفًا مِنْ إطَالَةِ الزَّمَنِ فَيُرِيدُ مَنْ أَحْدَثَهَا أَوْ غَيْرُهُ فَتْحَهَا بِادِّعَائِهِ قِدَمَهَا لِدَلَالَةِ مَحَلِّهَا عَلَيْهَا وَكَذَا غَيْرُهَا مِمَّا يُشْرِفُ عَلَى الْجَارِ حَيْثُ حَدَثَ (وَبِمَنْعِ) ذِي (دُخَانٍ كَحَمَّامٍ) وَفُرْنٍ وَمَطْبَخٍ وَقَمِينٍ (وَرَائِحَةٍ كَدِبَاغٍ) وَمَذْبَحٍ وَمَسْمَطٍ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ لِلضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ الْحَادِثُ مِمَّا ذُكِرَ لَا الْقَدِيمُ (و) بِمَنْعِ (أَنْدَرَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْجَرِينِ (قَبْلُ) أَيْ تُجَاهَ (بَيْتٍ) أَوْ حَانُوتٍ لِتَضَرُّرٍ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ (و) يُمْنَعُ إحْدَاثُ (مُضِرٍّ بِجِدَارٍ) كَرَحًا وَمِدَقٍّ وَبِئْرٍ وَمِرْحَاضٍ (و) إحْدَاثُ (إصْطَبْلٍ أَوْ حَانُوتٍ قُبَالَةَ بَابٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لِمَنْ نَازَعَهُ) أَيْ يَقُولُ لِلسَّابِقِ الَّذِي نَازَعَ الْمُعْتَادَ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ كَلَامُهُ لَهُ) أَيْ فَيَكُونُ كَلَامُ الْحَاكِمِ لِلسَّابِقِ (قَوْلُهُ فُتِحَتْ) صِفَةٌ لِكُوَّةٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا بَلْ لَوْ أُرِيدَ بَقَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ سَدٍّ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكُوَّةَ الَّتِي أَحْدَثَ فَتْحَهَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَإِذَا أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا فَقَطْ بَعْدَ الْأَمْرِ بِسَدِّهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِسَدِّ جَمِيعِهَا وَيُزَالُ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَقَيَّدَ ح الْقَضَاءَ بِسَدِّ الْكَوَّةِ الَّتِي حَدَثَ فَتْحُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ عَالِيَةٍ لَا يُحْتَاجُ فِي كَشْفِ الْجَارِ مِنْهَا إلَى صُعُودٍ عَلَى سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ يَتَرَاءَى مِنْهَا الْوُجُوهُ لَا الْمَزَارِعُ وَالْحَيَوَانَاتُ وَإِلَّا لَمْ تُسَدَّ اتِّفَاقًا وَإِذَا سَكَتَ مَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ فَتْحُ الْكَوَّةِ وَنَحْوِهَا عَشْرَ سِنِينَ وَلَمْ يُنْكِرْ جُبِرَ عَلَيْهِ وَلَا مَقَالَ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْقَضَاءُ اهـ بْن (قَوْلُهُ تُشْرِفُ عَلَى دَارِ جَارِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَبَيَّنُ لِلرَّائِي مِنْهَا الْوُجُوهُ وَأَنْ لَا يَظْهَرَ لِلرَّائِي مِنْهَا الْوُجُوهُ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا إذْ لَا ضَرَرَ فِيهَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُشْرِفَةً عَلَى دَارِ الْجَارِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ خَارِجَهَا) أَيْ وَهُوَ مَا كَانَ جِهَةَ الْجَارِ (قَوْلُهُ كَإِزَالَةِ الْعَتَبَةِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَزَالَ مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَبْقَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا بِوَجْهٍ وَسَدَّهَا مِنْ خَارِجٍ فَقَطْ وَهُوَ جِهَةُ الْجَارِ وَأَبْقَى دَاخِلَهَا بِلَا سَدٍّ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْ حَفْرِ حُفْرَةٍ فِي حَائِطِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا اهـ بْن شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ سَدِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا) الْأَوْلَى بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَانَ بِسَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْكَوَّةِ كَشُبَّاكٍ وَبَابٍ وَغَرْفَةٍ فَمَتَى حَدَثَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ مُشْرِفًا عَلَى الْجَارِ قُضِيَ بِإِزَالَتِهِ وَهَدْمِهِ (قَوْلُهُ وَبِمَنْعِ ذِي دُخَانٍ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ ذِي دُخَانٍ إذَا تَضَرَّرَ الْجِيرَانُ بِهِ بِسَبَبِ تَسْوِيدِ الثِّيَابِ وَالْحِيطَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَرَائِحَةٌ أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ إذَا تَضَرَّرَ بِهَا الْجِيرَانُ كَمَدْبَغَةٍ وَمَذْبَحٍ وَمَسْمَطٍ وَمِصْلَقٍ وَمُجَيَّرَةٍ وَالْمَذْبَحُ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِلذَّبْحِ وَالْمَسْمَطُ هُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ مَصَارِينُ الْبَهِيمَةِ وَرَأْسُهَا وَكَرِشُهَا وَيُسْمَطُ فِيهِ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ لِإِزَالَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَقْذَارِ وَالشَّعْرِ وَالْمِصْلَقُ هُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي يُطْبَخُ فِيهِ الْمَصَارِينُ وَالرُّءُوسُ بَعْدَ إخْرَاجِ قَذَرِهَا فِي الْمَسْمَطِ. (تَنْبِيهٌ) يُمْنَعُ الشَّخْصُ مِنْ تَنْفِيضِ الْحُصْرِ وَنَحْوِهَا عَلَى بَابِ دَارِهِ إذَا أَضَرَّ الْغُبَارُ بِالْمَارَّةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ عَلَى بَابِ دَارِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ وَأُنْذِرَ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ أَنْدَرَ وَقَوْلُهُ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ ح وَلَمْ أَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مَصْرُوفٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَمًا وَلَا صِفَةً وَإِنَّمَا فِيهِ وَزْنُ الْفِعْلِ وَحْدَهُ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ الصَّرْفِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ بَيْتٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ مَنْعَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَيْتِ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ قَبْلُ وَأَبْدَلَهُ بِعِنْدَ أَوْ قُرْبَ لَسَلِمَ مِمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْجَرِينَ إذَا كَانَ فِي أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ قَبْلَ الْبَيْتِ (قَوْلُهُ أَوْ حَانُوتٌ) أَيْ أَوْ نَحْوُهُمَا كَبُسْتَانٍ فَلَا مَفْهُومَ لِبَيْتٍ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ كَبَيْتٍ بِالْكَافِ كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ وَبِمَنْعِ إحْدَاثٍ مُضِرٍّ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثٍ مُضِرٍّ (قَوْلُهُ كَرَحًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْغَسَّالُ وَالْحَدَّادُ وَالدَّقَّاقُ إذَا كَانَ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمْ فَقَطْ وَلَا يَضُرُّ بِجِدَارِ الْجَارِ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَإِحْدَاثُ إصْطَبْلٍ) وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ إصْطَبْلِ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا مِنْ الدَّوَابِّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَنْعُ لِلرَّائِحَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَرَائِحَةٌ كَدِبَاغٍ، وَإِنْ كَانَ الضَّرَرُ بِالْجِدَارِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّأَذِّي بِالصَّوْتِ فَهُوَ لَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْإِحْدَاثِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَوْتٍ كَكَمَدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ إحْدَاثِهِ الرَّائِحَةَ وَالضَّرَرَ بِالْجِدَارِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ التَّنْصِيصَ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَوْ حَانُوتُ قُبَالَةَ بَابٍ) أَيْ وَقُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ حَانُوتٍ لِلْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ لِصَنْعَةٍ قُبَالَةَ بَابِ شَخْصٍ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ التَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَوْلَى فِي الْمَنْعِ مِنْ

وَلَوْ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ (و) قُضِيَ (بِقَطْعِ مَا أَضَرَّ مِنْ) أَغْصَانِ (شَجَرَةٍ بِجِدَارٍ) لِغَيْرِهِ (إنْ تَجَدَّدَتْ) الشَّجَرَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ أَقْدَمَ مِنْ الْجِدَارِ (فَقَوْلَانِ) فِي قَطْعِ الْمُضِرِّ مِنْ أَغْصَانِهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (لَا) يُقْضَى بِمَنْعِ بِنَاءٍ (مَانِعِ ضَوْءٍ وَشَمْسٍ وَرِيحٍ) عَنْ جَارِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَنَعَ الثَّلَاثَةَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مَنَعَ الشَّمْسَ وَالرِّيحَ (لِأَنْدَرَ) أَيْ عَنْهُ فَيُمْنَعُ وَمِثْلُ الْأَنْدَرِ طَاحُونُ الرِّيحِ (و) لَا يُمْنَعُ مِنْ (عُلُوِّ بِنَاءٍ) عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا فَيُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ الَّذِي أَشْرَفَ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ مِنْ الضَّرَرِ أَيْ التَّطَلُّعِ عَلَى جَارِهِ (و) لَا يُمْنَعُ مِنْ (صَوْتٍ كَكَمَدٍ) وَهُوَ دَقُّ الْقُمَاشِ وَقَصَّارٍ وَحَدَّادٍ وَنَجَّارٍ (و) لَا يُمْنَعُ رَبُّ دَارٍ مِنْ إحْدَاثِ (بَابٍ) وَلَوْ قُبَالَةَ بَابِ آخَرَ (بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ) إلَى الْفَضَاءِ وَلَوْ ضَيِّقَةً (و) لَا مِنْ (رَوْشَنٍ) وَهُوَ جُنَاحٌ يُخْرِجُهُ فِي عُلُوِّ حَائِطِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ مَا شَاءَ. (و) لَا يُمْنَعُ مِنْ (سَابَاطِ) سَقْفٍ وَنَحْوَهُ عَلَى حَائِطَيْنِ لَهُ مُكْتَنِفَيْ طَرِيقٍ وَلِذَا قَالَ (لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ) قَيْدٌ فِي السَّابَاطِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ (بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ) إلَى الْفَضَاءِ قَيْدٌ فِي الرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ وَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِمَا عَنْ رُءُوسِ الرُّكْبَانِ رَفْعًا بَيِّنًا (وَإِلَّا) تَكُنْ السِّكَّةُ نَافِذَةً (فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ) فَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُ الرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ إلَّا بِإِذْنِ الْجَمِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاثِ الْحَانُوتِ قُبَالَةَ بَابِ إحْدَاثِ مِصْطَبَةٍ لِأَجْلِ الْجُلُوسِ عَلَيْهَا قُبَالَةَ بَابٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ) هَذَا خِلَافُ مَا لِابْنِ غَازِيٍّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالسِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ بِنَاءً عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَانُوتِ وَالْبَابِ قَالَ ح وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ لَكِنْ نَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْقَرَوِيِّينَ قَالَ إنَّ الْحَانُوتَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ الْبَابِ لِكَثْرَةِ مُلَازَمَةِ الْجُلُوسِ بِهِ وَأَنَّهُ يُمْنَعُ بِكُلِّ حَالٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ نَقَلَهُ ح وَعَلَيْهِ جَرَى الشَّارِحُ فِي إطْلَاقِهِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ إنْ تَجَدَّدَتْ الشَّجَرَةُ) أَيْ إنْ حَدَثَتْ الشَّجَرَةُ عَلَى الْجِدَارِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْأَغْصَانِ بَلْ إذَا أَضَرَّ بَعْضَ جِدَارٍ الشَّجَرَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ بِالْجِدَارِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ ذَلِكَ الْبَعْضُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُضِرًّا بِجِدَارٍ وَلَا تُقْطَعُ الشَّجَرَةُ وَكَمَا يُقْضَى بِقَطْعِ أَغْصَانِ الشَّجَرِ الْمُضِرَّةِ بِالْجِدَارِ يُقْضَى أَيْضًا بِقَطْعِهَا إذَا صَارَتْ سُلَّمًا لِلِّصِّ يَصْعَدُ عَلَيْهَا لِبَيْتِ الْجَارِ بِخِلَافِ دَارٍ خَرِبَةٍ بِجَانِبِ دَارِ الْآخَرِ وَيُخْشَى تَوَصُّلُ السُّرَّاقِ مِنْهَا لِذِي الدَّارِ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْخَرِبَةِ بِنَاؤُهَا وَيَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ الِاحْتِرَاسُ وَحِفْظُ مَتَاعِهِ. (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَأَصْبَغَ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ؛ لِأَنَّ بَانِيَ الْجِدَارِ عَلِمَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ حَرِيمِ الشَّجَرَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى إضْرَارِ الشَّجَرَةِ لَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَدِيمَةً عَلَى الْجِدَارِ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي قَطْعِ مَا أَضَرَّ مِنْ أَغْصَانِهَا، وَأَمَّا نَفْسُ الشَّجَرَةِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ قَطْعُهَا وَلَوْ أَضَرَّ جُدُرُهَا الْمُغَيَّبَةُ بِجِدَارِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى بِمَنْعِ بِنَاءٍ مَانِعِ ضَوْءٍ وَشَمْسٍ وَرِيحٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ مَانِعِ الضَّوْءِ وَالشَّمْسِ وَالرِّيحِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْبِنَاءُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ عُلُوِّ بِنَاءٍ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِ وَأَضَرَّ بِجَارِهِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إلَّا أَنْ يَرْفَعَهُ لِيَضُرَّ بِجَارِهِ دُونَ مَنْفَعَةٍ لَهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ اهـ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْقَسْمِ وَمَنْ رَفَعَ بُنْيَانَهُ فَجَاوَزَ بِهِ بُنْيَانَ جَارِهِ لِيُشْرِفَ عَلَيْهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ رَفْعِ بِنَائِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ الضَّرَرِ بِالتَّطَلُّعِ عَلَى جَارِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّامُ فِي لِيُشْرِفَ لَامُ الْعَاقِبَةِ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا أَدَّى إلَى الضَّرَرِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ لَيْسَ كَالضَّرَرِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا فَيُمْنَعُ) أَيْ مِنْ عُلُوِّ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ الْمُسْلِمِ وَفِي جَوَازِ مُسَاوَاتِهِ لِجَارِهِ الْمُسْلِمِ وَمَنْعِهِ مِنْ الْمُسَاوَاةِ قَوْلَانِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَلِلذِّمِّيِّ شِرَاءُ مَكَان عَالٍ وَلَيْسَ لَهُ بِنَاءُ مَحَلٍّ عَالٍ يُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. (تَنْبِيهٌ) كَمَا لَا يُمْنَعُ الشَّخْصُ مِنْ عُلُوِّ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ مَا يُنْقِصُ الْغَلَّةَ اتِّفَاقًا كَإِحْدَاثِ فُرْنٍ قُرْبَ فُرْنٍ أَوْ حَمَّامٍ قُرْبَ حَمَّامٍ آخَرَ أَوْ طَاحُونٍ قُرْبَ طَاحُونٍ أُخْرَى كَمَا قَالَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَالتَّبْصِرَةِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَقَصَّارٌ) أَيْ وَصَوْتُ قَصَّارٍ وَهُوَ الَّذِي يُبَيِّضُ الْقُمَاشَ وَكَمَا أَدْخَلَتْ الْكَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَوْتَ الْقَصَّارِ وَمَنْ مَعَهُ أَدْخَلَتْ أَيْضًا صَوْتَ صِبْيَانٍ بِمَكْتَبٍ بِأَمْرِ مُعَلِّمِهِمْ لَا أَصْوَاتِهِمْ لِلَّعِبِ فَيُمْنَعُونَ وَدَخَلَ أَيْضًا صَوْتُ مُعَلِّمِ الْأَنْغَامِ وَصَوْتُ الْكَرَوَانِ الْمُتَّخَذِ لِلصِّيَاحِ وَالْحَمَامِ الْمُتَّخَذِ لِلْهَدِيرِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْمَنْعِ وَلَوْ اشْتَدَّ صَوْتٌ كَالْكَمَدِ وَدَامَ وَفِي الْمَوَّاقِ خِلَافُهُ وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَشْتَدَّ وَيَدُمْ وَإِلَّا فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ) وَأَمَّا بِغَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ إلَّا بِرِضَا الْجِيرَانِ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَابُ الَّذِي أُرِيدَ فَتْحُهُ قُبَالَةَ بَابٍ آخَرَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُنْكَبًّا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَتْحُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْجِيرَانِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَيِّقَةً) هَذَا إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً وَهِيَ مَا كَانَ عَرْضُهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ ضَيِّقَةً عَرْضُهَا أَقَلُّ مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ) أَيْ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْجَمِيعِ) أَيْ وَلَوْ رَفَعَهُ رَفْعًا بَيِّنًا وَلَا يَكْفِي إذْنُ بَعْضِهِمْ وَقِيلَ إنَّ الْمُعْتَبَرَ إذْنُ مَنْ يَمُرُّ مِنْ تَحْتِهِمَا لِمَنْزِلِهِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَمُرَّ مِنْ تَحْتِهِمَا لِمَنْزِلِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي نَقَلَهُ عج عَنْ الْكَافِي وَأَقَرَّهُ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاَلَّذِي فِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا يَجُوزَانِ بِغَيْرِ النَّافِذَةِ أَيْضًا إنْ رُفِعَا عَلَى رُءُوسِ الرُّكْبَانِ رَفْعًا بَيِّنًا وَلَمْ يَضُرَّ بِضَوْءِ الْمَارَّةِ (إلَّا بَابًا) أَيْ فَتْحُ بَابِ السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدٍ مِنْهُمْ (إنْ نَكَبَ) عَنْ بَابِ جَارِهِ بِحَيْثُ لَا يُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى مَا فِي دَارِهِ وَلَا يَقْطَعُ عَنْهُ مَنْفَعَةً وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (و) إلَّا (صُعُودُ نَخْلَةٍ) لِإِصْلَاحِهَا أَوْ جَنْيِ ثَمَرِهَا فَيَجُوزُ (وَأَنْذَرَ) جَارَهُ (بِطُلُوعِهِ) لِيَسْتُرَ مَا لَا يُحِبُّ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ مِنْ حَرِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ الْإِنْذَارِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقِيلَ يُنْدَبُ (وَنُدِبَ إعَارَةُ جِدَارِهِ) لِجَارِهِ الْمُحْتَاجِ (لِغَرْزِ خَشَبَةٍ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ (و) نُدِبَ لِلْجَارِ (إرْفَاقٌ بِمَاءِ) لِجَارٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَضَلَ عَنْهُ لِشُرْبٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَفَتْحُ بَابٍ) لِجَارِهِ لِيَمُرَّ مِنْهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَكَانَ الْجَارُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمُرُورُ مِنْ غَيْرِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ أَعَارَ عَرْصَتَهُ لِلْبِنَاءِ بِهَا أَوْ الْغَرْسِ فِيهَا (الرُّجُوعُ) فِي عَرْصَتِهِ الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الْعَارِيَّةَ بِزَمَنٍ وَلَا عَمَلٍ وَإِلَّا لَزِمَتْ لِانْقِضَائِهِ كَمَا يَأْتِي (وَفِيهَا) أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ فِي الْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ (إنْ دَفَعَ) الْمُعِيرُ لِلْمُعَارِ (مَا أَنْفَقَ) فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ (أَوْ قِيمَتَهُ) أَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ أَيْ فِيهَا أَيْضًا فِي مَكَان آخَرَ لَهُ الرُّجُوعُ إنْ دَفَعَ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ قَائِمًا عَلَى التَّأْيِيدِ (وَفِي مُوَافَقَتِهِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِحَمْلِ مَا أَنْفَقَ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى مَا عَمَّرَ بِهِ وَقِيمَتُهُ عَلَى مَاذَا كَانَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ بِقُرْبٍ وَقِيمَتُهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَ بُعْدٍ أَوْ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَشْتَرِهِ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ وَقِيمَتُهُ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْهَبَ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ السِّكَّةِ نَافِذَةً أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ إحْدَاثِهِمَا مُطْلَقًا كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ وَلَا يُحْتَاجُ لِإِذْنِ أَحَدٍ حَيْثُ رُفِعَ عَنْ رُءُوسِ الرُّكْبَانِ رَفْعًا بَيِّنًا وَلَمْ يَضُرَّ بِضَوْءِ الْمَارَّةِ. قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا لِأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كَافِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ لِأَقْدَمَ مِنْ أَبِي عُمَرَ وَظَاهِرُ سَمَاعِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَقْضِيَةِ خِلَافُهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالطَّرِيقِ النَّافِذَةِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَتَعَقَّبَهُ ح بِأَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَهُ قَبْلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ وَذَكَرَهُ قَبْلَهُ أَبُو بَكْرٍ الْوَقَارُ نَاقِلًا لَهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ ثُمَّ قَالَ ح بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِهِمْ فَقَدْ وُجِدَ النَّصُّ لِأَقْدَمَ مِنْ أَبِي عُمَرَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ أَبِي عُمَرَ لَهُ وَقَبُولَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ لَهُ كَافٍ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ اهـ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق أَنَّ التَّفْصِيلَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ إلَّا بَابًا إنْ نَكَبَ) أَيْ حُرِّفَ عَنْ بَابِ جَارِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَقْطَعُ عَنْهُ مَنْفَعَةً) خَرَجَ مَا إذَا لَاصَقَهُ حَتَّى مَنَعَهُ مِنْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِبَابِهِ مَثَلًا وَاعْتَرَضَ ح قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا بَابًا إنْ نُكِبَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَابَ الَّذِي فَتَحَهُ إذَا كَانَ مُنَكَّبًا عَنْ بَابِ جَارِهِ الَّذِي يُقَابِلُهُ يَجُوزُ فَتْحُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِقُرْبِ بَابِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ لَهُ بِحَيْثُ إنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَابِهِ وَيَقْطَعُ ارْتِفَاقَهُ بِذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا بَابًا إنْ نُكِبَ وَلَمْ يَضُرَّ بِجَارٍ مُلَاصِقٍ لَوَفَى بِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي فَتْحِ الرَّجُلِ الْبَابَ أَوْ تَحْوِيلِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ فِي الزُّقَاقِ الَّذِي لَيْسَ بِنَافِذٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ إلَّا بِإِذْنِ جَمِيعِ أَهْلِ الزُّقَاقِ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ زَرْبٍ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ، وَالثَّانِي: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَمْ يُقَابِلْ بَابَ جَارِهِ وَلَا قَرُبَ مِنْهُ فَيَقْطَعُ بِهِ مُرْفِقًا عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ لَهُ تَحْوِيلَ بَابِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إذَا سَدَّ الْبَابَ الْأَوَّلَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهِ بَابًا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ بِحَالٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا مُتَعَلِّقٌ بِالرَّوْشَنِ وَالسَّابَاطِ وَمَا بَعْدَهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْبَابِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا صُعُودُ نَخْلَةٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَنَارَةِ الْمُحْدَثَةِ أَوْ الْقَدِيمَةِ حَيْثُ كَانَتْ تَكْشِفُ عَلَى الْجِيرَانِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الصُّعُودَ لِجَنْيِ الثَّمَرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ نَادِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَمَحَلُّ مَنْعِ الصُّعُودِ عَلَى الْمَنَارَةِ الْمُشْرِفَةِ مَا لَمْ يُجْعَلْ لَهَا سَاتِرٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ يُمْنَعُ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْجِيرَانِ بِحَيْثُ لَا تَتَبَيَّنُ الْأَشْخَاصُ وَلَا الْهَيْئَاتُ وَلَا الذَّكَرُ وَلَا الْأُنْثَى وَإِلَّا جَازَ صُعُودُهَا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ الْإِنْذَارِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ فِيهِ) أَيْ لِإِدْخَالِ خَشَبَةٍ فِيهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ خَبَرُ الْمُوَطَّإِ «لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ خَشَبَةً بِالْإِفْرَادِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالشِّينِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَبِضَمِّ الْخَاءِ وَالشِّينِ وَحَمَلَ مَالِكٌ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ وَحَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ عَلَى الْوُجُوبِ وَاخْتَلَفَ هَلْ لِجَارِ الْمَسْجِدِ غَرْزُ خَشَبَةٍ فِي حَائِطِهِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الشُّيُوخِ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالنَّفْسُ إلَيْهِ أَمْيَلُ وَاسْتَظْهَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِرْفَاقُ مَاءٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ عِنْدَهُ مَاءٌ فِي بِئْرٍ أَوْ فِي زِيرٍ أَوْ فِي غَيْرِهِمَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ لِغَيْرِهِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي شُرْبٍ أَوْ فِي سَقْيِ زَرْعٍ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ جَارًا لَهُ أَوْ مِنْ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ وَفَتْحُ بَابٍ لِجَارِهِ) أَيْ إذَا كَانَتْ دَارُك ذَاتَ بَابَيْنِ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَى جَارِك الذَّهَابُ لِبَيْتِهِ مِنْ بَابِهِ أَوْ مِنْ طَرِيقِهِ وَيَسْهُلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ دَارِك فَيُنْدَبُ لَك أَنْ تَفْتَحَ لَهُ بَابَك لِيَذْهَبَ لِدَارِهِ مِنْ بَيْتِك مِنْ بَابِك الثَّانِي حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ)

[فصل في المزارعة]

اشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ (وَمُخَالَفَتُهُ تَرَدُّدٌ) وَسَيَأْتِي لَهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْعَارِيَّةِ مُفَصَّلَةً مُوَضَّحَةً فَلَوْ حَذَفَهَا مِنْ هُنَا لَسَلِمَ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالْإِجْمَالِ وَالْإِبْهَامُ حَيْثُ عَبَّرَ بِتَرَدُّدِ مَكَانِ التَّأْوِيلِ وَمِنْ التَّكْرَارِ الْآتِي فِي مَحَلِّهِ عَلَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَتَحِيَّتُهُ وَبَرَكَاتُهُ [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ وَهِيَ الشِّرْكَةُ فِي الزَّرْعِ وَعَقْدُهَا غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْبَذْرِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى شِرْكَةِ زَرْعٍ (فُسِخَ) عَقْدُ (الْمُزَارَعَةِ) أَيْ الرُّجُوعُ وَالِانْفِصَالُ عَنْهُ (إنْ لَمْ يَبْذُرْ) أَيْ يَطْرَحْ الْحَبَّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَلَا بِالْعَمَلِ قَبْلَ الْبَذْرِ وَلَوْ كَثُرَ كَحَرْثٍ وَتَسْوِيَةِ أَرْضٍ وَإِجْرَاءِ مَاءٍ عَلَيْهَا عَلَى الْأَرْجَحِ وَتَلْزَمُ بِالْبَذْرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عَمَلٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ بِالْعَقْدِ كَشِرْكَةِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِمَنْعِهَا فَضَعُفَ أَمْرُهَا فَاحْتِيجَ فِي لُزُومِهَا لِأَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْبَذْرُ وَهَلْ إذَا بَذَرَ الْبَعْضَ تَلْزَمُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ فِيمَا بَذَرَ فَقَطْ أَوْ إنْ بَذَرَ الْأَكْثَرَ لَزِمَتْ فِي الْجَمِيعِ وَالْأَقَلِّ فَكَالْعَدِمِ وَإِنْ بَذَرَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ (وَصَحَّتْ) بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ سَلِمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ) بِأَنْ لَا تَقَعَ الْأَرْضُ أَوْ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ بَذْرٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ مَا تُنْبِتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ إعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مَحْذُوفٌ بَعْدَ قَوْلِهِ خَشَبَةً أَيْ وَعَرْصَتُهُ لِبِنَاءٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِيهَا إلَخْ. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ أَعَارَ عَرْصَتَهُ لِجَارِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لِيَبْنِيَ أَوْ لِيَغْرِسَ فِيهَا وَلَمْ تَقَيَّدْ تِلْكَ الْعَارِيَّةُ بِأَجَلٍ فَلَمَّا فَعَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْبِنَاءَ أَوْ الْغَرْسَ أَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ إلَّا إذَا دَفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ كَذَا ذُكِرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ وَذُكِرَ فِيهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تُرِكَ لِمَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ إعَارَةٌ لِمِثْلِهِ مِنْ الْأَمَدِ، وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الثَّانِي مِنْ تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ يَوْمَ الْبِنَاءِ فَلَا يُرَاعَى قُرْبُ الزَّمَانِ أَوْ بُعْدُهُ إلَّا لَوْ كَانَ الْمَنْظُورُ لَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ لَا قِيمَةُ الْمُؤَنِ مَعَ أَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ قِيمَةُ الْمُؤَنِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وخش وعبق وشب وَتَأَمَّلْ. بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَّةِ الْغَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ وَلَوْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا هُنَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْمُعَارِ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، وَأَمَّا مَا أُعِيرَ لَهُمَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ. (قَوْلُهُ لَسَلِمَ مِنْ الْإِبْهَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْ فِي إعَارَةِ الْجِدَارِ لِغَرْزِ الْخَشَبَةِ مَعَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الْعَرْصَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْعَرْصَةِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ غَرْزِ الْخَشَبَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ وَلَوْ قَبْلَ الْغَرْزِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا رَجَّحَهُ الْفَاكِهَانِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْغَرْزِ لَا بَعْدَهُ وَقَدْ حَكَى ابْنُ نَاجِيٍّ الْقَوْلَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إعَارَةِ الْعَرْصَةِ لِلْبِنَاءِ حَيْثُ إنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ إعَارَةِ الْجِدَارِ لِغَرْزِ الْخَشَبَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ أَعَارَهُ الْجِدَارَ لِغَرْزِ الْخَشَبَةِ قَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقَضَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِجْمَالُ) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْإِبْهَامُ بِالْمُوَحَّدَةِ [فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ] . (فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ) (قَوْلُهُ وَعَقْدُهَا غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْبَذْرِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ بِخِلَافِ شِرْكَةِ الْأَمْوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهَا كَمَا مَرَّ اهـ وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ بِلُزُومِ الْمُزَارَعَةِ بِالْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّهَا شِرْكَةُ عَمَلٍ وَإِجَارَةٍ فَمَنْ غَلَّبَ الشِّرْكَةَ لَمْ يَرَهَا لَازِمَةً بِالْعَقْدِ لِمَا مَرَّ أَنَّ شِرْكَةَ الْعَمَلِ إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْعَمَلِ وَلَا أَجَازَهَا إلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ وَالِاعْتِدَالِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعُ أَحَدُهُمَا بِمَا لَا فَضْلَ لِكِرَائِهِ وَمَنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ أَلْزَمَهَا بِالْعَقْدِ وَأَجَازَ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا اُنْظُرْ بْن وَقِيلَ إنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ عَمَلٌ فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ فِيهَا ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ كَشَتْلِ الْبَصَلِ وَالْخَسِّ (قَوْلُهُ وَلَا بِالْعَمَلِ) أَيْ وَلَا بِهِمَا مَعًا بِدُونِ بَذْرٍ. (قَوْلُهُ قَدْ قِيلَ بِمَنْعِهَا) أَيْ فِيمَا عَدَا صُورَةَ مَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ عبق؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِمَنْعِهَا مُطْلَقًا صَوَابُهُ حَذْفُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ عِنْدَنَا لِمَا عَلِمْت مِنْ الِاتِّفَاقِ فِي صُورَةِ التَّسَاوِي إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْقَائِلُ أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِمَنْعِهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ قَالَ عِيَاضٌ وُجُوهُهَا ثَلَاثَةٌ إنْ اشْتَرَكَا فِي الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ وَالْآلَةِ وَالزَّرِيعَةِ جَازَتْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ وَالْآخَرُ بِأَرْضٍ لَهَا بَالٌ وَاشْتَرَكَا فِي غَيْرِهِمَا تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاوَتَا فَسَدَتْ اتِّفَاقًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ وَالْأَصِيلِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِجَوَازِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إذَا بَذَرَ الْبَعْضُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا نَصَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ طفى أَصْلُ هَذَا التَّوَقُّفِ لعج وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ بَذَرَ الْبَعْضَ فَلَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ إلَّا فِيمَا بَذَرَ وَلِكُلٍّ الْفَسْخُ فِيمَا بَقِيَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ) جَعَلَهَا الشَّارِحُ أَرْبَعَةً مُجَارَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسَيَأْتِي لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ كَمَا لِابْنِ شَاسٍ

كَكِرَائِهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ فَإِنْ لَمْ يَسْلَمَا مِنْ ذَلِكَ مُنِعَتْ كَكِرَائِهَا بِطَعَامٍ وَلَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ كَعَسَلٍ أَوْ بِمَا أَنْبَتَتْهُ وَلَوْ غَيْرَ طَعَامٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ فَيَجُوزُ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَقَابِلُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (مُسَاوٍ) لِكِرَائِهَا غَيْرَ بَذْرٍ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ مِنْ عَمَلِ بَقَرٍ أَوْ يَدٍ وَالْمُرَادُ قَابِلُهَا مُسَاوٍ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا كَأَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثُ أَوْ يَكُونُ أُجْرَتُهُمَا مِائَةً كَالْأَرْضِ وَدَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَتَجُوزُ فِيهِمَا وَإِلَّا فَسَدَتْ فَمَعْنَى التَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُطَابِقًا لِلْمُخْرَجِ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَتَسَاوَيَا) فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَحَدَ الشَّرْطَيْنِ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ. فَإِنْ حُمِلَ مَا قَبْلِ هَذَا عَلَى الْمُقَابَلَةِ بِالنِّصْفِ أَفَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ فَسَدَتْ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْحَقُّ أَنَّ شَرْطَهَا شَيْئَانِ فَقَطْ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِي الْمُزَارَعَةِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَسْلَمَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَأَنْ يَعْتَدِلَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى أَيْ يَعْتَدِلَا فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ مَا أَخْرَجَا. وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ فَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (إلَّا لِتَبَرُّعٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ وَعْدٍ وَلَا عَادَةٍ (بَعْدَ) لُزُومِ (الْعَقْدِ) بِالْبَذْرِ فَيَجُوزُ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَخَلْطُ بَذْرٍ إنْ كَانَ) الْمُرَادُ بِالْبَذْرِ الزَّرِيعَةُ فَيَشْمَلُ الْحَبَّ وَغَيْرَهُ كَالْقُطْنِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِمَا وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيٌّ مِنْهُمَا مَعًا، فَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَتَأَتَّى خَلْطٌ أَيْ أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ خَلْطِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْخَلْطُ (بِإِخْرَاجِهِمَا) لَهُ بِأَنْ يَحْمِلَ كُلٌّ بَذْرَهُ إلَى الْأَرْضِ وَيَبْذُرَهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَمَيُّزٍ لِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَتَصِحُّ الشِّرْكَةُ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى التَّعَاوُنِ وَالشِّرْكَةِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، فَإِنْ تَمَيَّزَ بَذْرُ كُلٍّ بِجِهَةٍ فَلَا شِرْكَةَ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ حَبُّهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ وَيَتَقَاصَّانِ وَرُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ الْمَذْكُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الشُّرُوطَ اثْنَانِ فَقَطْ السَّلَامَةُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ وَالتَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَسَيَظْهَرُ لَك وَجْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَكِرَائِهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلْجَائِزِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمَا مِنْ ذَلِكَ مُنِعَتْ) قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ مَحَلُّ مَنْعِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا إذَا اُشْتُرِطَ الْأَخْذُ مِنْ عَيْنِ مَا يَخْرُجُ مِنْ خُصُوصِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ صَرِيحًا وَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْجِنْسِ وَهِيَ فُسْحَةٌ وَفِي بْن جَوَازُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا عِنْدَ الدَّاوُدِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَالْأَصِيلِيِّ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مُنِعَتْ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْبُوصِ الْفَارِسِيِّ وَالْعُودِ الْقَاقُلَّى وَالصَّنْدَلِ وَالْحَلْفَاءِ وَالْحَشِيشِ وَالشَّبِّ وَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ دَخَلَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فِيهَا (قَوْلُهُ مُطَابِقًا لِلْمَخْرَجِ) أَيْ مِنْهُمَا أَيْ، فَإِنْ كَانَ الْمَخْرَجُ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُنَاصَفَةً وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا يَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ فَسَدَتْ كَمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ وَشَرَطَا فِي عَقْدَ الشِّرْكَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ كَانَ مَا أَخْرَجَاهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَشَرَطَا أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً (قَوْلُهُ عَلَى الْمُقَابَلَةِ بِالنِّصْفِ) أَيْ بِأَنْ قِيلَ وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ مِنْ بَقَرٍ وَعَمَلٍ بِأَنْ يَكُونَ أُجْرَتُهُمَا قَدْرَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ وَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذَ نِصْفَهُ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ) أَيْ أَخْرَجَ الثُّلُثَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَسَيَأْتِي مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّ اشْتِرَاطَ خَلْطِ الْبَذْرِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِجَعْلِ خَلْطِ الْبَذْرِ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا مَا كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ صُوَرِهَا وَهَذَا خَاصٌّ بِبَعْضِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ إذْ مَا كَانَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّعًا وَلَوْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ فَهُوَ مُشْتَرَطٌ اهـ وَذَلِكَ بِأَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ قَدْرَ مَا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ وَعَقْدًا عَلَى التَّسَاوِي فِي الْخَارِجِ وَبَذْرًا ثُمَّ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْ حِصَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَخَلْطُ بَذْرٍ) عَطْفٌ عَلَى سُلَّمًا أَيْ وَشَرْطُ صِحَّتِهَا خَلْطُ بَذْرٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى هَذَا إذَا قُرِئَ خَلْطٌ مَصْدَرًا، وَأَمَّا إنْ قُرِئَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَالْعَطْفُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَالْقُطْنِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَالْخَسِّ وَالْبَصَلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْخُضَرِ الَّتِي تُنْقَلُ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْقُطْنَ يُزْرَعُ حَبُّهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبْذَرُ بَلْ يُدْفَنُ فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ جُعِلَ قَوْلُهُ كَالْقُطْنِ رَاجِعًا لِلْحَبِّ وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعًا لِغَيْرِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى حَذْفُ الْقُطْنِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْهُمَا) أَشَارَ الشَّارِحُ

وَاشْتِرَاطُ الْحِسِّيِّ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرُجِّحَ وَلَهُمَا أَيْضًا قَوْلٌ مَعَ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حِسًّا وَلَا حُكْمًا فَلَوْ بَذَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي جِهَةٍ أَوْ فَدَّانٍ غَيْرَ الْآخَرِ صَحَّتْ عِنْدَهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَرْطٌ وَهُوَ تَمَاثُلُهُمَا جِنْسًا وَصِنْفًا فَلَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا قَمْحًا وَالْآخَرُ فُولًا أَوْ شَعِيرًا لَمْ تَصِحَّ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ وَقِيلَ بِالصِّحَّةِ أَيْضًا وَفَرَّعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ. (فَإِنْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا وَعَلِمَ) رَبُّهُ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ لِفَرَاغِهِ أَوْ سُوسِهِ أَوْ قِدَمِهِ وَبَعْضُ الْحَبِّ الَّذِي إذَا أَصَابَهُ الدُّخَانُ لَمْ يَنْبُتْ كَالْبِرْسِيمِ وَبَذْرُ الْكَتَّانِ وَالْمُلُوخِيَّةِ سَوَاءٌ تَمَيَّزَ الْبَذْرُ الْمَذْكُورُ فِي جِهَةٍ أَوْ اخْتَلَطَ (لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ) فِي الشِّرْكَةِ (إنْ غَرَّ) صَاحِبَهُ بِأَنْ عَلِمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَارِّ لِشَرِيكِهِ إذْ الشِّرْكَةُ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا (مِثْلُ نِصْفِ) الْبَذْرِ (النَّابِتِ) فِي شِرْكَةِ الْمُنَاصَفَةِ وَمِثْلُ حِصَّتِهِ مِنْ النَّابِتِ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَإِلَّا) يَغُرُّ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَنْبُتُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ وَبَيَّنَ لِصَاحِبِهِ (فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا لِشَرِيكِهِ (نِصْفُ بَذْرِ الْآخَرِ) فِي شِرْكَةِ الْمُنَاصَفَةِ (وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا) عَلَى كُلِّ حَالٍ فَعَلَى مَنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ غَرَّ أَمْ لَا وَعَلَى مَنْ نَبَتَ بَذْرُهُ مِثْلُ نِصْفِ غَيْرِ النَّابِتِ أَيْ قَدِيمًا أَوْ مُسَوِّسًا إنْ لَمْ يَغُرَّ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ عَلِمَ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْإِبَّانَ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِذَلِكَ إلَى إنْ كَانَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَاقِصَةٌ لَا أَنَّهَا تَامَّةٌ كَمَا قَالَ بَعْضٌ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَخَلْطُ بَذْرٍ إنْ وُجِدَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِخَلْطِ الزَّرِيعَةِ هَذَا إذَا حُمِلَ الْبَذْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الزَّرِيعَةَ ضَاعَ مَفْهُومُ إنْ وُجِدَ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْمَنْطُوقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُ الْحِسِّيِّ) تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْقَوْلَيْنِ إذَا أَخْرَجَاهُ مَعًا وَبَذْرَاهُ وَصَارَ لَا يَتَمَيَّزُ بَذْرُ أَحَدِهِمَا مِنْ بَذْرِ الْآخَرِ فَيَصِحُّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا عَلَى مَا رَدَّهُ بِلَوْ (قَوْلُهُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ خَلْطِ الْبَذْرِ وَلَوْ حُكْمًا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ قَالَ طفى هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا يُعْرَفُ لِسَحْنُونٍ وَعَزَاهُ لَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ لَا حِسًّا وَلَا حُكْمًا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي شِرْكَةِ الْأَمْوَالِ وَسَحْنُونٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ هُنَاكَ فَكُلٌّ طَرْدُ أَصْلِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا هَلْ يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ فِي الصِّحَّةِ فَأَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الشِّرْكَةَ إذَا أَخْرَجَا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي الْعَيْنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً بِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَرَّةً إنَّمَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ إذَا خَلَطَا الزَّرِيعَةَ أَوْ حَمَلَاهَا إلَى الْفَدَّانِ أَوْ جَمَعَاهَا فِي بَيْتٍ فَظَهَرَ لَك أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخَلْطِ وَلَوْ حُكْمًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ سَحْنُونٍ فَقَطْ اهـ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) وَنَحْوُهُ فِي عبق قَالَ بْن وهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَيْنِ كَسَحْنُونٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حِسًّا وَلَا حُكْمًا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ تَمَاثُلُهُمَا) أَيْ تَمَاثُلُ مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ الْبَذْرِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ كِفَايَةِ إخْرَاجِهِمَا لِلْبَذْرِ إلَى الْفَدَّانِ وَبَذْرِ كُلِّ وَاحِدٍ وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ إلَخْ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ أَصْلًا وَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ بِاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ عِنْدَهُ يُوجِبُ بُطْلَانَ الشِّرْكَةِ مُطْلَقًا نَبَتَ بَذْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْ لَا فَتَعَيَّنَ أَنْ يُرَادَ بِالْخَلْطِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُجَرَّدُ الْمُعَاوَنَةِ تَسَاهُلًا حَتَّى يَصِحَّ التَّفْرِيعُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْهُمَا فَيُشْتَرَطُ تَعَاوُنُهُمَا وَلَوْ بِإِخْرَاجِهِمَا بِأَنْ يَخْرُجَا بِالْبَذْرِ مَعًا وَيَبْذُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَذْرَهُ كَانَ بَذْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا عَنْ بَذْرِ الْآخَرِ أَوَّلًا وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَالْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ الْآخَرُ لَا يَكْفِي إخْرَاجُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ الْبَذْرَانِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَحِينَئِذٍ فَحَمْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ الْإِخْرَاجَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْرِيعِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا مُحَصَّلُ كَلَامِ ح. وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَرَدَ بِالْمُبَالَغَةِ، الْقَوْلُ بِاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ لَا يَصِحُّ إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ فِي الْبَذْرِ وَعَدَمِ كِفَايَةِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ بِمَعْنَى عَدَمِ التَّمْيِيزِ مُتَّفَقٌ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّعَاوُنِ مَعَ التَّمْيِيزِ كَمَا عَلِمْت اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ عَلِمَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ) أَيْ وَعَلَيْهِ أَيْضًا نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ مَا لَمْ يَنْبُتْ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَمَلِ فِيهِ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا اُنْظُرْ اهـ بْن. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ عج أَنَّ مَنْ اشْتَرَى حَبًّا وَبَيَّنَ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَنْبُتْ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَم أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ أَوْ كَانَ شَاكًّا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبِأُجْرَةِ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ إنْ فَاتَ الْإِبَّانُ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّهُ وَالشِّرَاءُ فِي زَمَنِ الزِّرَاعَةِ بِثَمَنِ مَا يُزْرَعُ كَالشَّرْطِ، وَإِنْ اشْتَرَى لِلْأَكْلِ فَزَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْإِبَّانَ) أَيْ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِبَّانَ إلَخْ

فَاتَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَمْ يَنْبُتْ زَرْعُهُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِ بَذْرِهِ جَيِّدًا فَيَزْرَعُهُ ثُمَّ مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِمَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الصِّحَّةِ بِخَمْسِ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ تَسَاوَيَا) أَوْ تَسَاوَوْا (فِي الْجَمِيعِ) أَرْضًا وَعَمَلًا وَبَذْرًا وَبَقَرًا وَآلَةً (أَوْ قَابَلَ بَذْرُ أَحَدِهِمَا عَمَلٌ) وَالْأَرْضُ بَيْنَهُمَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ كَانَتْ مُبَاحَةً (أَوْ) قَابَلَ (أَرْضَهُ) أَيْ أَرْضَ أَحَدِهِمَا (وَبَذْرَهُ) عَمَلٌ مِنْ الْآخَرِ بِيَدٍ وَبَقَرٍ وَآلَةٍ أَوْ بَقَرٍ فَقَطْ، وَأَمَّا عَمَلُ يَدٍ فَقَطْ فَسَتَأْتِي مَعَ قَيْدِهَا (أَوْ) قَابَلَ الْأَرْضَ و (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الْبَذْرِ عَمَلٌ مِنْ الْآخَرِ مَعَ بَعْضِ الْبَذْرِ فَالْمَعْنَى أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَشَرْطُ صِحَّةِ هَذِهِ (إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ) أَيْ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الرِّبْحِ (عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ) بِأَنْ زَادَ أَوْ سَاوَى مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَثُلُثَيْ الْبَذْرِ وَالثَّانِي الْعَمَلُ وَثُلُثُ الْبَذْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ نِصْفَ الرِّبْحِ فَقَدْ أَخَذَ الْعَامِلُ أَزْيَدَ مِنْ نِسْبَةِ مَالِهِ مِنْ الْبَذْرِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ وَالْعَامِلُ الثُّلُثُ. فَإِنْ نَقَصَ الْعَامِلُ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ مُنِعَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مَعَ عَمَلِهِ نِصْفَ الْبَذْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ الرِّبْحِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْجَمِيعُ) الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ (إلَّا الْعَمَلُ) بِالْيَدِ فَقَطْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ فَتَصِحُّ (إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ) عَلَى أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ كَالرُّبْعِ أَوْ الْخُمُسِ (لَا) إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ (الْإِجَارَةِ أَوْ أَطْلَقَا) ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَارَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشِّرْكَةِ فَأَجَازَهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اخْتَارَ أَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ وَشُبِّهَ فِي الْفَسَادِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ قَوْلُهُ (كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ) لَهَا بَالٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَتَسَاوَيَا غَيْرُهُمَا) مِنْ بَذْرٍ وَعَمَلٍ لِفَقْدِ التَّسَاوِي عِنْدَ إلْغَاءِ الْأَرْضِ، فَإِنْ دَفَعَ لَهُ صَاحِبُهُ نِصْفَ كِرَائِهَا جَازَ، وَأَمَّا الَّتِي لَا بَالَ لَهَا فَإِلْغَاؤُهَا جَائِزٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصَةٌ) لَا بَالَ لَهَا (وَعَمِلَ) وَلِلْآخَرِ الْبَذْرُ فَتَفْسُدُ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَالْأَوْلَى الْأَرْجَحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَأَنْ تَسَاوَيَا) أَيْ وَذَلِكَ كَأَنْ تَسَاوَيَا إلَخْ أَيْ وَذَلِكَ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ كَتَسَاوِيهِمَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّشْبِيهِ وَأَنْ مَصْدَرِيَّةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ وَقَوْلُهُ كَأَنْ تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ أَيْ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَهُ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ كَمَا مَرَّ لِلدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ وَبَذْرُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهَا بَالٌ (قَوْلُهُ أَوْ بَقَرٌ فَقَطْ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ عَمَلِ الْيَدِ فَقَطْ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ الْآتِيَةِ وَمَا قَالَهُ مِنْ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِمَنْعِهَا (قَوْلُهُ إلَّا الْعَمَلُ) الْمُرَادُ بِهِ الْحَرْثُ لَا الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَمَتَى شَرَطَ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ الْحَرْثِ فَسَدَتْ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ إلَّا أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِزَائِدٍ عَنْ الْحَرْثِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْحِرَاثَةِ وَالسَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةِ وَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ اهـ خش وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَمَا مَعَهُمَا هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالتُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الْحَرْثُ وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ عَقَدَا إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الْفَاسِدَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَا) أَيْ أَوْ عَقَدَا بِالْإِطْلَاقِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْإِجَارَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى فَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ عَطْفُ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الْغَيْرِ الْمُشَابِهِ لِلْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَارَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فَتَكُونُ مَمْنُوعَةً؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِجُزْءٍ مَجْهُولِ الْقَدْرِ وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشِّرْكَةِ فَأَجَازَهَا وَالنَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ سَحْنُونٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُهُ وَعَكْسُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْمَوَّاقِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّ الْمُوَافِقُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ بِبَلَدِنَا، وَقَالَ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ إنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ جَازَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَجُزْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَرِيَ الْعَقْدُ عَنْ اللَّفْظَيْنِ فَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَهَا وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ حَمَلَهُ أَيْ الْإِطْلَاقُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجْزِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشِّرْكَةِ فَأَجَازَهُ هَذَا تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْمَوَّاقِ كَيْفَ خَالَفَ هَذَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ إلَخْ) الْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ الْمُوَافِقُ لِأَقْوَالِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا إجَارَةٌ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ وَأَنَّهَا فَاسِدَةٌ أَمَّا كَوْنُهَا إجَارَةً لَا شِرْكَةً؛ لِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الشِّرْكَةِ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالًا وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَأَمَّا كَوْنُهَا فَاسِدَةً فَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ كَوْنُ عِوَضِهَا مَعْلُومًا وَهُنَا غَيْرُ مَعْلُومٍ. وَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسَادِ إذَا وَقَعَتْ بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ خِلَافُ النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا إجَارَةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْعَامِلُ الْعَمَلَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ مَالٌ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ التَّسَاوِي) أَيْ فِي الرِّبْحِ عِنْدَ إلْغَاءِ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ الدُّخُولُ عَلَى التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْجَوَازَ لِسَحْنُونٍ وَالْمَنْعَ

لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ، وَأَمَّا السَّابِقَةُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فَتَسَاوَيَا فِيمَا عَدَاهَا فَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ الْبَذْرِ فِي مُقَابَلَةِ أَرْضٍ وَتَقَدَّمَتْ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ وَالْبَقَرِ وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُزَارَعَةَ الصَّحِيحَةَ وَشُرُوطَهَا وَعَلِمَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ مَا اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فَسَدَتْ) وَعُثِرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ، وَإِنْ عَمِلَا (وَتَكَافَآ عَمَلًا) أَيْ وُجِدَ عَمَلٌ مِنْهُمَا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِيهِ أَمْ لَا وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ (فَبَيْنَهُمَا) الزَّرْعُ بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ لِعَمَلِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُ مِنْ بَذْرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ عَمَلِ بَقَرٍ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ عَمَلِ يَدٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ (وَتَرَادَّا غَيْرَهُ) أَيْ الْعَمَلَ مِنْ كِرَاءٍ وَبَذْرٍ فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ مَكِيلَتِهِ وَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفَسَادُهَا ظَاهِرٌ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِالْبَذْرِ (وَإِلَّا) يَعْمَلَا مَعًا بَلْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِعَمَلِ يَدِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا إذَا عَمِلَا مَعًا وَلَمْ يَتَكَافَآ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الشُّمُولُ لِمَا مَرَّ (فَلِلْعَامِلِ) الزَّرْعُ كُلُّهُ (وَعَلَيْهِ) لِلْآخَرِ (الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْبَقَرِ الْمُنْفَرِدِ بِهَا الْآخَرُ. فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ لَهُ الْبَذْرُ سَوَاءٌ (كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ الْمُنْفَرِدِ بِالْعَمَلِ (بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ) أَيْ عَمَلُهُ الْمَذْكُورُ وَالْأَرْضُ لِلْآخَرِ وَفَسَادُهَا لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ (أَوْ) كَانَ لَهُ (أَرْضٌ) مَعَ عَمَلِهِ وَالْبَذْرُ لِلْآخَرِ (أَوْ) كَانَ (كُلٌّ) مِنْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ وَاعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ فَسَدَتْ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا فَاتَتْ الْفَاسِدَةُ بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ لِأَصْحَابِهِ كِرَاءُ مَا أَخْرَجُوهُ الثَّانِي الزَّرْعُ لِصَاحِبِ عَمَلِ الْيَدِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَرْضٌ وَبَقَرٌ وَعَمَلُ يَدٍ الرَّابِعُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَرْضٌ وَبَقَرٌ وَعَمَلُ يَدٍ وَبَذْرٌ الْخَامِسُ أَنَّهُ لِلْبَاذِرِ إنْ كَانَ فَسَادُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِابْنِ عَبْدُوسٍ وَابْنِ يُونُسَ قَالَ وَالْمَنْعُ هُوَ الصَّوَابُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَعَلَّ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ مُصَحَّفٌ عَنْ الْأَرْجَحِ اهـ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْقَوْلِ بِالْمَنْعِ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا ابْنُ يُونُسَ وَحِينَئِذٍ فَتَصْحِيحُ الْمُؤَلِّفِ فِي مَحَلِّهِ وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ فِيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَصَوَابُهُ لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا السَّابِقَةُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَأَمَّا الَّتِي لَا بَالَ لَهَا فَإِلْغَاؤُهَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَتْ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَيُخْرِجَ الْآخَرُ الْعَمَلَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ مِنْ الرِّبْحِ أَنْقَصَ مِنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ لِكَامِلِ الْبَذْرِ وَبَقِيَ مِنْ صُوَرِ الْمَنْعِ مَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَذْرِ وَالْأَرْضِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمَنَعَهَا لِلتَّفَاوُتِ، وَكَذَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَأَسْلَفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ الْبَذْرَ فَيُمْنَعُ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ أَوْ تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَمَنَعَهَا لِلتَّفَاوُتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ وَالْبَقَرِ) أَيْ الْحَرْثِ مَعَ إخْرَاجِ الْبَقَرِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ أَيْ وُجِدَ عَمَلٌ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ تَمَاثُلُهُمَا فِي صُدُورِ الْعَمَلِ مِنْهُمَا لَا تَسَاوِيهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَبَيْنَهُمَا) أَيْ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ عَمَلِ يَدٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ بِأَنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ وَحَصَلَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ تَمَاثُلُهُمَا فِي صُدُورِهِ مِنْهُمَا لَا تَسَاوِيهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَلِلْعَامِلِ الزَّرْعُ) أَيْ إذَا انْضَمَّ لِعَمَلِهِ شَيْءٌ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَانَ لَهُ إلَخْ فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ لِإِطْلَاقِهِ هُنَا وَإِلَّا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ الْمُنْفَرِدُ بِهَا الْآخَرُ) بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فَقَطْ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ أَوْ كَانَ الْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلِلْآخَرِ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ بِأَنْ كَانَ الْبَذْرُ فَقَطْ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لَلشَّرِيكِ الْمُخْرِجِ لِلْبَذْرِ (قَوْلُهُ بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فَرْضُ الْكَلَامِ مَعَ الْعَامِلِ مُغْنٍ عَنْ قَوْلِهِ مَعَ عَمَلٍ. (قَوْلُهُ أَيْ عَمَلُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّنْوِينَ فِي عَمَلٍ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ) صَوَابُهُ لِمُقَابَلَةِ الْبَذْرِ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَنَّهَا إنْ فَسَدَتْ، فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَتَرَادَّا غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ آخَرُ كَأَرْضٍ أَوْ بَذْرٍ فَالزَّرْعُ لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ حِينَئِذٍ أَوْ الْبَذْرُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ آخَرُ كَانَ الزَّرْعُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَهَذَا لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ الْمَنْصُوصَةِ فِي فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ السَّادِسِ الْمُرْتَضَى وَانْظُرْهُ فَإِنَّك عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا تَجِدُهُ مُوَافِقًا وَسَيَظْهَرُ لَك (قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَانْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِوَاحِدٍ

[باب صحة الوكالة]

لِلْمُخَابَرَةِ أَيْ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَهُوَ لِلثَّلَاثَةِ عَلَى مَا شَرَطُوا وَالسَّادِسُ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ الزَّرْعُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ بَذْرٌ وَأَرْضٌ وَعَمَلُ يَدٍ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَيْئَانِ أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِأَحَدِهِمْ شَيْئَانِ دُونَ صَاحِبَيْهِ فَالزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمَا أَوْ اجْتَمَعَ شَيْئَانِ لِشَخْصَيْنِ مِنْهُمْ فَالزَّرْعُ لَهُمَا دُونَ الثَّالِثِ فَصُوَرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَعٌ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً وَيُجَابُ عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِحَمْلِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ [دَرْسٌ] (بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ وَرُكْنُهَا مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّسَبِ تَقْتَضِي مُتَعَدِّدًا وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ وَهُوَ الْمَحَلُّ بِقَوْلِهِ (فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ أَيْ مَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ وَقِيلَ النِّيَابَةُ أَعَمُّ لِانْفِرَادِهَا فِيمَا إذَا وَلَّى الْحَاكِمُ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ نَيَّبَ إمَامُ صَلَاةٍ بِمَكَانٍ غَيْرَهُ فِيهَا وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ قَابِلُ النِّيَابَةِ مُجْمَلًا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَقْدٍ) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنِكَاحٍ وَصُلْحٍ وَقِرَاضٍ وَشِرْكَةٍ وَمُسَاقَاةٍ (وَفَسْخٍ) لِعَقْدٍ يَجُوزُ فِيهِ كَمُزَارَعَةٍ قَبْلَ بَذْرٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ وَنِكَاحٍ كَذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالْإِقَالَةُ (وَقَبْضُ حَقٍّ) لَهُ عَلَى الْغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمْ شَيْئَانِ دُونَ أَصْحَابِهِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمْ (قَوْلُهُ وَالسَّادِسُ إلَخْ) قَدْ نَظَمَ ابْنُ غَازِيٍّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ السِّتَّةَ بِقَوْلِهِ: الزَّرْعُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِلْبَاذِرِ ... فِي فَاسِدٍ أَوْ لِسِوَى الْمُخَابِرِ أَوْ مَنْ لَهُ حَرْفَانِ مِنْ إحْدَى الْكَلِمْ ... عَابَ وَعَاثَ ثَاعِبٌ لِمَنْ فَهِمْ وَالْمُرَادُ بِالْمُخَابِرِ هُنَا الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْعَيْنَانِ لِلْعَمَلِ وَالْأَلِفَانِ لِلْأَرْضِ وَالْبَاءَانِ لِلْبَذْرِ وَالثَّاءَانِ لِلثِّيرَانِ فَقَوْلُهُ عَابَ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ السَّادِسِ وَعَاثَ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ وَثَاعِبٌ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا) هَذِهِ الصُّورَةُ مِمَّا يَتَخَالَفُ فِيهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ السَّادِسُ فَإِنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ لِلْعَامِلِ فِي هَذِهِ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ، وَإِنْ فَسَدَتْ وَتَكَافَآ عَمَلًا فَبَيْنَهُمَا قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك عَدَمُ صِحَّةِ جَوَابِ الشَّارِحِ [بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ] (قَوْلُهُ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُتَعَلِّقُهَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَحَلُّ) أَيْ الْمُوَكَّلُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ إلَخْ) أُخِذَ الْحَصْرُ مِنْ كَوْنِ الْمُبْتَدَأِ مُضَافًا لِلْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ وَقَدْ صَرَّحَ أَهْلُ الْمَعَانِي بِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا إذَا أُخْبِرَ عَنْهُ بِظَرْفٍ أَفَادَ الْحَصْرَ كَالْكَرَمُ فِي الْعَرَبِ وَالْأَئِمَّةُ فِي قُرَيْشٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا مَا لَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّهُمَا) أَيْ النِّيَابَةَ وَالْوَكَالَةَ وَقَوْلُهُ مُتَسَاوِيَانِ أَيْ فِي الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ النِّيَابَةُ أَعَمُّ) أَيْ مِنْ الْوَكَالَةِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ لَا بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا وَلَّى الْحَاكِمُ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا) أَيْ فَالْمُوَلَّى الْمَذْكُورُ نَائِبٌ عَمَّنْ وَلَّاهُ وَلَيْسَ وَكِيلًا عَنْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِمُسَاوَاةِ النِّيَابَةِ لِلْوَكَالَةِ لِابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُمَا مِنْ جَعْلِهِمَا نِيَابَةَ الْإِمَامِ وَكَالَةً وَالْقَوْلُ بِأَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ وَأَنَّ نِيَابَةَ الْإِمَامِ غَيْرُ وَكَالَةٍ لِغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَابَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْفِعْلُ عَنْ الْغَيْرِ فَقَابِلُ النِّيَابَةِ مَا يُقْبَلُ فِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَكَالَةِ التَّوْكِيلُ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ فِي الْمَفْهُومِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا مَحَلًّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ إذْ التَّسَاوِي فِي الْمَحَلِّ لَا يَقْتَضِي التَّرَادُفَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّهُ عَلَى التَّسَاوِي يَنْحَلُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِنَا صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي قَابِلِ الْوَكَالَةِ أَوْ لِقَوْلِنَا صِحَّةُ النِّيَابَةِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَهَذَا مَعْنًى غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ هُوَ إحَالَةٌ لِلشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ بَدَلَ الصِّحَّةِ لِيَكُونَ مَفْهُومُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ صَرِيحًا فِيمَا لَمْ يَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الْبُطْلَانُ وَمَا كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا غَيْرُهُ) أَيْ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهَا كَالْوَكَالَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا وَكَالْوَكَالَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَلَى الْبَيْعِ الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ مِنْ عَقْدٍ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَنْهُ عَقْدًا كَبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ إلَخْ وَفِي ح خِلَافٌ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَصَدَرَ بِالْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلشَّارِحِ فِي آخِرِ الْبَابِ (قَوْلُهُ وَبَيْعٌ فَاسِدٌ) أَيْ مُعَرَّضٌ لِلْفَسَادِ أَيْ الْفَسْخِ كَالصَّادِرِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَوْ مِنْ سَفِيهٍ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي فَسْخِهِ وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ، وَأَمَّا الْمُتَحَتِّمُ فَسْخُهُ فَهُوَ مَفْسُوخٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِوَكِيلٍ يَفْسَخُهُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَسْخِ الطَّلَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَسْخِ مُطْلَقُ الْحِلِّ وَفِي شب أَنَّ الطَّلَاقَ دَاخِلٌ فِي الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّلَاقُ أَيْ فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ

وَكَذَا قَضَاؤُهُ (وَعُقُوبَةٍ) مِنْ قَتْلٍ وَتَعْزِيرٍ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ فِيمَا يَجُوزُ (وَحَوَالَةٍ) بِأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُحِيلُ غَرِيمَهُ عَلَى مَدِينٍ لَهُ (وَإِبْرَاءٍ) مِنْ حَقٍّ لَهُ (وَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْحَقَّ الْمُبَرَّأَ مِنْهُ (الثَّلَاثَةُ) الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ هِبَةٌ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِالْمَجْهُولِ (وَحَجٍّ) بِأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَسْتَنِيبُ عَنْهُ فِي الْحَجِّ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَكَذَا فِي هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَقْفٍ وَنَحْوِهَا (و) جَازَ تَوْكِيلُ (وَاحِدٍ) لَا أَكْثَرَ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ (فِي خُصُومَةٍ، وَإِنْ كَرِهَ خَصْمُهُ) إلَّا لِعَدَاوَةٍ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْخُصُومَةِ فَيَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي (لَا إنْ قَاعَدَ) الْمُوَكِّلُ (خَصْمَهُ) عِنْدَ حَاكِمٍ وَانْعَقَدَتْ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا (كَثَلَاثٍ) مِنْ الْمَجَالِسِ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْنَاتِ وَكَثْرَةِ الشَّرِّ (إلَّا لِعُذْرٍ) مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَمِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ لِكَوْنِهِ شَاتَمَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا إنْ حَلَفَ لِغَيْرِ مُوجِبٍ (وَحَلَفَ فِي كَسَفَرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّجُلُ مَنْ يُطَلِّقُ عَنْهُ زَوْجَتَهُ، وَإِنْ بِحَيْضٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ عَارِضٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَضَاؤُهُ) أَيْ وَكَذَا لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيٌّ) فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ شَخْصًا عَلَى الْقَتْلِ كَمَا أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ وَكَذَا فِي قَتْلِ الْحِرَابَةِ وَالرِّدَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ سَيِّدٌ) أَيْ فِي عَبْدِهِ إذَا تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَجُوزُ) أَيْ لِلزَّوْجِ عُقُوبَةُ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ كَتَرْكِ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَحَوَالَةٌ) زَادَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ التَّوْكِيلَ فِي الْحَمَالَةِ وَفَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ هَارُونَ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِمَا عَلَى فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَ الْتَزَمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَفِيلٍ بِهِ عَنْهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْوَظِيفَةَ كَأَذَانٍ وَإِمَامَةٍ وَقِرَاءَةٍ بِمَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَيَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَدَمَ النِّيَابَةِ فِيهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَهَا لَمْ يَكُنْ الْمَعْلُومُ لِلْأَصْلِيِّ لِتَرْكِهِ وَلَا لِلنَّائِبِ لِعَدَمِ تَقَرُّرِهِ فِي الْوَظِيفَةِ أَصَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَدَمَ النِّيَابَةِ فَالْمَعْلُومُ لِصَاحِبِ الْوَظِيفَةِ الْمُقَرَّرِ فِيهَا وَهُوَ مَعَ النَّائِبِ عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ لِضَرُورَةٍ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ الْمَنُوفِيُّ وَاخْتَارَهُ بْن وعج وَهُوَ أَسْهَلُ الْأَقْوَالِ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنْ كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ لِضَرُورَةٍ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلنَّائِبِ وَلَا لِلْمَنُوبِ عَنْهُ مِنْ الْمَعْلُومِ (قَوْلُهُ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي بَيَانِ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ كَرِهَ كَمَا فِي هَذَا لَا فِي بَيَانِ مَا تَجُوزُ فِيهِ وَهَذَا التَّصْوِيرُ الثَّانِي فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِنَابَةٌ لَا نِيَابَةٌ كَمَا قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمُنِعَ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي هِبَةٍ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي هِبَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَوَاحِدٌ) هَذَا مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَيُوَكِّلُ وَاحِدًا أَوْ عُطِفَ عَلَى الْوَكَالَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ وَاحِدٌ أَيْ وَكَالَةُ وَاحِدٍ فِي خُصُومَةٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِذَا كَانَ الْحَقُّ لِاثْنَيْنِ فَقَالَا مَنْ حَضَرَ مِنَّا خَاصَمَ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَتَوْكِيلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَإِذَا خَاصَمَ الْوَكِيلُ فِي قَضِيَّةٍ ثُمَّ انْقَضَتْ وَأَرَادَ الدُّخُولَ فِي أُخْرَى وَالْوَكَالَةُ مُبْهَمَةٌ فَلَهُ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا طَالَ نَحْوُ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ، وَأَمَّا إذَا اتَّصَلَ الْخِصَامُ فِيهَا فَلَهُ التَّكَلُّمُ عَنْهُ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ قَالَهُ ابْنُ النَّاظِمِ وَذَكَرَ ح أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَكَالَةِ أَعْذَارٌ بَلْ إذَا أُثْبِتَتْ عَمِلَ بِهَا وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَرِهَ خَصْمُهُ) أَيْ تَوْكِيلَ ذَلِكَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعَدَاوَةٍ) أَيْ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْخَصْمِ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلْحَاضِرِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ أَوْ يُخَاصِمُ عَنْهُ خَصْمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ الْخَصْمُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ عَدُوًّا لَهُ فَلَا يَجُوزُ اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ أَيْ الِاسْتِقْلَالُ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ إلَّا لِشَرْطِ عَدَمِ الِاسْتِبْدَادِ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَاعَدَ الْمُوَكِّلُ) الْأَوْلَى لَا إنْ قَاعَدَ الْخَصْمُ خَصْمَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) هَذَا هُوَ النَّصُّ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْمُقَاعَدَةُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ لَا تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ كَثَلَاثٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ لِعِلْمِ مَا زَادَ عَنْ الثَّلَاثِ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَظَاهِرُهُ التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ وَعَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي أَقَلَّ مِنْهَا وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ إذْ مُقْتَضَى مَا فِيهَا أَنَّ الْمَرَّتَيْنِ كَالثَّلَاثِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ أَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ ثَلَاثًا فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى حُجَّةِ مُوَكِّلِهِ وَيُحْدِثُ مِنْ الْحُجَّةِ مَا شَاءَ وَمَا كَانَ أَقَامَهُ الَّذِي لَمْ يُوَكِّلْ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ حُجَّةٍ قَبْلَ وَكَالَةِ صَاحِبِهِ فَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَى الْوَكِيلِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَمِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ لَا إنْ حَلَفَ لِغَيْرِ مُوجِبٍ) أَيْ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا يُبِيحُ لَهُ التَّوْكِيلَ بَلْ يَتَعَيَّنُ

يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ وَأَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ عُذْرًا لِكَوْنِهِ قَصَدَ سَفَرًا أَوْ أَنَّ بِهِ مَرَضًا خَفِيًّا بِبَاطِنِهِ أَوْ أَنَّهُ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ وَقْتُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَكَّلَ إلَّا لِهَذَا الْعُذْرِ، فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَوْكِيلٌ إلَّا بِرِضَا خَصْمِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قَاعَدَ الْوَكِيلُ الْخَصْمَ ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ التَّوْكِيلُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا (عَزْلُهُ) أَيْ عَزْلُ الْوَكِيلِ عَنْ الْوَكَالَةِ إلَّا لِمُقْتَضٍ كَظُهُورِ تَفْرِيطٍ أَوْ مَيْلٍ مَعَ الْخَصْمِ أَوْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ (وَلَا لَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ حِينَئِذٍ (عَزْلُ نَفْسِهِ) إلَّا لِعُذْرٍ وَحَلِفٍ فِي كَسَفَرٍ كَذَا يَظْهَرُ وَمَفْهُومُ حِينَئِذٍ أَنَّ لِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ (وَلَا الْإِقْرَارُ) أَيْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ عَنْ مُوَكِّلِهِ (إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ) فِي التَّوْكِيلِ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ وَكَالَةً مُفَوِّضَةً (أَوْ يَجْعَلْ لَهُ) الْإِقْرَارَ عِنْدَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ فَلَهُ الْإِقْرَارُ وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَنْهُ فِيهِمَا إنْ أَقَرَّ بِمَا يُشْبِهُ وَلَمْ يُقِرَّ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ نَوْعِ الْخُصُومَةِ. (وَلِخَصْمِهِ) أَيْ خَصْمِ الْمُوَكِّلِ (اضْطِرَارُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِقْرَارِ أَيْ لَهُ أَنْ يُلْجِئَ الْمُوَكِّلُ إلَى جَعْلِ الْإِقْرَارِ لِلْوَكِيلِ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ (أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ فَإِقْرَارٌ) مِنْ الْمُوَكِّلِ بِهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ الْوَكِيلِ إقْرَارًا بِهَا وَلَا يَنْفَعُ الْمُوَكِّلَ الرُّجُوعُ وَلَا عَزْلُ الْوَكِيلِ عَنْهُ وَيَكُونُ شَاهِدًا عَلَيْهِ بِهَا وَأُخْرِجَ مِنْ قَابِلِ النِّيَابَةِ قَوْلُهُ (لَا فِي كَيَمِينٍ) فَلَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يُخَاصِمَ بِنَفْسِهِ وَيَحْنَثَ عَنْ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى خَصْمُهُ بِتَوْكِيلِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ) الْأَوْلَى يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ بِهِ مَرَضًا خَفِيًّا إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَرَضُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ حَلَفَ) أَيْ كَانَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ إلَخْ أَيْ وَإِلَّا يَحْلِفُ فَلَيْسَ لَهُ تَوْكِيلٌ فَقَدْ حُذِفَ فِعْلُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَئِذٍ إذَا قَاعَدَ الْخَصْمَ ثَلَاثًا وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ أَيْ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ اعْتِكَافٍ دَخَلَ وَقْتُهُ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ حِينَئِذٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ خِصَامٍ فَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا عَزَلَهُ مُوَكِّلُهُ كَانَ لِخَصْمِهِ أَنْ يُوَكِّلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَاصِمٍ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ لَهُ مُوَكَّلٌ وَعَزَلَهُ ... لِخَصْمِهِ إنْ شَاءَ أَنْ يُوَكِّلَهُ وَنَحْوُهُ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنْ زَادَ فِي شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَعَدُوِّهِ اهـ وَنَحْوُهُ لِلْبَرْزَلِيِّ بَحْثًا اهـ بْن. (تَنْبِيهٌ) إذَا فَعَلَ الْوَكِيلُ شَيْئًا بَعْدَ عَزْلِهِ كَانَ فِعْلُهُ مَرْدُودًا إنْ أَشْهَدَ الْمُوَكِّلُ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ الْمُوَكِّلُ فِي إعْلَامِ الْوَكِيلِ أَنَّهُ عَزَلَهُ حَيْثُ كَانَ الْإِعْلَامُ مُمْكِنًا وَلَا يُشْتَرَطُ اشْتِهَارُ الْعَزْلِ عِنْدَ حَاكِمٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ لَمْ يَنْفَعْهُ عَزْلُهُ وَيَمْضِي فِعْلُهُ بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ حِينَ إقْرَارِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي لِلْمُصَنِّفِ وَهُوَ كَوْنُهُ مُفَوَّضًا وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَمَّا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يَنْعَزِلُ قَبْلَهُ وَلَوْ أَشْهَدَ بِهِ وَأَشْهَرَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ. (قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ عَنْ مُوَكِّلِهِ) فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ مَا أَقَرَّ بِهِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَشَاهِدٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ) أَيْ لِخَاصَّةٍ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ وَكَالَةً مُفَوِّضَةً وَجَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ عِنْدَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ نَوْعِ الْخُصُومَةِ) أَيْ كَأَنْ يُوَكِّلَهُ فِي دَيْنٍ فَيُقِرَّ بِتَأْخِيرِهِ أَوْ بِقَبْضِ بَعْضِهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْ بَعْضِهِ لَا إنْ وَكَّلَ عَلَى بَيْعِ دَارِهِ مِنْهُ فَيُقِرُّ لَهُ بِدَيْنٍ عَنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِإِتْلَافِهِ وَدِيعَةً لَهُ. (قَوْلُهُ أَيْ خَصْمُ الْمُوَكِّلِ) أَيْ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَيْ لَهُ أَنْ يُلْجِئَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ لِصَاحِبِهِ الَّذِي وَكَّلَ لَهُ وَكِيلًا لَا أَتَعَاطَى الْمُخَاصَمَةَ مَعَ وَكِيلِك حَتَّى تَجْعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ (قَوْلُهُ أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ) أَيْ لِزَيْدٍ أَوْ اعْتَرِفْ بِهَا لَهُ وَكَذَا أَبْرِئْ فُلَانًا مِنْ حَقِّي الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إنْ قَالَ إلَخْ لَيْسَ نَصُّ الْمَازِرِيِّ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فَهْمَ ابْنِ شَاسٍ لَهُ وَنَصُّهُ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ بِهَذَا الْقَوْلِ كَالْمُقِرِّ بِالْأَلْفِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَاسْتَقْرَاهُ مِنْ نَصِّ بَعْضِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ لَا فِي كَيَمِينٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الشَّخْصِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهَا لِخُصُوصِ الْفَاعِلِ فَهَذَا لَا تَحْصُلُ لَهُ مَصْلَحَتُهُ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ وَتُمْنَعُ فِيهِ النِّيَابَةُ قَطْعًا وَذَلِكَ كَالْيَمِينِ وَالْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالنِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ مَصْلَحَةَ الْيَمِينِ الدَّلَالَةُ عَلَى صِدْقِ الْمُدَّعِي وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِحَلِفِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَيْسَ فِي السُّنَّةِ أَنْ يَحْلِفَ أَحَدٌ وَيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَمَصْلَحَةُ الْإِيمَانِ الْإِجْلَالُ وَالتَّعْظِيمُ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ الْفَاعِلِ، وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَمَصْلَحَةُ النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ الْإِعْفَافُ وَتَحْصِيلُ وَلَدٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُ تَحْقِيقُ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ كَتَحَقُّقِهِ بِفِعْلِ الْمُوَكِّلِ، الثَّانِي مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهِ لِذَاتِ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ مَصْلَحَتِهِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَحِينَئِذٍ فَتَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ قَطْعًا وَذَلِكَ كَرَدِّ الْعَوَارِيّ وَالْوَدَائِعِ وَالْمَغْصُوبَاتِ لِأَهْلِهَا وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَفْرِيقِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ مَصْلَحَةَ هَذِهِ

لِأَنَّهَا تُفِيدُ صِدْقَ الْحَالِفِ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَكُلَّ مَا كَانَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ وَيَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ الْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ (و) لَا (مَعْصِيَةٍ كَظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ وَأَدْخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ السَّرِقَةَ وَالْغَصْبَ وَالْقَتْلَ الْحَرَامَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ لِزَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ أَنْت عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ فَأَوْقَعَهُ الْوَكِيلُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ فِي الْحَيْضِ عَارِضَةٌ إذْ هُوَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَإِنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ بِقَوْلِهِ (بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا) مِنْ قَوْلٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ (لَا بِمُجَرَّدِ) قَوْلِهِ (وَكَّلْتُك) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ (لَا حَتَّى يُفَوِّضَ) لِلْوَكِيلِ الْأَمْرَ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوَّضَةً أَوْ فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِي أُمُورِي وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَإِذَا فَوَّضَ لَهُ (فَيَمْضِي) وَيَجُوزُ (النَّظَرُ) أَيْ الصَّوَابُ لَا غَيْرُهُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْمُوَكِّلُ (و) يَمْضِي مِنْك (غَيْرُ النَّظَرِ) فَيَمْضِي إنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ وَلَا تَضْمِينُ الْوَكِيلِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ النَّظَرِ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا تَبْذِيرٍ (إلَّا الطَّلَاقَ) لِزَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ (وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ و) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَشْيَاءِ إيصَالُ الْحُقُوقِ لِأَهْلِهَا وَذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَهَا وَغَيْرِهِ فَيَبْرَأُ الْمَأْمُورُ بِهَا بِفِعْلِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ، وَالثَّالِثُ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهَا لِجِهَةِ الْفِعْلِ وَلِجِهَةِ الْفَاعِلِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا بِأَيِّهِمَا يَلْحَقُ وَذَلِكَ كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مَعَهَا إنْفَاقُ مَالٍ، فَمَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ رَأَوْا أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَأْدِيبُ النَّفْسِ وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارُ الِانْقِيَادِ إلَيْهِ وَهَذَا أَمْرٌ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ قَادِرٍ فَإِذَا فَعَلَهُ إنْسَانٌ عَنْهُ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ مِنْهُ، وَرَأَوْا أَنَّ إنْفَاقَ الْمَالِ فِيهِ أَمْرٌ عَارِضٌ بِدَلِيلِ الْمَكِّيِّ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِلَا مَالٍ فَقَدْ أَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَصَالِحَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ عَنْهُ، وَلِذَا كَانَ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَلَهُ أُجْرَةُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ رَأَوْا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ الْقُرْبَةُ الْمَالِيَّةُ الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا غَالِبًا فَأَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ صِدْقَ الْحَالِفِ) أَيْ وَصِدْقَ الْوَكِيلِ بِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوُضُوءَ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأَفْعَالُ الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ وَإِجْلَالُ الرَّبِّ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خُضُوعِ الْوَكِيلِ خُضُوعُ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا فَعَلَهَا غَيْرُهُ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَظِهَارٍ؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا فِي الْحَيْضِ فَطَلَّقَهَا فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِهَا فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَهِيَ حَائِضٌ كَانَ الطَّلَاقُ لَازِمًا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا إلَخْ) مِنْ الْعُرْفِ فِي الْوَكَالَةِ الْوَكَالَةُ بِالْعَادَةِ كَمَا إذَا كَانَ رِيعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَكَانَ الْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ دَفَعَ لِأُخْتِهِ مَا يَخُصُّهَا فِي الْكِرَاءِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ وَتَصَرُّفُ الرَّجُلِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّعَدِّي قَالَهُ مَالِكٌ اُنْظُرْ ح وَالْمَوَّاقَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ) أَيْ لَا مِنْ نَاطِقٍ (قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك) أَيْ وَأَنْتَ وَكِيلِي وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا أَبْهَمَ فِيهَا الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَالَ: وَكَّلْتُك كَانَتْ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً خِلَافَ أَنْتَ وَصِيِّ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَقِيلَ إنَّهَا وَكَالَةٌ صَحِيحَةٌ وَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إنْ قَصُرَتْ طَالَتْ وَإِنْ طَالَتْ قَصُرَتْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَفَرَّقَ ابْنُ شَاسٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ أَيْ إذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَإِنَّهُ يَعُمُّ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَادَةُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَلَا تَقْتَضِيهِ فِي الْوَكَالَةِ وَيَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ الثَّانِي أَنَّ الْمُوَكَّلُ مُهَيَّأٌ لِلتَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْقِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَيَفْتَقِرُ لِتَقْرِيرِ مَا أَبْقَى، وَالْوَصِيُّ لَا تَصَرُّفَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَفْتَقِرُ لِتَقْرِيرِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ) أَيْ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى الْوَكَالَةِ لُغَةً (قَوْلُهُ فَيُمْضِي النَّظَرَ) أَيْ وَهُوَ مَا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ أَيْ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ النَّظَرِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لَهُ أَمْضَيْت فِعْلَك النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ فَيُمْضِي أَيْ غَيْرَ النَّظَرِ إنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بَاطِلَةٌ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَلَا تَبْذِيرَ أَيْ كَأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ النَّظَرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً وَيُمْضِي بَعْدَ وُقُوعِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ لَا مَا كَانَ مَعْصِيَةً أَوْ سَفَهًا وَإِلَّا نَاقَضَ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ فِي الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ إلَّا الطَّلَاقُ) الصَّوَابُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَالْأَصْلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ فَيُمْضِي النَّظَرَ وَغَيْرَهُ إلَّا الطَّلَاقَ إلَخْ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ تت مِنْ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فَيُمْضِي النَّظَرَ وَنَحْوَهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَرَدَّهُ ح بِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ

بَيْعَ (عَبْدِهِ) الْقَائِمِ بِأُمُورِهِ لِقِيَامِ الْعُرْفِ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ لَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيلُ بِإِذْنٍ خَاصٍّ (أَوْ يُعَيِّنُ) عَطْفٌ عَلَى يُفَوِّضُ أَيْ أَوْ حَتَّى يُعَيِّنَ لَهُ الشَّيْءَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَةٍ أَوْ إنْكَاحِ بِنْتِهِ (بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ) أَوْ عُرْفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتَخَصُّصٌ) أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهَا (وَتَقَيُّدٌ بِالْعُرْفِ) فَإِذَا كَانَ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ عَامًّا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِهِ وَإِذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَهُ لَهُ اشْتَرِ لِي عَبْدًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ إذَا كَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ (فَلَا يَعْدُوهُ) أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ مَا خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ (إلَّا) إذَا وَكَّلَهُ (عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ أَيْ عَلَيْهِ (طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ (أَوْ) إلَّا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى (اشْتِرَاءٍ فَلَهُ) أَيْ عَلَيْهِ (قَبْضُ الْمَبِيعِ) مِنْ الْبَائِعِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي (و) لَهُ (رَدُّ الْمَعِيبِ) عَلَى بَائِعِهِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ الْمَعِيبَ (مُوَكِّلُهُ) ، فَإِنْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ بِهِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْغَيْرِ الْمُفَوَّضِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الْمَبِيعَ (وَطُولِبَ بِثَمَنٍ) لِسِلْعَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ لَا تَكُونُ مُسْتَثْنَاةً وَأَنَّهَا تَمْضِي وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَبَيْعُ عَبْدِهِ الْقَائِمِ بِأُمُورِهِ) أَيْ أَوْ التَّاجِرُ وَأَوْلَى عِتْقُهُ فَلَا يَمْضِي شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوِّضَةً وَأَمْضَيْت فِعْلَك النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْعِ سِلْعَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ دَابَّتِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ تَزْوِيجُ بِنْتِي فُلَانَةَ أَوْ طَلَاقُ زَوْجَتِي فُلَانَةَ أَوْ هَذِهِ وَكُلُّ هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِتَعْيِينِ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ وَتُخَصِّصُ أَيْ مَا يَدُلُّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ تُخَصِّصُ رَاجِعٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ عُرْفًا وَلَمَّا كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا لَفْظًا وَغَيْرَهُ وَاَلَّذِي يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَالتَّقْيِيدَ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ اللَّفْظُ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَفْظَ الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ عَامًّا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِهِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ وَتُخَصِّصُ أَيْ إذَا كَانَ عَامًّا وَقَوْلُهُ تَقَيَّدَ أَيْ إذَا كَانَ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ أَنَّ الْعَامَّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَأَنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ وَهَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ وَهُوَ مَنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكَّلَ فِيهِ. (قَوْلُهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا) الْأُولَى تَخْصِيصُهَا بِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا أَيْ قَصْرُهَا عَلَى بَعْضِ أَنْوَاعِهَا كَالْحُمُرِ مَثَلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ لَا يَتَجَاوَزُ مَا خَصَّصَهُ) أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ عَلَيْهِ الَّذِي خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ أَيْ خَصَّصَ دَالَّهُ أَوْ قَيَّدَهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَعُدُّوهُ ثَمَرَةً لِلتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَتَخَصُّصٌ إلَخْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْوَكِيلُ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا بِالنَّصِّ أَوْ مُخَصَّصًا أَوْ مُقَيَّدًا دَالُّهُ بِالْعُرْفِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ إلَّا إذَا وَكَّلَ عَلَى بَيْعٍ إلَخْ فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا بِالنَّصِّ لَا مُخَصَّصًا وَلَا مُقَيَّدًا بِالْعُرْفِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْ عَلَيْهِ طَلَبُ الثَّمَنِ) أَيْ مَنْ اشْتَرَى وَقَبَضَهُ مِنْهُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى التَّوْكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَلَا قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكَّلَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ وَجَعْلُهُ اللَّامَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى عَلَى مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ التَّوْضِيحِ لَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ اهـ. وَهَذَا حَيْثُ لَا عُرْفَ بِعَدَمِ طَلَبِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ بَلْ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ قَبْضٌ وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فِي مَسَائِلِهِ: وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ عِنْدَ النَّاسِ فِي الرُّبَاعِ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ الَّذِي بَاعَ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وح اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَاهُ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ لِمَنْ وَكَّلَهُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلُ فَحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الدَّفْعُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبْضُ وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ هُوَ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ كَمَا يَأْتِي مُحَصِّلُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى وَصَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ بِأَنْ قَالَ وَيَنْقُدُ الْمُوَكِّلُ دُونِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ الْمُثَمَّنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ اشْتَرَى وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمُثَمَّنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْمُثَمَّنِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ حَالَ شِرَائِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ هُوَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُوَكِّلُ أَخْذَهُ فَلَهُ ذَلِكَ أَوْ يَقِلَّ الْعَيْبُ وَالشِّرَاءُ فُرْصَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْخَفِيَّةِ كَالسَّرِقَةِ أَوْ كَانَ مِنْ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى حَتَّى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق وخش عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ بِهِ) أَيْ وَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ إمَّا أَنْ يَقْبَلَهُ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ

اشْتَرَاهَا لِمُوَكِّلِهِ أَوْ بَاعَهَا لَهُ (وَمُثَمَّنٌ) كَذَلِكَ اشْتَرَاهُ أَوْ بَاعَهُ لِمُوَكِّلِهِ (مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ) مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِأَنْ قَالَ لَا أَتَوَلَّى ذَلِكَ لَمْ يُطَالَبْ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ مُوَكِّلُهُ وَشُبِّهَ فِي مَفْهُومٍ لَمْ يُصَرِّحْ قَوْلُهُ (كَبَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ) كَذَا أَوْ لِيَشْتَرِيَ مِنْك كَذَا فَلَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَالثَّمَنُ عَلَى الرَّسُولِ (لَا) إنْ قَالَ بَعَثَنِي (لِأَشْتَرِيَ مِنْك) أَوْ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك فَيُطَالَبُ الرَّسُولُ مَا لَمْ يُقِرَّ الْمُرْسِلُ بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَالطَّلَبُ عَلَى الْمُرْسِلِ (و) طُولِبَ الْوَكِيلُ (بِالْعُهْدَةِ) مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ (مَا لَمْ يَعْلَمْ) الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ وَإِلَّا فَالطَّلَبُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُفَوَّضًا (وَتَعَيَّنَ) عَلَى الْوَكِيلِ (فِي) التَّوْكِيلِ (الْمُطْلَقِ) لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ (نَقْدِ الْبَلَدِ و) تَعَيَّنَ (لَائِقٌ) أَيْ شِرَاؤُهُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُوَكِّلِ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ) ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ لَا تَفِي بِمَا يَلِيقُ بِهِ (فَتَرَدَّدَ) فِي جَوَازِ شِرَاءِ مَا لَا يَلِيقُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ (و) تَعَيَّنَ (ثَمَنُ الْمِثْلِ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَالَفَ نَقْدَ الْبَلَدِ الَّتِي بِهَا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ أَوْ اشْتَرَى مَا لَا يَلِيقُ أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمِثْلِ (خُيِّرَ) الْمُوَكِّلُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا خَالَفَ فِيهِ شَيْئًا يَسِيرًا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُوَكِّلِ (كَفُلُوسٍ) مِثَالٌ لِمَا فِيهِ التَّخْيِيرُ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْعُرُوضِ (إلَّا مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ) أَيْ بَيْعُهُ بِالْفُلُوسِ (لِخِفَّتِهِ) أَيْ لِخِفَّةِ أَمْرِهِ كَالْبَقْلِ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَرُدَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ (قَوْلُهُ اشْتَرَاهَا لِمُوَكَّلِهِ أَوْ بَاعَهَا لَهُ) وَالْمُطَالَبُ لَهُ بِالثَّمَنِ فِي الْأُولَى الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ وَفِي الثَّانِيَةِ مُوَكِّلُهُ (قَوْلُهُ وَمُثَمَّنٌ) أَيْ وَطُولِبَ بِمُثَمَّنٍ اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ لِمُوَكِّلِهِ) وَالْمُطَالَبُ بِهِ فِي الْأُولَى مُوَكِّلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَجْنَبِيُّ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ) أَيْ وَمَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمَ طَلَبِهِ بِهِمَا وَإِلَّا عَمِلَ بِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَا أَتَوَلَّى ذَلِكَ) أَيْ نَقْدَ الثَّمَنِ أَوْ دَفْعَ الْمُثَمَّنِ بَلْ يَتَوَلَّاهُ الْمُوَكِّلُ دُونِي (قَوْلُهُ لَمْ يُطَالَبْ) أَيْ لَا بِثَمَنٍ وَلَا بِمُثَمَّنٍ (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي مَفْهُومٍ لَمْ يُصَرَّحْ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا صَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ لِتَبِيعَهُ كَذَا) أَيْ بِمِائَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ لِيَشْتَرِيَ مِنْك كَذَا أَيْ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَرَضِيَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ لَا لِأَشْتَرِيَ مِنْك إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ أَسْنَدَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَسْنَدَهُ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك) أَيْ فَزِيَادَةُ لَهُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ وَكِيلًا وَلَوْ نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ لَفُهِمَتْ صُورَتُهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقِرَّ الْمُرْسِلُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي بْن أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ غَرِيمَانِ فَيَبْتَعُ أَيَّهمَا شَاءَ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وح إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْمُرْسِلُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلرَّسُولِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ أَوْ يَتْبَعُ الرَّسُولَ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ وَطُولِبَ الْوَكِيلُ بِالْعُهْدَةِ) أَيْ طُولِبَ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ بِالْعُهْدَةِ أَيْ طَالَبَهُ الْمُشْتَرِي بِهَا فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ سِلْعَةً وَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ) أَيْ كَالسِّمْسَارِ أَيْ وَمَا لَمْ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مُعْتَرِضًا بِهِ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُفَوَّضًا) أَيْ، فَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ لَهُ غَرِيمَانِ يَتْبَعُ أَيَّهمَا شَاءَ كَالشَّرِيكِ الْمُفَوَّضِ وَالْمُقَارَضِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ إنْ كَانَ غَيْرَ مُفَوَّضٍ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَحْلِفْ أَوْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ وَإِلَّا كَانَ الْمُطَالَبُ بِهَا الْمُوَكِّلُ، وَإِنْ كَانَ مُفَوِّضًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنِ عَدَمِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَقَطْ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ مُفَاوِضٌ وَفِي الْمُفَوَّضِ يَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي غَرِيمَانِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فِي التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ) الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِهِ عَدَمُ ذِكْرِ نَوْعِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ نَقْدُ الْبَلَدِ أَيْ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ سَوَاءٌ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَائِقٌ بِهِ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا لَا يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ وَتَخَصُّصٌ وَتَقَيُّدٌ بِالْعُرْفِ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَصْرِ الدَّابَّةِ عَلَى الْحِمَارِ وَقُلْت لِرَجُلٍ اشْتَرِ لِي دَابَّةً فَلَا يَشْتَرِي إلَّا حِمَارًا ثُمَّ إذَا كَانَتْ أَفْرَادُ الْحَمِيرِ مُتَفَاوِتَةً فَلَا يَشْتَرِي إلَّا لَائِقًا بِك فَاللَّائِقُ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ فَرْدٍ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ لَائِقٍ بِهِ أَيْ لَا غَيْرَ لَائِقٍ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَإِنْ سَمَّاهُ فَفِي جَوَازِ شِرَائِهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ تَرَدُّدٌ فَالتَّرَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِي شِرَاءِ غَيْرِ اللَّائِقِ مَعَ التَّسْمِيَةِ. (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لِشُرَّاحِهَا فِي فَهْمِهَا (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْمِثْلِ إلَخْ) فَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا لَا بِأَقَلَّ مِنْهُ، فَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شِرَائِهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ لَا بِأَكْثَرَ وَمَحَلُّ تَعَيُّنِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ مُطْلَقًا أَيْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا، فَإِنْ سَمَّاهُ تَعَيَّنَ وَهَلْ التَّسْمِيَةُ تُسْقِطُ عَنْ الْوَكِيلِ النِّدَاءَ وَالشُّهْرَةَ أَيْ النِّدَاءُ عَلَى الْمَبِيعِ وَإِشْهَارُهُ لِلْبَيْعِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَوْ بَاعَهُ بِمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ إشْهَارٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إمْضَاؤُهُ وَالثَّانِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ وَعَدَمُ النَّقْصِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ بِأَنْ خَالَفَ نَقْدَ الْبَلَدِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ بِعَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ بِنَقْدٍ غَيْرِ مُتَعَامَلٍ بِهِ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ) أَيْ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِلَّا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا لِتَعَدِّيهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ فِيمَا ذُكِرَ يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ لَا نِزَاعَ فِيهَا، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ الْإِذْنَ وَخَالَفَهُ الْمُوَكِّلُ وَادَّعَى عَدَمَهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ كَفُلُوسٍ) أَيْ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَ بِفُلُوسٍ (قَوْلُهُ كَالْبَقْلِ) أَيْ وَكَالشَّيْءِ الْقَلِيلِ

لِأَنَّ الْفُلُوسَ فِي الْمُحَقَّرَاتِ كَالْعَيْنِ فِي غَيْرِهَا (كَصَرْفِ ذَهَبٍ) دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا عَيَّنَهُ فَلَمْ يَشْتَرِ حَتَّى صَرْفَ الذَّهَبِ (بِفِضَّةٍ) وَاشْتَرَى فِيهَا فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ لَكِنْ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ نَقْدًا خُيِّرَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ سَلَمًا خُيِّرَ إنْ قَبَضَهُ فِي قَبُولِهِ وَرَدَّ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ تَعَيَّنَ الرَّدُّ وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ طَعَامًا كَمَا سَيَأْتِي لَهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الصَّرْفُ الْمَذْكُورُ هُوَ (الشَّأْنُ) أَوْ كَانَ نَظَرًا فَلَا خِيَارَ (وَكَمُخَالَفَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى كَفُلُوسٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَيْنًا أَوْ سُوقًا أَوْ زَمَانًا) عُيِّنَ لِلْوَكِيلِ فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ مُعْتَبَرٌ (أَوْ بَيْعِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِأَقَلَّ) مِمَّا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَوْ يَسِيرًا فَيُخَيَّرُ (أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ) مِمَّا سَمَّى لَهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (كَثِيرًا) فَيُخَيَّرُ، وَأَمَّا بِالْيَسِيرِ فَلَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الشِّرَاءِ الزِّيَادَةُ لِتَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ. وَلِذَا قَالَ (إلَّا كَدِينَارَيْنِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (فِي أَرْبَعِينَ) وَثَلَاثَةٍ فِي سِتِّينَ وَوَاحِدٍ فِي عِشْرِينَ فَلَا خِيَارَ لِيَسَارَتِهِ وَشَأْنُ النَّاسِ التَّغَابُنُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ لَا كَدِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ كَثِيرًا كَأَنَّهُ قَالَ لَا إنْ قُلْت الزِّيَادَةُ كَدِينَارَيْنِ إلَخْ إذْ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ (وَصُدِّقَ) الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ (فِي دَفْعِهِمَا) أَيْ الدِّينَارَيْنِ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ السِّلْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَنُ كَالسَّوْطِ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بَقْلًا أَوْ سَوْطًا بِفُلُوسٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ (قَوْلُهُ كَصَرْفِ ذَهَبٍ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي هِيَ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ خُيِّرَ مُطْلَقًا) أَيْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ يَلْزَمُ الْمَحْذُورَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي لِلْمُسْلَمِ إنْ أَجَازَ مَنْ فَسَخَ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ طَعَامًا وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّخْيِيرَ هُنَا أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَرَى نَقْدًا إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ كَمَا أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي السَّلَمِ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ، وَكَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ بِفُلُوسٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ التَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ. (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ وَأَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ ذَهَبِهِ وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ تَرَتَّبَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا وَقَدْ فَسَخَ ذَلِكَ فِي مُؤَخَّرٍ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) إنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَزِمَ الْوَكِيلَ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ بِالدَّرَاهِمِ الْمُخَالِفَةِ لِنَقْدِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ فَكَأَنَّ الْوَكِيلَ بَاعَهُ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ عَادَةُ النَّاسِ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَةُ النَّاسِ شِرَاءُ تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمُوَكَّلِ عَلَى شِرَائِهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَكَانَ نَظَرًا) أَيْ أَوْ كَانَ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُوَكَّلِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ لَك لِوُضُوحِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرِي إلَخْ) فَإِذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ فَخَالَفَ خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ إنْ شَاءَ أَجَازَ فَعَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَظَاهِرُهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَغْرَاضُ تَخْتَلِفُ بِالزَّمَانِ وَالسُّوقِ أَوْ لَا وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ لَا يُخَيَّرُ إذَا خَالَفَ سُوقًا أَوْ زَمَانًا عُيِّنَ إلَّا إذَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ بِهِمَا الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ وَيَصِحُّ كَسْرُهَا أَيْضًا فَإِذَا قَالَ لَا تَبِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَلَا يَبِيعُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِهِ خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ) أَيْ وَمُخَالَفَتُهُ فِي بَيْعِهِ بِأَقَلَّ فَفِي مُقَدَّرَةٌ وَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ وَمُخَالَفَتُهُ بِسَبَبِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ بِسَبَبِهِ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ) أَيْ أَوْ مُخَالَفَتُهُ فِي اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِسَبَبِ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِزِيَادَةٍ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِكَوْنِهَا كَثِيرَةً أَوْ يَسِيرَةً، فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَالتَّخْيِيرُ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَا خِيَارَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا فَأَفَادَ الْحُكْمَيْنِ بِالْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ إلَّا كَدِينَارَيْنِ إلَخْ) تَقْرِيرُهُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ خَاصٌّ بِاشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَحْوُهُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ، قَالَ ح وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ، وَأَمَّا مَنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ الْآمِرُ وَلَوْ يَسِيرًا لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ ذَلِكَ وَيُخَيَّرُ اهـ بْن (قَوْلُهُ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ نِصْفُ الْعُشْرِ فَأَقَلَّ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ وَثَلَاثَةٌ فِي سِتِّينَ) أَيْ وَأَرْبَعَةٌ فِي ثَمَانِينَ وَوَاحِدٌ فِي عِشْرِينَ أَيْ وَنِصْفُ وَاحِدٍ فِي عَشَرَةٍ وَرُبْعُ وَاحِدٍ فِي خَمْسَةٍ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بَيَانُ الْمَفْهُومِ لَا الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا لَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَهَا حَتَّى يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُجْعَلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا. (قَوْلُهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ فِي دَفْعِهِمَا لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ بِهِمَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَمَحَلُّ حَلِفِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى دَفْعِهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ وَإِذَا صَدَقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي دَفْعِهِمَا وَطَالَ الزَّمَانُ وَادَّعَى الْمُوَكِّلُ دَفْعَهُمَا لِلْوَكِيلِ فَقَالَ بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى حُكْمِ مَنْ ادَّعَى دَفْعَ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، وَقِيلَ إنْ طَالَ الزَّمَانُ كَعِشْرِينَ سَنَةً صُدِّقَ وَلَا عِبْرَةَ بِوُجُودِ الْوَثَائِقِ بِيَدِ الْمُدَّعِي وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ زَادَ

بَلْ (وَإِنْ سَلَّمَ) لَهُ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ (مَا لَمْ يَطُلْ) الزَّمَنُ أَيْ زَمَنُ سُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِهِمَا الَّذِي بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَبَيْنَ دَعْوَاهُ الدَّفْعَ مِنْ مَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِمَا. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ كَانَ لِمُوَكِّلِهِ الْخِيَارُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِقَوْلِهِ (وَحَيْثُ خَالَفَ) الْوَكِيلُ بِأَنْ زَادَ كَثِيرًا (فِي اشْتِرَاءٍ) أَوْ اشْتَرَى غَيْرَ لَائِقٍ أَوْ غَيْرَ مَا عَيَّنَ لَهُ بِلَفْظٍ أَوَقَرِينَةٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ خِيَارٌ لَمْ يُنْقَضْ زَمَنُهُ (إنْ لَمْ يَرْضَهُ) أَيْ يَرْضَ بِهِ (مُوَكِّلُهُ) ، فَإِنْ رَضِيَهُ لَزِمَهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ سَلَمٍ وَإِلَّا مَنَعَ الرِّضَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ (كَذِي عَيْبٍ) اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ فَيَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ مُوَكِّلُهُ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ) الْعَيْبُ قِلَّةً يُغْتَفَرُ مِثْلُهَا عَادَةً بِالنَّظَرِ لِمَا اشْتَرَى لَهُ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْعَوَرَ فِي جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ قَلِيلٌ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ بِخِلَافِ جَارِيَةِ الْفُرُشِ (وَهُوَ) أَيْ الشِّرَاءُ (فُرْصَةٌ) أَيْ غِبْطَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ كَدَابَّةٍ مَقْطُوعَةِ ذَنَبٍ لِغَيْرِ ذِي هَيْئَةٍ وَهِيَ رَخِيصَةٌ (أَوْ) خَالَفَ الْوَكِيلُ (فِي بَيْعٍ) بِأَنْ بَاعَ بِأَنْقَصَ مِمَّا سَمَّى لَهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَوْ بِفُلُوسٍ أَوْ عُرُوضٍ وَلَيْسَ الشَّأْنُ ذَلِكَ (فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ) فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ. فَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ أَخَذَ سِلْعَتَهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتُهَا إنْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ، فَإِنْ سَمَّى الثَّمَنَ وَفَاتَتْ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ تَمَامَ التَّسْمِيَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا بَيَّنَ الْوَكِيلُ أَنَّهَا لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا فَالنَّقْصُ لَازِمٌ لَهُ وَكَلَامُهُ هُنَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَثَمَنُ الْمِثْلِ وَإِلَّا خُيِّرَ أَعَادَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الثَّمَنِ زِيَادَةً يَسِيرَةً دَفَعَهَا مِنْ مَالِهِ وَطَلَبَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ زَمَنُ سُكُوتِهِ عَنْ الطَّلَبِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ ادَّعَى دَفْعَهَا مِنْ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ السِّلْعَةَ لِلْمُوَكَّلِ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهَا، فَإِنْ طَالَ زَمَنُ سُكُوتِهِ عَنْ الطَّلَبِ بِهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِذَا صَدَّقَهُ وَطَالَ الزَّمَانُ وَادَّعَى دَفْعَهَا لَهُ جَرَى عَلَى حُكْمِ مَنْ ادَّعَى دَفْعَ دَيْنٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ بَلْ، وَإِنْ سَلَّمَ) أَيْ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ عَنْ طَلَبِهِمَا) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ الدَّفْعُ) أَيْ دَفْعُ الدِّينَارَيْنِ الزَّائِدَيْنِ (قَوْلُهُ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَرُدَّ الْوَكِيلُ الْبَيْعَ بَلْ الْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ. (قَوْلُهُ وَحَيْثُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ فَالْفِعْلُ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ وَالْجَزْمُ بِهَا بِدُونِ مَا قَلِيلٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفِيَّةً مَعْمُولَةً لَلَزِمَ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَتَكُونُ ظَرْفَ زَمَانٍ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ الدَّنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا نَقْدًا أَوْ أَسْلَمَهَا فِي عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ وَكَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ مُتَعَدِّدٍ مِنْ كَثِيَابٍ بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَابْتَاعَ مِنْهَا وَاحِدًا بِالثَّمَنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ مَا اشْتَرَاهُ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مُخَالَفَتُهُ خَطَأً لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ خِيَارٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ الَّذِي خَالَفَ فِي اشْتِرَائِهِ إذَا كَانَ اشْتَرَاهُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَأَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ عَلَى خِيَارٍ لَهُ وَلَمْ يَنْقَضِ زَمَنُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ الْوَكِيلُ فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ أَنَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَنْ اخْتَارَ الرَّدَّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَرْضَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْضَ بِمَا خَالَفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) أَيْ مَا خَالَفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِالسَّلِمِ إلَيْهِ سَلَمًا مُنِعَ الرِّضَا بِهِ أَيْ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ لِيُسَلِّمَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَيَزِيدُ إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ طَعَامًا بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ كَانَ لَهُ الرِّضَا بِهِ (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَهُ الرَّدُّ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ أَيْ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى حَتَّى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ) أَيْ إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ مَنْ لَا تُرْتِب بِهِ خِدْمَتُهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ فُرْصَةٌ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ كَدَابَّةٍ إلَخْ) أَيْ وَكَجَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ مَنْ لَا تَزْرِي بِهِ خِدْمَتُهَا وَهِيَ رَخِيصَةٌ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ ذِي هَيْئَةٍ) وَأَمَّا شِرَاءُ دَابَّةٍ مَقْطُوعَةِ الذَّنَبِ لِذِي هَيْئَةٍ فَلَا تَلْزَمُ وَلَوْ رَخِيصَةً وَكَذَا جَارِيَةٌ عَوْرَاءُ لِخِدْمَةِ مَنْ يَزْرِي بِهِ خِدْمَتُهَا لِكَوْنِ الْعَيْبِ غَيْرَ قَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ عَادَةً بِالنَّظَرِ لِمَا اشْتَرَى لَهُ وَلِمَنْ اشْتَرَى لَهُ. (قَوْلُهُ بِأَنْقَصَ مَا سَمَّى لَهُ) أَيْ وَلَوْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ وَالْإِمْضَاءُ) أَيْ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقِيمَتَهَا) أَيْ وَأَخَذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ فَأَعْلَى) أَيْ فِي حَوَالَةِ السُّوقِ كَتَغَيُّرِ بَدَنٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يُسَمِّ) أَيْ أَخْذُهُ قِيمَتَهَا إذَا فَاتَتْ وَالْحَالُ أَنَّهُ رَدَّ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَمَّى الثَّمَنَ وَفَاتَتْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ رَدَّ الْبَيْعَ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ لِلْمُوَكِّلِ وَقَوْلُهُ تَغْرِيمُهُ أَيْ تَغْرِيمُ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ إذَا بَيَّنَ الْوَكِيلُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالنَّقْصُ لَازِمٌ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَخْذُهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَنَقَصَ مَا سَمَّاهُ إنْ سَمَّى وَنَقْصُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ هُنَا) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ خَالَفَ فِي بَيْعٍ فَخَيَّرَ مُوَكِّلَهُ (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْمِثْلِ) أَيْ وَتَعَيَّنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ تَخْيِيرٌ

قَوْلُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ (رِبَوِيًّا مِثْلَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ هَذَا الْقَمْحَ بِفُولٍ فَبَاعَهُ بِأُرْزٍ أَوْ بِعْهُ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِفُولٍ مَثَلًا فَالْمُوَكَّلُ عَلَى بَيْعِهِ رِبَوِيٌّ وَالْمُخَالَفُ إلَيْهِ رِبَوِيٌّ أَيْضًا فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِيمَا بَالَغَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالتَّعَدِّي فَهُوَ مُجَوِّزٌ لَأَنْ يُتِمَّ لَهُ الْبَيْعَ أَوَّلًا فَيَكُونَ دَاخِلًا عَلَى الْخِيَارِ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ وَهُوَ مُبْطِلٌ لَهُ وَحَيْثُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَّا (أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ) وَأَوْلَى الْمُشْتَرِي (الزَّائِدَ) عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ وَعَلَى مَا بَاعَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ. فَإِنْ الْتَزَمَهُ فَلَا خِيَارَ وَلَزِمَ الْعَقْدُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (لَا إنْ زَادَ) الْوَكِيلُ (فِي بَيْعٍ) كَأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَ بِأَكْثَرَ (أَوْ نَقَصَ فِي اشْتِرَاءٍ) كَأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَى بِأَقَلَّ فَلَا خِيَارَ لِمُوَكَّلِهِ فِيهِمَا (أَوْ اشْتَرِ) أَيْ وَلَا إنْ قَالَ اشْتَرِ لِي سِلْعَةَ كَذَا (بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْمِائَةِ مَثَلًا الْمُعَيَّنَةِ (فَاشْتَرَى) بِمِائَةٍ عَلَى الْحُلُولِ (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ (وَنَقَدَهَا) أَيْ الْمِائَةَ الْمُعَيَّنَةَ الْمَدْفُوعَةَ لَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ دَفَعَ لَهُ الْمِائَةَ وَقَالَ اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ اُنْقُدْهَا فَاشْتَرَى بِهَا ابْتِدَاءً فَلَا خِيَارَ وَهَذَا مَا لَمْ يَظْهَرْ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَكِّلِ فَائِدَةً وَإِلَّا اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ كَأَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ بِتَعْيِينِ الثَّمَنِ فِي الْأُولَى فَسْخُ الْبَيْعِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرَ هَذَا الثَّمَنِ وَغَرَضُهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ الْفَسْخِ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِالْمَبِيعِ (أَوْ) قَالَ اشْتَرِ (شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَتَيْنِ) عَلَى الصِّفَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُنَا تَخْيِيرٌ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ فِي أَمْرٍ عَامٍّ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِأَنْ بَاعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ) أَيْ فِي بَيْعِهِ رِبَوِيًّا فَتَعَدَّى الْوَكِيلُ وَبَاعَهُ بِرِبَوِيٍّ مِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِرِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ) إنَّمَا خُيِّرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ أَنَّ الْخِيَارَ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُبْطِلٌ لَهُ لِأَدَائِهِ لِرِبَا جُهُلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالشَّرْطِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَيْ أَنَّ الْخِيَارَ الَّذِي جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ كَخِيَارِ الْمُوَكِّلِ هُنَا يَعْنِي بَيْنَ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ الْوَكِيلُ وَرَدِّهِ لَيْسَ كَالْخِيَارِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِالتَّعَدِّي حِينَ الشِّرَاءِ فَسَدَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُبْطِلٌ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلنِّسَاءِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ) قَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الزَّائِدَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ إذَا هُوَ نَقَصَ فِي الْمَعْنَى أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ أَوْ هُوَ الْأَوْلَى فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ أَوْ النَّقْصَ عَلَى حَدِّ {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أَيْ وَالْبَرْدَ فَيَنْطَبِقُ كَلَامُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قَالَهُ عبق وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الزَّائِدَ عَلَى مَا سُمِّيَ لَهُ وَعَلَى مَا بَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى الْمُشْتَرِي) اُنْظُرْ هَلْ الْتِزَامُ الْأَجْنَبِيِّ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ فِيهِ مِنَّةٌ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى كَانَ مَا يَلْتَزِمُهُ لَازِمًا لَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَزَمَهُ فَلَا خِيَارَ) أَيْ فَإِنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ مَا زَادَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ أَوْ الْتَزَمَ الزَّائِدَ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ حَيْثُ بَاعَ بِأَنْقَصَ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ، فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى مَا سُمِّيَ لَهُ وَالثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ عِشْرِينَ فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْتَزَمَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ الْمُكَمِّلَةَ لِمَا سَمَّاهُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَنَقَدَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى ثُمَّ الَّتِي لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا هُوَ الْأَجَلُ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا التَّأْجِيلُ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ كَذَلِكَ أَوْ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اشْتَرِ بِهَا أَيْ أَوْ قَالَ عَكْسَهُ؛ لِأَنَّهُ هُنَا فِيهِ مَعْنَى الْجُمْلَةِ فَيَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ الْقَوْلُ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثَّمَنِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَرَضِهِ كَمَا فِي عبق فَإِذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ فِي الْأُولَى: إنَّمَا شَرَطْت الشِّرَاءَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ غَرَضِي أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ يُفْسَخُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي غَيْرُهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ غَرَضَهُ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ إنَّمَا أَمَرْته بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَحِقَّ الثَّمَنَ فَيَرْجِعَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ وَغَرَضِي بَقَاؤُهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَرَضِهِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ اشْتَرِ شَاةً) أَيْ صِفَتُهَا كَذَا فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَيْنِ أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكَّلِ وَيَأْخُذُ الِاثْنَيْنِ، فَإِنْ تَلِفَا كَانَ ضَمَانُهُمَا مِنْهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ وَاحِدَةٌ كَمُوَكِّلٍ قَالَ تت رُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِهِ وَاحِدَةً وَعَرْضًا مَعَهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مَوْصُوفَةٍ بِثَمَنٍ فَاشْتَرَاهَا بِهِ وَمَتَاعًا مَعَهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْآمِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ أَوْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ عَلَى الصِّفَةِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُوَكِّلُ

أَوْ إحْدَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا) بِأَنْ أَبَى الْبَائِعُ مِنْ بَيْعِ إحْدَاهُمَا مُفْرَدَةً (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُمَا (خُيِّرَ) الْمُوَكِّلُ (فِي الثَّانِيَةِ) مِنْهُمَا أَيْ فِي وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ لَزِمَتْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ وَخُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَتْ وَخُيِّرَ فِي الْأُولَى (أَوْ أَخَذَ) الْوَكِيلُ (فِي سَلَمِك) الَّذِي وَكَّلْته فِيهِ (حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا) بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لَك؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ، وَأَمَّا لَوْ أَخَذَهُمَا فِي حَالِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ خُيِّرَتْ؛ لِأَنَّ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الرَّهْنَ الْوَكِيلُ ضَمَانَ الرِّهَانِ (قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك) أَيُّهَا الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْك (وَفِي) بَيْعِهِ (بِذَهَبٍ فِي) قَوْلِهِ لِلْوَكِيلِ بِعْهُ (بِدَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ قَوْلَانِ) فِيمَا إذَا كَانَا نَقْدُ الْبَلَدِ وَالسِّلْعَةُ مِمَّا تُبَاعُ بِهِمَا وَاسْتَوَتْ قِيمَةُ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ وَإِلَّا خُيِّرَ قَوْلًا وَاحِدًا (وَحَنِثَ) الْحَالِفُ الْمُوَكِّلُ (بِفِعْلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَفْعَلُهُ) أَيْ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِ مُوَكِّلِهِ (إلَّا بِنِيَّةٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ حَالَ الْيَمِينِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ فَلَا حِنْثَ وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِفِعْلِ الْوَكِيلِ فِي لَأَفْعَلَنَّهُ إلَّا بِنِيَّةِ أَنَّهُ لَيَفْعَلَنَّهُ بِنَفْسِهِ (وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ) أَيْ تَوْكِيلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ (فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ إحْدَاهُمَا) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ عَلَى الصِّفَةِ كِلَاهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ أَبَى الْبَائِعُ مِنْ بَيْعِ إحْدَاهُمَا مُفْرَدَةً) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ الصِّفَةَ الْمَطْلُوبَةَ فِي غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُمَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا عَلَى الصِّفَةِ وَاشْتَرَاهُمَا بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي الْأُولَى) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا عَلَى الصِّفَةِ خُيِّرَ فِيهِمَا كَانَا بِعَقْدٍ أَوْ بِعَقْدَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُمَا لَزِمَا الْمُوَكِّلَ وَإِنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُمَا وَاشْتَرَاهُمَا مَعًا خُيِّرَ فِي قَبُولِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ قَوْلًا مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَرَضُ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى كَلَامِهِ هُنَا (قَوْلُهُ ضَمَانُ الرِّهَانِ) أَيْ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك) ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ إنْ تَلِفَ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك بِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عِلْمِك بِهِ لِإِغْنَاءِ مَا بَعْدَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْك) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِالرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ حُكْمًا كَعِلْمِهِ بِهِ وَسُكُوتِهِ طَوِيلًا فَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَانُ الرِّهَانِ مِنْ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ سُكُوتُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ وَتَلِفَ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَضَمِنَهُ الْوَكِيلُ وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُوَكِّلِ مُطْلَقًا عَلِمَ بِهِ وَرَضِيَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي بِدَارِهِمْ) فِي دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ لَا يَدْخُلُ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ بَيْعُهُ بِدَرَاهِمَ فِي قَوْلِهِ بِعْهُ بِذَهَبٍ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسَانِ وَلُزُومِ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الْعُرْفِ، وَالْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ نَصَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قِيلَ وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ بْن (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَا إلَخْ) أَيْ مَحَلُّهُمَا فِيمَا إذَا كَانَا نَقْدُ الْبَلَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَنِثَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدَ فُلَانٍ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِيهِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ الْوَكِيلِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا إنْ كَانَ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقِ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَا تَنْفَعُهُ تِلْكَ النِّيَّةُ عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَقَطْ أَيْ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَيَبْرَأُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَيَبَرُّ بِفِعْلِهِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ مِثْلُ فِعْلِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ عبق كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاضِحٌ فِي شَيْءٍ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ كَبَيْعٍ وَضَرْبٍ وَكَذَا دُخُولُ دَارٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِقَبُولِهِ النِّيَابَةَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الدُّخُولَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فِي كَدُخُولِ لَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَلَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فَلَا يَبَرُّ بِتَوْكِيلِهِ فِي دُخُولِهَا اهـ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِيغَةِ الْبِرِّ وَصِيغَةِ الْحِنْثِ مِنْ أَنَّ دُخُولَ الْوَكِيلِ كَدُخُولِ الْمُوَكِّلِ فَيَبَرُّ بِهِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَيَحْنَثُ بِهِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ اهـ بْن وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ إطْلَاقُ قَبُولِ النِّيَابَةِ فِي دُخُولِ الدَّارِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّفْتِيشُ عَلَى شَيْءٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَيَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ بِدُخُولِ الْوَكِيلِ وَيَبَرُّ بِدُخُولِهِ فِي حَلِفِهِ لَأَدْخُلَنَّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِنَفْسِهِ فِيهِمَا وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأُولَى وَلَمْ يَبَرَّ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ أَيْ تَوْكِيلُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَالْمُرَادُ بِالذِّمِّيِّ مُطْلَقُ الْكَافِرِ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ) أَيْ، وَأَمَّا تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ لِذِمِّيٍّ، فَإِنْ كَانَ عَلَى اسْتِخْلَاصِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ وَشَقَّ عَلَيْهِ بِالْحَثِّ فِي الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ

(أَوْ تَقَاضٍ) لِلدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ وَلَا يَعْرِفُ شَرْطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الذِّمِّيُّ عَبْدَ الْمُسْلِمِ وَلَوْ رَضِيَ مَنْ يَتَقَاضَى مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَشَقَّ عَلَيْهِ بِالْحَثِّ فِي الطَّلَبِ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَمِنْ ذَلِكَ جَعْلُهُ مُبَاشِرًا وَكَاتِبًا لِلْأُمَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ مِنْ الضَّلَالِ الْمُبِينِ (وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَدَاوَةً دِينِيَّةً كَيَهُودِيٍّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ وَجَازَ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ (و) مُنِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ الرِّضَا (بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ بِمُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ لَهُ (فِي سَلَمٍ) سَمَّاهُ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ (إنْ دَفَعَ) لَهُ (الثَّمَنَ) وَقَالَ لَهُ أَسْلِمْهُ فِي كَذَا فَخَالَفَ وَأَسْلَمَهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى ضَمِنَ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ فَصَارَ دَيْنًا ثُمَّ فَسَخَهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ وَهُوَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَيُزَادُ فِي الطَّعَامِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَعَدِّيهِ وَجَبَ لَهُ وَصَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لِمُوَكِّلِهِ وَبِرِضَا الْمُوَكِّلِ بِهِ قَدْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (و) مُنِعَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْوَكِيلُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (لِنَفْسِهِ) مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ وَلَوْ سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ لِاحْتِمَالِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِأَكْثَرَ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ تَنَاهِي الرَّغَبَاتِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ (وَمَحْجُورُهُ) مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَرَقِيقٍ غَيْرُ مَأْذُونٍ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ، وَمِثْلُ مَحْجُورِهِ شَرِيكُهُ الْمُفَاوِضُ إنْ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُفَاوَضَةِ (بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلُ وَوَلَدُهُ الرَّشِيدُ (وَرَقِيقِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ أَوْ تَقَاضٍ لِلدَّيْنِ) ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ تَقَاضَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَكِنَّ الْحَقَّ جَوَازُ تَوْكِيلِهِ عَلَى تَقَاضِي الدَّيْنِ مِنْ ذِمِّيٍّ كَمَا هُوَ مُفَادُ بَهْرَامَ فِي كَبِيرِهِ وَشَامِلِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَلَا يَمْنَعُ تَوْكِيلَهُ لَهُ فِي غَيْرِهَا كَقَبُولِ نِكَاحٍ وَدَفْعِ هِبَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَوَقْفٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ وَلَدُ عبق أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ أَوَالتَّقَاضِي الْمَمْنُوعُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَ مَنْ يَتَقَاضَى مِنْهُ) هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ عَلَى الْمُسْلِمِ) أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ قَبِيلِ ذَلِكَ أَيْ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ فِي التَّقَاضِي (قَوْلُهُ وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ) أَيْ وَمَنْعُ تَوْكِيلِ عَدُوٍّ عَلَى مُخَاصَمَةِ عَدُوِّهِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَدَاوَةً دِينِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ الَّتِي بَيْنَهُمَا دِينِيَّةً أَيْ سَبَبُهَا اخْتِلَافُ الدِّينِ قَالَ بْن الْحَقُّ تَقْيِيدُ الْعَدَاوَةِ هُنَا بِالدُّنْيَوِيَّةِ وَأَمَّا مِنْهُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ عَلَى مُخَاصَمَةِ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسُهُ فَلِعَدَمِ تَحَفُّظِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا لِلْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ عَلَى وَاحِدٍ) أَيْ عَلَى مُخَاصَمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا إذَا لَمْ يَتَوَصَّلْ الْكَافِرُ لِخَلَاصِ حَقِّهِ إلَّا بِذَلِكَ وَإِلَّا كُرِهَ تَوْكِيلُهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعُ إذْلَالٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ حَرُمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ تَوْكِيلُ مَنْ عِنْدَهُ لَدَدٌ وَيَسْتَنِيبُهُ النَّاسُ فِي الْخُصُومَاتِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي قَبُولُ وَكَالَتِهِ عَلَى أَحَدٍ كَمَا قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ سَهْلٍ وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ نَفْسِهِ عَدُوَّهُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ لِأَذَاهُ فَيَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ وَكِّلْ غَيْرَك اُنْظُرْ ج (قَوْلُهُ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ وَكِيلَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ فِي كَذَا فَخَالَفَ وَأَسْلَمَ لَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِمَا خَالَفَ إلَيْهِ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ وَكَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَكَانَ اطِّلَاعُ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ وَالرِّضَا بِهَا قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ مَا خَالَفَ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ جَازَ الرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ الْآنَ وَإِلَّا مُنِعَ وَلَوْ تَأَخَّرَ يَسِيرًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَكَذَا يَجُوزُ الرِّضَا بِمَا خَالَفَ إلَيْهِ إذَا كَانَ قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَفُتْ، وَكَذَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ نَكَلًا فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ طُولِ أَجَلِهِ فَيَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِهِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَانَ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَجَبَ لَهُ) أَيْ وَجَبَ ذَلِكَ الطَّعَامُ نَكَلًا فِيهِ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) هَذَا قَيْدٌ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ شِرَاؤُهُ بَعْدَ تَنَاهِي الرَّغَبَاتِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ تَنَاهِي الرَّغَبَاتِ أَوْ أَذِنَهُ الْمُوَكِّلُ فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ وَمِثْلُ إذْنِهِ لَهُ فِي شِرَائِهِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ وَمَحْجُورُهُ عَطْفٌ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ مُنِعَ أَنْ يَبِيعَ الْوَكِيلُ لِمَحْجُورِهِ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ أَنْ يَبِيعَهَا لِمَنْ فِي حِجْرِهِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ رَقِيقٍ (قَوْلُهُ غَيْرَ مَأْذُونٍ) أَيْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ لَهُ فَجَائِزٌ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَصَرَّفُ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَحَاجِيرِ هُوَ الْحَاجِرُ فَكَأَنَّهُ بَاعَ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُفَاوَضَةِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى شَرِيكُهُ بِمَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ فَالْجَوَازُ وَلَا مَفْهُومَ لِشَرِيكِ الْمُفَاوَضَةِ بَلْ كَذَلِكَ شَرِيكُهُ الْآخِذُ بِعِنَانِهِ يُمْنَعُ الْبَيْعُ لَهُ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِمَالِ الشِّرْكَةِ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ) ذَكَرَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى لِزَوْجَتِهِ شَيْئًا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهَا الثَّمَنَ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا دَفَعَتْهُ لَهُ فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ حَلَفَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ حَلَفَ وَلِكُلٍّ

الْمَأْذُونِ فَلَا يُمْنَعُ لِاسْتِقْلَالِهِمْ بِالتَّصَرُّفِ لِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ (إنْ لَمْ يُحَابِ) لَهُمَا فَإِنْ حَابَى مُنِعَ وَمَضَى الْبَيْعُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ مَا حَابَى بِهِ وَالْعِبْرَةُ بِالْمُحَابَاةِ وَقْتَ الْبَيْعِ (و) مُنِعَ (اشْتِرَاؤُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (مِنْ) أَيْ رَقِيقًا (يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مُوَكِّلِهِ (إنْ عَلِمَ) الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ أَصْلٌ أَوْ فَرْعٌ أَوْ أَخٌ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ (وَلَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ) لِلشِّرَاءِ بِنَصٍّ أَوْ إشَارَةٍ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ أَوْ التَّعْيِينِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ (و) إذَا وَقَعَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَغَرِمَ ثَمَنَهُ لِلْمُوَكِّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ كَاشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِالْقَرَابَةِ أَوْ الْحُكْمِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْقَرَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (فَعَلَى آمِرِهِ) أَيْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْوَكِيلِ. (و) مُنِعَ (تَوْكِيلُهُ) أَيْ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ عَلَى مَا وُكِّلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَمَانَتِهِ (إلَّا أَنْ) يَكُونَ الْوَكِيلُ (لَا يَلِيقُ بِهِ) تَوَلَّى مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ كَوَجِيهٍ فِي حَقِيرٍ فَلَهُ التَّوْكِيلُ حَيْثُ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِوَجَاهَتِهِ أَوْ اُشْتُهِرَ الْوَكِيلُ بِهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَضَمِنَ إنْ وَكَّلَ لِتَعَدِّيهِ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَكْثُرَ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَلِيقُ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وَكَّلَ فِيهِ لِيُعَيِّنَهُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يُوَكِّلُ غَيْرَهُ اسْتِقْلَالًا وَحَيْثُ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ (فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ) الْوَكِيلِ (الْأَوَّلِ) وَلَا بِمَوْتِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ إذَا عَزَلَ الْأَصِيلُ وَكِيلَهُ فَلَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ وَيَنْعَزِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَلَهُ عَزْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَهُ التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا (وَفِي) جَوَازِ (رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ بِالسَّلَمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَكِيلُ وَكِيلِهِ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ (إنْ تَعَدَّى) الْوَكِيلُ (بِهِ) أَيْ بِالتَّوْكِيلِ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعْ الْمُخَالَفَةُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِي التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ إذْ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ بِالتَّوْكِيلِ صَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَفْسَخُهُ فِي سَلَمِ الثَّانِي مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى صَاحِبِهِ اهـ شب (قَوْلُهُ الْمَأْذُونُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ حَابَى) أَيْ بِأَنْ بَاعَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَيْ لِمُوَكَّلِهِ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ) أَيْ لَا وَقْتَ قِيَامِ الْمُوَكِّلِ أَوْ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْوَكِيلُ) وَمِثْلُهُ الْمُبَضِّعُ مَعَهُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَيْ، وَأَمَّا شِرَاءُ الْوَكِيلِ مَنْ يُعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِعَدَمِ النَّصِّ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي مَجْلِسِ الْمُذَاكَرَةِ أَنَّهُ لَا يُعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ سَوَاءٌ قُلْنَا أَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ فِيهِ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لِلْوَكِيلِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ) أَيْ وَهُوَ عِتْقُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ) بِأَنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِقَرَابَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ التَّعْيِينُ بِأَنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَلْ عَيَّنْت لَهُ عَبْدًا غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَالَ الطِّخِّيخِيُّ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَالْعَبْدُ حُرٌّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يُعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَعَلَى الثَّانِي يُعْتِقُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِقَرَابَةِ الْعَبْدِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ الْمُوَكِّلُ لَهُ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) هَذَا مُقَيَّدٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ بِمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْوَكِيلُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِفُلَانٍ، فَإِنْ بَيَّنَ وَلَمْ يُجْزِهِ الْآمِرُ نَقَضَ الْبَيْعَ اهـ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْقَرَابَةِ أَوْ الْحُكْمِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَعَلَى آمِرِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ (قَوْلُهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُوَكِّلِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ اهـ عبق (قَوْلُهُ وَمَنَعَ تَوْكِيلَهُ) أَيْ مَنَعَ أَنْ يُوَكِّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ عَلَى مَا وَكَّلَ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَا مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَمَانَتِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ غَيْرَ مُفَوَّضٍ أَيْ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِغَيْرِ رِضَا مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ كَوَجِيهٍ) أَيْ كَتَوْكِيلِ وَجِيهٍ جَلِيلِ الْقَدْرِ عَلَى أَمْرٍ حَقِيرٍ كَبَيْعِ دَابَّةٍ بِسُوقٍ. (قَوْلُهُ فِي حَقِيرٍ) أَيْ وَكَّلَ فِي حَقِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ اُشْتُهِرَ الْوَكِيلُ بِهَا) أَيْ بِالْوَجَاهَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ حِينَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِهَا وَلَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِوَجَاهَتِهِ وَلَا اُشْتُهِرَ الْوَكِيلُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ، فَإِنْ وَكَّلَ وَتَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يُوَكِّلُ غَيْرَهُ اسْتِقْلَالًا) أَيْ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي) أَيْ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَهُوَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ نَظَرًا لِوَكَالَتِهِ لِلْأَصِيلِ حَيْثُ أَذِنَ فِيهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي إذَا عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا عَزَلَ الْأَصِيلُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ وَيَنْعَزِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ) الْمُرَادُ بِهِ الْأَصِيلُ الَّذِي هُوَ الْمُوَكِّلُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصِيلُ وَقَوْلُهُ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ أَيْ نَظَرًا لِجِهَةِ وَكَالَتِهِ لَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ إلَخْ) لِلْمُسْلَمِ قَوْلِهِ سَابِقًا غَيْرَ الْمُفَوَّضِ (قَوْلُهُ إذْ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ) أَيْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ) ظَرْفٌ لِعَدَمِ جَوَازِ الرِّضَا أَيْ وَعَدَمِ جَوَازِ رِضَاهُ مُدَّةَ عَدَمِ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ جَازَ الرِّضَا لِسَلَامَتِهِ مِنْ دَيْنٍ بِدَيْنِ هَذَا ظَاهِرِهِ وَفِيهِ أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مَمْنُوعٌ وَلَوْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَالْأَوْلَى

(تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ فِي سَلَمٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَكَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ وَغَابَ بِهِ وَكَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَفَاتَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ قَبْلَ اطِّلَاعِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّعَدِّي وَإِلَّا جَازَ بِاتِّفَاقِهِمَا لِعَدَمِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (و) مُنِعَ (رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يُوَكَّلْ (فِي سَلَمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُخَالَفَتِهِ (إنْ دَفَعَ) لَهُ الْمُوَكِّلُ (الثَّمَنَ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (بِمُسَمَّاهُ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيٍّ فِي مُسَمَّاهُ وَهُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ فِي سَلَمٍ أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِمُخَالَفَةِ وَكِيلِهِ فِيمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ السَّلَمِ إنْ دَفَعَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِالِاخْتِصَارِ حَذْفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا قَدَّمَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (أَوْ بِدَيْنٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُخَالَفَتِهِ أَيْ وَمُنِعَ رِضَاهُ بِدَيْنٍ بَاعَ بِهِ الْوَكِيلُ سِلْعَةً أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَبِيعَهَا بِنَقْدٍ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ النَّقْدُ وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى أَوْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِهِ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ ذِمَّةِ الْوَكِيلِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّهُ بِتَعَدِّيهِ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى أَوْ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ فَسَخَهَا مُوَكِّلُهُ فِي الدَّيْنِ وَقَيَّدَ الْمَنْعَ بِقَوْلِهِ (إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ (وَبَيْعُ) الدَّيْنِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ وَفَّى) ثَمَنَهُ (بِالتَّسْمِيَةِ) الَّتِي سَمَّاهَا لَهُ الْمُوَكِّلُ (أَوْ الْقِيمَةِ) إذَا لَمْ يُسَمِّ بِأَنْ سَاوَى أَوْ زَادَ أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا كَلَامَ لِلْوَكِيلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلشَّارِحِ حَذْفُ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَدِّلُهُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْوَكِيلُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِبَعْضِهِمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَغَابَ بِهِ) أَيْ وَغَابَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ فِي سَلَمٍ بَلْ فِي شِرَاءٍ نَقْدًا أَوْ كَانَ فِي سَلَمٍ وَلَمْ يَدْفَعْ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ دَفَعَهُ لَهُ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَفُتْ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَكِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ اطِّلَاعِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّعَدِّي جَازَ الرِّضَا بِاتِّفَاقِهِمَا (قَوْلُهُ فِي سَلَمٍ) أَيْ سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ لَهُ فَأَعْرَضَ الْوَكِيلُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ لَهُ) أَيْ إنْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ رَأْسَ الْمَالِ أَيْ وَكَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَاطَّلَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا قَدَّمَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ مَنْعُ الرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ لَكِنَّ التَّكْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لتت مِنْ حَمْلِ الْمُخَالَفَةِ هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الْمُخَالَفَةَ هُنَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَقَالَ وَمَنَعَ رِضَاهُ أَيْ الْمُوَكِّلُ بِمُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ فِي رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ أَيْ رَأْسَ الْمَالِ وَقَوْلُهُ بِمُسَمَّاهُ بَدَلٌ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ بَدَلُ كُلٍّ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَنَعَ رِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ أَيْ الْمُوَكِّلِ فِي رَأْسِ مَالٍ سَمَّاهُ لَهُ وَدَفَعَهُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِعَيْنِهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَزَادَ الْوَكِيلُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَدَفَعَ الْجَمِيعَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَعِلَّةُ مَنْعِ الرِّضَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا تَعَدَّى صَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَإِذَا رَضِيَ بِالسَّلَمِ فَقَدْ فَسَخَهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ فَهُوَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَعَلَى هَذَا فَالْمُخَالَفَةُ هُنَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكْرَارَ. (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَهْرَامُ وَابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا الِاسْتِغْنَاءُ عَمَّا هُنَا بِمَا تَقَدَّمَ إنْ حُمِلَتْ الْمُخَالَفَةُ هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الِاسْتِغْنَاءُ بِمَا تَقَدَّمَ عَمَّا هُنَا عَلَى حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَبِالنَّظَرِ لِلْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ الرِّضَا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ السَّلَمِ هُوَ الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ الرِّضَا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ رِضَاهُ بِدَيْنٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ بِنَقْدٍ فَبَاعَهَا بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الرِّضَا بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا وَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ بَاعَ بِجِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ فَاتَ فَلَوْ بَاعَ بِجِنْسِ الْمُسَمَّى وَكَانَ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا لِمَا سَمَّاهُ لَهُ جَازَ الرِّضَا بِالدَّيْنِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ بِجِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَيَبْقَى لِأَجْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ. (قَوْلُهُ مِمَّا سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ) أَيْ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجْلِ (قَوْلِهِ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَشَرَةً فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى) كَمَا لَوْ سَمَّى لَهُ عَشَرَةَ مَحَابِيبَ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رِيَالًا لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالرِّيَالَاتِ فَبَاعَهَا بِالْمَحَابِيبِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَائِمًا جَازَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْمُؤَجَّلِ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ فِيهِ) أَيْ فِي ثَمَنِهِ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ وَبَاعَ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ بِالتَّسْمِيَةِ) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ بِالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ بِأَنْ سَاوَى) أَيْ ثَمَنُ الدَّيْنِ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الدَّيْنِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ جَوَابُ إنْ وَفِي ضَمِيرِ أَخَذَهُ رَاجِعٌ لِثَمَنِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْوَكِيلِ) أَيْ إذَا زَادَ ثَمَنُ الدَّيْنِ عَنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ

(وَإِلَّا) يُوَفِّ (غَرِمَ) الْوَكِيلُ مَا نَقَصَ (وَإِنْ سَأَلَ) الْوَكِيلُ (غَرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ) لِمُوَكِّلِهِ وَلَا يُبَاعُ الدَّيْنُ بَلْ يَبْقَى لِأَجْلِهٍ (وَيَصْبِرُ) الْوَكِيلُ (لِيَقْبِضَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ مِنْ الدَّيْنِ إذَا حَلَّ (وَيَدْفَعُ الْبَاقِيَ) لِلْمُوَكِّلِ (جَازَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الدَّيْنِ الْآنَ (مِثْلَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ (فَأَقَلَّ) إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ نَفْعٌ بَلْ فِيهِ إحْسَانٌ لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ الصَّبْرُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّ الْمُوَكِّلَ فَسَخَ مَا زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْبَاقِي مَثَلًا إذَا سَمَّى الْآمِرُ لِلْوَكِيلِ عَشَرَةً نَقْدًا فَبَاعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ فَقِيمَةُ الدَّيْنِ الْآنَ إمَّا عَشَرَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ أَوْ اثْنَا عَشَرَ فَفِي الْمِثْلِ أَوْ الْأَقَلِّ لَا مَانِعَ إذَا سَأَلَ أَنْ يُعَجِّلَ الْعَشَرَةَ وَفِي الثَّالِثِ كَأَنَّهُ فَسَخَ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا عَجَّلَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْبَاقِي وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِجَازَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِنْ أَمَرَهُ) وَكِيلُهُ (بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ أُغْرِمَ) الْوَكِيلُ حَالًا وُجُوبًا (التَّسْمِيَةَ) إنْ سَمَّى لَهُ (أَوْ الْقِيمَةَ) إنْ لَمْ يُسَمِّ (وَاسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ لِأَجْلِهِ) وَلَا يُبَاعُ قَبْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (فَبِيعَ) إذَا قَبَضَ بَعْدَ الْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ قَدْرُ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فَوَاضِحٌ (و) إنْ نَقَصَ (غَرِمَ النَّقْصَ) أَيْ الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى غُرْمِهِ (وَالزِّيَادَةُ لَك) أَيُّهَا الْمُوَكِّلُ وَهَذَا إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا وَالْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ عَقْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (وَضَمِنَ) الْوَكِيلُ مُطْلَقًا مُفَوَّضًا أَوْ لَا (إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ) الَّذِي عَلَى مُوَكِّلِهِ لِرَبِّهِ (وَلَمْ يُشْهِدْ) عَلَى الْقَابِضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا رِبْحَ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُوفِ) أَيْ ثَمَنَ الدَّيْنِ بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ بِأَنْ نَقَصَ عَنْهُمَا. (قَوْلُهُ، وَإِنْ سَأَلَ غَرِمَ التَّسْمِيَةَ) أَيْ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْ مُوَكِّلِهِ أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ حَالًا مِنْ عِنْدِهِ الْمُسَمَّى الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ أَوْ الْقِيمَةَ وَلَا يُبَاعُ الدَّيْنُ بَلْ يَبْقَى لِأَجَلِهِ وَيَصِيرُ الْوَكِيلُ لِيَقْبِضَ ذَلِكَ الدَّيْنَ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ الدَّيْنِ إذَا حَلَّ وَيَدْفَعُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُوَكَّلِ جَازَ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الدَّيْنِ وَقْتَ السُّؤَالِ قَدْرَ التَّسْمِيَةِ أَوْ أَقَلَّ لَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى عَشَرَةً وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَسَأَلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمُسَمَّى وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِنْدِهِ حَالًا وَيَصْبِرَ لِحُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا حَلَّ أَخَذَ مِنْهَا الْمُسَمَّى وَهُوَ الْعَشَرَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لِمُوَكَّلِهِ وَالْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ يَدْفَعُهَا لِلْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لَا يُنَافِي الْجَبْرَ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ رَدًّا لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِالْمَنْعِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ الْآنَ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُسَاوِيَةً فَيَجُوزُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فَالْجَوَازُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ التَّسْمِيَةِ مُنِعَ الصَّبْرُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ جَازَ الصَّبْرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُنِعَ عِنْدَ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ نَفْعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ التَّسْمِيَةِ لَوْ بِيعَ الدَّيْنُ حَالًا بِقِيمَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَكِيلِ غُرْمٌ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْرُ التَّسْمِيَةِ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ الْآنَ التَّسْمِيَةَ وَانْتَظَرَ حُلُولَ أَجَلِ الدَّيْنِ فَإِذَا حَلَّ أَخَذَ مَا دَفَعَهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ وَمَا زَادَ دَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَعُدْ عَلَى الْوَكِيلِ نَفْعٌ بَلْ ذَلِكَ أَحْسَنُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ التَّسْمِيَةَ وَزِيَادَةً عَلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ فَنَفْعُ الْوَكِيلِ ظَاهِرٌ بَيَانُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ التَّسْمِيَةُ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِذَا بِيعَ الدَّيْنُ بِقِيمَتِهِ غَرِمَ تَمَامَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ أَعْطَى التَّسْمِيَةَ الْآنَ لِيَقْبِضَهَا عِنْدَ الْحُلُولِ فَإِعْطَاؤُهُ الْآنَ سَلَفٌ وَقَدْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ غُرْمِ مَا بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالتَّسْمِيَةِ لَكِنْ لَا نَقُولُ إنَّ مَا بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالتَّسْمِيَةِ لَازِمٌ لَهُ وَيَغْرَمُهُ، فَإِذَا دَفَعَ التَّسْمِيَةَ حَالًا فَقَدْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ ذَلِكَ عَنْهُ إلَّا إذَا قُلْنَا إنَّ بَيْعَهُ لِلدَّيْنِ لَازِمٌ لَهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِرِضَاهُمَا فَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ التَّسْمِيَةَ حَالًا فَلَا نَفْعَ بِإِسْقَاطِ الْغُرْمِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْقَبُولِ إذَا سَأَلَ الْوَكِيلُ غُرْمَ التَّسْمِيَةِ الْآنَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ الْآنَ أَكْثَرَ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ الصَّبْرُ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ بَيْعُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثِ كَأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فِي الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ سُؤَالُهُ تَعْجِيلَ الْعَشَرَةِ وَالصَّبْرَ إلَى حُلُولِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ صَارَ كَأَنَّهُ فَسَخَ الِاثْنَيْنِ الزَّائِدَيْنِ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فِي خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ مَا يَتَأَخَّرُ مِنْ قِيمَةِ الدَّيْنِ بَعْدَ دَفْعِ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ اثْنَانِ سَلَفٌ؛ لِأَنَّ مِنْ أَخَّرَ مَا يُعَجَّلُ يُعَدُّ مُسَلِّفًا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ عَنْ الِاثْنَيْنِ خَمْسَةً فَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَسَخَ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ أَيْ الْمُوَكِّلُ فَسَخَ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْعِلَّةِ وَمَعْلُولِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا بَعْدَ تَمَامِ الْعِلَّةِ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ لِدِقَّةِ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ فَوَاضِحٌ) أَيْ أَخْذُ الْوَكِيلِ لِذَلِكَ الثَّمَنِ عِوَضًا عَمَّا دَفَعَهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَيْ اسْتَمَرَّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بِغُرْمِهِ الْقِيمَةَ أَوْ التَّسْمِيَةَ أَوَّلًا قَدْ دَفَعَ النَّقْصَ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمَحَلِّ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمُصِيبَةُ مَا أَقْبَضَ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الضَّامِنِ يَدْفَعُ الدَّيْنَ بِحَضْرَةِ الْمَضْمُونِ حَيْثُ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الْقَبْضَ فَإِنَّ

وَأَنْكَرَ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ وَسَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِعَدَمِهِ أَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ أَيْ الْمُوَكِّلُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الدَّيْنِ كَانَ أَشْمَلَ وَقِيلَ هُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُشْهِدْ مُرَادُهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُ بِإِقْبَاضٍ سَوَاءٌ أَشْهَدَ أَوْ عَايَنَتْ الْبَيِّنَةُ الْإِقْبَاضَ بِدُونِ قَصْدِ إشْهَادٍ وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ الْمَتْنِ بِفَتْحِ الْهَاءِ فَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ (أَوْ بَاعَ) الْوَكِيلُ (بِكَطَعَامٍ) أَوْ عَرْضٍ (نَقْدًا) أَيْ حَالًا (مَا) أَيْ مَتَاعًا وَكُلٌّ عَلَى بَيْعِهِ وَهُوَ مَفْعُولُ بَاعَ (لَا يُبَاعُ) عَادَةً (بِهِ) أَيْ بِالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ (وَادَّعَى) الْوَكِيلُ (الْإِذْنَ) لَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ (فَنُوزِعَ) أَيْ نَازَعَهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنْ قَالَ لَهُ مَا أَذِنْت لَك فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ لِمُوَكِّلِهِ إنْ شَاءَ. وَلَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ بِمَا وَقَعَ هَذَا عِنْدَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ، فَإِنْ لَمْ تُفْتَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُهَا وَلَهُ الْإِجَازَةُ وَمَفْهُومُ نَقْدًا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِمَا ذُكِرَ لِأَجَلٍ فَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ إلَخْ (أَوْ أَنْكَرَ) الْوَكِيلُ (الْقَبْضَ) لِمَا وَكَّلَ عَلَى قَبْضِهِ (فَقَامَتْ) عَلَيْهِ (الْبَيِّنَةُ) بِهِ (فَشَهِدَتْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ) لِلْمَقْبُوضِ أَوْ بِالرَّدِّ إنْ ادَّعَاهُ فَيَضْمَنُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ (كَالْمِدْيَانِ) يُنْكِرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِهِ فَيَدَّعِي الدَّفْعَ وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِهِ فَيَغْرَمُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ ثَمَّ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ (وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ قَبَضْتُ) الدَّيْنَ الَّذِي وَكَّلْتنِي عَلَى قَبْضِهِ (وَتَلِفَ) مِنِّي أَوْ أَقَبْضَتُهُ لِمُوَكِّلِي (بَرِئَ) الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يُصَدَّقُ (وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدِينُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ رَبُّ الدَّيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَدِينُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ ضَاعَ بِتَفْرِيطِهِ لَا إنْ عَلِمَ عَدَمَهُ وَفِي الْجَهْلِ قَوْلَانِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِمُعَايَنَةِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ الْغَرِيمِ فَيَبْرَأُ الْغَرِيمُ حِينَئِذٍ كَمَا يَبْرَأُ لَوْ قَالَ الْمُفَوَّضُ قَبَضْت وَتَلِفَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِقْرَارَ عَلَى مُوَكِّلِهِ (وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ) لِشَخْصٍ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا لَهُ ثُمَّ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ فَتَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ (غَرِمَ الثَّمَنَ) وَلَوْ مِرَارًا (إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى رَبِّهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمُصِيبَةَ مَا دَفَعَ مِنْ الضَّامِنِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ جَعَلَ الدَّافِعَ فِي الْأُولَى غَيْرَ مُفَرِّطٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مُفْرِطًا مَعَ أَنَّ الدَّفْعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَضْرَةِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنَّ مَا يَدْفَعُهُ الْوَكِيلُ مَالُ الْمُوَكِّلِ فَكَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُشْهِدَ بِخِلَافِ الضَّامِنِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ لِحِفْظِ مَالِ نَفْسِهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ) أَيْ رَبُّهُ الْقَبْضَ (قَوْلُهُ أَوْ غَابَ) أَيْ وَطَلَبَ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَكِيلُهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ الْعَمَلِ بِالْعُرْفِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ، فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْبَاضِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَشْهَدَهَا عَلَى الْإِقْبَاضِ اتِّفَاقًا أَوْ عَايَنَتْ الْإِقْبَاضَ بِدُونِ قَصْدِ إشْهَادٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْهَاءِ) أَيْ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْإِقْبَاضِ أَيْ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ شُهُودٌ بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِكَطَعَامٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ وَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تُبَاعُ بِذَلِكَ بَلْ الْعَيْنُ وَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَذِنَهُ فِي ذَلِكَ وَنَازَعَهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنْ قَالَ مَا أَذِنْتُك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ بِمَا وَقَعَ بِهِ فَمَعْنَى ضَمَانِهِ أَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلضَّمَانِ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِهَا وَبَيْنَ إجَازَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالرَّدِّ) أَيْ لِمَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّلَفِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ يُنْكِرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ) الْأَوْلَى يُنْكِرُ الْمُعَامَلَةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا دَيْنَ لَك عَلَيَّ مِثْلُ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ وَقَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْأَوْلَى وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) أَيْ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ إذْ شَهِدَتْ بِالْقَضَاءِ بَعْدَ إنْكَارِهِ الْمُعَامَلَةَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِالْحَقِّ وَأَشْهَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ (قَوْلُهُ بَرِئَ الْوَكِيلُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَصُدِّقَ فِيمَا ادَّعَى؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْجَهْلِ) أَيْ وَفِي جَهْلِ الْغَرِيمِ بِتَفْرِيطِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِ تَفْرِيطِهِ قَوْلَانِ بِالرُّجُوعِ عَلَى ذَلِكَ الْوَكِيلِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ، الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِمُطَرِّفٍ حَمْلًا لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى التَّفْرِيطِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ حَمْلًا لَهُ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِيطِ (قَوْلُهُ فَيَبْرَأُ الْغَرِيمُ حِينَئِذٍ) أَيْ كَمَا يَبْرَأُ الْوَكِيلُ وَيُضَيِّعُ الْمَالَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِمُعَايَنَةِ الْقَبْضِ مِنْ الْغَرِيمِ إقْرَارُ الْمُوَكِّلِ بِدَفْعِ الْغَرِيمِ لِلْوَكِيلِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْوَكِيلِ عَلَى إقْبَاضِ الْغَرِيمِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْغَرِيمِ تَحْلِيفَ الْمُوَكِّلِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِدَفْعِهِ لِلْوَكِيلِ وَعَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ إلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَةٍ لِلْغَرِيمِ تَشْهَدُ بِمُعَايَنَةِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ كَمَا يَبْرَأُ) أَيْ الْغَرِيمُ بَلْ وَكَذَا الْوَكِيلُ وَيُضَيِّعُ الْمَالَ عَلَى الْمُوَكِّلِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِقْرَارَ عَلَى مُوَكِّلِهِ) يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَخْصُوصَ إذَا جُعِلَ لَهُ الْإِقْرَارُ

(إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ) الْمُوَكِّلُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً قَبْلَ الشِّرَاءِ وَكَانَ الْأَوْلَى زِيَادَةُ هَذَا الْقَيْدِ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَأَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ عَلَى عَيْنِهِ فَفَعَلَ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ (وَصُدِّقَ) الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ (فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) لِمُوَكِّلِهِ مَا قَبَضَهُ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ دَيْنٍ (كَالْمُودَعِ) يُصَدَّقُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا إلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ وَإِذَا صَدَقَ (فَلَا يُؤَخِّرُ) كُلٌّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ الرَّدَّ (لِلْإِشْهَادِ) أَيْ لِأَجْلِهٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَرُدُّ مَا عِنْدِي لِرَبِّهِ حَتَّى أُشْهِدَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ، فَإِنْ أَخَّرَ فَتَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَ بِخِلَافِ مَنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةِ التَّوَثُّقِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ لَهُ وَلَا ضَمَانَ إنْ أَخَّرَ لَهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ لِلْإِشْهَادِ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْيَمِينَ وَلَا ضَمَانَ (و) جَازَ (لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ) عَلَى مَالٍ وَنَحْوَهُ إذَا وُكِّلَا عَلَى التَّعَاقُبِ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ أَمْ لَا (الِاسْتِبْدَادُ) أَيْ الِاسْتِقْلَالُ بِمَا يَفْعَلُهُ دُونَ الْآخَرِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِقْلَالٌ كَمَا إذَا وُكِّلَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ وَكَالْوَصِيَّيْنِ مُطْلَقًا، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّرَتُّبِ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ (وَإِنْ بِعْت) أَيُّهَا الْمُوَكِّلُ السِّلْعَةَ (وَبَاعَ) الْوَكِيلُ لَهَا (فَالْأَوَّلُ) مِنْهُمَا هُوَ الَّذِي يَنْفُذُ بَيْعُهُ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ (إلَّا بِقَبْضٍ) لِلْمَبِيعِ مِنْ الثَّانِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَلَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ فِي هَذَا أَعْنِي بَرَاءَةَ الْغَرِيمِ إذَا قَالَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ قَبَضْت مِنْهُ وَتَلِفَ مِنِّي وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَخْ) إنَّمَا ضَمِنَهُ الْمُوَكِّلُ عِنْدَ عَدَمِ دَفْعِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِأَنْ كَانَ الدَّفْعُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَصِلَ لِلْبَائِعِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ ابْتِدَاءً مَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ غُرْمِ الْوَكِيلِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَتَلِفَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ بِعَيْنِهِ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَلْزَمُ السِّلْعَةُ لِلْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ يَنْقُدُهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْمُوَكِّلَ إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ اهـ عبق، فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ ابْتِدَاءً قَبْلَ الشِّرَاءِ وَتَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَدْفَعَ بَدَلَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ شِرَاءٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ هَذَا الْقَيْدُ) أَعْنِي قَوْلَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لِلْوَكِيلِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى دَفَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الدَّفْعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا أَيْ غُرْمِ الْمُوَكِّلِ الثَّمَنَ وَلَوْ مِرَارًا إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ فَفَعَلَ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ فَتَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ بِيَمِينٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ (قَوْلُهُ يَصْدُقُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ) أَيْ بِيَمِينٍ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ اهـ عبق (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّأْخِيرُ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ لِلْإِشْهَادِ) أَيْ لِلْوَكِيلِ وَالْمُودِعِ الَّذِي قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةِ التَّأْخِيرِ لِلْإِشْهَادِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودِعَ إذَا قَبَضَ بَيِّنَةً مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ فَلَهُ تَأْخِيرُ الرَّدِّ لِلْإِشْهَادِ اتِّفَاقًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ لِلتَّأْخِيرِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ وَالْمُودِعُ إذَا قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَقِيلَ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّأْخِيرُ لِلْإِشْهَادِ وَإِذَا أَخَّرَ لِأَجْلِهِ وَتَلِفَ ضَمِنَ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَقِيلَ لَهُ التَّأْخِيرُ وَلَا ضَمَانَ وَهُوَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ الْأَشْيَاخُ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِلْغَزَالِيِّ لَا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ فَيُفِيدُ قُوَّةَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ عَلَى مَالٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُمَا عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ اقْتَضَاهُ دَيْنٌ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ غَيْرُ خِصَامٍ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ، وَأَمَّا عَلَى الْخِصَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْوَكِيلِ فَلَا يُوَكِّلُ اثْنَيْنِ عَلَى خِصَامِ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُ، فَإِنْ رَضِيَ فَكَذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إنْ تَرَتَّبَا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ فُلَانٌ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا وُكِّلَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ) أَيْ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا بِشَرْطٍ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْتَبِدُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ وُكِّلَا مُتَرَتِّبِينَ فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْمُوَكِّلُ عَدَمَ الِاسْتِبْدَادِ، وَإِنْ وُكِّلَا مَعًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْمُوَكِّلُ لَهُمَا الِاسْتِبْدَادَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ وَكَالْوَصِيَّيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ سَوَاءٌ أَوْصَاهُمَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبِينَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إنَّمَا يَكُونُ تَحَتُّمُهُ وَلُزُومُهُ فِي لَحْظَةِ الْمَوْتِ إذْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا أَثَرَ لِلتَّرَتُّبِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَلْزَمَا إلَّا مَعًا (قَوْلُهُ فِي التَّرْتِيبِ) أَيْ فِي تَرَتُّبِ وَكَالَتِهِمَا وَعَدَمِ تَرَتُّبِهَا (قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ أَيْ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَاضِي أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَالْمَاضِي بَيْعُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ إلَّا بِقَبْضٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الثَّانِي مُلْتَبِسًا بِقَبْضٍ لِلْمَبِيعِ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ الْمَاضِي بَيْعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بَاعَهَا الثَّانِي وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ عَالِمٌ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ فَالْحَقُّ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ

كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ، فَإِنْ بَاعَا مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَالْمَبِيعُ بَيْنَهُمَا لِقَبُولِهِ الشِّرْكَةَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَإِنْ جَهِلَ الزَّمَنَ فَلِمَنْ قَبَضَ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا (وَلَك) يَا مُوَكِّلُ (قَبْضَ سَلَمِهِ) أَيْ مَا أَسْلَمَ فِيهِ الْوَكِيلُ (لَك) بِغَيْرِ حُضُورِهِ جَبْرًا عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لَك (إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) أَنَّ السَّلَمَ لَك وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَّ الْوَكِيلَ اعْتَرَفَ بِأَنَّ السَّلَمَ لِلْمُوَكِّلِ (وَالْقَوْلُ لَك) يَا مُوَكِّلُ بِلَا يَمِينٍ (إنْ ادَّعَى) مَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِك بِبَيْعٍ وَنَحْوِ (الْإِذْنِ) أَيْ التَّوْكِيلِ وَكَذَّبْته؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ لَهُ فَالْقَوْلُ لَك بِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى (صِفَةً لَهُ) وَخَالَفْته كَأَنْ قَالَ أَذِنَ لِي فِي بَيْعِهِ وَقُلْت بَلْ فِي رَهْنِهِ أَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ فِي حُلُولِهِ وَتَأْجِيلِهِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَتَيْنِ الْقَوْلُ فِيهِمَا لِلْوَكِيلِ أَوْ لَهُمَا قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ) الْوَكِيلُ شَيْئًا (بِالثَّمَنِ) الْمَدْفُوعِ لَهُ (فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ) أَيْ بِاشْتِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِهِ (وَحَلَفَ) أَيْ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِيَمِينٍ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت وَغَرِمَ لَك الثَّمَنَ الَّذِي تَعَدَّى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلْت أَيْضًا لَزِمَتْك السِّلْعَةُ وَثَانِيهِمَا قَوْلُهُ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ (أُمِرْت بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ) مَثَلًا وَقَدْ بِعْتهَا بِهَا (وَأَشْبَهَتْ) الْعَشَرَةُ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا وَإِسْنَادُ الشَّبَهِ لِضَمِيرِ الْعَشَرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ) أَيْ فَإِنَّهَا لِذِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا كَانَتْ لِلثَّانِي، فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي عَالِمًا بِنِكَاحِ الْأَوَّلِ كَانَ الْحَقُّ فِيهَا لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ) أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّيْنِ إذَا عَقَدَا عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النِّكَاحَيْنِ يُفْسَخَانِ لِعَدَمِ قَبُولِ النِّكَاحِ لِلشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ جُهِلَ الزَّمَنُ) أَيْ أَنَّهُ وَقَعَ تَرَتُّبٌ بَيْنَ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ الْبَائِعُ أَوَّلًا الْمُوَكِّلُ أَوْ الْوَكِيلُ فَقَدْ وَقَعَ الْجَهْلُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي بَاعَ فِيهِ هَذَا وَهَذَا. وَقَوْلُهُ فَلِمَنْ قَبَضَ أَيْ فَالسِّلْعَةُ تَكُونُ لِمَنْ قَبَضَهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ اشْتَرَكَا فِيهَا إنْ رَضِيَا وَإِلَّا اقْتَرَعَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشِّرْكَةِ وَإِنَّمَا قِيلَ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ جَهْلِ السَّابِقِ دُونَ مَا إذَا عَقَدَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ جَهْلِ السَّابِقِ الْحَقُّ فِي الْوَاقِعِ لِأَحَدِهِمَا وَالْتَبَسَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَا مَعًا فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ فِيهَا لِلْقُرْعَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِعْت أَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ حَصَلَ قَبْضٌ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ أَوَّلًا أَوْ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَانِيًا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ الْمَازِرِيُّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ يَكُونُ الْقَابِضُ أَوَّلًا أَوْلَى وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ تَكُونُ لِلْأَوَّلِ اُنْظُرْ بْن. (تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلَانِ شَيْئًا وَوُكِّلَا مُرَتَّبَيْنِ أَوْ مَعًا وَشُرِطَ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ فَفِي عبق أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَلَوْ انْضَمَّ لِذَلِكَ قَبَضَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُمَا كَبَيْعِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ وَاخْتَارَهُ بْن تَبَعًا لِلْمِسْنَاوِيِّ وَرَدَّ مَا قَالَهُ عبق مِنْ الْفَرْقِ وَهَذَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلَانِ مُرَتَّبِينَ، فَإِنْ بَاعَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ فَبَيْعُهُمَا كَبَيْعِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ جَبْرًا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ إذَا قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِمَنْ أَسْلَمَ إلَى (قَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَخْ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى تَفْرِيغِهَا بِالدَّفْعِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِلْحَاكِمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ فُصُولٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ بِالدَّفْعِ لِلْحَاكِمِ حَيْثُ كَانَ الْوَكِيلُ الْمُسَلِّمُ غَائِبًا. (قَوْلُهُ يَا مُوَكِّلُ) تَسْمِيَتُهُ بِمُوَكِّلٍ بِاعْتِبَارِ الدَّعْوَى فَقَطْ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَوَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَك بِيَمِينٍ) إنَّمَا حَلَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِتُقَوِّيَ جَانِبَ الْوَكِيلِ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ لَهُ عَلَى الْإِذْنِ بِخِلَافِ الْأَوْلَى فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ صِفَةٌ لَهُ) أَيْ لِلْإِذْنِ (قَوْلُهُ بَلْ فِي رَهْنِهِ) أَيْ أَوْ إجَارَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) صُورَتُهُ وَكَّلْته عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ وَدَفَعْت لَهُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِشِرَاءِ غَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْمُوَكِّلَ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ لِلْوَكِيلِ بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَتَقْيِيدُ خش وعبق الثَّمَنَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ الْفِيشِيِّ وَرَدَّهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَزِمَتْك السِّلْعَةُ) أَيْ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْمُوَكِّلِ فِي حَالَيْنِ مَا إذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ وَمَا إذَا نَكَلَا مَعًا (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أَمَرْت بِبَيْعِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِعَشَرَةٍ وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَلْ أَمَرْته بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ وَأَشْبَهَ قَوْلَ ذَلِكَ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلَ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ لَمْ يَفُتْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ بِيَمِينِهِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ وَأَشْبَهَ قَوْلُهُ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَفُتْ وَحَلَفَ فَتَخَلَّصْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُوَكِّلِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ وَهِيَ مَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ وَأَشْبَهَ

مَجَازٌ وَالْمُرَادُ أَشْبَهَ الْوَكِيلُ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلُ أَمْ لَا (وَقُلْت) يَا مُوَكِّلَ (بِأَكْثَرَ وَفَاتَ الْمَبِيعُ) بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ (بِزَوَالِ عَيْنِهِ) بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ تَحْلِفْ) يَا مُوَكِّلُ أَنَّك أَمَرْته بِأَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَإِنْ حَلَفْت فَالْقَوْلُ لَك وَلَوْ لَمْ تُشْبِهْ إذْ لَا يُرَاعَى فِي بَقَاءِ السِّلْعَةِ شَبَهٌ وَلَا عَدَمُهُ وَهَذَا عِنْدَ فَقْدِ الْبَيِّنَةِ وَإِلَّا عَمِلَ بِهَا وَلَزِمَ الْوَكِيلَ الْغُرْمُ وَمَفْهُومٌ بِزَوَالِ عَيْنِهِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِعِتْقٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ وَكَّلْته عَلَى أَخْذِ) أَيْ شِرَاءِ (جَارِيَةٍ) أَيْ أَمَةٍ مِنْ بَلَدِ كَذَا (فَبَعَثَ بِهَا) أَيْ بِجَارِيَةٍ لَك (فَوُطِئَتْ) مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك بِسَبَبِك (ثُمَّ قَدِمَ) الْوَكِيلُ (بِأُخْرَى وَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) لَك حِينَ بَعَثَ الْأُولَى مَعَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ (وَحَلَفَ) عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ (أَخَذَهَا) وَأَعْطَاك الثَّانِيَةَ، فَإِنْ بَيَّنَ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ وُطِئَتْ أَمْ لَا كَأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ تُوطَأْ (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) عِنْدَ الْبَيَانِ وَعَدَمِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (بِكَوَلَدٍ أَوْ تَدْبِيرٍ) أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا وَتَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ وَأَوْلَى فَوَاتُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَحَلَفَ وَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي ثَلَاثٍ أَيْضًا فَوَاتُ الْمَبِيعِ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلَ أَمْ لَا أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُوَكِّلُ وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ الَّتِي الْقَوْلُ فِيهَا لِلْوَكِيلِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَقَوْلِهِ أُمِرْت إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ تَحْلِفْ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ الَّتِي الْقَوْلُ فِيهَا لِلْمُوَكِّلِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ مَفْهُومِهِ فَالصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ مَفْهُومِ وَأَشْبَهَتْ وَالثَّالِثَةُ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ مَفْهُومِ وَلَمْ تَحْلِفْ (قَوْلُهُ مَجَازٌ) وَالْأَصْلُ أَشْبَهَ الْوَكِيلُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمُستَثْناتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أُمِرْت بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ، فَإِنْ حَلَفَتْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَفُتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُك وَلَوْ لَمْ تُشْبِهْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ فَمَنْ أَحَبَّ إخْرَاجَهَا عَنْ مِلْكِهِ كَانَ مُدَّعِيًا فَعَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ تَحْلِفْ ثُمَّ حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ لَلْمُوَكِّلِ فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ وَهُوَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَشَرَةِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَوْ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَمْ يَأْخُذْهَا وَرَضِيَ الْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّائِدِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرْضَ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْمُوَكِّلِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيُجِيزَ الْوَكِيلَ عَلَى دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهَا بِمَا قَالَ الْمُوَكِّلُ فَهَلْ يُجِيزُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ اُنْظُرْ ح، فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَحْلِفْ دَفَعَ الْوَكِيلُ الْعَشَرَةَ فَقَطْ وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ مَا ادَّعَاهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الْمُوَكِّلِ مَقْبُولٌ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَا مَعًا (قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدَ فَقْدِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ وَأَمَّا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عَمِلَ بِهَا. (قَوْلُهُ أَيْ بِجَارِيَةٍ) يَعْنِي غَيْرَ الْمُوَكِّلِ فِيهَا فَهُوَ كَقَوْلِك عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ وَلَيْسَ ضَمِيرُ بِهَا رَاجِعًا لِلْجَارِيَةِ الْمُوَكَّلِ عَلَى شِرَائِهَا لِقَوْلِهِ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَبَعَثَ بِجَارِيَةٍ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَقَالَ هَذِهِ لَك) أَيْ هَذِهِ هِيَ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لَك بِدَرَاهِمِك (قَوْلُهُ وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ) أَيْ أَرْسَلْتهَا وَدِيعَةً عِنْدَك (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ الْوَكِيلُ لَك حِينَ بَعَثَ الْأُولَى مَعَ الرَّسُولِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَيَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بَلْ إرْسَالُهُ لِمَنْ وَكَّلَهُ أَنَّهَا وَدِيعَةً (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ) أَيْ وَكَذَا إذَا بَيَّنَ لِلرَّسُولِ وَلَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) فَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَأْخُذْ الْأُولَى بَلْ تَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا أَيْضًا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ، فَإِنْ بَيَّنَ) أَيْ لِلرَّسُولِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ ذَلِكَ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ سَوَاءٌ وُطِئَتْ أَمْ لَمْ تُوطَأْ وَإِذَا وَطِئَهَا مَعَ الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَ بَيِّنَةً عِنْدَ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهَا مُودَعَةٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْمُبَلِّغِ وَلِلْخِلَافِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمَأْمُورِ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَهَاتَانِ شُبْهَتَانِ يَنْفِيَانِ عَنْهُ الْحَدَّ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي اسْتَظْهَرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ كَمَا قَالَ بْن وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ (قَوْلُهُ كَأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ تُوطَأْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ بَيَّنَ مَعَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ الْأُولَى وَدِيعَةٌ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ وُطِئَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ أَخَذَهَا بِيَمِينٍ إنْ وُطِئَتْ وَبِغَيْرِ يَمِينٍ إنْ كَانَتْ لَمْ تُوطَأْ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْبَيَانِ وَعَدَمِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ مَعًا كَمَا هُوَ الصَّوَابُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَحَلُّ أَخْذِهِ لَهَا بِيَمِينٍ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَبِلَا يَمِينٍ إنْ بَيَّنَ مَا لَمْ تَفُتْ بِمَا ذَكَرَ، فَإِنْ فَاتَتْ بِمَا ذَكَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا لَا مَنْ أَخَذَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ الَّذِي هُوَ الْمَنْطُوقُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ تَبَعًا لِلْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ وَلَمْ يُشْهِدْ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَلَوْ فَاتَتْ وَالْحَقُّ أَنَّهَا مَتَى فَاتَتْ بِكَوَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا بَيَّنَ أَمْ لَا كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) صَوَابُهُ مُتَّصِلٌ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ وَتَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ) أَيْ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ فَإِنْ ادَّعَى الْمَأْمُورُ زِيَادَةً يَسِيرَةً قُبِلَ قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ

بِذَهَابِ عَيْنِهَا إلَّا بِبَيْعٍ وَصَدَقَةٍ (إلَّا لِبَيِّنَةٍ) أَشْهَدَهَا الْوَكِيلُ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا لَهُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّسُولُ لَك ذَلِكَ فَيَأْخُذَهَا الْوَكِيلُ وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُوَكِّلُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا لَكِنْ إنْ بَيَّنَ لَهُ الرَّسُولُ أَخَذَهَا وَوَلَدَهَا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَعَدٍّ حِينَئِذٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَخَذَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَلَزِمَتْك) يَا مُوَكِّلُ (الْأُخْرَى) فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ وَأَخَذَهَا وَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَأَخَذَهَا (وَإِنْ أَمَرْته) أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَك (بِمِائَةٍ) وَبَعَثَ بِهَا وَوُطِئَتْ ثُمَّ قَدِمَ (فَقَالَ أَخَذْتهَا) لَك (بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَتْ فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ) الْوَكِيلُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إنْ حَلَفَ وَرَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْك فِي وَطْئِهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمِائَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَتْ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (لَمْ يَلْزَمْك إلَّا الْمِائَةُ) الَّتِي أَمَرْته بِهَا وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا قَالَ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ بِهِ حَتَّى فَاتَتْ (وَإِنْ رُدَّتْ دَرَاهِمُك) الَّتِي دَفَعْتهَا لَهُ لِيُسَلِّمَهَا لَك فِي شَيْءٍ (لِزَيْفٍ) فِيهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك لَزِمَتْك) أَيْ لَزِمَك بَدَلَهَا، فَإِنْ اتَّهَمَتْ الْوَكِيلَ أَنَّهُ أَبْدَلَهَا فَلَكَ تَحْلِيفُهُ (وَهَلْ) اللُّزُومُ (وَإِنْ قَبَضْت) يَا آمِرُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْوَكَالَةُ أَوْ اللُّزُومُ إنْ لَمْ تَقْبِضْهُ، فَإِنْ قَبَضْته لَمْ يَلْزَمْك بَدَلُهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ أَنَّهَا دَرَاهِمُ مُوَكِّلِهِ (تَأْوِيلَانِ) فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ، وَأَمَّا هُوَ فَيَلْزَمُ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) يَعْرِفُهَا (فَإِنْ قَبِلَهَا) الْوَكِيلُ حِينَ رُدَّتْ إلَيْهِ (حَلَفْت) أَيُّهَا الْآمِرُ (وَهَلْ) تَحْلِفُ (مُطْلَقًا) أَعْدَمَ الْمَأْمُورُ أَوْ أَيْسَرَ (أَوْ) إنَّمَا تَحْلِفُ (لِعَدَمِ الْمَأْمُورِ) أَيْ عِنْدَ عُسْرِهِ لَا عِنْدَ يُسْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِذَهَابِ عَيْنِهَا) أَيْ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ أَنَّهَا لَهُ) أَيْ أَوْ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّسُولُ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا بَيَّنَ لَهُ الرَّسُولُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَشْهَدَهَا الْوَكِيلُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَخَذَهَا) أَيْ الْوَكِيلُ وَأَعْطَاك الثَّانِيَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَعَدٍّ حِينَئِذٍ) أَيْ فَالْوَلَدُ ابْنُ زِنًا لِسَيِّدِ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ لَا بَيَانَ وَلَا بَيِّنَةَ الْبَيَانُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ بَيَانٍ الْبَيِّنَةُ وَالْبَيَانُ فَفِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ لَيْسَ وَطْؤُهُ زِنًا بَلْ وَطْءُ شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ فِيهَا وَلَا يَأْخُذُ الْوَلَدَ، نَعَمْ تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ فِي الثَّالِثَةِ وَفِي الْأُولَيَيْنِ تَفُوتُ بِالْإِيلَادِ فَلَا تُؤْخَذُ هِيَ وَلَا وَلَدُهَا وَلَا قِيمَتُهُ وَالْوَطْءُ فِي الرَّابِعَةِ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ وَيَأْخُذُ الْوَكِيلُ الْوَلَدَ. (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِأَخْذِهَا (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْك يَا مُوَكِّلَ الْأُخْرَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتَزَمَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَإِذَا قُبِلَ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَلْزَمُهُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ وَأَخَذَهَا) وَكَذَا إذَا بَيَّنَ وَأَخَذَهَا بِدُونِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ) أَيْ عَلَى دَعْوَاهُ أُشْهِدَهَا عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَأَخَذَهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ بَيَانٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ الْأُولَى لِكَوْنِهِ لَمْ يُبَيِّنْ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَالْمُوَكِّلُ مُخَيَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا مَعَ لُزُومِ الْأُولَى لَهُ (قَوْلُهُ وَبَعَثَ بِهَا) أَيْ وَاشْتَرَاهَا وَبَعَثَ بِهَا (قَوْلُهُ إنْ حَلَفَ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ خُيِّرَتْ فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَهُ وَرَدَّهَا وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِمَا اشْتَرَى وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ أَوْ رَدِّهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَفُتْ يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِيهَا فِي حَالَتَيْنِ الْأُولَى مَا إذَا كَانَ لِلْوَكِيلِ بَيِّنَةٌ بِالشِّرَاءِ بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَالثَّانِيَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَلَكِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ مَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ بَعْدَ قَبْضِهَا بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ مِنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ الزِّيَادَةَ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ) أَيْ بِمَا قَالَ مِنْ الزِّيَادَةِ حَتَّى فَاتَتْ أَيْ فَصَارَ كَالْمُتَطَوِّعِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك) إذَا رَدَدْتهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ مَوْتٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ رُدَّتْ دَرَاهِمُك) أَيْ، وَإِنْ رَدَّ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ دَرَاهِمَك لِلْوَكِيلِ الَّتِي دَفَعْتهَا لَهُ لِيُسَلِّمَهَا لَك فِي شَيْءٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك) أَيْ وَكِيلُك (قَوْلُهُ لَزِمَك بَدَلُهَا) سَوَاءٌ قَبِلَهَا مَأْمُورُك أَوْ خَالَفَ الْوَاجِبَ وَلَمْ يَقْبَلْهَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَرَفَهَا الْمَأْمُورُ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا كَمَا لَبَن وَشَيْخِنَا. (قَوْلُهُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْوَكَالَةُ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِنْ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ لِلشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَنَّهَا دَرَاهِمُ مُوَكِّلِهِ وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ أَيْضًا إبْدَالُهَا أَوْ يَلْزَمُهُ إبْدَالُهَا كَمَا إذَا قَبِلَهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ، وَأَمَّا هُوَ فَيَلْزَمُ مُطْلَقًا) أَيْ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بَدَلَهَا حَيْثُ قَالَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ أَنَّهَا دَرَاهِمُك وَسَوَاءٌ قَبَضْت الْمُسَلَّمَ فِيهِ أَمْ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ حَلَفْت أَيُّهَا الْآمِرُ) أَيْ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ بَدَلَهَا لِقَبُولِهِ إيَّاهَا فَالْخَسَارَةُ إنَّمَا جَاءَتْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَهَلْ تَحْلِفُ مُطْلَقًا) أَيْ لِاحْتِمَالِ نُكُولِك فَتَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَلَا يَغْرَمُ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَحْلِفُ لِعَدَمِ الْمَأْمُورِ) أَيْ عِنْدَ عُسْرِهِ لَا عِنْدَ يُسْرِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ

وَذِكْرُ مَفْعُولُ حَلَفَ وَفِيهِ صِفَةُ يَمِينِهِ بِالْمَعْنَى بِقَوْلِهِ (مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك) وَلَا تَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِك؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُ فِي عِلْمِي وَدَرَاهِمِي بِيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَبِضَمِّ التَّاءِ لِلْمُتَكَلِّمِ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَبِفَتْحِهَا بِتَاءِ الْخِطَابِ (و) إذَا حَلَفَ أَيُّهَا الْآمِرُ (لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمَأْمُورَ (تَأْوِيلَانِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يَعْرِفْهَا (حَلَفَ) الْوَكِيلُ (كَذَلِكَ) أَيْ مَا دَفَعَ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهَا مِنْ دَرَاهِمِ مُوَكِّلِهِ (وَحَلَّفَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ فَاعِلُهُ (الْبَائِعُ) وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْآمِرَ فَكُلٌّ مِنْ الْآمِرِ وَالْوَكِيلِ يَحْلِفُ (وَفِي الْمَبْدَأِ) مِنْهُمَا هَلْ الْآمِرُ أَوْ الْوَكِيلُ (تَأْوِيلَانِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ نَكَلَ الْآمِرُ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَغْرَمَهُ وَلِلْآمِرِ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ إنْ اتَّهَمَهُ بِإِبْدَالِهَا، فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ سَقَطَ حَقُّهُ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ نُكُولَ مُوَكِّلِهِ نُكُولٌ عَنْ يَمِينِ الْمَأْمُورِ وَعَلَى تَبْدِئَةِ الْمَأْمُورِ بِالْحَلِفِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَغْرَمَهُ ثُمَّ هَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْآمِرِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ كَذَا فِي الْحَطَّابِ (وَانْعَزَلَ) الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا أَمْ لَا (بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي مَالِهِ وَقَدْ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ بِمَوْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ بَعْدَهُ (إنْ عَلِمَ) الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ (وَإِلَّا) يَعْلَمُ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي عَزْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ أَوْ حَتَّى يَبْلُغَهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ حَاضِرًا بِبَلَدِ مَوْتِهِ وَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا إذَا بَلَغَهُ اتِّفَاقًا (وَفِي عَزْلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِعَزْلِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الْوَكِيلُ بِذَلِكَ وَعَدَمُ عَزْلِهِ حَتَّى يَعْلَمَ بِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (خِلَافٌ) وَفَائِدَتُهُ هَلْ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ مَاضٍ أَوْ لَا (وَهَلْ لَا تَلْزَمُ) الْوَكَالَةُ مُطْلَقًا وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ أَوْ لَا إذْ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ كَالْقَضَاءِ (أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآمِرِ أَنْ يَقُولَ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ يُسْرِهِ أَنْتَ قَدْ الْتَزَمْت الثَّمَنَ بِقَبُولِك لَهُ فَلَا تَبَاعَةَ لَك وَلَا لِلْبَائِعِ عَلَيَّ (قَوْلُهُ وَذِكْرُ مَفْعُولُ حَلَفْت) أَيْ الْمُعَدَّى لَهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ الْمَحْذُوفِ أَيْ عَلَى أَنَّك مَا دَفَعْت إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنْ حَلَفَ لَازِمٌ (قَوْلُهُ مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَوْ صَيْرَفِيًّا (قَوْلُهُ وَلَا تَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ) إنَّمَا احْتَاجَ لِزِيَادَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ جِيَادًا فِي عِلْمِهِ حِينَ الدَّفْعِ وَلَكِنْ يُعْرَفُ الْآنَ أَنَّهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَبِفَتْحِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُخَاطِبُ الْمُوَكِّلَ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) نَقَلَهُمَا عِيَاضٌ وَلَمْ يَعْزِهِمَا وَعَزَا الْمَوَّاقُ الثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَحَلِفِ الْمُوَكِّلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَكُلٌّ مِنْ الْآمِرِ وَالْوَكِيلِ يَحْلِفُ) أَيْ فَإِذَا حَلَفَا ضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلِلْآمِرِ) أَيْ بَعْدَ غُرْمِهِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ) أَيْ كَمَا نَكَلَ الْآمِرُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ حَيْثُ نَكَلَ هُوَ وَالْآمِرُ (قَوْلُهُ وَأَغْرَمَهُ) أَيْ وَأَغْرَمَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ هَلْ لَهُ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ غُرْمِ الْمَأْمُورِ لِلْبَائِعِ هَلْ لِلْمَأْمُورِ تَحْلِيفُ الْآمِرِ أَوْ لَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلَ الرَّجْرَاجِيُّ (قَوْلُهُ وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ) أَيْ وَكَذَا بِفَلَسِهِ الْأَخَصِّ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَيْ بَلْ إنْ شَاءُوا أَجَازُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُجِيزُوا وَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ قَدْ ابْتَاعَ لَزِمَ الْوَكِيلَ غُرْمُ الثَّمَنِ وَإِذَا كَانَ قَدْ بَاعَ غَرِمَ لَهُمْ قِيمَةَ الْمُثَمَّنِ إنْ كَانَ قَدْ فَاتَ وَرُدَّ الْمَبِيعُ لَهُمْ إنْ كَانَ قَائِمًا (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ فِي عَزْلِهِ إلَخْ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ شَيْئًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْمَوْتِ لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الثَّمَنِ وَقِيمَةُ الْمُثَمَّنِ إنْ فَاتَ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ إلَخْ) الْأَنْسَبُ اعْتِبَارُ الْحُضُورِ فِي نَفْسِ الْوَكِيلِ بِأَنْ يَقُولَ وَهَذَا الْخِلَافُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ حَاضِرًا بِبَلَدِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ مَظِنَّةُ عِلْمِهِ وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِالتَّلَازُمِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِ أَحَدِهِمَا بِبَلَدِ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ حُضُورُ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَفِي عَزْلِهِ أَيْ الْوَكِيلِ بِعَزْلِهِ أَيْ الْمُوَكِّلِ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ) هَذَا الْقَوْلُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَشْهَدَ الْمُوَكِّلُ عَلَى عَزْلِهِ وَكَانَ عَدَمُ إعْلَامِهِ بِذَلِكَ لِعُذْرٍ كَبُعْدِهِ عَنْهُ، فَإِنْ تَرَكَ إعْلَامَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ مُطْلَقًا أَيْ أَشْهَدَ بِعَزْلِهِ أَمْ لَا أَوْ تَرَكَ إعْلَامَهُ لِعُذْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ مُضِيُّ تَصَرُّفِهِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ خِلَافٌ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ وَكِيلِ خِصَامٍ قَاعَدَ الْخَصْمَ كَثَلَاثَةٍ، وَأَمَّا وَكِيلُ الْخِصَامِ إذَا قَاعَدَ خَصْمَ الْمُوَكِّلِ كَثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ سَوَاءٌ عَزَلَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ كَمَا مَرَّ وَفِي عبق لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِجُنُونِهِ أَوْ جُنُونِ مُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ جُنُونُ الْمُوَكِّلِ جِدًّا فَيَنْظُرُ لَهُ الْحَاكِمُ وَلَا تَنْعَزِلُ زَوْجَةٌ وَكِيلَةٌ لِزَوْجِهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ مِنْهَا وَيَنْعَزِلُ هُوَ عَنْ وَكَالَتِهِ لَهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ وَإِذَا أَظْهَرَ مِنْهُ الْأَعْرَاضَ كَرِهْت بَقَاءَهُ اهـ، وَانْعَزَلَ الْوَكِيلُ بِرِدَّتِهِ أَيَّامَ الِاسْتِتَابَةِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا، فَإِنْ قُتِلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أُخِّرَ لِمَانِعٍ كَالْحَمْلِ فَقَدْ تَرَدَّدَ الْعُلَمَاءُ فِي عَزْلِهِ وَكَذَا يَنْعَزِلُ بِرِدَّةِ مُوَكِّلِهِ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الِاسْتِتَابَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يُقْتَلْ لِمَانِعٍ (قَوْلُهُ إذْ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ) أَيْ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ (قَوْلُهُ كَالْقَضَاءِ) أَيْ فَعَقْدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِمَنْ وَلِيَ قَاضِيًا أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ وَكَذَا مَنْ وُكِّلَ عَلَى شَيْءٍ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ

[باب في الإقرار]

كَتَوْكِيلِهِ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (أَوْ جُعْلٍ) بِأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى تَقَاضِي دَيْنِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ قَدْرَهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَلَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وُقُوعُهَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ (فَكَّهُمَا) فَفِي الْإِجَارَةِ تَلْزَمُهُمَا بِالْعَقْدِ وَفِي الْجَعَالَةِ تَلْزَمُ الْجَاعِلَ فَقَطْ بِالشُّرُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَعَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ (لَمْ تَلْزَمْ) وَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْقَوْلِ الثَّانِي (تَرَدُّدٌ) ثُمَّ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْ إنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ (يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ احْتِرَازًا مِنْ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْمُكْرَهِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إقْرَارٌ وَكَذَا السَّكْرَانُ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَالرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْمُكَاتَبُ فَيَلْزَمُهُمْ لِعَدَمِ الْحَجْرِ وَكَذَا الْمَرِيضُ، وَالزَّوْجَةُ، وَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا فِي زَائِدِ الثُّلُثِ فَمَخْصُوصٌ بِالتَّبَرُّعَاتِ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ اعْتِرَافِهِ (لِأَهْلٍ) أَيْ لِمُتَأَهِّلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَتَوْكِيلِهِ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ عَمَلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ كَتَوْكِيلِهِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ كَذَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بَاعَ أَوْ لَا، وَأَمَّا تَعْيِينُ الْعَمَلِ وَالزَّمَانِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى تَقَاضِي دَيْنِهِ) اعْلَمْ أَنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ تَارَةً يَكُونُ إجَارَةً وَتَارَةً يَكُونُ جَعَالَةً فَفِي الْإِجَارَةِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْقَدْرِ الْمُوَكَّلِ عَلَى اقْتِضَائِهِ وَأَنْ يُبَيِّنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِيَعْلَمَ حِينَ الْعَقْدِ هَلْ هُوَ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ أَوْ مُمَاطِلٌ أَوْ لَا كَوَكَالَتِك عَلَى اقْتِضَاءِ كَذَا مِنْ فُلَانٍ وَلَك كَذَا أُجْرَةٌ، وَأَمَّا فِي الْجَعَالَةِ فَالْوَاجِبُ بَيَانُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا الْقَدْرُ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وُقُوعُهَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِلَفْظِهِمَا كَقَوْلِهِ آجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَتَوَكَّلَ لِي عَلَى كَذَا أَوْ جَاعَلْتُكَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تَتَوَكَّلَ لِي عَلَى كَذَا كَانَتْ مِنْهُمَا حَقِيقَةً فَيَصِيرُ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ فَكَّهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى صُورَةِ الْإِجَارَةِ بِأَنْ عَيَّنَ الزَّمَانَ أَوْ الْعَمَلَ أَوْ عَلَى صُورَةِ الْجَعَالَةِ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّمَانَ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ إنْ كَانَتْ إجَارَةً أَوْ جَعْلًا. (قَوْلُهُ فَفِي الْإِجَارَةِ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْوَكَالَةِ إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ تَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْجَعَالَةِ أَيْ وَفِي الْوَكَالَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ لَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ وَتَلْزَمُ الْجَاعِلَ وَهُوَ الْمُوَكِّلُ بِالشُّرُوعِ، وَأَمَّا الْمَجْعُولُ لَهُ وَهُوَ الْوَكِيلُ فَلَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَوْلِ الثَّانِي) أَيْ وَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَهَلْ تَلْزَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ فِي الْوَكَالَةِ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فِيهِ فَهِيَ لَازِمَةٌ مُطْلَقًا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ لَا إذَا قَاعَدَ الْوَكِيلُ الْخَصْمَ كَثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَعَلَى الثَّانِي حَيْثُ لَمْ تَقَعْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ) أَيْ بِيَمِينِهِ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ح وَصَدَرَ بِهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَثَالِثُهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ أَقْبَضَهُ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَذَلِكَ الشَّيْءُ لِلْمُوَكِّلِ [بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ] ِ اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ إيجَابِهِ حُكْمًا عَلَى الْمُقِرِّ أَنَّهُ إنْشَاءٌ كَبِعْتُ، بَلْ هُوَ خَبَرٌ كَالدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ حُكْمُهُ قَاصِرًا عَلَى قَائِلِهِ فَهُوَ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَرْ عَلَى قَائِلِهِ فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ فِيهِ نَفْعٌ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ، أَوْ يَكُونَ، وَهُوَ الدَّعْوَى اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَالسَّفِيهُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا لَكِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ، وَالْمُكْرَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا السَّكْرَانُ) أَيْ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا إلَّا أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ كَمَا ذَكَرَهُ بْن وَشَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ لَا تَلْزَمُهُ سَائِرُ عُقُودِهِ مِنْ بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَحَبْسٍ بِخِلَافِ جِنَايَاتِهِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ) أَيْ فِي الْمُكَلَّفِ الْمُلْتَبِسِ بِعَدَمِ الْحَجْرِ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ الْحَجْرُ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْمَانِعُ السَّفَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَرِيضُ، وَالزَّوْجَةُ) أَيْ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ مِنْهُمَا وَلَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ ثُلُثِهِمَا حَيْثُ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ عَلَيْهِ، وَإِلَّا مُنِعَ إقْرَارُهُمَا لَهُ وَلَوْ فِي الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ فَمَخْصُوصٌ بِالتَّبَرُّعَاتِ) أَيْ، وَالْإِقْرَارُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُؤْخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ مَعْنَاهُ الْمَوْصُوفُ بِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَنْ ذُكِرَ إذْ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَةِ، وَالْمَرِيضِ لَا يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ)

وَقَابِلٌ أَنْ يُمَلَّكَ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ كَالْحَمْلِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إصْلَاحٍ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ كَالْوَقْفِ، وَالْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُمَا وَخَرَجَ عَنْ الْأَهْلِ نَحْوُ الدَّابَّةِ، وَالْحَجَرِ (لَمْ يُكَذِّبْهُ) نَعْتٌ لِأَهْلٍ أَيْ لِأَهْلٍ غَيْرِ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ تَحْقِيقًا نَحْوَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ، أَوْ احْتِمَالًا نَحْوَ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ بَطَلَ الْإِقْرَارُ إنْ اسْتَمَرَّ التَّكْذِيبُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّكْذِيبُ مِنْ الرَّشِيدِ فَتَكْذِيبُ الصَّبِيِّ، وَالسَّفِيهِ لَغْوٌ (وَلَمْ يُتَّهَمْ) الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْعَطْفِ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ إذْ فَاعِلُ يُكَذِّبُ يَعُودُ عَلَى أَهْلٍ وَفَاعِلُ يُتَّهَمُ يَعُودُ عَلَى الْمُقِرِّ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُ وَقَيْدُ عَدَمِ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ، وَالصَّحِيحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ. ، ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِمَنْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ بِقَوْلِهِ (كَالْعَبْدِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ (فِي غَيْرِ الْمَالِ) كَجُرْحٍ، أَوْ قَتْلِ عَمْدٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ وَكَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُكَاتَبِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ لِكَوْنِهِمَا لِلسَّيِّدِ وَمَا زَادَ عَنْ مَالِ التِّجَارَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ وَيَلْزَمُهُ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ وَيَدْفَعُ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ قِيمَتَهُ إنْ أَتْلَفَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ، أَوْ فَلَا يَأْخُذُ مَا أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا، بَلْ حَتَّى يُثْبِتَهُ، وَأَمَّا قَطْعُهُ فَيَلْزَمُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِإِقْرَارِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَابِلٌ أَنْ يُمْلَكَ) أَيْ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ هَذَا إذَا كَانَ قَابِلًا لِمِلْكِهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ كَانَ قَابِلًا لِمِلْكِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ أَيْ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بِالنِّسْبَةِ لِزَمَنِ الْإِقْرَارِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُتَأَهِّلًا وَقَابِلًا لِلْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، بَلْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إصْلَاحٍ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ، أَوْ لِاسْتِحْقَاقِهِ (قَوْلُهُ كَالْحَمْلِ) أَيْ يُقِرُّ لَهُ بِأَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ، أَوْ مِنْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ فَالْإِقْرَارُ بِذَلِكَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَابِلٌ لِمِلْكِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ (قَوْلُهُ مِنْ إصْلَاحٍ) بَيَانٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ قَابِلٌ لِمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ لِأَجْلِ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَالْوَقْفُ قَابِلٌ لِمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ إصْلَاحِهِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ الْغَلَّةَ، أَوْ لِأَجْلِ سُكْنَاهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْ الْأَهْلِ نَحْوُ الدَّابَّةِ، وَالْحَجَرِ) أَيْ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُمَا، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِأَجْلِ إصْلَاحِ الْحَجَرِ فِي كَسَبِيلٍ، أَوْ لِعَلَفِ الدَّابَّةِ فِي جِهَادٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ لِأَهْلِ غَيْرِ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ) أَيْ، بَلْ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَالُ الْغَيْرِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ جَبْرًا فِيمَا عَدَا الْمِيرَاثَ (قَوْلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ التَّكْذِيبُ) أَيْ فِيهِمَا فَإِنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ فِي الْأُولَى فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ عَقِبَ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، أَوْ يَبْطُلُ قَوْلَانِ الثَّانِي مِنْهُمَا. هُوَ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي ح اهـ. بْن، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ فِي الثَّانِيَةِ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ عَقِبَ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَوْلَى إنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ لِتَصْدِيقِ الْمُقِرِّ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُقِرِّ إنْكَارٌ (قَوْلُهُ لَغْوٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَاهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ) أَيْ فَإِنْ اُتُّهِمَ بِإِقْرَارِهِ لِمُلَاطَفَةٍ وَنَحْوِهِ بَطَلَ (قَوْلُهُ، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ وَصَاحِبُ الْحَالِ هُوَ الْمُكَلَّفُ (قَوْلُهُ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُ) فِيهِ إنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي مُجَرَّدِ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ عَطْفَ مُفْرَدَاتٍ نَحْوَ أَكْلُ وَشُرْبُ زَيْدٍ لَا فِي عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ نَحْوِ ضَرَبَ زَيْدٌ وَقَامَ عَمْرٌو وَمَا. هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِثْلُ حَامِلٍ مُقْرِبٍ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ، أَوْ قَطْعٍ (قَوْلُهُ، وَالصَّحِيحُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُفْلِسُ وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَازِمٌ يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يُحَاصَصُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ فَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ فَقَطْ فَإِنْ أَقَرَّ الصَّحِيحُ لِمَنْ يُتَّهَمُ كَانَ إقْرَارُهُ لَهُ لَازِمًا. (قَوْلُهُ بِمَنْ يَتَوَهَّمُ) أَيْ مُمَثِّلًا لِمَنْ يَتَوَهَّمُ عَدَمَ صِحَّةِ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ) أَيْ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْمَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِلَا حَجْرٍ (قَوْلُهُ وَكَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ أَيْ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) إنْ كَانَ قَائِمًا (قَوْلُهُ وَمَا زَادَ) أَيْ مِنْ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَأْخُذُ إلَخْ) أَيْ، بَلْ هُوَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُثْبِتَهُ) أَيْ مُدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءً أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، أَوْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ

(وَأَخْرَسَ) يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ كَمَا تَكْفِي إشَارَةُ النَّاطِقِ (وَمَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا (إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ) بِنْتٌ، أَوْ ابْنٌ، أَوْ ابْنُهُ فَيَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ إنْ أَقَرَّ (لِأَبْعَدَ) كَعَمٍّ وَلَا مَفْهُومَ لِلْوَلَدِ فِي هَذَا الْفَرْعِ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَرِثَهُ أَقْرَبُ مَعَ وُجُودِ أَبْعَدَ كَأَخٍ مَعَ ابْنِ عَمٍّ وَكَابْنِ عَمٍّ قَرِيبٍ مَعَ بَعِيدٍ سَوَاءً اسْتَغْرَقَ الْأَقْرَبُ الْمِيرَاثَ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ فَيُشْتَرَطُ الْوَلَدُ كَمَا فِي الْمُصَنِّفِ (أَوْ لِمُلَاطِفِهِ، أَوْ) أَقَرَّ (لِمَنْ) أَيْ لِقَرِيبٍ (لَمْ يَرِثْهُ) كَخَالٍ فَيَصِحُّ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ، وَأَمَّا لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُلَاطِفٍ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ مَرِيضٍ أَنَّ الصَّحِيحَ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِلَا قَيْدٍ (أَوْ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ (لِمَجْهُولٍ حَالُهُ) قَرِيبٍ، أَوْ مُلَاطِفٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَصِحُّ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ مَا دَامَ مَجْهُولًا حَالُهُ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمَا تَبَيَّنَ وَقِيلَ يَصِحُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ بِإِقْرَارِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ وَأَخْرَسَ) لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِكَوْنِهِ مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهُ فَهُوَ تَمْثِيلٌ بِالْخَفِيِّ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعِبَارَةِ فَلَوْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ رُجُوعُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ بِالْإِشَارَةِ، ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُلَاعِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ رُجُوعُهُ اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا يَكْفِي إشَارَةُ النَّاطِقِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ بِإِشَارَةِ نَاطِقٍ لَأَفَادَ ذَلِكَ وَسَلِمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ هُنَا مِنْ أَنَّ إشَارَةَ النَّاطِقِ لَا تُعْتَبَرُ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ وَمَرِيضٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ إمَّا أَنْ يُقِرَّ لِوَارِثٍ قَرِيبٍ، أَوْ بَعِيدٍ، أَوْ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ أَصْلًا، أَوْ لِصِدِّيقٍ مُلَاطِفٍ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ لَا يُدْرَى هَلْ هُوَ قَرِيبٌ، أَوْ مُلَاطِفٌ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ يُقِرَّ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ صِدِّيقٍ فَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ قَرِيبٍ مَعَ وُجُودِ الْأَبْعَدِ، أَوْ الْمُسَاوِي كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ بَعِيدٍ كَانَ صَحِيحًا إنْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ أَقْرَبُ مِنْهُ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ حَائِزًا لِلْمَالِ أَمْ لَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ وَلَدًا، وَإِنْ أَقَرَّ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَالْخَالِ، أَوْ لِصِدِّيقٍ مُلَاطِفٍ، أَوْ مَجْهُولٍ حَالُهُ صَحَّ الْإِقْرَارُ إنْ كَانَ لِذَلِكَ الْمُقِرِّ وَلَدٌ، أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ صِدِّيقٍ كَانَ الْإِقْرَارُ لَازِمًا كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ لِأَبْعَدَ) أَيْ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ (قَوْلُهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ) أَيْ، وَهُوَ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَعَ ابْنِ عَمٍّ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَوْلُهُ بَعِيدٍ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ لِلْمُقِرِّ وَلَدٌ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِلَا قَيْدٍ) أَيْ سَوَاءً أَقَرَّ لِوَارِثٍ بَعِيدٍ، أَوْ قَرِيبٍ، أَوْ لِمُلَاطِفٍ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ، أَوْ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُلَاطِفٍ سَوَاءً قَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ، أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الِاتِّهَامَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ، أَوْ الدَّيْنِ، أَوْ الْبَرَاءَةِ، أَوْ قَبْضِ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ فَإِقْرَارُهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ فِيهِ تَوْلِيجٌ أَيْ إدْخَالُ شَيْءٍ بِالْكَذِبِ، وَالْأَجْنَبِيُّ، وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَا الْقَرِيبُ، وَالْبَعِيدُ، وَالْعَدُوُّ، وَالصِّدِّيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصِّحَّةِ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الثَّمَنِ اهـ. وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّوْلِيجِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا فِي ح فَإِذَا قَامَ بَقِيَّةُ، أَوْلَادِ مَنْ مَرِضَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فِي صِحَّتِهِ بِالْبَيْعِ لِبَعْضِ، أَوْلَادِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ إنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّ الْأَبَ قَبَضَ مِنْ وَلَدِهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ قِيلَ يَحْلِفُ الْوَلَدُ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ الْأَبُ بِالْمَيْلِ لَهُ حُلِّفَ، وَإِلَّا فَلَا وَاقْتَصَرَ فِي التُّحْفَةِ عَلَى الْأَخِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَمَعْ ثُبُوتِ مَيْلِ بَائِعٍ لِمَنْ مِنْهُ اشْتَرَى يَحْلِفُ فِي قَبْضِ الثَّمَنْ اهـ. وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْكَافِي مِنْ أَنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ عَلَى قَبْضِ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ جَائِزٌ وَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ فِيهِ تَوْلِيجٌ لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ يُظَنُّ بِهِ الْمَال، وَإِلَّا فَفِي عج وَغَيْرِهِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَثَلًا وَعَلِمْنَاهُ أَنَّهُ لَا مَالَ لِلْوَلَدِ بِوَجْهٍ فَذَلِكَ تَرِكَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ حَتَّى يُجَوِّزَهُ لَهُ فَهُوَ تَوْلِيجٌ فَتَأَمَّلْ وَفِي بْن إذَا صَيَّرَ الْأَبُ لِابْنِهِ دُورًا، أَوْ عَرُوضًا فِي دَيْنٍ أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ سَبَبُ ذَلِكَ الدَّيْنِ بِأَنْ بَاعَ لَهُ شَيْئًا، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا جَازَ ذَلِكَ التَّصْيِيرُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ جَرَى عَلَى تَفْصِيلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ كَانَ مَاضِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْعَمَلُ كَمَا فِي الْمُتَيْطِيِّ وَقِيلَ إنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ (قَوْلُهُ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ) كَقَوْلِهِ لِعَلِيٍّ، أَوْ لِعَمْرٍو الَّذِي بِمَكَّةَ عِنْدِي كَذَا وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ أَصَدِيقٌ مُلَاطِفٌ، أَوْ قَرِيبٌ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْمَرِيضِ الْمُقِرِّ وَلَدٌ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا عُمِلَ) أَيْ، وَإِلَّا يَدُمْ جَهْلُ الْحَالِ، بَلْ تَبَيَّنَ عُمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَصِحُّ) أَيْ

وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا (كَزَوْجٍ) مَرِيضٍ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ أَنَّهُ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْهَا إذَا (عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا) فَيُؤَاخَذُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ، أَوْ انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا إقْرَارُهَا، وَهِيَ مَرِيضَةٌ لَهُ بِمَا مَرَّ مَعَ عِلْمِ بُغْضِهَا لَهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا (أَوْ جُهِلَ) حَالُ الزَّوْجِ مَعَهَا مِنْ حُبٍّ، أَوْ بُغْضٍ (وَ) قَدْ (وَرِثَهُ) حَالَ جَهْلِ الْحَالِ (ابْنٌ) وَاحِدٌ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا (أَوْ بَنُونَ) مُتَعَدِّدُونَ كَذَلِكَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا (إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ) الزَّوْجَةُ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا (الصَّغِيرُ) فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا وَسَوَاءً كَانَ مَعَهُ كَبِيرٌ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ لَا فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ رَاجِعٌ لَهُمَا لَا لِلْمُتَعَدِّدِ فَقَطْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَمِثْلُ الِانْفِرَادِ بِالصَّغِيرِ الذَّكَرِ الِانْفِرَادُ بِالصَّغِيرَةِ (وَ) فِي جَوَازِ إقْرَارِهِ لَهَا (مَعَ) وُجُودِ (الْإِنَاثِ) الْكِبَارِ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ الصِّغَارِ مِنْ غَيْرِهَا (وَالْعَصَبَةُ) نَظَرًا إلَى أَنَّهَا أَبْعَدُ مِنْ الْبِنْتِ وَمَنْعُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَةِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ انْفَرَدَتْ بِالصِّغَارِ مُنِعَ قَطْعًا، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فُرُوعًا بِقَوْلِهِ (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ) وَمَعَ وُجُودِ بَارٍّ وَلَوْ اخْتَلَفَا ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً فَقِيلَ يَصِحُّ نَظَرًا لِعُقُوقِهِ وَقِيلَ لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقِيلَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقِرِّ وَلَدٌ كَانَ الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا) أَيْ وَقِيلَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِمَجْهُولِ الْحَالِ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ يَسِيرًا لَا إنْ كَانَ كَثِيرًا، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ الْمَرِيضِ وَلَدٌ (قَوْلُهُ كَزَوْجٍ) مِنْ فُرُوعِ إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ جَمِيعَ مَا تَحْتَ يَدِهَا مِلْكٌ فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا جَرَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الزَّوْجَةِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَانَ إقْرَارُهُ لَازِمًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلِمَ بُغْضَهَا، أَوْ لَا وَلِلْوَارِثِ تَحْلِيفُهَا إنْ ادَّعَى تَجَدُّدَ شَيْءٍ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ إذَا عُلِمَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهَا كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ كَانَ أَبْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ لَهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالنَّاصِرِ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ مَحَلُّ صِحَّةِ إقْرَارِ الزَّوْجِ الْمَرِيضِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا إذَا لَمْ تَنْفَرِدْ بِالصَّغِيرِ، وَإِلَّا كَانَ بَاطِلًا لِلتُّهْمَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ) هَذَا مُحْتَرَزُ تَقْيِيدِ الزَّوْجِ بِالْمَرِيضِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا، أَوْ عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ أَوْ لَا، وَرِثَهُ ابْنٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ، أَوْ جُهِلَ حَالُ الزَّوْجِ) أَيْ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ وَوَرِثَهُ ابْنٌ) هَذَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهَا إذَا جُهِلَ حَالُهُ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ وَلَا بَنُونَ بِأَنْ كَانَ لَا، أَوْلَادَ لَهُ أَصْلًا كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَاحِدٌ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا إلَخْ) أَيْ فَصُوَرُ الِابْنِ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ، أَوْ بَنُونَ) أَيْ وَرِثَهُ بَنُونَ ذُكُورٌ وَحْدَهُمْ، أَوْ مَعَ الْإِنَاثِ، وَأَمَّا إنْ وَرِثَهُ إنَاثٌ فَقَطْ فَهُوَ قَوْلُهُ وَمَعَ الْإِنَاثِ، وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّ الْعَاصِبَ يَشْمَلُ بَيْتَ الْمَالِ وَغَيْرَهُ كَذَا قَرَّرَ طفى وح فَقَوْلُهُ، أَوْ بَنُونَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانُوا ذُكُورًا فَقَطْ، أَوْ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا سَوَاءً كَانُوا كُلُّهُمْ صِغَارًا، أَوْ كِبَارًا، أَوْ بَعْضُهُمْ صِغَارًا وَبَعْضُهُمْ كِبَارًا كَانَ الْجَمِيعُ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ الْبَعْضُ مِنْهَا، وَالْبَعْضُ مِنْ غَيْرِهَا فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ صُورَةً دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ، أَوْ بَنُونَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ إلَخْ) جَعَلَهُ عج اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ وَرِثَهُ بَنُونَ فَقَطْ وَنَصُّهُ إنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ، أَوْ بَنُونَ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ لَهُ وَلَدًا صَغِيرًا مِنْهَا، وَأَقَرَّ لَهَا كَانَ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَوَرِثَهُ ابْنٌ، أَوْ بَنُونَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَاطِلًا فَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا. هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا ذَكَرَهُ عج غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ اللَّقَانِيُّ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَا لِقَوْلِهِ، أَوْ بَنُونَ فَقَطْ إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِانْفِرَادِهَا بِالصَّغِيرِ أَنْ يُقْصَرَ جِنْسُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَلَيْهَا سَوَاءً كَانَ وَاحِدًا، أَوْ مُتَعَدِّدًا سَوَاءً كَانَ لَهَا وَلَدٌ كَبِيرٌ أَيْضًا، أَوْ لَا، كَانَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ غَيْرُهَا فَأَلِ فِي الصَّغِيرِ لِلْجِنْسِ. (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلِابْنِ، وَالْبَنُونَ فَبِرُجُوعِهِ لِلِابْنِ تَخْرُجُ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِهِ الْأَرْبَعِ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا مِنْهَا وَبِرُجُوعِهِ لِلْبَنِينَ يَخْرُجُ مَا إذَا كَانَ، أَوْلَادُهُ كُلُّهُمْ صِغَارًا مِنْهَا، أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا، وَالْبَعْضُ كَبِيرًا، أَوْ الصِّغَارُ مِنْهَا، وَالْكِبَارُ مِنْ غَيْرِهَا فَقَطْ، أَوْ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا وَسَوَاءً كَانَ الْجَمِيعُ ذُكُورًا، أَوْ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ تَخْرُجُ مِنْ صُوَرِ الْبَنِينَ الثَّمَانِيَةَ عَشْرَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَالْإِقْرَارُ فِيهَا بَاطِلٌ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ) الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ الِانْفِرَادُ بِالصَّغِيرَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ أَيْ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِابْنَ الصَّغِيرَ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ إقْرَارِهِ) أَيْ مَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ، وَالْعَصَبَةُ) الْمُرَادُ جِنْسُ الْعَصَبَةِ أَيْ غَيْرُ الِابْنِ بِدَلِيلِ تَقَدُّمِهِ فِي قَوْلِهِ إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ وَمَفْهُومُ الْعَصَبَةِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهَا مَعَ الْإِنَاثِ فَقَطْ سَوَاءً كَانَتْ بِنْتًا، أَوْ بَنَاتٍ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرَةِ فَالْإِنَاثُ كَالذُّكُورِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، أَوْ جُهِلَ وَوَرِثَهُ وَلَدٌ، أَوْ، أَوْلَادٌ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ كَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَدَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ وَرِثَهُ مَعَ الْعَصَبَةِ إنَاثٌ صِغَارٌ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لَهَا اتِّفَاقًا سَوَاءً كَانَتْ الْكِبَارُ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِعُقُوقِهِ) أَيْ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ لِأَبْعَدَ مَعَ وُجُودِ أَقْرَبَ.

نَظَرًا لِمُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ (أَوْ) إقْرَارُهُ (لِأُمِّهِ) أَيْ أُمِّ الْعَاقِّ قِيلَ يَصِحُّ نَظَرًا لِمُسَاوَاةِ وَلَدِهَا لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ نَظَرًا إلَى أَنَّ وُجُودَ الْعَاقِّ كَالْعَدَمِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ لَهَا وَلَيْسَ لَهَا وَلَدٌ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ جُهِلَ بُغْضُهُ لَهَا فَهَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهَا مَعَ جَهْلِ بُغْضِهِ لَهَا إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عَاقًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ لَكِنَّ الْخِلَافَ فِي الزَّوْجَةِ مَعَ الْعَاقِّ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أُمَّهُ فَلَوْ قَالَ، أَوْ لِزَوْجَةٍ مَعَهُ كَانَ أَشْمَلَ (أَوْ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ) بَعْضُهُ (أَبْعَدُ وَ) بَعْضُهُ (أَقْرَبُ) مِمَّنْ أَقَرَّ لَهُ كَأُخْتٍ مَعَ وُجُودِ أُمٍّ وَعَمٍّ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهَا نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَمِّ أَبْعَدَ مِنْهَا وَقِيلَ يَصِحُّ نَظَرًا لِكَوْنِ الْأُمِّ أَقْرَبَ مِنْهَا وَكَذَا إقْرَارُهُ لِأُمٍّ مَعَ وُجُودِ بِنْتٍ، وَأَخٍ وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَقْرَبَ وَمُسَاوِيًا كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِ أَخَوَيْهِ مَعَ وُجُودِ أُمِّهِ (لَا الْمُسَاوِي) فَقَطْ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُ مَعَ مُسَاوِيهِ كَأَحَدِ الْأَخَوَيْنِ، أَوْ الِابْنَيْنِ (وَ) لَا (الْأَقْرَبُ) كَأُمٍّ مَعَ وُجُودِ أُخْتٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُسَاوِي، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ قَوْلُهُ (كَأَخِّرْنِي سَنَةً، وَأَنَا أُقِرُّ) بِمَا تَدْعِيهِ عَلَيَّ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا أَخَّرَهُ، أَوْ لَا (وَرَجَعَ) الْمُدَّعِي (لِلْخُصُومَةِ) الْآنَ، أَوْ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ الْإِقْرَارَ. (وَلَزِمَ) الْإِقْرَارُ (لِحَمْلٍ إنْ وُطِئَتْ) أُمُّ هَذَا الْحَمْلِ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يُنْسَبُ الْوَلَدُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ عَنْهَا مِنْ غَيْبَةٍ، أَوْ سِجْنٍ (وَوُضِعَ) الْحَمْلُ (لِأَقَلِّهِ) أَيْ لِدُونِ أَقَلِّهِ أَيْ الْحَمْلُ يَعْنِي وَضَعَتْهُ حَيًّا كَامِلًا فِي مُدَّةٍ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ بِأَنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ شَهْرٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ نَقْصٌ كُلَّ شَهْرٍ وَلَوْ جَاءَ بَعْضُهَا كَامِلًا فِي الْوَاقِعِ فَيَسْتَحِقُّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْمُقَرُّ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ خَفِيًّا، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ حَالَ الْإِقْرَارِ ظَاهِرًا ظُهُورًا لَا خَفَاءَ بِهِ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ وَضْعُهُ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةٍ فَيَلْزَمُ الْإِقْرَارُ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ أَيْ لَمْ يَكُنْ مُرْسَلًا عَلَيْهَا لِغَيْبَةٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ سِجْنٍ حَالَ الْإِقْرَارِ (فَلِأَكْثَرِهِ) أَيْ فَالْإِقْرَارُ لَازِمٌ لِمَنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرِ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ الْإِرْسَالِ عَلَيْهَا، وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَتَارَةً يَكُونُ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ فَإِنْ نَزَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُقَرُّ شَيْئًا بَطَلَ الْإِقْرَارُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَصَدَ الْهِبَةَ، وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ دَيْنِ أَبِيهِ، أَوْ وَدِيعَتِهِ كَانَ لِمَنْ يَرِثُ أَبَاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ نَظَرًا لِمُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ) أَيْ، وَالْإِقْرَارُ لِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ الْوَارِثَيْنِ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِمُسَاوَاةِ وَلَدِهَا لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ) أَيْ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهَا، وَهُوَ إرْثُ ابْنٍ (قَوْلُهُ، أَوْ؛ لِأَنَّ إلَخْ) أَيْ، أَوْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ مَقُولٍ فِي شَأْنِهِ إنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدُ مِنْهُ، وَأَقْرَبُ مِنْهُ فَهُوَ عَطْفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى كَإِقْرَارِهِ لِلْوَلَدِ، أَوْ لِلْمُتَوَسِّطِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَا الْأَقْرَبُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ لَا إلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ لَا أَنَّهَا عَلَى حَالِهَا، وَأَنَّ الْمَعْنَى لَا إنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُقَرَّ لَهُ مُسَاوِيًا وَأَقْرَبَ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا إلَخْ إذْ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ اعْتَمَدَ صِحَّةَ الِاقْتِصَارِ (قَوْلُهُ كَأَخِّرْنِي سَنَةً) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْمُسَاوِي، أَوْ الْأَقْرَبِ لَا يَلْزَمُ أَيْضًا إذَا وَعَدَ بِالْإِقْرَارِ إنْ أَخَّرَهُ، وَأَخَّرَهُ هَذَا وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ غَازِي عَنْ الِاسْتِغْنَاءِ هُوَ التَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي كَأَنْ يَقُولَ إنْ أَخَّرْتنِي لِسَنَةٍ أَقْرَرْت لَك بِمَا تَدْعِيهِ عَلَيَّ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لَفُهِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمُضَارِعِ بِالْأَوْلَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَرَجَعَ) أَيْ، وَإِذَا رَجَعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَ حَمْلٌ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ لِحَمْلٍ بِأَنْ قَالَ فِي ذِمَّتِي كَذَا لِحَمْلِ فُلَانَةَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأُمِّ الْحَمْلِ زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا حِينَ الْإِقْرَارِ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا حِينَ الْإِقْرَارِ لَزِمَ الْإِقْرَارُ لِلْمُقَرِّ إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا لِدُونِ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ يَوْمَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ، وَأَوْلَى لِأَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ أَمَدِهِ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا لِاحْتِمَالِ وُجُودِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَعَدَمُ وُجُودِهِ حِينَئِذٍ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْحَمْلُ حِينَ الْإِقْرَارِ خَفِيًّا فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا حِينَهُ لَزِمَ الْإِقْرَارُ وَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أُمُّ الْحَمْلِ لَيْسَ لَهَا حِينَ الْإِقْرَارِ زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا كَانَ الْإِقْرَارُ لَازِمًا إنْ وَلَدَتْهُ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَدُونَ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ الِاسْتِرْسَالِ عَلَيْهَا فَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ أَكْثَرَ أَمَدِ الْحَمْلِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ. (قَوْلُهُ إنْ وُطِئَتْ) أَيْ إنْ كَانَ وَطْؤُهَا مُمْكِنًا وَقَوْلُهُ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ وَطْئِهَا بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا غَيْرَ مَسْجُونٍ (قَوْلُهُ لِدُونِ أَقَلِّهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا، وَالْأَصْلُ وَوُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ، أَوْ لِدُونِ أَقَلِّهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ فَأَكْثَرَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِهِ، وَذَلِكَ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، أَوْ إلَّا ثَلَاثَةً، أَوْ إلَّا يَوْمَيْنِ، أَوْ سِتَّةٌ كَوَامِلُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلِأَكْثَرِهِ) أَيْ، وَهُوَ أَرْبَعُ سِنِينَ عَلَى الْمَنْصُوصِ هُنَا فَإِنْ جَاوَزَ الْأَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ اهـ. خش وَاَلَّذِي فِي عبق أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَكْثَرِهِ مِنْ كَوْنِهِ أَرْبَعًا، أَوْ خَمْسًا مِنْ السِّنِينَ جَارٍ هُنَا (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ) أَيْ، وَالْأَكْثَرُ مُعْتَبَرٌ مِنْ يَوْمٍ إلَخْ.

(وَسَوَّى) فِي قَسْمِ الْمُقَرِّ بِهِ (بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ) الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى (إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ) مِنْ الْمُقِرِّ بِأَنْ يَقُولَ أَعْطُوا الذَّكَرَ مِثْلَيْ الْأُنْثَى، أَوْ عَكْسَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ هُوَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمَا وَتَرِثُ الْأُمُّ مِنْهُ حِينَئِذٍ الثُّمُنَ، وَأَشَارَ لِصِيغَتِهِ، وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ (بِعَلَيَّ، أَوْ فِي ذِمَّتِي، أَوْ عِنْدِي، أَوْ أَخَذْت مِنْك وَلَوْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ) زَادَ إنْ (قَضَى) اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَ، أَوْ قَضَى؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ شَاءَ (أَوْ) يَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِشَيْءِ أَنْت (وَهَبْته لِي، أَوْ بِعْته) فَإِقْرَارٌ مِنْهُ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ، أَوْ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ حَلَفَ الْمُدَّعِي فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ مَا بَاعَ اتِّفَاقًا وَفِي حَلِفِهِ فِي الْهِبَةِ خِلَافٌ (أَوْ) قَالَ (وَفَّيْته) لَك أَيُّهَا الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ بِالْوَفَاءِ (أَوْ) قَالَ لِشَخْصٍ (أَقْرَضْتنِي) كَذَا فَإِقْرَارٌ مِنْهُ بِمُجَرَّدِهِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَمَا أَقْرَضْتنِي) مِائَةً (أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي) أَلْفًا مَثَلًا فَإِقْرَارٌ إنْ أَجَابَهُ بِقَوْلِ نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ وَلَا يَنْفَعُهُ الْجَحْدُ بَعْدَ ذَلِكَ (أَوْ) قَالَ لِمُدَّعٍ بِحَقٍّ (سَاهِلْنِي) أَيْ لَاطِفْنِي فِي الطَّلَبِ فَإِقْرَارٌ (أَوْ اتَّزِنْهَا مِنِّي) بِخِلَافِ اتَّزِنْ، أَوْ اتَّزِنْهَا وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي (أَوْ) قَالَ (لَا قَضَيْتُك الْيَوْمَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَنْفِيٌّ بِلَا فَهُوَ إقْرَارٌ إنْ قُيِّدَ بِالْيَوْمِ كَمَا قَالَ فَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَأَمَّا لَأَقْضِيَنك بِالْمُضَارِعِ الْمُؤَكَّدِ بِالنُّونِ فَإِقْرَارٌ مُطْلَقًا قَيَّدَ أَمْ لَا (أَوْ) قَالَ (نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ جَوَابًا لِأَلَيْسَ لِي عِنْدَك) كَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَسِوَى إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا أَقَرَّ لِحَمْلٍ سِوَى إلَخْ (قَوْلُهُ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ) أَيْ إنْ وُضِعَا حَيَّيْنِ، وَإِلَّا فَلِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَلَا شَيْءَ لِمَنْ وُضِعَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ (قَوْلُهُ وَتَرِثُ الْأُمُّ) أَيْ أُمُّ التَّوْأَمَيْنِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ قَالَ هُوَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمَا (قَوْلُهُ الثُّمُنُ) أَيْ إنْ كَانَتْ زَوْجَةً لِلْأَبِ وَارِثَةً احْتِرَازًا عَمَّا إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ، وَأَبَانَهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدُ وَحَصَلَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ بِعَلَيَّ) أَيْ كَعَلَيَّ أَلْفٌ لِفُلَانٍ، أَوْ فِي ذِمَّتِي لَهُ أَلْفٌ، أَوْ لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ، أَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْهُ أَلْفًا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْ فُنْدُقِ فُلَانٍ مِائَةً، أَوْ مِنْ حَمَّامِهِ، أَوْ مِنْ مَسْجِدِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ إقْرَارًا لِفُلَانٍ صَاحِبِ الْفُنْدُقِ، أَوْ الْحَمَّامِ، أَوْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَتَبَ فِي الْأَرْضِ إنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ لَزِمَهُ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَتَبَ فِي صَحِيفَةٍ، أَوْ لَوْحٍ، أَوْ خِرْقَةٍ، أَوْ نَقْشٍ فِي حَجَرٍ لَزِمَهُ مُطْلَقًا أَشْهَدَ أَمْ لَا وَلَوْ كَتَبَ فِي الْمَاءِ، أَوْ الْهَوَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ أَشْهَدَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِقْرَارِهِ اهـ. شب (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ، أَوْ إنْ أَرَادَ اللَّهُ، أَوْ إنْ يَسَّرَ اللَّهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ) أَيْ لَمَّا نَطَقَ بِالْإِقْرَارِ (قَوْلَاهُ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ بِالْمَشِيئَةِ فَمُرَادُهُ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ، وَأَدَاةُ الشَّرْطِ مُخْرِجَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ شِئْتُ ذَلِكَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ كَانَ مُجَوَّزًا أَنْ يَشَاءَ، وَأَنْ لَا يَشَاءَ وَقَدْ يَقُولُ ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا يَشَاءُ (قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ هَلْ تَتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ سَوَاءً كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي أَدُعِيَتْ فِيهِ الْهِبَةُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ أَمْ لَا، وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَائِزًا، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحِلَّ كَوْنِ دَعْوَى الْهِبَةِ، أَوْ الْبَيْعِ إقْرَارًا بِالشَّيْءِ إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْحِيَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا فَإِنْ مَضَتْ الْحِيَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَالَ الْمُدَّعِي إنَّهُ بَاعَ لِي، أَوْ وَهَبَ لِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فَفِي ح آخِرِ الشَّهَادَاتِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا حَازَ الرَّجُلُ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ مُدَّةً تَكُونُ الْحِيَازَةُ فِيهَا حَاصِلَةً وَادَّعَاهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ بِابْتِيَاعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ قَالَ ح عَقِبَهُ وَسَوَاءً ادَّعَى صَيْرُورَةَ ذَلِكَ مِلْكًا مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعِي، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ إلَيْهِ مِلْكًا مِنْ الْمُدَّعِي أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ وَفَّيْته لَك) أَيْ، أَوْ قَالَ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَفَّيْته لَك (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيَانُ الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَقْرَضْتنِي) أَيْ، أَوْ قَالَ لَهُ عِنْدَك كَذَا فَقَالَ أَقْرَضْتنِي إيَّاهُ فَهُوَ إقْرَارٌ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ إنْ أَجَابَهُ) أَيْ الْآخَرُ فِيهِمَا بِنَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ) أَيْ الْمُقِرَّ الْجَحْدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ جَوَابِ الْآخَرِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ الَّذِي هُوَ إجَابَةُ الْآخَرِ إنَّمَا يُحْتَاجُ لَهُ إذَا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ الْمُقِرِّ أَبْتِدَاءً، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ قَوْلُهُ أَقْرَضْتنِي وَمَا بَعْدَهُ جَوَابًا لِقَوْلِ الطَّالِبِ لِي عِنْدَك كَذَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِجَابَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إقْرَارٌ مُطْلَقًا قَالَ نَعَمْ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَفْيُ الْقَضَاءِ لِنَفْيِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ إلَخْ) ، وَذَلِكَ لِاتِّفَاقِ مَعْنَاهَا فِي الْعُرْفِ مِنْ أَنَّهَا إذَا أُجِيبَ بِهَا النَّفْيُ فَإِنَّهَا تُصَيِّرُهُ إيجَابًا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مَعْنَاهَا لُغَةً؛ لِأَنَّ بَلَى يُجَابُ بِهَا النَّفْيُ فَتُصَيِّرُهُ مُوجَبًا أَيْ إنَّهَا تُوجِبُ الْكَلَامَ الْمَنْفِيَّ أَيْ تُصَيِّرُهُ مُوجَبًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَنْفِيًّا، وَأَمَّا نَعَمْ فَإِنَّهَا تُقَرِّرُ مَا قَبْلَهَا مِنْ إيجَابٍ، أَوْ نَفْيٍ وَكَذَا أَجَلْ (قَوْلُهُ جَوَابًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ السِّتَّةِ

وَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ، بَلْ لِلسِّتَّةِ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ طَالَبَهُ بِحَقٍّ (لَيْسَ لِي مَيْسَرَةٌ) كَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ وَسَأَلَهُ الصَّبْرَ وَمِثْلُهُ أَنَا مُعْسِرٌ، أَوْ أَنْظِرْنِي (لَا) بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي (أُقِرُّ) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، بَلْ هُوَ وَعْدٌ بِهِ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ مَثَلًا (عَلَيَّ، أَوْ عَلَى فُلَانٍ) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ (أَوْ) قَالَ لَهُ فِي الْجَوَابِ (مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا مَا أُبْعِدُك مِنْهَا) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ (وَفِي) قَوْلِهِ لِلطَّالِبِ (حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهُهُ) كَحَتَّى يَقْدُمَ غُلَامِي، أَوْ اسْأَلْ مَنْ ذَكَرَ (أَوْ اتَّزِنْ، أَوْ خُذْ قَوْلَانِ) فِي كَوْنِهِ إقْرَارًا، أَوْ لَا وَمَحِلُّهُمَا مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقْرَارُ، أَوْ عَدَمُهُ كَالِاسْتِهْزَاءِ وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ (كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ أَظُنُّ، أَوْ عِلْمِي) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا أَظُنُّ، أَوْ ظَنِّي، وَأَمَّا فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ عِلْمِي فَإِقْرَارٌ قَطْعًا. (وَلَزِمَ) الْإِقْرَارُ (إنْ نُوكِرَ فِي) قَوْلِهِ لَك عَلَيَّ (أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي، بَلْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْأَلْفِ أَقَرَّ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِقْرَارُ كَمَا إذَا لَمْ يُنَاكِرْ (أَوْ) قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ (عَبْدٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) مِنْك وَقَالَ الْبَائِعُ، بَلْ قَبَضْته مِنِّي فَيَلْزَمُهُ الْمُقِرُّ بِهِ وَيُعَدُّ قَوْلُهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا (كَدَعْوَاهُ الرِّبَا) بَعْدَ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ رِبًا وَقَالَ الْمُدَّعَى، بَلْ مِنْ بَيْعٍ (وَأَقَامَ) الْمُقِرُّ (بَيِّنَةً) تَشْهَدُ لَهُ (أَنَّهُ) أَيْ إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ (رَابَاهُ) أَيْ رَابَى الْمُقِرَّ (فِي أَلْفٍ) فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَابَاهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ (لَا إنْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارٍ الْمُدَّعِي) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ (أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا الرِّبَا) فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهِيَ قَوْلُهُ سَاهِلْنِي وَمَا بَعْدَهُ جَوَابًا لِأَلَيْسَ لِي عِنْدَك كَذَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ أَلَيْسَ لِي عِنْدَك كَذَا رَاجِعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ أَنْظِرْنِي) أَيْ، أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهَا، أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَك يَأْخُذُهَا (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي أُقِرُّ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ لَهُ لِي عِنْدَك كَذَا فَقَالَ أُقِرُّ لَك بِهَا فَهُوَ وَعْدٌ بِالْإِقْرَارِ لَا إقْرَارٌ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَا أُقِرُّ بِهَا فَلَيْسَ إقْرَارًا قَطْعًا وَلَا وَعْدًا بِهِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك مِائَةٌ فَسَكَتَ فَقَدْ ذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِي كَوْنِ السُّكُوتِ إقْرَارًا، أَوْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَأَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَذَكَرَ ح أَنَّ مِمَّا لَيْسَ إقْرَارًا إذَا قَالَ لَهُ لِي عِنْدَك عَشْرَةٌ فَقَالَ، وَأَنَا الْآخَرُ لِي عِنْدَك عَشْرَةٌ، وَهُوَ مُسْتَغْرَبٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَعْنَاهُ، وَأَنَا أَكْذِبُ عَلَيْك بِأَنَّ لِي عِنْدَك عَشْرَةً كَمَا كَذَبْت عَلَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَيْ وَيَحْلِفُ وَسَوَاءً كَانَ فُلَانٌ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ، وَهُوَ كَالْعَجْمَاءِ فِي فِعْلِهِ فَيُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَيْ إنْ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَانِيهِمَا وَكَذَا عَلَى أَوَّلِهِمَا إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ، بَلْ الْإِنْكَارَ، وَالتَّهَكُّمَ (قَوْلُهُ وَفِي قَوْلِهِ) أَيْ جَوَابًا لِلطَّالِبِ الَّذِي قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي عِنْدَك (قَوْلُهُ، أَوْ اسْأَلْ مَنْ ذَكَرَ) أَيْ، أَوْ حَتَّى تَأْتِيَتِي فَائِدَةٌ أَوْ رِبْحٌ. (قَوْلُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقْرَارُ، أَوْ عَدَمُهُ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ إقْرَارًا اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ وَغَيْرَ إقْرَارٍ اتِّفَاقًا فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ قَطْعًا) أَيْ، وَأَمَّا أَشُكُّ، أَوْ أُتَوَهَّمُ، أَوْ فِي شَكِّي، أَوْ، وَهْمِي فَلَا يَلْزَمُهُ إقْرَارٌ اتِّفَاقًا وَعَلَى مَا أَفَادَهُ النَّقْلُ تَكُونُ الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةً قِسْمٌ يَكُونُ إقْرَارًا قَطْعًا، وَهُوَ فِيمَا أَعْلَمُ وَفِي عِلْمِي وَقِسْمٌ لَيْسَ إقْرَارًا قَطْعًا، وَهُوَ فِيمَا أَشُكُّ، أَوْ أُتَوَهَّمُ، أَوْ فِي شَكِّي، أَوْ، وَهْمِي وَقِسْمٌ فِيهِ الْخِلَافُ، وَهُوَ فِيمَا أَظُنُّ، أَوْ فِي ظَنِّي هَذَا وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وعج مِنْ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ فِي عِلْمِي فَقَدْ رَدَّهُ طفى بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْعِلْمِ فِيهِ شَائِبَةُ الشَّكِّ وَلِذَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي أَيْمَانِ الْبَتِّ وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ مُطْلَقٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ إنْ نُوكِرَ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي، بَلْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) أَيْ مُنْكِرًا أَنَّهَا مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ) أَيْ فَيُعَدُّ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ نَدَمًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى حَالُ الْمُقِرِّ مِنْ كَوْنِهِ يَتَعَاطَى الْخَمْرَ أَمْ لَا بِحَيْثُ يُقَالُ إنْ كَانَ يَتَعَاطَى الْخَمْرَ صُدِّقَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَاطَاهُ فَلَا يُصَدَّقُ، بَلْ مَتَى نُوكِرَ لَزِمَ الْإِقْرَارُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهَا مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ إذَا نَاكَرَ سَوَاءً كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا أَنَّهَا لَيْسَتْ ثَمَنَ خَمْرٍ وَيَأْخُذُ الْأَلْفَ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِقْرَارُ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُقَرَّ لَهُ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا كَانَ لَهُ قِيمَةُ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا لَمْ يُنَاكِرْ) أَيْ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ إذَا لَمْ يُنَاكِرْ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ، بَلْ صَدَّقَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا كَانَ لَهُ قِيمَةُ الْخَمْرِ مِثْلُ مَا إذَا نَاكِر وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَيُعَدُّ قَوْلُهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا) إنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمُثَمَّنِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا قُلْت إنَّ الْإِقْرَارَ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ كَالْأَشْهَادِ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَقَدْ سَبَقَ لِلْمُصَنِّفِ، وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ مُثَمَّنِهِ (قَوْلُهُ كَدَعْوَاهُ الرِّبَا) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْإِقْرَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِهَا وَقَالَ عَقِبَ إقْرَارِهِ هِيَ مِنْ رِبًا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ فَلَا تُفِيدُهُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ شَيْئًا وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ) أَيْ لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا الْمَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ رَأْسُ الْمَالِ فَقَطْ أَخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.

(أَوْ) قَالَ فِي إقْرَارِهِ (أَشْتَرَيْت) مِنْك (خَمْرًا بِأَلْفٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ) قَالَ (اشْتَرَيْت) مِنْك (عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي عَبْدٍ غَائِبٍ لِيَكُونَ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ فَتَأَمَّلْهُ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِشَيْءٍ (أَقْرَرْت بِكَذَا، وَأَنَا صَبِيٌّ) وَقَالَهُ نَسَقًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يُثْبِتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَهُوَ بَالِغٌ (كَأَنَا مُبَرْسَمٌ) أَيْ قَالَ أَقْرَرْت لَك بِهِ، وَأَنَا مُبَرْسَمٌ لَمْ يَلْزَمْهُ (إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْبِرْسَامُ لَهُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْجُنُونِ (أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا) لِمَنْ سَأَلَهُ إعَارَتَهُ، أَوْ شِرَاءَهُ وَكَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ كَكَوْنِهِ ذَا وَجَاهَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ إنْ ادَّعَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِهِ (أَوْ) أَقَرَّ (بِقَرْضٍ شُكْرًا) كَقَوْلِهِ جَزَى اللَّهُ فُلَانًا خَيْرًا أَقْرَضَنِي مِائَةً وَقَضَيْتهَا لَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا، أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّكْرِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا خِلَافَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الذَّمِّ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ مِنْهُ عَدَمَ لُزُومِ الْإِقْرَارِ وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالذَّمِّ عَلَى الْأَرْجَحِ لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ. (وَقِيلَ) عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُلُولِ الدَّيْنِ وَتَأْجِيلِهِ (أَجَلُ مِثْلِهِ) ، وَهُوَ الْأَجَلُ الْقَرِيبُ الَّذِي لَا يُتَّهَمُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ عَادَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ (فِي بَيْعٍ) فَاتَتْ فِيهِ السِّلْعَةُ، وَإِلَّا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَا يُنْظَرُ لِشُبَهٍ فَإِنْ اُتُّهِمَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ (لَا) فِي (قَرْضٍ) ، بَلْ الْقَوْلُ لِلْمُقْرِضِ أَنَّهُ عَلَى الْحُلُولِ بِيَمِينِهِ حَصَلَ فَوْتٌ أَمْ لَا حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا عُرْفَ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَمَا قَدَّمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك خَمْرًا بِأَلْفٍ) أَيْ، أَوْ قَالَ لِمَنْ طَلَب مِنْهُ حَقًّا عَلَيْهِ اشْتَرَيْت مِنْك خَمْرًا بِأَلْفٍ، أَوْ عَبْدًا وَلَمْ أَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ بَحْثٌ) هَذَا الْبَحْثُ لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي التَّعْلِيلِ الشِّرَاءُ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ إلَّا بِالْقَبْضِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ فَذِمَّتُهُ تَتَعَمَّرُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عِمَارَتُهَا عَلَى الْقَبْضِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ أَقْرَرْت بِكَذَا، وَأَنَا صَبِيٌّ) أَيْ، أَوْ نَائِمٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَيْثُ قَالَهُ نَسَقًا وَلَمْ تُكَذِّبْهُ الْبَيِّنَةُ وَكَذَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت بِكَذَا قَبْلَ أَنْ أَحْلِفَ حَيْثُ قَالَهُ نَسَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا خَارِجٌ مَخْرَجَ الِاسْتِهْزَاءِ فَلَوْ قَالَ أَقْرَرْت بِأَلْفٍ وَلَمْ أَدْرِ أَكُنْت صَبِيًّا، أَوْ بَالِغًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ بَالِغٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَكُنْت عَاقِلًا أَمْ لَا فَيَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَقْلُ حَتَّى يَثْبُتَ انْتِفَاؤُهُ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ ح (قَوْلُهُ، أَوْ أَقَرَّ) أَيْ بِأَنَّ الْكِتَابَ لِفُلَانٍ اعْتِذَارًا لِمَنْ سَأَلَهُ إعَارَتَهُ، أَوْ شِرَاءَهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ كَكَوْنِهِ ذَا وَجَاهَةٍ) أَيْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ، أَوْ يُخَافُ مِنْهُ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ اعْتِذَارًا فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِمِلْكِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعْتَذَرُ لَهُ لِرَذَالَتِهِ فَإِنْ الْمُقَرَّ لَهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْقَيْدِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الَّذِي فِي السَّمَاعِ وَابْنِ رُشْدٍ الْإِطْلَاقُ فَمَتَى أَقَرَّ اعْتِذَارًا فَلَا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ أَمْ لَا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى ثُبُوتِ الِاعْتِذَارِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ بِأَنْ مَاتَ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ اهـ. بْن قَالَ عج وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلسُّلْطَانِ هَذِهِ الْأَمَةُ وَلَدَتْ مِنِّي، وَهَذَا الْعَبْدُ مُدَبَّرٌ لِئَلَّا يَأْخُذَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا شَهَادَةَ فِيهِ وَمِثْلُهُ مَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ حِمَايَةً كَأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ سَفِينَةٍ، أَوْ فَرَسٍ عِنْدَ إرَادَةِ ذِي شَوْكَةٍ أَخْذَهَا أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَيُرِيدُ شَخْصًا يَحْمِي مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ ذَمًّا) أَيْ مِثْلُ قَبَّحَ اللَّهُ فُلَانًا أَقْرَضَنِي مِائَةً وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى وَفَّيْته، أَوْ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ مِائَةً وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى قَضَيْته لَا جَزَاهُ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمَ لُزُومِ الْإِقْرَارِ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ فِي الذَّمِّ حَتَّى قَضَيْته يُعَدُّ نَدَمًا وَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ) أَيْ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَإِنْ أَقَرَّ بِقَرْضٍ لَا عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ وَلَا عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ تَسَلَّفَ مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ الْمُعَامَلَةِ لِيَوْمِ الْمَوْتِ لَمْ يَنْفَعْهُ قَوْلُهُ قَضَيْته إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ زَمَانُ ذَلِكَ طَوِيلًا حَلَفَ الْمُقِرُّ وَبَرِئَ. (قَوْلُهُ وَقَبْلَ أَجَلِ مِثْلِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ بَيْعٍ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ، وَأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةً بِالتَّأْجِيلِ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ عَدَمَ التَّأْجِيلِ أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِشَيْءٍ فَإِنْ ادَّعَى الْمُقِرُّ أَجَلًا قَرِيبًا يُشْبِهُ أَنْ تُبَاعَ السِّلْعَةُ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَى أَجَلًا بَعِيدًا مُسْتَنْكَرًا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ، وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَلَا لِعَدَمِهِ هَذَا مُحَصَّلُ الْفِقْهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِلْعُرْفِ، وَأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى الْمُقِرُّ أَجَلًا يُشْبِهُ أَنْ تُبَاعَ السِّلْعَةُ لِمِثْلِهِ بِالدَّيْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَ التَّأْجِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ أَجَلُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الدَّيْنِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اُتُّهِمَ الْمُبْتَاعُ) أَيْ فِي الْأَجَلِ الَّذِي ادَّعَاهُ بِأَنْ كَانَ بَعِيدًا مُسْتَنْكَرًا (قَوْلُهُ لَا فِي قَرْضٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ قَرْضٍ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ، وَأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ

وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ، بَلْ قَبُولُهُ فِي الْقَرْضِ أَقْرَبُ، وَأَحْرَى مِنْ قَبُولِهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْحُلُولُ وَفِي الْقَرْضِ التَّأْجِيلُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ الْحَطَّابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَا شَكَّ فِيهِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (و) قَبْلَ (تَفْسِيرِ أَلْفٍ) مَثَلًا (فِي كَأَلْفٍ وَدِرْهَمٍ) وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِ الْأَلْفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ إنْ اتَّهَمَهُ، أَوْ خَالَفَهُ وَيُلَاحَظُ دُخُولُ الْكَافِ عَلَى دِرْهَمٍ أَيْضًا. (وَ) قُبِلَ قَوْلُهُ لَهُ عِنْدِي (خَاتَمٌ فَصُّهُ لِي) ، أَوْ أَمَةٌ وَلَدُهَا لِي، أَوْ جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا لِي وَكَذَا بَابٌ مِسْمَارُهُ لِي وَجُبَّةٌ لُحْمَتُهَا لِي مِمَّا صَدَقَ الِاسْمُ فِيهِ عَلَى الْمَجْمُوعِ إذَا قَالَ ذَلِكَ (نَسَقًا) بِلَا فَصْلٍ (إلَّا فِي غَصْبٍ) كَغَصَبْتُ مِنْهُ هَذَا الْخَاتَمَ وَفَصُّهُ لِي (فَقَوْلَانِ) الرَّاجِحُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ قَالَ وَلَوْ فِي غَصْبٍ لَمَشَى عَلَى الرَّاجِحِ (لَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي) قَوْلِهِ (لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ) شَيْءٌ، أَوْ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ (أَوْ) مِنْ هَذِهِ (الْأَرْضِ كَفَى) أَيْ كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ إذَا قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ إلَخْ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَفِي وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ مِمَّا ذُكِرَ سَوَاءً كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْجِذْعِ وَنَحْوِهِ فِي دُونِ مِنْ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَفِي لِلظَّرْفِيَّةِ. (وَ) لَزِمَهُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي (مَالٌ) وَسَوَاءً قَالَ عَظِيمٌ أَمْ لَا (نِصَابٌ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ نِصَابُ زَكَاةٍ لَا سَرِقَةٍ (، وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ) أَيْ الْمَالِ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ، أَوْ حَبَّةٍ، أَوْ دِرْهَمٍ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَشُبِّهَ فِي التَّفْسِيرِ أَيْ فِي قَبُولِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بَيْنَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَرْضِ الْحُلُولُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ وَلَوْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ) أَيْ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ، بَلْ قَبُولُهُ) أَيْ قَوْلِ الْمُقِرِّ إذَا ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا فِي الْقَرْضِ أَقْرَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُجَرَّدُ بَحْثٍ، وَإِنْ ارْتَضَاهُ ح (قَوْلُهُ وَقَبْلَ تَفْسِيرِ أَلْفٍ) أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ، أَوْ لَهُ أَلْفٌ وَعَبْدٌ، أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَبْهَمَ فِي الْأَلْفِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِأَيِّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ سَوَاءً فَسَّرَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، أَوْ دِرْهَمٍ، أَوْ حَدِيدٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ حِمَارٍ وَلَا يَكُونُ الْمَعْطُوفُ مُفَسِّرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا) أَيْ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْخَاتَمُ دُونَ الْفَصِّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ فَصُّهُ لِي، أَوْ وَلَدُهَا لِي بَعْدَ مُهْلَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْفَصَّ، أَوْ الْوَلَدَ لَهُ وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ الْخَاتَمَ بِفَصِّهِ، وَالْجَارِيَةَ مَعَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ كَغَصَبْتُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ وَفَصُّهُ لِي) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) أَيْ فِي تَصْدِيقِهِ فِي الْغَصْبِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ قَبُولُهُ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي أَنَّ الْفَصَّ لَهُ (قَوْلُهُ لَا بِجِذْعٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الدَّارِ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، أَوْ فِيهَا، ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الْحَقَّ، أَوْ الْقَدْرَ بِجِذْعٍ، أَوْ بِبَابٍ مِنْهَا فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ، أَوْ الْأَرْضِ كَالرُّبُعِ، أَوْ الثُّمُنِ، أَوْ النِّصْفِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ كَمَا هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْجِذْعِ، وَالْبَابِ عِنْدَ التَّعْبِيرِ بِفِي؛ لِأَنَّهَا لِلظَّرْفِيَّةِ وَلَا يُقْبَلُ عِنْدَ التَّعْبِيرِ بِمِنْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ) يَعْنِي شَيْءٌ، أَوْ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ) أَيْ لِلشَّيْءِ، وَالْحَقِّ، وَالْقَدْرِ فِي الدَّارِ، وَالْأَرْضِ بِالْجِذْعِ، وَالْبَابِ إذَا قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ إلَخْ) أَيْ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ حَقٌّ، أَوْ شَيْءٌ، أَوْ قَدْرٌ (قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الدَّارِ، أَوْ مِنْ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءً قَالَ عَظِيمٌ أَمْ لَا) نَحْوُهُ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذْ قَالَ عِنْدِي مَالٌ عَظِيمٌ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ نِصَابُ الزَّكَاةِ نِصَابُ السَّرِقَةِ يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَى النِّصَابِ اللَّازِمِ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِعَظِيمٍ وَيُرْجَعُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِتَفْسِيرِهِ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ، وَالْخَامِسُ يُؤْمَرُ بِتَفْسِيرِهِ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِمَالِ أَهْلِ الْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ التَّحَالُفِ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفِضَّةِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَاشِيَةِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَبِّ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهُ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ، وَالْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ، وَالْحَبُّ، أَوْ ثَلَاثَةٌ مَثَلًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَنْصِبَاءِ قِيمَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ وَلِذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ نِصَابٌ لَزِمَهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِنِصَابِ الزَّكَاةِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّصَابِ نِصَابُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الْمَالَ عَلَى نِصَابِ الزَّكَاةِ فَقَالَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] فَعَنَى بِالْأَمْوَالِ النِّصَابَاتِ، وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ نِصَابِ الزَّكَاةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِالْمَالِ نِصَابُ السَّرِقَةِ، وَهُوَ رُبُعُ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ مِنْ الْعُرُوضِ وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُلْزَمُ بِتَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ، وَالْأَحْسَنُ) أَيْ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ تَفْسِيرُهُ فَإِنْ فَسَّرَهُ فَلَا كَلَامَ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَ بِهِ مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ فَإِنْ أَبَى سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ، أَوْ حَبَّةٍ، أَوْ دِرْهَمٍ) فَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ حَلَفَ الْمُقِرُّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ

مَشْهُورًا بِقَوْلِهِ (كَشَيْءٍ وَكَذَا) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي، أَوْ فِي ذِمَّتِي شَيْءٌ، أَوْ لَهُ كَذَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ تَفْسِيرُهُ بِيَمِينٍ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ كَامِلٍ بِأَنْ قَالَ هُوَ نِصْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا (وَسُجِنَ لَهُ) أَيْ لِلتَّفْسِيرِ أَيْ لِأَجْلِهِ إذَا لَمْ يُفَسِّرْ (وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ) يُقْبَلُ تَفْسِيرُ النَّيِّفِ بِيَمِينٍ وَلَوْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ، وَالنَّيِّفُ يُشَدَّدُ وَيُخَفَّفُ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ، وَأَمَّا الْبِضْعُ بِالْكَسْرِ فَمِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ (وَسَقَطَ) شَيْءٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (فِي) قَوْلِهِ عِنْدِي (كَمِائَةٍ وَشَيْءٍ) وَكَذَا إذَا قُدِّمَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ مَعَ مَعْلُومٍ بِخِلَافِهِ مُفْرَدًا كَمَا مَرَّ وَقَيَّدَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ السُّقُوطَ بِمَا إذَا مَاتَ الْمُقِرُّ، أَوْ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ. (وَ) إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (كَذَا دِرْهَمًا) بِالنَّصْبِ لَزِمَهُ (عِشْرُونَ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ غَيْرَ الْمَرْكَبِ مِنْ عِشْرِينَ إلَى تِسْعِينَ إنَّمَا يُمَيَّزُ بِالْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ، وَهُوَ أَقَلُّهُ وَيَلْغَى الْمَشْكُوكُ فَإِنْ رَفَعَهُ، أَوْ وَقَفَ بِسُكُونِ الْمِيمِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ إذْ الْمَعْنَى هُوَ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ، أَوْ بَيَانٌ لِكَذَا، أَوْ خَبَرٌ عَنْ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَوْ خَفَضَهُ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَلَوْ جَمَعَهُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ نَحْوِيًّا، وَإِلَّا طُلِبَ مِنْهُ التَّفْسِيرُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى قَانُونِ اللُّغَةِ الْفُصْحَى وَلِذَا قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا، بَلْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (وَ) لَزِمَهُ فِي (كَذَا وَكَذَا) بِالْعَطْفِ (أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) كَرَّرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ فِي الْعَدَدِ مِنْ أُحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ، وَهُوَ مَبْدَؤُهَا (وَ) فِي (كَذَا وَكَذَا) بِلَا عَطْفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِلُزُومِ تَفْسِيرِهِ الْمَالَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّفْسِيرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ مَشْهُورًا) أَيْ قَوْلًا مَشْهُورًا وَمُقَابِلُهُ بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ) كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ لَا يُفَسَّرُ إلَّا بِوَاحِدٍ كَامِلٍ فَأَكْثَرَ وَمَحِلُّ حَلِفِ الْمُقِرِّ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِلتَّفْسِيرِ) أَيْ لِتَفْسِيرِ الشَّيْءِ وَكَذَا بِدُونِ مُمَيِّزٍ، وَإِذَا حُبِسَ لِلتَّفْسِيرِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُفَسِّرَ (قَوْلُهُ وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ) أَيْ فَإِذَا قَالَ عَلَيَّ عَشْرَةٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَيِّفٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ النَّيِّفَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ أَيْ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَمِثْلُ مَا إذَا عَطَفَ النَّيِّفَ كَالْمِثَالِ مَا إذَا أَفْرَدَهُ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ نَيِّفٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَيَلْزَمُهُ تَفْسِيرُهُ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لَهُ بِدِرْهَمٍ كَامِلٍ وَبِأَقَلَّ وَبِأَكْثَرَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ النَّيِّفَ الْكَسْرُ مُطْلَقًا سَوَاءً أَفْرَدَ، أَوْ عَطَفَ (قَوْلُهُ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ الْكَامِلِ كَمَا قِيلَ وَقِيلَ إنَّهُ مُطْلَقٌ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ وَلَوْ كَسْرًا وَعَلَى هَذَا فَيُقْبَلُ مِنْهُ تَفْسِيرُ النَّيِّفِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْوَاحِدِ الْكَامِلِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ) أَيْ بِكَسْرِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ شَيْءٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ وَشَيْءٌ، أَوْ مِائَةٌ وَشَيْءٌ، أَوْ أَلْفٌ وَشَيْءٌ فَإِنَّ الشَّيْءَ الزَّائِدَ عَلَى الْجُمْلَةِ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي) أَيْ إنَّ مَا يَأْتِي قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ سَقَطَ ضَمِيرُ الشَّيْءِ لَا ضَمِيرُ الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قُدِّمَ شَيْءٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَمِائَةٌ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا قَوْلُ بْن وَجْهُ السُّقُوطِ فِي لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَشَيْءٌ مَثَلًا كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالتَّوْضِيحُ أَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا يُقَالُ مِائَةٌ وَشَيْءٌ إذَا أُرِيدَ تَحْقِيقُ الْمِائَةِ أَيْ إنَّهَا مِائَةٌ كَامِلَةٌ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ رَجُلٌ وَنِصْفُ أَيْ كَامِلٌ فِي الرُّجُولِيَّةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرِفَ بِذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ وَوَجَبَ تَفْسِيرُهُ اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي تَأْخِيرِ شَيْءٍ لَا فِي تَقْدِيمِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ مُفْرَدًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ مُفْرَدًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا شَيْئًا اُعْتُبِرَ الشَّيْءُ وَطُولِبَ بِتَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ السُّقُوطَ) أَيْ سُقُوطَ الشَّيْءِ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ سُؤَالُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ السُّقُوطِ مُطْلَقًا وَلَوْ وُجِدَ الْمُقِرُّ، وَأَمْكَنَ تَفْسِيرُهُ، وَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مُقَابِلٌ لَا تَقْيِيدٌ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ عِشْرُونَ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهَا أَيْ كَذَا سَوَاءً كَانَتْ مُفْرَدَةً وَنُصِبَ تَمْيِيزُهَا، أَوْ رُفِعَ، أَوْ خُفِضَ، أَوْ كُرِّرَتْ بِدُونِ عَطْفٍ، أَوْ مَعَ عَطْفٍ، وَهُوَ أَلْيَقُ بِأُصُولِ الْمَذْهَبِ لِبِنَاءِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْعُرْفِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْرِفُ مَا ذُكِرَ اهـ. بْن. (قَوْلُهُ وَيُلْغَى الشُّكُوكُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهُ لَكِنْ يَحْلِفُ عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ الْعِشْرِينَ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مِائَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ عَدَدٍ، وَأَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْمُفْرَدِ الْمَجْرُورِ الْمِائَةُ لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا لُزُومُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ خَالَفَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إنْ وَافَقَ الْعُرْفُ اللُّغَةَ فَذَاكَ، وَإِنْ تَخَالَفَا فَإِنْ فَسَّرَ الْمُقِرُّ كَلَامَهُ بِمَا يُوَافِقُ الْعُرْفَ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْجَمْعِ مَجْرُورًا الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ لُزُومُ الْعِشْرِينَ إذَا نَصَبَ الدِّرْهَمَ الْمُمَيِّزَ لِكَذَا وَلُزُومُ الْوَاحِدِ إذَا رَفَعَهُ، أَوْ وَقَفَ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَلُزُومُ الْمِائَةِ إذَا خَفَضَهُ وَلُزُومُ الثَّلَاثَةِ إذَا جَمَعَهُ وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ أَيْ الْمُقِرُّ نَحْوِيًّا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى قَانُونِ اللُّغَةِ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْجَرِّ الْعُرْفُ يُلْزِمُهُ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَمُقْتَضَى اللُّغَةِ يُلْزِمُهُ مِائَةً (قَوْلُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) فَلَوْ

(أَحَدَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ إذْ الْعَدَدُ الْمُرَكَّبُ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إلَى تِسْعَةَ عَشْرَ فَيَلْغَى الْمَشْكُوكُ (وَ) فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (بِضْعٌ، أَوْ دَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ) وَلَوْ قَالَ بِضْعَةَ عَشَرَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (كَثِيرَةٌ) لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَ أَوَّلُ مَبَادِئِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ) ، أَوْ عَكْسَهُ لَزِمَهُ (أَرْبَعَةٌ) لِحَمْلِ الْكَثْرَةِ الْمَنْفِيَّةِ عَلَى ثَانِي مَرَاتِبِهَا، وَهُوَ الْخَمْسَةُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ (الْمُتَعَارَفُ) بَيْنَ النَّاسِ وَلَوْ نُحَاسًا كَمَا فِي عُرْفِ مِصْرَ (وَإِلَّا) يَكُنْ عُرْفٌ بِشَيْءٍ (فَالشَّرْعِيُّ) يَلْزَمُهُ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ، أَوْ نَاقِصٌ (قَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ خَالِصٌ، أَوْ كَامِلٌ (إنْ وَصَلَ) ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ بِعَارِضٍ كَعُطَاسٍ بِخِلَافِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ، أَوْ رَدَّهُ فَيَضُرُّ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي (دِرْهَمٌ) مَثَلًا (مَعَ دِرْهَمٍ، أَوْ تَحْتَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَوْقَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ عَلَيْهِ) دِرْهَمٌ، أَوْ (قَبْلَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ بَعْدَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَدِرْهَمٌ، أَوْ، ثُمَّ دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ (دِرْهَمَانِ) فِي كُلِّ صُورَةٍ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ (وَسَقَطَ) الدِّرْهَمُ الْمُقَرُّ بِهِ أَوَّلًا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، بَلْ (فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (لَا، بَلْ دِينَارَانِ) ، أَوْ دِينَارٌ، أَوْ دِرْهَمَانِ وَكَانَ الْأَوْلَى النَّصُّ عَلَى هَذِهِ الْأَخِيرَةِ لِفَهْمِ مَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَذَفَ لَا وَاقْتَصَرَ عَلَى، بَلْ (وَدِرْهَمُ دِرْهَمٍ) بِالْإِضَافَةِ وَيُحْتَمَلُ رَفْعُهُمَا (أَوْ بِدِرْهَمٍ) لَزِمَهُ (دِرْهَمٌ) لِحَمْلِ الْإِضَافَةِ فِي الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQكَرَّرَ كَذَا ثَالِثَةً فَاسْتَظْهَرَ التَّأْكِيدَ (قَوْلُهُ أَحَدَ عَشَرَ) فَإِنْ جَرَّ التَّمْيِيزَ فَثَلَثُمِائَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ مُعْطِي وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ أَصْلَ سَحْنُونٍ التَّفْسِيرُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَفِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ بِضْعٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِتِسْعَةٍ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ (قَوْلُهُ، أَوْ دَرَاهِمَ) أَيْ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ كَثْرَةٍ إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ مُسَاوَاتُهُ لِجَمْعِ الْقِلَّةِ فِي الْمَبْدَأِ، وَالذِّمَّةُ لَا تُلْزَمُ إلَّا بِمُحَقَّقٍ، وَالْمُحَقَّقُ مِنْ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَأَيْضًا مَحَلُّ افْتِرَاقِ مَبْدَئِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حَيْثُ كَانَ لِكُلِّ صِيغَةٍ، وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَكَثِيرَةٌ) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَضْعِيفٌ لِأَقَلِّ الْجَمْعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ عَلَى ثَانِي مَرَاتِبِهَا) ، وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَيْ لَا عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهَا، وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَافِيًا لَهَا بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَةٌ وَمُثْبِتًا لَهَا ثَانِيًا بِقَوْلِهِ وَلَا قَلِيلَةً؛ لِأَنَّ وَلَا قَلِيلَةً تُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِ الْقِلَّةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْكَثْرَةِ بِالْأَرْبَعَةِ فَلَوْ جُعِلَ نَافِيًا لَهَا لَزِمَ التَّنَاقُضُ، وَأَفْعَالُ الْعُقَلَاءِ تُصَانُ عَنْ مِثْلِ هَذَا (قَوْلُهُ كَمَا فِي عُرْفِ مِصْرَ) أَيْ فَإِنَّ الْمُتَعَارَفَ فِيهَا أَنَّ الدِّرْهَمَ اسْمٌ لِلْجُدُدِ النُّحَاسِ وَعُرْفُ الشَّامِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ الْفِضَّةِ مَا يَعْدِلُهُ سِتَّةُ جُدُدٍ مِنْ الْفُلُوسِ النُّحَاسِ. (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ يَلْزَمُهُ) أَيْ، وَهُوَ مِنْ الْفِضَّةِ وَزْنُ خَمْسِينَ وَخُمُسَيْ حَبَّةٍ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الشَّرْعِيِّ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ تَبَعًا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ وَلَا أَعْرِفُهُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ إنْ خَالَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَى أَكْثَرَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَابْنَ غَازِيٍّ اهـ. بْن. (قَوْلُهُ قَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ مَغْشُوشٌ وَنَاقِصٌ سَوَاءً جَمَعَهُمَا، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ خَالِصٌ، أَوْ كَامِلٌ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي قَدْرِ النَّقْصِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلدِّرْهَمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشَّرْعِيِّ وَكَذَا فِي الْمُتَعَارَفِ إنْ كَانَ النَّقْصُ، وَالْغِشُّ يَجْرِيَانِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمُقَرِّ بِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دِرْهَمًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ إنْ وَصَلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ نَاقِصٌ، أَوْ مَغْشُوشٌ وَقَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ كَعُطَاسٍ) أَيْ، أَوْ تَثَاؤُبٍ، أَوْ انْقِطَاعِ نَفَسٍ، أَوْ إغْمَاءٍ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ) أَيْ، وَأَوْلَى لَوْ فَصَلَهُ لَا بِشَيْءٍ أَصْلًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَغْشُوشٌ وَلَا نَاقِصٌ، وَهَذَا فِي إقْرَارٍ بِغَيْرِ أَمَانَاتٍ، وَأَمَّا بِهَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْغِشَّ، وَالنَّقْصَ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَالَ النَّاصِرُ نَحْوَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَدِيعَةً وَوَقَفَ، ثُمَّ قَالَ مَغْشُوشٌ، أَوْ نَاقِصٌ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ أَمِينٌ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ) كَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ دِرْهَمٌ تَحْتَ دِرْهَمٍ مَعْنَاهُ دِرْهَمٌ فِي مُقَابَلَةِ دِرْهَمٍ أَخَذْته مِنْك، وَإِلَّا كَانَ اللَّازِمُ دِرْهَمًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، بَلْ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ عَلَى لَفْظِ، بَلْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا، بَلْ دِينَارَانِ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ يَسْقُطُ وَيَلْزَمُهُ الدِّينَارَانِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ، بَلْ نَقَلَتْ حُكْمَ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي وَلَا لِلتَّأْكِيدِ عَلَى مَذْهَبِ جُمْهُورِ النُّحَاةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ أَنْ لَا لِنَفْيِ مَا قَبْلَهَا وَبَلْ لِإِثْبَاتِ مَا بَعْدَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَضْرَبَ لِأَزْيَدَ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ، أَوْ لَا كَالْمِثَالِ سَقَطَ الْمُقَرُّ بِهِ، أَوْ لَا مُطْلَقًا سَوَاءً وَصَلَ الْإِضْرَابَ بِالْمُقَرِّ بِهِ، أَوَّلًا أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا أَضْرَبَ لِأَقَلَّ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ، بَلْ دِرْهَمٌ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ، بَلْ نِصْفُهُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَوَّلُ إلَّا إذَا وَصَلَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ سَحْنُونٍ، وَأَمَّا إذَا أَضْرَبَ لِمُسَاوٍ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ، بَلْ دِينَارٌ فَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُهُ أَحَدُ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَقَطْ لِحَمْلِ الصِّيغَةِ عَلَى شَبَهِ التَّكْرَارِ اللَّفْظِيِّ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَةِ الْإِضْرَابِ فِيهِمَا، أَوْ يَلْزَمُهُ الْمُتَعَاطِفَانِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ، بَلْ حَيْثُ أَضْرَبَ بِهَا لِمُسَاوٍ كَالْفَاءِ، وَالْوَاوِ فِي كَوْنِهَا لِمُجَرَّدِ

عَلَى أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ، وَالرَّفْعُ عَلَى التَّوْكِيدِ وَلِحَمْلِ الْبَاءِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى السَّبَبِيَّةِ، أَوْ الظَّرْفِيَّةِ أَيْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بِسَبَبِ دِرْهَمٍ، أَوْ فِي نَظِيرِ دِرْهَمٍ عَامَلَنِي بِهِ (وَحَلَفَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (مَا أَرَادَهُمَا) لِاحْتِمَالِ حَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي الْأُولَى وَكَوْنِ الْبَاءِ لِلْمَعِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ قَوْلُهُ (كَإِشْهَادٍ فِي ذُكْرٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَثِيقَةٍ (بِمِائَةٍ وَفِي) ذُكْرٍ (آخَرَ بِمِائَةٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُمَا، أَوْ اتَّحَدَ سَبَبُهُمَا مَعَ اتِّفَاقِهَا قَدْرًا وَنَوْعًا فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَحَلَفَ الْمُقِرُّ إنْ ادَّعَاهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا سَبَبًا، أَوْ قَدْرًا، أَوْ نَوْعًا لَزِمَهُ الْمِائَتَانِ مَعًا وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ عَلَى أَنَّ الْأَذْكَارَ أَمْوَالٌ إذَا كَتَبَهُمَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكَتْبِهِمَا مَعَ الْإِشْهَادِ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْكَتْبِ كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ قَوْمٍ، وَأَقَرَّ ثَانِيًا عِنْدَ آخَرِينَ فَمَالٌ وَاحِدٌ عِنْدَ أَصْبَغَ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (وَعِ) إنْ أَقَرَّ (بِمِائَةٍ وَ) أَقَرَّ ثَانِيًا (بِمِائَتَيْنِ) بِلَا كِتَابَةٍ فِيهِمَا لَزِمَهُ (الْأَكْثَرُ) فَقَطْ، وَهُوَ الْمِائَتَانِ سَوَاءً تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ، أَوْ تَأَخَّرَ وَقِيلَ إنْ قَدَّمَ الْأَكْثَرَ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ، وَإِنْ قَدَّمَ الْأَقَلَّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ لِدُخُولِ الْأَقَلِّ فِيهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ مُطْلَقًا، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةٌ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَسْمِعَةِ (وَ) فِي لَهُ عَلَيَّ (جُلُّ الْمِائَةِ) مَثَلًا (أَوْ قُرْبُهَا، أَوْ نَحْوُهَا) ، أَوْ أَكْثَرُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَطْفِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ إضْرَابٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ) اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ شَرْطَهَا اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ إذْ مَتَى اتَّحَدَ لَفْظُ الْمُضَافِ، وَالْمُضَافِ إلَيْهِ مُنِعَتْ بِاتِّفَاقِ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْكُوفِيِّينَ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلسَّبَبِ أَيْ إنَّهَا مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ، وَهُمَا عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ وَقَوْلُهُ مَا أَرَادَهُمَا أَيْ مَا أَرَادَ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ كَأَشْهَادٍ) أَيْ مِنْ الْمُقِرِّ فِي ذُكْرٍ بِخَطِّهِ، أَوْ أَمْرٍ بِكِتَابَتِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا كَتَبَ وَثِيقَةً بِخَطِّهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِيّ مِائَةَ دِينَارٍ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِي تِلْكَ الْوَثِيقَةِ، ثُمَّ كَتَبَ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَةِ أُخْرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، أَوْ غَيْرَهُمَا فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُقِرَّ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَتُعَدُّ الثَّانِيَةُ تَوْكِيدًا لِلْأُولَى وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَا أَرَادَهُمَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُمَا كَمَا صَوَّرْنَا، أَوْ ذَكَرَهُ وَكَانَ مُتَّحِدًا كَمَا إذَا كَتَبَ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَرَقَتَيْنِ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، وَالْمَوْضُوعُ اتِّحَادُ الْمَكْتُوبِ فِي الْوَثِيقَتَيْنِ قَدْرًا وَنَوْعًا كَمِائَةِ رِيَالٍ، أَوْ مَحْبُوبٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ وَتُعَدُّ الثَّانِيَةُ تَوْكِيدًا لِلْأُولَى (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا سَبَبًا) بِأَنْ كَتَبَ فِي وَاحِدَةٍ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ رِيَالٍ مِنْ بَيْعٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةُ رِيَالٍ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ، أَوْ قَدْرًا) كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي وَثِيقَةٍ مِائَةُ رِيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَتَا رِيَالٍ (قَوْلُهُ، أَوْ نَوْعًا) كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي وَثِيقَةٍ مِائَةُ رِيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةُ مَحْبُوبٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمِائَتَانِ) الْأَوْلَى لَزِمَهُ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ قَدْرًا اللَّازِمُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذُكْرٍ بِمِائَةٍ وَعَلَى ذُكْرٍ آخَرَ بِمِائَةٍ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ، وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ) يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَذْهَبِ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الذِّكْرَيْنِ كَتَبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهِ بِأَنْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَكْتُبْهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِكَتْبِهَا فِي مَجْلِسٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ ثَانٍ فَكَتَبَ الْمُقَرُّ لَهُ وَثِيقَتَيْنِ وَقَالَ لِلْحَاضِرَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ اُكْتُبُوا شَهَادَتَكُمْ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ عَلَى مَا سَمِعْتُمْ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَرَّرَ عبق كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ كَإِشْهَادٍ مِنْ الْمُقَرّ لَهُ فِي ذُكْرٍ أَيْ وَثِيقَةٍ كَتَبَهَا لِنَفْسِهِ بِمِائَةٍ وَفِي ذِكْرٍ آخَرَ بِمِائَةٍ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ أَمْوَالٌ) أَيْ لَا مَالٌ وَاحِدٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِمِائَتَيْنِ لِشَخْصٍ لَزِمَاهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ قَوْمٍ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ بِمِائَةٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا وَلَمْ يَكْتُبْ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْكَتْبِ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِمِائَةٍ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَتْبٍ وَلَا أَمْرٍ بِهِ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ، وَالْمَقْرِ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ بِمِائَةٍ وَبِمِائَتَيْنِ) أَيْ وَكَإِشْهَادٍ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي ذِكْرٍ آخَرَ بِمِائَتَيْنِ وَكِلَاهُمَا بِخَطِّ الْمُقِرِّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ قَائِلًا مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ لُزُومِ مِائَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْأَكْثَرُ فِي الثَّانِيَةِ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَعْرُوفُ لُزُومُ مِائَتَيْنِ فِي الْأُولَى وَثَلَثُمِائَةٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكَتْبِهَا أَمْوَالٌ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَقَدْ حَمَلَ الشَّيْخُ عبق كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الذِّكْرَيْنِ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُقِرُّ بِكَتْبِهِمَا وَشَارِحُنَا هُنَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْكِتَابَةِ لِأَجْلِ التَّخَلُّصِ مِنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ بِلَا كِتَابَةٍ فِيهِمَا) أَيْ مِنْ الْمُقِرِّ وَلَا بِأَمْرٍ مِنْهُ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَقَدَّمَ الْإِقْرَارُ بِالْأَقَلِّ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ الْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهَا تَكُونُ مَالًا وَاحِدًا، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِائَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلٌ لِلْمُعْتَمَدِ أَيْ الَّذِي وَافَقَهُ أَصْبَغُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابِهَا أَمْوَالٌ لَا مَالٌ وَاحِدٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا كَتَبَ الْوَثِيقَتَيْنِ، أَوْ أَمَرَ بِكُتُبِهِمَا، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ، أَوْ بَيَّنَهُ؛ فِيهِمَا وَكَانَ مُتَّحِدًا فَالْمُعْتَمَدُ

لَزِمَهُ (الثُّلُثَانِ) مِنْهَا (فَأَكْثَرُ) زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثَيْنِ (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَالِاجْتِهَادُ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ خَاصَّةً وَمَحِلُّ لُزُومِ الثُّلُثَيْنِ، وَالزِّيَادَةِ بِالِاجْتِهَادِ إذَا تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، وَإِلَّا سُئِلَ عَنْ مُرَادِهِ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ فَسَّرَ بِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا لَا بِهِ، أَوْ بِأَقَلَّ (وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (عَشْرَةٌ فِي عَشْرَةٍ عِشْرُونَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى مَعَ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عُرْفِ الْعَامَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ عِشْرُونَ عَشْرَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ السَّبَبِيَّةِ أَيْ بِسَبَبِ أَنَّهُ عَامَلَنِي بِعَشْرَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ (أَوْ) يَلْزَمُهُ (مِائَةٌ) أَيْ عَشْرَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي عَشْرَةٍ وَلَا يَمِينَ حِينَئِذٍ (قَوْلَانِ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ هَلْ تَلْزَمُهُ عَشْرَةٌ، أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ عِشْرُونَ لَا أَعْرِفُهُ وَلَكِنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ التَّابِعُ لَهُ الْمُصَنِّفُ قَرِيبٌ لِعُرْفِ الْعَامَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلُزُومُ الْعَشَرَةِ فَقَطْ بَعِيدٌ عُرْفًا وَلَا يَصِحُّ حِسَابًا، وَإِنْ جَازَ بِجَعْلِ فِي سَبَبِيَّةً كَمَا تَقَدَّمَ وَمَحِلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ، وَالْمُقَرُّ لَهُ عَارِفَيْنِ بِعِلْمِ الْحِسَابِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْمِائَةُ اتِّفَاقًا. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي (ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) بِضَمِّ الصَّادِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَقَدْ تُبْدَلُ زَايًا وَسِيّنَا (وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ) لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ (وَفِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ) مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِقْلَالِهِ بِدُونِ ظَرْفٍ وَعَدَمِهِ (لَا) يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي (دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ. (وَ) لَوْ عَلَّقَ إقْرَارَهُ عَلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إنْ اسْتَحَلَّ) ذَلِكَ فَقَالَ اسْتَحْلَلْت (أَوْ) إنْ (أَعَارَنِي) الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأَعَارَهُ لَهُ (لَمْ يَلْزَمْ) الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّهُ، أَوْ لَا يُعِيرُ (كَأَنْ) قَالَ لَهُ عِنْدِي كَذَا إنْ (حَلَفَ) فَحَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ (فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَلَبٍ مِنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ (شَهِدَ) بِهِ (فُلَانٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ سَوَاءً اتَّحَدَ الْقَدْرُ، أَوْ اخْتَلَفَ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْكِتَابَةِ، أَوْ الْمُصَاحِبُ لِكِتَابَةِ الْمُقَرِّ لَهُ إذَا تَعَدَّدَ فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَوَّلًا وَثَانِيًا مُتَّحِدَ الْقَدْرِ لَزِمَهُ أَحَدُ الْإِقْرَارَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْقَدْرِ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الثُّلُثَانِ مِنْهَا فَأَكْثَرُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الثُّلُثَانِ مِنْهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِعُسْرِ الْمُقِرِّ وَيُسْرِهِ. (قَوْلُهُ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ صُدِّقَ فِي أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ إنْ نَازَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَى أَكْثَرَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ بِيَمِينِهِ وَمَحِلُّ حَلِفِهِ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا إنْ اتَّهَمَهُ فَفِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ (قَوْلُهُ إنْ فَسَّرَ بِأَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ إنْ فَسَّرَ بِأَكْثَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِلُزُومِ عَشَرَةٍ لَكِنْ بِيَمِينٍ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِلُزُومِ عِشْرِينَ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِعُرْفِنَا الْآنَ بِالْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ (قَوْلُهُ هَلْ تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ) أَيْ بِيَمِينٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ مِائَةٌ أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَلُزُومُ الْعَشَرَةِ فَقَطْ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ عَارِفِينَ بِعِلْمِ الْحِسَابِ) أَيْ بِأَنْ كَانَا مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا لَا يَعْرِفُ عِلْمَ الْحِسَابِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا مَعًا يَعْرِفَانِهِ لَزِمَهُ الْمِائَةُ اتِّفَاقًا وَبَحَثَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحِسَابِ مُرَاعَاتُهُ إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الشَّارِحِ بِمَا إذَا كَانَتْ مُحَاوَرَتُهُمَا مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ) أَيْ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِلثَّوْبِ، وَالزَّيْتِ. (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَظْرُوفُ يَسْتَقِلُّ بِدُونِ ظَرْفِهِ كَالثَّوْبِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِدُونِ ظَرْفِهِ كَالزَّيْتِ فَإِنَّ الظَّرْفَ يَلْزَمُ اتِّفَاقًا كَالْمَظْرُوفِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي صُنْدُوقٌ وَعَيَّنَهُ بِالْإِشَارَةِ لِشَخْصِهِ، أَوْ بِوَصْفِهِ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ مَا فِيهِ، أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَ وَمَا فِيهِ لِي فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ وَفَصُّهُ لِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ كَانَ نَسَقًا وَلَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِأَرْضٍ تَنَاوَلَ الْإِقْرَارُ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ، وَإِذَا أَقَرَّ بِمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ دَخَلَتْ الْأَرْضُ فَالْإِقْرَارُ كَالْبَيْعِ كَمَا يُفِيدُهُ تت، بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ، أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ بِهَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ التَّنَاوُلُ لِخُرُوجِهِ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ فَيُتَسَامَحُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) أَيْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ الدَّابَّةُ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لَهَا (قَوْلُهُ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَبْدَأُ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: وَفِي اسْمٍ اسْتٍ ابْنٍ ابْنُمِ سُمِعْ ... وَاثْنَيْنِ وَامْرِئٍ وَتَأْنِيثٌ تَبِعْ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) الْمُرَادُ بِالدَّعْوَى الطَّلَبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَيْ كَأَنْ قَالَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ طَلَبٍ لَهُ عِنْدِي كَذَا إنْ حَلَفَ فَحَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ حَلَّفَهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَلَبٍ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك عَشْرَةٌ فَائْتِنِي بِهَا فَقَالَ لَهُ إنْ حَلَفْت عَلَيْهَا دَفَعْتهَا لَك فَإِذَا حَلَفَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَةً لَزِمَهُ دَفْعُهَا لَهُ وَمُطَالَبَةُ وَكِيلِ رَبِّ الْحَقِّ كَمُطَالَبَتِهِ، ثُمَّ إذَا قَالَ لَهُ احْلِفْ وَخُذْ فِي مَسْأَلَةِ الدَّعْوَى أَيْ تَقَدُّمِ الطَّلَبِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ قَبْلَ حَلِفِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُ كَمَا فِي تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ احْلِفْ عَلَى كَذَا وَخُذْهُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ دَعْوَى أَيْ طَلَبٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَوْ حَلَفَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَمِثْلُهُ الضَّمَانُ احْلِفْ، وَأَنَا

لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَانَ فُلَانٌ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَأَمَّا الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِ فَيُعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَ عَدْلًا لَا إنْ شَهِدَ (غَيْرُ الْعَدْلِ) فَلَوْ حَذَفَ غَيْرَ الْعَدْلِ كَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي (هَذِهِ الشَّاةُ) مَثَلًا (أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَزِمَتْهُ الشَّاةُ وَحَلَفَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى النَّاقَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَوَّلُ وَيَحْلِفُ عَلَى الثَّانِي. (وَ) لَوْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ (غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ) ، ثُمَّ قَالَ (لَا، بَلْ مِنْ آخَرَ) سَمَّاهُ (فَهُوَ لِلْأَوَّلِ) يُقْضَى لَهُ بِهِ (وَقُضِيَ لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا. (وَ) إنْ قَالَ لِشَخْصٍ (لَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ عَيَّنَ) الْمُقِرُّ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْأَدْنَى حَلَفَ إنْ اتَّهَمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (، وَإِلَّا) يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَيِّنْ أَنْتَ (فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَدْنَاهُمَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ عَيَّنَ (أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ) لِلتُّهْمَةِ، وَأَخَذَهُ (وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَا) مَعًا (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَيَبْدَأُ الْمُقِرُّ (وَاشْتَرَكَا) فِيهِمَا بِالنِّصْفِ (وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ (كَغَيْرِهِ) مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ كَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ بِشَرْطِهِ نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَامِنٌ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ الْقَوْلِ كَانَ فُلَانٌ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ إقْرَارٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَيُعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَ فُلَانٌ عَدْلًا وَلَا يُعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَا إنْ شَهِدَ فُلَانٌ إلَخْ إلَى أَنَّ غَيْرَ الْعَدْلِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ مُقَدَّرٍ مَعَ عَامِلِهِ أَيْ لَا إنْ شَهِدَ فُلَانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْمُقِرِّ وَلَا رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّ فُلَانًا يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْمَعْرِفَةِ فَهُوَ مَعْرِفَةٌ وَغَيْرُ نَكِرَةٍ وَاتِّفَاقُ الصِّفَةِ، وَالْمَوْصُوفِ فِي التَّعْرِيفِ، وَالتَّنْكِيرِ وَاجِبٌ وَلَا عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا كَانَ إقْرَارًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ إنْ حَكَمَ بِهِ فُلَانٌ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَكَمَ بِهِ سَوَاءً كَانَ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ بِأَنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِبَيِّنَةٍ، أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا ظَنَنْته يَحْكُمُ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الشَّاةُ) أَيْ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَحَلَفَ عَلَيْهَا) إنَّمَا حَلَفَ بَتًّا مَعَ وُجُودٍ، أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لِلتَّشْكِيكِ لَا لِلشَّكِّ، أَوْ لِاحْتِمَالِ زَوَالِ شَكِّهِ وَلَوْ عَكَسَ بِأَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي هَذِهِ النَّاقَةُ، أَوْ هَذِهِ الشَّاةُ لَزِمَهُ النَّاقَةُ وَحَلَفَ عَلَى الشَّاةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَذَا، أَوْ كَذَا لَزِمَهُ الْأَوَّلُ وَحَلَفَ عَلَى الثَّانِي أَيْ عَلَى نَفْيِهِ أَيْ نَفْيِ كَوْنِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ كَانَ أَشْمَلَ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ قَالَ لَا، بَلْ مِنْ آخَرَ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَسْقَطَ لَا بِأَنْ قَالَ غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ، بَلْ مِنْ آخَرَ (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَيَوْمَ الْإِقْرَارِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عِيسَى إنْ ادَّعَاهُ الثَّانِي فَلَهُ تَحْلِيفُ الْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ فَكَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ يُقْضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ وَبِقِيمَتِهِ لِلثَّانِي فَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ حَلَفَ الثَّانِي، وَأَخَذَ الْمُقَرَّ بِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْمُقِرِّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُ عِيسَى تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ نَكَلَ الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ لَهُ بِسَبَبِ دَعْوَاهُ أَنَّ الَّذِي لَهُ نَفْسُ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُقَرُّ بِهِ شَرِكَةً بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي كَمَا فِي عبق وخش لِتُسَاوِيهِمَا فِي النُّكُولِ وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ نُكُولَ الثَّانِي تَصْدِيقٌ لِلنَّاكِلِ الْأَوَّلِ الْمُبْدَأِ بِالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ أَحَدُ ثَوْبَيْنِ) أَيْ أَحَدُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ، أَوْ أَحَدُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ حَلَفَ إنْ اتَّهَمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) فَإِنْ لَمْ يَتَّهِمْهُ فَلَا حَلِفَ فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَطَلَبَ يَمِينَهُ فَنَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَخَذَ الْأَعْلَى وَبَقِيَ لِلْمُقِرِّ الْأَدْنَى فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُعَيِّنَ، أَوْ يَمُوتَ بِخِلَافِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ، بَلْ يُعْطَى الْأَدْنَى وَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَيَّ عَيْنٍ مَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كُنْت أَعْلَمُ أَنَّ لَهُ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا) وَكَذَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ كُلًّا قَالَ لَا أَدْرِي (قَوْلُهُ كَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ) أَيْ، وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَالنَّذْرِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَصِحُّ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ أَنْ يَتَّصِلَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَالْفَصْلُ بَيْنَهُمَا مُضِرٌّ إلَّا لِأَمْرٍ عَارِضٍ كَسُعَالٍ وَعُطَاسٍ، وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ لَكِنْ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ يَكْفِي النُّطْقُ بِهِ وَلَوْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ، وَأَمَّا. هُنَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ بِهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ الْإِخْرَاجَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا مُسَاوِيًا لَهُ فَاسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ، أَوْ الْمُسَاوِي بَاطِلٌ وَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَإِبْقَاءُ أَقَلِّهِ نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَإِذَا تَعَدَّدَ الِاسْتِثْنَاءُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدًا فَالْوَاحِدُ مُسْتَثْنًى مِنْ الِاثْنَيْنِ يَبْقَى مِنْهُمَا وَاحِدٌ مُسْتَثْنًى مِنْ الْأَرْبَعَةِ يَبْقَى مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْعَشَرَةِ يَبْقَى سَبْعَةٌ هِيَ.

(وَصَحَّ) هُنَا الِاسْتِثْنَاءُ الْمَعْنَوِيُّ كَقَوْلِهِ (لَهُ الدَّارُ، وَالْبَيْتُ لِي) فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ لَهُ جَمِيعُ الدَّارِ إلَّا الْبَيْتَ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ بُيُوتُهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ جُرِيَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ إلَخْ (وَ) صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (بِغَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (إلَّا عَبْدًا) (وَسَقَطَتْ) مِنْ الْأَلْفِ (قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَلَزِمَهُ وَمَا بَقِيَ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَةَ الْمُقَرِّ بِهِ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ، وَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ إلَّا ثَوْبًا طُرِحَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَفِي لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ طُرِحَ صَرْفُهَا مِنْهَا. (وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قِبَلَهُ) أَيْ جِهَتَهُ (أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، أَوْ أَبْرَأَهُ) ، وَأَطْلَقَ (بَرِئَ مُطْلَقًا) مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ مَعْلُومَةً، أَوْ مَجْهُولَةً وَدَائِعَ، أَوْ غَيْرَهَا (وَ) بَرِئَ أَيْضًا (مِنْ) الْبَدَنِيَّةِ مِثْلِ حَدِّ (الْقَذْفِ) مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ (وَ) بَرِئَ مِنْ مَالِ (السَّرِقَةِ) لَا الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا (فَلَا تُقْبَلُ) بَعْدَ ذَلِكَ (دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى الْمُبَرِّئِ بِحَقٍّ بِنِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ (، وَإِنْ بِصَكٍّ) أَيْ وَثِيقَةٍ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، أَوْ جُهِلَ الْحَالُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ (أَنَّهُ) أَيْ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ حَصَلَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ أَبْرَأْتُك مِمَّا مَعَك (بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ) كَوَدِيعَةٍ وَقِرَاضٍ، وَأَبْضَاعٍ (لَا الدَّيْنِ) فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ لَا مَعَهُ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ عَدَمُ تَنَاوُلِ مَعَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَسَاوِي مَعَ لِعِنْدَ وَعَلَى بَرِئَ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ إذَا أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ، بَلْ مُجَرَّدُ دَيْنٍ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِمَّا عَلَيْهِ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ لَا الْأَمَانَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَقَطْ فَيَبْرَأُ مِنْهَا، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُقَرُّ بِهَا (قَوْلُهُ وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ) أَيْ الَّتِي بِيَدِي، أَوْ الدَّارُ الْفُلَانِيَّةُ، أَوْ هَذِهِ الدَّارُ (قَوْلُهُ، وَالْبَيْتُ لِي) أَيْ، وَالْبَيْتُ الْفُلَانِيُّ مِنْهَا لِي وَنَظِيرُ هَذَا الْمِثَالِ هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ بُيُوتُهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ الْبَيْتَ الَّذِي لَهُ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلِي بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِهَا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَعْيِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ جَرَى عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَأَلْفٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ، أَوْ الدَّرَاهِمِ إلَّا عَبْدًا وَكَذَا يَصِحُّ عَكْسُهُ نَحْوُ عَلَيَّ عَبْدٌ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ وَتُسْقَطُ الْعَشَرَةُ مِنْ قِيمَتِهِ وَيُلْزَمُ الْبَاقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ يَوْمَ الِاسْتِثْنَاءِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لِلْمُقِرِّ اُذْكُرْ صِفَةَ الْعَبْدِ فَإِذَا ذَكَرَهَا قُوِّمَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَطُرِحَتْ قِيمَتُهُ مِنْ الْأَلْفِ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ اللَّازِمُ لِلْمُقِرِّ فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْقُطَ قِيمَةُ عَبْدٍ مِنْ أَعْلَى الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْمُحَقَّقِ، وَهَذَا فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَكْسِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ أَدْنَى عَبْدٍ وَتَسْقُطُ الْعَشَرَةُ مَثَلًا مِنْهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْأَلْفَ الْمُقَرَّ بِهَا وَقَوْلُهُ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ وَلُزُومُ الْأَلْفِ الْمُقَرِّ بِهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ طُرِحَ صَرْفُهَا) أَيْ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَزِمَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَبْرَأَ) أَيْ شَخْصٌ فُلَانًا، أَوْ كُلَّ رَجُلٍ وَتَبْطُلُ الْبَرَاءَةُ مَعَ إبْهَامِ الْمُقَرِّ لَهُ كَأَبْرَيْتُ رَجُلًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا أَيْ بِإِحْدَى صِيَغٍ ثَلَاثٍ كَمَا بَيَّنَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ مَالِيٍّ، أَوْ بَدَنِيٍّ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بِصِيغَةٍ مِنْ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا إنْ أَبْرَأَهُ بِغَيْرِهَا كَأَبْرَأْتُكَ مِمَّا عَلَيْك فَلَا يَبْرَأُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، بَلْ مِنْ الدَّيْنِ لَا مِنْ الْأَمَانَةِ، وَإِنْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِمَّا مَعَك فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْأَمَانَاتِ لَا مِنْ الدَّيْنِ، وَإِذَا قَالَ أَبْرَأْتُك مِمَّا عِنْدَك بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْأَمَانَةِ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَمِنْ الْأَمَانَةِ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ إذَا وَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ. (قَوْلُهُ بَرِئَ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُبَرَّأُ بِالْفَتْحِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إنْكَارِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ح وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ، وَأَخُوهُ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْإِقْرَارَ الطَّارِئَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ يُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا. بِمَا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُبَرَّأُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ بَرِئَ مُطْلَقًا ظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الْآخِرَةِ أَيْضًا فَلَا يُؤَاخِذُهُ الْمَوْلَى بِحَقٍّ جَحَدَهُ، وَأَبْرَأَهُ صَاحِبُهُ مِنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ مُطَالَبَةُ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ بِحَقِّ خَصْمِهِ (قَوْلُهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ) كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ، وَالْقَرْضِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْوَدَائِعِ، وَالرُّهُونِ، وَالْمِيرَاثِ وَدَخَلَ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ الْمُعَيَّنَاتُ كَدَارٍ عَلَى الصَّوَابِ مِمَّا فِي ح فَيَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ الطَّلَبُ بِقِيمَتِهَا إذَا فَاتَهَا الْمُبَرَّأُ، وَالطَّلَبُ بِرَفْعِ الْيَدِ عَنْهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَدَخَلَ فِيهَا أَيْضًا الْحَقُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْإِتْلَافِ كَالْغُرْمِ لِلْمَالِ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ بِالْإِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ مَعْلُومَةً أَيْ لِلْمُبَرِّئِ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ، أَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةً (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ) أَيْ فَإِنْ بَلَغَهُ فَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْ فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ إبْرَاؤُهُ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ لَا إنْ أَرَادَ الشَّفَقَةَ عَلَى الْقَاذِفِ فَلَا يَنْفَعُهُ إبْرَاؤُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ حَدِّهِ. (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِنِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ) وَكَذَا لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا كَانَ مِمَّا كَانَ فِيهِ الْخُصُومَةُ فَقَطْ وَكَذَا إذَا قَالَ قَصْدِي عُمُومُ الْإِبْرَاءِ، بَلْ تَعَلُّقُهُ بِشَيْءٍ خَاصٍّ، وَهُوَ كَذَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ بِحَقٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَى وَقَوْلُهُ بِنِسْيَانٍ أَيْ بِسَبَبِ نِسْيَانٍ إلَخْ (قَوْلُهُ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْحَقُّ الَّذِي فِي الصَّكِّ (قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ بَعْدَهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ

[فصل في الاستلحاق]

أَبْرَأَهُ مِمَّا عِنْدَهُ بَرِئَ مِنْهُمَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَمِنْ الْأَمَانَةِ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. (دَرْسٌ) (فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ (بَابٌ) فِي الِاسْتِلْحَاقِ، وَهُوَ ادِّعَاءُ رَجُلٍ أَنَّهُ أَبٌ لِهَذَا فَيَخْرُجُ هَذَا أَبِي، أَوْ أَبُو فُلَانٍ وَلِذَا قَالَ (إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ) وَلَدًا (مَجْهُولَ النَّسَبِ) وَلَوْ كَذَّبَتْهُ أُمُّهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلُحُوقِ النَّسَبِ لَا مَقْطُوعَهُ كَوَلَدِ الزِّنَا الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مِنْ زِنًا وَلَا مَعْلُومَهُ وَحُدَّ مَنْ ادَّعَاهُ حَدَّ الْقَذْفِ (إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ) أَيْ الْأَبِ (أَوْ الْعَادَةُ) كَاسْتِلْحَاقِهِ مَنْ وُلِدَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ (وَلَمْ يَكُنْ) الْمَجْهُولُ (رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ) أَيْ لِمَنْ كَذَّبَ الْأَبَ فِي اسْتِلْحَاقِهِ (أَوْ مَوْلًى) أَيْ عَتِيقًا لِمَنْ كَذَّبَهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إخْرَاجِ الرَّقَبَةِ مِنْ رِقِّ مَالِكِهَا، أَوْ عَلَى إزَالَةِ الْوَلَاءِ عَمَّنْ أَعْتَقَهُ وَمَنْطُوقُهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ مَا إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا وَلَا مَوْلًى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بَرِئَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَبْرَأْتُك مِمَّا مَعَك وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْأَمَانَاتِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ) أَيْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ عُرْفُ مِصْرَ الْآنَ فَعَلَيَّ مِثْلُ عِنْدَ فِي عُرْفِ أَهْلِهَا. [فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ] (فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ) (قَوْلُهُ، وَهُوَ ادِّعَاءُ رَجُلٍ أَنَا أَبٌ لِهَذَا) هَذَا قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ أَبًا لِنَفْسِهِ إنْ قُلْت إنَّ الِاسْتِلْحَاقَ طَلَبُ لُحُوقِ شَيْءٍ، وَالِادِّعَاءُ إخْبَارٌ بِقَوْلٍ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِ مَعَ أَنَّ الْإِخْبَارَ مُقَابِلٌ لِلطَّلَبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ أَصْلُ الِاسْتِلْحَاقِ فِي اللُّغَةِ، ثُمَّ غُلِّبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ) أَيْ لَا الْأُمُّ اتِّفَاقًا، وَالْمُرَادُ الْأَبُ دِنْيَةً فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ مِنْ الْجَدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَلْحِقُ الْجَدُّ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مَا إذَا قَالَ أَبُو هَذَا وَلَدِي لَا إنْ قَالَ هَذَا ابْنُ وَلَدِي فَلَا يُصَدَّقُ وَسَيَأْتِي نَحْوُ هَذَا لِلشَّارِحِ فِي الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ غَيْرِ وَلَدٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ وَهَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إلْحَاقِ وَلَدٍ بِفِرَاشِهِ لَا فِي إلْحَاقِهِ بِفِرَاشِ غَيْرِهِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَرَ الِاسْتِلْحَاقَ فِي مَجْهُولِ النَّسَبِ وَلَمْ يَحْصُرْ الِاسْتِلْحَاقَ فِي الْأَبِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَ غَيْرَ مَجْهُولِ النَّسَبِ، وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ لَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ إلَّا مِنْ الْأَبِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَحْصُرَ الِاسْتِلْحَاقَ فِي الْأَبِ بِحَيْثُ يَقُولُ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ الْأَبُ فَيُؤَخِّرُ الْأَبَ؛ لِأَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ بِإِنَّمَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ وَأُجِيبَ بِجَعْلِ الْمُؤَخَّرِ مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَسْتَلْحِقُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَصْرُ لِعَطْفِهِ عَلَى مَدْخُولِ أَدَاةِ الْحَصْرِ أَيْ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ وَيُسْتَلْحَقُ وَلَدٌ مَجْهُولُ النَّسَبِ، أَوْ مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ مُسْتَأْنَفٍ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَنْ الَّذِي يَسْتَلْحِقُهُ فَقَالَ مَجْهُولُ النَّسَبِ أَيْ يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولُ النَّسَبِ، أَوْ يُقَالُ إنَّ الْغَالِبَ فِي إنَّمَا الْحَصْرُ فِي الْمُتَأَخِّرِ فَقَطْ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ فَكَذَلِكَ هُنَا الْحَصْرُ فِي الْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ مَعًا لِتَأَخُّرِهِمَا عَنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ) أَيْ مَجْهُولُ الِانْتِسَابِ لِأَبٍ مُعَيَّنٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ اللَّقِيطُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِوَجْهٍ كَمَجَاعَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَعِيشُ لَهُ أَوْلَادٌ فَيَطْرَحُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَعِيشَ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ أُمُّهُ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلَمَ تَقَدُّمُ مِلْكِ أُمِّ هَذَا الْوَلَدِ، أَوْ نِكَاحِهَا لِهَذَا الْمُسْتَلْحَقِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا فِي هَذَا الْبَابِ بِالْإِمْكَانِ فَقَطْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلُحُوقِ النَّسَبِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِ الْمُقِرِّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ) هَذَا شَرْطٌ أَوَّلُ لِصِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا إلَخْ شَرْطٌ ثَانٍ وَمَنْطُوقُهُ صُورَتَانِ وَمَفْهُومُهُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ رِقًّا، أَوْ مَوْلَى لِمُكَذِّبِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ تَارَةً يَحْصُلُ اسْتِلْحَاقٌ غَيْرُ تَامٍّ وَتَارَةً لَا يَحْصُلُ أَصْلًا، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ لَكِنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِصِغَرِهِ) أَيْ لِصِغَرِ الْأَبِ الْمُسْتَلْحِقِ مَعَ كَوْنِ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ كَبِيرًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُحِيلُهُ الْعَقْلُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقَدُّمِ الْمَعْلُولِ عَلَى عِلَّتِهِ (قَوْلُهُ كَاسْتِلْحَاقِهِ مِنْ وَلَدٍ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ إلَخْ) أَيْ وَكَاسْتِلْحَاقِ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ نِكَاحٌ وَلَا تَسَرٍّ أَصْلًا فَإِنَّ الْعَادَةَ لَا الْعَقْلُ تُحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ وَلِذَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: 101] إنْ هَذِهِ حُجَّةٌ عُرْفِيَّةٌ لَا عَقْلِيَّةٌ (قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ) فَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِهِ فَمُقْتَضَى ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَمُقْتَضَى الْبَرَادِعِيِّ صِحَّةُ اسْتِلْحَاقَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إخْرَاجِ الرَّقَبَةِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّحُوقِ خُرُوجُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرَّقَبَةِ إذْ قَدْ يَتَزَوَّجُ الْحُرُّ أَمَةً وَيُوَلِّدُهَا فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِأَبِيهِ وَرَقِيقٌ لِسَيِّدِ أُمِّهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ قَوْلُ أَشْهَبَ بِاللُّحُوقِ، بَلْ وَقَعَ مِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى فَكَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ، وَهُوَ عَدَمُ اللُّحُوقِ رَأَى أَنَّ السَّيِّدَ قَدْ تَلْحَقُهُ مَضَرَّةٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَوْ ثَبَتَ اللُّحُوقُ إذْ قَدْ يَعْتِقُ هَذَا الْعَبْدُ وَيَمُوتُ عَنْ مَالٍ فَتُقَدَّمُ عَصَبَةُ نَسَبِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَلِتِلْكَ الْمُضِرَّةِ قِيلَ بِعَدَمِ اللُّحُوقِ اهـ. بْن

(لَكِنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ، أَوْ الْمَوْلَى (يُلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ حَيْثُ كَذَّبَهُ الْمَالِكُ، أَوْ الْحَائِزُ لِوَلَائِهِ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مِلْكًا، أَوْ مَوْلَى لِلْمُكَذِّبِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (وَفِيهَا أَيْضًا) أَيْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ (يُصَدَّقُ) الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ إذَا بَاعَهُ، أَوْ بَاعَ أُمَّهُ حَامِلًا، أَوْ بَاعَهُ مَعَ أُمِّهِ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ) بِمَا مَرَّ مِنْ عَقْلٍ، أَوْ عَادَةٍ وَيَنْزِعُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ لَهُ الثَّمَنَ وَيَصِيرُ أَبًا لَهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا بَاعَ الْعَبْدَ مُسْتَلْحِقُهُ وَمَا قَبْلَهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَبِعْهُ فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُهَا اسْتِشْكَالًا خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَيَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ. (وَإِنْ كَبِرَ) الْوَلَد بِكَسْرِ الْبَاءِ (أَوْ مَاتَ وَوَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْأَبُ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ إذَا مَاتَ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ (ابْنٌ) الْأَصْوَبُ وَلَدٌ كَمَا فِي اللِّعَانِ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى، وَأَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ بِهِ وَلَدٌ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَرِثْهُ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ) أَيْ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ نَسَبُهُ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ (قَوْلُهُ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ، أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مِلْكٌ عَلَى أُمِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ أَصْلًا لَا فِي الظَّاهِرِ وَلَا فِي الْبَاطِنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ، أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ فَتَارَةً لَا يَحْصُلُ الِاسْتِلْحَاقُ أَصْلًا، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمُسْتَلْحِقِ مِلْكٌ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ وَتَارَةً يَحْصُلُ الِاسْتِلْحَاقُ نَاقِصًا، وَذَلِكَ إذَا تَقَدَّمَ لَهُ مِلْكٌ عَلَى أُمِّهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ إشَارَةً لِبَعْضِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا إلَخْ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْهُ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مِلْكًا) أَيْ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ثُبُوتِ نَسَبِهِ وَبَقَائِهِ رِقًّا لِآخَرَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ رِقًّا نَسِيبًا كَمَنْ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ آخَرَ، وَأَوْلَدَهَا فَذَلِكَ الْوَلَدُ نَسِيبٌ أَيْ ثَابِتُ النَّسَبِ وَرَقِيقٌ لِسَيِّدِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ إلَخْ) أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ أُمِّهِ وَبَقِيَ، أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَالْعِتْقُ وَيَنْزِعُهُ الْمُسْتَلْحِقُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ لَهُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ يُصَدَّقُ الْمُسْتَلْحِقُ) أَيْ الَّذِي كَذَّبَهُ الْمَالِكُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ الَّذِي هُوَ مُكَذِّبٌ لِلْمُسْتَلْحِقِ. قَوْلُهُ (فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ قَوْلُهُ وَفِيهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهَا أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَيْ فَإِنْ كَانَ رِقًّا لَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِلْحَاقُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَمَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ مُكَذِّبًا لِلْمُسْتَلْحِقِ فِيهِمَا وَلِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا مُخْتَلِفًا فَقَدْ حُكِمَ فِي الْأَوَّلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِصِحَّتِهِ، وَهَذَا التَّوْفِيقُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْعُوفِيِّ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا كُلَّهُ كَالْمُعَارِضِ لِلْأَوَّلِ أَيْ فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ مُعَارِضٌ لِلْأَوَّلِ، وَالْمَوْضُوعُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ عِلْمُ تَقَدُّمِ مِلْكِ الْمُسْتَلْحِقِ لَهُ، أَوْ لِأُمِّهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مِلْكًا لِلْمُكَذِّبِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، وَهَذَا حُكْمٌ بِأَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ يُصَدَّقُ وَيَنْزِعُهُ مِنْ الْمَالِكِ قَالَ بْن وَقَدْ حَصَلَ ح هُنَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ هُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي وَلَائِهِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ مِلْكُهُ لَهُ، أَوْ لَا هَلْ يُصَدَّقُ، أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى تَصْدِيقِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي مِلْكِ مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ لَهُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتِقْهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ، وَالْعِتْقُ، أَوْ لَا قَوْلَانِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِنَقْضِ الْبَيْعِ، وَالْعِتْقِ اهـ. وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَوْرِدَ هَذَا التَّقْسِيمِ هُوَ صُورَةُ التَّكْذِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. ، كَلَامُهُ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ التَّصْدِيقِ فَيُلْحَقُ بِهِ جَزْمًا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ فِي مِلْكِ مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ لَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ، وَالْعِتْقُ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَبِرَ، أَوْ مَاتَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ لِمُسْتَلْحِقِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ وَالْعُوفِيُّ بِاشْتِرَاطِهِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقٌ إنْ كَانَ فِي حَوْزِ مُسْتَلْحِقِهِ لَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَبِرَ الْوَلَدُ، أَوْ مَاتَ) أَيْ وَسَوَاءً كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى طَعَنَ فِي السِّنِّ وَمُضَارِعُهُ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا كَبُرَ بِالضَّمِّ فَمَعْنَاهُ عَظُمَ فِي الْجِسْمِ، أَوْ الْمَعْنَى وَمُضَارِعُهُ حِينَئِذٍ بِالضَّمِّ أَيْضًا وَنَظَمَ هَذَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: كَبِرْت بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي السِّنِّ وَاجِبٌ ... مُضَارِعُهُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ يَا صَاحِ وَفِي الْجِسْمِ وَالْمَعْنَى كَبُرْت بِضَمِّهَا ... مُضَارِعُهُ بِالضَّمِّ جَاءَ بِإِيضَاحِ لَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ نَقْلًا عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ جَوَازَ كُلٍّ مِنْ الضَّمِّ، وَالْكَسْرِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الرَّقِيقَ، وَالْكَافِرَ لَا يَرِثَانِ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِمَا فَيُتَّهَمُ الْأَبُ فِي اسْتِلْحَاقِهِ لِأَجْلِ أَخْذِهِ الْمَالَ الْكَثِيرَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَارِثًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلُحُوقِ النَّسَبِ بِالسَّرَايَةِ

فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي بَابِ اللِّعَانِ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ وَجِيهًا وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ، ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ إنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَا فِي مَرَضِهِ، وَأَمَّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ حَيًّا صَحِيحًا فَإِنَّهُ يَرِثُهُ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ كَثُرَ الْمَالُ، ثُمَّ الشَّرْطُ فِي مُجَرَّدِ الْإِرْثِ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَاحِقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (أَوْ بَاعَهُ) عَطْفٌ عَلَى كَبِرَ أَيْ يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُسْتَلْحِقُ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ (وَنُقِضَ) الْبَيْعُ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّحْقِيقِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ إلَخْ (وَ) إذَا نُقِضَ الْبَيْعُ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْمُسْتَلْحِقِ (بِنَفَقَتِهِ) عَلَيْهِ مُدَّةَ إقَامَتِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ) فَإِنْ كَانَ لَهُ خِدْمَةٌ بِأَنْ اسْتَخْدَمَهُ بِالْفِعْلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ قُلْت قِيمَةُ الْخِدْمَةِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوَّلًا كَمَا لَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ إنْ زَادَتْ عَلَى النَّفَقَةِ وَمُقَابِلُ الْأَرْجَحِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا. (وَإِنْ) بَاعَ أَمَةً بِلَا وَلَدٍ وَ (ادَّعَى اسْتِيلَادَهَا بِسَابِقٍ) أَيْ بِوَلَدٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَيْعِ (فَقَوْلَانِ) بِنَقْضِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَمَحِلُّهُمَا إذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِنَحْوِ مَحَبَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ اتِّفَاقًا، وَالْقَوْلَانِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَإِنْ بَاعَهَا) حَامِلًا غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (فَوَلَدَتْ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي (فَاسْتَلْحَقَهُ) بَائِعُهَا (لَحِقَ) بِهِ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي (وَلَمْ يُصَدَّقْ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمَةِ فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ (إنْ اُتُّهِمَ) فِيهَا (بِمَحَبَّةٍ، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ) عِنْدَ الْبَائِع فِيهِمْ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا مِنْهُ بِدَعْوَى الِاسْتِلْحَاقِ وَلَا يُرَدُّ الثَّمَنُ لِعَدَمِهِ أَيْ عُسْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ (أَوْ وَجَاهَةً) هِيَ الْعَظَمَةُ وَعُلُوُّ الْقَدْرِ قِيلَ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْجَمَالُ (وَرَدَّ) الْبَائِعُ (ثَمَنَهَا) لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَكِنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الثَّمَنَ إلَّا إذَا رُدَّتْ إلَيْهِ الْأَمَةُ حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يُتَّهَمْ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ مَاتَتْ، أَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مَاضٍ وَسَيِّدُهَا يَدَّعِي أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ فَكَأَنَّهَا رُدَّتْ إلَيْهِ (وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا) رُدَّتْ أُمُّهُ إلَيْهِ لِعَدَمِ الِاتِّهَامِ أَمْ لَا تَصَرَّفَ مُشْتَرِيهَا فِيهَا أَمْ لَا. (وَإِنْ اشْتَرَى) الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ (مُسْتَلْحَقَهُ) بِالْفَتْحِ يَعْنِي مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ إرْثٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ مَالِكِهِ الْمُكَذِّبِ لَهُ حِينَ الِاسْتِلْحَاقِ (وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ، وَالْوَاوُ وَلِلْحَالِ أَيْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَوْلَادِ تَشَوُّفًا قَوِيًّا فَإِذَا وُجِدَتْ، أَوْلَادٌ فَقَدْ تَقَوَّى جَانِبُ الِاسْتِلْحَاقِ فَتَسَبَّبَ عَنْهُ الْمِيرَاثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، أَوْلَادٌ كَانَ الِاسْتِلْحَاقُ ضَعِيفًا فَلَا مِيرَاثَ إلَّا إذَا قَلَّ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْقَلِيلَ كَالْعَدَمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِم فِي بَابِ اللِّعَانِ ضَعِيفٌ) وَلَا يُقَالُ إنَّ مَا هُنَا فِي اسْتِلْحَاقِ وَلَدٍ لَمْ يُلَاعَنْ فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي وَلَدِهِ حُرِّيَّةٌ وَلَا إسْلَامٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ فِي اسْتِلْحَاقِ مَنْ لُوعِنَ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ فِي وَلَدِهِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ لَا فَرْقَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ أَعْنِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهُ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَهُ، أَوْ لَا، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهُ وَنَقَضَ الْبَيْعَ إلَخْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَرَجَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق حَيْثُ قَيَّدَ النَّقْضَ بِالتَّصْدِيقِ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُنْقَضُ الْبَيْعُ حَيْثُ لَمْ يُعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَفِي نَقْضِ الْعِتْقِ قَوْلَانِ سَوَاءً صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ قَالَ هُوَ أَعْدَلُهَا (قَوْلُهُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا) أَيْ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ مُطْلَقًا كَانَ لَهُ خِدْمَةٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ بِنَقْضِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِيعَتْ فِيهَا الْأَمَةُ مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ مَعَهَا، وَإِلَّا فَهِيَ مَا بَعْدَهَا، وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِيمَا إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا سَوَاءً أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِيهَا أَيْ فِي الْأَمَةِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا. (قَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَهَا حَامِلًا) أَيْ بِحَسَبِ دَعْوَى الْبَائِعِ لَا أَنَّ الْحَمْلَ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَحِقَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ كَذَا فِي عج وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ، وَأَجَابَ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَذَّبَهُ تَصَرَّفَ فِيهَا الْمُشْتَرِي أَمْ لَا إنْ قُلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَفِيهَا أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ وِفَاقًا كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ وَرَدَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَاكَ الْوَلَدُ، وَالْمَبِيعَ هُنَا الْأَمَةُ فَقَطْ قَالَهُ بْن وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ قَصْرُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى بَيْعِ الْوَلَدِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدَّقْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ، وَإِنْ لَحِقَ بِهِ لَكِنَّ أُمَّهُ فِيهَا تَفْصِيلٌ فَإِنْ اُتُّهِمَ الْبَائِعُ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ، أَوْ وَجَاهَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ لِلْبَائِعِ وَلَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ لِمُشْتَرِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ كَمَا كَانَتْ، أَوْ لَا يَرُدُّ الثَّمَنَ لِمُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ أَيْ عُسْرُهُ) لَا يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِعَدِيمٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْأَمَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ، وَهِيَ لَا تُبَاعُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَمْ يُقْبِضْهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ الِاتِّهَامِ بِمَحَبَّةٍ، أَوْ وَجَاهَةٍ (قَوْلُهُ، أَوْ وَجَاهَةٍ) أَيْ وَجَاهَةِ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ) إنَّمَا أَتَى بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَحِقَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَهُ) أَيْ النَّاشِئَ عَنْ نِكَاحٍ، أَوْ مِلْكٍ بِأَنْ قَالَ هَذَا وَلَدِي

حَالَ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ مُسْتَلْحَقِهِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ، وَهَذَا مِنْ ثَمَرَاتِ قَوْلِهِ سَابِقًا لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ (كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) تَشْبِيهٌ فِي الْعِتْقِ أَيْ شَهِدَ بِعِتْقِ عَبْدٍ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِمُقْتَضٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، أَوْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لِلشَّاهِدِ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) شَخْصٌ إنْسَانًا وَارِثًا (غَيْرَ وَلَدٍ) كَأَخٍ وَعَمٍّ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا اسْتَلْحَقَ أَبًا كَقَوْلِهِ هَذَا أَبِي وَفِي إطْلَاقِ الِاسْتِلْحَاقِ عَلَى هَذَا تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ (لَمْ يَرِثْهُ) أَيْ لَمْ يَرِثْ الْمُقَرُّ بِهِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ (إنْ كَانَ وَارِثٌ) كَذَا فِي النُّسَخ الصَّحِيحَةِ بِالشَّرْطِ الْمُثْبَتِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ قِيلَ، وَاَلَّذِي بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ إنْ يَكُنْ بِالْمُضَارِعِ الْمُثْبَتِ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلنَّقْلِ أَيْ إنْ وُجِدَ وَارِثٌ لِلْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ مِنْ الْأَقَارِبِ، أَوْ الْمَوَالِي يَوْمَ الْمَوْتِ لَا الْإِقْرَارِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا، أَوْ وَارِثٌ غَيْرُ حَائِزٍ (فَخِلَافٌ) بِالْإِرْثِ وَعَدَمِهِ، وَالرَّاجِحُ الْإِرْثُ أَيْ إرْثُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الْمُقِرِّ جَمِيعَ الْمَالِ فِي الْأُولَى، وَالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَيْسَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ، وَالضَّعِيفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي إرْثِ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْمُقِرُّ مِنْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ حَيْثُ صَدَّقَهُ عَلَى اسْتِلْحَاقِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حِينَئِذٍ مُقِرٌّ بِصَاحِبِهِ فَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَا إرْثَ، وَإِنْ سَكَتَ فَهَلْ هُوَ كَالتَّصْدِيقِ، أَوْ يَرِثُ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ؟ تَرَدُّدٌ (وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ خَصَّ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ (بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ) بِالْإِخْوَةِ وَنَحْوِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ زَوْجَتِي فُلَانَةَ، أَوْ مِنْ أَمَتِي فُلَانَةَ وَقَوْلُهُ مُسْتَلْحَقَهُ أَيْ مَنْ كَانَ اسْتَلْحَقَهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ فِي أَيَّامِ الِاسْتِلْحَاقِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِهِ) أَيْ حِينَ الِاسْتِلْحَاقِ (قَوْلُهُ عَتَقَ) لَوْ قَالَ لَحِقَ وَعَتَقَ كَمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِلُزُومِ اللُّحُوقِ لِلْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِتْقِ هُنَا الْعِتْقُ بِالنَّسَبِ، وَاللُّحُوقُ لَازِمٌ لَهُ وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا اخْتِصَارًا (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى حُكْمٍ وَمَحِلُّ كَوْنِهِ يَلْحَقُ بِهِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُكَذِّبْهُ عَقْلٌ، أَوْ عَادَةٌ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يُلْحَقْ بِهِ، ثُمَّ إذَا عَتَقَ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اشْتَرَى الْأُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ إنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُسْتَلْحَقُ نَاشِئًا عَنْ مِلْكٍ لَا عَنْ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ شَهِدَ بِعِتْقِ عَبْدٍ) أَيْ ادَّعَى أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ (قَوْلُهُ لِمُقْتَضٍ) أَيْ كَعَدَمِ تَمَامِ النِّصَابِ، أَوْ فِسْقٍ، أَوْ رِقٍّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا) أَيْ الشَّاهِدُ بَعْدَ رَدِّ شَهَادَتِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَيْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ كَمَا فِي خش وَفِي عبق الْعِتْقُ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهَا أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِحُكْمٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ اشْتَرَى حُرًّا، وَالْحُرُّ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْعِتْقِ بِلَا حُكْمٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْبَيْعُ، أَوْ الرَّدُّ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ بِحُكْمٍ فَلِلْمُشْتَرِي مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) وَجْهُهُ أَنَّ الشَّاهِدَ لَمَّا شَهِدَ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَقَدْ ثَبَتَ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِسَيِّدِهِ فَلَمَّا اشْتَرَاهُ بَقِيَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ) أَيْ إنْ كَانَ لِلْمُقِرِّ وَارِثٌ حَائِزٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْ الْمُقَرُّ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُتَّهَمُ عَلَى خُرُوجِ الْإِرْثِ لِغَيْرِ مَنْ كَانَ يَرِثُ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَارِثُ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَتَرَقَّبُ يَوْمَ مَوْتِهِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ بِالِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ) أَيْ، وَهُوَ الشَّرْطُ الْمَنْفِيُّ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ (قَوْلُهُ مُوَافَقَةً لِلنَّقْلِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ صَحِيحَةٌ أَيْ إنَّ صِحَّتَهَا مِنْ جِهَةِ مُوَافَقَتِهَا لِلنَّقْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ نُسْخَةَ ابْنِ غَازِيٍّ أَصْوَبُ مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْجَوَابِ يَكُونُ مَعَ مُضِيِّ الشَّرْطِ لَا مَعَ مُضَارِعِيَّتِهِ (قَوْلُهُ لَا الْإِقْرَارُ) أَيْ لَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ، أَوْ وَارِثٌ غَيْرُ حَائِزٍ) أَيْ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِعَمٍّ مَعَ وُجُودِ بِنْتٍ، أَوْ أَخٍ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِمُعْتِقِهِ بِأَنْ قَالَ أَعْتَقَنِي فُلَانٌ فَإِنَّهُ كَالْإِقْرَارِ بِالْبُنُوَّةِ فَيَرِثُ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ حَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَعْتُوقَ يُورَثُ وَلَا يَرِثُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْأُخُوَّةِ إذْ هُوَ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ، وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ فِي الْمَعْنَى دَعْوَى (قَوْلُهُ، وَالرَّاجِحُ الْإِرْثُ) أَيْ سَوَاءً كَانَ الْإِقْرَارُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ، أَوْ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ كَمَا فِي بْن وَعَلَى الْإِرْثِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ بِهِ أَنَّ الْإِقْرَارَ حَقٌّ، أَوْ لَا يَحْلِفُ قَوْلَانِ فِي ح (قَوْلُهُ لَيْسَ كَالْوَارِثِ) أَيْ، بَلْ هُوَ حَائِزٌ يَحُوزُ الْمَالَ لِأَجْلِ صَرْفِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَيَجْرِي إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ لَا يَرِثُ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ إنْ كَانَ لِلْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ وَارِثٌ حَائِزٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَا إرْثَ) أَيْ فَلَا إرْثَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، كَانَ لَهُ وَارِثٌ حَائِزٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَهَلْ هُوَ كَالتَّصْدِيقِ) أَيْ فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ حَائِرٌ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ كَانَ وَارِثٌ حَائِزٌ فَلَا إرْثَ (قَوْلُهُ وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ) الضَّمِيرُ لِلْخِلَافِ وَكُلَّمَا وَقَعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ لَفْظُ الْمُخْتَارِ فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ إلَّا هَذَا. فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ

وَأَمَّا إنْ طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ بِالسِّنِينَ كَالثَّلَاثَةِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَرِثُهُ؛ لِأَنَّ الطُّولَ قَرِينَةُ الصِّدْقِ غَالِبًا. (وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ) ، وَهُمْ ثَلَاثَةٌ (أَحَدُهُمْ وَلَدِي) وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ (عَتَقَ الْأَصْغَرُ) كُلُّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَلَدَهُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ وَلَدَ غَيْرِهِ فَهُوَ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَيَعْتِقُ مَعَهَا (وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ) ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرَيْنِ، وَهُمَا كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ، أَوْ الْأَكْبَرُ وَرَقِيقٌ بِتَقْدِيرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَصْغَرَ (وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ) ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ وَرَقِيقٌ بِتَقْدِيرَيْنِ، وَهُمَا كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوْسَطَ، أَوْ الْأَصْغَرَ (وَإِنْ أَفْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ) أَيْ الْأَوْلَادُ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُمٍّ (فَوَاحِدٌ) يَعْتِقُ (بِالْقُرْعَةِ) وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ أَمْ لَا. (وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ، وَأَمَةُ) رَجُلٍ (آخَرَ وَاخْتَلَطَا) أَيْ الْوَلَدَانِ (عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ) جَمْعُ قَائِفٍ كَبَائِعٍ وَبَاعَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ الْأَنْسَابَ بِالشَّبَهِ، وَالشَّكْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ مَحِلُّ الْخِلَافِ السَّابِقِ إذَا لَمْ يَطُلْ زَمَنُ إقْرَارِ الْمُقِرِّ بِالْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ طَالَ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ دَلَّتْ عَلَى صِدْقِهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمُخْتَارِ يَتَوَارَثَانِ عِنْدَ الطُّولِ تَوَارُثَ ثَابِتِ النَّسَبِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُتَيْطِيُّ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَعَلَى هَذَا إذَا أَقَرَّ بِأَخٍ وَكَانَ لَهُ أَخٌ وَطَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ شَارَكَ الْأَخُ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَخَ الثَّابِتَ النَّسَبِ، وَأَمَّا تَنْظِيرُ خش فِي كَوْنِهِ يَرِثُ مِيرَاثَ ثَابِتِ النَّسَبِ، أَوْ إرْثَ الْمُقَرِّ بِهِ فَلَا يَرِثُ إنْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ حَائِزٌ غَيْرُهُ فَهُوَ قُصُورٌ كَمَا قَالَ بْن وَأُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ التَّفْصِيلَ، وَهُوَ غَيْرُ الْإِطْلَاقِ فَهُوَ غَيْرُ الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ مُخْتَارُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَاخْتَارَ تَخْصِيصَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُخْتَارَهُ هَذَا لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْقَوْلَيْنِ لِمُوَافَقَتِهِ لِهَذَا تَارَةً وَلِهَذَا تَارَةً فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ مِنْ خِلَافٍ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ) أَيْ مِنْ كُلٌّ، أَوْ مِنْ جَانِبٍ مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَالثَّلَاثَةِ) أَيْ، وَأَمَّا السَّنَةُ، وَالسَّنَتَانِ فَالْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَرِثُهُ) أَيْ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِرْثِ وَفِي عبق وَانْظُرْ إذَا مَاتَ الْمُقَرُّ بِهِ وَلَهُ وَلَدٌ هَلْ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِتَمَامِهَا أَمْ لَا اهـ. قَالَ بْن فِيهِ قُصُورٌ فَقَدْ جَزَمَ الْمُتَيْطِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَبِيهِ فَلَا يَرِثُ شَيْئًا مِنْ الْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا قَائِلًا أَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْمُقِرَّ وَابْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عَتَّابٍ أَفْتَوْا بِأَنَّهُ لَا يَرِثُ نَقَلَهُ ح. (قَوْلُهُ وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا غَابَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ اُنْتُظِرَ وَحُكْمُهُمْ حِينَ الِانْتِظَارِ حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى الرِّقِّ فَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُهُ (قَوْلُهُ عَتَقَ الْأَصْغَرُ) أَيْ وَكَذَا تَعْتِقُ أُمُّهُمْ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَلَدُهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْعِتْقُ الْحَاصِلُ لَهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ، أَوْلَادِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ وَلَدَهُ فِي الْوَاقِعِ، أَوْ وَلَدًا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ وَلَدَ غَيْرِهِ فَهُوَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَصْغَرَ إنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِالْأَوْسَطِ، أَوْ الْأَكْبَرِ وَمَا حَدَثَ لِأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الْأَوْلَادِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا يَكُونُ بِمَنْزِلَتِهَا يَعْتِقُ مَعَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا، وَأَمَّا مَا حَدَثَ لَهَا مِنْ الْأَوْلَادِ مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ حُرٌّ مُتَخَلِّقٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ إذَا كَانَ سَيِّدُهَا حُرًّا (قَوْلُهُ، أَوْ الْأَكْبَرُ) أَيْ، أَوْ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ هُوَ الْأَكْبَرَ فَيَكُونُ الْأَوْسَطُ حَدَثَ لَهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِهَذَا الْأَكْبَرِ وَمَا حَدَثَ لِأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الْأَوْلَادِ بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِمَنْزِلَتِهَا يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِ السَّيِّدِ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ، وَهُمَا كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوْسَطَ، أَوْ الْأَصْغَرَ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَكْبَرِ كَانَ قَبْلَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِهَذَا الْأَوْسَطِ، أَوْ الْأَصْغَرِ فَيَكُونُ رَقِيقًا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُمٍّ) أَيْ وَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَلَمْ يُعَيِّنْهُ (قَوْلُهُ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ) أَيْ عَلَى الرُّءُوسِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْقَيِّمِ خِلَافًا لخش كَمَا حَقَّقَهُ طفى وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ كَمَا فِي عبق خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الْعِتْقُ الْكَامِلُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَأَوْلَى الْأُمُومَةُ (قَوْلُهُ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَهُوَ النَّسَبُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَيْ لَا مِنْ السَّيِّدِ وَلَا مِنْ الْأَخَوَيْنِ وَقَوْلُهُ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ أَيْ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ) سَوَاءً كَانَتْ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً وَقَوْلُهُ، وَأَمَةُ رَجُلٍ آخَرَ أَيْ وَلَدَتْ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ وَاخْتَلَطَا) أَيْ الْوَلَدَانِ أَيْ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِمَا لَا أَدْرِي وَلَدِي مِنْ هَذَيْنِ، أَوْ تَدَاعَيَا وَاحِدًا أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَنَفَيَا الْآخَرَ وَقَوْلُهُ عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ

وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ فِي نِكَاحَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي مِلْكَيْنِ، أَوْ نِكَاحٍ وَمِلْكٍ (وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لَا تَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِزَوْجِهَا (وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْبِنْتِ الْأُخْرَى مِنْ نِكَاحٍ، وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ فِي نِكَاحَيْنِ لَكِنْ رُجِّحَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي نِكَاحٍ وَمَجْهُولٍ كَمَا فِي هَذَا الْفَرْعِ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَافَةَ تَكُونُ فِي النِّكَاحَيْنِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَةُ آخَرَ فَفَرْعُ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ) فِي مَعْرِفَتهَا الْأَنْسَابَ بِالشَّبَهِ (عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ) أَيْ بِأَنْ عَرَفَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ سَوَاءً عَرَفَتْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَهُ وَيَكْفِي قَائِفٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ. (وَإِنْ) (أَقَرَّ عَدْلَانِ) ابْنَانِ، أَوْ أَخَوَانِ، أَوْ عَمَّيْنٍ (بِثَالِثٍ) (ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلْمُقَرِّ بِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَلِلْمُقِرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُمَا كَإِقْرَارِ عَدْلٍ وَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَقَوْلُهُ بِثَالِثٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَلَكِنْ مِثْلُهُمَا الْأَجْنَبِيَّانِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، بَلْ، أَوْلَى وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالظَّنِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَالَةٌ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بَتًّا وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةُ. (وَ) إنْ أَقَرَّ (عَدْلٌ) بِآخَرَ (يَحْلِفُ) الْمُقَرُّ بِهِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُقِرِّ أَيْ مَعَ إقْرَارِ الْمُقِرِّ (وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ) أَيْ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْمُقِرُّ عَدْلًا (فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ) غَيْرِ الْعَدْلِ (كَالْمَالِ) أَيْ كَأَنَّهَا هِيَ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ فَإِذَا كَانَا وَلَدَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ وَلَدًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْأَبَوَانِ فِي تَعْيِينِهِ بِأَنْ أَخَذَ كُلٌّ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَافَةٍ اهـ. وَقَوْلُهُ، وَأَمَةُ آخَرَ، وَأَمَّا وَلَدُ زَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ لَهُ إذَا وَلَدَتَا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ وَلَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا قَافَةَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَلَدَيْنِ لَاحِقٌ بِهِ وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ وَيَرِثَانِهِ وَلَا قَافَةَ بَيْنَ الْأُمَّهَاتِ كَذَا فِي عبق وَنَحْوُهُ لطفى مُعْتَرِضًا عَلَى تت وخش التَّابِعِينَ لِلْبِسَاطِيِّ مِنْ دُخُولِ الْقَافَةِ قَائِلًا إنَّمَا تُدْعَى الْقَافَةُ لِتُلْحِقَ بِالْآبَاءِ لَا بِالْأُمَّهَاتِ لَكِنَّ فِي بْن عَنْ ابْنِ مُيَسَّرٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ الْقَافَةَ تُدْعَى لِتُلْحِقَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَلَدَهَا وَمَحِلُّ هَذَا الْخِلَافِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمَا وَلَدِي، وَالْآخَرُ زَنَتْ بِهِ جَارِيَتِي فَإِنْ قَالَ الْأَبُ ذَلِكَ وَاخْتَلَطَا فَالْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ فَهُوَ وَلَدُهُ وَكَانَ الْآخَرُ غَيْرَ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ، وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ فِي نِكَاحَيْنِ) فَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَزَوْجَةُ آخَرَ وَاخْتَلَطَ الْوَلَدَانِ فَلَا يُلْحَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَحَدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَافَةَ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَافَةَ تَكُونُ فِي مِلْكَيْنِ وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ اتِّفَاقًا، وَهَلْ تَكُونُ فِي النِّكَاحَيْنِ، أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَكُونُ فِيهِمَا، وَهَلْ تَكُونُ فِي نِكَاحٍ وَمَجْهُولٍ، أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ) أَيْ عَلَى مَعْرِفَةِ أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُدْفَنْ، وَأَمَّا لَوْ عَرَّفَتْهُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَمِدَ فِي مَعْرِفَةِ النَّسَبِ عَلَى الشَّبَهِ بِهِ حِينَئِذٍ لِتَغَيُّرِهِ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ وَكَانَتْ الْقَافَةُ تَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهَا لَا تَعْتَمِدُ عَلَى تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَبٍ لَمْ تُجْهَلْ صِفَتُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ. (قَوْلُهُ بِثَالِثٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا، وَإِلَّا فَهُوَ قَدْ يَكُونُ رَابِعًا، أَوْ خَامِسًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ) أَيْ فَيَأْخُذُ مِنْ التَّرِكَةِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّ الْمَيِّتِ وَابْنَتِهِ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ ابْنًا، أَوْ أَخًا لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَلِلْمُقَرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُمَا) لَعَلَّ الْأَحْسَنَ مَا نَقَصَاهُ بِإِقْرَارِهِمَا فَإِذَا كَانَ الْمَيِّتُ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ، أَوْلَادٍ أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِثَالِثٍ، وَأَنْكَرَهُ الثَّالِثُ يُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى الْإِقْرَارِ فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةٌ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةٌ وَمُسَطَّحُهُمَا اثْنَا عَشَرَ لِتَبَايُنِهِمَا فَاقْسِمْهَا عَلَى الْإِنْكَارِ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ فَاَلَّذِي نَقَصَهُ إقْرَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقِرِّينَ وَاحِدٌ فَيُعْطَى الِاثْنَانِ لِلْمُقَرِّ بِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ) أَيْ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ إذَا كَانَ ابْنًا، أَوْ أَخًا لِلْمَيِّتِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ، أَوْ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ أَيْ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِغَيْرِ عُدُولٍ وَلَوْ كَانُوا حَائِزِينَ لِلْمِيرَاثِ كَمَا لِابْنِ يُونُسَ وَلِلْمَازِرِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ ثُبُوتُهُ بِإِقْرَارِ غَيْرِ الْعُدُولِ إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَحَازُوا الْمِيرَاثَ كُلَّهُ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ مِثْلُهُمَا الْأَجْنَبِيَّانِ) فَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّ زَيْدًا ابْنٌ ثَالِثٌ لِلْمَيِّتِ، أَوْ أَخٌ ثَالِثٌ لَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ (قَوْلُهُ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ) أَيْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَدْلَانِ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا حَقِيقَةُ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ، بَلْ بِالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْإِقْرَارُ قَدْ يَكُونُ بِالظَّنِّ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُقِرَّ بِمَا ظَنَّهُ بِدُونِ تَحْقِيقٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ عَدَالَةٌ (قَوْلُهُ إلَّا بَتًّا) أَيْ إلَّا بِالْبَتِّ، وَالْجَزْمِ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ. (قَوْلُهُ وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ) أَيْ فَإِذَا أَقَرَّ وَارِثٌ عَدْلٌ كَأَخٍ بِأَخٍ ثَالِثٍ، وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الثَّانِي حَلَفَ الْمُقَرُّ بِهِ وَوَرِثَ أَيْ أَخَذَ ثُلُثًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ الْمَيِّتِ وَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ كَمَا لِلْبَاجِيِّ وَالطُّرْطُوشِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَالذَّخِيرَةِ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقَرِّ بِهِ إلَّا مَا نَقَصَهُ الْمُقِرُّ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ

فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ هِيَ النِّصْفُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِلْمُقَرِّ بِهِ ثُلُثُهَا، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالسُّدُسُ الْآخَرُ ظَلَمَهُ بِهِ الْمُنْكِرُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لِلْمُقَرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ سَوَاءً كَانَ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَلَا يَمِينَ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَيَرِثُ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِمَنْ يَحْجُبُهُ كَإِقْرَارِ أَخٍ بِابْنٍ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ (وَ) لَوْ قَالَ ابْنُ الْمَيِّتِ مَثَلًا لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ (هَذَا أَخِي) ، ثُمَّ قَالَ (بَلْ) هَذَا أَخِي (فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ) أَيْ لَهُ نِصْفُ التَّرِكَةِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِذَلِكَ، وَإِضْرَابُهُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ ذَلِكَ (وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ) بِيَدِ الْمُقِرِّ، وَهُوَ رُبُعُ التَّرِكَةِ فَلَوْ قَالَ لِثَالِثٍ، بَلْ هَذَا أَخِي لَكَانَ لَهُ نِصْفُ الْبَاقِي، وَهُوَ الثُّمُنُ وَسَوَاءً أَقَرَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِتَرَاخٍ، أَوْ بِفَوْرٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ، بَلْ لِلْإِضْرَابِ لَا لِلتَّشْرِيكِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ. (وَإِنْ تَرَكَ) مَيِّتٌ (أُمًّا، وَأَخًا فَأَقَرَّتْ) الْأُمُّ (بِأَخٍ) آخَرَ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الثَّابِتُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ (مِنْهَا السُّدُسُ) لِحَجْبِهَا بِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إلَيَّ السُّدُسِ وَلَيْسَ لِلْأَخِ الثَّابِتِ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ شَقِيقًا، وَالْمُقَرُّ بِهِ لِلْأَبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ، وَالْأَخُ الثَّابِتُ مُنْكِرٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ شَيْئًا وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ لَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَخِ لِلْأَبِ لَهُ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ بِإِقْرَارِ الشَّقِيقِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْأَخُ الثَّابِتُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ بِهِ شَيْءٌ إذْ لَا تَنْقُصُ الْأُمُّ عَنْ السُّدُسِ. (وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ) أَيْ عِنْدَ مَوْتِهِ (بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا) مِنْ غَيْرِهِ (وَنَسِيَتْهَا الْوَرَثَةُ، وَالْبَيِّنَةُ) أَيْ نَسُوا اسْمَهَا الَّذِي سَمَّاهُ لَهُمْ (فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ) أَيْ اعْتَرَفُوا بِإِقْرَارِهِ مَعَ نِسْيَانِهِمْ اسْمَهَا (فَهُنَّ) أَيْ بَنَاتُ الْجَارِيَةِ الثَّلَاثَةُ (أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَفِيهًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ حِصَّتِهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ هِيَ النِّصْفُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ أَنَّك تَقْسِمُ الْمَالَ الْمَتْرُوكَ عَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى الْإِقْرَارِ فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ اثْنَانِ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ ثَلَاثٌ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ لِلتَّبَايُنِ فَإِذَا قُسِمَتْ السِّتَّةُ عَلَى الْإِنْكَارِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ، وَالْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ فَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ بِهِ مَا نَقَصَهُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ اثْنَيْنِ وَيَأْخُذُ الْمُنْكِرُ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ ثُلُثُهَا) أَيْ وَلِلْمُقِرِّ ثُلُثَاهَا، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِ الْمُقِرِّ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ) أَيْ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ الْمُقِرُّ فَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخَوَانِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِابْنٍ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ أَخَذَ الِابْنُ الْمُقَرُّ بِهِ نِصْفَ الْمَالِ، وَأَخَذَ الْأَخُ الْمُنْكِرُ نِصْفَهُ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخٌ وَاحِدٌ، وَأَقَرَّ بِابْنٍ أَخَذَ الِابْنُ جَمِيعَ الْمَالِ، وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ أَخَذَ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ بِقَدْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا كَانَ نَصِيبُهُ نِصْفَ التَّرِكَةِ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ أَخَذَ مِنْهُ ثُلُثَ الدَّيْنِ، وَهَكَذَا وَيَكُونُ هَذَا الْوَارِثُ الْمُقِرُّ شَاهِدًا بِالدَّيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنْكِرِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُنْكِرِ مَا يَخُصُّهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْخَذُ جَمِيعُ نَصِيبِ الْمُقِرِّ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ بَعْضُهُ لَا يَفِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ، بَلْ لِلْإِضْرَابِ لَا لِلتَّشْرِيكِ) أَيْ وَمَتَى كَانَ الْعَاطِفُ لِلْإِضْرَابِ كَمَا هُنَا فَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُهْلَةِ، وَالْفَوْرِيَّةِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ، وَالْفَوْرِيَّةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْعَاطِفُ لِلتَّشْرِيكِ كَالْوَاوِ فِي مِثْلِ هَذَا أَخِي، وَهَذَا أَخِي، أَوْ لَمْ يَكُنْ عَطْفٌ أَصْلًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ، وَهُوَ عبق حَيْثُ قَالَ إذَا أَقَرَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِتَرَاخٍ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِفَوْرٍ وَاحِدٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا يَعْنِي مَعَ الْمُقِرِّ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِرْثِ فَيَكُونُ أَثْلَاثًا. (قَوْلُهُ فَلَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ حِصَّتِهَا الَّتِي أَخَذَتْهَا، وَهِيَ الثُّلُثُ السُّدُسُ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السُّدُسِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأَخِ الثَّابِتِ ثُلُثَاهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ السُّدُسُ الْبَاقِي وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْأَخُ الثَّابِتُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ إنَّمَا يَأْخُذُ السُّدُسَ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ (قَوْلُهُ، وَالْأَخُ الثَّابِتُ مُنْكِرٌ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الْأُمَّ تَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ، وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ غَيْرَ الثُّلُثَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسِ شَيْئًا وَعَلَى هَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ أَخٌ لِأَبٍ أَخَذَ مِنْ الْمِيرَاثِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَخْذِ الْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسَ بِالْإِقْرَارِ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ الشَّقِيقِ مِثْلُهُ فِي خش وعبق (قَوْلُهُ إذْ لَا وَجْهَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ، وَالْأُمُّ لَمْ تُقِرَّ لِلْأَخِ لِلْأَبِ بِالسُّدُسِ، وَإِنَّمَا أَقَرَّتْ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، وَهَذَا الْإِقْرَارُ لَا يُوجِبُ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْإِرْثِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَرِثُ شَيْئًا مَعَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الشَّقِيقِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُهُ الْأَخُ الشَّقِيقُ. (قَوْلُهُ أَيْ اعْتَرَفُوا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُ أَقَرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ مَعْلُومٌ كَوْنُهَا لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهَا ثَلَاثَ بَنَاتٍ، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ فُلَانَةُ هَذِهِ بِنْتِي مِنْ جَارِيَتِي، وَالْأُخْرَيَانِ وَلَدَاهَا مِنْ غَيْرِي، ثُمَّ إنَّ الْبَيِّنَةَ، وَالْوَرَثَةَ نَسُوا عَيْنَ تِلْكَ الْبِنْتِ الَّتِي سَمَّاهَا الْمَيِّتُ لَهُمْ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَرَثَةُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ فَدِّ أَقَرَّ مَعَ نِسْيَانِهِمْ لِعَيْنِهَا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَعْتَرِفُوا بِمَقَالَتِهِ. (قَوْلُهُ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ حَكَمَ فِيهَا بِثُبُوتِ بِنْتٍ لَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَقُ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ

[باب في الإيداع وبيان أحكام الوديعة]

وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (وَإِلَّا) تُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ مَعَ نِسْيَانِ الْبَيِّنَةِ اسْمَهَا (لَمْ يَعْتِقْ) مِنْهُنَّ (شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ إذْ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَنْسَ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلَهَا الْمِيرَاثُ أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ، أَوْ اعْتَرَفَتْ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) رَجُلٌ (وَلَدًا) وَلَحِقَ بِهِ شَرْعًا (ثُمَّ أَنْكَرَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ) بَعْدَ الْإِنْكَارِ (فَلَا يَرِثُهُ) أَبُوهُ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ (وَوُقِفَ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ) الْأَبُ (فَلِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لَا يَقْطَعُ حَقَّهُمْ (وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ) أَيْ دَيْنُ الْأَبِ إنْ كَانَ (وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْأَبِ (وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ) فِي دَيْنِهِمْ وَوُقِفَ الْبَاقِي إنْ كَانَ فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ أَوَّلًا وَرِثَهُ الْوَلَدُ وَلَا يَضُرُّهُ الْإِنْكَارُ (دَرْسٌ) (بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ) (الْإِيدَاعُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ) أَيْ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى دَاخِلَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، فَخَرَجَتْ الْمُوَاضَعَةُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَيْضِهَا لَا الْحِفْظِ، وَالْإِيصَاءِ، وَالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى الْحِفْظِ، وَالتَّصَرُّفِ، وَإِيدَاعِ الْأَبِ وَلَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْإِيدَاعَ مَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالٌ وُكِّلَ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَمَنْ وَضَعَ مَالًا عَنْدَ شَخْصٍ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ احْفَظْهُ، أَوْ نَحْوَهُ فَفَرَّطَ فِيهِ كَأَنْ تَرَكَهُ، وَذَهَبَ فَضَاعَ الْمَالُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ حِينَ وَضْعِهِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ حِفْظِهِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَمَانَةً، وَالْأَمِينُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُفَرِّطْ أَشَارَ إلَى أَنْوَاعِ التَّفْرِيطِ الَّذِي بِهِ الضَّمَانُ بِقَوْلِهِ (تُضْمَنُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَثُلُثُ الْأَكْبَرِ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا نَسَبَ مَعَ أَنَّ الْوَلَدِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِشَخْصٍ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْإِبْهَامَ فِي مَسْأَلَتِنَا هُنَا عَارِضٌ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَذَا قِيلَ وَقَالَ بْن التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةٌ هُنَا وَهُنَاكَ وَمَا قِيلَ فِي كُلٍّ يَجْرِي فِي الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِ الْمَيِّتِ وَلِأَخِيهِ نِكَاحُ أَيِّ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ إذْ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ إلَخْ) فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى أَنَّ إحْدَى الثَّلَاثِ بِنْتُهُ، وَأَنَّهَا فُلَانَةُ وَقَدْ حَصَلَ النِّسْيَانُ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمَشْهُودِ بِهِمَا وَنِسْيَانُ بَعْضِ الْمَشْهُودِ بِهِ مُبْطِلٌ لِلشَّهَادَةِ بِكُلِّهَا. (قَوْلُهُ وَوُقِفَ مَالُهُ) أَيْ مَالُ ذَلِكَ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ فَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ فَيُدْفَعُ مَالُ الْوَلَدِ الْمَوْقُوفِ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ وَوُقِفَ الْبَاقِي) أَيْ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ فَتَأْخُذَهُ وَرَثَتُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ أَوَّلًا وَرِثَهُ الْوَلَدُ) فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرِثَهُ عَصَبَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ الْمُسْتَلْحِقِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَرِثَهُ الْوَلَدُ) أَيْ بِالِاسْتِلْحَاقِ الْحَاصِلِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهُ الْإِنْكَارُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ بِإِنْكَارٍ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يُلْغَزُ بِهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ، أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ ابْنٌ يَرِثُ أَبَاهُ وَلَا عَكْسَ وَلَيْسَ بِالْأَبِ مَانِعٌ، الثَّانِي مَالٌ يَرِثُهُ الْوَارِثُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ مُورَثُهُ، الثَّالِثُ مَالٌ يُوقَفُ لِوَارِثِ الْوَارِثِ دُونَ الْوَارِثِ، الرَّابِعُ مَالٌ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ الشَّخْصِ وَلَا يَأْخُذُهُ هُوَ. [بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ] بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِيدَاعَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى خُصُوصِ حِفْظِ الْمَالِ فَالتَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ، أَوْ الِاقْتِضَاءِ، أَوْ الطَّلَاقِ، أَوْ النِّكَاحِ، أَوْ الْخُصُومَةِ لَا يُسَمَّى إيدَاعًا، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ خَاصٌّ تَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الرَّشِيدُ جَازَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْوَدِيعَةَ،، وَاَلَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ هُوَ الْمُمَيِّزُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَخَالَفَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا وَوَافَقَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ بَلَدِنَا (قَوْلُهُ دَاخِلَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ، وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ أَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ يَقْتَضِي الْحَصْرَ (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ الْمُوَاضَعَةُ) أَيْ فَخَرَجَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْأَمَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَخَرَجَ أَيْضًا التَّوْكِيلُ عَلَى النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ وَاقْتَضَاهُ الدَّيْنُ، وَالْمُخَاصَمَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَوْكِيلًا عَلَى حِفْظِ مَالٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّوْكِيلِ عَلَيْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَيْضِهَا وَلَيْسَ الْقَصْدُ مِنْهُ حِفْظُ الْجَارِيَةِ إلَى أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ (قَوْلُهُ، وَالْوَكَالَةُ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى الْحِفْظِ) أَيْ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَوْكِيلٌ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى مُجَرَّدِ الْحِفْظِ، بَلْ عَلَيْهِ مَعَ النَّظَرِ، وَالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ مَالٌ وُكِّلَ إلَخْ) دَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ ذِكْرُ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّ الْوَثِيقَةَ مُتَمَوَّلٌ يُرَادُ حِفْظُهُ لِأَجْلِ مَا فِيهِ وَشَمِلَ أَيْضًا الْعَقَارَ إذَا وُكِّلَ عَلَى حِفْظِهِ فَيُسَمَّى وَدِيعَةً، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْوَانُّوغِيُّ وَح قَائِلًا لَمْ أَرَ أَحَدًا أَخْرَجَ الْعَقَارَ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً لَكِنْ ابْنُ عَرَفَةَ شَرَطَ فِي الْوَدِيعَةِ أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَخْرُجُ الْعَقَارُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك أَنَّ التَّوْكِيلَ يَفْتَقِرُ إلَى صِيغَةٍ فَكَذَلِكَ الْإِيدَاعُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ وَصُورَةُ السُّكُوتِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَا نُسَلِّمُ خُلُوَّهَا عَنْ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ قَائِمٌ مَقَامَهَا كَالْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ اهـ. بْن، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ الرِّضَا بِالسُّكُوتِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُهَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ إلَّا لِتَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ كَمَا يَقَعُ فِي أَيَّامِ النَّهْبِ مِنْ إيدَاعِ النَّاسِ عِنْدَ ذَوِي الْبُيُوتِ الْمُحْتَرَمَةِ وَيَحْرُمُ قَبُولُهَا مِنْ مُسْتَغْرَقِ الذِّمَمِ وَمَنْ رَدَّهَا لَهُ ضَمِنَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ فَمَنْ وَضَعَ مَالًا عِنْدَ شَخْصٍ)

(بِسُقُوطِ شَيْءٍ) مِنْ يَدِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (عَلَيْهَا) فَتَتْلَفُ وَلَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فِي الْأَمْوَالِ (لَا) يُضَمَّنُ (إنْ انْكَسَرَتْ) الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمُودَعِ بِلَا تَفْرِيطٍ (فِي نَقْلِ مِثْلِهَا) الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ وَنَقْلُ مِثْلِهَا هُوَ الَّذِي يَرَى النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ، أَوْ احْتَاجَ وَلَكِنْ نَقَلَهَا نَقْلَ غَيْرِ مِثْلِهَا ضَمِنَ. (وَ) ضَمِنَ (بِخَلْطِهَا) بِغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، أَوْ تَعَسَّرَ (إلَّا كَقَمْحٍ) خَلَطَهُ (بِمِثْلِهِ) جِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يُضْمَنُ فَإِنْ خَلَطَ سَمْرَاءَ بِمَحْمُولَةٍ ضَمِنَ (أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ) لِتَيَسُّرِ التَّمْيِيزِ وَفِي نُسْخَةٍ، أَوْ دَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا (لِلْإِحْرَازِ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ أَيْ لَا ضَمَانَ فِي خَلْطِهِ الْقَمْحَ بِمِثْلِهِ، أَوْ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِحْرَازِ أَيْ الْحِفْظِ، أَوْ الرِّفْقِ، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إذَا بَقِيَ كُلٌّ عَلَى حِدَتِهِ أَنْ يَضِيعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ) بَعْدَ الْخَلْطِ لِلْإِحْرَازِ (فَبَيْنَكُمَا) عَلَى حَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ فَإِذَا تَلِفَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمَا وَاحِدٌ وَلِصَاحِبِهِ اثْنَانِ فَعَلَى صَاحِبِ الْوَاحِدِ ثُلُثُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ (إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ) ` التَّالِفُ كَمَا فِي الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ خَاصَّةً. (وَ) تُضْمَنُ (بِانْتِفَاعِهِ بِهَا) بِلَا إذْنِ رَبِّهَا فَتَلِفَتْ، أَوْ تَعَيَّنَتْ كَرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ إنْ كَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ عَالِمٌ بِذَلِكَ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْإِيدَاعِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَطَأً أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السُّقُوطُ عَمْدًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ خَطَأً كَمَنْ أُذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ شَيْءٍ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَكَسَرَ غَيْرَهُ فَلَا يَضْمَنُ السَّاقِطَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ وَيَضْمَنُ الْأَسْفَلَ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ خَطَأً، وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَفِي ح لَا يَجُوزُ لِلْمُودَعِ إتْلَافُ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِي إتْلَافِهَا فَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فِي نَقْلِ مِثْلِهَا) نَقْلُ الْمِثْلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْيَاءِ فَبَعْضُ الْأَشْيَاءِ شَأْنُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى جَمَلٍ وَبَعْضُهَا شَأْنُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حِمَارٍ وَبَعْضُهَا يُحْمَلُ عَلَى الرِّجَالِ وَبَعْضُهَا يُنَاسِبُهُ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ وَبَعْضُهَا عَلَى مَهَلٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ) أَيْ لِنَقْلِهَا أَصْلًا وَنُقِلَتْ نَقْلَ أَمْثَالِهَا، أَوْ غَيْرَ نَقْلِ أَمْثَالِهَا وَقَوْلُهُ ضَمِنَ أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنْ انْكَسَرَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ لَا ضَمَانَ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ مَا إذَا احْتَاجَتْ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا نَقْلَ أَمْثَالِهَا فَانْكَسَرَتْ، وَالضَّمَانُ فِيمَا عَدَاهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مَا إذَا لَمْ تَحْتَجْ لِنَقْلٍ وَنُقِلَتْ نَقْلَ أَمْثَالِهَا، أَوْ نَقْلَ غَيْرِ أَمْثَالِهَا، أَوْ احْتَاجَتْ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا غَيْرَ نَقْلِ أَمْثَالِهَا فَانْكَسَرَتْ. (قَوْلُهُ وَضَمِنَ بِخَلْطِهَا بِغَيْرِهَا) أَيْ وَتَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، أَوْ تَعَسَّرَ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَقَبِلَهُ الْمَوَّاقُ وَح خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ حَيْثُ قَيَّدَ الضَّمَانَ بِالْخَلْطِ إذَا حَصَلَ فِيهَا تَلَفٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَمْنًا وَخَلَطَهَا بِدُهْنٍ، أَوْ زَيْتٍ، أَوْ عَسَلٍ (وَقَوْلُهُ، أَوْ تَعَسَّرَ) كَمَا لَوْ كَانَتْ فُولًا فَخَلَطَهَا بِشَعِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا كَقَمْحٍ) لَوْ قَالَ إلَّا مِثْلِيًّا بِمِثْلِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ، أَوْ دَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَكَذَا خَلْطُ دَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا كِلْتَاهُمَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ فَنُسْخَةُ، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، أَوْلَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ فِي إرْجَاعِهِ هَذَا الْقَيْدَ لِلْأُولَى خَاصَّةً قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْإِحْرَازِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ، وَأَبَا الْحَسَنِ قَيَّدَا الثَّانِيَةَ أَيْضًا بِذَلِكَ كَذَا فِي عبق وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تَقْيِيدَهُمَا إنَّمَا وَقَعَ لِمَسْأَلَةِ خَلْطِ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا، وَالدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا، وَهُوَ مِمَّا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا خَلْطُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَقَعْ مِنْ أَحَدٍ تَقْيِيدُهَا بِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا مُطْلَقًا فَعَلَهُ لِلْإِحْرَازِ، أَوْ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ مَا تَلِفَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ الدَّعَاوَى فَصَاحِبُ الْوَاحِدِ يَقُولُ سَلِّمْ وَاحِدِي، وَذَلِكَ يَقُولُ هُوَ الْهَالِكُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الْهَالِكُ عَلَيْهِمَا مُنَاصَفَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ فَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ قَطْعًا مِنْ الْبَاقِيَيْنِ وَتَنَازَعَا فِي وَاحِدٍ يَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا فَلِصَاحِبِ الْوَاحِدِ مِمَّا بَقِيَ نِصْفُهُ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ مِمَّا بَقِيَ ثُلُثَا إرْدَبٍّ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ إرْدَبٌّ وَثُلُثُ إرْدَبٍّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ التَّالِفُ) أَيْ بِأَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا فَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ خَاصَّةً قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرْكَبَ إذَا وُسِقَتْ بِطَعَامٍ لِجَمَاعَةٍ غَيْرِ شُرَكَاءَ، وَأَخَذَ ظَالِمٌ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَخْلُوطًا بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَمَا أَخَذَ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْجَمِيعِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُخْتَلِطٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، بَلْ كَانَ طَعَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا عَلَى حِدَةٍ فَمَا أَخَذَ مُصِيبَتَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا مَا جُعِلَ ظُلْمًا عَلَى الْمَرْكَبِ بِتَمَامِهَا فَيُوَزَّعُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا كَانَ هُنَاكَ اخْتِلَاطًا أَمْ لَا كَالْمَجْعُولِ عَلَى الْقَافِلَةِ. (قَوْلُهُ وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ، وَأَتْلَفَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ وَيَتْبَعُ رَبُّهَا مَنْ أَتْلَفَهَا (قَوْلُهُ كَرُكُوبِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَكْلِهِ لِلْحِنْطَةِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ وَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ شَأْنُ الدَّوَابِّ أَنْ تَعْطَبَ بِمِثْلِهَا سَوَاءً كَانَ عَطَبُهَا مِنْ رُكُوبِهَا، أَوْ مِنْ سَمَاوِيٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَسَافَةُ الشَّأْنُ

وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ فِي السَّمَاوِيِّ وَكَذَا لُبْسُهُ الثَّوْبَ فَضَاعَ، (أَوْ أَبْلَاهُ، أَوْ سَفَرُهُ) بِهَا أَيْ الْوَدِيعَةِ (إنْ قَدَرَ عَلَى) إيدَاعِهَا عِنْدَ (أَمِينٍ) ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ (إلَّا أَنْ تُرَدَّ) مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، أَوْ مِنْ السَّفَرِ بِهَا (سَالِمَةً) لِمَوْضِعِ إيدَاعِهَا، ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدُ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ. (وَحَرُمَ) عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (سَلَفٌ) أَيْ تَسَلُّفُ (مُقَوَّمٍ) بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ (وَ) حَرُمَ تَسَلُّفُ (مُعْدَمٍ) أَيْ فَقِيرٍ وَلَوْ لِمِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْوَفَاءِ (وَكُرِهَ النَّقْدُ، وَالْمِثْلِيُّ) لِلْمَلِيءِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَلَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ الْمَلِيءَ الْغَيْرَ الْمُمَاطِلِ مَظِنَّةُ الْوَفَاءِ مَعَ كَوْنِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ كَعَيْنِهِ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ كَلَا تَصَرُّفٍ، وَهَذَا فِي مِثْلِيٍّ يَكْثُرُ وُجُودُهُ وَلَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ، وَإِمَّا نَادِرُ الْوُجُودِ، أَوْ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ كَاللُّؤْلُؤِ، وَالْمَرْجَانِ فَلَا يَجُوزُ تَسَلُّفُهُ (كَالتِّجَارَةِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ عَلَى الْأَظْهَرِ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوَّمِ وَعَلَى الْمَعْدُومِ وَتُكْرَهُ فِي الْمِثْلِيِّ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقِيلَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ (وَالرِّبْحُ) الْحَاصِلُ مِنْ التِّجَارَةِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ نَقْدًا، أَوْ مِثْلِيًّا فَلِرَبِّهَا الْمِثْلُ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا وَفَاتَ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ سِلْعَتِهِ وَرَدِّ الْبَيْعِ وَبَيْنَ إمْضَائِهِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ لَا تَعْطَبَ الدَّوَابُّ بِمِثْلِهَا وَعَطِبَتْ فَإِنْ كَانَ عَطَبُهَا بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رُكُوبِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَاَلَّذِي فِي عبق وشب أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِالدَّابَّةِ انْتِفَاعًا لَا تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً وَتَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ الْعَطَبُ وَعَدَمُهُ فَالْأَظْهَرُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِيٍّ الضَّمَانُ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ وَكَذَا إنْ جُهِلَ الْحَالُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ فَإِذَا رَكِبَهَا لِمَحِلٍّ تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا، أَوْ جُهِلَ الْحَالُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِتَعَدِّيهِ، وَإِنْ رَكِبَهَا بِمَحِلٍّ لَا تَعْطَبُ فِيهِ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ إذَا عَطِبَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِالضَّمَانِ وَلَوْ كَانَ الْعَطَبُ بِسَمَاوِيٍّ وَعَزَا شب مَا قَالَهُ شَارِحُنَا لِبَعْضِ التَّقَارِيرِ. (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ) أَيْ، وَإِلَّا يَقْدِرْ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ وَخَافَ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا صَحِبَهَا مَعَهُ فَتَلِفَتْ وَلَا فَرْقَ فِي السَّفَرِ الَّذِي فِيهِ الضَّمَانُ، وَاَلَّذِي لَا ضَمَانَ فِيهِ بَيْنَ السَّفَرِ النَّقْلَةِ بِالْأَهْلِ وَسَفَرِ التِّجَارَةِ، وَالزِّيَارَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً إلَخْ) ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ أَنَّهَا رُدَّتْ سَالِمَةً عِنْدَ تَنَازُعِهِ مَعَ الْوَدِيعِ، وَإِذَا رُدَّتْ سَالِمَةً بَعْدَ انْتِفَاعِهِ بِهَا فَلِرَبِّهَا أُجْرَتُهَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ح فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ مِنْ إطْلَاقِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ اهـ. عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَحَرُمَ سَلَفُ مُقَوَّمٍ إلَخْ) أَيْ وَحَرُمَ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ سَوَاءً كَانَ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا تَسَلُّفُ الشَّيْءِ الْمُودَعُ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إمَّا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، أَوْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُودَعُ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ حَرُمَ تَسْلِيفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا مُطْلَقًا كَانَ الْمُودَعُ الْمُتَسَلِّفُ لَهَا مَلِيئًا، أَوْ مُعْدِمًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ حَرُمَ عَلَيْهِ تَسَلُّفُهَا إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَكُرِهَ إنْ كَانَ مَلِيئًا، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ تَسَلُّفِ الْمُودَعِ الْمَلِيءِ لِلْمِثْلِيِّ حَيْثُ لَمْ يُبِحْ لَهُ رَبُّهُ ذَلِكَ، أَوْ يَمْنَعْهُ بِأَنْ جُهِلَ الْحَالُ، وَإِلَّا أُبِيحَ فِي الْأَوَّلِ وَمُنِعَ فِي الثَّانِي وَمَنْعُهُ لَهُ إمَّا بِالْمَقَالِ، أَوْ بِقِيَامِ الْقَرَائِنِ عَلَى كَرَاهَةِ الْمُودِعِ تَسَلُّفَ الْمُودَعِ لَهَا قَالَ عبق وَمِنْ تَقْرِيرِ عج أَنَّ مِثْلَ الْمُودَعِ فِي تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَجَابِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسَلُّفُ مَالِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَيُكْرَهُ لَهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا، وَإِذَا تَسَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَالَ الْوَقْفِ وَاتَّجَرَ فِيهِ سَوَاءً كَانَ السَّلَفُ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا وَحَصَلَ رِبْحٌ فَالرِّبْحُ لَهُ دُونَ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمِثْلِيِّ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ (قَوْلُهُ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوَّمِ) أَيْ فَيَحْرُمُ النَّحْرُ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا إذَا كَانَتْ مُقَوَّمًا كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا، أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِثْلِيًّا، وَالْمُودَعُ مُعْدَمًا وَقَوْلُهُ وَتُكْرَهُ فِي الْمِثْلِيّ أَيْ إذَا كَانَ الْمُودَعُ مَلِيئًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ) هَذَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ) أَيْ، وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ التِّجَارَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ لَهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ الْمُتَّجَرُ فِيهَا دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّ لِصَاحِبِهَا مِثْلَهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ) أَيْ الْمُتَّجَرُ فِيهَا (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا الْمِثْلُ) أَيْ وَلِلْمُودَعِ مَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءً بَاعَهَا بِعَرَضٍ، أَوْ بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ عَرَضًا وَبَاعَهَا الْمُودَعُ لِيَتَّجِرَ فِيهَا سَوَاءً بَاعَهَا بِنَقْدٍ، أَوْ بِعَرَضٍ فَإِنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهَا وَرَدِّ الْبَيْعِ وَبَيْنَ إمْضَائِهِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ، وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهَا مِنْ الْمُودَعِ وَبَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ فُضُولِيٍّ فَإِنْ رَدَّ صَاحِبُهَا الْبَيْعَ، وَأَخَذَهَا فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ رِبْحٌ لِلْمُودَعِ، وَإِنْ أَجَازَهُ، وَأَخَذَ مَا بِيعَتْ بِهِ، أَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ رِبْحٌ إذَا اتَّجَرَ ثَمَنَهَا قَبْلَ قِيَامِ رَبِّهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش إذَا كَانَتْ عَرَضًا وَبِيعَتْ بِعَرَضٍ، وَهَلُمَّ جَرًّا فَلَا رِبْحَ لَهُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنْ فَاتَتْ فَلِرَبِّهَا قِيمَتُهَا إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ فَقَدْ رَدَّهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ وَلَا نَقْلَ يُسَاعِدُهُ. (قَوْلُهُ وَفَاتَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَرَضُ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ) أَيْ وَلَهُ إجَازَةُ.

(وَبَرِئَ) مُتَسَلِّفُ الْوَدِيعَةِ (إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) ، وَهُوَ الْمَكْرُوهُ كَالنَّقْدِ، وَالْمِثْلِيِّ لِلْمَلِيءِ إلَى مَكَانِهِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ فَضَاعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى رَدِّهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَدَّ عَيْنَهُ، أَوْ صِنْفَهُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ غَيْرَ صِنْفِهِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَنْ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ، أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ عَنْ الْقَمْحِ شَعِيرًا لَمْ يَبْرَأْ كَمَا لَوْ رَدَّ الْمُحَرَّمَ، وَهُوَ الْمُقَوَّمُ وَلَا يُبَرِّئُهُ إلَّا رَدُّ مِثْلِهِ لِرَبِّهِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى رَدِّهِ لِمَحِلِّ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَزِمَتْهُ بِمُجَرَّدِ هَلَاكِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُحَرَّمُ مِثْلِيًّا كَالْمُعْدِمِ يَتَسَلَّفُ بَرِئَ بِرَدِّهِ لِمَحِلِّهِ كَالْمَكْرُوهِ فَفِي مَفْهُومِ الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ وَيُؤَيِّدُهُ نُسْخَةُ الْمَوَّاقِ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُقَوَّمِ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ شَامِلًا لِلْمَكْرُوهِ، وَالْجَائِزِ، وَالْمُرَادُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الْجَائِزُ كَالْمَأْخُوذِ بِإِذْنِ رَبِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِإِذْنٍ) فِي تَسَلُّفِهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي تَسَلُّفِهَا، أَوْ التَّسَلُّفُ مِنْهَا (أَوْ يَقُولُ لَهُ إنْ احْتَجْت فَخُذْ) فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّ مَا أَخَذَهُ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّ تَسَلُّفَهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ رَبِّهَا فَانْتَقَلَ مِنْ أَمَانَتِهِ لِذِمَّتِهِ فَصَارَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَقْسَامِ السَّلَفِ، وَالتِّجَارَةِ وَلِقَوْلِهِ وَبَرِئَ إلَخْ أَيْ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَبْرَأُ. (وَ) إذَا أَخَذَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ بِإِذْنٍ، أَوْ بِلَا إذْنٍ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا (ضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ) عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَضْمَنُ غَيْرَ الْمَأْخُوذِ رَدَّ إلَيْهِ مَا أَخَذَهُ أَمْ لَا (أَوْ بِقَفْلٍ) أَيْ يَضْمَنُ بِسَبَبِ قَفْلٍ (بِنَهْيٍ) أَيْ مَعَ نَهْيِهِ عَنْهُ فَسُرِقَتْ بِأَنْ قَالَ لَهُ ضَعْهَا فِي صُنْدُوقِك مَثَلًا وَلَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا لَا إنْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ حَرْقٍ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ بِالْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ الْخَوْفُ مِنْهُ (أَوْ بِوَضْعٍ بِنُحَاسٍ فِي أَمْرِهِ) بِوَضْعِهَا (بِفَخَّارٍ) فَسُرِقَتْ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَضْمَنْ إنْ وَضَعَهُ بِمَحِلٍّ يُؤْمَنُ عَادَةً (لَا إنْ زَادَ قُفْلًا) عَلَى قُفْلٍ أَمَرَهُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ إغْرَاءٌ لِلِصٍّ (أَوْ عَكَسَ) الْأَمْرَ (فِي الْفَخَّارِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي نُحَاسٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعِ، وَأَخْذُ مَا بِيعَ بِهِ (قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) يَعْنِي إنْ ادَّعَى رَدَّهُ لِمَحِلِّهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ مَا تَسَلَّفَهُ لِمَحِلِّهِ، ثُمَّ ضَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ صَاحِبُهَا فَإِنَّ الْمُودَعَ يَبْرَأُ مِنْهَا وَيُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الرَّدِّ بِيَمِينٍ إذَا كَانَ تَسَلُّفُهُ مَكْرُوهًا بِأَنْ كَانَ مَلِيئًا وَتَسَلَّفَ نَقْدًا، أَوْ مِثْلِيًّا سَوَاءً أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ رَبِّهَا بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا التَّسَلُّفُ الْحَرَامُ بِأَنْ كَانَ لِمُقَوَّمٍ فَإِنَّهُ إذَا تَسَلَّفَهُ مَلِيءٌ، أَوْ غَيْرُهُ، وَأَذْهَبَ عَيْنَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ مِثْلَهُ لِمَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّدِّ لِرَبِّهِ وَلَا يَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الرَّدِّ لِمَحِلِّ الْوَدِيعَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ تَسَلُّفَ مِثْلِيٍّ لِمُعْدَمٍ فَإِنَّهُ يُبَرِّئُهُ رَدُّهُ لِمَحِلِّهِ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ بِيَمِينٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ كَالتَّسَلُّفِ الْمَكْرُوهِ. (قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَدَّ عَيْنَهُ، أَوْ صِفَتَهُ) لَعَلَّ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَالْعَطْفُ تَفْسِيرِيٌّ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ وَشَأْنُ الْمُتَسَلِّفِ أَنْ لَا يَرُدَّ الْعَيْنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ، وَإِلَّا فَأَيْنَ الِانْتِفَاعُ (قَوْلُهُ تَفْصِيلٌ) بِأَنْ يُقَالُ قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ أَيْ الْمَكْرُوهَ كَالْمِثْلِيِّ لِمَلِيءٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ فِيهِ تَفْصِيلٌ تَارَةً لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا مُطْلَقًا وَتَارَةً يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا لِمُعْدَمٍ (قَوْلُهُ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إبْرَاءِ الْمُعْدَمِ إذَا تَسَلَّفَ الْمِثْلِيَّ وَرَدَّهُ لِمَحِلِّهِ، وَالْحَقُّ الْإِبْرَاءُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْدَمَ إنَّمَا مُنِعَ مِنْ تَسَلُّفِهَا خَشْيَةَ أَنْ لَا يَرُدَّهَا فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي مُنِعَ لِأَجْلِهَا مِنْ تَسَلُّفِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ يَقُولُ إنْ احْتَجْت إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ إفْرَادِ الْإِذْنِ وَعَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ لَا يَجُوزُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَّا بِإِذْنٍ مُطْلَقٍ، أَوْ مُقَيَّدٍ كَأَنْ يَقُولَ: إنْ احْتَجْت. . . إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَبْرَأُ. . . إلَخْ) فَلَوْ رَدَّ مَا أَخَذَهُ، ثُمَّ ضَاعَتْ لَمْ يَبْرَأْ مِمَّا تَسَلَّفَهُ (قَوْلُهُ، وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى وَحَرُمَ سَلَفُ مُقَوَّمٍ وَمُعْدَمٍ وَكُرِهَ النَّقْدُ، وَالْمِثْلِيُّ كَالتِّجَارَةِ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِرَبِّهِ وَخِلَافُ الْأَحْسَنِ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِخُصُوصِ قَوْلِهِ وَبَرِئَ بِرَدِّ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ كَمَا قُرِّرَ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَا ذَكَرَهُ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً. (قَوْلُهُ، وَإِذَا أَخَذَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ) أَيْ سَلَفًا، أَوْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ حَرَامًا) أَيْ كَانَ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنٍ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ ضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَعَدَّى عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ؛ وَلِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسَلَّفَهُ حَالَةَ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ أَخَذَهُ بِإِذْنٍ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ الْأَخْذُ حَرَامًا سَوَاءً رَدَّهُ لِمَحِلِّهِ فِيهِمَا أَمْ لَا، أَوْ كَانَ مَكْرُوهًا وَلَمْ يَرُدَّهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَكْرُوهًا وَرَدَّهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا أَخَذَهُ وَلَا لِمَا لَمْ يَأْخُذْهُ (قَوْلُهُ، أَوْ بِقَفْلِ) بِفَتْحِ الْقَافِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ كَمَا يَقْتَضِيهِ مَزْجُ الشَّارِحِ لَا بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْآلَةِ، وَإِنْ صَحَّ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ وَلَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا) أَيْ فَخَالَفَ وَوَضَعَهَا فِيهِ وَقَفَلَهُ عَلَيْهَا فَسُرِقَتْ فَيَضْمَنُ لِطَمَعِ السَّارِقِ فِي الصُّنْدُوقِ بِسَبَبِ قَفْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ غَيْرَ السَّرِقَةِ كَالْحَرْقِ، وَالسَّمَاوِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ لَا يُضْمَنُ إلَّا إذَا تَلِفَتْ بِالْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ الِاحْتِرَازُ مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ السَّرِقَةِ لَمْ يَضْمَنْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِنَهْيٍ أَنَّهُ لَوْ قَفَلَ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَنْهَهُ فَلَا ضَمَانَ، وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْقَفْلَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ النَّهْيِ وَعَدَمِ الْأَمْرِ فَلَا ضَمَانَ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهَا فِي بَيْتِهِ مِنْ غَيْرِ قَفْلٍ وَلَهُ أَهْلٌ عَلِمَ خِيَانَتَهُمْ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِمُخَالَفَتِهِ الْعُرْفَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ رَبُّهَا بِخِيَانَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ حِفْظُهَا وَلَوْ شَرَطَ رَبُّهَا خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِحَقِيقَتِهَا (قَوْلُهُ لَا إنْ زَادَ قُفْلًا) بِضَمِّ الْقَافِ بِمَعْنَى

فَوَضَعَهَا فِي فُخَّارٍ فَلَا ضَمَانَ. (أَوْ أَمَرَ بِرَبْطٍ) لَهَا (بِكُمٍّ فَأَخَذَهَا بِالْيَدِ) فَلَا ضَمَانَ إنْ غُصِبَتْ، أَوْ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إخْفَاءَهَا عَنْ عَيْنِ الْغَاصِبِ (كَجَيْبِهِ) أَيْ كَوَضْعِهَا بِهِ إذَا أَمَرَهُ بِرَبْطِهَا بِكُمٍّ فَضَاعَتْ بِغَصْبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُ السُّرَّاقِ قَصْدَ الْجُيُوبِ. (وَ) ضَمِنَ (بِنِسْيَانِهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا) ، وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ (وَبِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِهَا) فَضَاعَتْ (وَبِخُرُوجِهِ بِهَا) مِنْ مَنْزِلِهِ (يَظُنُّهَا لَهُ فَتَلِفَتْ) ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ، وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ. (لَا) يَضْمَنُ (إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ) حَيْثُ أَمَرَهُ بِوَضْعِهَا فِيهِ (فَوَقَعَتْ) مِنْهُ (وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ) فِيمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ. (وَ) ضَمِنَ (بِإِيدَاعِهَا) عِنْدَ أَمِينٍ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَأْتَمِنْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْمُلْتَقَطِ فَلَهُ الْإِيدَاعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِنْ بِسَفَرٍ) أَيْ يَضْمَنُ بِإِيدَاعِهَا وَلَوْ فِي حَالِ سَفَرِهِ وَقَدْ أَخَذَهَا فِي السَّفَرِ قَالَ فِيهَا إنْ أُودِعَتْ لِمُسَافِرٍ مَالًا فَأَوْدَعَهُ فِي سَفَرِهِ ضَمِنَ انْتَهَى، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى السَّفَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَبِلَهَا فِيهِ كَانَ مَظِنَّةَ الْإِذْنِ فِي الْإِيدَاعِ وَمَحِلُّ الضَّمَانِ إذَا، أَوْدَعَهَا (لِغَيْرِ زَوْجَةٍ، وَأَمَةٍ أَعْتِيدَ بِذَلِكَ) وَمِثْلُهُمَا الْعَبْدُ، وَالْأَجِيرُ فِي عِيَالِهِ، وَالِابْنُ الْمُعْتَادُونَ لِذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ، وَإِلَّا ضَمِنَ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَبِإِيدَاعِهَا، وَإِنْ بِسَفَرٍ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ يُودِعَ (لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ) لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ الْعُذْرُ كَهَدْمِ الدَّارِ وَجَارِ السُّوءِ (أَوْ لِسَفَرٍ) أَيْ لِإِرَادَةِ سَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآلَةِ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَوْ وَضَعَهَا فِي مِثْلِ مَا أُمِرَ بِهِ فِي الْإِحْرَازِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ رَبُّهَا اجْعَلْهَا فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ، أَوْ فِي هَذَا السَّطْلِ فَخَالَفَ وَجَعَلَهَا فِي مِثْلِهِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ. (قَوْلُهُ، أَوْ أُمِرَ بِرَبْطِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَا زَادَ قُفْلًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا لَقِيَ الْمُودَعُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ لَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْبِطَهَا فِي كُمِّهِ حَتَّى يَذْهَبَ بِهَا إلَى بَيْتِهِ فَأَخَذَهَا فِي يَدِهِ، أَوْ وَضَعَهَا فِي جَيْبِهِ فَضَاعَتْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إخْفَاءَهَا عَنْ عَيْنِ الْغَاصِبِ) قَالَ عبق اُنْظُرْ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا إنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ فِي ذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) وَظَاهِرُهُ كَانَ الْجَيْبُ بِصَدْرِهِ، أَوْ بِجَنْبِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ بَهْرَامَ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا قَصْرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ يَضْمَنُ بِوَضْعِهَا فِي جَيْبِهِ إذَا كَانَ بِجَنْبِهِ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي وَسَطِهِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِجَعْلِهَا فِي عِمَامَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَضَمِنَ فِي الْعَكْسِ أَيْ مَا إذَا أَمَرَهُ بِجَعْلِهَا فِي وَسَطِهِ فَخَالَفَ وَجَعَلَهَا فِي عِمَامَتِهِ وَكَذَا فِي جَيْبِهِ، أَوْ كُمِّهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي الزَّاهِيِّ لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ الضَّمَانِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي رَجَّحَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ إنَّمَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ، وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ حَمَلَ مَالًا لِإِنْسَانٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ بِضَاعَةً مِنْ بَلَدٍ أُخْرَى حَتَّى أَتَى لِمَوْضِعِ خَوْفٍ فَأَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ فِي يَدِهِ خَوْفًا عَلَيْهِ وَنَزَلَ لِيَبُولَ فَوَضَعَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهُ فَضَاعَ وَلَمْ يَدْرِ مَحَلَّ وَضْعِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ عَصْرَيْهِ؛ لِأَنَّ نِسْيَانَهُ جِنَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْمُودِعِ خِلَافًا لِفَتْوَى الْبَاجِيَّ وَابْنِ عَبْدُوسٍ بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ كَأَنَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ بِنَقْلِهَا (قَوْلُهُ وَبِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِهَا) أَيْ، أَوْ دُخُولُهُ الْمِيضَأَةَ بِهَا لِرَفْعِ حَدَثٍ أَصْغَرَ، أَوْ أَكْبَرَ فَضَاعَتْ لَكِنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ فِيهِمَا حَيْثُ كَانَ يُمْكِنُ وَضْعُهَا فِي مَحِلِّهِ، أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ غَرِيبًا فِي الْبَلَدِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى سُؤَالِهِ فِيهَا عَنْ أَمِينٍ يَجْعَلُهَا عِنْدَهُ حَتَّى يَرْفَعَ حَدَثَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ وَاعْلَمْ أَنَّ قَبُولَهُ لَهَا، وَهُوَ ذَاهِبٌ لِلسُّوقِ كَقَبُولِهِ لَهَا، وَهُوَ يُرِيدُ الْحَمَّامَ فَإِذَا قَبِلَهَا وَضَاعَتْ فِي السُّوقِ ضَمِنَهَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ وَضْعُهَا عِنْدَ أَمِينٍ وَمَحِلُّ الضَّمَانِ أَيْضًا مَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهَا عِنْدَ الْإِيدَاعِ أَنَّ الْمُودَعَ ذَاهِبٌ لِلسُّوقِ، أَوْ لِلْحَمَّامِ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ إذَا ضَاعَتْ فِي الْحَمَّامِ، أَوْ السُّوقِ عَلَى الظَّاهِرِ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا، أَوْدَعَهُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِعَوْرَةِ مَنْزِلِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا قَالَ عبق، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي مِصْرَ إذَا لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَضَعُهَا عِنْدَهُ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ بِهَا؛ لِأَنَّ عُرْفَ مِصْرَ أَنَّ الدَّاخِلَ يُودِعُ مَا مَعَهُ عِنْدَ رَئِيسِ الْحَمَّامِ (قَوْلُهُ وَبِخُرُوجِهِ بِهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يَدْفَعُهَا لِمَنْ يَظُنُّهُ رَبَّهَا. (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَنْشُورَةٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحِرْزٍ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إلَخْ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ إذَا تَلِفَتْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ) أَيْ لِمَا فِي شَرْطِ ضَمَانِهَا. (قَوْلُهُ وَبِإِيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَتَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَخَذَهَا) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهَا مِنْ رَبِّهَا فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا بَالَغَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ بِسَفَرٍ مَعْنَاهُ، وَإِنْ قَبِلَهَا فِي سَفَرٍ أَيْ وَضَمِنَ إنْ، أَوْدَعَهَا فِي حَضَرٍ، أَوْ سَفَرٍ هَذَا إذَا قَبِلَهَا فِي الْحَضَرِ، بَلْ، وَإِنْ قَبِلَهَا فِي سَفَرٍ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ زَوْجَةٍ، وَأَمَةٍ إلَخْ) مَنْطُوقُهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا، أَوْدَعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِزَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ ابْنٍ، أَوْ أَجِيرٍ لَمْ يُعْتَادُوا بِذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَهَا عِنْدَ الزَّوْجَةِ بِإِثْرِ تَزَوُّجِهِ، أَوْ عِنْدَ الْأَمَةِ، أَوْ الْعَبْدِ بِإِثْرِ شِرَائِهِ، أَوْ عِنْدَ الْأَجِيرِ بِإِثْرِ اسْتِئْجَارِهِ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ إيدَاعُ الْمُودِعِ لَهَا لِزَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ ابْنٍ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ أَجِيرٍ اُعْتِيدُوا لِذَلِكَ بِأَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُمْ عِنْدَهُ وَوَثِقَ بِهِمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ

(عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ) لِرَبِّهَا غَائِبًا، أَوْ مَسْجُونًا مَثَلًا فَيَجُوزُ لَهُ إيدَاعُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ حَدَثَتْ عَمَّا إذَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِيدَاعِ وَعَلِمَ رَبُّهَا بِهَا فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْإِيدَاعُ، وَإِلَّا ضَمِنَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهَا بِهَا فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ قَبُولُهَا فَإِنْ قَبِلَهَا وَضَاعَتْ ضَمِنَ مُطْلَقًا، أَوْدَعَهَا أَمْ لَا (وَإِنْ أُودِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (بِسَفَرٍ) أَيْ فِيهِ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ الْإِيدَاعِ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ، أَوْ لِسَفَرٍ بِقَيْدِهِ وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَمَّا أُودِعَتْ عِنْدَهُ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لَهُ إيدَاعُهَا عِنْدَ إرَادَتِهِ السَّفَرَ، أَوْ حُدُوثِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ وُجِدَ مُسَوِّغُ الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا رَضِيَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فِي السَّفَرِ (وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (الْإِشْهَادُ بِالْعُذْرِ) ، وَهُوَ الْعَوْرَةُ، أَوْ السَّفَرُ وَلَا يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْدَعَ لِلْعُذْرِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْعُذْرِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْهَدُوا أَنِّي أَوْدَعْتهَا لِعُذْرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرَاهُ وَلَوْ شَهِدَتْ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَهَا كَفَتْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ. (وَبَرِئَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ إذَا، أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ (إنْ رَجَعَتْ) لَهُ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ (سَالِمَةً) ، ثُمَّ تَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَعَلَيْهِ) وُجُوبًا إذَا زَالَ الْعُذْرُ الْمُسَوِّغُ لِإِيدَاعِهَا (اسْتِرْجَاعُهَا) مِمَّنْ، أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ (إنْ نَوَى الْإِيَابَ) مِنْ سَفَرِهِ، ثُمَّ عَادَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَرْجِعْهَا ضَمِنَ وَكَذَا إذَا زَالَتْ الْعَوْرَةُ فَلَوْ قَالَ إنْ نَوَى الْإِيَابَ، أَوْ زَالَ الْمَانِعُ كَانَ أَشْمَلَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ بِأَنْ نَوَى عَدَمَهُ، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا إنْ عَادَ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ. (وَ) ضَمِنَ (بِبَعْثِهِ بِهَا) لِرَبِّهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ مِنْ الرَّسُولِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ ضَاعَتْ عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ وَصُدِّقَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ فِي دَفْعِهَا لِأَهْلِهِ وَحَلَفَ إنْ أَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ دَفْعَهُ إلَيْهَا إنْ اُتُّهِمَ وَقِيلَ مُطْلَقًا فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ تَحْلِيفُ أَهْلِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مُعْسِرًا فَلَهُ لِغَيْرِ تَحْلِيفُهُمْ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ زَوْجَةٌ، وَأَمَةٌ الزَّوْجُ فَتَضْمَنُ الزَّوْجَةُ إذَا وَضَعَتْ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَحْتَ يَدِهَا عِنْدَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَعَزَاهُ ح لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ) كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وطفى اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ) أَيْ عِنْدَ الْمُودَعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْإِيدَاعُ) ، بَلْ يُبْقِيهَا عِنْدَهُ فَإِنْ ضَاعَتْ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى فَإِنْ حَدَّثَتْ لَهُ عَوْرَةٌ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، أَوْ طَرَأَ لَهُ سَفَرٌ بَعْدَهُ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا جَازَ لَهُ إيدَاعُهَا، وَإِنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فِي سَفَرِهِ (قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ الْإِشْهَادُ إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا حَدَّثَتْ لَهُ عَوْرَةٌ، أَوْ أَرَادَ سَفَرًا وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا، وَأَرَادَ إيدَاعَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ بِالْعُذْرِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ الضَّمَانُ إنْ، أَوْدَعَهَا وَتَلِفَتْ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرَاهُ) أَيْ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُرِيَهُمْ إيَّاهُ إذَا كَانَ عَوْرَةً حَدَّثَتْ فِي الْبَيْتِ، أَوْ يَقُولَ لَهُمْ مُرَادِي السَّفَرُ، وَأَنْ أَضَعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ فُلَانٍ وَيَشْرَعُ فِي السَّفَرِ بِحَضْرَتِهِمْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ إلَخْ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعُذْرِ كَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَجَعَتْ سَالِمَةً) لَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً مِنْ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَحْمُولٌ عَلَى رَدِّهَا سَالِمَةً مِنْ سَفَرِهِ بِهَا وَمَا هُنَا رَجَعَتْ سَالِمَةً مِنْ عِنْدِ الْمُودَعِ الثَّانِي لَا مِنْ سَفَرِهِ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ الْمُسَوِّغُ لِإِيدَاعِهَا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ، أَوْدَعَهَا لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ، أَوْ طُرُوُّ عَوْرَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا مَنْ، أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا مُطْلَقًا نَوَى الْإِيَابَ أَمْ لَا اهـ. عبق وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ إذَا، أَوْدَعَهَا لِعَوْرَةٍ حَدَّثَتْ، أَوْ طُرُوِّ سَفَرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ، أَوْ زَالَتْ الْعَوْرَةُ بِأَنْ بَنِي جِدَارَهُ الَّذِي سَقَطَ وَمَحِلُّ وُجُوبِ اسْتِرْجَاعِهَا إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ إنْ كَانَ قَدْ نَوَى عِنْدَ سَفَرِهِ الْإِيَابَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ عِنْدَ سَفَرِهِ نُدِبَ لَهُ تَرْجِيعُهَا فَقَطْ إذَا رَجَعَ، وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ نَوَاهُ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُرْجِعْهَا، وَهَلَكَتْ إلَّا أَنْ يُغَلَّبَ الْإِيَابُ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. (قَوْلُهُ إنْ نَوَى الْإِيَابَ) أَيْ إنْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ وَقَدْ كَانَ نَوَى الْإِيَابَ عِنْدَ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَرْجِعْهَا ضَمِنَ إلَخْ) فَلَوْ طَلَبَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ فَيَنْبَغِي الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا لَهُ فَإِنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ فِي نِيَّةِ الْإِيَابِ وَعَدَمِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْإِيَابُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ الْأَوَّلِ فَيُقْضَى بِدَفْعِهَا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُ الْإِيَابِ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُودَعِ الثَّانِي فَلَا يُقْضَى بِدَفْعِهَا لِلْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ تَلَفَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاَلَّذِي تَعَلَّقَ ضَمَانُهَا بِهِ الثَّانِي اهـ. عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَبِبَعْثِهِ بِهَا) يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَنْ أُودِعَتْ مَعَهُ وَدِيعَةً يُوصِلُهَا الْبَلَدَ فَعَرَضَتْ لَهُ إقَامَةٌ طَوِيلَةٌ فِي الطَّرِيقِ كَالسَّنَةِ فَلَهُ أَنْ يَبْعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ، أَوْ أَخَذَهَا اللِّصُّ، بَلْ بَعْثُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ وَيَضْمَنُ إنْ حَبَسَهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ الَّتِي عَرَضَتْ لَهُ قَصِيرَةٌ كَالْأَيَّامِ فَالْوَاجِبُ إبْقَاؤُهَا مَعَهُ فَإِنْ بَعَثَهَا ضَمِنَهَا إنْ تَلِفَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مُتَوَسِّطَةً كَالشَّهْرَيْنِ خُيِّرَ فِي إرْسَالِهَا وَفِي إبْقَائِهَا فَلَا ضَمَانَ إنْ أَرْسَلَهَا وَتَلِفَتْ، أَوْ حَبَسَهَا هَذَا مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ) أَيْ، أَوْ أَخَذَهَا اللُّصُوصُ

وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِرَبِّهَا بِلَا إذْنِهِ فَضَاعَتْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (وَ) ضَمِنَ (بِإِنْزَائِهِ) أَيْ بِطَلْقِ الْفَحْلِ (عَلَيْهَا) بِلَا إذْنِ رَبِّهَا (فَمُتْنَ) مِنْ الْإِنْزَاءِ، بَلْ (وَإِنْ مِنْ الْوِلَادَةِ) بِخِلَافِ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ حُكْمًا وَجَمَعَ الضَّمِيرَ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى وَلَوْ قَالَ فَمَاتَتْ كَانَ أَحْسَنَ (كَأَمَةٍ زَوَّجَهَا) الْمُودَعُ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا (فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ) ، وَأَوْلَى مِنْ الْوَطْءِ فَلَوْ حَذَفَ مِنْ الْوِلَادَةِ لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ الِاخْتِصَارِ. (وَ) ضَمِنَ (بِجَحْدِهَا) بِأَنْ قَالَ لِرَبِّهَا مَا، أَوْدَعْتنِي شَيْئًا، ثُمَّ اعْتَرَفَ، أَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْإِيدَاعِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ) مِنْ الْمُودَعِ لِرَبِّهَا (خِلَافٌ) هَلْ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِجَحْدِهِ أَصْلَ الْوَدِيعَةِ وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ بَعْدَ الْجَحْدِ وَسَيَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ يَجْحَدُهُ، ثُمَّ يُقِيمُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ أَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُهَا. (وَ) ضَمِنَ (بِمَوْتِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِرَبِّهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِهَا لِرَبِّهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمِثْلُ بَعْثِ الْمُودَعِ بِهَا فِي الضَّمَانِ وَصَّى رَبُّ الْمَالِ لِلْوَرَثَةِ، أَوْ يُسَافِرُ هُوَ بِهِ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا ضَاعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي كَبِيرِ خش مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَكَذَا الْقَاضِي يَبْعَثُ الْمَالَ لِمُسْتَحِقِّهِ مِنْ وَرَثَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ، وَإِنْ مَشَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ) أَيْ، أَوْ تَلِفَتْ، أَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ اللُّصُوصُ. (قَوْلُهُ وَضَمِنَ) أَيْ الْمُودَعُ بِإِنْزَائِهِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا مِثْلُ الْمُودَعِ فِي ذَلِكَ الشَّرِيكُ فَإِذَا أَنْزَى عَلَى الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ مِنْ الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ أَنَّ الشَّرِيكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ نُوقًا، أَوْ شِيَاهًا (قَوْلُهُ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا) أَيْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي عَدَمِ الْإِذْنِ بِيَمِينٍ إذَا تَنَازَعَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا أَنْزَى عَلَيْهَا فَمَاتَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ، أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ عَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ ضَمَانُ الرَّاعِي وَعَزَاهُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ النَّظَرُ لِلْعُرْفِ، وَالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ الضَّمِيرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمُتْنَ وَقَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصْدُقُ بِمُتَعَدِّدٍ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهَا نَظَرًا لِلَّفْظِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ وَدِيعَةٍ مُفْرَدٌ (قَوْلُهُ فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ) ، وَأَوْلَى مِنْ الْوَطْءِ أَيْ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمُودَعُ الَّذِي تَعَدَّى وَزَوَّجَهَا كَمَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ إذَا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْمُودَعِ الَّذِي زَوَّجَهَا لَهُ وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي اتِّبَاعِ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدِّيهِ بَدَأَ بِالْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ أُعْدِمَ الْمُودَعُ أُتْبِعَ الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ اعْتَرَفَ) أَيْ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى تَلَفَهَا، أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا، أَوْ أَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْإِيدَاعِ فَادَّعَى تَلَفَهَا، أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ، أَوْ التَّلَفَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا يَعْتَرِفْ بِهَا وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْإِيدَاعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ، ثُمَّ فِي قَبُولِ إلَخْ) أَيْ إنْ أَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِهَا حِينَ جَحَدَهَا، وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً بِرَدِّهَا كَانَ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ مَشْهُورٌ كَذَا قَرَّرَ عبق فَقَدْ جَعَلَ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ أَنَّ رَبَّهَا أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً حِينَ جَحَدَهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْجَحْدِ، ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالرَّدِّ أَنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ، وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَتَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَنَقَلَهُ ح، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بَيِّنَةُ الرَّدِّ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ مِنْ أَصْلِهِ فَأَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِهَا فَأَشْهَدَ بَيِّنَةً بِتَلَفِهَا لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ بَيِّنَةِ الرَّدِّ وَبَيِّنَةِ التَّلَفِ كَمَا قَالَهُ جَدّ عج، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَاسْتَصْوَبَهُ شَيْخُنَا، ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ، وَالتَّلَفِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج. (قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ، ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ أَيْ، ثُمَّ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ إلَخْ، وَإِنَّمَا جَزَمَ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا فِيهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَلَمَّا جَحَدَهَا وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالرَّدِّ صَارَ لِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ طَرَفَانِ مُرَجِّحَانِ طَرَفُ الْأَمَانَةِ مُرَجِّحٌ لِقَبُولِهَا، وَطَرَفُ الْجَحْدِ مُرَجِّحٌ لِعَدَمِهِ، فَلِذَا جَرَى الْخِلَافُ فِي الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْقِرَاضِ مَرْجُوحٌ بِخِلَافِ الْقَوْلِ هُنَا بِعَدَمِ قَبُولِهَا فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَقْلُ ح فِي بَابِ الْوَكَالَةِ كَمَا قَالَ بْن اسْتِوَاءُ الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْبِضَاعَةِ فِي وُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنَّ مَنْ قَالَ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ قَالَهُ فِي الْجَمِيعِ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا قَالَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ قَبُولِهَا فِي الْجَمِيعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ أَصْلًا. (قَوْلُهُ وَبِمَوْتِهِ إلَخْ) مِثْلُ الْوَدِيعَةِ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِثِيَابٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَارَاهَا لِلشُّهُودِ وَحَازَهَا لِلْوَلَدِ تَحْتَ يَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَيُقْضَى لَهُ بِقِيمَتِهَا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا لِكَعَشْرِ

(وَلَمْ يُوصِ) بِهَا (وَلَمْ تُوجَدْ) فِي تَرِكَتِهِ أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا (إلَّا) أَنْ يَطُولَ الزَّمَنُ مِنْ يَوْمِ الْإِيدَاعِ (لِكَعَشْرِ سِنِينَ) فَلَا ضَمَانَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا لِرَبِّهَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ وَمَحِلُّ كَوْنِ الْعَشْرِ سِنِينَ طُولًا إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوْثِيقِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلَوْ زَادَ عَلَى الْعَشْرِ (وَأَخَذَهَا) رَبُّهَا (إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَخَذَ وَعَلَيْهَا نَعْتُ كِتَابَةٍ، وَأَنَّهَا لَهُ مَعْمُولُ كِتَابَةٍ وَقَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً بَيْنَ الْعَامِلِ، وَالْمَعْمُولِ وَقَوْلُهُ (أَنْ ذَلِكَ خَطُّهُ) أَيْ الْمَالِكِ (أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ) فَاعِلُ ثَبَتَ أَيْ يَأْخُذُهَا بِسَبَبِ كِتَابَةٍ كَائِنَةٍ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا لِفُلَانٍ إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ خَطُّ رَبِّهَا، أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ. (وَ) تُضْمَنُ (بِسَعْيِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا لِمُصَادِرٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لِظَالِمٍ صَادَرَهُ لِيَأْخُذَهَا وَكَذَا إنْ دَلَّهُ عَلَيْهَا كَمَنْ دَلَّ لِصًّا عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. (وَ) تُضْمَنُ (بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ) الْوَدِيعَةُ (لِبَلَدٍ) لِيُوصِلَهَا لِرَبِّهَا بِإِذْنِهِ أَيْ يَضْمَنُهَا الرَّسُولُ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ قِرَاضٍ (إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْبَلَدِ فَإِنْ وَصَلَ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ بِعَيْنِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا. هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ سَهْلٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوصِ بِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ، أَوْصَى بِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَخَذَهَا رَبُّهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَيَدْخُلُ فِي إيصَائِهِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ هِيَ بِوَضْعِ كَذَا وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا يَضْمَنُهَا كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَتُحْمَلُ عَلَى الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِقَوْلِهِ هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا كَأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّفْهَا، وَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ عِوَضُهَا، وَهُوَ قِيمَتُهَا، أَوْ مِثْلُهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَيُحَاصَصُ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا مَعْنَى ضَمَانِ الْمَيِّتِ لَهَا لَا أَنَّهُ يُتْبَعُ بِمِثْلِهَا، أَوْ بِقِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ كَمَا قِيلَ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُحَاصَصُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، بَلْ إنْ فَضَلَ بَعْدَهُمْ شَيْءٌ كَانَ لِلْوَدِيعَةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، وَهَلْ تَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِتَرِكَتِهِ، أَوْ بِذِمَّتِهِ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَدْ عَلِمْت فَائِدَةَ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا) أَيْ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَأَمَّا احْتِمَالُ ضَيَاعِهَا فَهُوَ بَعِيدٌ إذْ لَوْ ضَاعَتْ لَتَحَدَّثَ بِضَيَاعِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ، وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْخِلْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ طُولٌ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا، أَوْلَى (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ، بَلْ بِإِقْرَارِ الْمُودَعِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَمِثْلُهَا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِهَا بَعْدَ جَحْدِهِ لَهَا فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَأَخْذُهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا هَذِهِ وَدِيعَةٌ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَإِنَّ صَاحِبَهَا يَأْخُذُهَا بِشُرُوطٍ أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكِتَابَةَ بِخَطِّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ وُجِدَتْ أَنْقَصَ مِمَّا كُتِبَ عَلَيْهَا وَيَكُونُ النَّقْصُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ، وَأَخَذَهَا بِكِتَابَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَوْلَى بِبَيِّنَةٍ لَا بِأَمَارَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَآهَا (قَوْلُهُ مَعْمُولُ كِتَابَةٍ) أَيْ، أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا، أَوْ بَيَانٌ إنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ (قَوْلُهُ جُمْلَةً) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، بَلْ جُزْءُ جُمْلَةٍ لِمَا سَيَذْكُرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ فَاعِلُ ثَبَتَ. (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ) أَيْ لِظَالِمٍ صَادَرَهُ وَضَايَقَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْهُ وَيَصِحُّ فَتْحُ الدَّالِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا صَادَرَهُ وَضَايَقَهُ ظَالِمٌ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ مِنْهُ وَحِينَ الْمُصَادَرَةِ ذَهَبَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَدَفَعَهَا لِلْمُودَعِ بِالْكَسْرِ بِحَضْرَةِ الظَّالِمِ عَالِمًا بِذَلِكَ فَأَخَذَهَا الظَّالِمُ فَإِنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ يَضْمَنُ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْفَاؤُهَا عَنْ الظَّالِمِ وَحِفْظُهَا (تَنْبِيهٌ) لَوْ خَشِيَ الْمُودَعُ بِعَدَمِ السَّعْيِ بِهَا لِلْمُصَادِرِ اطِّلَاعَهُ عَلَيْهَا وَنَهْبَ مَتَاعِهِ مَعَهَا بِادِّعَاءِ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْمُصَادِرِ لَجَازَ لَهُ السَّعْيُ بِهَا لِلْمَصَادِرِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُونَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ تَلَامِذَةِ عبق عَنْهُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ دَلَّهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَقَوْلُهُ كَمَنْ دَلَّ لِصًّا عَلَى الْمَالِ أَيْ سَوَاءً كَانَ وَدِيعَةً، أَوْ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ وَبِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ) أَيْ وَتُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ بِمَوْتِ الرَّسُولِ الَّذِي أُرْسِلَتْ مَعَهُ كَانَ مِنْ طَرَفِ رَبِّهَا، أَوْ مِنْ طَرَفِ الْمُودَعِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِ رَبِّهَا وَقَدْ ضَاعَتْ وَلَمْ تُوجَدْ مَعَهُ، وَالضَّامِنُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الرَّسُولُ وَحِينَئِذٍ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ ذَلِكَ الرَّسُولُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِبَلَدِ رَبِّهَا وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ، وَالْمُصِيبَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ رَسُولَهُ وَعَلَى الْمُودَعِ أَنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ رَسُولَهُ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِوُصُولِ الْمَالِ لِرَبِّهِ، أَوْ لِرَسُولِ رَبِّهِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ. (تَنْبِيهٌ) مَفْهُومُ مَوْتِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمُتْ وَكَذَّبَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ ذَلِكَ الرَّسُولُ بِأَنْ ادَّعَى الرَّسُولُ أَنَّهُ، أَوْصَلَهَا لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُعْمَلُ بِتَصْدِيقِ الْمُودَعِ لِذَلِكَ الرَّسُولِ عَلَى أَنَّهُ، أَوْصَلَهَا لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمُودَعُ أَيْضًا إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا لِلرَّسُولِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ؛ لِأَنَّهُ لِمَا دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ كَانَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فَلَمَّا تَرَكَهُ صَارَ مُفَرِّطًا، وَإِمَّا إنْ دَفَعَ لَهُ بِإِشْهَادٍ فَقَدْ بَرِئَ وَيَرْجِعُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ عَلَى الرَّسُولِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ قِرَاضٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْوَدِيعَةِ يَجْرِي بِعَيْنِهِ فِي إرْسَالِ الْمَدِينِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ.

لَمْ يُضَمَّنْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهَا لِرَبِّهَا. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّسُولَ إنْ كَانَ رَسُولَ رَبِّ الْمَالِ فَالدَّافِعُ لَهُ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ وَيَرْجِعُ الْكَلَامُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَوَرَثَةِ الرَّسُولِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ لِرَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ رَسُولَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فَلَا يَبْرَأُ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَّا بِوُصُولِهِ لِرَبِّهِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ مُرْسِلُهُ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ، وَهِيَ مُصِيبَةٌ عَلَى الْمُرْسَلِ. (وَ) تُضْمَنُ (بِكَلُبْسِ الثَّوْبِ) لُبْسًا مُنْقِصًا (وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ) كَذَلِكَ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ) أَيْ اللُّبْسِ وَنَحْوِهِ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ إقْرَارِهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْفِعْلِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. (وَإِنْ أَكْرَاهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ بِأَنْ كَانَتْ دَابَّةً، أَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِينَةً (لِمَكَّةَ) وَنَحْوِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا (وَرَجَعَتْ) سَالِمَةً (بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا) بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتَهَا وَلَوْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ (فَلَكَ) يَا رَبَّهَا إنْ شِئْت (قِيمَتُهَا يَوْمَ كِرَائِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّعَدِّي (وَلَا كِرَاءَ) لَك مَعَ أَخْذِ الْقِيمَةِ (أَوْ أَخْذِهِ) أَيْ الْكِرَاءِ (، وَأَخْذُهَا) مِنْهُ وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنَّ عَلَيْك نَفَقَتَهَا وَلَيْسَ لَهُ إنْ زَادَتْ عَلَى الْكِرَاءِ أَخْذُ الزَّائِدِ كَالْغَاصِبِ وَحُكْمُ الْمُسْتَعَارَةِ، وَالْمُكْتَرَاةِ يَتَعَدَّى بِهَا الْمَسَافَةَ الْمُشْتَرَطَةَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ رَجَعَتْ بِحَالِهَا أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ فَلِرَبِّهَا الْقِيمَةُ يَوْمَ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّعَدِّي، وَإِنْ نَقَصَتْ خُيِّرَ كَالتَّخْيِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَبَسَهَا عَنْ سَوْقِهَا أَمْ لَا وَمَفْهُومُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَنَّهَا إنْ رَجَعَتْ بِحَالِهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ السَّوْقُ بِنَقْصٍ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ مَا كُرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءِ الْمِثْلِ فَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِرَبِّهِ بِإِذْنِهِ وَفِي إرْسَالِ عَامِلِ الْقِرَاضِ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّهِ مَعَ رَسُولٍ بِإِذْنِهِ فَيَمُوتُ ذَلِكَ الرَّسُولُ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَالُ مَعَهُ فَيُقَالُ إمَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَحِلِّ رَبِّهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّسُولُ مِنْ طَرَفِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ مِنْ طَرَفِ مُرْسِلِهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ ذَلِكَ الرَّسُولُ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهَا لِرَبِّهَا) أَيْ وَلِلْمُنَازِعِ، وَهُوَ مَنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ مِنْ طَرَفِهِ تَحْلِيفُ وَارِثِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ سَبِيلًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ إلَخْ) إذَا عَلِمْتَ هَذَا الْحَاصِلَ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى رَسُولِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ وَعَلَى رَسُولِ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ فِي ضَمَانِ الرَّسُولِ جَارٍ فِي رَسُولِ الْمُودَعِ، وَالْمُودِعِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى رَسُولِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ) ، وَالضَّامِنُ لَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ إنْ كَانَ اللُّبْسُ، أَوْ الرُّكُوبُ حَاصِلًا مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَغَاصِبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ، وَالضَّمَانُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ، وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَبَرِئَ أَنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ أَيْ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ بِرَدِّهِ لِرَبِّهِ لَا بِرَدِّهِ لِمَحِلِّ الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا انْتِفَاعٌ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا وَدِيعَةً وَمَا تَقَدَّمَ انْتِفَاعٌ بِهَا بَعْدَ أَنْ تَسَلَّفَهَا فَمَا هُنَا بَاقِيَةٌ فِي أَمَانَتِهِ وَمَا تَقَدَّمَ خَرَجَتْ مِنْ أَمَانَتِهِ لِذِمَّتِهِ اهـ. عبق (قَوْلُهُ سَالِمَةً) أَيْ، وَأَنَّهَا إنَّمَا تَلِفَتْ بَعْدَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ) أَيْ إنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ شَأْنُهُ أَخْذُ الْكِرَاءِ، وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ هَذَا. هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ مِنْ إطْلَاقِ لُزُومِ الْكِرَاءِ تَبَعًا للح فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْفِعْلِ) أَيْ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَهُ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِي ذَاتِهَا وَلَوْ تَعَيَّبَتْ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا) أَيْ حَتَّى تَغَيَّرَتْ أَسْوَاقُهَا بِنَقْصٍ وَمِثْلُ تَغَيُّرِ سُوقِهَا مَا إذَا طَالَ الزَّمَانُ طُولًا مَظِنَّةً لِتَغَيُّرِ سُوقِهَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأَنْ نَقَصَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقْتَ كِرَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَقْتَ رُجُوعِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تُرَادُ لِلْبَيْعِ، بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً لِلْقَنِيَّةِ هَذَا. هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي طفى خِلَافًا لِمَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَتَبِعَهُ خش مِنْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا أَكْرَاهَا الْمُودَعَ وَرَجَعَتْ سَالِمَةً إلَّا أَنَّهُ تَغَيَّرَ سُوقُهَا فَإِنْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا كِرَاؤُهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى خُصُوصِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ. (قَوْلُهُ أَنْ عَلَيْك) أَيْ يَا رَبَّهَا حَيْثُ أَخَذْتهَا مَعَ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إذَا زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَبِّهَا زَائِدَ النَّفَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفَقَةَ، وَالْكِرَاءَ إنْ تُسَاوَيَا، أَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ فَإِنَّ رَبَّهَا يَأْخُذُهَا وَلَا يَدْفَعُ شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مَعَهَا، وَأَمَّا إنْ زَادَ الْكِرَاءُ عَلَى النَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ زَائِدَ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا رَجَعَتْ غَيْرَ سَالِمَةٍ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ أُجْرَةَ الْمَسَافَةِ الَّتِي تَعَدَّى بِهَا وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ نَفَقَتُهَا فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ لَمْ يُغَرَّمْ رَبُّهَا شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ مَعَهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا قُلْتُ إنْ رَجَعَتْ غَيْرَ سَالِمَةٍ؛ لِأَنَّهَا إذَا رَجَعَتْ سَالِمَةً لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ كَمَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ إنْ تَلِفَتْ فَلِرَبِّهَا الْقِيمَةُ إلَخْ) أَيْ وَلَا كِرَاءَ لَهَا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ الْقِيمَةِ وَلَوْ طَلَبَهُ رَبُّهَا مَا لَمْ يَرْضَ الْمُودَعُ بِدَفْعِهِ لَهُ إذَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ، وَإِنْ رَجَعَتْ نَاقِصَةً فِي ذَاتِهَا بِأَنْ رَجَعَتْ مَرِيضَةً، أَوْ هَزِيلَةً وَسَوَاءً حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَمْ لَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْيِيرَ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَجْرِي فِيمَا إذَا

الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا. (وَ) تُضْمَنُ (بِدَفْعِهَا) لِشَخْصٍ (مُدَّعِيًا) حَالٌ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الَّذِي هُوَ فَاعِلُ الدَّفْعِ أَيْ وَادَّعَى دَافِعُهَا (أَنَّك) يَا مُودِعُ بِالْكَسْرِ (أَمَرَتْهُ بِهِ) أَيْ بِالدَّفْعِ، وَأَنْكَرَ رَبُّهَا وَتَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الْقَابِضِ لَهَا وَقَوْلُهُ مُدَّعِيًا إلَخْ أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتَ أَمَرْتنِي بِدَفْعِهَا لَهُ بِنَفْسِك، أَوْ بِوَاسِطَةٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَاءَنِي كِتَابُك، أَوْ رَسُولُك، أَوْ أَمَارَتُك فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (وَحَلَفْت) أَنَّك لَمْ تَأْمُرْهُ أَيْ فَالضَّمَانُ إذَا أَنْكَرَ رَبُّهَا الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْقَابِضِ قَطْعًا لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ الْآمِرَ قَدْ ظَلَمَهُ فَلَا يَظْلِمُ هُوَ الْقَابِضَ (وَإِلَّا) تَحْلِفُ (حَلَفَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (وَبَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْقَابِضِ لِقَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَقُومُ لِلدَّافِعِ (عَلَى) رَبِّهَا (الْآمِرِ) بِالدَّفْعِ فَلَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِدَفْعِهَا مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى، وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ، وَالْيَمِينَ وَقَوْلُهُ (وَرَجَعَ) الْآمِرُ (عَلَى الْقَابِضِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْآمِرِ فَفَاعِلُ رَجَعَ عَائِدٌ عَلَى الْآمِرِ لَا الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْآمِرِ بَرِئَ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَابِضَ تَعَدَّى عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا. (وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ) الْمَبْعُوثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجَعَتْ سَالِمَةً بِحَالِهَا وَفِيمَا إذَا رَجَعَتْ نَاقِصَةً إلَّا أَنَّهَا إنْ رَجَعَتْ نَاقِصَةً خُيِّرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا رَجَعَتْ بِحَالِهَا فَإِنَّمَا يُخَيَّرُ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إذَا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ وَبِدَفْعِهَا) أَيْ وَضَمِنَهَا الْمُودَعُ بِدَفْعِهَا (قَوْلُهُ، وَأَنْكَرَ رَبُّهَا) أَيْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ إنْكَارِ رَبِّهَا إنْكَارُ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ فَفِي ح لَوْ مَاتَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ فَادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ أَمَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِدَفْعِهَا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ وَيَحْلِفُ وَرَثَةُ الْمُودِعِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ وَتَلِفَتْ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهَا قَدْ تَلِفَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي دُفِعَتْ لَهُ، أَوْ ضَاعَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ) أَيْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ مُبَاشَرَةً، أَوْ بِوَاسِطَةِ كِتَابٍ يَعْنِي غَيْرَ مَطْبُوعٍ، أَوْ غَيْرَ خَطِّ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ، أَوْ بِوَاسِطَةِ رَسُولٍ، أَوْ أَمَارَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ أَنْكَرَ رَبُّهَا الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ إلَخْ الِاعْتِرَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَحَقُّقِ إذْنِهِ بِالدَّفْعِ لَهُ بِأَنْ أَمَرَهُ مُشَافَهَةً، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ إذْنُهُ بِالدَّفْعِ لَهُ بِأَنْ حَسَّنَ الظَّنَّ بِإِمَارَتِهِ، أَوْ بِرَسُولِهِ، أَوْ بِكِتَابِهِ غَيْرِ الْمَطْبُوعِ، أَوْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ خَطِّهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ حَيْثُ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ، أَوْ أَتْلَفَهَا لَا إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَذَلِكَ لِعِلْمِ الْمُودَعِ بِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِي الْقَبْضِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ، أَوْ أَتْلَفَهَا وَلَوْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي بْن أَنَّ الْمُودَعَ حَيْثُ ضَمِنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهِيَ مَا إذَا أَنْكَرَ رَبُّهَا الْأَمْرَ وَحَلَفَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ وَلَوْ تَحَقَّقَ إذْنُ رَبِّهَا لَهُ فِي الدَّفْعِ بِأَنْ أَمَرَهُ مُشَافَهَةً، أَوْ عَرَفَ الْخَطَّ، وَالْأَمَارَةَ كَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ تَصْدِيقُهُ فِيمَا أَتَى مِنْ الْأَمَارَةِ، وَالْخَطِّ وَنَحْوِهِ لِابْنِ سَهْلٍ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُودَعِ عَلَى الْقَابِضِ إذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَبَضَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ بِأَنْ تَحَقَّقَ إذْنُهُ لَهُ فِي الدَّفْعِ، وَأَنَّ الْمُودَعَ ظَالِمٌ اخْتِيَارًا لَهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ اهـ. كَلَامُهُ، وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي المج عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ قَدْ ظَلَمَهُ) أَيْ بِإِنْكَارِهِ الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُودِعُ) أَيْ إنَّك أَمَرْته بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ تَشْهَدُ بِأَنَّ رَبَّهَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُدَّعِيًا أَنَّك أَمَرْته بِهِ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ الْكِتَابُ الْمَطْبُوعُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّ الْخَطَّ خَطُّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى رَبِّهَا الْآمِرِ) مُقْتَضَى حَلِّ الشَّارِحِ أَنَّ الْآمِرَ يُقْرَأُ بِالْمَدِّ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، بَلْ يَصِحُّ سُكُونُ الْمِيمِ أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى رَبِّهَا بِالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ لَهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِدَفْعِهَا) أَيْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ بِدَفْعِهَا لِشَخْصٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى رَبِّهَا بِالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ لَهُ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلدَّافِعِ عَلَى أَنَّ رَبَّهَا أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا لِفُلَانٍ وَقُلْتُمْ لَا ضَمَانَ عَلَى الدَّافِعِ حِينَئِذٍ فَإِنَّ رَبَّهَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ إنْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَابِضِ كَمَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الدَّافِعِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَهَذَا أَيْ رُجُوعُ الْآمِرِ عَلَى الْقَابِضِ إنْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا أَيْ، أَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ، وَأَمَّا الصُّوَرُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي قَبْلَ إلَّا فَلَا يَرْجِعُ الْمُودَعُ فِيهَا عَلَى الْقَابِضِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَ إلَّا أَيْ وَحَيْثُ ضَمِنَ الْمُودَعُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَ إلَّا وَغَرِمَ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُصَنِّفُ مَاشِيًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَرَجَعَ إلَخْ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَ إلَّا كَانَ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ رُجُوعِ الْمُودَعِ عَلَى الْقَابِضِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَ إلَّا وَعَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَ إلَّا كَانَ مُتَكَلِّمًا عَلَى ذَلِكَ وَسَاكِتًا عَنْ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ فِيمَا بَعْدَ إلَّا. (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ بِأَنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَابِضِ كَمَا لَا رُجُوعَ

إلَيْهِ (تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ، وَأَنْكَرْت) الصَّدَقَةَ وَقُلْت، بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ، أَوْ قَرْضٌ (فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ) عَلَى قَوْلِ الْبَاعِثِ فَإِنْ شَهِدَ لِلْمُرْسَلِ أَخْذَهُ بِلَا يَمِينٍ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ مَعَ شَهَادَةِ الرَّسُولِ، وَإِنْ شَهِدَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَخْذَهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الرَّسُولُ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ لَكِنْ بِيَمِينٍ (وَهَلْ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (مُطْلَقًا) كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ أَمْ لَا مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) إنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا (إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، أَوْ بِيَدِ الرَّسُولِ، وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (تَأْوِيلَانِ) يَتَّفِقَانِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ. (وَ) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى الرَّدِّ) لَهَا مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، أَوْ وَارِثِهِ (عَلَى وَارِثِك) أَيُّهَا الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لِغَيْرِ يَدِ الْمُؤْتَمِنِ وَكَذَا دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْك (أَوْ) عَلَى (الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ عَلَى الدَّافِعِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْقَابِضِ فِي قَبْضِهَا، وَالدَّافِعِ فِي دَفْعِهَا. (قَوْلُهُ شَاهِدٌ عَلَى قَوْلِ الْبَاعِثِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ أَرْسَلَ ذَلِكَ وَدِيعَةً، أَوْ صَدَقَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَهُ مُصَدِّقٌ عَلَى الْقَبْضِ (قَوْلُهُ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ) أَيْ، وَهُوَ عَدَمُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الشَّيْءِ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ، وَالْأَصْلُ كَالشَّاهِدِ فَلَمَّا انْضَمَّ الْأَصْلُ لِلشَّاهِدِ صَارَ الْبَاعِثُ كَأَنَّ مَعَهُ شَاهِدَيْنِ فَلِذَلِكَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِيَمِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَلِذَا حَلَفَ مَعَهُ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِ الرَّسُولِ، أَوْ لَيْسَ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا أَيْ كَانَ الْمَبْعُوثُ لَهُ الْمَالُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ وَسَوَاءً شَهِدَ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّي الرَّسُولِ بِالدَّفْعِ لِلْمَبْعُوثِ لَهُ بِسَبَبِ إقْرَارِ رَبِّهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ لِمَنْ ذَكَرَ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ إنَّ تَأْوِيلَ الْإِطْلَاقِ هُوَ ظَاهِرُهَا، وَهُوَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ شَاهِدًا، وَأَطْلَقَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ أَشْهَبُ شَاهِدًا، وَأَطْلَقَ فَقِيلَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ جَعْلِهِ شَاهِدًا مُطْلَقًا، وَهُوَ تَأْوِيلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا، أَوْ عُدِمَ وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مَلِيئًا، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بَاقِيًا، وَالْمَبْعُوثُ لَهُ مُعْدَمٌ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ التَّفْصِيلُ عَلَى نَحْوِ تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ بِيَدِهِ كَوْنُهُ قَائِمًا سَوَاءً كَانَ بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ أَيْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا، بَلْ عُدِمَ وَكَانَ الْمَبْعُوثُ لَهُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ (وَقَوْلُهُ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الْمَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَهُ مُعْدَمٌ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مُعْدَمًا وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مَوْجُودًا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُقِرًّا بِالْقَبْضِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ أَخَذَ الْمَالَ وَتَوَاطَأَ مَعَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُعْدَمِ فَإِقْرَارُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُعْدَمِ بِالْقَبْضِ لَا يَنْفَعُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) مَحِلُّهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بَاقِيًا بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْمَبْعُوثُ إلَيْهِ مُعْدَمٌ فَيَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ عَلَى قَوْلِ الْمُرْسِلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ يَتَّفِقَانِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ) أَيْ بِيَدِ الرَّسُولِ، أَوْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مَلِيئًا، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلرَّسُولِ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مَوْجُودٍ أَصْلًا وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُعْدَمًا وَلَا بَيِّنَةَ لِلرَّسُولِ بِالدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ عَلَى قَوْلِ الْمُرْسَلِ لَا عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لِغَيْرِ يَدِ الْمُؤْتَمِنِ) أَيْ وَمَنْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِغَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَمَّا قَصَّرَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ وَكَذَا دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ أَنَّهَا رَدَّهَا إلَيْك) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي ح عَنْ الْجَوَاهِرِ وَكَذَا إذَا ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّ مُورَثَهُ دَفَعَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ لِوَارِثِك يَا مُودِعُ فَالضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عَلَى وَرَثَةِ الْمُودِعِ، أَوْ عَلَى الْمُودِعِ أَنَّ مُورَثَهُمْ قَدْ رَدَّهَا لِلْمُودَعِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَدَّهَا لَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ، أَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى وَرَثَةِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَدَّهَا لِمُوَرِّثِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ إذَا كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْهَا لِلْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُدَّعِي سَوَاءً كَانَتْ الدَّعْوَةُ صَادِرَةً مِنْ ذِي الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ، أَوْ مِنْ وَارِثِهِ عَلَى ذِي الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ، أَوْ عَلَى وَارِثِهِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ الضَّمَانُ. (قَوْلُهُ، أَوْ عَلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ) عَطْفٌ

أَوْ لَمْ يُعْلَمْ إقْرَارُهُ فَيَضْمَنُ الرَّسُولُ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ فِيهَا وَمَنْ بُعِثَ مَعَهُ بِمَالٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ صَدَقَةً، أَوْ صِلَةً، أَوْ سَلَفًا، أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ، أَوْ يَبْتَاعَ لَك بِهِ سِلْعَةً فَقَالَ قَدْ دَفَعْته إلَيْهِ، وَأَكْذَبَهُ الرَّجُلُ لَمْ يَبْرَأْ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. انْتَهَى (كَعَلَيْك) أَيْ كَدَعْوَى الْمُودَعِ الرَّدَّ عَلَيْك يَا رَبَّهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (إنْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا فَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنْ الْخِطَابِ (بَيِّنَةٌ بِهِ) أَيْ بِالْإِيدَاعِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَ لَهُ لِلْإِيدَاعِ أَيْضًا فَلَا الْتِفَاتَ (مَقْصُودَةٌ) أَيْ لِلتَّوَثُّقِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهَا أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُودِعِ بِذَلِكَ فَلَا تَكْفِي بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ وَلَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَلَا مَقْصُودَةٌ لِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ مَا قَدَّمْنَا فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ (لَا) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى التَّلَفِ) ، أَوْ الضَّيَاعِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلتَّوَثُّقِ (أَوْ) دَعْوَى (عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ) أَيْ لَا يَضْمَنُ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ تَلِفَتْ بِحَرْقٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ ضَاعَتْ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى أَحَدَ أَمْرَيْنِ هُوَ مُصَدَّقٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةِ التَّوَثُّقِ (وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) دُونَ غَيْرِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ (وَلَمْ يُفِدْهُ شَرْطُ نَفْيِهَا) أَيْ إنْ شَرَطَ عِنْدَ أَخْذِهَا أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الرَّدِّ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُقَوِّي التُّهْمَةَ فَلِرَبِّهَا تَحْلِيفُهُ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ) يَا رَبَّهَا، وَأَلْزَمْتَهُ الْغُرْمَ فِي دَعْوَاكَ التَّحْقِيقَ بِأَنْ جَزَمْت بِكَذِبِهِ، وَأَمَّا فِي الِاتِّهَامِ فَيَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (وَلَا) ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ (إنْ شَرَطَ) عَلَى رَبِّ الْمَالِ (الدَّفْعَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى وَارِثِك أَيْ وَتُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ بِدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَرْسَلَ الْوَدِيعَةَ مَعَ رَسُولِهِ إلَى رَبِّهَا بِإِذْنِهِ فَأَنْكَرَ رَبُّهَا وُصُولَهَا إلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِقَبْضِهَا مِنْ الرَّسُولِ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُهَا لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ إقْرَارُهُ) أَيْ بِقَبْضِهَا مِنْ الرَّسُولِ لِمَوْتِهِ فَيَضْمَنُهَا الرَّسُولُ لِوَرَثَتِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمَحِلُّ ضَمَانِ الرَّسُولِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْمُودَعِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ عَلَى دَفْعِهَا لِرَبِّهَا فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُودَعِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ائْتَمَنَهُ عَلَى حِفْظِهَا لَا عَلَى رَدِّهَا (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ أَخْذُ وَرِقَّةٍ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِخَطِّهِ كَمَا يَقَعُ الْآنَ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ لَهُ لِلْإِيدَاعِ) أَيْ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّ ضَمِيرَ بِهِ لِلْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقْصِدَ) أَيْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ وَقَوْلُهُ أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَى الرَّدِّ أَيْ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُودِعِ بِذَلِكَ) أَيْ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي) أَيْ فِي الضَّمَانِ بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ مَعَهَا دَعْوَى الرَّدِّ. (قَوْلُهُ وَلَا مَقْصُودَةٌ لِشَيْءٍ آخَرَ) كَمَا لَوْ أَشْهَدَهَا خَوْفًا مِنْ مَوْتِ الْمُودَعِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، أَوْ يَقُولُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَخَافُ أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّهَا سَلَفٌ فَأَشْهِدْ لِي بَيِّنَةً أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَأَشْهَدَهَا فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ كَمَا إذَا تَبَرَّعَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِالْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَرْبٍ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ حُكْمَ الْإِشْهَادِ وَبِمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ بَعْدَ مَقْصُودَةٍ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ لِلتَّوَثُّقِ لَانَ الْمَقْصُودَةَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى حِفْظِهَا (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَغَرَقٍ، وَأَكْلِ فَأْرٍ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَتَلِفَتْ بِحَرْقٍ أَمْ رَدَدْتهَا، أَوْ لَا أَدْرِي هَلْ ضَاعَتْ بِسَرِقَةٍ أَمْ رَدَدْتهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهِمَا إنْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَمْرَيْنِ غَيْرَ مُصَدَّقٍ فِي أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ مُتَّهَمًا، أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ حُقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَمْ لَا فِي صُورَةِ مَا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ تَلِفَتْ، أَوْ رَدَدْتهَا، أَوْ ضَاعَتْ، أَوْ رَدَدْتهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ. (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) قِيلَ هُوَ مَنْ يُشَارُ إلَيْهِ بِالتَّسَاهُلِ فِي الْوَدِيعَةِ وَقِيلَ هُوَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ) أَيْ وَكَذَا فِي صُورَةِ دَعْوَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ وَقَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ أَيْ سَوَاءً حَقَّقَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، أَوْ اتَّهَمَهُ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْمُتَّهَمِ فَلَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ تُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا إذَا حُقِّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ وَدَعْوَاهُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى الرَّدِّ فَقَطْ وَفِي قَوْلِهِ لَا أَدْرِي هَلْ تَلِفَتْ، أَوْ رَدَدْتهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ مَقْصُودَةٌ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا حُقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَمْ لَا (قَوْلُهُ حَلَفْتَ يَا رَبَّهَا، وَأَلْزَمْتَهُ الْغُرْمَ فِي دَعْوَاكَ التَّحْقِيقَ) فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فِي التَّحْقِيقِ صُدِّقَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي الِاتِّهَامِ فَيَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ لَا تَنْقَلِبُ كَذَا لعج فَحَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى خُصُوصِ دَعْوَى التَّحْقِيقِ وَنَحْوِهِ قَوْلُ الْمَوَّاقِ لَمْ يَقُلْ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُتَّهَمِ إذَا نَكَلَ إلَّا عَدَمَ رَدِّ الْيَمِينِ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ رَاشِدٍ، وَأَصْلُهُ لِلْبَيَانِ أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ تَنَقَّلَتْ هُنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَأَنَّهُمْ شَهِدُوا هُنَا. مُرَاعَاةً لِلْأَمَانَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى يَمِينِ التُّهْمَةِ وَغَيْرِهَا اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى إنْ شَرَطَ الرَّسُولُ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إذْ هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِجَعْلِ هَذَا تَقْيِيدًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ

فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ دَفَعَ فَهَذِهِ مُقَيِّدَةٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ فَلَوْ قَالَ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الدَّفْعَ بِلَا بَيِّنَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ. (وَ) تُضْمَنُ (بِقَوْلِهِ) لِرَبِّهَا (تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي بَعْدَ مَنْعِهِ دَفْعَهَا) لَهُ وَلَوْ لِعُذْرِ إقَامَةٍ كَاشْتِغَالِهِ بِالتَّوَجُّهِ لِحَاجَةٍ وَلَوْ أَثْبَتَ الْعُذْرَ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ بَيَانِ تَلَفِهَا دَلِيلٌ عَلَى بَقَائِهَا إلَى أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ إنَّمَا عَلِمَ بِالتَّلَفِ بَعْدَ أَنْ لَقِيَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَيَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ (كَقَوْلِهِ) تَلِفَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اللُّقِيِّ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ (بِلَا عُذْرٍ) ثَابِتٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فَإِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ لِعُذْرٍ ثَابِتٍ لَمْ يَضْمَنُ (لَا) يَضْمَنُ (إنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ) أَقَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي، أَوْ بَعْدَهُ؟ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ أَمْ لَا؟ وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ (وَ) يَضْمَنُ (بِمَنْعِهَا) مِنْ الدَّفْعِ لِرَبِّهَا (حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ) فَضَاعَتْ (إنْ لَمْ تَكُنْ) عَلَيْهِ (بَيِّنَةٌ) بِالتَّوَثُّقِ عِنْدَ إيدَاعِهَا، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ، وَالْمُرَادُ الْحَاكِمُ الَّذِي لَا يُخْشَى مِنْهُ (لَا إنْ قَالَ) عِنْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ (ضَاعَتْ مِنْ) مُدَّةِ (سِنِينَ) ، وَأَوْلَى أَقَلُّ (وَكُنْت أَرْجُوهَا) فَلَا ضَمَانَ (وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا) بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِضَيَاعِهَا (كَالْقِرَاضِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ إلَى هُنَا أَيْ إنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فِي قَوْلِهِ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي إلَخْ لَكِنْ بَعْدَ نَضُوضِ الْمَالِ وَطَلَب رَبُّهُ أَخْذَهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَامْتِنَاعُهُ مِنْ الْقَسَمِ، أَوْ مِنْ إحْضَارِ الْمَالِ لَا يُوجِبُ ضَمَانًا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي مَنْعِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (الْأَخْذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ (لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا) ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مِنْهَا بِقَدْرِ حَقِّهِ إنْ أَمِنَ الْعُقُوبَةَ، وَالرَّذِيلَةَ وَرَبُّهَا مُلَدٌّ، أَوْ مُنْكِرٌ، أَوْ ظَالِمٌ وَيَشْهَدُ لَهُ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] إلَخْ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى شَيْئِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ إلَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِ الْعَيْنِ، وَالْمِثْلِ، وَالْقِيمَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ. (وَلَا أُجْرَةُ حِفْظِهَا) ؛ لِأَنَّ حِفْظَهَا نَوْعٌ مِنْ الْجَاهِ، وَهُوَ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ كَالْقَرْضِ، وَالضَّمَانِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا، أَوْ يَجْرِ بِهَا عُرْفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُنْكِرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ تَضْمِينِهِ، وَأَمَّا الْمُرْسِلُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُشْهِدْ الرَّسُولَ عَلَى الدَّفْعِ. (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنَّ الْمُودِعَ لَقِيَ الْمُودَعُ يَوْمَ السَّبْتِ فَطَلَبَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ فَامْتَنَعَ الْمُودَعُ مِنْ دَفْعِهَا لِعُذْرٍ اعْتَذَرَ بِهِ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ، ثُمَّ إنَّهُ لَقِيَهُ فِي ثَانِي يَوْمٍ فَطَلَبَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ إنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي أَمْسِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ بَيَانِ تَلَفِهَا) أَيْ حِينَ لَقِيَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ حِينَ الْمُلَاقَاةِ أَوَّلًا بِلَا عُذْرٍ ثَابِتٍ بِأَنْ امْتَنَعَ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِالْكَلِمَةِ، أَوْ لِعُذْرٍ مُحْتَمَلٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ اللِّقَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ) أَيْ مَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ حِينَ لَقِيَهُ أَوَّلًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ) أَيْ مِنْ سَفَرِهِ وَيَدْفَعَهَا لَهُ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ حَتَّى تَأْتِيَ الْبَيِّنَةُ وَيَدْفَعَهَا لَهُ بِحَضْرَتِهَا، وَأَمَّا إذَا مَنَعَتْ الْمَرْأَةُ الْوَدِيعَةَ حَتَّى يَقْضِيَ زَوْجُهَا حَاجَتَهُ فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ) أَيْ قَبْلَ حُضُورِ الْقَاضِي، أَوْ الْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ فَلَا يَحْتَاجُ لِدَفْعِهَا لِرَبِّهَا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ الْبَيِّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُتَسَبِّبٌ فِي ضَيَاعِهَا بِحَبْسِهِ لَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْوَدِيعَةِ فِيمَا ذَكَرَ الرَّهْنُ فَإِذَا طَلَبَ رَبُّهُ فَكَاكَهُ وَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَفْعِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ فَتَلِفَ قَبْلَ إتْيَانِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ) أَيْ إذَا حَبَسَهَا لِمَجِيءِ الْقَاضِي، أَوْ الْبَيِّنَةِ فَضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ حُضُورِ مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَكُنْت أَرْجُوهَا) كَتَبَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْبَغِي إنْ ذَكَرَ هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَضَمِنَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا يَقُولُ لَهُ لَوْ أَعْلَمْتنِي بِضَيَاعِهَا كُنْت أُفَتِّشُ عَلَيْهَا فَتَرْكُ إعْلَامِك لِي تَفْرِيطٌ مِنْك (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ أَحَدًا (قَوْلُهُ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا، بَلْ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَضْمَنُ إنْ كَانَ صَاحِبُهَا حَاضِرًا بِالْبَلَدِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ إعْلَامِهِ بِضَيَاعِهَا دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ إلَخْ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ إذَا طَلَبَهُ رَبُّهُ فَمَنَعَهُ مِنْهُ وَلَوْ لِعُذْرٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي، أَوْ بَعْدَ أَنْ لَقِيتنِي إنْ مَنَعَهُ أَوَّلًا لِغَيْرِ عُذْرٍ ثَابِتٍ وَلَا ضَمَانَ إذَا تَلِفَتْ وَقَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ وَضَمِنَ بِمَنْعِهِ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ إذَا كَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لِلتَّوَثُّقِ لَا إنْ قَالَ ضَاعَ مِنْ سِنِينَ وَكُنْت أَرْجُوهُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ نُضُوضِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا) أَيْ مَمْلُوكَةٌ لِمَنْ ظَلَمَهُ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهَا مُتَعَلِّقٌ بِظَلَمَهُ، وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ وَبَعْدَهَا مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ بِأَخْذِ مِثْلِهَا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِمَنْ ظَلَمَهُ بِسَبَبِ أَخْذِ مِثْلِهَا أَيْ فِي الْقَدْرِ، وَالْجِنْسِ، وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ إنْ أَمِنَ الْعُقُوبَةَ) أَيْ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُقُوبَةَ بِالضَّرْبِ فَمَا فَوْقَهُ مِنْ حَبْسٍ، أَوْ قَطْعٍ، أَوْ قَتْلٍ (قَوْلُهُ، وَالرَّذِيلَةُ) أَيْ كَأَنْ يُنْسَبَ لِلْخِيَانَةِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْعِرْضِ وَاجِبٌ كَالنَّفْسِ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» فَأَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَعْنَى وَلَا تَخُنْ إلَخْ أَيْ لَا تَأْخُذْ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّك فَتَكُونَ خَائِنًا، وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ فَلَيْسَ بِخَائِنٍ. (قَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةُ حِفْظِهَا) عَطْفٌ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهَا أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةُ حِفْظِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حِفْظَهَا نَوْعٌ مِنْ الْجَاهِ) هَذَا يَقْتَضِي مَعَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ لَوْ اُشْتُرِطَتْ، أَوْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ وَلَا وَجْهَ لَهُ إذْ الْمَذْهَبُ جَوَازُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِرَاسَةِ كَمَا قَالَ

(بِخِلَافِ مَحِلِّهَا) فَلَهُ أُجْرَتُهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَأْخُذُ (وَلِكُلٍّ) مِنْ رَبِّهَا، وَالْمُودَعِ (تَرْكُهَا) مَتَى شَاءَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَلِلْمُودَعِ رَدُّهَا لَهُ إلَّا لِعَارِضٍ فَيَحْرُمُ وَقَدْ يَجِبُ. (وَإِنْ، أَوْدَعَ) شَخْصٌ (صَبِيًّا، أَوْ) ، أَوْدَعَ (سَفِيهًا) وَدِيعَةً (أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ بَاعَهُ فَأُتْلِفَ) ، أَوْ عِيبَ (لَمْ يَضْمَنْ) الصَّبِيُّ، أَوْ السَّفِيهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ رَبَّهَا هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَيْهَا (وَإِنْ) كَانَ قَبُولُهُ لِمَا ذُكِرَ (بِإِذْنِ أَهْلِهِ) مَا لَمْ يُنَصِّبْهُ وَلِيُّهُ فِي حَانُوتِهِ مَثَلًا فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّبَهُ لِلْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْأَخْذِ، وَالْعَطَاءِ فَقَدْ أَطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ. (وَتَعَلَّقَتْ) الْوَدِيعَةُ (بِذِمَّةِ) الْعَبْدِ (الْمَأْذُونِ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (عَاجِلًا) قَبْلَ عِتْقِهِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْآنَ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ (وَ) تَعَلَّقَتْ (بِذِمَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ (إذَا عَتَقَ) لَا بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِنَايَةً فَلَا يُبَاعُ فِيهَا (إنْ لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ) عَنْهُ فَإِنْ أَسْقُطهُ عَنْهُ لَمْ يُتْبَعْ (وَإِنْ قَالَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ لِشَخْصَيْنِ تَنَازَعَاهَا (هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيتُهُ تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا) كَمَا لَوْ نَكَلَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا أَخَذَهَا الْحَالِفُ وَحْدَهُ (وَإِنْ، أَوْدَعَ اثْنَيْنِ) وَغَابَ وَتَنَازَعَا فِيمَنْ تَكُونُ عِنْدَهُ (جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ) ، وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إنْ فَرَّطَ فَإِنْ كَانَ رَبُّهَا حَاضِرًا فَالْكَلَامُ لَهُ فَإِنْ تُسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ قُسِمْت بَيْنَهُمَا إنْ قَبِلَتْ الْقَسْمَ، وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا مُنِعَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ لِحِفْظِ الْوَدَائِعِ أُجْرَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْرِقَةَ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْحِفْظِ، وَالْمَحَلِّ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ أَخْذَ أُجْرَةِ الْمَحِلِّ دُونَ الْحِفْظِ وَلَوْ انْعَكَسَ الْعُرْفُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، أَوْ اسْتَوَى الْعُرْفُ اسْتَوَى الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَحِلِّهَا) أَيْ الْكَائِنَةِ فِيهِ فَقَطْ مِنْ الْمَنْزِلِ، أَوْ الْحَانُوتِ كَانَ مِلْكًا لِلْمُودَعِ، أَوْ بِالْكِرَاءِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ عَدَمَهُ، أَوْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا) أَيْ مِنْ عِنْدِ الْمُودَعِ وِتْرُك الْإِيدَاعِ وَقَوْلُهُ رَدَّهَا لَهُ أَيْ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، بَلْ لَهُ عَدَمُ قَبُولِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهَا لَا لِمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ وُجُوبٍ، أَوْ حُرْمَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فَالْوُجُوبُ كَمَالٍ فِي يَدِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ تَلِفَ وَكَمَا يَقَعُ فِي زَمَنِ النَّهْبِ مِنْ الْإِيدَاعِ عِنْدَ ذَوِي الْبُيُوتِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَالْحُرْمَةُ كَقَبُولِهَا مِنْ غَاصِبٍ لِيَحْفَظَهَا، ثُمَّ تُرَدُّ لَهُ لَا لِرَبِّهَا. (قَوْلُهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ) أَيْ دَفَعَ لَهُ مَالًا يَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ ذَكَرَ مِنْ الصَّغِيرِ، وَالسَّفِيهِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى إتْلَافِهَا أَيْ عَلَى إتْلَافِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبُولُهُ) أَيْ قَبُولُ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الصَّغِيرِ، وَالسَّفِيهِ وَقَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْمَبِيعِ وَقَوْلُهُ بِإِذْنِ أَهْلِهِ أَيْ فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ الْقِرَاضِ، أَوْ الشِّرَاءِ وَاَلَّذِي حَرَّرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ رُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ لِلْوَدِيعَةِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَوَّاقِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ قَبِلَ الْقِرَاضَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَأَتْلَفَ الْقِرَاضَ، أَوْ مَا اشْتَرَى فَضَمَانُهُ مِنْ وَلِيِّهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ) أَيْ وَلِيُّهُ النَّاصِبُ لَهُ لَا الصَّبِيُّ مَا أَتْلَفَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ، أَوْ دَفَعَ لَهُ قِرَاضًا، أَوْ وَدِيعَةً وَمَحِلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ أَيْضًا فِي الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْمَبِيعِ مَا لَمْ يَصُنْ الصَّبِيُّ، أَوْ السَّفِيهُ مَالَهُ بِمَا أَخَذَهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي صَوْنُهُ بِهِ أَيْ إنَّهُ يَضْمَنُ الْقَدْرَ الَّذِي صَوْنُهُ فَقَطْ مِمَّا كَانَ يُنْفَقُ مِثْلُهُ عَادَةً وَلَا يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ التَّرَفُّهِ عَلَى أَكْلِهِ، أَوْ لُبْسِهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ الَّذِي صَوْنُهُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَفَادَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَتْ الْوَدِيعَةُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ) أَيْ إذَا أَتْلَفَهَا (قَوْلُهُ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْآنَ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، أَوْ مِمَّا يَطْرَأُ لَهُ مِنْ الْمَالِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْآنَ عِوَضُهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ ذَلِكَ عَنْهُ) أَيْ إسْقَاطُ عِوَضِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ أُخِذَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ إذَا أَتْلَفَهَا وَظَاهِرُهُ تَعَلُّقُهَا بِذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي قَبُولِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا بِرَقَبَتِهِ) أَيْ بِحَيْثُ تُدْفَعُ رَقَبَتُهُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ) ذَكَرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ عِوَضِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا، وَإِنَّمَا كَانَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُ عِوَضِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ، وَهُوَ يَعِيبُ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهِ إذَا أَرَادَ بَيْعَهُ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ وَلَهُ مَالٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ اسْتَبَدَّ بِمَالِهِ وَلَا يَأْخُذُهُ غُرَمَاؤُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا) أَشْعَرَ ذَلِكَ إنَّهُ حَيٌّ أَمَّا لَوْ مَاتَ وَقَالَ الْوَارِثُ لَا أَدْرِي هِيَ لِمَنْ مِنْكُمَا إلَّا أَنَّ أَبِي كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَالْحُكْمُ أَنَّهَا تُوقَفُ أَبَدًا حَتَّى يَسْتَحِقَّهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْمُودَعَ لَمْ يُعَيِّنْهُمَا وَلَا غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ تَحَالَفَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ الْمَدِينُ هُوَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيَتُهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ كَذَا قَالَ عبق، وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالدَّيْنِ خِلَافًا وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ عَكْسِهِ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّهُ يُشَدَّدُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَمَانَةِ وَلَوْ قَالَ لِمَنْ تَنَازَعَاهَا لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيتُهُ، ثُمَّ قَالَ هِيَ لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْكُمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا (قَوْلُهُ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ) أَيْ جَعَلَهَا الْحَاكِمُ بِيَدِ الْأَعْدَلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تُسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَهَلْ تُوضَعُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا كَالْوَصِيَّيْنِ، أَوْ تَبْقَى بِأَيْدِيهِمَا؟ خِلَافٌ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، وَالثَّانِي جَزَمَ بِهِ عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ عَنْ سَحْنُونٍ اهـ. بْن.

[باب في حكم العارية]

(دَرْسٌ) (بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) ، وَهِيَ بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَقَدْ تُخَفَّفُ (صَحَّ وَنُدِبَ) جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ النَّدْبُ يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ لِأَجْلِ إفَادَةِ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُخْرَجَاتِ الْآتِيَةِ وَصِحَّةُ الْعَقْدِ اسْتِجْمَاعُهُ الشُّرُوطَ الشَّرْعِيَّةَ (إعَارَةٌ) أَيْ إعْطَاءٌ وَتَمْلِيكُ (مَالِكِ مَنْفَعَةٍ) لِذَاتٍ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمُعِيرِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلذَّاتِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ (بِلَا حَجْرٍ) مُتَعَلِّقٍ بِمَالِكٍ خَرَجَ الْمَحْجُورُ مِنْ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَعَبْدٍ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ بِالْعِوَضِ لَا فِي نَحْوِ الْعَارِيَّةِ إلَّا مَا كَانَ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْحَجْرَ الْجُعْلِيَّ مِنْ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ إذَا مَنَعَ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْإِعَارَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجُعْلِيِّ بَيْنَ الصَّرِيحِ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ لَوْلَا إخْوَتُك، أَوْ دِيَانَتُك، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مَا أَعَرْتُك، وَقَوْلُهُ (وَإِنْ مُسْتَعِيرًا) مُبَالَغَةً فِي الصِّحَّةِ لَا فِي النَّدْبِ إذْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا اسْتَعَارَهُ وَمَحِلُّ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا) تَصِحُّ إعَارَةُ (مَالِكِ انْتِفَاعٍ) ، وَهُوَ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَهُوَ مِنْ قَصْرِ الشَّارِعِ الِانْتِفَاعَ عَلَى عَيْنِهِ فَلَا يُؤَاجِرُ وَلَا يَهَبُ وَلَا يُعِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ] ِ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ أَيْ التَّدَاوُلِ فَهِيَ وَاوِيَّةٌ فَأَصْلُ عَارِيَّةٍ عَوَرِيَّةٌ فَعَلِيَةٌ بِفَتْحَتَيْنِ تُخَفَّفُ يَاؤُهَا وَتُشَدَّدُ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا أَلِفًا وَقِيلَ إنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ عَرَا يَعْرُو بِمَعْنَى عَرَضَ فَأَصْلُهَا عَارُووَةٌ فَاعُولَةٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا، وَالتَّاءُ فِي نِيَّةِ الِانْفِصَالِ فَاجْتَمَعَتْ الْوَاوُ، وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ أَحَدُهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ، هَذَا فِي الْمُشَدَّدَةِ، وَأَصْلُ الْمُخَفَّفَةِ عَارِوَةٌ فَاعِلَةٌ فَأُبْدِلَتْ الْوَاوُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا وَقِيلَ إنَّهَا يَائِيَّةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَارِ فَأَصْلُهَا عَيَرِيَةٌ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا وَرُدَّ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ يَائِيَّةً لَقِيلَ الْقَوْمُ يَتَعَيَّرُونَ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَتَعَاوَرُونَ أَيْ يُعِيرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (قَوْلُهُ صَحَّ وَنُدِبَ إعَارَةُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ بِسَبَبِ مِلْكِهِ لِلذَّاتِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا، أَوْ اسْتِئْجَارِهِ لَهَا، أَوْ اسْتِعَارَتِهِ لَهَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَالِكَ الْفُضُولِيُّ فَإِعَارَتُهُ لِمِلْكِ الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَيْ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ كَهِبَتِهِ وَوَقْفِهِ وَسَائِرِ مَا أَخْرَجَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَمَّا مَا أَخْرَجَهُ بِعِوَضٍ كَبَيْعِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مُنْعَقِدٌ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ إفَادَةِ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُخْرَجَاتِ الْآتِيَةِ) أَيْ وَعَبَّرَ بِنُدِبَ لِأَجْلِ إفَادَةِ حُكْمِهَا الْأَصْلِيِّ وَلَمْ يُعَبِّرْ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ بِحُكْمِهِ غَالِبًا، بَلْ يَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا صَحَّ الْإِبَاحَةُ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَمَّا خَالَفَ حُكْمُهَا، وَهُوَ النَّدْبُ الْأَصْلَ فِي الصِّحَّةِ، وَهُوَ الْإِبَاحَةُ نَصَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلذَّاتِ) أَيْ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ كَانَ مَالِكًا لِلذَّاتِ، أَوْ مُسْتَأْجِرًا لَهَا، أَوْ مُسْتَعِيرًا لَهَا (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِكٍ) أَرَادَ بِالتَّعَلُّقِ الِارْتِبَاطَ يَعْنِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ مَالِكٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَالِكِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ صَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَعَبْدٍ) أَيْ وَكَذَا يَخْرُجُ الْمَرِيضُ إذْ أَعَارَ عَارِيَّةً قِيمَةُ مَنَافِعِهَا أَزْيَدُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ عَارِيَّةً الزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَنَافِعِهَا أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ مَعَ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا فِي التَّبَرُّعِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّبَرُّعِ بِالذَّاتِ، أَوْ الْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ انْدَفَعَ تَوَهُّمُ دُخُولِهِ هُنَا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ مُرَادُهُ خُصُوصَ الْحَجْرِ الشَّرْعِيِّ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ حَجْرُ الْمَالِ، بَلْ مُرَادُهُ مُطْلَقُ حَجْرِ الشَّامِلِ لِلْجُعْلِيِّ، وَالْأَصْلِيِّ، وَالْجَعْلِيُّ هُوَ مَا جَعَلَهُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَا تُعِرْهَا. (قَوْلُهُ لَا مَالِكُ انْتِفَاعٍ) قَالَ عج وَمِلْكُ الْخُلُوِّ مِنْ قَبِيلِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ قَبِيلِ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ وَحِينَئِذٍ فَلِمَالِكِ الْخُلُوِّ بَيْعُهُ، وَإِجَارَتُهُ، وَهِبَتُهُ، وَإِعَارَتُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ إذَا مَاتَ وَيَتَحَاصَصُ فِيهِ غُرَمَاؤُهُ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ، وَأَخُوهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ بِأَنَّ الْخُلُوَّ مُعْتَدٌّ بِهِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ، وَقَالَ بْن بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَتْوَى وَقَعَتْ الْفَتْوَى مِنْ شُيُوخِ فَاسَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالشَّيْخِ الْقَصَّارِ وَابْنِ عَاشِرٍ وَأَبِي زَيْدٍ الْفَاسِيِّ وَسَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ، وَأَضْرَابِهِمْ، وَالْخُلُوُّ اسْمٌ لِمَا يَمْلِكُهُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي وَقَعَتْ الدَّرَاهِمُ فِي مُقَابَلَتِهَا وَلِذَا يُقَالُ أُجْرَةُ الْوَقْفِ كَذَا وَأُجْرَةُ الْخُلُوِّ كَذَا وَشَرْطُ الْخُلُوِّ احْتِيَاجُ الْوَقْفِ لِعَدَمِ الرَّيْعِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ أَرْضٌ بَرَاحًا مَوْقُوفَةً عَلَى جِهَةٍ، أَوْ دَارٍ مُتَخَرِّبَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى جِهَةٍ وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ رِيعٌ يُعَمَّرُ بِهِ فَيَدْفَعُ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَيَأْخُذُ تِلْكَ الْأَرْضَ، أَوْ الدَّارَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِئْجَارِ وَيُجْعَلُ عَلَيْهَا أُجْرَةٌ يَدْفَعُهَا كُلَّ سَنَةٍ تُسَمَّى حِكْرًا وَيُبَيِّنُهَا فَالْمَنْفَعَةُ الْحَاصِلَةُ بِبِنَائِهِ تُسَمَّى خُلُوًّا فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ تُؤَاجَرُ كُلَّ سَنَةٍ بِعَشْرَةٍ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمَجْعُولَةُ كُلَّ سَنَةٍ دِينَارًا وَاحِدًا كَانَتْ التِّسْعَةُ أُجْرَةَ الْخُلُوِّ، وَالدِّينَارُ أُجْرَةَ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مِنْ قَصْرِ الشَّارِعِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَالِك الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ كَالْمَالِكِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَالْمُسْتَعِيرِ

كَسَاكِنِ بُيُوتِ الْمَدَارِسِ، وَالرُّبُطِ، وَالْجَالِسِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَالْأَسْوَاقِ. (مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ) مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ مُتَعَلِّقَةٌ بِإِعَارَةٍ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْعَارِيَّةِ، وَهُوَ الْمُسْتَعِيرُ يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يُتَبَرَّعَ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ لِلدَّوَابِّ وَلَا لِلْجَمَادَاتِ وَكَذَا إعَارَةُ مُسْلِمٍ، أَوْ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ إذْ لَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ عَلَيْهِ بِهِ،. ، وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (عَيْنًا) أَيْ ذَاتًا (لِمَنْفَعَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهَا فَاللَّامُ لِلْعِلَّةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُشْبِهُ لَامَ الْعَاقِبَةِ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ ثَوَابُ الْآخِرَةِ مِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ هُنَا وَقَوْلُهُ عَيْنًا مَعْمُولٌ لِإِعَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، وَالْأَصْلُ يَصِحُّ أَنْ يُعِيرَ الْمَالِكُ أَهْلَ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ عَيْنًا لِمَنْفَعَةٍ (مُبَاحَةٍ) اسْتِعْمَالًا، وَإِنْ لَمْ يُبِحْ بَيْعَهَا كَكَلْبِ صَيْدٍ وَجِلْدِ أُضْحِيَّةٍ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُؤَاجِرَ، وَأَنْ يَهَبَ، وَأَنْ يُعِيرَ، كَمَا لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ كَسَاكِنِ بُيُوتِ الْمَدَارِسِ) أَيْ بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُجَاوِرًا، أَوْ مُرَابِطًا، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَسَاكِنَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمُجَاوِرِينَ فِي تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ، أَوْ عَلَى الْمُرَابِطِينَ فِي ذَلِكَ الرِّبَاطِ فَاسْتِحْقَاقَةُ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ الْوَصْفِ فَإِذَا اسْتَحَقَّهُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعٌ وَلَا كِرَاءٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا عَارِيَّةٌ وَلَا الْخَزْنُ فِيهِ، نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ مِنْهُ لِغَيْرِهِ فَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْغَيْرُ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا وَقَعَ لِلْبَرْزَلِيِّ فِي سُكْنَى خَلْوَةِ النَّاصِرِيَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ لَهُ حَقَّهُ فِيهَا مَنْ كَانَ يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهَا عِنْدَ قُدُومِهِ لِسَفَرِ الْحَجِّ وَيَجُوزُ إسْقَاطُ الْحَقِّ فِي الِانْتِفَاعِ بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ، وَالْوَظَائِفِ مَجَّانًا وَفِي مُقَابَلَةِ دَرَاهِمَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي بْن عَنْ الْبُرْزُلِيِّ، وَإِذَا أَسْقَطَ مَالِكُ الِانْتِفَاعِ حَقَّهُ مِنْهُ سَقَطَ حَقُّهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَسْقَطَهُ فَإِنْ أَسْقَطَهُ مُدَّةً مَخْصُوصَةً رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا كَالْعَرِيَّةِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الْإِسْقَاطِ فَلَا يَعُودُ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَقَوْلُهُ كَسَاكِنِ بُيُوتِ إلَخْ أَيْ وَكَالْمُسْتَعِيرِ الَّذِي مُنِعَ مِنْ أَنْ يُعِيرَ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ إنَّمَا قَصَدَ انْتِفَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَخْصُوصِ الْمَوْصُوفِ بِكَوْنِهِ مُسْتَعِيرًا أَيْ وَكَمَنْ اسْتَعَارَ كِتَابًا وَقْفًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلِانْتِفَاعِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُسْقِطَ ذَلِكَ الْمُسْتَعِيرُ حَقَّهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَيَكُونَ الثَّانِي مِنْ أَهْلِهَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ، وَالْجَالِسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَسْوَاقِ) أَيْ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي اُشْتُهِرَ بِالْجُلُوسِ فِيهِ مِنْ الْمَسْجِدِ، أَوْ السُّوقِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا إجَارَتُهُ وَلَا إعَارَتُهُ، نَعَمْ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ فِيهِ لِغَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ (قَوْلُهُ مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ) اعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّهُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سُمِعَ تَعْدِيَةُ أَعَارَ لِمَفْعُولِهِ الثَّانِي بِمِنْ تَارَةً وَبِاللَّامِ أُخْرَى كَبَاعِ وَوَهَبَ يُقَالُ أَعَارَهُ مِنْهُ وَلَهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الرُّكْنِ الثَّانِي) أَيْ فَلَمَّا ذَكَرَ شُرُوطَ الْمُعِيرِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ شَرَعَ يَذْكُرُ شُرُوطَ الْمُسْتَعِيرِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَيْهِ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ عَلَيْهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ بِغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَاللَّامُ لِلْعِلَّةِ) أَيْ وَمَعْلُولُهَا الْإِعَارَةُ لَا النَّدْبُ أَيْ أَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ يُعِيرُ الذَّاتَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ مَعْلُولِهَا النَّدْبَ أَيْ إنَّمَا نُدِبَتْ إعَارَةُ الذَّاتِ لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِهَا (قَوْلُهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُشْبِهُ لَامَ الْعَاقِبَةِ) أَيْ كَمَا قَالَ عبق وَشَبَهُهَا فَاللَّامُ الْعَاقِبَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَيْلُولَةِ أَيْ نُدِبَ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَنْ يُعِيرَ عَيْنًا يَئُولُ أَمْرُهَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْهَا أَيْ عَاقِبَةُ إعَارَةِ الْعَيْنِ وَمَآلُ أَمْرِهَا اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ قَالَ عبق، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ لَامَ الْعَاقِبَةِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَكُونُ مَا بَعْدَهَا نَقِيضًا لِمُقْتَضَى مَا قَبْلَهَا كَالْعَدَاوَةِ، وَالْحَزَنِ الْمُنَافِيَيْنِ لِمُقْتَضَى الِالْتِقَاطِ مِنْ الْمَحَبَّةِ، وَالسُّرُورِ، وَهُنَا لَيْسَتْ نَقِيضًا لَهُ؛ لِأَنَّهَا تُجَامِعُهُ فَهِيَ تُشْبِهُهَا مِنْ حَيْثُ الْأَيْلُولَةُ كَمَا مَرَّ اهـ. وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ لَامَ الْعَاقِبَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بِدَلِيلِ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ) أَيْ فِي النَّدْبِ ثَوَابُ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ) أَيْ لِصِحَّةِ جَعْلِهَا لِلْعَاقِبَةِ كَمَا عَلِمْت وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْعِلَّةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ عِلَّةَ النَّدْبِ الثَّوَابُ، بَلْ الثَّوَابُ مُرَتَّبٌ عَلَى الِانْتِفَاعِ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ، وَلِذَا صَرَّحَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ الثَّوَابَ عَاقِبَةٌ لَا عِلَّةٌ (قَوْلُهُ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) أَيْ وَعَيْنًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ الصَّوَابَ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ مَفْعُولٌ مُقَيَّدٌ بِالْجَارِّ فَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَعَيْنًا مُجَرَّدٌ عَنْ الْجَارِّ فَهُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا} [الأعراف: 155] (قَوْلُهُ يَصِحُّ أَنْ يُعِيرَ) أَيْ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ لِمَنْفَعَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ مُبَاحَةً) بِالنَّصْبِ صِفَةً لِعَيْنًا (قَوْلُهُ اسْتِعْمَالًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِعْمَالِ، كَانَتْ مُبَاحَةً مِنْ جِهَةِ الْبَيْعِ أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَجِلْدِ أُضْحِيَّةٍ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ. . . إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ الْأَعْيَانُ كُلُّهَا مُبَاحَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَحِينَئِذٍ

(لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا) فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ مُحْتَرَزُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُصْحَفَ لَهُ، وَالسِّلَاحَ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهِ مَنْ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُ. (وَ) لَا إعَارَةَ (جَارِيَةٍ لِوَطْءٍ) ، أَوْ اسْتِمْتَاعٍ بِهَا (أَوْ خِدْمَةٍ) أَيْ وَلَا إعَارَةَ خِدْمَةِ جَارِيَةٍ (لِغَيْرِ مَحْرَمٍ) أَيْ لِرَجُلٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَمْنُوعِ (أَوْ) إعَارَتُهَا (لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ) مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى وَكَذَا إعَارَةُ الْعَبْدِ (، وَهِيَ لَهَا) أَيْ، وَالْمَنْفَعَةُ زَمَنَ الْإِعَارَةِ لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ تَكُونُ لِلْجَارِيَةِ لَا لِسَيِّدِهَا وَلَا لِلْمُعَارِ لَهُ فَلَهَا أَنْ تُؤَاجِرَ نَفْسَهَا زَمَنَهَا. (وَالْأَطْعِمَةُ، وَالنُّقُودُ قَرْضٌ) لَا عَارِيَّةً، وَإِنْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَارِيَّةِ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ رَدِّ عَيْنِهَا لِرَبِّهَا،. ، وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (بِمَا يَدُلُّ) عَلَيْهَا قَوْلًا كَأَعَرْتُكَ، أَوْ نَعَمْ جَوَابًا لِأَعِرْنِي كَذَا، أَوْ فِعْلًا كَإِشَارَةٍ، أَوْ مُنَاوَلَةٍ فَلَيْسَ لَهَا صِيغَةٌ مَخْصُوصَةٌ، بَلْ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَفَى (وَجَازَ أَعِنِّي بِغُلَامِك) الْيَوْمَ مَثَلًا (لَأُعِينك) بِغُلَامِي، أَوْ ثَوْرِي وَسَوَاءً اتَّحَدَ نَوْعُ الْمُعَارِ فِيهِ كَالْبِنَاءِ، أَوْ اخْتَلَفَ كَالْحِرَاثَةِ، وَالْبِنَاءِ، أَوْ الْحَصَادِ، وَالدِّرَاسِ وَسَوَاءً تَسَاوَى الزَّمَنُ، أَوْ اخْتَلَفَ كَأَعِنِّي بِغُلَامِك يَوْمًا لَأُعِينك بِغُلَامِي يَوْمَيْنِ. (إجَارَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ أَيْ جَازَ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّهُ إجَارَةٌ أَيْ لَا عَارِيَّةٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ الْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتَجُوزُ إعَارَتُهَا. (قَوْلُهُ لَا كَذِمِّيٍّ) الْمَعْطُوفُ بِلَا مَحْذُوفٌ بِدَلِيلِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعِيرَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ كَإِعَارَةِ ذِمِّيٍّ عَبْدًا مُسْلِمًا فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْمُسْلِمِ) الْأَوْلَى فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مُخْرَجَةٌ مِنْ الصِّحَّةِ وَغَيْرُ الْجَائِزِ قَدْ يَكُونُ صَحِيحًا، ثُمَّ جَعْلُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْعَارِيَّةَ غَيْرَ صَحِيحَةٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَيُؤَاجَرُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، وَهَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَمْضِي وَيُؤَاجَرُ عَلَيْهِ مِثْلُ هِبَةِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ خش وَجَزَمَ بِهِ بْن أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي إخْرَاجِ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ الصِّحَّةِ وَشَارِحُنَا تَمَحَّلَ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا يَجُوزُ إلَى جَعْلِ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْجَوَازِ الَّذِي تَسْتَلْزِمُهُ الصِّحَّةُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُصْحَفَ لَهُ) أَيْ إعَارَةُ الْمُصْحَفِ لَهُ أَيْ لِلذِّمِّيِّ وَكَذَا أَدْخَلَتْ الْأَوَانِيَ لِيَسْتَعْمِلَهَا فِي كَخَمْرٍ وَدَوَابَّ لِمَنْ يَرْكَبُهَا لِإِذَايَةِ مُسْلِمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا لَازِمُهُ أَمْرٌ مَمْنُوعٌ فَالْكَافُ يُلَاحَظُ دُخُولُهَا عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَلَى مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ وَجَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ) أَيْ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا تَصِحُّ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ لَكِنْ يُجْبَرُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِإِجَارَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إعَارَتُهَا لِلْوَطْءِ كَتَحْلِيلِهَا لَهُ فِي عَدَمِ الْحَدِّ إذَا حَصَلَ وَطْءٌ وَفِي التَّقْوِيمِ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ امْتَنَعَا مِنْ التَّقْوِيمِ فَتُقَوَّمُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ، أَوْ خِدْمَةٍ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ) أَيْ لَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْجَارِيَةِ لِخِدْمَةِ رَجُلٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ لَهَا فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ بِيعَتْ تِلْكَ الْخِدْمَةُ مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ رَجُلٍ مَأْمُونٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعِيرُ قَصَدَ نَفْسَ الْمُعَارِ فَتُرَدُّ الْأَمَةُ لَهُ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ، ثُمَّ مَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا وَلَهُ أَهْلٌ، وَإِلَّا جَازَتْ الْعَارِيَّةُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَمْنُوعِ) أَيْ، وَهُوَ الْخَلْوَةُ، أَوْ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَفِي بْن عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ أَبِي مَهْدِي لَا نَصَّ فِي خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِأَمَةِ زَوْجَتِهِ، وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْأَمَانَةِ، وَإِلَّا فَالْمَنْعُ، وَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ فَمَمْنُوعَةٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الْمَيْلِ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ إعَارَتُهَا لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ لِخِدْمَةِ مَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ يَتْبَعُ مِلْكَ الذَّاتِ فَلَمَّا كَانَ مَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ ذَاتَهَا فَكَذَا مَنْفَعَتَهَا لَا يَمْلِكُهَا فَلِذَا مُنِعَتْ إعَارَتُهَا لِخِدْمَتِهِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الرَّضَاعِ، وَأَمَّا لِلرَّضَاعِ فَتَسْتَوِي الْإِعَارَةُ، وَالْإِجَارَةُ فِي الْجَوَازِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّضَاعَ تَسْتَوِي فِيهِ الْإِعَارَةُ، وَالْإِجَارَةُ فِي الْجَوَازِ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرَّةٍ، وَأَمَةٍ، وَأَمَّا الْخِدْمَةُ غَيْرُ الرَّضَاعِ فَتُمْنَعُ الْإِعَارَةُ، وَالْإِجَارَةُ فِيهِمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ وَرَقِيقٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلَدِ اسْتِخْدَامُ، وَالِدِهِ، أَوْ، وَالِدَتِهِ فِي غَيْرِ الرَّضَاعِ، هَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ، وَالْمَنْفَعَةُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ تَكُونُ لِلْجَارِيَةِ أَيْ الْمُعَارَةِ خَبَرٌ وَقَوْلُهُ لَا لِسَيِّدِهَا أَيْ الْمُعِيرِ لَهَا (قَوْلُهُ زَمَنَهَا) أَيْ زَمَنَ الْعَارِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَعَهَا مِنْ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ لَهُ نَزْعُ أُجْرَتِهَا مِنْهَا لِاعْتِرَافِ السَّيِّدِ بِمِلْكِ الْأَمَةِ لِلْأُجْرَةِ وَعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا فَانْتِزَاعُهَا مِنْهَا مِنْ قَبِيلِ رُجُوعِ الْإِنْسَانِ فِي هِبَتِهِ. (قَوْلُهُ مَعَ رَدِّ عَيْنِهَا) أَيْ، وَالنُّقُودُ، وَالْأَطْعِمَةُ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهَا مَعَ ذَهَابِ عَيْنِهَا. (قَوْلُهُ، بَلْ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَيَّ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَفَى) لَكِنْ لَا تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا إلَّا إذَا قُيِّدَتْ بِعَمَلٍ، أَوْ أَجَلٍ، أَوْ لَمْ تُقَيَّدْ وَجَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْعَمَلِ، أَوْ الزَّمَنِ، وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَجَازَ أَعِنِّي بِغُلَامِك الْيَوْمَ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ بِدَابَّتِك، أَوْ بِنَفْسِك (قَوْلُهُ لَأُعِينُك بِغُلَامِي) أَيْ، أَوْ بِدَابَّتِي، أَوْ بِنَفْسِي يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ وَسَوَاءً تَمَاثَلَ الْمُعَانُ بِهِ لِلْآخَرِ أَمْ لَا وَسَوَاءً اتَّحَدَ نَوْعُ الْمُعَانِ عَلَيْهِ كَالْبِنَاءِ، أَوْ اخْتَلَفَ كَالْبِنَاءِ، وَالْحَرْثِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّعْمِيمِ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ مُتَعَلَّقَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَهُوَ الْمُعَانُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَالْمُعَانُ عَلَيْهِ وَبِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي. (قَوْلُهُ أَيْ لَا عَارِيَّةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهَذَا بِعِوَضٍ

مِنْ الْأَجَلِ وَتَعْيِينِ الْعَمَلِ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَلَى مَعْنًى، وَهُوَ إجَارَةٌ. (وَضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ (الْمُغَيَّبَ عَلَيْهِ) أَيْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ كَالثِّيَابِ، وَالْحُلِيِّ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ، وَالْعَقَارِ، وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَإِنْ كَانَتْ سَائِرَةً فَمِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْمَرْسَى فَمِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَإِذَا وَجَبَ الضَّمَانُ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ يَوْمَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَقَدْ ضَاعَتْ ضَيَاعًا لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا (إلَّا لِبَيِّنَةٍ) عَلَى تَلَفِهِ، أَوْ ضَيَاعِهِ بِلَا سَبَبِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِالضَّمَانِ (وَهَلْ) ضَمَانُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ (وَإِنْ شَرَطَ) الْمُسْتَعِيرُ (نَفْيَهُ) عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَزِيدُهُ تُهْمَةً؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ إسْقَاطِ حَقٍّ قَبْلَ وُجُوبِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ، أَوْ لَا يُضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْعَارِيَّةُ مَعْرُوفٌ، وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ آخَرُ؛ وَلِأَنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ شَرْطِهِ (تَرَدَّدَ) فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ (لَا غَيْرُهُ) أَيْ لَا غَيْرُ الْمُغَيَّبِ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ (وَلَوْ بِشَرْطٍ) عَلَيْهِ مِنْ الْمُعِيرِ، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْحَيَوَانَ ضَمِنَ لِجَامَهُ وَسَرْجَهُ وَنَحْوَهُمَا، وَإِنَّمَا جَرَى قَوْلٌ مُرَجِّحٌ فِي الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْمَعْرُوفِ دُونَ الثَّانِي. (وَحَلَفَ) الْمُسْتَعِيرُ (فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِلَا سَبَبِهِ كَسُوسٍ) فِي خَشَبٍ، أَوْ طَعَامٍ وَقَرْضِ فَأْرٍ وَحَرْقِ نَارٍ (أَنَّهُ مَا فَرَّطَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مِنْ الْأَجَلِ) أَيْ مِنْ بَيَانِهِ وَتَعْيِينِ الْعَمَلِ وَقُرْبِ زَمَنِ الْعَمَلَيْنِ كَنِصْفِ شَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ أَعِنِّي بِغُلَامِك غَدًا عَلَى أَنِّي أُعِينُك بِغُلَامِي بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ نَقْدٌ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إنْ قَرُبَ زَمَنُ الْعَمَلَيْنِ كَشَهْرٍ فَقَدْ رَدَّهُ شَيْخُنَا وبن بِأَنَّ الصَّوَابَ نِصْفُ شَهْرٍ كَمَسْأَلَةِ اجْتِمَاعِ النِّسَاءِ عَلَى أَنْ يَغْزِلْنَ كُلَّ يَوْمٍ لِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ يَتَأَخَّرُ الْعَمَلُ لِإِحْدَاهُنَّ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَقَلَّ، وَإِلَّا فُسِخَ فَالْمَسْأَلَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ فِي أَنَّ الْمُغْتَفَرَ نِصْفُ شَهْرٍ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَارِيَّةً، بَلْ إجَارَةٌ كَمَا قَالَ نَظَرًا لِقَوْلِهِ أَعِنِّي، وَالْإِعَانَةُ مَعْرُوفٌ. (قَوْلُهُ، وَإِذَا وَجَبَ الضَّمَانُ) أَيْ لَدَعْوَاهُ التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ إلَخْ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بِدُونِ اسْتِعْمَالٍ أَصْلًا عَشْرَةً وَبَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ثَمَانِيَةً وَضَاعَتْ وَلَوْ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ نَقَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ، وَفِي الشَّامِلِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى ضَعِيفَةٌ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ آخِرِ رُؤْيَةٍ إنْ تَعَدَّدَتْ رُؤْيَتُهَا عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَدَّدْ رُؤْيَتُهَا عِنْدَهُ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَيَوْمَ تَلَفِهَا هَذَا إذَا كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ) أَيْ إنَّمَا حَلَفَ مَعَ كَوْنِهِ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَوَارِيِّ عِنْدَهُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ إنَّ ضَمَانَ الْعَوَارِيِّ ضَمَانُ عَدَاءٍ لَا يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ تَرَدَّدَ فِي النَّقْلِ إلَخْ) أَيْ فَقَدْ عَزَا فِي الْعُتْبِيَّةِ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَزَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ الثَّانِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا يَفْسُدُ عَقْدُ الْعَارِيَّةِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَقِيلَ إنْ شَرَطَ فَفِي الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَيَكُونُ لِلْمُعِيرِ أُجْرَةُ مَا أَعَارَهُ. (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ) أَيْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهَا وَلَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ مُلْتَبِسًا بِشَرْطٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ ضَمَانِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْتَفِعُ الْمُعِيرُ بِشَرْطِهِ، وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مُطَرِّفٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ حَيْثُ قَالَ إذَا شَرَطَ الْمُعِيرُ الضَّمَانَ لِأَمْرٍ خَافَهُ مِنْ طَرِيقٍ مَخُوفَةٍ، أَوْ نَهْرٍ، أَوْ لُصُوصٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَالشَّرْطُ لَازِمٌ إنْ هَلَكَتْ بِالْأَمْرِ الَّذِي خَافَهُ وَشَرْطُ الضَّمَانِ مِنْ أَجْلِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطِهِ وَلَوْ لِأَمْرٍ خَافَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا نَعَمْ تَنْقَلِبُ الْعَارِيَّةُ مَعَ شَرْطِ الضَّمَانِ إجَارَةً فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَجَّرَهَا بِقِيمَتِهَا، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ وَحِينَئِذٍ فَفِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ مَعَ الْفَوَاتِ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَتَنْفَسِخُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْحَيَوَانَ ضَمِنَ لِجَامَهُ وَسَرْجَهُ) أَيْ بِخِلَافِ ثِيَابِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِمَا عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَفِي بْن ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إذَا أَرْسَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ مِنْ الدَّوَابِّ مَعَ عَبْدِهِ، أَوْ أَجِيرِهِ فَعَطِبَتْ، أَوْ ضَلَّتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ هَكَذَا يَفْعَلُونَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهَا، أَوْ تَلَفَهَا إلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ وَسَوَاءً كَانَ مَأْمُونًا، أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ اهـ. كَلَامُهُ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِيهِ قَوْلٌ مُرَجِّحٌ بِالْعَمَلِ بِالشَّرْطِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُودَ قَوْلٍ مَرْجُوحٍ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ. (قَوْلُهُ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِلَا سَبَبِهِ) أَيْ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ، وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِهِ حَصَلَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ فَلِذَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ التَّفْرِيطِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ بِلَا سَبَبِهِ فَالتَّفْرِيطُ مُنْتَفٍ عَنْهُ فَكَيْفَ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (قَوْلُهُ، أَوْ طَعَامٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إعَارَتِهِ (قَوْلُهُ وَحَرْقُ نَارٍ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا مُحْرِقَةٌ بِنَفْسِهَا، وَلِمَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ جَعَلَ

كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ تَفْرِيطِهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بِنُكُولِهِ وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَكَذَا الْوَدِيعَةُ، وَالرَّهْنُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ تَعَهُّدُ الْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ، وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ فِي أَمَانَتِهِ إذَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْبُ بِتَرْكِ التَّعَهُّدِ وَحَيْثُ ضَمِنَ فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ بِمَا حَدَثَ فِيهِ فَإِنْ فَاتَ ضَمِنَ جَمِيعُ قِيمَتِهِ. (وَبَرِئَ) الْمُسْتَعِيرُ (فِي كَسْرِ كَسَيْفٍ) وَرُمْحٍ وَخِنْجَرٍ وَنَحْوِهَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ إذَا ادَّعَى أَنَّهَا انْكَسَرَتْ مِنْهُ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ قِتَالِ الْعَدُوِّ (إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ) كَانَ (مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ) وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ الْقَرِينَةُ كَأَنْ تَنْفَصِلَ الْمَعْرَكَةُ وَيُرَى عَلَى السَّيْفِ أَثَرُ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِأَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ أَمْثَالِهَا (أَوْ) كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ (ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ) فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ إنْ كَانَ آلَةَ حَرْبٍ، وَأَتَى بِهَا مَكْسُورَةً فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ الضَّمَانِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ مِثْلِهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ كَفَأْسٍ وَنَحْوِهِ، وَأَتَى بِهِ مَكْسُورًا فَلَا بُدَّ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الضَّمَانِ مِنْ أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ حَجَرًا وَنَحْوَهُ فَانْكَسَرَ ضَمِنَ فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ، وَهِيَ السَّيْفُ وَنَحْوُهُ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَالثَّانِيَةُ بِطَرِيقِ التَّضْمِينِ كَالْفَأْسِ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ فِي كَسْرِ كَسَيْفٍ أَيْ وَمَا شَابَهَهُ فِي مُطْلَقِ الضَّرْبِ بِهِ وَقَوْلُهُ إنْ شَهِدَ لَهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ السَّيْفِ وَقَوْلُهُ، أَوْ ضَرَبَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا شَابَهَهُ كَالْفَأْسِ وَاحْتَرَزَ بِالْكَسْرِ عَنْ الثَّلْمِ، وَالْحِفَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا ضَمَانَ. (وَفِعْلٍ) أَيْ جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ (الْمَأْذُونَ) لَهُ فِيهِ (وَمِثْلُهُ) كَإِعَارَتِهٍ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إرْدَبَّ قَمْحٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا إرْدَبَّ فُولٍ، أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ فَرَكِبَهَا إلَى غَيْرِهِ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ، وَإِنَّمَا مُنِعَتْ الْمَسَافَةُ فِي الْإِجَارَةِ إلَّا بِإِذْنٍ كَمَا سَيَأْتِي لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعُدُولَ فِي الْمَسَافَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّارَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَنْشَأَ عَنْ فِعْلِهِ فَلَا يُبْرِيهِ إلَّا الْبَيِّنَةُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَعَارُ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ مَا ذُكِرَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُعِيرُ وَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ، وَالْمُودِعُ بِالْكَسْرِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَدِيعَةُ، وَالرَّهْنُ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ، أَوْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ أَنَّ السُّوسَ وَنَحْوَهُ كَقَرْضِ الْفَأْرِ، وَالْحَرْقِ بِالنَّارِ إنَّمَا حَصَلَ بِتَفْرِيطِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ وَغَرِمَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (قَوْلُهُ بِتَرْكِ التَّعَهُّدِ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ التَّعَهُّدَ تَفْرِيطًا ضَمِنَ، وَأَمَّا إذَا تَرَكَهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَحَدَثَ الْعَيْبُ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ وَحَيْثُ ضَمِنَ) أَيْ لِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ بِتَرْكِ التَّعَهُّدِ تَفْرِيطًا حَتَّى حَدَثَ الْعَيْبُ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ بِمَا حَدَثَ فِيهِ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَسَوَاءً كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ) أَيْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِسَبَبِ السُّوسِ، أَوْ النَّارِ، أَوْ قَرْضِ الْفَأْرِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ) أَيْ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَهُ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ضَمِنَ جَمِيعَهُ، وَإِنْ لَمْ يُفْتِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ضَمِنَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ بِمَا حَدَثَ فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ سَوَاءً كَانَ كَثِيرًا، أَوْ قَلِيلًا. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ) أَيْ اسْتَعَارَهَا صَحِيحَةً وَادَّعَى أَنَّهَا انْكَسَرَتْ مِنْهُ فِي الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُعَايِنْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى آلَةِ الْحَرْبِ عِنْدَ اللِّقَاءِ؛ لِأَنَّ بِهَا نَجَاتُهُ فَلَا يَضُرُّهُ إلَّا شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِالتَّعَدِّي بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ إذَا كَانَ آلَةَ حَرْبٍ وَرَدَّهَا الْمُسْتَعِيرُ مَكْسُورَةً فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا كَانَتْ مَعَهُ وَقْتَ اللِّقَاءِ وَلَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ سَوَاءً ثَبَتَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهَا ضَرْبَ مِثْلِهَا أَمْ لَا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ، أَوْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ) أَيْ كَالْفَأْسِ، وَالْقُدُومِ وَرَدَّهُ الْمُسْتَعِيرُ مُنْكَسِرًا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ فَانْكَسَرَ (قَوْلُهُ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ) أَيْ لِتَنْوِيعِ الْمَوْضُوعِ، وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرُ بِهِ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ لَا لِلسَّيْفِ اهـ. وَجَعَلَ تت، أَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُوَافِقًا لِسَحْنُونٍ فِي اشْتِرَاطِ الْأَمْرَيْنِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ كَسْرِ آلَةِ الْحَرْبِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ) أَيْ الْقَائِلِ لَا يُبَرِّئُهُ إلَّا شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ حِينَ اللِّقَاءِ، وَأَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَمَا شَابَهَهُ فِي مُطْلَقِ الضَّرْبِ بِهِ) أَيْ كَالْفَأْسِ، وَالْقُدُومِ وَسَاطُورِ الْجَزَّارِ. (قَوْلُهُ وَفِعْلُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَقَوْلُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ أَيْ مِنْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ أَيْ جَازَ لَهُ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ أَيْ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَمِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ وَكَذَلِكَ مِثْلُهُ لَا يُطْلَبُ بِفِعْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَقٌّ مُبَاحٌ لَهُ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ وَفِعْلُ مِثْلِهِ فِي الْحَمْلِ، وَالْمَسَافَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ، أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلِّ إلَخْ) قَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ الْإِجَازَةِ عِوَضًا دُونَ مَا هـ. نَا، وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِنُقُولٍ عِدَّةٍ اُنْظُرْهَا فِي بْن، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِثْلِ الَّذِي يُبَاحُ لِلْمُسْتَعْمِرِ فِعْلُهُ الْمِثْلُ فِي الْحَمْلِ لَا فِي الْمَسَافَةِ، وَأَمَّا الْمِثْلُ فِي الْمَسَافَةِ فَيُمْنَعُ فِعْلُهُ هُنَا كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ فَسْخِ الْمَنَافِعِ فِي مِثْلِهَا، وَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) إنْ أَرَادَ بِالدَّيْنِ الْأُجْرَةَ فَفِيهِ أَنَّهَا مُلِّكَتْ لِلْمُؤَجِّرِ بِالْعَقْدِ فَلَمْ تُفْسَخْ

لَا يَجُوزُ كَالْإِجَارَةِ (وَدُونَهُ) كَيْلًا، أَوْ زِنَةً، أَوْ مَسَافَةً (لَا أَضَرَّ) مِمَّا اسْتَعَارَ لَهُ، وَإِنْ أَقَلُّ زِنَةً، أَوْ مَسَافَةً فَلَا يَجُوزُ كَمَا إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَمْحًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً أَقَلَّ زِنَةً. (وَإِنْ زَادَ) فِي الْحِمْلِ (مَا تَعْطَبُ بِهِ) وَعَطِبَتْ (فَلَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا (قِيمَتُهَا) وَقْتَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّعَدِّي (أَوْ كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ (كَرَدِيفٍ) تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ فِي حَمْلِهِ مَعَهُ فَهَلَكَتْ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، أَوْ كِرَاءِ الرَّدِيفِ (وَاتُّبِعَ بِهِ) الرَّدِيفُ (إنْ أُعْدِمَ) الْمُرْدِفُ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الرَّدِيفُ (بِالْإِعَارَةِ) ، وَإِذَا غَرِمَ الرَّدِيفُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُرْدِفِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلرَّدِيفِ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَى الْغُرْمِ بِسَبَبِك فَإِنْ أَيْسَرَ الْمُرْدِفُ لَمْ يُتْبَعْ الرَّدِيفُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَدَاءِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ الرَّدِيفُ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْعَدَاءِ اُتُّبِعَ مَعَ عَدَمِ الْمُرْدِفِ وَمِلَائِهِ وَحَيْثُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِمَا فَهَلْ تُقْضَى الْقِيمَةُ عَلَى قَدْرِ ثِقَلِهِمَا، أَوْ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهَا كَانَ بِهِمَا مَعًا وَلَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ لَمْ تَهْلِكْ؟ خِلَافٌ. (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ تَعَيَّبَتْ، أَوْ سَلِمَتْ، أَوْ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ وَعَطِبَتْ، أَوْ تَعَيَّبَتْ، أَوْ سَلِمَتْ (فَكِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ فَقَطْ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ لَكِنْ فِي صُورَةِ التَّعْيِيبِ يُخَيَّرُ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي زِيَادَةِ الْحِمْلِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ تَبَعًا لِشُرَّاحِهِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ،، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالُوا إنَّ حُكْمَهَا فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ فَإِنْ عَطِبَتْ بِالزِّيَادَةِ فِيهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَكَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا أَمْ لَا، وَإِنْ تَعَيَّبَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ سَلِمَتْ فَكِرَاءُ الزَّائِدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ أَرَادَ فَسْخَ الْمَنَافِعِ فِي مِثْلِهَا فَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْعَارِيَّةِ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا أَضَرَّ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ الْأَضَرَّ مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الْأَضَرُّ أَقَلَّ مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ فِي الْوَزْنِ، أَوْ الْمَسَافَةِ، أَوْ مُسَاوِيًا، أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ أَقَلُّ زِنَةً) ، وَأَوْلَى إذَا كَانَتْ مُسَاوِيَةً فِي الزِّنَةِ، أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ زَادَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فَخَالَفَ وَزَادَ إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ تَارَةً تَعْطَبُ وَتَارَةً تَتَعَيَّبُ وَتَارَةً تَسْلَمُ، فَالْأُولَى مَنْطُوقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ زَادَ إلَخْ، وَالثَّانِيَةُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا وَحُكْمُهَا أَنَّ رَبَّهَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُتَعَدِّي الْأَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ، وَأَرْشِ الْعَيْبِ، وَالثَّالِثَةُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ كَمَا أَنَّهُ إنْ زَادَ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ فَفِيهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ وَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ، وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ السِّتَّةُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْحِمْلِ لَا فِي الْمَسَافَةِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْمَسَافَةِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ، أَوْ كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: كَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ؟ فَإِذَا قِيلَ عَشْرَةٌ قِيلَ: وَكَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا حُمِلَ عَلَيْهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ وَغَيْرُهُ؟ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ دَفَعَ إلَيْهِ الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى كِرَاءِ مَا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ (قَوْلُهُ كَرَدِيفٍ تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ فِي حَمْلِهِ) أَيْ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الرَّدِيفُ صَبِيًّا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِيهًا (قَوْلُهُ وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أُعْدِمَ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَاتُّبِعَ الرَّدِيفُ بِمَا رَضِيَ بِهِ رَبُّهَا مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ، أَوْ كِرَاءِ الزَّائِدِ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّدِيفَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ حَيْثُ كَانَ الرَّدِيفُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُرْدِفُ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ إلَّا أَنَّهُ مُخْطِئٌ، وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، وَأَمَّا وَمَحِلُّ إتْبَاعِ الرَّدِيفِ بِمَا رَضِيَ بِهِ رَبُّ الدَّابَّةِ إذَا أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّدِيفُ رَشِيدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ سَفِيهًا فَإِنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَدَاءِ، وَإِلَّا كَانَ جِنَايَةً فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَضَمِنَ الْمَحْجُورُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ، أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَيْسَرَ الْمُرْدِفُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمُرْدِفُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ الرَّدِيفُ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ عَلِمَ الرَّدِيفُ بِالْعَدَاءِ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ تَفْصِيلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا لَمْ يَتْبَعْ الرَّدِيفَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَدَاءِ، وَإِلَّا اُتُّبِعَ أَيْضًا وَصَارَ لِلْمُعِيرِ غَرِيمَانِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الرَّدِيفَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالْإِعَارَةِ، أَوْ لَا يَعْلَمَ بِهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا، أَوْ مُعْدَمًا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّدِيفُ بِالْإِعَارَةِ غَرِمَ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ، وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا لَمْ يَلْزَمْ الرَّدِيفَ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْمُرْدِفُ، وَإِنْ عَلِمَ الرَّدِيفُ بِالْإِعَارَةِ اُتُّبِعَ مَعَ عَدَمِ الْمُرْدِفِ وَمِلَائِهِ كَمَا يُتْبَعُ الْمُرْدِفُ فَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ غَرِيمَانِ يُخَيَّرُ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَ الرَّدِيفُ بِالْإِعَارَةِ كَانَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا، أَوْ مُعْدَمًا (قَوْلُهُ فَهَلْ تُقْضَى الْقِيمَةُ) أَرَادَ بِهَا مَا أَخَذَهُ رَبُّ الدَّابَّةِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَشْمَلُ الْقِيمَةَ وَكِرَاءَ الرَّدِيفِ. (قَوْلُهُ فِي صُورَةِ التَّعْيِيبِ) أَيْ مَا إذَا زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ كَمَا فِي عبق أَمَّا إذَا زَادَ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالُوا إنَّ حُكْمَهَا إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ زِيَادَةِ الْحِمْلِ وَزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَسَافَةِ مَحْضُ تَعَدٍّ مُسْتَقِلٍّ مُنْفَصِلٍ بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْحِمْلِ فَإِنَّهُ مُصَاحِبٌ لِلْمَأْذُونِ فِيهِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي زِيَادَةِ الْحِمْلِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ

(وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةَ بِعَمَلٍ) كَإِعَارَةِ أَرْضٍ لِزَرْعِهَا بَطْنًا، أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا لَا يُخَلِّفُ كَقَمْحٍ، أَوْ يُخَلِّفُ كَبِرْسِيمٍ وَقَصَبٍ (أَوْ أَجَلٍ) كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا مَثَلًا (لِانْقِضَائِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ الْعَمَلُ فِي الْأُولَى، وَالْأَجَلُ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِلَّا) تَقَيَّدَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَإِعَارَةِ ثَوْبٍ لِيَلْبَسَهُ، أَوْ أَرْضٍ لِيَزْرَعَهَا، أَوْ دَارٍ لِيَسْكُنَهَا (فَالْمُعْتَادُ) هُوَ اللَّازِمُ، وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُعَارُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَلَكِنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْآتِي عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ مَتَى أَحَبَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ فِيمَا أُعِيرَ لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ وَحَصَلَا لَا إنْ لَمْ يَحْصُلَا وَلَا فِيمَا أُعِيرَ لِغَيْرِهِمَا كَإِعَارَةِ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ، وَالثَّوْبِ لِلُّبْسِ، وَالدَّارِ لِلسُّكْنَى عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَمَحِلُّ لُزُومِ الْمُعْتَادِ فِي الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُعْتَادِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ الْإِخْرَاجُ) أَيْ إخْرَاجُ الْمُسْتَعِيرِ (فِي كَبِنَاءٍ) وَغَرْسٍ وَلَوْ بِقُرْبِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ الْمُعْتَادِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ التَّقْيِيدِ (إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ) مِنْ ثَمَنِ الْأَعْيَانِ الَّتِي بَنَى بِهَا، أَوْ غَرَسَهَا وَمِنْ أُجْرَةِ الْفَعَلَةِ (وَفِيهَا أَيْضًا قِيمَتُهُ) أَيْ إنْ دَفَعَ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَهُ (وَهَلْ) مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (خِلَافٌ، أَوْ) وِفَاقٌ (قِيمَتُهُ) أَيْ فَمَحِلُّ دَفْعِ الْقِيمَةِ (إنْ لَمْ يَشْتَرِهِ) بِأَنْ كَانَ مَا بَنَى بِهِ مِنْ طِينٍ وَآجُرٍّ وَخَشَبٍ فِي مِلْكِهِ، أَوْ مُبَاحًا وَمَحِلُّ دَفْعِ مَا أَنْفَقَ إنْ اشْتَرَاهُ لِلْعِمَارَةِ (أَوْ) مَحِلُّهُ (إنْ طَالَ) زَمَنُ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ وَمَحِلُّ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَطُلْ (أَوْ) مَحَلُّ دَفْعِ الْقِيمَةِ (إنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ اشْتَرَى مَا غَرَسَهُ، أَوْ مَا بَنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ وَطِينٍ وَخَشَبٍ (بِغَبَنٍ كَثِيرٍ) وَمَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِغَبَنٍ، أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ (تَأْوِيلَاتٌ) أَرْبَعَةٌ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَثَلَاثَةٌ بِالْوِفَاقِ. (وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ) الْمُشْتَرَطَةُ، أَوْ الْمُعْتَادَةُ (فَكَالْغَاصِبِ) لِأَرْضٍ بَنَى بِهَا، أَوْ غَرَسَ فَالْخِيَارُ لِلْمُعِيرِ بَيْنَ أَمْرِهِ بِهَدْمِهِ وَقَلْعِ شَجَرِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ وَبَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا بَعْدَ إسْقَاطِ أُجْرَةِ مَنْ يَهْدِمُهُ وَيُسَوِّي الْأَرْضَ إذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَدَمِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ إسْقَاطُ مَا ذُكِرَ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا بِتَمَامِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشُّيُوخِ أَنَّ زِيَادَةَ الْحِمْلِ كَزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهَا ذَكَرَ ذَلِكَ بْن فِي بَابِ الْغَصْبِ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ أُجِّلَتْ الْعَارِيَّةُ بِزَمَنٍ، أَوْ انْقِضَاءِ عَمَلٍ لَزِمَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تُؤَجَّلْ كَقَوْلِهِ أَعَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ، أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ، أَوْ الدَّارَ، أَوْ هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ الثَّوْبَ فَفِي صِحَّةِ رَدِّهَا وَلَوْ بِقُرْبِ قَبْضِهَا وَلُزُومِ قَدْرِ مَا تُعَارُ إلَيْهِ ثَالِثُهَا إنْ أَعَارَهُ لِسُكْنَى، أَوْ غَرْسٍ، أَوْ بِنَاءٍ فَالثَّانِي، وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مَعَ أَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِمَا، وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مُخَالِفٌ بِظَاهِرِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَهُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ إنَّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا قَبْلَ مُضِيِّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ إنْ تُعَارَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ الْآتِي) أَيْ، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَ مِنْ ثَمَنِ الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ مَتَى أَحَبَّ) أَيْ وَلَوْ بِقُرْبِ قَبْضِهَا (قَوْلُهُ وَحَصَلَا) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَقْيِيدٌ بِأَجَلٍ فَيَلْزَمُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الْأَرْضَ تُعَارُ لَهُ لِلْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ (قَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يَحْصُلَا) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لِرَبِّهَا الرُّجُوعُ مَتَى أَحَبَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ السَّابِقَةَ فِيمَا إذَا لَمْ تُقَيَّدْ بِأَجَلٍ، أَوْ بِعَمَلٍ إنَّمَا هِيَ فِيمَا أُعِيرَ لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ وَلَمْ يَحْصُلَا، أَوْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ لِغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ وَحَصَلَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُعْتَادُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ مِنْ لُزُومِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَمَحِلُّ لُزُومِ الْمُعْتَادِ فِي الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ) أَيْ إذَا حَصَلَ بِالْفِعْلِ مَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ فِي مُعَارٍ لِبِنَاءٍ وَغَرْسٍ وَحَصَلَا إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَا أَنْفَقَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُعْتَادُ وَلَهُ إخْرَاجُ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ وَلِلْمُعِيرِ إخْرَاجُ الْمُسْتَعِيرِ فِي كَبِنَاءٍ أَيْ فِيمَا إذَا أَعَارَهُ الْأَرْضَ لِبِنَاءٍ، أَوْ غَرْسٍ وَحَصَلَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَقْيِيدٌ بِأَجَلٍ وَيَمْلِكُ ذَلِكَ الْمُعِيرُ بِنَاءَ الْمُسْتَعِيرِ وَغَرْسَهُ إنْ دَفَعَ لَهُ مَا أَنْفَقَ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ التَّقْيِيدِ) أَيْ بِالْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَفِيهَا أَيْضًا قِيمَتُهُ) أَيْ، وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ أَيْ قِيمَةُ مَا أَنْفَقَهُ) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي بَنَى بِهَا مِنْ طُوبٍ وَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَحِلُّ دَفْعِ مَا أَنْفَقَ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَحِلُّهُ) أَيْ مَحِلُّ دَفْعِ الْقِيمَةِ إنْ طَالَ زَمَنُ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ أَيْ لِتَغَيُّرِ الْغَرْسِ، وَالْأَعْيَانِ بِطُولِ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَاتٌ أَرْبَعَةٌ) مَحِلُّهَا فِي عَارِيَّةٍ صَحِيحَةٍ فَإِنْ وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْمُعِيرُ فِي بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ قِيمَتَهُ. (قَوْلُهُ فَكَالْغَاصِبِ) أَيْ فَالْمُسْتَعِيرُ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ شَخْصٍ مُدَّةً طَوِيلَةً كَتِسْعِينَ سَنَةً عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ لِيَغْرِسَ، أَوْ يَبْنِيَ فِيهَا وَفَعَلَ، ثُمَّ مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ، وَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ إخْرَاجَ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ، أَوْ غَرْسِهِ مَنْقُوصًا فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ بَقَاءُ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ فِي أَرْضِهِ وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَسَوَاءً كَانَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ الْمُؤَجَّرَةُ مِلْكًا، أَوْ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ خش، وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَبَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ مَنْقُوضًا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ

(وَإِنْ ادَّعَاهَا) أَيْ الْعَارِيَّةَ (الْآخِذُ وَ) ادَّعَى (الْمَالِكُ الْكِرَاءَ) بِأَنْ قَالَ دَفَعْتهَا لَك بِكِرَاءٍ (فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ بِيَمِينٍ فِي الْكِرَاءِ وَفِي الْأُجْرَةِ إنْ ادَّعَى أُجْرَةَ تَشْبِيهٍ، وَإِلَّا رُدَّ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بِنُكُولِهِ (إلَّا أَنْ يَأْنَفَ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمَالِكِ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْكِرَاءِ أَيْ كَانَ مِثْلُهُ يُسْتَعْظَمُ أَخْذُ أُجْرَةً عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمَالِكِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَالْأَظْهَرُ لَا شَيْءَ لَهُ (كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ) الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ (إنْ لَمْ يَزِدْ) الْمُسْتَعِيرُ أَيْ لَمْ يَرْكَبْ الزَّائِدَ الَّذِي ادَّعَاهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ: مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ رُكُوبٌ أَصْلًا، أَوْ حَصَلَ بَعْضُهَا، أَوْ جَمِيعُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ الزَّائِدَ، أَوْ بَعْضَهُ (فَلِلْمُسْتَعِيرِ) أَيْ فَالْقَوْلُ لَهُ (فِي نَفْيِ الضَّمَانِ) إنْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِيهِ (وَ) فِي نَفْيِ (الْكِرَاءِ) أَيْ كِرَاءِ الزَّائِدِ إنْ سَلِمَتْ، وَهَذَا إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ، وَإِلَّا فَلِلْمُعِيرِ كَمَا إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ رُكُوبِ الْمَسَافَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، أَوْ فِي أَثْنَائِهَا كَمَا مَرَّ وَيُخَيَّرُ الْمُسْتَعِيرُ فِي رُكُوبِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، أَوْ بَقِيَّتِهَا، وَالتَّرْكِ وَبَالَغَ عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِقَوْلِهِ. (وَإِنْ) كَانَتْ الِاسْتِعَارَةُ (بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ) لِلْمُسْتَعِيرِ، أَوْ لِلْمُعِيرِ، أَوْ لَهُمَا أَيْ فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ إنْ لَمْ يَزِدْ، وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَمُوَافِقٍ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ إنْ زَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَجَّانًا، وَإِذَا أَخَذَهُ مَجَّانًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِقِيمَةِ الْقَلْعِ، وَالْهَدْمِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ اهـ. عبق. (قَوْلُهُ، وَإِنْ ادَّعَاهَا أَيْ الْعَارِيَّةَ) كَدَابَّةٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ آنِيَةٍ الْآخِذُ إلَخْ كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ لِمَكَانِ كَذَا، أَوْ لَبِسَ ثَوْبًا لِإِنْسَانٍ جُمُعَةً، أَوْ اسْتَعْمَلَ آنِيَةً لِإِنْسَانٍ شَهْرًا وَرَجَعَ بِهَا فَقَالَ لِرَبِّهَا أَخَذْتهَا مِنْك عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَقَالَ رَبُّهَا اكْتَرَيْتهَا مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ أَنَّهُ اكْتَرَاهَا مِنْهُ بِيَمِينٍ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ إذَا ادَّعَى الْإِعَارَةَ وَادَّعَى الْآخِذُ لَهَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَحِلُّهُ إذَا وَقَعَ النِّزَاعُ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ أَمَّا لَوْ تَنَازَعَا قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ فِي نَفْيِ عَقْدِ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِمُنْكِرِ الْعَقْدِ إجْمَاعًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَفِي الْأُجْرَةُ) أَيْ فِي قَدْرِهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ) أَيْ إنَّهُ أَخَذَهَا عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ لَا الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ غَرِمَ بِنُكُولِهِ) أَيْ غَرِمَ الْكِرَاءَ الَّذِي قَالَهُ الْمُعِيرُ بِنُكُولِهِ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ مِنْ الْكِرَاءِ مُشْبِهًا، وَإِلَّا غَرِمَ كِرَاءَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَلِلْمَالِكِ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ بِيَمِينِهِ أَيْ إنَّهُ يَحْلِفُ الْمَالِكُ أَنَّهُ مَا دَفَعَهَا لَهُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ، وَأَخَذَ الْكِرَاءَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ أَكْرَاهَا لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ فَالْأَظْهَرُ لَا شَيْءَ لَهُ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ كَمَا فِي بْن أَنَّ الْمَالِكَ إذَا نَكَلَ كَانَ لَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَاقْتَصَرَ تت عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ بَيْنَ مَنْ يَأْنَفُ وَمَنْ لَا يَأْنَفُ يَجْرِي فِيمَنْ أَسْكَنَ شَخْصًا مَعَهُ فِي دَارِ سُكْنَاهُ كَمَا يَجْرِي فِي الدَّابَّةِ، وَالثِّيَابِ، وَالْآنِيَةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَأْنَفُ مِنْ أَخْذِ الْكِرَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ أَنَّهُ أَكْرَاهُ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْكِرَاءَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ، وَإِنْ كَانَ يَأْنَفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّاكِنِ أَنَّهُ أَسْكَنَهُ بِغَيْرِ أَجْرٍ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ، وَأَخَذَ الْكِرَاءَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ أَكْرَاهُ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ كِرَاءَ الْمِثْلِ، أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي قَدْ عَلِمْته، وَأَمَّا إنْ أَسْكَنَهُ بِغَيْرِ دَارِ سُكْنَاهُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا أَنَّهُ أَكْرَاهَا لَهُ أَنِفَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ إذَا تَنَازَعَا فِي زَائِدٍ الْمَسَافَةِ بِأَنْ قَالَ الْمُعِيرُ أَعَرْتُك دَابَّتِي مِنْ مِصْرَ لِغَزَّةَ وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ، بَلْ إلَى دِمَشْقَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ إذَا كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَزِيدَ الْمُسْتَعِيرُ شَيْئًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ، وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ: مَا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ رُكُوبٌ أَصْلًا، أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ الَّتِي ادَّعَاهُ الْمُعِيرُ، أَوْ فِي آخِرِهَا بِأَنْ تَنَازَعَا فِي غَزَّةَ لَكِنْ إنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ رُكُوبٌ أَصْلًا، أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ خُيِّرَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الرُّكُوبِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ، أَوْ يَتْرُكُ فَإِنْ خِيفَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَعَدَّى الْمَوْضِعَ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ تُوُثِّقَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ لِئَلَّا يَتَعَدَّى (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ، وَالْكِرَاءِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْيِ الضَّمَانِ وَنَفْيِ الْكِرَاءِ مُطْلَقًا كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ وُصُولِ دِمَشْقَ، أَوْ قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ وُصُولِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إنْ أَشْبَهَ) أَيْ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْيِ الضَّمَانِ، وَالْكِرَاءِ إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ أَنْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ الزَّائِدَ إنْ أَشْبَهَ قَوْلَهُ وَحَلَفَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ، أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُعِيرِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ قِيمَتَهَا إنْ عَطِبَتْ فِي الزَّائِدِ وَكِرَاءَهَا إنْ رُدَّتْ سَالِمَةً (قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعِيرِ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَبَالَغَ عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ) ، وَهُمَا مَا إذَا تَنَازَعَا فِي زَائِدِ الْمَسَافَةِ قَبْلَ أَنْ يَزِيدَ الْمُسْتَعِيرُ شَيْئًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُعِيرُ وَمَا إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ أَنْ زَادَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُعِيرُ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الِاسْتِعَارَةُ بِرَسُولٍ) أَيْ قَبَضَهَا مِنْ الْمُعِيرِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَزِدْ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَمُوَافِقٍ لِلْمُسْتَعِيرِ) ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ مُوَافِقًا لَهُ وَمُخَالِفًا لِلْمُسْتَعِيرِ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ الرَّسُولُ لَمْ يُوَافِقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، بَلْ خَالَفَهُمَا

وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَمُوَافِقٍ لِلْمُعِيرِ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَوْلُهُ (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (رَدَّ مَا لَمْ يُضْمَنْ) ، وَهُوَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَبَعِيرٍ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ، وَإِلَّا ضَمِنَ، وَأَمَّا دَعْوَاهُ رَدَّ مَا يُضْمَنُ، وَهُوَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا. (وَإِنْ زَعَمَ) شَخْصٌ (أَنَّهُ مُرْسَلٌ) مِنْ زَيْدٍ (لِاسْتِعَارَةِ حُلِيٍّ) مَثَلًا لَهُ مِنْ بَكْرٍ فَدَفَعَ لَهُ بَكْرٌ مَا طَلَبَهُ (وَ) زَعَمَ أَنَّهُ (تَلِفَ) مِنْهُ (ضَمِنَهُ مُرْسِلُهُ) ، وَهُوَ زَيْدٌ (إنْ صَدَّقَهُ) عَلَى الْإِرْسَالِ (وَإِلَّا) يُصَدِّقْهُ (حَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ (وَبَرِئَ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ) لَقَدْ أَرْسَلَنِي، وَأَنَّهُ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنِّي (وَبَرِئَ) أَيْضًا وَضَاعَ الْحُلِيُّ هَدَرًا لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَلَا يَحْلِفُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ بِالْإِرْسَالِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْسِلِ وَمَفْهُومُ زَعَمَ أَنَّهُ تَلِفَ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ التَّلَفُ بِلَا تَفْرِيطٍ وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُرْسِلُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ لِانْتِفَائِهِ فِي الْعَارِيَّةِ حَيْثُ ثَبَتَ وَمَفْهُومُ حُلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَدَابَّةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا إذَا تَعَدَّى. (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعَدَاءِ) بِأَنْ قَالَ لَمْ يُرْسِلْنِي أَحَدٌ وَتَلِفَتْ مِنْهُ (ضَمِنَ الْحُرُّ) الرَّشِيدُ دُونَ السَّفِيهِ، وَالصَّبِيِّ (وَ) ضَمِنَ (الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ) لَا رَقَبَتِهِ فَلَا يُبَاعُ لَهَا، بَلْ يُتْبَعُ (إنْ عَتَقَ) وَلِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ. (وَإِنْ قَالَ) الرَّسُولُ (أَوْصَلْته) أَيْ الْمُعَارَ مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوَهُ (لَهُمْ) أَيْ لِمَنْ أَرْسَلَنِي فَكَذَّبُوهُ، وَأَنْكَرُوا الْإِرْسَالَ (فَعَلَيْهِ) الْيَمِينُ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوهُ، وَأَنَّهُ، أَوْصَلَهُ إلَيْهِمْ (وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ) أَنَّهُمْ لَمْ يُرْسِلُوا وَلَمْ يُوصِلْهُ لَهُمْ وَتَكُونُ هَدَرًا وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا ضَمِنَ وَيَبْدَءُونَ بِالْيَمِينِ كَمَا فِي النَّقْلِ، وَالرَّاجِحُ ضَمَانُ الرَّسُولِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَمُؤْنَةٍ أَخَذَهَا) أَيْ أُجْرَةٍ أَخَذَهَا مِنْ مَكَانِهَا إنْ احْتَاجَتْ لِأُجْرَةٍ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَرَدِّهَا) لِرَبِّهَا (عَلَى الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ مِنْ الْمُعِيرِ فَلَا يُكَلَّفُ أُجْرَةَ مَعْرُوفٍ صَنَعَهُ. (وَفِي عَلَفِ الدَّابَّةِ) الْمُسْتَعَارَةِ، وَهِيَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلَانِ) قِيلَ عَلَى رَبِّهَا وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ) ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ مُوَافِقًا لَهُ وَمُخَالِفًا لِلْمُسْتَعِيرِ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يُوَافِقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّسُولَ هُنَا لَغْوٌ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا لِأَحَدِهِمَا إذَا صَدَّقَهُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ سَمَاعُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ إذَا أَنْكَرَ مُرْسِلُهُ الْأَرْسَالَ وَحَلَفَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي بْن وَغَيْرِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُرْسِلُ عَبْدًا فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْحَلِفِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ ثَبَتَ التَّلَفُ) أَيْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمُرْسِلِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَائِهِ فِي الْعَارِيَّةِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الضَّمَانِ فِي الْعَارِيَّةِ إذَا ثَبَتَ تَلَفُهَا بِلَا تَفْرِيطٍ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ اعْتَرَفَ) أَيْ الرَّسُولُ بِالْعَدَاءِ أَيْ بِتَعَدِّيهِ فِي أَخْذِ الْعَارِيَّةِ بِغَيْرِ إرْسَالٍ، وَالْحَالُ أَنَّهَا تَلِفَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ ضَمِنَ الْحُرُّ الرَّشِيدُ) أَيْ عَاجِلًا (قَوْلُهُ دُونَ السَّفِيهِ، وَالصَّبِيِّ) أَيْ لِتَفْرِيطِ الْمُعِيرِ بِالدَّفْعِ لَهُمَا مَعَ عَدَمِ اخْتِبَارِ حَالِهِمَا (قَوْلُهُ لَا رَقَبَتِهِ) أَيْ وَلَا فِي ذِمَّتِهِ عَاجِلًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمَأْذُونَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ عَاجِلًا كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ) قَالَ طفى هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى سَوَاءً أَنْكَرُوا الْإِرْسَالَ أَوْ لَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ وَيَغْرَمُ الرَّسُولُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالرَّسُولُ دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيَغْرَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَالرَّاجِحُ ضَمَانُ الرَّسُولِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَيَبْدَءُونَ بِالْيَمِينِ كَمَا فِي النَّقْلِ) أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَعَلَيْهِمْ، ثُمَّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلُوا، أَوْ نَكَلَ فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ عَلَيْهِ أَنَّ رَبَّ الْمَتَاعِ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ تَعَسَّرَ الْخَلَاصُ مِنْهُمْ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلُوا فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمْ وَعَكْسُهُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ فَقَطْ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا ضَمِنَ. (قَوْلُهُ وَفِي عَلَفٍ إلَخْ) الْعَلَفُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ بِفَتْحِ اللَّامِ مَا يُعْلَفُ بِهِ، وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَهُوَ تَقْدِيمُ الْعَلَفِ لِلدَّابَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَوْلًا وَاحِدًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَرْيُ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِي اللَّيْلَةِ، وَاللَّيْلَتَيْنِ وَعَلَى الْمُعِيرِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، وَالسَّفَرِ الْبَعِيدِ، كَذَا فِي الْمَوَّاقِ وَقَدْ عَكَسَ ذَلِكَ عبق (قَوْلُهُ قِيلَ عَلَى رَبِّهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ كِرَاءً وَرُبَّمَا كَانَ عَلَفُهَا أَكْثَرَ مِنْ الْكِرَاءِ فَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ عَنْ الْمَعْرُوفِ إلَى الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا فَعَلَ مَعْرُوفًا فَلَا يَلِيقُ أَنْ يُشَدَّدَ عَلَيْهِ،، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ عَلَفَهَا عَلَى رَبِّهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُخْدِمِ فَإِنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى مُخْدَمِهِ بِالْفَتْحِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي بْن أَنَّ اللَّائِقَ بِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِتَرَدُّدٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ. كَلَامُهُ.

[باب في الغصب وأحكامه]

دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ (الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ) أَيْ اسْتِيلَاءٌ عَلَيْهِ (قَهْرًا) عَلَى وَاضِعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (تَعَدِّيًا) أَيْ ظُلْمًا (بِلَا حِرَابَةٍ) فَأَخْذُ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْغَصْبَ وَغَيْرَهُ كَأَخْذِ إنْسَانٍ مَالَهُ مِنْ مُودِعٍ، أَوْ مَدِينٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ، وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخْذُ آدَمِيٍّ مَالًا، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَالِ الذَّوَاتُ فَخَرَجَ التَّعَدِّي، وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَسُكْنَى دَارٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ قَهْرًا حَالٌ مُقَارِنَةٌ لِعَامِلِهَا خَرَجَ بِهِ السَّرِقَةُ وَنَحْوُهَا إذْ لَا قَهْرَ حَالَ الْأَخْذِ. وَإِنْ حَصَلَ الْقَهْرُ بَعْدَهُ كَمَا خَرَجَ الْمَأْخُوذُ اخْتِيَارًا كَعَارِيَّةٍ وَسَلَفٍ، وَهِبَةٍ وَقَوْلُهُ تَعَدِّيًا خَرَجَ بِهِ الْمَأْخُوذُ قَهَرَا بِحَقٍّ كَالدَّيْنِ مِنْ مَدِينٍ مُمَاطِلٍ، أَوْ مِنْ غَاصِبٍ، وَالزَّكَاةِ كُرْهًا مِنْ مُمْتَنِعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ تَشْمَلُ الْحِرَابَةَ قَالَ بِلَا حِرَابَةٍ لِإِخْرَاجِهَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا غَيْرُ حَقِيقَةِ الْغَصْبِ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْحِرَابَةَ دُونَ الْغَصْبِ. (وَأُدِّبَ) غَاصِبٌ (مُمَيِّزٌ) صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَمْ يُمَيِّزْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَإِنَّمَا أُدِّبَ الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْفَسَادِ، وَإِصْلَاحِ حَالِهِ كَمَا تُضْرَبُ الدَّابَّةُ لِذَلِكَ (كَمُدَّعِيهِ) أَيْ كَمَا يُؤَدَّبُ مُدَّعِي الْغَصْبِ (عَلَى صَالِحٍ) ، وَهُوَ مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ لَا خُصُوصُ الصَّالِحِ عُرْفًا، وَهُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادِهِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ مُدَّعِيهِ عَلَى فَاسِقٍ، أَوْ مَجْهُولِ حَالٍ فَلَا يُؤَدَّبُ وَحَلَفَ الْفَاسِقُ إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، وَإِلَّا ضَمِنَ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي (وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ) (قَوْلَانِ) قِيلَ يَحْلِفُ لِيَبْرَأَ مِنْ الْغُرْمِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي الْغَصْبِ وَأَحْكَامِهِ] بَابٌ فِي الْغَصْبِ) (قَوْلُهُ فِي الْغَصْبِ) أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ اسْتِيلَاءٌ عَلَيْهِ) يَعْنِي لَيْسَ الْأَخْذُ الْحِسِّيُّ بِالْفِعْلِ لَازِمًا، بَلْ مَتَى حَالَ الظَّالِمُ بَيْنَ الْمَالِ وَرَبِّهِ وَلَوْ أَبْقَاهُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ رَبُّهُ كَانَ غَاصِبًا وَاعْتِرَاضُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخْذُ مَالٍ إلَخْ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ أَخْذَ الْمَنَافِعِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مُتَمَوَّلَةٌ يُعَاوَضُ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ تَعَدٍّ، وَالْغَصْبُ لِلذَّاتِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَخْذُ مَالٍ غَيْرَ مَنْفَعَةٍ لِأَجْلِ إخْرَاجِ التَّعَدِّي فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَالْمُتَبَادَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَخْذِ آدَمِيٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا، أَوْ قَرِيبًا غَيْرَ، وَالِدٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ الْآدَمِيِّ بَالِغًا (قَوْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَخَرَجَ نَحْوُ ذَلِكَ كَأَخْذِ الْأَبِ الْغَنِيِّ، وَالْجَدِّ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ قَهْرًا عَنْهُ فَلَا يُسَمَّى غَصْبًا، وَإِنَّمَا خَرَجَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَدِّيًا؛ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ مَنْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْأَخْذِ شَرْعِيَّةً، وَالْأَبَ، وَالْجَدَّ لَهُمَا شُبْهَةٌ لِخَبَرِ: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» . وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْكَمُ لِذَلِكَ بِحُكْمِ الْغَصْبِ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ، وَالْأَدَبُ. (قَوْلُهُ وَأُدِّبَ) أَيْ وُجُوبًا بَعْدَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا غَصَبَهُ (قَوْلُهُ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا، أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ وَقِيلَ غَيْرُ الْبَالِغِ لَا يُؤَدَّبُ وَحَكَى الْقَوْلَيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُؤَدَّبُ. (قَوْلُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِي الْبَالِغِ، وَالصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ، وَإِنَّمَا إلَخْ عِلَّةٌ أُخْرَى لِتَأْدِيبِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ) أَيْ خِلَافًا لِلْمُتَيْطِيِّ حَيْثُ قَالَ لَا يُؤَدَّبُ إذَا عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) أَيْ وَتَأْدِيبُ الْغَاصِبِ الْمُمَيِّزِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَلَا يُحَدُّ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْأَسْوَاطِ كَالْحُدُودِ (قَوْلُهُ كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ) . قَالَ فِي النَّوَادِرِ مَحَلُّ أَدَبِ مَنْ ادَّعَاهُ عَلَى صَالِحٍ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ لَا إنْ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ التَّظَلُّمِ نَقَلَهُ بْن فَإِذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الْغَصْبُ عَلَى وَجْهِ التَّظَلُّمِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، بَلْ إنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً غَرِمَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ) أَيْ وَلَوْ اُتُّهِمَ بِغَيْرِهِ كَزِنًا وَسُكْرٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالصَّالِحِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَالدِّينِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُؤَدَّبُ مَنْ ادَّعَاهُ عَلَى مَنْ يُتَّهَمُ بِالزِّنَا، وَالسُّكْرِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُدَّعِيهِ عَلَى فَاسِقٍ) أَيْ، وَهُوَ مَنْ يُشَارُ إلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَلَمْ يَكُنْ مُشْتَهِرًا بِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَجْهُولِ حَالٍ) ، وَهُوَ مَنْ لَا يُعْرَفُ بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْفَاسِقُ) أَيْ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَخْصٌ أَنَّهُ غَصَبَ كَذَا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْفَاسِقِ بِالْغَصْبِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ، وَإِلَّا يَحْلِفُ الْفَاسِقُ ضَمِنَ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ أَنَّهُ غَصَبَهُ (قَوْلُهُ وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ حَالُهُ) أَيْ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَصَبَ كَذَا أَيْ وَعُدِمَ حَلِفُهُ قَوْلَانِ، وَأَمَّا إذَا اُدُّعِيَ عَلَى مَنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْغَصْبِ فَإِنَّهُ يُهَدَّدُ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُسْجَنُ لَعَلَّهُ يُخْرِجُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا حَلَفَ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ، فَظَهَرَ لَك أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ إمَّا صَالِحٌ، وَإِمَّا فَاسِقٌ يُشَارُ إلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ، وَإِمَّا مَجْهُولٌ حَالُهُ، وَإِمَّا مَشْهُورٌ بِالْغَصْبِ

وَقِيلَ لَا. (وَضَمِنَ) الْغَاصِبُ الْمُمَيِّزُ (بِالِاسْتِيلَاءِ) عَلَى الْمَغْصُوبِ عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ بِمُجَرَّدِهِ إلَى أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَهُ لَا يَوْمَ حُصُولِ الْمُفَوَّتِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي ضَمَانِ الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ وَسَيَأْتِي لَهُ الْكَلَامُ عَلَى غَاصِبِ الْمَنْفَعَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا، بَلْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَكَذَا الْجَانِي عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالِ الْغَيْرِ الْمُمَيَّزِ (فَتَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى تَحْكِي الْخِلَافَ فِيمَا يَضْمَنُهُ هَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ، وَالدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَتِهِ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوَّلًا يَضْمَنُ الْمَالَ، بَلْ الدِّيَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا يَضْمَنُ مَالًا وَلَا دِيَةَ، بَلْ فِعْلُهُ هَدَرٌ كَالْعَجْمَاءِ،، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي حَدِّ السِّنِّ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيلَ سَنَةٌ وَقِيلَ سَنَتَانِ وَقِيلَ سَنَةٌ وَنِصْفٌ وَقِيلَ شَهْرَانِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ إلَّا ابْنُ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَالْعَجْمَاءِ وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنَّ مَعْنَاهُ، وَإِلَّا يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ غَصْبٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَجْنُونَ الْمُطْبَقَ، وَهُوَ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْغَصْبُ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَهُ عَلَى الصَّبِيِّ فَاعْتُرِضَ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الصَّبِيَّ الْغَيْرَ الْمُمَيِّزِ، وَالْمَجْنُونَ يَضْمَنَانِ الْمَالَ فِي مَالِهِمَا، وَالدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِمَا، وَأَنَّ التَّمْيِيزَ لَا يُحَدُّ بِسِنٍّ فَقَدْ يَكُونُ ابْنَ سَنَةٍ وَقَدْ يَكُونُ ابْنَ أَكْثَرَ وَمَحَلُّ الْمُمَيِّزِ إذَا لَمْ يُؤْمَنْ عَلَى مَالٍ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ وَسَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ أَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ. ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ مَاتَ) الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ إلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ كَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ قَبْلَ سُكْنَاهَا (أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ) مَغْصُوبٌ (قِصَاصًا) إنْ جَنَى بَعْدَ الْغَصْبِ، أَوْ لِحِرَابَتِهِ، أَوْ ارْتِدَادِهِ (أَوْ رَكِبَ) الدَّابَّةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) أَيْ وَقِيلَ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، بَلْ إنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ غَرِمَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَظْهَرُ لِقَاعِدَةِ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَالْغَصْبُ مِنْ بَابِ التَّجْرِيحِ، وَهُوَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ. (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ الْمُمَيِّزُ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَقَوْلُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَيْ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ وَلَمْ نَقُلْ أَيْ ضَمِنَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ إلَّا إذَا حَصَلَ مَفُوتٌ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْعَقَارِ لَا يَتَقَرَّرُ فِيهِ الضَّمَانُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ، بَلْ حَتَّى يُنْقَلَ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ وَسَلَّمَهُ شَارِحُوهُ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُجَرَّدُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ يُوجِبُ ضَمَانَهُ قَطْعًا كَانَ عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ فَائِدَةَ تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِهِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ يَوْمَهُ إذَا حَصَلَ مَفُوتٌ لَا يَوْمَ الْفَوَاتِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي لَهُ الْكَلَامُ عَلَى غَاصِبِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِمُجَرَّدِ فَوَاتِهَا عَلَى رَبِّهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَاصِبَ الذَّاتِ يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُهَا مِنْ يَوْمِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا وَيَضْمَنُ غَلَّةَ تِلْكَ الذَّاتِ مِنْ يَوْمِ اسْتِعْمَالِهَا، وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي، وَهُوَ غَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ فَيَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ بِمُجَرَّدِ فَوَاتِهَا عَلَى رَبِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ إلَّا غَاصِبَ الْبُضْعِ لِأَجْلِ وَطْئِهِ، وَالْحُرَّ لِأَجْلِ اسْتِخْدَامِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَإِذَا وَطِئَ وَاسْتَخْدَمَ غَرِمَ صَدَاقَ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةَ الثَّانِي، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى تَحْكِي الْخِلَافَ) أَيْ تَحْكِي ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِيمَا يَضْمَنُهُ وَمَا لَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ أَوَّلًا يَضْمَنُ الْمَالَ إلَخْ) أَيْ فَفِعْلُهُ بِالنِّسْبَةِ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ. وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ (قَوْلُهُ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي حَدِّ السِّنِّ) أَيْ فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تَجْزِمُ بِضَمَانِهِ الْمَالَ، وَالدِّيَةَ وَلَكِنْ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي حَدِّ أَقَلِّ السِّنِّ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَقِيلَ سَنَةٌ) فَإِنْ كَانَ عُمْرُهُ أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَنَتَانِ) فَإِنْ كَانَ عُمْرُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَنَةٌ وَنِصْفٌ) فَإِنْ كَانَ عُمْرُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَتَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ يَشْمَلُ إلَخْ، عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْغَصْبُ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ قَهْرًا مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ، أَوْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ، أَوْ يُتْلِفُهُ اهـ. شب (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَهُ عَلَى الصَّبِيِّ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّرِيقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ إنَّمَا تَتَأَتَّيَانِ فِي الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ إلَّا الطَّرِيقَةُ الْأُولَى، فَالْأَوْلَى قَصْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الْغَيْرَ الْمُمَيِّزِ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْغَصْبُ كَمَا عَلِمْتَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالتَّرَدُّدُ ضَعِيفٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا يَضْمَنُهُ، أَوْ فِي السِّنِّ الَّذِي يَضْمَنُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ جَعْلُ التَّرَدُّدِ فِي مَوْضُوعٍ مُتَعَدِّدٍ فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَحْسَنَ اهـ. عبق وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي حَكَتْهَا الطَّرِيقَةُ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَقَدْ يَكُونُ) أَيْ الْمُمَيِّزُ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّمْيِيزِ ابْنَ سَنَةٍ وَقَدْ يَكُونُ ابْنَ أَكْثَرَ فَالْمَدَارُ فِي التَّمْيِيزِ عَلَى فَهْمِ الْخِطَابِ وَحُسْنِ الْجَوَابِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْمُمَيِّزِ) الْأَوْلَى وَمَحَلُّ ضَمَانِ الصَّغِيرِ لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مُمَيِّزًا، أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ، وَأَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ) أَيْ فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ. (قَوْلُهُ كَأَنْ مَاتَ) تَشْبِيهٌ فِي الضَّمَانِ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَقَتَلَ شَخْصًا بَعْدَ غَصْبِهِ فَقُتِلَ بِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ سَابِقًا

الْمَغْصُوبَةَ فَهَلَكَتْ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَرْكَبْ (أَوْ ذَبَحَ) الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ فَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّعَدِّي وَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً (أَوْ جَحَدَ) مُودَعٍ (وَدِيعَةً) ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَتْ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ (أَوْ أَكَلَ) شَخْصٌ طَعَامًا مَغْصُوبًا (بِلَا عِلْمٍ) مِنْهُ بِأَنَّ الطَّعَامَ مَغْصُوبٌ وَبُدِئَ بِالْغَاصِبِ فَإِنْ أَعْسَرَ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَعَلَى الْآكِلِ بِقَدْرِ أَكْلِهِ، أَوْ مَا وُهِبَ لَهُ فَإِنْ أَعْسَرَ اتَّبَعَ أَوَّلَهُمَا يُسْرًا وَمَنْ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ. وَأَمَّا بِعِلْمٍ فَهُوَ، وَالْغَاصِبُ سَوَاءٌ (أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ) فَإِنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ يَضْمَنُ لَكِنْ يُبْدَأُ بِالْمُبَاشِرِ لِلتَّلَفِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَكَذَا مَنْ أَغْرَى ظَالِمًا عَلَى مَالٍ لَا يُتْبَعُ الْمُغْرِي بِالْكَسْرِ إلَّا بَعْدَ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُغْرَى بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ وَمَفْهُومٌ عَلَى التَّلَفِ أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ فَأَتَى لَهُ بِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ (أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا) بِأَنْ حَفَرَهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي طَرِيقِ النَّاسِ فَتَرَدَّى فِيهَا شَيْءٌ ضَمِنَ. وَأَمَّا بِمِلْكِهِ بِغَيْرِ قَصْدِ ضَرَرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَقُدِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَافِرِ لَهَا فِي الضَّمَانِ (الْمُرْدِي) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَالْحَافِرُ مُتَسَبِّبٌ، وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ فِي الضَّمَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ (إلَّا) أَنْ يَحْفِرَهَا (لِمُعَيَّنٍ) فَرَدَّاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْغَصْبِ وَقُتِلَ بِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّوَادِرِ وَقَرَّرَ بِهِ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، إذَا عَلِمْتَ هَذَا فَتَوَقُّفُ عبق تَبَعًا لعج، وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فِي الْقَتْلِ السَّابِقِ عَلَى الْغَصْبِ إذَا قُتِلَ بِسَبَبِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ هَلْ يَكُونُ مُوجِبًا لِضَمَانِهِ، أَوْ لَا؟ قُصُورٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَرْكَبْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وَضْعِ الْيَدِ يُوجِبُ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ، أَوْ ذَبَحَ) أَيْ أَنَّهُ إذَا غَصَبَ دَابَّةً، وَذَبَحَهَا لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ بِمُجَرَّدِ الذَّبْحِ وَصَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْغَاصِبِ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ بِمُفِيتٍ وَلِرَبِّهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا، وَأَخْذِهَا مَذْبُوحَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ مَعَهَا مَا نَقَصَهُ الذَّبْحُ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى. وَقِيلَ إنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا، وَأَخْذِهَا مَذْبُوحَةً مَعَ مَا نَقَصَهُ الذَّبْحُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ، وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الذَّبْحُ مُفِيتًا لِلدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ عَدَّهُ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْجَلَّابِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِمَّا يَذْبَحُهُ الْقَصَّابُ وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ (فَرْعٌ) لَا شَيْءَ عَلَى مُجْتَهِدٍ أَتْلَفَ شَيْئًا بِفَتْوَاهُ وَضَمِنَ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ إنْ نَصَّبَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ نَائِبُهُ لِلْفَتْوَى؛ لِأَنَّهَا كَوَظِيفَةِ عَمَلٍ قَصَّرَ فِيهَا، وَإِلَّا يَكُنْ مُنْتَصِبًا لِلْفَتْوَى، وَهُوَ مُقَلِّدٌ فَفِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ هَلْ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَمْ لَا؟ ، وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَصَّرَ فِي مُرَاجَعَةِ النُّقُولِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ صَادَفَ خَطَؤُهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ مَقْدُورِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ هَلَكَتْ) أَيْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِجَحْدِهَا إلَخْ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ أَكَلَ شَخْصٌ طَعَامًا مَغْصُوبًا) أَيْ أَهْدَاهُ لَهُ الْغَاصِبُ، أَوْ أَكَّلَهُ ضِيَافَةً عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالْغَاصِبِ) أَيْ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْآكِلُ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ لَكِنْ يُبْدَأُ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا بِعِلْمٍ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا أَكَلَ الشَّخْصُ طَعَامًا مَغْصُوبًا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ، وَالْغَاصِبُ سَوَاءٌ) فَلَا يُبْدَأُ بِوَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ، بَلْ يَغْرَمُ الْآكِلُ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ وَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُبْدَأُ إلَخْ) . الْحَاصِلُ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مَعًا هَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، وَهَذَا لِتَسَبُّبِهِ لَكِنَّ الْمُبَاشِرَ يُقَدَّمُ فِي الْغُرْمِ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فَلَا يَتْبَعُ الْمُتَسَبِّبَ إلَّا إذَا أُعْدِمَ الْمُبَاشِرُ وَكُلُّ مَنْ غَرِمَ شَيْئًا مِنْهُمَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ، هَذَا هُوَ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالتَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَبِهِ قَرَّرَ ح وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ فَحَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَقَطْ لَيْسَ بِصَوَابٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ فَأَتَى لَهُ بِهِ) أَيْ، ثُمَّ أَتْلَفَهُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ) أَيْ فَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا أُخِذَ مِنْهُ الْجَمِيعُ وَمَنْ غَرِمَ شَيْئًا رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَى صَاحِبِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ وَفَرَّقَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ قَدْ وَقَعَ مِنْ كُلِّ مِنْهُمَا مُبَاشَرَةٌ بِخِلَافِ الْأُولَى فَلَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَّا الْإِكْرَاهُ فَلِذَلِكَ قُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُبَاشِرُ اهـ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ فِي طَرِيقِ النَّاسِ) أَيْ، أَوْ بِلَصْقِهَا بِلَا حَائِلٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِمِلْكِهِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ أَيْ، أَوْ بِأَرْضٍ مَوَاتٍ فَتَرَدَّى فِيهَا شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ إذَا كَانَ حَفَرَهَا بِغَيْرِ قَصْدِ ضَرَرٍ أَمَّا لَوْ حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ بِقَصْدِ ضَرَرٍ كَوُقُوعِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ وُقُوعِ سَارِقٍ، أَوْ وُقُوعِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ هَلَاكَهُ فَقَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا حَيَوَانٌ، أَوْ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ، وَالسَّارِقِ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَافِرِ الْمُتَعَدِّي الْمُرْدِي بِمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَحْدَهُ دُونَ الْحَافِرِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْدِي مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ لَفْظُ قُدِّمَ مِنْ أَنَّهُ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِي ضَمِنَ الْحَافِرُ فَلَيْسَ الْحَافِرُ كَالْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ تَسَبُّبَ الْحَافِرِ أَضْعَفُ مِنْ تَسَبُّبِ الْمُكْرِهِ

فِيهَا غَيْرُهُ (فَسِيَّانِ) الْحَافِرُ، وَالْمُرْدِي فِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمَا فِي الْإِنْسَانِ الْمُكَافِئِ وَضَمَانِ غَيْرِهِ (أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ) مَثَلًا قُيِّدَ (لِئَلَّا يَأْبَقَ) فَأَبَقَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ (أَوْ) فَتَحَ بَابًا مُغْلَقًا (عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ) فَذَهَبَ فَيَضْمَنُهُ (إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) لَهُ حِينَ الْفَتْحِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاتِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ طَيْرًا، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الطَّيْرَ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيعُهُ عَادَةً (أَوْ) فَتَحَ (حِرْزًا) فَسَالَ مَا فِيهِ إذَا كَانَ مَائِعًا، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ جَامِدًا (الْمِثْلِيَّ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ ضَمِنَ (وَلَوْ بِغَلَاءٍ بِمِثْلِهِ) وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ مَنْ قَالَ إذَا غَصَبَهُ يَوْمَ الْغَلَاءِ فَرَخُصَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ رَبُّهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ (وَصَبَرَ) رَبُّهُ إذَا تَعَذَّرَ وُجُودُ الْمِثْلِ كَفَاكِهَةٍ خَرَجَ أَبَانُهَا (لِوُجُودِهِ وَ) صَبَرَ (لِبَلَدِهِ) أَيْ لِبَلَدِ الْغَصْبِ إنْ وُجِدَ الْغَاصِبُ بِغَيْرِهِ (وَلَوْ صَاحَبَهُ) بِأَنْ كَانَ الْمِثْلِيُّ الْمَغْصُوبُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ فَوْتٌ يُوجِبُ رَدَّ الْمِثْلِ لَا رَدَّ الْعَيْنِ وَجَازَ دَفْعُ ثَمَنٍ عَنْ الطَّعَامِ الْمِثْلِيِّ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْغَصْبِ يَجْرِي مَجْرَى طَعَامِ الْقَرْضِ وَيَجِبُ التَّعْجِيلُ لِئَلَّا يَكُونَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ أَشْهَبَ يُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ فِيهِ، أَوْ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ (وَمُنِعَ) الْغَاصِبُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ (لِلتَّوَثُّقِ) بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ خَشْيَةَ ضَيَاعِ حَقِّ رَبِّهِ وَمِثْلُهُ الْمُقَوَّمُ حَيْثُ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَسِيَّانِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا عَلِمَ الْمُرْدِي بِقَصْدِ الْحَافِرِ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الْمُرْدِي فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُمَا سِيَّانِ هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ يُقْتَلُ الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ (قَوْلُهُ فِي الْإِنْسَانِ الْمُكَافِئِ) أَيْ لَهُمَا مَعًا فَإِنْ كَانَ الْمُكَافِئُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ كَأَنْ حَفَرَهَا حُرٌّ مُسْلِمٌ لِأَجْلِ وُقُوعِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَأَرْدَاهُ فِيهَا عَبْدٌ مِثْلُهُ قُتِلَ الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ وَعَلَيْهِ الْأَدَبُ وَانْظُرْ هَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَمْ لَا قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ وَضَمَانِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْإِنْسَانِ الْمُكَافِئِ (قَوْلُهُ قَيْدَ عَبْدٍ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ فَتَحَ قَيْدَ حُرٍّ قُيِّدَ لِئَلَّا يَأْبَقَ فَذَهَبَ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ دِيَةَ عَمْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِبَاعَهُ، بَلْ حَيْثُ أَدْخَلَهُ فِي أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ (قَوْلُهُ قُيِّدَ لِئَلَّا يَأْبَقَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ قُيِّدَ لِنَكَالِهِ فَأَبَقَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَنَازَعَ رَبُّهُ مَعَ الْفَاتِحِ فَادَّعَى رَبُّهُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَهُ لِخَوْفِ إبَاقِهِ وَقَالَ الْفَاتِحُ إنَّمَا قَيَّدْتَهُ لِنَكَالِهِ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ. (قَوْلُهُ فَأَبَقَ) أَيْ عَقِبَ الْفَتْحِ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُهْلَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) أَيْ إلَّا إذَا فَتَحَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ نَائِمًا نَوْمًا خَفِيفًا بِحَيْثُ يَكُونُ عِنْدَهُ شُعُورٌ، قَالَ عبق، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ بِمَكَانٍ هُوَ مَظِنَّةُ شُعُورِهِ بِخُرُوجِهِ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ يَسِيرًا لَا الْمُلَاصَقَةُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا غَيْرَ نَائِمٍ (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيعُهُ عَادَةً) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَرْجِيعُهُ (قَوْلُهُ فَسَالَ مَا فِيهِ) أَشَارَ بِهَذَا لِدَفْعِ مَا يُقَالُ أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ فَتَحَ حِرْزًا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا هُنَا فَتْحُ الْحِرْزِ عَلَى غَيْرِ حَيَوَانٍ وَمَا مَرَّ فَتْحُهُ عَلَى حَيَوَانٍ، أَوْ أَنَّ مَا مَرَّ فَتْحُ الْحِرْزِ فَذَهَبَ مَا فِي دَاخِله بِنَفْسِهِ وَمَا هُنَا فَتْحُ الْحِرْزِ، وَأَخْذُ آخَرَ مَا فِي دَاخِلِهِ. (قَوْلُهُ، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ جَامِدًا) لَكِنْ فِي هَذِهِ يُقَدَّمُ الْآخِذُ لِمُبَاشَرَتِهِ عَلَى الْفَاتِحِ وَمَحَلُّ ضَمَانِ فَاتِحِ الْحِرْزِ مَا لَمْ يَفْتَحْهُ بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ فَتَحَهُ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ فَقَدْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ وَذَكَرَهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ ضَمِنَ) أَيْ ضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ الْمِثْلِيَّ إذَا تَعَيَّبَ، أَوْ تَلِفَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ غَصَبَهُ بِغَلَاءٍ وَحَكَمَ بِهِ زَمَنَ الرَّخَاءِ فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِنَ وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا إذَا تَعَيَّبَ، أَوْ تَلِفَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمِثْلِيُّ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا بِبَلَدِ الْغَصْبِ، وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ، وَأَرَادَ الْغَاصِبُ إعْطَاءَ مِثْلِهِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِعَيْنِ شَيْئِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمِثْلِيَّاتُ لَا تُرَادُ لِأَعْيَانِهَا لَكِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ تَتَعَيَّنُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ مَالُهُ حَرَامًا، أَوْ كَانَ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ فَرَبُّ الْمَغْصُوبِ لَهُ غَرَضٌ فِي أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ؛ لِأَنَّهُ حَلَالٌ وَمَالَ الْغَاصِبِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ) أَيْ، وَهُوَ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَصَبَرَ) أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وُجُوبًا لِبَلَدِهِ أَيْ لِبَلَدِ الْغَصْبِ إنْ وُجِدَ الْغَاصِبُ بِغَيْرِهِ، مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْخَلَاصُ مِنْهُ إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ، وَإِلَّا غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي وَجَدَهُ فِيهِ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ كَمَا فِي ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَإِنْ وُجِدَ غَاصِبُهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ فَوْتٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمِثْلِيِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ فَوْتٌ بِخِلَافِ نَقْلِ الْمُقَوَّمِ إنَّمَا يَكُونُ فَوْتًا إذَا كَانَ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ وَاحْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ فَوْتَ الْمِثْلِيِّ يُوجِبُ غُرْمَ مِثْلِهِ وَفَوْتَ الْمُقَوَّمِ لَا يُوجِبُ غُرْمَ قِيمَتِهِ، بَلْ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ أَخْذِهِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَخْذِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ مِنْهُ) أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ الْغَاصِبَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمِثْلِيِّ الَّذِي صَاحَبَهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ رَبُّهُ بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِثْلِيِّ الْمَغْصُوبِ الَّذِي صَاحَبَ الْغَصْبَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْمُقَوَّمُ) أَيْ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ الْمُقَوَّمُ فَيُمْنَعُ الْغَاصِبُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ إذَا وُجِدَ مَعَهُ بِبَلَدٍ أُخْرَى غَيْرَ بَلَدِ الْغَصْبِ

وَلَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ، وَإِذَا مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ لِلتَّوَثُّقِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ فَتَصَرُّفُهُ مَرْدُودٌ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ قَبُولُهُ وَلَا الْأَكْلُ مِنْهُ مَثَلًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَزِمَهُ الْقِيمَةُ وَبِهِ قَالَ بَعْضٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ حِينَئِذٍ وَرَجَحَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَرَامَ لَا يَجُوزُ قَبُولُهُ وَلَا الْأَكْلُ مِنْهُ وَلَا السُّكْنَى فِيهِ مَا لَمْ يَفُتْ عِنْدَ الظَّالِمِ وَتَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَرْجَحِ وَمَنْ اتَّقَاهُ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعَرْضِهِ. (وَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُلْزِمَ الْغَاصِبَ رَدَّ مَا صَاحَبَهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ إلَى بَلَدِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ نَقْلَ الْمِثْلِيِّ فَوْتٌ كَالْمُقَوَّمِ إنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ لِبَلَدِهِ وَلَوْ صَاحَبَهُ (كَإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ مَعِيبًا) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرَّدِّ، وَالضَّمِيرُ فِي إجَازَتِهِ يَعُودُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفِي بَيْعِهِ يَعُودُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْإِضَافَةُ فِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَبَيْعُهُ مَفْعُولُ إجَازَتِهِ وَمَعِيبًا مَفْعُولُ بَيْعِهِ، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا بَاعَ مَا غَصَبَهُ مَعِيبًا فَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْعَهُ (زَالَ) الْعَيْبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (وَقَالَ) الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إنَّمَا (أَجَزْتُ) الْبَيْعَ (لِظَنِّ بَقَائِهِ) أَيْ الْعَيْبِ، ثُمَّ ظَهَرَ زَوَالُهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ بَيْعٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ غَصَبَ أَمَةً بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ فَبَاعَهَا، ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَأَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ، ثُمَّ عَلِمَ بِذَهَابِ الْبَيَاضِ فَقَالَ إنَّمَا أَجَزْتُ الْبَيْعَ، وَأَنَا لَا أَعْلَمُ بِزَوَالِ الْعَيْبِ، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا أُجِيزُهُ لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ اهـ. وَلَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ سَلِيمًا بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْبِ فَأَجَازَهُ رَبُّهُ لِظَنِّهِ بَقَاءَهُ لَكَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَفْرِيطُهُ إذْ لَوْ شَاءَ لَتَثَبَّتَ. وَلَمَّا كَانَ الْمَالِكُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى عَيْنِ الْمِثْلِيِّ إذَا وَجَدَهُ مَعَ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ أَشَارَ إلَى أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا وَجَدَهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ مُشَبِّهًا لَهُ أَيْضًا بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَلَا رَدَّ لَهُ فَقَالَ (كَنُقْرَةٍ) أَيْ قِطْعَةِ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَكَذَا قِطْعَةُ نُحَاسٍ، أَوْ حَدِيدٍ غُصِبَتْ وَ (صِيغَتْ) حُلِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا، بَلْ لَهُ مِثْلُ النُّقْرَةِ، وَالنُّحَاسِ لِفَوَاتِهَا بِالصِّيَاغَةِ (وَطِينٍ لُبِّنَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ ضُرِبَ لَبِنًا لَا يُرَدُّ لِرَبِّهِ، بَلْ مِثْلُهُ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ (وَقَمْحٍ) مَثَلًا (طُحِنَ) وَدَقِيقٍ عُجِنَ وَعَجِينٍ خُبِزَ لِفَوَاتِهِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ فَلَمْ يَجْعَلُوهُ نَاقِلًا فَمَنَعُوا التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا لِلرِّبَا، وَهُنَا احْتَاطُوا لِلْغَاصِبِ فَلَمْ يُضَيِّعُوا كُلْفَةَ طَحْنِهِ، وَهُوَ، وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ، وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّ الطَّحْنَ غَيْرُ نَاقِلٍ هُنَا كَالرِّبَوِيَّاتِ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (وَبَذْرٍ) أَيْ مَا يُبْذَرُ مِنْ الْحُبُوبِ (زُرِعَ) فَيَلْزَمُهُ لِرَبِّهِ مِثْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ احْتَاجَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ) أَيْ، بَلْ أَرَادَ أَخْذَ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ فَتَصَرَّفَ فِيهِ) أَيْ فَخَالَفَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ. (قَوْلُهُ، وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ جَازَ أَكْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمِعْيَارِ وَلَوْ عَلِمَ الْآكِلُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَدْفَعُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْعِوَضِ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ وَاعْتَمَدَهُ أَيْضًا شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش خِلَافًا لِفَتْوَى النَّاصِرِ وَالْقَرَافِيِّ وَصَاحِبِ الْمَدْخَلِ مِنْ الْمَنْعِ إذْ عُلِمَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَدْفَعُ قِيمَةً (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ نَقْلَ الْمِثْلِيِّ فَوْتٌ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَبِمُجَرَّدِ نَقْلِهِ صَارَ اللَّازِمُ لَهُ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ إنْ احْتَاجَ إلَخْ) أَمَّا لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ تَعَيَّنَ أَخْذُ رَبِّهِ لَهُ (قَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلِبَلَدِهِ وَلَوْ صَاحَبَهُ) وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَجِبُ الصَّبْرُ لِبَلَدِهِ وَلَوْ كَانَ مُصَاحِبًا لِلْغَاصِبِ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ لِبَلَدِ الْغَصْبِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ قَدْ يَقُولُ لِلْغَاصِبِ أَنَا أَصْبِرُ لِبَلَدِهِ وَلَكِنْ رُدَّهُ أَنْتَ إلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى، أَوْ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِهِ الْمَحْذُوفِ أَيْ كَإِجَازَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِبَيْعِ الْغَاصِبِ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ حَالَةَ كَوْنِهِ مَعِيبًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ بَيْعِهِ لِلْغَاصِبِ، وَالْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ مَعِيبًا الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ لَا الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ إذَا بَاعَ مَا غَصَبَهُ مَعِيبًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مَعِيبًا وَقْتَ بَيْعِ الْغَاصِبِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ طَارِئًا عِنْدَهُ، أَوْ كَانَ عِنْدَ رَبِّهِ قَبْلَ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ) أَيْ الَّذِي أَجَازَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِظَنِّهِ دَوَامَ الْعَيْبِ لِتَفْرِيطِهِ إذْ لَوْ شَاءَ لَتَثَبَّتَ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا الْقَوْلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَظَاهِرُ ح تَرْجِيحُهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ لَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ بِمَا تَضَمَّنَهُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا تَضَمَّنَهُ (قَوْلُهُ وَلَا رَدَّ لَهُ) ، وَهُوَ عَدَمُ الِالْتِفَاتِ لِقَوْلِ رَبِّ الْمَغْصُوبِ فَمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ وَجْهُ الشَّبَهِ لَا الْمُشَبَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَصِيغَتْ) أَيْ صَاغَهَا الْغَاصِبُ حُلِيًّا، أَوْ سَبَكَهَا، أَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ، أَوْ ضَرَبَ النُّحَاسَ فُلُوسًا (قَوْلُهُ لِفَوَاتِهَا بِالصِّيَاغَةِ) أَيْ وَكَذَا بِالضَّرْبِ. وَأَمَّا جَعْلُ النُّحَاسِ تَوْرًا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَفُوتًا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ الْجُزَافَ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لِلْهُرُوبِ مِنْ الْمُزَابَنَةِ، وَهِيَ فِي الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ طَعَامٍ أَصْلًا، وَإِنَّمَا كَانَ الطِّينُ مِثْلِيًّا مَعَ أَنَّ ضَابِطَ الْمِثْلِيِّ لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُكَالُ بِالْقُفَّةِ فَيَنْطَبِقُ الضَّابِطُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَقَمْحٍ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ دَخَنٍ (قَوْلُهُ وَعَجِينٍ خُبِزَ) أَيْ فَلَا يُرَدُّ لِرَبِّهِ، بَلْ يُرَدُّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجْعَلُوهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الطَّحْنِ، وَالْعَجْنِ، وَالْخُبْزِ نَاقِلًا فَمَنَعُوا التَّفَاضُلَ بَيْنَ الْقَمْحِ، وَالدَّقِيقِ وَبَيْنَ الدَّقِيقِ، وَالْعَجِينِ وَبَيْنَ الْعَجِينِ، وَالْخُبْزِ (قَوْلُهُ غَيْرُ نَاقِلٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلِرَبِّ الْقَمْحِ الْمَغْصُوبِ إذَا طَحَنَهُ الْغَاصِبُ أَخْذُهُ مَطْحُونًا وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الطَّحْنِ لِلْغَاصِبِ وَكَذَا إذَا عُجِنَ الدَّقِيقُ، أَوْ خُبِزَ الْعَجِينُ (قَوْلُهُ أَيْ مَا يُبْذَرُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَذْرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ إذْ هُوَ مَصْدَرُ إلْقَاءِ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ لَا يُغْصَبُ، وَأَيْضًا هُوَ أَيْ الْبَذْرُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الزَّرْعُ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ

وَمَعْنَى زُرِعَ بُذِرَ فَلَوْ قَالَ وَحَبِّ بَذْرٍ كَانَ أَبْيَنَ (وَبَيْضٍ أَفْرَخَ) فَلِرَبِّهِ مِثْلُ الْبَيْضِ، وَالْفِرَاخُ لِلْغَاصِبِ (إلَّا) إنْ غُصِبَ (مَا بَاضَ) مِنْ طَيْرٍ عِنْدَ الْغَاصِبِ، ثُمَّ أَفْرَخَ (إنْ حَضَنَ) بَيْضَ نَفْسِهِ، وَأَوْلَى إنْ بَاضَتْ عِنْدَ رَبِّهَا فَالْأُمُّ، وَالْفِرَاخُ لِرَبِّهَا (وَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ) فَلِرَبِّهِ مِثْلُ الْعَصِيرِ الْمَغْصُوبِ (وَإِنْ تَخَلَّلَ) الْعَصِيرُ الْمَغْصُوبُ (خُيِّرَ) رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ خَلًّا، وَأَخْذِ مِثْلِ عَصِيرِهِ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ (كَتَخَلُّلِهَا) أَيْ الْخَمْرَةِ الْمَغْصُوبَةِ حَالَ كَوْنِهَا (لِذِمِّيٍّ) غُصِبَتْ مِنْهُ فَرَبُّهَا الذِّمِّيُّ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ مِثْلِ الْخَمْرِ، أَوْ أَخْذِ الْخَلِّ، هَذَا ظَاهِرُهُ، لَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ الْخَلِّ، أَوْ قِيمَةِ الْخَمْرِ يَوْمَ الْغَصْبِ (وَتَعَيَّنَ) أَخْذُ الْخَلِّ (لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الذِّمِّيِّ، وَهُوَ الْمُسْلِمُ الَّذِي غُصِبَ مِنْهُ خَمْرٌ فَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ، بَلْ (وَإِنْ صُنِعَ) بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَيْ، وَإِنْ تَخَلَّلَ بِصَنْعَةٍ فَيُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَخْذُ الْخَلِّ مُطْلَقًا، وَإِنْ تَخَلَّلَتْ الْخَمْرُ بِصَنْعَةٍ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْخَمْرِ وَقَوْلُهُ كَغَزْلٍ إلَخْ تَشْبِيهٌ فِيمَا لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِصُنِعَ أَيْ أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَمَعْنَى صُنِعَ غُيِّرَ لِيَصِحَّ تَسْلِيطُهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ الْخَمْرَةِ يَكُونُ قَوْلُهُ (كَغَزْلٍ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَتَغَيُّرِ غَزْلٍ مَغْصُوبٍ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِنَسْجٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَ) تَغَيُّرِ (حُلِيٍّ) بِتَكْسِيرٍ، أَوْ بِحُلِيٍّ آخَرَ. (وَ) تَغَيُّرِ (غَيْرِ مِثْلِيٍّ) بِعَيْبٍ، أَوْ مَوْتٍ، وَأَوْلَى بِضَيَاعٍ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْغَاصِبِ وَحِينَئِذٍ (فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ) لَازِمَةٌ لَهُ. (وَإِنْ) كَانَ الْمَغْصُوبُ (جِلْدَ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ، أَوْ كَلْبًا) مَأْذُونًا فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ مَا ذُكِرَ (وَلَوْ قَتَلَهُ) الْغَاصِبُ (تَعَدِّيًا) وَفِي نُسْخَةٍ بِعَدَاءٍ أَيْ بِسَبَبِ عَدَاءِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ (وَخُيِّرَ) رَبُّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQزُرِعَ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى زُرِعَ بُذِرَ) أَيْ لَا بِمَعْنَى غَطَّى لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ فَوَاتَ الْمَبْذُورِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَغْطِيَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْفَوَاتُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ طَرْحِ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ سَوَاءٌ غُطِّيَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَبَيْضٍ أَفْرَخَ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ بَيْضًا فَحَضَنَهُ تَحْتَ دَجَاجَةٍ لَهُ فَأَفْرَخَ فَعَلَيْهِ بَيْضٌ مِثْلُهُ لِرَبِّهِ، وَالْفِرَاخُ لِلْغَاصِبِ لِفَوَاتِ الْبَيْضِ بِخُرُوجِ الْفِرَاخِ مِنْهُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ غُصِبَ) أَيْ إلَّا إنْ غَصَبَهُ طَيْرًا فَبَاضَ عِنْدَهُ، ثُمَّ حَضَنَ ذَلِكَ الطَّيْرُ بَيْضَهُ، وَأَفْرَخَ (قَوْلُهُ، وَأَوْلَى إنْ بَاضَتْ عِنْدَ رَبِّهَا) أَيْ وَغَصَبَهَا الْغَاصِبُ مَعَ بَيْضِهَا وَحَضَنَتْ بَيْضَهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَأَفْرَخَ ذَلِكَ الْبَيْضُ فَالْأُمُّ، وَالْفِرَاخُ لِرَبِّهَا وَكَذَا إذَا غَصَبَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ دَجَاجَةً وَبَيْضًا لَيْسَ مِنْهَا وَحَضَنَهُ تَحْتَهَا فَإِنَّ الْأُمَّ، وَالْفِرَاخَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَعَبِهِ فِيهَا فَإِنْ كَانَا لِشَخْصَيْنِ فَلِرَبِّ الْبَيْضِ مِثْلُهُ وَلِرَبِّ الدَّجَاجَةِ دَجَاجَتُهُ وَكِرَاءُ مِثْلِهَا فِي حَضْنِهَا، وَالْفِرَاخُ لِلْغَاصِبِ اهـ. (فَرْعٌ) لَوْ مَاتَ حَيَوَانٌ حَامِلٌ فَأَخْرَجَ رَجُلٌ مَا فِي بَطْنِهِ مِنْ الْحَمْلِ وَعَاشَ فَالْوَلَدُ لِرَبِّ الْحَيَوَانِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ عِلَاجِ الْمُخْرَجِ اهـ. عبق (قَوْلُهُ وَعَصِيرٍ) أَيْ وَكَغَصْبِ عَصِيرٍ أَيْ مَاءِ عِنَبٍ وَقَوْلُهُ تَخَمَّرَ أَيْ بَعْدَ غَصْبِهِ وَقَوْلُهُ فَلِرَبِّهِ مِثْلُ الْعَصِيرِ أَيْ إنْ عُلِمَ كَيْلُهُ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ الْعَصِيرُ لِذِمِّيٍّ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْخَمْرَ، أَوْ مِثْلَ الْعَصِيرِ كَمَا إذَا تَخَلَّلَ الْخَمْرُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ الْمَغْصُوبُ) أَيْ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ تَخَمُّرِهِ وَقَوْلُهُ خُيِّرَ رَبُّهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ لِذِمِّيٍّ) أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْمُسْلِمِ فَيَدْخُلُ الْمُعَاهَدُ، وَالْمُؤَمَّنُ، وَالْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ، أَوْ قِيمَةِ الْخَمْرِ) أَيْ بِمَعْرِفَةِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ الذِّمِّيِّينَ (قَوْلُهُ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَحُلِيٍّ عَاطِفَةٌ لِعَامِلٍ حُذِفَ وَبَقِيَ مَعْمُولُهُ أَيْ، وَإِنْ صُنِعَ كَغَزْلٍ، أَوْ تَغَيُّرِ حُلِيٍّ (قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ) هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَإِنْ صُنِعَ كَغَزْلٍ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ. وَأَمَّا عَلَى جَعْلِهِ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ وَتَعَيَّنَ لِغَيْرِهِ فَالْفَاءُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَحَيْثُ كَانَ الْغَزْلُ، وَالْحُلِيُّ وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ إذَا تَغَيَّرَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ فَاللَّازِمُ لِلْغَاصِبِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْقِيمَةُ فِي الْغَزْلِ، وَالْحُلِيِّ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُمَا، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَكِنَّهُ دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ، وَالْمِثْلِيُّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ لَزِمَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ) أَيْ لَا يَوْمَ تَغَيُّرِهِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ جِلْدَ مَيْتَةٍ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي ضَمَانِ الْقِيمَةِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ إذَا تَغَيَّرَ أَيْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمِثْلِيِّ الَّذِي غَصَبَهُ وَتَغَيَّرَ عِنْدَهُ جِلْدَ مَيْتَةٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِلَوْ بَدَلَ إنْ كَانَ، أَوْلَى لِرَدِّ الْخِلَافِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ دُبِغَ، أَوْ لَمْ يُدْبَغْ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ دُبِغَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ أَوْ كَلْبًا مَأْذُونًا) أَيْ فِي اتِّخَاذِهِ كَكَلْبِ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ حِرَاسَةٍ، وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ كَلْبًا لَمْ يَأْذَنْ الشَّرْعُ فِي اتِّخَاذِهِ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ شَخْصٌ جَهْلًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَاتِلَهُ فِيهِ شَيْءٌ سَوَاءٌ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ قَهْرًا مِمَّنْ اتَّخَذَهُ، أَوْ قَتَلَهُ ابْتِدَاءً وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْكَلْبَ بِالْمَأْذُونِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَيْسَ بِمَالٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ إلَخْ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ أَيْ وَلَوْ قَتَلَ الْغَاصِبُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ تَعَدِّيًا فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ لَا يَوْمَ قَتْلِهِ فَلَيْسَ قَتْلُ الْغَاصِبِ كَقَتْلِ الْأَجْنَبِيِّ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا قَتَلَ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ تَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَتْلِ كَالْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَيْسَ بِغَاصِبٍ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَتْلِ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْإِتْلَافِ كَابْنِ الْحَاجِبِ كَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِعَدَاءٍ) أَيْ وَعَلَيْهَا فَيَكُونُ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ فَقِيمَتُهُ أَيْ إذَا قَتَلَ الْغَاصِبُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ بِسَبَبِ عَدَائِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ

(فِي) قَتْلِ (الْأَجْنَبِيِّ) فِي اتِّبَاعِ الْأَجْنَبِيِّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ، أَوْ الْغَاصِبِ بِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ (فَإِنْ تَبِعَهُ) أَيْ تَبِعَ الْغَاصِبَ (تَبِعَ هُوَ الْجَانِيَ) بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ إنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ (فَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ) مِنْ الْجَانِي قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَكَانَتْ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ (فَلَهُ الزَّائِدُ) أَيْ أَخْذُهُ (مِنْ الْغَاصِبِ فَقَطْ) لَا مِنْ الْجَانِي. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَرْضٌ، أَوْ عَمُودٌ، أَوْ خَشْبٍ (هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ، وَأَخْذُهُ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَأُجْرَةُ الْهَدْمِ عَلَى الْغَاصِبِ (وَ) لَهُ (غَلَّةُ) مَغْصُوبٍ (مُسْتَعْمَلٍ) رُجِّحَ حَمْلُهُ عَلَى الْعَقَارِ مِنْ دُورٍ وَرَبَاعٍ، وَأَرْضٍ سَكَنَهَا، أَوْ زَرَعَهَا، أَوْ كَرَاهَا دُونَ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَعْمَلِ الَّذِي نَشَأَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ غَلَّةٌ كَكِرَاءِ الدَّابَّةِ، أَوْ الْعَبْدِ، أَوْ اسْتِعْمَالِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَيَضْمَنُ فِي الْعَقَارِ إذَا اُسْتُعْمِلَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ، وَالْأَرْجَحُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَغَلَّةٌ مُسْتَعْمَلٌ وَلَوْ فَاتَ الْمَغْصُوبُ وَلَزِمَتْ الْقِيمَةُ فَيَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَقِيمَةَ الذَّاتِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا كِرَاءَ لَهُ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ وَاحْتُرِزَ بِمُسْتَعْمَلٍ عَمَّا إذَا عُطِّلَ كَدَارٍ غَلَقَهَا، وَأَرْضٍ بَوَّرَهَا وَدَابَّةٍ حَبَسَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَمَنْفَعَةُ الْحُرِّ، وَالْبُضْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى دَفْعِهِ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِظُلْمِهِ بِغَصْبِهِ فَهُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ تَبِعَهُ أَيْ فَإِنْ تَبِعَ رَبُّ الْمَغْصُوبِ الْغَاصِبَ وَقَوْلُهُ تَبِعَ هُوَ أَيْ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ مَلَكَهُ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ فَكَيْفَ رَبِحَ هُنَا، وَإِنَّمَا أُبْرِزَ الضَّمِيرُ لِجَرَيَانِ الْجَوَابِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ الشَّرْطِ لِرَبِّ الْمَغْصُوبِ وَضَمِيرَ الْجَوَابِ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ) أَيْ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الزَّائِدُ) أَيْ مَا زَادَتْهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ عَلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ أَرْضٌ، أَوْ عَمُودٌ، أَوْ خَشَبٌ) الْأَوْلَى قَصْرُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ عَمُودًا، أَوْ خَشَبًا فَإِدْخَالُ الْأَرْضِ هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا مُخَالِفٌ لِلْعَمُودِ، وَالْخَشَبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ، أَوْ يَدْفَعَ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ إلَخْ اهـ. بْن وَقَوْلُهُ أَرْضٌ، أَوْ عَمُودٌ بِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلِ الْمَغْصُوبِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ) أَيْ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَدْمِ مَا عَلَيْهِ، وَأَخْذِ شَيْئِهِ وَبَيْنَ إبْقَائِهِ لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ الْغَاصِبِ حَيْثُ طَلَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْقِيمَةَ أَنَا أَهْدِمُ بِنَائِي وَلَا أَغْرَمُ الْقِيمَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ حَيْثُ قَالَ يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَمُودًا وَاخْتَارَ الْمَالِكُ هَدْمَ مَا عَلَيْهِ، وَأَخْذَهُ فَتَلِفَ فِي حَالِ قَلْعِهِ فَهَلْ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ، أَوْ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ أَخْذَهُ فَقَدْ هَلَكَ عَلَى مِلْكِهِ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ خَطِّ عج وَقَوْلُهُ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ يُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ أَنْقَاضًا فَبَنَاهَا الْغَاصِبُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ هَدْمُهَا وَلَهُ إبْقَاؤُهَا، وَأَخْذُ قِيمَتِهَا وَكَذَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَجَعَلَهَا بِطَانَةً لِجُبَّةٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ، وَإِبْقَاؤُهُ وَتَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ غَلَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ رَجَحَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الَّذِي رَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ إنْ كَانَ عَقَارًا وَاسْتَعْمَلَهُ الْغَاصِبُ كَانَتْ غَلَّتْهُ لِرَبِّهِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ إنْ سَكَنَ فِيهِ، أَوْ أَسْكَنَهُ لِغَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ ثَمَرَ النَّخْلِ الَّذِي أَثْمَرَ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَإِنْ كَانَتْ غَلَّتُهُ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنْ تَحْرِيكِ الْغَاصِبِ كَاللَّبَنِ، وَالصُّوفِ فَهِيَ لِرَبِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ تَحْرِيكٍ كَالرُّكُوبِ، وَالْخِدْمَةِ فَهِيَ لِلْغَاصِبِ فَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَلَا اسْتِعْمَالُ الدَّابَّةِ فِي حَرْثٍ، أَوْ دَرْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ رَجَحَ حَمْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ) أَيْ بِأَنْ سُكِنَ، أَوْ زُرِعَ (قَوْلُهُ إلَّا مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ) أَيْ. وَأَمَّا مَا نَشَأَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ كَكِرَاءِ الدَّابَّةِ، أَوْ اسْتِعْمَالِهَا بِنَفْسِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ، وَالْأَرْجَحُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ) أَيْ أَنَّ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ ذَاتِهِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَقَارًا، أَوْ حَيَوَانًا كَانَتْ غَلَّةُ الْحَيَوَانِ نَاشِئَةً عَنْ تَحْرِيكِ الْغَاصِبِ أَوَّلًا، قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ ح قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَشَهَرَهُ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ إذْ لَوْ لَمْ تَلْزَمْ الْغَلَّةُ الْغَاصِبَ مَا صَحَّ قَوْلُهُ فِي الْغَلَّةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَغْصُوبُ) أَيْ مِنْ الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ أَخْذُ الْغَلَّةِ وَقِيمَةِ الذَّاتِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى قَوْلِهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَالْمُقَدِّمَاتِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وبن وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ فَالْغَلَّةُ نَشَأَتْ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ حَتَّى قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَدَابَّةٍ حَبَسَهَا إلَخْ)

بِالتَّفْوِيتِ وَغَيْرِهِمَا بِالْفَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَصْبِ الْمَنْفَعَةِ وَمَا هُنَا فِي غَصْبِ الذَّاتِ فَإِذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَوَّرَهَا فَإِنْ قَصَدَ غَصْبَ الذَّاتِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَ غَصْبَ الْمَنْفَعَةِ لَزِمَهُ كِرَاءُ مِثْلِهَا. (وَ) لَهُ (صَيْدُ عَبْدٍ وَجَارِحٍ) غُصِبَا مِنْهُ أَيْ مُصِيدِهِمَا وَلِلْغَاصِبِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَلِرَبِّهِمَا تَرْكُ الصَّيْدِ، وَأَخْذُ أُجْرَتِهِمَا مِنْ الْغَاصِبِ (وَ) لَهُ (كِرَاءُ أَرْضٍ) مَغْصُوبَةٍ مِنْهُ (بُنِيَتْ) وَاسْتُعْمِلَتْ بِنَحْوِ سُكْنَى، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبِنَاءُ إنْشَاءً، أَوْ تَرْمِيمًا فَيَشْمَلُ الدَّارَ الْخَرِبَةَ يُصْلِحُهَا الْغَاصِبُ فَيُقَوَّمُ الْأَصْلُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ الْإِصْلَاحِ بِمَا يُؤَاجَرُ بِهِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ، وَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ (كَمَرْكَبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَالْكَافِ (نَخِرٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَالٍ يَحْتَاجُ لِإِصْلَاحٍ غَصَبَهُ، أَوْ اخْتَلَسَهُ فَرَمَّهُ، وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ فَيُنْظَرُ فِيمَا كَانَ يُؤَاجَرُ بِهِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ فَيَغْرَمُهُ الْغَاصِبُ، وَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ بِأَنْ يُقَالَ كَمْ تُسَاوِي أُجْرَتُهُ نَخِرًا لِمَنْ يُعَمِّرُهُ وَيَسْتَغِلُّهُ؟ فَمَا قِيلَ لَزِمَ الْغَاصِبَ. (وَ) إذَا أَخَذَ الْمَالِكُ الْمَرْكَبَ (أُخِذَ) أَيْ مُلِكَ مِمَّا أُصْلِحَتْ بِهِ (مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةً) يَعْنِي مَا لَا قِيمَةٌ لِعَيْنِهِ لَوْ انْفَصَلَ كَالزِّفْتِ، وَالْمُشَاقِّ، وَالْقُلْفُطَةِ. وَأَمَّا مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَإِنْ كَانَ مُسَمَّرًا بِهَا، أَوْ هُوَ نَفْسُ الْمَسَامِيرِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَالصَّوَارِي، وَالْمَجَاذِيفِ، وَالْحِبَالِ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا، وَأَخْذِ قِيمَتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا غِنَى عَنْهَا وَلَا يُمْكِنُ سَيْرُهَا لِمَحَلِّ أَمْنِهِ إلَّا بِهَا فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَرْكَبِ بَيْنَ دَفْعِهِ قِيمَتَهُ بِمَوْضِعِهِ كَيْفَ كَانَ، أَوْ يُسَلِّمُهُ لِلْغَاصِبِ (وَصَيْدِ شَبَكَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ وَصَيْدٌ هُنَا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ أَيْ الْفِعْلِ وَفِي قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَصَيْدِ عَبْدٍ بِمَعْنَى الْمُصِيدِ كَمَا مَرَّ يَعْنِي أَنَّ لِرَبِّ الشَّبَكَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَنَحْوِهَا كَالْفَخِّ، وَالشَّرَكِ، وَالرُّمْحِ، وَالسَّهْمِ، وَالْقَوْسِ كِرَاءُ الِاصْطِيَادِ بِهَا. وَأَمَّا الْمَصِيدُ فَلِلْغَاصِبِ وَلَوْ قَالَ وَاصْطِيَادٌ بِكَشَبَكَةٍ لَكَانَ، أَوْضَحَ، وَأَشْمَلَ (وَمَا أُنْفِقَ فِي الْغَلَّةِ) يَعْنِي أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ وَمُؤْنَةِ الْعَبْدِ وَكُسْوَتِهِ وَسَقْيِ الْأَرْضِ وَعِلَاجِهَا وَخِدْمَةِ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ يَكُونُ فِي الْغَلَّةِ الَّتِي تَكُونُ لِرَبِّهِ كَأُجْرَةِ الْعَبْدِ، وَالدَّابَّةِ، وَالْأَرْضِ يُقَاصِصُهُ بِهَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَاضِحٌ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ بِالتَّفْوِيتِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَجَارِحٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَازًا، أَوْ كَلْبًا وَقَوْلُهُ غُصِبَا مِنْهُ أَيْ وَاسْتَعْمَلَ الْغَاصِبُ كُلًّا مِنْ الْعَبْدِ، وَالْجَارِحِ فِي الصَّيْدِ فَيُرَدُّ ذَلِكَ الْمَصِيدُ مَعَهُمَا لِرَبِّهِمَا وَقَوْلُهُ وَلِلْغَاصِبِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ أَيْ إذَا اصْطَادَ بِالْجَارِحِ وَرَدَّ الْمَصِيدَ مَعَ الْجَارِحِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ لِلْغَاصِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَرْكٍ (قَوْلُهُ وَلَهُ كِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ إلَخْ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كِرَاءُ أَرْضٍ بَنَاهَا الْغَاصِبُ وَاسْتَغَلَّهَا، أَوْ سَكَنَهَا فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ كِرَاؤُهَا بَرَاحًا لِمَنْ يَسْتَأْجِرُهَا. وَأَمَّا كِرَاءُ الْبِنَاءِ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِوَقْتِ الْقِيَامِ عَلَى الْغَاصِبِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَيَأْخُذَهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُعْمِلَتْ بِنَحْوِ سُكْنَى) أَيْ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ بِنَائِهَا فَلَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا مُوجِبًا لِلْأُجْرَةِ خِلَافًا لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ بِمَا يُؤَاجَرُ بِهِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلرَّبْعِ الْخَرَابِ فَهُوَ كَالْمَرْكَبِ النَّخِرِ الْآتِيَةِ فِي كَوْنِهِ يُقَوَّمُ بِمَا يُؤَاجَرُ بِهِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ، وَأَمَّا الْأَرْضُ الْبَرَاحُ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ بِمَا تُؤَاجَرُ بِهِ فِي ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِمَنْ يُعَمِّرُهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَرْضَ يُنْتَفَعُ بِهَا بَرَاحًا بِدُونِ بِنَاءٍ فِيهَا. وَأَمَّا الْمَرْكَبُ، وَالرَّبْعُ الْخَرِبُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِمَا بَعْدَ الْإِصْلَاحِ (قَوْلُهُ، وَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ) أَيْ وَمَا زَادَ مِنْ أُجْرَةِ الْبِنَاءِ عَلَى أُجْرَةِ الْأَرْضِ بَرَاحًا فَهُوَ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ فَرَمَّهُ، وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ كِرَاؤُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَضَى قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُنْظَرُ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهُ غَيْرَ مُصْلَحٍ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهُ مُصْلَحًا، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ وَاللَّخْمِيِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهُ مُصْلَحًا، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ لَزِمَ الْغَاصِبَ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَتُهَا مُعَمَّرَةً تَزِيدُ عَلَى مَا قِيلَ كَانَ الزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ، وَإِذَا أَخَذَ الْمَالِكُ الْمَرْكَبَ) أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ كَالزِّفْتِ إلَخْ) أَيْ وَكَالنَّقْشِ أَيْ. وَأَمَّا لَوْ أَزَالَ الْغَاصِبُ نَقْشَ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَدِّي فِي الْفَرْعَيْنِ (قَوْلُهُ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ مُسَمَّرٍ بِهَا وَغَيْرَ الْمَسَامِيرِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ) أَيْ فَالْمَعْنَى وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كِرَاءُ أَرْضٍ وَلَهُ كِرَاءُ صَيْدِ شَبَكَةٍ (قَوْلُهُ، وَالْقَوْسِ) هُوَ بِالْقَافِ، وَالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ، وَأَمَّا الْفَرَسُ بِالْفَاءِ، وَالرَّاءِ فَكَالْجَارِحِ، كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَفِي خش عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْفَرَسَ مِثْلُ الْآلَاتِ الَّتِي لَا تَصَرُّفَ لَهَا فَإِذَا غَصَبَ فَرَسًا وَصَادَ عَلَيْهِ صَيْدًا كَانَ الصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْفَرَسِ لِرَبِّهَا، وَعَلَى ذَلِكَ اُقْتُصِرَ فِي المج (قَوْلُهُ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ) أَيْ وَمَا أَنْفَقَهُ الْغَاصِبُ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ وَيُقَاصِصُ رَبَّهُ بِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَ وَالْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ أَقَلَّ مِنْ الْغَلَّةِ غَرِمَ زَائِدَ الْغَلَّةِ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ أَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فَلَا يَغْرَمُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ شَيْئًا. (قَوْلُهُ وَسَقْيِ الْأَرْضِ إلَخْ) فِي بْن أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْغَاصِبِ لَهُ مَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ مَا أَنْفَقَهُ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بُدٌّ كَطَعَامِ الْعَبْدِ وَكُسْوَتِهِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ. وَأَمَّا الرَّعْيُ وَسَقْيُ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ يَسْتَأْجِرُ لَهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ فَكَذَلِكَ

نَقَصَتْ الْغَلَّةُ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الطَّلَبُ بِالزَّائِدِ لِظُلْمِهِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى النَّفَقَةِ كَانَ لِرَبِّهِ أَخْذُ مَا زَادَ فَقَوْلُهُ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ وَاَلَّذِي أَنْفَقَهُ كَائِنٌ فِي الْغَلَّةِ فَلَا يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَلَى رَبِّهِ وَلَا فِي رَقَبَةِ الْمَغْصُوبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ فَالنَّفَقَةُ مَحْصُورَةٌ فِي الْغَلَّةِ وَلَيْسَتْ الْغَلَّةُ مَحْصُورَةً فِي النَّفَقَةِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْغَاصِبِ لِتَعَدِّيهِ وَلِرَبِّهِ أَخْذُ الْغَلَّةِ بِتَمَامِهَا مُطْلَقًا أُنْفِقَ، أَوْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ غَلَّةَ الْحَيَوَانِ الَّتِي نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكِ الْغَاصِبِ كَالرُّكُوبِ، وَالْحَمْلِ وَأُجْرَةِ ذَلِكَ تَكُونُ لِلْغَاصِبِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ، وَالسَّمْنِ، وَالصُّوفِ وَبِخِلَافِ غَلَّةِ الْعَقَارِ كَمَا تَقَدَّمَ لَا يَحْسُنُ جَعْلُ النَّفَقَةِ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّ غَلَّةَ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةَ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالنَّفَقَةُ تَضِيعُ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ،. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أَتْلَفَ مُقَوَّمًا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْطِ رَبَّ الْمَغْصُوبِ فِيمَا غُصِبَ مِنْهُ عَطَاءً مُتَّحِدًا مِنْ مُتَعَدِّدٍ كَعَشَرَةٍ مِنْ إنْسَانٍ، وَأَمَّا إنْ أُعْطِيَ فِيهِ مِنْ مُتَعَدِّدٍ عَطَاءً وَاحِدًا فَفِيهِ خِلَافٌ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْمُتْلِفَ لِمُقَوَّمٍ الثَّمَنُ الْمُعْطَى فِيهِ دُونَ الْقِيمَةِ (إنْ أَعْطَاهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ الْمُقَوَّمِ إنْسَانٌ (مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً) وَاحِدًا كَعَشَرَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْهُمْ (فَبِهِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ بِهِ (أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ) فَأَيُّهُمَا أَكْثَرُ يَلْزَمُهُ (تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِي لِعِيسَى وَرُجِّحَ كُلٌّ فَالتَّرَدُّدُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِهِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْعَطَاءُ بِقَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَالْقِيمَةُ عَلَى مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي، وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ أَيْضًا فِيمَا إذَا أُتْلِفَ مُقَوَّمٌ وُقِفَ عَلَى ثَمَنٍ مِنْ مُتَعَدِّدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا. (وَإِنْ وَجَدَ) الْمَغْصُوبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ كَانَ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَنْ عِنْدَهُ مِنْ الْعَبِيدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَنَقَلَهُ أَيْضًا ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ، وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ الْغَلَّةُ (قَوْلُهُ فَلَا يَرْجِعُ) أَيْ الْغَاصِبُ بِالزَّائِدِ أَيْ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ فَالنَّفَقَةُ مَحْصُورَةٌ فِي الْغَلَّةِ) أَيْ لَا تَتَعَدَّاهَا لِذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا لِرَقَبَةِ الْمَغْصُوبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرْجِعُ الْغَاصِبُ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ عَلَى رَبِّهِ وَلَا فِي رَقَبَتِهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ الْغَلَّةُ مَحْصُورَةً فِي النَّفَقَةِ) أَيْ، بَلْ تَتَعَدَّاهَا لِلْغَاصِبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا زَادَتْهُ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى النَّفَقَةِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمَالِكُ بِزَائِدِ الْغَلَّةِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْغَاصِبِ) هَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، قَالَ بْن وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ، وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ، وَلَمْ أَجِدْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحَ ذَلِكَ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ غَلَّةَ الْحَيَوَانِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا، لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، كَانَتْ غَلَّةُ الْحَيَوَانِ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَحْرِيكٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْغَلَّةُ لَازِمَةً لِلْغَاصِبِ مَا صَحَّ قَوْلُهُ، وَالنَّفَقَةُ فِي الْغَلَّةِ أَيْ تُحْسَبُ لِلْغَاصِبِ مِنْ أَصْلِ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْغَلَّةِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ الَّتِي تَكُونُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنَّمَا هِيَ غَلَّةُ الْعَقَارِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ وَكَذَا غَلَّةُ الْحَيَوَانِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَحْرِيكٍ، وَأَمَّا غَلَّةُ الْحَيَوَانِ الْمُتَوَقِّفَةُ عَلَى تَحْرِيكٍ فَهِيَ لِلْغَاصِبِ فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ فِي الْغَلَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْغَاصِبِ لَا لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ غَلَّةِ الْعَقَارِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَا لِلْغَاصِبِ. (قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ صُنِعَ كَغَزْلٍ وَحُلِيٍّ وَغَيْرِ مِثْلِيٍّ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْطِ رَبَّ الْمَغْصُوبِ فِيمَا غَصَبَ مِنْهُ عَطَاءً مُتَّحِدًا مِنْ مُتَعَدِّدٍ) هَذَا صَادِقٌ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ إذَا لَمْ يُعْطَ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا، أَوْ أُعْطِيَ فِيهِ عَطَاءٌ مُتَّحِدٌ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ عَطَاءٌ مُخْتَلِفٌ مِنْ مُتَعَدِّدٍ، أَوْ مِنْ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ، وَهَلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقَوَّمَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ إذَا كَانَ أُعْطِيَ فِيهِ ثَمَنٌ وَاحِدٌ مِنْ مُتَعَدِّدٍ كَأَنْ أَعْطَى فِيهِ زَيْدٌ عَشَرَةً وَكَذَلِكَ أَعْطَى فِيهِ عَمْرٌو عَشَرَةً فَهَلْ اللَّازِمُ لِذَلِكَ الْغَاصِبِ تِلْكَ الْعَشَرَةُ فَقَطْ، أَوْ اللَّازِمُ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ، وَالْقِيمَةِ؟ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ الْمُتْلِفَ لِمُقَوَّمٍ إلَخْ) أَيْ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ الْمُقَوَّمُ الَّذِي أُعْطِيَ فِيهِ عَطَاءٌ وَاحِدٌ مِنْ مُتَعَدِّدٍ لَمْ يَتْلَفْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَإِنَّمَا فَاتَ عِنْدَهُ بِغَيْرِ التَّلَفِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جَعْلِهِمْ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْمُصَنِّفِ فِيمَا أُتْلِفَ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ طَرِيقَتَهُ أَنْ يُشِيرَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَهُنَا وُجِدَ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ كَمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِلْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ فِي كَوْنِ قَوْلِ عِيسَى مُقَابِلًا لِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ ضَعِيفًا، أَوْ هُوَ مُقَيِّدٌ لِقَوْلِهِمَا، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا أُعْطِيَ فِي الْمُقَوَّمِ الْمَغْصُوبِ عَطَاءٌ مُتَّحِدٌ مِنْ مُتَعَدِّدٍ، وَأَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ الْعَطَاءَ وَلَا يُنْظَرُ لِلْقِيمَةِ، وَقَالَ عِيسَى يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْعَطَاءِ، وَالْقِيمَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا يُنْظَرُ لِلْقِيمَةِ مَعْنَاهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَطَاءِ فَتَكُونَ لَهُ الْقِيمَةُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ عِيسَى مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ رُشْدٍ إنَّ قَوْلَ مَالِكٍ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ عِيسَى مُقَابِلٌ فَظَهَرَ لَك أَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ فِي فَهْمِ كَلَامِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى فَلَوْ قَالَ وَعَنْ مَالِكٍ إنْ أَعْطَاهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ، وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ؟ تَرَدُّدٌ كَانَ وَاضِحًا، وَلَمَّا كَانَ الْخِلَافُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ لَا الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يُعَبَّرْ بِتَأْوِيلَانِ، فَإِنْ قُلْت هَذَا الْكَلَامُ

مِنْهُ (غَاصِبَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ (وَغَيْرِ مَحَلِّهِ) يَعْنِي وَفِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ فِي الْأَوَّلِ، وَالظَّرْفِيَّةِ فِي الثَّانِي (فَلَهُ تَضْمِينُهُ) قِيمَتَهُ ثَمَّ، وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الذَّهَابَ مَعَهُ لِمَحَلِّ الْغَصْبِ هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ لِمَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ. (وَ) إنْ وَجَدَهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَ (مَعَهُ) الْمُقَوَّمُ الْمَغْصُوبُ (أَخَذَهُ) رَبُّهُ (إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ) ، وَإِلَّا خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِلَا أُجْرَةِ حَمْلٍ، وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ، بِأَنَّ مُؤْنَةَ الْحَمْلِ صَيَّرَتْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فِي الْجُمْلَةِ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ مَاتَ قَوْلُهُ (لَا إنْ هُزِلَتْ) بِكَسْرِ الزَّايِ مَعَ ضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا (جَارِيَةٌ) أَيْ فَلَا تَفُوتُ بِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، بَلْ يَأْخُذُهَا رَبُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ لَهَا السِّمَنُ. (أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ) ، أَوْ جَارِيَةٌ (صَنْعَةً) عِنْدَ الْغَاصِبِ (ثُمَّ عَادَ) لِمَعْرِفَتِهَا فَلَا يَفُوتُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَاتَ (أَوْ خَصَاهُ) أَيْ خَصَى الْغَاصِبُ الْعَبْدَ (فَلَمْ يَنْقُصْ) عَنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ نَقَصَ خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشٍ لِنَقْصٍ (أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ) ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ يَجُوزُ فِيهِ الْجُلُوسُ مَعَهُ فَقَامَ رَبُّ الثَّوْبِ فَانْقَطَعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ عَلَى نَعْلِ غَيْرِهِ فَمَشَى صَاحِبُهَا فَانْقَطَعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ دَلَّ لِصًّا) ، أَوْ ظَالِمًا عَلَى شَيْءٍ فَأَخَذَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الدَّالِّ، وَالْمُعْتَمَدُ الضَّمَانُ، بَلْ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ صُحِّحَ عَدَمُ التَّعْبِيرِ بِالتَّأْوِيلَيْنِ لَا يُصَحَّحُ تَعْبِيرُهُ بِالتَّرَدُّدِ إذْ لَا يُوَافِقُ اصْطِلَاحَهُ قُلْت يَتَكَلَّفُ بِجَعْلِهِ مُوَافِقًا لِاصْطِلَاحِهِ بِجَعْلِ أَنَّ مَنْ فَهِمَ فَهْمًا كَأَنَّهُ نَاقِلٌ لَهُ عَنْ صَاحِبِ الْكَلَامِ الْمَفْهُومِ فَهُوَ مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَيْ مُلْتَبِسًا بِغَيْرِ الشَّيْءِ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ، بَلْ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِدُونِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ بِغَيْرِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِغَيْرِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُصَاحِبٌ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَجَدَ الْغَاصِبَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْغَصْبِ وَلَيْسَ مَعَهُ الْمَغْصُوبُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَلَهُ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ) هَذَا فِي الْمُقَوَّمِ وَكَذَا فِي الْمِثْلِيِّ الَّذِي هُوَ جُزَافٌ؛ لِأَنَّهُ يُقْضَى بِقِيمَتِهِ لَا بِمِثْلِهِ وَكَذَا فِي الْمِثْلِيِّ إذَا عُلِمَ قَدْرُهُ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ لِبَلَدِ الْغَصْبِ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا اُنْظُرْ كَلَامَ الْبُرْزُلِيِّ فِي ح اهـ. بْن (قَوْلُهُ هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُسَلِّمَهُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الَّذِي يُغْرَمُ فِي الْمِثْلِيِّ هُوَ الْمِثْلُ وَرُبَّمَا كَانَ يَزِيدُ ثَمَنُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَاَلَّذِي يُغْرَمُ فِي الْمُقَوَّمِ هُوَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِهَا فِي بَلَدِ الْغَصْبِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ فِيهَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ) الصَّوَابُ أَنَّ ضَمِيرَ لَمْ يَحْتَجْ رَاجِعٌ لِلْمَغْصُوبِ لَا لِرَبِّهِ كَمَا فِي عبق أَيْ أَخَذَهُ تَعْيِينًا إنْ لَمْ يَحْتَجْ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ لِكَبِيرِ حَمْلٍ بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا، أَوْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَإِنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا، أَوْ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ فَلَا يَتَعَيَّنُ أَخْذُهُ، بَلْ يُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي تَرْكِهِ لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ بِلَا أُجْرَةِ الْحَمْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّ النَّقْلَ فِي الْعُرُوضِ وَعَلِيِّ الرَّقِيقِ فَوْتٌ، لَا فِي الْوَخْشِ وَالْحَيَوَانِ، خِلَافًا لِأَصْبَغَ حَيْثُ قَالَ إنَّ نَقْلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ بَلَدٍ لِأُخْرَى فَوْتٌ مُطْلَقًا أَيْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ أَوْ لَا، فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ وَخِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ إنَّ نَقْلَ الْمَغْصُوبِ لِبَلَدٍ أُخْرَى غَيْرُ فَوْتٍ مُطْلَقًا فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ فَافْهَمْ ذَلِكَ وَلَا تَنْظُرْ لِغَيْرِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ لَهَا السِّمَنُ) أَيْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بَعْدَ الْهُزَالِ. (قَوْلُهُ فَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ ثَمَنِهِ) أَيْ وَكَذَا لَوْ زَادَ ثَمَنُهُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ خُيِّرَ رَبُّهُ) أَيْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ زَادَ ثَمَنُهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ الْخِصَاءَ نَقْصٌ عِنْدَ الْأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الَّذِينَ لَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِي الْخِصَاءِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ وَاسْتَحْسَنَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَاصِيًا بِهَا كَتَنَفُّلِ كُلٍّ، وَالْحَالُ أَنَّ عَلَيْهِ فَرِيضَةً ذَاكِرًا لَهَا، أَوْ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَوْ عِنْدَ غُرُوبِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ وَقَوْلُهُ يَجُوزُ فِيهِ الْجُلُوسُ مَعَهُ، خَرَجَ الْمَجَالِسُ الْمُحَرَّمَةُ، وَالْمَكْرُوهَةُ فَيَضْمَنُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَجَالِسِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ إلَخْ) مِثْلُ وَطْءِ النَّعْلِ قَطْعُ حَامِلِ حَطَبٍ ثِيَابَ مَارٍّ بِطَرِيقٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَضْمَنُ الْخِيَاطَةَ، وَأَرْشَ النَّقْصِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِنْذَارِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ مَعَهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ أَسْنَدَ جَرَّةَ زَيْتٍ مَثَلًا لِبَابِ رَجُلٍ فَفُتِحَ الْبَابُ فَانْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ فَقِيلَ يَضْمَنُهَا فَاتِحُ الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ، وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ. وَقِيلَ يَضْمَنُهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ شَأْنُ الْبَابِ الْفَتْحَ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُهَا كَمَنْ أَحْرَقَ فُرْنُهُ دَارَ جَارِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) كَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى عبق أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ مَعَ أَرْشِ الْأُخْرَى وَلَكِنَّ الْمَأْخُوذَ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فِي رَفْوِ الثَّوْبِ أَنَّهُ يَضْمَنُ خِيَاطَةَ الْمَقْطُوعَةِ، وَأَرْشَ الْأُخْرَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّعْلِ، وَالصَّلَاةِ أَنَّ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا يُطْلَبُ فِيهَا الِاجْتِمَاعُ دُونَ الطُّرُقِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ، كَذَا قِيلَ، قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْأَسْوَاقَ مَظِنَّةُ الْمُزَاحَمَةِ وَصُرِّحَ فِي حَاشِيَةِ خش أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ النَّعْلِ عَدَمُ الضَّمَانِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الثَّوْبِ، وَهِيَ عُمُومُ الْبَلْوَى مَوْجُودَةٌ فِي النَّعْلِ وَكَذَا هُوَ فِي شب (قَوْلُهُ، أَوْ ظَالِمًا) أَيْ غَاصِبًا، أَوْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الدَّالِّ) هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ اهـ. بْن

لَكِنْ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى اللِّصِّ وَنَحْوِهِ وَمِثْلُ الدَّلَالَةِ مَا لَوْ حَبَسَ شَيْئًا عَنْ رَبِّهِ حَتَّى أَخَذَهُ لِصٌّ، أَوْ ظَالِمٌ (أَوْ أَعَادَ) الْغَاصِبُ (مَصُوغًا) بَعْدَ أَنْ كَسَرَهُ (عَلَى حَالِهِ) فَلَا ضَمَانَ. (وَ) إنْ أَعَادَهُ (عَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ) عَلَى الْغَاصِبِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ (كَكَسْرِهِ) فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِرَبِّهِ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ قَوْلِهِ يَأْخُذُهُ وَقِيمَةَ الصِّيَاغَةِ وَرَجَعَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ لَا إنْ هُزِلَتْ أَيْ فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، بَلْ يَأْخُذُهُ أَيْ مَعَ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ إنْ كَانَتْ مُبَاحَةً إذْ الصِّيَاغَةُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْعَدَمِ (أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً) لِذَاتٍ مِنْ دَابَّةٍ، أَوْ دَارٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا أَيْ قَصَدَ بِغَصْبِهِ لِذَاتٍ الِانْتِفَاعَ بِهَا فَقَطْ كَالرُّكُوبِ، وَالسُّكْنَى، وَاللُّبْسِ مُدَّةً، ثُمَّ يَرُدُّهَا لِرَبِّهَا، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالتَّعَدِّي (فَتَلِفَتْ الذَّاتُ) بِسَمَاوِيٍّ فَلَا يَضْمَنُ الذَّاتَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ أَيْ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا (، أَوْ) غَصَبَ طَعَامًا وَ (أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً) ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمَالِكُ أَنَّهُ لَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ رَبَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ (أَوْ نَقَصَتْ) السِّلْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ أَيْ قِيمَتُهَا (لِلسُّوقِ) أَيْ لِتَغَيُّرِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ فِي ذَاتِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي نَقْصِ الْقِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَكِنْ عِنْدَ إلَخْ) أَيْ لَكِنَّ ضَمَانَ الدَّالِّ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى اللِّصِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدِ لَا ضَمَانَ عَلَى اللِّصِّ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الدَّالِّ إذْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، كَيْفَ وَاللِّصُّ مُبَاشِرٌ لِأَخْذِ الْمَالِ وَفِي بْن أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ يَكُونُ لِلْمَالِكِ غَرِيمَانِ يُخَيَّرُ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا فَإِنْ تَبِعَ اللِّصَّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الدَّالِّ، وَإِنْ تَبِعَ الدَّالَّ رَجَعَ عَلَى اللِّصِّ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ وَيَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ. وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَكَسَرَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَعَادَهُ لِحَالِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ مَالِكُهُ إلَّا بِدَفْعِ أُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَهَذَا فِي مُشْتَرٍ غَيْرِ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ، وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ فِي كَوْنِهِ لَا أُجْرَةَ لَهُ فِي صِيَاغَتِهِ وَيَنْبَغِي فِي الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ أَنْ يَرْجِعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا دَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ أُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَخْيِيرِهِ مَعَ الْفَوَاتِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ مَعَ أَنَّ الْمَغْصُوبَ الْمُقَوَّمَ قَدْ فَاتَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ هَذَا غَيْرُ شَيْئِهِ حُكْمًا وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْئِهِ اهـ. عبق (قَوْلُهُ كَكَسْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِرَبِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ يُفَوِّتُهُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ يَأْخُذُهُ وَقِيمَةَ الصِّيَاغَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَسْرَ لَا يُفِيتُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَسْرَ الْمَصُوغِ، وَإِعَادَتَهُ لِحَالِهِ لَا يُفِيتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَسْرَهُ، وَإِعَادَتَهُ عَلَى غَيْرِ حَالَتِهِ الْأُولَى يُفِيتُهُ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا كَسْرُهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ فَهَلْ يُفِيتُهُ عَلَى رَبِّهِ، أَوْ لَا يُفِيتُهُ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَالْفَوَاتُ هُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَدَمُ الْفَوَاتِ هُوَ مَا رَجَعَ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَكَسْرِهِ إنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ لَا إنْ هُزِلَتْ جَارِيَةٌ كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمَرْجُوعِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ كَالْعَدَمِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ إذَا غَصَبَ الْحُلِيَّ الْمُحَرَّمَ وَكَسَرَهُ أَخَذَهُ رَبُّهُ مَكْسُورًا مِنْ غَيْرِ أَخْذِ أُجْرَةٍ لِلصِّيَاغَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً) تَعْبِيرُهُ بِغَصْبٍ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَعَدٍّ (قَوْلُهُ فَتَلِفَتْ الذَّاتُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ. وَأَمَّا لَوْ أَتْلَفَ الْغَاصِبُ الذَّاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فَلَا فَرْقَ فِي الْإِتْلَافِ بَيْنَ غَصْبِ الذَّاتِ، وَالْمَنَافِعِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي تَلَفِ الذَّاتِ بِالسَّمَاوِيِّ (تَنْبِيهٌ) لَوْ تَلِفَتْ الذَّاتُ بِسَمَاوِيٍّ وَحَصَلَ تَنَازُعٌ هَلْ غَصَبَ الذَّاتَ فَيَضْمَنُ، أَوْ تَعَدَّى عَلَى الْمَنَافِعِ فَلَا يَضْمَنُ اُعْتُبِرَتْ الْقَرَائِنُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ فَتَرَدُّدٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ كَانَ جُزْءًا يَسِيرًا مِنْ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ، وَأَكَلَهُ مَالِكُهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِطَبْخٍ مَثَلًا، وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ الْفَوَاتِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ ضِيَافَةً فَإِنْ أَكَلَهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْقِيمَةَ فَالْغَاصِبُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ وَرَبُّهُ يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ) أَيْ، أَوْ أَكْرَهَهُ الْغَاصِبُ عَلَى أَكْلِهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ضِيَافَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ) أَيْ، وَالْمُبَاشِرُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فِي الضَّمَانِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ، وَالسَّبَبُ هُنَا ضَعِيفٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ الْغَاصِبِ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ مُنَاسِبًا لِحَالِ مَالِكِهِ كَمَا لَوْ هَيَّأَهُ لِلْأَكْلِ لَا لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لِرَبِّهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَتِهِ قِيمَةُ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ رَبُّهُ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي شَأْنُهُ أَكْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَكْفِي مَالِكَهُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُ لَهُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا، قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ هَذَا الْقَيْدِ إذَا كَانَ أَكْلُهُ مُكْرَهًا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ. وَأَمَّا إنْ أَكَلَهُ طَائِعًا عَالِمًا بِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ، بَلْ ضَمَانُهُ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ غَيْرَ مُنَاسِبٍ لِحَالِهِ وَمُقَيَّدًا بِمَا إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ قَبْلَ فَوْتِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَمَا قُلْنَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ، أَوْ نَقَصَتْ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ بَابِ، أَوْلَى مَا إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا لِتَغَيُّرِ السُّوقِ، وَهِيَ عِنْدَ الْغَاصِبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَتِهَا لِتَغَيُّرِ السُّوقِ لَا يُفِيتُ الْمَغْصُوبَ عَلَى رَبِّهِ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُهُ لَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ لِأَجْلِ نَقْصِ الْقِيمَةِ، وَإِذَا أَرَادَ الْغَاصِبُ

بَلْ يَأْخُذُهَا مَالِكُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ إذْ لَا اعْتِبَارَ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ فِي هَذَا الْبَابِ بِخِلَافِ التَّعَدِّي فَإِنَّ لِرَبِّهَا أَنْ يُلْزِمَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا إنْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا يَوْمَ التَّعَدِّي (أَوْ رَجَعَ بِهَا) أَيْ بِالدَّابَّةِ (مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ) وَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي ذَاتِهَا فَلَا يَضْمَنُ قِيمَةً. وَأَمَّا الْكِرَاءُ فَيَضْمَنُهُ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ (كَسَارِقٍ) أَيْ لِدَابَّةٍ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (فِي تَعَدٍّ كَمُسْتَأْجِرٍ) ، أَوْ مُسْتَعِيرٍ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً، أَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا، أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَعْلُومًا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَتَعَدَّى وَزَادَ فِي الْمَسَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ زِيَادَةً أَيْ يَسِيرَةً كَالْبَرِيدِ، وَالْيَوْمِ، أَوْ زَادَ قَدْرًا فِي الْمَحْمُولِ يَسِيرًا لَا تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً (كِرَاءُ الزَّائِدِ إنْ سَلِمَتْ) بِأَنْ رَجَعَتْ سَالِمَةً مِنْ عَيْبٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَسْلَمْ، أَوْ كَثُرَ الزَّائِدُ فِي الْمَسَافَةِ عَنْ بَرِيدٍ، أَوْ يَوْمٍ وَلَوْ سَلِمَتْ (خُيِّرَ) رَبُّهَا (فِيهِ) أَيْ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الزَّائِدِ مَعَ أَخْذِهَا (وَفِي) أَخْذِ (قِيمَتِهَا) فَقَطْ (وَقِيمَتِهِ) أَيْ التَّعَدِّي دُونَ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَيْ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَصْلِيِّ فِي الِاسْتِئْجَارِ وَمُجَرَّدًا فِي الِاسْتِعَارَةِ. (وَإِنْ تَعَيَّبَ) الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِسَمَاوِيٍّ (وَإِنْ قَلَّ) الْعَيْبُ (كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا) . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخْذَهُ وَدَفْعَ الْقِيمَةِ، وَأَبَى رَبُّهُ أُجْبِرَ الْغَاصِبُ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ (قَوْلُهُ، بَلْ يَأْخُذُهَا مَالِكُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ) وَسَوَاءٌ طَالَ زَمَانُ إقَامَتِهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي هَذَا الْبَابِ) أَيْ بَابِ غَصْبِ الذَّوَاتِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ لِرَبِّهَا أَنْ يُلْزِمَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ. وَأَمَّا الْكِرَاءُ فَيَضْمَنُهُ) أَيْ كَمَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ فَالْمَنْفِيُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لتت أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ قِيمَةً وَلَا كِرَاءً أَيْ لَا يَضْمَنُ قِيمَةً لِعَدَمِ الْفَوَاتِ وَلَا كِرَاءً؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ النَّاشِئَةَ عَنْ تَحْرِيكِ الْغَاصِبِ لَهُ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا) أَيْ فَإِذَا رَجَعَ السَّارِقُ بِهَا مِنْ سَفَرٍ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَتَهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَسَارِقٍ تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْأَمْرَيْنِ أَيْ عَدَمِ الْفَوَاتِ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ وَبِسَفَرِهِ عَلَيْهَا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى حَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي ذَاتِهَا. (قَوْلُهُ وَلَهُ فِي تَعَدٍّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ، أَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ كَذَا، أَوْ يَرْكَبَهَا لِمَكَانِ كَذَا فَتَعَدَّى وَزَادَ فِي الْحَمْلِ، أَوْ فِي الْمَسَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ زِيَادَةً يَسِيرَةً كَالْبَرِيدِ، وَالْيَوْمِ فَإِنْ رَجَعَتْ سَالِمَةً لِرَبِّهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهَا عَلَيْهِ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ فِي الْإِجَارَةِ، أَوْ كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ فِي الْعَارِيَّةِ فَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ الدَّابَّةُ، بَلْ عَطِبَتْ، أَوْ تَعَيَّبَتْ، أَوْ زَادَ كَثِيرًا سَوَاءٌ عَطِبَتْ، أَوْ سَلِمَتْ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ، أَوْ يَأْخُذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ فَقَطْ فِي الْعَارِيَّةِ، أَوْ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ اهـ. ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ زِيَادَةَ الْحَمْلِ كَزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَهُمَا طَرِيقَةٌ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَسَافَةِ لَا يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ مَا تُعْطَبُ بِهِ وَمَا لَا تُعْطَبُ بِهِ فَإِنْ سَلِمَتْ كَانَ لَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ، وَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ خُيِّرَ بَيْنَ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَتِهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ زِيَادَةِ مَا تُعْطَبُ بِهِ وَمَا لَا تُعْطَبُ بِهِ فَإِنْ زَادَ مَا تُعْطَبُ بِهِ فَإِنْ عَطِبَتْ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ قِيمَتِهَا وَكِرَاءِ الزَّائِدِ، وَإِنْ تَعَيَّبَتْ كَانَ لِرَبِّهَا الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ، وَأَرْشِ الْعَيْبِ، وَإِنْ سَلِمَتْ كَانَ لَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ، وَإِنْ زَادَ مَا لَا تُعْطَبُ بِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ عَطِبَتْ، أَوْ تَعَيَّبَتْ، أَوْ سَلِمَتْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ وَزِيَادَةِ الْحَمْلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ فَقَدْ تَعَدَّى عَلَى كُلِّ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَسَافَةِ مَحْضُ تَعَدٍّ فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ لَهَا وَاَلَّذِي زَادَ فِي الْحَمْلِ لَيْسَ مُتَعَدِّيًا تَعَدِّيًا مَحْضًا لِمُصَاحَبَةِ تَعَدِّيهِ لِلْمَأْذُونِ فِيهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ هَذِهِ هِيَ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا شَارِحُنَا فِي الْعَارِيَّةِ وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا، وَقَدْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى طَرِيقَةِ عَبْدِ الْحَقِّ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَسْلَمْ) أَيْ بِأَنْ عَطِبَتْ، أَوْ تَعَيَّبَتْ وَقَوْلُهُ، أَوْ كَثُرَ الزَّائِدُ فِي الْمَسَافَةِ أَيْ، أَوْ فِي الْحَمْلِ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ، وَالْحَمْلِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي سَلَكَهَا (قَوْلُهُ خُيِّرَ رَبُّهُ فِيهِ) أَيْ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الزَّائِدِ مَعَ أَخْذِهَا أَيْ وَيَأْخُذُ أَيْضًا أَرْشَ الْعَيْبِ إذَا تَعَيَّبَتْ فِي زَائِدِ الْمَسَافَةِ، أَوْ الْحَمْلِ. وَأَمَّا لَوْ تَعَيَّبَتْ فِي الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا أَرْشَ كَمَا أَفَادَهُ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ كَثُرَ الزَّائِدُ فِي الْمَسَافَةِ عَنْ بَرِيدٍ، أَوْ يَوْمٍ وَلَوْ سَلِمَتْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْيِيرِهِ فِي زَائِدِ الْمَسَافَةِ الْكَثِيرَةِ لَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهَا إذَا سَلِمَتْ لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً وَمَا هُنَا فِي الْكَثِيرَةِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَعَيَّبَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِسَمَاوِيٍّ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إنْ تَعَيَّبَ بِغَيْرِهِ وَمِنْ ذَلِكَ الْغَيْبَةُ عَلَى الْعَلِيَّةِ مَعَ الشَّكِّ فِي وَطْئِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ يُوجِبُ لِرَبِّهَا الْخِيَارَ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ قِيمَتَهَا عِنْدَ الْآخَرِينَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ ذَلِكَ غَيْرُ عَيْبٍ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَنْ يَضْمَنَهُ الْقِيمَةَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَلَّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ كَثِيرًا كَالْعَمَى، وَالْعَوَرِ، بَلْ، وَإِنْ قَلَّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ كَمَا حَقَّقَهُ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ تَفْرِيعِ ابْنِ الْجَلَّابِ خِلَافًا لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ التَّفْرِيعِ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْقَلِيلِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ، وَالْكَثِيرِ فَيَضْمَنُهُ وَكَذَا نَسَبَ اللَّخْمِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ لِتَفْرِيعِ ابْنِ الْجَلَّابِ، قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ مَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَ اللَّخْمِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ مِنْ التَّفْرِيعِ مَعَ أَنَّ

أَيْ انْكِسَارِهِمَا خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَعِيبًا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ وَلَوْ الْكَثِيرَ (أَوْ جَنَى هُوَ) أَيْ الْغَاصِبُ (أَوْ أَجْنَبِيٌّ) عَلَى الْمَغْصُوبِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ، أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ مَثَلًا (خُيِّرَ) الْمَالِكُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَعِيبِ، وَهَذَا جَوَابُ قَوْلِهِ، وَإِنْ تَعَيَّبَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ إلَّا أَنَّ كَيْفِيَّةَ التَّخْيِيرِ مُخْتَلِفَةٌ، فَفِي السَّمَاوِيِّ مَا تَقَدَّمَ وَفِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَأَخْذِ شَيْئِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَفِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ مِنْ الْغَاصِبِ فَيَتْبَعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ، وَأَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ وَاتِّبَاعُ الْجَانِي بِالْأَرْشِ لَا الْغَاصِبِ (كَصَبْغِهِ) بِفَتْحِ الصَّادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ يَعْنِي لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا أَبْيَضَ وَصَبَغَهُ فَمَالِكُهُ يُخَيَّرُ (فِي) أَخْذِ (قِيمَتِهِ) أَبْيَضَ يَوْمَ الْغَصْبِ (وَأَخْذِ ثَوْبِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ الْمَصْبُوغِ بِهِ، وَهَذَا إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ، أَوْ لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ، وَأَخْذِهِ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَ) خُيِّرَ الْمَالِكُ (فِي بِنَائِهِ) أَيْ بِنَاءِ الْغَاصِبِ عَرْصَةً، أَوْ فِي غَرْسِهِ (فِي أَخْذِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ وَكَذَا الْغَرْسُ (وَدَفْعِ قِيمَةَ نَقْضِهِ) بِضَمِّ النُّونِ بِمَعْنَى مَنْقُوضِهِ أَيْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَجِصٍّ وَجِيرٍ وَحُمْرَةٍ (بَعْدَ سُقُوطٍ) أَيْ إسْقَاطِ أُجْرَةِ (كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا) الْغَاصِبُ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَدَمِهِ أَيْ شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْهَدْمَ وَتَسْوِيَةَ الْأَرْضِ وَرَدُّهَا لِمَا كَانَتْ قَبْلَ الْغَصْبِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي نَقْضُ هَذَا الْبِنَاءِ لَوْ نُقِضَ؟ فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا أُجْرَةُ مَنْ يَتَوَلَّى الْهَدْمَ، وَالتَّسْوِيَةَ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةٌ غَرِمَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ سِتَّةً فَإِذَا كَانَ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَدَمِهِ غَرِمَ الْمَالِكُ لَهُ جَمِيعَ الْعَشَرَةِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ الشِّقَّ الْآخَرَ مِنْ شِقَّيْ التَّخْيِيرِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِهَدْمِهِ، أَوْ قَلْعِهِ إنْ كَانَ شَجَرًا وَبِتَسْوِيَةِ أَرْضِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الزَّرْعِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمَالِكِ أَيْضًا مُحَاسَبَةُ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ فَتَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ أَيْضًا وَيُرْجَعُ بِالزَّائِدِ (وَ) ضَمِنَ الْغَاصِبُ (مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ) بِالتَّفْوِيتِ فَعَلَيْهِ فِي وَطْءِ الْحُرَّةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ ثَيِّبًا وَفِي وَطْءِ الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا وَلَوْ وَخْشًا. (وَ) ضَمِنَ مَنْفَعَةَ بَدَنِ (الْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ) أَيْ الِاسْتِيفَاءِ، وَهُوَ وَطْءُ الْبُضْعِ وَاسْتِخْدَامُ الْحُرِّ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَصْوَبَ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيتَ يَشْمَلُ مَا لَوْ حَبَسَ الْمَرْأَةَ حَتَّى مَنَعَهَا التَّزْوِيجَ، أَوْ الْحَمْلَ مِنْ زَوْجِهَا، أَوْ حَبَسَ الْحُرَّ حَتَّى فَاتَهُ عَمَلٌ مِنْ تِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ،. ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الضَّمَانِ قَوْلَهُ (كَحُرٍّ بَاعَهُ) الْغَاصِبُ لَهُ مَثَلًا (وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ) فَيَلْزَمُهُ دِيَتُهُ لِأَهْلِهِ دِيَةَ عَمْدٍ وَسَوَاءٌ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامَهُ مُطْلَقٌ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِعَيْبٍ حَدَثَ بِهِ فَرَبُّهُ بِالْخِيَارِ، نَعَمْ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ انْكِسَارِهِمَا) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ الَّذِي هُوَ الْكَسْرُ، وَأَرَادَ الْحَاصِلَ بِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ فِعْلُ الْفَاعِلِ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا قَائِمًا بِالْمَغْصُوبَةِ، بَلْ الْعَيْبُ الْقَائِمُ بِهَا أَثَرُ فِعْلِ الْفَاعِلِ، وَهُوَ الِانْكِسَارُ (قَوْلُهُ، أَوْ جَنَى هُوَ) أَيْ جِنَايَةً غَيْرَ مُتْلِفَةٍ لِلْمَغْصُوبِ، بَلْ عَيَّبَتْهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ كَصَبْغِهِ) أَيْ كَتَخْيِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَقَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ كَصَبْغِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ لَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي الصَّبْغِ فَجَعَلَهُ كَتَجْصِيصِ الْبِنَاءِ وَتَزْوِيقِهِ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ نَزْعِهِ، وَكَانَ وَجْهُ مَا فِيهَا أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّجْصِيصِ، وَالتَّزْوِيقِ مُفَارِقٌ يُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِخِلَافِ الصَّبْغِ فَإِنَّهُ صَنْعَةٌ دَخَلَتْ فِي نَفْسِ ذَاتِ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الصَّبْغِ، هَذَا مَا فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِأَبِي عِمْرَانَ الْقَائِلِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ. ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ، وَإِذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَبْيَضَ، أَوْ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الصَّبْغِ، وَأَطْلَقَتْ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُقَيِّدْ بِزِيَادَةٍ وَلَا مُسَاوَاةٍ، وَأَبْقَاهَا أَبُو عِمْرَانَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَقَيَّدَهَا ابْنُ الْجَلَّابِ بِمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ. (قَوْلُهُ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ الْأَرْضِ لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذُ قِيمَتِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَمُودِ، وَالْأَنْقَاضِ الْمَغْصُوبَةِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِرَبِّهَا تَرْكَهَا لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذَ قِيمَتِهَا مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ، وَأَخْذِهَا (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ الْهَدْمِ) أَيْ كَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَمِسْمَارٍ (قَوْلُهُ لَا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَدْفَعُ لِذَلِكَ قِيمَةً، بَلْ إذَا أَرَادَ أَخْذَ أَرْضِهِ أَخَذَ مَا ذُكِرَ مَجَّانًا فَلَوْ قَلَعَ ذَلِكَ الْغَاصِبُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. وَأَمَّا إنْ قَلَعَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، هَذَا هُوَ النَّقْلُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ عَلَى الزَّرْعِ) أَيْ عَلَى مَا إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَقَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ الزَّرْعُ (قَوْلُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ اسْتَغَلَّ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَالْغَصْبِ، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ) أَيْ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ بَعْد ذَلِكَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْغَاصِبُ، وَإِنْ لَمْ تَفِ قِيمَةُ النَّقْضِ بِالْأُجْرَةِ الْمَاضِيَةِ وَأُجْرَةِ إصْلَاحِ الْأَرْضِ رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّائِدِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَيْ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْبُضْعَ بِالْوَطْءِ وَلَا اسْتَعْمَلَ الْحُرَّ بِالِاسْتِخْدَامِ، بَلْ عَطَّلَ كُلًّا عَنْ الْوَطْءِ، وَالِاسْتِخْدَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا غَيْرَ الْبَيْعِ تَعَذَّرَ بِسَبَبِهِ رُجُوعُهُ فَلَا مَفْهُومَ لِبَاعَهُ

أَمْ لَا قَالَ الْحَطَّابُ وَيُضْرَبُ أَلْفَ سَوْطٍ وَيُحْبَسُ سَنَةً فَإِنْ رَجَعَ الْمَغْصُوبُ رَجَعَ بَائِعُهُ بِمَا غَرِمَهُ (وَ) ضَمِنَ الْمُتَعَدِّي (مَنْفَعَةَ غَيْرِهِمَا) أَيْ مَنْفَعَةَ غَيْرِ الْبُضْعِ، وَالْحُرِّ (بِالْفَوَاتِ) ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ وَيُسْتَغَلَّ كَالدَّارِ يُغْلِقُهَا، وَالدَّابَّةُ يَحْبِسُهَا، وَالْعَبْدُ وَنَحْوُهُ لَا يَسْتَعْمِلُهُ، وَهَذَا فِي التَّعَدِّي عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ؛ لِأَنَّهُ فِي غَصْبِ الذَّاتِ (وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ) أَيْ الْغَاصِبِ، وَأَحْرَى غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ظَلَمَ فِي شَكْوَاهُ الْغَاصِبَ، وَالْمَدِينَ وَنَحْوَهُمَا مِمَّنْ لِلشَّاكِّي عَلَيْهِ حَقٌّ وَجْهُ كَوْنِهِ ظَالِمًا فِي شَكْوَاهُ مَعَ أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْمَشْكُوِّ مِنْ غَاصِبٍ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْ غَرِيمِهِ بِدُونِ شَكْوَاهُ (لِمُغَرِّمٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ شَاكِيهِ لِظَالِمٍ يَتَجَاوَزُ فِي ظُلْمِهِ بِأَنْ يُغَرِّمَهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ (زَائِدًا) مَفْعُولُ يَضْمَنُ (عَلَى قَدْرِهِ) أُجْرَةَ (الرَّسُولِ) الْمُعْتَادِ عَلَى فَرْضِ أَنَّ الشَّاكِيَ اسْتَأْجَرَ رَسُولًا أَرْسَلَهُ لِلْغَاصِبِ لِيُحْضِرَهُ عِنْدَ الظَّالِمِ سَوَاءٌ وُجِدَ رَسُولٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا (إنْ ظَلَمَ) الشَّاكِي فِي شَكْوَاهُ بِأَنْ كَانَ لَهُ قَدْرٌ عَلَى تَخْلِيصِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِحَاكِمٍ لَا يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يَظْلِمْ لَمْ يَغْرَمْ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الرَّسُولِ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ قَدْرَ أُجْرَةِ الرَّسُولِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الشَّاكِي أَصَالَةً يَرْجِعُ بِهَا الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا أَمْ لَا فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ ظَلَمَ غَرِمَ الْجَمِيعَ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ (أَوْ) يَضْمَنُ (الْجَمِيعَ) وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَرْقَ يَظْهَرُ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَا يَضْمَنُ الزَّائِدَ، بَلْ قَدْرَ أُجْرَةِ الرَّسُولِ فَقَطْ وَمَفْهُومَ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا (أَوْ لَا) يَغْرَمُ الشَّاكِي شَيْئًا إنْ ظَلَمَ فَأَوْلَى إنْ لَمْ يَظْلِمْ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الظَّالِمَ الْإِثْمُ، وَالْأَدَبُ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الثَّالِثُ، وَالْمُفْتَى بِهِ بِمِصْرَ الثَّانِي، وَهُوَ فِي شَاكٍ لَهُ حَقٌّ مَالِيٌّ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ دَلَّ لِصًّا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ تَغْرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ وَلَا حَقَّ لَهُ وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ غَيْرُ مَالِيٍّ بِأَنْ قَذَفَهُ الْمَشْكُوُّ، أَوْ سَبَّهُ، أَوْ ضَرَبَهُ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي تَعَطَّلَتْ فِيهِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ وَكَثُرَ فِيهِ تَعَدِّي النَّاسِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَجَوْرُ الْأُمَرَاءِ، وَالْحُكَّامِ فَهَلْ يَضْمَنُ الشَّاكِي قَطْعًا، أَوْ تَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (وَمَلَكَهُ) الْغَاصِبُ (إنْ اشْتَرَاهُ) مِنْ رَبِّهِ، أَوْ مِنْ وَكِيلِهِ (وَلَوْ غَابَ) الْمَغْصُوبُ بِبَلَدٍ آخَرَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ بِالْبَلَدِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي ضَعْفِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ، وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ الَّذِي قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ، وَهَلْ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ، أَوْ شُكَّ فِيهِمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَصْبِ الذَّاتِ إلَخْ) فَتَحَصَّلَ أَنَّ غَاصِبَ الذَّاتِ يَضْمَنُهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ وَلَا يَضْمَنُ مَنْفَعَةَ الذَّاتِ إلَّا إذَا اسْتَعْمَلَهَا وَغَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ لَا يَضْمَنُ الذَّاتَ إذَا تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ وَيَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي قَصَدَ غَصْبَهَا بِمُجَرَّدِ فَوَاتِهَا عَلَى رَبِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ إلَّا غَاصِبُ الْحُرِّ، وَالْبُضْعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ فِيهِمَا بِالِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ، وَهَلْ يَضْمَنُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا شَكَا مَنْ غَصَبَهُ، أَوْ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِحَاكِمٍ ظَالِمٍ فَظَلَمَهُ وَغَرَّمَهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَفِي ضَمَانِ الشَّاكِي مَا غَرِمَهُ الْمَشْكُوُّ وَعَدَمِ ضَمَانِهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ إذَا كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا فِي شَكْوَاهُ بِأَنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى تَخْلِيصِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِحَاكِمٍ لَا يَجُوزُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ مَا غَرِمَهُ الْمَشْكُوُّ أُجْرَةَ الرَّسُولِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الشَّاكِي مَظْلُومًا بِأَنْ كَانَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى خَلَاصِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِدْ حَاكِمًا عَادِلًا يُخَلِّصُهُ فَإِنَّمَا يَغْرَمُ لِلْمَشْكُوِّ قَدْرَ أُجْرَةِ الرَّسُولِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ إنْ كَانَ ظَالِمًا غَرِمَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ كَانَ الشَّاكِي مَظْلُومًا فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ الشَّاكِيَ شَيْءٌ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَالِمًا فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ اهـ. قَالَ ح وَانْظُرْ لَوْ شَكَا رَجُلًا لِظَالِمٍ جَائِرٍ لَا يَتَوَقَّى قَتْلَ النَّفْسِ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ حَتَّى مَاتَ فَهَلْ يَلْزَمُ الشَّاكِيَ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ دِيَتُهُ كَمَنْ فَعَلَ بِهِ مَا يَتَعَذَّرُ رُجُوعُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ مِنْ الظَّالِمِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ، وَأَحْرَى غَيْرُهُ) أَيْ كَالْمَدِينِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِصِحَّةِ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَظْلِمْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَظْلُومًا لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّخْلِيصِ بِنَفْسِهِ وَعَدَمِ حَاكِمٍ عَادِلٍ (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ قَدْرَ أُجْرَةِ الرَّسُولِ) أَيْ أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَسُولٌ أَحْضَرَ الْمَشْكُوَّ لِلْمَشْكُوِّ لَهُ (قَوْلُهُ أَصَالَةً) أَيْ؛ لِأَنَّ أُجْرَةَ الرَّسُولِ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذْ كَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَقُولُ إذَا كَانَ الشَّاكِي ظَالِمًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَةِ الرَّسُولِ وَيَغْرَمُ أُجْرَةَ الرَّسُولِ أَيْضًا فَيُتَّجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ الثَّالِثِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ كَمَا عَزَاهُ لَهُمْ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ، وَالْمُفْتَى بِهِ بِمِصْرَ) أَيْ، وَهُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الْقَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ غُرْمُ الْجَمِيعِ إنْ كَانَ ظَالِمًا، وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا (قَوْلُهُ، وَهِيَ) أَيْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ. (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ شَكَا رَجُلٌ رَجُلًا لِظَالِمٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِي الْمَشْكُوِّ وَيُغَرِّمُهُ مَالًا، وَالْمَشْكُوُّ لَا تِبَاعَةَ لِلشَّاكِي عَلَيْهِ فَفِي ضَمَانِ الشَّاكِي مَا غَرِمَهُ الْمَشْكُوُّ وَثَالِثُهَا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا أَيْ بِأَنْ قَذَفَهُ الْمَشْكُوُّ، أَوْ سَبَّهُ (قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ) نَبَّهَ عَلَى هَذَا مَعَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مَلَكَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَوْ غَابَ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْمَغْصُوبِ قَدْ فَاتَتْ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا وَصَارَ الْوَاجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ إنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ فَاَلَّذِي يَجُوزُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِلْغَاصِبِ إنَّمَا هُوَ الْقِيمَةُ لَا ذَاتُ الْمَغْصُوبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ أَيْ الْبَائِعِ لَهَا، وَأَنْ يَبِيعَهَا بِمَا تُبَاعُ بِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ بِالْبَلَدِ)

رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةَ تَرَدُّدٍ (أَوْ غَرِمَ) الْغَاصِبُ (قِيمَتَهُ) لِرَبِّهِ أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ بِغُرْمِهَا لِحُصُولِ مُفَوَّتٍ مِمَّا مَرَّ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْرَمْهَا بِالْفِعْلِ وَمَحَلُّ مِلْكِهِ (إنْ لَمْ يُمَوِّهْ) الْغَاصِبُ أَيْ لَمْ يَكْذِبْ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ، أَوْ تَغَيُّرَ ذَاتِهِ فَإِنْ مَوَّهَ وَتَبَيَّنَ خِلَافُ دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ رَبُّهُ بِعَيْنِ شَيْئِهِ إنْ شَاءَ (وَ) إنْ كَذَبَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ بِأَنْ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ تَقْتَضِي نَقْصَ قِيمَتِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِمَّا قَالَ (رَجَعَ عَلَيْهِ) الْمَالِكُ (بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا) وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فَإِذَا لَمْ يُمَوِّهْ فِي الذَّاتِ وَلَزِمَهُ الْقِيمَةُ مَلَكَهُ وَلَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِزَائِدِ مَا أَخْفَاهُ فَقَوْلُهُ وَمَلَكَهُ إنْ غَرِمَ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ أَيْ فِي الذَّاتِ بِأَنْ لَمْ يُمَوِّهْ أَصْلًا، أَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ مَوَّهَ فِي الذَّاتِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ) وَخَالَفَهُ رَبُّهُ (وَحَلَفَ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ إنْ أَشْبَهَ بِيَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا مَعًا قُضِيَ بِأَوْسَطِ الْقِيَمِ إنْ حَلَفَا، أَوْ نَكَلَا مَعًا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (كَمُشْتَرٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ وَحَلَفَ. (ثُمَّ غَرِمَ) الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَتُهُ (قَوْلُهُ، أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ) أَيْ، أَوْ فَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَاضِي بِغُرْمِهَا إذْ لَا بُدَّ فِي مِلْكِهِ لَهُ بِالْقِيمَةِ إذَا فَاتَ عِنْدَهُ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي بِهَا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ مِلْكِهِ) أَيْ لِلْفَائِتِ بِغُرْمِ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ شَرْطٌ فِي مِلْكِ الْفَائِتِ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ لَا فِيهِ وَفِي مِلْكِ الْغَائِبِ بِشِرَائِهِ كَمَا فِي عبق فَإِذَا اشْتَرَى الْمَغْصُوبَ وَادَّعَى أَنَّهُ غَائِبٌ فَقَدْ مَلَكَهُ وَلَوْ مَوَّهَ فِي دَعْوَاهُ الْغَيْبَةَ خِلَافًا لعبق وَنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قَضَيْنَا عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ ظَهَرَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَخْفَاهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْقِيمَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ رَبُّهُ بِعَيْنِ شَيْئِهِ) أَيْ وَيَرُدُّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَذَبَ فِي الصِّفَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَتَلِفَ، أَوْ تَغَيَّرَ عِنْدَهُ، وَأَرَدْنَا تَغْرِيمَهُ الْقِيمَةَ فَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ فَقُوِّمَ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ أَسْوَدُ، ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ) الْأَوْلَى وَلَا يُنْتَقَضُ الْمِلْكُ إذْ لَا بَيْعَ هُنَا (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ الْقِيمَةُ) أَيْ لِتَلَفِهِ، أَوْ ضَيَاعِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يُمَوِّهْ أَصْلًا، بَلْ وَلَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ التَّمْوِيهِ فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ) أَيْ فَالْمَنْطُوقُ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا رَاجِعٌ لِإِحْدَى صُورَتَيْ الْمَنْطُوقِ قَالَ ح وَانْظُرْ لَوْ وَصَفَهُ الْغَاصِبُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَنْقَصُ مِمَّا قَالَ بَعْدَ أَنْ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ . وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ مَوَّهَ فِي الذَّاتِ) أَيْ فَقَطْ، وَأَوْلَى فِي الذَّاتِ، وَالصِّفَةِ كَأَنْ يَقُولَ الْغَاصِبُ الْعَبْدُ الَّذِي غَصَبْتُهُ مِنْكَ الْأَسْوَدُ قَدْ أَبَقَ، ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ أَنْ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ، وَأَنَّهُ أَبْيَضُ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ) أَيْ وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ وَنَعْتِهِ) أَيْ فَإِذَا غَصَبَ جَارِيَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا مِنْ كَوْنِهَا بَيْضَاءَ، أَوْ سَوْدَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ إنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ فَإِنْ تَجَاهَلَا الصِّفَةَ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ يُجْعَلُ مِنْ أَدْنَى جِنْسِهِ وَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ شَيْخُنَا، وَإِذَا تَجَاهَلَا الْقَدْرَ أَمَرَهُمَا الْحَاكِمُ بِالصُّلْحِ فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا تُرِكَا حَتَّى يَصْطَلِحَا (قَوْلُهُ وَقَدْرِهِ) أَيْ مِنْ كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ، قَالَ تت رُبَّمَا يَدْخُلُ فِي تَخَالُفِهِمَا فِي الْقَدْرِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى غَاصِبُ صُرَّةٍ، ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ مَالِكٍ، ابْنُ نَاجِيٍّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا بِعِلْمٍ سَابِقٍ، أَوْ بِحَبْسِهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ الْقَوْلُ لِرَبِّهَا مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي تَحْقِيقًا، وَالْآخَرُ يَدَّعِي تَخْمِينًا. وَأَمَّا إنْ غَابَ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَنَهَبُوا مَا فِيهِ وَلَا يَشْهَدُونَ بِأَعْيَانِ الْمَغْصُوبِ، بَلْ بِالْإِغَارَةِ، وَالنَّهْبِ فَقَطْ فَلَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الصُّرَّةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُغَارِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ فِي الْقَدْرِ، وَالنَّعْتِ كَمَا فِي عبق، بَلْ وَفِي دَعْوَى التَّلَفِ أَيْضًا كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ح وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ) أَيْ وَسَوَاءٌ أَشْبَهَ رَبَّهُ أَيْضًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ أَيْ، وَإِلَّا يَحْلِفُ بِأَنْ نَكَلَ، أَوْ لَمْ يَنْكُلْ وَلَكِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ كَمُشْتَرٍ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِغَصْبِ الْبَائِعِ لِذَلِكَ الْمَبِيعِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ لَكِنْ إنْ عَلِمَ بِغَصْبِهِ فَحُكْمُهُ فِي الضَّمَانِ حُكْمُ الْغَاصِبِ سَوَاءٌ تَلِفَ الْمَبِيعُ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَتْبَعُ الْمَالِكُ أَيَّهمَا شَاءَ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ فَإِنْ تَلِفَ مَا اشْتَرَاهُ عَمْدًا فَكَذَلِكَ

بَعْدَ حَلِفِهِ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ (لِآخِرِ رُؤْيَةٍ) عِنْدَهُ أَيْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّقْوِيمِ بِآخِرِ رُؤْيَةٍ رُئِيَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنْ لَمْ يُرَ عِنْدَهُ فَيَوْمُ الْقَبْضِ، ثُمَّ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِرَبِّهِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ الْغَاصِبِ وَمَحَلُّ الْغُرْمِ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ كَذِبُهُ وَادَّعَى التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ فِيهِمَا فَإِنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يَغْرَمُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي لَا سَمَاوِيٍّ، وَأَمَّا بِجِنَايَةٍ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ وَلَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَيَتْبَعُ الْغَاصِبَ بِالثَّمَنِ إنْ قَبَضَهُ وَكَانَ مَلِيًّا، وَإِلَّا اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ (وَ) لَهُ (نَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي) مِنْ الْغَاصِبِ (وَإِجَازَتُهُ) فَيَتِمُّ عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَ الْمُشْتَرِي. (وَضَمِنَ مُشْتَرٍ) مِنْ الْغَاصِبِ (لَمْ يَعْلَمْ) بِغَصْبِهِ (فِي عَمْدٍ) أَيْ فِي إتْلَافِهِ عَمْدًا كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَاهُ، أَوْ قَتَلَ الْحَيَوَانَ، أَوْ ذَبَحَهُ، وَأَكَلَهُ، وَهُوَ حِينَئِذٍ فِي مَرْتَبَةِ الْغَاصِبِ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ فَإِنْ اتَّبَعَ الْغَاصِبَ فَالْقِيمَةُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ فَالْمُعْتَبَرُ يَوْمُ التَّعَدِّي وَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِثَمَنِهِ (لَا) يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي غَيْرُ الْعَالِمِ فِي (سَمَاوِيٍّ وَ) لَا فِي (غَلَّةٍ) اسْتَغَلَّهَا؛ لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْغَصْبِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ رُجُوعٌ فِي السَّمَاوِيِّ إلَّا عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ الْغَاصِبِ (وَهَلْ) التَّلَفُ، أَوْ التَّعْيِيبُ (الْخَطَأُ) مِنْ الْمُشْتَرِي الْغَيْرِ الْعَالِمِ (كَالْعَمْدِ) فَيَضْمَنُ لِلْمَالِكِ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَيَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ، وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، أَوْ كَالسَّمَاوِيِّ فَلَا رُجُوعَ لِرَبِّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ (تَأْوِيلَانِ وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (إنْ عَلِمَا) بِالْغَصْبِ (كَهُوَ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ ضَامِنًا كَالْغَاصِبِ فَإِنْ اتَّبَعَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ بِالْقِيمَةِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ اتَّبَعَ الْغَاصِبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ كَذِبُهُ، وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ فَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي يَغْرَمُ الْقِيمَةَ إنَّمَا هُوَ الْغَاصِبُ، وَإِنْ تَلِفَ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ فَقِيلَ كَالْعَمْدِ وَقِيلَ كَالسَّمَاوِيِّ. هَذَا حَاصِلُ الْفِقْهِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ غَرِمَ إلَخْ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ وَكَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ) أَيْ عَلَى التَّلَفِ (قَوْلُهُ فَيَوْمَ الْقَبْضِ) أَيْ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُ) أَيْ، وَالْغُرْمُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْغَاصِبِ الْبَائِعِ لَهُ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، أَوْ لَا، عَلِمَ أَنَّ بَائِعَهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا، حَضَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَقْتَ الْبَيْعِ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً قَرِيبَةً، أَوْ بَعِيدَةً، وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ) أَيْ، وَإِلَّا يَقْبِضْهُ، أَوْ قَبَضَهُ وَكَانَ مُعْدَمًا اتَّبَعَ إلَخْ. وَقِيلَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ الْغَاصِبُ قَبَضَهُ وَلَوْ مُعْدَمًا وَرَجَحَ هَذَا الْقَوْلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ لِلْعَقْدِ، وَالْقَبْضِ مَعًا لَا لِلْعَقْدِ فَقَطْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ أَيْ، وَأَخْذُ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ، وَإِجَازَتُهُ) ذُكِرَ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ نَقْضُ إلَخْ مِنْ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ، وَأَجَازَ الْمَالِكُ عِتْقَهُ فَإِمَّا أَنْ يُجِيزَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ، وَإِمَّا أَنْ يُجِيزَهُ عَلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَةً فَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَزِمَ الْعِتْقُ نَظَرًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَلَا يُقَالُ هَذَا عِتْقُ فُضُولِيٍّ أَجَازَهُ الْمَالِكُ وَعِتْقُ الْفُضُولِيِّ إذَا كَانَ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ إذْ الْعِتْقُ لَيْسَ بِفَوْتٍ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى رَبِّهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ الَّتِي وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهَا، بَلْ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ فَيَتِمُّ عِتْقُهُ) أَيْ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ رَبُّهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْ وَلَوْ مُعْسِرًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ لِلْعَقْدِ، وَالْقَبْضِ مَعًا كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ فَالْمُعْتَبَرُ يَوْمُ التَّعَدِّي) إنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَغْرَمُ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ فَلِمَ غَرِمَ هُنَا يَوْمَ التَّعَدِّي؟ قُلْت؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمَّا قَصَدَ التَّمَلُّكَ مِنْ يَوْمِ وَضْعِ الْيَدِ مَعَ ثُبُوتِ التَّلَفِ عَمْدًا اُعْتُبِرَ غُرْمُهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي السَّابِقِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخْفَى الْمَبِيعَ فَلِذَلِكَ أُغْرِمَ مِنْ آخِرِ رُؤْيَةٍ رُئِيَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ فِي سَمَاوِيٍّ) أَيْ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ التَّلَفُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ التَّلَفُ بِبَيِّنَةٍ فِي الْأَوَّلِ، أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ فِي الثَّانِي فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ سَابِقًا، ثُمَّ غَرِمَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ) أَيْ فَيَفُوزُ بِالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ رُجُوعٌ فِي السَّمَاوِيِّ إلَّا عَلَى الْغَاصِبِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ السَّمَاوِيَّ مَعَ أَنَّهُ لَهُ الْغَلَّةُ وَمَنْ لَهُ النَّمَاءُ عَلَيْهِ التَّوَى، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْ الْمُشْتَرِي نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الضَّمَانِ، وَهُوَ ضَمَانُهُ لِلْمَالِكِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ الثَّمَنَ فَيَدْفَعُهُ لَهُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ الْغَاصِبِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ

كَالْغَاصِبِ فِي الضَّمَانِ فَيَتْبَعُ الْمُسْتَحِقُّ أَيَّهمَا شَاءَ وَمِثْلُهُمَا الْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ (وَإِلَّا) يَعْلَمَا بِالْغَصْبِ (بُدِئَ بِالْغَاصِبِ) فِي الْغُرْمِ فَيَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى التَّرِكَةِ فِي الْمَوْتِ وَعَلَى الْغَاصِبِ فِي الْهِبَةِ بِالْقِيمَةِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ (وَرَجَعَ) الْمَالِكُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ الْمَلِيءِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ) أَيْ بِالْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا مَوْهُوبُهُ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ رُجُوعٌ عَلَى مَوْهُوبِهِ بِشَيْءٍ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ فَأَوْلَى مَا اسْتَغَلَّهُ هُوَ، ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ بِالْغَلَّةِ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، أَوْ فَاتَتْ وَلَمْ يَخْتَرْ تَضْمِينَهُ الْقِيمَةَ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْغَلَّةِ، وَالْقِيمَةِ (فَإِنْ أَعْسَرَ) الْغَاصِبُ (فَعَلَى الْمَوْهُوبِ) يَرْجِعُ بِمَا اسْتَغَلَّهُ دُونَ مَا اسْتَغَلَّهُ الْغَاصِبُ قَبْلَهُ، وَأَعْسَرَ فَإِنْ أَعْسَرَ أَيْضًا اتَّبَعَ أَوَّلَهُمَا يَسَارًا وَمَنْ غَرِمَ شَيْئًا لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ بِالْغَلَّةِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، أَوْ فَاتَتْ وَاخْتَارَ أَخْذَ الْغَلَّةِ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ الْقِيمَةَ أَخَذَهَا فَقَطْ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ. (وَلُفِّقَ شَاهِدٌ) شَهِدَ لِلْمُدَّعِي (بِالْغَصْبِ) أَيْ بِمُعَايَنَةِ الْغَصْبِ مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّ فُلَانًا غَصَبَهُ مِنِّي (لِآخَرَ) شَهِدَ لَهُ (عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (بِالْغَصْبِ) مِنْ الْمُدَّعِي وَيُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِالْمَغْصُوبِ بِلَا يَمِينِ قَضَاءٍ (كَشَاهِدٍ بِمِلْكِك) أَيْ شَهِدَ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي (لِثَانٍ بِغَصْبِكَ) أَيْ بِغَصْبِهِ مِنْكَ أَيُّهَا الْمُدَّعِي فَيُقْضَى بِهِ لَكَ (وَجُعِلْتَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (ذَا يَدٍ) أَيْ حَائِزًا فَقَطْ (لَا مَالِكًا) فَلَكَ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ الْبَيْعِ، وَالْوَطْءِ، وَإِنْ جَاءَ مُسْتَحِقُّهَا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَخَذَهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتَهَا إنْ فَاتَتْ، أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْمِلْكِ إذْ قَدْ تُغْصَبُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُودِعٍ وَمُرْتَهِنٍ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ هَلْ هُوَ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُحَازَ، أَوْ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ اهـ. بْن (قَوْلُهُ كَالْغَاصِبِ فِي الضَّمَانِ) أَيْ فِي ضَمَانِ قِيمَةِ الذَّاتِ إذَا تَلِفَتْ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ وَضَمَانِ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ فَيَتْبَعُ إلَخْ) أَيْ يُخَيَّرُ فِي اتِّبَاعِ تَرِكَةِ الْغَاصِبِ، وَالْوَارِثِ وَفِي اتِّبَاعِ الْغَاصِبِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا الْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ) أَيْ بِأَنَّ بَائِعَهُ غَاصِبٌ لِمَا بَاعَهُ أَيْ أَنَّهُ مِثْلُهُمَا فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ كَانَ التَّلَفُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ حَيْثُ كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا لَا بِسَمَاوِيٍّ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يَعْلَمَا بِالْغَصْبِ) أَيْ، وَإِلَّا يَعْلَمْ الْوَارِثُ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْغَصْبِ بُدِئَ بِالْغَاصِبِ فِي غُرْمِ قِيمَةِ الذَّاتِ عَلَى وَارِثِهِ وَمَوْهُوبِهِ، كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ، قَالَ بْن الْأَوْلَى رُجُوعُ قَوْلِهِ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَطْ إذْ لَا غَاصِبَ مَعَ الْوَارِثِ يَبْدَأُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْغَاصِبَ مَاتَ وَقَسَمَ وَرَثَتُهُ الْمَغْصُوبَ وَاسْتَغَلُّوهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَيَضْمَنُ الْوَارِثُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ إذَا تَلِفَ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْغَصْبِ، أَوْ لَا لَكِنْ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ لَا يَضْمَنُ إلَّا جِنَايَةَ نَفْسِهِ وَعِنْدَ الْعِلْمِ يَضْمَنُ حَتَّى السَّمَاوِيِّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بَغْلَة مَوْهُوبِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَ غَلَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ كَمَا مَرَّ وَبَيْنَ غَلَّةِ مَوْهُوبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ بِخِلَافِ مَبِيعِهِ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ غَلَّةَ الْمَوْهُوبِ لَا تَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، بَلْ يَرْجِعُ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْغَاصِبِ إنْ كَانَ مَلِيًّا، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَنَّ قِيمَةَ الْمَوْهُوبِ إذَا تَلِفَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا عُلِمَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْغَاصِبِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ يُخَيِّرُ الْمُسْتَحِقَّ فِي اتِّبَاعِهِ، أَوْ اتِّبَاعِ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ. وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَهِيَ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَلَا يَغْرَمُهَا لَا هُوَ وَلَا الْغَاصِبُ، وَأَمَّا عِنْدَ الْعِلْمِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَيَغْرَمُهَا كَقِيمَةِ الذَّاتِ، وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ إذَا تَلِفَ، وَأَنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ عَلِمَ أَنَّ مُورِثَهُ غَاصِبٌ، أَوْ لَا، مَاتَ مَلِيًّا، أَوْ لَا فَفِيهَا لَوْ مَاتَ الْغَاصِبُ وَتَرَكَ الْأَشْيَاءَ الْمَغْصُوبَةَ وَاسْتَغَلَّهَا وَلَدُهُ فَالْأَشْيَاءُ وَغَلَّتُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْوَارِثِ يَغْرَمُ الْغَلَّةَ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً. وَأَمَّا لَوْ فَاتَتْ وَضَمِنَ الْوَارِثُ قِيمَتَهَا كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ لَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَةِ، وَالْغَلَّةِ وَفِي بْن لَوْ بَاعَ عَنْ الصَّغِيرِ قَرِيبُهُ كَالْأَخِ، وَالْعَمِّ بِلَا إيصَاءٍ وَلَا حَضَانَةٍ فَكَبِرَ الصَّغِيرُ، وَأَخَذَ شَيْأَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي غَلَّتَهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا يَوْمَ الْبَيْعِ بِتَعَدِّي الْبَائِعِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي شُبْهَةً تُسَوِّغُ لَهُ الْغَلَّةَ وَكَذَا مَنْ بَاعَ مَا يَعْرِفُ لِغَيْرِهِ زَاعِمًا أَنَّ مَالِكَهُ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ فَلَمْ يُثْبِتْ التَّوْكِيلَ فَفَسَخَ الْبَيْعَ فَلَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَرْ تَضْمِينَهُ الْقِيمَةَ) أَيْ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ أَخْذَ الْغَلَّةِ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يُجْمَعُ إلَخْ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ الْقِيمَةَ أَخَذَهَا فَقَطْ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ إذْ لَا يُجْمَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَةِ الْبُدَاءَةِ بِالْغَاصِبِ عِنْدَ يُسْرِهِ وَصُورَةِ الْبُدَاءَةِ بِالْمَوْهُوبِ لَهُ عِنْدَهُ عُسْرِ الْغَاصِبِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَنْ غَرِمَ شَيْئًا لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَيَانِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَسِرَ الْغَاصِبُ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا أَيْسَرَ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَالْغَلَّةِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ قَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمِلٍ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ قَرِيبًا فِي الْعِبَارَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ. (قَوْلُهُ فَيُقْضَى بِهِ لَك) أَيْ بِدُونِ يَمِينٍ مِنْكَ (قَوْلُهُ أَيْ حَائِزًا فَقَطْ) يَعْنِي لِلسِّلْعَةِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَلِقِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَكَ التَّصَرُّفُ إلَخْ) هَذَا مُتَرَتِّبٌ

فَلِأَنَّ شَاهِدَ الْمِلْكِ لَمْ يُثْبِتْ غَصْبًا وَشَاهِدَ الْغَصْبِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِلْكًا (إلَّا أَنْ تَحْلِفَ) فِي الثَّانِيَةِ (مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ) الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلنِّصَابِ (وَ) تَحْلِفَ أَيْضًا (يَمِينَ الْقَضَاءِ) أَنَّك مَا بِعْتَ وَلَا وَهَبْتَ وَلَا تَصَدَّقْتَ، وَلَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِك بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَلَهُ جَمْعُهُمَا فِي يَمِينٍ وَاحِدٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. (وَإِنْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ (اسْتِكْرَاهًا) عَلَى الزِّنَا (عَلَى) رَجُلٍ (غَيْرِ لَائِقٍ) بِهِ مَا ادَّعَتْ بِهِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ (بِلَا تَعَلُّقٍ) أَيْ بِأَذْيَالِهِ (حُدَّتْ لَهُ) أَيْ لِلزِّنَا الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا أَيْ لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ لَمْ تُحَدَّ لِلزِّنَا؛ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ، وَتُحَدُّ لِقَذْفِهِ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ غَيْرِ لَائِقٍ أَمْرَانِ فَاسِقٌ فَلَا حَدَّ لِقَذْفِهِ مُطْلَقًا وَلَا لِلزِّنَا إلَّا إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ وَمَجْهُولُ حَالٍ فَحَدُّ الزِّنَا كَالصَّالِحِ إنْ تَعَلَّقَتْ سَقَطَ، وَإِلَّا لَزِمَهَا وَلَا تُحَدُّ لِلْقَذْفِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ، وَإِلَّا حُدَّتْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِغَيْرِ اللَّائِقِ مَا يَشْمَلُ مَجْهُولَ الْحَالِ. ، ثُمَّ أَعْقَبَ الْغَصْبَ بِالتَّعَدِّي، وَهُوَ غَصْبُ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ الْجِنَايَةِ عَلَى شَيْءٍ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِ ذَاتِهِ فَقَالَ (وَالْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا) أَيْ بَعْضِ السِّلْعَةِ كَخَرْقِ ثَوْبٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ صَحْفَةٍ أَيْ كَسْرِ بَعْضِهَا وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَكُونُ التَّعَدِّي عَلَى جَمِيعِ السِّلْعَةِ كَحَرْقِ الثَّوْبِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ جَمِيعِ الصَّحْفَةِ وَقَتْلِ الدَّابَّةِ وَمِنْهُ تَعَدِّي الْمُكْتَرِي، وَالْمُسْتَعِيرِ الْمَسَافَةَ الْمُشْتَرَطَةَ وَاسْتِعْمَالُ دَابَّةٍ مَثَلًا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا وَرِضَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ الرُّكُوبُ، وَالِاسْتِعْمَالُ الَّذِي هُوَ الْمَنْفَعَةُ دُونَ تَمَلُّكِ الذَّاتِ، وَالذَّاتُ تَابِعَةٌ لِذَلِكَ لَا مَقْصُودَةٌ بِالتَّعَدِّي فَلْيُتَأَمَّلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى جَعْلِهِ ذَا يَدٍ قَالَ بْن الَّذِي كَانَ يُقَرِّرُهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّا لَا نَمْنَعُهُ مِنْ الْبَيْعِ وَلَا مِنْ الْوَطْءِ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ كَوْنِهِ ذَا يَدٍ أَنَّهُ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ قُدِّمَتْ عَلَى بَيِّنَتِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَثْبَتَتْ لَهُ الْحَوْزَ فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ اهـ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّ شَاهِدَ الْمِلْكِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ غَصْبًا) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا مِنْ التَّعْلِيلِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ شَاهِدَ الْغَصْبِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِلْكًا؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الْغَصْبِ لَا يَقْتَضِي مِلْكًا فَتَدَبَّرْ اهـ. بْن (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَحْلِفَ) أَيْ بِأَنَّهَا مِلْكُكَ (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي فِيهَا شَاهِدُ الْمِلْكِ فَإِذَا حَلَفْتَ مَعَهُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ وَيَمِينَ الْقَضَاءِ كُنْتَ حِينَئِذٍ مَالِكًا لَا حَائِزًا (قَوْلُهُ وَتَحْلِفُ أَيْضًا يَمِينَ الْقَضَاءِ) وَلَا يُكْتَفَى بِهَا عَنْ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَتْ تَتَضَمَّنُهَا كَمَا جَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَلَهُ جَمْعُهُمَا) أَيْ وَعَلَى مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ عَنْ الْأُولَى فَلَهُ جَمْعُهُمَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهَا) أَيْ فَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا لَمْ تُحَدَّ إذَا لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ حُدَّتْ وَلَا عِبْرَةَ بِرُجُوعِهَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ تُحَدُّ لِلْقَذْفِ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ لَمْ تُحَدَّ لِلزِّنَا) أَيْ حَمَلَتْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَمْ لَا) أَيْ وَلَا يَمِينَ لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَمْ لَا، أَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَجَاءَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ فَلَا تُحَدُّ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِلزِّنَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَزِمَهَا) أَيْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا حُدَّتْ) أَيْ، وَإِلَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ حُدَّتْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَتْهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهَا عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا إذَا ادَّعَتْهُ عَلَى فَاسِقٍ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ فَأَوْلَى إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ، وَأَوْلَى إذَا ادَّعَتْهُ عَلَى مَجْهُولِ حَالٍ، أَوْ صَالِحٍ (قَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ مَجْهُولَ الْحَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا عَلَيْهِ كَدَعْوَاهَا عَلَى الصَّالِحِ بِالنِّسْبَةِ لِحَدِّ الزِّنَا الَّذِي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ أَعْقَبَ الْغَصْبَ بِالتَّعَدِّي) أَيْ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُنَاسَبَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَصَرُّفًا فِي الشَّيْءِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ غَالِبًا) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ، وَالْمُتَعَدِّي أَيْ، وَالْمُتَعَدِّي فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ هُوَ الَّذِي يَجْنِي عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ التَّعَدِّي عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ تَعَدِّي الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَمِنْهُ تَعَدِّي الْمُكْتَرِي الْمَسَافَةَ الْمُشْتَرَطَةَ أَيْ، وَإِنَّمَا كَانَ تَعَدِّيهَا تَعَدِّيًا عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ الرُّكُوبُ، وَالِاسْتِعْمَالُ الَّذِي هُوَ الْمَنْفَعَةُ، وَالذَّاتُ تَابِعَةٌ لَا مَقْصُودَةٌ بِالتَّعَدِّي، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَقْصُودُ بِالتَّعَدِّي كَالْجُزْءِ مِنْهَا. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ الْمُتَعَدِّي هُوَ الْجَانِي عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ فَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَا يَعُمُّ صُوَرَ التَّعَدِّي إذْ لَا يَشْمَلُ مَنْ اكْتَرَى، أَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ زَادَ عَلَى الْمَسَافَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا فَهُمَا مُتَعَدِّيَانِ عَلَى كُلِّ الدَّابَّةِ لَا عَلَى بَعْضِهَا وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلُوهُ مِنْ الْمُتَعَدِّي فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ غَالِبًا لِإِدْخَالِهِمَا، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِهَذَا الْقَيْدِ لِإِدْخَالِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعَدِّي إنَّمَا هُوَ الْمَنْفَعَةُ لَا الذَّاتُ، وَالذَّاتُ تَابِعَةٌ لَا؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ بِالتَّعَدِّي وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَقْصُودُ بِالتَّعَدِّي كَالْجُزْءِ مِنْهَا، نَعَمْ يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ غَالِبًا لِإِدْخَالِ حَرْقِ الثَّوْبِ وَقَتْلِ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ إذْ لَا يَشْمَلُهُمَا التَّعْرِيفُ إلَّا بِزِيَادَةٍ غَالِبًا. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعَدِّيَ، وَالْغَصْبَ يَفْتَرِقَانِ فِي أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ الْفَسَادَ الْيَسِيرَ مِنْ الْغَاصِبِ يُوجِبُ لِرَبِّهِ أَخْذَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ إنْ شَاءَ، وَالْفَسَادَ الْيَسِيرَ مِنْ الْمُتَعَدِّي لَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُ أَرْشِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِهِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ لَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ، وَالْغَاصِبَ يَضْمَنُهُ

ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ دُونَ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نَقْصَهَا فَقَطْ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ) مِمَّا تَعَدَّى عَلَيْهِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ أَفَاتَ الْعَمْدُ مَعَ أَنَّ الْخَطَأَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْهَمْزَةِ (كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ) وَحِشْمَةٍ كَأَمِيرٍ وَقَاضٍ وَدَابَّةٍ مُضَافٍ لِذِي، وَالْمُرَادُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ لِذِي الْهَيْئَاتِ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ أَمْ لَا فَالْعِبْرَةُ بِحَالِهَا لَا حَالِ مَالِكِهَا فَقَطْعُ ذَنَبِهَا مُفِيتٌ لِلْمَقْصُودِ مِنْهَا بِخِلَافِ قَطْعِ بَعْضِهِ، أَوْ نَتْفِ شَعْرِهِ (أَوْ) قَطْعِ (أُذُنِهَا، أَوْ طَيْلَسَانِهِ) مُثَلَّثِ اللَّامِ (أَوْ) قَطْعِ (لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ) الْأَعْظَمُ مِنْهَا (وَقَلْعِ عَيْنَيْ عَبْدٍ، أَوْ) قَطْعِ (يَدَيْهِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ) أَيْ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ (، أَوْ قِيمَتُهُ) سَلِيمًا يَوْمَ التَّعَدِّي وَيَتْرُكُهُ لِلْمُتَعَدِّي (وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ) أَيْ لَمْ يُفِتْ الْمَقْصُودَ (فَنَقْصُهُ) فَقَطْ أَيْ يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ مَعَ أَخْذِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ، وَمَثَّلَ لِمَا لَمْ يَفُتْهُ بِقَوْلِهِ (كَلَبَنِ بَقَرَةٍ) ، أَوْ شَاةٍ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْهَا. (وَ) قَطْعِ (يَدِ عَبْدٍ، أَوْ عَيْنِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ صَانِعًا، أَوْ ذَا يَدٍ فَقَطْ، أَوْ عَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ (وَعَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُتَعَدِّي (إنْ قُوِّمَ) عَلَيْهِ، وَأَخَذَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ لَا إنْ أَخَذَهُ وَنَقَصَهُ فَلَا يُعْتَقُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ إنْ قُوِّمَ مَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى التَّقْوِيمِ فِيمَا لَا يَجِبُ فِيهِ تَقْوِيمٌ كَجِنَايَةِ عَمْدٍ فِيهَا شَيْنُ قَصْدٍ وَلَمْ تُفِتْ الْمَقْصُودَ (وَلَا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ) مِنْ التَّقْوِيمِ أَيْ لَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَمْنَعَ الْجَانِيَ مِنْ تَقْوِيمِهِ وَيَخْتَارُ أَخْذَهُ مَعَ نَقْصِهِ (الْفَاحِشِ) أَيْ الْمُفِيتِ لِلْمَقْصُودِ حَتَّى يُحْرَمَ الْعَبْدُ مِنْ الْعِتْقِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ لِيَأْخُذَهُ الْجَانِي فَيُعْتَقَ عَلَيْهِ فَيُجْبِرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ وَيُجْبَرُ الْجَانِي عَلَى دَفْعِهَا لِيُعْتَقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ وَخَاصٌّ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَنْ يُعْتَقُ بِالْمَثُلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِنْهَا أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا عَطَّلَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ إنَّمَا يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا اسْتَعْمَلَ كَمَا مَرَّ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا أَنَّ وَثِيقَةَ الْأَرْيَافِ أَقْرَبُ لِلتَّعَدِّي مِنْ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ التَّمَلُّكَ الْمُطْلَقَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ) أَيْ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ أَرْشَ النَّقْصِ (قَوْلُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْهَمْزَةِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَالْمَقْصُودُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُهُ أَيْ فَإِنْ فَاتَ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّيْءِ الْمُتَعَدِّي عَلَيْهِ كَقَطْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ مِنْ شَأْنِهَا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُهُ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ مَفْهُومَةٍ أَنَّ قَطْعَ ذَنَبِ دَابَّةٍ غَيْرَ ذِي الْهَيْئَةِ لَا يُوجِبُ خِيَارَ رَبِّهَا وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا كَانَتْ هِيَ ذَاتَ هَيْئَةٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ هَيْئَةٍ ثَبَتَ لِمَالِكِهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا، وَأَخْذِهَا مَعَ الْأَرْشِ، وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ كَقَطْعِ دَابَّةٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ لِذِي هَيْئَةٍ كَانَ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ أَمْ لَا وَكُلُّ هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ دَابَّةٍ بِلَا تَنْوِينٍ بِالْإِضَافَةِ لِذِي، أَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ دَابَّةٍ بِالتَّنْوِينِ وَذِي هَيْئَةٍ صِفَةٍ لَهُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِمَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ أَمْ لَا. وَلَا يُقَالُ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ التَّنْوِينِ وَصْفُهَا بِذِي إذْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ ذَاتَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الدَّابَّةُ فِي مَعْنَى الْحَيَوَانِ فَيَجُوزُ فِي وَصْفِهَا مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى فَفِي الْحَدِيثِ: «فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَهْلَبَ طَوِيلِ شَعْرٍ» وَفِيهِ أَيْضًا: «فَأَتَى بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ» (قَوْلُهُ مُفِيتٌ لِلْمَقْصُودِ) أَيْ، وَهُوَ التَّجَمُّلُ بِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا النَّقْصَ فَقَطْ إلَّا لِعُرْفٍ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَخْيِيرِ الْمَالِكِ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَأَرْشِ النَّقْصِ فِي قَطْعِ بَعْضِ الذَّنَبِ، أَوْ نَتْفِ شَعْرِهِ عُمِلَ بِذَلِكَ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمَقْصُودُ) إنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ، قُلْت الْأَوَّلُ ذُكِرَ عَلَى أَنَّهُ ضَابِطٌ كُلِّيٌّ، وَالثَّانِي ذُكِرَ فِي جُزْئِيٍّ مُثِّلَ بِهِ لِيَنْطَبِقَ عَلَى ذَلِكَ الْكُلِّيِّ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْ الْمُتَعَدِّيَ بِجِنَايَتِهِ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ) أَيْ قَهْرًا عَنْ الْمُتَعَدِّي، وَأَمَّا إذَا رَضِيَ الْمُتَعَدِّي بِذَلِكَ كَانَ لِرَبِّهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ) أَيْ كَقَطْعِهِ، أَوْ تَقْلِيلِهِ (قَوْلُهُ وَقَطْعِ يَدِ عَبْدٍ) أَيْ. وَأَمَّا قَطْعُ رِجْلِهِ فَمِنْ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَانِعًا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ قِيمَةِ الصَّانِعِ بِمَا يُعَطِّلُهُ وَلَوْ أُنْمُلَةً كَمَا لعج (قَوْلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى عَلَى عَبْدٍ عَمْدًا قَاصِدًا شَيْنَهُ، وَأَفَاتَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى ذَلِكَ الْجَانِي إنْ قُوِّمَ عَلَيْهِ أَيْ إنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ أَخْذَ قِيمَتِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ إنْ قُوِّمَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ قَوَّمَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ التَّقْوِيمُ بِرِضَا صَاحِبِهِ فَقَطْ فِي مُفِيتِ الْمَقْصُودِ، أَوْ بِرِضَاهُمَا مَعًا فِي غَيْرِ مُفِيتِهِ، وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِشَرَفِ الدِّينِ الطَّخِّيخِيِّ وَتَبِعَهُ عبق قَالَ بْن، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِيمَ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا مَنْعَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَمْنَعَ الْجَانِيَ مِنْ التَّقْوِيمِ بِحَيْثُ يَأْخُذُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ إذَا كَانَ التَّعَدِّي فَاحِشًا مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ لِيَأْخُذَهُ الْجَانِي فَيُعْتَقَ عَلَيْهِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ، وَهَذَا مُقَابِلٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ لِرَبِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْخِيَارَ فِي التَّعَدِّي الْفَاحِشِ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهُوَ عَامٌّ فِيمَنْ يُعْتَقُ بِالْمَثُلَةِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَيَقُولُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي غَيْرِ مَنْ يُعْتَقُ بِالْمَثُلَةِ، وَأَمَّا مَنْ يُعْتَقُ بِهَا فَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ اهـ. . وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الرَّقِيقِ حُكْمُهُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ كَحُكْمِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَهُوَ تَخْيِيرُ الْمَالِكِ فِي أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ يُونُسَ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ أَخْذُ السَّيِّدِ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَعَ

[فصل زرع غاصب الأرض أو لمنفعتها فاستحقت الأرض]

، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفَاحِشِ مُطْلَقًا فِي الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ. (وَرَفَا) الْجَانِي (الثَّوْبَ مُطْلَقًا) كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً أَفَاتَتْ الْمَقْصُودَ حَيْثُ أَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَنَقْصِهِ أَمْ لَمْ تُفِتْهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى أَرْشِ النَّقْصِ بَعْدَ رَفْوِهِ (وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قَوْلَانِ) قِيلَ تَلْزَمُ الْجَانِيَ عَلَى حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ خَطَأً لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ، أَوْ عَمْدًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِمَانِعٍ وَلَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ أَيْضًا [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) (وَإِنْ زَرَعَ) غَاصِبٌ لِأَرْضٍ، أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا (فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ الْأَرْضُ بِمَعْنَى قَامَ مَالِكُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقَ الْمَعْرُوفَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ، إذْ الْكَلَامُ فِي الْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي (فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِالزَّرْعِ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ الِانْتِفَاعَ بِهِ ظَهَرَ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ (أُخِذَ بِلَا شَيْءٍ) فِي مُقَابَلَةِ الْبَذْرِ، أَوْ الْعَمَلِ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَوْ لِرَعْيٍ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَلْعُهُ) أَيْ أَمْرُ رَبِّهِ بِقَلْعِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ (إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ) الْأَرْضُ (لَهُ) مِمَّا زُرِعَ فِيهَا خَاصَّةً كَقَمْحٍ، أَوْ فُولٍ وَيُحْتَمَلُ مِمَّا زُرِعَ فِيهَا وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ. وَأَشَارَ لِقَسِيمِ قَوْلِهِ فَلَهُ قَلْعُهُ، وَهُوَ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ) مَقْلُوعًا (عَلَى الْمُخْتَارِ) بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَةِ قَلْعِهِ لَوْ قُلِعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْشِ النَّقْصِ لِئَلَّا يُحْرَمَ الْعَبْدُ مِنْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) أَيْ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ الثَّوْبَ) أَيْ الَّتِي حَصَلَتْ فِيهَا الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ أَمْ لَمْ تُفِتْهُ) أَيْ وَتَعَيَّنَ أَخْذُهُ مَعَ نَقْصِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ الْجَانِي يَلْزَمُهُ الرَّفْوُ فِي الْيَسِيرِ كَالْكَثِيرِ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لَا يَلْزَمُ الْجَانِيَ رَفْوٌ، بَلْ أَرْشُ النَّقْصِ فَقَطْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى أَرْشِ النَّقْصِ بَعْدَ رَفْوِهِ) أَيْ فَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَعَ أَخْذِ الثَّوْبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى ثَوْبِ شَخْصٍ فَأَفْسَدَهُ إفْسَادًا كَثِيرًا بِخَرْقِهِ، أَوْ شَرْمَطَتِهِ لَهُ، وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، أَوْ أَفْسَدَهُ يَسِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْفُوهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ الرَّفْوِ وَيَأْخُذَ أَرْشَ النَّقْصِ بَعْدَ الرَّفْوِ إنْ حَصَلَ بَعْدَهُ نَقْصٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَانِيَ يَلْزَمُهُ شَيْئَانِ الرَّفْوُ، وَأَرْشُ النَّقْصِ بَعْدَ الرَّفْوِ لَا أَرْشُهُ قَبْلَهُ إذْ هُوَ كَثِيرٌ فَفِيهِ ظُلْمٌ عَلَى الْجَانِي وَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَرْقٌ مَثَلًا أَرْشُ النَّقْصِ قَبْلَ الرَّفْوِ عَشَرَةٌ وَبَعْدَهُ خَمْسَةٌ وَأُجْرَةُ الرَّفْوِ دِرْهَمٌ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أُجْرَةُ الرَّفْوِ وَخَمْسَةٌ أَرْشُهُ فِي نَقْصِهِ بَعْدَهُ لَا الْعَشَرَةُ الَّتِي هِيَ أَرْشُهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ) أَيْ وَقِيمَةِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ قِيلَ تَلْزَمُ الْجَانِيَ أَيْ عَلَى حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ) أَيْ، ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ غَرِمَ النَّقْصَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ وَقِيمَةِ الدَّوَاءِ، ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ غَرِمَ النَّقْصَ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ خَطَأً إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي جُرْحٍ خَطَأٍ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ، أَوْ عَمْدٌ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِمَّا لِإِتْلَافِهِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ أَيْضًا أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ فَإِنَّ الْجَانِيَ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ فَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقًا. [فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض] (فَصْلٌ، وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتُحِقَّتْ) (قَوْلُهُ غَاصِبٌ لِأَرْضٍ) أَيْ لِذَاتِهَا، إنَّمَا خُصَّ الْكَلَامُ بِالْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي؛ لِأَنَّهُ الْمُصَنِّفُ شَبَّهَ بِهِ ذَا الشُّبْهَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالزَّارِعُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ إمَّا غَاصِبٌ، أَوْ مُتَعَدٍّ، أَوْ ذُو شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) . قَالَ بْن الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا الِاسْتِحْقَاقُ الْمَعْرُوفُ إذْ الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ الْمِلْكُ وَلَوْ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ، أَوْ مُطْلَقُ الْكَوْنِ تَحْتَ الْيَدِ مَجَازًا بِقَرِينَةِ إضَافَةِ الرَّفْعِ إلَيْهِ إذْ الْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ لَا يُرْفَعُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِثُبُوتِ مِلْكٍ) أَخْرَجَ بِهِ رَفْعَ الْمِلْكِ بِالْعِتْقِ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْمِلْكِ الْمَرْفُوعِ أَخْرَجَ بِهِ رَفْعَ الْمِلْكِ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْبَيْعِ، وَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ إذْ الْكَلَامُ فِي الْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي) أَيْ وَلَا مِلْكَ لَهُمَا حَتَّى يُرْفَعَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ) أَيْ فَالْخِيَارُ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا لِلزَّارِعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إبْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ بِكِرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتٌ مَا) أَيْ وَقْتُ زَرْعٍ تُرَادُ لَهُ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ وَفِي قَوْلِهِ فَلَهُ قَلْعُهُ (قَوْلُهُ مِمَّا زُرِعَ فِيهَا خَاصَّةً كَقَمْحٍ إلَخْ) فَإِنْ فَاتَ إبَّانُ مَا زُرِعَ فِيهَا مِنْ قَمْحٍ، أَوْ فُولٍ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكَلِّفَ الْغَاصِبَ قَلْعَهُ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ تُزْرَعَ مَقْثَأَةً، أَوْ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ مَا زُرِعَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ تَابِعُ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ وَحَمَلَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ) . قَالَ عبق وَكَمَا لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ، وَأَخْذُ كِرَاءِ السَّنَةِ مِنْهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ بُلُوغُ الزَّرْعِ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ الْأَرْضُ دُونَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ الزَّرْعُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ، وَأَخْذُ كِرَائِهَا مِنْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِيهِ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَمَّا مَكَّنَهُ الشَّرْعُ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا شَيْءٍ فَأَبْقَاهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ كَانَ ذَلِكَ الْكِرَاءُ عِوَضًا عَنْهُ فِي الْمَعْنَى فَهُوَ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِينَ. وَقِيلَ

إذَا كَانَ الْغَاصِبُ شَأْنُهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ (فَكِرَاءُ السَّنَةِ) يَلْزَمُ الْغَاصِبَ، ثُمَّ شُبِّهَ فِي كِرَاءِ السَّنَةِ لَا بِقَيْدِ فَوَاتِ الْإِبَّانِ قَوْلُهُ (كَذِي شُبْهَةٍ) مِنْ مُشْتَرٍ وَوَارِثٍ وَمُكْتَرٍ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْغَصْبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضًا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ بِأَنْ اشْتَرَاهَا، أَوْ وَرِثَهَا، أَوْ اكْتَرَاهَا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا بِهَا قَبْلَ فَوَاتِ مَا تُرَادُ لَهُ تِلْكَ الْأَرْضُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا كِرَاءُ تِلْكَ السَّنَةِ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّارِعَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ، وَالْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي لُزُومِ كِرَاءِ السَّنَةِ فَقَطْ لَا بِقَيْدِ فَوَاتِ الْإِبَّانِ (أَوْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ حَالُ الزَّارِعِ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ أَمْ لَا فَكَالَّتِي قَبْلَهَا حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ عَدَمُ الْعَدَاءِ. (وَفَاتَتْ) الْأَرْضُ (بِحَرْثِهَا) قَبْلَ زَرْعِهَا وَمَعْنَى الْفَوَاتِ أَنَّ الْكِرَاءَ لَا يَنْفَسِخُ (فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ) لِلْأَرْضِ (وَمُكْتَرٍ) مِنْهُ بِكِرَاءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ الْكِرَاءُ وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي إذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ شَيْأَهُ مِنْهُ إلَّا الرُّجُوعُ عَلَى الْمُكْتَرِي بِكِرَاءِ أَرْضِهِ وَتَبْقَى الْأَرْضُ لَهُ كَمَا كَانَتْ أَوَّلًا، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ الْحَرْثِ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ، وَأَخَذَ الْمُكْرِي أَرْضَهُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ، حَرَثَهَا الْمُكْتَرِي أَمْ لَا، وَبَقِيَ الْكَلَامُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّ الْكِرَاءِ، وَالْمُكْتَرِي بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُسْتَحِقِّ) لِكِرَاءِ الْأَرْضِ (أَخْذُهَا) أَيْ الْأَرْضِ مِنْ الْمُكْتَرِي إذَا سَلَّمَ الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي (وَدَفَعَ كِرَاءَ الْحَرْثِ) لِلْمُكْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ أَمْرُهُ بِقَلْعِهِ، وَهُوَ سَمَاعُ سَحْنُونٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ شَأْنُهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ) أَمَّا إذَا كَانَ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى قَلْعَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ بِخَدَمِهِ فَلَا تَسْقُطُ أُجْرَةُ ذَلِكَ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ عِنْدَ قِيَامِ الْمُسْتَحِقِّ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَكِرَاءُ السَّنَةِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ) أَيْ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لَهُ وَلَيْسَ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ إذَا بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَا أَخْذِهِ مَجَّانًا إذَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَقَدْ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ فَإِنْ كَانَ قِيَامُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِبَّانِ فَقَالَ مَالِكُ الزَّرْعِ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِرَبِّهَا قَلْعُهُ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ، وَذَكَرَ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُقْلِعَهُ وَيَأْخُذَ أَرْضَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَصَحُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ طَابَ وَحُصِدَ وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ «مَنْ زَرَعَ أَرْضًا لِقَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ» فَظَهَرَ لَك تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ مِنْ مُشْتَرٍ) أَيْ مِنْ غَاصِبٍ وَقَوْلُهُ وَوَارِثٍ أَيْ مِنْ غَاصِبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَالْمَعْنَى إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمُكْتَرٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ الْوَارِثِ وَفِي تَمْثِيلِهِ بِوَارِثِ الْغَاصِبِ نَظَرٌ، فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ قَالَ بَعْدُ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ كِرَاءٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ مُطْلَقًا إذْ لَا غَلَّةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ قَلْعِ زَرْعِهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مَا تُرَادُ لَهُ تِلْكَ الْأَرْضُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ) أَيْ فَإِنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لِزَرْعِهِ تِلْكَ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ فَوَاتِ الْإِبَّانِ) أَيْ، بَلْ بِقَيْدِ بَقَائِهِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ غَيْرُ تَامٍّ (قَوْلُهُ، أَوْ جُهِلَ حَالُهُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ كَأَنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ، أَوْ جُهِلَ حَالُهُ. (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ، أَوْ مُبْتَاعٌ (قَوْلُهُ فَكَالَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا قَبْلَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا كِرَاءُ السَّنَةِ كَانَ الزَّرْعُ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ اسْتَحَقَّهَا بَعْدَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ حَمْلًا لَهُ) أَيْ لِمَجْهُولِ الْحَالِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ أَيْ لَا عَلَى أَنَّهُ مُتَعَدٍّ (قَوْلُهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا) ، وَأَوْلَى بِزَرْعِهَا الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِحَرْثٍ كَالْبِرْسِيمِ وَكَإِلْقَاءِ الْحَبِّ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَحْتَجْ لِحَرْثٍ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا اكْتَرَى أَرْضًا مِنْ مَالِكِهَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ مِنْ يَدِ الْمُكْرِي فَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ قَبْلَ حَرْثِ الْأَرْضِ فُسِخَ الْكِرَاءُ، وَأَخَذَ الْأَرْضَ صَاحِبُهَا، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ حَرْثِ الْأَرْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْكِرَاءُ بَيْنَ الْمُكْرِي، وَالْمُكْتَرِي، ثُمَّ إنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ عَيْنَ شَيْئِهِ مِنْ الْمُكْرِي وَلَمْ يَجُزْ الْكِرَاءُ كَانَ لِلْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ أَجَازَ عَقْدَ الْكِرَاءِ بِعَبْدِهِ، وَأَبْقَاهُ لِلْمُكْرِي فَإِنْ دَفَعَ لِلْمُكْتَرِي أُجْرَةَ حَرْثِهِ كَانَ الْحَقُّ لَهُ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِ أُجْرَةِ الْحَرْثِ لِلْمُكْتَرِي قِيلَ لِلْمُكْتَرِي ادْفَعْ لِلْمُسْتَحِقِّ أُجْرَةَ الْأَرْضِ وَيَكُونُ لَك مَنْفَعَتُهَا، أَوْ أَسْلِمْ لَهُ الْأَرْضَ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) هَذَا رَدٌّ عَلَى بَهْرَامَ وتت حَيْثُ حَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حَرَثَهَا الْمُكْتَرِي أَمْ لَا) أَيْ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ جَعَلَ لَهُ كَلَامًا إذَا لَمْ يَحْرُثْهَا الْمُكْتَرِي فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَنْفَسِخُ وَيَأْخُذُ الْمُكْرِي أَرْضَهُ وَكَمَا لَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْكِرَاءِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِعَدَمِ فَسْخِ عَقْدِ الْكِرَاءِ سَوَاءٌ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْحَرْثِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ لِقِيَامِ عِوَضِهِ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ أَخْذُهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً سَنَةً، أَوْ سَنَتَيْنِ (قَوْلُهُ إذَا سُلِّمَ الْكِرَاءُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ مَثَلًا وَمَعْنَى سَلَّمَهُ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ وَمَحَلُّ أَخْذِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ إذَا سُلِّمَ الْكِرَاءُ لِلْمُكْرِي وَدُفِعَ كِرَاءُ الْحَرْثِ إذَا كَانَ الْمُكْتَرِي لَمْ يَبْذُرْهَا بَعْدَ الْحَرْثِ، وَإِلَّا فَاتَتْ عَلَى

(فَإِنْ أَبَى) الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ مَا ذُكِرَ لِلْمُكْتَرِي (قِيلَ لَهُ) أَيْ لِلْمُكْتَرِي (أَعْطِ) الْمُسْتَحِقَّ (كِرَاءَ سَنَةٍ) ، أَوْ سَنَتَيْنِ (وَإِلَّا أَسْلِمْهَا) بِحَرْثِهَا مَجَّانًا (بِلَا شَيْءٍ) وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ، وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ شَامِلًا لَهُمَا فَيَكُونُ أَوَّلُ الْكَلَامِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ حَيْثُ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ (وَفِي سِنِينَ) أَيْ، وَإِذَا أَجَّرَ الْأَرْضَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ مُدَّةَ سِنِينَ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ بُطُونٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَفَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ (وَيَفْسَخُ) الْعَقْدَ إنْ شَاءَ (أَوْ يَمْضِي) فِي الْبَاقِي (إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ) أَيْ نِسْبَةَ مَا يَنُوبُ الْبَاقِيَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِتَكُونَ الْإِجَارَةُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ بِأَنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ الْأُجْرَةُ لِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْرِفُ التَّعْدِيلَ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْضَاءُ (وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي) ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْعَقْدُ (لِلْعُهْدَةِ) أَيْ لِأَجْلِهَا، وَالْمُرَادُ عُهْدَةُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْأَوَّلِ أَيْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَمْضَى الْكِرَاءَ فَلَا كَلَامَ لِلْمُكْتَرِي فِي فَسْخِهِ خَوْفًا مِنْ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ، فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ أَنَّ خِيَارَ الْمُكْتَرِي لِأَجْلِ خَوْفِ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ مُنْتَفٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ لِمَلَائِهِ مَثَلًا وَلَا أَرْضَى بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ أَجِدْ مَنْ أَرْجِعُ عَلَيْهِ لِعُسْرِ الْمُسْتَحَقِّ (وَانْتَقَدَ) الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُكْتَرِي لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَيْ قُضِيَ لَهُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَحِقِّ بِالْبَذْرِ. (قَوْلُهُ أَعْطِ الْمُسْتَحِقَّ كِرَاءَ سَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَمْ يُرِدْ الْفَسْخَ، بَلْ أَجَازَ الْعَقْدَ بِشَيْئِهِ فَمَنْفَعَةُ الْأَرْضِ الْمُدَّةَ الَّتِي حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا يَسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَهَا) أَيْ، وَإِلَّا تُعْطِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءَ سَنَةٍ أَسْلَمَهَا لِرَبِّ الْأُجْرَةِ بِلَا شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ حَيْثُ أَجَازَ مُسْتَحِقُّ الْكِرَاءِ الْعَقْدَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ، وَأَخَذَهُ فَالْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي كِرَاءَ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ وَجُعِلَ قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ هُوَ مَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ) أَيْ فَإِذَا اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ أَرْضًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ بَعْدَ أَنْ حَرَثَهَا ذُو الشُّبْهَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهَا وَدَفْعُ أُجْرَةِ الْحَرْثِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ أَعْطِ كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنْ امْتَنَعَ سَلَّمَهَا لِرَبِّهَا الْمُسْتَحِقِّ بِلَا شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ السَّنَةِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْإِبَّانُ فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ أَوَّلُ الْكَلَامِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ (قَوْلُهُ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ) أَيْ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ وَقَدْ كَانَ حَرَثَهَا (قَوْلُهُ وَفِي سِنِينَ) أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَخْذِهَا، وَالْمَعْطُوفُ فِي الْحَقِيقَةِ يُفْسَخُ بِالنَّصْبِ فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، وَإِنْ مَحْذُوفَةٌ جَوَازًا كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ ... تَنْصِبُهُ إنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ وَفِي سِنِينَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَحِقِّ، وَالتَّقْرِيرُ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي مَسْأَلَةِ كِرَاءِ سِنِينَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ) أَيْ. وَأَمَّا الْغَاصِبُ إذَا أَكْرَاهَا سِنِينَ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ الْمُكْتَرِي بَعْدَ زَرْعِهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمِلٍ فَيَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ الْمَاضِي، وَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ فَقَدْ أَمْضَى فِي الْجَمِيعِ فَكِرَاؤُهُ مَعْلُومٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَوْلِهِ إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ بُطُونٍ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سِنِينَ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ) أَيْ بَعْدَ مَا زُرِعَتْ بَعْضَ السِّنِينَ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَفْهُومِ مِنْ اُسْتُحِقَّتْ (قَوْلُهُ وَيَفْسَخُ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ جَوَازِ إمْضَائِهِ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَمَا لَوْ كَانَ اكْتَرَى الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أُجْرَتُهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى تُسَاوِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِقُوَّةِ الْأَرْضِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَفِي السَّنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ تُسَاوِي خَمْسِينَ فَلَهُ أَنْ يُمْضِيَ الْعَقْدَ فِي السَّنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْضَاءُ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِلْإِجَارَةِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ) أَيْ لِأَجْلِ خَوْفِ الْعُهْدَةِ أَيْ لِأَجْلِ خَوْفِ الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ، أَوْ يُمْضِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ أَيْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَمْضَى الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُكْتَرِي فِي فَسْخِ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ خَوْفًا مِنْ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ خِيَارَ الْمُكْتَرِي) أَيْ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ وَفَسْخُهُ مُنْتَفٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا كَلَامَ لَهُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعُقْدَةِ (قَوْلُهُ لَا أَرْضَى إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَمَانَةِ الْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مَقُولٌ لَا مُحَصَّلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ حَالًا إلَّا إذَا كَانَ مَأْمُونًا، أَوْ يَأْتِي بِحَمِيلِ ثِقَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَانْتَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ حَيْثُ أَمْضَى الْمُسْتَحِقُّ الْإِجَارَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ ذَلِكَ الْبَاقِي حَالًا مِنْ الْمُكْتَرِي

(إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ) ، وَهُوَ الْمُكْرَى أَيْ إنْ كَانَ أَخَذَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لِلْمُكْتَرِي، وَإِلَى ثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَأَمِنَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ فِرَارٌ، أَوْ مَطْلٌ، وَإِلَّا لَمْ يُنْتَقَدْ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلِ ثِقَةٍ. (وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ) مِنْ مُشْتَرٍ وَمُكْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمَا بِغَصْبِهِ لَا وَارِثَهُ مُطْلَقًا كَمَوْهُوبِهِ إنْ أَعْسَرَ الْغَاصِبُ وَلَا مَنْ أَحْيَا أَرْضًا يَظُنُّهَا مَوَاتًا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْغَلَّةُ لَا تَكُونُ لِكُلِّ ذِي شُبْهَةٍ (أَوْ الْمَجْهُولِ) حَالُهُ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ، أَوْ هَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا (لِلْحُكْمِ) بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ، ثُمَّ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ، فَاللَّامُ فِي لِلْحُكْمِ لِلْغَايَةِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ بِقَوْلِهِ (كَوَارِثٍ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ، بَلْ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ، أَوْ مَجْهُولٍ، أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ. وَأَمَّا وَارِثُ الْغَاصِبِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا (وَمَوْهُوبٍ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ، أَوْ مِنْهُ إنْ أَيْسَرَ الْغَاصِبُ لَا إنْ أَعْسَرَ فَلَا غَلَّةَ لِمَوْهُوبِهِ (وَمُشْتَرٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ تَحَقَّقَ عَدَمُ عِلْمِهِمْ، أَوْ جُهِلَ عِلْمُهُمْ لِحَمْلِهِمْ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ عَلِمُوا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ، بَلْ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ (بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ) طَرَأَ (عَلَى وَارِثٍ) فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْهُ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَوْرُوثَ وَغَلَّتَهُ أَيْ أَنَّ الْوَارِثَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ) أَيْ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ الْكِرَاءَ بِالْفِعْلِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ نَقْدَهُ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهُ. وَأَمَّا لَوْ انْتَقَدَ بَعْضَهُ بِالْفِعْلِ فَإِنْ عَيَّنَهُ عَنْ مُدَّةٍ كَانَ لِمَنْ لَهُ تِلْكَ الْمُدَّةُ، وَإِنْ جَعَلَهُ عَنْ بَعْضٍ مِنْهُمْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا اُشْتُرِطَ نَقْدُ بَعْضِهِ، أَوْ جَرَى بِنَقْدِ بَعْضِهِ عُرْفٌ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا كَانَ الْمُكْرِي قَدْ انْتَقَدَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْتَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُكْتَرِي فَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَنْ يَرُدَّ حِصَّةَ مَا بَقِيَ لِلْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ، وَأَمِنَ هُوَ) إنَّمَا أُبْرِزَ الضَّمِيرُ لِمُخَالَفَةِ فَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَفَاعِلَ الْمَعْطُوفِ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ فِرَارٌ، أَوْ مَطْلٌ) أَيْ لَوْ طَرَأَ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لَمْ يَنْتَقِدْ وَتُوضَعُ أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ عِنْدَ حَاكِمٍ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَمَّا كَانَ يَخَافُ أَنْ يَحْصُلَ اسْتِحْقَاقٌ ثَانٍ، وَأَنَّهُ يَضِيعُ عَلَيْهِ مَا نَقَدَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ، أَوْ فِرَارِهِ، أَوْ مَطْلِهِ اشْتَرَطَ فِي انْتِقَادِ الْمُسْتَحِقِّ كَوْنَهُ مَأْمُونًا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ سِنِينَ صَحِيحَةٌ، أَوْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِمَا نَقَلَهُ عبق وخش عَنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ قَوْلِهِ لَعَلَّ هَذَا الشَّرْطَ الثَّانِيَ فِي دَارٍ يُخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَإِنَّهُ يُنْتَقَدُ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ، وَالْغَلَّةُ) مُبْتَدَأٌ وَلِذِي الشُّبْهَةِ حَالٌ وَقَوْلُهُ لِلْحُكْمِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ لَا وَارِثِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الْغَاصِبُ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا، عَلِمَ بِغَصْبِ مُورِثِهِ أَمْ لَا، فَإِذَا مَاتَ الْغَاصِبُ عَنْ سِلْعَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَاسْتَغَلَّهَا مُورِثُهُ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ، وَأَخَذَ غَلَّتَهَا أَيْضًا مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ أَعْسَرَ الْغَاصِبُ) أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَفُوزُ الْمَوْهُوبُ بِمَا اسْتَغَلَّهُ (قَوْلُهُ وَيَظُنُّهَا مَوَاتًا) أَيْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ) أَيْ، وَإِنْ كَانُوا ذَوِي شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ لَا تَكُونُ لِكُلِّ ذِي شُبْهَةٍ) أَيْ، بَلْ إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ أَدَّى ثَمَنًا، أَوْ نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ فَالثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ ذَوُو شُبْهَةٍ لَا يُقْلَعُ غَرْسُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يُهْدَمُ بِنَاؤُهُ لَكِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ فَذُو الشُّبْهَةِ الَّذِي لَهُ الْغَلَّةُ أَخَصُّ مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ الَّذِي لَا يُقْلَعُ غَرْسُهُ وَلَا يُهْدَمُ بِنَاؤُهُ (قَوْلُهُ، أَوْ الْمَجْهُولِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْهُولَ حَالُهُ لَيْسَ ذَا شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَهُوَ مَا تَحَرَّرَ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ عَطْفَ خَاصٍّ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ، أَوْ هَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا) أَيْ أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ (قَوْلُهُ لِلْحُكْمِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا ذَكَرَهُ آخِرَ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْوَقْفِ فِي الرِّبَاعِ زَمَنَ الْخِصَامِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبَيْعِ مَثَلًا فَلَا يُنَافِي الِاسْتِغْلَالَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِلْغَايَةِ) أَيْ فَهِيَ بِمَعْنَى إلَى، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِذِي الشُّبْهَةِ، وَالْمَجْهُولِ مِنْ يَوْمِ وَضْعِ يَدِهِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ مَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ) أَيْ الَّذِي تَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ (قَوْلُهُ، أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) أَيْ، أَوْ وَارِثٍ لِمُشْتَرٍ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَيْسَ وَارِثًا لِذِي الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمُكْتَرِي مِنْهُ ذُو شُبْهَةٍ وَحِينَئِذٍ فَوَارِثُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَارِثُ ذِي شُبْهَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ، بَلْ لِذِي شُبْهَةٍ، أَوْ مَجْهُولِ حَالٍ كَوَارِثِ مُشْتَرٍ، أَوْ مُكْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِكَافِ التَّمْثِيلِ وَيَحْذِفُ نَحْوَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ وَارِثَ ذِي الشُّبْهَةِ ذُو شُبْهَةٍ كَوَارِثِ مَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِغَصْبِ مُورِثِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ) أَيْ بِأَنْ، وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ، وَهَبَهُ مَجْهُولُ الْحَالِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) هَذَا شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهُ أَعْنِي الْوَارِثَ، وَالْمَوْهُوبَ لَهُ، وَالْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ بِنَاءً عَلَى مَا قُرِّرَ بِهِ قَوْلُهُ كَوَارِثٍ فَالْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَأَمَّا حَمْلُ الْوَارِثِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَارِثِ الْغَاصِبِ وَجَعْلُ الشَّرْطِ رَاجِعًا لِغَيْرِهِ وَجَمْعُ ضَمِيرِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ، أَوْ رَاجِعًا لِلثَّلَاثَةِ فَهُوَ حَمْلٌ فَاسِدٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمُوا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ) ، بَلْ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ، قَالَ عبق، وَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ

إذَا وَرِثَ عَقَارًا كَدَارٍ وَاسْتَغَلَّهُ، ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَرُدُّ الْغَلَّةَ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ يَسْتَوْفِيهَا فَهُوَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ وَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ وَارِثٍ طَرَأَ عَلَيْهِ ذُو دَيْنٍ كَانَ أَنْسَبَ (كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ) فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْغَلَّةِ، بَلْ يُقَاسِمُهُ أَخُوهُ الطَّارِئُ فِيهَا وَلَوْ قَالَ طَرَأَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَانَ، أَوْضَحَ (إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ) الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ كِرَاءٍ كَأَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ، أَوْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ، أَوْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِالطَّارِئِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِلْمُ النَّاسِ فِي مَوْهُوبِ الْغَاصِبِ كَمَا لِأَبِي عِمْرَانَ، وَذَكَرَهُ تت فَيُتْبَعُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ إنْ عَلِمَا كَهُوَ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ اهـ. فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِلْمُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا عِلْمُ النَّاسِ، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شُبْهَتُهُ أَقْوَى بِالْمُعَاوَضَةِ فَقَوِيَ جَانِبُهُ (قَوْلُهُ إذَا وَرِثَ عَقَارًا إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَسَمَ الْوَرَثَةُ عَيْنَ التَّرِكَةِ وَنَمَتْ فِي أَيْدِيهِمْ. وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ وَحُوسِبَ بِذَلِكَ مِنْ مِيرَاثِهِ وَنَمَا فِي يَدِهِ فَلَهُ نَمَاؤُهُ وَلَا شَيْءَ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَنَمَا فِي يَدِهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَمُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ) أَيْ فَهُوَ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ إلَّا فِي طُرُوُّ دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ، عَلِمَ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الِاسْتِغْلَالِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَانَ أَنْسَبَ) أَيْ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ، أَوْ تَجْرِ الْوَصِيِّ عَلَى الْوَارِثِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ ثَلَثَمِائَةِ دِينَارٍ وَتَرَكَ أَيْتَامًا، وَأَخَذَ شَخْصٌ الْوَصِيَّةَ عَلَيْهِمْ وَاتَّجَرَ فِي الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ حَتَّى صَارَ سِتَّمِائَةٍ مَثَلًا فَطَرَأَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ قَدْرَ السِّتِّمِائَةِ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْمَخْزُومِيِّ الْقَائِلِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ الطَّارِئِ إنَّمَا يَأْخُذُ الْغَلَّةَ مِنْ الْوَارِثِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَاشِئَةٍ عَنْ تَحْرِيكِهِ، أَوْ تَحْرِيكِ وَصِيِّهِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ وَاتَّجَرَ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ أَيْ لِلْأَيْتَامِ. وَأَمَّا إنْ اتَّجَرَ بِهِ لِنَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَلِّفٌ وَلَا يُقَالُ قَدْ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّ الْمَالَ لِلْغَرِيمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْوَصِيُّ الْمُتَّجِرُ بِهِ لِنَفْسِهِ، أَوْلَى مِمَّنْ غَصَبَ مَالًا وَاتَّجَرَ فِيهِ فَرِبْحُهُ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ الْغَرِيمُ بَعْدَ إنْفَاقِ الْوَلِيِّ التَّرِكَةَ عَلَى الْأَيْتَامِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلِيَّ غَيْرُ عَالِمٍ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ فَلَا شَيْءَ، عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْأَيْتَامِ وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِخِلَافِ إنْفَاقِ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ نَصِيبَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ بِلَا خِلَافٍ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا مُحَصَّلُهُ لَوْ عَمِلَ، أَوْلَادُ رَجُلٍ فِي مَالِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مَعَهُ، أَوْ وَحْدَهُمْ وَنَشَأَ مِنْ عَمَلِهِمْ غَلَّةٌ كَانَتْ تِلْكَ الْغَلَّةُ لِلْأَبِ وَلَيْسَ لِلْأَوْلَادِ إلَّا أُجْرَةُ عَمَلِهِمْ يَدْفَعُهَا لَهُمْ بَعْدَ مُحَاسَبَتِهِمْ بِنَفَقَتِهِمْ وَزَوَاجِهِمْ إنْ زَوَّجَهُمْ فَإِنْ لَمْ تَفِ أُجْرَتُهُمْ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالْبَاقِي إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ لَهُمْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالزَّوَاجِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوْلَادُ بَيَّنُوا لِأَبِيهِمْ أَوَّلًا أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ لَهُمْ أَمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمَا دَخَلُوا عَلَيْهِ وَقُرِّرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اتَّجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ فَمَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ فَهُوَ تَرِكَةٌ وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَوَّلًا أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ بَيَّنَ أَوَّلًا كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَهُ مُورِثُهُمْ (قَوْلُهُ كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ كَوَارِثٍ طَرَأَ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ مُسْتَحِقٌّ وُقِفَ عَلَى مُسْتَحِقٍّ آخَرَ اسْتَغَلَّهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِهِ، أَوْ سَكَنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِالْغَلَّةِ وَلَا بِالسُّكْنَى، وَهُوَ كَذَلِكَ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا إنْ اسْتَغَلَّهُ عَالِمًا بِالطَّارِئِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْغَلَّةِ إلَخْ) فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا اسْتَغَلَّ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ وَارِثٌ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الطَّارِئِ فِي تِلْكَ الْغَلَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ نَاشِئَةً عَنْ كِرَاءٍ لَا إنْ كَانَتْ انْتِفَاعًا بِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَانَ، أَوْضَحَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ فِي كَوْنِهِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ أَوْ لَا يَفُوزُ، الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ لَا الطَّارِئُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِالطَّارِئِ) أَيْ. وَأَمَّا لَوْ انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْوَارِثِ الطَّارِئِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ نَصِيبُهُ يَكْفِيهِ لِلسُّكْنَى كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ حِصَّةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَصِيبُهُ لَا يَكْفِيهِ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ لِحِصَّةِ الْغَيْرِ فَيَغْرَمُ حِينَئِذٍ أُجْرَتَهَا، نَعَمْ إنْ كَانَ نَصِيبُهُ يَكْفِيهِ وَسَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ فَالشَّرْطُ إذَنْ أَنْ يَسْكُنَ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَقَوْلُهُ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ إلَخْ هَذَا الشَّرْطُ فِي نَفْسِهِ بَعِيدٌ، وَأَخْذُهُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَعِيدٌ

وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ يَحْجُبُ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالتَّأَمُّلِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إبَّانٌ. (وَإِنْ غَرَسَ) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ بَنَى) وَقَامَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ (قِيلَ لِلْمَالِكِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا) مُنْفَرِدًا مِنْ الْأَرْضِ (فَإِنْ أَبَى) الْمَالِكُ (فَلَهُ) أَيْ الْغَارِسِ، أَوْ الْبَانِي (دَفْعُ قِيمَةِ الْأَرْضِ) بِغَيْرِ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ (فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ) هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ، وَهَذَا بِقِيمَةِ غَرْسِهِ، أَوْ بِنَائِهِ وَيُعْتَبَرُ التَّقْوِيمُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الْغَرْسِ، وَالْبِنَاءِ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ (الْمُحَبَّسَةُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ يَحْجُبُ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ) أَيْ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا اغْتَلَّهُ (قَوْلُهُ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْإِبَّانُ بَاقِيًا فَلَا يَفُوزُ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِمَا انْتَفَعَ بِهِ، بَلْ يُحَاسِبُهُ الطَّارِئُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي الْمُخْرَجِ أَيْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ إذَا انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الطَّارِئَ لَا يُشَارِكُهُ فِي الْغَلَّةِ، بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا سَكَنَ فِيهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَأَنْ لَا يَعْلَمَ بِذَلِكَ الطَّارِئِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ حَاجِبًا فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ وَحَاصَّهُ فِي الْغَلَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُحَاصِصْهُ إذَا كَانَ الْمَطْرُوُّ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ، بَلْ أَكْرَى مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. (تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مَثَلًا فَاسْتَغَلَّهَا أَحَدُهُمَا مُدَّةً فَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ فِي الْغَلَّةِ، وَإِنْ أَشْغَلَهَا بِالسُّكْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ إنْ سَكَنَ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ اتِّبَاعِ شَرِيكِهِ لَهُ إلَّا هَذَا الشَّرْطُ، وَهُوَ سُكْنَاهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِهِ بِالطَّارِئِ وَلَا فَوَاتُ الْإِبَّانِ فَفِي الْعَمَلِيَّاتِ: وَمَا عَلَى الشَّرِيكِ يَوْمًا إنْ سَكَنْ ... فِي قَدْرِ حَظِّهِ لِغَيْرِهِ ثَمَنْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ غَرَسَ ذُو الشُّبْهَةِ) أَيْ كَالْمُشْتَرِي، أَوْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ، وَالْمُسْتَعِيرِ مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِغَصْبِهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ غَرَسَ، أَوْ بَنَى، أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ وَقَوْلُهُ غَرَسَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ لَوْ صَرَفَ مَالًا عَلَى تَفْصِيلِ عَرْضٍ، أَوْ خِيَاطَتِهِ، أَوْ عَمَّرَ سَفِينَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَاحْتُرِزَ بِذِي الشُّبْهَةِ عَمَّا لَوْ بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ، أَوْ غَرَسَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ يَرْجِعُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ بِقَلْعِهِ، بَلْ إنْ قَسَمُوا وَوَقَعَ فِي قَسْمِ غَيْرِهِ دَفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا، وَإِنْ أَبْقَوْا الشَّرِكَةَ عَلَى حَالِهَا فَلَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ بِأَخْذِهِ، أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا. وَقِيلَ قَائِمًا اُنْظُرْ إلَخْ (قَوْلُهُ قِيلَ لِلْمَالِكِ) أَيْ، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَيْ وَلَوْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ كَذَا فِي خش وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ، وَذَوِي الشَّرَفِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ الْإِسْرَافُ، وَالتَّغَالِي وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ بِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَذُكِرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالشَّيْخِ ابْنِ الْحُبَابِ فَأَفْتَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِالشَّرِكَةِ وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِظُهُورِهِ. وَقِيلَ إنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ قَالَ الْمَوَّاقُ، وَالْقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ اهـ. بْن، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ؟ فَيُقَالُ كَذَا، وَمَا قِيمَةُ الْأَرْضِ مُفْرَدَةً عَنْ الْغَرْسِ، أَوْ الْبِنَاءِ الَّذِي فِيهَا؟ فَيُقَالُ كَذَا، فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ، فَلَوْ قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَقَالَ لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ الْآنَ وَمَا أُرِيدُ إخْرَاجَهُ عَنْ مِلْكِي وَلَكِنْ يَسْكُنُ وَيَنْتَفِعُ حَتَّى يَرْزُقَنِي اللَّهُ مَا أُؤَدِّي مِنْهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ يَسْتَوْفِي مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ مِنْ كِرَاءِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ إلَّا الْمُحَبَّسَةَ) مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِمِلْكٍ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا نَقْضُهُ اهـ. فَقَوْلُهُ إلَّا الْمُحَبَّسَةَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ أَيْ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بِمِلْكٍ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ بَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا، أَوْ غَرَسَ فَفِيهَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِيلَ لِمَالِكٍ إلَخْ. وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَا يَجْرِي فِيهَا وَجْهٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا يُقَالُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ إلَى آخِرِ

عَلَى مُعَيَّنِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ تُسْتَحَقُّ بَعْدَ غَرْسِهَا، أَوْ بِنَائِهَا (فَالنُّقَضُ) بِضَمِّ النُّونِ مُتَعَيِّنٌ لِرَبِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ اهْدِمْ بِنَاءَك وَخُذْهُ وَدَعْ الْأَرْضَ لِمُسْتَحِقِّيهَا إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَقَائِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْوَقْفِ وَرَأَى النَّاظِرُ إبْقَاءَهُ فَلَهُ دَفْعُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ لَهُ رِيعٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيعٌ وَدَفَعَهَا مِنْ عِنْدِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَحِقَ الْغَرْسُ، أَوْ الْبِنَاءُ بِالْوَقْفِ كَمَا لَوْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَلَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَعَطَّلَ الْوَقْفُ بِالْمَرَّةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رِيعٌ لَهُ يُقَيِّمُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إجَارَتُهُ بِمَا يُقَيِّمُهُ فَأَذِنَ النَّاظِرُ لِمَنْ يَبْنِي، أَوْ يَغْرِسُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يَدْفَعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَوَّلًا بِقَصْدِ إحْيَاءِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ مَا بَنَاهُ، أَوْ غَرَسَهُ يَكُونُ لَهُ مِلْكًا وَيَدْفَعُ حِكْرًا مَعْلُومًا فِي نَظِيرِ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَسْجِدٍ، أَوْ آدَمِيٍّ فَلَعَلَّ هَذَا يَجُوزُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُسَمَّى الْبِنَاءُ، وَالْغَرْسُ حِينَئِذٍ خَلْوًا يُمْلَكُ وَيُبَاعُ وَيُورَثُ وَيُوقَفُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ وَغَيْرُ هَذَا مَمْنُوعٌ وَقَدْ تَسَاهَلَ النَّاسُ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَسَاهُلًا كَثِيرًا وَخَرَجُوا عَنْ قَانُونِ الشَّرِيعَةِ فَاحْذَرْهُمْ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. (وَضَمِنَ) مُشْتَرٍ لِأَمَةٍ مِنْ نَحْوَ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدِّيهِ فَأَوْلَدَهَا (قِيمَةَ) الْأَمَةِ (الْمُسْتَحَقَّةَ) مِنْهُ لِمَالِكِهَا الْمُسْتَحِقِّ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهَا عَلَى بَائِعِهَا كَانَ قَدْرَ الْقِيمَةِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَرْجِعُ رَبُّهَا عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ، وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا قَامَتْ مَقَامَهَا. (وَ) ضَمِنَ قِيمَةَ (وَلَدِهَا) أَيْضًا إنْ كَانَ حُرًّا بِأَنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، أَوْ سَيِّدِهَا الْعَبْدِ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَأَخْذُهَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يَوْمَ الْوَطْءِ (وَ) إنْ قَتَلَ الْوَلَدُ خَطَأً ضَمِنَ أَبُوهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (الْأَقَلَّ) مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَتَلَهُ وَمِنْ دِيَتِهِ (إنْ أَخَذَ) الْأَبُ لَهُ (دِيَةً) وَكَذَا إنْ عَفَا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَأَمَّا الْعَمْدُ فَإِنْ اقْتَصَّ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّلَاثَةِ إنَّمَا يُقَالُ لِلْبَانِي اهْدِمْ بِنَاءَك وَخُذْ نَقْضَهُ (قَوْلُهُ عَلَى مُعَيَّنِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ) هَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِّ الْقَائِلِ إذَا كَانَتْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنِينَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْبَانِي نَقْضَهُ إذَا كَانَتْ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ ثَمَّ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْبَسِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَقَوْلُهُ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَيْ وَلَيْسَ لِلْبَانِي أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْبُقْعَةِ بَرَاحًا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الْحَبْسِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْبَانِيَ يَهْدِمُ بِنَاءَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ غَرَسَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ مَمْلُوكًا لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ الْبَانِي مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ حِينَ الْبِنَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُوقَفِ (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ حِكْرًا) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ. (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ) أَيْ مِنْ غَاصِبٍ وَنَحْوِهِ كَوَارِثِهِ وَمَوْهُوبِهِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَحَقَّةِ) أَيْ بِرِقِّيَّةٍ بِدَلِيلِ ضَمَانِهَا بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا الَّتِي دَفَعَهَا لِرَبِّهَا لَا يَرْجِعُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ رَبُّهَا أَيْ، وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْحَقُّ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ لِرَبِّهَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا عَشَرَةً، وَأَخَذَهَا الْمَالِكُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَكَانَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ الْغَاصِبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ الْغَاصِبِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الْغَاصِبِ بِخَمْسَةٍ فَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ وَيَغْرَمُ أَيْضًا خَمْسَةً لِلْمُسْتَحِقِّ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَصَوَّبَ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا) أَيْ الْأَمَةِ قَامَتْ مَقَامَهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ) أَيْ، وَهُوَ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَزَوَّجَهَا لِحُرٍّ فَأَوْلَدَهَا، أَوْ كَانَ سَيِّدُهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ رَقِيقًا فَأَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فِي الْحَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَأَخْذُهَا) أَيْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا وَيَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَقَوْلُهُ لَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ قِيَامِ الْمَالِكِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَعَيُّنِ ضَمَانِ الْقِيمَتَيْنِ، وَأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَخْذُهَا إنْ شَاءَ مَعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مَعًا إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فَقَطْ يَوْمَ وَطْئِهَا وَلَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ أُمُّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمُ. وَقِيلَ أُمُّ وَلَدِهِ مُحَمَّدٌ اُنْظُرْ بْن (تَنْبِيهٌ) إذَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ الْحُرِّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَبِدُونِ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى يَمْلِكَ مَالَهُ كَمَا أَنَّ الْأُمَّ تُقَوَّمُ بِدُونِ مَالِهَا؛ لِأَنَّ مَالَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ ضَمِنَ أَبُوهُ لِلْمُسْتَحِقِّ الْأَقَلَّ إلَخْ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ) أَيْ لَا عَلَى

وَإِنْ عَفَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ، وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ قَدْرِ الْقِيمَةِ، أَوْ أَكْثَرَ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِمَّا صَالَحَ بِهِ، وَإِنْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ أَخَذَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْجَانِي بِالْأَقَلِّ مِنْ بَاقِي الْقِيمَةِ، أَوْ الدِّيَةِ (لَا صَدَاقُ حُرَّةٍ) اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَلَا يَضْمَنُهُ لَهَا (أَوْ غَلَّتُهَا) إذَا اسْتَخْدَمَهَا، أَوْ آجَرَهَا فَلَا يَضْمَنُهَا. (وَإِنْ هَدَمَ مُكْتَرٍ) مِنْ ذِي شُبْهَةٍ دَارًا مَثَلًا (تَعَدِّيًا) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي فَاسْتُحِقَّتْ (فَلِلْمُسْتَحِقِّ) عَلَى الْمُتَعَدِّي بِالْهَدْمِ (النَّقْضُ) إنْ وُجِدَ (وَقِيمَةُ) نَقْضِ (الْهَدْمِ) أَيْ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الدَّارِ مَثَلًا قَائِمَةً؟ فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْبُقْعَةِ، وَالْأَنْقَاضِ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِخَمْسَةٍ بَعْدَ أَخْذِ الْأَنْقَاضِ، وَالْبُقْعَةِ فَإِنْ بَاعَ النَّقْضَ هَادِمُهُ كَانَ عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ إنْ شَاءَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ، أَوْ قِيمَتُهُ، وَهَذَا إنْ فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ، وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ، وَإِجَازَتُهُ، وَأَخْذُ ثَمَنِهِ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ وَبَالَغَ عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضَ وَقِيمَةَ الْهَدْمِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ مُكْرِيهِ) مِنْ الْهَدْمِ قَبْلَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ نَفْعِ الْبَرَاءَةِ قَوْلَهُ (كَسَارِقِ عَبْدٍ) مِنْ شَخْصٍ أَبْرَأَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ) الْعَبْدُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى السَّارِقِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُبْرِئِ (بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ) اسْتَعْمَلَهُ إنْسَانٌ فَلِمَنْ اسْتَحَقَّهُ بِرِقٍّ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ (إلَّا الْقَلِيلَ) كَسَقْيِ دَابَّةٍ وَشِرَاءِ شَيْءٍ تَافِهٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ، وَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ غَلَّتُهَا فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَهُ كَانَ أَبْيَنَ وَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ مِمَّا قَبْلَهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا وَلَوْ قَبَضَهَا، وَأَتْلَفَهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أَقْبَضَهَا لَهُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ قِطْعَةَ أَرْضٍ (هَدْمُ مَسْجِدٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَبِ وَلَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ عَفَا) أَيْ الْأَبُ عَنْ الْقَاتِلِ لِلْوَلَدِ عَمْدًا (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ فِيهِ دِيَةً، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْقَاتِلِ أَيْضًا اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ صَالَحَ الْأَبُ الْقَاتِلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً عَلَى شَيْءٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِمَّا صَالَحَ بِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الدِّيَةُ أَلْفًا، وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَتْلِ مِائَتَيْنِ وَوَقَعَ الصُّلْحُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ مِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِمَّا صَالَحَ بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بِمِائَتَيْنِ قَدْرَ الْقِيمَةِ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ فَإِنْ صَالَحَ بِمِائَةٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لَا الْقِيمَةَ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ تِلْكَ الْمِائَةَ مِنْ الْأَبِ رَجَعَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْجَانِي أَيْضًا بِمِائَةٍ بَاقِي الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَتَيْنِ كَمَا فَرَضْنَا فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِتِسْعِمِائَةٍ كَمَالِ الدِّيَةِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ لَا صَدَاقُ حُرَّةٍ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ صَدَاقَ حُرَّةٍ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ لِظَنِّهَا أَمَةً وَلَا يَضْمَنُ غَلَّتَهَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الشُّبْهَةِ وَمِثْلُ الْأَمَةِ الْعَبْدُ يَسْتَحِقُّ بِحُرِّيَّةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِغَلَّتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْهُ وَكَذَا مَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا فَاسْتَغَلَّهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَا رُجُوعَ لِمُسْتَحِقِّهَا عَلَى مَنْ أَغَلَّهَا بِالْغَلَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا حَبْسٌ، وَإِلَّا رَدَّ غَلَّتَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رَشِيدٌ فَلَا يَرْجِعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْغَلَّةِ، وَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا وَقْفٌ كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ، وَإِنْ هَدَمَ) أَيْ، أَوْ قَلَعَ الْغَرْسَ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلتَّعَدِّي وَلَمْ يَحْتَرِزْ الْمُصَنِّفُ بِالتَّعَدِّي عَنْ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فَإِنْ هَدَمَهَا بِإِذْنِ الْمُكْرِي كَانَ كَهَدْمِ الْمُكْرِي فَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ النَّقْصَ فَقَطْ إنْ لَمْ يَبِعْهُ الْهَادِمُ فَإِنْ بَاعَهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا ثَمَنُهُ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَفُتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا لَهُ الثَّمَنُ إنْ فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ أَخْذِهِ، وَأَخْذِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ بَعْدَ الْهَدْمِ وَقَلْعِ الْغَرْسِ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ) أَيْ، أَوْ أَفَاتَهُ الْمُكْتَرِي بِغَيْرِ بَيْعٍ (قَوْلُهُ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ) أَيْ مَعَ نَقْصِ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ) أَيْ مَعَ نَقْصِ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ، وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ) أَيْ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ) أَيْ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْمُكْرِي الْمُكْتَرِيَ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الَّذِي هَدَمَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ مَعَ النَّقْضِ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْهَدْمِ قَدْ لَزِمَ ذِمَّةَ الْمُكْتَرِي بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي وَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُكْرِي بِنَقْصِ الْهَدْمِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، وَهُوَ الْإِبْرَاءُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْهَادِمِ (قَوْلُهُ كَسَارِقِ عَبْدٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ عَبْدًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ فَأَفَاتَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوِّتَاتِ فَأَبْرَأَ الْمَالِكُ ذِمَّةَ السَّارِقِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَتْبَعُ السَّارِقَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّةِ السَّارِقِ بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَزَلَ فِي بَلَدٍ فَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَعَمِلَ لِشَخْصٍ عَمَلًا، ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِالْمِلْكِ لِكُلِّهِ، أَوْ لِبَعْضِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِجَمِيعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رُجُوعَ لِرَبِّهِ بِأُجْرَتِهِ كَسَقْيِ دَابَّةٍ، أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، وَإِذَا رَجَعَ مُسْتَحِقُّهُ بِغَيْرِ الْقَلِيلِ أُسْقِطَ مِنْهُ قَدْرُ نَفَقَتِهِ فَتُحْسَبُ تِلْكَ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَتَسْقُطُ مِنْ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى

بُنِيَ فِيهَا وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ وَاشْتُهِرَ بِالْمَسْجِدِيَّةِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا، وَأَخْذُ قِيمَةِ عَرْصَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لِلْبَانِي لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ خَرَجَ لِلَّهِ وَقْفًا وَسَوَاءٌ بَنَاهُ بِشُبْهَةٍ، أَوْ كَانَ غَاصِبًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِذَا هَدَمَهُ جُعِلَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، أَوْ حُبِسَ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا جَعْلُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَخَصَّ ذَلِكَ سَحْنُونٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَانِي غَاصِبًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ هَدْمُهُ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَانِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ وَكُلُّ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ أَبْقَاهُ، وَإِذَا أَخَذَ الْبَانِي قِيمَةَ بِنَائِهِ صَرَفَهُ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ حَبْسٍ وَرُجِّحَ مَا لِسَحْنُونٍ أَيْضًا (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ) مِنْ مُتَعَدِّدٍ اشْتَرَى صَفْقَةً وَاحِدَةً (فَكَالْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ نُقِضَتْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَجْهِهَا جَازَ التَّمَسُّكُ بِهِ (وَرَجَعَ) حِينَئِذٍ (لِلتَّقْوِيمِ) لَا لِلْمُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ هَذَا الْبَاقِي؟ فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ؟ فَإِذَا قِيلَ اثْنَانِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ وَقَدْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ، وَأَعَادَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ مَحَلُّهَا إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَجْحَفَهَا كَمَا تَرَى وَتَمَّمَهَا هُنَاكَ وَفِي نُسْخَةٍ فَكَالْمُعَيَّبِ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ النُّسْخَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ) اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً (اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا) أَيْ أَجْوَدَهُمَا، وَهُوَ مَا فَاقَ نِصْفَ الْقِيمَةِ (بِحُرِّيَّةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَلَّةِ لَمْ يَرْجِعْ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ نَقَصَتْ النَّفَقَةُ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى النَّفَقَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ النَّفَقَةَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إنَّمَا هِيَ النَّفَقَةُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَا فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ جُعِلَتْ) أَيْ الْأَنْقَاضُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ قَوْلِهِ هَدَمَهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَانِي إذَا هَدَمَ الْمَسْجِدَ، وَأَخَذَ أَنْقَاضَهُ (قَوْلُهُ وَخُصَّ ذَلِكَ) أَيْ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا) أَيْ وَيَبْقَى مَسْجِدًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ قِيلَ لِلْبَانِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ) أَيْ وَيَبْقَى مَسْجِدًا لِلْبَانِي، وَإِنْ أَبَى الْبَانِي أَيْضًا كَانَا شَرِيكَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ اُحْتُمِلَ الْقَسْمُ وَكَانَ فِيمَا يَنُوبُ الْبَانِي مَا يَكُونُ مَسْجِدًا قُسِمَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْقَسْمَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لِمَنْ بَنَى مَا يَكُونُ مَسْجِدًا بِيعَ وَجُعِلَ مَا يَنُوبُ الْبَانِيَ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ حُبِسَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَرَجَحَ مَا لِسَحْنُونٍ أَيْضًا) أَيْ كَمَا رَجَحَ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ رَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَّحَ أَبُو عِمْرَانَ قَوْلَ سَحْنُونٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي هَدْمِ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِشُبْهَةٍ وَعَدَمِ هَدْمِهِ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَانِي غَاصِبًا فَيُهْدَمُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ هَدْمَهُ (قَوْلُهُ نَقَصَتْ) أَيْ الصَّفْقَةُ أَيْ نَقَصَ بَيْعُهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) أَيْ لَا بِقِيمَةٍ وَلَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ جَازَ التَّمَسُّكُ بِهِ) أَيْ بِالْبَاقِي، وَالْأَوْلَى تَعَيُّنُ التَّمَسُّكِ بِهِ،، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَجْهِهَا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ لِلتَّقْوِيمِ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا إذَا اُسْتُحِقَّ غَيْرُ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ فِي غَيْرِ وَجْهِ الصَّفْقَةِ لِقِلَّتِهِ فَلَيْسَ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّهُ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ بَعْدَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِلتَّقْوِيمِ) أَيْ نَظَرَ فِيهِ لِقِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِيزَانِ الْقِيمَةِ وَلَا يَنْظُرُ فِيهِ لِلتَّسْمِيَةِ فَقَطْ أَيْ لَمَّا سَمَّى لِلْجَمِيعِ حِينَ شِرَائِهِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ بِحَيْثُ يُقَالُ لِثُلُثِ الْمَبِيعِ ثُلُثُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَنْ يَقُولَ رَغِبْتُ فِي الْمَجْمُوعِ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَلَوْ رَجَعَ لِلتَّسْمِيَةِ لَكَانَ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَلِفَ بَعْضُهُ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ وَذِكْرُهُ لَهَا فِي فَصْلِ الْخِيَارِ اسْتِطْرَادِيٌّ (قَوْلُهُ أَجْحَفَهَا) أَيْ أَجْمَلَهَا. وَحَاصِلُ مَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ الْمُسْتَحَقَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ شَائِعًا، أَوْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَلَيْسَ مِنْ رِيَاعِ الْغَلَّةِ كَبَعْضِ حَيَوَانٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي، وَالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي رَدِّ الْبَيْعِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ، أَوْ الْأَكْثَرُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ شَائِعًا فِيمَا يَنْقَسِمُ، أَوْ فِيمَا كَانَ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ خُيِّرَ أَيْضًا فِي اسْتِحْقَاقِهِ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ الشَّائِعُ دُونَ الثُّلُثِ وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي وَرَجَعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ جُزْءًا مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ مِنْ مُقَوَّمٍ كَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ وَجْهَ الصَّفْقَةِ تَعَيَّنَ رَدُّ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ تَعَيَّنَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِقِيمَتِهِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا لَا بِالتَّسْمِيَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ مِثْلِيًّا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ خُيِّرَ فِي التَّمَسُّكِ، وَالرُّجُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي الرَّدِّ اُنْظُرْ ح ذَكَرَهُ بْن وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مِنْ النُّسْخَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ، وَهِيَ قَوْلُهُ فَكَالْمَبِيعِ إذْ الْمُرَادُ فَكَالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ أَيْ الَّذِي ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ كُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا بِحُرِّيَّةٍ) أَيْ بِثُبُوتِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ مَشْهُورٍ بِبَيْعِ الْأَحْرَارِ وَقِيلَ يُطَالَبُ السَّيِّدُ بِإِثْبَاتِ الرِّقِّ فِي هَذَا ذَكَرَ هَذَا الْخِلَافَ ح

وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْخِيَارِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ وَشَبَّهَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْمَعِيبِ قَوْلَهُ (كَأَنْ صَالَحَ) الْبَائِعُ (عَنْ عَيْبٍ) قَدِيمٍ بِعَبْدٍ مَثَلًا اُشْتُرِيَ مِنْهُ بِهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (بِآخَرَ) أَيْ بِعَبْدٍ آخَرَ وَصَارَ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَدْنَى رَجَعَ بِمَا يَنُوبُ الْمُسْتَحَقَّ وَلَزِمَ الْآخَرُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَجْوَدُ رُدَّ الْآخَرُ (وَهَلْ يُقَوَّمُ) الْعَبْدُ (الْأَوَّلُ) مَعَ الثَّانِي الْمَأْخُوذِ فِي الْعَيْبِ (يَوْمَ الصُّلْحِ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ قَبْضِهِمَا (أَوْ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الثَّانِي فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ قَطْعًا. (وَإِنْ صَالَحَ) مُقِرٌّ بِشَيْءٍ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ عَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ (فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ مُدَّعِيهِ) أَيْ مُدَّعِي الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ وَمَا بِيَدِهِ هُوَ الْمُصَالَحُ بِهِ (رَجَعَ) الْمُقَرُّ لَهُ (فِي مُقَرٍّ بِهِ لَمْ يَفُتْ، وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ، وَإِنْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (فَفِي عِوَضِهِ) أَيْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (كَإِنْكَارٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ صَالَحَهُ بِشَيْءٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي رَجَعَ بِعِوَضِهِ لَا بِعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ عِوَضِهِ إنْ فَاتَ إذْ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهُ شَيْءٌ يَرْجِعُ بِهِ، أَوْ بِعِوَضِهِ (لَا إلَى الْخُصُومَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْكِرِ الَّذِي صَالَحَهُ بِشَيْءٍ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ إذْ الْخُصُومَةُ قَدْ انْقَضَتْ بِالصُّلْحِ فَمَا بَقِيَ إلَّا عِوَضُ مَا صَالَحَ بِهِ (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ (مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ) الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُدَّعِي (بِمَا دَفَعَ) لَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ (فَ) يَرْجِعُ (بِقِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ) الْمُقِرُّ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ ظُلْمًا (كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً، وَهُوَ عَالِمٌ بِصِحَّةِ مِلْكِ بَائِعِهَا فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ الْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيْعُ مُؤْتَنَفٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ فَالْمَعْنَى يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ، وَالْفَضِّ فَكَانَ التَّمَسُّكُ بَيْعَ مُؤْتَنَفٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَعَلِمْت أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَأَمَّا تَمَسُّكُهُ بِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ كَأَنْ صَالَحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا، ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِعَبْدٍ آخَرَ دَفَعَهُ لَهُ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ فَيَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَيْعِ، أَوْ لَا فَيُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِالنَّظَرِ لِقِيمَتِهِمَا وَيَتَمَسَّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِيزَانِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الْمَأْخُوذَ صُلْحًا يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَهَلْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ تَمَامِ الْقَبْضِ، أَوْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ، الْأَوَّلُ رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ عَابَهُ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ (قَوْلُهُ بِعَبْدٍ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ بِعَبْدٍ (قَوْلُهُ اُشْتُرِيَ مِنْهُ بِهِ) أَيْ اُشْتُرِيَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا اُسْتُحِقَّ الْأَوَّلُ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، أَوْ لَا، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ إذَا اُسْتُحِقَّ الثَّانِي. (قَوْلُهُ، وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ كَعَبْدٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مُقَوَّمٍ كَهَذَا الثَّوْبِ، أَوْ مِثْلِيٍّ كَهَذَا الْإِرْدَبِّ الْقَمْحِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْمُصَالَحُ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى يَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ) أَيْ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ عِوَضِ الْمُقَرِّ بِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ إنَّهُ يَرْجِعُ لِلْخُصُومَةِ لَا بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ) أَيْ فِي رُجُوعِ الْمُدَّعِي بِالْعِوَضِ فِيمَا بَعْدُ، وَإِلَّا، وَإِنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِعِوَضِهِ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ الْمُصَالَحَ عَنْهُ وَفِيمَا بَعْدَهَا الْمُصَالَحَ بِهِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِعِوَضِهِ) أَيْ بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ لَا بِعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ (قَوْلُهُ لَا إلَى الْخُصُومَةِ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ مَنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ مَا صُولِحَ بِهِ فِي الْإِنْكَارِ إلَى الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ إذْ الْخُصُومَةُ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّ رُجُوعَهُ لِلْخُصُومَةِ فِيهِ غَرَرٌ إذْ لَا يُدْرَى مَا يَصِحُّ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ مِنْ مَعْلُومٍ، وَهُوَ عِوَضٌ لِمُصَالَحٍ بِهِ إلَى مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ صَالَحَ الْمُدَّعِيَ بِشَيْءٍ وَدَفَعَهُ لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِعَبْدٍ مَثَلًا، وَإِنَّهُ مِلْكُهُ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ صَالَحَهُ بِمُقَوَّمٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ وَدَفَعَهُ لَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ وَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ) هَذَا رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهَا الْعَمَلُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ) أَيْ الْمُصَالِحِ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَيْ الشَّيْءَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَقَوْلُهُ مِلْكُهُ أَيْ مِلْكُ الْمُدَّعِي

فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِمٌ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِعِلْمِهِ بِاللَّامِ فَيَكُونُ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ وَنُسْخَةُ الْكَافِ، أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً (لَا إنْ) لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ وَلَوْ أَتَى بِعِبَارَةٍ تُشْعِرُ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ كَأَنْ (قَالَ دَارُهُ) ، أَوْ عَبْدُهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ عَلَى بَائِعِهِ. (وَ) رَجَعَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (فِي) بَيْعِ (عَرْضٍ بِعَرْضٍ) اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا (بِمَا خَرَجَ) مِنْ يَدِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا (أَوْ قِيمَتِهِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ، وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَيَشْمَلُ الْحُلِيَّ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ عَرْضٍ أَيْ مُعَيَّنٍ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ (إلَّا نِكَاحًا) أَصْدَقَهَا فِيهِ عَبْدًا مَثَلًا فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا (وَخُلْعًا) عَلَى نَحْوِ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْهُ (وَصُلْحَ) دَمٍ (عَمْدٍ) عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ بِعَبْدٍ، أَوْ شِقْصٍ فَاسْتُحِقَّ (وَ) إلَّا عَبْدًا، أَوْ شِقْصًا (مُقَاطِعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ) أَيْ مَأْخُوذًا عَنْ عَبْدٍ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ فَالْعِتْقُ مَاضٍ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ إنْ كَانَ الْمُقَاطَعُ بِهِ مَوْصُوفًا، أَوْ مُعَيَّنًا، وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْعَبْدِ. وَأَمَّا مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ بِشَيْءٍ إذَا اُسْتُحِقَّ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ انْتَزَعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ (، أَوْ) مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ (مُكَاتَبٍ) فَاسْتُحِقَّ (أَوْ) مُصَالَحًا بِهِ عَنْ (عُمْرَى) لِدَارٍ أَيْ أَنَّ الْمُعَمِّرَ بِالْكَسْرِ صَالَحَ الْمُعَمَّرَ بِالْفَتْحِ بِعَبْدٍ مَثَلًا فِي نَظِيرِ الْعُمْرَى فَاسْتُحِقَّ مِنْ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ بِاَلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ فَلَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ فِي بُضْعِهَا بِأَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ فِي الْأُولَى وَلَا الزَّوْجُ بِالْعِصْمَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا الْقِصَاصُ فِي الثَّالِثَةِ، وَهَكَذَا، بَلْ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَاحْتُرِزَ بِصُلْحِ الْعَمْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ. وَأَمَّا عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ عَدَمَ صِحَّةِ مِلْكِ بَائِعِهِ وَاشْتَرَاهُ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ حَيْثُ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْمُعَاوَضَةَ وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ رُجُوعِهِ وَيُقَدَّرُ كَأَنَّهُ وُهِبَ الثَّمَنُ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى فِدَاءَهُ لِصَاحِبِهِ فَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدِي مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي رُجُوعِهِ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِحَّةَ مِلْكِهِ لَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ أَتَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِعِبَارَةٍ تُشْعِرُ بِصِحَّةِ مِلْكِ الْبَائِعِ لَهَا بِأَنْ قَالَ دَارُ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ إضَافَتِهَا لَهُ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ بِنَاءِ آبَائِهِ، أَوْ مِنْ بِنَائِهِ قَدِيمًا، وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ثُلَاثِيَّةٌ: ذِكْرُ سَبَبِ الْمِلْكِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ قَطْعًا، مُجَرَّدُ قَوْلِهِ دَارُهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، التَّصْرِيحُ بِالْمِلْكِ مُجَرَّدًا عَنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ مَحَلُّ النِّزَاعِ بَيْنَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ إنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَاعْتَمَدَهُ ح وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى أَيْ الْمُشْتَرِي، وَأَوْلَى الْمُوَثِّقُ. (قَوْلُهُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ) ، وَهُوَ عَرْضُهُ الَّذِي بَذَلَهُ مِنْ يَدِهِ لَا مَا أَخَذَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ عَرْضُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالْقُصُورِ وَقَوْلُهُ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الْأَوْلَى مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (قَوْلُهُ إلَّا الرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بَاقِيًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَصْدَقَهَا فِيهِ عَبْدًا مَثَلًا) أَيْ، أَوْ شِقْصًا فِي عَقَارٍ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا) أَيْ، أَوْ أُخِذَ مِنْ يَدِهَا بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّتْهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا تَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا، وَهُوَ الْبُضْعُ، بَلْ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ رَدَّتْهُ بِالْعَيْبِ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ عَبْدٍ) أَيْ عَلَى عَبْدٍ وَنَحْوِهِ كَشِقْصٍ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ وَأُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ الْعِصْمَةُ، بَلْ يَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ، وَهُوَ قِيمَةُ مَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَصُلْحَ دَمٍ عَمْدٍ) مِثْلُهُ صُلْحُ الْخَطَأِ عَنْ إنْكَارِهِ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ) أَيْ، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّهُ لِعَيْبٍ بِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ بِشَيْءٍ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ. وَقِيلَ إنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَمِلْكِ الْأَجْنَبِيِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ) أَيْ مَأْخُوذًا عِوَضًا عَنْهَا بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَجْمِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَتَى لَهُ بِعَبْدِ فُلَانٍ، أَوْ بِعَبْدِهِ هُوَ، أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ عِوَضًا عَنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ الْكِتَابَةِ عَبْدًا، أَوْ شِقْصًا وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ مُعَيَّنٌ سَوَاءٌ كَانَ لَيْسَ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ، أَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَوْصُوفًا فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ، وَقَوْلُ عبق سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَاتَبُ كَالْعَبْدِ الْمُقَاطَعِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمُقَاطَعِ (قَوْلُهُ صَالَحَ الْمُعَمَّرَ بِالْفَتْحِ بِعَبْدٍ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ بِشِقْصٍ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ أَيْ، أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ بِاَلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ بِالْعِوَضِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُتَّصِلٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْمُرَادِ بِالْعَرْضِ وَجَعْلُهُ تِلْكَ الْمَسَائِلَ سَبْعَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ صَادِقٌ بِأَنْ

عَنْ صُلْحِ الْخَطَأِ بِشَيْءٍ اُسْتُحِقَّ مِنْ آخِذِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ وَمِثْلُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي هَذِهِ السَّبْعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَالصُّوَرُ إحْدَى وَعِشْرُونَ حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ الثَّلَاثِ فِي السَّبْعِ وَمَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الشُّفْعَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِيمَتِهِ وَيَدْفَعُهَا لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ الشِّقْصُ كَالزَّوْجَةِ فِي الْأُولَى، وَالزَّوْجِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا. (وَإِنْ أُنْفِذَتْ وَصِيَّةَ) مَيِّتٍ (مُسْتَحَقٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (بِرِقٍّ) أَيْ اُسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِرِقٍّ وَقَدْ كَانَ، أَوْصَى بِوَصَايَا أَنْفَذَهَا وَصِيُّهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ (لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ) صَرَفَ الْمَالَ فِيمَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ، وَإِلَّا ضَمِنَ. (وَ) لَا (حَاجٌّ) حَجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا، أَوْصَى (إنْ عُرِفَ) الْمَيِّتُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ أَيْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ (بِالْحُرِّيَّةِ) وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمَارَاتِ الرِّقِّ، بَلْ وَلَوْ جُهِلَ حَالُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْوَصِيِّ، وَالْحَاجِّ لَكِنْ رَجَحَ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْحُرِّيَّةِ عَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَحَاجٌّ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَهُ الْوَصِيُّ لَا الْمَيِّتُ (وَأَخَذَ السَّيِّدُ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَيِّتِ مَا كَانَ بَاقِيًا مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يُبَعْ وَ (مَا بِيعَ وَ) هُوَ قَائِمٌ بِيَدِ الْمُشْتَرِي (لَمْ يَفُتْ بِالثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَلَا بِنَقْضِ الْبَيْعِ فَيَدْفَعُ السَّيِّدُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَصِيِّ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ، أَوْ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَمَا تَقَدَّمَ (كَمَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ) تَصَرَّفَ وَارِثُهُ، أَوْ وَصِيُّهُ فِي تَرِكَتِهِ وَتَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ، ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا (إنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ) الشَّاهِدَةُ بِمَوْتِهِ فِي دَفْعِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَنْهَا بِأَنْ رَأَتْهُ صَرِيعًا فِي الْمَعْرَكَةِ فَظَنَّتْ مَوْتَهُ، أَوْ مَطْعُونًا فِيهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهَا حَيَاتُهُ، أَوْ نَقَلَتْ عَنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا وَجَدَ مِنْ مَالِهِ وَيَأْخُذُ مَا بِيعَ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَفُتْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَةُ الثَّانِي (فَكَالْغَاصِبِ) أَيْ فَالْآخِذُ لِشَيْءٍ كَالْغَاصِبِ وَلَوْ قَالَ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَطَابَقَ النَّقْلَ فَيَأْخُذُ رَبُّهُ مَا وَجَدَهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ وَسَوَاءٌ فَاتَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ وَتُرَدُّ لَهُ زَوْجَتُهُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا غَيْرُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَسِيمَ قَوْلِهِ لَمْ يَفُتْ فِيمَا قَبْلُ، وَإِلَّا بِقَوْلِهِ (وَمَا فَاتَ) بِيَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَالثَّمَنُ) يُرْجَعُ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ لِلْمَيِّتِ، وَالْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ (قَوْلُهُ عَنْ صُلْحِ الْخَطَأِ) أَيْ عَنْ إقْرَارٍ. وَأَمَّا عَنْ إنْكَارٍ فَكَالْعَمْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ آخِذِهِ) أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ مِنْ ضَرْبِ الثَّلَاثِ) أَيْ، وَهِيَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَقَوْلُهُ فِي السَّبْعِ أَيْ، وَهِيَ الْخُلْعُ، وَالنِّكَاحُ، وَالصُّلْحُ الْعَمْدُ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ، وَالْقَطَاعَةُ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْعُمْرَى وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ: صُلْحَانِ بُضْعَانِ وَعِتْقَانِ مَعًا ... عَمْرِي لِأَرْشٍ عُوِّضَ بِهِ ارْجِعَا وَقَوْلُهُ ارْجِعَا بِأَرْشِ الْعِوَضِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ اُسْتُحِقَّ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ. (قَوْلُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ، وَإِلَّا يَصْرِفْهُ فِيمَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ، بَلْ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ) قِيلَ الْمُرَادُ بِمَعْرِفَتِهِ بِالْحُرِّيَّةِ اشْتِهَارُهُ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ بِأَنْ وَرِثَ الْوَارِثَاتِ وَشَهِدَ الشَّهَادَاتِ وَوَلِيَ الْوِلَايَاتِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِمَعْرِفَتِهِ بِالْحُرِّيَّةِ أَنْ لَا يَظْهَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمَارَاتِ الرِّقِّ، وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ تت وعج، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَنْ جُهِلَ حَالُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ لَفَّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذَا مِنْ هَذَا فَلَوْ قَالَ وَقِيلَ أَنْ لَا يَظْهَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَاتِ الرِّقِّ وَلَوْ جُهِلَ حَالُهُ كَانَ، أَوْلَى (قَوْلُهُ، وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْوَصِيِّ، وَالْحَاجِّ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْحُرِّيَّةِ لَضَمِنَ كُلٌّ مِنْ الْوَصِيِّ، وَالْحَاجِّ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَجَحَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ وَمَا عَيَّنَهُ الْوَصِيُّ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِهِمَا إنْ عَرَفَ الْمَيِّتُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا (قَوْلُهُ إذَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ لَمْ يَضْمَنْ إلَخْ) أَيْ. وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ الْوَصِيُّ فَلَا يَضْمَنُ إنْ عَرَفَ الْمَيِّتُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَصِيِّ بِشَيْءٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْوَصِيِّ فَوَجَدَهُ عَدِيمًا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ يَسَارَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ مَا بِيعَ بِالثَّمَنِ) أَيْ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ وَجَدَهُ مُعْدَمًا انْتَظَرَهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَةُ الثَّانِي) أَيْ بِأَنْ تَعَمَّدَتْ الزُّورَ (قَوْلُهُ فَالْآخِذُ) أَيْ فَالْمُشْتَرِي لِشَيْءٍ مِنْ مَتَاعِهِ كَالْغَاصِبِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ اُسْتُحِقَّ، وَالْمَشْهُودُ بِمَوْتِهِ بَيْنَ أَخْذِ مَا كَانَ قَائِمًا بِيَدِهِ مَجَّانًا وَبَيْنَ أَخْذِ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي وُجِدَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَدْ فَاتَ أَمْ لَا، وَيَرْجِعُ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ كَانَ ذَلِكَ الْبَائِعُ وَصِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَصِيُّ صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ (قَوْلُهُ لَطَابَقَ النَّقْلَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَالْغَاصِبِ حَقِيقَةً لَحُدَّ فِي وَطْءِ الْأَمَةِ وَرَقَّ وَلَدُهُ مَعَ أَنَّهُ حُرٌّ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ، وَالْعُذْرُ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّشْبِيهَ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ مِنْ حَيْثُ الْأَخْذِ بِلَا شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَتُرَدُّ لَهُ زَوْجَتُهُ) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ مَا إذَا عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَا إذَا لَمْ تُعْذَرْ (قَوْلُهُ وَمَا فَاتَ فَالثَّمَنُ يَرْجِعُ بِهِ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَعَلَى الْوَارِثِ فِي الثَّانِيَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا، وَهُوَ مَا إذَا عُرِفَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْحُرِّيَّةِ وَمَا إذَا عُذِرَتْ بَيِّنَةُ الْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ بِأَخْذِ السَّيِّدِ، وَالْمَشْهُودُ بِمَوْتِهِ مَا وُجِدَ مِنْ مَتَاعِهِ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَمَا فَاتَ بِيَدِهِ يَأْخُذُ ثَمَنَهُ مِنْ الْبَائِعِ سَوَاءٌ كَانَ

[باب الشفعة]

عَلَى الْوَصِيِّ إنْ لَمْ يَصْرِفْهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا، وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ هُنَا ذَهَابُ الْعَيْنِ، أَوْ تَغَيُّرُ الصِّفَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَمَا لَوْ دَبَّرَ) الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ، وَأَوْلَى إنْ أَعْتَقَهُ (أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ) عِنْدَهُ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الثَّمَنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ فَلَهُ أَخْذُهُ، أَوْ الثَّمَنِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ كَاتَبَهُ، أَوْ، أَوْلَدَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ فَلِذَا قَالَ فَكَالْغَاصِبِ [دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي الشُّفْعَةِ، وَأَحْكَامِهَا وَمَا تَثْبُتُ فِيهِ وَمَا لَا تَثْبُتُ فِيهِ (الشُّفْعَةُ) بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (أَخْذُ شَرِيكٍ) أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ الْأَخْذَ أَخَذَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَمْ يَأْخُذْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَالْأَخْذُ كَضِدِّهِ أَيْ التَّرْكِ عَارِضٌ لَهَا، وَالْعَارِضُ لِشَيْءٍ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ فَالْأَخْذُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ جِنْسًا، وَإِضَافَتُهُ لِلشَّرِيكِ خَرَجَ بِهِ اسْتِحْقَاقُ أَخْذِ الدَّائِنِ دَيْنَهُ، وَالْمُودِعِ وَدِيعَتَهُ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَنَابَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ (وَلَوْ) كَانَ الشَّرِيكُ (ذِمِّيًّا بَاعَ) شَرِيكُهُ (الْمُسْلِمُ) شِقْصَهُ (لِذِمِّيٍّ) ، أَوْ لِمُسْلِمٍ فَلِلذِّمِّيِّ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي الذِّمِّيِّ، أَوْ الْمُسْلِمِ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ لِذِمِّيٍّ كَانَتْ الْمُخَاصَمَةُ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ فَيُتَوَهَّمُ أَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمَا وَعَلَى هَذَا فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خَمْسُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إمَّا مُسْلِمَانِ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، وَإِمَّا ذِمِّيَّانِ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمُسْلِمٍ، وَإِمَّا مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بَاعَ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ وَصُورَةُ الْمُبَالَغَةِ سَادِسَةٌ. وَالسَّابِعَةُ قَوْلُهُ (كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعِ الَّذِي هُوَ شَرِيكُ الْبَائِعِ ذِمِّيًّا فَلَا نَقْضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا رَاضِينَ بِحُكْمِنَا بِخِلَافِ الصُّوَرِ السِّتِّ الَّتِي قَبْلَهَا فَثَابِتَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا دَخْلَ لَهُ، لَكِنْ حَمَلَهُ عَلَى الْجَمْعِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَائِعُ وَصِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يُعْرَفْ بِالْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الْمَشْهُودُ بِمَوْتِهِ لَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَتُهُ فَإِنَّ سَيِّدَ الْأَوَّلِ وَنَفْسَ الثَّانِي يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ مَا وُجِدَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي مَجَّانًا بِلَا ثَمَنٍ وَفِي أَخْذِ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا وَجَدَهُ قَائِمًا فَاتَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَعْرُوفِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ وَعُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَوْلُهُ ذَهَابُ الْعَيْنِ، أَوْ تَغَيُّرُ الصِّفَةِ أَيْ لَا حَوَالَةُ السُّوقِ فَهُوَ غَيْرُ فَوْتٍ هُنَا (قَوْلُهُ، وَأَوْلَى إنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ، أَوْ كَاتَبَهُ، أَوْ، أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ ثَمَنِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ وَعُذِرَتْ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ. . [بَاب الشُّفْعَةِ] (بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهَا (قَوْلُهُ الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ) أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ لَا بِأَذْرُعٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ وَلَا بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَفْتَى بِهِ، وَلِأَشْهَبَ فِيهَا الشُّفْعَةُ. فَإِنْ قُلْتَ كُلٌّ مِنْ الْجُزْءِ كَالثُّلُثِ، وَالْأَذْرُعِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ شَائِعٌ قُلْتُ شُيُوعُهُمَا مُخْتَلِفٌ إذْ الْجُزْءُ شَائِعٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ وَلَوْ قَلَّ مِنْ أَجْزَاءِ الْكُلِّ وَلَا كَذَلِكَ الْأَذْرُعُ؛ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ إذَا كَانَتْ خَمْسَةً إنَّمَا تَكُونُ شَائِعَةً فِي قَدْرِهَا أَيْ فِي كُلِّ خَمْسَةٍ مِنْ الْأَذْرُعِ لَا فِي أَقَلَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ الْأَخْذَ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْكَلَامِ مَجَازٌ بِالْحَذْفِ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَإِطْلَاقِ الْأَخْذِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا كَمَا عَلِمْتَ لَكِنَّهُ مَشْهُورٌ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَجَازَاتِ يَجِبُ صَوْنُ التَّعَارِيفِ عَنْهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا صَيْرُورَةُ الشَّرِيكِ مُسْتَحِقًّا لِلْأَخْذِ، وَأَهْلًا لَهُ، أَوْ أَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لَهُ صِحَّةَ الْأَخْذِ جَبْرًا فَالسِّينُ، وَالتَّاءُ لِلصَّيْرُورَةِ، أَوْ أَنَّهُمَا لِلطَّلَبِ أَيْ فَهُوَ طَلَبُ الشَّرِيكِ الْأَخْذَ كَمَا قَالَ عبق وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ عَارِضٌ لَهَا) أَيْ طَارِئٌ بَعْدَهَا وَمُتَرَتِّبٌ عَلَيْهَا إذْ يُقَالُ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ، أَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ بِهَا (قَوْلُهُ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ) أَيْ بِالْبَدَاهَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ الصِّفَةُ عَيْنَ مَوْصُوفِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ) أَيْ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ لِمُسْلِمٍ) هَذَا مُنْدَرِجٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّرِيكُ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مُسْلِمًا وَبَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ، أَوْ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، أَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَبَاعَ لِشَرِيكِهِ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ، بَلْ وَلَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا كَانَ لِلْإِسْلَامِ مَدْخَلٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيَكْفِي طَلَبُ الشَّفِيعِ وَيَجْبُرُ الذِّمِّيُّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ) أَيْ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ الثَّانِي بِالذِّكْرِ بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ دُونَ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَهَّمَ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَتَوَهُّمُ عَدَمِ أَخْذِ الذِّمِّيِّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمِ أَكْثَرُ مِنْ تَوَهُّمِ عَدَمِ أَخْذِ الذِّمِّيِّ مِنْ الذِّمِّيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خَمْسُ صُوَرٍ) الْأَوْلَى سِتُّ صُوَرٍ كَمَا عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَا، وَصُورَةُ الْمُبَالَغَةِ سَابِعَةٌ وَقَوْلُهُ كَذِمِّيِّينَ ثَامِنَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا دَخْلَ لَهُ) أَيْ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّحَاكُمِ؛ لِأَنَّ التَّحَاكُمَ مِنْ خُصُوصِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَعْنِي الشَّفِيعَ

لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى رِضَا الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ذِمِّيًّا (أَوْ) كَانَ الشَّفِيعُ (مُحْبِسًا) لِحِصَّتِهِ قَبْلَ بَيْعِ شَرِيكِهِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (لِيَحْبِسَ) الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ أَيْضًا قَالَ فِيهَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَبَسَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فِي الدَّارِ نَصِيبَهُ فَلَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَ وَلَا لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمُحْبَسَ فَيَجْعَلَهُ فِي مِثْلِ مَا جَعَلَ نَصِيبَهُ الْأَوَّلَ انْتَهَى. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُهَا لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لَمْ يَحْبِسْ كَأَنْ يُوقِفَ عَلَى عَشَرَةٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ، أَوْ يُوقِفَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا (كَسُلْطَانٍ) لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمُرْتَدِّ بِقَتْلٍ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ أَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ شَاءَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ وَرِثَتْ بِنْتٌ مَثَلًا مِنْ أَبِيهَا نِصْفَ دَارٍ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي وَرِثَهُ السُّلْطَانُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَبَاعَتْ الْبِنْتُ نَصِيبَهَا فَلِلسُّلْطَانِ الْأَخْذُ لِبَيْتِ الْمَالِ (لَا مُحْبِسٍ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ (وَلَوْ لِيَحْبِسَ) مِثْلَ مَا حَبَسَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُ الْمُحْبِسِ لَهُ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ إلَّا فُلَانٌ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ (وَجَارٍ) لَا شُفْعَةَ لَهُ (وَإِنْ مَلَكَ تَطَرَّقَا) أَيْ انْتِفَاعًا بِطَرِيقِ الدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ كَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى دَارِهِ فَبِيعَتْ تِلْكَ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَا لَوْ مَلَكَ الطَّرِيقَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَمَرُّ قِسْمِ مَتْبُوعِهِ (وَنَاظِرِ وَقْفٍ) لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ (وَكِرَاءٍ) أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي كِرَاءٍ لَهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى أَنْ يَكْتَرِيَ شَخْصَانِ دَارًا، ثُمَّ يُكْرِيَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَيُكْرِي أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ) أَيْ بِالشُّفْعَةِ عَلَى رِضَا الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي أَيْ بِحُكْمِنَا بَيْنَهُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُمْ بِحُكْمِنَا إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ذِمِّيًّا فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ ذِمِّيًّا تَوَقَّفَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ بِالشُّفْعَةِ عَلَى رِضَاهُمْ بِحُكْمِنَا، وَإِنْ كَانَ التَّحَاكُمُ مِنْ خُصُوصِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَعْنِي الْمُشْتَرِيَ، وَالشَّفِيعَ (قَوْلُهُ، أَوْ كَانَ الشَّفِيعُ) أَيْ الشَّرِيكُ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ لِيَحْبِسَ الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَفِي بَهْرَامَ لِيَحْبِسَ فِي مِثْلِ مَا حُبِسَ فِيهِ الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الْآتِي وَقَوْلُهُ لِيَحْبِسَ الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ أَيْ. وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ لِلتَّمَلُّكِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُ مَا حَبَسَهُ أَوَّلًا لَهُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَيَجْعَلُهُ) أَيْ فَيَجْعَلُهُ حَبْسًا فِي مِثْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُهَا لَهُ إلَخْ) . قَالَ عبق، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَرْجِعُ لِلْغَيْرِ مِلْكًا كَانَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا حُكْمًا بِالْمَرْجِعِ الْمَجْعُولِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ إلَخْ) وَلِذَا قَالَ ح مَنْ أَعْمَرَ شَخْصًا جُزْءًا شَائِعًا فِي دَارٍ وَلَهُ فِيهَا شَرِيكٌ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فَلِلْمُعَمِّرِ بِالْكَسْرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْحِصَّةَ تَرْجِعُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ حَيَاتِهِمْ تَرْجِعُ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ) أَيْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْبَائِعِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ إنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ أَيْ وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأَخْذَ لَا يُقَالُ الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكِ الْمُرْتَدِّ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ عَلَى مِلْكِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ تَجَدَّدَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّ، وَالسُّلْطَانُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَخْذِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ إلَخْ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ وَبَاعَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حِصَّتَهُ قَبْلَ رِدَّةِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِيَحْبِسَ) أَيْ وَلَوْ أَرَادَ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ مِثْلَ مَا حُبِسَ عَلَيْهِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشِّقْصِ الْمُحْبَسِ أَوَّلًا وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ كَالْمُحْبِسِ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إذَا أَخَذَ لِيَحْبِسَ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ مَا نَصُّهُ سَوَّى ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْبِسِ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ إلْحَاقَ الْحِصَّةِ الَّتِي يُرِيدُ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْحَبْسِ فَلَهُ ذَلِكَ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ خَلِيلٍ اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا حُكْمًا بِالْمَرْجِعِ الْمَجْعُولِ لَهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ حَبَسَ) أَيْ حِصَّةً فِي دَارٍ عَلَى جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ) أَيْ فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ كَانَ لِفُلَانٍ هَذَا الَّذِي مَرْجِعُ الْحَبْسِ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَجَارٍ) إنَّمَا أَتَى بِهِ مَعَ خُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ شَرِيكٌ وَصْفٌ، وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ أَيْ انْتِفَاعًا بِطَرِيقِ الدَّارِ) أَيْ بِطَرِيقٍ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا وَجَعَلَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَصَارَ أَحَدُهُمَا لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ لِدَارِهِ إلَّا مِنْ دَارِ الْآخَرِ وَاسْتَأْجَرَ طَرِيقًا يَمُرُّ مِنْهَا، أَوْ أَرْفَقَهُ جَارُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ) أَيْ وَتِلْكَ الطَّرِيقُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا بِإِجَارَةٍ، أَوْ إرْفَاقٍ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مِلْكٌ فِي ذَاتِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ فَبِيعَتْ تِلْكَ الدَّارُ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ أَيْ لِلْجَارِ الْمَالِكِ لِلطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ وَنَاظِرِ وَقْفٍ) كَدَارٍ مُوقَفٍ نِصْفُهَا عَلَى جِهَةٍ وَلَهُ نَاظِرٌ فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ لِيَحْبِسَ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ كَمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ) أَيْ، وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْمَالِكِ فَلَيْسَ النَّاظِرُ كَالْمُحْبِسِ وَاعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ غَازِيٍّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِمَا ابْنِ رُشْدٍ لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِلْحَبْسِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ الْمُحْبِسِ، وَالْمُحْبَسِ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَا ذَلِكَ لِإِلْحَاقِهِمَا بِالْحَبْسِ فَالنَّاظِرُ، أَوْلَى سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ

فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ (وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ قَوْلَانِ) بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَعَدَمِهِ إنْ وَلِيَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَعَدَمِ أَخْذِهِ فَإِنْ جَعَلَ لَهُ السُّلْطَانُ الْأَخْذَ بِهَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ اتِّفَاقًا (مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ) مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذَ أَيْ مِمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى الْآخِذِ أَيْ مُرِيدِ الْأَخْذِ فَلَوْ مَلَكَا الْعَقَارَ مَعًا بِمُعَاوَضَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا إذَا بَاعَ أَحَادُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَلِلْآخَرِ الْأَخْذُ حِينَئِذٍ (اللَّازِمُ) صِفَةٌ لِمِلْكٍ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِمُعَاوَضَةٍ لَكِنْ بِمِلْكٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ وَلُزُومِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَاحْتُرِزَ بِهِ أَيْضًا عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ (اخْتِيَارًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِلَا اخْتِيَارٍ كَالْإِرْثِ فَلَا شُفْعَةَ (بِمُعَاوَضَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَالِيَّةٍ كَخُلْعٍ وَنِكَاحٍ فَإِنْ تَجَدَّدَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ. (وَلَوْ) كَانَ تَجَدُّدُ الْمِلْكِ بِالْمُعَاوَضَةِ لِعَقَارٍ (مُوصًى بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ أَيْ لِأَجْلِ تَفْرِقَةِ ثَمَنِهِ عَلَيْهِمْ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ إذَا كَانَ شِقْصًا، أَوْصَى الْمَيِّتُ بِبَيْعِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِيُفَرَّقَ ثَمَنُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمُخْتَارِ) لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ، وَالْمَيِّتُ أَخَّرَ الْبَيْعَ لِوَقْتٍ لَمْ يَقَعْ فِيهِ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شُفْعَةَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ (لَا) شُفْعَةَ لِوَارِثٍ مِنْ مُعَيَّنٍ (مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جُزْءٍ) مِنْ دَارِ الْمَيِّتِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَخْرِيجٌ لَا يُعَادِلُ نَصَّ سَحْنُونٍ، كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ عبق. (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ) أَيْ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ نَاجِيٍّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ فِي الْكِرَاءِ الشُّفْعَةَ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا يَنْقَسِمُ وَبِأَنْ يَزِيدَ الشَّرِيكُ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا عَلِمْت، لَكِنْ فِي بْن عَنْ الزَّقَّاقِ فِي لَامِيَّتِهِ وَغَيْرِهِ جَرَيَانُ الْعَمَلِ بِالشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ بِالْقَيْدِ الثَّانِي فَقَطْ، وَهُوَ أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ) أَيْ، وَهُوَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ قَوْلَانِ أَيْ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ السُّلْطَانِ الَّذِي هُوَ النَّاظِرُ الْأَصْلِيُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَلِيَ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ مَعَ السُّكُوتِ) أَيْ سُكُوتِ السُّلْطَانِ الَّذِي أَقَامَهُ نَاظِرًا (قَوْلُهُ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّنْ تَحَدَّدَ مِلْكُهُ بِمُعَاوَضَةٍ لَكِنْ بِمِلْكٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي حِينَ الْبَيْعِ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ وَلَيْسَ خَارِجًا بِقَوْلِهِ اللَّازِمُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ إخْرَاجَهُ بِقَوْلِهِ لَازِمٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ زَمَنَ الْخِيَارِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيُصَدَّقُ أَنَّهُ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِذَا أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ لَازِمٌ (قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ أَيْضًا عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ) أَيْ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِ الْمَحْجُورِ فِيمَا بَاعَهُ الْمَحْجُورُ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ، وَإِنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَكِنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَا شُفْعَةَ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ، بَلْ حَتَّى يُجِيزَ وَلِيُّهُ وَمِثْلُ بَيْعِهِ شِرَاؤُهُ فَإِذَا اشْتَرَى هُوَ يَكُونُ قَدْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَكِنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَا شُفْعَةَ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ، أَوْ شِرَائِهِ، بَلْ حَتَّى يُجِيزَ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ اخْتِيَارًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَائِلَ قَدْ وَقَعَتْ فِي مَرَاكِزِهَا (قَوْلُهُ كَالْإِرْثِ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَارِثٍ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَارِثِهِ بِالشُّفْعَةِ فَقَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ أَيْ لَلشَّرِيك مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِالْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَالِيَّةً كَالْبَيْعِ، وَهِبَةِ الثَّوَابِ، وَالصُّلْحِ وَلَوْ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ غَيْرَ مَالِيَّةٍ كَالْمَهْرِ، وَالْخُلْعِ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) أَيْ لِلشَّرِيكِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِالْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ. (قَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِهِمْ) أَيْ لِأَجْلِ تَفْرِقَةِ إلَخْ، أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِلْمَسَاكِينِ تَعْلِيلِيَّةٌ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ لَا أَنَّهَا صِلَةٌ لِبَيْعٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا، أَوْصَى بِبَيْعِ حِصَّةٍ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ اتِّفَاقًا. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا، أَوْصَى بِبَيْعِ جُزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ لِأَجْلِ أَنْ يُفَرِّقَ ثَمَنَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَفَعَلَ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُقْضَى لَهُمْ بِأَخْذِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَاجِيَّ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ قَالَ الْبَاجِيَّ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ شُرَكَاءُ لِلْوَرَثَةِ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِهِمْ بَقِيَّةَ الدَّارِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ لَا شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَالْمَيِّتُ إذَا بَاعَ حِصَّةً فِي دَارِهِ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ عَلَيْهِمْ، بَلْ مِلْكُهُ سَابِقٌ عَلَى مِلْكِهِمْ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَقَارُ كُلُّهُ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ أَمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ،، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَارِثِهِ فَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ لَلشَّرِيك اتِّفَاقًا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ شَرِيكًا لَا وَارِثًا (قَوْلُهُ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْوَرَثَةِ بِالْبَيْعِ لِغَيْرِهِمْ وَقَوْلُهُ، وَالْمَيِّتُ إلَخْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ) أَيْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُمْ وَلِذَا كَانَ لِلْوَرَثَةِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِتَجَدُّدِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مِنْ مُعَيَّنٍ) أَيْ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، أَوْصَى لَهُ الْمَيِّتُ بِبَيْعِ جُزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ يُحَمِّلُهُ الثُّلُثَ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِمُعَيَّنٍ تَبَعًا لتت يَقْتَضِي أَنَّ الْمُوصِيَ بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ لِلْوَارِثِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثِ لَوَجَبَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا لَا وَارِثًا (عَقَارًا) مَفْعُولٌ لِأَخْذِ شَرِيكٍ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ، وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ، وَالْعَقَارُ هُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ، أَوْ عَرْضٍ إلَّا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي (وَلَوْ) كَانَ الْعَقَارُ (مُنَاقَلًا بِهِ) ، وَالْمُنَاقَلَةُ بَيْعُ الْعَقَارِ بِمِثْلِهِ: وَلَهُ صُوَرٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ حِصَّةٌ مِنْ دَارٍ وَلِآخَرَ حِصَّةٌ مِنْ أُخْرَى فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَلِشَرِيكِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ نَاقَلَ شَرِيكَهُ وَيَخْرُجَانِ مَعًا مِنْ الدَّارَيْنِ،. ، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ شَرْطَ الْعَقَارِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ قَبُولُهُ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ انْقَسَمَ) أَيْ قَبِلَ الْقِسْمَةَ لَا إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا، أَوْ قَبِلَهَا بِفَسَادٍ كَالْحَمَّامِ، وَالْفُرْنِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (الْإِطْلَاقُ) أَيْ إنَّهَا تَكُونُ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِ لِضَرَرٍ لِلشَّرِكَةِ الطَّارِئَةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُزِيدَ لَفْظَ أَيْضًا لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهَا أَيْضًا (وَعُمِلَ بِهِ) أَيْ حَكَمَ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لَكِنْ فِي حَمَّامٍ كَانَ بَيْنَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفَقِيهِ وَشَرِيكٍ لَهُ فِيهِ فَبَاعَ أَحْمَدُ الْفَقِيهُ حِصَّتَهُ فِيهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَرَفَعَهُ شَرِيكُهُ لِقَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ فَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَشَاوَرَهُمْ فَأَفْتَوْا بِعَدَمِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَذَهَبَ الشَّرِيكُ لِلْأَمِيرِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ نَزَلَتْ بِي نَازِلَةٌ حُكِمَ عَلَيَّ فِيهَا بِغَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ فَأَرْسَلَ الْأَمِيرُ لِلْقَاضِي يَقُولُ لَهُ اُحْكُمْ لَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَسَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَقَالُوا مَالِكٌ يَرَى الشُّفْعَةَ فَحُكِمَ لَهُ بِهِ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الشُّفْعَةُ بِمَا يَنْقَسِمُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ فِيهِ الْبَيْعَ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَانْتَفَى ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ، كَذَا عَلَّلُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي شُرِعَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ الطَّارِئَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَبِعْ، وَالضَّرَرُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَبِعْ شَرِيكُهُ مَعَهُ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) أَيْ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (وَلَوْ) كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ بِهِ (دَيْنًا) لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ (أَوْ قِيمَتِهِ) إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُقَوَّمًا كَعَبْدٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِثَمَنِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِرَهْنٍ، أَوْ ضَامِنٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا مَعَ رَهْنٍ مِثْلِ رَهْنِهِ يَدْفَعُهُ لِلْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا جَزَمَ بِهِ عج، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ فِي الشِّقْصِ الَّذِي، أَوْصَى الْمَيِّتُ بِبَيْعِهِ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ، وَأَخْذُ الْوَارِثِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ يُبْطِلُ مَا قَصَدَهُ مُورِثُهُ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ) أَيْ، وَأَوْصَى بِبَيْعِ ثُلُثِهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُنَاقَلَةُ بِقَصْدِ الْإِرْفَاقِ بِكُلٍّ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ. (قَوْلُهُ لِضَرَرٍ إلَخْ) أَيْ لِضَرَرِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ بِشَرِكَةِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّتِي هِيَ عِلَّةٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَأَمَّا عِلَّتُهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ دَفْعُ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا إنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُقَاسَمَةِ خُصَّتْ بِمَا يَنْقَسِمُ إذْ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا سَبَبُهَا دَفْعَ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَمَّتْ مَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ الشَّرِيكُ لَهُ أَيْ لِلْأَمِيرِ النَّاصِرِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ إلَخْ أَيْ أُفْتِيَ عَلَيَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا لَمَا سَاغَ نَقْضُ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ) هُوَ (الْأَوَّلُ) أَيْ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي لِمَالِكٍ أَيْضًا، رَوَاهُ عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، إنْ قُلْت إنَّ الْمُقَابِلَ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ عُمِلَ بِهِ وَقَدْ تَكَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَا بِهِ الْعَمَلُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، قُلْتُ مَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَنْ كَبِيرِ خش إذَا كَانَ الْعَمَلُ عَامًّا لَا كَعَمَلِ بَلْدَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَذُكِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَنَى عُمِلَ لِلْمَجْهُولِ مُبَالَغَةً فِي ضَعْفِهِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ مَعَهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ ضَرَرَ نَقْصِ الثَّمَنِ فَلِذَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شُفْعَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَيْعَ لَا يُجْبَرُ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْتِفْ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ فِيهِ لِعَدَمِ جَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ فَلِذَا شُرِعَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ الشُّفْعَةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ) أَيْ، أَوْ ضَرَرُ الْمُقَاسَمَةِ بِنَاءً عَلَى عُمُومِهَا لِمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِ، أَوْ خُصُوصِهَا بِالْمُنْقَسِمِ (قَوْلُهُ، وَالضَّرَرُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا وَقَوْلُهُ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْلِيلُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ عج وبن وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا إنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُقَاسَمَةِ خُصَّتْ بِمَا يَنْقَسِمُ إذْ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا سَبَبُهَا دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَمَّتْ مَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ) أَرَادَ بِالثَّمَنِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ نُقِدَ خِلَافُهُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ عَقَدَ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ خش اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) أَيْ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا مَعْلُومًا وَوَجَدَاهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ بَابُهُ الْمِثْلُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُهُ) أَيْ بِدَيْنٍ إلَّا مَعَ رَهْنٍ إلَخْ

أَوْ ضَامِنٍ مِثْلِ ضَامِنِهِ يَضْمَنُهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمِثْلِ الرَّهْنِ، أَوْ الضَّامِنِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ بِدَيْنٍ كَالْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهُ بِنَقْدٍ فَلَهُ ذَلِكَ (وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ وَ) أُجْرَةِ (عَقْدِ شِرَاءٍ) أَيْ أُجْرَةِ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ (وَفِي) لُزُومِ غُرْمِ (الْمَكْسِ) بِأَنْ يَغْرَمَ لِلْمُشْتَرِي مَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا؛ لِأَنَّهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَتَوَصَّلْ لِشِرَاءِ الشِّقْصِ إلَّا بِهِ وَعُدِمَ لُزُومُهُ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ (تَرَدُّدٌ) الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ (أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ النَّصِيبُ الْمَشْفُوعُ فِيهِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مِثْلِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ إنْ دُفِعَ (فِي كَخُلْعٍ) بِأَنْ دَفَعَتْهُ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا فِي نَظِيرِ خُلْعِهِ لَهَا، أَوْ دَفَعَهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي نِكَاحٍ، أَوْ دَفَعَهُ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ فِي عِتْقِهِ. (وَ) فِي (صُلْحِ) جِنَايَةِ (عَمْدٍ) عَلَى نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ بِالدِّيَةِ مِنْ إبِلٍ، أَوْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ تُنَجَّمُ كَالتَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَ) يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِقِيمَتِهِ فِي (جُزَافِ نَقْدٍ) مَصُوغٍ، أَوْ مَسْكُوكٍ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا بِيعَ بِهِ الشِّقْصُ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِقِيمَةِ الْجُزَافِ. (وَ) أَخَذَ الشِّقْصَ الْمُشْتَرَى مَعَ غَيْرِهِ فِي صَفْقَةٍ (بِمَا يَخُصُّهُ) مِنْ الثَّمَنِ (إنْ صَاحَبَ غَيْرَهُ) فَيُقَوَّمُ الشِّقْصُ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ مَبِيعٌ مَعَ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَحْدَهُ عَشَرَةً مَثَلًا وَقِيمَتُهُ مَعَ الْمُصَاحِبِ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ الثُّلُثَانِ فَيَأْخُذُهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ أَيْ فَلَا يُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ التَّتَّائِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَمْلَى مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ أَرْجَحُ قَوْلَيْ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ، أَوْ ضَامِنٍ مِثْلِ ضَامِنِهِ) أَيْ مِثْلِ ضَامِنِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ وَلَيْسَ مَوْضُوعُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ، وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ دَيْنًا لِعَدَمِ رَهْنٍ، أَوْ ضَامِنٍ فِي الشِّقْصِ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَكَانَ اللَّائِقُ تَأْخِيرَهَا عَنْ قَوْلِهِ، وَإِلَى أَجَلِهِ، كَذَا قَالَ عبق وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمُشْتَرِي الَّذِي عَلَى الْبَائِعِ بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ، ثُمَّ لَمَّا اُشْتُرِيَ بِهِ الشِّقْصُ مِنْهُ سَقَطَ الرَّهْنُ، وَالضَّامِنُ فَإِذَا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ الدَّيْنِ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْطَى الْمُشْتَرِي مِثْلَ مَا كَانَ أَوَّلًا مِنْ رَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَعَقْدِ شِرَاءٍ) وَكَذَا يَغْرَمُ الشَّفِيعُ ثَمَنَ مَا يُكْتَبُ فِيهِ وَمَا عَمَّرَ بِهِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ كَمَا فِي بْن وَبَيَّنَ مَا وَقَعَ فِي الْمَوَّاقِ مِنْ الْوَهْمِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ مَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَمَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَقَارًا يَدْفَعُ دِينَارًا مَكْسًا لِلْحَاكِمِ، أَوْ لِشَيْخِ الْحَارَةِ (قَوْلُهُ الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ) أَيْ، بَلْ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، أَوْ دَفَعَهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي نِكَاحٍ) هَذَا إذَا دَفَعَهُ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَهُ لَهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الشِّقْصَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ، أَوْ دَفَعَهُ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ فِي عِتْقِهِ) أَيْ، أَوْ دَفَعَ صُلْحًا فِي دَمِ عَمْدٍ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ، أَوْ الْمَدْفُوعُ قَطَاعَةٌ عَنْ مُكَاتَبٍ، أَوْ دَفَعَ صُلْحًا عَنْ عُمْرَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ بِالْكَافِ بَقِيَّةَ الْمَسَائِلِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْبَابِ السَّابِقِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ وَصُلْحُ عَمْدٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ السَّبْعَةِ يَوْمَ عَقْدِ الْخُلْعِ، وَالنِّكَاحِ وَيَوْمَ عَقْدِ بَقِيَّتِهَا لَا يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَطَأِ) أَيْ بِخِلَافِ الصُّلْحِ بِالشِّقْصِ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ بِالدِّيَةِ أَيْ الَّتِي أُخِذَ الشِّقْصُ عِوَضًا عَنْهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَكَالْمَأْخُوذِ عَنْ جُرْحٍ عَمْدٍ (قَوْلُهُ مِنْ إبِلٍ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَاقِلَةُ الْجَانِي أَهْلَ إبِلٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ ذَهَبٍ أَيْ إذَا كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ ذَهَبٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ فَإِذَا كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ إبِلٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ، وَإِنْ كَانَتْ أَهْلَ ذَهَبٍ، أَوْ وَرِقٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِذَهَبٍ، أَوْ وَرِقٍ قَدْرَ الدِّيَةِ وَيُنَجَّمُ ذَلِكَ عَلَى الشَّفِيعِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَتَنْجِيمِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَوْ أُخِذَتْ (قَوْلُهُ تُعُومِلَ بِهِ) أَيْ بِالنَّقْدِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَذَا) أَيْ الْفَرْعِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَيْ الشَّفِيعَ وَقَوْلُهُ لَا يَأْخُذُهُ أَيْ الشِّقْصَ إلَّا بِقِيمَةِ الْجُزَافِ أَيْ الَّذِي دَفَعَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ بَيْعِ النَّقْدِ جُزَافًا إنْ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا لَا إنْ تُعُومِلَ بِهِ عَدَدًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْدَ إذْ تُعُومِلَ بِهِ عَدَدًا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَإِنْ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِمَا إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِجُزَافٍ نَقْدًا فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِقِيمَةِ الْجُزَافِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ إلَّا بِقِيمَةِ الْجُزَافِ) أَيْ بِقِيمَتِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ ذَهَبًا قُوِّمَ بِفِضَّةٍ، وَإِنْ كَانَ فِضَّةً قُوِّمَ بِذَهَبٍ وَعَلَى هَذَا الرَّاجِحِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُقَوَّمًا، أَوْ نَقْدًا جُزَافًا. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ ثَمَنُ الشِّقْصِ بَعْضُهُ نَقْدٌ مَعْلُومُ الْقَدْرِ وَبَعْضُهُ جُزَافٌ فَقَدْ لَزِمَ الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَهُ دَفْعُ مِثْلِ الْمَعْلُومِ وَقِيمَةِ الْجُزَافِ (قَوْلُهُ بِمَا يَخُصُّهُ) أَيْ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَخْذُ كَمَا فِي ح عِنْدَ قَوْلِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ التَّتَّائِيُّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الشِّقْصِ لِمَجْمُوعِ

وَقَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ مَعَ التَّتَّائِيِّ فَتَدَبَّرْهُ (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي) ، وَهُوَ الْغَيْرُ الْمُصَاحِبُ لِلشِّقْصِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ (وَ) إذَا بِيعَ الشِّقْصُ مُؤَجَّلًا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ (إلَى أَجَلِهِ) الَّذِي وَقَعَ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ إلَيْهِ (إنْ أَيْسَرَ) الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِيُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (أَوْ) لَمْ يُوسِرْ وَلَكِنْ (ضَمِنَهُ مَلِيءٌ) ، أَوْ أَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ ضَرْبَ أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، أَوْ لَا؟ خِلَافُ الرَّاجِحِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الشَّفِيعُ مُوسِرًا وَلَا ضَمِنَهُ مَلِيءٌ (عَجَّلَ) الشَّفِيعُ (الثَّمَنَ) لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ بِبَيْعِ الشِّقْصِ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا) أَيْ الشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي (عُدْمًا) فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِضَامِنٍ وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) فَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَشَدَّ عُدْمًا لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِحَمِيلٍ فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يَأْتِ بِالدَّيْنِ أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ. (وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُشْتَرِي (إحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِدَيْنٍ حَالٍّ وَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي دَيْنٌ بَاعَهُ بِدَيْنٍ عَلَى الشَّفِيعِ فَلَوْ لَمْ تَقَعْ الْحَوَالَةُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ جَازَتْ (كَأَنْ أَخَذَ) الشَّفِيعُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ) الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ (وَيَرْبَحَ) الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ ابْتِدَاءً، أَوْ يَرْبَحَ فِي بَيْعِهِ لَهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا أَخَذَهُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ لِيَهَبَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ فَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ إلَّا لِيَتَمَلَّكَ فَلَوْ قَالَ كَأَخْذِهِ لِغَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ فَإِنْ أَخَذَ لِغَيْرِهِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ وَلِذَا قَالَ (ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ أَخَذَ لِيَبِيعَ فَقَوْلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِيمَتَيْنِ وَيَأْخُذُ مِنْ الثَّمَنِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ مَعَ التَّتَّائِيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ يَرْجِعُ لِمَا قَالَهُ غَيْرُهُ فَلَا وَجْهَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا وَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الشَّفِيعِ بِهِ وَلَا لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ جَبْرًا عَنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْغَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِيُسْرِهِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي تَحَقُّقُ يُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِنُزُولِ جَامَكِيَّةٍ، أَوْ مَعْلُومِ وَظِيفَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا كَانَ يَوْمَ الْأَخْذِ مُعْسِرًا مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلشَّفِيعِ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ ضِيقٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِتَرْكِهِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يُرَاعَى أَيْضًا خَوْفُ طُرُوُّ عُسْرِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ إلْغَاءً لِلطَّارِئِ لِوُجُودِ مُصَحِّحِ الْعَقْدِ يَوْمَ الْأَخْذِ، وَهُوَ الْيُسْرُ (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُوسِرْ) أَيْ يَوْمَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) أَيْ. وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ بْن لَكِنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا الْقَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ أَيْ كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ ضَرْبَ أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ أَنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجَابُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِبَيْعِ الشِّقْصِ) أَيْ، أَوْ بِتَسَلُّفٍ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) أَيْ أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ إذَا وَجَدَ حَمِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، ثُمَّ إذَا عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُعَجِّلَهُ لِلْبَائِعِ، بَلْ حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ الَّذِي اشْتَرَى لَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الشَّفِيعُ مُعْدَمًا فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِضَامِنٍ وَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمُشْتَرِي فِي الْعُدْمِ. (قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ إلَخْ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ) أَيْ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ مَالًا أَيْ كَالْجَعَالَةِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ أُعْطِيك دِينَارًا جَعَالَةً عَلَى أَنَّك تَأْخُذُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ، وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْك بِذَلِكَ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فِي بَيْعِهِ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا أَخَذَهُ بِهِ) أَيْ كَمَا إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِعَشَرَةٍ فَيَقُولُ الْأَجْنَبِيُّ لِلشَّفِيعِ خُذْهُ بِالشُّفْعَةِ، وَأَنَا آخُذُهُ مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ فَأُرْبِحُكَ فِيهِ اثْنَيْنِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي دُفِعَ لِلشَّفِيعِ فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ جَعَالَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ دُفِعَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ رِبْحٌ وَزَادَ خش تَبَعًا لتت صُورَةً ثَالِثَةً غَيْرَ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا فِي الشَّرْحِ، وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ غَرَضٌ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَّا إنْكَاءَ الْمُشْتَرِي، وَإِضْرَارَهُ اهـ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَلَا يَأْتِي فِيهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ لَا آخُذُ لَهُ وَقَالَ طفى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَيْهَا وَعَلَى أَنَّهُ لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) فِيهِ أَنَّهُ كَالْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ الْمَالِ مُعَلَّقٌ عَلَى إسْقَاطِ حَقٍّ يَحْصُلُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ خِلَافُ مُورِدِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِيَرْبَحَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ لِيَهَبَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ) أَيْ، أَوْ لِيُوَلِّيَهُ لِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِيَرْبَحَ (قَوْلُهُ كَأَخْذِهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ لِغَيْرِهِ إعْرَاضٌ عَنْهَا لِنَفْسِهِ وَمَحَلُّ سُقُوطِهَا إذَا عُلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ أَشْهَبَ وَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ.

بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ الْأَظْهَرُ الثَّانِي (أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ) بِالْفِعْلِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ وَلَكِنْ لَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ شُفْعَتُهُ وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ (بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ (لِيُسْقِطَ) شُفْعَتَهُ فَيَجُوزُ. ، ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِهِ عَقَارًا قَوْلَهُ (كَشَجَرٍ) مُشْتَرَكٍ (وَبِنَاءٍ) مُشْتَرَكٍ (بِأَرْضٍ حُبِسَ) عَلَى الْبَائِعِ وَشَرِيكِهِ فِي الشَّجَرِ، أَوْ الْبِنَاءِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا (أَوْ) بِأَرْضِ شَخْصٍ (مُعِيرٍ) بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْ الشَّجَرِ، أَوْ الْبِنَاءِ الْكَائِنَيْنِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إحْدَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الْأَرْبَعَةِ، وَالثَّانِيَةُ الشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ الْآتِيَةِ هُنَا، وَالثَّالِثَةُ الْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَالرَّابِعَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِإِقْرَارِ الشَّفِيعِ، وَالْمُبْتَاعِ لَا بِإِقْرَارِ أَحَدِهِمَا اهـ. بْن (قَوْلُهُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ) الْأَوْلَى فَقَوْلَانِ فِي سُقُوطِ شُفْعَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَدَمِ سُقُوطِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ) أَيْ بَاعَ الشِّقْصَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالْفِعْلِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الشِّقْصِ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالشُّفْعَةِ اهـ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى بَيْعِ الشِّقْصِ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لِلْمُشْتَرِي هُوَ الصُّورَةُ الْآتِيَةُ بَعْدُ وَجَعَلْنَا مَفْعُولَ بَاعَ الشِّقْصَ الَّذِي يُسْتَحَقُّ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ نَجْعَلْهُ الشِّقْصَ الَّذِي تُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَيَأْتِي الْمُصَنِّفُ بِذَكَرِهِ فِي مُسْقِطَاتِهَا حَيْثُ قَالَ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ لَا يُعَدُّ مَالِكًا (قَوْلُهُ أَخْذِ مَالٍ) أَيْ أَخْذِ الشَّفِيعِ مَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ) أَيْ بَعْدَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ لَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِيُسْقِطَ شُفْعَتَهُ) أَيْ لِيُسْقِطَ حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ وَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إسْقَاطِ الشَّيْءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ فَإِنْ تَقَايَلَا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَانَ الشَّفِيعُ بَاقِيًا عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهَا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَتِمَّ. (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَبَّهَ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ شَامِلٌ لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ وَغَيْرِهِمَا كَالْأَرْضِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ اسْمٌ لِلْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ شَجَرٍ وَيَكْفِي الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ، وَالْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَوْ بِالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ (قَوْلُهُ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُحْبَسَةً عَلَى جِهَةٍ فَاسْتَأْجَرَهَا اثْنَانِ وَبَنَيَا، أَوْ غَرَسَا فِيهَا، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ شَيْخِهِ الْمَنُوفِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ الْقَائِمِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْكَرَةِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عِنْدَنَا أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَا يُخْرِجُ صَاحِبَ الْبِنَاءِ أَصْلًا فَكَانَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ اهـ. أَيْ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْتِزَامِ بَلَدٍ بِمِصْرَ لِأَحَدِهِمَا الشُّفْعَةُ إذَا بَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ فِيهَا وَبِهِ أَفْتَى عج، قَالَ شَيْخُنَا، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْحِصَّةُ الَّتِي فَرَغَ صَاحِبُهَا عَنْهَا غَيْرَ مَقْسُومَةٍ، وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ قَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا، وَالْأَرَاضِيُ الرِّزْقُ الَّتِي عَلَى الْبَرِّ، وَالصَّدَقَةُ فِيهَا الشُّفْعَةُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ لِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَقْسُومَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا كَمَا أَنَّ الرِّزْقَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الشَّعَائِرِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا مُطْلَقًا فَإِذَا كَانَ شَخْصَانِ مُقَرَّرَانِ فِي وَظِيفَةٍ لَهَا طِينٌ مُرْصَدٌ عَلَيْهَا وَفَرَغَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ لَكِنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ كَمَا يَأْتِي فَمَا هُنَا مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ مَا يَأْتِي، أَوْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُقَيَّدَةً وَلَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ عَلَى الْبَقَاءِ، أَوْ السُّكُوتِ فَلَا كَلَامَ حِينَئِذٍ لِلْمُعِيرِ، وَالشَّرِيكُ أَحَقُّ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ الَّتِي قَالَ مَالِكٌ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا إنَّهُ لِشَيْءٍ أَسْتَحْسِنُهُ وَمَا عَلِمْتَ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي (قَوْلُهُ الْآتِيَةِ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكَثَمَرَةٍ وَمَقْثَأَةٍ (قَوْلُهُ، وَالثَّالِثَةُ الْقِصَاصُ) أَيْ فِي الْجِرَاحِ (قَوْلُهُ، وَالرَّابِعَةُ إلَخْ) زَادَ بَعْضُهُمْ خَامِسَةً، وَهِيَ وِصَايَةُ الْأُمِّ عَلَى وَلَدِهَا إذَا تَرَكَتْ لَهُ مَالًا يَسِيرًا كَالسِّتِّينَ دِينَارًا وَجَمَعَ الْكُلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: وَقَالَ مَالِكٌ بِالِاخْتِيَارِ ... فِي شُفْعَةِ الْأَنْقَاضِ وَالثِّمَارِ وَالْجَرْحُ مِثْلُ الْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ ... وَالْخَمْسُ فِي أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ وَفِي وَصِيِّ الْأُمِّ بِالْيَسِيرِ ... مِنْهَا وَلَا وَلِيَّ لِلصَّغِيرِ اهـ بْن. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تَكُونُ مُسْتَحْسَنَاتُ الْإِمَامُ قَاصِرَةً عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ أَغْلَبُ مِنْ الْقِيَاسِ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ. قُلْت

أَنَّ الْأُنْمُلَةَ مِنْ الْإِبْهَامِ فِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَسَيَأْتِيَانِ فِي الْجِرَاحِ (وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ) عَلَى الشَّفِيعِ فِي أَخْذِهِ لَا بِالشُّفْعَةِ، بَلْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ (بِنَقْضِهِ) أَيْ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا (أَوْ ثَمَنِهِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا فَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَهَذَا (إنْ مَضَى مَا) أَيْ زَمَنٌ (يُعَارُ لَهُ) ، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً وَمَضَى مَا تُعَارُ لَهُ عَادَةً، أَوْ مُقَيَّدَةً وَمَضَى مَا قُيِّدَتْ بِهِ (وَإِلَّا) يَمْضِ مَا تُعَارُ لَهُ عَادَةً، أَوْ الْأَجَلُ الْمَحْدُودُ (فَقَائِمًا) أَيْ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا أَيْ، أَوْ ثَمَنِهِ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُطْلَقَةِ،. وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِزَمَنٍ لَمْ يَنْقَضِ وَقَدْ دَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَقَاءِ، أَوْ السَّكْتِ فَالشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ دُونَ الْمُعِيرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّتُهَا فَيَأْخُذَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى الْهَدْمِ قُدِّمَ الْمُعِيرُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا، أَوْ ثَمَنِهِ كَالْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ أَيْ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ فَإِنْ أُسْقِطَ حَقُّهُ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ (وَكَثَمَرَةٍ) بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَلِلْآخَرِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَكَثَمَرَةٍ الْفُولَ الْأَخْضَرَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِاَلَّذِي يُزْرَعُ لِيُؤْكَلَ أَخْضَرَ (وَمَقْثَأَةٍ) وَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْعُ (وَبَاذِنْجَانٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا فِيهَا الشُّفْعَةُ (وَلَوْ) بِيعَتْ (مُفْرَدَةً) عَنْ الْأَصْلِ فِي الثَّمَرَةِ وَعَنْ الْأَرْضِ فِيمَا بَعْدَهَا (إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَكَذَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَهِيَ يَابِسَةٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأُصُولَ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ قَدْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ وَقْتَ الْبَيْعِ وَاشْتَرَطَهَا الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَبِسَتْ وَقُلْنَا بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ فِيهَا فَإِنْ أَخَذَ أَصْلَهَا بِالشُّفْعَةِ (حُطَّ) عَنْهُ (حِصَّتُهَا) أَيْ مَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ (إنْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ) وَقْتَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً حِينَئِذٍ مِنْ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِمَا يَنُوبُهُ (وَفِيهَا) أَيْ أَيْضًا (أَخْذُهَا) بِالشُّفْعَةِ (مَا لَمْ تَيْبَسْ، أَوْ تُجَذَّ، وَهَلْ هُوَ) أَيْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (خِلَافٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا مَرَّةً إلَّا أَنْ تَيْبَسَ وَمَرَّةً مَا لَمْ تَيْبَسْ، أَوْ تُجَذَّ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْجُذَاذَ قَبْلَ الْيُبْسِ مَفُوتٌ كَالْيُبْسِ، أَوْ وِفَاقٌ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَاهَا مُفْرَدَةً عَنْ الْأَصْلِ فَالشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَيْبَسْ فَإِنْ جُذَّتْ قَبْلَ الْيُبْسِ فَلَهُ أَخْذُهَا، وَالثَّانِي إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ فَالشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَيْبَسْ، أَوْ تُجَذَّ وَلَوْ قَبْلَ الْيُبْسِ (تَأْوِيلَانِ) ، ثُمَّ ذَكَرَ قَسِيمَ قَوْلِهِ وَحُطَّ حِصَّتُهَا إنْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُشْتُرِيَ أَصْلُهَا فَقَطْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّ الِاسْتِحْسَانَ الْوَاقِعَ مِنْ الْإِمَامِ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، بَلْ وَقَعَ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لَكِنْ وَافَقَهُ فِي غَيْرِهِ، أَوْ كَانَ لَهُ سَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُ اسْتَحْسَنَهَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي (قَوْلُهُ أَنَّ الْأُنْمُلَةَ إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ دِيَتُهُ عَشَرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْأُنْمُلَةِ ثُلُثُ مَا فِي الْأُصْبُعِ إلَّا الْأُنْمُلَةَ مِنْ الْإِبْهَامِ فَفِيهَا نِصْفُ مَا فِي الْأُصْبُعِ أَعْنِي خَمْسَةً مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْهَدْمِ، أَوْ السُّكُوتِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ) أَيْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَيْ لَمْ تُقَيَّدْ بِزَمَانٍ (قَوْلُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُطْلَقَةِ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَقَاءِ، أَوْ السُّكُوتِ، أَوْ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَقَاءِ) أَيْ لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ لِآخِرِ مُدَّةِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْمُعِيرُ مِنْ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ وَكَثَمَرَةٍ) أَيْ مَوْجُودَةٍ حِينَ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَحَطُّ حِصَّتِهَا. وَأَمَّا الْغَيْرُ الْمَوْجُودَةِ، أَوْ الْمَوْجُودَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ فَأَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَخْ) أَيْ، وَالْأَصْلُ مَمْلُوكٌ لَهُمَا، أَوْ بِأَيْدِيهِمَا فِي مُسَاقَاةٍ، أَوْ حُبِسَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَمَقْثَأَةٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ ثَمَرَةٍ غَيْرِ مَقْثَأَةٍ بِالْإِضَافَةِ وَمَقْثَأَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْثَأَةَ لَيْسَتْ اسْمًا لِلْقِثَّاءِ، بَلْ لِلْأَصْلِ أَيْ الْعُرُوشِ الَّتِي فِيهَا الْقِثَّاءُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْعُ) أَيْ وَكَذَا كُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَيَبْقَى أَصْلُهُ كَالْقُطْنِ، وَالْبَامِيَةِ (قَوْلُهُ وَبَاذِنْجَانٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، وَهُوَ الْمَقْثَأَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا كُلُّ أَصْلٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِيَخْلُفَ غَيْرَهَا، وَهَذَا شَامِلٌ لِلْبَاذِنْجَانِ. وَأَمَّا النِّيلَةُ، وَالْمُلُوخِيَّةُ وَكُرَّاثُ الْمَائِدَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجْنَى وَيَبْقَى أَصْلُهَا لِيَخْلُفَ غَيْرَهَا، وَإِنَّمَا تُحْصَدُ مِنْ أَصْلِهَا وَيُخْلَفُ غَيْرُهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيعَتْ مُفْرَدَةً) هَذَا يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: الْأُولَى إذَا بَاعَا الْأَصْلَ دُونَ الثَّمَرَةِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِيهَا، الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ بَاقِيًا وَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْتَرِيَا مَعًا الثَّمَرَةَ وَيَبِيعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَالْمُقَابِلُ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا مُطْلَقًا وَقَوْلُ أَشْهَبَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَصْلُ لَهُمَا كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فِي الثَّمَرَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرَةِ وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) الْمُرَادُ بِالْيُبْسِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَجِيءُ وَقْتِ جُذَاذِهَا لِلْيُبْسِ إنْ كَانَتْ تَيْبَسُ، أَوْ لِلْأَكْلِ إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ اهـ بْن (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ الْأُصُولَ) أَيْ حِصَّتَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقُلْنَا بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ حُطَّ عَنْهُ حِصَّتُهَا) أَيْ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ إنْ أَزْهَتْ) أَيْ إنْ كَانَتْ مُزْهِيَةً، أَوْ مَأْبُورَةً يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ حَتَّى يَبِسَتْ (قَوْلُهُ وَفِيهَا) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا مَرَّةً إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) أَيْ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُفِيتُ الشُّفْعَةَ إلَّا يُبْسُهَا. وَأَمَّا جَذُّهَا قَبْلَ يُبْسِهَا فَلَا يُفِيتُ الشُّفْعَةَ فِيهَا وَظَاهِرُهُ اُشْتُرِيَتْ مُفْرَدَةً، أَوْ مَعَ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ مَفُوتٌ كَالْيُبْسِ)

وَلَيْسَ فِيهَا وَقْتَ الشِّرَاءِ، أَوْ ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤَبَّرْ (أُخِذَتْ) بِالشُّفْعَةِ مَعَ الْأُصُولِ إنْ لَمْ تُؤَبَّرْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، بَلْ (وَإِنْ أُبِّرَتْ) عِنْدَهُ مَا لَمْ تُيَبَّسْ عِنْدَهُ، أَوْ تُجَذَّ، وَإِلَّا فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الْأُصُولَ بِالثَّمَنِ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ حِصَّتُهَا مِنْهُ (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ (بِالْمَئُونَةِ) مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا. (وَكَبِئْرٍ) أَيْ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ (لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا) أَيْ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي تُسْقَى بِهَا وَتُزْرَعُ بِمَائِهَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الْبِئْرِ، أَوْ الْعَيْنِ خَاصَّةً، أَوْ مَعَ الْأَرْضِ فَالشُّفْعَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قُسِمَتْ أَرْضُهَا وَبَقِيَتْ الْبِئْرُ مُشْتَرَكَةً فَبَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْهَا (فَلَا) شُفْعَةَ؛ لِأَنَّ قَسْمَ الْأَرْضِ يَمْنَعُ الشُّفْعَةَ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ الشُّفْعَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا عَدَمُ الشُّفْعَةِ مَعَ الْقَسْمِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْآبَارُ وَظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ الشُّفْعَةُ وَلَوْ اتَّحَدَتْ الْبِئْرُ، أَوْ وِفَاقٌ بِحَمْلِ مَا فِيهَا عَلَى الْبِئْرِ الْوَاحِدَةِ وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْمُتَعَدِّدَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ) أَيْ حُمِلَتْ الْبِئْرُ الْمُتَّحِدَةُ أَيْ وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْمُتَعَدِّدَةِ فَلَا خِلَافَ، وَالْحَقُّ الْخِلَافُ وَعَلَيْهِ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ، وَهَلْ فِي الْمُتَّحِدَةِ تَأْوِيلَانِ. . ثُمَّ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مُحْتَرَزَاتِ قَوْلِهِ عَقَارًا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْقُيُودِ بِقَوْلِهِ (لَا عَرْضٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بِئْرٍ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ مُحْتَرَزُ عَقَارًا وَلَوْ نَصَبَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ وَمُرَادُهُ بِهِ مَا قَابَلَ الْعَقَارَ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ (وَكِتَابَةٍ) لِعَبْدٍ (وَدَيْنٍ) مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا بَاعَ أَحَدُهُمَا مَنَابَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِيهِ نَعَمْ قِيلَ إنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ بِمَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ لَا لِلشُّفْعَةِ (وَعُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ وَعَكْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ وَلَوْ حُذِفَ وَعَكْسُهُ كَانَ أَخْصَرَ، وَالْمَعْنَى لَا شُفْعَةَ فِي عُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ إذَا بِيعَ أَحَدُهُمَا. (وَ) لَا (زَرْعٍ) مُشْتَرَكٍ وَمُرَادُهُ بِهِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَقَاثِي، وَالْقَرْعُ مِنْ الْمَقَاثِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ) بِيعَ الزَّرْعُ (بِأَرْضِهِ) أَيْ مَعَهَا، وَالشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَسَوَاءٌ بِيعَ قَبْلَ يُبْسِهِ، أَوْ بَعْدَهُ (وَ) لَا فِي (بَقْلٍ) كَفُجْلٍ وَجَزَرٍ وَلُفْتٍ وَبَصَلٍ وَمُلُوخِيَّةٍ وَنَحْوِهَا إذْ مُرَادُهُ بِالْبَقْلِ مَا عَدَا الزَّرْعَ، وَالْمَقَاثِئَ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اُشْتُرِيَتْ مُفْرَدَةً، أَوْ مَعَ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِيهَا إلَخْ) أَيْ، وَأَثْمَرَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أُخِذَتْ الشُّفْعَةُ مَعَ الْأُصُولِ) فِيهِ أَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ لَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ لَا مِنْ بَابِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَوْجُودِ يَوْمَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ؛ لِأَنَّهَا غَلَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ حِصَّتُهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ حِصَّتُهَا وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك صِحَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ، ثُمَّ ذُكِرَ قَسِيمُ قَوْلِهِ وَحَطُّ حِصَّتِهَا (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ أُخِذَتْ رَجَعَ إلَخْ حَيْثُ أُبِرَّتْ، وَأَزْهَتْ. وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْمُؤْنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ عَمَلِهِ شَيْءٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ بِالْمُؤْنَةِ) أَيْ بِأُجْرَتِهِ فِي خِدْمَتِهِ لِلْأُصُولِ، وَالثَّمَرَةِ مِنْ سَقْيٍ وَتَأْبِيرٍ وَعِلَاجٍ وَلَوْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمُؤْنَةِ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ. (قَوْلُهُ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ) أَيْ حَصَلَا مِنْهُ عِنْدَ شِرَائِهَا قَبْلَ يُبْسِهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا أَنْفَقَ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ (قَوْلُهُ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا الْمُشْتَرَكَةُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِأَرْضِهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي حُفِرَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ فَالشُّفْعَةُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بِئْرًا وَاحِدَةً لَا فِنَاءَ لَهَا وَلَا أَرْضَ غَيْرَ الَّتِي تُزْرَعُ بِمَائِهَا (قَوْلُهُ لَهُ الشُّفْعَةُ) أَيْ لِقِيَاسِ مَا قُسِمَ أَرْضُهَا عَلَى الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا (قَوْلُهُ مَعَ الْقَسْمِ) أَيْ قَسْمِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ الْوَاحِدَةِ) أَيْ الَّتِي لَا تَعَدُّدَ فِيهَا (قَوْلُهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ سَحْنُونٍ بِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعُتْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ عَرْضٌ، أَوْ طَعَامٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ إذْ لَا شُفْعَةَ لَهُ (قَوْلُهُ مُشْتَرَكٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَالدَّيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَكِتَابَةٌ بَاعَهَا السَّيِّدُ وَدَيْنٌ بَاعَهُ صَاحِبُهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِكِتَابَتِهِ وَلَا الْمَدِينَ أَحَقُّ بِدَيْنِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ قِيلَ إلَخْ) قَائِلُهُ عج. وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ أَنَّ الْعَرْضَ، أَوْ الطَّعَامَ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا، وَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَوُقِفَتْ فِي السُّوقِ عَلَى ثَمَنٍ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ لَا لِلشُّفْعَةِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ بَاعَ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ مَضَى الْبَيْعُ مَا لَمْ يَحْكُمْ لِلشَّرِيكِ حَاكِمٌ بِالشُّفْعَةِ يَرَى ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ بِمَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ أَيْ بِمَا أَرَادَ شَرِيكُهُ بَيْعَهُ (قَوْلُهُ لَا لِلشُّفْعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ) أَيْ لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ عُلُوٍّ فِي سُفْلٍ إذَا بَاعَهُ صَاحِبُهُ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ أَيْ لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ سُفْلٍ فِي عُلُوٍّ إذَا بَاعَهُ صَاحِبُهُ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ) الْأَوْلَى لِشَبَهِهِمَا بِالْجَارَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجَارَ حَقِيقَةً مَنْ هُوَ عَنْ يَمِينِك، أَوْ يَسَارِك، أَوْ أَمَامَك، أَوْ خَلْفَك، وَهَذَا فَوْقَهُ، أَوْ تَحْتَهُ فَإِطْلَاقُ الْجَارِ عَلَيْهِ مَجَازٌ وَلَمْ يَكْتَفِ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذِهِ بِقَوْلِهِ وَجَارٌ؛ لِأَنَّ شِدَّةَ الْتِصَاقِ الْعُلُوِّ بِالسُّفْلِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّ فِي ذَلِكَ الشُّفْعَةَ (قَوْلُهُ وَلَا زَرْعٍ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْبَذْرَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَرْضِهِ) أَيْ هَذَا إذَا بِيعَ مُفْرَدًا، بَلْ وَلَوْ بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ إذَا بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالنِّيلَةِ. (قَوْلُهُ إذْ مُرَادُهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَمْثِيلِهِ لِلْبَقْلِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ مَا عَدَا الزَّرْعَ إلَخْ) أَيْ

يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَأُلْحِقَ بِالثَّمَرَةِ كَالْمَقَاثِئِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَقْلَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ شَيْءٌ قَالَهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُسْبَقْ بِهِ كَمَا قَالَ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إلَّا بِنَصٍّ مِنْهُ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (عَرْصَةٍ) ، وَهِيَ سَاحَةُ الدَّارِ الَّتِي بَيْنَ بُيُوتِهَا (وَ) لَا فِي (مَمَرٍّ) أَيْ طَرِيقٍ (قُسِمَ مَتْبُوعُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَرْصَةِ، وَالْمَمَرِّ فَلَوْ قَالَ مَتْبُوعُهُمَا كَانَ، أَوْضَحَ، وَالْمَتْبُوعُ هُوَ الْبُيُوتُ أَيْ وَبَقِيَتْ الْعَرْصَةُ، أَوْ الْمَمَرُّ مُشْتَرَكًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهِمَا سَوَاءٌ بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْهُمَا مَعَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْبُيُوتِ، أَوْ بَاعَهَا وَحْدَهَا وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً لِمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَهِيَ الْبُيُوتُ الْمُنْقَسِمَةُ كَانَتْ لَا شُفْعَةَ فِيهَا (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (حَيَوَانٍ إلَّا) حَيَوَانًا (فِي كَحَائِطٍ) أَيْ بُسْتَانٍ سُمِّيَ حَائِطًا؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ عَلَيْهِ حَائِطٌ يَدُورُ بِهِ غَالِبًا، فَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا وَفِيهِ حَيَوَانٌ آدَمِيٌّ، أَوْ غَيْرُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ الْحَائِطِ فَلِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ أَخْذُ الْحَيَوَانِ بِالشُّفْعَةِ تَبَعًا لِلْحَائِطِ فَإِنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنْ الْحَائِطِ فَلَا شُفْعَةَ (وَ) لَا فِي (إرْثٍ) أَيْ مَوْرُوثٍ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَالِكِهِ جَبْرًا. (وَ) لَا فِي (هِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ) لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ لِثَوَابٍ (فَبِهِ) أَيْ فَبِالثَّوَابِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ مُرَادَهُ بِهِ كُلُّ مَا يُجَزُّ أَصْلُهُ سَوَاءٌ أَخْلَفَ أَمْ لَا؟ كَمَا أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَقْثَأَةِ كُلُّ مَا يُجْبَى وَيَبْقَى أَصْلُهُ لِيَخْلُفَ غَيْرَهُ كَالْقُطْنِ، وَالْبَامِيَةِ، وَالْقَرْعِ، وَالْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْبَاذِنْجَانِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْبَقْلَ كَذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَقْلَ، وَإِنْ أُخِذَ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَّا أَنَّهُ يُحْصَدُ مِنْ أَصْلِهِ وَيَخْلُفُ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْمَقَاثِي فَإِنَّهَا كَالثِّمَارِ تُجْنَى مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا، وَالْفُولُ كَذَلِكَ فَإِلْحَاقُ الْفُولِ الْأَخْضَرِ بِالثِّمَارِ دُونَ الْبُقُولِ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ الْفَارِقِ فِي الْأَوَّلِ وَوُجُودِهِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ) أَيْ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ) أَيْ الْإِمَامُ لِقَوْلِهِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ إنَّ هَذَا لِشَيْءٍ أَسْتَحْسِنُهُ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي (قَوْلُهُ فَلَا يُقَاسُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحْسَنَ الشُّفْعَةَ فِي الثِّمَارِ، وَالْمَقْثَأَةِ لِكَوْنِهَا تُجْنَى مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْفُولِ الْمَذْكُورِ فَإِلْحَاقُهُ بِالثِّمَارِ، وَالْمَقْثَأَةِ ظَاهِرٌ وَلَا يَحْتَاجُ الْقِيَاسُ لِنَصٍّ مِنْ الْإِمَامِ، وَإِلَّا كَانَ قِيَاسُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرَ صَحِيحٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ، وَهِيَ سَاحَةُ الدَّارِ الَّتِي بَيْنَ بُيُوتِهَا) أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِالْحَوْشِ وَسُمِّيَتْ الْفُسْحَةُ الْمَذْكُورَةُ عَرْصَةً لِتَعَرُّصِ الصِّبْيَانِ أَيْ تَفَسُّحِهِمْ فِيهَا (قَوْلُهُ، وَالْمَتْبُوعُ) أَيْ لِلْعَرْصَةِ، وَالْمَمَرِّ هُوَ الْبُيُوتُ وَقَدْ يَكُونُ الْمَمَرُّ لِجِنَانٍ فَيَكُونُ مَتْبُوعُهُ الْجِنَانَ (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهَا وَحْدَهَا) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ إذَا بَاعَ حِصَّةً مِنْهَا وَحْدَهَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَمَرِّ إذَا قُسِمَ مَتْبُوعُهُ كَوْنُهُ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَلْ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ مَتْبُوعُهُ فَلَمَّا سَقَطَتْ فِي مَتْبُوعِهِ سَقَطَتْ فِيهِ. وَأَمَّا تَعْلِيلُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ لِكَوْنِهِ وَقْفًا فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا هُوَ الْمَمَرُّ الْعَامُّ. وَأَمَّا مَمَرُّ جَمَاعَةٍ خَاصَّةٍ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُمْ قَطْعًا (قَوْلُهُ، وَهِيَ الْبُيُوتُ الْمُنْقَسِمَةُ) أَيْ لِصَيْرُورَةِ أَهْلِهَا جِيرَانًا (قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ) أَيْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَأَعَادَ هَذَا مَعَ فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ لَا عُرِضَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي كَحَائِطٍ) يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ كَحَرْثٍ، أَوْ سَقْيٍ. وَأَمَّا الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ إلَّا فِي كَحَائِطٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الشُّفْعَةَ فِي دَابَّةِ الرَّحَا، وَالْمَعْصَرَةِ، وَالْمُجَبَّسَةِ فَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْكَافِ فِي الْمُصَنِّفِ، وَأَجَابَ اللَّقَانِيُّ بِأَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَيْ أَقْصَى مَا يُقَالُ فِيهِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْحَيَوَانِ حَيَوَانُ الْحَائِطِ لَا تَمْثِيلِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَيَوَانَ الرَّحَا، وَالْمَعْصَرَةِ، وَالْمَجْبَسَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، أَوْ يُقَالُ إنَّ الْكَافَ مُدْخِلَةٌ لِلْحَيَوَانِ الْمُعَدِّ لِلْعَمَلِ فِي الْحَائِطِ وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَلَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ إلَّا فِي كَحَيَوَانِ حَائِطٍ أَيْ إلَّا فِي حَيَوَانِ حَائِطٍ وَمَا مَاثَلَهُ فَحَيَوَانُ الْحَائِطِ مَا يُعْمَلُ فِيهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُمَاثِلُ لَهُ هُوَ الْمُعَدُّ لِلْعَمَلِ فِيهِ. وَأَمَّا الَّذِي لَا يُحْتَاجُ لِلْعَمَلِ فِيهِ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ ظَرْفِيَّتِهِ فِي الْحَائِطِ (قَوْلُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْحَائِطِ) أَيْ وَمِنْ الْحَيَوَانِ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْحَائِطِ) أَيْ فَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ فِي الْحَائِطِ بِمَا فِيهِ، ثُمَّ حَصَلَ فِيمَا فِيهِ هَلَاكٌ مِنْ اللَّهِ، ثُمَّ أَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَلْزَمَ الشَّفِيعَ بِجَمْعِ الثَّمَنِ وَلَا يَسْقُطُ لِمَا هَلَكَ شَيْءٌ اهـ. عبق (قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا) أَيْ فَإِنْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ مُنْفَرِدَةً عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْحَائِطِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عِنْد ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَمَا نَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ الشُّفْعَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَلَا فِي إرْثٍ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ مَيِّتٍ عَلَى وَارِثٍ فِي إرْثٍ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَالِكِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ وَلَا فِي هِبَةٍ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ فِي هِبَةٍ لِشِقْصٍ يُمَلِّكُهُ شَرِيكُهُ لِآخَرَ بِلَا ثَوَابٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فِيهِ) أَيْ، وَإِلَّا فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِهِ أَيْ بِالثَّوَابِ أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، هَذَا وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِلَّا فِيهِ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ، وَإِلَّا فِيهِ الشُّفْعَةُ.

(بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ لُزُومِهِ، وَذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنِ بِتَعْيِينِهِ وَفِي غَيْرِهِ بِالدَّفْعِ، أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ. (وَ) لَا فِي بَيْعِ (خِيَارٍ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ) أَيْ الْبَيْعِ أَيْ لُزُومِهِ (وَوَجَبَتْ) الشُّفْعَةُ (لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ لِمُشْتَرِي الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ (إنْ بَاعَ) الْمَالِكُ دَارِهِ مَثَلًا (نِصْفَيْنِ) نِصْفًا (خِيَارًا) أَوَّلًا. (ثُمَّ) النِّصْفَ الْآخَرَ (بَتْلًا) لِشَخْصٍ آخَرَ ثَانِيًا (فَأَمْضَى) بَيْعَ الْخِيَارِ الْأَوَّلِ أَيْ أَمْضَاهُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ بَيْعِ الْبَتْلِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بَتْلًا؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ حَقَّقَ مِلْكَهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَمُشْتَرِي الْبَتْلِ مُتَجَدِّدٌ عَلَيْهِ فَالشُّفْعَةُ لَهُ عَلَى ذِي الْبَتْلِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ وَكَثِيرًا مَا يُبْنَى الْمَشْهُورُ عَلَى ضَعِيفٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالشُّفْعَةُ لِمُشْتَرِي الْبَتْلِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (بَيْعٍ فَسَدَ) وَلَوْ اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ (فَبِالْقِيمَةِ) . وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذَا فَاتَ فَيَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ، وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ فَبِالْقِيمَةِ قَوْلَهُ (إلَّا) أَنْ يَفُوتَ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ (بِبَيْعٍ صَحَّ) بَعْدَ الْفَاسِدِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَوَاتُهُ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَاسِدًا (فَبِالثَّمَنِ فِيهِ) أَيْ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الْوَاقِعِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا إنْ قَامَ الشَّفِيعُ قَبْلَ دَفْعِ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ لِبَائِعِهِ، وَإِلَّا فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ، أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَثَمَنٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَيْعِ الصَّحِيحِ (وَتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ) أَيْ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ مِلْكَهُ سَابِقٌ عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ إنْ حَلَفَا، أَوْ نَكَلَ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا وَسَقَطَتْ) الشُّفْعَةُ (إنْ قَاسَمَ) الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بَعْدَهُ) أَيْ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ بِالثَّوَابِ إلَّا بَعْدَ لُزُومِهِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ، وَذَلِكَ) أَيْ اللُّزُومُ فِي الثَّوَابِ الْمُعَيَّنِ بِتَعْيِينِهِ إلَخْ، فَمَتَى كَانَ الثَّوَابُ مُعَيَّنًا أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَأْخُذُ بِهِ الشَّفِيعُ إلَّا إذَا رُفِعَ، أَوْ حُكِمَ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي بَيْعِ خِيَارٍ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ فِي شِقْصٍ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لِبَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ (قَوْلُهُ أَيْ لُزُومِهِ) أَيْ بِمُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ، أَوْ بِبَتِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ خِيَارُ النَّقِيصَةِ كَالشَّرْطِيِّ، أَوْ لَا، فَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ أَيْ لِمُشْتَرِي الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ لَا لِمُشْتَرِي الْخِيَارِ الْمُتَبَادَرِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يُشْتَرَى (قَوْلُهُ إنْ بَاعَ الْمَالِكُ دَارِهِ مَثَلًا نِصْفَيْنِ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ اتِّحَادُ بَائِعِ الْخِيَارِ، وَالْبَتْلِ وَمِثْلُهُ إذَا لَمْ يَتَّحِدَا كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِالْخِيَارِ، ثُمَّ بَاعَ الشَّرِيكُ الثَّانِي حِصَّتَهُ بَتْلًا، وَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ بَتْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَتْلًا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَأَمْضَى بَيْعَ الْخِيَارِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِبَائِعِ الْخِيَارِ فِيمَا بِيعَ بَتْلًا حَيْثُ كَانَ بَائِعُ الْخِيَارِ غَيْرَ بَائِعِ الْبَتْلِ؛ لِأَنَّ بَائِعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْمَبِيعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْخِيَارِ هُوَ بَائِعُ الْبَتْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ فِيمَا بَاعَهُ بَتْلًا (قَوْلُهُ مُنْعَقِدٌ) أَيْ فَالْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي زَمَنَ الْخِيَارِ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ لَازِمٍ، وَالْإِمْضَاءُ يُقَرِّرُهُ وَيُصَيِّرُهُ لَازِمًا (قَوْلُهُ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ) أَيْ فَالْمَبِيعُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَالْإِمْضَاءِ ابْتِدَاءً لِلْبَيْعِ لَا تَقْرِيرَ لَهُ. (قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فَسَدَ) يَعْنِي إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ شَرْعًا فَالشِّقْصُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِ بَائِعِهِ فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَعَلِمَ بِالْفَسَادِ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فُسِخَ بَيْعُ الشُّفْعَةِ، وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ) أَيْ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَاتَ عِنْدَهُ كَانَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِمَا لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ، وَهُوَ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْفَسَادُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَالثَّمَنُ إنْ كَانَ الْفَسَادُ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَالْفَوَاتُ هُنَا بِغَيْرِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ كَتَغَيُّرِ الذَّاتِ بِالْهَدْمِ وَكَالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الشَّفِيعِ، وَأَمَّا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَلَا تُفِيتُ الرِّبَاعَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ أَيْ وَكَذَا الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّفِيعِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الشِّقْصِ إذَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ وَفَاتَ عِنْدَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ إذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ إذَا كَانَ الْفَوَاتُ بِغَيْرِ بَيْعٍ صَحِيحٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ الْمُشْتَرِي شِرَاءٌ فَاسِدٌ، أَوْ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَسَوَاءٌ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مَفُوتٌ قَبْلَ ذَلِكَ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَمْ لَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِلْفَوَاتِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ، وَالْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ) هَذَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ. وَأَمَّا إذَا قَامَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الصَّحِيح أَمْ لَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِلْفَوَاتِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ، وَالْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ) هَذَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ. وَأَمَّا إذَا قَامَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الثَّمَنَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَنَازُعٍ) عَطْفٌ عَلَى عَرْضٍ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي عَرْضٍ وَلَا فِي عَقَارٍ

وَكَذَا إنْ طَلَبَهَا وَلَوْ لَمْ يُقَاسِمْ بِالْفِعْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ (أَوْ اشْتَرَى) الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ (أَوْ سَاوَمَ) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ مُسَاوَمَتَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ (أَوْ سَاقَى) بِأَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ مُسَاقِيًا لِلْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ فِيهِ الشُّفْعَةُ (أَوْ اسْتَأْجَرَ) الشَّفِيعُ الْحِصَّةَ مِنْ الْمُشْتَرِي (أَوْ بَاعَ) الشَّفِيعُ (حِصَّتَهُ) فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَبِبَيْعِهَا انْتَفَى (أَوْ سَكَتَ) الشَّفِيعُ مَعَ عِلْمِهِ (بِهَدْمٍ) ، أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ غَرْسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لِإِصْلَاحٍ (أَوْ) سَكَتَ بِلَا مَانِعٍ (شَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدُ) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي وَثِيقَةِ الْبَيْعِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْكَتْبِ. وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَمِثْلُ كَتْبِ شَهَادَتِهِ الْأَمْرُ بِهِ، أَوْ الرِّضَا بِهِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ بِلَا كَتْبٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَتَسْقُطُ بِحُضُورِهِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ (سَنَةً) مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQذِي تَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ دَارًا فَبَاعَ نِصْفَهَا لِزَيْدٍ وَنِصْفَهَا لِعَمْرٍو وَتَنَازَعَا فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَبْقَ مِلْكِهِ عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ إنْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ، أَوْ نَكَلَا. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ طَلَبَهَا) أَيْ إنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ الْقِسْمَةَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا إلَّا مُقَاسَمَةُ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي بِالْفِعْلِ، وَهُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ح اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ شِرَاؤُهُ مِنْهُ جَهْلًا بِحُكْمِ الشُّفْعَةِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ كَوْثَرٍ وَكَمَا فِي تت عَنْ الذَّخِيرَةِ. إنْ قُلْت إنَّ الشَّفِيعَ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ قَدْ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالشُّفْعَةِ فَمَا مَعْنَى سُقُوطِهَا؟ قُلْت تَظْهَرُ فَائِدَةُ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ قَدْرًا كَمَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَ الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بِالْمِائَةِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الشُّفْعَةِ وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ، أَوْ سَاوَمَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ) أَيْ فِي الشِّقْصِ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْمُسَاوَمَةِ الشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الشُّفْعَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِالْمُسَاوَمَةِ وَيَحْلِفُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ مُسَاقِيًا إلَخْ) أَيْ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ لِدَلَالَةِ الْجُعَلِ الْمَذْكُورِ عَلَى رِضَاهُ بِتَرْكِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ،. وَأَمَّا دَفْعُ الشَّفِيعِ حِصَّتَهُ مُسَاقَاةً لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا بِالتَّرْكِ (قَوْلُهُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ) أَيْ وَكَذَا إذَا دَعَا الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ لِاسْتِئْجَارِهَا مِنْهُ وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِئْجَارٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ) أَيْ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا فَتَسْقُطُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ وَيَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الشُّفْعَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ سُقُوطُهَا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ وَلَوْ فَاسِدًا وَقَدْ رُدَّ الْمَبِيعُ عَلَى الشَّفِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ كَمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ بِالْخِيَارِ وَرَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ اُنْظُرْ بْن، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ أَيْ كُلَّهَا فَإِنْ بَاعَ بَعْضَهَا لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ شُفْعَةٌ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ لَهُ الْكَامِلُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ؟ ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، فَقَوْلُهُ الْآتِي، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ أَيْ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ لَا يَوْمَ شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ كَثَلَاثَةِ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، ثُمَّ بَاعَ الثَّانِي النِّصْفَ مِنْ نَصِيبِهِ فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُشَفَّعُ هَذَا الثَّانِي فِيمَا بَاعَهُ الْأَوَّلُ بِقَدْرِ مَا بَاعَ وَمَا بَقِيَ لَهُ، أَوْ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ فَقَطْ. وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُشَفَّعُ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ وَجْهٌ لِلْخِلَافِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ بِبَيْعِ حِصَّتِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذُكِرَ فِي الْبَيَانِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا تَسْقُطُ إذَا بَاعَ عَالِمًا بِبَيْعِ شَرِيكِهِ فَإِنْ بَاعَ غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِهِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَالَ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ، أَوْ سَكَتَ) أَيْ عَنْ الْقِيَامِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَسِيرًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِإِصْلَاحٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ لِإِصْلَاحٍ فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُ الْعَقَارَ عَلَى مَالِكِهِ إذَا سَكَتَ مُدَّتَهَا إلَّا الْهَدْمُ، وَالْبِنَاءُ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ (قَوْلُهُ أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ) أَيْ بِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ) ، بَلْ يَقُولُ إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ، بَلْ بِمُضِيِّ سَنَةٍ إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَلَمَّا كَانَ ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ، وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى كِتَابَةِ الشَّهَادَةِ اُحْتِيجَ لِلتَّأْوِيلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ) سَوَاءٌ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِحُضُورِهِ) أَيْ فِي الْبَلَدِ سَاكِتًا عَنْ الْقِيَامِ بِشُفْعَتِهِ وَقَوْلُهُ سَنَةً أَيْ

كَشَهْرٍ بَعْدَهَا مُطْلَقًا وَلَوْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الْوَثِيقَةِ (كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ) أَيْ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِعَقْدِ الْوَثِيقَةِ، وَإِلَّا فَسَنَةٌ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُسْقِطَةِ (فَعِيقَ) أَيْ فَعَاقَهُ عَائِقٌ قَهْرِيٌّ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ إنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعُذْرِهِ، أَوْ قَرِينَةٌ (وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ) قُدُومُهُ عَنْ الشَّهْرَيْنِ، أَوْ السَّنَةِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ إلَى الْآنَ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا يُسْقِطُهَا فِي الْحَاضِرِ إلَّا سَنَةٌ وَمَا قَارَبَهَا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُسَافِرُ إلَّا إنْ زَادَ عَنْ شَهْرَيْنِ بَعْدَ السَّنَةِ زِيَادَةً بَيِّنَةً سَوَاءٌ كَتَبَ شَهَادَتَهُ قَبْلَ سَفَرِهِ، أَوْ لَا، فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَهَا بِشَهْرٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ بِأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ أَخَذَ بِلَا يَمِينٍ. (وَصُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (إنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ) بَعْدَ قُدُومِهِ بِالْبَيْعِ وَنَازَعَهُ الْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ لَهُ سَافَرْتَ بَعْدَ عِلْمِكَ مَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْعِلْمِ (لَا إنْ غَابَ) الشَّفِيعُ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ، وَأَوْلَى قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَلَوْ غَابَ سِنِينَ كَثِيرَةً فَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَاضِرِ الْعَالِمِ فَلَهُ سَنَةٌ وَمَا قَارَبَهَا بَعْدَ قُدُومِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُشْتَرَطُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا فَمَتَى مَضَتْ السَّنَةُ، وَهُوَ حَاضِرٌ فِي الْبَلَدِ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (قَوْلُهُ كَشَهْرٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الشَّهْرَيْنِ، وَالثَّلَاثَةَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا فَاخْتُلِفَ فِيمَا قَارَبَهَا عَلَى أَقْوَالٍ فَقِيلَ شَهْرٌ وَقِيلَ شَهْرَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِمُضِيِّ الْمُدَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَعْنِي الشَّهْرَيْنِ، أَوْ السَّنَةَ، أَوْ بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا مُطْلَقًا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ السُّكُوتُ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ رَشِيدٍ، أَوْ وَلِيِّ سَفِيهٍ، أَوْ صَغِيرٍ حَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ عَالِمٍ بِالْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْقِيَامِ مَانِعٌ،. وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ سَفِيهٍ مُهْمِلٍ كَانَ لَهُ إذَا رَشِدَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ حَيْثُ كَانَ غَنِيًّا وَقْتَ الْقِيَامِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ غَنِيًّا وَقْتَ الْبَيْعِ أَيْضًا، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَمِثْلُهُ الْغَائِبِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا إذَا قَدِمَ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، بَلْ يُعْتَبَرُ لَهُ سَنَةً وَمَا قَارَبَهَا بَعْدَ قُدُومِهِ، وَعَلَى الِاشْتِرَاطِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ مَلَاؤُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَقَطْ، أَوْ دَاخِلَ السَّنَةِ؟ قَوْلَانِ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِ الشَّرِيكِ، أَوْ حَاضِرًا عَالِمًا بِهِ لَكِنْ تَرَكَ الْقِيَامَ لِمَانِعٍ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ وَتُسْتَأْنَفْ لَهُ الْمُدَّةُ، وَهِيَ السَّنَةُ وَمَا قَارَبَهَا مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَوْ الشَّهْرَانِ، وَالسَّنَةُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وَقْتِ عِلْمِهِ وَمِنْ وَقْتِ زَوَالِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ) أَيْ فَكَالْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ، وَإِلَّا فَسَنَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنَّفِ مِنْ التَّفْصِيلِ،، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ كَالْحَاضِرِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا، كَتَبَ شَهَادَتَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ) فَإِذَا قَدِمَ بَعْدَ الطُّولِ حَلَفَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَأَخَذَ بِهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَتْ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ عِيقَ قَهْرًا عَنْهُ إنْ شَهِدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِحُصُولِ عُذْرٍ لَهُ عَاقَهُ عَنْ الْحُضُورِ، أَوْ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ فَعِيقَ لَمْ يَرْتَضِهِ ح؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ قَوْلَهُ إنْ بَعُدَ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَابَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَظَنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلُ فَعِيقَ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مُطْلَقًا كَانَ قُدُومُهُ بَعْدَهَا بِقُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ، وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ رُجُوعُهُ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا سَنَةً أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ سَنَةً، بَلْ قَامَ قَبْلَ السَّنَةِ وَلَكِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَقِيَامِهِ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ، لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا حَتَّى يَحْلِفَ، وَحَدُّ الْبُعْدِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَنَحْوُهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَكَذَا إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ وَقَامَ بَعْدَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا حَتَّى يَحْلِفَ، وَيُؤْخَذَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا غَابَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَظَنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ عِيقَ وَقَدِمَ بَعْدَهَا بِقُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ بِالْأَوْلَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْلِفُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَاضِرَ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَكَذَلِكَ مَنْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ فَغَابَ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ فَعِيقَ، وَأَتَى بَعْدَ السَّنَةِ وَشَهْرَيْنِ بِأَيَّامٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُسَافِرُ) أَيْ الَّذِي عَلِمَ بِالْبَيْعِ فَغَابَ. وَأَمَّا الْغَائِبُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَقَدْ عَلِمْتَ حُكْمَهُ، وَقَوْلُهُ إلَّا إذَا زَادَتْ أَيْ غَيْبَتُهُ وَقَوْلُهُ زِيَادَةً بَيِّنَةً أَيْ كَجُمُعَةٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ بِأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ) أَيْ كَالْيَوْمَيْنِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ إنْ أَنْكَرَ إلَخْ) أَيْ إنْ أَنْكَرَ بَعْدَ قُدُومِهِ عِلْمَهُ بِالْبَيْعِ قَبْلَ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَهُ سَنَةٌ وَمَا قَارَبَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ، وَقَوْلُهُ إنْ أَنْكَرَ إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَادَّعَى جَهْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُعْذَرُ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا (قَوْلُهُ لَا إنْ غَابَ الشَّفِيعُ) أَيْ عَنْ مَحَلِّ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَابَ سِنِينَ كَثِيرَةً) أَيْ وَلَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ فِي غَيْبَتِهِ، وَظَاهِرُهُ قَرُبَ مَحَلُّ الْغَيْبِ، أَوْ بَعُدَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ

أَوْ يَحْصُلُ أَمْرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَوْ أَسْقَطَ) شُفْعَتَهُ (لِكَذِبٍ) مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَسِمْسَارٍ (فِي الثَّمَنِ) بِزِيَادَةٍ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ (وَحَلَفَ) أَنَّهُ إنَّمَا أُسْقِطَ لِلْكَذِبِ (أَوْ) أُسْقِطَ لِكَذِبٍ (فِي) الشِّقْصِ (الْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ إنَّ شَرِيكَك بَاعَ بَعْضَ نَصِيبِهِ فَأُسْقِطَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ الْكُلَّ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ (أَوْ) فِي الشَّخْصِ (الْمُشْتَرِي) بِكَسْرِهَا (أَوْ انْفِرَادِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِالْكَسْرِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَعَدِّدٌ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ (أَوْ أُسْقِطَ وَصِيٌّ، أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ) أَيْ وَثَبَتَ أَنَّ فِعْلَ مَنْ ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ لِنَظَرٍ فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فَلَهُ وَكَذَا لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا الْأَخْذُ بِهَا فَإِنْ أُسْقِطَا لِنَظَرٍ سَقَطَتْ وَحُمِلَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْجَهْلِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ. (وَشَفَعَ) الْوَلِيُّ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ (لِنَفْسِهِ) إذَا كَانَ شَرِيكًا لِلْمَحْجُورِ وَبَاعَ حِصَّةَ الْمَحْجُورِ لِمَصْلَحَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا يَكُونُ تَوَلِّيهِ الْبَيْعَ مَانِعًا مِنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ كَمَا إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ ابْتِدَاءً لِاحْتِمَالِ أَخْذِهِ بِرُخْصٍ وَكَمَا إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ، ثُمَّ شَفَعَ لِمَحْجُورِهِ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهِ بِغَلَاءٍ لِيَأْخُذَ لِمَحْجُورِهِ (أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ) مِنْ يَتِيمَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي عَقَارٍ، وَهُمَا تَحْتَ حِجْرِهِ فَبَاعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَيَشْفَعُ لِلْآخَرِ وَلَا يَكُونُ تَوَلِّيهِ الْبَيْعَ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ (، أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَحَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ (وَأَقَرَّ بَائِعِهِ) بِأَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ كَتْبَ شُفْعَتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَدْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ. (وَهِيَ) أَيْ الشُّفْعَةُ مَفْضُوضَةٌ عِنْدَ تَعَدُّدِ الشُّرَكَاءِ (عَلَى) قَدْرِ (الْأَنْصِبَاءِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ، أَوْ يَحْصُلُ أَمْرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَتْ إنْ قَاسَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ) مِثْلُ الْإِسْقَاطِ سُكُوتُهُ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَذِبِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ لَهُ بِهِمَا عَلَقَةٌ كَالسِّمْسَارِ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ لَا عَلَقَةَ لَهُ بِهِمَا (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الْمُشْتَرِي) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ شَرِيكَهُ بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ فَأَجَازَ الشِّرَاءَ، وَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ الْكُلَّ. وَأَمَّا لَوْ أَخْبَرَ أَنَّ شَرِيكَهُ بَاعَ الْكُلَّ فَأَجَازَ الشِّرَاءَ، وَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ، ثُمَّ عَلَى أَنَّ شَرِيكَهُ بَاعَ نِصْفَ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَأَرَادَ الْأَخْذَ وَقَالَ إنَّمَا سَلَّمْتَ لِعَدَمِ قُدْرَتِي عَلَى أَخْذِ الْجَمِيعِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ وَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ، لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ صَاحِبُ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أَشْهَبَ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ فِي هَذَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الْجَمِيعِ لَيْسَ كَإِسْلَامِ النِّصْفِ، وَنَقَلَهُ أَيْضًا فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، أَوْ فِي الشَّخْصِ) أَيْ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبِ الشَّخْصِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ قِيلَ لَهُ إنَّ شَرِيكَك بَاعَ حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ صَاحِبِك فَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَهَا لِعَمْرٍو وَعَدُوِّهِ (قَوْلُهُ، أَوْ انْفِرَادِهِ) أَيْ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي انْفِرَادِهِ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ إنَّ شَرِيكَك بَاعَ حِصَّتَهُ لِفُلَانٍ وَحْدَهُ فَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَهَا لِجَمَاعَةِ فُلَانٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ، أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ) نَحْوُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ إذَا أَسْقَطَهَا الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ وَلَوْ كَانَ الْإِسْقَاطُ بِلَا نَظَرٍ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الشُّفْعَةُ اسْتِحْقَاقٌ، أَوْ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُمَا الْأَخْذُ بَعْدَ إسْقَاطِهَا، وَعَلَى الثَّانِي لَا أَخْذَ لَهُمَا إذْ لَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ إلَّا حِفْظُ مَالِ الْمَحْجُورِ لَا تَنْمِيَتُهُ اُنْظُرْ ح اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَثَبَتَ أَنَّ فِعْلَ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ وَثَبَتَ أَنَّ إسْقَاطَ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لَمْ يَكُنْ لِنَظَرٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ الْحَاصِلِ مِنْهُمَا الْإِسْقَاطُ لِغَيْرِ نَظَرٍ أَنْ يَأْخُذَ بَعْدَ إسْقَاطِهِ بِالشُّفْعَةِ لِمَحْجُورِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّظَرِ وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْجَهْلِ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ لَا لِطَعْنٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ، أَوْ وَصِيٍّ) أَيْ، أَوْ مَقْدِمِ قَاضٍ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى النَّظَرِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُحْتَاجُ لِرَفْعِهِمَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى النَّظَرِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ إتْهَامٌ كَمَا هُنَا، وَإِلَّا فَلَا يُحْمَلَانِ عَلَى النَّظَرِ، قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَخْذِهِ بِرُخْصٍ) أَيْ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهِ لِحِصَّةِ الْمَحْجُورِ بِرُخْصٍ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ بِرُخْصٍ فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ رُدَّ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَنْكَرَ) عَطْفٌ عَلَى أَنَّ قَاسَمَ أَيْ، أَوْ أَنْكَرَ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مُشْتَرٍ فَتَسْمِيَتُهُ مُشْتَرِيًا مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلشِّرَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَقَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَ حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ وَادَّعَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَلشَّرِيك إذَا حَلَفَ الْأَجْنَبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، وَالْحَالُ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلشِّرَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ ثُبُوتُ الشِّرَاءِ لِإِنْكَارِ الْمُشْتَرِي لَهُ، وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْعَقْدِ إجْمَاعٌ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَائِعَ مُقِرٌّ بِالْبَيْعِ حَلَفَ الْبَائِعُ وَثَبَتَ الْبَيْعُ، وَالشُّفْعَةُ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ أَيْضًا فَإِنَّهُمَا يَتَفَاسَخَانِ. (قَوْلُهُ، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمُوَطَّإِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُمَا عَلَى الْأَنْصِبَاءِ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَعَلَى الرُّءُوسِ فِيمَا لَا يَقْبَلُهَا، وَهُوَ

لَا عَلَى الرُّءُوسِ، فَإِذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ، وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ، وَلِلثَّالِثِ السُّدُسُ، فَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ شَرِيكَيْهِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ صَاحِبَيْهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ صَاحِبَيْهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ. (وَ) إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ (تُرِكَ لِلشَّرِيكِ) الْمُشْتَرِي وَفِي نُسْخَةٍ لِلشَّفِيعِ (حِصَّتُهُ) وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَمِيعُ فَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ لِصَاحِبِ السُّدُسِ أَخَذَ مِنْهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ سَهْمَيْنِ وَتَرَكَ لَهُ سَهْمًا (وَطُولِبَ) الشَّفِيعُ (بِالْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ (بَعْدَ اشْتِرَائِهِ) أَيْ اشْتِرَاءِ الْمُشْتَرِي أَيْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا تَقَرَّرَ الْبَيْعُ أَنْ يُطَالِبَ الشَّفِيعَ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ يَسْقُطَ حَقُّهُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِعَدَمِ تَصَرُّفِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ (لَا قَبْلَهُ) أَيْ الِاشْتِرَاءِ فَلَيْسَ لِمَنْ أَرَادَ الشِّرَاءَ مُطَالَبَةُ الشَّفِيعِ بِأَخْذٍ، أَوْ تَرْكٍ (وَ) لَوْ طَالَبَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ إسْقَاطُهُ) وَلَوْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ نَحْوَ إنْ اشْتَرَيْتَ فَقَدْ أَسْقَطْتُ شُفْعَتِي وَلَهُ الْقِيَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِشَيْءٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ (نَقْضُ وَقْفٍ) أَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ مَسْجِدًا (كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُمَا، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (وَالثَّمَنِ) الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ (لِمُعْطَاهُ) أَيْ لِمُعْطَى الشِّقْصِ هِبَةً، أَوْ صَدَقَةً، وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ لَا لِلْمُشْتَرِي (إنْ عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (شَفِيعَهُ) أَيْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ كَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى هِبَةِ الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا فَالثَّمَنُ لَهُ دُونَ مُعْطَاهُ (لَا إنْ، وَهَبَ) الْمُشْتَرِي (دَارًا) اشْتَرَاهَا بِتَمَامِهَا (فَاسْتُحِقَّ) مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (نِصْفُهَا) مَثَلًا بِمِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى الْهِبَةِ، وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ ثَمَنَ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، بَلْ لِلْوَاهِبِ الْمُشْتَرِي لِلدَّارِ، وَأَمَّا ثَمَنُ النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ فَهُوَ لِلْوَاهِبِ بِلَا إشْكَالٍ. (وَمَلَكَ) الشِّقْصَ أَيْ مَلَكَهُ الشَّفِيعُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (بِحُكْمٍ) مِنْ حَاكِمٍ لَهُ بِهِ (أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ) مِنْ الشَّفِيعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQضَعِيفٌ، هَذَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْأَنْصِبَاءِ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَوْمَ شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا بَاعَ وَاحِدٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الشُّفْعَةِ بَعْضَ نَصِيبِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ كَمَا إذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ بِتَمَامِهَا، ثُمَّ بَعْدَ بَيْعِهِ وَقَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَاعَ ثَانِيهِمْ نِصْفَ حِصَّتِهِ فَهَلْ يَشْتَرِكُ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ فِي أَخْذِ الثُّلُثِ الْمَبِيعِ أَوَّلًا بِالشُّفْعَةِ نَظَرًا لِنَصِيبِ كُلٍّ يَوْمَ وَقَعَ التَّبَايُعُ فِي الثُّلُثِ الْمَبِيعِ، أَوْ لَا، وَهُوَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، أَوْ أَنَّ مَنْ بَاعَ نِصْفَ نَصِيبِهِ لَهُ الثُّلُثُ بِالشُّفْعَةِ وَمَنْ لَمْ يَبِعْ لَهُ الثُّلُثَانِ نَظَرًا لِنَصِيبِ كُلٍّ يَوْمَ الْقِيَامِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ لَا عَلَى الرُّءُوسِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَبْنًا عَلَى ذِي النَّصِيبِ الْكَثِيرِ بِمُسَاوَاةِ ذِي النَّصِيبِ الْيَسِيرِ لَهُ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ سَهْمٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ) أَيْ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ بِيَدِ صَاحِبِ الثُّلُثِ مِنْ الْعَقَارِ ثُلُثَاهُ أَرْبَعَةُ أَسْدَاسٍ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ ثُلُثُ الْعَقَارِ سُدُسَانِ (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِلشَّفِيعِ) أَيْ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَتُرِكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ) أَيْ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَ مِنْهُ صَاحِبُ السُّدُسِ سَهْمًا وَتَرَكَ لَهُ سَهْمَيْنِ بِمَا يَخُصُّهُمَا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ حِصَّتَهُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَ مِنْهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ سَهْمَيْنِ وَتَرَكَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ لِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَإِنْ بَاعَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَبْقَى لَهُ صَاحِبُ النِّصْفِ سَهْمَيْنِ، وَأَخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ وَتَرَكَ لَهُ سَهْمًا) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ وَطُولِبَ الشَّفِيعُ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ بِالْأَخْذِ أَيْ، أَوْ بِالْإِسْقَاطِ فَإِنْ أَجَابَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِشَيْءٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ) أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَتَحَقُّقِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ نَقْضُ وَقْفٍ أَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِي الشِّقْصِ، وَإِذَا نَقَضَهُ وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي بِهِ مَا شَاءَ، وَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِهِ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَمِرُّ لِقِيَامِهِ فَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قِيَامِ الشَّفِيعِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ شَفِيعَهُ) أَيْ شَفِيعَ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) إنْ قُلْتَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَشْتَرِيَ شِقْصًا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا؟ قُلْتُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ بَائِعَهُ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ قِسْمَةٌ، وَأَنَّهُ بَاعَ مَا حَصَلَ لَهُ بِهَا، أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ بَائِعَهُ يَمْلِكُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَكَذَا يُتَصَوَّرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ، وَهَبَ دَارًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا (قَوْلُهُ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ وَلَا الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْوَاهِبَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُحْتَرَزُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَطْفِ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ عَلَيْهَا وَيَكُونُ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِخَفَاءِ تَصَوُّرِهِ (قَوْلُهُ بِلَا إشْكَالٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْهُوبِ ثَمَنُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لِلْوَاهِبِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ثَمَنُ النِّصْفِ الَّذِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ) أَيْ فَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الشَّفِيعُ

لِلْمُشْتَرِي (أَوْ إشْهَادٍ) بِالْأَخْذِ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي (وَاسْتُعْجِلَ) الشَّفِيعُ أَيْ اسْتَعْجَلَهُ الْمُشْتَرِي بِالْأَخْذِ، أَوْ التَّرْكِ لَا بِطَلَبِ الثَّمَنِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ (إنْ قَصَدَ) الشَّفِيعُ التَّأْخِيرَ (ارْتِيَاءً) أَيْ التَّرَوِّي فِي الْأَخْذِ، أَوْ التَّرْكِ وَلَا يُمْهَلُ لِذَلِكَ (أَوْ) قَصَدَ (نَظَرًا لِلْمُشْتَرَى) بِالْفَتْحِ أَيْ قَصَدَ النَّظَرَ بِالْمُشَاهَدَةِ لِلشِّقْصِ الْمُشْتَرَى فَلَا يُمْهَلُ لِذَلِكَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّفِيعِ وَمَحَلِّ الشِّقْصِ مَسَافَةٌ (كَسَاعَةٍ) ، وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ لَا أَكْثَرَ فَلَا يُمْهَلُ، بَلْ يُسْتَعْجَلُ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ لَهُ لِيَصِحَّ لَهُ الْأَخْذُ إذْ لَا بُدَّ عَنْ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَاهُ وَلَوْ بِالْوَصْفِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ النَّظَرِ سَاعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ نَظَرًا فَقَطْ لَا لِمَا قَبْلَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا طَلَبَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَوْقَفَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنْ، أَوْقَفَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى مَنْفَعَتِهِ إذَا لَمْ يُسْقِطْهَا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَسْتَعْجِلْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ وَلَمْ يُسْقِطْ الشَّفِيعُ حَقَّهُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ مَا لَمْ يَمْضِ شَهْرَانِ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ، وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ وَمَا لَمْ يُوقِفْهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ. (وَلَزِمَ) الشَّفِيعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (إنْ أَخَذَ) أَيْ قَالَ أَخَذْتُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي لَا الْمُضَارِعِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ (وَعُرِفَ الثَّمَنُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ إنْ قَالَ أَخَذْتُ فِي حَالِ مَعْرِفَتِهِ الثَّمَنَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّمَنَ فَالْأَخْذُ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ، بَلْ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ فَيُرَدُّ وَلَهُ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا لَزِمَ فَإِنْ وَفَّى الثَّمَنُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّهِ بَاعَ الْحَاكِمُ لِلتَّوْفِيَةِ مِنْ مَالِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فَبَيْعٌ) أَيْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشِّقْصَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ إشْهَادٍ بِالْأَخْذِ) أَيْ بِالشُّفْعَةِ، وَأَمَّا الْإِشْهَادُ بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَشْهَدَ بِذَلِكَ خِفْيَةً، أَوْ جَهْرًا فَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ، ثُمَّ سَكَتَ حَتَّى جَاوَزَ الْأَمَدَ الْمُسْقِطَ حَقَّ الْحَاضِرِ، ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُهَا فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ كَمَا لِأَبِي عِمْرَانَ الْعَبْدُوسِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَيَّدَ كَوْنَ الْإِشْهَادِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا الْخِلَافَ مُخَرَّجٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الشُّفْعَةَ شِرَاءٌ، أَوْ اسْتِحْقَاقٌ فَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى الثَّانِي وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُ لِذَلِكَ) ، بَلْ إنْ لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ حَالًا، أَوْ يُسْقِطْهَا حَالًا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِسْقَاطِهَا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ، وَأَحْضَرَ الشَّفِيعَ وَقَالَ لَهُ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ هَذَا الشِّقْصَ الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ، أَوْ تُسْقِطَ شُفْعَتَكَ فَقَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَتَرَوَّى فِي الْأَخْذِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْهَلُ وَيُسْتَعْجَلُ بِالْأَخْذِ حَالًا، أَوْ الْإِسْقَاطِ حَالًا فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَالًا، أَوْ يَتْرُكْ حَالًا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ قَصَدَ النَّظَرَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا طَلَبَ الشَّفِيعَ بِالْأَخْذِ، أَوْ التَّرْكِ فَقَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَنْظُرَ الشِّقْصَ الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ لَا يُمْهَلُ، بَلْ يُسْتَعْجَلُ فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ حَالًا، أَوْ يُسْقِطَ شُفْعَتَهُ حَالًا فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ حَالًا وَلَمْ يُسْقِطْهَا حَالًا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا كَسَاعَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةِ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ) أَيْ، وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً لَا الزَّمَانِيَّةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ مِنْ مُسَاوَاةِ الْفَلَكِيَّةِ تَارَةً، أَوْ نَقْصٍ، أَوْ زِيَادَةٍ عَنْهَا تَارَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرُ) أَيْ لَا إنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّفِيعِ وَمَحَلِّ الشِّقْصِ أَكْثَرُ مِنْ سَاعَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ أَنَّ مُدَّةَ النَّظَرِ، وَالْإِحَاطَةِ بِمَعْرِفَتِهِ بَعْدَ مُدَّةِ الْمَسَافَةِ، وَهِيَ السَّاعَةُ وَمُدَّةَ النَّظَرِ بِقَدْرِ حَالِ الْمَنْظُورِ فِيهِ فَلَا تُحَدُّ بِسَاعَةٍ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ مُدَّةِ الْمَسَافَةِ وَمُدَّةِ النَّظَرِ لَا أَنَّهُ يُمْهَلُ سَاعَةً وَمُدَّةَ النَّظَرِ (قَوْلُهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ نَظَرًا فَقَطْ) أَيْ كَمَا قَالَ ح وَالْبِسَاطِيُّ وَقَوْلُهُ لَا لِمَا قَبْلَهُ أَيْ أَيْضًا كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ إذْ لَا إمْهَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَصْلًا (قَوْلُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ اسْتِعْجَالُهُ إذَا طَلَبَ ارْتِيَاءً، أَوْ طَلَبَ النَّظَرَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ، وَهَذَا أَيْ لُزُومُ الْأَخْذِ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ إشْهَادٌ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا لِبَيَانِ شَرْطِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَعَرَفَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَعَرَفَ الثَّمَنَ وَاوُ الْحَالِ، وَهِيَ قَيْدٌ فِي الْعَامِلِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا تَقَدَّمَ مُجْمَلٌ وَمَا هُنَا مُنْفَصِلٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا قَالَ بَعْدَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي اشْهَدُوا أَنِّي أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْأَخْذُ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ مِنْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ فَالْأَخْذُ صَحِيحٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ اسْتِحْقَاقٌ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ، بَلْ فَاسِدٌ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ شِرَاءٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ابْتِدَاءً) أَيْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ الثَّمَنَ وَقَوْلُهُ فَيُرَدُّ أَيْ فَيُجْبَرُ الشَّفِيعُ عَلَى رَدِّهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ، وَإِذَا لَزِمَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَبِيعَ إلَخْ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ إلَى أَنَّ الْمَاضِيَ بِمَعْنَى الْمُضَارِعِ.

وَلَوْ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ (لِلثَّمَنِ) أَيْ لِأَجْلِ تَوْفِيَتِهِ لِلْمُشْتَرِي لَكِنْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الْأَثْمَانِ وَيَبِيعُ مَا هُوَ الْأَوْلَى بِالْبَيْعِ كَذَا يَنْبَغِي. (وَ) لَزِمَ (الْمُشْتَرِيَ) ذَلِكَ بِأَنْ يَلْزَمَهُ الدَّفْعُ لِلشَّفِيعِ (إنْ سَلَّمَ) بِأَنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْتُ، وَأَنَا سَلَّمْتُ لَكَ (فَإِنْ سَكَتَ) الْمُشْتَرِي أَيْ، أَوْ أَبَى بِأَنْ قَالَ لَا أُسَلِّمُ عِنْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْتُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (نَقْضُهُ) أَيْ نَقْضُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَيْ إبْطَالُهُ أَيْ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى مُطَالَبَةِ الثَّمَنِ فَيُبَاعَ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَبْطَلَهُ فَإِنْ عَجَّلَ لَهُ الثَّمَنَ أَخَذَهُ مِنْهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ اسْتَعْجَلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ حَاكِمٍ لِيَبِيعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ الثَّمَنَ مَعَ التَّأْجِيلِ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفَائِدَةُ السُّكُوتِ، وَالْمَنْعِ ابْتِدَاءً أَنَّ لَهُ النَّقْضَ مَا لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الثَّمَنَ (، وَإِنْ قَالَ) الشَّفِيعُ (أَنَا آخُذُ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ، أَوْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنَا (أُجِّلَ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (لِلنَّقْدِ) أَيْ لِإِحْضَارِهِ فَإِنْ أُتِيَ بِهِ (وَإِلَّا سَقَطَتْ) شُفْعَتُهُ وَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ الْعُقْدَةُ وَاتَّحَدَ الْمُشْتَرِي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ) الْمُشْتَرَاةُ فِي أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ. (وَ) تَعَدَّدَ (الْبَائِعُ) كَأَنْ يَكُونَ لِثَلَاثَةٍ شَرِكَةٌ مَعَ رَابِعٍ هَذَا فِي بُسْتَانٍ، وَهَذَا فِي دَارٍ، وَهَذَا فِي دَارٍ أُخْرَى فَبَاعَ الثَّلَاثَةُ أَنْصِبَاءَهُمْ لِأَجْنَبِيٍّ صِفَتُهُ وَاحِدَةٌ، وَأَرَادَ الرَّابِعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ (لَمْ تُبَعَّضْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكَ الْجَمِيعَ أَيْ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا رَضِيَ فَلَهُ التَّبْعِيضُ فَقَوْلُهُ لَمْ تُبَعَّضْ أَيْ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّبْعِيضِ وَمَفْهُومُ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ أَنَّهَا إذَا تَعَدَّدَتْ فَلَهُ التَّبْعِيضُ وَمَفْهُومُ تَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ، وَالْبَائِعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الشِّقْصِ حَيْثُ لَزِمَ بَيْعُهُ لِلثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الْأَثْمَانِ) فِيهِ أَنَّ التَّأْجِيلَ لَيْسَ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الثَّمَنِ، بَلْ لِإِحْضَارِ الثَّمَنِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَكِنْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ لِإِحْضَارِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مَا هُوَ الْأَوْلَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الشِّقْصُ، أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ ذَلِكَ) أَيْ شِرَاءُ الشَّفِيعِ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الْحِصَّةِ لِلشَّفِيعِ إنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ (قَوْلُهُ أَخَذْت) أَيْ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ، وَأَنَا سَلَّمْتُ أَيْ الشِّقْصَ لَك بِالشُّفْعَةِ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ وَقَدْ عَرَفَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي لَهُ الْأَخْذَ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُسَلِّمَ الشِّقْصَ لِلشَّفِيعِ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ إنْ أَتَى الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّلُهُ، ثُمَّ يَبِيعُ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لِلثَّمَنِ وَيَسْكُتُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَتَى الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّلُهُ بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى طَلَبِ الثَّمَنِ فَيُبَاعَ لَهُ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ بِقَدْرِهِ وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ أَخْذَ الشَّفِيعِ وَيُبْقِيَ الشِّقْصَ لِنَفْسِهِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ وَيَأْبَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنْ عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ أَبْطَلَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ فِي هَذِهِ حَيْثُ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِاتِّبَاعِهِ بِالثَّمَنِ فَيُبَاعُ لَهُ وَلَوْ لِلشِّقْصِ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَكَتَ فَلَهُ نَقْضُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ بَعْدَ التَّأْجِيلِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى أَخْذِ الثَّمَنِ فَيُبَاعُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ الشِّقْصَ لِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ فَيَبِيعُ لِلثَّمَنِ يَتَفَرَّعُ أَيْضًا عَلَى سُكُوتِ الْمُشْتَرِي كَمَا فَرَّعَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى هَذَا يُوهِمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَبْطَلَهُ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي إبْطَالَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ لَا أُسَلِّمُ لَك فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ) أَيْ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ (قَوْلُهُ مَعَ التَّأْجِيلِ بِالِاجْتِهَادِ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ سُكُوتِ الْمُشْتَرِي لَا عِنْدَ إبَائِهِ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا تَأْجِيلَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَفَائِدَةُ السُّكُوتِ) أَيْ فَالْفَائِدَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى السُّكُوتِ وَعَلَى الْمَنْعِ ابْتِدَاءً أَيْ وَعَلَى مَنْعِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ فِي ابْتِدَاءِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ أَنَّ لَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي النَّقْضَ أَيْ نَقْضَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ لَهُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، أَوْ الْمُضَارِعِ فَإِنْ سَلَّمَ لَهُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْأَخْذَ فَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ عَجَّلَ ذَلِكَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ فَلَا كَلَامَ فِي أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ أُجِّلَ ثَلَاثًا لِإِحْضَارِ النَّقْدِ فَإِنْ أَتَى بِهِ فِيهَا، أَوْ بَعْدَهَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَالَ إلَخْ أَيْ إنْ قَالَ أَنَا آخُذُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَلَّمَ لَهُ الْأَخْذَ أُجِّلَ ثَلَاثًا أَيْ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ. وَأَمَّا إنْ سَكَتَ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَبَى فَإِنْ عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي جَبْرًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ حَالًا فِيهِمَا وَرَجَعَ الشِّقْصُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ إلَخْ) مِنْ لَوَازِمِ اتِّحَادِهَا اتِّحَادُ الثَّمَنِ، وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ وَاتَّحَدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَكَذَلِكَ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ التَّبْعِيضِ، وَإِنَّمَا لَمْ

غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَالْمَدَارُ عَلَى اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ (كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ أَيْ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِجَمَاعَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَمَيَّزَ لِكُلٍّ مَا يَخُصُّهُ تَعَدَّدَ الْبَائِعُ، أَوْ اتَّحَدَ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، بَلْ أَخْذُ الْجَمِيعِ، أَوْ تَرْكُ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَرْضَى مَنْ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ عَلَى اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي هَذِهِ صُحِّحَ أَيْضًا. وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ (وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ فَيُقَالُ لِلْبَاقِي إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَتْرُكَ الْجَمِيعَ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ حَقَّهُ فَقَطْ (أَوْ غَابَ) الْبَعْضُ قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَخْذُ حَقِّهِ فَقَطْ جَبْرًا، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكَ الْجَمِيعَ فَإِنْ قَالَ الْحَاضِرُ أَنَا آخُذُ حَقِّي فَقَطْ فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَلَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ أَخَذْتُهُ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، وَالصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ وَبُلُوغُهُ كَقُدُومِ الْغَائِبِ (أَوْ أَرَادَهُ) أَيْ التَّبْعِيضَ (الْمُشْتَرِي) ، وَأَبَاهُ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ أَرَادَ عَدَمَهُ فَإِنْ رَضِيَا بِهِ جَازَ وَعُمِلَ بِهِ (وَلِمَنْ حَضَرَ) أَيْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ مِنْ الشُّفَعَاءِ، أَوْ بَلَغَ بَعْدَ أَخْذِ الْحَاضِرِ، أَوْ الْبَالِغِ الْجَمِيعَ (حِصَّتَهُ) عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا مَعَ الْآخِذِ فَقَطْ إلَّا حِصَّتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ حُضُورِ الْجَمِيعِ فَلَا يَنْظُرُ لِنَصِيبِ مَنْ بَقِيَ غَائِبًا فَإِنْ حَضَرَ ثَالِثٌ أَخَذَ مِنْهُمَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلثَّلَاثَةِ وَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ غَائِبٍ رَابِعٍ فَإِذَا قَدِمَ أَخَذَ مِنْهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِأَرْبَعَةٍ، وَهَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِبْ الشَّفِيعُ لِلتَّبْعِيضِ إذَا طَلَبَهُ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ فِي الْجَمِيعِ وَمِنْهُ مَا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ، بَلْ لَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ وَاحِدَةً، وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ بَعْضِهَا بِالشُّفْعَةِ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّبْعِيضِ وَكَذَلِكَ إذَا تَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ وَكَانَ بَائِعُهَا وَاحِدًا كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ وَحَانُوتٌ وَبُسْتَانٌ شَرِكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فِي الثَّلَاثَةِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْبَعْضِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) أَيْ كَعَدَمِ التَّبْعِيضِ فِي حَالِ تَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِجَمَاعَةٍ) كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ الدَّارِ مَثَلًا لِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ بَاعَ لَهُ سُدُسًا وَكَانَ الْبَيْعُ لِلثَّلَاثَةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِمِائَةٍ (قَوْلُهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ) أَيْ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِالتَّبْعِيضِ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ صُحِّحَ) أَيْ فَقَدْ اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ إنَّهُ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ يَدِهِ لَمْ تُبَعَّضْ عَلَيْهِ صَفْقَةٌ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا صُحِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِقُوَّةِ ذَلِكَ الْمُقَابِلِ اعْتَنَى الْمُصَنِّفُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ لِأَصْلِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْمُقَابِلِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ ابْن غَازِي حَيْثُ قَالَ إنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ أَيْ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقُونَ بِشُفْعَتِهِمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ وَاحِدٌ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، وَأَسْقَطَ الثَّانِي حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّالِثُ فَيُقَالُ لِلثَّالِثِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الثُّلُثَ الْمَبِيعَ بِتَمَامِهِ، أَوْ تَتْرُكَهُ لِلْمُشْتَرِي بِتَمَامِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ فَقَطْ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَيْ جَمِيعَ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ، أَوْ غَابَ الْبَعْضُ) أَيْ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ قَبْلَ أَخْذِهِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ حَاضِرًا وَبَعْضُهُمْ غَائِبًا، وَأَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ بِالشُّفْعَةِ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ، أَوْ يَتْرُكَ جَمِيعَهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ قُلْتَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ شُفْعَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ بِالشُّفْعَةِ وَكَذَا إذَا غَابَ بَعْضُهُمْ فَلِمَنْ حَضَرَ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ قُلْتُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهَا بِأَخَرَةِ الْأَمْرِ عَلَى أَنْصِبَائِهِمْ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا حَضَرَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَحْصُلْ إسْقَاطٌ مِنْ أَحَدِهِمْ بِدَلِيلِ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ) أَيْ، بَلْ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَتْرُكَ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ، وَالصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ) فَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ لِثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا أَحَدُهُمْ صَغِيرٌ وَبَاعَ أَحَدُ الْكَبِيرَيْنِ حِصَّتَهُ، وَأَرَادَ الْكَبِيرُ مِنْ الشَّفِيعَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ حِصَّتَهُ فِي الشِّقْصِ فَقَطْ فَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَتْرُكَ الْجَمِيعَ، وَإِذَا أَخَذَ الْجَمِيعَ كَانَ لِلصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ مِلْكِ الشَّفِيعِ مِثْلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ غَائِبًا، وَأَخَذَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ الشِّقْصِ وَقَدِمَ شَرِيكُهُ الْغَائِبُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَرَادَهُ) كَمَا إذَا اشْتَرَى شِقْصًا شُفَعَاؤُهُ غُيَّبٌ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَإِنَّهُ حَاضِرٌ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ فَمَنَعَهُ الْمُشْتَرِي وَقَالَ لَهُ لَا تَأْخُذُ إلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذَلِكَ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ فِي أَخْذِ جَمِيعِ الشِّقْصِ إلَى أَنْ يَقْدَمَ أَصْحَابُهُ (قَوْلُهُ أَيْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَلِمَنْ كَانَ حَاضِرًا لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ حِصَّتُهُ أَيْ فِي الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ، وَهَكَذَا) فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ لِأَرْبَعَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا اثْنَا عَشَرَ قِيرَاطًا وَلِآخَرَ رُبْعُهَا سِتَّةُ قَرَارِيطَ وَلِآخَرَ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ ثُمُنُهَا أَيْضًا ثَلَاثَةٌ.

(وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّفِيعِ الْآخِذِ لِجَمِيعِ الْحِصَّةِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْقَادِمِ (أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي) الْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَيْ هَلْ يُخَيَّرُ الْقَادِمُ فِي كِتَابَةِ الْعُهْدَةِ عَلَى الشَّفِيعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (أَوْ) يَتَعَيَّنُ كَتْبُهَا (عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ) ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَأَوْ الْأُولَى لِلتَّخْيِيرِ، وَالثَّانِيَةُ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ تَأْوِيلَانِ كَمَا يَأْتِي (كَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْغَائِبِ، وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَكْتُبُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ) فَإِنَّ إقَالَتَهُ لَا تُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ ابْتِدَاءً بَيْعٌ مُلَاحَظًا فِيهَا إتْهَامُهَا بِالْإِقَالَةِ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّفِيعِ، وَإِلَّا لَكَانَ لِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ فِي كَتْبِهَا عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهَا (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ) الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ لِلْمُشْتَرِي أَيْ يَتْرُكَهَا لَهُ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَإِنْ سَلَّمَهَا قَبْلَهَا، ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَقَعَتْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشَّفِيعِ تَسْلِيمٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعَتِهِ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ،. ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالتَّخْصِيصِ لِقَوْلِهِ، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ حُضُورِ صَاحِبِ الثُّمُنِ فَأَخَذَ صَاحِبُ الثُّمُنِ ذَلِكَ النِّصْفَ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ قَدِمَ صَاحِبُ الرُّبْعِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ، لِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَمَانِيَةٌ، وَلِصَاحِبِ الثُّمُنِ أَرْبَعَةٌ، فَإِذَا قَدِمَ الشَّرِيكُ الثَّالِثُ، وَهُوَ صَاحِبُ الثُّمُنِ الثَّانِي أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الثَّمَانِيَةِ اثْنَيْنِ، وَمِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ، وَهَلْ الْعُهْدَةُ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا ضَمَانُ الثَّمَنِ أَيْ، وَهَلْ ضَمَانُ ثَمَنِ هَذَا الْقَادِمِ إذَا اُسْتُحِقَّ هَذَا الْمَبِيعُ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ يَكُونُ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ؟ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ، وَهَلْ كِتَابَةُ ضَمَانِ ثَمَنِ هَذَا الْقَادِمِ إذَا اُسْتُحِقَّ هَذَا الْمَبِيعُ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِكِتَابَةِ ضَمَانِ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكْتُبَ اشْتَرَى فُلَانٌ وَمِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ ضَمَانُهُ الثَّمَنَ عِنْدَ ظُهُورِ عَيْبِ الْمَبِيعِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ لَا أَنَّهُ يَكْتُبُ الضَّمَانَ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ، أَوْ يَتَعَيَّنُ كَتْبُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ يَتَعَيَّنُ وَقَوْلُهُ فَقَطْ لِأَنَّ عَلَيْهَا يَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَصًّا فِي مُخَالَفَةِ أَشْهَبَ فَلَا يَتَأَتَّى التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي كَوْنِهِمَا مُتَوَافِقَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ بِالتَّخْيِيرِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، يَكْتُبُ الْقَادِمُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ إنْ شَاءَ أَوْ مُتَخَالِفَيْنِ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكْتُبُ الْقَادِمُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي يَعْنِي فَقَطْ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ) ذَكَرَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْبَائِعِ، وَالْبَائِعُ لِلشَّفِيعِ هُوَ الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ) أَيْ وَلَوْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ مَالِكٍ أَيْضًا إنَّ الشَّفِيعَ يُخَيَّرُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقَالَةِ فِي كَتْبِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ يَكْتُبُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّهَا نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ شُفْعَةٌ أَصْلًا إذْ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يُلَاحَظُ فِيهَا ذَلِكَ الْإِتْهَامُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ لِلشَّفِيعِ الْخِيَارَ) أَيْ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشِّقْصَ إذَا تَعَدَّدَ بَيْعُهُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهِ بِثَمَنٍ أَيْ بَيْعٍ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ؟ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِنَاءً إلَخْ لِدَفْعِ مَا يُقَالُ إنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ لِلشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِيهِ وَكِتَابَةَ الْعُهْدَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَإِلَّا لَكَانَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ وَلَا عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ شُفْعَةٌ إذْ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ، وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَيَّرْ فِي الْأَخْذِ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ لِاتِّهَامِهَا بِالْإِقَالَةِ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّفِيعِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِقَالَةَ هُنَا كَالْعَدَمِ كَمَا هُوَ مُفَادُ حُكْمِ الْمَالِكِ عَلَيْهَا بِالْبُطْلَانِ وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّفِيعِ يَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ مِنْ الْبَائِعِ لَهُ مَا لَمْ يَتْرُكْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَإِنْ تَرَكَ لَهُ الشُّفْعَةَ، ثُمَّ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إسْقَاطِهِ شُفْعَتَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي إسْقَاطُهَا عَنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ الْأَخْذَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَارَ شَرِيكًا فَإِذَا بَاعَ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّفِيعَ يَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشَّفِيعِ تَرْكٌ لِلشُّفْعَةِ قَبْلَ الْإِقَالَةِ مَحَلُّهُ إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ) أَيْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ بَيْعٌ قَطْعًا. (قَوْلُهُ مَا هُوَ كَالتَّخْصِيصِ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَهِيَ مَفْضُوضَةٌ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ مُشَارِكٌ فِي السَّهْمِ، وَإِلَّا قُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ

(وَقُدِّمَ) فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (مُشَارِكُهُ) أَيْ الْبَائِعِ (فِي السَّهْمِ) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشَارِكَ فِي السَّهْمِ يُقَدَّمُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَعَمِّ فَلَوْ مَاتَ ذُو عَقَارٍ عَنْ جَدَّتَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَاهُنَّ نَصِيبَهَا فَالشُّفْعَةُ لِمَنْ شَارَكَهَا فِي السَّهْمِ دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ (كَأُخْتٍ لِأَبٍ) مَعَ شَقِيقَةٍ، أَوْ بِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتٍ (أَخَذَتْ سُدُسًا) تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَبَاعَتْ الشَّقِيقَةُ، أَوْ الْبِنْتُ فَلِلَّتِي لِلْأَبِ، أَوْ بِنْتِ الِابْنِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْعَاصِبِ وَكَذَا لَوْ بَاعَتْ الَّتِي لِلْأَبِ فَالشُّفْعَةُ لِلشَّقِيقَةِ بِالْأَوْلَى وَلَيْسَ السُّدُسُ هُنَا فَرْضًا مُسْتَقِلًّا، بَلْ هُوَ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ (وَدَخَلَ) الْأَخَصُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ (عَلَى غَيْرِهِ) كَمَيِّتٍ عَنْ ثَلَاثِ بَنَاتٍ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ بِنْتَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَى أَخَوَاتِ الْمَيِّتَةِ فَأَوْلَادُ الْمَيِّتَةِ يَدْخُلْنَ عَلَى خَالَاتِهِنَّ إذْ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى أَخَصُّ، وَالْعُلْيَا أَعَمُّ، وَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى بِنْتَيْ الْمَيِّتَةِ فَالشُّفْعَةُ لِأُخْتِهَا وَلَا يَدْخُلُ مَعَهَا خَالَاتُهَا لِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ، وَكَمَيِّتٍ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ اخْتَصَّ بِهِ أَخُوهُ دُونَ عَمَّيْهِ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ دَخَلَا مَعَ عَمِّهِمَا (كَذِي سَهْمٍ) أَيْ كَدُخُولِ صَاحِبِ فَرْضٍ (عَلَى وَارِثٍ) غَيْرِ ذِي سَهْمٍ، بَلْ غَاصِبٌ كَمَيِّتٍ عَنْ ابْنَتَيْنِ وَعَمَّيْنِ بَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ نَصِيبَهُ فَهُوَ لِلْجَمِيعِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْعَمُّ فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمْثِيلِ كَمَا قِيلَ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَدَخَلَ أَيْ الْأَخَصُّ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ عَلَى الْأَعَمِّ، وَالْمُرَادُ بِالْأَخَصِّ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَإِنَّهُ أَخَصُّ مِمَّنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَمَنْ يَرِثُ بِوِرَاثَةِ أَسْفَلَ فَإِنَّ مَنْ يَرِثُ بِوِرَاثَةِ أَعْلَى أَعَمُّ مِنْهُ. (وَ) دَخَلَ (وَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ) بِعَقَارٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ مَنَابَهُ فَيَدْخُلُ الْوَارِثُ مَعَ بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فِي الشُّفْعَةِ فَوَارِثٌ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَتِرِ فِي دَخَلَ وَيَجُوزُ الْجَرُّ بِالْعَطْفِ عَلَى ذِي سَهْمٍ وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ صَاحِبَ سَهْمٍ آخَرَ كَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ، وَأَخٍ لِأُمٍّ بَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فَالشُّفْعَةُ لِلْأُخْتِ الْأُخْرَى دُونَ الْأَخِ لِلْأُمِّ، أَوْ كَانَ عَاصِبًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُشَارِكَ فِي السَّهْمِ) أَيْ فِي الْحَظِّ، وَالنَّصِيبِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَرْضُ وَقَوْلُهُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَعَمِّ أَيْ الْغَيْرِ الْمُشَارِكِ فِي الْفَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَعَمُّ صَاحِبَ سَهْمٍ آخَرَ، أَوْ عَاصِبًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَأُخْتٍ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ لِرَدِّهِ بِلَوْ لَا بِإِنْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَيْسَ السُّدُسُ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْأُخْتَ الَّتِي لِلْأَبِ لَيْسَتْ مُشَارِكَةً فِي السَّهْمِ إذْ فَرْضُ الشَّقِيقَةِ النِّصْفُ، وَالسُّدُسُ الَّتِي تَأْخُذُهُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ فَرْضٌ آخَرُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السُّدُسَ إنَّمَا يَكُونُ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ كَمَا إذَا كَانَتْ تَسْتَحِقُّهُ الْجَدَّةُ، أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ وَلَدُ الْأُمِّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَكُونُ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هُوَ تَكْمِلَةٌ لِلْفَرْضِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلِذَا قَالَ لَا تُقَدَّمُ الَّتِي لِلْأَبِ إذَا بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ عَلَى الْعَاصِبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ) . قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ دَخَلَ الْأَخَصُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ أَيْ الْفُرُوضِ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ، وَأَمَّا دُخُولُهُ عَلَى الْعَاصِبِ فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ أَيْ عَاصِبٍ، وَبِهَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ أَوَّلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَدَخَلَ الْأَخَصُّ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْعُمُومِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ دُخُولَ أَهْلِ الْوِرَاثَةِ السُّفْلَى عَلَى أَهْلِ الْعُلْيَا وَدُخُولَ ذِي السَّهْمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانُوا ذَوِي فَرْضٍ، أَوْ عَصَبَةٍ وَدُخُولَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَدُخُولَ الْجَمِيعِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ مِثَالًا وَبِذَلِكَ قَرَّرَ الشَّارِحُ آخِرًا (قَوْلُهُ الْأَخَصُّ) أَيْ الْأَقْوَى، وَإِلَّا زِيدَ فِي الْقُرْبِ (قَوْلُهُ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ) أَيْ الْفُرُوضِ وَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ، وَهُوَ الْوَارِثُ الْأَعَمُّ، وَهُوَ غَيْرُ الْأَقْوَى فِي الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ إذْ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى أَخَصُّ) أَيْ لِأَنَّهُنَّ أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي وَفِيهِ أَنَّ دُخُولَ الْبَنَاتِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ تَنَزُّلِهِنَّ مَنْزِلَةَ أُمِّهِنَّ الْمَيِّتَةِ فَصَارَتْ الْبَنَاتُ كَأَنَّهُنَّ نَفْسُ أُمِّهِنَّ الْمَيِّتَةِ فَرُجِعَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلشَّرِيكِ فِي السَّهْمِ. وَأَمَّا الْأَخَصِّيَّةُ وَشِدَّةُ الْقُرْبِ فَبِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْبَنَاتِ مَعَ بَعْضٍ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَعَلَى هَذَا فَالْأَوْلَى جَعْلُ فَاعِلِ دَخَلَ ضَمِيرَ الْمُشَارِكِ فِي السَّهْمِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَتْ الْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ فَقَطْ كَانَ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْوَارِثِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِحَجْبِهِنَّ بِالْبَنَاتِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ) أَيْ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ النَّصِيبُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ لِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَانِ وَلِلْعَمِّ سَهْمٌ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمْثِيلِ) أَيْ لِدُخُولِ الْأَخَصِّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَيْ وَعَلَى جَعْلِهِ تَمْثِيلًا وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْأَخَصِّ أَيْ عَلَى جَعْلِ مَا هُنَا تَمْثِيلًا مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ، أَوْ بِوَارِثٍ أَسْفَلَ أَيْ أَنَّهُ يُفَسَّرُ بِمَعْنًى عَامٍّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَخَصُّ) أَيْ أَقْوَى مِنْهُ بِتَقْدِيمِ ذَوِي الْفُرُوضِ، وَالْعَوْلِ لَهُمْ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلْفَرْضَيْنِ فَبِالْجُمْلَةِ لَمَّا قُدِّمَ أَصْحَابُ الْفُرُوضِ فِي الْإِرْثِ قُدِّمُوا فِي الشُّفْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ يَرِثُ بِوَارِثٍ أَسْفَلَ) أَيْ كَالْبَنَاتِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُنَّ قَدْ وَرِثْنَ بِوِرَاثَةِ الْمَيِّتِ الْأَسْفَلِ، وَهُوَ أُمُّهُنَّ وَقَدْ يَرْجِعُ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَنْ يَرِثُ بِوِرَاثَةِ أَعْلَى) أَيْ بِوِرَاثَةِ

أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْوَارِثِ إذَا بَاعَ وَارِثٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (ثُمَّ) قُدِّمَ (الْوَارِثُ) بِفَرْضٍ، أَوْ عُصُوبَةٍ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَالْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةٌ، مُشَارِكٌ فِي السَّهْمِ، ثُمَّ وَارِثٌ وَلَوْ عَاصِبًا، ثُمَّ الْمُوصَى لَهُمْ، (ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ) ، فَإِذَا كَانَ الْعَقَارُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ زَوْجَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَعَمَّيْنِ فَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ اخْتَصَّتْ الْأُخْرَى بِنَصِيبِهَا فَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فَالشُّفْعَةُ لِلْأُخْتَيْنِ، وَالْعَمَّيْنِ سَوَاءٌ فَإِنْ أَسْقَطُوا فَلِلْمُوصَى لَهُمْ فَإِنْ أَسْقَطُوا فَلِلْأَجْنَبِيِّ وَقِيلَ الْمَرَاتِبُ خَمْسَةٌ: الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ، فَذُو الْفَرْضِ، فَالْغَاصِبُ، فَالْمُوصَى لَهُ، فَالْأَجْنَبِيُّ، فَإِذَا أَسْقَطَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِلْأُخْتَيْنِ فَإِنْ أَسْقَطَا فَلِلْعَمَّيْنِ فَإِنْ أَسْقَطَا فَلِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَسْقَطَ فَلِلْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ. (وَأَخَذَ) الشَّفِيعُ إذَا تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فِي الشِّقْصِ (بِأَيِّ بَيْعٍ) شَاءَ (وَعُهْدَتُهُ) أَيْ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ أَيْ يَكْتُبُهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا لَمْ يَأْخُذْ إلَّا بِبَيْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ وَعِلْمَهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَا إذَا كَثُرَتْ الْبِيَاعَاتِ مَعَ حُضُورِهِ عَالِمًا فَالْأَخْذُ بِالْأَخِيرِ فَقَطْ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ وَلَوْ أَخَذَ بِبَيْعِ غَيْرِهِ فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ كَعَشَرَةٍ، وَالثَّانِي كَخَمْسَةٍ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَدَفَعَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَيَرْجِعُ بِالْخَمْسَةِ الْأُخْرَى عَلَى بَائِعِهِ (وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مَا بَعْدَ الْبَيْعِ الْمَأْخُوذِ بِهِ وَمَعْنَى نَقْضِهِ تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ وَيَثْبُتُ مَا قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ، أَوْ اخْتَلَفَتْ فَإِنْ أُخِذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتِ كُلُّهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (غَلَّتُهُ) إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِهَا، وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ (وَفِي) جَوَازِ (فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ أَيْ إكْرَاءِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ إذَا كَانَتْ وَجِيبَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَيِّتِ الْأَعْلَى كَأَخَوَاتِ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْوَارِثِ إذَا بَاعَ وَارِثٌ) أَيْ، بَلْ مَتَى بَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ بَاقِيَهُمْ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَلَا دُخُولَ لِلْمُوصَى لَهُمْ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْعَصَبَةِ مَعَ ذَوِي الْفُرُوضِ. (قَوْلُهُ أَيْ دَرْكُ الْمَبِيعِ) أَيْ ضَمَانُ الْمَبِيعِ أَيْ ضَمَانُ ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ إذَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ، أَوْ حَصَلَ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ (قَوْلُهُ أَيْ يَكْتُبُهَا إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ وَكَتَبَ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتُبُ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ الشِّقْصِ إذَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ مِنْ فُلَانٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِي وَثِيقَةِ الشِّرَاءِ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ الشِّقْصَ الْكَائِنَ فِي مَحَلِّ كَذَا، وَمِنْ لَوَازِمِ الشِّرَاءِ مِنْهُ ضَمَانُهُ لِلثَّمَنِ إذَا اُسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ، أَوْ عَلِمَ وَلَكِنْ كَانَ غَائِبًا، وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَكَتَبَ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ. وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّفِيعِ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ إذَا تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدُّدِهَا أَوْ عَلِمَ، وَهُوَ غَائِبٌ. وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِهَا وَكَانَ حَاضِرًا فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِشِرَاءِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِتَعَدُّدِ الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِشَرِكَةِ مَا عَدَا الْأَخِيرَ فَإِنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِشَرِكَتِهِ فَلِذَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِتَجَدُّدِ مِلْكِهِ عَلَى مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ وَعِلْمَهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ) أَيْ وَصَارَ شَرِيكًا لِلثَّانِي (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ) أَيْ وَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ وَقَوْلُهُ وَيَدْفَعُ إلَخْ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ) أَيْ ثَمَنُ الْبَيْعِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ وَثَمَنُ مَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ أَخَذَ بِالثَّانِي دَفَعَ الْخَمْسَةَ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ خَمْسَةً، وَالثَّانِي عَشَرَةً أَيْ، وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَيَرْجِعُ الثَّانِي بِالْخَمْسَةِ الْأُخْرَى عَلَى بَائِعِهِ فَيُكْمِلُ لَهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا. وَأَمَّا إنْ أَخَذَ بِالثَّانِي دَفَعَ الْعَشَرَةَ لِلثَّانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَائِعُهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ) أَيْ فَكُلُّ مَنْ كَانَ شِرَاؤُهُ مَنْقُوضًا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ. (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ الْبِيَاعَاتِ لِإِجَازَةِ الشَّفِيعِ لَهُ بِإِجَازَةِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا تَدَاوَلَ الشَّيْءَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَمْلَاكَ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا صَحَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَنَقَضَ مَا قَبْلَهُ مِنْهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا أَخَذَ ثَمَنَهُ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحِقِّ فَمَضَى مَا انْبَنَى عَلَى مَا أَجَازَهُ. وَأَمَّا الشَّفِيعُ فَإِذَا اعْتَبَرَ بَيْعًا وَعَوَّلَ عَلَيْهِ أَخَذَ نَفْسَ الشِّقْصِ لِنَفْسِهِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَخَذَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتِ) أَيْ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ نُقِضَ الْجَمِيعُ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْوَسَطِ صَحَّ مَا قَبْلَهُ وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ غَلَّتُهُ) أَيْ غَلَّةُ الشِّقْصِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ بِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا، وَأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِعَدَمِ أَخْذِهِ فَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ اسْتِحْقَاقٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ دَارًا مَثَلًا فَوَجَدَهَا مُكْتَرَاةً كَانَ لَهُ أَخْذُهَا وَنَقْضُ الْكِرَاءِ وَيَرْجِعُ الْمُكْتَرِي بِأُجْرَتِهِ عَلَى الْمُكْرِي وَلَهُ إمْضَاءُ الْكِرَاءِ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ إكْرَائِهِ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا (قَوْلُهُ وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُشَاهَرَةً وَلَمْ يَنْتَقِدْ.

وَعَدَمِ الْجَوَازِ، بَلْ يَتَحَتَّمُ الْإِمْضَاءُ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الثَّانِي، وَالْأُجْرَةُ وَلَوْ بَعْدَ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْأُجْرَةُ بَعْدَهَا لِلشَّفِيعِ أَيْ إنْ أَمْضَاهَا (وَلَا يَضْمَنُ) الْمُشْتَرِي (نَقْصَهُ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَا نَقَصَهُ الشِّقْصُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، بَلْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ تَغَيُّرِ سُوقٍ، أَوْ بِفِعْلِهِ لِمَصْلَحَةٍ كَهَدْمٍ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ عُلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَمْ لَا فَإِنْ هُدِمَ لَا لِمَصْلَحَةٍ ضَمِنَ (فَإِنْ هُدِمَ وَبُنِيَ فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا) عَلَى الشَّفِيعِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَلِلشَّفِيعِ النَّقْضُ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَنْقُوضُ مِنْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يُعِدْهُ فِي الْبِنَاءِ فَإِنْ أَعَادَهُ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِوَجْهٍ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ مَا قَابَلَ قِيمَتُهُ مِنْ الثَّمَنِ،، ثُمَّ أَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخَمْسَةِ أَجْوِبَةٍ تَبَعًا لِلْأَشْيَاخِ عَنْ سُؤَالٍ، أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فَقَالَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مَعَ دَفْعِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنْ عَلِمَ بِالْهَدْمِ، وَالْبِنَاءِ وَسَكَتَ فَقَدْ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي مُعْتَدٍ فَلَهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا بِقَوْلِهِ (إمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ) غَيْرُ الْمُفَوَّضِ إذْ الْمُفَوَّضُ يَقُومُ مَقَامَ الْغَائِبِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ جَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ: غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَوَكَّلَ إنْسَانًا فِي مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ فَبَاعَ الْحَاضِرُ فَقَاسَمَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ وَلَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ، وَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَتِهِ، الثَّانِي غَابَ الشَّفِيعُ وَلَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ عَلَى أَمْوَالِهِ لَا فِي خُصُوصِ الشِّقْصِ فَبَاعَ شَرِيكُ الْغَائِبِ فَلَمْ يَرَ الْوَكِيلُ الْغَيْرُ الْمُفَوَّضِ الْأَخْذَ لِلْغَائِبِ بِالشُّفْعَةِ فَقَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ فَهَدَمَ وَبَنَى، وَأَشَارَ لِلْجَوَابِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَاسَمَ (قَاضٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْغَائِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُتُّفِقَ عَلَى الْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَعَدَمَ الْجَوَازِ، بَلْ يَتَحَتَّمُ الْإِمْضَاءُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَيْعٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى دَارًا مُكْتَرَاةً فَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهَا، وَالْأُجْرَةُ لِبَائِعِهَا وَلَا يَقْبِضُهَا الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْكِرَاءِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ أَمَدِ الْكِرَاءِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ سَنَةٌ فَإِنْ زَادَ كَانَ لَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ، وَأَخْذُهَا، كَذَا قَالَ عبق، قَالَ بْن وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا أَحَدُ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَحَتَّمُ إمْضَاؤُهُ وَلَوْ طَالَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمَدِ الْكِرَاءِ كَعَشَرَةِ أَعْوَامٍ وَعَلَيْهِ اُقْتُصِرَ فِي المج (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ وَلَوْ بَعْدَ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَيْعٌ (قَوْلُهُ فَالْأُجْرَةُ بَعْدَهَا لِلشَّفِيعِ) أَيْ. وَأَمَّا أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي قَطْعًا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ (قَوْلُهُ، بَلْ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ بِأَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ مَطَرٌ فَهَدَمَ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْهُ بِزَلْزَلَةٍ (قَوْلُهُ كَهَدْمٍ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ بِأَنْ هَدَمَ لِيَبْنِيَ، أَوْ لِأَجْلِ تَوْسِعَةٍ فَإِنْ شَاءَ الشَّفِيعُ أَخَذَهُ مَهْدُومًا بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَإِنْ هَدَمَ لَا لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ، بَلْ عَبَثًا وَقَوْلُهُ ضَمِنَ أَيْ فَيُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَتْهُ قِيمَةُ الشِّقْصِ بِالْهَدْمِ عَنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا سَوَاءٌ هَدَمَهُ عَالِمًا أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَمْ لَا، وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ إلَّا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ عَلِمَ بِأَخَرَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَدَمَ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِمَصْلَحَةٍ وَقَوْلُهُ وَبَنَى أَيْ بِغَيْرِ أَنْقَاضِهِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ أَيْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ بِمَعْنَى الْأَنْقَاضِ وَقَوْلُهُ قَائِمًا أَيْ مَبْنِيَّةً أَيْ فَلَهُ قِيمَةُ الْأَنْقَاضِ مَبْنِيَّةً زِيَادَةً عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِوَجْهٍ) أَيْ كَأَنْ أَهْلَكَهُ، أَوْ وَهَبَهُ (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ إلَخْ) أَيْ فَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا مَعَ مَا قَابَلَ قِيمَةَ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا قَابَلَ قِيمَةَ النَّقْضِ مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ وَمَا قِيمَةُ النَّقْضِ مَهْدُومًا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِمَا فَمَا قَابَلَ الْعَرْصَةَ مِنْ ذَلِكَ دَفَعَهُ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي زِيَادَةً عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَمَا قَابَلَ النَّقْضَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ النَّقْضِ يَوْمَ الشِّرَاءِ كَمَا فِي بْن عَنْ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْأَشْيَاخِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَجْوِبَةَ لَيْسَتْ لِابْنِ الْمَوَّازِ الْمَسْئُولِ، بَلْ لِبَعْضِ تَلَامِذَتِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ جَوَابًا سَادِسًا، وَهُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ عَدَمُ عِلْمِ كُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعِ بِالْآخَرِ بِأَنْ يَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ بَائِعَهُ يَمْلِكُ جَمِيعَ الدَّارِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْهَدْمِ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَا تَعَدِّيَ حِينَئِذٍ فَقَوْلُ السَّائِلِ، وَإِلَّا يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبِنَاءِ، وَالْهَدْمِ فَالْمُشْتَرِي مُتَعَدٍّ فَلَهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ، أَوْ رَدَّهُ بَعْضُهُمْ) ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ أُورِدَ هَذَا السُّؤَالُ عَلَى ابْنِ الْمَوَّازِ حِينَ كَانَ يَقْرَأُ فِي جَامِعِ عَمْرٍو (قَوْلُهُ، وَإِمَّا لِغَيْبَةٍ إلَخْ) أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا إمَّا لِأَجْلِ غَيْبَةِ شَفِيعِهِ أَيْ شَفِيعِ الْمُشْتَرِي أَيْ الشَّفِيعِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ) وَكِيلُهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ قَاسَمَ، وَالضَّمِيرُ لِلشَّفِيعِ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ الْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى بِغَيْرِ أَنْقَاضِهِ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَتِهِ) أَيْ وَيَدْفَعُ قِيمَةَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (قَوْلُهُ عَلَى أَمْوَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِوَكِيلٍ أَيْ وَلَهُ وَكِيلٌ وَكَّلَهُ عَلَى أَمْوَالِهِ أَيْ عَلَى النَّظَرِ لَهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا (قَوْلُهُ فَهَدَمَ وَبَنَى) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَدْفَعُ

وَكَانَ لَا يَرَى أَنَّ الْقِسْمَةَ تُسْقِطُ شُفْعَةَ الْغَائِبِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْغَائِبَ تَثْبُتُ لَهُ شُفْعَةٌ، وَإِنَّمَا قَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرِيكُ الْغَائِبِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي نَفَاذَهَا فَهَدَمَ وَبَنَى وَلِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَسْقَطَ) الشَّفِيعُ (لِكَذِبٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي (فِي الثَّمَنِ) وَكَذَا فِي الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ وَلِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَى الدَّارَ كُلَّهَا، ثُمَّ (اُسْتُحِقَّ) مِنْهُ (نِصْفُهَا) بَعْدَ أَنْ هَدَمَ وَبَنَى، وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ (وَحُطَّ) عَنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ (مَا حُطَّ) عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (لِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِي الشِّقْصِ (أَوْ لِهِبَةٍ) مِنْ الْبَائِعِ (إنْ حُطَّ) الْمَوْهُوبُ (عَادَةً، أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَطِّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ فَالثَّمَنُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ أَشْبَهَ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ وَفَاعِلُ أَشْبَهَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْبَاقِي الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَأَعَادَ اللَّامَ فِي لِهِبَةٍ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لِمَا بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا لَا يُحَطُّ مِثْلُهُ عَادَةً، أَوْ لَمْ يُشْبِهْ الْبَاقِيَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ لَمْ يُحَطَّ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْءٌ. (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ) الْمُعَيَّنُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى عَيْنِهِ وَلَوْ مِثْلِيًّا (أَوْ رُدَّ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ بِهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (رَجَعَ الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِقِيمَةِ شِقْصِهِ) لَا بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، أَوْ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ) الْمُعَيَّنُ (مِثْلِيًّا) كَطَعَامٍ وَحُلِيٍّ (إلَّا النَّقْدَ) الْمَسْكُوكَ (فَمِثْلُهُ) فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ مُقَوَّمًا لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ (وَلَمْ يُنْتَقَضْ) الْبَيْعُ (مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي) ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الشُّفْعَةِ (وَإِنْ وَقَعَ) الِاسْتِحْقَاقُ، أَوْ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (بَطَلَتْ) الشُّفْعَةُ أَيْ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ لَا يَرَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ حَنَفِيًّا (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِأَنَّ لِذَلِكَ الْغَائِبِ شُفْعَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَسَمَ لَمْ يَتَقَرَّرُ لَهُ شُفْعَةٌ إذَا قَدِمَ (قَوْلُهُ نَفَاذَهَا) أَيْ الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ فَهَدَمَ وَبَنَى) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ الشَّفِيعُ لِكَذِبٍ) أَيْ فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلشَّفِيعِ الْكَذِبُ، وَأَنَّ إسْقَاطَهُ لِشُفْعَتِهِ لِلْكَذِبِ لَا يُعْتَبَرُ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) أَيْ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ هَدَمَ وَبَنَى فَإِنَّ الشَّفِيعَ إذَا عَلِمَ بِكَذِبِهِ، وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا (قَوْلُهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ لِعَيْبٍ) أَيْ لِأَجْلِ عَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ فَإِذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ اضْطَلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَحَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ لِأَجْلِهِ عَشَرَةً فَإِنَّهَا تُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي تِسْعِينَ فَقَطْ (قَوْلُهُ، أَوْ لِهِبَةٍ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحَطِيطَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الثَّمَنِ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنْ تَجْرِي الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا بِمِائَةٍ يَهَبُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ عَشَرَةً أَيْ يَحُطُّهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَشْبَهَ إلَخْ) أَيْ، أَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْحَطِّ لَكِنْ أَشْبَهَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ عَشَرَةً وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِحَطِّهَا لَكِنَّ الْبَاقِيَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَاعَ الشِّقْصَ لِأَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ، كَانَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدًا مَسْكُوكًا، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا. وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الشُّفْعَةِ لَرَجَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ) أَيْ فِي حَالِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، أَوْ رَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي) أَيْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَقَضَ مَا بَيْنَ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، إذْ لَوْ كَانَ لَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا لَرَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، أَوْ الْمَرْدُودِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْتِقَاضِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الشَّفِيعُ زِيَادَةً كَثِيرَةً، أَوْ نَقَصَ عَنْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ طَرَأَ. وَقِيلَ إنَّهُ يُنْتَقَضُ مَا بَيْنَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِمِثْلِ مَا دَفَعَهُ فِي قِيمَةِ الشِّقْصِ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَتَقَاصَّانِ (قَوْلُهُ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ) أَيْ بِتَمَامِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا سَلِيمًا، وَهُوَ قَدْ دَفَعَ لِبَائِعِهِ ثَمَنًا مَعِيبًا فَغَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمَعِيبِ لَمْ يَمْضِ بَلْ رُدَّ لَهُ وَأُعْطِيَ قِيمَةُ الشِّقْصِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ رُجُوعٌ مِنْ الشَّفِيعِ؟ نَعَمْ يَظْهَرُ مَا قَالَاهُ إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ لِلْمُشْتَرِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ مِنْ دَفْعِ الشَّفِيعِ مِثْلَ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ) أَيْ لِلثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَهَا بَطَلَتْ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الثَّمَنِ، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ قَبْلَهَا

إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا فَإِنْ كَانَ نَقْدًا لَمْ تَبْطُلْ بِاسْتِحْقَاقِهِ وَلَا رَدِّهِ بِالْعَيْبِ فَحُذِفَ إلَّا النَّقْدُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي (فِي) قَدْرِ (الثَّمَنِ) الْمَدْفُوعِ لِلْبَائِعِ (فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ) أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ أَشْبَهَ الشَّفِيعَ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الشَّفِيعُ الدَّعْوَى كَأَنْ يَقُولَ كُنْتُ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَوَقَعَ الثَّمَنُ بِكَذَا، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ وَشُبِّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ (كَكَبِيرٍ) أَمِيرٍ، أَوْ قَاضٍ (يَرْغَبُ فِي مُجَاوِرِهِ) أَيْ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي الْعَقَارِ الْمُجَاوِرِ لِدَارِهِ لِيَسْتَظِلُّوا بِظِلِّهِ وَيَدْخُلُوا فِي حِمَاهُ فَإِنَّ شَأْنَ الْبُيُوتِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ غُلُوُّ الثَّمَنِ فَإِذَا اشْتَرَى الْكَبِيرُ شِقْصًا بِجِوَارِهِ فَأُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَادَّعَى ثَمَنًا غَالِيًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ شَأْنَ جِوَارِهِ الْغُلُوُّ وَشَأْنَهُ هُوَ الدَّفْعُ الْكَثِيرُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَزِيدَهُ بِجِوَارِهِ وَقِيلَ بِيَمِينٍ كَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ جُعِلَ تَشْبِيهًا، أَوْ تَمْثِيلًا، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (وَإِلَّا) يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ (فَ) الْقَوْلُ (لِلشَّفِيعِ) إنْ أَشْبَهَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يُشَبِّهَا حَلَفَا وَرُدَّ إلَى) الْقِيمَةِ (الْوَسَطِ) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (مُشْتَرٍ) فِيمَا إذَا تَنَازَعَ مَعَ الْبَائِعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْبَائِعٌ بِعْتُكَ إيَّاهُ بِعِشْرِينَ وَقُلْنَا بِتَوَجُّهِ الْيَمِينِ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى دَعْوَاهُ، وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْعِشْرُونَ فِي الْمِثَالِ فَقَامَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِيَأْخُذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ (فَفِي الْأَخْذِ بِمَا ادَّعَى) الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْعَشَرَةُ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَتَضَمَّنُ أَنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ فِي الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ (أَوْ) بِمَا (أَدَّى) لِلْبَائِعِ، وَهُوَ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا مَلَكْتُ الشِّقْصَ بِهَا فَلَمْ يَتِمَّ لِي الشِّرَاءُ إلَّا بِهَا (قَوْلَانِ) فَهَذَا الْفَرْعُ مُسْتَقِلٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَفِي الْأَخْذِ إلَخْ. (وَإِنْ ابْتَاعَ) شَخْصٌ (أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQيُخَالِفُ رَدَّ الشِّقْصِ بِعَيْبٍ قَبْلَهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلَانِ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ وَعَدَمُ الشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِهِ نَقْضُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ) أَيْ الْمُسْتَحَقُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ نَقْدًا لَمْ تَبْطُلْ إلَخْ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَتَعَيَّنُ أَيْ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ عِنْدَ النَّاسِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ) أَيْ، وَإِلَّا يُحَقِّقُ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي مُتَّهَمًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَقَّقَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْكَبِيرُ مُتَّهَمًا فِيمَا ادَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ جِوَارِهِ الْغُلُوُّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ ذَلِكَ الْكَبِيرِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بِجِوَارِهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِيَمِينٍ) أَيْ إذَا حَقَّقَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، أَوْ كَانَ مُتَّهَمًا، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ جُعِلَ تَشْبِيهًا) أَيْ، وَأَنَّ الْمَعْنَى كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي جِوَارِهِ اشْتَرَى شِقْصًا بِجِوَارِ دَارِهِ لِتَوْسِعَتِهَا بِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ الشَّفِيعُ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَتَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، أَوْ تَمْثِيلًا) أَيْ لِدَعْوَى الشَّبَهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى كَمُشْتَرٍ لِشِقْصٍ مُجَاوِرٍ لِكَبِيرٍ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي مُجَاوَرَتِهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ) أَيْ، أَوْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَلَكِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ) أَيْ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِمَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ إلَى الْوَسَطِ) أَيْ وَهِيَ قِيمَةُ الشِّقْصِ يَوْمَ الْبَيْعِ قَالَ عبق مَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ تُنْقَصْ عَلَى دَعْوَى الشَّفِيعِ، كَذَا يَنْبَغِي وَمِثْلُهُ، فِي خش، وَالصَّوَابُ حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يُشَبِّهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَوْ زَادَتْ الْقِيمَةُ عَلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي لَكَانَ الْمُشْتَرِي مُشَبِّهًا وَيَأْخُذُ بِمَا ادَّعَى مَعَ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يُشَبِّهْ، بَلْ زَادَ جِدًّا وَكَذَا إنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ فِي دَعْوَى الشَّفِيعِ كَانَ الشَّفِيعُ مُشَبِّهًا نَعَمْ مَا قَالَاهُ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَشْبَهَا وَنَكَلَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ أَنَا، وَإِنْ اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ لَكِنَّ الشِّقْصَ إنَّمَا خَلَصَ لِي بِالْعَشَرَةِ الْأُخْرَى فَصِرْتُ كَأَنِّي ابْتَدَأْتُ الشِّرَاءَ بِالْعِشْرِينِ (قَوْلُهُ فَهَذَا الْفَرْعُ) أَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِنْ نَكَلَ مُشْتَرٍ (قَوْلُهُ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعِ) أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ قَدْ وَقَعَ فِيهِ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعِ لَا يُقَالُ إنَّ الْبَائِعَ، وَالْمُشْتَرِيَ إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُمَا يَتَفَاسَخَانِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا، وَهُنَا لَمْ يَتَفَاسَخَا. قُلْتُ هُنَا لَمْ يَتَفَاسَخَا لِنُكُولِ الْمُشْتَرِي وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَفِي الْأَخْذِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي التَّنَازُعِ بَيْنَ الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا يُشْبِهْ، أَوْ يَحْلِفُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الشَّفِيعِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا فَقِيمَةُ الشِّقْصِ يَوْمَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ) لَا مَفْهُومَ لِلزَّرْعِ، بَلْ مِثْلُهُ الْبَذْرُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الزَّرْعِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِيهِ فَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا مَبْذُورَةً، ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ فَقَطْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْهَا بِالشُّفْعَةِ بِمَا يَنْوِيهِ مِنْ الثَّمَنِ

(فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا) مِنْهُ (فَقَطْ) دُونَ الزَّرْعِ (وَاسْتَشْفَعَ) الْمُسْتَحِقُّ أَيْ أَخَذَ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ (بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ) ، وَهُوَ الْكَائِنُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ (لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ) وَيَرْجِعُ لِلْبَائِعِ وَبَطَلَ أَيْضًا الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ لِبَيَانِ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُهُ وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ وَبَقِيَ نِصْفُ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِي النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُبْتَاعِ عَلَى الرَّاجِحِ. وَقِيلَ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَيْضًا فَيَكُونُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ كَمَا أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا تَصِيرُ لِمُسْتَحِقِّ النِّصْفِ لَكِنَّ الْبُطْلَانَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاسْتِشْفَاعِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إذَا اسْتَشْفَعَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الزَّرْعِ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَبَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي النِّصْفِ خَاصَّةً كَمَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ اسْتَشْفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ كَانَ، أَوْلَى، وَشُبِّهَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلُهُ (كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيُتَوَصَّلَ لَهُ) أَيْ لِمَا اشْتَرَاهُ (مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ فَالْأَوْلَى مِنْ جِنَانِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي. (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْبَائِعِ) صَوَابُهُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي نُسْخَةٍ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِي الْقِطْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ لِبَقَائِهَا بِلَا مَمَرٍّ يُتَوَصَّلُ لَهَا مِنْهُ وَلَوْ قَالَ لِيَصِلَ لَهَا مِنْ جِنَانِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَبْيَنَ، ثُمَّ تَمَّمَ مَسْأَلَةَ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّ الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (نِصْفَ الثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا فَبَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ وَفِي نِصْفِ زَرْعِهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (نِصْفُ الزَّرْعِ) الَّذِي بِغَيْرِ أَرْضٍ (وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ) الْمُسْتَحِقُّ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي (بَيْنَ أَنْ يُشَفَّعَ) أَيْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِدُونِ بَذْرٍ. وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ أَعْنِي الْقَوْلَ بِالشُّفْعَةِ فِي الزَّرْعِ، وَالْبَذْرِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ مَبْذُورًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَمَفْهُومُ الْأَخْضَرِ أَنَّهُ لَوْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْيَابِسِ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا فِي الزَّرْعِ لِصِحَّةِ بَيْعِ الزَّرْعِ اسْتِقْلَالًا بَعْدَ يُبْسِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِحْقَاقُ حَتَّى يَبِسَ مَا ابْتَاعَهُ أَخْضَرَ مَعَ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا) مَفْهُومُ نِصْفِهَا أَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ جُلُّهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَاقِي لِبَائِعِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ ذَلِكَ الْبَاقِي فَالشُّفْعَةُ قَالَهُ عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ حُرْمَةَ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ إنَّمَا هُوَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُعَيَّنِ لَا الشَّائِعِ كَمَا هُنَا، إذْ فِيهِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ فِي الْخِيَارِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ وَالْأَكْثَرِ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا (قَوْلُهُ فِي النِّصْفِ) أَيْ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيْعَ بَطَلَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ وَفِي الزَّرْعِ الَّذِي فِيهِ (قَوْلُهُ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ) أَيْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الزَّرْعَ الْأَخْضَرَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَرْضِ عَلَى التَّبْقِيَةِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ نِصْفُ الزَّرْعِ الَّذِي بَطَلَ بَيْعُهُ لِبَائِعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ لِبَقَاءِ زَرْعِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ نِصْفُ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِي النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُبْتَاعِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ لِلْبَائِعِ، بَلْ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ الَّذِي فِيهِ زَرْعُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَيْضًا) أَيْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ) أَيْ فَعَلَيْهِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ مَا أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا كِرَاءَ لَهُ، وَمَحَلُّ لُزُومِ كِرَاءِ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالِاسْتِحْقَاقِ إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْبُطْلَانَ) أَيْ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاسْتِشْفَاعِ) أَيْ، بَلْ الْبَيْعُ فِيهِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ خِلَافًا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاسْتَشْفَعَ بَطَلَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْبُطْلَانَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اسْتَشْفَعَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ. ، ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا يُرَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَشْفَعَ أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ بِالْفِعْلِ أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ مَعْنَاهُ وَاسْتَحَقَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ أَخَذَ بِهَا بِالْفِعْلِ أَوَّلًا فَلَا يَرِدُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ أَصْلًا (قَوْلُهُ كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ وَبِالتَّنْوِينِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِنَانٍ أَيْ مِنْ جِنَانِ شَخْصٍ آخَرَ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى مِنْ جِنَانِهِ) أَيْ مِنْ جِنَانِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ؛ لِأَنَّ جِنَانَ الْبَائِعِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ فَالْبُطْلَان لِذَاتِهِ لَا لِعَدَمِ الْمَمَرِّ الْمُوَصِّلِ لِمَا اُشْتُرِيَ (قَوْلُهُ وَرَدَّ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ وَفِي زَرْعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَرُدَّ لِلْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ وَخُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ أَوَّلًا إمَّا أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ لَا، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ كَانَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَهُ وَكَانَ الزَّرْعُ الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَائِعِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْأَرْضِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَالزَّرْعُ الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ قِيلَ إنَّهُ لِلْمُشْتَرِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ إنَّهُ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَيْضًا وَعَلَى كُلٍّ لَا يَلْزَمُ أُجْرَةُ أَرْضِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِالشُّفْعَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ، وَالزَّرْعِ لِلْبَائِعِ وَأَخْذِ بَقِيَّةِ ثَمَنِهِ. وَأَمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَزَرْعِهَا فَلَا يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ كَانَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ الَّذِي بِغَيْرِ أَرْضٍ) أَيْ الَّذِي فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَوَّلًا) .

[باب في القسمة وأقسامها وأحكامها]

فَتَكُونُ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَهُ وَنِصْفُ الزَّرْعِ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَائِعِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِلْمُبْتَاعِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَعَلَى الْبَائِعِ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ إنْ كَانَ الْإِبَّانُ حِينَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَقَعَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ النِّصْفِ الْآخَرِ (أَوْ لَا) يُشَفَّعُ (فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ) لِبَائِعِهِ، وَأَخْذِ بِقِيمَةِ ثَمَنِهِ وَفِي التَّمَاسُكِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ بِزَرْعِهَا فَلَا يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا (الْقِسْمَةُ) ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ قِسْمَةُ مَنَافِعَ، وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ وَتَرَاضٍ وَقُرْعَةٍ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (تَهَايُؤٌ) بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ أَوْ نُونٍ فَهَمْزَةٍ الْأَوَّلُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَيَّأَ لِصَاحِبِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالثَّانِي مِنْ الْمُهَانَأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ (فِي زَمَنٍ) مُعَيَّنٍ (كَخِدْمَةِ عَبْدٍ) وَرُكُوبٍ دَابَّةٍ (شَهْرًا) لَا أَكْثَرَ (وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ) يَشْمَلُ اتِّحَادَ الْعَبْدِ وَالدَّارِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِلْكًا أَوْ إجَارَةً يَسْتَخْدِمُ كُلٌّ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمْ الْعَبْدَ مَثَلًا شَهْرًا أَوْ جُمُعَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَنِ قَطْعًا إذْ بِهِ يُعْرَفُ قَدْرُ الِانْتِفَاعِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ كَأَنْ يَكُونَ لِشَرِيكَيْنِ عَبْدَانِ أَوْ دَارَانِ يَسْتَخْدِمُ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ يَسْكُنُ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَالْآخَرُ يَسْتَخْدِمُ الثَّانِيَ أَوْ يَسْكُنُ الثَّانِيَةَ، وَفِي هَذِهِ خِلَافٌ فَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّمَنِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَقِيلَ لَا، وَعَلَيْهِ فَإِنْ عُيِّنَ الزَّمَنُ فَهِيَ لَازِمَةٌ وَإِلَّا فَلَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْحَلَ مَتَى شَاءَ (كَالْإِجَارَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَاسْتَشْفَعَ أَنَّ هُنَا تَخْيِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا سَابِقٌ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ سَابِقًا وَاسْتَشْفَعَ فَأَتَى بِهَا هُنَا لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَعَدَمِ الْأَخْذِ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَاسْتَشْفَعَ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّحَتُّمِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ وَاسْتَشْفَعَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ هُنَا وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ تَحَتُّمُ الِاسْتِشْفَاعِ، وَهُوَ يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ اهـ. (فَرْعٌ) إذَا بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ شَائِعٍ عَلَى اسْمِهِ مِنْ نَصِيبِهِ فَلِشَرِيكِهِ إمْضَاءُ فِعْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي الثَّمَنِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ حِينَ الْأَخْذِ إلَخْ) الْأَوْلَى حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ، وَمَنْ زَرَعَ أَرْضًا وَبَاعَهَا دُونَ زَرْعِهَا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ [بَابٌ فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا] بَابٌ فِي الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَأَقْسَامُهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ حَقِيقَتَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنْوَاعَهَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَهِيَ الْإِعْدَادُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالتَّجْهِيزُ يُقَالُ هَيَّأَ الشَّيْءَ لِصَاحِبِهِ أَيْ أَعَدَّهُ وَجَهَّزَهُ لَهُ وَيُقَالُ أَيْضًا بِالنُّونِ (قَوْلُهُ تَهَايُؤٌ) أَيْ مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ لِلِاسْتِعْمَالِ كَدَارٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ يَسْكُنُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا هَذَا الشَّهْرُ، وَالثَّانِي الشَّهْرُ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا وَالْآخَرُ يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا الَّتِي بَعْدَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا وَالْآخَرُ السَّنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْيِينِ الزَّمَانِ مُسَاوَاةُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ فِيهَا أَحَدُهُمَا لِلْمُدَّةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ فِيهَا الْآخَرُ. وَانْظُرْ هَلْ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَانِ التَّقْيِيدُ بِشَهْرٍ دُونَ تَعْيِينِهِ بِكَوْنِهِ رَبِيعًا مَثَلًا أَيْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ تَعْيِينًا وَحِينَئِذٍ فَالْقِسْمَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَالثَّانِي هُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ تَعْيِينٌ (قَوْلُهُ أَوْ نُونٌ) أَيْ مَضْمُومَةٌ فَهَمْزَةٌ وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةِ يَاءً وَحِينَئِذٍ تُقْلَبُ ضَمَّةُ النُّونِ الْوَاقِعَةِ قَبْلَهَا كَسْرَةً (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُهَايَأَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَهُنَا كَذَلِكَ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا يُعَيَّنْ الزَّمَانُ فَسَدَتْ كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْتَعْمِلُهُ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ) أَيْ الْمَقْسُومَ الْمُتَعَدِّدَ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالدُّورِ (قَوْلُهُ فَقِيلَ يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي صِحَّتِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا تَعْيِينُ الزَّمَنِ بَلْ التَّعْيِينُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ، وَتَحَصَّلَ مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ عُيِّنَ الزَّمَنُ صَحَّتْ وَلَزِمَتْ فِي الْمَقْسُومِ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ. وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَسَدَتْ فِي الْمُتَّحِدِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمُتَعَدِّدِ خِلَافٌ فَابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ وَابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ بِفَسَادِهَا فَعِنْدَهُ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ الزَّمَنُ كَانَتْ فَاسِدَةً مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ وَعَلَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ وح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِدَلِيلِ مِثَالِهِ، وَقَوْلُهُ فِي زَمَنٍ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي زَمَنِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ اهـ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) يُفْهَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِتَرَاضٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلُ الْمُصَنِّفِ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قَسِيمًا لَهَا؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ قَسِيمًا لَهَا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِمِلْكِ الذَّاتِ وَالْمُهَايَأَةُ مُتَعَلِّقَةٌ

أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَفِي اللُّزُومِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا مُهَايَأَةً عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا أَحَدُهُمَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ وَيَسْكُنَهَا الْآخَرُ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُمَا مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَمِثْلُ الدَّارِ الْأَرْضُ الْمَأْمُونَةُ يَزْرَعُهَا أَحَدُهُمَا عَامًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً (لَا) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي غَلَّةٍ) أَيْ كِرَاءٍ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ تَحْرِيكِ الْمُشْتَرَكِ كَعَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا كِرَاءَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (وَلَوْ يَوْمًا) وَالْآخَرُ مِثْلَهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْغَلَّةِ الْمُتَجَدِّدَةِ إذْ قَدْ تَقِلُّ وَتَكْثُرُ وَمِنْ غَيْرِ الْمُنْضَبِطَةِ الْحَمَّامَاتُ وَالرَّحَا فَإِنْ انْضَبَطَتْ كَدَارٍ مَعْلُومَةِ الْكِرَاءِ وَكَرَحَا يَطْحَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَبَّهُ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَطْحَنَ لِغَيْرِهِ بِالْكِرَاءِ فِي مُدَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِمَا وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَيْهِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَدْ يَسْهُلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ (وَ) الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَةِ (مُرَاضَاةٌ) بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ يَرْضَى بِهَا بِدُونِ قُرْعَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَكَالْبَيْعِ) إلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ شَيْءٌ مَلَكَ ذَاتَه وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمِلْكِ الْمَنَافِعِ مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا مَعًا فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ. (قَوْلُهُ أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ) الْأَوْلَى أَيْ فِي اللُّزُومِ عِنْدَ تَعْيِينِ الزَّمَنِ. اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْسُومَ مُهَايَأَةً إنْ كَانَ عَقَارًا فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ فَكَمَا يَجُوزُ إجَارَةُ الدَّارِ لِتُقْبَضَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ لِكَوْنِهَا مَأْمُونَةً يَجُوزُ قِسْمَتُهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا سَنَتَيْنِ. وَأَمَّا عَبْدٌ مُعَيَّنٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَخْذُهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا فِي الْمُهَايَأَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا شَهْرٌ فَأَكْثَرُ بِقَلِيلٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِذَا جَعَلَ الْمَوَّاقُ التَّشْبِيهَ رَاجِعًا لِلدَّارِ فَقَطْ وَأَنَّهُ تَامٌّ أَيْ فِي اللُّزُومِ وَالتَّعْيِينِ، وَفِي أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَصِحُّ فِي أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ غَيْرَ تَامٍّ بِأَنْ يَكُونَ فِي اللُّزُومِ وَتَعْيِينِ الْمُدَّةِ فَقَطْ اهـ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ السَّابِقَيْنِ وَهُمَا اشْتِرَاطُ تَعْيِينِ الزَّمَانِ وَاشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مُتَعَدِّدًا وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الْأَحَدِ أَوَّلُهُمَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ تَعْيِينِ الزَّمَانِ فِي الْمُتَعَدِّدِ أَوْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ عبق وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا) أَيْ الدَّارِ (قَوْلُهُ الْأَرْضُ الْمَأْمُونَةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ مِلْكًا. وَأَمَّا الْحَبْسُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُ رِقَابِهِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا قَسْمُهُ لِلِاغْتِلَالِ بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا كِرَاءَهُ شَهْرًا مَثَلًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ فَقِيلَ يُقْسَمُ وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى لِمَنْ طَلَبَ وَيَنْفُذُ بَيْنَهُمْ إلَى أَنْ يَحْصُلَ مَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ الْقَسْمِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ يُوجِبُ التَّغْيِيرَ وَقِيلَ لَا يُقْسَمُ بِحَالٍ، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يُقْسَمُ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ بِتَرَاضِيهِمْ فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمْ الْقَسْمَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَغَايَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَاسْتَظْهَرَ ح الْقَوْلَ الثَّالِثَ وَسَوَاءٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ قَسَمَ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ أَوْ قِسْمَةَ انْتِفَاعٍ بِأَنْ يَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالسُّكْنَى بِنَفْسِهِ أَوْ بِالزِّرَاعَةِ بِنَفْسِهِ مُدَّةً. وَإِنْ كَانَتْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا هِيَ فِي قِسْمَةِ الِاغْتِلَالِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً) أَيْ، وَإِنَّ قَلَّتْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ لَا فِي غَلَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَهِيَ أَيْ قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ جَائِزَةٌ فِي مَنَافِعَ لَا فِي غَلَّةٍ قَالَ عبق وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي غَلَّةِ اللَّبَنِ كَمَا يَأْتِي فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا يَأْتِي فَيَجُوزُ أَنْ يَحْلُبَ هَذَا يَوْمًا، وَهَذَا يَوْمًا اهـ. وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ فِيمَا يَأْتِي بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ فَضْلٌ بَيِّنٌ (قَوْلُهُ كِرَاءُ الْحَمَّامَاتِ وَالرَّحَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُ غَلَّتِهَا مُهَايَأَةً بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَتَهَا يَوْمًا أَوْ جُمُعَةً أَوْ شَهْرًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَدَارٍ مَعْلُومَةِ الْكِرَاءِ) أَيْ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ مَعْلُومِ الْكِرَاءِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ مُسْتَأْجَرًا لِشَخْصٍ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَةَ شَهْرٍ أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مُسْتَأْجِرٍ بِالْفِعْلِ لَكِنْ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤَاجِرُ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْكِرَاءَ تَبَعٌ لِمَا أَيْ تَبَعٌ لِلْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَيْهَا فَلَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُكْرِي مُدَّتَهُ وَلَمْ يَنْضَبِطْ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَسْمِ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) كَذَا فِي خش وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَسْهُلُ) أَيْ قَسْمُ الْغَلَّةِ مُهَايَأَةً فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ غَلَّةَ الْمُشْتَرَكِ يَوْمًا (قَوْلُهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قِسْمَةُ رِقَابٍ وَذَوَاتٍ كَالْقُرْعَةِ الْآتِيَةِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْمُهَايَأَةِ فَإِنَّهَا قِسْمَةُ مَنَافِعَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُهَايَأَةِ وَالْمُرَاضَاةِ مِنْ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ فَلَا تُفْعَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَّا بِرِضَاهَا وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنْ أَبَاهَا بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا وَأَبَاهَا الْآخَرُ وَطَلَبَ الْمُهَايَأَةَ أَوْ الْمُرَاضَاةَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ أَبَاهَا. (قَوْلُهُ فَكَالْبَيْعِ) أَيْ الْمُغَايِرِ لِلْمُرَاضَاةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ فَتَشْبِيهُهَا بِهِ تَشْبِيهٌ لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بَقَرَةً

وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ أَمْ لَا وَلَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إذَا لَمْ يُدْخِلَا مُقَوِّمًا فِيهَا وَقَدْ يُتَسَامَحُ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ وَأَشَارَ لِلْقَسَمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ بِقَوْلِهِ (وَقُرْعَةٌ) ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَنَافِعِ كَالْإِجَارَةِ وَقِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ فِي الرِّقَابِ كَالْبَيْعِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بَابٌ يَخُصُّهُ (وَهِيَ) أَيْ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ (تَمْيِيزُ حَقٍّ) فِي مُشَاعٍ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لَا بَيْعٍ فَلِذَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ (وَكَفَى) فِيهَا (قَاسِمٌ) وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْخَبَرُ كَالْقَائِفِ وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ وَلَوْ كَافِرًا وَعَبْدًا إلَّا أَنْ يُقِيمَهُ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَالَةِ (لَا مُقَوِّمٌ) فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ أَوْ الْأَمَاكِنِ الْمَقْسُومَةِ بِالْقُرْعَةِ وَالْتَزَمَهُ بَعْضُهُمْ قَائِلًا أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّقْلِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ مُقَوِّمِ الْمُتْلَفَاتِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غُرْمٌ أَوْ قَطْعٌ فَيَكُونُ الْمُقَوِّمُ هُنَا غَيْرَ الْقَاسِمِ فَالْقَاسِمُ مُقَدَّمٌ فِعْلُهُ عَلَى الْمُقَوِّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَاسِمُ هُوَ الْمُقَوِّمُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (وَأَجْرُهُ) أَيْ الْقَاسِمِ (بِالْعَدَدِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ مِمَّنْ طَلَبَ الْقَسْمَ أَوْ أَبَاهُ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ تَعَبَ الْقَسَّامِ فِي تَمْيِيزِ النَّصِيبِ الْيَسِيرِ كَتَعَبِهِ فِي الْكَبِيرِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَالْمُقَوِّمِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَكُرِهَ) أَخْذُهُ الْأُجْرَةَ مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَوْ غَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْآخَرُ بَقَرَةً مِثْلَهَا أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ دَارًا مِثْلَهُ أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا حَيَوَانًا وَالْآخَرُ عَقَارًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَمْحًا (قَوْلُهُ وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ) ذَكَرَ ح أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْمُرَاضَاةِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَصْنَافٍ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَفُولٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَاحِدَةً بِالتَّرَاضِي، وَأَمَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَجْهُولَةُ الْكَيْلِ يَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالتَّرَاضِي فَلَا يَجُوزُ قَالَ عبق وَمَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ جُزَافًا بِلَا تَحَرٍّ أَوْ بِتَحَرٍّ فِي الْمَكِيلِ لِلْغُرُورِ وَالْمُخَاطَرَةِ، وَأَمَّا بِتَحَرٍّ فِي الْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى مَعَ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُدْخِلَا مُقَوِّمًا) أَيْ فَإِنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا رُدَّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْقُرْعَةِ مَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُتَسَامَحُ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ وَفِي قَفِيزٍ) أَيْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ) أَيْ وَالْآخَرُ ثُلُثَهُ فَقَسْمُ الْقَفِيزِ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَاضَاةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ تَمَيَّزَ حَقُّهُ وَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْ نَصِيبِهِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَاضَاةَ بَيْعٌ فَقَسْمُ الْقَفِيزِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بَابٌ يَخُصُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالْبَيْعِ وَلَا كَالْإِجَارَةِ فَلِذَا كَانَ هَذَا بَابُهَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَقِيلَ إنَّهَا بَيْعٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ (قَوْلُهُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ فَلِذَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلَخْ) أَيْ فَلِأَجْلِ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بَيْعًا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ؛ لِأَنَّ الْغَبَنَ لَا يُرَدُّ بِهِ الْبَيْعُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ) أَيْ أَنَّهَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ كَبَقَرٍ وَجَامُوسٍ وَقَمْحٍ وَفُولٍ أَوْ الْمُتَّحِدِ مِنْهُمَا كَعَبْدَيْنِ أَوْ دَارَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ لَا فِي مُخْتَلِفٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُرَاضَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَفَى فِيهَا) أَيْ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ أَيْ كَفَى فِي تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ بِقِسْمَةِ الْقُرْعَةِ قَاسِمٌ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ كَفَى فِي الْإِجْزَاءِ وَأَشْعَرَ هَذَا أَنَّ الِاثْنَيْنِ أَوْلَى وبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَهُ) أَيْ الْقَاسِمَ وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَالَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقِيمُ مَقَامَهُ إلَّا الْعُدُولَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَسْمُ أَقَامَهُ الشُّرَكَاءُ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَلَهُمَا أَنْ يُقِيمَا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ) أَيْ الْمُتْلَفَةِ (قَوْلُهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ أَوْ الْأَمَاكِنِ) أَيْ الْمُعَدِّلُ لِأَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ كَذِرَاعٍ مِنْ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ الْغَرْبِيِّ وَكَقَفِيزٍ مِنْ بُرٍّ يَعْدِلُ قَفِيزَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ (قَوْلُهُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تَقْوِيمِهَا (قَوْلُهُ أَوْ قَطَعَ) أَيْ كَتَقْوِيمِ مَسْرُوقٍ لِيَتَرَتَّبَ عَلَى سَارِقِهِ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ فَالْقَاسِمُ مُقَدَّمٌ فِعْلُهُ عَلَى الْمُقَوِّمِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى فَالْقَاسِمُ فِعْلُهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ فِعْلِ الْمُقَوِّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَيْ تَمْيِيزَ الْأَنْصِبَاءِ بِضَرْبِ السِّهَامِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَجْرُهُ) أَيْ أُجْرَتُهُ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ) أَيْ مَفْضُوضَةٌ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَالْمُقَوِّمِ) أَيْ مَفْضُوضَةٌ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إلَخْ) فِي بْن تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَنْ كَانَ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي لِلْقِسْمَةِ أَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ عَلَى الْقَسْمِ لَهُمْ فَلَا كَرَاهَةَ

مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُطْلَقًا قَسَمَ أَوْ لَمْ يَقْسِمْ (وَقُسِمَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَ (الْعَقَارُ وَغَيْرُهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ الْمُقَوَّمَاتُ (بِالْقِيمَةِ) لَا بِالْعَدَدِ وَلَا بِالْمِسَاحَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاءُ الْمَقْسُومِ فَإِنْ اتَّفَقَتْ لَمْ يَحْتَجْ لِتَقْوِيمٍ بَلْ يُقْسَمُ مِسَاحَةً. وَأَمَّا مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا لَا قُرْعَةً وَقِيلَ يَجُوزُ قَسْمُهُ قُرْعَةً أَيْضًا وَلَا وَجْهَ لَهُ (وَأُفْرِدَ) فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كُلُّ نَوْعٍ) مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَعَرَضٍ احْتَمَلَ الْقَسْمَ أَمْ لَا، لَكِنْ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُهُ يُفْرَدُ لِيُبَاعَ أَوْ يُقَابِلَ بِهِ غَيْرُهُ فِي التَّقْوِيمِ إنْ رَضِيَا بِذَلِكَ، فَمَعْنَى أُفْرِدَ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ فِي الْقَسْمِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ وَلَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ بَلْ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّهْمِ الدُّورُ مَعَ الْحَوَائِطِ وَلَا مَعَ الْأَرْضِينَ وَلَا الْحَوَائِطُ مَعَ الْأَرْضِينَ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَجُمِعَ) فِي الْقِسْمَةِ (دُورٌ وَأَقْرِحَةٌ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ لَا تُجْمَعُ دُورٌ لِأَقْرِحَةٍ بَلْ تُجْمَعُ الدُّورُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَقْرِحَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَقْرِحَةُ جَمْعُ قَرَاحٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ أَيْ أَفْدِنَةٌ (وَلَوْ بِوَصْفٍ) مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ عُيِّنَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي أَخْذِهِ الْأُجْرَةَ (قَوْلُهُ مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُطْلَقًا) أَيْ إنَّ مَحَلَّ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ كَانَ لَا يَأْخُذُ إلَّا إذَا قَسَمَ بِالْفِعْلِ فَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ مُطْلَقًا كَالْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْقَسَّامِ حَرُمَ أَخْذُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْمَالُ لِأَيْتَامٍ أَوْ لِكِبَارٍ كَانَ لَهُ أَجْرٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْقَسْمِ أَمْ لَا، فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ: الْحُرْمَةُ فِي سِتٍّ، وَالْكَرَاهَةُ فِي اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ الْمُقَوَّمَاتُ) أَيْ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ فَتُقَوَّمُ الدُّورُ أَوْ الْجِهَاتُ فِي الدَّارِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الثِّيَابِ وَيُجْعَلُ أَقْسَامًا بِقَدْرِ عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَكَذَا فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا فَتُقَوَّمُ الدُّورُ أَوْ جِهَاتُ الدَّارِ وَكَذَا الثِّيَابُ وَالْحَيَوَانُ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا أَوْ جِهَةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ حَيَوَانًا بِالتَّرَاضِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَسْمُ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ بِالْقِيمَةِ جَارٍ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَالْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا (قَوْلُهُ لَا بِالْعَدَدِ) أَيْ فِي الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ وَلَا بِالْمِسَاحَةِ أَيْ فِي الْعَقَارِ كَالْأَرْضِ وَالدُّورِ (قَوْلُهُ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاءُ الْمَقْسُومِ) أَيْ فِي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّفَقَتْ) أَيْ أَجْزَاءُ الْمَقْسُومِ فِي الْقِيمَةِ بِأَنْ كَانَتْ الدُّورُ مُتَسَاوِيَةً بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُ) أَيْ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ وَكَوْنِ السِّمَنِ شَيْحِيًّا أَوْ سِمَنَ رَعْيِ بِرْسِيمٍ مَثَلًا وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ. وَأَمَّا مُخْتَلِفُ الصِّفَةِ فَلَا يُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ اتِّفَاقًا بَلْ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا لَا قُرْعَةً) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ فَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الْقُرْعَةِ فَلَا وَجْهَ لِدُخُولِهَا فِيهِمَا أَيْ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَأَفْتَى بِهِ الشَّبِيبِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَصَاحِبُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ قَسْمُهُ قُرْعَةً) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقَوَّمُ كَالْمُتَقَوِّمَاتِ لَكِنْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ صِنْفَيْنِ مِنْهَا، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَاسْتَظْهَرَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ (قَوْلُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ) أَيْ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ لَا يُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ، وَأَمَّا بِالْمُرَاضَاةِ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِنْ أَصْنَافٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ جُزَافًا بِلَا تَحَرٍّ أَوْ بِتَحَرٍّ فِي الْمَكِيلِ. وَأَمَّا بِتَحَرٍّ فِي الْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى مَعَ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ بِالْفِعْلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَفْرَدَ إلَخْ) فَإِذَا مَاتَ إنْسَانٌ وَخَلَّفَ عَقَارًا وَحَيَوَانًا وَعَرْضًا فَإِنَّ كُلَّ نَوْعٍ يُقْسَمُ عَلَى حِدَتِهِ وَلَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ هَذَا إنْ احْتَمَلَ الْقَسْمَ فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ بِيعَ وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ وَلَا يَضُمُّ لِغَيْرِهِ إلَّا إذَا تَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَإِلَّا جُمِعَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنَّ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُهُ يُفْرَدُ لِيُبَاعَ أَيْ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَابَلُ بِهِ غَيْرُهُ فِي التَّقْوِيمِ أَيْ فَإِذَا تُرَاضُوا عَلَى جَمْعِ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ مِنْ الْأَنْوَاعِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا فِي ح وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ فِي الْقَسْمِ أَيْ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُقَسَّمُ أَوْ يُبَاعُ لِيُقَسَّمَ ثَمَنُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ) أَيْ كَالْعَقَارِ أَوْ الْحَيَوَانِ وَالْعَرْضِ فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنْهَا بَلْ يُقَسَّمُ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ أَيْ كَالْأَرْضِ وَالْحَوَائِطِ وَالدُّورِ فَإِنَّ هَذِهِ أَصْنَافٌ لِلْعَقَارِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ صِنْفَيْنِ مِنْهَا بَلْ يُقَسَّمُ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُتَبَاعِدِينَ مِنْ الصِّنْفَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ كَالْحَرِيرِ وَالصُّوفِ فَإِنَّهُمَا صِنْفَانِ لِلْبَزِّ مُتَقَارِبَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا السِّتْرُ وَاتِّقَاءُ الْحُرِّ وَالْبُرْدِ فَيُجْمَعَانِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بَلْ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ يُقَسَّمُ بِالْقُرْعَةِ عَلَى حِدَتِهِ وَأَرَادَ بِالنَّوْعِ مَا يَشْمَلُ الصِّنْفَ وَإِلَّا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَلْ كُلُّ نَوْعٍ أَوْ صِنْفٍ يُقَسَّمُ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّهْمِ) أَيْ الْقُرْعَةِ وَاحْتَرَزَ عَنْ قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَوْعًا مِنْهَا (قَوْلُهُ بَلْ يُقَسَّمُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ إنْ احْتَمَلَ الْقَسْمَ وَإِلَّا بِيعَ وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ مَا لَمْ يَتَرَاضَ الْوَرَثَةُ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَإِلَّا جُمِعَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بَلْ تُجْمَعُ الدُّورُ عَلَى حِدَةٍ) أَيْ يُجْمَعُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَتُقَسَّمُ عَلَى حِدَتِهَا (قَوْلُهُ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ) أَيْ الْخَالِيَةُ مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ) هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ إذْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ

وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالْوَصْفِ رَفْعًا لِلْجَهَالَةِ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ إنَّمَا هُوَ فِي الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ الْغَائِبَةِ غَيْبَةً غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُ ذَاتِهَا أَوْ الْمُزْدَوَجِينَ إذَا ذَهَبَ إلَيْهَا، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ إذْ هُوَ فِي جَوَازِ جَمْعِهَا فِي الْقَسْمِ وَهَذَا فِي جَوَازِ قَسْمِهَا فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَلِجَوَازِ الْجَمْعِ شُرُوطٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً) وَلَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ الْبِنَاءِ فِيهَا (وَرَغْبَةً) قَدْ تَكُونُ الْقِيمَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُتَّفِقَةً وَرَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ لِأَمْرٍ مَا مُخْتَلِفَةً فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ الشُّرَكَاءِ (وَتَقَارَبَتْ) أَيْ الدُّورُ أَوْ الْأَقْرِحَةُ أَيْ تَقَارَبَتْ أَمْكِنَتُهَا (كَالْمِيلِ) وَالْمِيلَيْنِ أَيْ يَكُونُ الْمِيلُ أَوْ الْمِيلَانِ جَامِعًا لِأَمْكِنَتِهَا حَتَّى يَصِحَّ ضَمُّ بَعْضِهَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ لِبَعْضٍ فَإِنْ تَبَاعَدَتْ لَمْ يَجُزْ الضَّمُّ بَلْ تُفْرَدُ عَلَى حِدَةٍ إنْ تَعَيَّنَتْ وَلَوْ بِالْوَصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْجَمْعُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (إنْ دَعَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْجَمْعِ (أَحَدُهُمْ) لِيَجْتَمِعَ لَهُ حَظُّهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَلَوْ أَبَى الْبَاقُونَ فَيُجْبَرُ عَلَى الْجَمْعِ مَنْ أَبَاهُ (وَلَوْ) كَانَتْ (بَعْلًا) ، وَهُوَ مَا يُشْرَبُ زَرْعُهَا بِعُرُوقِهِ مِنْ رُطُوبَتِهَا كَاَلَّذِي يُزْرَعُ بِأَرْضِ النِّيلِ بِمِصْرَ (تَعَيَّبَ) ، وَهُوَ مَا يُسْقَى بِمَا يَجْرِي عَلَى وَجْهِهَا كَالْعَيْنِ وَالْأَنْهَارِ وَالْمَطَرِ وَإِنَّمَا جُمِعَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي جُزْءِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الْعُشْرُ. وَأَمَّا مَا يُسْقَى بِالْآلَاتِ فَلَا يُجْمَعُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَجُمِعَ دُورٌ قَوْلُهُ (إلَّا) دَارًا (مَعْرُوفَةً بِالسُّكْنَى) لِمُوَرِّثِهِمْ (فَالْقَوْلُ لِمُفْرِدِهَا) لَا لِمَنْ أَرَادَ جَمْعَهَا مَعَ أُخْرَى إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ جُزْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا تَامًّا وَإِلَّا ضُمَّتْ لِغَيْرِهَا وَلَا تُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهَا كَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيدَ شَرَفٍ عَلَى غَيْرِهَا (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ) وَأَنَّهَا كَغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ دَعَا لِجَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَإِنْ كَانَ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ ضَعْفَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي قَوْلِهِ جُمِعَ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ جَمْعُ دُورٍ أَوْ أَقْرِحَةٍ، هَذَا إذَا كَانَ جَمْعُهَا مُلْتَبِسًا بِرُؤْيَتِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِوَصْفٍ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالْوَصْفِ) أَيْ لِلسَّاحَةِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ فِيمَا يَنْقَسِمُ بِالْقُرْعَةِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا بِالْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا غَيْبَةً غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُ ذَاتِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ أَزْيَدَ مِنْ كَمِيلٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ أَقْرَبِ الْغَيْبَةِ هُنَا (قَوْلُهُ وَتَقَارَبَتْ) أَيْ وَتَقَارَبَتْ أَمْكِنَتُهَا (قَوْلُهُ فِي جَوَازِ جَمْعِهَا) أَيْ مَعَ الْحَاضِرِ الْقَسْمُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَمْعُ الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ فِي الْقَسْمِ إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً كَالْمِيلِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَائِبُ مُعَيَّنًا بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ فِي حَدِّ ذَاتِهَا) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ جَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَنْقَسِمُ بِالْقُرْعَةِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَكَانَ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِالْوَصْفِ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ قِسْمَتِهِ بِالْقُرْعَةِ مِنْ كَوْنِ غَيْبَتِهِ غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ مِنْ تَغَيُّرِ ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ أَكْثَرَ مِنْ كَمِيلٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ كَمِيلٍ فَأَقَلَّ قُسِمَ بِالْقُرْعَةِ مَعَ ضَمِّهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ كَمِيلٍ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ عَلَى حِدَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَمٍّ (قَوْلُهُ وَلِجَوَازِ الْجَمْعِ) أَيْ جَمْعِ الدُّورِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَالْأَقْرِحَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ فِي الرَّغْبَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّغْبَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسَاوِي الدَّارَيْنِ فِي الْقِيمَةِ اتِّفَاقُ الشُّرَكَاءِ فِي الرَّغْبَةِ فِيهِمَا فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ اتِّحَادُ الْقِيمَةِ وَاخْتِلَافُهَا تَابِعٌ لِاتِّحَادِ الرَّغْبَةِ وَاخْتِلَافِهَا، وَحِينَئِذٍ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ وَهَذِهِ قَدْ تَخْتَلِفُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُتَّحِدَةً وَحِينَئِذٍ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا يَكْفِي عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ هَذَا الْقَيْدِ لِلدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَجْعَلْ الْمِيلَ حَدًّا لِلْقُرْبِ إلَّا فِي الْأَرْضِينَ وَالْحَوَائِطِ. وَأَمَّا الدُّورُ فَقَالَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدُّورِ مَسَافَةُ الْيَوْمَيْنِ وَالْيَوْمِ لَمْ تُجْمَعْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَالْجَمْعُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ عَطْفُ هَذَا الشَّرْطِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَمَا يُقَالُ إنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِإِنْ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ وَمَا هُنَا مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْفَاعِلِ تَقُولُ إنْ جَاءَ زَيْدٌ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَمْرٌو كَانَ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ مَا يُشْرَبُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ أَرْضٌ يُشْرَبُ زَرْعُهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ السَّيْحِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُشْرَبُ وَيُسْقَى هُوَ الزَّرْعُ وَالْبَعْلُ وَالسَّيْحُ اسْمٌ لِلْأَرْضِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَمْعِ الْبَعْلِ مَعَ السَّيْحِ فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ أَحَدُ طَرِيقَتَيْنِ مُرَجَّحَتَيْنِ وَالْأُخْرَى عَدَمُ جَمْعِهِمَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُ) أَيْ زَكَاةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ كَغَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيدَ شَرَفٍ) أَيْ بِسُكْنَى مُوَرِّثِهِمْ وَلِذَا قَيَّدَ ابْنُ حَبِيبٍ بِكَوْنِ الْمُوَرِّثِ لَهُ شَرَفٌ وَحُرْمَةٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ الْأَكْثَرُ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ تَأْوِيلُ فَضْلٍ، وَلِابْنِ حَبِيبٍ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْمُوَرِّثُ لَهُ فَضْلٌ وَحُرْمَةٌ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَأْوِيلًا ثَالِثًا وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَلْ الدَّارُ الْمَعْرُوفَةُ بِسُكْنَى الْمَيِّتِ كَغَيْرِهَا أَيْ فِي إجَابَةِ مَنْ طَلَبَ جَمْعَهَا مَعَ غَيْرِهَا ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ شَرِيفًا لَهَا

(وَفِي) جَوَازِ جَمْعِ (الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ) بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ إلَّا بِالتَّرَاضِي؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ (تَأْوِيلَانِ وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ) عَنْ غَيْرِهِ مِنْ شَجَرِ خَوْخٍ وَنَخْلٍ وَرُمَّانٍ فَكُلُّ صِنْفٍ يُفْرَدُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ عَنْ غَيْرِهِ وَيُقْسَمُ عَلَى حِدَتِهِ (إنْ احْتَمَلَ) وَإِلَّا ضُمَّ لِغَيْرِهِ (إلَّا كَحَائِطٍ فِيهِ شَجَرٌ مُخْتَلِفَةٌ) مُخْتَلِطَةٌ فَلَا يُفْرَدُ بَلْ يُقْسَمُ مَا فِيهِ بِالْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَلَا يَضُرُّ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ مِنْ أَصْنَافِ الشَّجَرِ (أَوْ أَرْضٍ بِشَجَرٍ) أَيْ مَعَهُ أَوْ مُلْتَبِسَةً بِهِ وَأَرْضٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى حَائِطٍ وَلَوْ حَذَفَ الْكَافَ وَنَصَبَهُمَا كَانَ أَحْسَنَ (مُتَفَرِّقَةٍ) يَعْنِي فِيهَا شَجَرٌ مُتَفَرِّقٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ مَعَ شَجَرِهَا بِالْقِيمَةِ إذْ لَوْ قُسِمَتْ الْأَرْضُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَشْجَارُ عَلَى حِدَةٍ رُبَّمَا صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ شَجَرُهُ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَفَرِّقَةِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ إفْرَادُ الْأَرْضِ عَنْ الشَّجَرِ بَلْ الْمَنْظُورُ لَهُ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ تَبَعٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ إلَخْ (وَجَازَ) (صُوفٌ) أَيْ قَسْمُهُ (عَلَى ظَهْرٍ) قَبْلَ جَزِّهِ (إنْ جُزَّ) أَيْ إنْ دَخَلَ عَلَى جَزِّهِ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ تَمَامُ الْجَزِّ (لِكَنِصْفِ شَهْرٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ إذْ لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ. وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْجَزِّ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاللَّتَانِ بَعْدَهَا فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ لَا فِي الْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ فَيَجُوزُ لِأَكْثَرَ. (وَ) جَازَ (أَخْذُ وَارِثٍ عَرَضًا) مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ فِي نَصِيبِهِ (وَ) أَخْذُ وَارِثٍ (آخَرَ دَيْنًا) يَتْبَعُ بِهِ الْغَرِيمَ فِي قِسْمَةِ مُرَاضَاةٍ لَا الْقُرْعَةِ (إنْ جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ الدَّيْنُ بِأَنْ حَضَرَ الْمَدِينُ وَأَقَرَّ وَكَانَ مَلِيئًا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ، وَأَمَّا أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ غَيْرِ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ حُرْمَةٌ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَعَ قَوْلِ أَكْثَرِ مُخْتَصِرِيهَا وَفَضْلٌ وَابْنُ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ جَمْعِ) أَيْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ هَذَا قِسْمًا، وَهَذَا قِسْمًا وَتُرْمَى الْقُرْعَةُ فَكُلُّ مَنْ جَاءَتْ عَلَيْهِ قُرْعَتُهُ أَخَذَهُ أَوْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ) أَيْ وَعَدَمُ جَوَازِ جَمْعِهِمَا فِي الْقُرْعَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِالتَّرَاضِي اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُرَاضَاةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْئَيْنِ إلَخْ أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي جَوَازِ جَمْعِهِمَا فِي الْقُرْعَةِ وَعَدَمِ جَوَازِ جَمْعِهِمَا. وَأَمَّا جَمْعُهُمَا فِي التَّرَاضِي بِأَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ الْأَعْلَى وَالْآخَرَ يَأْخُذُ الْأَسْفَلَ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ كُلُّ صِنْفٍ) هُوَ بِالتَّنْوِينِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَتُفَّاحٍ بِمَعْنَى مِثْلَ صِفَةٍ لِصِنْفٍ، وَهَذَا الَّذِي أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ إفَادَةِ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ يُفْرَدُ عَنْ غَيْرِهِ فَالْأَشْجَارُ تُفْرَدُ عَنْ الْبِنَاءِ وَعَنْ الْأَرْضِ وَمَا هُنَا أَفَادَ أَنَّ أَصْنَافَ الْأَشْجَارِ يُفْرَدُ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَنْ غَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنْ الشَّجَرِ وَكَانَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَتِهِ فِي الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ وَحْدَهُ إنْ احْتَمَلَ الْقَسْمَ بِأَنْ حَصَلَ لِكُلِّ وَارِثٍ شَجَرَةٌ كَامِلَةٌ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَلَا يُضَمُّ صِنْفٌ لِصِنْفٍ آخَرَ قَالَ عبق وَاعْلَمْ أَنَّ إفْرَادَ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ الشَّجَرِ وَمِنْ الدُّورِ عِنْدَ فَقْدِ شَرْطِ الْجَمْعِ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَيْسَ لَهُمَا التَّرَاضِي عَلَى خِلَافِهِ كَذَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفَةٌ) أَيْ مُخْتَلِفَةُ الْأَصْنَافِ (قَوْلُهُ يُقْسَمُ مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ بِالْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ جَازَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا أَيْ فِي الْأَشْجَارِ الْمُخْتَلِفَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي صِنْفَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ مَعَهُ أَوْ مُلْتَبِسَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ إمَّا لِلْمُصَاحَبَةِ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ وَمُتَفَرِّقَةٍ صِفَةُ الشَّجَرِ لَا لِأَرْضٍ إذْ هِيَ وَاحِدَةٌ وَالشَّجَرُ مُفَرَّقٌ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا قَلْبَ فِي الْكَلَامِ كَمَا ادَّعَاهُ عبق أَيْ أَوْ شَجَرٌ مُتَفَرِّقٌ فِي أَرْضٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَ فِيهَا شَجَرٌ مُفَرَّقٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ مَعَ شَجَرِهَا بِالْقُرْعَةِ وَتُعْدَلُ بِالْقِيمَةِ اهـ. وَفِي عبق لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِلْحُبُوبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ وَفِي الطُّرَرِ الْقَطَّانِيُّ أَصْنَافٌ لَا تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ أَيْ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ أَوْ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ (قَوْلُهُ عَلَى ظَهْرٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ عَلَى ظَهْرٍ كَغَنَمٍ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ) أَيْ الدُّخُولُ عَلَى تَأْخِيرِ تَمَامِ الْجَزِّ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) أَيْ وَالْمُغْتَفَرُ فِيهِ التَّأْخِيرُ لِنِصْفِ شَهْرٍ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ. . . إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ إذْ لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ أَيْ إذْ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَى تَأْخِيرِ تَمَامِ الْجَزِّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ لِمَا فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ قَسْمُ صُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِأَكْثَرَ) أَيْ فَيَجُوزُ. وَإِنْ تَأَخَّرَ كُلٌّ مِنْ الشُّرُوعِ فِي الْجَزِّ وَتَمَامُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ كَرِيمَ الدِّينِ الْبَرْمُونِيَّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَجَازَ أَخْذُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ عُرُوضًا حَاضِرَةً وَدُيُونًا لَهُ عَلَى رِجَالٍ شَتَّى جَازَ لِلْوَرَثَةِ قَسْمُ ذَلِكَ مُرَاضَاةً بِأَنْ يَأْخُذَ وَارِثٌ عَرْضًا وَوَارِثٌ دَيْنًا يَتْبَعُ بِهِ الْغَرِيمَ إنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ حَضَرَ الْمَدِينُ وَأَقَرَّ) زَادَ تت نَقْلًا عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمَدِينِ لِأَجْلِ اطْمِئْنَانِ النَّفْسِ وَدَفْعِ الْمُشَاحَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ذِمَّةٍ) أَيْ مِنْ

يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ جَازَ. (وَ) جَازَ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ (أَخْذُ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً) كَفُولٍ (وَالْآخَرِ قَمْحًا) يَدًا بِيَدٍ وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ، وَأَمَّا فِي الْقُرْعَةِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ. (وَ) جَازَ (خِيَارُ أَحَدِهِمَا) وَخِيَارُهُمَا مَعًا إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ جَعَلَاهُ بَعْدَ الْقَسْمِ وَظَاهِرُهُ فِي الْمُرَاضَاةِ وَالْقُرْعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (كَالْبَيْعِ) فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخِيَارِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ وَفِيمَا يُعَدُّ رِضًا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِهِ كَالْبَيْعِ لِقَوْلِهِ وَأَخْذُ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً إلَخْ فَيُفِيدُ الْمُنَاجَزَةَ كَمَا قَدَّمْنَا لَا لِقَوْلِهِ وَأَخْذُ وَارِثٍ عَرَضًا إلَخْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُ يُغْنِي عَنْهُ. (وَ) جَازَ لَك يَا مَنْ اسْتَعَرْت أَرْضًا مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِاللَّفْظِ أَوْ الْعُرْفِ لِتَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا (غَرْسُ أُخْرَى) بَدَلَ الْمَقْلُوعَةِ (إنْ انْقَلَعَتْ شَجَرَتُك) قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (مِنْ أَرْضِ غَيْرِك إنْ لَمْ تَكُنْ) الْمَغْرُوسَةُ (أَضَرَّ) مِنْ الْأُولَى مِنْ جِهَةِ عُرُوقِهَا أَوْ مِنْ جِهَةِ فُرُوعِهَا الَّتِي تَسْتُرُ بَيَاضَ الْأَرْضِ وَشُبِّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلُهُ (كَغَرْسِهِ) أَيْ كَجَوَازِ غَرْسِ صَاحِبِ الْأَرْضِ شَجَرًا (بِجَانِبِ نَهْرِك الْجَارِي فِي أَرْضِهِ) أَيْ أَرْضِ الْغَارِسِ وَلَيْسَ لِرَبِّ النَّهْرِ مُعَارَضَةُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ (وَحَمَلْت) يَا رَبَّ النَّهْرِ الْجَارِي فِي أَرْضِ غَيْرِك (فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ) أَيْ كُنَاسَةِ نَهْرِك الَّذِي بِجَانِبِهِ غَرْسُ غَيْرِك (عَلَى الْعُرْفِ) لَكِنْ إنْ جَرَى بِالطَّرْحِ عَلَى حَافَّتِهِ وَكَانَ هُنَاكَ سِعَةٌ فَلَا يَعْمَلُ بِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ تُطْرَحْ) الْكُنَاسَةُ (عَلَى حَافَّتِهِ) أَيْ النَّهْرِ إذَا كَانَ بِهَا شَجَرُ غَيْرِك (إنْ وَجَدْت سِعَةً) وَإِلَّا طَرَحَ عَلَيْهَا (وَجَازَ ارْتِزَاقُهُ) أَيْ الْقَاسِمُ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مِمَّنْ يَقْسِمُ لَهُمْ كَمَا مَرَّ (لَا شَهَادَتُهُ) عَلَى مَنْ قَسَمَ لَهُمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَصَلَهُ حَقُّهُ مِنْ الْقِسْمَةِ فَلَا تَجُوزُ وَلَوْ تَعَدَّدَ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ، وَهَذَا إذَا شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْعِ مَا فِي ذِمَّةٍ بِمَا فِي ذِمَّةٍ أُخْرَى، وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ) أَيْ فَتَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ إلَخْ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ أَوْ بِأَجَلَيْنِ كَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِائَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَالْأُخْرَى رَجَبِيَّةٌ فَيَتَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ) أَيْ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ صِنْفٍ عَلَى حِدَتِهِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ (قَوْلُهُ وَجَازَ خِيَارُ أَحَدِهِمَا) أَيْ جَازَ أَنْ يَقْتَسِمَا وَيَجْعَلَا لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا مَعًا الْخِيَارَ سَوَاءٌ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ جَعَلَهُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَنْعَهُ فِي الْقُرْعَةِ، وَأَمَّا فِي الْمُرَاضَاةِ فَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْخِيَارِ هُنَا مُمَاثِلًا لِلْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ فِي الْمُدَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ وَفِيمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَفِيمَا يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ. (قَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ) أَيْ يُغْنِي عَنْ رُجُوعِهِ لَهُ (قَوْلُهُ يَا مَنْ اسْتَعَرْت أَرْضًا) أَيْ أَوْ اسْتَأْجَرَتْهَا (قَوْلُهُ غَرَسَ أُخْرَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى الْمَقْلُوعَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَأَمَّا غَرْسُ اثْنَتَيْنِ بَدَلَ الْمَقْلُوعَةِ فَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَغْرِسُ اثْنَيْنِ مَكَانَ وَاحِدَةٍ وَظَاهِرُهَا وَلَوْ كَانَا مِنْ جِنْسِ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا ضَرَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَعِيرَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَغْرُوسَةَ) أَيْ الَّتِي تُرِيدُ غَرْسَهَا (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ عُرُوقِهَا) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ عُرُوقُهَا الْمُغَيَّبَةُ فِي الْأَرْضِ تُضِرُّ بِمَا يُجَاوِرُهُ أَوْ تُهْلِكُهُ (قَوْلُهُ بَيَاضَ الْأَرْضِ) أَيْ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ أَيْ الْمُشْرِقَةِ بِالشَّمْسِ فَتَضْعُفُ مَنْفَعَتُهَا بِسَتْرِ الْفُرُوعِ لَهَا (قَوْلُهُ الْجَارِي) أَيْ الَّذِي أَجْرَيْته فِي أَرْضِهِ بِإِذْنِهِ وَأَوْصَلْته لِأَرْضِك (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَبِّ النَّهْرِ مُعَارَضَةُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا أَضَرَّ بِالنَّهْرِ أَمْ لَا وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كُنَاسَتِهِ) أَيْ طِينِهِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْعُرْفِ) أَيْ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْبَلَدِ مِنْ طَرْحِهَا عَلَى حَافَّتِهِ أَوْ بَعِيدًا عَنْهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ جَرَى) أَيْ الْعُرْفُ وَقَوْلُهُ بِالطَّرْحِ عَلَى حَافَّتِهِ أَيْ وَكَانَ بِهَا شَجَرٌ وَكَانَ هُنَا سِعَةٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ تُطْرَحْ بِحَافَّتِهِ إلَخْ كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا طُرِحَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى حَافَّةِ النَّهْرِ يَعْنِي فِي أَسْفَلِ الشَّجَرِ الْمَغْرُوسِ عَلَى حَافَّةِ النَّهْرِ لَا عَلَى أَعْلَى الشَّجَرِ كَذَا فِي عبق وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ إنْ ضَاقَ مَا بَيْنَ الشَّجَرِ طُرِحَتْ فَوْقَهَا (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا رَزَقَ الْإِمَامُ الْقَاسِمَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مِمَّنْ يَقْسِمُ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَوْ لَا وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي فِي كُلِّ تَرِكَةٍ أَوْ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ كَذَا سَوَاءٌ قَسَمَ أَوْ لَمْ يَقْسِمْ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا إذَا جُعِلَ لَهُ فِي كُلِّ تَرِكَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ كَذَا إذَا قَسَمَ وَقَسَمَ بِالْفِعْلِ فَأَخْذُهُ مَكْرُوهٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَمْ لَا، وَأَمَّا الشُّرَكَاءُ إذَا تَرَاضَوْا عَلَى مَنْ يَقْسِمُ لَهُمْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إذَا شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَوْ لَا كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ عبق، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ

وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَيَجُوزُ وَفِي الْحَقِيقَةِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِتَقْيِيدٍ إذْ حَقِيقَةُ الشَّهَادَةِ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي أَرْسَلَهُ، وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَإِعْلَامٌ بِمَا حَصَلَ (وَ) جَازَ (فِي قَفِيزٍ) مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً (أَخْذُ أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ وَالْآخَرِ ثُلُثَهُ) أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مُرَاضَاةً فَقَطْ لَا قُرْعَةً إذَا اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً (لَا إنْ زَادَ) أَحَدُهُمَا (عَيْنًا) لِصَاحِبِهِ لِأَجْلِ دَنَاءَةِ نَصِيبِهِ (أَوْ) زَادَ (كَيْلًا لِدَنَاءَةٍ) فِي مَنَابِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْأَجْوَدِ جَازَ كَمَا إذَا اسْتَوَيَا جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً. (وَ) جَازَ (فِي كَثَلَاثِينَ قَفِيزًا) مِنْ حَبٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا سَوِيَّةً (وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) كَذَلِكَ (أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعِشْرِينَ قَفِيزًا) وَالْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ (إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْحَبِّ (صِفَةً) سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً نَقِيًّا أَوْ غَلْثًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ بِمَنْزِلَةِ قَسْمِ الْمَكِيلِ وَحْدَهُ تَفَاضُلًا وَالدَّرَاهِمِ وَحْدَهَا تَفَاضُلًا وَقَدْ عَلِمْت جَوَازَهُ حَيْثُ اتَّفَقَ جَوْدَةَ وَرَدَاءَةً فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ الْقَمْحِ لَمْ يَجُزْ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَاهِمُ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الدَّرَاهِمِ بِاخْتِلَافِ الرَّوَاجِ لَا الذَّاتِ فَاخْتِلَافُهَا فِي صِفَتِهَا مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الرَّوَاجِ لَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ لِأَعْيَانِهَا (وَوَجَبَ غَرْبَلَةُ قَمْحٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَبِّ (لِبَيْعٍ) أَيْ لِأَجْلِ بَيْعِهِ (إنْ زَادَ غَلْثُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَإِلَّا) يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَ الثُّلُثُ فَدُونَ (نُدِبَتْ) الْغَرْبَلَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ مَنْ أَقَامَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ فَهَذَا الْقَيْدُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالنَّصُّ بِخِلَافِهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَغَيْرَهُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَيَجُوزُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ حَيْثُ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَشَهِدَ عِنْدَهُ حَالَ التَّوْلِيَةِ (قَوْلُهُ وَفِي قَفِيزٍ أُخِذَ إلَخْ) أُخِذَ عَلَى ارْتِزَاقِهِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ أَعْنِي فِي قَفِيزٍ فَاصِلٌ بَيْنَ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ وَالْقَفِيزُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ صَاعًا وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا بِمِصْرَ زَكِيبَةً اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مُرَاضَاةً فَقَطْ لَا قُرْعَةً) أَيْ. وَأَمَّا بِالْقُرْعَةِ فَيُمْنَعُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهَا فِي الْمِثْلِيَّاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ بِالتَّفَاضُلِ وَالْقُرْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْجَوَازِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَفِيزِ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ مُرَاضَاةً مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاضَاةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا أَنَّهَا بَيْعٌ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْجَوَازِ فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمُرَاضَاةَ بَيْعٌ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً) أَيْ وَكَذَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ أَرْدَأَ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الثُّلُثَانِ أَرْدَأَ فَالْمَنْعُ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ لَا إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ إذَا اقْتَسَمَا عَيْنًا أَنْ يَزِيدَ آخِذُ الْجَيِّدَةِ عَيْنًا لِآخِذِ الرَّدِيئَةِ لِأَجْلِ دَنَاءَةِ مَا أَخَذَهُ وَلَا يَجُوزُ إذَا اقْتَسَمَا طَعَامًا أَنْ يَزِيدَ آخِذُ الْجَيِّدِ كَيْلًا لِآخِذِ الرَّدِيءِ لِدَنَاءَةِ مَا أَخَذَهُ. (قَوْلُهُ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ الْفَضْلِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الزِّيَادَةِ فِي الْعَدَدِ فَصَاحِبُ الْجَيِّدَةِ يَرْغَبُ لَهَا لِجَوْدَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ عَدَدًا وَآخِذُ الدَّنِيئَةِ يَرْغَبُ لَهَا لِكَثْرَتِهَا فَلَمَّا دَارَ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْتَفَى قَصْدُ الْمَعْرُوفِ فَغَلَبَ جَانِبُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فِي الْأَجْوَدِ جَازَ) أَيْ بِأَنْ دَفَعَ آخِذُ الْأَرْدَإِ لِآخِذِ الْأَجْوَدِ زِيَادَةً (قَوْلُهُ كَمَا إذَا اسْتَوَيَا جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً) أَيْ وَزَادَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَ أَحَدُهُمَا) عَلَى سَبِيلِ الْمُرَاضَاةِ إذْ لَا يُجْمَعُ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ نَوْعَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْمُرَاضَاةُ تَمْيِيزُ حَقٍّ فَهُوَ فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ لَا بَيْعَ) أَيْ وَإِلَّا لَمُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ أَيْ فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ صِفَةُ الْقَمْحِ) أَيْ بِأَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مَحْمُولَةً وَالْآخَرُ سَمْرَاءَ أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا نَقِيًّا وَالْآخَرُ غَلْثًا (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ) أَيْ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُمَا عَمَّا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ فِي الْأَقْفِزَةِ وَالدَّرَاهِمِ إنَّمَا هُوَ لِغَرَضٍ، وَهُوَ هُنَا الْمُكَايَسَةُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَاهِمُ) أَيْ فِي الصِّفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَفَتْ فِي الصِّفَةِ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُمْ عَمَّا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ فِي الدَّرَاهِمِ إنَّمَا هُوَ لِغَرَضِ الْمُكَايَسَةِ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ هَذَا إشَارَةٌ لِطَرِيقَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ اتِّفَاقُ الدَّرَاهِمِ فِي الصِّفَةِ وَالْعِبْرَةُ إنَّمَا هُوَ بِاتِّفَاقِهَا فِي الرَّوَاجِ فَاخْتِلَافُهَا فِي الصِّفَةِ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الرَّوَاجِ لَا يَضُرُّ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ خَصَّصَ شَرْطَ الِاتِّفَاقِ فِي الصِّفَةِ بِالْقَمْحِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُهَا صِفَةً (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَوَازِ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهِيَ مِائَةُ قَفِيزٍ قَمْحٍ وَمِائَةُ قَفِيزٍ شَعِيرٍ شَرِكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ اقْتَسَمَاهَا مُرَاضَاةً فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا سِتِّينَ قَمْحًا وَأَرْبَعِينَ شَعِيرًا وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتِّينَ شَعِيرًا وَأَرْبَعِينَ قَمْحًا فَيَجُوزُ مَعَ اتِّفَاقِ الْحَبِّ فِي الصِّفَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ غَرْبَلَةُ قَمْحٍ إنْ زَادَ غَلْثُهُ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغَلْثُ تِبْنًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا يَجِبُ تَنْقِيَةُ بَلَحٍ زَادَ حَشَفُهُ الْبَالِي الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ عَلَى الثُّلُثِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْغَرْبَلَةُ عِنْدَ زِيَادَةِ الْغَلْثِ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ غَيْرِ غَرْبَلَةٍ فِيهِ غَرَرٌ كَثِيرٌ

بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْغَرْبَلَةُ وَلَوْ زَادَ الْغَلْثُ عَلَى الثُّلُثِ (وَ) جَازَ فِي الْقَسْمِ (جَمْعُ بَزٍّ) الْبَزُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ كُلُّ مَا يُلْبَسُ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حَرِيرٍ مَخِيطٍ أَوْ غَيْرِ مَخِيطٍ أَيْ جَمْعِ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ بَعْدَ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَتَّانُ عَلَى حِدَةٍ وَالْقُطْنُ عَلَى حِدَةٍ وَهَكَذَا فَلَا يَجِبُ إفْرَادُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى حِدَتِهِ. (وَلَوْ كَصُوفٍ وَحَرِيرٍ) ؛ لِأَنَّهَا كَالصِّنْفِ الْوَاحِدِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا اللُّبْسُ. وَأَمَّا الزِّينَةُ فَلَا تُعْتَبَرُ شَرْعًا وَسَوَاءٌ احْتَمَلَ كُلُّ صِنْفٍ الْقِسْمَةَ عَلَى حِدَتِهِ أَمْ لَا (لَا) جَمْعُ أَرْضٍ (كَبَعْلٍ وَذَاتِ) أَيْ مَعَ أَرْضٍ ذَاتِ (بِئْرٍ) بِدُولَابٍ (أَوْ غَرْبٍ) أَيْ دَلْوٍ كَبِيرٍ فَتَغَايَرَ الْمَعْطُوفَانِ وَالْأَوْجَهُ فِي التَّغَايُرِ أَنْ يُقَالَ ذَاتُ بِئْرٍ مُطْلَقًا أَوْ ذَاتُ غَرْبٍ مِنْ بَحْرٍ أَوْ غَدِيرٍ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْقُرْعَةِ لِاخْتِلَافِ زَكَاةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَكَانَا صِنْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ كَالنَّوْعَيْنِ وَمَنْطُوقُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْبَعْلُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَعَهُمَا مَعًا وَمَفْهُومُهُ أَنَّ ضَمَّ ذَاتِ الدُّولَابِ لِذَاتِ الْغَرْبِ جَائِزٌ وَالسَّيْحُ، وَهُوَ مَا يُرْوَى بِالْمَاءِ الْوَاصِلِ لَهَا مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ كَالْبَعْلِ فِي تِلْكَ الْأَقْسَامِ، وَهُوَ مَدْخُولُ الْكَافِ (وَ) لَا يَجُوزُ (ثَمَرٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ قَسْمُهُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَالْمُرَادُ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً، وَهُوَ الْبَلَحُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِدَلِيلِ الشَّرْطِ الْآتِي (أَوْ زَرْعٍ) بِأَرْضِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِالْخَرْصِ أَيْ التَّحَرِّي (إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ) أَيْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْجَذِّ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ سَكَتَا؛ لِأَنَّ قَسْمَهُ مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ يَمْنَعُ بَيْعَهُ مُنْفَرِدًا بِالتَّحَرِّي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ عَاجِلًا جَازَ. وَأَمَّا إذَا بَدَا صَلَاحُهُ فَالْمَنْعُ بِالْأَوْلَى فِي قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ عَلَى أُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحْقِيقِ التَّفَاضُلِ فَلَا يُقْسَمُ إلَّا كَيْلًا أَوْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ (كَقَسْمِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (بِأَصْلِهِ) أَيْ مَعَ أَصْلِهِ، وَهُوَ الشَّجَرُ وَأَرْضُ الزَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ أَوْ لَا بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ) أَيْ بِالْقُرْعَةِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِهَا فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ فِيهَا عَدَمُ الْغَرْبَلَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ فَيُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْبَيْعِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْقِسْمَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْغَرْبَلَةَ فِيهَا لَيْسَ حُكْمُهَا كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَجَازَ فِي الْقَسْمِ جَمْعُ بَزٍّ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَمْعُ إلَخْ لَيْسَ عَطْفًا عَلَى فَاعِلٍ وَجَبَ وَلَا نُدِبَ بَلْ عَلَى فَاعِلِ جَازَ الْمُتَقَدِّمِ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْجَمْعِ إذَا تَرَافَعَا لِحَاكِمٍ وَطَلَبًا الْقَسْمَ وَلَمْ يَذْكُرَا جَمْعًا وَلَا إفْرَادًا أَمَّا لَوْ طَلَبَ الْجَمْعَ أَحَدُهُمَا كَانَ وَاجِبًا فَإِنْ طَلَبَا الْإِفْرَادَ كَانَ الْجَمْعُ مَمْنُوعًا (قَوْلُهُ كُلُّ مَا يُلْبَسُ) أَيْ وَمِنْهُ الْفِرَاءُ كَمَا لِعِيَاضٍ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ ثُمَّ بِجَمْعٍ فِي الْقَسْمِ فَتُفْرَدُ عِنْدَ التَّقْوِيمِ وَتُجْمَعُ عِنْدَ الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَصْنَافًا حَقِيقَةً لَكِنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالصِّنْفِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَاحِدٌ، وَهُوَ السَّتْرُ وَاتِّقَاءُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ إفْرَادُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ) أَيْ بِالْقَسْمِ بَلْ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَصُوفٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ وَجَمْعُ بَزٍّ مُخْتَلِفٍ وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ كَصُوفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا جَمْعُ أَرْضٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ جَمْعُ أَرْضٍ كَبَعْلٍ، وَهِيَ الَّتِي يَشْرَبُ زَرْعُهَا بِعُرُوقِهِ مِنْ رُطُوبَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ غَرَبٍ) أَيْ أَوْ ذَاتُ بِئْرٍ بِغَرَبٍ (قَوْلُهُ فَتَغَايَرَ الْمَعْطُوفَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَرَبَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَهُوَ الدُّولَابُ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ لَا أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى بِئْرٍ حَتَّى يَلْزَمَ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ؛ لِأَنَّ الْغَرَبَ يُسْقَى بِهِ مِنْ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِدُولَابٍ أَوْ بِغَرَبٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْبَعْلِ وَبَيْنَ ذَاتِ الْبِئْرِ أَوْ ذَاتِ الْغَرَبِ (قَوْلُهُ كَنَوْعَيْنِ) أَيْ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي الْأَوَّلِ وَالْعُشْرَ وَمِنْ الْأَخِيرَيْنِ نِصْفُ الْعُشْرِ فَنُزِّلَتْ تِلْكَ الْأَرَاضِي مَنْزِلَةَ الْأَنْوَاعِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهِيَ لَا تُجْمَعُ فِي الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ وَالسَّيْحُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ كَالْبَعْلِ خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ فِي تِلْكَ الْأَقْسَامِ أَيْ أَقْسَامِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ فَلَا يُجْمَعُ أَرْضُ سَيْحٍ مَعَ ذَاتِ بِئْرٍ بِدُولَابٍ أَوْ غَرَبٍ وَلَا مَعَهُمَا، وَأَمَّا جَمْعُ السَّيْحِ مَعَ الْبَعْلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَنْعُ وَأَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا بِلَوْ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ أَيْ السَّيْحُ مَدْخُولُ الْكَافِ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَبَعْلٍ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً) الصَّوَابُ الْعُمُومُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَلَحِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفَوَاكِهِ كَمَا فِي بْن وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ الشَّرْطِ الْآتِي أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَاتَّحَدَا مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ فَلَا يُنْتِجُ التَّخْصِيصَ فِي جَمِيعِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ زَرْعٍ بِأَرْضِهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الزَّرْعِ الْقَائِمِ فِي أَرْضِهِ (قَوْلُهُ أَيْ التَّحَرِّي) أَيْ بِأَنْ يَتَحَرَّى أَنَّ زَرْعَ أَوْ بَلَحَ تِلْكَ الْجِهَةِ قَدْرَ زَرْعِ أَوْ بَلَحِ تِلْكَ الْجِهَةِ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ جِهَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِسْمَهُ مِنْ الْبَيْعِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ قَسْمُهُ مُرَاضَاةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْبَيْعِ وَأَنَّ قَسْمَهُ بِالْقُرْعَةِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَسْمَهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا كَانَتْ الْقِسْمَةُ مُرَاضَاةً أَوْ بِالْقُرْعَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ عَاجِلًا جَازَ) أَيْ إذَا وُجِدَتْ بَقِيَّةُ شُرُوطِ بَيْعِهِ عَلَى الْجَذِّ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَالِاضْطِرَارِ وَعَدَمِ التَّمَالُؤِ كَمَا ذَكَرَهُ بْن (قَوْلُهُ فَالْمَنْعُ بِالْأَوْلَى) أَيْ وَإِلَّا مَا سَيَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ بِالشُّرُوطِ السِّتَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ بِالْخَرْصِ عَلَى أُصُولِهِ) أَيْ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْسَمُ إلَّا كَيْلُهُ) أَيْ بَعْدَ جَذِّهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ دَخَلَا

كَثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ مُنْفَرِدًا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرْضٍ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْمَنْعِ لَا بِقَيْدِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ (أَوْ) قَسْمِهِ (قَتًّا أَوْ ذَرْعًا) بِقَصَبَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ بَدَا صَلَاحُهُ أَمْ لَا لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ الْمُؤَدِّي إلَى الْمُزَابَنَةِ (أَوْ) قَسْمٍ (فِيهِ فَسَادٌ) فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مُرَاضَاةً لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ بِلَا فَائِدَةٍ (كَيَاقُوتَةٍ أَوْ كَجَفِيرٍ) لِسَيْفٍ، وَأَمَّا الْمُزْدَوَجَانِ كَالْخُفَّيْنِ فَيَجُوزُ مُرَاضَاةً لَا قُرْعَةً (أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْحَزْرِ وَالتَّحَرِّي فَيُمْنَعُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ تَكَرُّرِ مَعَ، قَوْلُهُ كَقِسْمَةٍ بِأَصْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى تُكَرَّرْ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَذَاكَ قَبْلَ بُدُوِّهِ أَوْ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى ثَمَرٍ غَيْرِ النَّخْلِ وَذَاكَ فِي النَّخْلِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالسُّكُوتَ أَوْ التَّبْقِيَةَ (قَوْلُهُ كَثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ قَسْمُ الثَّمَرِ غَيْرَ النَّخْلِ بِالتَّحَرِّي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ ثَمَرُ غَيْرِ النَّخْلِ كَثَمَرِ النَّخْلِ إذَا قُسِّمَ مُفْرَدًا بِالْخَرْصِ يُمْنَعُ إنْ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ. وَأَمَّا إنْ دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ) أَيْ وَالْعَرْضُ مَعَ الطَّعَامِ يُقَدَّرُ أَنَّهُ طَعَامٌ وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَسْمَهُ بِأَصْلِهِ مَمْنُوعٌ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ) قَالَ بْن، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ جَعْلِ التَّشْبِيهِ تَامًّا فَقَالَ كَقَسْمِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ مَعَ أَصْلِهِ، وَهُوَ الشَّجَرُ وَأَرْضُ الزَّرْعِ فَيُمْنَعُ مَعَ اشْتِرَاطِ الْبَقِيَّةِ أَوْ السُّكُوتِ. وَأَمَّا عَلَى الْجَذِّ فَيَجُوزُ، وَأَمَّا قَسْمُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ مَعَ أَصْلِهِ فَيُمْنَعُ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ طَعَامٍ وَعَرْضٍ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا وَرِثَ قَوْمٌ شَجَرًا أَوْ نَخْلًا وَفِيهَا ثَمَرٌ فَلَا تُقْسَمُ الثِّمَارُ مَعَ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الثِّمَارُ طَلْعًا أَوْ وَدْيًا إلَّا أَنْ يَجُرَّاهُ مَكَانَهُ اهـ. وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ لَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ بِالتَّحَرِّي وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ وَيَجُوزُ إذَا دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ. وَأَمَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا إلَّا الْبَلَحُ وَالْعِنَبُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالشُّرُوطِ السِّتَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أُرِيدَ قَسْمُهُ بِدُونِ أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ قَسْمُهُ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ جَازَ إنْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ وَمُنِعَ إنْ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ مُنِعَ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ، هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ بَهْرَامَ، وَهِيَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِ فَمَتَى قُسِمَ مَعَ أَصْلِهِ مُنِعَ مُطْلَقًا بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا، دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْجَذِّ أَوْ السُّكُوتِ (قَوْلُهُ أَوْ قَسَمَهُ) أَيْ الزَّرْعُ تَحَرِّيًا قَتًّا أَيْ حَزْمًا، وَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ أَوْ وَقْتًا عَطْفٌ عَلَى بِأَصْلِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بَعْدَ تَصْفِيَتِهِ بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ الْكَيْلُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ قَسْمُ الزَّرْعِ هُنَا قَتًّا وَجَازَ بَيْعُ الْقَتِّ جُزَافًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقُتَّ جُزَافًا لَا مَنْفُوشًا لِكَثْرَةِ الْخَطَرِ هُنَا إذْ يُعْتَبَرُ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ شُرُوطُ الْجُزَافِ لَوْ قِيلَ بِجَوَازِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي طَرَفِ الْمَبِيعِ فَقَطْ، وَهُوَ الْقَتُّ (قَوْلُهُ إلَى الْمُزَابَنَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يُرِيدُ زَبْنَ الْآخَرِ أَيْ دَفْعَهُ وَغَلَبَتَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالزَّرْعِ هُنَا مَا يُمْنَعُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْبِرْسِيمِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَبَقْلٍ (قَوْلُهُ أَوْ فِيهِ فَسَادٌ) صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَالْمَوْصُوفُ الْمَحْذُوفُ عُطِفَ عَلَى قَسْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَسَمِهِ بِأَصْلِهِ (قَوْلُهُ كَيَاقُوتَةٍ) أَيْ وَفَصٍّ وَلُؤْلُؤَةٍ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ نِصْفَيْنِ وَأَخْذُ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ نِصْفًا مُرَاضَاةً أَوْ بِالْقُرْعَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَفِيرِ. (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمُزْدَوَجَانِ كَالْخُفَّيْنِ) أَيْ وَالنَّعْلَيْنِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ وَجَعَلَ ح مِنْ الْمُزْدَوِجَيْنِ الْكِتَابُ إذَا كَانَ سِفْرَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ مُرَاضَاةً) أَيْ لِإِمْكَانِ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ شِرَاءُ فَرْدَةٍ أُخْرَى يَكْمُلُ بِهَا الِانْتِفَاعُ؛ كَذَا عَلَّلُوا، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِي الْقُرْعَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ) عَطْفٌ عَلَى إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ (قَوْلُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مَعَ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ كَقَسْمِهِ بِأَصْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَثَمَرٍ إذْ مَعْنَاهُ وَثَمَرٍ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ هَذَا إلَخْ) عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ يَصِيرُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ، وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا الثَّمَرَ مُتَّصِلًا وَعَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي يَصِيرُ مُنْقَطِعًا وَإِنَّمَا حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ لِإِطْلَاقِهِ الْمَنْعَ هُنَا وَتَقْيِيدِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنَّمَا يُمْنَعُ قَسْمُهُ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى جَذِّهِ وَإِلَّا جَازَ، وَأَمَّا مَا بَدَا صَلَاحُهُ فَيُمْنَعُ قَسْمُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى ثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ؛ وَقَوْلُهُ وَذَاكَ فِي النَّخْلِ أَيْ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ. وَهَذَا الْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ ثَمَرَ غَيْرِ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يُمْنَعُ قَسْمُهُ

(كَبَقْلٍ) لَا يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ بَلْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ مِنْهُ ثَمَنُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَا عَلَى جَذِّهِ وَكَانَ فِيهِ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ فَيَجُوزُ، رِبْعًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ وَدَخَلَا عَلَى جَذِّهِ جَازَ أَيْضًا عِنْدَ أَشْهَبَ وَرَجَحَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رِبَوِيًّا، فَمَدَارُ الْجَوَازِ عَلَى الدُّخُولِ عَلَى جَذِّهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ قَوْلَهُ (إلَّا الثَّمَرَ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُرَادُ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي الشُّرُوطِ (وَالْعِنَبَ) فَيَجُوزُ قَسْمُ كُلٍّ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا يُمْكِنُ حَزْرُهُمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الثِّمَارِ لِتَغْطِيَةِ بَعْضِهِ بِالْوَرَقِ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ) بِأَنْ احْتَاجَ هَذَا لِلْأَكْلِ، وَهَذَا لِلْبَيْعِ (وَإِنْ) كَانَ الِاخْتِلَافُ (بِكَثْرَةِ أَكْلٍ) وَقِلَّتِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَكْلُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ دُونَ الْآخَرِ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَقَلَّ) الْمَقْسُومُ لَا إنْ كَثُرَ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِخَرْصِهِ وَالْقَلِيلُ مَا يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ عُرْفًا، وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (وَحَلَّ بَيْعُهُ) أَيْ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ (وَاتَّحَدَ) الْمَقْسُومُ (مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ) فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ بُسْرًا وَبَعْضُهُ رُطَبًا قُسِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ فَلَوْ صَارَ تَمْرًا يَابِسًا عَلَى أَصْلِهِ لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ بَلْ بِالْكَيْلِ؛ لِأَنَّ فِي قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ حِينَئِذٍ انْتِقَالًا مِنْ الْيَقِينِ، وَهُوَ قَسْمُهُ بِالْكَيْلِ إلَى الشَّكِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا تَمْرٍ) فَيُمْنَعُ. وَأَشَارَ لِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (وَقُسِمَ بِالْقُرْعَةِ) لَا بِالْمُرَاضَاةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَحْضٌ فَلَا تَجُوزُ فِي مَطْعُومٍ إلَّا بِالْقَبْضِ نَاجِزًا، السَّادِسُ: أَنْ يُقْسَمَ (بِالتَّحَرِّي) أَيْ فِي كَيْلِهِ لَا قِيمَتِهِ فَيُتَحَرَّى كَيْلُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يُتَحَرَّى قِيمَتُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُقَوَّمَاتِ وَلَا أَنَّهُ يُتَحَرَّى وَزْنُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ فَالتَّحَرِّي الَّذِي هُوَ شَرْطٌ تَحَرٍّ خَاصٍّ بِالْكَيْلِ وَالْخَرْصُ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ تَحَرٍّ عَامٍّ شَامِلٍ لِلثَّلَاثَةِ فَلَا يَلْزَمُ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ. وَلَوْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَيْلِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ مُوهِمٌ، وَهَذَا فِي مَحَلِّ مِعْيَارِ الْبَلَحِ وَالْعِنَبِ فِيهِ بِالْكَيْلِ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ الْوَزْنِ. وَأَمَّا فِي بَلَدٍ مِعْيَارُهُمَا فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ كَمِصْرِ فَيُتَحَرَّى وَزْنُهُ قَالَهُ الْأَشْيَاخُ (كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ) تَشْبِيهٌ فِي جَوَازِ قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بَيْعُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا الْبَلَحَ الْكَبِيرَ، وَهُوَ الرَّامِخُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَبَقِيَّةُ الشُّرُوطِ مِنْ اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ وَأَنْ يُقْسَمَ بِالْقُرْعَةِ وَأَنْ يُتَحَرَّى كَيْلُهُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَيُزَادُ هُنَا شَرْطٌ، وَهُوَ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَّا فَسَدَ. (وَ) إذَا اقْتَسَمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْخَرْصِ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ بِخِلَافِ ثَمَرِ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْجَذِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ثَمَرُ غَيْرِ النَّخْلِ كَثَمَرِ النَّخْلِ كَمَا مَرَّ عَلَى الصَّوَابِ، فَالْأَوْلَى الْحَلُّ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ كَبَقْلٍ) أَيْ مِنْ كُرَّاثٍ وَسَلْقٍ وَكُزْبَرَةٍ وَبَصَلٍ وَجَزَر وَفُجْلٍ وَخَسٍّ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا قِيلَ فِي الْبَقْلِ يُقَالُ فِي زَرْعِ الْبِرْسِيمِ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْبَقْلِ أَنْ تَقُولَ إذَا قُسِّمَ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ فَالْمَنْعُ، بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا، قُسِمَ بِأَرْضِهِ أَوْ وَحْدَهُ، وَإِنْ قُسِمَ عَلَى الْجَذِّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ أَجْزَأَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ أَجَازَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُمَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بَدَا صَلَاحُهُ أَمْ لَا، قُسِمَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ لَا يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ لَا يُقْسَمُ عَلَى حَالَةِ كَوْنِهِ عَلَى أَصْلِهِ الَّتِي هِيَ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ) أَيْ فَإِذَا وُجِدَتْ جَازَتْ الْقِسْمَةُ سَوَاءٌ دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ أَوْ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى السُّكُوتِ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى سَوَاءٌ زَادَ عِيَالُ أَحَدِهِمَا عَلَى عِيَالِ الْآخَرِ أَوْ لَا، فَلَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَاطُ عَدَدِهِمَا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا. وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِكَثْرَةِ أَكْلِ عِيَالِ أَحَدِهِمَا أَوْ قِلَّةِ أَكْلِ عِيَالِ الْآخَرِ، وَلَوْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَدَدًا كَمَا فِي بْن، خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ اشْتِرَاطِ اخْتِلَافِ عَدَدِهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِخَرْصِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بِالْكَيْلِ بَعْدَ جَذِّهِ أَوْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ (قَوْلُهُ مَا يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ عُرْفًا) هَذَا مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ عج إنَّ الْقِلَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ) أَيْ عَلَى التَّبْقِيَةِ لَا مُطْلَقِ مُحَلَّلٍ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ إذَا بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَلَّ بَيْعُهُ لَكِنْ عَلَى الْجَذِّ لَا عَلَى الْبَقَاءِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ إذَا كَانَ الْقَسْمُ عَلَى الْبَقَاءِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ هُنَا فَالصَّغِيرُ، لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عَلَى الْبَقَاءِ لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَى كَوْنِ الْمُرَادِ وَحَلَّ بَيْعُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ يَعْنِي بِالِاحْمِرَارِ أَوْ الِاصْفِرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِثَمَرِ النَّخْلِ وَظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِنَبِ (قَوْلُهُ قُسِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ وَلَا يُجْمَعَانِ فِي الْقَسْمِ بِالْخَرْصِ (قَوْلُهُ إلَى شَكٍّ) أَيْ، وَهُوَ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ (قَوْلُهُ بِالتَّحَرِّي) أَيْ فِي كَيْلِهِ أَيْ بِأَنْ يَتَحَرَّى كَيْلَ مَا عَلَى النَّخْلِ الَّذِي فِي الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَكَيْلَ مَا عَلَى النَّخْلِ الَّذِي فِي الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِذَا تَسَاوَى الْكَيْلَانِ ضُرِبَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَتَحَرَّى إلَخْ (قَوْلُهُ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ) أَيْ تَحَرِّي الْكَيْلِ وَتَحَرِّي الْوَزْنِ وَتَحَرِّي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ شَرْطُ الشَّيْءِ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّحَرِّي، وَقَوْلُهُ فِي نَفْسِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ وَالْخَرْصُ هُوَ التَّحَرِّي (قَوْلُهُ مُوهِمٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ تَحَرِّي الْوَزْنِ أَوْ تَحَرِّي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ تَحَرِّي الْكَيْلِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ قَتْلُهُ وَلَا اتِّحَادُهُ مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الْبَلَحِ الرَّامِخِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَحَ إمَّا صَغِيرٌ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَثَمَرٌ وَزَرْعٌ إنْ لَمْ يَجُزْ فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ

ذَلِكَ كَذَلِكَ ثُمَّ اقْتَسَمَا الْأُصُولَ فَوَقَعَ ثَمَرُ هَذَا فِي أَصْلِ هَذَا وَبِالْعَكْسِ وَتَشَاحَّا فِي السَّقْيِ (سَقَى ذُو الْأَصْلِ) ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِغَيْرِهِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الْأَرْضَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ فَعِنْدَ عَدَمِ الْمُشَاحَّةِ (كَبَائِعِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (الْمُسْتَثْنِي) لِنَفْسِهِ (ثَمَرَتَهُ) فَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ (حَتَّى يُسْلِمَ) الْأَصْلَ لِمُشْتَرِيهِ، وَهُوَ لَا يُسْلِمُهَا لَهُ إلَّا بَعْدَ الْجُذَاذِ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَجُوزُ، إذْ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ يُوجِبُ إبْقَاءَ الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ لِلْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنِهَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ فَلْيُقْرَأْ الْمُسْتَثْنَى بِفَتْحِ النُّونِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَثَمَرَتُهُ بِالرَّفْعِ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ الْأَصْلُ الَّذِي اسْتَثْنَى لَهُ الشَّرْعُ ثَمَرَتَهُ عِنْدَ بَيْعِ أَصْلِهَا (أَوْ) قَسْمٌ (فِيهِ تَرَاجُعٌ) بَيْنَ الْمُتَقَاسِمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ كَدَارَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ بَيْنَهُمَا أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ ذُو الْمِائَةِ يَدْفَعُ لِصَاحِبِهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَدْرِي هَلْ يَرْجِعُ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ فَفِيهِ غَرَرٌ وَجَهَالَةٌ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ) مَا يَتَرَاجَعَانِ فِيهِ كَنِصْفِ الْعُشْرِ فَدُونَ فَيَجُوزُ، الرَّاجِحُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَهَذَا فِي الْقُرْعَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ. وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ (أَوْ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ) لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ قُرْعَةً وَلَا مُرَاضَاةً؛ لِأَنَّهُ لَبَنٌ بِلَبَنٍ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ، وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ (إلَّا لِفَضْلٍ بَيِّنٍ) فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ (أَوْ قَسَمُوا) دَارًا مَثَلًا (بِلَا مَخْرَجٍ) لِأَحَدِهِمَا فَيُمْنَعُ (مُطْلَقًا) بِقُرْعَةٍ أَوْ مُرَاضَاةٍ، وَهَذَا إنْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (وَصَحَّتْ) الْقِسْمَةُ (إنْ سَكَتَا عَنْهُ وَ) كَانَ (لِشَرِيكِهِ الِانْتِفَاعُ) بِالْمَخْرَجِ الَّذِي صَارَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ (وَلَا يُجْبَرُ) أَحَدٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ (عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ) أَيْ مَحَلِّ جَرْيِهِ بِجَعْلِهِ قَنَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيُجَابُ إلَى عَدَمِهِ مَنْ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْوَى الْجَرْيُ فِي مَحَلٍّ دُونَ الْآخَرِ بِسَبَبِ رِيحٍ أَوْ عُلُوِّ مَحَلٍّ أَوْ خَفْضِ آخَرَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَصِلُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقُّهُ عَلَى الْكَمَالِ. وَأَمَّا قَسْمُهُ مُرَاضَاةً فَجَائِزٌ وَمَنْ قَالَ مُرَادُهُ الْمَاءُ الْجَارِي فَالْمُرَادُ بِالْمَجْرَى الْجَارِي، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَيْ بِغَيْرِ الْقِلْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَسْمِهِ بِالْخَرْصِ الدُّخُولُ عَلَى الْجَذِّ فَقَطْ، وَإِمَّا كَبِيرٌ، وَهُوَ الرَّامِخُ فَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فِي الْمَتْنِ إلَّا شَرْطِ الْقِلَّةِ وَالِاتِّحَادِ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ وَحِلْيَةِ الْبَيْعِ فَالْمُشْتَرَطُ فِيهِ تَحَرِّي الْكَيْلِ وَالْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ وَاخْتِلَافِ حَاجَةِ أَهْلِهِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْجُذَاذِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَلَحُ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ قَسْمُهُ. وَلَوْ عَلَى التَّبْقِيَةِ بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْبَلَحُ وَالْعِنَبُ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ وَوَقَعَ ثَمَرُ هَذَا الثَّانِي فِي أَصْلِ هَذَا الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَسَقَى ذُو الْأَصْلِ) الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَصْلَهُ أَوْ نَخْلَهُ (قَوْلُهُ فَلْيُقْرَأْ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ النُّونِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الثَّمَرُ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ كَذَا فِي عبق، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ ثَمَرًا لَمْ يُؤَبَّرْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى سَبَقَ فَقَطْ لَا أَنَّهُ مُشْتَرًى وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ أَوْ فِيهِ تَرَاجُعٌ) عَطْفٌ عَلَى أَوَّلِ الْمَمْنُوعَاتِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا كَثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ إنْ لَمْ يَجُذَّ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) أَيْ وَدَخَلَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَدْرِي أَيْ حَالَ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ كَنِصْفِ الْعُشْرِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ تُسَاوِي مِائَةً وَالْأُخْرَى تُسَاوَى تِسْعِينَ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَذَ ذَاتَ الْمِائَةِ يَدْفَعُ خَمْسَةً. (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ مَنْعُ التَّعْدِيلِ فِي قَسْمِ الْقُرْعَةِ بِالْعَيْنِ مُطْلَقًا وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ سَلَّمَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْهُمَا هَلْ يَرْجِعُ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَلَّ) أَيْ مَا يَتَرَاجَعَانِ فِيهِ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ أَوْ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا بَقَرَةٌ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْلِبُهَا يَوْمًا أَوْ بَقَرَتَانِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ وَاحِدَةً يَأْكُلُ لَبَنَهَا مَعَ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ هَذَا يَأْخُذُ هَذِهِ، وَهَذَا يَأْخُذُ الْأُخْرَى أَوْ اقْتَرَعَا فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ اتَّفَقَ ذُو اللَّبَنِ أَوْ اخْتَلَفَ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ مُرَاضَاةً وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ ذُو اللَّبَنِ كَبَقَرٍ أَوْ اخْتَلَفَ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُهَايَأَةً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ عبق (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا تَرَكَ لِلْآخَرِ الْفَضْلَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا مُخَاطَرَةَ (قَوْلُهُ بِلَا مَخْرَجٍ) مَثَلًا الْمَخْرَجُ الْمِرْحَاضُ وَالْمَنَافِعُ فَإِذَا قَسَمَا دَاخِلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَا مِرْحَاضَ أَوْ لَا مَطْبَخَ لِأَحَدِهِمَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً كَانَتْ مُرَاضَاةً أَوْ بِالْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إنْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّتِي لَا لِمَخْرَجٍ لَهَا مَحَلٌّ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِيهِ مَخْرَجًا وَإِلَّا جَازَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمِرْحَاضِ وَالْمَطْبَخِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَلَى خُرُوجِ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ الْمَخْرَجَ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْمَخْرَجِ الَّذِي حَصَلَ لِلْآخَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا وَالْغَالِبُ عَدَمُ انْقِلَابِهِ صَحِيحًا (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ أَرْضٌ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ أَوْ مِنْ نَهْرٍ فَقُسِمَتْ الْأَرْضُ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ أَوْ النَّهْرَ لَا يُقْسَمُ لَا مُرَاضَاةً وَلَا جَبْرًا وَأَنَّ مَجْرَى الْمَاءِ الْمُسَمَّى بِالْقَنَاةِ لَا تُقْسَمُ جَبْرًا فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَتَهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَلَا يُجْبَرُ الْآبِي، وَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهَا قُسِمَتْ وَإِذَا لَمْ يَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهَا وَقُلْتُمْ لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى قَسْمِ الْمَجْرَى قُسِمَ الْمَاءُ بِالْقِلْدِ (قَوْلُهُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ)

بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَقَدْ تَكَلَّفَ بِلَا فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنَّ الْقَنَاةَ الْمُتَّسِعَةَ لَا تُجْعَلُ قَنَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ جَبْرًا وَجَازَ مُرَاضَاةً فَإِنْ قَالَ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ الْجَارِي أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ الْجَرْيُ كَالْعَيْنِ وَالْغَدِيرِ لَا يُقْسَمُ بِجَعْلِ حَاجِزٍ فِيهِ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ، قُلْنَا هَذَا مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا بِالْجَبْرِ وَبِالْمُرَاضَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّقْصِ وَالضَّرَرِ. (وَ) إذَا كَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْمَجْرَى (قُسِمَ) عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ (بِالْقِلْدِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ جَرَّةٌ أَوْ قِدْرٌ تُثْقَبُ ثُقْبًا لَطِيفًا مِنْ أَسْفَلِهَا وَتُمْلَأُ مَاءً ثُمَّ يُرْسَلُ مَاءُ النَّهْرِ مَثَلًا إلَى الْأَرْضِ لِلسَّقْيِ فَإِذَا فَرَغَ مَاءُ الْجَرَّةِ أُرْسِلَ إلَى أَرْضِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِهِ الْآلَةُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى إعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَظِّ حَظَّهُ فَيَشْمَلُ الرَّمْلِيَّةَ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْمُوَقِّتُونَ وَغَيْرَهَا وَالْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمَوَاتِ أَرَادَ بِهِ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيَّ فَلِذَا عَطَفَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ قُسِمَ بِقِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُنَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَلِذَا أَطْلَقَ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ قَوْلَهُ (كَسُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهِيَ لِأَحَدِهِمَا فَإِذَا سَقَطَتْ لَمْ يُجْبَرْ صَاحِبُهَا عَلَى إعَارَتِهِمَا بَلْ يُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أُجْبِرَ مَنْ أَبَى إقَامَتَهَا مِنْهُمَا عَلَى إقَامَتِهَا فَقَوْلُهُ بَيْنَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِكَوْنٍ عَامٍّ أَيْ مَوْضُوعَةً أَيْ كَائِنَةً بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ مُشْتَرَكَةً؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَةَ يُجْبَرُ الْآبِّي عَلَيْهِمَا كَمَا عَلِمْت وَكَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ كَحَائِطٍ بَيْنَ جَارَيْنِ سَقَطَتْ، وَهِيَ لِأَحَدِهِمَا (وَلَا يُجْمَعُ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (بَيْنَ عَاصِبَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عُصْبَةٍ كَثِيرَةٍ رَضُوا أَوْ لَمْ يَرْضَوْا، فَإِذَا كَانَ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ مَثَلًا ثَلَاثَةً لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ وَيُفْرَدُ الثَّالِثُ، وَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَهَكَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ بِنْتٍ وَهُمْ إخْوَةٌ لِأَبٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً بِرِضَاهُمْ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْفَرْضِ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِرِضَاهُمْ إلَّا مَعَ كَزَوْجَةٍ) مِنْ كُلِّ ذِي فَرْضٍ، الصَّوَابُ حَذْفُ إلَّا الثَّانِيَةِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمْ بِرِضَاهُمْ حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذِي فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ (فَيَجْمَعُوا) حَقُّهُ فَيَجْمَعُونَ بِثُبُوتِ النُّونِ (أَوَّلًا) أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ فَيَجُوزُ جَمْعُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ ابْتِدَاءً ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا بَعْدَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذِي السَّهْمِ، وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى قَوْلُهُ (كَذِي سَهْمٍ) أَيْ فَإِنَّهُ كَجَمْعٍ فِي الْقَسْمِ مَعَ ذِي سَهْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ، فَمَنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَاتٍ وَأَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَأَخَوَاتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ فَإِنَّ أَهْلَ كُلِّ ذِي سَهْمٍ يَجْمَعُونَ وَلَا يُعْتَبَرُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ عَدَمَهُ، فَلَوْ طَلَبَتْ إحْدَى الزَّوْجَاتِ مَثَلًا لِتَقْسِمَ نَصِيبَهَا عَلَى حِدَةٍ ابْتِدَاءً ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَنَاتَيْنِ وَتُضْرَبَ الْقُرْعَةُ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَقُسِمَ أَيْ الْمَاءُ بِالْقِلْدِ إذْ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ مَا هُنَا عَلَى الْقَسْمِ بِغَيْرِ الْقِلْدِ لَنَافَى مَا بَعْدَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ أَيْ الْمَاءِ الْجَارِي أَفَادَ نَفْيَ الْجَبْرِ عَلَى قَسْمِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَقُسِمَ أَيْ الْمَاءُ الْجَارِي بِالْقِلْدِ ظَاهِرُهُ جَبْرًا عَنْ الْآبِي فَإِذَا حُمِلَ قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْمَاءِ الْجَارِي أَيْ بِغَيْرِ الْقِلْدِ انْدَفَعَتْ الْمُنَافَاةُ (قَوْلُهُ فَقَدْ تَكَلَّفَ) هَذَا جَوَابُ مَنْ قَالَ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ فَسَّرْنَا مَجْرَى الْمَاءِ بِالْمَاءِ الْجَارِي أَوْ بِمَكَانٍ جَرْيِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ النَّقْصِ) أَيْ نَقْصِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ مَاءُ النَّهْرِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ) أَيْ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ جَرَّةٌ أَوْ قِدْرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِذَا سَقَطَتْ) أَيْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ، وَأَمَّا لَوْ هَدَمَهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إعَادَتِهَا، كَذَا قِيلَ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ عَاصِبَيْنِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ رَضُوا بِالْجَمْعِ أَوْ لَا، فَإِذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ عَصَبَةً كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ التَّرِكَةُ قِسْمَيْنِ كُلُّ قِسْمٍ لِعَاصِبَيْنِ وَتُضْرَبُ بِالْقُرْعَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْعَصَبَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ أَوْ أَصْحَابِ فُرُوضٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ الْعَصَبَةُ حِينَئِذٍ إذَا رَضُوا، رَضِيَ أَصْحَابُ الْفُرُوضِ بِجَمْعِهِمْ أَمْ لَا، فَلَوْ تَرَكَ زَوْجَةً وَثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فَإِنَّ التَّرِكَةَ تُجْعَلُ ثَمَانِيَةَ أَقْسَامٍ وَتُجْمَعُ الْأَوْلَادُ الثَّلَاثَةُ وَيُكْتَبُ أَسْمَاؤُهُمْ فِي وَرَقَةٍ وَيُكْتَبُ اسْمُ الزَّوْجَةِ فِي وَرِقَّةٍ وَتُرْمَى الْوَرَقَتَانِ فَالْقَسَمُ الَّذِي جَاءَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الزَّوْجَةِ لَهَا وَمَا بَقِيَ لِلْأَوْلَادِ فَإِنْ شَاءُوا قَسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَمَرُّوا عَلَى الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَهُمْ) أَيْ الْعَصَبَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ الْعَصَبَةِ فِي السَّهْمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا) أَيْ مَا يَخُصُّهُمْ أَيْ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَمَرُّوا عَلَى الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمْ) أَيْ بِرِضَا الْعَصَبَةِ رَضِيَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَمْ لَا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِثُبُوتِ النُّونِ) أَيْ فَإِسْقَاطُهَا أَمَّا عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ الَّتِي تَحْذِفُ نُونَ الرَّفْعِ لِمُجَرَّدِ التَّخْفِيفِ نَحْوَ: كَمَا تَكُونُوا يُوَلَّى عَلَيْكُمْ، وَكَقَوْلِهِ: أَبِيت أَسْرِي وَتَبِيتِي تَدْلُكِي ... وَجْهَك بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذَّكِيّ وَأَمَّا إنَّ هُنَا شَرْطًا مُقَدَّرًا، وَهُوَ فَإِنْ رَضُوا يَجْمَعُوا وَلَيْسَ الشَّرْطُ هُنَا مُقَدَّرًا قَبْلَ الْفَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا تَصْحَبُهُ الْفَاءُ (قَوْلُهُ فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ فِي الْعَصَبَةِ مَعَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ بِرِضَاهُمْ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ ذَوِي السِّهَامِ فَهُوَ جَبْرِيٌّ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ عَاصِبٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَصْحَابَ كُلِّ سَهْمٍ يُجْمَعُونَ

لَمْ تُجَبْ لِذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ (وَوَرِثَهُ) أَيْ مَعَ غَيْرِهِمْ فَيُجْمَعُونَ فِي الْقِسْمَةِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَرَثَةٍ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلشَّرِيكِ وَنِصْفٌ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَوَرَثَةٌ بِمَعْنَى أَوْ؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَذَكَر لَهَا صِفَتَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَكَتَبَ) الْقَاسِمُ (الشُّرَكَاءَ) أَيْ أَسْمَاءَهُمْ فِي أَوْرَاقٍ بِعَدَدِهِمْ بَعْدَ تَعْدِيلِ الْمَقْسُومِ مِنْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ وَيَجْعَلُ كُلَّ وَرَقَةٍ فِي بُنْدُقَةٍ مِنْ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ (ثُمَّ رَمَى) كُلَّ بُنْدُقَةٍ عَلَى قِسْمٍ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَلَى قِسْمٍ أَخَذَهُ وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ) فِي أَوْرَاقٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَأَعْطَى كُلًّا) مِنْ الْأَوْرَاقِ (لِكُلٍّ) مِنْ الشُّرَكَاءِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا اسْتَوَتْ الْأَنْصِبَاءُ أَوْ اخْتَلَفَتْ وَكَانَ الْمَقْسُومُ عُرُوضًا فَإِنْ اخْتَلَفَ وَكَانَ عَقَارًا لَمْ تَظْهَرْ وَلَمْ يَصِحَّ غَالِبًا كَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَاصِبٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْعَلَ هَذِهِ الصِّفَةُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهَا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمُضِرِّ أَوْ إعَادَةِ الْعَمَلِ الْمَرَّةَ فَالْمَرَّةَ، وَهُوَ مِنْ ضَيَاعِ الْوَقْتِ فِيمَا لَا يَعْنِي فَتَتَعَيَّنُ الْأُولَى (وَمُنِعَ اشْتِرَاءُ) الْجُزْءِ (الْخَارِجِ) أَيْ مَا يَخْرُجُ قَبْلَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْعَيْنِ وَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَلَزِمَ) الْقَسْمُ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ حَيْثُ وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ فَمَنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (وَنُظِرَ فِي دَعْوَى جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ) مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوَّلًا فِي الْقَسْمِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ لِذَلِكَ) أَيْ كَمَا حَكَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَهُوَ إنْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ مِنْ الْخِلَافِ لَكِنْ لَا يَخْفَى رُجْحَانُهُ مِنْ كَلَامِ عِيَاضٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَكَتَبَ إلَخْ) صِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَعْدِلَ الْمَقْسُومُ مِنْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ تَجْزِئَتِهِ عَلَى قَدْرِ مُقَامِ أَقَلِّهِمْ جُزْءًا فَإِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ دَارٍ وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَتُجْعَلُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيمَةِ وَيُكْتَبُ أَسْمَاءُ الشُّرَكَاءِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ كُلُّ اسْمٍ فِي وَرَقَةٍ وَتُجْعَلُ كُلُّ وَرَقَةٍ فِي بُنْدُقَةٍ ثُمَّ يَرْمِي بُنْدُقَةً عَلَى طَرَفِ قِسْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ طَرَفَيْ الْمَقْسُومِ ثُمَّ يُكْمِلُ لِصَاحِبِهَا مِمَّا يَلِي مَا رُمِيَتْ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَرْمِي ثَانِيَ بُنْدُقَةٍ عَلَى أَوَّلِ مَا بَقِيَ مِمَّا يَلِي حِصَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يُكْمِلُ لَهُ مِمَّا يَلِي مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّ رَمْيَ الْوَرَقَةِ الْأَخِيرَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي تَمْيِيزِ نَصِيبٍ مَنْ هِيَ لَهُ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِرَمْيِ مَا قَبْلَهَا فَكِتَابَتُهَا وَخَلْطُهَا إنَّمَا هُوَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَقَعَ أَوَّلًا إذْ لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا الْأَخِيرَةُ إلَّا بَعْدُ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَعْدِيلِ الْمَقْسُومِ) أَيْ وَبَعْدَ تَجْزِئَتِهِ عَلَى قَدْرِ مَقَامِ أَقَلِّهِمْ جُزْءًا. (قَوْلُهُ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَلَى قِسْمٍ أَخَذَهُ) أَيْ وَكَمَّلَ لَهُ مِمَّا يَلِيه إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ) أَيْ اسْمَهُ بِأَنْ يَكْتُبَ اسْمَ الْجِهَةِ وَيَزِيدَ الْمُجَاوَرَةَ لِلْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ فَيَكْتُبُ مَثَلًا الْجِهَةُ الشَّرْقِيَّةُ الْمُجَاوِرَةُ لِفُلَانٍ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ) أَيْ فَيُعْطِي صَاحِبَ النِّصْفِ فِي الْمِثَالِ الَّذِي قُلْنَاهُ سَابِقًا ثَلَاثَةَ أَوْرَاقٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَرَقَتَانِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدَةً عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ قَدْ تَحْصُلُ تَفْرِقَةٌ فِي النَّصِيبِ الْوَاحِدِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا لِرَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ التَّفْرِيقِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ نَصِيبِ كُلِّ شَخْصٍ وَعَدَمِ تَفْرِيقِهِ وَعَلَيْهِ فَيُعَادُ الْعَمَلُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ اتِّصَالٌ حَتَّى يَحْصُلَ لِكُلِّ شَخْصٍ نَصِيبُهُ غَيْرَ مُفَرَّقٍ كَذَا فِي عبق قَالَ بْن، وَهُوَ كَلَامُ تَخْلِيطٍ خِلَافُ الصَّوَابِ وَالصَّوَابُ كَمَا لِابْنِ غَازِيٍّ وطفى وَغَيْرِهِمَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَمَى فَكِتَابَةُ الشُّرَكَاءِ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَ الشُّرَكَاءُ فِي أَوْرَاقٍ بِعَدَدِهِمْ إمَّا أَنْ يَرْمِيَ أَسْمَاءَهُمْ الَّتِي كَتَبَهَا عَلَى أَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ أَوْ يَقُومَ مَقَامَ رَمْيِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ عَلَى الْأَجْزَاءِ كِتَابَةُ الْأَجْزَاءِ مُعَيَّنَةً فِي أَوْرَاقِ سِتَّةٍ مَثَلًا وَيَأْخُذُ لِوَرَقَةٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَرَقَةً مِنْ الْأَجْزَاءِ وَكَمَّلَ لِصَاحِبِهِ مِمَّا يَلِي إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ كَالْعَمَلِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ بِلَا تَفْرِيقٍ وَلَا إعَادَةِ قَسْمٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَتَتَعَيَّنُ الْأُولَى) أَيْ، وَهِيَ أَنْ تُكْتَبَ أَسْمَاءُ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ اشْتِرَاءُ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ مِنْ الْوَرَثَةِ رُبْعُ الدَّارِ وَأَرَادَ مُقَاسَمَةَ شُرَكَائِهِ فَيَقُولُ لَهُ شَخْصٌ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَخْرُجُ لَك بِالْقِسْمَةِ بِكَذَا فَيُمْنَعُ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا أَوْ شَرِيكًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ عج وَاخْتَارَ اللَّقَانِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ لَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُمْنَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى حِصَّةً شَائِعَةً عَلَى أَنْ يُقَاسِمَ بَقِيَّةَ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيَدْخُلُهُ الشُّفْعَةُ وَوَجْهُ جَوَازِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّرِيكُ مَجْبُورًا عَلَى الْقَسْمِ عِنْدَ طَلَبِ الْمُشْتَرِي لَهُ لَمْ يَكُنْ اشْتِرَاطُهُ لِلْقَسْمِ مُنَاقِضًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَائِعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَادِرٌ عَلَى التَّسْلِيمِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمَّا دَخَلَ عَلَى الشُّيُوعِ صَارَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا لَهُ وَمَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مِنْ حَيْثُ الشُّيُوعِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي فِيهَا دَاخِلٌ عَلَى شِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَالتَّعْيِينُ غَيْرُ حَاصِلٍ فِي الْحَالِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ اشْتِرَاءُ (قَوْلُهُ وَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مَا لَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ (قَوْلُهُ وَنَظَرٌ) أَيْ وَنَظَرُ الْحَاكِمِ فِي دَعْوَى جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ

حَيْثُ لَمْ يَتَّضِحْ الْحَالُ (فَإِنْ تَفَاحَشَ) الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِأَنْ ظَهَرَ ظُهُورًا بَيِّنًا (أَوْ ثَبَتَا) بِالْبَيِّنَةِ (نُقِضَتْ) الْقِسْمَةُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ حَلَفَ إلَخْ هُنَا بِأَنْ يَقُولَ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُنْكِرُ، وَهَذَا مَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ كَالْعَامِ أَوْ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِمَا وَقَعَ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا لَا خَفَاءَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا كَلَامَ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ عِنْدَ الْإِشْكَالِ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ وَشَبَّهَ فِي النَّظَرِ وَالنَّقْضِ قَوْلَهُ (كَالْمُرَاضَاةِ) فَيُنْظَرُ فِيهَا عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ (إنْ أَدْخَلَا) فِيهَا (مُقَوِّمًا) يُقَوِّمُ لَهُمَا السِّلَعَ أَوْ الْحِصَصَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُشْبِهُ الْقُرْعَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِلَا تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ فَلَا تُنْقَضُ. وَلَوْ ظَهَرَ التَّفَاحُشُ وَلَا يُجَابُ لَهُ مَنْ طَلَبَهُ لِدُخُولِهِمْ عَلَى الرِّضَا (وَأُجْبِرَ لَهَا) أَيْ لِقِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كُلٌّ) مِنْ الشُّرَكَاءِ الْآبِينَ إذَا طَلَبَهَا الْبَعْضُ (إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ) مِنْ الْآبِينَ وَغَيْرُهُمْ انْتِفَاعًا تَامًّا عُرْفِيًّا بِمَا يُرَادُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي دَعْوَى أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ أَنَّ مَا بِيَدِهِ أَقَلُّ مِنْ نَصِيبِهِ بِالْقِسْمَةِ لِجَوْرٍ بِهَا، وَهُوَ مَا كَانَ عَنْ عَمْدٍ أَوْ غَلَطٍ مِنْ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ عَمْدٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ ذَلِكَ مَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ لَمْ يُتَفَاحَشْ وَلَمْ يَثْبُتْ حَلَّفَ الْمُنْكَرَ لِدَعْوَى صَاحِبِهِ الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ، وَإِنْ تَفَاحَشَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِأَنْ ظَهَرَ حَتَّى لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ ثَبَتَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ نُقِضَتْ وَقَوْلُهُ وَنَظَرَ إلَخْ هَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ حَلَّفَ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَفَاحَشَ) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ شَيْئَانِ الْجَوْرُ وَالْغَلَطُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَثَنَّى ثَانِيًا نَظَرًا لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَ) أَيْ أَوْ لَمْ يُتَفَاحَشْ وَلَكِنْ ثَبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ نَقَضَ الْقِسْمَةَ) أَيْ فَإِنْ فَاتَتْ الْأَمْلَاكُ بِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ رُجِعَ لِلْقِيمَةِ يَقْسِمُونَهَا فَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ سَائِرُهُ عَلَى حَالِهِ اُقْتُسِمَ مَا لَمْ يَفُتْ مَعَ قِيمَةِ مَا فَاتَ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ ظَاهِرُهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ بِثُبُوتِ الْغَلَطِ. وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ الْيَسِيرِ كَالدِّينَارِ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَلِّفْ إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ نَقْضِهَا مَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ. حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ مَحَلَّ نَقْضِ الْقِسْمَةِ إنْ قَامَ وَاجِدُهُ بِالْقُرْبِ وَحَدَّهُ ابْنُ سَهْلٍ بِعَامٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَهُ كَنِصْفِ سَنَةِ كَهُوَ. وَأَمَّا إنْ قَامَ وَاجِدُهُ بَعْدَ طُولٍ فَلَا نَقْضَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ ثَبَتَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَفَاحِشًا ظَاهِرًا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِدَعْوَى مُدَّعِيه وَلَوْ قَامَ بِالْقُرْبِ حَيْثُ سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا رَضِيَ بِهِ فَإِنْ حَلَفَ كَانَ لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ إطْلَاعِهِ عَلَيْهِ وَرِضَاهُ بِهِ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّ بِنَصِيبِهِ جَوْرًا أَوْ غَلَطًا لِظُهُورِهِ لِلْعَارِفِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ عِنْدَ الْإِشْكَالِ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا نَكَلَ قُسِمَ مَا ادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلٍّ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا تُسَاوِي عَشَرَةً وَالْآخَرِ تُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى دَعْوَى مُدَّعِي الْجَوْرِ أَوْ الْغَلَطِ فَاَلَّذِي حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ مَا يُقَابِلُ خَمْسَةً فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَدِّ يَمِينٍ إنْ اتَّهَمَهُ الْمُنْكِرُ أَوْ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي إنْ حَقَّقَ الْمُنْكِرُ كَذِبَهُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَيُنْظَرُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُرَاضَاةِ عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ فَإِنْ وُجِدَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ فِيهَا فَاحِشًا ظَاهِرًا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمْ نُقِضَتْ، وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ نُقِضَتْ إنْ كَانَ الْجَوْرُ كَثِيرًا لَا قَلِيلًا كَمَا لِعِيَاضٍ وَغَيْرِهِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْمُرَاضَاةِ غَيْرُ تَامٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَوْرَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ تَنْتَقِضُ بِهِ الْقُرْعَةُ سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عَلِمْت. وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَلَا تَنْتَقِضُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا نَعَمْ عَلَى مَا قَابَلَ الْمُعْتَمَدَ فِي الْقُرْعَةِ يَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يُجَابُ لَهُ) أَيْ لِلنَّقْضِ الْمَفْهُومِ مِنْ تُنْقَضُ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ لَهَا) أَيْ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ ضَمَّنَ أُجْبِرَ مَعْنَى الْجَيْءِ فَلِهَذَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا إذَا طَلَبَهَا الْبَعْضُ كَانَتْ حِصَّةُ الطَّالِبِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي عَلَيْهَا إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ. وَلَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ بَعْدَ الْقَسْمِ يَنْقُصُ ثَمَنُهَا عَمَّا يَخُصُّهَا لَوْ بِيعَ الْمَقْسُومُ بِتَمَامِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ انْتِفَاعًا تَامًّا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ انْتِفَاعُهُ بَعْدَ الْقَسْمِ مُجَانِسًا لِانْتِفَاعِهِ فِي قَبْلِ الْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ وَالْمُرْتَفَقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الْقَسْمِ مُسَاوِيًا لِانْتِفَاعِهِ قَبْلَهُ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ سُكْنَاهُ بَعْدَ الْقَسْمِ كَسُكْنَاهُ قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَسْمُ يُؤَدِّي لِعَدَمِ سُكْنَاهُ بَلْ لِإِيجَارِهِ فَقَطْ فَلَا يُجْبَرُ حِينَئِذٍ وَيُقْسَمُ مُرَاضَاةً أَوْ مُهَايَأَةً خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فَالْمَدَارُ عِنْدَهُ عَلَى أَيِّ انْتِفَاعٍ كَانَ (قَوْلُهُ بِمَا يُرَادُ لَهُ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ كَبَيْتِ السُّكْنَى وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ كُلٌّ انْتِفَاعًا تَامًّا لَا يُجْبَرُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيُقْسَمُ بِالتَّرَاضِي

(وَ) أُجْبِرَ (لِلْبَيْعِ) مَنْ أَبَاهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ (إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ) أَيْ شَرِيكِ الْآبِي، وَهُوَ مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ إذَا بِيعَتْ (مُفْرَدَةً) عَنْ حِصَّةِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لِمَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ مَا تَنْقُصُهُ حِصَّتُهُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً فَلَا يُجْبَرُ، وَهَذَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ عَقَارًا أَوْ عَرَضًا كَعَبْدٍ وَسَيْفٍ لَا مِثْلِيًّا وَلَا فِيمَا يَنْقَسِمُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ إذْ شَأْنُ مَا يَنْقَسِمُ لَا يَنْقُصُ إذَا بِيعَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَنْقُصُ كَبَعْضِ الثِّيَابِ وَأَحَدِ الْمُزْدَوَجَيْنِ أَجْبَرَا لَهُ الْآخَرَ (لَا) إنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ (كَرَبْعِ غَلَّةٍ) أَيْ دَارٍ اُشْتُرِيَتْ لَأَنْ تُكْرَى وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَمَّامَ وَالْفُرْنَ وَالْخَانَ فَلَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْبَيْعِ لِعَدَمِ نَقْصِ مَا بِيعَ مُفْرَدًا عَادَةً بَلْ قَدْ يُرْغَبُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ شِرَاءِ الْجَمِيعِ (أَوْ اشْتَرَى) مَرِيدُ الْبَيْعِ (بَعْضًا) أَوْ وُهِبَ لَهُ الْبَعْضُ فَالْمُرَادُ مِلْكُ الْبَعْضِ مُفْرَدًا فَلَا يُجْبَرُ غَيْرُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْبَيْعَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ بِشُرُوطٍ أَنْ يُتَّخَذَ لِلسُّكْنَى وَنَحْوِهَا لَا لِغَلَّةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَأَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ مَلِكُوهُ جُمْلَةً وَلَمْ يَلْتَزِمْ الْآبِي مَا نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي بَيْعِهَا مُفْرَدَةً مِمَّا يَنُوبُهَا فِي بَيْعِ الْجُمْلَةِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْقِسْمَةَ ذَكَرَ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا وَالطَّارِئُ أَحَدُ أُمُورٍ عَشَرَةٍ عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ مُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى وَارِثٍ وَعَلَى مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ مُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ وَعَلَى مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ وَارِثٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصَى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصَى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ وَذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَإِنْ) (وَجَدَ) أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ فِي حِصَّتِهِ (عَيْبًا) قَدِيمًا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ (بِالْأَكْثَرِ) مِنْ حِصَّتِهِ بِأَنْ زَادَ عَلَى نِصْفِهَا (فَلَهُ رَدُّهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ أَيْ إبْطَالُهَا وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا أَيْ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْحِصَّةِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَلَيْسَ لَهُ التَّمَسُّكُ بِهَا وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ لِقَوْلِهِ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ أَيْ أَوْ تَعَيَّبَ أَيْ حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ وَالرُّجُوعُ. وَأَمَّا تَمَسُّكٌ بِلَا رُجُوعٍ فَلَا يَحْرُمُ وَمِثْلُ الْأَكْثَرِ مَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ (فَإِنْ فَاتَ) عِنْدَ الرَّدِّ (مَا) أَيْ السَّالِمُ الَّذِي (بِيَدِ صَاحِبِهِ) أَيْ صَاحِبِ وَاجِدِ الْعَيْبِ (بِكَهَدْمٍ) أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهَا لَا تَغَيُّرِ سُوقٍ (رَدَّ) صَاحِبُ السَّالِمِ لِوَاجِدِ الْعَيْبِ (نِصْفَ قِيمَتِهِ) أَيْ السَّالِمِ الْفَائِتِ (يَوْمَ قَبْضِهِ) سَوَاءٌ كَانَ يَوْمُ الْقَبْضِ هُوَ يَوْمُ الْقَسْمِ أَوْ بَعْدَهُ (وَمَا سَلِمَ) مِنْ الْفَوَاتِ، وَهُوَ مَا بِهِ الْعَيْبُ شَرِكَةٌ (بَيْنَهُمَا وَ) إنْ فَاتَ (مَا) أَيْ الْمَعِيبُ الَّذِي (بِيَدِهِ) أَيْ وَاجِدُ الْعَيْبِ (رَدَّ) لِصَاحِبِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ (نِصْفَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَعِيبِ يَوْمَ قَبْضِهِ أَيْضًا (وَمَا سَلِمَ) مِنْ الْعَيْبِ وَالْفَوَاتِ مَعًا (بَيْنَهُمَا) فَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ مَتَى فَاتَ أَحَدُهُمَا بِكَهَدْمٍ فَالْآخَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مَعَ رَدِّ قِيمَةِ نِصْفِ مَا فَاتَ بِيَدِهِ لِصَاحِبِهِ فَلَوْ فَاتَ النَّصِيبَانِ مَعًا قَالَ الْمُصَنِّفُ يَرْجِعُ ذُو الْمَعِيبِ عَلَى ذِي السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا زَادَتْهُ قِيمَةُ السَّلِيمِ عَلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ فَلَوْ كَانَ قِيمَةُ السَّلِيمِ عَشَرَةً وَالْمَعِيبُ ثَمَانِيَةً رَجَعَ عَلَيْهِ بِوَاحِدٍ (وَإِلَّا) يَجِدْ عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ بَلْ بِالْأَقَلِّ بِأَنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ كَرُبْعٍ (رَجَعَ بِنِصْفِ الْمَعِيبِ) أَيْ بِنِصْفِ قِيمَةِ مُقَابِلِ الْعَيْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأُجْبِرَ لِلْبَيْعِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلْقَنِيَّةِ أَوْ وِرْثَاهَا مَعًا أَوْ وُهِبَتْ لَهُمَا أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِمَا ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ مِنْ بَيْعِ حِصَّتِهِ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِ ذَلِكَ الْآبِي، وَهُوَ مَرِيدُ الْبَيْعِ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً عَنْ حِصَّةِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَنْقُصُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَا يَنْقَسِمُ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الْبَيْعِ بِحَالٍ إذْ لَوْ طَلَبَ الْقَسْمَ لَجَبَرَ لَهُ الْآخَرُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا كَرُبْعِ غَلَّةٍ) أَيْ أَوْ اشْتَرَيَاهُ مَعًا لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ زَادَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَفْعَلَ عَلَى بَابِهِ اهـ وَقَالَ بْن الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ ابْنُ غَازِيٍّ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ فَهُوَ بِمَعْنَى الْكَثِيرِ لَا حَقِيقَةَ اسْمِ التَّفْضِيلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّصْفُ فَدُونَ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْقِسْمَةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَى صَاحِبِ الْجُزْءِ السَّالِمِ بِشَيْءٍ وَفِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فِي السَّالِمِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّالِمِ وَيَكُونُ لِصَاحِبِ السَّالِمِ مِنْ الْمَعِيبِ بِقَدْرِ مَا كَانَ لِصَاحِبِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّالِمِ فَلَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِي الْكُلِّ بَلْ فِي الْبَعْضِ وَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَهُ الْخِيَارُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْمَعِيبِ وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ أَوْ يَفْسَخَ الْقِسْمَةَ مِنْ أَصْلِهَا وَعَلَيْهِ فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَهُ رَدُّهَا إجْمَالٌ (قَوْلُهُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ فِي التَّجْزِئَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعٌ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ مُفِيتٌ وَيَلْزَمُ صَاحِبَ السَّالِمِ أَنْ يَرُدَّ لِوَاجِدِ الْعَيْبِ نِصْفَ الْقِيمَةِ هُوَ مَا فِي الْأُمِّ وَذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ فِي تَهْذِيبِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَفِي ح أَنَّهُ غَيْرُ مُفِيتٍ وَوَاجِدُ الْعَيْبِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَدَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ فَتَعُودُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَأَخَذَ مَا يُقَابِلُ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ) الْأَوْلَى قِيمَةُ نِصْفِهِ، وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فَوَاتٌ أَخَذَ النِّصْفَ مِنْ السَّلِيمِ فَإِذَا فَاتَ فَلْيَأْخُذْ قِيمَةَ نِصْفِهِ لَا نِصْفَ قِيمَتِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ أَوْ كَانَ يَوْمُ الْقَبْضِ بَعْدَ يَوْمِ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا) لَوْ قَالَ وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْفَوَاتِ، وَهُوَ مَا بِهِ الْعَيْبُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَتَى فَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ وَقَوْلُهُ فَالْآخَرُ أَيْ فَالنَّصِيبُ الْآخَرُ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَجَعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ

(مِمَّا بِيَدِهِ) أَيْ بِصَاحِبِ السَّلِيمِ (ثَمَنًا) أَيْ قِيمَةً كَمَا قَدَّرْنَاهُ مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْضًا فَهُوَ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ فَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِ ذِي السَّالِمِ (وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا) شَرِكَةً فَصَاحِبُ الصَّحِيحِ يَصِيرُ شَرِيكًا فِي الْمَعِيبِ بِنِسْبَةِ مَا أَخَذَ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ رُبْعًا وَرَجَعَ صَاحِبُهُ عَلَى ذِي الصَّحِيحِ بِبَدَلِ نِصْفِ الرُّبْعِ قِيمَةً فَلِصَاحِبِ الصَّحِيحِ نِصْفُ رُبْعِ الْمَعِيبِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْثَرِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ مَقِيسٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي هُوَ ثَانِي الْأُمُورِ الْعَشَرَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ. (وَإِنْ) (اُسْتُحِقَّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ) مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ (خُيِّرَ) الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَبَيْنَ رُجُوعِهِ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ اقْتَسَمَا عَبْدَيْنِ فَأَخَذَ هَذَا عَبْدًا، وَهَذَا عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ عَبْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ ثُلُثُهُ فَلِلَّذِي اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ أَوْ سُدُسِ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ أَوْ سُدُسِ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ رُبُعَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَلَا خِيَارَ لَهُ وَالْقِسْمَةُ بَاقِيَةٌ لَا تُنْقَضُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا بِنِصْفِ مَا يُقَابِلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا رُبُعٌ) فَلَوْ اسْتَحَقَّ جُلَّ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَنْفَسِخُ وَتَرْجِعُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ) مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الْجَمِيعِ أَيْ إنْ شَاءَ أَبْقَى الْقِسْمَةَ عَلَى حَالِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَمَا فِي النَّقْلِ، فَعُلِمَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْمَحَلَّيْنِ ثَابِتٌ وَكَذَا عَدَمُ الْفَسْخِ فِيهِمَا مُسْتَوٍ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي إرَادَةِ الْفَسْخِ فَفِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ يَرْجِعُ شَرِيكًا بِنِصْفِ قَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ وَفِي الْأَكْثَرِ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ مِنْ أَصْلِهَا وَيَرْجِعُ شَرِيكًا بِالْجَمِيعِ وَشَبَّهَ فِي الْفَسْخِ قَوْلَهُ (كَطُرُوِّ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ) مِنْ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا (عَلَى وَرَثَةٍ) فَقَطْ (أَوْ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ) فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَنْفَسِخُ فِي الْأَرْبَعَةِ بِالْقَيْدِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَقْسُومُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَقْسُومَ مُقَوَّمٌ (كَدَارٍ) أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ ثِيَابٍ لِتَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، يُرِيدُ وَقَدْ أَبَى الْوَرَثَةُ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ إذْ لَوْ دَفَعُوهُ فَلَا كَلَامَ لَهُ كَمَا يَأْتِي وَإِذَا فُسِخَتْ فَإِنَّ الْغَرِيمَ أَوْ الْمُوصَى لَهُ يُعْطَى حَقَّهُ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي، ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ الْقَيْدِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (كَانَ) الْمَقْسُومُ (عَيْنًا) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً (أَوْ مِثْلِيًّا) كَقَمْحٍ لَمْ تَنْفَسِخْ وَ (رَجَعَ) الطَّارِئُ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالْعَدَدِ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِمَا يَخُصُّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ فَاتَ (وَمَنْ أَعْسَرَ) مِنْهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَيْبًا فِي حِصَّتِهِ قَلِيلًا كَالرُّبْعِ فَأَقَلَّ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُنْقَضُ فِي الْكُلِّ بَلْ فِي الْبَعْضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَعِيبِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الصَّحِيحِ الْمُقَابِلِ لِلْمَعِيبِ وَيَصِيرُ صَاحِبُ الصَّحِيحِ مُشَارِكًا فِي الْمَعِيبِ بِقَدْرِ مَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ مِمَّا بِيَدِهِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ قِيمَةِ نِصْفِ مُقَابِلِ الْمَعِيبِ مِمَّا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ، وَهُوَ قِيمَةُ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى ثَمَنٍ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا يَرْجِعُ) أَيْ ذُو الْمَعِيبِ شَرِيكًا إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ مُقَابِلِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ مَا أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ، وَهُوَ قِيمَةُ بَدَلَ نِصْفِ الرُّبْعِ (قَوْلُهُ بِبَدَلِ نِصْفِ الرُّبْعِ قِيمَةً) أَيْ بِقِيمَةِ نِصْفِ الرُّبْعِ مِنْ السَّلِيمِ الْمُقَابِلِ لِنِصْفِ الرُّبْعِ مِنْ الْمَعِيبِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ هُنَا يَوْمَ الْقَسْمِ لِصِحَّتِهِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الثُّلُثَ وَالنِّصْفَ حُكْمُ الرُّبْعِ وَأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْأَكْثَرِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ (قَوْلُهُ الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَ) أَيْ كَنِصْفِ مَا فَوْقَهُ إلَّا أَنَّ كَيْفِيَّةَ التَّخْيِيرِ مُخْتَلِفَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ مِنْ نَصِيبِ أَحَدٍ إلَخْ) احْتَرَزَ عَمَّا إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ النَّصِيبَيْنِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَلِلَّذِي اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَهُوَ الرُّبْعُ (قَوْلُهُ بِنِصْفِ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ مَا يُقَابِلُ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ) أَيْ إلَى عَدَمِ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ فِي الْأَكْثَرِ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ فِي الْمَحَلَّيْنِ) أَيْ فِي مَحَلِّ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَمَحَلِّ اسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ) إنْ قُلْت لِمَا فَسَخْت فِي طُرُوُّ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ مَعَ أَنَّ وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ إنَّمَا تَنْفُذُ جَبْرًا عَلَى الْوَارِثِ مِنْ الثُّلُثِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَدَدِ إلَّا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ وَقَدْ يَتْلَفُ مَا قَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ يَنْقُصُ (قَوْلُهُ تَنْفَسِخُ فِي الْأَرْبَعَةِ) وَمِثْلُهَا فِي الْبُطْلَانِ طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ وَطُرُوِّ وَارِثٍ عَلَى مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ وَطُرُوِّ غَرِيمٍ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تُضَمُّ لِلْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَنْقُصُ الْقِسْمَةُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ أَبَى الْوَرَثَةُ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ) أَيْ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ وَقَوْلُهُ إذْ لَوْ دَفَعُوهُ أَيْ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ وَقَوْلُهُ فَلَا كَلَامَ لَهُ أَيْ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ غَيْرَ الْعَيْنِ فَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ، وَهُوَ كَعَكْسِهِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ مَا أَخَذَهُ قَائِمًا وَقَوْلُهُ وَبِمِثْلِهِ أَيْ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا يَخُصُّهُ إنْ كَانَ

(فَعَلَيْهِ) فِي ذِمَّتِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) بِالطَّارِئِ فَإِنْ عَلِمُوا بِهِ وَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ كَانُوا مُتَعَدِّينَ فَيُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ هَذَا تَقْرِيرُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا عَلِمُوا أَمْ لَا فَحَقُّ قَوْلِهِ وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ إلَخْ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ، وَهِيَ طُرُوُّ غَرِيمٍ أَوْ وَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِهِ عَلَى وَارِثٍ مَا نَصُّهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ إنْ كَانَ الْمَقْسُومُ كَدَارٍ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ خَرَّجَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) لِلْغَرِيمِ مَالَهُ مِنْ الدَّيْنِ (مَضَتْ) الْقِسْمَةُ وَلَا تُنْقَضُ لِاسْتِيفَائِهِ حَقَّهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ نُقِضَتْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (كَبَيْعِهِمْ) التَّرِكَةَ (بِلَا غَبَنٍ) بَلْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَمْضِي وَلَا يُنْقَضُ وَلَا مَقَالَ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ فَإِنْ بَاعُوا بِغَبَنٍ ضَمِنَ الْبَائِعُ مَا حَابَى فِيهِ وَلَا يَرْجِعُ الْغَرِيمُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّاجِحِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِلَا غَبَنٍ إذْ بَيْعُهُمْ مَاضٍ مُطْلَقًا، إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَدَفَعُوا لِلْغَرِيمِ مَا حَابَوْا بِهِ وَإِلَّا فَلَهُمْ نَقْضُهُ (وَاسْتَوْفَى) الطَّارِئُ (مِمَّا وَجَدَ) مِنْ التَّرِكَةِ بِيَدِ بَعْضِهِمْ لَمْ يَهْلَكْ وَلَمْ يَبِعْهُ (ثُمَّ) إذَا اسْتَوْفَى مِمَّا وَجَدَهُ قَائِمًا بِيَدِ بَعْضِهِمْ (تَرَاجَعُوا) أَيْ يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ (وَمَنْ أَعْسَرَ) مِمَّنْ لَمْ يُؤَدِّ (فَعَلَيْهِ) غُرْمُ حِصَّتِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِمَنْ أَدَّى لِلطَّارِئِ وَلَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَيٍّ عَنْ مَيِّتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا أَخَذَهُ قَدْ فَاتَ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ) أَيْ فَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ إذَا طَرَأَ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ بِعَدَدٍ بَعْدَ اقْتِسَامِ الْوَرَثَةِ التَّرِكَةَ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ ثُمَّ قَالَ وَالثَّانِي أَنَّ الْقِسْمَةَ تُنْقَضُ فَيَكُونُ مَا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ أَوْ نَمَا مِنْ جَمِيعِهِمْ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ جَمِيعُهُمْ مِنْ عَدَمِ نَقْضِهَا وَيُخْرِجُوا الدَّيْنَ وَالْوَصِيَّةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَفْدُوهَا فَذَلِكَ لَهُمْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْصُوصِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ. وَمَعْنَى كَوْنِ مَا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ مِنْ جَمِيعِهِمْ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِسَمَاوِيٍّ ثُمَّ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ لِطُرُوِّ الدَّيْنِ فَضَمَانُ مَا تَلِفَ مِنْ جَمِيعِهِمْ لَا مِمَّنْ كَانَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ بَيْنَهُمْ كَانَ بَاطِلًا لِلدَّيْنِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ بَاقِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ بَعْدَ الدَّيْنِ كَانَ لِمَنْ تَلِفَ قَسْمُهُ الدُّخُولُ مَعَ الْوَرَثَةِ فِيمَا فَضَلَ، وَأَمَّا مَا هَلَكَ بِيَدِ أَحَدِهِمْ بِفِعْلِهِ فَلَهُمْ تَضْمِينُهُ اهـ. وَفِي ح أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ صَرَّحَ بِهِ فِي اللُّبَابِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن تَجِدْ نَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ وَاللُّبَابِ فِيهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ دَفَعَ إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْفَسْخِ فِي قَوْلِهِ كَطُرُوِّ غَرِيمٍ عَلَى وَارِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) أَيْ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. عبق وَقَوْلُهُ لِلْغَرِيمِ أَيْ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ مَضَتْ الْقِسْمَةُ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَمُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَلَا تُنْقَضُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَسَمُوا غَيْرَ عَالِمِينَ بِالْغَرِيمِ أَوْ عَالِمِينَ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ إذَا قَسَمُوا عَالِمِينَ بِالْغَرِيمِ. وَلَوْ دَفَعُوا مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ نُقِضَتْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ جَمِيعُهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ بِرِضَا الْبَاقِينَ أَوْ مَعَ إبَايَتِهِمْ وَلَمْ يَقْصِدْ الدَّافِعُ الرُّجُوعَ بِشَيْءٍ عَلَى مَنْ أَبَى فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَمْضِي فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِلطَّارِئِ أَوْ دَفَعَ بَعْضُهُمْ مَعَ إبَايَةِ بَاقِيهمْ وَأَرَادَ الدَّافِعُ الرُّجُوعَ بِمَا دَفَعَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهَا تُنْقَضُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ كَبَيْعِهِمْ إلَخْ) يَعْنِي إذَا بَاعَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ بِلَا مُحَابَاةٍ بَلْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَإِنَّ بَيْعَهُمْ يَكُونُ مَاضِيًا فَإِذَا طَرَأَ الْغَرِيمُ بَعْدَ بَيْعِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْقَسْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا يَمْضِي مَا اشْتَرَاهُ الْوَرَثَةُ مِنْ التَّرِكَةِ وَحُوسِبُوا بِهِ فِي مِيرَاثِهِمْ وَظَاهِرُهُ مُضِيُّ الْبَيْعِ. وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ مُعْدَمِينَ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَحَلُّ مُضِيِّ الْبَيْعِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْوَرَثَةُ بِالدَّيْنِ حِينَ الْبَيْعِ أَمَّا لَوْ عَلِمُوا بِهِ فَبَاعُوا فَلِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْبَيْعِ وَانْتِزَاعُ الْمَبِيعِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ كَمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الدَّيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ بِمُحَابَاةٍ وَقَوْلُهُ إذَا فَاتَ إلَخْ قَيْدٌ فِي مُضِيِّهِ إذَا كَانَ بِمُحَابَاةٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُمْ أَيْ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَكِيلِ يَبِيعُ بِمُحَابَاةٍ فَإِنَّهُ مَاضٍ إذَا فَاتَ وَيَغْرَمُ الْمُحَابَاةَ وَلِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَلَمْ يَدْفَعْ لِلْمُوَكَّلِ مَا حَابَى بِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ بِمُحَابَاةٍ لِلْغُرَمَاءِ رَدَّهُ مَعَ الْقِيَامِ وَيَمْضِي مَعَ الْفَوَاتِ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ بْن بَلْ الْبَيْعُ مَاضٍ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ الَّتِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهَا كَالْهِبَةِ مِنْ الْوَارِثِ وَهِبَتُهُ لَا تُرَدُّ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَضْمَنُ الْوَاهِبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَضْمَنُ فَيَدْفَعُ لِلْغَرِيمِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَذَهَبَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْمُحَابَاةِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ اُنْظُرْ بْن وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قِيَاسِ الْوَارِثِ الْبَائِعِ بِمُحَابَاةٍ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْمُحَابَاةِ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا مَا هُوَ فِي مِلْكِهِمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَى إلَخْ) . حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ غَرِيمٌ

(إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) بِالطَّارِئِ وَإِلَّا أَخَذَ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ لِتَعَدِّيهِمْ (وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ) عَلَى مِثْلِهِ (أَوْ) طَرَأَ (وَارِثٌ) عَلَى مِثْلِهِ (أَوْ) طَرَأَ (مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ) طَرَأَ (مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ) أَيْ نَصِيبٍ (عَلَى وَارِثٍ اتَّبَعَ كُلًّا) مِنْ الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ (بِحِصَّتِهِ) وَلَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ عَلِمَ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِالطَّارِئِ أَمْ لَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مِثْلِيًّا أَوْ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا كَدَارٍ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ بِتَبْعِيضِ حَقِّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ (وَأُخِّرَتْ) قِسْمَةُ التَّرِكَةِ (لَا دَيْنٌ) فَلَا يُؤَخَّرُ قَضَاؤُهُ (لِحَمْلٍ) أَيْ لِوَضْعِهِ (وَفِي) تَأْخِيرِ (الْوَصِيَّةِ) لِوَضْعِ الْحَمْلِ كَالتَّرِكَةِ وَتَعْجِيلِهَا لِرَبِّهَا كَالدَّيْنِ (قَوْلَانِ) إنْ لَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ بِعَدَدٍ وَإِلَّا عُجِّلَتْ كَالدَّيْنِ اتِّفَاقًا (وَقَسَمَ عَنْ صَغِيرٍ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ) أَوْ حَاكِمٌ عِنْدَ عَدَمِهِمَا (وَمُلْتَقِطٌ) فَلَيْسَ لَهُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا كَلَامٌ (كَقَاضٍ) يَقْسِمُ (عَنْ غَائِبٍ) بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ (لَا ذِي شُرْطَةٍ) مِنْ جُنْدِ السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ غَيْرِهِ وَشُرْطَةٌ بِوَزْنِ غُرْفَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (أَوْ) ذِي (كَنَفٍ) أَيْ صِيَانَةٍ (أَخًا) صَغِيرًا أَيْ لَيْسَ لِلْأَخِ الْكَبِيرِ الَّذِي كَنَفَ أَخَاهُ الصَّغِيرَ احْتِسَابًا أَنْ يَقْسِمَ لَهُ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَلْ الْأَمْرُ لِلْحَاكِمِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَجَازَ أَنْ يُقْرَأَ كَنَفٌ فِعْلًا مَاضِيًا صِفَةً لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى ذِي أَيْ أَوْ أَخٍ كَنَفٍ (أَوْ أَبٍ عَنْ) ابْنٍ (كَبِيرٍ) رَشِيدٍ فَلَا يَقْسِمُ لَهُ (وَإِنْ غَابَ) وَإِنَّمَا يَقْسِمُ لَهُ وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ (وَفِيهَا قَسْمٌ) أَيْ جَوَازُ قَسْمِ (نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ) مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ (إنْ اعْتَدَلَتَا) قِيمَةً وَتَرَاضَيَا عَلَى قَسْمِهِمَا بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ اسْتَهْلَكَ مَا أَخَذَهُ بِالْقِسْمَةِ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ أَوْ بَعْضَهُمْ بَاعَ حِصَّتَهُ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَبِعْ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِمَّنْ وَجَدَ بِيَدِهِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِذَا اسْتَوْفَى الْغَرِيمُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجُودِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَتَرَاجَعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِالطَّارِئِ وَإِلَّا أَخَذَ إلَخْ، كَذَا قَرَّرَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ عَالِمًا فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ الْعَالِمُ عَنْ الْمُعْدَمِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّرَاجُعَ هُنَا كَالْحَمَّالَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَخَذَ الطَّارِئُ حَقَّهُ مِمَّا وَجَدَهُ قَائِمًا بِيَدِ أَحَدِهِمْ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِحِصَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ، وَإِنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِذَلِكَ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِمَّا وَجَدَهُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمَلِيءِ الْعَالِمِ حِصَّتَهُ وَيُشَارِكُهُ فِيهَا عَلَى الْمُعْسِرِ وَلِأَجْلِ هَذَا الْإِشْكَالِ قَرَّرَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ جَدُّ عج أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَيْسَ شَرْطًا فِيمَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِصَدْرِ الْكَلَامِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَبَيْعِهِمْ بِلَا غَبَنٍ أَيْ كَمَا يَمْضِي بَيْعُهُمْ بِلَا غَبَنٍ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنْ عَلِمُوا كَانَ لِلْغَرِيمِ نَقْضُهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَيْ بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ فَعِلْمُهُمْ بِالدَّيْنِ مَعَ جَهْلِهِمْ تَقَدُّمَهُ عَلَى الْإِرْثِ كَعَدَمِ عِلْمِهِمْ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ وَارْتَضَاهُ الْمِسْنَاوِيُّ لَكِنْ فِي تَأْخِيرِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا تَشْوِيشٌ فَلَعَلَّهُ مِنْ مَخْرَجِ الْمُبَيَّضَةِ (قَوْلُهُ بِتَبْعِيضِ حَقِّهِ) أَيْ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ مِنْ قِسْمِ شَخْصٍ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ مِنْ قِسْمِ شَخْصٍ آخَرَ (قَوْلُهُ لَا دَيْنٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي أُخِّرَتْ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ وَفِي قَوْلِهِ لَا دَيْنٌ عَلَى ابْنِ أَيْمَنَ الْقَائِلِ بِتَأْخِيرِ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِلْوَضْعِ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِعْذَارِ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَيَقُومُ مَقَامَ الصَّغِيرِ وَصِيَّةً وَإِنَّمَا يُقَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَرَدَّهُ ح بِأَنَّ إقَامَةَ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَضْعِ بَلْ تَصِحُّ عَلَى الْحَمْلِ (قَوْلُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ قَضَاؤُهُ) أَيْ بَلْ يُقْضَى عَاجِلًا لِحُلُولِهِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَفِي تَأْخِيرِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي تَأْخِيرِ تَنْفِيذِهَا وَقَوْلُهُ كَالتَّرِكَةِ أَيْ كَقَسْمِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعْجِيلِ إنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ تَلِفَتْ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ رَجَعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِثُلُثَيْ مَا بِأَيْدِيهِمْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عُجِّلَتْ كَالدَّيْنِ اتِّفَاقًا) الْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ بِعَدَدٍ أَوْ بِجُزْءٍ كَمَا فِي بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَقُسِمَ) أَيْ بِقُرْعَةٍ أَوْ بِتَرَاضٍ وَقَوْلُهُ أَبٌ أَيْ مُسْلِمٌ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ أَوْ وَصِيٌّ أَيْ وَلَوْ أَمَّا بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ وَلَوْ حَكَمًا فَيَدْخُلُ مُقَدِّمُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَمُلْتَقِطٌ) اسْمُ فَاعِلِ يَقْسِمُ عَنْ مُلْتَقَطِهِ بِالْفَتْحِ الْمُشَارِكِ لِغَيْرِهِ فِيمَا وَهَبَ لَهُ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلصَّغِيرِ الَّذِي قَسَمَ عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مُلْتَقِطُهُ أَوْ الْحَاكِمُ كَلَامٌ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا (قَوْلُهُ شُرْطَةٍ) أَيْ عَلَامَةٍ تُمَيِّزُهُ فِي لُبْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ غَائِبٍ اللَّهُمَّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ أَوْ ذِي كَنَفٍ) هُوَ الْكَافِلُ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ الْحَاضِنَ يَبِيعُ الْقَلِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَسْمَ الْقَلِيلِ كَبَيْعِهِ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ سَهْلٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْهُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ أُخْرَى) هَذَا لَفْظُهَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ قُرْعَةً كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعَادُلِ فَلَا تَدْخُلُ فِي النَّوْعَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّرَاضِي، وَإِنْ كَانَتْ مُرَاضَاةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعَادُلُ وَأَجَابَ ابْنُ يُونُسَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَتْ فِي النَّوْعَيْنِ لِلْقِلَّةِ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا

[باب في القراض]

وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَفْرَدَ كُلَّ صِنْفٍ إلَخْ إنْ حُمِلَ كَلَامُهَا عَلَى قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ كَمَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ بِدَلِيلِ قَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَتَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ) وَوَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تَدْخُلُ فِيمَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِي الْكَثِيرِ، وَأَمَّا فِي الْقَلِيلِ كَمَا هُنَا فَتَجُوزُ بِشَرْطِ الِاعْتِدَالِ فِي الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ نَصُّهَا كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَجَازَتْ لِلْقِلَّةِ) وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى وَتَرَاضَيَا أَيْ بِالِاسْتِهَامِ وَقِيلَ بَلْ يُحْمَلُ كَلَامُهَا عَلَى الْمُرَاضَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهَا وَتَرَاضَيَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ إنْ احْتَمَلَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ مُرَاضَاةٌ) وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ اعْتَدَلَتَا مَعَ أَنَّ الْمُرَاضَاةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اعْتِدَالٌ إنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى بَيْعٍ لَا غَبْنَ فِيهِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ هَلْ مَا فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْقُرْعَةِ فَيُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ أَوْ عَلَى الْمُرَاضَاةِ فَلَا يُشْكِلُ؟ (تَأْوِيلَانِ) فَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلَا مُنِعَ قُرْعَةً لَا مُرَاضَاةً [دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ وَأَحْكَامِهِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ فِيهِ قَسْمَ الرِّبْحِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ وَنَوْعَ شَرِكَةٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ رَسَمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (الْقِرَاضُ) بِكَسْرِ الْقَافِ مِنْ الْقَرْضِ، وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ (تَوْكِيلٌ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ لِغَيْرِهِ (عَلَى تَجْرٍ فِي نَقْدٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَهُوَ تَوْكِيلٌ خَاصٌّ فَخَرَجَ مَا عَدَاهُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّوْكِيلِ حَتَّى الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فِي نَقْدِ تَجْرٍ مُقَيَّدٌ بِهَذَا الْقَيْدِ وَالشَّرِكَةُ لَا تَقَيُّدُ بِهِ وَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِنَقْدٍ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ وَهِيَ بَاءُ الْآلَةِ وَالتَّجْرُ التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِتَحْصِيلِ رِبْحٍ (مَضْرُوبٍ) ضَرْبًا يُتَعَامَلُ بِهِ لَا بِعُرُوضٍ وَلَا بِتِبْرٍ وَنِقَارِ فِضَّةٍ (مُسْلَمٍ) مِنْ رَبِّهِ لِلْعَامِلِ (بِجُزْءٍ) شَائِعٍ كَائِنٍ (مِنْ رِبْحِهِ) أَيْ رِبْحِ ذَلِكَ الْمَالِ لَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ رِبْحِهِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَا بِشَائِعٍ مِنْ رِبْحِ غَيْرِهِ وَأَوْلَى بِمُعَيَّنٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِاخْتِلَافِ النَّوْعِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي أَيْ أَنَّهَا مُرَاضَاةٌ وَمَعْنَى قَوْلِهَا إنْ اعْتَدَلَتَا إنْ دَخَلَا عَلَى قِسْمَةٍ لَا غَبَنَ فِيهَا (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا قَسْمُ نَخْلَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَلْ هِيَ) أَيْ الْقِسْمَةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ قَوْلِنَا وَفِيهَا قَسْمُ إلَخْ (قَوْلُهُ قُرْعَةٌ) أَيْ بِأَنْ تُضْرَبَ الْقُرْعَةُ لِيَظْهَرَ مَنْ يَأْخُذُ هَذِهِ وَمَنْ يَأْخُذُ هَذِهِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ) أَيْ عَنْ الْإِيرَادِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ يُحْمَلُ كَلَامُهَا عَلَى الْمُرَاضَاةِ) أَيْ كَمَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ سَحْنُونٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ إنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى بَيْعٍ) أَيْ عَلَى قَسْمٍ لَا غَبَنَ فِيهِ [بَابٌ فِي الْقِرَاضِ] (بَابٌ فِي الْقِرَاضِ) (قَوْلُهُ وَنَوْعَ شَرِكَةٍ) عَطْفٌ عَلَى قَسْمَ أَيْ وَلِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ شَرِكَةٍ قَبْلَ قَسْمِ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ مِنْ الْقَرْضِ) أَيْ بِفَتْحِ الْقَافِ (قَوْلُهُ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ) أَيْ وَالْعَامِلُ قَطَعَ لِرَبِّ الْمَالِ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بِسَعْيِهِ اهـ. بْن وَحِينَئِذٍ فَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا (قَوْلُهُ تَوْكِيلٌ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقِرَاضِ مِنْ لَفْظٍ وَلَا تَكْفِي فِي انْعِقَادِهِ الْمُعَاطَاةُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظٍ وَيُفِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَهُ بِجُزْءٍ؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْجُزْءِ لِلْعَامِلِ إنَّمَا يَكُونُ بِاللَّفْظِ لَكِنْ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْقِرَاضُ إجَارَةٌ عَلَى التَّجْرِ فِي مَالٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْمُعَاطَاةُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ يَكْفِي فِيهَا الْمُعَاطَاةُ كَالْبَيْعِ إذَا وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ (قَوْلُهُ عَلَى تَجْرٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِتَحْصِيلِ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ مَا عَدَاهُ) أَيْ مَا عَدَا ذَلِكَ التَّوْكِيلَ الْخَاصَّ (قَوْلُهُ حَتَّى الشَّرِكَةِ) أَيْ حَتَّى خَرَجَتْ الشَّرِكَةُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ لِخُرُوجِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ لَا تُقَيَّدُ بِهِ) أَيْ لِجَوَازِهَا بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ مُتَّجَرٌ بِهِ لَا فِيهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمُتَعَلِّقُ تَجْرٍ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي كُلِّ نَوْعٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ مِنْ تَوْكِيلِهِ عَلَى بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَعَكْسِهِ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِلتِّجَارَةِ بِنَقْدٍ فِي عُرُوضٍ مَعَ أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَقَدْ يُقَالُ جَعْلُ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ يَصِحُّ إبْقَاؤُهَا عَلَى حَالِهَا لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ وَالتَّجْرُ فِي الْمَالِ يَشْمَلُ عُرْفًا التَّجْرِ بِهِ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ ضَرْبًا يَتَعَامَلُ بِهِ) اشْتِرَاطُ التَّعَامُلِ فِي الْمَسْكُوكِ هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ مِنْ كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ ح وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ لَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَلَا فِي غَيْرِهَا فَانْظُرْهُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ لَا بِعُرُوضٍ) أَيْ وَمِنْهَا الْفُلُوسُ الْجُدُدُ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ بِنَقْدٍ وَمَا بَعْدَهُ مُحْتَرَز مَضْرُوبًا وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ وَلَا بِمَضْرُوبٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ كَمَا فِي بِلَادِ السُّودَانِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا وَلَوْ كَانَ يُتَعَامَلُ بِهِ. وَلَوْ انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ كَالْوَدْعِ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي بْن أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً لِذَاتِهَا حَتَّى يَمْتَنِعَ الْقِرَاضُ بِغَيْرِهَا حَيْثُ انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ مُسْلَمٌ مِنْ رَبِّهِ لِلْعَامِلِ) أَيْ بِدُونِ أَمِينٍ عَلَيْهِ لَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ بِرَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ كَمَا يَأْتِي وَلَا إنْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَمِينًا فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ حِينَئِذٍ كَلَا تَسْلِيمٍ (قَوْلُهُ بِجُزْءٍ) الْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِتَوْكِيلٍ لَا بِتَجْرٍ أَيْ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِجُزْءٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِالنَّقْدِ أَيْ بِالْمَالِ كُلِّهِ وَتَعَلُّقُهُ بِتَجْرٍ يُوهَمُ أَنَّ الْمُتَّجَرَ بِهِ الْجُزْءُ مَعَ أَنَّ الْمُتَّجَرَ بِهِ الْمَالُ كُلُّهُ (قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنْسُبَهَا لِقَدْرٍ سَمَّاهُ مِنْ الرِّبْحِ

[أحكام القراض]

(إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا) أَيْ الْمَالُ وَالْجُزْءُ كَرُبُعٍ أَوْ نِصْفٍ وَاشْتُرِطَ عِلْمُ قَدْرِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا غَيْرَ مَعْلُومِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالرِّبْحِ وَيَجُوزُ بِالنَّقْدِ الْمَوْصُوفِ بِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَوْ) كَانَ (مَغْشُوشًا) فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ لَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ وَذَكَرَ مَفْهُومَ مُسْلَمٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ الْوَدِيعَةُ وَبَدَأَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ (لَا بِدَيْنٍ) لِرَبِّ الْمَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَخَّرَهُ بِهِ لِيَزِيدَهُ فِيهِ. (وَ) إنْ وَقَعَ بِدَيْنٍ (اسْتَمَرَّ) دَيْنًا عَلَى الْعَامِلِ يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ وَلِلْعَامِلِ الرِّبْحُ وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ (مَا) أَيْ مُدَّةُ كَوْنِهِ (لَمْ يَقْبِضْ أَوْ) لَمْ (يُحْضِرْهُ) لِرَبِّهِ (وَيُشْهَدْ) أَيْ مَعَ الْإِشْهَادِ بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ أَقْبَضَهُ لِرَبِّهِ أَوْ أَحْضَرَهُ مَعَ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَدِينِ وَأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهُ قِرَاضًا صَحَّ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَلَا) يَجُوزُ (بِرَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَلَوْ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْعَامِلِ لِشَبَهِهِمَا بِالدَّيْنِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهَا فَصَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَالْمَنْعُ إذَا كَانَ كَلٌّ فِي غَيْرِ يَدِ الْمُرْتَهَنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِأَنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ الرَّهْنَ أَوْ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْأَمِينِ، وَهُوَ زِيَادَةٌ مَمْنُوعَةٌ فِي الْقِرَاضِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحَقَّقٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهَنِ أَوْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَوَازُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَخْلِيصٍ يَنْتَفِعُ بِهِ رَبُّ الْمَالِ. وَعِلَّةُ خَوْفِ الْإِنْفَاقِ أَمْرٌ مُتَوَهَّمٌ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ فَلِذَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِيَدِهِ فَالْمُبَالَغَةُ صَحِيحَةٌ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَقْبِضْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ مَعَ الْإِشْهَادِ وَإِلَّا جَازَ بِالْأَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمَنْعِ، وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ إنَّ إحْضَارَ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ كَافٍ؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ أَمَانَةٍ ثُمَّ إنْ وَقَعَ عَمَلٌ فِي الْوَدِيعَةِ فَالرِّبْحُ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ أَنَّ الْمُودِعَ إذَا اتَّجَرَ فِي الْوَدِيعَةِ فَالرِّبْحُ لَهُ فَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَجَرَ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا وَمَا هُنَا قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ فِيهَا فَكَانَ الرِّبْحُ لِرَبِّهَا وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ مَضْرُوبٍ بِقَوْلِهِ. (وَ) لَا يَجُوزُ (بِتِبْرٍ) وَنِقَارٍ وَحُلِيٍّ (لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ) أَيْ التِّبْرِ أَوْ النِّقَارُ أَيْ الْقِطَعُ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ (بِبَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الْقِرَاضِ أَوْ الْعَمَلِ فِيهِ فَإِنْ تُعُومِلَ بِهِ بِبَلَدِهِ جَازَ أَيْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَسْكُوكٌ يُتَعَامَلُ بِهِ أَيْضًا فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ ثُمَّ إنْ وَقَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَكَ عَشَرَةٌ إنْ كَانَ الرِّبْحُ مِائَةً فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُمَا) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالرِّبْحِ) إنْ أَرَادَ الْجَهْلَ بِمِقْدَارِهِ فَهَذَا لَازِمٌ لِكُلِّ قِرَاضٍ وَلَا يَضُرُّ، وَإِنْ أَرَادَ الْجَهْلَ بِالْجُزْءِ الْمَجْعُولِ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبْعِ مَثَلًا فَلَا يُسَلَّمُ. فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ فِيهِ خُرُوجًا عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ الَّذِي هُوَ رُخْصَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُثْنِيَ لِلضَّرُورَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِمَجْهُولٍ وَمِنْ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ (قَوْلُهُ الْمَوْصُوفُ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مَضْرُوبًا مُتَعَامَلًا بِهِ (قَوْلُهُ مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ إلَخْ) صِفَةٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ مُبَالَغَةً فِي مُقَدَّرٍ مُسْتَقِلٍّ لَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ الْحُكْمِ فِي التَّعْرِيفِ، وَهُوَ دَوْرٌ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِالْمَنْعِ كَذَا فِي بْن وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) أَيْ فِي الْمَنْعِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ الْوَدِيعَةُ فَالْمَنْعُ فِيهِمَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا عَمَّا يُقَالُ قَدْ قُلْت إنَّ الْقِرَاضَ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ فَمَا حُكْمُهُ إذَا وَقَعَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ) إنْ قُلْت الْمَحَلُّ لِلْوَاوِ لَا لِأَوْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مُقَيَّدٌ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فَإِذَا انْتَفَى الْقَبْضُ وَالْإِحْضَارُ مَعَ الْإِشْهَادِ فَلَا يَجُوزُ وَإِذَا حَصَلَ أَحَدُهُمَا فَالْجَوَازُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ أَوْ بَعْدَ النَّفْيِ لِنَفْيِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَائِهِمَا مَعًا حَتَّى يَتَحَقَّقَ انْتِفَاؤُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] (وَقَوْلُهُ أَوْ أَحْضَرَهُ) أَيْ فِي يَدِهِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ مَعَ الْإِشْهَادِ) أَيْ لِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يَكْفِي إشْهَادُ وَاحِدٍ وَيَمِينٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَلَا نِزَاعَ هُنَا إنَّمَا هُوَ إشْهَادٌ عَلَى شَيْءٍ حَاضِرٍ. (قَوْلُهُ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهُ قِرَاضًا) أَيْ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا أَقْبَضَهُ لِرَبِّهِ أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا أَحْضَرَهُ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ صَحَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ يَصِحُّ الْقِرَاضُ وَلَوْ أَعَادَهُ لَهُ بِالْقُرْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْمَغْصُوبُ يَكْفِي فِي صِحَّةِ عَمَلِ الْغَاصِبِ فِيهِ قِرَاضًا إحْضَارُهُ لِرَبِّهِ كَالْوَدِيعَةِ [أَحْكَام الْقِرَاض] (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَدِهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ أَمِينٍ أَمَّا فِي الرَّهْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْوَدِيعَةِ فَبِأَنْ أَوْدَعَهَا الْمُودِعُ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ فِي مَنْزِلِهِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْعَامِلِ أَيْ عِنْدَهُ وَفِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ) أَيْ لِلْعِلَّةِ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَلِذَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مَعَ مَنْعِ الْقِرَاضِ بِالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ كَافٍ) قَالَ بْن، وَهُوَ الصَّوَابُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهَا مَحْضُ أَمَانَةٍ أَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِحْضَارِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ) أَيْ فَإِذَا وَقَعَ الْقِرَاضُ بِالرَّهْنِ فَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ أَيْ بَلَدُ الْقِرَاضِ) أَيْ بَلَدُ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْعَمَلُ فِيهِ أَيْ أَوْ بَلَدُ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ، وَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ فَالْأَوَّلُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَالثَّانِي لِلْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَسْكُوكٌ يُتَعَامَلُ بِهِ أَيْضًا) أَيْ. وَأَمَّا إذَا وُجِدَ مَسْكُوكٌ

بِالْمَمْنُوعِ مَضَى بِالْعَمَلِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ: يَمْضِي وَلَوْ لَمْ يُعْمَلْ فِيهِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَذَكَرَ مَفْهُومَ نَقْدٍ بِقَوْلِهِ (كَفُلُوسٍ) لَا يَجُوزُ قِرَاضٌ بِهَا وَلَوْ تُعُومِلَ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْمُحَقَّرَاتِ الَّتِي الشَّأْنُ فِيهَا التَّعَامُلُ بِهَا (وَعَرَضٍ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ قِرَاضٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي بِلَادٍ لَا يُوجَدُ فِيهَا التَّعَامُلُ بِالنَّقْدِ الْمَسْكُوكِ كَبِلَادِ السُّودَانِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ (إنْ تَوَلَّى) الْعَامِلُ (بَيْعَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْعَرَضُ نَفْسُهُ قِرَاضًا أَوْ ثَمَنُهُ فَإِنْ تَوَلَّى غَيْرُهُ بَيْعَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ قِرَاضًا جَازَ (كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى) خَلَاصِ (دَيْنٍ) ثُمَّ يَعْمَلُ بِمَا خَلَّصَهُ قِرَاضًا فَيُمْنَعُ (أَوْ) وَكَّلَهُ (لِيَصْرِفَ) ذَهَبًا دَفَعَهُ لَهُ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ (ثُمَّ يَعْمَلَ) بِالْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْفُلُوسُ وَمَا بَعْدَهَا (فَأَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ (فِي تَوَلِّيهِ) ذَلِكَ مِنْ تَخْلِيصِ الدَّيْنِ أَوْ الصَّرْفِ أَوْ بَيْعِ الْعَرَضِ أَوْ الْفُلُوسِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ (ثُمَّ) لَهُ (قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ) أَيْ رِبْحِ الْمَالِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ شَبَّهَ بِمَا يُمْنَعُ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ قَوْلُهُ (كَلَكَ) أَيْ كَقِرَاضٍ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ لَك (شِرْكٌ) فِي رِبْحِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا عَادَةَ) تُعَيِّنُ قَدْرَ الْجُزْءِ فِي الْقِرَاضِ الْمَقُولِ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ قِرَاضَ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ عَادَةٌ تُعَيِّنُ الْجُزْءَ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ عُمِلَ بِهَا. وَأَمَّا لَوْ قَالَ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ فَهُوَ يُفِيدُ التَّسَاوِي عُرْفًا فَلَا جَهْلَ فِيهِ بِخِلَافِ شِرْكٍ (أَوْ مُبْهَمٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ الْمُقَدَّرِ أَيْ أَوْ كَقِرَاضٍ مُبْهَمٍ بِأَنْ قَالَ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الْجُزْءِ أَصْلًا أَوْ قَالَ بِجُزْءٍ أَوْ بِشَيْءٍ فِي رِبْحِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ أَيْ وَلَا عَادَةَ أَيْضًا (أَوْ) قِرَاضٍ (أُجِّلَ) كَ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً أَوْ سَنَةً مِنْ الْآنَ أَوْ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَاعْمَلْ بِهِ فِيهِ فَفَاسِدٌ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ الْخَارِجِ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ (أَوْ) قِرَاضٍ (ضُمِّنَ) بِضَمِّ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُتَعَامَلُ بِهِ فَالْمَنْعُ وَلَوْ غَابَ التَّعَامُلُ بِهِ عَلَى التَّأَمُّلِ بِالْمَسْكُوكِ (قَوْلُهُ بِالْمَمْنُوعِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ بِتِبْرٍ أَوْ بِنِقَارِ فِضَّةٍ أَوْ حُلِيٍّ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ بِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ؛ لِأَنَّ التِّبْرَ إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ إلَّا إذَا انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلْكَسَادِ فَأَوْلَى الْفُلُوسُ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِلْكَسَادِ فَلَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالتَّعَامُلِ بِهَا وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْمُحَقَّرَاتِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ يَعْمَلُ بِهَا فِي الْمُحَقَّرَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي بِلَادٍ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ لَك عَنْ بْن أَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَازَ جَعْلَ الْعَرْضِ رَأْسَ مَالِ قِرَاضٍ إذَا انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ (قَوْلُهُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ بِالْعَرْضِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضُ نَفْسُهُ قِرَاضًا) أَيْ بِأَنْ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ عَرْضًا بِمِائَةٍ وَجَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ إذَا بَاعَهُ وَرَبِحَ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنُهُ بِأَنْ دَفَعَ لَهُ عَرْضًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَجْعَلَ ثَمَنَهُ رَأْسَ مَالٍ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ فِي الثَّانِي بِمَا إذَا كَانَ لِبَيْعِهِ خَطْبٌ وَإِلَّا جَازَ وَتَقْيِيدُهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ قِرَاضًا جَازَ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَعْلَ رَأْسِ الْمَالِ قِيمَةَ الْعَرْضِ أَوْ نَفْسَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَوَلَّى الْعَامِلُ بَيْعَهُ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَوَلَّى غَيْرُ الْعَامِلِ بَيْعَهُ فَإِنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ الْعَرْضُ جَازَ، وَإِنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ قِيمَتَهُ الْآنَ أَوْ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ أَوْ نَفْسَ الْعَرْضِ مُنِعَ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى خَلَاصِ دَيْنٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا مُقِرًّا مَلِيئًا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ. وَأَمَّا تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ الْمَنْعَ بِالْحَاضِرِ الْمُلِدِّ أَوْ الْغَائِبِ الَّذِي يَحْتَاجُ لِلْمُضِيِّ إلَيْهِ فَضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِيَصْرِفَ) سَوَاءٌ كَانَ لِلصَّرْفِ بَالٌ أَوْ لَا قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا وَتَقْيِيدُ فَضْلِ الْمَنْعِ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْفُلُوسُ وَمَا بَعْدَهَا إلَخْ) الَّذِي فِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَأَجْرُ مِثْلِهِ رَاجِعٌ لِلتِّبْرِ وَمَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ جَرَيَانَ قَوْلِهِ فَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي التِّبْرِ وَالْفُلُوسِ وَلَوْ مُتَعَامِلًا بِهِمَا حَيْثُ بَاعَهُمَا وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا عُرُوضًا فَإِنْ جَعَلَهُمَا ثَمَنًا لِعُرُوضِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ تَوَلِّيهِ، وَإِنَّمَا لَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفُلُوسِ وَالتِّبْرِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالتَّعَامُلِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَسَادِ. وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ بِالتَّعَامُلِ بِهِ فَالْقِرَاضُ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ إلَّا الْجُزْءُ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ (قَوْلُهُ فِي ذِمَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ ذَلِكَ الْأَجْرُ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ ثُمَّ لَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلُ الْمَالِ لَا مِثْلُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهِ قِرَاضَ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَفْظَ شِرْكٍ يُطْلَقُ عَلَى النِّصْفِ فَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ فَيَكُونُ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ فَلَا جَهْلَ فِيهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ جَائِزًا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ) الْأَوْلَى عَلَى صِفَةِ مَدْخُولِ الْكَافِ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ بِجُزْءٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ كَلَكَ شِرْكٌ فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَظَرًا لِاخْتِلَافِ الْعُنْوَانِ لِمُغَايَرَةِ لَفْظِ جُزْءٍ لِلَفْظِ شِرْكٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِهِ فِي الصَّيْفِ فَقَطْ أَوْ فِي مَوْسِمِ الْعِيدِ فَقَطْ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا عُيِّنَ فِيهِ زَمَنُ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي، وَذَلِكَ لِشِدَّةِ التَّحْجِيرِ فِي هَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي عَيَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَمَلِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ

أَيْ شَرَطَ فِيهِ الْعَامِلُ ضَمَانَ رَأْسِ الْمَالِ إنْ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي تَلَفِهِ فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ (أَوْ) قِرَاضٍ قَالَ فِيهِ لِلْعَامِلِ (اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجَرَ فِي ثَمَنِهِمَا) بَعْدَ بَيْعِهَا فَهُوَ أَجِيرٌ فِي شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا فِيهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ لِلسَّلْعَةِ وَقِرَاضُ الْمِثْلِ فَكَانَ عَلَيْهِ ضَمُّهَا مَعَ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِتَكُونَ الْمَسَائِلُ خَمْسَةً (أَوْ) قَالَ اشْتَرِ (بِدَيْنٍ) أَيْ شَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِهِ فَاشْتَرَى بِنَقْدٍ فَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنْ اشْتَرَى بِدَيْنٍ كَمَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَ اشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِنَقْدٍ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ صَارَ قَرْضًا فِي ذِمَّتِهِ. وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ فَاشْتَرَى بِهِ فَالْجَوَازُ ظَاهِرٌ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (أَوْ) شَرَطَ عَلَيْهِ (مَا يَقِلُّ وُجُودُهُ) بِأَنْ يُوجَدَ تَارَةً وَيُعْدَمَ أُخْرَى فَفَاسِدٌ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ إنْ عَمِلَ وَسَوَاءٌ خَالَفَهُ وَاشْتَرَى غَيْرَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا مَا يُوجَدُ دَائِمًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ وُجُودُهُ فَصَحِيحٌ وَلَا ضَرَرَ فِي اشْتِرَاطِهِ (كَاخْتِلَافِهِمَا) بَعْدَ الْعَمَلِ (فِي) جُزْءِ (الرِّبْحِ وَادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ (مَا لَا يُشْبِهُ) كَأَنْ يَقُولَ الْعَامِلُ الثُّلُثَيْنِ وَرَبُّ الْمَالِ الثُّمُنَ فَاللَّازِمُ قِرَاضُ الْمِثْلِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالْعَمَلِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ إذَا كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَشْبَهَ أَمْ لَا فَالتَّشْبِيهُ فِي الْمُصَنِّفِ فِي الرَّدِّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ فَقَطْ لَا فِي الْفَسَادِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ صَحِيحٌ (وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ) أَيْ وَفِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ سَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي فِيهَا قِرَاضُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إذَا عُثِرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَا يُفْسَخُ بَلْ يُتَمَادَى فِيهِ كَالْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ مَا وَجَبَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ وَلَهُ أُجْرَةٌ فِيمَا عَمِلَهُ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِقَوْلِهِ (كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ) مَعَ الْعَامِلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاضِ فَفَاسِدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ عَلَيْهِ وَيُرَدُّ فِيهِ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ (أَوْ مُرَاجَعَتِهِ) أَيْ مُشَاوَرَتِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ (أَوْ) اشْتَرَطَ (أَمِينًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنَّمَا رُدَّ إلَى أُجْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ سَنَةً مِنْ الْآنَ أَوْ اعْمَلْ فِيهِ سَنَةً فَإِنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ بِهِ. وَأَمَّا صُورَةُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَاعْمَلْ بِهِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ بِيَدِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الزَّمَانُ الَّذِي عَيَّنَهُ رَبُّهُ فَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ بَعْدَهُ فَهُوَ أَخَفُّ مِمَّا يَعْمَلُ فِيهِ فِي الصَّيْفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَيْ شُرِطَ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ الْعَامِلُ بِالضَّمَانِ فَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ الْقِرَاضِ وَعَدَمِهَا خِلَافٌ اُنْظُرْ بْن فَإِنْ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ الْمَالَ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِضَامِنٍ يَضْمَنُهُ فِيمَا يَتْلَفُ بِتَعَدِّيهِ فَلَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا أَيْ لَا بِقَيْدٍ كَانَ الْقِرَاضُ فَاسِدًا. وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْوَجْهِ وَلَا يَلْزَمُ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج (قَوْلُهُ أَوْ قِرَاضٌ قَالَ فِيهِ لِلْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ بِهَا سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ بِعْهَا وَاتَّجِرْ بِثَمَنِهَا وَلَك ثُلُثُ الرِّبْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) أَيْ بِصُورَةِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ اشْتِرَاطُ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ كَاشْتِرَاطِ الشِّرَاءِ بِهِ فَيَفْسُدُ الْقِرَاضُ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ كَمَا فِي تت وَقَالَ الْمَوَّاقُ: فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَعَلَى الْأَوَّلِ حَمَلَ عِيَاضٌ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الثَّانِي حَمَلَهَا ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا يَقِلُّ وُجُودُهُ) أَيْ التَّجْرُ فِيمَا يَقِلُّ وُجُودُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوجَدَ تَارَةً) أَيْ كَالْبَلَحِ الْأَحْمَرِ وَالْبِطِّيخِ (قَوْلُهُ إنْ عَمِلَ) أَيْ وَحَصَلَ رِبْحٌ فَإِنْ حَصَلَ خُسْرٌ فَهُوَ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْفَسَادِ إذَا اشْتَرَى مَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَا يُشْبِهُ) أَيْ جُزْءًا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ جُزْءَ قِرَاضٍ (قَوْلُهُ فَاللَّازِمُ قِرَاضُ الْمِثْلِ) أَيْ جُزْءُ قِرَاضِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ وَلِأَجْلِ اخْتِلَافِ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عَطْفِ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا فَسَدَ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا مَوْصُولَةٌ صِلَتُهَا جُمْلَةُ فَسَدَ وَغَيْرَهُ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الصِّلَةِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَسَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ فِي قَوْلِهِ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَا فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا فَرَّقَ بِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ) أَيْ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَمَادَى فِيهِ) أَيْ حَتَّى يَبِيعَ مَا اشْتَرَاهُ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَمَادَى وَلَوْ بَعْدَ نُضُوضِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ مَتَى عَثَرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يُمَكَّنُ الْعَامِلُ مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْعَمَلِ (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ مَا يُرَدُّ) أَيْ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُرَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ) أَيْ كَأَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ يَدَهُ مَعَ الْعَامِلِ أَوْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَمَلَ يَدِهِ مَعَ الْعَامِلِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ أَيْ مُشَاوَرَتُهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فِيهِ) أَيْ فَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا وَيُرَدُّ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا يُعْطَى الْجُزْءَ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ أَمِينًا) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ مُرَاجَعَتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ

مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُ أَشْبَهَ الْأَجِيرَ (بِخِلَافِ) اشْتِرَاطِ رَبِّ الْمَالِ عَمَلَ (غُلَامٍ غَيْرِ عَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ رَقِيبٍ عَلَى الْعَامِلِ (بِنَصِيبٍ لَهُ) أَيْ لِلْغُلَامِ مِنْ الرِّبْحِ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى بِغَيْرِ نَصِيبٍ أَصْلًا احْتِرَازًا مِنْ جَعْلِ النَّصِيبِ لِلسَّيِّدِ أَيْ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَصِيبٌ فَلِلْغُلَامِ لَا لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا فَسَدَ وَرُدَّ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْغُلَامُ رَقِيبًا وَأَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ لِلسَّيِّدِ (وَكَأَنْ) يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يَخِيطَ) ثِيَابَ التِّجَارَةِ (أَوْ يُخَرِّزَ) جُلُودَهَا أَيْ الْجُلُودَ الْمُشْتَرَاةَ لَهَا (أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ (يُشَارِكَ) غَيْرَهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ (أَوْ يَخْلِطَ) الْمَالَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَنْ (يُبْضِعَ) بِمَالِ الْقِرَاضِ أَيْ يُرْسِلَهُ أَوْ بَعْضَهُ مَعَ غَيْرِهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ مَا يَتَّجِرُ الْعَامِلُ بِهِ فَيُمْنَعُ وَفِيهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِبْضَاعُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَإِلَّا ضَمِنَ (أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ (يَزْرَعَ) بِمَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ زَادَهَا رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَمَلُهُ فِي الزَّرْعِ. وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَهُ فِي الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ فَلَا يُمْنَعُ (أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ (لَا يَشْتَرِيَ) بِالْمَالِ شَيْئًا (إلَى) بُلُوغِ (بَلَدِ كَذَا) وَبَعْدَ بُلُوغِهِ يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ فَفَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ (أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ إنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ) أَيْ فَاسِدٌ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ بَدَلَ أَوْ وَهِيَ الصَّوَابُ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ الَّذِي يُرَدُّ فِيهِ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِيمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَكَانَ حَقُّهَا التَّأْخِيرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ وَذِكْرُ الْوَاوِ الَّتِي لِلِاسْتِئْنَافِ وَمَعْنَاهَا أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً لِنَفْسِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ نَقْدًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَقْدِهِ فَقَالَ لِآخَرَ قَدْ اشْتَرَيْت سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا فَادْفَعْ لِي الثَّمَنَ لِأَنْقُدَهُ لِرَبِّهَا عَلَى أَنَّ رِبْحَهَا بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً مَثَلًا فَدَفَعَهُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَيُمْنَعُ وَلَا يَكُونُ مِنْ الْقِرَاضِ بَلْ هُوَ قَرْضٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ الْمَعْرُوفِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ أَخَذَ بِهِ السِّلْعَةَ فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ إنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِالشِّرَاءِ بَلْ قَالَ لَهُ ادْفَعْ لِي عَشَرَةً مَثَلًا وَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَنَا فَقِرَاضٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَادْفَعْ لِي فَقَدْ وَجَدْت رَخِيصًا اشْتَرِيهِ (أَوْ) (عَيَّنَ) رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ (شَخْصًا) لِلشِّرَاءِ مِنْهُ أَوْ الْبَيْعِ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَا تَشْتَرِ إلَّا مِنْ فُلَانٍ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (أَوْ) عَيَّنَ (زَمَنًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَرَطَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ أَمِينًا صَارَ الْعَامِلُ شَبِيهًا بِالْأَجِيرِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غُلَامٍ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ بِالشَّرْطَيْنِ الْآتِيَيْنِ (قَوْلُهُ غَيْرِ رَقِيبٍ) أَيْ غَيْرِ جَاسُوسٍ يَتَطَلَّعُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْعَامِلُ فِي الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِهِ رَبَّهُ (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبَقِيَ لِلْجَوَازِ شَرْطٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَ رَبُّ الْمَالِ بِذَلِكَ تَعْلِيمَ الْغُلَامِ وَإِلَّا فَسَدَ الْقِرَاضُ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا الشَّرْطَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ أَنَّهُ اعْتَبَرَهُ وَأَدْخَلَهُ فِي مَسَائِلِ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْغُلَامِ زِيَادَةُ عَمَلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَخِيطَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ فَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا وَيُرَدُّ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ أَوْ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَ إلَخْ) أَيْ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْعَقْدِ. وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَجَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ بِالْإِذْنِ (قَوْلُهُ أَوْ يَخْلِطَ) أَيْ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَ بِمَالِهِ فَإِنْ وَقَعَ وَخَسِرَ الْمَالَانِ فُضَّ الْخُسْرُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ كُلٍّ وَلِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ سَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَوْ خُسْرٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْخُسْرِ وَالتَّلَفِ وَفِي قَدْرِ مَا تَلِفَ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ خُسْرَهُ وَتَلَفَهُ فَإِنْ أَبْضَعَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَرَبِحَ فَإِنْ كَانَ الْإِبْضَاعُ بِأُجْرَةٍ لِلْمُبْضَعِ مَعَهُ فَهِيَ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ مِنْ حَظِّ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ حُسِبَ لِلْعَامِلِ حَظٌّ مِنْ الرِّبْحِ يَدْفَعُهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَغَرِمَ الْعَامِلُ الزَّائِدَ، وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمُبْضَعِ مَعَهُ أَقَلَّ مِنْ حَظِّ الْعَامِلِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الْمَالِ غَيْرُ أُجْرَةِ الْمُبْضِعِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا، وَإِنْ عَمِلَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَلِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مِنْ حَظِّهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِ الْمُبْضِعِ مَعَهُ أَنْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَطَوَّعْ إلَّا لِلْعَامِلِ وَذُو الْمَالِ رَضِيَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ بِعِوَضٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَزْرَعَ) أَيْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ وَالْبَقَرَ وَيَشْتَرِيَ الْبَذْرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَيَعْمَلَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَهُ فِي الزَّرْعِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ تَعْيِينَ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا غَيْرُ مُضِرٍّ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي بَهْرَامَ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْنَعُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ لَهُ وَجَاهَةٌ يُرَاعِيه النَّاسُ لِوَجَاهَتِهِ وَيَعْمَلُونَ لَهُ فِي الزَّرْعِ بِلَا أَجْرٍ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ) أَيْ، وَإِنْ سَأَلَ الْعَامِلُ رَجُلًا بَعْدَ اشْتِرَائِهِ سِلْعَةً مَالًا يَنْقُدُهُ فِيهَا فَذَلِكَ قَرْضٌ فَاسِدٌ إنْ أَخْبَرَ السَّائِلُ الْمَسْئُولَ بِشِرَائِهِ السِّلْعَةَ لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ ثَمَنَهَا وَيَكُونَ رِبْحُهَا بَيْنَهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ وَذِكْرَ الْوَاوِ) مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ بَلْ دَخَلَ رَبُّهُ عَلَى سَلَفٍ جَرَّ لَهُ نَفْعًا (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْمَدْفُوعُ لَهُ رَدُّ الثَّمَنِ إلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ ادْفَعْ لِي عَشَرَةً مَثَلًا) أَيْ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً

لَهُمَا وَلَوْ تَعَدَّدَ كَلَا تَشْتَرِ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي الشِّتَاءِ أَوْ اشْتَرِ فِي الصَّيْفِ وَبِعْ فِي الشِّتَاءِ (أَوْ مَحَلًّا) لِلتَّجْرِ لَا يَتَعَدَّاهُ لِغَيْرِهِ كَسُوقٍ أَوْ حَانُوتٍ فَفَاسِدٌ لِلتَّحْجِيرِ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ فِي الْجَمِيعِ (كَأَنْ أَخَذَ) الْعَامِلُ مِنْ شَخْصٍ (مَالًا لِيَخْرُجَ) أَيْ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ (بِهِ لِبَلَدٍ) مُعَيَّنٍ (فَيَشْتَرِي) مِنْهُ سِلَعًا ثُمَّ يَجْلِبُهُ لِبَلَدِ الْقِرَاضِ لِلْبَيْعِ فَفَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ (كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ الْخَفِيفَيْنِ وَ) عَلَيْهِ (الْأَجْرُ) فِي مَالِهِ (إنْ اسْتَأْجَرَ) عَلَى ذَلِكَ لَا فِي مَالِ الْقِرَاضِ وَلَا فِي رِبْحِهِ (وَجَازَ) لِلْعَامِلِ (جُزْءٌ) مِنْ الرِّبْحِ (قَلَّ أَوْ كَثُرَ) كَالْمُسَاوِي بِشَرْطِ عِلْمِهِ لَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَدِينَارٍ مِنْ مِائَةٍ أَوْ مِائَةٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ. (وَ) جَازَ (رِضَاهُمَا) أَيْ الْمُتَقَارِضَيْنِ (بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ الْعَمَلِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْعَقْدِ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ لَهُمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ غَيْرِ الْجُزْءِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُحَقَّقٍ اُغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ (وَ) جَازَ (زَكَاتُهُ) أَيْ الرِّبْحِ الْمَعْلُومِ أَيْ اشْتِرَاطُ زَكَاتِهِ (عَلَى أَحَدِهِمَا) رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلِ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَالِ فَزَكَاتُهُ عَلَى رَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْعَامِلِ (وَهُوَ) أَيْ الْجُزْءُ الْمُشْتَرَطُ (لِلْمُشْتَرِطِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ) زَكَاتُهُ لِمَانِعٍ كَقُصُورِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ تَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لِرِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ كُفْرٍ فَإِنْ كَانَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الرِّبْحِ وَكَانَ أَرْبَعِينَ وَاشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبُعَ الْعُشْرِ، وَهُوَ دِينَارٌ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ يُعْطِيه لِرَبِّ الْمَالِ فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَلِرَبِّ الْمَالِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا حَيْثُ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ لِمَا مَرَّ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي الْمُبَالَغَةِ بِأَنَّهُ إنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ كَانَ الْجُزْءُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْمُشْتَرِطِ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مُشْكِلٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي، وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى جُزْءِ الزَّكَاةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَنَفْعُ جُزْءِ الزَّكَاةِ لِلْمُشْتَرِطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ دُفِعَ الْجُزْءُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ لِلْفُقَرَاءِ فَانْتَفَعَ الْمُشْتَرِطُ بِتَوْفِيرِ حِصَّتِهِ بِعَدَمِ أَخْذِ الْجُزْءِ مِنْهَا وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِصَّةِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ كَمَا قَدَّمْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَهُمَا) أَيْ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ أَيْ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ كَسُوقٍ أَوْ حَانُوتٍ) أَيْ بِمَحَلِّ كَذَا وَالْحَالُ أَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَكُنْ جَالِسًا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَخَذَ مَالًا إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ قَوْلِهِ أَوْ لَا تَشْتَرِ إلَى بَلَدِ كَذَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي حَتَّى يَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا فَإِذَا بَلَغَهُ اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي الشِّرَاءِ قَبْلَ وُصُولِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ وُصُولِهِ، وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوُصُولِ لِلْبَلَدِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَأَيْضًا فِي هَذِهِ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِبَلَدِ كَذَا فَيَشْتَرِيَ مِنْهُ ثُمَّ يَعُودَ فَيَبِيعَهُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فَحَجَرَ عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ الشِّرَاءِ وَفِي مَحَلِّ التَّجْرِ وَالسَّابِقَةُ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ التَّجْرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالنَّشْرِ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ الْخَفِيفَيْنِ) أَيْ. وَأَمَّا غَيْرُ الْخَفِيفِ وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَالِ فَلَهُ أَجْرُهُ إذَا عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ عَمِلَ لِيَرْجِعَ بِأَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عِنْدَ سُكُوتِ رَبِّ الْمَالِ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَهُ رَبُّ الْمَالِ وَقَالَ بَلْ عَمِلْتَ ذَلِكَ تَبَرُّعًا مِنْك فَلَهُ الْأُجْرَةُ بِيَمِينٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى مَعْرُوفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ وَقِيلَ بِلَا يَمِينٍ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إنْ اسْتَأْجَرَ) أَيْ وَمِثْلُ النَّشْرِ وَالطَّيِّ النَّقْلُ الْخَفِيفُ فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ فَمِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) ذَكَرَهُ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ سَابِقًا بِجُزْءٍ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تُفِيدُ الْعُمُومَ فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ النَّكِرَةُ لَا تُفِيدُ الْعُمُومَ أَتَى بِهِ هُنَا صَرَاحَةً (قَوْلُهُ عِلْمِهِ لَهُمَا) أَيْ لِلْجُزْءِ الْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَدِينَارٍ) بِأَنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ جَعَلْت لَك مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تَحْصُلُ رِبْحًا دِينَارًا أَوْ جَعَلْتُ لَك مِنْ كُلِّ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ مِائَةً (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ الْعَمَلِ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا يُتَوَهَّمُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فَكَأَنَّهُمَا ابْتَدَآ الْآنَ عَقْدًا (قَوْلُهُ الْمَعْلُومُ) أَيْ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ مِنْ جُزْءٍ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ بَعْضُ الرِّبْحِ وَالْجُزْءُ يُفْهَمُ مِنْهُ كُلُّهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْعَامِلِ) أَيْ وَلَا يُؤَدِّي اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَيْهِ إلَى الْقِرَاضِ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ مَعْلُومٌ، وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ الرِّبْحِ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَالَ لِلْعَامِلِ لَك مِنْ الرِّبْحِ نِصْفُهُ مَثَلًا إلَّا رُبْعَ عُشْرِ الرِّبْحِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ اشْتِرَاطِ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَى أَحَدِهِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَسَدِيَّةِ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ كَقُصُورِ الْمَالِ) يَعْنِي رَأْسَ الْمَالِ وَرِبْحِهِ عَنْ النِّصَابِ كَمَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَرِبْحُهُ خَمْسَةٌ بَيْنَهُمَا وَشَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ جُزْءَ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ رُبْعَ نِصْفٍ وَاحِدٍ فِي حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَ) أَيْ الرِّبْحُ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ تَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ كَانَ الْعَامِلُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِرِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ كُفْرٍ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) أَيْ وَالْمَعْنَى، وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ لَا لِلْقِرَاضِ فِي حَالِ كَوْنِ الزَّكَاةِ

(وَ) جَازَ (الرِّبْحُ) أَيْ جَعْلُهُ كُلِّهِ (لِأَحَدِهِمَا) رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلِ (أَوْ لِغَيْرِهِمَا) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قِرَاضًا حَقِيقَةً (وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ (فِي) اشْتِرَاطِ (الرِّبْحِ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ بِأَنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ وَلَك رِبْحُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْقَرْضِ انْتَقَلَ مِنْ الْأَمَانَةِ إلَى الذِّمَّةِ بِشَرْطَيْنِ (إنْ لَمْ يَنْفِهِ) الْعَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَسَكَتَ فَإِنْ نَفَاهُ بِأَنْ قَالَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ أَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْك لَمْ يَضْمَنْ (وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا) فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا وَالرِّبْحُ لَك فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ لَكِنَّهُ مَعَ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ يَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا. (وَ) جَازَ (شَرْطُهُ) أَيْ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ) أَوْ هُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فِي) الْمَالِ (الْكَثِيرِ) مَجَّانًا وَالْمُشْتَرِطُ هُنَا الْعَامِلُ وَمَا تَقَدَّمَ رَبُّ الْمَالِ فَلَا تَكْرَارَ. (وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (خَلْطُهُ) مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ) كَانَ الْخَلْطُ (بِمَالِهِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لِأَحَدِ الْمَالَيْنِ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ وَكَانَ الْخَلْطُ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ أَوْ بَعْدَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا وَتَعَيَّنَ لِمَصْلَحَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (وَهُوَ) أَيْ الْخَلْطُ (الصَّوَابُ إنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا رُخْصًا) فَيَجِبُ إنْ كَانَ الْمَالَانِ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ تَجِبْ لِمَانِعٍ لِكَوْنِهِ اشْتَرَطَ الزَّكَاةَ وَلَمْ تُوجَدْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَكَاةَ الرِّبْحِ إذَا اُشْتُرِطَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الرِّبْحِ لِمَانِعٍ فَإِنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ مِنْ الرِّبْحِ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِمُشْتَرِطِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْقِرَاضِ لِكَوْنِهِ اشْتَرَطَ الزَّكَاةَ وَلَمْ تُوجَدْ لَا زَكَاةَ حِصَّةِ الْمُشْتَرِطِ فَقَطْ كَمَا تَوَهَّمَ. (قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَالِ وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ كُلُّهُ لِي أَوْ لَك أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ خَرَجَ) أَيْ وَحِينَ إذْ جَعَلَ الرِّبْحَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قِرَاضًا إلَى كَوْنِهِ هِبَةً وَإِطْلَاقُ الْقِرَاضِ عَلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ مَجَازٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ حَقِيقَةَ الْقِرَاضِ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ بِنَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسْلَمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يَكُونُ هِبَةً فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهَا فَإِذَا اشْتَرَطَ الرِّبْحُ بِغَيْرِهِمَا وَكَانَ مُعَيَّنًا قُضِيَ لَهُ بِهِ إنْ قَبِلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِطِ كَمَا فِي جُزْءِ الزَّكَاةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ بْن وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَجَبَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنْ اشْتَرَطَ لِمَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ فَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ إنَّهُ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ كَالْفُقَرَاءِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إنَّهُ يُقْضَى بِهِ كَالْفَقِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ اشْتَرَطَ لِلْعَامِلِ لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ رَبِّهِ أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ بِيَدِهِ فَكَانَ الرِّبْحُ هِبَةً مَقْبُوضَةً، وَإِنْ اشْتَرَطَ لِرَبِّهِ فَهَلْ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَامِلِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَائِزٌ لَهُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَهُ فِي الرِّبْحِ لَهُ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِي اشْتِرَاطِ الرِّبْحِ لِرَبِّهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ الْمَالِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ لِغَيْرِهِمَا اهـ. شب (قَوْلُهُ انْتَقَلَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ الْأَمَانَةِ لِلذِّمَّةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْفَعْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْفِ الْعَامِلُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ يَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا) وَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ عَمَلًا بِمَا شَرَطَاهُ أَوْ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ قِرَاضًا فَاسِدًا اُنْظُرْهُ اهـ. عبق (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَمَلِهِمَا مَعًا لِأَشْهَبَ وَقَوْلُهُ عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَالِ الْكَثِيرِ) قِيلَ هَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ لَا قَيْدٌ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وإنَّمَا هُوَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ اهـ. بْن وَعَلَى اعْتِبَارِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ مُعْتَبَرَتَانِ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ مَجَّانًا) أَيْ أَوْ بِجُزْءٍ لِلْغُلَامِ لَا لِسَيِّدِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ فَرْحُونٍ بِمَجَّانًا التَّابِعُ لَهُ الشَّارِحُ فِي التَّعْبِيرِ بِهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِجُزْءٍ لِرَبِّهِ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلِ غُلَامِ رَبِّهِ مَعَ الْعَامِلِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِطُ لِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِجُزْءٍ لِرَبِّهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا أَوْ بِجُزْءٍ لِلْغُلَامِ وَيُشْتَرَطُ شَرْطٌ ثَانٍ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبُّ الْمَالِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْغُلَامُ عَيْنًا يَطَّلِعُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْعَامِلُ فِي الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِهِ رَبَّهُ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَخَلَطَهُ) أَيْ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِمَالِهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) أَيْ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ وَالْمَخْلُوطُ بِهِ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ وَكَانَ الْخَلْطُ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا) قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا وَنَصَّ التَّوْضِيحُ عَلَى جَوَازِ خَلْطِهِ بِمِثْلِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ خَلْطِ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَرْطَيْنِ مِنْهُمَا غَيْرُ مُسَلَّمَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ الْخَلْطُ) أَيْ خَلْطُ مَالِ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ خَافَ) أَيْ الْعَامِلُ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الْبَيْعِ رُخْصًا فِي ثَمَنِ الثَّانِي أَيْ أَوْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الشِّرَاءِ غُلُوَّ الثَّمَنِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ فَيَجِبُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مَعْنَى الصَّوَابِ الْوُجُوبَ لَا النَّدْبَ، وَهُوَ أَحَدُ

وَيَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِ مَالِهِ رُخْصُ مَالِ الْقِرَاضِ لِوُجُوبِ تَنْمِيَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ رُخْصَ مَالِهِ لَمْ يَجِبْ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْمِيَةُ مَالِهِ وَمِثْلُ الرُّخْصِ أَيْ فِي الْبَيْعِ الْغَلَاءُ فِي الشِّرَاءِ وَقِيلَ مَعْنَى الصَّوَابِ النَّدْبُ وَعَلَى الْوُجُوبِ يَضْمَنُ الْخُسْرَ إذَا لَمْ يَخْلِطْ وَعَلَى النَّدْبِ لَا يَضْمَنُ (وَشَارَكَ) الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ (إنْ زَادَ) عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ مَالًا (مُؤَجَّلًا) فِي ذِمَّتِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِمَالِ الْقِرَاضِ وَبِمُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهِ لِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا زَادَهُ عَنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَيَخْتَصُّ بِرِبْحِ الزِّيَادَةِ وَخُسْرِهَا وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَتُقَوَّمُ بِسِلْعَةِ يَوْمِ الشِّرَاءِ ثُمَّ تُقَوَّمُ السِّلْعَةُ بِنَقْدٍ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً فَاشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَتَيْنِ مِائَةٌ هِيَ مَالُ الْقِرَاضِ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ فَتُقَوَّمُ الْمُؤَجَّلَةُ بِعَرَضٍ ثُمَّ الْعَرَضُ بِنَقْدٍ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ فَيَخْتَصُّ بِرِبْحِهِ وَخُسْرِهِ وَمَا بَقِيَ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ وَقَوْلُنَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ اشْتَرَى بِهِ لِلْقِرَاضِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ فِي قَبُولِهِ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهُ فَيَكُونُ كُلُّهُ قِرَاضًا وَعَدَمِ قَبُولِهِ فَيُشَارِكُ الْعَامِلَ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُ " مُؤَجَّلًا " أَنَّهُ لَوْ زَادَ حَالًا شَارَكَ بِعَدَدِهِ وَاخْتَصَّ بِرِبْحِهِ، وَهَذَا إنْ زَادَ بِالْحَالِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ زَادَ بِهِ لِلْقِرَاضِ فَرَبُّ الْمَالِ يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ وَعَدَمِهِ فَيُشَارِكُ بِالنِّصْفِ ثُمَّ حُكْمُ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا الْمَنْعُ (وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (سَفَرُهُ) بِمَالِ الْقِرَاضِ (إنْ لَمْ يَحْجُرْ) رَبُّ الْمَالِ (عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ حَجْرٌ قَبْلَ الشَّغْلِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ حَجْرٌ أَصْلًا أَوْ حَصَلَ بَعْدَ شَغْلِهِ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّفَرُ فَإِنْ سَافَرَ ضَمِنَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ مَنْعُهُ بَعْدَ الشَّغْلِ فَإِنْ مَنَعَهُ وَسَافَرَ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ. (وَ) جَازَ لِشَخْصٍ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ (ادْفَعْ لِي) مَالًا أَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا لَك (فَقَدْ وَجَدْتُ) شَيْئًا (رَخِيصًا أَشْتَرِيه) ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ أَوْ بَعْدَ شِرَائِهِ. . . إلَخْ وَتَقَدَّمَتْ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ السِّلْعَةَ وَلَا الْبَائِعَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا. (وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (بَيْعُهُ) سِلَعَ التِّجَارَةِ (بِعَرَضٍ) ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ إلَّا إذَا ظَنَّ كَسَادَهُ (وَ) جَازَ لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ مَا اشْتَرَاهُ (بِعَيْبٍ) قَدِيمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ النَّدْبُ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ نَاجِيٍّ وَالثَّانِي قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِ مَالِهِ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ الْغَلَاءُ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ كَأَنْ يَخَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الشِّرَاءِ الْغُلُوَّ فِي ثَمَنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ يَضْمَنُ) أَيْ الْعَامِلُ الْخُسْرَ إذَا خَافَ وَلَمْ يَخْلِطْ (قَوْلُهُ فَتُقَوَّمُ) أَيْ تِلْكَ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّلَةُ بِسِلْعَةٍ ثُمَّ تُقَوَّمُ تِلْكَ السِّلْعَةُ بِنَقْدٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ بِقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ وَلَوْ عَيْنًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي أَصْلَحَهَا عَلَيْهِ وَمُقَابِلُهُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ بِمَا زَادَتْهُ قِيمَةُ مَا اشْتَرَاهُ بِحَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ عَلَى الْحَالِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِرِبْحِهِ) أَيْ بِرِبْحِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ) أَيْ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ أَيْ فَلِلْعَامِلِ مِنْهُ الْجُزْءُ الْمَجْعُولُ لَهُ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ بِقِيمَةِ مَا زَادَ. وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَتُقَوَّمُ تِلْكَ السِّلْعَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِالْمِائَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ كَانَ شَرِيكًا بِالسُّدُسِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَشَارَكَ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا ظَاهِرُهُ كَانَ شِرَاؤُهُ بِالزَّائِدِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فِي قَبُولِهِ) أَيْ فِي قَبُولِهِ لِمَا زَادَهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ قَبُولِهِ) أَيْ وَعَدَمُ قَبُولِهِ لِمَا زَادَهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ) أَيْ وَيَكُونُ كُلُّهُ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ زَادَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَاشْتَرَى فِيهِمَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُهَا ثَلَاثَةٌ قَدْ عُلِمَتْ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الشَّغْلِ) أَيْ قَبْلَ شَغْلِ مَالِ الْقِرَاضِ بِشِرَائِهِ بِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا سِلَعًا (قَوْلُهُ أَيْ إنْ لَمْ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ شَغْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ يَحْجُرُ (قَوْلُهُ أَوْ حَصَلَ بَعْدَ شَغْلِهِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ مَنْعُهُ بَعْدَ الشَّغْلِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ شَأْنِهِ السَّفَرُ أَوْ لَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ لَا يُسَافِرُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بَعِيدًا وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِمَنْعِ السَّفَرِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَوْ سَمَّاهُمَا كَأَنْ قَالَ وَجَدْت السِّلْعَةَ كَذَا تُبَاعُ رَخِيصَةً مَعَ فُلَانٍ أَوْ سَمَّى أَحَدَهُمَا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا قَالَ عبق. وَانْظُرْ هَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةُ تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ أَوْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ إنْ عَيَّنَ الْبَائِعُ فَكَمَسْأَلَةِ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ فَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَيَّنَ السِّلْعَةَ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ بِعَرْضٍ) أَيْ، وَأَمَّا بَيْعُهُ سِلَعَ التِّجَارَةِ بِدَيْنٍ فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ) أَيْ وَالشَّرِيكُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالْعَرْضِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ الْقِرَاضَ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ بِنَقْدٍ إلَخْ أَنَّ الْعَامِلَ وَكِيلٌ مَخْصُوصٌ وَالْوَكِيلُ الْمَخْصُوصُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِالْعَرْضِ قُلْتُ: وَهُوَ إنْ كَانَ وَكِيلًا مَخْصُوصًا لَكِنْ جَازَ بَيْعُهُ بِالْعَرْضِ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِكَوْنِهِ شَرِيكًا (قَوْلُهُ وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ رَدُّهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَيْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَوْ أَبَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ رَدِّهِ وَأَرَادَ بَقَاءَهُ لِلْقِرَاضِ وَظَاهِرُهُ

(وَلِلْمَالِكِ قَبُولُهُ) أَيْ الْمَعِيبِ بِشَرْطَيْنِ (إنْ كَانَ) الْمَعِيبُ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ (وَالثَّمَنُ) أَيْ ثَمَنُ الْمَعِيبِ (عَيْنٌ) ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ لَوْ رَدَدْته لَنَضَّ الْمَالُ وَلِي أَخْذُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْمَعِيبِ عَرَضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَرْجُو رِبْحَهُ إذَا عَادَ إلَيْهِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالثَّمَنُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمَعِيبَ الْمَرْدُودَ عَيْنٌ. (وَ) جَازَ لِمَالِكٍ (مُقَارَضَةُ عَبْدِهِ وَ) مُقَارَضَةُ (أَجِيرِهِ) أَيْ أَجِيرٌ لِخِدْمَةٍ عِنْدَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ مَثَلًا بِكَذَا وَسَوَاءٌ بَقِيَ عَلَى خِدْمَتِهِ أَمْ لَا وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ (وَ) جَازَ لِمَالِكٍ (دَفْعُ مَالَيْنِ) لِعَامِلٍ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ (مَعًا) أَيْ فِي آنٍ وَاحِدٍ (أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ) فِي عَقْدَيْنِ وَدَفَعَ الثَّانِي (قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ) بِجُزْأَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (بِمُخْتَلِفَيْنِ) فِي جُزْءِ الرِّبْحِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ فِي هَذَا نِصْفُ الرِّبْحِ وَفِي الْآخَرِ ثُلُثُهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْمَالَيْنِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اتَّفَقَا فِي الْجُزْءِ أَوْ اخْتَلَفَا (إنْ شَرَطَا خَلْطًا) لِلْمَالَيْنِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ بِأَنْ سَكَتَا أَوْ شَرَطَا عَدَمَهُ مُنِعَ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَجَازَ فِي الْمُتَّفِقِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ أَيْضًا وَرُجِّحَ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ إنْ شَرَطَا إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهَا فَقَطْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الظَّرْفِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) دَفَعَ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ (شَغَلَهُ) أَيْ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُنِضَّ فَيَجُوزُ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الْخَلْطَ بِأَنْ شَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَا فَإِنْ شَرَطَاهُ مُنِعَ. وَلَوْ اتَّفَقَ الْجُزْءُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ خُسْرٌ فِي الثَّانِي فَيَجْبُرُهُ بِرِبْحِ الْأَوَّلِ (كَنَضُوضِ الْأَوَّلِ) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ أَيْ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ إذَا نَضَّ مَا بِيَدِ عَامِلِهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَالًا آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مَعَ الْأَوَّلِ بِشَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (إنْ سَاوَى) أَيْ نَضَّ الْأَوَّلُ مُسَاوِيًا لِأَصْلِهِ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَلَا خُسْرٍ وَالثَّانِي قَوْلُهُ (وَاتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا) بِأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ فِي الثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ شَرَطَا الْخَلْطَ أَوْ لَا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَضَّ بِرِبْحٍ قَدْ يُضِيعُ عَلَى الْعَامِلِ رِبْحَهُ، وَإِنْ خَسِرَ قَدْ يَجْبُرُ الثَّانِي خُسْرَ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الثَّانِي الْمَنْعُ إذَا اخْتَلَفَ الْجُزْءُ مَعَ نُضُوضِ الْأَوَّلِ مُسَاوِيًا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْخَلْطُ وَإِلَّا جَازَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ شَرَطَا خَلْطًا وَإِلَّا مُنِعَ مُطْلَقًا عَلَى الرَّاجِحِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا مَفْهُومَ لِهَذَا الشَّرْطِ الثَّانِي فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ حَذْفُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ قَلِيلًا وَالشِّرَاءُ فُرْصَةً اهـ. عبق (قَوْلُهُ وَلِلْمَالِكِ) أَيْ، وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ قَبُولُهُ أَيْ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُفَاصَلَةِ، وَأَمَّا لَوْ أَخَذَهُ لِيَبِيعَهُ لِلْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَعِيبُ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَنُ الْمَعِيبِ الْمَرْدُودِ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الْمَعِيبَ عَيْنٌ (قَوْلُهُ وَلِي أَخْذُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَضَّ الْمَالُ كَانَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُهُمْ عَقْدُ الْقِرَاضِ لَازِمٌ بَعْدَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ النُّضُوضِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ بَقِيَ إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْجَوَازُ عِنْدَهُ مُطْلَقٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ إذَا شَغَلَ الْقِرَاضُ الْأَجِيرَ عَنْ الْخِدْمَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِ الشَّغْلِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى عَمَلِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) قَالَ عج وَلَعَلَّ جَوَابَهُ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ نَاسِخٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَدَفَعَ مَالَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الصُّوَرِ عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ الْمَالَيْنِ إمَّا أَنْ يُدْفَعَا لِلْعَامِلِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْجُزْءَانِ الْمَجْعُولَانِ لِلْعَامِلِ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ لَا، فَفِي الْأَوَّلَيْنِ بِقِسْمَيْهِمَا يَجُوزُ إنْ شُرِطَ الْخَلْطُ وَإِلَّا مُنِعَ وَفِي الْأَخِيرِ بِقِسْمَيْهِ يَجُوزُ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْخَلْطُ وَإِلَّا مُنِعَ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُنِضَّ الْمَالُ الْأَوَّلُ. وَأَمَّا إنْ دَفَعَ الثَّانِي بَعْد مَا نَضَّ الْأَوَّلُ فَإِنْ نَضَّ مُسَاوِيًا لِرَأْسِ مَالِهِ وَاتَّفَقَ جُزْءَاهُمَا جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا لِلْمَالَيْنِ قَبْلَ الْعَمَلِ) إنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجُزْءِ يَرْجِعُ لِجُزْءٍ مَعْلُومٍ، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مِائَتَيْنِ مِائَةً عَلَى الثُّلُثِ لِلْعَامِلِ وَمِائَةً عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا فَحِسَابُهُ أَنْ تَنْظُرَ لِأَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ ثُلُثٌ وَنِصْفٌ صَحِيحٌ تَجِدُ ذَلِكَ سِتَّةً وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْعَامِلِ مِنْ رِبْحِ إحْدَى الْمِائَتَيْنِ الثُّلُثَ وَمِنْ رِبْحِ الْمِائَةِ الْأُخْرَى النِّصْفَ فَخُذْ لَهُ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَهَا وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَلِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ رِبْحِ مِائَةٍ وَثُلُثَا رِبْحِ الْمِائَةِ الْأُخْرَى فَخُذْ لَهُ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَيْهَا وَذَلِكَ سَبْعَةٌ اجْمَعْهَا مَعَ الْخَمْسَةِ الَّتِي صَحَّتْ لِلْعَامِلِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ اثْنَا عَشَرَ، اقْسِمْ الرِّبْحَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا لِلْعَامِلِ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ وَذَلِكَ رُبْعُ الرِّبْحِ وَسُدُسُهُ وَلِرَبِّ الْمَالِ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَرُبْعُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الرُّبْعَيْنِ وَالثُّلُثَ وَالسُّدُسَ مَجْمُوعُ الرِّبْحِ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْجَوَازُ فِي الْمُتَّفِقِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَاهُ) أَيْ أَوْ حَصَلَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ مُسَاوِيًا لِأَصْلِهِ) أَيْ لِرَأْسِ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا نَضَّ الْأَوَّلُ بِرِبْحٍ أَوْ خُسْرٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَضِيعُ عَلَى الْعَامِلِ رِبْحُهُ) أَيْ بِأَنْ يُجْبَرَ بِهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَدْ يُجْبَرُ الثَّانِي خُسْرَ الْأَوَّلِ) أَيْ فَهُوَ فِي الْحَالَتَيْنِ كَاشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إذَا نَضَّ الْأَوَّلُ بِمُسَاوٍ جَازَ الدَّفْعُ مُطْلَقًا اتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ إنْ شَرَطَا الْخَلْطَ وَإِلَّا مُنِعَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ

(وَ) جَازَ (اشْتِرَاءُ رَبِّهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَامِلِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (إنْ صَحَّ) الْقَصْدُ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كَمَا يَشْتَرِي مِنْ النَّاسِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ (وَ) جَازَ (اشْتِرَاطُهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ (أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ) لَا (يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ) يُسَافِرَ (بِبَحْرٍ أَوْ) لَا (يَبْتَاعَ سِلْعَةً) عَيَّنَهَا لَهُ (وَضَمِنَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (إنْ خَالَفَ) غَيْرَ الْخُسْرِ إلَّا الرَّابِعَةَ فَيَضْمَنُ فِيهَا حَتَّى الْخُسْرِ (كَأَنْ زَرَعَ) الْعَامِلُ (أَوْ سَاقَى) أَيْ عَمِلَ بِالْمَالِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ مُسَاقَاةً (بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوْرًا لِغَيْرِهِ (أَوْ حَرَّكَهُ) الْعَامِلُ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ رَبِّهِ وَعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ حَالَ كَوْنِ الْمَالِ (عَيْنًا) فَيَضْمَنُ لَا إنْ حَرَّكَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَخَسِرَ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ (أَوْ شَارَكَ) الْعَامِلُ غَيْرَهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ بِلَا إذْنٍ فَيَضْمَنُ (وَإِنْ) شَارَكَ (عَامِلًا) آخَرَ لِرَبِّ الْقِرَاضِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ أَوْ قَارَضَ) أَيْ دَفَعَهُ لِعَامِلٍ آخَرَ قِرَاضًا (بِلَا إذْنٍ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ إلَّا أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْأُولَى مِنْ الْوَرَثَةِ (وَغَرِمَ) الْعَامِلُ الْأَوَّلُ (لِلْعَامِلِ الثَّانِي) الزَّائِدَ (إنْ دَخَلَ) أَيْ عَقَدَ مَعَهُ (عَلَى أَكْثَرَ) مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى الْأَقَلِّ فَالزَّائِدُ لِرَبِّ الْمَالِ (كَخُسْرِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَى مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا) أَيْ مَحَلًّا مُنْخَفِضًا كَتُرْعَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَبْتَاعَ سِلْعَةً عَيَّنَهَا لَهُ) أَيْ لِقِلَّةِ رِبْحِهَا أَوْ لِوَضِيعَةٍ أَيْ خُسْرٍ فِيهَا. (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ) أَيْ وَكَانَ يُمْكِنُ الْمَشْيُ بِغَيْرِ الْوَادِي وَالْمَشْيُ بِالنَّهَارِ وَالسَّفَرُ بِغَيْرِ الْبَحْرِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْخُسْرِ) أَيْ كَالنَّهْبِ وَالْغَرَقِ وَالسَّمَاوِيِّ زَمَنَ الْمُخَالَفَةِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ وَالنَّهْبَ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْخُسْرَ، وَهَذَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهَا السَّمَاوِيَّ وَالْخُسْرَ، وَإِذَا تَنَازَعَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ فِي أَنَّ التَّلَفَ وَقَعَ زَمَنَ الْمُخَالَفَةِ أَوْ بَعْدَهَا صُدِّقَ الْعَامِلُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ زَمَنِهَا كَمَا فِي ح عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ كَأَنْ زَرَعَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَى بِالْمَالِ طَعَامًا وَآلَةً لِلْحَرْثِ أَوْ اكْتَرَى آلَةً وَآجَرَ أَوْ زَرَعَ بِمَحَلِّ جَوْرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَوْ عَمِلَ بِالْمَالِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ مُسَاقَاةً بِمَحَلِّ جَوْرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِيهِ وَلَا جَاهَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْمَالِ إذَا تَلِفَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ بِنَهْبٍ أَوْ سَارِقٍ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِلْعَامِلِ حُرْمَةٌ وَجَاهٌ وَنُهِبَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ أَوْ سُرِقَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ جَوْرًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَيْنًا) حَالٌ مِنْ الْهَاءِ فِي حَرَّكَهُ أَيْ أَوْ حَرَّكَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ حَالَةَ كَوْنِهِ عَيْنًا بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ حَرَّكَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالتَّحْرِيكِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِ رَبِّهِ سَوَاءٌ حَرَّكَهُ بِبَلَدِ رَبِّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ الضَّمَانَ بِالْأَوَّلِ،، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَلَهُ تَحْرِيكُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ السَّفَرَ عَمَلٌ كَشَغْلِ الْمَالِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْمُصَنِّفُ تَقْيِيدَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَهْرَامَ اعْتِمَادُ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ لَهُ فِي الْأُولَى. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً وَقِيلَ يَضْمَنُ لِخَطَئِهِ عَلَى مَالِ الْوَارِثِ وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ) أَيْ مَالُ الْقِرَاضِ غَيْرَ عَيْنٍ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِتَحْرِيكِهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَمَا أَنْ مُوَرِّثَهُمْ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ شَارَكَ الْعَامِلُ غَيْرَهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ بِلَا إذْنٍ فَيَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَسْتَأْمِنْ غَيْرَهُ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ إذَا شَارَكَ بِلَا إذْنٍ إذَا غَابَ شَرِيكُ الْعَامِلِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّرِيكُ صَاحِبَ مَالٍ أَوْ كَانَ عَامِلًا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَضْمَنْ إذَا تَلِفَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ شَارَكَ عَامِلًا آخَرَ) أَيْ هَذَا إذَا شَارَكَ عَامِلُ الْقِرَاضِ صَاحِبَ مَالٍ آخَرَ بَلْ، وَإِنْ شَارَكَ عَامِلًا آخَرَ لِرَبِّ الْقِرَاضِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ) أَيْ بِنَسِيئَةٍ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلضَّيَاعِ فَالرِّبْحُ لَهُمَا وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. خش. (قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا إلَى هُنَا وَلَا يَتَأَتَّى رُجُوعُهُ لِلزَّرْعِ وَالْمُسَاقَاةِ بِمَحَلِّ جَوْرٍ لَهُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَأْذَنُ فِي تَلَفِ مَالِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ يُقَالُ رَبُّ الْمَالِ قَدْ رَضِيَ بِالْمُخَاطَرَةِ فَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ لِعَدَمِ تَعَدِّيه وَلِذَا أَرْجَعَ هَذَا الْقَيْدَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابًا لِلزَّرْعِ وَالْمُسَاقَاةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَغَرِمَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ) حَاصِلُهُ أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا دَفَعَ الْمَالَ لِعَامِلٍ آخَرَ قِرَاضًا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ حَصَلَ تَلَفٌ أَوْ خُسْرٌ فَالضَّمَانُ مِنْ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ حَصَلَ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنَّمَا الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي وَرَبِّ الْمَالِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا ثُمَّ إنْ دَخَلَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي عَلَى مِثْلِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فَظَاهِرُهُ، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَغْرَمُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي الزِّيَادَةَ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ جُعْلٌ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَالْعَامِلُ الْأَوَّلُ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا رِبْحَ لَهُ، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَقَلَّ فَالزَّائِدُ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ رِبْحًا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْعَامِلِ الثَّانِي رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِذَلِكَ الثَّانِي شَيْءٌ أَصْلًا كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ

تَشْبِيهٌ فِي غُرْمِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ إذَا تَاجَرَ فِي الْمَالِ فَخَسِرَ ثُمَّ دَفَعَهُ لِآخَرَ يَعْمَلُ فِيهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ رَبِّهِ فَرَبِحَ فِيهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ ثَمَانِينَ فَخَسِرَ الْأَوَّلُ أَرْبَعِينَ ثُمَّ دَفَعَ الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةَ لِشَخْصٍ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى النِّصْفِ فِي الرِّبْحِ فَصَارَ مِائَةً فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْهُ ثَمَانِينَ رَأْسَ الْمَالِ وَعَشَرَةً رِبْحَهُ وَالْعَامِلُ عَشَرَةً رِبْحَهُ وَالْعَامِلُ عَشَرَةً ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى الْأَوَّلِ بِعِشْرِينَ تَمَامَ الثَّلَاثِينَ وَلَا رُجُوعَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خُسْرَهُ قَدْ جَبَرَ هَذَا إنْ حَصَلَ الْخُسْرُ بَعْدَ عَمَلِهِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ (قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ عَمَلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ ضَاعَتْ الْأَرْبَعُونَ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ قَبْلَ عَمَلِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ دَفْعِ الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي وَإِطْلَاقُ الْخُسْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْعَمَلِ مَجَازٌ فَالْمُرَادُ النَّقْصُ (وَالرِّبْحُ لَهُمَا) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِتَعَدِّيهِ وَعَدَمِ عَمَلِهِ وَشَبَّهَ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلَهُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ (كَكُلِّ آخِذِ مَالٍ لِلتَّنْمِيَةِ) لِرَبِّهِ غَيْرَ الْقِرَاضِ كَوَكِيلٍ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ وَمُبْضِعٍ مَعَهُ (فَتَعَدَّى) فَلَا رِبْحَ لَهُ بَلْ لِرَبِّ الْمَالِ كَأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهَا بِأَكْثَرَ فَالزَّائِدُ لِرَبِّهَا لَا لِلْوَكِيلِ وَكَأَنْ يُبْضِعَ مَعَهُ عَشَرَةً لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا عَبْدًا أَوْ طَعَامًا مَا مِنْ مَحَلِّ كَذَا فَاشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ فَالزَّائِدُ وَهُوَ الِاثْنَانِ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْمُشْتَرِي هَذَا مَعْنَاهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُشْكِلٌ إذْ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ مُتَعَدٍّ وَالتَّنْمِيَةُ هُنَا غَيْرُ لَازِمَةٍ إذْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلتَّنْمِيَةِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ كَمَا أَمَرَهُ فَاتَّجَرَ فِي الْعَشَرَةِ حَتَّى يَحْصُلَ فِيهَا رِبْحٌ أَوْ أَنَّ الْمُبْضِعَ مَعَهُ اشْتَرَى بِالْعَشَرَةِ سِلْعَةً غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِإِبْضَاعِهَا فَرَبِحَ فِيهَا فَالرِّبْحُ لِلْوَكِيلِ فِيهِمَا كَالْمُودِعِ يَتَّجِرُ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْغَاصِبِ وَالْوَصِيِّ وَالسَّارِقِ إذَا حَرَّكُوا الْمَالَ فَرَبِحُوا فَالرِّبْحُ لَهُمْ كَمَا أَنَّ الْخَسَارَةَ عَلَيْهِمْ (لَا إنْ نَهَاهُ) أَيْ لَا إنْ نَهَى رَبَّ الْمَالِ عَامِلُهُ (عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْعَمَلِ وَانْحَلَّ عَقْدُ الْقِرَاضِ حِينَئِذٍ فَإِنْ تَعَدَّى وَعَمِلَ فَالرِّبْحُ لَهُ فَقَطْ كَمَا أَنَّ الْخَسَارَةَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْعَامِلَ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ رِبْحٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي غُرْمِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ) أَيْ تَشْبِيهٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَغْرَمُ فِي الْمَحَلَّيْنِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَخَسِرَ) أَيْ أَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ ضَيَاعِ بَعْضِهِ أَوَنَقْصِهِ بِتَعَدٍّ فَلَا مَفْهُومَ لِلْخُسْرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ بْن مَحَلُّ غُرْمِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِيَّ مَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ أَوْ خُسْرِهِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَخَسِرَ الْأَوَّلُ) أَيْ أَوْ نَقَصَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ تَعَدٍّ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ النَّقْصُ) أَيْ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ نَقَصَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِضَيَاعٍ أَوْ تَعَدٍّ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ إذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ) أَيْ. وَأَمَّا التَّعَدِّي بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ الْبَيْعِ بِدَيْنٍ فَلَهُ الرِّبْحُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَالتَّلَفُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ كَكُلِّ آخِذِ مَالٍ لِلتَّنْمِيَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْمُشَبَّهِ لَا رِبْحَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ فِيهِ مُتَعَدٍّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ مَنْ فَعَلَ فِي شَيْءِ غَيْرِهِ مَا يَضُرُّ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّعَدِّي مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ. (قَوْلُهُ وَالتَّنْمِيَةُ هُنَا غَيْرُ لَازِمَةٍ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى اعْتِرَاضٍ ثَانٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُبْضَعِ مَعَهُ آخِذًا لِلْمَالِيِّ عَلَى وَجْهِ التَّنْمِيَةِ لَا يَظْهَرُ إذْ قَدْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ وَالْإِبْضَاعُ لِلتَّنْمِيَةِ وَقَدْ لَا يَكُونَانِ لِلتَّنْمِيَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّنْمِيَةِ مَا يَشْمَلُ فِعْلَ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ كَذَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالرِّبْحُ لِلْوَكِيلِ فِيهِمَا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ خُسْرٌ فَهُوَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا تَعَدَّى لَا رِبْحَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ تَعَدِّيهِ فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَمَرَ بِالْبَيْعِ بِهِ أَوْ كَانَ تَعَدِّيهِ بِالتَّجْرِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُبْضَعُ مَعَهُ لَا رِبْحَ لَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَدَّى بِالتَّجْرِ فِي الْمَالِ الَّذِي دُفِعَ لَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً كَذَا أَوْ كَانَ تَعَدِّيهِ بِاشْتِرَائِهِ السِّلْعَةَ بِأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ بِهِ فَلَا فَرْقَ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ التَّفْرِقَةِ قَدْ تَبِعَ فِيهِ تت، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ الْغَاصِبُ وَالْمُودِعُ وَالْوَصِيُّ إذَا حَرَّكُوا فَلَهُمْ الرِّبْحُ، وَعَلَيْهِمْ الْخُسْرُ وَالْمُبْضَعُ مَعَهُ وَالْوَكِيلُ إذَا خَالَفُوا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الرِّبْحِ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ إذَا شَارَكَ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَعَلَيْهِ الْخُسْرُ وَالرِّبْحُ لَهُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ، وَإِذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ فَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي مَعَ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ) لَا عَاطِفَةٌ لِمُقَدَّرٍ عَلَى مَحْذُوفٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَتَعَدَّى مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَالْأَصْلُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ لَا الرِّبْحُ لَهُمَا إنْ نَهَاهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفًا؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الرِّبْحَ لَهُمَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِهِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ لَهُمَا الْمَذْكُورَ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي، وَهَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ وَصُورَتُهُ أَعْطَى الْعَامِلَ مَالًا لِيَعْمَلَ فِيهِ قِرَاضًا ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ قَالَ لَهُ يَا فُلَانُ لَا تَعْمَلْ فَحِينَئِذٍ يَنْحَلُّ عَقْدُ الْقِرَاضِ وَيَصِيرُ الْمَالُ كَالْوَدِيعَةِ فَإِذَا عَمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ وَظَاهِرُهُ. وَلَوْ أَقَرَّ الْعَامِلُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْقِرَاضَ بَعْدَ مَا نَهَاهُ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى بَعْدَ مَا نَهَاهُ لِلْقِرَاضِ فَالرِّبْحُ لَهُمَا لِالْتِزَامِهِ لِرَبِّ الْمَالِ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ وَانْحَلَّ عَقْدُ الْقِرَاضِ حِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ

فَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ بَلْ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ إذْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ. وَأَمَّا الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُمَا لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي فَالضَّمِيرُ فِي نَهَاهُ لِلْعَامِلِ لَا بِقَيْدِ الثَّانِي وَلَا شَكَّ فِي إجْمَالِ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (أَوْ جَنَى كُلٌّ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ بَدَلَ أَوْ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْعَطْفِ أَيْ وَلَوْ جَنَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى بَعْضِ مَالِ الْقِرَاضِ (أَوْ أَخَذَ) أَحَدُهُمَا (شَيْئًا) مِنْهُ قَرْضًا (فَكَأَجْنَبِيٍّ) فَيُتْبَعُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ بِالرِّبْحِ وَرَأْسُ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ الْجِنَايَةِ وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ رَبَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْجَانِي فَقَدْ رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَا رِبْحَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الْأَخْذِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ) أَيْ الْعَامِلِ (مِنْ رَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَعْلِ رَأْسِ الْمَالِ عَرَضًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ رَجَعَ إلَى رَبِّهِ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْكَرَاهَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ. وَأَمَّا اشْتِرَاؤُهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ (أَوْ) اشْتِرَاؤُهُ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ (بِنَسِيئَةٍ) أَيْ دَيْنٍ فَيُمْنَعُ (وَإِنْ أَذِنَ) رَبُّهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَالرِّبْحُ لَهُ وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَالِ إذْ لَا رِبْحَ لِمَنْ لَا يَضْمَنُ (أَوْ) اشْتِرَاؤُهُ لِلْقِرَاضِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ مَالِهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى ذِكْرِ انْحِلَالِ الْعَقْدِ فِي الْحَلِّ السَّابِقِ إذْ الْعَقْدُ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ إذْ عُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الثَّانِي) أَيْ بَلْ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَامِلٌ (قَوْلُهُ أَوْ جَنَى كُلٌّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَامِلَ وَرَبَّ الْمَالِ إذَا جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ قَرْضًا فَإِنَّ حُكْمَهُ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ الْجِنَايَةِ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ لِذَلِكَ الْبَاقِي. وَأَمَّا مَا ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بِالْأَخْذِ قَرْضًا فَيُتْبَعُ بِهِ الْجَانِي أَوْ الْآخِذُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ الْآخِذُ أَوْ الْجَانِي هُوَ الْعَامِلُ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْآخِذُ أَوْ الْجَانِي رَبَّ الْمَالِ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَارَضَ بِمَا بَقِيَ فَيَكُونُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ خَاصَّةً وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَدْخُولَ أَوْ عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَيْنِ قَوْلُهُ فَكَأَجْنَبِيٍّ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُمَا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي هَذَيْنِ لِإِخْرَاجِهِمَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُمَا مِمَّا الرِّبْحُ فِيهِ لَهُمَا مَعَ أَنَّ الرِّبْحَ فِي هَذَيْنِ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَكَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ فَيُتْبَعُ) أَيْ الْآخِذُ وَالْجَانِي بِمَا أَخَذَهُ وَمَا أَتْلَفَهُ بِجِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَجِنَايَةِ الْعَامِلِ أَوْ أَخْذِهِ بَعْضَهُ قَرْضًا (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ قَرْضًا أَوْ التَّالِفُ بِالْجِنَايَةِ بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَجْبُرُ الْخُسْرَ وَالتَّلَفَ. وَأَمَّا الْجِنَايَةُ وَالْأَخْذُ مِنْهُ قَرْضًا فَلَا يُجْبَرَانِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ يُتْبَعُ بِمَا جَنَى عَلَيْهِ وَالْآخِذُ قَرْضًا يُتْبَعُ بِمَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ إنَّمَا هُوَ لِرَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُعْقَلُ رِبْحٌ لِلْمَأْخُوذِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّكْ (قَوْلُهُ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ بِأَنَّ الْبَاقِيَ رَأْسُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الْأَخْذِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ فِي كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ بِالرِّبْحِ، وَيُتْبَعُ الْآخِذُ بِمَا أَخَذَهُ وَالْجَانِي بِمَا جَنَى عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ طفى. وَأَمَّا قَوْلُ خش وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ يَكُونُ الْبَاقِي رَأْسَ الْمَالِ. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُ إذَا حَصَلَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقْتَسِمَانِ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَا يَجْبُرُ رَأْسَ الْمَالِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ وَالْآخِذَ يُتْبَعُ بِمَا أَخَذَهُ وَبِمَا جَنَى عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ) أَيْ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ مِنْهُ سِلَعًا لِنَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْكَرَاهَةُ) أَيْ لِئَلَّا يُتَحَيَّلَ عَلَى الْقِرَاضِ بِعَرْضٍ لِرُجُوعِ رَأْسِ الْمَالِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتِرَاؤُهُ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ بِنَسِيئَةٍ) إنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ لِأَكْلِ رَبِّ الْمَالِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ بِالنَّسِيئَةِ لِنَفْسِهِ لَجَازَ لِلْخُلُوصِ مِنْ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ إنَّ الْمَنْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ غَيْرَ مُدِيرٍ، وَأَمَّا الْمُدِيرُ فَلَهُ الشِّرَاءُ لِلْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِكَوْنِ الدَّيْنِ الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ يَفِي مَالَ الْقِرَاضِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَذِنَ رَبُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ وَإِلَّا جَازَ وَلَا يُقَالُ إنَّ إتْلَافَ الْمَالِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ الْمَمْنُوعِ أَنْ يَرْمِيَهُ فِي بَحْرٍ أَوْ نَارٍ مَثَلًا بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ الْعَامِلُ وَاشْتَرَى بِنَسِيئَةٍ ضَمِنَ ذَلِكَ الْعَامِلُ مَا اشْتَرَاهُ بِالنَّسِيئَةِ وَكَانَ لَهُ رِبْحُهُ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا إذَا نَقَدَ وَأَكَلَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا لَمْ يَنْقُدْ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ شَرِيكًا) أَيْ إذَا لَمْ يَرْضَ رَبُّ الْمَالِ بِمَا فَعَلَهُ أَمَّا لَوْ رَضِيَ بِهِ دَفَعَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ وَعَدَدَ الْحَالِّ وَصَارَ الْكُلُّ رَأْسَ الْمَالِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ مَا زَادَ أَيْ إذَا كَانَ

مَا زَادَ أَوْ بِعَدَدِهِ فِي النَّقْدِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الرَّاجِحِ (وَلَا) يَجُوزُ (أَخْذُهُ) أَيْ الْعَامِلِ قِرَاضًا آخَرَ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ رَبِّ الْمَالِ (إنْ كَانَ) الثَّانِي (يَشْغَلُهُ) أَيْ الْعَامِلُ (عَنْ الْأَوَّلِ) وَإِلَّا جَازَ وَمَفْهُومُ مِنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ مِنْهُ، وَإِنْ شَغَلَهُ عَنْ الْأَوَّلِ. (وَ) لَا يَجُوزُ (بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً) مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْعَامِلِ فَإِنْ بَاعَ فَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُحَرِّكُهُ وَيُنَمِّيه وَلَهُ حَقٌّ فِيمَا يَرْجُوهُ مِنْ الرِّبْحِ (وَجُبِرَ خُسْرُهُ) جُبِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَخُسْرُهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الرِّبْحِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِهِ يَعْنِي أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ يُجْبَرُ خُسْرُهُ إنْ كَانَ حَصَلَ فِيهِ خُسْرٌ. (وَ) يُجْبَرُ أَيْضًا (مَا تَلِفَ) مِنْهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَخَذَ لِصٌّ أَوْ عَشَّارٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلْحَاقًا لِأَخْذِهِمَا بِالسَّمَاوِيِّ لَا بِالْجِنَايَةِ وَمَعْنَى جَبْرُ الْمَالِ بِالرِّبْحِ الَّذِي فِي الْبَاقِي أَنَّهُ يُكْمَلُ مِنْهُ أَصْلُ الْمَالِ ثُمَّ إنْ زَادَ شَيْءٌ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شُرِطَ، هَذَا إنْ حَصَلَ التَّلَفُ بَعْدَ الْعَمَلِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ تَلَفُ بَعْضِهِ (قَبْلَ عَمَلِهِ) فِي الْمَالِ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلتَّلَفِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَكُونُ قَبْلُ تَارَةً وَبَعْدُ أُخْرَى (إلَّا أَنْ يَقْبِضَ) الْمَالَ أَيْ يَقْبِضَهُ رَبُّهُ مِنْ الْعَامِلِ أَيْ ثُمَّ يُعِيدَهُ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَبْرَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ فَأَتَاهُ رَبُّهُ بَدَلَهُ فَرَبِحَ الثَّانِي فَلَا يَجْبُرُ رِبْحُهُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قِرَاضٌ ثَانٍ (وَلَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ التَّالِفِ بِيَدِ الْعَامِلِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (الْخَلَفُ) لِمَا تَلِفَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْخَلَفُ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ قَبُولُهُ، وَأَمَّا إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ بَعْدَ الْعَمَلِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ. (وَ) إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً لِلْقِرَاضِ فَذَهَبَ لِيَأْتِيَ لِبَائِعِهَا بِثَمَنِهَا فَوَجَدَ الْمَالَ قَدْ ضَاعَ وَأَبَى رَبُّهُ مِنْ خَلَفِهِ (لَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ) الَّتِي اشْتَرَاهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَرِبْحُهَا لَهُ وَخُسْرُهَا عَلَيْهِ (وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَامِلُ) بِأَنْ أَخَذَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الْأَكْثَرُ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ ذَلِكَ أَيْ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ أَوْ عَدَدِهِ لِمَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ) إنَّمَا مُنِعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ جَوَازُهُ مِنْهُ) أَيْ وَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ دَفْعِ الْمَالَيْنِ لَهُ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ أَيْضًا مَا تَلِفَ إلَخْ) التَّلَفُ هُوَ النَّقْصُ الْحَاصِلُ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ. وَأَمَّا الْخُسْرُ فَهُوَ مَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَبْرِ الْخُسْرِ وَالتَّلَفِ بِالرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ الْفَاسِدِ الَّذِي فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ. وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ جَبْرٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ وَرِبْحَهُ كُلَّهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخُسْرَ وَالتَّلَفَ يُجْبَرَانِ بِالرِّبْحِ. وَلَوْ شَرَطَا خِلَافَهُ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَاقِي بَعْدَ الْخُسْرِ أَوْ التَّلَفِ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى بَهْرَامُ مُقَابِلَهُ عَنْ جَمْعٍ فَقَالُوا: مَحَلُّ الْجَبْرِ مَا لَمْ يَشْتَرِطَا خِلَافَهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، قَالَ بَهْرَامُ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إعْمَالُ الشُّرُوطِ لِخَبَرِ: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» مَا لَمْ يُعَارِضْهُ نَصٌّ (قَوْلُهُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ بِجِنَايَةٍ فَلَا يَجْبُرُهُ الرِّبْحُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُتْبَعُ بِهِ الْجَانِي سَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا أَوْ كَانَ هُوَ الْعَامِلُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَخْذِ لِصٍّ أَوْ عَشَّارٍ) أَيْ. وَلَوْ عَلِمَا وَقَدَرَ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْهُمَا كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ الَّذِي فِي الْبَاقِي) أَيْ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ التَّلَفِ أَوْ الْخُسْرِ (قَوْلُهُ لِلتَّلَفِ فَقَطْ) أَيْ لَا لَهُ وَلِلْخُسْرِ؛ لِأَنَّ الْخُسْرَ إنَّمَا يَنْشَأُ بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ) أَيْ بَعْدَ الْخُسْرِ أَوْ التَّلَفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ لَهُ) أَيْ فَيَتَّجِرَ فِيهِ فَيَحْصُلَ رِبْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ لَا يُجْبَرَ الْخُسْرُ أَوْ التَّلَفُ الْحَاصِلُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَالِ بِالرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ وَلَهُ الْخَلَفُ) أَيْ وَلَهُ عَدَمُ الْخَلَفِ لِلْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِذَا أَخْلَفَ التَّالِفُ فَفِي لُزُومِ قَبُولِ الْعَمَلِ لِذَلِكَ الْخَلَفِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْخَلَفُ تَلِفَ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ أَخْلَفَ لَزِمَ الْعَامِلَ الْقَبُولُ فِي تَلَفِ الْبَعْضِ لَا الْكُلِّ إنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْخَلَفُ) أَيْ وَلَا يُجْبَرُ التَّالِفُ بِرِبْحِ الْخَلَفِ سَوَاءٌ كَانَ التَّالِفُ كُلَّ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ التُّونُسِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْبَعْضُ وَأَخْلَفَهُ رَبُّهُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ تَلَفُ الْأَوَّلِ بِرِبْحِ الثَّانِي وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ دَفَعَ لِلْعَامِلِ مِائَةً فَضَاعَ مِنْهَا خَمْسُونَ فَخَلَفَهَا صَاحِبُ الْمَالِ فَاشْتَرَى بِالْمِائَةِ سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَكَانَ الْقِرَاضُ بِالنِّصْفِ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَ السِّلْعَةِ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَرَأْسُ مَالِهِ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ وَنِصْفُهَا عَلَى الْقِرَاضِ الثَّانِي وَرَأْسُ مَالِهِ خَمْسُونَ وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِهَا وَلَا يُجْبَرُ الْأَوَّلُ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ الثَّانِي اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) أَيْ قَبْلَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ) أَيْ فَلَهُ رِبْحُهَا وَعَلَيْهِ خُسْرُهَا وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْقِرَاضِ أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُ

مَالًا قِرَاضًا (فَالرِّبْحُ كَالْعَمَلِ) أَيْ يُنِضُّ الرِّبْحُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَيْهِمْ عَلَى الْعَمَلِ كَشُرَكَاءِ الْأَبَدَانِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ وَيَخْتَلِفَا فِي الرِّبْحِ وَبِالْعَكْسِ (وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ أَيْ جَازَ لَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى نَفْسِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ بِشُرُوطٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ سَافَرَ) أَيْ شَرَعَ فِي السَّفَر أَوْ احْتَاجَ لِمَا يَشْرَعُ بِهِ فِيهِ لِتَنْمِيَةِ الْمَال وَلَوْ دُون مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَرُكُوبٍ وَمَسْكَنٍ وَحَمَّامٍ وَحِجَامَةٍ وَغُسْلٍ وَثَوْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ حَتَّى يَعُودَ لِوَطَنِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْحَضَرِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ فَإِنْ بَنِي سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحَاضِرِ فَإِنْ بَنِي بِهَا فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَافَرَ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَاحْتَمَلَ الْمَالَ) الْإِنْفَاقَ بِأَنْ يَكُونَ كَثِيرًا عُرْفًا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْيَسِيرِ كَالْأَرْبَعِينَ، وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (لِغَيْرِ أَهْلِ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ) فَإِنْ سَافَرَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا لَا الْأَقَارِبُ فَهُمْ كَالْأَجَانِبِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالسَّفَرِ لَهُمْ صِلَةَ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ كَالْحَجِّ، ثُمَّ إنْ سَافَرَ لِقُرْبَةِ كَالْحَجِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ حَتَّى فِي رُجُوعِهِ بِخِلَافِ مِنْ سَافَرَ لِأَهْلِهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ لَهُ بِهَا أَهْلٌ (بِالْمَعْرُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِ أَنْفَقَ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ مَا يُنَاسِبُ (فِي الْمَالِ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْإِنْفَاقِ بِالْمَعْرُوفِ كَائِنًا فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَذَا لَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ بِالزَّائِدِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ وَاحْتَمَلَ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلْمَالِ آفَةٌ (وَاسْتَخْدَمَ) الْعَامِلُ أَيْ اتَّخَذَ لَهُ خَادِمًا مِنْ الْمَالِ فِي حَالِ سَفَرِهِ (إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ كَانَ أَهْلًا لَأَنْ يُخْدَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو الْحَسَنِ بِالثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا تَلْزَمُهُ وَكَلَامُ الطَّنْجِيِّ فِي طُرَرِ التَّهْذِيبِ يَقْتَضِي عَدَمَ ارْتِضَاءِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إبْقَاءُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ مَالًا قِرَاضًا) أَيْ وَجُعِلَ لَهُمَا نِصْفُ الرِّبْحِ فَالرِّبْحُ الَّذِي لَهُمَا يُفَضُّ عَلَيْهِمَا عَلَى حَسَبِ عَمَلِهِمَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْعَمَلِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ اثْنَانِ مَالًا وَاحِدًا وَجُعِلَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ الرِّبْحِ وَلِلْآخِرِ ثُلُثُهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ قَدْرَ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً (قَوْلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ) فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَضَعَ الْمَالَ عِنْدَهُ فَإِنْ وَضَعَهُ رَبُّهُ عِنْدَهُمَا رُدَّ أَمْرُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِرَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا. (قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ إنْ سَافَرَ) أَيْ فِي زَمَنِ سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ وَفِي حَالِ رُجُوعِهِ حَتَّى يَصِلَ لِوَطَنِهِ (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ (قَوْلُهُ مِنْ طَعَامٍ) مِنْ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقٌ بِ أَنْفَقَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ) أَيْ الْعَمَلُ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا) كَمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ يُنْفِقُ مِنْهَا فَعَطَّلَهَا لِأَجْلِ عَمَلِ الْقِرَاضِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ) أَيْ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الدُّخُولُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا، قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ إنْ تَزَوَّجَ فِي بَلَدٍ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَدْخُلَ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ بَلَدَهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالدَّعْوَى لِلدُّخُولِ لَيْسَتْ مِثْلَهُ فِي إسْقَاطِ النَّفَقَةِ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَنَى سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ) أَيْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعُودُ لَهُ النَّفَقَةُ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ لَا لِلزَّوْجَةِ، كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ تَبَعًا، لشب (قَوْلُهُ فَإِنْ بَنَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَافَرَ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ كَمَا لَوْ سَافَرَ بِهَا فَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْيَسِيرِ) فَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْعَامِلِ مَالَانِ يَسِيرَانِ لِرَجُلَيْنِ وَيَحْمِلَانِ بِاجْتِمَاعِهِمَا النَّفَقَةَ وَلَا يَحْمِلَانِهَا عِنْدَ انْفِرَادِهِمَا فَرَوَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ وَالْقِيَاسُ سُقُوطُهَا لِحُجَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ النَّفَقَةُ اهـ. ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَعْرِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ أَجِدْهَا فِي النَّوَادِرِ، وَهِيَ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ جَنَى جِنَايَةً عَلَى رَجُلَيْنِ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا تَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَفِي مَجْمُوعِهِمَا مَا يَبْلُغُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَهْلٍ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ سَفَرُهُ لِأَجْلِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِأَجْلِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي حَالِ ذَهَابِهِ وَلَا فِي حَالِ إقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا مُطْلَقًا. وَأَمَّا فِي حَالِ رُجُوعِهِ فَإِنْ رَجَعَ مِنْ قُرْبَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا لَيْسَ بِهَا قُرْبَةٌ. وَأَمَّا إنْ رَجَعَ مِنْ عِنْدِ أَهْلٍ لِبَلَدٍ لَيْسَ بِهَا أَهْلٌ فَلَهُ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ سَفَرَ الْقُرْبَةِ وَالرُّجُوعَ مِنْهُ لِلَّهِ وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ (قَوْلُهُ الْمَدْخُولُ بِهَا) أَيْ قَدِيمًا. وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمَةُ فَقَدْ بَنَى بِهَا حَالَ سَفَرِهِ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ كَالْأَجَانِبِ) يَعْنِي وُجُودَهُمْ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ) فَلَوْ أَنْفَقَ سَرَفًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن

بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ إنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ وَاحْتَمَلَ الْمَالَ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ خَادِمِهِ عَلَيْهِ كَنَفَقَةٍ (لَا دَوَاءٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أُنْفِقَ فِي أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا لَا فِي دَوَاءٍ لِمَرَضٍ، وَلَيْسَ مِنْ الدَّوَاءِ الْحِجَامَةُ وَالْحَمَّامُ وَحَلْقُ الرَّأْسِ بَلْ مِنْ النَّفَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَاكْتَسَى إنْ بَعُدَ) أَيْ إنْ طَالَ سَفَرُهُ حَتَّى اُمْتُهِنَ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ الَّتِي أَقَامَ بِهَا غَيْرَ بَعِيدَةٍ فَالْمَدَارُ عَلَى الطُّولِ بِبَلَدِ التَّجْرِ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ وَقَوْلُهُ إنْ بَعُدَ أَيْ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ (وَوُزِّعَ) الْإِنْفَاقُ (إنْ خَرَجَ) الْعَامِلُ (لِحَاجَةٍ) غَيْرِ الْأَهْلِ وَالْقُرْبَةِ كَالْحَجِّ مَعَ خُرُوجِهِ لِلْقِرَاضِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْقِرَاضِ فَإِذَا كَانَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَاجَتِهِ مِائَةً وَمَا يُنْفِقُهُ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ مِائَةً فَأَنْفَقَ مِائَةً كَانَتْ الْمِائَةُ مُوَزَّعَةً نِصْفُهَا عَلَيْهِ وَنِصْفُهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. وَلَوْ كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي اشْتِغَالِهِ بِالْقِرَاضِ مِائَتَانِ وُزِّعَ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَقِيلَ الْمَعْنَى إنَّهُ إنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ لِلْحَاجَةِ مِائَةً وَمَالُ الْقِرَاضِ فِي ذَاتِهِ مِائَةً كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى النِّصْفِ هَذَا إنْ أَخَذَ الْقِرَاضَ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ أَوْ التَّزَوُّدِ لِلْحَاجَةِ بَلْ (وَإِنْ) أَخَذَهُ مِنْ رَبِّهِ (بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ) لِلْخُرُوجِ لِحَاجَتِهِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ مِنْ الْقِرَاضِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاَلَّذِي خَرَجَ لِأَهْلِهِ قَالَ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ خِلَافُ نَصِّهَا (وَإِنْ اشْتَرَى) الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّهِ عَالِمًا) بِالْقَرَابَةِ كَالْبُنُوَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ بِالشِّرَاءِ لِتَعَدِّيهِ وَلَا يُحْتَاجُ لِحَكَمٍ (إنْ أَيْسَرَ) الْعَامِلُ وَيَغْرَمُ لِرَبِّهِ ثَمَنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِالشُّرُوطِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ فِي الِاسْتِخْدَامِ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بْن بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِدْمَةُ أَخَصُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَكُلُّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ شُرِطَ فِي الْأَخَصِّ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إنَّ عَدَمَ الْبِنَاءِ بِالزَّوْجَةِ وَكَوْنَهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَغَزْوٍ وَقُرْبَةٍ لَا يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِخْدَامِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ، وَهِيَ إنْ سَافَرَ) فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا يَسْتَخْدِمُ، وَإِنْ تَأَهَّلَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِنْفَاقِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ لِلتَّجْرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ) أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا فَإِنْ بَنَى بِزَوْجَةٍ بِهَا سَقَطَ أُجْرَةُ الْخَادِمِ مِنْ الْقِرَاضِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ وَكَانَ سَفَرُهُ لِلْمَالِ لَا لِأَهْلٍ أَوْ قُرْبَةٍ كَحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ فَإِنْ سَافَرَ لِغَيْرِ الْمَالِ كَانَتْ أُجْرَةُ الْخَادِمِ عَلَيْهِ لَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ وَاحْتَمَلَ الْمَالَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ لَمْ يَسْتَخْدِمْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ سَفَرُهُ) أَيْ بِالطَّرِيقِ أَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْبِضَاعَةِ كَالْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَسُقُوطِهِمَا فِيهَا ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَرِوَايَةِ أَشْهَبَ وَصَوَّبَ، وَهُوَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ الثَّانِيَ ثُمَّ قَالَ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْعَادَةُ الْيَوْمَ لَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ فِيهَا بَلْ إمَّا أَنْ يَعْمَلَ مُكَارَمَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهُ أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَالْمَدَارُ عَلَى الطُّولِ بِبَلَدِ التَّجْرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْمَدَارُ عَلَى طُولِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ فِي الْكِسْوَةِ مِنْ شُرُوطٍ خَمْسَةٍ: السَّفَرُ، وَطُولُ الْغَيْبَةِ، فِيهِ وَاحْتِمَالُ الْمَالِ لَهَا، وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ، وَكَوْنُ السَّفَرِ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ) أَيْ وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ طُولًا مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا احْتَاجَ لِلْكِسْوَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَسَكَتَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ اشْتِرَاطِهَا (قَوْلُهُ لِوُضُوحِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ أَخَصُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ وَوُزِّعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا سَافَرَ لِلْقِرَاضِ وَقَصَدَ مَعَهُ حَاجَةً لِنَفْسِهِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ وَوُزِّعَ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْقِرَاضِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ طَرِيقَتَيْنِ فِي التَّوْزِيعِ. وَحَاصِلُ الْأُولَى أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ يُوَزَّعُ عَلَى النَّفَقَتَيْنِ أَيْ عَلَى مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْقِرَاضِ وَعَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْحَاجَةِ، وَهَذَا مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعُوفِيُّ، وَحَاصِلُ الثَّانِيَةِ أَنَّ التَّوْزِيعَ يَكُونُ عَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْحَاجَةِ وَمَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ، وَهَذَا مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْقِرَاضَ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ وَالتَّزَوُّدِ كَانَ خُرُوجُهُ لِلْقِرَاضِ لَا لِلْحَاجَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَيْ إنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لَهَا (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَعْنِي مَا إذَا أَخَذَ مَالَ الْقِرَاضِ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِخُرُوجِهِ لِحَاجَتِهِ (قَوْلُهُ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ خِلَافُ نَصِّهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ تَعَقَّبَهُ عَلَيْهِ نَصَّهُ الصَّقَلِّيُّ فِيهَا لِمَالِكٍ إنْ خَرَجَ فِي حَاجَةٍ لِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَفُضَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ نَفَقَتِهِ وَمَبْلَغِ الْقِرَاضِ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَخَذَ قِرَاضًا وَكَانَ خَارِجًا لِحَاجَتِهِ فَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَنْ خَرَجَ إلَى أَهْلِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ مَعْرُوفَ الْمَذْهَبِ خِلَافَ نَصِّهَا اهـ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ عِتْقُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَا مَلَكَهُ (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ لِرَبِّهِ ثَمَنَهُ) أَيْ

مَا عَدَا رِبْحَهُ إنْ كَانَ لَهُ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً بَاعَهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَاشْتَرَى بِهَا ابْنُ رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا بِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَدَفَعَ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ إنْ كَانَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهَا لِلْعَامِلِ قِرَاضًا وَلَا الْعَامِلَ قَبُولُهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا (بِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِ ثَمَنِهِ) أَيْ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ. (وَ) قَدْرِ (رِبْحِهِ) أَيْ رِبْحِ رَبِّ الْمَالِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ شِرَاءِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ (وَعَتَقَ بَاقِيه) قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَالْوَلَاءُ لِرَبِّ الْمَالِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ. (وَ) إنْ اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ (غَيْرَ عَالَمٍ) بِالْقَرَابَةِ (فَعَلَى رَبِّهِ) يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لَا عَلَى الْعَامِلِ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ (وَ) عَلَى رَبِّهِ (لِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَالِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ لَا فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي الْمِثَالِ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ خَمْسِينَ نَظَرًا لِرِبْحِ الْعَبْدِ، وَهَذَا إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُوسِرًا وَإِلَّا بَقِيَ حَظُّ الْعَامِلِ رِقًّا لَهُ. (وَ) إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ) بِالْقَرَابَةِ كَبُنُوَّتِهِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَتَبِعَهُ رَبُّ الْمَالِ (بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَكْثَرِ الْمَذْكُورِ وَعِتْقُهُ عَلَى الْعَامِلِ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَغْرَمُ الْعَامِلُ لِرَبِّهِ ثَمَنَ الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ (قَوْلُهُ مَا عَدَا رِبْحِهِ) أَيْ رِبْحِ الْعَامِلِ الْكَائِنِ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ، وَهَذَا إذَا أُرِيدَ الْمُفَاصَلَةُ فَإِنْ أُرِيدَ إبْقَاءُ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْعَامِلَ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ ثَمَنَهُ كُلَّهُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ) أَيْ، وَأَمَّا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهُوَ هَدَرٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ ثَمَنَهُ بِتَمَامِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ مِائَةً يَعْمَلُ فِيهَا قِرَاضًا بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا ابْنَ رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا بِأَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا فَقَطْ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ (قَوْلُهُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ بَعْدَ الشِّرَاءِ هَدَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا الْعَامِلَ قَبُولُهَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ قَبُولُهَا لَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ لِيَعْمَلَ فِيهَا قِرَاضًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ وَرِبْحِهِ) هَذَا إذَا وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْ يَشْتَرِي كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحَظُّ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ بِيعَ كُلُّهُ فِي الْأَوَّلِ وَأَكْثَرُهُ فِي الثَّانِي وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِيهِ وَكَذَا رَبُّ الْمَالِ وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْبَحُ الشَّخْصُ فِيمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ حَيْثُ عَتَقَ وَأَخَذَ حَظَّهُ مِنْ الرِّبْحِ. وَأَمَّا إنْ بِيعَ كَمَا هُنَا فَيُرْجَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرِبْحُهُ قَبْلَهُ) أَيْ وَرِبْحُهُ الْحَاصِلُ قَبْلَهُ لَا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ هَدَرٌ فَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْقِرَاضِ مِائَةً فَاتَّجَرَ بِهَا الْعَامِلُ فَرَبِحَ مِائَةً وَاشْتَرَى بِالْمِائَتَيْنِ ابْنَ رَبِّ الْمَالِ وَكَانَ هَذَا الِابْنُ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ النِّصْفُ مِائَةُ رَأْسِ الْمَالِ وَخَمْسُونَ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيُعْتَقُ مِنْهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ خَمْسُونَ أَفْسَدَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِعَمَلِهِ وَالْمِائَةُ الرِّبْحُ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ هَدَرٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ رِبْحٌ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ رِبْحٌ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ مَا إذَا عَتَقَ كُلُّهُ لِكَوْنِ الْعَامِلِ مُوسِرًا وَمَا إذَا عَتَقَ بَعْضُهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا وَإِنَّمَا كَانَ الْوَلَاءُ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمَّا عَلِمَ بِالْقَرَابَةِ وَاشْتَرَاهُ صَارَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ عِتْقَهُ عَنْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ خَمْسِينَ نَظَرًا لِرِبْحِ الْعَبْدِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ لَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَقَطْ الَّتِي هِيَ حِصَّتُهُ مِنْ رِبْحِ الْمَالِ الْحَاصِلِ قَبْلَ شِرَاءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَقِيَ حَظُّ الْعَامِلِ رِقًّا لَهُ) أَيْ فَلَهُ بَيْعُهُ وَلَا تَقُومُ الْحِصَّةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ إذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ بِالْقَرَابَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ بِالْحُكْمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ أَجِيرًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نُظِرَ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا فَعِتْقُ الْعَبْدِ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ نُظِرَ لِكَوْنِهِ أَجِيرًا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الشِّرَاءِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا كَمَا فِي بْن فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ تَبِعَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ أَخَذَهُ لِيُنَمِّيَهُ لِصَاحِبِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِرِبْحِهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ تَبِعَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِقَرْضِهِ فِي قَرِيبِهِ (قَوْلُهُ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَكْثَرِ إلَخْ) فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً رَأْسَ مَالٍ فَرَبِحَ فِيهَا خَمْسِينَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَلَدَ نَفْسِهِ عَالِمًا بِأَنَّهُ وَلَدُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُسَاوِي مِائَةً يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ الثَّمَنَ، وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّمَنِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ قِيمَتَهُ، وَهِيَ الْمِائَتَانِ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي ثَمَنِهِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَا عَدَا حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فِيهِ وَهِيَ أَيْضًا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ) أَيْ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً بَاعَهَا

بَلْ (وَلَوْ) (لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ (فَضْلٌ) أَيْ رِبْحٌ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِهِ الْمَالَ تَعَلَّقَ لَهُ بِهِ حَقٌّ فَصَارَ شَرِيكًا (وَإِلَّا) يَعْلَمْ بِالْقَرَابَةِ (فَبِقِيمَتِهِ) يُعْتَقْ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ أَيْ مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْهَا فَلَا يَغْرَمُهَا فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً اشْتَرَى بِهَا قَرِيبَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْقَرَابَةِ وَكَانَتْ قِيمَته يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةً وَخَمْسِينَ غَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ حَيْثُ كَانَ الرِّبْحُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَمَحَلُّ عِتْقِهِ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ رَقِيقًا لِرَبِّ الْمَالِ بِخِلَافِ حَالَةِ الْعِلْمِ فَلَا يُرَاعَى فِيهَا الْفَضْلُ وَلِذَا أَخَّرَ حَالَةَ عَدَمِ الْعِلْمِ عَنْ الْمُبَالَغَةِ (إنْ أَيْسَرَ) الْعَامِلُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُوسِرًا فِيهِمَا (بِيعَ) مِنْهُ (بِمَا وَجَبَ) عَلَى الْعَامِلِ مِمَّا تَقَدَّمَ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَتَقَ الْبَاقِي وَاَلَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ حَالَ الْعِلْمِ وَالْقِيمَةُ فَقَطْ حَالَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ رِبْحِ الْعَامِلِ فِي الْحَالَيْنِ (وَإِنْ أَعْتَقَ) الْعَامِلُ عَبْدًا (مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ) أَيْ اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِلْعِتْقِ وَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَيْهِ وَ (غَرِمَ ثَمَنَهُ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ (وَرِبْحَهُ) أَيْ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ قَبْلَ الشِّرَاءِ. وَأَمَّا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ غُرْمَهُ. (وَ) إنْ اشْتَرَاهُ (لِلْقِرَاضِ) فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ غَرِمَ لِرَبِّهِ (قِيمَتَهُ يَوْمَئِذٍ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَاشْتَرَى الْعَبْدَ بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ إلَخْ) رَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى الْمُغِيرَةِ الْقَائِلِ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْمَالِ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا إلَّا إذَا حَصَلَ رِبْحٌ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ رِبْحٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْعَامِلُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ حَتَّى يَعْتِقْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِعِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ فَضْلٌ وَلَوْ عَلَّلَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ شُدِّدَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَلِأَنَّهُ بِسَبَبِ عِلْمِهِ كَأَنَّهُ تَسَلَّفَ الْمَالَ كَمَا لَبَن كَانَ أَنْسَبَ بِمَا يَأْتِي فِي السِّوَادَةِ الْآتِيَةِ مِنْ تَقْيِيدِ الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ يَعْتِقُ) أَيْ وَإِلَّا يَعْلَمْ بِقَرَابَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُقَابَلَةِ قِيمَتِهِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِرَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا عَدَا إلَخْ) خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ كَائِنَةً مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَتَيْنِ غَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسِينَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ) أَيْ إذَا كَانَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ زِيَادَةٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ حَصَلَ فِيهِ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ رَقِيقًا لِرَبِّ الْمَالِ) كَذَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ فَلَا شَرِكَةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ عِتْقٌ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ وَبِهَذَا التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً اشْتَرَى بِهَا قَرِيبَهُ إلَخْ فِيهِ تَسَامُحٌ وَالْأَوْلَى فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً بَاعَهَا بِمِائَةٍ وَعَشْرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِمَا قَرِيبَهُ إلَخْ وَإِلَّا كَانَ مُنَاقِضًا لِمَا فِي آخِرِ الْكَلَامِ مِنْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَاعَى إلَخْ) أَيْ بَلْ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ فَضْلٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ بِشِرَائِهِ عَالِمًا لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ) أَيْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا عَلِمَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْعَامِلُ مُوسِرًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ بِيعَ بِمَا وَجَبَ إلَخْ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ ثَمَنُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ زَادَ بِيعَ لَهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَتَبِعَ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ رِبْحِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً اتَّجَرَ فِيهَا فَرَبِحَتْ مِائَةً فَاشْتَرَى بِالْمِائَتَيْنِ قَرِيبَهُ وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِالْقَرَابَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ بِيعَ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي، وَهُوَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَتَبِعَ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ فِي ذِمَّتِهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ بِالْقَرَابَةِ لَمْ يَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُبَعْ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ خَمْسُونَ فِي حَالَةِ عِلْمِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ يَضْرِبَانِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ فَإِنْ نَظَرْت فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ لِكَوْنِ الْمَالِ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا كَانَتْ صُوَرُهُ ثَمَانِيَةً وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ يَوْمُ الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ لِلْعِتْقِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَعْتِقَهُ (قَوْلُهُ غَرِمَ ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ رَبِّ الْمَالِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِهِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ وَقَوْلُهُ وَرِبْحَهُ أَيْ رِبْحَ الثَّمَنِ أَيْ غَرِمَ حِصَّتَهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِ الثَّمَنِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَلَّفٌ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ غُرْمَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَرِبْحُهُ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ لَا لِلثَّمَنِ

يَوْمَ الْعِتْقِ وَقِيلَ يَوْمَ الشِّرَاءِ (إلَّا رِبْحَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا رِبْحُهُ، وَهِيَ أَصْوَبُ، وَأَمَّا نُسْخَةُ وَرِبْحُهُ بِالْإِثْبَاتِ فَخَطَأٌ أَيْ حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُهَا (فَإِنْ أَعْسَرَ) الْعَامِلُ فِي حَالَتَيْ شِرَائِهِ لِلْعِتْقِ وَالْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ (بِيعَ مِنْهُ بِمَا) يَجِبُ (لِرَبِّهِ) ، وَهُوَ الثَّمَنُ وَرِبْحُهُ فِي الْأُولَى وَقِيمَتُهُ فَقَطْ فِي الثَّانِيَةِ وَعَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ مَا بَقِيَ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ (وَإِنْ وَطِئَ) الْعَامِلُ (أَمَةً) مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ أَوْ الْقِرَاضِ (قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى) أَيْ فَرَبُّهَا، وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهَا لِلْعَامِلِ بِقِيمَتِهَا أَوْ يُبْقِيَهَا لِلْقِرَاضِ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقِيلَ بَلْ تُتْرَكُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُهُ وَسَوَاءٌ أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ لَكِنَّهُ إنْ أَعْسَرَ بِيعَتْ أَوْ بَعْضُهَا لِوَفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ ثَمَنٍ، وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ) حَمَلَتْ وَ (أَعْسَرَ) أَيْ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقَدْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَيُعَمَّمُ فِيمَا إذَا لَمْ نَحْمِلْ مِنْ وَجْهَيْنِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالشِّرَاءِ لِلْقِرَاضِ أَوْ الْوَطْءِ وَيَخُصُّ مَا إذَا حَمَلَتْ بِالشِّرَاءِ لِلْقِرَاضِ وَبِمَا إذَا أَعْسَرَ كَمَا ذَكَرَهُ (أَتْبَعَهُ) رَبُّ الْمَالِ إنْ شَاءَ بِدَلِيلِ مُقَابِلِهِ (بِهَا) أَيْ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَوْمَ الْحَمْلِ وَتُجْعَلُ فِي الْقِرَاضِ (وَبِحِصَّةِ) رَبِّهَا مِنْ قِيمَةِ (الْوَلَدِ) الْحُرِّ (أَوْ بَاعَ) مِنْهَا (لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ (بِقَدْرِ مَالِهِ) ، وَهُوَ جَمِيعُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ) هَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَوْمَ الشِّرَاءِ هَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ وتت وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ غَيْرُ وَاضِحٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ يَوْمَ عِتْقِهِ وَقِيمَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ إلَّا رِبْحَهُ) أَيْ رِبْحَ الْعَامِلِ أَيْ إلَّا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ حَتَّى فِي الْعَبْدِ فَإِنَّهَا تَحُطُّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يَغْرَمُهَا فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً فَاتَّجَرَ بِهَا فَرَبِحَتْ خَمْسِينَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْجَمِيعِ عَبْدًا لِلْقِرَاضِ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسِينَ، وَذَلِكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْعَامِلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي الْعَبْدِ، الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ حَتَّى فِي الْعَبْدِ، كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ، وَهِيَ أَصْوَبُ) الْأَوْلَى وَكِلَاهُمَا صَوَابٌ كَمَا قَالَ عبق إذْ لَا وَجْهَ لِأَصْوَبِيَّةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَخَطَأٌ) أَيْ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّ الْعَامِلَ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ الْكَائِنِ فِي الْعَبْدِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا يَغْرَمُهُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا حِصَّةَ الْعَامِلِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا رِبْحَهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الثَّمَنُ وَرِبْحُهُ) أَيْ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ رِبْحِهِ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ) أَيْ وَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي الْعَبْدِ رِبْحٌ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ وَبِيعَ كُلُّهُ (قَوْلُهُ مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ) أَيْ اشْتَرَاهَا بِمَالِ الْقِرَاضِ بِقَصْدِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهَا) أَيْ يَوْمَ الْوَطْءِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَامِلُ الْوَاطِئُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَاخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ قِيمَتَهَا، فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَالْقَوْلُ بِتَخْيِيرِ رَبِّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ حَالَةِ عَدَمِ الْحَمْلِ بَيْنَ إبْقَائِهَا لِلْقِرَاضِ أَوْ تَقْوِيمِهَا عَلَى الْعَامِلِ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ وَحَمَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ حَمَلَا كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَيْهِ وَكَذَا بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ وتت حَمَلُوا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ تُتْرَكُ لِلْعَامِلِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهِيَ حَالَةُ عَدَمِ الْحَمْلِ وَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ فِي اتِّبَاعِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ شَاسٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ، وَحَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فَقَالَ قَوَّمَ رَبُّهَا أَيْ تَبِعَهُ بِقِيمَتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ أَبْقَى أَيْ أَوْ أَبْقَاهَا لِلْوَاطِئِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ فَهِيَ تَبْقَى لِلْعَامِلِ فِي التَّخْيِيرَيْنِ وَالْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُهُ) لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِرَبِّهَا رَدُّهَا لِلْقِرَاضِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَطِئَ أَمَةً بَيْنَهُمَا فَلِغَيْرِ الْوَاطِئِ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ وَحَيْثُ صَحَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمُشْتَرَاةِ لِلشَّرِكَةِ أَنَّ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ فَاَلَّتِي لِلْقِرَاضِ مِثْلُهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ قِيمَةٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٍ أَيْ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهَا مَا اخْتَارَهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ ثَمَنٍ اتَّبَعَهُ بِالْبَاقِي دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَعَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مُتَخَلِّقٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ. وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحَمْلِ فَلِرَبِّ الْمَالِ حِصَّتُهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَعَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ وَتُجْعَلُ) أَيْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي الْقِرَاضِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ) أَيْ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِأَنْ اشْتَرَاهَا بِرَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ إلَخْ) فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً اتَّجَرَ بِهَا فَبَلَغَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَاشْتَرَى بِهَا أَمَةً لِلْقِرَاضِ وَوَطِئَهَا وَحَمَلَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِمَّا أَنْ يَتْبَعَهُ رَبُّ الْمَالِ بِقِيمَتِهَا وَحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتُجْعَلَ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي الْقِرَاضِ، وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ تِلْكَ الْأَمَةِ بِقَدْرِ مَالِهِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ

وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ الْحَاصِلُ فِيهَا وَيَبْقَى الْبَاقِي مِنْهَا بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ. وَأَمَّا حِصَّةُ الْوَلَدِ فَيَتْبَعُهُ بِهَا وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَا يُبَاعُ مِنْ أُمِّهِ شَيْءٌ فِي قِيمَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَيْسَرَ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا فَقَطْ يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إذْ يُقَدَّرُ أَنَّهُ مَلَكَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ بِمُجَرَّدِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ لِيُسْرِهِ، وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اخْتَارَ اتِّبَاعُهُ بِقِيمَتِهَا ولَا يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا إذَا اخْتَارَ أَنْ يَبِيعَ لَهُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَالِهِ وَهُوَ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّخْيِيرِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ عَنْهُ بِأَنْ يَقُولَ وَتَبِعَهُ بِحِصَّةِ إلَخْ (وَإِنْ أَحْبَلَ) الْعَامِلُ (مُشْتَرَاةً) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (لِلْوَطْءِ) أَيْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لِيَطَأهَا (فَالثَّمَنُ) يَلْزَمُهُ عَاجِلًا إنْ أَيْسَرَ (وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أَعْسَرَ) وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا شَيْءٌ لِعَدَمِ اشْتِرَائِهَا لِلْقِرَاضِ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ خَيَّرَ بَيْنَ اتِّبَاعِهِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ إبْقَائِهَا لَهُ بِالثَّمَنِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَقَارِضَيْنِ (فَسْخُهُ) أَيْ تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ (قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ الشِّرَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ غَيْرُ لَازِمٍ (كَرَبِّهِ) لَهُ فَسْخُهُ فَقَطْ (وَإِنْ تَزَوَّدَ) الْعَامِلُ (لِسَفَرٍ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (وَلَمْ يَظْعَنْ) فِي السَّيْرِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ فَسْخُهُ وَكَذَا رَبُّهُ إنْ دَفَعَ لِلْعَامِلِ عِوَضَهُ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ تَزَوَّدَ سَاقِطَةٌ فِي نُسْخَةٍ، وَهِيَ الصَّوَابُ وَعَلَى ثُبُوتِهَا فَتَعَجَّلَ لِلْحَالِ لِيَصِحَّ الْكَلَامُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَمِلَ فِيهِ فِي الْحَضَرِ أَوْ ظَعَنَ (فَلِنَضُوضِهِ) أَيْ الْمَالِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ النُّضُوضِ كَلَامٌ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ جَازَ وَالنُّضُوضُ خُلُوصُ الْمَالِ وَرُجُوعُهُ عَيْنًا كَمَا كَانَ وَبِهِ تَمَّ الْعَمَلُ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ تَحْرِيكُ الْمَالِ بَعْدَهُ فِي الْحَضَرِ إلَّا بِإِذْنٍ وَجَازَ فِي السَّفَرِ إلَى أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِ الْقِرَاضِ إلَّا لِمَنْعٍ (وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ أَيْ طَلَبُ رَبِّ الْمَالِ دُونَ الْعَامِلِ أَوْ عَكْسُهُ نُضُوضُهُ (فَالْحَاكِمُ) يَنْظُرُ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نُضُوضِهِ جَازَ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَةِ الْعُرُوضِ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعِشْرُونَ هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ فَإِذَا كَانَتْ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِيعَ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَالْبَاقِي مِنْهَا، وَهُوَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فِي الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ سُدُسُهَا وَمَا يُسَاوِي خَمْسِينَ فِي الثَّانِي، وَذَلِكَ رُبُعُهَا بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ أَنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِ الْعَامِلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَحِصَّتِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا حِصَّةُ الْوَلَدِ) أَيْ، وَأَمَّا حِصَّتُهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَيَتْبَعُهُ بِهَا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّبَعَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ فَقَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْوَلَدَ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيِّ (قَوْلُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ إلَخْ) فَصَارَ حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا وَحَمَلَتْ الْحَالَ أَنَّهَا مُشْتَرَاةٌ لِلْقِرَاضِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا اتَّبَعَهُ رَبُّ الْمَالِ بِقِيمَتِهَا حَالًّا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وإنْ كَانَ الْعَامِلُ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا خُيِّرَ رَبُّ الْمَالِ إمَّا أَنْ يَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا إذَا حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ شَاءَ بِيعَ لَهُ مِنْهَا حَالًّا بِقَدْرِ مَالِهِ وَتَبِعَهُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ إذَا حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ وَتَبِعَهُ بِحِصَّةِ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ مَسَاقُهُ هَكَذَا أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَالِهِ وَتَبِعَهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا، وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى شَامِلٌ لِمَا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْقِرَاضِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ إبْقَائِهَا لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ بِالثَّمَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ تَرْكِهَا لَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ إبْقَائِهَا لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ) أَيْ فَسْخُ عَقْدِ الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ أَيْ تَرْكُهُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْفَسْخَ فَرْعُ الْفَسَادِ، وَهُوَ غَيْرُ فَاسِدٍ حَتَّى يُفْسَخَ (قَوْلُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ وَقَبْلَ التَّزَوُّدِ لَهُ (قَوْلُهُ كَرَبِّهِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ التَّزَوُّدَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلِ عَمَلٌ فَيَلْزَمُهُ تَمَامُهُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ غُرْمَ مَا اشْتَرَى بِهِ الزَّادَ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ فَسْخُهُ وَرَدُّ الْمَالِ لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْعَنْ فِي السَّيْرِ) أَيْ وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ظَعَنَ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ فَسْخُهُ وَيَلْزَمُهُ بَقَاءُ الْمَالِ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ إلَى نُضُوضِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّدَ) أَيْ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ لِلْعَامِلِ عِوَضَهُ) أَيْ عِوَضَ الْمَالِ الَّذِي تَزَوَّدَ بِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَزَوُّدَ الْعَامِلِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَمْنَعُهُ مِنْ الِانْحِلَالِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لِرَبِّ الْمَالِ عِوَضَهُ وَلَا يَمْنَعُ رَبَّ الْمَالِ مِنْ الِانْحِلَالِ وَتَزَوُّدَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِانْحِلَالِ وَيَمْنَعُ رَبَّ الْمَالِ مِنْهُ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ عِوَضَهُ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَأَبِي الْحَسَنِ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ لِيَصِحَّ الْكَلَامُ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَعْلَهَا لِلْمُبَالَغَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكْرَارُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَعَ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ وَمُنَاقَضَتُهُ لَهُ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَزَوَّدْ وَلَمْ يَظْعَنْ لِرَبِّهِ فَسْخُهُ دُونَ الْعَامِلِ كَمَا هُوَ بَعْدَ التَّزَوُّدِ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ أَوْ ظَعَنَ) أَيْ بَعْدَ التَّزَوُّدِ (قَوْلُهُ فَلِنُضُوضِهِ) أَيْ فَيَبْقَى الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ لِنُضُوضِهِ أَيْ خُلُوصِهِ بِبَيْعِ السِّلَعِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَنْعٍ) أَيْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ عَنْ التَّحْرِيكِ فِي السَّفَرِ بَعْدَ النُّضُوضِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْرِيكُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ يُنْظَرُ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ) أَيْ فَيُحْكَمُ بِهِ

وَيَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ مَاتَ) الْعَامِلُ قَبْلَ النُّضُوضِ (فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ) لَا غَيْرِهِ (أَنْ يُكْمِلَهُ) عَلَى حُكْمِ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْوَارِثُ أَمِينًا (أَتَى) أَيْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ (بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ) فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ (وَإِلَّا) يَأْتِ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ (سَلَّمُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ الْمَالَ لِرَبِّهِ (هَدَرًا) أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ رِبْحٍ أَوْ أُجْرَةٍ (وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ رَضِيَهُ أَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فِي الْوَاقِعِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ (وَ) فِي دَعْوَى (خُسْرِهِ) بِيَمِينٍ وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ. (وَ) فِي دَعْوَى (رَدِّهِ إلَى رَبِّهِ) (إنْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ) مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ بِيَمِينٍ وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ اتِّفَاقًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى هُنَا دَعْوَى تَحْقِيقٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَيَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَوْ قُبِضَ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَكَمَا لَوْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَكَذَا إنْ أَشْهَدَ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ، وَأَمَّا الْمَقْصُودَةُ لِلتَّوَثُّقِ وَشُهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ وَالْقَبْضِ مَعًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَهَا فِي الرَّدِّ (أَوْ) (قَالَ) الْعَامِلُ هُوَ (قِرَاضٌ) بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ. (وَ) قَالَ (رَبُّهُ) هُوَ (بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ) فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ وَأَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ فِي قِرَاضٍ وَمِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ قِرَاضًا وَأَنْ يَزِيدَ جُزْءُ الرِّبْحِ عَلَى أُجْرَةِ الْبِضَاعَةِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قَالَ الْعَامِلُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَقَالَ رَبُّهُ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَوْ قَالَ قِرَاضٌ وَرَبُّهُ بِضَاعَةٌ بِلَا أَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ كِفَايَةَ وَاحِدٍ عَارِفٍ يَرْضَيَانِهِ (قَوْلُهُ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَنْ يُكْمِلَهُ) أَيْ وَلَا يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْقِرَاضِ بِمَوْتِ الْعَامِلِ كَالْجُعَلِ وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ كَالْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَهُمَا ضَرَرُ الْوَرَثَةِ فِي الْفَسْخِ وَضَرَرُ رَبِّهِ فِي إبْقَائِهِ عِنْدَهُمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ ضَرَرَ الْوَرَثَةِ بِالْفَسْخِ أَشَدُّ لِضَيَاعِ حَقِّهِمْ فِي عَمَلِ مُوَرِّثِهِمْ وَقَوْلُهُ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَيْ وَلَوْ كَانَ دُونَ أَمَانَةٍ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ (قَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُوَرِّثُهُ غَيْرَ أَمِينٍ لِرِضَا رَبِّ الْمَالِ بِهِ (قَوْلُهُ كَالْأَوَّلِ فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ) أَيْ بِخِلَافِ أَمَانَةِ الْوَارِثِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاتُهَا لِأَمَانَةِ الْمُوَرِّثِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْأَجْنَبِيِّ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْوَارِثِ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِمُطْلَقِ الْأَمَانَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلَ الْأَمَانَةِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَأْتِ) أَيْ وَارِثُ الْعَامِلِ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَارِثَ غَيْرُ أَمِينٍ (قَوْلُهُ هَدَرًا) أَيْ تَسْلِيمًا هَدَرًا؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقِرَاضِ كَالْجُعَلِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ) وَكَذَا الْقَوْلُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمَالِ الْقِرَاضِ إلَى الْآنَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ح قَالَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا اهـ. بْن وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْعَامِلِ فِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ يَجْرِي فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ أَيْ بِيَمِينٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَحْلِيفِهِ وَعَدَمِهِ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَيْمَانِ التُّهْمَةِ وَفِيهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: قِيلَ تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ تَتَوَجَّهُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا عِنْدَ النَّاسِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ) بِأَنَّ سَأَلَ تُجَّارَ بَلَدِ تِلْكَ السِّلَعِ هَلْ خَسِرَتْ فِي زَمَانِ كَذَا أَوْ لَا فَأَجَابُوا بِعَدَمِ الْخَسَارَةِ (قَوْلُهُ وَرَدِّهِ إلَى رَبِّهِ إنْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَجَمِيعِ الرِّبْحِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ مُقِرًّا بِبَقَاءِ رِبْحِ جَمِيعِهِ بِيَدِهِ أَوْ بِبَقَاءِ رِبْحِ الْعَامِلِ فَقَطْ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقُبِلَ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِهِ مَعَ رَدِّ حَظِّ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ. وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ جَمِيعِ الرِّبْحِ بِيَدِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ظَاهِرُهَا عَدَمُ الْقَبُولِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِالْقَبُولِ فِيهِمَا وَالْقَابِسِيُّ يَقُولُ بِالْقَبُولِ فِي وَاحِدَةٍ وَبِعَدَمِهِ فِي وَاحِدَةٍ وَذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَشَى ابْنُ الْمُنِيرِ فِي نَظْمِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا لِلْقَابِسِيِّ. (قَوْلُهُ فَكَمَا لَوْ قَبَضَ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَيْ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَشْهَدَ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَشْهَدَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَهُ لَا لِخَوْفِ جُحُودِهِ بَلْ لِخَوْفِ إنْكَارِ وَارِثِهِ إذَا مَاتَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَقْصُودَةُ لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ، وَهِيَ الَّتِي يُشْهِدُهَا رَبُّ الْمَالِ خَوْفًا مِنْ دَعْوَى الْعَامِلِ الرَّدَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ أَشْهَدَهَا خَوْفًا مِنْ دَعْوَى الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَصْرِيحُهُ لِلْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَشُهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ) أَيْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْقَبْضِ مِنْ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ كَمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ وَنَكَلَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَحَلَفَ رَبُّهُ وَدَفَعَ أُجْرَةَ الْبِضَاعَةِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَكَانَ مِثْلُ الْعَامِلِ يَشْتَرِي الْبِضَاعَةَ لِلنَّاسِ بِأَجْرٍ وَكَانَ مِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ بِضَاعَةً وَأَنْ تَزِيدَ أُجْرَةُ الْبِضَاعَةِ عَلَى جُزْءِ الرِّبْحِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ يَرْجِعُ لِلِاخْتِلَافِ

وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) (ادَّعَى) رَبُّ الْمَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ مَالُ (الْغَصْبِ) أَوْ السَّرِقَةِ وَقَالَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِثْلَهُ يَغْصِبُ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الثَّبَاتُ (أَوْ) (قَالَ) الْعَامِلُ (أَنْفَقْت) عَلَى نَفْسِي (مِنْ غَيْرِهِ) فَارْجِعْ بِهِ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ مِنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَيَرْجِعُ بِمَا ادَّعَى رَبِحَ الْمَالَ أَوْ خَسِرَ كَانَ يُمْكِنُهُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ عَيْنًا أَمْ لَا إنْ أَشْبَهَ فَقَوْلُهُ الْآتِي إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا يُرْجَعُ لِهَذِهِ أَيْضًا (وَ) الْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينِهِ (فِي) قَدْرِ (جُزْءِ الرِّبْحِ) إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ الْعَمَلِ بِشَرْطَيْنِ (إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا) أَشْبَهَ رَبَّهُ أَمْ لَا (وَالْمَالُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَدَّعِيه الصَّادِقُ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ رِبْحِهِ أَوْ خُصُوصِ الْحِصَّةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا (بِيَدِهِ) أَيْ الْعَامِلِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ وَدِيعَةً) عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بَلْ (وَإِنْ لِرَبِّهِ) أَيْ عِنْدَ رَبِّهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ أَيْ وَأَقَرَّ رَبُّهُ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ وَقَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا وَالْمَالُ بِيَدِهِ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ وَمَا بَعْدَهَا. وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْعَامِلِ ذَكَرَ مَسَائِلَ يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فَقَالَ. (وَ) الْقَوْلُ (لِرَبِّهِ) بِيَمِينِهِ (إنْ) (ادَّعَى) فِي قَدْرِ جُزْءِ الرِّبْحِ (الشَّبَهَ فَقَطْ) وَلَمْ يُشْبِهْ الْعَامِلَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ رَبَّهُ أَيْضًا فَقِرَاضُ الْمِثْلِ كَمَا قَدَّمَهُ (أَوْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (قَرْضٌ فِي) قَوْلِ الْعَامِلِ (قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ) فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي كَيْفِيَّةِ خُرُوجِ مَالِهِ مِنْ يَدِهِ (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي) قَدْرِ (جُزْءٍ قَبْلَ الْعَمَلِ) الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ لُزُومٌ لِكُلٍّ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِلَا يَمِينً (مُطْلَقًا) أَشْبَهَ أَمْ لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّ مَالِهِ (وَإِنْ قَالَ) رَبُّهُ هُوَ (وَدِيعَةً) عِنْدَك وَقَالَ الْعَامِلُ قِرَاضٌ (ضَمِنَهُ الْعَامِلُ إنْ عَمِلَ) وَتَلِفَ لِدَعْوَاهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي تَحْرِيكِهِ قِرَاضًا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الضَّمَانِ إنْ ضَاعَ قَبْلَ الْعَمَلِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَانَةً وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْعَامِلُ وَمَا يُصَدَّقُ فِيهِ رَبُّهُ ذَكَرَ مَا هُوَ أَعَمُّ بِقَوْلِهِ. (وَ) الْقَوْلُ (لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) دُونَ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَظَاهِرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي جُزْءِ الرِّبْحِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ الْعَمَلِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلُ الْعَامِلِ يَأْخُذُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا ثَمَرَةَ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ رَبِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ثَمَرَةَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ عَدَمُ غَرَامَةِ جُزْءِ الْقِرَاضِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْعَامِلُ حَيْثُ زَادَ وَوَجْهُ كَوْنِ الْعَامِلِ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَنَّ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ تَتَضَمَّنُ أَنَّ الْعَامِلَ تَبَرَّعَ لَهُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ بِأُجْرَةٍ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ الْمُدَّعَى (قَوْلُهُ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الْإِثْبَاتُ) أَيْ إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ) أَيْ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَالَ بِيَدِ ذَلِكَ الْعَامِلِ وَأَشْبَهَ فِي دَعْوَاهُ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ أَوْ لَمْ يُشَبِّهْ فِي دَعْوَاهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ لِكَوْنِهِ سِلَعًا اشْتَرَاهَا سَرِيعًا بِرَأْسِ الْمَالِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا فَائِدَةَ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ لِرَبِّهِ فَسْخَهُ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى مُشْبِهًا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ رَبُّ الْمَالِ بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَشْبَهَ رَبَّهُ) أَيْ فِيمَا يَدَّعِيه مِنْ الْجُزْءِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الصَّادِقُ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْمَالِ) أَيْ الْأَصْلُ وَالرِّبْحُ وَقَوْلُهُ أَوْ رِبْحُهُ أَيْ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَالْمَالُ بِيَدِهِ) أَيْ حِسًّا أَوْ مَعْنًى كَكَوْنِهِ وَدِيعَةً عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بَلْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ رَبِّهِ وَمَفْهُومٌ بِيَدِهِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمُفَاصَلَةِ لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ شَبَهِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ بَعُدَ قِيَامُهُ، وَإِنْ قَرُبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْعَامِلُ هُوَ بِيَدِك وَدِيعَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ قَبَضْته عَلَى الْمُفَاصَلَةِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ) أَيْ بِيَمِينٍ يَعْنِي إنْ قَامَ عَنْ بُعْدٍ أَمَّا إنْ قَامَ عَنْ قُرْبٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يُشْبِهْ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرِّبْحِ وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهْ أَيْ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي جُزْءِ الرِّبْحِ الْمَجْعُولِ لِلْعَامِلِ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهْ وَمَحَلُّ لُزُومِ قِرَاضِ الْمِثْلِ إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَإِلَّا قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ. وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْته لَك قِرَاضًا وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ قَرْضًا صُدِّقَ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ هُنَا مُدَّعٍ لِلرِّبْحِ فَلَا يُصَدَّقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْقَرْضِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصْدِيقُ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّ الْعَامِلَ يَدَّعِي عَدَمَ ضَمَانِ مَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ جَوَابُ إنْ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ ضَمِنَهُ الْعَامِلُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفُ الْأَصْلِ، وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً وَخَالَفَهُ الْعَامِلُ وَقَالَ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ حَرَّكَهُ ضَمِنَهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَمِلَ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ وَعَكَسَ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِّهِ قِرَاضٌ وَالْعَامِلُ وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ مُدَّعٍ عَلَى الْعَامِلِ الرِّبْحَ، وَهَذَا إذَا تَنَازَعَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجُزْءِ قَبْلَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ إذْنِهِ فِي تَحْرِيكِهِ قِرَاضًا (قَوْلُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَانَةً) أَيْ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ أَمَانَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ وَالْآخَرَ يَدَّعِي أَنَّهُ أَمَانَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْقِرَاضِ

وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ كَمَا لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ عَقَدْنَا عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَمِائَةٍ تَخُصُّنِي وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَفِي عَكْسِهِ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ (وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ مَاتَ (وَقِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ جِهَتَهُ (كَقِرَاضٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوَدِيعَةَ وَالْبِضَاعَةَ (أُخِذَ) مِنْ مَالِهِ (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) فِي تَرِكَتِهِ لِاحْتِمَالِ إنْفَاقِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ رَدَّهُ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ خَسِرَ فِيهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ مُوَرِّثِهِمْ فَقَالَ الْعَوْفِيُّ قُبِلَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ مُوَرِّثِهِمْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الرَّدَّ وَمِنْهُمْ تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ (وَحَاصَّ) رَبُّ الْقِرَاضِ وَنَحْوُهُ (غُرَمَاءَهُ) فِي الْمَالِ الْمُخَلِّفِ عَنْهُ (وَتَعَيَّنَ) الْقِرَاضُ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ وَالْبِضَاعَةُ (بِوَصِيَّةٍ) إنْ أَفْرَزَهُ وَشَخَّصَهُ بِهَا كَهَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ (وَقُدِّمَ صَاحِبُهُ) أَيْ صَاحِبِ الْقِرَاضِ وَنَحْوَهُ الْمُعَيَّنُ لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّابِتُ دَيْنُهُمْ (فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ) وَسَوَاءٌ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَقَوْلُهُ فِي الصِّحَّةِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الثَّابِتُ أَيْ قُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ (وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ يَحْرُمُ (لِعَامِلٍ) فِي مَالِ الْقِرَاضِ (هِبَةٌ) لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِكَثِيرٍ وَلَوْ لِلِاسْتِئْلَافِ. (وَ) لَا (تَوْلِيَةٌ) لِسِلْعَةٍ مِنْ الْقِرَاضِ بِأَنْ يُوَلِّيَهَا لِغَيْرِهِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى، وَهَذَا مَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ وَإِلَّا جَازَ (وَوُسِّعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ رُخِّصَ فِي الشَّرْعِ لِلْعَامِلِ وَيُحْتَمَلُ الْبِنَاءُ لِلْفَاعِلِ وَالْمُرَخِّصُ، وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَنْ يَأْتِيَ) الْعَامِلُ (بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي غَيْرُهُ بِطَعَامٍ يَشْتَرِكُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ) أَيْ فَسَادُ الْقِرَاضِ فِي عُرْفِ بَلَدِهِمْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ إنْ غَلَبَ وَاسْتَظْهَرَهُ بْن (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَرَبَّ الْمَالِ مُدَّعِي الْفَسَادِ (قَوْلُهُ وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ أَوْ أُسِرَ وَفُقِدَ وَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ (قَوْلُهُ وَقِبَلُهُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ كَقِرَاضٍ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ وَجِهَتُهُ مِثْلُ قِرَاضٍ أَيْ قِرَاضٌ وَمَا مَاثَلَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ مَيِّتٍ (قَوْلُهُ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ رَبِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَلَا قَبَضَ شَيْئًا مِنْهُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إنْفَاقِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعَامِلَ أَنْفَقَهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ بِتَفْرِيطِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَدَعْوَاهُمْ أَنَّهُ أَخَذَهُ ظَالِمٌ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْعَوْفِيُّ: قُبِلَ مِنْهُمْ) أَيْ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ وَالْمُحَاصَّةِ حَيْثُ لَمْ يُوصِ، وَلَمْ يُطِلْ الْأَمْرَ فَإِنْ أَوْصَى الْوَدِيعَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بَلْ إنْ وَجَدَهَا أَخَذَهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ إيصَائِهِ بِهَا أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَمِنْ الْوَصِيَّةِ بِهَا أَنْ يَقُولَ وَضَعْتهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ كَعَشْرِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ أَخْذِ الْمَالِ مِنْ رَبِّهِ لِوَقْتِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُ لِرَبِّهِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى رَبِّهِ أَنَّهُ بَاقٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَرَبِّ الْبِضَاعَةِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ إنْ أَفْرَزَهُ بِهَا) أَيْ إنْ عَيَّنَهُ بِالْوَصِيَّةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُهُ مَنْ عُيِّنَ لَهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمُفْرَزُ وَكَانَ الْمَيِّتُ الَّذِي عَيَّنَهُ غَيْرَ مُفْلِسٍ مُطْلَقًا كَانَ تَعْيِينُهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقُدِّمَ إلَخْ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مُفْلِسًا قَبْلَ تَعْيِينِهِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ سَوَاءٌ عُيِّنَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ لَا يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ وَالْبِضَاعَةِ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ. وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الَّذِي عَيَّنَهُ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ بِخِلَافِ مَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يُفْرِزْهُ فَإِنَّهُ إنْ وَجَدَهُ رَبُّهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا حَاصَصَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ اهـ. وَفِي عج لَوْ أَقَرَّ الْعَامِلُ بِكِرَاءِ حَانُوتٍ أَوْ أُجْرَةِ أَجِيرٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ بِبَقِيَّةِ ثَمَنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ مَالُ الْقِرَاضِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ لَا بَعْدَهَا فَفِي جُزْئِهِ مَا عَلَيْهِ فَقَطْ. وَسُئِلَ عج عَنْ عَامِلِ قِرَاضٍ أَرْسَلَ سِلْعَةً لِأَبِيهِ فَأَخَذَهَا رَبُّ الْمَالِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ وَأُسِرَ الْعَامِلُ فَجَاءَ مِنْهُ كِتَابٌ بِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ عِنْدَهُ وَأَنَّ السِّلَعَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَامِلَ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يُنْظَرُ لِلتُّهْمَةِ وَإِقْرَارُ أَبِيهِ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ لَا يَسْرِي عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمْ أَفْرَزَهُ) أَيْ وَإِلَّا حَاصَّ الْغُرَمَاءَ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَشَخَّصَهُ بِهَا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ الْمُعَيَّنُ لَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَعْيِينُ الْقِرَاضِ وَنَحْوِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ ثَبَتَ أَصْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ) أَيْ كَمَا قَالَ طفى تَقْدِيرُهُ الثَّابِتُ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: الظَّاهِرُ تَعَلُّقُهُ بِوَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَحْرُمُ) حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ كَلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ لِحَمْلِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ نَاجِيٍّ لَفْظَهَا عَلَى التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ بِكَثِيرٍ) أَيْ. وَأَمَّا هِبَةُ الْقَلِيلِ كَدَفْعِ لُقْمَةٍ لِسَائِلٍ وَنَحْوِهَا فَجَائِزٌ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ لِلثَّوَابِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ حَيْثُ جَاز لِلْأَوَّلِ هِبَةُ الْكَثِيرِ لِلِاسْتِئْنَافِ دُونَ الثَّانِي أَنَّ الْعَامِلَ رَجَعَ فِيهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ مَرْجُوحٌ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرِيكُ أَقْوَى مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَوْلِيَةٌ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ بِالرِّبْحِ فِيهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ) أَيْ

[باب في بيان أحكام المساقاة]

فِي أَكْلِهِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ) عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى غَيْرِهِ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفَضُّلَ (فَلْيَتَحَلَّلْهُ) أَيْ يَتَحَلَّلُ رَبَّ الْمَالِ بِأَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الْمُسَامَحَةَ (فَإِنْ أَبَى) مِنْ مُسَامَحَتِهِ (فَلْيُكَافِئْهُ) أَيْ يُعَوِّضُهُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ [دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ، وَهِيَ عَقْدٌ عَلَى خِدْمَةِ شَجَرٍ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ بِجَمِيعِهَا بِصِيغَةٍ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْقِرَاضِ ظَاهِرَةٌ (إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ) بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَهِيَ مَصَبُّ الْحَصْرِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الزَّرْعِ وَالْمَقْثَأَةِ وَنَحْوِهِمَا (وَإِنْ بَعْلًا) ، وَهُوَ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ وَلَا يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَهُ لِلْعَمَلِ يَقُومُ مَقَامَ السَّقْيِ (ذِي ثَمَرٍ) أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ بِأَنْ كَانَ يُثْمِرُ فِي عَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ أَمْ لَا، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ الْوَدِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ (لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) عِنْدَ الْعَقْدِ أَيْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَهُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاتُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ (وَلَمْ يُخْلِفْ) عَطْفٌ عَلَى ذِي ثَمَرٍ أَيْ شَجَرٍ ذِي ثَمَرٍ وَشَجَرٌ لَمْ يُخْلِفْ فَإِنْ كَانَ يُخْلِفُ لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاتُهُ وَيُخْلِفُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِنْ أَخْلَفَ وَالْمُرَادُ بِمَا يُخْلِفُ مَا يُخْلِفُ إذَا لَمْ يُقْطَعَ كَالْمَوْزِ فَإِنَّهُ إذَا انْتَهَى أَخْلَفَ؛ لِأَنَّهُ تَنْبُتُ أُخْرَى مِنْهُ بِجَانِبِ الْأُولَى تُثْمِرُ قَبْلَ قَطْعِ الْأُولَى وَهَكَذَا دَائِمًا فَانْتِهَاؤُهُ بِمَنْزِلَةِ جَذِّهِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ مِنْهُ يَنَالُهُ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ فَكَأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَا يُخْلِفُ مَعَ الْقَطْعِ كَالسِّدْرِ فَإِنَّهُ يُخْلِفُ إذَا قُطِعَ فَتَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ وَسَيَأْتِي فِي مُسَاقَاةِ الزَّرْعِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ لَا يُخْلِفَ أَيْضًا لَكِنَّ الْإِخْلَافَ فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ بِجَذِّهِ، فَالْإِخْلَافُ فِي الشَّجَرِ غَيْرُ مَعْنَى الْإِخْلَافِ فِي الزَّرْعِ (إلَّا تَبَعًا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَا ثَمَرَ فِيهِ وَمَا حَلَّ بَيْعُهُ وَمَا يُخْلِفُ تَبَعًا لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِمَفْهُومِ الثَّانِي أَيْ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُسْرَ فِيهَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ طَعَامُ كُلٍّ مُسَاوِيًا لِطَعَامِ الْآخَرِ أَوْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْهُ. وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهَا بَالٌ لَمْ تَسْمَحْ بِهَا النُّفُوسُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُفَاضَلَةَ فَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: بِأَنْ لَا يَزِيدَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ قَصْدِ الْمُفَاضَلَةِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ) أَيْ فِيمَا زَادَهُ مِنْ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ [بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ] (بَابُ الْمُسَاقَاةِ) (قَوْلُهُ عَقْدٌ عَلَى خِدْمَةِ شَجَرٍ) إنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْعَقْدُ مُسَاقَاةً مَعَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِغَيْرِ السَّقْيِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ كَالنَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَالْمِقْثَأَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ ظَاهِرَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ بِجُزْءٍ مَجْهُولِ الْكُمِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ مُسْتَثْنَاةٌ لِلضِّرْوَةِ مِنْ أُمُورٍ خَمْسَةٍ مَمْنُوعَةٍ الْأَوَّلُ بَيْعٌ بِثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، الثَّانِي بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً إذَا كَانَ الْعَامِلُ يَغْرَمُ طَعَامَ الدَّوَابِّ وَالْأُجَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ طَعَامًا بَعْدَ مُدَّةٍ، الثَّالِثُ الْغَرَرُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخْرُجُ عَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَةِ الثَّمَرَةِ، الرَّابِعُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَالثِّمَارَ كِلَاهُمَا غَيْرُ مَقْبُوضٍ الْآنَ، الْخَامِسُ الْمُخَابَرَةُ، وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِتَرْكِ الْبَيَاضِ لِلْعَامِلِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى سَقْيِ شَجَرٍ فَهِيَ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ لِوَاحِدٍ كَ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ، وَأَرَادَ بِالشَّجَرِ مَا يَشْمَلُ النَّخْلَ (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ مَصَبُّ الْحَصْرِ أَيْ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ مُنْصَبًّا عَلَى الشَّجَرِ بِقَيْدٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ صِحَّةً مُطْلَقَةً فِي شَجَرٍ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ عَجَزَ رَبُّهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ، وَإِنْ بَعْلًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَيْحًا أَيْ يَشْرَبُ بِالْمَاءِ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بَعْلًا وَبَالَغَ عَلَى الْبَعْلِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ لِبُعْدِهِ عَنْ مَحَلِّ النَّصِّ، وَهُوَ السَّقْيُ لَا لِرَدٍّ عَلَى قَائِلٍ بِعَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ عبق فَقَدْ قَالَ بْن لَمْ أَرَ وُجُودَ الْخِلَافِ فِي مُسَاقَاةِ الْبَعْلِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَدِيِّ) أَيْ، وَهُوَ النَّخْلُ الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) صِفَةٌ لِثَمَرٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَفِي الْبَلَحِ بِاحْمِرَارِهِ أَوْ اصْفِرَارِهِ وَفِي غَيْرِهِ بِظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ) أَيْ وَأَجَازَ سَحْنُونٌ الْمُسَاقَاةَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى حُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى ذِي) أَيْ لَا عَلَى لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ صِفَةٌ لِثَمَرٍ وَعَدَمَ الْإِخْلَافِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَوْصَافِ الشَّجَرِ لَا الثَّمَرِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِمَا يَخْلُفُ) أَيْ مِنْ الشَّجَرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا انْتَهَى) أَيْ طَيَّبَ ثَمَرَهُ (قَوْلُهُ يَنَالُهُ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُثْمِرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مَا يَخْلُفُ مِنْ الْقَطْعِ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَقْطَعْ (قَوْلُهُ كَالسِّدْرِ) أَيْ وَالسَّنْطِ وَالتُّوتِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِجَذِّهِ) أَيْ كَالْقُرْطِ وَالْبِرْسِيمِ وَالْمُلُوخِيَّةِ (قَوْلُهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ كَمَا فِي ح عَنْ الْبَاجِيَّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَا يَخْلُفُ تَبَعًا) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَإِذَا دَخَلَ تَبَعًا كَانَ لَهُمَا وَلَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ إمَّا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ يَنَالُهُ بِسَقْيِهِ مَشَقَّةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وُرُودُ السُّنَّةِ فِي الْأَرْضِ اُنْظُرْ بْن

أَكْثَرُ مِنْ نَوْعٍ وَاَلَّذِي حَلَّ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا لَمْ يَحِلَّ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَائِطُ نَوْعًا وَاحِدًا فَهُوَ بِحِلِّ الْبَعْضِ حَلَّ الْبَاقِي كَمَا مَرَّ فَلَا تَتَأَتَّى فِيهِ تَبَعِيَّةٌ فِي وَالتَّبَعِيَّةُ الْمَسَائِلُ فِي الثَّلَاثِ الثُّلُثُ فَدُونَ (بِجُزْءٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِ تَصِحَّ، وَالْمُرَادُ بِالْجُزْءِ مَا قَابَلَ الْمُعَيَّنَ كَثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ آصُعٍ أَوْ أَوْسُقٍ لَا مَا قَابَلَ الْكُلَّ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ (قَلَّ) الْجُزْءُ كَعَشْرٍ (أَوْ كَثُرَ شَاعَ) فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ شَائِعًا فِي نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ (وَعُلِمَ) قَدْرُهُ كَرُبْعٍ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا جُهِلَ نَحْوُ لَك جُزْءٌ أَوْ جُزْءٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَقَوْلُهُ بِجُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَ قَدْرِهِ فَلِذَا قَالَ وَعُلِمَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُسْتَوِيًا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَائِطِ فَلَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ فِي التَّمْرِ النِّصْفُ وَفِي الزَّيْتُونِ مَثَلًا الرُّبُعُ لَمْ يَجُزْ (بِ سَاقَيْت) أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِ عَامَلْت وَنَحْوِهِ أَيْ مِنْ الْبَادِئِ مِنْهُمَا وَيَكْفِي مِنْ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ قَبِلْت وَنَحْوَهُ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ لَمْ تَصِحَّ وَ (لَا) تَصِحُّ بِاشْتِرَاطِ (نَقْصٍ) أَيْ بِإِخْرَاجِ (مَنْ فِي الْحَائِطِ) مِنْ رَقِيقٍ أَوْ دَوَابَّ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهَا يَوْمَ الْعَقْدِ، قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى إخْرَاجِ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الدَّوَابِّ أَوْ الرَّقِيقِ انْتَهَى. فَالْمُضِرُّ شَرْطُ إخْرَاجِ مَا كَانَ مَوْجُودًا بِخِلَافِ لَوْ أَخْرَجَهَا بِلَا شَرْطٍ (وَلَا) بِاشْتِرَاطِ (تَجْدِيدٍ) عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ (وَلَا) بِاشْتِرَاطِ (زِيَادَةٍ) خَارِجَةٍ عَنْ الْحَائِطِ (لِأَحَدِهِمَا) كَأَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا فِي حَائِطٍ أُخْرَى أَوْ يَزِيدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ) أَيْ كَبَلَحٍ وَخَوْخٍ وَاَلَّذِي حَلَّ بَيْعُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ الثُّلُثُ) وَهَلْ هُوَ فِيمَا لَا ثَمَرَ لَهُ فَالنَّظَرُ لِثُلُثِ قِيمَةِ أُصُولِهِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا الثُّلُثَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ وَإِلَّا فَلَا أَوْ الْمُعْتَبَرُ عَدَدُ مَا لَا يُثْمِرُ مِنْ عَدَدِ مَا يُثْمِرُ اهـ. عبق (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْحَصْرُ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا نِسْبِيٌّ أَيْ إنَّمَا يَصِحُّ بِجُزْءٍ لَا بِعَدَدِ آصُعٍ وَلَا بِثَمَرِ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ أَوْ آصُعٍ) أَيْ مَعْلُومَةِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ فِي نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ كَ بِالْجُذَاذِ عَلَى الْعَمَلِ فِي هَذَا الْحَائِطِ وَبِثُلُثِ ثَمَرِ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ هَذِهِ النَّخَلَاتِ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ قَدْرُهُ) أَيْ وَعُيِّنَ قَدْرُهُ. وَلَوْ جَهِلَ قَدْرَ مَا فِي الْحَائِطِ سَوَاءٌ كَانَ تَعْيِينُهُ بِاللَّفْظِ وَالنَّصِّ عَلَيْهِ كَرُبْعٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّعْيِينُ بِالْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَ قَدْرِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ جَعَلْت لَك جُزْءًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَبِمَا إذَا قَالَ لَهُ جَعَلْت لَك فَلَلْمُسَاقَى مَثَلًا وَالْأَعَمُّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَصْدُقَ بِأَخَصَّ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُشْتَرَطُ شُيُوعُهُ فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ وَتَعْيِينُ قَدْرِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَوِيًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا الشَّرْطِ اشْتِرَاطُ شُيُوعِهِ فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ النِّصْفُ فِي الثَّمَرِ كَرُبْعٍ فِي الزَّيْتُونِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجُزْأَيْنِ غَيْرَ شَائِعٍ فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ) أَيْ فَيَدْخُلُ سَاقَيْتُك وَأَنَا مُسَاقِيك أَوْ أَعْطَيْتُك حَائِطِي مُسَاقَاةً (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ وَكَذَا كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ وَعِيَاضٍ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلِذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِ عَامَلْت وَنَحْوِهِ) كَ عَامَلْتُك عَلَى الْخِدْمَةِ فِي هَذَا الْحَائِطِ بِكَذَا أَوْ عَاقَدْتُكَ عَلَى الْخِدْمَةِ فِي هَذَا الْحَائِطِ بِكَذَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَ رَضِيت (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَالْمُسَاقَاةُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى الْعَمَلِ فِي حَائِطِي هَذَا بِنِصْفِ ثَمَرَتِهِ لَمْ يَجُزْ عَلَى مَذْهَبِهِ كَمَا لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ قَوْلِ سَحْنُونٍ فَإِنَّهُ يُجِيزُهَا وَيَجْعَلُهَا إجَارَةً وَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَلَا نَقْصٍ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَا نَافِيَةٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا نَقْصٌ لِمَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَلَا تَجْدِيدٌ لَهُ مَوْجُودٌ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حِلُّ مَعْنَى لَا حِلُّ إعْرَابٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ بِاشْتِرَاطِ نَقْصٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ بِاشْتِرَاطِ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ مَوْجُودًا حِينَ الْعَقْدِ مَنْ الرَّقِيقِ أَوْ الدَّوَابِّ وَيَأْتِي الْعَامِلُ بِبَدَلِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ أَخْرَجَهَا) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا أَنَّ إخْرَاجَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْحَائِطِ قَبْلَ عَقْدِهَا لَا يَضُرُّ وَلَوْ كَانَ قَاصِدًا لِلْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ وَلَا بِاشْتِرَاطِ تَجْدِيدٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُضِرَّ إنَّمَا هُوَ الِاشْتِرَاطُ، وَأَمَّا التَّجْدِيدُ لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ وَقْتَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَمْ يَضُرَّ كَانَ الْمُجَدِّدُ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْحَائِطِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا مَا قَلَّ كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ اهـ. بْن (قَوْلُهُ خَارِجَةٍ عَنْ الْحَائِطِ) أَيْ فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَا تَجْدِيدٍ فَلَا يُقَالُ

عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ مَنْفَعَةً كَسُكْنَى دَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا فِي الْحَائِطِ كَمَا سَيَأْتِي (وَعَمِلَ الْعَامِلُ) وُجُوبًا (جَمِيعَ مَا يَفْتَقِرُ) الْحَائِطُ (إلَيْهِ) (عُرْفًا) وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ (كَإِبَارٍ) ، وَهُوَ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى (وَتَنْقِيَةٍ) لِمَنَافِعِ الشَّجَرِ (وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ) يَصِحُّ تَسْلِيطُ عَمِلَ عَلَيْهِمَا بِالتَّضْمِينِ أَيْ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لَزِمَ أَيْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا إنْ لَمْ يَكُونَا فِي الْحَائِطِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا عَامِلٌ يُنَاسِبُهُمَا أَيْ وَحَصَّلَ الدَّوَابَّ وَالْأُجَرَاءَ قَالَ فِيهَا وَعَلَى الْعَامِلِ إقَامَةُ الْأَدَوَاتِ كَالدِّلَاءِ وَالْمَسَاحِي وَالْأُجَرَاءِ وَالدَّوَابِّ (وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ عَلَى مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ رَقِيقٍ وَأُجَرَاءَ وَدَوَابَّ (وَكَسَا) مَنْ يَحْتَاجُ لِلْكِسْوَةِ سَوَاءَ كَانَ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَوْ لِلْعَامِلِ قَالَ فِيهَا وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ دَوَابِّ الْحَائِطِ وَرَقِيقِهِ كَانُوا لَهُ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ انْتَهَى. (لَا أُجْرَةَ مَنْ كَانَ فِيهِ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ عَلَى الْعَامِلِ مَا ذُكِرَ لَا أُجْرَةَ أَوْ وَلَزِمَهُ مَا ذُكِرَ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِيمَا مَضَى وَلَا فِيمَا يَسْتَقْبِلُ فَحُكْمُ الْأُجْرَةِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ النَّفَقَةِ فِيمَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْحَائِطِ. وَأَمَّا أُجْرَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ فَعَلَيْهِ (أَوْ خَلْفُ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ) أَوْ أَبَقَ فَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَإِنَّمَا خَلْفَهُ عَلَى رَبِّهِ (كَمَا رَثَّ) مِنْ دِلَاءٍ وَحِبَالٍ فَهِيَ عَلَى الْعَامِلِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَالتَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ النَّفْيِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِ أَوَّلِ الْبَابِ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ فَقَالَ (كَزَرْعٍ) وَلَوْ بَعْلًا كَزَرْعِ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ (وَقَصَبٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ قَصَبُ السُّكَّرِ إذَا كَانَ لَا يُخْلِفُ كَمَا يَأْتِي كَبَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ بِخِلَافِ مَا يُخْلِفُ كَقَصَبِ مِصْرَ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ (وَبَصَلٍ وَمِقْثَأَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَبِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَهْمُوزًا وَمِنْهَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ فَتَصِحُّ مُسَاقَاةُ ذَلِكَ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: الْأَوَّلُ، وَقَدْ تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ، أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُخْلِفُ أَيْ بَعْدَ قَطْعِهِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْقَضْبِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقُرْطِ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَقْلِ كَالْكُرَّاثِ وَكَذَا الْبِرْسِيمُ فَإِنَّهُ يُخْلِفُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَعْنَى الْإِخْلَافِ هُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا زِيَادَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَجْدِيدٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ خِدْمَةَ بَيْتِهِ أَوْ طَحْنَ إرْدَبٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ الْحَائِطِ قَلِيلَةً وَقَوْلُهُ أَوْ دَابَّةً أَيْ أَوْ كَانَ التَّجْدِيدُ الْمُشْتَرَطُ شَيْئًا قَلِيلًا كَدَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ فِي الْحَائِطِ وَالْحَالُ أَنَّهُ كَبِيرٌ (قَوْلُهُ وُجُوبًا) أُخِذَ هَذَا مِنْ كَوْنِ الْقَضِيَّةِ مُطْلَقَةً وَمِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ قَضَايَا الْعُلُومِ الْمُطْلَقَةِ تُفِيدُ الْوُجُوبَ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ جَمِيعَ مَا) أَيْ جَمِيعَ الْعَمَلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ الْحَائِطُ إلَيْهِ فَضَمِيرُ يَفْتَقِرُ لِلْحَائِطِ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ وَحِينَئِذٍ فَالصِّلَةُ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَلَمْ يُبْرِزْ مَشْيًا عَلَى الْمَذْهَبِ الْكُوفِيِّ لِأَمْنِ اللَّبْسِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَفْتَقِرُ لِلْعَمَلِ إنَّمَا هُوَ الْحَائِطُ (قَوْلُهُ عُرْفًا) أَيْ لِقِيَامِ الْعُرْفِ مَقَامَ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ كَإِبَارٍ) أَيْ وَكَذَا مَا يُؤَبَّرُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَتَنْقِيَةٍ لِمَنَافِعِ الشَّجَرِ) أَيْ. وَأَمَّا تَنْقِيَةُ الْعَيْنِ فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهَا هُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا عَلَى الْعَامِلِ لُزُومًا، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ تَنْقِيَةِ مَنَافِعِ الشَّجَرِ وَتَنْقِيَةِ الْعَيْنِ أَيْ كَنْسِهَا تَبِعَ فِيهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَنَافِعِ الشَّجَرِ وَتَنْقِيَةِ الْعَيْنِ فِي أَنَّهُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُمَا عَلَى الْعَامِلِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ، فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالتَّنْقِيَةِ هُنَا تَنْقِيَةُ النَّبَاتِ فَلَا يُخَالِفُ الْمُدَوَّنَةَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ) أَيْ وَكَذَا عَلَيْهِ الْجُذَاذُ وَالْحَصَادُ لِثَمَرٍ وَزَرْعٍ وَالْكَيْلُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَالدَّارِسِ (قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ الْعَامِلُ) أَيْ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ دَوَابَّ أَوْ أُجَرَاءَ سَوَاءٌ كَانُوا فِي الْحَائِطِ لِرَبِّهِ قَبْلَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ أَتَى بِهِمْ الْعَامِلُ فِيهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَنْ يَحْتَاجُ لِلْكِسْوَةِ) أَيْ مِمَّا فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ وَقَوْلُهُ وَكَسَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكِسْوَةُ لَا تَبْقَى بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ كَانَتْ تَبْقَى بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا بَعْدَهَا زَمَنٌ قَلِيلٌ فَلَيْسَتْ مِثْلَ كَنْسِ الْعَيْنِ وَبِنَاءِ الْجِدَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَرَقِيقِهِ) أَيْ رَقِيقِ الْحَائِطِ وَقَوْلُهُ كَانُوا أَيْ الدَّوَابُّ وَالرَّقِيقُ (قَوْلُهُ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْ كَانَ فِيهِ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ ح وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْوَجِيبَةِ نَقَدَ رَبَّ الْحَائِطِ فِيهَا أَمْ لَا،. وَأَمَّا الْمُشَاهَرَةُ فَتَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ فِيهَا رَبَّهُ مُدَّةً كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْوَجِيبَةِ قَالَ ح وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ فَهُوَ ضَعِيفٌ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فَإِنَّهُ جَعَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ خَلَّفَ مَنْ مَاتَ) عَطْفٌ عَلَى أُجْرَةٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ خَلَفُ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ بَلْ هُوَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَامِلُ ذَلِكَ فَلَوْ شَرَطَ خَلَفَهَا عَلَى الْعَامِلِ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى انْتِفَاعِهِ بِهَا حَتَّى تَهْلَكَ أَعْيَانُهَا وَتَجْدِيدُهَا عَلَى الْعَامِلِ مَعْلُومٌ عَادَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ كَزَرْعٍ وَلَوْ بَعْلًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتَ عِنْدَ عَدَمِ سَقْيِهِ وَاحْتِيَاجِهِ لِعَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ إخْلَافَهُ بَعْدَ قَطْعِهِ وَجَوَازَ الْمُسَاقَاةِ فِيمَا يَخْلُفُ بَعْدَ الْقَطْعِ خَاصٌّ بِالشَّجَرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَبَصَلٍ) أَيْ وَكَفُجْلٍ وَكُرَّاثٍ مِمَّا يُجَذُّ وَكُزْبَرَةٍ وَجَزَرٍ وَخَسٍّ وَكُرُنْبٍ وَسَبَانِخَ وَشَبَتٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْبَاذِنْجَانُ)

غَيْرُ مَعْنَاهُ فِي الشَّجَرِ، الشَّرْطُ الثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ عَجَزَ رَبُّهُ) عَنْ تَمَامِ عَمَلِهِ الَّذِي يَنْمُو بِهِ، وَلِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَخِيفَ مَوْتُهُ) لَوْ تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ، وَلِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَبَرَزَ) مِنْ أَرْضِهِ لِيَصِيرَ مُشَابِهًا لِلشَّجَرِ، وَلِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) فَإِنْ بَدَا لَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ وَالْبُدُوُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلِ الزَّرْعِ فِي الْمُسَاقَاةِ بِشُرُوطِهِ (الْوَرْدُ وَنَحْوُهُ) كَالْيَاسَمِينِ (وَالْقُطْنُ) مِمَّا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَيَبْقَى أَصْلُهُ فَيُثْمِرُ مَرَّةً أُخْرَى. وَأَمَّا مَا يُجْنَى مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ قُطْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَكَالزَّرْعِ اتِّفَاقًا (أَوْ كَالْأَوَّلِ) ، وَهُوَ الشَّجَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا جَمِيعُ الشُّرُوطِ فَيَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا عَجَزَ رَبُّهَا أَمْ لَا (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ) وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ الْعَجْزُ اتِّفَاقًا وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْقُطْنَ كَالزَّرْعِ (وَأُقِّتَتْ) الْمُسَاقَاةُ (بِالْجُذَاذِ) أَيْ قَطْعُ الثَّمَرِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُؤَقَّتَ بِالْجُذَاذِ أَيْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَأَنَّهَا إنْ أُطْلِقَتْ كَانَتْ فَاسِدَةً مَعَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ صَرَّحَ بِأَنَّهَا إنْ أُطْلِقَتْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَتُحْمَلُ عَلَى الْجُذَاذِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَجُوزُ سِنِينَ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا فَالتَّوْقِيتُ بِالْجُذَاذِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا فَالْمُرَادُ أَنَّهَا إذَا أُقِّتَتْ لَا يَجُوزُ أَنْ تُؤَقَّتَ بِزَمَنٍ يَزِيدُ عَلَى زَمَنِ الْجُذَاذِ عَادَةً يَعْنِي أَنَّهُ مُنْتَهَى وَقْتِهَا الْجُذَاذُ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ قُيِّدَتْ بِزَمَنٍ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْجُذَاذِ فِيهِ عَادَةً احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قُيِّدَتْ بِزَمَنٍ يَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْجُذَاذِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً. (وَ) لَوْ كَانَ نَوْعٌ يُطْعَمُ فِي السَّنَةِ بِطُنَّيْنِ تَتَمَيَّزُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى (حُمِلَتْ) الْمُسَاقَاةُ أَيْ انْتِهَاؤُهَا (عَلَى الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ثَانٍ) ، وَأَمَّا الْجُمَّيْزُ وَالنَّبْقُ وَالتُّوتُ فَبُطُونُهُ لَا تَتَمَيَّزُ فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِهَاءِ الْجَمِيعِ (وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ) الْأَوْلَى شَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ (أَوْ زَرْعٍ) تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ أَيْ إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَ فِي خِلَالِ النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَفَادَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ وَافَقَ الْجُزْءُ) فِي الْبَيَاضِ الْجُزْءَ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ فَإِنْ اخْتَلَفَا لَمْ يَجُزْ (وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ) مِنْ عِنْدِهِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ بَذْرَهُ عَلَى رَبِّهِ لَمْ يَجُزْ (وَكَانَ) كِرَاءُ الْبَيَاضِ (ثُلُثًا) فَدُونَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ (بِإِسْقَاطِ كُلْفَةِ الثَّمَرِ) كَأَنْ يَكُونَ كِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهَا بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مِائَتَانِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كِرَاءَهُ ثُلُثٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِنْهَا الْقَرْعُ وَمِثْلُهَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْبَامِيَا وَالْعُصْفُرُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَعْنَاهُ فِي الشَّجَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِخْلَافِ هُنَا الْإِخْلَافُ بَعْدَ الْقَطْعِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الشَّجَرِ الْإِخْلَافُ قَبْلَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ إنْ عَجَزَ رَبُّهُ إلَخْ) وَمِنْهُ اشْتِغَالُهُ عَنْهُ بِالسَّفَرِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ) أَيْ وَظُنَّ مَوْتُهُ إذَا تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَجْزِ رَبِّهِ خَوْفُ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قَدْ تَسْقِيه وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَبَرَزَ) إنْ قِيلَ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ إذْ لَا يُسَمَّى زَرْعًا أَوْ قَصَبًا أَوْ بَصَلًا بَعْدَ بُرُوزِهِ. وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ حَقِيقَةً وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْبَذْرِ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَاشْتَرَطَ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّرْعِ مَا يَشْمَلُ الْبَذْرَ (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ مِمَّا تُجْنَى) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مِمَّا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ. وَلَوْ قَالَ الَّذِي تُجْنَى ثَمَرَتُهُ إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ كَالشَّجَرِ بِلَا خِلَافٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ مُسَاقَاتِهِمَا عَجْزُ رَبِّهِمَا. وَأَمَّا الْقُطْنُ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَالزَّرْعِ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَوْ أَبْدَلَ الْمُصَنِّفُ الْوَرْدَ بِالْعُصْفُرِ كَانَ أَوْلَى لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِيهِ كَالْقُطْنِ وَعِبَارَةُ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ فِي الْوَرْدِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالشَّجَرِ بِلَا خِلَافٍ فَإِنَّ ح وَالتَّوْضِيحَ وَالْمَوَّاقَ لَمْ يَذْكُرُوا التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ إلَّا فِي الْعُصْفُرِ، وَأَمَّا الْوَرْدُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالشَّجَرِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ نَوْعٌ يُطْعَمُ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ) أَيْ وَكَأَرْضٍ بَيَاضٍ خَالِيَةٍ مِنْ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِمَّا ذُكِرَ بَيَاضًا؛ لِأَنَّهَا لِخُلُوِّهَا مِمَّا ذُكِرَ تَصِيرُ فِي النَّهَارِ مُشْرِقَةً بِضَوْءِ الشَّمْسِ، وَفِي اللَّيْلِ بِنُورِ الْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ. وَأَمَّا إذَا اسْتَتَرَتْ بِزَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ سُمِّيَتْ سَوْدَاءَ لِحَجْبِ مَا ذُكِرَ بَهْجَةَ الْإِشْرَاقِ فَيَصِيرُ مَا تَحْتَهُ سَوَادًا. (قَوْلُهُ أَيْ إدْخَالُهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ لِلْبَيَاضِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ: الْأُولَى إدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَيَجُوزُ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ فَيُمْنَعُ، وَإِنْ قَلَّ، الثَّالِثَةُ أَنْ يَسْكُتَا عَنْهُ فَيَبْقَى لِلْعَامِلِ إنْ قَلَّ، الرَّابِعَةُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إنْ قَلَّ. (قَوْلُهُ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَصْبَغُ مُوَافَقَةَ الْجُزْءِ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ: وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ عِنْدَنَا بِفَاسَ أَنَّ الْبَيَاضَ لَا يُعْطَى إلَّا بِجُزْءٍ أَكْثَرَ فَلَهُ مُسْتَنَدٌ فَلَا يُشَوِّشُ عَلَى النَّاسِ إذْ ذَاكَ بِذِكْرِ الْمَشْهُورِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ وَاشْتَرَطَ بَذْرَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَالْمُرَادُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ عَمَلِهِ فِيهِ جَمِيعَ مَا يُفْتَقَرُ إلَيْهِ عُرْفًا فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ) أَيْ بِأَنْ يُنْسَبَ كِرَاءُ الْبَيَاضِ إلَى مَجْمُوعِ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهَا وَكِرَاءِ الْبَيَاضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كِرَاءَ الْبَيَاضِ ثُلُثٌ بِالنِّسْبَةِ لَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً (قَوْلُهُ بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ جُزْؤُهُ مُوَافِقًا لِلْجُزْءِ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ كَانَ مُوَافِقًا وَلَكِنْ لَيْسَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ

(فَسَدَ) الْعَقْدُ (كَاشْتِرَاطِهِ رَبُّهُ) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ لِنَفْسِهِ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ لِنَيْلِهِ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلِذَا لَوْ كَانَ بَعْلًا أَوْ كَانَ لَا يُسْقَى بِمَاءِ الْحَائِطِ بِأَنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا يُسْقَى بِمَاءٍ عَلَى حِدَةٍ لَجَازَ لِرَبِّهِ اشْتِرَاطُهُ لِنَفْسِهِ (وَأُلْغِي) الْبَيَاضُ الْمُسْتَوْفِي الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ (لِلْعَامِلِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ الْمَوْضُوعُ أَنَّ الْبَيَاضَ يَسِيرٌ بِأَنْ كَانَ كِرَاؤُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ فَإِنْ كَثُرَ لَمْ يُلْغَ وَكَانَ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (وَدَخَلَ) لُزُومًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا) بِأَنْ سَاقَاهُ عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ شَجَرٌ هُوَ تَابِعٌ لِلزَّرْعِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ كَأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الثَّمَرِ عَلَى الْمُعْتَادِ بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهِ فَإِذَا قِيلَ مِائَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الزَّرْعِ فَإِذَا قِيلَ مِائَتَانِ عُلِمَ أَنَّ الشَّجَرَ تَبَعٌ فَيَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لُزُومًا وَيَكُونُ بَيْنَهَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ وَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّهِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ أَيْ يَدْخُلُ زَرْعٌ تَبِعَ شَجَرًا (وَجَازَ زَرْعٌ وَشَجَرٌ) أَيْ مُسَاقَاتُهُمَا مَعًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ بَلْ (، وَإِنْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (غَيْرَ تَبَعٍ) بِأَنْ تَسَاوَيَا أَوْ تَقَارَبَا لَكِنْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا اُعْتُبِرَ شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ شُرُوطُ كُلٍّ. (وَ) جَازَ (حَوَائِطُ) أَيْ مُسَاقَاتُهَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) تِلْكَ الْحَوَائِطُ فِي الْأَنْوَاعِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا نَخْلًا وَبَعْضُهَا رُمَّانًا وَبَعْضُهَا عِنَبًا (بِجُزْءٍ) مُتَّفِقٍ فِي الْجَمِيعِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ إنْ اتَّفَقَ الْجُزْءُ فَإِنْ اخْتَلَفَ لَمْ يَجُزْ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مُسَاقَاتُهَا (فِي صَفَقَاتٍ) مُتَعَدِّدَةٍ فَيَجُوزُ اخْتِلَافُ الْجُزْءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ (وَ) جَازَ (غَائِبٌ) أَيْ مُسَاقَاةُ حَائِطِ غَائِبٍ وَلَوْ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ وُصِفَ) مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَامِلِ أَوْ كَانَ وَلَكِنْ كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ فِي الْبَيَاضِ وَفِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ كِرَاؤُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ لِنَيْلِهِ إلَخْ الْأَوْلَى إذَا كَانَ يَنَالُهُ شَيْءٌ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْفَسَادِ لِنَيْلِ الْبَيَاضِ شَيْئًا مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَيَاضُ لَا يَنَالُهُ سَقْيُ الْعَامِلِ لَا يَضُرُّ اشْتِرَاطُ رَبِّهِ أَخْذَ ذَلِكَ الْبَيَاضِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَوْفِي الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ إلَخْ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ إنْ سَكَتَا عَنْهُ) أَيْ وَقْتَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ فَلَمْ يُبَيِّنَا دُخُولَهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا كَوْنَهُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا وَاشْتِرَاطُهُ يُوجِبُ مَنْعَهُ كَالنَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ زَادَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اشْتَرَطَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُلْغَ) أَيْ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ) فَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ فَإِنْ أُدْخِلَ فِيهَا فَسَدَتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيَاضَ إنْ كَانَ كَثِيرًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يُلْغَى لِلْعَامِلِ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَفِيهِ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ شَجَرٌ) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَقَعَتْ قَصْدًا عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ شَجَرٌ يَسِيرٌ تَبَعٌ فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّجَرَ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الزَّرْعِ لُزُومًا وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ لَا بِإِلْغَاءِ الشَّجَرِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ شُرُوطُ التَّابِعِ بِأَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّجَرُ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ وَأَنْ لَا يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّجَرُ لَا يَخْلُفُ وَكَذَا فِي عَكْسِهَا فَلَا يُقَالُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْجِزَ رَبُّهُ عَنْ الْعَمَلِ فِيهِ وَأَنْ يَبْرُزَ وَأَنْ يُخَافَ مَوْتُهُ وَأَنْ لَا يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَخْلُفُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ ثَمَرِهِ الثُّلُثَ فَدُونَ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الْمَتْبُوعِ وَهُوَ الزَّرْعُ. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ ثَمَرِ الشَّجَرِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يُقَالَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمِثَالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ سُقُوطُ الْكُلْفَةِ فِي قِيمَةِ الثَّمَرَةِ دُونَ الزَّرْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّبْصِرَةِ وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ فِيهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ عَلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ أَيْ مُسَاقَاتُهُمَا مَعًا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَعَ عَقْدُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا أَوْ لَا. وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَدَخَلَ الْآخَرُ تَبَعًا فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) مُرَادُهُ الْأَحَدُ الشَّائِعُ (وَقَوْلُهُ غَيْرَ تَبَعٍ) أَيْ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ) أَيْ. وَأَمَّا اتِّفَاقُ الْجُزْءِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ عُقُودٍ وَالْعَامِلُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ وَكَذَا رَبُّ الْحَوَائِطِ إمَّا وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّفَقَتْ تِلْكَ الْحَوَائِطُ فِي الْأَنْوَاعِ بَلْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا بِجُزْأَيْنِ إلَّا فِي صِفَاتٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَوَائِطُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَوْ صَفَقَاتٍ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ صَفَقَاتٍ (قَوْلُهُ إنْ وُصِفَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاصِفُهُ لِلْعَامِلِ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ وُصِفَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ

مِنْ شَجَرٍ وَأَرْضٍ وَرَقِيقٍ وَدَوَابَّ وَمَا يُسْقَى بِهِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ هُوَ بَعْلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَوَصَلَهُ) الْعَامِلُ أَيْ أَمْكَنَهُ وُصُولُهُ (قَبْلَ طِيبِهِ) وَإِلَّا فَسَدَتْ وَلَوْ فُرِضَ وُصُولُهُ قَبْلَهُ (وَ) جَازَ (اشْتِرَاطُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) أَيْ زَكَاةُ الْحَائِطِ بِتَمَامِهِ (عَلَى أَحَدِهِمَا) بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ حِصَّتِهِ لِرُجُوعِهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ سَكَتَا عَنْ اشْتِرَاطِهَا بُدِئَ بِهَا ثُمَّ قُسِّمَ الْبَاقِي عَلَى مَا شَرَطَا مِنْ الْجُزْءِ فَإِنْ قَصَرَ الْخَارِجُ عَنْ النِّصَابِ أُلْغِيَ الشَّرْطُ وَقَسَمَا الثَّمَرَةَ عَلَى مَا شَرَطَا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ لِمُشْتَرِطِهِ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ. (وَ) جَازَ مُسَاقَاةُ عَامِلٍ فِي حَائِطٍ (سِنِينَ) وَلَوْ كَثُرَتْ (مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا بِلَا حَدٍّ) فِي الْكَثْرَةِ الْجَائِزَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ الْمَدَارُ فِي الْجَوَازِ عَلَى السِّنِينَ الَّتِي لَا تَتَغَيَّرُ الْأُصُولُ فِيهَا عَادَةً وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ أَرْضًا وَأُصُولًا إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ وَلَا الْأَرْضُ الْقَوِيَّةُ كَالضَّعِيفَةِ قَالَ فِيهَا قِيلَ لِمَالِكٍ الْعَشَرَةُ قَالَ لَا أَدْرِي عَشَرَةً وَلَا عِشْرِينَ وَلَا ثَلَاثِينَ اهـ. (وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (عَامِلٍ) عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (دَابَّةٍ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ (أَوْ غُلَامًا) كَذَلِكَ أَوْ هُمَا (فِي) الْحَائِطِ (الْكَبِيرِ) دُونَ الصَّغِيرِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَفَاهُ ذَلِكَ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَطَ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّهِ. (وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (قَسْمُ الزَّيْتُونِ حَبًّا) ، وَهَذَا الشَّرْطُ إنْ وَقَعَ لِلتَّوْكِيدِ إذْ الْعَقْدُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّهَا تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ (كَعَصْرِهِ) أَيْ الزَّيْتُونُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ (عَلَى أَحَدِهِمَا) وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَهُوَ عَلَيْهِمَا (وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ (إصْلَاحُ جِدَارٍ وَكَنْسُ عَيْنٍ) وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (وَسَدُّ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ (حَظِيرَةٍ) بِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ الزَّرْبُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ يَمْنَعُ التَّسَوُّرَ وَشَدُّهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ يَكُونُ بِنَحْوِ الْحِبَالِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ يَكُونُ بِأَعْوَادٍ وَنَحْوِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسَاقَاةُ الْغَائِبِ بِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَلَا عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْحَطَّابِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ شَبَّهَتْ مُسَاقَاةَ الْغَائِبِ بِبَيْعِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ مِنْ شَجَرٍ) أَيْ مِنْ جِنْسِ الشَّجَرِ وَعَدَدِهِ (قَوْلُهُ وَأَرْضٍ) أَيْ فَيُوصَفُ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَغَرَبٍ (قَوْلُهُ أَيْ أَمْكَنَهُ وُصُولُهُ قَبْلَ طِيبِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِالْفِعْلِ فَإِنْ عَقَدَاهَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ قَبْلَ طِيبِهِ فَتَوَانَى فِي طَرِيقِهِ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الطِّيبِ لَمْ تَفْسُدْ وَحُطَّ عَنْ الْعَامِلِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ حُطَّ بِنِسْبَتِهِ ثُمَّ نَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِقَامَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ عَلَى قَوْلٍ فِيهِ نَوْعُ قُوَّةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَزَمَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِعَدَمِ وُصُولِهِ قَبْلَ طِيبِهِ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ وَاشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ لَكَفَاهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَاشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا الزَّكَاةَ عَلَى الْآخَرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّخْلَ وَالزَّرْعَ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ إنَّمَا يُزَكَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ رَبُّهُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ وَثَمَرُهُ أَوْ زَرْعُهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِصَابٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّهُ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْ الثَّمَرُ أَوْ الزَّرْعُ وَلَوْ مَعَ مَالِهِ مِنْ غَيْرِهَا نِصَابًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن وَمَا فِي عبق مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ) فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لِمَنْ اُشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ مَثَلًا إلَّا نِصْفَ عُشْرِهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِمُشْتَرِطِهِ) أَيْ وَقِيلَ إنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَرِ أَوْ نِصْفُ عَشْرِهِ يَكُونُ لِمَنْ اشْتَرَطَهُ عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَجَازَ سِنِينَ) أَيْ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ عَلَى تَمَامِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ تَمَامِهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا) أَيْ كَثْرَةً جِدًّا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ نَائِبٌ عَنْ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَذَلِكَ بِأَنْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَبْقَى الْحَائِطُ عَلَى حَالِهِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْإِمَامِ تَحْدِيدٌ بِشَيْءٍ مِنْ السِّنِينَ فِي الْكَثْرَةِ الْجَائِزَةِ وَلَا فِي غَيْرِ الْجَائِزَةِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ فَلَوْ حَدَّدَ لَفُهِمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ قِيلَ لِمَالِكٍ الْعَشَرَةِ) أَيْ السِّنِينَ الَّتِي تَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا الْعَشَرَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَفَاهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ أَوْ الدَّابَّةَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ رُبَّمَا كَفَى ذَلِكَ الْحَائِطَ الصَّغِيرَ. (قَوْلُهُ وَجَازَ اشْتِرَاطُ قَسْمِ الزَّيْتُونِ حَبًّا) أَيْ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ لِلتَّوْكِيدِ) أَيْ تَوْكِيدِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ لِمَا عُلِمَ أَنَّهَا أَيْ الْمُسَاقَاةُ تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ وَإِذَا انْتَهَتْ بِالْجُذَاذِ قُسِمَ الزَّيْتُونُ حَبًّا وَحَيْثُ كَانَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ مُؤَكِّدًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّهُ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْعَقْدِ مُقْتَضِيًا لَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ تَطَوُّعًا وَيُفْسِدُهَا شَرْطُهُ كَبَيْعِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَهُوَ عَلَيْهِمَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ بِعَصْرِهِ وَلَا عَادَةٌ بِذَلِكَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْتَسِمَاهُ حَبًّا كَانَ عَصْرُهُ عَلَيْهِمَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اقْتَسَمَاهُ حَبَّاتٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمَاهُ حَبًّا وَاشْتُرِطَ عَصْرُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ عَصْرُهُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ وَاشْتُرِطَ خِلَافُهُ عُمِلَ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّاسِخِ لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ الزَّرْبُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ) أَيْ، وَهِيَ الزَّرْبُ الَّذِي يُجْعَلُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ الْمُحِيطَةِ

لِمَا انْفَتَحَ مِنْهُ (وَإِصْلَاحِ ضَفِيرَةٍ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ كَحَاصِلٍ وَصِهْرِيجٍ وَجَازَ اشْتِرَاطُ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْعَامِلِ لِيَسَارَتِهَا وَعَدَمِ بَقَائِهَا بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ غَالِبًا فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهِ (أَوْ مَا قَلَّ) غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا لَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ كَنَاطُورٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَجُوزُ الْأُمُورُ السَّابِقَةُ وَلَوْ كَثُرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ أَوْ مَا قَلَّ عَلَيْهَا وَيَجْعَلُهَا أَمْثِلَةً لِلْقَلِيلِ (و) جَازَ (تَقَايُلُهُمَا) وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ لِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ (هَدَرًا) أَيْ حَالَ كَوْنِ التَّقَايُلِ خَالِيًا مِنْ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَمَفْهُومُ هَدَرًا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّقَايُلُ عَلَى شَيْءٍ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَالْمَذْهَبُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَمْ تَطِبْ جَازَ إنْ تَقَايَلَا قَبْلَ الْعَمَلِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ. وَأَمَّا بَعْدَهُ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ كَمَا لَوْ طَابَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ كَانَ الْجُزْءُ غَيْرَ مُسَمًّى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّقَايُلُ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا فَلَا نَصَّ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْمَنْعِ (وَ) جَازَ (مُسَاقَاةُ الْعَامِلِ) عَامِلًا (آخَرَ) أَمِينًا (وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةً) لَا غَيْرَ أَمِينٍ (وَحُمِلَ) الْعَامِلُ الثَّانِي (عَلَى ضِدِّهَا) أَيْ الْأَمَانَةُ إذَا جَهِلَ الْحَالَ (وَضَمِنَ) الْأَوَّلُ مُوجِبَ فِعْلِ غَيْرِ الْأَمِينِ (فَإِنْ عَجَزَ) الْعَامِلُ أَوْ وَارِثُهُ عَنْ الْعَمَلِ (وَلَمْ يَجِدْ) أَمِينًا يُسَاقِيه ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْبُسْتَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ شَوْكٍ أَوْ مِنْ جَرِيدٍ أَوْ بُوصٍ أَوْ مِنْ أَعْوَادٍ (قَوْلُهُ لَهُ لِمَا انْفَتَحَ مِنْهُ) أَيْ تُوضَعُ فِيمَا انْفَتَحَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الزَّرْبِ (قَوْلُهُ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَهِيَ إصْلَاحُ الْجِدَارِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهِ) أَيْ وَلَوْ انْهَارَتْ الْبِئْرُ فَعَلَى رَبِّهَا إصْلَاحُهَا فَإِنْ أَبَى فَلِلْمُسَاقَى بِالْفَتْحِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا قَدْرَ مَا يَخُصُّ رَبَّهَا مِنْ ثَمَرَةِ سَنَةٍ وَيَكُونُ نَصِيبُ رَبِّهَا مِنْ الثَّمَرَةِ رَهْنًا بِيَدِهِ، كَذَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ بَهْرَامَ يُنْفِقُ الْعَامِلُ وَيَكُونُ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّمَرَةِ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِسَنَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَا قَلَّ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ عَمَلَ مَا قَلَّ مِمَّا هُوَ لَازِمٌ لِرَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) قَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِدَفْعِ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَوْ مَا قَلَّ يَعْنِي غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ فَيُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ اشْتِرَاطِ مَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ قَلِيلًا (قَوْلُهُ لِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَرْعُ اللُّزُومِ وَإِلَّا إنْ كَانَ مُجَرَّدَ تَرْكٍ كَمَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ التَّقَايُلُ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ يَدْفَعُهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِجُزْءٍ مُسَمًّى كَرُبُعٍ أَوْ لَا كَوَسْقٍ كَانَ التَّقَايُلُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بَيْعٌ لِلثَّمَرِ قَبْلَ زَهْوِهِ إنْ أَثْمَرَ النَّخْلُ، وَإِمَّا مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي النَّخْلِ ثَمَرٌ فَقَدْ أَكَلَ الْعَامِلُ مَا أَخَذَهُ بَاطِلًا إذْ لَمْ يَعُدْ عَلَى رَبِّهِ نَفْعٌ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ) أَيْ كَمَا قَالَ ح بَلْ فِي بْن أَنَّ الَّذِي تَقْتَضِيه الْمُدَوَّنَةُ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا بَعْدَهُ) أَيْ الْعَمَلِ كَانَ التَّقَايُلُ بِجُزْءٍ مُسَمًّى أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ) قَالَ بْن الصَّوَابُ نِسْبَةُ الْمَنْعِ إلَى سَمَاعِ أَشْهَبَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ اتِّهَامُ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْعَامِلِ تِلْكَ الْأَشْهُرَ بِسُدُسٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ إنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ فَصَارَتْ الْمُسَاقَاةُ دُلْسَةً بَيْنَهُمَا وَصَارَ فِيهِ بَيْعُ الثَّمَرَةِ بِالْعَمَلِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ طَابَتْ الثَّمَرَةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ التَّقَايُلَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْجُزْءُ غَيْرَ مُسَمًّى) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْإِقَالَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْمَنْعِ) أَيْ لِاتِّهَامِ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْعَامِلِ تِلْكَ الْأَشْهُرَ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَرِ تِلْكَ الْحَائِطِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِالدَّرَاهِمِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَصَارَتْ الْمُسَاقَاةُ دُلْسَةً (قَوْلُهُ وَجَازَ مُسَاقَاةُ الْعَامِلِ عَامِلًا آخَرَ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْحَائِطِ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ رَبُّ الْحَائِطِ عَمَلَ الْعَامِلِ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا مُنِعَ مِنْ مُسَاقَاتِهِ لِآخَرَ (قَوْلُهُ أَمِينًا) أَيْ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ مُعَامِلًا آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ أَمِينًا؛ لِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ لَا غَيْرَ أَمِينٍ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مِثْلَهُ فِي عَدَمِ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ رُبَّمَا رَغِبَ فِي الْأَوَّلِ لِأَمْرٍ لَيْسَ فِي الثَّانِي وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَانَ جُزْءُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ جُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالزِّيَادَةُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ الَّذِي جَعَلَهُ لِلثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْجُزْءِ الْمَجْعُولِ لَهُ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ الَّذِي جَعَلَهُ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ عَلَى ضِدِّهَا) أَيْ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ لَا الْعَدَالَةُ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ حَتَّى يَثْبُتَ ضِدُّهَا فَلَيْسُوا كَالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ ثَبَتَ لَهُمْ حَقُّ مُوَرِّثِهِمْ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَرَثَةِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ وَوَرَثَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ حَيْثُ حُمِلُوا عَلَى ضِدِّ الْأَمَانَةِ أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْأَوَّلُ مُوجِبَ فِعْلِ غَيْرِ الْأَمِينِ) أَيْ مُوجِبَ فِعْلِ الثَّانِي إذَا كَانَ الثَّانِي غَيْرَ أَمِينٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَامِلَ الثَّانِي حَيْثُ حُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَضْمَنُ مُوجِبَ فِعْلِ الثَّانِي الَّذِي لَا أَمَانَةَ عِنْدَهُ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ

(أَسْلَمَهُ) لِرَبِّهِ (هَدَرًا) بِلَا شَيْءٍ وَلَزِمَ رَبَّهُ قَبُولُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ حَتَّى تَلِفَ شَيْءٌ فَضَمَانُهُ مِنْهُ (وَلَمْ تَنْفَسِخْ) الْمُسَاقَاةُ (بِفَلَسِ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطُ الطَّارِئُ عَلَى عَقْدِهَا (وَ) إذَا لَمْ تَنْفَسِخْ بِالْفَلَسِ الطَّارِئِ (بِيعَ) الْحَائِطُ عَلَى أَنَّهُ (مُسَاقًى) وَلَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ سِنِينَ كَمَا تُبَاعُ الدَّارُ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ وَالْمَوْتُ كَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْكِرَاءِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُتَكَارِيَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَتْ الْمُسَاقَاةُ عَنْ الْفَلَسِ لَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُهَا (وَ) جَازَ (مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ) حَائِطَ مَحْجُورِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَصَرُّفِهِ لَهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ (وَ) مُسَاقَاةُ (مَدِينٍ) حَائِطَهُ قَبْلَ قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (بِلَا حَجْرٍ) وَلَا فَسْخٍ لِغُرَمَائِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكْرَى أَوْ سَاقَى بَعْدَ قِيَامِهِمْ فَلَهُمْ الْفَسْخُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) جَازَ لِمُسْلِمٍ (دَفْعُهُ) أَيْ حَائِطُهُ (لِذِمِّيٍّ) يَعْمَلُ فِيهِ مُسَاقَاةً (لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا) وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَانَتِهِمْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (لَا مُشَارَكَةُ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطُ فِي الْمُسَاقَاةِ فَلَا تَجُوزُ أَيْ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُشَارِكَ عَامِلًا فِي مُسَاقَاةِ حَائِطِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ (أَوْ) (إعْطَاءِ أَرْضٍ) لِرَجُلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ وَلَا يَرْجِعُ قَوْلُهُ وَضَمِنَ لِمَا إذَا كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ أَمَانَتُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ أَسْلَمَهُ لِرَبِّهِ هَدَرًا بِلَا شَيْءٍ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُهُ؛ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ انْتَفَعَ رَبُّ الْحَائِطِ بِمَا عَمِلَ الْعَامِلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَهُ قِيمَةُ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْجُعَلِ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ ثُمَّ يَتْرُكُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا وَيُتَمِّمُ رَبُّ الْبِئْرِ حَفْرَهَا اهـ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا قَوْلُهُ أَسْلَمَهُ هَدَرًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ رَبُّ الْحَائِطِ لَكِنْ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ خَلِيلٌ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ اهـ. إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَزِمَ رَبَّهُ الْقَبُولُ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ: لَوْ قَالَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنَا أَسْتَأْجِرُ مَنْ يَعْمَلُ تَمَامَ الْعَمَلِ وَأَبِيعُ لِلْعَامِلِ مَا خَصَّهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَاسْتَوْفِي مَا أَدَّيْت فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلَهُ، وَإِنْ نَقَصَ اتَّبَعْته إنَّ ذَلِكَ لَهُ نَقَلَهُ بْن عَنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَنْفَسِخْ الْمُسَاقَاةُ) أَيْ عَقْدُهَا وَقَوْلُهُ بِفَلَسِ رَبِّهِ أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَوْ الْأَخَصِّ وَقَوْلُهُ الطَّارِئُ عَلَى عَقْدِهَا أَيْ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِيعَ) أَيْ لِأَجْلِ قَسْمِ ثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَيْ عَلَى أَنَّ الْحَائِطَ مُسَاقًى فِيهِ الْعَامِلُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَالْمَوْتُ كَالْفَلَسِ) أَيْ وَمَوْتُ رَبِّ الْحَائِطِ الطَّارِئِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ كَفَلَسِهِ فِي عَدَمِ فَسْخِ الْمُسَاقَاةِ بِهِ وَفِي عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ الْحَائِطُ بَعْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ إبْقَاءِ الْعَمَلِ وَفَسْخِ عَقْدِهِ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّ الْعَاقِدَ لَهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَحِينَئِذٍ فَيُدْفَعُ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَلَوْ بِيعَتْ الْحَائِطُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مُسَاقًى إلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنَّ بَائِعَهَا قَدْ آجَرَهَا مُدَّةً قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ (قَوْلُهُ مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ) أَيْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ لَا مِنْ الْأُمِّ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا حَتَّى تُوصِيَ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن وَمِثْلُهُ الْقَاضِي وَمُقَدِّمُهُ (قَوْلُهُ حَائِطَ مَحْجُورِهِ) أَيْ دَفَعَهَا لِعَامِلٍ يَعْمَلُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْمُسَاقَاةِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ مُسَاقَاةً فِي حَائِطٍ الْيَتِيمِ الَّذِي فِي حَجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَالْقِرَاضِ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ) لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَيْعِ رُبُعِهِ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ وَمُسَاقَاةُ مَدِينٍ حَائِطَهُ) أَيْ دَفَعَهُ لِعَامِلٍ مُسَاقَاةً (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ قَبْلَ قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ مَعْنَى قَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ أَيْ بِلَا قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْفَسْخُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْغُرَمَاءِ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَاَلَّذِي يَمْنَعُ التَّبَرُّعَ فَقَطْ إنَّمَا هُوَ إحَاطَةُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْصِرْ) أَيْ إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّهُ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ الَّتِي يَأْخُذُهَا عَلَى الْعَمَلِ خَمْرًا وَسَوَاءٌ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ الْعَصْرِ أَوْ لَا فَالْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ بِعَدَمِ الْعَصْرِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ مِنْ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُسْلِمُ عَلَيْهِ عَدَمَ عَصْرِ حِصَّتِهِ خَمْرًا وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ مُسَاقَاتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَهْلِ خَيْبَرَ وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ أَنَّهُمْ لَا يَعْصِرُونَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَحَقَّقَ عَصْرُهُ لَهُ خَمْرًا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ حَالَةَ الشَّكِّ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ مُقَارَضَةِ مَنْ شَكَّ فِي عَمَلِهِ بِالرِّبَا وَمُعَامَلَتِهِ (قَوْلُهُ لَا مُشَارَكَةَ رَبِّهِ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَاشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِشَخْصٍ أَسْقِي أَنَا وَأَنْتَ فِي حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرَتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَإِنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ الْعَامِلَ شَرَطَ حِينَ الْعَقْدِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ مَجَّانًا وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ حِينَ الْعَقْدِ الْعَمَلَ مَعَهُ وَيُشَارِكُهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي شَرَطَهُ لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جَاءَتْ بِتَسْلِيمِ رَبِّ

(لِيَغْرِسَ) فِيهَا شَجَرًا مِنْ عِنْدِهِ (فَإِذَا بَلَغَتْ) حَدَّ الْإِثْمَارِ مَثَلًا (كَانَتْ) الْحَائِطُ بِيَدِهِ (مُسَاقَاةً) سِنِينَ سَمَّاهَا لَهُ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ يَكُونُ الْغَرْسُ مِلْكًا لِرَبِّ الْأَرْضِ كَمَا فِي النَّصِّ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ نَزَلَ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ مَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ أَوْ أَثْمَرَ وَلَمْ يَعْمَلْ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَقِيمَةُ مَا أَنْفَقَهُ وَقِيمَةُ الْأَشْجَارِ يَوْمَ غَرْسِهَا فَإِنْ أَثْمَرَ الشَّجَرُ وَعَمِلَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْمُسَاقَاةُ وَكَانَ لَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ. وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بَيْنَهُمَا جَازَ إنْ عُيِّنَ مَا يُغْرَسُ فِي الْأَرْضِ وَكَانَتْ مُغَارَسَةً وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ عُثِرَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَبَعْدَهُ مَضَتْ وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ قِيمَةِ الْغَرْسِ يَوْمَ الْغَرْسِ وعَلَى الْغَارِسِ قِيمَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ بَرَاحًا وَكَانَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا (أَوْ) إعْطَاءُ (شَجَرٍ لَمْ يَبْلُغْ) حَدَّ الْإِطْعَامِ فِي عَامِ الْعَقْدِ فَيُسَاقِيه عَلَيْهِ (خَمْسَ سِنِينَ) أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (وَهِيَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَشْجَارَ (تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا) أَيْ أَثْنَاءَ الْخَمْسِ سِنِينَ أَيْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ فَلَا يَجُوزُ فَمَدَارُ الْمَنْعِ عَلَى إعْطَائِهِ شَجَرًا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ فِي عَامِهِ مُدَّةً كَخَمْسِ سِنِينَ مَثَلًا وَهِيَ تَبْلُغُ بَعْدَ عَامَيْنِ مَثَلًا مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا ذِي ثَمَرٍ إذْ مَعْنَاهُ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ لَمْ تَبْلُغْ مَعْمُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ حَدُّ الْإِطْعَامِ وَخَمْسُ سِنِينَ مَعْمُولُ مُسَاقَاةٍ الْمُقَدَّرُ وَلَا مَفْهُومَ لِخَمْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهَا الْإِطْعَامَ فُسِخَ وَكَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ، وَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِطْعَامِ أَيْ وَعَمِلَ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَكَانَ لِلْعَامِلِ فِي بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَفِيمَا مَضَى أُجْرَةُ مِثْلِهِ (وَفُسِخَتْ) مُسَاقَاةٌ (فَاسِدَةٌ) لِفَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ (بِلَا عَمَلٍ) صِفَةٌ لِفَاسِدَةٍ أَيْ كَائِنَةٌ بِلَا عَمَلٍ يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ الْفَاسِدَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَائِطِ الْحَائِطَ لِلْعَامِلِ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ هُنَا رَبُّ الْحَائِطِ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ الْعَامِلَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمَّا اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ هُوَ مَعَهُ وَلَمْ يُسْلِمْ لَهُ الْحَائِطُ فَكَأَنَّهُ آجَرَهُ عَلَى مُعَاوَنَتِهِ فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ لَهُ الْحَائِطَ، وَكَانَ الْمُشْتَرِطُ الْعَامِلَ تَرَجَّحَ جَانِبُ الْمُسَاقَاةِ دُونَ الْإِجَارَةِ فَكَانَ لِلْعَامِلِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ لِيَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ وَيَقُومُ بِخِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا بَلَغَتْ حَدَّ الْإِثْمَارِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ بَلَغَتْ قَدْرَ كَذَا مِنْ السِّنِينَ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) عَطْفٌ عَلَى سَمَّاهَا أَيْ أَوْ أَطْلَقَ فِي السِّنِينَ وَلَمْ يُسَمِّ عَدَدَهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ الْغَرْسُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ يَكُونُ الْغَرْسُ مِلْكًا لِرَبِّ الْأَرْضِ أَيْ خَالِيًا عَنْ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَبْقَى ذَلِكَ الشَّجَرُ أَوْ يَمُوتُ قَبْلَ إتْيَانِ زَمَنِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ) يَعْنِي الْعُقْدَةُ كُلُّهَا الْمُحْتَوِيَةُ عَلَى الْمُغَارَسَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُثْمِرْ إلَخْ) أَيْ أَنَّ فَسْخَ الْعُقْدَةِ فِي صُورَتَيْنِ مَا إذَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ عَمَلٌ أَوْ أَثْمَرَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ عَمَلٍ يَعْنِي فِي زَمَنِ الْمُسَاقَاةِ وَذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ (قَوْلُهُ وَلِلْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا فُسِخَتْ فَلِلْعَامِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى سِنِينَ الْمُسَاقَاةِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَلَهُ نَفَقَتُهُ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى الشَّجَرِ وَلَهُ قِيمَةُ الْإِشْجَارِ يَوْمَ غَرْسِهَا فَلَهُ أُمُورٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ) أَيْ فِي زَمَنِ الْمُسَاقَاةِ وَقَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى الشَّجَرِ وَقِيمَةُ الشَّجَرِ يَوْمَ غَرْسِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بَيْنَهُمَا) أَيْ مِنْ حِينِ الْغَرْسِ أَوْ إذَا بَلَغَ حَدَّ كَذَا (قَوْلُهُ مَا يُغْرَسُ فِي الْأَرْضِ) أَيْ مِنْ نَوْعِ الشَّجَرِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ عَدَدُهُ وَقَوْلُهُ وَكَانَتْ مُغَارَسَةً أَيْ صَحِيحَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ مُغَارَسَةٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهَا فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ مَا يُغْرَسُ فِيهَا حِينَ الْعَقْدِ كَانَتْ مُغَارَسَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ فَإِنْ عُثِرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْمُغَارَسَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ، وَهِيَ تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا) أَيْ، وَهِيَ تَبْلُغُ حَدَّ الْإِطْعَامِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا لَمْ تَبْلُغْ أَثْنَاءَهَا بَلْ بَعْدَهَا لِضَيَاعِ عَمَلِهِ بَاطِلًا (قَوْلُهُ أَيْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ) أَيْ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ كَانَتْ خَمْسَ سِنِينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لِلْخَطَرِ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِخَمْسٍ) أَيْ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفِ بِهَا تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ أَيْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الرِّوَايَة فَرْضُ مَسْأَلَةٍ. (قَوْلُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْإِطْعَامَ) أَيْ وَبَعْدَ الْعَمَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَأَمَّا لَوْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَقَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَ وَلَا عَلَقَةَ لِأَحَدٍ بِأَحَدٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَعَمِلَ) ، وَأَمَّا لَوْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَلَمْ يَعْمَلْ فُسِخَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ) أَيْ فَتُزَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْمَسَائِلِ التِّسْعَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ وَفُسِخَتْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ فَإِنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَلَا عَلَقَةَ لِأَحَدٍ بِأَحَدٍ سَوَاءٌ كَانَ يَجِبُ فِيهَا بَعْدَ تَمَامِهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَإِنْ وَجَبَ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فُسِخَتْ أَيْضًا وَحَاسَبَ الْعَامِلَ بِأُجْرَةِ مَا عَمِلَ، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ لَمْ تُفْسَخْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَتَبْقَى لِانْقِضَاءِ أَمَدِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ قَبْلَ طِيبِهَا لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعَلِ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْعَامِلُ إلَّا بِتَمَامٍ هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ بِلَا عَمَلٍ) أَيْ أَصْلًا أَوْ بَعْدَ عَمَلٍ لَا بَالَ لَهُ اهـ. عبق.

إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ يَتَعَيَّنُ فَسْخُهَا هَدَرًا سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاتِهِ إذْ لَمْ يَضَعْ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ، وَأَمَّا إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) عُثِرَ عَلَيْهَا (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْعَمَلُ وكَانَتْ الْمُدَّةُ سَنَةً وَاحِدَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ) مُدَّةٍ (أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ فَتَنْفَسِخُ أَيْضًا (إنْ وَجَبَتْ) فِيهَا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِيهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَجَبَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الصُّورَتَيْنِ (وَ) الْوَاجِبُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَمَلُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ خَرَجَا عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمُسَاقَاةِ فَهَذَا فِي قُوَّةِ جَوَابِ سُؤَالِ سَائِلٍ قَالَ لَهُ وَمَا ضَابِطُ مَا يَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَقَالَ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْعَمَلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (كَإِنْ ازْدَادَ) أَحَدُهُمَا (عَيْنًا أَوْ عَرَضًا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي حَائِطِهِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ وَبِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ وَذَلِكَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُوجِبُ الرَّدَّ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُحْسَبُ مِنْهَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى الْجُزْءَ الْمُسَمَّى بِمَا دَفَعَهُ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَبِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُرَدَّ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ (وَإِلَّا) يَخْرُجَا عَنْهَا بِأَنْ جَاءَ الْفَسَادُ مِنْ عَقْدِهَا عَلَى غَرَرٍ وَنَحْوِهِ (فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) وَذَكَرَ لِذَلِكَ تِسْعَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَمُسَاقَاتِهِ مَعَ ثَمَرٍ أَطْعَمَ) أَيْ بَدَا صَلَاحُهُ أَيْ فِيهِ ثَمَرٌ أَطْعَمَ وَلَيْسَ تَبَعًا، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ وَلِمَا إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا ثَمَرُهُ أَطْعَمَ وَالْآخَرُ لَمْ يُطْعِمْ (أَوْ) وَقَعَتْ (مَعَ بَيْعٍ) لِسِلْعَةٍ أَيْ سَاقَاهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ وَبَاعَهُ سِلْعَةً مِنْ الْمُسَاقَاةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْمُسَاقَاةِ مِنْ إجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ وَنِكَاحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا) أَيْ إذَا اُطُّلِعَ عَلَى فَسَادِهَا (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ كُلُّهَا سَنَةً (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ) أَيْ أَوْ عُثِرَ عَلَى فَسَادِهَا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ حُكْمُ مَا إذَا عُثِرَ عَلَى الْفَسَادِ قَبْلَ الْعَمَلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّنَةَ قَلِيلَةٌ فِي جَانِبِ أَكْثَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَتْ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِكَوْنِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلِ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ لِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ كَأَنْ زَادَ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ عَيْبًا أَوْ عَرْضًا فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ وَيَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَبَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِكَوْنِ الْفَسَادِ مِنْ عَقْدِهَا لَا لِخُرُوجِهَا عَنْهَا لِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ عَمَلَ دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَائِطَ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ إبْقَاؤُهَا إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا وَكَانَ لَهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ إلَّا مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَوْ فُسِخَتْ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعْلِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ اهـ. ثُمَّ إنْ لَزِمَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ الْإِطْلَاعِ، وَأَمَّا الْمُدَّةُ الَّتِي قَبْلَ الْإِطْلَاعِ عَلَى الْفَسَادِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ بَعْدَهُ) أَيْ وَالْوَاجِبُ إذَا فُسِخَتْ بَعْدَ الْعَمَلِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ إنْ خَرَجَا عَنْهَا) أَيْ لِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ لِبَيْعٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ ازْدَادَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا) يَتَحَقَّقُ فِي زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا الْخُرُوجُ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَالْخُرُوجُ لِبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ) قَالَ ابْنُ سِرَاجٍ: إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَا يَجِدَ رَبُّ الْحَائِطِ عَامِلًا إلَّا مَعَ دَفْعِهِ لَهُ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْجُزْءِ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ لِلْعَامِلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُسَاقَاةَ الْمِثْلِ وَاجِبَةٌ فِي حَائِطِهِ فَيَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِمَا عَمِلَ فِيهِ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي ح قُبَيْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ سَاقَيْته أَوْ أَكْرَيْتُهُ إلَخْ أَنَّ الْعَامِلَ أَحَقُّ بِالْحَائِطِ فِيمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ هَذَا فِي الْمُسَاقَاةِ نَعَمْ فِي الْقِرَاضِ لَيْسَ أَحَقَّ بِمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا فِي الْفَلَسِ وَلَا فِي الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ تَبَعًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الثَّمَرُ الَّذِي بَدَا صَلَاحُهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ) أَيْ فِيهِ ثَمَرٌ أَطْعَمَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ مِنْ نَوْعٍ مُغَايِرٍ لِلنَّوْعِ الَّذِي لَمْ يُطْعِمْ. (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ لَمْ يُطْعِمْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الْمُسَاقَاةِ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ كَانَ لَهُ فِيمَا لَمْ يُثْمِرْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَالْعِلَّةُ فِي فَسَادِ هَذِهِ الْمُسَاقَاةِ احْتِوَاؤُهَا عَلَى بَيْعِ ثَمَرٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى لِلْعَامِلِ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ الْعَمَلُ وَلَا يُقَالُ أَصْلُ الْمُسَاقَاةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُسَاقَاةُ خَرَجَتْ عَنْ أَصْلٍ فَاسِدٍ وَلَا يَتَنَاوَلُ خُرُوجُهَا هَذَا الْفَرْعَ لِخُرُوجِ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ سَنَةِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ كَوْنِهَا قَبْلَ الْإِطْعَامِ فَبَقِيَ هَذَا الْفَرْعُ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ سَاقَيْتُكَ حَائِطِي وَبِعْتُك سِلْعَةَ كَذَا بِدِينَارٍ وَثُلُثِ الثَّمَرَةِ وَالْعِلَّةُ فِي فَسَادِهَا اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالْمُسَاقَاةِ فَإِذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ مَضَتْ وَكَانَ لِلْعَامِلِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إنَّ كُلَّ مَا يَمْتَنِعُ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

وَصَرْفٍ كَذَلِكَ أَيْ تُفْسَخُ وَفِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ (أَوْ) (اشْتَرَطَ) الْعَامِلُ (عَمَلَ رَبِّهِ) مَعَهُ فِي الْحَائِطِ لِجَوَلَانِ يَدِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبَّ الْحَائِطِ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ (أَوْ) اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَ (دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ) لِرَبِّ الْحَائِطِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَائِطُ (صَغِيرٌ) ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا فِي الْكَبِيرِ (أَوْ) اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (حَمْلَهُ لِمَنْزِلِهِ) أَيْ حَمْلُ نَصِيبِ الْعَامِلِ لِمَنْزِلِ الْعَامِلِ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ اشْتِرَاطُ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ ذَلِكَ (أَوْ) اشْتَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْحَائِطِ أَنَّهُ (يَكْفِيه مُؤْنَةَ) حَائِطٍ (آخَرَ) بِلَا شَيْءٍ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي الثَّانِي وَمُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فِي الْأَوَّلِ (أَوْ اخْتَلَفَ) (الْجُزْءُ) الَّذِي لِلْعَامِلِ (بِسِنِينَ) وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا جُمْلَةً كَأَنْ يُعَاقِدَهُ عَلَى سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ فِي سَنَةٍ وَالثُّلُثَ مَثَلًا فِي أُخْرَى (أَوْ) اخْتَلَفَ الْجُزْءُ فِي (حَوَائِطَ) أَوْ حَائِطِينَ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَحَدُهُمَا بِالثُّلُثِ وَالْآخَرُ بِالنِّصْفِ مَثَلًا فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ. وَأَمَّا مَعَ اتِّفَاقِ الْجُزْءِ أَوْ فِي صَفَقَاتٍ فَيَجُوزُ كَمَا مَرَّ (كَاخْتِلَافِهِمَا) بَعْدَ الْعَمَلِ فِي قَدْرِ الْجُزْءِ (وَلَمْ يُشْبِهَا) فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْعَمَلِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقُضِيَ لِلْحَلِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَإِنَّمَا شَبَّهَ هَذِهِ بِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا صَحِيحٌ وَمُسَاقَاةِ الْمِثْلِ لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ) (سَاقَيْته) عَلَى حَائِطِك (أَوْ أَكْرَيْتَهُ) دَارَك مَثَلًا (فَأَلْفَيْته) أَيْ وَجَدْته (سَارِقًا) يُخَافُ مِنْهُ عَلَى سَرِقَةِ الثَّمَرَةِ مَثَلًا أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الدَّارِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) عُقْدَةُ الْمُسَاقَاةِ أَوْ الْكِرَاءِ (وَلْيَتَحَفَّظْ مِنْهُ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّحَفُّظُ أَكْرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمَنْزِلَ وَسَاقَى الْحَائِطَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكْرَيْتَهُ لِلْخِدْمَةِ فَوَجَدْته سَارِقًا فَإِنَّهُ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّهِ وَالتَّمَاسُكِ مَعَ التَّحَفُّظِ كَمَا قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي وَخُيِّرَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ قَوْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQنِكَاحٌ شَرِكَةٌ صَرْفٌ وَقَرْضُ ... مُسَاقَاةٌ قِرَاضٌ بَيْعٌ جُعَلُ فَجَمْعُ اثْنَيْنِ مِنْهَا الْحَظْرُ فِيهِ ... فَكُنْ فَطِنًا فَإِنَّ الْحِفْظَ سَهْلُ (قَوْلُهُ وَصَرْفٌ كَذَلِكَ) أَيْ وَشَرِكَةٌ وَقَرْضٌ وَقِرَاضٌ (قَوْلُهُ أَيْ تُفْسَخُ) أَيْ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ وَفِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ أَيْ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَ رَبِّهِ مَعَهُ) أَيْ مَجَّانًا فَغَايَرَ قَوْلَهُ وَمُشَارَكَةَ رَبِّهِ أَوْ الْمُرَادُ اشْتَرَطَ عَمَلَ رَبِّهِ مَعَهُ مَجَّانًا أَوْ مَعَ مُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي الْجُزْءِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ شَارَكَ رَبَّهُ بَيَانٌ لِلْمَنْعِ، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَلَا تَكْرَارَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى الِاشْتِرَاطُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ ذَلِكَ لِلشَّارِحِ، وَإِنْ كَانَ مَرَّ لَنَا ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ مُشَارَكَةَ رَبِّهِ وَقَدَّمْنَا وَجْهَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَمَلَ دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ، وَهُوَ صَغِيرٌ) قَالَ عبق الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْفَسَادِ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ أَوْ حَمَلَهُ لِمَنْزِلِهِ) أَيْ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ) أَيْ وَإِلَّا جَازَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ لَهُ أُجْرَةَ الْحَمْلِ فِي الْمَمْنُوعَةِ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ حَائِطٍ آخَرَ) أَيْ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَلَا مَفْهُومَ لِحَائِطٍ بَلْ مَتَى شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ خِدْمَةً فِي شَيْءٍ آخَرَ حَائِطٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ بِأُجْرَةٍ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ وَكَانَ فِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ صِفَةٍ لِشَيْءٍ لَا لِحَائِطٍ. (قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْحَائِطِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ بِسِنِينَ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا زَادَ عَنْ الْوَاحِدِ وَلَوْ كَثُرَ ذَلِكَ الزَّائِدُ جِدًّا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ فَالْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّنِينَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً جِدًّا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْرُجَا لَبَابٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا الْمَنْعُ لِلْغَرَرِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ صَفْقَةً) أَيْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ فَإِنْ كَانَتْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ فِي بَلَدِهِمْ يُسَاقُونَ بِالثُّلُثِ وَبِالرُّبُعِ قُضِيَ بِالْأَكْثَرِ اهـ. تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مَعَ اتِّفَاقِ الْجُزْءِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى حَوَائِطَ بِجُزْءٍ مُتَّفِقٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَأَوْلَى فِي صِفَاتٍ أَوْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى حَوَائِطَ بِجُزْءٍ مُخْتَلِفٍ فِي صَفَقَاتٍ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي صَفَقَاتٍ) أَيْ أَوْ مَعَ اخْتِلَافِهِ فِي صَفَقَاتٍ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ) أَيْ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالْعَمَلِ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا) أَيْ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّ الْمَالَ يُرَدُّ لِرَبِّهِ بِلَا تَحَالُفٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ قَبْلَ الْعَمَلِ مُنْحَلٌّ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا شَبَّهَ هَذِهِ بِمَا قَبْلَهَا) أَيْ وَلَمْ يَعْطِفْهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا صَحِيحٌ مِنْ أَجْلِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِ الْجُزْءِ (قَوْلُهُ أَكْرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمَنْزِلَ إلَخْ) فَإِذَا أَكْرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمَنْزِلَ بِزِيَادَةٍ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا سَاقَى عَلَيْهِ عَامِلًا فَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ أَقَلَّ مِنْ جُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ اكْتَرَيْته) أَيْ جَعَلْته كَرْيًا عِنْدَك لِلْخِدْمَةِ بَقِيَ مَا إذَا اكْتَرَيْته لِلْحَمْلِ فَوَجَدْته سَارِقًا وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عَبِق وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّهُ مِثْلُ مَا إذَا أَكْرَيْتَهُ دَارَك لَا مِثْلُ مَا إذَا أَكْرَيْتَهُ

(كَبَيْعِهِ) سِلْعَةً لِمُفْلِسٍ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الْبَائِعُ (بِفَلَسِهِ) فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الثَّمَنِ لِتَفْرِيطِهِ. وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ لَهُ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ فَفِيمَا إذَا طَرَأَ الْفَلَسُ عَلَى الْبَيْعِ فَلَا تَفْرِيطَ عِنْدَ الْبَائِعِ (وَسَاقِطُ النَّخْلِ) أَيْ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (كَلِيفٍ) وَسَعَفٍ وَجَرِيدٍ (كَالثَّمَرَةِ) فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ، وَأَمَّا مَا سَقَطَ مِنْ خَشَبِ النَّخْلِ أَوْ الشَّجَرِ فَلِرَبِّهِ (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) بِيَمِينٍ كَدَعْوَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مَعْلُومًا وَادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ مُبْهَمٌ أَوْ عَكْسُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ بِأَنْ يَكُونَ عُرْفَهُمْ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيه بِيَمِينِهِ (وَإِنْ) (قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ) عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ (حُطَّ) مِنْ نَصِيبِهِ (بِنِسْبَتِهِ) فَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَا عَمِلَ مَعَ قِيمَةِ مَا تَرَكَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا تَرَكَ الثُّلُثَ مَثَلًا حُطَّ مِنْ جُزْئِهِ الْمُشْتَرَطِ لَهُ ثُلُثُهُ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَصَّرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ السَّقْيُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَقَى مَرَّتَيْنِ وَأَغْنَاهُ الْمَطَرُ عَنْ الثَّالِثَةِ لَمْ يُحَطَّ مِنْ حِصَّتِهِ شَيْءٌ وَكَانَ لَهُ جُزْؤُهُ بِالتَّمَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْبُيُوعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا يَلْحَقُ بِهَا انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْإِجَارَةِ كَذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ الرُّبُعِ الرَّابِعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَعَنَا بِبَرَكَاتِهِ وَأَسْرَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ كَبَيْعِهِ) أَيْ كَبَيْعِ شَخْصٍ سِلْعَتَهُ لِمُفْلِسٍ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الثَّمَنِ) أَيْ أَنَّهُ يُحَاصِصُ مَعَهُمْ بِالثَّمَنِ فِيمَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ وَغَيْرُهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ قَبْلَ اقْتِسَامِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَ لَهُ بَعْدَ اقْتِسَامِهِمْ فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَهُمْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِ) أَيْ حَيْثُ بَاعَ لِذَلِكَ الْمُفْلِسِ وَلَمْ يَثْبُتْ. (قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ) أَيْ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا سَقَطَ مِنْهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى مِنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَالسَّاقِطُ مِنْ أَجْزَاءِ النَّخْلِ حَالَةَ كَوْنِهِ كَلِيفٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلنَّخْلِ بَلْ مِثْلُهُ الشَّجَرُ وَالزَّرْعُ السَّاقِطُ مِنْهُ كَالتِّبْنِ وَالْوَقِيدِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ فِي الْحَبِّ (قَوْلُهُ وَجَرِيدٍ) أَيْ وَبَلَحٍ وَقَوْلُهُ كَالثَّمَرَةِ أَيْ الْبَاقِيَةِ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْعَامِلِ فَلَيْسَتْ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً لِصِدْقِهَا بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الْحَائِطِ لَمْ تُدْفَعْ لِي الثَّمَرَةُ وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ دَفَعَتْهَا لَك صُدِّقَ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيَحْلِفُ كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ جُذَاذِ النَّاسِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَ ذَلِكَ الْعِلْمِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَفِي الشَّامِلِ وَصُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ قَالَ عج، وَهُوَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ مَا فِي الشَّامِلِ هُوَ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ يُونُسَ وَالتُّونُسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ فَتَحَصَّلَ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَطَرِيقَةَ غَيْرِهِمَا التَّفْصِيلُ وَعَلَيْهَا الشَّامِلُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ) أَيْ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي صِحَّتِهِ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَا ذَكَرَهُ تت هُنَا عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَدَّهُ عج بِأَنَّ ابْنَ نَاجِيٍّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِرَاضِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ عُرْفَهُمْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْفَسَادُ عُرْفَهُمْ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيه بِيَمِينِهِ) أَيْ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ عَمَّا شُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ) أَيْ كَالْحَرْثِ أَوْ السَّقْيِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَرَثَ أَوْ سَقَى مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَا عَمِلَ إلَخْ) كَأَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ حَرَثَ مَثَلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُقَالُ وَمَا أُجْرَتُهُ لَوْ حَرَثَ مَرَّةً فَإِذَا قِيلَ خَمْسٌ حُطَّ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ ثُلُثُهَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مَا تَرَكَ خَمْسَةٌ وَنِسْبَتَهَا لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ ثُلُثُهَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ عَلَى سِقَايَةِ حَائِطِهِ زَمَنَ السَّقْيِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ وَجَاءَ مَاءُ السَّمَاءِ فَأَقَامَ بِهِ حِينًا فَإِنَّهُ يُحَطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالْمُسَاقَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ وَالرُّخْصَةُ تَسْهِيلٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ آمِينَ.

[باب في الإجارة وكراء الدواب والدور والحمام]

(بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا، وَهِيَ وَالْكِرَاءُ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى: هُوَ تَمْلِيكُ مَنَافِعِ شَيْءٍ مُبَاحَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِعِوَضٍ، غَيْرَ أَنَّهُمْ سَمَّوْا الْعَقْدَ عَلَى مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ، وَمَا يُنْقَلُ غَيْرَ السُّفُنِ وَالْحَيَوَانِ إجَارَةً، وَالْعَقْدَ عَلَى مَنَافِعِ مَا لَا يُنْقَلُ كَالْأَرْضِ وَالدُّورِ، وَمَا يَنْقُلُ مِنْ سَفِينَةٍ وَحَيَوَانٍ كَالرَّوَاحِلِ كِرَاءٌ فِي الْغَالِبِ فِيهِمَا. ، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: الْعَاقِدُ وَالْأَجْرُ وَالْمَنْفَعَةُ وَالصِّيغَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْمُعَاطَاةَ، وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ] بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا) أَيْ، وَمِنْ فَتْحِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مُثَلَّثَةُ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرُ أَشْهَرُ، وَهِيَ مَصْدَرُ أَجَرَ بِالْقَصْرِ كَكَتَبَ وَيُقَالُ أَيْضًا آجَرَ إيجَارًا كَأَكْرَمَ إكْرَامًا وَيُسْتَعْمَلُ الْمَمْدُودُ أَيْضًا مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ فَيَكُونُ مَصْدَرُهُ الْمُؤَاجَرَةُ وَالْإِجَارُ بِالْقَصْرِ كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْقِتَالِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ مِنْ السَّوْءِ وَنَحْوِهِ فَهِيَ مِنْ أَجَارَ إجَارَةً كَأَعَاذَ إعَاذَةً، وَأَقَامَ إقَامَةً. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِجَارَةَ قَدْ يُقْضَى بِهَا شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ عَقْدٌ وَذَلِكَ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي يَعْمَلُهَا الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يَأْخُذُ عَلَيْهَا أُجْرَةً، وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْهَا تَخْلِيصُ دَيْنٍ وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ أَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ، وَأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ (قَوْلُهُ: تَمْلِيكُ) هُوَ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْإِجَارَةَ وَالْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالنِّكَاحَ وَالْجُعَلَ وَالْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ وَتَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ (قَوْلُهُ: مَنَافِعِ) خَرَجَ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فَإِنَّهَا تَمْلِيكُ ذَوَاتٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مُبَاحَةٍ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ فَإِنَّ تَمْلِيكَ مَنْفَعَتِهَا، وَهُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا لَا يُسَمَّى إجَارَةً وَقَوْلُهُ: مُدَّةً مَعْلُومَةً أَخْرَجَ النِّكَاحَ وَالْجُعَلَ وَقَوْلُهُ: بِعِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكِ، وَلَوْ قَالَ: بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْهَا أَيْ عَنْ الْمَنْفَعَةِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَجْلِ إخْرَاجِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مَلَكَ مَنْفَعَتَهُ بِعِوَضٍ لَكِنْ ذَلِكَ الْعِوَضُ نَاشِئٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَقَوْلُهُ: مَنَافِعِ شَيْءٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ كَالدُّورِ وَالْأَرْضِينَ أَوْ يَقْبَلُ النَّقْلَ كَالسُّفُنِ وَالرَّوَاحِلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالْأَوَانِي. (قَوْلُهُ: وَمَا يُنْقَلُ) أَيْ كَالثِّيَابِ وَالْأَوَانِي (قَوْلُهُ: فِي الْغَالِبِ فِيهِمَا) أَيْ، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَتَسَمَّحُونَ بِإِطْلَاقِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْكِرَاءِ وَالْكِرَاءِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَيُطْلِقُونَ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ، وَمَنَافِعِ مَا يُنْقَلُ غَيْرَ السُّفُنِ وَالْحَيَوَانِ كِرَاءً وَيُطْلِقُونَ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ مَا لَا يُنْقَلُ، وَمَنَافِعِ السُّفُنِ وَالرَّوَاحِلِ إجَارَةً. [أَرْكَان الْإِجَارَة] (قَوْلُهُ: الْعَاقِدُ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُؤَجِّرُ، وَهُوَ دَافِعُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ، وَهُوَ الْآخِذُ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَجْرُ) هُوَ الْعِوَضُ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُؤَجِّرِ فِي مُقَابِلَةِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ غَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ فَلَا

(صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ) مُؤَجِّرٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ كَالْبَيْعِ فَشَرْطُهُمَا التَّمْيِيزُ وَشَرْطُ اللُّزُومِ التَّكْلِيفُ فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ أَوْ سِلْعَتَهُ صَحَّ وَتَوَقَّفَ عَلَى رِضَا وَلِيِّهِ، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ، وَأَمَّا السَّفِيهُ إنْ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْأَجْرِ مُحَابَاةٌ فَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ، وَإِنْ عَقَدَ عَلَى سِلْعَةٍ فَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ مُطْلَقًا كَالْبَيْعِ فَالشَّرْطُ لُزُومٌ أَيْضًا فِي الْجُمْلَةِ (وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ) فَيَكُونُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا. ، وَلَمَّا كَانَتْ قَاعِدَةُ الْإِمَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ الْأَصْلُ فِيهِ الْحُلُولُ، وَأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى التَّأْجِيلِ إلَّا فِي مَسَائِلَ فَيَجِبُ فِيهَا تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَعُجِّلَ) الْأَجْرُ وُجُوبًا فَلَا يُؤَخَّرُ لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ (إنْ عَيَّنَ) أَيْ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَثَوْبٍ بِعَيْنِهِ أَيْ وَشُرِطَ تَعْجِيلُهُ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ تَعْجِيلَهُ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ، وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَفَسَدَتْ إلَخْ (أَوْ) كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَوَقَعَ التَّعْجِيلُ (بِشَرْطٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ عَيَّنَ أَيْ وَعَجَّلَ الْأَجْرَ بِتَعْيِينِهِ أَوْ بِشَرْطٍ (أَوْ عَادَةٍ) بِأَنْ كَانَ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ التَّعْجِيلَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ (أَوْ) كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَدَرَاهِمَ أَوْ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ لَكِنْ وَقَعَ (فِي) مَنَافِعَ (مَضْمُونَةٍ) فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ كَاسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى فِعْلِ كَذَا فِي ذِمَّتِك إنْ شِئْت عَمِلْتَهُ بِنَفْسِك أَوْ بِغَيْرِك أَوْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَى دَوَابِّك لِبَلَدِ كَذَا فَيَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ لِاسْتِلْزَامِ التَّأْخِيرِ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ وَتَعْمِيرَ الذِّمَّتَيْنِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِعَدَمِ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فَإِنْ شَرَعَ جَازَ التَّأْخِيرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ (إلَّا كَرْيَ حَجٍّ) وَنَحْوِهِ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ (فَالْيَسِيرُ) مِنْ الْأَجْرِ كَافٍ فِي التَّعْجِيلِ فَإِنْ وَقَعَتْ فِي إبَّانِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ أَوْ الشُّرُوعِ، وَلَا يَخْفَى شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا، وَمَفْهُومًا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْعَقِدُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ سَحْنُونًا يَرَى انْعِقَادَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ، وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ وَلُزُومُهَا بِعَاقِدٍ، وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ: فَشَرْطُهُمَا) أَيْ فَشَرْطُ صِحَّةِ عَقْدِهِمَا وَقَوْلُهُ: وَشَرْطُ اللُّزُومِ أَيْ لُزُومُ عَقْدِهِمَا (قَوْلُهُ: النَّظَرُ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ فِي الْأَجْرِ مُحَابَاةٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا لَكِنْ لُزُومُ إجَارَتِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِسِلْعَتِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا سَيِّدِهِ لِعَدَمِ رُشْدِهِ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِجَارَتِهِ لِسِلْعَتِهِ مُطْلَقًا وَكَذَا لِنَفْسِهِ إنْ حَابَى فِي الْأُجْرَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ إجَارَتُهُ لَازِمَةً، وَلَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُهَا عَلَى رِضَا وَلِيِّهِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرُّشْدُ لَيْسَ شَرْطًا فِي اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: وَعَجَّلَ الْأَجْرَ) أَيْ، وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْأَجْرَ فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِالتَّعَجُّلِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ أَصْلًا أَوْ جَرَى بِالتَّأْجِيلِ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، وَلَوْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ وَإِلَّا صَحَّتْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَجَبَ تَعْجِيلُهُ إنْ كَانَ شَرْطٌ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ عَادَةٌ كَانَتْ الْمَنَافِعُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً فِيهِمَا أَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، وَلَا عَادَةٌ، وَلَكِنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مَضْمُونَةً لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً وَشَرَعَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ لِلْأَجْرِ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، إذَا عَلِمَتْ هَذَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَعُجِّلَ مُعَيَّنٌ إنْ جَرَى عُرْفٌ بِتَعْجِيلِهِ، وَإِلَّا فَسَدَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَهُ وَأُجْبِرَ عَلَى تَعْجِيلِ الْمَضْمُونِ إنْ كَانَ شَرْطٌ أَوْ عَادَةٌ أَوْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مَضْمُونَةً لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا الْوَفِيُّ بِهَذَا مَعَ الْإِيضَاحِ وَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفٌ بِتَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَعَنْ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدَ مُعَيَّنٍ وَإِنْ نَقَدَ، وَظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى إنْ عَيَّنَ أَيْ وَعَجَّلَ بِتَعْيِينِهِ أَوْ بِشَرْطٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَ) أَيْ، وَإِلَّا يَشْتَرِطُ تَعْجِيلَهُ، وَلَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ تَعْجِيلَهُ فَسَدَ (قَوْلُهُ: أَيْ وَشَرَطَ تَعْجِيلَهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَيَقُولُ أَيْ وَكَانَتْ الْعَادَةُ تَعْجِيلَهُ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ، وَلَوْ عَجَّلَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَهُ، وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِهِ) الْأَوْلَى جَعْلُ الْبَاءِ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَوَقَعَ التَّعْجِيلُ مُلْتَبِسًا بِشَرْطٍ أَوْ مُلْتَبِسًا بِعَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً) كَ أَسْتَأْجِرُ دَابَّتَك هَذِهِ لِأُسَافِرَ عَلَيْهَا لِمَحَلِّ كَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ مَضْمُونَةً أَيْ كَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك دَابَّةً أُسَافِرُ عَلَيْهَا لِمَحَلِّ كَذَا (قَوْلُهُ: فَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ) أَيْ مَا إذَا كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا وَالْحَالُ أَنَّ الْأَجْرَ فِيهَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَاشْتُرِطَ تَعْجِيلُهُ أَوْ اُعْتِيدَ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِتَعْجِيلِهِ، وَلَا اشْتِرَاطٌ (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِك) لَيْسَ هَذَا التَّصْرِيحُ لَازِمًا بَلْ إنْ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَالْمَنَافِعُ مَضْمُونَةٌ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ) أَيْ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُكْرِي بِالدَّابَّةِ مَثَلًا وَالْمُكْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْمِيرَ الذِّمَّتَيْنِ) عَطَفَ عِلَّةً عَلَى مَعْلُولٍ (قَوْلُهُ: جَازَ التَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الْأُجْرَةِ وَعَدَمُ تَعْجِيلِهَا (قَوْلُهُ: كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ) أَيْ كَأَنَّهُ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ، وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِي الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَالْيَسِيرُ) أَيْ

لِثَمَانِ صُوَرٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَجْرِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ مِنْ الْأَجْرِ إمَّا أَنْ يَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ شُرُوعٌ فِيهَا أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ التَّعْجِيلَ أَوْ يَكُونَ الْعُرْفُ ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ. فَهَذِهِ ثَمَانُ صُوَرٍ: أَرْبَعٌ مِنْهَا فَاسِدَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا انْتَفَى عُرْفُ التَّعْجِيلِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، وَأَرْبَعٌ صَحِيحَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّعْجِيلَ وَعَجَّلَ أَوْ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَهُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَكُلُّ هَذَا إذَا وَقَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَتِّ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ فَسَدَتْ فِي الثَّمَانِ صُوَرٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْخِيَارِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ عَلَى أَجْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ شَرَطَ تَعْجِيلَهُ أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَجَبَ التَّعْجِيلُ أَيْضًا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً جَازَ تَعْجِيلُهُ وَتَأْخِيرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْإِبَّانِ كَالْحَجِّ فَالْوَاجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إمَّا تَعْجِيلُ جَمِيعِ الْأَجْرِ إنْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ الْيَسِيرِ مِنْهُ إنْ كَانَ كَثِيرًا، وَإِمَّا الشُّرُوعُ فَقَوْلُهُ: (وَإِلَّا) يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَهُ، وَلَمْ يَجْرِ بِهِ عُرْفٌ، وَلَمْ تَكُنْ الْمَنَافِعُ مَضْمُونَةً مَعْنَاهُ لَمْ يَجِبْ تَعْجِيلُهُ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ (فَمُيَاوَمَةً) كُلَّمَا اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ يَوْمٍ أَيْ قِطْعَةً مِنْ الزَّمَنِ مُعَيَّنَةً أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَائِهَا لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الْجَمِيعِ وَتَأْخِيرُهُ فَإِنْ اشْتَرَطَ التَّعْجِيلَ أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ عَجَّلَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الصَّانِعُ وَالْأَجِيرُ فَلَيْسَ لَهُمَا أُجْرَةٌ إلَّا بَعْدَ التَّمَامِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ. وَإِذَا أَرَادَ الصُّنَّاعُ وَالْأُجَرَاءُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَامْتَنَعَ رَبُّ الشَّيْءِ حُمِلُوا عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُنَّةً لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَأَمَّا فِي الْأَكْرِيَةِ فِي دَارٍ أَوْ رَاحِلَةٍ أَوْ فِي إجَارَةِ بَيْعِ السِّلَعِ وَنَحْوِهِ فَبِقَدْرِ مَا مَضَى، وَلَيْسَ لِخَيَّاطٍ خَاطَ نِصْفَ الْقَمِيصِ أَخْذُ نِصْفِ أُجْرَتِهِ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ حَتَّى يُتِمَّهُ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ وَالصَّانِعِ أَنَّ بَائِعَ مَنْفَعَةِ يَدِهِ إنْ كَانَ لَا يَحُوزُ مَا فِيهِ عَمَلُهُ كَالْبَنَّاءِ وَالنَّجَّارِ فَهُوَ أَجِيرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالدِّينَارِ وَالدِّينَارَيْنِ كَافٍ فِي التَّعْجِيلِ أَيْ خَوْفَ أَخْذِ الْأَكْرِيَاءِ أَمْوَالَ النَّاسِ وَالْهُرُوبِ بِهَا، وَمَحَلُّ كِفَايَةِ تَعْجِيلِ الْيَسِيرِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ كَثِيرَةً وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِهَا كُلِّهَا (قَوْلُهُ: لِثَمَانِ صُوَرٍ) هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً: اثْنَتَا عَشَرَةَ فِي الْأَجْرِ الْمُعَيَّنِ وَاثْنَتَا عَشَرَةَ فِي الْأَجْرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ اعْتَبَرْت فِي كُلٍّ أَنَّ الْبَيْعَ إمَّا بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ كَانَتْ جُمْلَةُ الصُّوَرِ ثَمَانِيًا، وَأَرْبَعِينَ صُورَةً. (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ التَّعْجِيلَ) أَيْ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ (قَوْلُهُ: وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ) أَيْ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ الْمُعَيَّنِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عُرْفٌ فِي ذَلِكَ أَصْلًا أَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَأْجِيلَهُ (قَوْلُهُ: فَهَذَا ثَمَانُ صُوَرٍ) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ: إذَا انْتَفَى عُرْفُ التَّعْجِيلِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَ الدَّفْعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ (قَوْلُهُ: وَأَرْبَعٌ صَحِيحَةٌ) فِيهِ أَنَّهَا ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً حَصَلَ شُرُوعٌ فِيهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فِي الثَّمَانِ صُوَرٍ) الْأَوْلَى فِي الِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَ عَلَى أَجْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ صُوَرَهُ أَيْضًا اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْأَجْرَ الْغَيْرَ الْمُعَيَّنَ إمَّا أَنْ يَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ شُرُوعٌ فِيهَا أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ يَكُونَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهَا أَوْ لَا يَكُونُ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ، فَهَذِهِ اثْنَا عَشَر حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ أَشَارَ الشَّارِحُ لِحُكْمِهَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ) أَيْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً حَصَلَ الشُّرُوعُ فِيهَا أَوْ لَا، فَهَذِهِ ثَمَانُ صُوَرٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ: جَازَ تَعْجِيلُهُ) أَيْ الْأَجْرِ وَتَأْخِيرُهُ، وَهُوَ مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْإِبَّانِ إلَخْ) صَوَابُهُ فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مَضْمُونَةً فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ فَالْوَاجِبُ تَعْجِيلُهُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَتْ يَسِيرَةً أَوْ الْيَسِيرَ مِنْهَا إنْ كَانَتْ كَثِيرَةً، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا كِرَاءَ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ، وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْإِبَّانِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا تَعْجِيلُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ الشُّرُوعُ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَإِلَّا فَسَدَتْ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ، وَمَضْمُونَةً لَمْ يَشْرَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَكُنْ الْمَنَافِعُ مَضْمُونَةً) أَيْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شَرَعَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّانِعِ وَالْأَجِيرِ) أَيْ بَلْ فِي كِرَاءِ الْعَقَارِ وَالرَّوَاحِلِ وَالْآدَمِيِّ لِلْخِدْمَةِ وَالْأَوَانِي (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الْجَمِيعِ إلَخْ) مَحَلُّ جَوَازِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْمَنَافِعِ الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ التَّرَاضِي كَمَا قَالَ ح أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ يَتَأَخَّرَ الشُّرُوعُ نَحْوَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمُدَوَّنَةِ، وَأَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا الْمُفِيدُ لِذَلِكَ فَانْظُرْهُ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الصُّنَّاعَ وَالْأُجَرَاءَ لَمْ يُقْضَ لَهُمْ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مَحَلُّهُ إنْ بَقِيَ عَلَى التَّمَامِ لِلُزُومِ الْعَقْدِ فَإِنْ تَقَايَلَا قَبْلَ تَمَامِهِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي إجَارَةِ بَيْعِ السِّلَعِ) أَيْ الْإِجَارَةِ عَلَى بَيْعِهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّمْسَرَةِ عَلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: فَبِقَدْرِ مَا مَضَى) أَيْ فَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ) أَيْ الْفَرْقُ بَيْنَ حَقِيقَتِهِمَا.

وَإِنْ كَانَ يَحُوزُهُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُخْرِجْ فِيهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالْخَيَّاطِ وَالْحَدَّادِ وَالصَّائِغِ فَصَانِعٌ، وَإِنْ كَانَ يُخْرِجُ فِيهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَالصَّاعِ فَبَائِعٌ صَانِعٌ. (وَفَسَدَتْ) إجَارَةٌ عُيِّنَتْ فِيهَا الْأُجْرَةُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَعَجَّلَ إنْ عَيَّنَ (إنْ انْتَفَى) فِيهَا (عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ) بِأَنْ كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ وَعَلَّلَ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ كَشَرْطِ التَّأْجِيلِ فَيَلْزَمُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَعِمَارَةُ الذِّمَّتَيْنِ، وَمَحَلُّ الْفَسَادِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ كَمَا مَرَّ (كَمَعَ جُعْلٍ) أَيْ كَمَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إذَا وَقَعَتْ مَعَ جُعْلٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً لِتَنَافُرِهِمَا لِمَا فِي الْجُعَلِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِهِ بِالْعَقْدِ وَجَوَازِ الْغَرَرِ وَعَدَمِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ (لَا) مَعَ (بَيْعٍ) صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلَا تَفْسُدُ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ كَشِرَائِهِ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ الْبَائِعُ أَوْ جِلْدًا عَلَى أَنْ يَخْرُزَهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ كَشِرَائِهِ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَهُ آخَرَ وَيُشْتَرَطُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى شُرُوعُهُ أَوْ ضَرْبُ أَجَلِ الْإِجَارَةِ، وَمَعْرِفَةُ خُرُوجِهِ عَيَّنَ عَامِلَهُ أَمْ لَا أَوْ إمْكَانُ إعَادَتِهِ كَالنُّحَاسِ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ قَدَحًا كَمَا قَدَّمَهُ فِي السَّلَمِ فَإِنْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ كَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ فَلَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ نَفْسِ الْمَبِيعِ فَتَجُوزُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ مَسَائِلَ تَفْسُدُ فِيهَا الْإِجَارَةُ لِلْجَهَالَةِ فَقَالَ (وَكَجِلْدٍ) جُعِلَ أَجْرًا (لِسَلَّاخٍ) ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ اللَّحْمَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الشَّاةُ حَيَّةً أَوْ مَذْبُوحَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَقَدْ يَخْرُجُ صَحِيحًا أَوْ مَقْطُوعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَعْجِيلُ الْمُعَيَّنِ) أَيْ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّأْخِيرُ عُرْفَ بَلَدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا عُرْفَ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا يَتَعَاقَدُونَ بِالْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ انْتِفَاءَ الْعُرْفِ بِالتَّعْجِيلِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ) أَيْ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُكْرِي بِالدَّابَّةِ مَثَلًا وَشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَعِمَارَةُ الذِّمَّتَيْنِ) عَطَفَ عِلَّةً عَلَى مَعْلُولٍ وَرُدَّ مَا قَالَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الذِّمَمَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ فَالْأَوْلَى مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ فِيهِ بَيْعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْفَسَادِ فِيهِمَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَ الْمُعَيَّنِ أَوْ انْتَفَى الْعُرْفُ رَأْسًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ) أَيْ فَإِنْ اشْتَرَطَ صَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَعْجِيلٌ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ التَّعْجِيلِ بِمَثَابَةِ التَّعْجِيلِ بِالْفِعْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ الْمُعَيَّنِ حَقٌّ لِلَّهِ وَكَذَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَنَافِعَ مَضْمُونَةً لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فِي غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ شَرَعَ فِيهَا فَوَجَبَ التَّعْجِيلُ حَيْثُ الشَّرْطُ أَوْ الْعُرْفُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَحِينَئِذٍ فَانْتِفَاءُ التَّعْجِيلِ فِي الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّعْجِيلِ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَيُقْضَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْجِيلِ فَإِنْ رَضِيَ الْمُؤَجِّرُ بِالتَّأْخِيرِ فَلَا ضَرَرَ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: كَمَعَ جُعْلٍ) لَيْسَتْ الْكَافُ دَاخِلَةً عَلَى مَعَ؛ لِأَنَّهَا مُلَازِمَةٌ لِلنَّصَبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بَلْ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ كَإِجَارَةٍ مَعَ جُعْلٍ (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إذَا وَقَعَتْ مَعَ جُعْلٍ صَفْقَةً) أَيْ كَخِطْ لِي هَذَا الثَّوْبَ وَائْتِنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ، وَلَك دِينَارٌ (قَوْلُهُ: لِتَنَافُرِهِمَا) أَيْ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَيَجُوزُ فِيهَا الْأَجَلُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَفْسُدُ) أَيْ الْإِجَارَةُ، وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَيْضًا إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الْوَاحِدُ صَحِيحًا فِي شَيْءٍ، وَفَاسِدًا فِي شَيْءٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ) أَيْ وَاقِعَةٍ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ وَذَلِكَ بَيْعٌ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْخِيَاطَةِ وَذَلِكَ إجَارَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَخْرُزَهُ) أَيْ نِعَالًا أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: شُرُوعُهُ) أَيْ فِي الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْخَرَزِ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَرْبُ أَجَلِ الْإِجَارَةِ) قَالَ شَيْخُنَا صَوَابُهُ الْوَاوُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الشُّرُوعِ، وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَضَرْبِ الْأَجَلِ، وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بَقِيَ مِنْهُ ذِرَاعٌ عَلَى أَنْ يُكْمِلَهُ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ خُرُوجِهِ) أَيْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ كَوْنِهِ رَدِيئًا أَوْ جَيِّدًا بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُتْقِنًا فِي صَنْعَتِهِ فَيَخْرُجُ جَيِّدًا أَوْ لَا فَيَخْرُجُ رَدِيئًا (قَوْلُهُ: أَوْ إمْكَانُ إعَادَتِهِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ وَجْهَ خُرُوجِهِ لَكِنْ يُمْكِنُ إعَادَتُهُ كَالنُّحَاسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ) أَيْ مَعْرِفَةُ وَجْهِ خُرُوجِهِ، وَإِمْكَانُ إعَادَتِهِ إنْ لَمْ يُعْجِبْهُ (قَوْلُهُ: كَالزَّيْتُونِ) أَيْ كَشِرَاءِ الزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ، بَقِيَ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزَّيْتُونَ يَمْتَنِعُ بِهِ وَالِاسْتِئْجَارَ عَلَى عَصْرِهِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَامِلُ مُتْقِنًا لِلصَّنْعَةِ لَا يَخْتَلِفُ عَصْرُهُ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا وَحِينَئِذٍ فَالزَّيْتُونُ مِثْلُ غَيْرِهِ. اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَجِلْدٍ) أَيْ كَأَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا عَلَى سَلْخِ حَيَوَانٍ بِجِلْدِهِ (قَوْلُهُ: وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ إلَخْ) عِبَارَةُ تت وَنَبَّهَ بِمَنْعِ الْإِجَارَةِ عَلَى السَّلْخِ بِالْجِلْدِ عَلَى مَنْعِهَا بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ مَجْهُولٌ مُغَيَّبٌ بِالْجِلْدِ، وَلَا بُدَّ فِي عِوَضِ الْإِجَارَةِ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا. اهـ. قَالَ عبق، وَلَمْ يَقُلْ إنَّ اللَّحْمَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وح لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ فَهُوَ عَطْفُ تَشْبِيهٍ عَلَى تَشْبِيهٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْعَطْفِ وَالْكَافِ لِلتَّأْكِيدِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ الْجِلْدَ الَّذِي هُوَ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَخْرُجُ صَحِيحًا إلَخْ)

(أَوْ نُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ فَهِيَ كَالْجُزَافِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْهَا عَلَى أَنْ يَطْحَنَ لَهُ قَدْرًا مِنْ الْحَبِّ فَيَجُوزُ (وَجُزْءِ ثَوْبٍ) جُعِلَ أُجْرَةً (لِنَسَّاجٍ) يَنْسِجُ ذَلِكَ الثَّوْبَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجُلُودُ عَلَى دَبْغِهَا بِجُزْءٍ مِنْهَا لِجَهْلِ صِفَةِ خُرُوجِهِ فَإِنْ وَقَعَ فَالثَّوْبُ لِرَبِّهِ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (أَوْ رَضِيعٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ جُعِلَ جُزْؤُهُ كَرُبُعِهِ أَجْرًا لِمَنْ يُرْضِعُهُ عَلَى أَنْ يَمْلِكَهُ بَعْدَ الرَّضَاعِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ يَمْلِكُهُ (مِنْ الْآنَ) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ قَدْ يَتَغَيَّرُ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ رَضَاعُهُ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ خَلَفُهُ فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهَا كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمِلَةِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا كَمَا هُنَا. (وَ) فَسَدَتْ إذَا اسْتَأْجَرَهُ (بِمَا سَقَطَ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْهُ كَثُلُثٍ (أَوْ) بِجُزْءٍ مِمَّا (خَرَجَ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ (أَوْ عَصْرِهِ) رَاجِعٌ لِلثَّانِي لِلْجَهْلِ بِالْكَمِّ وَالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ الشَّجَرِ مَا هُوَ قَاصِرٌ يَقِلُّ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ بِخِلَافِهِ. (وَكَاحْصُدْ وَادْرُسْ) هَذَا الزَّرْعَ (وَلَك نِصْفُهُ) وَكَذَا اُدْرُسْهُ، وَلَك نِصْفُهُ فَفَاسِدَةٌ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَأَمَّا اُحْصُدْهُ فَقَطْ، وَلَك نِصْفُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْإِجَارَةُ عَلَى السَّلْخِ بِالْجِلْدِ فِيهَا غَرَرٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ نُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ) أَيْ أَوْ نُخَالَةٍ أُجْرَةً لِطَحَّانٍ أَجِيرٍ عَلَى طَحْنِ حَبٍّ كَأَنْ تَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يَطْحَنُ لَك حَبًّا بِنُخَالَتِهِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ مِنْ دَفْعِ الزَّرْعِ لِمَنْ يَدْرُسُهُ بِنَوْرَجِهِ وَبَهَائِمِهِ وَيَأْخُذُ تِبْنَهُ فِي مُقَابَلَةِ دَرْسِهِ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ اُدْرُسْهُ، وَلَك حِمْلَانِ تِبْنًا مِنْ تِبْنِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ تِبْنِهِ جَازَ ذَلِكَ، كَذَا كَتَبَ ابْن عبق (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ النُّخَالَةِ كَ اطْحَنْ لِي هَذَا الْحَبَّ، وَلَك صَاعٌ مِنْ النُّخَالَةِ سَوَاءٌ قَالَ مِنْ نُخَالَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَجُزْءِ ثَوْبٍ) كَمَا لَوْ آجَرَهُ عَلَى نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ آجَرْته عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ أَوْ عَمَلِهَا نِعَالًا أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا إذَا فَرَغَ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ: فَالثَّوْبُ لِرَبِّهِ) أَيْ كَذَلِكَ الْجِلْدُ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الثَّوْبُ أَوْ الْجِلْدُ لَمْ تَفُتْ بِيَدِ الصَّانِعِ فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الصَّانِعِ بَعْدَ الدَّبْغِ أَوْ النَّسْجِ بِبَيْعٍ أَوْ تَلَفٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ لَزِمَ صَاحِبَ الْجِلْدِ أَوْ الْغَزْلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ جَمِيعِ الْجِلْدِ وَنَسْجِ كُلِّ الْغَزْلِ لِلصَّانِعِ وَيَغْرَمُ الصَّانِعُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَوْ الْجِلْدِ قِيمَةَ النِّصْفِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ فِيهِ فَاسِدًا، وَقَدْ فَاتَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ مِلْكٌ لِرَبِّهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ النِّصْفَ فِي الْغَزْلِ أَوْ فِي الْجِلْدِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْبُغَهَا أَوْ يَنْسُجَهَا مُجْتَمِعَةً فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَمَنَعَهُ مِنْ أَخْذِ مَا جَعَلَهُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الدَّبْغِ أَوْ النَّسْجِ فَإِنْ أَفَاتَهَا بِالشُّرُوعِ فِي الدِّبَاغِ أَوْ النَّسْجِ فَعَلَى الصَّانِعِ قِيمَةُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ أُجْرَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَلِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ بِلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ فِي دَبْغِهِ أَوْ نَسْجِهِ مَعَ نِصْفِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ خَلَفُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ رَبَّهُ خَلَفُهُ (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهَا) أَيْ فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ، وَهُوَ الْجُزْءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي جَعَلَ فِيهَا الْجُزْءَ مِنْ الْآنِ وَقَوْلُهُ: كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمِلَةِ أَيْ لِلسَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ أَيْ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ إذَا كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا كَالدِّينَارِ وَلِلْغَرَرِ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا كَمَا هُنَا إذْ لَا يُدْرَى مَا الَّذِي يَأْخُذُهُ الْأَجِيرُ، إذْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الرَّضِيعَ يَسْلَمُ فَيَأْخُذُ نِصْفَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَهْلِكَ فَيَأْخُذَ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي رَضَعَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَظَهَرَ لَك مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَيَصِيرُ إلَخْ بَيَانٌ لِوَجْهِ الْمَنْعِ فِيمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ، وَأَمَّا عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الرَّضِيعُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ مَلَّكَ الْأَجِيرَ رَبُّهُ نِصْفَهُ مِنْ الْآنِ فَعَلَى الْأَجِيرِ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ يَدْفَعُهَا لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَلِرَبِّهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْأَجِيرِ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي رَضَعَهَا، وَأَمَّا إنْ مَلَّكَهُ نِصْفَهُ بَعْدَ الْفِطَامِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا أَرْضَعَهُ، وَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ، هَذَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْفِطَامِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ سَوَاءٌ جَعَلَ لَهُ نِصْفَهُ مِنْ الْآنَ أَوْ بَعْدَ الْفِطَامِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفِطَامِ وَلَهُ أُجْرَةُ رَضَاعِ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُنَا) أَيْ فَإِنَّ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ هُنَا نِصْفُ الرَّضِيعِ، وَهُوَ مُقَوَّمٌ (قَوْلُهُ: وَفَسَدَتْ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِمَا سَقَطَ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ قَالَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى نَفْضِ زَيْتُونِي فَمَا سَقَطَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِالْكَمِّ؛ لِأَنَّ مِنْ الشَّجَرِ مَا هُوَ قَاصِحٌ يَقِلُّ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ بِخِلَافِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِجُزْءٍ مِمَّا خَرَجَ أَيْ بِأَنْ قَالَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى عَصْرِ زَيْتُونِي فَمَا عَصَرْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِالْكَمِّ وَبِصِفَةِ الْخَارِجِ بِالْعَصْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلْجَهْلِ بِالْكَمِّ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَالصِّفَةِ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَيَّدَ ابْنُ الْعَطَّارِ مَنْعَ الْإِجَارَةِ فِي مَسْأَلَةِ النَّفْضِ بِمَا إذَا كَانَ النَّفْضُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا بِعَصَا فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْعَصَا لَا تُبْقِي شَيْئًا وَالزَّيْتُونُ مَرْئِيٌّ وَاسْتَبْعَدَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا الْقَيْدَ بِأَنَّ النَّفْضَ بِالْيَدِ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَالنَّفْضَ بِالْعَصَا هُوَ مُرَادُ مَنْ مَنَعَ (قَوْلُهُ: كَاحْصُدْ وَادْرُسْ هَذَا الزَّرْعَ، وَلَك نِصْفُهُ وَكَذَا اُدْرُسْهُ، وَلَك نِصْفُهُ فَفَاسِدَةٌ) أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخْرُجُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ

فَسَيَأْتِي أَنَّهُ جَائِزٌ. (وَكِرَاءِ أَرْضٍ) صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ (بِطَعَامٍ) سَوَاءٌ أَنْبَتَتْهُ كَالْقَمْحِ أَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ مَعَ التَّفَاضُلِ وَالْغَرَرِ وَالْمُزَابَنَةِ، وَأَمَّا بَيْعُهَا بِهِ فَيَجُوزُ (أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ) غَيْرَ طَعَامٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَعُصْفُرٍ وَزَعْفَرَانٍ وَتِينٍ، وَأَمَّا كِرَاءُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ بِالطَّعَامِ فَجَائِزٌ إجْمَاعًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مَا تُنْبِتُهُ (كَخَشَبٍ) وَحَطَبٍ وَقَصَبٍ فَارِسِيٍّ وَعُودٍ هِنْدِيٍّ وَصَنْدَلٍ مِنْ كُلِّ مَا يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا حَتَّى يُعَدَّ كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا فَيَجُوزُ. (وَ) فَسَدَتْ إجَارَةٌ عَلَى (حَمْلِ طَعَامٍ) مَثَلًا (لِبَلَدٍ) بَعِيدٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ (بِنِصْفِهِ) مَثَلًا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَإِنْ وَقَعَ فَأَجْرُ مِثْلِهِ، وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ (إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ) أَيْ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ بِهِ (الْآنَ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ بِالْفِعْلِ لِعُرْفٍ أَوْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ الْآنَ، وَلَوْ لَمْ يُقْبَضْ بِالْفِعْلِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَفْرَادِ الْإِجَارَةِ بِمُعَيَّنٍ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ وَقَعَتْ، وَالْعُرْفُ التَّعْجِيلُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَسَدَتْ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ أَوْ لَا عُرْفَ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ، وَإِلَّا فَسَدَتْ وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (وَكَإِنْ) أَيْ وَكَقَوْلِهِ إنْ (خِطْتَهُ الْيَوْمَ) مَثَلًا فَهُوَ (بِكَذَا) مِنْ الْأَجْرِ كَعَشَرَةٍ (وَإِلَّا) تَخِطْهُ الْيَوْمَ بَلْ أَزْيَدَ (فَبِكَذَا) أَيْ بِأَجْرٍ أَقَلَّ كَثَمَانِيَةٍ فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ فَإِنْ وَقَعَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَوْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى خَاطَهُ فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي أَكْثَرَ (وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي) ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ، وَلَا غَيْرِهِ (فَمَا حَصَلَ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (فَلَكَ نِصْفُهُ) مَثَلًا فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مَغِيبٌ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ وَكَيْفَ يَخْرُجُ. (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي أَنَّهُ جَائِزٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ، وَهُوَ مَرْئِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكِرَاءِ أَرْضٍ) أَيْ، وَفَسَدَ كِرَاءُ أَرْضٍ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ إذَا أُكْرِيَتْ لِلزِّرَاعَةِ أَمَّا إذَا أُكْرِيَتْ بِمَا ذَكَرَهُ لِبِنَاءٍ أَوْ جَرِينٍ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تُزْرَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ شُيُوخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ مِنْ الْمَنْعِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ) كَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَكَذَلِكَ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ وَالْحَيَوَانُ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا لِلذَّبْحِ كَخَصِيِّ الْمَعْزِ وَالسَّمَكِ وَطَيْرِ الْمَاءِ وَالشَّاةِ اللَّبُونِ، وَأَمَّا شَاةٌ لَا لَبَنَ فِيهَا فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِهَا، وَلَوْ حَصَلَ فِيهَا لَبَنٌ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَجَوَازِهَا بِالْمَاءِ، وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ وَبِتَوَابِلِ الطَّعَامِ كَالْفُلْفُلِ وَالْمُصْطَكَا عِنْدَ مَنْ لَا يَجْعَلُهَا مِنْ تَوَابِعِ الطَّعَامِ لَا عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهَا مِنْ تَوَابِعِهِ كَالْمِلْحِ فَيُمْنَعُ (قَوْلُهُ: مَعَ التَّفَاضُلِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ الْمُؤَجَّرُ بِهِ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ وَقَوْلُهُ: وَالْغَرَرِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَخْرُجَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ قَدْرُ مَا أُكْرِيَ بِهِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ أَيْضًا قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ الْمُسْتَأْجَرُ بِهِ مِمَّا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ: وَالْمُزَابَنَةِ) أَيْ حَيْثُ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعْلُومًا وَهُوَ الْأَرْضُ بِمَجْهُولٍ، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ) أَيْ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُسْتَنْبَتَ، وَإِنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ كَالْقَمْحِ، وَمَا مَاثَلَهُ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْبِرْسِيمِ وَكَالْقُطْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ، وَأَمَّا مَا لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ بَلْ شَأْنُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهِ وَذَلِكَ كَالْحَلْفَاءِ وَالْحَشِيشِ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ فِيهِ وَلَوْ كَانَ طَعَامًا لِلدَّوَابِّ وَكَسَمَرِ حَصِيرٍ، وَلَوْ اسْتُنِبْتَ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ مِثْلُهُ مِثْلُ الْحَشِيشِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ فِي جَوَازِ الْكِرَاءِ بِهِ، وَلَوْ اسْتُنِبْتَ (قَوْلُهُ: كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ) الْمُرَادُ بِهِمَا شَعْرُهُمَا، وَأَمَّا ثِيَابُهُمَا فَجَائِزٌ كَمَا فِي ح وَمُقْتَضَى آخِرِ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْغَزْلِ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعُودُ. اهـ عبق. (قَوْلُهُ: إلَّا كَخَشَبٍ) رُبَّمَا أَدْخَلَتْ الْكَافُ جَوَازَ كِرَائِهَا بِشَجَرٍ لَيْسَ بِهِ ثَمَرٌ أَوْ بِهِ، وَهُوَ مُؤَبَّرٌ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِرَبِّهَا لَا بِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يَطُولُ مُكْثُهُ فِيهَا) هَذَا يَتَنَاوَلُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالرَّصَاصَ وَالنُّحَاسَ وَالْكِبْرِيتَ وَالْمَغْرَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ سَائِرِ الْمَعَادِنِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَنْبُتَ بِنَفْسِهَا فِي الْأَرْضِ وَيَطُولَ مُكْثُهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: لِبَلَدٍ بَعِيدٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ فَأَجْرُ مِثْلِهِ وَالطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ نِصْفُهُ لِلْحَمَّالِ وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّذِي حَمَلَ مِنْهُ، وَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي دَبْغِ الْجُلُودِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا إذْ فَرَغَ وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: لِعُرْفٍ) أَيْ أَوْ يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ أَيْ، وَأَمَّا قَبْضُهُ بِالْفِعْلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا عُرْفَ، وَلَا شَرْطَ فَلَا يَكْفِي فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ، وَإِلَّا يَحْصُلُ تَعْجِيلٌ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَعْجِيلٌ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَتْ أَيْ، وَلَوْ حَصَلَ تَعْجِيلٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّعْجِيلَ (قَوْلُهُ: فَفَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِلْزَامِ، وَلَوْ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا جَازَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَمْرًا فَكَأَنَّهُ مَا عَقَدَ إلَّا عَلَيْهِ إذْ عَقْدُ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ. وَأَمَّا دَفْعُ دَرَاهِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأُجْرَةِ لِيُسْرِعَ لَهُ بِالْعَمَلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِاحْتِطَابٍ، وَلَا غَيْرِهِ) بَلْ، وَلَوْ قَيَّدَ إنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِبُ أَنَّ مَا هُنَا أُرِيدَ بِهِ قِسْمَةُ الْأَثْمَانِ، وَمَا يَأْتِي أُرِيدَ بِهِ قِسْمَةُ نَفْسِ الْحَطَبِ لَا أَنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ) أَيْ فَمَا حَصَلَ مِنْ ثَمَنِ الْمَحْمُولِ كَالْحَطَبِ وَالْمَاءِ وَقَوْلُهُ: أَوْ أُجْرَةٍ أَيْ أُجْرَةِ

وَكَذَا فِي دَارِي أَوْ حَمَّامِي أَوْ سَفِينَتِي وَنَحْوِهَا فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَعْمَلْ فَإِنْ عَمِلَ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ مَا حَصَلَ مِنْ عَمَلِهِ (لِلْعَامِلِ) وَحْدَهُ (وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِرَبِّهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا عَلَى الْأَرْجَحِ أَوْ قَالَ لَهُ أَكْرِهَا، وَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَعَمِلَ عَلَيْهَا (عَكْسُ) خُذْهَا (لِتُكْرِيَهَا) ، وَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَأَكْرَاهَا فَمَا حَصَلَ فَلِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ نَفْسَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا الْأَجْرُ فِيهَا لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا وَالرَّابِعَةُ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَةَ فِيهَا قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا. (وَكَبَيْعِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَعَ جُعْلٍ (نِصْفًا) لِكَثَوْبٍ بِدِينَارٍ يَدْفَعُهُ الْأَجِيرُ لِرَبِّهِ (بِأَنْ) أَيْ عَلَى أَنْ (يَبِيعَ) لَهُ (نِصْفًا) ثَانِيًا أَيْ بَاعَهُ نِصْفَ السِّلْعَةِ بِدِينَارٍ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَصَارَ ثَمَنُ النِّصْفِ الْمَبِيعِ لِلسِّمْسَارِ مَجْمُوعَ الدِّينَارِ وَالسَّمْسَرَةِ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الثَّانِي إنْ أَبْهَمَ فِي مَحَلِّ الْبَيْعِ أَوْ عَيَّنَ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (إلَّا بِالْبَلَدِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْبَيْعِ بِالْبَلَدِ الَّذِي هُمَا بِهِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الْآنَ وَيُلْحَقُ بِهِ بَلَدٌ قَرِيبٌ يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ لَهُ وَلِلْجَوَازِ شَرْطَانِ زِيَادَةً عَلَى اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ الْبَلَدِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَجَّلَا) أَيْ ضَرَبَا لِبَيْعِ النِّصْفِ الثَّانِي أَجَلًا لِيَكُونَ إجَارَةً مَحْضَةً، وَهِيَ تُجَامِعُ الْبَيْعِ فَيَخْرُجَانِ عَنْ بَيْعٍ وَجُعْلٍ (وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ) أَيْ ثَمَنُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّمْسَرَةُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ، وَهُوَ النِّصْفُ الْمَدْفُوعُ لِلسِّمْسَارِ (مِثْلِيًّا) وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثَمَّنِ أَوْ الْمَبِيعِ نَعَمْ التَّعْبِيرُ بِمَا ذَكَرَ أَوْضَحُ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ تَارَةً إجَارَةً وَسَلَفًا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ إجَارَتَهُ، وَهِيَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَصِيرُ سَلَفًا إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَحْمُولِ كَآدَمِيٍّ يَرْكَبُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي دَارِي أَوْ حَمَّامِي أَوْ سَفِينَتِي) تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ بْن، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ السَّفِينَةَ وَالدَّارَ وَالْحَمَّامَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ أَعْنِي لِتُكْرِيَهَا كَمَا فِي ح قَالَ عِيَاضٌ مَا لَا يَذْهَبُ بِهِ، وَلَا عَمَلَ لَهُ كَالرَّبَّاعِ فَهُوَ فِيهَا أَجِيرٌ وَالْكَسْبُ لِرَبِّهَا وَيَسْتَوِي فِيهَا اعْمَلْ، وَأَجِّرْ وَأَكْرِ وَنَقَلَ ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ، وَأَقَرَّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ كَأَنَّهُ اكْتَرَى ذَلِكَ كِرَاءً فَاسِدًا ابْنُ يُونُسَ، وَلَوْ عَمِلَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا كَانَ مُطَالَبًا بِالْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَقَالَ إنْ عَاقَهُ عَنْ الْعَمَلِ عَائِقٌ وَعَرَفَ ذَلِكَ الْعَائِقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ إمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي، وَمَا عَمِلْت بِهِ فَلَكَ نِصْفُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ دَابَّتِي أَكْرِهَا، وَلَك نِصْفُ كِرَائِهَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يُكْرِيَهَا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَكُلُّهَا فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعَةُ بِالْعَكْسِ) أَيْ مَا حَصَلَ فِيهَا مِنْ الْأَجْرِ فَهُوَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَوْلِيَةِ الْعَقْدِ فَلَوْ أَعْطَاهَا لَهُ لِيُكْرِيَهَا، وَلَهُ نِصْفُ الْكِرَاءِ فَأَكْرَاهَا لِمَنْ يُسَافِرُ عَلَيْهَا وَسَافَرَ مَعَهَا لِيَسُوقَهَا كَانَ لَهُ أُجْرَةُ سَوْقِهِ وَتَوَلِّيهِ لِعَقْدِ الْكِرَاءِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الْكِرَاءِ لِرَبِّهَا كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَا قَدَّمْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا) أَيْ، وَهُوَ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّهَا أُجْرَتُهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: 75] وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْجَوَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَهُ نِصْفًا بِسَبَبِ بَيْعِهِ النِّصْفَ الثَّانِيَ أَيْ أَنَّهُ جَعَلَ ثَمَنَ النِّصْفِ سَمْسَرَتَهُ عَلَى النِّصْفِ الثَّانِي، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بَيْعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ إجَارَةٌ إنْ أَجَّلَ وَجُعْلٌ إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ، وَهِيَ عَلَى كُلِّ حَالٍ جَائِزَةٌ فَكَيْفَ يَجْعَلُهَا الْمُصَنِّفُ مَمْنُوعَةً وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ الْجَوَازَ بِقَوْلِهِ إنْ أَجَّلَا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالتَّأْجِيلِ يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْعَقْدِ جَعَالَةً؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُفْسِدُهَا، وَلَوْ كَانَ إجَارَةً مَحْضَةً لَاكْتَفَى فِيهَا بِالتَّعْيِينِ بِالْعَمَلِ فَشَرْطُهُ التَّأْجِيلُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةُ اجْتِمَاعِ بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ لَا إجَارَةٍ فَقَطْ، وَلَا جَعَالَةٍ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَيَّنَ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ) أَيْ أَوْ عَيَّنَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ، وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِ الْعَقْدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ إلَخْ) هَذَا عِلَّةُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الْآنَ) أَيْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى بَيْعِ نَصِيبِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَجَّلَا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ بَعِيدًا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ فَإِنْ بَاعَ النِّصْفَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ بَعْضُ نِصْفِ السِّلْعَةِ الَّتِي فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ، وَهُوَ بَيْعٌ، وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ، وَهُوَ إجَارَةٌ، وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَبِعْ فَلَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ مَجْعُولٌ عَلَى السَّمْسَرَةِ لَا عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ ثَمَنَ الْعَمَلِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثَمَّنِ وَبِالْمَبِيعِ أَيْ؛ لِأَنَّ نِصْفَ السِّلْعَةِ مُثَمَّنٌ وَثَمَنُهُ الْعَمَلُ وَالدِّينَارُ، وَمَبِيعٌ بِالْعَمَلِ وَالدِّينَارِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا)

[عقد الإجارة على دابة بنصف ما يحتطب عليها]

لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ وَتَارَةً يَكُونُ ثَمَنًا إنْ بَاعَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ أَوْ مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَبِعْ فَتَرَدَّدَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمَمْنُوعِ وَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ، وَالْجَائِزِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ بَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ لَا يَرُدُّ لَهُ بَاقِيَ الثَّمَنِ بَلْ يَتْرُكُهُ لَهُ أَوْ يَأْتِيهِ بِطَعَامٍ آخَرَ يَبِيعُهُ لَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهُوَ كَذَلِكَ. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَشْيَاءَ تَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ] (وَجَازَ) أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى دَابَّةٍ (بِنِصْفِ) بِجَرِّ نِصْفِ بِالْبَاءِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِحَذْفِهَا فَنِصْفُ مَرْفُوعٌ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ جَازَ الْعَائِدِ عَلَى الْكِرَاءِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَيْ وَجَازَ كِرَاءٌ هُوَ نِصْفُ (مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ لِي وَيَوْمٍ لَك أَمْ لَا كَنَقْلَةٍ لِي وَنَقْلَةٍ لَك فَالْأُجْرَةُ هُنَا مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا عَنْ نِصْفِ ثَمَنِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ، وَمِثْلُ السَّفِينَةِ الدَّابَّةُ وَالشَّبَكَةُ وَنَحْوُهُمَا فَيَجُوزُ بِنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ، وَلَا لِنِصْفٍ. (وَ) جَازَ (صَاعُ دَقِيقٍ) يَدْفَعُهُ رَبُّ الْقَمْحِ وَنَحْوُهُ لِمَنْ يَطْحَنُهُ لَهُ (مِنْهُ) أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي نَظِيرِ طَحْنِهِ (أَوْ) صَاعٌ (مِنْ زَيْتٍ) يَدْفَعُهُ رَبُّ الزَّيْتُونِ لِمَنْ يَعْصِرُهُ لَهُ أُجْرَةً لِعَصْرِهِ (لَمْ يَخْتَلِفْ) أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ كُلٌّ مِنْ الْحَبِّ أَوْ الزَّيْتُونِ فِي الْخُرُوجِ فَإِنْ اخْتَلَفَ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يَخْرُجُ مِنْهُ الدَّقِيقُ أَوْ الزَّيْتُ وَتَارَةً لَا مُنِعَ لِلْجَهَالَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي الْخُرُوجِ حُمِلَ فِي الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ كَبَذْرِ السِّمْسِمِ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ فَيُمْنَعُ، وَفِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْخُرُوجِ فَيَجُوزُ. (وَ) جَازَ (اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ) الْمُؤَجِّرِ لِدَارِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مَثَلًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا لِتُهْمَةِ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ إرْدَبَّيْنِ أَحَدَهُمَا فِي مُقَابَلَةِ دِينَارٍ وَالسَّمْسَرَةِ عَلَى الْإِرْدَبِّ الثَّانِي عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَقَدْ قَبَضَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْإِرْدَبِّ الثَّانِي وَهُوَ نِصْفُ الْإِرْدَبِّ الْأَوَّلِ فَإِذَا بَاعَ الْإِرْدَبَّ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ رَدَّ نِصْفَ نِصْفَ الْإِرْدَبِّ الَّذِي أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ بَاعَ الْإِرْدَبَّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ أَوْ مَضَى الْعَاشِرُ، وَلَمْ يَبِعْ فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا فَقَدْ تَرَدَّدَتْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ وَهِيَ نِصْفُ الْإِرْدَبِّ بَيْنَ كَوْنِ بَعْضِهِ إجَارَةً وَبَعْضِهِ سَلَفًا وَبَيْنَ كَوْنِ كُلِّهِ ثَمَنًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ) أَيْ الْبَاقِي مِنْ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا أَيْ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا مُنِعَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَجِيرُ أَنَّهُ إنْ بَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا، وَإِلَّا جَازَ. [عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا] (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ جَازَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الْبَدَلِيَّةُ بَلْ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ نَفْسَ نِصْفِ فَاعِلُ جَازَ أَيْ جَازَ جَعْلُهُ أَجْرًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا) أَيْ وَبِشَرْطِ أَلَا يَزِيدَ عَلَى الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا تَأْخُذَ نِصْفَك إلَّا بَعْدَ نَقْلِهِ مُجْتَمَعًا لِمَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ زَادَ ذَلِكَ مُنِعَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ أَنَّ الِاحْتِطَابَ كُلُّ يَوْمٍ نَقْلَتَيْنِ كُلُّ نَقْلَةٍ قَدْرُ قِنْطَارٍ مَثَلًا أَوْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَيَّدَ) أَيْ الِاحْتِطَابَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَنَقْلَةٍ لِي) أَيْ قَدْرِهَا كَذَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جَازَ يَوْمٌ لِي وَيَوْمٌ لَك أَوْ نَقْلَةٌ لِي قَدْرُهَا كَذَا وَنَقْلَةٌ لَك جَازَ بِالْأَوْلَى كُلُّ نَقْلَةٍ نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لَك (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ الْغَرَرِ) أَيْ بِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَهَذِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَارَّةِ فِي قَوْلِهِ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فَمَا حَصَلَ مِنْ أُجْرَةِ الْحَمْلِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمَحْمُولِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالشَّبَكَةُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجَوِّزُ دَفْعَ الشَّبَكَةِ لِمَنْ يَصِيدُ بِهَا يَوْمًا لِنَفْسِهِ وَيَوْمًا لِصَاحِبِهَا، وَفِي الشَّهْرَيْنِ كَثِيرٌ لِظُهُورِ الْجَهَالَةِ. اهـ. شب لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ شَرْطُ الْجَوَازِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا يُصَادُ بِالشَّبَكَةِ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا الشَّرْطُ فِي شَبَكَةِ الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي شَبَكَةِ الْحَمْلِ، وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَجُوزُ بِنِصْفِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى السَّفِينَةِ أَوْ يَحْمِلُ فِي الشَّبَكَةِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُعَيَّنًا) أَيْ إذَا كَانَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُعَيَّنًا كَحَطَبٍ أَوْ تِبْنٍ أَوْ حَشِيشٍ مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا أَوْ فِيهَا كُلُّ يَوْمٍ مَثَلًا لَا إنْ كَانَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا فِي السَّنَةِ. (تَنْبِيهٌ) ، وَلَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ أَخْذِ الْعَامِلِ مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ رَبِّهَا فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَهُ بِأُخْرَى يَعْمَلُ لَهُ عَلَيْهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِرَبِّهَا كِرَاؤُهَا، وَهُوَ أَبْيَنُ، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ أَخْذِ رَبِّهَا مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُكَلِّفَ رَبَّهَا دَابَّةً أُخْرَى. (قَوْلُهُ: أَوْ صَاعٌ مِنْ زَيْتٍ) قَدَّرَ الشَّارِحُ صَاعٌ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ مِنْ زَيْتٍ عَطْفٌ عَلَى دَقِيقٍ لَا عَلَى قَوْلِهِ مِنْهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَسَلُّطُ الدَّقِيقِ عَلَى الزَّيْتِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَجَعَلَهُ الْبَدْرُ عَطْفًا عَلَى " مِنْهُ " (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ كُلٌّ مِنْ الْحَبِّ وَالزَّيْتُونِ فِي الْخُرُوجِ) كَأَنْ كَانَ الْحَبُّ دَائِمًا يَخْرُجُ مِنْهُ دَقِيقٌ وَذَلِكَ الدَّقِيقُ دَائِمًا جَيِّدٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي الزَّيْتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَيْ فَإِنْ تَحَقَّقَ اخْتِلَافُ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ: حُمِلَ فِي الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ) أَيْ لِكَوْنِهِ الشَّأْنَ فِيهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ فَإِنَّ الشَّأْنَ فِيهَا خُرُوجُ الدَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِجِنْسِ الْأَجْرِ

كَإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَاسْتِئْجَارِهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا. (وَ) جَازَ لِمَنْ لَهُ رَقِيقٌ أَوْ وَلَدٌ (تَعْلِيمُهُ) أَيْ دَفْعُهُ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ صَنْعَةً مُعَيَّنَةً (بِعَمَلِهِ سَنَةً) مَثَلًا لِلْمُعَلِّمِ فَسَنَةٌ ظَرْفٌ لِعَمَلِهِ، وَأَمَّا التَّعْلِيمُ فَمُطْلَقٌ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ (مِنْ) يَوْمِ (أَخْذِهِ) لَا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ عَيَّنَا زَمَنًا عُمِلَ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. (وَ) جَازَ (اُحْصُدْ) زَرْعِي (هَذَا، وَلَك نِصْفُهُ) وَجُذَّ نَخْلِي هَذَا، وَلَك نِصْفُهُ، وَأَشَارَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ، وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ وَبَقِيَّةُ الْعَمَلِ مِنْ الدَّرْسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَيْهِمَا وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَحَصَدَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ فَتُضَمُّ الصَّادُ فِي الْأَمْرِ وَالْمُضَارِعِ وَتُكْسَرُ (وَ) جَازَ اُحْصُدْ زَرْعِي وَ (مَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ) مَثَلًا، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَا يُحْصَدُ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) جَازَ (كِرَاءُ دَابَّةٍ) أَوْ دَارٍ أَوْ سَفِينَةٍ (لِكَذَا) أَيْ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (عَلَى) أَنَّهُ (إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ (حَاسَبَ) رَبَّهَا أَيْ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ أَوْ سَكَنَ بِحَسَبِ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَيُصَدَّقُ فِي اسْتِغْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا أَكْرَى لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ. (وَ) جَازَ (اسْتِئْجَارُ) شَيْءٍ (مُؤَجَّرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوَّلِ أَوْ لَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَالِكِ النَّاظِرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَا أَكْرَاهُ لِغَيْرِهِ لِلتُّهْمَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى عج (قَوْلُهُ: كَإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَاسْتِئْجَارِهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا) أَيْ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ لِلْمُعَلِّمِ) أَيْ فِي الصَّنْعَةِ الَّتِي يَتَعَلَّمُهَا لَا بِعَمَلِهِ لَهُ فِي غَيْرِهَا، وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ بَحْثًا مَنَعَ الْإِجَارَةَ بِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي الصِّبْيَانِ بِاعْتِبَارِ الْبَلَادَةِ وَالْحَذَاقَةِ فَهُوَ الْآنَ مَجْهُولٌ فَكَأَنَّ الْمُجِيزَ رَآهُ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: فَمُطْلَقٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَتَعَلَّمُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذِهِ) مُسْتَأْنَفٌ أَسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِمَّا ذَا فَقَالَ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ وَابْتِدَاؤُهَا مَحْسُوبٌ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ مِنْ أَخْذِ الْمُعَلِّمِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَا زَمَنًا) أَيْ لِابْتِدَاءِ السَّنَةِ عَمِلَ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ نِصْفَ السَّنَةِ وَزَّعَ قِيمَةَ عَمَلِهِ عَلَى قِيمَةِ التَّعْلِيمِ مِنْ صُعُوبَةٍ وَسُهُولَةٍ وَيَنْظُرُ مَا يَنُوبُ قِيمَةَ تَعْلِيمِهِ إلَى مَوْتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ فَإِنْ حَصَلَ لَلْمُعَلِّمِ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ قَدْرُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَإِنْ زَادَ لَهُ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ عَمَلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ رَجَعَ بِهِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ عَمَلِهِ فِي السَّنَةِ يُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ، وَمَاتَ فِي نِصْفِهَا، وَالْحَالُ أَنَّ تَعْلِيمَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ يُسَاوِي ثَمَانِيَةً لِصُعُوبَةِ تَعْلِيمِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَعَمَلَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ قَبْلَ مَوْتِهِ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَلَّمْ بِخِلَافِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُسَاوِي عَشَرَةً لِمُقَارَبَتِهِ لِلتَّعْلِيمِ فَلِلْمُعَلِّمِ جِهَةَ الْعَبْدِ ثَمَانِيَةٌ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلِلْعَبْدِ عِنْدَ الْمُعَلِّمِ دِرْهَمَانِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَتَحَاصَّانِ فِي دِرْهَمَيْنِ وَيَرْجِعُ الْمُعَلِّمُ بِسِتَّةٍ فَيَكُونُ الْمُعَلِّمُ قَدْ اسْتَوْفَى ثَمَانِيَةً هِيَ ثُلُثَا أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ) أَيْ فَيَمْلِكُ الْأَجِيرُ حِصَّتَهُ بِالْعَقْدِ لَا بِالْحَصَادِ خِلَافًا لعبق وَحِينَئِذٍ فَهُوَ يَحْصُدُ النِّصْفَ لَهُ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِرَبِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ فَمَا هَلَكَ قَبْلَ الْحَصَادِ ضَمَانُهُ مِنْهُمَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ حَبًّا فَإِنْ شَرَطَ قَسْمَهُ حَبًّا جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ، وَتَعَيُّنُ قَسْمِهِ حَبًّا، وَمَنْعُ قَسْمِهِ قَتًّا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ قَسْمِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ، وَأَمَّا عَلَى جَوَازِهِ فَيُمْنَعُ شَرْطُ قَسْمِهِ حَبًّا؛ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ عَلَى الْأَجِيرِ كَمَا فِي دَبْغِ الْجُلُودِ مُجْتَمِعَةً (قَوْلُهُ: وَجَازَ اُحْصُدْ زَرْعِي) أَيْ وَجَازَ الْعَقْدُ بِقَوْلِهِ اُحْصُدْ زَرْعِي، وَمَا حَصَدْت إلَخْ مِثْلُهُ اُلْقُطْ زَيْتُونِي وَجُذَّ نَخْلِي، وَمَا لَقَطْت أَوْ جَذَذْت فَلَكَ نِصْفُهُ (قَوْلُهُ:، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ) أَيْ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ابْنُ يُونُسَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَ اُحْصُدْ الْيَوْمَ أَوْ اُلْقُطْ الْيَوْمَ، وَمَا اجْتَمَعَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَا يُحْصَدُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي، وَمَا حَصَدْتَهُ فَلَكَ نِصْفُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَحْصُدَهُ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِخِلَافِ اُحْصُدْ زَرْعِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ فَإِنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ جَمِيعَهُ، وَجَمِيعُهُ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ كِرَاءُ دَابَّةٍ لِكَذَا) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ تَأَمَّلْ مَا وَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ خش فِي كَبِيرِهِ بِهَذَا أَيْضًا، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ هُنَا يَسِيرٌ يُغْتَفَرُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى إلَى مَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْجَوَازُ فِي هَذِهِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الِانْتِقَادِ فَإِنْ انْتَقَدَ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا، وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ) أَيْ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ لِكَذَا إذْ هُوَ غَايَةٌ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِالْغَايَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْمَبْدَأِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَقْدِ أَوْ مَوْضِعُهُ فَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا أَكْرَى لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ عَيَّنَ إلَخْ) ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لِمَا يَزِيدُهُ كَذَا مِنْ الْأَجْرِ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَلَوْ عَيَّنَ غَايَةَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ كَذَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إذَا عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمُعَيَّنِ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَالَ فِيهَا قَبْلَهَا فَإِنْ عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ ح اهـ بْن.

لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ) اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ (مُسْتَثْنًى مَنْفَعَتُهُ) نَائِبُ فَاعِلِ مُسْتَثْنًى أَيْ اسْتَثْنَاهَا الْبَائِعُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الِانْتِفَاعِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً وَاسْتَثْنَى بَائِعُهَا مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً جَازَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِإِنْسَانٍ مُدَّةً بَعْدَ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُجَوِّزُ اسْتِثْنَاءَ الْعَامِ فِي الدَّارِ وَسِنِينَ فِي الْأَرْضِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الدَّابَّةِ لَا جُمُعَةً وَكَرِهَ الْمُتَوَسِّطَ. (وَ) جَازَ (النَّقْدُ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّيْءِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمَبِيعِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا) أَيْ إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَمُدَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ ظُنَّ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِ أَوْ احْتَمَلَ بِأَنْ شُكَّ فِي الْبَقَاءِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْجَوَازِ لَا جَوَازِ النَّقْدِ أَيْ مَحَلِّ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ لَكِنْ إنْ ظَنَّ الْبَقَاءَ فَالْجَوَازُ قَطْعًا، وَإِنْ احْتَمَلَ فَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ ظَنَّ التَّغَيُّرَ فَالْمَنْعُ قَطْعًا، وَإِذَا مُنِعَ الْعَقْدُ مُنِعَ النَّقْدُ ضَرُورَةً. (وَ) جَازَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سِنِينَ أَوْ شُهُورًا أَوْ أَيَّامًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ (عَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ) أَوْ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ فَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الشُّهُورَ تَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ كَدُورِ مَكَّةَ وَدُورِ النِّيلِ بِمِصْرَ وَحَصَلَ مَانِعٌ رَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ فَإِنْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ الرُّجُوعَ لِلتَّسْمِيَةِ فَسَدَ. (وَ) جَازَ (كِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا مُدَّةً) مُعَيَّنَةً (وَالنَّقْضُ) يَكُونُ (لِرَبِّهِ) الْبَانِي (إذَا انْقَضَتْ) الْمُدَّةُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ لِتَقْيِيدِهِ الْوَقْفَ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ، وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْيِيدُ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِعَدَمِ إيجَارِهَا إلَّا لِلْأَوَّلِ كَالْأَحْكَارِ بِمِصْرَ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَصُورَةُ ذَلِكَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَارًا مَوْقُوفَةً مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَأَذِنَ لَهُ النَّاظِرُ بِالْبِنَاءِ فِيهَا لِيَكُونَ لَهُ خُلُوًّا وَجَعَلَ عَلَيْهَا حَكْرًا كُلَّ سَنَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ إيجَارِ الْأَوَّلِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَأْجِرُهَا إلَّا الْأَوَّلُ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَمَحَلُّهُ إذَا دَفَعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يَدْفَعُهُ غَيْرُهُ، وَإِلَّا جَازَ إيجَارُهَا لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الدَّابَّةِ) أَيْ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ فِي الرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ النَّقْدُ فِيهِ) لَمْ يُثْنِ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَتَجُورُ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا أَوْ أَنَّهُ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرَ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فِي الشَّيْءِ الْمُؤَجَّرِ) أَيْ الَّذِي أُوجِرَ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) أَيْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنَافِعُ لَا الْأُولَى كَمَا فِي عبق اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) أَيْ إذَا ظُنَّ بَقَاؤُهُ وَقَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِيَةِ أَيْ مَا إذَا شُكَّ فِي بَقَائِهِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا اتِّفَاقًا. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا يَجُوزُ؟ . وَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ الْغَالِبُ تَغَيُّرَهُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ فَجَوَازُ الْعَقْدِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ شَاسٍ جَوَازُ الْعَقْدِ وَمُقْتَضَى بَهْرَامَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مُنِعَ الْعَقْدُ) أَيْ لِظَنِّ التَّغَيُّرِ أَوْ لِلشَّكِّ فِيهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مُنِعَ النَّقْدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ الْعَقْدِ مَنْعُ النَّقْدِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْعَقْدِ لُزُومُ النَّقْدِ فَفِي حَالَةِ الشَّكِّ فِي التَّغَيُّرِ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الشُّهُورَ تَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ سَنَةً تُخَالِفُ سَنَةً فِي الْأُجْرَةِ أَوْ كَانَ شَهْرٌ يُخَالِفُ شَهْرًا أَوْ أَيَّامٌ تُخَالِفُ أَيَّامًا فِي الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَحَصَلَ مَانِعٌ) أَيْ مِنْ سُكْنَى بَعْضِ الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ) أَيْ عِنْدَ السُّكُوتِ أَوْ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ لَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ سَنَةٍ مَا يَخُصُّهَا، وَلَا لِكُلِّ شَهْرٍ مَا يَخُصُّهُ وَسَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَحَصَلَ مَانِعٌ مَنَعَهُ مِنْ سُكْنَى بَاقِيهَا فَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الْأَشْهُرَ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لِلتَّسْمِيَةِ فَإِنْ سَكَنَ نِصْفَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ سَكَنَ ثُلُثَهَا لَزِمَهُ ثُلُثُهُ، وَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الْأَشْهُرَ تَخْتَلِفُ بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ عِنْدَ السُّكُوتِ أَوْ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ إلَيْهَا فَإِنْ اشْتَرَطَا عِنْدَ الْعَقْدِ الرُّجُوعَ لِلتَّسْمِيَةِ وَالْحَالُ أَنَّ السِّنِينَ تَخْتَلِفُ بِالْقِيمَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ بَيْتًا عَلَى الْخَلِيجِ سَنَةً بِمِائَةٍ وَسَكَنَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَيَّامَ النِّيلِ وَحَصَلَ مَانِعٌ مِنْ سُكْنَاهُ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ كِرَاءُ الْبَيْتِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ كَانَ سَبْعِينَ حَطَّ الْمَالِكُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ ثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ أُجْرَةُ الْبَيْتِ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ تُسَاوِي مِائَةً فَلَا يُحَطُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: مُدَّةً) تَنَازَعَهُ كِرَاءُ وَتُتَّخَذُ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ: لِتَقْيِيدِهِ الْوَقْفَ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ أَرْضٌ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ وَبَنَى فِيهَا مَسْجِدًا وَاسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ النَّقْضُ فِي حَبْسٍ مُمَاثِلٍ لِلْمَسْجِدِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْعَامَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدًا آخَرَ أَوْ قَنْطَرَةً أَوْ رِبَاطًا أَوْ سَبِيلًا؛ لِأَنَّ الْبَانِيَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ دَاخِلٌ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّقْضَ لَلَبَّانِي إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ رَبُّ الْأَرْضِ دَفْعَ قِيمَةِ النَّقْضِ، وَأَبْقَاهُ مَسْجِدًا دَائِمًا فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ لَهُ، وَلَيْسَ لَلَبَانِي امْتِنَاعٌ حِينَئِذٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ

وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا. (وَ) جَازَ اسْتِئْجَارٌ (عَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ) وَنَحْوِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ مُبَاشَرَةَ النَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ (وَ) اسْتِئْجَارٌ عَلَى (الْقِصَاصِ) مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَسَلَّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِأَوْلِيَائِهِ (وَ) عَلَى (الْأَدَبِ) لِوَلَدِهِ أَوْ عَبْدِهِ إذَا ثَبَتَ مُوجِبُهُ فَلِلْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ. (وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ (عَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا) بِالنَّقْدِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا سَنَةٌ إلَّا لِسَفَرٍ فَالشُّهُورُ، وَأَجَازَ إجَارَةَ دَارٍ جَدِيدَةٍ، وَأَرْضٍ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَبِالْمُؤَجَّلِ، وَأَمَّا الدَّارُ الْقَدِيمَةُ فَدُونَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ سَلَامَتَهَا إلَيْهِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ الْغَيْرُ الْمَأْمُونَةِ الرَّيِّ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ بِلَا نَقْدٍ، وَمَحَلُّ إيجَارِ الْعَبْدِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا فِيهَا، وَإِلَّا مُنِعَ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ سَلَامَتَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ، وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَالسَّنَتَيْنِ وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ. (وَ) جَازَ التَّقْيِيدُ بِالزَّمَنِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ مِنْ حِرْفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَاسْتِئْجَارِهِ عَلَى عَمَلِ (يَوْمٍ) أَوْ سَاعَةٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ يَخِيطُ لَهُ فِيهِ أَوْ يَبْنِي أَوْ يَدْرُسُ أَوْ يَحْصُدُ لَهُ فِيهِ بِكَذَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَمَلِ دُونَ الزَّمَنِ كَكِتَابَةِ كِتَابِ عِلْمٍ أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ وُصِفَ (أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ) أَوْ سَرَاوِيلَ بِكَذَا فَقَوْلُهُ: (مَثَلًا) رَاجِعٌ لِلْيَوْمِ وَلِلْخِيَاطَةِ وَلِلثَّوْبِ (وَهَلْ تَفْسُدُ) الْإِجَارَةُ (إنْ جَمَعَهُمَا) أَيْ الزَّمَنَ وَالْعَمَلَ (وَتَسَاوَيَا) كَخِطْ لِي هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِكَذَا وَكَانَ الشَّأْنُ أَنَّهُ يُخَاطُ فِي الْيَوْمِ بِتَمَامِهِ لَا فِي أَقَلَّ، وَلَا أَكْثَرَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الثَّانِي عَدَمُ الْفَسَادِ (أَوْ) تَفْسُدُ (مُطْلَقًا) ، وَلَوْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ عَادَةً بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُ خِيَاطَتُهُ فِي نِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي زَائِدِ الزَّمَنِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ الْجَوَازَ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ: (خِلَافُ) الْأَوْلَى بَدَلُهُ تَرَدُّدٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي النَّقْلِ إلَّا أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ فَاللَّازِمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرَادَ إبْقَاءَهُ مَسْجِدًا لَا عَلَى التَّأْيِيدِ فَلِلْبَانِي الِامْتِنَاعُ (قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا) أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا بَانِيهِ إذَا أَرَادَ بَقَاءَهُ مَسْجِدًا عَلَى الدَّوَامِ حَيْثُ امْتَنَعَ مَالِكُ الْأَرْضِ مِنْ بَقَائِهِ وَطَلَبَ هَدْمَهُ مِنْ أَرْضِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ) أَيْ كَنَجَاسَةِ مِرْحَاضٍ وَعَبَّرَ بِطَرْحٍ دُونَ حَمْلٍ لِشُمُولِهِ لِحَمْلِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ وَالْوَجْهِ الْجَائِزِ مَعَ أَنَّ حَمْلَهَا فِي الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ، وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ مَمْنُوعَةٌ، وَذَلِكَ كَحَمْلِهَا لِبَيْعِهَا أَوْ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ غَيْرِ مُضْطَرٍّ وَأَمَّا حَمْلُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ كَحَمْلِهَا لِأَكْلِ كِلَابٍ أَوْ تَزْبِيلِ أَرْضٍ أَوْ لِأَكْلِ مُضْطَرٍّ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ أَيْ الْحَامِلُ أَوْ غَيْرُهُ وَكَحَمْلِ جِلْدِ مَيْتَةٍ مَدْبُوغٍ لِأَجْلِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ: وَاسْتِئْجَارٌ عَلَى الْقِصَاصِ) ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَتْلِ ظُلْمًا فَلَا تَجُوزُ فَإِنْ نَزَلَ اُقْتُصَّ مِنْ الْأَجِيرِ، وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ (قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَ مُوجِبُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمُوجِبِ كَانَ الطَّالِبُ لِلتَّأْدِيبِ الْأَبَ أَوْ السَّيِّدَ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُصَدَّقُ الْأَبُ فِي ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالسَّيِّدُ وَالزَّوْجُ فِي دَعْوَى مَا يُوجِبُ الْأَدَبَ كَمَا فِي ح، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فَلَا يُؤَدِّبُهُ الْأَبُ إلَّا بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَلَى فِعْلٍ مُوجِبٍ لِلْأَدَبِ، وَإِلَّا أُدِّبَ الْأَبُ وَالْمُتَوَلِّي لِلْأَدَبِ كَذَا قَرَّرَ ابْن عبق. (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ) أَيْ، وَأَوْلَى بِالْمُؤَجَّلِ فَالشَّارِحُ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا) أَيْ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَا يُنَافِي جَوَازَ إجَارَتِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ السَّنَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَعْجِيلِ نَقْدٍ اُنْظُرْ بْن وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ يُخْبِرُ عَنْ حَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ فَيُؤَدِّي إجَارَتُهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ لِإِتْلَافِهَا (قَوْلُهُ: فَالشُّهُورُ) صَوَابُهُ فَالشَّهْرُ بِالْإِفْرَادِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ الْعَقْدُ بِلَا نَقْدٍ) أَيْ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَوْلَى أَقَلُّ مِنْهَا بِلَا نَقْدٍ وَيُمْنَعُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِلْكًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا فَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيَوْمٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ وَجَازَ اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ وَاسْتِئْجَارُ يَوْمٍ وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حِرْفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ حِرْفَةً كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ أَوْ كَانَ غَيْرَ حِرْفَةٍ كَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا) أَيْ، وَهُوَ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ إنْ تَسَاوَيَا فَالْمَنْعُ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ زَادَ الزَّمَنُ فَالْمَنْعُ عَلَى أَحَدِ مَشْهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَسَاوَيَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّمَنَ مُسَاوٍ لِلْعَمَلِ أَيْ يَسَعُهُ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ جَمَعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ مُسَاوِيًا لِلْعَمَلِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ وَالْآخَرُ عَدَمُ الْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ جَازَ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمُنِعَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا تَسَاوَيَا أَيْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا بَلْ زَادَ الزَّمَانُ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا تَفْسُدُ إشَارَةً لِطَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا، وَلَمَّا وَافَقَ تَشْهِيرُهُ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ حِكَايَةَ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَتَرَكَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ بِالصِّحَّةِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَفْسُدُ مُطْلَقًا أَيْ تَسَاوَيَا أَوْ زَادَ الزَّمَنُ لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ اتِّفَاقًا، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ

أُجْرَةُ الْمِثْلِ زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ قَلَّتْ. (وَ) جَازَ (بَيْعُ دَارٍ) اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهَا عَامًا (لِتُقْبَضَ) لِلْمُشْتَرِي (بَعْدَ عَامٍ) (وَ) بَيْعُ (أَرْضٍ) اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهَا (لِعَشْرٍ) مِنْ الْأَعْوَامِ لِقُوَّةِ الْأَمْنِ فِيهَا فَاغْتُفِرَ فِيهَا بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّقِيقُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَشُهِرَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الشَّهْرِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ فَقَطْ. (وَ) جَازَ اسْتِئْجَارٌ عَلَى (اسْتِرْضَاعٍ) لِرَضِيعٍ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَالْعُرْفُ) مُعْتَبَرٌ (فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى أَبِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَوْ قَالَ وَغَسْلٌ كَخِرْقَةٍ عَلَى أَبِيهِ إلَّا لِعُرْفٍ لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَلِزَوْجِهَا) أَيْ الْمُرْضِعِ دُونَ غَيْرِهِ (فَسْخُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ) لَهَا فِيهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ (كَأَهْلِ الطِّفْلِ) ، وَلَوْ أُمًّا وَحَاضِنَةً لَهُمْ الْفَسْخُ (إذَا حَمَلَتْ) الظِّئْرُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ وَالْخَوْفِ (وَ) لَهَا الْفَسْخُ فِي (مَوْتِ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ) إذَا اُسْتُؤْجِرَا بِعَقْدٍ أَوْ بِعَقْدَيْنِ وَعَلِمَتْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى حِينَ الْعَقْدِ، وَمَاتَتْ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQإشَارَةً لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ قَلَّتْ) أَيْ سَوَاءٌ عَمِلَهُ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَلَهُ الْمُسَمَّى إنْ عَمِلَهُ فِيمَا عَيَّنَهُ فَإِنْ عَمِلَهُ فِي أَكْثَرَ قِيلَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ، وَمَا أُجْرَتُهُ عَلَى الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَمِلَهُ فِيهِ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةٌ حُطَّ عَنْهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا لَهُ إلَّا عَلَى عَمَلِهِ فِيمَا عَيَّنَهُ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ دَارٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فَحَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي الْبُيُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الدَّارَ مَثَلًا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ فَقَدْ بَاعَهَا بِالْمِائَةِ وَالِانْتِفَاعَ بِتِلْكَ الدَّارِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَكَانَ الْمَبِيعُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مَثَلًا دَفَعَ الْمُشْتَرِي بَدَلَ الْعَشَرَةِ الِانْتِفَاعَ وَبَيْعُ الِانْتِفَاعِ إجَارَةٌ فَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ارْتِبَاطٌ بِالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْبَائِعِ لِمَنْفَعَتِهَا سَنَتَيْنِ وَقِيلَ يَجُوزُ سَنَةً وَنِصْفًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخِلَافُ خِلَافٌ فِي حَالٍ لَا فِي فِقْهٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا تَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَعَشْرٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى عَلَى مُقْتَضَى حَلِّ الشَّارِحِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا بِمَعْنَى بَعْدَ أَيْ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَشْرٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّقِيقُ) أَيْ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا إذَا بِيعَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُمْنَعُ اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ جَوَازَ اسْتِثْنَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَمَنْعَ الْجُمُعَةِ فِي دَابَّةِ الرُّكُوبِ، وَأَمَّا دَابَّةُ الْعَمَلِ فَكَالرَّقِيقِ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشُهِرَ الْقَوْلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْجَائِزِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ بِالْعَقْدِ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ، وَإِذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَطَ مِنْ السُّكْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَبْنِيَهَا الْمُشْتَرِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَيَسْكُنُ الْبَائِعُ إلَى تَمَامِهَا، وَمِثْلُ هَذِهِ الدَّابَّةُ تُبَاعُ وَيَشْتَرِطُ الْبَائِعُ رُكُوبَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ فَإِذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا يَنُوبُ الرُّكُوبَ. . (قَوْلُهُ: وَجَازَ اسْتِئْجَارٌ عَلَى اسْتِرْضَاعٍ لِرَضِيعٍ) أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ عَيْنًا فَلَا يَدْخُلُ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا، وَإِنْ تَنَاوَلَهُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، وَسَوَاءٌ اُسْتُؤْجِرَتْ الظِّئْرُ بِنَقْدٍ أَوْ طَعَامٍ، وَلَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِمْ طَعَامَهَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْأَطْعِمَةِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ يَقْتَاتُوهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ كَجَحْشٍ جَازَ أَنْ تُكْرَى لَهُ حِمَارَةٌ لِتُرْضِعَهُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ حَمِيمَهُ أَيْ غَسْلَهُ بِالْحَمِيمِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ وَدَقُّ رَيْحَانِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَدُهْنِهِ وَتَكْحِيلِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُرْفٍ) أَيْ إلَّا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَقَوْلُهُ: لَشَمَلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَا إذَا كَانَ عُرْفٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا، وَلَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً، وَلَوْ لَحِقَهُمَا مَعَرَّةٌ بِاسْتِرْضَاعِهَا وَقِيلَ لَهُمَا فَسْخُهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَسْخُهُ) أَيْ فَسْخُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ أَيْ، وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِيهِ) أَيْ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِتَشَاغُلِهَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ عِلْمِهِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ آجَرَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فَأُجْرَةُ مَا مَضَى تَكُونُ لَهَا وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ مِنْهُ، وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ) أَيْ كَمَا يُخَيَّرُ أَهْلُ الطِّفْلِ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِمْضَائِهَا إذَا حَمَلَتْ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى حَمْلُهَا مَعَ أَنَّ الزَّوْجَ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا إذَا آجَرَتْ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُفْرَضُ هَذَا فِيمَا إذَا تَعَدَّى وَوَطِئَهَا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَطِئَهَا قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يُعْلَمْ الْحَمْلُ إلَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُمًّا وَحَاضِنَةً) أَيْ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَهْلِ دُونَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا مَظِنَّةٌ لِضَرَرِ الْوَلَدِ بِلَبَنِهَا وَالْخَوْفِ

فَلِلثَّانِيَةِ الْفَسْخُ، وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ الثَّانِيَةُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْأَوْلَى فَلَا فَسْخَ (وَ) لَهَا الْفَسْخُ فِي (مَوْتِ أَبِيهِ وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (لَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً) قَبْلَ مَوْتِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا (إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا فَسْخَ كَمَا لَوْ قَبَضَتْهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ تَرَكَ مَالًا لِلْوَلَدِ (وَكَظُهُورِ مُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا) مَعْمُولٌ لِظُهُورٍ أَيْ ظَهَرَ حَالَ كَوْنِهِ أَكُولًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ فَلِمُسْتَأْجِرِهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِطَعَامٍ وَسَطٍ فَلَا كَلَامَ لِمُؤَجِّرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ تَظْهَرُ أَكُولَةً فَلَا خِيَارَ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ إشْبَاعُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ أَكُولًا فَلَهُ رَدُّهُ (وَمُنِعَ) (زَوْجٌ رَضِيَ) بِإِجَارَةِ زَوْجَتِهِ ظِئْرًا (مِنْ وَطْءٍ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ ضَرَرِ الطِّفْلِ (وَلَوْ لَمْ يُضَرَّ) الطِّفْلُ بِالْفِعْلِ، وَمِثْلُ الزَّوْجِ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَ) مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ (سَفَرٍ) بِهَا فِيمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ بِرِضَاهُ (كَأَنْ تُرْضِعَ) غَيْرَهُ (مَعَهُ) فَتُمْنَعُ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الطِّفْلِ اشْتَرَوْا جَمِيعَ لَبَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ حَالَ الْعَقْدِ فَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ، وَهِيَ إذَا اشْتَرَطَتْ غَيْرَهُ لَا تُمْنَعُ (وَ) الِاسْتِرْضَاعُ (لَا يَسْتَتْبِعُ) أَيْ لَا يَسْتَلْزِمُ (حَضَانَةً) لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِحَضَانَةِ طِفْلٍ لَا يَسْتَلْزِمُ رَضَاعَهُ فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَعَطَفَ عَلَى الْجَائِزِ مَسْأَلَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَحَمْلُ ظِئْرٍ عَطْفًا عَلَى مَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ فَهُوَ فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ أَوْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ خَشِيَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ أَوْ يُحْمَلُ مَا يَأْتِي عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّخْيِيرَ (قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِيَةِ الْفَسْخُ) أَيْ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الطِّفْلِ إذَا طَلَبَتْ الْفَسْخَ إلْزَامُهَا بِرَضَاعِهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَمَا كَانَتْ زَمَنَ الْأُولَى الَّتِي مَاتَتْ لِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ مِنْ الطِّفْلِ حَالَ عَدَمِ رَضَاعَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذَا طَلَبَتْ الْبَقَاءَ وَعَدَمَ الْفَسْخِ أَنْ يَأْتِيَ بِأُخْرَى تُرْضِعُ مَعَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ عَلِمَتْ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَنَّهَا ثَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَعْلَمْ) أَيْ أَوْ مَاتَتْ الْأُولَى، وَلَمْ تَعْلَمْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى حِينَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْفَسْخُ فِي مَوْتِ أَبِيهِ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ هَلَكَ الْأَبُ فَحِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ قَدَّمَ الْأَبُ الْأَجْرَ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ وَتَرْجِعُ حِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ قَدَّمَهُ الْأَبُ مِيرَاثًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَطِيَّةً وَجَبَتْ، وَفِي خش عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ أَكَلَتْ الظِّئْرُ الْأُجْرَةَ، وَمَاتَ الْأَبُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِدَفْعِهَا لَهَا وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ مَالًا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ، وَلَكِنْ تَكُونُ أُجْرَتُهَا فِي نَصِيبِ الْوَلَدِ مِنْ إرْثِهِ كَمَا أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ، وَلَمْ تَقْبِضْ أَنَّهَا إذَا قَبَضَتْ لَا تَفْسَخُ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَيَتْبَعُ الْوَرَثَةُ الْوَلَدَ بِمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ مَوْتِ الْأَبِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَجَّلَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الزَّائِدَ يَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْوَلَدِ فَيَرْجِعُونَ بِهِ عَلَى مَالِ الرَّضِيعِ لَا عَلَى الظِّئْرِ فَلَيْسَ إعْطَاءُ الْأَبِ أُجْرَةَ رَضَاعِهِ هِبَةً مِنْهُ لَهُ، وَإِنَّمَا إرْضَاعُهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ انْقَطَعَ بِمَوْتِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ هِبَةً لِلرَّضِيعِ لَرَجَعَ مِيرَاثًا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ مَعَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَبُ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّتِهِ عَلَى الظِّئْرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْوَلَدِ بِمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ مَا لَمْ يُعَجِّلْ الْأَبُ الْأُجْرَةَ خَوْفًا مِنْ مَوْتِهِ الْآنَ، وَإِلَّا كَانَتْ حِينَئِذٍ هِبَةً لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا نَقَلَهُ عج عَنْ ح (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْضَى بِطَعَامٍ وَسَطٍ فَلَا كَلَامَ لِمُؤَجِّرِهِ) أَيْ، وَلَيْسَ لِمُؤَجِّرِهِ جَبْرُهُ عَلَى الطَّعَامِ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ) أَيْ، وَأَمَّا فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ بِعَدَمِ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا كَثْرَةَ الْأَكْلِ مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْن عبق وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَكْلِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَرُدَّ بِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ وَالْأَطِبَّاءُ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ دَاءَ احْتِرَاقٍ فِي الْمَعِدَةِ فَهُوَ مِنْ الْأَمْرَاضِ (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ زَوْجٌ إلَخْ) فَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَهَا مُرْضِعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَيْبٌ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ، وَبَحَثَ فِيهِ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ لَكِنْ الزَّوْجُ يَتَضَرَّرُ بِعَدَمِ الْوَطْءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الرَّضَاعِ يَسِيرٌ فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَهَا مُكْتَرَاةً فَيُخَيَّرُ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْكِرَاءِ يَسِيرًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ هَذَا إنْ كَانَ وَطْؤُهُ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ بَلْ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَصْبَغَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطِئَهَا إلَّا إذَا أَضَرَّ بِالْوَلَدِ وَسَوَاءٌ شَرَطَ عَلَى الزَّوْجِ ذَلِكَ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الزَّوْجِ السَّيِّدُ) أَيْ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش فَلَوْ تَعَدَّى الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ وَوَطِئَهَا، وَلَمْ تَحْمِلْ فَقِيلَ لِأَهْلِ الطِّفْلِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ فَسْخُهَا (قَوْلُهُ: إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ بِرِضَاهُ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالسَّفَرُ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ الطِّفْلِ السَّفَرَ بِهِ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ أَخْذِ الْوَلَدِ إلَّا إذَا دَفَعُوا لِلظِّئْرِ جَمِيعَ أُجْرَتِهَا (قَوْلُهُ: كَأَنْ تُرْضِعَ غَيْرَهُ) أَيْ كَمَا تُمْنَعُ أَنْ تَرْضِعَ مَعَ الطِّفْلِ غَيْرَهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ أَيْ لِرَضَاعِهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا، وَلَدٌ إلَخْ) اُنْظُرْ، وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ حَالَ الْعَقْدِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ غَيْرَهُ مَعَ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ

لِآخَرَ (سِلْعَةً) بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ كَمِائَةٍ أَيْ، وَهِيَ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْهُ (عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ) الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِثَمَنِهَا) الْمَذْكُورِ (سَنَةً) مَثَلًا فَالْمُرَادُ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ الثَّمَنِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ لِيَنْتَقِلَ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَأْخِيرِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِيَزِيدَهُ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ النَّوْعِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ، وَأَنْ يُوجَدَ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ، وَأَنْ يَكُونَ مُدِيرًا لَا مُحْتَكِرًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَكِرَ يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ فَيُؤَدِّي إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَيَدْخُلُ الْجَهْلُ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَجْمُوعُ النَّقْدِ وَالْعَمَلِ، وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ فَهَذِهِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ عِلْمُ الثَّمَنِ، وَإِحْضَارُهُ، وَعِلْمُ الْأَجَلِ، وَتَعْيِينُ النَّوْعِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ، وَوُجُودُهُ فِي الْأَجَلِ وَالْإِدَارَةِ، وَعَدَمُ التَّجْرِ فِي الرِّبْحِ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالْقُوَّةِ. وَلَمَّا كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ ثَامِنٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ (إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) لِمَا يُتْلَفُ مِنْ الثَّمَنِ لِيَتِمَّ الْعَمَلُ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا أَدَّى إلَى الْغَرَرِ، وَشُبِّهَ فِي الْجَوَازِ مَعَ شَرْطِ الْخَلَفِ قَوْلُهُ: (كَغَنَمٍ) أَيْ كَجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ (عُيِّنَتْ) إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ لِمَا يَتْلَفُ مِنْهَا لَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا تَصِحُّ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (وَإِلَّا) تَكُنْ مُعَيَّنَةً فَلَا يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ شَرْطُ الْخَلَفِ بَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِدُونِهِ وَحِينَئِذٍ (فَلَهُ) أَيْ لِلرَّاعِي (الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ) أَيْ يُقْضَى لَهُ بِالْخَلَفِ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَوْ دَفْعِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ (كَرَاكِبٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْخَلَفُ أَيْ أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ لِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَارِثَهُ الْإِتْيَانُ بِالْخَلَفِ أَوْ دَفْعُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ. (وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَابِقًا وَالْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا مُدْخِلَةٌ لِجَمِيعِ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضِيعِ وَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ كَعَكْسِهِ أَوْ يَخُصَّ مَا تَقَدَّمَ بِنَحْوِ الْأَدْهَانِ وَالْكُحْلِ لَا الْحَمْلِ. اهـ. تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (قَوْلُهُ: لِيَنْتَقِلَ) أَيْ الثَّمَنُ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ أَيْ مِنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِأَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأَدَّى إلَخْ) فَلَوْ اتَّجَرَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ تِجَارَتِهِ بِالثَّمَنِ سَنَةً مَعَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الِاتِّجَارَ سَنَةً مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ النَّوْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ يَكُونُ فِيهَا خِفَّةٌ، وَمَشَقَّةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَنْوَاعِ الْمُتَّجَرِ فِيهَا (قَوْلُهُ: يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ) أَيْ فَلَا يَبِيعَ إلَّا إذَا غَلَتْ السِّلَعُ (قَوْلُهُ: إلَى أَجْلٍ مَجْهُولٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَمْكُثُ عِنْدَهُ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَالْأَجَلُ مُعَيَّنٌ، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْغَرَرِ وَالْجَهْلِ إذْ قَدْ لَا يَحْصُلُ الْغُلُوُّ فِي السَّنَةِ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ) أَيْ، وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَ التَّجْرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا نَضَّ رِبْحٌ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَاتَّجَرَ بِأَصْلِ الثَّمَنِ أَوْ اتَّجَرَ بِأَصْلِ الثَّمَنِ مَعَ الرِّبْحِ بِدُونِ شَرْطٍ فَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ: عِلْمُ الثَّمَنِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَبِيعٍ، وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (قَوْلُهُ: بِالْقُوَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي ثَمَنًا مَعْلُومًا وَالْعَمَلُ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ إذْ الثَّمَنُ مَجْمُوعُ الْمِائَةِ وَالْعَمَلِ وَشَرْطُ عِلْمِ الثَّمَنِ يَسْتَلْزِمُ عِلْمَ جُزْئِهِ، وَهُوَ الْعَمَلُ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَ الْأَجَلِ لِلْعَمَلِ وَتَعْيِينُ الْعَمَلِ يَسْتَدْعِي وُجُودَ النَّوْعِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَهُ فَهَذِهِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ جَوْهَرِ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَهُمَا إحْضَارُ الثَّمَنِ، وَكَوْنُ الْعَامِلِ مُدِيرًا مَأْخُوذَانِ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَالشَّرْطُ السَّابِعُ، وَهُوَ عَدَمُ الِاتِّجَارِ بِالرِّبْحِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِثَمَنِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) أَيْ إنْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ خَلَفَ مَا يُتْلِفُ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: لِيُتِمَّ الْعَمَلَ أَيْ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ لَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِهِ، وَإِذَا شَرَطَ الْخَلَفَ وَحَصَلَ تَلَفُ الْبَعْضِ فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ زَادَهُ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَّجِرَ فِيهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَزِدْهُ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ، بِمَا بَقِيَ فَشَرْطُ الْخَلَفِ وَإِنْ كَانَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً لَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ انْتِهَاءً. (قَوْلُهُ: أَدَّى إلَى الْغَرَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتْلَفَ مِنْ الْعَامِلِ بَعْضُ الثَّمَنِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَرَدَّ الْعَامِلُ لِلْبَائِعِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ يَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ أَنْتَ لَمْ تَتَّجِرْ بِكُلِّ الثَّمَنِ بَلْ ادَّعَيْت الْخَسْرَ فَقَطْ، وَأَتَيْت لِي بِبَعْضِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ) أَيْ وَجِيبَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) أَيْ إنْ شَرَطَ الرَّاعِي عَلَى رَبِّهَا خَلَفَ مَا يَتْلَفُ مِنْهَا أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْخَلَفِ وَيَلْزَمُ رَبَّهَا الْخَلَفُ لِمَا مَاتَ حِينَئِذٍ فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ لِلرَّاعِي. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَقَعُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ رَبَّ الْغَنَمِ أَنْ يَدْفَعَ لِلرَّاعِي أُجْرَةَ مِثْلِهِ إذَا عَمِلَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ وَالْحُكْمُ يُوجِبُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهَا شَيْءٌ لَزِمَ رَبَّهَا خَلَفُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ دَفَعَ لِلرَّاعِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ عِنْدِي أَصْوَبُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَكُنْ مُعَيَّنَةً) أَيْ كَمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى رِعَايَةِ مِائَةِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ حِينَ الْعَقْدِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَغْنَامَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْخَلَفِ لَكِنْ إنْ مَاتَ أَوْ ضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا قُضِيَ عَلَى رَبِّهَا بِالْخَلَفِ إلَى تَمَامِ عَمَلِ الرَّاعِي فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْخَلَفِ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ بِتَمَامِهَا فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ مِثْلُ الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَمُخَالِفَةٌ لَهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ لِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّاكِبَ مِمَّا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ، وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ

(حَافَّتَيْ نَهَرِك لِيَبْنِيَ) عَلَيْهِمَا الْمُسْتَأْجِرُ (بَيْتًا) وَيَصِيرَ النَّهْرُ تَحْتَ سَقْفِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ. (وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ (طَرِيقٍ فِي دَارٍ) لِلْمُرُورِ فِيهَا لِحَاجَةٍ. (وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ (مَسِيلِ) أَيْ مَوْضِعِ سَيْلَانِ (مَصَبِّ مِرْحَاضٍ) أَيْ مَصْبُوبٍ أَيْ مَا يَنْصَبُّ مِنْ الْفَضَلَاتِ فَالْمَسِيلُ اسْمُ مَكَان، وَهُوَ الْمُجْرَاةُ وَالْمَصَبُّ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَالْمِرْحَاضُ مَحَلُّ الرَّحْضِ أَيْ الطَّرْحِ كَالْكَنِيفِ أَيْ مَحَلِّ جَرَيَانِ مَا يَسِيلُ مِنْ الْأَكْنِفَةِ أَوْ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ ذَلِكَ الْجَارِي مِنْ الْأَكْنِفَةِ وَنَحْوِهَا (لَا مِيزَابٍ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَاءِ مِيزَابٍ؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَكُونُ، وَلَا يَكُونُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْمِيزَابُ (لِمَنْزِلِك) بِأَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَك فَتَسْتَأْجِرُ مَسِيلَهُ مِنْ أَرْضِ جَارِك لِيَجْرِيَ فِيهِ مَا نَزَلَ مِنْهُ (فِي أَرْضِهِ) لِيَخْرُجَ إلَى خَارِجٍ فَيَجُوزُ وَيَكُونُ كَمَسِيلِ مَصَبِّ الْمِرْحَاضِ فَيَا لَيْتَهُ قَالَ، وَمَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ أَوْ مِيزَابٍ لَا شِرَاءَ مَائِهِ. (وَ) جَازَ (كِرَاءُ رَحَى مَاءٍ) أَيْ تَدُورُ بِالْمَاءِ (بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا. (وَ) جَازَتْ الْإِجَارَةُ (عَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً) مَثَلًا كَكُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِدِينَارٍ (أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْحِفْظِ لِجَمِيعِهِ أَوْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، وَأَشَارَ بِأَوْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ إذْ قَدْ يَمْضِي الشَّهْرُ، وَلَا يَحْفَظُ مَا عَيَّنَهُ أَوْ يَحْفَظُهُ فِي أَثْنَائِهِ (وَأَخَذَهَا) الْمُعَلِّمُ أَيْ يَأْخُذُ الْحَذْقَةَ بِمَعْنَى الْإِصْرَافَةِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ كَذَا قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ الرَّاكِبِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَوْتِ الدَّابَّةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَا تُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: حَافَّتَيْ نَهْرِك) قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْإِضَافَةِ بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ النَّهْرُ لِغَيْرِك وَلَكِنَّهُ جَارٍ بِأَرْضِك فَلَكَ أَنْ تُكْرِيَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ لِأَنَّهُمَا لَك، هَذَا وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ مِنْ حَيْثُ مَا يُبْنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ مَثَلًا مِمَّا يَثْقُلُ أَوْ يَخِفُّ، وَأَمَّا وَصْفُ الْبِنَاءِ مِنْ حَيْثُ عَرْضُهُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ إذْ قَدْ يَعْرُضُ الْجِدَارُ فَيَضِيقُ مَجْرَى الْمَاءِ بِخِلَافِ بِنَاءٍ فَوْقَ بِنَاءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْبِنَاءِ مِنْ حَيْثُ مَا يُبْنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ. (قَوْلُهُ: فِي دَارٍ) أَيْ أَوْ أَرْضٍ فَلَا مَفْهُومَ لِلدَّارِ (قَوْلُهُ: لِحَاجَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَصَّلَ لِحَاجَةٍ، وَإِلَّا يَتَوَصَّلُ بِهَا لِمَنْفَعَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ أَكَلَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ بَاطِلًا لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِالطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ مِنْ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمَحَلَّ الْمُتَوَصِّلَ بِالطَّرِيقِ لَهُ بِحَيْثُ صَارَ لَا نَفْعَ بِالطَّرِيقِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلُّ جَرَيَانِ مَا يَسِيلُ) أَيْ جَازَ اسْتِئْجَارُ مَحَلِّ جَرَيَانِ الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ فِي الْأَكْنِفَةِ كَمَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ اسْتِئْجَارِ مُجْرَاةٍ يَسِيلُ فِيهَا مَاءٌ يُصَبُّ مِنْ الْمَرَاحِيضِ وَتُوَصِّلُ إلَى الْخَلِيجِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَجْتَمِعُ) عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ جَرَيَانِ أَيْ أَوْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ ذَلِكَ الْجَارِي كَأَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ أَرْضًا لِأَجْلِ وَضْعِ فَضَلَاتِ الْكَنِيفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: لَا مِيزَابٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مِرْحَاضٍ أَيْ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ مَسِيلِ مَصَبِّ مِيزَابٍ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ إذْ هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْزِلِك، وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِلْجَوَابِ، وَهُوَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَسِيلٍ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ أَيْ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ مَاءِ مِيزَابٍ أَيْ نَازِلٍ مِنْهُ لِمَنْ يَسْقِي بِهِ زَرْعَهُ مَثَلًا، وَلَا مَعْنَى لِكِرَاءِ ذَلِكَ إلَّا شِرَاؤُهُ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى الْمَاءَ النَّازِلَ فِيهِ كَ أَشْتَرِي مِنْك الْمَاءَ النَّازِلَ مِنْ مِيزَابِك مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ بِكَذَا أَوْ كَانَ الزَّمَنُ قَصِيرًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَمَدُ الطَّوِيلُ لَا يَخْلُو عَنْ مَطَرٍ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ، وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصِّلَةُ بَيْنَ طُولِ الْأَمَدِ فَيَجُوزُ وَقِلَّتِهِ فَيُمْنَعُ ضَعِيفَةٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ لَا الْإِجَارَةِ لَكِنْ ذَكَرَهُ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْزِلِك) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِئْجَارٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعٌ. (قَوْلُهُ: بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ) نَصَّ عَلَى جَوَازِ كِرَائِهَا بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْأَرْضِ وَيَعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ كِرَاءَهَا بِالطَّعَامِ مِنْ قَبِيلِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِ مَا ضَرَّهُ لِاسْتِفَادَتِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى. (تَنْبِيهٌ) مَنْ اسْتَأْجَرَ رَحَى مَاءٍ شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ قَبْلَ الشَّهْرِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ لَمْ يَجُزْ، وَمِثْلُهُ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ زِرَاعَةٍ مَقِيلًا، وَمَرَاحًا أَوْ شَارِقًا غَارِقًا أَوْ رَيًّا وَشَرَاقِيَا تَحَيُّلًا عَلَى لُزُومِ الْأُجْرَةِ إذَا شَرِقَتْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَتَكُونُ فَاسِدَةً. (قَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً) أَيْ أَوْ وَجِيبَةً وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْحُذَّاقِ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ نَظَرًا فِي الْمُصْحَفِ أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُشَاهَرَةِ وَالْحِذَاقِ كَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى تَحْفِيظِهِ رُبُعَ الْقُرْآنِ الْفَوْقَانِيَّ أَوْ التَّحْتَانِيَّ فِي شَهْرٍ بِكَذَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمَ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا تَسَاوَى الْحِذَاقُ وَالزَّمَنُ أَوْ زَادَ الزَّمَنُ أَوْ الْعَكْسُ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْحِذَاقِ وَالزَّمَنِ فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ مِنْ طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ) أَيْ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْحِذَاقَ أَوَّلًا بِمَعْنَى الْحِفْظِ، وَأَعَادَ الضَّمِيرَ إلَيْهِ ثَانِيًا فِي قَوْلِهِ أَخَذَهَا لِلْحِذَاقَةِ بِمَعْنَى الصِّرَافَةِ

أَيْ يُقْضَى بِهَا لِلْمُعَلِّمِ عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ أَوْ عَلَى الْقَارِئِ الرَّشِيدِ (وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ) ، وَمَحَلُّهَا مَا تَقَرَّرَتْ فِيهِ عُرْفًا مِنْ السُّوَرِ كَسَبِّحْ وَعَمَّ وَتَبَارَكَ وَغَيْرِهَا، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَقْرًا وَغِنًى (وَ) جَازَ (إجَارَةٌ مَاعُونٍ) أَيْ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ (كَصَحْفَةٍ وَقِدْرٍ) ، وَفَأْسٍ وَدَلْوٍ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا. (وَ) جَازَ الْعَقْدُ (عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إجَارَةً وَجَعَالَةً) فَالْإِجَارَةُ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ الْأَرْضِ، وَفِيمَا لَا يَمْلِكُ كَالْمَوَاتِ إذَا عَيَّنَ لَهُ مِقْدَارَ الْحَفْرِ مِنْ طُولٍ وَعَرْضٍ كَخَمْسَةِ أَذْرُعٍ فِي خَمْسَةٍ، وَالْعُمْقُ عَشَرَةٌ فَإِنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ، وَالْجَعَالَةُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَقَطْ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفِ كَالْإِجَارَةِ، وَإِنَّمَا تَتَمَيَّزُ عَنْ الْإِجَارَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَعَالَةِ بِأَنْ يُصَرِّحَ بِهَا أَوْ يَقُولَ، وَلَك بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَعَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا لَا يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ فِيهِ نَفْعٌ حِينَ التَّرْكِ لَوْ تَرَكَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَلِذَا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحَفْرِ فِيمَا يَمْلِكُ كَانَ إجَارَةً، وَلَا تَصِحُّ الْجَعَالَةُ فِيهِ فَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِالْجَعَالَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَالْجَائِزِ ذَكَرَ الْمَكْرُوهَ بِقَوْلِهِ (وَيُكْرَهُ حُلِيٌّ) أَيْ إجَارَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِلَّا مُنِعَ (كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ) لِرُكُوبٍ أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمِثْلِهِ خِفَّةً، وَأَمَانَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ يَقْضِي بِهَا، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ) أَيْ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا إذَا اُشْتُرِطَتْ أَوْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ إنَّمَا يُقْضَى بِهَا بِالشَّرْطِ، وَلَا يُقْضَى بِهَا عِنْدَ عَدَمِهِ، وَلَوْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ وَاعْلَمْ أَنَّهَا تَكُونُ لِلْمُعَلِّمِ الْأَوَّلِ إنْ أَقْرَأَ الْمُتَعَلِّمَ مُعَلِّمٌ آخَرُ قَبْلَ مَحَلِّهَا بِيَسِيرٍ كَالسُّدُسِ لَا إنْ تَرَكَ الْمُتَعَلِّمُ الْقِرَاءَةَ أَوْ أَقْرَأَهُ الثَّانِي قَبْلَ مَحَلِّهَا بِكَثِيرٍ فَلِلثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ) أَيْ فَفِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَالْبِلَادِ تُؤْخَذُ عَلَى سَبِّحْ، وَلَا تُؤْخَذُ عَلَى لَمْ يَكُنْ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَقْرًا وَغِنًى) أَيْ وَجَوْدَةَ حِفْظٍ وَقِلَّتَهُ فَحَذْقَةُ الْحَافِظِ أَكْثَرُ مِنْ حَذْقَةِ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَحَذْقَةُ الْمُوسِرِ أَكْثَرُ مِنْ حَذْقَةِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَطَّارِ فِي الثَّانِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ بِالْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ كَصَحْفَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَاعُونِ فِي الْآيَةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِلَّا لَكَانَتْ إعَارَةُ مَا ذَكَرَ مِنْ الصَّحْفَةِ، وَمَا مَعَهَا وَاجِبَةً فَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ عَدَمَ الْإِعَارَةِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ فِي الْآيَةِ الزَّكَاةُ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِقَوْلِهِ يُرَاءُونَ فَالْمَعْنَى الَّذِينَ يُرَاءُونَ فِي الصَّلَاةِ وَيَمْنَعُونَ الزَّكَاةَ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ الْعَقْدُ) قَدَّرَ الْفَاعِلَ عَقْدٌ دُونَ إجَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَقْسِيمِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: إجَارَةً) أَيْ وَيَكُونُ إجَارَةً إنْ صَرَّحَ بِهَا أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا كَقَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَجِيرِ: وَإِنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ التَّمَامِ فَلَكَ بِحِسَابِ مَا عَمِلْتَ (قَوْلُهُ: وَجَعَالَةً) أَيْ إنْ صَرَّحَ بِهَا أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ لِلْعَامِلِ إنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ انْهَدَمَتْ إلَخْ) أَيْ وَعَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا إنْ انْهَدَمَتْ إلَخْ فَهَذَا قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِالْعَقْدِ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِيمَا سَبَقَ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِالصِّيغَةِ وَيَكُونُ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْجَعَالَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الْجَعَالَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: حِينَ التَّرْكِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِدَفْعِ مَا يُقَالُ قَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ لِمَحَلٍّ وَبِجَوَازِ تَرْكِ الْعَامِلِ فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُجَاعَلَةُ؟ . وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ حِينَ التَّرْكِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُجَاعِلِ نَفْعٌ بَلْ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ تَعْرِيضٌ لِضَيَاعِهَا. (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحَفْرِ فِيمَا يَمْلِكُ كَانَ إجَارَةً) أَيْ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَعَالَةِ كَانَ جَعَالَةً فَاسِدَةً لِانْتِفَاعِ الْمُجَاعِلِ بِمَا قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ بَاطِلًا بِلَا عِوَضٍ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحَفْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَإِنْ صَرَّحَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ، وَإِنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَكَ بِحِسَابِ مَا عَمِلْت كَانَ إجَارَةً، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْجَعَالَةِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ، وَلَك بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَذَا كَانَ جَعَالَةً، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَانْظُرْ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ يَكُونُ فَاسِدًا. (قَوْلُهُ: حُلِيٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ مُفْرَدًا وَبِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ جَمْعًا (قَوْلُهُ: أَيْ إجَارَتُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحُلِيُّ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أُوجِرَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِيهِمَا أَوْ أُوجِرَ بِغَيْرِهِمَا كَعَرَضٍ وَطَعَامٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِلَّا مُنِعَ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَنْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ إجَارَةِ الْحُلِيِّ أَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عَارِيَّتَهُ زَكَاتُهُ وَاَلَّذِي أَسْقَطَ اللَّهُ زَكَاتَهُ وَجَعَلَ زَكَاتَهُ عَارِيَّتَهُ غَيْرُ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَزَكَاتُهُ وَاجِبَةٌ لَا عَلَى مَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ الْعَطَّارِ الْكَرَاهَةَ بِأَنَّ إجَارَتَهُ تُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ أَخَذَ رَبُّهُ فِي مُقَابَلَتِهِ نَقْدًا فَكَأَنَّهُ نَقْدٌ فِي مُقَابَلَةِ نَقْدٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَقَّقًا فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ إجَارَتِهِ مُطْلَقًا كَانَ مُحَرَّمَ الِاسْتِعْمَالِ أَمْ لَا وَيَقْتَضِي عَدَمَ كَرَاهَةِ إجَارَتِهِ بِغَيْرِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِمِثْلِهِ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ لَمْ يُؤَجِّرْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ يَبْدُو لَهُ إذَا كَانَ مُسَافِرًا الْإِقَامَةُ

وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ضَاعَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ مَاتَتْ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا لِحَمْلِ مِثْلِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَفَعَلَ الْمَأْذُونَ فِيهِ لَا أَضَرَّ (أَوْ ثَوْبٍ) أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ أَنْ يُكْرِيَهُ (لِمِثْلِهِ) وَلِكَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ يَضْمَنُهُ الْأَوَّلُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ ضَمَانَ التُّهْمَةِ يَزُولُ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ إذَا جُهِلَ حَالُ الْمُكْرِي، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ رِضَاهُ فَجَائِزٌ، وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ رِضَاهُ لَمْ يَجُزْ. (وَ) كُرِهَ (تَعْلِيمُ فِقْهٍ، وَفَرَائِضَ) بِأُجْرَةٍ مَخَافَةَ أَنْ يَقِلَّ طَلَبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَآلَتُهُ مِنْ نَحْوٍ وَبَيَانٍ كَذَلِكَ، وَأَمَّا تَعْلِيمُ عَمَلِ الْفَرَائِضِ بِالرَّسْمِ فَلَا يُكْرَهُ (كَبَيْعِ كُتُبِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ، وَكَذَا كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْمَصَاحِفُ وَالتَّفْسِيرُ. (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ) أَيْ تَطْرِيبٍ بِأَنْغَامٍ حَيْثُ لَا يُخْرِجُهُ عَمَّا عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ، وَإِلَّا حُرِّمَتْ كَقِرَاءَتِهِ بِالشَّاذِّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالْمُنَاسِبُ هُنَا كَرَاهَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ (وَ) كُرِهَ (كِرَاءُ دُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَهُوَ الْمُدَوَّرُ الْمَغْشِيُّ مِنْ جِهَةٍ كَالْغِرْبَالِ (، وَمِعْزَفٍ) وَاحِدُ الْمَعَازِفِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَعَازِفُ الْمَلَاهِي فَيَشْمَلُ الْمِزْمَارَ وَالْأَعْوَادَ وَالسِّنْطِيرَ بِنَاءً عَلَى كَرَاهَتِهَا (لِعُرْسٍ) أَيْ نِكَاحٍ وَقِيلَ هِيَ جَائِزَةٌ فِي النِّكَاحِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا جَوَازُ كِرَائِهَا وَالرَّاجِحُ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ جَائِزَانِ لِعُرْسٍ مَعَ كَرَاهَةِ الْكِرَاءِ، وَأَنَّ الْمَعَازِفَ حَرَامٌ كَالْجَمِيعِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَيَحْرُمُ كِرَاؤُهَا. (وَ) كُرِهَ (كِرَاءُ كَعَبْدٍ كَافِرٍ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ " كَافِرٍ " نَعْتٌ لِعَبْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ لِكَافِرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَدَمُ الرُّكُوبِ لِلْمَحَلِّ الَّذِي أَكْرَاهَا إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لِلْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ضَاعَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَامَتْ عَلَى الضَّيَاعِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا لِحَمْلِ مِثْلِهِ إلَخْ) قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ جَوَازَ كِرَائِهَا إذَا كَانَتْ مُكْتَرَاةً لِلْحَمْلِ بِمَا إذَا صَحِبَهَا رَبُّهَا فِي السَّفَرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُكْتَرِي هُوَ الَّذِي سَافَرَ بِهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لِلرُّكُوبِ وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَبِلَهُ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ إلَخْ) قَالَ عبق الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي الثَّوْبِ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ فِيهِ شَيْئًا فَلَا يُكْرَهُ أَيْ يُؤَاجِرُهُ فِي حَمْلِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُكْرِيَهُ لِمِثْلِهِ إلَخْ) مِثْلُ الثِّيَابِ الْكُتُبُ عَلَى الظَّاهِرِ لِاخْتِلَافِ اسْتِعْمَالِ النَّاسِ فِيهَا (قَوْلُهُ: يَضْمَنُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ فَفَرَّقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي الثَّوْبِ إذَا أَكْرَاهُ مِنْ مِثْلِهِ كَالدَّابَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا هَلَكَ بِيَدِ الْغَيْرِ لِاخْتِلَافِ حَالِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ، وَلَا يَضْمَنُهُ إنْ هَلَكَ بِيَدِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ رِضَاهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى الظَّاهِرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ أَنْ يُكْرِيَ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَاهُ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَعْلِيمُ فِقْهٍ، وَفَرَائِضَ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ جَوَازُ الْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَقِلَّ طَلَبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَالْمَطْلُوبُ كَثْرَةُ طَلَبِهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِهِ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِهِ كَمَا مَرَّ لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِي تَعَلُّمِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَلِأَخْذِ السَّلَفِ الْأُجْرَةَ عَلَى تَعْلِيمِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» (قَوْلُهُ: بِالرَّسْمِ) أَيْ بِالْغُبَارِ وَالشِّبَاكِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَنْعَةٌ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ كُتُبِهِ) أَيْ وَكَذَا إجَارَتُهَا اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى كُتُبِ الْعِلْمِ، وَفِي بَيْعِ كُتُبِهِ، وَلَا أَرَى أَنْ يُخْتَلَفَ الْيَوْمَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النَّاسِ، وَأَفْهَامَهُمْ الْآنَ نَقَصَتْ فَلَوْ بَقِيَ الْعَالِمُ بِلَا كُتُبٍ لَذَهَبَتْ رُسُومُ الْعِلْمِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ أَيْ تَطْرِيبٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِرَاءَةِ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَهُّمُ وَالتَّطْرِيبُ يُنَافِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: أَيْ تَطْرِيبٍ الْمُرَادِ بِهِ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ بِالْأَنْغَامِ (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَتِهِ بِالشَّاذِّ) اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ، وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ) أَيْ بِالتَّلْحِينِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَرِّرَ الْمَتْنُ بِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ وَكُرِهَ إجَارَةٌ عَلَى قِرَاءَةٍ بِلَحْنٍ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى كَرَاهَتِهَا) أَيْ كَرَاهَةِ الدُّفِّ وَالْمَعَازِفِ أَيْ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهَا وَسَمَاعِهَا فِي الْعُرْسِ فَإِذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا وَسَمَاعُهَا مَكْرُوهًا كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا فِي الْعُرْسِ مَكْرُوهَةً، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا فِي الْعَقِيقَةِ أَوْ الْخِتَانِ وَنَحْوِهِمَا فَحَرَامٌ فَيَكُونُ كِرَاؤُهُمَا فِيهِمَا حَرَامًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا جَوَازُ كِرَائِهَا) بَلْ كِرَاؤُهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ جَازَتْ فِيهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ إذْ لَوْ جَازَ كِرَاؤُهَا أَيْضًا فِي الْعُرْسِ لَتَوَصَّلَ بِهِ لِكِرَائِهَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: جَائِزَانِ لِعُرْسٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِمَا فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْجَوَازُ اخْتَصَرَهَا أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ وَقَوْلُهُ: مَعَ كَرَاهَةِ الْكِرَاءِ أَيْ مَعَ كَرَاهَةِ كِرَائِهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَعَازِفَ حَرَامٌ) أَيْ فِي الْعُرْسِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهَا فِيهِ وَلِمَنْ قَالَ بِجَوَازِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: كَالْجَمِيعِ) أَيْ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْمَعَازِفِ أَيْ كَمَا يَحْرُمُ الْجَمِيعُ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ فِي النِّكَاحِ فِيهِمَا قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ، وَفِي الْمَعَازِفِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِزِيَادَةِ الْحُرْمَةِ، وَهُوَ أَرْجَحُهَا فَتَكُونُ إجَارَتُهَا فِي النِّكَاحِ حَرَامًا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَالْحُرْمَةُ فِي الْجَمِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ النِّكَاحِ يَشْمَلُ

أَوْ تَقْدِيمُ كَافِرٍ عَلَى كَعَبْدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَعَبْدٍ، وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى قِلَّةٍ، وَالْأَصْلُ كِرَاءُ كَافِرٍ عَبْدًا وَنَحْوَهُ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَ عَبْدَهُ أَوْ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ لِكَافِرٍ حَيْثُ كَانَ الْكَافِرُ يَسْتَبِدُّ بِعَمَلِ الْمُسْلِمِ، وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَمْ يَكْتَرِهِ فِي فِعْلِ مُحَرَّمٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِدَّ الْكَافِرُ بِعَمَلِ الْمُسْلِمِ كَخَيَّاطٍ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ كَأَجِيرِ خِدْمَةِ بَيْتِهِ وَظِئْرٍ حَرُمَ وَفُسِخَتْ، وَلَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَ وَكَذَا إنْ اسْتَأْجَرَهُ فِي مُحَرَّمٍ كَعَصْرِ خَمْرٍ وَرَعْيِ خِنْزِيرٍ، وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَدَبًا لَهُ. (وَ) كُرِهَ (بِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ) أَيْ لِأَخْذِهِ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَوَازِ. (وَ) كُرِهَ (سُكْنَى) بِأَهْلِهِ (فَوْقَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ إنْ بَنَى الْمَسْكَنَ قَبْلَ وَقْفِهِ لَا بَعْدَهُ فَيَحْرُمُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمَوَاتِ فِي قَوْلِهِ، وَمُنِعَ عَكْسُهُ فَلَا مُعَارَضَةَ ، وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (بِمَنْفَعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَجْرٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي، أَيْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ، وَأَجْرٌ فِي مُقَابِلِ مَنْفَعَةٍ لَهَا شُرُوطٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (تَتَقَوَّمُ) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ شَرْعًا لَوْ تَلِفَتْ احْتِرَازًا عَنْ رَائِحَةِ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا لِلشَّمِّ، وَكَذَا الْبَسَاتِينُ وَنَحْوُهَا لِلْفُرْجَةِ وَالدَّنَانِيرُ وَنَحْوُهَا لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ، وَالْجُدْرَانُ لِلِاسْتِظْلَالِ، وَالسِّرَاجُ لِلِاسْتِصْبَاحِ، وَكَذَا آلَاتُ اللَّهْوِ وَتَعْلِيمِ الْأَنْغَامِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا ذَكَرَ وَتُفْسَخُ إنْ وَقَعَتْ، وَلَا أُجْرَةَ (قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا) فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ شَيْءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لِلْمُؤَجِّرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَقِيقَةَ وَالْخِتَانَ وَالْقُدُومَ مِنْ سَفَرٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَقْدِيمَ كَافِرٍ عَلَى كَعَبْدٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكِرَاءُ كَافِرٍ كَعَبْدٍ وَيَكُونُ إضَافَةُ كِرَاءٍ لِكَافِرٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى قِلَّةٍ) أَيْ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ فَصْلُ مُضَافٍ شِبْهُ فِعْلٍ مَا نَصَبْ ... مَفْعُولًا أَوْ ظَرْفًا أَجِزْ وَلَمْ يُعَبْ أَيْ أَجِزْ أَنْ يَفْصِلَ الْمُضَافُ الشَّبِيهُ بِالْفِعْلِ مَا نَصَبَهُ الْمُضَافُ حَالَةَ كَوْنِهِ مَفْعُولًا أَوْ ظَرْفًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ) أَيْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ كِرَاءَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ الْكَافُ مِنْ كَعَبْدٍ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَ) أَيْ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْكِرَاءُ. (قَوْلُهُ: لِأَخْذِهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بَنَاهُ لِلَّهِ ثُمَّ قَصَدَ أَخْذَ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ فَمُقْتَضَى النَّظَرِ مَنْعُ الْأَخْذِ حَيْثُ خَرَجَ عَنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَوَازِ إلَخْ) عِبَارَةُ بْن لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ أَوْ يُكْرِي بَيْتَهُ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ غَيْرُهُ فِي الْبَيْتِ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ لَا يَصْلُحُ هَلْ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ الْمَنْعِ فَعَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ هُوَ عَلَى الْمَنْعِ وَعَلَى مَا نَقَلَ عِيَاضٌ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ اهـ لَكِنْ عِبَارَاتُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا فِي ح فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي مُخَالَفَتِهَا. اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِأَهْلِهِ) الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ إذْلَالُ الْمَسْجِدِ بِوَطْءِ أَهْلِهِ فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: فَوْقَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ يَعْنِي الْمُعَدَّ لِلْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْدَثُ عَنْهُ وَأَوْلَى مَا بُنِيَ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ، وَمَفْهُومٌ بِالْأَهْلِ أَنَّ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِغَيْرِ الْأَهْلِ جَائِزَةٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ جَوَازِ سُكْنَى الرَّجُلِ الْمُتَجَرِّدِ لِلْعِبَادَةِ فِيهِ، وَمَفْهُومُ فَوْقِهِ إنَّ السُّكْنَى تَحْتَهُ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا بِالْأَهْلِ وَغَيْرِهِ بَنَى الْمَسْجِدَ لِلْكِرَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ بَنَى إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ نَوَى حَالَةَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ قَبْلَهُ بِنَاءَ مَحَلٍّ فَوْقَهُ لِلسُّكْنَى بِالْأَهْلِ أَوْ بَنَى عُلُوًّا وَسُفْلًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَ السُّفْلَ مَسْجِدًا لِلَّهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَأَبْقَى الْأَعْلَى سَكَنًا بِالْأَهْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا مُعَارَضَةَ) قَالَ بْن أَصْلُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ ح، وَأَيَّدَهُ بِنُقُولٍ. اهـ. وَقَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ الْكَرَاهَةُ هُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ بُنِيَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلْكِرَاءِ كَانَ التَّحْبِيسُ سَابِقًا عَلَى السُّكْنَى أَوْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا وَبِهَذَا الْحَمْلِ يَحْصُلُ التَّوَافُقُ بَيْنَ مَا هُنَا، وَمَا يَأْتِي فِي الْمَوَاتِ وَذَكَرَ خش جَوَابًا عَنْ الْمُعَارَضَةِ بِحَمْلِ مَا هُنَا مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مُتَّخَذًا لِلْكِرَاءِ، وَمَا يَأْتِي مِنْ الْمَنْعِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّخَذٍ لِلْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً عَلَى الْمُتَّخَذِ لِلْكِرَاءِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ كَوْنِ السُّكْنَى بَعْدَ التَّحْبِيسِ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ أَجْوِبَةٌ ثَلَاثَةٌ عَنْ الْمُعَارَضَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ: تَتَقَوَّمُ) بِفَتْحِ التَّاءَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَازِمٌ لَا يُبْنَى لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَهَا قِيمَةٌ شَرْعًا لَوْ تَلِفَتْ) أَيْ لِكَوْنِهَا مُؤَثِّرَةً (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) أَيْ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِسْكِ وَالزُّبَّادِ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا لِلشَّمِّ أَيْ؛ لِأَنَّ شَمَّ رَائِحَةِ مَا ذَكَرَ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ الْمَشْمُومِ وَالتَّأْثِيرُ فِيهِ إنْ وُجِدَ إنَّمَا هُوَ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالسِّرَاجُ لِلِاسْتِصْبَاحِ) أَيْ وَكَذَا لَا يَجُوزُ كِرَاءُ شَمْعٍ لِلْمَشْيِ بِهِ فِي الزِّفَافِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَالْمُسَمَّى فِي مِصْرَ بِشَمْعِ الْقَاعَةِ (قَوْلُهُ: قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَقَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ وَبَعِيدِ غَيْبَةٍ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ اسْتِئْجَارُ الْأَخْرَسِ لِلتَّكَلُّمِ وَالْأَعْمَى لِلْكِتَابَةِ، وَأَشَارَ الْمُحْتَرَزُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ أَوْ شَيْءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لِلْمُؤَجِّرِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِنَا وَشَرْعًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَا حَظْرَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ مُحْتَرَزِهِ مِنْ هُنَا

أَوْ بَعِيدِ غَيْبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ) أَيْ ذَاتٍ (قَصْدًا) احْتِرَازًا عَنْ نَحْوِ اسْتِئْجَارِ شَجَرٍ لِأَكْلِ ثَمَرِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةَ الظِّئْرِ لِلرَّضَاعِ (وَلَا حَظْرَ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اسْتِئْجَارِ شَخْصٍ لِعَصْرِ خَمْرٍ أَوْ رَقْصٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ (وَ) بِلَا (تَعَيُّنٍ) يَأْتِي بَيَانُهُ، وَمُحْتَرَزُهُ (وَلَوْ مُصْحَفًا) لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ فَيَصِحُّ إجَارَتُهُ لَهَا وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (وَ) لَوْ (أَرْضًا غَمَرَ) أَيْ كَثُرَ (مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ) هُوَ مَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ إذْ لَوْ كَانَ شَأْنُهَا الِانْكِشَافُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ كَمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ (وَ) لَوْ (شَجَرًا لِتَجْفِيفٍ) لِنَحْوِ ثِيَابٍ (عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِمَّا تَتَأَثَّرُ بِهِ وَيُنْقِصُ قُوَّتَهَا فَهِيَ مَنْفَعَةٌ تَتَقَوَّمُ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى الْأَحْسَنِ) يُغْنِي عَنْهُ الْمُبَالَغَةُ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى مُحْتَرَزِ بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقُيُودِ فَذَكَرَ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا بِقَوْلِهِ (لَا) اسْتِئْجَارُ شَجَرٍ (لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ أَوْ) اسْتِئْجَارُ (شَاةٍ لِلَبَنِهَا) أَيْ لِأَخْذِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ غَيْرِ مُعَيَّنَتَيْنِ جُزَافًا مِنْ شِيَاهٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَ الْبَائِعِ كَعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ مُتَسَاوِيَةٍ فِي اللَّبَنِ عَادَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مُلْتَبِسَةً بِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا، وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ هُنَاكَ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَالْأُولَى كَإِجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ وَالثَّانِي كَإِجَارَةِ الشَّجَرِ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا وَكَإِجَارَةِ الشَّاةِ لِلَّبَنِ فَإِنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ، وَهُوَ ذَهَابُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودٍ. (قَوْلُهُ: اسْتِئْجَارِ شَجَرٍ لِأَكْلِ ثَمَرِهِ) أَيْ أَوْ شَاةٍ لِأَخْذِ نِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا (قَوْلُهُ: مَسْأَلَةَ الظِّئْرِ لِلرَّضَاعِ) وَكَذَا مَسْأَلَةُ اسْتِئْجَارِ أَرْضٍ فِيهَا بِئْرٌ أَوْ عَيْنٌ، وَمَسْأَلَةُ اسْتِئْجَارِ شَاةٍ لِلَبَنِهَا إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّ فِيهَا اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا، وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَا حَظْرَ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَنْعَ أَيْ وَحَالَةَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مُلْتَبِسَةً بِعَدَمِ الْحَظْرِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ) أَيْ كَاسْتِئْجَارِ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ أَوْ كَافِرٍ لِكَنْسِ مَسْجِدٍ كَمَا يَأْتِي وَكَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى اسْتِصْنَاعِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ (قَوْلُهُ: وَبِلَا تَعَيُّنٍ) أَيْ وَحَالَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مُلْتَبِسَةً بِعَدَمِ التَّعَيُّنِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُصْحَفًا) مُبَالَغَةً فِي الصِّحَّةِ إذَا تَوَافَرَتْ الشُّرُوطُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَيْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهَا هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ غَيْرَ مُصْحَفٍ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مُصْحَفًا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) حَيْثُ قَالَ بِمَنْعِ إجَارَتِهِ لَا بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ إجَارَتَهُ كَالثَّمَنِ لِلْقُرْآنِ وَبَيْعَهُ ثَمَنٌ لِلْوَرَقِ وَالْخَطِّ، وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بِلَوْ لَكِنْ مُقْتَضَى الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْجَوَازِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا تَوَافَرَتْ الشُّرُوطُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُؤَجَّرُ غَيْرَ مُصْحَفٍ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مُصْحَفًا، وَمَحَلُّ جَوَازِ إجَارَتِهِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُؤَجِّرُ بِإِجَارَتِهِ التَّجْرَ، وَإِلَّا كُرِهَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا) أَيْ كَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى عَلَاهَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْدُ الْأُجْرَةِ بِشَرْطٍ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ أَصْلًا أَوْ حَصَلَ تَطَوُّعًا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْعَقْدُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ النَّقْدُ، وَلَوْ تَطَوُّعًا مُنِعَ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِئْجَارُ شَاةٍ لِلَبَنِهَا) كَأَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ أَسْتَأْجِرُ بَقَرَتَك مُدَّةَ الشِّتَاءِ بِكَذَا لِأَخْذِ لَبَنِهَا وَكَذَا إذَا قُلْت لَهُ أَشْتَرِي لَبَنَهَا مُدَّةَ الشِّتَاءِ بِكَذَا وَكُلْفَتُهَا مِنْ عِنْدِي فَإِذَا انْقَضَى الشِّتَاءُ رَدَدْتُهَا إلَيْك كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا، وَإِطْلَاقُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى الشَّجَرِ لِأَخْذِ ثَمَرِهِ وَعَلَى الْعَقْدِ عَلَى الشَّاةِ لِأَخْذِ لَبَنِهَا مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا بَيْعُ مَنْفَعَةٍ، وَإِنَّمَا فِيهِمَا بَيْعُ ذَاتٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِمَا فِي مُحْتَرَزٍ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُمَا هُنَا نَظَرًا لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْمُتَعَاقِدَانِ وَعَبَّرَا بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ شِرَاءَ لَبَنِ الشَّاةِ فِي ضَرْعِهَا لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مُطْلَقًا بَلْ تَارَةً يَكُونُ مَمْنُوعًا كَمَا مَرَّ وَتَارَةً يَكُونُ جَائِزًا بِشُرُوطٍ عَشَرَةٍ إنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا كَأَنْ يَقُولَ لِذِي أَغْنَامٍ كَثِيرَةٍ أَشْتَرِي مِنْك لَبَنَ شَاةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الشِّيَاهِ آخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ مُدَّةَ شَهْرٍ وَبِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ إنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَيْلِ، وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ جُزَافًا فَلَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ الْمُشْتَرَى لَبَنُهَا قَلِيلَةً، وَأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ كُلُّهَا مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ، وَأَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةَ اللَّبَنِ عَادَةً، وَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ، وَأَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ حِلَابِ الْجَمِيعِ، وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَخْذِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ وَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ: مِنْ شِيَاهٍ كَثِيرَةٍ إلَخْ) إنَّمَا اشْتَرَطَ التَّعَدُّدَ بِكَثْرَةٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ الْكَثِيرَ لَا يَمُوتُ كُلُّهُ فِي وَقْتٍ فَإِذَا مَاتَ الْبَعْضُ بَقِيَ الْبَعْضُ الْمُوَفَّى قَالَ طفى وَتَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِشِرَاءِ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ غَيْرِ مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ الْكَثِيرِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ عج تَبَعًا لِجَدِّهِ خَطَأٌ بَلْ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْجَوَازَ الْمَشْرُوطَ بِالشُّرُوطِ جَوَازُ شِرَاءِ لَبَنِ الْغَنَمِ الْكَثِيرَةِ كَالْعَشَرَةِ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ أَشْتَرِي مِنْك لَبَنَ هَذِهِ الْعَشَرَةِ شِيَاهٍ كُلَّ يَوْمٍ مُدَّةَ شَهْرٍ بِكَذَا فَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ وَكَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي اللَّبَنِ وَكَانَ الشِّرَاءُ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ، وَأَنْ يَعْرِفَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ حِلَابِهَا، وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ فِي أَخْذِ اللَّبَنِ

فِي إبَّانِ الْحِلَابِ مَعَ مَعْرِفَةِ وَجْهِ حِلَابِهَا لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَالشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ قُرْبَهُ فَيَجُوزُ وَكَذَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ كَكُلِّ يَوْمٍ رَطْلَيْنِ مِنْ لَبَنِ شِيَاهِك بِكَذَا (وَاغْتُفِرَ) اشْتِرَاطُ إدْخَالِ (مَا فِي الْأَرْضِ) الْمُكْتَرَاةِ وَجِيبَةً مِنْ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ (مَا لَمْ يَزِدْ) مَا فِيهَا أَيْ قِيمَتُهُ (عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ زَادَ لَمْ يُغْتَفَرْ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ (بِالتَّقْوِيمِ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ إذَا أُكْرِيَتْ بِلَا شَجَرٍ مُثْمِرٍ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ فَيُقَالُ، وَمَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ فِي ذَاتِهَا بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهَا فَيُقَالُ خَمْسَةٌ أَوْ أَقَلُّ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ، وَلَوْ قِيلَ قِيمَتُهَا سِتَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَجُزْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ طِيبُ الثَّمَرَةِ فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ شَرْطُ إدْخَالِهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَأَمَّا الزَّرْعُ فَلَا يَجُوزُ إدْخَالُهُ إلَّا إذَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ فَإِنْ أُكْرِيَتْ مُشَاهَرَةً لَمْ يَجُزْ إدْخَالُ شَيْءٍ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ لَا حَظْرَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا (تَعْلِيمِ غِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (أَوْ) (دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ) أَيْ لِخِدْمَتِهِ (أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً) أَوْ مَجْمَعًا لِفُسَّاقِ أَوْ خَمَّارَةً (كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ) وَيُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ (وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ) جَمِيعِهِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِلدَّارِ وَبِمَا يَنُوبُ الزَّمَنَ الَّذِي فُسِخَتْ إلَيْهِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الْأَثْنَاءِ (وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ) فِي بَيْعِهَا لِذَلِكَ (عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ بِزَائِدِهِ عَلَى الثَّمَنِ لَوْ بِيعَتْ لِمُبَاحٍ وَكَذَا بِزَائِدِ الْكِرَاءِ لِلْأَرْضِ إذَا أُكْرِيَتْ لِذَلِكَ عَلَى الْكِرَاءِ لَوْ أُكْرِيَتْ لِجَائِزٍ. وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ تَعَيُّنٍ بِقَوْلِهِ (وَلَا) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (مُتَعَيِّنٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: فِي إبَّانِ الْحِلَابِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحِلَابِ لِاخْتِلَافِ الْحِلَابِ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَعْرِفَةِ وَجْهِ حِلَابِهَا) أَيْ قَدْرِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ مَا بَاعَ وَالْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا اشْتَرَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ) أَيْ فَيَجُوزُ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ أَشْتَرِي مِنْك كُلَّ يَوْمٍ رَطْلَيْنِ مِنْ لَبَنِ شِيَاهِك مُدَّةَ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مِائَةَ رَطْلٍ مِنْ اللَّبَنِ كُلَّ يَوْمٍ آخُذُ مِنْهَا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ بِكَذَا لَكِنْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا عَدَا الشَّرْطَ الْأَوَّلَ وَهُوَ تَعَدُّدُ الشِّيَاهِ الَّتِي عِنْدَ الْبَائِعِ وَكَثْرَتُهَا وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ وَجْهِ الْحِلَابِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِالْكَيْلِ فَلَا غَرَرَ وَحِينَئِذٍ فَالْمُشْتَرَطُ كَوْنُ الشِّرَاءِ فِي الْإِبَّانِ، وَأَنْ يَكُونَ لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَخْذِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ، وَأَنْ يُسَلِّمَ لِرَبِّ الشِّيَاهِ لَا إلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ: وَاغْتُفِرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ لِذَلِكَ الْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُ دُخُولِ الشَّجَرِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ إنْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَكَانَ طِيبُ الثَّمَرِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرِ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِالتَّقْوِيمِ، وَأَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ دُخُولِهَا لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ دُخُولِهِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَطَ دُخُولَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ) أَيْ وَالْحَالَ أَنَّ ثَمَرَهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ جَازَ اشْتِرَاطُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَإِجَارَةٌ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ إلَخْ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ زِيَادَةِ قِيمَةِ مَا فِيهَا عَنْ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ فَالثُّلُثُ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: بِالتَّقْوِيمِ) أَيْ تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ وَتَقْوِيمِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ قَدْ يَزِيدُ أَيْ عَلَى الْقِيمَةِ وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ) فَإِنْ كَانَ طِيبُهَا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ فَالْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ) أَيْ إلَّا إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ لَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثًا فَقَدْ شَدَّدُوا فِي اشْتِرَاطِ دُخُولِهِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا شَدَّدُوا مُسَاقَاتِهِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِيهَا شُرُوطًا لَمْ تُعْتَبَرْ فِي مُسَاقَاةِ الْأُصُولِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ إدْخَالُ شَيْءٍ) أَيْ لَا مِنْ الثَّمَرِ، وَلَا مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمِ غِنَاءٍ) أَيْ، وَمِثْلُهُ آلَاتُ الطَّرَبِ كَالْمِزْمَارِ وَالْعُودِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ) أَيْ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ فَهُوَ النَّفْعُ (قَوْلُهُ: أَوْ دُخُولِ حَائِضٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ أَوْ الْجُنُبِ أَوْ الْكَافِرِ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا الْحَظْرُ وَكَمَا يُمْنَعُ إجَارَةُ مَنْ ذَكَرَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ يُمْنَعُ تَقْرِيرُ النِّسَاءِ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى شَرْعًا إلَّا مِنْ الرِّجَالِ كَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَالْأَذَانِ فَتَقْرِيرُهُنَّ فِيهَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّقْرِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّرُ أَهْلًا لِمَا قُرِّرَ فِيهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَفْسَخُ) أَيْ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَقْدُ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَتُصُدِّقَ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ كِرَائِهَا لِذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْكِرَاءِ الْأُجْرَةُ الَّتِي اُكْتُرِيَتْ بِهَا الدَّارُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً فَيُقَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ يُقَالُ وَمَا تُسَاوِي لَوْ بِيعَتْ لِمَنْ لَا يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً، وَلَا خَمَّارَةً فَيُقَالُ عَشَرَةً فَيَتَصَدَّقُ بِالْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعُودُ لِلْمُكْرِي مَا أَكْرَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ لَاشْتَدَّ ضَرَرُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ وَقِيلَ بِفَضْلَتِهِمَا وَقِيلَ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ فِي الْكِرَاءِ بِجَمِيعِهِ، وَفِي الْبَيْعِ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِزَائِدِ الْكِرَاءِ لِلْأَرْضِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَرْضَ يَتَصَدَّقُ فِيهَا بِالْفَضْلَةِ فِي كُلٍّ مِنْ

أَيْ مَطْلُوبٍ مِنْ كُلِّ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ، وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ (كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ) كَغُسْلِ الْمَيِّتِ أَوْ حَمْلِهِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنُ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا (وَعُيِّنَ) فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وُجُوبًا (مُتَعَلِّمٌ) لِقِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ لِاخْتِلَافِ حَالِهِ ذَكَاءً وَبَلَادَةً (وَرَضِيعٌ) لِاخْتِلَافِ حَالِهِ بِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ وَقِلَّتِهِ (وَ) عُيِّنَ (دَارٌ وَحَانُوتٌ) وَحَمَّامٌ وَخَانٌ وَنَحْوُهَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي الذِّمَّةِ [دَرْسٌ] (وَ) عُيِّنَ (بِنَاءٌ عَلَى) (جِدَارٍ) اُسْتُؤْجِرَ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَيَذْكُرُ قَدْرَهُ طُولًا وَعَرْضًا وَكَوْنَهُ بِطُوبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يُبْنَى فِيهَا مِنْ كَوْنِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طُوبٍ (وَ) عُيِّنَ (مَحْمِلٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقَّةٍ وَشُقْدُفٍ وَمِحَفَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَأَمَّا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ فَعَلَّاقَةُ السَّيْفِ (إنْ لَمْ تُوصَفْ) الْمَذْكُورَاتُ فَإِنْ وُصِفَتْ وَصْفًا شَافِيًا كَفَى لَكِنْ الْبِنَاءُ عَلَى الْجِدَارِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ إلَّا الْوَصْفُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ (وَ) عُيِّنَتْ (دَابَّةٌ) أُكْرِيَتْ (لِرُكُوبٍ) عَلَيْهَا بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ قَصَدَ عَيْنَهَا (وَإِنْ ضُمِنَتْ) فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ دَابَّةٍ (فَجِنْسٌ) أَيْ فَاللَّازِمُ تَعْيِينُ جِنْسِهَا كَإِبِلٍ أَوْ بِغَالٍ (وَنَوْعٌ) أَيْ صِنْفٌ كَعِرَابٍ وَبُخْتٍ (وَذُكُورَةٌ) أَوْ أُنُوثَةٌ فَالْوَصْفُ فِي هَذَا الْبَابِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فَقَطْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّابَّةَ وَغَيْرَهَا لِرُكُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا مِنْ التَّعْيِينِ بِالذَّاتِ أَوْ الْوَصْفِ إلَّا أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى رَبِّهَا بَدَلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَيْعِهَا وَكِرَائِهَا بِخِلَافِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ فِي بَيْعِهَا وَبِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ فِي إجَارَتِهَا، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَرْضَ كَالدَّارِ فِي أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَتِهَا وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَرْضًا بَلْ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ فَرْضٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ مَنْدُوبًا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ جَمِيعَ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَأَمَّا الْمَنْدُوبَاتُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّ جَوَازَ الْإِجَارَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لِمَنْ قُرِئَ لِأَجْلِهِ كَالْمَيِّتِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ وُصُولُ ذَلِكَ لَهُ بِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا) أَيْ لِتَمَحُّضِهَا لِلْعِبَادَةِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ وَالْحَمْلُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهَا لَمَّا شَارَكَتْ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً غَيْرَهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ بِصُورَتِهَا لِلْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ أَلْ الْعَهْدِيَّةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وُجُوبًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إجَارَتِهِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِ وَحُدُودِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأُجْرَةُ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ. (قَوْلُهُ: اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ الْجِدَارُ (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ مَحْمِلٌ) فَإِذَا قَالَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك جَمَلًا أَرْكَبُهُ لِمَكَّةَ فِي مَحْمِلٍ وَجَبَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَحْمِلَ مِنْ كَوْنِهِ شُقْدُفًا أَوْ شُقَّةً أَوْ مِحَفَّةً (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُوصَفْ الْمَذْكُورَاتُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَعَلَى هَذَا فَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَصَفَ سِنَّ الرَّضِيعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِ رَضَاعِهِ كَفَى فِي جَوَازِ الْإِجَارَةِ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْبِنَاءُ عَلَى الْجِدَارِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَجْمُوعِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مَا عَدَا الْجِدَارَ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ حِينَ الْعَقْدِ حَتَّى إنَّهُ يُعَيِّنُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَدَابَّةٌ أُكْرِيَتْ لِرُكُوبٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ أُكْرِيَتْ لِحَمْلٍ أَوْ اسْتِقَاءٍ أَوْ حَرْثٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ بَيَانُ مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً) أَتَى الشَّارِحُ بِذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ضُمِنَتْ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَعُيِّنَتْ دَابَّةٌ لِرُكُوبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً أَوْ إنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا، وَإِنْ ضَمِنَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضُمِنَتْ) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ لِقَوْلِهِمْ مَضْمُونَةً أَيْ، وَإِنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَى مَضْمُونَةٍ أَيْ مُتَعَلِّقَةٍ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ دَابَّةٍ) أَيْ كَأَنْ قَالَ قَدْ أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً وَقَوْلُهُ: فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ أَيْ فَالْوَاجِبُ ذِكْرُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْجِنْسِ، وَمَا مَعَهُ مَا لَمْ تُوصَفْ كَدَابَّتِك الْحَمْرَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً لَكِنْ تَعْيِينُ الْمُعَيَّنَةِ بِالشَّخْصِ يَكُونُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ وَتَعْيِينُ الْمَضْمُونَةِ يَكُونُ بِذِكْرِ جِنْسِهَا وَنَوْعِهَا وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ كَدَابَّتِك الْبَيْضَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ (قَوْلُهُ: كَإِبِلٍ أَوْ بِغَالٍ) كَ أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ الْبِغَالِ أَرْكَبُهَا لِمَحَلِّ كَذَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: أَيْ صِنْفٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ النَّوْعَ، وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ كَبُخْتٍ وَعِرَابٍ وَبِرْذَوْنٍ وَعَرَبِيٍّ كَمَا أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجِنْسَ، وَأَرَادَ بِهِ النَّوْعَ مِنْ إبِلٍ وَبِغَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالذَّاتِ بِأَنْ عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ أَلْ الْعَهْدِيَّةِ انْفَسَخَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا تُعَيَّنْ بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ بَلْ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ كَدَابَّتِك الْبَيْضَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهَا

وَلَوْ قَالَ دَابَّتُك الْبَيْضَاءُ أَوْ الْحَمْرَاءُ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا لِاحْتِمَالِ إبْدَالِهَا مَا لَمْ يَقُلْ هَذِهِ أَوْ الَّتِي رَأَيْتهَا مَعَك بِالْأَمْسِ بِعَيْنِهَا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَمَحْمِلٍ وَدَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَنَحْوِهَا إنْ لَمْ تُوصَفْ وَتَعَيَّنَتْ بِالْإِشَارَةِ، وَإِلَّا فَمَضْمُونَةٌ (وَلَيْسَ لِرَاعٍ) اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رَعْيِ غَنَمٍ (رَعْيُ) غَنَمٍ (أُخْرَى) مَعَهَا (إنْ لَمْ يَقْوَ) عَلَى رَعْيِ الْأُخْرَى مَعَهَا لِغَيْرِ رَبِّهَا لِكَثْرَتِهَا (إلَّا بِمُشَارِكٍ) يُعَاوِنُهُ فَلَهُ رَعْيُ أُخْرَى مَعَ الْأُولَى (أَوْ تَقِلُّ) الْأُولَى بِحَيْثُ يَقْوَى عَلَى رَعْيِ الْأُخْرَى مَعَهَا (وَلَمْ يَشْتَرِطْ) عَلَيْهِ رَبُّ الْأُولَى (خِلَافَهُ) أَيْ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا فَلَهُ رَعْيُ أُخْرَى، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ قَلَّتْ وَاشْتَرَطَ رَبُّهَا عَلَيْهِ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ رَعْيُ الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ شَرَطَ خِلَافَهُ أَيْ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا فَتَجَرَّأَ وَرَعَى غَيْرَهَا مَعَهَا (فَأَجْرُهُ) لِمَا رَعَى مِنْ غَيْرِهَا (لِمُسْتَأْجِرِهِ) أَيْ رَبِّ الْغَنَمِ الْأُولَى (كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ) حَتَّى فَوَّتَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَهُ فَأُجْرَتُهُ تَكُونُ لِمُسْتَأْجِرِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَ أَسْقَطَ عَنْ نَفْسِهِ أُجْرَةَ مَا فَوَّتَهُ فَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا بِأَنْ وَفَّى لَهُ بِجَمِيعِ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَقَوْلُهُ: آجَرَ نَفْسَهُ أَنَّهُ لَوْ عَمِلَ مَجَّانًا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ كِرَائِهِ بِقَدْرِ قِيمَةِ مَا عَمِلَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الرَّاعِيَ (رَعْيُ الْوَلَدِ) الَّذِي تَلِدُهُ الْغَنَمُ فَعَلَى رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِرَاعٍ آخَرَ لِرَعْيِهَا أَوْ يَجْعَلَ لِلْأَوَّلِ أُجْرَةً فِي نَظِيرِ رَعْيِ الْأَوْلَادِ (إلَّا لِعُرْفٍ) فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ. (وَعُمِلَ بِهِ) أَيْ بِالْعُرْفِ أَيْضًا (فِي الْخَيْطِ) فِي كَوْنِهِ عَلَى الْخَيَّاطِ أَوْ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ (وَ) فِي (نَقْشِ الرَّحَى) الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلطَّحْنِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ (وَ) فِي (آلَةِ بِنَاءٍ) فَيُقْضَى بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذْ الْعُرْفُ قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ عُرْفٌ فِيمَا ذَكَرَ (فَعَلَى رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ مِنْ ثَوْبٍ وَدَقِيقٍ وَجِدَارٍ وَذَلِكَ (عَكْسُ إكَافٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَكِتَابٍ وَتُضَمُّ كَغُرَابٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ بَرْذَعَةٍ أَوْ شَيْءٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَلَى رَبِّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) مُبَالَغَةً فِي عَدَمِ الْفَسْخِ وَلُزُومِ رَبِّهَا الْخَلَفُ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ ذَلِكَ) أَيْ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا قَالَ دَابَّتَك الْبَيْضَاءَ أَوْ الْحَمْرَاءَ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا مِنْ قَبِيلِ الْمَضْمُونَةِ الَّتِي لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا لِعَدَمِ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تُوصَفْ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ إنْ لَمْ تُوصَفْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَضْمُونَةَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا إمَّا بِذِكْرِ الْجِنْسِ، وَمَا مَعَهُ، وَإِمَّا بِالْوَصْفِ (قَوْلُهُ: وَمَحْمِلٌ وَدَابَّةٌ وَسَفِينَةٌ) أَيْ وُعِّينَ مَحْمِلٌ وَدَابَّةٌ وَسَفِينَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَضْمُونَةٌ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ بِالْإِشَارَةِ بَلْ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ أَوْ بِالْوَصْفِ فَمَضْمُونَةٌ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْوَ) أَيْ وَجَازَ إنْ قَوِيَ كَأَنْ تَقِلَّ أَوْ يَكُونَ مَعَهُ مُشَارِكٌ يُعَاوِنُهُ كَمَا قَالَ بَعْدُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي رَاعٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رَعْيِ عَدَدٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا رَاعٍ مَلَكَ جَمِيعَ عَمَلِهِ فَأَجِيرُ خِدْمَةٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا قَوِيَ عَلَى الْأُخْرَى أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِمُشَارِكٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى مَعَ شَرْطِهِ وَالْمَعْنَى لَيْسَ لِرَاعٍ انْتَفَتْ قُوَّتُهُ رَعْيُ أُخْرَى إلَّا بِمُشَارِكٍ يُعَاوِنُهُ عَلَى الرَّعْيِ فَيَجُوزُ لَهُ رَعْيُ الْأُخْرَى مَعَ الْأُولَى، وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الشَّرْطِ وَحْدَهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ قُوَّتِهِ بِمُشَارِكٍ مَعَ أَنَّ الْمُشَارِكَ لَيْسَ سَبَبًا فِي عَدَمِ الْقُوَّةِ وَقَوْلُهُ: إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلَّ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ اعْتِبَارِهِ لَهُ لِأَجْلِ تَقْيِيدِهِ بِالْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَقْوَى عَلَى رَعْيِ الْأُخْرَى) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْأُخْرَى كَثِيرَةً (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ أَوْ تَقِلُّ فَقَطْ أَيْ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ الْأُولَى وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْغَنَمِ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الرَّاعِي خِلَافَهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مُعَاوِنٌ يُعَاوِنُهُ أَوْ قَلَّتْ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ رَعْيُ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجَرِهِ) أَيْ تَخْيِيرًا وَإِنْ شَاءَ نَقَصَهُ مُسْتَأْجِرُهُ الْأَوَّلُ مِنْ مُسَمَّاهُ مَا نَقَصَ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى رَعْيِهَا وَحْدَهَا فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةً مَثَلًا قِيلَ، وَمَا أُجْرَتُهُ إذَا كَانَ يَرْعَاهَا مَعَ غَيْرِهَا فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةً فَقَدْ نَقَصَ الْخُمُسُ فَيُخَيَّرُ مُسْتَأْجِرُهُ بَيْنَ أَنْ يَنْقُصَهُ خُمُسَ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَخْذِ مَا آجَرَ بِهِ نَفْسَهُ وَيَدْفَعُ لَهُ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى الْأَوَّلِ شَيْئًا مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ كِرَائِهِ) أَيْ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: بِقَدْرِ قِيمَةِ مَا عَمِلَ أَيْ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: بِرَاعٍ آخَرَ لِرَعْيِهَا) أَيْ لِيَرْعَاهَا مَعَ رَاعِي الْأُمَّهَاتِ لَا مُنْفَرِدًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَيِّدُ مَا أَطْلَقَاهُ وَيُفَسِّرُ مَا أَجْمَلَاهُ وَيَكُونُ شَاهِدًا لِمَنْ ادَّعَاهُ. (قَوْلُهُ: وَعُمِلَ بِهِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِهِ (قَوْلُهُ: فِي كَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ مَالِكِ الرَّحَى (قَوْلُهُ: فَيُقْضَى بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ) أَيْ فَإِنْ جَرَى بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْخَيَّاطُ وَالطَّحَّانُ وَالْبَنَّاءُ قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَإِنْ جَرَى بِأَنَّهُ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَدَقِيقٍ) جَعْلُ النَّقْشِ عَلَى صَاحِبِ الدَّقِيقِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ صَاحِبَ الطَّاحُونِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا يَطْحَنُ لَهُ فِيهَا دَقِيقَهُ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ الطَّاحُونَ لِيَطْحَنَ فِيهَا لِلنَّاسِ أَوْ لِنَفْسِهِ كَانَ النَّقْشُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ عَلَى صَاحِبِهَا لَا عَلَى صَاحِبِ الدَّقِيقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ النَّقْشُ

أَصْغَرَ مِنْهَا (وَشِبْهِهِ) كَسَرْجٍ وَحَوِيَّةٍ وَلِجَامٍ، وَمِقْوَدٍ فَيُعْمَلُ فِيهَا بِالْعُرْفِ، وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَحُكْمُ الْإِكَافِ وَشِبْهُهُ حُكْمُ الْخَيْطِ، وَمَا مَعَهُ إذْ هُوَ عَلَى رَبِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَا عَكْسَهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْعَكْسُ فِي التَّصْوِيرِ لَا الْحُكْمُ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُكْتَرٍ، وَهُنَا مُكْرٍ. (وَ) عُمِلَ بِالْعُرْفِ (فِي) أَحْوَالِ (السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ) وَقَدْرِ الْإِقَامَةِ بِهَا (وَالْمَعَالِيقِ) جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ كَعُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ أَيْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمُسَافِرُ مِنْ نَحْوِ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَعَسَلٍ (وَالزَّامِلَةِ) مَا يَحْمِلُ فِيهِ الْمُسَافِرُ حَاجَتَهُ مِنْ خُرْجٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ وَجَبَ التَّعْيِينُ فِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ، وَإِلَّا فُسِخَ الْكِرَاءُ، وَأَمَّا فِي الْمَعَالِيقِ وَالزَّامِلَةِ فَلَا يُفْسَخُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ حَمْلُهَا (وَ) فِي (وَطَائِهِ) أَيْ فَرْشِهِ، وَأَوْلَى غِطَائِهِ (بِمَحْمِلٍ) حَمْلًا أَوْ إتْيَانًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ (وَبَدَلِ) نَقْصِ (الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ) بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَيْهِ وَزْنُ الْحِمْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى قِنْطَارٍ إلَى بَلَدِ كَذَا فَأَصَابَهُ مَطَرٌ حَتَّى زَادَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ (وَتَوْفِيرِهِ) أَيْ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ إذَا أَرَادَ رَبُّهُ أَنْ يُوَفِّرَهُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ، وَأَرَادَ الْمُكْرِي تَخْفِيفَهُ عُمِلَ بِالْعُرْفِ (كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَتُضَمُّ (قَائِلَةً) أَوْ لَيْلًا أَيْ إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَهُ فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي لُبْسِهِ وَنَزْعِهِ لَزِمَهُ بَيَانُ وَقْتِ نَزْعِهِ أَوْ دَوَامُ لُبْسِهِ (، وَهُوَ) أَيْ مَنْ تَوَلَّى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ مِنْ مُؤَجَّرٍ بِالْفَتْحِ كَرَاعٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ كَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا (أَمْنٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الضَّيَاعَ أَوْ التَّلَفَ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا لَقَدْ ضَاعَ، وَمَا فَرَّطْتُ، وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا فَرَّطْتُ وَبَالَغَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ شُرِطَ) عَلَيْهِ (إثْبَاتُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ) فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا لَكِنْ كَلَامُهُ يُوهِمُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، سَوَاءٌ زَادَتْ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQلَازِمٌ لِرَبِّ الرَّحَى سَوَاءٌ كَانَ هُوَ صَاحِبَ الدَّقِيقِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَطْحَنُ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ الدَّقِيقُ لِغَيْرِهِ بِأَنْ آجَرَهَا لِرَبِّ الدَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: أَصْغَرَ مِنْهَا) أَيْ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ التَّرَّاسِينَ نَمَّارِيَّةٌ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي الَّذِي اكْتَرَى الدَّابَّةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ) أَيْ الرَّبَّ فِي الْأَوَّلِ مُكْتَرٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ اكْتَرَى الْخَيَّاطَ وَصَاحِبَ الْجِدَارِ اكْتَرَى الْبَنَّاءَ وَرَبَّ الرَّحَى مُكْتَرٍ، وَمُسْتَأْجِرٌ لِمَنْ يَطْحَنُ لَهُ قَمْحَهُ عَلَى رَحَاهُ. (قَوْلُهُ: فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ بِالْهُوَيْنَا أَوْ حَدْرًا أَوْ مُتَوَسِّطًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ، وَفِي السَّيْرِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْخَيْطِ، وَأَعَادَ الْجَارَّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْإِكَافِ فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَالْمَنَازِلِ) أَيْ مَوَاضِعِ النُّزُولِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمُسَافِرُ مِنْ نَحْوِ سَمْنٍ) أَيْ مِنْ وِعَاءِ نَحْوِ سَمْنٍ فَإِذَا اكْتَرَيْت جَمَلًا لِتَرْكَبَهُ فِي السَّفَرِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ حَمْلُ وِعَاءِ نَحْوِ السَّمْنِ إلَّا بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: مِنْ خُرْجٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ فَإِذَا اكْتَرَيْت دَابَّةً لِتَرْكَبَهَا فَيَرْجِعُ فِي حَمْلِ الْخُرْجِ وَالصُّنْدُوقِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّابَّةِ حَمْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَوَطَائِهِ بِمَحْمِلٍ) أَيْ أَنَّ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الْمُكْتَرِي فِي الْمَحْمِلِ مِنْ فِرَاشٍ يَرْجِعُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ، وَفِي حَمْلِهِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمَّالَ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَلَا حَمْلُهُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى غِطَائِهِ) أَيْ لِعَدَمِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ) أَيْ وَبَدَلِ نَقْصِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ الطَّعَامُ الْمَحْمُولُ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَرَادَ صَاحِبُهُ عِوَضَ بَدَلِهِ وَامْتَنَعَ الْمُكْرِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِعَدَمِ بَدَلِهِ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ يَدْخُلُ مَعَ الْمُكْتَرِي عَلَى وَزْنٍ مُعَيَّنٍ مَعَ عِلْمِهِمَا نَقْصَهُ بِأَكْلٍ وَعَلَفٍ كُلَّ يَوْمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرَطِ لِتَمَامِ الْمَسَافَةِ الْمُكْتَرَاةِ (قَوْلُهُ: الطَّيْلَسَانِ) هُوَ الشَّالُ الَّذِي تُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الطَّيْلَسَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الثَّوْبُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً) أَيْ كَوَقْتِ الْقَيْلُولَةِ وَاللَّيْلِ. (تَنْبِيهٌ) مِمَّا يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ مَا إذَا اكْتَرَى عَلَى حَمْلِ مَتَاعِ دَوَابَّ إلَى مَوْضِعٍ فَاعْتَرَضَ نَهْرٌ فِي الطَّرِيقِ كَالنِّيلِ لَا يُجَازُ إلَّا بِالْمَرْكَبِ فَتَعْدِيَةُ كُلٍّ مِنْ الدَّابَّةِ وَالْحَمْلِ عَلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ لَا يَعْلَمُوا بِهِ، وَإِلَّا فَتَعْدِيَةُ الْجَمِيعِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُؤَجِّرٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ) أَيْ، وَهَذَا الصَّنِيعُ أَوْلَى مِنْ قَصْرِ تت لَهُ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ، وَهُوَ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينٌ فَعَلَى هَذَا يَضْمَنُ الرَّاعِي إذَا ادَّعَى الضَّيَاعَ أَوْ التَّلَفَ، وَهَذَا وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ قَوْمٍ كَالصَّانِعِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ تُصَدِّقُهُ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَلَّفَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ رِسَالَةً فِي الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَكَذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ رَحَّالٍ أَلَّفَ رِسَالَةً فِي الْأُجَرَاءِ وَالصُّنَّاعِ وَتَعَرَّضَ فِيهَا لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثَّوْبِ أَوْ لَا كَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا فَرَّطْت) أَيْ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى التَّفْرِيطِ، وَأَمَّا الضَّيَاعُ فَيُصَدَّقُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّيَاعَ نَاشِئٌ عَنْ تَفْرِيطِهِ غَالِبًا فَيَكْفِي حَلِفُهُ مَا فَرَّطْت، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَحْلِفُ مُطْلَقًا أَيْ عَلَى الضَّيَاعِ وَالتَّفْرِيطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شُرِطَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الضَّمَانَ سَاقِطٌ عَنْهُ، وَلَوْ شُرِطَ

التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ الشَّرْطُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَإِلَّا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَالْفَوَاتُ هُنَا بِانْقِضَاءِ الْعَمَلِ فَإِسْقَاطُهُ فِي أَثْنَائِهِ كَإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ فِي إفَادَةِ الصِّحَّةِ (أَوْ عَثَرَ) أَجِيرُ حَمْلٍ أَوْ عَثَرَتْ دَابَّتُهُ (بِدُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ) عَثَرَ (بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ، وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَتَعَدَّ) فِي فِعْلِهِ، وَلَا سَوْقِ دَابَّتِهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِأَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّهُ، وَلَمْ يُصَاحِبْهُ، وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَيَضْمَنُ (أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ) فَتَلِفَ الْمَتَاعُ الْمَشْدُودُ بِهِ (وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ) بِأَنْ لَمْ يَغُرَّ أَصْلًا أَوْ غَرَّ بِقَوْلٍ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَا أَثَرَ لِلْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ كَأَنْ يَأْتِيَ بِشُقَّةٍ لِخَيَّاطٍ يَقُولُ لَهُ هَلْ تَكْفِي ثَوْبًا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُفَصِّلُهَا فَلَمْ تَكْفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْخَيَّاطِ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ كِفَايَتِهَا، نَعَمْ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ عَلِمْتَ أَنَّهَا تَكْفِي فَفَصِّلْهَا، وَإِلَّا فَلَا فَقَالَ تَكْفِي، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِي فَيَضْمَنُ، وَمِثَالُ الْقَوْلِيِّ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ الصَّيْرَفِيُّ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ إنَّهُ جَيِّدٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَدِيءٌ فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَقِيلَ بِضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ وَاسْتُظْهِرَ، فَإِنْ غَرَّ بِفِعْلٍ ضَمِنَ كَرَبْطِهِ بِحَبْلٍ رَثٍّ أَوْ مَشْيِهِ فِي مَوْضِعِ زَلْقٍ أَوْ تَعَثَّرَتْ الدَّابَّةُ فِيهِ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ بِحِسَابِ مَا سَارَ كَكُلِّ مُتَعَدٍّ فِي الْمَحْمُولَاتِ فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ لَهُ (كَحَارِسٍ) لِدَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ مَا مَاتَ مِنْهَا كَانَ ضَامِنًا وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالضَّمَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَثَرَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى شُرِطَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ دُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ كَسَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ عَلَى حَمْلِ آنِيَةٍ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى أَكْتَافِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ فَعَثَرَ أَوْ عَثَرَتْ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَ ذَلِكَ الْمَحْمُولُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي فِعْلِهِ، وَلَا بِسَوْقِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْتَأْجَرِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ الْمُسْتَأْجَرِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْحَمْلِ إذَا عَثَرَ أَوْ عَثَرَتْ دَابَّتُهُ فَتَلِفَ الْمَحْمُولُ لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُخْطِئُ أَمِينًا، وَهُوَ هُنَا أَمِينٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ شَيْءٍ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ فَانْكَسَرَ ضَمِنَ مَا سَقَطَ عَلَيْهِ لَا مَا سَقَطَ، وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ عَلَى عبق يَضْمَنُ السَّقَّاءُ كَسْرَ الزِّيرِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ كَغِطَاءٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي رَفْعِهِ وَقَوْلُهُ: أَجِيرُ حَمْلٍ أَيْ أَجِيرٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى أَكْتَافِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ فِي دَعْوَاهُ انْكِسَارِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ أَوْ كَانَ كَسْرُهَا بِحَضْرَتِهِ أَوْ حَضْرَةِ وَكِيلِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَصْدِيقِهِ، وَالْمُرَادُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ مُصَاحَبَتُهُ لَهُ، وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِذَا صَاحَبَهُ فِي بَعْضِهَا ثُمَّ فَارَقَهُ فَادَّعَى تَلَفَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُصَاحَبَتَهُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَمُفَارَقَتَهُ فِي بَعْضِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَارَقَهُ لِمَا عَلِمَ مِنْ حِفْظِهِ وَتَحَرُّزِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَّهِمَ بِأَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالْفَتْحِ لَيْسَ بِأَمِينٍ فِي الطَّعَامِ وَلِذَا قَالَ بْن حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ، وَهُوَ أَمِينٌ فَيَقُولُ إلَّا فِي حَمْلِ نَحْوِ طَعَامٍ مِمَّا تَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي، وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ، وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ. وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْكَسْرِ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ أَوْ الضَّيَاعَ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ غَيْرَ الطَّعَامِ كَالْعُرُوضِ وَكَالْحَيَوَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاعِي أَوْ كَانَ طَعَامًا لَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي كَالْقَمْحِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ أَوْ الضَّيَاعَ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ فَلَا يُصَدَّقُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْخِيَانَةِ حَتَّى يُثْبِتَ صِدْقَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يُصَدِّقَهُ رَبُّهُ أَوْ يَكُونَ التَّلَفُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ حَضْرَةِ وَكِيلِهِ فَإِنْ ثَبَتَ صِدْقُهُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا ضَمَانَ. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) أَيْ مِثْلَهُ بِمَوْضِعِ غَايَةِ الْمَسَافَةِ، وَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَفِي التَّوْضِيحِ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ مِنْ ضَعْفِ حَبْلٍ، وَمَشْيِهِ فِي مَوْضِعٍ تَعْثُرُ أَوْ تُزْلَقُ فِيهِ الدَّابَّةُ أَوْ ازْدِحَامٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ لِلْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ) أَيْ الْغَيْرِ الْمُنْضَمِّ لِعَقْدٍ أَوْ لِشَرْطٍ كَاَلَّذِي مَثَّلَ الشَّارِحُ بِهِ أَوَّلًا وَأَمَّا الْغَرَرُ الْقَوْلِيُّ الْمُنْضَمُّ لِعَقْدٍ مِنْ الْغَارِّ أَوْ لِشَرْطٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ فَالْأَوَّلُ كَأَنْ يَقُولَ لِزَيْدٍ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ فَإِنَّهَا سَلِيمَةٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَعِيبَةٌ وَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهَا وَكَالصَّيْرَفِيِّ إذَا أَخَذَ أُجْرَةً، وَقَالَ إنَّهُ جَيِّدٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَدِيءٌ فَيَضْمَنُ بِهَذَا الْغُرُورِ كَالْفِعْلِيِّ وَالْقَوْلِيِّ الْمُنْضَمِّ لِشَرْطٍ كَمَا مَثَّلَ بِهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إنْ شُرِطَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ عَلِمْت إلَخْ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ الْغَيْرِ الْمُنْضَمِّ لِعَقْدٍ أَوْ شَرْطٍ مَنْ دَلَّ لِصًّا أَوْ ظَالِمًا عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: فَيُفَصِّلُهَا) أَيْ فَيَذْهَبُ رَبُّهَا يُفَصِّلُهَا فَلَا تَكْفِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) أَيْ مَا نَقَصَهَا بِسَبَبِ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ) أَيْ وَقِيلَ يَضْمَنُ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَاسْتُظْهِرَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْضَمَّ لِلْغَرَرِ عَقْدُ إجَارَةٍ عَلَى نَقْدِهِ، وَلَوْ بِالْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْثُرُ الدَّابَّةُ فِيهِ) أَيْ أَوْ مَشْيِهِ فِي مَوْضِعٍ تَعْثُرُ الدَّابَّةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُتَعَدٍّ فِي الْمَحْمُولَاتِ) أَيْ كَكُلِّ أَجِيرٍ تَعَدَّى فِي الْمَحْمُولَاتِ وَضَمِنَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ

إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا شُرِطَ أَوْ كُتِبَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ مِنْ الضَّمَانِ (وَلَوْ حَمَّامِيًّا) فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا ضَاعَ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَمْ يُفَرِّطْ، وَمِنْ التَّفْرِيطِ مَا لَوْ قَالَ رَأَيْت رَجُلًا يَلْبَسُهَا فَظَنَنْت أَنَّهُ صَاحِبُهَا. (وَأَجِيرٍ) لِصَانِعٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَعْمَلَ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا (كَسِمْسَارٍ) يَطُوفُ بِالسِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ) أَيْ أَمَانَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQطَعَامًا تُسْرِعُ لَهُ الْأَيْدِي وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّهُ، وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ حَضْرَةِ وَكِيلِهِ، وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِصِدْقِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ غَيْرَ طَعَامٍ أَوْ كَانَ طَعَامًا لَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي أَوْ تُسْرِعُ لَهُ الْأَيْدِي وَصَدَّقَهُ رَبُّهُ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ أَوْ كَانَ التَّلَفُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالْفَتْحِ عَلَى حَمْلٍ إذَا تَعَدَّى عَلَى الْمَحْمُولِ وَضَمِنَ فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَا سَارَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجَرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ قَالَ بْن: وَهَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لِلشَّيْخِ يُوسُفَ الْفِيشِيِّ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَمْ يُوَافِقْ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الْمَحْمُولِ، وَهِيَ لَهُ الْكِرَاءُ مُطْلَقًا وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ هَلَكَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ الثَّانِي لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ، وَإِنْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَحَلِّ الْهَلَاكِ. وَالرَّابِعُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَإِنْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَهُ الْكِرَاءُ وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ، وَظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ ضَمِنَ أَوْ لَا كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي قَدْ جَرَى عَلَى الْأَوَّلِ لِتَشْهِيرِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ، وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمِثْلِ مَا هَلَكَ بِحَمْلِهِ وَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى) أَيْ بِأَنْ يَقَعَ مِنْهُ خِيَانَةٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ يُفَرِّطَ أَيْ بِأَنْ نَامَ اخْتِيَارًا فِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فِيهِ الْحَارِسُ أَوْ تَرَكَ الْعَسَّ فِي وَقْتٍ يَعُسُّ فِيهِ الْحَارِسُ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى إلَخْ أَيْ أَوْ يَجْعَلَ حَارِسًا لَا يُعَاشِرُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِمَا شُرِطَ أَوْ كُتِبَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْتِزَامِ مَا لَا يَلْزَمُ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ مَنْ الْتَزَمَ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ فَإِنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ الضَّمَانَ وَرَضَوْا بِهِ يَضْمَنُونَ لِالْتِزَامِهِمْ الضَّمَانَ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْإِجَارَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مَعْرُوفًا، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّرْطَ مَتَى كَانَ فِي مَقَامِ عَقْدٍ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَلِأَنَّ ضَمَانَهُمْ حِينَ إجَارَتِهِمْ ضَمَانٌ بِجُعَلٍ فَيَكُونُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُفَرَاءَ جَمْعُ خَفِيرٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، يُقَالُ خَفَرَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ حَرَسَهُ وَأَخْفَرَهُ نَقَضَ عَهْدَهُ فَالْهَمْزَةُ لِلسَّلْبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَّامِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْحَارِسُ غَيْرَ حَمَّامِيٍّ بَلْ، وَلَوْ كَانَ حَمَّامِيًّا وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِضَمَانِهِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُفَرِّطْ) أَيْ أَوْ يَدْفَعْ لَهُ الشَّخْصُ الثِّيَابَ رَهْنًا عَلَى الْأُجْرَةِ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا الْحَارِسُ ضَمَانَ الرِّهَانِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ وَالْحُرَّاسِ وَالرُّعَاةِ وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَضْمِينَهُمْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. (قَوْلُهُ: وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ عِنْدَ صَانِعٍ أَيْ، وَأَمَّا الصَّانِعُ نَفْسُهُ فَسَيَأْتِي ضَمَانُهُ ثُمَّ إنَّ أَجِيرَ الصَّانِعِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا لِلصَّانِعِ، وَلَا لِرَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ الَّذِي تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لِلصَّانِعِ مَا لَمْ يُفَرِّطْ، وَقَوْلُهُ: كَأَنْ يَعْمَلَ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ غَابَ عَلَى مَصْنُوعِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْغَسَّالِ تَكْثُرُ عِنْدَهُ الثِّيَابُ فَيُؤَاجِرُ آخَرَ يَبْعَثُهُ لِلْبَحْرِ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَغْسِلُهُ فَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَنَّهُ ضَامِنٌ. اهـ. وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ لِلْمَشْهُورِ لَا مُقَابِلٌ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ يَغِبْ الْأَجِيرُ عَنْ الصَّانِعِ بِالشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ إنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ، وَهُوَ عَدَمُ ضَمَانِ أَجِيرِ الصَّانِعِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: يَطُوفُ بِالسِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ) أَيْ لِلْمُزَايَدَةِ، احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ السِّمْسَارِ الْجَالِسِ فِي حَانُوتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا ظَهَرَ خَيْرُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ السِّلَعَ عِنْدَهُ فَصَارَ كَالصَّانِعِ (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْ لَا فِي الثَّوْبِ مَثَلًا، وَلَا فِي ثَمَنِهَا إذَا ضَاعَا، وَلَا فِيمَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ تَمْزِيقٍ أَوْ خَرْقٍ بِسَبَبِ نَشْرٍ أَوْ طَيٍّ إذَا

(عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَإِلَّا ضَمِنَ (وَنُوتِيٍّ) ، وَهُوَ عَامِلُ السَّفِينَةِ (غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ) فِي سَيْرِهَا أَوْ حَمْلِهَا، وَإِلَّا ضَمِنَ الْمَالَ أَوْ الدِّيَةَ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْقَتْلَ، وَإِلَّا قُتِلَ (لَا) (إنْ خَالَفَ) رَاعٍ (مَرْعًى شُرِطَ) عَلَيْهِ (فَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ) فَيَضْمَنُ (أَوْ أَنْزَى) الرَّاعِي أَيْ أَطْلَقَ الْفَحْلَ عَلَى الْإِنَاثِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ رَبِّهَا فَيَضْمَنُ إنْ عَطِبَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ إلَّا لِعُرْفٍ بِأَنَّ الرُّعَاةَ تُنْزِي (أَوْ غَرَّ) الْمُكْتَرِيَ (بِفِعْلٍ) كَقَوْلٍ انْضَمَّ لَهُ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ (فَقِيمَتُهُ) أَيْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ (يَوْمَ التَّلَفِ) فِي مَوْضِعِ التَّلَفِ، وَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِالْعِثَارِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا. (أَوْ صَانِعٍ) يَضْمَنُ (فِي مَصْنُوعِهِ) فَقَطْ أَيْ فِيمَا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ كَحُلِيٍّ يَصُوغُهُ وَكِتَابٍ يَنْسَخُهُ وَثَوْبٍ يَخِيطُهُ وَخَشَبَةٍ يَصْنَعُهَا كَذَا ثُمَّ يَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ (لَا) فِي (غَيْرِهِ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ (وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ يَحْتَاجُ عَمَلَ الْمَصْنُوعِ لَهُ فَيَضْمَنُ مَصْنُوعَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا صَانِعٌ فَمَنْ دَفَعَ لِطَحَّانٍ قَمْحًا فِي قُفَّةٍ لِيَطْحَنَهُ لَهُ أَوْ دَفَعَ لِنَاسِخٍ كِتَابًا لِيَنْسَخَ لَهُ مِنْهُ آخَرَ فَادَّعَى ضَيَاعَ الْكُلِّ ضَمِنَ الْقَمْحَ دُونَ الْقُفَّةِ وَالْكِتَابَ الْمَنْسُوخَ دُونَ الْمَنْسُوخِ مِنْهُ فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ مَا لَا يَحْتَاجُ لَهُ الْعَمَلُ وَبَالَغَ عَلَى ضَمَانِ الصَّانِعِ مَصْنُوعَهُ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَخْرُجْ عَمَّا أُذِنَ لَهُ فِيهِ اُنْظُرْ شب وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ ضَمَانِ مَنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلسَّمْسَرَةِ،، وَإِلَّا ضَمِنَ كَالصَّانِعِ وَقَدْ اعْتَبَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الْقَيْدَ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. اعْلَمْ أَنَّ السِّمْسَارَ الطَّوَّافَ فِي الْمُزَايَدَةِ قِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَضْمَنُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ عِنْدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِصِيَغِهِ الِاسْمِ لَا يَنْبَغِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمَّا كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ إطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ كَانَ اخْتِيَارًا مِنْ الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ عِيَاضًا وَغَيْرَهُ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا حَتَّى قَالَ طفى مَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْعُدُولُ عَنْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَنُوتِيٍّ) أَيْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى نُوتِيٍّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ أَيْ فَعَلَهُ فِيهَا فِي سَيْرِهَا كَتَحْوِيلِ الرَّاجِعِ وَنَشْرِ الْقِلْعِ، وَمَشْيٍ فِي رِيحٍ أَوْ مَوْجٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا وَقَوْلُهُ: أَوْ حَمْلِهَا أَيْ كَوَسْقِهَا الْوَسْقَ الْمُعْتَادَ لِأَمْثَالِهَا بِحَيْثُ لَا يَقْرَبُ الْمَاءُ مِنْ حَافَّتِهَا، وَإِذَا كَانَ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ إذَا غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ فَأَوْلَى مَا إذَا غَرِقَتْ بِغَيْرِ فِعْلٍ كَهَيَجَانِ الْبَحْرِ وَاخْتِلَافِ الرِّيحِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ صَرْفِهَا لِشَيْءٍ تُرْجَى سَلَامَتُهَا مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَامِلُ السَّفِينَةِ) أَيْ مَنْ يُنْسَبُ سَيْرُهَا لَهُ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا كَانَ رَبَّهَا أَوْ غَيْرَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ إذَا غَرِقَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ وَكَذَا بَعْدَ تَمَامِهَا وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ الْحِمْلِ أَمَّا لَوْ غَرِقَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْمَسَافَةِ وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْأَحْمَالِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً اُنْظُرْ شب وَيَجُوزُ الطَّرْحُ مِنْ السَّفِينَةِ عِنْدَ خَوْفِ غَرَقِهَا وَيُوَزَّعُ مَا طُرِحَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَقَطْ، وَلَا سَبِيلَ لِطَرْحِ الْآدَمِيِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ طَرْحِ الْآدَمِيِّينَ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا كَالْخَرْقِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إمَاتَةُ أَحَدٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ) كَأَنْ يُقَالَ لَهُ لَا تَرْعَ إلَّا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَخَالَفَ وَرَعَى فِي غَيْرِهِ أَوْ لَا تَرْعَى فِي مَحَلِّ رَعْيِ الْجَامُوسِ فَخَالَفَ وَرَعَى فِيهِ فَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّعَدِّي وَكَأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى فِي الْأَرْبَعِينِيَّةِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ النَّدَى فَخَالَفَ وَرَعَى فِيهَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَالْأرْبَعِينيّةُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ كِيَهْكَ وَطُوبَةَ كُلِّهَا، وَمَحَلُّ ضَمَانِهِ إذَا خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ إذَا كَانَ بَالِغًا، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُرْفٍ بِأَنَّ الرُّعَاةَ تُنْزِي) أَيْ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَ الْإِنْزَاءِ فَلَا خِلَافَ فِي الضَّمَانِ فَإِنْ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ فَقَوْلَانِ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْفَحْلُ لِرَبِّ الْأُنْثَى، وَإِلَّا ضَمِنَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ غَرَّ بِفِعْلٍ) أَيْ وَتَلِفَ مَا غَرَّ فِيهِ بِسَبَبِ غُرُورِهِ (قَوْلُهُ: فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَرَّ بِفِعْلٍ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَيَضْمَنُ فِيهِمَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ التَّلَفِ وَقَدْ يَكُونُ يَوْمَهُ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ وَرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَخِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا كَانَتْ تَنْفَسِخُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْكِرَاءَ بِتَمَامِهِ وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ إنْ أَتَى لَهُ رَبُّهُ بِمِثْلِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي عَمَلِ الْمَصْنُوعِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لَهُ فِي عَمَلِ الْمَصْنُوعِ (قَوْلُهُ: فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ) أَيْ، وَإِذَا كَانَ لَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ يَحْتَاجُ لَهُ فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ مَا لَا يَحْتَاجُ لَهُ الْعَمَلُ كَزَوْجِ نَعْلٍ أَتَى بِهِ لِقَوَّافٍ لِيُصْلِحَ لَهُ التَّالِفَ مِنْهُ فَضَاعَ الصَّحِيحُ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ الْقَوْلَ الْمُفَصِّلَ، وَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَصْنُوعَهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ

(وَإِنْ) عَمِلَهُ الصَّانِعُ (بِبَيْتِهِ أَوْ) عَمِلَهُ (بِلَا أَجْرٍ) وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَنْعَتِهِ تَغْرِيرٌ كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَنَقْشِ الْفُصُوصِ وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ، وَكَذَا الْخِتَانُ وَالطِّبُّ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالتَّفْرِيطِ. وَأَشَارَ لِشُرُوطِ ضَمَانِ الصَّانِعِ بِقَوْلِهِ (إنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ) لِعُمُومِ النَّاسِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ خَاصٍّ بِشَخْصٍ أَوْ بِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ (وَغَابَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى السِّلْعَةِ الْمَصْنُوعَةِ بِأَنْ صَنَعَهَا بِغَيْرِ حُضُورِ رَبِّهَا وَبِغَيْرِ بَيْتِهِ فَإِنْ صَنَعَهَا بِبَيْتِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ حُضُورِهِ أَوْ صَنَعَهَا بِحُضُورِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ كَسَرِقَةٍ أَوْ تَلَفٍ بِنَارٍ مَثَلًا بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ مِمَّا فِيهِ تَغْرِيرٌ كَمَا مَرَّ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا نَحْوَ عَبْدٍ يُرْسِلُهُ سَيِّدُهُ لِلْمُعَلِّمِ فَيَدَّعِي هُرُوبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَابَ عَلَيْهَا، وَإِذَا ضَمِنَ الصَّانِعُ (فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ) إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَهُ فَلِآخِرِ رُؤْيَةٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ إذْ ذَاكَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الدَّفْعِ أَوْ الرُّؤْيَةِ فَيَغْرَمُهَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ، وَبَالَغَ عَلَى الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ شَرَطَ) الصَّانِعُ (نَفْيَهُ) أَيْ نَفْيَ الضَّمَانِ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (أَوْ) (دَعَا) الصَّانِعُ رَبَّهُ (لِأَخْذِهِ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَنْعَتِهِ فَتَرَاخَى رَبُّهُ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَيَضْمَنُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الصَّانِعُ أُجْرَتَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQسَوَاءٌ كَانَ عَمَلُ الْمَصْنُوعِ يَحْتَاجُ لَهُ أَمْ لَا وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ كَمَا يَضْمَنُ مَصْنُوعَهُ يَضْمَنُ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ حُضُورِهِ عِنْدَهُ، سَوَاءٌ احْتَاجَ لَهُ الصَّانِعُ أَوْ الْمَصْنُوعُ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْمَوَّازِ كَمَا يَضْمَنُ الْمَصْنُوعَ يَضْمَنُ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي عَمَلِهِ مِثْلَ الْكِتَابِ الْمُنْتَسَخِ مِنْهُ دُونَ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمَعْمُولُ كَظَرْفِ الْقَمْحِ هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ عَنْ الْبَيَانِ وَاَلَّذِي عَزَاهُ الْمَوَّاقُ لِابْنِ الْمَوَّازِ الثَّانِي وَذَكَرَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَهُ ثُمَّ قَالَ فَانْظُرْ مَنْ رَجَّحَ الْقَوْلَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِبَيْتِهِ) أَيْ هَذَا إذَا عَمِلَهُ الصَّانِعُ فِي حَانُوتِهِ بَلْ، وَإِنْ عَمِلَهُ فِي بَيْتِهِ أَيْ بَيْتِ نَفْسِهِ وَبَالَغَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يَتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَمِلَهُ فِي بَيْتِهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُنَصِّبْ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ لِلنَّاسِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَنْعَتِهِ تَغْرِيرٌ) أَيْ تَعْرِيضٌ لِلْإِتْلَافِ، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ صَانِعٌ فِي مَصْنُوعِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ، وَإِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ بِشَرْطِهِ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الْحَالَاتُ الَّتِي لَا يَضْمَنُ فِيهَا مُجْتَمِعَةً بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ أَوْ يَأْتِيَ بِهَذَا شَرْطًا رَابِعًا لِلضَّمَانِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الصَّنْعَةِ تَغْرِيرٌ (قَوْلُهُ: كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ) وَكَذَا خَبْزُ الْعَيْشِ فِي الْفُرْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْخِتَانُ وَالطِّبُّ) فَإِذَا خَتَنَ الْخَاتِنُ صَبِيًّا أَوْ سَقَى الطَّبِيبُ مَرِيضًا دَوَاءً أَوْ قَطَعَ لَهُ شَيْئًا أَوْ كَوَاهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا فِي مَالِهِ، وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا فِيهِ تَغْرِيرٌ فَكَأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِمَا أَصَابَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْخَاتِنُ أَوْ الطَّبِيبُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يُخْطِئْ فِي فِعْلِهِ فَإِذَا كَانَ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عُوقِبَ، وَفِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ فِي مَالِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِمَالِكٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ بِالْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ، وَأَتَى بِهَا تَالِفَةً أَمَّا لَوْ ادَّعَى ضَيَاعَهَا أَوْ تَلَفَهَا، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَالضَّمَانُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلُهُ: إلَّا بِالتَّفْرِيطِ أَيْ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَالَجَهَا عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ فِي عِلَاجِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ صَنَعَهَا بِحُضُورِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ بَيْتِهِ وَقَوْلُهُ: كَسَرِقَةٍ أَيْ أَوْ غَصْبٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ بِنَارٍ مَثَلًا أَوْ مَطَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ مِمَّا فِيهِ تَغْرِيرٌ) أَيْ، وَأَمَّا مَا نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَغْرِيرٌ كَقَطْعِ ثَوْبٍ أَوْ إحْرَاقِهِ مِنْ الْمَكْوِيِّ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ دَحُونٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ ضَمَانِ مَا صَنَعَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ تَلَفُهُ بِمَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ أَوْ بِمَا نَشَأَ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَابَ عَلَيْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْبَةِ عَلَى الْمَصْنُوعِ أَنْ لَا يَعْمَلَهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ، وَلَا بِحَضْرَتِهِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُوجَدُ الشَّرْطَانِ مَعًا وَقَدْ يُوجَدُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَدْ يَرْتَفِعَانِ (قَوْلُهُ: فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ رَبُّهُ إلَيْهِ وَبِالْمَوْضِعِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ الَّذِي تَلِفَ بِالْغَرَرِ الْفِعْلِيِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمَوْضِعِ التَّلَفِ كَمَا مَرَّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فَلَوْ أَرَادَ رَبُّهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ وَيَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ أَيْ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْفَسَادِ بِالشَّرْطِ مَا لَمْ يُسْقِطْهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَمَلِ، وَإِلَّا صَحَّ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ دَعَا الصَّانِعُ رَبَّهُ لِأَخْذِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَنْعَتِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ لَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ إلَخْ) أَيْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَحَلُّ ضَمَانِهِ إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهِ فَتَرَاخَى فَادَّعَى ضَيَاعَهُ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الصَّانِعُ أُجْرَتَهُ إلَخْ

فَإِنْ قَبَضَهَا صَارَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَطَلَبَهُ لِأَخْذِهِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِتَفْرِيطٍ (إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ) بِتَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ سَوَاءٌ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَمْ لَا، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ (فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ) عَنْ رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ (وَإِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ) الصَّانِعُ لِرَبِّهِ (بِشَرْطِهِ) أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي شَرَطَهَا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ عِنْدَهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْإِجَارَةِ إلَى الْإِيدَاعِ، وَهَذَا إذَا كَانَ قَدْ دَفَعَ الْأُجْرَةَ، وَإِلَّا كَانَ رَهْنًا فِيهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ (وَصُدِّقَ) رَاعٍ نَحَرَ بَعِيرًا أَوْ ذَبَحَ شَاةً (إنْ) (ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ) لِمَا نَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ (فَنَحَرَ) أَوْ ذَبَحَ وَنَازَعَهُ الْمَالِكُ وَقَالَ بَلْ تَعَدَّيْت وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ (أَوْ) ادَّعَى (سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ) أَيْ الرَّاعِي بِأَنْ قَالَ ذَبَحْتُهَا خَوْفَ مَوْتِهَا ثُمَّ سُرِقَتْ، وَمِثْلُ الرَّاعِي الْمُلْتَقِطُ (أَوْ) ادَّعَى الْحَجَّامُ (قَلْعَ ضِرْسٍ) أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَنَازَعَهُ رَبُّهُ وَقَالَ بَلْ قَلَعْت غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ (أَوْ) ادَّعَى الصَّبَّاغُ (صَبْغًا) بِأَنْ قَالَ أَمَرْتنِي بِهِ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ بِغَيْرِهِ أَوْ قَالَ أَمَرْتنِي أَنْ أَصْبُغَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الزَّعْفَرَانِ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ بِخَمْسَةٍ (فَنُوزِعَ) أَيْ نَازَعَهُ رَبُّهُ فَيُصَدَّقُ الْأَجِيرُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَقَالَ (وَفُسِخَتْ) الْإِجَارَةُ (بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ) (لَا) بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى (بِهِ) الْمَنْفَعَةُ أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِهِمْ أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ وَكُلَّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَهَا إلَخْ) مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ سُقُوطُ الضَّمَانِ حَيْثُ قَبَضَ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ لَمْ يُحْضِرْهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّخْمِيِّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ ضَمَانُ تُهْمَةٍ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا ضَمَانُ أَصَالَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ إلَى أَنَّ الْفَاءَ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ. إنْ قُلْت إنَّ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ مُتَسَبِّبٌ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ لَا عَنْ عَدَمِ الضَّمَانِ قُلْت يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ عَدَمُ التَّسْلِيمِ فَاكْتَفَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ) أَيْ وَتَسْلِيمُهُ لِرَبِّهِ مُنْتَفٍ (قَوْلُهُ: فَنَحَرَ أَوْ ذَبَحَ) أَيْ وَجَاءَ بِهَا مُذَكَّاةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَإِنْ خَافَ مَوْتَهَا وَتَرَكَ ذَكَاتَهَا حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَ فَإِنْ ذَكَّاهَا الرَّاعِي خَوْفَ مَوْتِهَا وَقَالَ أَكَلْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ إذَا كَانَ مَحَلُّ الرَّعْيِ قَرِيبًا، وَإِلَّا صُدِّقَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ مَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ رَبُّهَا أَكْلَهَا فَإِنْ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ إذَا رَأَيْت عَلَيْهَا عَلَامَةَ الْمَوْتِ فَاذْبَحْ وَكُلْ صُدِّقَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الرَّاعِي الْمُلْتَقِطُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُرْتَهِنُ وَالْمُودِعُ وَالشَّرِيكُ فَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي دَعْوَاهُ التَّذْكِيَةَ لِخَوْفِ الْمَوْتِ إلَّا بِلَطْخٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانُوا يُصَدَّقُونَ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَالرَّاعِي مَعَ كَوْنِ الْجَمِيعِ مُؤْمِنِينَ تَعَذُّرُ الْإِشْهَادِ مِنْ الرَّاعِي غَالِبًا بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِشْهَادِ غَالِبًا، وَأَحْرَى مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الضَّمَانِ مَنْ مَرَّ عَلَى دَابَّةِ شَخْصٍ فَذَكَّاهَا وَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفَ مَوْتِهَا أَوْ سَلَخَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا مَيِّتَةً فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَطْخٍ وَكُلٌّ تَرَكَ الذَّبْحَ مِنْ هَؤُلَاءِ حَتَّى مَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَبْحِهَا خَوْفَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الرَّاعِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِتَرْكِ ذَكَاتِهَا إذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى الْحَجَّامُ قَلْعَ ضِرْسٍ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَنَازَعَهُ رَبُّهُ وَقَالَ بَلْ قَلَعْت غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ) أَيْ فَيُصَدَّقُ الْحَجَّامُ وَيَحْلِفُ الْمُتَّهِمُ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ، وَلَهُ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ، وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَكُونُ لِلْحَجَّامِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا التَّسْمِيَةُ فَإِنْ صَدَّقَ الْحَجَّامُ مَنْ نَازَعَهُ فِي أَنَّ الْمَقْلُوعَ غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالنَّابُ وَالسِّنُّ كَالضِّرْسِ، وَخَصَّهُ الْمُصَنِّفُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الْأَلَمِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى الصَّبَّاغُ صَبْغًا) أَيْ نَوْعًا مِنْ الصَّبْغِ كَزُرْقَةٍ صَافِيَةٍ وَنَازَعَهُ رَبُّ الثَّوْبِ وَقَالَ لَهُ أَمَرْتُك بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ مَثَلًا فَالْقَوْلُ لِلصَّبَّاغِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَشْبَهَ بِأَنْ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ شَأْنَهُ أَنْ يَصْبُغَ الثَّوْبَ بِاللَّوْنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الصَّبَّاغُ لَا شَاشٍ أَزْرَقَ لِشَرِيكٍ، وَلَا أَخْضَرَ لِذِمِّيٍّ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مَصْبُوغًا وَيَدْفَعَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ أَوْ يُسْلِمَهُ وَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ (قَوْلُهُ: بَلْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بَلْ أَمَرْتُك بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ) مَا مَوْصُولَةٌ أَيْ بِتَلَفِ الَّذِي يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَالْمَوْصُولُ عِنْدَهُمْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ لَا عُمُومَ لَهَا وَقَوْلُهُ: بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ (قَوْلُهُ: كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا (قَوْلُهُ: وَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ) لَمْ يُقَيِّدْ ابْنُ الْحَاجِبِ الدَّارَ بِكَوْنِهَا مُعَيَّنَةً قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ التَّعْيِينَ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تُكْرَى إلَّا مُعَيَّنَةً كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ

عَلَى الْأَصَحِّ كَمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَأَرَادَ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرَ أَيْ تَعَذُّرَ اسْتِيفَاءِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ كَأَسْرٍ وَسَبْيٍ وَسُكُونِ وَجَعِ ضِرْسٍ وَعَفْوِ قِصَاصٍ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا بِهِ صَبِيَّيْنِ، وَفَرَسَيْنِ بِقَوْلِهِ (إلَّا صَبِيِّ تَعَلُّمٍ) بِالْإِضَافَةِ وَجَرِّ صَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ ضَمِيرِ بِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ نَفْيٍ فَهُوَ بَدَلٌ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ إلَّا مُتَعَلِّمٍ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْبَالِغَ مِنْ الِاخْتِصَارِ (وَرَضِيعٍ) مَاتَ كُلٌّ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الشُّرُوعِ فِيهَا (وَفَرَسِ نَزْوٍ) مَاتَتْ مَثَلًا قَبْلَ النَّزْوِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَوْتُ الذَّكَرِ الْمُعَيَّنِ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ، وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ. (وَ) فَرَسِ (رَوْضٍ) أَيْ رِيَاضَةٍ أَيْ تَعْلِيمِهَا حَسَنِ الْجَرْيِ فَمَاتَتْ أَوْ عَطِبَتْ فَتَنْفَسِخُ، وَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَأُلْحِقَ بِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَصْدُ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ وَحَرْثُ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا لَيْسَ لِرَبِّهِمَا غَيْرُهُمَا وَبِنَاءُ حَائِطٍ بِدَارٍ فَيَحْصُلُ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ فَتَنْفَسِخُ لِتَعَذُّرِ الْخَلَفِ وَقِيلَ لَا بَلْ يُقَالُ لِرَبِّهَا ادْفَعْ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ أَوْ ائْتِ بِغَيْرِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا (وَ) فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى (سِنٍّ لِقَلْعٍ) أَيْ لِأَجْلِ قَلْعِهَا فَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ، وَلَوْ قَالَ وَقَلْعِ سِنٍّ (فَسَكَنَتْ) أَيْ أَلَمُهَا كَانَ أَوْضَحَ (كَعَفْوِ) ذِي (الْقِصَاصِ) عَنْ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقِصَاصِ لِتَعَذُّرِ الْخَلَفِ، وَهَذَا إنْ عَفَا غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَسْخُهَا بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَمَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ التَّلَفُ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ فُسِخَتْ، وَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا سَارَ، وَإِنْ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ لَمْ تَنْفَسِخْ وَيَأْتِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ فُسِخَتْ، وَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ لَمْ تَنْفَسِخْ وَيَأْتِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ كَذَا فِي الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: كَمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ وَكَتَلَفِ الْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) أَيْ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِالتَّلَفِ) أَيْ الْمُثْبَتِ وَالْمَنْفِيِّ لَا الْمُثْبَتِ فَقَطْ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِسُكُونِ وَجَعِ الضِّرْسِ؛ لِأَنَّ قَلْعَ الضِّرْسِ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ لَا مِنْهُ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ السَّبْيِ وَالْأَسْرِ يَصْلُحُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِتَعَذُّرِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَأَسْرٍ وَسَبْيٍ لِأَجِيرٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى كَخِيَاطَةٍ مَثَلًا أَوْ لِمُسْتَأْجِرٍ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ مَثَلًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَعَفْوِ قِصَاصٍ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ، وَلَا مِنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مَنَعَ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ الْبَالِغَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي شَأْنُهُ التَّعَلُّمَ (قَوْلُهُ: وَفَرَسِ نَزْوٍ) أَيْ اسْتَأْجَرَ صَاحِبُهَا ذَكَرًا يَنْزُو عَلَيْهَا جُمُعَةً مَثَلًا أَوْ عَشَرَ مَرَّاتٍ بِدِينَارٍ فَمَاتَتْ بَعْدَ مَرَّةٍ أَوْ حَمَلَتْ مِنْ مَرَّةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلِرَبِّ الذَّكَرِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ، وَمِثْلُ الْفَرَسِ غَيْرُهَا مِنْ الدَّوَابِّ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَدَابَّةِ نَزْوٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَوْتُ الذَّكَرِ الْمُعَيَّنِ فَدَاخِلٌ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِشُمُولِ الْفَرَسِ لِلذَّكَرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ كُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَمَّا الذَّكَرُ فَلِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْهُ، وَأَمَّا الْأُنْثَى فَلِأَنَّهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَى. (قَوْلُهُ: وَفَرَسِ رَوْضٍ) أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَبُّ الْفَرَسِ شَخْصًا يُعَلِّمُهَا حُسْنَ السَّيْرِ فَمَاتَتْ قَبْلَ تَعْلِيمِهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ: فَتَنْفَسِخُ، وَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْمُسْتَثْنَاةِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا تَنْفَسِخُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِرَبِّهِمَا غَيْرُهُمَا) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْخَلَفُ أَوْ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ بِتَمَامِهَا، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: فَيَحْصُلُ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الزَّرْعِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ كَأَنْ تَلِفَ الزَّرْعُ أَوْ يَبِسَتْ الْأَرْضُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْمَانِعَ بِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ قَبِيلِ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إذْ لَوْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جِهَةِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى الْحَصْدِ أَوْ الْحَرْثِ أَوْ الْبِنَاءِ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِاقْتِصَارِهِ إلَخْ) كَلَامُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ بْن ثُمَّ سَاقَ كَلَامَهُ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى سِنٍّ لِقَلْعٍ) هَذَا حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَسِنٍّ عَطْفٌ عَلَى صَبِيٍّ الْمَجْرُورِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ ضَمِيرِ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ أُمُورٌ خَمْسَةٌ لَا أَرْبَعَةٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ سَابِقًا (قَوْلُهُ: فَسَكَنَتْ) أَيْ فَسَكَنَ أَلَمُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ أَيْ وَوَافَقَهُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا لِقَرِينَةٍ، وَفَائِدَةُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ لُزُومُ الْأُجْرَةِ لَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَلْعِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِ رَبِّهَا إذَا نَازَعَهُ الْحَجَّامُ، وَقَالَ لَهُ إنَّهُ سَكَنَ أَلَمُهَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج خِلَافَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ إنَّهُ يُصَدَّقُ فِي سُكُونِ الْأَلَمِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَمِينَهُ تَجْرِي عَلَى أَيْمَانِ التُّهْمَةِ فِي تَوَجُّهِهَا وَعَدَمِ تَوَجُّهِهَا (قَوْلُهُ: كَعَفْوِ الْقِصَاصِ) إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةَ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ

وَأَمَّا إنْ عَفَا الْمُسْتَأْجِرُ فَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْأُجْرَةُ. (وَ) فُسِخَتْ (بِغَصْبِ الدَّارِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ (وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا) إذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ. (وَ) فُسِخَتْ بِ (أَمْرِ السُّلْطَانِ) أَيْ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ وَقَهْرٌ (بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ) بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مُسْتَأْجِرُهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَيَلْزَمُ السُّلْطَانَ أُجْرَتُهَا لِرَبِّهَا إذَا كَانَ قَصْدُهُ غَصْبَ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ دُونَ الذَّاتِ (وَ) بِظُهُورِ (حَمْلِ ظِئْرٍ) أَيْ مُرْضِعٍ (أَوْ) حُصُولِ (مَرَضٍ) لَهَا (لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى رَضَاعٍ) إنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ الرَّضِيعِ، وَإِلَّا كَانَ أَهْلُهُ بِالْخِيَارِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) بِسَبَبِ (مَرَضِ عَبْدٍ) لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى فِعْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ (وَهَرَبِهِ لِ كَعَدُوٍّ) بِأَرْضِ حَرْبٍ أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتُهَا فِي الْبُعْدِ فَإِنْ هَرَبَ لِقَرِيبٍ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ لَمْ تَنْفَسِخْ لَكِنْ تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ هَرَبِهِ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْعَبْدُ أَيْ يَعُودَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ هَرَبِهِ (فِي بَقِيَّتِهِ) أَيْ الْعَقْدِ أَيْ زَمَنِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْعَمَلِ، وَكَذَا الظِّئْرُ تَصِحُّ فَيَلْزَمُهَا بَقِيَّةُ الْعَمَلِ وَيُسْقَطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عُطِّلَ زَمَنَ الْمَرَضِ أَوْ الْهَرَبِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءَ لِقَوْلِهِ وَبِغَصْبِ الدَّارِ، وَمَا بَعْدَهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَانِعِ فَلَا فَسْخَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْفَسْخِ أَنَّ لَهُ جَمِيعَ الْمُسَمَّى بَلْ يَسْقُطُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا عُطِّلَ زَمَنَ الْمَانِعِ كَمَا تَقَدَّمَ (بِخِلَافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ) فَلَا تَرْجِعُ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْفَسْخِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ فِي السَّفَرِ بِالصَّبْرِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ مَرَضُ الْعَبْدِ فِي السَّفَرِ كَمَا أَنَّ الدَّابَّةَ فِي الْحَضَرِ مِثْلُ الْعَبْدِ فِيهِ فَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ جَوَابُ الْإِمَامِ فِيهِمَا لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ عَنْ الْعَبْدِ فِي الْحَضَرِ وَالدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ عُكِسَ السُّؤَالُ لَكَانَ الْجَوَابُ مَا ذَكَرَ (وَخُيِّرَ) الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ (إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ مَثَلًا الْمُسْتَأْجَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَلْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ عَفَا الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ عَفَا الْمُسْتَأْجِرُ وَغَيْرُهُ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْأُجْرَةُ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فَفَائِدَةُ عَدَمِ الْفَسْخِ لُزُومُ الْأُجْرَةِ، وَإِلَّا فَالْقِصَاصُ قَدْ سَقَطَ بِالْعَفْوِ عَنْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً كَمَا إذَا عُيِّنَتْ لَهُ الْأُجْرَةُ بِأَنْ قِيلَ لَهُ اقْتَصَّ مِنْ هَذَا وَلَك كَذَا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ اقْتَصَّ مِنْ هَذَا، وَأَنَا أُعْطِيك أُجْرَتَك ثُمَّ عَفَا عَنْهُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَبِغَصْبِ الدَّارِ) الدَّارُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ مِثْلُهَا غَصْبُ الدَّابَّةِ وَغَصْبُ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ أَوْ غَصْبُ مَنْفَعَتِهَا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا لَوْ كَانَ حَكِرَ عَلَى بَيْتٍ ثُمَّ غَصَبَهُ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْبَيْتِ دَفْعُهُ. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا) إنَّمَا صَرَّحَ بِلَفْظِ غَصْبِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِعَطْفِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الدَّارِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ كَوْنِ مَنْفَعَتِهَا مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِغَصْبِ شَيْئَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِغَصْبِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ غَصْبِ مَنْفَعَتِهَا إذَا شَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَإِنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى إجَارَتِهِ فَإِنْ فَسَخَهَا كَانَ لِمَالِكِ الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ أَبْقَاهَا مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ صَارَ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ الْغَاصِبِ إذَا زَرَعَ أَوْ سَكَنَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ، فَمَعْنَى الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْفَسْخِ لَا أَنَّهَا تُفْسَخُ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ فَلَا تَنْفَسِخُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِ مَا غُصِبَ مِنْهُ بِمَالٍ، وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّهِ بِمَا خَلَّصَهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: دُونَ الذَّاتِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ قَصْدُهُ غَصْبَ الذَّاتِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ غَاصِبَ الذَّاتِ لَا يَضْمَنُ مَنْفَعَةَ الْمَغْصُوبِ إلَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَنْفَعَةَ مَا عَطَّلَ وَغَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ أَوْ عَطَّلَ (قَوْلُهُ: وَحَمْلِ ظِئْرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَظَهَرَ بَعْدَهُ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَا تَقْدِرُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ مَعَهُ عَلَى الرَّضَاعِ لَمْ تَنْفَسِخْ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: إنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ الرَّضِيعِ) أَيْ بِلَبَنِ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ بَلْ شَكَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِمَرَضِ عَبْدٍ) أَيْ أُوجِرَ لِلْخِدْمَةِ فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَرْجِعُ لِلْإِجَارَةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ بِمَرَضِهِ وَهَرَبِهِ وَبِعَدَمِ الْفَسْخِ مَعَ الرُّجُوعِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ إذَا عَادَ تَنَافٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ إذَا أُرِيدَ بِفَسْخِهَا بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَرَضِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ مِنْ الْآنَ أَمَّا إنْ أُرِيدَ بِهِ التَّعَرُّضُ لِلْفَسْخِ كَمَا قُلْنَا فَلَا يَرِدُ أَصْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِثْنَاءِ حَالَةَ السُّكُوتِ لَا إنْ صَرَّحَ بِالْبَقَاءِ أَوْ الْفَسْخِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عَطَّلَ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى قَضَاءِ مُدَّةِ الْهَرَبِ أَوْ الْمَرَضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَدْفَعُ الْأَجْرَ بِتَمَامِهِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ الْأُجْرَةَ حِينَ الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ لَمْ يَنْقُدْهَا فَيَجُوزُ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْفَسْخِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ) أَيْ، وَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا مَرِضَا فِي الْحَضَرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ عَادَا فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ رَجَعَا لِلْإِجَارَةِ، وَإِنْ مَرِضَا فِي السَّفَرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ عَادَا فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَمْ يَرْجِعَا لِلْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ جَوَابُ الْإِمَامِ) حَيْثُ قَالَ فِي الدَّابَّةِ لَا تَعُودُ لِلْإِجَارَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَقَالَ فِي الْعَبْدِ إنَّهُ يَعُودُ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ

لِيَخْدُمَهُ فِي دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ فِيهِ (سَارِقٌ) أَيْ شَأْنُهُ السَّرِقَةُ؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ، وَأَمَّا لَوْ أَكْرَيْتَهُ عَلَى شَيْءٍ يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَتَحَفَّظُ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسَاقَاةِ. (وَ) فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ (بِرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيْهِ) نَفْسِهِ (أَوْ عَلَى سِلَعِهِ) كَدَابَّتِهِ وَدَارِهِ (وَلِيٌّ) أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُقَامٌ فَبَلَغَ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ رَشِيدًا فَقَوْلُهُ: وَبِرُشْدٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِتَلَفٍ بِدَلِيلِ الْبَاءِ أَيْ، وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ مَا، وَفُسِخَتْ بِرُشْدٍ، وَمَعْنَى الْفَسْخِ إنْ شَاءَ الصَّغِيرُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَعَطْفُهُ عَلَى إنْ تَبَيَّنَ يُبْعِدُهُ إعَادَةُ الْبَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ كَرُشْدِ صَغِيرٍ بِالْكَافِ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَالرُّشْدُ يُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ: (إلَّا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (بَقِيَ) مِنْهَا الْيَسِيرُ (كَالشَّهْرِ) فَيَلْزَمُهُ بَقَاءُ الْمُدَّةِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأُولَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ خِيَارِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَظُنَّ الْوَلِيُّ حَالَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا مُطْلَقًا أَوْ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِيهَا فَبَلَغَ رَشِيدًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا كَثِيرٌ بِأَنْ زَادَ عَلَى كَالشَّهْرِ فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فِيهَا فَبَلَغَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ الْيَسِيرُ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ لِتَمَامِهَا، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ سِلَعِهِ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ ظَنُّ رُشْدٍ، وَلَا عَدَمُهُ وَكَذَا إنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَقَدْ ظَنَّ الْوَلِيُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا بَقِيَ الْيَسِيرُ أَوْ الْكَثِيرُ فَإِنْ ظَنَّ الْبُلُوغَ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَلَهُ الْخِيَارُ فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى هُوَ قَوْلُهُ: وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ وَشُبِّهَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ اللُّزُومُ قَوْلُهُ: (كَسَفِيهٍ) عَقَدَ وَلِيُّهُ عَلَى سِلَعِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِعَيْشِهِ (ثَلَاثَ سِنِينَ) أَوْ أَكْثَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّابَّةِ إذَا مَرِضَتْ فِي السَّفَرِ ثُمَّ صَحَّتْ هَلْ تَرْجِعُ لِلْإِجَارَةِ أَوْ لَا؟ . فَأَجَابَ بِعَدَمِ رُجُوعِهَا، وَسُئِلَ عَنْ الْعَبْدِ يَمْرَضُ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ يَصِحُّ فِي بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ هَلْ يَرْجِعُ أَوْ لَا؟ . فَأَجَابَ بِرُجُوعِهِ. (قَوْلُهُ: وَبِرُشْدٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرْت صَغِيرًا مِنْ وَلِيِّهِ لِلْخِدْمَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ اسْتَأْجَرْت دَارِهِ كَذَلِكَ فَبَلَغَ رَشِيدًا فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَاقِي الْمُدَّةِ بَلْ يُخَيَّرُ فِي إتْمَامِهَا، وَفِي فَسْخِهَا فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَمَحَلُّ خِيَارِهِ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا إنْ عَقَدَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يَظُنُّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ وَبَلَغَ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي كَثِيرًا خُيِّرَ (قَوْلُهُ: عُقِدَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ لِعَيْشِهِ أَوْ لِغَيْرِ عَيْشِهِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ، وَلَا وَجْهَ لِتَرَدُّدِ عبق، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ إلَخْ) فَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ، وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْبُلُوغِ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ تَذْكُرْ الرُّشْدَ لَكِنْ قَيَّدَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ يَبْلُغَ رَشِيدًا قَالَ عِيَاضٌ، وَلَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمْ أَنَّ مَا فِي عبق مِنْ اعْتِبَارِ الْبُلُوغِ فَقَطْ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ إذَا بَلَغَ، وَلَوْ سَفِيهًا خُيِّرَ فِي الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَدَمِهِ وَاعْتِبَارِ الرُّشْدِ فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلْعَةٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَالصَّوَابُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَقَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ إجَارَةِ الصَّغِيرِ، وَإِجَارَةِ سِلَعِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأُولَى) أَيْ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ سِلَعِهِ تَلْزَمُهُ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا إذَا كَانَ وَلِيُّهُ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ كَمَا فِي عبق أَوْ أَكْثَرُ كَمَا فِي شب وَقَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأُولَى أَيْ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ نَقَلَ الْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُخْتَصَّ بِالْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ قَوْلُهُ: وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دَرَكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي قَوْلِهِ وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ فِي الْأُولَى فَقَطْ اهـ بْن، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِيَارِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ، وَهُوَ يَظُنُّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بَقِيَ كَثِيرٌ أَوْ قَلِيلٌ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَظُنُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنْ بَلَغَ وَالْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ لَزِمَ الْإِتْمَامُ، وَإِلَّا خُيِّرَ، وَكَذَا الْحَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ، وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَيَقُولُ فِيهَا إنْ عَقَدَ عَلَيْهِ ظَانًّا عَدَمَ بُلُوغِهِ لَزِمَ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ بَلَغَ وَالْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ كَثِيرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ سِتٌّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَظُنَّ الْوَلِيُّ بُلُوغَهُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ يَظُنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا، وَفِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا كَثِيرٌ أَوْ يَسِيرٌ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي صُورَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْبُلُوغِ فِيهَا وَبَلَغَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ يَسِيرٌ وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي، وَهِيَ مَا إذَا بَقِيَ كَثِيرٌ مُطْلَقًا ظَنَّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا وَكَذَا إذَا بَقِيَ يَسِيرٌ، وَالْحَالُ أَنَّهُ ظَنَّ بُلُوغَهُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا وَقَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ كَالشَّهْرِ حَلٌّ لِمَنْطُوقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فِيهَا حَلٌّ لِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ) أَيْ عَلَى سِلَعِ السَّفِيهِ ظَنُّ رُشْدٍ، وَلَا عَدَمُهُ أَيْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا مِنْ هُنَا وَذِكْرَهُ بَعْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِ السَّفِيهِ بَلْ عَلَى سِلَعِ الصَّغِيرِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ سَفِيهًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ

فَرَشَدَ فِي أَثْنَائِهَا فَتَلْزَمُ الْإِجَارَةُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ حَيْثُ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الثَّلَاثُ سِنِينَ فَدُونَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِ لَا لِعَيْشِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَلْ عَلَى مَالِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ آجَرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ مَا لَمْ يُحَابِ، وَكَذَا لَا كَلَامَ لَهُ إنْ رَشَدَ؛ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ كَالرَّشِيدِ. (وَ) فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِ مُسْتَحِقِّ وَقْفٍ آجَرَ) ذَلِكَ الْوَقْفَ فِي حَيَاتِهِ مُدَّةً (وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا) وَانْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ لِمَنْ فِي طَبَقَتِهِ أَوْ لِمَنْ يَلِيهِ، وَلَوْ وَلَدَهُ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهَا يَسِيرٌ (عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُؤَجِّرُ نَاظِرًا بِخِلَافِ نَاظِرٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ (لَا) تَنْفَسِخُ (بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ) لِلذَّاتِ الْمُؤَجَّرَةِ بِأَنَّهُ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ آجَرَهَا لِآخَرَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَنَازَعَهُ الْمُكْتَرِي، وَلَا بَيِّنَةَ لِاتِّهَامِهِ عَلَى نَقْضِهَا وَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ فَيَأْخُذُهَا الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الَّذِي أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُقِرِّ (أَوْ خُلْفِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى تَخَلُّفٍ أَيْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَخَلُّفِ (رَبِّ دَابَّةٍ) مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا (فِي) الْعَقْدِ عَلَى زَمَنٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَأَنْ يَكْتَرِيَهَا لِيُلَاقِيَ بِهَا رَجُلًا أَوْ وَفْدًا أَوْ لِيُشَيِّعَ بِهَا رَجُلًا يَوْمَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا فَتَخَلَّفَ رَبُّهَا عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ الزَّمَنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَقِيَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْيَسِيرُ أَوْ الْكَثِيرُ فَالْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِلْحَالَتَيْنِ قَبْلَهُ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ صُوَرَ الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبْلُغَ سَفِيهًا أَوْ رَشِيدًا وَقَدْ ظَنَّ الْوَلِيُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَقَدْ ظَنَّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَلَهُ الْخِيَارُ كَانَ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَرَشَدَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمُ الْإِجَارَةُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي السَّفِيهِ ظَنُّ عَدَمِ رُشْدِهِ، وَلَا ظَنُّ رُشْدِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِعَيْشِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ ظَنُّ الْبُلُوغِ وَعَدَمُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الثَّلَاثُ سِنِينَ فَدُونَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ خُيِّرَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ لِلسَّفِيهِ حَيْثُ آجَرَ نَفْسَهُ ثُمَّ رَشَدَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ كَالرَّشِيدِ) أَيْ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي نَفْسِهِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ كَتَصَرُّفِ الرَّشِيدِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ، وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ فَسْخِهَا بِمَوْتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ، وَلَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَهُ) إنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ وَارِثِ الْمَالِكِ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَوَارِثِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ قُلْت الْمَالِكُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي نَقْلِ الْمَنْفَعَةِ أَبَدًا، وَمُسْتَحِقُّ الْوَقْفِ إنَّمَا لَهُ التَّصَرُّفُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَلِذَا كَانَ وَارِثُ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَكَانَ لِوَارِثِ الثَّانِي الْفَسْخُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُؤَجِّرُ نَاظِرًا) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُ مَوْتِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ عَزْلُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا؟ . اهـ. قَالَهُ بْن، وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ مَنْ يَتَقَرَّرُ فِي رِزْقِهِ مَرْصَدَةٌ آجَرَهَا مُدَّةً، وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا فَإِنَّ لِمَنْ يَتَقَرَّرُ بَعْدَهُ فَسْخُ إجَارَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَمِثْلُ مَوْتِهِ فَرَاغُهُ عَنْهَا لِإِنْسَانٍ فَلِلْمَفْرُوغِ لَهُ إذَا قَرَّرَ فِيهَا فَسْخَ إجَارَتِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِفْرَاغَ أَسْقَطَ حَقَّ الْأَصْلِ، وَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ لِلثَّانِي إلَّا بِتَقْرِيرِهِ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَإِنْ مَاتَ الْمَفْرُوغُ لَهُ قَبْلَ الْفَارِغِ صَارَتْ مَحْلُولًا (قَوْلُهُ: لَا بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا آجَرَ دَابَّةً أَوْ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ إجَارَتِهَا أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ آجَرَهَا لِإِنْسَانٍ قَبْلَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ لِاتِّهَامِ الْمَالِكِ عَلَى نَقْضِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ لِلْمَالِكِ وَقَوْلُهُ: لِاتِّهَامِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهَا الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ الَّذِي أَقَرَّ الْمَالِكُ أَنَّهُ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا لَهُ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إجَارَةٍ عَلَى الْمُقِرِّ الْأَكْثَرُ إلَخْ، وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَتَفْصِيلُهُ أَنْ تَقُولَ إنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ بِفَوْرِ الْكِرَاءِ خُيِّرَ الْمَقَرُّ لَهُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُؤَجِّرُ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الثَّمَنَ الَّذِي يَدَّعِي الْمَالِكُ أَنَّهُ بَاعَ بِهِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ قَدْ حَالَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ عَدَمِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَعَدَمِ فَسْخِ الْبَيْعِ فَيَأْخُذُ الْأَكْثَرَ مِمَّا حَصَلَ الْكِرَاءُ بِهِ وَكِرَاءَ الْمِثْلِ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْمُقَرَّ بِهِ أَيْضًا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ لَمْ يَتْلَفْ، وَإِلَّا أَخَذَ قِيمَتَهُ فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ وَيَأْخُذُ الْمُقَرَّ بِهِ أَيْضًا إنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِبَةٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ، وَأَخَذَ قِيمَةَ الْمَوْهُوبِ إنْ فَاتَ أَوْ أَخَذَهُ بِذَاتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْإِجَارَةِ الْأَكْثَرُ مِمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ كَذَا) أَيْ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِيهِ بِهَا يَوْمَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا (قَوْلُهُ: فَتَخَلَّفَ رَبُّهَا عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ) إنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِتَخَلُّفِ رَبِّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ اعْتِبَارِ الْأَخَصِّ، وَهُوَ الزَّمَنُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ أَعَمِّهِ، وَفَوَاتُ الْأَخَصِّ الَّذِي اُعْتُبِرَ لِتَحْصِيلِ أَعَمِّهِ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعَمُّ، وَهُوَ بَاقٍ لَمْ يَفُتْ وَحَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ

[فصل فيه كراء الدواب]

كَ أَكْتَرِيهَا يَوْمَ كَذَا أَوْ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي أَوْ تَخِيطَ الثَّوْبَ لِي يَوْمَ كَذَا فَتَخَلَّفَ فَتَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْكِرَاءَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَنِ (أَوْ) فِي غَيْرِ (حَجٍّ) فَلَا تَنْفَسِخُ بِخِلَافِ الْحَجِّ إذَا أَخْلَفَ رَبُّهَا حَتَّى فَاتَ فَيَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ، وَإِنْ قَبَضَ الْكِرَاءَ رَدَّهُ لِزَوَالِ أَيَّامِهِ (وَإِنْ فَاتَ مَقْصِدُهُ) مِنْ تَشْيِيعِ مُسَافِرٍ أَوْ مُلَاقَاتِهِ (أَوْ) بِظُهُورِ (فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ) لِ كَدَارٍ لَا تَنْفَسِخُ وَأُمِرَ بِالْكَفِّ (وَآجَرَ الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَكُفَّ) ، وَهَذَا إنْ حَصَلَ بِفِسْقِهِ ضَرَرٌ لِلدَّارِ أَوْ الْجَارِ، وَهَذَا إنْ تَيَسَّرَ إيجَارُهَا عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أُخْرِجَ حَتَّى يُؤَجَّرَ عَلَيْهِ، وَلَزِمَهُ الْكِرَاءُ، وَمَنْ اكْتَرَى أَوْ اشْتَرَى دَارًا لَهَا جَارُ سُوءٍ فَعَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، وَمَالِكُ دَارٍ يَضُرُّ فِسْقُهُ بِجَارِهِ يُزْجَرُ وَيُعَاقَبُ فَإِنْ انْتَهَى وَإِلَّا أُخْرِجَ وَبِيعَتْ عَلَيْهِ أَوْ أُجِّرَتْ (أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ) مُؤَجَّرٍ لَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ (وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ) أَيْ يَسْتَمِرُّ رَقِيقًا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ فِي شَهَادَتِهِ وَقِصَاصِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَإِرْثُهُ لَا فِي وَطْءِ السَّيِّدِ لَهَا إنْ كَانَتْ أَمَةَ وَطْءٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَجَّانًا أَوْ بِشَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ يَجُزْ عِتْقُهُ (وَأُجْرَتُهُ) فِي بَاقِي الْمُدَّةِ بَعْدَ الْعِتْقِ (لِسَيِّدِهِ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ يَوْمِ عِتْقِهِ فَأُجْرَتُهُ لِلْعَبْدِ مَعَ بَقَائِهِ إلَى تَمَامِهَا فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ فَقَطْ لَا لِمَا قَبْلَهُ. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ (وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ) وَالْكِرَاءُ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا لَا يَعْقِلُ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يُفْسَخْ فَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ أَخَذَ الدَّابَّةَ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا. (قَوْلُهُ: كَ أَكْتَرِيهَا يَوْمَ كَذَا) أَيْ لِمُلَاقَاةِ فُلَانٍ أَوْ تَشْيِيعِهِ أَوْ لِأُسَافِرَ عَلَيْهَا مِثْلُهُ مَا إذَا اكْتَرَاهَا أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَزَاغَ رَبُّهَا حَتَّى انْقَضَى ذَلِكَ الزَّمَنُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ فِيمَا فَاتَ مِنْهَا، وَإِذَا عَمِلَ مِنْهَا شَيْئًا فَبِحِسَابِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْكِرَاءَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَنِ) أَيْ فَهُوَ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَخَصِّ لِقَصْدِ عَيْنِهِ، وَمَتَى اُعْتُبِرَ الْأَخَصُّ لِقَصْدِ عَيْنِهِ فُسِخَ الْعَقْدُ بِفَوَاتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِ حَجٍّ) أَيْ أَوْ فِي الْعَقْدِ عَلَى غَيْرِ حَجٍّ كَ أَسْتَأْجِرُ دَابَّتَك لِأُسَافِرَ عَلَيْهَا لِبَلَدِ كَذَا فَتَخَلَّفَ رَبُّهَا أَيَّامًا ثُمَّ جَاءَ بِهَا فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ هَذَا إذَا لَمْ يَفُتْ مَقْصُودُهُ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى السَّفَرِ بَلْ، وَإِنْ فَاتَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُسَافِرَ أَوْ يَدْفَعَ الْأُجْرَةَ بِتَمَامِهَا؛ لِأَنَّ السَّفَرَ لِلْبَلَدِ لَيْسَ لَهُ أَيَّامٌ مُعَيَّنَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَجِّ) أَيْ كَأَنْ يَسْتَأْجِرَ دَابَّةً لِيَحُجَّ بِهَا فَتَخَلَّفَ رَبُّهَا حَتَّى فَاتَ الْحَجُّ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُسْتَأْجِرُ زَمَانَهُ لَكِنْ زَمَانُهُ مُعَيَّنٌ وَقَدْ فَاتَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبَضَ الْكِرَاءَ رَدَّهُ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي الرِّضَا مَعَ الْمُكْرِي عَلَى التَّمَادِي عَلَى الْإِجَارَةِ إذَا نَقَدَ الْكِرَاءَ لِلُزُومِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْقُدْ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَاتَ مَقْصِدُهُ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ حِينَ عَقَدَ الْكِرَاءَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِظُهُورِ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ) أَيْ أَنَّهُ إذَا آجَرَ الدَّارَ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً لِإِنْسَانٍ وَانْتَقَدَ مِنْهُ الْكِرَاءَ ثُمَّ ظَهَرَ فِسْقُ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرِ بِشُرْبِ خَمْرٍ أَوْ بِزِنًا فِيهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ إيجَارُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُفَّ إنْ حَصَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ تَيَسَّرَ إلَخْ) أَيْ، وَمَحَلُّ هَذَا أَيْ إيجَارُهَا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ تَبَيُّنِ عَدَمِ الْكَفِّ إنْ تَيَسَّرَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ تَعَذَّرَ أَيْ كِرَاؤُهَا وَقْتَ تَبَيُّنِ عَدَمِ الْكَفِّ أُخْرِجَ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الْكِرَاءُ) أَيْ فِي مُدَّةِ خُرُوجِهِ مِنْهَا قَبْلَ كِرَائِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبِيعَتْ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ إجَارَتُهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ أُجِرَتْ أَيْ إنْ أَمْكَنَ إجَارَتُهَا، وَهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَاَلَّذِي لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ إذَا لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْعُقُوبَةِ بِيعَتْ عَلَيْهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ كِرَاءٍ وَكَلَامُ بَهْرَامَ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَذْهَبُ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ مُؤَجَّرٍ) أَيْ أَوْ أَمَةٍ عِتْقًا نَاجِزًا فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَكَذَا الْمُخْدَمُ مِنْهُمَا سَنَةً إذَا عَتَقَ قَبْلَهَا فَلَا يَنْفَسِخُ الِاسْتِخْدَامُ (قَوْلُهُ: أَيْ يَسْتَمِرُّ رَقِيقًا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ) أَيْ سَوَاءٌ أَرَادَ السَّيِّدُ بِعِتْقِهِ لَهُ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْآنَ أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: فِي شَهَادَتِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِشَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا فِي وَطْءٍ) أَيْ لَا بِالنِّسْبَةِ لِوَطْءِ السَّيِّدِ لَهَا فَلَا يُقَدَّرُ رِقًّا إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَيْ يَسْتَمِرُّ رَقِيقًا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْقَطَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ حَقَّهُ وَقَوْلُهُ: نَجَزَ عِتْقُهُ أَيْ، وَلَا كَلَامَ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: حُرٌّ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: مَعَ بَقَائِهِ إلَى تَمَامِهَا) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ عَلَى الرِّقِّ لِتَمَامِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ، سَوَاءٌ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا أَوْ مِنْ يَوْمِ الْعِتْقِ. [فَصْلٌ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ] فَصْلٌ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ أَيْ كَالْإِجَارَةِ أَيْ فِي اشْتِرَاطِ عَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ فِي صِحَّتِهَا، وَفِيمَا جَازَ فِي الْإِجَارَةِ وَمُنِعَ، وَفِي أَنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمَا بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَالْكِرَاءُ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا لَا يَعْقِلُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ

مِنْ لُزُومِ الْعَقْدِ وَصِحَّتِهِ، وَفَسَادِهِ، وَمَنْعِهِ وَجَوَازِهِ، وَأَنَّهُ إذَا اكْتَرَاهَا بِأَكْلِهَا أَوْ كَانَ أَكْلُهَا جُزْءًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَظَهَرَتْ أَكُولَةً فَلَهُ الْخِيَارُ وَغَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى مَسَائِلَ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْمَنْعُ لِلْجَهَالَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ أُجِيزَتْ لِلضَّرُورَةِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) أَنْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً (عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا) لَوْ قَالَ وَجَازَ بِعَلَفِهَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ كِرَاؤُهَا بِدَرَاهِمَ وَعَلَفُهَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَلَفَ تَابِعٌ (أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا) أَيْ جَازَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا مَعًا فَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ، وَسَوَاءٌ انْضَمَّ لِذَلِكَ نَقْدٌ أَمْ لَا فَإِنْ وَجَدَهَا أَكُولَةً أَوْ وَجَدَ رَبَّهَا أَكُولًا فَلَهُ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ يَجِدُهَا أَكُولَةً فَيَلْزَمُهُ شِبَعُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ لِمَا تَأْكُلُهُ الدَّابَّةُ، وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَالْفِعْلُ أَيْ تَقْدِيمُ ذَلِكَ لَهَا. (أَوْ) بِدَرَاهِمَ مَثَلًا عَلَى أَنَّ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ (طَعَامَك) يَا مُكْتَرِي فَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ فِي نَظِيرِ الرُّكُوبِ وَالطَّعَامِ مَا لَمْ يَكُنْ الْكِرَاءُ طَعَامًا، وَإِلَّا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ غَيْرُ يَدٍ بِيَدٍ (أَوْ لِيَرْكَبَهَا) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَهَا بِكَذَا لِيَرْكَبَهَا (فِي حَوَائِجِهِ) شَهْرًا حَيْثُ شَاءَ (أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا) أَيْ حَيْثُ عُرِفَ كُلٌّ مِنْ الرُّكُوبِ وَالطَّحْنِ بِالْعَادَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَقَوْلُهُ: شَهْرًا أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ الزَّمَنَ الْكَثِيرَ يَمْنَعُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ، وَلَوْ سَمَّى قَدْرَ مَا يَطْحَنُ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الزَّمَنَ وَالْعَمَلَ مُنِعَ فَإِنَّهُ قَالَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْأَرَادِبِ وَالْأَيَّامِ الَّتِي يَطْحَنُ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدِهِمَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ، وَهَلْ تَفْسُدَانِ جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ (أَوْ) اكْتَرَى مِنْ شَخْصٍ دَوَابَّ (لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ مِائَةً) مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَوْزُونٍ إنْ سَمَّى قَدْرَ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلٍّ) مِنْ الدَّوَابِّ (وَعَلَى حَمْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهِيَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً) أَيْ بِدَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ الدَّرَاهِمُ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَبَّرَ بِذَلِكَ كَانَ مُفِيدًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ كِرَاؤُهَا) أَيْ جَوَازُ كِرَائِهَا (قَوْلُهُ: بِالْأَوْلَى) أَيْ مِنْ كِرَائِهَا بِعَلَفِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَلَفَ تَابِعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَا كَانَ مَعْلُومًا وَالْمَعْلُومُ الْكِرَاءُ بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ جَازَ الْكِرَاءُ بِأَحَدِهِمَا أَيْ بِعَلَفِ الدَّابَّةِ أَوْ بِطَعَامِ رَبِّهَا، وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ النَّفَقَةُ كَذَا فِي خش (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِمَا مَعًا) أَيْ بِعَلَفِ الدَّابَّةِ وَطَعَامِ رَبِّهَا (قَوْلُهُ: نَقْدًا أَمْ لَا) أَيْ فَالصُّوَرُ سِتٌّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ فَلِلْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ) أَيْ بِطَعَامٍ وَسَطٍ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِعَامِهِ إذَا كَانَ أَكُولًا، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ حَيْثُ طَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ، وَلَوْ رَضِيَ بِهَا بِطَعَامٍ وَسَطٍ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ لَهَا رَبُّهَا كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ شِبَعُهَا) فَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ قَلِيلَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا يَأْكُلَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ لَهُمَا الْفَاضِلُ يَصْرِفَانِهِ فِيمَا أَحَبَّا (قَوْلُهُ: أَيْ تَقْدِيمُ ذَلِكَ لَهَا) كَتَبَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُنَاوَلَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ عَلَى الْعُرْفِ كَحِفْظِهَا بَعْدَ النُّزُولِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ طَعَامَك) أَيْ وَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْمُكْتَرِي فَيُقَالُ إنْ وُجِدَ الْمُكْتَرِي أَكُولًا كَانَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ مَا لَمْ يَرْضَ بِالْوَسَطِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّابَّةِ إلَّا مَا يَأْكُلُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ شَاءَ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ الرُّكُوبَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عُرِفَ كُلٌّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الرُّكُوبُ فِي الْبَلَدِ، وَمَا قَارَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَوَائِجُهُ الَّتِي يَرْكَبُ لِقَضَائِهَا تَقِلُّ تَارَةً وَتَكْثُرُ أُخْرَى إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا يَحْتَاجُهُ لَا إنْ كَانَ يُسَافِرُ عَلَيْهَا، وَكَانَ الطَّحْنُ لِلْبُرِّ وَنَحْوِهِ لَا لِلْحُبُوبِ الصَّعْبَةِ كَالتُّرْمُسِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ اسْتِئْجَارِهَا لِلطَّحْنِ بِهَا شَهْرًا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمَنْعِ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأَيَّامِ وَالْأَرَادِبِ مَبْنِيٌّ إلَخْ وَالتَّعْبِيرُ بِالظَّاهِرِ قُصُورٌ إذْ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ جَارٍ هُنَا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ) أَيْ دَوَابِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: إنْ سَمَّى قَدْرَ مَا تَحْمِلُ) بَلْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَكِنْ إنْ سَمَّى جَازَ إنْ اتَّحَدَ الْقَدْرُ كَأَحْمِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسَةَ قَنَاطِيرَ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ مُنِعَ حَتَّى يُعَيَّنَ مَا يَحْمِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا كَأَحْمِلُ عَلَى هَذِهِ خَمْسَةً وَعَلَى هَذِهِ عَشَرَةً إلَخْ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحْمِلُ عَلَى وَاحِدَةٍ خَمْسَةً وَعَلَى وَاحِدَةٍ سِتَّةً وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثَةً، وَلَمْ يُعَيِّنْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا مُنِعَ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ إذْ يَشْمَلُ تَسْمِيَةَ مَا لِكُلٍّ وَيَتَّحِدُ قَدْرُهُ أَوْ يَخْتَلِفُ وَيُعَيِّنُ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا فَهَاتَانِ جَائِزَتَانِ فَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُهُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ فَفَاسِدَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَكَانَ مُخَاطَرَةً (قَوْلُهُ: بَلْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَحْمِلُ عَلَى دَابَّةٍ بِقَدْرِ قُوَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى حَمْلِ

آدَمِيٍّ لَمْ يَرَهُ) رَبُّ الدَّابَّةِ حِينَ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَقَارُبُ الْأَجْسَامِ وَالرُّؤْيَةُ هُنَا عِلْمِيَّةٌ (وَلَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ رَبَّ الدَّابَّةِ (الْفَادِحُ) أَيْ حَمْلُهُ، وَهُوَ الثَّقِيلُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَلَيْسَتْ مِنْ الْفَادِحِ مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ ذَكَرٍ فَأَتَاهُ بِأُنْثَى لَمْ يَلْزَمْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَمِثْلُ الْفَادِحِ الْمَرِيضُ الَّذِي يُتْعِبُ الدَّابَّةَ إنْ جَزَمَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَحَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ فَلِيَأْتِ بِوَسَطٍ أَوْ تُكْرَى الدَّابَّةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَالْعَقْدُ لَازِمٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَهُ الْفَسْخُ (بِخِلَافِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ) الْمَرْأَةُ الْمُكْتَرِيَةُ فَيَلْزَمُهُ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُ صَغِيرِهَا مَعَهَا إلَّا لِنَصٍّ أَوْ عُرْفٍ. (وَ) جَازَ لِمَالِكِ دَابَّةٍ (بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا) أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا وَاسْتِعْمَالِهَا فِي شَيْءٍ (الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً) فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ لَهُ فَيُؤَدِّي إلَى الْجَهَالَةِ فِي الْمَبِيعِ (وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ لِلسَّبْعَةِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ، وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الثَّوْبُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْعِلَّةِ وَعَلَفُهَا فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَثْنَاةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَضَمَانُهَا فِي غَيْرِ الْمُدَّةِ الْمَمْنُوعَةِ مِنْهُ، وَفِي الْمَمْنُوعَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَذَكَرَ هَذِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةَ بَيْعٍ لِيُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ (وَ) جَازَ (كِرَاءُ دَابَّةٍ) وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا (شَهْرًا) وَكَذَا شَهْرَيْنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ نَصَّ عَلَيْهِمَا لَفُهِمَ الشَّهْرُ بِالْأَوْلَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ أَنَّهَا فِي الْكِرَاءِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُكْرِي فَضَمَانُهَا مِنْهُ، وَأَمَّا فِي الشِّرَاءِ فَمَمْلُوكَةٌ لِلْمُشْتَرِي، وَهُوَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَبْضِهَا بِشِرَائِهِ فَأُجِيزَ فِيهِ مَا قَلَّ كَالثَّلَاثَةِ لِضَرُورَةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَخَفَّفَ فِي الْكِرَاءِ دُونَ الشِّرَاءِ، وَمَحَلُّ جَوَازِهِ مَا ذَكَرَ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْمُكْتَرِي يَعْنِي إنْ لَمْ يَحْصُلْ شَرْطُ النَّقْدِ فَإِنْ اشْتَرَطَ مُنِعَ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي النَّقْدِ بِالْفِعْلِ، وَلَكِنْ حَمَلُوا شَرْطَهُ عَلَى النَّقْدِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي شَرْطِهِ حُصُولُهُ وَلِسَدِّ الذَّرِيعَةِ. (وَ) جَازَ (الرِّضَا بِغَيْرِ) الذَّاتِ الْمُكْتَرَاةِ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ (الْمُعَيَّنَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQآدَمِيٍّ) أَيْ وَجَازَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ لَمْ يَرَهُ رَبُّ الدَّابَّةِ وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مَا أَتَى بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حَيْثُ كَانَ غَيْرَ فَادِحٍ، وَأَمَّا الْفَادِحُ فَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرَهُ) أَيْ، وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ هَذَا وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُوبَ تَعْيِينِ كَوْنِ الرَّاكِبِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ رُكُوبَ النِّسَاءِ أَشَقُّ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرٍ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَالرُّؤْيَةُ هُنَا عِلْمِيَّةٌ) أَيْ وَالْمَعْنَى جَازَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ انْتَفَى عِلْمُ رَبِّ الدَّابَّةِ بِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرَهُ بِبَصَرِهِ، وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ) أَيْ الْأُنْثَى مِنْ الْفَادِحِ مُطْلَقًا بَلْ يَنْظُرُ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ فَادِحَةً لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْفَادِحِ الْمَرِيضُ) أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ أَوْ رَجُلٍ فَأَتَاهُ بِمَرِيضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ حَيْثُ جَزَمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّهُ يُتْعِبُ الدَّابَّةَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ النَّوْمُ أَوْ عَادَتُهُ عَقْرُ الدَّوَابِّ بِرُكُوبِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ الْكِرَاءُ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ فِيهِ أَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْكِرَاءُ غَرِمَ الْأُجْرَةَ وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ حَمْلُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَحْمُولًا مَعَهَا فِي بَطْنِهَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ: صَغِيرِهَا مَعَهَا) أَيْ الْمَوْجُودِ مَعَهَا حِينَ الْعَقْدِ عَلَى رُكُوبِهَا. (قَوْلُهُ: وَاسْتِعْمَالُهَا فِي شَيْءٍ) أَيْ كَالدِّرَاسِ وَالطَّحْنِ وَالْحَرْثِ (قَوْلُهُ: لَا جُمُعَةً) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الثَّلَاثِ وَقَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ أَيْ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ (قَوْلُهُ: يَتَأَخَّرُ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُغْتَفَرُ فِيهِ تَأَخُّرُ الْقَبْضِ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ قَلِيلًا كَالثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ اللَّخْمِيِّ) نُوقِشَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ يَجْعَلُ الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ الْمَكْرُوهِ لَا مِنْ الْجَائِزِ كَمَا فِي بْن فَالْمُنَاسِبُ لِمَشْيِهِ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنْ يَقُولَ وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا يَوْمَيْنِ لَا جُمُعَةً وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَمْنُوعَةِ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ إلَّا لِقَبْضٍ عَلَى قَاعِدَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ كِرَاءُ دَابَّةٍ وَاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) مِثْلُ الدَّابَّةِ السَّفِينَةُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمَضْمُونَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الشُّرُوعِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ حَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ فِي إبَّانِ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ إلَّا فِي مِثْلِ الْحَجِّ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ قَبْلَ إبَّانِهِ فَيَكْفِي تَعْجِيلُ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: شَهْرًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا إلَى أَنَّ شَهْرًا مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ فِي جَوَازِ كِرَائِهَا وَاسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَتِهَا شَهْرًا السَّفِينَةُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْكِرَاءِ) أَيْ حَيْثُ امْتَنَعَ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ الْمَبِيعِ جُمُعَةً فَأَكْثَرَ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ وَجَازَ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ الْمُكْتَرِي شَهْرًا إذَا كَانَ لَمْ يَنْقُدْ (قَوْلُهُ: فَضَمَانُهَا مِنْهُ) أَيْ فَلِذَا جَازَ لَهُ اسْتِثْنَاءُ الْمَنْفَعَةِ شَهْرًا (قَوْلُهُ: فَأُجِيزَ فِيهِ مَا قَلَّ كَالثَّلَاثَةِ لِضَرُورَةِ إلَخْ) أَيْ، وَلَمْ يَجُزْ اسْتِثْنَاءُ مَا كَثُرَ لِلْغَرَرِ إذْ لَا يَدْرِي الْمُشْتَرِي هَلْ تَصِلُ لَهُ سَالِمَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَطَ مُنِعَ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَلَا مَنْعَ وَالْفَرْضُ فِي الْأُولَى أَنَّ مُدَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ شَهْرٌ أَمَّا لَوْ كَانَتْ أَقَلَّ فَأَجَازَ الْأَقْفَهْسِيُّ النَّقْدَ لِعَشَرَةٍ، وَفِي ابْنِ يُونُسَ مَا يَقْتَضِي جَوَازَهُ لِنِصْفِ شَهْرٍ لَكِنْ فَرَضَهُ فِي السَّفِينَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَقْفَهْسِيُّ عَلَى غَيْرِهَا كَالدَّابَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ يُونُسَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَ السَّفِينَةِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِثْلُهَا وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُمَا مُخْتَلِفٌ فَهُمَا قَوْلَانِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ

(الْهَالِكَةِ) صِفَةٌ لِلْمُعَيَّنَةِ يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ مَثَلًا الْمُعَيَّنَةَ الْمُكْتَرَاةَ إذَا هَلَكَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ يَجُوزُ الرِّضَا بِغَيْرِهَا (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) ، وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ (أَوْ نَقَدَ وَاضْطَرَّ) إلَى زَوَالِ الِاضْطِرَارِ لَا مُطْلَقًا فَإِنْ نَقَدَ، وَلَمْ يَضْطَرَّ مُنِعَ الرِّضَا بِالْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَاخِرِ لَيْسَ كَقَبْضِ الْأَوَائِلِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ، وَهِيَ الْمَضْمُونَةُ إذَا هَلَكَتْ فَجَوَازُ الرِّضَا بِالْبَدَلِ ظَاهِرٌ مُطْلَقًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً. (وَ) جَازَ لِلْمُسْتَأْجِرِ (فِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ) ، وَمِثْلِهِ (وَدُونِهِ) قَدْرًا وَضَرَرًا لَا أَكْثَرَ، وَلَوْ أَقَلَّ ضَرَرًا، وَلَا دُونَهُ قَدْرًا، وَأَكْثَرَ ضَرَرًا فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ وَكَلَامُهُ فِي الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ، وَأَمَّا الْمَسَافَةُ فَلَا يَفْعَلُ الْمُسَاوِي وَكَذَا الدُّونُ عَلَى قَوْلٍ وَسَيَأْتِي أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ، وَإِنْ سَاوَتْ. (وَ) جَازَ (حِمْلٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهُوَ الْمَحْمُولُ أَيْ جَازَ اكْتِرَاءُ دَابَّةٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِمْلًا (بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَرَى، وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ أَوْ يُكَلْ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ جِنْسُهُ اكْتِفَاءً بِالرُّؤْيَةِ (أَوْ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ إنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَإِنْ تَفَاوَتَ كَإِرْدَبٍّ، وَأَطْلَقَ أَوْ قِنْطَارٍ أَوْ عِشْرِينَ بِطِّيخَةً لَمْ يَجُزْ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ النَّوْعِ فَإِنَّ الْفُولَ أَثْقَلُ مِنْ الشَّعِيرِ وَالْقِنْطَارُ الْحَطَبُ أَضَرُّ مِنْ الْقُطْنِ وَالْبِطِّيخُ قَدْ يَكُونُ كَبِيرًا وَصَغِيرًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا كَالْبِيضِ وَاللَّيْمُونِ فَيُغْتَفَرُ وَالْأَوْجَهُ رُجُوعُ الْقَيْدِ لِلْعَدَدِ فَقَطْ. (وَ) جَازَ (إقَالَةٌ) بِزِيَادَةٍ مِنْ مُكْرٍ أَوْ مُكْتَرٍ (قَبْلَ النَّقْدِ) لِلْكِرَاءِ (وَبَعْدَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ جَوَازِ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَاسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَتِهَا شَهْرًا فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَضْمُونَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الشُّرُوعِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ تَعْجِيلِ الْأَجْرِ حَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ فِي إبَّانِ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ إلَّا فِي مِثْلِ الْحَجِّ فَيَكْفِي تَعْجِيلُ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ لِلْمُعَيَّنَةِ) أَيْ لَا لِغَيْرِ؛ لِأَنَّ إضَافَتَهُ لَا تُفِيدُهُ تَعْرِيفًا، وَالْهَالِكَةُ مُعَرَّفَةٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَعْنَى يُمَيِّزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَى زَوَالِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ الرِّضَا بِغَيْرِهَا إلَى زَوَالِ الِاضْطِرَارِ فَبَعْدَ زَوَالِهِ لَا يَجُوزُ لَا أَنَّ الْجَوَازَ مُطْلَقًا، وَلَوْ زَالَ الِاضْطِرَارُ قَالَ عبق وَانْظُرْ هَلْ الِاضْطِرَارُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ أَوْ خَوْفُ الْمَرَضِ أَوْ ضَيَاعُ الْمَالِ أَوْ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ نَقَدَ أَمْ لَا اضْطَرَّ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ) أَيْ الَّتِي لَمْ يَنْقُدْهَا وَاَلَّتِي نَقَدَهَا. (قَوْلُهُ: فِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ) الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ أَنْ يَقُولَ الْمُكْتَرَى عَلَيْهِ لَكِنَّهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْكِرَاءِ عَلَى الْعَقْدِ الْمُتَعَلِّقِ بِمَنَافِعِ غَيْرِ الْعَاقِلِ، وَإِطْلَاقَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْعَقْدِ الْمُتَعَلِّقِ بِمَنَافِعِ الْعَاقِلِ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ (قَوْلُهُ: وَمِثْلِهِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ عَيْنُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ جَوَازُ فِعْلِهِ ضَرُورِيٌّ وَالنَّصُّ عَلَيْهِ قَلِيلُ الْجَدْوَى (قَوْلُهُ: قَدْرًا وَضَرَرًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمِثْلِ وَالدُّونِ (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ) أَيْ قَدْرًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ مَا هُوَ أَكْثَرُ قَدْرًا، وَلَوْ أَقَلَّ ضَرَرًا أَوْ مَا هُوَ دُونٌ فِي الْقَدْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَكْثَرُ ضَرَرًا وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ أَيْ إذَا تَلِفَتْ الذَّاتُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي حَمْلِ الْمَرْأَةِ وَالشَّجَرَةِ فَبِالْفَتْحِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِمْلًا) أَيْ مَحْمُولًا (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَتِهِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ مُقَابَلَتِهَا بِالْكَيْلِ، وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الرُّؤْيَةَ بَصَرِيَّةٌ وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَلَامَةُ الْعَدَوِيُّ تَبَعًا لِمَا كَتَبَهُ شَيْخُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهَا عِلْمِيَّةٌ بِأَنْ يَجُسَّهُ بِيَدِهِ فَيَعْلَمَ ثِقَلَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ، وَمُحَصَّلُهُ حَمْلُهُ عَلَى عِلْمٍ خَاصٍّ غَيْرِ الْمَعْطُوفِ بَعْدَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ كَيْلِهِ) أَيْ كَ أَسْتَأْجِرُ دَابَّتَك لِحَمْلِ إرْدَبِّ فُولٍ أَوْ قِنْطَارٍ مِنْ الزَّيْتِ أَوْ مِائَةٍ مِنْ اللَّيْمُونِ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ) أَيْ وَالْمَعْنَى إنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ الْكَيْلُ فِي الثِّقَلِ وَالْوَزْنُ فِي الضَّرَرِ، وَلَمْ يَتَفَاوَتْ الْعَدَدُ فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ النَّوْعِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ التَّفَاوُتُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبِطِّيخَ الْكَبِيرَ نَوْعٌ وَالصَّغِيرَ نَوْعٌ فَبِبَيَانِ ذَلِكَ يَنْتَفِي التَّفَاوُتُ فِي الْمَعْدُودِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ رُجُوعُ الْقَيْدِ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِنْسِ الْمَحْمُولِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْقَلُ تَفَاوُتٌ إلَّا فِي الْعَدَدِ، وَهَذَا هُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْمُحَقِّقُونَ كَالْبِسَاطِيِّ وبن وَغَيْرِهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ بَيَانَ النَّوْعِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا بَيَانُ قَدْرِ الْمَحْمُولِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ أَيْضًا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ الْقَرَوِيِّينَ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَنْوِيعِ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ الْأَنْدَلُسِيُّونَ لَا يُشْتَرَطُ وَيُصْرَفُ الْقَدْرُ لِلِاجْتِهَادِ فَإِذَا قَالَ أَكَتْرِي دَابَّتَك لِأَحْمِلَ عَلَيْهَا إرْدَبًّا قَمْحًا أَوْ قِنْطَارًا زَيْتًا أَوْ مِائَةَ بَيْضَةٍ جَازَ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ أَصْلًا أَوْ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ فَهُوَ يَسِيرٌ، وَلَوْ قَالَ أَحْمِلُ عَلَيْهَا إرْدَبًّا أَوْ قِنْطَارًا أَوْ مِائَةَ بِطِّيخَةٍ مُنِعَ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ ذِكْرِ النَّوْعِ الْمُوجِبِ لِوُجُودِ التَّفَاوُتِ الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ الْإِرْدَبَّ مِنْ الْفُولِ أَثْقَلُ مِنْ الْإِرْدَبِّ مِنْ الشَّعِيرِ وَالْقِنْطَارَ مِنْ الْحَدِيدِ أَثْقَلُ مِنْ الْقِنْطَارِ مِنْ الْقُطْنِ وَالْمِائَةَ بِطِّيخَةٍ الْكَبِيرَةَ أَثْقَلُ مِنْ الصَّغِيرَةِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحْمِلُ عَلَيْهَا قَمْحًا أَوْ قُطْنًا أَوْ بِطِّيخًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَدْرَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْقَرَوِيِّينَ، وَأَجَازَهُ الْأَنْدَلُسِيُّونَ وَصُرِفَ الْقَدْرُ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ لِلِاجْتِهَادِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ إقَالَةٌ) أَيْ جَازَ لِمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِحَمْلٍ أَوْ لِحَجٍّ إقَالَةٌ، وَقَوْلُهُ: بِشَرْطٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ النَّقْدِ وَبَعْدَهُ. وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِقَالَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ بِأَنْ يَتْرُكَ

بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الزِّيَادَةِ، وَإِلَّا لَزِمَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمُكْتَرِي بِالزِّيَادَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الْكِرَاءِ أَوْ لَا، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ عَلَى رَأْسِ مَالِ الْكِرَاءِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا بِلَا تَفْصِيلٍ (إنْ لَمْ يَغِبْ) الْمُكْرِي (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّقْدِ أَيْ الْمَنْقُودِ مِنْ الْكِرَاءِ أَصْلًا أَوْ غَابَ غَيْبَةً لَا يُمْكِنُ انْتِفَاعُهُ بِهِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمُكْتَرِي لَكِنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَحْصُلْ غَيْبَةٌ عَلَى النَّقْدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَلَمْ يَحْصُلْ سَلَفٌ مِنْ الْمُكْرِي (وَإِلَّا) بِأَنْ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا (فَلَا) تَجُوزُ الْإِقَالَةُ بِالزِّيَادَةِ (إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ) لَا الْمُكْرِي لِتُهْمَةِ تَسَلُّفِهِ بِزِيَادَةٍ وَجَعْلِ الدَّابَّةِ مُحَلَّلَةً، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ الْمَذْكُورَةُ سَلَفًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ تُعَدُّ سَلَفًا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ مِنْ الْمُكْتَرِي (إنْ اقْتَصَّا) أَيْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَشَرَةٍ وَنَقَدَ الْكِرَاءَ وَغَابَ الْمُكْرِي عَلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا عَلَى دَرَاهِمَ يَدْفَعُهُ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي فَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ أَيْ عَلَى إسْقَاطِ الدِّرْهَمِ مِنْ الْعَشَرَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِتِسْعَةٍ جَازَ، وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْمِيرِ الذِّمَّتَيْنِ (أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ) عَطْفٌ عَلَى مِنْ الْمُكْتَرِي لَا عَلَى إنْ اقْتَصَّا أَيْ، وَإِلَّا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فَتَجُوزُ بِزِيَادَةٍ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ السَّلَفِ حِينَئِذٍ وَيُشْتَرَطُ فِي زِيَادَةِ الْمُكْتَرِي فَقَطْ الْمُقَاصَّةُ، وَفِي زِيَادَةِ الْمُكْرِي تَعْجِيلُهَا مَعَ أَصْلِ الْكِرَاءِ فِي الْمَضْمُونَةِ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ. (وَ) جَازَ (اشْتِرَاطُ حَمْلِ هَدِيَّةِ مَكَّةَ) أَيْ مَا يُهْدَى لَهَا مِنْ نَحْوِ كِسْوَةِ كَعْبَةٍ وَطِيبِهَا عَلَى الْجَمَّالِ أَوْ مَا يُهْدَى مِنْهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُكْرِي لِلْمُكْتَرِي الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْإِقَالَةِ فَهِيَ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، كَانَتْ قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ أَمْ لَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَعْجِيلُ رَدِّ الْأُجْرَةِ لِلْمُكْتَرِي إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ النَّقْدِ وَكَانَتْ الدَّابَّةُ مَضْمُونَةً، وَإِلَّا مُنِعَتْ لِفَسْخِ الْمُكْتَرِي مَا فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي مِنْ كِرَاءِ مَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فِي مُؤَخَّرٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِزِيَادَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَى النَّقْدِ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَغِبْ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ أَصْلًا أَوْ غَابَ غَيْبَةً لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا جَازَتْ مُطْلَقًا، كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْرِي أَوْ مِنْ الْمُكْتَرِي، كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا بِشَرْطِ أَنْ تُعَجَّلَ الزِّيَادَةُ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي وَكَانَتْ الذَّاتُ الْمُكْتَرَاةُ مَضْمُونَةً لَا مُعَيَّنَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ فَتُمْنَعُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْرِي لِتُهْمَةِ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي جَازَتْ إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ، وَإِلَّا مُنِعَتْ لِتَعْمِيرِ الذِّمَّتَيْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَتْ قَبْلَ سَيْرٍ كَثِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ سَيْرٌ أَصْلًا أَوْ حَصَلَ سَيْرٌ يَسِيرٌ، أَمَّا إنْ وَقَعَتْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ جَازَتْ مُطْلَقًا بِرَأْسِ الْمَالِ وَبِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْرِي وَمِنْ الْمُكْتَرِي حَصَلَتْ غَيْبَةٌ عَلَى النَّقْدِ أَمْ لَا، لَكِنْ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي فَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ عَلَى الْمُقَاصَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي فَيُشْتَرَطُ تَعْجِيلُهَا مَعَ أَصْلِ الْكِرَاءِ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الزِّيَادَةِ) أَيْ إذَا كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي وَكَانَتْ الدَّابَّةُ مَضْمُونَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْجِيلُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ الَّتِي ذَكَرَهَا إنَّمَا تَظْهَرُ فِي الْمَضْمُونَةِ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْمُعَيَّنَةِ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَلْزَمَ عَلَى تَأْخِيرِ الزِّيَادَةِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ) أَيْ، وَهُوَ عَيْنُ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بِالزِّيَادَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ) أَيْ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي (قَوْلُهُ: عَلَى رَأْسِ مَالِ الْكِرَاءِ) بِأَنْ يَتْرُكَ الْمُكْرِي لِلْمُكْتَرِي رَأْسَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ: فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا بِلَا تَفْصِيلٍ) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ أَمْ لَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ النَّقْدِ وَجَبَ التَّعْجِيلُ لِرَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ مَضْمُونَةً، وَإِنَّمَا جَازَتْ مُطْلَقًا إذَا وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ، وَهِيَ التُّهْمَةُ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا وَالْمُصَنِّفُ قَيَّدَ الْجَوَازَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَغِبْ تَعْلَمُ أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ مِنْ الْمُكْرِي أَوْ عَلَى الْمَنَافِعِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَحْصُلْ غَيْبَةٌ إلَخْ) هَذَا عِلَّةٌ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ بَعْدَ النَّقْدِ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْرِي إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَى النَّقْدِ (قَوْلُهُ: عَلَى النَّقْدِ) أَيْ عَلَى الْمَنْقُودِ الَّذِي هُوَ الْكِرَاءُ (قَوْلُهُ: تَسَلُّفِهِ) أَيْ الْمُكْرِي بِزِيَادَةٍ أَيْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَفَعَ عَشَرَةً أَخَذَ عَنْهَا تِسْعَةً فَقَدْ أَخَذَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى مِنْ الْمُكْتَرِي) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُكْرِي فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ الْمُفِيدُ لِتَعْمِيمِ الزِّيَادَةِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْفِقْهِ مِنْ خَارِجٍ (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ بِزِيَادَةٍ) أَيْ مِنْ الْمُكْرِي أَوْ مِنْ الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَجَازَ اشْتِرَاطُ حَمْلِ هَدِيَّةِ مَكَّةَ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْجَمَّالِ حَمْلُ الْهَدِيَّةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا مِنْ مَكَّةَ مَعَهُ لِأَهْلِ بَيْتِهِ مَثَلًا أَوْ الَّتِي يَأْخُذُهَا مَعَهُ لِمَكَّةَ مِنْ كِسْوَةٍ وَطِيبٍ لِلْكَعْبَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هُنَا جَوَازُ كِسْوَةِ

أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ اشْتِرَاطُ هَدِيَّةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ (إنْ عُرِفَ) قَدْرُ مَا يُهْدِي، وَإِلَّا مُنِعَ لِلْجَهْلِ. (وَ) جَازَ لِلْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُ (عَقَبَةِ الْأَجِيرِ) عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ وَالْأَجِيرُ الْجَمَّالُ الْمُسَمَّى بِالْعَكَّامِ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مُكْرِيهِ رُكُوبَ الْعَكَّامِ عَقِبَهُ، وَهِيَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ أَيْ الْمِيلِ السَّادِسِ (لَا حَمْلِ مَنْ مَرِضَ) مِنْ الْجَمَّالَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ لِثِقَلِ الْمَرِيضِ فَهُوَ كَالْمَجْهُولِ (وَ) لَا (اشْتِرَاطِ إنْ مَاتَتْ) دَابَّةٌ (مُعَيَّنَةٌ أَتَاهُ بِغَيْرِهَا) إلَى مُدَّةِ السَّفَرِ إنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ، وَلَوْ تَطَوُّعًا لِمَا فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ جَازَ (كَدَوَابَّ) مُتَعَدِّدَةٍ (لِرِجَالٍ) لِكُلٍّ دَابَّةٌ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ لِوَاحِدٍ وَاحِدَةٌ وَلِغَيْرِهِ أَكْثَرُ وَاكْتُرِيَتْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَالْحِمْلُ مُخْتَلِفٌ، وَلَمْ يُبَيَّنْ لِكُلِّ دَابَّةٍ مَا تَحْمِلُهُ مُنِعَ، وَإِلَّا جَازَ (أَوْ) دَوَابَّ أُكْرِيَتْ (لِأَمْكِنَةٍ) مُخْتَلِفَةٍ لِوَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ فَيُمْنَعُ إلَّا أَنْ يُعَيَّنَ لِكُلِّ دَابَّةٍ مَكَانٌ (أَوْ) وَقَعَ الْكِرَاءُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَ (لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدَ) أَيْ تَعْجِيلُ كِرَاءٍ (مُعَيَّنٍ، وَإِنْ نَقَدَ) أَيْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ فَلَوْ أَكْرَى شَيْئًا بِعَرَضٍ بِعَيْنِهِ أَوْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ تَعْجِيلِهِ حَيْثُ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِهِ بِأَنْ كَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ مَضْبُوطٌ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِنْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ كَمَا قَالَ، وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَ الْمُعَيَّنِ جَازَ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَعْبَةِ وَتَطْيِيبِهَا إلَّا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِلنَّهْيِ عَنْ كِسْوَةِ الْجِدَارِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُ هَدِيَّةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْجَمَّالُ لِلْمُكْتَرِي حِينَ الْعَقْدِ أَشْتَرِطُ عَلَيْك حَلَاوَةَ السَّلَامَةِ عِنْدَ الْوُصُولِ لِمَكَّةَ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُ عَقَبَةِ الْأَجِيرِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُكْتَرِي عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ عَقَبَةَ الْأَجِيرِ قِيلَ إنَّهُ مَنْدُوبٌ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ. وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنَّ رُكُوبَ خَادِمِ الْمُكْتَرِي الْعَقَبَةَ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطٍ قِيلَ إنَّهُ مَكْرُوهٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِثْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَرْكِيبُ الْمُكْتَرِي لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ اكْتَرَى لِرُكُوبِهِ مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِثْلَهُ وَقِيلَ إنَّهُ حَرَامٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَضَرُّ لِكَثْرَةِ تَعَبِهِ فَاشْتِرَاطُ الْعَقَبَةِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ يُخْرِجُ الْمُكْتَرِيَ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَمِنْ الْحُرْمَةِ عَلَى الثَّانِي، فَلِذَا قِيلَ إنَّ اشْتِرَاطَهَا مَنْدُوبٌ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ: الْجَمَّالُ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْأَجِيرِ أَجِيرُ الْمُكْتَرِي الَّذِي يَخْدُمُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مُكْرِيهِ) أَيْ، وَهُوَ رَبُّ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمِيلُ السَّادِسُ) أَيْ بِحَيْثُ يَنْزِلُ الْمُكْتَرِي مِنْ عَلَى الدَّابَّةِ وَيَرْكَبُ الْعَكَّامُ عِوَضَهُ الْمِيلَ السَّادِسَ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَيَانٌ لِأَصْلِ مَعْنَى الْعَقَبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَامًّا فِي السِّتَّةِ أَمْيَالٍ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: لَا حَمْلِ مَنْ مَرِضَ) صَوَّرَهُ بَعْضٌ بِمَا إذَا اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبِهِ وَشَرَطَ حَمْلَ مَنْ مَرِضَ مِنْ الْجَمَّالَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ خَدَمِهِ عِوَضًا عَنْهُ فَيُمْنَعُ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِرِجَالٍ اكْتَرَوْا دَابَّةً عَلَى حَمْلِ أَزْوَادِهِمْ وَعَلَى حَمْلِ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ: وَلَا اشْتِرَاطِ إنْ مَاتَتْ) أَيْ لَا يَجُوزُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ اشْتِرَاطٌ (قَوْلُهُ: إلَى مُدَّةِ السَّفَرِ) أَيْ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ) أَيْ، وَهُوَ الْأُجْرَةُ فِي الدَّيْنِ، وَهُوَ مَنَافِعُ الدَّابَّةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا (قَوْلُهُ: كَدَوَابَّ) أَيْ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ دَوَابَّ وَقَوْلُهُ: لِرِجَالٍ أَيْ كَائِنَةٍ لِرِجَالٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِأَجْزَاءٍ مُسْتَوِيَةٍ وَكَانَ الْحَمْلُ مُخْتَلِفًا وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَتَى كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ وَكَانَ الْحِمْلُ مُخْتَلِفًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ فَالْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ وَكَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ مُشْتَرَكَةً بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ مُتَسَاوِيَةٍ (قَوْلُهُ: وَاكْتُرِيَتْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَبِأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَ لِكُلِّ دَابَّةٍ أُجْرَةً (قَوْلُهُ: وَالْحِمْلُ مُخْتَلِفٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ رَكَائِبُ بَعْضُهَا فِيهِ إرْدَبٌّ وَبَعْضُهَا فِيهِ إرْدَبٌّ وَثُلُثٌ وَبَعْضُهَا فِيهِ إرْدَبٌّ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْحِمْلُ مُتَّحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا وَبَيَّنَ لِكُلِّ دَابَّةٍ مَا تَحْمِلُهُ جَازَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَمْكِنَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَكْتَرِيَ دَوَابَّ مَمْلُوكَةً لِرَجُلٍ أَوْ لِرِجَالٍ لِأَمْكِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَبَرْقَةَ، وَإِفْرِيقِيَّةَ وَطَنْجَةَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَكَانًا مُعَيَّنًا لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ الْمُتَكَارِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ قَدْ يَرْغَبُ فِي رُكُوبِ الْقَوِيَّةِ لِلْمَكَانِ الْبَعِيدِ وَرَبُّهَا يُرِيدُ رُكُوبَهُ الضَّعِيفَةَ لِلْمَكَانِ الْبَعِيدِ لِئَلَّا تَضْعُفَ الْقَوِيَّةُ فَتَدْخُلُهُ الْمُخَاطَرَةَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَمْكِنَةٍ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ كَكِرَاءِ دَوَابَّ كَائِنَةٍ لِرِجَالٍ لِلْحَمْلِ أَوْ لِأَمْكِنَةٍ، وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى لِرِجَالٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الرِّجَالَ مُكْتَرَوْنَ مَعَ أَنَّهُمْ مُكْرُونَ (قَوْلُهُ: لِوَاحِدٍ) أَيْ مَمْلُوكَةٍ لِوَاحِدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَعَدِّدٍ أَيْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ) هُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى دَوَابَّ فَيَكُونُ كِرَاءُ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ دَوَابَّ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ أَيْ كَكِرَاءِ دَوَابَّ لِلْحَمْلِ أَوْ كِرَاءٍ لَمْ يَكُنْ لِلْعُرْفِ فِيهِ نَقْدٌ مُعَيَّنٌ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إذَا كَانَ بِمُعَيَّنٍ، وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ فِي الْبَلَدِ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ عَجَّلَ بِالْفِعْلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ حِينَ الْعَقْدِ تَعَجُّلَ ذَلِكَ الْأَجْرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ مَضْبُوطٌ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا يَتَكَارُونَ بِالْوَجْهَيْنِ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ لِلْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعْجِيلَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعُرْفَ عَدَمُ التَّعْجِيلِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ الْكِرَاءُ، وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى

وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ قِيلَ كَرَّرَهُ لِأَجَلِ قَوْلِهِ، وَإِنْ نَقَدَ وَكَلَامُهُ فِي مُعَيَّنٍ غَيْرِ نَقْدٍ غَائِبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (أَوْ) كَانَ الْكِرَاءُ (بِدَنَانِيرَ) أَوْ دَرَاهِمَ (عُيِّنَتْ) ، وَهِيَ غَائِبَةٌ فَلَوْ قَالَ أَوْ بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ وَتَعْيِينُهَا إمَّا بِوَصْفٍ أَوْ بِكَوْنِهَا مَوْقُوفَةً عِنْدَ قَاضٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَوْضُوعَةً فِي مَكَان مُسْتَبْعَدٍ، وَهُمَا مَعًا يَعْرِفَانِهَا فَيُمْنَعُ (إلَّا) أَنْ يَقَعَ الْكِرَاءُ (بِشَرْطِ الْخَلَفِ) لِمَا تَلِفَ مِنْهَا أَوْ ضَاعَ أَوْ ظَهَرَ زَائِفًا فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخَلَفِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ، وَأَيْضًا شَرْطُ الْخَلَفِ يُصَيِّرُهَا كَالْمَضْمُونَةِ أَمَّا الْحَاضِرَةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ بَلْ إنْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهَا جَازَ، وَإِلَّا مُنِعَ إلَّا بِشَرْطِ النَّقْدِ نُقِدَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا (أَوْ) اكْتَرَاهَا (لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ) فَيُمْنَعُ وَكَذَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إلَّا مِنْ قَوْمٍ عُرِفَ حِمْلُهُمْ (أَوْ لِمَكَانٍ شَاءَ) مِنْ الْأَمْكِنَةِ لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ وَالْأَمْكِنَةِ (أَوْ لِيُشَيِّعَ رَجُلًا) حَتَّى يَذْكُرَ مُنْتَهَى التَّشْيِيعِ أَوْ يَكُونَ عُرْفٌ بِمُنْتَهَاهُ (أَوْ بِمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ) الَّذِي يَظْهَرُ، وَأَمَّا الْمَعْلُومُ بَيْنَهُمْ فَيَجُوزُ (أَوْ) قَالَ الْمُكْتَرِي (إنْ وَصَلْتُ) بِالدَّابَّةِ (فِي) زَمَنِ (كَذَا فَبِكَذَا) ، وَإِلَّا فَبِكَذَا أَوْ مَجَّانًا ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ بَلْ عَلَى التَّعْجِيلِ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَهُ، وَإِلَّا فَلَا فَسَادَ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِدَنَانِيرَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً غَائِبَةً حِينَ الْعَقْدِ بِأَنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى يَدِ قَاضٍ، وَهُمَا يَعْرِفَانِهَا مَعًا حَيْثُ كَانَ عُرْفُ الْبَلَدِ عَدَمَ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ، إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَخْلَفَ مَا تَلِفَ فَشَرْطُ الْخَلَفِ فِي الْعَيْنِ يَقُومُ مَقَامَ شَرْطِ التَّعْجِيلِ فِي الْمُعَيَّنِ غَيْرِ الْعَيْنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِدَنَانِيرَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْعُرْفَ عَدَمُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، هَذَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مَنْعِ الْكِرَاءِ بِالْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ إذَا كَانَتْ غَائِبَةً إلَّا إذَا شَرَطَ الْخَلَفَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْجَوَازِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ تَتَعَيَّنُ بِتَعَيُّنِهَا أَمْ لَا، وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ كَمُودِعٍ (قَوْلُهُ: وَهُمَا مَعًا يَعْرِفَانِهَا) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقَعَ الْكِرَاءُ) أَيْ بِالدَّنَانِيرِ الْمُعَيَّنَةِ الْغَائِبَةِ وَقَوْلُهُ: لِمَا تَلِفَ مِنْهَا أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُكْرِي لَهَا (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ الْكِرَاءُ بِهَا (قَوْلُهُ: يَقُومُ مَقَامَ التَّعْجِيلِ) أَيْ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِذَاتِهَا غَائِبًا فَلِذَا اُغْتُفِرَ فِيهَا التَّأْخِيرُ مَعَ شَرْطِ الْخَلَفِ بِخِلَافِ غَيْرِ النَّقْدِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ تَتَعَلَّقُ بِهَا فَلِذَا اشْتَرَطَ تَعْجِيلَهَا، وَلَا يَكْفِي فِيهَا شَرْطُ الْخَلَفِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحَاضِرَةُ) أَيْ أَمَّا الْكِرَاءُ بِالْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَأَتَّى إلَّا أَنَّهُ لَا يَكْفِي، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا يَكْفِي فِيهَا اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ كَانَ الْعُرْفُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْعَيْنُ الْحَاضِرَةُ مِثْلُ الْمُعَيَّنِ غَيْرِ الْعَيْنِ كَالْعَرَضِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ الْعَقْدُ إنْ نُقِدَتْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدَهَا بَلْ تَأْخِيرَهَا أَوْ كَانَ الْعُرْفُ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ وَقَوْلُهُ: مُنِعَ أَيْ الْكِرَاءُ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ اكْتَرَاهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً، وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا بَلْ قَالَ أَحْمِلُ عَلَيْهَا مَا شِئْتُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كِرَاءَ جَمَّالٍ فَارِغٍ مَلْآنَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ حُجَّاجِ مِصْرَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ نَوْعَ الْمَحْمُولِ دُونَ قَدْرِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِي وَيُحَمِّلُهَا مَا تُطِيقُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ إنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَحْمُولِ زِيَادَةً عَلَى بَيَانِ نَوْعِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَرَوِيِّينَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ، وَلَمْ يَقُلْ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ قَوْمٍ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُكْتَرِي مِنْ قَوْمٍ عُرِفَ حِمْلُهُمْ بِكَوْنِهِ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ الْمِلْحِ أَوْ الْقَمْحِ أَوْ يُحَمِّلُهَا مَا تُطِيقُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَكَانٍ شَاءَ) أَيْ كَ أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُرِيدُ الذَّهَابَ إلَيْهِ بِكَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ لِيُشَيِّعَ رَجُلًا أَيْ كَ أَكَتْرِي دَابَّتَك لِأُشَيِّعَ عَلَيْهَا فُلَانًا أَوْ لِأَجْلِ مُلَاقَاتِهِ مِنْ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ) أَيْ لِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ بِأَنْ يَقُولَ أَكَتْرِي دَابَّتَك لِلْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ بِمِثْلِ مَا يَكْتَرِي بِهِ النَّاسُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ كَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِقِيمَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَعْلُومُ) أَيْ كَمَا لَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ الْكِرَاءَ لِلْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا وَقَالَ أَكْتَرِيهَا مِنْك بِمِثْلِ مَا يَكْتَرِي بِهِ النَّاسُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ وَصَلْت فِي كَذَا فَبِكَذَا) أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَمَنْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً عَلَى أَنَّهُ إنْ وَصَلَ مَكَّةَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ وَصَلَهَا فِي أَكْثَرَ فَلَهُ دُونَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَدْرِي مَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ. اهـ. وَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَبْلَ الرُّكُوبِ فَإِنْ رَكِبَ لِلْمَكَانِ الَّذِي سَمَّاهُ فَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي سُرْعَةِ السَّيْرِ وَبُطْئِهِ، وَلَا يُنْظَرُ لِمَا سَمَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِكَذَا أَوْ مَجَّانًا) اعْلَمْ أَنَّ الْمَنْعَ فِي الثَّانِي مُطْلَقٌ، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ، وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الْأَسْهَلُ أَكْثَرَ أُجْرَةً، وَكَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ لِرَبِّ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ يَخْتَارُهُ، وَلَا مَحَالَةَ وَالْآخَرُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْأَسْهَلُ لِلْمُكْتَرِي

(أَوْ يَنْتَقِلُ) الْمُكْتَرِي بِالدَّابَّةِ (لِبَلَدٍ) أُخْرَى (وَإِنْ سَاوَتْ) الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا مَسَافَةً وَسُهُولَةً أَوْ صُعُوبَةً لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ وَلِأَنَّ أَحْوَالَ الطُّرُقِ تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ كَخَوْفِ الْأَعْدَاءِ وَالْغُصَّابِ فِي طَرِيقٍ دُونَ أُخْرَى وَقَدْ يَكُونُ الْعَدُوُّ لِخُصُوصِ رَبِّ الدَّابَّةِ وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ، وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْغَاصِبِ وَلِذَا قِيلَ إنَّ انْتِقَالَهُ إلَى مَسَافَةٍ أُخْرَى أَقَلُّ مِنْ الْأُولَى كَذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَاوَ هُنَا لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إنْ زَادَتْ بَلْ، وَإِنْ سَاوَتْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ جَوَازُ الْمَسَافَةِ الْمُسَاوِيَةِ كَالْحِمْلِ الْمُسَاوِي دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ سَاوَتْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحِمْلِ الْمُسَاوِي مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمَسَافَةَ تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ، فَرُبَّ مَسَافَةٍ تُظَنُّ سَالِمَةً، وَفِي الْوَاقِعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ نَعَمْ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدُّونَ جَائِزَةٌ وَقَدْ قِيلَ بِهِ بَلْ وَرُجِّحَ، وَفِيهِ نَظَرٌ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ رَبِّهَا فَيَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى أُخْرَى (كَإِرْدَافِهِ) أَيْ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْدِفَ رَبُّ الدَّابَّةِ شَخْصًا (خَلْفَك) يَا مُكْتَرِي (أَوْ حَمْلٍ) عَلَيْهَا (مَعَك) مَتَاعًا؛ لِأَنَّك بِاكْتِرَائِهَا مِنْهُ مَلَكْت مَنْفَعَةَ ظَهْرِهَا فَلَا كَلَامَ لِرَبِّهَا (وَالْكِرَاءُ لَك) حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً) قَيْدٌ فِي الْمَنْعِ، وَفِي كَوْنِ الْكِرَاءِ لَك أَيْ فَإِنْ اكْتَرَيْتهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا زِنَةً كَقِنْطَارِ كَذَا جَازَ لِرَبِّهَا أَنْ يَحْمِلَ مَعَ حَمْلِك وَالْكِرَاءُ لَهُ وَقَوْلُهُ: (كَالسَّفِينَةِ) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ إلَى هُنَا لَا فِي خُصُوصِ مَا قَبْلَهُ. (وَضَمِنَ) الْمُكْتَرِي (إنْ أَكْرَى) الدَّابَّةَ مَثَلًا (لِغَيْرِ أَمِينٍ) أَوْ أَقَلَّ أَمَانَةً أَوْ لِأَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَضَرَّ وَلِرَبِّهَا اتِّبَاعُ الثَّانِي حَيْثُ عَلِمَ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ، وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ وَكَذَا إنْ كَانَتْ خَطَأً مِنْهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَقَلَّ أُجْرَةً وَكَانَ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ لَهُ فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ يَخْتَارُهُ، وَلَا مَحَالَةَ حِينَئِذٍ فَالْعَقْدُ جَائِزٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ الْعَقْدُ بِخِيَارٍ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً لِبَلَدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مَضْمُونَةً أَوْ مُعَيَّنَةً نَقَدَ أُجْرَتَهَا أَمْ لَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْغَبَ عَنْ تِلْكَ الْبَلَدِ وَيَسِيرَ لِغَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا فَيَجُوزُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ يَنْتَقِلَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى شَرْطِ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِهِ لَا حَمْلِ مَنْ مَرِضَ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الْخَالِصِ مِنْ التَّأْوِيلِ بِالْفِعْلِ لَا عَلَى حَمْلِ، وَإِلَّا كَانَ شَرْطُ الْمُقَدَّرِ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى لَا شَرْطُ حَمْلِ مَنْ مَرِضَ، وَلَا شَرْطُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَخْ، وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الِانْتِقَالِ لَا يُوجِبُ مَنْعًا، وَلَا فَسَادًا؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ بِالْإِذْنِ إلَى الْمُسَاوِي جَائِزٌ وَحِينَئِذٍ فَشَرْطُ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ فِي الْعَقْدِ لَا يُفْسِدُهُ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ، وَهِيَ الْأُجْرَةُ وَقَوْلُهُ: فِي مُؤَخَّرٍ أَيْ، وَهُوَ السَّيْرُ لِلْبَلَدِ الْأُخْرَى، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِهَذَا التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ انْتَقَلَ بِلَا إذْنٍ فَهُوَ مَحْضُ تَعَدٍّ، وَالْفَسْخُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْهُمَا فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا التَّعْلِيلِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَحْوَالَ الطُّرُقِ تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ) أَيْ فَقَدْ يَكُونُ رَبُّهَا لَهُ غَرَضٌ فِي عَدَمِ ذَهَابِهِ بِهَا لِغَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَكْرَاهَا لَهُ لِخَوْفِهِ عَلَيْهَا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ غَاصِبٍ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ) أَيْ وَتَلِفَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَيْ هَذَا إنْ كَانَ تَلَفُهَا بِفِعْلِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بَلْ، وَلَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ هَذَا التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَيُوجِبُ الضَّمَانَ إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ التَّرْجِيحِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَالَفَ صَارَ بِمُخَالَفَتِهِ كَالْغَاصِبِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ فِي الْمُخَالَفَةِ لِلدُّونِ كَمَا هُوَ جَارٍ فِي الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ وَالْمُسَاوِيَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ رَبِّهَا) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْعُدُولُ عَنْ الْمَسَافَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لِغَيْرِهَا بِإِذْنٍ مِنْ رَبِّ الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى أُخْرَى) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْأُخْرَى أَزْيَدَ فِي الْمَسَافَةِ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ عَقْدٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ، وَهُوَ الْأُجْرَةُ فِي دَيْنٍ، وَهُوَ السَّيْرُ لِلْبَلَدِ الْأُخْرَى، وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْإِذْنُ مِنْ رَبِّهَا لَمْ يَقَعْ بَعْدَ إقَالَةٍ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بَعْدَ إقَالَةٍ وَبَعْدَ رَدِّ النَّقْدِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ جَازَ الْعُدُولُ لِلْأُخْرَى بِإِذْنِ رَبِّ الدَّابَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْدِفَ رَبُّ الدَّابَّةِ شَخْصًا خَلَفَك يَا مُكْتَرِي) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِك (قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَعَك مَتَاعًا) أَيْ مَعَ حَمْلِك أَوْ تَحْتِك (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِي الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعِ حَمْلِهِ مَعَك مَتَاعًا (قَوْلُهُ: جَازَ لِرَبِّهَا أَنْ يَحْمِلَ مَعَ حَمْلِك) أَيْ إذَا كَانَ زِيَادَةُ الْحِمْلِ لَا تَضُرُّ بِالْمُكْتَرَى فَإِنْ ضَرَّتْ بِهِ كَمَا إذَا كَانَ يَصِلُ فِي يَوْمِهِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ، وَإِذَا زَادَ لَا يَصِلُ إلَّا فِي يَوْمَيْنِ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ يُمْنَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: لَا فِي خُصُوصِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً. (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ الْمُكْتَرِي) أَيْ قِيمَةَ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ، وَأَرْشَ عَيْبِهَا إنْ تَعَيَّبَتْ (قَوْلُهُ: إنْ أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ هُوَ أَيْ الْمُكْتَرِي غَيْرَ أَمِينٍ إذْ قَدْ يَدَّعِي رَبُّهَا أَنَّ الْأَوَّلَ يُرَاعِي حَقَّهُ وَيَحْفَظُ مَتَاعَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَضَرَّ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ دُونَهُ فِي الثِّقَلِ بِأَنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ عَقْرُ الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ: وَلِرَبِّهَا اتِّبَاعُ الثَّانِي) أَيْ، وَإِذَا أَكْرَى الْمُكْتَرِي لِغَيْرِ أَمِينٍ كَانَ لِرَبِّهَا اتِّبَاعُ الثَّانِي بِقِيمَتِهَا إذَا تَلِفَ وَبِأَرْشِ عَيْبِهَا إنْ تَعَيَّبَتْ أَيْ، وَلَهُ اتِّبَاعُ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ عَلِمَ إلَخْ أَيْ بِأَنْ عَلِمَ الثَّانِي أَنَّهَا بِيَدِ الْأَوَّلِ بِكِرَاءٍ، وَأَنَّ رَبَّهَا مَنَعَهُ مِنْ كِرَائِهَا. وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَيْ هَذَا إذَا تَلِفَتْ بِفِعْلِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بَلْ، وَلَوْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَالِكٌ لَهَا أَوْ مُكْتَرٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَتْ خَطَأً إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ بِكِرَاءٍ فَلِرَبِّهَا تَضْمِينُهُ إنْ أَعْدَمَ الْأَوَّلُ

(أَوْ عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ) عَلَى الَّتِي أَكْرَى إلَيْهَا، وَلَوْ قَلَّتْ كَالْمِيلِ كَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ أَيْ بِسَبَبِهَا احْتَرَزَ بِهِ عَنْ السَّمَاوِيِّ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ كِرَاءُ الزَّائِدِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ فَلَهُ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَةَ الدَّابَّةِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا (أَوْ) عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ (حِمْلٍ تَعْطَبُ بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ فَيَضْمَنُ أَيْ يُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي أَخْذِ كِرَاءِ الزَّائِدِ مَعَ الْأَوَّلِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي فَإِنْ اخْتَارَ الْقِيمَةَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ كِرَاءٍ أَصْلِيٍّ، وَلَا زَائِدٍ، هَذَا إنْ زَادَ مِنْ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ فَإِنْ زَادَ أَثْنَاءَهَا خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي مَعَ كِرَاءِ مَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَبَيْنَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَالزِّيَادَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ حِمْلَ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ وَعَطِبَتْ (فَالْكِرَاءُ) أَيْ كِرَاءُ الزَّائِدِ مَعَ الْأَوَّلِ (كَأَنْ لَمْ تَعْطَبْ) فِي زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ أَوْ الْحَمْلِ، وَلَا تَخْيِيرَ لِرَبِّهَا (إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا) الْمُكْتَرِي بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ زَمَنًا (كَثِيرًا) كَمَا لَوْ اكْتَرَاهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ شَهْرًا أَوْ حَتَّى تَغَيَّرَ سُوقُهَا الَّذِي تُرَادُ لَهُ بَيْعًا أَوْ كِرَاءً (فَلَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ (كِرَاءُ الزَّائِدِ) الَّذِي حَبَسَهَا فِيهِ (أَوْ قِيمَتُهَا) يَوْمَ التَّعَدِّي مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُ كَثِيرًا أَنَّهُ لَوْ حَبَسَهَا يَسِيرًا كَالْيَوْمَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ. (وَلَك) أَيُّهَا الْمُكْتَرِي (فَسْخُ) إجَارَةِ دَابَّةٍ (عَضُوضٍ) أَيْ تَعَضُّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْعَضِّ (أَوْ جَمُوحٍ) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَطْ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ أَعْدَمَ الْأَوَّلُ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَعَ زِيَادَةِ أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا تَلِفَتْ عِنْدَ الثَّانِي فَإِمَّا بِفِعْلِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِسَمَاوِيٍّ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الدَّابَّةَ بِيَدِهِ بِكِرَاءٍ، وَأَنَّ رَبَّهَا مَنَعَهُ مِنْ كِرَائِهَا أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُكْتَرٍ فَقَطْ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ الْمَالِكُ فَإِنْ تَلِفَتْ بِفِعْلِهِ عَمْدًا ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَإِنْ تَلِفَتْ بِفِعْلِهِ خَطَأً فَإِنْ عَلِمَ بِتَعَدِّيهِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ عَلِمَ بِتَعَدِّيهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ مُكْتَرٍ فَقَطْ ضَمِنَ، وَإِنْ أَعْدَمَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ ظَنَّ الْمِلْكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ إمَّا أَنْ يَزِيدَ فِي الْمَسَافَةِ أَوْ فِي الْحِمْلِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ شَأْنَهَا أَنْ تَعْطَبَ بِهَا أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَعْطَبَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ كَالْمِيلِ أَيْ، وَأَمَّا زِيَادَةُ خَطْوَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَعْدِلُ النَّاسُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ إذَا تَلِفَتْ بِزِيَادَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ يَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَطْوَةً وَهُوَ قَوْلُهُ: نَقَلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَبُو الْحَسَنِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا يَضْمَنُ فِي الْمِيلِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا مِثْلُ مَا يَعْدِلُ النَّاسُ إلَيْهِ فِي الْمَدِّ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِهَا) أَيْ سَوَاءٌ عَطِبَتْ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ فِي الْمَسَافَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، لَكِنْ فِي حَالِ رُجُوعِهِ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إلَّا أَنَّ أَصْبَغَ قَيَّدَ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ عَطَبِهَا فِي الْمَسَافَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا بِمَا إذَا كَثُرَتْ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَلَمْ يُقَيِّدْ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا ضَمَانَ إذَا كَانَ الْعَطَبُ فِي الْمَسَافَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَهُوَ الضَّمَانُ إذَا تَلِفَتْ فِي الْمَسَافَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ، وَلَوْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ وَقَالَ شَيْخُنَا مُفَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: احْتَرَزَ بِهِ عَنْ السَّمَاوِيِّ) أَيْ عَمَّا إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ إلَّا أَنَّهَا تَلِفَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ أَيْ قِيمَةَ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا زَادَ الْمُكْتَرِي فِي الْمَسَافَةِ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ بِسَبَبِ زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ) أَيْ مَضْمُومًا لِلْكِرَاءِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةَ الدَّابَّةِ) أَيْ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ وَكِرَاءِ الزَّائِدِ مَضْمُومًا لِلْكِرَاءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْأَوَّلِ) أَيْ، وَهُوَ الْكِرَاءُ الْأَصْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا زَائِدٍ) أَيْ، وَلَا شَيْءَ أَزْيَدَ مِنْ الْكِرَاءِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ زَادَ أَثْنَاءَهَا) أَيْ فَإِنْ زَادَ فِي الْحِمْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ: وَالزِّيَادَةِ) أَيْ وَكِرَاءِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ) أَيْ، وَإِلَّا فَاللَّازِمُ لَهُ الْكِرَاءُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ تَعْطَبْ فِي زِيَادَةِ الْمَسَافَةِ أَوْ الْحِمْلِ) كَانَتْ الزِّيَادَةُ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا أَمْ لَا فَلَهُ كِرَاءُ مَا زَادَ مِنْ مَسَافَةٍ أَوْ حِمْلٍ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَلَا تَخْيِيرَ لِرَبِّهَا فِي قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ أَوْ فِي الْحِمْلِ، وَلَمْ تَعْطَبْ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْكِرَاءُ مَا لَمْ يَحْبِسْهَا إلَخْ ثُمَّ إنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ الِاتِّصَالَ فَيَكُونُ فِي مَوْضُوعِ مَا إذَا حَبَسَهَا مُسْتَعْمِلًا لَهَا فِي حَمْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ سَاكِتًا عَمَّا إذَا حَبَسَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ وَيُحْتَمَلُ الِانْقِطَاعُ فَيَشْمَلُ مَا إذَا حَبَسَهَا بِلَا اسْتِعْمَالٍ، وَلَا يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: كِرَاءُ الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى مُدَّةِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ أَمْ لَا وَاحْتِمَالُ الِانْقِطَاعِ أَتَمُّ فَائِدَةً، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ سَوْقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ يُوهِمُ تَفْرِيعَهَا عَلَى التَّعَدِّي بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ أَوْ الْحِمْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ حَبَسَهَا إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ، وَأَوْضَحَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَتُهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ) أَيْ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ) أَيْ، وَلَك الْبَقَاءُ بِالْكِرَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إذْ خِيرَتُكَ تَنْفِي ضَرَرَك وَالْمُرَادُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى كَوْنِهِ عَضُوضًا بَعْدَ الْعَقْدِ لَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ يَعَضُّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ) أَيْ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فِي سَاعَاتٍ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْعَضِّ) أَيْ إنَّ تَكْرَارَهُ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ لَيْسَ لَازِمًا، وَإِلَّا فَوُقُوعُ ذَلِكَ فَلْتَةٌ

[فصل كراء الحمام والدار والعبد والأرض]

صَعْبٍ لَا يَنْقَادُ بِسُهُولَةٍ (أَوْ أَعْشَى) لَا يُبْصِرُ لَيْلًا (أَوْ) مَا كَانَ (دُبُرُهُ فَاحِشًا) يَضُرُّ بِسَيْرِهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ بِرَائِحَتِهِ رَاكِبَهُ (كَأَنْ) يَكْتَرِيَ ثَوْرًا عَلَى أَنْ (يَطْحَنَ) مَثَلًا (لَك كُلَّ يَوْمٍ) مَثَلًا (إرْدَبَّيْنِ) مَثَلًا (بِدِرْهَمٍ) مَثَلًا (فَوُجِدَ لَا يَطْحَنُ) فِي الْيَوْمِ (إلَّا إرْدَبًّا) مَثَلًا فَالْمُرَادُ أَقَلُّ مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَلَكَ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءُ ثُمَّ انْفَسَخَ فَلَهُ فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ بَقِيَ فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ خِبْرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ اُسْتُظْهِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُمَّ إنَّ هَذَا الْفَرْعَ مِمَّا جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِمَّا يُفْسِدُ الْكِرَاءَ حَيْثُ تَسَاوَيَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ زَادَ الْعَمَلُ عَلَى الزَّمَنِ اتِّفَاقًا فَإِنْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَهَلْ تَفْسُدُ، وَهُوَ مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلًا، وَهُوَ مَا يُفِيدُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِمَادَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُمَا حِينَ عَقَدَا الْكِرَاءَ اعْتَقَدَا أَنَّ الزَّمَنَ يَزِيدُ عَلَى الْعَمَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَوَجَدَ إلَخْ (وَإِنْ زَادَ) الْمُكْتَرِي فِي حَمْلِ الدَّابَّةِ أَوْ فِي الطَّحْنِ (أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ) الْمُتَعَارَفَ أَيْ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُزَادَ فِي كَيْلِهِ أَوْ يَنْقُصَ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَكَايِيلِ (فَلَا لَك) يَا مُكْرِي فِي الزِّيَادَةِ (وَلَا عَلَيْك) فِي النَّقْصِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا فَتَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الثَّوْرِ وَغَيْرَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافَ الْمُتَكَارِيَيْنِ فَقَالَ (جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهُوَ بَيْتُ الْمَاءِ الْمُعَدُّ لِلْحُمُومِ فِيهِ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ لِتَنْظِيفِ الْبَدَنِ وَالتَّدَاوِي، وَإِنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهُ لِجَوَازِ دُخُولِهِ بِمَرْجُوحِيَّةٍ إذَا كَانَ لِمُجَرَّدِ التَّنْظِيفِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ كَشْفِ الْعَوْرَةِ أَوْ عَدَمُ رُؤْيَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْعُمُرِ مَثَلًا لَيْسَ عَيْبًا هَذَا وَيَصِحُّ بَقَاءُ الْمُبَالَغَةِ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ السَّاعَاتِ حَتَّى صَارَ شَأْنًا لَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْشَى) أَيْ إذَا كَانَ اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا فَقَطْ كَمَا قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَتَى اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ فِيهِمَا فَوَجَدَهُ أَعْشَى ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَتَمَاسَكَ بِهِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ الْمُسَمَّى كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ إذَا اكْتَرَاهُ لِيَسِيرَ بِهِ لَيْلًا أَوْ لَمْ يَسِرْ بِهِ إلَّا نَهَارًا، وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ وَتَمَاسَكَ يُحَطُّ عَنْهُ أَرْشُ الْعَيْبِ بِأَنْ يُقَالَ مَا آجَرْته عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ، وَمَا آجَرْته عَلَى أَنَّهُ أَعْشَى وَيُحَطُّ عَنْهُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ كَمَا فِي بْن نَعَمْ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُكْتَرِي عَلَى أَنَّهُ أَعْشَى إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمَسَافَةِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ دُبُرُهُ فَاحِشًا) أَيْ كَانَ دُبُرُهُ الْمَوْجُودُ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ فَاحِشًا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ كَانَ إلَى أَنَّ دُبُرَهُ اسْمُ كَانَ مَحْذُوفَةً، وَفَاحِشًا خَبَرُهَا وَالدَّاعِي لِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْمَعْنَى إذْ التَّقْدِيرُ لَك فَسْخُ مَا كَانَ عَضُوضًا أَوْ جُمُوحًا أَوْ أَعْشَى أَوْ كَانَ دُبُرُهُ فَاحِشًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بِرَائِحَتِهِ رَاكِبَهُ) أَيْ أَوْ يَضُرُّ بِرَائِحَتِهِ رَاكِبَهُ فَإِنْ كَانَ الرَّاكِبُ لَا يَتَضَرَّرُ بِرَائِحَتِهِ لِكَوْنِهِ لَا يَشُمُّ فَلَا خِيَارَ لَهُ (قَوْلُهُ: اُسْتُظْهِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا) الْأَوَّلُ اسْتَظْهَرَهُ تت وَصَوَّبَهُ طفى وَالثَّانِي اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَوَجَدَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ، وَإِنَّمَا دَخَلَا عَلَى طَحْنِ إرْدَبَّيْنِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَمْلِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الزَّمَنَ أَزْيَدُ مِنْ الْعَمَلِ فِي الْوَاقِعِ لَكِنْ وَجَدَ الثَّوْرَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا لِعَجْزِهِ لَا لِضِيقِ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ: مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ) أَيْ زَادَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً فِي الْكَيْلِ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ نَقْصًا فِي الْكَيْلِ كَأَنْ يَسْتَأْجِرَهُ عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ فَيَطْحَنُ مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً فِي كَيْلِهِ كَأَنْ يَطْحَنَ بِهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رُبُعًا أَوْ يَطْحَنَ عَلَيْهِ مَا يَنْقُصُ عَنْ الْإِرْدَبِّ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يَنْقُصَ فِي كَيْلِهِ كَأَنْ يَطْحَنَ بِهِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ رُبُعًا (قَوْلُهُ: فَلَا لَك) أَيْ فَلَيْسَ لَك يَا مُكْرِي أُجْرَةٌ فِي الزِّيَادَةِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْك يَا مُكْرِي بِأُجْرَةِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا) أَيْ فَهِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: فَتَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الثَّوْرِ) أَيْ السَّابِقَةَ لِذَلِكَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ كُلَّ يَوْمٍ فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ ثُمَّ زَادَ الْمُكْتَرِي عَلَى ذَلِكَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فِي الْكَيْلِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرَهَا) أَيْ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ إرْدَبِّ قَمْحٍ فَزَادَ الْمُكْتَرِي عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فِي الْكَيْلِ. [فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض] فَصْلٌ فِي كِرَاءِ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ (قَوْلُهُ: جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْكِرَاءِ الِاكْتِرَاءُ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِكْرَاءُ أَيْ جَازَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَكْتَرِيَ الْحَمَّامَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ جَازَ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ لِغَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِكْرَاءَ وَالِاكْتِرَاءَ مُتَلَازِمَانِ فَمَتَى جَازَ أَحَدُهُمَا جَازَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَكُونُ جَائِزًا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا وَجْهَ لِأَوْلَوِيَّةِ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالْكِرَاءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاكْتِرَاءَ دُونَ الْإِكْرَاءِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ دُخُولِهِ بِمَرْجُوحِيَّةٍ) الْمَرْجُوحِيَّةُ إنَّمَا هِيَ إذَا دَخَلَهُ مَعَ قَوْمٍ مُسْتَتِرِينَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ كَشْفِ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ دُخُولَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَكْرُوهٌ إذْ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَنْكَشِفَ عَوْرَةُ بَعْضِهِمْ فَيَقَعُ بَصَرُهُ أَوْ بَصَرُ غَيْرِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ وَقِيلَ إنَّ دُخُولَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَائِزٌ أَمَّا لَوْ دَخَلَهُ لِلتَّنْظِيفِ مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ

وَلِلتَّدَاوِي يَجُوزُ عِنْدَ الْأَمْنِ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِلَّا حَرُمَ (وَدَارٍ) وَرُبُعِ فُرْنٍ وَحَانُوتٍ وَنَحْوِهَا (غَائِبَةٍ) فَأَوْلَى حَاضِرَةٍ (كَبَيْعِهَا) ، وَهِيَ غَائِبَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا تَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا، وَلَوْ بَعُدَتْ أَوْ بِوَصْفٍ، وَلَوْ مِنْ الْمُكْرِي أَوْ عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ (أَوْ) كِرَاءِ (نِصْفِهَا) مَثَلًا وَالْبَاقِي لَهُ أَوْ لِشَرِيكِهِ (أَوْ) كِرَاءِ (نِصْفِ عَبْدٍ) أَوْ دَابَّةٍ لِشَرِيكٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَسْتَعْمِلُهُ الْمُكْتَرِي يَوْمًا وَالْمَالِكُ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ اقْتَسَمَاهَا عَلَى الْحِصَصِ. (وَ) جَازَ الْكِرَاءُ لِلدَّارِ مَثَلًا (شَهْرًا عَلَى) شَرْطِ (إنْ سَكَنَ) الْمُكْتَرِي (يَوْمًا) مَثَلًا مِنْ الشَّهْرِ (لَزِمَ) الْكِرَاءُ أَيْ الْعَقْدُ (إنْ مَلَكَ) الْمُكْتَرِي (الْبَقِيَّةَ) أَيْ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُكْتَرِي رَجَعَتْ لِرَبِّهَا، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا الْمُكْتَرِي بِكِرَاءٍ، وَلَا غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ وَدُخُولُهُمَا عَلَى مِلْكِ الْبَقِيَّةِ إمَّا بِالشَّرْطِ أَوْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَالْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَا عَلَى مَا يُنَافِيهِ كَدُخُولِهِمَا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ رَجَعَتْ الذَّاتُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِرَبِّهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِسُكْنَى، وَلَا غَيْرِهَا فَيُمْنَعُ وَيُفْسَخُ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ بِخِلَافِ إسْقَاطِهِ فِي الثَّانِي فَيَصِحُّ. (وَ) جَازَ (عَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ) لِمُكْتَرٍ شَهْرًا أَوْ سَنَةً مَثَلًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَبْدَأٍ (وَحُمِلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً فَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَهْرٍ فِي أَثْنَائِهِ فَثَلَاثُونَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ. (وَ) جَازَ الْكِرَاءُ (مُشَاهَرَةً) ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عِنْدَهُمْ عَمَّا عَبَّرَ فِيهِ بِكُلٍّ نَحْوَ كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ كُلِّ يَوْمٍ أَوْ كُلِّ جُمُعَةٍ وَكُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِجَوَازِ دُخُولِهِ، وَإِنْ كَانَ الْجَوَازُ قَدْ يَكُونُ مَرْجُوحًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ) أَيْ بِدُونِ قَيْدِ الْمَرْجُوحِيَّةِ وَقَدْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِهَا) أَيْ وَيَكُونُ كِرَاؤُهَا، وَهِيَ غَائِبَةٌ كَبَيْعِهَا، وَهِيَ غَائِبَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) أَيْ مِنْ الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ: وَبِوَصْفٍ أَيْ أَوْ يَكُونُ كِرَاؤُهَا مُلْتَبِسًا بِوَصْفٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى خِيَارٍ أَيْ لِلْمُكْتَرِي لَكِنْ إنْ كَانَ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ بِوَصْفٍ مِنْ غَيْرِ الْمُكْرِي جَازَ النَّقْدُ، وَإِنْ كَانَ بِوَصْفٍ مِنْ الْمُكْرِي امْتَنَعَ النَّقْدُ كَمَا فِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ كَمَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ خِيَارٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لِشَرِيكِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ صَاحِبَ النِّصْفِ أَكْرَى حِصَّتَهُ لِغَيْرِ صَاحِبِ النِّصْفِ الثَّانِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ الْقَائِلَيْنِ بِمَنْعِ كِرَاءِ الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَبَيْعِهِ أَوْ نِصْفِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ لَكَانَ أَحْسَنَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَنَّثَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورَاتِ أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِخُصُوصِ الدَّارِ وَيُعْلَمُ الْحَمَّامُ بِالْمُقَايَسَةِ (قَوْلُهُ: يَوْمًا) أَيْ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَشَهْرًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الْعَقَارِ شَهْرًا مَثَلًا عَلَى شَرْطِ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ مُكْتَرٍ يَوْمًا فَأَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ أَيْ الْعَقْدُ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ بِتَمَامِهَا، وَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَمْلِكُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ رَجَعَ الْعَقَارُ لِرَبِّهِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ الْمُكْتَرِي فِيهِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لَا بِكِرَاءٍ وَلَا بِغَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْكِرَاءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ قَبِيلِ الْكِرَاءِ بِخِيَارٍ فَيُمْنَعُ فِيهَا النَّقْدُ، وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا فِي بْن ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ عَيَّنَ الشَّهْرَ كَرَجَبٍ أَمْ لَا وَيَكُونُ الشَّهْرُ مَحْسُوبًا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فِي الثَّانِي، وَلَزِمَهُ الْكِرَاءُ بِسُكْنَى يَوْمٍ، وَلَوْ آخِرَ يَوْمٍ مِنْهُ لَا إنْ سَكَنَ بَعْضَ يَوْمٍ، وَلَا إنْ مَضَى شَهْرٌ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ مَضَى الْمُعَيَّنُ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ سَكَنَ فِيهِ يَوْمًا (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُكْتَرِي) أَيْ بَعْدَ سُكْنَى الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْمُكْتَرِي عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ رَجَعَتْ الذَّاتُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِرَبِّهَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إسْقَاطِهِ فِي الثَّانِي) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْمُكْتَرِي عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الدَّارِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِسُكْنَى، وَلَا غَيْرِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَرَجَ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِسُكْنَى، وَلَا غَيْرِهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ يَكُونُ فَاسِدًا فَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ صَحَّ الْعَقْدُ، وَهَذَا مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ فَلَا حَاجَةَ لِإِسْقَاطِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ بَيَانِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَقَوْلِهِ أَسْتَأْجِرُ مِنْك شَهْرًا أَوْ سَنَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ ابْتِدَاءُ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَجِيبَةً إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ مُشَاهَرَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ السُّكْنَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ لَازِمًا كَفَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَحُلْ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ) أَيْ الْكِرَاءُ عَلَى شَهْرٍ فِي أَثْنَائِهِ فَثَلَاثُونَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَهْرٍ وَكَانَ الْعَقْدُ فِي أَوَّلِهِ لَزِمَهُ كُلُّهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ تَمَامٍ وَكَذَا السَّنَةُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا لَزِمَهُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ السِّتَّةِ أَيَّامٍ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ بِالْأَهِلَّةِ وَشَهْرٌ ثَلَاثُونَ يَوْمًا. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحُمِلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فِيمَا إذَا ذَكَرَ لِلْكِرَاءِ مُدَّةً، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَبْدَأً فَإِنْ اكْتَرَاهَا لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعِ كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مُدَّةٍ ثُمَّ حَبَسَهَا الْمُكْتَرِي فَلِرَبِّهَا كِرَاءُ الْمِثْلِ مُدَّةَ الْحَبْسِ وَالْكِرَاءُ الْأَوَّلُ بَاقٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْكِرَاءَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ

(وَلَمْ يَلْزَمْ) الْكِرَاءُ (لَهُمَا) فَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَكَارِيَيْنِ حَلُّهُ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ، وَلَا كَلَامَ لِلْآخَرِ (إلَّا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ بِقَدْرِ مَا نَقَدَ لَهُ فَإِذَا اكْتَرَاهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَعَجَّلَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَزِمَ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهُ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ كِرَاءٍ بِخِيَارٍ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (كَوَجِيبَةٍ) ، وَهِيَ لَقَبٌ لِمُدَّةٍ مَحْدُودَةٍ كَمَا أَنَّ الْمُشَاهَرَةَ لَقَبٌ لِمُدَّةٍ غَيْرِ مَحْدُودَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدْرُهُ نَقَدَ أَوْ لَا (بِشَهْرِ كَذَا) بِالْإِضَافَةِ أَوْ سَنَةِ كَذَا أَوْ يَوْمِ كَذَا أَوْ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَعْوَامٍ أَوْ أَيَّامٍ بِكَذَا فَإِنْ بَيَّنَ الْمَبْدَأَ، وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ وَالْبَاءُ فِي كَلَامِهِ لِلتَّصْوِيرِ، وَلَوْ أَبْدَلَهَا بِكَافِ التَّمْثِيلِ لَكَانَ أَبْيَنَ (أَوْ هَذَا الشَّهْرُ) أَوْ هَذِهِ السَّنَةُ (أَوْ شَهْرًا) بِالتَّنْكِيرِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً أَنَّهُ لَمَّا تُعُورِفَ إطْلَاقُ الشَّهْرِ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِذْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَبْدَأَ حُمِلَ مِنْ حِينَ الْعَقْدِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَذَا الشَّهْرُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّأْوِيلَانِ الْآتِيَانِ فِي سَنَةٍ إذْ لَا فَرْقَ (أَوْ إلَى شَهْرِ كَذَا) أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ إلَى يَوْمِ كَذَا كُلُّ ذَلِكَ وَجِيبَةٌ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ نَقَدَ أَوْ لَا، مَا لَمْ يَشْتَرِطَا أَوْ أَحَدُهُمَا الْحَلَّ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ فَيَكُونُ الْعَقْدُ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (وَفِي) قَوْلِهِ أَكَتْرِي مِنْك هَذَا الشَّيْءَ (سَنَةً بِكَذَا تَأْوِيلَانِ) فِي كَوْنِهِ وَجِيبَةً لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَبْدَؤُهَا يَوْمَ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ هَذِهِ السَّنَةُ، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ، وَالْأَكْثَرُ بَلْ هُوَ ظَاهِرُهَا أَوْ غَيْرُ وَجِيبَةٍ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ كُلِّ سَنَةٍ، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ، وَمِثْلُ سَنَةٍ شَهْرٌ لِعَدَمِ الْفَرْقِ خِلَافًا لِمَنْ تَمَحَّلَ فَرْقًا، وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ وَجِيبَةٌ يُشِيرُ لِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (أَرْضُ مَطَرٍ) لِلزِّرَاعَةِ (عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا مَفْهُومَ لِعَشَرٍ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْكِرَاءَ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ النَّقْدُ وَسَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَجَائِزٌ (وَإِنْ لِسَنَةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ اشْتَرَطَ النَّقْدَ فَسَدَ، وَإِنْ لِسَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ (إلَّا) الْأَرْضَ (الْمَأْمُونَةَ) أَيْ الْمُتَحَقِّقَ رَيُّهَا بِالْمَطَرِ عَادَةً كَبِلَادِ الْمَشْرِقِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ الْأَرْبَعِينَ عَامًا فَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرْضَ الْمَطَرِ غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا سِنِينَ بِشَرْطِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَيَجُوزُ فِي الْمَأْمُونَةِ مُطْلَقًا إذْ لَا يَتَرَدَّدُ الْكِرَاءُ فِيهَا بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (كَالنِّيلِ) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَا عَلِمْت أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا ذُكِرَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَبْدَأً. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا) اللَّامُ زَائِدَةٌ فَلَا يُقَالُ أَنْ يَلْزَمَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ عَدَّاهُ بِاللَّامِ أَوْ يُقَالَ إنَّ اللَّامَ مُتَعَلِّقَةٌ بِفَاعِلِ يَلْزَمُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَمَلُ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ: ، وَمَا الْحَرْبُ إلَّا مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمْ ... وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَكَارِيَيْنِ حَلُّهُ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ وَيَلْزَمُهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا الْمُحَقَّقُ الْأَقَلُّ كَالشَّهْرِ الْأَوَّلِ لَا مَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ إنْ سَكَنَ بَعْضَهُ فَإِذَا سَكَنَ بَعْضَ الشَّهْرِ لَزِمَ كُلًّا مِنْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي بَقِيَّتُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا خُرُوجٌ قَبْلَهَا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ وَمَنْ قَامَ مِنْهُمَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ وَبِهَذَا الْأَخِيرِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ اللُّزُومِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: مِنْ كِرَاءٍ بِخِيَارٍ) أَيْ وَالْكِرَاءُ بِالْخِيَارِ يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَقَبٌ لِمُدَّةٍ مَحْدُودَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا كَمَا إذَا قَالَ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ سَنَةَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا أَوْ يُسَمَّى الْعَدَدَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَقَالَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ذَكَرَ انْتِهَاءَ الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ أَكْتَرِيهَا إلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا وَأَمَّا لَوْ سَمَّى الْعَدَدَ وَكَانَ وَاحِدًا فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ إنَّهُ مِنْ الْوَجِيبَةِ وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ الْمُشَاهَرَةِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ الْمَبْدَأَ) أَيْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ إلَخْ أَيْ فِي قَوْلِهِ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ، وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مِثْلُ سَنَةً) أَيْ فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ شَهْرًا فَفِيهِ التَّأْوِيلَانِ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عِيَاضٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ وَجِيبَةٌ قَطْعًا حَيْثُ ذَكَرَ مَا فِيهِ الْخِلَافُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ) أَيْ شَهْرًا حَيْثُ سَاقَهُ فِيمَا هُوَ وَجِيبَةٌ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: وَأَرْضِ مَطَرٍ) عَطْفٌ عَلَى حَمَّامٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ كَأَرْبَعِينَ سَنَةً (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ حَصَلَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِسَنَةٍ) أَيْ، وَإِنْ اشْتَرَطَ النَّقْدَ لِسَنَةٍ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ) أَيْ لَا تَمْثِيلٌ لِئَلَّا يَكُونَ سَاكِتًا عَنْ أَرْضِ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يُعْلَمُ حُكْمُ النَّقْدِ فِيهَا مَعَ نَصِّ الْإِمَامِ عَلَى جَوَازِهِ فِيهَا، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ كَافِ التَّمْثِيلِ فَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِلَ أَرَادَ السُّكُوتَ بِاعْتِبَارِ الصَّرَاحَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ كَالنِّيلِ يَصِحُّ جَعْلُهُ تَشْبِيهًا وَيَصِحُّ جَعْلُهُ تَمْثِيلًا

أَيْ كَجَوَازِ كِرَاءِ أَرْضِ النِّيلِ الْمَأْمُونَةِ (وَالْمَعِينَةَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تُسْقَى بِالْعُيُونِ وَالْآبَارِ (فَيَجُوزُ) كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ، وَلَوْ لِأَرْبَعَيْنِ عَامًا كَمَا مَرَّ (وَيَجِبُ) النَّقْدُ (فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ) بِالْفِعْلِ أَيْ يُقْضَى لِرَبِّهَا بِالْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِمَّا اكْتَرَاهُ، وَأَمَّا أَرْضُ السَّقْيِ وَالْمَطَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْتَرِي نَقْدُ الْكِرَاءِ حَتَّى يَتِمَّ زَرْعُهَا وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ، وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ مِنْ أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ لَا يَجِبُ فِيهَا النَّقْدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (قَدْرِ) أَذْرُعٍ أَوْ فَدَادِينَ (مِنْ أَرْضِك) الْمُعَيَّنَةِ (إنْ عَيَّنَ) الْقَدْرَ أَيْ جِهَتَهُ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا أَوْ (تَسَاوَتْ) الْأَرْضُ فِي الْجُودَةِ أَوْ فِي ضِدِّهَا، وَفِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاخْتَلَفَتْ مُنِعَ وَاحْتَرَزَ بِالْقَدْرِ مِنْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ كَرُبُعٍ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ مُفْرَدًا. (وَ) جَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ (عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا) الْمُكْتَرِي (ثَلَاثًا) مَثَلًا وَيَزْرَعَهَا فِي الْحَرْثَةِ الرَّابِعَةِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَأْمُونَةِ إذْ غَيْرُهَا يَفْسُدُ فِيهَا الْكِرَاءُ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ (أَوْ) عَلَى أَنْ (يُزَبِّلَهَا) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ (إنْ عُرِفَ) مَا يُزَبِّلُهَا بِهِ نَوْعًا وَقَدْرًا كَعَشَرَةِ أَحْمَالٍ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مُنِعَ، وَفَسَدَ الْكِرَاءُ، وَالْأُجْرَةُ فِي ذَلِكَ إمَّا الْحَرْثُ أَوْ التَّزْبِيلُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ مَثَلًا؛ لِأَنَّ لِمَا ذُكِرَ مَنْفَعَةً تَبْقَى فِي الْأَرْضِ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (أَرْضٍ) مُكْتَرَاةٍ (سِنِينَ) مَاضِيَةٍ (لِذِي شَجَرٍ بِهَا) غَرَسَهُ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ هَذَا الْمُكْتَرِي أَيْ أَنْ يُكْرِيَهَا الْآنَ (سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً) تَلِي مُدَّةَ الْأُولَى إذَا كَانَ الشَّجَرُ لَك يَا مُكْتَرِي بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الشَّجَرُ (لِغَيْرِك) بِأَنْ تَكُونَ اكْتَرَيْتَ الْأَرْضُ سِنِينَ فَ أَكَرَيْتَهَا لِغَيْرِك فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَفِيهَا شَجَرُهُ أَرَدْت أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً فَيَجُوزُ، وَلَك أَنْ تَأْمُرَ الْغَارِسَ بِقَلْعِ شَجَرِهِ أَوْ تَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ كَجَوَازِ كِرَاءِ أَرْضِ النِّيلِ الْمَأْمُونَةِ) أَيْ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا، وَلَوْ لِأَرْبَعِينَ بِشَرْطِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: إذَا رُوِيَتْ بِالْفِعْلِ) أَيْ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَذَلِكَ بِانْكِشَافِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا إلَّا بِأَمْرَيْنِ الرَّيِّ بِالْفِعْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِالِانْكِشَافِ لَا بِأَحَدِهِمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ اُنْظُرْ بْن ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ فِيمَا أُكْرِيَتْ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ نَقْدٌ، وَلَا عَدَمُهُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ اُشْتُرِطَ عَدَمُهُ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَانَ مَأْمُونًا مِنْ أَرْضِ النِّيلِ وَالْمَطَرِ، وَأَرْضِ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ يَجُوزُ فِيهَا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ، وَلَوْ أُكْرِيَتْ لِأَعْوَامٍ كَثِيرَةٍ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ وَسَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ أَوْ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ حِينَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِكَشْفِ الْمَاءِ عَنْهَا، وَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ فَلَا يَقْضِي بِالنَّقْدِ فِيهَا إلَّا إذَا تَمَّ زَرْعُهَا وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ كِرَاءُ قَدْرِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَقَدْرِ عَطْفٌ عَلَى حَمَّامٍ (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْضِك) أَيْ كَ أُكْرِيكَ فَدَّانَيْنِ مِنْ أَرْضِي الَّتِي بِحَوْضِ كَذَا أَوْ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِي الْفُلَانِيَّةِ فَيَجُوزُ إذَا عَيَّنَ الْجِهَةَ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا ذَلِكَ الْقَدْرُ، كَأَنْ يَقُولَ مِنْ الْجِهَةِ الْبَحْرِيَّةِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْجِهَةَ لَكِنْ تَسَاوَتْ الْأَرْضُ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَرْضِ الزِّرَاعَةِ أَوْ فِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ) أَيْ الْجِهَةُ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَتْ أَيْ الْأَرْضُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَمَا لَوْ قَالَ أُكْرِيكَ فَدَّانَيْنِ مِنْ أَرْضِي الْفُلَانِيَّةِ بِكَذَا وَالْحَالُ أَنَّ أَرْضَهُ الْفُلَانِيَّةَ بَعْضُهَا جَيِّدٌ وَبَعْضُهَا رَدِيءٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ) أَيْ تَعْيِينُ الْجِهَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْجُزْءُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ رُبُعُهَا شَائِعًا كَانَتْ كُلُّهَا جَيِّدَةً أَوْ رَدِيئَةً أَوْ بَعْضُهَا جَيِّدٌ وَالْبَعْضُ رَدِيءٌ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَطَفَ عَلَى حَمَّامٍ مَحْذُوفًا وَهُوَ أَرْضٌ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي الْمَأْمُونَةِ) أَيْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمَأْمُونَةِ فَمَحَلُّ جَوَازِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِشَرْطِ حَرْثِهَا ثَلَاثًا أَوْ شَرْطِ تَزْبِيلِهَا إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةَ الرَّيِّ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَنَقْدٍ بِشَرْطٍ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْثِ وَالتَّزْبِيلِ مَنْفَعَةٌ تَبْقَى بِالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ) صَوَابُهُ بِتَخْفِيفِهَا كَمَا قَالَ بْن؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ أَنَّ زَبَلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ، وَأَنَّهُ يُقَالُ زَبَلَ الْأَرْضَ يَزْبِلُهَا زِبْلًا إذَا أَصْلَحَهَا بِالزِّبْلِ (قَوْلُهُ: نَوْعًا) أَيْ إذَا عَرَفَ نَوْعَ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ مِنْ كَوْنِهِ زِبْلَ حَمَامٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ رَمَادٍ أَوْ سِبَاخٍ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ نَوْعِ الزِّبْلِ؛ لِأَنَّ مَا يَزْبِلُ بِهِ الْأَرْضَ أَنْوَاعٌ كَمَا عَلِمْت وَاشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَخْتَلِفُ فَبَعْضُهَا ضَعِيفُ الْحَرَارَةِ فَيُقَوِّيهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ وَبَعْضُهَا قَوِيُّ الْحَرَارَةِ فَيُحْرِقُ زَرْعَهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مُنِعَ، وَفَسَدَ الْكِرَاءُ) قَالَ عبق، وَإِذَا فَسَدَ وَزَرَعَ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ زَرْعُهُ فَلَهُ مَا زَادَهُ عَمَلُهُ فِي كِرَائِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَإِنْ تَمَّ زَرْعُهُ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأُجْرَةُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا إذَا شَرَطَ حَرْثَهَا ثَلَاثًا أَوْ شَرَطَ تَزْبِيلَهَا. (قَوْلُهُ: مُكْتَرَاةٍ سِنِينَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ السِّنِينَ الْأُولَى مَعْمُولَةٌ لِنَعْتِ أَرْضٍ، وَهُوَ مُكْتَرَاةٌ وَقَوْلُهُ: مُسْتَقْبَلَةً صِفَةٌ لِسِنِينَ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَعْمُولَةٌ لِكِرَاءٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ أَنْ يُكْرِيَهَا الْآنَ سِنِينَ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ

أَوْ يُرْضِيَك (لَا زَرْعٍ) لِلْغَيْرِ أَيْ لَا إنْ كَانَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ زَرْعًا لِغَيْرِك فَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَكْتَرِيَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُدَّةً مِنْهَا الْمُدَّةُ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الزَّرْعُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ بِخِلَافِ الشَّجَرِ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْمَنْعَ بِمَا إذَا كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا جَازَ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ كَالشَّجَرِ ضَعِيفٌ. (وَ) جَازَ (شَرْطُ كَنْسِ مِرْحَاضٍ) عَلَى غَيْرِ مَنْ قَضَى الْعُرْفُ بِلُزُومِهِ لَهُ مِنْ مُكْرٍ أَوْ مُكْتَرٍ وَعُرْفُ مِصْرَ أَنَّ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الْوَقْفِ وَالْمَمْلُوكَةَ عَلَى الْمُكْرِي (وَ) شَرْطُ (مَرَمَّةٍ) عَلَى الْمُكْتَرِي أَيْ إصْلَاحُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ أَوْ الْحَمَّامُ مَثَلًا مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ (وَ) شَرْطُ (تَطْيِينٍ) لِدَارٍ أَيْ جَعْلُ الطِّينِ عَلَى سَطْحِهَا إنْ احْتَاجَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ) عَلَى الْمُكْتَرِي إمَّا فِي مُقَابَلَةِ سُكْنَى مَضَتْ أَوْ بِاشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ الْكِرَاءِ أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ (لَا إنْ لَمْ يَجِبْ) فَلَا يَجُوزُ (أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ مِنْ الْمَرَمَّةِ وَالتَّطْيِينِ (مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي) فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ (أَوْ حَمِيمِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى إنْ لَمْ يَجِبْ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ (أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ أَوْ نُورَتِهِمْ) بِضَمِّ النُّونِ لَمْ يَجُزْ (مُطْلَقًا) عَلِمَ الْمُكْتَرِي عَدَدَهُمْ أَمْ لَا لِلْجَهَالَةِ، وَلِذَا لَوْ عَلِمَ الْقَدْرَ وَعَلِمَ دُخُولَهُمْ فِي الشَّهْرِ مَثَلًا الْمَرَّةَ أَوْ الْمَرَّتَيْنِ جَازَ، كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ شَيْئًا مَعْلُومًا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ، وَأَرْضٍ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ، وَفِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لِغَيْرِك الْتِفَاتٌ مِنْ الْغَيْبَةِ لِلْحُضُورِ، وَمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ غَيْرُ مُنْدَرِجٍ فِيمَا قَبْلَهَا كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا فَفِيهِ رَكَاكَةٌ وَبَالَغَ عَلَى الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِانْتِفَاعِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ (قَوْلُهُ: أَوْ يُرْضِيَكَ) أَيْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ الْمُدَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لِأَجْلِ بَقَاءِ غَرْسِهِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْمُدَّةُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ اكْتِرَاءِ غَيْرِ رَبِّ الزَّرْعِ لِلْأَرْضِ إذَا كَانَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْغَرَضِ مِنْ الزَّرْعِ لِتَلَفِ الزَّرْعِ إذَا قُلِعَ بِخِلَافِ الشَّجَرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا بَعْدَ تَمَامِ الزَّرْعِ جَازَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَطِبْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ) أَيْ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ إلَى تَمَامِ الْغَرَضِ مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّجَرِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ فَقَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ أَمْرُ الزَّرْعِ فِيهَا فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى تَلَفِ زَرْعِهِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَقْبِضُ الْأَرْضَ قَبْلَ تَمَامِ الزَّرْعِ فَالْمَنْعُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّارِعُ أَنَّ الزَّرْعَ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَمْ لَا، وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَقْبِضُ الْأَرْضَ بَعْدَ تَمَامِ الزَّرْعِ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ كَنْسِ مِرْحَاضٍ) أَيْ وَجَازَ لِمَنْ قَضَى الْعُرْفُ بِأَنَّ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ عَلَيْهِ مِنْ مُكْرٍ أَوْ مُكْتَرٍ اشْتِرَاطُ كَنْسِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَإِنَّ انْتَفَيَا فَعَلَى الْمُكْرِي، وَهَلْ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْكِرَاءِ أَوْ الْحَادِثِ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي ذَلِكَ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: وَمَرَمَّةٍ وَتَطْيِينٍ) اعْلَمْ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَجْهُولَيْنِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا عَلَى الْمُكْتَرِي إلَّا مِنْ الْكِرَاءِ لَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ لِمَرَمَّةٍ أَوْ تَطْيِينٍ فَرَمُّهَا أَوْ طِينُهَا مِنْ الْكِرَاءِ. وَأَمَّا إنْ كَانَا مَعْلُومَيْنِ كَأَنْ يُعَيِّنَ لِلْمُكْتَرِي مَا يَرُمُّهُ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ التَّطْيِينَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فِي السَّنَةِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ الْكِرَاءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى إذَا كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَرَمَّةِ وَالتَّطْيِينِ الْمَجْهُولَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمُشْتَرَطُ فِيهِمَا كَوْنُهُمَا مِنْ الْكِرَاءِ، لَكِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُهُ لِلْكِرَاءِ بِكَوْنِهِ وَاجِبًا فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَجَعَلَهُ الْقَابِسِيُّ مَحَلَّ نَظَرٍ، وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِخِلَافِهِ، فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي اعْتِمَادِهِ قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَتْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ جَوَازُ اشْتِرَاطِ التَّطْيِينِ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ إذَا لَمْ يُسَمِّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ، وَأَمَّا إذَا سَمَّى مَرَّاتٍ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ أَوْ مِنْ كِرَاءٍ لَمْ يَجِبْ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي وَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَكِرَاءٌ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ هَذَا لَمُنِعَ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ مُطْلَقًا فِي كُلِّ كِرَاءٍ لَكِنَّ اللَّازِمَ بَاطِلٌ، وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ شَرْطُ الْمُكْرِي الرَّمَّ أَوْ التَّطْيِينَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ عِنْدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مَجْهُولَانِ فَلِلْمُكْرِي قِيمَةُ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي وَلِلْمُكْتَرِي قِيمَةُ مَا رَمَّ أَوْ طَيَّنَ مِنْ عِنْدِهِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ جَرِّ صِفَةٍ لِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا مِنْ كِرَاءٍ لَمْ يَجِبْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُكْرِي عَلَى مُكْتَرِي الْحَمَّامِ حَمِيمَ أَهْلِهِ أَوْ نُورَتَهُمْ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ قَدْرَ عِيَالِ الْمُكْرِي أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ دُخُولَهُمْ) أَيْ مِقْدَارَ دُخُولِهِمْ فِي الشَّهْرِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَوَازَ مَنُوطٌ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ بِهِمَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ عَلِمَ قَدْرَ دُخُولِهِمْ دُونَ قَدْرِهِمْ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ أَوْ النُّورَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ شَيْئًا مَعْلُومًا) أَيْ مِنْ الْمَرَّاتِ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ مِنْ النُّورَةِ

(أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي اُكْتُرِيَتْ (بِنَاءٌ) نَائِبُ فَاعِلِ يُعَيَّنْ (وَغَرْسٌ وَبَعْضُهُ أَضَرُّ) مِنْ بَعْضٍ (وَلَا عُرْفَ) يُصَارُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ فَإِنْ بَيَّنَ نَوْعَ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يُبْنَى فِيهَا مِنْ دَارٍ أَوْ مَعْصَرٍ أَوْ رَحًا وَكَذَا الْغَرْسُ جَازَ كَمَا لَوْ جَرَى عُرْفٌ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ. (وَكِرَاءُ وَكِيلٍ) مُفَوَّضٍ أَمْ لَا لِأَرْضِ أَوْ دَارِ مُوَكِّلِهِ أَوْ دَابَّتِهِ (بِمُحَابَاةٍ أَوْ عَرَضٍ) لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ كِرَاءُ مَا ذَكَرَ بِالنَّقْدِ وَلِلْمُوَكِّلِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَفُتْ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْمُحَابَاةِ كِرَاءِ الْمِثْلِ فِي الْعَرَضِ فَإِنْ أَعْدَمَ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُكْتَرِي، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَمِثْلُ الْوَكِيلِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَكَذَا الْوَصِيُّ بِجَامِعِ التَّصَرُّفِ فِي الْكُلِّ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ. (أَوْ) كِرَاءُ (أَرْضٍ مُدَّةً) كَعَشْرِ سِنِينَ (لِغَرْسٍ) مَعْلُومٍ (فَإِنْ انْقَضَتْ) الْمُدَّةُ (فَهُوَ) أَيْ الْمَغْرُوسُ يَكُونُ (لِرَبِّ الْأَرْضِ) مِلْكًا (أَوْ نِصْفُهُ) مَثَلًا لَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَاهَا بِشَجَرٍ لَا يَدْرِي أَيَسْلَمُ لِانْقِضَائِهَا أَمْ لَا، فَالْأُجْرَةُ هِيَ الشَّجَرُ أَوْ نِصْفُهُ صَاحَبَهُ دَرَاهِمُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: فَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ مِنْ الْآنَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا آجَرَ بِهِ مَعْلُومٌ مَرْئِيٌّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَقِيلَ إنَّهُ كِرَاءٌ فَاسِدٌ فَالْغَرْسُ لِمَنْ غَرَسَهُ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ الْمِثْلِ وَيَفُوتُ الْغَرْسُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهَا وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَرْسِهِ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ) عَطْفٌ عَلَى إنْ لَمْ يَجِبْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ فِيهَا مَا شَاءَ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا مِنْهُمَا حِينَ الْعَقْدِ وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ أَضَرُّ مِنْ بَعْضٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ عُرْفٌ بِمَا يُفْعَلُ فِي الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْمَنْعُ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُكْتَرِي اصْنَعْ بِهَا كَيْفَ شِئْت وَقِيلَ يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى الْأَضَرِّ (قَوْلُهُ: وَلَا عُرْفَ) أَيْ فِيمَا يُفْعَلُ فِي الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَفْعَلُ الْبِنَاءَ وَبَعْضُهُمْ يَفْعَلُ الْغَرْسَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ إلَخْ) الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِجَوَازِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ وَصِحَّتِهِ عِنْدَ الْإِجْمَالِ لَكِنْ يُمْنَعُ الْمُكْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ فِعْلِ مَا فِيهِ ضَرَرٌ، وَأَنَّ غَيْرَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ، وَفَسَادِهِ حِينَئِذٍ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عَلَى مَذْهَبِهِ كَمَا زَعَمَ عبق اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ نَوْعَ الْبِنَاءِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَبْنِي فِيهَا أَوْ يَغْرِسُ فِيهَا أَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَبْنِي فِيهَا دَارًا إلَخْ جَازَ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُوَكِّلِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَفُتْ) أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَخْ) قَالَ الْوَانُّوغِيُّ نَقْلًا عَنْ الْقَابِسِيِّ مَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُكْتَرِي بِأَنَّ الْوَكِيلَ الَّذِي أَكْرَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ كَانَ الْوَكِيلُ وَالْمُكْتَرِي غَرِيمَيْنِ يَرْجِعُ الْمَالِكُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْمُحَابَاةِ) أَيْ، وَلَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُكْتَرِي بِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُكْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْوَكِيلِ نَاظِرُ الْوَقْفِ) أَيْ فَإِذَا حَابَى النَّاظِرُ فِي الْكِرَاءِ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ إنْ لَمْ يَفُتْ الْكِرَاءُ فَإِنْ فَاتَ كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الرُّجُوعُ عَلَى النَّاظِرِ بِالْمُحَابَاةِ إنْ كَانَ مَلِيًّا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي فَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ مُعْدِمًا رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّونَ عَلَى الْمُكْتَرِي، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ إنْ أَكْرَى النَّاظِرُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ فَإِنْ أَكْرَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ، وَلَوْ بِزِيَادَةٍ زَادَهَا شَخْصٌ عَلَى الْمُكْتَرِي وَأَمَّا إنْ أَكْرَى بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ إذَا زَادَ عَلَيْهِ شَخْصٌ آخَرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا يُفْسَخُ، وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِهِمْ الزِّيَادَةُ فِي الْوَقْفِ مَقْبُولَةٌ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا هُنَا وَلَعَلَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَكْرَى بِمُحَابَاةٍ وَوَجَدَ مَنْ يَكْتَرِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِغَرْسٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَتُهَا مُدَّةً لِبِنَاءٍ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَكُونُ الْبِنَاءُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةً، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ آجَرْتَهُ أَرْضَكَ لِيَبْنِيَ فِيهَا وَيَسْكُنَ عَشَرَ سِنِينَ ثُمَّ يَخْرُجَ وَيَدَعَ الْبِنَاءَ فَإِنْ بَيَّنَ صِفَةَ الْبِنَاءِ وَالْمُدَّةَ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا الْمُكْتَرِي فَهُوَ جَائِزٌ، وَهُوَ إجَارَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا إذَا قَالَ أَسْكُنُ مَا بَدَا لِي فَإِنْ وَقَعَ فَلَكَ كِرَاءُ أَرْضِك، وَلَك أَنْ تُعْطِيَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا (قَوْلُهُ: أَوْ نِصْفُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى هُوَ أَيْ فَهُوَ أَوْ نِصْفُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةً لَهَا مُدَّةَ غَرْسِ الْغَارِسِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ) أَيْ، وَهَذِهِ مُغَارَسَةٌ لَا إجَارَةٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهَا إجَارَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ جَعَلَ الْغَرْسَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: فَقِيلَ إنَّهُ كِرَاءٌ فَاسِدٌ) أَيْ أَنَّ رَبَّ الْغَرْسِ اكْتَرَى الْأَرْضَ كِرَاءً فَاسِدًا لِلْجَهْلِ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَيَفُوتُ بِالْغَرْسِ) أَيْ وَيَفُوتُ ذَلِكَ الْكِرَاءُ الْفَاسِدُ بِالْغَرْسِ فَهُوَ مَانِعٌ مِنْ فَسْخِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمَنَافِعِ الْأَرْضِ وَحَكَمْنَا بِفَسَادِهِ وَشَأْنُ الْفَاسِدِ الْفَسْخُ وَالْفَسْخُ عِنْدَ عَدَمِ التَّغَيُّرِ، وَالْغَرْسُ مُغَيِّرٌ لِلْأَرْضِ فَلِذَا عُدَّ مُفَوِّتًا وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لِلْمُكْتَرِي الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْأَرْضِ الْمُدَّةَ الْمُسَمَّاةَ، وَالْغَرْسُ لَهُ وَعَلَيْهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ الْمِثْلِ لِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ وَبَعْدَهَا يَكُونُ الْغَارِسُ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي يَقُولُ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِمَنَافِعِ الْعَاقِدِ وَالْعَاقِدُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ تَغَيُّرًا فَلِذَا حَكَمَ بِالْفَسْخِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ. انْتَهَى عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ)

وَيُطَالِبُهُ بِمَا اسْتَغَلَّهُ مِنْ الثَّمَرِ فِيمَا مَضَى. (وَالسَّنَةُ فِي) أَرْضِ (الْمَطَرِ) وَكَذَا أَرْضُ النِّيلِ تَنْقَضِي (بِالْحَصَادِ) كَانَتْ تُزْرَعُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَمَنْ اسْتَأْجَرَهَا سَنَةَ أَيَّامِ نُزُولِ الْمَطَرِ أَوْ أَيَّامِ رَيِّهَا بِالنِّيلِ فَإِنْهَاءُ السَّنَةِ جَذُّ الزَّرْعِ، سَوَاءٌ كَانَ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ قَصَبًا أَوْ غَيْرَهَا وَيَشْمَلُ الْجَذُّ الرَّعْيَ فِي نَحْوِ الْبِرْسِيمِ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يَخْلُفُ فَبِآخِرِ بَطْنٍ (وَفِي) أَرْضِ (السَّقْيِ بِالشُّهُورِ) اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ الْعَقْدِ (فَإِنْ تَمَّتْ) السَّنَةُ (وَلَهُ) فِيهَا (زَرْعٌ أَخْضَرُ) أَوْ ثَمَرٌ لَمْ يَطِبْ لَزِمَ رَبَّ الْأَرْضِ إبْقَاؤُهُ، وَإِذَا أَبْقَاهُ (فَكِرَاءُ مِثْلِ الزَّائِدِ) عَلَى السَّنَةِ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ السَّنَةِ شَهْرَيْنِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهِمَا بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَ الْمِثْلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ ظَنَّ الزَّارِعُ تَمَامَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَإِذَا انْتَثَرَ) بِآفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لِلْمُكْتَرِي) أَرْضًا فَزَرْعًا (حَبٌّ) مِنْ زَرْعِهِ فِي الْأَرْضِ (فَنَبَتَ) زَمَنًا (قَابِلًا) فِي عَامِهِ أَوْ الْعَامِ الْقَابِلِ (فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) لِإِعْرَاضِ رَبِّهِ عَنْهُ بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِ بِالْحَصَادِ وَلِذَا لَوْ بَقِيَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ، وَمَفْهُومُ انْتَثَرَ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ فِي سَنَتِهِ بَلْ فِي قَابِلٍ كَانَ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ كِرَاءَ الْعَامِ الْمَاضِي إنْ كَانَ لِغَيْرِ عَطَشٍ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَأْتِي (كَمَنْ) أَيْ كَشَخْصٍ لَهُ أَرْضٌ (جَرَّهُ) أَيْ جَرَّ الْحَبَّ (السَّيْلُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى أَرْضِهِ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ الْمَجْرُورِ إلَيْهَا الْحَبُّ لَا لِرَبِّ الْحَبِّ، وَالنِّيلُ كَالسَّيْلِ وَالزَّرْعُ كَالْحَبِّ عَلَى قَوْلٍ، وَالثَّانِي لِرَبِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ رَبَّ الشَّجَرِ عَلَى الْعَمَلِ وَالْغَرْسِ إجَارَةً فَاسِدَةً. (قَوْلُهُ: وَيُطَالِبُهُ) أَيْ وَيُطَالِبُ رَبُّ الْأَرْضِ الْغَارِسَ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ تُزْرَعُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ تُزْرَعُ مِرَارًا فَانْتِهَاءُ السَّنَةِ بِالْحَصَادِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَيَّامَ نُزُولِ الْمَطَرِ أَوْ أَيَّامَ رَيِّهَا) أَيْ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: جَذُّ الزَّرْعِ أَيْ سَوَاءٌ مَكَثَ فِي الْأَرْضِ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ فِيهَا زَرْعٌ أَخْضَرُ) أَيْ فِي أَرْضِ السَّقْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَمَرٌ لَمْ يَطِبْ) أَيْ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُلْحَقُ بِالزَّرْعِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤَبَّرِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْأَرْضِ إبْقَاؤُهُ لِتَمَامِ طِيبِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبَهُ بِقَلْعِ النَّخْلِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إبْقَاؤُهُ) أَيْ إلَى تَمَامِ طِيبِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهِمَا) أَيْ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيهِمَا، وَقَوْلُهُ: بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَيْ، وَلَا يُعْتَبَرُ كِرَاؤُهُمَا بِالنَّظَرِ لِلسَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بَلْ يَنْظُرُ لَهُمَا فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا إذْ قَدْ يَكُونُ كِرَاؤُهُمَا أَغْلَى أَوْ أَرْخَصَ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَى بِهِ السَّنَةَ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ فَإِذَا قِيلَ دِينَارٌ قِيلَ، وَمَا قِيمَةُ السَّنَةِ كُلِّهَا فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ فَقَدْ وَقَعَ لِلزِّيَادَةِ مِثْلُ كِرَاءِ خُمُسِ السَّنَةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ الْمُسَمَّى، وَمِثْلُ خُمُسِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ زَرَعَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ تَأَخُّرَهُ عَنْ مُدَّةِ الْكِرَاءِ بِأَمَدٍ كَثِيرٍ فَلِرَبِّهَا قَلْعُهُ أَوْ تَرْكُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ عَلَى حِسَابِ الْمُسَمَّى وَكِرَاءُ مِثْلِهِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ تَأَخُّرَهُ عَنْ أَمَدِ الْكِرَاءِ بِأَمَدٍ قَلِيلٍ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ، وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَدْ وَقَعَ الْحُكْمُ مِنْ بَعْضِ الْقُضَاةِ بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَحَكَمْتُ بِهِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ ح فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاؤُهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ الْأَشْبَهَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاءُ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ فَصَارَ مَقْبُوضًا بِالْعَقْدِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهَا إنَّمَا هُوَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فِي أَرْضِهِ وَنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِكَوْنِ ضَمَانِهَا مِنْ الْبَائِعِ لِكَوْنِهَا فِي أُصُولِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِآفَةٍ) أَيْ كَبَرَدٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ أَوْ شَرْدٍ (قَوْلُهُ: فِي الْأَرْضِ) أَيْ الَّتِي اكْتَرَاهَا وَزَرَعَهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) اُنْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رَبٌّ، وَأَعْرَضَ ذَلِكَ الزَّارِعُ عَنْهَا بَعْدَ حَصَادِ زَرْعِهِ مِنْهَا هَلْ يَكُونُ لِرَبِّ الْحَبِّ أَوْ مُبَاحًا كَالْعُشْبِ. اهـ. عج (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَوْ بَقِيَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ) أَيْ لَا لِرَبِّ الْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ اكْتَرَاهَا قَابِلًا عَقِبَ اكْتِرَائِهِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَكْرَاهَا رَبُّهَا لِغَيْرِهِ وَنَبَتَ فِي مُدَّتِهِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ لَا لِلْمُكْتَرِي الثَّانِي وَيُحَطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي الثَّانِي مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا أَشْغَلَهُ ذَلِكَ الْحَبُّ مِنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِغَيْرِ عَطَشٍ) أَيْ إنْ كَانَ عَدَمُ نَبَاتِهِ فِي الْعَامِ الْمَاضِي لِغَيْرِ عَطَشٍ (قَوْلُهُ: وَالزَّرْعُ كَالْحَبِّ) أَيْ فَإِذَا جَرَّهُ السَّيْلُ فِي أَرْضٍ وَنَبَتَ فِي الْأَرْضِ الْمَجْرُورِ إلَيْهَا فَهُوَ لِصَاحِبِهَا وَقَوْلُهُ: عَلَى قَوْلٍ أَيْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَزَاهُ لَهَا اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لِرَبِّهِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ الْمَجْرُورِ إلَيْهَا وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي المج، وَلَوْ جَرَّ الرِّيحُ أَوْ السَّيْلُ حَبًّا مُلْقًى بِأَرْضٍ جَرِينٍ لِأَرْضٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَنْبُتْ فِيهَا فَهُوَ لِرَبِّهِ لَا لِرَبِّ الْأَرْضِ الْمُنْجَرِّ إلَيْهَا لِعَدَمِ نَبَاتِهِ بِهَا كَمَا لَوْ جَرَّ شَجَرَةً فَنَبَتَتْ وَكَانَتْ إذَا قُلِعَتْ نَبَتَتْ، وَأَرَادَ رَبُّهَا أَخْذَهَا لِيَغْرِسَهَا فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ لَا تَنْبُتُ أَوْ كَانَتْ تَنْبُتُ، وَأَرَادَ رَبُّهَا قَلْعَهَا لِيَجْعَلَهَا حَطَبًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ مَنْعُهُ مِنْ قَلْعِهَا وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً، وَأَمَّا لَوْ جَرَّ السَّيْلُ أَوْ الرِّيحُ تُرَابًا يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ رَمَادًا لِأَرْضِ آخَرَ وَطَلَبَ رَبُّهُ أَخْذَهُ فَلَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ نَبَاتِهِ، وَإِنْ طَلَبَ مَنْ جَاءَ بِأَرْضِهِ مِنْ رَبِّهِ نَقْلَهُ وَأَبَى لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَأَمَّا إنْ جَرَّهُ بِطَرِيقٍ أَوْ مَسْجِدٍ لَزِمَ رَبَّهُ نَقْلُهُ كَمَوْتِ دَابَّتِهِ بِطَرِيقٍ فَيَلْزَمُ رَبَّهَا نَقْلُهَا لَا إنْ مَاتَتْ

(وَلَزِمَ) (الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ) مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اكْتَرَاهَا مِنْ دَابَّةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ، ثُمَّ مَحَلُّ لُزُومِهِ بِالتَّمَكُّنِ مَا لَمْ يَكُنْ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ خَوْفًا عَلَى زَرْعِهِ مِنْ أَكْلِ فَأْرٍ وَنَحْوِهِ إبَّانَ الزَّرْعِ لَوْ زَرَعَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ إنْ امْتَنَعَ لِذَلِكَ، وَبَالَغَ عَلَى لُزُومِ الْكِرَاءِ بِالتَّمَكُّنِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فَسَدَ) الزَّرْعُ (لِجَائِحَةٍ) لَا دَخْلَ لِلْأَرْضِ فِيهَا كَجَرَادٍ وَجَلِيدٍ وَبَرَدٍ وَجَيْشٍ وَغَاصِبٍ وَعَدَمِ نَبَاتِ حَبٍّ بِخِلَافِ نَحْوِ الدُّودِ وَالْعَطَشِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (أَوْ غَرَقٍ) لِلْأَرْضِ (بَعْدَ) فَوَاتِ (وَقْتِ الْحَرْثِ) وَاسْتَمَرَّ حَتَّى فَاتَ إبَّانُ مَا يُزْرَعُ فِيهَا مُطْلَقًا لَا مَا حُرِثَتْ لَهُ فَقَطْ فَيَلْزَمُ الْكِرَاءُ فَأَوْلَى لَوْ انْكَشَفَتْ قَبْلَ الْإِبَّانِ، وَأَمَّا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَهُ وَانْكَشَفَتْ بَعْدَهُ فَلَا كِرَاءَ، وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ، وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ (أَوْ) تَعَطَّلَ الزَّرْعُ (لِ) أَجْلِ (عُدْمِهِ) أَيْ الْمُكْتَرِي (بَذْرًا) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إيجَارِهَا لِغَيْرِهِ وَلِذَا لَوْ عَدِمَ أَهْلُ الْمَحَلِّ الْبَذْرَ لَسَقَطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ، فَقَوْلُهُ: أَوْ عُدْمِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى جَائِحَةٍ بِتَضْمِينِ فَسَدَ مَعْنَى تَعَطَّلَ (أَوْ سَجْنِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَالْمَكَانُ الَّذِي يُسْجَنُ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ سُجِنَ ظُلْمًا أَوْ لَا لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقْصِدْ مِنْ سِجْنِهِ تَفْوِيتَهُ الزَّرْعَ، وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ عَلَى مَنْ سَجَنَهُ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى عَدَمِ زَرْعِهِ (أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ) فَيَلْزَمُ الْكِرَاءُ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا إنْ نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ، وَشُرُفَاتٌ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ ضَمِّ الرَّاءِ أَوْ فَتْحِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِدَارٍ، وَلَمْ يُدْخِلْهَا رَبُّهَا فِيهَا فَنَقْلُهَا عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَلَوْ انْهَدَمَ بِنَاءُ شَخْصٍ بِأَرْضِ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَهُ إلَّا نَقْلُ مَا لَهُ قِيمَةٌ كَالْأَخْشَابِ وَالْأَحْجَارِ لَا نَقْلُ التُّرَابِ إذْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ دَابَّةٍ دَخَلَتْ دَارًا وَحْدَهَا فَمَاتَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الْكِرَاءُ) أَيْ لِمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَارًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ وَقَوْلُهُ: بِالتَّمَكُّنِ أَيْ مِنْ الْمَنْفَعَةِ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ أَوْ عَطَّلَ كَمَا إذَا بَوَّرَ الْأَرْضَ، وَالتَّمَكُّنُ مِنْ مَنْفَعَةِ أَرْضِ النِّيلِ بِرَيِّهَا وَانْكِشَافِهَا، وَمِنْ مَنْفَعَةِ أَرْضِ الْمَطَرِ بِاسْتِغْنَاءِ الزَّرْعِ عَنْ الْمَاءِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّمَكُّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي الشَّارِحِ وعبق وخش؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ حِينَ الْعَقْدِ، قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ) أَيْ بِأَنْ عَطَّلَ كَمَا لَوْ بَوَّرَ الْأَرْضَ أَوْ أَغْلَقَ الدَّارَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ خَوْفًا عَلَى زَرْعِهِ) أَيْ أَوْ كَانَ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهِ لِفِتْنَةٍ أَوْ لِخَوْفِ مَنْ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ) أَيْ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: إنْ امْتَنَعَ لِذَلِكَ) أَيْ إذَا ثَبَتَ وُجُودُ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ امْتِنَاعَهُ لِذَلِكَ كَمَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ انْكِشَافِهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى كَثْرَةِ الدُّودِ أَوْ الْفَأْرِ وَامْتَنَعَ مِنْ زَرْعِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا بَوَّرَهَا خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي التَّمَكُّنِ وَعَدَمِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي بِيَمِينِ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمُكْتَرِي بِالتَّمَكُّنِ لَكِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ التَّمَكُّنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَعَلَى الْمُكْتَرِي إثْبَاتُ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ: وَغَاصِبٍ) أَيْ غَصَبَ الزَّرْعَ أَوْ غَصَبَ الْأَرْضَ أَوْ الْبَهَائِمَ قَبْلَ زَرْعِهَا وَكَانَ مِمَّنْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ كِرَاءٌ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُصِيبَةً نَزَلَتْ بِرَبِّ الْأَرْضِ كَمَا ذَكَرَهُ بْن فِي بَابِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الدُّودِ وَالْعَطَشِ) أَيْ بِخِلَافِ الْجَائِحَةِ الَّتِي تَنْشَأُ مِنْ الْأَرْضِ كَالدُّودِ وَنَحْوِهِ مِثْلِ الْفَأْرِ وَالْعَطَشِ فَإِنَّ هَذِهِ تَارَةً تُسْقِطُ الْكِرَاءَ وَتَارَةً تُسْقِطُ بَعْضَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْكِرَاءِ مَعَ فَسَادِ الزَّرْعِ بِالْجَائِحَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ بَعْدَ الْجَائِحَةِ مَا يُسْقِطُ الْكِرَاءَ، وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ كَمَا لَوْ حَصَلَتْ الْجَائِحَةُ السَّمَاوِيَّةُ مَثَلًا ثُمَّ حَصَلَ دُودٌ أَوْ فَأْرٌ أَوْ عَطَشٌ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ الزَّرْعُ بَاقِيًا لَسَقَطَ الْكِرَاءُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِ الْحَرْثِ) سَوَاءٌ حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَ حَرْثِهَا أَوْ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ أَيْ الْغَرَقُ حَتَّى فَاتَ إبَّانُ مَا يُزْرَعُ فِيهَا أَيْ بِحَيْثُ صَارَتْ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا إذَا انْكَشَفَتْ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْكِرَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَرَقَ بِمَنْزِلَةِ الْجَرَادِ. (قَوْلُهُ: لَوْ انْكَشَفَتْ قَبْلَ الْإِبَّانِ) أَيْ لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَهُ وَانْكَشَفَتْ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ الْإِبَّانِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ أَوْ غَرِقَتْ فِيهِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ فِيهِمَا بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ فِيهِمَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَالثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ بِالْأَوْلَى مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِعُدْمِهِ بَذْرًا) أَيْ يَبْذُرُهُ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: لَوْ عَدِمَ أَهْلُ الْمَحَلِّ إلَخْ) أَيْ عَدِمُوهُ مِلْكًا وَتَسَلُّفًا حَتَّى مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُمْ حَيْثُ عُرِفَ تَسَلُّفُهُمْ مِنْهُمْ، كَذَا يَظْهَرُ. اهـ عبق (قَوْلُهُ: بِتَضْمِينِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ فَسَادُ الزَّرْعِ الْمُقْتَضِي لِوُجُودِهِ عِنْدَ انْعِدَامِ الْبَذْرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ) أَيْ، وَهُوَ وَضْعُهُ فِي السِّجْنِ وَقَوْلُهُ: فَالْمَكَانُ أَيْ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ، وَهِيَ تَمَكُّنُهُ مِنْ إيجَارِهَا لِغَيْرِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ لَهُ فِي السِّجْنِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنْ الدُّخُولِ لَهُ فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْكِرَاءِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) أَيْ وَيُعْلَمُ قَصْدُهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ بِقَوْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ) : حَاصِلُ فِقْهِ

أَوْ سُكُونِهَا جَمْعُ شُرْفَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَلَوْ عَمَّرَ بِلَا إذْنٍ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَا شَيْءَ لَهُ. (أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ) فَالْكِرَاءُ جَمِيعُهُ عَلَى الْمُكْتَرَى وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا سَكَنَهُ (لَا إنْ نَقَصَ) الْمُنْهَدِمُ كَالشُّرُفَاتِ وَنَحْوِهَا شَيْئًا (مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ) فَيُحَطُّ عَنْهُ بِقَدْرِهِ (وَإِنْ قَلَّ) كَذَهَابِ تَبْلِيطِهَا أَوْ تَجْصِيصِهَا وَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ السُّكْنَى، وَلَا خِيَارَ لَهُ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ ضَرَرٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ إلَخْ (أَوْ) (انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا) أَيْ الدَّارِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِيهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَيُحَطُّ عَنْهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِشُمُولِ مَا قَبْلَهُ لَهُ لَكِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِأَوْ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا قَبْلَهُ عَلَى مَا لَا يَشْمَلُهُ (أَوْ سَكَنَهُ) أَيْ الْبَيْتَ مِنْهَا (مُكْرِيهِ) أَوْ شَغَلَهُ بِمَتَاعِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْهُ (أَوْ لَمْ يَأْتِ) مُكْرِيهِ (بِسُلَّمٍ لِلْأَعْلَى) الْمُحْتَاجِ لِلسُّلَّمِ (أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ) فِي الْإِبَّانِ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ غَرِقَ) فِي الْإِبَّانِ وَاسْتَمَرَّ حَتَّى فَاتَ أَيْ، وَلَيْسَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ، وَإِلَّا انْفَسَخَ الْكِرَاءُ وَغَرِقَ وَعَطِشَ كَفَرِحَ وَقَوْلُهُ: (فَبِحِصَّتِهِ) قِيمَةً لَا مِسَاحَةً رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتِّ الْمُخَرَّجَةِ بِلَا، وَهَذَا إذَا أَقَامَ وَخَاصَمَ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْكِرَاءُ (وَخُيِّرَ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ (فِي) حُدُوثِ (مُضِرٍّ) ، وَلَوْ مَعَ نَقْصِ مَنَافِعَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (كَهَطْلٍ) أَيْ تَتَابُعِ مَطَرٍ وَالْمُرَادُ نُزُولُهُ مِنْ السَّقْفِ لِخِفَّتِهِ وَكَهَدْمِ أَوْ خَرَابِ بَاذَهَنْجُ، وَهَدْمِ سَاتِرٍ أَوْ بَيْتٍ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْهَدْمَ فِي الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ إمَّا يَسِيرٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ، وَلَا يُنْقِصُ شَيْئًا مِنْ الْكِرَاءِ كَالشُّرُفَاتِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ يَلْزَمُهُ السُّكْنَى مِنْ غَيْرِ حَطٍّ الثَّانِي مَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ لَكِنْ يُنْقِصُ مِنْ الْكِرَاءِ كَقَلْعِ الْبَلَاطِ وَسُقُوطِ الْبَيَاضِ وَيَلْزَمُ السُّكْنَى وَيَحُطُّ بِقَدْرِهِ الثَّالِثُ مَا هُوَ مُضِرٌّ كَالْهَطْلِ فَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي بَيْنَ السُّكْنَى بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ، وَإِمَّا كَثِيرٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنْ يَعِيبَ السُّكْنَى، وَلَا يُبْطِلُ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ الدَّارِ كَذَهَابِ تَحْصِينِهَا فَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ الثَّانِي أَنْ يُبْطِلَ بَعْضَ الْمَنَافِعِ كَانْهِدَامِ بَيْتٍ مِنْ ذَاتِ بُيُوتٍ فَيَسْكُنُ وَيُحَطُّ عَنْهُ بِقَدْرِهِ الثَّالِثُ أَنْ يُبْطِلَ مَنَافِعَ أَكْثَرِ الدَّارِ فَيُخَيَّرُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ اسْتَوْفَى الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ السِّتَّةَ. (قَوْلُهُ: جَمْعُ شُرْفَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ) أَيْ كَغُرْفَةٍ، وَفِي الْأَلْفِيَّةِ: وَالسَّاكِنُ الْعَيْنُ الثُّلَاثِيُّ اسْمًا أَنِلْ ... إتْبَاعَ عَيْنِ فَائِهِ بِمَا شُكِلَ وَسَكِّنْ التَّالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ أَوْ ... خَفِّفْهُ بِالْفَتْحِ فَكُلًّا قَدْ رَوَوْا (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَمَّرَ بِلَا إذْنٍ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ عَمَّرَ الْمُكْتَرِي الشُّرُفَاتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ الَّذِي هُوَ الْمُكْرِي كَانَ مُتَبَرِّعًا بِمَا أَنْفَقَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ، وَلَهُ أَخْذُ نَقْصِهَا إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ يَعْنِي بِإِذْنِ الْمُكْتَرِي، وَلَوْ ضِمْنًا بِأَنْ سَكَتَ أَوْ غَصْبًا وَكَانَتْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ بَلْ يُحَطُّ عَنْهُ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ الْغَاصِبُ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَبِغَصْبِ الدَّارِ وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ، وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْبَقَاءِ وَالْفَسْخِ وَبَيْنَ مَا هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَيَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ غَصَبَ جَمِيعَ الدَّارِ، وَهُنَا غَصَبَ بَعْضَهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ وَقَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ أَيْ مَحَلُّ اللُّزُومِ وَعَدَمُ الْخِيَارِ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ ضَرَرٌ إلَخْ قَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ جَعْلُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ قَلَّ لِلْحَالِ وَيَكُونُ مَعْنَى الْقَلِيلِ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُكْتَرِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ هَذَا قَيْدًا زَائِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَأْتِ بِسُلَّمٍ لِلْأَعْلَى) أَيْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ السُّلَّمُ قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَبَى صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَلَمْ يَجْعَلْ لِلْعُلُوِّ سُلَّمًا، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُكْتَرِي حَتَّى انْقَضَتْ السَّنَةُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لِمَا يُصِيبُ ذَلِكَ الْعُلُوَّ مِنْ الْكِرَاءِ وَيُطْرَحُ عَنْ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ مَنَافِعِ الدَّارِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَتَسْلِيمُهُ لِلْعُلُوِّ هُوَ بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُ سُلَّمًا يَرْقَى عَلَيْهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ لَهُ الدَّارَ وَفِيهَا عُلُوٌّ لَا يَرْقَى إلَيْهِ إلَّا بِسُلَّمٍ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ سُلَّمًا يَرْتَقِي عَلَيْهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ دَلْوًا وَحَبْلًا يَصِلُ بِهِمَا لِمَاءِ الْبِئْرِ لِأَنَّ مَا بَاعَهُ إلَيْهِ قَدْ أَسْلَمَهُ إلَيْهِ فَهُوَ إنْ شَاءَ سَكَّنَهُ، وَإِنْ شَاءَ هَدَمَهُ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَا شَاءَ كَوْنُهُ بِلَا سُلَّمٍ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: فِي الْإِبَّانِ) الْمُرَادُ بِالْإِبَّانِ وَقْتُ الْحَرْثِ الْغَالِبِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا نَفْسُ الْأَرْضِ بِانْفِرَادِهَا. وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَرِقَ فِي الْإِبَّانِ) أَيْ لَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَرَقِ وَالْعَطَشِ أَنَّهُ فِي الْعَطَشِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ إذْ عَلَى الْمُكْرِي سَقْيُ أَرْضِهِ بِخِلَافِ الْغَرَقِ فَإِنَّهُ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْ حُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَالْغَرَقُ بَعْدَهُ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: قِيمَةً إلَخْ أَيْ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ لَا بِحَسَبِ الْمِسَاحَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ الْكِرَاءُ) أَيْ مَا سَمَّى مِنْ الْأُجْرَةِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ نَقْصِ مَنَافِعَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُضِرُّ غَيْرَ مُصَاحِبٍ لِنَقْصِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ كَالْهَطْلِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ مُصَاحِبًا لِنَقْصِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ كَهَدْمِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ خِلَافًا لعبق حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ الْمُضِرَّ الْمُصَاحِبَ لِإِسْقَاطِ الْمَنَافِعِ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ وَيُحَطُّ بِقَدْرِهِ. (قَوْلُهُ: قَلَّ أَوْ كَثُرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُضِرُّ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بَاذَهَنْجُ) أَيْ، وَهُوَ مَلْقَفُ الْهَوَاءِ (قَوْلُهُ: وَهَدْمِ سَاتِرٍ) أَيْ، وَهَدْمِ سَاتِرِ الدَّارِ الْمُحَصِّنِ لَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْتٍ مِنْهَا) أَيْ أَوْ هَدْمِ بَيْتٍ مِنْهَا وَالْحَالُ أَنَّ فِيهِ ضَرَرًا كَثِيرًا عَلَى السَّاكِنِ، وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ هَدْمَ الْبَيْتِ

(فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ) جَمِيعُهُ لَازِمٌ لَهُ. وَشُبِّهَ فِي لُزُومِ الْكِرَاءِ قَوْلُهُ: (كَعَطَشِ) (أَرْضُ صُلْحٍ) صَالَحَ السُّلْطَانُ الْكُفَّارَ عَلَيْهَا وَزَرَعُوهَا فَعَطِشَتْ فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَلَا يُسَمَّى خَرَاجًا إلَّا مَجَازًا (وَهَلْ) يَلْزَمُهُمْ (مُطْلَقًا) عَيَّنُوهُ لِلْأَرْضِ أَوْ لِلْأَرْضِ مَعَ الرُّءُوسِ أَوْ مُجْمَلًا، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنُوهُ لِلرُّءُوسِ فَقَطْ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ بِحَالٍ (أَوْ) مَحَلَّ اللُّزُومِ (إلَّا أَنْ يُصَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ) وَحْدَهَا فَعَطِشَتْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ الْكِرَاءُ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا صَالَحَهُمْ بِشَيْءٍ عَلَى الْأَرْضِ وَالرُّءُوسِ، وَمُيِّزَ مَا لِكُلٍّ فَإِذَا زَرَعُوهَا فَعَطِشَتْ أَوْ لَمْ تُرْوَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ كِرَاءٌ فِيمَا قَابَلَ الْأَرْضَ، وَأَمَّا لَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى الْجَمَاجِمِ فَقَطْ أَوْ مُجْمَلًا فَيَلْزَمُهُمْ قَطْعًا عَطِشَتْ أَوْ لَمْ تَعْطَشْ (تَأْوِيلَانِ) رُجِّحَ تَأْوِيلُ الْإِطْلَاقِ ثُمَّ إنْ أَسْلَمُوا سَقَطَ عَنْهُمْ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَالْأَرْضُ مِلْكٌ لَهُمْ تُبَاعُ وَتُورَثُ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ كَأَرْضِ مِصْرَ فَإِنَّهَا أُجْرَةٌ مُحَقَّقَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَرْضُ عَنْوَةٍ مَوْقُوفَةٍ آجَرَهَا السُّلْطَانُ؛ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ وَالْخَلِيفَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا عَطِشَتْ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ، وَلَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَلَا تُورَثُ فَإِنْ مَاتَ وَاضِعُ الْيَدِ مِنْ الْفَلَّاحِينَ فَالنَّظَرُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ وَالْعُرْفِ فَلَا يَنْزِعُ طِينَ أَحَدٍ لِآخَرَ، وَلَا طِينَ أَهْلِ بَلَدٍ لِأَهْلِ بَلَدٍ أُخْرَى، وَلَا لِنَفْسِهِ، وَإِذَا مَاتَ وَاضِعُ يَدٍ وَكَانَ الْعُرْفُ أَنْ يُعْطِيَ لِوَرَثَتِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ عَمِلَ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ سَدًّا لَبَاب الْمَفْسَدَةِ، وَمَا جَبَى مِنْ الْخَرَاجِ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَيْتُ مَالِهِمْ وَالسُّلْطَانُ نَاظِرٌ، وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ. وَأَمَّا الْمُلْتَزِمُونَ فَلَيْسَ لَهُمْ تَصَرُّفٌ فِيهِ بِوَجْهٍ مَا إذْ لَيْسُوا بِنُوَّابٍ لِلسُّلْطَانِ، وَلَا لِنَائِبِهِ، وَإِنَّمَا هُمْ جُبَاةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الدَّارِ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ بَلْ يُوجِبُ السُّكْنَى وَيُحَطُّ بِقَدْرِهِ فَمُقَيَّدٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بِمَا إذَا كَانَ لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ) أَيْ فَإِنْ اخْتَارَ الْبَقَاءَ، وَلَمْ يَفْسَخْ. (قَوْلُهُ: فَالْكِرَاءُ جَمِيعُهُ) أَيْ، وَلَيْسَ لَهُ الْبَقَاءُ مَعَ إسْقَاطِ حِصَّةِ الْمُضِرِّ مِنْ الْكِرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَعَطِشَتْ) أَيْ حَتَّى تَلِفَ الزَّرْعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ حَقِيقِيَّةٍ) أَيْ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ كَأَرْضِ مِصْرَ فَإِنَّهَا أُجْرَةٌ حَقِيقِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا أَرْضُ عَنْوَةٍ آجَرَهَا السُّلْطَانُ فَإِذَا عَطِشَتْ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ مُطْلَقًا) أَيْ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْخَرَاجُ أَهْلَ الصُّلْحِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: عَيَّنُوهُ لِلْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ جَعَلُوا لِلسُّلْطَانِ كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ صُلْحًا عَلَى أَرْضِهِمْ أَوْ عَلَى أَرْضِيهِمْ وَرُءُوسِهِمْ سَوَاءٌ مَيَّزُوا مَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: أَوْ مُجْمَلًا أَيْ أَوْ صَالَحُوهُ عَلَى شَيْءٍ مُجْمَلًا أَيْ صُلْحًا مُجْمَلًا بِأَنْ جَعَلُوا لَهُ كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ صُلْحًا، وَأَجْمَلُوا فَلَمْ يَذْكُرُوا أَرْضًا، وَلَا رُءُوسًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلُّ اللُّزُومِ إلَّا أَنْ يُصَالِحُوا عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ أَوْ مَحَلُّ اللُّزُومِ فِي كُلِّ حَالَةٍ إلَّا أَنْ يُصَالِحُوا عَلَى الْأَرْضِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الرُّءُوسِ، وَمُيِّزَ مَا لِكُلٍّ وَذَلِكَ إذَا صَالَحُوا بِشَيْءٍ عَلَى الْأَرْضِ وَالرُّءُوسِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ مَا لِكُلٍّ أَوْ صَالَحُوا بِشَيْءٍ، وَأَجْمَلُوا فِيهِ فَلَمْ يَذْكُرُوا أَرْضًا، وَلَا رُءُوسًا أَوْ كَانَ صُلْحُهُمْ عَلَى الرُّءُوسِ فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهَا وَعَلَى الرُّءُوسِ وَمُيِّزَ مَا لِكُلٍّ فَلَا يَلْزَمُهُمْ كِرَاءُ الْأَرْضِ إذَا عَطِشَتْ وَتَلِفَ زَرْعُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَمَاجِمِ) أَيْ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) هُمَا فِي صُورَتَيْنِ: مَا إذَا صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهَا وَعَلَى الرُّءُوسِ، وَمُيِّزَ مَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُمْ الْكِرَاءُ إذَا عَطِشَتْ الْأَرْضُ وَتَلِفَ زَرْعُهَا وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمْ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الرُّءُوسِ فَقَطْ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ وَالرُّءُوسِ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يُمَيَّزْ مَا لِكُلٍّ أَوْ صَالَحُوا بِشَيْءٍ صُلْحًا مُجْمَلًا، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَرْضًا، وَلَا رُءُوسًا فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ اتِّفَاقًا فِيهِمَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَعَلَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُمَيِّزُوا مَا عَلَى كُلٍّ كَمَا لَوْ مَيَّزُوا فَجَعَلَ الْخِلَافَ فِي صُوَرٍ ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: رُجِّحَ تَأْوِيلُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ، وَهُوَ لُزُومُهُمْ مَا صَالَحُوا بِهِ مُطْلَقًا فِي الْأَحْوَالِ الْخَمْسَةِ إذَا عَطِشَتْ أَرْضُهُمْ وَتَلِفَ الزَّرْعُ أَوْ لَمْ تُرْوَ، سَوَاءٌ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ عَلَيْهَا وَمَيَّزُوا مَا عَلَى كُلٍّ أَوْ لَمْ يُمَيِّزُوا أَوْ صَالَحُوا بِشَيْءٍ مُجْمَلًا (قَوْلُهُ: وَلَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ) نَعَمْ يَجُوزُ فِيهَا إسْقَاطُ الْحَقِّ فَمَنْ اسْتَحَقَّ طِينًا مِنْ الْفِلَاحَةِ بِأَنْ كَانَ أَثَرًا لَهُ فَلَهُ إسْقَاطُ حَقِّهِ فِيهِ لِغَيْرِهِ مَجَّانًا، وَفِي مُقَابَلَةِ الشَّيْءِ، وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي الزَّرْقَانِيِّ وَالشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الشَّبْرَخِيتِيِّ وَالشَّيْخِ يَحْيَى الشَّاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ بِالتَّوَارُثِ فِيهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ لِلْفَلَّاحِ فِيهَا حَقًّا يُشْبِهُ الْخُلُوَّ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ خِدْمَتِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْحَرْثِ وَالتَّصْلِيحِ الْمُوجِبِ لِعَدَمِ تَخْرِيسِهَا الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ زَرْعِهَا وَبِالْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِرْثِ لَكِنْ الَّذِي يَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ اتِّبَاعُ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِالْإِرْثِ لِمَا عَرَفْت؛ وَلِأَنَّهُ أَرْفَعُ لِلنِّزَاعِ وَالْفِتَنِ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ ) أَيْ فِي أَهْلِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَنْزِعُ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُعْطِيَ لِوَرَثَتِهِ الذُّكُورِ) أَيْ أَوْ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مَعًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ مَا جَبَى مِنْ الْخَرَاجِ (قَوْلُهُ: وَالسُّلْطَانُ نَاظِرٌ) أَيْ عَلَيْهِ لِيَصْرِفَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلسُّلْطَانِ الْآخِذُ مِنْهُ أَيْ لِلنَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسُوا بِنُوَّابٍ لِلسُّلْطَانِ) أَيْ فِي صَرْفِهِ

مَضْرُوبٌ عَلَى أَيْدِيهِمْ كَالْجَابِي فِي الزَّكَاةِ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ إلَّا فِي جَبْيِ الزَّكَاةِ وَيُعْطَى أُجْرَتَهُ مِنْهَا لَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ كَذَلِكَ الْمُلْتَزِمُ أَيْ الَّذِي الْتَزَمَ لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِنَائِبِهِ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ خَرَاجَ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ، وَلَهُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مَا يُسَمُّونَهُ الْفَائِضَ أُجْرَةً ثُمَّ إنَّ هَذَا الْفَائِضَ إنْ كَانَ جَعَلَهُ السَّلَاطِينُ الْمَاضُونَ عَلَى الْفَلَّاحِينَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَرَاجِ بِرِضَاهُمْ فَهُوَ حَلَالٌ لِلْمُلْتَزِمِ، وَإِلَّا فَهُوَ سُحْتٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَالِ الْفَلَّاحِينَ لَا يُقَالُ الْمُلْتَزِمُ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْبَلَدَ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِلْفَلَّاحِينَ بِمَا شَاءَ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً عَلَى مُسْتَحَقِّينَ مِنْ نَاظِرِهَا فَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِغَيْرِهِ بِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَذَا ظَنَّ بَعْضُ الْحَمْقَى الْأَغْبِيَاءِ فَأَفْتَوْهُمْ بِمَا لَمْ يُنَزِّلْ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا فَإِنَّمَا الْمَالُ الَّذِي يَدْفَعَهُ الْمُلْتَزِمُ مِمَّا يُسَمُّونَهُ بِالْحُلْوَانِ لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِنَائِبِهِ فِي نَظِيرِ وَضْعِ الْيَدِ وَالتَّقْرِيرِ الْمُسَمَّى دَالَّةً بِالتَّقْسِيطِ نَظِيرُهُ مَا لَوْ مَاتَ جُنْدِيٌّ عَنْ عُلُوفَةِ فَيَدْفَعُ رَجُلٌ لِلسُّلْطَانِ مَالًا لِيُقَرِّرَهُ مَكَانَهُ فِي قَبْضِ الْعُلُوفَةِ لِنَفْسِهِ كَذَلِكَ الْمُلْتَزِمُ دَفَعَ مَالٍ لِلسُّلْطَانِ لِيُمَكِّنَهُ عَلَى الْجِبَايَةِ لِيَأْخُذَ الْفَائِضَ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ هَذَا بِإِجَارَةٍ وَلَا بَيْعٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالْبَدَاهَةِ إذْ الْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ مَنَافِعَ مَعْلُومَةٍ فِي زَمَنٍ مَعْلُومٍ بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَلَا يُقَالُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ كُلَّ سَنَةٍ يَكْتُبُ تَقْرِيرًا وَتَقْسِيطًا لِلْمُلْتَزِمِ بِصُورَةِ إجَارَةٍ وَيَدْفَعُ الْمُلْتَزِمُ لِلسُّلْطَانِ الْخَرَاجَ الْمُسَمَّى بِالْمَيْرَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمِيرَى لَيْسَ مَالًا لِلْمُلْتَزِمِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَرَاجٌ قَدْ فَرَضَهُ السَّلَاطِينُ الْمُتَقَدِّمُونَ عَلَى الْمُزَارِعِينَ لِيَدْفَعُوهُ لِلنَّاظِرِ الْمُتَوَلِّي أَمْرَ الْمَصَالِحِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِيَصْرِفَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَنَاظِرٍ عَلَى وَقْفِ عَيْنٍ جَابِيًا عَلَى جَمْعِ مَالِ الْوَاقِفِ لِيَصْرِفَهُ النَّاظِرُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَكُلُّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ وَقْفٌ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ كَمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قُرَى مِصْرَ فُتِحَتْ صُلْحًا فَظَاهِرٌ بِالْبَدِيهَةِ أَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَا تَصَرُّفَ لَهُ وَقَدْ أَفْتَاهُمْ مَنْ اتَّبَعَ وَهْمَهُ أَنَّ لَهُمْ التَّصَرُّفَ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّ لَهُمْ التَّمْكِينَ وَالنَّزْعَ وَالزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ حَتَّى قَالُوا لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْفَلَّاحِينَ مَا شَاءَ، وَلَوْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، وَالْفَلَاحُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرْضَى فَيَزْرَعَ، وَأَنْ يَتْرُكَ وَاشْتُهِرَتْ هَذِهِ الْفَتْوَى الْبَاطِلَةُ ضَرُورَةً بِمِصْرَ حَتَّى صَالَ الْأُمَرَاءُ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ وَيَقُولُ الظَّالِمُ بَلَدِي اشْتَرَيْتُهَا بِمَالِي أَفْعَلُ فِيهَا وَفِي الْفَلَّاحِينَ مَا شِئْتُ كَمَا أَفْتَانِي بِذَلِكَ الْعُلَمَاءُ أَوْ صَارَ الْمَفْتُونُ يُقَلِّدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَزَادُوا أَنْ قَالُوا لَوْ كَانَ لِلْبَلَدِ مُلْتَزِمَانِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فَلِلثَّانِي الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلُوهُ شَرِيكًا مَالِكًا، وَأَنَّ هَذَا الْإِسْقَاطَ بَيْعٌ، وَأَنَّ شَرِيكَهُ يَسْتَحِقُّ بِالشُّفْعَةِ، وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مِنْ أَيْنَ جَاءَكُمْ هَذَا لَقَالُوا {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ قَوْلَهُ (عَكْسُ) (تَلَفِ الزَّرْعِ) بِآفَةٍ مِمَّا لِلْأَرْضِ مَدْخَلٌ فِيهَا، وَأَرَادَ بِالْعَكْسِ الْمُقَابَلَةَ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ أَيْ عَكْسُ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ وُجُوبِ الْكِرَاءِ وَعَكْسُهُ أَيْ نَقِيضُهُ عَدَمُ وُجُوبِهِ بِآفَةٍ مِنْ أَرْضِهِ (لِكَثْرَةِ دُودِهَا أَوْ فَأْرِهَا) لَوْ قَالَ لَدُودِهَا إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ، وَأَخْصَرَ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْكَثْرَةُ (أَوْ عَطَشٍ) فَتَلِفَ كُلُّهُ (أَوْ بَقِيَ) مِنْهُ (الْقَلِيلُ) كَسِتَّةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ مِائَةٍ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِجِهَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهَا وَقِيلَ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ مُتَفَرِّقًا فِي جُمْلَةِ الْفَدَادِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَضْرُوبٌ عَلَى أَيْدِيهِمْ) أَيْ مُلْزَمُونَ بِجِبَايَةِ الْخَرَاجِ مِنْ الزُّرَّاعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ حَلَالٌ لِلْمُلْتَزِمِ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُلْتَزِمُ اسْتَوْلَى عَلَى الْبَلَدِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ بِأَنْ كَانَ اسْتِيلَاؤُهُ بِتَقْسِيطٍ دِيوَانِيٍّ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ، وَأَمَّا مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْسِيطٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ إرْسَالِهِ لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَلَدِ فَائِضًا سُحْتٌ مَحْضٌ كَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: فَأَفْتَوْهُمْ) أَيْ فَأَفْتَوْا الْمُلْتَزِمِينَ (قَوْلُهُ: بِمَا لَمْ يُنْزِلْ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ) أَيْ بِشَيْءٍ لَمْ يُنْزِلْ اللَّهُ بِهِ سُلْطَانًا أَيْ حُجَّةً وَدَلِيلًا أَيْ فَأَفْتَوْهُمْ بِشَيْءٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُلْتَزِمَ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْبَلَدَ مِنْ نَائِبِ السُّلْطَانِ فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِلْفَلَّاحِينَ بِمَا شَاءَ (قَوْلُهُ: فَضَلُّوا) أَيْ فَتَاهُوا عَنْ الْحَقِّ، وَأَضَلُّوا الْمُلْتَزِمِينَ الَّذِينَ أَفْتَوْهُمْ (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِ وَضْعِ الْيَدِ) أَيْ عَلَى الْبَلَدِ لِأَجْلِ جِبَايَةِ الْخَرَاجِ مِنْهَا لَا أَنَّهُ أُجْرَةٌ اسْتَأْجَرَ بِهَا الْبَلَدَ (قَوْلُهُ: إذْ الْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ مَنَافِعَ مَعْلُومَةٍ إلَخْ) أَيْ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَاهُمْ) أَيْ الْمُلْتَزِمُونَ (قَوْلُهُ: عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ بِآفَةٍ إلَخْ) أَيْ فَيَسْقُطُ الْكِرَاءُ فَكَمَا يَجِبُ الْكِرَاءُ فِيمَا مَرَّ يَسْقُطُ هُنَا (قَوْلُهُ: مِنْ وُجُوبِ الْكِرَاءِ) بَيَانٌ لِلْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَقَوْلُهُ: وَعَكْسِهِ الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَقَوْلُهُ: أَيْ نَقِيضِهِ تَفْسِيرٌ لِعَكْسِ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: أَيْ عَكْسُ الْحُكْمِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: عَدَمُ وُجُوبِهِ أَيْ الْكِرَاءِ خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ: بِآفَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ إذَا تَلِفَ الزَّرْعُ بِالْآفَةِ مِنْ أَرْضِهِ (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ دُودِهَا) أَوْ بِمَا يَنْشَعُ مِنْهَا مِنْ الْمَاءِ وَنَحْوِ حَامُولٍ وَقُضَّابٍ وَهَالُوكٍ وَعَاقُولٍ وَالْمُرَادُ تَلَفُ الزَّرْعِ بِوُجُودِ مَا ذَكَرَ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُعْتَادَةً بِذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق وَكَمَا يَسْقُطُ الْكِرَاءُ بِتَلَفِ الزَّرْعِ بِآفَةٍ مِنْ أَرْضِهِ يَسْقُطُ أَيْضًا بِمَنْعِ الزَّرْعِ وَتَبْوِيرِ الْأَرْضِ لِفِتْنَةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَطَشٍ) أَيْ لِجَمِيعِ الْأَرْضِ حَتَّى تَلِفَ الزَّرْعُ بِتَمَامِهِ أَوْ بَقِيَ مِنْهُ الْقَلِيلُ بِلَا تَلَفٍ فَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاءٌ أَصْلًا، وَإِلَّا لِمَا بَقِيَ بِلَا تَلَفٍ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ لَوْ انْفَرَدَ بِجِهَةٍ) أَيْ ظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْكِرَاءِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الزَّرْعِ بِلَا تَلَفٍ، وَلَوْ انْفَرَدَ ذَلِكَ الْبَاقِي بِجِهَةٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْكِرَاءِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الزَّرْعِ بِلَا تَلَفٍ إنْ كَانَ إلَخْ، وَهَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: جُمْلَةِ الْفَدَادِينِ) أَيْ الْمُكْتَرَاةِ

فَلَوْ كَانَ مُجْتَمِعًا فِي جِهَةٍ لَوَجَبَ كِرَاؤُهُ بِخُصُوصِهِ (وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ) بِالْمَدِّ، وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ كَمَالِكِ دَارٍ (عَلَى إصْلَاحٍ) لِمُكْتَرٍ سَاكِنٍ مَثَلًا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا اُحْتِيجَ لِلْإِصْلَاحِ يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ أَمْ لَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا أَمْكَنَ مَعَهُ السُّكْنَى أَمْ لَا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُخَيَّرُ السَّاكِنُ بَيْنَ السُّكْنَى فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا فَلَوْ أَنْفَقَ الْمُكْتَرِي شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ فَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ خُيِّرَ رَبُّهَا فِي دَفْعِ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا أَوْ أَمَرَهُ بِنَقْضِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِصْلَاحِ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا إنْ لَمْ يَقُلْ، وَمَا صَرَفْتَهُ فَهُوَ عَلَيَّ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ (بِخِلَافِ) (سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ) رَبُّ الدَّارِ أَوْ نَاظِرُهَا مَا انْهَدَمَ فَيُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى (بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ) وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ (قَبْلَ خُرُوجِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلَحَ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى عَوْدِهِ إلَيْهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ. (وَإِنْ) (اكْتَرَيَا) أَوْ اشْتَرَيَا (حَانُوتًا) وَتَنَازَعَا (فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ) لِوُقُوعِ الْعَقْدِ مُجْمَلًا (قُسِمَ) بَيْنَهُمَا (إنْ أَمْكَنَ) الْقَسْمُ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ (أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا) لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَدَّمِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَالْقُرْعَةُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ وَالْبَيْتُ الْمُطِلُّ بَعْضُهُ عَلَى نَهْرٍ أَوْ بُسْتَانٍ كَذَلِكَ (وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ) غَيْطٍ (مُكْرًى) لِلزِّرَاعَةِ (سِنِينَ) الْمُرَادُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ الشَّامِلِ لِلسَّنَتَيْنِ فَأَوْلَى سَنَةٌ فَقَطْ (بَعْدَ زَرْعِهِ) فَلَوْ غَارَتْ قَبْلَ زَرْعِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّ ذَلِكَ كَالْهَالِكِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ إلَخْ) أَخَذَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ لَهُ خَرِبَةٌ بِجِوَارِ شَخْصٍ يَحْصُلُ لَهُ مِنْهَا ضَرَرٌ كَسَارِقٍ وَنَحْوِهِ عَلَى عِمَارَتِهَا، وَلَا عَلَى بَيْعِهَا وَيُقَالُ لَهُ احْمِلْ مَا يَنْدَفِعُ عَنْك بِهِ الضَّرَرُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا إنْ صَعِدَ مِنْهَا سَارِقٌ لِبَيْتِ جَارِهَا وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ السَّنْبَاطِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِلُزُومِ رَبِّ الْخَرِبَةِ بِفِعْلِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ جَارِهِ مِنْ عِمَارَتِهَا أَوْ بَيْعِهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ) أَيْ بَقَاؤُهُ بِلَا إصْلَاحٍ (قَوْلُهُ: حَدَثَ) أَيْ مُوجِبُ الْإِصْلَاحِ، وَهُوَ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ، وَأَمَّا غَيْرُهُ، وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ فَيَقُولُ يُجْبَرُ الْآجِرُ عَلَى الْإِصْلَاحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْخِلَافُ لَيْسَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ بَلْ خَاصٌّ بِالْمُضِرِّ الْيَسِيرِ كَالْهَطْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِصْلَاحُ إجْمَاعًا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيُخَيَّرُ السَّاكِنُ) هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْهَدْمُ مُضِرًّا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُنْقِصًا لِلْكِرَاءِ فَقَطْ، وَأَبَى الْمَالِكُ مِنْ الْإِصْلَاحِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي وَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَخْيِيرِ السَّاكِنِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ مُنَافٍ لِلتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَنْفَقَ الْمُكْتَرِي شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي عَلَى إصْلَاحِ الْمُنْهَدِمِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ مِلْكًا، وَأَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَ وَقْفًا يَحْتَاجُ لِإِصْلَاحِهِ فَأَصْلَحَهُ الْمُكْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ نَاظِرِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا لِقِيَامِهِ عَنْهُ بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِوُجُوبِ إصْلَاحِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِأَجْلِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ) أَيْ فَلَا يَأْخُذُ مَا أَنْفَقَهُ لَا يُقَالُ مَنْ بَنَى مَا انْهَدَمَ فَقَدْ قَامَ عَنْ رَبِّهِ بِوَاجِبٍ إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْغُرْمِ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْغُرْمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ هَدْمَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِيَبِيعَهُ عَرْصَةً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْمُكْرِي بِقِيمَتِهِ قَائِمًا أَيْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْإِصْلَاحُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ أَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلَحَ) أَيْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا بِأَصْلَحَ لِإِغْنَاءِ الظَّرْفِ أَعْنِي قَوْلَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ عَنْهُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ) أَيْ وَصَلُحَتْ صَنْعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمُقَدَّمِهِ عُرْفًا سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صَنْعَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ (قَوْلُهُ: قُسِمَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُقَدَّمُ وَقَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ الْقَسْمُ أَيْ قَسْمُ الْمُقَدَّمِ لِإِتْسَاعِهِ وَقَبُولِهِ لِلْقَسْمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا) أَيْ مَا لَمْ يَصْطَلِحَا عَلَى الْجُلُوسِ عَلَى التَّعَاقُبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالْمُنَازَعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَدَّمِ) أَيْ عَلَى جُلُوسِهِمَا مَعًا فِي الْمُقَدَّمِ لِاتِّسَاعِهِ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ أَيْ الَّتِي يَجْلِسُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْجِهَةِ لَيْسَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقَسْمِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا، وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْبَيْتِ ولَا الْحَانُوتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ فَغَارَتْ عَيْنُهَا أَوْ انْهَارَتْ بِئْرُهَا، وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ زَرَعَ قَبْلَ غَوْرِ الْعَيْنِ وَكَانَتْ أُجْرَةُ سَنَةٍ تَكْفِي فَلَهُ الْإِنْفَاقُ حِينَئِذٍ وَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ قَهْرًا عَنْ الْمُكْرِي فَإِنْ كَانَ لَمْ يَزْرَعْ أَوْ زَرَعَ وَكَانَ لَا تَكْفِي أُجْرَةُ السَّنَةِ فِي الْعِمَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْفَاقُ فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِجَمِيعِ مَا أَنْفَقَهُ فِي الْأُولَى وَبِمَا زَادَ عَلَى

حُمِلَ مَا أَنْفَقَهُ الْمُكْتَرِي عَلَى التَّبَرُّعِ (نَفَقْتَ) أَيُّهَا الْمُكْتَرِي أَيْ صَرَفْت مِنْ عِنْدِك فِي إصْلَاحِ الْعَيْنِ إنْ أَبَى الْمُكْتَرِي (حِصَّةَ) أَيْ أُجْرَةَ (سَنَةٍ فَقَطْ) لِيَتِمَّ زَرْعُك فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ مَا أَنْفَقْت؛ لِأَنَّك قُمْت عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ حِصَّةُ السَّنَةِ يَتَأَتَّى بِهَا إصْلَاحٌ فَلَوْ كَانَ لَا يُصْلِحُهَا إلَّا أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ سَنَةٍ، وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ، وَمِنْ الْإِذْنِ لَهُ فَأَنْفَقَ الْمُكْتَرِي كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالزَّائِدِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ أَيْضًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الزَّرْعِ مِنْ الْعَطَشِ، وَمِثْلُ الْغَوْرِ انْهِدَامُ الْبِئْرِ وَقَوْلُهُ: نَفَقْتَ بِفَتْحِ النُّونِ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا كَعَتَقَ، وَفَرِحَ، وَهُوَ لَازِمٌ يَتَعَدَّى بِهَمْزَةِ النَّقْلِ فَالصَّوَابُ أَنْفَقْت، وَقِيلَ إنَّهُ يَتَعَدَّى فِي لُغَةٍ كَأَعْتَقَهُ وَعَتَقَهُ. (وَإِنْ) (تَزَوَّجَ) رَجُلٌ امْرَأَةً رَشِيدَةً (ذَاتَ بَيْتٍ، وَإِنْ) مَلَكَتْ مَنْفَعَتَهُ (بِكِرَاءٍ) لَازِمٍ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَنَقَدَتْ جُمْلَةً (فَلَا كِرَاءَ) عَلَى الزَّوْجِ لَهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ (إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ) ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْبَيَانِ فَيَكُونُ لَهَا الْكِرَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا مَا تَقَدَّمَهُ وَبَيْتُ أُمِّهَا أَوْ أَبِيهَا كَبَيْتِهَا لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ (وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ) عَلَى إيصَالِ كِتَابٍ بِأُجْرَةٍ (أَنَّهُ وَصَّلَ كِتَابًا) أَوْ رِسَالَةً لِمُرْسَلٍ إلَيْهِ بِيَمِينِهِ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يُصَدَّقُ، وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ الضَّمَانُ إنْ أَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْوُصُولَ فَكَلَامُهُ هُنَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لَا فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ، وَلَا بَيِّنَةَ وَقَوْلُهُ: فِي الْوَكَالَةِ وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ، وَلَمْ يُشْهِدْ، وَمِثْلُ الدَّيْنِ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) الْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ الصَّانِعِ فِيمَا بِيَدِهِ (أَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ) رَبُّهُ (وَدِيعَةً) عِنْدَك؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِيمَا يُدْفَعُ لِلصَّانِعِ الِاسْتِصْنَاعُ وَالْإِيدَاعُ نَادِرٌ فَلَا حُكْمَ لَهُ (أَوْ خُولِفَ) الصَّانِعُ (فِي الصِّفَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأُجْرَةِ السَّنَةِ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: حُمِلَ مَا أَنْفَقَهُ الْمُكْتَرِي عَلَى التَّبَرُّعِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حِصَّةَ سَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: حِصَّةُ سَنَةٍ فَقَطْ) أَيْ وَلَوْ عَلِمْت أَنَّ الزَّرْعَ لَا يَتِمُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ السَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ يُنْفِقُ أُجْرَةَ السِّنِينَ كُلِّهَا حَيْثُ اكْتَرِي سِنِينَ؛ لِأَنَّهَا عُقْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَظَاهِرُهُ أَيُّ سَنَةٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْكِرَاءُ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ يُنْفِقُ حِصَّةَ السَّنَةِ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا الْغَوْرُ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى لِلْمُصَنِّفِ هُنَا فَإِذَا سَاقَى الْحَائِطَ سِنِينَ وَغَارَتْ عَيْنُهَا، وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ إصْلَاحِهَا فَلِلْعَامِلِ أَنْ يُنْفِقَ قَدْرَ قِيمَةِ ثَمَرِهِ سَنَةَ لَا أَزْيَدَ كَمَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّك قُمْت عَنْهُ بِوَاجِبٍ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ الْإِصْلَاحُ لِلْمُكْتَرِي كَمَا مَرَّ وَاَلَّذِي عَلَّلَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ كَمَا فِي بْن أَنَّ الْمُكْتَرِيَ مَتَى تَرَكَ ذَلِكَ فَسَدَ زَرْعُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ أَمْرٍ يَنْتَفِعُ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى) أَيْ الْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا أَبَى الْمُكْرِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَطَشِ) أَيْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ أَرْضَ السَّقْيِ لَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ أُجْرَتُهَا إلَّا إذَا اسْتَغْنَى الزَّرْعُ عَنْ السَّقْيِ. (قَوْلُهُ: رَشِيدَةً) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ الْكِرَاءُ لَازِمًا لِلزَّوْجِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا التَّبَرُّعُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَنَقَدَتْ جُمْلَةً) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ سَاكِنَةً فِي بَيْتٍ مُشَاهَرَةً، وَلَمْ تَنْقُدْ شَيْئًا فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ بَيَّنَتْ أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ. اهـ. شب (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهَا بَيَانٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الْكِرَاءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْتُ أُمِّهَا أَوْ أَبِيهَا كَبَيْتِهَا) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهُ إلَّا إذَا حَصَلَ بَيَانٌ فَيَلْزَمُهُ مِنْ وَقْتِ الْبَيَانِ لَا مَا قَبْلَهُ وَالْمُرَادُ بِبَيْتِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا مَا يَمْلِكَانِ ذَاتَهُ أَوْ مَنْفَعَتَهُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَنَقَدَا جُمْلَةً وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَأَمَّا سُكْنَى الزَّوْجِ بِالزَّوْجَةِ فِي بَيْتِ أَخِيهَا أَوْ عَمِّهَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصُرَتْ حَلَفَا أَنَّهُمَا لَمْ يُسْكِنَاهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ، وَأَخَذَاهَا مِنْهُ، وَسُكْنَاهُ بِهَا فِي بَيْتِ أَبَوَيْهِ كَسُكْنَاهُ بِهَا فِي بَيْتِ أَبَوَيْ الزَّوْجَةِ، وَأَمَّا سُكْنَاهُ بِهَا فِي بَيْتِ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إذَا قَالَا إنَّمَا أَسْكَنَّاهُ بِالْأُجْرَةِ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي أَخِيهَا وَعَمِّهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ ضَمُّهَا لَهُمَا عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا حِفْظًا لِعِرْضِهَا، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِضَمِّهَا لِأَخِيهِ وَعَمِّهِ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا. (تَنْبِيهٌ) اشْتِرَاطُ الزَّوْجِ حِينَ الْعَقْدِ سُكْنَاهُ بِبَيْتِهَا بِلَا كِرَاءٍ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا قَالَهُ عبق. (قَوْلُهُ: أَوْ رِسَالَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِ كِتَابًا بَلْ مِثْلُهُ أَنَّهُ وَصَّلَ خَبَرًا أَوْ حُمُولَةً. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا عَلَى إيصَالِ كِتَابٍ أَوْ خَبَرٍ أَوْ حِمْلٍ لِشَخْصٍ بِبَلَدٍ أُخْرَى فَبَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى الْأَجِيرُ أَنَّهُ وَصَّلَ ذَلِكَ وَنَازَعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ وَصَّلَهُ إذَا ادَّعَى وُصُولَهُ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً وَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَمَدٍ) أَيْ حَيْثُ ادَّعَى وُصُولَهُ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً وَهَذَا مَعْنَى رُجُوعِ الشَّبَهِ لِهَذَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا شِبْهُهُمَا، وَلَا عَدَمُ شِبْهِ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ) أَيْ الْوَكِيلُ، وَالرَّسُولُ الْمَذْكُورُ وَكِيلٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ اسْتَصْنَعَ) أَيْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ رَبُّهُ وَدِيعَةً عِنْدَك) سَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ قَوْلِ الصَّانِعِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَ إنْ أَشْبَهَ، وَمَعْنَى الشَّبَهِ هُنَا أَنْ لَا تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى نَفْيِ

عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ الْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ خُولِفَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ لِيَصْنَعَهُ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الصَّنْعَةِ فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ أَشْبَهَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ حَلَفَ رَبُّهُ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ فَإِنْ نَكَلَ اشْتَرَكَا هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ مَثَلًا غَيْرِ مَصْبُوغٍ، وَهَذَا بِقِيمَةِ صَبْغِهِ (وَ) الْقَوْلُ لِلصَّانِعِ (فِي) قَدْرِ (الْأُجْرَةِ إنْ أَشْبَهَ) الْأَجِيرُ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ بِيَمِينِهِ أَشْبَهَ رَبُّهُ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى مِنْ الْأَجْرِ فَإِنْ انْفَرَدَ رَبُّهُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَأَنْ نَكَلَا وَقَوْلُهُ: (وَحَازَ) مِنْ الْحَوْزِ خَاصٌّ بِالْفَرْعِ الْأَخِيرِ أَيْ الْقَوْلُ لِلصَّانِعِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ إنْ حَازَ مَصْنُوعَهُ بِأَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً، وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلصَّانِعِ فِي الْأُجْرَةِ بِشَرْطَيْنِ الشَّبَهِ وَالْحِيَازَةِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَبِشَرْطٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَخَذَهُ رَبُّهُ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ الصَّانِعُ بِالشَّبَهِ فَيَنْبَغِي كَمَا قِيلَ إنَّهُ إذَا انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا، وَلَزِمَ كِرَاءُ الْمِثْلِ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ وَحَازَ بِقَوْلِهِ (لَا كَبِنَاءٍ) فَلَيْسَ الْقَوْلُ فِيهِ لِلصَّانِعِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَكَذَا إذَا كَانَ الصَّانِعُ يَخِيطُ أَوْ يَنْجُرُ مَثَلًا فِي بَيْتِ رَبِّ الْمَصْنُوعِ وَيَنْصَرِفُ، وَلَمْ يُمَكِّنْهُ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِهِ مَعَهُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ أَيْ إنْ أَشْبَهَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا فِي رَدِّهِ) أَيْ الْمَصْنُوعِ لِرَبِّهِ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ (فَلِرَبِّهِ) الْقَوْلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (، وَإِنْ) كَانَ دَفَعَهُ لِلصَّانِعِ (بِلَا بَيِّنَةٍ) ، وَأَمَّا مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيُقْبَلُ دَعْوَى رَدِّهِ لِقَبُولِ دَعْوَاهُ فِي تَلَفِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ رَدًّا، وَلَا تَلَفًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَارِيَّةِ. (وَ) الصَّانِعُ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الِاسْتِصْنَاعَ الْمَفْهُومَ مِنْ اسْتَصْنِعْ (وَقَالَ) رَبُّهُ (سُرِقَ مِنِّي، وَأَرَادَ) رَبُّهُ (أَخْذَهُ) (دَفَعَ) لِلصَّانِعِ (قِيمَةَ الصِّبَغِ) بِكَسْرِ الصَّادِ مَعَ عَمَلِهِ إذْ الْمُرَادُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (بِيَمِينٍ) مِنْ رَبِّهِ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ (إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى قِيمَةِ الصِّبَغِ، وَإِلَّا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ وَدَفَعَ لِلصَّانِعِ مَا ادَّعَاهُ فَالْيَمِينُ لِإِسْقَاطِ مَا زَادَ عَلَى دَعْوَى الصَّانِعِ (وَإِنْ اخْتَارَ) رَبُّهُ (تَضْمِينَهُ) قِيمَةَ الثَّوْبِ (فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ) يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى الْأَظْهَرِ (فَلَا يَمِينَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا (حَلَفَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِصْنَاعِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ لِلصَّانِعِ شَاشًا أَبْيَضَ وَرَبُّهُ مُسْلِمٌ غَيْرُ تَاجِرٍ، وَالصَّانِعُ يَصْبُغُ الْأَزْرَقَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّهِ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا تُكَذِّبُ الصَّانِعَ فِي دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى) أَيْ لَا عَلَى قَوْلِهِ اسْتَصْنَعَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الصَّانِعَ يَدَّعِي الْمُخَالَفَةَ فِي الصِّفَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا يَدَّعِي أَنَّك أَمَرْتنِي أَنْ أَصْنَعَهُ عَلَى صِفَةِ كَذَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ) أَيْ بِيَمِينٍ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ: إنْ أَشْبَهَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِكِهِ فِي اسْتِعْمَالِهِ كَصَبْغِهِ شَاشًا أَخْضَرَ لِشَرِيفٍ، وَأَزْرَقَ لِنَصْرَانِيٍّ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى شَرِيفٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَزْرَقَ لِيُهْدِيَهُ لِنَصْرَانِيٍّ وَالصَّانِعُ يَدَّعِي أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ، وَلَا دَعْوَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ لِيُهْدِيَهُ لِشَرِيفٍ وَقَالَ الصَّانِعُ بَلْ أَمَرْتنِي بِصَبْغِهِ أَزْرَقَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِقَرِينَةٍ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ مَا لَمْ تَكُنْ الْقَرِينَةُ قَوِيَّةً، وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَشْبَهَ الْأَجِيرُ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ) فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فِي الْفُرْعِ الْأَوَّلِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ شِبْهُهُمَا، وَلَا عَدَمُ شِبْهِ وَاحِدٍ، وَكَذَا لَا يَتَأَتَّيَانِ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي، وَلَا فِي الثَّالِثِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ الْأَجِيرُ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي نَظَرًا لِمَا زَادَتْهُ صَنْعَتُهُ فِي الْمَصْنُوعِ عَنْ قِيمَتِهِ بِدُونِهَا فَيَرْجِعُ الْأَجِيرُ بِهِ أَوْ يَدْفَعُ قِيمَتَهُ بِدُونِ الصَّنْعَةِ وَيَأْخُذُهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فِي الْفَرْعِ الثَّالِثِ حَلَفَ رَبُّهُ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فِي الْفَرْعِ الرَّابِعِ فَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ انْفَرَدَ رَبُّهُ بِالشَّبَهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ نَكَلَا) أَيْ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدِهِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ الثَّمَنِ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ اشْتِرَاطُ الْحِيَازَةِ فِي الْأَجِيرِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ الصَّانِعُ بِالشَّبَهِ) أَيْ بِأَنْ أَشْبَهَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ حَائِزٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ كِرَاءُ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِحَوْزٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْحَائِزِ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَا يُنْظَرُ لِحَوْزٍ، وَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحُزْ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَا كَبِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَفَتْحِ النُّونِ مُخَفَّفَةً، وَيَجُوزُ فَتْحُ مُوَحَّدَتِهِ وَتَشْدِيدُ نُونِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَوْزِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَائِزَ لَهُ رَبُّهُ فَإِذَا قَالَ الصَّانِعُ اسْتَأْجَرْتَنِي بِأَرْبَعَةٍ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّهُ بِثَلَاثَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ أَشْبَهَ الصَّانِعُ أَيْضًا أَمْ لَا، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ أَشْبَهَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا فَكِرَاءُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي رَدِّهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ رَدَّ الْمَصْنُوعِ لِرَبِّهِ، وَأَنْكَرَ رَبُّهُ أَخْذَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهِ سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا، وَإِنْ بِلَا بِبَيِّنَةٍ وَبَيْنَ الْمُودَعِ إذَا قَبَضَ الْوَدِيعَةَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَادَّعَى رَدَّهَا لِرَبِّهَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّ الْمُودَعَ قَبَضَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الضَّمَانِ وَالصَّانِعَ قَبَضَ مَا فِيهِ صَنْعَتُهُ وَيُغَابُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَخَذَهُ) أَيْ، وَإِلَّا تَزِدْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَى قِيمَةِ الصَّبْغِ بَلْ تَسَاوَيَا أَوْ نَقَصَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا) أَيْ كَمَا لَوْ

وَبَدَأَ الصَّانِعُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَقِيلَ يَبْدَأُ رَبُّهُ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ (وَاشْتَرَكَا) إنْ حَلَفَا كَأَنْ نَكَلَا هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَهَذَا بِقِيمَةِ صَبْغِهِ وَقَضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (لَا إنْ تَخَالَفَا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (فِي لَتِّ) أَيْ خَلْطِ (السَّوِيقِ) فَقَالَ اللَّاتِي أَمَرْتنِي أَنْ أَلِتَّهُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ مِنْ سَمْنٍ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّهُ مَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ أَصْلًا بَلْ سُرِقَ مِنِّي أَوْ غُصِبَ فَلَا يَحْلِفَانِ، وَلَا يَشْتَرِكَانِ بَلْ يُقَالُ لِرَبِّهِ ادْفَعْ لَهُ قِيمَةَ مَا قَالَ فَإِنْ دَفَعَ فَظَاهِرٌ (وَ) إنْ (أَبَى مِنْ دَفْعِ مَا قَالَ اللَّاتُّ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ) غَيْرَ مَلْتُوتٍ يَدْفَعُهُ الصَّانِعُ لَهُ لِوُجُودِ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ مُقَوَّمٌ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ لَهُ مَلْتُوتًا مَجَّانًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَتَعَيَّنُ الْمِثْلُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالرَّاجِحُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا فَإِنْ لَمْ يَرْضَ تَعَيَّنَ دَفْعُ الْمِثْلِ فَبَيْنَهُمَا وِفَاقٌ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا إنْ تَخَالَفَا فِي اسْتِصْنَاعِ مِثْلِيٍّ لِيَشْمَلَ الْمَلْتُوتَ وَغَيْرَهُ كَطَحْنِ قَمْحٍ وَعَصْرِ زَيْتُونٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ أَنْسَبَ ثُمَّ ذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ فِي اخْتِلَافِ الْجَمَّالِ وَالْمُكْتَرِي الْأُولَى فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَعَدَمِهِ. الثَّانِيَةَ فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ. الثَّالِثَةَ فِيهِمَا وَبَدَأَ بِالْأُولَى فَقَالَ (وَ) الْقَوْلُ (لَهُ) أَيْ لِلْأَجِيرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ (وَلِلْجَمَّالِ) وَنَحْوِهِ أَيْ رَبِّ الدَّابَّةِ (بِيَمِينٍ) مِنْ كُلٍّ (فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ بَلَغَا الْغَايَةَ) زَمَانِيَّةً أَوْ مَكَانِيَّةً أَيْ الَّتِي تَعَاقَدَا إلَيْهَا أَيْ إلَّا لِعُرْفٍ بِتَعْجِيلِهَا أَوْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَدَعْوَاهُ تُؤَدِّي لِلْفَسَادِ وَدَعْوَى الْمُكْتَرِي لِلصِّحَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي قَوْلِهِ، وَفِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ السِّلْعَةِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا إلَّا لِعُرْفٍ إلَخْ (إلَّا لِطُولٍ) بَعْدَ تَسْلِيمِ الْجَمَّالِ الْأَمْتِعَةَ لِرَبِّهَا (فَ) الْقَوْلُ (لِمُكْتَرِيهِ بِيَمِينٍ) لَا قَبْلَ تَسْلِيمِهَا فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ، وَلَوْ طَالَ وَيُعْتَبَرُ الطُّولُ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمَيْنِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَحْمَالِ لِرَبِّهَا الَّذِي هُوَ الْمُكْتَرِي. ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) اخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْأُجْرَةِ بِأَنْ (قَالَ) الْجَمَّالُ (بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ وَقَالَ) الْمُكْتَرِي (بَلْ) بِهَا (لِإِفْرِيقِيَّةَ) تَخْفِيفُ الْيَاءِ أَكْثَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا وَهِيَ مَتَى أُطْلِقَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQامْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ: وَبَدَأَ الصَّانِعُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لِلْمَنَافِعِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَيَحْلِفُ رَبُّهُ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ سُرِقَ مِنِّي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غُرْمَ الصَّانِعِ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ أَنَّهُ سُرِقَ مِنِّي فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْيَمِينِ، وَأَنَّهُ سُرِقَ مِنِّي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْدَأُ رَبُّهُ) هَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الصَّقَلِّيِّ عَنْ الشَّيْخِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وح (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ) أَيْ فَإِذَا حَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ، وَلَوْ نَقَصَ الثَّوْبُ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ، وَإِنْ حَلَفَ الصَّانِعُ فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ أُجْرَةِ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ: بَلْ سُرِقَ مِنِّي أَوْ غُصِبَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ رَبُّهُ إنَّهُ وَدِيعَةٌ فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ وَدِيعَةً كَذَا قَالَ عبق وَالرَّاجِحُ كَمَا فِي بْن التَّعْمِيمُ أَيْ سَوَاءٌ ادَّعَى رَبُّهُ الْوَدِيعَةَ أَوْ السَّرِقَةَ، وَلَا يُقَالُ دَعْوَاهُ الْوَدِيعَةَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّانِعِ لِحَمْلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُقَوَّمِ، وَمَا هُنَا عَلَى الْمِثْلِيِّ. (قَوْلُهُ: ادْفَعْ لَهُ قِيمَةَ مَا قَالَ) الْأَوْلَى مِثْلَ مَا قَالَ؛ لِأَنَّ السَّمْنَ مِثْلِيٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ يُقْضَى فِيهَا بِالْمِثْلِ لَا بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَحْلِفَانِ، وَلَا يَشْتَرِكَانِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّوْبِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا طَلَبَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا بَيْضَاءَ، وَأَبَى الصَّانِعُ فَإِنَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَيَشْتَرِكَانِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فَحَاصِلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ رَبَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ مَا قَالَهُ الصَّانِعُ مِنْ السَّمْنِ خُيِّرَ الصَّانِعُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ السَّوِيقِ لِرَبِّهِ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ السَّوِيقَ مَلْتُوتًا مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ) أَيْ مُتَفَاضِلًا؛ وَلِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّهِ أَنْ يَقُولَ لَا أَرْضَى بِهِ مَلْتُوتًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَا يَبْقَى بَلْ يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ لَتَّ السَّوِيقِ بِالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ نَاقِلٌ لَهُ عَنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ مَلْحَظُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ غَيْرُ نَاقِلٍ لَهُ، وَهُوَ مَلْحَظُ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: فَبَيْنَهُمَا وِفَاقٌ إلَخْ) . الْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافًا نَظَرًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لَتَّ السَّوِيقِ بِالسَّمْنِ نَاقِلٌ لَهُ أَوْ لَا وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا قَالَ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَمَلَ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْخِلَافِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَرْجِيحِ قَوْلِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ لِلْأَجِيرِ) أَيْ الَّذِي اسْتَأْجَرْته لِخِدْمَةٍ أَوْ خِيَاطَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ) أَيْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي أَنَّهُ قَبَضَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُرْفٍ بِتَعْجِيلِهَا) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فِي قَبْضِهَا (قَوْلُهُ: وَدَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى الْأَجِيرِ وَالْجَمَّالِ بِعَدَمِ قَبْضِهَا وَقَوْلُهُ: وَدَعْوَى الْمُكْتَرِي أَيْ بِقَبْضِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِطُولٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ طُولٍ بَعْدَ تَسْلِيمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمُكْتَرِيهِ) أَيْ، وَهُوَ صَاحِبُ الْأَمْتِعَةِ فِي أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَمْتِعَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ قَبُولِ قَوْلِ الْمُكْتَرِي بَعْدَ الطُّولِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَمْتِعَةِ مَا لَمْ يُقِمْ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُكْتَرِي بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَمْتِعَةِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي فِي دَفْعِهَا (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَ تَسْلِيمِهَا) أَيْ لَا إنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَمَّالَ إذَا سَلَّمَ الْأَمْتِعَةَ فَإِنْ تَنَازَعَا بَعْدَ طُولٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي، سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأَمْتِعَةِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الطُّولِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَمَّالِ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْأَمْتِعَةَ لِرَبِّهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: مُطْلَقًا، وَلَوْ طَالَ (قَوْلُهُ: مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمَيْنِ) أَيْ كَالثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ

فَالْمُرَادُ مَدِينَةُ الْقَيْرَوَانِ أَيْ الْمَدِينَةُ الْمَعْلُومَةُ، وَهِيَ أَبْعَدُ مِنْ بَرْقَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَبْدَأَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ كَمِصْرِ (حَلَفَا) وَبَدَأَ الْجَمَّالُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ (وَفَسَخَ) بِالْحُكْمِ أَوْ التَّرَاضِي (إنْ عُدِمَ السَّيْرُ) مِنْ أَصْلِهِ (أَوْ قَلَّ) بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْجَمَّالِ فِي رُجُوعِهِ، وَلَا عَلَى رَبِّ الْأَحْمَالِ فِي طَرْحِهَا (وَإِنْ نَقَدَ) مُبَالَغَةً فِي التَّخَالُفِ وَالْفَسْخِ، وَلَا يَنْظُرُ فِي هَذِهِ لِشَبَهٍ، وَلَا عَدَمِهِ بِدَلِيلِ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَفْصِيلِهِ فِي الْآتِيَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ أَوْ بُلُوغِ الْغَايَةِ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ (فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ) فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ فَقَطْ وَحَلَفَ، وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ نُقِدَ الْكِرَاءُ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي، وَيُفْسَخُ الْبَاقِي. وَالْمُصَنِّفُ، وَإِنْ شَمِلَ بِمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ شِبْهَهُمَا مَعًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا فَاتَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْبَائِعُ أَمْ لَا، وَلَيْسَ الْمُكْتَرِي كَذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى مَا إذَا أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُكْرِي) ، وَهُوَ الْجَمَّالُ إذَا اخْتَلَفَا (فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ) بِأَنْ قَالَ لِبَرْقَةَ وَقَالَ الْمُكْتَرِي بَلْ لِإِفْرِيقِيَّةَ (إنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ: فَقَطْ) دُونَ الْمُكْتَرِي انْتَقَدَ أَمْ لَا (أَوْ أَشْبَهَا) مَعًا (وَانْتَقَدَ) الْمُكْرِي الْكِرَاءَ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ (وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي) عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ) الْمُكْتَرِي مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَافَةِ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الْجَمَّالُ أَيْضًا (عَلَى مَا ادَّعَى) بَعْدَ حَلِفِ الْمُكْتَرِي (فَلَهُ) أَيْ الْجَمَّالِ (حِصَّةُ الْمَسَافَةِ) الَّتِي ادَّعَاهَا، وَهِيَ بَرْقَةُ الْقَرِيبَةُ (عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي) أَنَّ الْمِائَةَ لِإِفْرِيقِيَّةَ (وَفَسَخَ الْبَاقِيَ) بَعْدَ بَرْقَةَ فَيُقَالُ مَا تُسَاوِي حِصَّةُ بَرْقَةَ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِالْمِائَةِ فَإِنْ قِيلَ النِّصْفُ مَثَلًا أُعْطِيَ لِلْجَمَّالِ (وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا) وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ أَوْ بُلُوغِ بَرْقَةَ (حَلَفَا، وَفَسَخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. وَأَشَارَ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَسَافَةِ وَالْأُجْرَةِ مَعًا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (قَالَ) الْجَمَّالُ لِلْمُكْتَرِي (أَكْرَيْتُك لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَبَلَغَاهَا) أَوْ سَارَا كَثِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغَاهَا (وَقَالَ) الْمُكْتَرِي (بَلْ لِمَكَّةَ) الْأَبْعَدِ (بِأَقَلَّ) كَخَمْسِينَ (فَإِنْ نَقَدَهُ) الْمُكْتَرِي الْأَقَلَّ (فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ) أَيْ مَعَ شِبْهِ الْمُكْتَرِي أَيْضًا كَمَا قَيَّدَهَا بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَيَدُلُّ لَهُ ذِكْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ شِبْهَ الْجَمَّالِ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ: (وَحَلَفَا) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَعُمِلَ بِقَوْلِ الْجَمَّالِ حِينَئِذٍ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِهَا مَدِينَةُ الْقَيْرَوَانِ) أَيْ لَا الْإِقْلِيمُ الَّتِي هِيَ مَدِينَتُهُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيهِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَائِعٌ أَيْ لِمَنْفَعَةِ جِمَالِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عُدِمَ السَّيْرُ أَوْ قَلَّ) فِيهِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَرَامِهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ عُدِمَ، وَأَوْ وَيَقُولَ إنْ قَلَّ السَّيْرُ لِاسْتِفَادَةِ حُكْمِ مَا إذَا عُدِمَ السَّيْرُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَلَّ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ قَلَّ لَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ السَّيْرِ يُفْسَخُ الْعَقْدُ بِدُونِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: مُبَالَغَةً إلَخْ) رَدَّ الْمُصَنِّفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْجَمَّالِ إذَا أَشْبَهَ وَانْتَقَدَ. اهـ شب. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي إذَا انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ وَحَلَفَ نَقَدَ أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُكْرِي بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ انْتَقَدَ أَمْ لَا، وَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَإِنْ حَصَلَ انْتِقَادٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْرِي، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي إنْ حَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا، وَفُسِخَ وَقَضَى بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ) أَيْ مِنْ السَّيْرِ لِإِفْرِيقِيَّةَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا ادَّعَاهُ) أَيْ، وَهُوَ أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ بَرْقَةُ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ حُصُولِ الِانْتِقَادِ وَعَدَمِهِ إذَا أَشْبَهَا (قَوْلُهُ: غَيْرُ تَامٍّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِ الْمُكْتَرِي مَشْرُوطٌ بِحَلِفِهِ وَانْفِرَادِهِ بِالشَّبَهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي عِنْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ مَشْرُوطٌ بِحَلِفِهِ وَشِبْهِهِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْبَائِعُ أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُكْتَرِي كَذَلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا إذَا انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، وَأَمَّا إذَا أَشْبَهَا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلِلْمُكْرِي) أَيْ وَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ دُونَ الْأُجْرَةِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الْجَمَّالَ إلَخْ) الْجَمَّالَ مَفْعُولُ لَزِمَ مُقَدَّمًا، وَمَا قَالَ فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْجَمَّالُ أَيْضًا عَلَى مَا ادَّعَى) أَيْ مِنْ أَنَّ غَايَةَ الْمَسَافَةِ بَرْقَةُ فَلَا يَلْزَمُ تَبْلِيغَهُ لِإِفْرِيقِيَّةَ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَسَخَ الْبَاقِي بَعْدَ بَرْقَةَ) أَيْ أَوْ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفَسَخَ الْبَاقِي أَنَّهُ بَعْدَ السَّيْرِ يَفْسَخُ قَبْلَ بُلُوغِ الْغَايَةِ الْأُولَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ يُوَصِّلُهُ لِبَرْقَةَ نَظِيرَ مَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْمَدِينَةِ، وَمَكَّةَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ) أَيْ مِنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَسَافَةِ فَقَطْ بَعْدَ السَّيْرِ الْكَثِيرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبَلَغَاهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا بَلَغَاهَا أَيْ قَبْلَ مَكَّةَ كَمِصْرِيٍّ سَافَرَ مِنْ نَاحِيَةِ بَدْرٍ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَلَغَاهَا أَوْ سَارَا كَثِيرًا إلَى أَنَّ مَحَلَّ التَّفْصِيلِ الْآتِي إذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ أَوْ بَعْدَ بُلُوغِ الْمَدِينَةِ، وَأَمَّا إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ يَسِيرٍ فَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ) أَيْ فِي أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إلَى الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ شِبْهِ الْمُكْتَرِي) أَيْ الْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ إذَا حَصَلَ شِبْهٌ مِنْهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ) أَيْ بِسَبَبِ انْتِقَادِهِ مِنْ

وَالشَّبَهِ فَيَحْلِفُ لِإِسْقَاطِ زَائِدِ الْمَسَافَةِ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ (وَفُسِخَ) الْعَقْدُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حَلِفِ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْجَمَّالُ شَيْئًا وَقَدْ أَشْبَهَا مَعًا (فَلِلْجَمَّالِ) الْقَوْلُ (فِي الْمَسَافَةِ) الْقَرِيبَةِ (وَ) الْقَوْلُ (لِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا) أَيْ الْمَدِينَةِ (مِمَّا ذَكَرَ) مِنْ الْكِرَاءِ، وَهُوَ كَوْنُهُ بِخَمْسِينَ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لِمَكَّةَ (بَعْدَ يَمِينِهِمَا) عَلَى مَا ادَّعَيَاهُ (وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ) نَقَدَ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ الْمِائَةَ، وَلَا يَلْزَمُهُ السَّيْرُ إلَى مَكَّةَ، وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا أَشْبَهَا، وَلَمْ يَنْقُدْ أَيْ الْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ وَلِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذَكَرَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا، وَفُسِخَ، وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى (وَإِنْ أَقَامَا) أَيْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) عَلَى مَا ادَّعَاهُ (قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا، وَإِلَّا سَقَطَتَا) وَيَقْضِي بِذَاتِ التَّارِيخِ وَبِقِدَمِهِ. (وَإِنْ) (قَالَ اكْتَرَيْت عَشَرًا) مِنْ الْأَفْدِنَةِ أَوْ مِنْ السِّنِينَ مَثَلًا (بِخَمْسِينَ وَقَالَ) رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ (بَلْ) اكْتَرَيْت مِنِّي (خَمْسًا بِمِائَةٍ) ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا (حَلَفَا، وَفُسِخَ) الْعَقْدُ وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَهَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ زَرْعٌ، وَلَا سُكْنَى (وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا) أَوْ سَكَنَهُ (وَلَمْ يَنْقُدْ) مِنْ الْكِرَاءِ شَيْئًا (فَلِرَبِّهَا) بِحِسَابِ (مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي) فِيمَا مَضَى (وَإِنْ أَشْبَهَ) الْمُكْتَرِي أَشْبَهَ رَبُّهَا أَمْ لَا (وَحَلَفَ) أَيْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (وَإِلَّا) يُشْبِهُ حَلَفَ أَمْ لَا أَوْ أَشْبَهَ، وَلَمْ يَحْلِفْ فَالنَّفْيُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ مَعًا (فَقَوْلُ رَبِّهَا) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (إنْ أَشْبَهَ) وَحَلَفَ أَيْضًا فَلَهُ بِحِسَابِ مَا قَالَ (فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا) مَعًا (حَلَفَا) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ نَافِيًا لِدَعْوَى الْآخَرِ. (وَوَجَبَ) لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ (كِرَاءُ الْمِثْلِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَالشَّبَهَ) أَيْ وَدَعْوَاهُ الشَّبَهَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي بَلَغَاهَا (قَوْلُهُ: لِإِسْقَاطِ زَائِدِ الْمَسَافَةِ) أَيْ لِإِسْقَاطِ الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمَدِينَةِ لِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ خَمْسُونَ فَقَطْ وَيُبَلِّغُهُ الْجَمَّالُ لِلْمَدِينَةِ إذَا كَانَ نِزَاعُهُمَا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ قَبْلَ الْوُصُولِ لِلْمَدِينَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا أَشْبَهَا وَحَلَفَا وَانْتَقَدَ الْمُكْتَرِي الْأَقَلَّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَمَّالِ بِالنَّظَرِ لِلْمَسَافَةِ وَقَوْلَ الْمُكْتَرِي بِالنَّظَرِ لِلْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حَلِفِ الْمُكْتَرِي) أَيْ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَلِفِ الْجَمَّالِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لِأَجْلِ إسْقَاطِ زَائِدِ الْمَسَافَةِ وَهَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى حَلِفِ الْجَمَّالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَلِفَهُ لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ) أَيْ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ عَنْهُ خَمْسُونَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ: فَلِلْجَمَّالِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَسَافَةِ الْقَرِيبَةِ، وَهِيَ إلَى الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا) هَذَا مَحَلُّ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ النَّقْضِ وَعَدَمِهِ وَيَتَّفِقَانِ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذَكَرَ مِنْ الْكِرَاءِ وَهُوَ كَوْنُهُ بِخَمْسِينَ) أَيْ وَيُفَضُّ ذَلِكَ الْكِرَاءُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لِمَكَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ بُلُوغِ الْمَسَافَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا يُرَجِّحُ قَوْلَ الْمُكْرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأُجْرَةَ مِائَةٌ لِلْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ فَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَقَطَتَا) أَيْ، وَإِلَّا تَكُنْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ بَلْ تَكَافَأَتَا فِي الْعَدَالَةِ سَقَطَتَا (قَوْلُهُ: وَيُقْضَى بِذَاتِ التَّارِيخِ) أَيْ فَتُقَدَّمُ الْمُؤَرَّخَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُوَرَّخَةِ وَتُقَدَّمُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَارِيخًا عَلَى مُتَأَخِّرَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ) أَيْ لِأَنَّهُ دَافِعٌ لِمَنْفَعَةِ أَرْضِهِ أَوْ دَارِهِ (قَوْلُهُ: كَحَلِفِهِمَا) أَيْ فَكَمَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ إذَا حَلَفَا يُفْسَخُ إذَا نَكَلَا، وَلَا يُرَاعَى هُنَا نَقْضٌ، وَلَا عَدَمُهُ بَلْ حَيْثُ كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الزَّرْعِ وَالسُّكْنَى فُسِخَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ أَوْ لَا سَوَاءٌ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُكْرِي فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ، سَوَاءٌ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا) أَيْ مِنْ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ: أَوْ سَكَنَهُ أَيْ بَعْضًا مِنْ الْمُدَّةِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثَمَانُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يُشْبِهَا أَوْ لَا يُشْبِهَا أَوْ يُشْبِهَ الْمُكْرِي فَقَطْ أَوْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ الِانْتِقَادِ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِأَرْبَعَةٍ مِنْهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا، وَلَمْ يَنْقُدْ إلَخْ. وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا زَرَعَ بَعْضَ الْأَرْضِ أَوْ سَكَنَ الْبَيْتَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَنْقُدْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فِيمَا مَضَى وَفُسِخَ فِي الْبَاقِي إنْ أَشْبَهَ، قَوْلُهُ: وَحَلَفَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي أَيْضًا أَمْ لَا فَهَذِهِ صُورَةٌ، وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُكْرِي بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَلَمْ يَحْلِفْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي فِيمَا مَضَى، وَفُسِخَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى، وَفُسِخَ فِي الْبَاقِي فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ الِانْتِقَادِ فَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يُشْبِهَا أَوْ لَا يُشْبِهَا أَوْ يُشْبِهَ الْمُكْرِي أَوْ الْمُكْتَرِي وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَقَدَ فَتَرَدُّدٌ وَحَاصِلُ ذَلِكَ التَّرَدُّدِ الْوَاقِعِ فِيهَا قِيلَ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْرِي إذَا أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ فِيمَا مَضَى بِحِسَابِ مَا قَالَ وَيُفْسَخُ فِي الْبَاقِي مِثْلَ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ، وَقِيلَ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْرِي، وَلَا فَسْخَ، وَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا إذَا انْفَرَدَ الْمُكْتَرِي

[باب في أحكام الجعالة]

(فِيمَا مَضَى) مِمَّا زَرَعَ أَوْ سَكَنَ (وَفُسِخَ الْبَاقِي) أَيْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ (مُطْلَقًا) أَشْبَهَ قَوْلُ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا (وَإِنْ نَقَدَ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ لَمْ يَنْقُدْ أَيْ، وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا وَقَدْ نَقَدَ (فَتَرَدُّدٌ) هَلْ الْقَوْلُ لِلْمُكْرِي لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ، وَلَا فَسْخَ وَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ أَوْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ بَلْ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْأَشْبَهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْقُدْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ. (صِحَّةُ الْجُعْلِ) أَيْ الْعَقْدِ تَحْصُلُ (بِالْتِزَامِ) أَيْ بِسَبَبِ الْتِزَامِ (أَهْلِ الْإِجَارَةِ) أَيْ الْمُتَأَهِّلِ لِعَقْدِهَا (جُعْلًا) أَيْ عِوَضًا مَعْمُولُ " الْتِزَامِ " وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ قَاصِرٌ عَلَى الْجَاعِلِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَنْ الْآخَرِ، أَوْ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ الِالْتِزَامِ مِنْ لُزُومِ الْعَقْدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ بِخِلَافِ الْمَجْعُولِ لَهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ لُزُومٌ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ بَلْ وَلَا حُصُولُ قَبُولٍ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ مَنْ يَأْتِينِي بِعَبْدِي الْآبِقِ مَثَلًا فَلَهُ كَذَا فَأَتَاهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ قَرِيبًا، وَقَوْلُهُ (عُلِمَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ صِفَةُ جُعْلٍ فَلَا يَصِحُّ بِمَجْهُولٍ (يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ) مِنْ الْجَاعِلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالشَّبَهِ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَمْ يَنْقُدْ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا مَضَى) تَنَازَعَ فِيهِ جَمِيعُ الْعَوَامِلِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا وَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ الْبَاقِي) أَيْ لِدَعْوَى رَبِّهَا فِي كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ أَكْثَرَ مِنْ دَعْوَى الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَدَ) أَيْ، وَأَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَوْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا مَضَى وَيُفْسَخُ فِي الْبَاقِي مِثْلَ مَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا نَقَدَ وَأَشْبَهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا نَقَدَ وَلَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يَنْقُدْ، هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ بْن مَا نَصُّهُ قَدْ أَجْمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي ذِكْرِ هَذَا التَّرَدُّدِ وَيَتَبَيَّنُ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَشُرَّاحِهَا وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوْجُهَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ قَالَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُهُ لَوْ نَقَدَ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا، وَلَا تُفْسَخُ فِي بَقِيَّةِ السِّنِينَ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ أَيْ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إذَا انْتَقَدَ، وَالْحُكْمُ عِنْدِي سَوَاءٌ فِيهِمَا. اهـ. وَاَلَّذِي قَالَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا هُوَ أَنَّهُ إذَا انْتَقَدَ، وَأَتَى رَبُّ الْأَرْضِ بِمَا يُشْبِهُ أَوْ أَتَيَا مَعًا بِمَا يُشْبِهُ لَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ فَيَكُونُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ، فَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَفْسَخُ فِي الْبَاقِي، وَأَمَّا إذَا انْتَقَدَ فَلَا يَفْسَخُ يُرِيدُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُوَافِقًا لِقَوْلِ الْغَيْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَفْسَخُ مُطْلَقًا فَيَكُونُ قَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافًا، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَحَلَّ لِلتَّأْوِيلَيْنِ لَا لِلتَّرَدُّدِ. [بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ] (بَابٌ فِي الْجَعَالَةِ) (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَأَهِّلِ لِعَقْدِهَا) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَحَالَ عَاقِدَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَشَرْطُ عَاقِدِهِ تَمْيِيزٌ إلَّا بِكَسْرٍ فَتَرَدُّدٌ وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ إلَخْ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُحِلْ عَاقِدَ الْجُعْلِ عَلَى الْبَيْعِ بَلْ عَلَى الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ لِلْإِجَارَةِ أَقْرَبُ، وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الْمَنَافِعِ الْإِجَارَةُ وَالْجُعْلُ رُخْصَةٌ اتِّفَاقًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ عِوَضًا) بِهَذَا التَّفْسِيرِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ: إنَّهُ جُعْلُ الْتِزَامِ الشَّيْءِ شَرْطًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجُعْلِ الْأَوَّلِ الْعَقْدَ وَبِالثَّانِي الْعِوَضَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ التَّبَادُرَ مِنْ قَوْلِهِ " الْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا " أَيْ دَفْعِ جُعْلٍ وَعِوَضٍ فَيَكُونُ كَلَامُهُ مُفِيدًا أَنَّ دَافِعَ الْعِوَضِ - وَهُوَ الْجَاعِلُ - يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَهِّلًا لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَأَمَّا الْمَجْعُولُ لَهُ وَهُوَ الْعَامِلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ مِنْ الْمُجَاعِلِ فَقَطْ الدَّافِعِ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ إلَخْ) أَيْ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ الْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا أَيْ دَفْعًا وَقَبُولًا أَيْ دَفْعَ جُعْلٍ وَقَبُولَهُ، بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ تَوَقُّفَ الْعَقْدِ عَلَى الِالْتِزَامِ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِالْتِزَامِ الصُّدُورُ أَيْ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِصُدُورِ جُعْلٍ وَعِوَضٍ مِنْ أَهْلِ الْإِجَارَةِ، وَالْبَحْثُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَالْجَوَابُ لعبق قَالَ شَيْخُنَا وَالْبَحْثُ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ أَمَّا أَوَّلًا فَالشَّخْصُ قَدْ يَلْتَزِمُ مَالًا يَلْزَمُهُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَشَرْطُ صِحَّةِ الْجُعْلِ الْتِزَامُ الْعِوَضِ بِشَرْطِ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ لَا مُطْلَقًا وَالْأَوَّلُ هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عُلِمَ) أَيْ قَدْرُهُ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى عِلْمِ الْعِوَضِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ مِثْلُ كَوْنِهِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ عِلْمِهِ وَحُصُولِ الصِّحَّةِ بِالْعِوَضِ الْمَجْهُولِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْمَجْعُولِ عَلَيْهِ بَلْ تَارَةً يَكُونُ مَجْهُولًا كَالْآبِقِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْجُعْلِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ أَنْ لَا يُعْلَمَ مَكَانُهُ فَإِنْ

وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ (بِالتَّمَامِ) لِلْعَمَلِ بِتَمْكِينِ رَبِّهِ مِنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا (كَكِرَاءِ السُّفُنِ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ الْأَجْرَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَهُوَ إجَارَةٌ لَا جَعَالَةٌ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِكِرَاءٍ فَإِذَا غَرِقَتْ السَّفِينَةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، أَوْ فِي آخِرِهَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ مَا فِيهَا فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا قَالَ فِيهَا وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ أَيْ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ مَا فِيهَا وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ وَمِثْلُ السَّفِينَةِ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ وَالْمُعَلِّمِ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ، أَوْ بَعْضِهِ، أَوْ صَنْعَةٍ، وَالْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمَوَاتٍ مَعَ عِلْمِ شِدَّةِ الْأَرْضِ وَبُعْدِ الْمَاءِ، أَوْ ضِدِّهِمَا وَكَذَا إرْسَالُ رَسُولٍ لِبَلَدٍ لِتَبْلِيغِ خَبَرٍ أَوْ إتْيَانٍ بِحَاجَةٍ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ إلَّا أَنَّ لَهَا شَبَهًا بِالْجَعَالَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْكِرَاءَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ، ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِالتَّمَامِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ) رَبُّهُ بَعْدَ تَرْكِ الْعَامِلِ، أَوْ يُجَاعِلَ آخَرَ (عَلَى التَّمَامِ) ، أَوْ يُتِمَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ (فَبِنِسْبَةِ) عَمَلِ (الثَّانِي) أَيْ فَيَسْتَحِقَّ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَجْرِ بِنِسْبَةِ عَمَلِ الْعَامِلِ الثَّانِي سَوَاءٌ عَمِلَ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَجْرُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ قَدْ انْتَفَعَ بِمَا عَمِلَهُ لَهُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مِثَالُهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ خَشَبَةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَحَمَلَهَا وَتَرَكَهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَجَعَلَ لِغَيْرِهِ عَشَرَةً مَثَلًا عَلَى إيصَالِهَا لِلْمَكَانِ الْمَعْلُومِ فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بَلَّغَهَا النِّصْفَ فَلَهُ عَشَرَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنُوبُ فِعْلَ الْأَوَّلِ مِنْ عَمَلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا اُسْتُؤْجِرَ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلِمَهُ رَبُّهُ فَقَطْ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى وَجُعْلُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَهُ الْعَامِلُ فَقَطْ كَانَ لَهُ بِقَدْرِ تَعَبِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ عَلِمَاهُ مَعًا فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ جُعْلَ مِثْلِهِ نَظَرًا لِسَبْقِ الْجَاعِلِ بِالْعَدَاءِ وَتَارَةً يَكُونُ مَعْلُومًا كَالْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِبْرَةُ بِالْأَرْضِ وَبِمَائِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَمَاعُهُ بِوَاسِطَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ) أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِتَمْكِينِ رَبِّهِ مِنْهُ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَتَمْكِينُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ أَيْ وَتَمَامُ الْعَمَلِ مُصَوَّرٌ بِأَنْ يُمَكِّنَ الْمُجَاعِلُ رَبَّ الشَّيْءِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ مِنْهُ فَإِنْ أَبَقَ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ مَجِيءِ الْعَامِلِ بِهِ لِبَلَدِ رَبِّهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ جُعْلًا (قَوْلُهُ: هَذَا تَشْبِيهٌ إلَخْ) أَيْ لَا تَمْثِيلٌ خِلَافًا لتت وَبَهْرَامَ (قَوْلُهُ: كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِكِرَاءٍ) أَيْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْكِرَاءَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ (قَوْلُهُ: قَالَ فِيهَا إلَخْ) نَصُّ كَلَامِهَا مَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَغَرِقَتْ فِي ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ وَغَرِقَ مَا فِيهَا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ كِرَاءَ السَّفِينَةِ دَائِمًا إجَارَةٌ عَلَى الْبَلَاغِ فَهُوَ لَازِمٌ سَوَاءٌ صَرَّحَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِالْإِجَارَةِ، أَوْ الْجَعَالَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بِالْجَعَالَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ مَجَازًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ إجَارَةً مَوْصُوفَةً بِكَوْنِهَا عَلَى الْبَلَاغِ أَشْبَهَتْ الْجُعْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ الْعِوَضُ إلَّا بِالتَّمَامِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ السَّفِينَةِ) أَيْ فِي أَنَّهَا إجَارَةٌ عَلَى الْبَلَاغِ لَا جَعَالَةٌ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْفُرُوعِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَلَاغِ مُسَاوِيَةٌ لِلْجَعَالَةِ فِي أَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَا مِنْ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَلَاغِ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَنْعَةٍ) أَيْ وَالْمُشَارَطَةُ عَلَى تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَقَوْلُهُ: وَالْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمَوَاتٍ أَيْ وَمُشَارَطَةُ الْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمَوَاتٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَلَاغِ إنْ صَرَّحَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِالْإِجَارَةِ، أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ أَمَّا إنْ صَرَّحَ عِنْدَهُ بِالْجَعَالَةِ كَانَتْ جَعَالَةً وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمَوَاتٍ أَنَّهُ لَوْ شَارَطَهُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمِلْكٍ كَانَتْ إجَارَةً لَا عَلَى الْبَلَاغِ إنْ صَرَّحَ عِنْدَ الْعَقْدِ، أَوْ سَكَتَ فَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِنِسْبَةِ مَا عَمِلَ إنْ تَرَكَ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْجَعَالَةِ كَانَتْ جَعَالَةً فَاسِدَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ يُتِمُّهُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الِانْتِفَاعُ بِالْعَمَلِ السَّابِقِ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ، أَوْ يُجَاعِلَ عَلَى تَمَامِ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ يُتِمَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَسْتَحِقَّ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَجْرِ) أَيْ عَلَى عَمَلِهِ بِنِسْبَةِ مَا يَأْخُذُهُ الثَّانِي عَلَى عَمَلِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمَلُ الثَّانِي قَدْرَ عَمَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ قِيمَةُ عَمَلِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَجْرُ) أَيْ الَّذِي يَأْخُذُهُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ لِغَيْرِهِ عَشَرَةً عَلَى إيصَالِهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ) أَيْ نِصْفَهَا بِحَسَبِ التَّعَبِ لَا مُجَرَّدِ الْمَسَافَةِ وَقَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بَلَّغَهَا النِّصْفَ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بَلَّغَهَا ثُلُثَ الطَّرِيقِ وَتَرَكَهَا وَاسْتُؤْجِرَ الثَّانِي عَلَى كَمَالِ الْمَسَافَةِ بِعَشَرَةٍ كَانَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَهَكَذَا فَلَوْ أَوْصَلَهَا الْجَاعِلُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِعَبِيدِهِ، أَوْ أَوْصَلَهَا لَهُ غَيْرُهُ مَجَّانًا يُقَالُ مَا قِيمَةُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّهُ، أَوْ جَاعَلَ عَلَيْهِ، وَيُعْطِي الْأَوَّلَ بِنِسْبَتِهِ فَلَوْ

عَلِمَ أَنَّ أُجْرَةَ الطَّرِيقِ عِشْرُونَ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ، ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهَا وَعَلَيْهِ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً لِحَمْلٍ كَقَمْحٍ فَغَرِقَتْ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَمْحِ وَبَقِيَ الْبَعْضُ فَاسْتَأْجَرَ رَبُّهُ عَلَى مَا بَقِيَ فَإِنَّ لِلْأَوَّلِ كِرَاءَ مَا بَقِيَ إلَى مَحَلِّ الْغَرَقِ عَلَى حِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْغَرَقِ وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا اخْتِيَارًا لَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَهُمَا كَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِمَحَلٍّ وَتَرَكَهَا فِي الْأَثْنَاءِ بِلَا عُذْرٍ وَكَذَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ لَوْ فَرَّطَ فِي نَقْلِ مَتَاعِهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ حَتَّى غَرِقَ وَقَوْلُهُ (إنْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بِالتَّمَامِ أَيْ أَنَّ مَنْ أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ فَاسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى الْجَاعِلِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّهُ وَرَّطَهُ فِي الْعَمَلِ وَلَوْلَا الِاسْتِحْقَاقُ لَقَبَضَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْجَاعِلُ بِالْجُعْلِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ الْآبِقِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ (بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِشَرْطِ عَدَمِ تَقْدِيرٍ أَيْ تَعْيِينِ زَمَنٍ سَوَاءٌ شَرَطَ عَدَمَهُ، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَإِنْ شَرَطَ تَقْدِيرَهُ مُنِعَ (إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَاعَلَ رَبُّهُ نَفْسَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّمَامِ لَاسْتَحَقَّ الْجُعْلَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَقَطْ. (قَوْلُهُ: عَلِمَ أَنَّ أُجْرَةَ الطَّرِيقِ) أَيْ يَوْمَ اُسْتُؤْجِرَ الْأَوَّلُ عِشْرُونَ لَا يُقَالُ الْأَوَّلُ رَضِيَ بِحَمْلِهَا جَمِيعَ الطَّرِيقِ بِخَمْسَةٍ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُعْطَى نِصْفَهَا وَالْمُغَابَنَةُ جَائِزَةٌ فِي الْجُعْلِ كَالْبَيْعِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْجُعْلِ مُنْحَلًّا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَمَّا تَرَكَ بَعْدَ حَمْلِهِ نِصْفَ الْمَسَافَةِ صَارَ تَرْكُهُ لِلْإِتْمَامِ إبْطَالًا لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَصَارَ الثَّانِي كَاشِفًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَوَّلُ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ الَّذِي أَحَالَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهَا) أَيْ وَهُوَ كِرَاءُ السُّفُنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَازِمٌ فَإِذَا لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فِي السَّفِينَةِ وَاسْتَأْجَرَ رَبُّ الْمَحْمُولِ سَفِينَةً أُخْرَى عَلَى التَّمَامِ كَانَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ نَفْسِهِ لَا بِحَسَبِ كِرَاءِ السَّفِينَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَاسْتَأْجَرَ رَبُّهُ عَلَى مَا بَقِيَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ ذَلِكَ الْبَاقِيَ فِي مَحَلِّ الْغَرَقِ وَلَوْ بِرِبْحٍ فَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَا لِمَا غَرِقَ وَلَا لِمَا بَاعَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ عج فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كِرَاءَ السَّفِينَةِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالتَّمَامِ، وَأَنَّهُ إذَا غَرِقَ مَا فِيهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَسْتَأْجِرْ رَبُّ الْمَحْمُولِ سَفِينَةً أُخْرَى عَلَى التَّمَامِ، وَإِلَّا كَانَ لِلْأَوَّلِ بِحَسَبِ كِرَاءِ نَفْسِهِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْغَرَقِ) أَيْ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ رَبِّهِ مِنْ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا لِوَحَلِهَا، ثُمَّ خَلَصَتْ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ كَمَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ فَلَا يَلْزَمُ عَوْدُهُ لَهَا أَمْ لَا قَالَهُ عبق قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا إنْ خَلَصَتْ مِنْ الْوَحَلِ سَلِيمَةً فَلَيْسَ كَمَرَضِ الدَّابَّةِ وَيَلْزَمُ الْعَوْدُ لَهَا، وَإِذَا حَصَلَ فِيهَا أَثَرٌ مَخُوفٌ وَأُصْلِحَ فَهُوَ مِثْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ إلَخْ) فِي ح إذَا صَبَّ الْقَمْحَ فِي سَفِينَةٍ لِجَمَاعَةٍ وَغَرِقَ بَعْضُهُ فَإِنْ عَزَلَ قَمْحَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ فَهُوَ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا اشْتَرَكُوا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) أَيْ بَعْدَ وُصُولِ الْمُجَاعِلِ لِلْبَلَدِ وَقَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ أَمَّا لَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ إتْيَانِهِ لِلْبَلَدِ فَلَا جُعْلَ لَهُ كَمَا ارْتَضَاهُ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى أَصْبَغَ الْقَائِلِ بِسُقُوطِ الْجُعْلِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ. (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بِالتَّمَامِ) أَيْ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ إذْ اُسْتُحِقَّ الْآبِقُ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى التَّمَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: اللَّائِقُ أَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ التَّمَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْجَاعِلُ بِالْجُعْلِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْعَامِلِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ لِلْجَاعِلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى وَجُعْلِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْعَامِلِ بَعْدَ مَجِيئِهِ بِهِ لِبَلَدِ رَبِّهِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ لَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَسْلِيمِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ بَعْدَ مَا تَسَلَّمَهُ رَبُّهُ وَلَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيِّ فِي مَسَائِلَ كَمَا لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ وَارِثٍ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ فَإِنَّهُ يَرِثُ وَكَمَا هُنَا قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِحُرِّيَّةٍ وَبَيْنَ مَوْتِهِ عَدَمُ النَّفْعِ بِالْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَقِّ فَإِنَّ فِيهِ نَفْعًا فِي ذَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَاعِلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةٍ) أَيْ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ أَيْ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ التَّبَرُّعِ جُعْلًا حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ تَقْدِيرِ الزَّمَنِ. (قَوْلُهُ: عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّعْمِيمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْتِبَاسَهُ بِعَدَمِ تَقْدِيرِ الزَّمَنِ صَادِقٌ بِمَا إذَا سَكَتَ عَنْ تَقْدِيرِهِ وَبِمَا إذَا شَرَطَ عَدَمَ تَقْدِيرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ التَّقْدِيرِ قَاصِرٌ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ كَ أُجَاعِلُكَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَبْدِي الْآبِقِ بِدِينَارٍ بِشَرْطِ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ فِي شَهْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ) أَيْ فَيَجُوزُ إنْ قِيلَ شَأْنُ هَذَا الْعَقْدِ التَّرْكُ فِيهِ مَتَى شَاءَ فَلِمَ كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ جَائِزٍ إذَا قُدِّرَ بِزَمَنٍ

أَنَّ لَهُ تَرْكَ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ فَيَجُوزَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ رَجَعَ حِينَئِذٍ لِأَصْلِهِ وَسُنَّتِهِ مِنْ كَوْنِ الزَّمَانِ مُلْغًى، وَإِنَّمَا ضَرَّ تَقْدِيرُ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ فَقَدْ يَنْقَضِي الزَّمَنُ قَبْلَ التَّمَامِ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا فَفِيهِ زِيَادَةُ غَرَرٍ، وَإِخْرَاجٌ لَهُ عَنْ سُنَّتِهِ، وَمِثْلُ شَرْطِ التَّرْكِ مَتَى شَاءَ إذَا جَعَلَ لَهُ الْجُعْلَ بِتَمَامِ الزَّمَنِ تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا فَيَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ الْجَعَالَةِ إلَى الْإِجَارَةِ (وَلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ أَيْ وَبِلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِلَا شَرْطِ نَقْدٍ فَإِنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُضِرٌّ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بِشَرْطٍ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَلَا يَضُرُّ النَّقْدُ تَطَوُّعًا وَالْجُعْلُ يَصِحُّ (فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ) أَيْ كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ جَازَ فِيهِ الْجَعَالَةُ (بِلَا عَكْسٍ) فَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجَعَالَةُ جَازَ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَالْجَعَالَةُ أَعَمُّ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ، وَإِلَّا فَهُمَا عَقْدَانِ مُتَبَايِنَانِ وَهَذَا سَهْوٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ عَكْسُ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَالْإِجَارَةُ أَعَمُّ وَالْحَقُّ أَنَّ بَيْنَهُمَا الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ الْوَجْهِيَّ فَيَجْتَمِعَانِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءِ ثَوْبٍ، أَوْ أَثْوَابٍ قَلِيلَةٍ، أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ بِفَلَاةٍ وَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ وَتَنْفَرِدُ الْإِجَارَةُ فِي خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ فِي مِلْكٍ وَسُكْنَى بَيْتٍ وَاسْتِخْدَامِ عَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَتَنْفَرِدُ الْجَعَالَةُ فِيمَا جُهِلَ حَالُهُ وَمَكَانُهُ كَآبِقٍ وَنَحْوِهِ، نَعَمْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا جُهِلَ مَكَانُهُ تَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ شَأْنَهُ يُغْنِي عَنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ.؟ قُلْت: الْمَجْعُولُ لَهُ إذَا قُدِّرَ عَمَلُهُ بِزَمَنٍ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ دَاخِلٌ عَلَى التَّمَامِ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّرْكُ فِي الْوَاقِعِ وَحِينَئِذٍ فَغَرَرُهُ قَوِيٌّ وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْطِ فَقَدْ دَخَلَ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَغَرَرُهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ تَرْكَ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ) أَيْ وَأَنَّ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَالْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَةِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْفِرَارُ مِنْ إضَاعَةِ الْعَمَلِ بَاطِلًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ أُجَاعِلُكَ عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي بِعَبْدِي فِي شَهْرٍ بِدِينَارٍ عَمِلْت أَمْ لَا انْقَلَبَتْ الْجَعَالَةُ إجَارَةً وَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنْ عَمِلَ اسْتَحَقَّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا قَرَّرَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِلَا شَرْطِ نَقْدٍ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ نَقْدٌ أَصْلًا، أَوْ كَانَ هُنَاكَ نَقْدٌ تَطَوُّعًا، أَوْ كَانَ هُنَاكَ اشْتِرَاطُ نَقْدٍ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الثَّالِثَةِ مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُوصِلْهُ لِرَبِّهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا أَوْ وَجَدَهُ وَهَرَبَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ وَقَوْلُهُ: وَالثَّمَنِيَّةِ أَيْ إنْ وَجَدَ الْآبِقَ وَأَوْصَلَهُ لِرَبِّهِ. (قَوْلُهُ: فَالْجَعَالَةُ أَعَمُّ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ الَّذِي تَعَلَّقَا بِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُمَا عَقْدَانِ مُتَبَايِنَانِ أَيْ وَإِلَّا نَقُلْ إنَّ أَعَمِّيَّةَ الْجُعْلِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ بَلْ قُلْنَا إنَّ أَعَمِّيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِمَا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ مُتَبَايِنَانِ مَفْهُومًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا سَهْوٌ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَ " كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ " خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالضَّمِيرُ فِي جَازَ لِلْجُعْلِ فَوَافَقَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ سَابِقًا صِحَّةُ الْجُعْلِ، وَأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاعِلُ " جَازَ " حَتَّى يَأْتِيَ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) نَصُّهَا كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي الْمَوَاتِ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةِ جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ أَلَا تَرَى أَنَّ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ وَخِدْمَةَ عَبْدٍ شَهْرًا وَبَيْعَ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ وَحَفْرَ الْآبَارِ فِي الْمِلْكِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَا ذُكِرَ يَصِحُّ إذَا كَانَ إجَارَةً لَا جَعَالَةً؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ إنْ لَمْ يُتِمَّ الْمَجْعُولُ لَهُ الْعَمَلَ وَالْجُعْلُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا لَا يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ نَفْعٌ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَيَجْتَمِعَانِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءِ ثَوْبٍ) أَيْ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى بَيْعِ مَا ذُكِرَ، أَوْ شِرَائِهِ يَصِحُّ إجَارَةً وَجَعَالَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ أَثْوَابٍ قَلِيلَةٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا سَتَعْلَمُهُ. (قَوْلُهُ: وَتَنْفَرِدُ الْإِجَارَةُ فِي خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِي الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ جَعَالَةً بِأَنْ تُجَاعِلَهُ عَلَى شَرْطِ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُجَاعِلَ قَدْ يَنْتَفِعُ بِخِيَاطَةِ الْبَعْضِ، أَوْ بَيْعِ الْبَعْضِ بَاطِلًا إنْ لَمْ يُتِمَّ الْعَامِلُ الْعَمَلَ وَيَصِحُّ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً بِأَنْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ إنْ تَرَكَ فَقَوْلُهُ وَبَيْعُ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ أَيْ إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ إلَّا بِبَيْعِ الْجَمِيعِ، ثُمَّ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ جَوَازِ الْجُعْلِ عَلَى بَيْعِ الثِّيَابِ الْقَلِيلَةِ وَمَنْعِهِ عَلَى بَيْعِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ فِي أَنَّهُ مَتَى انْتَفَعَ الْجَاعِلُ بِالْبَعْضِ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِالتَّمَامِ مُنِعَ الْجُعْلُ عَلَى بَيْعِ الْقَلِيلِ وَبَيْعِ الْكَثِيرِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُجَاعَلَةَ عَلَى بَيْعِ مَا زَادَ عَلَى ثَوْبٍ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ مَا بَاعَ بِحِسَابِهِ إذَا تَرَكَ جَازَ، وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِبَيْعِ الْجَمِيعِ مُنِعَ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الزَّائِدِ عَلَى الثَّوْبِ كَثِيرًا، أَوْ قَلِيلًا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَآبِقٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ بِغَيْرِ شَارِدٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إلَّا بِالتَّمَامِ جُعْلٌ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا تَبَعًا لعج وَالْحَقُّ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا وَجْهِيًّا لَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ لَمْ تَنْفَرِدْ عَنْ الْإِجَارَةِ بِمَحَلٍّ وَمَا جُهِلَ حَالُهُ وَمَكَانُهُ كَمَا يَصِحُّ فِيهِ الْجُعْلُ يَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ كَأَنْ يُؤَاجِرَهُ عَلَى التَّفْتِيشِ عَلَى عَبْدِهِ الْآبِقِ بِكَذَا أَتَى بِهِ أَمْ لَا

عَلَى تَقْدِيرِ الْعِلْمِ وَبَالَغَ عَلَى صِحَّةِ الْجُعْلِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ) كَعَبِيدٍ كَثِيرَةٍ أَبَقَتْ، أَوْ إبِلٍ كَثِيرَةٍ شَرَدَتْ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْكَثِيرِ قَوْلُهُ (إلَّا) عَلَى (كَبَيْعِ) ، أَوْ شِرَاءِ (سِلَعٍ كَثِيرَةٍ) مِنْ ثِيَابٍ، أَوْ رَقِيقٍ، أَوْ إبِلٍ فَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ (لَا يَأْخُذُ شَيْئًا) مِنْ الْجُعْلِ (إلَّا بِالْجَمِيعِ) أَيْ إلَّا بِبَيْعِ أَوْ شِرَاءِ الْجَمِيعِ أَيْ وَقَعَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ، أَوْ عُرْفٍ فَإِنْ شَرَطَ، أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ مَا بَاعَهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ فَلَهُ بِحِسَابِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ السِّلَعِ بِمَنْزِلَةِ عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ بِانْتِهَاءِ عَمَلِهَا وَلَمْ يَذْهَبْ لَهُ عَمَلٌ بَاطِلٌ. (وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ) أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُعْلِ تَوَقُّفُهُ عَلَى مَنْفَعَةٍ لِلْجَاعِلِ بِمَا يُحَصِّلُهُ الْعَامِلُ كَآبِقٍ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ كَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا مَثَلًا لَا لِشَيْءٍ يَأْتِي بِهِ (قَوْلَانِ) الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ مِنْ شَخْصٍ وَلَا عَلَى حَلِّ سِحْرٍ وَلَا حَلِّ مَرْبُوطٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَقِيقَةُ ذَلِكَ (وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ) الْجَاعِلَ يَقُولُ: مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا (جُعْلُ مِثْلِهِ) وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا سَمَّاهُ الْجَاعِلُ عَلَى فَرْضِ لَوْ سَمَّى شَيْئًا (إنْ اعْتَادَهُ) وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَتَوَلَّى ذَلِكَ (كَحَلِفِهِمَا) أَيْ الْمُتَجَاعِلَيْنِ (بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا) أَيْ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ - وَلَمْ يُشْبِهَا - فَيُقْضَى لَهُ بِجُعْلِ الْمِثْلِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا فَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِمَنْ الْعَبْدُ - مَثَلًا - فِي حَوْزِهِ مِنْهُمَا (وَلِرَبِّهِ) أَيْ الْآبِقِ مَثَلًا (تَرْكُهُ) لِلْعَامِلِ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ مَنْ عَادَتُهُ طَلَبُ الضَّوَالِّ وَأَتَى بِهِ لِرَبِّهِ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ جُعْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْآبِقِ إنْ كَانَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِالتَّمَامِ فَهُوَ جَعَالَةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّفْتِيشِ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا أَتَى بِهِ، أَوْ لَا فَهُوَ إجَارَةٌ فَالْحَقُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا وَأَنَّ الْإِجَارَةَ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ الْعِلْمِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ عِلْمِ الْعَامِلِ بِالْمَحَلِّ وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِلتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ بَلْ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عِنْدَ جَهْلِ الْعَامِلِ لِلْمَحَلِّ كَمَا مَثَّلْنَا عَلَى أَنَّ عج إنَّمَا جَعَلَ مَحَلَّ انْفِرَادِ الْجُعْلِ فِيمَا جُهِلَ حَالُهُ وَمَكَانُهُ وَمَا عُلِمَ مَحَلٌّ آخَرُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ بَعْضَهَا، أَوْ اشْتَرَى بَعْضَهَا وَتَرَكَ فَقَدْ انْتَفَعَ الْجَاعِلُ وَذَهَبَ عَمَلُ الْعَامِلِ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْجُعْلِ) أَيْ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَعَ ذَلِكَ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِالْجَمِيعِ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْجَوَازِ وَانْدَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ: الْحُكْمُ بِالْجَوَازِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ سَابِقًا يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ. (قَوْلُهُ: وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ) أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُحَصِّلُهُ الْعَامِلُ مَنْفَعَةٌ تَعُودُ عَلَى الْجَاعِلِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ.؟ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْوُقُوفُ عَلَى كَوْنِ الْجَانِّ خَرَجَ، أَوْ لَا، ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ النَّفْعُ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِلِ وَجُرِّبَ وَعُلِمَتْ الْحَقِيقَةُ جَازَ الْجُعْلُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَتْ الرُّقْيَةُ عَرَبِيَّةً، أَوْ عَجَمِيَّةً مَعْرُوفَةَ الْمَعْنَى مِنْ عَدْلٍ وَلَوْ إجْمَالًا لِئَلَّا تَكُونَ أَلْفَاظًا مُكَفِّرَةً. (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْجَاعِلَ) أَيْ لَا مُبَاشَرَةً وَلَا بِوَاسِطَةٍ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمَالِكُ مَنْ أَتَى بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ بِهِ شَخْصٌ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَ رَبِّهِ لَا مُبَاشَرَةً وَلَا بِوَاسِطَةٍ، وَأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَجَاءَ بِهِ شَخْصٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ جُعْلَ الْمِثْلِ، سَوَاءٌ كَانَ جُعْلُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْآتِي بِهِ مِنْ عَادَتِهِ طَلَبُ الْأُبَّاقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَتُهُ ذَلِكَ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَهُ النَّفَقَةُ فَقَطْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ رَبَّهُ " صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْ رَبِّهِ قَوْلٌ أَصْلًا يَسْمَعُهُ وَبِمَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ قَوْلٌ وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْعَامِلُ لَا مُبَاشَرَةً وَلَا بِوَاسِطَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَتَوَلَّى ذَلِكَ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: كَحَلِفِهِمَا) أَيْ وَيَبْدَأُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْدَأُ الْعَامِلُ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لِمَنَافِعِهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ) حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ مُتَعَيَّنٌ خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ بِأَنْ ادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ سَمِعَ رَبَّهُ يَقُولُ: مَنْ أَتَى بِعَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَقَالَ رَبُّهُ: لَمْ تَسْمَعْ بَلْ أَتَيْتَ بِهِ وَلَمْ تَسْمَعْ مِنِّي شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِي السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْعَامِلِ هَلْ عَادَتُهُ طَلَبُ الْإِبَاقِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ أَمْ لَا فَلَهُ النَّفَقَةُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَنُكُولُهُمَا) فِي حَالَةِ عَدَمِ شَبَهِهِمَا كَحَلِفِهِمَا فِي كَوْنِهِ يُقْضَى لِلْعَامِلِ بِجُعْلِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمَنْ الْعَبْدُ مَثَلًا فِي حَوْزِهِ مِنْهُمَا) فَإِنْ وُجِدَ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيَتَحَالَفَانِ وَيُقْضَى بِجُعْلِ الْمِثْلِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا أَشْبَهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ الْعَبْدُ فِي حَوْزِهِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ: إذَا أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْجَاعِلِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَظْهَرُ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِمَا فِيهِ جُعْلُ الْمِثْلِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْعَامِلُ الَّذِي شَأْنُهُ طَلَبُ الْإِبَاقِ بِالْآبِقِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ رَبُّهُ مَنْ أَتَى بِعَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَلِرَبِّ الْعَبْدِ تَرْكُهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ جُعْلِ الْمِثْلِ فَإِنْ الْتَزَمَ رَبُّهُ جُعْلًا وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْآتِي بِهِ فَهَلْ كَذَلِكَ لِرَبِّ الْعَبْدِ تَرْكُهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ جُعْلِ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا قَالَهُ عج وَنَازَعَهُ طفى بِأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جُعْلَ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَ طَلَبَ الْإِبَاقِ وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُنْظُرْ بْن

الْمِثْلِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا مَقَالَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهُ سَمَّى شَيْئًا وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَلَهُ مَا سَمَّاهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ رَبَّهُ وَرَّطَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مُعْتَادًا لِطَلَبِ الْأُبَّاقِ (فَالنَّفَقَةُ) فَقَطْ أَيْ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي تَحْصِيلِهِ وَمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَرُكُوبٍ احْتَاجَ لَهُ وَلَا جُعْلَ لَهُ (وَإِنْ) (أَفْلَتَ) الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْعَامِلِ قَبْلَ إيصَالِهِ لِرَبِّهِ (فَجَاءَ بِهِ آخَرُ) قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْعَامِلَيْنِ (نِسْبَتُهُ) مِنْ الْجُعْلِ فَإِنْ جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الطَّرِيقِ مَثَلًا وَالثَّانِي بَاقِيَهَا كَانَ لِلْأَوَّلِ الثُّلُثُ فِي الْجُعْلِ الْمُسَمَّى وَلِلثَّانِي ثُلُثَاهُ فَإِنْ أَتَى بِهِ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ وَصَلَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ (وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ) سَمَّاهُ لَهُ (وَذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ فِي الدِّرْهَمِ فَيَقْتَسِمَانِهِ بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ فَلِذِي الدِّرْهَمِ ثُلُثَاهُ وَلِذِي النِّصْفِ ثُلُثُهُ فَإِنْ تَسَاوَى مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ قُسِمَ مَا سَمَّاهُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ سَمَّى لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا عَرَضًا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ (وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ (وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ) فِيهِ دُونَ الْعَامِلِ. (وَفِي) الْجُعْلِ (الْفَاسِدِ) لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ (جُعْلُ الْمِثْلِ) إنْ تَمَّ الْعَمَلُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ (إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْجُعْلَ مُطْلَقًا تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا (فَأُجْرَتُهُ) أَيْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَا إذَا سَمِعَهُ) أَيْ مَا إذَا سَمِعَ الْعَامِلُ رَبَّهُ سَمَّى شَيْئًا. (قَوْلُهُ: فَالنَّفَقَةُ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَادَهُ وَوَجَبَ لَهُ جُعْلُ الْمِثْلِ، أَوْ وَجَبَ لَهُ الْمُسَمَّى فَإِنَّ نَفَقَةَ الْآبِقِ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْجُعْلَ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَيْ فَلَهُ مَا أَنْفَقَهُ حَالَ تَحْصِيلِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ مِنْ أُجْرَةِ دَابَّةٍ، أَوْ مَرْكَبٍ اُضْطُرَّ لَهَا بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ عَلَى صَرْفِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ إلَّا تَحْصِيلَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِمَثَابَةِ مَا فَدَى بِهِ مِنْ ظَالِمٍ وَأَمَّا مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ يُنْفِقَهُ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْحَضَرِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ مُتَفَاوِتًا بِأَنْ كَانَ الْمَأْكُولُ فِي مَحَلِّ الْعَامِلِ أَرْخَصَ مِنْهُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا لِتَحْصِيلِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ السَّفَرَيْنِ فِي التَّفَاوُتِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ لِأَنَّ نَفَقَةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى رَبِّهِ وَلَوْ وَجَبَ لِلْعَامِلِ جُعْلُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُسَمَّى فَإِذَا قَامَ بِهَا الْعَامِلُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ فَلَهُ مَا أَنْفَقَهُ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْ أُجْرَةِ مَرْكَبٍ، أَوْ دَابَّةٍ احْتَاجَ لَهُمَا وَأُجْرَةِ مَنْ يَقْبِضُهُ لَهُ إنْ احْتَاجَ الْحَالُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْلَتَ) يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ أَفْلَتَهُ وَأَفْلَتَ بِنَفْسِهِ فَيَصِحُّ فِي الْمَتْنِ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: فَجَاءَ بِهِ آخَرُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَلَا مُجَاعَلَةٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَادَةَ ذَلِكَ الْآخَرِ طَلَبُ الْإِبَاقِ. (قَوْلُهُ: لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي كَانَ آبِقًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: نِسْبَتُهُ) أَيْ نِسْبَةُ عَمَلِهِ مَنْظُورًا فِي ذَلِكَ لِسُهُولَةِ الطَّرِيقِ وَصُعُوبَتِهَا لَا لِمُجَرَّدِ الْمَسَافَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ بِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْآبِقِ إذَا جَعَلَ لِرَجُلٍ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ وَجَعَلَ لِآخَرَ نِصْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ فَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي ذَلِكَ الدِّرْهَمِ إذْ هُوَ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ رَبَّ الْعَبْدِ بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَجْمُوعِ التَّسْمِيَتَيْنِ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ ثُلُثَيْهِ وَيَأْخُذُ الثَّانِي ثُلُثَهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ نِصْفِ الدِّرْهَمِ إلَى دِرْهَمٍ وَنِصْفٍ ثُلُثٌ وَنِسْبَةُ الدِّرْهَمِ كَذَلِكَ ثُلُثَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا جُعِلَ لَهُ وَرَجَّحَهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ أَيْ سَمَّاهُ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَذُو أَقَلَّ أَيْ سَمَّاهُ لَهُ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ أَيْ لِمَجْمُوعِ التَّسْمِيَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: قُسِمَ مَا سَمَّاهُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَيْنِ) أَيْ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ فَلَوْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةً وَلِلْآخَرِ عَرَضًا وَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرَضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَاهَا وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْعَرَضِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ، أَوْ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الْعَرَضِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ نِصْفُهَا وَلِصَاحِبِ الْعَرَضِ نِصْفُهُ فَإِنْ جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَرَضًا وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا، أَوْ اتَّفَقَتْ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ) أَيْ التَّرْكُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْعَقْدُ الْغَيْرُ اللَّازِمِ لَا يُطْلَقُ عَلَى تَرْكِهِ فَسْخٌ إلَّا بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ إذْ حَقُّ الْفَسْخِ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي تَرْكِ الْأَمْرِ اللَّازِمِ وَالْعَلَاقَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلْعَقْدِ اللَّازِمِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ) الْمُرَادُ بِهِ مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَهُ فَقَطْ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَلْتَزِمْ جُعَلًا وَظَاهِرُهُ اللُّزُومُ لِلْجَاعِلِ بِالشُّرُوعِ وَلَوْ فِيمَا لَا بَالَ لَهُ فَلَا مَقَالَ لَهُ فِي حَلِّهِ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى خِيَارِهِ. (قَوْلُهُ: جُعْلُ الْمِثْلِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ تَمَّمَ الْعَمَلَ أَمْ لَا رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَأَنَّمَا كَانَتْ أَصْلًا لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي عَاقِدِي الْجُعْلِ مَا اشْتَرَطُوهُ فِي عَاقِدِي الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: رَدًّا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: رَدًّا لَهُ إلَخْ رَاجِعًا لِلْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَاسِدُ مُلْتَبِسًا بِجُعْلٍ أَيْ بِعِوَضٍ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَ إنْ أَتَيْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فَلَكَ كَذَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً عِنْدَ جَعْلِ الْعِوَضِ لَهُ مُطْلَقًا لَا جُعْلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْعِوَضَ

[باب موات الأرض وإحياءها]

دَرْسٌ (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ مَوَاتَ الْأَرْضِ، وَإِحْيَاءَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَقَالَ (مَوَاتُ الْأَرْضِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (مَا سَلِمَ) أَيْ أَرْضٌ سَلِمَتْ أَيْ خَلَتْ (عَنْ الِاخْتِصَاصِ) بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ وَهُنَا تَمَّ التَّعْرِيفُ وَقَوْلُهُ (بِعِمَارَةٍ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَالِاخْتِصَاصُ كَائِنٌ بِسَبَبِ عِمَارَةٍ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ، أَوْ تَفْجِيرِ مَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَلَوْ انْدَرَسَتْ) تِلْكَ الْعِمَارَةُ فَإِنَّ الِاخْتِصَاصَ لِمَنْ عَمَّرَهَا بَاقٍ (إلَّا لِإِحْيَاءٍ) مِنْ آخَرَ بَعْدَ انْدِرَاسِهَا أَيْ مَعَ طُولِ زَمَانِهِ كَمَا فِي النَّقْلِ فَإِحْيَاؤُهَا مِنْ ثَانٍ قَبْلَ الطُّولِ لَا تَكُونُ لَهُ بَلْ لِلْأَوَّلِ كَمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا، أَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَوْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ مِمَّنْ أَحْيَاهَا وَانْدَرَسَتْ فَإِنَّ مِلْكَهُ لَا يَزُولُ عَنْهَا وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ إلَّا الْحِيَازَةَ بِشُرُوطِهَا فِي غَيْرِ الْوَقْفِ كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَفْهُومُ إلَّا لِإِحْيَاءٍ أَنَّهُ إنْ أَحْيَاهَا ثَانٍ بَعْدَ طُولٍ اخْتَصَّ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا فَإِنْ عَمَّرَهَا جَاهِلًا بِالْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا لِلشُّبْهَةِ، وَإِلَّا فَمَنْقُوضًا وَهَذَا مَا لَمْ يَسْكُتْ الْأَوَّلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَعْمِيرِ الثَّانِي، وَإِلَّا كَانَ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى تَسْلِيمِهِ الْأَرْضَ لِمُعَمِّرِهَا (وَبِحَرِيمِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي يَأْخُذُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ لَيْسَ جُعْلًا حَقِيقَةً بَلْ نَفَقَةً بِخِلَافِ مَا يَأْخُذُهُ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهِ فَإِنَّهُ جُعْلٌ حَقِيقَةً فَغَلَبَتْ حَالَةُ عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى حَالَةِ الْإِتْيَانِ بِهِ إذْ لَيْسَ الْعِوَضُ فِيهَا جُعْلًا حَقِيقَةً وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ مَتَى قَالُوا جُعْلُ الْمِثْلِ تَوَقَّفَ عَلَى التَّمَامِ بِخِلَافِ أُجْرَتِهِ. [بَاب مَوَاتَ الْأَرْضِ وَإِحْيَاءَهَا] . (بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) . (قَوْلُهُ: مَوَاتُ الْأَرْضِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُوَاتَ - بِضَمِّ الْمِيمِ - الْمَوْتُ وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَيُطْلَقُ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى الْأَرْضِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَلَا انْتِفَاعَ بِهَا فَهُوَ بِالْفَتْحِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ. (قَوْلُهُ: مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ) اسْتَغْنَى بِالِاسْمِ الْمُحَلَّى بِأَلْ عَنْ أَنْ يَقُولَ عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ لِإِفَادَةِ الِاسْمِ الْمُحَلَّى الْعُمُومَ. (قَوْلُهُ: أَيْ أَرْضٌ سَلِمَتْ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى أَرْضٍ وَحِينَئِذٍ فَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فِي سَلِمَ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَا. (قَوْلُهُ: وَهُنَا تَمَّ التَّعْرِيفُ) اُعْتُرِضَ هَذَا التَّعْرِيفُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ حَرِيمَ الْبَلَدِ لَا يُسَمَّى مَوَاتًا لِعَدَمِ سَلَامَتِهِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ حَرِيمَ الْعِمَارَةِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَوَاتٌ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمَوَاتَ قِسْمَانِ قَرِيبٌ مِنْ الْعُمْرَانِ وَبَعِيدٌ مِنْهُ فَالْقَرِيبُ يَفْتَقِرُ فِي إحْيَائِهِ لِإِذْنِ الْإِمَامِ دُونَ الْبَعِيدِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ " بِعِمَارَةِ " مِنْ جُمْلَةِ التَّعْرِيفِ فَيَدْخُلَ بِهِ فِي التَّعْرِيفِ كُلُّ مَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ بِغَيْرِ الْعِمَارَةِ كَالْحَرِيمِ وَالْحِمَى وَيَكُونَ قَوْلُهُ " وَلَوْ انْدَرَسَتْ " مُبَالَغَةً فِيمَا فُهِمَ مِنْ أَنَّ الْمُعَمَّرَ لَيْسَ بِمَوَاتٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَالْمُعَمَّرُ لَيْسَ بِمَوَاتٍ بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ مُعَمِّرُهُ وَلَوْ انْدَرَسَتْ عِمَارَتُهُ. (قَوْلُهُ: بِعِمَارَةٍ وَلَوْ انْدَرَسَتْ إلَّا لِإِحْيَاءٍ) حَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ الْعِمَارَةَ تَارَةً تَكُونُ نَاشِئَةً عَنْ مِلْكٍ وَتَارَةً تَكُونُ لِإِحْيَاءٍ وَيَحْصُلُ الِاخْتِصَاصُ بِهَا إذَا لَمْ تَنْدَرِسْ فِي الْقِسْمَيْنِ وَأَمَّا إذَا انْدَرَسَتْ فَإِنْ كَانَتْ عَنْ مِلْكٍ كَإِرْثٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالِاخْتِصَاصُ بَاقٍ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الِانْدِرَاسِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ لِإِحْيَاءٍ فَهَلْ الِاخْتِصَاصُ بَاقٍ، أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ فَالْأَوَّلُ يَقُولُ إنَّ انْدِرَاسَهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِ مُحْيِيهَا وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُحْيِيَهَا وَهِيَ لِلْأَوَّلِ إنْ أَعْمَرَهَا غَيْرُهُ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ انْدِرَاسِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَالثَّانِي يَقُولُ إنَّ انْدِرَاسَهَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِ مُحْيِيهَا وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ إحْيَاؤُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى الثَّانِي دَرَجَ الْمُصَنِّفُ وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الِانْدِرَاسِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالِاخْتِصَاصُ بِعِمَارَةٍ أَيْ إذَا كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ مِلْكٍ أَوْ لِإِحْيَاءٍ " وَلَوْ " فِي قَوْلِهِ " وَلَوْ انْدَرَسَتْ " لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ لَا لِلْخِلَافِ وَلَوْ عَبَّرَ بِإِنْ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: إلَّا لِإِحْيَاءٍ أَيْ إلَّا إذَا كَانَتْ لِأَجْلِ إحْيَاءٍ فَانْدِرَاسُهَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِ مُحْيِيهَا كَمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِالطُّولِ كَمَا عَلِمْت وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ بِعِمَارَةٍ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِكَوْنِ الْعِمَارَةِ نَاشِئَةً عَنْ مِلْكٍ أَوْ لِإِحْيَاءٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ النَّاشِئَةَ عَنْ الْمِلْكِ مُسْتَغْنًى عَنْ ذِكْرِهَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْمِلْكِ كَافٍ فِي الِاخْتِصَاصِ وَلَا يَفْتَقِرُ لِلْعِمَارَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لَأَجْلِ تَقْسِيمِ الْعِمَارَةِ فَتَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ طُولِ زَمَانِهِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْآخَرِ الَّذِي أَحْيَاهَا بَعْدَ طُولِ زَمَنِ الِانْدِرَاسِ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا) هَذَا تَنْظِيرٌ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعِمَارَةُ لِإِحْيَاءٍ. (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ " إلَّا لِإِحْيَاءٍ " أَنَّهُ إنْ أَحْيَاهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مَنْطُوقُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا مَفْهُومُهُ فَالْأَوْلَى إبْدَالُ مَفْهُومٍ بِمَنْطُوقٍ، وَإِنَّمَا أَعَادَ هَذَا الْكَلَامَ مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ أَوَّلًا لِأَجْلِ الدُّخُولِ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ عَمَّرَهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ الطُّولِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَمَّرَهَا أَيْ قَبْلَ طُولِ زَمَنِ الِانْدِرَاسِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ جَاهِلًا بَلْ عَالِمًا بِمُعَمِّرِهَا الْأَوَّلِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَطُلْ زَمَنُ الِانْدِرَاسِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ كَوْنِهَا لِمَنْ أَحْيَاهَا قَبْلَ طُولِ زَمَنِ الِانْدِرَاسِ وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يَسْكُت إلَخْ أَيْ وَحَلَفَ أَنَّ تَرْكَهُ لَهَا لَيْسَ إعْرَاضًا عَنْهَا وَأَنَّهُ عَلَى نِيَّةِ إعَادَتِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ فَوَاتِهَا عَلَى مُحْيِيهَا

فَيَخْتَصُّ بِالْعِمَارَةِ وَبِحَرِيمِهَا فَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَصَّلَ الْحَرِيمَ بِقَوْلِهِ (كَمُحْتَطَبٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ أَيْ مَكَان يُقْطَعُ مِنْهُ الْحَطَبُ (وَمَرْعًى) مَكَانِ الرَّعْيِ (يُلْحَقُ) ذَلِكَ الْمُحْتَطَبُ وَالْمَرْعَى (غُدُوًّا) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ (وَرَوَاحًا) مَا بَعْدَهُ حَالَ كَوْنِ الْمُحْتَطَبِ وَالْمَرْعَى (لِبَلَدٍ) يَعْنِي إذَا عَمَّرَ جَمَاعَةٌ بَلَدًا فَإِنَّهُمْ يَخْتَصُّونَ بِهَا وَبِحَرِيمِهَا مِنْ مُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى لِدَوَابِّهِمْ يُلْحَقُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى عَادَةِ الْحَاطِبِينَ وَالرُّعَاةِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِمْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ وَالِانْتِفَاعِ بِالْحَطَبِ وَحَلْبِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ غُدُوًّا وَرَوَاحًا فَلَا مُشَارَكَةَ لِغَيْرِهِمْ فِيهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُمْ وَمَنْ أَتَى مِنْهُمْ بِحَطَبٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَهُوَ لَهُ مِلْكٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (وَمَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ) مِنْ عَاقِلٍ، أَوْ غَيْرِهِ حَرِيمٌ لِبِئْرِ مَاشِيَةٍ أَوْ شُرْبٍ (وَ) مَا (لَا يَضُرُّ بِمَاءٍ) حَرِيمٌ (لِبِئْرٍ) أَيْ بِئْرِ الزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي وَبِئْرِ الْمَاشِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ وَمُرَادُهُ أَنَّ مُنْتَهَى مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يُضَيِّقُ هُوَ مُنْتَهَى حَرِيمِ الْبِئْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ وَمَا يُضَيِّقُ إلَخْ بِدُونِ نَفْيٍ وَهُوَ بَيَانٌ لِلْحَرِيمِ الَّذِي لِرَبِّ الْبِئْرِ الْمَنْعُ مِنْهُ (وَمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ) عُرْفًا حَرِيمٌ (لِنَخْلَةٍ) وَشَجَرَةٍ (وَمَطْرَحِ تُرَابٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوَّلِ بِإِحْيَاءِ الثَّانِي قَبْلَ طُولِ الِانْدِرَاسِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ عَدَمِ سُكُوتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَعْمِيرِ الثَّانِي وَحَلِفِهِ فَإِنْ انْتَفَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا اخْتَصَّ بِهَا الثَّانِي وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: فَيَخْتَصُّ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ فَيَخْتَصُّ الْمُعَمِّرُ بِالْعِمَارَةِ وَبِحَرِيمِهَا فَإِذَا جَاءَ شَخْصٌ آخَرُ وَبَنَى فِي حَرِيمِ الْعِمَارَةِ وَأَحْيَاهُ بِالْعِمَارَةِ، أَوْ بِتَفْجِيرِ مَاءٍ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا لِجَمِيعِ الْبَلَدِ الِانْتِفَاعُ بِهِ، نَعَمْ إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يُحْيِيَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَقْصُودِ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ " عَلَيْهِ "؛ لِأَنَّ الْحَرِيمَ مُخْتَصٌّ بِالْمُعَمِّرِ وَمَقْصُورٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: يَلْحَقُ غُدُوًّا) أَيْ يَلْحَقُ الشَّخْصَ الْمَوْصُولُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَيَرْجِعُ الشَّخْصُ مِنْهُمَا لِقَوْمِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ الزَّوَالِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي يَذْهَبُ فِيهِ وَيَرْجِعُ بِالْحَطَبِ الَّذِي يَحْتَطِبُهُ فِي طَبْخٍ وَنَحْوِهِ وَيَنْتَفِعُ بِالدَّوَابِّ فِي حَلْبِ وَطَبْخِ مَا يَحْلُبُ لَا مُجَرَّدُ الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ) أَيْ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُجِيبَهُ بِعِمَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَلَهُمْ مَنْعُهُ إلَّا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا يُضَيِّقُ) عَطْفٌ عَلَى " مُحْتَطَبٍ ". (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَبَهِيمَةٍ. (قَوْلُهُ: حَرِيمٌ لِبِئْرِ مَاشِيَةٍ) مِثْلُهُ النَّهْرُ فَحَرِيمُهُ مَا ذُكِرَ أَيْ مَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى مَنْ يَرِدُهُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ وَقِيلَ أَلْفَا ذِرَاعٍ وَقَدْ وَقَعَتْ الْفَتْوَى قَدِيمًا بِهَدْمِ مَا بُنِيَ بِشَاطِئِ النَّهْرِ وَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ إنْ كَانَ مَسْجِدًا كَمَا فِي الْمَدْخَلِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَمُطَرِّفٍ أَنَّ الْبَحْرَ إذَا انْكَشَفَ عَنْ أَرْضٍ وَانْتَقَلَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانَ الْبَحْرُ لَا لِمَنْ يَلِيهِ وَلَا لِمَنْ دَخَلَ الْبَحْرُ أَرْضَهُ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إنَّهَا تَكُونُ لِمَنْ يَلِيهِ وَعَلَيْهِ حَمْدِيسٌ وَالْفُتْيَا وَالْقَضَاءُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ سَحْنُونٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الْآبَارِ كَبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَالشُّرْبِ وَقَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَيْ وَهُوَ مَا لَا يَضُرُّ بِالْمَاءِ وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ أَيْ وَهُوَ مَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا لَا يَضُرُّ بِالْمَاءِ حَرِيمٌ لِكُلِّ بِئْرٍ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَالشُّرْبِ مَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ وَلِذَا قَالَ عِيَاضٌ حَرِيمُ الْبِئْرِ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي مِنْ حَقِّهَا أَنْ لَا يُحْدِثَ فِيهَا مَا يَضُرُّ بِهَا ظَاهِرًا كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، أَوْ بَاطِنًا كَحَفْرِ بِئْرٍ يُنَشِّفُ مَاءَهَا، أَوْ يُذْهِبُهُ، أَوْ حَفْرِ مِرْحَاضٍ تُطْرَحُ النَّجَاسَاتُ فِيهِ يَصِلُ إلَيْهَا وَسَخُهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ أَنَّ مُنْتَهَى إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ فِي عَطْفِ " مَا لَا يُضَيِّقُ " عَلَى " مُحْتَطَبٍ " شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَرِيمِ الَّذِي لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ وَمَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ وَكَذَا مَا لَا يَضُرُّ بِالْمَاءِ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا مِنْ الْأَوَّلِ وَمِنْ الْآخِرِ، وَالْأَصْلُ وَغَايَةُ مَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ وَلَا يَضُرُّ بِمَاءٍ مُنْتَهَى الْحَرِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِبِئْرٍ فَإِذَا كَانَ حَوْلَ بِئْرِ مَاشِيَةٍ نَحْوُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ يَسَعُ الْوَارِدِينَ الَّذِينَ يَأْتُونَ إلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا فَإِنَّ هَذَا الْقَدْرَ حَرِيمُهُ فَيَكُونُ أَهْلُ ذَلِكَ الْبِئْرِ مُخْتَصِّينَ بِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ عِمَارَةً فَإِنَّهُ يُمْنَعُ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ الْبِئْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَرِيمٍ لَهَا. (قَوْلُهُ: حَرِيمٌ لِنَخْلَةٍ وَشَجَرَةٍ) فَحَرِيمُهُمَا مَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا عُرْفًا كَمَدِّ جَرِيدِهَا وَسَقْيِهَا وَسَعْيِ جَذْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَمَطْرَحِ تُرَابٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَنَى جَمَاعَةٌ بَلَدًا فِي الْفَيَافِي مَثَلًا فَمَا كَانَ مُجَاوِرًا لِدَارِ زَيْدِ مَثَلًا فَهُوَ حَرِيمٌ لَهَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالْفُسْحَةِ الْمُجَاوِرَةِ لَهَا الَّتِي يُطْرَحُ فِيهَا التُّرَابُ وَمَاءُ الْمِيزَابِ وَالْمِرْحَاضِ، وَمَحَلُّ كَوْنِ الْفُسْحَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِلدَّارِ حَرِيمًا لَهَا وَيَخْتَصُّ بِهَا صَاحِبُهَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ لَيْسَتْ مَحْفُوفَةً بِأَمْلَاكٍ بِأَنْ كَانَتْ فِي طَرَفِ الْبَلَدِ بِحَيْثُ تَكُونُ الْفُسْحَةُ الْمُجَاوِرَةُ لَهَا غَيْرَ مُجَاوِرَةٍ لِغَيْرِهَا مِنْ الدُّورِ فَإِنْ كَانَتْ مُجَاوِرَةً لِغَيْرِهَا بِأَنْ كَانَتْ بَيْنَ الْأَبْوَابِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِيرَانِ أَنْ يَطْرَحَ فِيهَا التُّرَابَ وَيَصُبَّ مَاءَ الْمِيزَابِ

وَمَصَبِّ مِيزَابٍ) حَرِيمٌ (لِدَارٍ) لَيْسَتْ مَحْفُوفَةً بِأَمْلَاكٍ (وَلَا تَخْتَصُّ) دَارٌ (مَحْفُوفَةٌ بِأَمْلَاكٍ) بِحَرِيمٍ (وَلِكُلٍّ) مِنْ ذَوِي الْأَمْلَاكِ الَّتِي بَيْنَهَا فُسْحَةٌ (الِانْتِفَاعُ) بِتِلْكَ الْفُسْحَةِ مِنْ جُلُوسٍ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ مَنْعُ آخَرَ (مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ) فَإِنْ ضَرَّ مُنِعَ (وَبِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ) عَطْفٌ عَلَى بِعِمَارَةٍ أَيْ وَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ بِسَبَبِ إقْطَاعِ الْإِمَامِ أَرْضًا مِنْ مَوَاتٍ، أَوْ مِنْ أَرْضٍ تَرَكَهَا أَهْلُهَا لِكَوْنِهَا فَضَلَتْ عَنْ حَاجَتِهِمْ وَلَا بِنَاءَ فِيهَا وَلَا غَرْسَ وَمِنْ الْمَوَاتِ مَا عُمِّرَتْ، ثُمَّ دَرَسَتْ وَطَالَ الزَّمَانُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ الْإِمَامِ نَائِبُهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِقْطَاعِ، ثُمَّ إقْطَاعُ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنْ الْإِحْيَاءِ، وَإِنَّمَا الْإِحْيَاءُ بِالتَّعْمِيرِ بَعْدَهُ نَعَمْ هُوَ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ فَلَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ إنْ حَازَهُ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ لِحِيَازَةٍ قَبْلَ الْمَانِعِ كَسَائِرِ الْعَطَايَا، وَرُجِّحَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِحِيَازَةٍ وَلَوْ اقْتَطَعَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ كَذَا، أَوْ كُلَّ عَامٍ كَذَا عُمِلَ بِهِ، وَمَحَلُّ الْمَأْخُوذِ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْتَصُّ الْإِمَامُ بِهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِمَا اقْتَطَعَهُ إنْ مَلَكَهُ الْمَقْطُوعُ لَهُ بِاقْتِطَاعِهِ (وَلَا يُقْطِعُ) الْإِمَامُ (مَعْمُورَ) أَرْضِ (الْعَنْوَةِ) كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ الصَّالِحَةِ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ (مِلْكًا) بَلْ إمْتَاعًا وَانْتِفَاعًا وَأَمَّا مَا لَا يَصْلُحُ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ وَلَيْسَ عَقَارًا لِلْكُفَّارِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَوَاتِ يُقْطِعُهُ مِلْكًا، أَوْ مَتَاعًا، وَإِنْ صَلَحَ لِغَرْسِ الشَّجَرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطِعْ الْمَعْمُورَ مِلْكًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ وَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا مُطْلَقًا، ثُمَّ مَا اقْتَطَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْعَنْوَةِ إنْ كَانَ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ انْحَلَّ عَنْهُ بِمَوْتِهِ وَاحْتَاجَ لِإِقْطَاعٍ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ لِشَخْصٍ وَذُرِّيَّتِهِ وَعَقِبِهِ اسْتَحَقَّهُ الذُّرِّيَّةُ بَعْدَهُ لِلْأُنْثَى كَالذَّكَرِ إلَّا لِبَيَانِ تَفْصِيلٍ كَالْوَقْفِ وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي الِالْتِزَامِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ وَغَيْرِهَا هَلْ هُوَ مِنْ الْإِقْطَاعِ فَلِلْمُلْتَزِمِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ الْمَعْلُومَةِ عِنْدَهُمْ عَلَى الْفَلَّاحِينَ مَا شَاءَ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ مَنْ سَبَقَ، أَوْ لَيْسَ مِنْ الْإِقْطَاعِ، وَإِنَّمَا الْمُلْتَزِمُ جَابٍ لِمَا عَلَى الْفَلَّاحِينَ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُ زِيَادَةٌ وَلَا تَنْقِيصٌ لِمَا ضُرِبَ عَلَيْهِمْ مِنْ السُّلْطَانِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي شَيْءٍ كَمَا يَزْعُمُونَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِجَارَةِ بَيْعُ مَنَافِعَ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (وَ) الِاخْتِصَاصُ يَكُونُ (بِحِمَى إمَامٍ) أَوْ نَائِبِهِ الْمُفَوَّضِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي خُصُوصِ الْحِمَى بِخِلَافِ الْإِقْطَاعِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ النَّائِبُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي خُصُوصِهِ وَالْحِمَى بِالْقَصْرِ بِمَعْنَى الْمَحْمِيِّ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَأَصْلُ مَحْمِيٍّ مَحْمُوِيٌ وَتَثْنِيَتُهُ مَحْمِيَّانِ فَهُوَ يَائِيٌّ وَأَصْلُ الْحِمَى عِنْدَ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الرَّئِيسَ مِنْهُمْ إذَا نَزَلَ بِأَرْضٍ مُخَصَّبَةٍ اسْتَعْوَى كَلْبًا بِمَحَلٍّ عَالٍ فَحَيْثُ انْتَهَى إلَيْهِ صَوْتُهُ حَمَاهُ لِنَفْسِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَلَا يَرْعَى فِيهِ غَيْرُهُ مَعَهُ وَيَرْعَى هُوَ فِي غَيْرِهِ مَعَ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمِرْحَاضِ لَكِنْ بِجِوَارِ جِدَارِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِجَارِهِ، وَإِلَّا مُنِعَ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَخْتَصُّ إلَخْ أَيْ أَنَّ الدَّارَ الْمَحْفُوفَةَ بِالْأَمْلَاكِ لَا تَخْتَصُّ بِحَرِيمٍ يَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ غَيْرَ صَاحِبِهَا وَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْجِيرَانِ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِأَجْلِ تَقَيُّدِهِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ. (قَوْلُهُ: وَمَصَبِّ مِيزَابٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ كَمِرْحَاضٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَرْضٍ تَرَكَهَا أَهْلُهَا) أَيْ الْكُفَّارُ اخْتِيَارًا لَا لِخَوْفٍ، وَإِلَّا كَانَتْ أَرْضَ عَنْوَةٍ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا تَمْلِيكًا وَمِثْلُ مَا إذَا تَرَكَهَا أَهْلُهَا مَا إذَا مَاتُوا عَنْهَا. (قَوْلُهُ: وَطَالَ الزَّمَانُ) أَيْ فَإِذَا أَقْطَعهَا الْإِمَامُ لِإِنْسَانٍ بَعْدَ طُولِ انْدِرَاسِهَا فَقَدْ مَلَكَهَا وَاخْتَصَّ بِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِقْطَاعِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَنْ يُقْطِعُ لَهُ. (قَوْلُهُ: بِالتَّعْمِيرِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِقْطَاعِ فَالِاخْتِصَاصُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ مِنْ جُمْلَتِهَا التَّعْمِيرُ وَهُوَ كَمَا يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِصَاصُ يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْإِقْطَاعِ وَالْحِمَى فَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِصَاصُ دُونَ الْإِحْيَاءِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ هُوَ) أَيْ الْإِقْطَاعُ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ أَيْ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى عِمَارَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مُجَرَّدٌ عَنْ شَائِبَةِ الْعِوَضِيَّةِ بِإِحْيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنُ شَاسٍ الْإِحْيَاءُ إذَا أَقْطَعَ الْإِمَامُ رَجُلًا أَرْضًا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَمِّرْ مِنْهَا شَيْئًا فَلَهُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَالتَّصَدُّقُ بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْإِحْيَاءِ بَلْ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ. (قَوْلُهُ: إنْ حَازَهُ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهُ مَنْ أَقْطَعَهُ لَهُ كَانَ الْإِقْطَاعُ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الْإِقْطَاعِ وَالْإِحْيَاءِ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْصُلُ بِهِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالْإِرْثُ إذَا مَاتَ الْمُحْيِي أَوْ الْمُقْطِعُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِحِيَازَةٍ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِقْطَاعَ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ لَا مِنْ بَابِ الْعَطِيَّةِ وَفِي بْن هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَإِنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْطِعُ الْإِمَامُ مَعْمُورَ أَرْضِ الْعَنْوَةِ) أَيْ وَلَا يُقْطِعُ أَيْضًا عَقَارَهَا مِلْكًا. (قَوْلُهُ: الصَّالِحَةِ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ) تَفْسِيرٌ لِمَعْمُورِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الصَّالِحَةَ لِزِرَاعَةِ النَّخْلِ فَقَطْ لَهُ إقْطَاعُهَا مِلْكًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مَوَاتٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ إمْتَاعًا) أَيْ بَلْ يُقْطِعُهَا إمْتَاعًا أَيْ انْتِفَاعًا مُدَّةَ حَيَاتِهِ مَثَلًا أَوْ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطِعْ الْمَعْمُورَ مِلْكًا) أَيْ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَوَاتِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فَلِذَا جَازَ إقْطَاعُهُ مِلْكًا وَإِمْتَاعًا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُهَا) أَيْ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِ أَهْلِهَا لَا عُلْقَةَ لِلْإِمَامِ بِهَا وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً كَانَتْ مَعْمُورَةً، أَوْ مَوَاتًا. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ الْمُصَنِّفَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاخْتِصَاصِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ بِالْحِمَى الْحِمَايَةُ وَالتَّحْجِيرُ. (قَوْلُهُ: مَحْمُوِيٌ) أَيْ بِزِنَةِ مَفْعُولٍ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ

وَهُوَ لَا يَجُوزُ شَرْعًا وَالْحِمَى الشَّرْعِيُّ أَنْ يَحْمِيَ الْإِمَامُ مَكَانًا خَاصًّا لِحَاجَةِ غَيْرِهِ فَيَجُوزَ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ مَكَانًا (مُحْتَاجًا إلَيْهِ) أَيْ دَعَتْ حَاجَةُ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ فَلَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ (قَلَّ) بِأَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى النَّاسِ لَا إنْ كَثُرَ بِأَنْ ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ (مِنْ) مَرْعَى (بَلَدٍ عَفَا) أَيْ خَلَا عَنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (لِكَغَزْوٍ) أَيْ لِدَوَابِّ الْغُزَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ. (وَافْتَقَرَ) أَيْ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ (لِإِذْنٍ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُحْيِي (مُسْلِمًا) وَالْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْكَافِرِ الْإِحْيَاءَ فِيمَا قَرُبَ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ (إنْ قَرُبَ) لِعِمَارَةِ الْبَلَدِ بِأَنْ كَانَ فِي حَرِيمِهَا (وَإِلَّا) يَسْتَأْذِنْ فِي الْقَرِيبِ بِأَنْ أَحْيَا فِيهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَلِلْإِمَامِ إمْضَاؤُهُ) لِلْمُحْيِي (أَوْ جَعْلُهُ مُتَعَدِّيًا) فَيُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ أَوَغَرْسِهِ مَنْقُوضًا وَيُبْقِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا اغْتَلَّهُ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ (مُبَاحٌ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ) عَنْ الْبَلَدِ بِأَنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ حَرِيمِهَا فَلَا يَفْتَقِرُ إحْيَاؤُهُ لِلْإِذْنِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُحْيِي فِيهِ (ذِمِّيًّا) حَيْثُ أَحْيَا الذِّمِّيُّ فِي الْبَعِيدِ (بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ وَمَا وَالَاهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِزْيَةِ، وَالْجَزِيرَةُ - مِنْ الْجَزْرِ وَهُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْجَزَّارُ لِقَطْعِهِ الْحَيَوَانَ - فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ مَقْطُوعَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهَا إلَى أَجْنَابِهَا. (وَالْإِحْيَاءُ) الَّذِي هُوَ مِنْ أَسْبَابِ الِاخْتِصَاصِ يَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ سَبْعَةٍ (بِتَفْجِيرِ مَاءٍ) بِأَرْضٍ كَأَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أَوْ يَفْتُقَ عَيْنًا فَيَخْتَصَّ بِهَا وَبِالْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ عَلَيْهَا (وَبِإِخْرَاجِهِ) أَيْ إزَالَةِ الْمَاءِ عَنْهَا حَيْثُ كَانَتْ غَامِرَةً بِهِ (وَبِبِنَاءٍ وَبِغَرْسٍ) فِيهَا (وَبِحَرْثٍ وَتَحْرِيكِ أَرْضٍ) تَفْسِيرٌ لِلْحَرْثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْثِ تَقْلِيبُ الْأَرْضِ لَا خُصُوصُ الشَّقِّ بِالْآلَةِ الْمَعْلُومَةِ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (وَبِقَطْعِ شَجَرٍ) فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَالضَّمَّةُ الَّتِي قَبْلَهَا كَسْرَةً، وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَجُوزُ شَرْعًا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ لِأَنَّ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْفَيَافِي مُبَاحٌ لِكُلِّ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْمِيَ الْإِمَامُ مَكَانًا خَاصًّا) أَيْ أَنْ يَمْنَعَ رَعْيَ كَلَئِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَفَّرَ لِدَوَابِّ الصَّدَقَةِ وَالْغَزْوِ وَضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزَ) أَيْ الْحِمَى لِلْأَمَامِ دُونَ غَيْرِهِ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَوَازَ الْحِمَى بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ إحْيَاءٌ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ حِمَاهُ. (قَوْلُهُ: دَعَتْ حَاجَةُ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ) أَيْ لِأَجْلِ نَفْعِهِمْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى النَّاسِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فَاضِلًا عَنْ مَنَافِعِ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدٍ) أَيْ مِنْ مَحَلٍّ وَقَوْلُهُ: عَفَا أَيْ عَافٍ وَخَالٍ عَنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ. (قَوْلُهُ: لِكَغَزْوٍ) أَيْ لِدَوَابِّ كَغَزْوٍ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبِحِمَى إمَامٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ) جَعَلَ الضَّمِيرَ رَاجِعًا لِلْإِحْيَاءِ نَظَرًا لِكَوْنِ الْبَابِ مَعْقُودًا لَهُ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَعْلُومٍ مِنْ الْمَقَامِ عَلَى حَدِّ. {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] وَيَصِحُّ جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلْمَوَاتِ الْمُحْدَثِ عَنْهُ سَابِقًا أَيْ وَافْتَقَرَ الْمَوَاتُ يَعْنِي مِنْ حَيْثُ إحْيَاؤُهُ. (قَوْلُهُ: لِإِذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَنْظُرَ إنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ أَذِنَ، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْكَافِرِ الْإِحْيَاءَ فِيمَا قَرُبَ) أَيْ وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ الْبَاجِيَّ حَيْثُ قَالَ لَوْ قِيلَ حُكْمُ الذِّمِّيِّ حُكْمُ الْمُسْلِمِ فِي جَوَازِ إحْيَاءِ مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ إنْ كَانَ بِإِذْنٍ لَمْ يَبْعُدْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلذِّمِّيِّ الْإِحْيَاءُ فِيمَا قَرُبَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرُبَ) أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ الْإِحْيَاءُ لِعِمَارَةِ الْبَلَدِ بِأَنْ كَانَ مِنْ حَرِيمِهَا. (قَوْلُهُ: وَيُبْقِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِأَهْلِ الْبَلَدِ كُلِّهِمْ، أَوْ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْهُمْ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا اغْتَلَّهُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَتِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا أَوْ زَرَعَهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَفْتَقِرُ إحْيَاؤُهُ لِلْإِذْنِ) بَلْ يَخْتَصُّ الْمُحْيِي بِمَا أَحْيَاهُ وَلَهُ بَيْعُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فِي الْإِحْيَاءِ خِلَافًا لِمَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ وَمِنْ الْجَزْرِ الْجَزَّارُ وَقَوْلُهُ: لِقَطْعِهِ أَيْ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَطْعِهِ. (قَوْلُهُ: فَعِيلَةٌ) أَيْ فَهِيَ أَيْ الْجَزِيرَةُ فَعِيلَةٌ وَقَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ مَفْعُولٍ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: أَيْ مَقْطُوعَةٍ الْأَوْلَى أَيْ مَقْطُوعٍ عَنْهَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهَا إلَى أَجْنَابِهَا) أَيْ لِأَنَّ الْبَحْرَ مُحِيطٌ بِهَا مِنْ جِهَاتِهَا الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ الْمَغْرِبُ وَالْجَنُوبُ وَالْمَشْرِقُ فَفِي مَغْرِبِهَا جِدَّةُ وَالْقُلْزُمُ وَفِي جَنُوبِهَا الْهِنْدُ وَفِي مَشْرِقِهَا خَلِيجُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ وَالْبَصْرَةُ وَالْبَحْرَيْنِ اسْمُ بَلْدَةٍ وَالْجَنُوبُ يُمْنَى الْمُسْتَقْبِلِ لِلْمَشْرِقِ وَهُوَ مَحَلُّ شُرُوقِ الْكَوَاكِبِ أَيْ طُلُوعِهَا وَيُقَابِلُهُ الْمَغْرِبُ وَيُقَابِلُ الْجَنُوبَ الشَّمَالُ. (قَوْلُهُ: فَيَخْتَصُّ بِهَا وَبِالْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ عَلَيْهَا) أَيْ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ الْفِيشِيُّ وَارْتَضَاهُ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ إزَالَةِ الْمَاءِ عَنْهَا) أَيْ لِأَجْلِ زِرَاعَةٍ أَوْ غَرْسٍ، أَوْ بِنَاءٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِخْرَاجِ الْمَاءِ إخْرَاجَهُ مِنْهَا لِأَنَّهُ يَتَّحِدُ حِينَئِذٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَبِبِنَاءٍ وَبِغَرْسٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْجَوَاهِرِ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِمَا عَظِيمَيْهِمَا وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج. (قَوْلُهُ: وَبِحَرْثٍ وَتَحْرِيكِ أَرْضٍ) أَيْ وَأَمَّا زَرْعُهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءٌ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِهِ زَارِعُهُ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْثِ تَقْلِيبُ الْأَرْضِ) أَيْ بِحَرْثٍ، أَوْ حَفْرٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ) أَيْ لِأَنَّ تَحْرِيكَ الْأَرْضِ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْلِيبِهَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِمِحْرَاثٍ، أَوْ بِفَأْسٍ وَعَلَى أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ فَالظَّاهِرُ

يَعْنِي إزَالَتَهُ عَنْهَا وَلَوْ بِحَرْقٍ لِإِصْلَاحِهَا (وَبِكَسْرِ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَتِهَا) أَيْ تَعْدِيلِهَا (لَا) يَكُونُ الْإِحْيَاءُ (بِتَحْوِيطٍ) إلَّا أَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ عِنْدَهُمْ بِأَنَّهُ إحْيَاءٌ أَوْ يُقْطِعَهُ لَهُ الْإِمَامُ فَيُحَوِّطَهُ وَالتَّحْوِيطُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالتَّحْجِيرِ (وَ) لَا (رَعْيِ كَلَأٍ) أَيْ عُشْبٍ فِيهَا وَكَذَا إزَالَةُ شَوْكٍ أَوْ حَلْفَاءَ (وَ) لَا (حَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ) أَوْ لِشُرْبِ النَّاسِ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ فَإِنْ بَيَّنَهَا فَإِحْيَاءٌ. وَلَمَّا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِذِكْرِ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ هُنَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ لِلنَّاسِ كَالْمَوَاتِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ تَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ فَذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَجَازَ بِمَسْجِدٍ سُكْنَى لِرَجُلٍ) لَا لِمَرْأَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا، أَوْ يُكْرَهُ (تَجَرَّدَ) بِالسُّكْنَى فِيهِ (لِلْعِبَادَةِ) مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا وَإِلَّا كُرِهَ (وَعَقْدُ نِكَاحٍ) أَيْ مُجَرَّدُ إيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شُرُوطٍ وَلَا رَفْعِ صَوْتٍ، أَوْ تَكْثِيرِ كَلَامٍ، وَإِلَّا كُرِهَ (وَقَضَاءُ دَيْنٍ) يَسِيرٍ يَخِفُّ مَعَهُ الْوَزْنُ وَالْعَدَدُ وَإِلَّا كُرِهَ (وَقَتْلُ عَقْرَبٍ) أَوْ فَأْرٍ، أَوْ حَيَّةٌ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ وَجَازَ قَتْلُهَا فِي الصَّلَاةِ إنْ أَرَادَتْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ (وَنَوْمٌ بِقَائِلَةٍ) أَيْ نَهَارٍ وَكَذَا بِلَيْلٍ لِمَنْ لَا مَنْزِلَ لَهُ، أَوْ عَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ (وَتَضْيِيفٌ) لِضَيْفٍ (بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ) (وَ) جَازَ (إنَاءٌ) أَيْ إعْدَادُهُ (لِبَوْلٍ) أَوْ غَائِطٍ (إنْ خَافَ) بِالْخُرُوجِ مِنْهُ لِمَا ذُكِرَ (سَبُعًا) أَوْ لِصَائِمٍ يُخْرِجُهُ بَعْدَ الْأَمْنِ إذْ لَا يَجُوزُ الْمُكْثُ بِالنَّجَاسَةِ فِيهِ (كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ يَجُوزُ (وَمُنِعَ عَكْسُهُ) أَيْ سُكْنَى الْمَنْزِلِ بِأَهْلِهِ فَوْقَهُ إذَا حَدَثَ بِنَاؤُهُ بَعْدَ تَحْبِيسِهِ لَا بِغَيْرِ أَهْلِهِ، أَوْ بِنَاؤُهُ قَبْلَ جَعْلِهِ مَسْجِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الْمُصَنِّفَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يُغْنِي عَنْ الْأَوَّلِ تَبَعًا لِرِوَايَةِ عِيَاضٍ. (قَوْلُهُ: إزَالَتَهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ) مَعْنَاهُ أَنَّ حَفْرَ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ لَا يَكُونُ إحْيَاءً لِلْأَرْضِ الَّتِي هُوَ بِهَا وَكَذَا حَفْرُ بِئْرِ الشُّرْبِ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ) رَاجِعٌ لِبِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَبِئْرِ الشُّرْبِ يَعْنِي أَنَّ حَفْرَ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَبِئْرِ الشُّرْبِ فِي أَرْضٍ لَا يَكُونُ إحْيَاءً لَهَا إلَّا إذَا بَيَّنَ الْمِلْكِيَّةَ عِنْدَ حَفْرِهَا فَإِنْ بَيَّنَهَا حَصَلَ إحْيَاءُ الْأَرْضِ بِحَفْرِهَا. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَهُوَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ " بِذِكْرِ مَسَائِلَ " أَيْ وَلَمَّا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِذِكْرِهِمْ هُنَا مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا) أَيْ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهَا هُنَا نَظَرًا وَقَوْلُهُ كَالْمَوَاتِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فَهُوَ كَالْمَوَاتِ بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ أَحْوَالِهِ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَوَاتُ قَدْ يَخْتَصُّ بِهِ مُحْيِيهِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: تَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي ذِكْرِهَا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِمَسْجِدٍ سُكْنَى لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُحَجِّرْ فِيهِ وَيُضَيِّقْ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَإِلَّا مُنِعَ. (قَوْلُهُ: لَا لِمَرْأَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا) أَيْ السُّكْنَى فِيهِ وَلَوْ تَجَرَّدَتْ لِلْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَحِيضُ وَقَدْ يَلْتَذُّ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَتَنْقَلِبُ الْعِبَادَةُ مَعْصِيَةً وَظَاهِرُهُ الْحُرْمَةُ وَلَوْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ سَاقِطَةٍ لَهَا لَاقِطَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُكْرَهُ) أَيْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِكَرَاهَةِ سُكْنَاهَا حَيْثُ تَجَرَّدَتْ لِلْعِبَادَةِ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ الَّذِي عُلِّلَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَتَعَلُّمِ عِلْمٍ وَتَعْلِيمِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ مُتَجَرِّدًا لِلْعِبَادَةِ فَيُكْرَهُ سُكْنَاهُ فِيهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ سَكَنًا إلَّا لِمُتَجَرِّدٍ لِلْعِبَادَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَنْبَغِيَ هُنَا لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى فِي الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّجْرِيدِ لِلْعِبَادَةِ مُمْتَنِعَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَغَيُّرٌ لَهُ عَمَّا حُبِّسَ لَهُ وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ هَدْمُ الْمَقَاصِيرِ الَّتِي اُتُّخِذَتْ فِي بَعْضِ الْجَوَامِعِ لِلسُّكْنَى مَا لَمْ يَكُنْ الْبَانِي لَهَا هُوَ الْوَاقِفَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَعَقْدُ نِكَاحٍ) قَدْ اسْتَحَبَّهُ بَعْضُهُمْ لِلْبَرَكَةِ وَلِأَجْلِ شُهْرَةِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كُرِهَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الدَّيْنُ يَسِيرًا بَلْ كَانَ كَثِيرًا كُرِهَ قَضَاؤُهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ قَتْلُهَا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِمَسْجِدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا مَنْزِلَ لَهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَوَازِ نَوْمِ اللَّيْلِ وَأَمَّا نَوْمُ النَّهَارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَتَضْيِيفٌ) أَيْ إنْزَالُ الضَّيْفِ بِمَسْجِدِ الْبَادِيَةِ، وَإِطْعَامُهُ فِيهِ الطَّعَامَ النَّاشِفَ كَالتَّمْرِ لَا إنْ كَانَ مُقَذِّرًا كَالْبِطِّيخِ، أَوْ طَبِيخٍ فَيَحْرُمُ إلَّا بِنَحْوِ سُفْرَةٍ تُجْعَلُ تَحْتَ الْإِنَاءِ فَيُكْرَهُ وَمِثْلُ مَسْجِدِ الْبَادِيَةِ مَسْجِدُ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ وَأَمَّا التَّضْيِيفُ فِي مَسْجِدِ الْحَاضِرَةِ فَيُكْرَهُ وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ نَاشِفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ) رَجَّحَهُ عبق لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ التَّقَيُّدَ بِالْبَادِيَةِ يَرْجِعُ لِنَوْمِ الْقَائِلَةِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ النَّوْمُ فِي الْقَائِلَةِ جَائِزٌ فِي أَيْ مَسْجِدٍ كَانَ مَسْجِدَ بَادِيَةٍ، أَوْ حَاضِرَةٍ، وَإِنَّمَا التَّقَيُّدُ بِالْبَادِيَةِ فِي التَّضْيِيفِ وَالْمَبِيتِ لَيْلًا. (قَوْلُهُ: وَجَازَ إنَاءٌ) أَيْ وَجَازَ لِمَنْ بَاتَ فِيهِ إعْدَادُ إنَاءٍ وَاِتِّخَاذُهُ لِبَوْلٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَانَ الْإِنَاءُ مِمَّا يُرَشِّحُ كَالْفَخَّارِ أَمْ لَا كَالزُّجَاجِ لَكِنْ إنْ وُجِدَ مَا لَا يُرَشِّحُ تَعَيَّنَ وَلَا يُعْدَلُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ مَا لَا يُرَشِّحُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ بَاتَ فِي الْمَسْجِدِ إنَاءً وَالْحَالُ أَنَّهُ يَخَافُ سَبُعًا إنْ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ بَالَ فِيهِ وَتَغَوَّطَ، وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ لِلنَّوْمِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ سَاكِنٍ فِيهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَكَذَا الْغَرِيبُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُدْخِلُ عِنْدَهُ دَابَّتَهُ فَإِنَّهُ يُدْخِلُهَا فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ) أَيْ كَمَا تَجُوزُ السُّكْنَى بِمَنْزِلٍ تَحْتَهُ وَلَوْ بِأَهْلِهِ وَأَمَّا قَبْرٌ فِي أَرْضِهِ فَلَا يَجُوزُ الدَّفْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِنَبْشِهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَى الْمَيِّتِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ عَلَى عبق وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَلَا الْغَرْسُ فِيهِ وَإِنْ

(فَلَا يُمْنَعُ) (كَإِخْرَاجِ رِيحٍ) فِي مَسْجِدٍ فَيُمْنَعُ لِحُرْمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ (وَمُكْثٌ بِنَجِسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فَيُمْنَعُ وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ وَلَوْ سُتِرَ بِطَاهِرٍ وَقِيلَ إنْ سُتِرَ بِهِ جَازَ فَيُوضَعُ النَّعْلُ الْمُتَنَجِّسُ فِي شَيْءٍ يُكِنُّهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِلضَّرُورَةِ (وَكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِهِ وَ) إنْ فَعَلَ (حَكَّهُ) وَهَذَا فِي الْمُبَلَّطِ وَالْمَفْرُوشِ فَوْقَ فُرُشِهِ وَكَذَا الْمُحَصَّبُ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ وَأَمَّا الْمُتَرَّبُ فَيَجُوزُ كَتَحْتِ فُرُشِهِ وَفُرُشِ الْمُحَصَّبِ أَوْ خِلَالَ الْحَصْبَاءِ وَهَذَا مَا لَمْ يُكْثِرْ حَتَّى يُقَذِّرَهُ، وَإِلَّا مُنِعَ. (وَ) كُرِهَ فِيهِ (تَعْلِيمُ صَبِيٍّ) قُرْآنًا، أَوْ غَيْرَهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ وَلَوْ كَانَ لَا يَعْبَثُ لِعَدَمِ تَحَفُّظِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ (وَ) كُرِهَ فِيهِ (بَيْعٌ وَشِرَاءٌ) بِغَيْرِ سَمْسَرَةٍ، وَإِلَّا مُنِعَ (وَسَلُّ سَيْفٍ) وَنَحْوِهِ (وَإِنْشَادُ ضَالَّةٍ) فِيهِ أَيْ تَعْرِيفُهَا وَكَذَا نَشْدُهَا وَهُوَ سُؤَالُ رَبِّهَا عَنْهَا (وَهَتْفٌ بِمَيِّتٍ) أَيْ صِيَاحٌ فِيهِ، أَوْ بِبَابِهِ لِلْإِعْلَامِ بِمَوْتِهِ وَأَمَّا الْإِعْلَامُ بِغَيْرِ صِيَاحٍ فَجَائِزٌ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ (وَ) كُرِهَ (رَفْعُ صَوْتٍ) فِيهِ وَلَوْ بِذِكْرٍ وَقُرْآنٍ (كَرَفْعِهِ بِعِلْمٍ) فَوْقَ إسْمَاعِ الْمُخَاطَبِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ (وَوَقِيدُ نَارٍ) فِيهِ لِغَيْرِ تَبْخِيرِهِ وَاسْتِصْبَاحِهِ (وَدُخُولُ كَخَيْلٍ) فِيهِ مِمَّا فَضْلَتُهُ نَجِسَةٌ (لِنَقْلٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَعَ قُلِعَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْنَعُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ مُعَدًّا لِلْكِرَاءِ، أَوْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: كَإِخْرَاجِ رِيحٍ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ إخْرَاجُ رِيحٍ فِيهِ لَا فِي غَيْرِهِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَعُدُولُهُ عَنْ خُرُوجٍ لِإِخْرَاجٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ تَعَمُّدُ إخْرَاجِهِ وَأَمَّا خُرُوجُهُ غَلَبَةً فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلِابْنِ الْعَرَبِيِّ يَجُوزُ إرْسَالُ الرِّيحِ فِي الْمَسْجِدِ اخْتِيَارًا كَمَا يُرْسِلُهُ فِي بَيْتِهِ إذَا احْتَاجَ لِذَلِكَ أَيْ بِأَنْ كَانَ إبْقَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِهِ يُؤْذِيهِ اهـ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى إخْرَاجِهِ أَذِيَّةُ حَاضِرٍ، وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْأَذِيَّةَ حَرَامٌ إجْمَاعًا. (قَوْلُهُ: لِحُرْمَتِهِ) أَيْ لِوُجُوبِ احْتِرَامِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَإِخْرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ يُنَافِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمُكْثٌ بِنَجِسٍ) أَيْ مُنِعَ مُكْثٌ وَكَذَا مُرُورٌ فِيهِ بِنَجِسٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ) الْمُرَادُ بِالْمُتَنَجِّسِ الَّذِي هُوَ كَالنَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسُ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ وَأَمَّا لَوْ أُزِيلَ عَيْنُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا فَلَا يُمْنَعُ الْمُكْثُ بِهِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سُتِرَ) أَيْ النَّجِسُ، أَوْ الْمُتَنَجِّسُ بِطَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ سُتِرَ بِهِ) أَيْ وَقِيلَ يَجُوزُ الْمُكْثُ وَالْمُرُورُ بِالنَّجِسِ وَالْمُتَنَجِّسِ إذَا سُتِرَ بِطَاهِرٍ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ) أَيْ أَوْ يَمْخُطَ وَقَوْلُهُ بِأَرْضِهِ أَيْ أَوْ حَائِطِهِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا إذَا قَلَّ، وَإِلَّا حَرُمَ لِلتَّقْدِيرِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَسْجِدَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُبَلَّطًا أَوْ مُحَصَّبًا، أَوْ مُتَرَّبًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَبْصُقَ فَوْقَ فُرُشِهِ، أَوْ تَحْتَهُ أَوْ بِأَرْضِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا فُرُشَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْبَصْقُ فَوْقَ الْفُرُشِ كَانَ مَكْرُوهًا مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ فَهُوَ جَائِزٌ إنْ كَانَ مُتَرَّبًا، أَوْ مُحَصَّبًا وَكُرِهَ إنْ كَانَ مُبَلَّطًا، وَإِنْ كَانَ الْبَصْقُ بِأَرْضِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَفْرُوشٍ فَيُكْرَهُ إنْ كَانَ مُبَلَّطًا وَيَجُوزُ إنْ كَانَ مُتَرَّبًا، أَوْ مُحَصَّبًا لِلشَّارِحِ تَفْصِيلٌ آخَرُ فِي الْمُحَصَّبِ فَجَعَلَ الْبَصْقَ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ مَكْرُوهًا وَفِي خِلَالِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَفْرُوشٍ جَائِزًا وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَ حَكَّهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحَكَّهُ اسْتِئْنَافٌ وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ عَطْفًا عَلَى أَنْ يَبْصُقَ مُقَدِّرًا فِيهِ الْمُتَعَلِّقَ وَالْمَعْنَى وَكُرِهَ حَكُّهُ بِأَرْضِهِ وَالْمَطْلُوبُ مَسْحُهُ بِكَخِرْقَةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَكَّ عَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ مَطْلُوبٌ لِإِزَالَةِ الْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَعَلَى التَّقْرِيرِ الثَّانِي فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً ثَانِيَةً غَيْرَ كَرَاهَةِ الْبَصْقِ وَالنَّقْلُ مُسَاعِدٌ لِمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمَفْرُوشِ فَوْقَ فُرُشِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُبَلَّطًا، أَوْ مُحَصَّبًا، أَوْ مُتَرَّبًا. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ الْبَصْقُ فِيهِ فَوْقَ التُّرَابِ وَقَوْلُهُ: كَتَحْتِ فُرُشِهِ أَيْ الْمُتَرَّبِ وَقَوْلُهُ: وَفُرُشِ الْمُحَصَّبِ أَيْ وَتَحْتَ فُرُشِ الْمُحَصَّبِ وَأَمَّا تَحْتَ فُرُشِ الْمُبَلَّطِ فَيُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ خِلَالَ الْحَصْبَاءِ) قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا التَّفْرِيقَ فِي الْمُحَصَّبِ بَلْ أَطْلَقُوا الْجَوَازَ فِيهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ، أَوْ فَوْقَهَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقُ. (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمُ صَبِيٍّ) أَيْ مُرَاهِقٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يَعْبَثُ، أَوْ يَعْبَثُ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْبَثُ وَلَا يَكُفُّ إذَا نُهِيَ فَالْحُرْمَةُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ مَنْعُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ فِيهِ مُطْلَقًا كَانَ مَظِنَّةً لِلْعَبَثِ وَالتَّقْدِيرُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ تَحَفُّظِهِمْ مِنْ النَّجَاسَةِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ سَمْسَرَةٍ) أَيْ بِأَنْ جَلَسَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ بِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَتَى الْمُشْتَرِي لَهَا يُقَلِّبُهَا وَيَنْظُرُ فِيهَا وَيُعْطِي فِيهَا مَا يُرِيدُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا مُنِعَ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِسَمْسَرَةٍ أَيْ مُنَادَاةٍ عَلَى السِّلْعَةِ حَرُمَ لِجَعْلِ الْمَسْجِدِ سُوقًا، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ إذَا جُعِلَ الْمَسْجِدُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأَنْ أَظْهَرَ السِّلْعَةَ فِيهِ مُعَرِّضًا لَهَا لِلْبَيْعِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ عَقْدِهِمَا فَلَا يُكْرَهُ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَيْعِ الْإِيجَابَ وَبِالشِّرَاءِ الْقَبُولَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْبَيْعِ الْعَقْدَ الْمُحْتَوِيَ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْبَيْعِ عَنْ الشِّرَاءِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ لَوَازِمِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَسَلُّ سَيْفٍ) أَيْ لِغَيْرِ إخَافَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ بَلْ فِي فَتَاوَى الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ رِدَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَعْرِيفُهَا) أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقِطِ لَهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ صِيَاحٌ فِيهِ أَوْ بِبَابِهِ لِلْإِعْلَامِ بِمَوْتِهِ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ عَلَى بَابِهِ: أَخُوكُمْ فُلَانٌ قَدْ مَاتَ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ صِيَاحٍ) أَيْ بِغَيْرِ رَفْعِ صَوْتٍ وَقَوْلُهُ: فَجَائِزٌ أَيْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ عَلَى بَابِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِذِكْرٍ وَقُرْآنٍ) أَيْ إلَّا التَّلْبِيَةَ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَمِنًى فَيَجُوزُ رَفْعُهُ بِهَا فِيهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْلِطْ عَلَى مُصَلٍّ، وَإِلَّا حَرُمَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ)

لِتُرَابٍ وَنَحْوِهِ مِنْهُ بِخِلَافِ إبِلٍ فَيَجُوزُ لِذَلِكَ لَا لِغَيْرِهِ (وَفَرْشٌ) فِيهِ (أَوْ مُتَّكَأٌ) لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ أَوْ الِاتِّكَاءِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي التَّوَاضُعَ الْمَشْرُوعَ فِي الْمَسَاجِدِ. وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ أَنْ يَذْكُرُوا هُنَا أَحْكَامَ الْمِيَاهِ وَالْكَلَإِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ (وَلِذِي مَأْجَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ كَمَقْعَدٍ، وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ كَمُعْظَمٍ مَا يُعَدُّ لِخَزْنِ الْمَاءِ كَالصِّهْرِيجِ (وَ) لِذِي (بِئْرٍ وَمِرْسَالِ مَطَرٍ) أَيْ مَحَلِّ جَرْيِهِ وَهُوَ مَنْ حَلَّ الْمَطَرُ بِأَرْضِهِ الْخَاصَّةِ بِمِلْكٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ (كَمَاءٍ يَمْلِكُهُ) فِي آنِيَةٍ، أَوْ حُفْرَةٍ أَيْ كَكُلِّ مَاءٍ يَمْلِكُهُ أَعَمُّ مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ (مَنْعُهُ) مِنْ غَيْرِهِ (وَبَيْعُهُ) وَهِبَتُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ وَخَصَّ الْمَنْعَ وَالْبَيْعَ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ (إلَّا مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ) هَلَاكًا، أَوْ ضَرَرًا شَدِيدًا مِنْ عَاقِلٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ) حِينَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ مَثَلًا فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَنْعُهُ وَلَا بَيْعُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لَهُ مَجَّانًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ مَلِيًّا بِمَحَلٍّ آخَرَ أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ فَبِالثَّمَنِ بِاتِّفَاقٍ فَقَوْلُهُ (وَإِلَّا رُجِّحَ بِالثَّمَنِ) وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَالٌ كَانَ فَاسِدًا لِاتِّفَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَالٌ فَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ نَقْلِهِ. (كَفَضْلِ) مَاءِ (بِئْرِ زَرْعٍ) تَشْبِيهٌ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ مَجَّانًا الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ كَوُجُوبِ دَفْعِ مَا فَضَلَ عَنْ الْحَاجَةِ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ، أَوْ عَيْنٍ لِجَارِهِ حَيْثُ (خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ) أَوْ شَجَرِهِ التَّالِفِ مِنْ الْعَطَشِ (بِهَدْمِ بِئْرِهِ) أَيْ وَالْأَرْجَحُ بِسَبَبِ هَدْمِ بِئْرِ الْجَارِ (وَأَخَذَ) الْجَارُ (يُصْلِحُ) بِئْرَهُ الْمُنْهَدِمَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ مَلِيًّا خِلَافًا لِابْنِ يُونُسَ حَيْثُ قَالَ يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ إنْ كَانَ مَعَهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَاءَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِهِ وَجَارُهُ مَعْذُورٌ بِهَدْمِ بِئْرِهِ مَعَ أَخْذِهِ فِي الْإِصْلَاحِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُخْتَارٌ بِالسَّفَرِ مَعَ كَوْنِهِ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ بِاسْتِعْدَادِ الثَّمَنِ لِمِثْلِ ذَلِكَ (وَأُجْبِرَ) رَبُّ الْمَاءِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَفْعِ الْفَضْلِ لِجَارِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْهَا لَمْ يُجْبَرْ رَبُّهُ عَلَى الدَّفْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالْعِلْمِ مَكْرُوهٌ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ حَيْثُ جَوَّزَ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: لِتُرَابٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ أَوْ حَجَرٍ مِنْهُ أَوْ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلنَّقْلِ لَا لِغَيْرِهِ فَيُمْنَعُ وَأَمَّا طَوَافُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى بَعِيرٍ فَهُوَ لِأَجْلِ أَنْ يَرْتَفِعَ لِلنَّاسِ فَيَأْخُذُوا عَنْهُ الْمَنَاسِكَ فَكَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَفَرْشٌ) أَيْ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ فِيهِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ اتِّقَاءِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَّكَأٌ أَيْ اتِّخَاذُ مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَلِذِي مَأْجَلٍ) أَيْ لِصَاحِبِ مَاءِ مَأْجَلٍ وَمَاءِ بِئْرٍ وَمَاءِ مِرْسَالِ مَطَرٍ أَيْ مَحَلِّ جَرْيِهِ مَنْعُ ذَلِكَ الْمَاءِ وَبَيْعُهُ، وَنَبَّهَ بِذَلِكَ الْعَطْفِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَنْقُصُ بِالِاغْتِرَافِ وَيَخْلُفُهُ غَيْرُهُ كَالْبِئْرِ وَمَا يَنْقُصُ وَلَا يَخْلُفُهُ غَيْرُهُ كَالْبَاقِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ حَلَّ إلَخْ) الضَّمِيرُ لِذِي الْمِرْسَالِ أَيْ فَلِصَاحِبِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْرِي مَاءُ الْمَطَرِ فِيهِ مَنْعُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ تَعْبِيرُهُ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَاءٍ يَمْلِكُهُ فِي آنِيَةٍ) أَيْ كَجَرَّةٍ، أَوْ قِرْبَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ حُفْرَةٍ أَيْ كَبِرْكَةٍ فِيهَا مَاءٌ. (قَوْلُهُ: مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى لَا أَرَى أَنْ يَمْنَعَ الْحَطَبَ وَالْمَاءَ وَالنَّارَ وَالْكَلَأَ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ، أَوْ الْعَيْنُ فِي أَرْضِهِ الَّتِي لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الدُّخُولِ فِيهَا لِلِاسْتِقَاءِ مِنْهَا وَأَمَّا الْبِئْرُ الَّتِي فِي دَارِ رَجُلٍ، أَوْ فِي حَائِطِهِ الَّتِي حَظَرَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا وَيُقَيَّدُ الْمَنْعُ بِغَيْرِ مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْمَنْعُ اتِّفَاقًا وَالْمُرَادُ بِالْحَطَبِ وَالْكَلَإِ اللَّذَانِ فِي الصَّحْرَاءِ لَا فِي مَنْزِلِهِ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ مَنْعُهُمَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الظَّنُّ وَأَوْلَى الْجَزْمُ أَيْ إلَّا مَنْ ظَنَّ هَلَاكَهُ أَوْ حُصُولَ الضَّرَرِ الشَّدِيدِ لَهُ لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُوجَدَ مَاءٌ آخَرُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِلْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ وَالْكَلَامُ فِي الزَّائِدِ عَلَى مَا يُحْيِي بِهِ صَاحِبُ الْمَاءِ نَفْسَهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ قَدْرَ مَا يُحْيِي نَفْسَهُ فَقَطْ كَانَ لَهُ مَنْعُهُ وَيُقَدَّمُ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ خِيفَ هَلَاكُ ذَلِكَ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلِيًّا بِمَحَلٍّ آخَرَ) أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ يَتْبَعُهُ بِهِ وَلَوْ أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي لَأَبْدَلَ التَّرْجِيحَ بِالِاخْتِيَارِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ فَبِالثَّمَنِ بِاتِّفَاقٍ) أَيْ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الذَّكَاةِ بِقَوْلِهِ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَالٌ) أَيْ بِأَنْ جُعِلَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا رُجِّحَ إنْ شَرْطِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مَعَ لَا أَيْ وَإِلَّا يَنْتَفِ الثَّمَنُ بِأَنْ وُجِدَ رُجِّحَ بِالثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: كَفَضْلِ مَاءِ بِئْرِ زَرْعٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ بِئْرٌ يَسْقِي مِنْهَا زَرْعَهُ فَفَضَلَ عَنْ سَقْيِ زَرْعِهِ فَضْلَةٌ مِنْ الْمَاءِ وَلَهُ جَارٌ لَهُ زَرْعٌ أَنْشَأَهُ عَلَى أَصْلِ مَاءٍ وَانْهَدَمَتْ بِئْرُ زَرْعِهِ وَخِيفَ عَلَى زَرْعِهِ الْهَلَاكُ مِنْ الْعَطَشِ وَشَرَعَ فِي إصْلَاحِ بِئْرِهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْفَضْلِ لِجَارِهِ بِالثَّمَنِ إنْ وُجِدَ مَعَهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمُعْتَمَدُ - وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ - أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ مَجَّانًا وَلَوْ وُجِدَ مَعَهُ الثَّمَنُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَإِلَّا رُجِّحَ بِالثَّمَنِ " مُقَدَّمًا مِنْ تَأْخِيرِ مَحَلِّهِ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَأَخَذَ يُصْلِحُ " قَدَّمَهُ مُخَرِّجُ الْمُبْيَضَّةِ سَهْوًا وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَفَضْلِ بِئْرِ زَرْعٍ تَشْبِيهًا فِي الْأَخْذِ مَجَّانًا الْمُفَادِ بِالِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ أَوَّلًا مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْمُعْتَمَدَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ

بِأَنْ زَرَعَ لَا عَلَى أَصْلِ مَاءٍ، أَوْ لَمْ تَنْهَدِمْ بِئْرُهُ، أَوْ لَمْ يَأْخُذْ فِي الْإِصْلَاحِ، ثُمَّ شُبِّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَبْرِ قَوْلُهُ، (كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ) حَفَرَهَا (بِصَحْرَاءَ) أَيْ بِمَوَاتٍ فَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ (هَدَرًا) أَيْ بِلَا ثَمَنٍ وَلَوْ مَعَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ هَذَا (إنْ لَمْ يُبَيِّنْ) حِينَ حَفَرَهَا (الْمِلْكِيَّةَ) لِعَدَمِ الْإِحْيَاءِ بِمُجَرَّدِ الْحَفْرِ وَلِأَنَّ نِيَّتَهُ أَخْذُ كِفَايَتِهِ فَقَطْ فَإِنْ بَيَّنَهُمَا بِإِشْهَادٍ عِنْدَ الْحَفْرِ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ إنْ وُجِدَ؛ لِأَنَّهُ إحْيَاءٌ حِينَئِذٍ (وَ) إذَا اجْتَمَعَ عَلَى مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ مُسْتَحِقُّونَ (بُدِئَ) وُجُوبًا بَعْدَ رَيِّ رَبِّهَا (بِمُسَافِرٍ) لِاحْتِيَاجِهِ لِسُرْعَةِ السَّيْرِ (وَلَهُ) بِالْقَضَاءِ عَلَى رَبِّ الْمَاءِ أَوْ عَلَى حَاضِرِهِ (عَارِيَّةُ آلَةٍ) وَعَلَيْهِمْ إعَارَتُهَا لَهُ وَهَذَا مَا لَمْ تُجْعَلْ الْآلَةُ لِلْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَبِالْأُجْرَةِ وَاتُّبِعَ بِهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَعَهُ (ثُمَّ حَاضِرٍ) إلَى أَنْ يَرْوِيَ (ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا) أَيْ الْبِئْرِ، ثُمَّ دَابَّةِ الْمُسَافِرِ، ثُمَّ مَوَاشِي رَبِّهَا ثُمَّ مَوَاشِي النَّاسِ. (بِجَمِيعِ الرَّيِّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ أَنَّ مَنْ قُدِّمَ يُقَدَّمُ بِجَمِيعِ الرَّيِّ، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ الْمَوَاشِي عَنْ الدَّوَابِّ؛ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ فَتُؤْكَلُ بِخِلَافِ الدَّوَابِّ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَاءِ كِفَايَةٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا جَهْدَ (وَإِلَّا فَبِنَفْسِ الْمَجْهُودِ) مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ وَسَقَطَ التَّرْتِيبُ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ، وَالظَّنُّ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا هَكَذَا وَإِنَّمَا وَقَعَ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مِنْ الْكَاتِبِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِشُرُوطِ وُجُوبِ بَذْلِ الْمَاءِ لِزَرْعِ الْجَارِ الْأَرْبَعَةِ أَوَّلُهَا قَوْلُهُ: فَضْلٌ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ زَرْعِ رَبِّهِ شَيْءٌ لَمْ يَجِبْ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ بَذْلِهِ إذَا خِيفَ تَلَفُ بَعْضِ زَرْعِ رَبِّهِ وَهَلَاكُ جَمِيعِ زَرْعِ الْجَارِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ مَعَ غُرْمِ قِيمَةِ بَعْضِ الزَّرْعِ الَّذِي يَتْلَفُ لِرَبِّ الْمَاءِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُهُ ثَانِيهَا قَوْلُهُ: خِيفَ أَيْ ظُنَّ فَإِنْ لَمْ يُظَنَّ هَلَاكُهُ عَادَةً بَلْ شُكَّ فَقَطْ لَمْ يَجِبْ، ثَالِثُهَا مُفَادُ قَوْلِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ أَنَّهُ زَرَعَ عَلَى مَاءٍ فَلَوْ زَرَعَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ لَمْ يَجِبْ عَلَى جَارِهِ الْبَذْلُ لِمُخَاطَرَتِهِ وَتَعَرُّضِهِ لِلْهَلَاكِ، رَابِعُهَا قَوْلُهُ: وَأَخَذَ يُصْلِحُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فِي الْإِصْلَاحِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْجَارِ بَذْلُ فَضْلِ مَائِهِ. (تَنْبِيهٌ) الْمُرَادُ بِالْجَارِ مَنْ يُمْكِنُهُ سَقْيُ زَرْعِهِ مِنْ مَاءِ بِئْرِ الْجَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلَاصِقًا لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّاذِلِيُّ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ زَرَعَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَظُنَّ هَلَاكَ زَرْعِ الْجَارِ بَلْ شَكَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ شُبِّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَبْرِ) أَيْ فِي الْجَبْرِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِالْقُيُودِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ) أَيْ كَبَذْلِهِ فَضْلَ بِئْرِ مَاشِيَةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْبَادِيَةِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لِمَاشِيَةٍ، أَوْ لِشُرْبٍ وَفَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ فَضْلَةٌ وَطَلَبَهَا شَخْصٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ تِلْكَ الْفَضْلَةِ لِمَنْ طَلَبَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِمَّنْ طَلَبَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا وَلَا صَاحِبَ زَرْعٍ وَيَأْخُذُهُ الطَّالِبُ لَهُ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ، هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ حِينَ حَفَرَهَا، وَإِلَّا كَانَ لَهُ مَنْعُ النَّاسِ عَنْهَا فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجَبْرِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ التَّشْبِيهَ تَامًّا لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ الْجَبْرَ إنَّمَا هُوَ لِلْمُضْطَرِّ، وَلِذِي الزَّرْعِ الَّذِي انْهَدَمَتْ بِئْرُهُ مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ. (قَوْلُهُ: بِصَحْرَاءَ) أَيْ وَأَمَّا بِئْرُ الرَّجُلِ الَّذِي فِي حَائِطِهِ بِحَيْثُ يَتَضَرَّرُ بِالدُّخُولِ لَهَا فَلَهُ الْمَنْعُ كَاَلَّتِي فِي دَارِهِ كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ سَابِقًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إحْيَاءٌ حِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ كَمَاءٍ يَمْلِكُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ مُسْتَحِقُّونَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِيهَا يَكْفِيهِمْ. (قَوْلُهُ: بُدِئَ وُجُوبًا بَعْدَ رَيِّ رَبِّهَا) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ هَذِهِ بُدَاءَةٌ إضَافِيَّةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَبَّ الْبِئْرِ هُوَ الْمُقَدَّمُ أَوَّلًا، ثُمَّ الْمُسَافِرُ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَضْلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَاعِيَ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَارِيَّةُ آلَةٍ) أَيْ وَحَقَّ لَهُ عَارِيَّةُ آلَةٍ وَأَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى " وَعَارِيَّةُ " بِمَعْنَى إعَارَةٍ وَضَمِيرُ لَهُ لِرَبِّ الْمَاءِ، أَوْ الْحَاضِرِ، أَيْ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيرَ لِلْمُسَافِرِ الْآلَةَ كَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَالْحَوْضِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ تُجْعَلْ الْآلَةُ لِلْإِجَارَةِ إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ خِلَافُهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْآلَةِ أَنْ لَا تُتَّخَذَ لِلْكِرَاءِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَوَاشِي النَّاسِ) أَيْ الْمُسَافِرِينَ وَالْحَاضِرِينَ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَوَاشِيَ الْمُسَافِرِينَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ دَوَابِّهِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْلِيلِ تَقْدِيمِهِ مِنْ احْتِيَاجِهِ لِسُرْعَةِ السَّيْرِ يُخَالِفُ ذَلِكَ، إذْ تَقَدُّمُ دَوَابِّهِ وَتَأْخِيرُ مَوَاشِيهِ يُوجِبُ انْتِظَارَهُ فَالْوَجْهُ اسْتِوَاءُ دَوَابِّهِ مَعَ مَوَاشِيهِ فَفِي الْكَلَامِ تَسَاهُلٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَوَاشِي الْمُسَافِرِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا مَوَاشِيَ مَعَهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَعَهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَعَ دَوَابِّهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ ثَمَّ مَوَاشِي النَّاسِ يَعْنِي الْحَاضِرِينَ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ كَالْأَقْفَهْسِيِّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِتَأْجِيرِ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَوَابِّهِ وَأَنَّهَا بَعْدَ مَوَاشِي أَهْلِ الْمَاءِ التَّالِيَةِ فِي الْمَرْتَبَةِ لِدَوَابِّ الْمُسَافِرِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: بِجَمِيعِ الرَّيِّ) مُتَعَلِّقٌ بِ بُدِئَ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ صِنَاعَةً فَالْأَوْلَى جَعْلُهُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ بِمُسَافِرٍ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَإِفَادَتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَا تَضُرُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَعَلُّقَ التَّبْدِئَةِ بِالْمُسَافِرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ رَيُّهُ بِالْمَاءِ فَالْمُبْدَلُ مِنْهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْطِئَةٌ لِلْبَدَلِ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا) أَيْ مَصْدَرُ رَوِيَ بِالْكَسْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِنَفْسِ الْمَجْهُودِ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِمُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَاءِ كِفَايَةٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا جَهْدَ أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ فِي مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ

(وَإِنْ سَالَ مَطَرٌ بِمُبَاحٍ) أَيْ بِأَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ وَيَلِيهَا جِنَانٌ، أَوْ زَرْعٌ لِنَاسٍ شَتَّى (سُقِيَ الْأَعْلَى) أَوَّلًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِلْمَاءِ الْمَذْكُورِ (إنْ تَقَدَّمَ) فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى الْأَسْفَلِ أَيْ أَوْ تَسَاوَيَا فِي الْإِحْيَاءِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَسْفَلُ (لِلْكَعْبِ) أَيْ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ فِيهِ الْكَعْبَ ثُمَّ يُرْسَلُ لِلْآخَرِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ (وَأُمِرَ) الْمُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ (بِالتَّسْوِيَةِ) لِأَرْضِهِ إنْ أَمْكَنَ (وَإِلَّا) تُمْكِنْ التَّسْوِيَةُ وَكَانَ لَا يَبْلُغُ الْمَاءُ الْكَعْبَيْنِ فِي الْمُرْتَفِعِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْمُنْخَفِضِ أَكْثَرَ (فَكَحَائِطَيْنِ) فَيُسْقَى الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلُ مِنْهَا أَيْ يَصِيرُ هَذَا الْحَائِطُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى أَعْلَى وَأَسْفَلَ كَحَائِطَيْنِ فَتُسْقَى كُلُّ جِهَةٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهَا، ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِغَيْرِهَا ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ الْأَعْلَى أَيْ الْأَقْرَبِ بِقَوْلِهِ (وَقُسِمَ) الْمَاءُ الْمُبَاحُ (لِلْمُتَقَابَلَيْنِ) أَيْ لِلْحَائِطَيْنِ مَثَلًا الْمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقُرْبِ لِلْمَاءِ سَوَاءٌ كَانَا فِي جِهَةٍ أَوْ إحْدَاهُمَا فِي جِهَةٍ وَالْأُخْرَى فِي جِهَةٍ أُخْرَى وَسَوَاءٌ اسْتَوَى زَمَنُ إحْيَائِهِمَا، أَوْ اخْتَلَفَتْ وَقَوْلُهُ (كَالنِّيلِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي مَاءِ الْمَطَرِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ سَقْيِ الْأَعْلَى إنْ تَقَدَّمَ إلَخْ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ " بِمُبَاحٍ " بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (مُلِكَ) الْمَاءُ (أَوَّلًا) بِأَنْ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ عَلَى إجْرَائِهِ بِأَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ أَرْضِهِمْ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمْ، أَوْ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ، أَوْ عَيْنٍ فِيمَا ذُكِرَ (قُسِمَ بَيْنَهُمْ) عَلَى حَسَبِ أَعْمَالِهِمْ (بِقِلْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ) وَالْقِلْدُ بِالْكَسْرِ الَّذِي عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ الْمَاءِ وَمِنْهُ السَّاعَاتُ الرَّمْلِيَّةُ وَغَيْرُهَا، وَمُرَادُهُ بِغَيْرِ الْقَسْمِ بِالْأَيَّامِ (وَأُقْرِعَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَكْفِي الْجَمِيعَ، أَوْ كَانَ فِيهَا مَا يَكْفِيهِمْ لَكِنْ يَحْصُلُ الْجَهْدُ لِبَعْضِهِمْ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالذَّاتِ الْمَجْهُودَةِ عَاقِلَةً، أَوْ لَا وَلَوْ غَيْرَ رَبِّهِ وَغَيْرَ دَابَّتِهِ فَإِنْ كَانَ مَاءُ الْبِئْرِ يَكْفِي الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ الرَّيِّ وَكَانَ بِتَقْدِيمِ أَرْبَابِهَا يَحْصُلُ الْجَهْدُ لِغَيْرِهِمْ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَبِتَقْدِيمِ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ لَا يَحْصُلُ لَهُمْ جَهْدٌ أَوْ بِعَكْسِ ذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ بِتَقْدِيمِ أَرْبَابِهَا لَا يَحْصُلُ الْجَهْدُ لِغَيْرِهِمْ وَبِتَقْدِيمِ غَيْرِهِمْ يَحْصُلُ الْجَهْدُ لَهُمْ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْجَهْدُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الرَّيِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بِئْرٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ رَيُّ الْجَمِيعِ وَكَانَ يَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ رَبِّهِ جَهْدٌ لِلْمُسَافِرِينَ دُونَ الْعَكْسِ أَوْ كَانَ يَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ الْمُسَافِرِينَ عَلَى الْحَاضِرِينَ جَهْدٌ لِلْحَاضِرِينَ دُونَ الْعَكْسِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي قُدِّمَ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْجَهْدُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِمَا يُزِيلُ بِهِ الْهَلَاكَ لَا بِجَمِيعِ الرَّيِّ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ جَهْدًا قُدِّمَ فَإِنْ اسْتَوَيَا قَالَ أَشْهَبُ يَتَوَاسَوْنَ أَيْ يَشْرَبُ كُلٌّ قَدْرَ مَا يَدْفَعُ الْجَهْدَ لَا أَنَّهُمْ يَرْوَوْنَ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يُقَدَّمُ أَهْلُ الْمَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَتُقَدَّمُ دَوَابُّهُمْ عَلَى دَوَابِّ غَيْرِهِمْ وَالْقَوْلَانِ مُسْتَوِيَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَالَ مَطَرٌ بِمُبَاحٍ) احْتَرَزَ بِالْمُبَاحِ مِنْ السَّائِلِ بِمَكَانٍ مَمْلُوكٍ فَإِنَّ صَاحِبَهُ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي مِرْسَالِ مَطَرٍ فَمَا هُنَا مَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَيَلِيهَا جِنَانٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَتَّصِلْ كُلُّهَا بِالْمَاءِ بَلْ بَعْضُهَا مُتَّصِلٌ بِهِ دُونَ بَعْضٍ وَأَمَّا لَوْ وَلِيَهَا بُسْتَانٌ وَرَحًا، أَوْ زَرْعٌ وَرَحًا قُدِّمَ غَيْرُ الرَّحَا مِنْ الزَّرْعِ، أَوْ الْبُسْتَانِ عَلَيْهَا وَلَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَنْ الرَّحَا فِي الْإِحْيَاءِ وَكَانَتْ أَقْرَبَ لِلْمَاءِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْمَاءِ النَّبَاتُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ لَا الرَّحَا وَلَا غَيْرُهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَسْفَلُ) مَحَلُّ تَقْدِيمِ الْأَسْفَلِ السَّابِقُ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى الْأَعْلَى الْمُتَأَخِّرِ فِي الْإِحْيَاءِ إذَا خِيفَ عَلَى زَرْعِ الْأَسْفَلِ الْهَلَاكُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فِي السَّقْيِ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَعْلَى الْمُتَأَخِّرُ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى الْأَسْفَلِ كَذَا قَيَّدَ سَحْنُونٌ وَاَلَّذِي حَقَّقَهُ طفى أَنَّ الْأَسْفَلَ يُقَدَّمُ إذَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَوْ لَمْ يُخَفْ عَلَى زَرْعٍ بِتَقْدِيمِ الْأَعْلَى. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُرْسِلُ لِلْآخَرِ) أَيْ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَاءُ كُلُّهُ لِلْآخَرِ إلَى الْكَعْبَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يُرْسَلُ الْبَاقِي وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِيَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ نَصُّهَا: ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يُرْسَلُ لِلْأَسْفَلِ جَمِيعُ الْمَاءِ وَلَا يَبْقَى مِنْهُ لِلْأَعْلَى شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ يُرْسَلُ مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ وَمَعْنَاهُ فِي الثَّانِي أَنْ يُرْسَلَ الْمَاءُ مِنْ وَرَاءِ جِنَانِ الْأَعْلَى وَيَبْقَى مِنْهُ مَا وَصَلَ لِلْكَعْبَيْنِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَأُمِرَ الْمُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ فِي السَّقْيِ وَهُوَ صَاحِبُ الْأَعْلَى إنْ تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ، أَوْ سَاوَى غَيْرَهُ وَصَاحِبُ الْأَسْفَلِ إنْ تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ وَقَوْلُهُ: وَأُمِرَ الْمُقَدَّمُ أَيْ بِالْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُمْكِنْ التَّسْوِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِلَّا رَاجِعٌ لِصِفَةٍ مُقَدَّرَةٍ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ كَمَا قَدَّرَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِلْعِلْمِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرْ بِالتَّسْوِيَةِ إلَّا وَهِيَ مُمْكِنَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقَسَمَ لِلْمُتَقَابَلَيْنِ) اُنْظُرْ هَلْ يُقْسَمُ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مِسَاحَتُهُمَا، أَوْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مِسَاحَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَوَى زَمَنُ إحْيَائِهِمَا، أَوْ اخْتَلَفَ) قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السَّبْقَ فِي الْإِحْيَاءِ يَقْتَضِي التَّقَدُّمَ وَلَوْ فِي الْأَسْفَلِ وَأَحْرَى فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَى زَمَنُ إحْيَائِهِمَا. (قَوْلُهُ: قُسِمَ بَيْنَهُمْ عَلَيَّ حَسَبِ أَعْمَالِهِمْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَبْدِئَةٍ لِأَعْلَى عَلَى أَسْفَلَ لِمِلْكِهِمْ لَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِأَرْضِهِمْ، ثُمَّ إنَّهُ إذَا قُسِمَ بِالْقِلْدِ وَنَحْوِهِ يُرَاعَى اخْتِلَافُ كَثْرَةِ الْجَرْيِ وَقِلَّتِهِ فَإِنَّ جَرْيَهُ عِنْدَ كَثْرَتِهِ أَقْوَى مِنْ جَرْيِهِ عِنْدَ قِلَّتِهِ فَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ قَالُوا: جَرْيُهُ عِنْدَ كَثْرَتِهِ خَمْسُ دَرَجٍ يَعْدِلُ جَرْيُهُ عِنْدَ قِلَّتِهِ ثَمَانِيَ دَرَجٍ عُمِلَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْقِلْدُ بِالْكَسْرِ عِبَارَةٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقِلْدُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْقِدْرُ

[باب في أحكام الوقف]

(لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ) أَيْ التَّبْدِئَةِ أَيْ إذَا تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ بِأَنْ طَلَبَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فَالْقُرْعَةُ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ بِالتَّقْدِيمِ قُدِّمَ. (وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ صَيْدِهِ (وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ الذَّاتِ، أَوْ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَلِكُلِّ أَحَدٍ صَيْدُهُ (وَهَلْ) عَدَمُ الْمَنْعِ فِيمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ (فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ) صَادَ الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ لَا تُمْلَكُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهَا أَرْضُ خَرَاجٍ وَاسْتِمْتَاعٍ بِزَرْعِهَا لَا غَيْرُ وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ حَقِيقَةً فَلَهُ الْمَنْعُ (أَوْ) عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا أَرْضَ عَنْوَةٍ وَغَيْرَهَا (إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ) أَيْ يُرِيدَ الِاصْطِيَادَ لِنَفْسِهِ فَلَهُ الْمَنْعُ (تَأْوِيلَانِ) فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مَطْوِيٌّ فِي كَلَامِهِ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إلَّا لِضَرَرٍ شَرْعِيٍّ كَالِاطِّلَاعِ عَلَى حَرِيمِهِ أَوْ إفْسَادِ زَرْعِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ. (وَ) لَا يَمْنَعُ أَحَدٌ (كَلَأً) أَيْ رَعْيَهُ وَهُوَ بِالْقَصْرِ مَنُونٌ مَهْمُوزٌ مَا يَنْبُتُ فِي الْمَرْعَى مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ (بِفَحْصٍ) وَهِيَ أَرْضٌ تَرَكَهَا رَبُّهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِلرَّعْيِ فَنَبَتَ بِهَا الْكَلَأُ (وَعَفَاءٍ) بِالْمَدِّ وَهِيَ أَرْضٌ تُرِكَتْ عَنْ الزَّرْعِ لِعَدَمِ قَبُولِهَا الزَّرْعَ كَأَرْضِ الْخَرْسِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا (لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعُهُ) فَإِنْ اكْتَنَفَهُ فَلَهُ الْمَنْعُ (بِخِلَافِ مَرْجِهِ) وَهُوَ مَحَلُّ رَعْيِ الدَّوَابِّ (وَحِمَاهُ) وَهُوَ مَا بَوَّرَهُ مِنْ أَرْضِهِ لِرَعْيِ مَا يَنْبُتُ فِيهِ فَلَهُ الْمَنْعُ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْمَرْجِ؛ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مَرْجٌ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَأَمَّا غَيْرُهَا كَالْفَيَافِيِ فَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ إلَّا السُّلْطَانَ فَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لِمَصْلَحَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ وَهُوَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ الْمَنْدُوبَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَمْ تُحَبِّسْ الْجَاهِلِيَّةُ (صَحَّ) وَلَزِمَ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ (وَقْفُ مَمْلُوكٍ) وَلَوْ بِالتَّعْلِيقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي يُثْقَبُ وَيُمْلَأُ مَاءً وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ كُلُّ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ الْمَاءِ غَيْرُ الْقِدْرِ كَالرَّمْلِيَّةِ وَالسَّاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَاب الْقِسْمَةِ. (قَوْلُهُ: لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ تَرَاضَوْا بِتَبْدِئَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَلَا قُرْعَةَ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ بِالتَّقْدِيمِ قُدِّمَ) أَيْ وَيُجْرَى لَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَظَّهُ بِالْقِلْدِ. . (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءِ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ بَلْ فِي مَوَاتٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءٍ كَائِنٍ فِي مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مِلْكِ الذَّاتِ) كَأَرْضِ الصُّلْحِ، أَوْ مَوَاتٍ مَلَكَهَا بِإِحْيَاءٍ، أَوْ إقْطَاعٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَيْ كَأَرْضِ عَنْوَةٍ وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا التَّعْمِيمِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَأَتَّى لَهُ ذِكْرُ الْخِلَافِ الْآتِي (قَوْلُهُ: صَادَ الْمَالِكُ إلَخْ) أَرَادَ: مَالِكُ مَنْفَعَتِهَا صَيْدُهُ لِنَفْسِهِ أَمْ لَا؟ . (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ حَقِيقَةً) أَيْ كَأَرْضِ الصُّلْحِ وَمَوَاتِ الْعَنْوَةِ إذَا مُلِكَتْ بِإِقْطَاعٍ أَوْ إحْيَاءٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَتْ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا طُرِحَتْ فَتَوَالَدَتْ، أَوْ جَرَّهَا الْمَاءُ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ أَيْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ مَالِكُ الذَّاتِ الِاصْطِيَادَ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءِ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي مِلْكٍ بَلْ فِي مَوَاتٍ، أَوْ كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءٍ كَائِنٍ فِي أَرْضٍ يَمْلِكُ ذَاتَهَا كَمَوَاتٍ يَمْلِكُهَا بِإِحْيَاءٍ، أَوْ إقْطَاعٍ، أَوْ أَرْضٍ صُلْحٍ أَوْ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ سَوَاءٌ طُرِحَ السَّمَكُ فِي الْمَاءِ فَتَوَالَدَ، أَوْ جَرَّهُ الْمَاءُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ) أَيْ وَمَوْضُوعُ قَوْلِنَا إلَّا لِضَرَرٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا جَازَ الْمَنْعُ مِنْ صَيْدِهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا السَّمَكُ يَمْلِكُ ذَاتَهَا بِإِحْيَاءٍ، أَوْ إقْطَاعٍ أَوْ كَانَتْ أَرْضَ صُلْحٍ، أَوْ كَانَ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا بِأَنْ كَانَتْ أَرْضَ عَنْوَةٍ يَزْرَعُهَا بِالْخَرَاجِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ السَّمَكُ فِي الْأَوْدِيَةِ، أَوْ الْأَنْهَارِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ صَيْدِهِ بِحَالٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِلرَّعْيِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِأَجْلِ أَنْ يَنْبُتَ بِهَا الْكَلَأُ فَيَرْعَاهُ. (قَوْلُهُ: كَأَرْضِ الْخَرْسِ) أَيْ الْكَائِنَةِ فِي أَرْضِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِخَطِّهِ الْأَوْلَى وَمَحَلُّ عَدَمِ الْمَنْعِ أَيْ مِنْ رَعْيِ الْكَلَأِ إذَا كَانَ بِفَحْصٍ، أَوْ عَفَاءٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مَرْجٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمَرْجَ مَحَلُّ رَعْيِ الدَّوَابِّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَحْصًا، أَوْ عَفَاءً، أَوْ حِمًى. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَنْعُ رَعْيِ الْكَلَأِ الْكَائِنِ فِي الْحِمَى وَعَدَمُ مَنْعِ رَعْيِهِ إذَا كَانَ فِي الْفَحْصِ، أَوْ الْعَفَاءِ. [بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ] (بَابٌ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ) . (قَوْلُهُ: لَمْ تُحَبِّسْ الْجَاهِلِيَّةُ) أَيْ لَمْ يُحَبِّسْ أَحَدٌ مِنْ الْجَاهِلِيَّةِ دَارًا وَلَا أَرْضًا وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ وَأَمَّا بِنَاءُ الْكَعْبَةُ وَحَفْرُ زَمْزَمَ فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّفَاخُرِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يُحَزْ فَإِذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ الرُّجُوعَ فِيهِ لَا يُمَكَّنُ، وَإِذَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ وَلَوْ قَالَ الْوَاقِفُ: وَلِي الْخِيَارُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ كَمَا قَالُوا إنَّهُ يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ إذَا شَرَطَ أَنَّهُ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ رَجَعَ لَهُ وَأَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ بَاعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَقْفُ مَمْلُوكٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي أُرِيدَ وَقْفُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَجِلْدِ أُضْحِيَّةٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ وَعَبْدٍ آبِقٍ

كَإِنْ مَلَكْتُ دَارَ فُلَانٍ فَهِيَ وَقْفٌ، أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا شَائِعًا فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا الْوَاقِفُ إنْ أَرَادَهَا الشَّرِيكُ وَأَمَّا مَا لَا يَقْبَلُهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَرَادَ شَرِيكُهُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ وَأَرَادَ بِالْمَمْلُوكِ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الذَّاتِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَا قَالَ (وَإِنْ) كَانَ الْمِلْكُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِمَمْلُوكٍ (بِأُجْرَةٍ) لِكَدَارٍ اسْتَأْجَرَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَلَهُ وَقْفُ مَنْفَعَتِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيَنْقَضِي الْوَقْفُ بِانْقِضَائِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْبِيدُ كَمَا سَيَأْتِي وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِأُجْرَةٍ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُحَبَّسَةً مُدَّةً فَلَهُ تَحْبِيسُ مَنْفَعَتِهَا عَلَى مُسْتَحِقٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ الْأَوَّلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَمَّا الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْبِيسُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُحَبَّسُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَمْلُوكُ (حَيَوَانًا وَرَقِيقًا) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَيْ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقْفٌ مَصْدَرُ وَقَفَ مُجَرَّدًا بِالْهَمْزَةِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ إلَّا فِي أَوْقَفْت عَنْ كَذَا بِمَعْنَى أَقْلَعْت عَنْهُ وَأَوْقَفْته عَنْ كَذَا بِمَعْنَى مَنَعْته مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَإِنْ مَلَكْتُ إلَخْ) مِنْ ذَلِكَ مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الشَّيْخَ زَيْنَ الْجِيزِيِّ أَفْتَى بِأَنَّ مَنْ الْتَزَمَ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ وَقْفٌ، ثُمَّ بَنَى فِيهِ فَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ وَقْفٍ لِذَلِكَ وَكَتَبَ الشَّيْخُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق مَا نَصُّهُ رَأَيْت بِخَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ النَّفْرَاوِيِّ شَارِحِ الرِّسَالَةِ بِطُرَّةِ عج وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ فِي التَّعْلِيقِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُعَلَّقِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، أَوْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ وَكُلُّ مَا تَجَدَّدَ لِي مِنْ عَقَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَدَخَلَ فِي مِلْكِي فَهُوَ مُلْحَقٌ بِوَقْفِي هَذَا مَا حَرَّرَهُ اهـ وَأَقُولُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الرَّصَّاعِ فِي شَرْحِ الْحُدُودِ أَنَّهُ إذَا عَمَّ التَّعْلِيقُ فَإِنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ لِلتَّحْجِيرِ كَالطَّلَاقِ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " مَمْلُوكٍ " أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا فِي التَّعْلِيقِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ كَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقْفٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا) أَيْ أَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ جُزْءًا مُشْتَرَكًا شَائِعًا. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ إلَخْ) لَا يُقَالُ: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّا نَقُولُ الرَّاجِحُ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ فَيُقَالُ الْمَمْنُوعُ بَيْعُهُ مِنْ الْوَقْفِ مَا كَانَ مُعَيَّنًا لَا الْمَعْرُوضُ لِلْقَسْمِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ فِي بَيْعِهِ لِمَنْ يُحَبِّسُهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ) أَيْ فَفِي صِحَّتِهِ وَعَدَمِهَا قَوْلَانِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ) أَيْ وَهُوَ يُجْبَرُ عَلَى جَعْلِ الثَّمَنِ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ، أَوْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ بِثَمَنٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ بِأُجْرَةٍ فَإِنْ قُلْت إنَّ وَقْفَ السَّلَاطِينِ عَلَى الْخَيْرَاتِ صَحِيحٌ مَعَ عَدَمِ مِلْكِهِمْ لِمَا حَبَسُوهُ قُلْت هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْوَاقِفِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ صِحَّةِ تَحْبِيسِهِمْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ لَكِنْ تَأَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى مَا إذَا حَبَّسَ الْمَمْلُوكُ مُعْتَقِدِينَ فِيهِ أَنَّهُمْ وُكَلَاءُ الْمُلَّاكِ فَإِنْ حَبَسُوهُ مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ بَطَلَ تَحْبِيسُهُمْ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَاحْتَرَزَ بِمَمْلُوكٍ مِنْ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ لِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَصَحِيحٌ لِخُرُوجِهِ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ هِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَمَا فِي خش وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْهِبَةِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ وَقْفَ الْفُضُولِيِّ وَهِبَتَهُ وَصَدَقَتَهُ وَعِتْقَهُ كَبَيْعِهِ إنْ أَمْضَاهُ الْمَالِكُ مَضَى، وَإِلَّا رُدَّ وَاخْتَارَ ذَلِكَ الْقَوْلَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا أَجَازَ فِعْلَهُ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي الْحَقِيقَةِ صَادِرًا مِنْهُ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ أَيْ صَحَّ صِحَّةً تَامَّةً فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّ صِحَّتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ إجَازَةُ الْمَالِكِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْهِبَةِ وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُحَبَّسَةً مُدَّةً فَلَهُ تَحْبِيسُ مَنْفَعَتِهَا) أَيْ فَمَنْفَعَتُهَا فِي جُمْلَةِ الْمَمْلُوكِ بِأُجْرَةٍ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَمْلُوكِ بِأُجْرَةٍ مَنْفَعَةُ الْخُلُوِّ فَيَجُوزُ وَقْفُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَحْمَدُ السَّنْهُورِيُّ شَيْخُ عج وَعَلَيْهِ عَمَلُ مِصْرَ وَهُوَ مُقْتَضَى فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ بِجِوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ الدَّيْنَ، وَإِرْثَهُ وَرُجُوعَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا وَارِثَ إذْ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ تَحْبِيسُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُحَبَّسُ أَيْ لَا يَصِحُّ تَحْبِيسُهُ مِمَّنْ كَانَ مُحَبَّسًا عَلَيْهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِذَاتِهِ وَلَا لِمَنْفَعَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ تَحْبِيسِهِ لِمَنْ مَلَكَ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ حَيَوَانًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ مَنْعِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُعَقَّبِ، أَوْ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَمَّا تَحْبِيسُ ذَلِكَ لِيُوضَعَ بِعَيْنِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِتُصْرَفَ غَلَّتُهُ فِي إصْلَاحِ الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَنَافِعِ الْمَسَاجِدِ، أَوْ لِتُفَرَّقَ غَلَّتُهُ

وَكَذَا الثِّيَابُ عَلَى الْمَذْهَبِ (كَعَبْدٍ عَلَى مَرْضَى) لِخِدْمَتِهِمْ حَيْثُ (لَمْ يَقْصِدْ) السَّيِّدُ (ضَرَرَهُ) بِذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَمِثْلُ الْعَبْدِ الْأَمَةُ عَلَى إنَاثٍ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا صَارَتْ بِوَقْفِهَا لِلْغَيْرِ كَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمَرْهُونَةِ. (وَفِي) جَوَازِ (وَقْفِ كَطَعَامٍ) مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا غُيِّبَ عَلَيْهِ كَالنَّقْدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الزَّكَاةِ: وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ الصَّادِقُ بِالْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ (تَرَدُّدٌ) وَقِيلَ إنَّ التَّرَدُّدَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَا تَرَدُّدَ فِيهَا بَلْ يَجُوزُ وَقْفُهَا قَطْعًا لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ وَقْفُهُ لِلسَّلَفِ وَيُنَزَّلُ رَدُّ بَدَلِهِ مَنْزِلَةَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَأَمَّا إنْ وُقِفَ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا إذْ لَا مَنْفَعَةَ شَرْعِيَّةٌ تَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ. وَلَمَّا قَدَّمَ مِنْ أَرْكَانِ الْوَقْفِ الْأَرْبَعَةِ رُكْنَيْنِ الْأَوَّلَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَهُوَ الْوَاقِفُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ لَا مُكْرَهًا أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، وَالثَّانِيَ تَصْرِيحًا وَهُوَ الْمَوْقُوفُ بِقَوْلِهِ " مَمْلُوكٍ " وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَرْهُونٍ وَمُؤَجَّرٍ وَعَبْدٍ جَانٍ حَالَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ ذَكَرَ الثَّالِثَ وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (عَلَى أَهْلِ التَّمَلُّكِ) حَقِيقَةً كَزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ، أَوْ حُكْمًا كَمَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَسَبِيلٍ (كَمَنْ سَيُولَدُ) مِثَالٌ لِلْأَهْلِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْأَهْلِيَّةُ سَتُوجَدُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ وَتُوقَفُ الْغَلَّةُ إلَى أَنْ يُوجَدَ فَيُعْطَاهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُودِ كَمَوْتٍ وَيَأْسٍ مِنْهُ فَتَرْجِعُ الْغَلَّةُ لِلْمَالِكِ، أَوْ وَرَثَتِهِ إذَا مَاتَ (وَ) عَلَى (ذِمِّيٍّ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ) كَعَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِأَصْلِ الْبَابِ لَا لِخُصُوصِ الذِّمِّيِّ فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ كَذِمِّيٍّ كَانَ أَحْسَنَ (أَوْ يَشْتَرِطْ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَظْهَرْ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَاضِي كَانَ أَحْسَنَ أَيْ يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَإِنْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ (تَسْلِيمَ غَلَّتِهِ) لَهُ (مِنْ نَاظِرِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْمَسَاكِينِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الثِّيَابُ) أَيْ وَالْكُتُبُ يَصِحُّ وَقْفُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَهِيَ مِمَّا فِيهِ الْخِلَافُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَنَا جَارٍ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ صِحَّةَ وَقْفِهِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَمْنَعُونَ وَقْفَهُ كَالْمَرْجُوحِ عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: كَعَبْدٍ عَلَى مَرْضَى) لَكِنَّ وَقْفَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِقَطْعِ رَجَاءِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهُ) أَيْ لَمْ يَقْصِدْ بِوَقْفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ ضَرَرَهُ بَلْ قَصَدَ الْإِحْسَانَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ ضَرَرَهُ لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ عَلَى الْمَرْضَى فَالْمُضِرُّ قَصْدُ الضَّرَرِ، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ حُلُولُو عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ الضَّرَرُ رُدَّ وَقْفُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا صَارَتْ إلَخْ) أَيْ وَلِئَلَّا تَحْمِلَ فَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا يَتَعَلَّقَ بِهَا خِدْمَةٌ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَعَارَةِ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: كَطَعَامٍ) أَيْ طَعَامٍ وَمَا مَاثَلَهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بَيَانٌ لِمَا مَاثَلَ الطَّعَامَ. (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِالْكَرَاهَةِ) أَيْ كَمَا يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ " وَالْمَنْعِ " أَيْ كَمَا يَقُولُ ابْنُ شَاسٍ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّ التَّرَدُّدَ إلَخْ) رَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: وَجَازَ وَقْفُ الْعَيْنِ اقْتِصَارٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي قُرَى فَاسَ أَلْفُ أُوقِيَّةٍ مِنْ الذَّهَبِ مَوْقُوفَةٌ لِلسَّلَفِ فَكَانُوا يَرُدُّونَهَا نُحَاسًا فَاضْمَحَلَّتْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ وُقِفَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَرُدَّ مِثْلُهُ وَأَمَّا إذَا وُقِفَ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَمَا لَوْ وُقِفَ لِأَجْلِ تَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ اتِّفَاقًا وَيَكُونُ الْوَقْفُ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا طَائِعًا. (قَوْلُهُ: حَالَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ) أَيْ بِأَنْ أَرَادَ الْوَاقِفُ وَقْفَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْآنَ مَعَ كَوْنِهِ مُرْتَهِنًا، أَوْ مُسْتَأْجِرًا وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ مَا ذُكِرَ قَاصِدًا بِوَقْفِهَا مِنْ الْآنَ أَنَّهَا بَعْدَ الْخَلَاصِ مِنْ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ تَكُونُ وَقْفًا صَحَّ ذَلِكَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ التَّنْجِيزُ. (قَوْلُهُ: مِثَالٌ لِلْأَهْلِ) أَيْ مِثَالٌ لِمَنْ يَكُونُ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ الْإِيقَافِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ حِينَ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الْوَقْفُ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ بَلْ يُوقَفُ لُزُومُهُ كَغَلَّتِهِ إلَى أَنْ يُوجَدَ فَيُعْطَاهَا وَيَلْزَمُ وَعَلَى هَذَا فَلِلْمُحَبِّسِ بَيْعُ ذَلِكَ الْوَقْفِ قَبْلَ وِلَادَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَعَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي لُزُومِهِ بِعَقْدِهِ عَلَى مَنْ يُولَدُ قَبْلَ وِلَادَتِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَعَلَى ذِمِّيٍّ) أَيْ وَصَحَّ وَقْفٌ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى مَنْ تَحْتَ ذِمَّتِنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابِيًّا وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْثِلَةِ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى " أَهْلِ " كَمَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ) أَيْ هَذَا إذَا ظَهَرَتْ الْقُرْبَةُ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا قَرِيبًا لِلْوَاقِفِ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ كَالْوَاقِفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ الْأَجَانِبِ مِنْ الْوَقْفِ وَنَفَى الْمُصَنِّفُ ظُهُورَ الْقُرْبَةِ دُونَ أَصْلِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ فِعْلَ خَيْرٍ وَقُرْبَةٍ فَالْوَقْفُ عَلَى شَرَبَةِ الدُّخَّانِ بَاطِلٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازْ شُرْبِهِ. (قَوْلُهُ: لَا لِخُصُوصِ الذِّمِّيِّ) أَيْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَظْهَرْ) أَيْ فَالْمَعْنَى هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَلْ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ لِيَصْرِفَهَا عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَدْخُولِ لَمْ لِفَسَادِ الْمُبَالَغَةِ وَلِعَدَمِ ظُهُورِ فَائِدَةٍ

(لِيَصْرِفَهَا) الْوَاقِفُ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا وَمَفْهُومُ لِيَصْرِفَهَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَخْذَهَا مِنْ النَّاظِرِ لِيَأْكُلَهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ بَلْ يُلْغَى وَيَصِحُّ الْوَقْفُ كَذَا يَنْبَغِي وَإِنْ أَوْهَمَ الْمُصَنِّفُ خِلَافَهُ (أَوْ) كَانَ الْمَوْقُوفُ (كَكِتَابٍ) عَلَى طَلَبَةِ عِلْمٍ مِنْ كُلِّ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ كَسِلَاحٍ وَفَرَسٍ لِغَزْوٍ وَدَابَّةٍ لِحَمْلٍ، أَوْ رُكُوبٍ (عَادَ) وَلَوْ قَبْلَ عَامٍ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَاقِفِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ كَغَيْرِهِ أَوْ لِيَحْفَظَهُ (بَعْدَ صَرْفِهِ) لَهُ (فِي مَصْرِفِهِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَبْطُلُ فَإِنْ صَرَفَ الْبَعْضَ وَعَادَ لَهُ فَمَا صَرَفَهُ صَحَّ وَمَا لَا فَلَا لِعَدَمِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ وَيَكُونُ مِيرَاثًا وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ كَرَبْعٍ وَحَائِطٍ وَحَانُوتٍ يُحَبِّسُهُ فِي صِحَّتِهِ وَكَانَ يُكْرِيهِ وَيُفَرِّقُ غَلَّتَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ كُلَّ عَامٍ مَثَلًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ الْمَانِعِ كَالْمَوْتِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ بَطَلَ وَقْفُهُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَأَمَّا مَا حَبَّسَهُ فِي الْمَرَضِ، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ جَعَلَهُ صَدَقَةً وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ. (وَبَطَلَ) الْوَقْفُ (عَلَى مَعْصِيَةٍ) كَجَعْلِ غَلَّتِهِ فِي ثَمَنِ خَمْرٍ، أَوْ حَشِيشَةٍ، أَوْ سِلَاحٍ لِقِتَالٍ غَيْرِ جَائِزٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ وَقْفُ الذِّمِّيِّ عَلَى الْكَنِيسَةِ سَوَاءٌ كَانَ لِعُبَّادِهَا، أَوْ لِمَرَمَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ خِطَابُهُمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (وَ) بَطَلَ عَلَى (حَرْبِيٍّ وَ) بَطَلَ مِنْ (كَافِرٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (لِكَمَسْجِدٍ) وَرِبَاطٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِيَصْرِفَهَا الْوَاقِفُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا) أَيْ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَاقِفِ الْغَلَّةَ لَا يُبْطِلُ حَوْزَ النَّاظِرِ لِلْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ وَقَوْلُهُ: كَكِتَابٍ أَيْ مَحْبُوكٍ، أَوْ لَا جُزْءٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَجْزَاءٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى طَلَبَةِ عِلْمٍ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ إذْ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَهُ فِيمَا حَبَّسَهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ صَرْفِهِ لَهُ فَإِنْ مَاتَ وَهُوَ تَحْتَ يَدِهِ بَطَلَ الْوَقْفُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ) أَيْ لِمُحْتَاجٍ. (قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ بِهِ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ عَوْدَهُ لِلْوَاقِفِ لِأَجْلِ انْتِفَاعِهِ كَعَوْدِهِ لَهُ لِأَجْلِ حِفْظِهِ وَهُوَ الَّذِي حَقَّقَهُ بْن بِالنَّقْلِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الْقَاسِمِ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ رَادًّا عَلَى طفى حَيْثُ خَصَّ ذَلِكَ بِالْعَوْدِ لِلْوَقْفِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَأَمَّا لَوْ عَادَ لَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ صَرْفِهِ لَهُ فِي مَصْرِفِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَرْفُهُ لَهُ فِي مَصْرِفِهِ مُفَرَّقًا وَقَوْلُهُ: بَعْدَ صَرْفِهِ أَيْ بَعْدَ صَرْفِ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَمَفْهُومُ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِيرَاثًا لِعَدَمِ حَوْزِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ) أَيْ وَلَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ وَهُوَ فِي حَوْزِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَ الْبَعْضَ وَعَادَ لَهُ) أَيْ ثُمَّ مَاتَ، أَوْ فُلِّسَ وَهُوَ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَمَا صَرَفَهُ صَحَّ) أَيْ صَحَّ وَقْفُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَقَوْلُهُ وَمَا لَا فَلَا أَيْ وَمَا لَمْ يَصْرِفْهُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا قَوْلُ عبق وَمَا لَمْ يَصْرِفْهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إنْ كَانَ النِّصْفَ فَفَوْقُ لَا دُونَهُ فَيُتَّبَعُ الْأَكْثَرُ الَّذِي صَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ فَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَشْهَدُ لَهُ اُنْظُرْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ وَكَانَ يُكْرِيهِ وَيُفَرِّقُ غَلَّتَهُ كُلَّ عَامٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ لَا يُفَرِّقُ ذُو الْغَلَّةِ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ الْوَقْفُ بَاطِلٌ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ عَادَ لَهُ وَاسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَفِيمَا لَا غَلَّةَ لَهُ الْوَقْفُ صَحِيحٌ وَلَوْ عَادَ لَهُ قَبْلَ عَامٍ وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ إنْ عَادَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَامِ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ إذَا حِيزَ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَاسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّ وَقْفَهُ يَبْطُلُ إنْ عَادَ قَبْلَ الْعَامِ لِإِجْلِ أَنْ تَظْهَرَ الْمُقَابَلَةُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا حَبَّسَهُ فِي الْمَرَضِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَقْفَ فِي الْمَرَضِ وَكَذَا سَائِرُ التَّبَرُّعَاتِ فِيهِ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حَوْزٌ وَلَهُ إبْطَالُهُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْحَوْزُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ حَصَلَ الْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ التَّبَرُّعُ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَأَمَّا لِلْوَارِثِ فَفِي الصِّحَّةِ صَحِيحٌ إذَا حِيزَ قَبْلَ الْمَانِعِ وَأَمَّا فِي الْمَرَضِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ حِيزَ. (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ) أَيْ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَوْقُوفُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ الْوَاقِفِ يَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ، وَإِلَى امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا عَصَبَتْ، وَمَفْهُومُ مَعْصِيَةٍ صِحَّتُهُ عَلَى مَكْرُوهٍ وَصُرِفَتْ غَلَّتُهُ لِتِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ اُتُّفِقَ عَلَى كَرَاهَتِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ لِمَنْ يَعْمَلُ ذِكْرًا يَلْزَمُ عَلَيْهِ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَالْوَقْفِ عَلَى فَرْشِ الْمَسْجِدِ بِالْبُسُطِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى كَرَاهَتِهِ تُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَاقِفِ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ وَقْفِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْكَنِيسَةِ مُطْلَقًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِابْنِ رُشْدٍ قَوْلٌ ثَانٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ وَقْفَ الْكَافِرِ عَلَى عِبَادَةِ الْكَنِيسَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَأَمَّا عَلَى مَرَمَّتِهَا، أَوْ عَلَى الْجَرْحَى أَوْ الْمَرْضَى الَّتِي فِيهَا فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ، أَوْ الْأُسْقُفُ بَيْعَهُ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا رَاضِينَ بِحُكْمِنَا فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ صِحَّةِ الْحَبْسِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ وَلِعِيَاضٍ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْكَنِيسَةِ مُطْلَقًا صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ سَوَاءٌ أَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْوَقْفِ أَمْ لَا بَانَ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْوَاقِفِ أَمْ لَا وَلِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ. (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ عَلَى حَرْبِيٍّ) أَيْ عَلَى كَافِرٍ مُقِيمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّ لِلْحَرْبِ. (قَوْلُهُ: وَكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولِ

مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دِينِيَّةٍ (أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ) لِصُلْبِهِ وَأَمَّا عَلَى بَنِي بَنِيهِ فَيَصِحُّ كَبَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَحَدُ أَقْوَالٍ، وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ حِرْمَانِ الْبَنَاتِ مِنْ إرْثِ أَبِيهِنَّ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ فَيَمْضِي وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَصَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّنْزِيهِ. (أَوْ) (عَادَ) الْوَاقِفُ (لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ) الَّذِي وَقَفَهُ (قَبْلَ عَامٍ) بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّ سَاكِنًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَيَبْطُلُ وَلَا مَفْهُومَ لِمَسْكَنِهِ وَلَا لِسُكْنَى إذْ الِانْتِفَاعُ بِمَا حَبَّسَهُ بِغَيْرِ السُّكْنَى كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ قَبْلَ عَامٍ أَنَّهُ لَوْ عَادَ بَعْدَ عَامٍ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ جَرَى فِيمَا إذَا سَكَنَ مَا وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ بَعْدَ عَامٍ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ إذَا عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ الْوَاقِعِ مُضَافًا إلَيْهِ تَقْدِيرُهُ وَبَطَلَ وَقْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، أَوْ كَافِرٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَقْفٌ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ هُنَا وَاقِفٌ لَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَبَطَلَ مِنْ كَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ هَذَا حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دِينِيَّةٍ) مِنْ جُمْلَتِهَا بِنَاؤُهُ مَسْجِدًا وَلِبُطْلَانِ الْقُرْبَةِ الدِّينِيَّةِ مِنْ الْكَافِرِ رَدَّ مَالِكٌ دِينَارَ نَصْرَانِيَّةٍ عَلَيْهَا حِينَ بَعَثَتْ بِهِ إلَى الْكَعْبَةِ وَأَمَّا الْقُرَبُ الدُّنْيَوِيَّةُ كَبِنَاءِ قَنَاطِرَ وَتَسْبِيلِ مَاءٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَصِحُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ) أَيْ إذَا أَخْرَجَهُنَّ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ تَزَوُّجِهِنَّ بِأَنْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ جَمِيعًا وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ بَنَاتِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَقْفِ وَتُخْرَجُ مِنْهُ وَلَا تَعُودُ لَهُ وَلَوْ تَأَيَّمَتْ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ الْبَنَاتِ فَلَا حَقَّ لَهَا إلَّا أَنْ تَتَأَيَّمَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهَا الْحَقُّ فِيهِ كَانَ الْوَقْفُ صَحِيحًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: كَبَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ) أَيْ وَكَذَا عَلَى بَعْضِ بَنِيهِ دُونَ بَعْضِ بَنَاتِهِ وَعَلَى إخْوَتِهِ دُونَ أَخَوَاتِهِ، أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ دُونَ بَنَاتِهِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ الذُّكُورِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى بَنَاتِهِ فَتَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالْمَنْعِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ بُطْلَانِ الْوَقْفِ وَحُرْمَةِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ أَحَدُ أَقْوَالٍ وَهَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَهُوَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَرِوَايَةُ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي شَهَّرَهُ عِيَاضٌ وَالْمَشْيُ عَلَى غَيْرِهِ لَا يُقَالُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا خَاصٌّ بِرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهِيَ تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا وَتُقَدَّمُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ عِنْدِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِهَا لَا فِيهَا وَرِوَايَةُ غَيْرِهِ فِيهَا تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) نَصُّهَا: وَيُكْرَهُ لِمَنْ حَبَّسَ أَنْ يُخْرِجَ الْبَنَاتِ مِنْ تَحْبِيسِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ نَاجِيٍّ وَابْنُ غَازِيٍّ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مَضَى وَقِيلَ إنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ وَعَلَيْهِ إذَا وَقَعَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ أَقْوَالًا أَوَّلُهَا الْبُطْلَانُ مَعَ حُرْمَةِ الْقُدُومِ عَلَى ذَلِكَ، ثَانِيهَا الْكَرَاهَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا، ثَالِثُهَا جَوَازُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، رَابِعُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُحَازَ عَنْهُ فَيَمْضِيَ عَلَيَّ مَا حَبَّسَهُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يُحَازَ فَيَرُدَّهُ لِلْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ مَعًا، خَامِسُهَا مَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ حُرْمَةُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا فَسَخَهُ وَجَعَلَهُ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَإِنْ مَاتَ مَضَى، سَادِسُهَا فَسْخُ الْحَبْسِ وَجَعْلُهُ مَسْجِدًا إنْ لَمْ يَأْبَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَجُزْ فَسْخُهُ وَيُقَرُّ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ثَانِيهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَصَلَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَحَصَلَ الْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ حِيزَ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لِوَارِثٍ، أَوْ كَانَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَحَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ الْحَوْزِ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ وَلَوْ مَالِكِيًّا، وَإِلَّا صَحَّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ. . (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِمَسْكَنِهِ) أَيْ بَلْ كُلُّ مَا لَهُ غَلَّةٌ كَذَلِكَ كَحَانُوتٍ وَحَمَّامٍ وَفُنْدُقٍ وَبُسْتَانٍ. (قَوْلُهُ: إذْ الِانْتِفَاعُ إلَخْ) فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ مَا لَهُ غَلَّةٌ وَحِيزَ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ عَامٍ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ الْحَوْزِ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّ يَنْتَفِعُ بِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: لَوْ عَادَ بَعْدَ عَامٍ) أَيْ سَوَاءٌ عَادَ بِكِرَاءٍ، أَوْ إرْفَاقٍ أَيْ عَارِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا سَكَنَ مَا وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا سَكَنَ مَا وَقَفَهُ عَلَيَّ غَيْرِهِ وَلَوْ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ بَعْدَ عَامٍ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ بُطْلَانِهِ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَهَذَا قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ الْمُتَيْطِيُّ قَائِلًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ

فَإِنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ الْعَامِ بِإِرْفَاقٍ بَطَلَ اتِّفَاقًا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَوْ انْتَفَعَ بِمَا وَقَفَهُ قَبْلَ عَامٍ لَا بَعْدَهُ إلَّا عَلَى مَحْجُورِهِ فَفِيهِ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافٌ وَإِلَّا بَطَلَ اتِّفَاقًا؛ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ وَكَلَامُهُ هَذَا فِي غَيْرِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا غَلَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِعَوْدِهِ لَهُ قَبْلَ عَامٍ إذَا صَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ " أَوْ عَادَ " مَعْطُوفٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ وَقَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، أَوْ عَادَ أَيْ وَحَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ ثَانِيًا، وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ وَيُحَازُ. (أَوْ جُهِلَ سَبْقُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (لِدَيْنٍ) يَبْطُلُ (إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى مَحْجُورِهِ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ " أَوْ جُهِلَ " أَيْ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْإِشْهَادِ وَصَرْفِ الْغَلَّةِ وَكَوْنِهَا غَيْرَ دَارِ سُكْنَاهُ، وَإِلَّا لَبَطَلَ وَلَوْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الدَّيْنِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَحْجُورِهِ وَعَلَى الْوَاقِفِ دَيْنٌ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَقْفِ، أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَاطِلًا وَيُبَاعُ لِلدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ لِضَعْفِ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ حُزْنَاهُ بِحَوْزِ أَبِينَا لَهُ وَلِذَا لَوْ حَازَهُ لِلْمَحْجُورِ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْأَبِ فِي صِحَّتِهِ لَصَحَّ الْوَقْفُ كَالْوَلَدِ الْكَبِيرِ، أَوْ الْأَجْنَبِيِّ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ فِي صِحَّةِ الْوَاقِفِ فَلَا يَبْطُلُ بِجَهْلِ السَّبْقِ بَلْ بِتَحَقُّقِهِ وَأَمَّا لَوْ حَازَ الْمَحْجُورُ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ لِنَفْسِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِجَهْلِ السَّبْقِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ حَوْزَ السَّفِيهِ يُعْتَبَرُ وَكَذَا الصَّبِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ. (أَوْ) وَقَفَ (عَلَى نَفْسِهِ) خَاصَّةً فَيَبْطُلُ قَطْعًا لِتَحْجِيرِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ يَبْطُلُ (وَلَوْ) كَانَ الْوَقْفُ عَلَى نَفْسِهِ (بِشَرِيكٍ) أَيْ مَعَهُ كَوَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى فُلَانٍ أَوْ الْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ رَأْسًا مَا عَلَى نَفْسِهِ وَمَا عَلَى الشَّرِيكِ وَلَوْ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ مِنْ الشَّرِيكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ تَجْرِي عَلَى مَسَائِلِ الْبَابِ فَإِنْ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ فِيهَا قَبْلَ الْمَانِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَمَلُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَبْطُلُ الْوَقْفُ إنْ عَادَ لِمَا حَبَّسَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَوْ بَعْدَ أَعْوَامٍ وَهُوَ لِابْنِ رُشْدٍ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَامِ بِإِرْفَاقٍ) أَيْ لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ: لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ) وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إنْ عَادَ لِانْتِفَاعِهِ بِمَا وَقَفَهُ قَبْلَ عَامٍ وَحَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ عَنْهُ ثَانِيًا بَطَلَ الْوَقْفُ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ، أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ عَادَ بِكِرَاءٍ أَوْ إرْفَاقٍ، وَإِنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ عَامٍ بِكِرَاءٍ، أَوْ إرْفَاقٍ فَلَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مَحْجُورِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ عَادَ لَهُ بِإِرْفَاقٍ بَطَلَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِعَوْدِهِ لَهُ قَبْلَ عَامٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ لَهُ لِأَجْلِ صِيَانَتِهِ لَهُ، أَوْ لِأَجْلِ انْتِفَاعِهِ بِهِ كَمَا لَبَن خِلَافًا لطفى كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ وَإِلَّا يَحْصُلْ مَانِعٌ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ ثَانِيًا لَمْ يَبْطُلْ وَقَوْلُهُ وَيُحَازُ أَيْ يَلْزَمُ بِالتَّحْوِيزِ أَيْ الرَّدِّ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الْحِيَازَةِ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: أَوْ جُهِلَ سَبْقُهُ لِدَيْنٍ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا عُلِمَ تَقَدُّمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنْ تَحَقَّقَ تَقَدُّمُ الْوَقْفِ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا بُطْلَانَ وَتُتَّبَعُ ذِمَّةُ الْوَاقِفِ بِالدَّيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَقْفِ بَطَلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ الْوَقْفِ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا بُطْلَانَ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ جُهِلَ سَبْقُهُ لَهُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ بَطَلَ إنْ حَازَهُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا بُطْلَانَ إنْ حَازَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَانِعِ. (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ جُهِلَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ شَرْطٌ فِي بُطْلَانِ الْوَقْفِ إذَا جُهِلَ سَبْقُهُ لِدَيْنٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِشْهَادِ) أَيْ عَلَى الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: وَصَرْفِ الْغَلَّةِ) أَيْ فِي مَصَالِحِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَبَطَلَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا تُوجَدْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ بِأَنْ تَخَلَّفَ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهَا لَبَطَلَ إلَخْ فَلِذَا حَمَلَ الْمُصَنِّفَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَحْجُورِهِ) أَيْ وَحَازَ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى الْوَقْفِ وَصَرْفِ الْغَلَّةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَوْقُوفُ دَارَ سُكْنَى الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الْحَوْزِ) أَيْ لِضَعْفِ هَذَا الْحَوْزِ الْحَاصِلِ مِنْ الْوَاقِفِ، وَإِنَّمَا كَانَ حَوْزُ الْوَاقِفِ ضَعِيفًا لِكَوْنِ الْوَقْفِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِخِلَافِ حَوْزِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَوِيٌّ لِخُرُوجِ الْوَقْفِ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْأَبِ) الْأَوْلَى بِإِذْنِ الْوَلِيِّ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: كَالْوَلَدِ الْكَبِيرِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَحَازَا لِأَنْفُسِهِمَا فِي حَالِ صِحَّةِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ) أَيْ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ فَيَبْطُلَ الْوَقْفُ بِجَهْلِ السَّبْقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِجَهْلِ السَّبْقِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهِ خَاصَّةً) أَيْ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ أَنْ حَبَّسَهُ عَلَى غَيْرِهِ كَحَبْسٍ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عَلَى نَفْسِي، ثُمَّ مِنْ بَعْدِي عَلَى كَذَا أَوْ سَكَتَ عَمَّا بَعْدَ نَفْسِهِ وَالْأُولَى مِنْهُمَا الْوَقْفُ فِيهَا مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ وَالثَّانِيَةُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ الْوَقْفُ فِيهَا مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ فِيهِ انْقِطَاعٌ فِي أَوَّلِهِ، أَوْ آخِرِهِ، أَوْ وَسَطِهِ يَبْطُلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ إنْ حَصَلَ مِنْهُ حَوْزٌ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاقِفِ وَلَا يَضُرُّ الِانْقِطَاعُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ نَوْعٌ مِنْ التَّمْلِيكِ فِي الْمَنَافِعِ فَجَازَ أَنْ يُعَمَّمَ فِيهِ أَوْ يُخَصَّ كَالْعَوَارِيِّ وَالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حِصَّةُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الصَّفْقَةُ تَفْسُدُ إذَا

صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ لَرَجَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ حَبْسًا عَلَى عَقِبِهِ إنْ حَازُوا قَبْلَ الْمَانِعِ (أَوْ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ) أَيْ لِلْوَاقِفِ فَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا أَيْ وَحَصَلَ مَانِعُ الْوَاقِفِ وَإِلَّا صَحَّ وَيُجْبَرُ عَلَى جَعْلِ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ (أَوْ لَمْ يَحُزْهُ) حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ (كَبِيرٌ وُقِفَ عَلَيْهِ) فَيَبْطُلُ فَإِنْ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ (وَلَوْ) كَانَ (سَفِيهًا أَوْ) لَمْ يَحُزْهُ (وَلِيُّ صَغِيرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حَوْزَ الصَّغِيرِ لَا يَكْفِي وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَافٍ وَلَوْ فِيمَا وَقَفَهُ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ (أَوْ لَمْ يُخْلِ) الْوَاقِفُ (بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ) وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَبِئْرٍ فَالْإِخْلَاءُ فِيمَا ذُكِرَ حَوْزٌ حُكْمِيٌّ وَيُخْلِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ مِنْ أَخْلَى بِمَعْنَى تَرَكَ وَأَشَارَ إلَى بَيَانِ الْمَانِعِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ بِقَوْلِهِ (قَبْلَ فَلَسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحُزْ وَيُخْلِ الْمَنْفِيَّيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ مَا يَشْمَلُ الْإِحَاطَةَ بِمَالِ الْوَاقِفِ لِقَوْلِهِ فِي الْهِبَةِ وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ وَالْوَقْفُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ) الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ فَإِنْ صَحَّ بَعْدَ الْحَوْزِ فِي الْمَرَضِ صَحَّ الْوَقْفُ وَجَازَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْمَوْتِ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمُتَّصِلِ. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ وَلَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يَحْصُلْ حَوْزٌ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ وَقْفُهُ أَيْ لَمْ يَتِمَّ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهُ وَأَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَهُ، أَوْ لِلْوَرَثَةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ إبْطَالُهُ وَلَهُمْ الْإِجَازَةُ فَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ التَّمَامِ وَأَمَّا مَنْ حَبَّسَ فِي مَرَضِهِ فَكَالْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَلَهُ إبْطَالُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ وَعُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَانِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمَعَتْ حَرَامًا وَحَلَالًا؛ لِأَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّشْدِيدِ وَلِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي فَسْخِهَا لِأَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ عِوَضَهُ بِخِلَافِ التَّبَرُّعَاتِ فَإِنَّ بِفَسْخِهَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: صَحَّتْ) أَيْ صَحَّ الْوَقْفُ فِيهَا دُونَ حِصَّةِ الْوَاقِفِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَأَلَّا يَحْصُلْ حِيَازَةٌ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِيهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْوَاقِفِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَيَكْفِي فِي صِحَّةِ وَقْفِهَا حَوْزُهَا وَحْدَهَا كَأَنْ يَقِفَ دَارَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى شَخْصٍ عَلَى أَنَّ لَهُ إحْدَاهُمَا مُعَيَّنَةً وَلِلْآخَرِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَالْمُعْتَبَرُ حَوْزُ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: إنْ حَازُوا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ فَلَسٍ، أَوْ جُنُونٍ بَطَلَ الْوَقْفُ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لَهُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ النَّظَرُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُؤَكِّدًا كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ عبق. (قَوْلُهُ: أَيْ وَحَصَلَ مَانِعٌ لِلْوَقْفِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لَهُ لَا يُبْطِلُ الْوَقْفَ خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ عِنْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ لَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ أُخْرِجَ مِنْ يَدِ الْوَاقِفِ إلَى يَدِ ثِقَةٍ، وَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَ الْوَقْفُ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِمَا بَعْدَهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَفِيهًا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ قَالَ ح ظَاهِرُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ حِيَازَةَ السَّفِيهِ مَطْلُوبَةٌ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَطْلُوبُ ابْتِدَاءً حِيَازَةُ الْوَلِيِّ لَهُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ لَوْ وَقَعَ وَحَازَ لِنَفْسِهِ وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ أَنَّ حِيَازَتَهُ كَافِيَةٌ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالسَّفِيهِ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحُزْهُ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ كَبِيرٌ وُقِفَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي الْجَدُّ فِي الْحَوْزِ هُنَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَرَّةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمَانِعُ لَا يَبْطُلُ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَحُزْهُ أَنَّهُ لَوْ حَازَهُ مَنْ ذُكِرَ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ الْوَقْفُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَوْزِ مُعَايَنَةُ الْبَيِّنَةِ لِقَبْضِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِدَفْعِ الْمَفَاتِيحِ لَهُ، أَوْ عَقْدِ الْكِرَاءِ أَوْ الْمُزَارَعَةِ فَلَوْ أَقَرَّ الْوَاقِفُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ قَدْ قَبَضَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْضَ بِذَلِكَ إنْ أَنْكَرَتْ وَرَثَتُهُ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحُزْهُ وَلِيُّ صَغِيرٍ) أَيْ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ حَوْزَ الصَّغِيرِ لَا يَكْفِي) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ لَمْ يَحُزْهُ وَلِيُّ صَغِيرٍ وُقِفَ عَلَيْهِ " صَادِقٌ بِمَا إذَا وُقِفَ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يَحْصُلْ حَوْزٌ أَصْلًا، أَوْ حَصَلَ الْحَوْزُ مِنْ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُخْلِ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ) أَيْ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ. (قَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَ) أَيْ الْحَوْزُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ عَلَى مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا لَهُ، أَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ بَلْ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهُ وَأَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ) أَيْ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْفَلَسِ وَقَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ أَيْ الْمَرَضِ، أَوْ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: فَكَالْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ أَوْ لَا فَالْحَوْزُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الْمَرَضِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ إمَّا أَنْ تَحْصُلَ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ وَارِثًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ حَصَلَ التَّبَرُّعُ فِي الصِّحَّةِ وَحَصَلَ الْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَبَرَّعِ لَهُ وَارِثًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ حَصَلَ حَوْزٌ أَمْ لَا

فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ إلَّا إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ الرُّجُوعَ، أَوْ الْبَيْعَ إنْ احْتَاجَ فَلَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْحَوْزِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ يَدِ الْمُحَبِّسِ. قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ يُوقِفَ أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ وَقْفًا (لِمَحْجُورِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْزُ الْحِسِّيُّ بَلْ يَكْفِي الْحُكْمِيُّ مِنْ الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُقَامِ مِنْ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ إذَا اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إذَا أَشْهَدَ) عَلَى التَّحْبِيسِ عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشْهَادَ عَلَى الْحَوْزِ لَهُ (وَصَرَفَ الْغَلَّةَ) كُلَّهَا، أَوْ جُلَّهَا (لَهُ) أَيْ فِي مَصَالِحِهِ فَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ الصَّرْفِ لَهُ بَطَلَ الْوَقْفُ بِالْمَانِعِ (وَلَمْ تَكُنْ) الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى الْمَحْجُورِ (دَارَ سُكْنَاهُ) أَيْ الْوَاقِفِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهَا إلَّا إذَا تَخَلَّى عَنْهَا وَعَايَنَتْ الْبَيِّنَةُ فَرَاغَهَا مِنْ شَوَاغِلِ الْمُحَبِّسِ فَإِنْ سَكَنَ الْبَعْضَ جَرَى عَلَى الْهِبَةِ كَصَرْفِ الْغَلَّةِ وَقَدْ قَالَ فِي بَابِهَا: وَدَارُ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ، وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ، وَالْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ حِيَازَةَ الْأُمِّ مَا حَبَّسَتْهُ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ. (أَوْ) وَقَفَ (عَلَى وَارِثِهِ بِمَرَضِ مَوْتِهِ) فَيَبْطُلُ وَلَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ «وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ بُطْلَانِ وَقْفِ الْمَرِيضِ عَلَى وَارِثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَسْأَلَةً تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَهِيَ مِنْ حِسَانِ الْمَسَائِلِ قَلَّ مَنْ يَتَنَبَّهُ لَهَا فَقَالَ (إلَّا) وَقْفًا (مُعَقَّبًا) لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ (خَرَجَ) ذَلِكَ الْمُعَقَّبُ (مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَيَصِحُّ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ جَرَى مَا يَأْتِي فِيمَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ (فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَإِنْ كَانَ لِوَارِثٍ بَطَلَ وَلَوْ حِيزَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَقَدْ نَهَى الشَّارِحُ عَنْهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ لَهُ إبْطَالَهُ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ إبْطَالُهُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَحْجُورِهِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي حَوْزِ ذَلِكَ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: الْحَوْزُ الْحِسِّيُّ) أَيْ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي الْحُكْمِيُّ) أَيْ الْحَوْزُ الْحُكْمِيُّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ) بَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ لِلصِّحَّةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَا حَبَّسَهُ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ مُشَاعًا فَإِنْ كَانَ مُشَاعًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ حِصَّةً حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ بَطَلَ الْوَقْفُ وَصَارَ إرْثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ إخْوَتِهِ الرُّشَدَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَوْزَ الْوَاقِفِ لِمَا وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا قَدْ أَبْرَزَهُ وَعَيَّنَهُ وَأَبَانَهُ وَلَمْ يَخْلِطْهُ بِمَالِهِ فَإِنْ كَانَ مُشَاعًا فَلَا يَكْفِي حَوْزُهُ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ إنْ حَصَلَ الْمَانِعُ وَحِينَئِذٍ إذَا حَبَّسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ فَاَلَّذِي يَحُوزُ لِلصِّغَارِ إخْوَتُهُمْ الْكِبَارُ بِتَقْدِيمِ الْأَبِ لَا أَبُوهُمْ فَلَوْ حَازَ الْأَبُ ذَلِكَ لِحَقِّ الصِّغَارِ، ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ بَطَلَ الْوَقْفُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشْهَادَ عَلَى الْحَوْزِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لِلْبَيِّنَةِ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي رَفَعْت يَدَ الْمِلْكِ وَوَضَعْت يَدَ الْحَوْزِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا غَيْرَ مُرَادِهِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَصَرَفَ الْغَلَّةَ) أَيْ وَثَبَتَ أَنَّهُ صَرَفَ الْغَلَّةَ كُلَّهَا، أَوْ جُلَّهَا أَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِمَحْجُورِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ الصَّرْفِ لَهُ بَطَلَ الْوَقْفُ بِالْمَانِعِ) أَيْ وَإِنْ صَرَفَ نِصْفَهَا لَهُ وَنِصْفَهَا لِمَحْجُورِهِ صَحَّ الْوَقْفُ فِي النِّصْفِ فَقَطْ، وَإِنْ صَرَفَ جُلَّ الْغَلَّةِ لِنَفْسِهِ وَصَرَفَ أَقَلَّهَا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَطَلَ الْوَقْفُ فِي الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْهِبَةِ كَصَرْفِ الْغَلَّةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ صَرْفَ الْغَلَّةِ الْمُتَقَدِّمَ يَجْرِي عَلَى الْهِبَةِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْهِبَةِ أَنَّهُ إذَا أَشْغَلَ النِّصْفَ إلَى أَنْ حَصَلَ لَهُ الْمَانِعُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ، وَإِنْ أَشْغَلَ الْأَكْثَرَ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهَا كَمَا لَوْ كَانَ شَاغِلًا لِكُلِّهَا وَإِنْ أَشْغَلَ الْأَقَلَّ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي جَمِيعِهَا بِمَنْزِلَةِ فَرَاغِهَا مِنْ شَوَاغِلِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: وَدَارُ سُكْنَاهُ) أَيْ وَبَطَلَ هِبَةُ دَارِ سُكْنَاهُ لِمَحْجُورِهِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا إلَخْ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا أَكْرَاهَا كُلَّهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ) أَيْ وَإِذَا سَكَنَ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سُكْنَاهَا كُلِّهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً) أَيْ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ تَحُوزَ لَهُ مَا حَبَّسْته عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا حَبَّسَهُ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ حَوْزُهَا لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ وَصِيَّةً أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى وَارِثِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ. (قَوْلُهُ: بِمَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَارِثِهِ بِمَرَضِهِ، ثُمَّ صَحَّ الْوَاقِفُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ صَحَّ وَقْفُهُ حَيْثُ حِيزَ عَنْهُ قَبْلَ الْمَانِعِ كَمَا لَوْ وَقَفَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ وَلَوْ حَازَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ) أَيْ فَإِنْ أَجَازُوهُ لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ وَقْفٍ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ) فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ بَلْ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ كَذَلِكَ فَلَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِهِ عَلَى إخْوَتِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَعَقِبِهِمْ، أَوْ عَلَى إخْوَتِهِ وَأَوْلَادِ عَمِّهِ وَعَقِبِهِمْ أَوْ إخْوَتِهِ وَعَقِبِهِمْ وَأَوْلَادِ عَمِّهِ فَالْحُكْمُ لَا يَخْتَلِفُ وَضَابِطُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقِفَ الْمَرِيضُ عَلَى وَارِثٍ وَغَيْرِ وَارِثٍ وَعَلَى عَقِبِهِمْ. (قَوْلُهُ: إلَّا وَقْفًا مُعَقَّبًا) أَيْ أَدْخَلَ فِيهِ الْوَاقِفُ عَقِبًا حَاصِلًا ذَلِكَ الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: جَرَى مَا يَأْتِي) أَيْ جَرَى الْكَلَامُ الَّذِي يَأْتِي مِنْ الْقَسْمِ عَلَى الْوَرَثَةِ فِيمَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَارِثِ أَيْ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْوَارِثَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْفِ يُجْعَلُ كَالْمِيرَاثِ فِي الْقَسْمِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَسَاوِيَهُمَا، وَفِي غَيْرِهِ مِثْلُ دُخُولِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَ ذَلِكَ الْوَارِثِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَخُصُّهُ

فِي الْقَسْمِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] لَا مِيرَاثٍ حَقِيقِيٍّ فَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمِلْكِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِأَيْدِيهِمْ وَقْفٌ لَا مِلْكٌ فَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ فِي الْمِثَالِ الْآتِي مِنْ مَنَابِ الْأَوْلَادِ الثُّمُنَ وَالْأُمُّ السُّدُسَ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَيْهِمْ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَقَالَ (كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ) لِصُلْبِهِ هُمْ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ (وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَعَقَّبَهُ) فِعْلٌ مَاضٍ مُشَدَّدُ الْقَافِ أَيْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَعَقِبِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَعَلَى عَقِبِهِمْ بَلْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَالتَّعْقِيبُ شَرْطٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ (وَتَرَكَ) مَعَ السَّبْعَةِ (أُمًّا وَزَوْجَةً فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ يَرِثُ كَالْأَبِ (فِيمَا لِلْأَوْلَادِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْ مَنَابِ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَسَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَوْ شَرَطَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ بَلْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ) الْبَاقِيَةُ (لِوَلَدِ الْوَلَدِ) الْأَرْبَعَةِ (وَقْفٌ) يُعْمَلُ فِيهَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ مِنْ تَفَاضُلٍ وَتَسْوِيَةٍ فَإِنْ أَطْلَقَ سُوِّيَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ حَاجَتُهُمْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْوَقْفَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ يُقْسَمُ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ: ثَلَاثَةٌ تَكُونُ بِأَيْدِيهِمْ كَالْمِيرَاثِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَلَوْ شَرَطَ خِلَافَهُ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهَا مَنْ لَهُ سَهْمٌ مِنْ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَلِكَوْنِهِ وَقْفًا مُعَقَّبًا لَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ الْأَوْلَادَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ بِهِ وَلِكَوْنِهِمْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَضِ شَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَسْهُمُ الْبَاقِيَةُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَقْفًا وَحَاصِلُ قِسْمَةِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْفَرْضِيِّينَ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لِلْأُمِّ مِنْهَا السُّدُسُ مَخْرَجُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَبَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَتُضْرَبُ الرُّءُوسُ الثَّلَاثَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ يُقَالُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ سَبْعَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ بِوَاحِدٍ وَخَمْسِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ (وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ) الْمَذْكُورُ (بِحُدُوثِ وَلَدٍ) ، أَوْ أَكْثَرَ (لَهُمَا) أَيْ لِلْفَرِيقَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَإِذَا حَدَثَ وَاحِدٌ صَارَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَاثْنَانِ فَمِنْ تِسْعَةٍ وَهَكَذَا وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَشَبَّهَ بِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَالَ (كَمَوْتِهِ) أَيْ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَتَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَالْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَسْمِ) أَيْ غَلَّتِهِ وَأَمَّا ذَاتُهُ فَهِيَ حَبْسٌ. (قَوْلُهُ: لَا مِلْكٌ) أَيْ فَيَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ السُّدُسَ) أَيْ وَالْبَاقِي لِلْأَوْلَادِ. (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ إلَخْ) هَذَا مِثَالُ الْمُدَوَّنَةِ فَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقِفَ الْوَارِثُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَارِثٍ وَعَلَى غَيْرِ وَارِثٍ وَعَلَى عَقِبِهِمْ فَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ) أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ سُمِّيَتْ الْمَسْأَلَةُ بِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَقَّبَ وَقْفَهُ أَيْ أَدْخَلَ فِيهِ عَقِبَهُ. (قَوْلُهُ: بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) يَعْنِي أَنَّهُ تُقْسَمُ ذَاتُ الْوَقْفِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَمَا نَابَ الْأَوْلَادَ تَكُونُ ذَاتُهُ إرْثًا وَمَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ يَكُونُ وَقْفًا كَمَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلَانِ) أَيْ إنْ مَنَعَتَا مَا فَعَلَهُ مُوَرِّثُهُمَا مِنْ وَقْفِهِ فِي الْمَرَضِ وَأَمَّا إنْ أَجَازَتَا فِعْلَهُ فَلَا يَدْخُلَانِ أَصْلًا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ بَلْ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَأَخْذُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ عَلَى حُكْمِ الْفَرَائِضِ تَبَعًا فَلَا تُقْسَمُ السِّهَامُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ فِيمَا خَصَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَفَاضُلٍ) أَيْ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ، مُقَدِّمَةٌ عَلَى الْمَعْلُومِ أَيْ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَضِ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُعَقَّبًا وَقَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ وَانْتَفَى الْبُطْلَانُ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُعَقَّبًا لِتَعَلُّقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ) وَهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ بِهِ أَيْ بِمَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ إذَا مَاتُوا رَجَعَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِهِمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقَةِ الْفَرْضِيِّينَ) أَيْ الَّذِينَ لَا يُعْطُونَ كَسْرًا. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هِيَ لِغَلَّةِ الْوَقْفِ لَا لِذَاتِهِ إذْ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ قِسْمَةَ مَنَافِعَ تَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَوْلَادِهِمْ وَعَقِبِهِمْ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا حَبَّسَ عَلَيْهِمَا مَنْ ذُكِرَ وَالصَّوَابُ كَمَا ذَكَرَهُ بْن قَسْمُ الْوَقْفِ عَلَى رُءُوسِ الْجَمِيعِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يُقْسَمُ مَا نَابَ الْوَرَثَةَ عَلَى حُكْمِ الْفَرَائِضِ وَلَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ فِيهِمْ. (قَوْلُهُ: وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ الْمَذْكُورُ) أَيْ وَهُوَ الْقَسْمُ عَلَى سَبْعَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا) فَإِذَا حَدَثَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَاحِدٌ مَثَلًا، أَوْ حَدَثَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ غَائِبٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حِينَ الْقَسْمِ، ثُمَّ

لَهُمْ سَهْمَانِ مِنْهَا لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي يُقْسَمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَخِيهِمَا الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ حَيَاتُهُ وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَارِثِهِ مَفْضُوضًا عَلَى الْفَرَائِضِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ اثْنَانِ فَلَوْ مَاتَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ كُلُّهُمْ رَجَعَ الْوَقْفُ جَمِيعُهُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ لِأَنَّ أَخْذَهُمَا إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلْأَوْلَادِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ وَاحِدًا مِنْ الْأَوْلَادِ صَارَ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ النِّصْفُ كَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ مَاتَ اثْنَانِ فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ مَاتُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ الْوَقْفُ كُلُّهُ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَالْقِسْمَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا فَإِنْ مَاتَ السَّبْعَةُ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ (لَا) مَوْتِ (الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ) فَلَا يَنْتَقِضُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ وَقْفًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ فَلَيْسَتْ الْمَالَ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ رَجَعَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، وَإِذَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ (فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِحُدُوثِ مَنْ ذُكِرَ (وَدَخَلَا فِيمَا زِيدَ لِلْوَلَدِ) أَيْ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مَثَلًا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، أَوْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَدَخَلَا إلَخْ مَا ضَرَّ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَيَدْخُلَانِ شَامِلٌ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ. وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ مُعَلِّقًا لَهُ ب صَحَّ بِقَوْلِهِ (بِحَبَسْتُ وَوَقَفْتُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ (وَتَصَدَّقْتُ) الْأَوْلَى وَكَتَصَدَّقْتُ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْلُهُ (إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ) فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ وَأَمَّا الصِّيغَتَانِ قَبْلَهُ فَلَا يَفْتَقِرَانِ لِقَيْدٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (أَوْ جِهَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ جِهَةٍ (لَا تَنْقَطِعُ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، أَوْ الْمَسَاجِدِ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ حَبَسْت، أَوْ وَقَفْت فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ تَصَدَّقْت فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ نَحْوُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ، وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لَهُمْ يُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ لِمَجْهُولٍ، وَإِنْ حُصِرَ) لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِ هُوَ الْجِهَةُ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ أُجِيبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَضَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ ابْنُ الْوَاقِفِ فَتَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ. (قَوْلُهُ: لَهُمْ سَهْمَانِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَارِثِهِ) أَيْ وَيَأْخُذُ مَعَ ذَلِكَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا بِيَدِ) أَيْ مَعَ رُجُوعِ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ. (قَوْلُهُ: كَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) أَيْ وَأُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ. (قَوْلُهُ: لِلْأُمِّ سُدُسُهَا إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ تَصَرُّفٌ فِيمَا يَخُصُّهُ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْتَقِضُ) أَيْ الْقَسْمُ بِمَوْتِ إحْدَاهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ وَقْفًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ وَرَثَتَهُمَا لَيْسُوا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَقْفًا أَيْ فَيَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهَا عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَقْفًا عَدَمَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الزَّوْجَةِ فَإِنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ قَدْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ الْأَوْلَادِ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَيُفْرَضُ عَدَمُ الْوَارِثِ لَهَا فِي الْقِيَامِ مَانِعُ الْإِرْثِ بِالْأَوْلَادِ كَقَتْلِهِمْ لَهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَبَعْدَ رُجُوعِ نَصِيبِهِمَا لِوَارِثِهِمَا، وَقَوْلُهُ: رَجَعَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ أَيْ رَجَعَ مَا كَانَ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَكَذَا لَوْ انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ قَبْلَ مَوْتِهِمَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَا كَانَ لَهُمَا لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَا يُنْتَظَرُ مَوْتُهُمَا؛ لِأَنَّ أَخْذَهُمَا كَانَ بِالتَّبَعِ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا انْتَقَضَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَدْخُلَانِ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ: شَامِلٌ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى، وَإِذَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ مَوْتِهِ فَيَدْخُلَانِ أَيْ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِحُدُوثِهِ وَالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: بِحَبَسْتُ وَوَقَفْتُ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ كَمَسْجِدٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ وَلَا فَرْضًا دُونَ نَفْلٍ فَإِذَا بَنَى مَسْجِدًا وَأَذَّنَ فِيهِ لِلنَّاسِ فَذَلِكَ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ وَقْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ زَمَانًا وَلَا قَوْمًا وَلَا قَيَّدَ الصَّلَاةَ بِكَوْنِهَا فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْكَمُ بِوَقْفِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ وَهُوَ ح حَيْثُ جَعَلَ الْقَيْدَ رَاجِعًا لِلصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ " حَبَسْتُ " " وَوَقَفْتُ " يُفِيدَانِ التَّأْبِيدَ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِجِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ، أَوْ بِمُعَيَّنٍ أَوْ بِمَجْهُولٍ، أَوْ مَحْصُورٍ كَوَقَفْتُ وَحَبَّسْتُ دَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا ضَرَبَ لِلْوَقْفِ أَجَلًا، أَوْ قَيَّدَهُ بِحَيَاةِ شَخْصٍ وَأَمَّا لَفْظُ الصَّدَقَةِ فَلَا يُفِيدُ التَّأْبِيدَ إلَّا إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ح أَوَّلَ تَقْرِيرِهِ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ وَخِلَافُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ رُجُوعِهِ لِحَبَسْتُ وَتَصَدَّقْتُ فَقَطْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ) أَيْ أَوْ أَهْلِ مَدْرَسَةِ كَذَا أَوْ أَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَقْفُ عَلَى الْمُعَيَّنِ أَوْ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ وَقَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَيْ فَظَاهِرٌ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: نَحْوُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) أَيْ وَكَذِكْرِ الْعَقِبِ كَصَدَقَةٍ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: لَا وَجْهَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ لِمَجْهُولٍ إلَخْ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " أَوْ جِهَةٍ " لَا تَنْقَطِعُ فَإِذَا جَعَلْت الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ كَانَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ

بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ أَيْ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَتَأَبَّدُ إذَا وَقَعَ لِمَجْهُولٍ مَحْصُورٍ كَعَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ وَلَوْ بِلَفْظِ تَصَدَّقْتُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " وَعَقِبِهِ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِ مَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ وَبِغَيْرِهِ مَا لَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ. وَيَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالْبَيِّنَةِ وَبِالْإِشَاعَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَبِالْكِتَابَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَالْحَيَوَانِ وَعَلَى كُتُبِ الْعِلْمِ مِنْ مَدْرَسَةٍ بِهَا كُتُبٌ مَشْهُورَةٌ لَا كِتَابٍ لَمْ يَشْتَهِرْ كَوْنُهُ مِنْ مَحَلٍّ مَشْهُورٍ. (وَرَجَعَ) الْوَقْفُ (إنْ انْقَطَعَ) بِانْقِطَاعِ الْجِهَةِ الَّتِي حُبِّسَ عَلَيْهَا حَبْسًا (لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ) نَسَبًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْوَاقِفُ وَلَوْ فَقِيرًا وَلَا مَوَالِيهِ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، أَوْ لَمْ يُوجَدُوا فَلِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِهِمْ وَهَكَذَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَلِلْفُقَرَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْتَوِي فِي الْمَرْجِعِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي أَصْلِ وَقْفِهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَهُ لَيْسَ إنْشَاءَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَيُعْتَبَرُ فِي التَّقْدِيمِ قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ وَلَوْ أَخَذَ الْفَقِيرُ كِفَايَتَهُ وَاسْتَغْنَى هَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْبَاقِي، أَوْ يُعْطَى لِمَنْ بَعْدَهُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي، وَإِنْ رُجِّحَ الْأَوَّلَ (وَ) رَجَعَ إلَى (امْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ) أَيْ قُدِّرَتْ رَجُلًا (عَصَبَ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُقَدَّرُ عَاصِبًا كَالْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ فَخَرَجَتْ الْخَالَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَبِنْتُ الْبِنْتِ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ لَا يَكُونُ عَصَبَةً فَقَوْلُهُ عَصَبَ أَيْ مَعَ بَقَاءِ مَنْ أَدْلَى بِهِ عَلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَإِلَّا لَمْ تَخْرُجْ بِنْتُ الْبِنْتِ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ ثُمَّ هَذِهِ الْمَرْأَةُ تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) أَيْ وَالْمُسَوِّغُ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ عَطْفُهَا عَلَى نَكِرَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ اقْتِرَانَ الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ بِالْوَاوِ مُسَوِّغٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَقِبِهِ دَلِيلٌ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ قَامَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى الْمَجْهُولِ الْمَحْصُورِ مَقَامَ لَفْظِ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يُقَارِنْهَا قَيْدٌ بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ كَصَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ شَبَهًا بِالْوَقْفِ لِتَعَلُّقِ الصَّدَقَةِ بِغَيْرِ الْمَوْجُودِ كَالْعَقِبِ إذْ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِذَا جُعِلَ حَبْسًا لِلُزُومِ تَعْمِيمِهِمْ وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِمَوْجُودٍ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ. (قَوْلُهُ: مَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ) كَبَنِي فُلَانٍ وَذُرِّيَّةِ فُلَانٍ وَقَوْلُهُ: مَا لَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ أَيْ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ كَأَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أَهْلَ مَسْجِدِ كَذَا يَفْعَلُونَ كَذَا مِنْ الْمَعَاصِي لَا يُعَدُّ غِيبَةً. . (قَوْلُهُ: وَبِالْكِتَابَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ) أَيْ كَأَنْ يُوجَدَ مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ مَدْرَسَةٍ: وَقْفُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، أَوْ السُّلْطَانِ فُلَانٍ. (قَوْلُهُ: بِهَا كُتُبٌ) مُتَعَلِّقٌ بِمَشْهُورَةٍ أَيْ مَشْهُورَةٌ بِأَنَّ بِهَا كُتُبًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مَكْتُوبًا عَلَى كِتَابٍ وَقْفٌ لِلَّهِ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ بِذَلِكَ وَقْفِيَّةً حَيْثُ كَانَتْ وَقْفِيَّتُهُ مُطْلَقَةً فَإِنْ وُجِدَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَقْفٌ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِالْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ وَقْفٌ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَمَقَرُّهُ بِالْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِالْكُتُبِ ثَبَتَتْ وَقْفِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشْهُورَةً بِذَلِكَ لَمْ تَثْبُتْ وَقْفِيَّتُهُ. (قَوْلُهُ: لَا كِتَابٍ) أَيْ لَا بِالْكِتَابَةِ عَلَى كِتَابٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَحَلٍّ مَشْهُورٍ) أَيْ بِوَقْفِ الْكُتُبِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْوَقْفُ) أَيْ الْمُؤَبَّدُ وَأَمَّا الْوَقْفُ الْمُؤَقَّتُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا عَلَى كَعَشَرَةٍ حَيَاتَهُمْ وَقَوْلُهُ: وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ أَيْ وَلَوْ فِي حَيَاةِ الْمُحَبِّسِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لَهُمْ حَبْسًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ الْوَقْفِ وَلَا يَدْخُلُ الْوَاقِفُ فِي الْمَرْجِعِ وَلَوْ فَقِيرًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا، وَإِلَّا لَاخْتَصَّ الْوَاقِفُ بِهِ وَكَانَتْ تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْوَارِثَةُ وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ رَجُلًا. (قَوْلُهُ: وَلَا مَوَالِيهِ) أَيْ الَّذِينَ لَهُمْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا) أَيْ أَقْرَبُ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: فَلِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِهِمْ) أَيْ عَصَبَةِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ إنْشَاءَهُ) أَيْ حَتَّى يُعْمَلَ فِيهِ بِشَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَهُ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ) أَيْ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ قَالَ إنْ انْقَطَعَ وَرَجَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِي {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] فَانْظُرْ هَلْ يُعْمَلُ بِهِ أَمْ لَا، قَالَ بْن وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ حَيْثُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَرْجِعِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ صَارَ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِي التَّقْدِيمِ) أَيْ تَقْدِيمِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبَّسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ) أَيْ فَأَبٌ فَأَخٌ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ فَالْأَخُ وَابْنُهُ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْجَدِّ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَى امْرَأَةٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ " وَامْرَأَةٍ " عَطْفٌ عَلَى " أَقْرَبِ "؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ وَيَصِحُّ الْعَطْفُ عَلَى " فُقَرَاءِ " أَيْضًا وَالْمَعْنَى وَرَجَعَ لِأَقْرَبِ امْرَأَةٍ إلَخْ وَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْقُرْبِ فِي أَفْرَادِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ مَعَ بَعْضٍ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي أَفْرَادِ الْعَصَبَةِ، نَعَمْ لَا يَصِحُّ الْعَطْفُ عَلَى " عَصَبَةِ " لِفَسَادِهِ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَرَجَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ امْرَأَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرُّجُوعِ لِلْمَرْأَةِ نَفْسِهَا لَا لِأَقْرَبِ فُقَرَائِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ) أَيْ وَكَالْأُخْتِ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْمَرْجِعِ لَيْسَ لَهُ إلَّا بِنْتٌ، أَوْ أُخْتٌ وَاحِدَةٌ وَكَانَتْ فَقِيرَةً كَانَ لَهَا جَمِيعُ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لِمَنْ أَدْلَتْ بِهِ رَجُلًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَذِهِ الْمَرْأَةُ) أَيْ الَّتِي لَوْ قُدِّرَتْ

وَإِنْ سَاوَتْ عَاصِبًا مَوْجُودًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِنَّمَا تُعْطَى إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً خِلَافًا لِمَنْ قَالَ تُعْطَى وَلَوْ غَنِيَّةً؛ لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ (فَإِنْ ضَاقَ) الْحَبْسُ الرَّاجِعُ عَنْ الْكِفَايَةِ فِي الْغَلَّةِ النَّاشِئَةِ عَنْهُ (قُدِّمَ الْبَنَاتُ) أَيْ عَلَى الْإِخْوَةِ لَا عَلَى الِابْنِ وَمَعْنَى " قُدِّمَ " اخْتَصَصْنَ بِمَا يُغْنِيهِنَّ لَا إيثَارُهُنَّ بِالْجَمِيعِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا يُغْنِيهِنَّ قَالَ ابْنُ هَارُونَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِنْتَ إنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلْعَاصِبِ شَارَكَتْهُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهُ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ، وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْهُ قُدِّمَ الْعَاصِبُ عَلَيْهَا فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْإِنَاثِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَقْرَبَ لِلصَّوَابِ لِتَنَاوُلِهِ نَحْوَ الْأُخْتِ مَعَ ابْنِ الْأَخِ، وَإِفَادَتِهِ الِاشْتِرَاكَ مَعَ التَّسَاوِي. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى اثْنَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو (وَبَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ (عَلَى الْفُقَرَاءِ) فَيَكُونُ (نَصِيبُ مَنْ مَاتَ) مِنْهُمَا (لَهُمْ) أَيْ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتَهُمَا أَمْ لَا وَأُخِذَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ أَبَدًا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى مَعْنَاهَا أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ فَقَطْ دُونَ فَرْعِ غَيْرِهِ وَكَذَا فِي تَرْتِيبِ الْوَاقِفِ الطَّبَقَاتِ كَعَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ فَيُعْمَلَ بِهِ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ ذَكَرَهُ الْأُجْهُورِيُّ، ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِ " نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ " قَوْلُهُ (إلَّا كَعَلَى عَشَرَةٍ) عَيَّنَهُمْ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى عَشَرَةٍ فَالْمُرَادُ عَدَدٌ مَحْصُورٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (حَيَاتَهُمْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْ أَوْ حَيَاةَ زَيْدٍ وَكَذَا إنْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ كَعَشْرِ سِنِينَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِأَصْحَابِهِ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَالْجَمِيعُ لَهُ فَإِنْ انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ الْحَبْسُ مِلْكًا لِمَالِكِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَيُمْلَكُ بَعْدَهُمْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ مَا قَبْلَهَا لَمَّا كَانَ الْوَقْفُ مُسْتَمِرًّا فِيهَا اُحْتِيطَ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ فَكَانَ لَهُمْ بَعْدَ كُلٍّ وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ مِلْكًا اُحْتِيطَ لِجَانِبِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِيَسْتَمِرَّ الْوَقْفُ طُولَ حَيَاتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُمْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِأَجَلٍ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَجُلًا عَصَبَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَاوَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ بَلْ، وَإِنْ سَاوَتْهُ لَا إنْ كَانَ الْعَاصِبُ أَقْرَبَ مِنْهَا فَلَا تُعْطَى بِالْأَوْلَى مِنْ الْعَاصِبِ الْحَقِيقِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى إذَا كَانَ هُنَاكَ عَاصِبٌ أَقْرَبُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ) أَيْ مِنْ إعْطَائِهَا، وَإِنْ سَاوَتْ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ) أَيْ حَيْثُ اشْتَرَطَ كَوْنَهَا أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ الْحَقِيقِيِّ. (قَوْلُهُ: الرَّاجِعُ) أَيْ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الِابْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْبَنَاتِ يُشَارِكْنَ الِابْنَ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ هَارُونَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ مُشَارَكَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الضِّيقِ وَالسَّعَةِ وَذَلِكَ إذَا تَسَاوَى الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ كَأَخٍ وَأَخَوَاتٍ وَابْنٍ وَبَنَاتٍ، الثَّانِي عَدَمُ الْمُشَارَكَةِ فِي الضِّيقِ وَالسَّعَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ النِّسَاءُ أَبْعَدَ مِنْ الْعَاصِبِ أَيْ كَأَخَوَاتٍ مَعَ الِابْنِ وَكَأَخٍ وَعَمَّةٍ، وَالثَّالِثُ الْمُشَارَكَةُ فِي السَّعَةِ دُونَ الضِّيقِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ النِّسَاءُ أَقْرَبَ كَبِنْتٍ وَعَمٍّ، أَوْ أَخٍ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى تَأْخُذُ أَوَّلًا مَا يَكْفِيهَا عِنْدَ سَعَةِ الْغَلَّةِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ الْأَبْعَدِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَا تَزِيدُ عَنْ كِفَايَتِهَا اخْتَصَّتْ بِهَا. (قَوْلُهُ: يَحْجُبُ فَرْعَهُ فَقَطْ) بِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ وَخَالَفَهُ عَصْرِيُّهُ ابْنُ الْحَاجِّ غَيْرَ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ كَمَا فِي الْبَدْرِ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَكُونُ حَظُّهُ لِوَلَدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْوَقْفِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ أَيْ عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ وَلَدِهِ وَعَلَى فُلَانٍ ثُمَّ وَلَدِهِ وَهَكَذَا فَكُلُّ مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ حَظُّهُ لِوَلَدِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا إنَّمَا يَحْجُبُ فَرْعَهُ دُونَ فَرْعِ غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ بَلْ يَكُونُ حَظُّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْعُلْيَا لِبَقِيَّةِ إخْوَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ أَيْ لَا يَنْتَقِلُ لِلطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ الْعُلْيَا، ثُمَّ إنَّهُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ إذَا انْقَرَضَتْ الْعُلْيَا وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ لِلطَّبَقَةِ السُّفْلَى هَلْ يُسَوَّى بَيْنَ أَفْرَادِ السُّفْلَى وَهُوَ مَا للح أَوْ يُعْطَى لِكُلِّ سِلْسِلَةٍ مَا لِأَصْلِهَا وَهُوَ مَا لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ اُنْظُرْ بْن وَفِي ح عَنْ فَتْوَى بَعْضِ مَشَايِخِهِ لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ فَمَاتَ الْوَلَدُ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ، أَوْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ فَإِنَّ نَصِيبَهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَوْ مَعَ حَيَاةِ أُصُولِهِمْ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ مَآلًا. (قَوْلُهُ: حَيَاتَهُمْ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْ وَبَعْدَهُمْ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِلَّا كَانَ الْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَيَاةَ زَيْدٍ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ حَبْسٌ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ حَيَاةَ زَيْدٍ وَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَهُمْ فَلَا يَبْقَى مَعَهُمْ بَلْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَارِثٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ حَتَّى يَنْتَقِلَ لِوَارِثِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ مِلْكًا) الْأَنْسَبُ: وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الْوَقْفُ غَيْرُ مُسْتَمِرٍّ اُحْتِيطَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِأَجَلٍ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْ وَبَعْدَهُمْ لِلْفُقَرَاءِ بِأَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى الْقَوْمِ الْفُلَانِيِّينَ فَقَطْ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ نَصِيبُهُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا قَيَّدَ بِالْحَيَاةِ أَوْ بِأَجَلٍ وَلَمْ يَقُلْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْفُقَرَاءِ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْفُقَرَاءِ رَجَعَ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ، وَإِنْ قَيَّدَ

عَلَى الْأَصَحِّ. (وَ) إنْ حَبَّسَ (فِي) شَأْنِ مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ (كَقَنْطَرَةٍ) وَمَدْرَسَةٍ وَمَسْجِدٍ فَخَرِبَتْ (وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) صُرِفَ (فِي مِثْلِهَا) حَقِيقَةً إنْ أَمْكَنَ فَيُنْقَلُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ بَدَلَ الْأَوَّلِ وَكَذَا يُنْقَلُ الْقُرْآنُ أَوْ الْعِلْمُ الَّذِي رُتِّبَ فِيهِ لِآخَرَ أَوْ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صُرِفَ فِي مِثْلِهَا نَوْعًا أَيْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى (وَإِلَّا) بِأَنْ رُجِيَ عَوْدُهَا (وُقِفَ لَهَا) لِيُصْرَفَ فِي التَّرْمِيمِ أَوْ الْإِحْدَاثِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِصْلَاحِ. (وَ) إنْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ (صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ) (فَلَهُ) أَيْ فَيَكُونُ لَهُ مِلْكًا (أَوْ) صَدَقَةٌ (لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا) عَلَيْهِمْ (بِالِاجْتِهَادِ) بَعْدَ بَيْعِهَا مِنْ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ. (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْوَقْفِ (التَّنْجِيزُ) كَالْعِتْقِ نَحْوُ إذَا جَاءَ الْعَامُ الْفُلَانِيُّ أَوْ حَضَرَ فُلَانٌ فَدَارِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ فَيَلْزَمُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ (وَحُمِلَ) الْوَقْفُ (فِي الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَجَلٍ أَوْ تَنْجِيزٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّنْجِيزِ (كَتَسْوِيَةِ أُنْثَى بِذَكَرٍ) أَيْ كَمَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دَارِي مَثَلًا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ - وَلَمْ يُبَيِّنْ تَفْضِيلَ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ - عَلَى تَسْوِيَةِ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ فِي الْمَصْرِفِ فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا عُمِلَ بِهِ إلَّا فِي الْمَرْجِعِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَلَا) يُشْتَرَطُ (التَّأْبِيدُ) فَيَصِحُّ مُدَّةً ثُمَّ يَرْجِعُ مِلْكًا. (وَلَا) يُشْتَرَطُ (تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ) فَيَلْزَمُ بِقَوْلِهِ دَارِي وَقْفٌ (وَصُرِفَ) رِيعُهُ إنْ تَعَذَّرَ سُؤَالُ الْمُحَبِّسِ (فِي غَالِبٍ) أَيْ فِيمَا يُقْصَدُ بِالتَّحْبِيسِ عَلَيْهِ غَالِبًا فِي عُرْفِهِمْ كَأَهْلِ الْعِلْمِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ غَالِبٌ لَهُمْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَوْقَافٌ، أَوْ كَانَ وَلَا غَالِبَ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا ذُكِرَ وَقَالَ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْفُقَرَاءِ رَجَعَتْ حِصَّةُ مَنْ مَاتَ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ بَقَاءِ أَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَمِنْهُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُقَابِلُهُ رُجُوعُهُ مِلْكًا وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ. (قَوْلُهُ: فِي شَأْنِ مَنْفَعَةٍ) أَيْ فِي شَأْنِ ذِي مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ فَإِذَا قَالَ وَقَفْت هَذِهِ الدَّارَ عَلَى شَأْنِ الْقَنْطَرَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِنَّ غَلَّتَهَا تُصْرَفُ فِي بِنَاءِ تِلْكَ الْقَنْطَرَةِ وَفِي تَرْمِيمِهَا؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ يَشْمَلُهُمَا فَإِنْ خَرَجَتْ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا صُرِفَتْ الْغَلَّةُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْقَنْطَرَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ صُرِفَ فِي حُصُرِهِ وَزَيْتِهِ وَلَا يُصْرَفُ لِمُؤَذِّنِهِ، وَإِمَامِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ مَصَالِحِهِ فَإِنْ صَرَفَ لَهُمْ النَّاظِرُ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِمَا اُنْظُرْ شب. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) أَيْ لِخُلُوِّ الْبَلَدِ، أَوْ فَسَادِ مَوْضِعِ الْقَنْطَرَةِ. (قَوْلُهُ: فِي مِثْلِهَا حَقِيقَةً) أَيْ فِي مِثْلِهَا بِالشَّخْصِ إنْ أَمْكَنَ. (قَوْلُهُ: فَيُنْقَلُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ) أَيْ فَيُنْقَلُ مَا حُبِّسَ عَلَى مَسْجِدٍ لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ حَبَّسَ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِمَحَلٍّ عَيَّنَهُ، ثُمَّ تَعَذَّرَ الطَّلَبُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ وَتُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الطَّلَبَةِ بِمَحَلٍّ آخَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَيُنْقَلُ مَا وُقِفَ عَلَى مَدْرَسَةٍ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى. . (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لَهُ مِلْكًا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَ بِخِلَافِ: صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَيْدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِالصَّدَقَةِ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ مِلْكًا إلَّا لِقَيْدٍ وَكَذَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا غَيْرَ مَحْصُورٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا مَحْصُورًا كَفُلَانٍ وَعَقِبِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْوَقْفُ عَلَى قَيْدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ) أَيْ قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَنَحْوَهُمَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُمْ فَتُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهَا. (قَوْلُهُ: فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ بَلْ لِمُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ وَيَمْنَعُ مَنْ شَاءَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تُبَاعُ وَلَمْ تَبْقَ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا كُلَّ سَنَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُؤَدِّي لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحَاضِرُ مِنْ الْمَسَاكِينِ فِي الْبَلَدِ حَالَ الْوَقْفِ عَشَرَةً، ثُمَّ يَزِيدُونَ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَتْ وَفُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ فَيَنْقَطِعُ النِّزَاعُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ التَّنْجِيزُ) أَيْ بَلْ يَصِحُّ فِيهِ التَّأْجِيلُ كَالْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ) أَيْ فَيَلْزَمُ كُلٌّ مِنْ الْوَقْفِ وَالْعِتْقِ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ الَّذِي عَيَّنَهُ فَإِنْ حَدَثَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ، أَوْ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَضُرَّ فِي عَقْدِ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَضُرُّ فِي الْحَبْسِ إذَا لَمْ يُحَزْ عَنْ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَضُرَّ حُدُوثُ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ آجَرَ الدَّارَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَحَازَهَا الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ جَعَلَ مَنْفَعَتَهَا لِغَيْرِهِ فَخَزَنَ ذَلِكَ الْغَيْرُ فِيهَا وَالْمِفْتَاحُ بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ فِي الْإِطْلَاقِ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ دَارِي وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَقُلْ حَالًا وَلَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا) أَيْ بِأَنْ فَضَّلَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، أَوْ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَرْجِعِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ فِيهِ بِتَفْضِيلِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ مَعْمُولٌ بِهِ وَفِي الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ مَنْعَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَيَمْضِي إنْ وَقَعَ فَفِي ح عَنْ النَّوَادِرِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إنْ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِيهِ رَغْبَةٌ بِيعَ وَاشْتُرِيَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ مَضَى وَعُمِلَ بِشَرْطِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فِي عُرْفِهِمْ) أَيْ عُرْفِ أَهْلِ بَلَدِ الْمُحَبِّسِ

(فَالْفُقَرَاءُ) يُصْرَفُ عَلَيْهِمْ بِالِاجْتِهَادِ (وَلَا) يُشْتَرَطُ (قَبُولُ مُسْتَحِقِّهِ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا وَقَدْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْقَبُولُ كَالْمَسْجِدِ وَلِذَا صَحَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ (إلَّا الْمُعَيَّنَ الْأَهْلَ) لِلْقَبُولِ وَهُوَ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا كَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ (فَإِنْ رَدَّ) الْمُعَيَّنُ الْأَهْلُ وَلَمْ يَقْبَلْ (فَكَمُنْقَطِعٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ حَبْسًا يُفَرَّقُ عَلَيْهِمْ رِيعُهُ بِالِاجْتِهَادِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلِلْفُقَرَاءِ. (وَاتُّبِعَ) وُجُوبًا (شَرْطُهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (إنْ جَازَ) شَرْعًا وَمُرَادُهُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمَنْعَ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ وَلَوْ مُتَّفَقًا عَلَى كَرَاهَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يُتَّبَعْ وَمَثَّلَ لِلْجَائِزِ بِقَوْلِهِ (كَتَخْصِيصِ مَذْهَبٍ) مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بِصَرْفِ غَلَّتِهِ عَلَيْهِ، أَوْ بِالتَّدْرِيسِ فِي مَدْرَسَتِهِ (أَوْ نَاظِرٍ) مُعَيَّنٍ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فَيُوَلِّي صَاحِبُهُ مَنْ شَاءَ إنْ كَانَ حَيًّا، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ نَاظِرًا فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا رَشِيدًا فَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَشِيدٍ فَوَلِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَالْحَاكِمُ يُوَلِّي عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ وَأُجْرَتُهُ مِنْ رِيعِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَمَسْجِدٍ (أَوْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَالْفُقَرَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا بِمَحَلِّ الْوَقْفِ أَوْ كَانُوا بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَكَمُنْقَطِعٍ) أَيْ فَهُوَ كَالْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ بِانْقِطَاعِ الْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ إلَخْ) قَدْ حَمَلَهُ تت عَلَى ذَلِكَ الظَّاهِرِ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فَفِي عَزْوِهِ لِمَالِكٍ وَتَشْهِيرِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لِمَالِكٍ أَنَّهُ يَكُونَ وَقْفًا عَلَى غَيْرِ مَنْ رَدَّهُ وَالْآخَرُ لِمُطَرِّفٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ قَوْلُ مَالِكٍ وَلِذَا قَالَ فَكَمُنْقَطِعٍ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ عبق وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا قَالَ خش وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ حَبْسًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ مَعْزُوًّا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ ثُمَّ إنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُ مَالِكٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ قَبِلَهُ الْمُعَيَّنُ الْأَهْلُ اخْتَصَّ بِهِ فَإِنْ رَدَّهُ كَانَ حَبْسًا عَلَى غَيْرِهِ وَهَذَا إذَا جَعَلَهُ الْوَاقِفُ حَبْسًا سَوَاءٌ قَبِلَهُ مَنْ عُيِّنَ لَهُ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ قَصَدَهُ بِخُصُوصِهِ فَإِنْ رَدَّهُ الْمُعَيَّنُ عَادَ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَكَمُنْقَطِعٍ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ وَهُوَ هُنَا الرُّجُوعُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ لَقَالَ فَمُنْقَطِعٌ فَدَلَّ بِالْكَافِ عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ ضَرُورَةَ تَغَايُرِ الْمُشَبَّهِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ) أَيْ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ بِلَفْظِهِ وَلَوْ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ إنْ كَانَ جَائِزًا كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى كُرَّاسَيْنِ فِي تَغْيِيرِهِ الْكِتَابَ فَإِنْ اُحْتِيجَ لِلزِّيَادَةِ جَازَتْ مُخَالَفَةُ شَرْطِهِ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الِانْتِفَاعُ كَمَا فِي ح فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُغَيَّرَ إلَّا بِرَهْنٍ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالرَّهْنُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ - حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ - أَمِينٌ فَلَا يَضْمَنُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَيْسَتْ عَارِيَّةً حَقِيقَةً كَمَا فِي السَّيِّدِ عَنْ ح فَإِنْ أُرِيدَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ التَّذْكِرَةُ لِلرَّدِّ عُمِلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَّفَقًا عَلَى كَرَاهَتِهِ) أَيْ كَفَرْشِ الْمَسْجِدِ بِالْبُسُطِ فَإِذَا شَرَطَ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ وَكَأُضْحِيَّتِهِ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ بَعْدَ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجُزْ) أَيْ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي حُرْمَتِهِ كَشَرْطِهِ إنْ وُجِدَ ثَمَنٌ رَغْبَةً بِيعَ وَاشْتُرِيَ غَيْرُهُ كَاشْتِرَاطِ إخْرَاجِ الْبَنَاتِ مِنْ وَقْفِهِ إذَا تَزَوَّجْنَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ مَضَى هَذَا مَا تَحَصَّلَ مِنْ نَقْلِ ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَتَخْصِيصِ مَذْهَبِ) أَيْ كَتَخْصِيصِ أَهْلِ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لِصَرْفِ غَلَّةِ وَقْفِهِ عَلَيْهِمْ، أَوْ بِالتَّدْرِيسِ فِي مَدْرَسَتِهِ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ نَاظِرَ وَقْفِهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِيصَاءُ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ فَإِنْ مَاتَ النَّاظِرُ - وَالْوَاقِفُ حَيٌّ - جَعَلَ النَّظَرَ لِمَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ فَوَصِيُّهُ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ اُنْظُرْ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْوَصِيَّةِ فَرَاغُهُ صُورَةً لِشَخْصٍ وَيُرِيدُ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً وَثَمَرَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي مَوْضُوعِ مَا إذَا جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْإِيصَاءَ بِالنَّظَرِ اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) أَيْ لِلنَّاظِرِ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَوْ وَلَّاهُ الْوَاقِفُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ) الْأَوْلَى وَإِلَّا فَوَصِيُّهُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ نَاظِرًا إلَّا بِجُنْحَةٍ وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِفْتَاءُ ابْنِ عَتَّابٍ - بِأَنَّ النَّاظِرَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بَلْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ لَهُ شَيْئًا - ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ نَاظِرًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لِوَقْفِهِ نَاظِرًا. (قَوْلُهُ: وَأُجْرَتُهُ) أَيْ وَيُجْعَلُ لَهُ أُجْرَةٌ مِنْ رِيعِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَمَسْجِدٍ) أَيْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُوَلِّي عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ أَيْ مِمَّنْ يَرْتَضِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ حَيًّا، وَلَا وَصِيَّ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ وَعُدِمَ كِتَابُ

كَشَرْطِ (تَبْدِئَةِ فُلَانٍ بِكَذَا) مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ إعْطَائِهِ كَذَا كُلَّ شَهْرٍ مَثَلًا فَيُعْطَى ذَلِكَ مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ (وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ) حَيْثُ لَمْ يَفِ مَا حَصَلَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ بِحَقِّهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ (إنْ لَمْ يَقُلْ) أَعْطُوهُ كَذَا (مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ) فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطَى مِنْ رِيعِ الْمُسْتَقْبَلِ عَنْ الْمَاضِي إذَا لَمْ يَفِ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْغَلَّةَ إلَى كُلِّ عَامٍ (أَوْ) شَرَطَ (أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ) إلَى الْبَيْعِ مِنْ الْوَقْفِ (بَاعَ) فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَكَذَا إنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْحَاجَةِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ (أَوْ) شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ (إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ الظَّلَمَةِ (رَجَعَ لَهُ) مِلْكًا إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ لِوَارِثِهِ) يَوْمَ التَّسَوُّرِ مِلْكًا عُمِلَ بِشَرْطِهِ (كَعَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ) حِينَ التَّحْبِيسِ فَيَرْجِعُ لَهُ، أَوْ لِوَارِثِهِ مِلْكًا لَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ وَلَدٌ تَمَّ الْوَقْفُ وَمِثْلُهُ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ (لَا) يُتَّبَعُ (شَرْطُ إصْلَاحِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (عَلَى مُسْتَحِقِّهِ) لِعَدَمِ جَوَازِهِ وَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ (كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ) أَيْ عَلَيْهَا مَغْرَمٌ لِلْحَاكِمِ الظَّالِمِ وَشَرَطَ وَاقِفُهَا أَنَّ التَّوْظِيفَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَالتَّوْظِيفُ مِنْ غَلَّتِهَا فَقَوْلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْفِ قَبْلَ قَوْلِ النَّاظِرِ إنْ كَانَ أَمِينًا، وَإِذَا ادَّعَى النَّاظِرُ أَنَّهُ صَرَفَ الْغَلَّةَ صُدِّقَ إنْ كَانَ أَمِينًا أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شُهُودٌ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ لَا يُصْرَفُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِمْ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى الْوَقْفِ مَالًا مِنْ مَالِهِ صُدِّقَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا فَيُحَلَّفَ وَلَوْ الْتَزَمَ حِينَ أَخَذَ النَّظَرَ أَنْ يَصْرِفَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ إنْ احْتَاجَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَهُ وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ اهـ شب. (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ تَبْدِئَةِ فُلَانٍ إلَخْ) كَأَنْ يَقُولَ: يُبْدَأُ فُلَانٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِي كُلَّ سَنَةٍ، أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: أَوْ إعْطَائِهِ كَذَا كُلَّ شَهْرٍ) أَيْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنْ أَعْطُوا فُلَانًا مِثْلُ ابْدَءُوا فُلَانًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ) أَيْ بِأَنْ يُعْطَى لَهُ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ غَلَّةِ الثَّانِي وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي ثَانِي عَامٍ غَلَّةٌ فَيُعْطَى مِنْ فَاضِلِ غَلَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي بْن عَنْ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ غَلَّةٌ أَصْلًا، أَوْ حَصَلَ مَا لَا يَفِي بِحَقِّهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ وَجَاءَتْ سَنَةٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا شَيْءٌ فَلَا يُعْطَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ شَرْطٌ لِجَوَازِ اشْتِرَاطِ الْبَيْعِ لَا لِصِحَّةِ اشْتِرَاطِهِ إذْ يَصِحُّ شَرْطُ الْبَيْعِ بِدُونِ قَيْدِ الِاحْتِيَاجِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَنَّ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَالِاحْتِيَاجُ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ شَرْطِ الْبَيْعِ بَلْ فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِهِ وَجَوَازِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ) أَيْ أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ بَاعَ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْحَاجَةِ) أَيْ حَاجَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَحَاجَةِ الْمُحَبِّسِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ) أَيْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحِلُّ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: كَعَلَى وَلَدِي إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي رُجُوعِ الْوَقْفِ مِلْكًا لَهُ وَلِوَارِثِهِ وَقَوْلُهُ: كَعَلَى وَلَدِي أَيْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي. (قَوْلُهُ: لَهُ بَيْعُهُ) أَيْ مِنْ الْآنَ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا إلَّا إذَا حَصَلَ لَهُ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيُوقَفُ أَمْرُ ذَلِكَ الْحَبْسِ لِلْإِيَاسِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ، أَوْ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي فَالْمَسْأَلَتَانِ فِيهِمَا خِلَافٌ فَمَالِكٌ يَقُولُ الْوَقْفُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ كَغَلَّتِهِ إلَى أَنْ يُوجَدَ فَيَلْزَمَ فَيُعْطَاهَا وَعَلَيْهِ فَلِلْوَاقِفِ بَيْعُ ذَلِكَ الْوَقْفِ الْآنَ قَبْلَ وِلَادَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَقْفُ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ وَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا إلَّا إذَا حَصَلَ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيُوقَفُ أَمْرُ ذَلِكَ الْحَبْسِ لِلْإِيَاسِ قَالَ شب وَيَبْقَى النَّظَرُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَلَّتِهِ هَلْ تُوقَفُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ كَالْحَبْسِ وَإِلَّا فَلِلْمُحَبِّسِ أَوَّلًا تُوقَفُ فَيَأْخُذُهَا الْمُحَبِّسُ حَتَّى يُولَدَ لَهُ فَتُعْطَى لَهُ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُوقَفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّقَانِيُّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْمَشْيُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْيَأْسِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وُلِدَ لَهُ سَابِقًا أَمَّا إنْ كَانَ قَدْ وُلِدَ لَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ بِلَا نِزَاعٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَوَازِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ إذْ لَا يُدْرَى بِكَمْ يَكُونُ الْإِصْلَاحُ. (قَوْلُهُ: وَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ مُنْصَبٌّ عَلَى الشَّرْطِ لَا عَلَى الْوَقْفِ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا هُنَا مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَغْيِيرُ بَعْضِ الْأَمَاكِنِ لِمَصْلَحَةٍ كَتَغْيِيرِ الْمِيضَأَةِ وَنَقْلِهَا لِمَحَلٍّ آخَرَ وَأَوْلَى تَحْوِيلُ بَابٍ مَثَلًا مِنْ مَكَان لِمَكَانٍ آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْمَكَانِ ذِي الْبِنَاءِ عَلَى حَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ) فَإِنْ أَصْلَحَ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِصْلَاحُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ لَا بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا. (قَوْلُهُ: كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ) التَّوْظِيفُ شَيْءٌ مِنْ الظُّلْمِ كَالْمَكْسِ يُؤْخَذُ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى الدَّارِ كَمَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَنَّ كُلَّ عَتَبَةٍ عَلَيْهَا دِينَارٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ دَارًا عَلَيْهَا تَوْظِيفٌ وَاشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ التَّوْظِيفَ يَدْفَعُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا مِنْ غَلَّتِهَا فَإِنَّ الشَّرْطَ يَكُونُ بَاطِلًا وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُدْفَعُ التَّوْظِيفُ مِنْ غَلَّتِهَا

(إلَّا مِنْ غَلَّتِهَا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ فَيَجُوزُ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا يَجُوزُ (أَوْ) شَرْطُ (عَدَمِ بَدْءٍ بِإِصْلَاحِهِ) فَلَا يُتَّبَعُ شَرْطُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ مِنْ أَصْلِهِ بَلْ يُبْدَأُ بِمَرَمَّتِهِ لِتَبْقَى عَيْنُهُ (أَوْ) شَرَطَ عَدَمَ بَدْءٍ (بِنَفَقَتِهِ) فِيمَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ كَالْحَيَوَانِ فَيَبْطُلُ شَرْطُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ. (وَأُخْرِجَ السَّاكِنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) دَارٌ مَثَلًا (لِلسُّكْنَى) وَخِيفَ عَلَيْهَا الْخَلَلُ (إنْ لَمْ يُصْلِحْ) بِأَنْ أُمِرَ بِالْإِصْلَاحِ فَأَبَى (لِتُكْرَى لَهُ) عِلَّةٌ لِلْإِخْرَاجِ أَيْ أُخْرِجَ لِأَجْلِ أَنْ تُكْرَى لِلْإِصْلَاحِ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ فَإِذَا أُصْلِحَتْ رَجَعَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إلَيْهَا فَإِنْ أَصْلَحَ ابْتِدَاءً لَمْ يُخْرَجْ. (وَأُنْفِقَ فِي فَرَسٍ) أَيْ عَلَيْهَا وَقْفٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (لِكَغَزْوٍ) وَرِبَاطٍ وَعَلَى نَحْوَ مَسْجِدٍ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَلَا يَلْزَمُ الْمُحَبِّسَ وَلَا الْمُحَبَّسَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا تُؤَجَّرُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِكَغَزْوٍ عَمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ (فَإِنْ عُدِمَ) بَيْتُ الْمَالِ، أَوْ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ (بِيعَ) الْفَرَسُ (وَعُوِّضَ بِهِ) أَيْ بَدَلِهِ (سِلَاحٌ) وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ (كَمَا) يُبَاعُ الْفَرَسُ الْحَبْسُ (لَوْ كَلِبَ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ أَصَابَهُ الْكَلْبُ وَهُوَ دَاءٌ يَعْتَرِي الْخَيْلَ كَالْجُنُونِ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا حُبِّسَ فِيهِ وَهُوَ الْغَزْوُ وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِهِ كَالطَّاحُونِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ شِقْصِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُعَوَّضُ بِهِ سِلَاحٌ فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ وَلَوْ حَذَفَهُ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا بَعْدَهُ لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ تَمَامِ التَّشْبِيهِ. (وَبِيعَ مَا) أَيْ كُلُّ حَبْسٍ (لَا يُنْتَفَعُ بِهِ) فِيمَا حُبِّسَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ؛ إذْ شَرْطُ الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ (مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ) بَيَانٌ لِمَا كَفَرَسٍ يَكْلَبُ وَثَوْبٍ يَخْلَقُ وَعَبْدٍ يَهْرَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا مِنْ غَلَّتِهَا) أَيْ إلَّا إذَا شَرَطَ الْمُحَبِّسُ أَنَّ إصْلَاحَهَا مِنْ غَلَّتِهَا، أَوْ أَنَّ مَا عَلَيْهَا مِنْ التَّوْظِيفِ يُدْفَعُ مِنْ غَلَّتِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ قِيلَ الْإِصْلَاحُ مِنْ غَلَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ فَاشْتِرَاطُهُ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا فَلِمَ قِيلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْإِصْلَاحَ، أَوْ التَّوْظِيفَ عَلَى الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَيُحَاسَبُ بِهِ مِنْ أَصْلِ الْغَلَّةِ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْإِصْلَاحَ وَالتَّوْظِيفَ مِنْ الْغَلَّةِ ابْتِدَاءً فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ اهـ خش. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمِ بَدْءٍ بِإِصْلَاحِهِ) عَطْفٌ عَلَى " إصْلَاحِهِ " وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ نَفَقَتِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى " إصْلَاحِهِ " الَّذِي بِلَصْقَةٍ لَهُ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ نَفَقَتِهِ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِصْلَاحِ غَيْرُ النَّفَقَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ كَالتَّرْمِيمِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْحَيَوَانِ مِنْ جُمْلَةِ إصْلَاحِهِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ وَيَتْرُكُ إصْلَاحَ مَا تَهَدَّمَ مِنْهُ، أَوْ يَتْرُكُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا بَطَلَ شَرْطُهُ وَتَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِمَرَمَّتِهِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: وَأُخْرِجَ السَّاكِنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ لِلْوَقْفِ رِيعٌ كَمَا لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى فُلَانٍ يَسْكُنُ فِيهَا وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِهِ الْمَوْقُوفَةِ لِإِمَامٍ وَنَحْوَهُ يَسْكُنُ فِيهِ فَإِنَّ مَرَمَّتَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَا عَلَى الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُكْرَى الْبَيْتُ لِذَلِكَ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: لِتُكْرَى لَهُ) أَيْ لِلْإِصْلَاحِ مُدَّةَ عَامٍ مَثَلًا لِيُصْلَحَ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ مَا تَهَدَّمَ مِنْهَا، إنْ قُلْت إكْرَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ لِأَنَّهَا لَمْ تُحَبَّسْ إلَّا لِلسُّكْنَى لَا لِلْكِرَاءِ، قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَمْ تُحَبَّسْ إلَّا لِلسُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْمُحَبِّسَ يَعْلَمُ أَنَّهَا تَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ وَلَمْ يُوقِفْ لَهَا مَا تُصْلَحُ بِهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ أَذِنَ فِي كِرَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا أُصْلِحَتْ) أَيْ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ رَجَعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصْلَحَ ابْتِدَاءً لَمْ يُخْرَجْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الدُّورَ الْمُحَبَّسَةَ لِلسُّكْنَى يُخَيَّرُ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ بَيْنَ إصْلَاحِهَا، وَإِكْرَائِهَا بِمَا تُصْلَحُ مِنْهُ فَفِي بْن عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَقْفِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَدُورُ الْغَلَّةِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْفَنَادِقِ مِنْ غَلَّتِهَا وَدُورُ السُّكْنَى يُخَيَّرُ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ بَيْنَ إصْلَاحِهَا، وَإِكْرَائِهَا بِمَا تُصْلَحُ مِنْهُ وَالْبَسَاتِينُ إنْ حُبِّسَتْ عَلَى مَنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ تُقْسَمُ غَلَّتُهَا سَاقَى وَيَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَهُمْ يَسْتَغِلُّونَهَا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: لِكَغَزْوٍ) أَيْ سَوَاءٌ وُقِفَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ يَغْزُو عَلَيْهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَرِبَاطٍ وَعَلَى نَحْوِ مَسْجِدٍ) أَيْ أَنَّ الْفَرَسَ مَوْقُوفٌ عَلَى الرِّبَاطِ، أَوْ الْمَسْجِدِ لِنَقْلِ أَتْرِبَتِهِ، أَوْ حَمْلِ أَخْشَابٍ مَثَلًا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ) يَعْنِي فِي غَيْرِ الْجِهَادِ بِأَنْ وُقِفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي أُمُورِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ إنْ قَبِلَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي اللَّخْمِيِّ) أَيْ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَفِي التَّوْضِيحِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْفَرَسَ إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ - يَعْنِي عَلَى غَيْرِ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ - فَإِنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَعُوِّضَ بِهِ سِلَاحٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ وَلَا يُعَوَّضُ بِهِ مِثْلُ مَا بِيعَ وَلَا شِقْصُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَخْ هَذَا فِي غَيْرِ مَا بِيعَ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: الْفَرَسُ الْحَبْسُ) أَيْ الَّذِي حُبِّسَ عَلَى الْغَزْوِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُعَوَّضُ بِهِ سِلَاحٌ) أَيْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَتَبِعَهُ تت. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَهُ) أَيْ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ كَلِبَ. (قَوْلُهُ: بِمَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ تَمَامِ التَّشْبِيهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ تَمَامُهُ غَيْرَ مُرَادٍ هُنَا.

وَكُتُبِ عِلْمٍ تَبْلَى، وَإِذَا بِيعَ جُعِلَ ثَمَنُهُ (فِي مِثْلِهِ) إنْ أَمْكَنَ (أَوْ شِقْصِهِ) إذَا لَمْ يَبْلُغْ الثَّمَنُ شَيْئًا تَامًّا بِأَنْ يُشَارَكَ بِهِ فِي جُزْءٍ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا تُصُدِّقَ بِهِ فَالْمُرَادُ بِالشِّقْصِ الْجُزْءُ (كَأَنْ أُتْلِفَ) الْحَبْسُ غَيْرُ الْعَقَارِ فَتُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ شِقْصِهِ وَسَيَأْتِي مَنْ أَتْلَفَ عَقَارًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ. (وَ) بِيعَ (فَضْلُ الذُّكُورِ) عَنْ النَّزْوِ (وَمَا كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (مِنْ الْإِنَاثِ) وَجُعِلَ ثَمَنُهَا (فِي إنَاثٍ) لِتَحْصِيلِ اللَّبَنِ وَالنِّتَاجِ مِنْهَا يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ شَيْئًا مِنْ الْأَنْعَامِ عَلَى فُقَرَاءَ، أَوْ مُعَيَّنِينَ لِيُنْتَفَعَ بِأَلْبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا فَنَسْلُهَا كَأَصْلِهَا فِي التَّحْبِيسِ فَمَا فَضَلَ مِنْ ذُكُورِ نَسْلِهَا عَنْ النَّزْوِ وَمَا كَبِرَ مِنْهَا، أَوْ مِنْ نَسْلِهَا مِنْ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُعَوَّضُ بَدَلَهُ إنَاثٌ صِغَارٌ تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ (لَا عَقَارٍ) حُبِّسَ مِنْ دُورٍ وَحَوَانِيتَ وَحَوَائِطَ وَرَبْعٍ فَلَا يُبَاعُ لِيُسْتَبْدَلَ بِهِ غَيْرُهُ (وَإِنْ خَرِبَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَنُقِضَ أَيْ مَنْقُوضُ الْحَبْسِ مِنْ الْأَحْجَارِ وَالْآجُرِّ وَالْأَخْشَابِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهَا فِيمَا حُبِّسَتْ فِيهِ جَازَ نَقْلُهَا فِي مِثْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا فِي الْوَقْفِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا الْبَاطِلُ كَالْمَسَاجِدِ وَالتَّكَايَا الَّتِي بَنَاهَا الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ بِقَرَافَةِ مِصْرَ وَنَبَشُوا مَقَابِرَ الْمُسْلِمِينَ وَضَيَّقُوا عَلَيْهِمْ فَهَذِهِ يَجِبُ هَدْمُهَا قَطْعًا وَنَقْضُهَا مَحَلُّهُ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ تُبَاعُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُبْنَى بِهَا مَسَاجِدُ فِي مَحَلٍّ جَائِزٍ، أَوْ قَنْطَرَةٌ لِنَفْعِ الْعَامَّةِ وَلَا تَكُونُ لِوَارِثِهِ إنَّ عُلِمَ إذْ هُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهَا شَيْئًا وَأَيْنَ لَهُمْ مِلْكُهُمْ وَهُمْ السَّمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ الْأَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ فَإِذَا اسْتَوْلَى بِظُلْمِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَلَبَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَصَرَفَهَا فِيمَا يُغْضِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ وَأَمَّا مَا رَتَّبُوهُ عَلَيْهَا مِنْ الْوَظَائِفِ فَيَجُوزُ تَنَاوُلُهُ بِوَصْفِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِمَا رُتِّبَ فِيهِ مِنْ أَذَانٍ، أَوْ قِرَاءَةٍ، أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا أَوْقَافُهُمْ الَّتِي بِوَسَطِ الْبَلَدِ فَهِيَ نَافِذَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ) بِيعَ (بِغَيْرِ خَرِبٍ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ خَرِبَ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ الْمُحَبَّسِ، وَإِنْ خَرِبَ وَلَوْ بِعَقَارٍ غَيْرِ خَرِبٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِ الْخَرِبِ بِغَيْرِهِ (إلَّا) أَنْ يُبَاعَ الْعَقَارُ الْحَبْسُ وَلَوْ غَيْرَ خَرِبٍ (لِتَوْسِيعِ كَمَسْجِدٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الطَّرِيقَ وَالْمَقْبَرَةَ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعُ فَيَجُوزُ بَيْعُ حَبْسِ غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِتَوْسِيعِ الثَّلَاثَةِ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْحَبْسُ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ تَأَخَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكُتُبِ عِلْمٍ تَبْلَى) أَيْ وَأَمَّا كُتُبُ الْعِلْمِ إذَا وُقِفَتْ عَلَى مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَأُمِّيٍّ، أَوْ امْرَأَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ، وَإِنَّمَا تُنْقَلُ لِمَحَلٍّ يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ كَالْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ بِمَدْرَسَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَتَخْرَبُ تِلْكَ الْمَدْرَسَةُ وَتَصِيرُ الْكُتُبُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهَا فَإِنَّهَا تُنْقَلُ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى وَلَا تُبَاعُ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْعَقَارِ) أَيْ كَفَرَسٍ وَعَبْدٍ وَثَوْبٍ وَسِلَاحٍ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَبِيعَ فَضْلُ الذُّكُورِ) أَيْ بِيعَ مَا فَضَلَ مِنْ الذُّكُورِ أَيْ مَا زَادَ مِنْهَا عَلَى الْحَاجَةِ وَبِيعَ مَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ وَجُعِلَ ثَمَنُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ فِي إنَاثٍ، إنْ قِيلَ: قَوْلُهُ " وَفَضْلُ الذُّكُورِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ " دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ " وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ " قُلْت ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ فِي إنَاثٍ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَتُوُهِّمَ أَنَّ ثَمَنَ فَضْلِ الذُّكُورِ إنَّمَا يُجْعَلُ فِي ذُكُورٍ مِثْلِهَا، أَوْ شِقْصِهَا. (قَوْلُهُ: كَأَصْلِهَا فِي التَّحْبِيسِ) أَيْ فَإِذَا وَلَدَتْ الْبَقَرَاتُ الْمُحَبَّسَةُ لِأَكْلِ لَبَنِهَا، أَوْ الْإِبِلُ، أَوْ الْغَنَمُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَمَا زَادَ مِنْ الذُّكُورِ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلنَّزْوِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ وَانْقَطَعَ لَبَنُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ إنَاثٌ تُحَبَّسُ كَأَصْلِهَا. (قَوْلُهُ: إنَاثٌ صِغَارٌ) أَيْ تُجْعَلُ حَبْسًا عِوَضًا عَمَّا بِيعَ. (قَوْلُهُ: لَا عَقَارٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى " غَيْرِ عَقَارٍ "، أَوْ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ ". (قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَذَكَرَهُ هُنَا مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ غَيْرِ شَرْطٍ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةَ وَالْعَطْفَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرِبَ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُبَاعُ الْعَقَارُ الْحَبْسُ وَلَوْ خَرِبَ وَبَقَاءُ أَحْبَاسِ السَّلَفِ دَائِرَةً دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ إنْ رَأَى الْإِمَامُ بَيْعَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ جَازَ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا فَعِنْدَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: فِي مِثْلِهِ) وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجُوزُ نَقْلُهَا لِوَقْفٍ عَامِّ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَاثِلٍ لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا رَتَّبُوهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ الْمَبْنِيَّةِ فِي الْقَرَافَةِ. (قَوْلُهُ: تَنَاوَلَهُ) أَيْ تَنَاوَلَ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْمَعْلُومِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ) أَيْ وَالسُّلْطَانُ الْوَاقِفُ لَهَا وَكِيلٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْوَاقِفِ فَلَا يُقَالُ إنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ مَمْلُوكًا وَالسُّلْطَانُ لَا يَمْلِكُ مَا وَقَفَهُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِ الْخَرِبِ) أَيْ بَيْعِ الْعَقَارِ الْحَبْسِ الْخَرِبِ بِعَقَارٍ غَيْرِ خَرِبٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُبَاعَ الْعَقَارُ الْحَبْسُ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْعَقَارِ الْحَبْسِ خَرِبَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: لِتَوْسِيعِ كَمَسْجِدٍ) أَيْ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: الْجَامِعُ) أَيْ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ قَالَ فِي الْمَوَّاقِ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَيْضًا وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ

فَالصُّوَرُ سِتٌّ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَلِذَا قَالَ (وَلَوْ جَبْرًا) إنْ أَبَى الْمُسْتَحِقُّ، أَوْ النَّاظِرُ وَإِذَا جُبِرَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ فَالْمِلْكُ أَحْرَى فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الطَّلَبَةِ حِينَ وُسِّعَ الْجَامِعُ الْأَزْهَرُ بِالْقَاهِرَةِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَسْجِدِ مِنْ الْمِيضَأَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبْسِ لِتَوْسِعَتِهَا إذْ يَتَأَتَّى الْوُضُوءُ فِي كُلِّ مَكَان. (دَرْسٌ) (وَأُمِرُوا) أَيْ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ وُجُوبًا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (بِجَعْلِ ثَمَنِهِ) أَيْ الْحَبْسِ الَّذِي بِيعَ لِتَوْسِعَةِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ فِي حَبْسٍ غَيْرِهِ. (وَمَنْ) (هَدَمَ وَقْفًا) تَعَدِّيًا (فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ) عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَالنَّقْضُ بَاقٍ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ فَيُقَوَّمُ قَائِمًا وَمَهْدُومًا وَيُؤْخَذُ مَا زَادَ عَلَى الْمَنْقُوضِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ جَوَازُ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَإِتْلَافِ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةَ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَتَنَاوَلَ الذُّرِّيَّةُ) فَاعِلُ تَنَاوَلَ أَيْ لَفْظُ الذُّرِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِي، أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ الْحَافِدَ (وَ) تَنَاوَلَ قَوْلُهُ (وَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ) وَأَوْلَادُهُمْ الْحَافِدَ (أَوْ) قَوْلُهُ وَلَدِي (الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَأَوْلَادُهُمْ الْحَافِدَ) مَفْعُولُ تَنَاوَلَ، وَالْحَافِدُ وَلَدُ الْبِنْتِ أَيْ تَنَاوَلَ كُلُّ لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلَدَ الْبِنْتِ، وَإِنْ سَفَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ فِي مَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ إذْ لَيْسَتْ الضَّرُورَةُ فِيهَا كَالْجَوَامِعِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ سِتٌّ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَوْسِيعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِبَعْضٍ مِنْهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ سِتُّ صُوَرٍ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ بَهْرَامَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ أَنَّ مَا كَانَ لِلَّهِ لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يُسْتَعَانَ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يُهْدَمُ لِضِيقِ مَقْبَرَةٍ، أَوْ طَرِيقٍ وَيُدْفَنُ فِيهِ إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى حَالِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَالْجَوَازُ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا الثَّانِيَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا جُبِرَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ لِأَجْلِ تَوْسِعَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فَالْجَبْرُ عَلَى بَيْعِ الْمِلْكِ لِأَجْلِ تَوْسِعَتِهَا أَحْرَى. (قَوْلُهُ: وَأُمِرُوا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَقْفَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا بِثَمَنٍ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ فِي فَتْوَى أَبِي سَعِيدِ بْنِ لُبٍّ أَنَّ مَا وُسِّعَ بِهِ الْمَسْجِدُ مِنْ الرِّبَاعِ لَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّضَ فِيهِ ثَمَنٌ إلَّا مَا كَانَ مِلْكًا أَوْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَأَمَّا مَا كَانَ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يَلْزَمُ تَعْوِيضُهُ أَيْ دَفْعُ ثَمَنِ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِمُعَيَّنٍ وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَجْرِ لِوَاقِفِهِ إذَا أُدْخِلَ فِي الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ مِمَّا قَصَدَ تَحْبِيسَهُ لِأَجْلِهِ أَوَّلًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَمَنْ هَدَمَ وَقْفًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْهَادِمُ وَاقِفَهُ، أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَلَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَأَصْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي النَّوَادِرِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْهَادِمَ إعَادَتُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَهْدُومُ بَالِيًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَادِمَ ظَالِمٌ بِتَعَدِّيهِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ " وَقْفًا " أَنَّهُ لَوْ هَدَمَ مِلْكًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَا إعَادَتُهُ وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى فِي الْمُتْلَفَاتِ كُلِّهَا بِمِثْلِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْهَادِمَ لِلْمَالِكِ إعَادَتُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَعَدِّيًا أَنَّهُ لَوْ هَدَمَهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا إذَا هَدَمَهُ يَظُنُّهُ غَيْرَ وَقْفٍ فَعَلَى غَيْرِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَدْمِهِ تَعَدِّيًا، أَوْ خَطَأً مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَيَلْزَمُهُ فِي الْخَطَأِ الْقِيمَةُ وَفِي الْعَمْدِ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْهَدْمِ وَحِينَئِذٍ فَالْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ يُقْضَى عَلَى مُتْلِفِهِ بِالْمِثْلِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ فَلَوْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ إنْ زَادَهُ، وَإِنْ نَقَصَ فِيهِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ أَوْ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ النَّقْصِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَهَّرَهُ عِيَاضٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ) أَيْ وَتُجْعَلُ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي عَقَارٍ مِثْلِهِ يُجْعَلُ وَقْفًا عِوَضًا عَنْ الْمَجْهُولِ. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ) أَيْ الْمُقَوَّمَةِ، أَوْ الْمُرَادُ غَيْرُ الْمِثْلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالنَّقْضُ بَاقٍ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَنْقَاضُ بَاقِيَةً لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا الْهَادِمُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا وَقَوْلُهُ فَيُقَوَّمُ قَائِمًا إلَخْ أَيْ فَإِذَا قُوِّمَ قَائِمًا بِعَشَرَةٍ وَمَهْدُومًا بِأَرْبَعَةٍ أَخَذَ نَاظِرُ الْوَقْفِ مَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ سِتَّةٌ وَأَخَذَ الْأَنْقَاضَ لِيُعِيدَهَا. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ عُمُومٍ، أَوْ خُصُوصٍ. (قَوْلُهُ: وَوَلَدِي) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ لِلْإِضَافَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِيَاءَيْنِ مُثَنًّى مُضَافٌ لِيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلَ) يَعْنِي إلَى الْحَدِّ الَّذِي أَرَادَهُ الْوَاقِفُ فَإِذَا كَرَّرَ التَّعْقِيبَ لَدَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي انْتَهَى إلَيْهَا الْمُحَبِّسُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا السَّيِّدِ مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ كَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِمَا بِخِلَافِ فُلَانٌ وَصِيٌّ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ فَإِنَّ غَيْرَ مَنْ سَمَّى مِنْ أَوْلَادِهِ يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَلَهُ غَرَضٌ فِي نَفْعِ الْبَعْضِ لِفَقْرِهِ اهـ وَفِي عبق. (فَرْعٌ) إنْ قَالَ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.

ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ حَذَفَ " وَأَوْلَادُهُمْ " مِنْ الصِّيغَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَافِدُ وَلَا ابْنُ الِابْنِ وَأَمَّا فِي الذُّرِّيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ (لَا) يَتَنَاوَلُ قَوْلُهُ (نَسْلِي وَعَقِبِي) وَلَا نَسْلُ نَسْلِي، أَوْ عَقِبُ عَقِبِي الْحَافِدَ إذْ نَسْلُ الرَّجُلِ وَعَقِبُهُ ذُرِّيَّتُهُ الذُّكُورُ وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَبْنَى أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ الْآنَ دُخُولُهُ. (وَ) كَذَا (وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي) بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَافِدَ بَلْ وَلَدَهُ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَوَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ (وَ) كَذَا (أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي) بِالْجَمْعِ أَيْضًا لَا يَدْخُلُ الْحَافِدُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَفْرَدَ بِالْأَوْلَى فِي عَدَمِ التَّنَاوُلِ وَيَدْخُلُ فِيهِ بَنَاتُهُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفُ بَلَدٍ بِإِطْلَاقِ الْوَلَدِ عَلَى الذَّكَرِ خَاصَّةً (وَبَنِي وَبَنِي بَنِيَّ) لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَافِدُ وَدَخَلَ بَنَاتُ أَبْنَائِهِ دُونَ بَنَاتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ بِدُخُولِ الْبَنَاتِ فِي هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (وَفِي) دُخُولِ الْحَافِدِ فِي قَوْلِهِ وَقْفٌ (عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِهِمْ) نَظَرًا لِقَوْلِهِ وَلَدِهِمْ حَيْثُ أَضَافَهُ لِضَمِيرِهِمْ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي حَيْثُ أَضَافَهُ لِضَمِيرِ نَفْسِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ بِنْتِهِ إذْ لَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ وَلَدُ الْوَلَدِ وَعَدَمُ دُخُولِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَبَيْنَ أَوْلَادِهِمْ (قَوْلَانِ وَ) تَنَاوَلَ (الْإِخْوَةُ الْأَخَوَاتِ) وَلَوْ لِأُمٍّ، وَفِي نُسْخَةٍ وَالْإِخْوَةُ الْأُنْثَى أَيْ تَنَاوَلَ لَفْظُ الْإِخْوَةِ الْأُنْثَى مِنْهُمْ (وَ) تَنَاوَلَ (رِجَالُ إخْوَتِي وَنِسَاؤُهُمْ الصَّغِيرَ) مِنْهُمْ وَالصَّغِيرَةَ وَسَوَاءٌ أَفْرَدَ، أَوْ جَمَعَ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَوَّلِ الذُّكُورُ وَمِنْ الثَّانِي الْإِنَاثُ (وَ) تَنَاوَلَ (بَنُو أَبِي إخْوَتَهُ) أَشِقَّاءَ، أَوْ لِأَبٍ (الذُّكُورَ وَأَوْلَادَهُمْ) الذُّكُورَ خَاصَّةً وَيَدْخُلُ أَيْضًا ابْنُ الْوَاقِفِ دُونَ بِنْتِهِ لِتَعْبِيرِهِ بِبَنِيَّ. (وَ) تَنَاوَلَ (آلِي) أَصْلُهُ أَوْلٌ وَقِيلَ أَهْلٌ وَقَدْ سُمِعَ تَصْغِيرُهُ عَلَى أُوَيْلٍ وَأُهَيْلٍ (وَأَهْلِي ـــــــــــــــــــــــــــــQفَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَوَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ دَخَلَ وَلَدُ الْبِنْتِ إنْ ذَكَرَ " فَمَنْ مَاتَ إلَخْ " مِنْ تَمَامِ صِيغَةِ الْوَقْفِ فَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَدْخُلْ عِنْدَ مَالِكٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ تَمَامِ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ وَالتَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَدْخَلَهُمْ فَإِنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى ابْنَتِي وَوَلَدِهَا دَخَلَ أَوْلَادُهَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَإِنْ مَاتُوا كَانَ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَلَا شَيْءَ لِابْنِ بِنْتٍ ذَكَرٍ وَلَا لِابْنِ بِنْتٍ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) أَيْ كَانَ وَلَدُ الْبِنْتِ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَذَفَ " وَأَوْلَادِهِمْ " مِنْ الصِّيغَتَيْنِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَأَوْلَادِهِمْ " رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصِّيغَتَيْنِ، أَوْ أَنَّهُ حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثَةِ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ إفْرَادَ ضَمِيرِ أَوْلَادِهِمْ فِي الصِّيغَتَيْنِ كَجَمْعِهِ بِتَأْوِيلِ أَوْلَادِهِ مِنْ ذَكَرٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي دُخُولِ ابْنِ الِابْنِ وَالْحَافِدِ ذِكْرُهُ أَيْ ذِكْرُ أَوْلَادِهِمْ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ قَوْلُهُ: نَسْلِي وَعَقِبِي) أَيْ وَلَا أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: ذُرِّيَّتُهُ الذُّكُورُ) الْأَوْلَى ذُرِّيَّتُهُ وَذُرِّيَّةُ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ، وَإِلَّا فَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ بِنْتَهُ وَبِنْتَ ابْنِهِ لَا يُقَالُ لَهَا نَسْلٌ وَعَقِبٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَدَهُ) أَيْ بَلْ يَتَنَاوَلُ وَلَدَهُ أَيْ الْوَاقِفِ وَقَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى بَيَانٌ لِوَلَدِهِ وَقَوْلُهُ: وَوَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ أَيْ وَيَتَنَاوَلُ وَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ أَيْ وَلَا يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ وَلَدِهِ الْأُنْثَى وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ دُخُولِ الْحَافِدِ فِي قَوْلِهِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي هُوَ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مَالِكٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِهِ وَقَالَ عَقِيبَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَفْرَدَ) أَيْ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ وَمَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى فِي عَدَمِ التَّنَاوُلِ وَكَذَا فِي الصِّيغَةِ الْآتِيَةِ فَالصُّوَرُ الْمُخَرَّجَةُ ثَمَانِيَةٌ غَيْرُ صُورَةِ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) فِيهِ أَنَّ لَفْظَ بَنِيَّ لَا يَصْدُقُ إلَّا عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَدْخُلُ بَنَاتُهُ وَلَا بَنَاتُ أَبْنَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِدُخُولِ الْبَنَاتِ) أَيْ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَبِدُخُولِ أَوْلَادِ الذُّكُورِ أَيْضًا ذُكُورًا، وَإِنَاثًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَنِيَّ وَبَنِي بَنِيَّ أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ وَلَدِي مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ جَمِيعَ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْلَادِي وَأَوْلَادُهُمْ فَيَشْمَلُ وَلَدَ الذُّكُورِ وَوَلَدَ الْأُنْثَى وَهُوَ الْحَافِدُ. (قَوْلُهُ: وَتَنَاوَلَ الْإِخْوَةُ) أَيْ تَنَاوَلَ قَوْلُ الْوَاقِفِ: وَقْفٌ عَلَى إخْوَتِي الْأَخَوَاتِ وَالْإِنَاثِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَفْرَدَ، أَوْ جَمَعَ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَإِنْ أَفْرَدَ بِأَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى رِجَالِ إخْوَتِي فَقَطْ لَمْ يَشْمَلْ الصَّغِيرَ، أَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى نِسَاءٍ إخْوَتِي فَقَطْ لَمْ يَشْمَلْ الصَّغِيرَةَ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ أَيْضًا ابْنُ الْوَاقِفِ دُونَ بِنْتِهِ) وَفِي دُخُولِ الْوَاقِفِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعَدَمِ دُخُولِهِ قَوْلَانِ وَلَعَلَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي دُخُولِ الْمُتَكَلِّمِ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَعَدَمِ دُخُولِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهِ مَا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَصْدِيِّ وَلَوْ بِشَرِيكٍ وَمَا هُنَا تَبَعِيٌّ لِعُمُومِ كَلَامِهِ هُنَا كَذَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ لَكِنْ رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ عج بِأَنَّ ظَاهِرَ النُّصُوصِ بُطْلَانُ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَصْدِيِّ

الْعَصَبَةَ وَمَنْ) أَيْ وَتَنَاوَلَ امْرَأَةً (لَوْ رُجِّلَتْ) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا رَجُلٌ (عَصَبَتْ) كَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ وَبِنْتِ عَمٍّ وَلَوْ بَعُدَتْ وَجَدَّةٍ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ (وَ) تَنَاوَلَ (أَقْرَبُ أَقَارِبَ جِهَتَيْهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَجِهَةِ أُمِّهِ (مُطْلَقًا) أَيْ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا كَانَ مَنْ يَقْرُبُ لِأُمِّهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا، أَوْ جِهَةِ أُمِّهَا ذُكُورًا، وَإِنَاثًا كَوَلَدِ الْخَالِ أَوْ الْخَالَةِ (وَإِنْ) كَانُوا (نَصْرَى) لُغَةٌ فِي نَصَارَى وَلَوْ قَالَ وَلَوْ كُفَّارًا كَانَ أَشْمَلَ (وَ) تَنَاوَلَ (مَوَالِيهِ) كَأَنْ يَقُولَ وَقْفٌ عَلَى مَوَالِيَّ (الْمُعْتَقَ) بِالْفَتْحِ أَيْ عَتِيقَ الْوَاقِفِ (وَوَلَدَهُ) لِصُلْبِهِ وَوَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرَ (وَ) تَنَاوَلَ (مُعْتَقَ أَبِيهِ وَ) مُعْتَقَ (ابْنِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمَوَالِي يَتَنَاوَلُ مُعْتَقَ أَصْلِ الْوَاقِفِ وَمُعْتَقَ فَرْعِهِ وَلَوْ سَفَلَ وَلَوْ بِالْجَرِّ فِيهِمَا فَيَشْمَلُ مَنْ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ بِالِانْجِرَارِ بِوِلَادَةٍ، أَوْ عِتْقٍ وَمَنْ وَلَاؤُهُ لِأَصْلِهِ، أَوْ لِفَرْعِهِ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ دُخُولِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَ الْوَاقِفَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِ. (وَ) تَنَاوَلَ (قَوْمُهُ عَصَبَتَهُ فَقَطْ) دُونَ النِّسَاءِ وَمَنْ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَبَتْ (وَ) تَنَاوَلَ (طِفْلٌ وَصَغِيرٌ وَصَبِيٌّ) فِي قَوْلِهِ وَقْفٌ عَلَى أَطْفَالِي، أَوْ أَطْفَالِ فُلَانٍ، أَوْ صِغَارِي أَوْ صِبْيَانِي (مَنْ لَمْ يَبْلُغْ) فَإِنْ بَلَغَ فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَ) تَنَاوَلَ (شَابٌّ وَحَدَثٌ) بَالِغًا (لِلْأَرْبَعِينَ) أَيْ لِتَمَامِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ (فَكَهْلٌ لِلسِّتِّينَ وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ عَلَى السِّتِّينَ (فَشَيْخٌ) فَمَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى كُهُولِ قَوْمِي اخْتَصَّ بِهِ مَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِلسِّتِّينَ وَمَنْ قَالَ عَلَى مَشَايِخِهِمْ اخْتَصَّ بِهِ مَنْ زَادَ عَلَى السِّتِّينَ لِمُنْتَهَى الْعُمُرِ (وَشَمِلَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا أَيْ قَوْلُهُ طِفْلٌ وَمَا بَعْدَهُ (الْأُنْثَى) فَلَا يَخْتَصُّ بِالذَّكَرِ (كَالْأَرْمَلِ) يَشْمَلُ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الشَّخْصُ الْأَرْمَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّبَعِيِّ اهـ وَعُرْفُ مِصْرَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْوَاقِفُ وَلَا وَلَدُهُ. (قَوْلُهُ: الْعَصَبَةَ) أَيْ كُلَّهُمْ مِنْ ابْنٍ وَأَبٍ وَجَدٍّ، وَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ وَبَنِيهِمْ الذُّكُورِ. (قَوْلُهُ: عَصَبَتْ) أَيْ كَانَتْ عَاصِبًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ التَّقْدِيرِ عَصَبَةً بِالْغَيْرِ، أَوْ مَعَ الْغَيْرِ كَأُخْتٍ مَعَ أَخٍ، أَوْ بِنْتٍ مَعَ بِنْتٍ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَاصِبَةٍ أَصْلًا كَأُمٍّ وَجَدَّةٍ. (قَوْلُهُ: كَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ) أَيْ وَكَذَا بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ جِهَةِ أُمِّهَا) أَيْ فَتَدْخُلُ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَأَوْلَادُهُنَّ وَيَدْخُلُ أَيْضًا بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَيَدْخُلُ الْخَالُ وَابْنُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ دُخُولِ أَقَارِبِ جِهَتَيْهِ مُطْلَقًا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَدْخُلُ قَرَابَتُهُ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَرَوَى عِيسَى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ إنْ كَانَ لَهُمْ قَرَابَةٌ مِنْ الرِّجَالِ، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُونَ وَالرَّاجِحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَوَلَدِ الْخَالِ) مِثَالٌ لِمَنْ يَقْرُبُهُ لِأُمِّهِ مِنْ أَبِيهَا وَأَمَّا وَلَدُ الْخَالَةِ فَهُوَ مِثَالٌ لِمَنْ يَقْرُبُ لِأُمِّهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا) أَيْ أَقَارِبُ جِهَتَيْهِ نَصَارَى أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِصِدْقِ اسْمِ الْقَرَابَةِ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ مِنْهُمْ عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِمُنْتَقَى الْبَاجِيَّ عَنْ أَشْهَبَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ " وَذِمِّيٍّ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ " فَسَقَطَ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ لَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَصَوَابُ قَوْلِهِ وَإِنْ نَصَارَى، وَإِنْ قَصَوْا أَيْ بَعُدُوا إذْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ عَدَمُ وُجُودِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَنَاوَلَ مَوَالِيهِ الْمُعْتَقَ وَوَلَدَهُ وَمُعْتَقَ أَبِيهِ وَابْنِهِ) أَيْ بِخِلَافِ وَقْفٌ عَلَى عُتَقَائِي وَذُرِّيَّتِهِمْ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِعُتَقَائِهِ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُمْ كَمَا فِي عُرْفِ مِصْرَ وَلَا يَشْمَلُ عُتَقَاءَ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ فَلَيْسَ هَذَا كَلَفْظِ مَوَالِيَّ مِنْ جُمْلَةِ عُتَقَائِهِ مَنْ أَوْصَى بِشِرَائِهِ وَعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَمِنْ بَعْدِهِمْ مَثَلًا عَلَى عُتَقَائِي، ثُمَّ إنَّهُ حِينَ مَرِضَ أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ وَعِتْقِهَا فَإِنَّ تِلْكَ الرَّقَبَةَ تَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ عُتَقَائِهِ وَتَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَقْفِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمِعْيَارِ. (قَوْلُهُ: الذَّكَرِ) صِفَةٌ لِوَلَدِ وَأَمَّا وَلَدُ الْوَلَدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ مَنْ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوَاقِفُ وَقَوْلُهُ: بِالِانْجِرَارِ بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ بِأَنْ يَلِدَ الْعَتِيقُ الَّذِي أَعْتَقَهُ الْوَاقِفُ وَلَدًا، أَوْ يُعْتِقَ الْعَتِيقُ عَتِيقًا. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ بِالْجَرِّ بِوِلَادَةٍ، أَوْ عِتْقٍ بِأَنْ كَانَ أَصْلُ الْوَاقِفِ، أَوْ فَرْعُهُ أَعْتَقَ عَتِيقًا وَذَلِكَ الْعَتِيقُ وُلِدَ لَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَتِيقًا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: عَصَبَتَهُ فَقَطْ) أَيْ عَصَبَتَهُ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ وَهُمْ الرِّجَالُ وَقَوْلُهُ: دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ مَنْ رُجِّلَتْ إلَخْ وَلَوْ كَانَتْ عَاصِبَةً بِالْغَيْرِ، أَوْ مَعَ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: وَقْفٌ عَلَى أَطْفَالِي) أَيْ أَوْ عَلَى أَطْفَالِ أَوْلَادِي وَقَوْلُهُ: أَوْ صِغَارِي أَيْ صِغَارِ أَوْلَادِي وَقَوْلُهُ: أَوْ صِبْيَانِي أَيْ أَوْ صِبْيَانِ أَوْلَادِي. (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَتَنَاوَلَ شَابٌّ وَحَدَثٌ بَالِغًا لِلْأَرْبَعِينَ) أَيْ فَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى شَبَابِ قَوْمِي، أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَحْدَاثِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْأَرْبَعِينَ فَإِذَا بَلَغَ الْأَرْبَعِينَ أُخْرِجَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَهْلٌ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ فِي الْأَرْبَعِينَ بِأَنْ زَادَ عَلَيْهَا فَكَهْلٌ فَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى كُهُولِ قَوْمِي أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا مَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ عَامًا وَلَمْ يُجَاوِزْ السِّتِّينَ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ إلَخْ) فِعْلٌ مَاضٍ فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: كَالْأَرْمَلِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ وَقْفٌ عَلَى

وَهُوَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ (وَالْمِلْكُ) لِرَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ (لِلْوَاقِفِ لَا الْغَلَّةُ) مِنْ ثَمَرٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ فَإِنَّهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَتْ الرَّقَبَةُ لِلْوَاقِفِ (فَلَهُ) إنْ كَانَ حَيًّا (وَلِوَارِثِهِ) إنْ مَاتَ (مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ) إذَا خَرِبَ، أَوْ احْتَاجَ لِلْإِصْلَاحِ وَهَذَا إذَا أَصْلَحُوا، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمْ الْمَنْعُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا. (وَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِزِيَادَةٍ) إذَا وَقَعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَجِيبَةً فَإِنْ وَقَعَتْ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَادَ غَيْرُهُ مَا يَبْلُغُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فُسِخَتْ لَهُ وَلَوْ الْتَزَمَ الْأَوَّلُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي زِيدَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَنْ زَادَ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ زِيَادَةُ مَنْ زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنْ بَلَغَهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ. (وَلَا يُقْسَمُ) مِنْ كِرَاءِ الْوَقْفِ (إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ) إذْ لَوْ قُسِمَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إحْرَامِ مَنْ يُولَدُ، أَوْ إعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ إذَا مَاتَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْفُقَرَاءِ جَازَ لِلنَّاظِرِ كِرَاؤُهُ بِالنَّقْدِ أَيْ التَّعْجِيلِ وَالصَّرْفِ لِلْفُقَرَاءِ لِلْأَمْنِ مِنْ إحْرَامِ مَنْ يَسْتَحِقُّ، وَإِعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ لِعَدَمِ لُزُومِ تَعْمِيمِهِمْ وَمِثْلُ الْمُعَيَّنِينَ الْمُدَرِّسُونَ وَخَدَمَةُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوُهُمْ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَالْأَجِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرَامِلِ قَوْمِي، أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى بَنَاتِي أَوْ زَوْجَاتِي مَثَلًا وَكُلُّ مَنْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا فَمَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْهُنَّ سَقَطَ حَقُّهَا عَمَلًا بِشَرْطِهِ فَإِنْ تَأَيَّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ لَهَا اسْتِحْقَاقُهَا وَكَذَلِكَ إذَا وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ سَافَرَ مِنْهُمْ لِمَحَلِّ كَذَا سَقَطَ حَقُّهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ سَافَرَ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنْ عَادَ رَجَعَ لَهُ اسْتِحْقَاقُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: فَلَهُ وَلِوَارِثِهِ مَنْعُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلِأَنَّ إصْلَاحَ الْغَيْرِ مَظِنَّةٌ لِتَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ بِخِلَافِ إصْلَاحِ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُهُ عَنْ حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْوَارِثُ فَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ كَذَا قَالَ عبق وَرَدَّهُ بْن قَائِلًا اُنْظُرْ مَنْ قَالَ هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ أَرَادَ التَّبَرُّعَ بِإِصْلَاحِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَنْعُ الْوَاقِفِ وَوَارِثِهِ لِمَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ إذَا أَصْلَحُوا أَيْ إذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ، أَوْ وَارِثُهُ إصْلَاحَ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمْ الْمَنْعُ) أَيْ بَلْ الْأَوْلَى لَهُمْ تَمْكِينُ مَنْ أَرَادَ بِنَاءَهُ إذَا خَرِبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْمِلْكِ كَالْعِتْقِ وَقِيلَ إنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْمِلْكِ وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ إسْقَاطِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مِلْكَ فُلَانٍ بِالدُّخُولِ فِي وَقْفِهِ عَلَى الثَّانِي وَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا الْخِلَافُ قِيلَ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ وَأَمَّا فِيهَا فَهُوَ إسْقَاطٌ قَطْعًا كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَقِيلَ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهَا أَيْضًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ. فَإِنْ قُلْتَ: الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ مُشْكِلٌ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا وَالْجُمُعَةُ لَا تُقَامُ فِي الْمَمْلُوكِ. قُلْتُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِمِلْكِ الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ الْمِلْكَ الْحَقِيقِيَّ حَتَّى تُمْنَعَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ بَلْ الْمُرَادُ بِمِلْكِهِ لَهُ مَنْعُ الْغَيْرِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَهُ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَجِيبَةً) أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً نَقَدَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا، وَمِثْلُ الْوَجِيبَةِ الْمُشَاهَرَةُ الَّتِي نُقِدَ فِيهَا الْكِرَاءُ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ إذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ لَازِمًا لَكَانَ شَامِلًا لَهُمَا. (قَوْلُهُ: فُسِخَتْ لَهُ) أَيْ فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي الَّذِي زَادَ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا وَقْتَ إجَارَةِ الْأَوَّلِ، أَوْ كَانَ غَائِبًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَتْ إلَخْ) مِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْعَامَّةِ الزِّيَادَةُ فِي الْوَقْفِ حَلَالٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُكْتَرًى بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَزَمَ الْأَوَّلُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ وَقْفٍ وَقَعَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا شَخْصٌ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا تُجَابُ لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَقَطْ فَإِنَّهَا تُجَابُ لِذَلِكَ اهـ عبق وَمَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا الْتَزَمَ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ مَعَ الثَّانِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ) مَاضٍ: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَزَمَنُهُ: مَرْفُوعٌ بِمَاضٍ أَيْ وَلَا يُقْسَمُ إلَّا خَرَاجٌ، أَوْ كِرَاءٌ مَاضٍ زَمَنُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَبْسَ إذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَأَوْلَادِهِمْ فَإِنَّ النَّاظِرَ عَلَيْهِ لَا يَقْسِمُ مِنْ غَلَّتِهِ إلَّا الْغَلَّةَ الَّتِي مَضَى زَمَنُهَا فَإِذَا آجَرَ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ مُدَّةً فَلَا يُفَرِّقُ الْأُجْرَةَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ، أَوْ عَجَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَهُ قَبْلَ تَمَامِهَا. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ قُسِمَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ) أَيْ بِأَنْ عَجَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَأُرِيدَ قَسْمُهَا. (قَوْلُهُ: لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إحْرَامِ مَنْ يُولَدُ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إذَا مَاتَ. (قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ حَالًا قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمْ) أَيْ فَلَا يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ إلَّا غَلَّةُ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ

لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ خَرَاجِيًّا، أَوْ هِلَالِيًّا (وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى مُعَيَّنٍ) كَفُلَانٍ وَأَوْلَادِهِ (كَالسَّنَتَيْنِ) وَالثَّلَاثِ لَا أَكْثَرَ وَقِيلَ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ عَلَى فُقَرَاءَ وَنَحْوِهِمْ جَازَ كِرَاءُ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ أَرْضًا وَالْعَامِ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ دَارًا وَنَحْوَهَا فَإِنْ أَكْرَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَضَى إنْ كَانَ نَظَرًا ولَا يُفْسَخُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ تَقْتَضِي الْكِرَاءَ لِأَكْثَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ كَمَا لَوْ انْهَدَمَ الْوَقْفُ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهُ بِمَا يُبْنَى بِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ كَأَرْبَعِينَ عَامًا، أَوْ أَزْيَدَ بِقَدْرِ مَا تَقْتَضِي الضَّرُورَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ ضَيَاعِهِ وَانْدِرَاسِهِ (وَ) أَكْرَى مُسْتَحِقٌّ (لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ) وَنَحْوِهَا مِنْ السِّنِينَ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لَهُ وَصُورَتُهَا حَبَّسَ عَلَى زَيْدٍ دَارًا مَثَلًا، ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو فَأَكْرَاهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو الَّذِي لَهُ الْمَرْجِعُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ مُدَّةً، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهَا. (وَإِنْ) (بَنَى، أَوْ غَرَسَ مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) وَلَوْ بِالْوَصْفِ كَإِمَامٍ وَمُدَرِّسٍ (فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ) شَيْئًا (فَهُوَ وَقْفٌ) كَمَا لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ اسْتَحَقَّهُ وَارِثُهُ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَفْهُومُ " مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ " أَنَّهُ لَوْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ كَانَ لَهُ مِلْكًا فَلَهُ نَقْضُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَبْسُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ، وَإِلَّا فَيُوَفَّى لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا لَوْ بَنَى النَّاظِرُ، أَوْ أَصْلَحَ. (وَ) إذَا وَقَفَ (عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ) كَالْفُقَرَاءِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ (أَوْ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ، أَوْ عَلَى كَوَلَدِهِ) ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ عَلَى إخْوَتِهِ، أَوْ بَنِي عَمِّهِ (وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ) بِقَوْلِهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ (فَضَّلَ الْمُوَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ النَّاظِرُ أَيْ قَدَّمَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ) الْفُقَرَاءَ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ الْإِحْسَانُ وَالْإِرْفَاقُ (فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ إذَا عُزِلَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَلِوَارِثِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا. (قَوْلُهُ: خَرَاجِيًّا) أَيْ يُقْبَضُ كُلَّ سَنَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ هِلَالِيًّا أَيْ يُقْبَضُ فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ. (قَوْلُهُ: وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّاظِرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ كَذَا فِي عبق وَكَبِيرِ خش قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ تَأَمَّلْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي " وَأَكْرَى لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ " مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ مَا هُنَا أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقَّ أَيْ أَوْ غَيْرِهِ لَا تُكْرَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ إذَا أَكْرَى لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَأَمَّا إذَا أَكْرَى لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ لَهُ كَالْعَشْرِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَرْضًا إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُعَيَّنِينَ وَغَيْرِهِمْ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَإِنْ كَانَ دَارًا فَلَا تُؤَاجَرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ السَّنَةُ فِي الدَّارِ وَالثَّلَاثُ سِنِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: كَالْعَشْرِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَالدَّارِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كِرَائِهَا لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ كَمَا قَالَ الْوَاقِفُ لَا يُكْرِي إلَّا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَنَى مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمْ يُحَزْ عَنْ وَاقِفِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ وَيُجَابُ بِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا بُنِيَ فِيهِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّهُ وَارِثُهُ) أَيْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْبِنَاءَ وَارِثُهُ إذَا مَاتَ فَيَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا، أَوْ نَقْضُهُ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ هَدْمُهُ وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ كَبِنَاءِ الْأَجْنَبِيِّ الْآتِي كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: لَوْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ وَقْفٌ، أَوْ مِلْكٌ وَأَوْلَى إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ كَانَ وَقْفًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَانِيَ فِي الْوَقْفِ إمَّا مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُبَيِّنَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّ مَا بَنَاهُ مِلْكٌ أَوْ وَقْفٌ، أَوْ لَا يُبَيِّنَ شَيْئًا فَإِنْ بَيَّنَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهُ وَقْفٌ كَانَ وَقْفًا وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَ وَقْفًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَانِي مُحَبَّسًا عَلَيْهِ أَوْ لَهُ، أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَالْأَجْنَبِيِّ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ نَقْضُهُ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ هَدْمُهُ وَأَخْذُ أَنْقَاضِهِ، أَوْ بِضَمِّهَا بِمَعْنَى الْمَنْقُوضِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَةِ النَّقْضِ أَوْ النَّقْضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ الَّذِي بَنَى فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيُوَفَّى لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ) أَيْ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَقْفًا. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَنَى النَّاظِرُ، أَوْ أَصْلَحَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُوَفَّى لَهُ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ وَيُجْعَلُ الْبِنَاءُ وَقْفًا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى قَوْمٍ إلَخْ) أَيْ كَبَنِي فُلَانٍ وَأَعْقَابِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَالْعِيَالِ) أَيْ وَأَهْلِ الْعِيَالِ الْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا حَاجَةٍ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِرْفَاقُ) أَيْ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: فِي غَلَّةٍ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ تَفْرِيقَ الْغَلَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ: وَسُكْنَى أَيْ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ سُكْنَاهُمْ ثُمَّ إنَّ التَّفْصِيلَ بِالسُّكْنَى بِالتَّخْصِيصِ وَأَمَّا بِالْغَلَّةِ فَهُوَ إمَّا بِالزِّيَادَةِ إنْ قَبِلَتْ الِاشْتِرَاكَ أَوْ بِالتَّخْصِيصِ إنْ لَمْ تَسَعْ الِاشْتِرَاكَ قَالَهُ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَفْضِيلِ ذِي الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ بِالْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ

[باب الهبة]

وَلَا يُعْطَى الْغَنِيُّ فَإِنْ عَيَّنَ كَوَلَدِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَفَاطِمَةَ فَإِنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَهُمْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ (وَلَمْ يُخْرَجْ سَاكِنٌ) بِوَصْفِ اسْتِحْقَاقِ فَقْرٍ فَاسْتَغْنَى (لِغَيْرِهِ) وَلَوْ مُحْتَاجًا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ الِاحْتِيَاجُ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَذَا لَوْ سَكَنَ الْأَوَّلُ بِوَصْفِ طَلَبِ عِلْمٍ مَا لَمْ يَتْرُكْ الطَّلَبَ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ كَمَا لَوْ سَكَنَ بِوَصْفٍ، ثُمَّ زَالَ كَأَحْدَاثِ قَوْمِي أَوْ صِغَارِهِمْ (إلَّا بِشَرْطٍ) مِنْ الْمُحَبِّسِ أَنَّ مَنْ اسْتَغْنَى يُخْرَجُ لِغَيْرِهِ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ (أَوْ سَفَرِ انْقِطَاعٍ) فَيَأْخُذُهُ غَيْرُهُ فَإِنْ سَافَرَ لِيَعُودَ فَلَا يُخْرَجُ أَيْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَهُ حَبْسُ مِفْتَاحِهِ لَا كِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ انْتِفَاعٍ لَا مَنْفَعَةٍ وَقِيلَ: يُكْرِيهِ إلَى أَنْ يَعُودَ (أَوْ) سَفَرٍ (بَعِيدٍ) يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ عَوْدِهِ مِنْهُ [دَرْسٌ] (بَابٌ) (الْهِبَةُ) بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ) أَيْ تَمْلِيكُ ذَاتٍ وَأَمَّا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ فَإِمَّا وَقْفٌ، وَإِمَّا عَارِيَّةٌ إنْ قُيِّدَ بِزَمَنٍ وَلَوْ عُرْفًا، وَإِمَّا عُمْرِيٌّ إنْ قُيِّدَ بِحَيَاةِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ فِي دَارٍ وَنَحْوِهَا وَيَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ هِبَةُ الثَّوَابِ وَسَتَأْتِي فَالتَّعْرِيفُ لِهِبَةِ غَيْرِ الثَّوَابِ وَتُسَمَّى هَدِيَّةً وَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ) وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَالتَّمْلِيكُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ سَوَاءٌ قَصَدَ الْمُعْطِي أَيْضًا أَمْ لَا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَمْلِيكُ ذَاتٍ بِلَا عِوَضٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى فَقَطْ هِبَةٌ، وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ كَانَ أَبَيْنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الْهِبَةَ مُقَسَّمٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ قِسْمٌ مِنْ التَّمْلِيكِ أَوْ الْإِعْطَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّمْلِيكَ كَالْجِنْسِ لَهُمَا وَيَفْتَرِقَانِ بِالْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ وَتَدْخُلُ الزَّكَاةُ فِي تَعْرِيفِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَشْمَلُ الْوَاجِبَةَ وَالْمَنْدُوبَةَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُنَا الثَّانِيَ لِتَقَدُّمِ الْوَاجِبَةِ (وَصَحَّتْ) أَيْ الْهِبَةُ (فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ) لِلْوَاهِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفَضَّلُ الْأَعْلَى فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ أُعْطِيَ لِلْأَسْفَلِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ يُسَوَّى بَيْنَهُمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَجْوِبَتِهِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ إنَّهُ أَحْسَنُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ أَقْرَبُ، لَكِنْ الْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ فِي الْمُعَقَّبِ فَقَطْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يُقْسَمُ مَا عَلَى غَيْرِ الْمُنْحَصِرِ بِالِاجْتِهَادِ اتِّفَاقًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْطَى الْغَنِيُّ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ " أَهْلَ الْحَاجَةِ " وَعِبَارَةُ عبق وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَهْلَ الْحَاجَةِ أَنَّ الْغَنِيَّ لَا يُعْطَى شَيْئًا وَأَنَّهُمْ إنْ تَسَاوَوْا فَقْرًا، أَوْ غِنًى أُوثِرَ الْأَقْرَبُ بِالِاجْتِهَادِ وَأُعْطِيَ الْفَضْلُ لِمَنْ يَلِيهِ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَقْرًا، أَوْ غِنًى وَلَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ وَلَمْ يَسَعْهُمْ أُكْرِيَ عَلَيْهِمْ وَقُسِمَ كِرَاؤُهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمْ بِمَا يَصِيرُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ الْكِرَاءِ وَيَسْكُنَ فِيهَا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُوَلَّى يُسَوِّي بَيْنَهُمْ أَيْ فِي الْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخْرَجْ) مِثْلُ السُّكْنَى فِي ذَلِكَ الْغَلَّةُ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُخْرَجْ سَاكِنٌ لِغَيْرِهِ وَلَوْ مُحْتَاجًا فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ، أَوْ عَلَى كَوَلَدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، أَوْ عَلَى الشَّبَابِ، أَوْ الصِّغَارِ أَوْ الْأَحْدَاثِ فَإِنَّ مَنْ زَالَ وَصْفُهُ بَعْدَ سُكْنَاهُ يُخْرَجُ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا لَوْ سَكَنَ بِوَصْفٍ أَيْ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ الْوَقْفِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي عُلِّقَ بِوَصْفٍ وَقَدْ زَالَ فَيَزُولُ الِاسْتِحْقَاقُ بِزَوَالِهِ وَأَمَّا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَالِاسْتِحْقَاقُ لَمْ يُعَلَّقْ بِالْفَقْرِ بَلْ بِغَيْرِهِ وَالْفُقَرَاءُ مُقْتَضٍ لِتَقْدِيمِهِ فَقَطْ وَالْمَعْنَى الَّذِي عُلِّقَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ بَاقٍ لَمْ يَزُلْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ خُرُوجِهِ عَدَمُ سُقُوطِ حَقِّهِ، وَإِلَّا فَهُوَ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ وَأَخَذَ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ فَإِنْ سَافَرَ لِيَعُودَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ أَنَّ مَنْ قَامَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِوُضُوءٍ مَثَلًا فَهُوَ أَحَقُّ بِمَوْضِعِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُكْرِيهِ إلَى أَنْ يَعُودَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ وَفِي حَمْلِ سَفَرِهِ مَعَ جَهْلِ حَالِهِ عَلَى الِانْقِطَاعِ، أَوْ الرُّجُوعِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الثَّانِي. [بَابٌ الْهِبَةُ] ُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ ". (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ) أَيْ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ تَمْلِيكُ ذَاتٍ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفِ لِلْهِبَةِ غَيْرُ مَانِعٍ لِصَدَقَةٍ بِتَمْلِيكِ الْإِنْكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَتَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ وَبِالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لِلتَّصَرُّفِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ تَمْلِيكُ الذَّاتِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَخَرَجَ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ) أَيْ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَصَدَ إلَخْ) لَكِنْ إذَا قَصَدَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ بِالْعَطِيَّةِ ثَوَابَ الْآخِرَةِ فَقَطْ فَهِيَ صَدَقَةٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ قَصَدَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ مَعَ وَجْهِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ فَصَدَقَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الْأَقَلِّ مَا أَعْطَى لَهُمَا مَعًا فَهُوَ هِبَةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ الْهِبَةَ مُقَسَّمٌ) أَيْ أَنَّ الْهِبَةَ تَنْقَسِمُ إلَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْسِيمِ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَوَجْهُ الْإِيهَامِ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ. (قَوْلُهُ: وَيَفْتَرِقَانِ بِالْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ) أَيْ فَإِذَا قَصَدَ بِتَمْلِيكِ الذَّاتِ وَجْهَ الْمُعْطَى فَقَطْ كَانَ هِبَةً وَإِنْ قَصَدَ ثَوَابَ الْآخِرَةِ سَوَاءٌ قَصَدَ وَجْهَ الْمُعْطَى أَيْضًا أَمْ لَا فَهُوَ صَدَقَةٌ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ أَرْكَانَ الْهِبَةِ أَرْبَعَةٌ: الْمَوْهُوبُ لَهُ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِهِ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ

فَلَا تَصِحُّ فِي حُرٍّ وَلَا مِلْكِ غَيْرٍ بِخِلَافِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ (يُنْقَلُ) أَيْ يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرْعًا خَرَجَ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ (مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا) وَهُوَ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ السَّفِيهُ وَالصَّبِيُّ وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَالسَّكْرَانُ وَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَكِنَّ هِبَتَهُمَا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ صَحِيحَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْوَارِثِ وَالزَّوْجِ كَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَأَمَّا السَّفِيهُ وَالصَّغِيرُ فَبَاطِلَةٌ كَالْمُرْتَدِّ وَضَمِيرُ " بِهَا " عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ وَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْهِبَةِ فِي غَيْرِ هِبَةٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ كَأَنَّهُ قَالَ مِمَّنْ لَهُ التَّبَرُّعُ بِالْهِبَةِ وَقْفًا، أَوْ صَدَقَةً أَيْ أَنَّ مَنْ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَهَبَ تِلْكَ الذَّاتَ وَمَنْ لَا فَلَا فَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ إذَا أَرَادَا هِبَةَ ثُلُثِهِمَا صَحَّ لَهُمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَنْ يَتَبَرَّعَا بِهِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِهَا لَوَرَدَ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا التَّبَرُّعُ دَائِمًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا ذُكِرَ. وَبَالَغَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْوَقْفِ عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمَلُّكِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ هُنَا ذَلِكَ كَمَا حَذَفَ مِنْ الْوَقْفِ التَّصْرِيحَ بِالْوَقْفِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا؛ لِأَنَّ الْبَابَيْنِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ بَلْ سَائِرُ التَّبَرُّعَاتِ كَذَلِكَ وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ بِقَوْلِهِ وَصَحَّتْ إلَخْ وَلِلرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْوَاهِبُ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ بِقَوْلِهِ بِصِيغَةٍ، أَوْ مُفْهِمِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ فِي حُرٍّ) أَيْ وَلَا فِي كَلْبٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُمْلَكُ. (قَوْلُهُ: وَلَا مِلْكِ غَيْرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ هِبَةَ الْفُضُولِيِّ بَاطِلَةٌ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ إمْضَاءِ الْمَالِكِ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ تَرَتَّبَ أَثَرُهُ عَلَيْهِ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَهِبَتِهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ بَيْعَهُ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ يَعُودُ عَلَى الْمَالِكِ بِخِلَافِ هِبَتِهِ وَمِثْلُهَا وَقْفُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ فَمَتَى صَدَرَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ فُضُولِيٍّ كَانَ بَاطِلًا وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَمَا ذَكَرَهُ خش فِي أَوَّلِ الْوَقْفِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا هُنَا وَفِي الْوَقْفِ حَيْثُ قَالَ فِي الْوَقْفِ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ وَقَالَ هُنَا وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَمْلُوكِ: وَقْفُهُ وَهِبَتُهُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ وَقْفَهُ وَهِبَتَهُ وَصَدَقَتَهُ وَعِتْقَهُ كَبَيْعِهِ فِي أَنَّ كُلًّا صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَإِنْ أَمْضَاهُ الْمَالِكُ مَضَى وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا أَجَازَهُ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ صَادِرًا مِنْهُ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنْ يُرَادَ بِالصِّحَّةِ الصِّحَّةُ التَّامَّةُ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي بَابِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَقْبَلُ النَّقْلَ شَرْعًا) أَيْ يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ لِمِلْكٍ آخَرَ شَرْعًا هَذَا إذَا قَبِلَ النَّقْلَ بِجَمِيعِ أَوْجُهِهِ الشَّرْعِيَّةِ بَلْ وَلَوْ قَبِلَهُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ بِبَعْضِ الْوُجُوهِ فَدَخَلَ بِهَذَا جِلْدُ الْأُضْحِيَّةَ وَكَلْبُ الصَّيْدِ فَإِنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلَا النَّقْلَ بِالْبَيْعِ لَكِنَّهُمَا يَقْبَلَانِهِ بِالتَّبَرُّعِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْهِبَةِ وَخَرَجَ الْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ بِوَجْهٍ مِنْ الْأَوْجُهِ النَّاقِلَةِ لِلْمِلْكِ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ " فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ " لِيَتَّصِلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ مَجْهُولًا وَمَا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ؛ لِأَنَّهُ مُبَالَغَةٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ السَّفِيهُ وَالصَّبِيُّ) أَيْ وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالْمُرْتَدُّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا زَادَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ فَقَطْ وَأَمَّا هِبَتُهُمَا لِلثُّلُثِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ هِبَتَهُمَا مَا زَادَ إلَخْ) هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِمَّنْ لَهُ التَّبَرُّعُ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانَ فِي الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا يَصِحُّ مِنْهُمْ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَدِينًا، أَوْ مَرِيضًا، أَوْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ ثُلُثِهِمَا، أَوْ كَانَ غَيْرَهُمْ وَسَوَاءٌ أَجَازَ رَبُّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجُ وَالْوَارِثُ مَا صَدَرَ مِنْ الْمَدِينِ وَالْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْوَارِثِ وَالزَّوْجِ) أَيْ عَلَى إجَازَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ عَلَى إجَازَتِهِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُرْتَدِّ) أَيْ وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ وَالْمَجْنُونُ وَقَوْلُهُ: فَبَاطِلَةٌ أَيْ وَلَوْ أَجَازَهَا الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ الْمَالِ لِحَقِّ أَنْفُسِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْهِبَةِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا هِبَةً بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مِقْدَارٌ مِنْ الْمَالِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْهِبَةِ الْأَوْلَى بِالْمَالِ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْهِبَةِ الذَّاتُ الَّتِي تُوهَبُ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ هِبَةٍ) أَيْ كَوَقْفٍ وَصَدَقَةٍ وَقَوْلُهُ: لِئَلَّا أَيْ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِئَلَّا إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ قَالَ مِمَّنْ لَهُ التَّبَرُّعُ بِالْهِبَةِ) أَيْ بِالذَّاتِ الَّتِي تُوهَبُ وَقَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ مَنْ لَهُ ذَلِكَ التَّبَرُّعُ بِالذَّاتِ الَّتِي تُوهَبُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا لَيْسَا لَهُمَا التَّبَرُّعُ دَائِمًا) أَيْ بَلْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِالثُّلُثِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ) أَيْ التَّبَرُّعُ دَائِمًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ مِمَّنْ لَهُ التَّبَرُّعُ لَخَرَجَ الْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ؛ إذْ

عَلَى صِحَّةِ الْهِبَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمَمْلُوكُ الْقَابِلُ لِلنَّقْلِ شَرْعًا (مَجْهُولًا) أَيْ مَجْهُولَ الْعَيْنِ، أَوْ الْقَدْرِ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَوْ خَالَفَ ظَنَّهُ بِكَثِيرٍ عَلَى التَّحْقِيقِ (أَوْ) كَانَ (كَلْبًا) مَأْذُونًا فِي اتِّخَاذِهِ؛ إذْ غَيْرُهُ لَا يُمْلَكُ. (وَدَيْنًا) فَتَصِحُّ هِبَتُهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِهِ (وَهُوَ) أَيْ هِبَةُ الدَّيْنِ (إبْرَاءٌ إنْ وُهِبَ لِمَنْ) هُوَ (عَلَيْهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ (وَإِلَّا) يَهَبْهُ لِمَنْ عَلَيْهِ بَلْ لِغَيْرِهِ (فَكَالرَّهْنِ) أَيْ فَكَرَهْنِ الدَّيْنِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ الْإِشْهَادُ وَكَذَا دَفْعُ ذِكْرِ الْحَقِّ أَيْ الْوَثِيقَةِ عَلَى قَوْلٍ وَقِيلَ هُوَ شَرْطُ كَمَالٍ كَالْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَوْ قَالَ فَكَرَهْنِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ، وَشَبَّهَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي بَابِهِ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَهُمْ. (وَ) إنْ (رَهْنًا) أَيْ مَرْهُونًا يَصِحُّ هِبَتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ حَيْثُ (لَمْ يُقْبَضْ) أَيْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ (وَ) قَدْ (أَيْسَرَ رَاهِنُهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ مِمَّنْ لَهُ التَّبَرُّعُ أَيْ دَائِمًا وَالْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ لَيْسَ لَهُمَا التَّبَرُّعُ دَائِمًا فَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِهَا لِإِدْخَالِهِمَا فَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ ضَمِيرَ بِهَا رَاجِعٌ لِلْهِبَةِ فَيَلْزَمُ شَرْطِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ فَأُجِيبَ بِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْهِبَةِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا هِبَةٌ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ذَاتٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ مِمَّنْ لَهُ التَّبَرُّعُ بِمَالٍ فَمَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ بِمَالٍ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ، أَوْ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَهَبَ. (قَوْلُهُ: عَلَى صِحَّةِ الْهِبَةِ) أَيْ هِبَةِ غَيْرِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالَفَ ظَنَّهُ بِكَثِيرٍ) أَيْ كَمَا إذَا وَهَبَ، أَوْ تَصَدَّقَ بِمِيرَاثِهِ مِنْ فُلَانٍ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَسِيرٌ فَإِذَا هُوَ كَثِيرٌ، أَوْ وَهَبَ لَهُ مَا فِي جَيْبِهِ ظَانًّا أَنَّهُ دِرْهَمٌ لِكَوْنِ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ فِيهِ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدَ فِيهِ عَشَرَةَ مَحَابِيبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَهُ رَدُّ عَطِيَّتِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ لَا فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ إذْ الصِّحَّةُ لَا خِلَافَ فِيهَا كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: إذْ غَيْرُهُ لَا يُمْلَكُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْإِبْرَاءِ فَقِيلَ: إنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْهِبَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ إنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ دُونَ الثَّانِي كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطِ وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ فِيهِمَا لِقَبُولِ الْعِصْمَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ صَرِيحُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ ابْنُ عَتَّابٍ وَمَنْ سَكَتَ عَنْ قَبُولِ صَدَقَتِهِ زَمَانًا فَلَهُ قَبُولُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ طَلَبَ غَلَّتَهَا حَلَفَ مَا سَكَتَ تَارِكًا لَهَا وَأَخَذَ الْغَلَّةَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ) أَيْ وَإِلَّا فَهِبَتُهُ كَرَهْنِ الدَّيْنِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً مِنْ زَيْدٍ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَيَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا دَيْنَهُ الَّذِي لَهُ عَلَى خَالِدٍ فَيَجُوزَ إنْ أَشْهَدَ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ وَجَمَعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَدَفَعَ لِلْبَائِعِ ذِكْرَ الدَّيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا وَهَبَهُ الدَّيْنَ وَقَامَ بِذَلِكَ الدَّيْنِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حُلِّفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا الْوَاهِبُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يُحَلَّفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ اُنْظُرْ ح وَإِنْ دَفَعَ الْمَدِينُ الدَّيْنَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْهِبَةِ ضَمِنَ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَكَالرَّهْنِ صِحَّةُ التَّصْيِيرِ فِي الْوَظَائِفِ وَهُوَ أَنْ يَتَجَمَّدَ لِإِنْسَانٍ مَالٌ مَعْلُومٌ مِنْ وَظِيفَةٍ، أَوْ جَامَكِيَّةٍ فَيُصَيِّرَهُ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ التَّصْيِيرُ مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ بَلْ هِبَةٌ أَمَّا إنْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يُؤْخَذُ فِي مُقَابَلَةِ التَّصْيِيرِ فَالْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ نَقْدٍ بِنَقْدٍ نَسِيئَةً. (قَوْلُهُ: الْإِشْهَادُ) أَيْ عَلَى الْهِبَةِ كَمَا أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ رَهْنِ الدَّيْنِ يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّهْنِ وَاشْتِرَاطُ الْإِشْهَادِ عَلَى الْهِبَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا حَصَلَ مَانِعٌ كَمَوْتِ الْوَاهِبِ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا دَفْعُ ذِكْرِ الْحَقِّ) أَيْ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هِبَةِ الدَّيْنِ وَرَهْنِهِ وَقَوْلُهُ: عَلَى قَوْلٍ هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ شَرْطُ كَمَالٍ هُوَ مَا فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ. (قَوْلُهُ: كَالْجَمْعِ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ بِاتِّفَاقٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ قَدْ قِيلَ إنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ أَيْضًا فِيهِمَا كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ بِهِ) أَيْ بِرَهْنِ الدَّيْنِ وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ رَهْنَ الدَّيْنِ فِي بَابِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: فَكَالرَّهْنِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ. (قَوْلُهُ: وَرَهْنًا) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ رَهَنَ رَهْنًا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ وَهَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِهِبَةِ الرَّهْنِ لِذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ صَحَّتْ الْهِبَةُ مُطْلَقًا كَانَتْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ، أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ بِهِبَةِ الرَّهْنِ لِذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا كَانَتْ بَاطِلَةً وَقَعَتْ الْهِبَةُ قَبْلَ قَبْضِ الرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَهُ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا فَإِنْ وَقَعَتْ الْهِبَةُ قَبْلَ قَبْضِ الرَّهْنِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ قُضِيَ عَلَى الرَّاهِنِ بِفَكِّ الرَّهْنِ وَتَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَدَفْعِ الرَّهْنِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ بَقِيَ الرَّهْنُ لِلْأَجَلِ فَإِذَا قُضِيَ الدَّيْنُ بَعْدَهُ دُفِعَ الرَّهْنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ هِبَتُهُ) أَيْ مِنْ الرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَيْسَرَ رَاهِنُهُ) أَيْ بِالدَّيْنِ الَّذِي

وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ، وَإِنَّمَا أَبْطَلَتْ الْهِبَةُ الرَّهْنَ مَعَ تَأَخُّرِهَا عَنْهُ لِأَنَّا لَوْ أَبْطَلْنَاهَا لَذَهَبَ الْحَقُّ فِيهَا جُمْلَةً بِخِلَافِ الرَّهْنِ إذَا أَبْطَلْنَاهُ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ (أَوْ) أَعْسَرَ الرَّاهِنُ وَ (رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ) بِهِبَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ هَذَا مُقْتَضَى الْعَطْفِ بِأَوْ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِالْهِبَةِ صَحَّتْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ أَيْسَرَ الرَّاهِنُ أَوْ أَعْسَرَ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ كَالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ أَمْ لَا وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَهَبَهُ رَاهِنُهُ لِأَجْنَبِيٍّ بَعْدَ قَبْضِ مُرْتَهِنِهِ لَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِبَتِهِ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الرَّاهِنَ مُوسِرٌ (قُضِيَ) عَلَيْهِ (بِفَكِّهِ) أَيْ الرَّهْنِ وَيَتَعَجَّلُ الدَّيْنُ (إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ) كَعَرَضٍ حَالٍّ أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ يَدْفَعُ الرَّهْنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ بِالْفَكِّ عَلَى الْوَاهِبِ إنْ وَهَبَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ إنْ حَلَفَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ كَعَرَضٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ (بَقِيَ) الرَّهْنُ (لِبَعْدِ الْأَجَلِ) وَلَمْ يُجْبَرْ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قَبْضِ دَيْنِهِ قَبْلَهُ وَلَا عَلَى قَبُولِ رَهْنٍ آخَرَ فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَقَضَى الدَّيْنَ أَخَذَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ. (بِصِيغَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَمْلِيكٍ وَمُرَادُهُ بِهَا مَا دَلَّ عَلَى التَّمْلِيكِ صَرِيحًا كَ وَهَبْتُ وَمَلَّكْتُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (أَوْ مُفْهِمِهَا) أَيْ مُفْهِمِ مَعْنَاهَا مِنْ قَوْلٍ كَ خُذْ، أَوْ فِعْلٍ كَمَا بَالَغَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُفْهِمُ (بِفِعْلٍ) أَيْ مُتَلَبِّسًا بِهِ وَالْأَوْضَحُ حَذْفُ الْبَاءِ أَيْ مَعَ قَرِينَةٍ عَلَى التَّمْلِيكِ (كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ) الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ، أَوْ الْأُمُّ اخْتَصَّ الْوَلَدُ بِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ لِأَنَّ التَّحْلِيَةَ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِمُجَرَّدِ الْإِمْتَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQرَهَنَ مِنْ أَجْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ بِهِبَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ) أَيْ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَبْضِ مَظِنَّةُ تَفْرِيطِهِ فِي قَبْضِهِ وَلَوْ وُجِدَ فِيهِ قَبْلَ هِبَةِ الرَّاهِنِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ بَقَاءِ الدَّيْنِ بِلَا رَهْنٍ وَعَدَمِ تَعْجِيلِهِ هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَوَّازِ أَيْضًا أَنَّهُ يُعَجَّلُ لَهُ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ لَهُ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ، وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لَذَهَبَ الْحَقُّ) أَيْ حَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِيهَا جُمْلَةً. (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّاهِنَ مُوسِرٌ فَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ أَوْ يَأْتِي بِرَهْنٍ ثِقَةٍ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ) أَيْ لِرِضَاهُ بِهِبَتِهِ وَبَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ) أَيْ وَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا فَضَلَ مِنْ الرَّهْنِ فَضْلَةٌ زَائِدَةٌ عَنْ الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ التَّقْيِيدُ بِقَبْلِ الْقَبْضِ مُقْتَضَى الْعَطْفِ عَلَى مَا قَبْلَهُ الْمُقَيَّدِ بِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى الْعَطْفِ تَخْصِيصُ الرِّضَا بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ رَضِيَ بِهَا الْمُرْتَهِنُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ) أَيْ مِمَّا يُقْضَى بِتَعْجِيلِهِ وَقَوْلُهُ: كَالْعَيْنِ أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ وَقَوْلُهُ: وَالْعَرَضِ أَيْ إذَا كَانَ حَالًّا وَقَوْلُهُ: أَمْ لَا أَيْ أَوْ كَانَ لَا يُقْضَى بِتَعْجِيلِهِ كَالْعَرَضِ الْمُؤَجَّلِ وَالطَّعَامِ مِنْ بَيْعٍ. (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ) أَيْ لِرِضَاهُ بِالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُضِيَ بِفَكِّهِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يَقْبِضْ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الرَّاهِنِ مُوسِرًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِفَكِّهِ فَلَا يُقْضَى بِفَكِّهِ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَقَضَى دَيْنَهُ دَفَعَ الرَّهْنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ لِعُسْرٍ طَرَأَ لَهُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ فِي دَيْنِهِ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ. (قَوْلُهُ: لِبَعْدِ الْأَجَلِ) كَأَنَّهُ حَذَفَ الْمَوْصُولَ يَعْنِي لِمَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: 46] أَيْ وَاَلَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكُمْ لِاخْتِلَافِ الْمُنَزَّلِ وَإِلَّا فَبَعْدُ لَا تُجَرُّ بِاللَّامِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَقَضَى الدَّيْنَ إلَخْ) فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ لِعُسْرٍ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ. (قَوْلُهُ: بِصِيغَةٍ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ تَمْلِيكٌ مُصَاحِبٌ لِصِيغَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ مُفْهِمٍ مَعْنَاهَا) أَيْ دَالٍّ عَلَى مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ التَّمْلِيكُ وَإِنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ الْمُضَافَ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ إنَّ الَّذِي يُفْهِمُ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ أُخْرَى وَحِينَئِذٍ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ وَقَدْ يُقَالُ لَا دَاعِيَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِفْهَامِ الصِّيغَةِ إلَّا إفْهَامُ مَعْنَاهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ) أَيْ كَتَحْلِيَةِ أَبٍ، أَوْ أُمٍّ وَلَدَهُ مُطْلَقًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَانَتْ التَّحْلِيَةُ جَائِزَةً أَوْ مُحَرَّمَةً وَتَقْيِيدُ خش وعبق بِالصَّغِيرِ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَالتَّحْلِيَةُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمُرَادُ تَزْيِينُ وَلَدِهِ بِتَحْلِيَةٍ، أَوْ إلْبَاسِ ثِيَابٍ فَاخِرَةٍ، أَوْ بِاشْتِرَاءِ دَابَّةٍ لَهُ يَرْكَبُهَا أَوْ اشْتِرَاءِ كُتُبٍ يُحَضِّرُ فِيهَا، أَوْ سِلَاحٍ يَحْتَرِسُ بِهِ، أَوْ يَتَزَيَّنُ بِهِ أَوْ يُقَاتِلُ بِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا قَالَ بْن وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحُ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبِ فِيهِ إنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي السُّنَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ شَأْنُهُ أَنْ يُعَارَ فِيهِ ذَلِكَ، وَغَيْرُهُ وَصَرَّحُوا فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ فِي الْأَبِ بِابْنَتِهِ الْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ فَهُوَ مَحْمُولٌ فِيهَا عَلَى الْهِبَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْلًى عَلَيْهَا وَإِلَّا كَانَتْ كَالْبِكْرِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُشْهِدْ بِمُجَرَّدِ الْإِمْتَاعِ) أَيْ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِأَنَّ التَّحْلِيَةَ لِوَلَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِمْتَاعِ فَإِنْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ فَلَا تَكُونُ التَّحْلِيَةُ حِينَئِذٍ هِبَةً

بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِمْتَاعِ فَقَطْ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ (لَا بِ ابْنِ) عَطْفٌ عَلَى " مُفْهِمِهَا " إذْ الْمُفْهِمُ أَعَمُّ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ مِنْ الْبِنَاءِ أَيْ لَا تَكُونُ الْهِبَةُ بِقَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ هَذِهِ الْعَرْصَةَ دَارًا (مَعَ قَوْلِهِ) أَيْ الْوَالِدِ (دَارِهِ) أَيْ دَارَ وَلَدِي وَكَذَا قَوْلُهُ ارْكَبْ الدَّابَّةَ مَعَ قَوْلِهِ دَابَّتَهُ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ لِلْأَبْنَاءِ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ التَّمْلِيكِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ تَقُولُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يَقُولُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ يَقُولُ دَارِهِ، أَوْ دَابَّتَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّمْلِيكِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ، ثُمَّ لِلْوَلَدِ أَوْ الزَّوْجِ الْبَانِي قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَانْقَضَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ أَوْ الزَّوْجَةِ. (وَحِيزَ) الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ لِتَتِمَّ الْهِبَةُ أَيْ تَحْصُلَ الْحِيَازَةُ عَنْ الْوَاهِبِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي تَمَامِهَا (وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْوَاهِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيزُ (وَأُجْبِرَ) الْوَاهِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَوْزِ أَيْ عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ حَيْثُ طَلَبَهُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَهُ طَلَبُهَا مِنْهُ حَيْثُ امْتَنَعَ وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ لِيُجْبِرَهُ عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَانِ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ وَالْحِيَازَةَ شَرْطٌ. (وَبَطَلَتْ) الْهِبَةُ (إنْ تَأَخَّرَ) حَوْزُهَا (لِدَيْنٍ مُحِيطٍ) بِمَالِ الْوَاهِبِ وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا فَقَوْلُهُ لِدَيْنٍ أَيْ لِثُبُوتِهِ، وَثُبُوتُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِسَبْقِهِ، أَوْ لُحُوقِهِ وَاللَّامُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلْغَايَةِ فَهِيَ بِمَعْنَى إلَى وَأَنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِ بَطَلَتْ (أَوْ) (وَهَبَ لِثَانٍ وَحَازَ) قَبْلَ الْأَوَّلِ فَلِلثَّانِي لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالْحِيَازَةِ وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ جَدَّ الْأَوَّلُ فِي الطَّلَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا تَمْلِيكًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ) أَيْ بِخِلَافِ تَحْلِيَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ الزَّوْجَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِمْتَاعِ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ خَاصٌّ بِتَحْلِيَتِهَا بِشَيْءٍ وَهِيَ عِنْدَهُ وَأَمَّا مَا يُرْسِلُهُ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا هَدِيَّةً مِنْ ثِيَابٍ، أَوْ حُلِيٍّ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ إلَّا إذَا سَمَّاهُ عَارِيَّةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُرْسِلُهُ لَهَا إنْ سَمَّاهُ هَدِيَّةً حُمِلَ عَلَى التَّمْلِيكِ أَوْ عَارِيَّةً حُمِلَ عَلَى عَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَالْأَصْلُ فِيهِ التَّمْلِيكُ فَالْمَدَارُ عَلَى الْقَرَائِنِ وَالْعَادَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ) مَا ذَكَره مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ أُمِّ الْوَلَدِ كَتَحْلِيَةِ الزَّوْجَةِ فِي كَوْنِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِمْتَاعِ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ بْن نَاقِلًا لَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ وَلَمْ يَرْتَضِ مَا فِي عبق مِنْ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مِثْلُ الْوَلَدِ فِي أَنَّ تَحْلِيَةَ السَّيِّدِ لَهَا تُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالْإِمْتَاعِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُفْهِمُ أَعَمُّ مِنْ الْفِعْلِ) أَيْ لِصِدْقِهِ بِالْقَوْلِ كَ خُذْ هَذَا وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِلْعَطْفِ عَلَى مُفْهِمٍ أَيْ لِأَنَّ مُفْهِمًا يَشْمَلُ كُلَّ قَوْلٍ مُفْهِمٍ وَكُلَّ فِعْلٍ مُفْهِمٍ وَقَوْلُ الْأَبِ ابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُفْهِمِ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَمُخْرَجٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْبِنَاءِ) أَيْ لَا مِنْ الْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ دَارِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ:) أَيْ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَحْصُلَ الْحِيَازَةُ عَنْ الْوَاهِبِ) أَيْ وَتَحْصُلَ حِيَازَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ إذَا حَصَلَ إذْنٌ مِنْ الْوَاهِبِ بَلْ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي تَمَامِهَا) أَيْ فَإِنْ عُدِمَ لَمْ تَلْزَمْ مَعَ كَوْنِهَا صَحِيحَةً. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيزُ) أَيْ تَسْلِيمُ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. (قَوْلُهُ: تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ) أَيْ وَيُقْضَى بِهَا إنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ لَا إنْ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْإِيمَانِ بِالتَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: الْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ) أَيْ قَبُولُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحِيَازَتُهُ. (قَوْلُهُ: رُكْنٌ) أَيْ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ بِعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: شَرْطٌ) أَيْ فِي تَمَامِهَا فَإِنْ عُدِمَ لَمْ تَلْزَمْ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً. (قَوْلُهُ: لِدَيْنٍ مُحِيطٍ) وَأَوْلَى إذَا تَأَخَّرَ لِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ لِفَلَسِهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا) أَيْ وَلَوْ طَرَأَ الدَّيْنُ بَعْدَ عَقْدِهَا. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِسَبْقِهِ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْهِبَةِ أَوْ لَاحِقًا لَهَا وَالْبُطْلَانُ فِي الْأَوَّلِ بِاتِّفَاقٍ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ بِمَعْنَى إلَى) أَيْ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِ تَأَخَّرَ. (قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ حَيًّا لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الْهِبَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا إنْ كَانَ الْوَاهِبُ حَيًّا وَهُوَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هِبَةَ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ هِبَتَهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الْأَوَّلِ الْمُصَوَّرِ بِالْإِشْهَادِ وَدَفْعِ ذِكْرِ الْحَقِّ لَهُ إنْ كَانَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَالْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِتَصْيِيرِ الدَّيْنِ لَهُ وَشَمِلَ أَيْضًا طَلَاقَ امْرَأَةٍ عَلَى بَرَاءَتِهَا لَهُ مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِآخَرَ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ كَانَتْ أَشْهَدَتْ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَدَفَعَتْ لَهُ ذِكْرَ الصَّدَاقِ طَلُقَتْ بَائِنًا وَلَزِمَ الزَّوْجَ دَفْعُ مُؤَخَّرِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُشْهِدْ وَلَمْ تَدْفَعْ الذِّكْرَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْمُؤَخَّرُ بِبَرَاءَتِهَا لَهُ مِنْهُ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَا يَشْمَلُ قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبْت لِثَانٍ وَحَازَ قَبْلَ الْأَوَّلِ مَا إذَا وَهَبَ لِلثَّانِي الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ بِإِعَارَةٍ أَوْ إخْدَامٍ وَحَازَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُخْدَمُ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ أَوَّلًا ذَاتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ لِشَخْصٍ فَإِنَّ الْحَقَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا فِي الْمَنْفَعَةِ وَالذَّاتِ دُونَ الثَّانِي لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ حَوْزَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُخْدَمِ حَوْزٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَحِينَئِذٍ لَا يُصَدَّقُ أَنَّ الثَّانِيَ حَازَ قَبْلَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَدَّ الْأَوَّلُ فِي طَلَبٍ) أَيْ قَبْلَ هِبَتِهَا لِلثَّانِي وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ جَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُوهَبْ لِثَانٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلِلثَّانِي وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ

(أَوْ) (أَعْتَقَ الْوَاهِبُ) قَبْلَ الْحَوْزِ، أَوْ كَاتَبَ، أَوْ دَبَّرَ بَطَلَتْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِعِتْقِ الْوَاهِبِ أَمْ لَا (أَوْ) (اسْتَوْلَدَ) الْوَاهِبُ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ أَيْ حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْزِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ فَلَا يُفِيتُ (وَلَا قِيمَةَ) عَلَى الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ. (أَوْ) (اسْتَصْحَبَ) الْوَاهِبُ (هَدِيَّةً) لِشَخْصٍ فِي سَفَرِهِ لِمَحَلٍّ هُوَ بِهِ، ثُمَّ مَاتَ (أَوْ أَرْسَلَهَا) لَهُ مَعَ شَخْصٍ (ثُمَّ مَاتَ) الْوَاهِبُ قَبْلَ وُصُولِهِ، أَوْ وُصُولِ رَسُولِهِ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَبْطُلُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ لِعَدَمِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ. (أَوْ) مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ (الْمُعَيَّنَةُ لَهُ) أَيْ الَّذِي قُصِدَ بِهَا عَيْنُهُ دُونَ وَارِثِهِ سَوَاءٌ اسْتَصْحَبَ، أَوْ أَرْسَلَ فَتَبْطُلُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (إنْ لَمْ يُشْهِدْ) وَمَفْهُومُ " الْمُعَيَّنَةُ لَهُ " أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُقْصَدْ عَيْنُهُ بَلْ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ كَطَعَامٍ حُمِلَ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَتَكُونُ لِذُرِّيَّتِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا وَمَفْهُومُ " إنْ لَمْ يُشْهِدْ " أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهَا لِفُلَانٍ حِينَ الِاسْتِصْحَابِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَلَا بِمَوْتِ الْوَاهِبِ بَلْ تَصِحُّ فِي الثَّمَانِيَةِ أَيْ اسْتَصْحَبَ الْوَاهِبُ أَوْ أَرْسَلَ قَصَدَ عَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِتَنْزِيلِهِمْ الْإِشْهَادَ مَنْزِلَةَ الْحَوْزِ فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا عَلَى سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً. وَشُبِّهَ فِي الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ قَوْلُهُ (كَأَنْ) (دَفَعْتَ) فِي صِحَّتِك، أَوْ مَرَضِك (لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْك بِمَالٍ) لِلْفُقَرَاءِ (وَلَمْ تُشْهِدْ) حِينَ الدَّفْعِ حَتَّى حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ إنْفَاذِهِ، أَوْ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْهُ فَتَبْطُلُ وَيَرْجِعُ جَمِيعُهُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ لَك، أَوْ لِوَارِثِك بَعْدَ الْمَانِعِ فَإِنْ أَنْفَذَ شَيْئًا مِنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ ضَمِنَهُ إنْ عَلِمَ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَمَفْهُومُ " لَمْ تُشْهِدْ " أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ حِينَ الدَّفْعِ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ) أَيْ مَا وَهَبَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا، أَوْ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ) أَيْ الْوَطْءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْإِيلَادِ فَلَا يُفِيتُ وَمِثْلُ الْهِبَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَصِيَّةُ فَإِذَا أَوْصَى بِأَمَتِهِ لِشَخْصٍ ثُمَّ وَطِئَهَا فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَنَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي خِلَافًا لِمَا فِي عبق تَبَعًا لعج مِنْ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا قِيمَةَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَدْ رَاعَوْا فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَقَوِّي الثَّانِي بِالْقَبْضِ فَلِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ فِيهَا وَعَدَمِ الْقِيمَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ) أَيْ الْمُسْتَصْحِبُ أَوْ الْمُرْسِلُ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الرَّسُولُ قَبْلَ وُصُولِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ قَبْلَ وُصُولِ الْهِبَةِ لَهُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ، أَوْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ لَوْ قَالَ: ثُمَّ مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُعَيَّنَةُ هِيَ لَهُ بِالْإِبْرَازِ فِيهِمَا لِعَطْفِ الظَّاهِرِ عَلَى الضَّمِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَلِجَرَيَانِ الصِّلَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فِي الثَّانِي وَأَجَابَ الْبَدْرُ بِأَنَّ الْأَمْرَ سَهْلٌ فَلِغَرَضِ الِاخْتِصَارِ كَفَى الْأَوَّلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدُ وَفِي الثَّانِي عَلَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ لَا يَجِبُ الْإِبْرَازُ إذَا أُمِنَ اللَّبْسُ. (قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنَةُ لَهُ) الْمُرَادُ الْمُعَيَّنُ لَهَا لِعِلْمِهِ وَزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ لَا هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي قُصِدَ بِهَا عَيْنُهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْوَاهِبُ هِيَ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ حَيًّا. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَصْحَبَ) أَيْ اسْتَصْحَبَهَا الْوَاهِبُ مَعَهُ أَوْ أَرْسَلَهَا مَعَ رَسُولٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ) الْأَوْلَى لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُرْسَلًا إلَيْهِ، أَوْ مُسْتَصْحَبًا لَهُ. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا) أَيْ فِي مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَسْتَصْحِبَهَا الْوَاهِبُ مَعَهُ، أَوْ يُرْسِلَهَا مَعَ رَسُولٍ وَلَمْ يُشْهِدْ فِيهِمَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَتَصِحُّ فِي اثْنَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَوْتِ الْوَاهِبِ) أَيْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً) حَاصِلُهَا أَنَّ الْوَاهِبَ إمَّا أَنْ يَسْتَصْحِبَ الْهَدِيَّةَ مَعَهُ، أَوْ يُرْسِلَهَا مَعَ رَسُولٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالْهِبَةِ عَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَمُوتَ الْوَاهِبُ، أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُشْهِدَ حِينَ الِاسْتِصْحَابِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً الْبُطْلَانُ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا وَهِيَ صُوَرُ الْمَنْطُوقِ الْأَرْبَعَةُ وَصُورَتَانِ مِنْ صُوَرِ مَنْطُوقِ الْمُعَيَّنِ لَهُ وَالصِّحَّةُ فِي عَشَرَةٍ وَهِيَ صُوَرُ الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: فِي صِحَّتِك، أَوْ مَرَضِك) فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي بْن قَصْرُهُ عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّحِيحِ لِتَوَقُّفِ صَدَقَاتِهِ عَلَى الْحِيَازَةِ وَالشَّهَادَةُ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَتَهَا وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَتَبَرُّعَاتُهُ نَافِذَةٌ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا أَشْهَدَ أَمْ لَا فَلَا يَتَوَقَّفُ مُضِيُّ تَبَرُّعِهِ عَلَى حَوْزٍ وَلَا عَلَى مَا يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ صَدَقَةٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ عَطِيَّةٍ بَتَلَهَا الْمَرِيضُ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ نَافِذٌ مِنْ ثُلُثِهِ كَوَصَايَاهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشْهِدْ) أَيْ بِتِلْكَ الصَّدَقَةِ حِينَ الدَّفْعِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ مَعَ أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْبُطْلَانِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ عَدَمِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَفَلَسٍ، أَوْ جُنُونٍ. (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الْمَانِعُ بَعْدَ تَفْرِقَةِ جَمِيعِهِ فَقَدْ مَضَتْ. (قَوْلُهُ: لَك) أَيْ إنْ كَانَ الْمَانِعُ غَيْرَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِالْمَوْتِ) وَإِلَّا فَخِلَافٌ فَإِنْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ وَالْوَكِيلُ فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ فَرَّقَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَوْتِهِ وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ فَرَّقَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ

وَمَاتَ الْمُتَصَدِّقُ لَمْ تَبْطُلْ وَتَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ مَالِ الصَّحِيحِ وَثُلُثِ الْمَرِيضِ. (لَا إنْ) (بَاعَ وَاهِبٌ) هِبَتَهُ بَعْدَ عَقْدِهَا (قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ) بِالْهِبَةِ، أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِي حَوْزِهَا فَلَا تَبْطُلُ وَيُخَيَّرُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِجَازَتِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَاعَ بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَتَفْرِيطِهِ مَضَى الْبَيْعُ، وَإِذَا مَضَى (فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَى رُوِيَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (بِفَتْحِ الطَّاءِ) وَالْمُعْطَى بِالْفَتْحِ هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَالثَّمَنُ لَهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَكَسْرِهَا) فَالثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ. (أَوْ) (جُنَّ) الْوَاهِبُ (أَوْ مَرِضَ) بِغَيْرِ جُنُونٍ عَطْفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ) فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ وَلَوْ حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ حَالَ الْمَانِعِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَوْزِ حُصُولُهُ قَبْلَهُ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ لِوُقُوعِهَا فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ لَمْ يَتَّصِلَا بِمَوْتِهِ بِأَنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ لَمْ تَبْطُلْ وَيَأْخُذُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تُوقَفُ حَتَّى يُعْلَمَ أَيُفِيقُ، أَوْ يَصِحُّ قَبْلَ الْمَوْتِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ. (أَوْ) (وَهَبَ) الْوَاهِبُ وَدِيعَةً (لِمُودَعِ) بِالْفَتْحِ (وَلَمْ يَقْبَلْ) أَيْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَبُولٌ (لِمَوْتِهِ) أَيْ الْوَاهِبِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَهُ أَنَّهُ قَبِلَ وَنَازَعَهُ الْوَارِثُ فَتَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ حَوْزُهُ السَّابِقُ لِكَوْنِهِ كَانَ فِيهِ أَمِينًا فَيَدُهُ كَيَدِ صَاحِبِهَا فِيهِ فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ رَبِّهَا لِمَوْتِهِ. (وَصَحَّ) الْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ (إنْ قَبَضَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ (لِيَتَرَوَّى) فِي أَمْرِهِ هَلْ يَقْبَلُ أَوْ لَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ (أَوْ جَدَّ) الْمَوْهُوبُ لَهُ (فِيهِ) أَيْ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ وَالْوَاهِبُ يُسَوِّفُهُ حَتَّى مَاتَ (أَوْ) جَدَّ (فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ) أَيْ شَاهِدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ حِينَ أَنْكَرَ الْوَاهِبُ الْهِبَةَ فَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ شَاهِدَيْنِ وَاحْتَاجَا لِلتَّزْكِيَةِ فَجَدَّ فِي تَزْكِيَتِهِمَا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَأْخُذُهَا إذَا زَكَّاهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَنْزِيلِ الْجِدِّ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْحَوْزِ فَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ الْجِنْسُ. (أَوْ) (أَعْتَقَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ لِرَقِيقِ الْهِبَةِ وَلَوْ لِأَجَلٍ (أَوْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ) الْهِبَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي، أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا تَبْطُلُ وَيُنَزَّلُ فِعْلُهُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْحَوْزِ (إذَا أَشْهَدَ) عَلَى ذَلِكَ (وَأَعْلَنَ) عِنْدَ حَاكِمٍ بِمَا فَعَلَهُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ لِلتَّشَوُّفِ لِلْحُرِّيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَمَاتَ الْمُتَصَدِّقُ) أَيْ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ. (قَوْلُهُ: وَتَنْفُذُ إلَخْ) أَيْ وَتُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ وَيُصَدَّقُ الْمُفَرِّقُ فِي التَّصَدُّقِ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ. (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِ مَالِ الصَّحِيحِ) أَيْ مَنْ كَانَ صَحِيحًا حِينَ الدَّفْعِ. (قَوْلُهُ: وَثُلُثِ الْمَرِيضِ) أَيْ مَنْ كَانَ مَرِيضًا حِينَ الدَّفْعِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفَرِّطْ) أَيْ بِأَنْ جَدَّ فِي طَلَبِهَا وَقَوْلُهُ: وَيُخَيَّرُ أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَوْلُهُ: فِي رَدِّ الْبَيْعِ أَيْ وَأَخْذِهِ الْهِبَةَ. (قَوْلُهُ: فَالثَّمَنُ لَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ، وَالْمُدَوَّنَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ خِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ؛ إذْ الْهِبَةُ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُخَيَّرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَفِي رَدِّهِ إلَّا أَنَّهُمْ رَاعَوْا قَوْلَ مَنْ قَالَ إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْقَبْضِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ) أَعْنِي قَوْلَهُ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْمَرَضَ بِكَوْنِهِ بِغَيْرِ الْجُنُونِ لِلتَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهَا فِي الصِّحَّةِ) هَذَا يُشِيرُ لِمَا قُلْنَاهُ لَك مِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ مَقْصُورَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ) أَيْ أَوْ لِمُسْتَعِيرٍ فَحُكْمُ الْعَارِيَّةِ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَهُ أَنَّهُ قَبِلَ) أَيْ ثُمَّ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ قَبِلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ أَنْشَأَ الْقَبُولَ بَعْدِ الْمَوْتِ مُعْتَمِدًا عَلَى الْحَوْزِ السَّابِقِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ جَعْلُ الْمُصَنِّفِ مَوْتَ الْوَاهِبِ غَايَةً لِعَدَمِ قَبُولِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ أَنَّهُ قَبِلَ بَعْدَهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَقْبَلْ أَصْلًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْبُطْلَانُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الَّذِي هُوَ الْمُودَعُ بِالْهِبَةِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُعْذَرُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ، وَحَاصِلُ الْقَوْلِ فِيمَنْ وَهَبَ شَيْئًا لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ عَارِيَّةً، أَوْ وَدِيعَةً، أَوْ دَيْنًا عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَبِلَ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ صَحَّتْ الْهِبَةُ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: قَبِلْتُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَقَبِلَ بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ بَطَلَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصَحَّتْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْهِبَةِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ اتِّفَاقًا إلَّا عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْوَصِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَنَقَلَهُ أَيْضًا حُلُولُو اهـ والقليشاني فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ وَهَبَ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بَطَلَتْ بِمَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْلَ الْحَوْزِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَدَا لَهُ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ فَأَنْشَأَ الْقَبُولَ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَدَّ فِيهِ) مِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْمُنْتَقَى: مَنْ وَهَبَ آبِقًا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ صَحَّ ذَلِكَ وَلَزِمَ. (قَوْلُهُ: إذَا زَكَّاهُمَا) أَيْ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ التَّزْكِيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الرَّقِيقَ الْهِبَةَ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْوَاهِبِ، ثُمَّ حَصَلَ لِلْوَاهِبِ مَانِعٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ) الضَّمِيرُ فِيهِمَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهَا أَيْ مِنْ الْوَاهِبِ، ثُمَّ حَصَلَ لِذَلِكَ الْوَاهِبِ مَانِعٌ. (قَوْلُهُ: وَيُنَزَّلُ فِعْلُهُ) أَيْ فِعْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مَنْزِلَةَ الْحَوْزِ فَكَأَنَّ الْمَانِعَ إنَّمَا حَصَلَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَقَوْلُهُ " وَأَعْلَنَ " قَيْدٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ فَالْمَعْنَى إذَا أَشْهَدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ وَأَعْلَنَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَا فَعَلَهُ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: دُونَ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ الْعِتْقُ فَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْهِبَةِ عَلَى إعْلَانِ الْمَوْهُوبِ

وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ رُجُوعُهُ لِلثَّلَاثَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَيْضًا وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ اخْتِصَاصَهُ بِالْهِبَةِ فَقَطْ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يُعْتَبَرَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (أَوْ) (لَمْ يُعْلَمْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ (بِهَا) أَيْ بِالْهِبَةِ (إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فِي حَيَاتِهِ وَلَمَّا مَاتَ عَلِمَ وَارِثُهُ فَلَا تَبْطُلُ وَيَأْخُذُهَا الْوَارِثُ وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رَدٌّ حَتَّى مَاتَ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. (وَ) صَحَّ (حَوْزُ مُخْدَمٍ) عَبْدًا يَهَبُهُ سَيِّدُهُ لِغَيْرِ مَنْ أَخَدَمَهُ لَهُ (وَ) حَوْزُ (مُسْتَعِيرٍ) لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (مُطْلَقًا) عَلِمَا بِالْهِبَةِ أَمْ لَا تَقَدَّمَتْ الْخِدْمَةُ، أَوْ الِاسْتِعَارَةُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْ صَاحَبَتْهَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا فَلَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الْإِخْدَامِ، أَوْ الْإِعَارَةِ فَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ وَأَمَّا لَوْ تَقَدَّمَتْ الْهِبَةُ عَلَيْهِمَا فَالْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِلْأَخِيرَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ تَبِعَ فِيهِ الْبِسَاطِيَّ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ اخْتِصَاصَهُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ الْعَلَّامَةُ طفى حَيْثُ قَالَ وَلَمْ أَرَ قَيْدَ الْإِعْلَانِ إلَّا فِي الْهِبَةِ فَقَطْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْإِعْلَانُ فَيُعْتَبَرُ فِي الْهِبَةِ اتِّفَاقًا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعِتْقِ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وطفى خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ مَا لِلْبِسَاطِيِّ وَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَهُوَ مَا لطفى فَالْهِبَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ اتِّفَاقًا وَالْعِتْقُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِعْلَانُ بَلْ الْإِشْهَادُ فَقَطْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِشْهَادُ عِنْدَ طفى وَيُعْتَبَرَانِ فِيهِ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ) أَرَادَ بِهِ عبق فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ " إنْ أَشْهَدَ " رَاجِعًا لِلثَّلَاثَةِ وَقَوْلَهُ " وَأَعْلَنَ " رَاجِعًا لِلْأَخِيرَيْنِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي المج. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يُعْتَبَرَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَإِذَا كَاتَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَبْدَ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْوَاهِبِ، ثُمَّ حَصَلَ لِلْوَاهِبِ مَانِعٌ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ فَلَيْسَ كَالْعِتْقِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَفِيهِ أَنَّ الْكِتَابَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ فَقِيلَ إنَّهَا عِتْقٌ وَقِيلَ إنَّهَا بَيْعٌ وَقِيلَ إنَّهَا عِتْقٌ مُعَلَّقٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا كَافٍ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ وَالتَّدْبِيرُ عِتْقٌ مُؤَجَّلٌ فَالْحَقُّ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ كَذَلِكَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ لَمْ يَقَعْ عِلْمٌ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَّصِفُ بِالْعِلْمِ هُوَ وَارِثُهُ لَا هُوَ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَةُ " يُعْلَمْ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَيُجْعَلُ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ عَائِدًا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَضَمِيرُ مَوْتِهِ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا الْبُطْلَانُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ وَيَأْخُذُهَا الْوَارِثُ) أَيْ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي الْقَبُولِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ التَّعْمِيمِ وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةَ وَتَارَةً تَقُومُ عَلَى قَصْدِ عَيْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ وَعِنْدَ الشَّكِّ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ التَّعْمِيمِ وَبِهَذَا قَرَّرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ عَلِمَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ، " أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا " وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِهَا أَيْ وَكَذَا إنْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْهِبَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رَدٌّ حَتَّى مَاتَ وَلَوْ كَانَ تَرَكَ قَبْضَهَا تَفْرِيطًا وَتَكَاسُلًا. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ حَوْزُ مُخْدَمٍ وَمُسْتَعِيرٍ) صُورَتُهُ أَخْدَمَ شَخْصٌ عَبْدَهُ، أَوْ أَعَارَهُ لِزَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَحَازَهُ زَيْدٌ، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَهَبَ عَبْدَهُ الْمَذْكُورَ لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ يَصِحُّ حَوْزُ زَيْدٍ الْمُخْدَمِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ لِعَمْرٍو الْمَوْهُوبِ لَهُ بِحَيْثُ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ وَالْعَبْدُ فِي حَوْزِ الْمُخْدَمِ، أَوْ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ وَإِنَّمَا صَحَّ حَوْزُهُمَا لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا إنَّمَا حَازَهُ لِنَفْسِهِ وَحَوْزُهُ لِنَفْسِهِ خُرُوجٌ عَنْ حَوْزِ الْوَاهِبِ وَالْخُرُوجُ عَنْ حَوْزِ الْوَاهِبِ يَكْفِي فِي حَوْزِ الْمَوْهُوبِ وَمَحَلُّ صِحَّةِ حَوْزِ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ صَاحَبَتْهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُمَا بِزَمَنٍ كَثِيرٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ) أَيْ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ أَمْ لَا الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا التَّعْمِيمِ وَإِبْدَالُهُ بِقَوْلِهِ رَضِيَا بِالْحَوْزِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ إشْهَادَ الْوَاهِبِ عَلَى الْهِبَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ حَوْزِهِمَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا عَلِمْت. وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَوْزَ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا عَلِمَا بِالْهِبَةِ أَمْ لَا تَقَدَّمَ الْإِخْدَامُ وَالْإِعَارَةُ عَلَى الْهِبَةِ بِقَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ، رَضِيَا بِالْحَوْزِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا لَا تَحَوُّزَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُشْهِدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ حَوْزُهُمَا لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ حَيْثُ قَيَّدَ صِحَّةَ حَوْزِهِمَا لَهُ بِمَا إذَا عَلِمَا بِالْهِبَةِ وَرَضِيَا بِالْحَوْزِ لَهُ وَنِسْبَةُ الْمَوَّاقِ هَذَا التَّقْيِيدَ لِلْمُدَوَّنَةِ سَهْوٌ مِنْهُ كَمَا قَالَ طفى؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ وَلَا تَقْيِيدَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ) أَيْ لَا فِي بُطْلَانِ الْهِبَةِ وَلَا الْإِخْدَامِ وَلَا الْإِعَارَةِ وَحِينَئِذٍ يَبْقَى الْعَبْدُ تَحْتَ يَدِ الْمُخْدَمِ بِالْفَتْحِ، أَوْ

فَلَا يَتَأَتَّى لِلْوَاهِبِ إخْدَامٌ وَلَا إعَارَةٌ. (وَ) صَحَّ حَوْزُ (مُودَعٍ) بِالْفَتْحِ لِوَدِيعَةٍ وَهَبَهَا مَالِكُهَا لِغَيْرِهِ (إنْ عَلِمَ) بِالْهِبَةِ لِيَكُونَ حَائِزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ عِلْمِهِ حَافِظٌ لِلْوَاهِبِ وَبَعْدَهُ صَارَ حَافِظًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَغَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمْ يَشْتَرِطْ عِلْمَ الْمُودَعِ بَلْ قَالَ بِصِحَّةِ حَوْزِهِ مُطْلَقًا كَالْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَرُجِّحَ أَيْضًا فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ بِالْهِبَةِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ لَمْ تَبْطُلْ. (لَا) يَصِحُّ حَوْزُ (غَاصِبٍ) لِشَيْءٍ وَهَبَهُ مَالِكُهُ لِغَيْرِهِ عَلِمَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَقْبِضْهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا أَمَرَهُ الْوَاهِبُ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ بِهِ لَجَازَ أَيْ إنْ رَضِيَ الْغَاصِبُ بِالْحَوْزِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَصِيرُ كَالْمُودَعِ. (وَ) لَا حَوْزُ (مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) بِالْكَسْرِ فِيهِمَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ فَالرَّهْنُ لِوَرَثَتِهِ لَهُمْ أَنْ يَفْتَكُّوهُ وَأَنْ يَتْرُكُوهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَذَا الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فِي نَظِيرِ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ فَلَيْسَتْ لَازِمَةً لِلْمُسْتَعِيرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا فَلِذَا كَانَ حَوْزُهُ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَيْضًا يَدُ الْمُؤَجِّرِ جَائِلَةٌ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ بِقَبْضِ أُجْرَتِهِ وَلِذَا لَوْ وَهَبَ الْأُجْرَةَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ جَوَلَانِ يَدِ الْوَاهِبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَهَبَ) الْمُؤَجِّرُ (الْإِجَارَةَ) أَيْ الْأُجْرَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهَا بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَكُونُ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. (وَلَا إنْ رَجَعَتْ) الْهِبَةُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى وَاهِبِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ حَوْزِهَا الْمَوْهُوبَ لَهُ (بِقُرْبٍ) مِنْ حَوْزِهِ بِأَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ قَبْلَ سَنَةٍ فَلَا تَصِحَّ الْهِبَةُ بَلْ تَبْطُلَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ لِلْوَاهِبِ مَانِعٌ قَبْلَ رُجُوعِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِأَخْذِهَا بَلْ بِعَدَمِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ رُجُوعَهَا لَهُ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ آجَرَهَا) الْمَوْهُوبُ لَهُ لِوَاهِبِهَا (أَوْ أَرْفَقَ بِهَا) أَيْ أَعْطَاهَا لِوَاهِبِهَا عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ كَالْعَارِيَّةِ وَالْعُمْرَى وَالْإِخْدَامِ قُرْبَ حَوْزِهِ لَهَا وَحَصَلَ مَانِعٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّ تِلْكَ الْحِيَازَةَ تَصِيرُ كَالْعَدَمِ وَيَبْطُلُ حَقُّهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَعِيرِ حَتَّى تَتِمَّ الْمُدَّةُ، ثُمَّ يَأْخُذَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَتَّى لِلْوَاهِبِ إخْدَامٌ وَلَا إعَارَةٌ) فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الْوَاهِبَ أَعَارَ، أَوْ اسْتَخْدَمَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ الْهِبَةَ مِنْهُ صَحَّ حَوْزُ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَهُ كَالْمُودَعِ. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِالْهِبَةِ) أَيْ سَوَاءٌ رَضِيَ بِحَوْزِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ لَمْ يَرْضَ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا عِلْمُهُ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْ الْعِلْمِ بِالْهِبَةِ وَالرِّضَا بِالْحَوْزِ فِي صِحَّةِ حَوْزِ الْمُودَعِ اُنْظُرْ بْن وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُودَعِ وَبَيْنَ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِيهِمَا أَنَّ الْمُخْدَمَ وَالْمُسْتَعِيرَ حَازَا لِنَفْسِهِمَا وَلَوْ قَالَا لَا نَحُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يُبْطِلَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَهُمَا غَيْرُ قَادِرَيْنِ عَلَى ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ قَبُولِهِمَا وَلَا يَقْدِرَانِ عَلَى رَدِّ مَا قَبِلَاهُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمَا لِلْمَالِكِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُمَا فَصَارَ حَوْزُهُمَا مُعْتَبَرًا مُعْتَدًّا بِهِ وَالْمُودَعُ لَوْ شَاءَ لَقَالَ خُذْ مَا أَوْدَعْتنِي لَا أَحُوزُهُ لَك. (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ لَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُودَعُ بِالْهِبَةِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ حَوْزِ الْمُودَعِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ حَوْزِ الْمُودَعِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ حَوْزُ غَاصِبٍ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ خَلَاصِهِ مِنْ الْغَاصِبِ كَانَ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ رَضِيَ الْغَاصِبُ بِالْحَوْزِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ) ظَاهِرُهُ صِحَّةُ الْحَوْزِ عِنْدَ أَمْرِ الْوَاهِبِ الْغَاصِبَ بِالْحَوْزِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَرِضَا الْغَاصِبِ بِالْحَوْزِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ غَائِبًا وَأَمَّا إنْ كَانَ حَاضِرًا رَشِيدًا فَفِيهِ خِلَافٌ اُنْظُرْهُ فِي بْن وَأَمَّا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ لِلْغَاصِبِ لَا تَدْفَعْهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا بِإِذْنِي لَمْ يَكُنْ حَوْزًا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ كَالْمُودَعِ) أَيْ فِي كِفَايَةِ حَوْزِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرِّضَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ) أَيْ إذَا مَاتَ وَاهِبُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِبُطْلَانِ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ) أَيْ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ صِحَّةِ حَوْزِ الْأَوَّلِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَبِصِحَّةِ حَوْزِ الثَّانِي لَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ إلَخْ) إنْ قُلْت الْمُرْتَهِنُ قَادِرٌ عَلَى رَدِّ الرَّهْنِ وَإِبْقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّ حَوْزَهُ يَكْفِي قُلْت الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى رَدِّ الرَّهْنِ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَادِرٌ عَلَى رَدِّ الْعَارِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا قَبَضَ لِلتَّوَثُّقِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ وَإِنْ قَبَضَ لِنَفْسِهِ لَكِنْ لَا لِلتَّوَثُّقِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ حَوْزُ الْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ رَجَعَتْ الْهِبَةُ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ حَوْزِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقُرْبٍ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْهِبَةِ غَلَّةٌ أَمْ لَا وَهُوَ الصَّوَابُ، وَتَقْيِيدُ الْمَوَّاقِ لَهُ بِمَا إذَا كَانَ لَهَا غَلَّةٌ فَقَطْ رَدَّهُ طفى. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَانِعٌ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا لِيَصِحَّ حَوْزُهَا فَاَلَّذِي يَبْطُلُ فِي الْحَقِيقَةِ بِرُجُوعِهَا لِلْوَاهِبِ إنَّمَا هُوَ الْحَوْزُ فَقَطْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْفَقَ بِهَا) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ كَالْفِعْلِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا عَائِدًا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: قُرْبٍ إلَخْ) تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ آجَرَهَا وَأَرْفَقَ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَحَصَلَ مَانِعٌ) أَيْ لِلْوَاهِبِ قَبْلَ رُجُوعِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَةِ الْإِجَارَةِ وَالْإِرْفَاقِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ تِلْكَ الْحِيَازَةَ) أَيْ الْحَاصِلَةَ

فَلَا تَبْطُلُ وَيَأْخُذُهَا مِنْ الْوَاهِبِ جَبْرًا عَلَيْهِ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ وَذَكَرَ مَفْهُومَ بِقُرْبٍ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ) رُجُوعِهَا لَهُ بِمَا ذُكِرَ بَعْدَ مُضِيِّ (سَنَةٍ) مِنْ حَوْزِهَا فَلَا تَبْطُلُ كَانَ لَهَا غَلَّةٌ أَمْ لَا لِطُولِ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ (أَوْ) (رَجَعَ) الْوَاهِبُ لِدَارٍ مَثَلًا وَهَبَهَا (مُخْتَفِيًا) مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ حَوْزِهَا بِأَنْ وَجَدَ الدَّارَ خَالِيَةً فَسَكَنَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ (أَوْ) رَجَعَ الْوَاهِبُ (ضَيْفًا) أَوْ زَائِرًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (فَمَاتَ) الْوَاهِبُ فِي الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ فَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ. (وَ) صَحَّ (هِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا) وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ يَدُ الْوَاهِبِ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمَتَاعِ مَا عَدَا دَارَ السُّكْنَى فَيَشْمَلُ الْخَادِمَ وَغَيْرَهُ. وَأَمَّا دَارُ السُّكْنَى فَفِيهَا تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) صَحَّتْ (هِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا) (لَا الْعَكْسُ) وَهُوَ هِبَةُ الزَّوْجِ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُلِ لَا لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَبَعٌ لَهُ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ " لَا الْعَكْسُ " قَوْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُهَا مِنْ الْوَاهِبِ جَبْرًا عَلَيْهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ حَوْزُهُ وَتَتِمَّ لَهُ الْهِبَةُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ رُجُوعِهَا لَهُ) أَيْ لِلْوَاهِبِ وَقَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِإِجَارَةٍ، أَوْ إرْفَاقٍ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ حَوْزِهَا فَلَا تَبْطُلُ) أَيْ إذَا حَصَلَ لِلْوَاهِبِ مَانِعٌ قَبْلَ رُجُوعِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِغَيْرِ مَحْجُورِهِ وَأَمَّا الْهِبَةُ لِمَحْجُورِهِ فَتَبْطُلُ بِرُجُوعِهَا لِلْوَاهِبِ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ ارْتَضَاهَا ابْنُ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ أَنَّ الْمَحْجُورَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ عَامٍ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَوَّلَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ لُبٍّ وَبِهَا جَرَى الْعَمَلُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن، وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْهِبَةِ الصَّدَقَةُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْ رُجُوعِهِمَا عَنْ قُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ حَوْزِهِ وَأَمَّا الْوَقْفُ إنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ لِلْوَاقِفِ إنْ عَادَ لَهُ عَنْ قُرْبٍ لَا عَنْ بُعْدٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ كَالْكُتُبِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَقْفُ مَا عَادَ لَهُ بَعْدَ صَرْفِهِ وَلَوْ عَنْ قُرْبٍ وَأَمَّا إذَا اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَقْفُهُ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ) أَيْ إذَا حَصَلَ لِلْوَاهِبِ مَانِعٌ قَبْلَ رُجُوعِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعَ مُخْتَفِيًا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ) الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ مُخْتَفِيًا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا مِنْهُ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَإِذَا حَازَ الْمُعْطَى الدَّارَ وَسَكَنَ ثُمَّ اسْتَضَافَهُ الْمُعْطِي فَأَضَافَهُ، أَوْ مَرِضَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ، أَوْ اخْتَفَى عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ الْعَطِيَّةَ اهـ وَهَكَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَأَنَّ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ ضَيْفًا، أَوْ زَائِرًا) الزَّائِرُ هُوَ الْقَاصِدُ لِلثَّوَابِ وَأَمَّا الضَّيْفُ فَهُوَ مَنْ نَزَلَ عِنْدَك لِضِيقِ وَقْتٍ أَوْ جُوعٍ فَلَيْسَ قَاصِدًا لَك ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الزَّائِرِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ هِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ صَحَّ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ وَقَوْلُهُ: مَتَاعًا أَيْ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ كَالْفُرُشِ وَالنُّحَاسِ وَالْخَادِمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ يَدُ الْوَاهِبِ عَنْهُ) أَيْ بِشَرْطِ إشْهَادِهِ عَلَيْهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ هِبَةَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ لَا تَفْتَقِرُ لِحِيَازَةٍ فَمَتَى أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ وَحَصَلَ الْمَانِعُ وَهِيَ فِي حَوْزِهِ لَمْ يَضُرَّ وَأَمَّا هِبَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْئًا غَيْرَ مَتَاعِ الْبَيْتِ كَعَبِيدِ الْخَرَاجِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعَقَارِ غَيْرِ دَارِ السُّكْنَى فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحِيَازَةِ كَمَا فِي بْن وَهَبَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ، أَوْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا وَأَلْحَقَ الْجَزِيرِيُّ الْحَيَوَانَ بِعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَأَلْحَقَ أَيْضًا بِالزَّوْجَيْنِ الْأَبَ يَهَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْأُمَّ كَذَلِكَ فَلَا يَفْتَقِرُ لِحِيَازَةٍ فَمَتَى أَشْهَدَ عَلَى الْهِبَةِ وَحَصَلَ الْمَانِعُ وَهِيَ فِي حَوْزِهِ فَلَا يَضُرُّ وَكَذَلِكَ أَلْحَقَ بِالزَّوْجَيْنِ هِبَةَ أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا وَهِبَتَهُ لَهَا فَإِذَا وَهَبَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ فَلَا يَفْتَقِرُ لِحَوْزٍ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْخَادِمَ وَغَيْرَهُ) أَيْ كَالْفُرُشِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ فَإِذَا وَهَبَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَأَشْهَدَ عَلَى الْهِبَةِ وَمَاتَ الْوَاهِبُ وَلَمْ يَحْصُلْ حَوْزٌ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ " وَالْمُرَادُ بِالْمَتَاعِ مَا عَدَا دَارَ السُّكْنَى فَيَشْمَلُ الْخَادِمَ وَغَيْرَهُ " نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا شَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَعَبِيدَ الْخَرَاجِ وَالْعَقَارَ غَيْرَ دَارِ السُّكْنَى وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: وَصَحَّتْ هِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا) أَيْ أَوْ لِبَنِيهِ وَلَوْ اسْتَمَرَّتْ سَاكِنَةً فِيهَا حَتَّى مَاتَتْ إذَا أَشْهَدَتْ وَلَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا وَأَنْ لَا يَبِيعَهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ سُكْنَاهُ مَعَهَا فِيهَا حِيَازَةً لَهُ اهـ وَبِهَذَا يُرَدُّ مَا ذَكَرَهُ عج مِنْ صِحَّةِ الْهِبَةِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَا الْعَكْسُ) وَهُوَ هِبَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ دَارَ سُكْنَاهُ فَلَا يَصِحُّ إذَا اسْتَمَرَّ سَاكِنًا فِيهَا مَعَهَا حَتَّى مَاتَ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ مُجَرَّدَةً عَنْ شَائِبَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ إنْ أَسْلَمَتْ فَالدَّارُ السَّاكِنُ فِيهَا مَعَهَا تَكُونُ لَهَا فَأَسْلَمَتْ فَهِيَ لَهَا وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا بُدَّ مِنْ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَطِيَّةٌ قَالَهُ ح فِي الْتِزَامَاتِهِ

(وَلَا إنْ) (بَقِيَتْ) الْهِبَةُ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ وَاهِبِهَا حَتَّى حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ إحَاطَةِ دَيْنٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَتَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا قَدَّمَهُ، أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا) أَنْ يَهَبَ وَلِيُّ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ (لِمَحْجُورِهِ) الصَّغِيرِ، أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْمَجْنُونِ فَلَا تَبْطُلُ إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحُوزُ لَهُ حَيْثُ أَشْهَدَ عَلَى الْهِبَةِ، وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا لَهُمْ وَلَا عَايَنُوا الْحِيَازَةَ وَلَا صَرْفَ الْغَلَّةِ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ (إلَّا) أَنْ يَهَبَ لَهُ (مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) مِنْ مَعْدُودٍ، أَوْ مَوْزُونٍ، أَوْ مَكِيلٍ أَوْ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدٍ، أَوْ دَارٍ مِنْ دُورٍ وَنَحْوِ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَحِيَازَتُهُ لِمَحْجُورِهِ (وَلَوْ خَتَمَ عَلَيْهِ) مَعَ بَقَائِهِ عِنْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْمَانِعِ. (وَ) إلَّا (دَارَ سُكْنَاهُ) لَا تَصِحُّ هِبَتُهَا لِمَحْجُورِهِ إذَا اسْتَمَرَّ سَاكِنًا بِهَا حَتَّى مَاتَ (إلَّا أَنْ يَسْكُنَ) الْوَاهِبُ (أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ) أَيْ لِمَحْجُورِهِ (الْأَكْثَرَ) مِنْهَا فَتَصِحَّ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهَا فَتَكُونَ كُلُّهَا لِلْمَحْجُورِ (وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ) مِنْهَا وَأَكْرَى لِلْمَحْجُورِ النِّصْفَ الْآخَرَ (بَطَلَ) النِّصْفُ الَّذِي سَكَنَهُ (فَقَطْ) وَصَحَّ النِّصْفُ الَّذِي أَكْرَاهُ لَهُ ثُمَّ الرَّاجِحُ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِإِخْلَاءِ النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يَسْكُنْهُ مِنْ شَوَاغِلِ الْوَاهِبِ، وَإِنْ لَمْ يُكْرِهِ لِلْمَحْجُورِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَ) إنْ سَكَنَ (الْأَكْثَرَ) وَأَكْرَى لَهُ الْأَقَلَّ (بَطَلَ الْجَمِيعُ) وَمَوْضُوعُ تَفْصِيلِهِ فِي الْمَحْجُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا إنْ بَقِيَتْ الْهِبَةُ) بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ. (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ) أَيْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهَا، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَجِدَّ فِي طَلَبِهَا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ أَمَّا إنْ جَدَّ فَلَا بُطْلَانَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَحْجُورِهِ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ شَخْصٍ مَوْهُوبٍ لَهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ) أَيْ قَبْلَ رُشْدِ الْمَحْجُورِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي يَحُوزُ لَهُ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ أَشْهَدَ عَلَى الْهِبَةِ شَرْطٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا لَهُمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ الْوَلِيُّ الْهِبَةَ لِلشُّهُودِ فَمَتَى قَالَ الْوَلِيُّ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا أَنِّي وَهَبْت كَذَا لِمَحْجُورِي كَفَى سَوَاءٌ أَحْضَرَهُ لَهُمْ لِيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهِ أَمْ لَا فَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهُ لَهُمْ وَلَا مُعَايَنَتُهُمْ لِحَوْزِ الْوَلِيِّ لَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَلَا صَرْفَ الْغَلَّةِ لَهُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهَا وَلَا مُعَايَنَتُهُمْ لِلْحِيَازَةِ وَلَا صَرْفِ الْغَلَّةِ لَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ) مُقَابِلُهُ أَنَّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ مُقَيَّدٌ بِصَرْفِ الْوَلِيِّ الْغَلَّةَ فِي مَصَالِحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ بَطَلَتْ فَالْهِبَةُ كَالْحُبْسِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا وَهَذَا الْقَوْلُ الْمُقَابِلُ هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَابْنُ رَحَّالٍ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ كَمَا فِي بْن وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ رَشِيدًا فَإِذَا بَلَغَ رَشِيدًا حَازَ لِنَفْسِهِ فَإِذَا بَلَغَ رَشِيدًا وَلَمْ يَحُزْ لِنَفْسِهِ وَحَصَلَ مَانِعٌ لِلْوَاهِبِ بَطَلَتْ لَا إنْ بَلَغَ سَفِيهًا، أَوْ حَصَلَ الْمَانِعُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ وَلَمْ يُدْرَ هَلْ بَلَغَ رَشِيدًا، أَوْ سَفِيهًا وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاهِبَ حَصَلَ لَهُ الْمَانِعُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَقَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى السَّفَهِ وَحِينَئِذٍ فَتَصِحُّ الْهِبَةُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الرُّشْدَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّفَهِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَهَبَ لَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: إلَّا لِمَحْجُورِهِ أَيْ فَيَحُوزُ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَعْدُودٍ، أَوْ مِنْ مَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ كَكِتَابٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ وَهَبْت لِمَحْجُورِي عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي، أَوْ دَارًا مِنْ دُورِي، أَوْ بَقَرَةً مِنْ بَقَرِي وَاسْتَمَرَّ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا بَطَلَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْمَانِعِ) أَيْ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ مِنْ إخْرَاجِهِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ الْمَانِعِ فَإِذَا جَعَلَهُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّتْ الْهِبَةُ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ غَيْرَ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ أَوْ مَخْتُومًا عَلَيْهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ عبق حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ خَتْمِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيزِهِ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْخَتْمِ إذَا أَخْرَجَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا دَارَ سُكْنَاهُ) أَيْ إذَا سَكَنَهَا كُلَّهَا فَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْكُنَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَامٌّ تَنَاوُلًا، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِقَوْلِهِ دَارَ سُكْنَاهُ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَكَنَ تِلْكَ الدَّارَ بَعْدَ الْهِبَةِ إلَى أَنْ حَصَلَ الْمَانِعُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْرُوفَةً لَهُ بِالسُّكْنَى قَبْلَ الْهِبَةِ أَمْ لَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ خَاصٌّ بِدَارِ السُّكْنَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ فِي هِبَةِ الدَّارِ مُطْلَقًا بَلْ وَكَذَا الثِّيَابُ يَلْبَسُهَا، أَوْ بَعْضَهَا وَكَذَا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ الَّذِي حَازَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ إذَا أَخْرَجَ بَعْضَهُ وَبَقِيَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَمَرَّ سَاكِنًا بِهَا حَتَّى مَاتَ) أَيْ أَوْ عَطَّلَهَا عَنْ السُّكْنَى مَعَ وُجُودِ مُكْتَرٍ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ الْمُقْتَضِي أَنَّ الْإِخْلَاءَ مِنْ شَوَاغِلِ الْوَاهِبِ مِنْ غَيْرِ إكْرَاءٍ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ إكْرَائِهِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَدَارَ سُكْنَاهُ عَطْفٌ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ دَارَ السُّكْنَى لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهِ لِيَدِ أَجْنَبِيٍّ يَحُوزُهَا مِثْلُ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى إخْلَائِهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ وَمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لَهَا كَذَلِكَ سَوَاءٌ بَقِيَتْ تَحْتَ يَدِهِ، أَوْ أَكْرَاهَا، أَوْ دَفَعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ يَحُوزُهَا كَمَا لِلْمُتَيْطِيِّ وَالْجَزِيرِيُّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ فِي وَثَائِقِهِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ دَارَ السُّكْنَى تَفْتَرِقُ مِنْ غَيْرِهَا

وَلَوْ بَلَغَ رَشِيدًا وَلَمْ يَحُزْ بَعْدَ رُشْدِهِ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ دَارَ سُكْنَاهُ لِوَلَدِهِ الرَّشِيدِ فَمَا حَازَهُ الْوَلَدُ وَلَوْ قَلَّ صَحَّ وَمَا لَا فَلَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَالْوَقْفُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ. (وَجَازَتْ الْعُمْرَى) وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ حَيَاةَ الْمُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ إنْشَاءً، فَخَرَجَ تَمْلِيكُ الذَّاتِ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَيَاةَ الْمُعْطَى أَيْ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْوَقْفُ الْمُؤَبَّدُ وَكَذَا الْمُؤَقَّتُ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْوَقْفُ عَلَى زَيْدٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَا إذَا كَانَتْ بِعِوَضٍ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَبِقَوْلِهِ إنْشَاءً الْحُكْمُ بِاسْتِحْقَاقِهَا وَقَوْلُهُ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَيَاةَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ لَا تَكُونُ عُمْرَى حَقِيقَةً، وَإِنْ جَازَتْ أَيْضًا كَعُمْرِ زَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا كَانَتْ حَقِيقَةً فِي حَيَاةِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَنْصَرِفُ لَهَا الِاسْمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ قَالَ أَعْمَرْتُكَ، أَوْ أَعْمَرْتُ زَيْدًا دَارِي حُمِلَ عَلَى عُمْرِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَحُكْمُهَا النَّدْبُ وَعَبَّرَ بِالْجَوَازِ لِيَتَأَتَّى لَهُ الْإِخْرَاجُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ " لَا الرُّقْبَى " وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظُ الْإِعْمَارِ بَلْ مَا دَلَّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ فِي عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةَ عُمْرِ الْمُعْطَى كَمَا أَشَارَ لَهُ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ (كَ أَعْمَرْتُكَ) دَارِي، أَوْ ضَيْعَتِي أَوْ فَرَسِي، أَوْ سِلَاحِي، أَوْ أَسْكَنْتُك أَوْ أَعْطَيْت وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ لِحَيَاةِ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ لَكِنْ فِي نَحْوِ أَعْطَيْت لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِعْمَارِ، وَإِلَّا كَانَتْ هِبَةً (أَوْ) أَعْمَرْتُ (وَارِثَك) أَوْ أَعْمَرْتُكَ وَوَارِثَك فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ يَجُوزُ مَعَهَا الْجَمْعُ فَيَصْدُقُ كَلَامُهُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ. (وَرَجَعَتْ) الْعُمْرَى بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُعْمَرِ إذَا مَاتَ الْمُعْمَرُ بِالْفَتْحِ مِلْكًا (لِلْمُعْمِرِ) بِالْكَسْرِ (أَوْ وَارِثِهِ) إنْ مَاتَ وَالْمُرَادُ وَارِثُهُ يَوْمَ مَوْتِ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ لَا وَارِثُهُ يَوْمَ الْمَرْجُوعِ فَلَوْ مَاتَ عَنْ أَخٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَوَلَدٍ كَافِرٍ، أَوْ رَقِيقٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْوَلَدُ، أَوْ تَحَرَّرَ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْمَرُ بِالْفَتْحِ رَجَعَتْ لِلْأَخِ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ يَوْمَ مَوْتِ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ لَا لِلِابْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اتَّصَفَ بِصِفَةِ الْإِرْثِ يَوْمَ الْمَرْجُوعِ وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي هِبَةِ الْوَلِيِّ لِمَحْجُورِهِ فَإِنَّ دَارَ السُّكْنَى لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إخْلَاءِ الْوَلِيِّ لَهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ وَمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِتَخْلِيَتِهَا سَوَاءٌ أَكْرَاهَا أَمْ لَا وَمِثْلُهَا الْمَلْبُوسُ وَأَمَّا غَيْرُ دَارِ السُّكْنَى وَالْمَلْبُوسِ فَيَكْفِي الْإِشْهَادُ بِالصَّدَقَةِ، أَوْ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ تُعَايِنْ الْبَيِّنَةُ الْحِيَازَةَ فَالْإِشْهَادُ بِالصَّدَقَةِ يُغْنِي عَنْ الْحِيَازَةِ فِيمَا لَا يَسْكُنُهُ الْوَلِيُّ وَلَا يَلْبَسُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَغَ رَشِيدًا وَلَمْ يَحُزْ بَعْدَ رُشْدِهِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْدَ رُشْدِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَحُوزَ لِنَفْسِهِ، وَأَنَّ حَوْزَ الْأَبِ لَهُ الْحَاصِلَ فِي صِغَرِهِ كَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ الْحَوْزِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَحُزْ لِنَفْسِهِ وَحَصَلَ الْمَانِعُ لِلْوَلِيِّ بَطَلَتْ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ رَشِيدًا وَلَمْ يَحُزْ بَعْدَ رُشْدِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَمَا حَازَهُ الْوَلَدُ وَلَوْ قَلَّ صَحَّ وَمَا لَا فَلَا) أَيْ وَمَا لَمْ يَحُزْهُ الْوَلَدُ بَلْ سَكَنَهُ الْأَبُ فَلَا يَصِحُّ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ الْأَبُ الْأَقَلَّ صَحَّ جَمِيعُهَا وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا وَإِنْ سَكَنَ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا وَبَطَلَ مَا سَكَنَهُ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ جَمِيعَهَا بَطَلَ الْجَمِيعُ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا وَإِنْ أَخْلَاهَا كُلَّهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ، أَوْ سَكَنَ أَقَلَّهَا صَحَّ جَمِيعُهَا كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا وَإِنْ سَكَنَ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا وَبَطَلَ مَا سَكَنَهُ فَقَطْ إنْ كَانَ كَبِيرًا فَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ مَحَلُّ افْتِرَاقِ الْكَبِيرِ مِنْ الصَّغِيرِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُؤَقَّتُ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ) إنَّمَا خَرَجَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُؤَقَّتًا بِحَيَاةِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ) أَيْ لِتَقْيِيدِهَا بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَهُوَ حَيَاةُ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ بِاسْتِحْقَاقِهَا) أَيْ الْعُمْرَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إنْشَاءً وَإِحْدَاثًا لِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بَلْ تَجْدِيدٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ عُمْرَى حَقِيقَةً) أَيْ اصْطِلَاحًا بَلْ عُمْرَى مَجَازًا أَيْ وَكَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تُقَيَّدْ بِالْعُمْرِ بَلْ بِمُدَّةٍ كَإِلَى قُدُومِ زَيْدٍ مَثَلًا لَا تَكُونُ عُمْرَى حَقِيقَةً وَإِنْ جَازَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِحَيَاتِهِ، أَوْ حَيَاةِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ مَا دَلَّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ كَ أَسْكَنْتُكَ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ كَ وَهَبْتُكَ سُكْنَاهَا أَوْ اسْتِغْلَالَهَا عُمْرَك. (قَوْلُهُ: فِي عَقَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كِتَابٍ وَحُلِيٍّ وَسِلَاحٍ وَحَيَوَانٍ قَالَ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قِيلَ فَإِنْ أَعْمَرَ ثَوْبًا، أَوْ حُلِيًّا قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ وَفِيهَا فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَلَمْ أَسْمَعْ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا وَهِيَ عِنْدِي عَلَى مَا أَعَارَهَا عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ أَبُو الْحَسَنِ: يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْمَرِ رُدَّ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِعْمَارِ) أَيْ كَ أَعْطَيْتُكَ سُكْنَى دَارِي، أَوْ غَلَّتَهَا مُدَّةَ عُمْرِك، أَوْ عُمْرِي. (قَوْلُهُ: فَيَصْدُقُ كَلَامُهُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعْمَرَهُ وَوَارِثَهُ مَعًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَارِثُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ كَوَقْفٍ عَلَيْك وَوَلَدِك عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ حَيْثُ كَانَ الْوَالِدُ أَحْوَجَ وَلَكِنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ فِي الْوَقْفِ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ مُسَاوَاةُ الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ وَلَوْ كَانَ أَحْوَجَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعُمْرَى لَا تَكُونُ لِلْوَارِثِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَبَيْنَ الْوَقْفِ حَيْثُ سَوَّى فِيهِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ عَلَى قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ مَدْلُولَ الْعُمْرَى الْعُمْرُ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا أَعْمَرَ الْوَارِثَ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَأَمَّا إذَا أَعْمَرَهُ فَقَطْ، أَوْ أَعْمَرَ وَارِثَهُ فَقَطْ فَإِنَّ الْمُعْمَرَ يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ حَالًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُمْرَى كَالْهِبَةِ فِي الْحَوْزِ بِمَعْنَى أَنَّ حَوْزَهَا قَبْلَ الْمَانِعِ شَرْطٌ فِي تَمَامِهَا فَتَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَيُجْبَرُ الْمُعْمِرُ بِالْكَسْرِ عَلَى دَفْعِهَا لِلْمُعْمَرِ لِيَحُوزَهَا فَإِنْ حَصَلَ الْمَانِعُ لِلْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا الْمُعْمَرُ بِالْفَتْحِ بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ جِدٌّ فِي طَلَبِهَا قَبْلَ الْمَانِعِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَارِثِهِ إنْ مَاتَ) وَلَوْ حَرَثَ الْمُعْمَرُ

وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ مِلْكًا، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَرْجُوعُ لَهُ فِي الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ فَقَالَ (كَحُبْسٍ عَلَيْكُمَا) أَيْ كَقَوْلِ مُحَبِّسٍ لِرَجُلَيْنِ هَذَا الشَّيْءُ حُبْسٌ عَلَيْكُمَا (وَهُوَ لِآخِرِكُمَا) فَهُوَ حُبْسٌ عَلَيْهِمَا مَا دَامَا حَيَّيْنِ مَعًا فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا رَجَعَتْ لِلْآخَرِ (مِلْكًا) يَصْنَعُ فِيهَا مَا يَشَاءُ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ حُبْسٌ عَلَيْكُمَا فَقَطْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْآخَرِ حَبْسًا فَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَقِيلَ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ، أَوْ وَارِثِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَقْفِ فَقَوْلُهُ مِلْكًا مَعْمُولٌ لِ رَجَعَتْ مُقَدَّرًا كَمَا عَلِمْتَ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ هُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَتْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ تَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَارِثِهِ فِي الْأُولَى وَتَرْجِعُ مِلْكًا لِلْآخَرِ مِنْهُمَا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِلْكٌ بِالرَّفْعِ وَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ أَيْ الرَّاجِعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِلْكٌ. لَا (الرُّقْبَى) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ فَلَا تَجُوزُ فِي حُبْسٍ وَلَا مِلْكٍ وَهِيَ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ تَفْسِيرَهَا بِالْمِثَالِ بِقَوْلِهِ (كَذَوِي دَارَيْنِ) أَوْ عَبْدَيْنِ، أَوْ دَارٍ وَعَبْدٍ (قَالَا) أَيْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (إنْ مِتَّ قَبْلِي فَهُمَا) أَيْ دَارُك وَدَارِي (لِي، وَإِلَّا) بِأَنْ مِتُّ قَبْلَك (فَلَكَ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ دَارَ كُلٍّ مِلْكٌ لَهُ فَالْمُرَادُ إنْ مِتَّ قَبْلِي فَدَارُك لِي مَضْمُومَةٌ لِدَارِي، وَإِنْ مِتُّ قَبْلَك فَدَارِي لَك مَضْمُومَةٌ لِدَارِك وَإِنَّمَا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ إلَى الْمُخَاطَرَةِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَاطُّلِعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فُسِخَ، وَإِنْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ رَجَعَتْ لِوَارِثِهِ مِلْكًا وَلَا تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَشُبِّهَ فِي الْمَنْعِ قَوْلُهُ (كَهِبَةِ نَخْلٍ) لِشَخْصٍ (وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا) أَيْ اسْتَثْنَى الْوَاهِبُ ثَمَرَتَهَا (سِنِينَ) مَعْلُومَةً، أَوْ سَنَةً فَلَا مَفْهُومَ لِلْجَمْعِ عَلَى الْأَصَحِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْفَتْحِ أَرْضًا أُعْمِرَتْ لَهُ وَمَاتَ أَخَذَهَا رَبُّهَا وَدَفَعَ لِوَرَثَتِهِ أُجْرَةَ الْحَرْثِ وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَهَا لَهُمْ بِحَرْثِهَا تِلْكَ السَّنَةَ وَأَخَذَ مِنْهُمْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا فَإِنْ مَاتَ الْمُعْمَرُ بِالْفَتْحِ وَبِهَا زَرْعٌ وَفَاتَ الْإِبَّانُ فَلِوَرَثَتِهِ الزَّرْعُ الْمَوْجُودُ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ زَرَعَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ) أَيْ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ وَلِأَقْرَبِ امْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْمِصْرِيِّينَ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ مِنْهُمْ، بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ حُبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَهُوَ لِآخِرِكُمَا وَحُكْمُهَا كَالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَتَرْجِعُ إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي حُبْسًا فَإِذَا مَاتَ الثَّانِي فَهَلْ تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ، أَوْ تَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ إنْ كَانَ حَيًّا، أَوْ لِوَارِثِهِ قَوْلَانِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ: الْأُولَى: صُورَةُ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ حُبْسٌ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِآخِرِكُمَا الثَّانِيَةُ: حُبْسٌ عَلَيْكُمَا وَيَسْقُطُ قَوْلُهُ: وَهُوَ لِآخِرِكُمَا، الثَّالِثَةُ: حُبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَهُوَ لِآخِرِكُمَا فَفِي الْأُولَى إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا رَجَعَتْ لِلثَّانِي مِلْكًا وَفِي كُلٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ رَجَعَتْ لِلثَّانِي حُبْسًا فَإِذَا مَاتَ الثَّانِي فَهَلْ تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ، أَوْ تَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ قَوْلَانِ وَهُمَا مَنْصُوصَانِ فِي الثَّانِيَةِ وَمُخَرَّجَانِ فِي الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ: مَعْمُولٌ لِ رَجَعَتْ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ رَجَعَتْ رُجُوعَ مِلْكٍ لَا مَفْعُولٌ بِهِ؛ لِأَنَّ رَجَعَ لَازِمٌ وَقَوْلُهُ: مَعْمُولٌ لِ رَجَعَتْ أَيْ وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَتْ) فِيهِ أَنَّ مِلْكًا مَصْدَرٌ مُنَكَّرٌ وَمَجِيءُ الْمَصْدَرِ الْمُنَكَّرِ حَالًا مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ وَيُؤَوَّلُ هُنَا بِاسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ رَجَعَتْ فِي حَالِ كَوْنِهَا مَمْلُوكَةً. (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) فِيهِ أَنَّ فَاعِلَ رَجَعَ الْمَذْكُورَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْعُمْرَى وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: مِلْكًا رَاجِعًا لِلْأُولَى فَقَطْ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى جَعْلُهُ حَالًا مِنْ الرَّاجِعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِ رَجَعَ الْمَذْكُورِ وَالْمُقَدَّرِ الَّذِي اقْتَضَاهُ التَّشْبِيهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ فِي حُبْسٍ وَلَا مِلْكٍ) بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ إنْ مِتُّ فَدَارِي مِلْكٌ لَك أَوْ حُبْسٌ عَلَيْك. (قَوْلُهُ: فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا وَقَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَيْ بِأَنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا بِفَوْرِ الْآخَرِ وَدَخَلَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ مِثْلَ الْأَوَّلِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ وَيَكُونُ هَذَا وَصِيَّةً. (قَوْلُهُ: أَنَّ دَارَ كُلٍّ) أَيْ دَارَ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِنْ النَّوْعِ الْمُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 135] أَيْ قَالَتْ الْيَهُودُ لِلنَّصَارَى كُونُوا هُودًا مِثْلَنَا وَقَالَتْ النَّصَارَى لِلْيَهُودِ كُونُوا نَصَارَى مِثْلَنَا. (قَوْلُهُ: إلَى الْمُخَاطَرَةِ) أَيْ الْغَرَرِ؛ إذْ لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا يَمُوتُ قَبْلَ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ رَجَعَتْ أَيْ دَارُ مَنْ مَاتَ لِوَارِثِهِ وَلَا تَكُونُ لِلْمُرَاقِبِ الْحَيِّ. (قَوْلُهُ: كَهِبَةِ نَخْلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْآنَ، أَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا تَكُونُ بَعْدَ الْأَجَلِ الَّذِي يَقْبِضُ الْوَاهِبُ ثَمَرَتَهَا فِيهِ وَالْعِلَاجُ فِيهِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا) أَيْ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ بْن خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ بِالْجَوَازِ إذَا اسْتَثْنَى بَعْضَهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا مَفْهُومَ لِلْجَمْعِ) وَذَلِكَ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ وَهِيَ الْمُخَاطَرَةُ أَيْ الْغَرَرُ فِي اسْتِثْنَاءِ الثَّمَرَةِ سَنَةً وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ حَيْثُ قَالَ بِالْجَوَازِ فِيمَا دُونَ الْجَمْعِ وَنُسِبَ ذَلِكَ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ

(وَ) الْحَالُ أَنَّ الْوَاهِبَ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ (السَّقْيُ) فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ) وَعِلَّةُ الْمَنْعِ الْجَهْلُ بِعِوَضِ السَّقْيِ؛ إذْ لَا يُدْرَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ النَّخْلُ بَعْدَ تِلْكَ الْأَعْوَامِ فِي نَظِيرِ سَقْيِهِ فَإِنْ وَقَعَ وَاطُّلِعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فُسِخَ وَرُدَّتْ النَّخْلُ بِثَمَرَتِهَا لِرَبِّهَا وَرَجَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِقِيمَةِ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ، وَإِنْ فَاتَتْ بِتَغَيُّرِ مِلْكِهَا الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَرَجَعَ عَلَى الْوَاهِبِ بِمِثْلِ مَا أَكَلَ مِنْ الثَّمَرِ إنْ عُرِفَ، وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ. (أَوْ) دَفْعِ (فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو) عَلَيْهَا (سِنِينَ) ، أَوْ سَنَةً (وَ) شَرَطَ أَنَّهُ (يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ) فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ عِنْدِهِ (وَلَا يَبِيعُهُ لِبَعْدِ الْأَجَلِ) يَعْنِي وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا حَتَّى يَفْرُغَ الْأَجَلُ الْمَذْكُورُ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ بَاعَ الْفَرَسَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ تِلْكَ السِّنِينَ وَلَا يُدْرَى هَلْ يَسْلَمُ الْفَرَسُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا فَتَذْهَبَ النَّفَقَةُ بَاطِلًا فَهُوَ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ. (وَلِلْأَبِ) فَقَطْ لَا الْجَدِّ (اعْتِصَارُهَا) أَيْ الْهِبَةِ (مِنْ وَلَدِهِ) الْحُرِّ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا غَنِيًّا، أَوْ فَقِيرًا أَيْ أَخْذُهَا مِنْهُ جَبْرًا بِلَا عِوَضٍ وَلَوْ حَازَهَا الِابْنُ بِأَنْ يَقُولَ رَجَعْت فِيمَا وَهَبْته لَهُ، أَوْ أَخَذْتهَا، أَوْ اعْتَصَرْتهَا فَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الِاعْتِصَارِ عَلَى الْأَظْهَرِ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْعَامَّةِ لَهُ غَالِبًا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَرْطِ لَفْظِ الِاعْتِصَارِ (كَأُمٍّ) لَهَا الِاعْتِصَارُ لِمَا وَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ أَيْ لِلْأَبِ فَقَطْ دُونَ الْجَدِّ مِنْ وَلَدِهِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ الْهِبَةِ فَقَطْ أَيْ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِالضَّمِيرِ دُونَ الصَّدَقَةِ وَالْحُبْسِ كَأُمٍّ فَقَطْ دُونَ الْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْأُخْتِ. لَكِنَّ مَحَلَّ جَوَازِ اعْتِصَارِ الْأُمِّ حَيْثُ (وَهَبَتْ) صَغِيرًا (ذَا أَبٍ) لَا يَتِيمًا فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الِابْنُ وَالْأَبُ مُعْسِرَيْنِ أَوْ مُوسِرَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّقْيُ بِمَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ بِمَاءِ الْوَاهِبِ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ فِيهِمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ؛ لِأَنَّ عِلَاجَ السَّقْيِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمُعَاوَضَةِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمَاءِ الْوَاهِبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: بِعِوَضِ السَّقْيِ) أَيْ وَهُوَ النَّخْلُ فَسَقْيُهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ بِالنَّخْلِ. (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِ) أَيْ الْكَائِنِ فِي نَظِيرِ سَقْيِهِ فَهُوَ صِفَةٌ لِلنَّخْلِ. (قَوْلُهُ: وَاطُّلِعَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ التَّغَيُّرِ أَيْ قَبْلَ تَغَيُّرِ النَّخْلِ سَوَاءٌ مَضَتْ سِنِينُ الِاسْتِثْنَاءِ كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا. (قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ النَّخْلُ بِثَمَرَتِهَا) أَيْ مَعَ ثَمَرَتِهَا حَيْثُ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّمَرَةَ لِمُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا. (قَوْلُهُ: يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا) أَيْ فَصَارَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ مَلَكَهَا مِنْ يَوْمِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعِ فَرَسٍ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لِفَرَسٍ وَلَا لِقَوْلِهِ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهَا بَلْ كَذَلِكَ دَفْعُ فَرَسٍ لِمَنْ يَطْحَنُ عَلَيْهَا أَوْ حِمَارٍ لِمَنْ يَرْكَبُ عَلَيْهِ أَوْ ثَوْرٍ لِمَنْ يَحْرُثُ عَلَيْهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الثَّمَنَ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ. (قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ وَتَكُونُ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ فَلَيْسَ التَّمَلُّكُ مِنْ الْآنَ وَإِنَّمَا اتَّفَقَا الْآنَ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبِيعُهُ لِبَعْدِ الْأَجَلِ) أَيْ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُهُ بِالْهِبَةِ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ وَقَدْ اعْتَرَضَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ قَدْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْلِكَهَا إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ قَدْ أَخَلَّ بِهَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْمِلْكِ الْبَيْعَ وَهُوَ قَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَيُفِيدُ هَذَا أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّمْلِيكِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي هُوَ لَازِمٌ مَنْفِيٌّ قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَنْتَفِي مَلْزُومُهُ وَهُوَ الْمِلْكُ قَالَ عبق وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ قَوْلَهُ وَلَا يَبِيعُهُ إلَخْ أَنَّهُ يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ. (قَوْلُهُ: بَاطِلًا) أَيْ ذَهَابًا بَاطِلًا. (قَوْلُهُ: فَهُوَ غَرَرٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ: إنَّهُ إذَا اُطُّلِعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَالدَّافِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى عَطِيَّتَهُ بِلَا شَرْطٍ وَإِنْ شَاءَ ارْتَجَعَ فَرَسَهُ وَغَرِمَ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْفَرَسُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فُسِخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ صَارَ بَيْعًا فَاسِدًا فَيُفْسَخُ وَيَغْرَمُ رَبُّ الْفَرَسِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَ بِشَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ غَرِمَ الْقَابِضُ قِيمَةَ الْفَرَسِ حِينَ حَلَّ الْأَجَلُ وَيَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَمُخَاطَرَةٌ) عَطْفُ مُرَادِفٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الِاعْتِصَارِ) أَيْ كَمَا فِي نَقْلِ بْن عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ اشْتِرَاطِهِ وَقَدْ رَدَّهُ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ هِبَةً، ثُمَّ يَعُودَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ» (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ اعْتِصَارَهَا مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا ذَا أَبٍ وَأَنْ لَا تُرِيدَ بِهِبَتِهَا ثَوَابَ الْآخِرَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ وَلَدِهِ فَقَطْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: أَيْ لِلْأَبِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَكُونُ إلَّا لِوَلَدٍ. (قَوْلُهُ: دُونَ الصَّدَقَةِ وَالْحُبْسِ) فِي بْن عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحُبْسَ إذَا كَانَ بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ بِأَنْ أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَمْ يُعْتَصَرْ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْهِبَةِ بِأَنْ أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ الْمُعْطَى جَازَ اعْتِصَارُهُ وَأَنَّ الْعُمْرَى يَجُوزُ اعْتِصَارُهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ ضُرِبَ لَهَا أَجَلٌ أَمْ لَا كَانَ الْأَجَلُ قَرِيبًا، أَوْ بَعِيدًا. (قَوْلُهُ: صَغِيرًا) قُدِّرَ الْمَوْصُوفُ صَغِيرًا لَا وَلَدًا لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَلَوْ تَيَتَّمَ. (قَوْلُهُ: لَا يَتِيمًا) أَيْ لَا إنْ وَهَبَتْ يَتِيمًا حِينَ هِبَتِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ

(وَإِنْ) كَانَ الْأَبُ (مَجْنُونًا) جُنُونًا مُطْبِقًا فَلَا يَمْنَعُ جُنُونُهُ الِاعْتِصَارَ. (وَلَوْ تَيَتَّمَ) الْوَلَدُ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِمَعْنَى الصَّدَقَةِ حِينَ الْهِبَةِ لِوُجُودِ أَبِيهِ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَتْ وَلَدَهَا الْكَبِيرَ كَانَ لَهَا الِاعْتِصَارُ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ مَا ذُكِرَ مِنْ نَفْسِهِ مُخَالِفًا فِيهِ لِلْأَئِمَّةِ وَلِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَأُمٍّ فَقَطْ وَهَبَتْ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا ذَا أَبٍ، وَإِنْ مَجْنُونًا إلَّا أَنْ يَتَيَتَّمَ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى الْمَذْهَبِ مَعَ الْإِيضَاحِ. (إلَّا فِيمَا) أَيْ فِي هِبَةٍ، أَوْ عَطِيَّةٍ، أَوْ مِنْحَةٍ أَوْ عُمْرَى، أَوْ إخْدَامٍ (أُرِيدَ بِهِ الْآخِرَةُ) أَيْ ثَوَابُهَا لَا مُجَرَّدُ ذَاتِ الْوَلَدِ فَلَا اعْتِصَارَ لَهُمَا وَكَذَا إنْ أُرِيدَ الصِّلَةُ وَالْحَنَانُ لِكَوْنِهِ مُحْتَاجًا أَوْ بَائِنًا عَنْ أَبِيهِ، أَوْ خَامِلًا بَيْنَ النَّاسِ (كَصَدَقَةٍ) وَقَعَتْ بِلَفْظِهَا حَالَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِلَا شَرْطٍ) لِلِاعْتِصَارِ فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ فِيمَا أَعْطَاهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ عَمَلًا بِشَرْطِهِ كَمَا أَنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِ عَدَمِهِ فِي الْهِبَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ مَوَانِعَ الِاعْتِصَارِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ تَفُتْ) عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ، أَوْ تَدْبِيرٍ، أَوْ بِجَعْلِ الدَّنَانِيرِ حُلِيًّا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ) وَأَمَّا حَوَالَةُ السُّوقِ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ فَلَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ كَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ (بَلْ بِزَيْدٍ) أَيْ زِيَادَةٍ فِي الذَّاتِ مَعْنَوِيَّةً كَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ، أَوْ حِسِّيَّةً كَكِبَرِ صَغِيرٍ وَسِمَنِ هَزِيلٍ (أَوْ نَقْصٍ) كَذَلِكَ وَكَذَا يَفُوتُ الِاعْتِصَارُ بِخَلْطِ مِثْلِيٍّ بِغَيْرِهِ دَرَاهِمَ، أَوْ غَيْرِهَا فَلَيْسَ لِلْأَبِ حِينَئِذٍ اعْتِصَارُهَا وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا لِلْوَلَدِ بِقَدْرِهَا (وَلَمْ يُنْكَحْ) الْوَلَدُ (أَوْ يُدَايَنْ) بِبِنَاءِ الْفِعْلَيْنِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ كَانَ يَتِيمًا حِينَ الْهِبَةِ فَتُعَدُّ تِلْكَ الْهِبَةُ كَالصَّدَقَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَجْنُونًا جُنُونًا مُطْبِقًا) أَيْ حِينَ الْهِبَةِ وَأَوْلَى إذَا جُنَّ بَعْدَهَا قَالَ عبق وَانْظُرْ لَوْ جُنَّ الْأَبُ بَعْدَ هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ هَلْ لِوَلِيِّهِ الِاعْتِصَارُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَتَّمَ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إنَّهُ إذَا تَيَتَّمَ الْوَلَدُ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا الِاعْتِصَارُ) أَيْ مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَبٌ أَمْ لَا وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأُمَّ إذَا وَهَبَتْ لِوَلَدِهَا فَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْهِبَةِ كَبِيرًا كَانَ لَهَا الِاعْتِصَارُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْوَلَدِ أَبٌ وَقْتَ الْهِبَةِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ وَقْتَ الْهِبَةِ صَغِيرًا كَانَ لَهَا الِاعْتِصَارُ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَقْتَ الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَبُ عَاقِلًا، أَوْ مَجْنُونًا مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا فَإِنْ تَيَتَّمَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْهِبَةِ فَهَلْ لَهَا الِاعْتِصَارُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ وَقْتَ الْهِبَةِ غَيْرُ يَتِيمٍ أَوْ لَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ نَظَرًا لِيُتْمِهِ حَالَ الِاعْتِصَارِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ حِينَ الْهِبَةِ لَا أَبَ لَهُ فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ. (قَوْلُهُ: وَلِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَمُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ اعْتِرَاضَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ بِمَا لِلَّخْمِيِّ الثَّانِي أَنَّ الْمُطَابِقَ لِاصْطِلَاحِهِ التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ؛ إذْ قَوْلُهُ: فِي الْخُطْبَةِ لَكِنْ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ قَوْلٌ يُقَابِلُ اخْتِيَارَهُ أَمْ لَا لَكِنْ فِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ تَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّ ظَاهِرَهَا مَعَ اللَّخْمِيِّ فَلَمَّا كَانَ مُخْتَارُهُ ظَاهِرَهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضَانِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْأُمِّ أَنْ تَعْتَصِرَ مَا وَهَبَتْ، أَوْ أَنْحَلَتْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فِي حَيَاةِ الْأَبِ، أَوْ لِوَلَدِهَا الْكَبِيرِ إلَخْ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهَا فِي حَيَاةِ أَبِيهِ مَا الْعَامِلُ فِيهِ هَلْ قَوْلُهُ: تَعْتَصِرُ أَوْ وَهَبَتْ فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ فِيهِ " تَعْتَصِرُ " فَيَكُونُ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ " وَهَبَتْ " فَمِثْلُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَيَتَخَرَّجُ الْقَوْلَانِ مِنْهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ ظَاهِرَهَا هُوَ التَّعَلُّقُ بِأَقْرَبِ الْعَامِلَيْنِ وَهُوَ الثَّانِي اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لَكَانَ جَارِيًا عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ لَهُ الْيُتْمُ فَلَا اعْتِصَارَ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أُرِيدَ الصِّلَةُ وَالْحَنَانُ) أَيْ وَكَذَا إذَا أَرَادَ الْأَبُ، أَوْ الْأُمُّ بِالْهِبَةِ الصِّلَةَ وَالْحَنَانَ عَلَى وَلَدِهِمَا فَلَا اعْتِصَارَ لَهُمَا فَإِرَادَةُ الصِّلَةِ وَالْحَنَانِ تَمْنَعُ مِنْ اعْتِصَارِهَا وَأَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى الْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ اعْتِصَارِهَا خِلَافًا لِمَا فِي خش وعبق فَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَيَا بِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَصَدَقَةٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا أُرِيدَ بِهِ ثَوَابُ الْآخِرَةِ مِنْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا صَدَقَةٌ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ شَبَّهَ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَمَا مَعَهَا الصَّدَقَةَ الْوَاقِعَةَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْهِبَةِ بَلْ بِلَفْظِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ شَرَطَ الْأَبُ، أَوْ الْأُمُّ الرُّجُوعَ فِي صَدَقَتِهِمَا عَلَى وَلَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ وَأَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ شَخْصٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، أَوْ وَهَبَهُ وَشَرَطَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي هِبَتِهِ، أَوْ صَدَقَتِهِ إنْ شَاءَ فَذَكَرَ الْمَشَذَّالِيُّ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَاَلَّذِي فِي وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَالْبَاجِيِّ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي صَدَقَتِهِ الِاعْتِصَارَ وَالصَّدَقَةُ لَا تُعْتَصَرُ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ مِنْ غَيْرِ الْوَالِدَيْنِ قُلْت وَسُنَّةُ الْحُبْسِ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَإِذَا اشْتَرَطَهُ الْمُحَبِّسُ فِي نَفْسِ الْحُبْسِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الِاعْتِصَارِ وَقَوْلُهُ: فِي الْهِبَةِ مُتَعَلِّقٌ بِ يُعْمَلُ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَتَغَيُّرِ الذَّاتِ بِزِيَادَتِهَا، أَوْ نَقْصِهَا. (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ) أَيْ فِي الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ: مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ) أَيْ لِعَدَمِ فَوَاتِهَا بِهَا لِبَقَاءِ الْمَوْهُوبِ بِحَالِهِ وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ، أَوْ نَقْصُهَا عَارِضٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَسِمَنِ هَزِيلٍ) اُنْظُرْ هَلْ السِّمَنُ يَجْرِي فِي الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ، أَوْ خَاصٌّ بِالدَّوَابِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِقَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ حِسِّيٍّ كَهُزَالِ السَّمِينِ، أَوْ مَعْنَوِيٍّ

ضَمِيرُ الْمَوْهُوبِ وَقَوْلُهُ (لَهَا) قَيْدٌ فِيهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْإِنْكَاحِ الْعَقْدُ وَاللَّامُ فِي لَهَا لِلْعِلَّةِ فَالْمَانِعُ مِنْ اعْتِصَارِ الْأَبَوَيْنِ تَزْوِيجُ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ عَقْدُهُ لِلذَّكَرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ عَلَى الْبِنْتِ الْمَوْهُوبَةِ لِأَجْلِ هِبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا إعْطَاءُ الدَّيْنِ لَهُمَا لِأَجْلِ يُسْرِهِمَا بِالْهِبَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَجْنَبِيُّ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَصَدَ ذَاتَهُمَا فَقَطْ لَمْ يُمْنَعْ الْأَبَوَانِ مِنْ الِاعْتِصَارِ. (أَوْ) (يَطَأْ) بَالِغٌ أَمَةً (ثَيِّبًا) مَوْهُوبَةً لَهُ وَأَمَّا الْبِكْرُ الْمَوْهُوبَةُ فَيَفُوتُ اعْتِصَارُهَا بِافْتِضَاضِهِ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ لِنَقْصِهَا إنْ كَانَتْ عَلِيَّةً وَزِيَادَتِهَا إنْ كَانَتْ وَخْشًا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بَلْ بِزَيْدٍ، أَوْ نَقْصٍ وَأَمَّا وَطْءُ غَيْرِ الْبَالِغِ ثَيِّبًا فَلَا يَمْنَعُ الِاعْتِصَارَ وَلَوْ مُرَاهِقًا. (أَوْ) (يَمْرَضْ) الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَيَمْنَعُ اعْتِصَارَهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِالْهِبَةِ (كَوَاهِبٍ) أَيْ كَمَرَضِهِ الْمَخُوفِ؛ لِأَنَّ اعْتِصَارَهَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَارِثُهُ (إلَّا أَنْ يَهَبَ) الْوَالِدُ حَالَ كَوْنِ وَلَدِهِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ) أَيْ وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ، أَوْ مَدِينٌ، أَوْ مَرِيضٌ كَمَرَضِ الْوَاهِبِ فَلَهُ الِاعْتِصَارُ (أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ) الْحَاصِلُ بَعْدَ الْهِبَةِ مِنْ مَوْهُوبٍ، أَوْ وَاهِبٍ فَلَهُ الِاعْتِصَارُ بَعْدَ زَوَالِهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَتَخْصِيصُهُ بِالْمَرَضِ يَقْتَضِي أَنَّ زَوَالَ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ لَا يُسَوِّغُ الِاعْتِصَارَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ زَوَالَ الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ كَزَوَالِ الْمَرَضِ. (وَكُرِهَ) لِلْمُتَصَدِّقِ (تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ) بِهِبَةٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ، أَوْ بِبَيْعٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ مُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ، أَوْ مِمَّنْ وَصَلَّتْ لَهُ مِنْهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ " تَمَلُّكُ " بِقَصْدِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ (بِغَيْرِ مِيرَاثٍ) لَيْسَ بِدَاخِلٍ حَتَّى يُخْرِجَهُ لَكِنَّهُ قَصَدَ مَزِيدَ الْإِيضَاحِ بِالتَّصْرِيحِ وَاحْتَرَزَ بِالصَّدَقَةِ عَنْ الْهِبَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَنِسْيَانِ صَنْعَةٍ لَهَا بَالٌ. (قَوْلُهُ: ضَمِيرُ الْمَوْهُوبِ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِمَا لِأَجَلِهَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُوَطَّإِ وَالرِّسَالَةِ وَسَمَاعِ عِيسَى لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ خِلَافُ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ وَنَصُّهَا وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَ، أَوْ نَحَلَ لِبَنِيهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَكَذَا إنْ بَلَغَ الصِّغَارُ مَا لَمْ يُنْكَحُوا أَوْ يُحْدِثُوا دَيْنًا اهـ فَفِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ التَّقْيِيدَ نَظَرٌ اهـ طفى قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ حَمْلُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّقْيِيدِ وَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اعْتَمَدَهُ الْمُؤَلِّفُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ عَقْدُهُ) أَيْ عَقْدُ الْأَجْنَبِيِّ لِلذَّكَرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى بِنْتِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ هِبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ لِأَجْلِ يُسْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَجْنَبِيُّ ذَلِكَ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ اعْتِصَارِ الْأَبَوَيْنِ قَصْدُ الْأَجْنَبِيِّ عَقْدَ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةَ لِأَجْلِ يُسْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْهِبَةِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ ضَبْطُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَأَمَّا قَصْدُ الْوَلَدِ ذَلِكَ وَحْدَهُ فَلَا يَمْنَعُ وَقِيلَ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مَنْعِ الِاعْتِصَارِ قَصْدُ الْوَلَدِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَيُضْبَطُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: بَالِغٌ) أَيْ وَلَدٌ مَوْهُوبٌ لَهُ بَالِغٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَرُمَ الْوَطْءُ كَوَطْءِ حَائِضٍ وَيُصَدَّقُ الْوَلَدُ فِي أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ الْوَطْءُ لِتِلْكَ الْجَارِيَةِ الْمَوْهُوبَةِ إذَا عُلِمَتْ الْخَلْوَةُ بَيْنَهُمَا وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ ثَيِّبًا، أَوْ بِكْرًا وَالْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إمَّا بَالِغٌ، أَوْ غَيْرُ بَالِغٍ فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَفَاتَ اعْتِصَارَهَا وَطْءُ الْوَلَدِ الْبَالِغِ لَا وَطْءُ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَيَفُوتُ اعْتِصَارُهَا بِافْتِضَاضِهَا مُطْلَقًا مِنْ بَالِغٍ، أَوْ صَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: بِافْتِضَاضِهِ) أَيْ بِافْتِضَاضِ الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَمْرَضْ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ الِاعْتِصَارُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَهَبَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ كَانَتْ الْهِبَةُ لِغَيْرِ مَرِيضٍ وَمَدِينٍ وَمُتَزَوِّجٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَثْنَى. (قَوْلُهُ: وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ وَتَخْصِيصُ الزَّوَالِ بِالْمَرَضِ. (قَوْلُهُ: لَا يُسَوِّغُ الِاعْتِصَارَ) أَيْ بَلْ يَمْنَعُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) أَيْ فَارِقًا بَيْنَ زَوَالِ الْمَرَضِ وَزَوَالِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ) أَيْ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَإِذَا زَالَ عَادَ الِاعْتِصَارُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ) أَيْ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمْرٌ عَامَلَهُ النَّاسُ بَعْدَ الْهِبَةِ عَلَيْهِ فَيَسْتَمِرُّونَ عَلَى الْمُعَامَلَةِ لِأَجْلِهِ لِانْفِتَاحِ بَابِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَدَمُ الِاعْتِصَارِ. (قَوْلُهُ: كَزَوَالِ الْمَرَضِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يُسَوِّغُ الِاعْتِصَارَ. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَجَمَاعَةٌ بِالتَّحْرِيمِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِتَشْبِيهِهِ بِأَقْبَحِ شَيْءٍ وَهُوَ الْكَلْبُ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ وَلَمَّا «أَرَادَ عُمَرُ شِرَاءَ فَرَسٍ تَصَدَّقَ بِهَا نَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ فِي قَيْئِهِ» وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ مَثَّلَ بِغَيْرِ مُكَلَّفٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ شَنَّعَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ التَّشْبِيهَ بِالْكَلْبِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ بَلْ الذَّمُّ وَزِيَادَةُ التَّنْفِيرِ وَالذَّمُّ عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّنْفِيرُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَتِهِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ: تَمَلُّكُ صَدَقَتِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً كَالزَّكَاةِ وَالْمَنْذُورَةِ، أَوْ كَانَتْ مَنْدُوبَةً. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ مَنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ تَمَلُّكِ الْمُتَصَدِّقِ لِلصَّدَقَةِ وَلَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالصَّدَقَةِ عَنْ الْهِبَةِ إلَخْ) أَيْ وَاحْتَرَزَ أَيْضًا بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ عَنْ مِلْكِهَا بِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ الْعَرِيَّةِ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ وَالْغَلَّةِ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا دُونَ الذَّاتِ فَلَهُ شِرَاؤُهَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مَالِكٍ فَإِذَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ، أَوْ سُكْنَى دَارٍ شَهْرًا

فَيَجُوزُ تَمَلُّكُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَكَمَا يُكْرَهُ تَمَلُّكُ الذَّاتِ يُكْرَهُ تَمَلُّكُ الْغَلَّةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَرْكَبُهَا) إنْ كَانَتْ دَابَّةً وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ (أَوْ يَأْكُلُ مِنْ غَلَّتِهَا) كَثَمَرَتِهَا وَلَبَنِهَا وَيُلْحَقُ بِالرُّكُوبِ مُطْلَقُ الِاسْتِعْمَالِ وَبِالْأَكْلِ مِنْ الْغَلَّةِ الشُّرْبُ وَالِانْتِفَاعُ بِالصُّوفِ (وَهَلْ) الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ رَضِيَ الْكَبِيرُ أَوْ (إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ) الرَّشِيدُ (بِشُرْبِ اللَّبَنِ) ، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْغَلَّاتِ لِوَالِدِهِ الْمُتَصَدِّقِ فَيَجُوزَ (تَأْوِيلَانِ) وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُ بَلْ تَبْقَى الْكَرَاهَةُ مَعَهُ كَالسَّفِيهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْوَلَدِ تَبْقَى مَعَهُ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ رَضِيَ اتِّفَاقًا وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِأَكْلِ ثَمَرَتِهَا، أَوْ شُرْبِ لَبَنِهَا، أَوْ رُكُوبِهَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَظَاهِرُهَا الْمَنْعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ بِغَيْرِ رِضَا الْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا بِرِضَاهُ فَيُحْمَلُ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَفِي الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَحُمِلَ عَلَى مَا لَا ثَمَنَ لَهُ عِنْدَهُمْ، أَوْ لَهُ ثَمَنٌ تَافِهٌ وَعَلَى الِابْنِ الْكَبِيرِ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِ. (وَيُنْفَقُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى) (أَبٍ) أَوْ أُمٍّ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ (افْتَقَرَ) نَعْتٌ لِأَبٍ (مِنْهَا) نَائِبُ فَاعِلِ يُنْفَقُ أَيْ مِنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ لِوُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ حِينَئِذٍ أَيْ يَجُوزُ الْإِنْفَاقُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْوَلَدِ مَالٌ غَيْرُهَا، وَإِلَّا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ مِنْهَا وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلِذَا جَعَلْنَا " يُنْفَقُ " مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الشُّمُولِ. (وَ) لِلْأَبِ (تَقْوِيمُ جَارِيَةٍ) مَالَتْ نَفْسُهُ إلَيْهَا بَعْدَ أَنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ (أَوْ عَبْدٍ) تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ (لِلضَّرُورَةِ) وَهِيَ تَعَلُّقُ نَفْسِهِ بِهَا لِلْوَطْءِ فِي الْأَمَةِ، وَاحْتِيَاجُهُ لِلْعَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَثَلًا فَلَهُ شِرَاءُ تِلْكَ الْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَرَثَتِهِ أَيْ كُلِّهِمْ أَنْ يَبْتَاعُوا مِنْ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ مَا أُعْمِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ حَيَاةَ الْمُعْمَرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَعْرُوفِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعَقَّبَةً فَيُمْنَعَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ أَنْ يَشْتَرِيَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ مِنْهَا لَا أَكْثَرَ اهـ وَلَا يُقَالُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ جَوَازِ شِرَاءِ الْغَلَّةِ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ " وَلَا يَرْكَبُهَا الْمُفِيدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي هِبَةِ الذَّاتِ وَكَلَامُنَا فِي هِبَةِ الْغَلَّةِ فَقَطْ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا التَّصَدُّقُ بِالْمَاءِ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْفُقَرَاءَ فَقَطْ بَلْ هُمْ وَالْأَغْنِيَاءَ كَمَا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَفِي ح نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ إذَا خَرَجْت لِلسَّائِلِ بِالْكِسْرَةِ، أَوْ بِالدِّرْهَمِ فَلَمْ تَجِدْهُ أَرَى أَنْ تُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ تَكْمِيلًا لِلْمَعْرُوفِ وَإِنْ وَجَدْته وَلَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِتَأْكِيدِ الْعَزْمِ بِالدَّفْعِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَكْلُهَا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ لَا يَجُوزُ أَكْلُهَا مُطْلَقًا وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا جَازَ لَهُ أَكْلُهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجُوزُ وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ وَقَبِلَهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ مِنْ لُزُومِ التَّصَدُّقِ بِهَا وَعَدَمِ جَوَازِ أَكْلِ مُخْرِجِهَا لَهَا. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَمَلُّكُهَا) أَيْ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْعَوْدُ فِيهَا مَجَّانًا قَهْرًا عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِ الْأَبِ. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْعَوْدُ فِي الْهِبَةِ مَجَّانًا مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لُزُومُهَا بِالْقَوْلِ؟ قُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ الْوَاهِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَجْنَبِيِّ الِاعْتِصَارَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ) أَيْ هَذَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ بَلْ وَلَوْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَبَّرَتْ بِالْمَنْعِ لَكِنْ فَرَضَتْهُ فِي التَّصَدُّقِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَقَالَتْ وَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِصَدَقَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهَا، وَلَا يَرْكَبُهَا إنْ كَانَتْ دَابَّةً وَلَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَعَبَّرَ فِي الرِّسَالَةِ بِالْجَوَازِ حَيْثُ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنٍ مَا تَصَدَّقَ بِهِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فَقِيلَ إنَّ كَلَامَ الرِّسَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا ثَمَنَ لَهُ، أَوْ لَهُ ثَمَنٌ تَافِهٌ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا لَهُ ثَمَنٌ لَهُ بَالٌ وَقِيلَ الرِّسَالَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَرَضِيَ بِذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَلْحَقُ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ أَوْ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ رَضِيَ، أَوْ لَا، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا أَيْ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ أَيْ بِنَاءً عَلَى الْوِفَاقِ فَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ أَيْ بِالْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الرِّسَالَةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَا مِنْ حَيْثُ مُوَافَقَتُهَا لِلْمُدَوَّنَةِ وَمُخَالَفَتُهَا لَهَا كَانَ لَهُمَا ارْتِبَاطٌ بِالْمُدَوَّنَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِتَأْوِيلَيْنِ تَسَاهُلًا اهـ اُنْظُرْ بْن وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ رَشِيدًا وَأَذِنَ لِلْمُعْطِي بِالْكَسْرِ فِي الِانْتِفَاعِ بِاللَّبَنِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهَا) أَيْ وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَجَمَاعَةٌ وَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ عَلَى مَا لَا ثَمَنَ لَهُ عِنْدَهُمْ، أَوْ لَهُ ثَمَنٌ تَافِهٌ) أَيْ وَأَمَّا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا لَهُ ثَمَنٌ غَيْرُ تَافِهٍ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الِابْنِ الْكَبِيرِ) أَيْ إذَا رَضِيَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ مُطْلَقًا فِيهِمَا، أَوْ الْكَبِيرِ وَلَمْ يَرْضَ،. (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى) أَبٍ أَيْ وَكَذَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَةٍ مِنْ صَدَقَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ لِلنِّكَاحِ لَا لِلْفَقْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الشُّمُولِ) أَيْ فِي شُمُولِ مَا إذَا كَانَ الْإِنْفَاقُ مِنْهَا جَائِزًا، أَوْ وَاجِبًا. (قَوْلُهُ: وَلِلْأَبِ تَقْوِيمُ جَارِيَةٍ)

لِلْخِدْمَةِ بِحَيْثُ تَتَعَسَّرُ بِدُونِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يُقَوِّمْهُ لَتَعَدَّى عَلَيْهِ وَاسْتَخْدَمَهُ وَارْتَكَبَ الْحَرَامَ فَالضَّرُورَةُ فِي الْأَمَةِ غَيْرُ الضَّرُورَةِ فِي الْعَبْدِ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ لَهَا التَّقْوِيمُ حَتَّى فِي الْأَمَةِ لِضَرُورَةِ الْخِدْمَةِ (وَيُسْتَقْصَى) فِي الْقِيمَةِ بِأَنْ تَكُونَ سَدَادًا كَمَا فِي النَّصِّ فَالْمُرَادُ أَنْ لَا تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمِثْلِ، نَعَمْ إنْ اُخْتُلِفَ فِي التَّقْوِيمِ اُعْتُبِرَ الْأَعْلَى كَمَا يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ وَقَيَّدْنَاهُ بِالصَّغِيرِ وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ الرَّشِيدَ لَيْسَ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ فِي الصَّدَقَةِ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ. (وَجَازَ) لِلْوَاهِبِ (شَرْطُ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ عَلَى هِبَتِهِ عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا نَحْوُ وَهَبْتُك هَذَا بِمِائَةٍ، أَوْ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي (وَلَزِمَ) الثَّوَابُ (بِتَعْيِينِهِ) إنْ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ مَا عُيِّنَ وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا الثَّوَابُ فَلَازِمٌ لِلْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ كَمَا يَأْتِي عُيِّنَ الثَّوَابُ أَمْ لَا. (وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ) أَيْ فِي قَصْدِهِ الثَّوَابَ عِنْدَ التَّنَازُعِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِأَنْ قَالَ الْوَاهِبُ وَهَبْت لِقَصْدِ الثَّوَابِ وَخَالَفَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ (إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ) أَوْ قَرِينَةٌ بِضِدِّهِ فَإِنْ شَهِدَ (بِضِدِّهِ) أَيْ الثَّوَابِ بِأَنْ كَانَ مِثْلُ الْوَاهِبِ لَا يَطْلُبُ فِي هِبَتِهِ ثَوَابًا فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَوْلُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَمَّا التَّنَازُعُ قَبْلَهُ فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ مُطْلَقًا، وَإِنْ شَهِدَ عُرْفٌ بِضِدِّهِ (وَإِنْ) كَانَتْ الْهِبَةُ (لِعُرْسٍ) فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ هِبَتِهِ مُعَجِّلًا وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ لِحُدُوثِ عُرْسِ مِثْلِهِ وَلِرَبِّ الْعُرْسِ أَنْ يُحَاسِبَهُ بِمَا أَكَلَهُ عِنْدَهُ مِنْ الْوَلِيمَةِ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ (وَهَلْ يُحَلَّفُ) الْوَاهِبُ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ لِلثَّوَابِ مُطْلَقًا أَشْكَلَ الْأَمْرُ أَمْ لَا (أَوْ) يُحَلَّفُ (إنْ أَشْكَلَ) الْأَمْرُ فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّضَحَ الْأَمْرُ بِأَنْ شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (تَأْوِيلَانِ) مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ هَلْ هُوَ كَشَاهِدٍ فَيُحَلَّفَ مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ شِرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ تَقْوِيمُهَا بِالْعُدُولِ فَهُوَ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ بِالسَّدَادِ اهـ بْن وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ " لِلْأَبِ " إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ " عَطْفٌ عَلَى " اعْتِصَارُهَا " مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ أَنْ لَا تَكُونَ أَقَلَّ إلَخْ) أَيْ فَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ سَدَادٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَيُسْتَقْصَى فِي التَّقْوِيمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ غَيْرَ سَدَادٍ. (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ) أَيْ إمَّا لِاشْتِرَاطِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ عَدَمَ اعْتِصَارِهَا، أَوْ لِفَوَاتِهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِتَغْيِيرِ ذَاتٍ أَوْ لِمُدَايَنَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ إنْكَاحِهِ لِأَجْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ تُعْتَصَرُ وَلَمْ يَعْتَصِرْهَا الْأَبُ، أَوْ الْأُمُّ وَطَلَبَ أَخْذَهَا بِالْعِوَضِ فَانْظُرْ هَلْ يَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا، أَوْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَقَلَّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: شَرْطُ الثَّوَابِ) أَيْ اشْتِرَاطُ الثَّوَابِ حَالَةَ كَوْنِ الِاشْتِرَاطِ مُقَارِنًا لِلَفْظِهَا. (قَوْلُهُ: عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا) أَيْ فَتَعْيِينُهُ غَيْرُ لَازِمٍ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنْ اشْتَرَطَ الْعِوَضَ فِي عَقْدِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الثَّوَابُ) أَيْ لَزِمَ دَفْعُهُ. (قَوْلُهُ: بِتَعْيِينِهِ) أَيْ بِتَعْيِينِ قَدْرِهِ وَنَوْعِهِ كَانَ التَّعْيِينُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ مِنْ الْوَاهِبِ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الثَّوَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَرَضِيَ الْآخَرُ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُهُ إذَا قَبِلَ الْهِبَةَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الثَّوَابِ بَعْدَ تَعْيِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْهِبَةَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِتَعْيِينِهِ، كَذَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: إنْ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ الْهِبَةَ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الثَّوَابِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: فَلَازِمٌ لِلْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ) أَيْ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالْفَوَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ لُزُومِهَا بِالْقَبْضِ لِلْوَاهِبِ عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّ تَوَقُّفَ لُزُومِ الْعَقْدِ عَلَى الْقَبْضِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ الثَّوَابَ عِنْدَ عَقْدِ الْهِبَةِ وَرَضِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ اللُّزُومُ عَلَى قَبْضٍ بَلْ يَلْزَمُ الْعَقْدُ كُلًّا مِنْهُمَا بِسَبَبِ تَعْيِينِهِ كَالْبَيْعِ فَتَدَبَّرْ، وَلِذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ وَلَزِمَ الْعَقْدُ بِتَعْيِينِهِ أَيْ الثَّوَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّوَابَ إذَا عَيَّنَهُ أَحَدُهُمَا وَرَضِيَ بِهِ الْآخَرُ كَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ الْوَاهِبَ إلَّا بِقَبْضِهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ إلَّا بِفَوَاتِهَا بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَصْدِهِ الثَّوَابَ) أَيْ لَا فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ اشْتِرَاطَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِعُرْفٍ وَلَا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْهَدْ إلَخْ) أَيْ إنْ انْتَفَتْ شَهَادَةُ الْعُرْفِ بِضِدِّهِ بِأَنْ شَهِدَ الْعُرْفُ لَهُ، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَ عُرْفٌ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ بِضِدِّهِ بَلْ وَإِنْ شَهِدَ بِضِدِّهِ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِعُرْسٍ) مُبَالَغَةٌ عَلَى تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ لِثَوَابٍ مَعَ قَيْدِهِ. (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِبَتِهِ الثَّوَابَ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ وَلِمَنْ وَهَبَ لِعُرْسٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالتَّأْخِيرِ لِحُدُوثِ عُرْسِ مِثْلِهِ وَهُوَ مَا عَزَاهُ الْمُتَيْطِيُّ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ الْجَارِي بِالتَّأْخِيرِ لِحُدُوثِ عُرْسِ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَشْكَلَ الْأَمْرُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ شَهِدَ الْعُرْفُ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُحَلَّفُ إنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَقَطْ) هَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي المج

أَوْ كَشَاهِدَيْنِ فَلَا، وَمَحَلُّ تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ فِي دَعْوَى الثَّوَابِ (فِي غَيْرِ) هِبَةِ النَّقْدِ (الْمَسْكُوكِ) وَأَمَّا هُوَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْوَاهِبِ حَالَ الْهِبَةِ، أَوْ عُرْفٍ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ وَيَكُونُ الْعِوَضُ عَرَضًا، أَوْ طَعَامًا وَمِثْلُ الْمَسْكُوكِ السَّبَائِكُ وَالتِّبْرُ وَمَا تَكَسَّرَ مِنْ حُلِيٍّ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ كَالْعُرُوضِ يُصَدَّقُ فِيهِ الْوَاهِبُ (وَ) فِي غَيْرِ (هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ) شَيْئًا مِنْ عَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي أَنَّهُ وَهَبَ لِلثَّوَابِ إلَّا لِشَرْطٍ، أَوْ قَرِينَةٍ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا لِشَرْطٍ وَلَا تَكْفِي الْقَرِينَةُ وَمِثْلُ الزَّوْجَيْنِ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ الصِّلَةُ (وَ) فِي غَيْرِ هِبَةٍ (لِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ) مِنْ سَفَرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الثَّوَابَ (وَإِنْ) كَانَ الْوَاهِبُ (فَقِيرًا) وَهَبَ (لِغَنِيٍّ) قَادِمٍ إلَّا لِشَرْطٍ، أَوْ عُرْفٍ كَمَا بِمِصْرَ. (وَلَا يَأْخُذُ) الْوَاهِبُ لِلْقَادِمِ (هِبَتَهُ) حَيْثُ لَمْ يُصَدَّقْ (وَإِنْ) كَانَتْ (قَائِمَةً) وَتَضِيعُ مَجَّانًا عَلَى صَاحِبِهَا وَقَيَّدَهُ الْحَطَّابُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَطِيفَةً كَالْفَوَاكِهِ وَالثَّمَرِ بِخِلَافِ نَحْوِ الثِّيَابِ وَالْقَمْحِ وَالْغَنَمِ. (وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ) " الْقِيمَةُ " فَاعِلُ لَزِمَ " وَوَاهِبَهَا " مَفْعُولُهُ " وَالْمَوْهُوبَ " عَطْفٌ عَلَيْهِ بِلَا، يَعْنِي يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْقِيمَةِ إذَا دَفَعَهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْهِبَةَ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولِ الْقِيمَةِ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا بِأَضْعَافٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ أَيْ دَفْعُهَا لِلْوَاهِبِ بَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ كَشَاهِدَيْنِ فَلَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحَلَّفُ إلَّا إذَا أَشْكَلَ وَمُفَادُ كَلَامِهِ اتِّفَاقُ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى حَلِفِهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ فِي دَعْوَى الثَّوَابِ إلَخْ) أَيْ فِي دَعْوَى قَصْدِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " فِي غَيْرِ مَسْكُوكٍ " مُتَعَلِّقٌ بِ صُدِّقَ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الثَّانِيَ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ، نَحْوُ جَلَسْت فِي الْمَسْجِدِ فِي مِحْرَابِهِ وَهُوَ جَائِزٌ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُوَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَهَبُونَ لِلثَّوَابِ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَالْمَسْكُوكُ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ فَهِبَتُهُ لِلثَّوَابِ خِلَافُ الْعُرْفِ فَلِذَا لَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِي قَصْدِ الثَّوَابَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَسْكُوكِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَّا لِشَرْطٍ السَّبَائِكُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ كَالْعُرُوضِ) أَيْ لِأَنَّ صَنْعَتَهُ لَمَّا كَانَتْ كَثِيرَةً نَقَلَتْهُ عَنْ أَصْلِهِ فَصَارَ مُقَوَّمًا بِخِلَافِ الْمَسْكُوكِ فَإِنَّ صَنْعَتَهُ وَهِيَ السِّكَّةُ لَمَّا كَانَتْ يَسِيرَةً لَمْ تَنْقُلْهُ عَنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْمِثْلِيَّةُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ إلَخْ) لِأَنَّ الشَّأْنَ قَصْدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِبَتِهِ لِلْآخَرِ التَّعَاطُفَ وَالتَّوَاصُلَ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ قَرِينَةٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْهِبَةِ لِلْآخَرِ الْإِثَابَةَ، أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِهَا أَيْ أَوْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الثَّوَابِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا لِشَرْطٍ) أَيْ أَوْ عُرْفٍ فَيُعْمَلُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: الْأَقَارِبُ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ الصِّلَةُ) أَيْ مِثْلُ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَدَّقُ) أَيْ الْوَاهِبُ لِلْقَادِمِ فِي دَعْوَاهُ قَصْدَ الثَّوَابِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ شَخْصٌ مِنْ سَفَرِهِ وَأَهْدَى لَهُ شَخْصٌ هَدِيَّةً مِنْ فَاكِهَةٍ، أَوْ رُطَبٍ، أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ وَادَّعَى قَصْدَ الثَّوَابِ وَادَّعَى الْقَادِمُ عَدَمَهُ فَالْقَوْلُ لِلْقَادِمِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْخُذُ الْوَاهِبُ لِلْقَادِمِ هِبَتَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ ح إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْقَادِمِ لَا يُصَدَّقُ وَاهِبُهَا فِي دَعْوَاهُ قَصْدَ الثَّوَابِ وَتَضِيعُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ لَطِيفَةً كَالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا وَأَمَّا الثِّيَابُ وَالْقَمْحُ وَالْغَنَمُ وَالدَّجَاجُ وَشِبْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَاهِبِ فِي دَعْوَاهُ قَصْدَ الثَّوَابِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَمْ يُشَبِّهْ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهَا كَانَ لِلْوَاهِبِ أَخْذُهَا وَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُ قِيمَتِهَا. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ عِيَاضٌ فِي الْمَدَارِكِ عَنْ سَعْدٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْفَقِيهَ لَا يَلْزَمُهُ ضِيَافَةٌ لِمَنْ ضَافَهُ وَلَا مُكَافَأَةٌ لِمَنْ أَهْدَى لَهُ وَلَا أَدَاءُ شَهَادَةٍ تَحَمَّلَهَا اهـ وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيهِ مَا يَشْمَلُ مَنْ شَغَلَ أَوْقَاتَهُ بِالْمُطَالَعَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْفَتْوَى وَإِنْ اقْتَصَرَ عَنْ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي بْن لَا خُصُوصُ الْمُجْتَهِدِ كَمَا فِي عبق وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الشَّهَادَةِ لَهُ مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ نَقْلِ تت أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ لُزُومِ مُكَافَأَتِهِ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِمُكَافَأَتِهِ، أَوْ يَكُونُ الَّذِي أَهْدَاهُ فَقِيهًا مِثْلَهُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ) أَيْ وَلَزِمَ وَاهِبَ الْهِبَةِ قَبُولُ الْقِيمَةِ إذَا دَفَعَهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْهِبَةَ وَقَوْلُهُ: لَا الْمَوْهُوبَ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ أَيْ دَفْعُهَا لِلْوَاهِبِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّوَابَ لَمْ يُعَيَّنْ وَأَمَّا إذَا عُيِّنَ وَرَضِيَ بِهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ قَبَضَهَا أَمْ لَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: الْقِيمَةُ) فَاعِلُ لَزِمَ أَيْ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الْأَخْذُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاهِبِ وَمِنْ حَيْثُ الدَّفْعُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْهِبَةَ، وَقَوْلُهُ: فَلَهُ أَيْ

(إلَّا لِفَوْتٍ) عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ (بِزَيْدٍ) فِي ذَاتِهَا كَكِبَرٍ وَسِمَنٍ وَأَوْلَى بِعِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ (أَوْ نَقْصٍ) كَعَمًى وَعَرَجٍ فَيَتَعَيَّنُ دَفْعُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَحَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ لَا تُعْتَبَرُ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَاهِبِ (مَنْعُهَا) أَيْ حَبْسُ هِبَتِهِ عِنْدَهُ (حَتَّى يَقْبِضَهُ) أَيْ ثَوَابَهَا الْمُشْتَرَطَ أَوْ مَا رَضِيَ بِهِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَضَمَانُهَا مِنْ الْوَاهِبِ. (وَأُثِيبَ) الْوَاهِبُ أَيْ أَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (يُقْضَى عَنْهُ) أَيْ عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ (بِبَيْعٍ) أَيْ فِي الْبَيْعِ بِأَنْ يُرَاعَى فِيهِ شُرُوطُ بَيْعِ السَّلَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْ الرِّبَا فَإِذَا أَثَابَهُ مَا يُعَاوِضُ النَّاسُ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ لَزِمَ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ (وَإِنْ) كَانَ الثَّوَابُ (مَعِيبًا) أَيْ فِيهِ عَيْبٌ حَيْثُ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْقِيمَةِ أَوْ يُكْمِلُهَا لَهُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْعَيْبِ فَيُثَابُ عَنْ الْعَرَضِ طَعَامٌ وَدَنَانِيرُ وَدَرَاهِمُ، أَوْ عَرَضٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَا مِنْ جِنْسِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُثَابُ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةٌ وَلَا ذَهَبٌ وَلَا عَنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ لِتَأْدِيَتِهِ لِصَرْفٍ أَوْ بَدَلٍ مُؤَخَّرٍ وَلَا عَنْ اللَّحْمِ حَيَوَانٌ مِنْ جِنْسِهِ، وَعَكْسُهُ وَيُثَابُ عَنْ الطَّعَامِ عَرَضٌ، أَوْ نَقْدٌ لَا طَعَامٌ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ مَعَ الْفَضْلِ وَلَوْ شَكًّا فَهِبَةُ الثَّوَابِ كَالْبَيْعِ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ وَتُخَالِفُهُ فِي الْأَقَلِّ لِأَنَّهَا تَجُوزُ مَعَ جَهْلِ عِوَضِهَا وَجَهْلِ أَجَلِهِ وَلَا تُفِيتُهَا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ وَلَا يَلْزَمُ عَاقِدَهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ،. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ لُزُومِ الْوَاهِبِ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ يُثِيبَهُ (كَحَطَبٍ) وَتِبْنٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِدَفْعِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْهِبَةِ (فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ) فَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِإِثَابَتِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ. (وَلِلْمَأْذُونِ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ مِنْ مَالِهِ. (وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ) الْمَحْجُورِ (الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ) لَا لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْرَاءٌ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَجَّانًا وَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ فِي جَوَازِ هِبَةِ الثَّوَابِ. (وَإِنْ) (قَالَ) قَائِلٌ (دَارِي صَدَقَةٌ) ، أَوْ حَبْسٌ وَوَقَعَ ذَلِكَ (بِيَمِينٍ) أَيْ الْتِزَامٍ وَتَعْلِيقٍ كَأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ (مُطْلَقًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلِلْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِفَوَاتٍ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ " عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ " احْتِرَازًا مِمَّا إذَا فَاتَ بِيَدِ الْوَاهِبِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ الْقَبُولُ وَلَوْ بَذَلَ لَهُ أَضْعَافَ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْقَبْضِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَوْمَ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: لَا تُعْتَبَرُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تُفِيتُ رَدَّ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ ثَوَابَهَا الْمُشْتَرَطَ) أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا رَضِيَ بِهِ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: وَضَمَانُهَا مِنْ الْوَاهِبِ) أَيْ وَضَمَانُهَا إذَا تَلِفَتْ فِي حَالِ حَبْسِهَا مِنْ الْوَاهِبِ فَإِنْ حَبَسَهَا وَمَاتَ الْوَاهِبُ وَهِيَ بِيَدِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ مُعَيَّنًا كَانَتْ نَافِذَةً لِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ كَالْبَيْعِ وَلَزِمَ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَبْضُهَا وَدَفْعُ الْعِوَضِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ وَأَخْذُهَا بَلْ إنْ شَاءَ وَأَمَّا إنْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ قَبْلَ إثَابَتِهِ عَلَيْهَا كَانَ لِوَرَثَتِهِ مَا كَانَ لَهُ فَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ مُعَيَّنًا حِينَ عَقْدِهَا لَزِمَهُمْ دَفْعُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَلْزَمُهُمْ دَفْعُهُ بَلْ لَهُمْ رَدُّ الْهِبَةِ، لَكِنْ إنْ دَفَعُوهُ وَكَانَ قَدْرَ الْقِيمَةِ لَزِمَ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ. (قَوْلُهُ: وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ) أَيْ مَا يَصِحُّ دَفْعُهُ قَضَاءً عَنْهُ فِي بَيْعِ السَّلَمِ، فَعَنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِ يُقْضَى لَا بِقَوْلِهِ أُثِيبَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الْإِثَابَةِ بِمَا لَمْ يَجْزِ قَضَاؤُهُ عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَأُثِيبَ عَنْهُ مَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ أَيْ مَا يَصِحُّ دَفْعُهُ قَضَاءً فِي بَيْعِ السَّلَمِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَصِحُّ دَفْعُهُ قَضَاءً عَنْ الشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْبَيْعِ) أَيْ بَيْعِ السَّلَمِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرَاعَى فِيهِ) أَيْ فِي الثَّوَابِ شُرُوطُ بَيْعِ السَّلَمِ أَيْ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَبِيعٌ لَا مُقْرَضٌ وَقَوْلُهُ: شُرُوطُ السَّلَمِ مَا عَدَا الْأَجَلَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَالْمُرَادُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ، أَوْ أَجْوَدَ كَالْعَكْسِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ) أَيْ فِي الثَّوَابِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ مَعِيبًا) مَحَلُّ لُزُومِ قَبُولِ الثَّوَابِ الْمَعِيبِ مَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ فَادِحًا كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ وَلَوْ كَمَّلَ لَهُ الْقِيمَةَ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُكْمِلُهَا لَهُ) أَيْ أَوْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْقِيمَةِ وَلَكِنْ يُكْمِلُهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرُدَّ الثَّوَابَ الْمَعِيبَ وَيَأْخُذَ غَيْرَهُ سَالِمًا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُثَابُ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةٌ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَجَازَ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَيُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَهِبَةُ الثَّوَابِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِعِوَضِهَا وَقَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ أَيْ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَقَلِّ) أَيْ فِي أَقَلِّ الْأَحْوَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ عَاقِدَهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا الْقَبْضُ وَالْمُعَاطَاةُ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ يَكْفِي أَيْضًا فِي الْبَيْعِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ فَانْظُرْ مَا مُرَادُهُ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ بَيْنَهُمَا فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَأْذُونِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَلِلْأَبِ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَأَعَادَ اللَّامَ فِيهِ لِاخْتِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَهَبُ مِنْ مَالِهِ، وَالْأَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، " وَالْهِبَةُ " مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. (قَوْلُهُ: الْمَحْجُورِ) أَيْ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ، أَوْ سَفَهٍ لَا إنْ كَانَ الْوَلَدُ رَشِيدًا فَلَيْسَ لِلْأَبِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَا لِغَيْرِهِ) أَيْ لَا لِغَيْرِ الثَّوَابِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ) أَيْ وَلَا مُقَدَّمُ الْقَاضِي بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: أَيْ الْتِزَامٍ وَتَعْلِيقٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَمِينِ الِالْتِزَامُ وَالتَّعْلِيقُ بِقَصْدِ التَّشْدِيدِ وَالتَّغْلِيظِ عَلَى نَفْسِهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِالْيَمِينِ

[باب في اللقطة]

أَيْ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ (أَوْ) وَقَعَ ذَلِكَ (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ (وَلَمْ يُعَيِّنْ) الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ كَأَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا (لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِعَدَمِ مَنْ يُخَاصِمُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلِعَدَمِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِي الْمُعَيَّنِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ) لِلصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ، أَوْ الْحُبْسِ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ كَأَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ، أَوْ حَبْسٌ عَلَى زَيْدٍ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا لَهُ لِقَصْدِهِ الْقُرْبَةَ. (وَ) إنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ (فِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ مَسْجِدٍ سَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ بِغَيْرِ الْيَمِينِ فَفِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) وَأَمَّا بِيَمِينٍ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِمُعَيَّنٍ وَلَا لِغَيْرِهِ. (وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا) أَيْ فِي الْهِبَةِ مِنْ لُزُومٍ وَغَيْرِهِ (بِحُكْمِنَا) لَا بِحُكْمِهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَأَمَّا بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمَا وَلَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (اللُّقَطَةُ مَالٌ مَعْصُومٌ) أَيْ مُحْتَرَمٌ شَرْعًا وَهُوَ مِلْكُ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ فَخَرَجَ بِمَعْصُومٍ مَالُ الْحَرْبِيِّ وَالرِّكَازُ (عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ) بِأَنْ كَانَ فِي مَضْيَعَةٍ بِغَامِرٍ أَيْ فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ عَامِرٍ بِالْمُهْمَلَةِ ضِدِّ الْخَرَابِ خَرَجَ بِهِ مَا كَانَ بِيَدِ حَافِظٍ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ وَضَعَهُ صَاحِبُهُ بِمَكَانٍ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ وَخَرَجَ الْإِبِلُ أَيْضًا، أَوْ عَرَضَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ عَرَضَ الضَّيَاعُ لَهُ فَفِيهِ قَلْبٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْعِيَّةِ كَوَاللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ إنْ فَعَلْت كَذَا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مُجَرَّدَ الْيَمِينِ الشَّرْعِيَّةِ كَوَاللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِدَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا وَعْدٌ بِالصَّدَقَةِ وَهُوَ إخْبَارٌ وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا يُفِيدُ إنْشَاءَ الصَّدَقَةِ. (قَوْلُهُ: لِمُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ) أَيْ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى شَيْءٍ بَلْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَدَارِي صَدَقَةٌ وَسَكَتَ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ) أَيْ أَوْ هِبَةٌ، أَوْ حَبْسٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَيْ أَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ، أَوْ حَبْسٌ، أَوْ هِبَةٌ وَسَكَتَ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ كَانَ هُنَاكَ يَمِينٌ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: وَلِعَدَمِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِي الْمُعَيَّنِ أَيْ حَيْثُ كَانَ يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الِامْتِنَاعَ وَالتَّشْدِيدَ عَلَى نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ ذَلِكَ) أَيْ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَأْثَمُ بِتَرْكِ التَّنْفِيذِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّنْفِيذِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. (قَوْلُهُ: فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهَا لَهُ) فَلَوْ تَصَدَّقَ بِدَارِهِ عَلَى زَيْدٍ الْمُعَيَّنِ، ثُمَّ بَعْدَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا، ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ وَطَلَبَهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّهَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ نَظَرًا لِلْحَالِ الْأَوَّلِ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِّ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: فَفِي الْقَضَاءِ) أَيْ إنْ امْتَنَعَ وَقَوْلُهُ " وَعَدَمِهِ " أَيْ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ بِأَنْ يُؤْمَرَ بِدَفْعِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ زَرِبٍ وَالثَّانِي لِأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِمُعَيَّنٍ وَلَا لِغَيْرِهِ) أَيْ وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَإِنْ قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ إلَخْ. (دَرْسٌ) (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الذِّمِّيُّ هُوَ الْوَاهِبَ لِلْمُسْلِمِ، أَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الْوَاهِبَ لِلذِّمِّيِّ وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْوَانُّوغِيُّ عَنْ ابْن عَرَفَةَ يُؤْخَذُ مِنْهُ عِنْدِي الْقَضَاءُ بِالْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ هِبَةِ الذِّمِّيِّ مَكْرُوهٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مِنْ لُزُومٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِ قُضِيَ وَقَوْلُهُ " وَغَيْرِهِ " أَيْ كَإِثَابَةٍ عَلَيْهَا وَعَدَمِ لُزُومِهَا مِنْ أَصْلِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمَا وَلَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا) وَقِيلَ إنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَالْهِبَةُ إحْدَى أُمُورٍ خَمْسَةٍ فِيهَا عَدَمُ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَافُعِ وَالْخِلَافِ عِنْدَ التَّرَافُعِ قَالَ عِيَاضٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالزِّنَا وَالْهِبَةِ اُنْظُرْ بْن. . [بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ] (بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ) اشْتَهَرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ فَتْحُ الْقَافِ مَعَ أَنَّ قِيَاسَ فُعَّلَةٌ فِي الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ مُرَادٌ هُنَا السُّكُونُ كَضُحْكَةٍ لِمَنْ يَضْحَكُ سِنُّهُ وَقُدْوَةٍ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ وَالْفَتْحُ إنَّمَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي الْفَاعِلِ يُقَالُ رَجُلٌ ضُحَكَةٌ أَيْ كَثِيرُ الضَّحِكِ وَمِنْهُ هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ أَيْ كَثِيرُ الْهَمْزِ وَاللَّمْزِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مُحْتَرَمٌ شَرْعًا) أَيْ ثَبَتَ لَهُ الِاحْتِرَامُ فِي الشَّرْعِ بِأَنْ لَا يَجُوزَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ مُسْتَحِقِّهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ مُحْتَرَمٌ شَرْعًا تَفْسِيرٌ لِلْمَالِ الْمَعْصُومِ وَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالْوَصْفِيَّةِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ أَيْ مَالُ شَخْصٍ مَعْصُومٍ أَيْ حَفِظَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مَالٌ مَعْصُومٌ سَوَاءٌ قُرِئَ بِالْإِضَافَةِ أَوْ بِالْوَصْفِيَّةِ يَشْمَلُ الرَّقِيقَ الْكَبِيرَ وَالِاصْطِلَاحُ أَنَّهُ آبِقٌ لَا لُقَطَةٌ نَعَمْ الرَّقِيقُ الصَّغِيرُ لُقَطَةٌ وَقَوْلُهُ عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ، أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِقَيْدِ الْأَخْذِ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَمَّى لُقَطَةً إذَا اُلْتُقِطَ بِالْفِعْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَالٌ مَعْصُومٌ أُخِذَ مِنْ مَكَان خِيفَ عَلَيْهِ الضَّيَاعُ فِيهِ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَالَ لِلتَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ الْآتِي وَوَجَبَ أَخْذُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَاةٍ) الْمُرَادُ بِهَا الْخَرَابُ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ الْإِبِلُ) أَيْ لِأَنَّهَا

(وَإِنْ كَانَ) الْمَالُ الْمَعْصُومُ (كَلْبًا) مَأْذُونًا فِيهِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَيْسَ بِمَالٍ (وَفَرَسًا وَحِمَارًا) وَبَالَغَ عَلَى الْكَلْبِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِ أَنَّهُ لَا يُلْتَقَطُ وَعَلَى مَا بَعْدَهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ. (وَرُدَّ) الْمَالُ الْمُلْتَقَطُ (بِمَعْرِفَةِ مَشْدُودٍ فِيهِ) وَهُوَ الْعِفَاصُ أَيْ الْخِرْقَةُ، أَوْ الْكِيسُ وَنَحْوُهُ الْمَرْبُوطُ فِيهِ الْمَالُ (وَ) الْمَشْدُودُ (بِهِ) وَهُوَ الْوِكَاءُ بِالْمَدِّ أَيْ الْخَيْطُ (وَ) بِمَعْرِفَةِ (عَدَدِهِ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ يُقْضَى لِمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ بِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَكَذَا بِمَعْرِفَةِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ فَالْأَوْلَى حَذْفُ الْعَدَدِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ بِالْأَوْلَى وَمَا لَا عِفَاصَ لَهُ وَلَا وِكَاءَ يُكْتَفَى فِيهِ بِذِكْرِ الْأَوْصَافِ الْمُفِيدَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِصِدْقِ الْآتِي بِهَا. (وَ) لَوْ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ (قُضِيَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ عَرَفَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ (عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ) وَكَذَا لِمَنْ عَرَفَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ بِيَمِينٍ فِي هَذِهِ. (وَإِنْ) (وَصَفَ ثَانٍ وَصْفَ) شَخْصٍ (أَوَّلٍ) أَيْ وَصْفًا كَوَصْفِهِ (وَلَمْ يَبِنْ) أَيْ يَنْفَصِلْ (بِهَا) الْأَوَّلُ انْفِصَالًا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ (حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا لَهُ (وَقُسِمَتْ) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ كَبَيِّنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا (لَمْ يُؤَرِّخَا) أَيْ لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا حَلَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَلَوْ انْفَصَلَ مَنْ أَخَذَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَّخَا (فَلِلْأَقْدَمِ) تَارِيخًا ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُخْشَى عَلَيْهَا الضَّيَاعُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمَعْصُومُ) أَيْ الَّذِي عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِمَالٍ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُلْتَقَطُ) أَيْ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَالٍ فَأَفَادَ بِالْمُبَالَغَةِ أَنَّهُ مَالٌ يُلْتَقَطُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ مَعَ أَنَّهُ مَالٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ) أَيْ فَلَا يُلْتَقَطُ. (قَوْله وَرُدَّ بِمَعْرِفَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِهَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَبِّهَا أُجْرَةً وَهِيَ الْمُسَمَّى بِالْحَلَاوَةِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَيْ الْخِرْقَةُ إلَخْ) إنَّمَا سُمِّيَ الْوِعَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا النَّفَقَةُ عِفَاصًا أَخْذًا لَهَا مِنْ الْعَفْصِ وَهُوَ الثَّنْيُ؛ لِأَنَّ الْوِعَاءَ تُثْنَى عَلَى مَا فِيهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ يُقْضَى لِمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِمَعْرِفَةِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْخِلَافُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا عَرَفَهُمَا فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: الْمُفِيدَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ) أَيْ بِأَنْ وَصَفَهَا أَحَدُهُمَا بِأَوْصَافٍ وَالْآخَرُ بِأَوْصَافٍ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ أَوْصَافِ هَذَا وَأَوْصَافِ هَذَا مَوْجُودَةً فِيهَا. (قَوْلُهُ: قُضِيَ لَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: بِيَمِينٍ فِي هَذِهِ) أَيْ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَالْقَضَاءُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ كَمَا عَلِمْت وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِمَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ فَقَطْ بِيَمِينٍ عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ اهـ وَكَذَا يُقْضَى بِهَا لِمَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْعَدَدَ عَلَى مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ بِيَمِينٍ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِجَمْعِهِ بَيْنَ صِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا ظَاهِرِيَّةٌ وَالْأُخْرَى بَاطِنِيَّةٌ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ صِفَتَيْنِ ظَاهِرِيَّتَيْنِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ الْخَبَرَ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا عَرَفَهُمَا وَالثَّانِي لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْهُمَا وَمَا هُنَا قَدْ عَرَفَ الثَّانِي بَعْضَهُمَا وَشَيْئًا آخَرَ كَذَا قِيلَ وَنُوقِشَ فِيهِ بِأَنَّ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ وَهِيَ الْعِفَاصُ وَالْوِكَاءُ إذَا كَانَتَا أَقْوَى الْأَوْصَافِ الْمُحَصِّلَةِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ فَالِاثْنَانِ أَقْوَى مِنْ وَاحِدٍ مَعَ غَيْرِهِمَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَصَفَ ثَانٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا وَصَفَهَا شَخْصٌ وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَنْفَصِلْ بِهَا انْفِصَالًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ بِأَنْ لَمْ يَنْفَصِلْ بِهَا أَصْلًا، أَوْ انْفَصَلَ بِهَا لَكِنْ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ لِوَاصِفٍ ثَانٍ، ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ آخَرُ فَوَصَفَهَا بِوَصْفٍ مِثْلِ وَصْفِ الْأَوَّلِ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِاسْتِحْقَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ وَصْفُ الثَّانِي عَيْنَ وَصْفِ الْأَوَّلِ، أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ لَا يُقْضَى لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِوَصْفِهِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْلِفُ أَنَّهَا لَهُ وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَوْ نَكَلَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ انْفَصَلَ بِهَا انْفِصَالًا يُمْكِنُ مَعَهُ إشَاعَةُ الْخَبَرِ لِلثَّانِي، أَوْ فَشَا الْخَبَرُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ بِهَا فَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ وَصْفَ الْأَوَّلِ، أَوْ رَآهَا مَعَهُ فَعَرَفَ أَوْصَافَهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ وَصْفًا كَوَصْفِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُوجِبًا لِاسْتِحْقَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ عَيْنَ وَصْفِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: حَلَفَا وَقُسِمَتْ) أَيْ وَلَا يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَخَذَهَا بِوَضْعِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْحَوْزِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَجْهُولَاتِ وَهَذَا مَالٌ عُلِمَ أَنَّهُ لُقَطَةٌ كَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ الَّذِي أَخَذَهَا لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالْحَوْزِ. (قَوْلُهُ: وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُمَا إذَا نَكَلَا تَبْقَى بِيَدِ الْمُلْتَقِطِ وَلَا تُعْطَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا دَامَا نَاكِلَيْنِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ مَا لَوْ وَصَفَهَا شَخْصٌ وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَأَخَذَهَا ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِلثَّانِي وَتُنْزَعُ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَوْ انْفَصَلَ بِهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَرِّخَا) أَيْ الْمِلْكَ كَمَا فِي نَقْلِ بْن وَغَيْرِهِ

[أحكام الالتقاط]

وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى. (وَلَا ضَمَانَ عَلَى) مُلْتَقِطٍ (دَافِعٍ) لَهَا (بِوَصْفٍ) أَيْ بِسَبَبِ وَصْفِهَا وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) بِأَنَّهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَهَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ بَيْنَ الْمُدَّعِي الثَّانِي وَالْآخِذِ لَهَا وَيَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مَا مَرَّ. (وَاسْتُؤْنِيَ بِالْوَاحِدَةِ) أَيْ يَجِبُ التَّرَبُّصُ وَعَدَمُ الدَّفْعِ لِمَنْ أَتَى بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْعِفَاصِ، أَوْ الْوِكَاءِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (إنْ جَهِلَ) مَنْ ذَكَرَ الصِّفَةَ الْوَاحِدَةَ (غَيْرَهَا) لَعَلَّ غَيْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَثْبَتَ مِمَّا وَصَفَهَا هُوَ بِهِ فَيَأْخُذَهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ، أَوْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَصْلًا اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ (لَا) إنْ (غَلَطَ) بِأَنْ ذَكَرَ الْعِفَاصَ، أَوْ الْوِكَاءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَطَ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ أَصْلًا (عَلَى الْأَظْهَرِ) لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ بِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي أَوْ نَسِيتُهُ. (وَلَمْ يَضُرَّ) أَيْ لَا يَضُرُّ مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءِ، أَوْ أَحَدَهُمَا (جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ عَدَدِ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا بَقِيَ،. ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الِالْتِقَاطِ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ) (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمَعْصُومِ الَّذِي عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ (لِخَوْفِ خَائِنٍ) لَوْ تَرَكَهُ مَعَ عِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ لِوُجُوبِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ حِينَئِذٍ (لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَ فَيَحْرُمُ) أَخْذُهُ وَلَوْ خَافَ خَائِنًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ خَائِنًا (كُرِهَ) وَلَوْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ كَأَنْ خَافَ الْخَائِنَ وَشَكَّ فِي أَمَانَتِهِ هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ شَيْخُنَا لَمْ يُؤَرِّخَا السُّقُوطَ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِمَا كَتَبَهُ شَيْخُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى) أَيْ إنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنَّ اللُّقَطَةَ تَكُونُ لِصَاحِبِ الْمُؤَرِّخَةِ، هَذَا إذَا تَكَافَأَتَا فِي الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، أَوْ كَانَتْ الْمُؤَرِّخَةُ أَعْدَلَ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ الَّتِي لَمْ تُؤَرِّخْ أَعْدَلَ؛ لِأَنَّ ذَاتَ التَّارِيخِ تُقَدَّمُ عَلَى الزَّائِدَةِ فِي الْعَدَالَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، كَذَا قَرَّرَهُ عج. (قَوْلُهُ: بِوَصْفٍ) أَيْ بِجِنْسِ وَصْفِ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي لَهَا بَعْدَ أَخْذِهَا وَصَفَهَا وَصْفًا تُؤْخَذُ بِهِ بَلْ وَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ وَصْفِ الثَّانِي وَصْفَ أَوَّلٍ وَلَمْ يَبِنْ بِهَا، أَوْ بَانَ وَمِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا. . (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الدَّفْعِ) أَيْ عَاجِلًا. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ غَيْرَهَا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ بِأَنْ قَالَ حِينَ السُّؤَالِ عَنْهُ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، أَوْ قَالَ كُنْت أَعْلَمُهُ وَنَسِيتُهُ وَلَا يُعَارِضُ الِاسْتِينَاءَ مَا مَرَّ عَنْ أَصْبَغَ مِنْ دَفْعِهَا لِوَاصِفِ الْعِفَاصِ دُونَ مَنْ عَرَفَ الْوَزْنَ وَالْعَدَدَ؛ لِأَنَّ دَفْعَهَا لَهُ لَا يُنَافِي الِاسْتِينَاءَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ وَصْفُ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَأَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ غَلَطَ) أَيْ إنَّهُ إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَغَلِطَ فِي الْوِكَاءِ بِأَنْ قَالَ الْوِكَاءُ كَذَا فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، أَوْ عَرَفَ الْوِكَاءَ وَغَلِطَ فِي الْعِفَاصِ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا وَغَلِطَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ كَأَنْ قَالَ بَنَادِقَةٌ فَإِذَا هِيَ مَحَابِيبُ، أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ قَالَ هِيَ يَزِيدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ مُحَمَّدِيَّةٌ، أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهَا لَا تُدْفَعُ لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ غَلَطُهُ وَإِخْبَارُهُ بِزِيَادَةٍ لِاحْتِمَالِ الِاغْتِيَالِ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَمَّا غَلَطُهُ وَإِخْبَارُهُ بِنَقْصٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ تُدْفَعُ لَهُ لِاحْتِمَالِ عُذْرِهِ بِسَهْوٍ مَثَلًا وَقِيلَ لَا تُدْفَعُ لَهُ لِبُعْدِ احْتِمَالِ أَنَّ أَحَدًا زَادَهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَقَلَّ مِنْ عَدَدِهَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ مَا إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَكِنْ جَهِلَ صِفَةَ الدَّنَانِيرِ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ هِيَ مَحَابِيبُ، أَوْ بَنَادِقَةٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا إلَّا السِّكَّةَ بِأَنْ قَالَ هِيَ مُحَمَّدِيَّةٌ أَوْ يَزِيدِيَّةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عِفَاصَهَا وَلَا وِكَاءَهَا وَلَا وَزْنَهَا وَلَا عَدَدَهَا فَقِيلَ لَا تُعْطَى لَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ يَحْيَى تُعْطَى لَهُ إذَا عَرَفَ السِّكَّةَ وَعَرَفَ نَقْصَ الدَّنَانِيرِ إنْ كَانَ فِيهَا نَقْصٌ وَأَصَابَ فِي ذَلِكَ. [أَحْكَام الِالْتِقَاط] (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) الْحَقُّ كَمَا قَالَ بْن أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى تَقْيِيدِ هَذَا بِعِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ " إدْرَاجُ الشَّكِّ فِيمَا قَبْلَهُ وَإِدْرَاجُ الشَّكِّ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَخْذُ بِشَرْطَيْنِ: إنْ خَافَ الْخَائِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ خِيَانَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ الْأَخْذُ خَافَ الْخَائِنَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ كُرِهَ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا فَالْوُجُوبُ فِي صُورَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْحُرْمَةُ وَكَذَلِكَ الْكَرَاهَةُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا بَلْ وَلَوْ خَافَ خَائِنًا فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَذَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا إنَّ حُرْمَةَ أَخْذِهِ إذَا عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَخَفْ خَائِنًا ظَاهِرَةٌ وَأَمَّا إذَا خَافَ خَائِنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَلَا تَكُونَ خِيَانَةُ نَفْسِهِ عُذْرًا مُسْقِطًا عَنْهُ وُجُوبَ حِفْظِهَا مِنْ الْخَائِنِ وَاسْتَظْهَرَ بَحْثَهُ الْحَطَّابُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وُجُوبُ الْأَخْذِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: مَا إذَا خَافَ الْخَائِنَ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا، أَوْ عَلِمَ خِيَانَتَهَا

(عَلَى الْأَحْسَنِ) فَالْوُجُوبُ فِي صُورَةٍ وَالْحُرْمَةُ فِي صُورَتَيْنِ وَالْكَرَاهَةُ فِي ثَلَاثَةٍ. (وَ) وَجَبَ (تَعْرِيفُهُ) أَيْ الْمُلْتَقَطِ (سَنَةً) كَامِلَةً مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاطِ فَإِنْ أَخَّرَهُ سَنَةً، ثُمَّ عَرَّفَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَ (وَلَوْ) كَانَ الْمُلْتَقَطُ (كَدَلْوٍ) وَدِينَارٍ وَدَرَاهِمَ كَصَرْفِهِ فَأَقَلَّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّافِهِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَوْقَ التَّافِهِ إلَّا أَنَّهَا دُونَ الْكَثِيرِ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَتُعَرَّفُ أَيَّامًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا لَا سَنَةً (لَا تَافِهًا) أَيْ لَا إنْ كَانَ تَافِهًا لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ النُّفُوسُ كُلَّ الِالْتِفَاتِ وَهُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ مَا لَا تَلْتَفِتُ النَّفْسُ إلَيْهِ وَتَسْمَحُ غَالِبًا بِتَرْكِهِ كَعَصًا وَسَوْطٍ وَشَيْءٍ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ فَلَا يُعَرَّفُ وَلَهُ أَكْلُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ رَبَّهُ، وَإِلَّا مُنِعَ وَضَمِنَ. (بِمَظَانِّ طَلَبِهَا) (بِكَبَابِ مَسْجِدٍ) لَا دَاخِلَهُ (فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ) مَرَّةً (بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ بِأَمَانَتِهِ (أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ اللُّقَطَةِ إنْ لَمْ (يُعَرِّفْ مِثْلُهُ) بِأَنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا لَوْ تَرَاخَى فِي التَّعْرِيفِ حَتَّى هَلَكَتْ. (وَ) عَرَّفَهَا وُجُوبًا (بِالْبَلَدَيْنِ) مَعًا (إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مِنْ مَظَانِّ طَلَبِهَا. (وَلَا يَذْكُرُ) الْمُعَرِّفُ وُجُوبًا (جِنْسَهَا) (عَلَى الْمُخْتَارِ) بَلْ يَذْكُرُهَا بِوَصْفٍ عَامٍّ كَمَالٍ، أَوْ شَيْءٍ، وَأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ النَّوْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحُرْمَةُ فِي صُورَةٍ هِيَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ وَعَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا مَا إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا وَشَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ أَوْ عَلِمَ أَمَانَتَهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَجْمُوعَ الصُّوَرِ سِتٌّ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الِالْتِقَاطِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ خِيَانَتَهَا، أَوْ شَكَّ فِيهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ الْخَائِنَ لَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ، أَوْ لَا وَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَهَا، ثُمَّ كُلٌّ مِنْ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْحَاكِمِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْهَا كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ) فِيهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِي صُوَرِ الْكَرَاهَةِ كُلِّهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ لَا يَخَافَ خَائِنًا وَيَعْلَمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكٍ الِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَالْكَرَاهَةُ فِي غَيْرِهِ وَاخْتَارَ التُّونُسِيُّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَحْسَنِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا وَشَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ أَخْذُهُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُلْتَقِطِ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ إنْ جُعِلَتْ الْإِضَافَةُ فِي تَعْرِيفِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَجَبَ أَنْ يُعَرِّفَ الْمُلْتَقِطُ الشَّيْءَ الْمُلْتَقَطَ سَنَةً، أَوْ بِكَسْرِ الْقَافِ إنْ جُعِلَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ سَنَةً، ثُمَّ عَرَّفَهُ إلَخْ وَهَذِهِ عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالسَّنَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إذَا ضَاعَتْ حَالَ التَّعْرِيفِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَخَّرَهُ سَنَةً وَأَمَّا إنْ أَخَّرَهُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ شَرَعَ فِيهِ فَضَاعَتْ فَلَا ضَمَانَ فَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَيَّدَ التَّأْخِيرُ بِالسَّنَةِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَدَلْوٍ) دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الْمِخْلَاةُ وَقَوْلُهُ: كَصَرْفِهِ أَيْ مُمَاثَلَةً لِصَرْفِ الدِّينَارِ فِي الْقَدْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّافِهِ) أَيْ بَلْ هِيَ فَوْقَهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا) أَيْ الدَّلْوَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ. (قَوْلُهُ: لَا سَنَةً) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَالَ الْمُلْتَقَطَ إمَّا تَافِهٌ، أَوْ فَوْقَ التَّافِهِ فَالْأَوَّلُ لَا يُعَرَّفُ أَصْلًا وَالثَّانِي يُعَرَّفُ سَنَةً وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمَالَ الْمُلْتَقَطَ إمَّا تَافِهٌ وَهُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَإِمَّا كَثِيرٌ لَهُ بَالٌ وَهُوَ مَا فَوْقَ الدِّينَارِ وَإِمَّا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ الَّذِي لَهُ بَالٌ وَهُوَ الدِّينَارُ فَأَقَلُّ إلَى الدِّرْهَمِ فَالْأَوَّلُ لَا يُعَرَّفُ أَصْلًا وَالثَّانِي يُعَرَّفُ سَنَةً وَالثَّالِثُ يُعَرَّفُ أَيَّامًا حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ صَاحِبَهُ تَرَكَهُ وَلِلْمُلْتَقِطِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَيَّامِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا بَعْدَ سَنَةٍ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا تَافِهًا) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ " كَدَلْوٍ "؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لِ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ بَعْدَ لَوْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: كَعَصًا وَسَوْطٍ) أَيْ لَا كَبِيرَ قِيمَةٍ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَكْلُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ) أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِكَبَابِ مَسْجِدٍ) أَيْ وَسُوقٍ وَلَوْ دَاخِلَهُ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ مَرَّةً إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ أَوَّلِ زَمَانِ التَّعْرِيفِ أَمَّا فِي أَوَّلِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً كَمَا ذَكَرَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّإِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْرِيفِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مَعْنَى الْجَارَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا بِمَعْنَى فِي وَالثَّانِيَ لِلْآلَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ بِأَمَانَتِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ فِي الْأَمَانَةِ فَإِذَا ضَاعَتْ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَمَانِ الْمُودَعِ إذَا أُودِعَ وَلَوْ أَمِينًا أَنَّ رَبَّهَا هُنَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لِحِفْظِهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مِمَّنْ يُعَرِّفُ مِثْلُهُ وَاسْتَأْجَرَ مَنْ يُعَرِّفُهَا وَضَاعَتْ مِنْهُ ضَمِنَ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُعَرِّفْ مِثْلُهُ هَذَا التَّقْيِيدُ تَبِعَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ التَّابِعَ لِابْنِ شَاسٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا لِمَنْ يُعَرِّفُهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَلِي تَعْرِيفَهَا بِنَفْسِهِ إذَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَذْكُرُ الْمُعَرِّفُ وُجُوبًا جِنْسَهَا) أَيْ مِثْلَ حَيَوَانٍ، أَوْ عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجُوزُ لِلْمُعَرِّفِ أَنْ يَذْكُرَ جِنْسَ اللُّقَطَةِ وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ: وَأَنْ لَا يَذْكُرَ جِنْسَهَا أَحْسَنُ أَيْ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ذِكْرِ جِنْسِهَا أَحْسَنُ مِنْ مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَالٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ مَالٌ أَوْ شَيْءٌ يَذْكُرُ أَمَارَتَهُ وَيَأْخُذُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ النَّوْعِ) أَيْ مِثْلُ بَقَرَةٍ، أَوْ حِمَارَةٍ، أَوْ ذَهَبٍ

وَالصِّنْفِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْجِنْسِ يُؤَدِّي أَذْهَانَ بَعْضِ الْحُذَّاقِ إلَى مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ بِاعْتِبَارِ جَرْيِ الْعَادَةِ. (وَدُفِعَتْ لِحِبْرٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ عَالِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى عَالِمِ الْمُسْلِمِينَ (إنْ) (وُجِدَتْ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ) أَيْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ. (وَلَهُ حَبْسُهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا السَّنَةَ، (أَوْ التَّصَدُّقُ بِهَا) عَنْ رَبِّهَا أَوْ نَفْسِهِ (أَوْ التَّمَلُّكُ) بِأَنْ يَنْوِيَ تَمَلُّكَهَا فَلِلْمُلْتَقِطِ هَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ (وَلَوْ) وُجِدَتْ (بِمَكَّةَ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا تُسْتَبَاحُ لُقَطَتُهَا بَعْدَ سَنَةٍ. وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا أَبَدًا حَالَ كَوْنِهِ (ضَامِنًا) لَهَا إذَا جَاءَ رَبُّهَا (فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّصَدُّقِ بِوَجْهَيْهِ وَالتَّمَلُّكِ (كَنِيَّةِ أَخْذِهَا) أَيْ كَمَا يَضْمَنُ إذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّمَلُّكِ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْتِقَاطِهَا وَلَوْ قَالَ كَنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا قَبْلَهُ كَانَ أَوْضَحَ يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا رَأَى اللُّقَطَةَ فَنَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا، ثُمَّ أَخَذَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِرَبِّهَا وَلَوْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ السَّنَةِ بَعْدَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا (وَ) كَمَا يَضْمَنُ فِي (رَدِّهَا) لِمَوْضِعِهَا، أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ) أَيْ لِلتَّعْرِيفِ (إلَّا) أَنْ يَرُدَّهَا لِمَوْضِعِهَا (بِقُرْبٍ) مِنْ أَخْذِهَا فَضَاعَتْ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ أَخَذَهَا لِغَيْرِ الْحِفْظِ وَرَدَّهَا بِقُرْبٍ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا وَعَنْ بُعْدٍ ضَمِنَ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ أَمْ لَا. (وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ) أَيْ أَنَّ الرَّقِيقَ كَالْحُرِّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الِالْتِقَاطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ فِضَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَالصِّنْفِ) مِثْلِ بَنَادِقَةٍ، أَوْ مَحَابِيبَ، أَوْ رِيَالَاتٍ. (قَوْلُهُ: وَدُفِعَتْ لِحِبْرٍ) بَحَثَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ بِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ لِمُسْلِمٍ فَالِاحْتِيَاطُ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِلْحِبْرِ إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا) أَيْ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَصَدَّرَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ بِالْفَتْحِ وَقَالَ إنَّهُ رِوَايَةُ الْمُحَدِّثِينَ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَالِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ) سُمِّيَ حِبْرًا بِكَسْرِ الْحَاءِ تَسْمِيَةً لَهُ بِاسْمِ الْحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ تُدْفَعُ لِلْحِبْرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحِبْرُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ اللُّقَطَةُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّفْعَ لَهُ مَنْدُوبٌ؛ إذْ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعَرِّفَهَا بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ خِدْمَةٌ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِبْرٌ فَانْظُرْ هَلْ تُدْفَعُ لِرَاهِبِهِمْ أَيْ عَابِدِهِمْ أَوْ لِلسُّلْطَانِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقِلَّةِ اشْتِغَالِ الرَّاهِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّلْطَانِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَبْسُهَا) أَيْ حَتَّى يَظْهَرَ رَبُّهَا (قَوْلُهُ: فَلِلْمُلْتَقِطِ هَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْيِيرِ الْمُلْتَقِطِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا حَبْسُهَا أَوْ بَيْعُهَا لِصَاحِبِهَا وَوَضْعُ ثَمَنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهَا وَلَا تَمَلُّكُهَا لِمَشَقَّةِ خَلَاصِ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ الْبَاجِيَّ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا أَبَدًا أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ حَاجٍّ وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الْعَوْدُ فِي السَّنَةِ وَاسْتَدَلَّ الْبَاجِيَّ بِحَدِيثِ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا» وَأَجَابَ الْمَشْهُورُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا تَحِلُّ قَبْلَ السَّنَةِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ فِي مَكَّةَ مَعَ أَنَّ عَدَمَ حِلِّهَا قَبْلَ السَّنَةِ عَامٌّ فِي مَكَّةَ وَغَيْرِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ تَعْرِيفِ لُقَطَتِهَا بِانْصِرَافِ الْحُجَّاجِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ فِي التَّصَدُّقِ بِوَجْهَيْهِ) أَيْ عَنْ رَبِّهَا، أَوْ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَنِيَّةِ أَخْذِهَا) أَيْ تَمَلُّكِهَا وَقَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ الْتِقَاطِهَا أَيْ قَبْلَ أَخْذِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كَنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا قَبْلَهُ) أَيْ ثُمَّ أَخَذَهَا. (قَوْلُهُ: فَنَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا) أَيْ فَقَبْلَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا نَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا، ثُمَّ أَخَذَهَا، وَحَازَ فَتَلِفَتْ مِنْهُ، أَوْ غُصِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا) أَيْ مَعَ فِعْلِ الْوَضْعِ حِينَ نِيَّتِهِ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ نِيَّةِ الِاغْتِيَالِ لَا تُعْتَبَرُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ السَّنَةِ بَعْدَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا) أَيْ لِلتَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ هُنَا لَمْ تَتَجَرَّدْ بَلْ قَارَنَهَا الْكَفُّ عَنْ التَّعْرِيفِ وَقَدْ جَعَلَ ح ضَمِيرَ قَبْلَهَا لِلسَّنَةِ وَحُمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُرْتَضِيًا بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ الْأُولَى مَا إذَا رَآهَا مَطْرُوحَةً فَنَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا، ثُمَّ تَرَكَهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا فَتَلِفَتْ الثَّانِيَةُ مَا إذَا نَوَى تَمَلُّكَهَا وَأَخَذَهَا فَتَلِفَتْ الثَّالِثَةُ مَا إذَا أَخَذَهَا لِلتَّعْرِيفِ، ثُمَّ نَوَى تَمَلُّكَهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ وَحْدَهَا لَا تُعْتَبَرُ وَفِي الثَّانِيَةِ الضَّمَانُ قَطْعًا لِمُصَاحَبَةِ فِعْلِهِ وَهُوَ أَخْذُهَا لِنِيَّةِ الِاغْتِيَالِ وَفِي الثَّالِثَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرًا إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ مُصَاحَبَةِ فِعْلٍ؛ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ النِّيَّةَ تَبَدَّلَتْ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِالضَّمَانِ نَظَرًا إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ قَدْ صَاحَبَهَا فِعْلٌ وَهُوَ الْكَفُّ عَنْ التَّعْرِيفِ وَارْتَضَاهُ ح وَحُمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَشَارِحُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ حَمَلَهُ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا يَضْمَنُ فِي رَدِّهَا لِمَوْضِعِهَا، أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بَعْدَ بُعْدٍ مِنْ أَخْذِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا ضَاعَتْ بَعْدَ الرَّدِّ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي أَخْذِهَا الْمَكْرُوهِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْ خَائِنٍ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا لَا فِي الْوَاجِبِ لِضَمَانِهِ بِرَدِّهَا مُطْلَقًا مِنْ قُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ اتِّفَاقًا لِتَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ قَوْلُهُ: إلَّا بِقُرْبٍ فَتَأْوِيلَانِ وَلَا فِي الْحَرَمِ لِضَمَانِهِ بِأَخْذِهَا إنْ لَمْ يَرُدَّهَا مَكَانَهَا؛ لِأَنَّ رَدَّهَا فِيهِ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهَا لِغَيْرِ الْحِفْظِ) أَيْ لِغَيْرِ التَّعْرِيفِ الْحَقِيقِيِّ بِأَنْ أَخَذَهَا لِسُؤَالِ جَمَاعَةٍ هَلْ هِيَ لَهُمْ

وَعَدَمِهِ وَالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ (وَ) إنْ ضَاعَتْ مِنْهُ (قَبْلَ السَّنَةِ) بِتَفْرِيطٍ أَوْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكٍ فَجِنَايَةٌ (فِي رَقَبَتِهِ) فَيُبَاعُ فِيهَا مَا لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهَا عَنْهُ وَأَمَّا بَعْدَ السَّنَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ يُتَّبَعُ بِهَا إذَا عَتَقَ وَلَا يُبَاعُ فِيهَا. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُلْتَقِطِ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا (أَكْلُ مَا يَفْسُدُ) لَوْ بَقِيَ كَفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ وَخُضَرٍ وَلَا يَضْمَنُ (وَلَوْ) وُجِدَ (بِقَرْيَةٍ) أَيْ عَامِرٍ كَمَا لَوْ وُجِدَ بِغَامِرٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي الِاسْتِينَاءُ بِهِ قَلِيلًا وَأَمَّا مَا لَا يَفْسُدُ كَالتَّمْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ ضَمِنَ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ. (وَ) لَهُ أَكْلُ (شَاةٍ) وَجَدَهَا (بِفَيْفَاءَ) وَلَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ وَلَا ضَمَانَ فَإِنْ حَمَلَهَا لَلْعُمْرَانِ وَلَوْ مَذْبُوحَةً فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا إنْ عَلِمَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَوَجَبَ تَعْرِيفُهَا إنْ حَمَلَهَا حَيَّةً كَمَا لَوْ وَجَدَهَا بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ، أَوْ اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ فِي الْمَرْعَى (كَبَقَرٍ بِمَحَلِّ خَوْفٍ) مِنْ سِبَاعٍ، أَوْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ، أَوْ مِنْ النَّاسِ بِفَيْفَاءَ وَعَسُرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ فَلَهُ أَكْلُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ أَمْنٍ بِالْفَيْفَاءِ (تُرِكَتْ) فَإِنْ أَخَذَهَا عُرِّفَتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِالْعُمْرَانِ فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ (كَإِبِلٍ) فَإِنَّهَا تُتْرَكُ وَلَوْ بِمَحَلِّ خَوْفٍ إلَّا خَوْفَ خَائِنٍ. (وَإِنْ أُخِذَتْ) الْإِبِلُ تَعَدِّيًا (عُرِّفَتْ) سَنَةً (ثُمَّ) بَعْدَ السَّنَةِ (تُرِكَتْ بِمَحْمِلِهَا) الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ فَقَوْلُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْ لَا فَقَالُوا لَا، وَيُقَالُ لِهَذَا تَعْرِيفٌ حُكْمِيٌّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الْحِفْظِ الِاغْتِيَالَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ فِي هَذَا وَاجِبٌ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَعَنْ بُعْدٍ ضَمِنَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ وَعَدَمِ وُجُوبِ الِالْتِقَاطِ وَهُوَ حُرْمَتُهُ وَكَرَاهَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِالْتِقَاطِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّفُهَا حَالَ خِدْمَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهَا) أَيْ إسْقَاطُ ضَمَانِهَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ السَّنَةِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا ضَاعَتْ بَعْدَ السَّنَةِ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَصَدُّقٍ، أَوْ تَمَلَّكَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا وُجِدَ بِغَامِرٍ أَيْ خَرَابٍ بَلْ وَلَوْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ أَكَلَ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِرَبِّهِ حِينَ الِالْتِقَاطِ وَإِلَّا ضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهُ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ بِرَبِّهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إذَا أَكَلَهُ سَوَاءٌ كَانَ تَافِهًا، أَوْ لَهُ ثَمَنٌ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ طفى وَاَلَّذِي فِي ح وَتَبِعَهُ عبق أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا أَكَلَ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ - مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ تَافِهًا لَا ثَمَنَ لَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ إذَا جَاءَ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ فِيمَا لَهُ ثَمَنٌ بَيْنَ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ وَمَا لَا يَفْسُدُ إلَّا جَوَازُ الْقُدُومِ عَلَى الْأَكْلِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ فِيمَا يَفْسُدُ وَمَنْعُهُ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ) أَيْ بَلْ يَأْكُلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّعْرِيفِ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي الِاسْتِينَاءُ إلَخْ) الَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ الِاسْتِينَاءُ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ) أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ تَافِهًا جَازَ لَهُ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِصَاحِبِهِ حِينَ وَجَدَهُ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ ضَمِنَ ثَمَنَهُ كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا وَلَا سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ فَإِنْ تَيَسَّرَ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ، أَوْ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ حُمِلَتْ، أَوْ سِيقَتْ وَعَرَّفَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَهَا فَإِنْ حَمَلَهَا وَلَوْ مَذْبُوحَةً وَعَلِمَ رَبُّهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ جَوَازَ الْأَكْلِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي عبق مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ مُطْلَقًا تَيَسَّرَ حَمْلُهَا، أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يَسْلَمُ، قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ) أَيْ سَوَاءٌ ذَبَحَهَا وَأَكَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ أَكَلَهَا فِي الْعُمْرَانِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ ذَبَحَهَا حِينَ الِالْتِقَاطِ فِي الصَّحْرَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا وَجَدَهَا فِي الْفَلَاةِ وَأَكَلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا إذَا عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ عَالِمٍ بِرَبِّهَا حِينَ وَجَدَهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا فَإِنْ كَانَ أَكَلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ وَجَدَهَا بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ) أَيْ فَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهَا فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ. (قَوْلُهُ: وَعَسُرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ خَوْفٍ بِفَيْفَاءَ وَتَيَسَّرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ لَمْ يَأْكُلْهَا وَعَرَّفَهَا فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا إذَا عَلِمَ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ الْعُمْرَانِ وَلَوْ مَخُوفًا تَكُونُ لُقَطَةً فَلَا تُؤْكَلُ وَإِذَا أَخَذَهَا عَرَّفَهَا. (قَوْلُهُ: كَإِبِلٍ) ظَاهِرُهُ وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي الْعُمْرَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إلَّا خَوْفَ خَائِنٍ) أَيْ إلَّا إذَا خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ أَخْذِ الْخَائِنِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ وَتُعَرَّفُ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق وَالْخَرَشِيَّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج وَفِي بْن الْمُعْتَمَدُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ تَرْكُهَا مُطْلَقًا قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَدَمَ الْتِقَاطِ الْإِبِلِ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِزَمَنِ الْعَدْلِ وَصَلَاحِ النَّاسِ وَأَمَّا فِي الزَّمَنِ الَّذِي فَسَدَ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ تُؤْخَذَ وَتُعَرَّفَ فَإِنْ لَمْ تُعَرَّفْ بِيعَتْ وَوُقِفَ ثَمَنُهَا لِرَبِّهَا فَإِذَا أَيِسَ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهِ كَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ لَمَّا دَخَلَ النَّاسَ فِي زَمَنِهِ الْفَسَادُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا اهـ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَمِيمُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عَدَمُ الْتِقَاطِهَا مُطْلَقًا كَذَا فِي بْن لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ تَقْتَضِي

لَا يُرَاعَى فِيهَا خَوْفٌ أَيْ خَوْفُ جُوعٍ، أَوْ عَطَشٍ، أَوْ سِبَاعٍ وَأَمَّا خَوْفُ الْخَائِنِ فَمُوجِبٌ لِلِالْتِقَاطِ. (وَ) لَهُ (كِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوِهَا) كَخَيْلٍ وَحُمُرٍ (فِي عَلَفِهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تُعْلَفُ بِهِ مِنْ نَحْوِ فُولٍ وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَاسْمٌ لِلْفِعْلِ (كِرَاءً مَضْمُونًا) أَيْ مَأْمُونًا لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ مُيَاوَمَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ وَجِيبَةً فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ ضِدَّ الْمُعَيَّنِ (وَ) لَهُ (رُكُوبُ دَابَّةٍ) مِنْ مَوْضِعِ الِالْتِقَاطِ (لِمَوْضِعِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَسَّرْ قَوْدُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَكْرَاهَا فِي أَزْيَدَ مِنْ عَلَفِهَا أَوْ غَيْرِ مَأْمُونٍ، أَوْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ (ضَمِنَ) الْقِيمَةَ - إنْ هَلَكَتْ - وَمَا زَادَ عَلَى عَلَفِهَا وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ إنْ لَمْ تَهْلِكْ. (وَ) لَهُ (غَلَّاتُهَا) مِنْ لَبَنٍ وَسَمْنٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى عَلَفِهَا (دُونَ نَسْلِهَا) وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا وَوَبَرِهَا وَدُونَ كِرَائِهَا لِغَيْرِ الْعَلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) إنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ مِنْ عِنْدِهِ (خُيِّرَ رَبُّهَا) إذَا جَاءَ (بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ) لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (أَوْ إسْلَامِهَا) لِمُلْتَقِطِهَا فِي نَظِيرِهَا فَإِنْ أَسْلَمَهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَدَلَ " أَوْ ". (وَإِنْ) (بَاعَهَا) الْمُلْتَقِطُ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي عَرَّفَهَا بِهَا (فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَالْبَيْعُ مَاضٍ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَلَوْ عَدِيمًا لَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ مَلِيئًا (بِخِلَافِ مَا لَوْ) (وَجَدَهَا) رَبُّهَا (بِيَدِ الْمِسْكِينِ) الْمُتَصَدَّقِ بِهَا عَلَيْهِ (أَوْ) بِيَدِ (مُبْتَاعٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمِسْكِينِ (فَلَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا (أَخْذُهَا) مِنْ الْمِسْكِينِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْمِسْكِينِ إنْ وَجَدَ عِنْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآنَ مَا صَنَعَ عُثْمَانُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ فَلِذَا اخْتَارَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: لَا يُرَاعَى فِيهَا) أَيْ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ كِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوِهَا فِي عَلَفِهَا) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي مَنَافِعِهِ بِقَدْرِ عَلَفِهَا إنْ كَانَ عَلَفُهَا مِنْ عِنْدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي بَقَرٍ لَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا وَهِيَ الَّتِي وَجَدَهَا فِي الْعُمْرَانِ، أَوْ فِي الْفَيْفَاءِ وَتَيَسَّرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَأْمُونًا) أَيْ مَأْمُونًا عَاقِبَتُهُ. (قَوْلُهُ: مُيَاوَمَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ مُيَاوَمَةً إلَخْ أَوْ مُشَاهَرَةً، أَوْ وَجِيبَةً وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ كِرَاؤُهَا فِي عَلَفِهَا مَعَ أَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُوَكِّلْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ عَلَيْهَا فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِرَبِّهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَاهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَجِيبَةً ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ لِوُقُوعِ ذَلِكَ الْعَقْدِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ ضِدَّ الْمُعَيَّنِ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَضْمُونُ عَاقِبَتُهُ وَهُوَ الْمَأْمُونُ الَّذِي لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ مَضْمُونًا بِمَأْمُونًا وَوَجْهُ تَصْوِيبِهِ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ كِرَاءُ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَالْفَرْضُ هُنَا أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ. (قَوْلُهُ: لِمَوْضِعِهِ) أَيْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ الْقِيمَةَ إنْ هَلَكَتْ إلَخْ) أَيْ وَيُقَدَّمُ فِي الضَّمَانِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْكِرَاءِ غَيْرِ الْمَأْمُونِ - لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ - عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ عَلَى عَلَفِهَا) فَإِذَا أُكْرِيَتْ لِأَجْلِ الْعَلَفِ وَزَادَ مِنْ كِرَائِهَا شَيْءٌ عَلَى الْعَلَفِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُلْتَقِطِ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يَغْرَمُهُ لِرَبِّهَا إذَا جَاءَ. (قَوْلُهُ: وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الرُّكُوبُ لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ غَلَّاتُهَا) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ نَفَقَتِهَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يُكْرِهَا فِي عَلَفِهَا وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهَا فِي مَنَافِعِهِ وَضَمِيرُ غَلَّاتِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهَا، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ عَلَفِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ عَلَفِهِ لَهَا وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ لُقَطَةٌ مَعَهَا قَالَ شَيْخُنَا وَفِي كَلَامِ عج مَيْلٌ لِتَرْجِيحِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَصُوفِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَامًّا أَوْ غَيْرَ تَامٍّ فَهُوَ لِرَبِّهَا مِثْلُ النَّسْلِ وَمَا مَعَهُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَقِطُ لِنَفْسِهِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ مَعَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ كُلَّ النَّفَقَةِ، أَوْ بَعْضَهَا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَكْرَاهَا فَنَقَصَ الْكِرَاءُ عَنْ نَفَقَتِهَا وَكَمَّلَ الْمُلْتَقِطُ نَفَقَتَهَا مِنْ عِنْدِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ اللُّقَطَةَ فِي نَفَقَتِهِ أَوْ يَفْتَدِيَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ بِدَفْعِ مَا لَهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي ذَاتِ اللُّقَطَةِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا كَالْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إذَا سَلَّمَهُ الْمَالِكُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ شَيْئِهِ غَرِمَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ) أَيْ بِمِثْلِ النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا) أَيْ وَدَفَعَ مِثْلَ النَّفَقَةِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ أَيْ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا لِلْمُلْتَقِطِ بِرِضَاهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ عَكْسَهُ كَذَلِكَ أَيْ إذَا دَفَعَ لَهُ النَّفَقَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ النَّفَقَةَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بَيْنَ إنَّمَا تُضَافُ لِمُتَعَدِّدٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْنِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ فِي الْمُتَعَدِّدِ، " وَأَوْ " لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، أَوْ الْأَشْيَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ التَّمَلُّكِ صَارَ ضَامِنًا قِيمَتَهَا اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَهَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّ رَبَّهَا مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ وَأَخْذِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ قِيمَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ فَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ فَدَاهُ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ مَاضٍ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْضُهُ وَأَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) أَيْ وَيَرْجِعُ

وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا عَلَيْهِ، قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهَا أَيْ أَوْ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ الْقِيمَةَ إنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا، أَوْ عَنْ رَبِّهَا وَتَعَيَّبَتْ فَإِنْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا، وَإِنْ فَاتَتْ تَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ. (وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمِسْكِينِ بِنَفْسِ اللُّقَطَةِ (إنْ أَخَذَ) رَبُّهَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ (قِيمَتَهَا) وَذَلِكَ حَيْثُ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَتَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ أَيْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ مَعِيبَةً؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً بِحَالِهَا فَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُهَا كَمَا مَرَّ. وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمِسْكِينِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا) الْمُلْتَقِطُ (عَنْ نَفْسِهِ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمِسْكِينِ بِشَيْءٍ لَا بِهَا وَلَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا لِرَبِّهَا كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ. (وَإِنْ) (نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا) بَعْدَ تَعْرِيفِهَا السَّنَةَ (فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا) وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي النَّقْصِ (أَوْ) أَخْذُ (قِيمَتِهَا) يَوْمَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا فَإِنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَكَالْغَاصِبِ وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا فَلَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ فَالْقِيمَةُ. (وَوَجَبَ) (لَقْطُ طِفْلٍ) أَيْ صَغِيرٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغِذَاءٍ (نُبِذَ) صِفَةٌ لِطِفْلٍ أَيْ طِفْلٍ مَنْبُوذٍ وَهُوَ قَاصِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِقَصْدِ النَّبْذِ فَلَا يَشْمَلُ مَنْ ضَلَّ عَنْ أَهْلِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ بِمَضْيَعَةٍ (كِفَايَةً) أَيْ وُجُوبُ كِفَايَةٍ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّقِيطَ بِقَوْلِهِ: صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبَوَاهُ وَلَا رِقُّهُ فَخَرَجَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ، وَمَنْ عُلِمَ رِقُّهُ لُقَطَةٌ لَا لَقِيطٌ وَقَوْلُهُ فَخَرَجَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَهُوَ الْأُمُّ فَعَلَيْهَا الْقِيَامُ بِهِ. (وَ) وَجَبَ (حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ) عَلَى مُلْتَقِطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ أَيْضًا بِالْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَعْدَمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَابَاةِ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا حَابَى بِهِ فَقَطْ لَا بِأَصْلِ الثَّمَنِ؛ إذْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ بَلْ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَلَوْ عَدِيمًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُحَابَاةِ يُرْجَعُ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَعْدَمَ الْبَائِعُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ لَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بَلْ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ مُعْدِمًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا شَارَكَ الْبَائِعَ فِي الْعَدَاءِ بِالْمُحَابَاةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ عُدْمِ بَائِعِهِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّمَنُ فَلِذَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَ عُدْمِ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَ الْمِسْكِينَ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهَا، أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَصَدَّقَ بِهَا وَيَرْجِعَ الْمُلْتَقِطُ بِتَمَامِ الثَّمَنِ عَلَى الْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: إنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا) يَعْنِي التَّخْيِيرَ الْمُتَقَدِّمَ، وَهُوَ تَخْيِيرُ رَبِّهَا بَيْنَ أَخْذِهَا مِنْ يَدِ الْمِسْكِينِ، أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَبَيْنَ تَضْمِينِ الْمُلْتَقِطِ الْقِيمَةَ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَائِمَةً، أَوْ تَعَيَّبَتْ أَوْ كَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَتَعَيَّبَتْ بِاسْتِعْمَالٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَجَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا قَائِمَةً، أَوْ تَعَيَّبَتْ بِسَمَاوِيٍّ فِي يَدِ الْمِسْكِينِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ تَعَيَّنَ أَخْذُهَا وَإِنْ وَجَدَهَا قَدْ فَاتَتْ بِهَلَاكٍ سَوَاءٌ تَصَدَّقَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ عَنْ رَبِّهَا أَوْ عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمِسْكِينِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُهَا كَمَا مَرَّ) أَيْ لَا أَخْذُ قِيمَتِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى رُجُوعُ الْمُلْتَقِطِ عَلَى الْمِسْكِينِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِرَبِّهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا) أَيْ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ بِسَمَاوِيٍّ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِحَالِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ) أَيْ وَنَقَصَتْ. (قَوْلُهُ: فَكَالْغَاصِبِ) أَيْ يَضْمَنُ أَرْشَ النَّقْصِ وَلَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ) أَيْ قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَقَصَتْ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: فَلَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ) أَيْ وَبَعْدَ أَنْ عَرَّفَهَا سَنَةً وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ نَقَصَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ لَقْطُ طِفْلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَقْتَ إرَادَتِهَا الْأَخْذَ، أَوْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا فَإِنْ أَخَذَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ لِمَحَلٍّ مَأْمُونٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ وَكَانَ لَهَا مَالٌ أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ لَهَا مَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِإِذْنِهِ صَارَ كَأَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ. (قَوْلُهُ: أَيْ صَغِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: نُبِذَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ مَعْنَى اللَّقِيطِ وَالْمَنْبُوذِ كَمَا عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْمُتَقَدِّمِينَ وَقِيلَ اللَّقِيطُ مَا اُلْتُقِطَ صَغِيرًا فِي الشَّدَائِدِ وَالْبَلَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، وَالْمَنْبُوذُ بِخِلَافِهِ وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ مَا دَامَ مَطْرُوحًا، وَلَا يُسَمَّى لَقِيطًا إلَّا بَعْدَ أَخْذِهِ وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ مَا وُجِدَ بِفَوْرِ وِلَادَتِهِ وَاللَّقِيطُ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَضْيَعَةٍ) أَيْ وُجِدَ بِمَضْيَعَةٍ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ مَنْ نُبِذَ قَصْدًا وَمَنْ ضَلَّ عَنْ أَهْلِهِ وَيُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ؛ إذْ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْحِرْزِ سَارِقٌ. (قَوْلُهُ: كِفَايَةً) مَحَلُّ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَيْنًا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْوُجُوبُ وَلَوْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ بِدَعْوَى رِقِّيَّتِهِ مَثَلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ، وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ بِالْخِيَانَةِ عُذْرًا يُسْقِطُ عَنْهُ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: وَلَا رِقُّهُ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ رِقُّهُ بَلْ عُلِمَتْ حُرِّيَّتُهُ أَوْ شُكَّ فِيهَا وَفِي رِقِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ أَيْ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فَخَرَجَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ إلَخْ) هَذَا

وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَهَذَا (إنْ لَمْ يُعْطَ) مَا يَكْفِيهِ (مِنْ الْفَيْءِ) فَإِنْ أُعْطِيَ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ إنْ لَمْ يُعْطَ إلَخْ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ كَهِبَةٍ) مِنْ صَدَقَةٍ، أَوْ حُبْسٍ فَنَفَقَتُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَحُوزُهُ لَهُ الْمُلْتَقِطُ؛ لِأَنَّهُ كَأَبِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَا يُمَلَّكُهُ، ثُمَّ الْفَيْءُ، ثُمَّ الْحَاضِنُ (أَوْ يُوجَدَ مَعَهُ) مَالٌ مَرْبُوطٌ بِثَوْبِهِ (أَوْ مَدْفُونٌ) وَفِي نُسْخَةٍ " مَدْفُونًا " بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (تَحْتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ رُقْعَةٌ) أَيْ وَرَقَةٌ مَثَلًا مَكْتُوبٌ فِيهَا أَنَّ الْمَالَ الْمَدْفُونَ تَحْتَ الطِّفْلِ لِلطِّفْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رُقْعَةٌ فَالْمَالُ لُقَطَةٌ. (وَ) وَجَبَ (رُجُوعُهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ الْمُنْفِقِ عَلَى اللَّقِيطِ (عَلَى أَبِيهِ) بِمَا أَنْفَقَ عَلَى اللَّقِيطِ (إنْ) كَانَ أَبُوهُ (طَرَحَهُ عَمْدًا) وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ لَا بِدَعْوَى الْمُلْتَقِطِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَبِ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا حِينَ الْإِنْفَاقِ وَأَنْ يَحْلِفَ الْمُنْفِقُ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ لَا حِسْبَةً فَيَرْجِعُ بِغَيْرِ السَّرَفِ وَمَفْهُومُ طَرَحَهُ أَنَّهُ لَوْ ضَلَّ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ هَرَبَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ الْمُنْفِقُ عَلَى الْأَبِ الْمُوسِرِ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ حِينَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبَرُّعِ وَمَعْنَى الْوُجُوبِ فِي هَذَا الْفَرْعِ الثُّبُوتُ (وَالْقَوْلُ) إنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِنْفَاقِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُلْتَقِطِ بِالْكَسْرِ (أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً) أَيْ تَبَرُّعًا بَلْ لِيَرْجِعَ بِيَمِينِهِ لَا قَوْلُ الْأَبِ إنَّهُ حِسْبَةٌ. (وَهُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ (حُرٌّ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي النَّاسِ (وَوَلَاؤُهُ) (لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ أَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ فَمَحَلُّ مَالِهِ إذَا مَاتَ بَيْتُ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ الْمُلْتَقِطُ بَلْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ. (وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ اللَّقِيطِ إنْ وُجِدَ (فِي) قَرْيَةٍ مِنْ (قُرَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ قُرَى الْكُفَّارِ وَلَوْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَ اللَّقِيطُ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِلَى دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا بَعْدَ إطَاقَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَيَعْلَمُ بِهِ الْمُلْتَقِطُ حَالَ إنْفَاقِهِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ كَمَا مَرَّ فِي النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَيْءِ) مُرَادُهُ بِهِ بَيْتُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ) بِالتَّشْدِيدِ. (قَوْلُهُ: وَيَحُوزُهُ لَهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِدُونِ نَظَرِ حَاكِمٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ مِنْهُ كَمَا فِي سَمَاعِ زُونَانَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ يَحْيَى لَا يَحُوزُ لَهُ إنْ كَانَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْوَلِيِّ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ وَالْمُلْتَقِطُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ إلَخْ) أَيْ عُلِمَ مِنْ عُدُولِهِ عَنْ قَوْلِهِ، أَوْ يُمَلَّكُ بِالْعَطْفِ عَلَى يُعْطَى الْمُوهِمِ لِمُسَاوَاةِ مَالِهِ لِلْفَيْءِ فِي وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ لِقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ كَهِبَةٍ " الْمُفِيدِ لِتَقْدِيمِ مَالِهِ، ثُمَّ الْفَيْءِ، ثُمَّ الْمُلْتَقِطِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَدْفُونٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ " يُوجَدَ " وَهُوَ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ الْعَائِدُ عَلَى الْمَالِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ لِدَلَالَةِ " يُمَلَّكَ " عَلَيْهِ وَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيرُ الصِّفَةِ أَيْ مَالٌ ظَاهِرٌ، أَوْ مَدْفُونٌ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَعَهُ رُقْعَةٌ) قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا) اُنْظُرْ هَلْ مِنْ الطَّرْحِ عَمْدًا طَرْحُهُ لِوَجْهٍ أَمْ لَا وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ خَارِجًا بِقَوْلِهِ عَمْدًا وَسَلَّمَهُ ح قَالَ بْن وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ - وَإِنْ سَلَّمَهُ الْحَطَّابُ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ الْعَمْدِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي المج. (قَوْلُهُ: مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَبِ) أَيْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَبُولُ قَوْلِ الْأَبِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا) أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) أَيْ كَمَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ لِيَرْجِعَ وَإِلَّا فَلَا حَلِفَ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ. (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِغَيْرِ السَّرَفِ) أَيْ وَهُوَ نَفَقَةُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَجِبُ لِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِي اللَّقِيطِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى اللَّقِيطِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّرْكُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْفَرْعِ) وَأَمَّا فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ طَلَبًا جَازِمًا. (قَوْلُهُ: بَلْ لِيَرْجِعَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً يَصْدُقُ بِعَدَمِ النِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى الْمُلْتَقِطُ حِسْبَةً لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ طَرَحَهُ أَبُوهُ عَمْدًا نَظَرًا لِنِيَّةِ الْمُنْفِقِ لَكِنْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ رُجُوعُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَظَرًا لِحَالَةِ الْأَبِ وَهُوَ التَّعَمُّدُ فَكَانَ أَوْلَى بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُرٌّ) أَيْ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ شَرْعًا فَلَوْ أَقَرَّ اللَّقِيطُ بِرِقِّيَّتِهِ لِأَحَدٍ أُلْغِيَ إقْرَارُهُ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ رِقُّ الشَّخْصِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ وَسَوَاءٌ الْتَقَطَهُ حُرٌّ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ كَافِرٌ فَهُوَ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الْأَصْلُ) أَيْ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ أَيْ الَّذِينَ لَمْ يَتَقَرَّرْ عَلَيْهِمْ مِلْكٌ. (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِكُفْرِهِ لَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ مِنْ وَضْعِ مَالِ الْكَافِرِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعَاهَدَ إذَا مَاتَ عِنْدَنَا وَلَيْسَ مَعَهُ وَارِثُهُ فَإِنَّ مَالَهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ أَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَاءِ الْمَالُ لَا الْوَلَاءُ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ الْمُخْتَصِّ بِمَنْ أُعْتِقَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَا يَرِثُهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ مَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْإِمَامُ إرْثَهُ وَإِلَّا وَرِثَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الَّتِي النَّظَرُ فِيهَا لِلْإِمَامِ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ: لَك وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.

(كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا) أَيْ فِي الْقَرْيَةِ لَا بِقَيْدِ الْمُسْلِمِينَ (إلَّا بَيْتَانِ) لِلْمُسْلِمِينَ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا (إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَمِثْلُ الْبَيْتَيْنِ الْبَيْتُ كَالثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ. (وَإِنْ) وُجِدَ (فِي) قَرْيَةٍ مِنْ (قُرَى الشِّرْكِ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ (فَ) هُوَ (مُشْرِكٌ) ، وَإِنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ. (وَلَمْ يَلْحَقْ) اللَّقِيطُ شَرْعًا (بِمُلْتَقِطِهِ وَلَا غَيْرِهِ) إنْ ادَّعَاهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لَهُ بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا ذَهَبَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ طُرِحَ فَإِنْ أَقَامَهَا لَحِقَ بِهِ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ كُفْرِهِ (أَوْ بِوَجْهٍ) كَمَنْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ طَرَحَهُ لَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ إذَا طُرِحَ الْجَنِينُ عَاشَ، أَوْ لِغَلَاءٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فَيَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْوَجْهِ الْمُدَّعَى. (وَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ رَدُّهُ لِمَوْضِعِهِ (بَعْدَ أَخْذِهِ) لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ بِالْتِقَاطِهِ إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ) لَا لِنِيَّةِ تَرْبِيَتِهِ بَلْ (لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ) فَرَفَعَهُ لَهُ (فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ) لِلنَّاسِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُ فَلَهُ رَدُّهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا بِأَنْ لَمْ يُوقِنْ بِأَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ أَخْذِهِ حَتَّى مَاتَ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ وَمِثْلُ أَخْذِهِ لِيَرْفَعَهُ لِحَاكِمٍ أَخْذُهُ لِيَسْأَلَ مُعَيَّنًا هَلْ هُوَ وَلَدُهُ أَمْ لَا. (وَ) لَوْ تَسَابَقَ جَمَاعَةٌ، أَوْ اثْنَانِ عَلَى لَقِيطٍ، أَوْ لُقَطَةٍ وَكُلٌّ أَمِينٌ وَأَهْلٌ لِكِفَايَتِهِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) وَهُوَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَلَوْ زَاحَمَهُ عَنْهُ الْآخَرُ وَأَخَذَهُ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِي وَضْعِ الْيَدِ قُدِّمَ (الْأَوْلَى) أَيْ الْأَصْلَحُ لِحِفْظِهِ وَالْقِيَامِ بِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ أَوْلَى بِأَنْ اسْتَوَيَا (فَالْقُرْعَةُ) . (وَيَنْبَغِي) لِلْمُلْتَقِطِ (الْإِشْهَادُ) عِنْدَ الِالْتِقَاطِ عَلَى أَنَّهُ الْتَقَطَهُ، خَوْفَ طُولِ الزَّمَانِ فَيَدَّعِي الْوَلَدِيَّةَ أَوْ الِاسْتِرْقَاقَ (وَلَيْسَ بِمُكَاتَبٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ فَأَوْلَى الْقِنُّ (الْتِقَاطٌ) . ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتَانِ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ) ظَاهِرُهُ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ حَيْثُ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ سُئِلَ أَهْلُ الْبَيْتَيْنِ فَجَزَمُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى إسْلَامِ الْمَسْبِيِّ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يُنْكِرَانِ لِنَبْذِهِمَا إيَّاهُ وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا اهـ عبق. (قَوْلُهُ: وَالْبَيْتُ كَالْبَيْتَيْنِ) أَيْ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ كَالْمُصَنِّفِ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشِّرْكِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ قُرَى الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُشْرِكٌ وَإِنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ يَكُونُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ كَانَ عَلَى دِينِهِ قَالَ بْن وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَهُ) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَهَا لَحِقَ بِهِ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ، أَوْ كُفْرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ لَهُ - الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ - الْمُلْتَقِطَ أَوْ غَيْرَهُ، كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ. وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ لِلَّقِيطِ إمَّا مُلْتَقِطُهُ، أَوْ غَيْرُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُسْتَلْحِقُ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ، أَوْ بِكُفْرِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ إنْ أَقَامَ الْمُسْتَلْحِقُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّ هَذَا اللَّقِيطَ وَلَدُهُ لَحِقَ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْوَجْهِ الْمُدَّعَى) اُنْظُرْ هَلْ لُحُوقُهُ بِهِ فِي الثَّمَانِ صُوَرٍ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وتت وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ، أَوْ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا فَقَطْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ مُسْلِمًا كَانَ هُوَ الْمُلْتَقِطَ، أَوْ غَيْرُهُ، كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ، أَوْ بِكُفْرِهِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَنَحْوُهُ فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ قَائِلًا وَأَمَّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ ذِمِّيٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ قِيلَ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ - مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ - عَدَمُ تَوَقُّفِ الِاسْتِلْحَاقِ هُنَا عَلَى الْبَيِّنَةِ أَوْ الْوَجْهِ. قُلْت: قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَدْ خَالَفَ هُنَا أَصْلَهُ؛ إذْ مُقْتَضَى أَصْلِهِ أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ هُنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيِّنَةٍ، أَوْ وَجْهٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِمَوْضِعِهِ) أَيْ وَلَا لِمَوْضِعٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ) بِنِيَّةِ حِفْظِهِ، أَوْ بِلَا نِيَّةِ حِفْظِهِ وَلَا رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ لِلنَّاسِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ لِعَدَمِ أَخْذِهِ لِلْحِفْظِ فَلَمْ يَشْرَعْ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ حَتَّى يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا بِأَنْ لَمْ يُوقِنْ بِأَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ) فِي الْكَلَامِ نَقْصٌ أَيْ حَرُمَ رَدُّهُ فَإِنْ رَدَّهُ وَمَاتَ فَإِنْ تَحَقَّقَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ) أَيْ فِي أَخْذِهِ أَيْ فِي أَنْ يَأْخُذَهُ أَحَدٌ، أَوْ لَا يَأْخُذَهُ فَالدِّيَةُ وَانْظُرْ هَلْ دِيَةُ خَطَأٍ، أَوْ عَمْدٍ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهَا دِيَةُ عَمْدٍ. (قَوْلُهُ: لِيَسْأَلَ مُعَيَّنًا هَلْ هُوَ وَلَدُهُ أَمْ لَا) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ لَيْسَ وَلَدِي جَازَ لَهُ رَدُّهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَاحَمَهُ عَنْهُ الْآخَرُ وَأَخَذَهُ) أَيْ فَيُنْزَعُ مِنْ ذَلِكَ الْمُزَاحِمِ وَيُدْفَعُ لِلْأَسْبَقِ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَوْلَى) أَيْ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ نُزِعَ مِنْهُ وَدُفِعَ لِلْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ أَوْلَى بِأَنْ اسْتَوَيَا) أَيْ فِي الْأَصْلَحِيَّةِ وَوَضْعِ الْيَدِ. (قَوْلُهُ: خَوْفَ طُولِ الزَّمَانِ) عِلَّةٌ وَهِيَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَنْبَغِي الْإِشْهَادُ أَيْ إذَا كَانَ يَخَافُ أَنَّهُ عِنْدَ طُولِ الزَّمَانِ يَدَّعِي مَا ذُكِرَ فَإِنْ تَحَقَّقَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ دَعْوَى ذَلِكَ وَجَبَ الْإِشْهَادُ وَاللُّقَطَةُ كَاللَّقِيطِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ

(بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ رُبَّمَا أَدَّى لِعَجْزِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِتَرْبِيَتِهِ وَلِأَنَّ حَضَانَتَهُ مِنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَقَوْلُهُ الْتِقَاطٌ أَيْ أَخْذُ لَقِيطٍ وَأَمَّا أَخْذُ اللُّقَطَةِ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ أَيْ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ قِنًّا إذْ تَعْرِيفُهَا لَا يَشْغَلُهُ عَنْ خِدْمَةِ السَّيِّدِ. (وَنُزِعَ) لَقِيطٌ (مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ) شَرْعًا (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ إذَا الْتَقَطَهُ. (وَنُدِبَ) (أَخْذُ) عَبْدٍ (آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ) رَبَّهُ فَيَعْرِفُ بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ مِنْ عَرَفَ يَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ أَيْ يُنْدَبُ لِمَنْ وَجَدَ آبِقًا وَعَرَفَ رَبَّهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ضَيَاعَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ لَهُ (وَإِلَّا) يَعْرِفْ رَبَّهُ (فَلَا يَأْخُذُهُ) أَيْ يُكْرَهُ أَخْذُهُ (فَإِنْ أَخَذَهُ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ) لِرَجَاءِ مَنْ يَطْلُبُهُ مِنْهُ (وَوُقِفَ) عِنْدَ الْإِمَامِ (سَنَةً) فَإِنْ أَرْسَلَهُ فِيهَا ضَمِنَ (ثُمَّ) إذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَجِئْ رَبُّهُ (بِيعَ) أَيْ بَاعَهُ الْإِمَامُ (وَلَا يُهْمِلُ) أَمْرَهُ بَلْ يَكْتُبُ اسْمَهُ وَحِلْيَتَهُ مَعَ بَيَانِ التَّارِيخِ وَالْبَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ لِتَسْجِيلِهِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ وَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى يَعْلَمَ رَبَّهُ (وَأَخَذَ نَفَقَتَهُ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ رَبُّهُ وَكَذَا أُجْرَةُ الدَّلَّالِ (وَمَضَى بَيْعُهُ) أَيْ الْإِمَامِ لِلْعَبْدِ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً بَعْدَ سَنَةٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ، ثُمَّ بِيعَ (وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته) سَابِقًا قَبْلَ الْإِبَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى نَقْضِ بَيْعِ الْإِمَامِ بِالْوُجُوهِ الْجَائِزَةِ، وَمَفْهُومُ قَالَ أَنَّهُ إنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ عُمِلَ بِهَا وَنُقِضَ الْبَيْعُ. (وَلَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْآبِقِ (عِتْقُهُ) حَالَ إبَاقِهِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ وَالْإِيصَاءُ بِهِ لِلْغَيْرِ (وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ) لَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَبَيْعُهُ لَا يَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) أَيْ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ فِي أَخْذِهِ صَارَ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ فَلَوْ الْتَقَطَ لَقِيطًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلِسَيِّدِهِ إجَازَتُهُ وَرَدُّهُ لِمَوْضِعِ الْتِقَاطِهِ إنْ كَانَ مَطْرُوقًا وَأَيْقَنَ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ كَمَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ كَالْمُكَاتَبِ فِي جَوَازِ الِالْتِقَاطِ بَلْ يُمْنَعُ الْتِقَاطُهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهِيَ أَوْلَى مِنْهُ فِي مَنْعِ أَخْذِ اللَّقِيطِ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّ لِزَوْجِهَا مَنْعَهَا مِمَّا يَشْغَلُهَا عَنْهُ وَالْمُكَاتَبُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِهِ اللَّقِيطَ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَعْلِيلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُمْنَعُ أَيْضًا مِنْ أَخْذِهِ اللُّقَطَةَ إذَا كَانَتْ عَبْدًا صَغِيرًا وَانْظُرْهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَنُزِعَ لَقِيطٌ) أَيْ وَأُقِرَّ تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ مُسْلِمٍ وَجُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ نُزِعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأَبَى الْإِسْلَامَ فَمُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. (قَوْلُهُ: شَرْعًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِإِسْلَامِهِ وَذَلِكَ كَالْمَوْجُودِ فِي قَرْيَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَخْذُ آبِقٍ) هُوَ مَنْ ذَهَبَ مُخْتَفِيًا بِلَا سَبَبٍ وَالْهَارِبُ مَنْ ذَهَبَ مُخْتَفِيًا لِسَبَبٍ كَذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّ هَذَا فَرْقٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْعُرْفُ الْآنَ أَنَّ مَنْ ذَهَبَ مُخْتَفِيًا مُطْلَقًا أَيْ لِسَبَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ يُقَالُ لَهُ آبِقٌ وَهَارِبٌ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ يَعْرِفُ) مُتَعَلِّقٌ بِ نُدِبَ وَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ فَصْلًا بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالْأَجْنَبِيِّ لَا بِغَيْرِهِ خُصُوصًا نَائِبَ الْفَاعِلِ فَإِنَّ رُتْبَتَهُ التَّقْدِيمُ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِآبِقٍ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ، وَاللَّامَ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ عَبْدٍ آبِقٍ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ الْآخِذُ أَيْ مِنْ سَيِّدٍ يَعْرِفُهُ الْآخِذُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ حِفْظِ الْأَمْوَالِ) فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ سَيِّدِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَادٍ وَتَعْرِيفٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ لَهُ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ بِخِيَانَتِهِ عُذْرًا مُسْقِطًا لِلْوُجُوبِ، نَعَمْ مَحَلُّ الْوُجُوبِ إذَا خَشِيَ ضَيَاعَهُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا مِنْ السُّلْطَانِ إذَا أَخَذَهُ لِيُخْبِرَ صَاحِبَهُ بِهِ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ) صَرَّحَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَلِأَنَّ عَدَمَ نَدْبِ أَخْذِهِ لَا يَقْتَضِي النَّهْيَ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ وَلِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ لَهُ أَخْذُهُ) أَيْ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْإِنْشَادِ وَالتَّعْرِيفِ فَيُخْشَى أَنْ يَصِلَ لِعِلْمِ السُّلْطَانِ فَيَأْخُذَهُ. (قَوْلُهُ: وَوُقِفَ سَنَةً) أَيْ وَيُنْفِقُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فِيهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِيعَ) أَيْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا وَإِلَّا بِيعَ قَبْلَهَا كَمَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَوُقِفَ عِنْدَ الْإِمَامِ سَنَةً، ثُمَّ يَبِيعُهُ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَعْلَمَ رَبَّهُ) أَيْ فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ قَابَلَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْأَوْصَافِ عَلَى مَا كُتِبَ فِي السِّجِلِّ فَإِنْ وَافَقَ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ نَفَقَتَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَأَخَذَ الْإِمَامُ نَفَقَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ رَبُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ أَخَذَهُ لِكَوْنِهِ يَعْرِفُ رَبَّهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِنَفَقَتِهِ حَتَّى يَحْضُرَ رَبُّهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ مَجِيءِ رَبِّهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِمَامِ الصَّبْرَ إلَى أَنْ يَحْضُرَ رَبُّهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِلْأَحْرَارِ وَمَصَالِحِهِمْ، وَالْعَبْدُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهِ أُلْزِمَ بِبَيْعِهِ مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ) أَيْ عِنْدَ حُضُورِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ: كُنْت أَعْتَقْته أَيْ نَاجِزًا أَوْ مُؤَجِّلًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ) أَيْ وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَكَذَا لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ كُنْت أَوَلَدْتهَا إلَّا أَنْ يُحْضِرَ الْوَلَدَ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ أَوْلَدَهُ لَهَا وَيَقُولَ هَذَا وَلَدُهَا فَتُرَدَّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ

(وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ) مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جَلْدٍ إذَا فَعَلَ مَا يَقْتَضِيهَا وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَيْهِ لِغَيْبَةِ سَيِّدِهِ. (وَضَمِنَهُ) الْمُلْتَقِطُ (إنْ أَرْسَلَهُ) بَعْدَ أَخْذِهِ وَلَوْ خَوْفًا مِنْ شِدَّةِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَيْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِرْسَالِ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ إنْ هَلَكَ الْعَبْدُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ (لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَنْ يَقْتُلَهُ، أَوْ يُؤْذِيَهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا أَرْسَلَهُ لِلْخَوْفِ مِنْهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَشُبِّهَ فِي الضَّمَانِ قَوْلُهُ (كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْآبِقَ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ مُلْتَقِطِهِ (فِيمَا) أَيْ فِي عَمَلٍ (يَعْطَبُ فِيهِ) وَعَطِبَ فَإِنْ سَلِمَ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ أَبَقَ أَمْ لَا. وَعَطَفَ عَلَى أَرْسَلَهُ قَوْلَهُ (لَا) يَضْمَنُ الْمُلْتَقِطُ (إنْ أَبَقَ) الْعَبْدُ بِفَتْحِ الْبَاءِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ (وَإِنْ) كَانَ الْعَبْدُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ آبِقًا (مُرْتَهَنًا) بِالْفَتْحِ أَيْ فِي دَيْنٍ فَأَبَقَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالْكَسْرِ (وَحَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَبَقَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنِّي، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الْآبِقِ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا يُتَّهَمُ بِالتَّفْرِيطِ لِضَيَاعِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ. (وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ) مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَأَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ (وَأَخَذَهُ) مُدَّعِيهِ حَوْزًا لَا مِلْكًا (إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ) أَنَّهُ عَبْدِي (إنْ صَدَّقَهُ) الْعَبْدُ عَلَى دَعْوَاهُ وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالِاسْتِينَاءِ فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا جَاءَ بِهِ أَخَذَهُ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ وَأَخَذَهُ الْمُفِيدُ لِلْحَوْزِ وَقَالَ فِيمَا قَبْلَهُ وَاسْتَحَقَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ وَمَفْهُومُ صَدَّقَهُ أَنَّهُ إنْ كَذَّبَهُ أَخَذَهُ أَيْضًا إنْ وَصَفَهُ وَلَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ، أَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ. (وَلْيَرْفَعْ) مُلْتَقِطُ الْعَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُعْطَى ثَمَنَهَا. (قَوْلُهُ: وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ) أَيْ يُقِيمُهَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جَلْدٍ) أَيْ أَوْ رَجْمٍ لِلِوَاطٍ فَاعِلًا كَانَ، أَوْ مَفْعُولًا وَانْظُرْ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مُوجِبُ الْقَتْلِ وَقُتِلَ هَلْ تَضِيعُ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ إمَامٍ وَمُلْتَقِطٍ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ لَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنْ أَرْسَلَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ سَوَاءٌ أَرْسَلَهُ قَبْلَ السَّنَةِ، أَوْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَيْ أَوْ خَوْفٍ مِنْ السُّلْطَانِ بِسَبَبِ أَخْذِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ، أَوْ يَأْخُذَ مَالَهُ، أَوْ يَضْرِبَهُ وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ ضَعِيفًا لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ إذَا أَرْسَلَهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَفْعُهُ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَا يُرْسِلُهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ مَعَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ ضَمِنَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ بِحِيلَةٍ، أَوْ بِحَارِسٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُرْسِلُهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ بِالْأُجْرَةِ كَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ حِفْظِهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلٍ خَفِيفٍ مِثْلِ سَقْيِ دَابَّةٍ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ فِي نَظِيرِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَطِبَ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيجَارِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) أَيْ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِمَا اسْتَأْجَرَ بِهِ وَإِنْ دَفَعَ لَهُ وَعَلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ قَائِمَةً وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ. . (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبَقَ مِنْهُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ آبِقًا، ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِهِ أَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَهُ، أَوْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا فَرَّطَ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ يَأْبَقُ فِي مِثْلِهَا فَأَبَقَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْبَاءِ) أَيْ وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140] . وَفِي مُضَارِعِهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالضَّمُّ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمَنَعَ وَدَخَلَ. (قَوْلُهُ: لَا بِقَيْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ فِي عَبْدٍ آبِقٍ أَخَذَهُ إنْسَانٌ، ثُمَّ إنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ وَانْتَقَلَ مِنْهُ لِعَبْدٍ غَيْرِ آبِقٍ أَخَذَهُ إنْسَانٌ رَهْنًا فِي دَيْنٍ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ مُرْتَهَنًا بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ مُرْتَهَنًا قَبْلَ إبَاقِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا اسْتِخْدَامَ. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ تَلَفَهُ، أَوْ ضَيَاعَهُ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) أَيْ بَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدِي مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّهَمُ الْمُرْتَهِنُ فِي إضَاعَتِهِ وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ عَبْدًا لَمْ يَعْرِفْ سَيِّدَهُ فَحَضَرَ إنْسَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ وَأَوْلَى مِنْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِهِمَا الشَّاهِدَانِ؛ يَسْتَحِقُّهُ بِشَهَادَتِهِمَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ مُدَّعِيهِ حَوْزًا لَا مِلْكًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ وَلَا مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَإِنْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا. (قَوْلُهُ: إنْ صَدَّقَ الْعَبْدُ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَفَ السَّيِّدُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَمْ لَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بَعْدَ أَنْ صَدَّقَ أَنَّهُ لِمُدَّعِيهِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ ثَانِيًا لِغَيْرِ مَنْ صَدَّقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالِاسْتِينَاءِ) أَيْ الْإِمْهَالِ فِي الدَّفْعِ لَهُ، وَالِاسْتِينَاءُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ ذَلِكَ الِاسْتِينَاءِ مَعَ كَوْنِ الدَّفْعِ لَهُ حَوْزًا لَا مِلْكًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ إلَخْ) هَذَا ثَمَرَةُ كَوْنِ الْأَخْذِ حَوْزًا لَا مِلْكًا. (قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ) أَيْ وَلِكَوْنِ الْأَخْذِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ حُلِّفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ وَلَمَّا كَانَ الْأَخْذُ هُنَا حَوْزًا سَقَطَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ كَذَا قَالَ عبق. (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَفَ ذَلِكَ.

[باب في القضاء وأحكامه]

أَمْرَ الْعَبْدِ (لِلْإِمَامِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ) الْمُلْتَقِطُ (مُسْتَحِقَّهُ) - بِكَسْرِ الْحَاءِ - أَيْ مَالِكَهُ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا آنِفًا وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَخْ فَإِنْ عَرَفَ مُسْتَحِقَّهُ لَمْ يَحْتَجْ لِرَفْعٍ وَمَحَلُّ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ (إنْ لَمْ يَخْشَ ظُلْمَهُ) وَإِلَّا لَمْ يَرْفَعْ. (وَإِنْ أَتَى رَجُلٌ) أَبَقَ لَهُ عَبْدٌ مِنْ قُطْرٍ إلَى قَاضِي قُطْرٍ آخَرَ عِنْدَهُ آبِقٌ (بِكِتَابِ قَاضٍ) مِنْ قُطْرِهِ مَضْمُونُهُ (أَنَّهُ قَدْ) (شُهِدَ عِنْدِي أَنَّ صَاحِبَ كِتَابِي هَذَا فُلَانٌ) الْفُلَانِيُّ، خَبَرُ أَنَّ الثَّانِيَةِ: (هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ وَوَصَفَهُ) فِي مَكْتُوبِهِ (فَلْيُدْفَعْ إلَيْهِ) وُجُوبًا (بِذَلِكَ) حَيْثُ طَابَقَ وَصْفُهُ الْخَارِجِيُّ مَا فِي الْكِتَابِ وَلَا يَبْحَثُ عَنْ بَيِّنَتِهِ وَلَا غَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (دَرْسٌ) (بَابٌ) فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ. وَهُوَ لُغَةً يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مِنْهَا الْفَرَاغُ كَمَا فِي وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَمِنْهَا الْأَدَاءُ كَمَا فِي قَضَى زَيْدٌ دَيْنَهُ أَيْ أَدَّاهُ وَوَفَّاهُ وَمِنْهَا الْحُكْمُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالْقَاضِي الْحَاكِمُ أَيْ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالْفِعْلِ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ شَرْعًا إلَّا مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ أَشَارَ لِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (أَهْلُ الْقَضَاءِ) (عَدْلٌ) أَيْ مُسْتَحِقُّهُ عَدْلٌ أَيْ عَدْلٌ شَهَادَةً وَلَوْ عَتِيقًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْعَدَالَةُ تَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ وَالْبُلُوغَ وَالْعَقْلَ وَالْحُرِّيَّةَ وَعَدَمَ الْفِسْقِ (ذَكَرٌ) مُحَقَّقٌ لَا أُنْثَى وَلَا خُنْثَى (فَطِنٌ) ضِدُّ الْمُغَفَّلِ الَّذِي يَنْخَدِعُ بِتَحْسِينِ الْكَلَامِ وَلَا يَتَفَطَّنُ لِمَا يُوجِبُ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ وَتَنَاقُضَ الْكَلَامِ فَالْفَطِنَةُ جَوْدَةُ الذِّهْنِ وَقُوَّةُ إدْرَاكِهِ لِمَعَانِي الْكَلَامِ (مُجْتَهِدٌ إنْ وُجِدَ) فَلَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْمُقَلِّدِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ (وَإِلَّا) يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ مُطْلَقٌ (فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ) هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْقَضَاءِ وَهُوَ الَّذِي لَهُ فِقْهٌ كَامِلٌ بِضَبْطِ الْمَسَائِلِ الْمَنْقُولَةِ وَاسْتِخْرَاجِ مَا لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ بِقِيَاسٍ عَلَى الْمَنْقُولِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ أَصْلٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَبْدَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَمْرَ الْعَبْدِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِمُدَّعِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ. (قَوْلُهُ: فَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ عَبْدًا لَا يَعْرِفُ سَيِّدَهُ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا كَانَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ " فَإِنْ أَخَذَهُ رَفَعَ لِلْإِمَامِ ". (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ ظُلْمَهُ) أَيْ انْتَفَتْ خَشْيَةُ ظُلْمِهِ أَيْ خَوْفُ ظُلْمِهِ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ ظُلْمًا وَأَوْلَى إذَا تَحَقَّقَ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا تَنْتَفِ خَشْيَةُ ظُلْمِهِ بِأَنْ ظَنَّ، أَوْ تَحَقَّقَ أَخْذَهُ ظُلْمًا لَمْ يَرْفَعْ. (قَوْلُهُ: خَبَرُ أَنَّ الثَّانِيَةِ) لَا يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ وَإِنَّمَا مَحَطُّهَا هَرَبَ إلَخْ فَالْأَوْلَى نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ اسْمِ أَنَّ وَأَنَّ " هَرَبَ " هُوَ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْخَبَرُ قِسْمَانِ قِسْمٌ تَتِمُّ الْفَائِدَةُ بِهِ نَفْسِهِ وَقِسْمٌ تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ مَعَ تَابِعِهِ نَحْوُ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ وَمَا هُنَا مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا وَوَصْفٌ لِصَاحِبِهَا. (قَوْلُهُ: هَرَبَ مِنْهُ) حَالٌ مِنْ " فُلَانٌ " عَلَى تَقْدِيرِ قَدْ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِلْمِ، أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَلْيُدْفَعْ إلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْحَثُ عَنْ بَيِّنَتِهِ) أَيْ عَنْ حَالِهَا وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهَا وَشَهَادَتَهَا عِنْدَهُ ثَانِيًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْقَضَاءِ وَلَمْ يَفِدْ وَحْدَهُ أَيْ لَمْ يَفِدْ كِتَابُ الْقَاضِي وَحْدَهُ لِاحْتِمَالِ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِهَذَا وَذَلِكَ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ هُنَا أَلَا تَرَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ سَيِّدَهُ يَأْخُذُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ، أَوْ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى قَوْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ طفي وَالثَّانِي ظَاهِرُ بْن. . [بَابٌ فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ] (بَابٌ فِي الْقَضَاءِ) (قَوْلُهُ: أَهْلُ الْقَضَاءِ) أَيْ الْمُتَأَهِّلُ لَهُ وَالْمُسْتَحِقُّ لَهُ عَدْلٌ فَغَيْرُ الْعَدْلِ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْجُمْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ يُمْنَعُ تَوْلِيَةُ الْعَتِيقِ قَاضِيًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُسْتَحَقَّ فَتُرَدَّ أَحْكَامُهُ. (قَوْلُهُ: تَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَيْ مِنْ اسْتِلْزَامِ الْكُلِّ لَا جُزْئِهِ؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ وَصْفٌ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ وَلَا يُغْنِي عَنْ الْعَدْلِ قَوْلُهُ: مُجْتَهِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ عَلَى الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: لَا أُنْثَى وَلَا خُنْثَى) أَيْ فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُمَا لِلْقَضَاءِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُمَا. (قَوْلُهُ: جَوْدَةُ الذِّهْنِ) أَيْ الْعَقْلِ فَمُجَرَّدُ الْعَقْلِ التَّكْلِيفِيِّ لَا يَكْفِي لِمُجَامَعَتِهِ لِلْغَفْلَةِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْقَاضِي غَيْرَ زَائِدِ فِي الْفَطَانَةِ كَمَا يَأْتِي فَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَصْلُ الْفَطَانَةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَطِنٌ أَيْ ذُو فَطَانَةٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ لَبِنٌ وَتَمِرٌ أَيْ صَاحِبُ لَبَنٍ وَتَمْرٍ لَا مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ، أَوْ أَنَّ " فَطِنٌ " بِمَعْنَى فَاطِنٍ أَيْ جَيِّدِ الذِّهْنِ. (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدٌ) أَيْ مُطْلَقٌ إنْ وُجِدَ قَالَ ح يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْعِلْمَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ) أَيْ فَأَفْضَلُ مُقَلِّدٍ وَهُوَ مُجْتَهِدُ الْفَتْوَى وَالْمَذْهَبِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْأَمْثَلُ بَلْ يَصِحُّ تَوْلِيَةُ مَنْ هُوَ دُونَهُ مَعَ وُجُودِهِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ تَوْلِيَةُ غَيْرِ الْعَالِمِ حَيْثُ شَاوَرَ الْعُلَمَاءَ. (قَوْلُهُ: لَهُ فِقْهٌ) أَيْ فَهْمٌ كَامِلٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِبَارِ أَصْلٍ) أَيْ قَاعِدَةٍ كُلِّيَّةٍ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقِيَاسٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْلِيَةُ غَيْرِ الْأَمْثَلِ مَعَ وُجُودِهِ كَمَا عَلِمْتَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ كَوْنَهُ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا إنْ وُجِدَ غَيْرُ شَرْطٍ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ وَكَذَلِكَ

(وَزِيدَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) وَهُوَ الْخَلِيفَةُ وَصْفٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ (قُرَشِيٌّ) فَلَا تَصِحُّ خِلَافَةُ غَيْرِ الْقُرَشِيِّ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ» وَقُرَيْشٌ قِيلَ هُوَ فِهْرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ هُوَ النَّضْرُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَبَّاسِيًّا وَلَا عَلَوِيًّا لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ - وَهُوَ تَيْمِيٌّ وَعُمَرَ - وَهُوَ عَدَوِيٌّ - وَعُثْمَانَ - وَهُوَ أُمَوِيٌّ وَعَلِيٍّ - وَهُوَ هَاشِمِيٌّ -، وَالْكُلُّ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ اسْتَقَرَّتْ الْخِلَافَةُ فِي بَنِي أُمَيَّةَ مَعَ كَثْرَةِ الْفِتَنِ، ثُمَّ فِي بَنِي الْعَبَّاسِ. (فَحُكْمُ) الْمُقَلِّدِ وُجُوبًا مِنْ خَلِيفَةٍ أَوْ قَاضٍ (بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ بِالرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ لَا بِقَوْلِ غَيْرِهِ وَلَا بِالضَّعِيفِ مِنْ مَذْهَبِهِ وَكَذَا الْمُفْتِي فَإِنْ حَكَمَ بِالضَّعِيفِ نُقِضَ حُكْمُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ وَكَانَ الْحَاكِمُ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ وَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِمُرَجِّحٍ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ فَلَا يُنْقَضُ كَمَا لَوْ قَاسَ عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ وَهُوَ أَهْلُهُ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ ذَا بَصَرٍ وَكَلَامٍ وَسَمْعٍ فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْأَعْمَى، أَوْ الْأَبْكَمِ أَوْ الْأَصَمِّ (وَ) إنْ وَقَعَ (نَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى وَأَبْكَمَ وَأَصَمَّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ أَيْ لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ ابْتِدَاءً وَلَا فِي صِحَّةِ دَوَامِهَا بَلْ هُوَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَلِذَا قَالَ (وَوَجَبَ عَزْلُهُ) وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَمْرَانِ: عَدَمُ جَوَازِ وِلَايَتِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَصِحَّةُ حُكْمِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ. (وَلَزِمَ الْمُتَعَيَّنَ) أَيْ الْمُنْفَرِدَ فِي الْوَقْتِ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنُهُ مُقَلِّدًا أَمْثَلَ. (قَوْلُهُ: وَزِيدَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَصْفٌ خَامِسٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ الْخَمْسَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ابْتِدَاءً لَا فِي دَوَامِ وِلَايَتِهِ؛ إذْ لَا يَنْعَزِلُ بَعْدَ مُبَايَعَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لَهُ بِطُرُوِّ فِسْقٍ كَنَهْبِ أَمْوَالٍ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ مُؤَدٍّ لِلْفِتَنِ فَارْتُكِبَ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ، وَسُدَّ الذَّرِيعَةُ نَعَمْ إنْ طَرَأَ كُفْرُهُ وَجَبَ عَزْلُهُ وَنُبِذَ عَهْدُهُ. (قَوْلُهُ: وَقُرَيْشٌ) أَيْ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي الْخَلِيفَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ هُوَ فِهْرٌ إلَخْ وَلُقِّبَ بِقُرَيْشٍ تَصْغِيرِ قِرْشٍ حَيَوَانٍ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ يَفْتَرِسُ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْبَحْرِيَّةِ لِافْتِرَاسِهِ لِأَعْدَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَبَّاسِيًّا) بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فَقَدْ ذَكَرَ طفى أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ لَا أَفْضَلِيَّةَ لِعَبَّاسِيٍّ عَلَى غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لعبق. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِقَوْلِهِ " مُقَلَّدِهِ " بَلْ وَكَذَا قَوْلُ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِمَشْهُورِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الشَّارِحِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلَ إمَامِهِ، أَوْ قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلِ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِقَوْلِ غَيْرِ مُقَلَّدِهِ أَيْ بِمَذْهَبٍ غَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ وَإِنْ حَكَمَ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ بِقَوْلِ إمَامِهِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ حَتَّى قِيلَ لَيْسَ مُقَلَّدُهُ رَسُولًا أُرْسِلَ إلَيْهِ بَلْ حَكَوْا خِلَافًا إذَا اشْتَرَطَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا بِمَذْهَبِ إمَامِهِ فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ وَقِيلَ بَلْ ذَلِكَ يُفْسِدُ التَّوْلِيَةَ وَقِيلَ يَمْضِي الشَّرْطُ لِمَصْلَحَةٍ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ) أَيْ كَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَرِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ وَذَلِكَ لِتَقْدِيمِ رِوَايَةِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ فِيهَا وَأَوْلَى فِي غَيْرِهَا وَكَذَا عَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْ الْإِمَامِ أَحَدٌ فِيهَا شَيْئًا قُدِّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُفْتِي) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِفْتَاءُ إلَّا بِالرَّاجِحِ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ لَا بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ وَلَا بِالضَّعِيفِ مِنْ مَذْهَبِهِ نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِالضَّعِيفِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ إذَا تَحَقَّقَ الضَّرُورَةَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي الْإِفْتَاءُ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الضَّرُورَةَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَمَا يَتَحَقَّقُهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ سَدُّوا الذَّرِيعَةَ وَقَالُوا بِمَنْعِ الْفَتْوَى بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ خَوْفَ أَنْ لَا تَكُونَ الضَّرُورَةُ مُتَحَقِّقَةً لَا لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالضَّعِيفِ وَلَوْ تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ يَوْمًا مَا قَالَهُ بْن وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ صَدِيقَهُ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ إذَا تَحَقَّقَ ضَرُورَتَهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الصَّدِيقِ لَا يَخْفَى عَلَى صَدِيقِهِ اهـ قَالَهُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَةِ عبق. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَهْلُهُ) أَيْ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْقِيَاسِ وَإِلَّا رُدَّ. (قَوْلُهُ: الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ) فَالْمَعْنَى وَنَفَذَ حُكْمُ مَنْ اتَّصَفَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ اتَّصَفَ بِاثْنَتَيْنِ مِنْهَا أَوْ بِالثَّلَاثَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ وِلَايَتُهُ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي بْن رَجَّحَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ صِحَّةَ وِلَايَةِ مَنْ لَا يَكْتُبُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ وِلَايَةِ الْقَاضِي أَنْ يَعْرِفَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " وَاجِبٌ " أَيْ وَحَيْثُ كَانَ وَاجِبًا فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ فَلَا تَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْقَاضِي ابْتِدَاءً وَلَا اسْتِمْرَارُ وِلَايَتِهِ إلَّا إذَا اتَّصَفَ بِعَدَمِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ اتَّصَفَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ ابْتِدَاءً وَلَا اسْتِمْرَارًا مَعَ صِحَّةِ مَا وَقَعَ مِنْهُ الْحُكْمُ هَذَا وَتَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْأَعْمَى فِي الْفَتْوَى كَمَا فِي فَتَاوَى الْبُرْزُلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ عَدَمِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَاجِبًا بِالنَّظَرِ لِلِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ وَجَبَ عَزْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ حِينَ التَّوْلِيَةِ بَلْ وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كَلَام الْمُصَنِّفِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَخْ وَقَوْلَهُ وَوَجَبَ عَزْلُهُ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ إلَخْ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ

(أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، أَوْ وَلَدِهِ، أَوْ عَلَى النَّاسِ (إنْ لَمْ يَتَوَلَّ، أَوْ) الْخَائِفَ (ضَيَاعَ الْحَقِّ) لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ (الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ) فَاعِلُ لَزِمَ أَيْ لَزِمَهُ الْقَبُولُ إنْ طَلَبَهُ مِنْهُ الْإِمَامُ وَلَزِمَهُ الطَّلَبُ مِنْ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَا يَضُرُّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي طَلَبِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لِأَمْرٍ مُتَعَيَّنٍ عَلَيْهِ (وَأُجْبِرَ) الْمُتَعَيَّنُ لَهُ بِانْفِرَادِ شُرُوطِهِ (وَإِنْ بِضَرْبٍ، وَإِلَّا) يَتَعَيَّنْ وَلَا خَافَ فِتْنَةً وَلَا ضَيَاعَ حَقٍّ (فَلَهُ الْهَرَبُ، وَإِنْ عُيِّنَ) مِنْ الْإِمَامِ لِشِدَّةِ خَطَرِهِ فِي الدِّينِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَحَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَيَحْرُمُ دَفْعُ مَالٍ لِأَجْلِ تَوْلِيَتِهِ وَتُرَدُّ أَحْكَامُهُ وَلَوْ صَوَابًا فَلَا يَرْفَعُ خِلَافًا. (وَحَرُمَ) قَبُولُ الْقَضَاءِ، أَوْ طَلَبُهُ (لِجَاهِلٍ وَطَالِبِ دُنْيَا) مِنْ الْمُتَدَاعِيِّينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَأَمَّا طَلَبُ مَالٍ مِمَّا هُوَ لِلْقَضَاءِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ وَقْفٍ عَلَيْهِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يُنْدَبُ إذَا كَانَ فِي ضِيقِ عَيْشٍ وَأَرَادَ التَّوْسِعَةَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ ذَلِكَ. (وَنُدِبَ لِيُشْهَرَ عِلْمُهُ) لِلنَّاسِ بِقَصْدِ إفَادَةِ الْجَاهِلِ، وَإِرْشَادِ الْمُسْتَفْتِي لَا الشُّهْرَةِ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، ثُمَّ شُبِّهَ فِي النَّدْبِ قَوْلُهُ (كَوَرِعٍ) وَهُوَ مَنْ يَتْرُكُ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (غَنِيٍّ) أَيْ ذِي مَالٍ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْغِنَى مَظِنَّةُ التَّنَزُّهِ وَتَرْكِ الطَّمَعِ خُصُوصًا إذَا انْضَمَّ لَهُ وَرَعٌ (حَلِيمٍ) لَيْسَ سَيِّئَ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ مَنْشَأٌ لِلظُّلْمِ وَأَذِيَّةِ النَّاسِ (نَزِهٍ) أَيْ كَامِلِ الْمُرُوءَةِ بِتَرْكِ مَا لَا يَلِيقُ مِنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ. (نَسِيبٍ) أَيْ مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قُرَشِيًّا لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ لِلطَّعْنِ فِيهِ كَابْنِ الزِّنَا وَاللِّعَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوَجَبَ عَزْلُهُ، وَقَوْلُهُ وَصِحَّةُ حُكْمِهِ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَنَفَذَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ الْعَطْفُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَوْ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَوَلَّ) أَيْ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَزْيَدَ مِنْهُ فِقْهًا. (قَوْلُهُ: فَاعِلُ لَزِمَ) " وَالْمُتَعَيَّنَ " مَفْعُولُهُ " وَالْخَائِفَ " عَطْفٌ عَلَيْهِ " وَفِتْنَةً " بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ خَائِفَ أَوْ بِالْجَرِّ بِإِضَافَتِهِ لِخَائِفٍ وَقَوْلُهُ " أَوْ ضَيَاعَ " عَطْفٌ عَلَى " فِتْنَةً " وَفِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ أَيْ أَوْ الْخَائِفَ ضَيَاعَ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَزِمَهُ الْقَبُولُ إنْ طَلَبَهُ مِنْهُ الْإِمَامُ) لَكِنْ إنْ طَلَبَهُ مُشَافَهَةً لَزِمَهُ الْقَبُولُ فَوْرًا وَإِنْ أَرْسَلَ لَهُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْفَوْرِيَّةُ فِي الْقَبُولِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَقُولَ قَبِلْتُ سَوَاءٌ شَافَهَهُ، أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ بَلْ يَكْفِي فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ شُرُوعُهُ فِي الْأَحْكَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي طَلَبِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ خَافَ الْفِتْنَةَ أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ وَفِي بْن قَالَ الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَالٍ، وَأَفْرَطَ قَوْمٌ كعج وَمَنْ تَبِعَهُ فَقَالُوا: وَلَوْ بِمَالٍ وَفِي ح مَا نَصُّهُ اُنْظُرْ إذَا قِيلَ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ فَطَلَبَ فَمُنِعَ مِنْ التَّوْلِيَةِ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يُعَانُ عَلَى الْحَقِّ، وَبَذْلُ الْمَالِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْبَاطِلِ الَّذِي لَمْ يُعَنْ عَلَى تَرْكِهِ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ الْمُتَعَيَّنُ لَهُ) أَيْ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِجَعْلِ نَائِبِ أُجْبِرَ الْمُتَعَيَّنَ لَهُ بِانْفِرَادِ شُرُوطِهِ مِنْهُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأُجْبِرَ بِضَرْبِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ فِتْنَةً، أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ فَلَا يَتَأَتَّى فِي حَقِّهِ إلَّا الطَّلَبُ، أَوْ الْقَبُولُ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْجَبْرُ عَلَى الْقَبُولِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْخَوْفُ مِنْ الْإِمَامِ لَتَأَتَّى الْجَبْرُ عَلَى الْقَبُولِ عِنْدَ الْإِبَايَةِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَلَّقَ الْخَوْفَ بِغَيْرِ الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ الْهُرُوبُ مِنْهُ إذَا عُيِّنَ كَجِهَادٍ تَعَيَّنَ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فُرُوضَ الْكِفَايَةِ كُلَّهَا تَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ إلَّا الْقَضَاءَ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ بَلْ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ خَطَرِهِ فِي الدِّينِ كَذَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ أَحْكَامُهُ وَلَوْ صَوَابًا) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ دَافِعَ الرِّشْوَةِ لِأَخْذِ الْقَضَاءِ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ قُضَاةِ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَهُمْ نَافِذَةٌ. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبُولُ الْقَضَاءِ، أَوْ طَلَبُهُ لِجَاهِلٍ) أَيْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَى السُّلْطَانِ تَوْلِيَتُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحُرْمَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ لَا عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ) أَيْ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى تَوْلِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: لِيُشْهَرَ عِلْمُهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ خَامِلًا لَا يُؤْخَذُ بِفَتْوَاهُ وَلَا يَتَعَلَّمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَتَوَلَّاهُ بِقَصْدِ إفَادَةِ الْجَاهِلِ وَإِرْشَادِ الْمُسْتَفْتِي. (قَوْلُهُ: لَا الشُّهْرَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَوْلِيَتَهُ لِأَجْلِ الشُّهْرَةِ لِرِفْعَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ فَإِنَّ هَذَا مَكْرُوهٌ لَا مَنْدُوبٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَتْرُكُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْأَوْرَعُ فَهُوَ مَنْ يَتْرُكُ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغِنَى مَظِنَّةُ إلَخْ) أَيْ وَلِهَذَا كَانَ وُجُودُ الْمَالِ عِنْدَ ذَوِي الدِّينِ زِيَادَةٌ لَهُمْ فِي الْخَيْرِ لَا سِيَّمَا مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ. (قَوْلُهُ: بِتَرْكِ) أَيْ بِسَبَبِ تَرْكِهِ مَا لَا يَلِيقُ فَلَا يَصْحَبُ الْأَرْذَالَ وَلَا يَجْلِسُ مَجَالِسَ السُّوءِ وَلَا يَتَعَاطَى مُحَقَّرَاتِ الْأُمُورِ. (قَوْلُهُ: نَسِيبٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَوْلِيَةَ غَيْرِ النَّسِيبِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ كَانَ انْتِفَاءُ نَسَبِهِ مُحَقَّقًا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ لَيْسَ بِابْنِ لِعَانٍ اهـ وَحِينَئِذٍ فَتَجْوِيزُ سَحْنُونٍ تَوْلِيَةَ وَلَدِ الزِّنَا مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ زَادَ وَلَكِنْ لَا يَحْكُمُ

(مُسْتَشِيرٍ) لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسَائِلِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ مُجْتَهِدًا؛ لِأَنَّ الصَّوَابَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ بَلْ رُبَّمَا ظَهَرَ الصَّوَابُ عَلَى يَدِ جَاهِلٍ. (بِلَا دَيْنٍ) عَلَيْهِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ بِهِ عِنْدَ النَّاسِ. (وَ) بِلَا (حَدٍّ) أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا فِي زِنًا، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ شُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ رُتْبَتَهُ أَحَطُّ مِنْ رُتْبَةِ الْمَدِينِ عِنْدَ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ أَنَّهُ تَابَ. (وَ) بِلَا (زَائِدٍ) أَيْ زِيَادَةٍ، وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهَا (فِي الدَّهَاءِ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ هُوَ جَوْدَةُ الذِّهْنِ وَالرَّأْيِ فَالْمَطْلُوبُ الدَّهَاءُ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَكُونَ زَائِدًا فِيهِ عَنْ عَادَةِ النَّاسِ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ بِالْفِرَاسَةِ وَتَرْكِ قَانُونِ الشَّرِيعَةِ مِنْ طَلَبِ الْبَيِّنَةِ وَتَجْرِيحِهَا وَتَعْدِيلِهَا وَطَلَبِ الْيَمِينِ مِمَّنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَ) بِلَا (بِطَانَةِ سُوءٍ) أَيْ يُتَّهَمُ مِنْهَا السُّوءُ، وَإِلَّا فَالسَّلَامَةُ مِنْهَا وَاجِبَةٌ وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ بِكَسْرِ الْبَاءِ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ فِي شَأْنِهِ. (وَ) نُدِبَ لِلْقَاضِي (مَنْعُ الرَّاكِبِينَ مَعَهُ وَالْمُصَاحِبِينَ لَهُ) فِي غَيْرِ رُكُوبٍ بَلْ يَسْتَعْمِلُ الِانْفِرَادَ مَا أَمْكَنَ إذْ كَثْرَةُ الِاجْتِمَاعِ لَا خَيْرَ فِيهَا مَعَ اتِّهَامِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي عَلَيْهِمْ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ إلَّا لِضَرُورَةِ خَادِمٍ وَمُعِينٍ فِي أَمْرٍ مِنْ الْخُصُومَاتِ وَرَفْعِ الظُّلَامَاتِ وَلِذَا قَالَ (وَ) نُدِبَ لَهُ (تَخْفِيفُ الْأَعْوَانِ) مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْلَمُونَ غَالِبًا مِنْ تَعْلِيمِ الْأَخْصَامِ التَّحَيُّلَ وَقَلْبَ الْأَحْكَامِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْعِدَ عَنْهُ مَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْخِدْمَةِ. (وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ) مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالصَّلَاحِ (بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ) مِنْ خَيْرٍ، أَوْ شَرٍّ فَيَحْمَدُ اللَّهَ فِي الْأَوَّلِ وَيَتَنَحَّى فِي الثَّانِي أَوْ يُبَيِّنُ وَجْهَ الْحَقِّ لِلنَّاسِ (وَ) بِمَا يُقَالُ فِي (حُكْمِهِ وَشُهُودِهِ) لِيَعْمَلَ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ مِنْ إبْقَاءٍ، أَوْ عَزْلٍ، أَوْ أَمْرٍ، أَوْ نَهْيٍ. (وَ) نُدِبَ لَهُ (تَأْدِيبُ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ الْحُكْمُ لِنَفْسِهِ خَشْيَةَ انْتِهَاكِ مَجْلِسِ الشَّرْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الزِّنَا لِعَدَمِ شَهَادَتِهِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: مُسْتَشِيرٍ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمَسَائِلِ) أَيْ الدَّقِيقَةِ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا وَأَمَّا الَّتِي فِيهَا النَّصُّ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَحَكَمَ بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَالَ بْن إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ بَعْدُ " وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ وَشَاوَرَهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ كَانَ مُخَالِفًا لِهَذَا وَإِنْ حُمِلَ عَلَى النَّدْبِ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُخْتَارَ الثَّانِي وَالْمُرَادُ أَنْ يُوَلَّى مَنْ شَأْنُهُ الِاسْتِشَارَةُ وَعُرِفَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ بِرَأْيِهِ فِي الْأُمُورِ وَالْآتِي مَعْنَاهُ يُنْدَبُ لَهُ بَعْدَ تَوْلِيَتِهِ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الشَّأْنِ فِي كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ، أَوْ يُخْتَارَ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى وَنُدِبَ تَوْلِيَةُ مَنْ شَأْنُهُ الِاسْتِشَارَةُ لِلْعُلَمَاءِ وَمَعْنَى الْآتِي وَوَجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ الْعَمَلُ بِهَذَا الشَّأْنِ فِي كُلِّ أَمْرٍ مُهِمٍّ يَحْتَاجُ لِدِقَّةِ النَّظَرِ فِيهِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بِلَا دَيْنٍ) لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ " غَنِيٍّ " لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَنِيًّا بِأَشْيَاءَ إنَّمَا تَأْتِي لَهُ عِنْدَ تَمَامِ عَامٍ فَيَحْتَاجُ لِلدَّيْنِ فَذَكَرَ هُنَا أَنَّ مِنْ مَنْدُوبَاتِهِ كَوْنَهُ بِلَا دَيْنٍ. . (قَوْلُهُ: أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ تَوْلِيَةَ الْمَحْدُودِ جَائِزَةٌ وَأَنَّ حُكْمَهُ نَافِذٌ وَظَاهِرُهُ قَضَى فِيمَا حُدَّ فِيهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَلَوْ تَابَ وَتُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ إذَا تَابَ وَإِلَّا فَلَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ الْقَضَاءِ يُقْبَلُ مِنْ الْقَاضِي فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ اسْتِنَادُ الْقَاضِي لِبَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَبَعُدَتْ التُّهْمَةُ فِي الْقَاضِي دُونَ الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ إلَخْ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ مَوْضُوعَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ تَابَ أَيْ إنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ كَوْنِهِ غَيْرَ مَحْدُودٍ حَكَمَ فِيمَا حُدَّ فِيهِ أَمْ لَا مَوْضُوعُهُ أَنَّهُ تَابَ مِمَّا حُدَّ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا كَانَ فَاسِقًا لَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهَا) قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمَعْنَى وَبِلَا عَقْلٍ زَائِدٍ فِي الدَّهَاءِ أَيْ فِي جَوْدَةِ الرَّأْيِ وَالْفِكْرِ. (قَوْلُهُ: هُوَ جَوْدَةُ الذِّهْنِ) أَيْ وَهُوَ الْفَطَانَةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَبِلَا زِيَادَةٍ فِي الْفَطَانَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالسَّلَامَةُ مِنْهَا) أَيْ وَإِلَّا نَقُلْ يُتَّهَمُ فِيهَا السُّوءُ بَلْ قُلْنَا الْمُرَادُ وَبِلَا بِطَانَةٍ مُحَقَّقَةِ السُّوءِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ بِطَانَةِ السُّوءِ أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُحَقَّقَةِ السُّوءِ وَاجِبَةٌ لَا مَنْدُوبَةٌ. (قَوْلُهُ: وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى الْمُصَنِّفِ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ فِي أُمُورِهِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ لَا مِمَّنْ يُتَّهَمُ بِالسُّوءِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْعُ الرَّاكِبِينَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَ الَّذِينَ كَانُوا يَرْكَبُونَ مَعَهُ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ مِنْ رُكُوبِهِمْ مَعَهُ بَعْدَهَا وَكَذَلِكَ الْمُصَاحِبُونَ لَهُ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ فِي غَيْرِ الرُّكُوبِ يُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ مُصَاحَبَتِهِمْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّهَامِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي إلَخْ) أَيْ فَيَمْتَنِعُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِمْ حَقٌّ مِنْ طَلَبِهِ. (قَوْلُهُ: تَخْفِيفُ الْأَعْوَانِ) أَيْ تَقْلِيلُ الْأَعْوَانِ الَّذِينَ اتَّخَذَهُمْ لِإِعَانَتِهِ كَالرُّسُلِ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ الْقَاضِي لِإِحْضَارِ خَصْمٍ، أَوْ سَمَاعِ دَعْوَةٍ نِيَابَةً عَنْهُ، أَوْ سَمَاعِ شَهَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَقَلْبَ الْأَحْكَامِ) أَيْ تَغْيِيرَ الْحَالَةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وُقُوعُ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُبْعِدَ عَنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَعْوَانِ مَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي هَذِهِ الْخِدْمَةِ أَيْ لِأَنَّهُ يَزْدَادُ سُوءُهُمْ وَضَرَرُهُمْ بِالنَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَّخِذَ شَخْصًا مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالصَّلَاحِ يُرْسِلُهُ يَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَنَحْوِهَا يَسْمَعُ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ فِي الْقَاضِي وَفِي حُكْمِهِ وَفِي شُهُودِهِ وَيَأْتِيهِ يُخْبِرُهُ بِمَا سَمِعَ مِنْهُمْ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهِ، أَوْ سُخْطٍ. (قَوْلُهُ: فِي سِيرَتِهِ) أَيْ غَيْرِ حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: بِمُقْتَضَى ذَلِكَ) أَيْ الْإِخْبَارِ وَقَوْلُهُ: مِنْ إبْقَاءٍ أَيْ لِلشُّهُودِ أَوْ عَزْلِهِمْ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَمْرٍ، أَوْ نَهْيٍ أَيْ أَوْ أَمْرٍ لَهُمْ بِفِعْلِ مَا هُوَ لَائِقٌ وَنَهْيٍ لَهُمْ عَمَّا لَيْسَ بِلَائِقٍ. (قَوْلُهُ: وَتَأْدِيبُ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ ظَلَمْتَنِي، أَوْ كَذَبْتَ عَلَيَّ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدِّبُهُ إذَا قَالَهُمَا لِلْخَصْمِ، أَوْ لِشَاهِدٍ وَأَمَّا إذَا قَالَ: يَا ظَالِمُ

وَحُرْمَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُسْتَنَدُ فِيهِ لِعِلْمِهِ وَالتَّأْدِيبُ بِمَا يَرَاهُ أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُصَنِّفِ وَنَصَّ غَيْرُهُ: لَا بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ وَإِنْ شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ يَرْفَعُهُ لِغَيْرِهِ إنْ شَاءَ وَالْعَفْوُ أَوْلَى (إلَّا فِي مِثْلِ اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِي) ، أَوْ خَفْ اللَّهَ، أَوْ اُذْكُرْ وُقُوفَك بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ (فَلْيَرْفُقْ بِهِ) فَلَا يَجُوزُ تَأْدِيبُهُ وَمِنْ الْإِرْفَاقِ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْتَ قَدْ لَزِمَك الْإِقْرَارُ بِقَوْلِك كَذَا، أَوْ أَنْتَ قَدْ رَضِيتَ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ عَلَيْك فَكَيْفَ تَجْحَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَطْلُبُ عَدَمَ الْحُكْمِ عَلَيْك وَالْإِمْهَالَ. (وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ إلَّا لِوُسْعِ عَمَلِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْمُوَلَّى مِنْ الْخَلِيفَةِ وَلَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى اسْتِخْلَافٍ وَلَا عَدَمِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ وَلَوْ اتَّسَعَ عَمَلُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ مُسْتَخْلَفِهِ إلَّا أَنْ يُنْفِذَهُ هُوَ إلَّا أَنْ يَتَّسِعَ عَمَلُهُ فَيَجُوزَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لَكِنْ (فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ) عَنْهُ بِأَمْيَالٍ كَثِيرَةٍ يَشُقُّ إحْضَارُ الْخُصُومِ مِنْهَا إلَى مَحَلِّهِ (مَنْ) أَيْ يَسْتَخْلِفُ رَجُلًا (عَلِمَ مَا اُسْتُخْلِفَ فِيهِ) فَقَطْ فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ فَإِذَا اسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْأَنْكِحَةِ فَقَطْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَسَائِلِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَإِنْ اسْتَخْلَفَهُ فِي الْقِسْمَةِ وَالْمَوَارِيثِ وَجَبَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ وَهَكَذَا. (وَانْعَزَلَ) الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ (بِمَوْتِهِ) أَيْ بِمَوْتِ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَالْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ وَبِعَزْلِهِ وَنَصَّ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ أَنَّ عَزْلَهُ كَذَلِكَ أَيْ يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ بِعَزْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَوْتَ لَمَّا كَانَ يَأْتِي بَغْتَةً لَمْ يَنْعَزِلْ النَّائِبُ بِمَوْتِ مُوَلِّيهِ وَلَا يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِمَوْتِ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ لَهُ الْإِمَامُ الِاسْتِخْلَافَ، أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ خِلَافًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (لَا هُوَ) أَيْ لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي (بِمَوْتِ الْأَمِيرِ) الَّذِي وَلَّاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ يَا كَاذِبُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّبُهُ مُطْلَقًا قَالَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي، أَوْ لِلْخَصْمِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ تَأْدِيبِ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ كَالْمُنْتَقِمِ لِنَفْسِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبُ التَّأْدِيبِ لِحُرْمَةِ الشَّرْعِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَسَاءَ عَلَى الْقَاضِي وَأَمَّا إذَا أَسَاءَ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ كَشَاهِدٍ، أَوْ خَصْمٍ كَانَ الْأَدَبُ وَاجِبًا قَطْعًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَحُرْمَةِ) عَطْفٌ عَلَى " مَجْلِسِ ". (قَوْلُهُ: وَنَصَّ غَيْرُهُ) أَيْ كَابْنِ عَاصِمٍ فِي مَتْنِ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ جَفَا الْقَاضِيَ فَالتَّأْدِيبُ ... أَوْلَى وَذَا لِشَاهِدٍ مَطْلُوبُ أَيْ فَالتَّأْدِيبُ أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ، وَذَلِكَ التَّأْدِيبُ مَطْلُوبٌ أَيْ وَاجِبٌ إذَا أَسَاءَ عَلَى شَاهِدٍ أَيْ أَوْ خَصْمٍ. (قَوْلُهُ: لَا بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ لَهُ تَأْدِيبُ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ مَجْلِسِهِ. (قَوْلُهُ: فَلْيَرْفُقْ بِهِ) أَيْ نَدْبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْدِيبُهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي آيَةِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ} [البقرة: 206] . الْآيَةَ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْإِرْفَاقِ أَنْ يَقُولَ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنَا لَا أُرِيدُ إلَّا الْحَقَّ، أَوْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ تَقْوَاهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنُصَّ إلَخْ) أَمَّا لَوْ نَصَّ لَهُ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَلَوْ لِرَاحَةِ نَفْسِهِ وَلَوْ فِي الْجِهَةِ الْقَرِيبَةِ فَإِنْ نَصَّ عَلَى عَدَمِهِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ وَلَوْ فِي الْجِهَةِ الْبَعِيدَةِ وَلَوْ لِعُذْرٍ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْعُرْفَ بِالِاسْتِخْلَافِ وَعَدَمِهِ كَالنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا اسْتِخْلَافُهُ لَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا قَالَ الْأَخَوَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ وَلَوْ لِمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ) لَكِنَّهُ فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ عَنْهُ كَانَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ الْمَسْأَلَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ إمَّا أَنْ يَنُصَّ لِلْقَاضِي عَلَى الِاسْتِخْلَافِ، أَوْ عَلَى عَدَمِهِ، أَوْ لَا يَنُصَّ عَلَى وَاحِدٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَ لِعُذْرٍ، أَوْ لِرَاحَةِ نَفْسِهِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ، أَوْ بَعِيدَةٍ مِنْهُ فَإِنْ نَصَّ لَهُ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ جَازَ مُطْلَقًا لِعُذْرٍ وَلِغَيْرِهِ فِي الْجِهَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ وَالْبَعِيدَةِ وَإِنْ نَصَّ عَلَى عَدَمِهِ مُنِعَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتْ الْجِهَةُ قَرِيبَةً فَالْمَنْعُ إذَا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَقَوْلَانِ وَإِنْ كَانَتْ الْجِهَةُ بَعِيدَةً فَالْجَوَازُ كَانَ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَخْلِفُ بِالْكَسْرِ وَقْتَ الِاسْتِخْلَافِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَمِثْلُ الِاسْتِخْلَافِ الْعَزْلُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَمْيَالٍ كَثِيرَةٍ) أَيْ زَائِدَةٍ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا اسْتَخْلَفَ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ رَجُلًا عَلِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَانْعَزَلَ الْمُسْتَخْلَفُ) أَيْ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ لِوُسْعِ عَمَلِهِ فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ أَمَّا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ لِنَصِّ الْخَلِيفَةِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ جَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَلَا بِعَزْلِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُمَا مَنْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي لِلنَّظَرِ عَلَى أَيْتَامٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي الَّذِي قَدَّمَهُ وَلَا بِعَزْلِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ الِاسْتِخْلَافُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَ هَذَا فَلَيْسَ كَلَامُهُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لَا هُوَ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ إمَارَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ سَلْطَنَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ الْخَلِيفَةَ وَلَيْسَ

(وَلَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ الَّذِي وَلَّاهُ (الْخَلِيفَةَ) ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ نَفْسِ الْخَلِيفَةِ بِخِلَافِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْ نَفْسِ الْقَاضِي فَلِذَا انْعَزَلَ بِمَوْتِهِ وَأَمَّا لَوْ عَزَلَهُ الْأَمِيرُ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ قَطْعًا وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَزْلَهُ. (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْقَاضِي إذَا شَهِدَ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَزْلِهِ (أَنَّهُ) كَانَ (قَضَى بِكَذَا) وَلَا مَفْهُومَ لِلظَّرْفِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ قَبْلَ الْعَزْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. (وَجَازَ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ) أَيْ جَازَ لِلْإِمَامِ نَصْبُ قَاضٍ مُتَعَدِّدٍ يَسْتَقِلُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَاحِيَةٍ يَحْكُمُ فِيهَا بِجَمِيعِ أَحْكَامِ الْفِقْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّفُ حُكْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حُكْمِ الْآخَرِ كَقَاضِي رَشِيدٍ وَقَاضِي الْمَحَلَّةِ وَقَاضِي قَلْيُوبَ، أَوْ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ بِبَلَدٍ (أَوْ خَاصٍّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرَادُ بِالْأَمِيرِ مَنْ لَهُ إمَارَةٌ غَيْرُ السَّلْطَنَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ حِينَئِذٍ؛ إذْ شَرْطُهَا صِدْقُ مَا قَبْلَهَا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْخَلِيفَةَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْأَمِيرُ الَّذِي وَلَّاهُ غَيْرَ الْخَلِيفَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ الَّذِي وَلَّاهُ، ثُمَّ مَاتَ هُوَ الْخَلِيفَةَ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ نَائِبًا عَنْ نَفْسِ الْخَلِيفَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ لَمْ يُوَلِّهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا وَلَّاهُ لِمَصَالِحِ النَّاسِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَاضِيَ إلَخْ إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي فِي جِهَةٍ بَعِيدَةٍ حَيْثُ انْعَزَلَ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَبَيْنَ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يَنْعَزِلْ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَاهٍ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْ الْخَلِيفَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْخَلِيفَةِ عَزْلُهُ؛ كَيْفَ وَأَصْلُ الْقَضَاءِ لِلْخُلَفَاءِ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْخَلِيفَةِ فَلِمَ لَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِي نَائِبِ الْقَاضِي. فَإِنْ قُلْتَ: إنَّ ذَلِكَ لِلتَّخْفِيفِ عَنْ الْقَاضِي. قُلْتُ: السُّلْطَانُ أَيْضًا إنَّمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْضِيَ لِأَجْلِ التَّخْفِيفِ عَنْ نَفْسِهِ اهـ اُنْظُرْ بْن وَلِذَا اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّ خَلِيفَةَ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَلَا بِمَوْتِهِ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ خِلَافًا لَلْمُصَنِّفِ وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي المج عَلَى هَذَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَزْلَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ حَكَمَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ عَزْلُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَافِذًا لِضَرُورَةِ النَّاسِ لِذَلِكَ كَمَا فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا وَانْظُرْ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْقَاضِي مَعْلُومَ الْقَضَاءِ مِنْ يَوْمِ وِلَايَتِهِ إذَا وَلِيَ بِبَلَدٍ يَحْتَاجُ لِسَفَرٍ، أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ فَالْمَعْلُومُ لِلْمَعْزُولِ إلَى يَوْمِ بُلُوغِهِ اهـ وَاسْتَظْهَرَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَهُ) أَيْ وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَبُولِ مَا إذَا قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ شَهِدَ عِنْدِي شَاهِدَانِ بِكَذَا وَقَدْ كُنْت قَبِلْت شَهَادَتَهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنِّي حُكْمٌ وَلِلطَّالِبِ حِينَئِذٍ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَطْلُوبَ أَنَّهُ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ أَحَدٌ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنْ حَلَفَ رَجَعَ الطَّالِبُ لِدَعْوَةٍ جَدِيدَةٍ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَفْهُومُ شَهَادَتِهِ أَنَّ إخْبَارَ الْقَاضِي عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا يُقْبَلُ قَبْلَ عَزْلِهِ لَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إخْبَارَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ لِتَقَدُّمِ دَعْوَى لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لَا قَبْلَ الْعَزْلِ وَلَا بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَامِ وَالْخِطَابِ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إخْبَارَهُ دَعْوَى قَبْلَ الْعَزْلِ لَا بَعْدَهُ فَإِنْ ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ مَثَلًا وَإِنَّ قَاضِيَ الْجِيزَةِ حَكَمَ لَهُ بِذَلِكَ الْحَقِّ فَسَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَحَضَرَ قَاضِي الْجِيزَةِ لِمِصْرِ وَشَهِدَ عِنْدَ قَاضِيهَا بِأَنَّهُ قَضَى، أَوْ حَكَمَ بِكَذَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَانَ قَاضِي الْجِيزَةِ إذْ ذَاكَ مَعْزُولًا، أَوْ غَيْرَ مَعْزُولٍ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَاضِي الْجِيزَةِ أَرْسَلَ لِقَاضِي مِصْرَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ قَضَى بِكَذَا، أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُشَافَهَةً قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ التَّدَاعِي عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ قَبْلَ ذَلِكَ الْإِخْبَارِ مِنْ قَاضِي الْجِيزَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَعْزُولٍ لَا إنْ كَانَ مَعْزُولًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِينَئِذٍ قَضَيْت بِكَذَا إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِقْرَارُ الشَّخْصِ إنَّمَا يُقْبَلُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ قَبْلَ الْعَزْلِ أَيْضًا) أَيْ وَلَوْ انْضَمَّ لَهُ شَخْصٌ آخَرُ فِي الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: يَسْتَقِلُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَاحِيَةٍ يَحْكُمُ فِيهَا إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا إنَّمَا مَعْنَى الِاسْتِقْلَالِ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ نُفُوذُ حُكْمِهِ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ كَمَا سَيَقُولُ، وَحَاصِلُ مَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ تَوْلِيَةُ قُضَاةٍ مُتَعَدِّدِينَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُسْتَقِلٌّ - أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ حُكْمُهُ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ - عَامٌّ حُكْمُهُ فِي جَمِيعِ النَّوَاحِي بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، أَوْ بِبَعْضِهَا، وَيَجُوزُ لَهُ أَيْضًا تَوْلِيَةُ مُتَعَدِّدِينَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُسْتَقِلٌّ لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِنَاحِيَةٍ يَحْكُمُ فِيهَا بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ الْبَعْضُ كَذَا وَالْبَعْضُ كَذَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ فَلَا يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَ قَاضِيَيْنِ هَذَا إذَا كَانَ التَّشْرِيكُ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِحَيْثُ تَوَقَّفَ حُكْمُ كُلٍّ عَلَى حُكْمِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَكُونُ نِصْفَ حَاكِمٍ كَذَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَمَا قَالَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقُضَاةِ وَأَمَّا تَحْكِيمُ شَخْصَيْنِ فِي نَازِلَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِهِ وَقَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ فِي تَحْكِيمِهِمَا أَبَا مُوسَى وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. (تَنْبِيهٌ) أَشْعَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ تَعَدُّدِ الْقَاضِي بِمَنْعِ تَعَدُّدِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ

عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ مُسْتَقِلٍّ عَامٍّ فِي النَّوَاحِي، أَوْ الْأَحْكَامِ، أَوْ خَاصٍّ (بِنَاحِيَةٍ) كَالْغَرْبِيَّةِ أَوْ الْمَنُوفِيَّةِ بِمِصْرَ (أَوْ نَوْعٍ) أَيْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ كَالْأَنْكِحَةِ، أَوْ الْبُيُوعِ أَوْ الْفَرَائِضِ. (وَ) إذَا تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّفْعَ لِقَاضٍ وَأَرَادَ الْآخَرُ الرَّفْعَ لِقَاضٍ آخَرَ كَانَ (الْقَوْلُ لِلطَّالِبِ) وَهُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ دُونَ الْمَطْلُوبِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَكُنْ طَالِبٌ مَعَ مَطْلُوبٍ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ يُطَالِبُ صَاحِبَهُ رُفِعَ إلَى (مَنْ) أَيْ قَاضٍ (سَبَقَ رَسُولُهُ) لِطَلَبِ الْإِتْيَانِ عِنْدَهُ (وَإِلَّا) يَسْبِقْ رَسُولُ قَاضٍ بَلْ اسْتَوَيَا فِي الْمَجِيءِ مَعَ دَعْوَى كُلٍّ أَنَّهُ الطَّالِبُ (أُقْرِعَ) لِلْقَاضِي الَّذِي يَذْهَبَانِ إلَيْهِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ لِلذَّهَابِ لَهُ ذَهَبَا لَهُ (كَالِادِّعَاءِ) أَيْ كَمَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي الِادِّعَاءِ بَعْدَ إتْيَانِهِمَا لِلْقَاضِي الَّذِي أَقْرَعَا فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ، أَوْ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَى الذَّهَابِ لَهُ، ثُمَّ تَنَازَعَا فِي تَقْدِيمِ الدَّعْوَى؛ إذْ الْمَوْضُوعُ أَنَّ كُلًّا طَالِبٌ وَسَيَأْتِي لَهُ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ، وَأُمِرَ مُدَّعٍ تَجَرَّدَ، قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ وَإِلَّا فَالْجَالِبُ، وَإِلَّا أُقْرِعَ. (وَ) جَازَ لِمُتَدَاعِيَيْنِ (تَحْكِيمُ) رَجُلٍ (غَيْرِ خَصْمٍ) مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةِ قَاضٍ لَهُ يُحَكِّمَانِهِ فِي النَّازِلَةِ بَيْنَهُمَا لَا تَحْكِيمُ خَصْمٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (وَ) غَيْرِ (جَاهِلٍ وَكَافِرٍ) وَأَمَّا الْجَاهِلُ وَالْكَافِرُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُمَا (وَغَيْرِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبَاعَدَتْ الْأَقْطَارُ جِدًّا لِإِمْكَانِ النِّيَابَةِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ النِّيَابَةُ لِتَبَاعُدِ الْأَقْطَارِ جِدًّا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ لَا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " تَعَدُّدُ " وَلَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى " مُسْتَقِلٍّ "؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ كُلٌّ يُطَالِبُ صَاحِبَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ وَاحِدًا وَلَكِنْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ وَيُطَالِبُ الْآخَرَ بِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رُفِعَ إلَى مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ لِطَلَبِ الْإِتْيَانِ عِنْدَهُ) فَإِذَا ذَهَبَ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِقَاضٍ وَذَهَبَ الْآخَرُ لِقَاضٍ آخَرَ فَأَرْسَلَ كُلُّ قَاضٍ عَوْنَهُ لِمَنْ لَمْ يَأْتِهِ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَالْحَقُّ بِهِ فِي إقَامَةِ الدَّعْوَى عِنْدَ مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ الْمُدَّعَى بِهِ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ يُطَالِبُ الْآخَرَ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ صَاحِبَهُ بِشَيْءٍ مُغَايِرٍ لِمَا يَدَّعِي بِهِ الْآخَرُ فَفِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْقُضَاةِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ قَاضٍ وَفَرَغَ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالطَّلَبِ، أَوْ فِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ أَوَّلًا مِنْ الْقَاضِيَيْنِ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا لِقَاضٍ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِقَاضٍ فَالْمُعْتَبَرُ مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ مِنْ الْقُضَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِسَبْقِ الطَّلَبِ عَلَى الْآخَرِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا اهـ. فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ طَالِبًا إنَّمَا يُعْتَبَرُ سَبْقُ الرَّسُولِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِقَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي تَعْيِينِ الْقَاضِي الَّذِي يَدَّعِي عِنْدَهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى لَيْسَ قَوْلَهُ: مُجَرَّدًا عَنْ مُصَدِّقٍ وَلَمْ يَجْلُبْ خَصْمَهُ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إلَخْ) حَاصِلُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُدَّعِي وَهُوَ مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ: عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَا الْمُدَّعِي قُدِّمَ الْجَالِبُ لِصَاحِبِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِرَسُولِ الْقَاضِي بِالْكَلَامِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا جَالِبًا - وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدَّعِي أَنَّهُ الْمُدَّعِي - أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالْكَلَامِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: إذْ الْمَوْضُوعُ أَنَّ كُلًّا يَدَّعِي أَنَّهُ طَالِبٌ لَصَحَّ قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَحْكِيمُ رَجُلٍ غَيْرِ خَصْمٍ) أَيْ تَحْكِيمُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْهُمَا مُغَايِرٍ لِكُلٍّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَحْتَاجُ التَّحْكِيمُ لِشُهُودٍ تَشْهَدُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ بِأَنَّهُمَا حَكَّمَاهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةِ قَاضٍ لَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُحَكَّمُ مُوَلًّى مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَكَأَنَّ الْحُكْمَ وَاقِعٌ مِنْ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: لَا تَحْكِيمُ خَصْمٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ حَكَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ خَصْمَهُ فَحَكَمَ لِنَفْسِهِ، أَوْ عَلَيْهَا جَازَ تَحْكِيمُهُ ابْتِدَاءً وَمَضَى حُكْمُهُ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ جَوْرًا وَقِيلَ يُكْرَهُ تَحْكِيمُهُ ابْتِدَاءً إنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَصْمُ الْمُحَكَّمُ هُوَ الْقَاضِيَ وَيَمْضِي حُكْمُهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ إنْ كَانَ غَيْرَ جَوْرٍ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَصْمُ الْمُحَكَّمُ هُوَ الْقَاضِيَ سَوَاءٌ كَانَ حُكْمُهُ جَوْرًا، أَوْ غَيْرَ جَوْرٍ وَالْأَوَّلُ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ وَالثَّالِثُ ظَاهِرُ قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ " لَا تَحْكِيمُ خَصْمٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ " لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ جَوْرًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، أَوْ بِمَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ الْمُحَكَّمُ قَاضِيًا كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الْجَارِيَ فِي تَحْكِيمِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ جَارٍ فِي تَحْكِيمِ الْأَجْنَبِيِّ فَقِيلَ بِجَوَازِهِ وَنُفُوذِ حُكْمِهِ وَقِيلَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ وَعَدَمِ نُفُوذِ حُكْمِهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ " غَيْرِ خَصْمٍ " وَيَقُولَ وَجَازَ تَحْكِيمُ غَيْرِ جَاهِلٍ وَكَافِرٍ إلَخْ وَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ مِنْ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً سَوَاءٌ كَانَ الْمُحَكَّمُ أَجْنَبِيًّا، أَوْ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ كَانَ قَاضِيًا أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ)

(مُمَيِّزٍ) عَطْفٌ عَلَى " خَصْمٍ " كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فَالْمَعْنَى وَتَحْكِيمُ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَهُوَ الْمُمَيِّزُ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَجَازَ تَحْكِيمُ مُمَيِّزٍ وَأَتَى بِغَيْرِ هُنَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى خَصْمٍ وَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ قَالَ " وَتَحْكِيمُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ عَالِمٍ مُمَيِّزٍ " لَكَانَ أَوْضَحَ وَيَخْرُجُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا سَيَذْكُرُهُ كَالْمَرْأَةِ. وَجَوَازُ التَّحْكِيمِ إنَّمَا يَكُونُ (فِي مَالٍ وَجُرْحٍ) وَلَوْ عَظُمَ فَإِنْ حَكَّمَا خَصْمًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ كَافِرًا لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يُصِبْ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فَالْمُرَادُ بِالْخَصْمِ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ النَّقْلِ فَإِنْ سَأَلَ الْجَاهِلُ عَالِمًا فَأَرَاهُ وَجْهَ الْحَقِّ فَحَكَمَ بِهِ لَمْ يَكُنْ حُكْمَ جَاهِلٍ (لَا) فِي (حَدٍّ) مِنْ سَائِرِ الْحُدُودِ (وَ) لَا فِي (لِعَانٍ وَقَتْلٍ وَوَلَاءٍ) لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ (وَنَسَبٍ) كَذَلِكَ (وَ) لَا فِي (طَلَاقٍ وَعِتْقٍ) فَيَمْتَنِعُ التَّحْكِيمُ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إمَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِمَّا لِآدَمِيٍّ كَمَا فِي اللِّعَانِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ النَّسَبِ وَأَمَّا الْحَدُّ وَالْقَتْلُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ فَالْحَقُّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ زَوَاجِرُ وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَائِنًا لَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا فِي الْعِصْمَةِ وَلَا يَجُوزُ رَدُّ الْعَبْدِ لِلرِّقِّ وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ. (وَمَضَى) حُكْمُهُ فِي أَحَدِ هَذِهِ السَّبْعَةِ (إنْ حَكَمَ صَوَابًا) فَلَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَتَرَكَ هُنَا بَعْضَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا فِي الْحَجْرِ بِقَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يُحَكَّمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْحُبْسِ الْمُعَقَّبِ وَأَمْرِ الْغَائِبِ وَمَالِ يَتِيمٍ إلَخْ وَزَادَ هُنَا الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَاللِّعَانَ. (وَأُدِّبَ) أَيْ إذَا اسْتَوْفَى وَأَمَّا إذَا حَكَمَ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مَا حَكَمَ بِهِ فَلَا أَدَبَ. (وَفِي) صِحَّةِ حُكْمِ (صَبِيٍّ) مُمَيِّزٍ (وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَفَاسِقٍ) أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ (مُمَيِّزٍ) يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: قَبْلُ " وَجَاهِلٍ "؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ جَاهِلٍ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ اللُّزُومَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ مَعْتُوهًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ) أَيْ عَطْفُ مُمَيِّزٍ عِنْدَ حَذْفِ " غَيْرِ " وَقَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ عَطْفُهُ عَلَى خَصْمٍ أَيْ لِتَجْرِيَ الْمَعْطُوفَاتُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ) أَيْ بِقَوْلِنَا " رَجُلٍ " الصَّبِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَجَوَازُ التَّحْكِيمِ) أَيْ تَحْكِيمِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمُسْلِمِ الْعَالِمِ الْمُمَيِّزِ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَجَرْحٍ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ: وَلَوْ عَظُمَ أَيْ كَقَطْعِ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ) أَيْ وَلَوْ وَافَقَ الصَّوَابَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَدْ عَلِمْت النَّقْلَ فِيمَا إذَا حَكَّمَا خَصْمًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يُصِبْ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) أَيْ فَإِذَا حَكَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَتَرَتَّبَ عَلَى حُكْمِهِ إتْلَافٌ فَإِنْ كَانَ لِعُضْوٍ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إتْلَافُ مَالٍ كَانَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِ. (قَوْلُهُ: أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا خُصُومَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ كَمَا قَالَ عبق وخش. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي اللِّعَانِ. . . إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْوَلَدِ بِقَطْعِ نَسَبِهِ وَهُوَ غَيْرُ الْخَصْمَيْنِ - أَعْنِي الزَّوْجَيْنِ - وَكَذَلِكَ النَّسَبُ إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْأَبِ وَرَجُلٍ آخَرَ فَالْأَبُ يَقُولُ إنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ ابْنِي وَالرَّجُلُ الْآخَرُ يَقُولُ إنَّهُ ابْنُك أَمَّا لَوْ كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ فَالْحَقُّ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ الْحَقُّ فِيهِ لِآدَمِيٍّ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَرَجُلٍ آخَرَ فِي الشَّخْصِ الْمَعْتُوقِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَمَّا إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْمَعْتُوقِ كَانَ الْحَقُّ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحُدُودَ زَوَاجِرُ) أَرَادَ بِالْحُدُودِ مَا يَشْمَلُ الْقَتْلَ قِصَاصًا. (قَوْلُهُ: فِي أَحَدِ هَذِهِ السَّبْعَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ إذَا حَكَمَ فِيمَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَجْرِ عَلَى هَذِهِ السَّبْعَةِ وَكَانَ حُكْمُهُ صَوَابًا أَنَّهُ لَا يَمْضِي وَهُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ يُقَرِّرُهُ شُيُوخُ عج أَنَّهُ يَمْضِي أَيْضًا وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ التَّوْضِيحِ كَمَا فِي بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مُخْتَصًّا بِالْقُضَاةِ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَحَكَمَ فِيهِ الْمُحَكَّمُ وَكَانَ حُكْمُهُ صَوَابًا فَإِنَّهُ يَمْضِي وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا لِلْحَاكِمِ نَقْضُهُ وَأَمَّا مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِالسُّلْطَانِ كَالْإِقْطَاعَاتِ فَحُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِيهِ غَيْرُ مَاضٍ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ إلَخْ) نَصُّ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْحُبْسِ الْمُعَقَّبِ وَأَمْرِ الْغَائِبِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَحَدٍّ وَقِصَاصٍ وَمَالِ يَتِيمٍ الْقُضَاةُ، فَهَذِهِ عَشَرَةٌ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بَعْضَهَا وَهُوَ الْحَدُّ وَالْقَتْلُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَزَادَ عَلَيْهَا هُنَا ثَلَاثَةً اللِّعَانَ وَالطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ فَجُمْلَةُ مَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ فِيهِ بِالْقَاضِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ) أَيْ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ: أَيْ إذَا اسْتَوْفَى أَيْ إذَا حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ لِمَا حَكَمَ بِهِ بِأَنْ قَتَلَ، أَوْ حَدَّ، أَوْ اقْتَصَّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَدَبَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا نَفَّذَ الْحُكْمَ أَمَّا إذَا حَكَمَ وَلَمْ يُنَفِّذْ مَا حَكَمَ بِهِ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ بَلْ يُزْجَرُ أَيْ يُعَزَّرُ فَقَطْ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِقَتْلٍ فَعُفِيَ عَنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَدَبِهِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: فَلَا أَدَبَ) أَيْ وَيُزْجَرُ وَيُعَزَّرُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ حُكْمِ صَبِيٍّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ وَعَدَمِهَا كَمَا ذَكَرَ شَارِحُنَا وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ وَأَمَّا تَحْكِيمُ مَنْ ذُكِرَ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً اتِّفَاقًا وَلَيْسَتْ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي صِحَّةِ التَّحْكِيمِ كَمَا فِي تت وعبق وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ وَالثَّانِي لِمُطَرِّفٍ وَالثَّالِثُ لِأَشْهَبَ وَالرَّابِعُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ التَّحْكِيمِ وَعَدَمِهِ اُنْظُرْ بْن، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي صَبِيٍّ إلَخْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ " أَقْوَالٌ

أَوَّلُهَا الصِّحَّةُ، ثَانِيهَا عَدَمُهَا (ثَالِثُهَا) الصِّحَّةُ (إلَّا) فِي تَحْكِيمِ (الصَّبِيِّ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ جَارَ (وَرَابِعُهَا) الصِّحَّةُ (إلَّا) فِي تَحْكِيمِ صَبِيٍّ (وَفَاسِقٍ) وَيَجُوزُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنْ يُقَدَّرَ: وَفِي جَوَازِ تَحْكِيمِ صَبِيٍّ إلَخْ وَعَدَمِهِ، وَالْأَصْلُ فِي الْجَوَازِ الصِّحَّةُ وَفِي عَدَمِهِ عَدَمُهَا. (وَ) جَازَ لِلْقَاضِي (ضَرْبُ خَصْمٍ لَدَّ) عَنْ دَفْعِ الْحَقِّ بَعْدَ لُزُومِهِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ. (وَ) جَازَ (عَزْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي أَيْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْزِلَهُ (لِمَصْلَحَةٍ) اقْتَضَتْ عَزْلَهُ لِكَوْنِ غَيْرِهِ أَقْوَى مِنْهُ، أَوْ أَحْكَمَ، أَوْ أَصْبَرَ أَوْ لِنَقْلِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ (وَلَمْ يَنْبَغِ) عَزْلُهُ (إنْ شُهِرَ عَدْلًا) أَيْ بِالْعَدَالَةِ (بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ) أَيْ شَكْوَى بَلْ حَتَّى يَكْشِفَ عَنْ حَالِهِ فَالتَّجَرُّدُ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْكَشْفِ وَالنَّظَرِ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الشَّكْوَى وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْتَهَرْ بِالْعَدَالَةِ أَنْ يَعْزِلَهُ بِمُجَرَّدِ الشَّكْوَى وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَلْيُبْرَأْ) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُبْرِئَهُ عَنْ الشَّيْنِ إنْ عَزَلَهُ (عَنْ غَيْرِ سُخْطٍ) أَيْ جَرْحٍ بَلْ لِمُجَرَّدِ مَصْلَحَةٍ كَكَوْنِ غَيْرِهِ أَعْلَمَ بِالْأَحْكَامِ وَأَمَّا إنْ عَزَلَهُ لِسُخْطٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مُوجِبَ عَزْلِهِ لِئَلَّا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدُ. (وَ) جَازَ لَهُ (خَفِيفُ) (تَعْزِيرٍ) شَأْنُهُ السَّلَامَةُ مِنْ النَّجِسِ (بِمَسْجِدٍ) (لَا حَدٌّ) فَلَا يَجُوزُ فِيهِ خَشْيَةَ خُرُوجِ نَجَاسَةٍ مِنْهُ يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ. (وَجَلَسَ) نَدْبًا (بِهِ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ أَيْ بِرِحَابِهِ لِيَصِلَ إلَيْهِ الْكَافِرُ وَالْحَائِضُ وَجُلُوسُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ يَكُونُ (بِغَيْرِ عِيدٍ وَقُدُومِ حَاجٍّ وَخُرُوجِهِ وَ) غَيْرِ وَقْتِ نُزُولِ (مَطَرٍ وَنَحْوِهِ) كَيَوْمِ تَرْوِيَةٍ وَعَرَفَةَ وَلَيْلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْبَعَةٌ " كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا الصِّحَّةُ) أَيْ فِي الْأَرْبَعَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ ثَانِيهَا عَدَمُهَا أَيْ فِي الْأَرْبَعَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ جَارِيَةٌ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ يُحَكَّمَ فِيهِ الْمُحَكَّمُ ابْتِدَاءً وَهُوَ الْمَالُ وَالْجَرْحُ وَفِيمَا يَمْضِي فِيهِ حُكْمُهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَهِيَ الْأُمُورُ السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا بِقَوْلِهِ لَا فِي حَدٍّ وَلِعَانٍ إلَخْ وَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ الْمَزِيدُ عَلَى مَا هُنَا وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ الْخِلَافِ فِي تَحْكِيمِ الْمُمَيِّزِ لَا يُنَافِي جَزْمَهُ فِيمَا مَرَّ بِجَوَازِ تَحْكِيمِهِ وَصِحَّةِ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّ الْمُمَيِّزَ فِيمَا مَرَّ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَالِغِ احْتِرَازًا عَنْ بَالِغٍ بِهِ عَتَهٌ، أَوْ جُنُونٌ وَفِيمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ ضَرْبُ خَصْمٍ) أَيْ بِيَدِهِ أَوْ أَعْوَانِهِ وَقَوْلُهُ: لَدَّ عَنْ دَفْعِ الْحَقِّ أَيْ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ اللَّدَدُ بِالْبَيِّنَةِ لَا إنْ عَلِمَ الْقَاضِي مِنْهُ ذَلِكَ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ وَسَلَّمَهُ ح وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا لَبَن خِلَافًا لعبق تَبَعًا لتت مِنْ جَوَازِ ضَرْبِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ بَلْ اسْتِنَادًا لِعِلْمِهِ. (قَوْلُهُ: بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) أَيْ فِي قَدْرِهِ. (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلْخَصْمِ إذَا لَدَّ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ كَمَا فِي الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَزْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ تَعُودُ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً فِيهِ فَإِنْ عُزِلَ لَا لِمَصْلَحَةٍ فَالنَّقْلُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عَقِبَهُ: قُلْت: فِي عَدَمِ نُفُوذِ عَزْلِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى لَغْوِ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَعْطِيلِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْبَغِ) أَيْ لَمْ يَجُزْ كَمَا قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْعَدَالَةِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَدْلًا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ إنْ شُهِرَ كَوْنُهُ عَدْلًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ) أَيْ بِالشَّكْوَى الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ وَالنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الشِّكَايَةُ فِيهِ وَاحِدَةً، أَوْ مُتَعَدِّدَةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْكَشْفِ وَالْفَحْصِ عَنْ حَالِهِ فَإِنْ وَجَدَهُ عَدْلًا فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ أَبْقَاهُ وَإِنْ وَجَدَهُ مَسْخُوطًا فِي الْبَاطِنِ عَزَلَهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْزِلَهُ بِمُجَرَّدِ الشَّكْوَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ حَالِهِ. (قَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِ سُخْطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ عَزَلَهُ لَا بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ؛ إذْ يَصِيرُ مَعْنَاهُ يَبْرَأُ عَنْ الرِّضَا وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَزَلَهُ الْأَمِيرُ مِنْ غَيْرِ سُخْطٍ بِأَنْ عَزَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ غَيْرِ الْجُرْحَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْأَمِيرِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِمَّا يَشِينُهُ بِأَنْ يُعْلِمَ النَّاسَ بِبَرَاءَتِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا عَزَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَيُشْهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِمُنَادَاةٍ مَثَلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَزْلَ مَظِنَّةُ تَطَرُّقِ الْكَلَامِ فِي الْمَعْزُولِ وَكَوْنُ الْعَزْلِ لِمَصْلَحَةٍ قَدْ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدُ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْمَعْزُولَ لِسُخْطٍ لَا تَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ بَعْدُ وَلَوْ صَارَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: شَأْنُهُ السَّلَامَةُ مِنْ النَّجِسِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ دُونَ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنْ ظَنَّ حُصُولَ دَمٍ أَوْ نَجَاسَةٍ حَرُمَ وَإِنْ شَكَّ فِي حُصُولِ ذَلِكَ كُرِهَ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَجَلَسَ بِهِ) أَيْ لِسَمَاعِ الدَّعَاوَى وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِرِحَابِهِ) أَيْ لَا فِيهِ فَيُكْرَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ الْأُولَى لِمَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ: اسْتِحْبَابُ الْجُلُوسِ فِي الرِّحَابِ وَكَرَاهَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالثَّانِيَةُ: اسْتِحْبَابُ جُلُوسِهِ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ وَهِيَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَالْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْحَقِّ وَالْأَمْرِ الْقَدِيمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21] . وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْوَاضِحَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْمُرُورُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ صَرَفَهُ الشَّارِحُ عَنْ ظَاهِرِهِ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ مَارًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَرَّرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: لِيَصِلَ إلَيْهِ الْكَافِرُ إلَخْ) أَيْ وَلِخَبَرِ «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ رَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ» . (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ وَقْتِ نُزُولِ مَطَرٍ) أَيْ كَثِيرٍ

أَيْ فَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إلَّا لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ جُلُوسَهُ فِيهَا كَمَا فِي مِصْرَ يَوْمَ خُرُوجِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ فَإِنَّ الْجَمَّالِينَ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَإِذَا غَفَلَ عَنْهُمْ هَرَبُوا، أَوْ أَنْكَرُوا. (وَ) جَازَ لَهُ (اتِّخَاذُ حَاجِبٍ وَبَوَّابٍ) عَدْلَيْنِ لِمَنْعِ دُخُولِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ وَتَأْخِيرِ مَنْ جَاءَ بَعْدُ حَتَّى يَفْرُغَ السَّابِقُ مِنْ قَضِيَّتِهِ. (وَبَدَأَ) الْقَاضِي أَوَّلَ وِلَايَتِهِ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا بَعْدَ النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ لِيُبْقِيَ مَنْ كَانَ عَدْلًا وَيَطْرُدَ مَنْ كَانَ فَاسِقًا (بِمَحْبُوسٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ مِنْ إرْسَالٍ، أَوْ إبْقَاءٍ أَوْ تَحْلِيفٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ فِيمَا حُبِسَ فِيهِ (ثُمَّ) بِالنَّظَرِ فِي حَالِ (وَصِيٍّ) عَلَى يَتِيمٍ هَلْ هُوَ مُحْسِنٌ فِي تَرْبِيَتِهِ وَمَالِهِ أَمْ لَا (وَمَالِ طِفْلٍ) أَنَّهُ وَصِيٌّ أَمْ لَا (وَمُقَامٍ) أَيْ وَفِي حَالِ مُقَامٍ أَقَامَهُ عَلَى مَحْجُورٍ قَاضٍ قَبْلَهُ (ثُمَّ) فِي (ضَالٍّ) وَمِنْهُ اللُّقَطَةُ (وَنَادَى) أَيْ أَمَرَ أَنْ يُنَادَى فِي عَمَلِهِ (بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ يَتِيمٍ وَسَفِيهٍ) لَا وَصِيَّ لَهُمَا وَلَا مُقَامَ (وَرَفْعِ أَمْرِهِمَا إلَيْهِ) لِيَنْظُرَ فِي شَأْنِهِمَا وَيُوَلِّيَ عَلَيْهِمَا مَنْ يَصْلُحُ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ (فِي الْخُصُومِ) لِلْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلْيُسَوِّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ. (وَرَتَّبَ كَاتِبًا) عِنْدَهُ يَكْتُبُ وَقَائِعَ الْخُصُومِ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا (عَدْلًا شَرْطًا) أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ تَرْتِيبَهُ شَرْطٌ (كَمُزَكٍّ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ (وَاخْتَارَهُمَا) مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بِحَيْثُ يَكُونَانِ أَعْدَلَ الْمَوْجُودِينَ وَالْمُرَادُ بِالْمُزَكِّي هُنَا مُزَكِّي السِّرِّ الَّذِي يُخْبِرُ الْقَاضِيَ بِحَالِ الشُّهُودِ لَا مُزَكِّي الْبَيِّنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ فَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ) أَيْ لِلْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ يَعْنِي يَوْمَ الْعِيدِ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَاِتِّخَاذُ حَاجِبٍ) هُوَ بَوَّابُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَبَوَّابٍ أَيْ مُلَازِمٍ لِبَابِ الْبَيْتِ الْبَرَانِيِّ وَقَوْلُهُ: لِمَنْعِ دُخُولِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ هَذَا مِنْ وَظِيفَةِ الْبَوَّابِ الْمُلَازِمِ لِبَابِ الْبَيْتِ الْبَرَانِيِّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: وَتَأْخِيرِ مَنْ جَاءَ إلَخْ هَذَا مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاجِبِ وَهُوَ بَوَّابُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ الْقَاضِي فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَبَدَأَ الْقَاضِي أَوَّلَ وِلَايَتِهِ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا إلَخْ) الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَالِاسْتِحْبَابُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَازِرِيِّ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: بَعْدَ النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ) أَيْ الْمُلَازِمِينَ لَهُ لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِهِ وَعَلَى إقْرَارِ الْخُصُومِ وَإِنْكَارِهِمْ عَلَى مَا يَدَّعُونَ بِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّظَرِ إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَدَأَ بِمَحْبُوسٍ أَيْ بُدَاءَةً إضَافِيَّةً لَا حَقِيقِيَّةً. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانُوا مَحْبُوسِينَ فِي الدِّمَاءِ، أَوْ غَيْرِهَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَيْ بِالْمَحْبُوسِ فِي دَعَاوَى الدِّمَاءِ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّهَا أَوَّلُ مَا يَقْضِي فِيهِ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ إرْسَالٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي ضَالٍّ) أَيْ فِي مَالٍ ضَالٍّ أَيْ فَيَنْظُرُ هَلْ أَتَى رَبُّهُ أَمْ لَا فَيُرَتِّبَ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ مِنْ إبْقَاءٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ صَرْفٍ فِي مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَنَادَى بِمَنْعِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالنِّدَاءِ فِي عَمَلِهِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَمْ يَبْلُغْ لَا وَصِيَّ لَهُ فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْهِ وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْوِلَايَةِ فَقَدْ مَنَعْت النَّاسَ مِنْ مُدَايِنَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ وَكُلَّ مَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَلْيَرْفَعْهُ إلَيْنَا لِنُوَلِّيَ عَلَيْهِ فَمَنْ دَايَنَهُ، أَوْ بَاعَ مِنْهُ، أَوْ ابْتَاعَ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْمُنَادَاةِ انْكِفَافُ النَّاسِ عَنْهُمَا لَكِنْ فِي السَّفِيهِ تَمْضِي مُعَامَلَاتُهُ الْحَاصِلَةُ قَبْلَ النِّدَاءِ وَأَمَّا الْحَاصِلَةُ بَعْدَهُ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ وَأَمَّا الْيَتِيمُ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ قَبْلَ النِّدَاءِ وَبَعْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ " مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ فِي خُصُوصِ السَّفِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ رُتْبَةَ الْمُنَادَاةِ فِي رُتْبَةِ النَّظَرِ فِي أَمْرِهِمَا فَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّبْصِرَةِ وَحُكْمُ الْمُنَادَاةِ الْمَذْكُورَةِ النَّدْبُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَهْرَامَ وتت وَالْوُجُوبُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّبْصِرَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ فِي الْخُصُومِ) هَذِهِ مَرْتَبَةٌ رَابِعَةٌ وَظَاهِرُهُ تَأْخِيرُ النَّظَرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسَافِرُونَ يَخْشَوْنَ فَوَاتَ الرُّفْقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالنَّظَرُ فِيمَا بَيْنَ الْخُصُومِ يَكُونُ فِي أَيِّ يَوْمٍ مَا عَدَا الْأَوْقَاتَ السَّابِقَةَ وَأَمَّا النِّدَاءُ وَمَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ حِينَ التَّوْلِيَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: يَكْتُبُ وَقَائِعَ الْخُصُومِ) أَيْ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ نَدْبًا وَهُوَ مَا فِي ح. (قَوْلُهُ: أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَرْطًا حَالٌ مِنْ الْعَدَالَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَدْلًا لَا مِنْ التَّرَتُّبِ الْمَفْهُومِ مِنْ رَتَّبَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ تَرْتِيبَهُ شَرْطٌ) أَيْ فِي تَوْلِيَتِهِ، أَوْ فِي صِحَّةِ حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي يُخْبِرُ الْقَاضِيَ بِحَالِ الشُّهُودِ) أَيْ يُخْبِرُ الْقَاضِيَ سِرًّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِحَالِ شُهُودِهِ الْمُلَازِمِينَ لَهُ لِيَشْهَدُوا عَلَى أَحْكَامِهِ وَعَلَى إقْرَارِ الْخُصُومِ وَيَسْتَنِيبَهُمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ لِسَمَاعِ الدَّعَاوَى. فَإِنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمُزَكِّي هُنَا مُزَكِّيَ السِّرِّ فَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ وَحُكْمِهِ وَشُهُودِهِ. قُلْت أَعَادَهُ لِإِفَادَةِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَدْلًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ إلَخْ إلَى حُكْمِ تَرْتِيبِ

فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ وَلَا يُرَتَّبُ. (وَالْمُتَرْجِمُ) الَّذِي يُخْبِرُ الْقَاضِيَ بِمَعْنَى لِسَانِ الْمُدَّعِي الَّذِي لَا يَفْهَمُهُ الْقَاضِي (مُخْبِرٌ) فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَاهِدٌ وَأَمَّا عَدَالَتُهُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا (كَالْمُحَلِّفِ) الَّذِي يَبْعَثُهُ الْقَاضِي لِتَحْلِيفِ الْخُصُومِ يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ أَيْضًا. (وَأَحْضَرَ) الْقَاضِي وَلَوْ مُجْتَهِدًا (الْعُلَمَاءَ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا (أَوْ شَاوَرَهُمْ) إنْ لَمْ يُحْضِرْهُمْ وَفِي نُسْخَةٍ وَشَاوَرَهُمْ بِالْوَاوِ وَهَذَا فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي شَأْنُهَا تَدْقِيقُ النَّظَرِ فِيهَا وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الظَّاهِرَةُ فَلَا حَاجَةَ لَهُ بِإِحْضَارِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (وَ) أَحْضَرَ وُجُوبًا (شُهُودًا) لِيَحْفَظُوا الْإِقْرَارَاتِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ الْخُصُومِ خَشْيَةَ جَحْدِ الْإِقْرَارِ وَأَيْضًا الْحُكْمُ إنَّمَا يَتِمُّ بِالشُّهُودِ وَإِنَّمَا نَكَّرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَعَ التَّعْرِيفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ الشُّهُودِ الْمُقَامِينَ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إحْضَارُ مُطْلَقِ شُهُودٍ. (وَلَمْ يُفْتِ) يَعْنِي يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ (فِي خُصُومَةٍ) أَيْ فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ يُخَاصَمَ فِيهِ كَالْبَيْعِ وَالشُّفْعَةِ وَالْجِنَايَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ يُؤَدِّي إلَى تَطَرُّقِ الْكَلَامِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حَكَمَ بِمَا أَفْتَى رُبَّمَا قِيلَ حَكَمَ بِذَلِكَ لِتَأْيِيدِ فَتْوَاهُ، وَإِنْ حَكَمَ بِخِلَافِهِ لِتَجْدِيدِ نَظَرٍ، أَوْ تَرْجِيحِ حُكْمٍ قِيلَ إنَّهُ حَكَمَ بِمَا لَمْ يُفْتِ بِهِ وَقَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ مُزَوَّرًا. (وَلَمْ يَشْتَرِ) ، أَوْ يَبِعْ شَيْئًا (بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ) أَيْ يُكْرَهُ خَوْفَ الْمُحَابَاةِ، أَوْ شَغْلِ الْبَالِ إلَّا أَنْ يَخِفَّ فِيمَا عُلِمَ ثَمَنُهُ فَيَجُوزَ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَقِيلَ يُكْرَهُ أَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُزَكِّي السِّرِّ وَأَشَارَ هُنَا بِقَوْلِهِ كَمُزَكِّي إلَخْ إلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فَلَيْسَ مَا تَقَدَّمَ مُغْنِيًا عَمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مُزَكِّي السِّرِّ فَإِنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهُ وَاحِدًا. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ) أَيْ ذَكَرٌ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق وخش مِنْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ هُوَ ابْنُ شَاسٍ لَكِنْ فِي ح أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ إذَا جَاءَ الْخَصْمُ بِمَنْ يُتَرْجِمُ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ ذَلِكَ الْمُتَرْجِمِ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ مَنْ يَتَّخِذُهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مُتَرْجِمًا وَهَذَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَالَتِهِ أَيْضًا) أَيْ وَذُكُورَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُشَاوِرًا لَهُمْ فِيمَا يَحْكُمُ بِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَاوَرَهُمْ أَيْ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُمْ أَيْ بِأَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ الْحُكْمِ فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ سَمَاعِهِمْ وَمِنْ الْحُكْمِ فِيهَا فَإِنْ وَافَقُوهُ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ خَالَفُوهُ وَأَظْهَرُوا لَهُ فَسَادَ مَا حَكَمَ بِهِ نَقَضَهُ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ فَقِيلَ إنَّهُ يُحْضِرُهُمْ مُشَاوِرًا لَهُمْ كَفِعْلِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ كَانَ إذَا جَلَسَ أَحْضَرَ أَرْبَعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ فَإِنْ رَأَوْا مَا رَآهُ أَمْضَاهُ وَقِيلَ إنَّهُ يَسْتَشِيرُهُمْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَفِعْلِ عُمَرَ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ أَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ لَا أَنَّهَا لِلتَّخْيِيرِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُجْتَهِدًا) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الظَّاهِرُ لَهُ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ غَيْرَ الظَّاهِرِ لَهُمْ فَإِذَا أَحْضَرَهُمْ وَتَكَلَّمُوا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَا ظَهَرَ وَيَرْجِعَ عَنْ اجْتِهَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ وُجُوبًا) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: وَأَحْضَرَ وُجُوبًا شُهُودًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوُجُوبِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُنْدَبُ إحْضَارُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا الْحُكْمُ إنَّمَا يَتِمُّ بِالشُّهُودِ) فَفِي حَاشِيَةِ جَدّ عج مَا نَصُّهُ الَّذِي عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْخَصْمِ لَا يَحْكُمُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ فَإِحْضَارُ الشُّهُودِ وَاجِبٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَعَ التَّعْرِيفِ) أَيْ مِنْ جَعْلِ " أَلْ " لِلْعَهْدِ. (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ فِي خُصُومَةٍ) أَيْ فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ يُخَاصَمَ فِيهِ احْتِرَازًا عَنْ الْعِبَادَاتِ وَالذَّبَائِحِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَكُلِّ مَا لَا يَدْخُلُهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ فَلَا يُكْرَهُ إفْتَاؤُهُ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ صَرَّحَ بِهِ الْبُرْزُلِيُّ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَنْعُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفَتْوَى فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ تَعْرِضَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَوْ جَاءَتْهُ مِنْ خَارِجِ بَلَدِهِ، أَوْ مِنْ بَعْضِ الْكُوَرِ عَلَى يَدَيْ عُمَّالِهِ فَلْيُجِبْهُ عَنْهَا اهـ بْن قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَكَذَا إذَا عَلِمَ بِالْقَرَائِنِ أَنَّ قَصْدَ السَّائِلِ مُجَرَّدُ الِاسْتِفْهَامِ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ الطَّلَبَةِ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ تَعَلُّمُ الْأَحْكَامِ فَلَا يُكْرَهُ لِلْقَاضِي إجَابَتُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ مَذْهَبُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا، أَوْ مُقَلِّدًا وَلَيْسَ هُنَاكَ فَقِيهٌ مُقَلِّدٌ لِمَذْهَبِهِ أَمَّا لَوْ عُرِفَ مَذْهَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ مُقَلِّدًا وَكَانَ هُنَاكَ فَقِيهٌ مُقَلِّدٌ لِمَذْهَبِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي فَتْوَاهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقَعْ) أَيْ التَّخَاصُمُ بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: إلَى تَطَرُّقِ الْكَلَامِ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِ، أَوْ يَبِعْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِوَكِيلِهِ الْمَعْرُوفِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يُؤْذِنُ بِالْمَنْعِ قَالَ ح وَيَنْبَغِي رَدُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ) أَيْ كَمَا نَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَيُفِيدُهُ مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ شَغْلُ الْبَالِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُكْرَهُ أَيْضًا) وَهُوَ لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ خَوْفُ الْمُحَابَاةِ لَا شَغْلُ الْبَالِ وَعَزَا بَهْرَامُ هَذَا الْقَوْلَ.

وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ " لَمْ " مَكَانَ " لَا " النَّافِيَةِ (كَسَلَفٍ وَقِرَاضٍ) مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ فِيهِمَا (وَإِبْضَاعٍ) أَيْ إعْطَائِهِ مَالًا لِمُسَافِرٍ لِيَجْلُبَ لَهُ بِهِ سِلْعَةً أَيْ يُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ. (وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ) أَيْ طَعَامٍ يَجْتَمِعُ لَهُ النَّاسُ فَالْمُرَادُ الْوَلِيمَةُ اللُّغَوِيَّةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا النِّكَاحَ) فَإِنَّهُ يَجِبُ بِشُرُوطِهِ. (وَقَبُولُ هَدِيَّةٍ) أَيْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا (وَلَوْ كَافَأَ عَلَيْهَا) بِأَكْثَرَ مِنْهَا لِمَيْلِ النُّفُوسِ لِلْمُهْدِي وَيَجُوزُ لِلْفَقِيهِ وَالْمُفْتِي قَبُولُهَا مِمَّنْ لَا يَرْجُو مِنْهُ جَاهًا وَلَا عَوْنًا عَلَى خَصْمٍ (إلَّا مِنْ) شَخْصٍ (قَرِيبٍ) لَا يَحْكُمُ لَهُ كَأَبِيهِ وَعَمِّهِ وَأُمِّهِ وَخَالِهِ فَيَجُوزُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَكَذَا مَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى (وَ) فِي جَوَازِ قَبُولِ (هَدِيَّةِ مَنْ اعْتَادَهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ) لِلْقَضَاءِ وَعَدَمِ جَوَازِهَا أَيْ الْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ. (وَ) فِي (كَرَاهَةِ) (حُكْمِهِ فِي) حَالِ (مَشْيِهِ) أَيْ سَيْرِهِ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ (أَوْ) حُكْمِهِ (مُتَّكِئًا) لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ - أَيْ مَظِنَّةِ ذَلِكَ - وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ. (وَ) فِي كَرَاهَةِ (إلْزَامِ يَهُودِيٍّ حُكْمًا بِسَبْتِهِ) خُصُومَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ عَمَلِهِ وَغَيْرِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَفِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ خَرْقٌ لِمَا يَزْعُمُ تَحْرِيمَهُ وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ. (وَ) فِي كَرَاهَةِ (تَحْدِيثِهِ) جُلَسَاءَهُ بِمُبَاحٍ (بِمَجْلِسِهِ) (لِضَجَرٍ) نَزَلَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يُصَانُ عَنْ الْحَدِيثِ فِيمَا لَا يَعْنِي وَجَوَازِهِ لِيُرَوِّحَ قَلْبَهُ وَيَرْجِعَ إلَيْهِ فَهْمُهُ قَوْلَانِ. (وَ) فِي اشْتِرَاطِ (دَوَامِ الرِّضَا) مِنْ الْخَصْمَيْنِ (فِي التَّحْكِيمِ) أَيْ فِيمَا إذَا حَكَّمَا شَخْصًا فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ (لِلْحُكْمِ) أَيْ لِانْتِهَائِهِ أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِ الْحُكْمِ مِنْ الْمُحَكَّمِ دَوَامُ رِضَاهُمَا بِهِ حَتَّى يَحْكُمَ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ وُجُودَ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْمَذْهَبِ لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَعَزَاهُ الْمَازِرِيُّ لِلشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ " لَمْ " مَكَانَ " لَا ") أَيْ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الِاسْتِقْبَالِيَّة لَا الْمَاضِيَةِ. (قَوْلُهُ: كَسَلَفٍ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ سَلَفٌ وَقِرَاضٌ وَقَوْلُهُ: فِيهِمَا أَيْ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ) فِي بْن أَنَّ سَلَفَهُ مِنْ الْغَيْرِ ظَاهِرٌ كَرَاهَتُهُ وَأَمَّا سَلَفُهُ لِلْغَيْرِ فَذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ كَلَامُهُ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وخش خِلَافُ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ خَوْفَ الْمُحَابَاةِ. (قَوْلُهُ: وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فَقَطْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يَجُوزُ وَفِي ح عَنْ التَّوْضِيحِ كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ الْإِجَابَةَ لِكُلِّ مَنْ دَعَاهُمْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ بِشُرُوطِهِ) فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ حُضُورِهِ لِوَلِيمَةِ النِّكَاحِ لَا وُجُوبُهُ وَرَجَّحَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش. (قَوْلُهُ: أَيْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَبُولَ الْقَاضِي لِلْهَدِيَّةِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ سَاقَهُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَايَرَ تَعْبِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْكَرَاهَةِ لَكِنَّهُ حَمَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى الْحُرْمَةِ وَتَقَدَّمَ لَهُ الْمَنْعُ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ فَلِذَا قَرَّرَهُ بِهِ شَارِحُنَا وَكَأَنَّهُ جَعَلَ " قَبُولُ هَدِيَّةٍ " فَاعِلًا لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَحَرُمَ قَبُولُ هَدِيَّةٍ وَجَعَلَهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْفَقِيهِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الشُّهُودُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ قَبُولُهَا مِنْ الْخَصْمَيْنِ مَا دَامَ الْخِصَامُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا قَبْلَهَا) أَيْ مِنْ السَّلَفِ وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ بِالْأَوْلَى أَيْ لِأَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ حَرَامٌ وَمَا قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ قَبُولِ هَدِيَّةٍ) أَيْ وَفِي جَوَازِ قَبُولِ الْقَاضِي لِهَدِيَّةٍ مِنْ شَخْصٍ مُعْتَادٍ بِالْإِهْدَاءِ إلَيْهِ قَبْلَ تَوَلِّيهِ لِلْقَضَاءِ وَعَدَمِ جَوَازِ قَبُولِهَا بَلْ يُكْرَهُ قَوْلَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الْهَدِيَّةُ الَّتِي أُهْدِيَتْ لَهُ بَعْدَ تَوَلِّي الْقَضَاءِ مِثْلَ الْمُعْتَادَةِ قَبْلَهُ قَدْرًا وَصِفَةً وَجِنْسًا لَا أَزْيَدَ وَإِلَّا حَرُمَ قَبُولُهَا اتِّفَاقًا وَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ قَبُولِهَا كُلِّهَا لَا الزَّائِدَةِ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى صَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا. (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَرَاهَةِ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بِلَا يَنْبَغِي. (قَوْلُهُ: فِي حَالِ مَشْيِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاسْتِخْفَافِ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا) أَيْ بَلْ كَانَ رَاكِبًا وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ) أَيْ بِالْحَاضِرِينَ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ أَيْضًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ إلْزَامِ يَهُودِيٍّ إلَخْ) أَيْ هَلْ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُمَكِّنَ الْمُسْلِمَ، أَوْ النَّصْرَانِيَّ مِنْ خِصَامِهِ لِيَهُودِيٍّ بِسَبْتِهِ وَأَنْ يَبْعَثَ لَهُ رَسُولًا لِأَجْلِ إحْضَارِهِ لِمُخَاصَمَتِهِ فِيهِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فِي خُصُومَةٍ) أَيْ بِسَبَبِ خُصُومَةٍ وَقَوْلُهُ: وَبَيْنَ مُسْلِمٍ أَيْ أَوْ نَصْرَانِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ خَرْقٌ لِمَا يَزْعُمُ تَحْرِيمَهُ) أَيْ وَقَدْ أَقْرَرْنَاهُمْ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عَلَى تَعْظِيمِهِمْ السَّبْتَ وَعَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَوَازِهِ) أَيْ لِعَدَمِ تَعْظِيمِ السَّبْتِ شَرْعًا، وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْيَهُودِيَّ بِالذِّكْرِ مُخْرِجٌ لِلنَّصْرَانِيِّ فَلَا يُكْرَهُ إحْضَارُهُ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ فِي أَحَدِهِ؛ لِأَنَّ النَّصَارَى لَا يُعَظِّمُونَ الْأَحَدَ كَتَعْظِيمِ الْيَهُودِ لِلسَّبْتِ وَسَوَّى ابْنُ عَاتٍ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّ تَسْوِيَةَ النَّصْرَانِيِّ بِالْيَهُودِيِّ إنَّمَا ذَكَرَهُ مِنْ عِنْدِهِ لَا نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَمَّا كَانَ الْقَوْلُ بِتَسْوِيَةِ النَّصْرَانِيِّ لِلْيَهُودِيِّ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْ النَّصْرَانِيَّ فِي مَوْضُوعِ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يُصَانُ عَنْ الْحَدِيثِ فِيمَا لَا يَعْنِي) أَيْ وَلِمَا فِي حَدِيثِهِ بِمَا لَا يَعْنِي مِنْ إذْهَابِ مَهَابَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ الرِّضَا مِنْ الْخَصْمَيْنِ) أَيْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ ذَلِكَ الْمُحَكَّمُ

قَبْلَهُ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجُوعٌ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَوْ رَجَعَ لَمْ يَنْفَعْهُ رُجُوعُهُ وَلَهُ بَتُّ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ (قَوْلَانِ) الرَّاجِحُ الثَّانِي وَأَمَّا لَوْ رَجَعَا مَعًا فَلَهُمَا ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ، وَلَا يَمْضِي إنْ حَكَمَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُ رِضَاهُمَا لِلْحُكْمِ بِلَا نِزَاعٍ؛ لِأَنَّ التَّحْكِيمَ دَخَلَا عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِمَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ نُصِبَ لِلْإِلْزَامِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِهِ. (وَلَا يَحْكُمُ) الْحَاكِمُ أَيْ يُمْنَعُ وَقِيلَ يُكْرَهُ أَنْ يَحْكُمَ (مَعَ مَا يُدْهِشُ عَنْ) تَمَامِ (الْفِكْرِ) (وَمَضَى) حُكْمُهُ إنْ حَكَمَ مَعَهُ وَكَانَ صَوَابًا وَأَمَّا حُكْمُهُ مَا يُدْهِشُ عَنْ أَصْلِ الْفِكْرِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا وَلَا يَمْضِي بَلْ يُتَعَقَّبُ وَمِثْلُهُ الْمُفْتِي وَالْمُدْهِشُ كَالْغَضَبِ وَالْخَوْفِ وَضِيقِ النَّفْسِ وَالْحَصْرِ وَالشَّغْلِ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ. (وَعَزَّرَ) الْقَاضِي وُجُوبًا (شَاهِدَ زُورٍ) وَهُوَ مَنْ شَهِدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ، وَإِنْ صَادَفَ الْوَاقِعَ (فِي الْمَلَإِ) بِالْهَمْزِ مَقْصُورًا أَيْ الْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاسِ بِالضَّرْبِ الْمُوجِعِ (بِنِدَاءٍ) أَيْ مَعَ نِدَاءٍ عَلَيْهِ وَالطَّوَافِ بِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَإِشْهَارِ أَمْرِهِ لِيَرْتَدِعَ هُوَ وَغَيْرُهُ (وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ، أَوْ لِحْيَتَهُ وَلَا يُسَخِّمُهُ) أَيْ وَجْهَهُ بِنَحْوِ سَوَادٍ، أَوْ طِينٍ. (ثُمَّ فِي) (قَبُولِهِ) إنْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ (تَرَدُّدٌ) فِي النَّقْلِ وَالْحَقُّ عَدَمُ قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ مُحَصَّلَ التَّرَدُّدِ هَلْ لَا يُقْبَلُ اتِّفَاقًا، أَوْ فِيهِ قَوْلَانِ وَأَمَّا الْقَاضِي إذَا عُزِلَ بِجُنْحَةٍ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ صَارَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ. (وَإِنْ) (أَدَّبَ) الْقَاضِي (التَّائِبَ) أَيْ شَاهِدَ زُورٍ أَتَى تَائِبًا مُقِرًّا بِزُورِهِ قَبْلَ الثُّبُوتِ عَلَيْهِ (فَأَهْلٌ) أَيْ فَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّأْدِيبِ لَمْ يَفْعَلْ مُنْكَرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَاضِي) أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْمُرَافَعَةِ لَهُ بِاخْتِيَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مَنْ دُعِيَ لِلرَّفْعِ لَهُ يُجْبِرُ الْآخَرَ لِمُوَافَقَتِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ نَصَبَ إلَخْ عِلَّةٌ لِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ أَيْ لِأَنَّهُ نُصِبَ لِلْإِلْزَامِ وَقَطْعِ مَادَّةِ النِّزَاعِ وَالشَّارِعُ دَاعٍ لِذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: دَخَلَا عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِمَا) أَيْ بِاخْتِيَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِذَا جَرَى الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ رِضَاهُمَا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ لِانْتِهَاءِ الْحُكْمِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُمْنَعُ) هَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَمَضَى "؛ إذْ لَا يُحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَى مُضِيِّ الْمَكْرُوهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَقَوْلُهُ: أَيْ يُمْنَعُ أَيْ كَمَا فِي ح عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ يُكْرَهُ أَيْ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ تت. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يُدْهِشُ عَنْ تَمَامِ الْفِكْرِ) أَيْ مَا يُدْهِشُ الْعَقْلَ عَنْ تَمَامِ الْفِكْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْضِي) أَيْ مُطْلَقًا بَلْ إنْ كَانَ صَوَابًا مَضَى وَإِلَّا رُدَّ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا يُدْهِشُ عَنْ أَصْلِ الْفِكْرِ إنَّمَا يُخَالِفُ مَا يُدْهِشُ عَنْ تَمَامِهِ فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَأَمَّا الْحُكْمُ مَعَ كُلٍّ فَهُوَ مَاضٍ إنْ كَانَ صَوَابًا وَإِلَّا رُدَّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الْمُفْتِي) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ مَعَ وُجُودِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ تَمَامِ فِكْرِهِ، أَوْ أَصْلِ فِكْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَضِيقِ النَّفْسِ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِاللَّقَسِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْحَصْرِ) أَيْ بِالْبَوْلِ وَمِثْلُهُ الْحَقْنُ بِالرِّيحِ. (قَوْلُهُ: وَالشَّغْلِ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ) أَيْ كَجُوعٍ شَدِيدٍ وَعَطَشٍ وَأَكْلٍ فَوْقَ الْكِفَايَةِ وَكَثْرَةِ ازْدِحَامِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ سَحْنُونٌ يَحْكُمُ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ لَا يُدْخِلُ عَلَيْهِ بَوَّابُهُ إلَّا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ وَفِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ: السَّتْرُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ وَاسْتِجْمَاعُ الْفِكْرِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ شَهِدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ شَهِدَ بِذَلِكَ عَمْدًا وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ لِشُبْهَةٍ فَلَا تَكُونُ شَهَادَتُهُ زُورًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: الْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاسِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَشْرَافًا. (قَوْلُهُ: بِالضَّرْبِ الْمُوجِعِ) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي قَدْرِهِ لِاجْتِهَادِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ نِدَاءٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَنَّ هَذَا شَاهِدُ زُورٍ وَانْظُرْ هَلْ الْوُجُوبُ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّعْزِيرِ وَالنِّدَاءِ عَلَيْهِ، أَوْ مُنْصَبٌّ عَلَى خُصُوصِ التَّعْزِيرِ وَكَوْنِهِ فِي الْمَلَإِ، وَالنِّدَاءُ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ فَقَطْ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ) أَيْ يُكْرَهُ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ الْعَرَبِ الَّذِينَ لَا يَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ أَصْلًا، وَحَلْقُهَا عِنْدَهُمْ نَكَالٌ أَيْ تَعْيِيبٌ وَتَمْثِيلٌ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِحْيَتَهُ وَلَا يُسَخِّمُهُ) أَيْ يَحْرُمُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ هَاتَيْنِ وَكَذَا مَا يُفْعَلُ فِي الْأَفْرَاحِ بِمِصْرَ مِنْ تَسْخِيمِ الْوَجْهِ بِسَوَادٍ كَفَحْمٍ أَوْ دَقِيقٍ فَإِنَّهُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ سَوَادٍ) أَيْ كَدَقِيقٍ، أَوْ حِبْرٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي قَبُولِهِ) أَيْ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ إذَا شَهِدَ بَعْدَ أَنْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ كَانَ قَبْلَ التَّعْزِيرِ أَوْ بَعْدَهُ فَالتَّرَدُّدُ جَارٍ فِي الْحَالَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ قَبْلَ التَّوْبَةِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ. (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ مُظْهِرًا لِلصَّلَاحِ حِينَ شَهِدَ بِالزُّورِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا أَيْ لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ عَلَى خَوْبَشَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُظْهِرٍ لِلصَّلَاحِ حِينَ شَهِدَ أَوَّلًا بِالزُّورِ فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ وَعَدَمِ قَبُولِهَا قَوْلَانِ وَالثَّانِيَةُ عَكْسُ هَذِهِ لِابْنِ رُشْدٍ فَقَالَ إنْ كَانَ مُظْهِرًا لِلصَّلَاحِ حِينَ شَهَادَتِهِ أَوَّلًا بِالزُّورِ فَقَوْلَانِ فِي شَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُظْهِرٍ لَهُ حِينَ شَهِدَ أَوَّلًا بِالزُّورِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا قَالَ شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ تت وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْسَبُ بِالْفِقْهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَقْرَبُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ عَدَمُ قَبُولِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حِينَ شَهَادَتِهِ أَوَّلًا بِالزُّورِ مُظْهِرًا لِلصَّلَاحِ، أَوْ لَا وَاَلَّذِي فِي المج أَنَّ الظَّاهِرَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ حَيْثُ تَابَ وَلَمْ يَكُنْ مُظْهِرًا لِلصَّلَاحِ حِينَ شَهَادَتِهِ أَوَّلًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مُظْهِرًا لَهُ مِنْ قَبْلُ فَلَا تُقْبَلُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّأْدِيبِ) أَيْ فَالْقَاضِي أَهْلٌ لِلتَّأْدِيبِ أَيْ أَنَّهُ أَصَابَ فِي فِعْلِهِ وَوَضَعَ الشَّيْءَ فِي مَحَلِّهِ وَيُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ

وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ. (وَ) عَزَّرَ (مَنْ) (أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ) بِحَضْرَتِهِ كَأَنْ يَقُولَ لِخَصْمِهِ يَا فَاجِرُ، أَوْ أَنْتَ فَاجِرٌ ظَالِمٌ (أَوْ) مَنْ أَسَاءَ عَلَى (مُفْتٍ أَوْ شَاهِدٍ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ فِي ذَلِكَ بَلْ يَسْتَنِدُ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ وَالْحَقُّ حِينَئِذٍ لِلَّهِ لِانْتَهَاكِ حُرْمَةِ الشَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَرْكُهُ وَأَمَّا بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الثُّبُوتِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ (لَا بِ شَهِدْتَ) أَيْ لَا يُعَزِّرُهُ بِقَوْلِهِ لِلشَّاهِدِ شَهِدْتَ عَلَيَّ (بِبَاطِلٍ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِزُورٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبَاطِلِ شَهَادَةُ الزُّورِ؛ إذْ الْبَاطِلُ أَعَمُّ مِنْ الزُّورِ لِأَنَّ الْبَاطِلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاقِعِ وَالزُّورَ بِالنِّسْبَةِ لِعِلْمِ الشَّاهِدِ فَقَدْ يَشْهَدُ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ وَيَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ، أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ، أَوْ أُحِيلَ عَلَيْهِ بِهِ، أَوْ عَفَا عَنْهُ وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى الشَّاهِدِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الزُّورِ فَإِنَّهَا تَعَمُّدُ الْإِخْبَارِ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ (كَلِخَصْمِهِ) أَيْ كَقَوْلِهِ لِخَصْمِهِ (كَذَبْتَ) عَلَيَّ، أَوْ ظَلَمْتَ أَوْ ظَلَمْتَنِي فَلَا يُؤَدَّبُ بِخِلَافِ يَا ظَالِمُ أَوْ يَا كَذَّابُ فَيُؤَدَّبُ. (وَلْيُسَوِّ) وُجُوبًا (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَالْكَلَامِ وَالِاسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ لَهُمَا (وَإِنْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (مُسْلِمًا) شَرِيفًا (وَ) الْآخَرُ (كَافِرًا) . (وَقُدِّمَ) فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى (الْمُسَافِرُ) وُجُوبًا عَلَى الْحَاضِرِ وَلَوْ سَبَقَ الْحَاضِرُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُسَافِرُ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَ) قُدِّمَ (مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ) لَوْ قُدِّمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ مُسَافِرًا لِضَرَرِ الْفَوَاتِ (ثُمَّ السَّابِقُ) إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِفِعْلِهِ أَمْرًا مَطْلُوبًا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُؤَدِّبُ التَّائِبَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَدَّبَهُ لَكَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِعَدَمِ تَوْبَتِهِمْ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَهُ ابْنُ سَعْدٍ اهـ بْن وَفِيهِ أَنَّهُ يَتُوبُ وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَتَوَقَّفُ التَّوْبَةُ عَلَى رَدِّ الظُّلَامَةِ الَّتِي شَهِدَ بِهَا فَإِذَا رَدَّهَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ التَّأْدِيبِ فَيَكُونُ التَّأْدِيبُ مَرْجُوحَ الْفِعْلِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَقِيلَ الْأَوْلَى تَرْكُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ؛ إذْ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهُ رَاجِحُ الْفِعْلِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ أَسَاءَ عَلَى مُفْتٍ، أَوْ شَاهِدٍ) أَيْ بِحَضْرَتِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْت قَدْ افْتَرَيْت عَلَيَّ فِي فَتْوَاك، أَوْ فِي شَهَادَتِك، أَوْ شَهِدْت عَلَيَّ بِالزُّورِ. (قَوْلُهُ: إلَى بَيِّنَةٍ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ لِبَيِّنَةٍ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِسَاءَةِ، وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ وَهِيَ تَأْدِيبُ الْقَاضِي لِمَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى خَصْمِهِ، أَوْ عَلَى الشَّاهِدِ، أَوْ عَلَى الْمُفْتِي بِمَجْلِسِهِ - مُسْتَنِدًا لِعِلْمِهِ - تُزَادُ عَلَى قَوْلِهِمْ: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَنِدَ لِعِلْمِهِ إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَفِي التَّجْرِيحِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ، أَوْ عَلَى الْمُفْتِي، أَوْ عَلَى الشَّاهِدِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِزُورٍ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلشَّاهِدِ شَهِدْت عَلَيَّ بِزُورٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُعَزِّرُهُ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي الْمَوَّاقِ مَا نَصَّهُ ابْنُ كِنَانَةَ: إنْ قَالَ لَهُ شَهِدْتَ عَلَيَّ بِزُورٍ فَإِنْ عَنَى أَنَّهُ شَهِدَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَمْ يُعَاقَبْ وَإِنْ قَصَدَ أَذَاهُ وَإِشْهَارَهُ بِأَنَّهُ مُزَوِّرٌ نُكِّلَ بِقَدْرِ حَالِ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اهـ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِيمَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاقِعِ) أَيْ بِأَنْ شَهِدَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ خِلَافُ الْوَاقِعِ، أَوْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالزُّورَ بِالنِّسْبَةِ لِعِلْمِ الشَّاهِدِ) أَيْ بِأَنْ شَهِدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ كَانَ مَا شَهِدَ بِهِ مُوَافِقًا لِلْوَاقِعِ، أَوْ خِلَافَ الْوَاقِعِ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ فَإِذَا شَهِدَ بِمَا هُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ كَانَ بَاطِلًا وَزُورًا وَإِذَا شَهِدَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا لَا زُورًا وَإِذَا شَهِدَ بِمَا هُوَ مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ كَانَ ذَلِكَ زُورًا لَا بَاطِلًا. (قَوْلُهُ: فَقَدْ يَشْهَدُ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ) أَيْ كَدَيْنٍ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ قَضَاهُ فَتِلْكَ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ لَا زُورٌ. (قَوْلُهُ: كَذَبْت عَلَيَّ) أَيْ فِيمَا ادَّعَيْته وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ هَذَا - أَعْنِي قَوْلَهُ لِخَصْمِهِ أَنْتَ كَذَبْت أَوْ ظَلَمْتنِي وَمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ لِلشَّاهِدِ: أَنْتَ شَهِدْت عَلَيَّ بِبَاطِلٍ - مِنْ انْتِهَاكِ مَجْلِسِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا تَعَلُّقًا بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بُطْلَانٌ وَكَذِبٌ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْخُصُومَةِ لَا أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُهُ فِي ذَاتِهِ بِخِلَافِ الْإِسَاءَةِ بِنَحْوِ يَا ظَالِمُ، أَوْ يَا فَاجِرُ فَإِنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْخُصُومَةِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ صِفَتَهُ كَذَا فِي ذَاتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلْيُسَوِّ) أَيْ الْقَاضِي وُجُوبًا أَخْذًا مِنْ لَامِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ بَلْ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ: وَإِنْ مُسْلِمًا هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِأَنْ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ حَكَى قَوْلًا بِجَوَازِ رَفْعِ الْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَنَسَبَهُ فِي التَّوْضِيحِ لِمَالِكٍ وَحِينَئِذٍ فَالْمَحَلُّ لِلَوْ لَا لِإِنْ اهـ بْن وَقَدْ أَجَابُوا عَنْ مِثْلِ هَذَا بِأَنَّ اصْطِلَاحَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِلَوْ كَانَتْ إشَارَةً لِلْخِلَافِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ خِلَافٌ أَنْ يَسِيرَ لَهُ بِلَوْ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى الْمُسَافِرُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَدَاعَى عِنْدَ الْقَاضِي مُسَافِرُونَ وَغَيْرُهُمْ وَتَنَازَعُوا فِي التَّقْدِيمِ لِلدَّعْوَى قُدِّمَ الْمُسَافِرُ عَلَى الْحَاضِرِ وَقَوْلُهُ: وُجُوبًا أَيْ وَقِيلَ نَدْبًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَبَقَ الْحَاضِرُ) أَيْ لِمَجْلِسِ الْقَاضِي بِأَنْ أَتَى إلَيْهِ قَبْلَ إتْيَانِ الْمُسَافِرِ وَقَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ أَيْ إلَّا كَانَ يَحْصُلُ لِلْمُقِيمِ ضَرَرٌ بِسَبَبِ تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ عَلَيْهِ وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُقِيمُ فَإِنْ حَصَلَ لِكُلٍّ ضَرَرٌ بِسَبَبِ تَقْدِيمِ الْآخَرِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ) أَيْ وَمُدَّعِي مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ وَذَلِكَ كَمُدَّعِي نِكَاحٍ اسْتَحَقَّ فَسْخًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَخِيفَ إنْ.

مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (وَإِنْ) كَانَ السَّابِقُ مُلْتَبِسًا (بِحَقَّيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ بِكُلِّ حُقُوقِهِ (بِلَا طُولٍ) فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا طُولٌ يَضُرُّ بِالْمُتَأَخِّرِ قُدِّمَ بِأَحَدِهِمَا وَأُخِّرَ الثَّانِي عَمَّنْ يَلِيهِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَافِرٌ وَلَا سَابِقٌ بِأَنْ جَاءُوا مَعًا أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمْ وَجُهِلَ وَادَّعَى كُلٌّ السَّبْقَ وَلَا مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ بِالتَّقْدِيمِ قُدِّمَ (وَيَنْبَغِي) لِلْقَاضِي (أَنْ يُفْرِدَ وَقْتًا أَوْ يَوْمًا لِلنِّسَاءِ) وَلَوْ كَانَتْ خُصُومَتُهُنَّ مَعَ رِجَالٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ (كَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ) تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَيُقَدِّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا: الْمُسَافِرَ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ، ثُمَّ السَّابِقُ، ثُمَّ أُقْرِعَ وَكَذَا الْمُقْرِئُ إلَّا لِمُهِمٍّ وَكَذَا أَرْبَابُ الْحِرَفِ كَالْخَبَّازِ. (وَأُمِرَ) (مُدَّعٍ) نَائِبُ فَاعِلِ " أُمِرَ " أَيْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْكَلَامِ أَوَّلًا وَالْمُدَّعِي هُوَ مَنْ (تَجَرَّدَ قَوْلُهُ) حَالَ الدَّعْوَى (عَنْ مُصَدِّقٍ) مِنْ أَصْلٍ، أَوْ مَعْهُودٍ عُرْفًا أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ هَذَيْنِ حِينَ الدَّعْوَى وَلِذَا طَلَبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ لِيُصَدَّقَ وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهُوَ مَنْ تَمَسَّكَ بِأَصْلٍ، أَوْ عُرْفٍ وَالْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْعَدَمُ وَقَوْلُهُ (بِالْكَلَامِ) أَيْ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقٌ بِ أُمِرَ (وَإِلَّا) يُعْلَمْ الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ كُلٌّ أَنَا الْمُدَّعِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأُخِّرَ النَّظَرُ فِيهِ يَحْصُلُ دُخُولٌ وَمُدَّعِي طَعَامٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَعَطْفُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَمُدَّعِي مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي مُسَافِرًا، أَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ مُسَافِرًا الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ وَيَكُونُ مُبَالَغَةً فِي مُدَّعِي مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ وَأَمَّا جَعْلُهُ مُبَالَغَةً فِي الْغَيْرِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ مُدَّعِي مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَعَطْفُ الْمُصَنِّفِ مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ بِالْوَاوِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعَ الْمُسَافِرِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدَّمُ مَنْ كَانَ أَشَدَّ ضَرَرًا مِنْهُمَا فَإِنْ تَسَاوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّابِقَ إذَا كَانَ يَدَّعِي بِحَقَّيْنِ فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِحَقَّيْهِ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا طُولٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ يُقَدَّمُ بِأَحَدِ الْحَقَّيْنِ وَيُؤَخَّرُ الْحَقُّ الثَّانِي عَنْ جَمِيعِ مَنْ حَضَرَ وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ الْأَوَّلَ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ السَّابِقُ وَإِنْ بِحَقَّيْنِ بِلَا طُولٍ عَلَى الْمَقُولِ هَكَذَا بِصِيغَةِ الِاسْمِ لِاخْتِيَارِ الْمَازِرِيِّ لَهُ مِنْ خِلَافٍ لَكِنَّ كَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُ الْمُصَنِّفُ قَالَ لِمُجَرَّدِ النِّسْبَةِ كَمَا فِي: قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ السَّابِقُ مُلْتَبِسًا بِحَقَّيْنِ) الْأَوْضَحُ وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى السَّابِقِ بِحَقَّيْنِ وَدَعْوَى الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ بِحَقٍّ وَاحِدٍ إذَا كَانَ لَا طُولَ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِيهِ طُولٌ. (قَوْلُهُ: وَأُخِّرَ الثَّانِي عَمَّنْ يَلِيهِ) صَوَابُهُ عَنْ جَمِيعِ مَنْ حَضَرَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النَّوَادِرِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ الْقَاضِي بِرِقَاعٍ بِعَدَدِهِمْ وَيَأْمُرَ أَحَدَهُمْ بِأَخْذِ رُقْعَةٍ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا قُدِّمَ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْرِدَ وَقْتًا، أَوْ يَوْمًا لِلنِّسَاءِ) أَيْ اللَّاتِي يَخْرُجْنَ لَا الْمُخَدَّرَاتِ اللَّاتِي يُمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ كَلَامِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ يُوَكِّلْنَ، أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي لَهُنَّ فِي مَنْزِلِهِنَّ وَاحِدًا مِنْ طَرَفِهِ يَسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ خُصُومَتُهُنَّ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ خُصُومَتُهُنَّ فِيمَا بَيْنَهُنَّ بَلْ وَكَانَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُقْرِئُ) أَيْ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ يُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ، ثُمَّ الْأَسْبَقُ، ثُمَّ أُقْرِعَ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِمُهِمٍّ) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَكْثَرَ قَابِلِيَّةً فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ لِتَحْصِيلِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى قِلَّتِهَا. (قَوْلُهُ: كَالْخَبَّازِ) أَيْ وَالطَّحَّانِ فَيُقَدَّمُ الْمُسَافِرُ ثُمَّ الْأَسْبَقُ، ثُمَّ أُقْرِعَ هَذَا كَلَامُهُ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ أَنَّ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمْ عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ بِجُوعِ أَهْلٍ، أَوْ خَوْفِ فَسَادٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْكَلَامِ أَوَّلًا) يَعْنِي وُجُوبًا وَذَلِكَ إذَا عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا مُدَّعٍ بِأَنْ يَسْمَعَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ يَتَخَاصَمَانِ فَعَلِمَ بِهِ، أَوْ دَخَلَا عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى تَكَلَّمَا فَعَلِمَ بِهِ أَوْ قَالَ لَهُمَا مَا شَأْنُكُمَا، أَوْ مَنْ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا مُدَّعٍ وَوَافَقَهُ خَصْمُهُ عَلَى ذَلِكَ فَعُلِمَ الْجَوَابُ عَمَّا أُورِدَ هُنَا مِنْ الدَّوْرِ وَهُوَ أَنَّ أَمْرَهُ بِالْكَلَامِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا، وَالْعِلْمُ بِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَلَامِهِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْكَلَامَ الْمَأْمُورَ بِهِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا الْمُرَادُ بِهِ الدَّعْوَى، وَالْكَلَامَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا غَيْرُ الدَّعْوَى مِثْلُ تَخَاصُمِهِمَا، أَوْ جَوَابِهِ إذَا سَأَلَهُمَا مَا شَأْنُكُمَا. (قَوْلُهُ: مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ حَالَ الدَّعْوَى إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ تَعْرِيفَ الْمُدَّعِي بِمَا ذُكِرَ غَيْرُ جَامِعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَنْ صَحِبَ دَعْوَاهُ بَيِّنَةٌ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ: عَنْ مُصَدِّقٍ لِوُجُودِ الْمُصَدِّقِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّجَرُّدُ حَالَ الدَّعْوَى فَهَذَا يُسَمَّى مُدَّعِيًا بِاعْتِبَارِ حَالِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِالْبَيِّنَةِ، وَقَدْ يُدْفَعُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ أَيْضًا بِتَفْسِيرِ الْمُصَدِّقِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ التَّجَرُّدَ عَنْ مُصَدِّقٍ خَاصٍّ لَا يُنَافِي مُصَاحَبَةَ مُصَدِّقٍ غَيْرِهِ أَعْنِي الْبَيِّنَةَ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلٍ أَوْ مَعْهُودٍ) فَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ عَبْدِي فَهُوَ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَجَرَّدَ عَنْ الْأَصْلِ وَعَنْ الْمَعْهُودِ عُرْفًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَكَذَا مَنْ قَالَ فُلَانٌ لَمْ يَرُدَّ لِي الْوَدِيعَةَ مُدَّعٍ لِتَجَرُّدِ قَوْلِهِ عَنْ الْمَعْهُودِ؛ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ تَصْدِيقُ الْأَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْعَدَمُ) فَمَنْ قَالَ: لِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفٌ مِنْ بَيْعٍ مَثَلًا فَهُوَ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا حِينَ دَعْوَاهُ

(فَالْجَالِبُ) لِصَاحِبِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِرَسُولِ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالْكَلَامِ ابْتِدَاءً (وَإِلَّا) يَكُنْ أَحَدُهُمَا جَالِبًا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا، وَإِذَا أُمِرَ بِالْكَلَامِ (فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ) نَحْوُ لِي عَلَيْهِ دِينَارٌ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ بِالْمَعْلُومِ مِنْ الْمَجْهُولِ نَحْوِ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا أَعْلَمُهُ وَبِالْمُحَقَّقِ مِنْ غَيْرِهِ نَحْوِ لِي عَلَيْهِ دِينَارٌ فِي ظَنِّي، أَوْ وَهْمِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا فِي غَيْرِ دَعْوَى الِاتِّهَامِ كَأَنْ يَتَّهِمَ إنْسَانًا بِسَرِقَةِ شَيْئِهِ، أَوْ بِأَنَّهُ فَرَّطَ فِيهِ فَتُسْمَعَ وَيَتَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (وَكَذَا) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إنْ ادَّعَى بِمَجْهُولٍ وَبَيَّنَ السَّبَبَ نَحْوُ لِي عَلَيْهِ (شَيْءٌ) مِنْ بَقِيَّةِ مُعَامَلَةٍ مَثَلًا وَلَكِنْ لَمْ أَعْلَمْ قَدْرَهُ فَيُلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ بِشَيْءٍ مُحَقَّقٍ، أَوْ بِالْإِنْكَارِ وَيُحَلَّفُ. (وَإِلَّا) يَدَّعِ بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ بِأَنْ ادَّعَى بِمَجْهُولٍ أَوْ مَعْلُومٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (كَ أَظُنُّ) أَنَّ لِي عَلَيْهِ شَيْئًا، أَوْ أَنَّ لِي عَلَيْهِ دِينَارًا، وَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ، ثُمَّ إذَا ادَّعَى بِمُحَقَّقٍ مَعْلُومٍ، أَوْ مَجْهُولٍ عَلَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ (وَكَفَاهُ) فِي بَيَانِ السَّبَبِ (بِعْت وَتَزَوَّجْت) مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الصِّحَّةَ (وَحُمِلَ عَلَى الصَّحِيحِ) حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ بِأَنْ يَقُولَ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ سَلَفٍ أَوْ قِرَاضٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ نَفَقَةٍ (وَإِلَّا) يُبَيِّنْ الْمُدَّعِي السَّبَبَ (فَلْيَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْ السَّبَبِ) وُجُوبًا فَإِنْ غَفَلَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْهُ فَإِنْ قَالَ لَا عِلْمَ عِنْدِي بِهِ، أَوْ لَا أُبَيِّنُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فَلَا يُطَالَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَوَابٍ كَمَا يَأْتِي (ثُمَّ) بَعْدَ بَيَانِ السَّبَبِ أَمَرَ الْقَاضِي (مُدَّعًى عَلَيْهِ) وَهُوَ مَنْ (تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ) شَرْعِيٍّ كَالْأَمَانَةِ فَإِنَّهُ عُهِدَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ الْأَمِينَ مُصَدَّقٌ فِي قَوْلِهِ كَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ (أَوْ أَصْلٍ) كَالْمَدِينِ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُجَرَّدٌ عَنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْعَدَمُ. (قَوْلُهُ: فَالْجَالِبُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ فَاَلَّذِي جَلَبَ صَاحِبَهُ لِمَجْلِسِ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ أَحَدُهُمَا جَالِبًا) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِيَ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ: أَنَا الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي الِادِّعَاءِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِعِلْمِ الْمُدَّعِي بِهِ تَصَوُّرُهُ أَيْ تَمَيُّزُهُ فِي ذِهْنِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْقَاضِي وَأَمَّا تَحَقُّقُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِجَزْمِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ أَيْ لِذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلتَّصْدِيقِ فَلِأَجْلِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِهِ وَتَمَيُّزِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِأَنَّ لِي عَلَيْهِ شَيْئًا أَتَحَقَّقُهُ لَكِنْ لَا أَعْلَمُ ذَاتَهُ وَلِاشْتِرَاطِ التَّحَقُّقِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِ أَشُكُّ، أَوْ أَظُنُّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ دِينَارًا مَثَلًا. (قَوْلُهُ: مِنْ قَرْضٍ، أَوْ بَيْعٍ) بَيَانٌ لِلسَّبَبِ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالْمَعْلُومِ عَنْ الْمَجْهُولِ) أَيْ عَمَّا إذَا ادَّعَى بِمَجْهُولٍ كُلِّيٍّ " عَلَيْهِ شَيْءٌ أَتَحَقَّقُهُ وَلَكِنْ لَا أَدْرِي عَيْنَهُ فَلَا " يُسْمَعُ دَعْوَاهُ سَوَاءٌ بَيَّنَ السَّبَبَ أَوْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بِمَجْهُولٍ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ كَمَا مَرَّ فِي الْمِثَالِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ أُمِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ إمَّا بِتَعْيِيبِهِ، أَوْ بِالْإِنْكَارِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَبِالْمُحَقَّقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ دَعْوَى الِاتِّهَامِ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُحَقَّقًا فِي غَيْرِ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَأَمَّا إذَا قَالَ: أَتَّهِمُهُ بِسَرِقَةِ دِينَارٍ مَثَلًا فَإِنَّ دَعْوَاهُ تُسْمَعُ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ أَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ تَرْجِعُ لِلشَّكِّ وَالظَّنِّ فَيَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ اشْتِرَاطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ؛ إذْ كَأَنَّهُ قَالَ فَيَدَّعِي بِمُحَقَّقٍ مَعْلُومٍ لَا بِمَشْكُوكٍ، أَوْ مَظْنُونٍ إلَّا إنْ كَانَ مَشْكُوكًا، أَوْ مَظْنُونًا وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ فَالْحَقُّ أَنَّ مَا هُنَا وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُحَقَّقًا لَا مَشْكُوكًا وَلَا مَظْنُونًا وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ، وَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ - مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الِاتِّهَامِ الْمُفِيدِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مُحَقَّقًا - طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ تَوَجُّهُ يَمِينِ التُّهْمَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَدَمُ تَوَجُّهِهَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا يَأْتِي كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَنَحْوُهُ فِي بْن. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ بِشَيْءٍ مُحَقَّقٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ دَفَعْت لَك كَذَا وَكَذَا وَبَقِيَ لَك كَذَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَدَّعِ بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ إلَخْ) يُشِيرُ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا إلَخْ مُخْرَجٌ مِنْ الْقَيْدَيْنِ قَبْلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ الْقَيْدِ الثَّانِي فَقَطْ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِقَوْلِهِ كَ أَظُنُّ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ الْقَائِلِ إنَّهُ إذَا ادَّعَى بِمَعْلُومٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ وَبَيَّنَ السَّبَبَ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ) أَيْ سَبَبِ مَا ادَّعَى بِهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ أَيْ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى. (قَوْلُهُ: وَكَفَاهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي بَيَانِ السَّبَبِ أَنْ يَقُولَ: لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ مِنْ نِكَاحٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ مِنْ بَيْعٍ صَحِيحٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ صَحِيحٍ، أَوْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ: بِعْت أَيْ وَلِي عِنْدَهُ ثَمَنُهُ وَتَزَوَّجْت أَيْ وَلِي عِنْدَ الزَّوْجِ الصَّدَاقُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَفَلَ) أَيْ الْقَاضِي عَنْ سُؤَالِ الْمُدَّعِي عَنْ السَّبَبِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ إذَا بَيَّنَ سَبَبَهُ. (قَوْلُهُ: بِمَعْهُودٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ بِأَمْرٍ عُهِدَ فِي الشَّرْعِ، وَقَوْلُهُ: كَالْأَمَانَةِ أَيْ كَتَصْدِيقِ ذِي الْأَمَانَةِ وَهَذَا مِثَالٌ لِلْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ. (قَوْلُهُ: كَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ) مِثَالٌ لِمَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ: بِمَعْهُودٍ شَرْعِيٍّ فَمَنْ قَالَ رَدَدْت الْوَدِيعَةَ، أَوْ مَالَ الْقِرَاضِ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِتَرَجُّحِ قَوْلِهِ بِالْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ تَصْدِيقُ الْأَمِينِ. (قَوْلُهُ: كَالْمَدِينِ) مِثَالٌ لِمَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ:

وَكَمُدَّعٍ أَنَّهُ حُرٌّ فَإِنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ فَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ رَقِيقٌ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ بِخِلَافِ مُدَّعٍ أَنَّهُ عَتَقَ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ اسْتَلْزَمَتْ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ الرِّقُّ فَيَكُونُ مُدَّعِيًا فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ كَرَبِّ الدَّيْنِ، وَسَيِّدُهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَالْمَدِينِ وَقَوْلُهُ (بِجَوَابِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ أُمِرَ أَيْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يُجِيبَ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ فَإِنْ أَقَرَّ، وَإِلَّا طَلَبَ الْحَاكِمُ مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَإِنْ أَقَامَهَا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ (إنْ) أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ (خَالَطَهُ بِدَيْنٍ) وَلَوْ مَرَّةً أَيْ أَنَّ بَيْنَهُمَا خُلْطَةً (أَوْ تَكَرَّرَ بَيْعٌ) بِالنَّقْدِ الْحَالِّ (وَإِنْ) كَانَ ثُبُوتُ الْخُلْطَةِ (بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْخُلْطَةِ اللَّطْخُ وَهُوَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَلَوْ أُنْثَى (لَا بِبَيِّنَةٍ جُرِّحَتْ) أَيْ جَرَّحَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا حِينَ شَهِدَتْ بِأَصْلِ الدَّيْنِ وَلَا تَكُونُ كَالْمَرْأَةِ فِي ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فَتُوجِبُ تَوَجُّهَ الْيَمِينِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ خَالَطَهُ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ فُهِمَ مِنْ قُوَّةِ الْكَلَامِ لَا فِي الْأَمْرِ بِالْجَوَابِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرُنَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَهُ إلَخْ لِيَكُونَ ظَاهِرًا فِي الْمُرَادِ، ثُمَّ إنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ ثُبُوتُ خُلْطَةٍ. وَاسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُلْطَةِ لِتَوَجُّهِ الْيَمِينِ ثَمَانِ مَسَائِلَ تَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ بِقَوْلِهِ (إلَّا) (الصَّانِعَ) يُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ فَيُحَلَّفُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ؛ لِأَنَّ نَصْبَ نَفْسِهِ لِلنَّاسِ فِي مَعْنَى الْخُلْطَةِ وَمِثْلُهُ التَّاجِرُ يَنْصِبُ نَفْسَهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. (وَالْمُتَّهَمَ) بَيْنَ النَّاسِ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَرِقَةٍ، أَوْ غَصْبٍ فَيُحَلَّفُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ وَفِي مَجْهُولِ الْحَالِ قَوْلَانِ تَقَدَّمَا فِي الْغَصْبِ. (وَ) إلَّا (الضَّيْفَ) يَدَّعِي أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَصْلٍ فَمَنْ قَالَ حِينَ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ كَذَا: إنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيَّ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ: بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: وَكَمُدَّعٍ أَنَّهُ حُرٌّ) وَالْحَالُ أَنَّ شَخْصًا يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ فَمُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ: بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي النَّاسِ شَرْعًا وَإِنَّمَا طَرَأَ لَهُمْ الرِّقُّ هُوَ السَّبْيُ بِشَرْطِ الْكُفْرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ السَّبْيِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ مُدَّعِي الرَّقَبَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ رَقِيقٌ فَصَارَ الرِّقُّ مِنْ جِهَةِ الْأَصْلِ فَدَعْوَى مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَتَحْتَاجُ لِبَيِّنَةٍ فَإِنْ أَقَامَهَا فَبِهَا وَنَعِمَتْ وَإِلَّا بَقِيَ فِي الرِّقِّ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ) أَيْ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُدَّعٍ أَنَّهُ عَتَقَ) أَيْ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ لِخِلَافِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مُدَّعِيًا) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ فِي دَعْوَاهُ لِلْأَصْلِ وَقَوْلُهُ: كَرَبِّ الدَّيْنِ أَيْ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَسَيِّدُهُ) أَيْ سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ عَتَقَ وَقَوْلُهُ كَالْمَدِينِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْمَدِينَ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُوَافِقٌ فِي دَعْوَاهُ لِلْأَصْلِ. فَإِنْ قُلْت قَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ مُوَافِقَةً لِلْأَصْلِ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْإِثْبَاتِ، وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى مَلَاءَ الْمَدِينِ وَادَّعَى الْمَدِينُ الْعُسْرَ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِإِثْبَاتِهِ بِبَيِّنَةٍ مَعَ أَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْعُسْرُ. قُلْت قَدْ تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ؛ لِأَنَّ الْعُسْرَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ لَكِنَّ الْغَالِبَ الْمَلَاءُ وَمِنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ اسْتِصْحَابُ الْأَصْلِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ غَالِبٌ فَلَمَّا تَعَارَضَا هُنَا صَارَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ الْغَالِبَ. (قَوْلُهُ: إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ خَالَطَهُ إلَخْ) إنَّمَا يُحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ الْخُلْطَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي عَامَلَهُ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ: إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ خَالَطَهُ بِدَيْنٍ أَيْ مُتَرَتِّبٍ عَلَى بَيْعٍ لِأَجَلٍ أَوْ حَالٍّ، أَوْ قَرْضٍ وَلَوْ مَرَّةً بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ نَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ أَقْرَضَهُ، أَوْ بَاعَ لَهُ سِلْعَةَ كَذَا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَالٍّ، أَوْ مُؤَجَّلٍ وَلَا نَعْرِفُ قَدْرَ الثَّمَنِ، أَوْ الْقَرْضِ وَلَا نَعْلَمُ بَقَاءَهُ. (قَوْلُهُ: اللَّطْخُ) أَيْ حُصُولُ الظَّنِّ بِثُبُوتِ الْمُدَّعَى بِهِ. (قَوْلُهُ: لَا بِبَيِّنَةٍ جُرِّحَتْ) أَيْ لَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ بِبَيِّنَةٍ جُرِّحَتْ. (قَوْلُهُ: حِينَ شَهِدَتْ) أَيْ لِلْمُدَّعِي بِأَصْلِ الدَّيْنِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ. (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ وَأُمِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِعُرْفٍ أَوْ أَصْلٍ بِجَوَابِهِ فَإِنْ أَجَابَ بِالْإِقْرَارِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَجَابَ بِالْإِنْكَارِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أُخِذَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فُهِمَ مِنْ قُوَّةِ الْكَلَامِ) هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَلِذَا قِيلَ لَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبْيَضَّةِ قَدَّمَهُ عَلَى مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: لَا فِي الْأَمْرِ بِالْجَوَابِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ بَلْ يَأْمُرُهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْرُنَهُ) أَيْ أَنْ يَقْرُنَ قَوْلَهُ إنْ خَالَطَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ ظَاهِرًا فِي الْمُرَادِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ إلَخْ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَصَاحِبِ الْمَبْسُوطِ وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ لِجَرَيَانِ الْعَمَلِ بِهِ وَمَعْلُومٌ أَنْ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ إنْ خَالَفَهُ. (قَوْلُهُ: تَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الثَّمَانِيَةَ يَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا عَدَاهَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ التَّاجِرُ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ غَرِيبٌ، أَوْ بَلَدِيٌّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَأَمَّا دَعْوَى أَهْلِ السُّوقِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَسَحْنُونٌ لَا تَكُونُ الْخُلْطَةُ حَتَّى يَقَعَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا مُجَرَّدُ اجْتِمَاعِهِمَا فِي السُّوقِ فَلَا يَكْفِي فِي إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ سَحْنُونٌ وَكَذَا الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ وَالدَّرْسِ وَالْحَدِيثِ فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالضَّيْفَ) هُوَ لُغَةً مَنْ نَزَلَ عَلَيْك، أَوْ أَنْزَلْته لِلْغِذَاءِ سَوَاءٌ كَانَ غَرِيبًا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ.

يُدَّعَى عَلَيْهِ (وَ) إلَّا الدَّعْوَى (فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَثَوْبٍ بِعَيْنِهِ (وَ) إلَّا (الْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا) بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مِمَّنْ يَمْلِكُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يُودَعُ عِنْدَهُ مِثْلُهَا وَأَنْ يَكُونَ الْحَالُ يَقْتَضِي الْإِيدَاعَ كَالسَّفَرِ وَالْغُرْبَةِ (وَ) إلَّا (الْمُسَافِرَ) يَدَّعِي (عَلَى) بَعْضِ (رُفْقَتِهِ) بِشَيْءٍ مِنْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (وَ) إلَّا (دَعْوَى مَرِيضٍ) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يَدَّعِي عَلَى غَيْرِهِ بِدَيْنٍ (أَوْ) دَعْوَى (بَائِعٍ عَلَى) شَخْصٍ (حَاضِرٍ الْمُزَايَدَةَ) أَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَتَهُ بِكَذَا، وَالْحَاضِرُ يُنْكِرُ الشِّرَاءَ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ. وَإِذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ (فَإِنْ أَقَرَّ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) خَوْفَ جُحُودِهِ بَعْدُ. (وَلِلْحَاكِمِ تَنْبِيهُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْحَاكِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْخَامِ وَقَطْعِ النِّزَاعِ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ. (وَإِنْ أَنْكَرَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَجَابَ بِالْإِنْكَارِ (قَالَ) الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي (أَلَك بَيِّنَةٌ) فَإِنْ قَالَ نَعَمْ أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا وَأَعْذَرَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا يَأْتِي. (فَإِنْ نَفَاهَا) بِأَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي (وَاسْتَحْلَفَهُ) أَيْ طَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ وَحَلَفَ (فَلَا بَيِّنَةَ) تُقْبَلُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ (إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ) حِينَ تَحْلِيفِهِ خَصْمَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ نَسِيَهَا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا، ثُمَّ عَلِمَ وَكَذَا إذَا ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَشْهَدُ لَهُ، أَوْ أَنَّهَا مَاتَتْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا إنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ شَرَطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي عَدَمَ الْقِيَامِ بِبَيِّنَةٍ يَدَّعِي نِسْيَانَهَا، أَوْ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا وَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ (أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا) هَذَا فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ وَجَدَهُ بَعْدَ مَا اسْتَحْلَفَهُ وَحَلَفَ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا إذَا قَامَ بِهِ عُذْرٌ، أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا، وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَدَ ثَانِيًا أَنَّ الْحَلِفَ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ إمَّا لِكَوْنِ الْحَاكِمِ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ الْمُدَّعِي: لَيْسَ لِي غَيْرُ هَذَا فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ هُنَا خُصُوصُ الْغَرِيبِ سَوَاءٌ ضَافَ أَيْ نَزَلَ بِنَفْسِهِ فِي مَنْزِلِك لِأَجْلِ الْغِذَاءِ، أَوْ أَنْزَلْته أَنْتَ أَمْ لَا بِأَنْ نَزَلَ فِي مَسْجِدٍ مَثَلًا فَجَلَسْت عِنْدَهُ فَادَّعَيْت عَلَيْهِ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْك، أَوْ ادَّعَى عَلَيْك أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي مُعَيَّنٍ) الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْءُ الَّذِي لَمْ تَهْلِكْ عَيْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا مُشَاهَدًا أَمْ لَا لَا خُصُوصُ الْحَاضِرِ الْمُشَاهَدِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْجُوخَةَ الَّتِي كُنْت لَابِسًا لَهَا بِالْأَمْسِ جُوخَتِي، أَوْ الدَّابَّةَ الَّتِي عِنْدَك دَابَّتِي. (قَوْلُهُ: وَالْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا) اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يُحَلَّفُ فِيهَا إلَّا الْمُتَّهَمُ وَأَهْلُ الْوَدِيعَةِ لَيْسُوا مُتَّهَمِينَ اهـ بْن وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ دَعْوَى أَنَّهُ أُودِعَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ كَأَنْ تَدَّعِيَ عَلَى إنْسَانٍ بِأَنَّك أَوْدَعْته كَذَا وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُحَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدُونِ ثُبُوتِ خُلْطَةٍ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهَا لَا دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ الضَّيَاعِ كَمَا فَهِمَ ابْنُ عَاشِرٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُسَافِرَ) أَيْ الْمَرِيضَ كَمَا فِي نَصِّ أَصْبَغَ سَوَاءٌ كَانَ مَرَضُهُ مَخُوفًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: يَدَّعِي عَلَى بَعْضِ رُفْقَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ لَهُ مَالًا فِي السَّفَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا دَعْوَى مَرِيضٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَرَضِ هُنَا وَالْمَرَضِ الْمُقَيَّدِ بِهِ الْمُسَافِرُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْمَرَضُ هُنَا مَخُوفٌ وَمَرَضُ الْمُسَافِرِ مُطْلَقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكْرَارَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى شَخْصٍ حَاضِرِ الْمُزَايَدَةَ) أَيْ فِي سِلْعَتِهِ الَّتِي تَسَوَّقَ بِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِبَائِعٍ بَلْ كَذَلِكَ دَعْوَى مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَيُحَلَّفُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى حَاضِرٍ الْمُزَايَدَةَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى بَائِعٌ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَسَوُّقٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ كَمَا قَالَ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَرَّ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ الَّذِي اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ ذَلِكَ أَيْ التَّنْبِيهُ الْمَذْكُورُ وَهَذَا إضْرَابٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَخْيِيرِ الْحَاكِمِ فِي التَّنْبِيهِ، ثُمَّ إنَّ طَلَبَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا عَلَى صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَعْذَرَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ قَطَعَ عُذْرَهُ فِيهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَلَك مَطْعَنٌ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحْلَفَهُ) أَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالسِّينِ الْمُفِيدَةِ لِلطَّلَبِ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُعْتَدَّ بِهَا فِي مَقَامِ الْمُخَاصَمَةِ الْمُسْقِطَةَ لِلْبَيِّنَاتِ هُوَ الْيَمِينُ الْمَطْلُوبُ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ طَلَبِ خَصْمِهِ لَمْ تُفِدْهُ يَمِينُهُ وَلِخَصْمِهِ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَيْهِ ثَانِيًا وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ إذَا وَجَدَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ) أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً سَوَاءٌ كَانَ مَا ادَّعَى بِهِ الْمُدَّعِي شَيْئًا وَاحِدًا، أَوْ كَانَ أُمُورًا مُتَعَدِّدَةً فَالْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ كَافِيَةٌ فِي إسْقَاطِ الْخُصُومَاتِ وَفِي مَنْعِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَدِّدًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَلَا بَيِّنَةَ تُقْبَلُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَحَلَفَ وَأَخَذَ الْحَقَّ ثُمَّ وَجَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ بِهَا وَالرُّجُوعَ بِمَا دَفَعَهُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ فِي نَفْيِهِ لَهَا وَاسْتِحْلَافِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَنِسْيَانٍ) أَيْ لِلْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا) أَيْ أَصْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّسْيَانَ فَرْعُ تَقَدُّمِ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: فَيُفِيدُ أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَجَدَ الشَّاهِدَ الثَّانِيَ بَعْدَ مَا اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ طَلَبَ حَلِفَهُ وَحَلَفَ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَخْ) أَيْ، أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي الْأَمْوَالِ كَالْمَالِكِيِّ لَكِنْ

ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ وَيَضُمَّهُ لِلْأَوَّلِ. (أَوْ) عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ شَاهِدٍ (مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ) أَيْ الْيَمِينَ الْحَاكِمُ (الْأَوَّلُ) أَيْ لَمْ يَرَ الْحُكْمَ لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي مَذْهَبِهِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فِيمَا يُقْضَى فِيهِ عِنْدَنَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَهِيَ الْأَمْوَالُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا عِنْدَ حَاكِمٍ لَا يَرَى ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَاسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ أَيْ طَلَبَ الْمُقِيمُ يَمِينَهُ وَحَلَفَ، ثُمَّ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ الشَّاهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ لِعَزْلِ الْأَوَّلِ أَوْ مَوْتِهِ، أَوْ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ، أَوْ كَانَ بِقُطْرٍ آخَرَ وَيَحْلِفُ مَعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ بِذَلِكَ حَقَّهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَالْحُكْمِ لَهُ بِعَدَمِ دَفْعِهِ لِلْمُدَّعِي وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ " وَرَفَعَ الْخِلَافَ ". (وَ) لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْت قَدْ حَلَّفْتَنِي عَلَيْهِ سَابِقًا وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَهُ يَمِينُهُ) أَيْ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي (أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ، وَإِلَّا غَرِمَ، وَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَقَدْ حَلَّفَهُ سَابِقًا وَيَسْقُطُ الْحَقُّ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَبَرِئَ وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (وَكَذَا) لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي (أَنَّهُ عَالِمٌ) حَقُّهُ: أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ (بِفِسْقِ شُهُودِهِ) فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَ الْأَمْرُ بِحَالِهِ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ الْحَقُّ فَالْمُدَّعِي يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِفِسْقِهِمْ وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنَّهُ عَالِمٌ مَعْمُولٌ لِادَّعَى مُقَدَّرًا أَيْ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ عَالِمٌ إلَخْ حَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فَذَكَرَ كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى وَتَرَكَ كَيْفِيَّةَ الْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ الدَّعْوَى الَّتِي أَقَامَ الْمُدَّعِي فِيهَا شَاهِدًا لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ) أَيْ كَانَ نَاسِيًا لَهُ، أَوْ غَائِبًا وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيَضُمَّهُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ وَيُعْمَلَ بِشَهَادَتِهِمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِانْفِرَادِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالرَّدِّ مُعَلَّلٌ بِالِانْفِرَادِ فَيَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وَيَنْتَفِي بِانْتِفَائِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الْحَلِّ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَطَفَ عَلَى لِعُذْرٍ مَحْذُوفًا مَعَ ثَلَاثِ مُضَافَاتٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْتَ هَذَا التَّصْوِيرَ وَجَدْت الِاسْتِثْنَاءَ بِالنَّظَرِ لِهَذَا الْفَرْعِ مُنْقَطِعًا إذْ لَيْسَ فِيهِ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ بَعْدَ نَفْيِهَا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ عَدَمَ عَمَلِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ بِمَنْزِلَةِ نَفْيِ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَرَفْعِ الْمُدَّعِي لِمَنْ يَعْمَلُ بِهَا وَهُوَ الْقَاضِي الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ إقَامَتِهَا فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا يَرَى ذَلِكَ) أَيْ كَالْحَنَفِيِّ وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَيْ وَحَكَمَ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ طَلَبَ الْمُقِيمُ) أَيْ مُقِيمُ الشَّاهِدِ وَهُوَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ وَقَوْلُهُ: وَحَلَفَ أَيْ وَحَكَمَ لَهُ بِعَدَمِ دَفْعِ شَيْءٍ لِلْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ: عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ آخَرَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ. (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ مَعَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يُقِيمُ ذَلِكَ الشَّاهِدَ أَيْ ثُمَّ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ الشَّاهِدَ وَأَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ فَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَمُّ شَاهِدٍ لِآخَرَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ حَلَفَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَرَفَعَ الْخِلَافَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ لَمْ يَرْفَعْ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ إذْ لَوْ رَفَعَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ الشَّاهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ وَيَحْلِفَ مَعَهُ وَيَأْخُذَ حَقَّهُ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ ذَلِكَ الشَّاهِدِ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَحَكَمَ بِعَدَمِ دَفْعِهِ لِلْمُدَّعِي وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ ذَكَرَهُ طفى وَنَقَلَهُ فِي المج وَسَلَّمَهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَيْ أَعْرَضَ عَنْهُ لِانْفِرَادِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ، ثُمَّ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِعَدَمِ دَفْعِهِ لَهُ وَأَمَّا لَوْ حَكَمَ بِبُطْلَانِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، أَوْ حَكَمَ بِعَدَمِ دَفْعِ شَيْءٍ لِلطَّالِبِ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ إقَامَةُ الشَّاهِدِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فَغَايَةُ مَا فِي فَرْعِ الْمُصَنِّفِ إهْمَالُ الشَّاهِدِ وَتَرْكُ الْحُكْمِ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ فِي هَذَا الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ الْآنَ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُ وَكَانَ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالْحَقِّ إنْ وَجَدَهَا وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ - أَنَّهُ قَدْ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى سَابِقًا -، ثُمَّ لَا يَحْلِفُ مَرَّةً أُخْرَى وَقَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَقَدْ بَرِئَ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا يَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلَ غَرِمَ الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الْمُدَّعِي وَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ أَوَّلًا فَإِنْ حَلَفَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا نَكَلَ الْمُدَّعِي لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ عَلَيْهِ وَهِيَ حَلِفُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ: وَبَرِئَ أَيْ إنْ حَلَفَهَا وَإِلَّا غَرِمَ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ رَدُّهَا) أَيْ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدُّ الْيَمِينِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: بَقِيَ الْأَمْرُ بِحَالِهِ) أَيْ مِنْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُدَّعِي يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِفِسْقِهِمْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا حَقٌّ (قَوْلُهُ: فَذَكَرَ كَيْفِيَّةَ الدَّعْوَى) أَيْ كَيْفِيَّةَ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ

أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِفِسْقِهِمْ لِظُهُورِهَا مِمَّا ذُكِرَ. (وَأَعْذَرَ) الْقَاضِي (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وهَذَا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى قَسِيمِ قَوْلِهِ فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَهُ فَلَا بَيِّنَةَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْفِهَا بِأَنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا فَإِنْ أَحْضَرَهَا وَسَمِعَ شَهَادَتَهَا أَعْذَرَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ سَأَلَهُ عَنْ عُذْرِهِ (بِأَبْقَيْت لَك حُجَّةٌ) أَيْ مَطْعَنٌ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ حَكَمَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا أَنْظَرَهُ كَمَا يَأْتِي وَالْإِعْذَارُ وَاجِبٌ وَالْحُكْمُ بِدُونِهِ بَاطِلٌ فَيُنْقَضُ وَيُسْتَأْنَفُ (وَ) إذَا كَانَ الْمُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ غَائِبًا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ لِكَوْنِهِ أُنْثَى (نُدِبَ تَوْجِيهُ مُتَعَدِّدٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِعْذَارِ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ الْعَدْلُ. وَاسْتَثْنَى خَمْسَ مَسَائِلَ لَا إعْذَارَ فِيهَا بِقَوْلِهِ (إلَّا الشَّاهِدَ بِمَا) أَيْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْقَاضِي لِمُشَارَكَتِهِ لَهُمْ فِي سَمَاعِ الْإِقْرَارِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ فِي الشُّهُودِ الْحَاضِرِينَ إذْ لَوْ أَعْذَرَ فِيهِمْ لَلَزِمَ الْإِعْذَارُ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُعْذِرُ فِي نَفْسِهِ. (و) إلَّا شَاهِدًا أَيْ جِنْسَهُ (مُوَجِّهَهُ) الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِفِسْقِهِمْ) بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَأَعْذَرَ إلَيْهِ) إمَّا مُسْتَأْنَفٌ، أَوْ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَسَمِعَهَا الْقَاضِي وَأَعْذَرَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ إلَى مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ مَا يَشْمَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعِيَ إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِتَجْرِيحِ بَيِّنَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلْيُجِبْ عَنْ الْمُجَرِّحِ وَلَوْ عَمَّمَ فِي كَلَامِهِ هُنَا كَانَ مَا يَأْتِي مُكَرَّرًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْضَرَهَا وَسَمِعَ شَهَادَتَهَا أَعْذَرَ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ فَإِذَا جَاءَ الْخَصْمُ ذَكَرَ لَهُ الْقَاضِي أَسْمَاءَ الشُّهُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَمَسَاكِنَهُمْ فَإِنْ ادَّعَى فِيهِمْ مَطْعَنًا كَلَّفَهُ إثْبَاتَهُ وَإِلَّا حَكَمَ عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَبَ إحْضَارَ الْبَيِّنَةِ ثَانِيًا لِيَشْهَدُوا بِحَضْرَتِهِ لَمْ يُجَبْ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ سَأَلَهُ عَنْ عُذْرِهِ) ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْهَمْزَةَ فِي أَعْذَرَ إلَيْهِ لِلسَّلْبِ أَيْ قَطَعَ عُذْرَهُ وَأَزَالَهُ وَلَمْ يُبْقِ لَهُ عُذْرًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَثْبَتَ عُذْرَهُ وَحُجَّتَهُ فَهُوَ كَقَوْلِك أَعْجَمْت الْكِتَابَ أَيْ أَزَلْت عُجْمَتَهُ بِالنَّقْطِ وَشَكَا إلَيَّ زَيْدٌ فَأَشْكَيْتُهُ أَيْ أَزَلْتُ شِكَايَتَهُ. (قَوْلُهُ: بِأَبْقَيْت إلَخْ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ إعْذَارًا مُصَوَّرًا أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ، أَوْ أَلَك مَطْعَنٌ أَوْ قَادِحٌ، أَوْ مَدْفَعٌ، أَوْ مَقَالٌ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ حَكَمَ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِهِ نَفْيُهُ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَا مَطْعَنَ عِنْدِي وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِلَّا يَنْفِهِ وَلَكِنْ وَعَدَ بِإِثْبَاتِهِ أَنْظَرَهُ فَإِنْ أَرَادَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الطَّعْنَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ الْمَحْكُومَ بِشَهَادَتِهَا فَلَا يُقْبَلُ طَعْنُهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْهَا وَكَانَ عَدَمُ طَعْنِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ بَيِّنَةٍ تَطْعَنُ أَوْ نَسِيَهَا، أَوْ كَانَتْ غَائِبَةً فَلَهُ الطَّعْنُ بَعْدَ الْحُكْمِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْهَدُ بِذَلِكَ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَكَذَا يُقَالُ إذَا أَمْهَلَهُ، ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِعْذَارُ وَاجِبٌ) مَحَلُّ وُجُوبِهِ إنْ ظَنَّ الْقَاضِي جَهْلَ مَنْ يُرِيدُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ الطَّعْنَ، أَوْ ضَعْفَهُ وَأَمَّا إنْ ظَنَّ عِلْمَهُ بِأَنَّ لَهُ الطَّعْنَ وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ بَلْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِدُونِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ بِدُونِهِ بَاطِلٌ فَيُنْقَضُ وَيَسْتَأْنِفُ) هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبُرْزُلِيِّ وَقَالَ النَّاصِرُ: لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِدُونِ إعْذَارٍ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفَ الْإِعْذَارَ فَإِنْ أَبْدَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مَطْعَنًا نَقَضَهُ وَإِلَّا بَقِيَ الْحُكْمُ وَهُوَ لَا يُعَادِلُ الْأَوَّلَ لِحِكَايَةِ صَاحِبِ الْمِعْيَارِ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَيْهِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ بِدُونِ الْإِعْذَارِ مَحَلُّهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْخَصْمَيْنِ وَالْقَاضِي وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَدَمَ الْإِعْذَارِ وَادَّعَى الْقَاضِي أَوْ الْمَحْكُومُ لَهُ الْإِعْذَارَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ كَمَا قَالَ الْأَخَوَانِ وَقَالَ غَيْرُهُمَا يُسْتَأْنَفُ الْإِعْذَارُ فَإِنْ أَبْدَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مَطْعَنًا نُقِضَ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: غَائِبًا) أَيْ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ لِكَوْنِهِ أُنْثَى وَسَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: نُدِبَ تَوْجِيهُ مُتَعَدِّدٍ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يُرْسِلَ الْقَاضِي اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ لِذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ يَقُولَانِ لَهُ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ عَلَيْك بَيِّنَةً فُلَانًا وَفُلَانًا أَلَك مَطْعَنٌ فِيهَا فَالْإِعْذَارُ لَهُ بِوَاحِدٍ وَاجِبٌ وَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّعَدُّدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ تَوْجِيهِ الْمُتَعَدِّدِ فِي الْإِعْذَارِ لِلْغَائِبِ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً وَأَمَّا الْغَائِبُ غَيْبَةً بَعِيدَةً، أَوْ مُتَوَسِّطَةً كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ مَعَ الْأَمْنِ وَالثَّلَاثَةِ مَعَ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ وَإِذَا قَدِمَ أَعْذَرَ لَهُ فِي الشُّهُودِ بَعْدَ تَسْمِيَتِهِمْ لَهُ فَإِنْ أَبْدَى فِيهِمْ مَطْعَنًا وَأَثْبَتَهُ نُقِضَ الْحُكْمُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ لَمْ يُعْذِرْ فِيهِمْ بَعْدَ قُدُومِهِ نُقِضَ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا الشَّاهِدَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقِّ الْمُدَّعِي فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ بِلُزُومِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ فِي الشُّهُودِ الشَّاهِدِينَ عَلَى الْإِقْرَارِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: لِمُشَارَكَتِهِ) أَيْ الْقَاضِي لَهُمْ أَيْ الشُّهُودِ فِي سَمَاعِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا إعْذَارَ فِيهِمْ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ جِنْسَهُ) أَيْ الصَّادِقَ بِاثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِسَمَاعِ دَعْوَى) أَيْ فَإِذَا وَجَّهَهُمَا الْقَاضِي

أَوْ لِتَحْلِيفٍ أَوْ حِيَازَةٍ فَلَا إعْذَارَ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُمْ مَقَامَ نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُعْذِرُ فِي نَفْسِهِ. (وَ) إلَّا (مُزَكِّيَ السِّرِّ) أَيْ مُخْبِرَ الْقَاضِي سِرًّا بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ فَلَا إعْذَارَ فِيهِ وَكَذَا مُجَرِّحُهُمْ وَلَيْسَ عَلَى الْحَاكِمِ تَسْمِيَتُهُ وَلَوْ سُئِلَ عَمَّنْ عَدَّلَ أَوْ جَرَّحَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ. (وَ) إلَّا (الْمُبَرِّزَ) أَيْ الْفَائِقُ فِي الْعَدَالَةِ لَا إعْذَارَ فِيهِ (بِغَيْرِ عَدَاوَةٍ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْ أَوْ قَرَابَةٍ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَأَمَّا بِهِمَا فَيُعْذِرُ. (وَ) إلَّا مَنْ يُخْشَى (مِنْهُ) الضَّرَرُ عَلَى بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَيْهِ، أَوْ جُرِّحَتْ بَيِّنَتُهُ فَلَا إعْذَارَ إلَيْهِ فِيهَا بَلْ لَا تُسَمَّى لَهُ (وَ) إذَا أَعْذَرَ إلَيْهِ فَقَالَ: لِي فِيهَا مَطْعَنٌ مِنْ فِسْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ (أَنْظَرَهُ) الْقَاضِي (لَهَا) أَيْ لِلْحُجَّةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا أَيْ لِإِثْبَاتِهَا (بِاجْتِهَادِهِ) بِمَا يَقْتَضِيهِ نَظَرُهُ فَلَيْسَ لِأَمَدِهَا زَمَنٌ مُعَيَّنٌ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا (حَكَمَ) عَلَيْهِ (كَنَفْيِهَا) أَيْ كَمَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ لَوْ نَفَاهَا بِأَنْ قَالَ لَا حُجَّةَ لِي. (وَلْيُجِبْ) الْقَاضِي مَنْ سَأَلَهُ: مَنْ جَرَّحَ بَيِّنَتِي (عَنْ) تَعْيِينِ (الْمُجَرِّحِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ، إنْ لَمْ يَخْشَ مِنْهُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِسَمَاعِ دَعْوَى مِنْ مَرِيضٍ، أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْذِرُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَحْلِيفٍ) أَيْ تَحْلِيفِ امْرَأَةٍ، أَوْ مَرِيضٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْذِرَ لِطَالِبِ الْيَمِينِ فِي الشَّاهِدَيْنِ الْمُوَجَّهَيْنِ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ حِيَازَةٍ) أَيْ إنْ أَرْسَلَهُمَا الْقَاضِي لِحِيَازَةِ دَارٍ أُرِيدَ بَيْعُهَا عَلَى غَائِبٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ مُخْبِرَ الْقَاضِي سِرًّا بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ) أَيْ الْمُلَازِمِينَ لَهُ لِسَمَاعِ إقْرَارِ الْخُصُومِ وَالشُّهُودِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عِنْدَهُ فِي الْوَقَائِعِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ " مُزَكِّيَ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِهَا أَيْ الشَّاهِدَ الْمُزَكَّى سِرًّا وَعَلَى كِلَيْهِمَا فَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى فِي وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَوْلَى؛ لِأَنَّ عَدَالَةَ الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ ثَابِتَةٌ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَعَدَالَةَ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ ثَابِتَةٌ بِعِلْمِ الْمُزَكِّي لَا بِعِلْمِ الْقَاضِي وَحِينَئِذٍ فَعَدَالَةُ الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ أَقْوَى فَإِذَا لَمْ يُعْذِرْ فِي الْأَضْعَفِ لَا يُعْذِرُ فِي الْأَقْوَى مِنْ بَابِ أَوْلَى وَحِينَئِذٍ فَالْفَتْحُ يُفِيدُ عَدَمَ الْإِعْذَارِ فِي الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ وَأَمَّا قِرَاءَتُهُ بِالْكَسْرِ فَلَا تُفِيدُ عَدَمَ الْإِعْذَارِ فِيمَنْ زَكَّاهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُجَرِّحُهُمْ) أَيْ لَا إعْذَارَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سُئِلَ عَمَّنْ عَدَّلَ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ سَأَلَ الْمَطْلُوبُ الْقَاضِيَ عَمَّنْ زَكَّى بَيِّنَةَ الطَّالِبِ وَعَدَّلَهَا، أَوْ سَأَلَ الطَّالِبُ عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُزَكِّيَ لِلْأُولَى وَالْمُجَرِّحَ لِلثَّانِيَةِ مُزَكِّي السِّرِّ فَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنْ يُسَمِّيَهُ لَهُ وَلَا يَلْتَفِتَ لِسُؤَالِ ذَلِكَ السَّائِلِ بِذِكْرِ الْمُعَدِّلِ أَوْ الْمُجَرِّحِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقِيمُ لِذَلِكَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْفَائِقَ) أَيْ لِأَقْرَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِهِمَا فَيُعْذِرُ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلَك مَطْعَنٌ فِيهِ بِعَدَاوَةٍ لَك، أَوْ بِقَرَابَةٍ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ قَدَحَ فِيهِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قُبِلَ قَدَحُهُ وَإِنْ قَدَحَ فِيهِ بِغَيْرِهِمَا كَأَكْلٍ فِي سُوقٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَدَحُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَرِّزَ لَا يُسْمَعُ الْقَدَحُ فِيهِ إلَّا بِالْعَدَاوَةِ، أَوْ الْقَرَابَةِ وَأَمَّا بِغَيْرِهِمَا فَلَا يُسْمَعُ الْقَدَحُ بِهِ فِيهِ وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْمُبَرِّزِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لَا يُقْبَلُ الْقَدَحُ فِيهِ بِأَيِّ قَادِحٍ كَانَ وَلَوْ بِعَدَاوَةٍ، أَوْ قَرَابَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا إعْذَارَ إلَيْهِ فِيهَا بَلْ لَا تُسَمَّى لَهُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْإِعْذَارِ هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي ابْنِ بَشِيرٍ أَحَدِ تَلَامِذَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ غَيْرُ ابْنِ بَشِيرٍ تِلْمِيذِ الْمَازِرِيِّ وَلَفْظُ ابْنِ يُونُسَ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَشْهَدُ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي سِرًّا وَإِنْ خَافُوا مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُمْ؛ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَيُعْذِرَ إلَيْهِمْ فِيهِمْ فَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ حُجَّةٌ وَمِثْلُ مَا لِابْنِ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ هَذَا خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفُ أَتَى بِهِ جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ فَقَطْ اُنْظُرْ طفى وبن وَقَدْ يُجَابُ عَنْ تَضْعِيفِهِمْ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بِعَدَمِ الْإِعْذَارِ لِمَنْ يُخْشَى مِنْهُ عَلَى الْبَيِّنَةِ لَكِنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يُهْمِلَ حَقَّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْ التَّفْتِيشِ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَتَنَزَّلُ فِي السُّؤَالِ عَنْهُمْ مَنْزِلَةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعْذَارِ إلَيْهِ حَاصِلٌ بِغَيْرِهِ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَعْذَرَ إلَيْهِ) أَيْ لِمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. (قَوْلُهُ: أَيْ لِإِثْبَاتِهَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِأَمَدِهَا) أَيْ لِأَمَدِ إثْبَاتِهَا بِالْبَيِّنَةِ. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ أَيْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَدَدُهُ وَإِلَّا حَكَمَ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ كَمَا إذَا نَفَاهَا وَكَمَا لَوْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ بَعِيدَةُ الْغَيْبَةِ كَالْعِرَاقِ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ يَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقِيمُهَا عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي، أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ اهـ خش. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا) أَيْ بِالْحُجَّةِ بِمَعْنَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْمَطْعَنِ. (قَوْلُهُ: وَلْيُجِبْ عَنْ الْمُجَرِّحِ) حَاصِلُهُ أَنْ الْمُدَّعِيَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فِي حَلِفِهِ فَإِذَا سَأَلَ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ وَيُوَجِّهَ لَهُ الْإِعْذَارَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْمُجَرِّحِ وَالْمُدَّعِي عَدَاوَةٌ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَرَابَةٌ وَهَذَا إذَا كَانَ التَّجْرِيحُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهَا الضَّرَرُ مِنْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مُزَكِّي سِرٍّ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُجَرِّحُ مُزَكِّيَ سِرٍّ، أَوْ بَيِّنَةً يُخْشَى عَلَيْهَا الضَّرَرُ مِنْ الْمُدَّعِي فَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ تَعْيِينُ الْمُجَرِّحِ وَلَا يَلْتَفِتُ لِسُؤَالِ الْمُدَّعِي عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ التَّجْرِيحُ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا الْقَاضِي

(وَ) إذَا أَنْظَرَهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِحُجَّتِهِ فَإِنَّهُ (يُعَجِّزُهُ) أَيْ يَحْكُمُ بِعَجْزِهِ أَيْ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَةٍ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ زِيَادَةٍ عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَيَكْتُبُ ذَلِكَ فِي سِجِلِّهِ بِأَنْ يَقُولَ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ حُجَّةً وَقَدْ أَنْظَرْنَاهُ بِالِاجْتِهَادِ فَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَحَكَمْنَا بِعَجْزِهِ فَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمَ التَّعْجِيزِ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ نَعَمْ إذَا عَجَّزَهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَلَهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا أَوْ نَسِيَهَا. ثُمَّ اسْتَثْنَى خَمْسَ مَسَائِلَ لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعْجِيزُ فِيهَا فَقَالَ (إلَّا فِي دَمٍ) كَادِّعَاءِ شَخْصٍ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ عَمْدًا وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَأَنْظَرَهُ لِيَأْتِيَ بِهَا فَلَمْ يَأْتِ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِتَعْجِيزِهِ عَنْ قِيَامِهَا فَمَتَى أَتَى بِهَا حَكَمَ بِقَتْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (وَحُبْسٍ) أَيْ وَقْفٍ ادَّعَاهُ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ حَبَّسَهُ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ فَطَلَبَ الْحَاكِمُ مِنْهُ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَعَجَزَ عَنْهَا فِي الْحَالِ فَلَا يَحْكُمُ بِتَعْجِيزِهِ وَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا مَتَى وَجَدَهَا، وَإِنْ مَنَعَهُ الْآنَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ. (وَعِتْقٍ) ادَّعَاهُ الرَّقِيقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَقَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَتِهَا فَلَا يَحْكُمُ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا إنْ وَجَدَهَا، وَإِنْ حَكَمَ بِبَقَائِهِ الْآنَ عَلَى الرِّقِّ. (وَنَسَبٍ) كَادِّعَائِهِ أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَعَجَزَ عَنْ إقَامَتِهَا فَلَا يَحْكُمُ بَعْدَ سَمَاعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ نَسَبَهُ الْآنَ. (وَطَلَاقٍ) ادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَأَنَّ لَهَا بَيِّنَةً وَعَجَزَتْ عَنْ إقَامَتِهَا الْآنَ فَلَا يَحْكُمُ بِإِبْطَالِ سَمَاعِهَا، وَإِنْ حَكَمَ أَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ (وَكَتَبَهُ) أَيْ التَّعْجِيزَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فِي سِجِلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلِمَ فِي الْبَيِّنَةِ شَيْئًا يَرُدُّ شَهَادَتَهُمْ فَرَدَّهَا فَلَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا جَوَابٌ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَنِدَ لِعِلْمِهِ فِي التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا أَنْظَرَهُ) أَيْ أَنْظَرَ مَنْ كَانَ مُطَالَبًا بِالْبَيِّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا طُلِبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ لَهُ بِمَا يَدَّعِيهِ، أَوْ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ طُلِبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ الْمُجَرِّحَةُ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ فَهَذَا انْتِقَالٌ لِمَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: زِيَادَةٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْحُكْمِ بِعَجْزِهِ زِيَادَةً أَيْ زَائِدًا عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ. (قَوْلُهُ: وَيَكْتُبُ ذَلِكَ) أَيْ التَّعْجِيزَ فِي سِجِلِّهِ وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَكَتَبَهُ فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ عَدَمُ ذِكْرِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ بِأَنْ يَكْتُبَ فِيهِ وَادَّعَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي فَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا أَنَّهُ مِمَّا يُكْتَبُ فِي السِّجِلِّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْمُعَجَّزِ إذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ قِيلَ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقِيلَ تُقْبَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ كَنِسْيَانِهَا، أَوْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ فِي الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إذَا عَجَّزَ الْمَطْلُوبَ وَقَضَى عَلَيْهِ أَنَّ الْحُكْمَ يَمْضِي وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا عَجَّزَ الطَّالِبَ فَإِنَّ تَعْجِيزَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ وَأَمَّا إذَا عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْإِعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ حُجَّةً فَلَا تُقْبَلُ لَهُ حُجَّةٌ بَعْدَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهَا وَحَلَفَ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ أَيْ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: أَيْ خَوْفًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَكْتُبُ ذَلِكَ فِي سِجِلِّهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا، أَوْ نَسِيَهَا) أَيْ إنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَمَحَلُّ إقَامَتِهِ لَهَا إنْ عَجَّزَهُ مَعَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ لَا مَعَ ادِّعَائِهِ حُجَّةً فَلَا يُقِيمُهَا وَلَوْ مَعَ ادِّعَاءِ نِسْيَانِ بَيِّنَتِهِ وَحَلِفِهِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ إقَامَتُهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا، أَوْ مَطْلُوبًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ كَانَ طَالِبًا لَا مَطْلُوبًا عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي دَمٍ وَحُبْسٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَجِّزَ طَالِبَ إثْبَاتِهَا سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِالْعَجْزِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لَهَا وَأُنْظِرَ فَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَإِنْ عَجَّزَهُ كَانَ حُكْمُهُ بِالتَّعْجِيزِ غَيْرَ مَاضٍ فَإِذَا قَالَ مُدَّعِي الدَّمِ، أَوْ الْحَبْسِ، أَوْ الْعِتْقِ، أَوْ النَّسَبِ أَوْ الطَّلَاقِ: لِي بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَأُمْهِلَ لِلْإِتْيَانِ بِهَا فَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الدَّمِ وَالْحَبْسِ وَالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَلَا يَحْكُمُ بِتَعْجِيزِ ذَلِكَ الْمُدَّعِي فَإِنْ حَكَمَ بِعَجْزِهِ كَانَ حُكْمُهُ غَيْرَ مَاضٍ وَأَمَّا طَالِبُ نَفْيِهَا فَإِنَّهُ يَمْضِي حُكْمُهُ بِتَعْجِيزِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسَةِ الدَّمِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُبْسِ وَالْعِتْقِ فَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي الدَّمِ، أَوْ النَّسَبِ أَوْ الطَّلَاقِ، أَوْ الْحَبْسِ، أَوْ الْعِتْقِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدِي بَيِّنَةٌ تُجَرِّحُ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي فَإِذَا أُمْهِلَ وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ حَكَمَ الْقَاضِي بِثُبُوتِ الدَّمِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُبْسِ وَالْعِتْقِ وَتَعْجِيزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا عَجَّزَهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ كَذَا قَالَ الْجِيزِيُّ وَارْتَضَاهُ بْن وَقَالَ عج: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لَيْسَ لِلْقَاضِي تَعْجِيزُهُ أَصْلًا فِيهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عج يَقُولُ إنَّ النَّفْيَ كَالْإِثْبَاتِ فِي عَدَمِ التَّعْجِيزِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسَةِ وَالْجِيزِيُّ يَقُولُ لَيْسَ النَّفْيُ فِيهَا كَالْإِثْبَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ وَكَلَامُ خش فِي كَبِيرِهِ عَنْ بَعْضِ التَّقَارِيرِ يُقَوِّي مَا قَالَهُ عج. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْكُمُ بِتَعْجِيزِهِ) فَإِنْ حَكَمَ بِتَعْجِيزِهِ كَانَ الْحُكْمُ بَاطِلًا وَقَوْلُهُ: حَكَمَ بِقَتْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ بِعَدَمِ قَتْلِهِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَهُ الْآنَ) أَيْ وَإِنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِعَدَمِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْكُمُ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا) فَإِنْ حَكَمَ كَانَ حُكْمُهُ غَيْرَ مَاضٍ وَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا إذَا وَجَدَهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ نَسَبَهُ الْآنَ) أَيْ وَإِنْ حَكَمَ بِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ الْآنَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَكَمَ أَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ) أَيْ وَإِنْ حَكَمَ بِبَقَائِهَا

(وَإِنْ لَمْ يُجِبْ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ (حُبِسَ وَأُدِّبَ) بِالضَّرْبِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ (حَكَمَ) عَلَيْهِ بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الْإِقْرَارِ (بِالْحَقِّ بِلَا يَمِينٍ) مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ فَرْعُ الْجَوَابِ وَهُوَ لَمْ يُجِبْ. (وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ فَإِنْ بَيَّنَهُ الْمُدَّعِي عُمِلَ بِهِ إذْ قَدْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غُرْمٌ كَالْقِمَارِ وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غُرْمٌ قَلِيلٌ كَالرِّبَا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يُطْلَبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَوَابٍ (وَ) لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي نَسِيتُهُ ثُمَّ قَالَ تَذَكَّرْتُهُ، وَإِنَّهُ كَذَا (قُبِلَ نِسْيَانُهُ بِلَا يَمِينٍ) مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ. (وَإِنْ) (أَنْكَرَ مَطْلُوبٌ) بِحَقٍّ (الْمُعَامَلَةَ) مِنْ أَصْلِهَا بِأَنْ قَالَ لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ (فَالْبَيِّنَةُ) عَلَى الْمُدَّعِي تَشْهَدُ بِالْحَقِّ عَلَى الْمَطْلُوبِ (ثُمَّ) بَعْدَ إقَامَتِهَا (لَا تُقْبَلُ) مِنْ الْمَطْلُوبِ (بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ) لِذَلِكَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ بِالْقَضَاءِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (لَا حَقَّ) أَوْ لَا دَيْنَ (لَك عَلَيَّ) فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَتَهُ بِالدَّيْنِ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ بِالْقَضَاءِ فَتُقْبَلُ إذْ كَلَامُهُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ إذْ قَوْلُهُ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ حَقٌّ وَقَضَاهُ. (وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ) كَالْقَتْلِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (فَلَا يَمِينَ) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِمُجَرَّدِهَا) مِنْ الْمُدَّعِي بَلْ حَتَّى يُقِيمَ عَلَيْهَا شَاهِدًا وَاحِدًا فَيَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ (وَلَا تُرَدُّ) عَلَى الْمُدَّعِي إذْ لَا ثَمَرَةَ فِي رَدِّهَا عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلَا تُرَدُّ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ بِأَنْ أَقَامَ عَدْلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْعِصْمَةِ الْآنَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ) أَيْ بِأَنْ سَكَتَ. (قَوْلُهُ: حُبِسَ وَأُدِّبَ بِالضَّرْبِ) أَيْ وَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي فِي قَدْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ) أَيْ بَعْدَ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ حَكَمَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ شَكُّهُ فِي أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَا يَدَّعِيهِ فَإِذَا أَمَرَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ فَقَالَ عِنْدِي شَكٌّ فِي أَنَّ لَهُ عِنْدِي مَا يَدَّعِيهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعِي كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الْمُدَّعِي وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَى بِهِ وَقَالَ: يُحَلَّفُ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى بِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ) أَيْ الَّذِي تَرَتَّبَ الدَّيْنُ لِأَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: قُبِلَ نِسْيَانُهُ) أَيْ دَعْوَاهُ نِسْيَانَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ) أَيْ تَشْهَدُ بِالْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْحَقِّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ بِالْقَضَاءِ) وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ مَا إذَا أَنْكَرَ الْمَطْلُوبُ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ بِهَا وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَلَكِنَّهُ قَضَاهُ إيَّاهُ وَأَقَامَ عَلَى الْقَضَاءِ بَيِّنَةً فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْقَضَاءِ كَمَا فِي النَّوَادِرِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ أَوَّلًا تَكْذِيبٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ) أَيْ قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمِائَةٍ مِنْ قَرْضٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُهُ الْمَذْكُورُ) أَعْنِي قَوْلَهُ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ، أَوْ لَا دَيْنَ لَك عَلَيَّ هَذَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ وَهُمَا لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي وَبَيْنَك وَلَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْعَامِّيِّ وَأَمَّا الْعَامِّيُّ فَيُعْذَرُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي الصِّيغَتَيْنِ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ ح فِي بَابِ الْوَكَالَةِ عَنْ الرُّعَيْنِيِّ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَالْعِتْقِ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا) فَإِذَا ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ بِكَذَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ السَّيِّدِ، أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ، أَوْ غَيْرُهَا عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَلَمْ تُقِمْ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى وَلِيِّ مُجْبَرَةٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِنْتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى الْوَلِيِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا مَسَائِلُ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَيُحَلَّفُ الطَّالِبُ إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ عِلْمُ الْعَدَمِ كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَادَّعَى الْإِعْسَارَ وَأَنَّ الطَّالِبَ يَعْلَمُ بِعُسْرِهِ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ الْعِلْمَ بِعُسْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَطْلُوبِ فَإِنَّ الطَّالِبَ يُحَلَّفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِعُسْرِهِ وَيُحْبَسُ الْمَطْلُوبُ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: وَكَذَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا وَمِنْهَا قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَلِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ وَمِنْهَا الْمُتَّهَمُ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبُ، أَوْ السَّرِقَةُ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ لَا يَثْبُتُ مُوجَبُهُمَا مِنْ أَدَبٍ وَقَطْعٍ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمُدَّعَى بِهِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَمِنْهَا مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَذَفَهُ فَتَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ الْآخَرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمُنَازَعَةٍ وَتَشَاجُرٍ كَانَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يُحَلَّفْ اُنْظُرْ ح وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَنَّ الدَّعْوَى الَّتِي تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا وَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي إنْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَذَا الْيَمِينُ الَّتِي يَحْلِفُهَا الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ، أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ إذَا نَكَلَ عَنْهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا غَرِمَ بِنُكُولِهِ وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَأَنْكَرَ فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الرِّقَّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ فَدَعْوَى ذَلِكَ الْمُدَّعِي رُقْيَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَمَّا كَانَتْ خِلَافَ الْأَصْلِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ ضَعُفَتْ جِدًّا فَلَمْ تَتَوَجَّهْ الْيَمِينُ لِإِبْطَالِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ) أَيْ تِلْكَ الْيَمِينُ الَّتِي يَحْلِفُهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْمُدَّعِي أَيْ لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى

فَقَطْ تَوَجَّهَتْ وَلَا تُرَدُّ لَكِنَّ تَوَجُّهَهَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَإِنْ حَلَفَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالسَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ تُرِكَ، وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ دُيِّنَ وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَلَا تَتَوَجَّهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ فُلَانًا زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ وَأَنْكَرَ الْأَبُ فَأَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدًا وَاحِدًا بِذَلِكَ فَلَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبِ وَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ وَسَيَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الشَّهَادَاتِ فِي قَوْلِهِ وَحُلِّفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ لَا نِكَاحٍ فَقَوْلُهُ هُنَا (كَنِكَاحٍ) مِثَالٌ لِمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ لَا مِثَالٌ لِمَا تَتَوَجَّهُ فِيهِ الْيَمِينُ مَعَ شَاهِدِ الْمُدَّعِي. (وَأَمَرَ) الْقَاضِي نَدْبًا (بِالصُّلْحِ) (ذَوِي الْفَضْلِ) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ (وَ) ذَوِي (الرَّحِمِ) أَيْ الْأَقَارِبَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ أَمْرٌ يُوجِبُ الشَّحْنَاءَ وَالتَّفَرُّقَ بِخِلَافِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لِجَمْعِ الْخَوَاطِرِ وَتَأْلِيفِ النُّفُوسِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا (كَأَنْ خَشِيَ) الْحَاكِمُ بِحُكْمِهِ (تَفَاقُمَ) أَيْ اتِّسَاعَ (الْأَمْرِ) أَيْ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فَيَأْمُرُهُمَا بِالصُّلْحِ لَكِنَّ فِي هَذَا وُجُوبًا سَدًّا لِلْفِتْنَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَأْمُرُ مَنْ ذُكِرَ بِالصُّلْحِ وَلَوْ ظَهَرَ وَجْهُ الْحُكْمِ فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يَدْعُو لِصُلْحٍ إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ ثُمَّ الْأَمْرُ بِالصُّلْحِ فِيمَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لَا فِي نَحْوِ طَلَاقٍ. (وَلَا يَحْكُمُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ (لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ) كَأَبِيهِ وَابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَكَذَا لَا يَحْكُمُ عَلَى مَنْ لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَمُقَابِلُ الْمُخْتَارِ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِالتَّسَاهُلِ فِيهَا وَأَمَّا إنْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَجُوزُ الْحُكْمُ لِابْنِهِ مَثَلًا عَلَيْهِ. (وَنُبِذَ) (حُكْمُ جَائِرٍ) وَهُوَ الَّذِي يَمِيلُ عَنْ الْحَقِّ عَمْدًا وَمِنْهُ مَنْ يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ نَظِيرٍ لِتَعْدِيلٍ وَلَا تَجْرِيحٍ فَيَنْقُضُهُ مَنْ تَوَلَّى بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مُسْتَقِيمًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَلَا يَرْفَعُ حُكْمُهُ الْخِلَافَ مَا لَمْ تَثْبُتْ صِحَّةُ بَاطِنِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (وَجَاهِلٍ لَمْ يُشَاوِرْ) الْعُلَمَاءَ وَلَوْ وَافَقَ الْحَقَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ شَاوَرَهُمْ (تُعُقِّبَ) حُكْمُهُ وَيُنْقَضُ مِنْهُ الْخَطَأُ (وَمَضَى) مِنْهُ (غَيْرُ الْجَوْرِ) وَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِنَّمَا تُعُقِّبَ مَعَ الْمُشَاوَرَةِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ عَرَفَ الْحُكْمَ فَقَدْ لَا يَعْرِفُ إيقَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِزِيَادَةِ نَظَرٍ فِي الْبَيِّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَحْوَالِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إذْ الْقَضَاءُ صِنَاعَةٌ دَقِيقَةٌ لَا يَهْتَدِي إلَيْهَا كُلُّ النَّاسِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْجَاهِلِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ الْعِلْمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُدَّعِي بِحَيْثُ إذَا حَلَفَهَا يَثْبُتُ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ قَتْلٍ وَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ ثُبُوتُ مَا ذُكِرَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ مَعَ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا ثَمَرَةَ فِي رَدِّهَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ تَوَجُّهَهَا) أَيْ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: كَالسَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ) أَيْ وَالْكِتَابَةِ وَكَالزَّوْجِ فِي الطَّلَاقِ وَكَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَلَا تَتَوَجَّهُ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَنَّ الْغَالِبَ فِي النِّكَاحِ الشُّهْرَةُ فَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ فِيهِ رِيبَةٌ فَلِذَا لَمْ يُطْلَبْ الْوَلِيُّ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ غَيْرِ النِّكَاحِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ فِيهِ الشُّهْرَةَ فَلَا رِيبَةَ فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ فِيهِ فَلِذَا أُمِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: لَا مِثَالٌ لِمَا تَتَوَجَّهُ فِيهِ الْيَمِينُ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ شَاهِدٍ لِلْمُدَّعِي الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَرَ الْقَاضِي) أَيْ وَكَذَلِكَ الْمُحَكَّمُ. (قَوْلُهُ: وَالرَّحِمِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَإِلَّا أَوْهَمَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ إلَّا مَنْ كَانَ ذَا فَضْلٍ وَرَحِمٍ مَعًا وَأَنَّ مَنْ اتَّصَفَ بِأَحَدِهِمَا لَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ لَهُ أَكِيدَةً وَإِنَّمَا مُنِعَ حُكْمُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ وَحَكَمَ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ فَهَلْ يُنْقَضُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ عَلَى عَدُوِّهِ، أَوْ لَا يُنْقَضُ وَهُوَ ظَاهِرُ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ، أَوْ يَنْقُضُهُ هُوَ لَا غَيْرُهُ وَهُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْمُخْتَارِ إلَخْ) هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِلْخَلِيفَةِ وَهُوَ أَقْوَى تُهْمَةً فِيهِ مِنْ تُهْمَةِ مَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ لِتَوْلِيَتِهِ إيَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَنُبِذَ) أَيْ طُرِحَ وَأُلْقِيَ. (قَوْلُهُ: حُكْمُ جَائِرٍ) أَيْ حُكْمُ مَنْ شَأْنُهُ الْجَوْرُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ مُسْتَقِيمًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ) أَيْ وَلَمْ تَثْبُتْ صِحَّةُ بَاطِنِهِ؛ لِأَنَّ الْجَائِرَ قَدْ يَتَحَيَّلُ وَيُوقِعُ الصُّورَةَ صَحِيحَةً وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَافَقَ الْحَقَّ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ وَلَمْ تُعْلَمْ صِحَّةُ بَاطِنِهِ أَمَّا إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ صِحَّةُ بَاطِنِهِ فَلَا يُنْقَضُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَائِرِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ فَإِنَّ الْجَاهِلَ غَايَتُهُ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْجَائِرِ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي الْجَاهِلِ يُنْقَضُ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ صَوَابًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُعُقِّبَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْجَاهِلِ اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ طَرِيقَةً أُخْرَى أَنَّ الْجَاهِلَ تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ مُطْلَقًا وَغَيْرَ الْجَاهِلِ إنْ كَانَ مُشَاوِرًا فَلَا يُتَعَقَّبُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُشَاوِرٍ تُعُقِّبَ فَيُنْقَضُ مِنْهُ الْخَطَأُ وَيُمْضَى مَا كَانَ صَوَابًا اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ الْعِلْمُ بَلْ هُوَ شَرْطُ كَمَالٍ فَتَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْجَاهِلِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فَمَا حَكَمَ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةٍ يُنْقَضُ وَمَا شَاوَرَ فِيهِ يُتَعَقَّبُ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ فَالْجَاهِلُ أَحْكَامُهُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْقَضَاءِ لَهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ الْعِلْمُ)

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يُوَلَّى الْجَاهِلُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْعَالِمِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَرَضِهِ، أَوْ سَفَرِهِ. (وَلَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ) أَيْ لَا يَنْظُرُ فِيهِ مَنْ يَتَوَلَّى بَعْدَهُ لِئَلَّا يَكْثُرَ الْهَرْجُ وَالْخِصَامُ وَتَفَاقُمُ الْحَالِ وَحُمِلَ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ إنْ وَلَّاهُ عَدْلٌ (وَنَقَضَ) إنْ عَثَرَ عَلَى خَطَأِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ مِنْ غَيْرِ تَفَحُّصٍ (وَبَيَّنَ) النَّاقِضُ (السَّبَبَ) الَّذِي نَقَضَ مِنْ أَجْلِهِ لِئَلَّا يُنْسَبَ لِلْجَوْرِ وَالْهَوَى (مُطْلَقًا) أَيْ نَقَضَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ فَقَوْلُهُ نَقَضَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْعَدْلِ الْعَالِمِ وَقَوْلُهُ (مَا) أَيْ حُكْمًا مَفْعُولُهُ (خَالَفَ) فِيهِ (قَاطِعًا) مِنْ نَصِّ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ، أَوْ الْقَوَاعِدِ كَأَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَكَأَنْ يَحْكُمَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَارِدٌ بِاخْتِصَاصِهَا بِالشَّرِيكِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُعَارِضٌ صَحِيحٌ وَكَأَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلْأَخِ دُونَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ كُلَّهَا عَلَى قَوْلَيْنِ اخْتِصَاصِ الْجَدِّ أَوْ مُقَاسَمَةِ الْأَخِ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِاخْتِصَاصِ الْأَخِ وَحِرْمَانِ الْجَدِّ وَكَأَنْ يَحْكُمَ بِبَيِّنَةٍ نَافِيَةٍ دُونَ الْمُثْبِتَةِ فَإِنَّ الْقَوَاعِدَ الشَّرْعِيَّةَ تَقْدِيمُ الْمُثْبِتَةِ عَلَى النَّافِيَةِ (أَوْ) خَالَفَ فِيهِ (جَلِيَّ قِيَاسٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِمَوْصُوفِهَا أَيْ قِيَاسًا جَلِيًّا وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ أَوْ ضَعْفِهِ كَقِيَاسِ الْأَمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي التَّقْوِيمِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ وَشَبَّهَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَمْرَيْنِ: أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (كَاسْتِسْعَاءِ مُعْتَقٍ) بَعْضُهُ بِأَنْ وَقَعَ مِنْ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَأَبَى الشَّرِيكُ الثَّانِي مِنْ عِتْقِ نَصِيبِهِ فَحَكَمَ لَهُ قَاضٍ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى لِهَذَا الْمَالِكِ لِلْبَعْضِ وَيَأْتِي لَهُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ فِيهِ لِيَكْمُلَ عِتْقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَحِينَئِذٍ فَعَدَمُ الْعِلْمِ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ تَوْلِيَتِهِ وَنُفُوذِ حُكْمِهِ وَلَوْ شَاوَرَ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ قَدْ يُوَلَّى الْجَاهِلُ إلَخْ) أَيْ فَاشْتِرَاطُ الْعِلْمِ فِي صِحَّةِ الْوِلَايَةِ عِنْدَ إمْكَانِ ذَلِكَ وَتَيَسُّرِهِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِ الْعَالِمِ) أَيْ فَإِذَا وُجِدَ الْعَالِمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَوُلِّيَ نُقِضَ حُكْمُ الْجَاهِلِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ الْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ كَوْنُهُ عَالِمًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنْ وَلَّاهُ عَدْلٌ) أَيْ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَاضِي الْمَجْهُولُ الْحَالِ قَاضِيَ مِصْرٍ. (قَوْلُهُ: وَنَقَضَ وَبَيَّنَ السَّبَبَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْعَدْلَ الْعَالِمَ إذَا عَثَرَ عَلَى حُكْمٍ خَطَأٍ مُخَالِفٍ لِلنَّصِّ الْقَاطِعِ، أَوْ لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ صَادِرًا مِنْ قَاضٍ عَدْلٍ عَالِمٍ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْضُهُ وَبَيَانُ السَّبَبِ فِي نَقْضِهِ. فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَعَقُّبَهُ؛ لِأَنَّ نَقْضَ حُكْمِهِ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ تَعَقُّبِهِ قُلْت إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رُفِعَ إلَيْهِ فَظَهَرَ خَطَؤُهُ مِنْ غَيْرِ فَحْصٍ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ نَقَضَهُ هُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُخْطِئُ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ أَيْ كَانَ حُكْمَهُ، أَوْ كَانَ حُكْمَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مَا خَالَفَ قَاطِعًا) نَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا خَالَفَ الظَّنَّ الْجَلِيَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالُوا إذَا خَالَفَ نَصَّ السُّنَّةِ غَيْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَهُوَ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْقَاطِعِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ مُطْلَقًا مُتَوَاتِرَةً أَوْ لَا، وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ إطْلَاقُ الشَّارِحِ فِي السُّنَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ) أَيْ وَكَحُكْمِهِ بِمُسَاوَاةِ الْبِنْتِ لِأَخِيهَا فِي الْمِيرَاثِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُعَارِضٌ صَحِيحٌ) أَيْ وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ فَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَكَأَنْ يَحْكُمَ بِبَيِّنَةٍ نَافِيَةٍ دُونَ الْمُثْبِتَةِ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا خَالَفَ الْقَوَاعِدَ الشَّرْعِيَّةَ وَمِثَالُهُ أَيْضًا الْحُكْمُ بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، أَوْ مَتَى مَا طَلَّقْتُك وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَإِنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ تَحَقَّقَ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَلَمْ يَجِدْ مَحَلًّا، وَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّى ثُبُوتُهُ إلَى نَفْيِهِ يَنْتَفِي قَطْعًا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ أَصْلًا كَذَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْقَاعِدَةُ الَّتِي خَالَفَهَا أَنَّ الشَّرْطَ لَا بُدَّ أَنْ يُجَامِعَ الْمَشْرُوطَ وَإِلَّا أُلْغِيَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: قَبْلَهُ كَالْعَدَمِ لَا يُعْتَبَرُ فَهُوَ مُلْغًى لِأَجْلِ أَنْ تَحْصُلَ الْمُجَامَعَةُ وَحِينَئِذٍ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَزِمَ الثَّلَاثُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ شَبَّهَ فِيمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَا خَالَفَ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ وَإِنَّمَا جَعَلَ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ جَعْلِ مَا بَعْدَهَا مِثَالًا لِمَا قَبْلَهَا كَمَا قَالَ طفى؛ إذْ لَيْسَ فِي الْحُكْمِ بِالِاسْتِسْعَاءِ مُخَالَفَةُ قَاطِعٍ وَلَا جَلِيِّ قِيَاسٍ بَلْ وَلَا سُنَّةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُخَالَفَةِ لِلسُّنَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحُكْمُ مُسْتَنِدًا لِسُنَّةٍ أُخْرَى وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ هُوَ مُوَافِقٌ لِسُنَّةٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا مَرْجُوحَةٌ وَلِذَا قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ إنَّ النَّقْضَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِمُخَالَفَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حُجَّةٌ فَمَا خَالَفَ عَمَلَهُمْ يُنْقَضُ بِمَنْزِلَةِ مَا خَالَفَ قَاطِعًا وَالنَّقْضُ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى مُخَالَفَةِ الْقَاطِعِ وَجَلِيِّ الْقِيَاسِ اهـ كَلَامُ طفى، وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِمَا خَالَفَ السُّنَّةَ مَا خَالَفَ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِسُنَّةٍ أَصْلًا، أَوْ مُسْتَنِدًا لِسُنَّةٍ ضَعِيفَةٍ كَحُكْمِ الْقَاضِي فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ فِي الْجَمِيعِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ جَعَلَهَا لِلتَّشْبِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلَيْنِ وَلِلتَّمْثِيلِ لِمَا بَعْدَهُمَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَقَعَ) أَيْ عِتْقُ الْبَعْضِ

فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ لِهَذَا الْبَعْضِ حَنَفِيًّا يَرَى أَنَّ مَذْهَبَهُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ يُحَدُّ لَوْ شَرِبَ النَّبِيذَ وَلَوْ لَمْ يَرَ الْحَدَّ مَذْهَبَهُ وَثَانِيهِمَا قَوْلُهُ (وَشُفْعَةِ جَارٍ) وَتَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ وَاسْتَبْعَدَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْضَ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي كُلٍّ حَدِيثٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا سِيَّمَا عُلَمَاءَ الْمَدِينَةِ لَمَّا قَالُوا بِخِلَافِهِمَا صَارَ الْعَمَلُ بِهِمَا كَأَنَّهُ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ. (وَحُكْمٍ عَلَى عَدُوٍّ) أَيْ حُكْمِ الْقَاضِي عَلَى عَدُوِّهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً فَيُنْقَضُ (أَوْ) حُكْمٍ (بِشَهَادَةِ كَافِرٍ) عَلَى كَافِرٍ، أَوْ مُسْلِمٍ مَعَ عِلْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْكِتَابِ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مِيرَاثِ ذِي رَحِمٍ) كَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ فَيُنْقَضُ (أَوْ) مِيرَاثِ (مَوْلًى أَسْفَلَ) مِنْ مُعْتِقِهِ (أَوْ) حُكْمٍ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ لِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ بَلْ (بِعِلْمٍ) مِنْهُ (سَبَقَ مَجْلِسَهُ) قَبْلَ وِلَايَتِهِ أَوْ بَعْدَهَا وَأَمَّا لَوْ قَضَى بِمَا عَلِمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِأَنْ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يُنْقَضُ. (أَوْ جَعَلَ بَتَّةً) ، أَوْ ثَلَاثًا (وَاحِدَةً) أَيْ حَكَمَ بِذَلِكَ فَيُنْقَضُ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْتِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِهِ مُنْكَرٌ فِي الدِّينِ (أَوْ) ثَبَتَ (أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا) أَيْ حُكْمًا صَحِيحًا (فَأَخْطَأَ) عَمَّا قَصَدَ لِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ اشْتِغَالِ بَالٍ (بِبَيِّنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِثَبَتَ الْمُقَدَّرِ أَيْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ أَخْطَأَ عَمَّا قَصَدَهُ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ بِدُونِ بَيِّنَةٍ فَلَا يَنْقُضُهُ غَيْرُهُ وَيَنْقُضُهُ هُوَ. (أَوْ) (ظَهَرَ) بَعْدَ قَضَائِهِ (أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، أَوْ صَبِيَّيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ) فَيَنْقُضُهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ (كَأَحَدِهِمَا) كَمَا إذَا حَكَمَ بِأَحَدِهِمَا مَعَ عَدْلٍ فَيَنْقُضُ (إلَّا بِمَالٍ) وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ (فَلَا يُرَدُّ) إلَيْهِ حُكْمُهُ (إنْ حَلَفَ) الْمَحْكُومُ لَهُ (وَإِلَّا) يَحْلِفْ (أُخِذَ) الْمَالُ (مِنْهُ إنْ حَلَفَ) الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْعَدْلِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (وَ) إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقَتْلِ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ كَالْعَبْدِ وَمَا مَعَهُ (حَلَفَ) وَلِيُّ الدَّمِ (فِي الْقِصَاصِ) مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (خَمْسِينَ) يَمِينًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُنْقَضُ) اعْلَمْ أَنَّ النَّقْضَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِعَدَمِ النَّقْضِ نَظَرًا لِكَوْنِ أَدِلَّتِهَا غَيْرَ قَطْعِيَّةٍ وَالنَّقْضُ عِنْدَهُ مَقْصُورٌ عَلَى مُخَالَفَةِ الْقَاطِعِ وَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ أَصْحَابِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَاسْتَبْعَدَ الْمَازِرِيُّ إلَخْ) بَلْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ رَافِعٌ لِلْخِلَافِ فَلَا يُنْقَضُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي كُلٍّ) أَيْ مِنْ اسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ وَشُفْعَةِ الْجَارِ. (قَوْلُهُ: حَدِيثٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا لَمْ يُخَالِفْ قَاطِعًا وَلَا جَلِيَّ قِيَاسٍ. (قَوْلُهُ: عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً) أَيْ وَأَمَّا حُكْمُهُ عَلَى عَدُوِّهِ فِي الدِّينِ فَلَا يُنْقَضُ. (قَوْلُهُ: عَلَى كَافِرٍ أَوْ مُسْلِمٍ) اعْلَمْ أَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ إجْمَاعًا وَأَمَّا شَهَادَتُهُ عَلَى مِثْلِهِ فَقَبِلَهَا أَبُو حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِ الْقَاضِي) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يُغَايِرَ قَوْلَهُ بَعْدُ أَوْ ظَهَرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْكِتَابِ) أَيْ وَلِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ أَيْضًا وَهُوَ قِيَاسُ الْكَافِرِ عَلَى الْفَاسِقِ فَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ لَا يَجُوزُ وَالْكَافِرُ أَشَدُّ فِسْقًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْمَنَاصِبِ الشَّرْعِيَّةِ فَبِمُقْتَضَى الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِيرَاثِ ذِي رَحِمٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ مُنْتَظِمٌ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ وَإِنَّمَا نُقِضَ الْحُكْمُ بِمِيرَاثِ ذِي الرَّحِمِ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . (قَوْلُهُ: بِعِلْمٍ) أَيْ بِسَبَبِ عِلْمٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ وَقَبْلَ جُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ طَائِعًا وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَكَمَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُكْرَهٌ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فَلَا يَنْقُضُهُ غَيْرُهُ وَأَمَّا هُوَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَقْضُهُ مَا دَامَ قَاضِيًا لَا إنْ عُزِلَ، ثُمَّ وُلِّيَ وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْمُتَّهَمُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُكْرَهًا فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مُعْتَبَرٌ عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ وَبِهِ الْعَمَلُ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: مُنْكَرٌ فِي الدِّينِ) أَيْ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ فَلَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِهِ وَلَا الْحُكْمُ وَلَا الْعَمَلُ فِي خَاصَّةِ النَّفْسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ اعْتَمَدَتْ عَلَى قَرَائِنَ، أَوْ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَنَّهُ قَصَدَ الْحُكْمَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَأَخْطَأَ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ نَقَضَهُ هُوَ إذَا تَرَافَعَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِصِدْقِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) أَيْ وَعِلْمُ الْبَيِّنَةِ بِقَصْدِهِ يَكُونُ بِالْقَرَائِنِ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقُضُهُ غَيْرُهُ) أَيْ فَاشْتِرَاطُ الْبَيِّنَةِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ نَقْضِهِ لِحُكْمِ غَيْرِهِ وَأَمَّا حُكْمُ نَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ خَطَأَ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدَيْنِ) أَيْ مُطْلَقًا فِيمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَأَحَدِهِمَا لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرَيْنِ) لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ النَّقْضَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حَكَمَ مَعَ عِلْمِهِ بِكُفْرِهِ لَا مَا إذَا أَخْطَأَ كَمَا هُنَا وَلَا يُغْنِي مَا هُنَا عَمَّا سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِكَافِرٍ لَا يُنْقَضُ جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِإِشْهَادِ الْكَافِرِ عَلَى مِثْلِهِ فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَالٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ حُكْمُهُ بِأَحَدِهِمَا بِمَالٍ. (قَوْلُهُ: أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُ) أَيْ أَخَذَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْمَالَ مِنْ الْمَحْكُومِ لَهُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقَتْلِ) أَيْ وَبَعْدَ قَتْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَمَا مَعَهُ) أَيْ كَافِرٍ، أَوْ صَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: فِي الْقِصَاصِ) أَيْ فِيمَا إذَا حَصَلَ

(مَعَ عَاصِبِهِ) وَاحِدًا كَانَ، أَوْ أَكْثَرَ إذْ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْقَتْلِ بَدَلَ الْقِصَاصِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ إذْ رُبَّمَا تُوُهِّمَ الْقِصَاصُ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَالْأَطْرَافِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ حَلَفَ خَمْسِينَ وَقَوْلُهُ الْآتِي فِي الْقَطْعِ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِصَاصِ خُصُوصُ الْقَتْلِ (وَإِنْ نَكَلَ) وَلِيُّ الدَّمِ أَوْ عَاصِبُهُ (رُدَّتْ) شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْبَاقِي (وَغَرِمَ شُهُودٌ عَلِمُوا) بِأَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ وَالْمُرَادُ جِنْسُ الشُّهُودِ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ إذْ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا شَاهِدَانِ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَافِرٌ مَثَلًا وَيَخْتَصُّ الْعَالِمُ الْبَاقِي بِغُرْمِ الدِّيَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ تَغْرِيمُ غَيْرِهِ مَعَهُ إنْ لَمْ نَقُلْ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْغُرْمِ إذْ الْغُرْمُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعَالِمَ لَمَّا سَكَتَ عَنْ حَالِ صَاحِبِهِ كَانَ هُوَ الْمُتَسَبِّبَ فِي الْإِتْلَافِ فَخُصَّ بِالْغُرْمِ (وَإِلَّا) يَعْلَمُوا (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ) الدِّيَةُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَ الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ. (وَ) إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ كَعَبْدٍ (فِي الْقَطْعِ) قِصَاصًا لِيَدٍ مَثَلًا حَلَفَ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ - وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ - مَعَ شَاهِدِهِ الْبَاقِي وَتَمَّ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ نَكَلَ (حَلَفَ الْمَقْطُوعُ) قِصَاصًا (أَنَّهَا) أَيْ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي (بَاطِلَةٌ) وَاسْتَحَقَّ دِيَةً مَثَلًا عَلَى الشَّاهِدِ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ فَقَدْ حَذَفَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَنْقُضُهَا هُوَ وَغَيْرُهُ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ يَنْقُضُهَا هُوَ فَقَطْ مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ فَقَالَ (وَنَقَضَهُ هُوَ فَقَطْ إنْ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ) مِنْهُ (أَوْ خَرَجَ عَنْ رَأْيِهِ) إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ خَطَأً ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِصَاصُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: مَعَ عَاصِبِهِ) ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِحَلِفَ أَيْ حَلَفَ مُصَاحِبًا لِعَاصِبِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِنَّمَا حَلَفَا أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ الْبَاقِيَ لَوْثٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ وَلِيُّ الدَّمِ، أَوْ عَاصِبُهُ) أَيْ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ. (قَوْلُهُ: رُدَّتْ شَهَادَةُ إلَخْ) أَيْ فَضَمِيرُ رُدَّتْ لِشَهَادَةِ الْبَاقِي وَلَيْسَ رَاجِعًا لِأَيْمَانِ الْقَسَامَةِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمَعْنَى رُدَّتْ عَلَى وَلِيِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ شُهُودٌ) أَيْ شَهِدُوا بِالْقَتْلِ دِيَةَ عَمْدٍ وَقَوْلُهُ عَلِمُوا أَيْ حِينَ الشَّهَادَةِ بِأَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُهُمْ بِالْغُرْمِ وَإِنْ شَارَكَهُمْ الْمُدَّعِي فِي الْعِلْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: فَخُصَّ بِالْغُرْمِ) أَيْ وَلَا يُشَارِكُهُ مَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ، أَوْ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى تَرْوِيجِ حَالِهِ فَعُذِرَ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَ الْحُكْمِ) أَيْ بِأَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ فَاسِقٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَافِرٌ أَوْ فَاسِقٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ عَبْدٌ حِينَ الْحُكْمِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ انْفَرَدَ بِالْعِلْمِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَإِنْ عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ وَحَكَمَ فَالْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ هُنَا بِأَنَّ مَنْ يَشْهَدُ غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِكَذِبِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْقَطْعِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَحَلَفَ فِي الْقِصَاصِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَفِي الْقَطْعِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَإِلَّا لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بَعْدُ حَلَفَ بِحَلِفَ الْمُقَدَّرَةِ بِالْعَطْفِ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْقَطْعِ الْجَرْحَ وَعَبَّرَ بِالْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ الْجِرَاحَاتِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْحُكْمِ) أَيْ بَعْدَ الْقَطْعِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فِي الْقَطْعِ قِصَاصًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا حَكَمَ بِالْقَطْعِ لِلسَّرِقَةِ بِشَاهِدَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْقَطْعِ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مَقْبُولِهَا فَلَا يَحْلِفُ مُقِيمُهَا مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدُهُ حَقٌّ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمَقْطُوعُ أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي بَاطِلَةٌ وَغَرِمَ لَهُ الشَّاهِدُ الْبَاقِي دِيَةَ يَدِهِ إنْ عَلِمَ حِينَ الشَّهَادَةِ أَنَّ الشَّاهِدَ الثَّانِيَ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْحَاكِمِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حِينَ الْحُكْمِ وَإِلَّا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَقْطُوعُ) أَيْ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدُهُ حَقٌّ وَإِنَّمَا حَلَفَ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِ أَصْلِ الدَّعْوَى مِنْهُ فَيَدْفَعُ الْكَذِبَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُقَالُ قَدْ تَمَّ غَرَضُهُ فَلَا يَحْلِفُ لِيَدْفَعَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الشُّهُودِ الضَّرَرَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي بْن كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ هُنَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ قَطْعَ الْقِصَاصِ وَقَطْعَ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ الشَّارِحِ لَهُ بِالْقِصَاصِ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَقْطُوعُ قِصَاصًا) أَيْ وَهُوَ الْمَقْطُوعُ ثَانِيًا وَقَوْلُهُ: أَنَّهَا بَاطِلَةٌ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمَقْطُوعُ ثَانِيًا فَلَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ حَذَفَهُ) أَيْ قَوْلَهُ " وَغَرِمَ شُهُودٌ عَلِمُوا وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ ". (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ خَوْفِ نِسْبَتِهِ لِلْجَوْرِ وَالْهَوَى. (قَوْلُهُ: وَنَقَضَهُ هُوَ فَقَطْ) أَيْ وَبَيَّنَ السَّبَبَ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ ذِكْرِ بَيَانِ السَّبَبِ هُنَا بِذِكْرِهِ سَابِقًا وَالْمُرَادُ نَقْضُهُ فِي حَالِ وِلَايَتِهِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا بِهِ، أَوْ فِي وِلَايَةٍ أُخْرَى بَعْدَ عَزْلِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَنْقُضُهُ فِي الْوِلَايَةِ الثَّانِيَةِ وَكَلَامُ ح يُفِيدُ تَرْجِيحَ مَا قَالَاهُ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ) أَيْ إنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُغَايِرَ لِمَا حَكَمَ بِهِ أَصْوَبُ مِمَّا حَكَمَ بِهِ وَهَذَا يَتَأَتَّى فِي الْمُجْتَهِدِ إذَا حَكَمَ بِرَأْيِهِ مُسْتَنِدًا لِدَلِيلٍ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ مِنْهُ وَفِي الْمُقَلِّدِ أَيْضًا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا إذَا حَكَمَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَثَلًا، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ مَثَلًا أَرْجَحُ مِنْهُ

(أَوْ) خَرَجَ الْمُقَلِّدُ عَنْ (رَأْيِ مُقَلَّدِهِ) بِالْفَتْحِ أَيْ إمَامِهِ خَطَأً أَيْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَخْطَأَ فَيَنْقُضُهُ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ أَخْطَأَ بِقَرِينَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ كَمَا مَرَّ (وَرَفَعَ) حُكْمُهُ (الْخِلَافَ) فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ فَلَا يَجُوزُ لِمُخَالِفٍ فِيهَا نَقْضُهَا فَإِذَا حَكَمَ بِفَسْخِ عَقْدٍ أَوْ صِحَّتِهِ لِكَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ غَيْرِهِ وَلَا لَهُ نَقْضُهُ وَلَا يَجُوزُ لِمُفْتٍ عَلِمَ بِحُكْمِهِ أَنْ يُفْتِيَ بِخِلَافِهِ وَهَذَا فِي الْخِلَافِ الْمُعْتَبَرِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا مَا ضَعُفَ مُدْرَكُهُ بِأَنْ خَالَفَ نَصًّا، أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ، أَوْ إجْمَاعًا فَيُنْقَضُ كَمَا مَرَّ وَمِنْ الْمُخَالِفِ لِلْقَوَاعِدِ الْقَطْعِيَّةِ وَظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الْحَقِّيَّةِ مَا يُفْعَلُ مِنْ الْحِيَلِ الظَّاهِرَةِ الْفَسَادِ كَأَنْ يُسَلِّفَ غَيْرَهُ مَالًا وَيَقُولَ لَهُ أَنْذِرْ عَلَى نَفْسِك أَنَّهُ مَتَى كَانَ هَذَا الْمَالُ فِي ذِمَّتِك أَنْ تُعْطِيَنِي كُلَّ شَهْرٍ مَثَلًا كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَوْ أَعْطِنِي أَرْضَك لِأَزْرَعَهَا وَأَبِحْ لِي مَنْفَعَتَهَا مُدَّةَ بَقَاءِ الدَّرَاهِمِ فِي ذِمَّتِك وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَجِبُ نَقْضُهُ. (لَا أَحَلَّ حَرَامًا) لِمَحْكُومٍ لَهُ ظَالِمٍ فِي الْوَاقِعِ يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمُسْتَوْفِيَ لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ إذَا كَانَ ظَالِمًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَمَنْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ وَأَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى نِكَاحِهَا وَكَانَ الْحَاكِمُ لَا يَرَى الْبَحْثَ عَنْ الْعَدَالَةِ كَالْحَنَفِيِّ، أَوْ كَانَ يَبْحَثُ عَنْهَا كَالْمَالِكِيِّ وَعَجَزَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ تَجْرِيحِهَا فَحَكَمَ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لَهُ فَحُكْمُهُ لَا يُحِلُّ وَطْأَهَا لَهُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَقَدَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى أَنَّ حُكْمَهُ صَيَّرَهَا زَوْجَةً كَالْعَقْدِ وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا بَائِنًا فَرَفَعَتْهُ وَأَنْكَرَ فَطَلَبَ مِنْهَا الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ فَعَجَزَتْ فَحَكَمَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ الطَّلَاقِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا نَظَرًا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى بِدَيْنٍ عَلَى شَخْصٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةَ زُورٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الْبَحْثَ عَنْ الْعَدَالَةِ، أَوْ عَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ تَجْرِيحِهَا أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا، أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ وَفَّيْته لَهُ فَطَلَبَ مِنْهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَفَاءِ فَعَجَزَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي: إنَّهُ لَمْ يُوَفِّنِي مَا أَقَرَّ بِهِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُدَّعِي إذَا كَانَ كَاذِبًا أَنْ يَتَمَلَّكَ هَذَا الدَّيْنَ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الصُّلْحِ " وَلَا يُحِلُّ لِظَالِمٍ " فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُسْتَكْمِلَ لِلشُّرُوطِ الْوَاجِبَ عَلَى الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يُحِلُّ حَرَامًا لِظَالِمٍ كَاذِبٍ فِي دَعْوَاهُ فَالْحَاكِمُ يَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ وَهَذَا مِنْ بَدِيهِيَّاتِ الْعُلُومِ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا فَكَيْفَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ اعْتِرَاضٌ.، ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظِ حَكَمْت بَلْ يَكُونُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَى اللُّزُومِ بِقَوْلِهِ (وَنَقْلُ مِلْكٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ الْمُقَلِّدُ عَنْ رَأْيِ مُقَلَّدِهِ) هَذَا فِي الْمُقَلِّدِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا صَادَفَ حُكْمُهُ قَوْلَ عَالِمٍ وَقَدْ كَانَ قَاصِدًا الْحُكْمَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ وَأَمَّا إنْ حَكَمَ بِشَيْءٍ غَيْرَ قَاصِدٍ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَصَادَفَ قَوْلَ عَالِمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ مُفَوَّضًا لَهُ فِي الْحُكْمِ بِأَيِّ قَوْلٍ قَوِيٍّ مِنْ أَقْوَالِ عُلَمَاءِ مَذْهَبِهِ وَأَمَّا إنْ وُلِّيَ عَلَى الْحُكْمِ بِقَوْلِ عَالِمٍ مُعَيَّنٍ فَحُكْمُهُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ بَاطِلٌ، وَلَوْ حَكَمَ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ الْحُكْمِ بِهِ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْحُكْمَ بِقَوْلِ عَالِمٍ فَحَكَمَ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ عَالِمٌ فَيُنْقَضُ حُكْمُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُجْتَهِدِ وَالْمُقَلِّدِ. (قَوْلُهُ: وَرَفَعَ الْخِلَافَ) أَيْ رَفَعَ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْخِلَافِ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي فِي جُزْئِيَّةٍ بِفَسْخِ عَقْدٍ لِكَوْنِ مَذْهَبِهِ يَرَاهُ فَالْمُرْتَفِعُ بِحُكْمِهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى الْخِلَافِ أَيْ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَحْكُمَ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةَ يَصِيرُ الْحُكْمُ فِيهَا عِنْدَ الْمُخَالِفِ مِثْلَ مَا حَكَمَ بِهِ فِيهَا إذْ الْخِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَوْجُودٌ عَلَى حَالِهِ لَا يَرْتَفِعُ إذْ رَفْعُ الْوَاقِعِ مُحَالٌ هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عج وَتَلَامِذَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْبِسَاطِيِّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُرْتَفِعَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ نَفْسُ الْخِلَافِ وَأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ الْمَحْكُومَ فِيهَا تَصِيرُ مُجْمَعًا عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْخِلَافِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَهَذَا فِي الْحُكْمِ الْمُعْتَبَرِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَا قَوِيَ مُدْرَكُهُ وَأَمَّا مَا ضَعُفَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: فَيُنْقَضُ الْأَنْسَبُ فَلَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ بَلْ يُنْقَضُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ) أَيْ شَافِعِيٌّ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَجِبُ نَقْضُهُ) أَيْ وَلَا يَرْفَعُ خِلَافًا لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقَاعِدَةِ الْقَطْعِيَّةِ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا وَالرِّبَا مُحَرَّمٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا. (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْحَاكِمُ لَا يَرَى الْبَحْثَ عَنْ الْعَدَالَةِ كَالْحَنَفِيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ وَالتَّجْرِيحَ عِنْدَهُ مَنْدُوبَانِ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: فَرَفَعَتْهُ) أَيْ لِلْقَاضِي مُدَّعِيَةً عَلَيْهِ أَنَّهُ أَبَانَهَا فَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: لَوْ ادَّعَى بِدَيْنٍ عَلَى شَخْصٍ) أَيْ وَفِي الْوَاقِعِ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: يَرْفَعُ الْخِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ) فِيهِ مَيْلٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبِسَاطِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُحِلُّ حَرَامًا لِظَالِمٍ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهُ - وَهُوَ مَنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِمَا ادَّعَاهُ عَلَى مَذْهَبِ الْحَاكِمِ، وَغَيْرُهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِهِ - فَيُحِلُّ لَهُ الْحَرَامَ لِرَفْعِهِ الْخِلَافَ فِي حَقِّهِ. (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَتَوَجَّهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي كَلَامِهِ تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا رَفَعَ حُكْمُهُ الْخِلَافَ كَانَ مُحِلًّا لِلْحَرَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِصِحَّةِ نِكَاحِ مَنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ حُكْمُهُ رَافِعًا لِلْخِلَافِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْمَالِكِيِّ نَقْضُ هَذَا الْحُكْمِ وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ وَيَجُوزُ لِذَلِكَ الزَّوْجِ الْمَحْكُومِ لَهُ وَلَوْ مَالِكِيًّا وَطْؤُهَا وَعَدَمُ مُفَارَقَتِهَا فَقَدْ رَفَعَ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافَ وَأَحَلَّ الْحَرَامَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَكَذَا

(وَفَسْخُ عَقْدٍ) كَأَنْ يَقُولَ نَقَلْت مِلْكَ هَذِهِ السِّلْعَةِ لِزَيْدٍ، أَوْ مَلَّكْتُهَا لَهُ أَوْ فَسَخْتُ عَقْدَ هَذَا النِّكَاحِ، أَوْ الْبَيْعِ أَوْ أَبْطَلْته وَلَوْ لَمْ يَقُلْ حَكَمْت بِذَلِكَ وَهَذَا بَعْدَ حُصُولِ مَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَبَيِّنَةٍ وَتَزْكِيَةٍ، وَإِعْذَارٍ، أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْحُكْمِ مِنْ تَقَدُّمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَصِحَّتُهَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِقْرَارِهِ (وَتَقَرُّرُ نِكَاحٍ) أَيْ تَقْرِيرُهُ كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَعَ (بِلَا وَلِيٍّ) بِأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ مَعَ شَاهِدَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَرَادَ بِالتَّقْرِيرِ السُّكُوتَ حِينَ رُفِعَ لِحَنَفِيٍّ أَمْرُهَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِإِثْبَاتٍ وَلَا نَفْيٍ فَسُكُوتُهُ حُكْمٌ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَ قَرَّرْته، وَأَنَّ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ لَا يُعَدُّ حُكْمًا يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَقَوْلُهُ (حُكْمٌ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَنَقْلُ مِلْكٍ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ فَيَرْتَفِعُ بِهِ الْخِلَافُ إنْ وَقَعَ مِمَّنْ يَرَاهُ فَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ بِتَقْرِيرِ نِكَاحِ مَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ لَا يُنْقَضُ بِخِلَافِ حُكْمِهِ بِاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ وَشُفْعَةِ الْجَارِ مَعَ أَنَّ مَدْرَكَ تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا أَضْعَفُ مِنْ مَدْرَكِهِمَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ. (لَا) إنْ قَالَ حَاكِمٌ رُفِعَتْ إلَيْهِ نَازِلَةٌ كَمَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ (لَا أُجِيزُهُ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسْخٍ وَلَا إمْضَاءٍ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ فَلِغَيْرِهِ الْحُكْمُ فِيهَا بِمَا يَرَاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ. (أَوْ) (أَفْتَى) بِحُكْمٍ بِأَنْ سُئِلَ عَنْ قَضِيَّةٍ فَأَخْبَرَ السَّائِلُ بِحُكْمِهَا فَلَا يَكُونُ إفْتَاؤُهُ حُكْمًا يَرْفَعُ خِلَافًا؛ لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ إخْبَارٌ لَا إلْزَامٌ. (وَ) إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي جُزْئِيَّةٍ (لَمْ يَتَعَدَّ) حُكْمُهُ (لِمُمَاثِلٍ) لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِحِلِّ مَبْتُوتَةِ مَالِكِيٍّ بِوَطْءِ صَغِيرٍ فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ رَافِعٌ لِلْخِلَافِ - فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْمَالِكِيِّ نَقْضُهُ وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْحِلِّ - وَمُحِلٌّ لِلْحَرَامِ عَلَى مَذْهَبِ الزَّوْجِ وَأَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ ظَالِمًا فِي الْوَاقِعِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ ظَاهِرُهُ جَائِزٌ وَبَاطِنُهُ مَمْنُوعٌ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لَمْ يَحْكُمْ بِجَوَازِهِ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِهِ يُحِلُّ الْحَرَامَ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي بْن أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ مَا بَاطِنُهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِهِ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَى بَاطِنِهِ لَمْ يَحْكُمْ فَحُكْمُ الْحَاكِمِ فِي هَذَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَا يُحِلُّ الْحَرَامَ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أَحَلَّ حَرَامًا وَمَا بَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ وَهَذَا إنْ حَكَمَ الْمُخَالِفُ فِيهِ بِقَوْلٍ غَيْرِ شَاذٍّ كَحُكْمِ الشَّافِعِيِّ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ بِوَطْءِ الصَّغِيرِ كَانَ حُكْمُهُ رَافِعًا لِلْخِلَافِ وَمُحِلًّا لِلْحَرَامِ عَلَى مَذْهَبِ خِلَافِهِ وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ وَرَفَعَ الْخِلَافَ وَإِنْ حَكَمَ فِيهِ الْمُخَالِفُ بِالشَّاذِّ كَالْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ فَهَذَا حُكْمُهُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ كَالْأَوَّلِ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا أَحَلَّ حَرَامًا وَعِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ حُكْمُهُ كَالثَّانِي فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَرَفَعَ الْخِلَافَ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَفَسْخُ عَقْدٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ رُفِعَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا بَعْدَ حُصُولِ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ كَوْنِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَلْفَاظِ حُكْمًا إذَا صَدَرَتْ مِنْهُ بَعْدَ حُصُولِ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ قَبْلَ حُصُولِ مَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ إلَخْ) وَفِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَنَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَقَدُّمُ دَعْوَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ وَإِذَا جَاءَ سَمَّى لَهُ الْبَيِّنَةَ وَأَعْذَرَ لَهُ فِيهَا فَإِنْ أَبْدَى مَطْعَنًا نَقَضَ الْحُكْمَ وَإِلَّا فَلَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْحُكْمِ إلَخْ يَعْنِي عَلَى الْحَاضِرِ وَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ كَالْغَائِبِ عَلَى مَسَافَةِ الْيَوْمَيْنِ وَأَمَّا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ وَمُتَوَسِّطُهَا فَيَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبِنَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَقَرَّرَ نِكَاحٌ وَأَوْلَى إذَا كَانَ التَّقْرِيرُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَهُوَ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) هَذَا الْبَحْثُ لِلشَّارِحِ وَفِي عبق وخش أَنَّ سُكُوتَ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ حِينَ رُفِعَ إلَيْهِ أَمْرُ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَدَمَ تَكَلُّمِهِ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ حُكْمٌ عِنْدَنَا وَسَلَّمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا وبن. (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ مِمَّنْ يَرَاهُ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ تَقْرِيرِ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ مِنْ مَالِكِيٍّ فَإِنَّ لِغَيْرِهِ نَقْضَهُ لِخُرُوجِ الْمَالِكِيِّ عَنْ رَأْيِ مُقَلَّدِهِ وَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ وَلَا حُكْمُهُ بِهِ حُكْمًا رَافِعًا لِلْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: لَا لَا أُجِيزُهُ) أَيْ وَكَذَا قَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا أَيْ صِحَّةُ الْبَيْعِ، أَوْ فَسَادُهُ، أَوْ مِلْكُ فُلَانٍ لِسِلْعَةِ كَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَيْسَ قَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا حُكْمًا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قَالَ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْقَرَوِيِّينَ غَلِطَ فِي ذَلِكَ وَأَلَّفَ الْمَازِرِيُّ جُزْءًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِحُكْمٍ) أَيْ وَإِنَّمَا هُوَ إفْتَاءٌ. (قَوْلُهُ: فَلِغَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ ضَرُورَةَ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَحْكُمْ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: بِمَا يَرَاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمْضَاءَ، أَوْ الْفَسْخَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَفْتَى إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ سُئِلَ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ عَنْ امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ فَأَفْتَى بِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَيْ فَلَا يَكُونُ إفْتَاؤُهُ حُكْمًا يَرْفَعُ خِلَافًا فَلِغَيْرِهِ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ) أَيْ لِأَنَّ إفْتَاءَ الْحَنَفِيِّ بِصِحَّتِهِ إخْبَارٌ بِالْحُكْمِ لَا إلْزَامٌ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ جَزْمُ الْقَاضِي بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى وَجْهِ مُجَرَّدِ إعْلَامِهِ بِهِ فَتْوَى لَا حُكْمٌ وَجَزْمُهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ بِهِ حُكْمٌ. (قَوْلُهُ: لِمُمَاثِلٍ) أَيْ لِجُزْئِيَّةٍ تَحْدُثُ مُمَاثِلَةٍ لِلْجُزْئِيَّةِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ.

(بَلْ إنْ تَجَدَّدَ) الْمُمَاثِلُ (فَالِاجْتِهَادُ) مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ أَيْضًا فَإِنْ تَجَدَّدَ مُمَاثِلٌ حَكَمَ بِمِثْلِ مَا حَكَمَ بِهِ أَوْ لَا لِحُكْمِهِ بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ دَائِمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ فِي الْمَذْهَبِ فَلَهُ مُخَالَفَةُ الْأَوَّلِ إنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ مُقَابِلُهُ (كَفَسْخٍ) لِنِكَاحٍ (بِرَضْعِ كَبِيرٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ، وَالْكَبِيرُ مَنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَى حَوْلَيْنِ وَشَهْرَيْنِ فَلَوْ تَزَوَّجَ بِبِنْتِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ كَبِيرًا فَرُفِعَ لِمَنْ يَرَى التَّحْرِيمَ بِرَضْعِ الْكَبِيرِ فَفَسَخَهُ فَلَا يَتَعَدَّى لِمُمَاثِلِهِ فَإِنْ تَجَدَّدَ فَالِاجْتِهَادُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) كَفَسْخِ نِكَاحٍ بِ (تَأْبِيدِ) حُرْمَةِ نِكَاحِ مَنْكُوحَةِ (عِدَّةٍ) أَيْ حَكَمَ بِفَسْخِ عَقْدِهِ فِي الْعِدَّةِ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ يُؤَبِّدُ التَّحْرِيمَ فَحُكْمُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ الْفَسْخِ بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ فَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ بِحَيْثُ يَحْكُمُ فِيهِمَا بِالصِّحَّةِ وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَمْ يَتَعَدَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى الْفَسْخِ فَيَكُونُ مُعَرَّضًا لِلِاجْتِهَادِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (كَغَيْرِهَا) مِمَّنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا فَسْخٌ بِسَبَبِ رَضَاعٍ فِي الْأُولَى وَلَا بِسَبَبِ عَقْدٍ فِي الْعِدَّةِ فِي الثَّانِيَةِ (فِي الْمُسْتَقْبَلِ) فَلَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِمَنْ فَسَخَ نِكَاحَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ حَيْثُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَكَمَ بِالتَّأْبِيدِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ فَلَا تَكُونُ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (وَلَا يَدْعُو) الْقَاضِي (لِصُلْحٍ) بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ (إنْ ظَهَرَ وَجْهٌ) أَيْ وَجْهُ الْحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ الْمُعْتَبَرَيْنِ شَرْعًا إلَّا أَنْ يَرَى لِذَلِكَ وَجْهًا كَذَوِي الْفَضْلِ وَالرَّحِمِ، أَوْ خَشْيَةَ تَفَاقُمِ الْأَمْرِ كَمَا مَرَّ. (وَلَا يَسْتَنِدُ) فِي حُكْمِهِ (لِعِلْمِهِ) فِي الْحَادِثَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ، أَوْ الْإِقْرَارِ (إلَّا فِي التَّعْدِيلِ) لِشَاهِدٍ فَيَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ بِعَدَالَتِهِ وَلَكِنْ يَقْبَلُ فِيهِ تَجْرِيحَ مَنْ جَرَّحَ؛ لِأَنَّ التَّجْرِيحَ يُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ (وَالْجَرْحِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ التَّجْرِيحِ فَعِلْمُهُ بِهِ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ الْمُعَدِّلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بَلْ إنْ تَجَدَّدَ الْمُمَاثِلُ فَالِاجْتِهَادُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ حُكْمُهُ فِي مَسْأَلَةٍ بِشَيْءٍ مَانِعًا لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحُكْمِ بِخِلَافِهِ فِي نَظِيرَتِهَا نَعَمْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ إذَا رُفِعَتْ إلَيْهِ تِلْكَ النَّازِلَةُ الَّتِي حَكَمَ الْأَوَّلُ فِيهَا بِعَيْنِهَا أَنْ يَنْقُضَهَا. (قَوْلُهُ: فَلَهُ مُخَالَفَةُ الْأَوَّلِ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الْمُتَجَدِّدِ الْمُمَاثِلِ بِحُكْمٍ مُخَالِفٍ لِلْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: إنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ مُقَابِلُهُ أَيْ مُقَابِلُ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: كَفَسْخٍ إلَخْ) هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْمُتَجَدِّدِ الْمُعَرَّضِ لِلِاجْتِهَادِ أَيْ كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِسَبَبِ رَضْعِ كَبِيرٍ، وَصُورَتُهَا رَجُلٌ رَضَعَ مَعَ امْرَأَةٍ وَهُمَا كَبِيرَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ وَالْآخَرُ صَغِيرٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، أَوْ رَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ وَهُوَ كَبِيرٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَ بِبِنْتِهَا فَحَكَمَ قَاضٍ بِفَسْخِ نِكَاحِهِمَا بِسَبَبِ الرَّضَاعِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا ثَانِيَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ أَمْرَهُ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ الثَّانِي لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ حَيْثُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَوْ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَى نَشْرَ الْحُرْمَةِ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ فَيَحْكُمُ بِتَقْرِيرِ هَذَا النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ النِّكَاحِ الَّذِي حُكِمَ بِفَسْخِهِ؛ إذْ هُمَا نِكَاحَانِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ فَسْخِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِمَنْ يَرَى أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ لَا يُحَرِّمُ فَيَحْكُمَ بِصِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَدَّى لِمُمَاثِلِهِ) أَيْ فَلَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ بِفَسْخٍ لِمُمَاثِلِ ذَلِكَ النِّكَاحِ سَوَاءٌ كَانَ لِشَخْصٍ آخَرَ، أَوْ لِلْأَوَّلِ كَمَا مَثَّلْنَا. (قَوْلُهُ: وَتَأْبِيدِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ) صُورَتُهَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الْعِدَّةِ وَدَخَلَ بِهَا فَفَسَخَ الْقَاضِي نِكَاحَهُمَا لِكَوْنِهِ يَرَى تَأْبِيدَ الْحُرْمَةِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّأْبِيدِ بَلْ سَكَتَ عَنْهُ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الزَّوْجُ ثَانِيَةً فَلِلْحَاكِمِ الْأَوَّلِ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَرَأَى عَدَمَ التَّأْبِيدِ وَلِغَيْرِهِ إذَا رَأَى ذَلِكَ أَنْ يُقِرَّ هَذَا النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِفَسْخِهِ إنَّمَا هُوَ لِفَسَادِهِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِالتَّأْبِيدِ فَإِنْ حَكَمَ الْأَوَّلُ بِالْفَسْخِ وَالتَّأْبِيدِ مَعًا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُ هَذَا النِّكَاحِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَوْ حَكَمَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ مُحَرِّمٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَارُ النِّكَاحِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْحُكْمِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ) أَيْ وَهُوَ الرَّضَاعُ فِي الْأُولَى وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ هُوَ) أَيْ تَأْبِيدُ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْعُو لِصُلْحٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ غَالِبًا مِنْ حَطِيطَةٍ فَالْأَمْرُ بِهِ فِيهِ تَضْيِيعٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ. (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ وَجْهُ الْحَقِّ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ ظَهَرَ وَجْهُ الْحَقِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الْحَقِّ بِأَنْ أَشْكَلَ وَجْهُ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَدْعُو لَهُ، وَإِشْكَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ عَدَمُ وِجْدَانِ أَصْلٍ لِلنَّازِلَةِ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، الثَّانِي أَنْ يَشُكَّ هَلْ هِيَ مِنْ أَصْلِ كَذَا أَمْ لَا، الثَّالِثُ أَنْ يَجِدَ فِي النَّازِلَةِ قَوْلَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ دُونَ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرَى لِذَلِكَ) أَيْ لِلصُّلْحِ وَجْهًا كَكَوْنِهِ بَيْنَ ذَوِي الْفَضْلِ وَالرَّحِمِ، أَوْ خَشْيَةَ تَفَاقُمِ الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَنِدُ) أَيْ الْقَاضِي وَلَوْ مُجْتَهِدًا. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ) أَيْ وَإِلَّا فِي تَأْدِيبِ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ بِمَجْلِسِهِ، أَوْ عَلَى مُفْتٍ، أَوْ شَاهِدٍ، أَوْ عَلَى خَصْمِهِ وَمَنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ، أَوْ كَذِبُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَقْبَلُ فِيهِ تَجْرِيحَ مَنْ جَرَّحَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَالِمٌ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْقَاضِي فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَعِلْمُهُ بِهِ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ الْمُعَدِّلَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ بِهِ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّعْدِيلِ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَ عِلْمِهِ بِجُرْحَتِهِ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ بِتَعْدِيلِهِ فَتَقَدَّمَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَتَّبِعُ عِلْمَهُ فَإِذَا عَلِمَ عَدَالَةَ شَاهِدٍ تَبِعَ عِلْمَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِطَلَبِ تَزْكِيَتِهِ مَا لَمْ يُجَرِّحْهُ أَحَدٌ وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ

(كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّعْدِيلِ أَوْ الْجَرْحِ فَيَسْتَنِدُ لَهَا إنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ، أَوْ يَعْلَمْ الْقَاضِي مِنْهُ خِلَافَ مَا اُشْتُهِرَ (أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ) الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (بِالْعَدَالَةِ) لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَيَحْكُمُ بِذَلِكَ وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي خِلَافَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِعَدَالَتِهِ كَإِقْرَارِهِ بِالْحَقِّ. (وَإِنْ أَنْكَرَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ) بِحَقٍّ لِإِقْرَارِهِ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ (إقْرَارَهُ) مَفْعُولُ " أَنْكَرَ " أَيْ أَنْكَرَ إقْرَارَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ (لَمْ يُفِدْهُ) إنْكَارُهُ وَتَمَّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ " بَعْدَهُ " مُتَعَلِّقٌ بِأَنْكَرَ أَيْ أَنْكَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ إقْرَارَهُ قَبْلَهُ وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُكْمِ الْمُسْتَنِدِ لِعِلْمِهِ مَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِهِ. (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ الْعَدْلَانِ عَلَى الْقَاضِي (بِحُكْمٍ نَسِيَهُ) أَيْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ (أَوْ أَنْكَرَهُ) أَيْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ صَدَرَ مِنْهُ (أَمْضَاهُ) أَيْ وَجَبَ إمْضَاؤُهُ عَمَلًا بِشَهَادَتِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ مَعْزُولًا أَمْ لَا. وَلَمَّا كَانَ الْإِنْهَاءُ جَائِزًا مَعْمُولًا بِهِ شَرْعًا وَهُوَ تَبْلِيغُ الْقَاضِي حُكْمَهُ أَوْ مَا حَصَلَ عِنْدَهُ مِمَّا هُوَ دُونَهُ كَسَمَاعِ الدَّعْوَى لِقَاضٍ آخَرَ لِأَجْلِ أَنْ يُتِمَّهُ أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَنْهَى) قَاضٍ جَوَازًا (لِغَيْرِهِ) مِنْ الْقُضَاةِ إمَّا (بِمُشَافَهَةٍ) أَيْ مُخَاطَبَةٍ وَمُكَالَمَةٍ بِمَا حَكَمَ بِهِ، أَوْ بِمَا حَصَلَ عِنْدَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ مَعَ تَزْكِيَةٍ أَوْ دُونِهَا (إنْ كَانَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ) بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَاكِثًا بِطَرَفِ وِلَايَتِهِ، وَيُخَاطِبَ صَاحِبَهُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِوِلَايَتِهِ كَانَ مَعْزُولًا (وَ) إمَّا (بِشَاهِدَيْنِ) يُشْهِدُهُمَا عَلَى حُكْمِهِ، ثُمَّ يَشْهَدَانِ عِنْدَ آخَرَ بِمَا حَصَلَ عِنْدَ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَإِذَا عَلِمَ جُرْحَةَ شَاهِدٍ فَلَا يَقْبَلُهُ وَلَوْ عَدَّلَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُعَدِّلُ لَهُ كُلَّ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ غَيْرُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَ عِلْمِهِ بِجُرْحَتِهِ وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ بِتَعْدِيلِهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُعَدِّلُ لَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ الْقَاضِي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ تَقْدِيمِ عِلْمِهِ بِالْعَدَالَةِ عَلَى تَجْرِيحِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ) أَيْ كَمَا يَسْتَنِدُ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ لِلشُّهْرَةِ فَإِذَا كَانَ إنْسَانٌ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ عِنْدَ النَّاسِ قَبِلَهُ وَلَا يَطْلُبُ مَنْ يُزَكِّيهِ وَإِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْجُرْحَةِ فَلَا يَقْبَلُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ مَا اُشْتُهِرَ، أَوْ يَعْلَمَ الْقَاضِي خِلَافَهُ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ) أَيْ وَكَمَا يَسْتَنِدُ فِي التَّعْدِيلِ لِإِقْرَارِ الْخَصْمِ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِعَدَالَتِهِمْ قَبْلَ أَدَائِهِمْ لِلشَّهَادَةِ، أَوْ بَعْدَ أَدَائِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي) أَيْ أَوْ عُلِمَتْ بَيِّنَةٌ خِلَافُ ذَلِكَ أَيْ خِلَافُ عَدَالَتِهِ وَقَوْلُهُ فَيَحْكُمُ بِذَلِكَ أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَزْكِيَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْكَرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَ إذَا أَقَرَّ بِالْحَقِّ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَحَكَمَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ وَأَنْكَرَ الْخَصْمُ إقْرَارَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ فَإِنَّ إنْكَارَهُ لَا يُفِيدُ وَالْحُكْمُ قَدْ تَمَّ فَلَا يُنْقَضُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إشْهَادٌ عَلَى إقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ: إنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ ح إنَّ الْخَصْمَ إذَا أَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ النُّزُولُ وَهُوَ مَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَهُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ وَأَنْكَرَ الْخَصْمُ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُفِيدُهُ إنْكَارُهُ وَتَمَّ الْحُكْمُ وَلَا يُنْقَضُ اهـ وَتَبِعَهُ عج وعبق عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَا: لَمْ يُفِدْهُ إنْكَارُهُ وَتَمَّ الْحُكْمُ وَإِنْ نُهِيَ عَنْ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ شُهُودٍ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِالْإِقْرَارِ حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ حَتَّى حَكَمَ عَلَيْهِ، أَوْ أَنْكَرَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْحُكْمِ بِالْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ فِي مَجْلِسِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْكَرَ أَمَّا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ فَمَحَلُّ اتِّفَاقٍ فِي أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْكَرَهُ) لَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا لَفُهِمَ مِنْهُ النِّسْيَانُ بِالْأَوْلَى وَعَكْسُهُ أَيْضًا وَهُوَ مَا إذَا أَنْكَرَ الشَّاهِدَانِ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فِيمَا حَكَمَ بِهِ وَهُوَ يَقُولُ شَهِدْتُمَا وَحَكَمْتُ بِشَهَادَتِكُمَا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرْفَعُ الْأَمْرُ لِذِي سَلْطَنَةٍ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ مَعَ إنْكَارِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهَا ابْتَدَأَ السُّلْطَانُ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَلَا غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَعْزُولًا أَمْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاضِي حِينَ شَهَادَتِهِمْ بِالْحُكْمِ مَعْزُولًا أَمْ لَا لَكِنْ إنْ كَانَ مَعْزُولًا أَمْضَاهُ الْمُوَلَّى بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْزُولٍ أَمْضَاهُ هُوَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَبْلِيغُ الْقَاضِي حُكْمَهُ) أَيْ لِقَاضٍ آخَرَ لِيُنَفِّذَهُ، أَوْ تَبْلِيغُ مَا حَصَلَ عِنْدَهُ مِمَّا هُوَ دُونَهُ أَيْ دُونَ الْحُكْمِ لِقَاضٍ آخَرَ لِأَجْلِ أَنْ يُتِمَّهُ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ لِأَجْلِ أَنْ يُتِمَّهُ أَوْ يُنَفِّذَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ كُلٌّ) أَيْ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ الْمُنْهِي وَالْمُنْهَى إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَانَ مَعْزُولًا) أَيْ فَإِذَا كَانَ الْمُنْهِي بِغَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَانَ كَلَامُهُ لِلْمُنْهَى إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ إخْبَارِهِ، أَوْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ بِأَنَّهُ قَضَى بِكَذَا وَالْمُنْهَى إلَيْهِ إذَا سَمِعَ بِغَيْرِ وِلَايَتِهِ كَانَ فِي حُكْمِهِ بَعْدَ اسْتِنَادٍ لِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَهُ. (قَوْلُهُ: يُشْهِدُهُمَا) أَيْ الْقَاضِي الْمُنْهِي وَقَوْلُهُ: عَلَى حُكْمِهِ أَيْ أَوْ عَلَى مَا حَصَلَ عِنْدَهُ دُونَهُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْهَدَانِ عِنْدَ آخَرَ أَيْ أَوْ يُرْسِلُهُمَا بِكِتَابِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْحُكْمِ، أَوْ عَلَى مَا حَصَلَ دُونَهُ لِيَشْهَدُوا عِنْدَ الْقَاضِي الْمُنْهَى إلَيْهِ أَنَّ هَذَا كِتَابُ

فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ فَقَدْ حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُشْهِدَهُمَا الْأَوَّلُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَنْ يُبْلِغَا الْمُنْهَى إلَيْهِ بِوِلَايَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (مُطْلَقًا) فَمَعْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ الْمَحْكُومُ بِهِ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِأَرْبَعَةٍ، أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ، أَوْ بِامْرَأَةٍ فَلَا يَكُونُ الْإِنْهَاءُ بِشَاهِدٍ وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَأَوْلَى مُجَرَّدُ إرْسَالِ كِتَابٍ كَمَا يَأْتِي (وَاعْتَمَدَ) الْمُنْهَى إلَيْهِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَهَادَتِهِمَا (وَإِنْ خَالَفَا) فِي شَهَادَتِهِمَا (كِتَابَهُ) الَّذِي أَرْسَلَهُ مَعَهُمَا (وَنُدِبَ خَتْمُهُ) لِأَنَّهُ أَدْعَى لِلْقَبُولِ، وَسَوَاءٌ قَرَأَهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، أَوْ لَا. (وَلَمْ يُفِدْ) الْكِتَابُ (وَحْدَهُ) مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ عَلَى الْحَاكِمِ فِي حُكْمِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ فَقَطْ أَوْ مَعَ يَمِينٍ تُفِيدُ مَعَ الْكِتَابِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ وَأَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا عَلَى مَا فِيهِ (وَأَدَّيَا) مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ (وَإِنْ عِنْدَ) قَاضٍ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُنْهَى إلَيْهِ لِعَزْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَوْ كَتَبَ فِيهِ اسْمَ الْمُنْهَى إلَيْهِ. (وَ) لَوْ دَفَعَ الْقَاضِي كِتَابًا مَطْوِيًّا إلَى الشُّهُودِ (أَفَادَ) الْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهُ (إنْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ، أَوْ خَطُّهُ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ لَا تَكْفِي وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ تَكْفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQفُلَانٍ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ أَشْهَدَنَا بِمَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ) أَيْ تَنْفِيذُ مَا حَصَلَ عِنْدَ الْأَوَّلِ مِنْ حُكْمٍ، أَوْ مَا هُوَ دُونَهُ، وَتَنْفِيذُ الثَّانِي بِالْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى مِنْ أَوَّلِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ أَنْ يُشْهِدَهُمَا الْأَوَّلُ) أَيْ عَلَى مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ حُكْمٍ، أَوْ مَا هُوَ دُونَهُ. (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ كَنِكَاحٍ وَعِتْقٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِأَرْبَعَةٍ أَيْ كَالزِّنَا وَكِفَايَةُ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْإِنْهَاءِ فِي الزِّنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا إلَّا إنْهَاءُ أَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةِ بِالزِّنَا ابْنُ يُونُسَ: وَقَوْلُ سَحْنُونٍ عِنْدِي أَبْيَنُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَالْمَالِ وَمَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِنْهَاءِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُشَافَهَةٍ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ مَالًا، أَوْ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، وَمَا اخْتَارَهُ الدَّمِيرِيُّ أَخْذٌ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ عج فِي شَرْحِهِ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ الْقَاضِي بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ إلَّا فِي الْمَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ بِهِمَا فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ مُطْلَقًا وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ، أَوْ لَا يَكْفِي وَالْخِلَافُ مَبْسُوطٌ فِي بْن وَفِيهِ أَيْضًا الرَّدُّ عَلَى طفى الرَّادِّ عَلَى عج فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَاعْتَمَدَ الْقَاضِي الْمُنْهَى إلَيْهِ كِتَابُ قَاضٍ مَعَ شَاهِدَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَا كِتَابَهُ الْوَاوُ لِلْحَالِ؛ إذْ صُورَةُ الْمُوَافَقَةِ لَا تُتَوَهَّمُ وَمَحَلُّ اعْتِمَادِهِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا مَعَ مُخَالَفَةِ كِتَابِهِ إذَا طَابَقَتْ شَهَادَتُهُمَا الدَّعْوَى وَإِلَّا لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِمَا فِي شَهَادَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ خَتْمُهُ) أَيْ مِنْ خَارِجِهِ عَلَى نَحْوِ شَمْعَةٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسْرَقَ، أَوْ يَسْقُطَ مِنْ الشُّهُودِ فَيُزَادَ فِيهِ، أَوْ يُنْقَصَ مِنْهُ وَأَمَّا خَتْمُهُ مِنْ دَاخِلِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ عَدَمُ قَبُولِ غَيْرِ الْمَخْتُومِ مِنْ دَاخِلِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ) أَيْ بِدُونِ شُهُودِ الطَّرِيقِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي وَأَنَّهُ أَشْهَدَنَا عَلَى مَا فِيهِ وَفِي بْن الْعَمَلُ بِخَطِّ الْقُضَاةِ وَحْدَهُ إنْ عُرِفَ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ مَاتَ، أَوْ عُزِلَ الْمُنْهِي، أَوْ الْمُنْهَى إلَيْهِ قَبْلَ الْوُصُولِ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ اتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرِنَا عَلَى قَبُولِ كُتُبِ الْقُضَاةِ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَحْكَامِ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ خَطِّ الْقَاضِي دُونَ إشْهَادٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَا خَاتَمٍ مَعْرُوفٍ لِضَرُورَةِ رَفْعِ مَشَقَّةِ مَجِيءِ الْبَيِّنَةِ مَعَ الْكِتَابِ لَا سِيَّمَا مَعَ انْتِشَارِ الْخُطَّةِ وَبُعْدِ الْمَسَافَةِ فَإِذَا ثَبَتَ وَجْهُ الْعَمَلِ بِذَلِكَ بِأَنْ ثَبَتَ خَطُّ الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَارِفَةٍ بِالْخُطُوطِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ خَطَّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ إلَيْهِ فَجَائِزٌ لَهُ قَبُولُهُ بِمَعْرِفَةِ خَطِّهِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ وَصَلَ كِتَابُ الْقَاضِي قَبْلَ عَزْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنَاصِفِ وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ الَّذِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَشْيَاخَنَا أَنَّ الْإِنْهَاءَ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَوْ مَاتَ الْكَاتِبُ، أَوْ عُزِلَ قَبْلَ الْوُصُولِ، أَوْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ قَبْلَ الْوُصُولِ اهـ كَلَامُ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عِنْدَ قَاضٍ غَيْرِهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَيْضًا بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْمُنْهَى إلَيْهِ، أَوْ لَا فَمَاتَ، أَوْ عُزِلَ بَعْدَ الْإِنْهَاءِ وَهُوَ مُوَلًّى، أَوْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِغَيْرِ الْمُنْهَى إلَيْهِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ أَنْهَى قَاضِي مِصْرَ لِزَيْدٍ قَاضِي الْجِيزَةِ وَأَرْسَلَ لَهُ بِشَاهِدَيْنِ فَوَجَدَا زَيْدًا قَدْ مَاتَ، أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى بَدَلَهُ بِالْجِيزَةِ عَمْرٌو وَالثَّانِي كَمَا لَوْ أَرْسَلَ قَاضِي مِصْرَ شَاهِدَيْنِ لِإِنْهَاءِ الْحُكْمِ عِنْدَ قَاضِي الْجِيزَةِ فَوَجَدَ الْخَصْمَ ذَهَبَ لِرَشِيدٍ فَيَذْهَبَانِ لِقَاضِيهَا وَيُنْهِيَانِ لَهُ الْحُكْمَ. (قَوْلُهُ: كِتَابًا مَطْوِيًّا) أَيْ وَلَمْ يَفْتَحْهُ لَهُمَا وَلَا قَرَأَهُ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: إنْ أَشْهَدَهُمَا) أَيْ إنْ قَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ بِأَنَّ مَا فِيهِ حُكْمِي، أَوْ خَطِّي. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ) أَيْ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا بِأَنَّ مَا فِيهِ خَطُّهُ، أَوْ حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ بِأَنَّ مَا فِيهِ خَطِّي

(كَالْإِقْرَارِ) فَإِنَّهُ يُفِيدُ وَيُعَدُّ إقْرَارًا يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَفَعَ مَكْتُوبًا لِرَجُلَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: اشْهَدَا عَلَى أَنَّ مَا فِيهِ خَطِّي فَإِذَا فِيهِ: عِنْدِي وَفِي ذِمَّتِي لِفُلَانٍ كَذَا فَيُعْمَلُ بِهِ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ. (وَمَيَّزَ) الْقَاضِي وُجُوبًا (فِيهِ) أَيْ فِي كِتَابِ الْإِنْهَاءِ (مَا يَتَمَيَّزُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِهِ) (مِنْ اسْمٍ وَحِرْفَةٍ وَغَيْرِهِمَا) مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ غَالِبًا كَنَسَبِهِ وَبَلَدِهِ وَطُولِهِ وَقِصَرِهِ وَبَيَاضِهِ وَسَوَادِهِ (فَنَفَّذَهُ) الْقَاضِي (الثَّانِي) الْمُنْهَى إلَيْهِ إذَا كَانَ حُكْمَ الْأَوَّلِ. (وَبَنَى) عَلَى مَا صَدَرَ مِنْ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ فَإِذَا كَتَبَ لِلثَّانِي: إنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ عِنْدِي الْبَيِّنَةَ قَالَ الثَّانِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَلَك حُجَّةٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَتَبَ لَهُ بِتَعْدِيلِهَا لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ بَلْ يُعْذِرُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَتَبَ لَهُ: إنَّهُ أَعْذَرَ إلَيْهِ فَعَجَزَ عَنْ مَدْفَعٍ أَمْضَى عَلَيْهِ الْحُكْمَ وَشُبِّهَ فِي التَّنْفِيذِ وَالْبِنَاءِ قَوْلُهُ (كَأَنْ) (نُقِلَ) الْقَاضِي مِنْ خُطَّةٍ (لِخُطَّةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ أَيْ مَرْتَبَةٍ، أَوْ وِلَايَةٍ (أُخْرَى) فَإِنَّهُ يُنَفِّذُ مَا مَضَى، أَوْ يَبْنِي عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عُزِلَ، ثُمَّ وُلِّيَ فَلَا يَبْنِي بَلْ يَسْتَأْنِفُ، وَالْخُطَّةُ بِالضَّمِّ الْأَمْرُ وَالْقَضِيَّةُ، وَبِالْكَسْرِ الْأَرْضُ يَخُطُّهَا الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ أَيْ يُعَلِّمُ عَلَيْهَا عَلَامَةً بِالْخَطِّ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ اخْتَارَهَا لِيَبْنِيَهَا وَبَالَغَ عَلَى التَّنْفِيذِ وَالْبِنَاءِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُنْهَى بِهِ (حَدًّا) كَمَا يَكُونُ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ (إنْ كَانَ) الْقَاضِي الْمُرْسِلُ (أَهْلًا) لِلْقَضَاءِ بِأَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ (أَوْ) كَانَ (قَاضِيَ مِصْرٍ) مِنْ الْأَمْصَارِ أَيْ بَلَدِ كَبِيرٍ كَمِصْرِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ وَالْأَنْدَلُسِ؛ لِأَنَّ قُضَاةَ الْأَمْصَارِ مَظِنَّةُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ. (وَإِلَّا) يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ - أَيْ لَمْ يُعْرَفْ بِذَلِكَ - وَلَا قَاضِيَ مِصْرٍ (فَلَا) يُنَفِّذُ الْمُنْهَى إلَيْهِ كِتَابَ الْأَوَّلِ وَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ إذْ لَا وُثُوقَ بِهِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ الْحُكْمَ فَهَذَا الشَّرْطُ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَنَفَّذَهُ الثَّانِي إلَخْ لَا فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَشُبِّهَ بِقَوْلِهِ " وَإِلَّا فَلَا " قَوْلُهُ (كَأَنْ شَارَكَهُ) أَيْ شَارَكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْأَوَّلِ (غَيْرَهُ) فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَفِي نَعْتِهِ فَإِنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ لَا يُنَفِّذُ الْحُكْمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِنْ) كَانَ الْمُشَارِكُ (مَيِّتًا) مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. (وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ) الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِأَوْصَافِهِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ (فَفِي إعْدَائِهِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ تَسْلِيطِ الْقَاضِي الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ الِاسْمِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الطَّالِبَ لَا يَطْلُبُ غَيْرَ غَرِيمِهِ وَعَلَى صَاحِبِ الِاسْمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ حُكْمِي. (قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ) أَيْ كَمَا تُفِيدُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ كَاتِبِ وَثِيقَةٍ قَالَ لِرَجُلَيْنِ اشْهَدَا بِأَنَّ مَا فِيهَا خَطِّي، أَوْ بِأَنَّ مَا فِيهَا فِي ذِمَّتِي. (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِهِ) أَيْ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ وَلَهُمَا طَرِيقَتَانِ فِي صِفَةِ تَأْدِيَةِ الشَّهَادَةِ إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَا عَلَى نَحْوِ مَا سَمِعَا وَإِمَّا أَنْ يُقْرَأَ الْمَكْتُوبُ وَيُؤَدِّيَا نَحْوَ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَمَيَّزَ الْقَاضِي) أَيْ الْمُنْهِي. (قَوْلُهُ: مِنْ اسْمٍ) أَيْ لَهُ وَلِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ فَإِنْ اُشْتُهِرَ بِاسْمِهِ فَقَطْ أَوْ كُنْيَتِهِ فَقَطْ كَفَى كَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، أَوْ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، أَوْ أَبِي زَيْدٍ. (قَوْلُهُ: فَنَفَّذَهُ) أَيْ الْحُكْمَ بِمَعْنَى أَمْضَاهُ أَيْ فَإِذَا وَصَلَ كِتَابُ الْقَاضِي الْمُنْهِي مَعَ الشُّهُودِ لِلْمُنْهَى إلَيْهِ نَفَّذَ الْحُكْمَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ حَكَمَ وَبَنَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ وَكَذَا إذَا شَافَهَ الْمُنْهِي الْمُنْهَى إلَيْهِ نَفَّذَهُ وَبَنَى فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارٍ فِي وَجْهَيْ الْإِنْهَاءِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الثَّانِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلَك حُجَّةٌ) الْأَوْلَى فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يَأْمُرُهُمْ بِإِعَادَتِهَا وَيَنْظُرُ فِي تَعْدِيلِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَمْضَى عَلَيْهِ الْحُكْمَ) أَيْ أَوْقَعَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ نُقِلَ لِخُطَّةٍ أُخْرَى) فَرَضَ ابْنُ سَهْلٍ هَذَا فِيمَنْ نُقِلَ مِنْ أَحْكَامِ الشُّرْطَةِ وَالسُّوقِ إلَى أَحْكَامِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا قَدْ مَضَى بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْحُكُومَةِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَأَمَّا مَا فَرَضَهُ فِيهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حَيْثُ قَالَ كَأَنْ نُقِلَ مِنْ الْأَنْكِحَةِ وَالْبُيُوعِ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ عُزِلَ مِنْ الْأَنْكِحَةِ وَالْبُيُوعِ وَنُقِلَ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ فَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَتْمِيمُ مَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَبْلَ النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ عُزِلَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ وُلِّيَ عَلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ فَهَذَا لَمْ يُنْقَلْ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى خُطَّتِهِ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ فِيمَا كَانَ فِيهِ اهـ بْن وَقَدْ يُخْتَارُ الثَّانِي وَيُقَالُ إنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُهُ فِي نَفْسِهِ فَلِذَا حَصَلَ النَّقْلُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَذَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَصِحُّ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَفِيمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَيْضًا فَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ مَرْتَبَةٍ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ وِلَايَةٍ لِمَا قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُنْهَى بِسَبَبِهِ مَالًا بَلْ وَإِنْ كَانَ حَدًّا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَهْلًا) هَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَنَفَّذَهُ الثَّانِي وَبَنَى. (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يُعْرَفْ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ. (قَوْلُهُ: كِتَابَ الْأَوَّلِ) الْأَوْلَى حُكْمَ الْأَوَّلِ وَلَا يَبْنِي عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ دُونَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا وُثُوقَ بِهِ) أَيْ بِالْقَاضِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَسْتَأْنِفُ الْحُكْمَ) الْأَوْلَى بَلْ يَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى مِنْ أَوَّلِهَا. (قَوْلُهُ: لَا فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ) أَيْ وَهُوَ النَّقْلُ مِنْ خُطَّةٍ لِخُطَّةٍ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ تَارِيخُ الْحَقِّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ اسْمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ أَبِيهِ وَلَا نَسَبَهُ وَحِرْفَتَهُ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَوْصَافِهِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ فِي الْبَلَدِ مُتَعَدِّدًا. (قَوْلُهُ: أَيْ تَسْلِيطِ الْقَاضِي الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ الِاسْمِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ فَإِذَا قَبَضَ عَلَيْهِ فَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بَلْ يُنَفِّذُ الْقَاضِي

أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُشَارِكُهُ فِيهِ (أَوْ لَا) يُعْدِيهِ (حَتَّى يُثْبِتَ) الطَّالِبُ (أَحَدِّيَّتَهُ) أَيْ انْفِرَادَهُ بِهَذَا الِاسْمِ فِي الْبَلَدِ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُشَارِكٌ مُحَقَّقٌ، وَإِلَّا لَمْ يُعْدِهِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. وَلَمَّا كَانَ الْقَاضِي لَهُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ وَكَانَتْ الْغَيْبَةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قَرِيبَةً وَبَعِيدَةً وَمُتَوَسِّطَةً ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَ) الْغَائِبُ (الْقَرِيبُ) الْغَيْبَةِ كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ مَعَ الْأَمْنِ حُكْمُهُ (كَالْحَاضِرِ) فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا، ثُمَّ يَكْتُبُ إلَيْهِ بِالْإِعْذَارِ فِيهَا وَأَنَّهُ إمَّا قَدِمَ أَوْ وَكَّلَ فَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ وَلَا وَكَّلَ حَكَمَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَيُبَاعُ عَقَارُهُ وَنَحْوُهُ فِي الدَّيْنِ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ وَحُبْسٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (وَ) الْغَيْبَةُ (الْبَعِيدَةُ كَإِفْرِيقِيَّةَ) مِنْ مَكَّةَ وَنَحْوِهَا (قُضِيَ عَلَيْهِ) فِي كُلِّ شَيْءٍ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا (بِيَمِينِ الْقَضَاءِ) مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ وَلَا أَحَالَهُ الْغَائِبُ بِهِ وَلَا وَكَّلَ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ فِي الْكُلِّ وَلَا الْبَعْضِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهَذِهِ الْيَمِينُ تَتَوَجَّهُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ وَالْيَتِيمِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْأَحْبَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَسَمَّى) الْقَاضِي (الشُّهُودَ) وَالْمُعَدِّلِينَ لَهُمْ حَيْثُ يُعْذِرُ فِيهِمْ أَيْ كَتَبَ ذَلِكَ عِنْدَهُ لِيَجِدَ لَهُ مَدْفَعًا عِنْدَ قُدُومِهِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ، وَالْمُتَوَسِّطَةُ فِي هَذَا كَالْبَعِيدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْحُكْمَ، أَوْ يَبْنِي عَلَى مَا حَصَلَ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُشَارِكُهُ) أَيْ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَرِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي سَمَاعُ زُونَانَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ الْغَيْبَةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْقَاضِي يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي تِلْكَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْحُكْمِ وَلَكِنَّهُ لَهُ بِهَا مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ، أَوْ حَمِيلٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَا حُكْمٌ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ) أَيْ وَمَا قَارَبَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إمَّا قَدِمَ) أَيْ إمَّا إنْ يَقْدَمَ لِإِبْدَاءِ الْمَطْعَنِ فِي الْبَيِّنَةِ، أَوْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا عَنْهُ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيُعَجِّزُهُ) أَيْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ إذَا قَدِمَ وَهَذَا هُوَ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّوْضِيحِ وَأَمَّا قَوْلُ خش " إنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ " فَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ دَيْنٍ وَعَرَضٍ وَعَقَارٍ وَحَيَوَانٍ. (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ) أَيْ لِلْغَيْبَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: بِيَمِينِ الْقَضَاءِ) سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي تَشْهَدُ بِدَيْنٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ كَانَتْ تَشْهَدُ بِأَنَّ الْغَائِبَ أَقَرَّ أَنَّ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ كَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْضِيهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ، أَوْ يُبْرِئُهُ، أَوْ يُحِيلُ شَخْصًا عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ) أَيْ وَلَا قَبَضَهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ وَاجِبَةٌ لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَقِيلَ إنَّهَا اسْتِظْهَارٌ أَيْ مُقَوِّيَةٌ لِلْحُكْمِ فَقَطْ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِدُونِهَا عَلَى هَذَا. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْيَمِينُ تَتَوَجَّهُ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعِي فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَيِّتِ) أَيْ وَالْحُكْمِ عَلَى الْمَيِّتِ كَمَا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَيْهِ أَنَّ عِنْدَهُ كَذَا دَيْنًا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ وَلَمْ يُقِرَّ وَرَثَتُهُ بِهِ أَصْلًا فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُدَّعِي بِهَذَا الدَّيْنِ إلَّا إذَا حَلَفَ يَمِينَ الْقَضَاءِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَرَثَتُهُ الْكِبَارُ فَلَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ وَرَضُوا بِعَدَمِ حَلِفِهِ فَهَلْ كَذَلِكَ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ، أَوْ لَا؟ اخْتِلَافٌ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَالْيَتِيمِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ، أَوْ غَصَبَ، أَوْ أَتْلَفَ مَا لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَى مَالِهِ بِمَا أَنْفَقَ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَمِثْلُ الْيَتِيمِ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَسَاكِينُ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّ مَا حَبَّسَهُ فُلَانٌ عَلَيْهِمْ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ بَعْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَحْبَاسِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى دَارٍ مَثَلًا بِيَدِ جَمَاعَةٍ - يَدَّعُونَ أَنَّهَا حَبْسٌ - أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ حَتَّى يَتِمَّ الْحُكْمُ لَهُ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَالْحُكْمِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى مَنْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَإِذَا ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّهُ مُعْدِمٌ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ الَّذِي مَاتَ وَوُضِعَ مَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِظَنِّ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذَا الْجَمَلَ مَثَلًا مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَلَا بُدَّ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْعَقَارِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَشْتَبِهُ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُعْذِرُ فِيهِمْ) أَيْ لِكَوْنِهِمْ غَيْرَ مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا الْمَعْرُوفُونَ بِالْعَدَالَةِ عِنْدَهُ فَلَا يُعْذِرُ فِيهِمْ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ وَلَا يُسَمَّوْنَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ وَلَا يُقْبَلُ طَعْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهِمْ إذَا قَدِمَ وَسُمُّوا لَهُ. (قَوْلُهُ: لِيَجِدَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَاقٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا أَبْدَى مَطْعَنًا فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ قُدُومِهِ نُقِضَ الْحُكْمُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَسِّطَةُ فِي هَذَا) أَيْ فِي تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ وَالْمُعَدِّلِينَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَدِمَ، وَالْإِعْذَارِ إلَيْهِ فِيهِمْ كَالْبَعِيدَةِ أَيْ

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ، أَوْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي يَمِينَ الْقَضَاءِ وَحَكَمَ (نُقِضَ) حُكْمُهُ وَاسْتُؤْنِفَ. وَأَشَارَ لِلثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَالْعَشَرَةُ) مِنْ الْأَيَّامِ مَعَ الْأَمْنِ (أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا) أَيْ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ (فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ) أَيْ عَقَارِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَقَارَهُ لِكَثْرَةِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ فَتُؤَخَّرُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَقْدَمَ، وَإِنَّمَا سُمِعَتْ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ لِضَرُورَةِ مَشَقَّةِ الصَّبْرِ وَاحْتَرَزَ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ عَنْ بَيْعِهِ فِي دَيْنٍ، أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ، ثُمَّ مَا قَارَبَ كُلًّا مِنْ مَسَافَةِ الْغَيْبَةِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ لَهُ حُكْمُهُ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ ذَكَرَ الْحُكْمَ بِالْغَائِبِ فَقَالَ (وَحَكَمَ) الْقَاضِي (بِمَا يَتَمَيَّزُ) حَالَ كَوْنِهِ (غَائِبًا) عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (بِالصِّفَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَتَمَيَّزُ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ وَدَارٍ مِنْ سَائِرِ الْمُقَوَّمَاتِ وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ (كَدَيْنٍ) أَيْ كَمَا يَحْكُمُ بِالدَّيْنِ فَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَالْحَدِيدِ وَالْحَرِيرِ فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ مُقَوَّمًا كَانَ، أَوْ مِثْلِيًّا حَكَمَ بِهِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ لِجَهْلِ صِفَتِهِ وَاحْتَرَزَ بِالْغَائِبِ عَنْ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ تَمَيَّزَ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا. (وَجَلَبَ) الْقَاضِي (الْخَصْمَ) أَيْ دَعَاهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ) ، أَوْ وَرَقَةٍ، أَوْ أَمَارَةٍ (إنْ كَانَ) الْخَصْمُ (عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ لَا الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا وَيَرْجِعُ لِمَنْزِلِهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ كَمَا قِيلَ (لَا أَكْثَرَ) مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَسَمَّى الشُّهُودَ بَعْدَ الْمُتَوَسِّطَةِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا نُقِضَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُنْقَضُ بِعَدَمِ تَسْمِيَتِهِمْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَزِيرِيِّ فِي وَثَائِقِهِ وَابْنِ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُؤْنِفَ) أَيْ الْحُكْمُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا) أَيْ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتِهَا وَإِذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَمَّى لَهُ الشُّهُودَ وَمَنْ عَدَّلَهُمْ وَأَعْذَرَ لَهُ فِيهِمْ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ) أَيْ لِكَثْرَةِ تَشَاحُحِ النُّفُوسِ بِسَبَبِهِ وَحُصُولِ الضِّغْنِ وَالْحِقْدِ وَالنِّزَاعِ عِنْدَ أَخْذِهِ وَقَوْلُهُ: فَيُؤَخَّرُ الْمُدَّعِي إلَخْ أَيْ لِيَكُونَ حُضُورُهُ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا سُمِعَتْ) أَيْ الدَّعْوَى فِي الْعَقَارِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ) بَلْ وَيَحْكُمُ بِهِ أَيْضًا عَلَى حَاضِرٍ مُلِدٍّ بِدَفْعِ الْحَقِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّهْنِ وَبَاعَ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا قَارَبَ كُلًّا) أَيْ فَالْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ تَلْحَقُ بِالثَّلَاثَةِ وَالثَّمَانِيَةُ وَالتِّسْعَةُ تَلْحَقُ بِالْعَشَرَةِ وَأَمَّا الْوَسَطُ كَالْخَمْسَةِ وَالسِّتَّةِ فَيَلْحَقُ بِالْأَحْوَطِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ) أَيْ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالشَّيْءِ الَّذِي يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ حَالَةَ كَوْنِهِ غَائِبًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَهُوَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ فِي غَيْبَتِهِ كَالْعَقَارِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بَلْ تُمَيِّزُهُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو وَهُمَا بِرَشِيدٍ أَنَّ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي كَانَ مَعَهُ بِالْأَزْهَرِ يُحَضِّرُ فِيهِ مِلْكٌ لَهُ وَالْكِتَابُ حِينَئِذٍ بِالْأَزْهَرِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا مِلْكٌ لِزَيْدِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا يَحْكُمُ بِالدَّيْنِ) أَيْ الْمُتَمَيِّزِ بِالصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ تَمَيُّزُهُ نَوْعِيًّا لَا شَخْصِيًّا لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَحَابِيبِ أَوْ الرِّيَالَاتِ عَشَرَةً أَوْ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ أَرَادِبَ قَمْحٍ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً عَشَرَةً فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: حَكَمَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا بِالْمُقَوَّمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَالَ حَكَمَ بِهَا أَيْضًا كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِمَّا قَالَهُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ الْغَائِبَ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ كَانَ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ حَكَمَ الْقَاضِي بِهِ وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ حَكَمَ بِهَا وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ وَإِلَّا فَلَا يَحْكُمُ حَتَّى يَحْضُرَ. (قَوْلُهُ: وَجَلَبَ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الشَّخْصِ الْغَائِبِ مِنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَطِّنٍ بِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَمُتَوَطِّنٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) أَيْ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: وَجَلَبَ الْقَاضِي الْخَصْمَ إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَيْ جَبْرًا عَلَيْهِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ إلَيْهِ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ أَوْ تُوَكِّلَ أَوْ تُرْضِيَ خَصْمَك وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى يَجْلُبُهُ الْقَاضِي سَوَاءٌ أَتَى الْمُدَّعِي بِشُبْهَةٍ أَمْ لَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَجَزَمَ ابْنُ عَاصِمٍ تَبَعًا لِسَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجْلُبُهُ إلَّا مَعَ إتْيَانِ الْمُدَّعِي بِشُبْهَةٍ كَأَثَرِ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ لِئَلَّا تَكُونَ دَعْوَاهُ بَاطِلَةً وَيُرِيدُ إعْنَاتَ الْمَطْلُوبِ قَالَ شَيْخُنَا أَقُولُ كَلَامَ سَحْنُونٍ خُصُوصًا وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَاصِمٍ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَحْكَامِ هُوَ الظَّاهِرُ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَجْلُبُهُ اتِّفَاقًا إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي شَاهِدٌ. (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ فَلَا يَجْلُبُهُ وَلَا يَدْعُوهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَإِنْ جَلَبَهُ

[باب في الشهادة وما يتعلق بها]

(كَسِتِّينَ مِيلًا) بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنْ جَلَبَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ حُضُورٌ (إلَّا بِشَاهِدٍ) مِنْ الْمُدَّعِي يَشْهَدُ بِالْحَقِّ فَيَجْلُبُهُ قَهْرًا عَنْهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ كَتَبَ لَهُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ، أَوْ تُوَكِّلَ أَوْ تُرْضِيَ خَصْمَك. (وَلَا يُزَوِّجُ) الْقَاضِي (امْرَأَةً) أَيْ لَا يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِهَا حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْحَاكِمُ (لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ) بِأَنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا مِنْ أَهْلِهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا جَرَى عَلَى تَفْصِيلِ النِّكَاحِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ وَقَوْلُهُ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبَرْ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ بِهَا وَطَالَ. (وَهَلْ يُدَّعَى) بِالْعَقَارِ الْغَائِبِ مَثَلًا (حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ نَحْضُرُ مَحَلَّ الْعَقَارِ الْمُدَّعَى بِهِ (وَبِهِ عُمِلَ) وَحُكِمَ بِهِ بِالْمَدِينَةِ وَالْأَنْدَلُسِ فَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) حَيْثُ (الْمُدَّعَى) أَيْ الْعَقَارُ الْمُدَّعَى فِيهِ فَيُجَابَ الْمَطْلُوبُ لِقَوْلِهِ حَتَّى نَحْضُرَ مَحَلَّ الْحَادِثَةِ (وَأُقِيمَ) هَذَا الْقَوْلُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَالْخِلَافُ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فَيَدَّعِي الطَّالِبُ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِخَصْمِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِيمَا سَلَفَ بِقَوْلِهِ وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ. (وَفِي) (تَمْكِينِ) شَخْصٍ مِنْ (الدَّعْوَى لِغَائِبٍ) أَيْ عَنْهُ (بِلَا وَكَالَةٍ) مِنْهُ لِلْمُدَّعِي فِي الدَّعْوَى عَنْهُ، وَإِنَّمَا ادَّعَى عَنْ الْغَائِبِ حِسْبَةً لِلَّهِ خَوْفَ ضَيَاعِ حَقِّ الْغَائِبِ (تَرَدُّدٌ) حَقُّهُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَاجِشُونِ. بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا: الشَّهَادَةُ إخْبَارُ حَاكِمٍ عَنْ عِلْمٍ لِيَقْضِيَ بِمُقْتَضَاهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْعَدْلِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (الْعَدْلُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ. (قَوْلُهُ: كَسِتِّينَ مِيلًا) أَيْ وَكَذَا مَا قَارَبَهَا مِمَّا زَادَ عَلَى الْعَدْوَى. (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَاهِدٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ فَيَجْلُبُهُ كَمَنْ عَلَى مَسَافَتِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا) أَيْ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَأَنَّهَا وَكَّلَتْ ذَلِكَ الْقَاضِيَ فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا) أَيْ أَصْلُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ فَلَا يُزَوِّجُ قَاضِي مِصْرَ امْرَأَةً بِالشَّامِ وَإِنْ كَانَتْ مِصْرِيَّةً وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ فِي وِلَايَتِهِ فَيُزَوِّجُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا فَيُزَوِّجُ قَاضِي مِصْرَ الشَّامِيَّةَ الْمُقِيمَةَ بِمِصْرَ. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ إلَخْ) الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ إلَخْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ إلَّا الْقَاضِي فَلَيْسَ هُنَاكَ أَقْرَبُ وَلَا أَبْعَدُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ عُمِلَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَيْثُ الْمُدَّعَى بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ فَحَذَفَ الْجَارَّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فَلَيْسَ نَائِبُ الْفَاعِلِ مَحْذُوفًا بَلْ مُسْتَتِرًا أَيْ أَوْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى بِهِ كَالْعَقَارِ. (قَوْلُهُ: مَحَلَّ الْحَادِثَةِ) أَيْ مَحَلَّ الْمُدَّعَى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأُقِيمَ مِنْهَا) أَيْ إقَامَةَ فَضْلٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَمَّا حَيْثُ الْمُدَّعِي بِالْكَسْرِ فَلَمْ يُقِمْهُ فَضْلٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَوَطِّنًا فِي بَلَدٍ وَالْمُدَّعَى بِهِ فِي أُخْرَى كَانَتْ بَلَدَ الْمُدَّعِي أَوْ غَيْرَهَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي وِلَايَةِ قَاضٍ غَيْرِ الْآخَرِ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تَكُونُ الْخُصُومَةُ حَيْثُ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ ح فَإِنْ كَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ بَلَدَيْنِ وَكِلَاهُمَا مِنْ وِلَايَةِ قَاضٍ وَاحِدٍ فَالدَّعْوَى بِمَحَلِّ الْقَاضِي كَانَ بَلَدَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ بِمَحَلِّ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ وَجَلَبَ الْخَصْمَ إلَخْ وَإِنْ كَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ مِنْ مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَتَعَدَّدَ فِيهِ الْقَاضِي فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ كَمَا مَرَّ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ بِمَحَلِّهِ أَيْضًا أَمْ لَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ) بِخِلَافِ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَمِ كَالدَّيْنِ فَإِنَّ الْخِصَامَ حَيْثُ تَعَلَّقَ الطَّالِبُ بِالْمَطْلُوبِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَلَّقَ) أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَعَلَّقَ فِيهِ بِخَصْمِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَائِبَ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ قَرِيبَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَخِيفَ عَلَيْهِ تَلَفُهُ أَوْ غُصِبَ أَوْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ يُخْشَى فِرَارُهُ أَوْ أَرَادَ سَفَرًا بَعِيدًا فَأَرَادَ شَخْصٌ قَرِيبٌ لِلْغَائِبِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ احْتِسَابًا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلَهُ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ حِفْظًا لِمَالِ الْغَيْرِ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ - أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ؟ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ مَنْ يُرِيدُ الدَّعْوَى لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمَّا مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَزَوْجَةِ الْغَائِبِ وَأَقَارِبِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَيُمَكَّنُونَ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ كَمُسْتَعِيرٍ لِمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمُرْتَهِنٍ رَهْنًا كَذَلِكَ وَحَمِيلٍ مَدِينٍ أَرَادَ فِرَارًا أَوْ سَفَرًا بَعِيدًا فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فِي الدَّعْوَى عَنْهُ) أَيْ لَا عَلَيْهِ إذْ قَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ. [بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] قَوْلُهُ (الشَّهَادَةُ) أَيْ اصْطِلَاحًا وَأَمَّا لُغَةً فَمَعْنَاهَا الْبَيَانُ وَسُمِّيَ الشَّاهِدُ شَاهِدًا لِأَنَّهُ بَيَّنَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي اسْمِهِ تَعَالَى الشَّهِيدِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: 18] أَيْ بَيَّنَ وَقِيلَ هِيَ فِيهِمَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ (قَوْلُهُ إخْبَارُ حَاكِمٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إخْبَارُ

فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ (حُرٌّ) حَالَ الْأَدَاءِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الرَّقِيقِ أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ رِقٍّ (مُسْلِمٌ) لَا كَافِرٌ وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ (عَاقِلٌ) حَالَ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ مَعًا (بَالِغٌ) وَلَوْ تَحَمَّلَ صَبِيًّا إنْ كَانَ ضَابِطًا فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ إلَّا عَلَى بَعْضِهِمْ بِشُرُوطٍ تَأْتِي (بِلَا فِسْقٍ) بِجَارِحَةٍ (وَ) بِلَا (حَجْرٍ) لِسَفَهٍ فَلَا تَصِحُّ مِنْ فَاسِقٍ وَلَا مَجْهُولِ حَالٍ وَلَا مِنْ سَفِيهٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (وَ) بِلَا (بِدْعَةٍ وَإِنْ تَأَوَّلَ) فَأَوْلَى لَوْ تَعَمَّدَ أَوْ جَهِلَ (الْبِدْعَةَ كَخَارِجِيٍّ وَقَدَرِيٍّ) حَالَ الْأَدَاءِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ (لَمْ يُبَاشِرْ كَبِيرَةً) أَيْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا أَصْلًا أَوْ حَالَ الْأَدَاءِ فَقَطْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّاهِدِ الْحَاكِمَ وَقَوْلُهُ عَنْ عِلْمٍ أَيْ إخْبَارًا نَاشِئًا عَنْ عِلْمٍ لَا عَنْ ظَنٍّ أَوْ شَكٍّ وَهَذَا التَّعْرِيفُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ الشَّهَادَةُ إخْبَارٌ بِمَا حَصَلَ فِيهِ التَّرَافُعُ وَقُصِدَ بِهِ الْقَضَاءُ وَبَتُّ الْحُكْمِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فَهِيَ إخْبَارٌ بِمَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ التَّرَافُعُ وَلَمْ يُقْصَدْ بِهِ فَصْلُ الْقَضَاءِ وَبَتُّ الْحُكْمِ بَلْ قُصِدَ بِهِ مُجَرَّدُ عَزْوِهِ لِقَائِلِهِ بِحَيْثُ لَوْ رَجَعَ عَنْهُ رَجَعَ الرَّاوِي وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَأْدِيَةِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ أَشْهَدُ بِخُصُوصِهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ قَوْلَانِ وَالْأَظْهَرُ مِنْهُمَا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَإِنَّمَا الْمَدَارُ فِيهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِمَا شَهِدَ بِهِ كَرَأَيْت كَذَا وَسَمِعْت كَذَا أَوْ أَتَحَقَّقُ أَنَّ لِهَذَا عِنْدَ هَذَا كَذَا فَلَا يُشْتَرَطُ لِأَدَائِهَا صِيغَةٌ مُعِينَةٌ. (قَوْلُهُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ) أَيْ لَا فِي عُرْفِ الْمُحَدِّثِينَ لِأَنَّ الْعَدْلَ عِنْدَهُمْ يَكُونُ عَبْدًا وَامْرَأَةً وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ حَقِيقَتُهُ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْعَدْلِ لِلْحَقِيقَةِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلْعَهْدِ الذَّكَرِيِّ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ أَهْلُ الْقَضَاءِ عَدْلٌ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ الْمَطْلُوبَةَ فِي الْقَاضِي هِيَ الْمَطْلُوبَةُ فِي الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ حُرٌّ) أَيْ وَلَوْ عَتِيقًا لَكِنْ إنْ شَهِدَ لِمُعْتِقِهِ فَلَهُ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ التَّبْرِيزُ وَقَوْلُهُ حَالَ الْأَدَاءِ أَيْ لَا حَالَ التَّحَمُّلِ إذْ يَصِحُّ تَحَمُّلُ الرَّقِيقِ لِلشَّهَادَةِ وَيُؤَدِّيهَا بَعْدَ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ مُسْلِمٌ) أَيْ حَالَ الْأَدَاءِ لَا حَالَ التَّحَمُّلِ فَيَصِحُّ تَحَمُّلُهَا وَهُوَ كَافِرٌ وَأَدَاؤُهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْمُجَوِّزِ لِشَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَحَمَّلَ صَبِيًّا) فَإِذَا تَحَمَّلَ الْبَالِغُ الشَّهَادَةَ فِي حَالِ صِبَاهُ وَأَدَّاهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ ضَابِطًا أَيْ حَيْثُ تَحَمَّلَهَا وَهُوَ صَغِيرٌ. (تَنْبِيهٌ) لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ فَمَنْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا فَأُكْرِهَ عَلَى أَدَائِهَا إكْرَاهًا حَرَامًا فَأَدَّاهَا وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ كَانَتْ صَحِيحَةً وَلِذَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّعْبِيرِ بِمُكَلَّفٍ لِقَوْلِهِ بَالِغٌ عَاقِلٌ إذْ لَوْ عَبَّرَ بِمُكَلَّفٍ لَاقْتَضَى عَدَمَ صِحَّتِهَا لِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَذَا فِي عبق والمج وَفِي بْن الْحَقِّ عَدَمُ قَبُولُ شَهَادَةِ الْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي بِخِلَافِ مَا يَعْلَمُ فَالْإِكْرَاهُ يَمْنَعُ الثِّقَةَ بِشَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ بِلَا فِسْقٍ) أَيْ مُلْتَبِسٍ بِثُبُوتِ عَدَمِ الْفِسْقِ مِنْ مُلَابَسَةِ الْمَوْصُوفِ لِصِفَتِهِ فَهُوَ فِي قُوَّةِ الْمَعْدُولَةِ الْمَحْمُولِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَدَمُ فِسْقِهِ لَا فِي قُوَّةِ السَّالِبَةِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ يَكُونَ غَيْرَ ثَابِتِ الْفِسْقِ وَإِلَّا لَأَفَادَ صِحَّةَ شَهَادَةِ مَجْهُولِ الْحَالِ لِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتِ الْفِسْقِ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ بِجَارِحَةٍ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ الْكَلَامُ فِي الْفَاسِقِ بِالِاعْتِقَادِ (قَوْلُهُ وَبِلَا حَجْرٍ لِسَفَهٍ) إنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ لِسَفَهٍ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْحَجْرِ لِلزَّوْجِيَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْفَلَسِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهُمْ. (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ مِنْ فَاسِقٍ وَلَا مَجْهُولِ حَالٍ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ مُلْتَبِسًا بِثُبُوتِ عَدَمِ الْفِسْقِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُلْتَبِسٌ بِالْفِسْقِ وَالثَّانِيَ مُلْتَبِسٌ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْفِسْقِ لَا بِثُبُوتِ عَدَمِهِ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَطٌ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ سَفِيهٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا السَّفِيهُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَشَهَادَتُهُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ وَبِلَا بِدْعَةٍ) أَيْ وَمُلْتَبِسٍ بِعَدَمِ الْبِدْعَةِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْبِدْعِيِّ كَالْقَدَرِيِّ الْقَائِلِ بِتَأْثِيرِ الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ وَالْخَارِجِيِّ الَّذِي يُكَفِّرُ بِالذَّنْبِ هَذَا إذَا تَعَمَّدَ الْبِدْعَةَ أَوْ جَهِلَهَا بَلْ وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا فِي ارْتِكَابِهَا فَالْبِدْعِيُّ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَأَوِّلِ الْمُجْتَهِدُ وَبِالْجَاهِلِ الْمُقَلِّدُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (قَوْلُهُ حَالَ الْأَدَاءِ فَلَا تَصِحُّ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِالْبِدْعَةِ حَالَ التَّحَمُّلِ فَقَطْ فَلَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ لَمْ يُبَاشِرْ كَبِيرَةً) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ يُغْنِي عَنْهَا قَوْلُهُ وَبِلَا فِسْقٍ لِأَنَّ الْتِبَاسَهُ بِعَدَمِ الْفِسْقِ هُوَ عَدَمُ مُبَاشَرَتِهِ لِلْكَبِيرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي كَبِيرَةِ الْبَاطِنِ كَغِلٍّ وَحَسَدٍ وَكِبْرٍ وَرِيَاءٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمُبَاشَرَةِ الَّتِي هِيَ الْمُخَالَطَةُ وَقَوْلُهُ سَابِقًا وَبِلَا فِسْقٍ أَيْ بِالْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِتَعْرِيفِ الْفِسْقِ بِالْخُرُوجِ عَنْ الطَّاعَةِ وَإِلَى هَذَا الْجَوَابِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَبِلَا فِسْقٍ بِجَارِحَةٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِلَا فِسْقٍ أَيْ بِالْبَاطِنِ وَبِالْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ وَأَتَى بِقَوْلِهِ لَمْ يُبَاشِرْ إلَى قَوْلِهِ خِسَّةً تَفْسِيرًا لِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْفِسْقِ أَيْ أَنَّ عَدَمَ التَّلَبُّسِ بِهِ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ مُبَاشَرَةِ الْكَبَائِرِ وَكَثْرَةِ الْكَذِبِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا أَصْلًا)

بِأَنْ تَابَ وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَإِلَّا فَلَا لِصِدْقِ التَّلَبُّسِ عَلَيْهِ (أَوْ) لَمْ يُبَاشِرْ (كَثِيرَ كَذِبٍ) لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فَسَادٌ وَإِلَّا ضَرَّ وَلَوْ الْوَاحِدَةُ بِخِلَافِهَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا ذَلِكَ (أَوْ صَغِيرَةَ خِسَّةٍ) كَتَطْفِيفِ حَبَّةٍ أَوْ سَرِقَةِ نَحْوِ لُقْمَةٍ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى دَنَاءَةِ الْهِمَّةِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ بِخِلَافِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (سَفَاهَةً) أَيْ مُجُونًا بِأَنْ يُكْثِرَ الدُّعَابَةَ وَلَمْ يُبَالِ بِمَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ الْهَزْلِ (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (لَعِبَ نَرْدٍ) وَطَابٍ وَلَوْ بِغَيْرِ قِمَارٍ (ذُو مُرُوءَةٍ) نَعْتٌ لِحُرٍّ أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ هِمَّةٌ وَحَيَاءٌ (بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ) تَفْسِيرٌ لِلْمُرُوءَةِ بِاللَّازِمِ وَبَيَّنَ غَيْرَ اللَّائِقِ بِقَوْلِهِ (مِنْ) لَعِبِ (حَمَامٍ) بِلَا قِمَارٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَبِيرَةٌ (وَسَمَاعِ غِنَاءٍ) بِالْمَدِّ مُتَكَرِّرًا بِغَيْرِ آلَةٍ لِإِخْلَالِ سَمَاعِهِ بِالْمُرُوءَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بِقَبِيحٍ وَلَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَلَا بِآلَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لَا حَالَ الْأَدَاءِ وَلَا حَالَ التَّحَمُّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ حَالَ الْأَدَاءِ أَيْ أَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا حَالَ الْأَدَاءِ فَقَطْ أَيْ وَإِنْ اتَّصَفَ بِهَا حَالَ التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَابَ) أَيْ بَعْدَ التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَتُبْ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لِصِدْقِ التَّلَبُّسِ عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِصِدْقِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْ كَثِيرَ كَذِبٍ) أَيْ فَإِنْ بَاشَرَ كَثِيرَ الْكَذِبِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا زَادَ عَلَى الْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ يَعْنِي فِي السَّنَةِ وَهَذَا فِي كَذِبٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَسَادٌ وَإِلَّا ضُرٌّ وَلَوْ وَاحِدَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَذِبَ إمَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسَادٌ أَوْ لَا فَالْأَوَّلُ مُضِرٌّ وَلَوْ وَاحِدَةً وَهِيَ كَبِيرَةٌ وَالثَّانِي مُضِرٌّ مِنْهُ الْكَثِيرُ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَأَمَّا الْوَاحِدَةُ يَعْنِي فِي السَّنَةِ فَلَا تَضُرُّ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَقِيلَ كَبِيرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ قَادِحَةٍ فِي الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةِ نَحْوِ لُقْمَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَقِيرًا وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَقِيرًا وَإِلَّا كَانَتْ كَبِيرَةً (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِأَمْرَدَ أَوْ لِامْرَأَةٍ بَلْ مِنْ صَغَائِرِ غَيْرِ الْخِسَّةِ فَلَا تَقْدَحُ إلَّا بِشَرْطِ الْإِدْمَانِ وَمِثْلُ النَّظْرَةِ فِي ذَلِكَ الْقُبْلَةُ وَسَائِرُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ مَا عَدَا الْإِيلَاجَ وَاعْلَمْ أَنَّ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ تَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْمِنْهَا فَمَتَى صَدَرَتْ مِنْهُ وَلَوْ مَرَّةً رُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ كَالْكَبِيرَةِ بِخِلَافِ صَغِيرَةِ غَيْرِ الْخِسَّةِ فَالْمُضِرُّ إدْمَانُهَا (قَوْلُهُ وَسَفَاهَةٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى كَذِبٍ أَيْ وَلَمْ يُبَاشِرْ كَثِيرَ سَفَاهَةٍ فَالْمُضِرِّ إنَّمَا هُوَ كَثْرَتُهَا لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمْ يُبَاشِرْ سَفَاهَةً الْمُفِيدُ أَنَّهَا مُضِرَّةٌ مُطْلَقًا وَكَلَامُهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يُكْثِرَ إلَخْ صَرِيحٌ فِي الْمَقْصُودِ. (قَوْلُهُ أَيْ مُجُونًا) الْمُجُونُ وَالدُّعَابَةُ هُوَ الْهَزْلُ وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُبَالِيَ بِمَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ الْهَزْلِ أَيْ كَإِخْرَاجِ الصَّوْتِ مِنْ فِيهِ وَكَالنُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْخَنَا فِي الْمَلَإِ مِمَّا يُسْتَبْشَعُ النُّطْقُ بِهِ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى قَوْلِهِ وَسَفَاهَةٍ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ ذُو مُرُوءَةٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ ذَا مُرُوءَةٍ عَدَمُ مُبَاشَرَتِهِ لِكَثِيرِ السَّفَاهَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ فِي مَرْكَزِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِعُمُومِ مَا بَعْدَهُ لَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَاشِرْ لَعِبَ نَرْدٍ) أَيْ فَإِنْ بَاشَرَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَلَوْ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ بَلْ وَلَوْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِمَارٌ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الطَّابِ وَالسِّيجَةِ وَالْمِنْقَلَةِ، وَلَعِبُ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَرَامٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ذُو مُرُوءَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَعَ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ) أَيْ مُصَوَّرَةً بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ فَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ. (قَوْلُهُ بِاللَّازِمِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرُوءَةَ كَمَالُ الرُّجُولِيَّةِ وَيَلْزَمُ مِنْ كَمَالِهَا تَرْكُ غَيْرِ اللَّائِقِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ الْمُرُوءَةُ فِي الْعَدَالَةِ لِأَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِمَا لَا يَلِيقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا جَرَّهُ ذَلِكَ غَالِبًا لِعَدَمِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى دِينِهِ وَاتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ وُجُودُ الْعَدْلِ الْمَوْصُوفِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَوْصَافِ أَوْ تَعَسَّرَ كَمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا اكْتَفَى بِمَنْ لَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ لِلضَّرُورَةِ وَقِيلَ يُجْبَرُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ لَعِبِ حَمَامٍ) أَيْ مَنْ لَعِبَ بِهِ مَعَ إدَامَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يُخِلَّ بِالْمُرُوءَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ اللَّعِبَ بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ كَاللَّعِبِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُسَابَقَةِ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَيَشْمَلُ اللَّعِبَ بِهِ الْمُحَرَّمَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا مِنْ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ كَلَعِبٍ بِهِ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ نَوْعُ تَعْذِيبٍ لَهُ وَلَا يَشْمَلُ اللَّعِبَ بِهِ مُقَامَرَةً لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بِقَبِيحٍ) أَيْ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ وَلَا حَمْلَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْقَبِيحِ كَتَعَلُّقٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ بِأَمْرَدَ وَلَا بِآلَةٍ أَيْ كَعُودٍ وَقَانُونٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ كَانَ سَمَاعُهُ وَكَذَا فِعْلُهُ حَرَامٌ وَلَوْ فِي عُرْسٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَلْ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ كَانَ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا وَلَوْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَهُوَ مَا لتت أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّكْرَارِ فِي السَّنَةِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَحَاصِلُ مَا فِي عبق أَنَّ الْغِنَاءَ إنْ حُمِلَ عَلَى تَعَلُّقٍ بِمُحَرَّمٍ كَامْرَأَةٍ أَوْ أَمْرَدَ حَرُمَ فِعْلًا وَسَمَاعًا تَكَرَّرَ أَمْ لَا بِآلَةٍ أَمْ لَا كَانَ فِي عُرْسٍ أَوْ صَنِيعٍ كَوِلَادَةٍ وَخِتَانٍ وَقُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ كَانَ فِي غَيْرِهِمَا وَمَتَى لَمْ يُحْمَلْ عَلَى مُحَرَّمٍ جَازَ بِعُرْسٍ وَصَنِيعٍ سَوَاءٌ كَانَ بِآلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَمَاعًا وَفِعْلًا تَكَرَّرَ

(وَدِبَاغَةٍ وَحِيَاكَةٍ اخْتِيَارًا) أَيْ لَا لِضَرُورَةِ مَعَاشٍ وَإِلَّا لَمْ يُخِلَّا بِالْمُرُوءَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَنْ أَهْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ وَقَدْ تَكُونُ الْحِيَاكَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ الْحِرَفِ الشَّرِيفَةِ وَأَمَّا الْخِيَاطَةُ فَهِيَ مِنْ الْحِرَفِ الرَّفِيعَةِ وَمِثْلُ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْحِجَامَةُ (وَإِدَامَةِ) لَعِبِ (شِطْرَنْجٍ) لِأَنَّهُ مِنْ صَغَائِرِ غَيْرِ الْخِسَّةِ بَلْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ وَإِدَامَتُهُ تَكَرُّرُهُ فِي السَّنَةِ (وَإِنْ) كَانَ (أَعْمَى) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (فِي قَوْلٍ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ (أَوْ أَصَمَّ) غَيْرَ أَعْمَى (فِي فِعْلٍ) لَا قَوْلٍ وَأَمَّا الْأَعْمَى الْأَصَمُّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُعَامَلُ (لَيْسَ بِمُغَفَّلٍ) الْغَفْلَةُ ضِدُّ الْفَطَانَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمْ لَا لَا بِغَيْرِ عُرْسٍ وَصَنِيعٍ فَيُمْنَعُ إنْ تَكَرَّرَ سَوَاءٌ كَانَ بِآلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِعْلًا وَسَمَاعًا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كُرِهَ سَمَاعًا وَهَلْ كَذَا فِعْلًا أَوْ يُمْنَعُ خِلَافٌ اهـ. وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ مَتَى كَانَ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى قَبِيحٍ أَوْ كَانَ بِآلَةٍ كَانَ حَرَامًا سَوَاءٌ كَانَ بِعُرْسٍ أَوْ صَنِيعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا تَكَرَّرَ أَمْ لَا فِعْلًا أَوْ سَمَاعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِقَبِيحٍ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ بِآلَةٍ فَالْكَرَاهَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِعُرْسٍ أَوْ صَنِيعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا تَكَرَّرَ أَمْ لَا فِعْلًا أَوْ سَمَاعًا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إذَا تَكَرَّرَ فِي السَّنَةِ كَانَ بِآلَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا عَلَى مَا لِلْمَوَّاقِ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمَاعُ الْعُودِ جُرْحَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَنِيعٍ لَا شُرْبَ فِيهِ فَلَا يُجْرَحُ وَإِنْ كُرِهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَدِبَاغَةٍ وَحِيَاكَةٍ اخْتِيَارًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لَهُمَا فِي مَعَاشِهِ أَيْ وَكَانَ فِي بَلَدٍ يَزْرِيَانِ بِفَاعِلِهِمَا فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِمَا فَالْقَدْحُ فِي الشَّهَادَةِ بِالدِّبَاغَةِ وَالْحِيَاكَةِ مُقَيَّدٌ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا قَادِحَةً. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْخِيَاطَةُ فَهِيَ مِنْ الْحِرَفِ الرَّفِيعَةِ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ لِحَدِيثٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَرَدَ فِيهِ مَدْحِهَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَمَدْحِ صِنَاعَةِ الْغَزْلِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَلَفْظُهُ «عَمَلُ الْأَبْرَارِ مِنْ الرِّجَالِ الْخِيَاطَةُ وَعَمَلُ الْأَبْرَارِ مِنْ النِّسَاءِ الْغَزْلُ» (قَوْلُهُ الْحِجَامَةُ) أَيْ لِإِخْلَالِهَا بِالْمُرُوءَةِ لَكِنْ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهَا إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الدِّبَاغَةِ وَالْحِيَاكَةِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا لَمْ تَكُنْ قَادِحَةً فِي الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ شِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَفَتْحُ أَوَّلِهِ مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ كَمَا قَالَ ابْنُ جِنِّي وَيُقَالُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ إمَّا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُشَاطَرَةِ أَوْ مِنْ التَّسْطِيرِ اهـ بْن لَكِنْ الَّذِي فِي الْغَرَرِ وَالدُّرَرِ لِلْوَطْوَاطِ أَنَّ شِطْرَنْجَ مُعَرَّبُ ششرنك وَمَعْنَاهُ سِتَّةُ أَلْوَانٍ الشَّاةُ وَالْفَرْزُ وَالْفِيلُ وَالْفَرَسُ وَالرُّخُّ وَالْبَيْدَقُ فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُشَاطَرَةِ بِالْمُعْجَمَةِ وَلَا مِنْ التَّسْطِيرِ بِالْمُهْمَلَةِ كَمَا قَالَ بْن اهـ. مج ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَعِبَهُ غَيْرُ حَرَامٍ لِجَعْلِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا لَا يَلِيقُ مَعَ تَقْيِيدِهِ بِالْإِدَامَةِ وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَكِنْ الْمَذْهَبُ أَنَّ لَعِبَهُ حَرَامٌ وَفِي ح قَوْلٌ بِجَوَازِ لَعِبِهِ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ نَظِيرِهِ لَا مَعَ الْأَوْبَاشِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِلُعْبَةٍ لَكِنْ عِنْدَ الْإِدَامَةِ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْإِدْمَانَ عَلَى اللَّعِبِ بِهَا جُرْحَةٌ وَقَدْ قِيلَ الْإِدْمَانُ أَنْ يَلْعَبَ بِهَا فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْإِدْمَانُ فِي الشِّطْرَنْجِ دُونَ مَا عَدَاهُ مِنْ النَّرْدِ وَالطَّابِ وَالسِّيجَةِ وَالْمِنْقَلَةِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي إبَاحَتِهِ إذْ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْعَبُونَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْمَى) أَيْ هَذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ بِمَا ذُكِرَ غَيْرَ أَعْمَى بَلْ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْأَقْوَالِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَحَمَّلَهَا قَبْلَ الْعَمَى أَمْ لَا لِضَبْطِهِ الْأَقْوَالَ بِسَمْعِهِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا مُطْلَقًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيهَا بِمَا تَحَمَّلَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ قَبْلَ الْعَمَى وَأَمَّا الْأَفْعَالُ الْمَرْئِيَّةُ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيهَا مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ عَلِمَهَا قَبْلَ الْعَمَى أَمْ لَا كَمَا قَالَ طفى وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ بِالْفِعْلِ إنْ عَلِمَهُ قَبْلَ الْعَمَى أَوْ يُحْبَسُ كَمَا فِي الزِّنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَوْلِ بَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيمَا عَدَا الْمَرْئِيَّاتِ مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَلْمُوسَاتِ وَالْمَذُوقَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْمَلْمُوسَ وَالْمَذُوقَ وَالْمَشْمُومَ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَعْمَى وَغَيْرُهُ فَهِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَسْمُوعَاتُ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيِّ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْمَنْعُ فِيمَا تَحَمَّلَهُ بَعْدَ الْعَمَى. (قَوْلُهُ أَوْ أَصَمَّ فِي فِعْلٍ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصَمَّ غَيْرُ الْأَعْمَى يَضْبِطُ الْأَفْعَالَ بِبَصَرِهِ دُونَ الْأَقْوَالِ لِتَوَقُّفِ ضَبْطِهَا عَلَى السَّمْعِ وَهُوَ مَعْدُومٌ مِنْهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْأَقْوَالِ مَا لَمْ

فَالْمُغَفَّلُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (إلَّا فِيمَا) أَيْ فِي شَيْءٍ (لَا يَلْبِسُ) . بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مَاضِيهَا بِفَتْحِهَا أَيْ لَا يُخْتَلَطُ فِيهِ مِنْ الْبَدِيهِيَّاتِ (وَلَا مُتَأَكِّدَ الْقُرْبِ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ (كَأَبٍ) أَيْ أَصْلٍ (وَإِنْ عَلَا وَزَوْجِهِمَا) أَيْ الْأَبِ وَالْأُمِّ الشَّامِلُ لَهَا الْأَبُ بِالتَّغْلِيبِ أَوْ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ الْكَافِ فَزَوْجَةُ الْأَبِ لَا تَشْهَدُ لِرَبِيبِهَا وَزَوْجُ الْأُمِّ لَا يَشْهَدُ لِرَبِيبِهِ وَإِنْ سَفَلَ (وَوَلَدٍ) فَلَا يَشْهَدُ لِأَصْلِهِ (وَإِنْ سَفَلَ) الْوَلَدُ (كَبِنْتٍ) وَابْنٍ (وَزَوْجِهِمَا) أَيْ زَوْجِ الْبِنْتِ وَزَوْجِ الِابْنِ فَلَا يَشْهَدَانِ لِأَبَوَيْ زَوْجَيْهِمَا. (وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ) أَيْ مَعَ أَبِيهِ فِي قَضِيَّةٍ (وَاحِدَةٍ) أَيْ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةٍ وَاحِدٍ فَتَحْتَاجُ لِآخَرَ أَوْ يَمِينٍ فَتُلْغَى شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا (كَكُلٍّ) أَيْ كَمَا تُلْغَى شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدِيلَةِ (عِنْدَ الْآخَرِ) إذَا كَانَ حَاكِمًا لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَرُدُّ شَهَادَةَ أَبِيهِ أَوْ وَلَدِهِ (أَوْ) شَهَادَتَهُ (عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ) عَلَى (حُكْمِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْكِيَتِهِ وَلِذَا لَا يُعَدِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَهَادَةَ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ مُعْتَبَرَةٌ مُطْلَقًا فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَجَازَتْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى خَطِّ الْآخَرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَأُخْرِجَ مِنْ مَنْعِ شَهَادَةِ مُتَأَكَّدِ الْقُرْبِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ قَوْلُهُ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (أَخٍ لِأَخٍ) فَتَجُوزُ (إنْ بَرَزَ) فِي الْعَدَالَةِ بِأَنْ فَاقَ أَقْرَانَهُ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُنْ سَمِعَهَا قَبْلَ الصَّمَمِ وَإِلَّا جَازَتْ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَيُؤَدِّيهَا بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ (قَوْلُهُ فَالْمُغَفَّلُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ لَا يَسْتَعْمِلُ الْقُوَّةَ الْمُنَبِّهَةَ مَعَ وُجُودِهَا فِيهِ وَأَمَّا الْبَلِيدُ فَهُوَ خَالٍ مِنْهَا بِالْمَرَّةِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا لَا فِيمَا يَخْتَلِطُ وَلَا فِيمَا لَا يَخْتَلِطُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَخْتَلِطُ فِيهِ مِنْ الْبَدِيهِيَّاتِ) أَيْ كَرَأَيْت هَذَا يَقْطَعُ يَدَ هَذَا أَوْ يَأْخُذُ مَالَهُ (قَوْلُهُ أَيْ أَصْلٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَشْهَدُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ لِوَلَدٍ وَإِنْ وَلَدَ مُلَاعَنَةٍ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَا) أَيْ فَلَا يَشْهَدُ الْجَدُّ أَوْ الْجَدَّةُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ فَزَوْجَةُ الْأَبِ لَا تَشْهَدُ لِرَبِيبِهَا) أَيْ وَهُوَ وَلَدُ زَوْجِهَا وَإِنْ سَفَلَ وَإِذَا امْتَنَعَ شَهَادَتُهَا لِابْنِ زَوْجِهَا فَتَمْتَنِعُ شَهَادَتُهَا لِزَوْجِهَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لَا يَشْهَدُ لِرَبِيبِهِ) أَيْ وَهُوَ وَلَدُهَا وَإِذَا امْتَنَعَ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِ زَوْجَتِهِ فَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُ لَهَا بِالْأَوْلَى لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يَشْهَدُ لِأَصْلِهِ) أَيْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ (قَوْلُهُ وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَابْنٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلْوَلَدِ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِلتَّمْثِيلِ لِوُضُوحِ الْمُمَثِّلِ لَهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ صَوَابُهُ وَإِنْ سَفَلَ لِبِنْتٍ بِاللَّامِ لَا بِالْكَافِ لِيَكُونَ بَالِغًا عَلَى أَضْعَفِ الْمَرَاتِبِ (قَوْلُهُ فَلَا يَشْهَدَانِ لِأَبَوَيْ زَوْجَيْهِمَا) فَزَوْجُ الْبِنْتِ لَا يَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجَتِهِ، وَزَوْجَةُ الِابْنِ لَا تَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجِهَا وَأَمَّا شَهَادَةُ زَوْجِ الْمَرْأَةِ لِإِخْوَتِهَا، وَشَهَادَةُ زَوْجَةِ الرَّجُلِ لِإِخْوَتِهِ فَجَائِزَةٌ كَمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ زَوْجِ الْبِنْتِ لِزَوْجَةِ أَبِيهَا وَشَهَادَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ لِزَوْجِ أُمِّهِ وَكَذَا شَهَادَةُ أَحَدِ أَبَوَيْ الزَّوْجَةِ لِابْنِ زَوْجِ ابْنَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ أَوْ لِأَبَوَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ) أَيْ الْمَقْبُولُ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ فَتَحْتَاجُ لِآخَرَ أَيْ فِيمَا يَحْتَاجُ لِشَاهِدَيْنِ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَقَوْلُهُ أَوْ يَمِينٍ أَيْ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ إذَا كَانَتْ بِمَالٍ أَوْ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِذَا طَرَأَ فِسْقٌ لِأَحَدِهِمَا فَشَهَادَةُ الثَّانِي مِنْهُمَا بَاقِيَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ بُطْلَانِ شَهَادَتِهِمَا مَعًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ وَابْنِهِ شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ قَوْلُ أَصْبَغَ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ وَمُطَرِّفٍ وَهُوَ أَنَّ شَهَادَةَ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ شَهَادَتَانِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ: وَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ الِابْنُ فِي مَحَلٍّ مَعَ أَبِيهِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ وَابْنِ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ وَذَكَرَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ أَنَّ الْقَوْلَ بِكَوْنِ شَهَادَةِ الْأَبِ مَعَ ابْنِهِ شَهَادَتَيْنِ أَعْدَلُ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُمَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَقِيلَ شَهَادَتَانِ وَهُوَ أَقْيَسُ اهـ. فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِقُوَّتِهِ كَمَا تَرَى أَوْ يَحْكِي قَوْلَيْنِ قَالَهُ طفى وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي هَذَا الْفَرْعِ وَفِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ وَلَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ نَظَرًا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مُرَجَّحًا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْفُرُوعِ الْمَذْكُورَةِ شَهَادَةَ الْوَلَدِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا الْقَوْلَيْنِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَيْ كَمَا تُلْغَى شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى الْبَدِيلَةِ عِنْدَ الْآخَرِ إذَا كَانَ حَاكِمًا) أَيْ وَقِيلَ لَا تُلْغَى وَرُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلِلِابْنِ أَنْ يُنَفِّذَ حُكْمِ أَبِيهِ وَعَكْسُهُ إذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ وَأَنْهَى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ شَهَادَتَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الْوَلَدُ أَشْهَدُ أَنَّ أَبِي قَدْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي بِكَذَا أَوْ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَتُلْغَى تِلْكَ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ فِيهَا تَزْكِيَةً لَهُ وَقِيلَ لَا تُلْغَى فِيهَا وَقَدْ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ مِنْ تَزْكِيَتِهِ) أَيْ لِلْآخَرِ أَيْ فِي الْفَرْعَيْنِ وَقَوْلُهُ وَلِذَا أَيْ وَلِامْتِنَاعِ تَزْكِيَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَقَوْلُهُ لَا يُعَدِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ تَزْكِيَةٌ وَقَوْلُهُ وَجَازَتْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى خَطِّ الْآخَرِ أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ هُوَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ (قَوْلُهُ إنْ بَرَّزَ) فِي بْن الصَّوَابُ إنْ بَرَّزَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِعْلٌ لَازِمٌ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ مُبَرِّزٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَفِي الْقَامُوسِ بَرَّزَ كَكَرَّمَ وَبَرَّزَ

وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ (وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ) أَيْ بِأَنْ يُعَدِّلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ) أَيْ بِأَنْ لَا يُعَدِّلَهُ (كَأَجِيرٍ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ إنْ بَرَزَ وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ مِنْ قَوْلِهِ (وَمَوْلَى) أَسْفَلَ (وَ) صَدِيقٍ (مُلَاطِفٍ وَ) شَرِيكٍ (مُفَاوِضٍ فِي غَيْرِ) مَالِ (مُفَاوَضَةٍ) وَأَمَّا فِيهِ فَلَا تُقْبَلُ وَإِنْ بَرَزَ (وَزَائِدٌ) فِي شَهَادَتِهِ شَيْئًا عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا وَسَوَاءٌ حَكَمَ بِهِ أَمْ لَا (أَوْ مُنَقِّصٍ) عَنْهَا بَعْدَ أَنْ أَدَّاهَا فَيُقْبَلُ إنْ بَرَزَ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ ابْتِدَاءً بِأَزْيَدَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي أَوْ بِأَنْقَصَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُبَرِّزًا وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لَا يُقْضَى لَهُ بِالزَّائِدِ لِعَدَمِ ادِّعَائِهِ لَهُ (وَذَاكِرٍ) لِمَا شَهِدَ بِهِ (بَعْدَ شَكٍّ) مِنْهُ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَوْ لَا عِلْمَ عِنْدِي بَعْدَ أَنْ سُئِلَ عَنْهَا وَكَذَا بَعْدَ نِسْيَانٍ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَجَزَمَ بِمَا شَهِدَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَذَكِّرُ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا وَمَا فِي النَّقْلِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمَرِيضِ فَفَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَنَظَرًا لِمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الشَّاكِّ الْمُتَذَكِّرِ (وَتَزْكِيَةٍ) فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّبْرِيزِ أَيْ إنَّ الْمُزَكِّيَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْرِيزُ إذَا زَكَّى مَنْ شَهِدَ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَفْتَقِرُ لِشَاهِدَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَبْرِيزًا فَاقَ أَصْحَابَهُ فَضْلًا وَشَجَاعَةً وَبَرَزَ الْفَرَسُ عَنْ الْخَيْلِ سَبَقَهَا اهـ كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْقَامُوسِ أَنْ بَرَزَ يُسْتَعْمَلُ مُشَدَّدًا، وَمُخَفَّفًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّبْرِيزِ هُنَا الِانْتِصَابَ لِلشَّهَادَةِ كَمَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ اهـ كَلَامُهُ أَيْ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الزِّيَادَةُ فِي الْعَدَالَةِ عَلَى الْأَقْرَانِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ فِي عِيَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ لَيْسَتْ بِجُرْحِ عَمْدٍ فِيهِ قِصَاصٌ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْحَمِيَّةَ تَأْخُذُ فِي الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُعَدِّلَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا عَدَّلَ أَخَاهُ تَشَرَّفَ بِتَعْدِيلِهِ إيَّاهُ فَتَكُونُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ قَدْ جَرَّتْ لَهُ نَفْعًا فَتَكُونُ بَاطِلَةً (قَوْلُهُ وَمَوْلًى أَسْفَلَ) أَيْ فَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَتِيقِ لِمُعْتِقِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَتِيقُ مُبَرِّزًا وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ ذَلِكَ الْمُعْتِقِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ الْمُعْتِقِ لِعَتِيقِهِ فَجَائِزَةٌ بِغَيْرِ شَرْطِ التَّبْرِيزِ (قَوْلُهُ وَصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ) أَيْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِصَدِيقِهِ إنْ بَرَزَ وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَالصَّدِيقُ الْمُلَاطِفُ هُوَ الَّذِي يَسُرُّهُ مَا يَسُرُّك وَيَضُرُّهُ مَا يَضُرُّك (قَوْلُهُ وَمُفَاوِضٍ فِي غَيْرِ مُفَاوَضَةٍ) قَالَ عبق وَكَذَا كُلُّ شَرِيكِ تَجْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ غَيْرَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ الشَّرِكَةُ إنْ بَرَزَ أَيْضًا قَالَ بْن إنَّهُ قَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ قَيَّدُوا بِالْمُفَاوَضَةِ فَنَحْنُ أَتْبَاعُهُمْ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لِشَرِيكِهِ فِي شَرِكَةِ التَّجْرِ غَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَرِّزًا كَمَا أَنَّ الشَّرِيكَ فِي مُعَيَّنٍ كَدَابَّةٍ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ الشَّرِكَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَرِّزًا اتِّفَاقًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ مَرْدُودَةٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُبَرِّزًا أَوْ غَيْرَ مُبَرِّزٍ وَهِيَ شَهَادَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فِيمَا فِيهِ الشَّرِكَةُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَهُ وَذَلِكَ لِتَضَمُّنِهَا لِلشَّهَادَةِ لِنَفْسِهِ وَمَقْبُولَةً بِشَرْطِ التَّبْرِيزِ وَهِيَ شَهَادَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فِي التِّجَارَةِ مُفَاوَضَةً فِي غَيْرِ مَا فِيهِ الشَّرِكَةُ وَمَقْبُولَةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُبَرِّزًا أَوْ غَيْرَ مُبَرِّزٍ وَهِيَ شَهَادَةُ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فِي مُعَيَّنٍ وَكَذَا فِي شَرِكَةِ التَّجْرِ غَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى مَا ارْتَضَاهُ طفى (قَوْلُهُ وَزَائِدٍ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ مُنْقِصٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَوَّلًا بِعَشَرَةٍ ادَّعَاهَا الْمُدَّعِي ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِنْهَا كَثَمَانِيَةٍ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ بِهَا تُقْبَلُ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا سَوَاءٌ حَكَمَ بِلُزُومِ الْعَشَرَةِ الَّتِي شَهِدَ بِهَا أَوَّلًا أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ شَهِدَ ثَانِيًا بِأَقَلَّ مِمَّا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا وَكَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْحُكْمِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَغْرَمُ الشَّاهِدُ وَلَا يَنْقُصُ الْحُكْمُ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَوَّلًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا بِأَنْ شَهِدَ ثَانِيًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ بِالزِّيَادَةِ تُقْبَلُ سَوَاءٌ حَكَمَ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا أَوْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ شَهَادَتُهُ بِالْعَشَرَةِ أَوَّلًا عَلَى طِبْقِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ لَا يَأْخُذُ الْمُدَّعِي تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِعَدَمِ دَعْوَاهُ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَرِّزًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ كُلُّهَا كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ ابْتِدَاءً بِأَزْيَدَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي أَوْ بِأَنْقَصَ) أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رُجُوعٌ عَمَّا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا كَمَا لَوْ ادَّعَى بِعَشَرَةٍ فَشَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَحْلِفُ عَلَى الْعَشَرَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا وَيَأْخُذُهَا وَلَا يَقْضِي لَهُ بِالْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ لِعَدَمِ ادِّعَائِهِ لَهَا وَإِذَا ادَّعَى بِعَشَرَةٍ فَشَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ بِثَمَانِيَةٍ فَيَحْلِفُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَسْتَحِقُّ الثَّمَانِيَةَ ثُمَّ إنْ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ بِالْبَاقِي حَلَفَ مَعَهُ وَأَخَذَهُ وَإِلَّا فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى يَحْلِفُ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَفِي الثَّانِيَةِ يَحْلِفُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّبْرِيزُ فِي قَبُولِ الشَّاهِدِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَذَاكِرٍ بَعْدَ شَكٍّ) أَيْ وَمُتَذَكِّرٍ شَهَادَةً بَعْدَ شَكٍّ مِنْهُ فِيهَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَزَائِدٍ وَمُنْقِصٍ (قَوْلُهُ وَنَظَرًا لِمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الشَّاكِّ الْمُتَذَكِّرِ) أَيْ فَإِنَّ الشَّأْنَ تَشَكُّكُ الْمَرِيضِ ثُمَّ يَتَذَكَّرُ (قَوْلُهُ وَتَزْكِيَةٍ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَذِي تَزْكِيَةٍ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَنَنِ

(وَإِنْ) شَهِدَ (بِحَدِّ) قِصَاصٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الشَّاهِدُ فِي الدِّمَاءِ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ لِتَزْكِيَةٍ بِأَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا لِخَطَرِهَا وَالتَّزْكِيَةُ إنَّمَا تَكُونُ (مِنْ مَعْرُوفٍ) عِنْدَ الْقَاضِي بِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ (إلَّا) الشَّاهِدَ (الْغَرِيبَ) وَكَذَا الْقَاضِي الْغَرِيبُ فَلَا يَشْتَرِطُ مَعْرِفَةَ الْقَاضِي عَدَالَةَ الْمُزَكِّي أَيْ ابْتِدَاءً بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُزَكِّيَ ذَلِكَ الْمُزَكِّي مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ فَمَعْرِفَةُ الْحَاكِمِ بِعَدَالَةِ الْمُزَكِّي لَا بُدَّ مِنْهَا لَكِنْ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ غَرِيبٍ فَبِلَا وَاسِطَةٍ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا فِيهَا فَالْأَوْضَحُ أَنْ لَوْ قَالَ مِنْ مَعْرُوفٍ وَإِنْ بِوَاسِطَةٍ (بِأَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا) أَيْ أَنَّ التَّزْكِيَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَكْفِي هُوَ عَدْلٌ إلَخْ وَلَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ حَذَفَ لَفْظَ أَشْهَدُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا بَعْدَهُ كَفَى فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ عَدْلٍ وَرِضًا لِأَنَّ الصَّالِحَ قَدْ يَكُونُ مُغَفَّلًا أَوْ مُتَّصِفًا بِمَانِعٍ وَكَذَا عَالِمٌ وَفَاضِلٌ وَمُعْتَقِدٌ بَيْنَ النَّاسِ بِخِلَافِ عَدْلٍ رِضًا فَإِنَّ مَعْنَاهُ مُتَّصِفٌ بِشُرُوطِ الْعَدَالَةِ مَرَضِيٌّ فِي الْأَدَاءِ لَا غَفْلَةَ عِنْدَهُ وَلَا بَلَهَ وَلَا مُسَاهَلَةَ فَالْأَوَّلُ يَرْجِعُ لِسَلَامَةِ الدَّيْنِ وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ وَتَكُونُ التَّزْكِيَةُ (مِنْ فَطِنٍ عَارِفٍ) بِحَالِ الشَّاهِدِ (لَا يُخْدَعُ) بِأَحْوَالِ الشَّاهِدِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يُلْبَسُ بِهَا عَلَى النَّاسِ مِنْ وُجُوهِ التَّدْلِيسِ فَقَوْلُهُ عَارِفٌ لَا يُخْدَعُ كَالتَّفْسِيرِ لِفَطِنٍ (مُعْتَمَدٌ) فِي التَّزْكِيَةِ (عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ) وَمُخَالَطَةِ سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ أَوْ مُعَاطَاةٍ إذْ بِذَلِكَ يَنْكَشِفُ حَالُ الْمَرْءِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (لَا) عَلَى مُجَرَّدِ (سَمَاعِ) مَا لَمْ يَحْصُلْ الْقَطْعُ بِهِ بِأَنْ فَشَا عَنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ فَيَكْفِي وَيَكُونُ الْمُزَكِّي (مِنْ) أَهْلِ (سُوقِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ) أَيْ الشَّاهِدُ الْمَقْصُودُ تَزْكِيَتُهُ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ لِمَا فِي تَزْكِيَةِ الْغَيْرِ مَعَ تَرْكِهَا مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فِي الرِّيبَةِ (إلَّا لِتَعَذُّرٍ) مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عُدُولٌ مُبَرِّزُونَ أَوْ قَامَ بِهِمْ مَانِعٌ فَعُلِمَ أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ لَيْسَا مُتَعَلِّقَيْنِ بِسَمَاعٍ بَلْ بِمَحْذُوفٍ (وَوَجَبَتْ) التَّزْكِيَةُ (إنْ تَعَيَّنَ) التَّعْدِيلُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعَدِّلُهُ غَيْرُهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ إنْ تَعَيَّنَتْ كَانَ أَنْسَبَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَوَجَبَ بِتَجْرِيدِ الْفِعْلِ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى التَّعْدِيلِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ انْفَرَدَ بِهِ (كَجَرْحٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ تَجْرِيحٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ فِي الشَّاهِدِ (إنْ بَطَلَ حَقٌّ) بِشَهَادَتِهِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ (وَنُدِبَ) لِلْقَاضِي (تَزْكِيَةُ سِرٍّ مَعَهَا) أَيْ مَعَ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ أَيْ يُنْدَبُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى السِّرِّ أَجْزَأَهُ قَطْعًا كَالْعَلَانِيَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَتَكُونُ التَّزْكِيَةُ (مِنْ مُتَعَدِّدٍ) وَلَا يَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ التَّبْرِيزُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي الْمُزَكِّي مِنْ حَيْثُ تَزْكِيَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِحَدٍّ) مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَفْتَقِرُ لَهَا هَذَا إذَا شَهِدَ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِحَدٍّ بَلْ وَإِنْ شَهِدَ بِحَدٍّ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ إنَّ الْمُزَكِّيَ إلَخْ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ يَكُونُ أَظْهَرَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ بِدَمٍ لِيَحْسُنَ رَدُّهُ عَلَى هَذَا الْمُخَالِفِ لِأَنَّ خِلَافَهُ فِيهِ خَاصَّةً لَا فِي الْمُطْلَقِ الْحَدِّ (قَوْلُهُ مِنْ مَعْرُوفٍ) نَعْتٌ لِتَزْكِيَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا الشَّاهِدَ الْغَرِيبَ) مِثْلُ الْغَرِيبِ النِّسَاءُ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْقَاضِي عَدَالَةَ مَنْ زَكَّاهُنَّ ابْتِدَاءً وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْدِيلَ الَّذِي يَحْتَاجُ لِتَعْدِيلٍ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ إلَّا تَعْدِيلَ النِّسَاءِ وَالْغُرَبَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَعْدِيلُ مَنْ عَدَّلَهُنَّ إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ لَهُنَّ غَيْرَ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ بِأَشْهَدُ) إلَخْ هَذَا تَصْوِيرٌ لِلتَّزْكِيَةِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ عَدْلٍ وَرِضًا) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] مَعَ قَوْلِهِ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يُجْزِهِ وَقِيلَ إنَّهُ يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْمُوَلِّيَ قَدْ ذَكَرَ كُلَّ لَفْظَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَشُهِرَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا كَالْأَوَّلِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ) أَيْ وَيُرْجَعُ فِي طُولِهَا لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ لَا عَلَى مُجَرَّدِ سَمَاعٍ) لِمَا عُورِضَ هَذَا مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي التَّعْدِيلِ وَفَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِتَخْصِيصِ مَا هُنَا بِالسَّمَاعِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْقَطْعُ بِأَنْ كَانَ مِنْ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُعَدِّلِينَ أَوْ الْمُجَرِّحِينَ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا فُلَانًا وَفُلَانًا يَقُولَانِ إنَّ فُلَانًا عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ كَمَا نَقَلَهُ الْعَوْفِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِ قَدْ أَشْهَدَهُمْ عَلَى التَّزْكِيَةِ أَوْ التَّجْرِيحِ أَوْ كَانَ السَّمَاعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْقَطْعُ وَحُمِلَ مَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّمَاعُ مِنْ جَمَاعَةٍ يَحْصُلُ بِخَبَرِهِمْ الْجَزْمُ وَالْقَطْعُ (قَوْلُهُ مِنْ سُوقِهِ) لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِسَمَاعٍ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمُزَكِّيَ لَا يَعْتَمِدُ فِي تَزْكِيَتِهِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَأَهْلِ مَحَلَّتِهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى السَّمَاعِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْقَطْعُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَمَحَلَّتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ بَلْ هُوَ صِفَةٌ ثَالِثَةٌ لِتَزْكِيَةٍ أَيِّ تَزْكِيَةٍ حَاصِلَةٍ مِنْ مَعْرُوفٍ إلَخْ وَحَاصِلُهُ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَحَلَّتِهِ أَيْ أَهْلِ بَلَدِهِ الْعَارِفِينَ بِهِ قَالَ عبق وَأَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِأَوْصَافِ الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ مُذَكِّرَةُ أَنَّ النِّسَاءَ لَا تَقْبَلُ تَزْكِيَتَهُنَّ لَا لِرِجَالٍ وَلَا لِنِسَاءٍ وَلَوْ فِيمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَوَجَبَتْ التَّزْكِيَةُ) أَيْ الشَّهَادَةُ بِهَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ مُعَدِّلٌ غَيْرُهُ وَلَكِنَّهُ خَافَ مِنْ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ كَجُرْحٍ إنْ بَطَلَ حَقٌّ) تَشْبِيهُ فِي الْوُجُوبِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ عُلِمَ جُرْحَةَ شَاهِدٍ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَجْرَحْهُ

بِخِلَافِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَيَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ وَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) الْمُزَكِّي (الِاسْمَ) لِلْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ وَلَا الْكُنْيَةَ الْمَشْهُورَ بِهَا لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ وَأَحْوَالِهِ (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ) أَيْ سَبَبَ التَّعْدِيلِ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ (بِخِلَافِ الْجَرْحِ) بِالْفَتْحِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فَرُبَّمَا اُعْتُمِدَ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَقْتَضِيهِ شَرْعًا كَالْبَوْلِ قَائِمًا وَعَدَمِ تَرْجِيحِ الْمِيزَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْجَرْحُ أَيْ بَيِّنَتُهُ (مُقَدَّمٌ) عَلَى التَّعْدِيلِ أَيْ بَيِّنَتِهِ يَعْنِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ لِأَنَّهَا تَحْكِي عَنْ ظَاهِرِ الْحَالِ، وَالْمُجَرِّحَةَ عَنْ بَاطِنِهِ وَأَيْضًا الْمُجَرِّحَةُ مُتَمَسِّكَةٌ بِالْأَصْلِ (وَإِنْ) (شَهِدَ) الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ (ثَانِيًا) وَجُهِلَ حَالُهُ (فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى) وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ لَمْ يُجْهَلْ حَالُهُ بَلْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ كَمَا لَوْ كَثُرَ مُعَدِّلُوهُ وَقَوْلُهُ تَرَدُّدٌ حَقُّهُ قَوْلَانِ إذْ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُعَدِّلٌ اُكْتُفِيَ بِالْأُولَى جَزْمًا وَعُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ قَوْلُهُ (وَبِخِلَافِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ (لِأَحَدِ وَلَدَيْهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ) مِنْ وَلَدٍ لِأَحَدِ (أَبَوَيْهِ) فَتَجُوزُ (إنْ لَمْ يَظْهَرْ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (مَيْلٌ لَهُ) أَيْ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَإِلَّا مُنِعَتْ (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (عَدُوٍّ) عَلَى عَدُوِّهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً بَلْ (وَلَوْ عَلَى ابْنِهِ) أَيْ ابْنِ الْعَدُوِّ كَمَا لَا يَشْهَدُ ابْنُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّ أَبِيهِ (أَوْ) وَلَوْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بَيْنَ (مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) فَلَا تَجُوزُ مِنْ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَطَلَ الْحَقُّ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِ أَوْ حَقٍّ بَاطِلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَجْرِيحُهُ لِئَلَّا يُضَيِّعَ الْحَقَّ أَوْ يُحِقَّ الْبَاطِلَ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ لَا لِمَا قَبْلَهَا لِاسْتِغْنَائِهِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ تَعَيَّنَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إلَى بُطْلَانِ الْحَقِّ حَيْثُ تَرَكَ التَّزْكِيَةَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا إذَا بَطَلَ الْحَقُّ بِتَرْكِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَيَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ) أَيْ وَالتَّعَدُّدُ فِيهَا مَنْدُوبٌ فَقَطْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي بْن وَيَفْتَرِقَانِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُزَكِّيَ السِّرِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْرِيزُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ الْقَاضِي بِعَدَالَتِهِ وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إذَا عَدَّلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ مُزَكِّي الْعَلَانِيَةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَخْ) أَيْ تَصِحُّ التَّزْكِيَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تَزْكِيَةَ سِرٍّ أَوْ عَلَانِيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا الْكُنْيَةُ الْمَشْهُورُ بِهَا) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ مُعْتَمِدًا عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ وَمُخَالَطَةٍ إذْ مَتَى طَالَتْ الْعِشْرَةُ وَالْمُخَالَطَةُ عُلِمَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ مِنْ الْكُنْيَةِ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الِاسْمُ الَّذِي شُهِرَ بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ كَسَحْنُونِ بْنِ سَعِيدٍ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْرَفَ اسْمُهُ وَهُوَ عَبْدُ السَّلَامِ وَمِثْلُ أَشْهَبَ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْرَفَ اسْمُهُ وَهُوَ مِسْكِينٌ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّي ذَاتَهُ لَا مَا اُشْتُهِرَ بِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ) أَيْ فَرُبَّمَا لَا يَتَيَسَّرُ اسْتِحْضَارُهَا كُلِّهَا عِنْدَ التَّزْكِيَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَرْحِ) أَيْ التَّجْرِيحِ (قَوْلُهُ فَرُبَّمَا اعْتَمَدَ فِيهِ) أَيْ فِي التَّجْرِيحِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ أَعْدَلَ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى الْأَشْهَرِ كَمَا نَقَلَهُ بْن وَقِيلَ إنَّ الْمُجَرَّحَةَ مُقَدَّمَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُزَكِّي أَكْثَرَ أَوْ أَعْدَلَ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَحْكِي عَنْ ظَاهِرِ الْحَالِ) أَيْ لِأَنَّهَا تُخْبِرُ عَنْ حَالِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُجَرَّحَةُ تُخْبِرُ عَنْ حَالِهِ الْخَفِيِّ فَهِيَ أَزْيَدُ عِلْمًا (قَوْلُهُ ثَانِيًا) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ عَامٍ وَقَوْلُهُ وَجُهِلَ حَالُهُ أَيْ هَلْ طَرَأَ لَهُ فِسْقٌ أَمْ لَا أَيْ وَلَمْ يَكْثُرْ مُعَدِّلُوهُ وَوُجِدَ مَنْ يُعَدِّلُهُ عِنْدَ شَهَادَتِهِ ثَانِيًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ فُقِدَ قَيْدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ فُقِدَ الْقَيْدُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ شَهِدَ مَجْهُولُ الْحَالِ ثَانِيًا بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَلَمْ يَكُنْ زَكَّاهُ قَبْلَهُ كَثِيرُونَ احْتَاجَ لِإِعَادَةِ التَّزْكِيَةِ ثَانِيًا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَإِنْ اكْتَفَى بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى مَضَى الْحُكْمُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ مِنْ التَّزْكِيَةِ الْأُولَى مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِهَا لِأَحَدٍ إلَخْ) فِي ح اشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ فِي قَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ التَّبْرِيزَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مَا لَلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَيْ عَلَى الْآخَرِ لَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَإِلَّا رُدَّتْ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ظَهَرَ مَيْلٌ لِلْمَشْهُودِ لَهُ مُنِعَتْ كَشَهَادَةِ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الْبَارِّ عَلَى الْعَاقِّ أَوْ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ أَوْ لِسَفِيهٍ عَلَى الرَّشِيدِ لِاتِّهَامِ الْأَبِ عَلَى إبْقَائِهِ الْمَالَ تَحْتَ يَدِهِ (تَنْبِيهٌ) تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ أُمِّهِ إنْ كَانَتْ مُنْكِرَةً لِلطَّلَاقِ وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَتْ هِيَ الْقَائِمَةُ بِذَلِكَ فَمَنَعَهَا أَشْهَبُ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ شَهِدَ بِطَلَاقِ أَبِيهِ لِغَيْرِ أُمِّهِ لَمْ تَجُزْ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ فِي عِصْمَةِ أَبِيهِ لَا إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً مَثَلًا وَلَوْ شَهِدَ لِأَبِيهِ عَلَى جَدِّهِ أَوْ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ لَمْ تَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَجَازَ قَوْلًا وَاحِدًا كَذَا يَنْبَغِي اهـ عج (قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ وَأَشَارَ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَى ابْنِهِ لَرَدَّ قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ بِالْجَوَازِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْ الْأَبُ مَعَرَّةٌ بِشَهَادَةِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ عَلَى وَلَدِهِ كَأَنْ شَهِدَ الْعَدُوُّ بِدَيْنٍ عَلَى وَلَدِ عَدُوِّهِ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ شَهِدَ الْعَدُوُّ عَلَى وَلَدِ عَدُوِّهِ بِزِنًا أَوْ شُرْبٍ أَوْ قَذْفٍ (قَوْلُهُ دُنْيَوِيَّةً) أَيْ لَا دِينِيَّةً لِجَوَازِ شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ (قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ) أَيْ الشَّهَادَةُ مِنْ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ أَيْ لِلْعَدَاوَةِ

وَأَمَّا شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ تَجُوزُ مُطْلَقًا (وَلْيُخْبِرْ) الشَّاهِدُ بِهَا أَيْ بِالْعَدَاوَةِ وُجُوبًا بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا لِيَسْلَمَ مِنْ التَّدْلِيسِ وَقِيلَ لَا يُخْبِرُ (بِهَا) وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْعَدَاوَةِ الْقَرَابَةُ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ أَدَائِهَا (تَتَّهِمُنِي) فِي شَهَادَتِي عَلَيْك (وَتُشَبِّهُنِي بِالْمَجَانِينِ مُخَاصِمًا) أَيْ قَالَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُخَاصِمًا (لَا شَاكِيًا) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ بِمَا قَالَ وَهِيَ مَانِعَةٌ وَلَوْ ظَهَرَتْ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إلَخْ مِثَالٌ لِلْعَدَاوَةِ وَشَأْنُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُمَثِّلَ بِالْأَخْفَى وَأَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ شَاكِيًا لِلنَّاسِ مَا صَدَرَ مِنْ خَصْمِهِ فَلَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ (وَاعْتَمَدَ) الشَّاهِدُ (فِي إعْسَارٍ) أَيْ فِي شَهَادَتِهِ بِإِعْسَارِ مَدِينٍ أَوْ زَوْجٍ (بِصُحْبَةٍ) أَيْ عَلَى صُحْبَةٍ طَوِيلَةٍ لِلْمَدِينِ (وَ) عَلَى (قَرِينَةِ صَبْرِ ضُرٍّ) أَيْ صَبْرِهِ عَلَى الضُّرِّ مِنْ الْجُوعِ وَالْعُرْيِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ مَا صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ فَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ مُعْسِرٌ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ بِالْإِعْسَارِ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ الْحَاصِلَةِ مِنْ طُولِ الصُّحْبَةِ مَعَ الْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ (كَضَرَرِ) أَحَدِ (الزَّوْجَيْنِ) بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى الصُّحْبَةِ مَعَ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (إنْ حَرَصَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَلَا تَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ أَمْ لَا لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ. (قَوْلُهُ وَلْيُخْبِرْ بِهَا) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَالَ لِلشَّاهِدِ أَدِّ الشَّهَادَةَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا أَنْ يُخْبِرَ بِالْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّدْلِيسِ وَهَذَا هُوَ سَمَاعُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمِعَ سَحْنُونٌ عَنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَ لَا يُخْبِرُ بِهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَانْظُرْ كَيْفَ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ سَمَاعَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَرَكَ سَمَاعَ سَحْنُونٍ عَنْهُ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْدِيمُ سَمَاعِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى سَمَاعِ غَيْرِهِ عَنْهُ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْعَدَاوَةِ الْقَرَابَةُ) أَيْ لِلْمَشْهُودِ لَهُ إذَا كَانَتْ أَكِيدَةً فَيَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ بَيَانِهَا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَعَدَمِ وُجُوبِ بَيَانِهَا. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ بَعْدَهَا) أَيْ وَقَبْلَ الْحُكْمِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ مَا ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْخِصَامِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَغْرَمُ مَا أَتْلَفَهُ بِشَهَادَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ تَتَّهِمُنِي) الَّذِي فِي الرِّوَايَةِ كَمَا فِي بْن أَتَشْتُمُنِي وَتُشَبِّهُنِي إلَخْ (قَوْلُهُ مُخَاصِمًا) أَيْ مُنَازِعًا لَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ لَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَيْ قَالَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُخَاصِمًا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ مُخَاصِمًا حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ الْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَلَامَ فِي حَالِ الْمُخَاصَمَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُ تَمْيِيزًا أَيْ كَقَوْلِهِ عَلَى جِهَةِ الْخُصُومَةِ فَيَكُونُ مُفِيدًا لِكَوْنِ ذَلِكَ الْقَوْلِ إنَّمَا صَدَرَ مِنْهُ لِأَجْلِ الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ لَا شَاكِيًا) أَيْ لَا عَلَى جِهَةِ الشِّكَايَةِ لِلنَّاسِ مَا فَعَلَ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ اُنْظُرْ وَأَمَّا فَعَلَ مَعِي وَمَا قَالَ فِي حَقِّي أَوْ مَا كُنْت أَظُنُّ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَحَقُّقِ الْخِصَامِ أَوْ عَلَى ظَنِّهِ أَوْ عَلَى تَحَقُّقِ الشِّكَايَةِ أَوْ ظَنِّهَا عَمِلَ بِذَلِكَ وَإِنْ فُقِدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقَرِينَةِ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاصِمٍ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمَانِعِ مُلْغًى. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ قَوْلُ أَصْبَغَ وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ قَالَ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَدُوُّهُ وَلَوْ قَالَ أَدْنَى مِنْ هَذَا سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَصْوَبُ قَالَ الْمَوَّاقُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مِثَالٌ لِلْعَدَاوَةِ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا عَدُوَّ مَعْنَاهُ وَلَا مَنْ ظَهَرَتْ عَدَاوَتُهُ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ كَمَا هُنَا لِأَنَّ الْخِصَامَ قَرِينَةٌ عَلَى الْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ أَنْ يُمَثِّلَ بِالْأَخْفَى) أَيْ وَيُعْلَمُ مِنْهُ الْأَجْلَى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَمَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَاوَةِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ هُنَا (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَ فِي إعْسَارٍ بِصُحْبَةٍ وَقَرِينَةِ صَبْرِ ضُرٍّ) أَيْ وَاعْتَمَدَ الشَّاهِدُ فِي شَهَادَتِهِ بَتًّا وَقَطْعًا بِإِعْسَارِ مَدِينٍ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ الْحَاصِلَةِ مِنْ طُولِ صُحْبَتِهِ لِلْمَدِينِ وَمِنْ الْقَرِينَةِ الَّتِي هِيَ صَبْرُ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْإِعْسَارِ عَلَى الضُّرِّ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي الشَّاهِدَ فِي شَهَادَتِهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ النَّاشِئِ عَنْ الْقَرَائِنِ فِيمَا يَعْسَرُ فِيهِ الْعِلْمُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ غَيْرِ السَّمَاعِ قَطْعُ الشَّاهِدِ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَوْ فِيمَا يَعْسَرُ الْعِلْمُ بِهِ عَادَةً فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا كَانَ يَعْلَمُهُ وَيَقْطَعُ بِمَعْرِفَتِهِ لَا بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَعْرِفَتُهُ بِالْقَرَائِنِ وَطَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ مَشَى عَلَيْهَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهَذَا الظَّنُّ النَّاشِئُ عَنْ الْقَرَائِنِ إنَّمَا هُوَ كَافٍ بِالنِّسْبَةِ لِجَزْمِ الشَّاهِدِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِتَأْدِيَةِ الشَّهَادَةِ إذْ لَوْ صَرَّحَ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِالظَّنِّ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا أُدِّيَتْ عَلَى وَجْهِ الْبَتِّ وَالْجَزْمِ بِأَنْ يُصَرِّحَ بِذَلِكَ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ ابْنِ رُشْدٍ فَتَنْتَفِي الطَّرِيقَتَانِ وَيَرْجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ) أَيْ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ فَلَوْ صَرَّحَ فِي أَدَاءِ شَهَادَتِهِ بِالظَّنِّ لَمْ تُقْبَلْ فَهُوَ نَظِيرٌ وَاعْتَمَدَ الْبَاتَّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ وَقِيلَ يَجُوزُ تَأْدِيَتُهَا بِالتَّصْرِيحِ بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ فِي شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى الصُّحْبَةِ) أَيْ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ الْحَاصِلَةِ مِنْ طُولِ الصُّحْبَةِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَمِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ

أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى الْحِرْصِ (عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ) كَانَ بِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ (فِيمَا رُدَّ فِيهِ) سَابِقًا بِأَنْ أَدَّى شَهَادَةً فَرُدَّتْ (لِفِسْقٍ أَوْ صِبًا أَوْ رِقٍّ) أَوْ كُفْرٍ فَلَمَّا زَالَ الْمَانِعُ بِأَنْ تَابَ الْفَاسِقُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الرَّقِيقُ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَدَّاهَا فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى قَبُولِهَا عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الطَّبْعُ الْبَشَرِيُّ مِنْ دَفْعِ الْمَعَرَّةِ الْحَاصِلَةِ بِالرَّدِّ وَلِذَا لَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِرَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ فَأَدَّاهَا لَقُبِلَتْ وَكَذَا إذَا رُدَّتْ فَأَدَّى شَهَادَةً بِحَقٍّ آخَرَ فَتُقْبَلُ (أَوْ) اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ حِرْصٌ (عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ مُشَارَكَةُ غَيْرِهِ لَهُ فِي مَعَرَّتِهِ لِتَهُونَ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ إذَا عَمَّتْ هَانَتْ وَإِذَا خَصَّتْ هَالَتْ (كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ) أَيْ فِي الزِّنَا (أَوْ) شَهَادَةِ (مَنْ حُدَّ) لِسُكْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ قَذْفٍ (فِيمَا) أَيْ فِي مِثْلِ (مَا حُدَّ فِيهِ) بِخُصُوصِهِ وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ كَمَنْ حُدَّ لِشُرْبٍ فَشَهِدَ بِقَذْفٍ فَيُقْبَلُ وَمِثْلُ مَنْ حُدَّ مَنْ عُزِّرَ فَلَا يَشْهَدُ فِيمَا عُزِّرَ فِيهِ (وَلَا إنْ حَرَصَ) أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى حِرْصِهِ (عَلَى الْقَبُولِ) لِشَهَادَتِهِ (كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ) أَيْ كَأَنْ يُخَاصِمَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَرْفَعَهُ لِلْقَاضِي وَيَشْهَدَ عَلَيْهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ لِغَائِبٍ بِدَيْنٍ عَلَى آخَرَ وَيَشْهَدَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِي رَفْعِهِ وَشَهَادَتِهِ اتِّهَامًا عَلَى حِرْصِهِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَرْفَعَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ شَخْصًا وَيَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كَوْنِ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ إمَّا لِكَوْنِ الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ شَاهِدًا وَإِمَّا لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ بِالْمُخَاصَمَةِ (أَوْ) (شَهِدَ وَحَلَفَ) عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى الْحِرْصِ) أَيْ اُتُّهِمَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى الْحِرْصِ وَالرَّغْبَةِ فِي دَفْعِ عَارٍ عَنْهُ وَقَوْلُهُ كَانَ بِهِ الْأَوْلَى حَصَلَ لَهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُ فِيمَا رُدَّ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَشَهَادَتِهِ فِي حَقٍّ رُدَّ فِيهِ أَيْ حُكِمَ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ فِيهِ لِفِسْقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الْحِرْصِ) أَيْ عَلَى قَبُولِهَا أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ مِنْ دَفْعِ الْمَعَرَّةِ أَيْ مِنْ حُبِّ دَفْعِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِرَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَدَّاهَا وَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بِرَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ بِشَرْطِ إعَادَتِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا قَالَهُ ح وَأَحْرَى إذَا لَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ لِقَوْلِ أَشْهَبَ مَنْ قَالَ لِقَاضٍ يَشْهَدُ لِي فُلَانٌ الْعَبْدُ أَوْ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الصَّبِيُّ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ ثُمَّ زَالَتْ مَوَانِعُهُمْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ فَتْوَى لَا رَدٌّ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْله أَوْ اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ حَرَصَ عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ اُتُّهِمَ فِي الرَّغْبَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مِثْلَهُ فِي الْمَعَرَّةِ لِتُهَوِّنَ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةَ (قَوْلُهُ كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ الزِّنَا يُتَّهَمُ فِي الرَّغْبَةِ عَلَى مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي كَوْنِهِ ابْنَ زِنًا مِثْلَهُ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ أَوْ فِي مُتَعَلِّقَاتِهِ كَقَذْفٍ وَلِعَانٍ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَصُورَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَشْهَدَ وَلَدُ الزِّنَا أَنَّهُ حَصَلَ بَيْنَ فُلَانٍ وَزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ لِعَانٌ بِسَبَبِ رَمْيِهِ لَهَا بِالزِّنَا وَهُمَا يُنْكِرَانِ ذَلِكَ وَمِثْلُ وَلَدِ الزِّنَا فِي عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ فِيهِ وَفِي مُتَعَلِّقَاتِهِ وَلَوْ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ الْمَنْبُوذُ (قَوْلُهُ أَوْ شَهَادَةُ مَنْ حُدَّ) أَيْ مُسْلِمٌ حُدَّ بِالْفِعْلِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عَفَا عَنْهُ فَشَهِدَ فِي مِثْلِهِ إنْ كَانَ قَذْفًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إنْ كَانَ قَتْلًا فَلَا يَشْهَدُ فِي مِثْلِهِ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَانْظُرْ لَوْ جُلِدَ الْبِكْرُ فِي الزِّنَا هَلْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِاللِّوَاطِ نَظَرًا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْحَدِّ أَوْ لَا نَظَرًا لِدُخُولِهِ فِي حَقِيقَةِ الزِّنَا كَمَا يَأْتِي وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلِي أَيِّ مُسْلِمٍ احْتِرَازًا عَنْ كَافِرٍ حُدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحُسِّنَتْ حَالَتُهُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ (تَنْبِيهٌ) جَوَّزَ أَصْبَغُ تَوْلِيَةَ وَلَدِ الزِّنَا قَاضِيًا وَحُكْمَهُ فِيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا بَأْسَ بِتَوْلِيَتِهِ الْقَضَاءَ وَلَكِنَّهُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ أَصْبَغُ (قَوْلُهُ كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِالْمُخَاصَمَةِ هُنَا الْمُرَافَعَةُ فِي الدَّعْوَى لَا الْمُنَازَعَةُ لِعَدَاوَةٍ كَمَا مَرَّ فِي أَتَتَّهِمُنِي مُخَاصِمًا (قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إلَخْ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ رَفْعَ الشَّاهِدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ الْوَالِي الْمُوَلَّى مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ كَالسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِالْمَصْلَحَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ غَيْرِهِ عِنْدَ مُوَلِّيهِ عَلَى سَرِقَةِ شَخْصٍ أَوْ زِنَاهُ حَيْثُ رَفَعَهُ لِمُوَلِّيهِ عِنْدَ أَخْذِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِرَفْعِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُوَكَّلٌ بِالْمَصْلَحَةِ لَا إنْ سَجَنَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ لِمُوَلِّيهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سِجْنُهُ لِعُذْرٍ كَلَيْلٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَرْفَعَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ شَخْصًا إلَخْ) قِيلَ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ وَفِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ وَأَجَابَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهُمْ يُبَادِرُونَ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا رَفْعَ لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ حَدُّهُمْ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ سِوَاهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ وَمُقَابِلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مُخَاصَمَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الْحِرْصِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ) أَيْ فِي سَبَبِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ مُخَاصَمَةِ الشَّاهِدِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْ مُرَافَعَتِهِ لِلْقَاضِي وَادِّعَائِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِمَّا لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ بِالْمُخَاصَمَةِ) فِيهِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ إنَّمَا تَظْهَرُ بِالْمُخَاصَمَةِ بِمَعْنَى الْمُنَازَعَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا تَظْهَرُ بِمُجَرَّدِ

قَدَّمَ الْحَلِفَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ أَخَّرَهُ لِاتِّهَامِهِ بِالْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ الْعَوَامُّ لِأَنَّ الْعَوَامَّ يُسَامِحُونَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ لِلْقَاضِي تَحْلِيفُ الشَّاهِدِ بِالطَّلَاقِ إنْ اتَّهَمَهُ أَيْ لِقَاعِدَةِ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنْ الْفُجُورِ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ اسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ مَذْهَبِهِ مُرَاعَاةُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَلَمَّا كَانَ الْحِرْصُ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مَانِعًا مِنْ قَبُولِهَا أَيْضًا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (رَفَعَ) شَهَادَتَهُ لِلْحَاكِمِ (قَبْلَ الطَّلَبِ) فَشَهِدَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَشْهِدَ (فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ) وَهُوَ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ كَالدَّيْنِ وَالْقِصَاصِ وَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْأَدَاءِ كَرَفْعِ إلَخْ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَفِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ) وَهُوَ مَا لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ إسْقَاطُهُ (تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ) بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ (بِالْإِمْكَانِ) أَيْ بِقَدْرِهِ لَا مُطْلَقًا بَلْ (إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ) أَيْ تَحْرِيمُ خِلَافِ مُقْتَضَاهُ (كَعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ، وَالسَّيِّدُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ اسْتِخْدَامٍ وَبَيْعٍ وَصَدَقَةٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِهَا (وَطَلَاقٍ) لِزَوْجَةٍ وَالزَّوْجُ يُعَاشِرُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ مِنْ خَلْوَةٍ بِهَا وَاسْتِمْتَاعٍ (وَوَقْفٍ) وَوَاضِعُ الْيَدِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَيَمْنَعُ الْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ مَسْجِدًا أَوْ مَدْرَسَةً أَوْ رِبَاطًا (وَرَضَاعٍ) بَيْنَ زَوْجَيْنِ (وَإِلَّا) يَسْتَدِمْ تَحْرِيمُ حَقِّ اللَّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّرَافُعِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُخَاصَمَةِ هُنَا تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ قَدَّمَ الْحَلِفَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ أَخَّرَهُ) قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى الْقَبُولِ فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَهَادَتِهِ إذَا أَدَّاهَا وَذَلِكَ قَادِحٌ فِيهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ دَلِيلٌ عَلَى التَّعَصُّبِ وَشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى نُفُوذِهَا اهـ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْيَمِينَ الْقَادِحَةَ هِيَ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ الْأَدَاءِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِعَبِقِ قَدَّمَ الْحَلِفَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ أَخَّرَهُ كَذَا بَحَثَ بْن وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ قَدَّمَ الْحَلِفَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ أَخَّرَهُ يَعْنِي فِي صِيغَةِ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ شَهَادَتِي حَقٌّ أَوْ شَهَادَتِي وَاَللَّهِ حَقٌّ وَالْحَالُ أَنَّ تَأْدِيَةَ الشَّهَادَةِ سَابِقٌ عَلَى ذَلِكَ الْيَمِينِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ التَّبْصِرَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِلْقَاضِي تَحْلِيفُ الشَّاهِدِ بِالطَّلَاقِ) مِثْلُ الْقَاضِي الْمُحَكَّمِ وَأَمَّا الْخَصْمُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الشَّاهِدِ كَمَا فِي مَيَّارَةَ عَلَى الزُّقَاقِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِالطَّلَاقِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بِالطَّلَاقِ كَمَا هُوَ نَصُّ ابْنِ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ قَبْلَ الطَّلَبِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَفْعَ الشَّاهِدِ لِلْحَاكِمِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَهُوَ الْمُدَّعِي لَا يَجُوزُ وَمُبْطِلٌ لِشَهَادَتِهِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُعْلِمَ صَاحِبَ الْحَقِّ بِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَهُ وُجُوبًا عَيْنِيًّا إنْ عَلِمَهُ فَقَطْ وَكِفَائِيًّا إنْ عَلِمَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا لَهُ إسْقَاطٌ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ مَا لَا حَقَّ فِيهِ لِلَّهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ إذْ مَا مِنْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا وَلِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ وَهُوَ أَمَرَهُ بِإِيصَالِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ وَنَهْيِهِ عَنْ أَكْلِهِ بِالْبَاطِلِ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَحْضَ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ) أَيْ لِلرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ لِلشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْخَصْمِ لِمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ فَإِنْ أَخَّرَ الرَّفْعَ زِيَادَةٌ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الرَّفْعُ كَانَ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ) أَيْ التَّحْرِيمُ بِسَبَبِهِ أَيْ بِسَبَبِ حَقِّ اللَّهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ ظَاهِرُهُ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَارَةً يَكُونُ دَائِمَ التَّحْرِيمِ وَتَارَةً لَا يَكُونُ دَائِمَ التَّحْرِيمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَحَقُّ اللَّهِ فِي الْعِتْقِ النَّهْيُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَتِيقِ بِالِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِهِمَا فَمَا دَامَ السَّيِّدُ يَسْتَخْدِمُ الْعَتِيقَ أَوْ يَطَأُ الْأَمَةَ الْمُعْتَقَةَ فَالْحُرْمَةُ دَائِمَةٌ بِدَوَامِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ عَلَى الشَّاهِدِ وَعَلَى السَّيِّدِ بِسَبَبِ ذَلِكَ النَّهْيِ وَكَذَلِكَ حَقُّ اللَّهِ فِي الطَّلَاقِ النَّهْيُ عَنْ مُعَاشَرَةِ الْمُطَلَّقَةِ مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فَالْحُرْمَةُ دَائِمَةٌ بِدَوَامِ مُعَاشَرَتِهَا عَلَى الشَّاهِدِ وَالزَّوْجِ بِسَبَبِ النَّهْيِ عَنْ الْمُعَاشَرَةِ وَفِي الْوَقْفِ حَقُّ اللَّهِ النَّهْيُ عَنْ تَغْيِيرِهِ فَالْحُرْمَةُ عَلَى الشَّاهِدِ وَوَاضِعِ الْيَدِ دَائِمَةٌ بِدَوَامِ تَغْيِيرِهِ بِسَبَبِ النَّهْيِ عَنْ التَّغْيِيرِ وَحَقُّ اللَّهِ فِي الرَّضَاعِ النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الْمُتَرَاضِعِينَ فَمَا دَامَ النِّكَاحُ دَائِمًا فَالْحُرْمَةُ عَلَى الشَّاهِدِ وَالزَّوْجِ دَائِمَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ النَّهْيِ وَأَجَابَ شَارِحُنَا بِجَوَابٍ آخَرَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ مَعْنَاهُ إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُ خِلَافِ مُقْتَضَاهُ فَحَقُّ اللَّهِ فِي الْعِتْقِ النَّهْيُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَتِيقِ بِاسْتِخْدَامِهِ وَوَطْئِهِ فَحَقُّ اللَّهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ فَخِلَافُهُ وَهُوَ الِاسْتِخْدَامُ وَالْوَطْءُ حَرَامٌ وَتِلْكَ الْحُرْمَةُ دَائِمَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدِ وَالسَّيِّدِ مَا دَامَ ذَلِكَ الْخِلَافُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي. (قَوْلُهُ وَوَقْفٍ) أَيْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِيهِ غَيْرِ الْوَاقِفِ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَقْفَ إمَّا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَفِي كُلِّ الْوَاضِعِ يَدَهُ عَلَيْهِ الْمُتَصَرِّفِ فِيهِ أَمَّا غَيْرُ الْوَاقِفِ أَوْ الْوَاقِفُ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْوَاضِعُ يَدَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْوَاقِفِ وَجَبَ عَلَى الشُّهُودِ الْمُبَادَرَةُ بِالرَّفْعِ لِلْقَاضِي وَإِنْ كَانَ الْوَاضِعُ يَدَهُ عَلَيْهِ هُوَ الْوَاقِفُ فَلَا يَرْفَعُونَ إذْ لَا ثَمَرَةَ فِي رَفْعِهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي بِهِ عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا يَرْفَعُونَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ إلَّا إذَا طُلِبُوا لِلشَّهَادَةِ كَانَ الْوَاضِعُ يَدَهُ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ أَوْ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَسْتَدِمْ تَحْرِيمُ حَقِّ اللَّهِ) أَيْ وَإِلَّا يَسْتَدِمْ التَّحْرِيمُ بِسَبَبِ

(خُيِّرَ) الشَّاهِدُ فِي الرَّفْعِ وَالتَّرْكِ (كَالزِّنَا) وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالتَّرْكُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ السَّتْرِ الْمَطْلُوبِ فِي غَيْرِ الْمُتَجَاهِرِ بِفِسْقِهِ وَأَمَّا هُوَ فَيُنْدَبُ الرَّفْعُ (بِخِلَافِ الْحِرْصِ عَلَى التَّحَمُّلِ) أَيْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَقْدَحُ (كَالْمُخْتَفِي) عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ إذَا تَحَقَّقَهُ (وَلَا) (إنْ اُسْتُبْعِدَ) الْإِشْهَادُ (كَبَدْوِيٍّ) يُسْتَشْهَدُ فِي الْحَضَرِ (لِحَضَرِيٍّ) عَلَى حَضَرِيٍّ بِدَيْنٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسْتَبْعَدُ حُضُورُ الْبَدْوِيِّ فِيهِ دُونَ الْحَضَرِيِّ (بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ) يُقِرُّ بِشَيْءٍ لِحَضَرِيٍّ أَوْ رَآهُ يَفْعَلُ بِحَضَرِيٍّ أَمْرًا كَغَصْبٍ وَضَرْبٍ فَلَا يُسْتَبْعَدُ فَيُقْبَلُ وَكَذَا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَامَلَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ فِي سَفَرِهِ فَلَا يُسْتَبْعَدُ شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ لِلْحَضَرِيِّ عَلَى حَضَرِيٍّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ مُرَّ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَرَّ الْحَضَرِيَّانِ بِالْبَدْوِيِّ فِي سَفَرٍ وَكَذَا إذَا مَرَّ بِهِمَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَدَارَ الْمَنْعِ عَلَى الِاسْتِبْعَادِ عَادَةً (وَلَا) (سَائِلٍ) لِنَفْسِهِ صَدَقَةً غَيْرَ زَكَاةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إنْ شَهِدَ (فِي) مَالٍ (كَثِيرٍ) وَهُوَ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاسْتِشْهَادِهِ فِيهِ مَعَ تَرْكِ غَيْرِهِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ الِاسْتِبْعَادُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقِّ اللَّهِ بَلْ كَانَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ مُتَعَلِّقِهِ (قَوْلُهُ خُيِّرَ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّفْعُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ تَرْكَ الرَّفْعِ أَوْلَى (قَوْلُهُ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ) أَيْ فَحَقُّ اللَّهِ فِيهِمَا النَّهْيُ عَنْهُمَا فَإِذَا زَنَى الشَّخْصُ أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ حَصَلَ التَّحْرِيمُ وَانْقَضَى بِالْفَرَاغِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَالتَّرْكُ أَوْلَى) أَيْ مَنْدُوبٌ وَقَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّتْرِ الْمَطْلُوبِ أَيْ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ لَا عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا كَانَ التَّرْكُ وَاجِبًا وَهَذَا قَوْلٌ لِبَعْضِهِمْ وَفِي الْمَوَّاقِ أَنَّ سَتْرَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَاجِبٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ تَرْكُ الرَّفْعِ وَاجِبًا (قَوْلُهُ فَيُنْدَبُ الرَّفْعُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَرْتَدِعَ عَنْ فِسْقِهِ وَكَرِهَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ السَّتْرَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالْمُخْتَفِي) أَيْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُقِرِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ اشْهَدْ عَلَيَّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُسْتَوْعَبَ كَلَامُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ كَمَا فِي الْمُفِيدِ وَالتُّحْفَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي قَبُولِهَا مِنْ الْمُخْتَفِي وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا فِي النَّوَادِرِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَخْدُوعًا أَوْ خَائِفًا وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا إنْ اُسْتُبْعِدَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ وَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِي اُسْتُبْعِدَ لِلْعَدِّ وَالنِّسْبَةِ نَحْوُ اسْتَحْسَنَتْ كَذَا أَيْ عَدَدْته حَسَنًا وَنَسَبْته لِلْحُسْنِ وَفَاعِلُ اُسْتُبْعِدَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْإِشْهَادِ بِمَعْنَى طَلَبِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّاهِدِ الشَّهَادَةَ إذَا اسْتَبْعَدَهُ الْعَقْلُ أَيْ اسْتَغْرَبَهُ أَيْ نَسَبَهُ لِلْبُعْدِ وَالْغَرَابَةِ كَانَ ذَلِكَ مُبْطِلًا لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ أَدَائِهَا (قَوْلُهُ كَبَدْوِيٍّ يُسْتَشْهَدُ) أَيْ يُطْلَبُ مِنْهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِي الْحَضَرِ لِحَضَرِيٍّ أَوْ لِبَدْوِيٍّ عَلَى حَضَرِيٍّ أَوْ عَلَى بَدْوِيٍّ بِدَيْنٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ وَنَحْوِ الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَإِذَا طَلَبَ مِنْ الْبَدْوِيِّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَاضِرَةِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ إذَا أَدَّاهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ إشْهَادِ الْحَضَرِيِّ وَطَلَبِ الْبَدْوِيِّ لِتَحَمُّلِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ فِيهِ رِيبَةٌ لِأَنَّ الْعَقْلَ يَسْتَبْعِدُ وَيَسْتَغْرِبُ إحْضَارَ الْبَدْوِيِّ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ دُونَ الْحَضَرِيِّ وَأَمَّا لَوْ تَحَمَّلَ الْبَدْوِيُّ الشَّهَادَةَ فِي الْحَضَرِ لِحَضَرِيٍّ أَوْ بَدْوِيٍّ عَلَى حَضَرِيٍّ أَوْ بَدْوِيٍّ بِحِرَابَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ كَغَصْبٍ وَضَرْبٍ وَأَدَّاهَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ لِعَدَمِ الِاسْتِبْعَادِ فِي تَحَمُّلِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا بَلْ تُصَادِفُ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَبَدْوِيٍّ لِحَضَرِيٍّ أَيْ طَلَبُ تَحَمُّلِهِ الشَّهَادَةَ لِحَضَرِيٍّ وَلَا مَفْهُومَ لِحَضَرِيٍّ بَلْ وَكَذَا إذَا طُلِبَ مِنْهُ تَحَمُّلُهَا لِبَدْوِيٍّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى حَضَرِيٍّ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْضًا فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ الْبَدْوِيِّ اُسْتُشْهِدَ فِي الْحَاضِرَةِ فِيمَا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا اسْتِشْهَادُ الْحَضَرِيِّ فِي الْبَادِيَةِ عَلَى الْبَدْوِيِّ أَيْ طَلَبُ الْحَضَرِيِّ بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَدْوِيِّ فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ لِحَضَرِيٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَرَوِيًّا أَوْ مِصْرِيًّا فَالْمُرَادُ بِالْحَضَرِيِّ مَا قَابَلَ الْبَدْوِيَّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ) أَيْ إنْ سَمِعَ الْبَدْوِيُّ الْحَضَرِيَّ (قَوْلُهُ فَلَا يُسْتَبْعَدُ) أَيْ تَحَمُّلُهُ لِلشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ فَيُقْبَلُ أَيْ أَدَاؤُهَا (قَوْلُهُ فَلَا يُسْتَبْعَدُ شَهَادَةُ الْبَدْوِيِّ) أَيْ تَحَمُّلُ الْبَدْوِيِّ الشَّهَادَةَ لِلْحَضَرِيِّ عَلَى الْحَضَرِيِّ لِأَنَّ هَذَا تَحَمُّلٌ فِي الْبَادِيَةِ فَلَا يُسْتَبْعَدُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُجُودِ حَضَرِيٍّ إذْ ذَاكَ يَشْهَدُ أَنَّهُ (قَوْلُهُ أَيْ مَرَّ الْحَضَرِيَّانِ بِالْبَدْوِيِّ) أَيْ فَأَشْهَدَ أَحَدُهُمَا الْبَدْوِيَّ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْآخَرِ فَلَا يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُجُودِ حَضَرِيٍّ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ يُشْهِدُهُ (قَوْلُهُ وَلَا سَائِلٍ لِنَفْسِهِ صَدَقَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَقَوْلُهُ فِي كَثِيرٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا بِسَائِلٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي كَثِيرٍ أَنَّ شَهَادَةَ السَّائِلِ إنَّمَا تُرَدُّ فِي الْأَمْوَالِ لَا فِي حِرَابَةٍ وَقَتْلٍ وَجُرْحٍ وَقَذْفٍ وَنَحْوِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي مَالٍ كَثِيرٍ) أَيْ وَتُقْبَلُ فِي التَّافِهِ مِنْ الْمَالِ كَمَا تُقْبَلُ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ كَالْحِرَابَةِ وَالْقَتْلِ وَالْجَرْحِ وَالْقَذْفِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ الِاسْتِبْعَادُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ الْكَثِيرَ إنَّمَا يُقْصَدُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الشَّأْنِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْعُدُولُ عَنْهُمْ

يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ بِخِلَافٍ إنْ سَمِعَهُ أَوْ مُرَّ بِهِ وَلِذَا إذَا شَهِدَ بِنَحْوِ ضَرْبٍ أَوْ قَذْفٍ فَتُقْبَلُ لِعَدَمِ الِاسْتِبْعَادِ (بِخِلَافِ) (مَنْ لَمْ يَسْأَلْ) بَلْ يُعْطَى مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ (أَوْ) مَنْ (يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ) مِنْ النَّاسِ أَوْ يَسْأَلُ حَقَّهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَكِنْ السُّؤَالُ لِلِاسْتِكْثَارِ حَرَامٌ وَلَوْ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ الْأَسْخِيَاءِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْمُحْتَاجِ دُونَ الْمُسْتَكْثِرِ (وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ جَرَّ) الشَّاهِدُ (بِهَا نَفْعًا) (كَعَلَى) أَيْ كَشَهَادَتِهِ عَلَى (مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ) الْغَنِيِّ (بِالزِّنَا) لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ يَرِثُهُ إذَا رُجِمَ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْبِكْرِ فَتُقْبَلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (أَوْ قَتْلِ الْعَمْدِ) عَطْفٌ عَلَى الزِّنَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَيْدِ الْإِحْصَانِ أَيْ شَهِدَ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى إرْثِهِ وَيُحَدُّ الشَّاهِدُ فِي الْأُولَى لِلْقَذْفِ (إلَّا) الْمُوَرِّثَ (الْفَقِيرَ) فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ مَقْبُولَةٌ لِعَدَمِ جَرِّ النَّفْعِ (أَوْ) شَهَادَتُهُ (بِعِتْقِ مَنْ يَتَّهِمُ) الشَّاهِدَ (فِي وَلَائِهِ) كَأَنْ يَشْهَدَ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا وَفِي الْوَرَثَةِ مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَلَاءِ كَالْبَنَاتِ وَالزَّوْجَاتِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ تُؤَدِّي إلَى حِرْمَانِ مَنْ ذُكِرَ فَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا قُبِلَتْ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُهُ فَلَا يُتَّهَمُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ التُّهْمَةُ حَاصِلَةً الْآنَ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَوْ مَاتَ حِينَئِذٍ وَرِثَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ قَدْ يُرْجَعُ إلَيْهِمَا يَوْمًا مَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَخَوَانِ أَنَّ أَخَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ وَهُنَاكَ ابْنٌ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا جَائِزَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ هُنَا الْمَالُ أَيْ مَنْ يُتَّهَمُ فِي إرْثِ مَالِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَا مَالٍ (أَوْ) شَهَادَةُ صَاحِبِ دَيْنٍ (بِدَيْنٍ) وَنَحْوَهُ مِمَّا يَئُولُ لِمَالٍ كَجُرْحٍ خَطَأٍ وَنَحْوَهُ (لِمَدِينِهِ) أَيْ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَخْذِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمَالِ فِي دَيْنِهِ فَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْجَرِّ أَيْضًا بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لَهُ بِقَذْفٍ وَقَتْلِ عَمْدٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَتَجُوزُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَلَوْ قَالَ بِمَالٍ بَدَلَ بِدَيْنٍ كَانَ أَشْمَلَ مَعَ الْإِيضَاحِ كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ وَدَارٍ وَكَشَهَادَتِهِ لَهُ بِإِرْثٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ وَكَلَامُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مُعْسِرًا وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ قَرِيبُ الْحُلُولِ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (الْمُنْفِقِ) عَلَى غَيْرِهِ نَفَقَةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ أَصَالَةً كَأَجِيرٍ مَثَلًا (لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ) قَرِيبًا أَمْ لَا لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَأَمَّا مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ أَصَالَةً فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِلْمُنْفِقِ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ قَطَعَ عَنْهُ النَّفَقَةَ (وَ) بِخِلَافِ (شَهَادَةِ كُلٍّ) مِنْ شَاهِدَيْنِ (لِلْآخَرِ) فَتَجُوزُ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْفُقَرَاءِ يَسْتَبْعِدُهُ الْعَقْلُ فَيَكُونُ رِيبَةً لِأَنَّ الْفَقْرَ يُحْمَلُ عَلَى أَخْذِهِ الرِّشْوَةَ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الِاسْتِبْعَادُ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ سَائِلٍ فِي كَثِيرٍ عَطْفًا عَلَى كَبَدْوِيٍّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اُسْتُشْهِدَ السَّائِلُ أَيْ طُلِبَ مِنْهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّ مَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ) أَيْ فَإِذَا سَمِعَ السَّائِلُ شَخْصًا يُقِرُّ بِمَالٍ كَثِيرٍ لِآخَرَ أَوْ مَرَّ بِهِ فَأَشْهَدَ أَحَدُهُمَا السَّائِلَ بِأَنَّ عِنْدَهُ لِصَاحِبِهِ مَالًا كَثِيرًا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَدَائِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَسْأَلْ أَحَدًا أَصْلًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ) أَيْ الْأَغْنِيَاءَ أَيْ أَوْ كَانَ يَسْأَلُ لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ فِي الْمَالِ الْكَثِيرِ وَلَوْ طُلِبَ مِنْهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ حَرَامٌ) أَيْ مِنْ الْكَبَائِرِ (قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ مَنْ يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ عَلَى الْمُحْتَاجِ لَا الْمُسْتَكْثِرِ لِعَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَتِهِ لِفِسْقِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْبِكْرِ) أَيْ وَبِخِلَافِ شَهَادَتِهِ بِالزِّنَا عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ مَقْبُولَةٌ) أَيْ فَشَهَادَةُ الْوَارِثِ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِالزِّنَا أَوْ بِقَتْلِ الْعَمْدِ مَقْبُولَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ يُنْفِقُ عَلَى ذَلِكَ الْفَقِيرِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ كَانَتْ النَّفَقَةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ ابْنٌ) أَيْ لِأَخِيهِمَا أَوْ لِلْعَتِيقِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَإِتْلَافِ سِلْعَةٍ لَهُ (قَوْلُهُ فَهَذَا) أَيْ شَهَادَةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ لِمَدِينِهِ بِمَالٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ قَرِيبُ الْحُلُولِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا أَوْ كَانَ الْمُعَسَّر وَلَمْ يَقْرُبْ حُلُولُ الدَّيْنِ قُبِلَتْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُنْفِقِ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ) ابْنُ عَرَفَةَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ فِي عِيَالِ الشَّاهِدِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ إذْ لَا تُهْمَةَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْ قَرَابَةِ الشَّاهِدِ كَالْأَخِ وَنَحْوَهُ انْبَغَى أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمَالٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ بِعَدَمِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ مَعَرَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الشَّاهِدِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ الصَّقَلِّيُّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ اِ هـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ تُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ وَإِلَّا كَانَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدَيْنٍ لِمَدِينِهِ وَقَوْلُهُ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أَيْ وَكَذَا شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ بِقَتْلٍ أَوْ زِنًا وَهُوَ مُحْصَنٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ بِكَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ غَيْرَ وَاجِبَةٍ أَصَالَةً (قَوْلُهُ كَأَجِيرٍ مَثَلًا) أَيْ أَوْ أَخٍ أَوْ لِكَوْنِ النَّفَقَةِ بِالِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ قَرِيبًا أَمْ لَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ أَصَالَةً) أَيْ كَالزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ) الْأُولَى لِتَأْكِيدِ الْقُرْبِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ وَيَخْرُجُ

(وَإِنْ بِالْمَجْلِسِ) وَلَوْ اتَّحَدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَا بِالْمُكَافَأَةِ (وَ) بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْقَافِلَةِ (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي حِرَابَةٍ) عَلَى مَنْ حَارَبَهُمْ فَتَجُوزُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِلْعَدَاوَةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَسَوَاءٌ شَهِدُوا لِصَاحِبِهِمْ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (لَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ (الْمَجْلُوبِينَ) بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى غَيْرِهِمْ أَيْ أَجْنَبِيٍّ (إلَّا) أَنْ يَكْثُرَ الشُّهُودُ مِنْهُمْ (كَعِشْرِينَ) مِنْهُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ حَيْثُ كَانُوا عُدُولًا وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ فَيَكْفِي شَاهِدَانِ وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلُوبِينَ قَوْمٌ مِنْ الْجُنْدِ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ حِرَاسَةِ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعُلِّلَ الْمَنْعُ بِحَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ وَلَعَلَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْقُرُونِ الْأُولَى وَأَمَّا الْمُشَاهَدُ فِيهِمْ الْآنَ فَحَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ وَشِدَّةُ التَّعَصُّبِ عَلَى أُمَّةِ خَيْرِ الْبَرِّيَّةِ قَاسِيَةٌ لِقُلُوبِهِمْ فَاشِيَةٌ عُيُوبَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَحْوُ الْأَخِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِالْمَجْلِسِ) أَيْ هَذَا إذَا شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِمَجْلِسٍ غَيْرِ مَجْلِسِ الْآخَرِ بَلْ وَإِنْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ اتَّحَدَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُتَعَدِّدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا (قَوْلُهُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ) هُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ الْقَافِلَةِ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ أَيْ بَعْضُهُمْ يَشْهَدُ فِي حِرَابَةٍ لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ فَتَجُوزُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ عُدُولًا فَشَهَادَةُ الْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْحِرَابَةِ مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِ الشُّهُودِ عُدُولًا كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا لِأَنَّ سِيَاقَهُ فِيمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ خِلَافًا لتت، وَأَمَّا شَهَادَةُ الْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَنَقَلَ الْمَوَّاقُ وَمِنْ رِوَايَةِ الْأَخَوَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ إجَازَتَهَا لِلضَّرُورَةِ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ مُحَقَّقَتَيْنِ لَكِنْ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَحْدَهُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا الْمَجْلُوبِينَ) قَالَ طفى قَدْ عَمَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ فِي عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْمَجْلُوبِينَ أَيْ سَوَاءٌ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ وَعَلَى ذَلِكَ قَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْحِصْنِ يُفْتَحُ فَيُسَلَّمُ أَهْلُهُ فَيَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ فَإِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِأَنْسَابِهِمْ كَمَا كَانَتْ الْعَرَبُ حِينَ أَسْلَمَتْ وَأَمَّا الْعَدَدُ الْقَلِيلُ مِنْ الْكُفَّارِ يُحْمَلُونَ إلَيْنَا فَيُسْلِمُونَ فَهَؤُلَاءِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ تُجَّارٍ أَوْ أَسَارَى كَانُوا عِنْدَهُمْ فَيَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْعِشْرُونَ عَدَدٌ كَثِيرٌ اهـ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ. فَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَدَدُ الْقَلِيلُ إلَخْ هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَجْلُوبِينَ أَيْ فَمُرَادُهُ بِهِمْ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ الْكُفَّارِ مُتَرَافِقِينَ إلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ سَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِمْ الِاسْتِرْقَاقُ ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ الْإِمَامُ أَمْ لَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي التَّوَارُثِ بِالنَّسَبِ وَعَلَى ذَلِكَ قَصَرَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْعِشْرِينَ أَمْ لَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَثُرُوا لَا يُنْظَرُ إلَى عَدَالَتِهِمْ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِخَبَرِهِمْ وَلَوْ وُجِدَتْ الْعَدَالَةُ لَكَفَى اثْنَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعِشْرِينَ كُلَّهُمْ شُهُودٌ وَهُوَ كَذَلِكَ اُنْظُرْ بْن إذَا عَلِمْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَدْ قُرِّرَ بِتَقْرِيرَيْنِ فَقَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَجْلُوبِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ لِيَتَوَارَثُوا إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الشُّهُودُ مِنْهُمْ كَعِشْرِينَ فَإِنْ كَثُرَ الشُّهُودُ جَازَتْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالنَّسَبِ وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلُوبِينَ الْقَوْمُ مِنْ كُفَّارٍ يَأْتُونَ لِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَقَرَّرَهُ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ بِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ. وَحَاصِلُهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَجْلُوبِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا بِمَالٍ وَلَا بِقَذْفٍ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الشُّهُودُ مِنْهُمْ كَعِشْرِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ وَفَسَّرُوا الْمَجْلُوبِينَ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ لِحِرَاسَةِ قَرْيَةٍ أَوْ قُطْرٍ أَوْ الْقَوْمِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بِلَادِهِمْ مُتَرَافِقِينَ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ كَفَى الشَّاهِدَانِ إذَا كَانَا عَدْلَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ كَعِشْرِينَ) قَالَ عبق وَانْظُرْ لَوْ شَهِدَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ وَحَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ فِي الْمَالِ أَوْ لَا وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانُوا عُدُولًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْعِشْرُونَ عُدُولًا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ تَشْدِيدًا عَلَيْهِمْ كَمَا فِي المج وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَثُرُوا لَا يُنْظَرُ لِعَدَالَتِهِمْ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ التَّعْلِيلُ بِوُجُودِ الْحَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ فِيهِمْ الْمَجَامِعُ لِوُجُودِ الْعَدَالَةِ بِاعْتِبَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُشَاهَدُ فِيهِمْ الْآنَ فَحَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا عَدَالَةَ فِيهِمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِبَعْضِهِمْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ

فَأَنَّى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ شَرْعًا وَلَكِنَّهُمْ يُمْضُونَهَا طَبْعًا (وَلَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ (مَنْ شَهِدَ لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (بِكَثِيرٍ) فِي نَفْسِهِ أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُتَّهَمَ فِيهِ (وَ) شَهِدَ (لِغَيْرِهِ) بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (بِوَصِيَّةٍ) أَيْ فِيهَا لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ كَأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّهُ أَوْصَى لِي بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَلِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (وَإِلَّا) بِأَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ أَوْ تَافِهٍ وَشَهِدَ لِغَيْرِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (قُبِلَ) مَا شَهِدَ بِهِ (لَهُمَا) مَعًا أَيْ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هَذَا الشَّاهِدُ حَلَفَ الْغَيْرُ مَعَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ وَأَمَّا الشَّاهِدُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ يَأْخُذُهُ بِالتَّبَعِ فَإِنْ نَكَلَ الْغَيْرُ بَطَلَ حَقُّ الشَّاهِدِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كُتِبَتْ الْوَصِيَّةُ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ خَطِّ الشَّاهِدِ بِأَنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانَتْ بِخَطِّ الشَّاهِدِ أَوْ لَمْ تُكْتَبْ أَصْلًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ قَلَّ لِاتِّهَامِهِ بِتَخْصِيصِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنٍ وَكَذَا إذَا كُتِبَتْ بِكِتَابَيْنِ أَحَدُهُمَا بِوَصِيَّةِ الشَّاهِدِ وَالْآخَرُ بِوَصِيَّةِ الْآخَرِ أَيْ فَتَصِحُّ لِلْآخَرِ دُونَهُ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي غَيْرِ وَصِيَّةٍ كَدَيْنٍ مَثَلًا فَلَا تُقْبَلُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا لِلتُّهْمَةِ (وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مِنْ شَاهِدٍ (إنْ دَفَعَ) بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا (كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ) خَطَأً إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ بِالْفِسْقِ فَقِيرًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ إنْ دَفَعَ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا (أَوْ) شَهَادَةُ (الْمُدَانِ الْمُعْسِرِ لِرَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقِصَاصٍ لِتُهْمَةِ دَفْعِ ضَرَرِ الطَّلَبِ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلِذَا لَوْ ثَبَتَ عُسْرُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ جَازَتْ لِسُقُوطِ مُطَالَبَتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا تَجُوزُ مِنْ مَلِيءٍ وَلَوْ حَلَّ الدَّيْنُ (وَلَا) شَهَادَةُ (مُفْتٍ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ) (إنْ كَانَ) الِاسْتِفْتَاءُ (مِمَّا يَنْوِي) الْحَالِفُ (فِيهِ) أَيْ تُقْبَلُ فِيهِ نِيَّةُ الْحَالِفِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا وَادَّعَى نِيَّةَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَلِفِ فَأَفْتَاهُ الْمُفْتِي بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ لِنِيَّتِهِ فَرَفَعَتْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا لِقَاضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمْ وَلَوْ كَثُرَ الشُّهُودُ مِنْهُمْ جِدًّا (قَوْلُهُ فَأَنَّى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ فَلَا تُقْبَلُ وَلَوْ كَثُرُوا إلَخْ فَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ بِمَعْنَى النَّفْيِ (قَوْلُهُ وَلَا مَنْ شُهِدَ لَهُ بِكَثِيرٍ) الْأَوْلَى تَجْرِيدُهُ مِنْ لَا لِأَنَّهُ مُنْخَرِطٌ فِي سِلْكِ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ بِكَثِيرٍ فِي نَفْسِهِ أَيْ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا شَهِدَ بِهِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ أَيْ شَأْنُهُ إلَخْ بَيَانٌ لِلْكَثِيرِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ) أَيْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ أَيْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا لِلتُّهْمَةِ بَطَلَ كُلُّهَا بِخِلَافِ مَا بَطَلَ بَعْضُهَا لِلسُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَمْضِي مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ فَقَطْ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِوَصِيَّةٍ بِعِتْقٍ وَبِمَالٍ فَإِنَّهَا تُرَدُّ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الْمَالِ كَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَقَلَّ) أَيْ كَعَشَرَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ أَيْ كَسِتِّينَ مَثَلًا (قَوْلُهُ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ) أَخَذَ الشَّارِحُ ذَلِكَ مِنْ حَذْفِ الْمُصَنِّفِ الْمُتَعَلِّقَ الْمُؤْذِنَ بِالْعُمُومِ (قَوْلُهُ يَأْخُذُ بِالتَّبَعِ) أَيْ لِمَا يَأْخُذُهُ الْمَشْهُودُ لَهُ لِأَنَّهُ لِيَسَارَتِهِ غَيْرُ مَنْظُورٍ لَهُ وَبِهَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ دَعْوَى أُخِذَتْ بِشَاهِدٍ بِلَا يَمِينٍ أَوْ يُقَالُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّبَعِيَّةِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِقَلِيلٍ وَلِغَيْرِهِ بِكَثِيرٍ لَا فِيمَا إذَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِقَلِيلٍ وَلِغَيْرِهِ بِقَلِيلٍ أَيْضًا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ كَمَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَطَلَ حَقُّ الشَّاهِدِ) أَيْ كَمَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمَشْهُودِ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ قَبُولُهَا لَهُمَا إذَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِقَلِيلٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَلَّ) أَيْ وَلَوْ قَلَّ مَا شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَالْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِلسُّنَّةِ لَا لِلتُّهْمَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِكَثِيرٍ أَوْ بِقَلِيلٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَخْشَى مُعَاجَلَةَ الْمَوْتِ وَلَا يَجِدُ غَيْرَ الْمُوصَى لَهُ يُشْهِدُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ بِالْفِسْقِ فَقِيرًا إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَحْثًا وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ أَبْقَى خش الْمُصَنِّفَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا أَيْ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ قَوْمِهِ بِشَهَادَتِهِ ضَرَرًا لَكِنْ بْن قَدْ رَدَّ عَلَى خش بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُدَانُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَانَ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا كَانَ فَقِيرًا لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ يَشْهَدُ لَهُ بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمُدَانُ الْمُعْسِرُ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَلِيءٌ فِي الظَّاهِرِ وَلَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ هَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلِذَا لَوْ ثَبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ أَسِيرَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ وَرُبَّمَا كَانَ غَيْرُ الْمَالِ أَهَمَّ عِنْدَ الْمَشْهُودِ لَهُ مِنْ الْمَالِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَدِينِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فِيمَا عَدَا الْمَالِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلِذَا لَوْ ثَبَتَ عُسْرُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ إلَخْ) الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعُسْرِ هُنَا الْعُسْرَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ بَلْ الْفَقْرُ بِحَيْثُ يَتَضَرَّرُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَلِيئًا بِهِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ حَتَّى يَصِحَّ الْقَدْحُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَدِينِ الَّذِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ مَنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَا مُفْتٍ) أَيْ

لِيُلْزِمَهُ الطَّلَاقَ فَإِذَا طَلَبَتْ الْمُفْتِيَ لِيَشْهَدَ لَهَا عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا سَمِعَهُ مِنْ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَفْتَاهُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ لِلنِّيَّةِ قَدْ عُلِمَ مِنْ بَاطِنِ الْحَالِ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَسْتَفْتِ بَلْ سَمِعَهُ يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِذَلِكَ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْوِي فِيهِ كَإِرَادَةِ مَيِّتَةٍ (رَفَعَ) الْمُفْتِي لِلْقَاضِي وَشَهِدَ وُجُوبًا عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ مِنْ كَوْنِهِ مَحْضَ حَقِّ اللَّهِ وَاسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ أَوَّلًا أَوْ مَحْضَ حَقِّ آدَمِيٍّ (وَلَا إنْ) (شَهِدَ) شَاهِدٌ لِشَخْصٍ (بِاسْتِحْقَاقٍ) لِمُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ (وَقَالَ أَنَا بِعْته لَهُ) أَيْ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَلَا تَصِحُّ لِاتِّهَامِهِ عَلَى رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لَوْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ وَجَعَلَهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ وَأَنَا وَهَبْته لَهُ أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْهِ قُبِلَتْ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ وَأَنَا وَهَبْته لَهُ لَمْ تُقْبَلْ أَيْضًا وَرُجِّحَ (وَلَا إنْ) (حَدَثَ) لِلشَّاهِدِ (فِسْقٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ) وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تُقْبَلُ لِدَلَالَةِ حُدُوثِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَامِنًا فِيهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْحُكْمِ مَضَى وَلَا يُنْقَضُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَيُنْقَضُ كَمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ قَضَى بِفَاسِقَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا حَاضِرٍ عِنْدَهُ أَيْضًا كَمَا فِي تت (قَوْلُهُ لِيَلْزَمَهُ الطَّلَاقُ) أَيْ لِإِنْكَارِهِ وُقُوعَهُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَاهُ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ) أَيْ مِنْهُ حِينَ اسْتَفْتَاهُ فَلَوْ وَقَعَ وَشَهِدَ لَمْ تَنْفَعْهُ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْحَالِ الْيَمِينُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْيَمِينِ الَّتِي يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمُقْتَضَاهُ الْوُقُوعُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَنْوِي وَاَلَّذِي يَعْلَمُهُ الْمُفْتِي مِنْ بَاطِنِ الْيَمِينِ عَدَمُ الْوُقُوعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَنْوِي فَلَمَّا عَلِمَ الْمُفْتِي مِنْ بَاطِنِ الْيَمِينِ خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ بِمَا سَمِعَهُ فَإِنْ شَهِدَ لَمْ تَنْفَعْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ بَلْ سَمِعَهُ يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ) أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا مَثَلًا ثُمَّ كَلَّمَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ عِنْدَهُ ذَلِكَ) أَيْ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ بِمُوجِبِ حَدٍّ ثُمَّ أَنْكَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ إلَخْ أَيْ أَوْ اسْتَفْتَاهُ وَلَكِنْ كَانَ مَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ مِمَّا لَا يُنْوَى إلَخْ وَقَوْلُهُ كَإِرَادَةِ مَيِّتَةٍ أَيْ كَمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَكَلَّمَهُ وَقَالَ لِلْمُفْتِي أَرَدْت الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجَتِي فُلَانَةَ الَّتِي مَاتَتْ (قَوْلُهُ مِنْ كَوْنِهِ مَحْضَ حَقِّ اللَّهِ وَاسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ) أَيْ فَلْيُبَادِرْ وُجُوبًا بِالرَّفْعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ أَوْ لَا يُسْتَدَامُ تَحْرِيمُهُ فَيَرْفَعُ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَقَوْلُهُ أَوْ مَحْضَ حَقِّ آدَمِيٍّ أَيْ فَيُرْفَعُ بَعْدَ الطَّلَبِ اهـ (فَرْعٌ) إذَا أَصْلَحَ إنْسَانٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمَا بِالصُّلْحِ وَلَا بِمَا وَقَعَ بِهِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الشَّهَادَةَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَنَا بِعْته لَهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَشْهُودِ لَهُ هَذَا الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ ثُمَّ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الشَّاهِدَ بَاعَهُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ الثُّبُوتُ فِي الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ فَالْإِقْرَارُ أَقْوَى كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَاسْتَبْعَدَهُ شَيْخُنَا وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ أَحْرَى مِنْ الْإِقْرَارِ بِهَذَا الْحُكْمِ (قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ وَأَنَا وَهَبْته لَهُ أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْهِ قُبِلَتْ إلَخْ) أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لعج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَقَدْ بَنُوهُ عَلَى تَعْلِيلِ عَدَمِ الْقَبُولِ بِدَفْعِ تُهْمَةِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ إنْ لَمْ يُشْهِدْ وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ أَصْلُهَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالنَّقْلُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي بُطْلَانِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ كَوْنُهَا شَهَادَةً عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ مِنْ التَّمْلِيكِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَأَنَا بِعْته لَهُ أَوْ وَهَبْته لَهُ فَقَدْ شَهِدَ عَلَى تَمْلِيكِهِ إيَّاهُ وَهُوَ فِعْلُ نَفْسِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ لَا تَصِحُّ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بِعْته لَهُ وَوَهَبْته لَهُ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْعِلَّةَ فِي بُطْلَانِ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَوْنُهَا شَهَادَةً عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ تَعْلَمُ سُقُوطَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَانِعُ فِيهَا الْحِرْصَ عَلَى الْقَبُولِ كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهَا عَقِبَهُ فِيمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عِنْدَهُ وَجَعْلُهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ حَدَثَ) أَيْ وَلَا إنْ ثَبَتَ حُدُوثُ فِسْقٍ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ كَانَ الثُّبُوتُ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا لَوْ اُتُّهِمَ بِحُدُوثِهِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ حُدُوثِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَامِنًا فِيهِ) أَيْ وَلِهَذَا قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْمُصَنِّفَ بِالْفِسْقِ الَّذِي يَسْتَتِرُ بَيْنَ النَّاسِ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَزِنًا لَا نَحْوِ قَتْلٍ وَقَذْفٍ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِسْقَ الْحَادِثَ فِي الشَّاهِدِ بَعْدَ الْأَدَاءِ إنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَتِرُ عَنْ النَّاسِ كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الْفِسْقِ فِيهِ وَأَنَّهُ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ وَقْتَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا الْقَتْلُ وَالْقَذْفُ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ كَالْأَوَّلِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا تَبْطُلُ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ حَدَثَ فِسْقٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ بَطَلَتْ مُطْلَقًا وَقِيلَ إلَّا بِنَحْوِ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ اهـ بْن وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ وَيَقُولَانِ وَرَأَيْنَاهُ يَطَؤُهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةً لِأَنَّ قَوْلَهُمَا ذَلِكَ قَذْفٌ وَقَدْ حَكَى ح خِلَافًا فِي حَدِّهِمَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ قَذْفًا وَعَدَمَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَمَّا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا

(بِخِلَافِ تُهْمَةِ جَرٍّ) بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا تَضُرُّ كَشَهَادَتِهِ بِطَلَاقِ امْرَأَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ شَهِدَ لَهَا بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْحُكْمِ (وَ) بِخِلَافِ تُهْمَةِ (دَفْعٍ) كَشَهَادَتِهِ بِفِسْقِ رَجُلٍ ثُمَّ شَهِدَ الرَّجُلُ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا خَطَأً وَالشَّاهِدُ بِالْفِسْقِ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ شَهَادَتَهُ بِالْفِسْقِ (وَعَدَاوَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى جَرٍّ أَيْ وَتُهْمَةِ عَدَاوَةٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ تُهْمَةَ الْعَدَاوَةِ مُبْطِلَةٌ لِلشَّهَادَةِ فِي قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ بَعْدَهَا تَتَّهِمُنِي وَتُشَبِّهُنِي بِالْمَجَانِينِ مُخَاصِمًا فَوَجَبَ عَطْفُهُ عَلَى تُهْمَةٍ فَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ عَدَاوَةِ وَتُهْمَةِ جَرٍّ وَدَفْعٍ كَانَ أَصْوَبَ أَيْ أَنَّ حُدُوثَ الْعَدَاوَةِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَضُرُّ حَيْثُ تَحَقَّقَ حُدُوثُهَا (وَلَا) إنْ شَهِدَ (عَالِمٌ عَلَى مِثْلِهِ) حَيْثُ ظُنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ مِنْ تَحَاسُدٍ وَتَبَاغُضٍ كَمَا قَدْ يَقَعُ لِبَعْضِ الْمُعَاصِرِينَ وَإِلَّا قُبِلَتْ لِأَنَّ شَهَادَةَ ذَوِي الْفَضْلِ عَلَى بَعْضِهِمْ مَقْبُولَةٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ دَفَعَ بِذَلِكَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَبُولِهَا مُطْلَقًا (وَلَا) شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (إنْ أَخَذَ) شَيْئًا (مِنْ الْعُمَّالِ) الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ فِي صَرْفِ الْأَمْوَالِ فِي وُجُوهِهَا كَالْمُلْتَزِمِينَ الْآنَ فَإِنَّ السُّلْطَانَ أَوْ نَائِبَهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ صَرْفَ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَجْبُونَهَا مِنْ الْمُزَارِعِينَ فِي مَصَارِيفِهَا الشَّرْعِيَّةِ وَإِنَّمَا هُمْ مُجَرَّدُ جُبَاةٍ يَجْبُونَ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا عَلَى الْمُزَارِعِينَ مِنْ الْخَرَاجِ وَلَكِنَّهُمْ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ظُلْمًا كَثِيرًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ إنَّمَا هِيَ أَمْوَالُ النَّاسِ فَالْأَخْذُ مِنْهُمْ مُسْقِطٌ لِلشَّهَادَةِ (أَوْ أَكَلَ عِنْدَهُمْ) أَكْلًا مُتَكَرِّرًا لِأَنَّهُ مِمَّا يُزْرِي بِهِ وَيَحُطُّ قَدْرَهُ وَيُسْقِطُ مُرُوءَتَهُ وَكَذَا يُقَيَّدُ الْأَخْذُ بِالتَّكْرَارِ وَمَحَلُّ التَّقْيِيدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ أَوْ الْمَأْكُولَ مِنْهُ مَغْصُوبٌ وَإِلَّا كَانَ مُسْقِطًا وَلَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ (بِخِلَافِ الْخُلَفَاءِ) وَالْعُمَّالِ الَّذِينَ جُعِلَ لَهُمْ صَرْفُ الْأَمْوَالِ فِي وُجُوهِهَا الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يَضُرُّ الْأَخْذُ مِنْهُمْ وَالْأَكْلُ عِنْدَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ الْمَرْمِيُّ بِهِ زِنًا فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ جَرَّ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعَ الْمَضَرَّةِ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ ذَكَرَ أَنَّ ظُهُورَ التُّهْمَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَقْدَحُ فِيهَا لِخِفَّةِ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَشَهَادَتِهِ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطَبَهَا قَبْلَ زَوَاجِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا وَإِلَّا رُدَّتْ (قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ لَهَا بِحَقٍّ إلَخْ) أَيْ فَذَلِكَ الشَّاهِدُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ لَهَا لِأَجْلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَدْ ظَهَرَتْ تِلْكَ التُّهْمَةُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ كَشَهَادَتِهِ بِفِسْقِ رَجُلٍ) أَيْ شَهِدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِدَيْنٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ ثُمَّ شَهِدَ الرَّجُلُ أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِفِسْقِهِ فِي الشَّهَادَةِ الْأُولَى وَذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ زَيْدٌ بِفِسْقِ عَمْرٍو الشَّاهِدِ بِدَيْنٍ ثُمَّ إنَّ عَمْرًا شَهِدَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِفِسْقِهِ عَلَى بَكْرٍ أَنَّهُ قَتَلَ خَالِدًا خَطَأً وَزَيْدٌ الشَّاهِدُ بِفِسْقِ عَمْرٍو مِنْ عَاقِلَةِ بَكْرٍ فَشَهَادَةُ زَيْدٍ بِفِسْقِ عَمْرٍو صَحِيحَةٌ وَلَا يَضُرُّ تُهْمَةُ زَيْدٍ فِي شَهَادَتِهِ بِأَنَّهُ قَصَدَ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ عَاقِلَةِ بَكْرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَيْدًا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ بِفِسْقِ عَمْرٍو لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ ظَهَرَتْ تِلْكَ التُّهْمَةُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَدَاوَةٍ) أَيْ حُدُوثِهَا بَعْدَ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ حَيْثُ تَحَقَّقَ حُدُوثُهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ احْتَمَلَ تَقَدُّمَهَا عَلَى الْأَدَاءِ فَإِنَّهَا تَضُرُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ أَتَتَّهِمُنِي وَتُشَبِّهُنِي بِالْمَجَانِينِ مُخَاصِمًا فَمَا مَرَّ عَدَاوَةٌ مُحَقَّقٌ سَبْقُهَا عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُحْتَمَلٌ وَمَا هُنَا حَادِثَةٌ تَحْقِيقًا (قَوْلُهُ وَلَا عَالِمٌ عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَالِمٍ عَلَى مِثْلِهِ وَهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَحَمَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَنْ ثَبَتَ التَّحَاسُدُ أَوْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمْ أَوْ ظُنَّ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَبَحَثَ فِيهِ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ بِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ بَيْنَهُمْ ذَلِكَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ مُطْلَقًا حَتَّى فِي غَيْرِهِمْ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى يُنَصَّ عَلَيْهِمْ وَأَجَابَ شَارِحُنَا عَنْ بَحْثِ مَيَّارَةَ بِقَوْلِهِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ مُطْلَقًا فَأَفَادَ أَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ كَالْمُلْتَزِمِينَ) أَيْ وَكَالْعَامِلِ الَّذِي يُرْسِلُهُ الْمُلْتَزِمُ لِجِبَايَةِ الْخَرَاجِ وَالْأَمْوَالِ مِنْ الْتِزَامِهِ وَيَجْعَلُ لَهُ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مَأْكَلَهُ وَمَشْرَبَهُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مَعَ ذَلِكَ الْعَامِلِ وَتُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِالْأَكْلِ مَعَ ذَلِكَ الْعَامِلِ وَبِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ إذَا دَفَعَهُ لَهُ مِمَّا يَجْبِيهِ مِنْ الْخَرَاجِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِأَنَّ صَاحِبَ الِالْتِزَامِ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ فَقَطْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا لِأَكْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَإِلَّا جَازَ الْأَكْلُ مَعَهُ وَلَكِنْ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْعُمَّالُ الَّذِينَ جَعَلَ لَهُمْ إلَخْ) وَذَلِكَ كَالْبَاشَاوَاتِ وَالْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يُوَلَّوْنَ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْبِلَادِ وَصَرْفِ الْأَمْوَالِ فِي جِهَاتِهَا وَقَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ مَا بِيَدِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ جُعِلَ لَهُمْ صَرْفُ الْأَمْوَالِ فِي وُجُوهِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَكِنْ لَا يَعْدِلُونَ فِي قَسْمِهِ فَهَذَا الْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ قَبُولِهِ مِنْهُمْ وَقِيلَ يُكْرَهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِطًا فَهَذَا الْأَكْثَرُ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ قَبُولُهُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ حَرَامًا وَهَذَا قِيلَ يَحْرُمُ أَخْذُهُ مِنْهُمْ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يَجُوزُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْحَرَامُ فَلَهُ حُكْمُ الْحَرَامِ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْحَلَالُ فَلَهُ حُكْمُ الْحَلَالِ وَفِيهِ كَرَاهَةٌ ضَعِيفَةٌ اهـ بْن

(وَلَا) تَصِحُّ الشَّهَادَةُ (إنْ تَعَصَّبَ) أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى التَّعَصُّبِ كَبُغْضِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا (كَالرِّشْوَةِ) أَيْ أَخْذُ مَالٍ لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَنْفِيذِ بَاطِلٍ وَهِيَ مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الرِّشَاءِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نَشْلِ الْمَاءِ لِأَنَّهَا يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَطْلُوبِهِ (وَتَلْقِينِ خَصْمٍ) أَيْ تَلْقِينِ الْخَصْمِ حُجَّةً يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى خَصْمِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَمَّا لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ قَادِحًا بَلْ يَكُونُ وَاجِبًا وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَخْذُ الرِّشْوَةِ أَوْ التَّلْقِينِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَأْخُوذٍ مِنْهُ أَوْ لَمْ يُلَقَّنْ هَذَا الْمَشْهُودُ لَهُ الْآنَ وَأَمَّا الْقَاضِي فَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ لَا بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ أَحَدَ خَصْمَيْنِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً عَجَزَ عَنْهَا (وَلَعِبِ نَيْرُوزِ) أَيْ أَنَّ اللَّعِبَ فِي يَوْمِ النَّيْرُوزِ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالنَّصَارَى وَيَقَعُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ رَعَاعِ النَّاسِ (وَمَطْلٍ) مِنْ مَدِينٍ غَنِيٍّ أَيْ تَأْخِيرُهُ دَفَعَ مَا عَلَيْهِ عِنْدَ الطَّلَبِ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَفِي الْحَدِيثِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» وَتَرَكَ الطَّلَبَ اسْتِحْيَاءً أَوْ خَوْفَ أَذِيَّةٍ فِي حُكْمِ الطَّلَبِ أَيْ أَنَّ الْمَطْلَ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ (وَحَلِفٍ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ) أَيْ إنَّ مِنْ شَأْنِهِ الْحَلِفُ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ يَمِينِ الْفُسَّاقِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ (وَ) تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ (بِمَجِيءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَأَوْلَى ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ بِلَا عُذْرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا تَخَلَّلَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ وَلَوْ يَوْمًا لَمْ تَسْقُطْ الشَّهَادَةُ (وَتِجَارَةٍ لِأَرْضِ حَرْبٍ) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْوُقُوعَ فِي الرِّبَا وَقَبُولُ مَا لَا يَحِلُّ وَذَلِكَ مِمَّا يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ وَيُوجِبُ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ بِالدِّيَانَةِ (وَسُكْنَى) دَارٍ (مَغْصُوبَةٍ) وَكَذَا كُلُّ انْتِفَاعٍ بِمَا عُلِمَ غَصْبُهُ (أَوْ) سُكْنَى وَالِدٍ (مَعَ وَلَدٍ) لَهُ (شِرِّيبٍ) أَيْ مُكْثِرِ شُرْبِ الْخَمْرِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهِ أَوْ إزَالَتِهِ دَلِيلُ عَدَمِ مُرُوءَتِهِ (وَ) تَبْطُلُ (بِوَطْءِ مَنْ لَا تُوطَأُ) لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ أَوْ عَادِيٍّ كَغَيْرِ مُطِيقَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا إنْ تَعَصَّبَ) فِي الْمُفِيدِ أَنَّ الْعَصَبَةَ أَنْ يُبْغِضَ شَخْصًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا أَيْ أَنْ يُبْغِضَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ إلَخْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ لِذَلِكَ بِشَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ بِجَرْحِ شَاهِدٍ شَهِدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ أَوْ قَذْفٍ أَوْ بِتَعْدِيلِ شَاهِدٍ شَهِدَ لَهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ شُهُودِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْعَصَبَةَ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَكَذَا شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَالرِّشْوَةِ) أَيْ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ إنْ أَخَذَ الرِّشْوَةَ أَوْ لَقَّنَ خَصْمًا (قَوْلُهُ لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَنْفِيذِ بَاطِلٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ أَخْذُ الرِّشْوَةِ حَرَامٌ وَجُرْحَةٌ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ لِتَحْقِيقِ حَقٍّ أَوْ إبْطَالِ بَاطِلٍ وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي دَفْعِهَا لَهُمْ فَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ لِأَجْلِ تَحْقِيقِ حَقٍّ أَوْ إبْطَالِ بَاطِلٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ لِتَحْقِيقِ بَاطِلٍ أَوْ إبْطَالِ حَقٍّ حَرُمَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَلْقِينُ خَصْمٍ) قَالَ الشَّيْخُ الْمِسَناوِيُّ مِنْ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْمُفْتُونَ الْيَوْمَ لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ إنَّمَا كَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إذَا تَوَقَّفَ الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ أَوْ سَجَّلَ الْحُكْمَ إلَّا أَنَّهُ خَشِيَ أَنَّ حُكْمَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ فَيَأْتُونَ بِالْحُكْمِ مَكْتُوبًا مِنْ الْمُفْتِي وَأَمَّا الْآنَ فَلَا تَرَى النَّاسَ يَشْرَعُونَ فِي الْخِصَامِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِفْتَاءِ لِيَنْظُرَ هَلْ الْحَقُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فَيَتَحَيَّلُ عَلَى إبْطَالِهِ وَتَرَى الْمُفْتِيَ الْوَاحِدَ يَكْتُبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ نَقِيضَ مَا كَتَبَ لِلْآخَرِ فِي نَازِلَةٍ وَاحِدَةٍ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ وَأَمَّا تَلْقِينُ الْخَصْمِ حُجَّةً يُثْبِتُ بِهَا حَقَّهُ فَلَا يَكُونُ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّ الْمَطْلَ) أَيْ الَّذِي هُوَ تَأْخِيرُ الدَّفْعِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْحَقِّ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ مَعَ الطَّلَبِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُهُ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ أَيْ إذَا تَكَرَّرَ حُصُولُهُ مِنْ الشَّخْصِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَعِتْقٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّ مِنْ شَأْنِهِ الْحَلِفَ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْحَلِفِ بِمَا ذُكِرَ قَادِحًا فِي الشَّهَادَةِ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ يَمِينِ الْفُسَّاقِ) أَيْ وَالْفَاسِقُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ) وَهُوَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ وَهَذَا الْخَبَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَلَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ (قَوْلُهُ وَبِمَجِيءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثًا) ابْنُ فَرْحُونٍ لِأَنَّهُ يُتَوَجَّهُ بِذَلِكَ عَلَى النَّاسِ وَيَجْعَلُهُمْ مَأْكَلَةً وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَجِيءِ (قَوْلُهُ أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ) هَذَا مَا يُفِيدُهُ ح (قَوْلُهُ وَأَوْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ) هَذَا مَا حُمِلَ عَلَيْهِ تت كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ قَصْرُهُ عَلَيْهِ يُوهِمُ أَنَّ مَجِيءَ مَجْلِسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ غَيْرُ قَادِحٍ مَعَ أَنَّهُ قَادِحٌ كَمَا يُفِيدُهُ ح (قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ وَأَمَّا إتْيَانُهُ لِمَجْلِسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ لِعِلْمٍ أَوْ حَاجَةٍ فَلَا يَكُونُ قَادِحًا (قَوْلُهُ لِأَرْضِ حَرْبٍ) أَيْ أَوْ لِبِلَادِ الْهَمَجِ مِنْ السُّودَانِ الَّذِينَ تَتَعَطَّلُ فِيهِمْ الشَّعَائِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَاحْتُرِزَ بِالتِّجَارَةِ مِنْ دُخُولِ أَرْضِهِمْ لِفِدَاءِ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ أَوْ أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ غَلَبَةً فَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ أَيْ مُكْثِرٍ شُرْبَ الْخَمْرِ) وَهَلْ الْكَثْرَةُ تُعْتَبَرُ بِالْعُرْفِ أَوْ تُفَسَّرُ بِمَا فُسِّرَ بِهِ إدَامَةُ الشِّطْرَنْجِ وَهُوَ مَرَّتَانِ فِي السَّنَةِ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَتَعْلِيلُهُ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْوَلَدِ مِثْلُهُ كَذَا فِي عبق وَفِي الْكَافِي لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا وَاحِدًا مَعَ أَهْلِ الْخَمْرِ فِي مَجَالِسِهِمْ طَائِعًا غَيْرَ مُضْطَرٍّ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهَا اهـ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ صِيغَةَ شِرِّيبٍ فِي الْمُصَنِّفِ لِلنَّسَبِ لَا لِلْكَثْرَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبِوَطْءِ مَنْ لَا تُوطَأُ) مَحَلُّ رَدِّ شَهَادَتِهِ

(وَبِالْتِفَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ) وَلَوْ نَفْلًا لِأَنَّهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكْتَرِثْ بِهَا وَأَوْلَى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ (وَبِاقْتِرَاضِهِ حِجَارَةً) مَثَلًا (مِنْ) حِجَارَةِ (الْمَسْجِدِ) مَثَلًا لِيَبْنِيَ بِهَا أَوْ يَرُمُّ بِهَا دَارِهِ مَثَلًا مَعَ عِلْمِهِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ (وَعَدَمِ إحْكَامِ) أَيْ إتْقَانِ (الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالزَّكَاةِ لِمَنْ لَزِمَتْهُ) أَيْ التَّسَاهُلِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذُكِرَ بَلْ التَّسَاهُلُ فِي غَيْرِهَا كَالتَّيَمُّمِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ كَذَلِكَ (وَبَيْعِ نَرْدٍ وَطُنْبُورٍ) وَمِزْمَارٍ وَنَحْوِهَا مِنْ جَمِيعِ آلَاتِ الْمَلَاهِي مُسْقِطٌ لِلشَّهَادَةِ (وَاسْتِحْلَافِ أَبِيهِ) أَوْ أُمِّهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِمَا أَنْكَرَاهُ وَحَلَّفَهُمَا بِالْفِعْلِ (وَ) إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْقَاضِي وَأُعْذِرَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدِ (قُدِحَ) أَيْ قُبِلَ الْقَدْحُ (فِي) الشَّاهِدِ (الْمُتَوَسِّطِ) فِي الْعَدَالَةِ وَأَحْرَى مَنْ دُونَهُ (بِكُلٍّ) أَيْ بِكُلِّ قَادِحٍ مِنْ تَجْرِيحٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَ) قُدِحَ (فِي) الشَّاهِدِ (الْمُبَرِّزِ) فِي الْعَدَالَةِ (بِعَدَاوَةٍ وَقَرَابَةٍ) فَقَطْ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَإِنْ) ثَبَتَ الْقَدْحُ (بِدُونِهِ) أَيْ بِشَاهِدٍ دُونَ الْمُبَرِّزِ فِي الْعَدَالَةِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوُجُوبُ الْأَدَبِ عَلَيْهِ إذَا عَلِمَ حُرْمَةَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا اهـ عبق (قَوْلُهُ وَبِالْتِفَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ حَيْثُ كَثُرَ مِنْهُ ذَلِكَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَلَوْ نَفْلًا) كَذَا فِي نَقْلِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّفْلِ إذَا عُلِمَتْ أَمَانَتُهُ فِي الْفَرْضِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكْتَرِثْ بِهَا) أَيْ يَسْتَخِفَّ بِقَدْرِهَا وَذَلِكَ مُخِلٌّ بِالْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ وَبِاقْتِرَاضِهِ حِجَارَةً مَثَلًا) أَيْ أَوْ خَشَبًا أَوْ بُوصًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ مَثَلًا أَوْ مِنْ حَبْسِ غَيْرِ مَسْجِدٍ وَالْمُرَادُ بِاقْتِرَاضِ الْحِجَارَةِ تَسَلَّفَهَا وَرَدَّ مِثْلَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ عَامِرًا أَوْ خَارِبًا بَنَى بِتِلْكَ الْأَنْقَاضِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا حَبْسًا كَمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ حَبْسٍ كَدَارٍ (قَوْلُهُ أَيْ التَّسَاهُلُ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ التَّسَاهُلُ فِي فِعْلِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّسَاهُلُ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ بِأَنْ يُؤَخِّرَ إخْرَاجَهَا عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَوْ يُخْرِجَ بَعْضَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ دُونَ بَعْضٍ وَهَذَا فِيمَا لَا يَأْخُذُهَا سَاعٍ بِأَنْ تَكُونَ لَا سَاعِيَ لَهَا كَالنَّقْدِ وَكَالْحَرْثِ فِي زَمَانِنَا بِمِصْرَ أَوْ لَهَا سَاعٍ وَلَمْ يُخْرِجْ كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ (تَنْبِيهٌ) إلَّا غُلْفَ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْخِتَانِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِإِخْلَالِ ذَلِكَ بِالْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ وَالْحَجُّ) أَيْ فَإِذَا كَانَ كَثِيرُ الْمَالِ قَوِيًّا عَلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَحُجَّ وَطَالَ زَمَانُ تَرْكِهِ لَهُ كَانَ ذَلِكَ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَقِبَهُ فِي الْبَيَانِ وَهَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ الْحَجَّ مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا طُولَ زَمَانِ التَّرْكِ مَعَ الْقُدْرَةِ لِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِهِ هَلْ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي فَلَا يَكُونُ تَأْخِيرُهُ كَبِيرَةً إلَّا إذَا أَخَّرَهُ تَأْخِيرًا كَثِيرًا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ ضَعْفُ قُوَاهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتِحْلَافِ أَبِيهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْقَلِبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُمْكِنُ ابْتِدَاءً مِنْ تَحْلِيفِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ كَالزَّوْجِ فَيَحْلِفُ الْأَبُ إذَا ادَّعَى فِي السَّنَةِ عَارِيَّةَ شَيْءٍ مِنْ جِهَازِ بِنْتِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مِنْ تَجْرِيحٍ) أَيْ بِفِسْقٍ وَارْتِكَابِ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَيْ كَجَرِّ الْمَنْفَعَةِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ (قَوْلُهُ بِعَدَاوَةٍ) أَيْ دُنْيَوِيَّةٍ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقَرَابَةٍ أَيْ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ وَلَوْ زَادَ الْمُصَنِّفُ وَشَبَهِهِمَا كَانَ أَحْسَنَ وَزَادَهُ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِشَبَهِهِمَا مَا عَدَا الْفِسْقِ إذْ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَقَطْ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ يُسْمَعُ الْجَرْحَ فِي مُتَوَسِّطِ الْعَدَالَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُبَرِّزِ الْمَعْرُوفِ بِالصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ تَجْرِيحُ الْعَدَاوَةِ أَوْ الْقَرَابَةِ أَوْ الْجَرِّ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَفِي قَبُولِهَا بِالْإِسْفَاهِ أَيْ الْفِسْقِ قَوْلَا سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَعَلَى قَبُولِ تَجْرِيحِهِ فَفِي حَالِ مَنْ يُقْبَلُ مِنْهُ تَجْرِيحُهُ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ سَحْنُونٍ لَا يَقْبَلُ إلَّا مِنْ مُبَرِّزٍ فِي الْعَدَالَةِ وَظَاهِرُهُ كَانَ التَّجْرِيحُ بِالْفِسْقِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَجْرَحُهُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ بِالْفِسْقِ لَا مَنْ هُوَ دُونَهُ أَيْ وَأَمَّا تَجْرِيحُهُ بِغَيْرِ الْفِسْقِ فَيُقْبَلُ حَتَّى مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُقْبَلُ التَّجْرِيحُ فِي بَيِّنِ الْعَدَالَةِ إلَّا مِنْ مَعْرُوفٍ بِالْعَدَالَةِ أَوْ أَعْدَلَ مِنْهُ وَأَمَّا مَا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ عَدَالَتِهِ لِلْكَشْفِ عَنْهُ فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُ لِأَهْلِ الْعَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ وَظَاهِرُهُ كَانَ التَّجْرِيحُ بِالْفِسْقِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ يُجَرِّحُ الْمُبَرِّزَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَدُونَهُ كَانَ التَّجْرِيحُ بِالْفِسْقِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهَذَا أَحْسَنُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّ الْجَرْحَ مِمَّا يَكْتُمُ اهـ بْن إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَرَحَ فِي الْمُبَرِّزِ بِعَدَاوَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ إشَارَةً لِقَوْلِ أَصْبَغَ وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَإِنْ بِدُونِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِمَا فَيَقُولُ كَغَيْرِهِمَا وَإِنْ بِدُونِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ مُطَرِّفٍ لَا قَوْلَ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُطَرِّفًا يَقُولُ الْمُبَرِّزُ يَجْرَحُهُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ وَلَوْ بِالْفِسْقِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا سَحْنُونٌ فَهُوَ وَإِنْ قَالَ الْمُبْرِزُ يَجْرَحُهُ بِالْفِسْقِ لَكِنْ يَقُولُ لَا يَجْرَحُهُ إلَّا مُبَرِّزٌ فِي الْعَدَالَةِ مِثْلُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا نَصُّوا عَلَى الْجُرْحَةِ وَأَمَّا لَوْ قَالُوا هُوَ غَيْرُ عَدْلٍ وَلَا جَائِزِ الشَّهَادَةِ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ الْمُبَرَّزِينَ فِي الْعَدَالَةِ الْعَارِفِينَ بِوُجُوهِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَ الْقَدْحُ إلَخْ)

فِيمَنْ قَدَحَ بِذَلِكَ فِي الْمُبَرِّزِ أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا مِثْلَهُ وَأَمَّا لَوْ قَدَحَ بِغَيْرِ الْقَرَابَةِ وَالْعَدَاوَةِ فَلَا يُسْمَعُ قَدْحُهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ كَالْمُتَوَسِّطِ يَقْدَحُ فِيهِ بِكُلِّ قَادِحٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَغَيْرِهِمَا) أَيْ كَمَا يَقْدَحُ فِي الْمُبَرِّزِ بِغَيْرِهِمَا (عَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَرُجِّحَ لِأَنَّ الْجَرْحَ مِمَّا يَكْتُمُهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَكَادُ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْضُ الْأَفْرَادِ فَمَنْ عَلِمَ شَيْئًا كَانَ شَهَادَةً عِنْدَهُ يُؤَدِّيهَا كَسَائِرِ الشَّهَادَاتِ (وَزَوَالِ الْعَدَاوَةِ وَالْفِسْقِ بِهِ) مِنْ شَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِأَحَدِهِمَا وَأَرَادَ الشَّهَادَةَ ثَانِيًا بِحَقٍّ غَيْرِ الْأَوَّلِ يُعْرَفُ (بِمَا) أَيْ بِقَرَائِنَ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ) زَوَالُهُمَا بِهَا فَفِي الْعَدَاوَةِ بِرُجُوعِهِمَا لِمَا كَانَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَحَبَّةِ فَلَيْسَ فِيهِ تُهْمَةُ الْحِرْصِ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ فِيمَا رُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَفِي الْفِسْقِ بِالتَّوْبَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَاتِّصَافِهِ بِصِفَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ (بِلَا حَدٍّ) بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سَنَةٍ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ (وَمَنْ) أَيْ وَالشَّخْصُ الَّذِي (امْتَنَعَتْ) الشَّهَادَةُ (لَهُ) لِنَحْوِ قَرَابَةٍ مُؤَكَّدَةٍ كَالْأَبِ (لَمْ يُزَكِّ) مَمْنُوعُ الشَّهَادَةِ (شَاهِدَهُ) أَيْ شَاهِدَ مَنْ مُنِعَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ مُنِعَتْ شَهَادَتُك لَهُ كَأَبِيك لَمْ يَجُزْ لَك أَنْ تُزَكِّيَ مَنْ شَهِدَ لَهُ بِحَقٍّ لِأَنَّك تَجُرُّ بِهِ بِذَلِكَ نَفْعًا (وَ) لَمْ (يُجَرِّحْ شَاهِدًا عَلَيْهِ) بِحَقٍّ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُ بِذَلِكَ ضَرَرًا فَقَوْلُهُ وَيُجَرِّحُ عَطْفٌ عَلَى يُزَكِّ (وَمَنْ) أَيْ وَالشَّخْصُ الَّذِي (امْتَنَعَتْ) شَهَادَتُك (عَلَيْهِ) لِعَدَاوَةٍ بَيْنَكُمَا (فَالْعَكْسُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَك تَجْرِيحُ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَلَا تَزْكِيَةُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَلْبِ الْمَضَرَّةِ لِعَدُوِّك فِي الْحَالَتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْعَكْسِ عَكْسُ الْحُكْمِ السَّابِقِ أَيْ يُزَكِّي شَاهِدَهُ وَيُجَرِّحُ شَاهِدًا عَلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِمَّا أَفَادَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ انْتَفَى عَنْهُ شَرْطُ الشَّهَادَةِ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعُهَا قَوْلُهُ (إلَّا الصِّبْيَانَ) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ بِشُرُوطٍ (لَا نِسَاءً) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الصِّبْيَانِ (فِي كَعُرْسٍ) أَيْ فِي اجْتِمَاعِهِنَّ فِي عُرْسٍ وَنَحْوِهِ كَالْحَمَّامِ وَالْوَلِيمَةِ وَالْمَأْتَمِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ بَيْنَهُمَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ الْحُزْنُ وَأَشَارَ إلَى مَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ مِنْ الصِّبْيَانِ دُونَ النِّسَاءِ بِقَوْلِهِ (فِي جَرْحٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الْقَدْحُ فِيهِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ بَلْ وَإِنْ حَصَلَ الْقَدْحُ فِيهِ مِنْ دُونِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَادِحُ فِي الْمُبَرِّزِ دُونَ ذَلِكَ الْمُبَرِّزِ فِي الْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ فِيمَنْ قَدَحَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْعَدَاوَةِ أَوْ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْقَرَابَةِ وَالْعَدَاوَةِ) أَيْ بِأَنْ قَدَحَ فِيهِ بِالْفِسْقِ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَهُ وَقَوْلُهُ فَلَا يُسْمَعُ قَدْحُهُ أَيْ كَمَا قَالَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ الْمُبَرِّزُ لَا يُجْرَحُ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ وَزَوَالُ الْعَدَاوَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّاهِدَ شَهِدَ بِشَيْءٍ ثُمَّ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَاوَةٍ أَوْ فِسْقٍ ثُمَّ زَالَتَا مِنْهُ وَشَهِدَ بِحَقٍّ آخَرَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا عُلِمَ زَوَالُهُمَا مِنْهُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُهُمَا بِهَا (قَوْلُهُ بِحَقٍّ غَيْرِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الشَّهَادَةَ بِالْأَوَّلِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِحَالٍ لِأَنَّهَا قَدْ رُدَّتْ أَوَّلًا لِمَانِعٍ فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ فِيمَا رُدَّتْ فِيهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ تُهْمَةٌ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ فِي رُجُوعِهِمَا لِحَالِهِمَا تُهْمَةٌ إلَخْ وَلَوْ قَالَ فَلَيْسَ فِي الشَّهَادَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا لِحَالِهِمَا تُهْمَةُ الْحِرْصِ إلَخْ كَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ تُهْمَةُ الْحِرْصِ عَلَى إزَالَةِ النَّقْصِ لِأَنَّ الْحِرْصَ عَلَى إزَالَةِ النَّقْصِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ فِيمَا رُدَّتْ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَجْلِهِ وَأَمَّا أَدَاؤُهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ فِي غَيْرِ مَا رُدَّ فِيهِ فَلَيْسَ فِي التُّهْمَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يُزَكِّ مَمْنُوعٌ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ الْفِعْلِ عَائِدٌ عَلَى مَنْ (قَوْلُهُ تَجُرُّ لَهُ بِذَلِكَ) أَنْ بِتَزْكِيَتِك لِشَاهِدِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ لَك تَجْرِيحُ مَنْ شَهِدَ لَهُ) هَذَا التَّفْسِيرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَكْسِ الْعَكْسُ فِي التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ أَيْ يُزَكِّي إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يُزْكِيَ شَاهِدَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَجْرَحَ شَاهِدًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا الصِّبْيَانَ مُسْتَثْنَى مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ السَّابِقِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ وُجُودِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ إلَّا شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا جَمِيعُ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ فَإِنْ انْتَفَتْ الشُّرُوطُ مِنْ الْبُلُوغِ وَنَحْوِهِ لَمْ تَصِحَّ الشَّهَادَةُ إلَّا الصِّبْيَانَ وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَمَّا عَلَى الثَّانِي فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْمَوْضُوعَ يُؤْخَذُ عَامًّا أَيْ مُطْلَقَ شَهَادَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ أَيْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ الْعَدْلُ حُرٌّ مُسْلِمٌ بَالِغٌ بِلَا فِسْقٍ وَحَجْرٍ إلَخْ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الِانْقِطَاعِ فَالنَّصْبُ مُتَعَيِّنٌ عَلَى لُغَةِ الْحِجَازِيِّينَ وَأَمَّا عَلَى الِاتِّصَالِ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فَإِنْ قَدَّرَ مَرْفُوعًا جَازَ رَفْعُ الْمُسْتَثْنَى اتِّبَاعًا وَجَازَ نَصْبُهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ فَاقِدِ الشُّرُوطِ إلَّا الصِّبْيَانَ وَإِنْ قُدِّرَ مَجْرُورٌ جَازَ جَرُّ الْمُسْتَثْنَى اتِّبَاعًا وَنَصْبُهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ) أَيْ وَهُوَ الْقَتْلُ وَالْجَرْحُ. (قَوْلُهُ لَا نِسَاءً فِي كَعُرْسٍ) سُقُوطُ شَهَادَتِهِنَّ فِي كَعُرْسٍ ظَاهِرُ الْجَلَّابِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَجَعَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ فِيهِ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَخْ) فِي هَذَا الدُّخُولِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي جُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْرَيْنِ

(أَوْ قَتْلٍ) بِلَا قَسَامَةٍ فِي شَهَادَتِهِمْ إذْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَأَصْلُ الْقَسَامَةِ فِي الْقِصَاصِ فَإِذَا انْتَفَتْ فِي عَمْدِهِمْ انْتَفَتْ فِي خَطَئِهِمْ وَالْجَرْحُ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِالْقَتْلِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى النِّسَاءِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلْحَاقِهِنَّ بِالصِّبْيَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ لِتَدْرِيبِهِمْ عَلَى تَعَلُّمِ الرَّمْيِ وَالصِّرَاعِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُوصِلُهُمْ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ وَالْكَرِّ وَالْفَرِّ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ وَالْغَالِبُ عَدَمُ حُضُورِ الْكِبَارِ مَعَهُمْ لَأَدَّى عَدَمُ الْقَبُولِ إلَى هَدَرِ دِمَائِهِمْ وَأَشَارَ لِشُرُوطِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ بِقَوْلِهِ (وَالشَّاهِدُ) مِنْهُمْ (حُرٌّ) وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ اشْتِرَاطَ إسْلَامِهِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ كَافِرٍ (مُمَيِّزٌ) لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَضْبِطُ مَا يَقُولُ وَأَنْ يَكُونَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ دُونِهَا لَا يَثْبُتُ عَلَى كَلَامٍ (ذَكَرٌ) لَا أُنْثَى وَلَوْ تَعَدَّدَتْ (تَعَدَّدَ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (لَيْسَ بِعَدُوٍّ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (وَلَا قَرِيبٍ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْقَرَابَةُ كَابْنِ عَمٍّ (وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ) فَإِنْ اخْتَلَفُوا بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ فُلَانٌ لَمْ تُقْبَلْ (وَ) لَا (فُرْقَةَ) فَإِنْ تَفَرَّقُوا لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ مَظِنَّةُ التَّعْلِيمِ (إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ قَبْلَهَا) أَيْ الْفُرْقَةِ فَإِنْ شَهِدَ عُدُولٌ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ عَلَى مَا نَطَقُوا بِهِ قُبِلَتْ (وَلَمْ يَحْضُرْ) بَيْنَهُمْ (كَبِيرٌ) أَيْ بَالِغٌ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجَرْحِ فَإِنْ حَضَرَ وَقْتَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِحَيْثُ أَمْكَنَ تَعْلِيمُهُمْ لَمْ تُقْبَلْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَالِغُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا نَعَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ الْأَوَّلُ عَلَى جِهَةِ الْإِثْبَاتِ أَيْ إلَّا الصِّبْيَانَ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ فَقَطْ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالثَّانِي عَلَى جِهَةِ النَّفْيِ أَيْ لَا شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي كَعُرْسٍ فَلَا تَجُوزُ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ تَصِحُّ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي حَالَ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي مَالٍ وَلَوْ كَانَ اجْتِمَاعُهُنَّ فِي كَعُرْسٍ وَالْمُصَرِّحُ بِهِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي شَيْءٍ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِنَّ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَتْلٍ) ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إذَا جَوَّزْنَا شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فِي الْقَتْلِ فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَا تُقْبَلُ فِيهِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَدَنِ مَقْتُولًا فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ ابْنَ فُلَانٍ قَتَلَ ابْنَ فُلَانٍ وَرَمَاهُ فِي الْبَحْرِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ الْقَسَامَةِ فِي الْقِصَاصِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَسَامَةِ مَعَ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ وَأَنَّ اللَّازِمَ إنَّمَا هُوَ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مُسَلَّمٌ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ إذْ لَا قِصَاصَ وَالْقَسَامَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْقِصَاصِ فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ) الْأَوْلَى رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ بِإِلْحَاقِهِنَّ بِالصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ قَادِحٌ فِي عَدَالَتِهِنَّ وَاغْتُفِرَ فِيمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ كَالْوِلَادَةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمْ) أَيْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ اجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ لَأَدَّى عَدَمُ الْقَبُولِ إلَى هَدَرِ دِمَائِهِمْ) أَيْ فَلِذَا أَجَازَهَا مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ (قَوْلُهُ وَالشَّاهِدُ حُرٌّ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَالذُّكُورَةُ لِلشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي الْمَشْهُودِ بِقَتْلِهِ أَوْ جُرْحِهِ وَلَا فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الشَّاهِدِ بِذَلِكَ فَائِدَةٌ، نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي اعْتِبَارُ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمَشْهُودِ بِقَتْلِهِ أَوْ جُرْحِهِ وَإِلَّا كَانَ مَالًا وَشَهَادَةُ الصِّبْيَانِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ حُرِّيَّةِ الصَّبِيِّ اشْتِرَاطُ إسْلَامِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ إنَّمَا هُوَ لِرِقِّهِ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْكُفْرِ وَالْكَافِرُ الْمُتَمَحِّضُ الْكُفْرَ أَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ) أَيْ فَأَكْثَرَ لَا مَا قَلَّ عَنْهَا إلَّا مَا قَارَبَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لَا أُنْثَى) أَيْ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا وَلَوْ تَعَدَّدْنَ وَإِنْ كَثُرْنَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ صِبْيَانٍ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِنَاثِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَيْنَ آبَائِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَدَاوَةِ هُنَا مُضِرَّةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ دُنْيَوِيَّةً أَوْ دِينِيَّةً لِشِدَّةِ تَأْثِيرِهَا عِنْدَ الصِّبْيَانِ وَضَعْفِ شَهَادَتِهِمْ بِكَوْنِهَا خِلَافَ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ) خِلَافٌ اسْمُ مَصْدَرٍ أَطْلَقَهُ وَأَرَادَ بِهِ الْمَصْدَرَ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي اثْنَانِ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَفُرْقَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى مَحَلِّ اسْمِ لَا بَعْدَ دُخُولِ النَّاسِخِ وَلَا يَصِحُّ بِنَاؤُهُ عَلَى الْفَتْحِ لِأَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ غَيْرُ الْمُقْتَرِنِ بِلَا يَمْنَعُ مِنْ تَرْكِيبِهِ مَعَ لَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِمْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عُدُولٌ عَلَى مَا نَطَقُوا بِهِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدَ عُدُولٌ) أَيْ عَلَى مَا نَطَقُوا بِهِ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ أَيْ ثُمَّ تَفَرَّقُوا قُبِلَتْ. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَالِغُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا إلَخْ) قَدْ حَكَى ح الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ كَبِيرٌ غَيْرُ عَدْلٍ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ هَلْ يَضُرُّ حُضُورُهُ فِي شَهَادَتِهِمْ أَوْ لَا الْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَالثَّانِي عَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ

[مراتب الشهادة]

إنْ حَضَرَ عَدْلَانِ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجَرْحِ فَالْعِبْرَةُ بِشَهَادَتِهِمَا (أَوْ) لَمْ (يَشْهَدْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَبِيرِ لِلصَّغِيرِ (أَوْ لَهُ) أَيْ لِلْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهُمْ مَشْهُورًا بِالْكَذِبِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي جَرْحٍ أَوْ قَتْلٍ عَدَمُ شَهَادَتِهِمْ فِي الْمَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ عَبْدًا مَعَهُمْ جَرْحٌ أَوْ قَتْلٌ فَلَا تُقْبَلُ (وَلَا يَقْدَحُ) فِي شَهَادَتِهِمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (رُجُوعُهُمْ) عَنْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ (وَلَا تَجْرِيحُهُمْ) مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إلَّا بِكَذِبٍ فِي مُجَرَّبٍ بِهِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَمَوَانِعِهَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَرَاتِبِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ إمَّا أَرْبَعَةٌ عُدُولٌ أَوْ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ امْرَأَتَانِ وَبَدَأَ بِالْأُولَى فَقَالَ (وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ) أَيْ لِلشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِهِمَا (أَرْبَعَةٌ) مِنْ الْعُدُولِ وَأَمَّا عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِمَا فَيَكْفِي عَدْلَانِ وَلَمَّا كَانَتْ الْفَضِيحَةُ فِيهِمَا أَشْنَعَ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي شَدَّدَ الشَّارِعُ فِيهِمَا طَلَبًا لِلسَّتْرِ يَشْهَدُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (بِوَقْتٍ) أَيْ يَجْتَمِعُونَ لَهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ فَرَّقُوا بَعْدُ كَمَا يَأْتِي (وَرُؤْيَةٍ اتَّحَدَا) وَاتِّحَادُ الرُّؤْيَةِ بِأَنْ يَرَوْا جَمِيعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَاتِّحَادِ وَقْتِ التَّحَمُّلِ وَمِنْ اتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ اتِّحَادُ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ هُوَ فَوْقَهَا أَوْ تَحْتَهَا وَاتِّحَادُ مَكَانِهَا كَكَوْنِهِمَا فِي رُكْنِ الْبَيْتِ الشَّرْقِيِّ أَوْ الْغَرْبِيِّ أَوْ وَسَطَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ تَفْرِيقِهِمْ كَمَا قَالَ (وَفَرَّقُوا) وُجُوبًا فِي الزِّنَا (فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهِ لِيَسْأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ كَيْفَ رَأَى وَفِي أَيِّ وَقْتٍ رَأَى وَفِي أَيِّ مَكَان رَأَى فَإِنْ اخْتَلَفُوا أَوْ بَعْضُهُمْ بَطَلَتْ وَحُدُّوا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِابْنِ الْمَوَّازِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي عِلَّةِ بُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِحُضُورِ الْكَبِيرِ بَيْنَهُمْ فَإِنْ عَلَّلَ بُطْلَانَ شَهَادَتِهِمْ بِخَوْفِ تَعْلِيمِهِمْ ضَرَّ حُضُورُهُ وَإِنْ عَلَّلَ بِارْتِفَاعِ الضَّرُورَةِ لِشَهَادَتِهِمْ فَلَا يَضُرُّ حُضُورُهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَمْ تَرْتَفِعْ بِحُضُورِ غَيْرِ الْعَدْلِ فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ الَّذِي حَضَرَ بَيْنَهُمْ عَدْلًا فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَنْ رَمَاهُ ثَبَتَتْ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ اتِّفَاقًا إذَا كَانَتْ بِجُرْحٍ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْعِلَّةَ فِي بُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِحُضُورِ الْكَبِيرِ خَوْفَ تَعْلِيمِهِمْ أَوْ قُلْنَا دَفَعَ الضَّرُورَةَ لِشَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ يَكْفِي فِي الْجَرْحِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِقَتْلٍ فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي لِأَنَّ الضَّرُورَةَ لَمْ تَرْتَفِعْ إذْ لَا يَكْفِي الْعَدْلُ الْوَاحِدُ فِي الْقَتْلِ أَمَّا عَلَى الْعِلَّةِ خَوْفَ تَعْلِيمِهِمْ فَالْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ عَدْلَانِ) أَيْ كَبِيرَانِ عَدْلَانِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ الصِّبْيَانُ بِأَنَّ هَذَا الْكَبِيرَ هُوَ الْقَاتِلُ لِلصَّغِيرِ أَوْ أَنَّ الصَّغِيرَ هُوَ الْقَاتِلُ لِلْكَبِيرِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ إلَخْ) أَيْ وَبَقِيَ أَيْضًا مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْ جُمْلَةِ الصِّبْيَانِ الْمُجْتَمِعِينَ لَا صَبِيَّ مَرَّ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ رُجُوعُهُمْ) أَيْ الصِّبْيَانِ وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِبُلُوغِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَهُ لَقُبِلَ رُجُوعُهُمْ (قَوْلُهُ وَلَا تَجْرِيحُهُمْ) أَيْ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ الَّذِي هُوَ رَأْسُ أَوْصَافِ الْعَدَالَةِ [مَرَاتِب الشَّهَادَة] (قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) بَقِيَتْ خَامِسَةٌ وَهِيَ ذَكَرٌ فَقَطْ أَوْ أُنْثَى فَقَطْ فِي مَسْأَلَةِ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي عَدْلَانِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشُبْهَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُقِرُّ بِالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ حُدَّ وَلَا يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُحَدَّ وَلَا عِبْرَةَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِإِقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُ الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ وَأَعْلَمَ الْحَاكِمَ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ حَدُّهُ إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَدْلَانِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَشْنَعُ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ أَشَدَّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ شَدَّدَ الشَّارِعُ فِيهِمَا) فَجَعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَقِيلَ إنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ اُشْتُرِطَ أَرْبَعَةٌ لِيَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَقِيلَ لَمَّا كَانَ الشُّهُودُ مَأْمُورِينَ بِالسَّتْرِ وَلَمْ يَفْعَلُوا غُلِّظَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ سَتْرًا مِنْ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ (قَوْلُهُ بِوَقْتٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِأَرْبَعَةٍ أَيْ يَشْهَدُونَ بِوَقْتٍ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي وَقْتٍ (قَوْلُهُ وَرُؤْيَةٍ) عَطْفٌ عَلَى وَقْتٍ وَالْبَاءُ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى فِي حَقِيقَةً وَفِي الثَّانِي بِالْعَطْفِ بِمَعْنَى فِي مَجَازًا وَقَوْلُهُ اتَّحَدَا صِفَةٌ لِوَقْتٍ وَرُؤْيَةٍ أَيْ يَذْهَبُونَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَذْهَبُوا جَمِيعًا لِأَدَائِهَا وَإِنْ فُرِّقُوا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَيَشْهَدُونَ بِرُؤْيَةٍ أَيْ وَيَتَحَمَّلُونَ الشَّهَادَةَ بِرُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَرَوْا دُفْعَةً أَوْ مُتَعَاقِبًا مَعَ الِاتِّصَالِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرَوْا جَمِيعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا رَأَوْا الذَّكَرَ فِي الْفَرْجِ دُفْعَةً وَاحِدَةً بِأَنْ اجْتَمَعَ الْأَرْبَعَةُ وَنَظَرُوا دُفْعَةً وَصَادِقٌ بِمَا إذَا رَأَوْا مُتَعَاقِبِينَ مَعَ الِاتِّصَالِ بِأَنْ نَظَرُوا مِنْ كُوَّةٍ مَثَلًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فِي لَحْظَةٍ مُتَّصِلَةٍ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يَقْتَضِي كِفَايَةَ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِ الْأَدَاءِ) أَيْ مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِ الِاجْتِمَاعِ لِلْأَدَاءِ (قَوْلُهُ وَمِنْ اتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الزِّنَا مِنْ كَوْنِهِ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ إلَخْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ كَيْفِيَّةَ الرُّؤْيَةِ وَلَا مِنْ اتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا) أَيْ عِنْدَ الْأَدَاءِ بَعْدَ إتْيَانِهِمْ مَحَلَّ الْحَاكِمِ جَمِيعًا

(وَ) يَشْهَدُونَ (أَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا) أَيْ رَأَوْا ذَلِكَ وَيَزِيدُونَ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ زِيَادَةً فِي التَّشْدِيدِ وَطَلَبًا لِحُصُولِ السَّتْرِ (وَ) جَازَ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ وَقْتَ التَّحَمُّلِ (النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ) قَصْدًا لِيَعْلَمَ كَيْفَ يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً عُدُولًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا جَوَّزُوا رُؤْيَةَ الْعَوْرَةِ هُنَا وَمَنَعُوهَا النِّسَاءَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ وَجَعَلُوا الْمَرْأَةَ مُصَدَّقَةً وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَدَّدُوا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا مَا لَمْ يُشَدِّدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ أَبَاحُوا لَهُمْ ذَلِكَ لِتَتِمَّ لَهُمْ الشَّهَادَةُ (وَنُدِبَ) لِلْحَاكِمِ (سُؤَالُهُمْ) عَمَّا لَيْسَ شَرْطًا فِي الشَّهَادَةِ نَحْوُ هَلْ كَانَا رَاقِدَيْنِ أَوْ لَا وَهَلْ كَانَا فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ أَوْ الْغَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا كَانَ شَرْطًا فِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِهِ عَنْهُ وُجُوبًا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ عَلَى قَوْلٍ وَكَاتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ (كَالسَّرِقَةِ) يُنْدَبُ سُؤَالُ شَاهِدِيهَا (مَا هِيَ) أَيْ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ هِيَ (وَكَيْفَ أُخِذَتْ) أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ أُخِذَتْ لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى قَطْعِ الْيَدِ أَوْ عَدَمِهِ وَذَكَرَ الْمَرْتَبَةَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ (وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آئِلٍ) أَيْ رَاجِعٍ (لَهُ) أَيْ لِلْمَالِ (كَعِتْقٍ) وَطَلَاقٍ غَيْرِ خُلْعٍ وَوَصِيَّةٍ بِغَيْرِ مَالٍ (وَرَجْعَةٍ) ادَّعَتْهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُنْكِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنَّهُ أَدْخَلَهُ فَرْجَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِوَقْتٍ أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتٍ وَأَنَّهُ أَدْخَلَ إلَخْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَيْ رَأَوْا ذَلِكَ) الْأَوْلَى أَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ أَيْ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا فَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى التَّيَقُّنِ وَالتَّثَبُّتِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُونَ وُجُوبًا) أَيْ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ وَالْمَوَّاقُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ نَدْبًا أَيْ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ زِيَادَةً فِي التَّشْدِيدِ) أَيْ عَلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَتْرُكُونَ الشَّهَادَةَ. (قَوْلُهُ وَطَلَبًا لِحُصُولِ السَّتْرِ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ أَيْ وَإِنَّمَا زِيدَ فِي التَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ طَلَبًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِكُلٍّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ تَتَوَقَّفُ عَلَى النَّظَرِ لَهُمَا وَنَشَأَ مِنْ هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِلْعَوْرَةِ مَعْصِيَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ بَلْ مَأْذُونٌ فِيهِ لِتَوَقُّفِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلِكُلٍّ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمْ الْإِقْرَارُ عَلَى الزِّنَا كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا سُرْعَةَ الرَّفْعِ خَشْيَةَ إحْدَاثِ عَدَاوَةٍ فِي النَّفْسِ مَعَ إثْبَاتِ الْحَدِّ لَكِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُمْ إذَا قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِعِصْيَانِهِمْ بِسَبَبِ عَدَمِ مَنْعِهِمْ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَدَّدُوا إلَخْ) قَدْ فَرَّقَ ابْنُ عَرَفَةَ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ غَيْرِ هَذَا الْأَوَّلُ أَنَّ الْحَدَّ حَقٌّ لِلَّهِ وَثُبُوتُ الْعَيْبِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ آكَدُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ سُرِقَ وَقُطِعَ يَمِينَ رَجُلٍ عَمْدًا يُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ الثَّانِي أَنَّ مَا لِأَجْلِهِ النَّظَرُ وَهُوَ الزِّنَا مُحَقَّقُ الْوُجُودِ أَوْ رَاجِحُهُ وَثُبُوتُ الْعَيْبِ مُحْتَمَلٌ عَلَى السَّوَاءِ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الزِّنَا وَهُوَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ مِنْ الْإِحَاطَةِ بِالنَّظَرِ لِلْفَرْجِ مَا يَسْتَلْزِمُهُ النَّظَرُ لِلْعَيْبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ هَلْ كَانَا) أَيْ وَقْتَ الزِّنَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَهُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَيَنْبَغِي إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا سَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَوَابِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ أُخِذَتْ) أَيْ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَأَيْنَ ذَهَبُوا بِهَا (قَوْلُهُ كَعِتْقٍ إلَخْ) مَثَّلَ بِثَلَاثَةِ أَمْثِلَةٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَقْدًا لَازِمًا لَا يَحْتَاجُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ وَالسَّيِّدُ فِيهِ كَافٍ أَوْ عَقْدًا يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْكِتَابَةِ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَقْدٍ وَفِيهِ إدْخَالٌ فِي مِلْكٍ كَالرَّجْعَةِ وَمِثْلُهَا الِاسْتِلْحَاقُ وَالْإِسْلَامُ فَإِذَا ادَّعَى وَلَدٌ أَنَّ أَبَاهُ اسْتَلْحَقَهُ وَإِخْوَتُهُ مَثَلًا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا النَّصْرَانِيَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَرِثَهُ أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَقَوْلُهُ كَعِتْقٍ أَيْ ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَهُوَ يُنْكِرُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَطَلَاقٍ غَيْرِ خُلْعٍ) إنَّمَا أَخْرَجَ الْخُلْعَ لِعَدَمِ انْخِرَاطِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمُمَثَّلِ لَهُ بِالْعِتْقِ وَهُوَ الْعَقْدُ اللَّازِمُ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ قَبِيلِ الْعُقُودِ الَّتِي تَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْكِتَابَةِ فَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ خَالَعَهَا بِعَشْرَةٍ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَأَمَّا قَدْرُ الْخُلْعِ فَعَلَى أَصْلِ الْمَالِيَّاتِ وَكَذَا كَوْنُ الطَّلَاقِ بِخُلْعٍ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَوَصِيَّةٍ بِغَيْرِ مَالٍ) أَيْ كَالْوَصِيَّةِ عَلَى النَّظَرِ فِي أَوْلَادِهِ أَوْ تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ أَوْ قَسْمِ تَرِكَتِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَمِثْلُ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ بَلْ يَكْفِي الْعَافِي (قَوْلُهُ ادَّعَتْهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُنْكِرِ) أَيْ فَلَا بُدَّ لِثُبُوتِ مَا ادَّعَتْهُ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَأَمَّا ادِّعَاءُ الزَّوْجِ الرَّجْعَةَ فَإِنْ كَانَ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ مَقْبُولٌ وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا وَأَنْكَرَتْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى حُصُولِ الرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ فَالصَّوَابُ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَجْعَةٍ أَيْ ادَّعَتْهَا الزَّوْجَةُ

(وَكِتَابَةٍ) وَنِكَاحٍ وَوَكَالَةٍ فِي غَيْرِ مَالٍ (عَدْلَانِ) وَذَكَرَ الْمَرْتَبَةَ الثَّالِثَةَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا أَوْ آيِلًا لَهُ (فَعَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ) عِدْلَتَانِ (أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ عَدْلٌ فَقَطْ وَامْرَأَتَانِ فَقَطْ (بِيَمِينٍ) أَيْ مَعَ يَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ (كَأَجَلٍ) ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَمِثْلُهُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْبَيْعِ أَوْ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَيَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِيَمِينٍ (وَخِيَارٍ) ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَنَازَعَهُ الْبَائِعُ لِأَيْلُولَتِهِ لِمَالٍ (وَشُفْعَةٍ) ادَّعَى الْمُشْتَرِي إسْقَاطَ الشَّفِيعِ لَهَا وَخَالَفَهُ الشَّفِيعُ وَكَذَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ وَادَّعَى الشَّفِيعُ الْغَيْبَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَإِجَارَةٍ) كَأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجَرُ آجَرْتنِي بِكَذَا أَوْ لِمُدَّةِ كَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ (وَجَرْحٍ خَطَأٍ) ادَّعَاهُ الْمَجْرُوحُ عَلَى مُنْكِرِهِ (أَوْ) جَرْحِ (مَالٍ) عَمْدًا كَجَائِفَةٍ (وَأَدَاءِ) نُجُومِ (كِتَابَةٍ) ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُنْكِرِ فَيَحْلِفُ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدٍ (وَإِيصَاءٍ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ جُعِلَ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَ مِنْ مَالِهِ كَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ يَحُجَّ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوفِيَ بِهِ دَيْنَهُ وَكَذَا فِي حَيَاتِهِ لَكِنَّهَا تَكُونُ وَكَالَةً وَاسْتَشْكَلَ ثُبُوتُ هَذَيْنِ بِالْعَدْلِ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَا إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ ثُبُوتِهِمَا مَعَ الْيَمِينِ إذَا كَانَ فِيهِمَا نَفْعٌ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ كَمَا إذَا كَانَتَا بِأُجْرَةٍ أَوْ رَهْنٍ كَدَعْوَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ سِلْعَةٍ لِيَجْعَلَهَا عِنْدَهُ رَهْنًا فِي دَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ الْمَيِّتِ الْمُوصِي لَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَصِيُّ مَعَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْحَيُّ وَإِلَّا بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْوَصِيِّ وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّهُ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ وَأَمَّا مُطْلَقُ أَنَّهُ وَصِيٌّ بِلَا قَيْدِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدْلَيْنِ كَمُطْلَقِ وَكِيلٍ (أَوْ بِأَنَّهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ كَالشَّهَادَةِ بِأَجَلٍ أَوْ بِأَنَّهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ أَيْ أَنَّ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْحَاكِمِ وَعِنْدَهُ شَاهِدٌ أَوْ امْرَأَتَانِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لَهُ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مَعَ الْيَمِينِ (كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ) الْقِنِّ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ ادَّعَاهَا الزَّوْجُ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَتْ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى دَعْوَاهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ دَعْوَى الزَّوْجِ مَقْبُولَةٌ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ) كَأَنْ يَدَّعِيَ الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ كَاتَبَهُ بِكَذَا وَالسَّيِّدُ يُنْكِرُ كِتَابَتَهُ مِنْ أَصْلِهَا فَلَا تَثْبُتُ دَعْوَى الْعَبْدِ إلَّا بِعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَنِكَاحٍ) كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَهِيَ تُنْكِرُ فَلَا تَثْبُتُ دَعْوَاهُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَوَكَالَةٍ فِي غَيْرِ مَالٍ) أَيْ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِفُلَانَةَ لِيُزَوِّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ لَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي قَبُولِ الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَارْتَضَاهُ بْن وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا (قَوْلُهُ كَأَجَلٍ) أَيْ لِثَمَنِ مَبِيعٍ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَادَّعَى أَنَّ الثَّمَنَ حَالٌّ غَيْرُ مُؤَجَّلٍ وَكَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَجَلٍ أَيْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَصْلِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ (قَوْلُهُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْبَيْعِ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِأَيْلُولَتِهِ لِمَالٍ) أَيْ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ فِي الْبَتِّ وَالْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَادَّعَى الشَّفِيعُ الْغَيْبَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي أَنَّهُ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ وَأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ آجَرْتنِي كَذَا وَخَالَفَهُ الْمَالِكُ وَقَالَ لَمْ أُؤَاجِرْك هَذَا الشَّيْءَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّزَاعَ إمَّا فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَالٍ) عَطْفٌ عَلَى خَطَأٍ وَأُضِيفَ الْجَرْحُ لِلْمَالِ لِعَدَمِ الْقِصَاصِ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ (قَوْلُهُ وَأَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَةٍ) أَيْ أَدَّى كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا فَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ الْقَبْضَ حَلَفَ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدِهِ حَتَّى فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ وَإِنْ أَدَّى لِلْعِتْقِ (قَوْلُهُ ثُبُوتُ هَذَيْنِ) أَيْ الْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَا إلَّا بِعَدْلَيْنِ) أَيْ أَوْ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْحَيُّ) أَيْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْمُوصِي إنْ كَانَ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ) نَظِيرُ ذَلِكَ الْوَقْفِ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مُسْتَحِقٌّ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَإِنَّمَا يَحْلِفُ فِي الْحُقُوقِ مَنْ يَسْتَحِقُّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا مُطْلَقُ أَنَّهُ وَصِيٌّ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّ دَعْوَى أَنَّهُ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَالِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا دَعْوَى أَنَّهُ وَصِيٌّ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَالنَّظَرِ فِي أَحْوَالِ أَوْلَادِهِ أَوْ تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ وَصِيٌّ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَإِنْ كَانَ نَفْعٌ يَعُودُ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ كَفَى الْعَدْلُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ مَعَ يَمِينٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْعٌ يَعُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مَعَ الْيَمِينِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ إلَخْ) أَتَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَلَمْ يَعْطِفْهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى كَأَجَلٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي الثَّالِثَةِ لَيْسَ مَالًا وَلَا آيِلًا لَهُ قَطْعًا وَالِاثْنَانِ قَبْلَهَا الْمَشْهُودُ بِهِ فِيهِمَا مَالٌ وَيُؤَدِّي لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ كَمَا يَتَبَيَّنُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا عَكْسُهُ

فَيَكْفِي زَوْجَهَا الشَّاهِدُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ مَعَ الْيَمِينِ (وَتَقَدُّمِ دَيْنٍ عِتْقًا) ادَّعَاهُ الْغَرِيمُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ الْمُدَّعِي تَقَدُّمَ الْعِتْقِ فَيَكْفِي الْغَرِيمَ الشَّاهِدُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ مَعَ الْيَمِينِ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ (وَقِصَاصٍ فِي جَرْحٍ) عَمْدًا يَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْيَمِينِ وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسِنَاتِ الْأَرْبَعِ إذْ هِيَ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا آيِلَةٍ لَهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَرْتَبَةَ الرَّابِعَةَ بِقَوْلِهِ (وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ) عِدْلَتَانِ (كَوِلَادَةٍ) شَهِدَتَا بِهَا وَلَوْ لَمْ يُحْضِرْ شَخْصٌ الْمَوْلُودَ (وَعَيْبِ فَرْجٍ) فِي أَمَةٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي كَحُرَّةٍ ادَّعَاهُ زَوْجُهَا وَأَنْكَرَتْ وَرَضِيَتْ بِرُؤْيَةِ الْمَرْأَتَيْنِ وَإِلَّا فَهِيَ مُصَدَّقَةٌ كَمَا مَرَّ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ (وَاسْتِهْلَالٍ) لِمَوْلُودٍ أَوْ عَدَمِهِ وَكَذَا ذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْإِرْثُ وَعَدَمُهُ (وَحَيْضٍ) فِي أَمَةٍ وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَمُصَدَّقَةٌ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ الْعَدْلُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَى قَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ شُهِدَ بِهِ بَعْدَ مَوْتٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَحَلَفَتْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ دُونَ النِّكَاحِ فَتَأْخُذُ صَدَاقَهَا وَتَرِثُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَلَا تُحَرَّمُ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ (أَوْ) شَهِدَ عَلَى (سَبْقِيَّتِهِ) أَيْ الْمَوْتِ أَيْ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ الْمُحَقِّقِي الزَّوْجِيَّةِ مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ (أَوْ) شَهِدَ عَلَى (مَوْتٍ) لِرَجُلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّ زَوْجَهَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الشِّرَاءَ فَيَكْفِي الْمُدَّعِيَ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ فَالْمَشْهُودُ بِهِ فِي هَذَا الْفَرْعِ هُوَ الْبَيْعُ وَيُؤَدِّي لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي زَوْجُهَا الشَّاهِدُ إلَخْ) أَيْ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ ادَّعَاهُ الْغَرِيمُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ إذَا أَرَادَ رَدَّ الْعِتْقَ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى تَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ إذَا ادَّعَى تَقَدَّمَ عِتْقِهِ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي الْغَرِيمَ الشَّاهِدُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ) أَيْ فَيَشْهَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْعِتْقِ وَهَذَا مَالٌ وَيُؤَدَّى لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ رَدُّ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَقِصَاصٍ فِي جُرْحٍ عَمْدًا) اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا وَمِمَّا مَرَّ أَنَّ الْجَرْحَ سَوَاءٌ كَانَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فِيهِ مَالٌ كَاَلَّذِي فِي الْمَتَالِفِ أَوْ عَمْدًا فِيهِ الْقِصَاصُ يَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ الْأَرْبَعِ) أَيْ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا مَالِكٌ ثَانِيهَا أُنْمُلَةُ الْإِبْهَامِ فِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ ثَالِثُهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ رَابِعُهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الْبُنْيَانِ الْكَائِنِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ اهـ (فَرْعٌ) لَوْ قَامَ شَاهِدٌ لِشَخْصٍ أَصَمَّ أَبْكَمَ بِدَيْنٍ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِيَدِ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَزُولَ الْمَانِعُ فَيَحْلِفَ فَإِنْ لَمْ يَزُلْ حَتَّى مَاتَ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ عَلَى وَارِثِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا يَظْهَرُ فَإِنْ مَاتَ الشَّاهِدُ فَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ كُتِبَتْ أَوْ أَدَّاهَا أَوْ شَهِدَ بِهَا عَدْلَانِ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ كَوِلَادَةٍ) أَيْ لِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَثَبَتَ أُمُومَةُ الْوَلَدِ لَهَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ مَا لَمْ يَدَّعِ السَّيِّدُ اسْتِبْرَاءً لَمْ يَطَأْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُحْضِرْ شَخْصٌ الْمَوْلُودَ) أَيْ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فَلَا تُقْبَلُ بِالْقَتْلِ إلَّا إذَا شَاهَدَتْ الْعُدُولُ الْبَدَنَ مَقْتُولًا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ فَإِنَّ لَهُنَّ أَصْلًا فِي الشَّهَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ وَرَضِيَتْ فَلَا يَصِحُّ إذْ هِيَ مُصَدَّقَةٌ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ جَبْرًا عَنْهَا وَاعْلَمْ أَنَّ عَيْبَ الْحُرَّةِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِوَجْهِهَا وَيَدَيْهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَمَا كَانَ بِفَرْجِهَا فَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ فَإِنْ رَضِيَتْ بِرُؤْيَةِ النِّسَاءِ لَهُ كَفَى فِيهِ امْرَأَتَانِ وَمَا كَانَ بِغَيْرِ فَرْجِهَا وَأَطْرَافِهَا مِنْ بَقِيَّةِ جَسَدِهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَاسْتِهْلَالٍ لِمَوْلُودٍ) أَيْ مَوْلُودِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ نُزُولُ الْوَلَدِ غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ فَمُدَّعِي عَدَمِ الِاسْتِهْلَالِ لَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ وَمُدَّعِي الِاسْتِهْلَالِ يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ وَيَكْفِي فِي إثْبَاتِهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِهْلَالِ أَوْ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَحَيْضٍ فِي أَمَةٍ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي دَعْوَاهُ رُؤْيَةَ الْحَيْضِ إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ دُونَ النِّكَاحِ) هَذَا قَوْلُ ابْنَ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَثْبُتُ الْمِيرَاثُ وَلَا الصَّدَاقُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ عَلَى سَبْقِيَّتِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الْمُحَقِّقِي الزَّوْجِيَّةَ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُمَا وَادَّعَى وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ سَبْقَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَأَنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُهُ وَادَّعَى وَرَثَةُ الزَّوْجِ أَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى مَوْتَهُمَا مَعًا مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي السَّبْقِيَّةِ وَيَكْفِي فِيهَا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَوْتٍ لِرَجُلٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا مَاتَ رَجُلٌ فَشَهِدَ عَلَى مَوْتِهِ امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ وَلَا لَهُ مُدَبَّرٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ وَلَيْسَ إلَّا قِسْمَةُ التَّرِكَةِ فَشَهَادَتُهُنَّ جَائِزَةٌ. (قَوْلُهُ إنَّهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَوْتٍ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلسَّبْقِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ مَوْتَهُمَا ثَابِتٌ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الشَّهَادَةِ الْمَالُ

(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ (لَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ) لَهُ وَالْوَاوُ فِي وَلَا مُدَبَّرَ بِمَعْنَى أَوْ (وَنَحْوَهُ) كَمُوصًى بِعِتْقِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (وَثَبَتَ الْإِرْثُ وَالنَّسَبُ لَهُ وَعَلَيْهِ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ كَوِلَادَةٍ فَإِنَّ النَّسَبَ وَالْإِرْثَ يَثْبُتَانِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ لِلْمَوْلُودِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ شَهِدَتَا بِالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَرِثَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَوَرِثَهُ وَارِثُهُ إنْ مَاتَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلْإِرْثِ لَا لِلنَّسَبِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى وَالْوَاجِبُ تَقْدِيمُ وَثَبَتَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ لِمَا عَلِمْت وَقَوْلُهُ (بِلَا يَمِينٍ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ مَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَامْرَأَتَانِ كَانَ أَوْلَى أَيْ إنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ امْرَأَتَانِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ يَمِينٍ إلَيْهِمَا (وَ) ثَبَتَ (الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ) هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى مُكَلَّفٍ بِسَرِقَةِ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ عَلَى السَّارِقِ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغَاصِبِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا (كَقَتْلِ عَبْدٍ) عَبْدًا (آخَرَ) عَمْدًا تَشْبِيهٌ فِي ثُبُوتِ الْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينِ سَيِّدِ الْمَقْتُولِ فَيَغْرَمُ سَيِّدُ الْقَاتِلِ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ أَوْ رَقَبَةَ الْقَاتِلِ وَلَا قِصَاصَ إذْ لَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمِثْلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ الْأَرْبَعِ إذَا تَمَّتْ ذَكَرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِهَا وَبَدَأَ بِمَسْأَلَةِ الْحَيْلُولَةِ وَيُقَالُ لَهَا الْإِيقَافُ وَيُقَالُ لَهَا الْعُقْلَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَقْلِ وَهُوَ الْمَنْعُ فَقَالَ (وَحِيلَتْ) أَيْ وُقِفَتْ (أَمَةٌ) بِأَنْ يَمْنَعَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا حَيْثُ جَاءَ الْمُدَّعِي لَهَا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ بِلَطْخٍ أَيْ شُبْهَةٍ بِأَنْ أَقَامَ عَدْلًا أَوْ شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ (مُطْلَقًا) أَيْ طُلِبَتْ الْحَيْلُولَةُ فِيهَا أَمْ لَا كَانَتْ رَائِعَةً أَمْ لَا لِحَقِّ اللَّهِ فِي صِيَانَةِ الْفُرُوجِ (كَغَيْرِهَا) أَيْ الْأَمَةِ أَيْ كَدَعْوَى الْمُدَّعِي شَيْئًا مُعَيَّنًا غَيْرَ الْأَمَةِ وَأَقَامَ عَدْلًا إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ فَلَا يَثْبُتُ مَوْتُهُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى مَوْتِهِ مِنْ ثُبُوتِ الْعِدَّةِ لِلزَّوْجَةِ وَإِبَاحَتِهَا بَعْدَهَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَزْوَاجِ وَخُرُوجِ الْمُدَبَّرِ مِنْ الثُّلُثِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهَذِهِ إنَّمَا تَكُونُ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَوْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَوْلَى إبْقَاءَ الْوَاوِ عَلَى حَالِهَا ضَرُورَةَ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَالْمُفِيدُ لِذَلِكَ الْوَاوُ لَا أَوْ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أَوْ فِي مِثْلِ هَذَا تُفِيدُ نَفْيَ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ نَفْيٍ أَفَادَتْ نَفْيَ الْأَحَدِ الدَّائِرِ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِنَفْيِ كُلِّ فَرْدٍ (قَوْلُهُ هَذَا مُرْتَبِطٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا رَاجِعٌ لِلْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ فَقَطْ فَهُوَ فِيمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ وَفِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْإِرْثِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى ثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ وَثَبَتَ الْإِرْثُ عَلَيْهِ لِمَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ عَلَى مَوْتِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ وَعَلَيْهِ النَّسَبُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَامْرَأَتَانِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ بِلَا يَمِينٍ كَوِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَالنَّسَبُ وَعَيْبُ فَرْجٍ وَنِكَاحٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْمَالُ عَطْفٌ عَلَى الْإِرْثِ) أَيْ وَثَبَتَ الْمَالُ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ دُونَ الْقَطْعِ) أَيْ لِأَنَّ السَّرِقَةَ لَمْ تَثْبُتْ إذْ شَرَطَهَا عَدْلَانِ وَقَوْلُهُ فِي سَرِقَةٍ أَيْ فِي شَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِيَمِينٍ بِسَرِقَةٍ (قَوْلُهُ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقِصَاصٍ فِي جُرْحٍ وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ سَبْقِيَّتِهِ أَوْ مَوْتٍ وَلَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ وَنَحْوَهُ وَثَبَتَ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ كَقَتْلِ عَبْدٍ آخَرَ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ بِلَا يَمِينٍ كَوِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ لَهُ وَعَلَيْهِ لَأَتَى بِكُلٍّ فِي مَوْضِعِهِ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغَاصِبِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ السَّارِقِ فَإِنْ أَيْسَرَ مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ لِوَقْتِ الْحُكْمِ لَزِمَهُ وَإِنْ أَعْسَرَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ فِي بَعْضِهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّرِقَةَ ثَبَتَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَالْمُتَخَلِّفُ شَرْطُ الْقَطْعِ وَهُوَ وَجِيهٌ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا) أَيْ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِسَبَبِهِ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ لَمْ يَتْلَفْ (قَوْلُهُ أَوْ رُقْيَةِ الْقَاتِلِ) أَيْ إنْ لَمْ يَفْدِهِ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ حُكْمُ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ) أَيْ الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا إذَا تَمَّتْ وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا إذَا تَمَّتْ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ الْمَشْهُودِ بِهِ تَارَةً وَحُكْمُهُ بِثُبُوتِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ تَارَةً أُخْرَى فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِدَيْنٍ فَإِنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِهِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقَذْفٍ أَوْ زِنًا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِثُبُوتِ الْحَدِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الزِّنَا أَوْ الْقَذْفِ الْمَشْهُودِ بِهِ (قَوْلُهُ إذَا تَمَّتْ) أَيْ الشَّهَادَةُ بِالتَّزْكِيَةِ (قَوْلُهُ ذِكْرُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَيْلُولَةُ فَإِنَّهَا مُرَتَّبَةٌ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ بِأَنْ أَقَامَ عَدْلًا) أَيْ يَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ أَوْ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ طُلِبَتْ الْحَيْلُولَةُ فِيهَا) أَيْ طَلَبَ الْمُدَّعِي لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمْ لَا كَانَ الْمُنَازِعُ لِوَاضِعِ الْيَدِ فِيهَا الْأَمَةَ نَفْسَهَا بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ غَيْرُهَا بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ آخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَمَحَلُّ الْحَيْلُولَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مَأْمُونًا وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ عَنْهَا كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّامِلِ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ

فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِغَلْقِ كَدَارٍ وَمُنِعَ مِنْ حَرْثِ أَرْضٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ (إنْ طُلِبَتْ) الْحَيْلُولَةُ (بِعَدْلٍ) أَيْ طَلَبَهَا الْمُدَّعِي بِسَبَبِ إقَامَتِهِ عَدْلًا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحِيلَتْ (أَوْ اثْنَيْنِ) مَجْهُولَيْنِ (يُزَكَّيَانِ) أَيْ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ وَمِثْلُهُمَا بَيِّنَةُ سَمَاعٍ غَيْرُ قَاطِعَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ ثِقَاتٍ (وَبَيْعُ) مَا (يَفْسُدُ) لَوْ وُقِفَ كَلَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ (وَوُقِفَ ثَمَنُهُ) بِيَدِ عَدْلٍ (مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ إقَامَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمُحْتَاجَيْنِ لِلتَّزْكِيَةِ (بِخِلَافِ الْعَدْلِ) أَيْ مُقِيمِ الْعَدْلِ إذَا لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَأْتِ بِهِ تَرَكَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَيَبْقَى) الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ (بِيَدِهِ) أَيْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِلْكًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي إنْ أَتَى بِالشَّاهِدِ الثَّانِي لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ حَوْزًا فَيَضْمَنُهُ وَلَوْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ الَّذِي رَدَّ بِهِ شَهَادَةَ الْعَدْلِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِالْبَقَاءِ فَصَوْنُهُ إنَّمَا هُوَ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَعَلَى أَنَّهُ يَبْقَى مِلْكًا لَا يُضْمَنُ السَّمَاوِيُّ وَعَلَى أَنَّهُ يَبْقَى حَوْزًا يَضْمَنُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ الْيَمِينِ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ إلَخْ هُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ الْآنَ لِأَنَّ لِي شَاهِدًا آخَرَ فَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ حَلَفْت فَإِنَّ الْمُدَّعَى فِيهِ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ كَالْأَوَّلِ (وَإِنْ) (سَأَلَ) مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (ذُو الْعَدْلِ) أَيْ مُقِيمُهُ وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ وَمِثْلُهُ مُقِيمٌ بَيِّنَةً تَحْتَاجُ لِتَزْكِيَةٍ (أَوْ) سَأَلَ ذُو (بَيِّنَةٍ سُمِعَتْ) بِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا هَذِهِ صِفَتُهُ (وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ فَالْأَوْلَى حَذْفُهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَقْطَعْ بِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ حَقُّهُ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ يُفِيدُ عَدَمَ حَيْلُولَةِ الْمَأْمُونِ وَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ بِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ وَبَيْنَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ بِغَلْقِ دَارٍ وَمَنْعٍ مِنْ حَرْثِ أَرْضٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ حَيْلُولَةِ الْعَقَارِ بِغَلْقٍ كَدَارٍ وَمَنْعٍ مِنْ حَرْثِ أَرْضٍ تَبِعَ فِيهِ تت وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَجَرَى بِهِ الْقَضَاءُ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْعَقَارَ لَا يُحَالُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ إحْدَاثٍ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَفْوِيتَهُ أَوْ تَغْيِيرَهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِوَاضِعِ الْيَدِ لِلْقَضَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهَا عَلَى غَيْرِ الْعَقَارِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إنْ طُلِبَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي الْحَيْلُولَةَ وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ طَلَبَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحِيلَتْ) أَيْ حِيلَتْ أَمَةٌ وَغَيْرُهَا بِسَبَبِ إقَامَةِ عَدْلٍ يَشْهَدُ لِمُدَّعِي مَا ذُكِرَ أَوْ اثْنَيْنِ إلَخْ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدَّمْ قَوْلُهُ بِعَدْلٍ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ كَغَيْرِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ قَصْرُ الْعَدْلِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ وَأَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ تَمَامَهُ فَأَخَّرَهُ لِيَعُمَّهُمَا وَتَرْجِيعُهُ الْقَيْدَ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَغْلَبِيٌّ (قَوْلُهُ مَعَهُمَا) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ) أَيْ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ لِأَجْلِ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا ثَانِيًا وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ تُرِكَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَيَحْلِفُ أَيْ فَلَا يُبَاعُ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِذَا لَمْ يُبَعْ فَيَحْلِفُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى بِيَدِهِ) أَيْ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ كَمَا فِي عبق وخش وَاعْتَرَضَهُ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ بِغَيْرِ كَفِيلٍ وَعَلَى هَذَا فَانْظُرْ لَوْ خِيفَ هُرُوبُهُ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَفِيلٍ وَلَوْ بِالْوَجْهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ أَيْ الَّذِي يُخْشَى فَسَادُهُ بِالْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْأَكْلِ وَالْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي) أَيْ وَحَيْثُ تَصَرَّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَأَمَّا إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي إنْ أَتَى بِالشَّاهِدِ الثَّانِي إلَخْ أَيْ يُضَمُّ الشَّاهِدُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ لِأَنَّ مَا يَأْتِي عَجْزُهُ عَنْ إقَامَةِ الثَّانِي فَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَمَا هُنَا يَدَّعِي أَنَّ لَهُ شَاهِدًا ثَانِيًا وَحَلِفُ الْمَطْلُوبِ إنَّمَا هُوَ لِيَبْقَى بِيَدِهِ لَا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ) أَيْ لِعَدَمِ تُعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ هُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَطَّارِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ هُوَ الْمَذْهَبَ (قَوْلُهُ كَالْأَوَّلِ) أَيْ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ لِلتَّزْكِيَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَأَلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا عَدْلًا وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ بَلْ قَالَ لَا أَحْلِفُ وَإِنْ أَتَيْت بِشَاهِدٍ ثَانٍ أَخَذْته وَإِلَّا تَرَكْته لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَقْطَعْ أَنَّ ذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي بَلْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ ذَهَبَ لَهُ مِثْلُ هَذَا أَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُزَكِّيهِمَا وَسَأَلَ الْمُدَّعِي وَضْعَ قِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ عِنْدِهِ عِنْدَ الْقَاضِي لِيَذْهَبَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ لِبَلَدٍ لَهُ فِيهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِسُؤَالِهِ وَيُمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ بِهِ لِذَلِكَ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ)

صِفَتُهُ كَذَا (وَضْعَ) مَفْعُولُ سَأَلَ أَيْ سَأَلَ وَضْعَ (قِيمَةِ الْعَبْدِ) مَثَلًا عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ بِإِذْنِ الْقَاضِي (لِيَذْهَبَ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ (إلَى بَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ) فِي تِلْكَ الْبَلَدِ (عَلَى عَيْنِهِ أُجِيبَ) لِسُؤَالِهِ وَمُكِّنَ مِنْ الذَّهَابِ بِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي طَلَبَهُ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ قَاضِيهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَنْهَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِمُدَّعِيهِ وَاسْتَحَقَّهُ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ الْمَوْضُوعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَجَعَلْنَا الْوَاوَ لِلْحَالِ لِأَنَّهَا لَوْ قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ لَهُ أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ أَيْ مَعَ الْيَمِينِ إنْ كَانَ بِيَدِ حَائِزٍ (لَا إنْ انْتَفَيَا) أَيْ الْعَدْلُ وَبَيِّنَةُ السَّمَاعِ (وَطَلَبَ) الْمُدَّعِي (إيقَافَهُ) أَيْ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى يَدِ أَمِينٍ (لِيَأْتِيَ) أَيْ إلَى أَنْ يَأْتِيَ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ عَلَى دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةِ عَمَّا ذُكِرَ الْآنَ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَتْ بَيِّنَتُهُ (بِكَيَوْمَيْنِ) فَأَوْلَى إذَا كَانَتْ عَلَى أَكْثَرَ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ إضْرَارَ الْمَالِكِ بِمَنْعِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً) بِالْبَلَدِ تَشْهَدُ لَهُ (أَوْ) يَدَّعِيَ (سَمَاعًا) أَيْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ حَاضِرَةٍ (يَثْبُتُ بِهِ) الْمُدَّعَى بِهِ بِأَنْ كَانَ فَاشِيًا (فَيُوقَفُ) الْمُدَّعَى بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَأْتِيَهُ بِبَيِّنَتِهِ (وَيُوَكَّلُ بِهِ) مَنْ يَحْفَظُهُ (فِي) مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى (كَيَوْمٍ) فَإِنْ جَاءَ بِهَا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِلَّا سَلَّمَهُ الْقَاضِي لِرَبِّهِ بَعْدَ يَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ كَفِيلٍ (وَالْغَلَّةُ) الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمُدَّعَى فِيهِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ فِيمَا فِيهِ حَيْلُولَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ (لِلْقَضَاءِ) بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَلْ قَالَ أَنَا لَا أَحْلِفُ فَإِنْ وَجَدْت شَاهِدًا ثَانِيًا أَخَذْته وَإِلَّا تَرَكْته (قَوْلُهُ صِفَتُهُ كَذَا) فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هُوَ هَذَا الْمُتَنَازَعُ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَضْعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ مَنْ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ أُجِيبَ لِسُؤَالِهِ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي إجَابَتُهُ لِئَلَّا تَضِيعَ أَمْوَالُ النَّاسِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الْبَيِّنَةُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَضَمَانُهُ إذَا تَلِفَ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ فِي حَالِ الذَّهَابِ عَلَى الْمُدَّعِي الذَّاهِبِ بِهِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ قَاضِيهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ قَاضِيهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ رَدَّهُ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْمُدَّعِي الْقِيمَةَ الْمَوْضُوعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّهُ) هَذَا مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَاسْتَحَقَّهُ مُدَّعِيهِ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ إلَخْ لَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْهَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَوْ قَطَعَتْ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَعَيُّنِ الْحَالِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ تَعْيِينُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ قَالَ بْن وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى حَالِهَا لِأَنَّ السَّمَاعَ تَارَةً يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ فَيَجُوزُ لِلْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالسَّمَاعِ الْقَطْعُ وَتَارَةً لَا يَحْصُلُ بِهِ إلَّا الظَّنُّ الْقَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَيْ هَذَا إذَا قَطَعَتْ وَجَزَمَتْ بِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا لِكَوْنِ السَّمَاعِ حَصَلَ لَهَا بِهِ عِلْمٌ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ وَلَمْ تَجْزِمْ بِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ لِكَوْنِ السَّمَاعِ إنَّمَا أَفَادَهَا الظَّنَّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَمْ تُعَيِّنْ الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقَطْعِ تَعْيِينَ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَكُونُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ الطَّالِبُ أَوْ كَانَ السَّمَاعُ غَيْرَ فَاشٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ لَا تُفِيدُ إلَّا إذَا كَانَ السَّمَاعُ فَاشِيًا وَكَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ غَيْرِ الْحَائِزِ وَحَلَفَ مُقِيمُهَا فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ لَمْ تُفِدْ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِذَهَابٍ بِهِ لِبَلَدٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِيَدِ حَائِزٍ) الْأَوْلَى إنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِ حَائِزٍ بِأَنْ كَانَ بِيَدِ الطَّالِبِ أَوْ بِيَدِ أَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا يُنْتَزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ لَا إنْ انْتَفَيَا) هَذَا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْإِيقَافِ وَالذَّهَابِ بِهِ لِبَلَدٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَطَلَبَ إيقَافَهُ يَعْنِي وَأَحْرَى الذَّهَابُ بِهِ لِبَلَدٍ وَحِينَئِذٍ فَالضَّمِيرُ فِي انْتَفَيَا يَرْجِعُ لِلْعَدْلِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ الشَّامِلِ لِاثْنَيْنِ يُزَكِّيَانِ فِي الْإِيقَافِ وَبَيِّنَةِ السَّمَاعِ فِي الذَّهَابِ بِهِ لِبَلَدٍ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بِمُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَقَارٍ وَكَانَتْ دَعْوَاهُ مُجَرَّدَةً وَلَمْ يُقِمْ شَاهِدًا عَدْلًا وَلَا شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ وَلَا بَيِّنَةِ سَمَاعٍ وَطَلَبَ الْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَوْ طَلَبَ الِانْتِقَالَ بِهِ لِبَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ بِهِ فِيهِ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِكَيَوْمَيْنِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ بَيِّنَتِهِ عَلَى يَوْمَيْنِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مَسَافَةُ بَيِّنَتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى يَوْمَيْنِ. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى كَيَوْمٍ) أَيْ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي إمْهَالَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُوَكَّلُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي إمْهَالَ كَيَوْمٍ لِكَوْنِ بَيِّنَتِهِ غَائِبَةً عَلَى كَيَوْمٍ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا قَوْلَهُ وَيُوَكَّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ بِمَا حَاصِلُهُ وَيُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُهُ فِي إمْهَالِ الْمُدَّعِي كَيَوْمٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ حَاضِرَةٌ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّ بَيِّنَتَهُ حَاضِرَةٌ وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ كَيَوْمٍ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ وَيُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمُدَّعَى فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَذْهَبْ بِهِ الْمُدَّعِي لِبَلَدٍ لِيَشْهَدَ لَهُ فِيهَا عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ بْن

لِلْمُسْتَحِقِّ (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ كَالْعَبْدِ زَمَنَ الْإِيقَافِ وَمِنْهُ زَمَنُ الذَّهَابِ بِهِ لِبَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ فِيهِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي (عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ) لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا عَلَى الْمُدَّعِي إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِيقَافِ وَأَمَّا قَبْلَ زَمَنِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَالْغَلَّةِ اتِّفَاقًا وَلَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ وَعَلَى خَطِّ نَفْسِهِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ وَفِي خَطِّهِ أَقَرَّ فُلَانٌ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ أَنَّهُ وَصَلَهُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَثِيقَةُ كُلُّهَا بِخَطِّهِ أَوْ الَّذِي بِخَطِّهِ نَفْسَ الْإِقْرَارِ أَوْ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهَا الْمَنْسُوبُ إلَيَّ فِيهِ صَحِيحٌ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مِنْ عَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالنَّقْلِ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ الْوَاحِدِ إلَّا اثْنَانِ وَلَوْ فِي الْمَالِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ فَلَا يَشْهَدُ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا إذَا اسْتَوْفَيْت الشُّرُوطَ (بِلَا يَمِينٍ) مِنْ الْمُدَّعِي مَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَتْ عَلَى (خَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ) وَجُهِلَ الْمَكَانُ كَبُعْدِهِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ يُشْتَرَطُ فِيهَا بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّهَا كَالنَّقْلِ عَنْهَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ تَغِبْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ ضَعِيفَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الرَّاجِحِ إدْرَاكُ مَنْ شَهِدَ عَلَى خَطِّهِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّا نَعْلَمُ خُطُوطَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ الَّذِينَ لَمْ نُدْرِكْهُمْ عَلِمْنَاهُ بِالتَّوَاتُرِ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُدَّعِيَ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ أَنَّ مَا يُوقَفُ إنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ فَنَفَقَتُهُ فِي غَلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَصَحُّ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ اهـ بْن وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّجْرَاجِيُّ صَحَّحَ مُقَابِلَهُ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْإِيقَافِ وَمِنْهُ زَمَانُ الذَّهَابِ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِيقَافِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قُضِيَ بِهِ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَبْلَ زَمَنِهِ) أَيْ زَمَنِ الْإِيقَافِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا زَمَنَ الْإِيقَافِ وَقَوْلُهُ كَالْغَلَّةِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا وَأَنْكَرَ أَوْ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا خَطُّ الْمُقِرِّ شُهُودٌ أَوْ كَانَتْ مُجَرَّدَةً عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَيْ بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ جَعْلَهُ مُقِرًّا بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَيْ بِخَطِّ مَنْ كَانَ مُقِرًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُنْكِرُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ (قَوْلُهُ أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا خَطُّهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ عَلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ جَازَتْ الشَّهَادَاتُ بِخَطِّ مُقِرٍّ (قَوْلُهُ أَقَرَّ فُلَانٌ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا) أَيْ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مِنْ عَدْلَيْنِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْعَمَلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ فِي الْمَالِيَّاتِ تَبَعًا لعبق وخش فَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي اُنْظُرْ بْن فَقَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْأَمْوَالِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ خِلَافًا وَقَدْ اعْتَمَدَ بْن الِاكْتِفَاءَ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَدْلَيْنِ لِأَنَّهَا دُونَ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ) إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْخَطِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِذَا نَظَرَ شَاهِدَانِ وَثِيقَةً بِيَدِ رَجُلٍ بِخَطِّ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ وَحَفِظَاهَا وَتَحَقَّقَا مَا فِيهَا ثُمَّ ضَاعَتْ الْوَثِيقَةُ فَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِمَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِشَهَادَةِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ تِلْكَ الْوَثِيقَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ وَأَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَ الْقَاضِي بَيْنَ غَيْبَةِ الْوَثِيقَةِ وَحُضُورِهَا حَيْثُ اسْتَوْفِي الشَّاهِدَانِ جَمِيعَ مَا فِيهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا) أَيْ فَإِذَا شَهِدَ عَلَى الْخَطِّ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَقَوْلُهُ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ الشُّرُوطُ أَيْ مِنْ كَوْنِ الشَّاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَحُضُورُ الْخَطِّ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَمَعْرِفَةُ الشُّهُودِ لِلْخَطِّ مَعْرِفَةً تَامَّةً كَمَعْرِفَتِهَا لِلشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ اسْتِظْهَارٌ لِأَجْلِ الْخَطِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَطٌّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الْمُقِرُّ لَهُ يَمِينَ الْقَضَاءِ أَنَّهُ مَا وَهَبَ وَلَا أَبْرَأَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِخَطِّهِ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى خَطِّهِ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ خَطَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ شَاهِدٍ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ (قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ) أَيْ وَالْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ عَلَى خَطّهَا بِشَهَادَتِهَا بِشَيْءٍ كَالرَّجُلِ وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهَا بَعْدَ غَيْبَتِهَا (تَنْبِيهٌ) يَنْبَغِي جَوَازُ شَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى خَطِّ النِّسَاءِ وَلَوْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى خَطِّ رِجَالٍ وَلَا نِسَاءَ وَلَوْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ اهـ عبق

مَا يَنَالُ الشَّاهِدَ الْغَائِبَ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَلَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ شَاهِدٍ قَرِيبٍ لَا تَنَالُهُ مَشَقَّةٌ فِي إحْضَارِهِ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ (وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ) كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَحَدٍّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي خَطِّ الْمُقِرِّ وَخَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِيَ إذْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا لِضَعْفِهَا عَنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَأَشَارَ إلَى شُرُوطِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ وَالِاثْنَانِ بَعْدَهُ مُخْتَصَّانِ بِالْقِسْمِ الثَّانِي بِنَوْعَيْهِ فَقَالَ (إنْ عَرَفْته) أَيْ الْخَطَّ (كَالْمُعَيَّنِ) أَيْ كَمَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَطْعِ وَلِذَا إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْ فَطِنٍ عَارِفٍ بِالْخَطِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخَطَّ حَاضِرٌ وَأَشَارَ لِلشَّرْطَيْنِ الْمُخْتَصَّيْنِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَ) عَرَفْت (أَنَّهُ) أَيْ الشَّاهِدُ الْكَاتِبُ خَطَّهُ بِشَهَادَتِهِ وَقَدْ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ (كَأَنْ يَعْرِفَ مَشْهَدَهُ) وَهُوَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِنَسَبِهِ أَوْ عَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى خَطِّهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ (وَ) عَرَفْت أَنَّهُ (تَحَمَّلَهَا عَدْلًا) أَيْ وَضَعَ خَطَّهُ وَهُوَ عَدْلٌ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أَوْ غَابَ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ وَأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا بِشَرْطِهِ بِقَوْلِهِ (لَا) الشَّهَادَةِ (عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ) أَيْ لَا تَنْفَعُ وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ خَطُّهُ (حَتَّى يَذْكُرَهَا) أَيْ الْقَضِيَّةَ أَوْ الشَّهَادَةَ أَيْ يَتَذَكَّرَ مَضْمُونَهَا فَيَشْهَدُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا عَلِمَ لَا عَلَى أَنَّهُ خَطُّهُ (وَأَدَّى) إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الْقَضِيَّةَ شَهَادَتَهُ بِأَنَّ هَذَا خَطِّي وَلَا أَذْكُرُ الْقَضِيَّةَ (بِلَا نَفْعٍ) لِلطَّالِبِ وَفَائِدَةُ التَّأْدِيَةِ احْتِمَالُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا فَقَوْلُهُ بِلَا نَفْعٍ أَيْ بِاعْتِبَارِ الشَّاهِدِ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَضِيَّةَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَلَا كَشْطٌ وَلَا رِيبَةَ فَلْيَشْهَدْ وَبِهِ أَخَذَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ إذْ النِّسْيَانُ يَعْتَرِي النَّاسَ كَثِيرًا وَكَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ إذَا عَرَفْت خَطِّي شَهِدْت بِهِ لِأَنِّي لَا أَكْتُبُ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ (وَلَا) يَشْهَدُ شَاهِدٌ (عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ) نَسَبَهُ حِينَ الْأَدَاءِ أَوْ التَّحَمُّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَا يَنَالُ الشَّاهِدَ الْغَائِبَ فِيهِ مَشَقَّةٌ) أَيْ أَنْ لَوْ حَضَرَ (قَوْلُهُ بِنَوْعَيْهِ) أَيْ وَهُمَا الْمَيِّتُ وَالْغَائِبُ غِيبَةً بَعِيدَةً (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ الشَّهَادَةُ عَلَيَّ خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ وَمَا لَلْمُصَنِّفِ هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ بِتُونُسَ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَتْهُ كَالْمُعَيَّنِ) أَيْ إنْ عَرَفَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ ذَلِكَ الْخَطَّ مَعْرِفَةً تَامَّةً كَمَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ بِالْخَطِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَيْ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا أَخْذَ لِجَوَازِ أَنْ يَطَّلِعَ الشَّاهِدُ عَلَى الْخَطِّ فَيَقْطَعُ بِأَنَّهُ خَطُّ فُلَانٍ ثُمَّ يُؤَدِّيهَا فِي غَيْبَةِ الْخَطِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ نَعَمْ بَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْقِسْمَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَثِيقَةِ رِيبَةٌ مِنْ مَحْوٍ أَوْ كَشْطٍ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْتَذِرْ فِي الْوَثِيقَةِ بِخَطِّ كَاتِبِهَا الْأَصْلِيِّ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْكَاتِبَ عَدْلٌ وَالْعَدْلُ لَا يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ مَاهِيَّةِ الْعَدْلِ فَاشْتِرَاطُهُ يُشْبِهُ اشْتِرَاطَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِقَفِصَةِ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ أَنَّهُ أَيْ الشَّاهِدُ الْكَاتِبُ لِشَهَادَتِهِ بِخَطِّهِ وَقَوْلُهُ تَحَمَّلَهَا أَيْ الشَّهَادَةَ (قَوْلُهُ أَيْ وَضَعَ خَطَّهُ وَهُوَ عَدْلٌ) أَيْ لِأَنَّ كَتْبَهُ لَهَا بِمَنْزِلَةِ أَدَائِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَنَا الْعَدَالَةُ فِي التَّحَمُّلِ بَلْ فِي الْأَدَاءِ ثُمَّ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ أَنْ تَكُونَ بِنَفْسِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ بَلْ بِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَمَزَجَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَيْ الْقَضِيَّةُ) يَعْنِي الْمَشْهُودُ بِهَا بِتَمَامِهِ وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَ بَعْضَهَا فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدِّي بِلَا نَفْعٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ بِلَا نَفْعٍ لِلطَّالِبِ) أَيْ الَّذِي شَهِدَ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ جَزَمَ بِعَدَمِ نَفْعِهَا عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا وَلَوْ أَنْكَرَ الشَّاهِدُ أَنَّ هَذَا الْخَطَّ خَطُّهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ أَنَّ الْخَطَّ خَطُّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا شَهِدَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ عَلَى الْقَضِيَّةِ وَإِنَّمَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ غَيْرُ ذَاكِرٍ لِمَا شَهِدَ بِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَكُونُ إنْ مَاتَ الْأَصْلُ أَوْ غَابَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَهَادَةَ الشَّخْصِ مُعْتَمِدًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ لِخَطِّ نَفْسِهِ لَا تَنْفَعُ إلَّا إذَا تَذَكَّرَ الْقَضِيَّةَ كُلَّهَا وَإِلَّا أَدَّى بِلَا نَفْعٍ (قَوْلُهُ يَعْتَرِي النَّاسَ كَثِيرًا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِنَفْعٍ لِمَا كَانَ لِوَضْعِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَثِيقَةِ فَائِدَةٌ وَضَاعَتْ الْحُقُوقُ (قَوْلُهُ وَكَانَ شَيْخُنَا) أَيْ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَتَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو عَشْرَةً أَوْ يُؤَدِّي

أَوْ يَعْرِفُ نَسَبَهُ وَتَعَدَّدَ وَأَرَادَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ (إلَّا عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ شَخْصِهِ (وَلْيُسَجِّلْ) الْقَاضِي أَيْ يَكْتُبُ فِي سِجِلِّهِ أَيْ كِتَابِهِ (مَنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ) أَيْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا شَهِدَتْ بِدَيْنٍ مَثَلًا عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَأَخْبَرَتْ بِأَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَجِّلَ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسَجِّلُ مَنْ زَعَمَتْ أَوْ أَخْبَرَتْ أَوْ قَالَتْ إنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ لِاحْتِمَالِ انْتِسَابِهَا لِغَيْرِ أَبِيهَا وَالرَّجُلُ مِثْلُ الْمَرْأَةِ وَخَصَّ الْمَرْأَةَ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ بِهَا (وَلَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ أَيْ تَحَمُّلُهَا (عَلَى) امْرَأَةٍ (مُنْتَقِبَةٍ) حَتَّى تَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهَا وَوَصْفِهَا (لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ) عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ لَا لِلْمَنْفِيِّ الَّذِي هُوَ مُنْتَقِبَةٌ أَيْ انْتِفَاءُ الْجَوَازِ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعَ الِانْتِقَابِ (وَإِنْ قَالُوا) أَيْ الشُّهُودُ (أَشْهَدَتْنَا) بِدَيْنٍ مَثَلًا (مُنْتَقِبَةٌ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (وَكَذَلِكَ نَعْرِفُهَا) أَيْ وَنَعْرِفُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْ مُنْتَقِبَةً وَإِنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا لَا نَعْرِفُهَا (قَلَّدُوا) أَيْ عُمِلَ بِجَوَابِهِمْ فِي تَعْيِينِهَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَا يُتَّهَمُونَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقْيِيدٌ لِلْأُولَى فَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الْأُولَى إذَا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ وُجُوبًا (إخْرَاجُهَا) أَيْ إخْرَاجُ امْرَأَةٍ شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَلَمْ يَعْرِفُوا نَسَبَهَا بِدَيْنٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْ بَيْنِ نِسْوَةٍ خُلِطَتْ بِهِنَّ (إنْ) كُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا وَ (قِيلَ لَهُمْ عَيَّنُوهَا) فَإِنْ قَالُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمْ فَلَيْسَ الضَّمِيرُ فِي إخْرَاجِهَا يَعُودُ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّهَادَةَ كَذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ نَسَبُ عَمْرٍو (قَوْلُهُ أَوْ يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَتَعَدَّدَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مِثْلَ جَهْلِ نَسَبِهِ عِلْمِهِ حَيْثُ تَعَدَّدَ الْمَنْسُوبُ لِمُعَيَّنٍ وَأَرَادَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ كَمَنْ لَهُ بِنْتَانِ فَاطِمَةٌ وَزَيْنَبُ وَأَرَادَ الشَّاهِدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى فَاطِمَةَ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْرِفُ أَنَّ لِفُلَانٍ بِنْتَيْنِ فَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى عَيْنِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِهَا وَأَنَّ بِامْرَأَةٍ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعَيَّنِ إلَّا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا وَكَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ بِنْتُ فُلَانٍ فَهَذِهِ مِنْ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ لِأَنَّ الْحَصْرَ ظَاهِرٌ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ) اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ أَيْ لَا يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالِ تَعَيُّنِ شَخْصِهِ وَحِلْيَتِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ بَدَلَ اسْمِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَلَا أَدَاؤُهَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ إلَّا عَلَى شَخْصِهِ وَأَوْصَافِهِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ بِحَيْثُ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ لِزَيْدٍ دِينَارًا عَلَى الرَّجُلِ أَوْ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي صِفَتُهَا كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي صِفَتُهَا كَذَا تَزَوَّجَهَا أَوْ طَلَّقَهَا فُلَانٌ (قَوْلُهُ وَلِيُسَجِّلَ الْقَاضِي) أَيْ فِي شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا بِدَيْنٍ وَقَالَتْ إنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مَنْ زَعَمَتْ) أَرَادَ بِالزَّعْمِ مُجَرَّدَ الْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَاقِعِ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسَجِّلُ مَنْ زَعَمَتْ إلَخْ) فَائِدَةُ تَسْجِيلِ ذَلِكَ إفَادَةُ عَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهَا (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ حَتَّى تَكْشِفَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِحَقٍّ لِشَخْصٍ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ عَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ نِقَابٍ لِأَنَّهُمْ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً لَا يُمْكِنُهُمَا أَنْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ عَيْنِهَا وَوَجْهًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ وَجْهِهَا فِيهِمَا لِأَجْلِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَصِفَتِهَا وَهَذَا فِي غَيْرِ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ وَفِي مَعْرُوفَتِهِ حَيْثُ كَانَ لَهَا أُخْتٌ فَأَكْثَرُ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَنْ مُشَارَكَتِهَا وَأَمَّا مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ الْمُنْفَرِدَةُ أَوْ الْمُتَمَيِّزَةُ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَنْ مُشَارَكَتِهَا فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً اهـ ثُمَّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ حَتَّى تَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا عَامٌّ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالدَّيْنِ وَالْوَكَالَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ عَيْنُهَا وَصِفَتُهَا (قَوْلُهُ أَشْهَدَتْنَا) أَيْ غَيْرُ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ أَوْ مَعْرُوفَتُهُ الْغَيْرُ الْمُتَمَيِّزَةُ عِنْدَ الشَّاهِدِ مِنْ مُشَارَكَتِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِجَعْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَيِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ أَيْ عَمِلَ بِجَوَابِهِمْ فِي تَعْيِينِهَا) أَيْ وَلَوْ أَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الَّتِي تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ إذَا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً) أَيْ فَإِنْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً وَقَلَّدُوا أَيْ دِينُوا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُمْ إذَا شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَصِفَتِهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا وَقَالَتْ أَدْخَلَ بَيْنَ نِسْوَةٍ وَيُخْرِجُونِي وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ النِّسْوَةِ وَقِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا وَتَشْخِيصُهَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجُوهَا وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ مَعْرِفَتُهَا فَقِيلَ بِضَمَانِهِمْ لِمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَقِيلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِأَنَّهُمْ بِمَثَابَةِ فِسْقِهِ يَعْلَمُونَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهِدُوا بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ وَلَمْ يَقْبَلْهُمْ الْحَاكِمُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ لِعُذْرِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ) أَيْ لِأَنَّ فِي هَذِهِ شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَصِفَتِهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرُ مُنْتَقِبَةٍ وَمَا تَقَدَّمَ

هِيَ أَعَمُّ مِنْهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدَّابَّةَ وَالرَّقِيقَ كَالْمَرْأَةِ فَإِذَا شَهِدُوا بِدَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ بِعَيْنِهِ لِشَخْصٍ فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُ مَا شَهِدُوا بِهِ إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهُ وَهُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ (وَجَازَ) لِمَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى امْرَأَةٍ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ ثُمَّ نَسِيَهَا (الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ (إنْ حَصَلَ) لَهُ (الْعِلْمُ) بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ بِامْرَأَةٍ) أَوْ مِنْ لَفِيفِ النَّاسِ (لَا) إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا (بِشَاهِدَيْنِ) فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا وَلَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ (إلَّا نَقْلًا) عَنْهُمَا فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ فِي شَهَادَتِهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ انْضِمَامِ شَاهِدٍ آخَرَ إلَيْهِ وَأَنْ يَقُولَا اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِنَا وَهَذَا إذَا شَارَكَاهُ فِي عِلْمِ مَا يَشْهَدُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ نَقْلُهُ عَنْهُمَا ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَهَادَةِ السَّمَاعِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهَا قَدْ تَجِبُ (بِسَمَاعٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ (فَشَا) أَيْ انْتَشَرَ وَاشْتُهِرَ (عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ) الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرُ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ وَشَهِدُوا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً لِعِلْمِهِمْ بِهَا كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ هِيَ أَعَمُّ مِنْهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعَمُّ مِنْهَا أَيْ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ لِصِحَّةِ حَمْلِ هَذِهِ عَلَى مَا إذَا شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهَا وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ نِسَاءٍ وَعَلَى مَا إذَا شَهِدُوا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً وَقَالُوا كَذَلِكَ نَعْرِفُهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الَّتِي شَهِدُوا عَلَيْهَا وَقَالَتْ أَنْتَقِبُ وَأَدْخُلُ بَيْنَ نِسَاءٍ مُنْتَقِبَاتٍ وَيُخْرِجُونَنِي فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا اهـ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى جَزْمِ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ أَنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ إخْرَاجُهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ مَا هُنَا أَعَمَّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ فَإِذَا شَهِدُوا بِدَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ بِعَيْنِهِ لِشَخْصٍ) أَيْ وَأَدْخَلَهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي مُمَاثِلٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ خَطَأٌ) أَيْ إدْخَالُهُ فِي مُمَاثِلٍ وَطَلَبُ الشُّهُودِ بِإِخْرَاجِهِ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ إخْرَاجُ الدَّابَّةِ أَوْ الْعَبْدِ مِنْ الْمُمَاثِلِ وَالْقَائِلُ بِخَطَأِ مَنْ فَعَلَهُ هُوَ الْعَلَّامَةُ تت قَالَ بْن وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ قَالَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ الدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فِيهِمَا قَالَ بِعَدَمِ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لَبَن (قَوْلُهُ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ بَلْ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ بِأَنْ تَذَكَّرَ بِنَفْسِهِ وَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبِعَ فِيهِ عبق التَّابِعُ لِشَيْخِهِ عج وَقَدْ قَرَّرَ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ الرَّجُلُ لِيَشْهَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَشَهِدَ عِنْدَهُ رَجُلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا كَانَ يَعْرِفُهَا بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ بَلْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا وَكَيْفَ يُعْرَفُ النِّسَاءُ إلَّا بِمِثْلِ هَذَا ابْنُ رُشْدٍ وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ إنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ إنْ أَتَى بِالشَّاهِدَيْنِ لِلرَّجُلِ لِيَشْهَدَا عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً لَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ أَتَى لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنْ لَفِيفٍ مِنْ النَّاسِ يَشْهَدُونَ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَتِهِمْ هَذَا حَاصِلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا تَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَقَدْ حَمَلَ طفى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجَازَ الْأَدَاءُ أَيْ مُسْتَنِدًا إلَى التَّعْرِيفِ الْحَاصِلِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِيَّةِ إنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ التَّعْرِيفِ الْعِلْمُ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ التَّوَثُّقُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ وَقَوْلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ أَيْ لَا مُسْتَنِدًا إلَى تَعْرِيفِ شَاهِدَيْنِ إذَا كَانَ تَعْرِيفُهُمَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا هُوَ مُحَصِّلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق التَّابِعِ لعج لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَاهِدَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ فَصَّلَ فِي الشَّاهِدَيْنِ هَذَا التَّفْصِيلَ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ جَازَ لَهُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِامْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ أَدَّى الشَّهَادَةَ نَقْلًا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِنَادُ فِي الْأَدَاءِ إلَى التَّعْرِيفِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَامْرَأَةٌ عَرَفَ نَسَبَهَا ثُمَّ نَسِيَهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُ لَهَا نَسَبًا وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ تَعْرِيفٌ بِهِ وَمَا هُنَا فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ وَحَصَلَ تَعْرِيفٌ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ النَّاقِلَيْنِ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ لِلنَّاقِلِ عَنْهُمَا أَشْهِدْ عَلَى شَهَادَتِنَا (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ إلَى ذِكْرِ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي

وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي اعْتِمَادِهِمْ عَلَى ذَلِكَ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ أَوْ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَغَيْرِهِمْ بِمَعْنَى أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ وَرُجِّحَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ إنَّمَا جَازَتْ لِلضَّرُورَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَشْهَدُ إلَّا بِمَا تُدْرِكُهُ حَوَاسُّهُ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَتَكُونُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي الْأَمْلَاكِ وَغَيْرِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِمِلْكٍ لِحَائِزٍ) فَلَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ (مُتَصَرِّفٍ) حَوْزًا (طَوِيلًا) فَطَوِيلًا مُتَعَلِّقٌ بِحَائِزٍ لَا بِمُتَصَرِّفٍ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ بَلْ وَلَا طُولِ الْحِيَازَةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فَالصَّوَابُ حَذْفُ مُتَصَرِّفٍ طَوِيلًا مِنْ هُنَا وَإِنَّمَا يُشْتَرَطَانِ فِي الْحِيَازَةِ الْآتِيَةِ أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْحِيَازَةِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ) بَتًّا عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِالْمِلْكِ يَعْنِي إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِ دَارٍ مَثَلًا لِشَخْصٍ بَتًّا وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِمِلْكِهَا الْآخَرِ سَمَاعًا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ فَيُنْزَعُ بَيِّنَةُ الْبَتِّ مِنْ الْحَائِزِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ لَكَانَ أَصْوَبَ (إلَّا بِسَمَاعٍ) أَيْ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِسَمَاعٍ لِلتَّعْدِيَةِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ) أَيْ بَلْ لَوْ قَالُوا لَمْ نَزَلِ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَبْسٌ أَوْ مِلْكٌ لِفُلَانٍ لَكَفَى وَإِنْ زَادُوا ذِكْرَ ذَلِكَ أَيْ السَّمَاعِ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ فِي شَهَادَتِهِمْ فَهُوَ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْبَاجِيَّ إذْ قَالَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ سَهْلٍ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَابْنِ فَتُّوحٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقَ كَذَا فِي بْن عَنْ طفى (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي اعْتِمَادِهِمْ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي اعْتِمَادِهِمْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى السَّمَاعِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ لَا تَفَرُّعَ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَا عَلَى الْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِي نُطْقِ الشُّهُودِ وَلَا كَلَامَ وَأَمَّا اعْتِمَادُهُمْ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى تَحْكِي الْخِلَافَ أَيْضًا فَقِيلَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إلَّا إذَا اعْتَمَدَ الشُّهُودُ عَلَى سَمَاعٍ فَاشٍ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَكْفِي فِي قَبُولِهِمْ اعْتِمَادُهُمْ عَلَى سَمَاعٍ فَاشٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الثِّقَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَقُولُ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي نُطْقِ الشُّهُودِ وَأَمَّا الِاعْتِمَادُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ السَّمَاعِ الْفَاشِي مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الَّتِي مَالَ إلَيْهَا بْن حَيْثُ قَالَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي النُّطْقِ لَا فِي الِاعْتِمَادِ اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الثِّقَاتِ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ يَكْفِي الِاعْتِمَادُ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ أَحَدِهِمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمِلْكٍ) مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ جَازَتْ الْعَائِدِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إعْمَالِ الْمَصْدَرِ مُضْمَرًا وَأَمَّا قَوْلُهُ بِسَمَاعٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ لِحَائِزٍ حَوْزًا طَوِيلًا يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهَا جَائِزَةٌ بِسَمَاعٍ فَاشٍ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا حَازَ عَقَارًا مُدَّةً طَوِيلَةً كَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ عَلَى مَا يَأْتِي وَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهَا بِهَدْمٍ أَوْ قَلْعِ شَجَرٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ زَرْعٍ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَشَاعَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مَالِكُهُ فَيَجُوزُ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ لِذَلِكَ الْحَائِزِ إذَا نَازَعَهُ غَيْرُهُ بِالْمِلْكِ بِأَنْ تَقُولَ لَمْ نَزَلِ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الْحَائِزِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ هُنَا لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَطَوِيلًا مُتَعَلِّقٌ بِحَائِزٍ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَالْمُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ كَأَرْبَعِينَ أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً إنَّمَا هُوَ الْحَوْزُ وَأَمَّا التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ فَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ مِنْ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ الَّتِي هِيَ عِشْرُونَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعُونَ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ وَطُولَ الْحِيَازَةِ إنَّمَا يُشْتَرَطَانِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ بَتًّا وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ سَمَاعًا فَيَكْفِي فِيهَا مُجَرَّدُ الْحَوْزِ فَالشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ عَلَى وَجْهِ الْبَتِّ يَعْتَمِدُ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ وَنِسْبَتِهَا مَعَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَطُولِ الْحِيَازَةِ وَأَمَّا الشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ عَلَى وَجْهِ السَّمَاعِ فَيَعْتَمِدُ فِي شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى الْحِيَازَةِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَصَرُّفٌ اهـ. لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا طُولِ الْحِيَازَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ بِالْمِلْكِ الْمُحَازِ طُولَ زَمَنِ السَّمَاعِ كَعِشْرِينَ سَنَةً وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا طَالَ زَمَنُ الْحَوْزِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَصْوَبَ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ لَا أَنَّ إحْدَاهُمَا شَهِدَتْ

(أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ الذَّاتَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا الْمَحُوزَةَ لِذِي بَيِّنَةِ السَّمَاعِ (مِنْ كَأَبِي الْقَائِمِ) وَهُوَ صَاحِبُ بَيِّنَةِ الْبَتِّ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْبَتِّ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِأَنَّ الذَّاتَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا قَدْ انْتَقَلَتْ لِلْمُدَّعِي بِمِلْكٍ جَدِيدٍ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِنْ أَبِي الْقَائِمِ أَوْ جَدِّهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ صَاحِبَ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ حَائِزٌ لِلْمُتَنَازَعِ فِيهِ كَمَا عَلِمْت وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ النَّاقِلَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ (وَوَقْفٍ) عَطْفٌ عَلَى بِمِلْكٍ أَيْ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْحَائِزِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَلَيْسَتْ الذَّاتُ بِيَدِ أَحَدٍ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِيَدِ حَائِزٍ مُدَّعٍ مِلْكَهُ فَفِيهِ خِلَافٌ قِيلَ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ كَالْمِلْكِ وَقِيلَ يُنْزَعُ بِهَا مِنْهُ احْتِيَاطًا لِلْوَقْفِ وَرُجِّحَ (وَمَوْتٍ بِبُعْدٍ) أَيْ وَيُعْمَلُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِمَوْتٍ لِشَخْصٍ بِبَلَدٍ بَعِيدَةٍ كَالْأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيَلْحَقُ بِهِ الشَّهْرُ وَأَمَّا الْبِلَادُ الْقَرِيبَةُ أَوْ فِي بَلَدِ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ لِسُهُولَةِ الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شُرُوطِ إفَادَةِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِقَوْلِهِ (إنْ طَالَ الزَّمَانُ) أَيْ زَمَانُ السَّمَاعِ كَعِشْرِينَ سَنَةً فَأَقَلَّ مِنْهَا لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَتِّ لَكِنْ هَذَا فِي الْمِلْكِ الْمُحَازِ وَفِي الْوَقْفِ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَالشَّرْطُ قِصَرُ الزَّمَنِ وَأَمَّا طُولُهُ فَمُبْطِلٌ لِلسَّمَاعِ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ الْقَطْعِ فِيهِ وَلَوْ بِالنَّقْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ يَبْعُدُ عَادَةً مَوْتُهُ مَعَ عَدَمِ مَنْ يَأْتِي مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ وَيُخْبِرُ بِمَوْتِهِ قَطْعًا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (بِلَا رِيبَةٍ) فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ كَشَهَادَةِ اثْنَيْنِ وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ مِثْلُهُمَا سِنًّا بِمَوْتِ شَخْصٍ أَوْ كَانَ فِيهَا مَنْ يُسَاوِيهِمَا فِي السِّنِّ مَعَ شُيُوعِ السَّمَاعِ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَإِنْ وُجِدَتْ رِيبَةٌ بِأَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِمَوْتِهِ غَيْرُهُمَا مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمَا لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ) الْمَحْكُومُ لَهُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى بِالْحَوْزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قُلْت الْحَوْزُ عَشْرُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ بِمُجَرَّدِهِ كَافٍ فِي رَدِّ دَعْوَى الْقَائِمِ وَفِي رَدِّ بَيِّنَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْقَطْعِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِبَيِّنَةِ سَمَاعٍ وَلَا غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى تَنَازُعٌ بَيْنَ حَائِزٍ وَقَائِمٍ وَإِقَامَةُ الْأَوَّلِ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ وَإِقَامَةُ الثَّانِي بَيِّنَةَ قَطْعٍ قُلْت إنَّمَا يَكُونُ الْحَوْزُ مَانِعًا مِنْ دَعْوَى الْقَائِمِ وَرَادًّا لِبَيِّنَتِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَائِمُ حَاضِرًا بِلَا مَانِعٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا أَوْ لَهُ مَانِعٌ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَحْتَاجُ الْحَائِزُ إلَى دَفْعِهَا فَتُفْتَرَضُ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَائِمُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَهُ مَانِعٌ. (قَوْلُهُ إنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ لِذِي بَيِّنَةِ السَّمَاعِ) أَيْ لِصَاحِبِ أَيْ الْمَحُوزَةِ عِنْدَ صَاحِبِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا قُدِّمَتْ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ حِينَئِذٍ نَاقِلَةٌ وَالْبَيِّنَةَ الْقَاطِعَةَ مُسْتَصْحَبَةٌ وَالنَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ حَائِزًا لِلذَّاتِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا بَلْ الْحَائِزُ لَهَا صَاحِبُ بَيِّنَةِ الْبَتِّ (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ) أَيْ وَلَوْ حَلَفَ صَاحِبُهَا مَعَهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ الذَّاتُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ (قَوْلُهُ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهَا) أَيْ وَكَمَا يُعْمَلُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْوَقْفِ يُعْمَلُ بِهَا أَيْضًا فِي مَصْرِفِ الْوَقْفِ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِثْلُ شُرُوطِ الْوَاقِفِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَلْزَمُ تَسْمِيَةُ الْوَاقِفِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ قِيلَ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ كَالْمِلْكِ) أَيْ وَهُوَ لِلَّخْمِيِّ وَالتَّوْضِيحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ وتت (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُنْزَعُ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ عَمَّا شَهِدَتْ بِوَقْفِيَّتِهِ لِغَيْرِ حَائِزِهِ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ وَهُوَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَبِهِ أَفْتَى عج وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْوَقْفُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُنْزَعُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ مِنْ يَدِ حَائِزٍ (قَوْلُهُ بِمَوْتٍ لِشَخْصٍ) أَيْ إذَا شَهِدَتْ بِمَوْتٍ لِشَخْصٍ بِبَلَدٍ بَعِيدَةٍ وَجُهِلَ الْمَكَانُ كَعَبْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبِلَادُ الْقَرِيبَةُ) أَيْ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى مَوْتِهِ فِي الْبِلَادِ الْقَرِيبَةِ أَوْ فِي بَلَدِهِ فَإِنَّمَا تَكُونُ إلَخْ فَقَوْلُهُ أَوْ بَلَدُ مَوْتِهِ الْأَوْلَى أَوْ فِي بَلَدِهِ (قَوْلُهُ كَعِشْرِينَ سَنَةً) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَرْبَعُونَ سَنَةً (قَوْلُهُ لَكِنْ هَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ طُولِ زَمَنِ السَّمَاعِ فِي الْمِلْكِ الْمُحَازِ أَيْ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الْمِلْكِ الْمُحَازِ وَعَلَى الْوَقْفِ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ أَيْ وَأَمَّا شَهَادَةُ السَّمَاعِ عَلَى الْمَوْتِ بِبَلَدٍ بَعِيدَةٍ فَشَرْطُ قَبُولِهَا قِصَرُ زَمَانِ السَّمَاعِ وَأَمَّا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَعَزْلٍ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ طُولُ زَمَنِ السَّمَاعِ أَيْضًا وَلَا قِصَرُهُ فَشَهَادَةُ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا ضَرَرُ الزَّوْجَيْنِ وَمَا مَعَهُ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ السَّمَاعِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالنَّقْلِ) أَيْ عَنْ بَيِّنَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ اشْتِرَاطِ طُولِ الزَّمَانِ حَتَّى فِي الْمَوْتِ وَخِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ هَارُونَ الشَّرْطُ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ فِي الْمَوْتِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا تَنَائِي الْبُلْدَانِ أَوْ طُولُ الزَّمَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ بِالْمَوْتِ طُرُقًا ثَلَاثَةً طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ اشْتِرَاطُ تَنَائِي الْبُلْدَانِ وَقِصَرِ الزَّمَانِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهِيَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اشْتِرَاطُ تَنَائِي الْبُلْدَانِ وَطُولِ الزَّمَانِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ هَارُونَ اشْتِرَاطُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا تَنَائِي الْبُلْدَانِ أَوْ طُولُ الزَّمَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِمَوْتِ شَخْصٍ) أَيْ مُسْتَنِدِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ بِذَلِكَ لِلسَّمَاعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ شَائِعٍ عِنْدَ غَيْرِهِمَا

لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ وَإِلَى الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَشَهِدَ) بِهِ (اثْنَانِ) مِنْ الْعُدُولِ فَأَكْثَرُ فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ مَعَ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى السَّمَاعِ لَمْ يُقْضَ بِالْمَالِ وَإِنْ حَلَفَ لِأَنَّ السَّمَاعَ نَقْلُ شَهَادَةٍ وَلَا يَكْفِي نَقْلُ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ يَكْفِي وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ فِي قَوْلِهِ وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَيْ وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَرُجِّحَ فِي خُصُوصِ الْخُلْعِ لِأَنَّ شَأْنَ الزَّوْجِ الضَّرَرُ بِزَوْجَتِهِ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الشَّاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ بِهِ إتْيَانُهُ بِمُثَنَّى الْمُذَكَّرِ ثُمَّ ذَكَرَ عِشْرِينَ مَسْأَلَةً تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ السَّمَاعِ مُشَبِّهًا لَهَا بِالثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا فَقَالَ (كَعَزْلٍ) لِقَاضٍ أَوْ وَالٍ أَوْ وَكِيلٍ بِأَنْ تَقُولَ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عُزِلَ (وَجَرْحٍ) أَيْ تَجْرِيحٍ كَلَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّهُ شَارِبُ خَمْرٍ مَثَلًا أَوْ مُجَرَّحٍ (وَكُفْرٍ) لِمُعَيَّنٍ (وَسَفَهٍ) كَذَلِكَ (وَنِكَاحٍ) ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (وَضِدِّهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ تَوْلِيَةٍ وَتَعْدِيلٍ وَإِسْلَامٍ وَرُشْدٍ وَطَلَاقٍ (وَإِنْ بِخُلْعٍ) كَأَنْ قَالُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ خَالَعَهَا فَيَثْبُتُ الطَّلَاقُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ يُثْبِتُ الْعَقْدَ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ (وَضَرَرِ زَوْجٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يَضُرُّ بِزَوْجَتِهِ فَيُطَلِّقُهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ (وَهِبَةٍ) أَيْ أَنَّهُ وَهَبَ لِفُلَانٍ كَذَا (وَوَصِيَّةٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا أَقَامَ فُلَانًا وَصِيًّا عَنْهُ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ أَنَّ فُلَانًا كَانَ فِي وِلَايَةِ فُلَانٍ يَتَوَلَّى النَّظَرَ لَهُ وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ بِإِيصَاءِ أَبِيهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ قَاضٍ لَهُ عَلَيْهِ (وَوِلَادَةٍ) فَيَثْبُتُ بِهَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ (وَحِرَابَةٍ وَإِبَاقٍ) فَيَثْبُتَانِ بِهِ (وَعُدْمٍ) أَيْ عُسْرٍ أَثْبَتَهُ الْمَدِينُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِهَا (وَأَسْرٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّهُ أُسِرَ فَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ بِنْتَه وَيَقْضِي دَيْنَهُ فِي مَالِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَعِتْقٍ وَلَوْثٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ) أَيْ فَطُلِبَ فِيهَا الْحَلِفُ لِأَجْلِ تَقْوِيَتِهَا (قَوْلُهُ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ فَمَا مَرَّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ هُنَا وَفِي الشَّامِلِ أَنَّ فِي رَدِّ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِالسَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ وَعَدَمِ رَدِّهِ قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى فِيمَا مَرَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَمِينُهَا مَعَ شَاهِدٍ) صُورَتُهُ خَالَعَتْهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَامَتْ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ يُضَارِرْهَا فَيُعْمَلُ بِهَذَا الشَّاهِدِ مَعَ يَمِينِهَا وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَيْهَا فَقَدْ عُمِلَ بِوَاحِدٍ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ) أَيْ فِي السَّمَاعِ (قَوْلُهُ بِالثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا) أَيْ وَهِيَ الْمِلْكُ وَالْوَقْفُ وَالْمَوْتُ (قَوْلُهُ إنَّهُ عَزْلٌ) أَيْ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ بُطْلَانُ حُكْمِ الْقَاضِي وَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَزْلِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَكُفْرٍ) أَيْ بِأَنْ شَهِدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِكُفْرِ فُلَانٍ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ فِي قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ (قَوْلُهُ وَسَفَهٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا سَفِيهٌ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ مِنْهُمَا فِيهِ نَظَرٌ فَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ شَرْطُ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَحْتَ حِجَابِ الزَّوْجِ فَيَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيَطْلُبُ الْحَيُّ الْمِيرَاثَ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ فَأَثْبَتَ رَجُلٌ بِالسَّمَاعِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَمْ يَسْتَوْجِبْ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاعَ إنَّمَا يَنْفَعُ فِي الْحِيَازَةِ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ السَّمَاعِ عَنْ وَاحِدٍ وَهِيَ لَا تَجُوزُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ لَكِنْ قَالَ ابْنُ رَحَّالٍ فِي حَاشِيَتِهِ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافُ مَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ الْحَاجِّ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ تَوْلِيَةٍ) أَيْ لِمُعَيَّنٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ) أَيْ وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا بِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ الطَّلَاقُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ) أَيْ لِتَوَقُّفِهِ عَنْ شَهَادَةِ بَتٍّ (قَوْلُهُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ) أَيْ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالصَّدَاقُ فَلَا يَثْبُتُ دَفْعُهُمَا بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ الَّتِي ثَبَتَ بِهَا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بَتًّا عَلَى دَفْعِهِمَا (قَوْلُهُ وَهِبَةٍ) أَيْ نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا وَهَبَ لِفُلَانٍ كَذَا (قَوْلُهُ إنَّ فُلَانًا أَقَامَ إلَخْ) أَيْ أَوْ إنَّ فُلَانًا أَوْصَى لِفُلَانٍ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ وَوِلَادَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ وَلَدَتْ مِنْ فُلَانٍ أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ وَلَدَتْ لِأَجْلِ خُرُوجِهَا مِنْ عِدَّتِهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ وَحِرَابَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةَ مُحَارَبُونَ أَوْ أَخَذُوا مَالَ فُلَانٍ حِرَابَةً (قَوْلُهُ وَإِبَاقٍ) بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا أَبَقَ لَهُ عَبْدٌ صِفَتُهُ كَذَا فَيَثْبُتَانِ أَيْ الْحِرَابَةُ وَالْإِبَاقُ بِهِ أَيْ بِالسَّمَاعِ (قَوْلُهُ أَثْبَتَهُ الْمَدِينُ) كَمَا لَوْ طَالَبَهُ الْغُرَمَاءُ بِدَيْنِهِمْ وَادَّعَى الْإِعْسَارَ وَأَقَامَ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ الْغُرَمَاءُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ ضَامِنٌ ثُمَّ إنَّ الْغُرَمَاءَ طَالَبُوا الضَّامِنَ فَقَالَ لَهُمْ إنَّ الْمَدِينَ مَلِيءٌ فَعَلَيْكُمْ بِهِ فَأَقَامُوا بَيِّنَةَ سَمَاعٍ تَشْهَدُ أَنَّ الْمَدِينَ مُعْدِمٌ (قَوْلُهُ وَعِتْقٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا وَمِثْلُ الْعِتْقِ الْحُرِّيَّةُ فَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ وَلَوْثٍ) أَيْ فِي قَتْلٍ وَهَلْ تَثْبُتُ الْجِرَاحُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ

فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَوْثًا تُسَوِّغُ لِلْوَلِيِّ الْقَسَامَةَ وَمِثْلُ الْمَذْكُورَاتِ الْبَيْعُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَالرَّضَاعُ وَالْقِسْمَةُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ فَلِذَا أَتَى فِيهَا بِالْكَافِ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الشَّهَادَةِ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً بِقَوْلِهِ (وَالتَّحَمُّلُ) لِلشَّهَادَةِ (إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ) أَيْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ بِأَنْ خِيفَ ضَيَاعُ الْحَقِّ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذْ لَوْ تَرَكَهُ الْجَمِيعُ لَضَاعَ الْحَقُّ وَيَتَعَيَّنُ بِمَا يَتَعَيَّنُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ التَّحَمُّلِ إذْ قَدْ يَحْسُنُ حَالُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَوْ لَا يَقْدَحُ فِيهِ الْخَصْمُ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَيَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّلِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحَمُّلِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ عَمَّا إذَا لَمْ يُفْتَقَرْ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَا الْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ يَجُوزُ كَرُؤْيَةِ هِلَالٍ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ (وَتَعَيَّنَ الْأَدَاءُ) عَلَى الْمُتَحَمِّلِ أَيْ إعْلَامُ الْحَاكِمِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا تَحَقَّقَهُ (مِنْ) مَسَافَةٍ (كَبَرِيدَيْنِ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الثَّالِثُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا كَمَسَافَةِ قَصْرٍ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقُ أَنَّهَا اسْتِقْصَائِيَّةٌ (وَ) تَعَيَّنَ الْأَدَاءُ (عَلَى ثَالِثٍ إنْ لَمْ يَجْتَزْ بِهِمَا) أَيْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِاتِّهَامِهِمَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ وَكَذَا عَلَى رَابِعٍ وَخَامِسٍ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَقُّ (وَإِنْ) (انْتَفَعَ) مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ بِأَنْ امْتَنَعَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَّا بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَعَقَّبَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِهِ قَائِلًا مَا وَقَفْت فِي الْجِرَاحِ عَلَى شَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ بْن (قَوْلُهُ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَوْثًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْثٍ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ بِالْقَتْلِ تَكُونُ لَوْثًا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا اللَّوْثُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى ظَاهِرِهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ فَقَالَ وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ اهـ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ نَقْلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَلَفَتْ الْوَرَثَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا مَعَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَاسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتَهُ فِي الْخَطَأِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ يُسَاعِدُهُ فَلَا قَسَامَةَ وَتِلْكَ الشَّهَادَةُ بِاللَّوْثِ كَالْعَدَمِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ تَسُوغُ لِلْوَلِيِّ الْقَسَامَةُ) أَيْ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِهِمْ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتَهُ فِي الْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْمَذْكُورَاتِ الْبَيْعُ إلَخْ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ الَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ لَمْ يَجْعَلْهَا دَاخِلَةً تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعَزْلٍ لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا لَا لِلتَّمْثِيلِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَيْضًا عَلَى الْخَطِّ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَعَلَى الرَّهْنِ كَمَا فِي ح فَجُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ السَّمَاعِ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَعَزْلٍ وَجَمِيعِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ) أَيْ طُولِ زَمَنِ السَّمَاعِ بَلْ يُثْبِتُهَا سَوَاءٌ طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ أَمْ لَا فَطُولُ زَمَنِ السَّمَاعِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَكَذَا بِالْمَوْتِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلِذَا) أَيْ فَلِأَجْلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطُّولِ فِيهَا أَتَى فِيهَا بِالْكَافِ أَيْ وَلَمْ يَعْطِفْهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ الْعِتْقِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنَ عَمِّهِ لَمْ يَثْبُتْ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالْمُتَحَمِّلُ لِلشَّهَادَةِ إلَخْ) التَّحَمُّلُ لُغَةُ الِالْتِزَامِ فَإِذَا الْتَزَمْت دَفْعَ مَا عَلَى الْمَدِينِ فَيُقَالُ إنَّك مُتَحَمِّلٌ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهُوَ عِلْمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ عِلْمُهُ لِمَا يَشْهَدُ بِهِ بِدُونِ اخْتِيَارٍ كَمَا إذَا كَانَ مَارًّا فَسَمِعَ مَنْ يَقُولُ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ فَلَا يُسَمَّى تَحَمُّلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ التَّحَمُّلِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ لِلشَّهَادَةِ فِيهِ تَعْرِيضٌ لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ لِأَنَّ الْغَالِبَ رَدُّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُوجَدْ سَوَاءٌ ظَهَرَ تَحَمُّلُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّلِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحَمُّلِ) أَيْ دُونَ الْأَدَاءِ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْمُتَعَيِّنُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ والمج وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ بَلْ وَعَلَى التَّحَمُّلِ الْمُتَعَيِّنِ خُصُوصًا إذَا كَتَبَ وَثِيقَةً لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَنْ لَا يَحْكِرَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ التَّحَمُّلِ ضَيَاعُ حَقٍّ (قَوْلُهُ مِنْ كَبَرِيدَيْنِ) أَيْ مِنْ مَسَافَةٍ بَيْنَ الْمُتَحَمِّلِ وَمَحَلِّ الْأَدَاءِ كَبَرِيدَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِيلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا قَارَبَ الْبَرِيدَيْنِ كَبَرِيدَيْنِ وَنِصْفٍ يُعْطَى حُكْمَهُمَا وَمَا قَارَبَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ كَالثَّلَاثَةِ وَالنِّصْفِ يُعْطَى حُكْمَهَا وَالْمُتَوَسِّطُ يَلْحَقُ بِالْبَرِيدَيْنِ (قَوْلُهُ وَعَلَى ثَالِثٍ) فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الِاثْنَيْنِ الِامْتِنَاعُ وَيَقُولُ لِرَبِّ الْحَقِّ احْلِفْ مَعَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِمَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ كَعَدَاوَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَمِ عَدَالَةٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ امْتَنَعَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ انْتِفَاعَهُ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ انْتِفَاعُ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ جُرْحَةٌ امْتَنَعَ أَوْ لَا كَمَا فِي طفى

(فَجُرْحٌ) قَادِحٌ فِي شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ أَخَذَهَا فِي نَظِيرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (إلَّا رُكُوبَهُ) ذَهَابًا وَإِيَابًا (لِعُسْرِ مَشْيِهِ وَعُدْمِ دَابَّتِهِ) فَلَيْسَ بِجَرْحٍ لِجَوَازِهِ وَإِضَافَةُ الدَّابَّةِ لَهُ مُخْرِجٌ لِدَابَّةٍ قَرِيبَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعَارَتُهَا (لَا) (كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ السَّفَرُ إلَى مَحَلِّ الْأَدَاءِ [دَرْسٌ] (وَ) يَجُوزُ (لَهُ) حِينَئِذٍ (أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ (بِدَابَّةٍ) لِرُكُوبِهِ (وَنَفَقَةٍ) لَهُ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ بِلَا تَحْدِيدٍ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ شَيْءٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَزَوْجٍ وَسَيِّدٍ (بِشَاهِدٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَيْ بِسَبَبِ إقَامَتِهِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (فِي) دَعْوَى (طَلَاقٍ) ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَ (وَ) دَعْوَى (عِتْقٍ) ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ فَأَنْكَرَ وَمِثْلُهُمَا الْقَذْفُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ ادَّعَاهُ حُرٌّ عَفِيفٌ عَلَى غَيْرِهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (لَا) فِي (نِكَاحٍ) ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ (فَإِنْ) حَلَفَ مُنْكِرُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ بَرِئَ وَإِنْ (نَكَلَ حُبِسَ) لِيَحْلِفَ فِيهِمَا كَالْقَذْفِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ فَمَتَى حَلَفَ تُرِكَ (وَإِنْ) لَمْ يَحْلِفْ وَ (طَالَ) حَبْسُهُ كَسَنَةٍ (دِينَ) أَيْ وُكِّلَ لِدَيْنِهِ وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ وَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ النِّكَاحِ أَنَّ غَيْرَ النِّكَاحِ لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ وَلَزِمَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّكَاحِ فَمُدَّعِيهِ ادَّعَى خِلَافَ الْأَصْلِ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ فَإِنَّهُ ادَّعَى الْأَصْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْعِصْمَةِ وَأَيْضًا الْغَالِبُ فِي النِّكَاحِ شُهْرَتُهُ فَلَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ فَالْعَجْزُ عَنْ إقَامَةِ الشَّاهِدَيْنِ فِيهِ قَرِينَةُ كَذِبِ مُدَّعِيهِ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي دَعْوَى الْمَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ لَهَا أَحْوَالٌ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ لِأَنَّهَا إمَّا مُمْكِنَةٌ فِي الْحَالِ أَوْ مُمْتَنِعَةٌ فِيهِ أَوْ مُمْتَنِعَةٌ مُطْلَقًا أَوْ مُمْتَنِعَةٌ مِنْ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ أَشَارَ لِذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَجَرْحٌ) أَيْ فَانْتِفَاعُهُ جَرْحٌ فَهُوَ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا رُكُوبَهُ) أَيْ إلَّا إذَا دَفَعَ الْمَشْهُودُ لَهُ لِلشَّاهِدِ أُجْرَةَ رُكُوبِهِ أَوْ أَرْكَبَهُ دَابَّتَهُ فَلَيْسَ بِجَرْحٍ فَالِاكْتِرَاءُ حُكْمُهُ حُكْمُ دَابَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُ فِي الْجَوَازِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ طفى فَإِنْ دَفَعَ الْمَشْهُودُ لَهُ لِلشَّاهِدِ أُجْرَةَ رُكُوبِهِ فَأَخَذَهَا وَمَشَى فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ جُرْحَةً أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ تَشْتَدَّ الْحَاجَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَانْظُرْ إذَا عَسِرَ مَشْيُهُ وَعَدِمَتْ دَابَّتُهُ وَلَكِنَّهُ مُوسِرٌ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكْرِيَ لِنَفْسِهِ دَابَّةً يَرْكَبُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الدَّابَّةِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكْرِيَ لِنَفْسِهِ دَابَّةً وَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أُجْرَتِهَا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ يُرْكِبُهُ دَابَّتَهُ وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّاهِدِ وَمَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ السَّفَرُ لَهُ) أَيْ وَيُؤَدِّيهَا عِنْدَ قَاضِي بَلَدِهِ وَيَكْتُبُ بِهَا إنْهَاءً لِلْقَاضِي الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ تُنْقَلُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ عَنْ هَذَا الشَّاهِدِ بِأَنْ يُؤَدِّيَهَا عِنْدَ رَجُلَيْنِ يَنْقُلَانِهَا عَنْهُ وَيُؤَدِّيَانِهَا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ أَدَائِهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ إذَا سَافَرَ لِأَدَائِهَا أَنْ يَنْتَفِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ قَضَى بِحَلِفِهِ (قَوْلُهُ كَزَوْجٍ وَسَيِّدٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ إقَامَتِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي) أَيْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْقَذْفِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَلَا أَعْتَقَ وَلَا قَذَفَ (قَوْلُهُ لَا فِي نِكَاحٍ ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا غَيْرُ طَارِئَيْنِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ يَحْلِفُ مَعَ إقَامَةِ الْآخَرِ شَاهِدًا لَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ فَمَتَى حَلَفَ تَرَكَ) أَيْ فَثَمَرَةُ الْيَمِينِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ دَفْعُ الْحَبْسِ عَنْهُ (قَوْلُهُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ) فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِطَلَاقٍ فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَتْ شَاهِدًا فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ شَاهِدًا فَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِهِ لَزِمَهُ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِالْقَذْفِ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ الْحَدُّ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا فَأَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِهِ

(وَحَلَفَ عَبْدٌ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ (وَسَفِيهٌ) بَالِغٌ (مَعَ شَاهِدٍ) لِكُلٍّ بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَاسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِلْعِتْقِ أَوْ الرُّشْدِ وَلَا يَحْلِفُ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَحَلَفَ. . . إلَخْ أَنَّهُمَا مُدَّعِيَانِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى الْحُرِّيَّةُ وَلَا الرُّشْدُ بَلْ وَلَا الْبُلُوغُ فَإِنْ نَكَلَ السَّفِيهُ أَوْ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَبَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ حَلَفَ سَيِّدُهُ مَعَ الشَّاهِدِ وَاسْتَحَقَّ (لَا) يَحْلِفُ (صَبِيٌّ) مَعَ شَاهِدٍ لَهُ بِحَقٍّ مَالِيٍّ ادَّعَاهُ عَلَى شَخْصٍ (وَ) لَا (أَبُوهُ) وَأَحْرَى غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَلَّ الْمُعَامَلَةَ إذْ الْمُكَلَّفُ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرَهُ (وَإِنْ أَنْفَقَ) عَلَيْهِ أَبُوهُ إنْفَاقًا وَاجِبًا فَأَوْلَى لَا يَحْلِفُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا أَوْ لَمْ يُنْفِقْ أَصْلًا فَإِنْ تَوَلَّى الْأَبُ الْمُعَامَلَةَ حَلَفَ وَكَذَا الْوَصِيُّ وَوَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ (وَ) إذَا لَمْ يَحْلِفْ الصَّبِيُّ وَلَا أَبُوهُ مَعَ الشَّاهِدِ (حَلَفَ مَطْلُوبٌ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِيَتْرُكَ) الْمُتَنَازَعَ فِيهِ (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْمَطْلُوبِ حَوْزًا لَا مِلْكًا إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ (وَأَسْجَلَ) الْمُدَّعَى بِهِ أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ يُسَجِّلُ أَيْ يَكْتُبُ فِي سِجِلِّهِ الْحَادِثَةَ صَوْنًا لِمَالِ الصَّبِيِّ وَخَوْفًا مِنْ مَوْتِ الشَّاهِدِ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ (لِيَحْلِفَ) الصَّبِيُّ عِلَّةً لِلْإِسْجَالِ أَيْ أَسْجَلَ لِأَجْلِ أَنْ يَحْلِفَ (إذَا بَلَغَ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِقَامَةِ الشَّاهِدِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ أَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ إنْكَارِهَا وَإِقَامَةِ الشَّاهِدِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ لِفَقْدِ الْعَقْدِ مِنْ الْوَلِيِّ فَقَوْله لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقَامَةِ الشَّاهِدِ ثَبَتَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقَامَةِ الشَّاهِدِ لَا يَثْبُتُ فَفَائِدَةُ تَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْتِمَالُ أَنْ يُقِرَّ خَوْفًا مِنْهَا فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فَلَمَّا كَانَ لَا فَائِدَةَ لَهَا فِي النِّكَاحِ لَمْ تُشْرَعْ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ الَّذِي فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ مِثْلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَضَاءِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ عَبْدٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بِحَقٍّ مَالِيٍّ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ وَيَأْخُذُهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ الْعَبْدُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ وَحَلَفَ سَيِّدُهُ وَاسْتَحَقَّ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْآنَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ لَكِنَّهُ يَقْبِضُهُ النَّاظِرُ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ السَّفِيهُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَبَرِئَ وَمَحَلُّ حَلِفِ السَّفِيهِ إذَا كَانَ وَلِيُّهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْمُبَايَعَةَ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ وَلِيُّهُ قَالَ طفى وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَلِفِ مَعَ الشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْإِنْكَارِ أَوْ التُّهْمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ عَبْدٍ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذْ لَا فَائِدَةَ لِلْيَمِينِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَوَجَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى) أَيْ فِي سَمَاعِهَا (قَوْلُهُ الْحُرِّيَّةُ) أَيْ حُرِّيَّةُ الْمُدَّعِي وَلَا رُشْدُهُ وَلَا بُلُوغُهُ (قَوْلُهُ لَا يَحْلِفُ صَبِيٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَالْيَمِينُ هُنَا جُزْءُ نِصَابٍ لَا أَنَّهَا تَتْمِيمُ بِحَيْثُ يَكُونُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَكْتَفِيَ بِحَلِفِ الصَّبِيِّ لَهَا (قَوْلُهُ وَأَحْرَى غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ) أَيْ كَالْوَصِيِّ وَمُقَدَّمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْفَقَ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ يَحْلِفُ الْأَبُ إذَا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ إنْفَاقًا وَاجِبًا لِأَنَّ لِيَمِينِهِ فَائِدَةً وَهِيَ سُقُوطُ النَّفَقَةِ عَنْهُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ حَلِفِ الْأَبِ مُطْلَقًا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ اُنْظُرْ بْن وَقَدْ يُقَالُ قَاعِدَةُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِلَوْ يَكُونُ إشَارَةً لِرَدِّ خِلَافٍ لَا أَنَّ كُلَّ خِلَافٍ يُشِيرُ لِرَدِّهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَوَلَّى الْأَبُ الْمُعَامَلَةَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ مُقَدَّمُ الْقَاضِي سِلْعَةَ الصَّبِيِّ لِأَحَدٍ بِثَمَنٍ ثُمَّ إنَّ الصَّبِيَّ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَهُ وَوَجَدَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَشْهَدُ لَهُ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْأَبَ وَمَنْ مَعَهُ يَحْلِفُونَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ) اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمً حَلِفِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِيَتْرُكَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَإِنْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ دَيْنًا بَقِيَ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ بِيَدِهِ فَغَلَّتُهُ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَرْكِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا هُوَ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ إنَّهُ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيُوقَفُ ذَلِكَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ الْمُعَيَّنُ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ لِبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَنَسَبَهُ فِي التَّوْضِيحِ لِظَاهِرِ الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ بِوَقْفِ الْمُعَيَّنِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَبَنَى الْمَازِرِيُّ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِنَادِ الْحَقِّ لِلشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْيَمِينُ كَالْعَاضِدِ فَيَحْسُنُ الْإِيقَافُ أَوْ إلَيْهِمَا مَعًا فَيَضْعُفُ الْإِيقَافُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ حَوْزًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ أَيْ يَكْتُبُ فِي سِجِلِّهِ الْحَادِثَةَ) أَيْ الدَّعْوَى وَشَهَادَةَ الْعَدْلِ وَمَا حَصَلَ عَلَيْهِ الِانْفِصَالُ فِي الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ) أَيْ وَخَوْفًا مِنْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَهَذَا مُضِرٌّ فَإِذَا

كَوَارِثِهِ) أَيْ كَمَا يَحْلِفُ وَارِثُ الصَّبِيِّ الْبَالِغِ إنْ مَاتَ الصَّبِيُّ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَإِذَا حَلَفَ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ أَوْ وَارِثُهُ إنْ مَاتَ اسْتَحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ أَخَذَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ أَخَذَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ أَخَذَهُ الصَّبِيُّ مِلْكًا اتِّفَاقًا وَلَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ كَوَارِثِهِ قَبْلَهُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْوَارِثُ الْبَالِغُ (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (أَوَّلًا) حِينَ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ بِأَنْ ادَّعَيَا مَعًا عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ وَأَقَامَا عَلَيْهِ شَاهِدًا فَنَكَلَ الْكَبِيرُ وَسَقَطَ حَقُّهُ وَاسْتُؤْنِيَ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ (فَفِي حَلِفِهِ) أَيْ وَارِثِهِ الْكَبِيرِ النَّاكِلِ أَوَّلًا (قَوْلَانِ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ قِيلَ يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ نَصِيبَ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ حِصَّتِهِ هُوَ وَقَدْ يَكُونُ وَرِعًا فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْيَمِينِ لِأَجْلِ اسْتِحْقَاقِهِ نَصِيبَ مُوَرِّثِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ نَصِيبَ مُوَرِّثِهِ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ وَقِيلَ لَا لِسَرَيَانِ نُكُولِهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (وَإِنْ نَكَلَ) الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ وَارِثُهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ (اُكْتُفِيَ بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى) وَلَا تُعَادُ عَلَيْهِ ثَانِيَةً ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِمَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ (ثُمَّ أَتَى) الْمُدَّعِي (بِآخَرَ) (فَلَا ضَمَّ) أَيْ لَا يُضَمُّ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ (وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الطَّالِبِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الشَّاهِدِ الثَّانِي وَيَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ بِشَهَادَةِ الثَّانِي مَا يُحَقِّقُ دَعْوَاهُ وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْيَمِينِ وَعَدَمِ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ مَعَ الْأَوَّلِ سَقَطَ حَقُّهُ قَوْلَانِ (وَ) عَلَى الْقَوْلِ بِالْحَلِفِ مَعَهُ فَفِي (تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ) ثَانِيًا (إنْ لَمْ يَحْلِفْ) الطَّالِبُ مَعَ الثَّانِي بِأَنْ نَكَلَ مَعَهُ كَمَا نَكَلَ أَوَّلًا لِأَنَّ حَلِفَ الْمَطْلُوبِ أَوَّلًا كَانَ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ فَيَحْتَاجُ لِيَمِينٍ أُخْرَى لِرَدِّ شَهَادَةِ الثَّانِي وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَصَلَ التَّسْجِيلُ وَتَغَيَّرَ حَالُهُ عَنْ الْعَدَالَةِ بَعْدَهُ فَلَا يَضُرُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِسْقَهُ بَعْدَ الْإِسْجَالِ بِمَنْزِلَةِ طُرُوُّ فِسْقِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَلَا يُعَارِضُ مَا سَبَقَ لَلْمُصَنِّفِ أَنَّ طُرُوَّ الْفِسْقِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ مُضِرٌّ. (قَوْلُهُ كَوَارِثِهِ قَبْلَهُ) تَشْبِيهٌ فِي الْحَلِفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ أَيْ كَمَا أَنَّ وَارِثَ الصَّبِيِّ يَحْلِفُ الْآنَ وَيَسْتَحِقُّ إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْجُوِّ الْإِفَاقَةِ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ وَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَيَسْتَحِقُّ وَلَا حَقَّ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا لِلْوَارِثِ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورِينَ وَمَحَلُّ رَدِّهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مَا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ أَوَّلًا وَإِلَّا فَلَا تُعَادُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ مَرْجُوَّ الْإِفَاقَةِ انْتَظَرَ وَلَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيُوضَعُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ أَمِينٍ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ) أَيْ عِنْدَ إقَامَةِ الصَّبِيِّ الشَّاهِدَ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ الصَّبِيُّ) أَيْ مِنْ الْآنَ مِلْكًا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَةِ وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثُ الصَّغِيرِ نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ الْيَمِينِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ بِحَقٍّ لِصَغِيرٍ وَأَخِيهِ الْكَبِيرِ فَنَكَلَ الْكَبِيرُ وَاسْتُؤْنِيَ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ الْكَبِيرُ فَفِي حَلِفِ الْكَبِيرِ لِيَسْتَحِقَّ نَصِيبَ أَخِيهِ الصَّغِيرِ الَّذِي وَرِثَهُ مِنْهُ وَعَدَمِ حَلِفِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ) فِي هَذَا إشَارَةٌ لِلتَّوَرُّكِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِتَرَدُّدٍ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا الْتَزَمَ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِالتَّرَدُّدِ كَانَ إشَارَةً لِذَلِكَ لَا أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ خِلَافٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ يُعَبِّرُ بِتَرَدُّدٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ نَصِيبَ مُوَرِّثِهِ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ) هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَرْسَلَهُ لَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْكَبِيرَ إذَا حَلَفَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى وَقَعَتْ عَلَى جَمِيعِ الْحَقِّ طِبْقَ الشَّهَادَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِسَرَيَانِ نُكُولِهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يَأْخُذُ حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ النَّاكِلُ أَوَّلًا عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ وَوَرِثَهُ ابْنُ أَخِيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ حِصَّةَ عَمِّهِ الصَّغِيرِ فَقَطْ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكُلْ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَمَّا حِصَّةُ أَبِيهِ السَّاقِطَةُ بِنُكُولِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهَا لِابْنِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ سَقَطَ بِسَبَبِ النُّكُولِ فَلَا يُوَرَّثُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى بِحَقٍّ مَالِيٍّ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ إقَامَةِ الْمُدَّعِي شَاهِدًا فِي نَحْوِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ ثُمَّ أَتَى الطَّالِبُ بِأُخْرَى فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لَهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا فَقَطْ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَرَى ثُبُوتَهُ بِذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا فِي حَقٍّ مَالِيٍّ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى ثُبُوتَهُ بِهِ وَبِيَمِينٍ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَإِنَّهُ يَضُمُّهُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ وُجِدَ ثَانِيًا أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ بِسَبَبِ نُكُولِ الْمُدَّعِي مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ وَحَلِفِ الْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ وَإِذَا لَمْ يَضُمَّهُ لِلْأَوَّلِ وَأَرَادَ الْحَلِفَ مَعَ الثَّانِي فَإِنَّ فِي حَلِفِهِ مَعَهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ وَعَدَمِ حَلِفِهِ قَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي المج

لَوْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ اسْتَحَقَّ الطَّالِبُ الْحَقَّ وَعَدَمَ تَحْلِيفِهِ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَوَّلًا وَبَرِئَ مِنْ الْحَقِّ (قَوْلَانِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ لَاسْتَحَقَّ بِخِلَافِ الثَّانِي (وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ) أَيْ أَوْ كُلٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَمَثَّلَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (كَشَاهِدٍ) أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى إنْسَانٍ (بِوَقْفٍ) لِدَارٍ مَثَلًا (عَلَى بَنِيهِ) أَيْ بَنِي الْوَاقِفِ أَوْ بَنِي زَيْدٍ (وَعَقِبَهُمْ) بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْبَنِينَ وَالْعَقِبِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْوَاوِ فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ الْعَقِبِ مُتَيَسِّرَةُ مِنْ الْبَنِينَ وَمَثَّلَ لِلثَّانِي الْمَحْذُوفِ مِنْ كَلَامِهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) شَاهِدٌ بِوَقْفٍ كَدَارٍ (عَلَى الْفُقَرَاءِ) فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ جَمِيعِهِمْ (حَلَفَ) مَنْ يُخَاطَبُ بِالْيَمِينِ وَهُوَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ حَلَفَ الْمَوْجُودُ مَعَ الشَّاهِدِ ثَبَتَ الْوَقْفُ وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الْمَوْجُودِينَ دُونَ بَعْضٍ ثَبَتَ نَصِيبُ مَنْ حَلَفَ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ بَطَلَ الْوَقْفُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ (فَحَبْسٌ) بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَفُرِّعَ عَلَى الْأُولَى فَقَطْ لَكِنْ فِي خُصُوصِ مَا إذَا حَلَفَ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ قَوْلُهُ (فَإِنْ مَاتَ) الْحَالِفُ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّاكِلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لَوْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ الَّتِي لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ الطَّالِبُ الْحَقَّ) أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَوَّلًا) أَيْ لِرَدِّ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ لِلطَّالِبِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الثَّانِي وَيَسْتَحِقَّ (قَوْلُهُ لَوْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ لَاسْتَحَقَّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي أَيْ وَهُوَ أَنَّ الطَّالِبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ مَعَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ سَقَطَ حَقُّهُ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ أَتَى الطَّالِبُ بَعْدَ حَلِفِ الْمَطْلُوبِ بِشَاهِدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَلَا قِيَامَ لَهُ بِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَذْكُورَيْنِ الْأَوَّلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَلَّفَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا لَمْ تُسْمَعْ إذَا أَقَامَهَا وَهَذَا لَا يُخَالِفُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا حَلَّفَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالشَّاهِدَيْنِ أَوْ كَانَا عَلَى أَبْعَدَ مِنْ كَالْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضِ) أَيْ يَمِينُ بَعْضِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ أَوْ كُلِّهِمْ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ أَوْ مَعَ مَا عَطَفْت لِدَلِيلٍ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى إنْسَانٍ) أَيْ شَهِدَا أَوْ أُشْهِدَتَا عَلَى إنْسَانٍ. (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ التَّرَدُّدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ وَعَقَّبَهُمْ فِعْلًا مَاضِيًا مُضَعَّفًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ الْعَقِبِ) أَيْ وَهُمْ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْوَقْفِ (قَوْلُهُ الْمَحْذُوفِ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ كُلٌّ (قَوْلُهُ أَوْ شَاهِدٍ) أَيْ أَوْ امْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ لِمَا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمُسْتَحِقِّ الَّذِي يَحْلِفُهَا وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ رَجَعَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَى وَقْفِيَّتِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فَإِنْ نَكَلَ فَحَبْسٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَحَبْسٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي مَسْأَلَةَ الْفُقَرَاءِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّهُ تَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عَدَمُ حَلِفِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ طَالِبِهِ وَبُطْلَانِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَالْمَازِرِيَّ لَمَّا ذَكَرَا حَلِفَهُ جَعَلُوهُ كَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ يُحْبَسُ وَإِنْ طَالَ دِينَ وَلَا يَلْزَمُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَحَبْسٌ لَا مُسْتَنِدَ لَهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الْمَوْجُودِينَ) أَيْ وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ الْبَعْضِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ نَصِيبُهُ بَلْ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ حَلَفَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ بَطَلَ الْوَقْفُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَكَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ دُونَ نَصِيبِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ أَيْ فَإِنَّ وَقْفِيَّتَهُ بَاطِلَةٌ وَيَكُونُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ حَلَفَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَقْفَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا يَبْطُلُ بِحَلِفِ الْمَطْلُوبِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَا كَلَامَ لَهُمْ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَخْذَ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مِنْ آبَائِهِمْ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ أَخْذَهُمْ بِعَقْدِ التَّحْبِيسِ مِنْ الْوَاقِفِ لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مِنْ آبَائِهِمْ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ عُرِضَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَنَكَلُوا كُلُّهُمْ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ الْبَطْنُ الثَّانِي فَمَنْ قَالَ أَخْذُ الْبَطْنِ الثَّانِي كَأَخْذِ الْإِرْثِ مِنْ آبَائِهِمْ لَمْ يُمَكَّنُوا مِنْ الْحَلِفِ لِبُطْلَانِ حَقِّهِمْ بِنُكُولِ آبَائِهِمْ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ أَنَّ أَخْذَهُمْ إنَّمَا هُوَ بِعَقْدِ التَّحْبِيسِ مِنْ الْمُحْبَسِ يُمَكَّنُونَ مِنْ الْيَمِينِ وَلَا يَضُرُّهُمْ نُكُولُ آبَائِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِنُكُولِ الْمَوْجُودِينَ بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَهَلْ تُمَكَّنُ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُ بِيَمِينٍ أَوْ لَا تُمَكَّنُ مِنْهُ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ فَالْمُدَّعَى بِهِ حَبْسٌ وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَحَبْسٌ

(فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ جِنْسِ مُسْتَحِقِّهِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِينَ) وَهُمْ طَبَقَةُ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ (أَوْ) أَهْلِ (الْبَطْنِ الثَّانِي) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بَقِيَّةِ أَيْ هَلْ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ أَهْلُ طَبَقَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ النَّاكِلِينَ لِأَنَّ نُكُولَهُمْ عَنْ الْحَلِفِ أَوْ لَا عَنْ نَصِيبِهِمْ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُمْ نَصِيبَ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ أَوْ يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي لِبُطْلَانِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِنُكُولِهِمْ وَأَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا تَلْقَوْهُ عَنْ جَدِّهِمْ الْمُحْبَسِ فَلَا يَضُرُّهُمْ نُكُولُ أَبِيهِمْ إنْ كَانَ أَبُوهُمْ هُوَ النَّاكِلُ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الثَّانِي وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ غَيْرُ وَلَدِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ يَأْخُذُ بِالْوِرَاثَةِ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَبَدَأَ بِذِكْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لِشَبَهِهَا لَهُ لِكَوْنِهَا نَقْلًا لِحُكْمِهِ فَقَالَ (وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى حَاكِمٍ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي) أَوْ حَكَمْت بِكَذَا (إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) لَهُمَا بِأَنْ قَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَى حُكْمِي وَسَوَاءٌ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ أَوْ الْعَامَّةِ كَثُبُوتِ رَمَضَانَ (كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ شَهَادَةِ النَّقْلِ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى حَاكِمٍ أَيْ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى شَاهِدٍ بِحَقٍّ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ وَبِمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (رَآهُ يُؤَدِّيهَا) عِنْدَ قَاضٍ فَيَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ إذْ سَمَاعُهُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَاضٍ مُنَزَّلٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الشَّاهِدُ الْأَصْلِيُّ يَقُولُ لِآخَرَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخَاطَبُ أَوْ غَيْرَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَقْلَ النَّقْلِ إذْ قَوْلُهُ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَلَوْ تَسَلْسَلَ ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ النَّقْلِ بِقَوْلِهِ (إنْ غَابَ الْأَصْلُ) الْمَنْقُولُ عَنْهُ (وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ (رَجُلٌ) فَالْأُنْثَى يُنْقَلُ عَنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَإِلَّا يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَ نُكُولِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَحَبْسٌ أَيْ فَالْمُتَنَازَعُ فِيهِ حَبْسٌ فِي الْفَرْعَيْنِ وَبِهَذَا حَلَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ مُسْتَحِقِّ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ أَيْ جِنْسَ مُسْتَحِقِّهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ جِنْسِيَّةٌ فَتُصَدَّقُ بِمُتَعَدِّدٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا لِدَفْعِ مَا يُقَالُ إنَّ مُسْتَحِقَّهُ مُفْرَدٌ فَكَيْفَ يُبَيِّنُهُ بِمُتَعَدِّدٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُسْتَحِقِّيهِ (قَوْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ بَقِيَّةٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْئًا إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْئًا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ النَّاكِلِينَ اتِّفَاقًا وَجَعَلَ الشَّارِحُ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ مَوْتَ الْبَعْضِ الْحَالِفِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّاكِلُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا مَاتَ بَعْضُ مَنْ حَلَفَ وَبَقِيَ مِنْهُمْ بَعْضٌ مَعَ النَّاكِلِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنَّاكِلِينَ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ بَقِيَّةُ الْحَالِفِينَ وَهَلْ يَحْلِفُونَ أَيْضًا أَوْ لَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُمْ بِعَقْدِ الْحَبْسِ عَنْ الْوَاقِفِ أَوْ أَخْذَهُمْ كَالْمِيرَاثِ عَنْ الْمَيِّتِ وَهَذَا أَحَدُ تَقَرُّرَيْنِ ذَكَرَهُمَا عج وَالثَّانِي يَجْعَلُ التَّرَدُّدَ جَارِيًا فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقِيلَ إنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَنْ حَلَفَ وَمَنْ نَكَلَ وَقِيلَ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي خَاصَّةً. (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ بِعَقْدِ الْحَبْسِ عَنْ الْوَاقِفِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَقِيلَ إنَّ أَخْذَ الْمُسْتَحِقِّ كَالْمِيرَاثِ عَنْ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَحِقَّ يَمِينٌ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي بَقِيَّةِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَفِي أَهْلِ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ ابْنُ الْوَاقِفِ وَغَيْرُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ يَأْخُذُهُ بِالْوِرَاثَةِ عَنْ أَبِيهِ) أَيْ وَحِصَّةُ أَبِيهِ قَدْ ثَبَتَتْ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (قَوْلُهُ لِشَبَهِهَا لَهُ) أَيْ لِشَبَهِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهَا أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ نَقْلًا لِحُكْمِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي) أَيْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ هِلَالُ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ أَيْ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالْعَامَّةِ كَالثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ حَكَمْت بِكَذَا) أَيْ بِطَلَاقِ زَوْجَةِ فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) أَيْ فَإِنْ أَشْهَدَهُمَا جَازَ لَهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِشْهَادُ تَعْدِيلًا مِنْهُ لِلشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُمَا وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْهُمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ لِاحْتِمَالِ تَسَاهُلِهِ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ كَذَا أَوْ حَكَمَ بِكَذَا فَإِذَا شَهِدَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَهُمَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةً (قَوْلُهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) هَذَا هُوَ الْمَحْذُوفُ الَّذِي مَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَشَهِدَ عَلَى شَهَادَتِي خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُمَثَّلَ لَهُ شَاهِدٌ لِأَنَّهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى حَاكِمٍ. (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِشْهَادٍ مِنْهُ أَيْ إلَّا إذَا حَصَلَ إشْهَادٌ مِنْهُ أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا رَآهُ يُخْبِرُ بِهَا غَيْرَ قَاضٍ فَلَا يُنْقَلُ عَنْهُ وَلَا يُقْبَلُ نَقْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشُّهُودِ وَهِيَ شَهَادَةُ النَّقْلِ تَجُوزُ فِي الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَلَاءِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا أَفَادَهُ بْن (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) قَالَ الْمَوَّاقُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ سَمِعَهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ سَمِعَهُ يُشْهِدُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَقْلَ النَّقْلِ إلَخْ)

وَلَوْ حَاضِرَةً (بِمَكَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَابَ (لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْهُ) وَهُوَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ (وَلَا يَكْفِي) فِي النَّقْلِ عَنْ الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ (فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ) فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَقِيلَ يَكْفِي مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْأَمْوَالِ وَعَطَفَ عَلَى غَابَ قَوْلَهُ (أَوْ مَاتَ) الْأَصْلُ (أَوْ مَرِضَ) مَرَضًا يَتَعَسَّرُ مَعَهُ الْحُضُورُ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ (وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ) لِلْمَنْقُولِ عَنْهُ (أَوْ عَدَاوَةٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ زَالَ الْفِسْقُ عَنْ الْأَصْلِ فَهَلْ يُنْقَلُ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ ثَانٍ خِلَافٌ (بِخِلَافِ) طُرُوُّ (جَنٍّ) أَيْ جُنُونٍ لِلْأَصْلِ بَعْدَ تَحَمُّلِ الْأَدَاءِ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ (وَلَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ النَّاقِلُ (أَصْلُهُ) فَإِنْ كَذَّبَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَشَكِّهِ فِي أَصْلِ شَهَادَتِهِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ (قَبْلَ الْحُكْمِ) رَاجِعٌ لِلْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَالْمُضِرُّ طُرُوُّ الْفِسْقِ وَالْعَدَاوَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَذَّبَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ (مَضَى) الْحُكْمُ وَلَا يُنْقَضُ (بِلَا غُرْمٍ) عَلَى النَّاقِلِ وَلَا عَلَى الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ بِكَذِبِهِ وَالْحُكْمُ صَدَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ فَهَذَا رَاجِعٌ لِلْفَرْعِ الْأَخِيرِ فَقَطْ (وَنَقَلَ) عَطْفٌ عَلَى غَابَ (عَنْ كُلٍّ) أَيْ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ (اثْنَانِ) وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى وَاحِدٍ ثُمَّ عَلَى آخَرَ أَوْ قَالَ الْأَصْلَانِ لَهُمَا مَعًا اشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِنَا وَبِمَا إذَا شَهِدَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ (لَيْسَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ النَّاقِلِينَ (إلَّا) أَدَّى شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ لَزِمَ ثُبُوتُ الْحَقِّ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ إذْ النَّاقِلُ الْمُنْفَرِدُ كَالْعَدَمِ (وَ) نَقَلَ (فِي الزِّنَا أَرْبَعَةً عَنْ كُلٍّ) أَيْ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَرْبَعَةٍ يَنْقُلُونَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَبِسِتَّةَ عَشَرَ يَنْقُلُ كُلُّ أَرْبَعَةٍ مِنْهُمْ عَنْ وَاحِدٍ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ) نَقَلَ أَرْبَعَةٌ (عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ) مِنْ الْأُصُولِ (اثْنَانِ) بِأَنْ يَنْقُلَ اثْنَانِ عَنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَاثْنَانِ آخَرَانِ عَنْ بَكْرٍ وَخَالِدٍ فَلَوْ نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَعَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَعَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ عبق وَلَا يَطْلُبُ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ بِتَارِيخِ النَّقْلِ وَيَجُوزُ النَّقْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ النَّاقِلُ عَدَالَةَ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَتَثْبُتُ عَدَالَةُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ النَّافِلِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَقْتَ قَوْلِهِ لِلنَّاقِلِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ وَقْتَ رُؤْيَته أَدَاءَهَا لَا صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا قَالَ كُلٌّ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَانْتَقَلُوا لِحَالَةِ الْعَدَالَةِ بَعْدَ النَّقْلِ عَنْهُمْ وَمَاتُوا أَوْ غَابُوا فَلَا يَجُوزُ النَّقْلُ عَنْهُمْ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ عَنْهُمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَاضِرَةً) أَيْ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمْوَالًا أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ) أَيْ كَوْنُ مَسَافَةِ الْمَكَانِ الَّذِي غَابَ فِيهِ الشَّاهِدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَهَابًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُنْقَلُ عَنْ الشَّاهِدِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا وَعَلَى مَا لَلْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ بِمُوجِبِ حَدٍّ عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ وَلَمْ يَبْعُدْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ شَهَادَتَهُ إلَى مَنْ يُخَاطِبُ قَاضِي الْمِصْرِ الَّذِي يُرَادُ نَقْلُ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَكْتَفُوا بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ هُنَا وَاكْتَفَوْا بِالْخِطَابِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا اكْتَفَوْا بِالْخِطَابِ لِأَنَّهُ صَادِرٌ مِنْ الْقَاضِي وَتَثِقُ النَّفْسُ بِهِ مَا لَا تَثِقُ بِنَقْلِ الشَّاهِدِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ مَا دُونَ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ إلَخْ) فَإِنْ طَرَأَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْأَدَاءِ أَوْ أَدَّى النَّاقِلُ مَعَ قِيَامِهِ بِالْأَصْلِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ) أَيْ وَأَمَّا طُرُوُّ أَحَدِهِمَا بَعْدَ أَدَائِهَا فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ زَالَ الْفِسْقُ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ فَإِنْ طَرَأَ الْفِسْقُ لِلْأَصْلِ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ) الْأَوْضَحُ بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَحَمُّلِ الْأَدَاءِ عَنْهُ) أَيْ بَعْدَ تَحَمُّلِ النَّاقِلِ الْأَدَاءَ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ حَقِيقَةً) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْت تَكْذِبُ عَلَى مَا أَمَرْتُك أَنْ تَنْقُلَ عَنِّي الشَّهَادَةَ بِكَذَا (قَوْلُهُ كَشَكِّهِ فِي أَصْلِ شَهَادَتِهِ) أَيْ فِي تَحَمُّلِهِ الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ) أَيْ طُرُوُّ الْفِسْقِ وَالْعَدَاوَةِ وَقَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ أَيْ لِأَنَّ الْأَدَاءَ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّهُمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِسْقَ وَالْعَدَاوَةَ الْأَدَاءُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّهُمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا يَضُرُّ طُرُوُّهُمَا قَبْلَ الْأَدَاءِ وَأَمَّا تَكْذِيبُ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ فَمُضِرٌّ إنْ كَانَ قَبْلَ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى آخَرَ) أَيْ فِي مَجْلِسٍ ثَانِي (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الْأَصْلَانِ إلَخْ) أَيْ وَالْمَجْلِسُ مُتَّحِدٌ (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَنْقُلَ عَنْ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَيَنْقُلَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَعَ وَاحِدٍ ثَالِثٍ عَنْ الثَّانِي مِنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَثَمَانِيَةٍ يَنْقُلُ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ عَنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ عَنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَعَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَوَجْهٌ فِيهِ عَدَمُ صِحَّتِهَا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إلَّا حَيْثُ تَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لَوْ حَضَرَ وَالرَّابِعُ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الِاثْنَانِ الْآخَرَانِ لَوْ حَضَرَ

أَوْ نَقَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَوَاحِدٌ عَنْ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَصِحَّ (وَلُفِّقَ نَقْلٌ بِأَصْلٍ) أَيْ جَازَ تَلْفِيقُ شَهَادَةِ نَقْلٍ مَعَ شَهَادَةِ أَصْلٍ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ كَأَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ عَنْ رُؤْيَةِ الزِّنَا وَيَنْقُلَ اثْنَانِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ (وَجَازَ تَزْكِيَةُ نَاقِلِ أَصْلِهِ) الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ لِلنَّاقِلِ عَنْهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ (وَ) جَازَ (نَقْلُ امْرَأَتَيْنِ) عَنْ رَجُلٍ أَوْ عَنْ امْرَأَتَيْنِ (مَعَ رَجُلٍ) نَاقِلٍ مَعَهُمَا عَمَّنْ ذُكِرَ (فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ) وَهُوَ الْأَمْوَالُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا أَوْ مَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ كَالْوِلَادَةِ وَعَيْبِ الْفَرْجِ بِخِلَافِ نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ نَقْلُ النِّسَاءِ ثُمَّ شَرَعَ فِي مَسَائِلِ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ] (وَإِنْ) (قَالَا) بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ (وَهِمْنَا) أَوْ غَلِطْنَا فِي شَهَادَتِنَا بِدَمٍ أَوْ حَقٍّ مَالِيٍّ لَيْسَ الَّذِي شَهِدْنَا عَلَيْهِ هَذَا الشَّخْصُ (بَلْ هُوَ هَذَا) لِشَخْصٍ غَيْرِهِ (سَقَطَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ مَعًا الْأُولَى لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْوَهْمِ وَالثَّانِيَةُ لِاعْتِرَافِهِمَا بِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا حَيْثُ شَهِدَا عَلَى شَكٍّ وَكَذَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فِي الدَّمِ لَا فِي الْمَالِ فَلَا يَسْقُطُ بَلْ يَغْرَمُهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا رُجُوعُهُمْ. . . إلَخْ (وَنُقِضَ) الْحُكْمُ (إنْ ثَبَتَ) بَعْدَهُ (كَذِبُهُمْ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَذَلِكَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْغُرْمُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَمَثَّلَ لِثُبُوتِ كَذِبِهِمْ بِقَوْلِهِ (كَحَيَاةِ مَنْ قُتِلَ) أَيْ مَنْ شُهِدَ بِقَتْلِهِ عَمْدًا أَيْ ظَهَرَتْ حَيَاتُهُ قَبْلَ الْقِصَاصِ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ مَعَ الِاثْنَيْنِ النَّاقِلِينَ عَنْ الثَّلَاثَةِ لِنَقْصِ الْعَدَدِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ عَدَدَ الْفَرْعِ فِيهَا نَاقِصٌ عَنْ عَدَدِ الْأَصْلِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الثَّلَاثَةِ اثْنَانِ فَقَطْ وَالْفَرْعُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَصْلِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَنِيَابَتِهِ مَنَابَهُ هَذَا عَلَى مَا لَلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَلَكِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَسَبَ لِابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازَ كَقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ عَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ أَيْ أَوْ أَدَّى الرَّابِعُ بِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَقَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَاثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ لَكَفَى كَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ بْن. (تَنْبِيهٌ) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ النَّقْلِ فِي الزِّنَا أَنْ يَقُولَ شُهُودُ الزِّنَا لِمَنْ يَنْقُلُ عَنْهُمْ اشْهَدُوا عَنَّا أَنَّنَا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي وَهُوَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَلَا يَجِبُ الِاجْتِمَاعُ فِي وَقْتِ تَحَمُّلِ النَّقْلِ وَلَا تَفْرِيقُ النَّاقِلِينَ وَقْتَ شَهَادَتِهِمْ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ الْأُصُولِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ عَلَى رُؤْيَةِ الزِّنَا إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ بِالرُّؤْيَةِ وَيَنْقُلَ اثْنَانِ عَنْ الرَّابِعِ وَمَحَلُّ جَوَازِ التَّلْفِيقِ إذَا كَانَ النَّقْلُ صَحِيحًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمِثَالَيْنِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَشَهِدَ الرَّابِعُ بِنَفْسِهِ فَلَا تُلَفَّقُ شَهَادَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ وَجَازَ تَزْكِيَةُ نَاقِلِ أَصْلِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُزَكِّيَ الشَّاهِدَ الْأَصْلِيَّ بَعْدَ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ شَهَادَتَهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ لِلتُّهْمَةِ فِي تَرْوِيجِ نَقْلِهِ لِأَنَّهُ خَفَّفَ فِي شَهَادَةِ النَّقْلَ مَا لَمْ يُخَفِّفْ فِي الشَّهَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ) أَيْ بِالرَّاحَةِ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ مَعَهُمَا) مَفْهُومُهُ عَدَمُ صِحَّةِ نَقْلِهِمَا فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ لَا مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ مَعَهُمَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رَجُلٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ مَعَهُمَا رَجُلٌ أَصْلِيٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ نَقْلَ الْمَرْأَتَيْنِ فَقَطْ لَا يُجْتَزَى بِهِ وَلَوْ كَانَ فِيمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ اسْتِقْلَالًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ يَمِينٍ أَوْ رَجُلٍ وَهُوَ الْمَالُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَكَذَا مَا يَخْتَصُّ بِشَهَادَتِهِنَّ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَعَيْبِ الْفَرْجِ يَجُوزُ نَقْلُ النِّسَاءِ فِيهِ إذَا تَعَدَّدْنَ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ مَعَهُنَّ سَوَاءٌ نَقَلْنَ عَنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَإِنْ نَقَلْنَ لَا مَعَ رَجُلٍ أَصْلًا أَوْ مَعَ رَجُلٍ أَصْلِيٍّ لَمْ يُقْبَلْ النَّقْلُ وَلَوْ كَثُرْنَ جِدًّا وَمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ أَصْلًا لَا يُقْبَلُ فِيهِ نَقْلُهُنَّ سَوَاءٌ كُنَّ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ أَوْ انْفَرَدْنَ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ نَقْلُ النِّسَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ انْفَرَدْنَ أَوْ كُنَّ مَعَ رَجُلٍ (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَهْمِ) أَيْ الْغَلَطِ (قَوْلُهُ حَيْثُ شَهِدَا) أَيْ أَوَّلًا عَلَى شَكٍّ. (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَ الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ إذَا قَالَا وَهِمْنَا أَوْ غَلِطْنَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ فِي دَمٍ أَيْ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِدَمٍ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا رُجُوعُهُمْ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا فِي الْمَالِ) فَلَا يَسْقُطُ بَلْ يَغْرَمُهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا هَذَا مَا فِي الْجَلَّابِ وَالْمَعُونَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا حَيْثُ قَالَا وَهِمْنَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ) أَيْ نَقْضُهُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ أَيْ وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْغُرْمُ أَيْ غُرْمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ أَوْ الْمَالَ وَلَا يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ

(أَوْجَبَهُ قَبْلَ) وَقْتِ (الزِّنَا) الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ رَجْمُهُ نُقِضَ الْحُكْمُ فَلَا يُرْجَمُ وَإِلَّا فَالْغُرْمُ كَمَا يَأْتِي (لَا رُجُوعُهُمْ) عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يُنْقَضُ لَهُ الْحُكْمُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَكَذَا قَبْلَهُ فِي الْمَالِ قَطْعًا وَفِي الدَّمِ قَوْلَانِ (وَغَرِمَا) إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (مَالًا) أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَوْ قَالَا غَلِطْنَا لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (وَدِيَةً) إذَا شَهِدَا بِقَتْلٍ (وَلَوْ) (تَعَمَّدَا) الزُّورَ فِي شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّهُمَا قَتَلَا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَيَجُوزُ قِرَاءَةُ تَعَمَّدَا فِعْلًا مَاضِيًا وَمَصْدَرًا مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوجَعَانِ ضَرْبًا وَيُطَالُ سَجْنُهُمَا وَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِمَا (وَ) لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ اخْتَصَّ شُهُودُ الزِّنَا بِالْغُرْمِ (لَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ فِي الْغُرْمِ) أَيْ غُرْمِ الدِّيَةِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مُنْفَرِدَةٌ لَمَّا كَانَتْ لَا تُوجِبُ حَدًّا صَارَتْ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا (كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي) عَنْ تَزْكِيَتِهِ لَا يُوجِبُ الْغُرْمَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْغُرْمُ عَلَى الشَّاهِدِ إنْ رَجَعَ (وَأُدِّبَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ (فِي كَقَذْفٍ) شَهِدَا بِهِ وَحُدَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَدَخَلَ بِالْكَافِ الشَّتْمُ وَاللَّطْمُ وَضَرْبُ السَّوْطِ (وَحُدَّ شُهُودُ الزِّنَا) الرَّاجِعُونَ حَدَّ الْقَذْفِ (مُطْلَقًا) أَيْ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ بِجَلْدٍ أَوْ رَجْمٍ مَعَ الْغُرْمِ فِي الرَّجْمِ كَمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْجَبَهُ) أَيْ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَثَبَتَ قَبْلَ الرَّجْمِ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ قَبْلَ الزِّنَا الَّذِي شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ بِرَجْمِهِ وَلَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ إذْ لَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا بِالزِّنَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْغُرْمُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رُجِمَ فَالْغُرْمُ (قَوْلُهُ لَا رُجُوعُهُمْ) أَيْ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِرُجُوعِهِمْ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدُهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي نَقْضُ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي عِتْقٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْعِتْقِ وَالدَّيْنِ وَالْعَقْلِ فِي الْقِصَاصِ فِي أَمْوَالِهِمَا اهـ فَظَاهِرُهُ كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إذَا كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَرِمَا مَا لَا يَشْمَلُ مَا إذَا شَهِدَا بِوَفَاءِ حَقٍّ لِمُسْتَحِقِّهِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَا لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَإِنْ أَعْدَمَا فَهَلْ يَرْجِعُ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ عَلَى مَنْ شَهِدَا لَهُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَيْهِ إنْ غَرِمَا فِي مُلَائِهِمَا أَوْ لَا يَرْجِعُ بَلْ يَنْتَظِرُ يُسْرَهُمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ الزُّورَ) الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَدِيَةً فَقَطْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ إذْ الْعَمْدُ فِي الْمَالِ أَحْرَى بِالْغُرْمِ فَلَا يُبَالَغُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا بِالْغُرْمِ وَعَدَمِهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيهِ مِنْ الْغُرْمِ خِلَافُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ وَهِمْنَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَلَا يُسْتَوْفَى لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى تَغْرِيمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ وَإِنَّمَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُنْقَضُ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ الْمَالَ وَالدِّيَةَ اتِّفَاقًا وَلَا يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي الْمَالِ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ اتِّفَاقًا وَيَغْرَمَانِ الْمَالَ الَّذِي رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِهِ وَفِي الدَّمِ قِيلَ إنَّهُ يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا غُرْمَ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقِيلَ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَمَّدَا الزُّورَ ابْتِدَاءً أَمْ لَا وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدَا الزُّورَ وَيُقْتَصَّ مِنْهُمَا إنْ تَعَمَّدَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَلَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ) الضَّمِيرُ الْمَفْعُولُ فِي يُشَارِكُهُمْ يَعُودُ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا الْمَفْهُومِينَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْجَبَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ لِتَوَقُّفِ الرَّجْمِ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ السِّتَّةُ يَسْتَوُونَ فِي الْغُرْمِ أَوْ عَلَى شَاهِدِي الْإِحْصَانِ نِصْفُهَا لِأَنَّ الشُّهُودَ نَوْعَانِ فَيَكُونُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ نِصْفُهَا قَوْلَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا) أَيْ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ مُنْفَرِدَةٌ تُوجِبُ حَدَّ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي) أَيْ لِلْأَرْبَعَةِ مَعَ رُجُوعِهِمْ أَيْضًا بَعْدَ الرَّجْمِ فَلَا يُشَارِكُهُمْ الْمُزَكِّي فِي الْغُرْمِ بَلْ يَخْتَصُّونَ بِهِ دُونَهُ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِ بِالزِّنَا وَإِنْ تَوَقَّفَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى تَزْكِيَتِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِي رُجُوعَ الْمُزَكِّي خِلَافَ أَشْهَبَ الْمَذْكُورِ فِي شُهُودِ الْإِحْصَانِ وَلَعَلَّهُ يَتَخَرَّجُ هُنَا بِالْأَحْرَى مِنْ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ دُونَ الْمُزَكِّي بِخِلَافِ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا الْجَلْدُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِالْكِتَابِ الشَّتْمُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانًا شَتَمَ فُلَانًا أَوْ لَطَمَهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِكَفِّهِ أَوْ بِالسَّوْطِ وَعُزِّرَ

(كَرُجُوعِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ) فِي الزِّنَا (قَبْلَ الْحُكْمِ) فِيهِ فَيُحَدُّ الْأَرْبَعَةُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكْمُلْ (وَإِنْ رَجَعَ) أَحَدُهُمْ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ) لِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَذْفِ وَيُسْتَوْفَى مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَيُحَدُّ الْجَمِيعُ (وَإِنْ) (رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ) بَعْدَ الْحُكْمِ (فَلَا غُرْمَ وَلَا حَدَّ) عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ بِالْأَرْبَعَةِ وَصَارَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ عَفِيفٍ نَعَمْ يُؤَدَّبَانِ بِالِاجْتِهَادِ (إلَّا إنْ) (تَبَيَّنَ) بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَرُجُوعِ الِاثْنَيْنِ (أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ) الْبَاقِينَ (عَبْدٌ) أَوْ كَافِرٌ (فَيُحَدُّ الرَّاجِعَانِ) حَدَّ الْقَذْفِ (وَالْعَبْدُ) نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَتِمَّ وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ وَلَا غَرَامَةَ لِأَنَّهُ قَدْ شَهِدَ مَعَهُمْ اثْنَانِ وَلَا عِبْرَةَ فِي حَقِّهِمْ بِرُجُوعِهِمَا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مَعْمُولٌ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا لَا يُنْقَضُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَيُحَدُّوا كَمَا مَرَّ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا عِبْرَةَ بِهَا فَهِيَ عُدْمٌ شَرْعًا فَلَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُهُ (وَغَرِمَا) أَيْ الرَّاجِعَانِ (فَقَطْ) دُونَ الْعَبْدِ (رُبْعَ الدِّيَةِ) لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَوْ كَثُرَ فِي حُكْمِ الْوَاحِدِ بَقِيَّةُ النِّصَابِ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ لِأَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ (ثُمَّ إنْ رَجَعَ) بَعْدَ رُجُوعِ الِاثْنَيْنِ (ثَالِثٌ) مِنْ السِّتَّةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ عَبْدٌ بِدَلِيلِ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا الْأَدَبُ فَقَطْ بِلَا غُرْمٍ إذْ لَمْ يُتْلِفَا مَالًا وَلَا نَفْسًا بِشَهَادَتِهِمَا وَمَحَلُّ أَدَبِهِمَا فِي رُجُوعِهِمَا فِي كَقَذْفٍ حَيْثُ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمَا تَعَمُّدًا فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمَا فَلَا أَدَبَ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَذِبُهُمَا كَانَ تَعَمُّدًا أَوْ اشْتِبَاهًا فَقَوْلَانِ بِتَأْدِيبِهِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ فَرَضَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَدَبًا فِي كَقَذْفٍ فِيمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ كَمَا هُوَ نَقْلُ الْمَوَّاقُ عَنْ سَحْنُونٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَوْ رَجَعَا قَبْلَهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِكَوْنِ الِاسْتِيفَاءِ مُسْتَنِدًا لِشَهَادَتِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَمَتَى حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ أُدِّبَا سَوَاءٌ رَجَعَا بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ كَرُجُوعٍ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي حَدِّ الْجَمِيعِ لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ بَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ رُجُوعَهُ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَفِي هَذِهِ يُحَدُّ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَيَشْمَلُ رُجُوعَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَفِي هَذِهِ خِلَافٌ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فَقِيلَ يُحَدُّوا كُلُّهُمْ وَقِيلَ يُحَدُّ الرَّاجِعُ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ لِيُوجِبَ الْحَدَّ عَلَى مَنْ شَهِدَ مَعَهُ لَكِنْ الْأَوَّلُ وَهُوَ حَدُّ الْجَمِيعِ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ حُدُّوا كُلُّهُمْ وَبَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ اهـ بْن فَقَوْلُهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ قَصْرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَذْفِ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ فَالْحُكْمُ تَامٌّ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَوْفِي مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِلْحُكْمِ أَيْ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جَلْدٍ أَوْ رَجْمٍ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إلَخْ) أَيْ إنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَيُحَدُّ الْجَمِيعُ أَيْ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ وَمِثْلُ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ الْفَاسِقُ فَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَنَّ أَحَدَهُمْ فَاسِقٌ حُدَّ الْجَمِيعُ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَهُ أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُنْقَضُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فَاسِقٌ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ بِاجْتِهَادِ الْقَاضِي فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَهُمْ زَوْجٌ حُدَّ الْجَمِيعُ وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الزَّوْجِ اللِّعَانُ فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي الْبَدْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ) أَيْ وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَصَارَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ عَفِيفٍ) أَيْ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ فَصَارَ الرَّاجِعَانِ قَاذِفَيْنِ غَيْرَ عَفِيفٍ وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفَةٍ. (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ) أَيْ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ عَفِيفٍ لَمْ تَتِمَّ وَحِينَئِذٍ فَعِفَّتُهُ بَاقِيَةٌ فَلِذَا حُدَّ الرَّاجِعَانِ وَالْعَبْدُ (قَوْلُهُ وَلَا غُرْمَ) أَيْ إذَا مَاتَ بِالرَّجْمِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ شَهِدَ مَعَهُمْ اثْنَانِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ حُدَّ الْجَمِيعُ وَهُنَا جُعِلَ الْحَدُّ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعِينَ فَقَطْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُهُ فَبَطَلَتْ شَهَادَةُ الْجَمِيعِ فَلِذَا حُدُّوا بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ بَقِيَ خَمْسَةٌ غَيْرُهُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّاجِعِينَ مَعْمُولٌ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا لَا يُنْقَضُ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ) أَيْ فَلِذَا لَمْ يَغْرَمْ وَالْأَوْلَى وَالْعَبْدُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ لِرِقِّهِ فَلِذَا لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ رَجَعَ ثَالِثٌ) أَيْ بَعْدَ رُجُوعِ اثْنَيْنِ مِنْ سِتَّةٍ شَهِدُوا بِزِنَا شَخْصٍ وَرُجِمَ

فَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا (حُدَّ هُوَ وَالسَّابِقَانِ) حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْبَاقِينَ ثَلَاثَةٌ فَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ (وَغَرِمُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ (رُبْعَ الدِّيَةِ) أَثْلَاثًا بِالسَّوِيَّةِ (وَ) إنْ رَجَعَ (رَابِعٌ) أَيْضًا (فَنِصْفُهَا) أَرْبَاعًا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ مَعَ حَدِّ الرَّابِعِ أَيْضًا وَخَامِسٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا وَسَادِسٌ فَجَمِيعُهَا أَسْدَاسًا (وَإِنْ) (رَجَعَ سَادِسٌ) مِنْ سِتَّةٍ شَهِدُوا بِزِنَا مُحْصَنٍ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ بِرَجْمِهِ (بَعْدَ فَقْءِ عَيْنِهِ) بِالرَّجْمِ (وَ) رَجَعَ (خَامِسٌ بَعْدَ مُوضِحَتِهِ وَ) رَجَعَ (رَابِعٌ بَعْدَ مَوْتِهِ) (فَعَلَى الثَّانِي) وَهُوَ الْخَامِسُ (خُمْسُ) دِيَةِ (الْمُوضِحَةِ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِشَهَادَةِ خَمْسَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ (مَعَ سُدُسِ) دِيَةِ (الْعَيْنِ كَالْأَوَّلِ) عَلَيْهِ سُدُسُ دِيَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ (وَعَلَى) الرَّاجِعِ (الثَّالِثِ) وَهُوَ الرَّابِعُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي (رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ) لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ (فَقَطْ) أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةِ الْعَيْنِ وَالْمُوضِحَةِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي النَّفْسِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْغُرْمَ عَلَى السَّادِسِ وَالْخَامِسِ إلَّا رُجُوعُ هَذَا الرَّابِعِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ لَمْ يَغْرَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ وَهَذَا الْفَرْعُ عَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُسْتَوْفَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الرَّاجِعِينَ رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ دُونَ الْعَيْنِ وَالْمُوضِحَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَتْلٌ بِشَهَادَةِ السِّتَّةِ وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ تَنْدَرِجُ فِيهَا (وَمُكِّنَ) (مُدَّعٍ) عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (رُجُوعًا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ (مِنْ) إقَامَةِ (بَيِّنَةٍ) عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا رَجَعَا فَيَغْرَمَانِ لَهُ مَا غَرِمَهُ بِشَهَادَتِهِمَا كَإِذَا أَقَرَّا بِالرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ بِفَائِدَةِ تَمْكِينِهِ مِنْ إقَامَتِهَا تَغْرِيمُهُمَا لَهُ مَا غَرِمَهُ وَسَوَاءٌ أَتَى بِلَطْخٍ أَمْ لَا (كَيَمِينٍ) أَيْ كَمَا يُمَكَّنُ مِنْ يَمِينِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي ادَّعَى عَلَيْهَا الرُّجُوعَ فَأَنْكَرَتْهُ فَطَلَبَ مِنْهَا الْيَمِينَ أَنَّهَا لَمْ تَرْجِعْ فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ مِنْ الْغَرَامَةِ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهَا رَجَعَتْ وَأَغْرَمَهَا مَا غَرِمَهُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ تَمْكِينِهِ مِنْ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا (إنْ أَتَى بِلَطْخٍ) أَيْ شُبْهَةٍ وَقَرِينَةٍ كَإِقَامَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِمَا شَاهِدًا غَيْرَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمَا عَنْ الرُّجُوعِ) أَيْ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ تَمَامِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ فَلَا غُرْمَ وَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ) أَيْ نِصَابُ الشَّهَادَةِ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا غَيْرَ عَفِيفٍ وَحِينَئِذٍ فَعِفَّتُهُ بَاقِيَةٌ فَلِذَا حُدَّ الثَّلَاثَةُ الرَّاجِعُونَ (قَوْلُهُ فَعَلَى الثَّانِي) مُرَادُهُ الثَّانِي فِي الرُّجُوعِ وَكَذَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْخَامِسُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَقِيَ (قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ) أَيْ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لَا يَلْزَمُ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِينَ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَلَا غَيْرَهُمْ (قَوْلُهُ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي النَّفْسِ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَانْدَرَجَ طَرَفٌ أَيْ فِي النَّفْسِ (قَوْلُهُ عَلَى السَّادِسِ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ) أَيْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كَالرَّابِعِ هُنَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَنْ رَجَعَ وَمَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْفَرْعُ عَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَزَاهُ وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَعْزُهُ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُعَارِضَةٌ لِمَا قَبْلَهَا لِبِنَائِهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فَهُوَ فَرْعٌ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ فَلِذَا كَانَ السَّادِسُ وَالْخَامِسُ لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ لِأَنَّهُمَا لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ لَا رُجُوعَهُمْ إلَخْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الرَّاجِعِينَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ رَجَعَ اثْنَانِ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَمُكِّنَ مُدَّعٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ وَطَلَبَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّا) أَيْ كَمَا يَغْرَمَانِ إذَا أَقَرَّا بِالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ فَفَائِدَةُ تَمْكِينِهِ مِنْ إقَامَتِهَا تَغْرِيمُهُمَا لَهُ مَا غَرِمَهُ) أَيْ وَلَيْسَ فَائِدَةُ تَمْكِينِهِ نَقْضُ الْحُكْمِ وَإِلَّا نَافَاهُ قَوْلُهُ لَا رُجُوعُهُمْ أَيْ لَا رُجُوعُهُمْ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ لَهُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَتَى بِلَطْخٍ) أَيْ بِأَمْرٍ يُفِيدُ الظَّنَّ بِرُجُوعِهِمْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَقَرِينَةٍ) عَطْفُ مُرَادِفٍ أَيْ قَرِينَةٍ تُفِيدُ الظَّنَّ بِرُجُوعِهِمَا (قَوْلُهُ كَإِقَامَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ يُشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى فُلَانٍ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ إلَخْ) تَبِعَ فِي هَذَا الْقَيْدِ عبق وَلَا مَحَلَّ لَهُ فَإِنَّ الرُّجُوعَ دَائِمًا يَئُولُ إلَى الْمَالِ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ إذْ لَا ثَمَرَةَ إلَّا الْغُرْمُ كَمَا مَرَّ اهـ بْن (قَوْلُهُ إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ) أَيْ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ

ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا وَيَغْرَمَانِ مَا أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا كَالرَّاجِعِ الْمُتَمَادِي لِأَنَّ رُجُوعَهُمَا عَنْ الرُّجُوعِ يُعَدُّ نَدَمًا وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَقَرَّ وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ (وَإِنْ) (عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ (وَحَكَمَ) بِمَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ رَجْمٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ دُونَ الشُّهُودِ وَسَوَاءٌ بَاشَرَ الْقَتْلَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقْتَصُّ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ إذَا عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ وَالْوَلِيُّ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا وَمَفْهُومُ عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا قِصَاصَ وَإِنْ عَلِمَ بِقَادِحٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ إنْ عَلِمَ بِقَادِحٍ كَالْفِسْقِ (وَإِنْ) (رَجَعَا عَنْ طَلَاقٍ) أَيْ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِطَلَاقٍ شَهِدَا بِهِ عَلَى زَوْجٍ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ مَالًا وَإِنَّمَا فَوَّتَاهُ الْبُضْعَ وَلَا قِيمَةَ لَهُ (كَعَفْوِ الْقِصَاصِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْغُرْمِ أَيْ كَمَا لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا إذَا شَهِدَا بِأَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ قَدْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْعَفْوِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا مَالًا وَإِنَّمَا فَوَّتَاهُ اسْتِحْقَاقَ الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا قِيمَةَ لَهُ نَعَمْ يُؤَدَّبَانِ وَيُجْلَدُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً كَمَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ مَعْنَاهُ كَرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعَفْوِ مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِهِمَا فِي رُجُوعِهِمَا عَنْ طَلَاقٍ (إنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَدْخُلْ (فَنِصْفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ يَغْرَمَانِهِ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهَا النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ إذْ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَعَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَلَكِنْ لَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ وَشُبِّهَ فِي غُرْمِهِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ قَوْلُهُ (كَرُجُوعِهِمَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ) أَقَرَّ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا وَأَنْكَرَ الدُّخُولَ بِهَا فَشَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ فَغَرِمَ الصَّدَاقَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالدُّخُولِ فَيَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَهُ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ رُبْعَهُ وَهَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا) أَيْ فَطَالَبَهُمَا الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِأَصْلِ شَهَادَتِهِمَا بِمَا غَرِمَهُ فَرَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا (قَوْلُهُ كَالرَّاجِعِ الْمُتَمَادِي) أَيْ كَمَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ الْمُتَمَادِي عَلَى رُجُوعِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ إنْ ثَبَتَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ لَا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ فَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُ وَذَلِكَ لِفِسْقِهِمْ بِكَتْمِهِمْ الشَّهَادَةَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ الْحَاكِمُ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ الْمُحَكَّمُ فَيَقْتَصُّ مِنْهُ إنْ عَلِمَ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَحَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ لَمَضَى حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ اقْتَصَّ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ وَهُوَ الْجَلَّادُ لِأَنَّهُ مَأْمُورُ الشَّرْعِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ كَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمُ وَكَذَا وَلِيُّ الدَّمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ) أَيْ فِي مَالِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْجَارِحِ فِي الشَّاهِدِ كَذِبُهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ دَخَلَ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ وَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهَا عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَلِعَدَمِ صِحَّتِهِ هُنَا وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَخَّرْ قَوْلُهُ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ عَنْ شَرْطِ مَا قَبْلَهُ مَعَ مَفْهُومِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي غُرْمِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهَا النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ أَيْ فَسَبَبُ شَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ غُرْمُ الزَّوْجِ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِوُجُوبِهِ بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ غَرِمَاهُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إذَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ لَا لِلزَّوْجِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ فَالصَّدَاقُ كَانَ وَاجِبًا لَهَا بِالْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالشَّاهِدَانِ مَنَعَاهَا نِصْفَهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا لَهَا النِّصْفَ الَّذِي فَوَّتَاهُ عَلَيْهَا فَيَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِنْ رَجَعَا عَنْ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ إنْ دَخَلَا وَإِلَّا غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ فَقَدْ نَصَّ فِيهَا عَلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ النِّصْفَ إذَا رَجَعَا وَسَكَتَ فِيهَا عَنْ مُسْتَحَقِّهِ فَمِنْ الْمُخْتَصِرِينَ مَنْ يَقُولُ لِلزَّوْجِ وَيُعَلِّلُهُ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِلزَّوْجَةِ وَيَرَى أَنَّ الصَّدَاقَ كَانَ وَاجِبًا لَهَا بِالْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالشَّاهِدَانِ مَنَعَاهَا مِنْ نِصْفِهِ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَغْرَمَانِهِ لَهَا إنْ رَجَعَا عَنْهَا وَكُلٌّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ أَيْ غُرْمُ النِّصْفِ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَالطَّلَاقُ يُقَرِّرُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَعَلَى ذَلِكَ يَنُبْنِي قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحُكِمَ بِهِ وَغَرِمَ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ غُرْمِهِمَا النِّصْفَ إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَشْهُورٌ وَقَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا بِشَهَادَتِهِمَا شَيْئًا لَا لِلزَّوْجَةِ وَلَا لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَسَبَّبَا فِي وُجُوبِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ الدُّخُولَ بِهَا) أَيْ وَادَّعَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنَّ اللَّازِمَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ فَشَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ) أَيْ بِالدُّخُولِ أَيْ وَحَكَمَ بِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَهُ) أَيْ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُقِرٌّ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ

وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ فَيَغْرَمَانِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّهُ فِيهِ بِوَطْءٍ لَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَ) لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقٍ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (اخْتَصَّ) بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ (الرَّاجِعَانِ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِدُخُولٍ) أَوْ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ الرَّاجِعَانِ (عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ دُونَ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهَا) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِمَا عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ (وَرَجَعَ شَاهِدُ الدُّخُولِ) فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ فَلَوْ قَالَ وَرَجَعَا كَانَ أَخْصَرَ (عَلَى الزَّوْجِ) بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ (بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي الرُّجُوعِ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا مَاتَتْ وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ عَلَى إنْكَارِهِ طَلَاقَهَا فَإِنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ الرَّاجِعَيْنِ يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ لِأَنَّ مَوْتَهَا فِي عِصْمَتِهِ عَلَى دَعْوَاهُ يَكْمُلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا كَالطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا لَمْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ مَوْتِهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَرَجَعَ الزَّوْجُ) بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى عَدَمَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ فَغَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لَهَا فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ غَرِمَا لَهُ كُلَّ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّهُ) أَيْ الصَّدَاقَ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِوَطْءٍ أَيْ فَبِسَبَبِ شَهَادَتِهِمَا بِهِ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ لِوُجُوبِهِ بِهِ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ غَرِمَا لَهُ الصَّدَاقَ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ (قَوْلُهُ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَ يُنْكِرُ كُلًّا مِنْ الطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ. (قَوْلُهُ وَاخْتَصَّ بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ) أَيْ لِلزَّوْجِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ يَغْرَمَانِ إذَا رَجَعَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ هُوَ مَا فِي تت وَحَلُولُو وَابْنِ مَرْزُوقٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَالنِّصْفُ الثَّانِي مَا أَوْجَبَهُ إلَّا شَاهِدَا الدُّخُولِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا ذَلِكَ النِّصْفَ الَّذِي أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَقَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَبَهْرَامُ يَغْرَمَانِ إذَا رَجَعَا كُلَّ الصَّدَاقِ فَقَالَا فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ أَيْ اخْتَصَّا بِغُرْمِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَالدُّخُولُ أَوْجَبَ كُلَّ الصَّدَاقِ فَاَلَّذِي أَوْجَبَ كُلَّ الصَّدَاقِ شَاهِدَا الدُّخُولِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا مَا أَتْلَفَاهُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كُلُّ الصَّدَاقِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ مُحْتَمِلٍ لِكُلٍّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ أَيْ اخْتَصَّا بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ بِغُرْمِ كُلِّهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا رَجَّحَهُ بْن قَائِلًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ فَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَنْهَا غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَوْ اقْتَصَرَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ أَكْثَرُ مِنْ الصَّدَاقِ وَغَرَامَةُ النِّصْفِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ دُونَ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ غُرْمِ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ بِرُجُوعِهِمَا وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٍ لَا غُرْمَ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّنَافِي وَالْعُذْرِ لَهُ أَنَّهُ دَرَجَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَدَرَجَ هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَمَنْ مَعَهُ لِمَا رَأَى أَنَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ فَلَمْ تُمْكِنْهُ مُخَالَفَتُهُ قَالَهُ طفى بْن وَلَوْلَا مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ تَفْرِيعِ مَا هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَقُلْت إنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ لِأَنَّ مَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا لِوُجُودِ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ كَمَا أَفَادَهُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق (قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ) أَيْ مَا إذَا شَهِدَا اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (قَوْلُهُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) أَيْ بِسَبَبِ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتَمَرَّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ لَهُ مَعْنًى (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا) أَيْ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَأَقَرَّ بِهِ وَقَدْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ لَمْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّ مَوْتَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى دَعْوَاهُ يَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةً لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُقِرًّا بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَمُتْ عَلَى عِصْمَتِهِ. (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا) صُورَتُهُ عَقْدٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ إنْكَارِهِ لِذَلِكَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ وَقَدْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ يَرِثُهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا غَرِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِاعْتِرَافِهِ لِكَمَالِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ فِي عِصْمَتِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ مَوْتِهَا وَغَرِمَا لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَهُ

مَعَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهُ وَكَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِظْهَارُ لِإِيهَامِهِ رُجُوعَ الضَّمِيرِ عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ وَلَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى (بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ) مِنْهَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَوَرِثَهَا (دُونَ مَا غَرِمَ) لَهَا مِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِرَافِهِ بِتَكْمِيلِهِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ لِإِنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا لِأَنَّ كُلَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمُنْكِرَ لِطَلَاقِهَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهِ مِنْهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ هُنَاكَ شَاهِدَا دُخُولٍ أَمْ لَا (وَرَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهُ (بِمَا فَوَّتَاهَا مِنْ إرْثٍ وَصَدَاقٍ) أَيْ نِصْفِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَغْرَمُ لَهَا النِّصْفَ فَقَطْ وَلَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَكَانَتْ تَرِثُهُ وَتَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الصَّدَاقِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ إلَّا شُهُودُ طَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ إذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ شُهُودُ دُخُولٍ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ مَا قَبْلَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رُجُوعٌ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهَا صَدَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُسَمَّى لَهَا كَمَا مَرَّ (وَإِنْ كَانَ) الرُّجُوعُ (عَنْ تَجْرِيحِ) شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ مِنْ زَوْجِهَا (أَوْ) عَنْ (تَغْلِيظِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ) مِنْ زَوْجِهَا أَيْ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِطَلَاقِ أَمَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفِرَاقِ وَسَيِّدُهَا مُصَدِّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ بِتَجْرِيحِهِمَا أَوْ بِتَغْلِيظِهِمَا بِأَنْ قَالَا غَلِطْتُمَا فِي شَهَادَتِكُمَا وَإِنَّمَا الَّتِي طَلَّقَتْ غَيْرَهَا أَوْ قَالَا سَمِعْنَا شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالْغَلَطِ وَمَاتَا أَوْ غَابَا أَوْ أَنْكَرَا إقْرَارَهُمَا بِالْغَلَطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَرَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَيَتَرَاجَعَانِ (قَوْلُهُ مَعَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ) أَيْ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى إنْكَارِ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا يُفِيدُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَبَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى إنْكَارِ الطَّلَاقِ وَرَجَعَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ دُونَ مَا غَرِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَغَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ مَاتَتْ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ جَمِيعَ إرْثِهِ مِنْهَا وَلَا يُقَالُ دُونَ مَا غَرِمَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الْمَازِرِيُّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَبِهَذَا يُعْلَمُ فَسَادُ تَعْمِيمِ الشَّارِحِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ فَتَدَبَّرْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا) أَيْ مَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَاثْنَانِ بِالدُّخُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَلَزِمَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (قَوْلُهُ وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ) أَيْ قَبْلَ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا (قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهِ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَلَا عَلَى بَيِّنَةِ الدُّخُولِ إنْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَنِصْفِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ مَاتَ الزَّوْجُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِمَا فَاتَهَا مِنْ إرْثِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَبِنِصْفِ صَدَاقِهَا إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَكَانَتْ تَرِثُهُ وَيَكْمُلُ لَهَا صَدَاقُهَا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَرَجَعَ الْأَرْبَعَةُ عَنْ الشَّهَادَةِ وَرَجَعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ بِمَا يُفَوِّتُهَا مِنْ الْمِيرَاثِ فَقَطْ إذْ لَمْ يَفُتْهَا شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ حَتَّى تَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهَا صَدَاقًا) لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ لَمْ يَفُتْهَا مِنْ الصَّدَاقِ شَيْءٌ حَتَّى تَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ) تُنَازِعُهُ تَجْرِيحٌ وَتَغْلِيظٌ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْعَرَبِ قَطَعَ اللَّهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا وَقَوْلُ الشَّاعِرِ: يَا مَنْ رَأَى عَارِضًا أَسَرَّ بِهِ ... بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الْأَسَدِ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ: وَيُحْذَفُ الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ ... كَحَالِهِ إذَا بِهِ يَتَّصِلُ بِشَرْطِ عَطْفِ وَإِضَافَةِ إلَى ... مِثْلُ الَّذِي لَهُ أَضَفْت الْأَوَّلَا (تَنْبِيهٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَبْدَ كَالْأَمَةِ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُتَزَوِّجِ كَالْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَإِذَا شَهِدَا بِطَلَاقِ الْعَبْدِ لِزَوْجَتِهِ وَسَيِّدُهُ مُصَدَّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ أَوْ تَغْلِيطِهَا فَحُكْمُ الْقَاضِي بِرَدِّ الْمَرْأَةِ لِعِصْمَةِ الْعَبْدِ وَنَقْضِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ التَّجْرِيحِ أَوْ التَّغْلِيظِ

فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِهَا لِعِصْمَةِ زَوْجِهَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ تَجْرِيحِهِمَا أَوْ تَغْلِيطِهِمَا (غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهَا (بِزَوْجِيَّتِهَا) أَيْ بِسَبَبِ عَوْدِهَا لِزَوْجِهَا إذْ رُجُوعُهَا لَهُ ثَانِيًا عَيْبٌ فَتَقُومُ بِلَا زَوْجٍ وَمُتَزَوِّجَةٍ وَيَغْرَمَانِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَقَوْلُنَا وَسَيِّدُهَا مُصَدِّقٌ احْتِرَازًا مِنْ إنْكَارِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لَهُ وَقَوْلُهُ أَمَةً احْتِرَازًا مِنْ الْحُرَّةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا (وَلَوْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِخُلْعٍ) أَيْ خُلْعِ امْرَأَةٍ (بِثَمَرَةٍ لَنْ تَطِبْ أَوْ آبِقٍ) أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ غَرَرٍ يَصِحُّ الْخُلْعُ بِهِ (فَالْقِيمَةُ) يَغْرَمَانِهَا لِلزَّوْجَةِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْخُلْعِ وَلَا يُنْتَظَرُ طِيبُ الثَّمَرَةِ وَلَا عَوْدُ الْآبِقِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ رَائِحَةِ الْفِعْلِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ مُعْتَبَرَةٍ حِينَئِذٍ أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الثَّمَرَةُ وَقْتَ الْخُلْعِ وَاَلَّتِي عَلَيْهَا الْآبِقُ وَقْتَ ذَهَابِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَالْإِتْلَافِ أَيْ كَمَنْ أَتْلَفَ ثَمَرَةً لَمْ تَطِبْ أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ (بِلَا تَأْخِيرٍ لِلْحُصُولِ) أَيْ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَعَوْدِ الْآبِقِ فَيَغْرَمَ بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ النَّفْيِ أَيْ لَا يُؤَخَّرُ حَتَّى يَغْرَمَ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْحُصُولِ فَالْقِيمَةُ الْأُولَى مُثْبَتَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَنْفِيَّةٌ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا تَكْرَارَ كَمَا قِيلَ نَعَمْ لَوْ حُذِفَ فَيَغْرَمُ. . . إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَقَوْلُهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُثْبَتِ أَيْ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْخُلْعِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَحْسَنِ وَمُقَابِلُهُ يَوْمَ الْحُصُولِ وَهُوَ الَّذِي نَفَاهُ (وَإِنْ) (كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى سَيِّدٍ (بِعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ وَالسَّيِّدُ مُنْكِرٌ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ (غَرِمَا قِيمَتَهُ) يَوْمَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ بِرُجُوعِهِمَا (وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الْمُنْكِرِ لِاعْتِرَافِهِمَا لَهُ بِذَلِكَ وَتَغْرِيمِهِمَا قِيمَتَهُ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْهُ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَبْدِ بِسَبَبِ التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِهَا إلَخْ) أَيْ وَنَقَضَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ بِالْفِرَاقِ لَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَضَى بِغَيْرِ عَدْلَيْنِ. (وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ فَإِذَا قُوِّمَتْ خَالِيَةٌ مِنْ الزَّوْجِ بِأَرْبَعِينَ وَبِزَوْجٍ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ عِشْرِينَ وَلَا أَرْشَ لِلْبَكَارَةِ لِانْدِرَاجِهَا فِي الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَسَيِّدُهَا مُصَدَّقٌ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ إنْكَارِهِ أَيْ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُدْخِلَا عَلَيْهِ عَيْبًا فِي أَمَتِهِ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْحُرَّةِ) أَيْ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ تَجْرِيحِ أَوْ تَغْلِيطِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ الْحُرَّةِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ حُرَّةٌ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِطَلَاقِهَا فَأَقَامَ زَوْجُهَا بَيِّنَةً بِتَجْرِيحِ شُهُودِهَا أَوْ تَغْلِيطِهِمْ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّهَا لِزَوْجِهَا فَإِذَا رَجَعَ شُهُودُ التَّجْرِيحِ أَوْ التَّغْلِيطِ فَإِنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ لَهَا شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلْحُرَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بِخُلْعٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا خَالَعَتْهُ فَأَنْكَرَتْ فَأَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً أَنَّهَا خَالَعَتْهُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَوْ بِآبِقٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْخُلْعِ بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ رَجَعَتْ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلزَّوْجَةِ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ وَالْآبِقِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْخُلْعِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَإِنْ كَانَ الْغُرْمُ يَتَأَخَّرُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّهُمَا يُؤَخَّرَانِ لِلْحُصُولِ أَيْ لِطِيبِ الثَّمَرَةِ وَعَوْدِ الْآبِقِ فَإِذَا حَصَلَ الطِّيبُ وَعَادَ الْآبِقُ غَرِمَا الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ. قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَقْيَسُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَالْقِيمَةُ حِينَئِذٍ إشَارَةٌ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَوْلُهُ بِلَا تَأْخِيرٍ لِلْحُصُولِ رُدَّ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَقْيَسُ (قَوْلُهُ أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَبَعِيرٍ شَارِدٍ (قَوْلُهُ يَغْرَمَانِهَا لِلزَّوْجَةِ) أَيْ بَدَلَ مَا غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ بِالْحُكْمِ بِالْخُلْعِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَالْقِيمَةُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْخُلْعِ يَغْرَمَانِهَا لِلزَّوْجَةِ أَوْ أَنَّ حِينَئِذٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرٍ أَيْ فَالْقِيمَةُ مُعْتَبَرَةٌ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْخُلْعِ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ فِي حَلَّ الْمَتْنِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا بِتَغْرِيمٍ مُقَدَّرًا لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ وَالْقِيمَةُ تُغْرَمُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا حِينَ الْخُلْعِ وَإِنْ تَأَخَّرَ غُرْمُهَا عَنْ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ كَالْإِتْلَافِ) هَذَا تَنْظِيرٌ بِمَعْلُومٍ وَالْمَعْنَى قِيَاسًا عَلَى إتْلَافِهَا قَبْلَ طِيبِهَا (قَوْلُهُ بِلَا تَأْخِيرٍ) أَيْ فِي ضَمَانِهِمَا لَهَا لِلْحُصُولِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ الْقِيمَةُ حِينَ الْخُلْعِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ أَيْ وَهِيَ الْقِيمَةُ حِينَ الْحُصُولِ أَيْ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَعَوْدِ الْآبِقِ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْرَارَ) تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَسَبَبُ التَّكْرَارِ فُهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ مُثْبَتٌ وَأَنَّهُ عَيْنُ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا تَنَاقُضَ تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ تَوَارُدِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ بِرُجُوعِهِمَا) أَيْ بِسَبَبِ رُجُوعِهِمَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ لِلسَّيِّدِ الْمُنْكِرِ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَلَا وَارِثَ لَهُ أَخَذَ سَيِّدُهُ مَالَهُ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ هَلْ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ بِمَا أَخَذَهُ الْوَارِثُ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَأَخَذَ مَالَهُ بِالرِّقِّ أَوَّلًا لِأَنَّهُمَا غَرِمَا لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ عبق (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِمَا لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْمَرْجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ بِعِتْقِهَا أَمَةٌ لَمْ يَجُزْ لَهَا إبَاحَةُ فَرْجِهَا بِالتَّزْوِيجِ إنْ عَلِمَتْ بِكَذِبِ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا فِي تت وَالظَّاهِرُ

بِرُجُوعِهِمَا وَهُوَ مُنْكِرٌ وَهَذَا فِي الْعِتْقِ النَّاجِزِ (وَهَلْ إنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ (لِأَجَلٍ) وَحُكِمَ بِهِ (يَغْرَمَانِ) لِلسَّيِّدِ (الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْعَبْدِ (وَالْمَنْفَعَةَ) أَيْ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْأَجَلِ (لَهُمَا) أَيْ لِلرَّاجِعَيْنِ يَسْتَوْفِيَانِ مِنْهَا الْقِيمَةَ الَّتِي غَرِمَاهَا فَإِنْ اسْتَوْفَيَاهَا قَبْلَ الْأَجَلِ رَجَعَ الْبَاقِي مِنْ الْمَنْفَعَةِ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا ضَاعَ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) لَا يَغْرَمَانِهَا الْآنَ بِتَمَامِهَا بَلْ تَقُومُ الْمَنْفَعَةُ عَلَى غَرَرِهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَيَقُومُ الْعَبْدُ بِعِشْرِينَ مَثَلًا وَ (تَسْقُطُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ (الْمَنْفَعَةُ) أَيْ قِيمَتُهَا وَهِيَ عَشَرَةٌ يَبْقَى مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَشَرَةٌ يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ حَالًّا وَتَبْقَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ لِلسَّيِّدِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (أَوْ يُخَيَّرُ) السَّيِّدُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمَنْفَعَةِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ بِتَمَامِهَا الْآنَ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ الْآنَ مِنْهُمَا وَيَتَمَسَّكُ بِالْمَنَافِعِ إلَى الْأَجَلِ وَيَدْفَعُ لَهُمَا قِيمَتَهَا عَلَى التَّقَضِّي شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ كُلَّمَا انْقَضَى وَقْتٌ دَفَعَ لَهُمَا مَا يُقَابِلُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ هُوَ لَا هُمَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ) وَحُكِمَ بِهِ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ بِعِتْقٍ هُوَ تَدْبِيرٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَاسْتَوْفَيَا. . . إلَخْ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ عِتْقٍ كَانَ أَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ لِلسَّيِّدِ وَطْأَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عِنْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ وَأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِزُورٍ وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إبَاحَةِ وَطْئِهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَخْذَهُ الْقِيمَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ قَالَهُ عبق وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِلُزُومِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا إبَاحَةُ فَرْجِهَا بِالتَّزْوِيجِ لِغَيْرِ مُطَلِّقِهَا إذَا عَلِمَتْ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَلِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إنْ عَلِمَ أَيْضًا بِكَذِبِهِمْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ بِرُجُوعِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَغْرِيمِهِمَا أَيْ وَتَغْرِيمُهَا قِيمَتَهُ بِسَبَبِ رُجُوعِهِمَا عَنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ) أَيْ الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِ لِأَجْلِ شَهَادَتِهِمَا وَقَوْلُهُ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ أَيْ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ ضَاعَ الْبَاقِي) أَيْ بَاقِي الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَاهَا عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ ضَيَاعِهِ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَيَتْرُكْ مَالًا أَوْ يُقْتَلُ وَيُؤْخَذُ قِيمَتُهُ وَإِلَّا أَخَذَ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا قَتَلَهُ السَّيِّدُ كَانَ لَهُمَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ مَا لَهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَغْرَمَانِهَا) أَيْ قِيمَةَ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ بَلْ تَقُومُ الْمَنْفَعَةُ) أَيْ مَنْفَعَةُ الْعَبْدِ لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ عَلَى غَرَرِهَا) أَيْ مِنْ تَجْوِيزِ مَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَحَيَاتِهِ إلَيْهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ إلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَمْرَضُ وَأَنْ لَا يَمْرَضَ (قَوْلُهُ وَتَبْقَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْكَائِنَةِ عَلَيْهِمَا الَّتِي غَرِمَا الْآنَ لِلسَّيِّدِ بَعْضَهَا وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا) أَيْ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ السَّيِّدُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ تَمَامَ الْقِيمَةِ لَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ جُمْلَةِ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى غَرَرِهَا وَتَجْوِيزُ مَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَحَيَاتِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ هُوَ) أَيْ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ الْوَقْتِ جُمُعَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا. (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ) جَعَلَ الشَّارِحُ الْأَقْوَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةً وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ وَالْمَنْفَعَةَ لِلْأَجَلِ لَهُمَا لَكِنْ يَبْقَى الْعَبْدُ تَحْتَ يَدِ السَّيِّدِ وَيُعْطِيهِمَا أُجْرَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يُسَلِّمُ إلَيْهِمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَا مَا غَرِمَاهُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ سَيِّدُهُ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ يَحْتَمِلُهُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَنْفَعَةُ إلَيْهِ لَهُمَا وَالثَّالِثُ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ بَعْدَ أَنْ يُسْقِطَ مِنْهَا قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالرَّابِعُ لِابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَيْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا الْقِيمَةَ حَالًّا وَيُسْقِطَ حَقَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَيُسَلِّمَهَا لَهُمَا لِلْأَجَلِ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ الْآنَ وَيَتَمَاسَكَ بِالْمَنَافِعِ لِلْأَجَلِ وَيَدْفَعَ لَهُمَا قِيمَتَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ الْآنَ قِيمَتَهُ وَيَسْتَوْفِيَانِهِ امِنْ خِدْمَتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا إذْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهِمَا غَيْرُ الْخِدْمَةِ ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَتَقَ لَحَمَلَ الثُّلُثَ لَهُ فَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَيَا مَا غَرِمَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ فَقَدْ ضَاعَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَرَدَّهُ دَيْنٌ أَوْ حُمِلَ بَعْضُهُ كَانَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ وَمِنْ الْوَرَثَةِ بِمَا رَقَّ مِنْهُ يَسْتَوْفِيَانِ مِنْ ثَمَنِهِ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِمَّا غَرِمَا وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ رَدَّهُ دَيْنٌ أَوْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ وَمَاتَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ أَخَذَا مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا فَإِنْ قُتِلَ أَخَذَا مِنْ قِيمَتِهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يَوْمَ أَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَلَا شَيْءَ لَهُمَا

(فَالْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَلَى غَرَرِهَا يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ الْآنَ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَدْبِيرِهِ (وَاسْتَوْفَيَا) الْقِيمَةَ (مِنْ خِدْمَتِهِ) عَلَى مَا يَرَاهُ سَيِّدُهُ (فَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنْ اسْتَوْفَيَا مَا غَرِمَاهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ (فَعَلَيْهِمَا) أَيْ يَضِيعُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَوْ حَمَلَ بَعْضَهُ فَهُمَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِمَا رَقَّ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا مَا بَقِيَ لَهُمَا مِمَّا غَرِمَاهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَهُمَا أَوْلَى) بِمَا رَقَّ (إنْ رَدَّهُ) أَيْ التَّدْبِيرَ (دَيْنٌ أَوْ) رَدَّ (بَعْضَهُ كَالْجِنَايَةِ) تَشْبِيهٌ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ أَيْ كَجِنَايَةِ الْعَبْدِ مُدَبَّرًا أَوَّلًا عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهِ كَالرَّهْنِ (وَإِنْ) (كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِكِتَابَةٍ) أَيْ بِأَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ (فَالْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ لَا الْكِتَابَةِ يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ عَاجِلًا وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَاسْتَوْفَيَا) مَا غَرِمَاهُ (مِنْ نُجُومِهِ) فَإِنْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ فَعَلَيْهِمَا وَإِنْ زَادَ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى مَا غَرِمَا فَلِلسَّيِّدِ (وَإِنْ رَقَّ) لِعَجْزِهِ (فَمِنْ رَقَبَتِهِ) وَهُمَا أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ (وَإِنْ) (كَانَ) الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِإِيلَادٍ) لِأَمَتِهِ وَحُكِمَ بِهِ (فَالْقِيمَةُ) يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ الْآنَ مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ الْحُكْمِ بِأَنَّهَا أُمَّ وَلَدٍ (وَأَخَذَا) مَا غَرِمَاهُ (مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) إنْ جَنَى عَلَيْهَا أَحَدٌ (وَفِيمَا اسْتَفَادَتْهُ) مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلَانِ) فِي أَخْذِهِمَا مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَرْشِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَإِنْ) (كَانَ) الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِهَا) أَيْ أَنَّهُ نُجِزَ عِتْقُ أُمِّ وَلَدِهِ وَحُكِمَ بِهِ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا فَوَّتَاهُ الِاسْتِمْتَاعَ وَهُوَ لَا قِيمَةَ لَهُ (أَوْ) كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِ) أَيْ بِتَنْجِيزِ عِتْقِ (مُكَاتَبٍ) (فَالْكِتَابَةُ) الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ يَغْرَمَانِهَا عَلَى نُجُومِهَا أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا بَعْدَ عِتْقِهِ الْمَحْكُومِ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِبُنُوَّةٍ) بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ لِلِابْنِ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْأَبِ بِأَنَّهُ وَلَدِي أَوْ أَنَّهُ اسْتَلْحَقَهُ وَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِلْأَبِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ مَالًا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ) أَيْ فَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ تُدْفَعُ لِلسَّيِّدِ حِينَ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى غَرَرِهَا الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَدْبِيرِهِ لَا غَرَرَ فِيهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْآنَ) أَيْ فِي حِينِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَرَاهُ سَيِّدُهُ) أَيْ تَقَاضَيَا عَلَى مَا يَرَاهُ السَّيِّدُ أَيْ مِنْ أَخْذِهِمَا قِيمَةَ الْخِدْمَةِ يَوْمًا فَيَوْمًا أَوْ جُمُعَةً فَجُمُعَةً أَوْ شَهْرًا فَشَهْرًا إلَخْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَيَا مِنْ خِدْمَتِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ شَيْئًا مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ وَهُمَا أَوْلَى إنْ رَدَّهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا دَفَعَا قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ كَانَتْ الْقِيمَةُ كَحَقٍّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيَّ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ رَدَّ بَعْضَهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ رُقْيَةَ الْبَعْضِ تَتَوَقَّفُ عَلَى دَيْنٍ كَرِقِّيَّةِ الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا سِوَى الْمُدَبَّرِ عَتَقَ مِنْهُ الثُّلُثُ وَرُدَّ الثُّلُثَانِ (قَوْلُهُ أَيْ كَجِنَايَةِ الْعَبْدِ مُدَبَّرًا أَمْ لَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ مُدَبَّرًا أَمْ لَا إذَا جَنَى عَلَى غَيْرِهِ وَمَاتَ سَيِّدُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ الْجَانِيَ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ فَيُسْتَوْفَى أَرْشُ الْجِنَايَةِ مِنْ ثَمَنِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ بَعْدَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ يُدْفَعُ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ عَاجِلًا) أَيْ حِينَ رُجُوعِهِمَا عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَيَا مِنْ نُجُومِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا رَجَعَا قَبْلَ أَدَائِهَا وَأَمَّا لَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَخُرُوجِهِ حُرًّا فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي بْن أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمَا بِبَاقِي الْقِيمَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ خُرُوجِهِ حُرًّا (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَاهَا زِيَادَةً عَلَى النُّجُومِ الَّتِي اسْتَوْفَيَاهَا (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِمَا) أَيْ فَقَدْ ضَاعَ ذَلِكَ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا غَرِمَا أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَمِنْ رَقَبَتِهِ) أَيْ فَيَسْتَوْفِيَا الْقِيمَةَ الَّتِي غَرِمَاهَا مِنْ رَقَبَتِهِ بِأَنْ تُبَاعَ رَقَبَتُهُ وَيَسْتَوْفِيَانِ مِنْ ثَمَنِهَا مَا غَرِمَاهُ وَمَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ يُرَدُّ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ النُّجُومِ وَلَمْ يَرِقَّ بَلْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ فَاتَ عَلَيْهِمَا مَا غَرِمَاهُ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ الْآنَ) أَيْ حِينَ الرُّجُوعِ فَالْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ يَغْرَمَانِهَا يَوْمَ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ فِي طَرَفٍ أَوْ نَفْسٍ وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ لَا عَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَفِيمَا اسْتَفَادَتْهُ قَوْلَانِ) أَيْ وَأَمَّا مَا اسْتَفَادَهُ وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ فَلَا يَأْخُذَانِ مِنْهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَهِبَةٍ أَوْ اكْتَسَبَتْهُ بِعَمَلٍ كَمَا فِي تت (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا فَوَّتَاهُ الِاسْتِمْتَاعَ) أَيْ كَمَا لَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِطَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا وَحَكَمَ بِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْءُ هَذِهِ الْأَمَةِ الْمَرْجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِعِتْقِهَا وَلَوْ بِالتَّزْوِيجِ إلَّا أَنْ يَبِتَّ عِتْقَهَا فَيَتَزَوَّجَهَا قَالَهُ عج وَالْمُرَادُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا أَيْ بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ فَقَطْ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَإِلَّا جَازَ حَيْثُ عَلِمَ بِكَذِبِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ابْنُ الْحَاجِبِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ غَرِمَا قِيمَةَ كِتَابَتِهِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِيُوهِمُهُ لِإِمْكَانِ الْجَوَابِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ قِيمَةُ كِتَابَتِهِ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَا) أَيْ عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَقَالَا إنَّهُ لَيْسَ وَلَدًا لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً عَلَى الْأَبِ وَإِلَّا فَقَدْ أَلْزَمَاهُ

(إلَّا بَعْدَ) مَوْتِ الْأَبِ وَ (أُخِذَ الْمَالُ) مِنْ تَرِكَتِهِ (بِإِرْثٍ) فَيَغْرَمَانِ مَا أَخَذَهُ لِمَنْ حَجَبَهُ مِنْهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (عَبْدًا) لَهُ فَحُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَثُبُوتِ نَسَبِهِ عَمَلًا بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ (فَقِيمَتُهُ) يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا لِتَفْوِيتِهِمَا بِشَهَادَتِهِمَا رِقِّيَّتِهِ عَلَيْهِ (أَوَّلًا) أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ (ثُمَّ إنْ) (مَاتَ) الْأَبُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِبُنُوَّةِ مَنْ كَانَ رَقِيقُهُ (وَتَرَكَ) وَلَدًا (آخَرَ) غَيْرَ الْمَشْهُودِ بِبُنُوَّتِهِ (فَالْقِيمَةُ) الَّتِي أَخَذَهَا الْأَبُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِمَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ (لِلْآخَرِ) أَيْ يَسْتَحِقُّهَا الِابْنُ الْآخَرُ الْمُحَقَّقُ نَسَبُهُ دُونَ الْمَشْهُودِ بِبُنُوَّتِهِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ وَأَنَّ أَبَاهُ ظَلَمَ الشُّهُودَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُمْ ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِهَا يَقْسِمَانِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ نِصْفَيْنِ (وَغَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ (لَهُ) أَيْ لِلْأَخِ الْآخَرِ الْمُحَقَّقِ نَسَبُهُ (نِصْفَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا أَيْ يَغْرَمَانِ لَهُ مِثْلَ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ مَنْ شُهِدَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ (وَإِنْ ظَهَرَ) عَلَيْهِ (دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ) التَّرِكَةَ وَكَذَا غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ (أُخِذَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْوَلَدَيْنِ (النِّصْفُ) الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ وَفَّى (وَ) إلَّا (كَمُلَ) وَفَاؤُهُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا ثَابِتُ النَّسَبِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً لِأَنَّ كَوْنَهَا مِيرَاثًا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ يَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَبِيهِ (وَرَجَعَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الثَّابِتِ النَّسَبِ (بِمَا) أَيْ بِمِثْلِ مَا (غَرِمَهُ الْعَبْدُ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (لِلْغَرِيمِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ لَهُ إنَّمَا غَرِمْنَا لَك النِّصْفَ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ لِكَوْنِنَا فَوَّتْنَاهُ عَلَيْك بِشَهَادَتِنَا فَلَمَّا تَبَيَّنَ الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ ظَهَرَ أَنَّك لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ مَالِ أَبِيك شَيْئًا لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِرْثِ فَلَمْ نُفَوِّتْ عَلَيْك شَيْئًا فَأَعْطِنَا مَا أَخَذْته مِنَّا (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِرِقٍّ لِحُرٍّ) أَيْ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى حُرٍّ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُ رَقِيقٌ لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرِقِّهِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِمَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQنَفَقَتَهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَغْرَمَانِهَا لَهُ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَقَالَ ح إنَّهُ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ اهـ بْن (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ) أَيْ إلَّا إذَا مَاتَ الْأَبُ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَالَهُ بِإِرْثٍ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَغْرَمَانِ لِوَارِثِ الْأَبِ الْمَحْجُوبِ بِذَلِكَ الْوَلَدِ قَدْرَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلَّا بَعْدَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا غُرْمَ أَيْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ لَا لِلْأَبِ وَلَا لِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ وَيَأْخُذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَالَهُ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَغْرَمَانِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِرْثٍ أَيْ فَيَغْرَمَانِ لِلْوَارِثِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَخْذِ الْمَالِ) أَيْ أَخَذَ مَنْ شَهِدَ بِبُنُوَّتِهِ الْمَالَ وَهُوَ تَرِكَةُ أَبِيهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِإِرْثٍ عَنْ أَخْذِهِ لَهُ بِغَيْرِهِ كَدَيْنٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فَيَغْرَمَانِ مَا أَخَذَهُ) أَيْ فَيَغْرَمَانِ قَدْرَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَا لَهُ مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِمَنْ حَجَبَهُ مِنْهُ) أَيْ لِمَنْ حَجَبَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ عَاصِبٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُصْبَةً (قَوْلُهُ وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ) أَيْ وَأَنَّهُ رَقِيقٌ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْأُبُوَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ) أَيْ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَالَ بِالْإِرْثِ فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ الْمَالَ بِالْإِرْثِ غَرِمَا ثَانِيًا الْمَالَ الْمَأْخُوذَ لِلْوَارِثِ الْمَحْجُوبِ بِذَلِكَ الْوَلَدِ مِنْ عَاصِبٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا إشَارَةً إلَى أَنَّ هُنَاكَ مَرْتَبَةٌ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَتَرَكَ وَلَدًا آخَرَ) أَيْ ثَابِتَ النَّسَبِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ (قَوْلُهُ يَقْتَسِمَانِ) أَيْ الِابْنَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ) أَيْ بَعْدَ قَسْمِ الْوَلَدَيْنِ لِلتَّرِكَةِ وَتَغْرِيمٍ ثَابِتِ النَّسَبِ لِلشَّاهِدَيْنِ مِثْلُ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ مَنْ شَهِدَا لَهُ بِالْبُنُوَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي ظَهَرَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْضًا نِصْفُ الدَّيْنِ وَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى ثَابِتِ النَّسَبِ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ لِلْغَرِيمِ وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مُسْتَغْرِقٌ مَعَ اسْتِوَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ وَغَيْرِهِ فِي الْحُكْمِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَكَمُلَ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً) أَيْ فِي الْأَخْذِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ الْعَبْدُ) أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي وَرِثَهُ (قَوْلُهُ إنَّمَا غَرِمْنَا لَك النِّصْفَ) أَيْ مِثْلَ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِرِقٍّ لِحُرٍّ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِحُرٍّ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ صِفَةً لِرِقٍّ بِمَعْنَى رُقْيَةٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِرِقِّيَّةٍ كَائِنَةٍ لِحُرٍّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى حُرٍّ بِأَنَّهُ رِقٌّ لِفُلَانٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِرِقِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِمَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاعَ حُرًّا وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الرَّاجِعِينَ هُنَا دِيَتَهُ اهـ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ تَخْرِيجٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ أَضْعَفُ مِنْ الْفِعْلِ وَلِأَنَّهُ انْضَمَّ إلَى الْقَوْلِ هُنَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَالَا إنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقِلَّا فِي التَّسَبُّبِ فِي الرِّقِّيَّةِ بَلْ الْمُدَّعِي مَعَهُمَا اهـ بْن وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِ الرَّاجِعِينَ عَنْ الشَّهَادَةِ

لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَا قِيمَةَ لَهَا (إلَّا لِكُلِّ مَا اُسْتُعْمِلَ وَمَالٍ اُنْتُزِعَ) أَيْ إلَّا إذَا اُسْتُخْدِمَ الْعَبْدُ أَيْ اسْتَخْدَمَهُ سَيِّدُهُ أَوْ انْتَزَعَ مِنْهُ مَالًا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ نَظِيرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ (وَلَا يَأْخُذُهُ) مِنْهُ سَيِّدُهُ (الْمَشْهُودُ لَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ فِي نَظِيرِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ الِانْتِزَاعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْهُمَا عِوَضًا عَمَّا أَخَذَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ وَالسَّيِّدُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ ظَلَمَهُمَا (وَ) لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمَا (وَرِثَ عَنْهُ) أَيْ يَرِثُهُ عَنْهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَبَيْتُ الْمَالِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (عَطِيَّتُهُ) هِبَةً وَصَدَقَةً وَنَحْوَهُمَا (لَا تَزَوُّجٌ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْمَالِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ (وَإِنْ) (كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو) بِالسَّوِيَّةِ وَحُكِمَ بِذَلِكَ (ثُمَّ قَالَا) فِي رُجُوعِهِمَا هِيَ كُلُّهَا (لِزَيْدٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا يُنْقَضُ وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ أَوَّلًا يَدَّعِي الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا وَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ مِنْ يَدِ عَمْرٍو (غَرِمَا) لِلْمَدِينِ (خَمْسِينَ) عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ (لِعَمْرٍو) لِلتَّعْلِيلِ لَا صِلَةَ غَرِمَا أَيْ يَغْرَمَانِ خَمْسِينَ لِلْمَدِينِ لِأَجْلِ عَمْرٍو أَيْ لِأَجْلِ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لِعَمْرٍو أَيْ بَدَلًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَعْوَى الْخَطَأِ وَفِي نُسْخَةٍ لِلْغَرِيمِ أَيْ الْمَدِينِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو وَهِيَ أَحْسَنُ وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِخَمْسِينَ (وَإِنْ) (رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فَقَطْ (غَرِمَ) الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَتِهِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ (نِصْفَ الْحَقِّ) وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ لَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَاخْتَلَفَ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ يَغْرَمُ نِصْفَهُ (كَرَجُلٍ) شَهِدَ (مَعَ نِسَاءٍ) ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعْنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالرِّقِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَشْهُودِ بِرِقِّيَّتِهِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ أَحْرَارٌ وَإِلَّا رَجَعُوا عَلَيْهِمَا بِالنَّفَقَةِ الَّتِي فَوَّتَاهَا عَلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمَا الَّتِي رَجَعَا عَنْهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ الْحُرِّيَّةَ) أَيْ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَيَنْبَغِي سَرَيَانُ الرِّقِّيَّةِ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَأَنْ يَجْرِيَ فِيهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُعْمِلَ وَمَالٌ اُنْتُزِعَ (قَوْلُهُ نَظِيرَ ذَلِكَ) أَيْ نَظِيرَ الِاسْتِخْدَامِ وَنَظِيرَ الْمَالِ الْمُنْتَزَعِ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِنَظِيرِ الِاسْتِخْدَامِ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ لَغَرِمَ لَهُ الشُّهُودُ عِوَضَهُ فَيَأْخُذُهُ السَّيِّدُ أَيْضًا وَيَتَسَلْسَلُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ ظَلَمَهُمَا) أَيْ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ وَأَنَّ رُجُوعَهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالرِّقِّيَّةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَتُرِكَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمَا) أَيْ وَتُرِكَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ أَوْ عَمَّا انْتَزَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ يَرِثُهُ عَنْهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا) أَيْ يَرِثُهُ عَنْ الشَّخْصِ الْحُرِّ الَّذِي يَرِثُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ حُرًّا وَلَا يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحُرِّيَّةِ وَالسَّيِّدُ مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ رَقِيقٌ وَأَنَّهُ ظَلَمَهُمَا فِي أَخْذِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْمَالِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَانْظُرْ هَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عَمَلًا بِالْمِلْكِيَّةِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً إنْ عَلِمَ صِدْقَ شَهَادَتِهِمَا بِالرِّقِّ فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَ وَكَذَا إنْ شَكَّ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالسَّوِيَّةِ) أَيْ عَلَى بَكْرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا يُنْقَضُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِزَيْدٍ مِنْهَا إلَّا خَمْسُونَ وَالْخَمْسُونَ الْأُخْرَى لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ زَيْدًا أَوَّلًا يَدَّعِي الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا رَجَعَا فَسَقَا فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لَهُ بِالْمِائَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ) أَيْ لَوْ كَانَا اقْتَسَمَا الْمِائَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُمَا بِهَا وَقَبْلَ الرُّجُوعِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ مِنْ يَدِ عَمْرٍو لِأَنَّ رُجُوعَهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو) أَيْ لِإِتْلَافِهِمَا تِلْكَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَعْوَى الْخَطَأِ) أَيْ مِنْ دَعْوَى ابْنِ غَازِيٍّ الْخَطَأَ وَأَنَّ الصَّوَابَ لِلْغَرِيمِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ عَنْ جَمِيعِ الْحَقِّ وَأَمَّا رُجُوعُ أَحَدِهِمَا عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ فَسَيَأْتِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِهِ عَلَيْهِ لِمُدَّعِيهِ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيَغْرَمُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحَقَّ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الشَّاهِدِ الرَّاجِعِ بِنِصْفِ ذَلِكَ الْحَقِّ الَّذِي غَرِمَهُ (قَوْلُهُ لَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو) أَيْ السَّابِقَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِيهَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْمَدِينِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا زَيْدٌ ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ وَاَلَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الرَّاجِعِ وَالرَّاجِعُ شَهِدَ بِهَا أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ فَيَغْرَمُ نِصْفَهَا لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا ذَلِكَ النِّصْفَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَيَّ ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ اسْتِظْهَارٌ أَيْ مُقَوِّيَةٌ لِلشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْحَقُّ ثَبَتَ بِالشَّاهِدِ (قَوْلُهُ أَوْ يَغْرَمُ نِصْفَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ مُكَمِّلَةٌ لِنِصَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ) أَيْ سَوَاءٌ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ النِّسَاءِ حَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ بِلَا رُجُوعٍ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا مِمَّنْ رَجَعَ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ شَيْءٌ

وَإِنْ كَثُرْنَ غَرِمْنَ نِصْفَهُ لِأَنَّهُنَّ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ فَلَا غُرْمَ عَلَى الرَّاجِعَاتِ فَإِنْ رَجَعَتْ إحْدَاهُمَا فَعَلَيْهَا مَعَ مَنْ رَجَعْنَ قَبْلَهَا وَإِنْ كَثُرْنَ رُبْعُ الْحَقِّ (وَهُوَ) أَيْ الرَّجُلُ (مَعَهُنَّ فِي) شَهَادَةِ (الرَّضَاعِ) بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَحُكِمَ بِالْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ (كَاثْنَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ مِثْلُ غَرَامَةِ اثْنَتَيْنِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ فِي الرَّضَاعِ وَمَا شَابَهَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ الْمَرْأَتَانِ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ مَعَهُنَّ كَامْرَأَتَيْنِ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ بِمَالٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ رَجَعَ مَعَهُ مَا عَدَا امْرَأَتَيْنِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعَاتِ إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ فِي الْأَمْوَالِ فَإِذَا رَجَعَتْ الْبَاقِيَتَانِ كَانَ عَلَى جَمِيعِهِنَّ النِّصْفُ وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَأَمَّا فِي الرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ فَكَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فَإِذَا شَهِدَ بِرَضَاعٍ مَعَ مِائَةِ امْرَأَةٍ وَرَجَعَ مَعَ ثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِينَ فَلَا غُرْمَ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّضَاعِ وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَاتِ فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاقِيَةُ كَانَ الْغُرْمُ لِجَمِيعِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِنَّ وَهُوَ كَامْرَأَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْغُرْمُ فِي الرَّضَاعِ عَلَى شَاهِدَيْ الرُّجُوعِ إذْ الشَّهَادَةُ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْفَسْخُ بِلَا مَهْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ فَالْمَهْرُ لِلْوَطْءِ وَإِنَّمَا فَوَّتَا بِشَهَادَتِهِمَا الْعِصْمَةَ وَهِيَ لَا قِيمَةَ لَهَا قُلْنَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْإِرْثِ وَيَغْرَمُ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَا فَوَّتَهُ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَ) إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ (عَنْ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ مَا شَهِدَ بِهِ (غَرِمَ نِصْفَ) ذَلِكَ (الْبَعْضِ) فَإِنْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَ بِهِ غَرِمَ رُبْعَ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ ثُلُثِهِ غَرِمَ سُدُسَ الْحَقِّ وَهَكَذَا (وَإِنْ رَجَعَ) بَعْدَ الْحُكْمِ (مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ) كَوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِ لِاسْتِقْلَالِ الْحُكْمِ بِالْبَاقِينَ (فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ) أَيْضًا مُرَتَّبًا أَوْ دُفْعَةً (فَالْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الرَّاجِعِينَ يَغْرَمُونَ مَا رَجَعُوا عَنْهُ فَإِنْ رَجَعَ مَا عَدَا وَاحِدًا فَالنِّصْفُ عَلَى الْجَمِيعِ سَوِيَّةً فَإِنْ رَجَعَ الْأَخِيرُ فَالْحَقُّ عَلَى الْجَمِيعِ ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرْنَ) مُبَالَغَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ أَيْ وَإِنْ رَجَعْنَ كُلُّهُنَّ غَرِمْنَ نِصْفَهُ وَإِنْ كَثُرْنَ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهَا مَعَ مَنْ رَجَعْنَ قَبْلَهَا وَإِنْ كَثُرْنَ رُبْعُ الْحَقِّ) فَإِنْ رَجَعَتْ الْأُخْرَى كَانَ عَلَى الْجَمِيعِ النِّصْفُ يُقَسَّمُ عَلَى رُءُوسِهِنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَتْ الْأُخْرَى كَانَ عَلَيْهَا الرُّبْعُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ) بَلْ أَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ لَا أَعْرِفُ وُجُودَهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا سَرَى لِابْنِ شَاسٍ مِنْ وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ الَّذِي شَاكَلَهُ بِالْجَوَاهِرِ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ الرَّجُلُ (قَوْلُهُ وَمَا شَابَهَهُ) أَيْ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَقَوْلُهُ كَامْرَأَةٍ أَيْ فِي الْغُرْمِ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ فِي الْأَمْوَالِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ فِي الْغُرْمِ فِي شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ فَإِذَا رَجَعَتْ الْبَاقِيَتَانِ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَ رُبْعُ الْغُرْمِ عَلَيْهَا وَعَلَى بَقِيَّةِ النِّسَاءِ الرَّاجِعَاتِ قَبْلَهَا وَالنِّصْفُ عَلَى الرَّجُلِ الرَّاجِعِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ الْمَرْأَتَانِ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَتَى بِهَذَا دَلِيلًا لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَاتِ) أَيْ وَيُجْعَلُ كَامْرَأَةٍ فِي الْغُرْمِ لَا كَامْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَامْرَأَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ خِلَافًا لَلْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَهُ كَامْرَأَتَيْنِ وَقَدْ بَانَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ النِّسَاءَ تُضَمُّ لِلرِّجَالِ فِي الْغُرْمِ فِي شَهَادَةِ الرَّضَاعِ فِي حَالَتَيْنِ رُجُوعُهُ مَعَ بَعْضِ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ وَمَعَهُنَّ كُلِّهِنَّ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ فَلَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لَهُ فِي الْغُرْمِ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ (قَوْلُهُ إذْ الشَّهَادَةُ) أَيْ بِالرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ فَالْفَسْخُ بِلَا مَهْرٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ إذَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا بِشَهَادَتِهِمَا مَالًا لَا يُقَالُ إنَّهُ سَبَقَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا فِي نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ وَفُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَالْمُتَرَاضَعِينَ فَإِنَّ فِيهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ وَلَا بَيِّنَةَ أَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِهِ كَمَا هُنَا فَالْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ شَيْءٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ قُلْنَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ غُرْمُ شُهُودِ الرَّضَاعِ بِالرُّجُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتٍ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا شَهِدَا بِالرَّضَاعِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ حَصَلَ الرُّجُوعُ فَيَغْرَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ) أَيْ بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَشَهِدَ بِرَضَاعِ الزَّوْجَيْنِ ثُمَّ حَصَلَ رُجُوعٌ مِنْ الشُّهُودِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ فَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْمَرْأَةِ مَا فَوَّتَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ وَالصَّدَاقِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَةَ يَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلزَّوْجِ مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ غَرِمَ) أَيْ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ نِصْفُ ذَلِكَ الْبَعْضِ أَيْ الَّذِي رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ رُبْعِ مَا شَهِدَ بِهِ غَرِمَ ثَمَنَ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ كَالرُّجُوعِ ثَلَاثَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ أَيْ جَمِيعُ الرَّاجِعِينَ) أَيْ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ فَالنِّصْفُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ جَمِيعِ الرَّاجِعِينَ (قَوْلُهُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَتُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ غَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ

(وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ) بِالْحَقِّ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَرَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْلَ دَفْعِ الْحَقِّ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ (مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ (بِالدَّفْعِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُمَا ادْفَعَا لِلْمَقْضِيِّ لَهُ مَا لَزِمَكُمَا بِسَبَبِ رُجُوعِكُمَا لَهُ (وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مُطَالَبَتُهُمَا بِالدَّفْعِ (إذَا تَعَذَّرَ) الْأَخْذُ مِنْ الْمَقْضِيِّ (عَلَيْهِ) لِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُمَا وَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسَائِلِ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَقَالَ (وَإِنْ) (أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ) الْمُتَعَارِضَتَيْنِ (جُمِعَ) أَيْ وَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِثَالُهُ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَيُقْضَى بِالثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ فِي مِائَتَيْنِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ ادَّعَى الْمُسْلِمُ الْمِائَتَيْنِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُقْضَى لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (رُجِّحَ) أَيْ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُرَجِّحَ بَيْنَهُمَا (بِسَبَبِ مِلْكٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مُقَدَّرٍ أَيْ يُرَجَّحُ بِسَبَبِ ذِكْرِ سَبَبِ الْمِلْكِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ لَكِنْ إحْدَاهُمَا ذَكَرَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ (كَنَسْجٍ وَنِتَاجٍ) بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا نَشْهَدُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِزَيْدٍ وَقَالَتْ الْأُخْرَى نَشْهَدُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِعَمْرٍو نَسَجَهُ أَوْ نَتَجَ عِنْدَهُ أَوْ اصْطَادَهُ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَتْ لِأَنَّهَا زَادَتْ بَيَانَ سَبَبِ الْمِلْكِ مِنْ نَسْجٍ أَوْ نَتْجٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ بِسَبَبِ مِلْكٍ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ (بِمِلْكٍ مِنْ الْمَقَاسِمِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ مِنْ بَابِ " غَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ " إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنَّظَرِ لِعَجْزِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمَا بِالدَّفْعِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ) فَإِذَا شَهِدَا بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو وَحُكِمَ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَلِعَمْرٍو مُطَالَبَتُهُمَا بِدَفْعِ الْمِائَةِ لِزَيْدٍ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا لَا يُؤْمَرُ الشَّاهِدَانِ بِالدَّفْعِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ لِبَيْعِ دَارِهِ وَإِتْلَافِ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ غُرْمٌ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ إذَا طَالَبَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَوْ حَضَرَ مِنْ غَيْبَتِهِ لَأَقَرَّ بِالْحَقِّ فَلَا يَغْرَمَانِ كَذَا وُجِّهَ بِهِ كَلَامُ الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ مَعَ جَعْلِ التَّعَذُّرِ شَامِلًا لَهُمَا وَنَصُّ الْمَوَّازِيَّةِ إذَا حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا فَهَرَبَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَطَلَبَ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا كَانَ يَغْرَمَانِ لِغَرِيمِهِ لَوْ غَرِمَ لَمْ يَلْزَمْهُمَا غُرْمٌ حَتَّى يَغْرَمَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فَيَغْرَمَانِ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَكِنْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِعِينَ بِالْغُرْمِ هَرَبَ أَوْ لَمْ يَهْرُبْ فَإِنْ غَرِمَ أَغْرَمْهُمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ إلَخْ) قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ إنَّمَا يَكُونُ غَرِيمًا إذَا تَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ غَرِيمًا بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ عَلَى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ) هُوَ اشْتِمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يُنَافِي الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَقَالَ الْآخَرُ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ أَيْ الْمُغَايِرَيْنِ لِلثَّوْبِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً) أَيْ شَهِدَتْ لَهُ بِغَيْرِ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ فِي مِائَتَيْنِ أَيْ وَيُحْمَلَانِ عَلَى أَنَّهُمَا سَلَمَانِ شَهِدَتْ كُلُّ بَيِّنَةٍ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ الْقَضَاءِ بِالْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِمَجْلِسَيْنِ أَوْ بِمَجْلِسٍ أَمَّا إذَا كَانَتَا بِمَجْلِسَيْنِ فَالْقَضَاءُ بِالثَّلَاثَةِ بِاتِّفَاقٍ وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ كَانَ ذَلِكَ تَكَاذُبًا وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلِسَيْنِ وَالْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ أَثْبَتَتْ حُكْمًا غَيْرَ مَا أَثْبَتَتْهُ صَاحِبَتُهَا وَلَا قَوْلَ لِمَنْ نَفَى مَا أَثْبَتَهُ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً أَيْ فَلَوْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَيْفَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ فَكَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا ادَّعَاهُ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِمَا ادَّعَاهُ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ لَمَّا كَانَتَا مَعْمُولًا صَارَ الْمُسَلِّمُ كَأَنَّهُ ادَّعَى الْمِائَتَيْنِ وَشَهِدَ لَهُ بِهِمَا بَيِّنَةٌ وَبَيِّنَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَصَارَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ كَأَنَّهُ ادَّعَى الْأَثْوَابَ الثَّلَاثَةَ وَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَبَيِّنَةُ الْمُسَلِّمِ. (قَوْلُهُ أَيْ يُرَجَّحَ بِسَبَبِ ذِكْرِ سَبَبِ الْمِلْكِ) هَذَا الْحَلُّ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ ابْنَ غَازِيٍّ قَائِلًا بِنَحْوِ هَذَا فَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَحَلَّهُ بَهْرَامُ بِحَلٍّ آخَرَ فَقَالَ وَإِلَّا يُمْكِنَ الْجَمْعُ رُجِّحَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بِسَبَبِ كَوْنِ الْأُخْرَى ذَكَرَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَالْأُخْرَى بِالسَّبَبِ فَقَطْ قُدِّمَتْ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالسَّبَبِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْمُرَجَّحَاتِ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ السَّبَبِ مُرَجَّحًا لَا أَنَّهُ مُضَعَّفٌ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ فُلَانًا صَادَهَا أَوْ نَسَجَهَا أَوْ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَيْ أَنَّهَا مِلْكٌ لِفُلَانٍ وَلَمْ تَذْكُرْ سَبَبَ الْمِلْكِ فَقَالَ أَشْهَبُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ فَقَدْ يُولَدُ فِي يَدِهِ مَا هُوَ لِغَيْرِهِ وَقَدْ يَنْسِجُ لِغَيْرِهِ وَقَدْ يَصِيدُ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّبَبِ وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ كَوْنُهَا وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَنْسِجُ لَهُ بِالْأُجْرَةِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ وَصَوَّبَ وَاللَّخْمِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ تَصْوِيبَ اللَّخْمِيِّ وَأَقَرَّهُ وَالشَّارِحُ بَهْرَامُ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَشَى عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ لَكِنْ إحْدَاهُمَا ذَكَرَتْ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ شَاهِدَةٌ

أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْمِلْكِ الَّذِي بَيَّنَتْهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ فَإِذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وُلِدَتْ عِنْدَهُ أَوْ نَتَجَتْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَقَاسِمِ أَحَقُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا سُبِيَتْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الْآخَرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْوَاهِبَ أَوْ الْبَائِعَ غَيْرُ مَالِكٍ (أَوْ) بِسَبَبِ (تَارِيخٍ) فَتُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي لَمْ تُؤَرِّخْ (أَوْ تَقَدَّمَهُ) أَيْ التَّارِيخُ فَتُقَدَّمُ الشَّاهِدَةُ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ بِهِ وَلَوْ كَانَتْ أَعْدَلَ مِنْ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ صَاحِبِ الْمُتَأَخِّرَةِ تَارِيخًا (وَ) رُجِّحَ (بِمَزِيدِ عَدَالَةٍ) فِي إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَحْلِفُ مُقِيمُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَتَهَا كَشَاهِدٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ (لَا) بِمَزِيدِ (عَدَدٍ) فِي إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَوْ كَثُرَ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَفْدِ الْعِلْمَ إذْ الظَّنُّ لَا يُقَاوِي الْعِلْمَ (وَ) رُجِّحَ (بِشَاهِدَيْنِ) مِنْ جَانِبٍ (عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) مِنْ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ مِنْهُمَا (أَوْ) شَاهِدٍ وَ (امْرَأَتَيْنِ وَ) رُجِّحَ (بِيَدٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمِلْكِ وَالسَّبَبِ مَعًا وَقَوْلُهُ لَكِنْ إحْدَاهُمَا ذَكَرَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ أَيْ وَالْأُخْرَى إنَّمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ فِيهَا إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَالْأُخْرَى شَهِدَتْ بِسَبَبِهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْمِلْكِ) الْأَوْلَى أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا إلَخْ وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَسَبَبُهُ كَوِلَادَةٍ عِنْدَهُ وَنَسْجٍ وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ وَالنَّسْجُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي دَابَّةٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ هِيَ لِمَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ هَذِهِ تُغْصَبُ وَتُسْرَقُ وَلَا تُحَازُ عَلَى الْمَالِكِ إلَّا بِأَمْرٍ يُثْبِتُ وَأَمْرُ الْمَغَانِمِ قَدْ اسْتَقَرَّ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِحِيَازَةِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ مَنْ نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ أَخَذَهَا أَيْضًا وَكَانَ الْأَوْلَى بِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ وَيَأْخُذَهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا سُبِيَتْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَزَالَ مِلْكُ صَاحِبِهَا عَنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ تُمْلَكُ (قَوْلُهُ أَوْ بِسَبَبِ تَارِيخٍ) أَيْ ذَكَرَتْهُ بَيِّنَتُهُ فَتُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي لَمْ تَذْكُرْ تَارِيخًا ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي مُجَرَّدِ التَّارِيخِ قَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الْمُؤَرِّخَةِ لِأَشْهَبَ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ تَقْدِيمِهَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَلَمْ يَعْزُوهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ تَقَدَّمَهُ) لَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ حَدِيثَةِ التَّارِيخِ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ التَّرْجِيحِ بِالنَّقْلِ أَوْ تَكُونُ شَهَادَتُهُ مُشْتَمِلَةً عَلَى ذِكْرِ سَبَبِ النَّقْلِ وَهُنَا إنَّمَا شَهِدَتَا بِالْمِلْكِ غَيْرَ أَنَّ إحْدَاهُمَا قَالَتْ مَلَكَهُ مُنْذُ عَامَيْنِ وَالْأُخْرَى قَالَتْ مَلَكَهُ مُنْذُ عَامٍ وَاحِدٍ فَالْأَصْلُ الِاسْتِصْحَابُ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ بِيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَارِيخًا بَلْ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَهَذَا التَّعْمِيمُ نَقَلَهُ وَالِدُ ابْنُ عَاصِمٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ فِي الْمُتَقَدِّمَةِ تَارِيخًا كَمَا فِي بْن وَلَعَلَّ الْمُؤَرِّخَةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ) أَيْ فِي الْبَيِّنَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا فِي الْمُزَكِّيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ خَاصٌّ بِالْأَمْوَالِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ كَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ فَلَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ حَيْثُ قَالَ وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ وَقِيلَ إنَّهُ يُرَجَّحُ بِمَزِيدٍ مِنْ الْعَدَالَةِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْنِ اهـ. بْن وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ نَقْلًا عَنْ الْقَرَافِيِّ أَنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِتَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ بِمُرَجَّحٍ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً اُنْظُرْ بْن فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِغَيْرِ زِيَادَةِ الْعَدَالَةِ خَاصٌّ بِالْأَمْوَالِ وَالْمُرَادُ بِهَا كُلُّ مَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَأَمَّا زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ فَفِيهَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ مُقِيمُهَا إلَخْ) وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ كَشَاهِدَيْنِ. (قَوْلُهُ لَا بِمَزِيدِ عَدَدٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بِمَزِيدِ عَدَدِهَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّهُ يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ كَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَفُرِّقَ لِلْمَشْهُورِ بَيْنَ زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقَضَاءِ قَطْعُ النِّزَاعِ وَمَزِيدُ الْعَدَالَةِ أَقْوَى فِي التَّعَذُّرِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ يُمْكِنُهُ زِيَادَةُ عَدَدِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ إذْ الظَّنُّ) أَيْ الْحَاصِلُ بِشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ مِنْهُمَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مُسَاوِيًا لَهُمَا فِي الْعَدَالَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَرْجِيحِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ

[شروط صحة الشهادة بالملك]

أَيْ بِوَضْعِ الْيَدِ بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ أَوْ الْعَرْضُ أَوْ النَّقْدُ فِي حَوْزِ أَحَدِهِمَا مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ (إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ) بِمُرَجِّحٍ أَيِّ مُرَجِّحٍ كَانَ وَإِلَّا نُزِعَ مِنْ ذِي الْيَدِ (فَيَحْلِفُ) ذُو الْيَدِ عِنْدَ التَّسَاوِي وَمُقَابِلُهُ عِنْدَ تَرْجِيحِ بَيِّنَتِهِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ أَيْ إنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ بِيَمِينٍ (وَ) رُجِّحَ (بِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ تُقَدَّمُ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْحَوْزِ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ سَابِقًا لِأَنَّ الْحَوْزَ قَدْ يَكُونُ عَنْ مِلْكٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمِلْكِ وَالْأَعَمُّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ (وَ) رُجِّحَ (بِنَقْلٍ) عَنْ أَصْلٍ (عَلَى) بَيِّنَةٍ (مُسْتَصْحِبَةٍ) لِذَلِكَ الْأَصْلِ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَثَلًا لِزَيْدٍ أَنْشَأَهَا مِنْ مَالِهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا لِعَمْرٍو وَاشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا قُدِّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ هُنَا تَعَارُضٌ يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا بَيِّنَةُ حَوْزٍ أَمْ لَا فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَصِحَّةُ) شَهَادَةِ بَيِّنَةِ (الْمِلْكِ) لِشَخْصٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ تَكُونُ (بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ بِسَبَبِ مُشَاهَدَتِهِمْ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي شَهِدُوا بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (وَعَدَمِ مُنَازِعٍ) لَهُ فِيهِ (وَحَوْزٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الْعَدَالَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ قُدِّمَ هُوَ وَالْمَرْأَتَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ اتِّفَاقًا وَأَوْلَى لَوْ كَانَتَا أَعْدَلَ كَالشَّاهِدِ الَّذِي مَعَهُمَا. (قَوْلُهُ أَيْ بِوَضْعِ الْيَدِ) يَعْنِي الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ عَمَّا عُرِفَ أَصْلُهُ فَإِنَّ حَوْزَ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ لَهُ لَا يُعْتَبَرُ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَ ذِي الْيَدِ وَمُقَابِلِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَأَخَذَ مَالَهُ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَتَعَادَلَتَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا بِأَنَّ هَذَا الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لِزَيْدٍ مِلْكُهُ وَتَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِعَمْرٍو مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِسَبَبِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَنْطُوقِ أَيْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الْحَائِزُ إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَغَيْرُ الْحَائِزِ إنْ رُجِّحَتْ بَيِّنَةٌ (قَوْلُهُ وَرُجِّحَ بِالْمِلْكِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بَيِّنَةٌ بِالْحَوْزِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ لَهُ بِمِلْكٍ وَشَهِدَ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ مُتَعَمِّدَةٌ فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْأُولَى لِتَرَجُّحِهَا عَلَيْهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا مُعْتَمَدَةً فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمُ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ إذَا اعْتَمَدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْحَوْزِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْمِلْكِ أُقِيمَتْ قَبْلَ الْحِيَازَةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا وَهِيَ الْعَشْرُ سِنِينَ بِقُيُودِهَا الْآتِيَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحِيَازَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَتُهُ ثُمَّ كَوْنُ هَذَا الْفَرْعِ مِمَّا اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ تَجَوُّزٌ؛ إذْ التَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْحَوْزِ إذْ الْحَائِزُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَالِكٍ فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ تَثْبُتُ زِيَادَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ) أَيْ الْمُجَرَّدِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا أَيْ عَلَى الْحَوْزِ الَّذِي اعْتَمَدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَرُجِّحَ بِنَقْلٍ عَنْ أَصْلٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ النَّاقِلَةُ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ وَقَوْلُهُ عَلَى مُسْتَصْحَبَةٍ أَيْ وَلَوْ شَهِدَتْ تِلْكَ الْمُسْتَصْحَبَةُ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ وَمِنْ تَقْدِيمِ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ تَقْدِيمُ الشَّاهِدَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا تَقْدِيمُ الْبَيِّنَةِ بِالتَّنَصُّرِ كُرْهًا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَلَى الْبَيِّنَةِ بِتَنَصُّرِهِ طَوْعًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَنَصُّرِ الْأَسِيرِ الطَّوْعِ وَكَتَقْدِيمِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْإِكْرَاهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالِاخْتِيَارِ (تَنْبِيهٌ) يُرَجَّحُ أَيْضًا بِالْأَصَالَةِ عَلَى الْفَرْعِيَّةِ وَلِذَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّفَهِ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ السَّفَهُ وَكَذَا بَيِّنَةُ الْيَسَارِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعُسْرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَكَذَا بَيِّنَةُ الْجُرْحَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَالْأَصَالَةُ تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْفَرْعِيَّةِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ مُوَسْوَسٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَيَمِينًا وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لَيْسَ هُنَا تَعَارُضٌ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَصْحَبَةِ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْعِلْمِ بِالْخُرُوجِ لَا نَفْيَ الْخُرُوجِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْمُسْتَصْحَبَةُ بِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى الْآنَ أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنَ فَالْمُعَارَضَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاقِلَةِ ظَاهِرَةٌ [شُرُوط صِحَّة الشَّهَادَة بالملك] (قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ وَصِحَّةُ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ أَنْ تَعْتَمِدَ فِي شَهَادَتِهَا بِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ

(طَالَ) عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ (كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ فَأَقَلَّ مِنْهَا لَا يَشْهَدُونَ بِالْمِلْكِ وَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ بِهِ إنْ شَهِدُوا فَالْمَعْنَى أَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ بِالْمِلْكِ إنْ اعْتَمَدُوا فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا فِي شَهَادَتِهِمْ وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ فَهُوَ أَنْ يُصَرِّحُوا بِقَوْلِهِمْ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا فَقَوْلُهُ (وَأَنَّهَا) مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَبِقَوْلِهِمْ إنَّهَا أَيْ يَقُولُونَ نَشْهَدُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهَا (لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ) فِي عِلْمِنَا بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ إلَى الْآنَ مُعْتَمَدِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنْ جَزَمُوا بِأَنْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ قَطْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (فِي عِلْمِهِمْ) بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فَبِالنَّظَرِ إلَى إفَادَةِ الْحُكْمِ عَنْهُمْ لَا حِكَايَةٍ لِقَوْلِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ يَقُولُونَ فِي عِلْمِنَا فَإِنْ أَطْلَقُوا فَفِيهِ خِلَافٌ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا (عَلَى الْكَمَالِ فِي) الشَّرْطِ (الْأَخِيرِ) أَيْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ فِي عِلْمِنَا إلَى الْآنَ شَرْطُ كَمَالٍ لَا صِحَّةٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وعَلَيْهِ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ بَتًّا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَيَحْلِفُ وَارِثُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَيَسْتَحِقُّهَا (لَا بِالِاشْتِرَاءِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّصَرُّفِ أَيْ صِحَّةُ شَهَادَةِ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ. . . إلَخْ لَا بِالِاشْتِرَاءِ مِنْ سُوقٍ مَثَلًا فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ قُدِّمَتْ عَلَى بَيِّنَةِ الِاشْتِرَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا وَقَدْ يَشْتَرِيهَا وَكِيلٌ لِغَيْرِهِ وَمِثْلُ الشِّرَاءِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِرْثُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَالْمُورِثِ وَهَذَا مَا لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَصْمِ أَوْ مِنْ غَانِمِهَا (وَإِنْ) (شَهِدَ) عَلَى مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ (بِإِقْرَارٍ) أَيْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ سَابِقًا أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلَانٍ وَهُوَ يُنَازِعُهُ الْآنَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ لِي. (اُسْتُصْحِبَ) إقْرَارُهُ السَّابِقُ وَقُضِيَ بِهِ لِفُلَانٍ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَمَّا أَقَرَّ بِخَصْمِهِ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَلَا يَصِحُّ لِلْمُقِرِّ دَعْوَى الْمِلْكِ فِيهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ إنْقَالِهِ ثَانِيًا (وَإِنْ) (تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ) لِإِحْدَى بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا (سَقَطَتَا وَبَقِيَ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (بِيَدِ حَائِزِهِ) أَيْ الْحَائِزِ لَهُ غَيْرَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَالتَّرْجِيحُ حَاصِلٌ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ (أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ) الْحَائِزُ (لَهُ) مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً وَتَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِأَحَدِهِمَا كَأَنَّهُ تَرْجِيحٌ لِبَيِّنَةِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ لَوْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَحَوْزٍ طَالَ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ عَدَمِ الْمُنَازِعِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا) هَذَا مَا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا مِنْ تَمَامِ شَهَادَتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا مَا عَلِمْنَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَفِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْهَا وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَلَمْ يَقُولُوا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا تَصَدَّقَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَقَضَى لَهُ اهـ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ فَقَطْ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ مَا فِي الشَّهَادَاتِ عَلَى هَذَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ وَكَانَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ يَحْمِلَانِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَتَّابٍ فِي الطُّرَرِ عَنْ ابْنِ سَهْلِ ابْنِ نَاجِيٍّ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِمَيِّتٍ وَشَرْطُ كَمَالٍ إنْ كَانَتْ لِحَيٍّ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ أَنَّهُمْ إذَا صَرَّحُوا بِالْقَطْعِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَلَكِنْ جَزَمُوا بِشَهَادَتِهِمْ فَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَطْلَقُوا فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الصِّحَّةُ كَمَا فِي المج وَاَلَّذِي فِي بْن تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَصْرِيحَ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ شَرْطُ كَمَالٍ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ بَتًّا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ إذَا لَمْ تُصَرِّحْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ بَلْ وَكَذَا يَحْلِفُ مَعَ قَوْلِهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ فِي عِلْمِنَا إلَى الْآنَ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ لَا بِالِاشْتِرَاءِ) بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمِثْلِ مَا فِي الشَّارِحِ قَالَ وَلَوْ قَالَ إلَّا بِاشْتِرَاءٍ مِنْهُ لَأَمْكَنَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ شُهُودَ الْمِلْكِ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَنْ يَقُولُوا إنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ خَصْمِهِ بَلْ يُحْكَمُ بِالِاسْتِصْحَابِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْخَصْمِ أَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَأَتْبَاعُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَصًّا فِي الْمَذْهَبِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مِنْ نَوْعِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَإِنْ شَهِدَا بِإِقْرَارٍ اُسْتُصْحِبَ اهـ قَالَ طفى وَبِهِ يَلْتَئِمُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ حَذَفَ لَفْظَ مِنْهُ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ مِنْ السُّوقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ إنَّهَا لَهُ) أَيْ مِلْكُهُ وَاعْتَمَدَتْ فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَتْ لَا نَعْلَمُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَصْمِ أَوْ مِنْ غَانِمِهَا) أَيْ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ إلَخْ) ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَمْسِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَيُسْتَصْحَبُ مُوجِبُهُ وَلَمْ يُحْتَجْ لِقَوْلِهِمْ إنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ هَذَا نَصًّا فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ إنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلَانٍ) أَيْ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَأَنْكَرَهُ وَيُنَازِعُهُ الْآنَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ الْحَائِزِ لَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَدَّعِيهِ إلَّا أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَإِنَّ لِكُلٍّ بَيِّنَةً (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يُقِرَّ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ

(وَقُسِّمَ) الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِ كُلٍّ (عَلَى) قَدْرِ (الدَّعْوَى) لَا بِالسَّوِيَّةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا) أَوْ أَحَدِهِمْ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ وَلَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي عِفَاءٍ مِنْ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ (كَالْعَوْلِ) فِي الْفَرَائِضِ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ النِّصْفَ قُسِّمَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْكُلَّ وَالثَّانِي النِّصْفَ وَالثَّالِثُ السُّدُسَ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ لِلْأَوَّلِ قَدْرُ أَصْلِهَا سِتَّةٌ وَلِلثَّانِي قَدْرُ نِصْفِ الْأَصْلِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّالِثِ قَدْرُ سُدُسِ الْأَصْلِ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الثَّالِثُ يَدَّعِي الثُّلُثَ عَالَتْ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَإِنْ كَانَتْ السِّتَّةُ فِي الْفَرَائِضِ يَنْتَهِي عَوْلُهَا إلَى عَشَرَةٍ فَلَهُ اثْنَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَنَازَعَ فِيهِ الْمَجْهُولَ أَصْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ بِلَا يَمِينٍ سَوَاءٌ قَامَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَاسْتَوَتَا أَوْ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مَعْنَى التَّرْجِيحِ بِالْيَدِ وَقَيَّدْنَا بِمَجْهُولِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْحَوْزَ لَا يَنْفَعُ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ كَمَا مَرَّ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَ حَائِزِهِ وَالْمُدَّعِي غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ لِأَنَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ تَارَةً يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ وَتَارَةً يُقِرُّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَتَارَةً لِغَيْرِهِمَا وَتَارَةً لَا يَدَّعِيهِ لِأَحَدٍ وَفِي الْأَرْبَعِ تَارَةً يَقُومُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ بَيِّنَةٌ تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَتَارَةً لَا تَقُومُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ فَفِي صُوَرِ الْبَيِّنَةِ إذَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَسَقَطَتْ الْبَيِّنَتَانِ حَلَفَ وَبِقِي بِيَدِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ سَقَطَتَا وَبَقِيَ بِيَدِ حَائِزِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ يُنْزَعُ مِنْهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَقِيلَ إقْرَارُهُ لَغْوٌ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِمَا أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي هُوَ لِمَنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَيَدْخُلَانِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى وَفِي صُوَرِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ إنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ حَلَفَ وَبَقِيَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ لِقُوَّةِ الْإِقْرَارِ هُنَا وَضَعْفِهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَلِذَا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ هُنَا وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي قُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَلَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَرْجِعَ لِبَيِّنَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ لَيْسَ بِيَدِ حَائِزٍ أَصْلًا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ كَثِيرًا إنْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مِثْلَ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَقَلِيلًا إنْ كَانَ مِثْلَ الْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ لَعَلَّ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ بَعْدَ يَمِينِ كُلٍّ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ الَّذِي يَبْدَأُ مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ تَبْدِئَةُ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لَا بِالسَّوِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ يُقَسَّمَ نِصْفَيْنِ كَمَا يَقُولُ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَقَوْلُهُ كَالْعَوْلِ أَيْ لَا عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ كَمَا يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِأَيْدِيهِمَا وَأَمَّا قَسْمُ مَا لَيْسَ بِأَيْدِيهِمَا فَعَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَقِيلَ يُقَسَّمُ عَلَى الدَّعَاوَى وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَبْلُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِتَسَاوِيهِمَا فِيهِ فِي الْحِيَازَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا قُسِّمَ عَلَى الدَّعَاوَى فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ يُعَالُ فِي الْقَسْمِ كَالْفَرَائِضِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُعَالُ فِي الْقَسْمِ بَلْ يُقَسَّمُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ يُحِيث يَخْتَصُّ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِالزَّائِدِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى رَدٌّ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِالْقَسْمِ بِالسَّوِيَّةِ وَقَوْلُهُ كَالْعَوْلِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَسَّمُ عَلَى الدَّعَاوَى لَكِنْ لَا كَالْعَوْلِ بَلْ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ فَيَخْتَصُّ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ قُسِّمَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ) كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكُلِّ النِّصْفُ وَنِسْبَةُ النِّصْفِ لِلْكُلِّ مَعَ الزِّيَادَةِ ثُلُثٌ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ يُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ اثْنَانِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ وَاحِدٌ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ لَكَانَ لِمُدَّعِي النِّصْفِ الرُّبْعُ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفَ فَيَأْخُذُهُ وَالْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ (قَوْلُهُ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ) أَيْ مَخْرَجُ السُّدُسِ لِدُخُولِ مَخْرَجِ النِّصْفِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ أَيْ لِأَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السِّتَّةِ نِصْفُهَا وَسُدُسُهَا فَيُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي السُّدُسِ وَاحِدٌ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ أَخَذَ مُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا إلَّا نِصْفَ سُدُسٍ وَأَخَذَ مُدَّعِي

(وَلَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ (بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ) قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَتْ نَشْهَدُ أَنَّا رَأَيْنَاهُ بِيَدِهِ سَابِقًا وَلَمْ تَشْهَدْ لَهُ بِمِلْكٍ وَالْحَائِزُ يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ فَيَبْقَى بِيَدِ الْحَائِزِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ (وَإِنْ) (ادَّعَى أَخٌ أَسْلَمَ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ) وَمَاتَ مُسْلِمًا وَادَّعَى الْأَخُ النَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَمَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ (فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ) اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَوْ أُبْدِلَ الْأَخُ بِالِابْنِ وَالنَّصْرَانِيُّ بِالْكَافِرِ كَانَ أَحْسَنَ (وَ) لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَقَدْ عَلِمَتْ مَا لَا تَعْلَمْهُ الْأُولَى وَهَذَا إذَا كَانَ مَعْلُومَ النَّصْرَانِيَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولَهَا فَأَشَارَ لَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ بِقَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ لِكُلِّ بَيِّنَةٍ عَلَى دَعْوَاهُ فَشَهِدَتْ لِلِابْنِ النَّصْرَانِيِّ (بِأَنَّهُ) أَيْ أَبَاهُ (تَنَصَّرَ) عِنْدَ الْمَوْتِ أَيْ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ (أَوْ) بِأَنَّهُ (مَاتَ) عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ نَطَقَ بِهَا وَشَهِدَتْ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَمَاتَ فَلَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ لِيَأْخُذَ الْمَالَ (إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ) هَذَا بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا لَمْ تُقَدَّمْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ صَارَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَيْنِ (فَيُقَسَّمُ) الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ كَمَالٍ تَنَازَعَهُ الِاثْنَانِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (كَمَجْهُولِ الدِّينِ) وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا وَعَبَّرَ أَوَّلًا بِأَصْلِهِ وَهُنَا بِالدِّينِ تَفَنُّنًا (وَ) إذَا كَانَ لِمَجْهُولِ الدِّينِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ مَثَلًا مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ عَلَى دِينِهِ (قُسِّمَ) مَالُهُ (عَلَى الْجِهَاتِ بِالسَّوِيَّةِ) لِجِهَةِ الْإِسْلَامِ الثُّلُثُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ وَإِذَا أَخَذَتْ كُلُّ جِهَةٍ ثُلُثَهَا قَسَّمُوهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ كُلِّ مِلَّةٍ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ وَظَاهِرٌ أَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَإِذَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا سَلَّمْنَا لَهُمْ مَا يَخُصُّهُمْ يَفْعَلُونَ بِهِ مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيُهُمْ (وَإِنْ) (كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّصْفِ رُبْعَهَا وَأَخَذَ مُدَّعِي السُّدُسِ نِصْفَ سُدُسِهَا وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ فِي أَبٍ مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مَجْهُولِهَا وَلَهُ وَلَدَانِ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ دَعْوَى مُجَرَّدَةً أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَحَاصِلُ هَذِهِ الصُّوَرِ أَنْ تَقُولَ إنَّ هَذَا الْأَبَ الَّذِي قَدْ مَاتَ إمَّا مَعْلُومُ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مَجْهُولُهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقِيمَ كُلُّ وَلَدٍ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ تَتَجَرَّدُ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَفِي مَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الْأَبُ مَعْلُومَ الدِّينِ فَإِنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ هَذَا إذَا كَانَ دِينُهُ الْمَعْلُومُ النَّصْرَانِيَّةَ فَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ فَبِالْعَكْسِ أَيْ إنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (قَوْلُهُ وَمَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ) أَيْ الثَّابِتَةِ لَهُ فِي حَيَاتِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ) أَيْ حَيْثُ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ) أَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فِي الْأَوَّلِ فَلِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ إنَّ أَبَاهُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ الْمُدَّعِي إسْلَامَهُ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ أَخًا نَظَرًا لِلْمُنَازِعِ الْآخَرِ وَأَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْكَافِرَ أَشْمَلُ (قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) أَيْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ وَلَوْ كَانَتْ أَعْدَلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ وَبَيِّنَةُ النَّصْرَانِيَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاقِلَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُسْتَصْحَبَةُ أَعْدَلَ (قَوْلُهُ فَأَشَارَ لَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ لِأَنَّ مَا قَبْلُ إلَّا فِي أَبٍ مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا مَجْهُولٌ حَالُهُ (قَوْلُهُ أَيْ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ) أَيْ لَا أَنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَجْهُولُ الدِّينِ (قَوْلُهُ إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْأَبُ هَلْ هُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا) أَيْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ قُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَاهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ زَادَتْ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّجُلَ جُهِلَ أَصْلُهُ وَإِذَا جُهِلَ فَلَيْسَ ثَمَّ زِيَادَةٌ وَلَا أَمْرٌ يُرَدُّ إلَيْهِ فَوَجَبَ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْأَصْلِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ كُلًّا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَلَا تَكْرَارَ وَلَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَبَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَتَدَاعَيَاهُ فَقَالَ الْوَلَدُ الْمُسْلِمُ هُوَ مُسْلِمٌ وَقَالَ الْوَلَدُ النَّصْرَانِيُّ هُوَ نَصْرَانِيٌّ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُقْبَانِيُّ فِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْحَوفِيِّ. (قَوْلُهُ وَقُسِّمَ مَالُهُ عَلَى الْجِهَاتِ) أَيْ سَوَاءٌ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ عَنْ الْبَيِّنَةِ أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَوْ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالٌ عُلِمَ أَصْلُهُ وَهُوَ مَجْهُولُ الدِّينِ فَلَا أَثَرَ لِلْحَوْزِ فِيهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ أَفْرَادُ جِهَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَفْرَادِ جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ قَسَمُوهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ كُلِّ مِلَّةٍ) أَيْ فَمَا يَخُصُّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ يُقَسَّمُ عَلَى أَفْرَادِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إنْ تَعَدَّدَ أَفْرَادُهَا وَإِنْ اتَّحَدَ أَخَذَ مَا يَخُصُّهَا إنْ كَانَ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَخَذَ نِصْفَ مَا يَخُصُّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ وَالْبَاقِي مِنْهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا بِنْتًا

اللَّذَيْنِ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ (طِفْلٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وُلِدَ لِلْمَيِّتِ أَيْضًا وَلَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ لِجَهْلِ دِينِ أَبِيهِ وَأَمَّا مَا يَأْتِي لَهُ فِي الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَهُوَ فِي الْأَبِ الْمُحَقَّقُ إسْلَامُهُ (فَهَلْ يَحْلِفَانِ) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ (وَيُوقَفُ) لِلصَّغِيرِ (الثُّلُثُ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا ادَّعَى جِهَةً ثَالِثَةً (فَمَنْ وَافَقَهُ) الطِّفْلُ مِنْهُمَا (أَخَذَ حِصَّتَهُ) مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ وَهِيَ السُّدُسُ (وَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ السُّدُسُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ لَهُ النِّصْفُ وَيَأْخُذُ الصَّغِيرُ السُّدُسَ وَمَنْ وَافَقَهُ الثُّلُثُ وَإِنَّمَا لَمْ يُشَارِكْ الصَّغِيرُ مَنْ وَافَقَهُ مَعَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْجِهَتَيْنِ الثُّلُثَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا السُّدُسُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي انْتَفَى فِيهِ مُسَاوَاةُ أَهْلِ الْجِهَةِ فَإِنْ ادَّعَى جِهَةً ثَالِثَةً أَخَذَ جَمِيعَ الثُّلُثِ (وَإِنْ مَاتَ) الطِّفْلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ (حَلَفَا) ثَانِيًا كُلٌّ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ كَمَا حَلَفَ أَوَّلًا (وَقُسِّمَ) نَصِيبُ الطِّفْلِ بَيْنَهُمَا فَالْيَمِينُ الْأُولَى لِاسْتِحْقَاقِ كُلٍّ حَظَّهُ مِنْ أَبِيهِ وَالثَّانِيَةُ لِاسْتِحْقَاقِهِ مِنْ أَخِيهِ (أَوْ) لَا يَحْلِفَانِ بَلْ يُعْطَى (لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ) ابْتِدَاءً لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ فَيُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ (وَيُجْبَرُ) الْآنَ (عَلَى الْإِسْلَامِ) تَرْجِيحًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلَانِ) ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الظَّفْرِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (قَدَرَ) ذُو حَقٍّ عَلَى شَخْصٍ مُمَاطِلٍ أَوْ مُنْكِرٍ أَوْ سَارِقٍ أَوْ غَاصِبٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ (عَلَى) أَخْذِ (شَيْئِهِ) بِعَيْنِهِ أَوْ بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي مَالَهُ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (فَلَهُ أَخْذُهُ) وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ يَكُنْ) شَيْؤُهُ (غَيْرَ عُقُوبَةٍ) فَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً فَلَا يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَا يَجْرَحُ مَنْ جَرَحَهُ وَلَا يَضْرِبُ مَنْ ضَرَبَهُ وَلَا يُؤَدِّبُ مَنْ شَتَمَهُ وَلِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَأَمْنَ فِتْنَةٍ) أَيْ وُقُوعَ فِتْنَةٍ مِنْ قِتَالٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ جَرْحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَ) أَمْنَ (رَذِيلَةٍ) تُنْسَبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْلِمَةً وَأُخْتًا كَافِرَةً أَوْ الْعَكْسُ فَمَا تَأْخُذُهُ الْمُسْلِمَةُ تُعْطَى نِصْفَهُ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْأُخْتَ أَوْ الْبِنْتَ الْمُسْلِمَةَ تَدَّعِي النِّصْفَ وَبَيْتَ الْمَالِ يَدَّعِي النِّصْفَ الْآخَرَ وَالْكَافِرَةَ تُنَازِعُهُمَا فَتَأْخُذُ نِصْفَ مَالِ كُلٍّ (قَوْلُهُ اللَّذَيْنِ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ) أَيْ سَوَاءٌ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ كَانَتْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُجَرَّدَةً عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَحْلِفَانِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْبُدَاءَةُ بِالْقُرْعَةِ إذَا تَنَازَعَا فِيمَنْ يَحْلِفُ مِنْهُمَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ فَمَنْ وَافَقَهُ الطِّفْلُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَمَنْ وَاقَعَهُ عَلَى أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ وَضَمِيرُ وَافَقَهُ الْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ وَالْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الطِّفْلِ وَكَذَا ضَمِيرُ أَخَذَ عَائِدٌ عَلَى الطِّفْلِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ فِي حِصَّتِهِ عَائِدٌ أَيْضًا عَلَى مَنْ وَالتَّقْدِيرُ فَأَيُّ وَلَدٍ وَافَقَهُ الطِّفْلُ أَخَذَ ذَلِكَ الطِّفْلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِقْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَنْ تَدَيَّنَ بِجِهَةٍ ثَالِثَةٍ أَخَذَ الْمَوْقُوفُ كُلَّهُ (قَوْلُهُ وَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ السُّدُسُ الْبَاقِي) أَيْ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا دَفَعَ لِكُلٍّ مِنْ الْبَالِغَيْنِ أَرْبَعَةً وَوَقَفَ لِلصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَرْبَعَةً فَإِذَا بَلَغَ وَوَافَقَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ دِينَارَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَرَدَّ لِلَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ دِينَارَيْنِ وَلَا يُشَارِكُ الصَّبِيُّ مَنْ وَافَقَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي أَخَذَهَا أَوَّلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلطِّفْلِ سُدُسَ التَّرِكَةِ اثْنَانِ وَيَنُوبُ الَّذِي وَافَقَهُ الطِّفْلُ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَيَنُوبُ الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ نِصْفُهَا وَهُوَ سِتَّةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُشَارِكْ الصَّغِيرُ) أَيْ بِحَيْثُ يَشْتَرِكَانِ فِي النِّصْفِ سَوِيَّةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْجِهَتَيْنِ الثُّلُثَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَإِنَّمَا وُقِفَ لِلصَّغِيرِ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ وَرُبَّمَا ادَّعَى جِهَةً فِي الْأَصَلِ ثَالِثَةً وَلَمْ يُعْطِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَافَقَ الْمُسْلِمَ مَثَلًا كَانَا جِهَةً وَاحِدَةً فَيَكْمُلُ لِتِلْكَ الْجِهَةِ مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الطِّفْلُ كِمَالَةَ النِّصْفِ وَتَسْتَحِقُّ الْجِهَةُ الْأُخْرَى بَاقِيَ النِّصْفِ وَهُوَ السُّدُسُ فَيُرَدُّ عَلَيْهَا مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ كِمَالَةُ النِّصْفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الطِّفْلُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ الْبَالِغَيْنِ قَبْلَ بُلُوغِ الطِّفْلِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ مَعْرُوفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ وُقِفَتْ تَرِكَتُهُ فَإِذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ وَوَافَقَهُ أَخَذَهَا (قَوْلُهُ وَقُسِّمَ نَصِيبُ الطِّفْلِ بَيْنَهُمَا) اسْتَشْكَلَ هَذَا ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ فِيهِ مِيرَاثًا مَعَ الشَّكِّ فِي مُوَافَقَتِهِ لَهُمَا فِي الدِّينِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِأَحَدِهِمَا فِي الدِّينِ وَأَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لَهُمَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ هُنَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي تَبَعِيَّةَ أَخِيهِ لِدِينِ أَبِيهِ الَّذِي ادَّعَاهُ لَهُ نَعَمْ يَبْقَى النَّظَرُ كَمَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ إذَا كَانَ لِهَذَا الصَّغِيرِ وَارِثٌ غَيْرُهُمَا كَأُمٍّ فَتَدَبَّرْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَيُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ) أَيْ وَهُوَ الرُّبْعُ فَيَصِيرُ بِيَدِ الطِّفْلِ رُبْعَانِ وَذَلِكَ نِصْفُ الْمَالِ وَيَصِيرُ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَالِغَيْنِ رُبْعُ الْمَالِ وَذَلِكَ نِصْفُهُ الْآخَرُ (قَوْلُهُ عَلَى أَخْذِ شَيْئِهِ إلَخْ) أَرَادَ بِشَيْئِهِ حَقَّهُ الشَّامِلَ لِعَيْنِ شَيْئِهِ وَعِوَضَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فَاحْتَاجَ لِإِخْرَاجِ الْعُقُوبَةِ مِنْهُ وَلَوْ أَرَادَ بِشَيْئِهِ عَيْنَهُ لَمْ يُحْتَجْ لِقَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عُقُوبَةٍ لِعَدَمِ شُمُولِ عَيْنِ شَيْئِهِ لَهُ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا يُمْكِنُ أَخْذُ مِثْلِهَا وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِمِثْلِهَا مِمَّنْ ظَلَمَهُ ضَعِيفٌ وَشَمِلَ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ شَخْصَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ عَلَى الْآخَرِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ فَلِلْآخَرِ جَحْدُ مَا يُعَادِلُهُ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَيُحَاشِيَ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَدَّبُ مَنْ شَتَمَهُ) أَيْ وَكَذَا لَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَهُ وَلَا يُقْتَصُّ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ

إلَيْهِ كَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ (وَإِنْ) (قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِوَكِيلِ رَبِّ الْحَقِّ الْغَائِبِ حِينَ طَالَبَهُ الْوَكِيلُ بِالْحَقِّ الَّذِي وُكِّلَ عَلَيْهِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ) أَوْ قَضَيْته حَقَّهُ (أُنْظِرَ) إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ بِكَفِيلِ الْمَالِ إنْ طَلَبَهُ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالدَّيْنِ مُدَّعِيًا الْإِبْرَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ وَهَذَا إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذْ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَ أَوْ مَا اقْتَضَى وَتَمَّ الْأَخْذُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ (وَمَنْ اسْتَمْهَلَ) أَيْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ (لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ) أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بِحَقٍّ (أُمْهِلَ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِلَا حَدٍّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ (كَحِسَابٍ وَشُبْهَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُهْلَةَ لِحِسَابٍ يُحَرِّرُهُ أَوْ لِكِتَابٍ يُخَرِّجُهُ وَيَنْظُرُ فِيهِ لِيَكُونَ فِي جَوَابِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ (بِكَفِيلِ الْمَالِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى حَقِّهِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَطَلَبَ الْمُهْلَةَ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَاهِدِهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ بِكَفِيلٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَمُدَّةِ الْمُهْلَةِ بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَدْخُولُهَا مَعْطُوفٌ عَلَى دَفْعٍ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةِ (فَبِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ) يَضْمَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُجَابُ لِحَمِيلٍ بِالْمَالِ اتِّفَاقًا إذْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ حَمِيلِ الْوَجْهِ أَيْ لَا يُجَابُ لِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ بَابِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِالدَّعْوَى (وَهَلْ) مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَسَرِقَةٍ إلَخْ) أَيْ كَنِسْبَتِهِ لِسَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ حِرَابَةٍ (قَوْلُهُ أَنَظَرَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَخَّرَ حَتَّى يَعْلَمَ مَا عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ هَلْ أَبْرَأ أَوْ اُقْتُضِيَ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْإِنْظَارُ إنْ قَرُبَتْ غِيبَةُ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَعُدَتْ إلَخْ ثُمَّ إنَّ التَّفْرِقَةَ الْمَذْكُورَةَ بَيْنَ الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يُقْضَى بِالْحَقِّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَا يُؤَخَّرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عِنْدِي تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْظُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ بِقِيلِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْوَكِيلِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ حَيْثُ قَالَ لَا يُقْضَى عَلَى الْمَدِينِ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً إلَّا إذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ إنَّهُ مَا أَبْرَأَ) هَذَا إذَا حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِبْرَاءَ فَإِنْ حَضَرَ وَأَقَرَّ بِهِ رَدَّ لِلْغَرِيمِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَتَمَّ الْأَخْذُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ الْوَكِيلُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ) أَيْ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَلِلْغَرِيمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ غَرِيمَانِ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْغَرِيمُ فَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ وَمَنْ اسْتَمْهَلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِقَضَائِهِ أُمْهِلَ بِكَفِيلِ الْمَالِ وَأَمَّا مَنْ اسْتَمْهَلَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِحَقٍّ ادَّعَاهُ أُمْهِلَ فَإِذَا طَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَمِيلًا بِالْمَالِ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ اتِّفَاقًا وَفِي إجَابَتِهِ لِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ خِلَافٌ يَأْتِي إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ وَأَمَّا تَعْمِيمُ بَعْضِ الشُّرُوحِ فِيهِ بِجَعْلِهِ شَامِلًا لِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ وَالطَّالِبِ حَيْثُ قَالَ وَمَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ بِحَقٍّ أَوْ بِقَضَائِهِ أُمْهِلَ إلَخْ فَغَيْرُ صَوَابٍ لِأُمُورٍ الْأَوَّلُ أَنَّ إقَامَةَ الْغَرِيمِ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَكَيْفَ يُسْتَمْهَلُ الْمُدَّعِي لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْحَقِّ يَدْفَعُ بِهَا بَيِّنَةَ الْقَضَاءِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْغَرِيمِ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِمْهَالَ الْمُدَّعِي لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْحَقِّ يَكُونُ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَجْهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي بَيْنَ مَوْضُوعَيْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ التَّحْدِيدِ بِجُمُعَةٍ وَمَحَلُّ إمْهَالِ الْمَطْلُوبِ إنْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً كَجُمُعَةٍ وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا لِأَنَّ عَلَى الطَّالِبِ ضَرَرًا فِي إمْهَالِ الْمَطْلُوبِ مَعَ بُعْدِ بَيِّنَتِهِ (قَوْلُهُ كَحِسَابٍ وَشِبْهِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَعْمَلَ حِسَابًا أَوْ أَنْظُرَ فِي الدَّفَاتِرِ وَأَعْرِفَ مَا وَصَلَنِي وَمَا خَرَجَ مِنْ يَدَيْ وَالْبَاقِي لِي فَإِنَّهُ يُمْهَلُ بِكَفِيلِ الْمَالِ هَذَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ بَعْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَأَمَّا إنْ كَانَ طَلَبُهُ لِذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهَا عَلَيْهِ بِهِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ بِكَفِيلٍ حَتَّى بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي وَمَسْأَلَةِ مَنْ اسْتَمْهَلَ إلَخْ وَأَمَّا مَا بَعْدَ الْكَافِ فَتَارَةً يَكْفِي فِيهَا الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ وَتَارَةً لَا يَكْفِي فِيهَا إلَّا الْحَمِيلُ بِالْمَالِ فَإِنْ رَجَعَ الْقَيْدُ لَهَا أَيْضًا وَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى طَلَبِهِ لِلْحِسَابِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَاتَهُ مَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْإِمْهَالِ وَفِي لُزُومِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ أَفْيَدُ لَا أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ بِالْمَالِ) هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَتَى بِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ أَمَّا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا فَيَكْفِي الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) أَيْ لِإِرَادَةِ إقَامَتِهَا لَا أَنَّهُ أَقَامَهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ فَبِحَمِيلٍ) أَيْ

(خِلَافٌ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ نَفْيُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) وِفَاقٌ (وَالْمُرَادُ) بِالْحَمِيلِ (وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ) وَيَحْرُسُهُ خَوْفَ الْهَرَبِ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَكِيلِ حَمِيلٌ لَا الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ فَوَافَقَ مَا فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي (أَوْ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَبِحَمِيلٍ الْوَجْهُ (إنْ لَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ) أَيْ عَيْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ غَرِيبًا أَوْ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُعْذَرُ إلَيْهِ فِيهَا إلَّا أَنْ يُخْشَى تَغِيبُهُ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَاثْنَانِ بِالْوِفَاقِ (وَيَجِبُ عَنْ) دَعْوَى جِنَايَةٍ (الْقِصَاصُ) أَوْ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَدَنِ (الْعَبْدُ) إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَا سَيِّدُهُ (وَ) يُجِيبُ (عَنْ) مُوجِبِ (الْأَرْشِ السَّيِّدُ) لَا الْعَبْدُ لِأَنَّ الْجَوَابَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الْمُجِيبُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَالْعَبْدُ لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمْهُ فَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ فَلَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لِلسَّيِّدِ إلَّا لِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ تُوجِبُ قَبُولَ إقْرَارِهِ (وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ) مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ (بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيُمْهَلُ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) أَيْ فَهُمَا قَوْلَانِ مُتَغَايِرَانِ مَشَى فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى قَوْلٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ وِفَاقٌ) أَيْ وَهُوَ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ وَيَحْرُسُهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا الْكَفِيلُ بِالْوَجْهِ أَيْ الَّذِي إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ وَيَضْمَنُ مَا عَلَيْهِ وَهَذَا التَّوْفِيقُ لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ لِتَشْهَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُجِيبُ عَنْ دَعْوَى جِنَايَةِ الْقِصَاصِ) أَيْ عَنْ دَعْوَى الْجِنَايَةِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَدُّ أَيْ وَعَنْ الدَّعْوَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ أَوْ التَّعْزِيرِ وَالْمُرَادُ بِجَوَابِهِ عَنْ الدَّعْوَى بِمَا ذَكَرَا إجَابَتُهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ أَوْ التَّجْرِيحِ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ قَذَفَ فُلَانًا أَوْ شَتَمَ فُلَانًا فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُجِيبُ إمَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ فَإِنْ أَقَرَّ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ حُدَّ أَوْ أُدِّبَ وَإِنْ أَنْكَرَ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا أَوْ يَجْرَحَهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَ مَعَ إنْكَارِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ جَوَابِ الْعَبْدِ فِي دَعْوَى جِنَايَةِ الْقِصَاصِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِي جَوَابِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ كَإِقْرَارِهِ بِقَتْلِ مُمَاثِلِهِ وَقَدْ اسْتَحْيَاهُ سَيِّدُ مُمَاثِلِهِ لِيَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَحْيَاهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ تَوَاطَأَ مَعَ الْعَبْدِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِ سَيِّدِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْمَلُ بِجَوَابِهِ وَلَا يُمَكَّنُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمُمَاثِلِ مِنْ أَخْذِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّ ذَلِكَ السَّيِّدِ مِنْ الْقِصَاصِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَجْهَلُ أَنَّ الِاسْتِحْيَاءَ كَالْعَفْوِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ لِلْقِصَاصِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ اُنْظُرْ ح وَكَمَا يُجِيبُ الْعَبْدُ عَنْ الْقِصَاصِ يُجِيبُ عَنْ الْمَالِ غَيْرِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ إذَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَابَ بِإِنْكَارٍ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَأَمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا أَوْ يُجَرِّحَهَا فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ هَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَإِلَّا وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ سَقَطَ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِهِ إنْ عَتَقَ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ عِلْمِ السَّيِّدِ بِهِ لَزِمَهُ اُنْظُرْ ح فَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ فَفِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ) أَيْ كَمَا لَوْ قِيلَ لِلْعَبْدِ أَنْت قَطَعْت يَدَ فُلَانٍ خَطَأً فَقَالَ نَعَمْ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ إقْرَارُ السَّيِّدِ فَهُوَ كَالْقَاطِعِ فَإِنْ أَقَرَّ غَرِمَ الدِّيَةَ أَوْ سَلَّمَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا السَّيِّدُ فَيَلْزَمَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ يُجَرِّحَهَا (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ إلَخْ) أَيْ كَمَشْيِ دَابَّةٍ رَكِبَهَا الْعَبْدُ عَلَى إصْبَعٍ صَغِيرٍ فَقَطَعَتْهُ فَتَعَلَّقَ بِهِ الصَّغِيرُ وَهِيَ تُدْمِي وَيَقُولُ فَعَلَ بِي هَذَا فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَتَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ فَيُسَلِّمُهُ سَيِّدُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةُ فِي قَطْعِ النِّزَاعِ وَهِيَ الْمُتَوَجِّهَةُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ فَبِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْخَصْمِ الْيَمِينَ مِنْ خَصْمِهِ بِدُونِ تَوْجِيهِ مَنْ ذَكَرَ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لَهُ فَإِنْ أَطَاعَ لَهُ بِهَا ثُمَّ تَرَافَعَا لِحَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ ثَانِيًا لِأَنَّ يَمِينَهُ الْأُولَى لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا (قَوْلُهُ فِي كُلِّ حَقٍّ) أَيْ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ جَلِيلًا أَوْ حَقِيرًا وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ اللِّعَانُ وَالْقَسَامَةُ إذْ يَقُولُ فِي الْأَوَّلِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَقَطْ كَمَا قَدَّمَهُ وَفِي الثَّانِي أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَمَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ كَمَا يَأْتِي فَيَقْتَصِرُ فِيهِمَا عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَلَا يُزَادُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ مِنْ مُدَّعٍ) أَيْ تَكْمِلَةً لِلنِّصَابِ كَمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ كَانَتْ اسْتِظْهَارًا كَأَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِالْحَقِّ أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَيْ عِنْدَ عَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نَقْصٍ مِنْهُ فَلَا يُزَادُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الِاسْمِ بِدُونِ وَصْفِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ يَمِينًا يُكَفِّرُ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا زِيَادَةُ الْإِرْهَابِ وَالتَّخْوِيفِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَازِرِيُّ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فَقَطْ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ

وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ (وَلَوْ) كَانَ الْحَالِفُ (كِتَابِيًّا) فَلَا يَزِيدُ يَهُودِيٌّ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَلَا النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَلَا يُنْقِصُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ بِاَللَّهِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ وَفِي نُسْخَةٍ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَيْضًا وَهِيَ أَوْضَحُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ مُطْلَقًا يَقُولُ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ فَالتَّأْوِيلَاتُ ثَلَاثَةٌ (وَغُلِّظَتْ) الْيَمِينُ وُجُوبًا (فِي رُبْعِ دِينَارٍ) فَأَكْثَرَ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ (بِجَامِعِ) الْبَاءِ لِلْآلَةِ فَإِنْ امْتَنَعَ عُدَّ نَاكِلًا (كَالْكَنِيسَةِ) لِذِمِّيٍّ (وَبَيْتِ النَّارِ) لِمَجُوسِيٍّ وَلِلْمُسْلِمِ الذَّهَابُ لِتَحْلِيفِهِمْ بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَتْ حَقِيرَةً شَرْعًا لِأَنَّ الْقَصْدَ صَرْفُهُمْ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَاطِلِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَعَلَى سُورَةِ بَرَاءَةٍ وَفِي ضَرِيحِ وَلِيٍّ حَيْثُ كَانَ لَا يَنْكَفُّ إلَّا بِذَلِكَ وَيَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقَضِيَّةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنْ الْفُجُورِ (وَ) غُلِّظَتْ (بِالْقِيَامِ) إنْ طُلِبَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ (لَا بِالِاسْتِقْبَالِ) لِلْقِبْلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ (وَ) غُلِّظَتْ (بِمِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) أَيْ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ كَبَعْدِ الْعَصْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا أَجْزَأَهُ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ) أَيْ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ قَالَ ح وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْقِصُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِهِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُهَا لِقَوْلِهَا وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَظَاهِرُهَا كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ كِتَابِيًّا يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ) أَيْ فِي الْحَقِّ وَاللِّعَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ) أَيْ وَلَا يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ بِخِلَافِ الْيَهُودِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ قَالُوا الْعُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ لَا يَقُولُونَ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَأَمَّا النَّصَارَى فَقَدْ قَالُوا بِبُنُوَّةِ عِيسَى وَأُلُوهِيَّتِهِ فَقَالُوا إنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَافْتَرَقَا (قَوْلُهُ بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ تَأْوِيلٌ حَيْثُ صَحِبَهُ تَأْوِيلٌ آخَرُ فَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِأَيْضًا وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ التَّأْوِيلِ عَلَى ظَاهِرِهَا تَغْلِيبًا وَإِلَّا فَالتَّأْوِيلُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ فَالتَّأْوِيلَاتُ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ بِجَعْلِ لَفْظِهَا بَاقِيًا عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ شُمُولِهِ الْمُسْلِمَ وَالْكِتَابِيَّ وَالثَّانِي بِجَعْلِ لَفْظِهَا قَاصِرًا عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيِّ وَالثَّالِثُ بِجَعْلِهِ قَاصِرًا عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَغُلِّظَتْ الْيَمِينُ وُجُوبًا) أَيْ إنْ طَلَبَ الْمُحَلِّفُ التَّغْلِيظَ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْيَمِينِ وَالتَّشْدِيدَ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ فَإِنْ أَبَى مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِمَّا طَلَبَهُ الْمُحَلِّفُ مِنْ التَّغْلِيظِ عُدَّ نَاكِلًا وَقَوْلُهُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ إلَخْ أَيْ فَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا إذَا كَانَ مَا ذُكِرَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْجَمِيعِ لَا إنْ كَانَ مَا ذُكِرَ لِشَخْصَيْنِ عَلَى وَاحِدٍ وَلَوْ مُتَفَاوِضَيْنِ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْآلَةِ) أَيْ لَا لِلظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْجَامِعِ تُغَلَّظُ بِصِفَاتٍ أُخْرَى زَائِدَةٍ عَنْ الْوَصْفِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كَوْنِهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْيَمِينُ وَاحِدَةٌ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ تُغَلَّظُ بِوُقُوعِهَا فِي الْجَامِعِ وَالْمُرَادُ بِالْجَامِعِ الْجَامِعُ الْأَعْظَمُ وَهُوَ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَا جَامِعَ لَهُمْ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَحْلِفُونَ حَيْثُ هُمْ وَلَا يُجْلَبُونَ إلَى الْجَامِعِ وَقَالَ التازغدري يُجْلَبُونَ لِلْجَامِعِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ وُجُوبِ السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَثُلُثٌ وَقَالَ بِنَحْوِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا حَلَفُوا بِمَوْضِعِهِمْ نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَأَقْوَاهَا أَوْسَطُهَا فَإِنْ زَعَمَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّهِ لِمَرَضٍ فَقَالَ ابْنُ بَقِيٍّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ إنْ ثَبَتَ عَجْزُهُ بِبَيِّنَةٍ حَلَفَ بِبَيِّنَتِهِ وَإِلَّا أُخْرِجَ لِلْمَسْجِدِ قَهْرًا وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ لَا رَاجِلًا وَلَا رَاكِبًا وَخُيِّرَ الْمُدَّعِي فِي تَحْلِيفِهِ فِي بَيْتِهِ وَتَأْخِيرِهِ لِصِحَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ أَوْ رَدُّ الْيَمِينِ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ إنْ ثَبَتَ مَرَضُهُ حَلَفَ فِي بَيْتِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَى عَجْزِهِ وَخُيِّرَ الْمُدَّعِي فِي الْأَمْرَيْنِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ بِتَحْلِيفِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ صَرْفُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّغْلِيظِ صَرْفُ الْحَالِفِ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَاطِنِ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي ضَرِيحِ وَلِيٍّ) أَيْ وَكَذَا تَحْلِيفُهُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ لَا بِالِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ الْمُحَلِّفُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ الْأَخَوَانِ يُغَلَّظُ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ إنْ طَلَبَ ذَلِكَ الْمُحَلِّفُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ فِي التُّحْفَةِ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن فَقَوْلُ شَارِحِنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ أَيْ وَيَطْلُبُهُ الْمُحَلِّفُ (قَوْلُهُ وَبِمِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) إنَّمَا اخْتَصَّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ يَكُونُ بِالْحَلِفِ فِي الْجَامِعِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قِيلَ لَكِنْ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَهُ بْن وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِمَكَّةَ فَيَكُونُ بِالْحَلِفِ عِنْدَ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَكَان فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَلَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ

(وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ) أَيْ الْمُلَازِمَةُ لِلْخِدْرِ أَيْ السِّتْرِ لِلتَّغْلِيظِ (فِيمَا ادَّعَتْ) بِهِ وَقَامَ شَاهِدٌ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ مَا يُسَاوِيهِ فَتَحْلِفُ مَعَهُ (أَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا) بِذَلِكَ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ (إلَّا الَّتِي لَا تَخْرُجُ) عَادَةً (نَهَارًا) وَتَخْرُجُ لَيْلًا (وَإِنْ مُسْتَوْلَدَةً قَلِيلًا) تَخْرُجُ لِلتَّغْلِيظِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا لَا تَخْرُجُ أَصْلًا كَنِسَاءِ الْمُلُوكِ حَلَفَتْ بِبَيْتِهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ يُوَجِّهُهُمَا الْقَاضِي لَهَا وَلَا يَقْضِي لِلْخَصْمِ إنْ كَانَ ذَكَرًا غَيْرَ مَحْرَمٍ بِحُضُورِهِ مَعَهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الطَّالِبِ لِلْيَمِينِ وَإِلَّا أُعِيدَتْ بِحُضُورِهِ (وَتَحْلِفُ) الْمُخَدَّرَةُ وَلَوْ كَانَتْ تَخْرُجُ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا لِحَوَائِجِهَا (فِي أَقَلَّ) مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ (بِبَيْتِهَا) وَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْخُرُوجِ لِعَدَمِ التَّغْلِيظِ وَيُرْسِلُ الْقَاضِي لَهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا (وَإِنْ) (ادَّعَيْت) أَيُّهَا الْمَدِينُ (قَضَاءً عَلَى مَيِّتٍ) أَيْ بِأَنَّك وَفَّيْته لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ أَقَمْت بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ أَوْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (وَ) إنْ أَنْكَرُوا الْقَضَاءَ وَأَرَدْت تَحْلِيفَهُمْ (لَمْ يَحْلِفْ) مِنْهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ) بِالْقَضَاءِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (مِنْ وَرَثَتِهِ) فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْمَدِينُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ أَنَّهُ وَفَّى وَسَقَطَ عَنْهُ مَنَابُ النَّاكِلِ فَقَطْ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ بَالِغًا وَقْتَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَلَغَ بَعْدُ قَبْلَ الدَّعْوَى وَلَا يَحْلِفُ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ وَلَا غَيْرُ وَارِثٍ وَلَوْ أَخًا شَقِيقًا مُخَالِطًا لِلْمَيِّتِ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ إذْ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَمَنْ عَلِمَ الْقَضَاءَ وَجَبَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ بِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ (وَحَلَفَ) دَافِعُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِغَيْرِهِ فِي صَرْفٍ أَوْ قَضَاءِ حَقٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَخْوِيفٌ وَيَطْلُبُهُ الْمُحَلِّفُ. (قَوْلُهُ وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ وَهِيَ الَّتِي يُزْرَى بِهَا مَجْلِسُ الْقَاضِي لِمُلَازَمَتِهَا لِلْخِدْرِ وَالسَّتْرِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا نَهَارًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا لَيْلًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُهَا عَدَمَ الْخُرُوجِ أَصْلًا لِمَعَرَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى تَخْرُجُ نَهَارًا لِلْحَلِفِ بِالْمَسْجِدِ لِلتَّغْلِيظِ وَالثَّانِيَةُ تَخْرُجُ لَيْلًا وَالثَّالِثَةُ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا بَلْ يُوَجِّهُ لَهَا الْقَاضِي مَنْ يُحَلِّفُهَا فِي بَيْتِهَا (قَوْلُهُ وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ) أَيْ نَهَارًا لِأَجْلِ حَلِفِهَا بِالْجَامِعِ لِلتَّغْلِيظِ (قَوْلُهُ فَتَحْلِفُ مَعَهُ) أَيْ فَتَحْلِفُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ لَهَا (قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ) أَيْ فَتَخْرُجُ لِتَحْلِفَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْلِيفُهَا بِحَضْرَةِ رَبِّ الْحَقِّ فَإِنْ أَبَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا مِنْ حُضُورِهَا لِلْيَمِينِ خَشْيَةَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا فَحَكَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْهَا أَقْصَى مَا يَسْمَعُ لَفْظَ يَمِينِهَا فَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْحَقِّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا فَهَلْ إثْبَاتُ مَنْ يَعْرِفُهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا قَوْلَانِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّغْلِيظُ عَلَيْهَا بِمَسْجِدٍ فَادَّعَتْ حَيْضًا حَلَفَتْ عَلَى مَا ادَّعَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَأُخِّرَتْ. (قَوْلُهُ إلَّا الَّتِي لَا تَخْرُجُ عَادَةً نَهَارًا) أَيْ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً بَلْ وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ فِيمَا تَخْرُجُ فِيهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ لَا تَخْرُجُ (قَوْلُهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْكَمَالِ وَإِلَّا فَالْوَاحِدُ يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَيْت قَضَاءَ) أَيْ لِدَيْنٍ ثَابِتٍ عَلَيْك بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرُوا الْقَضَاءَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِذَلِكَ الْمَدِينِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْلِفْ مِنْهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ) أَيْ فَمَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَوْ زَوْجَةً يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَحَالَ بِهِ وَمَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْهُمْ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ أَنَّ الْوَارِثَ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ يَحْلِفُ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِالْقَضَاءِ أَوْ لَا وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فَقَطْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ ظَنِّ عِلْمِهِ إلَّا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِالْقَضَاءِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِهِ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْمَدِينُ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ غَرِمَ الْمَدِينُ أَيْ لِذَلِكَ الْحَالِفِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَأَمَّا غُرْمُ حِصَّةِ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ وَحِصَّةُ غَيْرِ الْبَالِغِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَلِفِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ فَمَتَى ادَّعَى الْمَدِينُ الْقَضَاءَ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَرَثَةُ قَضَى عَلَيْهِ الْغُرْمَ لِمَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ وَلِغَيْرِ الْبَالِغِ وَلَا يُطَالَبُ بِالْيَمِينِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ) أَيْ الْمَدِينُ أَنَّهُ وَفَّى إلَخْ فَإِنْ نَكَلَ الْمَدِينُ أَيْضًا غَرِمَ لِذَلِكَ النَّاكِلِ حَقَّهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ حَلَفَ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَارِثُ بَالِغًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَيْ سَوَاءٌ ظُنَّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بَالِغًا وَقْتَ الْمَوْتِ بَلْ بَلَغَ بَعْدَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ الدَّعْوَى كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْبُلُوغِ وَقْتَ الْخِصَامِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عبق بَعْدَ ذَلِكَ اهـ أَمِيرٌ. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ أَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ يَمِينِ الْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ حَلَفُوا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ الْعِلْمَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُجِيبُوا كَانَ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ حَبْسٌ وَأَدَبٌ ثُمَّ حَكَمَ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ دَافِعُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِغَيْرِهِ فِي صَرْفٍ أَوْ قَضَاءِ حَقٍّ) أَيْ أَوْ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ أَوْ قِرَاضٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَبُولُ قَوْلِ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ قَبَضَهَا الْآخِذُ مُقْتَضِيًا لَهَا أَوْ لِيُقَلِّبَهَا فَيَأْخُذَ الطَّيِّبَ وَيَرُدَّ غَيْرَهُ.

وَغَابَ عَلَيْهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا نَاقِصَةً أَوْ مَغْشُوشَةً (فِي نَقْصٍ) لِعَدَدٍ (بَتًّا) أَيْ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا كَامِلًا لِأَنَّ النَّقْصَ يَسْهُلُ فِيهِ حُصُولُ الْقَطْعِ (وَ) فِي (غِشٍّ) وَنَقْصِ وَزْنٍ (عِلْمًا) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ زَادَ ابْنُ يُونُسَ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ قَدْ تَخْفَى صَيْرَفِيًّا أَوْ غَيْرَهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ الصَّيْرَفِيُّ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ كَنَقْصِ الْعَدَدِ (وَاعْتُمِدَ الْبَاتُّ) فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ أَيْ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْيَمِينِ بَتًّا مُسْتَنِدًا (عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّ أَبِيهِ) أَوْ أَخِيهِ (أَوْ قَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عُرْفًا عَلَى الْحَقِّ كَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ قِيَامِ شَاهِدٍ لِلْمُدَّعِي بِدَيْنِ أَبِيهِ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَيَمِينِ الْمَطْلُوبِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا) أَيْ الْمُعَيَّنُ الْمُدَّعَى (وَلَا شَيْءَ مِنْهُ) لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ بِالْمِائَةِ مَثَلًا مُدَّعٍ لِكُلِّ آحَادِهَا وَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ مُدَّعًى بِهِ (وَنَفَى) الْحَالِفُ (سَبَبًا إنْ عَيَّنَ) مِنْ الْمُدَّعِي كَمِائَةٍ مِنْ سَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ (وَ) نَفَى (غَيْرُهُ) أَيْضًا نَحْوَ مَا لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لَا مِنْ سَلَفٍ وَلَا غَيْرِهِ أَوْ لَا مِنْ بَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ الْآخِذُ قَبَضَهَا عَلَى الِاقْتِضَاءِ لَا إنْ قَبَضَهَا عَلَى التَّقْلِيبِ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ فَيَحْلِفُ وَيَرُدُّهَا وَيَأْخُذُ بَدَلَهَا وَهَذَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُقَابِلًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَغَابَ) أَيْ الْمَدْفُوعُ لَهُ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا نَاقِصَةً أَيْ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْوَزْنِ أَوْ مَغْشُوشَةً أَيْ وَأَرَادَ رَدَّهَا لِدَافِعِهَا فَأَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ (قَوْلُهُ فِي نَقْصٍ) أَيْ فِي دَعْوَى نَقْصٍ أَيْ فِي دَعْوَى الْمَدْفُوعِ لَهُ نَقْصًا وَقَوْلُهُ لِعَدَدٍ أَيْ أَوْ نَقْصٍ لِوَزْنٍ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ وَزْنًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي النَّقْصِ الْمَذْكُورِ بَتًّا سَوَاءٌ كَانَ صَيْرَفِيًّا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ النَّقْصَ أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاءَ النَّقْصِ يَسْهُلُ إلَخْ أَوْ لِأَنَّ النَّقْصَ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاؤُهُ يَسْهُلُ فِيهِ حُصُولُ الْقَطْعِ أَيْ يَسْهُلُ حُصُولُ الْقَطْعِ أَيْ الْجَزْمِ بِهِ وَلَا يَتَعَذَّرُ فَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْقَطْعِ (قَوْلُهُ وَفِي غِشٍّ) أَيْ وَفِي دَعْوَى غِشٍّ أَيْ وَفِي دَعْوَى الْمَدْفُوعِ لَهُ غِشًّا (قَوْلُهُ وَنَقْصِ وَزْنٍ) أَيْ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ عَدَدًا لَا وَزْنًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَقْصَ الْوَزْنِ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا كَنَقْصِ الْعَدَدِ وَأَمَّا فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا فَهُوَ كَالْغِشِّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ صَيْرَفِيًّا) أَيْ كَانَ الدَّافِعُ صَيْرَفِيًّا إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّافِعَ يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْغِشِّ وَنَقْصِ الْوَزْنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا كَانَ الدَّافِعُ صَيْرَفِيًّا أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الدَّافِعُ غَيْرَ صَيْرَفِيٍّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَيْرَفِيًّا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا أَيْ فِي نَقْصِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ وَالْغِشِّ وَظَاهِرُ ح فِي بَابِ الْبَيْعِ اعْتِمَادُ هَذَا الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغِشٍّ عِلْمًا بِغَيْرِ الصَّيْرَفِيِّ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ) أَيْ لَا فِي خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ أَيْ جَازَ لَهُ أَيْ لِلْحَالِفِ (قَوْلُهُ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ) أَيْ وَقِيلَ إنَّمَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْيَقِينِ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا يَحْلِفُ فِيهِ بَتًّا يُكْتَفَى فِيهِ بِظَنٍّ قَوِيٍّ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْيَقِينُ (قَوْلُهُ كَخَطِّ أَبِيهِ) أَيْ كَالظَّنِّ الْحَاصِلِ لَهُ بِرُؤْيَةِ خَطِّ أَبِيهِ أَوْ خَطِّهِ أَوْ الْحَاصِلُ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الظَّنِّ غَمُوسٌ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَكَيْفَ يُحْكَمُ هُنَا بِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الظَّنِّ فِي الْيَمِينِ بَتًّا قُلْت جَوَازُ الِاعْتِمَادِ هُنَا عَلَى الظَّنِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الْغَمُوسِ وَهُوَ أَنَّهُ الْحَلِفُ عَلَى الشَّكِّ فَقَطْ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْغَمُوسَ الْحَلِفُ عَلَى الشَّكِّ أَوْ الظَّنِّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنَّمَا يُعْتَمَدُ الْبَاتُّ عَلَى الْيَقِينِ أَوْ أَنَّ الظَّنَّ هُنَا قُيِّدَ بِكَوْنِهِ قَوِيًّا بِخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْبَاتُّ أَنَّ غَيْرَهُ وَهُوَ مَنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُعْتَمَدُ عَلَى الظَّنِّ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ. (قَوْلُهُ وَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ مُدَّعًى بِهِ) أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا لِأَنَّ إثْبَاتَ الْكُلِّ إثْبَاتٌ لِكُلِّ أَجْزَائِهِ وَنَفْيُهُ لَيْسَ نَفْيًا لِكُلِّ أَجْزَائِهِ وَقَدْ يُقَالُ الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَنِيَّتُهُ نَفْيُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْقَصْدَ هُنَا زِيَادَةُ التَّشْدِيدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ فَالِاحْتِيَاجُ لِزِيَادَةٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِذَلِكَ لَا لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ أُسْقِطَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهَا مَعَ الْقُرْبِ وَإِعَادَةُ الصِّيغَةِ بِتَمَامِهَا مَعَ الْبُعْدِ (قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ) أَيْ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي بِدُونِ سُؤَالٍ عَنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ عُيِّنَ مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ السَّبَبَ كَمَا لَوْ ادَّعَى بِعَشَرَةٍ فَقَطْ كَفَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا أَوْ مَا لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ مَا لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مَعْنَى مَا لَهُ عَشَرَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ الْمُدَّعِي السَّبَبَ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ نَفْيِ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا أُعِيدَتْ (قَوْلُهُ وَنَفَى غَيْرَهُ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَّعِي يُحْتَمَلُ نِسْيَانُهُ لِلسَّبَبِ وَذَكَرَهُ لِغَيْرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي ثَانِيًا بِعَشَرَةٍ أُخْرَى لِسَبَبٍ غَيْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ فَيَحْتَاجُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْحَلِفِ عَلَى نَفْيِهَا ثَانِيًا وَالشَّارِعُ نَاظِرٌ لِتَقْلِيلِ الْخُصُومَاتِ مَا أَمْكَنَ فَإِذَا نَفَى فِي الْيَمِينِ الْأُولَى السَّبَبَ الْمُعَيَّنَ وَغَيْرَهُ اكْتَفَى بِتِلْكَ الْيَمِينِ وَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ إذَا ادَّعَى بِعَشَرَةٍ أُخْرَى لِسَبَبٍ غَيْرِ السَّبَبِ

(فَإِنْ قَضَى) الْمَطْلُوبُ السَّلَفَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَجَحَدَهُ الطَّالِبُ وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ حَلَفَ مَا أَسْلَفْتنِي وَ (نَوَى) فِي ضَمِيرِهِ (سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ) الْآنَ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ (وَإِنْ) (قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِيَدِهِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لِلْمُدَّعِي هُوَ (وَقْفٌ أَوْ) هُوَ (لِوَلَدِي) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ (لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ) لِذَلِكَ الشَّيْءِ (مِنْ) إقَامَةِ (بَيِّنَتِهِ) لَكِنْ لَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ تَتَوَجَّهُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَوْ عَلَى الِابْنِ الْكَبِيرِ أَوْ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَقَدْ يَكُونُ هُوَ الْأَبُ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُ (وَإِنْ) (قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ (لِفُلَانٍ) (فَإِنْ حَضَرَ) فُلَانٌ الْمُقَرُّ لَهُ (ادَّعَى عَلَيْهِ) فَإِنْ كَذَّبَ الْمُقِرَّ رَجَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْمُقِرِّ وَإِنْ قَالَ نَعَمْ هُوَ لِي فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ أَوْ لَا (فَإِنْ حَلَفَ) أَنَّهُ لَهُ أَخَذَهُ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ لَهُ وَالْيَمِينِ وَحِينَئِذٍ (فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ) أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ هُوَ حَقٌّ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَتَمَّ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (وَإِنْ نَكَلَ) الْمُقِرُّ (حَلَفَ) الْمُدَّعِي (وَغَرِمَ) الْمُقِرُّ لِلْمُدَّعِي (مَا فَوَّتَهُ) عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مِنْ قِيمَتِهِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَأَمَّا لَوْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ وَيُثْبِتُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَذُكِرَ قَسِيمٌ فَإِنْ حَضَرَ بِقَوْلِهِ (أَوْ غَابَ) وَلَوْ قَالَ وَإِنْ غَابَ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُقَابَلَةِ أَيْ وَإِنْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْبَةً بَعِيدَةً لَا يُعْذَرُ لَهُ فِيهَا (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا (يَمِينٌ) أَنَّ إقْرَارَهُ لِلْغَائِبِ حَقٌّ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إبْطَالَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ (أَوْ بَيِّنَةٌ) تَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَيَبْقَى الْمُقَرُّ بِهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ لِحُضُورِ الْمُقَرِّ لَهُ (وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ) إذَا حَضَرَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذْ الْمُدَّعِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بَيِّنَتِهِ (فَإِنْ) (نَكَلَ) الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (أَخَذَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَضَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَقَضَاهُ لَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْمَالِ وَطَلَبَ الْمُقْتَرِضَ بِالْمَالِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي فَطَلَبَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ وَيَنْوِي فِي قَلْبِهِ سَلَفًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ وَمِنْ الدَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ حِينَ طَلَبَهُ مِنْهُ رَدَدْته عَلَيْك لَزِمَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الرَّدِّ، فَإِنْ قُلْت الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَنِيَّةُ الْمُحَلِّفِ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ أَصْلًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ السَّلَفُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتِلْكَ الْيَمِينِ وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُمْ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لَا الْحَالِفِ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُحَلِّفِ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِذَا كَانَ لِلْمُحَلِّفِ حَقٌّ فَلَا يَنْفَعُ الْحَالِفَ فِي ذَلِكَ نِيَّةٌ وَلَا تَوْرِيَةٌ وَلَا اسْتِثْنَاءٌ بِإِجْمَاعٍ وَيَكُونُ آثِمًا بِيَمِينِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْوَعِيدِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ» اُنْظُرْ بْن وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُعْسِرُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا خَافَ أَنْ يُحْبَسَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ كَذَلِكَ أَيْ مَا أَسْلَفْتنِي وَيَنْوِي سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ الْآنَ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ مَا دَامَ عَلَى حَالِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا فِي عج نَقْلًا عَنْ قَوَاعِدِ الْمُقْرِي وَلَا يُقَالُ هَذِهِ الْيَمِينُ وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ فِي الْوَاقِعِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَنْفَعُ فِيهَا وَيَكُونُ آثِمًا لِأَنَّا نَقُولُ الْمُعْسِرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ لَوَلَدِي) أَيْ أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ) أَيْ لَمْ يُمْنَعْ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَتِهِ بِسَبَبِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ لِفُلَانٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ الرَّشِيدُ أَوْ مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِهِ لِسَفَهِهِ هُوَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ أَيْ وَأَعَارَهُ لِي أَوْ آجَرَهُ لِي أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي وَلَا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا وَحَلَفَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّ فِيهَا لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةً (قَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَقَوْلُهُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَيْ نُقِلَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ رَجَعَتْ الدَّعْوَى) عَلَى الْمُقِرِّ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَخَذَهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ بَقِيَ بِيَدِهِ حَوْزًا عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي وَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ نَعَمْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ نَعَمْ هُوَ لِي وَقَوْلُهُ فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ أَيْ فَإِنْ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ حَقٌّ لَهُ بَرِئَ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِي فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ حَلَفَ أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ لَهُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ حَقِّي وَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ مَعَ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ) أَيْ لَهُ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ بِالنُّكُولِ أَيْ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ وَالْحَلِفِ أَيْ حَلِفِ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا (قَوْلُهُ إنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ) أَيْ أَوْدَعَهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُقِرِّ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَعَارَهُ لَهُ قَالَ بْن وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ بِالْمِلْكِيَّةِ لَازِمًا بَلْ يَكْفِي فِي بَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ وَرَدِّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمُجَرَّدَةِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِالْإِيدَاعِ وَنَحْوِهِ كَالرَّهِينَةِ وَالْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ

الْمُدَّعِي حَوْزًا (بِلَا يَمِينٍ) إلَى حُضُورِ الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ وَعَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْفَاءِ قَوْلُهُ (وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ حَضَرَ فِي غَيْبَتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ أَوْ الْمُدَّعِي كَمَا عَلِمْت (فَصُدِّقَ الْمُقِرُّ أَخَذَهُ) مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا بِيَمِينٍ وَقِيلَ إنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُقِرِّ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ صِدْقِ الْمُقِرِّ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ سَقَطَ حَقُّهُ وَكَانَ لِلْمُدَّعِي وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَمَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ وَقِيلَ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ (وَإِنْ اسْتَحْلَفَ) الْمُدَّعِي أَيْ حَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا مُجَرَّدِ طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ (وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ) بِالْبَلَدِ (أَوْ) غَائِبَةٌ غَيْبَةً قَرِيبَةً (كَالْجُمُعَةِ) وَنَحْوِهَا ذَهَابًا (يَعْلَمُهَا) الْمُدَّعِي وَأَرَادَ إقَامَتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ (لَمْ تُسْمَعْ) وَسَقَطَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ مَا حَلَّفَ خَصْمَهُ إلَّا عَلَى إسْقَاطِهَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْهَا فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَالْقَوْلُ لَهُ فِي نَفْيِ عِلْمِهَا بِيَمِينِهِ وَكَذَا نِسْيَانُهَا أَوْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى كَالْجُمُعَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَإِنْ) (نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (فِي مَالٍ وَحَقِّهِ) أَيْ الْمَالِ أَيْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ (اسْتَحَقَّ) الطَّالِبُ (بِهِ) أَيْ بِالنُّكُولِ بِيَمِينٍ مِنْ الطَّالِبِ أَيْ مَعَهُ لَا بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ هَذَا (إنْ حَقَّقَ) الْمُدَّعِي مَا ادَّعَى بِهِ فَالتَّحَقُّقُ قَيْدٌ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ سَقَطَ حَقُّهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوجِبُ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ التُّهْمَةَ لَاسْتَحَقَّ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ لِأَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ لَا تُرَدُّ (وَلْيُبَيِّنْ الْحَاكِمُ) لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حُكْمَهُ) أَيْ حُكْمَ النُّكُولِ أَيْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ أَوْ التُّهْمَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ فِي التَّحْقِيقِ إنْ نَكَلْت حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ وَفِي الِاتِّهَامِ إنْ نَكَلْت اسْتَحَقَّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِك وَالْبَيَانُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ كَالْأَعْذَارِ فِي مَحَلِّهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَا يُمْكِنُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا لِأَنَّهَا لَا تَقْطَعُ حُجَّةَ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ الْمُقِرِّ أَوْ إقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ وَأَخْذِهِ لِلْمُتَنَازِعِ فِيهِ أَوْ بَعْدَ نُكُولِهِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُدَّعِي وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَصُدِّقَ الْمُقِرُّ) أَيْ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا) أَيْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ حَيْثُ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَمِنْ يَدِ الْمُدَّعِي حَيْثُ انْتَفَيَا وَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا مَا كَانَ يُقَرِّرُهُ مُعْظَمُ أَشْيَاخِ عج أَمَّا حَلِفُهُ إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُدَّعِي فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُقِرِّ فَلِأَنَّ إقْرَارَهُ لَهُ بِهِ وَيَمِينُهُ أَنَّهُ لَهُ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا فِي غَيْبَتِهِ لَمْ تَشْهَدْ بِالْمِلْكِيَّةِ بَلْ بِالْإِعَارَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الرَّهْنِيَّةِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِيَّةِ لَأَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُقِرِّ) وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَأَمَّا إنْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي حَيْثُ انْتَفَيَا أَخَذَهُ بِيَمِينٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح قَالَ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ ح أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا حَضَرَ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْمُقِرِّ بِلَا يَمِينٍ لَهُ لَكِنْ إذَا خَاصَمَهُ الْمُدَّعِي حَلَفَ لَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ وَمَشَايِخُ عج إنَّمَا تَكَلَّمُوا عَلَى حَلِفِهِ لِلْمُدَّعِي لَا لِلْمُقِرِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ لِلْمُدَّعِي) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَبَيْتُ الْمَالِ لَمْ يَحُزْ حَتَّى يُدَافِعَ الْإِمَامُ عَنْهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْقَوْلَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ) الْمَازِرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ) أَيْ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ وَوَجَدَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ بِيَدِ الْمُدَّعِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ اتِّفَاقًا وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا اسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ وَحَلَفَ لَهُ بِالْفِعْلِ ثُمَّ أَتَى ذَلِكَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ وَقْتَ الْحَلِفِ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ خَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِهَا حِينَ تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً حِينَ التَّحْلِيفِ أَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ وَإِلَّا فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَ فَلَا بَيِّنَةَ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ لَكِنْ أَعَادَهَا لِأَجْلِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَيِّنَةِ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً يَعْلَمُهَا أَوْ لَا الْغَيْرُ الْمُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ وَاقِعٌ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ أَيْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي اسْتَحْلَفَ زَائِدَتَانِ لَا لِلطَّلَبِ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَمَاعَهَا بَعْدَ حَلِفِ الْمَطْلُوبِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا عُمِلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا فِي ح عَنْ زَرُّوقٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا نِسْيَانُهَا) أَيْ وَكَذَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فِي نِسْيَانِهَا (قَوْلُهُ أَوْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ إلَخْ) أَيْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا سَوَاءٌ عَلِمَ بِهَا حِينَ التَّحْلِيفِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ حَلَفَ الطَّالِبُ الْيَمِينَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوجِبُ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ) أَيْ الَّتِي نَكَلَ عَنْهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ التُّهْمَةُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ تَتَوَجَّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَالسَّرِقَةِ أَنَّهَا تَتَوَجَّهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَتَوَجَّهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ بَلْ يَغْرَمُ الْمَطْلُوبُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ تَتَوَجَّهُ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاتِّهَامِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتُّهْمَةِ مَا قَابَلَ التَّحْقِيقَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَلْيُبَيِّنْ الْحَاكِمُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْمُحَكَّمُ (قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ كَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَمَحَلُّ طَلَبِ الْقَاضِي بِالْبَيَانِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ مِنْهُ الْجَهْلَ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ مِنْهُ الْعِلْمَ فَلَا يُطَالَبُ بِالْبَيَانِ لَهُ

مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ (مِنْهَا إنْ نَكَلَ) أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ أَوْ قَالَ لِخَصْمِهِ احْلِفْ أَنْت وَخُذْ (بِخِلَافِ مُدَّعٍ الْتَزَمَهَا) مَعَ شَاهِدٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْتَزَمَهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ (ثُمَّ رَجَعَ) وَقَالَ لَا أَحْلِفُ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَتَحْلِيفُ خَصْمِهِ وَلَا يَكُونُ الْتِزَامُهُ لَهَا مُوجِبًا لِعَدَمِ رُجُوعِهِ (وَإِنْ) (رُدَّتْ) يَمِينٌ (عَلَيَّ مُدَّعٍ) أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ مُقِيمِ شَاهِدٍ فِي مَالٍ (وَسَكَتَ) مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ (زَمَنًا) لَمْ يَقْضِ الْعُرْفُ بِأَنَّهُ نُكُولٌ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَهُ الْحَلِفُ) وَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ نُكُولًا وَهَذَا مَفْهُومٌ إنْ نَكَلَ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ سَكَتَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ زَمَنًا فَلَهُ الْحَلِفُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ وَأَلْحَقَهَا بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا مَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَفِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَأَجْنَبِيٌّ شَرِيكٌ وَأَقَارِبُ شُرَكَاءُ أَصْهَارُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ) فِي الشَّيْءِ الْمُحَازِ (وَتَصَرُّفُ) الْحِيَازَةِ وَهِيَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ أُمُورِ سُكْنَى أَوْ إسْكَانٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ اسْتِغْلَالٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ قَطْعِ شَجَرٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ وَطْءٍ فِي رَقِيقٍ (ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَإِنْ بَعُدَتْ كَمَنْ عَلَى جُمُعَةٍ فَلَهُ الْقِيَامُ مَتَى قَدِمَ مُطْلَقًا كَالْأَرْبَعَةِ وَثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ أَوْ التَّوْكِيلِ فَإِنْ جُهِلَ أَمْرُهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْقُطُ حَقُّهُ فَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْقَرِيبَةِ كَالْأَرْبَعَةِ مَعَ جَهْلِ الْحَالِ (سَاكِتٌ) عَالِمٌ (بِلَا مَانِعٍ) لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ فَإِنْ نَازَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ وَطُلِبَتْ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ وَقَالَ لَا أَحْلِفُ (قَوْلُهُ إنْ نَكَلَ) أَيْ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُدَّعٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِ مَنْ الْتَزَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ وَصُورَةُ الْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقِيلَ لَهُ احْلِفْ مَعَ شَاهِدِك فَرَضِيَ وَالْتَزَمَ بِالْحَلِفِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْحَلِفِ وَقَالَ لِي شَاهِدٌ ثَانٍ أَوْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَصُورَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ وَلَا بَيِّنَةَ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي فَطُلِبَتْ الْيَمِينُ مِنْ عَمْرٍو وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ احْلِفْ وَرَضِيَ بِالْيَمِينِ وَالْتَزَمَهَا ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا وَقَالَ أَنَا لِي بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ أَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَأَنَا أَغْرَمُ لَهُ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ الْيَمِينِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يَكُونُ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُدَّعِي مَعَ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ بِالْيَمِينِ فَأَحْرَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مَعَ الْتِزَامِهِ هُوَ لَهَا (قَوْلُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ) الْأَنْسَبُ فَيُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْ عَنْ الْتِزَامِهِ الْيَمِينَ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ (قَوْلُهُ وَسَكَتَ زَمَنًا إلَخْ) وَأَوْلَى لَوْ طَلَبُ الْمُهْلَةِ لِيَتَرَوَّى فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا وَالْإِحْجَامِ ثُمَّ طَلَبَ الْحَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ صُوَرِهَا الْجُزْئِيَّةِ وَقَوْلُهُ مَا تُسْمَعُ فِيهِ أَيْ وَهُوَ مَا فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الْحِيَازَةِ كَمَا لَوْ حَازَ مِلْكَ غَيْرِهِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ وَادَّعَى مِلْكَهُ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَادَّعَى الْمِلْكِيَّةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَكَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْحَائِزِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ بِعَارِيَّةٍ أَوْ أَعْمَارٍ أَوْ بِأَنْ هَذَا الْمَحُوزَ حَبْسٌ أَوْ طَرِيقٌ أَوْ مَسْجِدٌ فَالْحِيَازَةُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ لَا تَنْفَعُ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْحِيَازَةِ أَيْ كَمَا لَوْ حَازَ مِلْكَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَادَّعَى مِلْكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةً) أَيْ وَتَرَكَ مِنْهَا ثَلَاثَةً ذَكَرَهَا الشَّارِحُ آخِرَ حِيَازَةِ الْأَقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ وَحِيَازَةِ الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ غَيْرُ شَرِيكٍ) أَيْ لِلْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ وَتُصْرَفُ أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَيُزَادُ عَلَيْهَا التَّدْبِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ كَثِيرِينَ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ لَا لَهُ أَوْ كَانَا يَسِيرَيْنِ عُرْفًا (قَوْلُهُ بِالْبَلَدِ) أَيْ مَعَ الْحَائِزِ (قَوْلُهُ كَمَنْ عَلَى جُمُعَةٍ) أَيْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَهُ الْقِيَامُ مَتَى قَدِمَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَهِلَ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَنَعَهُ مِنْ الْقُدُومِ عُذْرٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَاخْتِلَافُهُمَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ إنَّمَا هُوَ إذَا عَلِمَ بِأَنَّ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا حِيَازَةَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْحَاضِرُ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْقَرِيبِ الْغَيْبَةِ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ عِلْمُهُ وَفِي الْحَاضِرِ يُحْمَلُ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ عَالِمٌ) أَيْ بِالتَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ فَلَهُ الْقِيَامُ وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَازَعَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ نَازَعَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ الْحَائِزَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَهَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ سَاكِتٌ وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ إلَخْ مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ بِلَا مَانِعٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ سُقُوطِ حَقِّ الْمُدَّعِي إذَا نَازَعَ وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الْعَشْرِ سِنِينَ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ لَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا اهـ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ

أَوْ جَهِلَ كَوْنَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ مِلْكُهُ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ إكْرَاهٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَمِنْ الْعُذْرِ الصِّغَرُ وَالسَّفَهُ (عَشْرَ سِنِينَ) مَعْمُولٌ لَحَازَ وَمَا بَعْدَهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِهَا وَالْعَشْرُ سِنِينَ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذَا الطُّولُ كَمَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ وَكَذَا التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ الْمَذْكُورُ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (وَلَا بَيِّنَتُهُ) الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُكَذِّبُهُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ الْحَائِزِ لِجَرْيِ الْعَادَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْكُتُ عَنْ مِلْكِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْحِيَازَةُ كَالْبَيِّنَةِ الْقَاطِعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَابْنُ نَاجِيٍّ وَفِي ابْنِ عُمَرَ إنَّمَا تَنْفَعُهُ الْمُنَازَعَةُ إذَا كَانَتْ عِنْدَ قَاضٍ (قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ كَوْنَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ مِلْكَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَا عِلْمَ لِي بِأَنَّهُ مِلْكِي وَمَا وَجَدْت الْوَثِيقَةَ إلَّا الْآنَ عِنْدَ فُلَانٍ قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ لِغَيْبَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ غَيْبَةِ الْوَثِيقَةِ الْعَالِمِ بِهَا فَحِينَ حَضَرَتْ بَعْدَ الْعَشْرِ سِنِينَ قَامَ بِهَا فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فَفِي ح نَقْلًا عَنْ الْجُزُولِيِّ إذَا قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا مِلْكِي وَلَكِنْ مَنَعَنِي مِنْ الْقِيَامِ عَدَمُ الْبَيِّنَةِ وَالْآنَ وَجَدْت الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا عُذْرًا لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ لَهُ إذَا نَازَعَهُ أَوْ يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ هُوَ وَكَذَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ الصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتَرِفِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يَتَيَسَّرُ فِيهِ مَنْ يَزْجُرُ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ الْحِيَازَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْأَحْكَامِ وَأَمَّا فِي الْبَادِيَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا حِيَازَةَ وَمِنْ ذَلِكَ خَوْفُ الْحَاضِرِ مِنْ سَطْوَةِ الْحَائِزِ أَوْ مِنْ سَطْوَةِ مَنْ اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْحَائِزُ وَلِذَا ذَكَرَ ح وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا حِيَازَةَ لِذِي الشَّوْكَاتِ وَالتَّغَلُّبِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ الْعُذْرِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ التَّكَلُّمِ الصِّغَرُ وَالسَّفَهُ بِخِلَافِ جَهْلِهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تُسْقِطُ الْحَقَّ وَتَقْطَعُ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ تَصَرُّفٌ وَحَاضِرٌ وَسَاكِتٌ وَبِلَا مَانِعٍ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَعْمُولًا لِحَازَ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِأَحَدِهَا وَبَاقِيهَا يَعْمَلُ فِي ضَمِيرِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّنَازُعِ فِي مِثْلِ هَذَا الْعَدَدِ وَإِلَّا فَيُقَدَّرُ مَعْمُولٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْعَوَامِلِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ضَمِيرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ وَتُصْرَفُ عَشْرَ سِنِينَ فِيهِ ضَعْفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِهَا بَلْ يَكْفِي فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا وَلَوْ فِي أَوَّلِهَا وَهَذَا التَّعَقُّبُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَشْرَ سِنِينَ مَعْمُولٌ لِحَازَ وَمَا بَعْدَهُ أَمَّا إنْ جُعِلَ مَعْمُولًا لِحَاضِرٍ سَاكِتٍ بِلَا مَانِعٍ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ كَوْنَ الْحِيَازَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَيْسَ ظَرْفًا لِتَصَرُّفٍ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ التَّعَقُّبُ (قَوْلُهُ وَالْعَشْرُ سِنِينَ) أَيْ وَالْحَوْزُ عَشْرُ سِنِينَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ وَقَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ تَحْدِيدَ الْحِيَازَةِ فِي الْعَقَارِ بِالْعَشْرِ نَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَعَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرَبِيعَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَا قَارَبَ الْعَشْرَ كَتِسْعٍ وَثَمَانٍ كَالْعَشْرِ وَقَالَ مَالِكٌ تُحَدُّ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَذَا التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الطُّولُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ بِالسُّكْنَى أَوْ الْإِسْكَانِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ الِاسْتِغْلَالِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ قَطْعِ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَتَحْصُلُ الْحِيَازَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَطْءِ وَلَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ وَلَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ إلَّا أَنَّهُ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ حَقِّهِ وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ كَانَ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ وَإِنْ قَامَ بَعْدَ عَامٍ وَنَحْوِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَخْتَلِفُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلَانِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) أَيْ سَمَاعًا مُعْتَدًّا بِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ سَمَاعِهَا رَأْسًا إذْ تُسْمَعُ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِ الْحَائِزِ لِلْمُدَّعِي أَوْ اعْتِقَادِ الْحَائِزِ أَنَّ مُجَرَّدَ حَوْزِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ يُوجِبُ لَهُ مِلْكَهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ وَثَائِقُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى مُدَّعِي الْمِلْكِيَّةِ (قَوْلُهُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) هِيَ أَرْبَعَةٌ أَوَّلُهَا أَنْ يَحْصُلَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْحَائِزِ تَصَرُّفٌ

لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا لِيَمِينٍ أَيْ مِنْ الْحَائِزِ وَهَذَا فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا الْوَقْفُ بِأَنْوَاعِهِ فَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ تَقَادَمَ الزَّمَنُ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَتُهُ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ (بِإِسْكَانٍ) مِنْ الْمُدَّعِي لِلْحَائِزِ (وَنَحْوِهِ) كَإِعْمَارٍ أَوْ إرْفَاقٍ أَوْ مُسَاقَاتِهِ أَوْ مُزَارَعَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَّا بِدَعْوَى إسْكَانٍ لِعَدَمِ قَبُولِ دَعْوَاهُ مَعَ إنْكَارِ الْحَائِزِ نَعَمْ إنْ أَقَرَّ كَانَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ أَوْلَى وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْحَائِزِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي مَالًا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ فِي ذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِالْإِسْكَانِ وَنَحْوِهِ وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (كَشَرِيكٍ) أَيْ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ لَا مُطْلَقًا (أَجْنَبِيٍّ) وَالْأَنْسَبُ بِمُقَابَلَتِهِ بِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ كَأَجْنَبِيٍّ شَرِيكٍ (حَازَ فِيهَا) أَيْ فِي الْعَشْرِ سِنِينَ (إنْ هَدَمَ وَبَنَى) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَطْعُ الشَّجَرِ أَوْ غَرْسُهُ فَإِنَّ الْحَائِزَ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَتُهُ وَهَذَا فِي الْفِعْلِ الْكَثِيرِ عُرْفًا وَأَمَّا بِنَاءٌ قَلَّ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ هَدْمُ مَا يُخْشَى سُقُوطُهُ فَلَا يَمْنَعُ قِيَامُ شَرِيكِهِ وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَفِي) حِيَازَةِ (الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ) وَالْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ الْقَرِيبُ الشَّرِيكُ (مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ وَالثَّانِي الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ عَامًا وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ وَلَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ فَلَوْ حُذِفَ الشَّرِيكُ كَانَ أَحْسَنَ وَأَمَّا الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارُ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّهُمْ كَالْأَقَارِبِ فَلَا بُدَّ فِي الْحِيَازَةِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَقِيلَ يَكْفِي الْعَشَرَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ وَقِيلَ لَا يَكْفِي فِيهَا إلَّا مَعَهُمَا وَ (لَا) تُعْتَبَرُ حِيَازَةً (بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ) وَإِنْ سَفَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَنْ يَكُونَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْمُدَّعِيَ لِلْمِلْكِيَّةِ حَاضِرًا مَعَهُ بِالْبَلَدِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَأَنْ يَكُونَ سَاكِتًا وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَائِزُ وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ مِلْكَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ إلَّا مُجَرَّدُ الْحَوْزِ فَلَا يَنْفَعُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ سَبَبِ الْمِلْكِ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يُطَالَبُ بِبَيَانِهِ وَقِيلَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لَمْ يُطَالَبْ الْحَائِزُ بِبَيَانِهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْأَصْلُ الْمِلْكُ لِلْمُدَّعِي طُولِبَ بِبَيَانِهِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا لِيَمِينٍ) أَيْ مِنْ الْحَائِزِ وَقَالَ عِيسَى إنَّهُ يَحْلِفُ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الظَّاهِرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَادَمَ الزَّمَنُ) أَيْ زَمَنُ الْحِيَازَةِ (قَوْلُهُ بِإِسْكَانٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَقَرَّ) أَيْ الْحَائِزُ بِإِسْكَانٍ مِنْ الْمُدَّعِي كَانَ كَالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِإِسْكَانٍ لِلْحَائِزِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) أَيْ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْحَائِزُ الْمِلْكِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِالْإِسْكَانِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْإِسْكَانِ وَنَحْوَهُ وَادَّعَى الْحَائِزُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ جِهَتِهِ بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ مَثَلًا صُدِّقَ الْحَائِزُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِيَمِينِهِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُدَّةَ حِيَازَةٍ لِتَقَدُّمِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ عَلَى إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ حَازَ فِيهَا إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ حِيَازَةَ الْأَجْنَبِيِّ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ نَافِعَةٌ لَهُ بِالشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِرُ الْمُنَازِعُ لَهُ الْمُدَّعِي الْمِلْكِيَّةِ غَيْرَ شَرِيكٍ لَهُ أَوْ كَانَ شَرِيكًا لَهُ وَلَوْ بِمِيرَاثٍ قَوْلُهُ: (إنْ هَدَمَ) أَيْ وَشَرِيكُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ عَالِمٌ بِالتَّصَرُّفِ وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ (قَوْلُهُ أَوْ غَرْسُهُ) أَيْ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَكَذَلِكَ الِاسْتِغْلَالُ فِي غَيْرِهِمَا مِثْلُ كِرَاءِ الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَأَخْذِهِ أُجْرَةَ ذَلِكَ وَأَمَّا اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ وَالدَّارِ بِالْإِجَارَةِ أَوْ بِالسُّكْنَى بِنَفْسِهِ أَوْ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ الشَّرِيكِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ قِيَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِخْدَامِ الرَّقِيقِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ أَيْ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ الشَّرِيكِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ قِيَامِ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْحِيَازَةَ عَشْرَ سِنِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَ تَصَرُّفُ الشَّرِيكِ الْحَائِزُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا مِنْ قَطْعِ الشَّجَرِ وَغَرْسِهِ وَاسْتِغْلَالِ الْحَيَوَانِ وَأَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الشَّرِيكُ الْحَائِزُ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ وَالْعِتْقِ أَوْ الْكِتَابَةِ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْوَطْءِ وَشَرِيكُهُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ فَإِنَّ الْحَائِزَ يَمْضِي فِعْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ طُولُ أَمَدِ الْحِيَازَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ هَدْمَ الْحَائِزِ وَبِنَاءَهُ يَمْنَعُ قِيَامَ الشَّرِيكِ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَمْنَعُ قِيَامُ شَرِيكِهِ أَيْ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا سَاكِتًا بِلَا مَانِعٍ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ (قَوْلُهُ وَفِي حِيَازَةِ الشَّرِيكِ) أَيْ وَفِي أَمَدِ حِيَازَةِ الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ وَلَا مَفْهُومَ لَلشَّرِيك لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي أَمَدِ حِيَازَةِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَمْ لَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا) أَيْ مِنْ قَطْعِ الشَّجَرِ وَغَرْسِهِ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَكَذَا الِاسْتِغْلَالُ بِالْكِرَاءِ وَالِانْتِفَاعُ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْإِرْثُ كَالْوَقْفِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحِيَازَةُ وَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ إلَخْ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَإِلَّا كَانُوا كَالْأَجَانِبِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارُ، إلَخْ) الْأَصْهَارُ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْهُمْ أَوْ وَتَزَوَّجُوا مِنْك وَالْمَوَالِي كَالْعَتِيقِ مَعَ مُعْتِقِهِ أَوْ مَعَ أَوْلَادِهِ (قَوْلُهُ فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ

أَيْ لَا يَصِحُّ حَوْزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (إلَّا بِكَهِبَةٍ) أَيْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّفْوِيتُ لِلذَّاتِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَالِاسْتِغْلَالِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا حِيَازَةَ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَطُولَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ (مَا) أَيْ زَمَانٌ (تَهْلَكُ) فِيهِ (الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ) أَيْ زَمَانٌ شَأْنُهُ ذَلِكَ نَحْوُ السِّتِّينَ سَنَةً وَالْحَائِزُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَالْآخَرُ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ بِلَا مَانِعٍ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَلَامٌ ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ عَشْرَ سِنِينَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ) وَنَحْوُهَا مِنْ بَاقِي الْعَقَارِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَقَارِ لَكَانَ أَحْسَنَ (مِنْ غَيْرِهَا) كَعَرْضٍ وَدَوَابَّ (فِي) حِيَازَةِ (الْأَجْنَبِيِّ) وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ (فَفِي الدَّابَّةِ) تُسْتَعْمَلُ فِي رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ (وَ) فِي (أَمَةِ الْخِدْمَةِ) تُسْتَخْدَمُ (السَّنَتَانِ) فَلَا كَلَامَ لِلْمُدَّعِي الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَهُمَا وَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ (وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرْضٍ) غَيْرُ ثَوْبٍ كَأَوَانِي النُّحَاسِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ وَآلَاتِ الزَّرْعِ سَنَةٌ عَلَى السَّنَتَيْنِ وَأَمَّا ثَوْبُ اللُّبْسِ فَيَكْفِي فِيهِ الْعَامُ وَأَمَّا أَمَةُ الْوَطْءِ تُوطَأُ بِالْفِعْلِ فَتَفُوتُ بِحُصُولِهِ عَالِمًا سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ يَجْرِي عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي الْأَقَارِبِ لَا تَفْتَرِقُ بَيْنَ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْكُلِّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ عَامًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ وَلَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّ الْعَقَارَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ إذْ مِثْلُهُمَا الْإِجَارَةُ وَالْإِسْكَانُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ وَغَرْسُهُ حَيْثُ كَثُرَ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ زَمَنٍ تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الْعِلْمُ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقَارِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ الَّتِي تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالنُّحَاسِ وَالْبُسُطِ وَنَحْوِهَا تُسْتَعْمَلُ فَيَكْفِي فِيهَا الْعَشْرُ سِنِينَ بِخِلَافِ مَا لَا تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالثِّيَابِ تُلْبَسُ فَيَنْبَغِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَقَرِيبٍ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ لِرَبِّهِ أَخَذَ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يَمْضِ عَامٌ فَإِنْ مَضَى فَلَا ثَمَنَ لَهُ أَيْضًا إنْ كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَهُ الرَّدُّ بَعْدَ حُضُورِهِ وَعِلْمِهِ مَا لَمْ يَمْضِ عَامٌ فَإِنْ مَضَى فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ مِنْ الْبَيْعِ وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ أَيْضًا كَذَا ذَكَرُوا فَتَأَمَّلْهُ وَأَمَّا الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَوَالِيَ وَالْأَصْهَارَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كُلُّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَنَّهُمْ كَالْأَقَارِبِ فَلَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ إلَّا مَعَ الطُّولِ جِدًّا بِأَنْ تَزِيدَ مُدَّتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَسَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ بِالِاسْتِغْلَالِ بِالْكِرَاءِ أَوْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَقِيلَ إنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الِاسْتِغْلَالِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَقِيلَ كَالْأَجَانِبِ الشُّرَكَاءِ أَيْ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ لَا بِاسْتِغْلَالٍ أَوْ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ عَنْ الْأَصْهَارِ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ فَيَجْرِي فِيهِمْ مَا جَرَى فِي الْأَقَارِبِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَصْهَارٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَصِحُّ حَوْزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ) أَيْ أَمَدُ الْحِيَازَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ مِنْ شَأْنِهِ تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَكَانَ حَقُّهُ عَطْفَهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قَبْلَهُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ مَعَهُمَا) أَيْ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَعَ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا مِنْ قَطْعِ شَجَرٍ أَوْ غَرْسٍ لَهُ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعُ وَالِاسْتِغْلَالُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تُعْتَبَرُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ إلَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ الْحَائِزِ مِنْهُمَا بِمَا يُفِيتُ الذَّاتَ أَوْ كَانَ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ جِدًّا كَالسِّتِّينَ سَنَةً وَالْآخَرُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ (قَوْلُهُ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَأَمَّا الشَّرِيكُ فَاسْتِخْدَامُهُ الرَّقِيقَ وَرُكُوبَ الدَّابَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ شَرِيكِهِ وَلَوْ لِعَشْرِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكُونُ حِيَازَةُ الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ فِي حَقِّهِ بِالسَّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ تُسْتَعْمَلُ فِي رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْحَرْثِ وَالدَّرْسِ وَالسَّاقِيَّةِ وَالطَّاحُونِ وَاحْتُرِزَ عَنْ دَابَّةٍ لَا تُسْتَعْمَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَالْجَامُوسِ فَإِنَّهَا كَالْعَرْضِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى السَّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِخِدْمَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا كَتَجْرٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا أَمَةُ الْوَطْءِ تُوطَأُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوطَأْ فَهَلْ تَكُونُ كَأَمَةِ الْخِدْمَةِ لَا بُدَّ فِي حِيَازَتِهَا مِنْ سِنِينَ أَوْ يَكْفِي فِيهَا سَنَةٌ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ حُصُولِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ) أَيْ وَكَذَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْأَقَارِبِ) أَيْ غَيْرِ الْأَبِ وَابْنِهِ وَكَذَا الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ لَا تَفْتَرِقُ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ بَيْنَ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ نَحْوِ السِّتِّينَ سَنَةً (قَوْلُهُ لَا تَفْتَرِقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ بَيْنَ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ أَيْ وَهُوَ الْعُرُوض وَالْحَيَوَانُ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَقَارِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي حِيَازَتِهِ هَدْمٌ أَيْ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ أَيْ التَّصَرُّفُ بِخُصُوصِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْإِسْكَانُ) أَيْ وَكَذَلِكَ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ وَالِازْدِرَاعُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا فِي التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ بِأَنْ كَانَ كَالْكِرَاءِ أَوْ بِاسْتِعْمَالِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ إذَا حَضَرَ الْمَالِكُ مَجْلِسَهَا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ

[باب في أحكام الدماء والقصاص وأركانه]

فَقِيلَ يُسْقِطُهَا مُضِيُّ عِشْرِينَ عَامًا وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَقِيلَ مُضِيُّ ثَلَاثِينَ وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ أَصْلًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُسْقِطُهَا السَّنَتَانِ بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَظْهَرَ فِي ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ بِالنَّظَرِ فِي حَالِ الزَّمَنِ وَحَالِ النَّاسِ وَحَالِ الدِّينِ فَنَحْوُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ أَقَلَّ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ النَّاسِ تَقْتَضِي الْأَعْضَاءَ وَالتَّرْكَ وَنَحْوُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَدْ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ [دَرْسٌ] (بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ، وَالْقِصَاصِ) وَأَرْكَانُ الْقِصَاصِ ثَلَاثَةٌ الْجَانِي وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ، وَالْعِصْمَةُ، وَالْمُكَافَأَةُ، وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَشَرْطُهُ الْعِصْمَةُ، وَالْجِنَايَةُ وَشَرْطُهَا الْعَمْدُ، وَالْعُدْوَانُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى ذَلِكَ وَبَدَأَ بِالرُّكْنِ الْأَوَّلِ وَشُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ) (أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا نَفْسًا، أَوْ طَرَفًا (وَإِنْ رَقَّ) الْمُكَلَّفُ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمِثْلِهِ وَبِحُرٍّ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ وَلَهُ اسْتِحْيَاؤُهُ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ عَمْدَهُمَا وَخَطَأَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى أَنَّهُ لَا عَمْدَ لِلْمَجْنُونِ وَلِذَا لَوْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا وَجَنَى حَالَ إفَاقَتِهِ اُقْتُصَّ مِنْهُ حَالَ إفَاقَتِهِ فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ الْجِنَايَةِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُفِقْ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَالسَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَالْمَجْنُونِ (غَيْرُ حَرْبِيٍّ) وَصْفٌ لِلْمُكَلَّفِ، فَالْحَرْبِيُّ لَا يُقْتَلُ قِصَاصًا بَلْ يُهْدَرُ دَمُهُ وَعَدَمُ عِصْمَتِهِ وَلِذَا لَوْ جَاءَ تَائِبًا بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ لَمْ يُقْتَلْ (وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ) عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ) زَائِدُ (إسْلَامٍ) بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ لَهُ حَقُّهُ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِنْ قَامَ بَعْدَ عَامٍ وَنَحْوِهِ مِنْ عِلْمِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْعِتْقِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِيهِ أَوْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ فَيُقَالُ فِيهَا مَا قِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ مَضَى عِشْرِينَ عَامًا) أَيْ مَعَ حُضُورِ رَبِّهَا وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَبِ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ مَضَى ثَلَاثِينَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْمُرَادُ مُضِيُّهَا مَعَ حُضُورِ رَبِّهَا وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَبِ بِهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَنَصُّهُ إذَا تَقَرَّرَ الدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ وَثَبَتَ فِيهَا لَا يَبْطُلُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَكَانَ رَبُّهُ حَاضِرًا سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ بِهِ لِعُمُومِ خَبَرِ «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» اهـ وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ التُّونُسِيُّ وَالْغُبْرِينِيُّ وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيُّ عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ بِرَسْمٍ وَلِلرَّسْمِ الْمَذْكُورِ مُدَّةُ نَحْوَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ الْمِدْيَانُ قَضَاءَهُ وَرَبُّهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الطَّلَبِ بِهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الدَّيْنُ بِتَقَادُمِ عَهْدِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ طُولُ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُبْطِلُ الدَّيْنَ عَنْ الْمِدْيَانِ الْمَذْكُورِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِرَسْمٍ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا وَادَّعَى الْمِدْيَانُ قَضَاءَهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْبَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ إنْكَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ مَعَ يَمِينِهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ رَسْمٍ فَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ مُحْتَاجًا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَلِيًّا وَكَانَا حَاضِرَيْنِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الطَّلَبِ اهـ كَلَامُ الْمِعْيَارِ. [بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه] بَابٌ فِي الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُ الْقِصَاصِ) أَيْ، وَالْأَرْكَانُ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَحَقُّقُ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: الْجَانِي) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ إلَّا مِنْ جَانٍ (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ، وَالْعِصْمَةُ) أَيْ بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ، فَالْمُرَادُ عِصْمَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَقَوْلُهُ، وَالْمُكَافَأَةُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُسَاوَاةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا مُكَافَأَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ نَقْصُهُ عَنْهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ وَشُرُوطِهَا (قَوْلُهُ: نَفْسًا، أَوْ طَرَفًا) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي مَعْصُومًا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النَّفْسِ فَقَطْ، وَالْأَطْرَافُ، وَالْجِرَاحَاتُ سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمِثْلِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي الْقَاتِلِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ؛ إذْ لَا عِبْرَةَ بِهَا فَتُقْتَلُ أُمُّ الْوَلَدِ مَثَلًا بِالْقِنِّ، وَالْعَكْسُ. (قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِحْيَاؤُهُ) أَيْ وَلِوَلِيِّ الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَسْتَحْيِ ذَلِكَ الْعَبْدَ الْقَاتِلَ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ فِي الْجِنَايَةِ وَفِي فِدَائِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَدِيَةِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا) أَيْ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا (قَوْلُهُ: اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ) أَيْ وَاقْتُصَّ مِنْهُ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: كَالْمَجْنُونِ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْحَرْبِيُّ لَا يُقْتَلُ قِصَاصًا) أَيْ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ بَلْ يُهْدَرُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُقْتَلُ بِسَبَبِ هَدْرِ دَمِهِ وَقَوْلُهُ (وَعَدَمُ عِصْمَتِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ قَتْلَهُ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ هَدْرِ دَمِهِ وَعَدَمِ عِصْمَتِهِ لَوْ جَاءَ أَيْ بَعْدَ جِنَايَتِهِ وَقَوْلُهُ (بِإِيمَانٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِإِيمَانٍ وَقَوْلُهُ (لَمْ يُقْتَلْ) أَيْ بِمَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ) بِالرَّفْعِ بِعَطْفِ لَا عَلَى غَيْرِ؛ لِأَنَّ لَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرِ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا، أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهِمَا) فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ زَائِدًا بِمَزِيَّةٍ كَعِلْمٍ، أَوْ شَجَاعَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ

أَوْ أَنْقَصُ إنْ كَانَ الْجَانِي زَائِدًا حِينَ الْجِنَايَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا قِصَاصَ فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ وَلَوْ حُرًّا وَلَا حُرٌّ بِرَقِيقٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ زَائِدَ إسْلَامٍ فَيُقْتَلُ حُرٌّ كِتَابِيٌّ بِرَقِيقٍ مُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ (حِينَ الْقَتْلِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ غَيْرُ حَرْبِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْجَانِي الْمُكَلَّفِ لِلْقِصَاصِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَقْتَ الْقَتْلِ فَلَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ، أَوْ زَائِدِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ فَلَا قِصَاصَ وَلَوْ بَلَغَ، أَوْ عَقَلَ، أَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بِأَثَرِ ذَلِكَ وَلَوْ رَمَى عَبْدًا وَجَرَحَ مِثْلَهُ، ثُمَّ عَتَقَ الْجَانِي فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْقَتْلِ زَائِدُ حُرِّيَّةٍ، وَكَذَا لَوْ رَمَى ذِمِّيّ مِثْلَهُ، أَوْ جَرَحَهُ وَأَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إلَّا لِغِيلَةٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الْقَتْلُ لِأَخْذِ الْمَالِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَخْ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قِصَاصًا بَلْ لِلْفَسَادِ وَلِذَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا عَفْوَ فِيهِ وَلَا صُلْحَ وَصُلْحُ الْوَلِيِّ مَرْدُودٌ، وَالْحُكْمُ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ لَلْمُصَنِّفِ فِي مَحَلِّهِ وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعَ شَرْطِهِ بِقَوْلِهِ (مَعْصُومًا) ، وَهُوَ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ أَتْلَفَ فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حَرْبِيًّا بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ أَيْ لَهُ حُكْمُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْمُكَافَأَةَ شَرْطًا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دُونَ الْجَانِي بِأَنْ يَقُولَ مَعْصُومًا غَيْرَ نَاقِصِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ إلَّا لِغِيلَةٍ وَحَذَفَ قَوْلَهُ غَيْرَ زَائِدِ إلَخْ كَانَ أَبْيَنَ (لِلتَّلَفِ، وَالْإِصَابَةِ) اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا إلَى حِينِ تَلَفِ النَّفْسِ أَيْ مَوْتِهَا، وَالْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ فَيُشْتَرَطُ فِي النَّفْسِ الْعِصْمَةُ مِنْ حِينِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ إلَى حِينِ الْمَوْتِ وَفِي الْجُرْحِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَالَيْنِ مَعًا فِي النَّفْسِ، وَالْجُرْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابِيًّا، وَالْمَقْتُولُ مَجُوسِيًّا وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْقَصَ) أَيْ، أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ فِيهِمَا فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ إنْ شَاءَ وَلِيُّ الْحُرِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ فَإِنْ كَانَ الْجَانِي زَائِدًا بِمَا ذُكِرَ حِينَ الْجِنَايَةِ فَلَا قِصَاصَ فَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الْمَقْتُولُ زَائِدَ إسْلَامٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَتْلِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ وَلَوْ حُرًّا؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تُوَازِي الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ حِينَ الْقَتْلِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَوْتُ لَا الضَّرْبُ (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ لِمُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَهُ لَاقْتَضَى أَنَّ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ سَبَبُ الْقَتْلِ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ، ثُمَّ جُنَّ فَمَاتَ الْمَضْرُوبُ، ثُمَّ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ حِينَ إفَاقَتِهِ كَمَا مَرَّ وَأَنَّ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ سَبَبُ الْقَتْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، ثُمَّ حَصَلَ الْمَوْتُ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ أَنَّهُ يُقْتَلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ (قَوْلُهُ: لِلْقِصَاصِ مِنْهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَغَ، أَوْ عَقَلَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُمَا، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بِأَثَرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِينَ الْقَتْلِ إنَّمَا جُعِلَ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ غَيْرُ حَرْبِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ، فَهُوَ مُكَلَّفٌ قَبْلَ وَقْتِ الْقَتْلِ لَا لِمُكَلَّفٍ فَتَأَمَّلْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ حَرْبِيٌّ غَيْرَهُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ أَسْلَمَ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ بِأَثَرِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ كَوْنُ الْجَانِي غَيْرَ حَرْبِيٍّ حِينَ الْمَوْتِ، وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ هُنَا؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ حِينَ الْمَوْتِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ الْقَتْلِ قِصَاصًا أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاتِلُ حَرْبِيًّا وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ حِينَ السَّبَبِ، وَالْمَوْتِ وَبَيْنَهُمَا، فَالشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ حِينَ السَّبَبِ أَيْضًا فَإِنْ تَخَلَّفَ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ السَّبَبِ، أَوْ الْمُسَبَّبِ فَلَا قِصَاصَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ حِينَ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ الْمَوْتُ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْغَايَةِ كَمَا فَعَلَ بَعْدُ بِأَنْ يَقُولَ إلَى حِينِ الْقَتْلِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ الْقَتْلُ عَنْ سَبَبِهِ فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ حُصُولُ الشُّرُوطِ عِنْدَ السَّبَبِ أَيْضًا كَمَا يُعْتَبَرُ حُصُولُهُمَا عِنْدَ الْمُسَبَّبِ. (قَوْلُهُ: مِثْلَهُ) تَنَازَعَهُ رَمْيٌ وَجُرْحٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْقَتْلُ لِأَخْذِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ خُفْيَةً كَمَا لَوْ خَدَعَهُ فَذَهَبَ بِهِ لِمَحَلٍّ فَقَتَلَهُ فِيهِ لِأَخْذِ الْمَالِ، أَوْ كَانَ ظَاهِرًا عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي قَدْ يُسَمَّى حِرَابَةً (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ غَيْرَ حَرْبِيٍّ) الْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ الْقَتْلِ لِلْغِيلَةِ لِلْفَسَادِ لَا قِصَاصًا قَالَ مَالِكٌ لَا عَفْوَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ قِصَاصًا لَقُبِلَ الْعَفْوُ، وَالصُّلْحُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَفْوَ فِيهِ) أَيْ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ (قَوْلُهُ: مَعْصُومًا) صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ شَيْئًا مَعْصُومًا فَيَشْمَلُ النَّفْسَ، وَالطَّرَفَ، وَالْجُرْحَ وَلَا يَشْمَلُ الْمَالَ لِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ وَلَا تُقَدِّرُ شَخْصًا وَلَا آدَمِيًّا لِقُصُورِهِمَا عَلَى النَّفْسِ وَلَا عُضْوًا لِقُصُورِهِ عَلَى الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ كَذَا ذَكَرَ عبق، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّرَ شَخْصًا آدَمِيًّا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النَّفْسِ وَأَمَّا الْجُرْحُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَاقِصِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ) أَيْ بَلْ مُسَاوٍ لِلْجَانِي فِيهِمَا، أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الْحَلِّ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِلتَّلَفِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْسِ وَأَنَّ قَوْلَهُ، (وَالْإِصَابَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُرْحِ) وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النَّفْسِ وَأَمَّا الْجُرْحُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ فِي كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْحَلِّ، وَالْأَوْلَى جَعْلُ الْكَلَامِ هُنَا كُلِّهِ فِي النَّفْسِ وَأَنَّ الْمَعْنَى مَعْصُومًا إلَى التَّلَفِ أَيْ لَا إلَى حِينِ الْجُرْحِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ، (وَالْإِصَابَةِ) أَيْ لَا إلَى حِينِ الرَّمْيِ فَقَطْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْإِصَابَةِ) أَيْ، وَإِلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِي النَّفْسِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْسِ وَقَوْلُهُ (الْعِصْمَةُ)

أَيْ حَالَ الْبَدْءِ وَحَالَ الِانْتِهَاءِ فَلَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ مُرْتَدًّا وَقَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ اُعْتُبِرَ حَالُ الرَّمْيِ فَلَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِهِ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ حَالَ الرَّمْيِ، وَإِنْ صَارَ مَعْصُومًا حَالَ الْإِصَابَةِ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَنَزَا وَمَاتَ لَمْ يُقْتَلْ الذِّمِّيُّ الْجَارِحُ بِهِ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْجُرْحِ وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ مُسْلِمًا، أَوْ جَرَحَهُ فَارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ إلَيْهِ، أَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْهُ فَلَا قَوَدَ نَظَرًا لِحَالِ الْمَوْتِ نَعَمْ يَثْبُتُ الْقِصَاصُ فِي الْجُرْحِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ، وَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ مُرْتَدًّا لَثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا حَالَةَ الْإِصَابَةِ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعِصْمَةَ تَكُونُ بِأَمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ (بِإِيمَانٍ) أَيْ إسْلَامٍ (أَوْ أَمَانٍ) مِنْ السُّلْطَانِ، أَوْ غَيْرِهِ وَمُرَادُهُ بِالْأَمَانِ مَا يَشْمَلُ عَقْدَ الْجِزْيَةِ وَمَثَّلَ لِلْمَعْصُومِ كَمَا هُوَ شَأْنُهُ أَنْ يُمَثِّلَ بِمَا خَفِيَ بِقَوْلِهِ (كَالْقَاتِلِ) عَمْدًا وَعُدْوَانًا فَإِنَّهُ مَعْصُومٌ (مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ) لِدَمِهِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمُسْتَحِقِّ دَمِهِ، وَهُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ فَلَيْسَ بِمَعْصُومٍ، لَكِنْ إنْ وَقَعَ مِنْهُ قَتْلٌ لِلْقَاتِلِ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ. فَقَوْلُهُ (وَأُدِّبَ) رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَوْ قَالَ لَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَأُدِّبَ كَانَ أَبْيَنَ (كَمُرْتَدٍّ) تَشْبِيهٌ فِي أُدِّبَ قَاتِلُهُ أَيْ كَقَاتِلِ شَخْصٍ مُرْتَدٍّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (و) قَاتِلِ (زَانٍ أَحْصَنَ) بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَيُؤَدَّبُ (و) قَاطِعِ (يَدِ) شَخْصٍ (سَارِقٍ) أَيْ ثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَيُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ (فَالْقَوَدُ عَيْنًا) جَوَابُ قَوْلِهِ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَقَوْلُهُ عَيْنًا أَيْ مُتَعَيِّنًا فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُلْزِمَ الدِّيَةَ لِلْجَانِي جَبْرًا، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا، أَوْ يَقْتَصَّ وَجَازَ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِرِضَا الْجَانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَوْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا مِنْ حِينِ ضَرْبِهِ، أَوْ جُرْحِهِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ (وَفِي الْجُرْحِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُرْحِ وَقَوْلُهُ (مِنْ حِينِ الرَّمْيِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ وَقَوْلُهُ (فَلَا بُدَّ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ وَقَوْلُهُ (مِنْ اعْتِبَارِ الْحَالَيْنِ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْعِصْمَةِ فِي الْحَالَيْنِ حَالِ الِابْتِدَاءِ وَحَالِ الِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَ الْبَدْءِ وَحَالَ الِانْتِهَاءِ) أَيْ وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ الْمَبْدَأَ، وَذَكَرَ حَالَةَ الِانْتِهَاءِ لِلْعِلْمِ بِالْمَبْدَإِ مِنْهُ مِنْ غَايَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ غَايَةٍ لَهَا مَبْدَأٌ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ حَالُ الرَّمْيِ) أَيْ اُعْتُبِرَ فِي الْقَوَدِ حَالَةُ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْجُرْحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ حِينَ الْجُرْحِ، وَإِنْ كَانَ مَعْصُومًا حِينَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِحَالِ الْمَوْتِ) أَيْ؛ إذْ الْعِصْمَةُ لَمْ تَسْتَمِرَّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ) أَيْ لَا فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَلَمْ تَسْتَمِرَّ الْعِصْمَةُ إلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْقَطْعِ فَقَدْ كَانَ مَعْصُومًا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ إسْلَامٍ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَهُوَ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ لَا يُوجِبُ الْعِصْمَةَ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ مُنَجِّيًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُوجِبُ لِلْعِصْمَةِ فِي الظَّاهِرِ إنَّمَا هُوَ الْإِسْلَامُ أَيْ الِانْقِيَادُ ظَاهِرًا لِلْأَعْمَالِ، فَالْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ بِإِسْلَامٍ بَدَلَ قَوْلِهِ بِإِيمَانٍ. وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْإِيمَانِ الْإِسْلَامُ وَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّلَازُمِ فِي الْمَاصَدَقَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِافْتِيَاتِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَسْلَمَهُ الْإِمَامُ لِمُسْتَحِقِّ الدَّمِ فَقَتَلَهُ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِافْتِيَاتِ كَمَا أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْتُلُهُ فَإِنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَكَمَا يَسْقُطُ الْأَدَبُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ فِي قَتْلِهِ لِلْجَانِي بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دِيَتُهُ) أَيْ سَوَاءٌ قَتَلَهُ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ فِي زَمَنِهَا وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَدَبِ، وَالدِّيَةِ عَلَى قَاتِلٍ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ) أَيْ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ، فَهَذَا دِيَتُهُ قَتْلٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَقَاتِلِ زَانٍ أُحْصِنَ) أَيْ وَأَمَّا قَاتِلُ الزَّانِي الْغَيْرِ الْمُحْصَنِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَجَدْته مَعَ زَوْجَتِي وَثَبَتَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةٍ وَيَرَوْنَهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِذَلِكَ الزَّانِي كَانَ مُحْصَنًا، أَوْ بِكْرًا لِعُذْرِهِ بِالْغِيرَةِ الَّتِي صَيَّرَتْهُ كَالْمَجْنُونِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَعَلَى قَاتِلِهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ بِكْرًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّهُ هَدَرٌ مُطْلَقًا أَيْ لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَوْ بِكْرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ وَجَدْته مَعَ زَوْجَتِي قُتِلَ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَطْخٍ أَيْ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، أَوْ لَفِيفٍ مِنْ النَّاسِ يَشْهَدُونَ بِرُؤْيَةِ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ لِدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ وَانْظُرْ إذَا قَتَلَهُ لِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا بِزَوْجَتِهِ، أَوْ قَتَلَهُ عِنْدَ ثُبُوتِ زِنَاهُ بِأَرْبَعَةٍ بِبِنْتِهِ، أَوْ أُخْتِهِ (قَوْلُهُ: يَدِ شَخْصٍ) أَيْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، أَوْ عُضْوِ سَارِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ يَشْمَلُ الْيَدَ، وَالرِّجْلَ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ، فَالْوَاجِبُ الْقَوَدُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَعَيِّنًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَتْلُ قِصَاصًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُودُونَ الْجَانِي لِمُسْتَحِقِّهَا بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ هَذَا وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ الْقِصَاصُ مِنْ الْقَاتِلِ يُكَفِّرُ عَنْهُ إثْمَ الْقَتْلِ أَمْ لَا فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُهُ عَنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا» فَعَمَّمَ وَلَمْ يُخَصِّصْ قَتْلًا مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ الْمَظْلُومَ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ، وَإِنَّمَا الْقِصَاصُ مَنْفَعَةٌ لِلْأَحْيَاءِ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَنْ الْقَتْلِ

وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْقَوَدِ، وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي، وَهُوَ ضَعِيفٌ فَمَعْنَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إنْ أَتْلَفَ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إنْ أَرَادَ أَخْذَ جَزَاءِ الْجِنَايَةِ إلَّا الْقَوَدُ لَا الدِّيَةُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ الْعَفْوَ مَجَّانًا، أَوْ أَخْذَ الدِّيَةِ بِرِضَا الْجَانِي وَبَالَغَ عَلَى ثُبُوتِ الْقَوَدِ لِلْوَلِيِّ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (قَالَ) الْمَقْتُولُ لِقَاتِلِهِ (إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك) فَقَتَلَهُ. وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ جَرْحِهِ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي فَلَا يَبْرَأُ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ بَلْ لِلْوَلِيِّ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلِذَا لَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ، أَوْ قَالَ لَهُ إنْ مِتّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ شَيْئًا بَعْدَ وُجُوبِهِ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدَيَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك فَلَهُ الْقِصَاصُ إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ بَعْدَ الْقَطْعِ مَا لَمْ يَتَرَامَ بِهِ الْقَطْعُ حَتَّى مَاتَ مِنْهُ فَلِوَلِيِّهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوَدَ مُتَعَيِّنٌ رَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ) أَيْ لِوَلِيِّ عَافٍ عَنْ الْقَاتِلِ (مُطْلِقٍ) فِي عَفْوِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْعَفْوِ بِدِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (إلَّا أَنْ تَظْهَرَ) بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (إرَادَتُهَا) وَيَقُولُ بِالْحَضْرَةِ إنَّمَا عَفَوْتُ عَلَى الدِّيَةِ (فَيَحْلِفُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ (وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ) فِي الْقَتْلِ (إنْ امْتَنَعَ) الْقَاتِلُ مِنْ إعْطَاءِ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِالْحَضْرَةِ بَلْ بَعْدَ طُولٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّهُ لِمُنَافَاةِ الطُّولِ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ (كَعَفْوِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (عَنْ الْعَبْدِ) الَّذِي قَتَلَ عَبْدًا مِثْلَهُ، أَوْ حُرًّا وَقَالَ إنَّمَا عَفَوْت لِآخُذَهُ، أَوْ آخُذَ قِيمَتَهُ، أَوْ آخُذَ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ، أَوْ دِيَةَ الْحُرِّ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَيُخَيِّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْجَانِي بَيْنَ دَفْعِهِ، أَوْ دَفْعِ قِيمَتِهِ، أَوْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ، أَوْ دِيَةِ الْحُرِّ وَيَدْفَعُهَا حَالَّةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ مُنَجَّمَةً، وَالْخِلَافُ فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَتُنَجَّمُ قَطْعًا كَمَا يَأْتِي (وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ لِمَقْتُولٍ قَتَلَ قَاتِلَهُ أَجْنَبِيٌّ (دَمَ مَنْ) أَيْ دَمَ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي (قَتَلَ الْقَاتِلَ) فَلَوْ قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا فَقَتَلَ أَجْنَبِيٌّ زَيْدًا فَوَلِيُّ عَمْرٍو يَسْتَحِقُّ دَمَ الْأَجْنَبِيِّ الْقَاتِلِ لِزَيْدٍ فَإِنْ شَاءَ قَتَلَ الْأَجْنَبِيَّ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ (أَوْ قَطَعَ) أَيْ وَاسْتَحَقَّ مَقْطُوعُ يَدِهِ مَثَلًا عَمْدًا عُدْوَانًا فَقَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ الْقَاطِعِ عَمْدًا عُدْوَانًا قَطَعَ يَدَ مَنْ قَطَعَ (يَدَ الْقَاطِعِ) فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْوَلِيَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَقْطُوعَ مَجَازًا وَحَذَفَ الْمَعْطُوفَ عَلَى دَمٍ مُتَعَلِّقُهُ تَقْدِيرُهُ قَطَعَ يَدَ مَنْ كَمَا قَدَّرْنَا (كَدِيَةِ خَطَإٍ) تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ مَنْ اسْتَحَقَّ دَمَ شَخْصٍ لِكَوْنِهِ قَتَلَ أَبَاهُ مَثَلًا عَمْدًا عُدْوَانًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] وَيَخُصُّ الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا بِمَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الدَّمِ التَّخْيِيرُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُنَافِي إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ لَهُ الْقِصَاصُ وَلَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا، أَوْ أَقَلُّ بِرِضَا الْجَانِي بِاتِّفَاقٍ، وَهَلْ لَهُ جَبْرُ الْجَانِي عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ لَا فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْجَانِي عَلَى دَفْعِ الدِّيَةِ إذَا امْتَنَعَ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى دَفْعِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمَقْتُولُ لِقَاتِلِهِ) أَيْ قَبْلَ ضَرْبِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ جُرْحِهِ) أَيْ، أَوْ بَعْدَ ضَرْبِهِ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي أَيْ فَقَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَيِّتَ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ لِعَدَمِ حُصُولِ السَّبَبِ، وَهُوَ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ لَهُ إنْ مِتّ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ رَجَعَ عَنْهَا وَأَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَلَيْسَ عَلَى الْقَاطِعِ إلَّا الْأَدَبُ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْقَاطِعِ إلَّا الْأَدَبُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ اسْتِمْرَارِ الْمَقْطُوعِ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَالرُّجُوعِ عَنْهَا اُنْظُرْ بْن وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَتَرَامَ بِهِ الْقَطْعُ حَتَّى مَاتَ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ لِوَلِيِّهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقَتْلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ عَبْدِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْك، أَوْ وَلَك كَذَا فَقَتَلَهُ ضُرِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِائَةً وَحُبِسَ عَامًا، وَهَلْ لِلسَّيِّدِ قِيمَتُهُ، أَوْ لَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَصُوِّبَ كَقَوْلِهِ أَحْرِقْ ثَوْبِي، أَوْ أَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ مُودَعًا بِالْفَتْحِ لِلْآمِرِ، وَإِلَّا ضَمِنَ لِكَوْنِهِ فِي أَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِالْحَضْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِالْحَضْرَةِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْقِيَامَ بِالْحَضْرَةِ قَيْدٌ نَحْوُهُ لتت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الْإِطْلَاقُ أَيْ سَوَاءٌ قَامَ بِالْحَضْرَةِ، أَوْ بَعْدَ طُولٍ، فَالْمَدَارُ عَلَى ظُهُورِ إرَادَتِهَا عِنْدَ الْعَفْوِ بِالْقَرَائِنِ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا قَامَ بِالْحَضْرَةِ وَظَاهِرُ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ لَا تَقْيِيدَهُ لَهُ اهـ طفى (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) . أَيْ مِنْ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ (وَبَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ مِنْ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاةِ الطُّولِ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ تَظْهَرُ إرَادَتُهَا حِينَ الْعَفْوِ، ثُمَّ يَتَغَافَلُ عَنْ ذَلِكَ زَمَنًا طَوِيلًا قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ الْوَلِيُّ الْعَافِي إنَّمَا عَفَوْت لِآخُذَهُ أَيْ الْعَبْدَ وَقَوْلُهُ، أَوْ آخُذَ قِيمَتَهُ أَيْ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا مِثْلَهُ وَقَوْلُهُ، (أَوْ دِيَةِ الْحُرِّ) أَيْ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا (قَوْلُهُ وَيُخَيِّرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا خُيِّرَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ قِيمَتَهُ، أَوْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا خُيِّرَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ قِيمَتَهُ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ الدِّيَةَ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ مُنَجَّمَةً) أَيْ، وَهُوَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِيُّ الْمَقْتُولِ) أَيْ عَمْدًا وَقَوْلُهُ (قَتَلَ) قَاتِلَهُ أَجْنَبِيٌّ أَيْ عَمْدًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَحَذَفَ إلَخْ) أَيْ، فَالْأَصْلُ وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمِ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ وَيَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ قَالَ شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا، أَوْ مَعَ مَا عُطِفَتْ وَلَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا، وَالْأَصْلُ وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ، أَوْ مَقْطُوعٌ دَمَ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ، أَوْ يَدَ مَنْ قَطَعَ الْقَاطِعَ وَعَلَى هَذَا فَلَا تَجُوزُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَأَمَّلْ (قَوْلَهُ تَقْدِيرُهُ

فَقَتَلَ شَخْصٌ الْقَاتِلَ خَطَأً فَمُسْتَحِقُّ الدَّمِ يَسْتَحِقُّ الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ خَطَأً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ مَقَالٌ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ دَمَهُ صَارَ كَأَنَّهُ الْوَلِيُّ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ آخَرَ عَمْدًا فَقَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ الْقَاطِعِ خَطَأً فَلِمُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ دِيَةُ يَدِهِ مِنْ الْقَاطِعِ خَطَأً لِقَاطِعِ يَدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ (فَإِنْ أَرْضَاهُ) أَيْ أَرْضَى الْمُسْتَحِقَّ (وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ (الثَّانِي فَلَهُ) أَيْ فَيَصِيرُ دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي إنْ شَاءَ قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا (وَإِنْ) (فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ) عَمْدًا (أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ) مَثَلًا (وَلَوْ) حَصَلَ ذَلِكَ (مِنْ الْوَلِيِّ) الْمُسْتَحِقِّ لِقَتْلِهِ (بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ لَهُ) مِنْ الْحَاكِمِ فَأَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ الدَّاخِلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْقَاتِلِ (الْقَوَدُ) مِنْ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْقَاتِلِ مَعْصُومَةٌ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّ الدَّمِ فَأَوْلَى غَيْرُهُ الدَّاخِلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا (وَقَتَلَ الْأَدْنَى) صِفَةٌ (بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ) يُقْتَلُ (بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) ، فَالْحُرِّيَّةُ فِي الْكِتَابِيِّ أَدْنَى مِنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعَبْدِ لِشَرَفِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا يُقْتَلُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بِحُرٍّ كِتَابِيٍّ كَمَا مَرَّ (و) يُقْتَلُ (الْكُفَّارُ) مُطْلَقًا (بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَبَيَّنَ الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ (مِنْ كِتَابِيٍّ) يَهُودِيٍّ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ (وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ) اسْمُ مَفْعُولٍ، وَهُوَ مَنْ دَاخِلَ دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَخَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَدَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْمُشْرِكُونَ، وَالدَّهْرِيُّونَ، وَالْقَائِلُونَ بِالتَّنَاسُخِ، أَوْ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْنَافِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَهَذَا بِشَرْطِ التَّكَافُؤِ فِي الْحُرِّيَّةِ، أَوْ الرِّقِّيَّةِ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ (كَذَوِي الرِّقِّ) يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ فَيُقْتَلُ مُبَعَّضٌ، وَإِنْ قَلَّ جُزْءُ رِقِّهِ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بِقِنٍّ خَالِصٍ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لَهُمْ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ (وَذَكَرٌ) بِأُنْثَى (وَصَحِيحٌ) بِمَرِيضٍ (وَضِدُّهُمَا) بِهِمَا (وَإِنْ) (قَتَلَ عَبْدٌ) عَبْدًا مِثْلَهُ، أَوْ حُرًّا (عَمْدًا) وَثَبَتَ (بِبَيِّنَةٍ) مُطْلَقًا (أَوْ قَسَامَةٍ) فِي الْحُرِّ (خُيِّرَ الْوَلِيُّ) ابْتِدَاءً فِي قَتْلِ الْعَبْدِ وَاسْتِحْيَائِهِ (فَإِنْ) اخْتَارَ قَتْلَهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ (اسْتَحْيَاهُ فَلِسَيِّدِهِ) الْخِيَارُ ثَانِيًا فِي أَحَدِ أَمْرَيْنِ (إسْلَامُهُ) لِلْوَلِيِّ (أَوْ فِدَاؤُهُ) بِدِيَةِ الْحُرِّ، أَوْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ، أَوْ الْقَاتِلِ وَمَفْهُومٌ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ قَسَامَةٍ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ اسْتِحْيَاؤُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَطَعَ يَدَ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيرُهُ يَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ) أَيْ، أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ عَمْدًا الْمَقْتُولُ خَطَأً وَقَوْلُهُ (مَقَالٌ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ قِصَاصٌ لَا مَالٌ، وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ؛ (لِأَنَّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ لَمَّا اسْتَحَقَّ دَمَ هَذَا الْمَقْتُولِ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ الْوَلِيُّ) أَيْ كَأَنَّهُ وَلِيُّهُ، وَالْوَلِيُّ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَتَلَ شَخْصٌ الْقَاطِعَ عَمْدًا وَصَالَحَ ذَلِكَ الْقَاتِلَ، أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْقَاطِعِ عَلَى مَالٍ، أَوْ قَتَلَهُ خَطَأً وَوَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ فِي الْعَمْدِ وَقِيلَ لَهُ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَلَهُ اتِّفَاقًا، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَيْ أَرْضَى الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ، وَهُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَدَلَّ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرْضَاهُ إلَخْ عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ التَّخْيِيرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يَتْبَعَ الْقَاتِلَ الثَّانِي فَيَقْتُلَهُ، أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَتْبَعَ وَلِيَّ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَرْضَاهُ كَانَ أَمْرُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِذَلِكَ الْوَلِيِّ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ الْوَلِيِّ، أَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَيْهِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ سُلِّمَ إلَيْهِ مِنْ الْحَاكِمِ لِيَقْتُلَهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَإِذَا قَيَّدَ لَهُ مِنْ الْوَلِيِّ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ الْفَقْءَ وَالْقَطْعَ بِالْعَمْدِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ فَلَهُ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَطَأُ فَلَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا دِيَتُهُ خَطَأً. (قَوْلُهُ كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ إلَخْ) ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مُقْتَضَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَعَيُّنُ الْقَتْلِ هُنَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَخْذُ قِيمَتِهِ جَبْرًا، وَإِنَّمَا يَأْتِي التَّخْيِيرُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَ الْقِيمَةِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَالًا نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ يُقْتَلُ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) أَيْ وَأَوْلَى بِحُرٍّ مُسْلِمٍ، وَكَذَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَسْتَحْيِهِ الْأَوْلِيَاءُ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا فِي بَابِ الْإِرْثِ، فَهُوَ مِلَلٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ) أَيْ مُؤْمِنِينَ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ كَالْحَرْبِيِّ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الْحَرْبِيُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كِتَابِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ قَتَلَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَتْلِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِشَرْطِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ) أَيْ كَافِرٌ وَقَوْلُهُ بِعَبْدٍ أَيْ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: يَقْتَصُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) أَيْ فَلَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ عَبْدٌ فَقَتَلَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَبْدَهُ فَفِي قَتْلِهِ بِهِ قَوْلَانِ وَفِي الزَّاهِيِّ لِابْنِ شَعْبَانَ لَا يُقْتَلُ سَيِّدٌ بِعَبْدِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ عَبْدًا اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَذَكَرٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى ذَوِي الرِّقِّ وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْأَدْنَى (قَوْلُهُ: وَضِدِّهِمَا بِهِمَا) أَيْ فَتُقْتَلُ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ وَيُقْتَلُ الْمَرِيضُ بِالصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُرِّ) أَيْ لَا فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَسَامَةَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: خَيَّرَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: إسْلَامُهُ لِلْوَلِيِّ) أَيْ فِي جِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ الْقَاتِلِ) قَالَ بْن الصَّوَابُ تَحْذِفُ قَوْلَهُ، أَوْ الْقَاتِلِ؛ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ) أَيْ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ اسْتِحْيَاؤُهُ أَيْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ لِاتِّهَامِ الْعَبْدِ عَلَى تَوَاطُئِهِ مَعَ

فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ بَطَلَ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْجَهْلَ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي الدِّيَةِ، وَإِسْلَامِهِ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْجِنَايَةُ الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْجَانِي الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ مُبَاشَرَةٌ وَسَبَبٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (إنْ) (قَصَدَ) الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ (ضَرْبًا) لِلْمَعْصُومِ بِمُحَدَّدٍ، أَوْ مُثَقَّلٍ (وَإِنْ بِقَضِيبٍ) وَسَوْطٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلًا، أَوْ قَصَدَ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، وَهَذَا إنْ فَعَلَهُ لِعَدَاوَةٍ، أَوْ غَضَبٍ لِغَيْرِ تَأْدِيبٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، أَوْ التَّأْدِيبِ، فَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ إنْ كَانَ بِنَحْوِ قَضِيبٍ لَا بِنَحْوِ سَيْفٍ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَلَوْ قَصَدَ مَا لَمْ يَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ كَمَا يَأْتِي وَشَبَّهَ بِالضَّرْبِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ قَوْلُهُ (كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ) ، أَوْ شَرَابٍ قَاصِدًا بِهِ مَوْتَهُ فَمَاتَ فَإِنْ قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّعْذِيبِ، فَالدِّيَةُ وَمِنْ ذَلِكَ الْأُمُّ تَمْنَعُ وَلَدَهَا الرَّضَاعَ حَتَّى مَاتَ فَإِنْ قَصَدَتْ مَوْتَهُ قُتِلَتْ، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهَا (وَمُثَقَّلٍ) كَحَجَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِيِّ الْمَقْتُولِ عَلَى الْفِرَارِ مِنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ كَذَا فِي عبق (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِهِ. وَقَوْلُهُ (بَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ وَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الْقَتْلِ إذَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْجَهْلَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَجْهَلُ أَنَّ الِاسْتِحْيَاءَ يَمْنَعُ مِنْ الْقِصَاصِ كَالْعَفْوِ وَقَوْلُهُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ) أَيْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْجَهْلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى إلَخْ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ قَتْلِ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُقِرِّ بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَمْدِ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا (قَوْلُهُ: فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ) أَيْ سَيِّدُ الْقَاتِلِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا خِيَارَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَقَوْلُهُ فِي الدِّيَةِ، وَإِسْلَامِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا خُيِّرَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: بَيَانِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ) أَيْ مِنْ أَرْكَانِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَةٌ) أَيْ إتْلَافٌ بِمُبَاشَرَةٍ وَقَوْلُهُ وَسَبَبٌ أَيْ وَإِتْلَافٌ بِسَبَبٍ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ ضَرْبًا لِلْمَعْصُومِ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قَصَدَ ضَرْبَ شَيْءٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُ آدَمِيٍّ، أَوْ أَنَّهُ آدَمِيٌّ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ لِكَوْنِهِ حَرْبِيًّا، أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ فَلَا قِصَاصَ وَلَوْ مُكَافِئًا لَهُ، وَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ فِيهِ الدِّيَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِقَضِيبٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الضَّرْبُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْمُحَدَّدِ، وَالْمُثَقَّلِ بَلْ وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْقَضِيبِ، وَهُوَ الْعَصَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلًا) أَيْ هَذَا إذَا قَصَدَ بِالضَّرْبِ قَتْلَهُ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلًا، وَإِنَّمَا قَصَدَ مُجَرَّدَ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ زَيْدًا إلَخْ) أَيْ قَصَدَ قَتْلَ شَخْصٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ زَيْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو، أَوْ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ زَيْدُ بْنُ بَكْرٍ وَلُزُومُ الْقَوَدِ فِيهِمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوَّلًا خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ بَعْدَهُ عَنْ مُقْتَضَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي ح وَتَبِعَهُ خش مِنْ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ ضَرْبَ شَخْصٍ فَأَصَابَتْ الضَّرْبَةُ غَيْرَهُ أَنَّهُ عَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ فَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْخَطَإِ لَا قَوَدَ فِيهِ فَانْظُرْهُ اهـ بْن وَاقْتَصَرَ فِي المج عَلَى مَا فِي ح (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا، وَهُوَ الْقَوَدُ إنْ قَصَدَ ضَرْبَهُ إنْ حَصَلَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِعَدَاوَةٍ، أَوْ غَضَبٍ لِغَيْرِ تَأْدِيبِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِنَحْوِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الضَّرْبَ الْمَقْصُودَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، أَوْ الْأَدَبِ، فَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ إنْ كَانَ الضَّرْبُ بِآلَتِهِمَا، وَإِلَّا، فَهُوَ عَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَلَى، أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَقْصِدَ ضَرْبَهُ كَرَمْيِهِ شَيْئًا، أَوْ حَرْبِيًّا فَيُصِيبُ مُسْلِمًا، فَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، فَهُوَ خَطَأٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمِثْلُهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الْأَدَبَ الْجَائِزَ بِأَنْ كَانَ بِآلَةٍ يُؤَدَّبُ بِهَا وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّرْبُ لِلتَّأْدِيبِ وَالْغَضَبِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَمْدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا فِي الْأَبِ وَنَحْوِهِ فَلَا قِصَاصَ بَلْ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ الثَّالِثُ أَنْ يَقْصِدَ الْقَتْلَ عَلَى وَجْهِ الْغِيلَةِ فَيَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ لُزُومُ الْقَوَدِ إنْ قَصَدَ ضَرْبَهُ بِقَضِيبٍ فِي غَيْرِ الْأَبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: قَاصِدًا بِهِ مَوْتَهُ) فِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ قَصْدَ الْقَتْلِ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْقِصَاصِ وَحِينَئِذٍ فَيُقْتَصُّ مِمَّنْ مَنَعَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّعْذِيبَ وَلَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ صُوَرِ الْعَمْدِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَاءَهُ مُسَافِرًا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ مَنْعُهُ وَأَنَّهُ يَمُوتُ إنْ لَمْ يَسْقِهِ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلِ قَتْلَهُ بِيَدِهِ اهـ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ سَوَاءٌ قَصَدَ بِمَنْعِهِ قَتْلَهُ، أَوْ تَعْذِيبَهُ. فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ فِي بَابِ الذَّكَاةِ أَنَّ مَنْ مَنَعَ شَخْصًا فَضْلَ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ قُلْت مَا مَرَّ فِي الذَّكَاةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ مُتَأَوِّلًا وَمَا هُنَا غَيْرُ مُتَأَوِّلٍ آخِذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ الْمَذْكُورِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ الْأُمُّ) أَيْ وَمِنْ مَنْعِ الطَّعَامِ، أَوْ الشَّرَابِ مَنْعُ الْأُمِّ وَلَدَهَا مِنْ لَبَنِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَتْ مَوْتَهُ قُتِلَتْ إلَخْ) أَيْ فَلَا تُقْتَلُ بِمَنْعِهِ مُطْلَقًا بَلْ حَتَّى تَقْصِدَ مَوْتَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْأَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الضَّرْبِ مِنْ قَصْدِ الْمَوْتِ، وَإِلَّا لَمْ يُقْتَلْ

وَخَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ وَفِي الْحَقِيقَةِ هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا صَرَّحَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ لَا قِصَاصَ فِي الْمُثَقَّلِ وَلَا فِي ضَرْبٍ بِكَقَضِيبٍ (وَلَا قَسَامَةَ) عَلَى، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ) مِمَّا مَرَّ (أَوْ مَاتَ) مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (مَغْمُورًا) لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ مِنْ حِينِ الْفِعْلِ حَتَّى مَاتَ بَلْ يُقْتَلُ بِدُونِهَا فَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقَاتِلَهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ رِجْلَهُ مَثَلًا وَلَمْ يَمُتْ مَغْمُورًا بِأَنْ أَفَاقَ إفَاقَةً بَيِّنَةً، فَالْقَسَامَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ، أَوْ يَشْرَبْ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ (وَكَطَرْحِ) إنْسَانٍ (غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ) فِي نَهْرٍ (عَدَاوَةً) وَمِثْلُهُ مَنْ يُحْسِنُهُ وَكَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ النَّجَاةِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ، أَوْ طُولِ مَسَافَةٍ فَغَرِقَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ طَرَحَهُ عَدَاوَةً أَمْ لَا، أَوْ لَا يُحْسِنُهُ وَطَرَحَهُ لَا لِعَدَاوَةٍ بَلْ لَعِبًا (فَدِيَةٌ) مُخَمَّسَةٌ لَا مُغَلَّظَةٌ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدِّيَةَ فِي صُورَةٍ فَقَطْ، وَهِيَ مَا إذَا طَرَحَ مُحْسِنًا لِلْعَوْمِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَلَوْ قَالَ وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ مُطْلَقًا كَمُحْسِنِهِ عَدَاوَةً، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ لَأَفَادَ الْمُرَادَ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْإِتْلَافُ مُبَاشَرَةً شَرَعَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي، وَهُوَ الْإِتْلَافُ بِالسَّبَبِ فَقَالَ (وَكَحَفْرِ بِئْرٍ، وَإِنْ بِبَيْتِهِ، أَوْ وَضْعِ مُزْلِقٍ) كَمَاءٍ، أَوْ قِشْرِ بِطِّيخٍ (أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ) قَيَّدَ فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ (أَوْ اتِّخَاذُ كَلْبٍ عَقُورٍ) أَيْ شَأْنُهُ الْعَقْرُ أَيْ الْجُرْحُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِتَكَرُّرِهِ مِنْهُ (تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ إنْذَارٌ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ صَرَّحَ بِالْفَاعِلِ لَكَانَ، أَوْضَحَ، لَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى الْمَعْنَى. (قَصَدَ الضَّرَرَ) فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ بِالْإِتْلَافِ (وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) الْمُعَيَّنُ بِسَبَبِ الْحَفْرِ وَمَا بَعْدَهُ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْفَاعِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا حَدٌّ أَوْ لَا وَمِثْلُ ذَلِكَ عَصْرُ الْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ، أَوْ ضَغْطُهُ أَيْ حَضْنُهُ حَتَّى كُسِرَ عَظْمُهُ، أَوْ خُبِصَ لَحْمُهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا قِصَاصَ فِي الْمُثَقَّلِ وَلَا فِي ضَرْبٍ بِكَقَضِيبٍ) أَيْ، أَوْ كُرْبَاجٍ وَظَاهِرُهُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَصَدَ قَتْلَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا الْقِصَاصُ عِنْدَهُمْ فِي الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ أَيْ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَهُ حَدٌّ يَجْرَحُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ حَدِيدًا، أَوْ كَانَ حَجَرًا لَهُ حَدٌّ، أَوْ خَشَبَةً كَذَلِكَ، أَوْ بِمَا كَانَ مَعْرُوفًا بِقَتْلِ النَّاسِ كَالْمَنْجَنِيقِ، وَالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ بِضَرْبِهِ بِالْمُحَدَّدِ، أَوْ الْمُثَقَّلِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا بِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّ إنْقَاذَ الْمَقَاتِلِ لَا يَكُونُ بِخَنْقٍ وَلَا بِمَنْعِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَقَوْلُهُ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ أَيْ، ثُمَّ مَكَثَ مُدَّةً وَمَاتَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا مَرَّ بِدُونِ إنْفَاذِ مَقَاتِلَ (قَوْلُهُ: حَتَّى مَاتَ) أَيْ بَعْدَ مُكْثِهِ مُدَّةً (قَوْلُهُ: بَلْ يُقْتَلُ بِدُونِهَا) أَيْ بَلْ يُقْتَلُ مَنْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَ الشَّخْصِ وَمَنْ مَاتَ مَضْرُوبُهُ مَغْمُورًا بِدُونِ قَسَامَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَجْهَزَ شَخْصٌ آخَرُ عَلَى مَنْفُوذِ الْمُقَاتِلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ ذَلِكَ الْمُجْهِزُ فَقَطْ عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْقَتْلِ هُوَ مَنْ أَنْفَذَ الْمُقَاتِلُ كَمَا هُوَ سَمَاعُ يَحْيَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ هُوَ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُجْهِزُ وَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي أَنْفَذَ الْمُقَاتِل الْأَدَبُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ إنْفَاذِهَا مَعْدُودٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيُوصِي بِمَا شَاءَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَوَّلَ، وَهُوَ مَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَفَاقَ إفَاقَةً بَيِّنَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعَ النَّاسِ وَيَقِفُ، أَوْ يَجْلِسُ سَوَاءٌ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوَّلًا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ أَوْ يَشْرَبْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَأَفَاقَ إفَاقَةً بَيِّنَةً. (قَوْلُهُ وَكَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ النَّجَاةِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ الطَّرْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا عَدَاوَةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ) أَيْ وَكَانَ الْغَالِبُ نَجَاتَهُ (قَوْلُهُ: فَدِيَةٌ مُخَمَّسَةٌ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ بِلَا قَسَامَةٍ كَمَا أَنَّ الْقِصَاصَ بِلَا قَسَامَةٍ فِي صُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُحْسِنُهُ وَكَانَ الطَّرْحُ لَعِبًا فَدِيَةٌ (قَوْلُهُ لَأَفَادَ الْمُرَادَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ الْقَوَدُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا طَرَحَ غَيْرَ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا، أَوْ طَرَحَ مُحْسِنَهُ عَدَاوَةً، وَالدِّيَةُ فِي وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا طَرَحَ مُحْسِنَهُ لَعِبًا هَذَا وَلِبَعْضِهِمْ تَفْصِيلٌ آخَرُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَطْرَحَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ، أَوْ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُهُ، أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ، وَالطَّرْحُ إمَّا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، أَوْ اللَّعِبِ فَإِنْ طَرَحَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ إنْ ظَنَّ عَدَمَ نَجَاتِهِ، فَالْقِصَاصُ وَلَا يَكُونُ الطَّرْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا عَدَاوَةً لَا لَعِبًا، وَإِنْ ظَنَّ نَجَاتَهُ، فَالدِّيَةُ طَرَحَهُ عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا، وَإِنْ طَرَحَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ، فَالْقِصَاصُ طَرْحه عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا، وَإِنْ طَرَحَهُ شَاكًّا فِي كَوْنِهِ يُحْسِنُ الْعَوْمَ، أَوْ لَا يُحْسِنُهُ فَإِنْ كَانَ الطَّرْحُ عَدَاوَةً، فَالْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ لَعِبًا، فَالدِّيَةُ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سَبْعٌ (قَوْلُهُ، أَوْ وَضْعِ مُزْلِقٍ كَمَاءٍ) أَيْ وَيُقَدَّمُ الرَّاشُّ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ (قَوْلُهُ: قُيِّدَ) أَيْ قَوْلُهُ بِطَرِيقٍ قَيْدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ، وَهُمَا وَضْعُ مُزْلِقٍ وَرَبْطُ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ: شَأْنُهُ الْعَقْرُ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ الْكَلْبِ عَقُورًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَيَكْفِي إشْهَادُ الْجِيرَانِ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ قَصَدَ الضَّرَرَ) أَيْ بِمُعَيَّنٍ، فَهَذَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوَدَ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَقْصِدَ الْفَاعِلُ بِفِعْلِهِ الضَّرَرَ وَأَنْ يَكُونَ مَنْ قَصَدَ ضَرَرَهُ مُعَيَّنًا وَأَنْ يُهْلِكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ، وَالثَّالِثَ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصُّ مِنْ الْفَاعِلِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُكَافِئًا

(وَإِلَّا) يَهْلِكُ الْمَقْصُودُ الْمُعَيَّنُ بَلْ هَلَكَ غَيْرُهُ، أَوْ قَصَدَ ضَرَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَهَلَكَ بِهَا إنْسَانٌ، أَوْ غَيْرُهُ (فَالدِّيَةُ) فِي الْإِنْسَانِ الْحُرِّ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَصْدِ الضَّرَرِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ بِمِلْكِهِ، أَوْ بِمَوَاتٍ لِمَنْفَعَةٍ وَلَوْ لِعَامَّةِ النَّاسِ فَإِنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ، أَوْ بِطَرِيقٍ، أَوْ بِمَوَاتٍ لَا لِمَنْفَعَةٍ، فَالدِّيَةُ فِي الْحُرِّ، وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا الدَّابَّةُ فِي بَيْتِهِ، أَوْ بِطَرِيقٍ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ بَلْ اتِّفَاقًا فَإِنْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ عَلَى جَرْيِ عَادَتِهِ، فَالدِّيَةُ. وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ (تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الْكَلْبِ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ إنْ قَصَدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ بِالنَّظَرِ لِقَصْدِ الضَّرَرِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا أَصْلًا لِمُحْتَرَمٍ فَإِنْ اتَّخَذَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَدَفْعِ صَائِلٍ، أَوْ سَبُعٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنْذَارٌ فَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ، أَوْ اتَّخَذَهُ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ (وَكَالْإِكْرَاهِ) عَطْفٌ عَلَى كَحَفْرِ وَأَعَادَ الْكَافَ لِطُولِ الْكَلَامِ أَيْ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ أَيْ لِتَسَبُّبِهِ كَالْمُكْرَهِ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ لِخَوْفِ قَتْلِ الْآمِرِ لَهُ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ فَلَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ (وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) لِغَيْرِ عَالِمٍ فَتَنَاوَلَهُ وَمَاتَ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُقَدِّمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْمُومٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَاوِلَ إذَا عَلِمَ، فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقَدِّمُ، فَهُوَ مَعْذُورٌ (وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةٌ) ، وَهِيَ حَيَّةٌ وَمِنْ شَأْنُهَا أَنْ تَقْتُلَ فَمَاتَ، وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ، فَالْقِصَاصُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ اللَّعِبَ وَأَمَّا الْمَيِّتَةُ وَمَا شَأْنُهَا عَدَمُ الْقَتْلِ لِصِغَرٍ، فَالدِّيَةُ (وَكَإِشَارَتِهِ) عَلَيْهِ (بِسَيْفٍ) ، أَوْ رُمْحٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فَهَرَبَ وَطَلَبَهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمَقْتُولِ، أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ أَعْلَى. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ) رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ قَصَدَ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ وَأَنَّ الدِّيَةَ فِي صُورَتَيْنِ أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ فَيَهْلَكُ غَيْرُهُ، أَوْ يَقْصِدَ ضَرَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنْ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ، أَوْ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِطَرِيقٍ) أَيْ وَكَانَ حَفْرُهُ بِالطَّرِيقِ مُضِرًّا بِهَا بِأَنْ كَانَ يُضَيِّقُهَا فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا عَطِبَ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّابَّةُ فِي بَيْتِهِ) أَيْ يَرْبِطُهَا فِي بَيْتِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ اتِّفَاقًا) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْقَفَهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَدَخَلَ لِلصَّلَاةِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ بِقَصْدِ قَتْلِ شَخْصٍ وَقَتَلَهُ، فَالْقَوَدُ أُنْذِرَ عَنْ اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ، فَالدِّيَةُ فَإِنْ اتَّخَذَهُ لِقَتْلِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَقَتَلَ شَخْصًا، فَالدِّيَةُ أَيْضًا أُنْذِرَ أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا اتَّخَذَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَ أَحَدٍ فَقَتَلَ إنْسَانًا فَإِنْ كَانَ اتَّخَذَهُ لِوَجْهٍ جَائِزٍ، فَالدِّيَةُ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ إنْذَارٌ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ لَا لِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ إنْ قَصَدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ بِهِ حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّخَذَهُ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَيَأْتِي لَهُ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ فَسَيَأْتِي لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ إلَخْ أَيْ إذَا عَلِمْت أَنَّ الْمَأْمُورَ إنَّمَا يَكُونُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي الْمَقْصُودِ وَلَا إجْمَالَ فِيهِ وَقَصَدَ الشَّارِحُ بِهَذَا الرَّدَّ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَكَالْإِكْرَاهِ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَأْمُورِ، وَالْآمِرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُورُ يُمْكِنُهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ، أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقِصَاصُ مِنْهُمَا مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الْمَأْمُورِ لَا يُمْكِنُهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ فَكَلَامُهُ هُنَا مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ إلَخْ، وَحَاصِلُ الرَّدِّ أَنَّ الْمَأْمُورَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ كَوْنَهُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ هُنَا نَصٌّ فِي الْمُرَادِ وَلَا إجْمَالَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) أَيْ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ، أَوْ لِبَاسٍ عَالِمًا مُقَدِّمُهُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْآكِلُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقَدِّمُهُ بِذَلِكَ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْآكِلُ فَلَا قِصَاصَ قَالَ فِي المج وَفِي حُكْمِ التَّقْدِيمِ قَوْلُهُ لَهُ كُلُّهُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ عَلَى الظَّاهِرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَعْلَمْ الْمُقَدِّمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْمُتَنَاوِلُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ بِكَسْرِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ) أَيْ بَلْ مَاتَ مِنْ فَزَعِهِ (قَوْلُهُ: فَالدِّيَةُ) أَيْ إنْ رَمَاهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، وَإِلَّا، فَالْقَوَدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْحَيَّةُ الَّتِي رَمَاهَا حَيَّةً وَكَانَتْ كَبِيرَةً شَأْنُهَا أَنَّهَا تَقْتُلُ وَمَاتَ، فَالْقَوَدُ سَوَاءٌ مَاتَ مِنْ لَدْغِهَا، أَوْ مِنْ الْخَوْفِ رَمَاهَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، أَوْ اللَّعِبِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تَقْتُلَ، أَوْ كَانَتْ مَيِّتَةً وَرَمَاهَا عَلَيْهِ فَمَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَإِنْ كَانَ الرَّمْيُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، فَالدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، فَالْقَوَدُ. (قَوْلُهُ: وَكَإِشَارَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ بِآلَةِ الْقَتْلِ، فَهَرَبَ فَطَلَبَهُ فَمَاتَ فَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ بِدُونِ سُقُوطٍ، أَوْ يَسْقُطُ

فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ، فَالْقِصَاصُ رَاكِبَيْنِ، أَوْ مَاشِيَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (وَإِنْ سَقَطَ) حَالَ هُرُوبِهِ مِنْهُ (فَبِقَاسِمَةٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ السَّقْطَةِ وَمَوْضُوعُهُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ (وَإِشَارَتُهُ) بِهِ (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ هُرُوبٍ وَطَلَبٍ، فَهُوَ (خَطَأٌ) ، فَالدِّيَةُ مُخَمَّسَةٌ بِلَا قَسَامَةٍ (وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ) أَيْ أَمْسَكَ شَخْصًا لِيَقْتُلَهُ غَيْرُ الْمُمْسِكِ وَلَوْلَا إمْسَاكُهُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ الْقَاتِلُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ قَاصِدٌ قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ الطَّالِبُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ لِتَسَبُّبِهِ كَمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَكَذَا الدَّالُّ الَّذِي لَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا قُتِلَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الْمُمْسِكِ (وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ) غَيْرُ الْمُمَالِئَيْنِ (بِوَاحِدٍ) إذَا ضَرَبُوهُ عَمْدًا عُدْوَانًا وَمَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا وَاسْتَمَرَّ حَتَّى مَاتَ، أَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ، أَوْ تَمَيَّزَتْ وَاسْتَوَتْ، أَوْ اخْتَلَفَتْ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ مَنْ ضَرَبَتْهُ هِيَ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا الْمَوْتُ فَإِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَلَا مَغْمُورٍ قُتِلَ وَاحِدٌ فَقَطْ بِقَسَامَةٍ؛ إذْ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُ كُلِّ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَتْ قُدِّمَ الْأَقْوَى إنْ عُلِمَ (و) يُقْتَلُ (الْمُتَمَالِئُونَ) عَلَى الْقَتْلِ، أَوْ الضَّرْبِ بِأَنْ قَصَدَ الْجَمِيعُ الضَّرْبَ وَحَضَرُوا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ إذَا كَانَ غَيْرَ الضَّارِبِ لَوْ لَمْ يَضْرِبْ غَيْرُهُ لَضَرَبَ. (وَإِنْ) حَصَلَ الضَّرْبُ (بِسَوْطٍ سَوْطٍ) ، أَوْ بِيَدٍ، أَوْ قَضِيبٍ حَتَّى مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهَا عَدَاوَةٌ، فَالدِّيَةُ سَقَطَ حَالَ هُرُوبِهِ، أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ، فَالْقِصَاصُ بِدُونِ قَسَامَةٍ، وَإِنْ سَقَطَ، فَالْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ، وَهُوَ قَائِمٌ مُسْتَنِدٌ لِحَائِطٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ، فَالْقِصَاصُ أَيْ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ (قَوْلُهُ فَبِقَسَامَةٍ) أَيْ فَيَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ خَوْفِهِ مِنْهُ لَا مِنْ سُقُوطِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِشَارَتِهِ فَقَطْ) أَيْ، وَإِنْ مَاتَ مَكَانَهُ بِمُجَرَّدِ إشَارَتِهِ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ مِنْ غَيْرِ هَرَبٍ وَطَلَبٍ، وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً، فَهَذَا خَطَأٌ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ تت وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ هَلْ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ، أَوْ لَا دِيَةَ أَصْلًا اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْلَا إمْسَاكُهُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ) أَيْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ لَوْلَا إمْسَاكُهُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُمْسَكُ بِذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ) أَيْ: الْمُمْسِكِ بِأَنَّ الطَّالِبَ قَاصِدٌ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُمْسِكِ لِتَسَبُّبِهِ كَمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ جَمِيعًا بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْمُمْسِكِ، وَهِيَ أَنْ يَمْسِكَهُ لِأَجْلِ الْقَتْلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الطَّالِبَ قَاصِدٌ قَتْلَهُ لِرُؤْيَتِهِ آلَةَ الْقَتْلِ بِيَدِهِ وَأَنْ يَكُونَ لَوْلَا إمْسَاكُهُ مَا أَدْرَكَهُ الْقَاتِلُ فَإِنْ أَمْسَكَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَقْصِدُ قَتْلَهُ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ آلَةَ الْقَتْلِ مَعَهُ، أَوْ كَانَ قَتْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْسَاكِهِ لَهُ قَتْلُ الْمُبَاشِرِ وَحْدَهُ وَضَرْبُ الْآخَرِ وَحَبْسُ سَنَةٍ وَقِيلَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ يُجْلَدُ مِائَةً فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّالُّ) أَيْ وَكَذَا يُقْتَلُ الدَّالُّ إذَا عَلِمَ أَنَّ طَالِبَهُ يَقْتُلُهُ وَكَانَ لَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا قُتِلَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) يُقْتَصُّ مِنْ الْعَائِنِ الْقَاتِلِ عَمْدًا بِعَيْنِهِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُ وَتَكَرَّرَ وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالْحَالِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي عبق وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَثَبَتَ قِيَاسًا عَلَى الْعَائِنِ الْمُجَرِّبِ وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بْن (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُمَالِئِينَ) أَيْ غَيْرُ الْمُتَّفِقِينَ عَلَى قَتْلِهِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَصَدَ قَتْلَهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ مِنْهُمْ عَلَى قَتْلِهِ، ثُمَّ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ مُجْتَمِعِينَ فَلَوْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَهُ بِدُونِ تَمَالُؤٍ وَلَمْ يَقْصِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَتْلَهُ، ثُمَّ أَنَّهُمْ ضَرَبُوهُ مُجْتَمِعِينَ وَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الضَّرْبِ لَيْسَ مِثْلَ قَصْدِ الْقَتْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ كَمَا قَالَ عج وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ النَّقْلَ أَنَّ قَصْدَ الضَّرْبِ مِثْلُ قَصْدِ الْقَتْلِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ) أَيْ ضَرْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ يَنْشَأُ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، أَوْ عَنْ بَعْضِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَتْلِ الْجَمِيعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ وَفِي اللَّخْمِيِّ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ إذَا أَنْفَذَا إحْدَاهُمَا مَقَاتِلَهُ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ الضَّرَبَاتِ مَاتَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ إذَا لَمْ يَتَعَاقَدُوا عَلَى قَتْلِهِ، وَالدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَيَّزَتْ) أَيْ الضَّرَبَاتُ بِأَنْ عُلِمَتْ ضَرْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَاسْتَوَتْ أَيْ فِي الْقُوَّةِ كَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَقْوَى إنْ عُلِمَ) أَيْ قُدِّمَ الْأَقْوَى لِلْقَتْلِ وَقَوْلُهُ إنْ عُلِمَ أَيْ مَوْتُهُ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ الْقَوِيَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَعُلِمَ مَوْتُهُ مِنْ إحْدَاهَا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِمَّنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبَتِهِ وَاقْتُصَّ مِنْ الْبَاقِي مِثْلَ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ، وَالْمُتَمَالَئُونَ) أَيْ الْمُتَعَاقِدُونَ، وَالْمُتَّفِقُونَ وَقَوْلُهُ عَلَى الْقَتْلِ، أَوْ الضَّرْبِ هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْقَتْلِ وَاشْتَرَطَ عج فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ الَّذِي قَتَلُوهُ كَانُوا مُتَمَالِئِينَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ لَا قَصْدَ الْقَتْلِ وَخَصَّ مَا تَقَدَّمَ بِمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ وَاحِدًا لِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَأَيَّدَهُ بْن بِمُوَافَقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ شَيْخَ عج الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ وَارْتَضَاهُ طفى رَادًّا عَلَى مَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِسَوْطٍ) أَيْ هَذَا إذَا ضَرَبُوهُ بِآلَةٍ يُقْتَلُ بِهَا بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ الضَّرْبُ مِنْهُمْ لَهُ بِآلَةٍ لَيْسَ شَأْنُهَا الْقَتْلَ بِهَا بِأَنْ ضَرَبُوهُ بِسَوْطٍ سَوْطٍ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَلِ الْقَتْلَ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُعِينَ بِهِمْ أَعَانُوا وَمَحَلُّ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ الْمُتَمَالِئَةِ بِالْوَاحِدِ إذَا ثَبَتَ قَتْلُهُمْ لَهُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا الْقَسَامَةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُعَيَّنُ وَاحِدٌ

(و) يُقْتَلُ (الْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) كَحَافِرِ بِئْرٍ لِمُعَيَّنٍ فَرَدَّاهُ غَيْرُهُ فِيهَا و (كَمُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (وَمُكْرَهٍ) بِفَتْحِهَا يُقْتَلَانِ مَعًا هَذَا لِتَسَبُّبِهِ، وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، فَهَذَا مِثَالٌ لِلْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارُ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِثَالَ السَّبَبِ بِقَوْلِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَقَوْلِهِ وَكَإِكْرَاهٍ وَقَوْلِهِ وَكَإِمْسَاكٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْمُبَاشَرَةَ وَأَفَادَ هُنَا أَيْ فِي بَحْثِ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِوَاحِدٍ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْمُبَاشَرَةُ، وَالسَّبَبُ، فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْمُبَاشِرِ، أَوْ بِالْمُتَسَبِّبِ، وَهَذَا صَنِيعٌ عَجِيبٌ (وَكَأَبٍ) أَمَرَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا (أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا) بِقَتْلِ حُرٍّ فَقَتَلَهُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْمُعَلِّمِ دُونَ الصَّغِيرِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (وَسَيِّدٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى أَبٍ (أَمَرَ عَبْدًا) لَهُ بِقَتْلِ شَخْصٍ (مُطْلَقًا) صَغِيرًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ كَبِيرًا فَيُقْتَلُ السَّيِّدُ لِتَسَبُّبِهِ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُكَلَّفًا، فَالْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِقَتْلِ السَّيِّدِ لَا لِعَدَمِ قَتْلِ الْعَبْدِ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ) الْمُكَلَّفُ مِنْ الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُورُ الْمُكَلَّفُ ابْنًا لِلْآمِرِ، أَوْ مُتَعَلِّمًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُورِ (فَقَطْ) ؛ إذْ لَا إكْرَاهَ حَقِيقَةً عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ وَضُرِبَ الْآمِرُ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً. وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخَوْفِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ الْخَوْفِ بِالْقَتْلِ قُتِلَا مَعًا لِلْإِكْرَاهِ (وَعَلَى) الْمُكَلَّفِ (شَرِيكِ الصَّبِيِّ) فِي قَتْلِ شَخْصٍ (الْقِصَاص) وَحْدَهُ دُونَ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ) عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ كَخَطَئِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، أَوْ الْكَبِيرُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا، وَإِنْ قَتَلَاهُ، أَوْ الْكَبِيرُ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي وَقْتِ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: فَرَدَّاهُ غَيْرُهُ فِيهَا) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ مِنْ الْحَافِرِ، وَالْمُرْدِي (قَوْلُهُ كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ يُقْتَلَانِ مَعًا) مَحَلُّ قَتْلِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبًا لِلْمَقْتُولِ، وَإِلَّا قُتِلَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ وَحْدَهُ وَأَمَّا لَوْ أَكْرَهَ الْأَبُ شَخْصًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ فَقَتَلَهُ فَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ، وَكَذَا الْأَبُ إنْ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ، أَوْ شَقِّ جَوْفِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، أَوْ بِغَيْرِهَا كَأَنْ قَتَلَهُ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ لَا، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ بِمُطْلَقِ قَتْلٍ فَذَبَحَهُ، أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ بِحَضْرَتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ وَلَمْ يَمْنَعْ لَا إنْ حَضَرَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهَا وَلَا إنْ فَعَلَهَا فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ إلَخْ) أَيْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ أَيْ الْإِتْلَافَ الْمُوجِبَ لِلْقِصَاصِ ضَرْبَانِ إتْلَافٌ بِمُبَاشَرَةٍ، وَإِتْلَافٌ بِالسَّبَبِ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا أَمْثِلَةَ الْإِتْلَافِ بِالْمُبَاشَرَةِ بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَمُثَقَّلٍ وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَمْثِلَةَ الضَّرْبِ الثَّانِي، وَهُوَ الْإِتْلَافُ بِالسَّبَبِ بِقَوْلِهِ وَكَحَفْرِ بِئْرٍ إلَخْ وَكَإِكْرَاهٍ وَكَإِمْسَاكٍ لِلْقَتْلِ، ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْمُبَاشَرَةُ، وَالسَّبَبُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُبَاشِرِ، وَالْمُتَسَبِّبِ وَلَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَكَأَبٍ، أَوْ مُعَلِّمٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا الْفَصْلُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ كُلُّهُ فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِوَاحِدٍ فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ فِيهِ إلَّا مَسْأَلَةَ السَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ الْكَبِيرِ وَيُقَدِّمُ مَسْأَلَةَ الْأَبِ، وَالْمُعَلِّمِ، وَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْإِكْرَاهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا) أَيْ أَمَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَدًا صَغِيرًا وَلَوْ مُرَاهِقًا، فَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ غَيْرُ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْمُعَلِّمِ دُونَ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ حُرًّا نِصْفُ الدِّيَةِ فَإِنْ كَثُرَ الصِّبْيَانُ الْأَحْرَارُ كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ كُلُّ عَاقِلَةٍ ثُلُثًا، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: أَمَرَ عَبْدًا لَهُ) التَّقْيِيدُ بِعَبْدِهِ مُخْرِجٌ لِأَمْرِ عَبْدِ غَيْرِهِ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ الْبَالِغُ دُونَ الْآمِرِ، لَكِنْ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً، وَكَذَا إنْ أَمَرَ الْأَبُ، أَوْ الْمُعَلِّمُ كَبِيرًا وَكُلُّ هَذَا مِنْ مَشْمُولَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُكَلَّفًا) أَيْ لَا إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا يُقْتَلُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيِّرُ سَيِّدُهُ الْوَارِثَ لَهُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، أَوْ يَدْفَعَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَذَا فِي عبق وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش أَنَّ الصَّغِيرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ النَّقْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ حَاضِرًا لِلْقَتْلِ، وَإِلَّا قُتِلَ أَيْضًا هَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، وَهَذَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخَوْفِ بِالْقَتْلِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ خَوْفَ الْمَأْمُورِ الْمُوجِبَ لِقَتْلِ الْآمِرِ فَقَطْ إنَّمَا هُوَ الْخَوْفُ بِالْقَتْلِ لَا بِشِدَّةِ الْأَذَى وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي خش، فَهُوَ كَالْخَوْفِ الْمُجَوِّزِ لِلْقُدُومِ عَلَى قَذْفِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ، وَالصَّبِيَّ إذَا تَعَمَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَتْلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَتَلَاهُ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ وَاتِّفَاقٍ مِنْهُمَا عَلَى قَتْلِهِ فَلَا قَتْلَ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْمُشَارِكِ لِلصَّبِيِّ فِي الْقَتْلِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ رَمْيِ الصَّبِيِّ هُوَ الْقَاتِلُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ فَإِنَّهُمْ يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ فَيَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَنْ عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا يُقْتَلُ بِهَا وَيَسْتَحِقُّ بِهَا وَاحِدٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، أَوْ الْكَبِيرُ فَعَلَيْهِ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ

(لَا) عَلَى (شَرِيكِ مُخْطِئٍ) بِالْهَمْزِ وَتُرْسَمُ يَاءً (و) لَا شَرِيكِ (مَجْنُونٍ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ الْكَبِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ، أَوْ الْمَجْنُونِ نِصْفُهَا (وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ) نَظَرًا لِتَعَمُّدِهِ قَتْلَهُ (و) مِنْ شَرِيكِ (جَارِحٍ نَفْسَهُ) جُرْحًا يَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ غَالِبًا، ثُمَّ ضَرَبَهُ مُكَلَّفٌ قَاصِدًا قَتْلَهُ نَظَرًا لِقَصْدِهِ (و) مِنْ شَرِيكِ (حَرْبِيٍّ) لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الشَّرِيكِ قَطْعًا (وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ) بِأَنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ حَصَلَ لِلْمَجْرُوحِ مَرَضٌ يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُدْرَ أَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ، أَوْ مِنْ الْمَرَضِ (أَوْ) لَا يُقْتَصُّ، وَإِنَّمَا (عَلَيْهِ) فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ (نِصْفُ الدِّيَةِ) فِي مَالِهِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا (قَوْلَانِ) ، وَالْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ فِي الْأَرْبَعِ بِقَسَامَةٍ، وَالْقَوْلُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ بِلَا قَسَامَةٍ، وَالرَّاجِحُ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ بِالْقَسَامَةِ (وَإِنْ) (تَصَادَمَا) أَيْ الْمُكَلَّفَانِ، أَوْ غَيْرُهُمَا (أَوْ تَجَاذَبَا) حَبْلًا، أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ جَذَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَ صَاحِبِهِ فَسَقَطَا (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ، أَوْ مَاشِيَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَصْدًا) مِنْهُمَا (فَمَاتَا) مَعًا فَلَا قِصَاصَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (فَالْقَوَدُ) جَوَابٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَأَحْكَامُهُ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا وَحُكْمُهُ فِي مَوْتِهِمَا نَفْيُهُ وَفِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُهُ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بَالِغًا، وَالْآخَرُ صَبِيًّا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ رَقِيقًا فَلَا يُقْتَصُّ لِلرَّقِيقِ مِنْ الْحُرِّ وَيُحْكَمُ بِحُكْمِ الْقَوَدِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ، أَوْ التَّجَاذُبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلِيَاءُ مَوْتَهُ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: لَا شَرِيكِ مُخْطِئٍ) أَيْ لَا قِصَاصَ عَلَى مُتَعَمِّدٍ شَرِيكِ مُخْطِئٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ) أَيْ لِلشَّكِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ مِنْ رَمْيِ الْمُخْطِئِ، أَوْ الْمَجْنُونِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ أَقْسَمَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عج؛ لِأَنَّهُ لَا صَارِفَ لِفِعْلِهِمَا فَيُمْكِنُ حُصُولُ الْمَوْتِ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا لِشِدَّةِ فِعْلِ الْمُخْطِئِ، وَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ فِعْلِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ الْكَبِيرِ) أَيْ الْمُشَارِكِ لِلْمُخْطِئِ، وَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ) أَيْ أَنْشَبَ أَظْفَارَهُ فِي الشَّخْصِ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ جَاءَ إنْسَانٌ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ) أَيْ، وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ مَرَضٍ حَدَثَ ذَلِكَ الْمَرَضُ بَعْدَ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُقْتَصُّ) أَيْ، أَوْ لَا يُقْتَصُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ؛ إذْ لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّ الْأَمْرَيْنِ مَاتَ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الرَّابِعَةِ إذَا حَدَثَ الْمَرَضُ بَعْدَ الْجُرْحِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الْمَرَضُ قَبْلَ الْجُرْحِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَارِحِ اتِّفَاقًا أَنْفَذَ الْجُرْحُ مَقْتَلَهُ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَفِي الثَّانِي بِقَسَامَةٍ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَارْتَضَاهُ بْن قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ قَتَلَ مَرِيضًا وَقَدْ مَرَّ لَلْمُصَنِّفِ وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدَّيْهِمَا خِلَافًا لِقَوْلِ عج إنْ مَرِضَ قَبْلَ الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ، وَالْجُرْحَ هَيَّجَهُ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْجُرْحِ الْقَسَامَةُ وَيَثْبُتُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَكُلُّ الدِّيَةِ فِي الْخَطَإِ أَيْ وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ، فَالْقَوْلَانِ فِيهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَصَادَمَا إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ إذَا تَصَادَمَا قَصْدًا أَيْ عَمْدًا، فَالْقَوَدُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا، فَالْقَوَدُ عَلَى مَنْ بَقِيَ وَأَمَّا إذَا مَاتَا مَعًا فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ تَصَادَمَا خَطَأً، فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّ دِيَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ إنْ مَاتَا مَعًا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَجْزًا فَيُحْمَلُ فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ عَلَى الْخَطَإِ وَفِي السَّفِينَتَيْنِ يَكُونُ هَدَرًا هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ يَكُونُ هَدَرًا مُطْلَقًا حَتَّى فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ، وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ حُمِلَ فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ عَلَى الْعَمْدِ وَفِيهِمَا عَلَى الْعَجْزِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَاخْتَارَهُ ح خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا عَمْدًا نَعَمْ إنْ تَصَادَمَا عَمْدًا فَدِيَةُ عَمْدٍ، وَإِنْ تَصَادَمَا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَإٍ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ ح بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ أَهْلُ سَفِينَةٍ إغْرَاقَ أَهْلِ سَفِينَةٍ أُخْرَى لَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا الدِّيَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ كَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: قَصْدًا) أَيْ عَمْدًا بِأَنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن تَعْبِيرُهُ بِقَصْدًا يُفِيدُ بِأَنَّ التَّجَاذُبَ بِغَيْرِ مَصْلَحَةِ صَنْعَةٍ، وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ كَمَا يَقَعُ بَيْنَ صُنَّاعِ الْحِبَالِ فَإِذَا تَجَاذَبَ صَانِعَانِ حَبْلًا لِإِصْلَاحِهِ فَمَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَهُوَ هَدَرٌ (قَوْلُهُ: جَوَابُ الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَا إذَا مَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) أَيْ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ) أَيْ إنْ مَاتَ الْبَالِغُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْكَبِيرِ الْمَيِّتِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَصَادَمَ الصَّبِيَّانِ فَدِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ إنْ مَاتَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ لَمْ يَمُتْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَوَاقِلِ الصَّبِيَّانِ مُطْلَقًا حَصَلَ التَّصَادُمُ، أَوْ التَّجَاذُبُ مِنْهُمْ قَصْدًا، أَوْ لَا، رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، أَوْ أَرْكَبَهُمَا أَوْلِيَاؤُهُمَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيَّانِ عَمْدًا حُكْمُهُ كَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَصُّ لِلرَّقِيقِ مِنْ الْحُرِّ) أَيْ بَلْ يَلْزَمُ

دُونَ الْآخَرِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ قَصْدًا (وَحُمِلَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَصْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ لَا عَلَى الْخَطَإِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِلْقِصَاصِ مِنْ الْحَيِّ (عَكْسُ) (السَّفِينَتَيْنِ) إذَا تَصَادَمَتَا فَتَلِفَتَا، أَوْ إحْدَاهُمَا وَجُهِلَ الْحَالُ فَيُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ فَلَا قَوَدَ وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ جَرْيَهُمَا بِالرِّيحِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ أَرْبَابِهِمَا، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْقَصْدِ هُوَ الْعَجْزُ لَا الْخَطَأُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا الْخَطَأُ فَفِيهِ الضَّمَانُ فَظَهَرَ أَنَّ لِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَائِدَةً حَيْثُ حُمِلَ عَلَى الْعَجْزِ وَأَمَّا الْمُتَصَادِمَانِ فَفِي الْعَمْدِ الْقَوَدُ كَمَا قَالَ وَفِي الْخَطَإِ الضَّمَانُ وَلَوْ سَفِينَتَيْنِ فِيهِمَا وَلَا شَيْءَ فِي الْعَجْزِ بَلْ هَدَرٌ وَلَوْ غَيْرَ سَفِينَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَادُمُهُمَا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَصْرِفَ نَفْسَهُ، أَوْ دَابَّتَهُ عَنْ الْآخَرِ فَلَا ضَمَانَ بَلْ هَدَرٌ وَلَا يُحْمَلَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْعَمْدِ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ كَالْخَطَإِ فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ، وَالْقِيَمُ فِي الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ السَّفِينَتَيْنِ، فَهَدَرٌ وَحُمِلَا عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ جَرْيَهُمَا بِالرِّيحِ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَلَا قَوَدَ وَلَا ضَمَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحُرَّ قِيمَتُهُ حَيْثُ مَاتَ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْآخَرِ) أَيْ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْقَاصِدِ إنْ مَاتَ غَيْرُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْقَاصِدُ فَعَلَى عَاقِلَةِ غَيْرِهِ دِيَتُهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُدَرْ هَلْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا صَدَرَ عَنْ قَصْدٍ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) أَيْ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ حَمْلِهِمَا عَلَى الْعَمْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ تَظْهَرُ أَيْضًا فِي مَوْتِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ حَمْلَهُمَا حِينَئِذٍ عَلَى الْقَصْدِ يُوجِبُ إهْدَارَ دَمِهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْقَوَدِ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ حُمِلَا عَلَى الْخَطَإِ لَوَجَبَتْ دِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا لَهُ وَلِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَارْتَضَاهُ ح مِنْ أَنَّ التَّصَادُمَ بِالسَّفِينَتَيْنِ عَمْدًا فِيهِ الْقَوَدُ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا قَوَدَ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا عَمْدًا فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَصَادَمَا عَمْدًا، فَالْقَوَدُ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِمَا إذَا تَصَادَمَا وَلَوْ قَصْدًا وَحُمِلَ الْمُتَصَادِمَانِ عَلَى الْقَصْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ بَلْ عَلَى الْعَجْزِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ هَدَرًا لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ لِلْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوْلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ يَصْدُقُ بِالْخَطَإِ، وَالسَّفِينَتَانِ لَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَإِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ الْقَصْدِ بَعْدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا يُحْمَلَانِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْعَمْدِ وَلَا عَلَى الْخَطَإِ بَلْ عَلَى الْعَجْزِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ أَرْبَابِهِمَا) أَيْ بِخِلَافِ الْفَارِسَيْنِ، وَهَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْفَارِسَيْنِ، وَالسَّفِينَتَيْنِ إذَا تَصَادَمَا وَجُهِلَ الْحَالُ حَيْثُ حُمِلَ الْفَارِسَانِ عَلَى الْعَمْدِ، وَالسَّفِينَتَانِ عَلَى الْعَجْزِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخَطَأُ) لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ التَّصَادُمِ عَمْدًا وَحُكْمَهُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ أَشَارَ لِحُكْمِهِ إذَا وَقَعَ خَطَأً بِأَنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ النَّوَاتِيَّةِ، أَوْ رَاكِبِ الْفَرَسِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ فَقَالَ وَأَمَّا الْخَطَأُ أَيْ وَأَمَّا التَّصَادُمُ الْخَطَأُ فَفِيهِ الضَّمَانُ أَيْ لِقِيَمِ الْأَمْوَالِ وَلِدِيَاتِ النُّفُوسِ، وَهَذَا الْقِسْمُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا دَاعِي لِذِكْرِ الشَّارِحِ لَهُ هُنَا إلَّا ضَمَّ الْأَقْسَامِ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ لِسُهُولَةِ الضَّبْطِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ حُمِلَ) أَيْ التَّصَادُمُ فِيهِمَا عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْعَجْزِ أَيْ وَأَمَّا إذَا حُمِلَ عَلَى الْخَطَإِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ فَائِدَةً مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْخَطَإِ كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعَجْزِ كَانَ مُوجِبًا لِسُقُوطِهِ، فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ فَظَهَرَ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُتَصَادِمَانِ إلَخْ) هَذَا شِبْهُ حَاصِلٍ لِمَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَصَادِمَيْنِ فِي الْعَمْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ فِي الْعَجْزِ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ الرِّيحِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِينَةِ وَمِنْ الْفَرَسِ لَا مِنْ رَاكِبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ سَفِينَتَيْنِ) أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَبُّهُ عَلَى صَرْفِهِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ أَيْ، وَإِنْ تَصَادَمَا قَصْدًا فَمَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَالْقَوَدُ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَيَكُونُ مَنْ مَاتَ هَدَرًا، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا مُقَيَّدٌ بِالْقَصْدِ، وَالتَّصَادُمِ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ قَصْدٌ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ، وَهُوَ فَاسِدٌ. (قَوْلُهُ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ بِالرِّيحِ، أَوْ الْفَرَسِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ أَيْ بِغَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ وَقَوْلُهُ كَالْخَطَإِ فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ إلَخْ أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَاكِبُهُ عَلَى صَرْفِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ يُرَدُّ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا، فَهُوَ ضَامِنٌ وَبِقَوْلِهَا إنْ كَانَ فِي رَأْسِ الْفَرَسِ اغْتِرَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَصَدَمَ فَرَاكِبُهُ ضَامِنٌ. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَا عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ) أَيْ

(إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ) ، فَالضَّمَانُ أَيْ لَا إنْ قَدَرُوا عَلَى الصَّرْفِ فَلَمْ يَصْرِفُوا خَوْفًا مِنْ غَرَقٍ، أَوْ نَهْبٍ، أَوْ أَسْرٍ، أَوْ وُقُوعٍ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى تَلِفَتَا، أَوْ إحْدَاهُمَا، أَوْ مَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ مَتَاعٍ فَضَمَانُ الْأَمْوَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الصَّرْفِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْلَمُوا بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ (وَإِلَّا) يَكُنْ التَّصَادُمُ فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ، أَوْ فِيهِمَا، أَوْ التَّجَاذُبُ قَصْدًا بَلْ خَطَأً (فَدِيَةُ كُلٍّ) مِنْ الْآدَمِيَّيْنِ (عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِلْخَطَإِ (و) قِيمَةُ (فَرَسِهِ) مَثَلًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرَسَ؛ لِأَنَّ التَّصَادُمَ غَالِبًا يَكُونُ فِي رُكُوبِ الْخَيْلِ (فِي مَالِ الْآخَرِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ غَيْرَ الدِّيَةِ (كَثَمَنِ الْعَبْدِ) أَيْ قِيمَتِهِ لَا يَكُونُ عَلَى عَاقِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ بَلْ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَالَّةً فَإِنْ تَصَادَمَا فَمَاتَا فَإِنْ زَادَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْ سَيِّدُهُ الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَرَقَبَتُهُ زَالَتْ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ أَخَذَ سَيِّدُهُ الزَّائِدَ مِنْ مَالِ الْحُرِّ حَالًّا (وَإِنْ) (تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ) لِلضَّرْبِ مَعًا، أَوْ مُتَرَتِّبًا (فَفِي الْمُمَالَأَةِ) عَلَى الْقَتْلِ (يُقْتَلُ الْجَمِيعُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَقْوَى ضَرْبًا وَغَيْرِهِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَحَدِهِمْ ضَرْبٌ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا إنْ مَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ أَنْفَذَ لَهُ مَقْتَلَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا حَتَّى مَاتَ، وَإِلَّا قُتِلَ وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَالْمُتَمَالَئُونَ كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِلَّا) يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ بِأَنْ قَصَدَ كُلٌّ قَتْلَهُ بِانْفِرَادِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقِهِ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ قَصَدَ كُلٌّ ضَرْبَهُ بِلَا قَصْدِ قَتْلٍ فَمَاتَ (قُدِّمَ الْأَقْوَى) فِعْلًا حَيْثُ تَمَيَّزَتْ أَفْعَالُهُمْ فَيُقْتَلُ وَيُقْتَصُّ مِمَّنْ جَرَحَ، أَوْ قَطَعَ وَيُؤَدَّبُ مَنْ لَمْ يَجْرَحْ فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ بِأَنْ تَسَاوَتْ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَيْ قُتِلَ الْجَمِيعُ إنْ مَاتَ مَكَانَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ (وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ) حَالَ الْقَتْلِ كَعَبْدَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (بِزَوَالِهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةِ (بِعِتْقٍ، أَوْ إسْلَامٍ) لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ الْجِرَاحُ (وَضَمِنَ) الْجَانِي عِنْدَ زَوَالِ الْمُسَاوَاةِ، أَوْ عَدَمِهَا فِي خَطَإٍ، أَوْ عَمْدٍ فِيهِ مَالٌ (وَقْتَ الْإِصَابَةِ) فِي الْجُرْحِ لَا وَقْتَ الرَّمْيِ (و) وَقْتَ (الْمَوْتِ) فِي النَّفْسِ لَا وَقْتَ السَّبَب مِنْ رَمْيٍ، أَوْ جُرْحٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحُمِلَتْ السَّفِينَتَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى الْعَجْزِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَادُمُهُمَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ (قَوْلُهُ: بَلْ خَطَأً) أَيْ بَلْ حَصَلَ التَّصَادُمُ خَطَأً مِنْهُمَا فَدِيَةُ كُلٍّ إلَخْ وَبَقِيَ مَا إذَا تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ وَأَخْطَأَ الْآخَرُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ هُوَ الْمُتَعَمِّدُ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْمُخْطِئُ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَلَا يُقَالُ الْمُتَعَمِّدُ دَمُهُ هَدَرٌ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَاقِلَةَ الْمُخْطِئِ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَكُونُ دَمُهُ هَدَرًا إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَ الْمُخْطِئِ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا، أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَحْدَهُ، أَوْ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ لَا يُقَالُ مَنْ صَالَ عَلَى شَخْصٍ قَاصِدًا قَتْلَهُ وَعَلِمَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَقَتَلَهُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا لَا شَيْءَ فِيهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قَاصِدَ الْمُصَادَمَةِ دَمُهُ هَدَرٌ لَا يَلْزَمُ عَاقِلَةَ الْمُخْطِئِ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَاصِدُ الْمُصَادَمَةِ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا الْقَتْلُ فَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا. (تَنْبِيهٌ) مِنْ الْخَطَإِ عَلَى الظَّاهِرِ أَنْ يَزْلِقَ إنْسَانُ فَيَمْسِكُ آخَرَ، ثُمَّ هُوَ يَمْسِكُ ثَانِيًا، وَهَكَذَا فَيَقَعُ الْجَمِيعُ وَيَمُوتُونَ، فَالْأَوَّلُ هَدَرٌ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرَسَ) أَيْ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ مِثْلَهَا كُلُّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّصَادُمَ إلَخْ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الَّذِي يَتْلَفُ عِنْدَ الْمُصَادَمَةِ هُوَ الْمَرْكُوبُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَصَادَمَا) أَيْ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَمَاتَا فَفِيهِمَا مَا ذُكِرَ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِنْ زَادَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ لِلضَّرْبِ مَعًا) أَيْ كَانَ ضَرْبُهُمْ مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا (قَوْلُهُ: فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ) هَذَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ وَكَانَ بَعْضُهَا أَقْوَى (قَوْله بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَحَدِهِمْ ضَرْبٌ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ، وَإِنَّمَا هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ؛ إذْ مَعَ التَّمَالُؤِ عَلَى الْقَتْلِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَحْصُلَ مُبَاشَرَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ، أَوْ لَا تَحْصُلُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ وَقَالَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ كَانَ، أَوْلَى. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ فَضَرَبُوهُ فَمَاتَ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَقْوَى فِعْلًا) أَيْ، وَهُوَ مَنْ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ أَشَدَّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا وَاسْتَمَرَّ مُدَّةً وَمَاتَ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ إلَخْ أَيْ، وَإِلَّا يَمُتْ مَكَانَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَفَعَ حَيًّا غَيْرَ مَغْمُورٍ وَلَا مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ فَيُقْتَلُ وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ، وَهَذَا مَا فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَى سَقَطَ الْقِصَاصُ سَوَاءٌ مَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ رَفَعَ حَيًّا غَيْرَ مَغْمُورٍ وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ) أَيْ لَا يَسْقُطُ تَرَتُّبُ الْقَتْلِ الْكَائِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْقَتْلِ بِالْجُرْحِ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ تَرَتُّبُهُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ حُرٍّ مُسْلِمٍ مُمَاثِلٍ لَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ، فَالْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْمَانِعِ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ شَرْطٌ فِي الْقِصَاصِ وَقَوْلُهُ هُنَا لَا يَسْقُطُ إلَخْ بَيَانٌ لِعَدَمِ سُقُوطِهِ بَعْدَ تَرَتُّبِهِ فَمَا هُنَا مُغَايِرٌ لِمَا مَرَّ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حِينَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ

السَّبَبِ فَمَنْ رَمَى عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ حُرٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ وَمَنْ جَرَحَ مَنْ ذُكِرَ فَمَاتَ بَعْدَ الْعِتْقِ، أَوْ الْإِسْلَامِ فَدِيَةُ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْإِصَابَةِ، أَوْ الْمَوْتِ وَقَالَ أَشْهَبُ قِيمَةُ عَبْدٍ وَدِيَةُ كَافِرٍ فَكَلَامُهُ هُنَا فِيمَا فِيهِ مَالٌ وَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِي عَمْدِ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَنْ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ شَرَعَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَهَا مِنْ جُرْحٍ، أَوْ قَطْعٍ، أَوْ ضَرْبٍ، أَوْ كَسْرٍ، أَوْ تَعْطِيلِ مَنْفَعَةٍ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالْجُرْحِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَالْجُرْحُ) بِضَمِّ الْجِيمِ (كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ) بِأَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عُدْوَانًا (و) فِي (الْفَاعِلِ) أَيْ الْجَارِحِ مِنْ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ إلَخْ (و) فِي (الْمَفْعُولِ) أَيْ الْمَجْرُوحِ بِأَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ، أَوْ الْإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ، وَالْجَرْحُ بِالْفَتْحِ الْفِعْلُ وَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا لِئَلَّا يَلْزَمَ اتِّحَادَ الْمُشَبَّهِ وَوَجْهِ الشَّبَهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْفَاعِلِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ لِيَتَّصِلَ بِهِ قَوْلُهُ (إلَّا نَاقِصًا) كَعَبْدٍ، أَوْ كَافِرٍ (جَرَحَ كَامِلًا) كَحُرٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ النَّاقِصِ؛ لِأَنَّهُ كَجِنَايَةِ ذِي يَدٍ شَلَّاءَ عَلَى صَحِيحَةٍ، وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ كَمَا مَرَّ وَدِيَةُ الْجُرْحِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْكَافِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَحُكُومَةٌ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ (وَإِنْ) (تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ) مَنْ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَمُتْ (بِلَا تَمَالُؤٍ) (فَمِنْ كُلٍّ) يُقْتَصُّ (كَفِعْلِهِ) أَيْ بِقَدْرِ فِعْلِهِ بِالْمِسَاحَةِ وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ الْعُضْوِ بِالرِّقَّةِ، وَالْغِلَظِ وَبَقِيَ النَّظَرُ فِيمَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ، فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ دِيَةُ الْجَمِيعِ، أَوْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ، لَكِنَّ الثَّانِي بَعِيدٌ جِدًّا؛ إذْ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَلَعَ أَحَدُهُمْ عَيْنَهُ، وَالثَّانِي قَطَعَ يَدَهُ، وَالثَّالِثُ قَطَعَ رِجْلَهُ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ لَزِمَ قَلْعُ عَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ وَقَطْعُ يَدِهِ وَرِجْلِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إلَّا عَلَى عُضْوٍ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ تَمَالَئُوا اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ تَمَيَّزَتْ أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ إنْ تَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِ نَفْسٍ قُتِلُوا ، ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ وَمَا لَا يُقْتَصُّ، وَالْجِرَاحُ عَشَرَةٌ اثْنَانِ يَخْتَصَّانِ بِالرَّأْسِ، وَهُمَا الْآمَّةُ، وَالدَّامِغَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَوَدِ فِي الْمُكَافَأَةِ فِي الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ حَالَةِ الرَّمْيِ وَحَالَةِ الْإِصَابَةِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ وَمَتَى فُقِدَ التَّكَافُؤُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَبَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ فِي الْخَطَإِ، وَالْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ إذَا زَالَتْ الْمُكَافَأَةُ بَيْنَ السَّبَبِ، وَالْمُسَبَّبِ، أَوْ عُدِمَتْ قَبْلَ السَّبَبِ وَحَدَثَتْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْمُسَبَّبِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِهَا وَقْتَ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ وَقْتُ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَوَقْتُ التَّلَفِ فِي الْمَوْتِ وَلَا يُرَاعَى فِيهِ وَقْتُ السَّبَبِ، وَهُوَ الرَّمْيُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ: فَمَنْ رَمَى عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا إلَخْ) الْمُسَاوَاةُ هُنَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ حَالَةَ الرَّمْيِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَإِنَّمَا وُجِدَتْ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَهِيَ الْمُسَبَّبُ وَقَوْلُهُ فَمَنْ رَمَى عَبْدًا أَيْ خَطَأً فَنَشَأَ عَنْهُ جُرْحٌ، أَوْ رَمَاهُ عَمْدًا فَنَشَأَ عَنْ الرَّمْيِ آمَّةٌ، أَوْ مُنَقِّلَةٌ، أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الْمَتَالِفِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ حُرٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ) أَيْ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْمُسَبَّبِ لَا عِوَضَ جُرْحِ كَافِرٍ وَلَا أَرْشَ الْعَبْدِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ السَّبَبِ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَرَحَ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ، فَالْمُسَاوَاةُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ وَقْتَ السَّبَبِ، وَهُوَ الرَّمْيُ وَوُجِدَتْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ الْمَوْتُ وَتَرَكَ الشَّارِحُ مِثْلَ مَا إذَا كَانَتْ الْمُسَاوَاةُ مَوْجُودَةً حِينَ السَّبَبِ وَزَالَتْ قَبْلَ السَّبَبِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَنَزَا جُرْحُهُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ فِي النَّفْسِ قَطْعًا لِمَا عَلِمْت أَنَّ شَرْطَ الْقَوَدِ وُجُودُ الْمُسَاوَاةِ حِينَ السَّبَبِ، وَالْمُسَبَّبِ مَعًا اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ فِي الْجُرْحِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاعْتِبَارِهِ وَقْتَ الْمُسَبَّبِ، وَالْمَجْرُوحُ وَقْتَهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَلَا قِصَاصَ وَقَالَ أَشْهَبُ بِثُبُوتِ الدِّيَةِ فِي الْجُرْحِ لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ حِينَ السَّبَبِ (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ) أَيْ، وَهُوَ أَثَرُ فِعْلِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عُدْوَانًا) أَيْ تَعَدِّيًا فَنَشَأَ عَنْهُ جُرْحٌ لَا لِلَّعِبِ وَلَا لِلْأَدَبِ فَيَنْشَأُ عَنْهُ جُرْحٌ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَخْ) ، أَوْ غَيْرَ زَائِدِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا (قَوْلُهُ: لِلتَّلَفِ) أَيْ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ التَّلَفِ، أَوْ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ، فَالْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ، وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِلْجُرْحِ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ) أَيْ تَأْخِيرَ الْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ لِيَتَّصِلَ بِهِ أَيْ لِيَتَّصِلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ، وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ، وَالْمَفْعُولِ، وَالْفَاعِلِ إلَّا نَاقِصًا جُرْحٌ كَامِلًا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى (قَوْلُهُ: فَحُكُومَةٌ) أَيْ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي) أَيْ فَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ، أَوْ الْكَافِرِ الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمُتْ) وَأَمَّا إذَا مَاتَ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى فِعْلًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ قَتْلًا بِقَسَامَةٍ وَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ جُرْحًا مِثْلَ مَا فَعَلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَقْوَى قُتِلَ الْجَمِيعُ كَمَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِسَاحَةِ مَا جَرَحَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمِسَاحَةِ قَدْ تَكُونُ ثُلُثَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَنِصْفَ عُضْوِ الْجَانِي وَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ) أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَمَالَئُوا (قَوْلُهُ: دِيَةُ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْجِرَاحَاتِ (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ) فَإِذَا تَعَدَّدَ الْعُضْوُ، وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَلَعَ وَاحِدٌ عَيْنَهُ وَوَاحِدٌ قَطَعَ رِجْلَهُ وَكَانَا مُتَمَالِئَيْنِ عَلَى قَلْعِ عَيْنِهِ وَقَطْعِ رِجْلِهِ فَإِنَّهُ تُقْلَعُ عَيْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتُقْطَعُ رِجْلُهُ

وَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا وَثَمَانِيَةٌ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْخَدِّ، وَهِيَ الْمُنَقِّلَةُ، وَالْمُوضِحَةُ وَمَا قَبْلَهَا، وَهِيَ سِتَّةٌ وَفِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا مُنَقِّلَةَ الرَّأْسِ فَقَالَ وَاقْتَصَّ مِنْ (مُوضِحَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ، وَهِيَ مَا (أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ) أَيْ أَظْهَرَتْهُ (و) عَظْمَ (الْجَبْهَةِ، وَالْخَدَّيْنِ) ، وَالْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى، أَوْ فَمَا، أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ أَنْفًا، أَوْ لَحْيًا أَسْفَلَ لَا يُسَمَّى مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ اقْتَصَّ مِنْ عَمْدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ مَا لَهُ بَالٌ بَلْ (وَإِنْ) ، أَوْضَحَتْ (كَإِبْرَةٍ) أَيْ قَدْرَ مَغْرَزِهَا (و) اقْتَصَّ مِنْ (سَابِقِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ أَيْ مَا يُوجَدُ قَبْلَهَا مِنْ الْجِرَاحَاتِ، وَهِيَ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ بِاللَّحْمِ وَرَتَّبَهَا عَلَى حُكْمِ وُجُودِهَا الْخَارِجِيِّ فَقَالَ (مِنْ دَامِيَةٍ) ، وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدَ فَيَرْشَحُ مِنْهُ دَمٌ مِنْ غَيْرِ شَقِّ الْجِلْدِ (وَحَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجِلْدَ) وَأَفْضَتْ لِلَّحْمِ (وَسِمْحَاقٍ) بِالْكَسْرِ (كَشَطَتْهُ) أَيْ الْجِلْدَ أَيْ أَزَالَتْهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِاللَّحْمِ بِقَوْلِهِ (وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ) أَيْ فِي اللَّحْمِ (بِتَعَدُّدٍ) أَيْ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَلَمْ تَقْرُبْ مِنْ الْعَظْمِ (وَمِلْطَأَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ) وَلَمْ تَصِلْ لَهُ (كَضَرْبَةِ السَّوْطِ) فِيهَا الْقِصَاصُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا انْضِبَاطَ لَهَا وَلَا يَنْشَأُ عَنْهَا جُرْحٌ غَالِبًا بِخِلَافِ السَّوْطِ، وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا كَاللَّطْمَةِ فِي الْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَنْشَأَ عَمَّا ذُكِرَ جُرْحٌ وَأَشَارَ لِمَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْجَسَدُ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى مُوضِحَةٍ (و) اقْتَصَّ مِنْ (جِرَاحِ الْجَسَدِ) غَيْرَ الرَّأْسِ (وَإِنْ مُنَقِّلَةً) وَيَأْتِي لَهُ تَفْسِيرُهَا وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهَا كَمُنَقِّلَةِ الرَّأْسِ وَيُعْتَبَرُ (بِالْمِسَاحَةِ) فَيُقَاسُ الْجُرْحُ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فَقَدْ يَكُونُ نِصْفَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجُلَّ عُضْوِ الْجَانِي، أَوْ كُلَّهُ وَبِالْعَكْسِ، وَهَذَا (إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ جُرْحِ عُضْوٍ أَيْمَنَ فِي أَيْسَرَ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا تُقْطَعُ سَبَّابَةٌ مَثَلًا بِإِبْهَامٍ وَلَوْ كَانَ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ طَوِيلًا وَعُضْوُ الْجَانِي قَصِيرًا فَلَا يَكْمُلُ بَقِيَّةَ الْجُرْحِ مِنْ عُضْوِهِ الثَّانِي وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ قَوْلَهُ (كَطَبِيبٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِذَا اتَّحَدَ الْعُضْوُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَمَا إذَا تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَطْعِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كُلُّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَتَالِفِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهَا) أَيْ فِي الْوُجُودِ وَقَوْلُهُ، وَهِيَ سِتَّةٌ أَيْ، وَهِيَ الدَّامِيَةُ، وَالْحَارِصَةُ وَالسِّمْحَاقُ، وَالْبَاضِعَةُ، وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَالْمِلْطَأَةُ بِالْهَمْزَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَفِيهَا الْقِصَاصُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ، أَوْضَحَتْ صِلَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ خَبَرٌ عَنْ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ لَا أَنَّهُ صِفَةٌ لِمُوضِحَةٍ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّخْصِيصُ بِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ غَيْرَهَا يُسَمَّى مُوضِحَةً، لَكِنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا يَظْهَرُ تَعْرِيفُ الْمُوضِحَةِ بِمَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الدِّيَةِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْقِصَاصِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ مُوضِحَةِ الْخَدِّ، وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ تَفْسِيرَهَا هُنَا؛ إذْ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْقِصَاصِ بَلْ يَقُولُ، أَوْضَحْت الْعَظْمَ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ تَفْسِيرُهَا بِمَا ذُكِرَ فِي الدِّيَات وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا، أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَا أَوْضَحَ الْعَظْمَ مُطْلَقًا فَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ مَعْنَاهَا فِي الِاصْطِلَاحِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْقِصَاصُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْ عَمْدِهِ) أَيْ مِنْ عَمْدِ مَا أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: قَدْرَ مَغْرَزِهَا) أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَكَذَا كُلُّ جُرْحٍ كَانَ مِمَّا يُقْتَصُّ فِيهِ، أَوْ تَتَعَيَّنُ فِيهِ الدِّيَةُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَالٌ بَلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَغْرَزٍ إبْرَة (قَوْلُهُ: وَسَابِقِهَا) أَيْ السَّابِقِ عَلَيْهَا فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: وَحَارِصَةٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَأَلِفٍ فَرَاءٍ فَصَادٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ شَقَّتْ الْجِلْدَ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ مَحْذُوفٍ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهِيَ الَّتِي شَقَّتْ الْجِلْدَ أَيْ قَطَعَتْهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ) أَيْ بِأَنْ أَخَذَتْ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا (قَوْلُهُ: قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ لَهُ) . حَاصِلُهُ أَنَّ الْمِلْطَأَةَ هِيَ الَّتِي أَزَالَتْ اللَّحْمَ وَقَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهِ بَلْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سِتْرٌ رَقِيقٌ فَإِنْ أَزَالَتْ ذَلِكَ السِّتْرَ وَوَصَلَتْ لِلْعَظْمِ كَانَتْ مُوضِحَةً (قَوْلُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ وَاقْتَصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا كَاللَّطْمَةِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ وَذَلِكَ لِخَطَرِهَا وَعَدَمِ انْضِبَاطِهَا فَرُبَّمَا زَادَتْ عَلَى الْأُولَى بِخِلَافِ السَّوْطِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْشَأَ عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ فِي اللَّطْمَةِ، وَالضَّرْبِ بِالْعَصَا جُرْحٌ فَإِنْ نَشَأَ عَنْهُ جُرْحٌ، فَالْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: وَاقْتُصَّ مِنْ جِرَاحِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجِرَاحِ الْجَسَدِ عَطْفٌ عَلَى مُوضِحَةٍ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الرَّأْسِ) أَيْ وَأَمَّا جِرَاحُ الرَّأْسِ فَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُنَقِّلَةً) صَوَابُهُ، وَإِنْ هَاشِمَةً فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ بِالْمِسَاحَةِ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ الْقِصَاصُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ، وَهِيَ جِرَاحَاتُ الرَّأْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْجَسَدِ بِالْمُسَامِحَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) أَيْ وَاعْتِبَارُ الْقِصَاصِ بِالْمِسَاحَةِ إنَّمَا يَكُونُ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، وَهَذَا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَلَا يُنْظَرُ لِلْمِسَاحَةِ بَلْ يُقْطَعُ الْعُضْوُ الصَّغِيرُ بِالْكَبِيرِ الْمُمَاثِلِ لَهُ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْمِلُ بَقِيَّةَ الْجُرْحِ مِنْ عُضْوِهِ الثَّانِي)

الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي (زَادَ) عَلَى الْمِسَاحَةِ الْمَطْلُوبَةِ (عَمْدًا) فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا زَادَهُ فَلَوْ نَقَصَ وَلَوْ عَمْدًا فَلَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا فَإِنْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّبِيبِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَمْدًا (وَإِلَّا) يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ، أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الطَّبِيبُ الزِّيَادَةَ بَلْ أَخْطَأَ (فَالْعَقْلُ) عَلَى الْجَانِي وَسَقَطَ الْقِصَاصُ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا، أَوْ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ (كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ) جَنَى عَلَيْهَا فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا (بِصَحِيحَةٍ) أَيْ مِنْ ذِي صَحِيحَةٍ جَنَى عَلَيْهَا (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ جَنَى صَاحِبُ الشَّلَّاءِ عَادِمَةِ النَّفْعِ عَلَى الصَّحِيحَةِ فَلَا قِصَاصَ وَيَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ جَنَى عَلَى صَحِيحَةٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا بِالصَّحِيحَةِ وَبِالْعَكْسِ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الصَّحِيحَةِ بِقَطْعِ الشَّلَّاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ عَدِمَتْ النَّفْعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ لَكَانَتْ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَعَيْنِ أَعْمَى) أَيْ حَدَقَتِهِ جَنَى عَلَيْهَا ذُو سَالِمَةٍ بِأَنْ قَلَعَهَا فَإِنَّ السَّالِمَةَ لَا تُؤْخَذُ بِهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ بِالِاجْتِهَادِ وَفِي الْعَكْسِ الدِّيَةُ (وَلِسَانِ أَبْكَمَ) لَا يُقْطَعُ بِنَاطِقٍ وَلَا عَكْسِهِ وَفِي قَطْعِ النَّاطِقِ الدِّيَةُ وَفِي عَكْسَهُ الْحُكُومَةُ وَعَطَفَ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ وَيَنْتَفِي فِيهِ الْقِصَاصُ قَوْلَهُ (وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ) لَا قِصَاصَ فِيهِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ إنْ بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَتَالِفِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ مُنَقِّلَةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً فِي الرَّأْسِ، وَهِيَ الَّتِي (طَارَ) أَيْ زَالَ (فِرَاشُ الْعَظْمِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ كَقِشْرِ الْبَصَلِ أَيْ يُزِيلُهُ الطَّبِيبُ (مِنْ) أَجْلِ (الدَّوَاءِ) لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ، فَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ الَّتِي أَطَارَ أَيْ أَزَالَ الطَّبِيبُ وَنَقَلَ صِغَارَ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ أَيْ مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ (وَآمَّةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَمْدُودَةٍ، وَهِيَ مَا (أَفْضَتْ لِلدِّمَاغِ) أَيْ الْمُخِّ أَيْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَأُمُّ الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَفْرُوشَةٌ عَلَى الدِّمَاغِ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ (وَدَامِغَةٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ (خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ) أَيْ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَنْكَشِفْ بَلْ بِنَحْوِ قَدْرِ مَغْرَزِ إبْرَةٍ، وَإِلَّا مَاتَ فَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ (وَلَطْمَةٍ) أَيْ ضَرْبَةٍ عَلَى الْخَدِّ بِبَاطِنِ الْكَفِّ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا عَقْلَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا فِي عَمْدِهَا الْأَدَبُ فَقَطْ، وَهَذَا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا جُرْحٌ، أَوْ ذَهَابُ مَنْفَعَةٍ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَفِي نُسْخَةٍ كَلَطْمَةٍ بِكَافِ التَّشْبِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَلْ تَسْقُطُ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ قِصَاصًا وَعَقْلًا (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي) أَيْ وَأَمَّا الطَّبِيبُ بِمَعْنَى الْمُدَاوِي فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الشُّرْبِ بِقَوْلِهِ كَطَبِيبٍ جَهِلَ، أَوْ قَصَّرَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ طَبِيبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا زَادَ) أَنْ يُقَدِّرَ مَسَّاحَةَ مَا زَادَ (قَوْلُهُ فَلَا نَقْصَ) أَيْ أَنَّ الْمِسَاحَةَ الْمَطْلُوبَةَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا أَيْ مِنْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ أَيْ الَّذِي زَادَ الطَّبِيبُ فِي جُرْحِهِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّبِيبِ أَيْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَزِدْ عَمْدًا أَيْ بَلْ زَادَ خَطَأً فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ) أَيْ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَحَلُّ الْقِصَاصِ أَعْنِي عُضْوَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَعُضْوَ الْجَانِي بَلْ اخْتَلَفَا بِأَنْ قَطَعَ ذُو يَمِينٍ فَقَطْ ذَا يُسْرَى (قَوْلُهُ: بَلْ أَخْطَأَ) أَيْ بَلْ زَادَ خَطَأً (قَوْلُهُ، فَالْعَقْلُ عَلَى الْجَانِي وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) فَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى بِيُسْرَى حَيْثُ كَانَ لَا يُسْرَى لِلْجَانِي وَلَا وُسْطَى بِسَبَّابَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا سَبَّابَةَ لَهُ، وَهَكَذَا لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَمْدًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ عَمْدًا أَيْ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ دُونَ الثُّلُثِ أَيْ، أَوْ كَانَ خَطَأً وَكَانَ عَقْلُهُ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَقَوْلُهُ فَفِي مَالِهِ أَيْ، فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ وَأَمَّا إذَا زَادَ الطَّبِيبُ خَطَأً وَمَاتَ الْجَانِي فَعَقْلُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: كَذِي شَلَّاءَ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعَقْلِ دِيَةً، أَوْ حُكُومَةً وَعُدِمَ الْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: عَدِمَتْ النَّفْعَ) إسْنَادُ عَدَمِ النَّفْعِ لِلْيَدِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْدَمُ النَّفْعَ صَاحِبُهَا فَحَقُّ الْكَلَامِ إنْ عَدِمَ صَاحِبُهَا النَّفْعَ بِهَا فَحَوَّلَ الْإِسْنَادَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا) أَيْ عَقْلُ الشَّلَّاءِ، وَهُوَ حُكُومَةٌ مِنْ ذِي الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ) أَيْ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الشَّلَّاءِ لِلصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ) أَيْ عَقْلُ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الِاحْتِمَالِ جَعَلَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِصَحِيحَةٍ بِمَعْنَى عَلَى. وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ جَعَلَهَا بِمَعْنَى مِنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الشَّلَّاءِ بِالصَّحِيحَةِ وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ (قَوْلُهُ: لَكَانَتْ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقْطَعُ بِالصَّحِيحَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ شَاسٍ، لَكِنَّهُ تَعَقَّبَهُ بَعْدَهُ بِنَقْلِهِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِالرِّضَا فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَكْسِ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا جَنَى أَعْمَى عَلَى ذِي عَيْنٍ سَالِمَةٍ فَقَلَعَهَا (قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي) أَيْ الْجِرَاحَاتُ الَّتِي طَارَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْلٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَآمَّةٌ) هِيَ الَّتِي تَلِي الْمُنَقِّلَةَ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا) أَيْ، وَهِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي أَفْضَتْ أَيْ وَصَلَتْ لِلدِّمَاغِ وَقَوْلُهُ أَيْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْآمَّةَ هِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي أَفْضَتْ أَيْ وَصَلَتْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَلَوْ بِمَغْرَزِ إبْرَةٍ وَلَمْ تَخْرِقْهَا، وَإِلَّا كَانَتْ دَامِغَةً كَمَا قَالَ بَعْدُ (قَوْلُهُ: خَرِيطَتَهُ) هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا سَابِقًا بِأُمِّ الدِّمَاغِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَاتَ) أَيْ، وَإِلَّا، فَالْمَوْتُ يَكُونُ يَكْشِفُهَا عَنْهُ بِالْمَرَّةِ وَأَمَّا خَرْقُهَا فَلَا يُوجِبُ الْمَوْتَ (قَوْلُهُ: لَا قِصَاصَ فِيهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا جُرْحٌ) أَيْ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا جُرْحٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْجُرْحِ بِدُونِ ضَرْبٍ وَأَمَّا

أَيْ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ، وَهِيَ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ بَيَانِ مَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ (وَشُفْرِ عَيْنٍ) لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَهُوَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ الْهُدْبُ النَّابِتُ بِأَطْرَافِ الْجَفْنِ (وَحَاجِبٍ وَلِحْيَةٍ) لَا قِصَاصَ عَلَى مَنْ نَتَفَهُ، أَوْ حَلَقَهُ (وَعَمْدُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ (كَالْخَطَإِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) فَيَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَجِرَاح الْجَسَدِ قَوْلَهُ (وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْخَوْفُ، أَوْ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْجِرَاحِ الَّتِي بَعْدَ الْمُوضِحَةِ أَيْ جِرَاحِ الْجَسَدِ غَيْرَ مَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ فِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَعْظُمَ فِيهَا الْخَطَرُ فَلَا قِصَاصَ وَلَوْ تَرَكَ الْوَاوَ لَكَانَ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ إثْبَاتَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ، وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ (كَعَظْمِ الصَّدْرِ) أَيْ كَسْرِهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَكَذَا عَظْمُ الصُّلْبِ، أَوْ الْعُنُقِ وَيَجِبُ فِيهَا الْعَقْلُ كَامِلًا (وَفِيهَا: أَخَافُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ) الْجَانِي لَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا، أَوْ إنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ كَامِلًا وَمَفْهُومُ رَضِّ أَنَّ فِي قَطْعِهِمَا، أَوْ جُرْحِهِمَا الْقِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَتَالِفِ وَضَمِيرُ أَخَافُ لِلْإِمَامِ، أَوْ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ) مِنْ الْمَعَانِي كَسَمْعٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ وَكَلَامٍ (بِجُرْحٍ) أَيْ بِسَبَبِ جُرْحٍ مِنْ شَخْصٍ عَمْدًا لِآخَرَ فِيهِ قِصَاصٌ كَالْمُوضِحَةِ (اقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَانِي بِمِثْلِهِ (فَإِنْ حَصَلَ) لِلْجَانِي مِثْلُ الذَّاهِبِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ زَادَ) بِأَنْ ذَهَبَ شَيْءٌ آخَرُ مَعَ الذَّاهِبِ، فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (وَإِلَّا) يَحْصُلْ مِثْلُ الذَّاهِبِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ، أَوْ حَصَلَ غَيْرُهُ (فِدْيَةُ مَا لَمْ يَذْهَبْ) حَقُّهُ فِدْيَةُ مَا ذَهَبَ فِي مَالِهِ، أَوْ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِدْيَةُ مُمَاثِلِ مَا لَمْ يَذْهَبْ (وَإِنْ ذَهَبَ) الْبَصَرُ وَنَحْوُهُ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ، أَوْ ضَرْبَةٍ بِقَضِيبٍ (وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ) لَمْ تَنْخَسِفْ (فَإِنْ اُسْتُطِيعَ) أَيْ أَمْكَنَ (كَذَلِكَ) أَيْ؛ إذْهَابُ بَصَرِهِ بِحِيلَةٍ مِنْ الْحِيَلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا ذَهَابُ مَعْنًى فَإِنْ أَمْكَنَ ذَهَابُ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ الْجَانِي بِحِيلَةٍ بِدُونِ ضَرْبٍ فَعَلَ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْهُدْبُ) أَيْ الشَّعْرُ النَّابِتُ بِأَطْرَافِ الْجَفْنِ مِنْ فَوْقَ وَأَسْفَلَ بِغَيْرِ جِلْدٍ وَلَا لَحْمٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ عَقْلٌ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ إلَى الدَّامِغَةِ، أَوْ كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَهُوَ فَقْءُ صَحِيحِ الْعَيْنِ عَيْنَ الْأَعْمَى وَقَطْعُ نَاطِقِ اللِّسَانِ لِسَانَ الْأَبْكَمِ، أَوْ كَانَ لَا عَقْلَ فِيهِ وَلَا حُكُومَةَ كَاللَّطْمَةِ وَنَتْفِ هُدْبِ الْعَيْنِ، أَوْ الْحَاجِبِ، أَوْ اللِّحْيَةِ، أَوْ حَلْقِ ذَلِكَ إنْ عَادَ ذَلِكَ لِمَا كَانَ، وَإِلَّا كَانَ فِيهِ الْحُكُومَةُ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَكَمَا يَجِبُ الْأَدَبُ فِي عَمْدِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ يَجِبُ الْأَدَبُ أَيْضًا فِي عَمْدِ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ فَتُقْطَعُ يَدُ الْجَانِي مَثَلًا وَيُؤَدَّبُ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ) النُّسْخَةُ الَّتِي حَلَّ عَلَيْهَا خش وَكَأَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا كَعَظْمِ الصَّدْرِ قَالَ، وَهَذَا تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ، أَوْلَى) لَا يُقَالُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَنَّ إلَّا فِيهِ شَرْطِيَّةٌ، وَإِلَّا هُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَلَا تُعْطَفُ الْجُمْلَةُ الِاسْتِثْنَائِيَّة عَلَى الشَّرْطِيَّةِ (قَوْلُهُ كَعَظْمِ الصَّدْرِ) تَمْثِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، أَوْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ كَسْرِ الْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بِالْجَانِي، وَإِنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ (قَوْلُهُ: إنَّ فِي قَطْعِهِمَا، أَوْ جَرْحِهِمَا الْقِصَاصَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الرِّسَالَةِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ كَرَضِّهِمَا (قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ إلَخْ) يَتَعَيَّنُ أَنَّ فَاعِلَ أَخَافَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ لَا مَالِكٌ خِلَافًا لِتَجْوِيزِ الشَّارِحِ ذَلِكَ أَيْضًا اُنْظُرْ تت (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ فَاعِلُ ذَهَبَ أَيْ إنْ ذَهَبَ مِثْلُ بَصَرٍ أَيْ إنْ ذَهَبَ بَصَرٌ وَمَا مَاثَلَهُ مِنْ الْمَعَانِي كَسَمْعٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ وَلَمْسٍ وَكَلَامٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ قُوَّةُ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ كَالْمُوضِحَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا فَأَوْضَحَهُ فَذَهَبَ بِذَلِكَ سَمْعُهُ، أَوْ عَقْلُهُ، أَوْ هُمَا (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَانِي بِمِثْلِهِ أَيْ بِأَنْ يُوضَحَ بَعْدَ بُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي مِثْلُ الذَّاهِبِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ حَصَلَ عَائِدٌ عَلَى الذَّاهِبِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَأَمَّا ضَمِيرُ زَائِد، فَهُوَ عَائِدٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ذَهَبَ شَيْءٌ آخَرُ مَعَ الذَّاهِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الذَّاهِبِ، أَوْ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ بِإِيضَاحِهِ لَهُ السَّمْعُ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ بَصَرُهُ زِيَادَةً عَلَى سَمْعِهِ، أَوْ ذَهَبَ بِإِيضَاحِهِ بَعْضُ سَمْعِهِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ) أَيْ، أَوْ حَصَلَ بَعْضُ الذَّاهِبِ، أَوْ حَصَلَ غَيْرُهُ أَيْ كَمَا لَوْ ذَهَبَ بِإِيضَاحِهِ سَمْعُهُ بِالْمَرَّةِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَلَمْ يَذْهَبْ لَهُ شَيْءٌ، أَوْ ذَهَبَ بَعْضُ سَمْعِهِ، أَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ حَقُّهُ فَدِيَةُ مَا ذَهَبَ) أَيْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَخْذَ جَمِيعِ الدِّيَةِ، وَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي بَعْضُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي مَالِهِ) أَيْ الْجَانِي هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَنَّهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ فِدْيَةُ مُمَاثِلِ مَا لَمْ يَذْهَبْ) أَيْ وَمُمَاثِلُ مَا لَمْ يَذْهَبْ أَيْ نَظِيرُهُ مَا قَامَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مَا قَامَ بِالْجَانِي؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ هُوَ الْقَائِمُ بِالْجَانِي. فَإِنْ قُلْت مَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهِ وَيُرَادُ بِمَا لَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْجَانِي. قُلْت الْمَانِعُ اقْتِضَاؤُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً عَلَى رَجُلٍ فَذَهَبَ بَصَرُ أَحَدِ عَيْنَيْهِ فَاقْتُصَّ مِنْهَا فَلَمْ يَذْهَبْ بَصَرُ عَيْنِهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ دِيَةُ عَيْنِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ دِيَةُ عَيْنِهَا نِصْفُ دِيَتِهَا وَدِيَةُ عَيْنِ الرَّجُلِ نِصْفُ دِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَمْكَنَ كَذَلِكَ)

لَا خُصُوصِ اللَّطْمَةِ، أَوْ الضَّرْبِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرُوحِ كَمَا فِي الْآيَةِ فَعَلَ بِهِ مَا يُسْتَطَاعُ (وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ) مُتَعَيِّنٌ، فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ نَحْوُ الْبَصَرِ بِشَيْءٍ فِيهِ الْقِصَاصُ، وَهَذِهِ ذَهَبَ بِشَيْءٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ فَافْتَرَقَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْعَيْنِ قَائِمَةً فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ذَهَبَ بِكَلَطْمَةٍ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ وَلَوَفَّى بِالْمُرَادِ وَيَحْذِفُ قَوْلَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ (كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ) بِجُرْحٍ عَمْدًا عَلَى رَأْسِهِ مَثَلًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ فَإِنْ شُلَّتْ يَدُ الْجَانِي، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ (وَإِنْ) (قُطِعَتْ) بَعْدَ الْجَنَابَةِ (يَدُ قَاطِعٍ) لِيَدِ غَيْرِهِ عَمْدًا (بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَقَطْعِهِ يَدَ آخَرَ فَاقْتُصَّ مِنْهُ (فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ كَمَوْتِ الْقَاتِلِ عَمْدًا بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ فَلَمَّا زَالَ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي النَّفْسِ بِخِلَافِ مَقْطُوعِ الْيَدِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ (وَإِنْ) (قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ) يَدَ غَيْرِهِ (مِنْ الْمِرْفَقِ) (فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ) بِأَنْ يَقْطَعَ النَّاقِصَةَ مِنْ الْمِرْفَقِ (أَوْ الدِّيَةُ) ، وَإِنَّمَا خَيَّرَ؛ لِأَنَّ الْجَانِي لَمَّا كَانَ نَاقِصَ الْعُضْوِ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ الِانْتِقَالُ لِعُضْوٍ آخَرَ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَمْدًا فَثَبَتَ الْخِيَارُ بَيْنَ الْقِصَاصِ، وَالدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْقِصَاصُ مَعَ أَخْذِ الدِّيَةِ مُعْتَلًّا بِأَنَّ فِي السَّاعِدِ حُكُومَةً؛ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ دِيَةٍ وَقِصَاصٍ (كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ) يَقْطَعُ ذَكَرَ غَيْرِهِ فَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقِصَاصِ بِأَنْ يَقْطَعَ الْبَاقِي مِنْ ذَكَرِ الْجَانِي وَأَخْذِ الدِّيَةِ (وَتُقْطَعُ الْيَدُ) ، أَوْ الرِّجْلُ (النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ) عَلَى الْجَانِي وَلَا خِيَارَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي نَقْصِ الْأُصْبُعِ (وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ) يَدُهُ، أَوْ رِجْلُهُ (أَكْثَرَ) مِنْ أُصْبُعٍ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ (وَفِي) أَخْذِ (الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا الْجَانِي (وَإِنْ) (نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) ، أَوْ رِجْلُهُ أُصْبُعًا (فَالْقَوَدُ) عَلَى الْجَانِي الْكَامِلِ الْأَصَابِعِ (وَلَوْ) كَانَ النَّاقِصُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إبْهَامًا) ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ (لَا) إنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أَمْكَنَ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا خُصُوصِ اللَّطْمَةِ، أَوْ الضَّرْبِ) أَيْ لَا بِخُصُوصِ مَا فَعَلَ الْجَانِي مِنْ الضَّرْبِ، أَوْ اللَّطْمَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَضِيَّةُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ وَقَعَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ شَخْصًا فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ عُثْمَانُ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَأَعْيَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ فَتَحَيَّلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِإِدْنَاءِ مِرْآةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ عَيْنِ الْجَانِي وَقِيلَ اسْتَقْبِلْ بِهَا الشَّمْسَ وَوَضَعَ كُرْسُفًا أَيْ قُطْنًا عَلَى الْحَدَقَةِ لِئَلَّا تَسِيلَ فَاخْتُطِفَ بَصَرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ) أَيْ، وَإِلَّا يُسْتَطَعْ ذَلِكَ، فَالْعَقْلُ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيَكُونُ الْعَقْلُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ) أَيْ فِي اخْتِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِ الْعَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ قَائِمَةً أَيْ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَائِمَةٌ، وَالذَّاهِبُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ الْمَنْفَعَةُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ إلَخْ) قَرَّرَهُ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ إلَخْ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ تَشْبِيهًا بِمَا يَلِيهِ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ فِي تَعْيِينِ الْعَقْلِ وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا حَصَلَ الشَّلَلُ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ بِمَا فِيهِ قِصَاصٌ وَشَلَّتْ بِفَتْحِ الشِّينِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا بَلْ قِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ (قَوْلُهُ: بِجُرْحٍ) أَيْ مُلْتَبِسَةٌ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ كَمُوضِحَةٍ وَأَمَّا إنْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِ الضَّرْبِ يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ بِهِ الشَّلَلُ فَيُضْرَبُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى يَحْصُلَ، أَوْ لَا يَحْصُلَ بِهِ الشَّلَلُ فَيُحْكَمُ بِالدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ) أَيْ فِي مَالِ الْجَانِي لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ قَبْلَ الْقِصَاصِ مِنْهُ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِسَرِقَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِ هَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِهَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ الْجَانِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَقْطُوعِ الْيَدِ) أَيْ الْمُمَاثَلَةُ لِمَا قَطَعَهَا وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ أَيْ لِعَدَمِ مَحَلِّ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمِرْفَقِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ يَدَ غَيْرِهِ مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ لِعَدَمِ مَحَلِّ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ) قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ، وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ الدِّيَةُ عَلَى صَاحِبِهَا إذَا كَانَ جَانِيًا أَنَّ الشَّلَّاءَ كَالْمَيِّتَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ فِي السَّاعِدِ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَاقِي مِنْ عُضْوِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَخْذِ الدِّيَةِ) أَيْ مَعَ أَخْذِهِ بَاقِي دِيَةِ يَدِهِ (قَوْلُهُ: يَقْطَعُ ذَكَرَ غَيْرِهِ) أَيْ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الدِّيَةَ) أَيْ دِيَةَ ذَكَرِهِ هُوَ (قَوْلُهُ: النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا) أَيْ فَقَطْ، أَوْ أُصْبُعًا وَبَعْضَ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا أَيْ مِنْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ بِالْكَامِلَةِ أَيْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِلَا غُرْمٍ عَلَى الْجَانِي) أَيْ لِأَرْشِ الْأُصْبُعِ النَّاقِصَةِ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ: فِي نَقْصِ الْأُصْبُعِ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ قَطْعُ النَّاقِصَةِ لِذَلِكَ بِالْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ يَدُهُ أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ) الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ أُصْبُعَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا وَأَمَّا الْأُصْبُعُ وَبَعْضُ آخَرَ فَلَا خِيَارَ فِيهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ قَطْعُ النَّاقِصَةِ لِذَلِكَ بِالْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا نَقْصٌ يَسِيرٌ لَا يَمْنَعُ الْمُمَاثَلَةَ (قَوْلُهُ: وَفِي أَخْذِ الدِّيَةِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَأْخُذَ أَرْشَ النَّاقِصِ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ الْمُقْتَصِّ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَيْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا) أَيْ الْكَامِلَةِ وَقَوْلُهُ لَا الْجَانِي أَيْ لَا دِيَةِ يَدِ الْجَانِي النَّاقِصَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ عَلَى الْجَانِي الْكَامِلِ الْأَصَابِعِ) أَيْ وَلَا يَغْرَمُ الْمَجْنِيُّ

(أَكْثَرَ) مِنْ أُصْبُعٍ بِأَنْ نَقَصَتْ إصْبَعَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَا يُقْتَصُّ لَهَا مِنْ كَامِلَةٍ جَنَتْ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ فَلَهُ دِيَتُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْكَفِّ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْأَصَابِعِ، وَإِنْ كَانَ أُصْبُعًا فَقَطْ فَدِيَةٌ وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْكَفُّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْحُكُومَةُ، وَإِنَّمَا خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ يَدُ الْجَانِي نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ وَتَعَيَّنَ الْعَقْلُ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَاقِصَةً أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا اخْتَارَ الْقَوَدَ بِقَطْعِ النَّاقِصَةِ مِنْ الْجَانِي فَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ وَذَلِكَ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ يَدُهُ هِيَ النَّاقِصَةُ أَكْثَرُ وَأَرَادَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي ذِي الْيَدِ الْكَامِلَةِ لَزِمَ أَنْ يَأْخُذَ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّهِ (وَلَا يَجُوزُ) الْقِصَاصُ (بِكُوعٍ) أَيْ مِنْهُ (لِذِي مَرْفِقٍ) أَيْ لِمَجْنِيٍّ عَلَيْهِ مِنْ مَرْفِقٍ (وَإِنْ رَضِيَا) مَعًا بِذَلِكَ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَرْضَيَا فَإِنْ وَقَعَ أَجْزَأَ وَلَا يُعَادُ الْقِصَاصُ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مَعَ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ قَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَعَ الْإِمْكَانِ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] (وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ) مِنْ الْجَانِي (بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً) أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا (أَوْ) ضَعِيفَةٍ، مِنْ (كِبَرٍ) لِصَاحِبِهَا (و) أَمَّا لَوْ كَانَ ضَعْفُهَا (لِجُدَرِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ (أَوْ) كَانَ (لِكَرَمْيَةٍ) أَصَابَتْهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا (فَالْقَوَدُ) رَاجِعٌ لِلْجُدَرِيِّ وَمَا بَعْدَهُ لَا لِمَا قَبْلَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ إلَخْ؛ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا الْقَوَدُ، وَإِنَّمَا رَجَعْنَاهُ لِلْجُدَرِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْوَاوِ الِاسْتِئْنَافِيَّة كَمَا أَشَرْنَا لَهُ بِأَمَّا الْفَاصِلَةِ وَقَوْلُهُ (إنْ تَعَمَّدَ) الْجَانِي شَرْطٌ فِي الْقَوَدِ أَيْ تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ عَلَيْهَا مَعَ ضَعْفِهَا بِمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ تَعَمُّدِ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) يَتَعَمَّدْ بَلْ كَانَ خَطَأً (فَبِحِسَابِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ مِنْ نُورِهَا فَإِنْ بَقِيَ نِصْفُ نُورِهَا بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ فَعَلَى الْمُخْطِئِ الْآنَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ،، وَهَذَا إنْ أَخَذَ لَهَا أَوَّلًا عَقْلًا، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً، كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا فَقَوْلُهُ، وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ لِكَرَمْيَةٍ، ثُمَّ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ مَعَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ وَلَا لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَمْدِ وَلَا لِقَوْلِهِ، وَإِلَّا إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي وَرِكَّةِ الْكَلَامِ (وَإِنْ) (فَقَأَ) أَيْ قَلَعَ (سَالِمٌ) أَيْ سَالِمُ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَالِمُ الْمُمَاثِلَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (عَيْنَ أَعْوَرَ) (فَلَهُ) أَيْ لِلْأَعْوَرِ (الْقَوَدُ) بِأَخْذِ نَظِيرَتِهَا مِنْ السَّالِمِ (و) لَهُ (أَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً) ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ (مِنْ مَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ (وَإِنْ) (فَقَأَ أَعْوَرُ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ) أَيْ مُمَاثِلَةَ عَيْنِهِ السَّالِمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ النَّاقِصُ الْأَصَابِعِ لِلْجَانِي أَرْشَ أُصْبُعِهِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، (قَوْلُهُ: لَزِمَ أَنْ يَأْخُذَ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّهِ) أَيْ فَيُخَالِفَ، قَوْله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] أَيْ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا جَنَى مَعَ الْإِمْكَانِ. (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْمِرْفَقِ بِأَخَفَّ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْطَعَ يَدَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ وَيَتْرُكَ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: مِنْ مَرْفِقٍ) أَيْ جِنَايَةً حَاصِلَةً، مِنْ مَرْفِقٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ الْقِصَاصُ) أَيْ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَفْوِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ قِصَاصٍ بَعْدَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ وَقَعَ أَجْزَأَ وَلَا يُعَادُ سَوَاءٌ وَقَعَ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَعَ الْإِمْكَانِ حَقٌّ لِلَّهِ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عُقُوبَةَ الْجَانِي فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ مَجَّانًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ أَصْلُهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ لِجَوَازِ الْعَفْوِ فَإِنْ أُرِيدَتْ فَتَحْدِيدُهَا حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَتَعَدَّى (قَوْلُهُ: وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَيْنَ السَّلِيمَةَ تُؤْخَذُ بِالْعَيْنِ الضَّعِيفَةِ سَوَاءٌ كَانَ ضَعْفُهَا خِلْقَةً، أَوْ لِكِبَرِ صَاحِبِهَا، أَوْ لِجُدَرِيٍّ، أَوْ لِرَمْيَةٍ وَنَحْوِهَا كَطَرْفَةٍ وَلَوْ أَخَذَ صَاحِبُهَا لَهَا عَقْلًا حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى تِلْكَ الضَّعِيفَةِ عَمْدًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً إذَا كَانَ ضَعْفُهَا بِغَيْرِ رَمْيَةٍ بِأَنْ كَانَ خِلْقَةً، أَوْ لِكِبَرٍ، أَوْ لِجُدَرِيٍّ، أَوْ كَانَ بِرَمْيَةٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ صَاحِبُهَا مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا مِنْ الرَّامِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِالْفِعْلِ غَرِمَ الْجَانِي الْمُخْطِئُ لِرَبِّهَا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ نُورِهَا بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: بِالضَّعِيفَةِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلِجُدَرِيٍّ، أَوْ لِكَرَمْيَةٍ، فَالْقَوَدُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَوَدِ فِي هَذَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا وَقِيلَ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِمَا إذَا كَانَ النَّقْصُ فَاحِشًا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رُجُوعِهِ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَجَعْنَاهُ لِلْجُدَرِيِّ) أَيْ وَلِمَا بَعْدَهُ وَلَمْ نُرْجِعْهُ لِمَا بَعْدَهُ فَقَطْ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ وَلِجُدَرِيٍّ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْجُدَرِيِّ، وَالرَّمْيَةِ، وَالْكِبَرِ، وَالْخِلْقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْأَخْذُ مِنْ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَقَوْلُهُ إنْ أَخَذَ لَهَا أَوَّلًا عَقْلًا الْأَوْلَى إنْ تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ، أَيْ: وَإِلَّا يَتَمَكَّنْ، مِنْ أَخْذِ عَقْلٍ لَهَا، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا) أَيْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ، أَنَّ الْجَانِيَ، خَطَأً، عَلَى الْعَيْنِ الضَّعِيفَةِ بِكَرَمْيَةٍ، يَغْرَمُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ نُورِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَوَّلًا قَبْلَ الْجِنَايَةِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَوَدُ وَلَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الْقِصَاصَ، أَوْ الدِّيَةَ كَامِلَةً ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْأَعْوَرُ أَخَذَ دِيَةَ الْأُولَى، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الصَّوَابِ لِلسُّنَّةِ وَلِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْيِيرِ الْأَعْوَرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْجَانِي سَالِمَ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَالِمَ الْمُمَاثَلَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا. نَحْوَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلِذَا

(فَلَهُ) أَيْ لِسَالِمِ الْعَيْنَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْقِصَاصُ) مِنْ الْأَعْوَرِ فَيَصِيرُ أَعْمَى (أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ) مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ، وَهِيَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ لِمَا مَرَّ (و) إنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِنْ السَّالِمِ (غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُمَاثِلَةِ لِعَيْنِهِ بِأَنْ فَقَأَ مُمَاثِلَةَ الْعَوْرَاءِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ) تَلْزَمُهُ (فِي مَالِهِ) لِتَعَمُّدِهِ (وَإِنْ) (فَقَأَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ السَّالِمِ) عَمْدًا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى (فَالْقَوَدُ) فِي الْمُمَاثَلَةِ لِعَيْنِهِ (وَنِصْفُ الدِّيَةِ) فِي الْمُغَايِرَةِ لَهَا (وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ) لِكَبِيرٍ أَيْ مُثْغِرٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الصَّغِيرَ فِيمَا يَأْتِي وَأُعِيدَتْ مَكَانَهَا (فَثَبَتَتْ) ، وَكَذَا إنْ اضْطَرَبَتْ جِدًّا كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ ثَبَتَتْ (فَالْقَوَدُ) فِي الْعَمْدِ وَلَا يُسْقِطُهُ ثُبُوتُهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجُرْحِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَأَلُّمُ الْجَانِي بِمِثْلِ مَا فَعَلَ وَفِي جِنَايَةِ (الْخَطَإِ) فَثَبَتَتْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ خَطَإٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَكَالْخَطَإِ أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ دِيَةُ الْخَطَإِ فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى كَمُوضِحَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ يُؤْخَذُ عَقْلُهُ، ثُمَّ يَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا (وَالِاسْتِيفَاءُ) فِي النَّفْسِ (لِلْعَاصِبِ) الذَّكَرِ فَلَا دَخْلَ فِيهِ لِزَوْجٍ وَلَا لِأَخٍ لِأُمٍّ، أَوْ جَدٍّ لَهَا وَقُدِّمَ ابْنُ فَابْنُهُ (كَالْوَلَاءِ) يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَةِ فِي إرْثِهِ إلَّا الْجَدَّ، وَالْإِخْوَةَ فَسِيَّانِ هُنَا فِي الْقَتْلِ، وَالْعَفْوِ بِخِلَافِ إرْثِ الْوَلَاءِ فَتُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ عَلَيْهِ وَأَشْعَرَ الِاسْتِثْنَاءُ بِسُقُوطِ بَنِيهِمْ مَعَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ وَلَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَ الْأَبِ، وَإِنَّمَا قَالَ كَالْوَلَاءِ وَلَمْ يَقُلْ كَإِرْثٍ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ الْجَدُّ وَلَوْ عَلَا وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دِنْيَةً، فَبَيَّنَ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَدُّ الْقَرِيبُ وَأَنَّ الْعَالِيَ، لَا كَلَامَ لَهُ مَعَهُمْ كَمَا أَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ أَصْلًا، فَالْإِمَامُ يَقْتَصُّ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ وَيَحْلِفُ (الْجَدُّ) الثُّلُثَ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَخٍ حَلَفَ النِّصْفَ. وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اتِّفَاقًا. (وَهَلْ) إنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ يَحْلِفُ الثُّلُثَ مُطْلَقًا، أَوْ (إلَّا فِي الْعَمْدِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْمِسْنَاوِيُّ الْفِقْهُ صَحِيحٌ، لَكِنَّ تَخْيِيرَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الدِّيَةِ، وَالْقِصَاصِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ تَحَتُّمُ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّخْيِيرِ هُوَ عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَيْنِ الْجَانِي، وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ عَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَلْفُ دِينَارٍ بِخِلَافِ عَيْنِ الْجَانِي كَمَنْ كَفُّهُ مَقْطُوعَةٌ وَقَطَعَ يَدَ رَجُلٍ، مِنْ الْمَرْفِقِ اهـ. وَهَذَا الْجَوَابُ يُقَوِّي إشْكَالَ التَّخْيِيرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا فَقَأَ سَالِمٌ الْمُمَاثِلَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقِصَاصُ مِنْ الْأَعْوَرِ) أَيْ بِفَقْءِ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا خَيَّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ السَّالِمَ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهَا نِصْفُ دِيَةٍ وَعَيْنَ الْجَانِي فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَقْلِ (قَوْلُهُ: مَا تَرَكَ) أَيْ السَّالِمُ وَقَوْلُهُ مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ بَيَانٌ لِمَا تَرَكَهُ السَّالِمُ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ، وَهِيَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّالِمِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مِنْ الْأَعْوَرِ لِانْعِدَامِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ فَقَأَهُمَا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى وَبَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا أَوَّلًا، أَوْ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا وَثَنَّى بِالْأُخْرَى، فَالْقِصَاصُ وَأَلْفُ دِينَارٍ لِتَعَيُّنِ الْقِصَاصِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ عَيْنَ أَعْوَرَ فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ فَقَأَهُمَا مَعًا، أَوْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا، فَالْقَوَدُ فِي الْمُمَاثِلَةِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَثَبَتَتْ) أَيْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجُرْحِ) أَيْ وَيَوْمُ الْجُرْحِ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً (قَوْلُهُ: وَفِي الْخَطَإِ) أَيْ وَفِيمَا إذَا قَلَعَهَا شَخْصٌ خَطَأً، ثُمَّ أُعِيدَتْ فَثَبَتَتْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ يُؤْخَذُ عَقْلُهُ أَنْ يَقُولَ فَلَا يُرَدُّ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ) أَيْ وَاسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي لِعَاصِبِ الْمَقْتُولِ لَا لِغَيْرِهِ وَلِذَا قَالُوا لَا يَجُوزُ الْقَتْلُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِهِ وَلَوْ عَايَنَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَقْتُولَ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قُتِلَ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَقْتُولَ بَلْ يُحْبَسُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لِلْمَقْتُولِ عَاصِبًا يَعْفُو وَقَوْلُهُ لِلْعَاصِبِ أَيْ مِنْ النَّسَبِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَاصِبُ الْوَلَاءِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا، فَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ لِلْعَاصِبِ الذَّكَرِ) أَيْ، وَهُوَ الْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ خَرَجَ الْعَاصِبُ لِغَيْرِهِ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَخْلَ فِيهِ لِزَوْجٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنَ عَمٍّ لِزَوْجَتِهِ الْمَقْتُولَةِ (قَوْلُهُ كَالْوَلَاءِ) أَحَالَ مَا هُنَا عَلَى مَرَاتِبِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا هُنَاكَ، فَالْأَوْلَى الْإِحَالَةُ عَلَى النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ) أَيْ الَّذِي يَرِثُ مَعَ الْإِخْوَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ) أَيْ، وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ فِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دِنْيَةً،، (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَدُّ الْقَرِيبُ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ الَّذِي يُسَاوِي الْإِخْوَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ الْجَدُّ الْقَرِيبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ أَصْلًا) أَيْ لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْجَانِي بَعْدَ ثُبُوتِ جِنَايَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْقَاتِلِ، وَالْمَقْتُولِ كَافِرًا، ثُمَّ يُسْلِمُ الْقَاتِلُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: حَلَفَ النِّصْفَ) أَيْ كَمَا يَحْلِفُ الْأَخُ النِّصْفَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ النِّصْفُ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ إرْثِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ، أَوْ إلَّا فِي الْعَمْدِ) أَيْ، أَوْ يَحْلِفُ الثُّلُثَ إلَّا فِي الْعَمْدِ.

(فَكَأَخٍ) أَيْ يُقَدَّرُ أَخًا زَائِدًا عَلَى عَدَدِ الْإِخْوَةِ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَلَفَ رُبُعَ الْأَيْمَانِ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً حَلَفَ خُمُسَهَا عَشَرَةَ أَيْمَانٍ، وَهَكَذَا (تَأْوِيلَانِ) فَمَحَلُّهُمَا فِي الْعَمْدِ وَمَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ (وَانْتُظِرَ غَائِبٌ) مِنْ الْعَصَبَةِ (لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ) جِدًّا بَلْ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إلَيْهِ الْأَخْبَارُ إنْ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْقِصَاصَ فَإِنْ أَرَادَ الْعَفْوَ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ بَلْ لَهُ إذَا حَضَرَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ وُصُولُ الْخَبَرِ إلَيْهِ لَمْ يُنْتَظَرْ كَأَسِيرٍ وَمَفْقُودٍ (و) اُنْتُظِرَ (مُغْمًى) أَيْ إفَاقَتُهُ (وَمُبَرْسَمٌ) بِفَتْحِ السِّينِ اسْمُ مَفْعُولٍ لِقِصَرِ أَمَدِ الْبِرْسَامِ غَالِبًا بِمَوْتٍ، أَوْ صِحَّةٍ، وَهُوَ وَرَمٌ فِي الرَّأْسِ يَثْقُلُ مَعَهُ الدِّمَاغُ (لَا) مَجْنُونٌ (مُطْبَقٌ) بِخِلَافِ مَنْ يُفِيقُ أَحْيَانَا فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ (و) لَا (صَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَصَبَةِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، أَوْ وَاحِدٌ مُسَاوٍ لَهُ، أَوْ أَبْعَدَ وَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبٍ لَهُ فَلَهُمْ الْقَسَامَةُ، وَالْقِصَاصُ بِلَا انْتِظَارِ الصَّغِيرِ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ ابْنٌ، أَوْ ابْنَانِ صَغِيرَانِ وَلَهُ، أَوْ لَهُمَا أَخَوَانِ، أَوْ عَمَّانِ فَأَكْثَرُ، أَوْ أَخٌ كَبِيرٌ مَعَ عَمٍّ، أَوْ عَمٌّ مَعَ ابْنِ عَمٍّ يَسْتَعِينُ بِهِ وَأَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ الْقِصَاصُ عَلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْعَصَبَةِ غَيْرُهُ اُنْتُظِرَ، وَكَذَا إنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مَعَهُ كَبِيرٌ كَابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ فَإِنَّ الْكَبِيرَ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مَعَ إحْضَارِ الصَّغِيرِ مَعَهُ، ثُمَّ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ فَيَحْلِفُ الْبَاقِيَ وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ فَمَحَلُّ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ. وَأَمَّا مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ لِقَوْلِهَا، وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ إخْوَةٍ وَجَدًّا حَلَفَ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ، وَالْإِخْوَةُ ثُلُثَيْهَا فَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الْعُمُومِ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَحَمَلَهَا بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى الْخَطَإِ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَتُقْسَمُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهُمَا فِي الْعَمْدِ وَمَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ إذَا كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ ثُلُثَهَا اتِّفَاقًا كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مِثْلَاهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ ثُلُثَهَا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَانْتُظِرَ غَائِبٌ مِنْ الْعَصَبَةِ) أَيْ لَهُ حَقٌّ فِي الِاسْتِيفَاءِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْحَاضِرِ فِي الدَّرَجَةِ لِيَعْفُوَ، أَوْ يَقْتُلَ وَيَحْبِسَ الْقَاتِلَ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ وَيُحَدِّدُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْفِرَارُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَلَا يُطْلِقُ بِكَفِيلٍ؛ إذْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ فِي الْقَوَدِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ انْتَفَيَا فَفِي ح يُطْلَقُ وَلَا يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ الْحَاضِرُ وَيَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ إذَا قَدِمَ إنْ قَامَ بِحَقِّهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ، فَهِمَ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ أَنَّ الْغَائِبَ يُنْتَظَرُ، وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ جِدًّا، أَوْ يُيْأَسَ مِنْهُ كَالْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ وَقَيَّدَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لَا تَقْيِيدَ لَهَا وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى إطْلَاقِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ اُنْظُرْ ح وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق إذَا لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ جِدًّا اهـ بْن، ثُمَّ قَالَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا غَابَ بَعْضُ الْعَصَبَةِ دُونَ بَعْضٍ فَلَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ، فَالظَّاهِرُ انْتِظَارُهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُمْ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ إذَا غَابُوا كُلُّهُمْ اُنْتُظِرُوا مُطْلَقًا قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ، أَوْ بَعُدَتْ وَأَمَّا إذَا غَابَ بَعْضُهُمْ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَذَلِكَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إذَا لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ لَمْ يُنْتَظَرْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبُعْدُ لَا جِدًّا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ جِدًّا وَلَمْ يُيْأَسْ مِنْهُ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ كَلَامُ سَحْنُونٍ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، أَوْ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَالْمُدَوَّنَةِ بَاقِيَةٌ عَلَى إطْلَاقِهَا، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْقِصَاصَ) هَذَا شَرْطٌ فِي انْتِظَارِ الْغَائِبِ، وَكَذَا هُوَ شَرْطٌ فِي انْتِظَارِ مَنْ يَأْتِي فَيُقَالُ إنَّ مَحَلَّ انْتِظَارِ الْمُبَرْسَمِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الصَّحِيحُ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: وَانْتُظِرَ مُغْمًى) أَيْ وَانْتُظِرَ إفَاقَةُ عَاصِبٍ مُغْمَى لِقُرْبِ إفَاقَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمُبَرْسَمٌ) أَيْ وَانْتُظِرَ إفَاقَةُ عَاصِبٍ مُبَرْسَمٍ (قَوْلُهُ يَثْقُلُ مَعَهُ الدِّمَاغُ) الَّذِي فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ يَعْتَلُّ مَعَهُ الدِّمَاغُ. (قَوْلُهُ لَا مَجْنُونٌ) أَيْ لَا يُنْتَظَرُ إفَاقَةُ عَاصِبٍ مَجْنُونٍ مُطْبَقٍ لَمْ تُعْلَمْ إفَاقَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا صَغِيرٌ) أَيْ وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ عَاصِبٍ صَغِيرٍ وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ) أَيْ ثُبُوتُ الْقَتْلِ عَلَيْهِ بِحَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانُوا مُسَاوِينَ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ بَلْ، وَإِنْ كَانُوا أَبْعَدَ مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلِابْنِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَهُمَا أَيْ لِلِابْنَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ وَقَوْلُهُ أَخَوَانِ، أَوْ عَمَّانِ إلَخْ أَيْ فَيَحْلِفُ مَنْ ذُكِرَ وَيَثْبُتُ الدَّمُ فَإِنْ اقْتَصَّا فَظَاهِرٌ، وَإِنْ عَفَيَا، أَوْ وَاحِدٌ سَقَطَ الْقَتْلُ وَلِلصَّغِيرِ، أَوْ الصَّغِيرَيْنِ دِيَةُ عَمْدٍ هَذَا هُوَ الْمُرْتَضَى، وَالْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ بِانْتِظَارِ بُلُوغِ الصِّغَارِ فَالْمُصَنِّفُ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا كَانَ ثُبُوتُ الْقَتْلِ يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ اتِّفَاقًا وَلَوْ تَعَدَّدَ وَلِلْكِبَارِ الْقِصَاصُ حَالًّا فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلَا قِصَاصَ وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ الْقِصَاصُ) الْأَنْسَبُ وَأَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْقِصَاصِ عَلَى بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ، وَكَذَا إنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مَعَهُ كَبِيرٌ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ يَسْتَعِينُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ)

فَفِيهِ الْقِصَاصُ بِلَا انْتِظَارٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (وَلِلنِّسَاءِ) عَطْفٌ عَلَى لِلْعَاصِبِ أَيْ، وَالِاسْتِيفَاءُ أَيْضًا لِلنِّسَاءِ بِشَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (إنْ وَرِثْنَ) الْمَقْتُولَ خَرَجَتْ الْعَمَّةُ، وَالْخَالَةُ وَنَحْوُهُمَا، وَالثَّانِي قَوْلُهُ (وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ) فِي الدَّرَجَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا، أَوْ يُوجَدُ عَاصِبٌ أَنْزَلُ مِنْهُنَّ كَعَمٍّ مَعَ بِنْتٍ، أَوْ أُخْتٍ فَتَخْرُجُ الْبِنْتُ مَعَ الِابْنِ، أَوْ الْأُخْتُ مَعَ الْأَخِ فَلَا كَلَامَ لَهَا مَعَهُ فِي عَفْوٍ وَلَا قَوَدٍ بِخِلَافِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ مَعَ أَخٍ لِأَبٍ، فَهَلْ الْكَلَامُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْزَلُ مِنْهَا بِالْقُوَّةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا وَأُورِدَ عَلَيْهِ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، وَالْجَدَّةُ لَهَا، وَالزَّوْجَةُ؛ إذْ كُلٌّ مِنْهُنَّ يَرِثُ وَلَا اسْتِيفَاءَ لَهُنَّ فَكَانَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ شَرْطٍ ثَالِثٍ لِإِخْرَاجِهِنَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي امْرَأَةٍ لَوْ ذُكِرَتْ عَصَبَتْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ إلَخْ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ كَأَنَّهُ قَالَ وَلِامْرَأَةٍ وَارِثَةٍ لَمْ يُسَاوِهَا عَاصِبُ الْمَقْتُولِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ سَاوَاهَا ذَكَرٌ لَكَانَ عَاصِبًا وَلَكِنَّ الْأَوْلَى التَّصْرِيحُ وَأَمَّا الْأُمُّ فَدَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَهَا الِاسْتِيفَاءُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ ذُكِّرَتْ كَانَتْ أَبًا؛ لِأَنَّهَا، وَالِدَةٌ، لَكِنْ لَا كَلَامَ لَهَا مَعَ وُجُودِ الْأَبِ لِمُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ لَهَا. (وَلِكُلٍّ) مِنْ النِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ، وَالْعَاصِبِ غَيْرِ الْمُسَاوِي (الْقَتْلُ) أَيْ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ عَفَا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ) حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَوَاحِدٍ مِنْ هَذَا الْفَرِيقِ وَوَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِ وَلِذَا عَبَّرَ بِاجْتِمَاعِ دُونَ جَمِيعٍ وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ قَوْلَهُ (كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ) كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ، أَوْ لِأَبٍ وَثَبَتَ قَتْلُ مُوَرِّثِهِنَّ (بِقَسَامَةٍ) مِنْ أَعْمَامٍ مَثَلًا فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ غَيْرَ الْوَارِثِينَ، وَالْحَقُّ فِي الْقَتْلِ لِلنِّسَاءِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ لِاجْتِمَاعِهِمْ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ قَسَامَةٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ (وَالْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ) أَيْ يَنْتَقِلُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ. (وَلِلصَّغِيرِ إنْ عُفِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ إنْ حَصَلَ عَفْوٌ مِنْ كَبِيرٍ وَسَقَطَ الْقَتْلُ (نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ وَلَا يَسْرِي عَفْوُ الْكَبِيرِ عَلَيْهِ فِي إسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهَا (وَلِوَلِيِّهِ) أَيْ الصَّغِيرِ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَإِنْ شَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ اقْتَصَّ، أَوْ عَفَا (قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْقِصَاصُ) أَيْ حَالًّا بِلَا انْتِظَارٍ (قَوْلُهُ أَيْ، وَالِاسْتِيفَاءُ أَيْضًا لِلنِّسَاءِ بِشَرْطَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِثُبُوتِ أَصْلِ الِاسْتِيفَاءِ لَهُنَّ وَأَمَّا كَوْنُهُنَّ يَنْفَرِدْنَ بِهِ عَنْ الْعَصَبَةِ مِنْ الرِّجَالِ، أَوْ تَقَعُ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُمْ فِيهِ، فَهَذَا مَبْحَثٌ آخَرُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْزَلَ مِنْهَا بِالْقُوَّةِ) أَيْ، وَإِنْ سَاوَاهَا فِي الدَّرَجَةِ؛ لِأَنَّ دَرَجَةَ الْأُخُوَّةِ جَامِعَةٌ لِلْكُلِّ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ فِي الدَّرَجَةِ، أَوْ فِي الْقُوَّةِ فَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ لَهَا حَقٌّ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ أَيْ فِي الدَّرَجَةِ، أَوْ الْقُوَّةِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الدَّرَجَةِ. (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ شَرْطٍ ثَالِثٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكُنَّ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِنَّ رَجُلٌ وَرِثَ بِالتَّعْصِيبِ فَتَخْرُجُ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلدَّمِ نِسَاءً وَرِجَالًا أَنْزَلَ مِنْهُنَّ وَسَيَأْتِي مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلدَّمِ رِجَالًا فَقَطْ فِي قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ وَسَيَأْتِي مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ نِسَاءً فَقَطْ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ نَظَرَ الْحَاكِمُ. وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَسْمِ الْأَوْلُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مَعَ النِّسَاءِ عَاصِبٌ لَمْ يُسَاوِهِنَّ أَنْ تَقُولَ أَنَّهُنَّ إمَّا أَنْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَحُزْنَهُ كَالْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ فَكُلُّ مَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لَهُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ، وَإِنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ كَالْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ، وَالْأَعْمَامِ فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ أَيْضًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ إنْ طَلَبَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بِغَيْرِهَا فَلَا حَقَّ لِلْعَصَبَةِ مَعَهُنَّ لَا فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قَوَدٍ بِاتِّفَاقٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ. (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ) أَيْ فَمَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لِذَلِكَ وَأَمَّا الْعَفْوُ فَلَا يَكُونُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُنَّ لَا فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قَوَدٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ فِي الْقَتْلِ) أَيْ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَفْوِ (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ) أَيْ فَلِكُلٍّ مِنْ النِّسَاءِ، وَالْعَصَبَةِ الْقَتْلُ فَكُلُّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ قَسَامَةٍ) أَيْ، أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ، وَالْوَارِثُ) أَيْ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ وَمُرَادُهُ بِالْوَارِثِ مَنْ كَانَ عَاصِبًا بِالْفِعْلِ وَمَنْ لَوْ ذُكِرَ عَصَبٌ فَلَا يَدْخُلُ الزَّوْجُ، وَالزَّوْجَةُ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: يَنْتَقِلُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَارِثُ الَّذِي وَرِثَ مَنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَانَ الْكَلَامُ لَهُمَا مَعًا، وَإِنْ اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمَا كَمَوْتِ ابْنِ الْمَقْتُولِ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ أَخِيهَا وَلَا يُرَاعَى فِي وَارِثِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْأُنْثَى عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهَا كَمَا رُوعِيَ ذَلِكَ فِي، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، وَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ لِبِنْتِ الْمَقْتُولِ وَعَمِّهَا وَمَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ كَانَ لَهَا الْكَلَامُ مَعَ الْعَمِّ. (قَوْلُهُ وَلِلصَّغِيرِ) أَيْ مَعَ كِبَارٍ كُلُّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ) اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّ مُخْتَصٌّ بِالنَّظَرِ فِي قَتْلِ الْجَانِي وَأَخْذِ الدِّيَةِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ فِعْلَ الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَى

أَوْ غَيْرِهِمَا إذَا اسْتَحَقَّ الصَّغِيرُ قِصَاصًا وَحْدَهُ بِلَا مُشَارَكَةِ كَبِيرٍ فِيهِ (النَّظَرُ) بِالْمَصْلَحَةِ (فِي الْقَتْلِ و) فِي أَخْذِ (الدِّيَةِ كَامِلَةً) فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَصْلَحِ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ خُيِّرَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ الدِّيَةِ مَعَ مُلَاءِ الْجَانِي (كَقَطْعِ يَدِهِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ لَوْ قَطَعَ جَانٍ يَدَ صَغِيرٍ عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَطْعِ، أَوْ أَخْذُ دِيَتِهَا كَامِلَةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ (إلَّا لِعُسْرٍ) مِنْ الْجَانِي، وَكَذَا الصَّغِيرُ (فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بِخِلَافِ قَتْلِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (فَلِعَاصِبِهِ) النَّظَرُ لَا لِوَلِيِّهِ لِانْقِطَاعِ نَظَرِهِ بِالْمَوْتِ. (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْأَوْلَى لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ، أَوْ السَّفِيهِ (أَخْذُ الْمَالِ) أَيْ الْقِيمَةِ، أَوْ الْأَرْشِ (فِي) قَتْلِ، أَوْ جُرْحِ (عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الصَّغِيرِ عَمْدًا دُونَ الْقِصَاصِ؛ إذْ لَا نَفْعَ لِلْمَحْجُورِ فِي الْقَوَدِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِمَصْلَحَةٍ (وَيَقْتَصُّ) أَيْ يُبَاشِرُ الْقِصَاصَ (مَنْ يَعْرِفُ) وَيَكُونُ عَدْلًا، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ الْآنَ (يَأْجُرُهُ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ يَدْفَعُهَا الْمُسْتَحِقُّ لِلْقِصَاصِ مِنْ مَالِهِ (وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ) بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ (وَنُهِيَ) الْوَلِيُّ حِينَئِذٍ (عَنْ الْعَبَثِ) بِالْجَانِي فَلَا يُشَدِّدْ عَلَيْهِ وَلَا يُمَثِّلُ وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ نُهِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْحَاكِمِ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَنْهَى الْوَلِيَّ عَنْ الْعَبَثِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ لَا يَرُدُّهَا الْحَاكِمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَلْ يَتَوَلَّاهَا هُوَ وُجُوبًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّامَ فِي لِلْحَاكِمِ لِلتَّخْيِيرِ. (وَأَخَّرَ) الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (لِبَرْدٍ، أَوْ حَرٍّ) شَدِيدَيْنِ أَيْ لِزَوَالِهِمَا لِئَلَّا يَمُوتَ فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا (كَالْبُرْءِ) أَيْ كَمَا يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَصْلَحَةَ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ أُخِذَتْ مِنْ الْجَانِي قَهْرًا عَنْهُ وَلَوْ أَبَى مِنْ دَفْعِهَا وَقَالَ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا هَكَذَا، فَهِمَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ إنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ ضَرُورَةٌ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ فَقَوْلُهُ الْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ مَا لَمْ تَدْعُ الضَّرُورَةُ، وَهُنَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَمَقْدَمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ إذَا اسْتَحَقَّ الصَّغِيرُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قُتِلَتْ أُمُّ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَ الصَّغِيرِ كَبِيرٌ اسْتَقَلَّ عَنْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرِ الْمُوصِي مَعَهُ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْقَتْلَ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ صَالَحَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْجَانِي عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ مَعَ مَلَاءِ الْجَانِي رَجَعَ الصَّغِيرُ بَعْدَ رُشْدِهِ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْوَلِيِّ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ دِيَتَهَا كَامِلَةً) أَيْ وَلَوْ أَبَى الْقَاطِعُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا رَجَعَ الصَّغِيرُ بَعْدَ رُشْدِهِ عَلَى الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْوَلِيِّ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّغِيرُ) قَالَ بْن الصَّوَابُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لَا تَقْتَضِي صُلْحَهُ لَهُ بِأَقَلَّ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ) أَيْ فَيَجُوزُ صُلْحُهُ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ الْقَتْلُ فِي الْأُولَى، وَالْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ مُسْتَوِيَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّلْحِ بِالْأَقَلِّ، وَالْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحَبُّ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى شَخْصٌ عَلَى عَبْدِ الصَّغِيرِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَكَذَا السَّفِيهُ وَقَتَلَهُ، أَوْ جَرَحَهُ وَكَانَ الْجَانِي مُمَاثِلًا، فَالْأَوْلَى لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ، وَكَذَا وَلِيُّ السَّفِيهِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْجَانِي فِي الْقَتْلِ وَأَرْشَ نَقْصِهِ فِي الْجُرْحِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِي الْمُمَاثِلِ؛ إذْ لَا نَفْعَ لِلصَّغِيرِ وَلَا لِلسَّفِيهِ فِي الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَوْلَى) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْأَحَبَّ لَيْسَ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ وَأَنَّ الْمَعْنَى، وَالْقَوْلُ الْأَحَبُّ الْمُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ؛ إذْ لَا خِلَافَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ) فِي بْن قَالَ مَالِكٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى الْجُرْحِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ يَنْظُرَانِ ذَلِكَ وَيَقِيسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا فَأَرَى ذَلِكَ مُجْزِيًا إنْ كَانَ عَدْلًا وَفِي ح لَا يُطْلَبُ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ بِمَا جُرِحَ بِهِ فَإِذَا، أَوْضَحَهُ بِحَجَرٍ مَثَلًا، أَوْضِحَ بِالْمُوسَى لَا بِحَجَرٍ اهـ وَفِي عبق شَمِلَ قَوْلُهُ وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ الْجَرْحَ، وَالْقَتْلَ وَمَحَلُّهُ فِي الثَّانِي مَا لَمْ يُسَلَّمْ الْجَانِي لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَهُ قَتْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ يَسِيرٌ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ نَحْوَهُ عَنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: يَدْفَعُهَا الْمُسْتَحِقُّ لِلْقِصَاصِ مِنْ مَالِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّ أُجْرَةَ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَهُوَ هَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ، فَالْقَطْعُ وَنَحْوُهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْوَاجِبِ فَيَكُونُ أَجْرُ ذَلِكَ الزَّائِدِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ، أَوْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ بِمَعْنَى الْقَطْعِ كَمَا تُسَلَّمُ الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ وَحِينَئِذٍ فَأُجْرَةُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُشَدَّدْ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَبْسٍ، أَوْ تَخْشِيبٍ، أَوْ تَكْتِيفٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا يَرُدُّهَا الْحَاكِمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) إنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَرْحِ، وَالْقَتْلِ قُلْت الْأَصْلُ عَدَمُ تَمْكِينِ الْإِنْسَانِ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ وَظِيفَةِ الْحُكَّامِ تَخْلِيصَ النَّاسِ مِنْ بَعْضِهِمْ خَرَجَ الْقَتْلُ عَنْ الْأَصْلِ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ، وَهُوَ تَسْلِيمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَاتِلَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: إنَّ اللَّامَ فِي لِلْحُكْمِ لِلتَّخْيِيرِ) أَيْ، فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ الْجَانِي وَأَنْ يُسَلِّمَهُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ ذَلِكَ مِنْ الْحَاكِمِ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ، فَالْأَوْلَى جَعْلُ اللَّامِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلِاخْتِصَاصِ لِيُوَافِقَ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَأَخَّرَ الْقِصَاصَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْله فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) أَيْ وَأَمَّا الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ فَلَا يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ مِنْهُ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَيْ لِزَوَالِهِمَا) هَذَا

فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِبُرْءِ الْمَجْرُوحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِي جُرْحُهُ عَلَى النَّفْسِ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ الْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ لِبُرْءِ الْجَانِي إنْ كَانَ مَرِيضًا، وَالْأَحْسَنُ التَّعْمِيمُ (كَدِيَتِهِ) أَيْ الْجُرْحِ (خَطَأً) فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْرَأَ خَوْفَ أَنْ يَسْرِيَ لِلنَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً (وَلَوْ) كَانَ (كَجَائِفَةٍ) وَآمَّةٍ وَمُوضِحَةٍ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّ الْعَقْلَ يُؤَخَّرُ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِصَاصِ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ (و) تُؤَخَّرُ (الْحَامِلُ) الْجَانِيَةُ عَلَى طَرَفٍ، أَوْ نَفْسٍ عَمْدًا لِلْوَضْعِ وَوُجُودُ مُرْضِعٍ بَعْدَهُ حَذَرَ أَنْ يُؤْخَذَ نَفْسَانِ فِي نَفْسٍ (وَإِنْ) كَانَ الْقِصَاصُ (بِجُرْحٍ مُخِيفٍ) عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى وَلَدِهَا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُخِيفٍ فَلَا تُؤْخَذُ، وَهَذَا إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا بِقَرِينَةٍ لِلنِّسَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ حَرَكَتُهُ (لَا بِدَعْوَاهَا) الْحَمْلَ (و) إذَا أُخِّرَتْ (حُبِسَتْ) وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ (كَالْحَدِّ) الْوَاجِبِ عَلَيْهَا قَذْفًا، أَوْ غَيْرَهُ تُؤَخَّرُ وَتُحْبَسُ. (و) تُؤَخَّرُ (الْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) تُرْضِعُ وَلَدَهَا (و) تُؤَخَّرُ (الْمُوَالَاةُ فِي) قَطْعِ (الْأَطْرَافِ) إذَا خِيفَ التَّلَفُ مِنْ جَمْعِهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَيُفَرَّقُ فِي أَوْقَاتٍ (كَحَدَّيْنِ) وَجَبَا (لِلَّهِ) تَعَالَى كَشُرْبٍ وَزِنَا بِكْرٍ (لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا فِي فَوْرٍ (وَبُدِئَ بِأَشَدَّ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) الْمَوْتَ مِنْهُ فَيَبْدَأُ بِحَدِّ الزِّنَا عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالْأَخَفِّ، وَهُوَ حَدُّ الشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أَيْضًا بُدِئَ بِالْأَشَدِّ مُفَرِّقًا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيقُهُ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَخَفِّ مُفَرِّقًا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلَّهِ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا لِآدَمِيِّينَ كَقَطْعٍ لِزَيْدٍ وَقَذْفٍ لِعَمْرٍو، فَالتَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِحُرٍّ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُ اللَّامِ لِلتَّعْلِيلِ وَلَا حَذْفَ وَلَا شَيْءَ. (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ) أَيْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِبُرْءِ الْجَانِي وَلَوْ تَأَخَّرَ الْبُرْءُ سَنَةً (قَوْلُهُ: كَدِيَتِهِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْحُكُومَةَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جُرْحَ الْخَطَإِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ يُؤَخَّرُ أَخْذُ عَقْلِهِ لِلْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أُخِذَ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ كَدِيَتِهِ خَطَأً) وَلَوْ كَجَائِفَةٍ أَيْ كَمَا تُؤَخَّرُ دِيَةُ الْخَطَإِ لِلْبُرْءِ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدِّيَةُ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لِكَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ كَدِيَةِ الْمُوضِحَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ كَدِيَةِ الْجَائِفَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ مَتَى مَا بَلَغَ عَقْلُ الْجُرْحِ الْخَطَإِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَلَا تَأْخِيرَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ سَاعَةَ الْجُرْحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمُوضِحَةٍ) الْأَوْلَى إبْدَالُهَا بِالدَّامِغَةِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمُوضِحَةِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ فِي الْمُوضِحَةِ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ إذَا كَانَتْ خَطَأً وَأَمَّا عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ بِخِلَافِ الْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ فَإِنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِصَاصِ إلَخْ) أَيْ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ وَفِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ الْجُرْحُ الْخَطَأُ وَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَيْ فِي الْخَطَإِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ سَرَيَانٌ تَكُونُ دِيَةُ الْجَائِفَةِ وَمَا مَعَهَا عَلَى الْجَانِي مَعَ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً. (قَوْلُهُ: الْجَانِيَةُ عَلَى طَرَفٍ، أَوْ نَفْسٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى طَرَفٍ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ، وَإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خُصُوصُ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ؛ إذْ الْمَعْنَى وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ الْجَانِيَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْقِصَاصُ مِنْهَا بِسَبَبِ نَفْسٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ جُرْحٍ يُخَافُ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى الْوَلَدِ إذَا فَعَلَ بِهَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا، وَهُوَ تَأْخِيرُهَا (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا بِقَرِينَةٍ لِلنِّسَاءِ) أَيْ كَتَغَيُّرِ ذَاتِهَا وَطَلَبِهَا لِمَا تَشْتَهِيهِ الْحَامِلُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ حَرَكَتُهُ أَيْ هَذَا إذَا ظَهَرَ لَهُمْ حَرَكَةُ الْحَمْلِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُمْ حَرَكَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أُخِّرَتْ) أَيْ لِأَجْلِ حَمْلِهَا حُبِسَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْحَدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا) أَيْ فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ فِيهِ لِأَجْلِ حَمْلِهَا وَتُحْبَسُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ (قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ) أَيْ الْجَانِيَةُ عَلَى نَفْسٍ عَمْدًا أَيْ، أَوْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَقْبَلُ غَيْرَهَا، وَإِلَّا وَجَبَ تَأْخِيرُهَا لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ وَتَأْخِيرُ الْمُرْضِعِ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْفِعْلِ فَقَوْلُ عبق وَتُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ جَوَازًا فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ الْمُوَالَاةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْجَانِي إذَا قَطَعَ طَرَفَيْنِ وَخِيفَ عَلَيْهِ إذَا قُطِعَا مِنْهُ مَعًا الْمَوْتُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا وَيُؤَخَّرُ قَطْعُ الثَّانِي لِبُرْءِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ قَطْعُهُمَا مَعًا، ثُمَّ يُقْطَعَانِ مَعًا؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا) أَيْ لَمْ يَقْدِرْ مَنْ وَجَبَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا فِي فَوْرٍ) أَيْ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الثَّانِي فَيُقَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ) أَيْ قُدْرَتُهُ، أَوْ يَمُوتُ (قَوْلُهُ: فَالتَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِشِدَّةٍ وَلَا لِخِفَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ) أَيْ كَمَا إذَا زَنَى وَكَانَ بِكْرًا وَقَذَفَ آخَرَ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَقَوْلُهُ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ أَيْ وَيُجْمَعُ عَلَيْهِ، أَوْ يُفَرَّقُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا بُدِئَ بِمَا لِلْآدَمِيِّ مُجْمَلًا، أَوْ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ قُدْرَتُهُ، أَوْ مَوْتُهُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ قَذَفَهُ وَقَطَعَ يَدَهُ، وَالْحُكْمُ فِيهِ مِثْلُ مَا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِلَّهِ فَيُقَدَّمُ الْأَشَدُّ

(لَا) يُؤَخَّرُ جَانٍ (بِدُخُولِ الْحَرَمِ) فِرَارًا مِنْ الْقِصَاصِ وَلَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ خَارِجَهُ وَلَوْ مُحْرِمًا وَلَا يُنْتَظَرُ لِإِتْمَامِهِ وَلَمَّا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ إمَّا رِجَالٌ فَقَطْ، أَوْ نِسَاءٌ فَقَطْ، أَوْ هُمَا تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَسَقَطَ) الْقِصَاصُ (إنْ عَفَا رَجُلٌ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (كَالْبَاقِي) نَعْتٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُمَاثِلٍ لِلْبَاقِي فِي الدَّرَجَةِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ كَابْنَيْنِ، أَوْ أَخَوَيْنِ، أَوْ عَمَّيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَوْلَى إنْ كَانَ الْعَافِي أَعْلَى كَعَفْوِ ابْنٍ مَعَ أَخٍ، أَوْ أَخٍ مَعَ عَمٍّ فَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ دَرَجَةً لَمْ يُعْتَبَرْ عَفْوُهُ؛ إذْ لَا كَلَامَ لَهُ كَعَفْوِ أَخٍ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْعَافِي لَمْ يُسَاوِ الْبَاقِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ مَعَ وُجُودِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ؛ إذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَأَشَارَ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (وَالْبِنْتُ) ، أَوْ بِنْتُ الِابْنِ (أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ (مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ) ؛ إذْ لَا كَلَامَ لِلْأُخْتِ مَعَهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُسَاوَاتِهَا لَهَا فِي الْإِرْثِ مُسَاوَاتُهَا فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةٍ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ، وَإِنَّمَا يَقْسِمُ الْعَصَبَةُ فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الْبِنْتُ فَلَا عَفْوَ لَهَا، وَإِنْ عَفَوْا وَأَرَادَتْ الْقَتْلَ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ، أَوْ بَعْضٍ مِنْ الْبَنَاتِ وَبَعْضٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي أَيْضًا (وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ) ، أَوْ بِنْتُ ابْنٍ مِنْ بَنَاتِ ابْنٍ، أَوْ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ عَاصِبٌ، أَوْ عَاصِبٌ لَا كَلَامَ لَهُ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِي الْعَفْوِ وَضِدِّهِ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ. وَأَشَارَ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَفِي) اجْتِمَاعِ (رِجَالٍ وَنِسَاءٍ) أَعْلَى دَرَجَةً مِنْهُمْ وَكَانَ لِلرِّجَالِ كَلَامٌ بِأَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ (لَمْ يَسْقُطْ) الْقِصَاصُ (إلَّا بِهِمَا) أَيْ بِعَفْوِ الْفَرِيقَيْنِ وَمَنْ أَرَادَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ، فَالْقَوْلُ لَهُ (أَوْ بِبَعْضِهِمَا) أَيْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَقَوْلُنَا وَنِسَاءٍ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الرِّجَالِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الرِّجَالُ مُسَاوِينَ لِلنِّسَاءِ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ، وَالِاسْتِيفَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لَا يُؤَخَّرُ جَانٍ) أَيْ لَا يُؤَخَّرُ قِصَاصٌ عَلَى جَانٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ، وَكَذَا مُتْلِفٌ لِمَالٍ بِدُخُولِ الْحَرَمِ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِيهِ فَإِنْ لَجَأَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ لِلْبَيْتِ أُخْرِجَ مِنْهُ وَاقْتُصَّ مِنْهُ خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَرَمُ الَّذِي دَخَلَهُ الْجَانِي غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِأَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ الْمَحْدُودَ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ حِلًّا بِدُونِ إحْرَامٍ وَلَا يُصَادُ مِنْهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحَرَمُ الَّذِي دَخَلَهُ الْجَانِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، أَوْ الْبَيْتَ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَيُخْرَجُ ذَلِكَ الْجَانِي مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْمَسْجِدِ لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَى تَنْجِيسِهِ، وَإِخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَعَلَ مُوجِبَ ذَلِكَ الْحَدِّ فِي الْحَرَمِ، أَوْ فَعَلَهُ خَارِجَهُ وَلَجَأَ إلَيْهِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] فَقِيلَ إنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ بِدَلِيلِ {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] وَقِيلَ إنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] . وَقِيلَ الْمُرَادُ {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] مِنْ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ وَقِيلَ أَنَّ الْجُمْلَةَ إنْشَائِيَّةٌ مَعْنَى أَيْ أَمَّنُوهُ مِنْ الْقَتْلِ، وَالظُّلْمِ إلَّا لِمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْرِمًا) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ (قَوْلُهُ: إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ رِجَالًا فَقَطْ مُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْقِصَاصِ اقْتَصُّوا، وَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ الْقِصَاصَ وَبَعْضُهُمْ الْعَفْوَ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْعَفْوَ وَمَتَى حَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ أَحَدِهِمْ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ) أَيْ فِي الدَّمِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلْعَاصِبِ، وَهُمْ غَيْرُ عَصَبَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ نِسَاءً فَقَطْ وَذَلِكَ لِعَدَمِ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ أَصْلًا، أَوْ وُجِدَ وَكَانَ أَنْزَلَ مِنْهُنَّ دَرَجَةً وَقَدْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُسَاوَاتِهَا لَهَا فِي الْإِرْثِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ إلَّا هُمَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْبِنْتُ، أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ لَهَا) أَيْ، وَالْقَوْلُ لِلْعَصَبَةِ فِي الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ لَهُمْ) أَيْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي طَلَبِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْبَنَاتِ إذَا حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الرِّجَالِ، أَوْ النِّسَاءِ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ بِغَيْرِهَا فَلَا حَقَّ لِلْعَصَبَةِ مَعَهُنَّ لَا فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قَوَدٍ، وَالْحَقُّ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَاصِبٌ لَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ لِكَوْنِ الْقَتْلِ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ. (قَوْلُهُ: نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي الْعَفْوِ وَضِدِّهِ) أَيْ أَيُّهُمَا أَصْلَحُ فِعْلُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَصَبَةِ عِنْدَ فَقْدِهَا لِإِرْثِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ، وَإِذَا أَمْضَى الْإِمَامُ بِنَظَرِهِ عَفْوَ بَعْضِ الْبَنَاتِ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَمَفْهُومُ بِنْتٍ مِنْ بَنَاتٍ أَنَّهُنَّ لَوْ عَفَوْنَ كُلُّهُنَّ، أَوْ أَرَدْنَ الْقَتْلَ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَفِي اجْتِمَاعِ رِجَالٍ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانُوا وَارِثِينَ كَبَنَاتٍ وَعَصَبَاتٍ تَوَقَّفَ الثُّبُوتُ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا، أَوْ غَيْرَ وَارِثِينَ وَتَوَقَّفَ الثُّبُوتُ عَلَيْهِمْ لِأَجْلِ الْقَسَامَةِ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ وَعَصَبَةٍ اُنْظُرْ بْن وَشَارِحُنَا قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ وَكَانَ لِلرِّجَالِ كَلَامٌ بِأَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَكَانَ لِلرِّجَالِ كَلَامٌ لِكَوْنِهِمْ

لِلْعَاصِبِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ إلَخْ كَرَّرَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ، أَوْ بِبَعْضِهَا الْمُقَيِّدِ لِمَا مَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِأَجْلِ جَمْعِ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثَةِ (وَمَهْمَا أَسْقَطَ) أَيْ عَفَا (الْبَعْضُ) أَيْ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الدَّمِ مَعَ تَسَاوِي دَرَجَتِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ قَسَامَةٍ سَقَطَ الْقَوَدُ، وَإِذَا سَقَطَ (فَلِمَنْ بَقِيَ) مِمَّنْ لَمْ يَعْفُ وَلَهُ التَّكَلُّمُ، أَوْ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ (نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ، وَكَذَا إذَا عَفَا جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ مُتَرَتِّبًا فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ، أَوْ زَوْجَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَوْا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا وَعَفَا وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ قَوْلَهُ (كَإِرْثِهِ) أَيْ الدَّمِ (وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ) فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ لَهُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا كَالْعَفْوِ مِثَالُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ أَبَاهُ فَمَاتَ غَيْرُ الْقَاتِلِ وَلَا إرْثَ لَهُ سِوَاهُ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ وَمِثَالُ مَا بَعْدَهَا مَا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَارِثُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ (كَالْمَالِ) أَيْ كَإِرْثِ الْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ فَيُنَزَّلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ، وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُمْ الْعَفْوُ، وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَعَمْ لَا دَخْلَ فِي ذَلِكَ لِزَوْجَةِ وَلِيِّ الدَّمِ وَلَا لِزَوْجِ مَنْ لَهَا كَلَامٌ فَقَوْلُهُ كَالْمَالِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَارِثِينَ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ قَسَامَةٍ، أَوْ كَانُوا غَيْرَ وَارِثِينَ وَلَكِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ لَكَانَ ذَلِكَ، أَوْلَى وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّكْرَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَعَ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ؛ إذْ قَوْلُهُ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ لَا تَكْرَارَ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَمَهْمَا أَسْقَطَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إلَى هُنَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الشَّارِحِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي، ثُمَّ جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِسْقَاطِ يَعْنِي الْعَفْوَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ فَلَا يَتَرَتَّبُ إلَّا عَلَى السُّقُوطِ وَحِينَئِذٍ، فَهُوَ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّكَلُّمُ، أَوْ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَفَا سَقَطَ حَقَّهُ مِنْ الدَّمِ وَمِنْ الدِّيَةِ وَمَا بَقِيَ مِنْهَا يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ، وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُ ابْنَيْنِ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا لِمَنْ بَقِيَ تَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا عَفَا إلَخْ) كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَزَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ فَعَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ، ثُمَّ بَلَغَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ فَعَفَا فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَخَوَاتِهِمْ، وَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ) أَيْ فَعَفَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ عَفَا أَخُوهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَوَا) أَيْ جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا إلَخْ) وَكَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَزَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ فَعَفَا الْبَنُونَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْبَنَاتِ، وَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مَجَّانًا أَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى مَالٍ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكَلُّمٌ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مِنْ بَعْضِهِمْ، أَوْ مِنْ كُلِّهِمْ مُتَرَتِّبًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِسْطًا) أَيْ هَذَا إذَا وَرِثَ دَمَ نَفْسِهِ كُلَّهُ بَلْ وَلَوْ وَرِثَ قِسْطًا أَيْ جُزْءًا مِنْهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ وَرِثَ الْقَاتِلَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي إذَا وَرِثَ جُزْءًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالْعَفْوِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي لَا يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالْعَفْوِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَفْوِ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ فَإِنَّهُ يُجَابُ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي الْوَارِثِ لِجُزْءٍ مِنْ دَمِهِ كَمَنْ قَتَلَ أَخَاهُ شَقِيقَهُ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ بِنْتَيْنِ وَثَلَاثَةَ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ غَيْرَ الْقَاتِلِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا إخْوَتَهُ الثَّلَاثَةَ الْقَاتِلَ، وَالْأَخَوَيْنِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ حَتَّى يَعْفُوَ الْبَنَاتُ، وَالْإِخْوَةُ الْبَاقُونَ، أَوْ الْبَعْضُ مِنْ كُلٍّ وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَشْهَبَ بِلَوْ وَمُقْتَضَى رَدِّهِ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّ كَلَامَهُ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ لَا أَنَّهُ وِفَاقٌ لَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ مَاتَ أَحَدُهُمْ) أَيْ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا إخْوَتَهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ) أَيْ كَابْنِ الْمَقْتُولِ، أَوْ أَخِيهَا وَعَمِّهِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ ذُكُورٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ فَلَيْسَ بَنَاتُ وَلِيِّ الدَّمِ كَبَنَاتِ الْقَتِيلِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِإِرْثِ الْقِصَاصِ كَإِرْثِ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ إرْثُ الْقِصَاصِ كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ فَاَلَّذِي يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ إنَّمَا هُوَ عَصَبَتُهُ فَيَكُونُ لَهُمْ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ، وَأَمَّا بَنَاتُهُ وَأُمَّهَاتُهُ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِزَوْجَةِ وَلِيِّ الدَّمِ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ إلَّا زَوْجَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِزَوْجِ إلَخْ)

فَيَدْخُلَانِ فِيهِ كَمَا مَرَّ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ مُسَمًّى، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقَوَدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهِ بِمَا شَاءَ الْوَلِيُّ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ الْجَانِي (فِي) جِنَايَةِ (عَمْدٍ) قَتْلًا كَانَ مَعَ وَلِيِّ الدَّمِ، أَوْ جُرْحًا مَعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (بِأَقَلَّ) مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهَا حَالًّا وَلِأَجَلٍ قَرِيبٍ، أَوْ بَعِيدٍ وَبِعَيْنٍ وَعَرْضٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ قَدَّمَ هَذَا فِي الصُّلْحِ بِقَوْلِهِ، وَعَنْ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ (وَالْخَطَأُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ فِي الْخَطَإِ فِي النَّفْسِ، أَوْ الْجُرْحِ حُكْمُهُ حُكْمُ بَيْعِ الدِّيَةِ؛ إذْ دِيَةُ الْخَطَإِ مَالٌ فِي الذِّمَّةِ وَمَا صُولِحَ بِهِ عَنْهَا مَالٌ مَأْخُوذٌ عَنْهَا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ بَيْعِ الدَّيْنِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَا أَحَدُهُمَا عَنْ إبِلٍ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَجَازَ بِمَا حَلَّ مُعَجَّلًا فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ (وَلَا يَمْضِي) الصُّلْحُ مِنْ الْجَانِي خَطَأً (عَلَى عَاقِلَتِهِ) بِغَيْرِ رِضَاهَا (كَعَكْسِهِ) أَيْ لَا يَمْضِي صُلْحُ الْعَاقِلَةِ عَلَى الْجَانِي بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَلْزَمُ كُلًّا الصُّلْحُ فِيمَا يَنُوبُهُ (فَإِنْ) (عَفَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ خَطَأً قَبْلَ مَوْتِهِ (فَوَصِيَّةٌ) أَيْ، فَالْعَفْوُ كَالْوَصِيَّةِ بِالدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي، فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضُمَّتْ لِمَالِهِ وَدَخَلَتْ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ (وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا) الَّتِي، أَوْصَى بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا وَجَبَ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ (وَإِنْ) ، أَوْصَى (بَعْدَ سَبَبِهَا) أَيْ الدِّيَةِ وَسَبَبُهَا الْجُرْحُ، أَوْ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا غَيْرِ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ أَوْ مَعَهُ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِهِ وَمِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَصَايَا بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِهَا قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ، أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا هِيَ الْوَصَايَا قَبْلَ السَّبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِذَا مَاتَتْ بِنْتُ الْقَتِيلِ قَامَ وَرَثَتُهَا مَقَامَهَا إلَّا لِزَوْجِهَا (قَوْلُهُ فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الزَّوْجُ، وَالزَّوْجَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا قَدَّمَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا الدُّخُولِ إلَى عَدَمِ مُعَارَضَةِ قَوْلِهِ وَجَازَ صُلْحُهُ إلَخْ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، فَالْقَوَدُ عَيْنًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَعَ تَرَاضِيهِمَا أَيْ الْجَانِي وَوَلِيِّ الدَّمِ وَتَعَيَّنَ الْقَوَدُ فِيمَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَاضِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَتْلًا، أَوْ جُرْحًا، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقَوَدُ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْجُرْحُ مِنْ الْمَتَالِفِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ فِيهِ بَلْ فِي الدِّيَةِ كَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ وَمُنَقِّلَةِ الرَّأْسِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ صُلْحُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ جَازَ أَنْ يُصَالِحَ الْجَانِي وَلِيَّ الدَّمِ، أَوْ الْمَجْرُوحَ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمَ هَذَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَابِ الصُّلْحِ. . (تَنْبِيهٌ) لَوْ صَالَحَ الْجَانِي وَلِيَّ الدَّمِ عَلَى شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَرْحَلَ مِنْ الْبَلَدِ وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا أَصْلًا، أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَأَقْوَالٌ ابْنِ كِنَانَةَ الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَيُنْقَضُ وَيُرْجِعُ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَنْقُضُ الصُّلْحَ وَيَقْتَصُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الشَّرْطُ جَائِزٌ، وَالصُّلْحُ لَازِمٌ وَكَانَ سَحْنُونٌ يُعْجِبُهُ قَوْلَ الْمُغِيرَةِ وَيَرَاهُ حَسَنًا فَإِنْ الْتَزَمَ الْقَاتِلُ أَنَّهُ إنْ عَادَ لِلْبَلَدِ فَلَهُمْ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ (قَوْلُهُ: مَالٌ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ، فَهُوَ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ) أَيْ مُؤَجَّلٍ عَنْ وَرِقٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا أَيْ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ حَالَ كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا عَنْ إبِلٍ وَمِثْلُ أَخْذِ أَحَدِهِمَا مُؤَجَّلًا أَخْذُ عَرْضٍ مُؤَجَّلٍ عَنْ إبِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ) أَيْ إذَا عَجَّلَ الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِمَا حَلَّ مُعَجَّلًا إلَخْ) أَيْ وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ بِحَالٍّ مُعَجَّلٍ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ مُعَجَّلٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا أَخْذُ أَحَدِهِمَا مُعَجَّلًا عَنْ إبِلٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُلُولَ مِنْ غَيْرِ تَعْجِيلٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا. ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُلْحَهُ عَنْهُمْ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَإِ لَا يَمْضِي وَصُلْحُهُمْ عَنْ الْجَانِي فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا لَا يَمْضِي وَيَمْضِي صُلْحُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنُوبُهُمْ، وَكَذَا صُلْحُهُ يَمْضِي بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنُوبُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ خَطَأً) أَيْ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا تَعْفُوا عَنْ قَاتِلِي عَمْدًا فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ الْقِصَاصُ، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ قَالَهُ أَصْبَغُ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَقْتُولُ وَكِيلًا عَلَى أَنْ يَعْفُوَ فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، فَالْأَمْرُ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، فَالْأَمْرُ لِلْوَكِيلِ فِي الْعَفْوِ كَذَا فِي الْبَدْرِ نَقْلًا عَنْ الْغِرْيَانِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا حُطَّ عَنْ الْجَانِي، وَعَنْ عَاقِلَتِهِ ثُلُثُهَا وَدَفَعُوا لِوَرَثَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُلُثَيْهَا (قَوْلُهُ: ضُمَّتْ لِمَالِهِ) فَإِذَا كَانَ مَالُهُ أَلْفَيْ دِينَارٍ ضُمَّتْ لَهُمَا وَحُطَّتْ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْجَمِيعِ يَحْتَمِلُهَا، وَإِنْ كَانَ وَمَالُهُ أَلْفًا حُطَّ عَنْهُمْ مِنْهَا ثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ، وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَلَزِمَهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ (قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ) أَيْ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي دِيَةِ الْخَطَإِ أَيْ فِي ثُلُثِهَا مُضَافًا لِثُلُثِ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَضَمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى دِيَةِ الْخَطَإِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا عَلِمْت، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا أَمْرًا وَاجِبًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، أَوْ نَظَرًا لِكَوْنِهَا مَالًا (قَوْلُهُ: فِيمَا وَجَبَ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تُضَمُّ لِمَالِهِ وَتَصِيرُ مَالًا وَيُنْظَرُ لِثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ حَمَلَ الدِّيَةَ الْمُوصَى بِهَا فَقَطْ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَ الْجَمِيعَ فَلَا

فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُبَالِغَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ، وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا (أَوْ) ، أَوْصَى لِرَجُلٍ مَثَلًا (بِثُلُثِهِ) قَبْلَ السَّبَبِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَوْرُوثٌ عَنْهُ (أَوْ) ، أَوْصَى (بِشَيْءٍ) كَدَارٍ، أَوْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ ثُلُثًا وَلَا غَيْرَهُ، ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي الدِّيَةِ وَمَحَلُّ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فِي الدِّيَةِ حَيْثُ، أَوْصَى قَبْلَ السَّبَبِ (إذَا عَاشَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ (مَا) أَيْ زَمَنًا (يُمْكِنُهُ) فِيهِ (التَّغْيِيرُ) بِأَنْ كَانَ صَحِيحَ الذِّهْنِ (فَلَمْ يُغَيِّرْ) فِي وَصِيَّتِهِ فَإِنْ رَفَعَ مَغْمُورًا بَعْدَ الْجُرْحِ، أَوْ مَاتَ مَكَانَهُ لَمْ تَدْخُلْ الْوَصِيَّةُ فِي الدِّيَةِ (بِخِلَافِ) دِيَةِ (الْعَمْدِ) لَا تَدْخُلُ فِيهَا الْوَصَايَا، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الْجُرْحِ مَا يُمْكِنُهُ فِي التَّغْيِيرِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالصُّلْحِ عَلَيْهَا فَلَا دَخْلَ لِلْوَصِيَّةِ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلَهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ) بِقَبُولِ وَارِثِهِ لَهَا وَلَمْ يُغَيِّرْ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهَا؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِقَبُولِ وَارِثِهِ الدِّيَةَ مَعَ عَدَمِ تَغَيُّرِهَا كَإِحْدَاثِهَا بَعْدَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ قَبِلَ وَارِثِي الدِّيَةَ فَوَصَّيْتُ فِيهَا، أَوْ فَقَدْ أَوْصَيْت بِثُلُثِهَا فَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا فِي ثُلُثِهِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ تَدْخُلُ وَصِيَّتِي فِيمَا عَلِمْت وَمَا لَمْ أَعْلَمْ فَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ كَمَا فِي النَّقْلِ (وَإِنْ) (عَفَا) مَجْرُوحٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (عَنْ جُرْحِهِ) مَجَّانًا (أَوْ صَالَحَ) عَنْهُ بِمَالٍ (فَمَاتَ) مِنْ جُرْحِهِ (فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقَتْلُ) فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ، أَوْ لَهُمْ إمْضَاءُ الْعَفْوِ، أَوْ الصُّلْحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإشْكَالَ، وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْجَمِيعِ وَجَبَ الْمَصِيرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَصْلُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ لِابْنِ غَازِيٍّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَعْدَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُضْبَطُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ ظَرْفًا وَأَمَّا إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْعَيْنِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَلَا يَتَوَجَّهُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَبْلَ السَّبَبِ) أَيْ، أَوْ بَعْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضُمَّ لِلدِّيَةِ وَدُفِعَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ لِلْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ، أَوْصَى بِشَيْءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَدَارٍ، أَوْ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ، فَهُوَ قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَدَارٍ إلَخْ يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ بِعَشَرَةٍ وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إذَا عَاشَ إلَخْ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ، أَوْصَى بِهَا قَبْلَ السَّبَبِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا، أَوْصَى بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّغْيِيرُ) أَيْ لِوَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُغَيِّرْ) أَيْ الْوَصِيَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَغْيِيرِهَا فَلَمَّا عَاشَ بَعْدَ السَّبَبِ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ إحْدَاثِهَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَمْدِ) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَدْخُلُ وَصَايَاهُ فِيهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَلَمْ يَعْفُ عَنْ قَاتِلِهِ وَلَهُ وَصَايَا، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبِلَ وَرَثَتُهُ الدِّيَةَ فَإِنَّ وَصَايَاهُ لَا تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَالْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عُلِمَ لِلْمَيِّتِ حِينَ مَوْتِهِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَنَّ الْمُوصِي قَالَ إنْ قَبِلَ، أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا، أَوْ أُوصِي بِثُلُثِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ وَصَايَاهُ فِي ثُلُثِهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا حِينَ مَوْتِهِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ ثُلُثِي مِمَّا عَلِمْتُ وَمِمَّا لَمْ أَعْلَمْ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَكُنْ بَلْ طَرَأَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ فَظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ قِيلَ إنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمَيِّتِ وَعَدَمُ دُخُولِ الْوَصَايَا فِيهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا حِينَ الْمَوْتِ وَقِيلَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ إذَا قُبِلَتْ مَالٌ طَرَأَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ بْن وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهَا دَيْنُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْضَى بِهَا دَيْنُهُ كَمَا فِي ح وَالْمَوَّاقِ، فَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَشَارِحُنَا قَدْ جَنَحَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الْجُرْحِ مَا يُمْكِنُهُ) أَيْ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّعْبِيرُ لِوَصِيَّتِهِ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا (قَوْلُهُ فَلَا دَخْلَ لِلْوَصِيَّةِ فِيهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلَهُ) أَيْ بِقَطْعِ نُخَاعٍ، أَوْ ثَقْبِ مُصْرَانٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَانِي عَمْدًا إذَا أَنْفَذَ مَقْتَلًا مِنْ مَقَاتِلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمُوصِي بِوَصَايَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ إنَّ، أَوْلِيَاءَهُ قَبِلُوا الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي وَعَلِمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْقَبُولِ وَلَمْ يُغَيِّرْ وَصَايَاهُ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِ تِلْكَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَهُ عِلْمٌ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَسُكُوتُهُ عَنْ تَغْيِيرِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ بِمَنْزِلَةِ إحْدَاثِهَا بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ كَإِحْدَاثِهَا) أَيْ الْوَصَايَا بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ) أَيْ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَمَّا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَلِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ إذَا قَبِلَهَا وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهَا مَالًا لَهُ حِينَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ فِي ثُلُثِهِ وَلَوْ قَالَ وَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ) أَيْ بِغَيْرِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَالِهِ، وَهُوَ إنَّمَا أَرَادَ مَا لَمْ أَعْلَمْ مِنْ مَالِي، ثُمَّ إنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ مُحَمَّدٍ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا فِي النَّقْلِ أَيْ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، أَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالٍ) أَيْ وَأَخَذَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ إلَخْ) أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْأَوْلِيَاءِ لَا لِلْجَانِي فَإِذَا أَرَادَ الْجَانِي الرُّجُوعَ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ صُلْحًا وَطَلَبَ الْقَسَامَةَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَالْقَوَدَ فِيهِ وَأَبَى

(وَرَجَعَ الْجَانِي) إنْ أَقْسَمُوا (فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ) ، وَهَذَا إنْ صَالَحَ عَنْهُ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ فَخِلَافُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ بِأَتَمَّ مِمَّا هُنَا (وَلِلْقَاتِلِ) إنْ ادَّعَى الْعَفْوَ عَنْهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (الِاسْتِحْلَافُ عَلَى) عَدَمِ (الْعَفْوِ) (فَإِنْ) حَلَفَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ فَلَهُ الْقَوَدُ، وَإِنْ (نَكَلَ حَلَفَ) الْقَاتِلُ يَمِينًا (وَاحِدَةً) لَا خَمْسِينَ (وَبَرِئَ) فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ بِلَا قَسَامَةٍ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى الْعَفْوِ غَائِبَةً حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ (وَتَلَوَّمَ لَهُ) بِالِاجْتِهَادِ (فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ) قَرُبَتْ غَيْبَتُهَا، أَوْ بَعُدَتْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ (وَقُتِلَ) الْقَاتِلُ (بِمَا قَتَلَ) بِهِ (وَلَوْ نَارًا) ، وَهَذَا إنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ اعْتِرَافٍ فَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ قُتِلَ بِالسَّيْفِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (إلَّا) أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ (بِخَمْرٍ، أَوْ لِوَاطٍ) أَقَرَّ بِهِ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ (وَسِحْرٍ) ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ (وَمَا يَطُولُ) كَمَنْعِهِ طَعَامًا، أَوْ مَاءً حَتَّى مَاتَ، أَوْ نَخَسَهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (وَهَلْ، وَالسُّمُّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَكْثَرِ، وَالْكَسْرُ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَالضَّمَّةُ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ (أَوْ) يُقْتَلُ بِهِ و (يَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ) أَيْ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ مِنْ السُّمِّ (تَأْوِيلَانِ) ، وَإِذَا قُتِلَ بِمَا قَتَلَ (فَيُغَرَّقُ وَيُخَنَّقُ وَيُحَجَّرُ) إنْ فَعَلَ بِالْمَقْتُولِ ذَلِكَ أَيْ إنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ، وَكَذَا مَا قَبْلَهُ (و) مَنْ قَتَلَ بِعَصًا (ضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ كَذِي عُضْوَيْنِ) أَيْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ فَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْعَدَدِ (وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ) لِلْقِصَاصِ (مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ قَتَلَ الْجَانِي بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلِيَاءُ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبُوا إمْضَاءَ الصُّلْحِ فَلَا كَلَامَ لِلْجَانِي، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ لِلْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْجَانِي) أَيْ، وَإِذَا نَقَضَ الْأَوْلِيَاءُ الصُّلْحَ الْحَاصِلَ مِنْ وَلِيِّهِمْ وَأَقْسَمُوا رَجَعَ الْجَانِي بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ صُلْحًا أَيْ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى تَرِكَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ صَالَحَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِحْلَافُ) أَيْ تَحْلِيفُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَلِيِّ بَلْ إمَّا أَنْ يُثْبِتَ الْجَانِي مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَفْوِ، وَإِلَّا قُتِلَ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ اسْتِشْكَالُ تَحْلِيفِ الْجَانِي لِوَلِيِّ الدَّمِ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَعَدُّوا مِنْ ذَلِكَ الْعَفْوَ (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ جَعْلِ عَلَى لِلتَّعْلِيلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْقَاتِلُ يَمِينًا وَاحِدَةً) أَيْ إنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ (قَوْلُهُ لَا خَمْسِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ وَقَدْرُهَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ بِلَا قَسَامَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْقَاتِلِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ تَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهُ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً تَشْهَدُ لَهُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَتَلَوَّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ وَلَمْ تَأْتِ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَقَدِمَتْ وَشَهِدَتْ بِالْعَفْوِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَطْعًا وَانْظُرْ إذَا قَتَلَهُ الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، فَهَلْ كَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ إلَخْ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْجِرَاحَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ إذْ يُطْلَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي بِأَرْفَقَ مِمَّا جَنَى بِهِ فَإِذَا، أَوْضَحَهُ بِحَجَرٍ، أَوْ عَصًا اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْمُوسَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَارًا) ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الصِّفَةِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يُقْتَصُّ بِالنَّارِ مِمَّنْ قَتَلَ بِهَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَكُونُ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّعْذِيبِ بِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ بِخَمْرٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ عَلَى أَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ بَلْ يُقْتَلُ قِصَاصًا بِالسَّيْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِوَاطٍ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَاطَ بِهِ فَمَاتَ وَثَبَتَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ بَلْ بِالسَّيْفِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إقْرَارِهِ بَلْ رَجَعَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ قَبُولَ رُجُوعِهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ رَجْمِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لِإِقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقَتْلِ لَا يَنْفَعُ فِيهِ رُجُوعُهُ قَالَ الْبِسَاطِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يُقْتَلُ بِلِوَاطٍ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ لَهُ خَشَبَةٌ تُحَرَّكُ فِي دُبُرِهِ حَتَّى يَمُوتَ لِفُحْشِ ذَلِكَ، وَإِلَّا، فَاللِّوَاطُ لَا يَقْتُلُ عَادَةً وَمَوْتُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرْضُ اتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ إلَخْ) أَيْ، أَوْ بِإِقْرَارٍ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ) أَيْ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُؤْمَرُ ذَلِكَ السَّاحِرُ أَنْ يَفْعَلَ السِّحْرَ لِنَفْسِهِ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ، وَإِلَّا، فَالسَّيْفُ (قَوْلُهُ:، وَهَلْ، وَالسُّمُّ) أَيْ إذَا قَتَلَ الْجَانِي بِهِ شَخْصًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كَالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالسُّمُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى خَمْرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يُجْتَهَدُ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ) أَيْ فَيُضْرَبُ بِهِ فِي مَحَلِّ خَطَرٍ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ لَا أَنَّهُ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا قَبْلَهُ) أَيْ فَمَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالتَّغْرِيقِ، أَوْ بِالْخَنْقِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَذِي عَصَوَيْنِ) أَيْ كَذِي ضَرْبَةِ عَصَوَيْنِ وَقَوْلُهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ أَيْ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ لِلْقِصَاصِ مِنْ السَّيْفِ) يَعْنِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ

أَوْ بِغَيْرِهِ (وَانْدَرَجَ طَرَفٌ) كَيَدٍ وَرِجْلٍ وَعَيْنٍ فِي قَتْلِ النَّفْسِ (إنْ تَعَمَّدَهُ) الْجَانِي، ثُمَّ قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الطَّرَفُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَقْتُولِ كَقَطْعِ يَدِ شَخْصٍ وَفَقْءِ عَيْنِ آخَرَ وَقَتْلِ آخَرَ عَمْدًا فَيَنْدَرِجَانِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ، ثُمَّ تُفْقَأُ عَيْنُهُ، ثُمَّ يُقْتَلُ (لَمْ يَقْصِدْ) الْقَاتِلُ (مُثْلَةً) بِالْمَقْتُولِ فَإِنْ قَصَدَهَا فُعِلَ بِهِ مَا فَعَلَ، ثُمَّ يُقْتَلُ فَقَوْلُهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ أَيْ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمَقْتُولِ وَأَمَّا طَرَفُ غَيْرِهِ فَيَنْدَرِجُ وَلَوْ قَصَدَ الْمُثْلَةَ عَلَى الرَّاجِحِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ عَنْ الْخَطَإِ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ (كَالْأَصَابِعِ) تُقْطَعُ عَمْدًا تَنْدَرِجُ (فِي) قَطْعِ (الْيَدِ) عَمْدًا بَعْدَ الْأَصَابِعِ مَا لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْقِصَاصِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيَةِ وَذَكَرَ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ بِحَسَبِ أَمْوَالِهِمْ مِنْ إبِلٍ وَذَهَبٍ وَوَرِقٍ فَقَالَ. (دَرْسٌ) (وَدِيَةُ الْخَطَإِ) فِي قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (عَلَى الْبَادِي) هُوَ خِلَافُ الْحَاضِرِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ (مُخَمَّسَةٌ) رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا (بِنْتُ مَخَاضٍ وَوَلَدَا لَبُونٍ) أَيْ بِنْتُ لَبُونٍ وَابْنُ لَبُونٍ (وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ) مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْخَمْسَةِ عِشْرُونَ (وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ) لَا قِصَاصَ فِيهِ كَأَنْ يَحْصُلَ عَفْوٌ عَلَيْهَا مُبْهَمَةً، أَوْ يَعْفُوَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ مَجَّانًا فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ) مِنْ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ فَتَكُونُ الْمِائَةُ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ كُلٍّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ (وَثُلِّثَتْ) أَيْ غَلُظَتْ مُثَلَّثَةً (فِي الْأَبِ) أَيْ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلَا، وَالْأُمُّ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ فِي الْوَالِدِ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَلَوْ) كَانَ الْوَالِدُ (مَجُوسِيًّا) وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا، وَالتَّثْلِيثُ فِي حَقِّهِ بِحَسَبِ دِيَتِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ خُمُسٍ وَاتَّكَلَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ عَلَى وُضُوحِهِ وَمَعْرِفَتِهِ مِمَّا يَأْتِي لَهُ، فَالتَّثْلِيثُ فِيهِ جَذَعَتَانِ وَحِقَّتَانِ وَخَلِفَتَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّمِ إذَا طَلَبَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي بِالسَّيْفِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي قَتَلَ بِالسَّيْفِ، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْجَانِي قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ كَلَحْسِ فَصٍّ، وَإِلَّا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْقَتْلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ حَقٌّ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلَّهِ فَلِذَا كَانَ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ السَّيْفَ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ إنْ تَعَمَّدَ الطَّرَفَ أَيْ إنْ تَعَمَّدَ تَلَفَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَقْصِدْ مِثْلَهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ ابْنَ مَرْزُوقٍ وَالْمَوَّاقَ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَيْدٌ فِيهِمَا وَاسْتَظْهَرَهُ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ الْمُثْلَةَ) أَيْ بِصَاحِبِ الْأَطْرَافِ الَّتِي قَطَعَهَا (قَوْلُهُ كَالْأَصَابِعِ تُقْطَعُ عَمْدًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قُطِعَتْ خَطَأً فَلَا انْدِرَاجَ فَإِذَا قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ خَطَأً، ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ عَمْدًا أَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ عبق تَبَعًا لتت أَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَاقْتُصَّ لِلْكَفِّ فَقَدْ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ يَدَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ الْأُصْبُعِ لَا قِصَاصَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي ثَانِيًا هُوَ الْجَانِي أَوَّلًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: تَنْدَرِجُ فِي قَطْعِ الْيَدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ يَدَ مَنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، أَوْ يَدَ غَيْرِهِ فَإِذَا قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ عَمْدًا، ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ عَمْدًا بَعْدَ ذَلِكَ قُطِعَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ، أَوْ قَطَعَ أَصَابِعَ رَجُلٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمِرْفَقِ قُطِعَ لَهُمْ مِنْ الْمِرْفَقِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً،، وَإِلَّا لَمْ تَنْدَرِجْ الصُّورَتَانِ بَلْ تُقْطَعُ أَصَابِعُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ كَفُّهُ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ تُقْطَعُ أَصَابِعُهُ، ثُمَّ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ، ثُمَّ مِنْ الْمِرْفَقِ (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيَةِ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدَى بِوَزْنِ الْفَتَى، وَهُوَ الْهَلَاكُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ عَنْهُ فَسُمِّيَتْ بِاسْمِ سَبَبِهَا وَدِيَةٌ كَعِدَةٍ مَحْذُوفَةُ الْفَاءِ، وَهِيَ الْوَاوُ وَعُوِّضَ عَنْهَا هَاءُ التَّأْنِيثِ (قَوْلُهُ: فِي قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْقِيمَةِ لِقَاتِلِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ وَدِيَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَأَنَّ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَادِي) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ الْبَادِي مِنْ أَيِّ إقْلِيمٍ كَانَ (قَوْلُهُ: مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إبِلٌ بَلْ خَيْلٌ مَثَلًا كُلِّفُوا بِمَا فِي حَاضِرَتِهِمْ كَمَا قَالَهُ بْن وَقِيلَ يُكَلَّفُونَ قِيمَةَ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: مُخَمَّسَةٌ) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ (قَوْلُهُ: وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمْ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ حَالَّةٌ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ وَقِيلَ إنَّهَا تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَدِيَةِ الْخَطَإِ وَأَمَّا إذَا صَالَحَ الْجَانِي عَلَى دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ عُرُوضٍ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهَا تَكُونُ حَالَّةً كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: مُبْهَمَةً) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْأَوْلِيَاءُ عَفَوْنَا، أَوْ نُصَالِحُكُمْ عَلَى الدِّيَةِ وَأَمَّا إذَا قَيَّدُوا بِشَيْءٍ بِأَنْ قَالُوا عَفَوْنَا، أَوْ وَنُصَالِحُكُمْ عَلَى الدِّيَةِ مِنْ كَذَا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ وَقَوْلُهُ كَأَنْ يَحْصُلَ إلَخْ، وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ وُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْجَانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ) بِنْتُ الْمَخَاضِ وَبِنْتُ اللَّبُونِ، وَالْحِقَّةُ، وَالْجَذَعَةُ (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ كَذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ عَلَتْ مِنْ مَالِ كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجُوسِيًّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَالِدُ الْقَاتِلُ لِوَلَدِهِ مَجُوسِيًّا وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَغْلِيظِهَا عَلَى الْأَبِ الْمَجُوسِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ الْمَجُوسِيَّ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ تُشْبِهُ الْقِيمَةَ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ أَنَّهَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ إذَا حَكَمَ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّغْلِيظِ سُقُوطُ الْقَوَدِ وَأَمَّا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّهَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) لَا يَحْتَاجُ لِلتَّحَاكُمِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا، أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَلَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا إذَا

وَثُلُثَا خَلِفَةٍ (فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ) لِوَلَدِهِ (لَمْ يُقْتَلْ) الْأَبُ (بِهِ) وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَإِنْ قَصَدَهُ كَأَنْ يَرْمِيَ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ يُضْجِعَهُ فَيَذْبَحَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَى عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً ثُلِّثَتْ وَشَبَّهَ فِي التَّغْلِيظِ قَوْلَهُ (كَجُرْحِهِ) أَيْ فَكَمَا أَنَّ التَّغْلِيظَ يَكُونُ فِي النَّفْسِ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْجُرْحِ مِنْ تَرْبِيعٍ، أَوْ تَثْلِيثٍ وَلَا فَرْقَ فِي الْجُرْحِ بَيْنَ مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَالْمُوضِحَةِ وَمَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَالْجَائِفَةِ أَمْ لَا، فَالْعَمْدُ فِي الْجِرَاحِ كَالْعَمْدِ فِي النَّفْسِ فِي التَّغْلِيظِ بِنِسْبَةِ مَا لِكُلِّ جُرْحٍ مِنْ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ، ثُمَّ بَيَّنَ التَّغْلِيظَ بِالتَّثْلِيثِ فِي النَّفْسِ بِقَوْلِهِ (بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْحَامِلُ مِنْ الْإِبِلِ (بِلَا حَدٍّ سِنٍّ) ، فَالْمَدَارُ عَلَى أَنْ تَكُونَ حَامِلًا سَوَاءٌ كَانَتْ حِقَّةً، أَوْ جَذَعَةً، أَوْ غَيْرَهُمَا (وَعَلَى الشَّامِيِّ، وَالْمِصْرِيِّ، وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ) شَرْعِيَّةٌ، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ الدَّنَانِيرِ الْمِصْرِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ وَأَهْلُ الرُّومِ كَأَهْلِ مِصْرَ، وَكَذَا مَكَّةُ، وَالْمَدِينَةُ (وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ) ، وَالْفَارِسِيِّ، وَالْخُرَاسَانِيِّ (اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ) شَرْعِيَّةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ (إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ) ، وَهِيَ مَا عَلَى الْأَبِ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ عَمْدًا (فَيُزَادُ) فِي الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ (بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ) أَيْ يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ بِقَدْرِ نِسْبَةِ زِيَادَةِ قِيمَةِ الْمُثَلَّثَةِ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ، فَالْمُرَادُ بِالدِّيَتَيْنِ الْمُخَمَّسَةُ، وَالْمُثَلَّثَةُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَحَذْفُ مُضَافٍ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي وَحَذْفُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ. وَحَاصِلُهُ أَنْ تُقَوَّمَ الْمُثَلَّثَةُ حَالَّةً وَتُقَوَّمَ الْمُخَمَّسَةُ عَلَى تَأْجِيلِهَا وَيُؤْخَذُ مَا زَادَتْهُ الْمُثَلَّثَةُ عَلَى الْمُخَمَّسَةِ وَيُنْسَبُ إلَى الْمُخَمَّسَةِ فَمَا بَلَغَ بِالنِّسْبَةِ يُزَادُ عَلَى دِيَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِثَالُهُ لَوْ كَانَتْ الْمُخَمَّسَةُ عَلَى آجَالِهَا تُسَاوِي مِائَةً، وَالْمُثَلَّثَةُ عَلَى حُلُولِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَى الْمِائَةِ قِيمَةُ الْمُخَمَّسَةِ الْخُمُسُ فَيُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ مِثْلُ خُمُسِهَا فَتَكُونُ مِنْ الذَّهَبِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَمِنْ الْوَرِقِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَعُلِمَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الدِّيَةَ الْمُرَبَّعَةَ لَا تَغْلُظُ فِي الذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ (وَالْكِتَابِيُّ) ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرَافَعُوا إلَيْنَا (قَوْلُهُ: وَثُلُثَا خَلِفَةٍ) أَيْ فَيَكُونُ شَرِيكًا لِوَرَثَةِ وَلَدِهِ فِي خَلِفَةٍ بِالثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: لِوَلَدِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ، أَوْ الْمَجُوسِيِّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ) أَيْ كَرَمْيِهِ بِحَدِيدَةٍ، أَوْ سَيْفٍ أَرَادَ بِذَلِكَ أَدَبَهُ، أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ فَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، فَالْحَقِيقِيُّ كَأَنْ يَرْمِيَ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ يَضْرِبَهُ بِعَصًا، أَوْ سَيْفٍ قَاصِدًا بِمَا ذُكِرَ إزْهَاقَ رُوحِهِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ، وَالْحُكْمِيُّ كَمَا إذَا أَضْجَعَهُ وَشَقَّ جَوْفَهُ وَقَالَ فَعَلْت ذَلِكَ حَمَاقَةً وَلَمْ أَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُقْتَلُ الْأَبُ بْن (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ ابْنًا آخَرَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ تَحْلِيفِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَجُرْحِهِ) أَيْ كَجُرْحِ الْعَمْدِ أَيْ كَمَا تَغْلُظُ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْجَارِحُ الْأَبَ، أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ الْأَبَ، فَالدِّيَةُ مُثَلَّثَةً، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَمُرَبَّعَةً. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْجُرْحِ) أَيْ عَمْدًا إذَا كَانَ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِكَوْنِهِ صَادِرًا مِنْ الْأَبِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحَصَلَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَفْوٌ عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا لِكَوْنِهِ صَادِرًا مِنْ الْأَبِ أَنَّ الْأَبَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْجُرْحِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَصَدَ جَرْحَ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرْبِيعٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْجُرْحُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَفَا عَنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً (قَوْلُهُ: أَوْ تَثْلِيثٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْجُرْحُ مِنْ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: كَالْجَائِفَةِ) أَيْ فَإِنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ كَالْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ مَا لِكُلِّ جُرْحٍ إلَخْ) ، فَالْجَائِفَةُ مَثَلًا فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ فَيُؤْخَذُ مُغَلَّظًا وَكَيْفِيَّةُ تَغْلِيظِهِ أَنْ تَنْسُبَ الْأَرْبَعِينَ خَلِفَةٍ لِلْمِائَةِ تَجِدُهَا خَمْسِينَ فَيَأْخُذُ خُمُسَ الثُّلُثِ مِنْ الْخَلِفَاتِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَتَنْسُبَ الثَّلَاثِينَ حِقَّةٍ لِلْمِائَةِ تَجِدُهَا خُمُسًا وَعُشْرًا فَيُؤْخَذُ خُمُسُ وَعُشْرُ الثُّلُثِ مِنْ الْحِقَاقِ وَذَلِكَ عَشَرَةٌ، وَكَذَلِكَ الْجَذَعَةُ (قَوْلُهُ: بِلَا حَدِّ سِنٍّ) أَيْ فِي الْخَلِفَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ فَلَا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ عِنْدَنَا بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عَرْضٌ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَلَدِ خِلَافُ ذَلِكَ فَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ يُكَلَّفُونَ مَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ الْمَوْجُودُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُؤْخَذُ مِمَّا وُجِدَ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق حَيْثُ قَالَ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ عِنْدَنَا بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عَرْضٌ وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَلَدِ خِلَافُ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ أَيْ يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مَا وُجِدَ عِنْدَهُمْ، وَالْأَخْذُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَيْ يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى دِيَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ يُزَادُ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ بِقَدْرِ نِسْبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَذْفُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ، وَهُوَ قَدْرٌ وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ وَقَوْلُهُ، وَالثَّانِي أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ الدِّيَتَيْنِ، وَالْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ مِنْ الثَّانِي هُوَ قِيمَةُ وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْضًا، وَهُوَ زِيَادَةٌ. (قَوْلُهُ: وَحَذْفُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ عَلَى مَا فِيهِ كَمَا عَلِمْت وَقَوْلُهُ، وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُخَمَّسَةُ (قَوْلُهُ: مَا زَادَتْهُ الْمُثَلَّثَةُ) أَيْ مَا زَادَتْهُ قِيمَةُ الْمُثَلَّثَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُخَمَّسَةِ أَيْ عَلَى

الذِّمِّيُّ (و) الْكِتَابِيُّ (الْمُعَاهَدُ) أَيْ الْحَرْبِيُّ الْمُؤَمَّنُ (نِصْفُ دِيَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (وَالْمَجُوسِيُّ) الْمُعَاهَدُ (وَالْمُرْتَدُّ) دِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (ثُلُثُ خُمُسٍ) فَتَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ سِتَّةَ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَيْ بَعِيرٍ وَمِنْ الذَّهَبِ سِتَّةً وَسِتِّينَ دِينَارًا، أَوْ ثُلُثَيْ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيلَ لَا دِيَةَ لِلْمُرْتَدِّ، وَإِنَّمَا عَلَى قَاتِلِهِ الْأَدَبُ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْبَابِ بِقَوْلِهِ كَمُرْتَدٍّ (و) دِيَةُ (أُنْثَى كُلٍّ) مِمَّنْ ذُكِرَ (كَنِصْفِهِ) فَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ نِصْفُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَهَكَذَا (وَفِي) قَتْلِ (الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ) قِنًّا وَلَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُبَعَّضًا كَمُعْتَقٍ لِأَجْلِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ عَلَى دِيَةِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ أَتْلَفَهُ شَخْصٌ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ (وَفِي) إلْقَاءِ (الْجَنِينِ، وَإِنْ عَلَقَةً) بِضَرْبٍ، أَوْ تَخْوِيفٍ، أَوْ شَمِّ رِيحٍ (عُشْرُ) وَاجِبِ (أُمِّهِ) مِنْ زَوْجٍ، أَوْ زِنًا وَأَمَّا مِنْ سَيِّدِهَا فَسَيَأْتِي (وَلَوْ) كَانَتْ أُمُّهُ (أَمَةً) وَوَاجِبُ أُمِّهِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً الْقِيمَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ أَبٍ، أَوْ أُمٍّ كَمَا لَوْ شَرِبَتْ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَمْلُ فَأَسْقَطَتْهُ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ فِي جَنِينِهَا مَا نَقَصَهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ (نَقْدًا) أَيْ مُعَجَّلًا مِنْ الْعَيْنِ فَاسْتَعْمَلَ النَّقْدَ فِي الْحُلُولِ، وَالْعَيْنِ وَيَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي إلَّا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ حُرَّةً مُسْلِمَةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا (أَوْ غُرَّةٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى عُشْرُ، وَالتَّخْيِيرُ لِلْجَانِي لَا لِمُسْتَحِقِّهَا، وَهُوَ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ وَقَوْلُهُ (عَبْدٌ، أَوْ وَلِيدَةٌ) بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ، وَالْوَلِيدَةُ الْأَمَةُ الصَّغِيرَةُ أَقَلُّ سِنِّهَا سَبْعُ سِنِينَ وَلِذَا عَبَّرَ بِوَلِيدَةٍ دُونَ أَمَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اشْتِرَاطُ كِبَرِهَا وَقَوْلُهُ (تُسَاوِيهِ) نَعْتٌ لِغُرَّةٍ وَضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى الْعُشْرِ أَيْ تُسَاوِي عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ الْحُرَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ جَنِينَ الْأَمَةِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ (وَالْأَمَةُ) الْحَامِلَةُ (مِنْ سَيِّدِهَا) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ جَنِينُهَا كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ (قَوْلُهُ: الذِّمِّيُّ) أَيْ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَجُوسِيُّ الْمُعَاهَدُ) أَيْ، وَالذِّمِّيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ قُتِلَ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: ثُلُثُ خُمُسٍ) أَيْ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ أَنَّ عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثَ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمُرْتَدٍّ) أَيْ يَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْأَدَبُ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَرَى اسْتِتَابَتَهُ بَلْ يُقْتَلُ فَوْرًا. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ، وَالْكِتَابِيُّ الذِّمِّيُّ، وَالْمُعَاهَدُ، وَالْمَجُوسِيُّ، وَالْمُرْتَدُّ 1 - (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فِدْيَةُ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ ذِمِّيَّةً، أَوْ مُعَاهَدَةً رُبُعُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ، أَوْ الْمُرْتَدَّةِ سُدُسُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثُ بَعِيرٍ وَمِنْ الذَّهَبِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ) أَيْ إذَا قَتَلَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً لَا إنْ قَتَلَهُ مُكَافِئٌ، أَوْ حُرٌّ كَافِرٌ عَمْدًا فَيُقْتَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي إلْقَاءِ الْجَنِينِ، وَإِنْ عَلَقَةً) أَيْ هَذَا إذَا أَلْقَتْهُ مُضْغَةً، أَوْ كَامِلًا بَلْ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ عَلَقَةً أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا بِحَيْثُ إذَا صُبَّ عَلَيْهَا الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ، لَا الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ يَذُوبُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت (قَوْلُهُ: أَوْ شَمِّ رِيحٍ) أَيْ كَشَمِّ رَائِحَةِ مِسْكٍ، أَوْ سَمَكٍ، أَوْ جُبْنٍ مَقْلِيٍّ فَإِذَا شَمَّتْ رَائِحَةَ ذَلِكَ مِنْ الْجِيرَانِ مَثَلًا فَعَلَيْهَا الطَّلَبُ فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِحَمْلِهَا حَتَّى أَلْقَتْهُ فَعَلَيْهَا الْغُرَّةُ لِتَقْصِيرِهَا وَتَسَبُّبِهَا فَإِذَا طَلَبَتْ وَلَمْ يُعْطُوهَا ضَمِنُوا عَلِمُوا بِحَمْلِهَا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ عَلِمُوا بِهِ وَبِأَنَّ رِيحَ الطَّعَامِ، أَوْ الْمِسْكِ يُسْقِطُهَا وَلَمْ يُعْطُوهَا وَأَسْقَطَتْ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ وَيَضْمَنُ مَنْ الْعَادَةُ تَنْبِيهُهُ عَلَى كَالْحُقْنَةِ، وَالشَّرَابُ إذَا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْجَنِينِ نَاشِئًا مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ، أَوْ مِنْ زِنًا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا الْبَيَانَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ سَيِّدِهَا) أَيْ وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا فَسَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا أَيْ أَنَّ فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ الْحُرِّ لَا عُشْرَ وَاجِبِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي أُمِّهِ الْقِيمَةُ، وَهِيَ قَدْ تَكُونُ قَدْرَ دِيَةِ الْحُرَّةِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً الْقِيمَةُ) اُنْظُرْ هَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِلْقَاءِ، أَوْ يَوْمَ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الضَّرْبُ وَشَمُّ الرَّائِحَةِ، وَالتَّخْوِيفُ (قَوْلُهُ: مُعَجَّلًا مِنْ الْعَيْنِ) أَيْ لَا مِنْ الْعُرُوضِ. ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عُشْرَ وَاجِبِ الْأُمِّ الْمَأْخُوذَ فِي الْجَنِينِ يَكُونُ حَالًّا وَلَا يَكُونُ مُنَجَّمًا كَالدِّيَةِ وَيَكُونُ ذَهَبًا، أَوْ وَرِقًا فَلَا يَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ إبِلٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ تُؤْخَذُ الْإِبِلُ مِنْ أَهْلِهَا خُمُسَ فَرَائِضَ حَالَّةً (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ) أَيْ عُشْرُ وَاجِبِ الْأُمِّ فِي مَالِ الْجَانِي أَيْ فِي الْعَمْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْخَطَإِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا) أَيْ فِدْيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْجَانِي الْمَجُوسِيِّ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ ثُلُثُهَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَسُدُسٌ وَثُلُثُ سُدُسٍ، وَالْأُمُّ دِيَتُهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ عُشْرُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ) أَيْ مِنْ زِنًا، أَوْ مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا، وَكَذَا جَنِينُهَا مِنْ سَيِّدِهَا (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ) أَيْ الْعَيْنُ وَلَا غُرَّةَ فِيهِ، لَكِنْ إنْ كَانَ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ مِنْ زِنًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ نَقْدًا. (قَوْلُهُ: أَقَلُّ سِنِّهَا سَبْعُ سِنِينَ) أَيْ، وَهِيَ سِنُّ الْأَثْغَارِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهَا مَا ذُكِرَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ التَّفْرِيقُ

عُشْرُ دِيَتِهَا (و) الْحُرَّةُ (النَّصْرَانِيَّةُ) ، أَوْ الْيَهُودِيَّةُ فَلَوْ قَالَ الذِّمِّيَّةُ كَانَ أَشْمَلَ (مِنْ) زَوْجِهَا (الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ) أَيْ الْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ مُسْلِمٌ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا، أَوْ كَانَ الْجَنِينُ مِنْ الزِّنَا فَكَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْعُشْرِ، أَوْ الْغُرَّةِ (إنْ زَايَلَهَا) أَيْ انْفَصَلَ عَنْهَا (كُلُّهُ) مَيِّتًا حَالَةَ كَوْنِهَا (حَيَّةً) فَإِنْ انْفَصَلَ كُلُّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، أَوْ بَعْضُهُ، وَهِيَ حَيَّةٌ وَبَاقِيَةٌ بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيَتَعَلَّقُ الْكَلَامُ بِأُمِّهِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْغُرَّةِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَحْيَا) أَيْ يَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِلَّةً بِأَنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا، أَوْ رَضَعَ كَثِيرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ سَوَاءٌ زَايَلَهَا حَيَّةً، أَوْ مَيِّتَةً، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ مَاتَ (فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا) أَيْ، أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْجَانِي (وَلَوْ مَاتَ) الْجَنِينُ بَعْدَ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ (عَاجِلًا) فَإِنْ لَمْ يُقْسِمُوا فَلَا غُرَّةَ كَمَا لَا دِيَةَ (وَإِنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ تَعَمَّدَ الْجَانِي الْجَنِينَ (بِضَرْبِ بَطْنٍ، أَوْ ظَهْرٍ، أَوْ رَأْسٍ) لِأُمِّهِ فَنَزَلَ مُسْتَهِلًّا، ثُمَّ مَاتَ (فَفِي الْقِصَاصِ) بِقَسَامَةٍ، أَوْ الدِّيَةِ بِقَسَامَةٍ فِي مَالِهِ لِلتَّعَمُّدِ (خِلَافٌ) الرَّاجِحُ فِي تَعَمُّدِ الْبَطْنِ، أَوْ الظَّهْرِ الْقِصَاصُ وَفِي تَعَمُّدِ الرَّأْسِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَتَعَمُّدِ ضَرْبِ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ) مِنْ عُشْرٍ، أَوْ غُرَّةٍ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَدِيَةٌ إنْ اسْتَهَلَّ (بِتَعَدُّدِهِ) أَيْ الْجَنِينِ (وَوَرِثَ) الْوَاجِبَ الْمَذْكُورَ (عَلَى الْفَرَائِضِ) الْمَعْلُومَةِ الشَّامِلَةِ لِلْفَرْضِ، وَالتَّعْصِيبِ (وَفِي الْجِرَاحِ) أَيْ جِرَاحِ الْخَطَإِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مُقَرَّرَةٌ، أَوْ الْعَمْدِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَعَظْمِ الصَّدْرِ وَكَسْرِ الْفَخْذِ (حُكُومَةٌ) أَيْ شَيْءٌ مَحْكُومٌ بِهِ أَيْ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ الْعَارِفُ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (بِنِسْبَةٍ) أَيْ مُصَوَّرَةٍ بِمِثْلِ نِسْبَةِ (نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ) وَقَوْلُهُ (إذَا بَرِئَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا) ، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَعْمُولُ أَنْ يَتَأَخَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عُشْرُ دِيَتِهَا) أَيْ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَا عُشْرُ وَاجِبِ الْأَمَةِ الَّتِي هِيَ أُمُّهُ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ سَيِّدِهَا بَلْ حَيْثُ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا كَالْغَارَّةِ لِلْحُرِّ وَكَأَمَةِ الْجَدِّ إذَا تَزَوَّجَهَا ابْنُ ابْنِهِ، أَوْ ابْنُ بِنْتِهِ وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَحُكْمُهَا كَذَلِكَ أَيْ فِي جَنِينِهَا عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَا عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ) أَيْ وَجَنِينُ الْحُرَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَأَوْلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ نَقْدًا، أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُسْلِمَةِ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ إذْ النَّصْرَانِيَّةُ حُرَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ جِهَةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَنِينَ الْحُرَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ حُرٌّ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ مُسْلِمٌ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِي ذَلِكَ لَا عُشْرُ وَاجِبِ أُمِّهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ زَوْجِهَا إلَخْ أَيْ عَنْ جَنِينِهَا مِنْ زِنًا وَلَوْ كَانَ الزَّانِي بِهَا مُسْلِمًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عُشْرُ وَاجِبِ أُمِّهِ لَا عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الزِّنَا مَقْطُوعُ النَّسَبِ عَنْ أَبِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنْظَرُ لِحَالِهِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِحَالِ أُمِّهِ فَقَطْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لعبق. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْغُرَّةِ) الْأَوْلَى، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ فَقَطْ، وَهُوَ عُشْرُ وَاجِبِ الْأُمِّ أَوْ الْغُرَّةُ (قَوْلُهُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلُ إلَّا انْفَصَلَ الْجَنِينُ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا، وَهِيَ حَيَّةٌ وَمَا بَعْدُ إلَّا انْفَصَلَ عَنْهَا حَيًّا، وَهِيَ حَيَّةٌ، أَوْ مَيِّتَةٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا) رُدَّ بِلَوْ قَوْلُ أَشْهَبَ بِنَفْيِ الْقَسَامَةِ مَعَ لُزُومِ الدِّيَةِ إذَا مَاتَ عَاجِلًا وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ قَائِلًا أَنَّ مَوْتَهُ بِالْفَوْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ ضَرْبِ الْجَانِي مَاتَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ لِضَعْفِهِ يُخْشَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ بِأَدْنَى الْأَسْبَابِ فَيُمْكِنُ أَنَّ مَوْتَهُ بِغَيْرِ ضَرْبِ الْجَانِي اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا غُرَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ إذَا اسْتَهَلَّ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غُرَّةٌ وَعَدَمُ الدِّيَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَسَامَةِ وَقَدْ امْتَنَعَ الْأَوْلِيَاءُ مِنْهَا وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِهِ إنْ لَمْ يَقْسِمُوا لَهُمْ الْغُرَّةَ كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ وَأَبَوْا أَنْ يَقْسِمُوا فَلَهُمْ دِيَةُ الْيَدِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ دِيَةُ الْيَدِ قَدْ تَقَرَّرَتْ بِالْقَطْعِ، وَالْجَنِينُ إذَا اسْتَهَلَّ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غُرَّةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُوجِبَ الْغُرَّةِ مَفْقُودٌ بِاسْتِهْلَالِهِ وَمُوجِبَ الدِّيَةِ فِي قَطْعِ الْيَدِ مَوْجُودٌ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ حَيًّا وَمَاتَ، فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَأَمَّا إنْ تَعَمَّدَهَا وَكَانَتْ بِضَرْبِ ظَهْرٍ، أَوْ بَطْنٍ فَنَزَلَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا قَوَدَ فِيهِ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي بِقَسَامَةٍ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَجْمُوعَةِ قَالَ وَأَلْحَقَ ابْنُ شَاسٍ ضَرْبَ الرَّأْسِ بِالظَّهْرِ، وَالْبَطْنِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الرِّجْلِ وَشِبْهِهَا وَنَصَّ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى أَنَّ ضَرْبَهَا فِي الرَّأْسِ كَضَرْبِهَا فِي الرِّجْلِ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي ضَرْبِ الْبَطْنِ، وَالظَّهْرِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَنَزَلَ مُسْتَهِلًّا، ثُمَّ مَاتَ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا نَزَلَ مَيِّتًا، فَالْغُرَّةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَتَعَمُّدِ ضَرْبِ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ بِقَسَامَةٍ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: مِنْ عُشْرٍ، أَوْ غُرَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرَى (قَوْلُهُ وَوَرِثَ عَلَى الْفَرَائِضِ) أَيْ فَلِلْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ، وَإِلَّا

عَنْ عَامِلِهِ أَيْ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ قِيمَةٌ وَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنُقْصَانٍ أَيْ نُقْصَانِهِ وَقْتَ بُرْئِهِ فَيَكُونُ وَاقِعًا فِي مَرْكَزِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنُقْصَانٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ النُّقْصَانِ مُعْتَبَرًا مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا وَعَبْدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قِيمَتِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ (فَرْضًا) تَقْدِيرًا أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُقَدَّرًا عَبْدًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّقْوِيمُ بَعْدَ بُرْئِهِ أَيْ صِحَّتِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَقَوْلُهُ (مِنْ الدِّيَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ مُلَاحَظًا فِيهِ الْمُقَدَّرُ قَبْلَهُ أَيْ مِثْلَ نِسْبَةِ النُّقْصَانِ مِنْ الدِّيَةِ فَيُقَوَّمُ بَعْدَ الْبُرْءِ عَبْدًا سَالِمًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ مَثَلًا، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي بِنِسْبَةِ ذَلِكَ، وَهُوَ عُشْرُهَا، ثُمَّ بُرْؤُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ عَوْدَهُ كَمَا كَانَ، لَكِنْ إنْ عَادَ كَمَا كَانَ فَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَإِ، فَالْحُكُومَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا بَرِئَ عَلَى شَيْءٍ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَأَمَّا مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا فَفِيهِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ بِشَيْنٍ (كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ) تُضْرَبُ عَلَى بَطْنِهَا مَثَلًا فَتُلْقِي جَنِينًا حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا فَتَنْقُصُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ أَيْ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا سَلِيمَةً وَأَمَّا الْجَنِينُ فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا وَمَاتَ فَقِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ أُمَّهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا قَوْلَهُ (إلَّا الْجَائِفَةَ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَطْنِ، وَالظَّهْرِ (وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِثْلُهُمَا الدَّامِغَةُ (و) إلَّا (الْمُوضِحَةَ) خَطَأً (فَنِصْفُ عُشْرٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي عَمْدِهَا الْقِصَاصَ (و) إلَّا (الْمُنَقِّلَةَ، وَالْهَاشِمَةَ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ (فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ خِلَافًا لِرَبِيعَةَ حَيْثُ قَالَ تَخْتَصُّ بِهَا الْأُمُّ؛ لِأَنَّهَا كَالْعِوَضِ عَنْ جُزْءٍ مِنْهَا وَخِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ لِلْأُمِّ، وَالْأَبِ عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ وَكَانَ مَالِكٌ أَوَّلًا يَقُولُ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ لِلْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُنْزِلُ لِلْجَنِينِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ الْإِخْوَةِ كَانَ كَالْقَاتِلِ فَلَا يَرِثُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ شَيْئًا وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَوَرِثَ عَلَى الْفَرَائِضِ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ أَنَّ الْجَنِينَ إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ لَا يُورَثُ عَنْهُ مَالٌ يَمْلِكُهُ، وَالْمَوْرُوثُ هُنَا عِوَضُ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ قِيمَةٌ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ أَيْ، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ وَقْتَ بُرْئِهِ أَيْ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةِ إلَخْ) أَرَادَ بِالتَّعَلُّقِ الِارْتِبَاطَ الْمَعْنَوِيَّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْهُ أَيْ بِمِثْلِ نِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَتِهِ مَأْخُوذُ ذَلِكَ الْمِثْلِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ يُؤْخَذُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ. وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ فِي الْجِرَاحِ شَيْئًا مَحْكُومًا بِهِ مُصَوَّرًا بِمِثْلِ نِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ نَاقِصًا إلَى قِيمَتِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ كَامِلًا مَأْخُوذُ ذَلِكَ الْمُمَاثِلِ لِلنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ) أَيْ سَوَاءٌ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ، أَوْ لَا، ثُمَّ إنَّ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرُ الْقَوْلَ بِأَنَّ عَلَى الْجَانِي أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الدَّوَاءِ سَوَاءٌ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أَمْ لَا مَعَ الْحُكُومَةِ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَلَيْسَ فِيهِ سِوَاهُ وَلَوْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ سِوَى مُوضِحَةِ الْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ فَيَلْزَمُ مَعَ الْقَدْرِ فِيهَا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ، وَاللَّازِمُ لِلْجَانِي الْحُكُومَةُ فِي الْأُمِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَعَ مَا نَقَصَ أُمَّهُ) أَيْ مَعَ الْحُكُومَةِ الَّتِي فِي نَقْصِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ مُنْقَطِعًا) ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَمَا بَعْدَهَا فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْجُرْحِ يَشْمَلُ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكُلُّ جُرْحٍ فِيهِ حُكُومَةٌ إلَّا الْجَائِفَةَ فَمَا قَبْلَ إلَّا عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا مِثْلَ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَمَا يَأْتِي مَا أَفَضْت لِلْجَوْفِ أَيْ دَخَلَتْ فِيهِ وَلَوْ قَدْرَ إبْرَةٍ فَمَا خَرَقَ جِلْدَةَ الْبَطْنِ وَلَمْ يَصِلْ لِلْجَوْفِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ وَمُرَادُهُ بِالظَّهْرِ، وَالْبَطْنِ مَا يَشْمَلُ الْجَنْبَ (قَوْلُهُ، وَالْآمَّةَ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً؛ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الدَّامِغَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْآمَّةَ هِيَ الَّتِي تُفْضِي لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَخْرِقْهُ، وَإِلَّا كَانَتْ دَامِغَةً (قَوْلُهُ فَثُلُثٌ) أَيْ، وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الدِّيَةَ مُخَمَّسَةٌ فِي جِرَاحَاتِ الْخَطَإِ جَزْمًا كَدِيَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ وَأَمَّا جِرَاحُ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَطَرِهِ كَالْآمَّةِ، وَالْجَائِفَةِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمُمَاثِلِ، أَوْ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً، أَوْ لِكَوْنِ الْجَانِي الْأَبَ فَإِنَّهَا تَغْلُظُ بِالتَّرْبِيعِ إنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الْأَبِ بِالتَّثْلِيثِ إنْ كَانَ الْجَانِي أَبًا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا الدَّامِغَة) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ فِيهَا حُكُومَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَكَتَ عَنْهَا عِنْدَ ذِكْرِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُوضِحَةَ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا الَّتِي تُوضِحُ عَظْمَ الرَّأْسِ، أَوْ الْجَبْهَةِ، أَوْ الْخَدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُنَقِّلَةَ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً؛ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا حَيْثُ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ مُرَادِفٌ) أَيْ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أَرَاهَا إلَّا الْمُنَقِّلَةَ

وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجِرَاحِ شَيْءٌ (وَإِنْ) بَرِئَتْ (بِشَيْنٍ) أَيْ عَلَى قُبْحٍ (فِيهِنَّ) أَيْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهَا إذَا بَرِئَتْ بِشَيْنٍ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَلَوْ أَنَّهُ بَالَغَ عَلَى نَفْيِ الشَّيْنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ النَّقْصِ لَصَحَّ أَيْضًا وَشُرِطَ أَخْذُ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ (إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى) ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا عَدَا الْجَائِفَةَ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالظَّهْرِ، أَوْ الْبَطْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالضَّمِيرُ فِي كُنَّ رَاجِعٌ لِلْمَجْمُوعِ لَا لِلْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرَّأْسِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ (وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ) لِلْحُرِّ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ فِي الْحُرِّ فَيُؤْخَذُ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَفِي جَائِفَتِهِ، أَوْ آمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَهَكَذَا (وَإِلَّا) يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ بِرَأْسٍ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى بَلْ فِي غَيْرِهِمَا كَيَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (فَلَا تَقْدِيرَ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ النِّسْبَةُ (وَتَعَدُّدُ الْوَاجِبِ) ، وَهُوَ الثُّلُثُ (بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ) مِنْ جَانِبٍ لِلْآخَرِ، أَوْ مِنْ الظَّهْرِ لِلْبَطْنِ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ (كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) بِبَعْضِهَا بَلْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ فَيَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِ كُلٍّ (وَإِلَّا) بِأَنْ اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ، أَوْ الْمُنَقِّلَتَيْنِ، أَوْ الْآمَّتَيْنِ (فَلَا) يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مُتَّسَعَةٌ إنْ حَصَلَتْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ (وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ) الْأَوْلَى، وَإِنْ بِضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ؛ إذْ الضَّرْبُ لَيْسَ ظَرْفًا لِلْفَوْرِ بَلْ بِالْعَكْسِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِضَرَبَاتٍ فِي زَمَنٍ مُتَرَاخٍ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَلَوْ اتَّصَلَتْ (وَالدِّيَةُ) الْكَامِلَةُ كَمَا تَكُونُ فِي النَّفْسِ تَكُونُ فِي ذَهَابِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا يَأْتِي فَتَجِبُ (فِي) ذَهَابِ (الْعَقْلِ، أَوْ السَّمْعِ، أَوْ الْبَصَرِ، أَوْ النُّطْقِ) ، وَهُوَ صَوْتٌ بِحُرُوفٍ (أَوْ الصَّوْتِ) الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ (أَوْ الذَّوْقِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجِرَاحِ، وَإِنْ بَرِئَتْ بِشَيْنٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْمُوضِحَةُ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَكَانَتْ فِي الْوَجْهِ، أَوْ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ مَعَ دِيَتِهَا حُكُومَةً لِمَا حَصَلَ بِالشَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لَصَحَّ أَيْضًا) أَيْ، لَكِنَّهُ اعْتَنَى بِالشَّيْنِ فَبَالَغَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْمُخَالَفَةَ لِمَا وَرَدَ وَمَا وَرَدَ لَا يُتَوَهَّمُ النَّقْصُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ، فَالتَّوَهُّمُ فِيهَا أَكْثَرُ بِدَلِيلِ وُجُودِهِ فِي الْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ، وَهِيَ الْجَائِفَةُ، وَالْآمَّةُ، وَالدَّامِغَةُ الْمُوضِحَةُ، وَالْمُنَقِّلَةُ. (قَوْلُهُ: مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا) أَيْ، وَهُوَ كُرْسِيُّ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ) بَلْ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرَّأْسِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَاشْتِرَاطُهُ فِيهَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ) أَيْ فَقَوْلُهُ إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ رَاجِعٌ لِلْآمَّةِ، وَالْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى رَاجِعٌ لِلْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ لَا لِلْآمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي غَيْرِهِمَا كَيَدٍ إلَخْ) الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِهِمَا كَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ إنَّمَا هِيَ الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةِ (قَوْلُهُ: بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَوِّمُ عَبْدًا فَرْضًا نَاقِصًا وَكَامِلًا وَيَنْظُرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ قِيمَتِهِ سَالِمًا وَمَجْرُوحًا وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لَا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ يَعْنِي مَعَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي التَّقْوِيمِ، وَالنِّسْبَةِ فَلَا تَخَالُفَ. (قَوْلُهُ: مِنْ جَانِبٍ لِلْآخَرِ) أَيْ كَأَنْ يَضْرِبَهُ فِي جَنْبِهِ فَتَنْفُذُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الظَّهْرِ لِلْبَطْنِ) أَيْ كَأَنْ يَضْرِبَهُ فِي بَطْنِهِ فَتَنْفُذُ لِظَهْرِهِ وَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ) أَيْ وَذَلِكَ ثُلُثَا دِيَةِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ) أَيْ كَمَا يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ إذَا تَعَدَّدَتْ الْمُوضِحَةُ إلَخْ فَفِي الْمُوضِحَتَيْنِ عُشْرُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَفِي الْمُنَقِّلَتَيْنِ خُمُسُهَا وَعُشْرُهَا وَفِي الْآمَّتَيْنِ ثُلُثَاهَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) أَيْ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتُ بِبَعْضِهَا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهَا، وَهُوَ نُفُوذُ الْجَائِفَةِ لِجِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاتِّصَالُ. (قَوْلُهُ: مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مَثَلًا سَالِمًا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ سَوَاءٌ انْسَلَخَ الْجِلْدُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ إلَخْ) اتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ هُوَ أَنْ يَصِلَ مَا بَيْنَهُمَا لِلْعَظْمِ حَتَّى تَصِيرَ الْمُوضِحَتَانِ شَيْئًا وَاحِدًا وَاتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْمُنَقِّلَتَيْنِ أَنْ يَطِيرَ فِرَاشُ الْعَظْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لِلدَّوَاءِ حَتَّى يَصِيرَ شَيْئًا وَاحِدًا وَاتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْآمَّتَيْنِ أَنْ يَصِلَ مَا بَيْنَ الْآمَّتَيْنِ لِأُمِّ الدِّمَاغِ حَتَّى تَصِيرَ آمَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَدَّدُ إلَخْ) ذَكَرَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ شَرْطٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ بِفَوْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِفَوْرٍ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ تَعَدُّدُهَا عَلَى وَجْهِ الِاتِّصَالِ بِفَوْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ بِالْعَكْسِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَوْرَ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى التَّتَابُعِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزَّمَنُ الْمُتَتَابِعُ فِيهِ فَلِذَا صَحَّ جَعْلُهُ ظَرْفًا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَفِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَلِإِمْكَانِ الْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذُكِرَ قَالَ الشَّارِحُ الْأَوْلَى وَلَمْ يَقُلْ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) أَيْ فَلِكُلِّ جُرْحٍ دِيَتُهُ. وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجُرْحِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ الْجِرَاحَاتُ، أَوْ اتَّصَلَتْ وَكَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي لَا إنْ اتَّصَلَتْ وَكَانَتْ فِي فَوْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ بِضَرْبَةٍ، أَوْ ضَرَبَاتٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّوْتِ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ) أَيْ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا صَوْتٌ

وَهُوَ مَعْنًى فِي اللِّسَانِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الشَّمُّ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ اللَّمْسُ، وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ عَلَى سَطْحِ الْبَدَنِ يُدْرَكُ بِهِ الْحَرَارَةُ، وَالْبُرُودَةُ، وَالنُّعُومَةُ، وَالْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا عِنْدَ الْمُمَاسَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْحُكُومَةُ وَقِيَاسُهُ عَلَى الذَّوْقِ مَثَلًا ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِإِنْسَانٍ فِعْلًا مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَالْمُرَادُ ذَهَابُ الْمَنْفَعَةِ بِتَمَامِهَا فَلَوْ ذَهَبَ الْبَعْضُ فَعَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ وَلَوْ، أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَعَلَيْهِ وَاجِبُ كُلٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ فَقَطْ (أَوْ) ذَهَابُ (قُوَّةِ الْجِمَاعِ) بِأَنْ أَفْسَدَ إنْعَاظَهُ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ دِيَةُ الصُّلْبِ، وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ فَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَأَبْطَلَهُ وَأَبْطَلَ جِمَاعَهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ (أَوْ) ذَهَابُ نَسْلِهِ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا أَفْسَدَ مَنِيَّهُ، فَالدِّيَةُ (أَوْ) فِي حُصُولِ (تَجْذِيمِهِ) ، أَوْ تَبْرِيصِهِ (أَوْ تَسْوِيدِهِ) ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ فَإِنْ جَذَّمَهُ وَسَوَّدَهُ فَدِيَتَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ قِيَامُهُ وَجُلُوسُهُ) مَعًا بِدَلِيلِ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ، وَكَذَا فِي ذَهَابِ قِيَامِهِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا ذَهَابُ جُلُوسِهِ فَقَطْ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى تَعْطِيلِ الْمَنَافِعِ ذَكَرَ الذَّوَاتِ فَقَالَ (أَوْ) (الْأُذُنَيْنِ) فَفِي قَطْعِهِمَا الدِّيَةُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً إذَا لَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ (أَوْ الشَّوَى) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ جِلْدُ الرَّأْسِ جَمْعُ شَوَاةٍ، وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ فَإِنْ أَذْهَبَ بَعْضَهَا فَبِحِسَابِهِ (أَوْ) (الْعَيْنَيْنِ) الْبَاصِرَتَيْنِ أَيْ فِي قَلْعِهِمَا، أَوْ طَمْسِهِمَا بِأَنْ أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ الدِّيَةُ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ الْبَصَرُ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ فِيمَا تَقَدَّمَ مُجَرَّدُ الْبَصَرِ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ، وَهُنَا طُمِسَتْ الْحَدَقَةُ مَعَ ذَهَابِ الْبَصَرِ، أَوْ قُلِعَتْ وَأُتِيَ بِهِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (أَوْ) (عَيْنِ الْأَعْوَرِ) الْبَاصِرَةِ إذَا تَلِفَتْ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَطْ كَالْأَخْرَسِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَعْنًى فِي اللِّسَانِ) أَيْ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرَكُ بِهَا الطُّعُومُ بِمُخَالَطَةِ الرُّطُوبَةِ اللُّعَابِيَّةِ الَّتِي فِي الْفَمِ وَوُصُولِهَا لِلْعَصَبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) هَذَا رَدٌّ عَلَى عبق الْقَائِلِ إنَّ فِيهِ حُكُومَةً وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَإِطْعَامٍ، أَوْ سَقْيٍ، أَوْ جُرْحٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ: عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) اعْلَمْ أَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ فِي ذَهَابِ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ الْخَطَإِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْفِعْلُ عَمْدًا فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَاللَّطْمَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَيُّلُ عَلَى ذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِلَّا تُحُيِّلَ عَلَى ذَهَابِهَا كَمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَ ذَهَابُ الْمَنْفَعَةِ بِفِعْلٍ فِيهِ الْقِصَاصُ كَجُرْحٍ اقْتَصَّ مِثْلُهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنْ زَالَ الْمَعْنَى مِنْهُ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ دِيَةَ مَا ذَهَبَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْعَقْلِ وَمَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ) أَيْ فَإِذَا ضَرَبَهُ فَصَارَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا مَعَ لَيْلَتِهِ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ صَارَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا فَقَطْ، أَوْ لَيْلَةً فَقَطْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يُرَاعِي طُولَ النَّهَارِ وَلَا قِصَرَهُ وَلَا طُولَ اللَّيْلِ وَلَا قِصَرَهُ حَيْثُ كَانَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ، أَوْ فِي النَّهَارِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ الطَّوِيلَ، وَالنَّهَارَ الْقَصِيرَ لَمَّا عَادَ لَهُمَا مَا يَأْتِي فِي لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ صَارَ أَمْرُ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ مُتَسَاوِيًا (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ وَاجِبُ كُلٍّ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ لِلْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْعَقْلِ الْقَلْبُ لَا الرَّأْسُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْعَقْلِ الرَّأْسُ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ فَقَطْ أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَفْسَدَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا فَأَفْسَدَ إنْعَاظَهُ أَيْ انْتِصَابَ ذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ) أَيْ فِي إبْطَالِ قُوَّةِ الْجِمَاعِ أَيْ لَا تَنْدَرِجُ فِي دِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ الَّتِي فَسَدَتْ مُنْدَرِجَةً فِيهِ أَيْ فِي الصُّلْبِ الَّذِي أَفْسَدَهُ (قَوْلُهُ أَفْسَدَ مَنِيَّهُ) أَيْ بِحَيْثُ صَارَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ نَسْلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي حُصُولِ تَجْذِيمِهِ) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَجْذِيمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسْوِيدِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ السَّوَادُ، أَوْ الْبَرَصُ جِسْمَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ كُلٍّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي ذَلِكَ حُكُومَةً (قَوْلُهُ: فَفِي قَطْعِهِمَا الدِّيَةُ) أَيْ فَفِي مُجَرَّدِ قَطْعِهِمَا بِدُونِ ذَهَابِ سَمْعٍ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً) أَيْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي مُجَرَّدِ قَطْعِهِمَا فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ) أَيْ، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ الشَّوَى) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا أَذْهَبَ بِهِ جِلْدَ رَأْسِهِ بِتَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَأَمَّا إنْ أَذْهَبَ بَعْضَهَا فَعَلَيْهِ بِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ جِلْدُ الرَّأْسِ) بِتَمَامِهِ وَقَوْلُهُ جِلْدَةُ الرَّأْسِ أَيْ الْقِطْعَةُ مِنْ جِلْدِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَلْعِهِمَا) أَيْ إخْرَاجِهِمَا مِنْ مَحَلِّهِمَا وَتَصْيِيرِهِمَا بَارِزَتَيْنِ كَالزِّرِّ وَقَوْلُهُ، أَوْ طَمْسِهِمَا أَيْ فَقْئِهِمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ) أَيْ بِفَقْئِهَا، وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلطَّمْسِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِيهِمَا) أَيْ فِي طَمْسِ الْحَدَقَةِ وَذَهَابِ الْبَصَرِ دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ أَيْ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ فَقَطْ

(لِلسُّنَّةِ) فَقَدْ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرَ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ (بِخِلَافِ) (كُلِّ زَوْجٍ) كَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْأُذُنَيْنِ، وَالشَّفَتَيْنِ (فَإِنْ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْوَاجِبِ فِي الزَّوْجِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا ذَلِكَ الْأَحَدُ لِذَهَابِ الْآخَرِ قَبْلَهُ. (و) الدِّيَةُ (فِي) قَطْعِ (الْيَدَيْنِ) مِنْ الْكُوعَيْنِ، أَوْ مِنْ السَّاعِدَيْنِ (و) فِي (الرِّجْلَيْنِ) وَلَوْ مِنْ آخِرِ الْفَخْذِ وَفِي الشَّفَتَيْنِ (و) فِي (مَارِنُ الْأَنْفِ) ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ دُونَ الْعَظْمِ (و) فِي قَطْعِ (الْحَشَفَةِ وَفِي) قَطْعِ (بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا) أَيْ الدِّيَةِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ فَيُقَاسُ مِمَّا فِيهِ الدِّيَةُ مِنْهُمَا (لَا) يُقَاسُ (مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ مِنْ أَصْلِ الْمَارِنِ، أَوْ الْحَشَفَةِ وَأَصْلُ الْأَوَّلِ الْأَنْفُ، وَالثَّانِي الذَّكَرُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لَا إلَى أَصْلِهِ (وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ سَلِّهِمَا، أَوْ قَطْعِهِمَا، أَوْ رَضِّهِمَا فَلَوْ قَطَعَهُمَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ (وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ قَوْلَانِ) بِالدِّيَةِ، وَالْحُكُومَةِ، وَالرَّاجِحُ الدِّيَةُ. (و) الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ (فِي شُفْرَيْ الْمَرْأَةِ إنْ بَدَا الْعَظْمُ) مِنْ فَرْجِهَا، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ وَفِي أَحَدِهِمَا إنْ بَدَا الْعَظْمُ نِصْفُهَا، وَالشُّفْرَانِ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ اللَّحْمَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْفَرْجِ الْمُغَطِّيَانِ لَهُ (وَفِي ثَدْيَيْهَا) بَطَلَ اللَّبَنُ أَمْ لَا (أَوْ حَلَمَتَيْهِمَا) أَيْ الثَّدْيَيْنِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَلَمَتِهَا بِالْإِفْرَادِ أَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ (إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ) ، أَوْ فَسَدَ، وَكَذَا إنْ بَطَلَ، أَوْ فَسَدَ بِغَيْرِ قَطْعٍ فَإِنْ عَادَ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ (وَاِسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرَةِ) الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ إذَا قُطِعَ ثَدْيَاهَا، أَوْ حَلَمَتُهُمَا لِتُخْتَبَرَ هَلْ بَطَلَ لَبَنُهَا أَمْ لَا. (و) اُسْتُؤْنِيَ فِي قَلْعِ (سِنِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَمْ تَسْقُطْ رَوَاضِعُهُ (لِلْإِيَاسِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِلسُّنَّةِ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ظَاهِرَ السُّنَّةِ مَعَ الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنَ صَحِيحٍ، أَوْ أَعْوَرَ لِعُمُومِ مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ ذَكَرَ لَهُ فِيهِ أَنَّ فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ، وَالصَّحِيحِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَ الصَّحَابَةِ خَصَّصَ عُمُومَ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ) فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ دَخَلَ فِي هَذَا الْأُنْثَيَانِ أَيْضًا كَمَا دَخَلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ سَوَاءٌ قَطَعَهَا، أَوْ سَلَّهَا، أَوْ رَضَّهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ، وَالْوَاحِدِ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْعَيْنَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ فِي مُعْظَمِ الْغَرَضِ بِخِلَافِ إحْدَى الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ مَثَلًا فَلِذَا أَلْزَمَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةً كَامِلَةً وَفِي الْوَاحِدِ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ نِصْفُهَا وَأَيْضًا عَيْنُ الْأَعْوَرِ وَرَدَّتْ السُّنَّةُ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ آخِرِ الْفَخْذِ) أَيْ هَذَا إذَا قَطَعَهُمَا مِنْ الْكَعْبَيْنِ، أَوْ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ بَلْ وَلَوْ قَطَعَهُمَا مِنْ آخِرِ الْفَخْذَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَارِنِ الْأَنْفِ) أَيْ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةً فِي مَارِنُ الْأَنْفِ وَفِي الْحَشَفَةِ أَيْ، وَهِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ وَفِي قَطْعِ مَا بَقِيَ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ فَلَوْ قَطَعَ الْأَنْفَ، أَوْ الذَّكَرَ مِنْ أَصْلِهِ ابْتِدَاءً فَدِيَةٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَيُقَاسُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ مِمَّا فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: لَا يُقَاسُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْمَقْطُوعُ أَيْ لَا يُنْسَبُ ذَلِكَ الْبَعْضُ لِأَصْلِ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ لِنَفْسِ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَهُمَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ) أَيْ سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا فِي مَرَّتَيْنِ، أَوْ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، وَهَذَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحُرٍّ فَإِنْ فَعَلَهُ بِعَبْدٍ أُدِّبَ فِي الْعَمْدِ وَلَا غُرْمَ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ فَإِنْ نَقَصَهُ غَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ) ، وَهُوَ مَنْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ بِهِ جِمَاعٌ لِصِغَرِهِ، أَوْ لِعَدَمِ إنْعَاظِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ عِلَّةٍ عَنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ قَوْلَانِ أَيْ لِمَالِكٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِلذَّكَرِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي حَالَةٍ وَتَخْتَلِفُ فِي اثْنَتَيْنِ، فَالثَّلَاثَةُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ قَطْعُهُ جُمْلَةً، أَوْ قَطْعُ الْحَشَفَةِ وَحْدَهَا، أَوْ أَبْطَلَ النَّسْلَ مِنْهُ بِطَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ الْإِنْعَاظَ وَتَسْقُطُ الدِّيَةُ إذَا قُطِعَ بَعْدَ قَطْعِ الْحَشَفَةِ وَفِيهِ حُكُومَةٌ وَيَخْتَلِفُ إذَا قُطِعَ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ النَّسْلُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ، أَوْ عَاجِزٌ عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ لِصِغَرِ ذَكَرِهِ، أَوْ لِعِلَّةٍ كَالشَّيْخِ الْفَانِي فَقِيلَ دِيَةٌ وَقِيلَ حُكُومَةٌ، وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ، وَالرَّاجِحُ الدِّيَةُ) أَيْ وَأَمَّا ذَكَرُ الْمُعْتَرِضِ عَنْ بَعْضِ النِّسَاءِ فَفِيهِ الدِّيَةُ اتِّفَاقًا وَفِي ذَكَرِ الْخُنَثِي الْمُشْكِلِ نِصْفُ دِيَةٍ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ ذُكُورِيَّتِهِ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَعَلَى احْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ هُنَا مَا يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ لِهَذَا الْعَدَاءِ لَا مَا سَبَقَ فِي تَقْوِيمِهِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ ذَكَرِ الْمَرْأَةِ لَا يُنْقِصُهَا (قَوْلُهُ: وَفِي ثَدْيَيْهَا) أَيْ وَفِي قَطْعِ ثَدْيَيْهَا أَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ وَأَمَّا قَطْعُ ثَدْي الرَّجُلِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لَا دِيَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ) أَيْ بِأَنْ انْقَطَعَ وَقَوْلُهُ، أَوْ فَسَدَ أَيْ بِأَنْ صَارَ دَمًا، وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ فَإِنْ قَطَعَهُمَا وَلَمْ يَبْطُلْ اللَّبَنُ وَلَمْ يَفْسُدْ فَحُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ بَطَلَ) أَيْ، وَكَذَا تَلْزَمُ الدِّيَةُ كَامِلَةً إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ، أَوْ فَسَدَ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لِلْحَلَمَتَيْنِ وَلَا لِغَيْرِهِمَا وَحِينَئِذٍ، فَالدِّيَةُ لِلَّبَنِ لَا لِقَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ فَمِنْ ثَمَّ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ فِي قَطْعِ حَلَمَتَيْ الْعَجُوزِ حُكُومَةً كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ) أَيْ اللَّبَنُ لِحَالِهِ بَعْدَ فَسَادِهِ، أَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِ اللَّبَنِ، أَوْ إفْسَادِهِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لِلْحَلَمَتَيْنِ (قَوْلُهُ: إذَا قُطِعَ ثَدْيَاهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي قَطْعِ الثَّدْيَيْنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَطَلَ اللَّبَنُ، أَوْ فَسَدَ أَوَّلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِينَاءٍ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَطْعِ

فِي الْخَطَإِ (كَالْقَوَدِ) فِي الْعَمْدِ فَإِنْ نَبَتَتْ فَلَا كَلَامَ (وَإِلَّا) تَنْبُتُ (اُنْتُظِرَ) بِالْعَقْلِ، أَوْ الْقَوَدِ (سَنَةً) كَامِلَةً فَقَوْلُهُ، وَإِلَّا شُرِطَ فِي مُقَدَّرٍ تَقْدِيرَهُ فَإِنْ نَبَتَتْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ، وَالْمَعْنَى إنْ حَصَلَ يَأْسٌ قَبْلَ السَّنَةِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا، وَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ قَبْلَ الْإِيَاسِ اُنْتُظِرَ الْإِيَاسُ فَيُنْتَظَرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إيَاسٌ اُنْتُظِرَ سَنَةً لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ يَحْصُلْ إيَاسٌ اُنْتُظِرَ الْإِيَاسُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِيَاسِ وَتَمَامِ السَّنَةِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي؛ إذْ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ. (وَسَقَطَا) أَيْ الْقِصَاصُ، وَالدِّيَةُ (إنْ عَادَتْ) سِنُّ الصَّغِيرِ لِهَيْئَتِهَا قَبْلَ قَلْعِهَا (وَوَرِثَا إنْ مَاتَ) أَيْ إنْ مَاتَ الصَّغِيرُ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَالْيَأْسِ أَيْ فَوَرَثَتُهُ يَسْتَحِقُّونَ مَالَهُ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ دِيَةٍ (وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ) مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ (بِحِسَابِهَا) فَإِنْ نَقَصَ نِصْفُهَا فَنِصْفُ دِيَتِهَا كَمَا فِي نَقْصِ السَّمْعِ وَلَا يُقَوَّمُ عَبْدًا سَلِيمًا وَمَعِيبًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُكُومَةِ وَلَمَّا كَانَ لِزَوَالِ مَا فِيهِ الدِّيَةُ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا زَوَالُ الْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَجُرِّبَ الْعَقْلُ) الْمَشْكُوكُ فِي زَوَالِهِ (بِالْخَلَوَاتِ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الْخَلَوَاتِ وَيُتَجَسَّسُ عَلَيْهِ فِيهَا هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ، أَوْ غَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّا نَجْلِسُ مَعَهُ فِيهَا وَنُحَادِثُهُ وَنُسَايِرُهُ فِي الْكَلَامِ حَتَّى نَعْلَمَ خِطَابَهُ وَجَوَابَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالْجِنَايَةِ عُمِلَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَكُّوا أَنَقَصَ الرُّبُعُ، أَوْ الثُّلُثُ حُمِلَ فِي الْعَمْدِ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَفِي الْخَطَإِ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا نُكَلَّفُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُدَّعِي هُنَا هُوَ وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ. (و) جُرِّبَ (السَّمْعُ) أَيْ اُخْتُبِرَ نُقْصَانُهُ حَيْثُ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ النَّقْصَ مِنْ إحْدَى أُذُنَيْهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (بِأَنْ يُصَاحَ) مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ (مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ) يَعْنِي مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَوَجْهُ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ فِي كُلِّ جِهَةٍ (مَعَ سَدِّ) الْأُذُنِ (الصَّحِيحَةِ) سَدًّا مُحْكَمًا وَيَكُونُ النِّدَاءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ، ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ أَيْ يُصَاحُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ أَيْ يُصَاحُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى لَا يَسْمَعَ، ثُمَّ تُفْتَحُ الصَّحِيحَةُ وَتُسَدُّ الْأُخْرَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَلَمَتَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا قَطَعَ حَلَمَةَ ثَدْيَيْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَسْتَأْنِي فِي قَطْعِ حَلَمَتَيْ الصَّغِيرَةِ بِأَخْذِ الدِّيَةِ إلَى الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِ اللَّبَنِ فَإِنْ حَصَلَ اللَّبَنُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِينَاءِ، فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ عَدَمُ الدِّيَةِ لُزُومُ الْحُكُومَةِ، وَإِلَّا أُخِذَتْ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: فِي الْخَطَإِ كَالْقَوَدِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ بِأَخْذِ الدِّيَةِ وَفِي الْخَطَإِ كَالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَاِسْتُؤْنِيَ فِي قَلْعِ سِنِّ الصَّغِيرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ سِنَّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَثْغَرْ إذَا قُلِعَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِأَخْذِ دِيَتِهَا فِي الْخَطَإِ وَبِالْقِصَاصِ لَهَا فِي الْعَمْدِ لِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، وَهُمَا الْيَأْسُ مِنْ عَوْدِهَا، وَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمِ قَلْعِهَا فَكُلُّ مَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى لَهُ فَإِذَا حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ عَوْدِهَا قَبْلَ السَّنَةِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا، وَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ بَعْدَ قَلْعِهَا قَبْلَ الْيَأْسِ مِنْ عَوْدِهَا اُنْتُظِرَ الْيَأْسُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاِسْتُؤْنِيَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ لِلْيَأْسِ أَيْ إلَى أَنْ يَحْصُلَ يَأْسٌ مِنْ عَوْدِهَا فَائِتٌ نَبَتَتْ فِي مُدَّةِ الِاسْتِينَاءِ قَبْلَ الْيَأْسِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ حَصَلَ الْيَأْسُ وَلَمْ تَنْبُتْ اُنْتُظِرَ تَمَامُ سَنَةٍ مِنْ حِينِ قَلْعِهَا إذَا حَصَلَ الْيَأْسُ قَبْلَ السَّنَةِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: شَرْط فِي مُقَدَّرٍ إلَخْ) الْأَوْلَى مُقَابِلُ لِمُقَدَّرٍ هَذَا، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ أَنَّ الْمَعْنَى وَاِسْتُؤْنِيَ فِي قَلْعِ سِنِّ صَغِيرٍ لَمْ يَثْغَرْ لِلْإِيَاسِ أَيْ لِلسِّنِّ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ، وَإِلَّا بِأَنْ جَاوَزَ السِّنَّ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ وَلَمْ تَنْقَضِ سَنَةٌ اُنْتُظِرَتْ بَقِيَّةُ السَّنَةِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ، وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: فَيُنْتَظَرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) أَيْ وَتُجْعَلُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ حَالَ الِانْتِظَارِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مَأْمُونًا كَمَا فِي بْن عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ) أَيْ الصَّغِيرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَلْعِ سِنَّةٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي) أَيْ إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مُخْطِئًا فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ وَوَرِثَا) أَيْ الْقَوَدَ، وَالدِّيَةَ إنْ مَاتَ أَيْ الصَّغِيرُ قَبْلَ نَبَاتِ سِنَّةٍ وَبَعْدَ تَمَامِ السِّنَّةِ، وَالْيَأْسِ. (قَوْلُهُ وَفِي عَوْدِ السِّنِّ) أَيْ سِنِّ الصَّغِيرِ الَّتِي قُلِعَتْ قَبْلَ إثْغَارِهِ (قَوْلُهُ أَصْغَرَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا عَادَتْ أَكْبَرَ مِمَّا كَانَتْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهَا حُكُومَةً قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: وَجُرِّبَ الْعَقْلُ) أَيْ الْمُدَّعَى زَوَالُهُ بِجِنَايَةٍ مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ أَيْ جَرَّبَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاسْتِغْفَالِهِ فِي خَلَوَاتِهِ بِأَنْ يَتَجَسَّسَ عَلَيْهِ فِيهَا وَيَنْظُرَ هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ، أَوْ أَفْعَالَ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: الْمَشْكُوكُ فِي زَوَالِهِ) أَيْ بِجِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: مَا نَقَصَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ عَقْلِهِ مِنْ كَوْنِهِ نِصْفَهُ، أَوْ رُبْعَهُ، أَوْ زَالَ كُلُّهُ. (قَوْلُهُ عَلَى الثَّانِي) أَيْ عَلَى الْأَكْثَرِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ، وَهُوَ الْأَقَلُّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُدَّعِي هُنَا) أَيْ بِزَوَالِ عَقْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ أَبُوهُ، أَوْ وَصِيُّهُ، أَوْ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي لِلنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَيْ كَوَلِيِّ أَبِيهِ إذَا كَانَ أَبُوهُ سَفِيهًا (قَوْلُهُ) : (وَجَرَّبَ السَّمْعَ) أَيْ الْمُدَّعَى زَوَالُ بَعْضِهِ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ مَعَ الشَّكّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ. (قَوْلُهُ مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الرِّيحُ غَيْرَ سَاكِنٍ صِيحَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا الرِّيحُ سَاكِنٌ وَأُخِّرَتْ الْأُخْرَى إلَى أَنْ يَسْكُنَ (قَوْلُهُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ) أَيْ، وَهِيَ الْمَشْرِقُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْجَنُوبُ، وَالشِّمَالُ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ جِهَةٍ) أَيْ مِنْ تِلْكَ

وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ) الْكَائِنِ فِي الصَّحِيحَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ النِّسْبَةُ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْجِنَايَةُ فِي إحْدَى الْأُذُنَيْنِ بَلْ فِيهِمَا مَعًا وَلَكِنْ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا، أَوْ كَانَتْ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى إحْدَاهُمَا، وَالثَّانِيَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً قَبْلَ ذَلِكَ (فَسَمْعٌ وَسَطٌ) يُعْتَبَرُ وَيُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَيْ يُعْتَبَرُ سَمْعٌ وَسَطٌ لَا فِي غَايَةِ الْحِدَّةِ وَلَا الثِّقَلِ مِنْ رَجُلٍ مِثْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي السِّنِّ، وَالْمِزَاجِ فَيُوقَفُ فِي مَكَان وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يُعْلَمَ انْتِهَاءُ سَمَاعِهِ، ثُمَّ يُوقَفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي مَكَانِهِ فَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِهِ عَنْ سَمْعِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ سَمْعُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ قُوَّةٍ، أَوْ ضَعْفٍ بِلَا اعْتِبَارِ سَمْعٍ وَسَطٍ فَقَوْلُهُ. (وَلَهُ نِسْبَتُهُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَتْ أُذُنُهُ الْأُخْرَى صَحِيحَةً، أَوْ بِنِسْبَةِ سَمْعٍ وَسَطٍ إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُخْرَى صَحِيحَةً، لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ (إنْ حَلَفَ) عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ أَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا انْتَهَى سَمْعُهُ إلَيْهِ، وَالثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ) فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيِّنًا (وَإِلَّا) يَحْلِفْ، أَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةٍ قَدْرَ مِيلٍ وَمِنْ الْأُخْرَى نِصْفِ مِيلٍ (فَهَدَرٌ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ (و) جُرِّبَ (الْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ) الْعَيْنِ (الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا مَرَّ فِي تَجْرِبَةِ السَّمْعِ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ، ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَيُنْظَرُ انْتِهَاءُ مَا أَبْصَرَتْ الصَّحِيحَةُ وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا وَفِيهِمَا بَقِيَّةٌ اُعْتُبِرَ بَصَرٌ وَسَطٌ وَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ (و) جُرِّبَ (الشَّمُّ) الْمُدَّعِي زَوَالَهُ (بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ) أَيْ مُنَفِّرَةٍ لِلطَّبْعِ كَرَائِحَةِ جِيفَةٍ وَأُمِرَ بِالْمُكْثِ عِنْدَهَا مِقْدَارَ كَذَا مِنْ الزَّمَنِ لِيُعْلَمَ حَالُهُ؛ إذْ الْمُتَّصِفُ بِالشَّمِّ لَا يَكَادُ يَصْبِرُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ عِنْدَهَا فَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ. (و) جُرِّبَ (النُّطْقُ بِالْكَلَامِ) مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (اجْتِهَادًا) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَيْ يَرْجِعُ إلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاجْتِهَادِهِمْ فِيمَا نَقَصَ مِنْهُ مِنْ ثُلُثٍ، أَوْ رُبُعٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ شَكُّوا، أَوْ اخْتَلَفُوا فِيمَا نَقَصَ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ (وَيَقُولُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ، ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ، أَوْ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى لَا يَسْمَعَ وَقَوْلُهُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ أَيْ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ النِّسْبَةُ) أَيْ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ نِصْفَ سَمْعِ الصَّحِيحَةِ أَعْطَى رُبْعَ دِيَةٍ كَامِلَةٍ، وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ ثُلُثَ سَمْعِ الصَّحِيحَةِ أَعْطَى سُدُسَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ فِيهِمَا) أَيْ، لَكِنْ بَقِيَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ مِنْ السَّمْعِ، أَوْ بَقِيَ فِي إحْدَاهُمَا بَقِيَّةٌ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُجَرِّبُ بِالْأَصْوَاتِ الْقَوِيَّةِ كَالْبُوقِ، وَالطَّبْلِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِغَفْلَةٍ فَإِنْ انْزَعَجَ فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِلَّا صُدِّقَ. (قَوْلُهُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ الْجِنَايَةِ بَلْ كَانَتْ مَعْدُومَةً، أَوْ ضَعِيفَةً (قَوْلُهُ: وَيُصَاحُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِسَمْعٍ وَسَطٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا عَلِمَ) أَيْ فَيُعْطِي مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ لِمَا عَلِمَ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ) أَيْ، لَكِنَّ إعْطَاءَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ، أَوْ بِنِسْبَةِ سَمْعٍ وَسَطٍ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَى إلَخْ) هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ تُهْمَةٍ فَلَا تُرَدُّ عَلَى الْجَانِي إذَا نَكَلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ يَمِينَ تُهْمَةٍ؛ لِأَنَّ الْجَانِي لَمْ يُحَقِّقْ كَذِبَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَّهِمُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيِّنًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَصْلًا، أَوْ اخْتَلَفَ اخْتِلَافًا مُتَقَارِبًا. (قَوْلُهُ: وَجَرَّبَ الْبَصَرَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ بَعْضِهِ مِنْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ مِنْ إحْدَاهُمَا، أَوْ مِنْهُمَا مَعًا اُخْتُبِرَ بِالْأَشِعَّةِ الَّتِي لَا ثَبَاتَ لِلْبَصَرِ مَعَهَا، أَوْ يُشَارُ إلَى عَيْنِهِ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ) أَيْ وَيَنْظُرُ إلَى انْتِهَاءِ مَا أَبْصَرَتْ بِهِ الْمُصَابَةُ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ (قَوْلُهُ وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ) أَيْ بَيْنَ مَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُ الْمُصَابَةِ وَمَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُ الصَّحِيحَةِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُعْطِي مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: الْمُدَّعِي زَوَالَهُ) أَيْ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ لَا يَكَادُ يَصْبِرُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ صَبَرَ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ، وَإِلَّا كَانَ كَاذِبًا. (قَوْلُهُ: وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ) فَإِذَا قَالَ أَشُمُّ لِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ فَقَدْ صُدِّقَ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارٍ بِمَشْمُومٍ حَادِّ الرَّائِحَةِ وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ فَإِذَا كَانَ مِنْ مَسَافَةِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا أُعْطِيَ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَهَكَذَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُمْتَحَنْ هُنَا بِمِثْلِ مَا مَرَّ فِي الْبَصَرِ، وَالسَّمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ سَدُّ الْجُزْءِ الْبَاقِي مِنْ الشَّمِّ حَتَّى يُخْتَبَرَ مَا ذَهَبَ مِنْ الشَّمِّ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَلِشِدَّةِ تَفْرِيقِ الرِّيحِ لِلرَّائِحَةِ فَلَيْسَتْ كَالصَّوْتِ، وَالْأَجْرَامِ الْمُبْصِرَةِ. (قَوْلُهُ: وَجَرَّبَ النُّطْقَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ بَعْضِهِ بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثُلُثٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ يَقْرَأُ رُبُعَ الْقُرْآنِ مُرَتَّلًا فِي سَاعَةٍ وَبَعْدَهَا صَارَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى قِرَاءَةِ ثُمُنِهِ مُرَتَّلًا فِي السَّاعَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكُّوا) أَيْ فِي أَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ رُبُعُ نُطْقِهِ، أَوْ ثُلُثُهُ وَقَوْلُهُ، أَوْ اخْتَلَفُوا أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ ثُلُثُ نُطْقِهِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الذَّاهِبَ رُبُعُهُ وَقَوْلُهُ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ أَيْ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْكَثِيرِ

وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (و) جُرِّبَ (الذَّوْقُ بِالْمَقِرِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ بِالشَّيْءِ الْمُرِّ الَّذِي لَا صَبْرَ عَلَيْهِ عَادَةً. (وَصُدِّقَ) بَالِغٌ (مُدَّعٍ ذَهَابَ الْجَمِيعِ) مِمَّا مَرَّ (بِيَمِينٍ) فَمَنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ سَمْعِهِ، أَوْ جَمِيعِ بَصَرِهِ، أَوْ جَمِيعِ شَمِّهِ وَلَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ بِمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ وَرِجْلٍ وَنَحْوِهِمَا) كَيَدٍ (خِلْقَةً) ، أَوْ لِكِبَرٍ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ (كَغَيْرِهِ) مِنْ الْقَوِيِّ فِي الْقِصَاصِ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَفِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً إلَخْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى الْخَطَإِ وَذَلِكَ عَلَى الْعَمْدِ كَمَا حُمِلَ قَوْلُهُ وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدَّيْهِمَا عَلَى الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ. (وَكَذَا) الْعَيْنُ، أَوْ الرِّجْلُ (الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا) خَطَأً قَبْلَ ذَلِكَ، فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْقَوَدِ، وَالْعَقْلِ كَامِلًا (إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا) فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى (عَقْلًا) فَإِنْ كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا، ثُمَّ حَصَلَ لَهَا جِنَايَةٌ ثَانِيَةٌ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ دِيَتِهَا إلَّا بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَأَمَّا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً وَمِنْ كِبَرٍ، أَوْ لِجُدَرِيٍّ، أَوْ لِكَرَمْيَةٍ، فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ، وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ فَبِحِسَابِهِ بِمَا هُنَا أَيْ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا. وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا أَيْ لَمْ يَجِبْ لَهَا عَقْلٌ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا لَا عَقْلَ لَهُ فَإِنْ وَجَبَ فَبِحِسَابِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِلْجَانِي (و) الدِّيَةُ كَامِلَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيُعْطِي ثُلُثَ الدِّيَةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِالْأَحْوَطِ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَقَلِّ كَالرُّبُعِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَجَرَّبَ الذَّوْقَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ كُلِّهِ بِالْجِنَايَةِ مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَنُسِبَ لِذَوْقٍ وَسَطٍ مِثْلَ مَا مَرَّ فِي الشَّمِّ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالشَّيْءِ الْمُرِّ الَّذِي لَا صَبْرَ عَلَيْهِ عَادَةً) أَيْ كَالْحَنْظَلِ، وَالصَّبْرِ فَإِذَا أَكَلَ الْحَنْظَلَ وَنَحْوَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ تَأَثُّرٌ صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْكَذِبِ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ السَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَالشَّمِّ وَلَا يَشْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْعَقْلَ؛ لِأَنَّ مَنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَا دَعْوَى لَهُ. فَإِنْ قُلْت يُرَادُ بِالْمُدَّعِي مَا يَشْمَلُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَوَلِيَّهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَقْلِ. قُلْت وَلِيُّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا يُحَلَّفُ الشَّخْصُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ اخْتِبَارُهُ بِمَا تَقَدَّمَ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ ذَهَابَ السَّمْعِ كُلِّهِ يُخْتَبَرُ بِالْأَصْوَاتِ الْمُزْعِجَةِ عَلَى غَفْلَةٍ كَالْبُوقِ، وَالطَّبْلِ وَذَهَابُ الْبَصَرِ كُلِّهِ يُخْتَبَرُ بِالْأَشِعَّةِ الَّتِي لَا ثَبَاتَ لِلْبَصَرِ مَعَهَا وَذَهَابُ جَمِيعِ الشَّمِّ يُخْتَبَرُ بِالرَّائِحَةِ الْحَادَّةِ، وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ فَلَمْ يَتَقَدَّمَا لَا لَلْمُصَنِّفِ وَلَا لِلشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالضَّعِيفُ) أَيْ، وَالْعُضْوُ الضَّعِيفُ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ نَفْعِهِ حَالَةَ كَوْنِ ضَعْفِهِ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ بَلْ خِلْقَةً (قَوْلُهُ: فِي الْقَاصِّ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا وَقَوْلُهُ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ أَيْ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ خَطَأً، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْعُضْوَ الضَّعِيفَ بِكَوْنِهِ لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ نَفْعِهِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ جُلُّ نَفْعِهِ لَيْسَ فِيهِ الدِّيَةُ إلَّا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ) أَيْ وَمَا هُنَا عَلَى الْأَطْرَافِ (قَوْلُهُ: الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا خَطَأً) أَيْ جِنَايَةً لَمْ تُذْهِبْ جُلَّ مَنْفَعَتِهَا وَقَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْ قَبْلَ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْقَوَدِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّالِثَةُ عَمْدًا وَقَوْلُهُ، وَالْعَقْلُ كَامِلًا أَيْ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ خَطَأً وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَالْعَقْلُ كَامِلًا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ مِنْ دِيَتِهَا إلَّا بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَذْهَبَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى جُلَّ مَنْفَعَتِهَا لَيْسَ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا) أَيْ أَوَّلًا عَمْدًا (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَرَمْيَةٍ) صَادِقٌ بِكَوْنِ الرَّمْيَةِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ أَيْ، وَإِلَّا يَتَعَمَّدُهُ فَبِحِسَابِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ أَخَذَ) أَيْ أَوَّلًا عَقْلًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً. (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يَجِبْ لَهَا عَقْلٌ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى عَمْدٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ الْحَلِّ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا أَيْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا فَإِنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا بِالْفِعْلِ، أَوْ عَفَا عَنْهُ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةِ أَرْبَعِ صُوَرٍ الْأُولَى مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ عَمْدًا وَحَاصِلُ الْقَوْلِ فِيهَا أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى عَمْدًا، أَوْ خَطَأً أَخَذَ لَهَا عَقْلًا، أَوْ لَا مَا لَمْ تَكُنْ الْأُولَى أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ خَطَأً، وَالْأُولَى كَذَلِكَ وَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا فَلَهُ فِي الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَهَذِهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ هُنَا الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ خَطَأً وَلَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا لِلْأُولَى فَإِنْ كَانَ لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ الْجَانِي اسْتَحَقَّ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ كُلَّ الدِّيَةِ، وَهَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ تُذْهِبَ الْأُولَى جُلَّ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ أَخْذِهِ عَقْلًا لِلْأُولَى لِعَفْوِهِ عَنْ الْجَانِي فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِلْجَانِي فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ الرَّابِعَةُ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ خَطَأً، وَالْأُولَى عَمْدًا فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى لَمْ تُذْهِبْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ لَمْ يُصَالِحْ عَنْهَا بِشَيْءٍ فَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ الْعَقْلُ كَامِلًا، وَإِنْ صُولِحَ عَنْهَا بِشَيْءٍ فَلَهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ. (قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفِي لِسَانٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا فِي الْعَقْلِ أَيْ

(فِي) قَطْعِ (لِسَانُ النَّاطِقِ) حَيْثُ مَنَعَهُ النُّطْقَ (وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ قَطْعُهُ) مِنْ اللِّسَانِ (فَحُكُومَةٌ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ) فَفِي قَطْعِهِ الْحُكُومَةُ بِالِاجْتِهَادِ (وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ) ، أَوْ الرِّجْلِ أَيْ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا أَصْلًا فِي قَطْعِهَا الْحُكُومَةُ فَإِنْ كَانَ بِهَا نَفْعٌ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ، وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ رِجْلٍ. (و) كَقَطْعِ (السَّاعِدِ) ، وَهُوَ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْيَدِ الَّتِي مُنْتَهَاهَا الْمَنْكِبُ فِي حُكُومَةٍ بِالِاجْتِهَادِ وَسَوَاءٌ ذَهَبَ الْكَفُّ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةٍ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا (و) قَطْعِ (أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ خَطَأً فِيهِ حُكُومَةٌ قِيَاسًا عَلَى أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ (وَسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا) بِحَيْثُ لَا يُرْجَى ثُبُوتُهَا فَإِنْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً لَا جِدًّا فَفِيهَا الْعَقْلُ (و) قَطْعِ (عَسِيبِ ذَكَرٍ) أَيْ قَصَبَتِهِ فِيهَا الْحُكُومَةُ (بَعْدَ) ذَهَابِ (الْحَشَفَةِ) ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْحَشَفَةِ (و) قَلْعُ شَعْرِ (حَاجِبٍ، أَوْ هُدْبٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ الْوَاحِدِ، أَوْ الْمُتَعَدِّدِ فِيهِ الْحُكُومَةُ إنْ لَمْ يَنْبُتْ فَإِنْ نَبَتَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ، وَكَذَا شَعْرُ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةِ (و) قَلْعُ (ظُفُرٍ) خَطَأً فِيهِ الْحُكُومَةُ (وَفِيهِ) أَيْ قَلْعِ الظُّفُرِ (الْقِصَاصُ) إنْ كَانَ عَمْدًا بِخِلَافِ عَمْدِ غَيْرِهِ فَفِيهِ الْأَدَبُ كَمَا مَرَّ (وَإِفْضَاءٍ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُرَاد بِهِ رَفْعُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ حَتَّى يَكُونَ الْمَخْرَجَانِ مَخْرَجًا وَاحِدًا وَقَالَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا، وَكَذَا اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ فِيهِ حُكُومَةٌ وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ هُنَا أَنْ يَغْرَمَ أَرْشَ مَا شَأْنُهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ بِأَنْ يُقَالَ مَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا مُفْضَاةٌ وَمَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُفْضَاةٍ فَيَغْرَمُ النَّقْصَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ، وَالسَّمْعِ إلَخْ وَفِي لِسَانِ النَّاطِقِ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِ لِسَانِ النَّاطِقِ) أَيْ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ مَا قَطَعَهُ) أَيْ وَأَمَّا إنْ مَنَعَ مَا قَطَعَهُ بَعْضَ النُّطْقِ فَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ بِحِسَابِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً وَأَمَّا إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ اللِّسَانَ إذَا كَانَ يُخْشَى فِيهِ التَّلَفُ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِلَّا كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ اهـ. وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَمْنَعَ النُّطْقَ، أَوْ لَا اُنْظُرْ بْن وَقَوْلُهَا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ أَيْ، وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ فَفِي قَطْعِهِ الْحُكُومَةُ) أَيْ إذَا لَمْ يَذْهَبْ بِذَلِكَ صَوْتُ الْأَخْرَسِ، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ أَيْ وَأَمَّا لِسَانُ الصَّغِيرِ قَبْلَ نُطْقِهِ، فَهَلْ كَذَلِكَ فِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ، أَوْ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَيَكُونُ مِنْ مَشْمُولَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالدِّيَةُ فِي لِسَانِ النَّاطِقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النَّاطِقُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ نُطْقُهُ بَعْدُ. وَالْخَرَسُ أَمْرٌ نَادِرٌ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحُكُومَةَ إلَّا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، أَوْ الرِّجْلِ إلَخْ) كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ لِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةً وَلَوْ كَانَ الْجَانِي مُتَعَمِّدًا مُمَاثِلًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْخَرَسِ، أَوْ الشَّلَلِ خِلَافًا لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ تت عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ إلَخْ مِنْ لُزُومِ الْقِصَاصِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ، وَالضَّعِيفِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ النَّفْعُ الَّذِي بِهَا جُلَّ نَفْعِهَا كَانَتْ كَالسَّلِيمَةِ فَفِيهَا الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ فِي الْخَطَإِ، وَإِنْ كَانَ النَّفْعُ الَّذِي بِهَا أَقَلَّ مِنْ جُلِّ نَفْعِهَا فَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ بِحِسَابِ مَا كَانَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّاعِدَ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْأَصَابِعِ بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ ذَهَبَ الْكَفُّ إلَخْ) أَيْ وَقُطِعَ مَا عَدَاهُ مِنْ الذِّرَاعِ، أَوْ قَطَعَهُ مَعَ الذِّرَاعِ، فَاللَّازِمُ حُكُومَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِمَا) أَيْ أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ خَطَأً الدِّيَةُ أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ عَلَيْهَا مِنْ ثَدْيَيْهَا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ خَطَأً وَأَمَّا أَلْيَتَا الرَّجُلِ خَطَأً فَفِيهِمَا حُكُومَةٌ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَمْدِ) أَيْ وَفِي قَطْعِ الْأَلْيَتَيْنِ عَمْدًا مِنْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُرْجَى ثُبُوتُهَا) أَيْ إذَا تُرِكَتْ فَإِذَا جَنَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ فَقَلَعَهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَلَوْ كَانَ أَخَذَ أَوْ لَا، لِاضْطِرَابِهَا عَقْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَلْعَهَا يُنْقِصُ الْجَمَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَفِيهَا الْعَقْلُ) أَيْ إذَا جَنَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ وَقَلَعَهَا (قَوْلُهُ: وَعَسِيبِ ذَكَرٍ بَعْدَ ذَهَابِ الْحَشَفَةِ) إطْلَاقُ الْعَسِيبِ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْحَشَفَةِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ؛ إذْ قَصَبَةُ الذَّكَرِ إنَّمَا يُقَالُ لَهَا عَسِيبٌ مَعَ وُجُودِ الْحَشَفَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ فِي عَسِيبِ الذَّكَرِ حُكُومَةً نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ لُزُومُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ بِهِ وَتَحْصُلُ بِهِ اللَّذَّةُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فِيهِ حُكُومَةٌ) أَيْ قَلْعُهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ، وَكَذَا شَعْرُ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةِ) أَيْ فِي قَلْعِ كُلٍّ الْحُكُومَةُ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ قَلْعُهُ بِحَلْقٍ أَوْ نَتْفٍ، إنْ لَمْ يَنْبُتْ فَإِنْ نَبَتَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ، وَكَذَا شَعْرُ الرَّأْسِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِرِجَالٍ غَيْرِ مُعْتَادِينَ لِحَلْقِهَا، أَوْ لِنِسَاءٍ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِرِجَالٍ مُعْتَادِينَ لِحَلْقِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَمْدِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الظُّفُرِ، وَهُوَ الْحَاجِبُ وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَفِيهِ الْأَدَبُ أَيْ مَعَ الْحُكُومَةِ إنْ لَمْ يَنْبُتْ وَأَمَّا إنْ نَبَتَ، فَالْأَدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِفْضَاءٍ) أَيْ فِيهِ حُكُومَةٌ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْإِفْضَاءِ قَوْلَانِ حُكُومَةٌ وَدِيَةٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْقَوْلُ بِالْحُكُومَةِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْقَوْلُ بِالدِّيَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ

(وَلَا يَنْدَرِجُ) الْإِفْضَاءُ (تَحْتَ مَهْرٍ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اغْتَصَبَهَا (بِخِلَافِ) إزَالَةِ (الْبَكَارَةِ) مِنْ زَوْجٍ، أَوْ غَاصِبٍ فَتَنْدَرِجُ تَحْتَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِ الْوَطْءِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ وَطْءٌ بِدُونِهَا بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (إلَّا) إنْ أَزَالَهَا (بِأُصْبُعِهِ) فَلَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ، وَالزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ الَّتِي أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ بَنَى بِهَا وَطَلَّقَهَا انْدَرَجَتْ (وَفِي) قَطْعِ (كُلِّ أُصْبُعٍ) مِنْ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ (عُشْرٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ عُشْرُ دِيَةِ مَنْ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ فَيَشْمَلُ مَنْ ذُكِرَ وَدِيَةُ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا، وَالْمُرَبَّعَةُ، وَالْمُخَمَّسَةُ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ (و) فِي قَطْعِ (الْأُنْمُلَةِ ثُلُثُهُ) أَيْ الْعُشْرِ (إلَّا فِي الْإِبْهَامِ) مِنْ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (فَنِصْفُهُ) ، وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا لِأَهْلِ الذَّهَبِ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ الْأَرْبَعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشُّفْعَةِ وَتَقَدَّمَ فِيهَا اثْنَتَانِ الشُّفْعَةُ فِي الشَّجَرِ، أَوْ الْبِنَاءُ بِأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ، أَوْ مُعَارَةٍ، وَالشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ، وَالرَّابِعَةُ سَتَأْتِي آخِرَ هَذَا الْبَابِ، وَهِيَ الْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ (وَفِي) قَطْعِ (الْأُصْبُعِ بِالزَّائِدَةٍ) عَلَى الْخَمْسِ فِي يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (الْقَوِيَّةِ) كَقُوَّةِ الْأَصْلِيَّةِ (عُشْرُ) قِيَاسًا عَلَى الْأَصْلِيَّةِ قُطِعَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَلَمْ يُقْتَصَّ فِي الْعَمْدِ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَسَوَاءٌ قُطِعَتْ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَقْوَ كَالْأَصْلِيَّةِ فَحُكُومَةٌ (إنْ انْفَرَدَتْ) بِالْقَطْعِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا فَقَوْلُهُ إنْ انْفَرَدَتْ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ هُوَ الْمَفْهُومُ فَلَوْ قَالَ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ عُشْرٌ مُطْلَقًا فَإِنْ قَوِيَتْ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ إنْ انْفَرَدَتْ لَطَابَقَ النَّقْلَ (وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ) مِنْ الْإِبِلِ، فَهُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَلَوْ قَالَ نِصْفُ عُشْرٍ لِيَشْمَلَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ، أَوْ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ لَكَانَ الْأَوْلَى وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالضَّمِّ لِفَسَادِهِ وَأَرَادَ بِالسِّنِّ مَا يَشْمَلُ النَّابَ، وَالضَّرْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْأَقْرَبُ وَعَلَّلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ بِأَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ اللَّذَّةِ وَلَا تَمْسِكُ الْوَلَدَ وَلَا الْبَوْلَ إلَى الْخَلَاءِ وَلِأَنَّ مُصِيبَتَهَا أَعْظَمُ مِنْ الشَّفْرَيْنِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِمَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْدَرِجُ الْإِفْضَاءُ تَحْتَ مَهْرٍ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ، أَوْ الْغَاصِبَ إذَا أَفْضَاهَا بِالْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ لِلْإِفْضَاءِ زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ وَلَا تَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْإِفْضَاءِ فِي الْمَهْرِ اللَّازِمِ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اغْتَصَبَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ أَيْ الْوَطْءَ بِهَا الْأَجْنَبِيُّ طَائِعَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ فِي الْإِفْضَاءِ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَالَ الصَّقَلِّيُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ، وَالْأَجْنَبِيَّةِ أَنَّ طَوْعَ الزَّوْجَةِ وَاجِبٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ، وَالْأَجْنَبِيَّةُ يَجِبُ عَلَيْهَا مَنْعُهُ فَطَوْعُهَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُوضِحَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ إلَّا بِأُصْبُعِهِ) كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ حَرَامٌ وَيُؤَدَّبُ (قَوْلُهُ: إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ لُزُومَ الْأَرْشِ فِي الزَّوْجِ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِلَّا انْدَرَجَ لِابْنِ رُشْدٍ وَقَيَّدَ بِهِ ح وعج اهـ بْن وَيُتَصَوَّرُ إزَالَتُهَا بِأُصْبُعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِأَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ لَا فِي خَلْوَةٍ اهْتِدَاءً (قَوْلُهُ: انْدَرَجَتْ) أَيْ سَوَاءٌ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ كَمَا هُوَ فِي الْمَوْضُوعِ، أَوْ بِذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي قَطْعِ كُلِّ أُصْبُعٍ) أَيْ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا وَكَانَ لَا قِصَاصَ فِيهِ إمَّا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، أَوْ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى) لَا يُقَالُ الشُّمُولُ لِلْأُنْثَى يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا؛ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي كَالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا هُنَا (قَوْلُهُ، وَالْمُرَبَّعَةُ) أَيْ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ، وَالْمُخَمَّسَةُ أَيْ فِي الْقَطْعِ خَطَأً، لَكِنَّ الَّذِي فِي ح نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ أَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ، وَالْجِرَاحِ تُؤْخَذُ مُخَمَّسَةً وَلَا تُرَبَّعُ دِيَةُ الْعَمْدِ إلَّا فِي النَّفْسِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ) أَيْ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِدِيَةِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِبْهَامِ) أَيْ خِلَافًا لِبَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ حَيْثُ قَالُوا فِي الْأُنْمُلَةِ ثُلُثُ الْعُشْرِ وَلَوْ فِي الْإِبْهَامِ (قَوْلُهُ فَنِصْفُهُ) أَيْ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا لِأَهْلِ الذَّهَبِ) أَيْ وَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَهْلِ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: عُشْرٌ) أَيْ عُشْرُ دِيَةِ مَنْ قُطِعَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ لِلْجَانِي زَائِدَةٌ مُمَاثِلَةٌ لِمَا جَنَى عَلَيْهَا لَاقْتُصَّ مِنْهَا فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا) أَيْ، وَإِلَّا تَفَرَّدَ بِالْقَطْعِ بَلْ قُطِعَتْ مَعَ الْكَفِّ، أَوْ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَفْهُومُ) أَيْ وَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْمَنْطُوقِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الزَّائِدَةَ الْقَوِيَّةَ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُفْرِدَتْ بِالْقَطْعِ، أَوْ قُطِعَتْ مَعَ غَيْرِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنْ رَجَعَ لِلْمَنْطُوقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنْ رَجَعَ لِلْمَفْهُومِ كَانَ مَفْهُومُهُ مُعْتَبَرًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قُطِعَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً قُطِعَتْ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ، أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ، أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ، وَإِذَا أُخِذَتْ دِيَةُ السِّنِّ، وَالْأَصَابِعِ، وَالْجِرَاحِ فَتُؤْخَذُ مُخَمَّسَةً قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ اُنْظُرْ ح قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: نِصْفُ عُشْرٍ) أَيْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا وَيُخَصَّصُ عُمُومُ مَا هُنَا بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ كَمَا مَرَّ فِي الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ لِفَسَادِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الذَّهَبِ إذَا جَنَى عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ

(، وَإِنْ) كَانَتْ السِّنُّ (سَوْدَاءَ) خِلْقَةً، أَوْ بِجِنَايَةٍ، أَوْ لِكِبَرٍ فَفِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا مُسْلِمًا، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهَا تَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ بِقَوْلِهِ (بِقَلْعٍ، أَوْ اسْوِدَادٍ) فَقَطْ بَعْدَ بَيَاضِهَا (أَوْ بِهِمَا) مَعًا بِأَنْ جَنَى عَلَيْهَا فَاسْوَدَّتْ، ثُمَّ انْقَلَعَتْ (أَوْ بِحُمْرَةٍ، أَوْ بِصُفْرَةٍ) بَعْدَ بَيَاضِهَا (إنْ كَانَا) أَيْ الْحُمْرَةُ، وَالصُّفْرَةُ (عُرْفًا) أَيْ فِي الْعُرْفِ (كَالسَّوَادِ) أَيْ يَذْهَبُ بِذَلِكَ جَمَالُهَا، وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا نَقَصَ (أَوْ بِاضْطِرَابِهَا جِدًّا) لِذَهَابِ مَنْفَعَتِهَا مَا لَمْ تَثْبُتْ فَإِنْ ثَبَتَتْ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ فَإِنْ اضْطَرَبَتْ لَا جِدًّا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا (وَإِنْ ثَبَتَتْ) سِنٌّ بَعْدَ قَلْعِهَا (لِكَبِيرٍ) أَيْ لِمَنْ تَبَدَّلَتْ أَسْنَانُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ (قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا) مِنْ الْجَانِي (أَخَذَهُ) مِنْهُ بِخِلَافِ ثُبُوتِهَا بَعْدَ اضْطِرَابِهَا جِدًّا كَمَا مَرَّ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ فَثَبَتَتْ إلَخْ وَمَفْهُومٌ قَبْلَ أحروي (كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ) الْمُنَقِّلَةُ، وَالْآمَّةُ، وَالدَّامِغَةُ، وَالْجَائِفَةُ فِيهَا الْعَقْلُ، وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ فَفِي عَمْدِهَا الْقِصَاصُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَرُدَّ) الْعَقْلُ لِلْجَانِي مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فِي عَوْدِ الْبَصَرِ) بَعْدَ ذَهَابِهِ بِالْجِنَايَةِ (و) فِي عَوْدِ (قُوَّةِ الْجِمَاعِ و) عَوْدِ (مَنْفَعَةِ اللَّبَنِ) كَمَا كَانَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ، وَكَذَا فِي عَوْدِ السَّمْعِ، وَالْكَلَامِ، وَالْعَقْلِ، وَكَذَا الذَّوْقُ، وَالشَّمُّ، وَاللَّمْسُ (وَفِي) رَدِّ عَقْلِ (الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَتْ) بَعْدَ قَلْعِهَا بِالْجِنَايَةِ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ فَدِيَتَانِ وَلَوْ زَالَ مَعَ ذَلِكَ بَصَرُهُ فَثَلَاثٌ، وَهَكَذَا (إلَّا الْمَنْفَعَةَ) الْكَائِنَةَ (بِمَحَلِّهَا) أَيْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَلَا تَتَعَدَّدُ الدِّيَةُ فِي ذَهَابِهَا مَعَ ذَهَابِ مَحَلِّهَا كَقَطْعِ أُذُنَيْهِ فَزَالَ سَمْعُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَلَعَ سِنَّهُ مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَإِذَا كَانَ الْجَانِي عَلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ بَعِيرًا، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْجَانِي عَلَى مَنْ ذُكِرَ إلَّا خَمْسُونَ دِينَارًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَخَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا فَتَعَيَّنَ قِرَاءَةُ الْمَتْنِ بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَاصِرًا عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْقُصُورُ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ. (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ السِّنُّ سَوْدَاءَ) هَذَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا خَطَأً وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ قَلْعَ سِنٍّ سَوْدَاءَ، أَوْ حَمْرَاءَ، أَوْ صَفْرَاءَ خِلْقَةً وَكَانَ عُرْفًا كَالسَّوَادِ، فَهَلْ كَذَلِكَ فِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُسَاوِيَةٍ لِسِنِّ الْجَانِي، أَوْ فِيهَا الْقِصَاصُ لِلتَّعَمُّدِ قَالَ بْن وَظَاهِرُ الثَّانِي بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْعَقْلِ فِيهَا فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: بِقَلْعٍ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا بِقَلْعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْوِدَادٍ فَقَطْ) أَيْ مَعَ بَقَائِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ جَمَالَهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ جَنَى عَلَيْهَا فَاسْوَدَّتْ) كَذَا صَوَّرَ فِي التَّوْضِيحِ الْجِنَايَةَ بِهِمَا وَصَوَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا كَسَرَ الْبَعْضَ وَسَوَّدَ الْبَاقِيَ قَالَ بْن، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِقْهًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْقَلَعَتْ) أَيْ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ أُخْرَى عَلَيْهَا فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لَا دِيَتَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا نَقَصَ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا يَذْهَبُ بِذَلِكَ جَمَالُهَا بَلْ يُنْقِصُهُ فَقَطْ فَيَلْزَمُ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْ جَمَالِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بِاضْطِرَابِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَلْعٍ أَيْ، أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا بِاضْطِرَابِهَا أَيْ بِصَيْرُورَتِهَا مُضْطَرِبَةً جِدًّا فَيَلْزَمُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِذَهَابِ مَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَتْ إلَخْ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ بَعْدَ اضْطِرَابِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ قَلَعَ سِنًّا لِشَخْصٍ كَبِيرٍ أَيْ بَدَّلَ أَسْنَانَهُ، ثُمَّ رَدَّهَا صَاحِبُهَا فَثَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ عَقْلَهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَإِ إلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا) أَيْ فَإِنْ طَرَحَهَا الْجَانِي، أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ جَمَالِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ثُبُوتِهَا بَعْدَ اضْطِرَابِهَا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ عَقْلَهَا (قَوْلُهُ: فَثَبَتَتْ إلَخْ) أَيْ، فَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْخَطَإِ. (قَوْلُهُ أَحْرَوِيٌّ) أَيْ فَلَا يَرُدُّ صَاحِبُهَا مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي إذَا ثَبَتَتْ بَعْدَ أَخْذِ عَقْلِهَا هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ السِّنَّ إذَا ثَبَتَتْ بَعْدَ قَلْعِهَا يُؤْخَذُ عَقْلُهَا وَلَا يَسْقُطُ بِثُبُوتِهَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ السِّنَّ إذَا ثَبَتَ بَعْدَ قَلْعِهَا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَأَمَّا الْجِرَاحَاتُ الْأَرْبَعُ فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا وَلَوْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِ اتِّفَاقًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فِيهَا الْعَقْلُ، وَإِنْ بَرِئَتْ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ دِيَتِهَا إذَا بَرِئَتْ بَعْدَ أَخْذِهَا، وَإِذَا بَرِئَتْ قَبْلَ أَخْذِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْعَقْلُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَخَذَهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَرُدَّ الْعَقْلُ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ إلَخْ هَذَا فِي الْجِنَايَةِ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَيُّلُ عَلَى زَوَالِ الْمَعْنَى مِنْ الْجَانِي وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي، ثُمَّ عَادَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ ذَهَابِهِ مِنْهُ وَلَمْ يَعُدْ ذَلِكَ لِلْجَانِي فَمَا حَصَلَ لِلْجَانِي يَكُونُ هَدَرًا لِأَمْنِ خَطَإِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ تَكُونُ دِيَةُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَمَّا إنْ عَادَ ذَلِكَ لِلْجَانِي دُونَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ ثَانِيًا فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَفِي رَدِّ عَقْلِ الْأُذُنِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَطَعَ أَشْرَافَ الْأُذُنَيْنِ فَرَدَّهُمَا صَاحِبُهُمَا فَثَبَتَا، فَهَلْ يَرُدُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي، أَوْ لَا يَرُدُّهُ تَأْوِيلَانِ قَالَ بْن فَعَلَى أَنَّ فِي أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ حُكُومَةً كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَلَى أَنَّ فِيهِمَا الدِّيَةَ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ لَلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ وَيَكُونُ لَهُ الدِّيَةُ كَالسِّنِّ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّهَا) مُرَادُهُ بِمَحَلِّهَا الَّتِي

أَوْ قَلَعَ عَيْنَيْهِ فَزَالَ بَصَرُهُ فَوَاحِدَةٌ وَلَا حُكُومَةَ فِي مَحَلِّ كُلٍّ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي الْمَحَلِّ كَمَا لَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَنُطْقُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ (وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا فِي قَطْعِ أَصَابِعِهَا مَثَلًا (لِثُلُثِ دِيَتِهِ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ فِيهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ (فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا) فَلَهَا عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا، وَهِيَ كَالرَّجُلِ فِي مُنَقِّلَتِهَا، وَهَاشِمَتِهَا وَمُوضِحَتِهَا لَا فِي جَائِفَتِهَا وَآمَّتِهَا؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِدِيَتِهَا فَيَكُونُ فِيهِمَا ثُلُثُ دِيَتِهَا سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ (وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ) أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ (أَوْ) مَا (فِي حُكْمِهِ) أَيْ حُكْمِ الْمُتَّحِدِ كَضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ فَإِنْ ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا فَقَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ مِنْ يَدَيْنِ، أَوْ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ فَلَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ، وَكَذَا فِي الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ، وَالْمَنَاقِلِ وَفَائِدَةُ الضَّمِّ رُجُوعُهَا لِدِيَتِهَا إذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ فَقَوْلُهُ وَضُمَّ إلَخْ أَيْ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَصَابِعُ، أَوْ غَيْرُهَا وَقَوْلُهُ مُتَّحِدٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَثَرٍ مُتَّحِدٍ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ (أَوْ) مُتَّحِد (الْمَحَلِّ) وَلَوْ تَرَاخَى الْفِعْلُ، فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْفِعْلِ (فِي الْأَصَابِعِ) فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثًا مِنْ يَدٍ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ، ثُمَّ إذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثًا مِنْ الْأُخْرَى فَفِيهَا ثَلَاثُونَ أَيْضًا لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ مَعَ التَّرَاخِي فِي الْفِعْلَيْنِ، ثُمَّ إذَا قَطَعَ لَهَا أُصْبُعًا، أَوْ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَيِّ يَدٍ كَانَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا تُوجَدُ إلَّا بِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ الْمَنْفَعَةُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ فِيهِ أَكْثَرَهَا تَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَأَقْعَدَهُ وَذَهَبَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ لِمَنْعِ قِيَامِهِ وَدِيَةٌ لِعَدَمِ قُوَّةِ الْجِمَاعِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا فِي الصُّلْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَعَ عَيْنَيْهِ إلَخْ) أَيْ، أَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَزَالَ شَمُّهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا إذَا قَطَعَ أُذُنَهُ فَزَالَ سَمْعُهُ، أَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَزَالَ شَمُّهُ، أَوْ قَلَعَ عَيْنَهُ فَزَالَ بَصَرُهُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ وَابْنِ غَازِيٍّ وح وَأَمَّا مَا فِي عبق فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ الْمُقْتَضِي لِلُزُومِ دِيَتَيْنِ فَغَيْرُ صَوَابٍ. (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِ أَصَابِعِهَا مَثَلًا) أَيْ، أَوْ مُنَقِّلَاتِهَا، أَوْ بَقِيَّةِ جِرَاحَاتِهَا (قَوْلُهُ: فَفِيهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ وَنِصْفَ أُنْمُلَةٍ كَانَ لَهَا أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ، وَإِنْ قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ وَثُلُثَ أُصْبُعٍ أَيْ أُنْمُلَةً، أَوْ قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ رَجَعَتْ لِدِيَتِهَا فَلَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَهَا فِي الثَّلَاثَةِ أَصَابِعَ وَثُلُثٍ سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّهَا لِبُلُوغِهَا ثُلُثَهُ رَجَعَتْ لِدِيَتِهَا، وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ قُلْت لِابْنِ الْمُسَيِّبِ كَمْ فِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ الْمَرْأَةِ قَالَ ثَلَاثُونَ قُلْت وَأَرْبَعَةٍ قَالَ عِشْرُونَ فَقُلْت سُبْحَانَ اللَّهِ لَمَّا عَظُمَ جُرْحُهَا قَلَّ عَقْلُهَا فَقَالَ أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ قُلْت لَا بَلْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ، أَوْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ فَقَالَ تِلْكَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي. (قَوْلُهُ، وَهِيَ كَالرَّجُلِ فِي مُنَقِّلَتِهَا، وَهَاشِمَتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عُشْرًا وَنِصْفَ عُشْرٍ وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَمُوضِحَتِهَا أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهَا نِصْفَ الْعُشْرِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ فَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْمُوضِحَاتُ، أَوْ الْمَنَاقِلُ، أَوْ الْهَوَاشِمُ فَإِنَّهَا تُسَاوِي الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ، ثُمَّ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا. (قَوْلُهُ: فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِدِيَتِهَا) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا دِيَتُهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُتَّحِدِ الْفِعْلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ ضَمُّ أَثَرِ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ، وَهُوَ الْجِرَاحَاتُ؛ إذْ الْفِعْلُ نَفْسُهُ لَا يُضَمُّ وَقَوْلُهُ وَضَمَّ أَثَرَ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ أَيْ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ، وَالْمَنَاقِلِ فَيَضُمُّ الْأَصَابِعَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ، وَكَذَا تُضَمُّ مَعَ الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ، وَالْأَسْنَانُ تُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَتُضَمُّ مَعَ غَيْرِهَا، وَكَذَا الْمَنَاقِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ كَضَرَبَاتِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، فَالْأَوَّلُ مِثَالٌ لِلْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ، وَالثَّانِي لِمَا فِي حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ يَدَيْنِ) مِثَالٌ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ، أَوْ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ مِثَالٌ لِمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ وَقَوْلُهُ مِنْ يَدَيْنِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ يَدٍ أُصْبُعَانِ وَبِمَا إذَا كَانَ مِنْ يَدٍ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ وَمِنْ الْأُخْرَى أُصْبُعَانِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ عِشْرُونَ) أَيْ وَلَهَا فِي الثَّلَاثَةِ ثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ، وَكَذَا الْأَسْنَانُ) أَيْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَسْنَانِ فَلَهَا فِي السِّتَّةِ ثَلَاثُونَ وَلَهَا فِي السَّبْعَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَوَاضِحِ وَلَهَا فِي الْمُنَقِّلَتَيْنِ ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الثَّلَاثَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ الضَّمِّ رُجُوعُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ لِدِيَتِهَا إذَا بَلَغَتْ الْجِرَاحَاتُ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ أَيْ وَمُسَاوَاتُهَا لِلرَّجُلِ إذَا لَمْ تَبْلُغْ ثُلُثَ دِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَاخَى الْفِعْلُ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ تَرَاخَى الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَابِعِ) رَاجِعٌ لِلْمَحَلِّ وَاعْتَرَضَ طفى عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَخْصِيصِهِ الْمَحَلَّ بِالْأَصَابِعِ بِأَنَّ السَّمْعَ، وَالْبَصَرَ وَمَا قُطِعَ مِنْ الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ كَالْأَصَابِعِ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا مِنْ أَنْفِهَا مَا يَجِبُ فِيهِ سُدُسُ الدِّيَةِ فَأَخَذَتْهُ، ثُمَّ قَطَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِيهِ سُدُسُ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِعَقْلِهَا؛ لِأَنَّهَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي السَّمْعِ، وَالْبَصَرِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَفِيهَا ثَلَاثُونَ أَيْضًا) أَيْ وَلَا تُضَمُّ الثَّلَاثَةُ

كَانَ لَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَلَوْ قَطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ مِنْ يَدٍ، ثُمَّ بَعْدَ تَرَاخٍ قَطَعَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ كَانَ لَهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ عِشْرُونَ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ عَشَرَةٌ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَلَوْ كَانَا مِنْ الْيَدِ الْأُخْرَى لَكَانَ فِيهِمَا عِشْرُونَ لِعَدَمِ الضَّمِّ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ (لَا) يُضَمُّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ فِي (الْأَسْنَانِ) أَيْ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ إذَا كَانَ بَيْنَ الضَّرَبَاتِ تَرَاخٍ فَلَهَا فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ضَرْبَةً، أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ فَيُضَمُّ كَمَا مَرَّ وَمَحَلُّ الْأَسْنَانِ مُتَّحِدٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ فَكَّيْنِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالْمَحَلِّ لِيَكُونَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ قَاصِرًا عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ كَانَ أَحْسَنَ (و) لَا فِي (الْمَوَاضِحِ، وَالْمَنَاقِلِ) أَيْ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ كَمَا لَوْ، أَوْضَحَهَا مُوضِحَتَيْنِ فَأَخَذَتْ عَقْلَهُمَا، ثُمَّ، أَوْضَحَهَا مَوَاضِحَ مُتَعَدِّدَةً فَلَهَا عَقْلُهَا كَالرَّجُلِ مَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا الثُّلُثَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ لِعَقْلِهَا كَمَا مَرَّ، وَكَذَا الْمَنَاقِلُ فَلَوْ ضَرَبَهَا فَنَقَّلَهَا، ثُمَّ أُخْرَى فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ مَا لِلرَّجُلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَبَلَغَ الثُّلُثَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَيُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ دُونَ غَيْرِهَا (و) لَا يُضَمُّ (عَمْدٌ لِخَطَإٍ، وَإِنْ عَفَتْ) كَمَا إذَا لَمْ تَعْفُ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ عَمْدًا، ثُمَّ قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى خَطَأً فَلَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ اقْتَصَّتْ فِي الْعَمْدِ، أَوْ عَفَتْ، أَوْ أَخَذَتْ دِيَةً وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ كَيَدٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ تَعَدَّدَ. ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْمِلُ الدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ، وَالْعَمْدِ فِي النَّفْسِ، أَوْ الْأَطْرَافِ وَبَيَانِ شُرُوطِهَا فَقَالَ. . (دَرْسٌ) . . (وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ) وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي قِيمَتُهُ حَالَّةً وَسَوَاءٌ كَانَ الْحُرُّ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا، أَوْ لَا (الْخَطَأ) احْتِرَازًا مِنْ الْعَمْدِ فَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي إنْ عَفَى عَنْهُ عَلَيْهَا وَفِي حُكْمِ الْخَطَإِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْمَأْمُومَةِ، وَالْجَائِفَةِ كَمَا يَأْتِي إنْ ثَبَتَتْ (بِلَا اعْتِرَافٍ) مِنْ الْجَانِي بَلْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَوْثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِيَةُ لِلْأُولَى لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَاضِي فَلَا تَرُدُّ مَا أَخَذَتْ (قَوْلُهُ: خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ فَيُضَمُّ الْمَقْطُوعُ ثَانِيًا لِلْأَوَّلِ لِاتِّحَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُضَمُّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ فِي الْأَسْنَانِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَسْنَانِ فَجَعَلَهَا مَرَّةً كَالْأَصَابِعِ تُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ إلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ، ثُمَّ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلَا تَحَاسُبَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْأَسْنَانِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْأَوَّلِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَصْبَغُ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْأَصَابِعَ لَمَّا كَانَتْ أَجْزَاءً مِنْ الْيَدِ صَارَتْ بِمَثَابَةِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ وَأَيْضًا اشْتِبَاكُ الْأَسْنَانِ بِبَعْضِهَا لَيْسَ كَاشْتِبَاكِ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضِ الْأَصَابِعِ قَدْ يُبْطِلُ مَنْفَعَةَ بَقِيَّتِهَا بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ فَلِذَا صَارَتْ بِمَثَابَةِ أَعْضَاءٍ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا فِي كُلِّ سِنٍّ) أَيْ قُلِعَتْ مِنْ تِلْكَ الضَّرَبَاتِ الْمُتَرَاخِيَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَإِذَا ضَرَبَهَا ضَرَبَاتٍ مُتَرَاخِيَةً وَبَعْضُهَا أَذْهَبَتْ لَهَا سِنًّا وَبَعْضُهَا سِنَّيْنِ وَبَعْضُهَا ثَلَاثًا وَبَعْضُهَا أَرْبَعًا وَبَعْضُهَا خَمْسًا فَلَهَا فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: فِي فَوْرٍ) أَيْ أَذْهَبَتْ لَهَا أَسْنَانًا وَقَوْلُهُ فَيُضَمُّ أَيْ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ حَتَّى تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ، ثُمَّ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْأَسْنَانِ مُتَّحِدٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ فَكَّيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الْقَائِلِ إنَّ الْفَكَّيْنِ مَحَلَّانِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا ثَمَرَةَ لَهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الضَّمِّ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالضَّمِّ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الضَّرْبُ مُتَرَاخِيًا (قَوْلُهُ: كَالرَّجُلِ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَتِهِ، أَوْ زَادَتْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَبَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا. (قَوْلُهُ إنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) أَيْ دُونَ الْفِعْلِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فَوْرًا. ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ وَمَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ أَثَرُهُ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، أَوْ تَعَدَّدَ وَغَيْرُ الْمُتَّحِدِ وَمَا فِي حُكْمِهِ، وَهُوَ الْمُتَرَاخِي لَا يُضَمُّ أَثَرُهُ إنْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ اتَّحَدَ ضُمَّ فِي الْأَصَابِعِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَبَقِيَّةِ الْجِرَاحَاتِ. (قَوْلُهُ: وَعَمْدٌ لِخَطَإٍ) عَطْفٌ عَلَى الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا لَمْ تَعْفُ) أَيْ بِأَنْ اقْتَصَّتْ، أَوْ أَخَذَتْ دِيَةً (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى) أَيْ خَطَأً (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ كَيَدٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ الثَّانِي مُتَرَاخِيًا عَنْ الْأَوَّلِ، أَوْ كَانَ الْفِعْلَانِ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ فَلَيْسَ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي الضَّمِّ حِينَئِذٍ لِاخْتِلَافِ الْفِعْلَيْنِ هُنَا بِالْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ: وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ) قَدْ تَسَمَّحَ الْمُصَنِّفُ فَأَرَادَ بِالدِّيَةِ مُطْلَقَ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَبْدِ قِيمَةٌ لَا دِيَةٌ. وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْحُرِّ إذَا كَانَتْ خَطَأً ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَوْثٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا تُنَجَّمُ دِيَتُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَالْجَانِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الدِّيَةِ فِي التَّنْجِيمِ الْحُكُومَةُ، وَالْغُرَّةُ حَيْثُ بَلَغَ كُلٌّ مِنْهُمَا الثُّلُثَ، أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَلَكِنْ وَجَبَ مَعَ دِيَةٍ، وَكَذَا مُوضِحَةٌ وَمُنَقِّلَةٌ مَعَ دِيَةٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ لِإِتْلَافِهِ فَعَلَيْهَا

فَلَا تَحْمِلُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جُرْحٍ بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا مَأْمُونًا يُتَّهَمُ بِقَبُولِ الرِّشْوَةِ مِنْ، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ ضَعِيفٌ (عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي) الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمَلِيءِ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ، فَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشُرِطَ تَنْجِيمُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي (إنْ بَلَغَ) مَا يُنَجَّمُ (ثُلُثَ) دِيَةِ (الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ) ثُلُثَ دِيَةِ (الْجَانِي) . فَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ خَطَأً مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا كَأَنْ أَجَافَهَا، أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ بِأَنْ تَعَدَّدَتْ الْجِنَايَةُ حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ، وَإِذَا جَنَى مَجُوسِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ (وَمَا لَمْ يَبْلُغْ) ثُلُثَ أَحَدِهِمَا (فَحَالٌّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ (كَعَمْدٍ) أَيْ كَدِيَةِ عَمْدٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ عُفِيَ عَنْهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا حَالَّةٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ (وَدِيَةٌ غَلُظَتْ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ؛ إذْ الْمُغَلَّظَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْعَمْدِ وَأُتِيَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا كَانَ سَاقِطًا صَارَ كَالْخَطَإِ وَشَمِلَ جُرْحَ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَتْلٍ كَذَلِكَ لِكَوْنِ الْجَانِي زَائِدَ إسْلَامٍ مَثَلًا (و) دِيَةُ عُضْوٍ (سَاقِطٍ) فِيهِ الْقِصَاصُ (لِعَدَمِهِ) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ مُمَاثِلِهِ كَمَا لَوْ فَقَأَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى عَيْنَ شَخْصٍ يُمْنَى عَمْدًا فَدِيَتُهَا عَلَيْهِ حَالَّةً فِي مَالِهِ (إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجُرْحِ) كَالْجَائِفَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ (لِإِتْلَافِهِ) أَيْ لِخَوْفِ إتْلَافِهِ النَّفْسَ لَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ (فَعَلَيْهَا) أَيْ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْعَمْدِ كَالْخَطَإِ إنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ الْجَانِي، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَعَمْدٍ. ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعَاقِلَةِ الَّتِي تَحْمِلُ الدِّيَةَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْعَاقِلَةُ عِدَّةُ أُمُورٍ (الْعَصَبَةُ) وَأَهْلُ الدِّيوَانِ، وَالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ، وَالْأَسْفَلُونَ فَبَيْتُ الْمَالِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي لَهُ (وَبُدِئَ الدِّيوَانُ) أَيْ بِأَهْلِهِ عَلَى عَصَبَةِ الْجَانِي؛ إذْ الدِّيوَانُ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الَّذِي يُضْبَطُ فِيهِ أَسْمَاءُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَلَا تَحْمِلُ إلَخْ) أَيْ وَلِذَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْمِلُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ) أَيْ دِيَةَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جُرْحٍ أَيْ خَطَأً (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالْقَتْلِ خَطَأً مَأْمُونًا ثِقَةً وَلَيْسَ بِذِي قَرَابَةٍ لِلْمَقْتُولِ وَلَا صَدِيقًا مُلَاطِفًا لَهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ فِي إغْنَاءِ وَرَثَةِ مَقْتُولِهِ وَلَا رِشْوَةٍ مِنْهُمْ عَلَى إقْرَارِهِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَوْثٌ يَحْلِفُ بِسَبَبِهِ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فَحَمْلُهَا لِلْقَسَامَةِ مَعَ اللَّوَثِ لَا لِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ. (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَلَا قَسَامَةَ عَلَى، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، وَالْجَانِي الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) أَيْ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، وَالصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ وَمَنْ مَعَهَا الْمُعْدَمُ فَلَا يَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَشَرْطُ تَنْجِيمِهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هَذَا شَرْطٌ فِي حَمْلِ الْعَاقِلَةِ لَا فِي التَّنْجِيمِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، فَهِيَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ، وَالْمَجُوسِيَّةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ فَدِيَتُهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ فَقَوْلُهُ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَيْ بِأَنْ أَجَافَهَا، أَوْ أُمَّهَا فَيَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَتُسْعُ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ أَيْ بِأَنْ جَنَى عَلَيْهَا جِنَايَاتٍ تَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهِ بِأَنْ أَذْهَبَ حَوَاسَّهَا الْخَمْسَةَ وَصُلْبَهَا وَقُوَّةَ جِمَاعِهَا وَيَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَشُفْرَيْهَا فَإِنَّ فِي هَذِهِ ثَلَثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا (قَوْلُهُ: مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ وَقَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ هَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَهُ وَصَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِهِ هَلْ هُوَ أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ حَالٌّ عَلَيْهِ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُنَجَّمُ عَلَيْهِ فَقَطْ فَدَفَعَ احْتِمَالَ ذَلِكَ بِالتَّصْرِيحِ بِالْمَفْهُومِ وَحُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ كَدِيَةِ عَمْدٍ) هَذَا شَامِلٌ لِلْمُثَلَّثَةِ، وَالْمُرَبَّعَةِ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّرْبِيعِ، أَوْ التَّثْلِيثِ خَاصٌّ بِالْعَمْدِ دُونَ الْخَطَإِ؛ لِأَنَّ دِيَتَهُ دَائِمًا مُخَمَّسَةٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدِيَةٍ غَلُظَتْ أَرَادَ بِهَا الْمُغَلَّظَةَ بِالتَّثْلِيثِ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَالتَّغْلِيظُ بِالتَّثْلِيثِ إنَّمَا يَكُونُ فِي قَتْلِ الْأَبِ لِوَلَدِهِ، أَوْ جُرْحِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِإِزْهَاقِ رُوحِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: صَارَ كَالْخَطَإِ) أَيْ فِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ قَوْلُهُ كَدِيَةِ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ جُرْحِ عَمْدٍ أَيْ دِيَةُ جُرْحِ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ وَقَوْلُهُ وَقَتْلٍ أَيْ وَشَمِلَ أَيْضًا دِيَةَ قَتْلٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَالْجَائِفَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ) أَيْ، وَالدَّامِغَةُ، وَكَذَا كَسْرُ الْفَخْذِ وَعَظْمِ الصَّدْرِ إذَا بَلَغَتْ الْحُكُومَةُ فِيهِمَا الثُّلُثَ (قَوْلُهُ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَعَمْدٍ) أَيْ لِمَا عَلِمْت مِنْ شُمُولِهِ لِمَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (أَيْ الْعَاقِلَةُ) أَيْ الَّتِي تَحْمِلُ الدِّيَةَ وَتُنَجِّمُ عَلَيْهَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عِدَّةَ أُمُورٍ إلَى أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَإِ مَحْذُوفٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ الْعَصَبَةُ بَدَلٌ مِنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ إلَخْ، وَالْمُحْوِجُ لِذَلِكَ صِحَّةُ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَيْسَتْ هِيَ الْعَصَبَةُ فَقَطْ بَلْ الْعَصَبَةُ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ إلَخْ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى عَصَبَةُ الْقَاتِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إذْ الدِّيوَانُ اسْمٌ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا أَهْلَ؛ لِأَنَّ الدِّيوَانَ اسْمٌ إلَخْ أَيْ وَلَا مَعْنَى لِلْبُدَاءَةِ بِهِ فِي حَمْلِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الَّذِي يُضْبَطُ فِيهِ أَسْمَاءُ)

الْجُنْدِ وَعَدَدُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ (إنْ أُعْطُوا) هَذَا شَرْطٌ فِي التَّبْدِئَةِ لَا فِي كَوْنِهِمْ عَاقِلَةً؛ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا يَعْنِي أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالدِّيَةِ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ حَيْثُ كَانَ الْجَانِي مِنْ الْجُنْدِ وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَمَحَلُّ التَّبْدِئَةِ بِهِمْ إذَا كَانُوا يُعْطَوْنَ أَرْزَاقُهُمْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُمْ فِي الدَّفْتَرِ مِنْ الْمَعْلُوفَاتِ والجَامِكِيَّاتِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ دِيوَانٌ، أَوْ كَانَ وَلَيْسَ الْجَانِي مِنْهُمْ، أَوْ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْطَوْا بُدِئَ (بِهَا) أَيْ بِالْعَصَبَةِ (الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ) مِنْ الْعَصَبَةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَصَبَةٌ وَلَا أَهْلُ دِيوَانٍ قُدِّمَ (الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْآتِي فِي الْوَلَاءِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُونُوا قُدِّمَ الْمَوَالِي (الْأَسْفَلُونَ) عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا) ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ عَنْ كَافِرٍ، وَهَلْ عَلَى الْجَانِي بِقَدْرِ قُوتِهِ مَعَهُ، أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَإِلَّا ظَهَرَ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَعَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْجَانِي مُسْلِمًا بَلْ كَافِرًا (فَالذِّمِّيُّ) يَعْقِلُ عَنْهُ (ذَوُو دِينِهِ) الَّذِينَ مَعَهُ فِي بَلَدِهِ النَّصَارَى عَنْ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِ عَنْ الْيَهُودِيِّ وَلَا يَعْقِلُ نَصْرَانِيٌّ عَنْ يَهُودِيٍّ وَلَا عَكْسُهُ، وَالْمُرَادُ بِذِي دِينِهِ مَنْ يَحْمِلُ مَعَهُ الْجِزْيَةَ أَنْ لَوْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ إذَا جَنَتْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْكَافِرُ إذَا أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فَاَلَّذِي يَعْقِلُ عَنْهُ إذَا جَنَى بَيْتُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُهُ لَا مَنْ أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُنْدِ وَعَدَدُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ) أَيْ فَيُنَزَّلُ ضَبْطُ عَدَدِهِمْ وَعَطَائِهِمْ بِدَفْتَرٍ مَنْزِلَةَ النَّسَبِ لِمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَاوُنِ، وَالتَّنَاصُرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَلَدَ إذَا كَانَ جُنْدُهَا طَوَائِفَ كُلُّ طَائِفَةٍ مَكْتُوبٌ عَدَدُهَا وَعَطَاؤُهَا بِدَفْتَرٍ هَلْ يَكُونُ جُنْدُ تِلْكَ الْبَلَدِ كُلُّهُمْ أَهْلَ دِيوَانٍ، أَوْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَهْلُ دِيوَانٍ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ لِلْأَوَّلِ قَائِلًا الْمُرَادُ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ أَهْلُ دِيوَانِ إقْلِيمٍ وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ الثَّانِي فَجُنْدُ مِصْرَ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانُوا طَوَائِفَ سَبْعَةً عَرَبٌ وإنكشارية إلَخْ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْقِلُ الطَّوَائِفَ السَّبْعَةَ عَمَّنْ جَنَى مِنْ أَيِّ طَائِفَةٍ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَعْقِلُ عَنْ الْجَانِي إلَّا طَائِفَتُهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَعْطَوْا، أَوْ لَمْ يُعْطُوا فَعَلَى فَرْضِ أَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا يَعْقِلُونَ وَلَكِنْ تُعَيِّنُهُمْ عَصَبَةُ الْجَانِي وَلَا يَبْدَءُونَ عَلَيْهِمْ هَذَا كَلَامُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّ الْإِعْطَاءَ شَرْطٌ فِي كَوْنِ أَهْلِ الدِّيوَانِ عَاقِلَةً يُؤَدِّي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالشَّارِحُ بَهْرَامُ، وَهُوَ صَرِيحُ التَّوْضِيحِ وَنَصُّ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءً فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ اُنْظُرْ بْن. (تَنْبِيهٌ) : إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ مَنْ يَحْمِلُ لِقِلَّتِهِمْ وَنَقْصِهِمْ عَنْ السَّبْعِمِائَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْعَاقِلَةِ سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ عَلَى الْأَلْفِ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ ضُمَّ إلَيْهِمْ عَصَبَةُ الْجَانِي الَّذِينَ لَيْسُوا مَعَهُ فِي الدِّيوَانِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ لَا عَصَبَةُ أَهْلِ الدِّيوَانِ كَمَا، فَهِمَهُ عج مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِهَا الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ فَعَصَبَتُهُ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَبْدَأُ بِالْعَشِيرَةِ، وَهُمْ الْإِخْوَةُ، ثُمَّ بِالْفَصِيلَةِ، ثُمَّ بِالْفَخِذِ، ثُمَّ بِالْبَطْنِ، ثُمَّ بِالْعِمَارَةِ، ثُمَّ بِالْقَبِيلَةِ، ثُمَّ بِالشَّعْبِ، ثُمَّ أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْمَاءَ طَبَقَاتِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ سِتَّةٌ الشَّعْبُ بِالْفَتْحِ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ، ثُمَّ الْبَطْنُ، ثُمَّ الْفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ بِالْعَشِيرَةِ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ نَسَبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ فَأَوْلَادُ الْجَدِّ الرَّابِعَ عَشَرَ كَخُزَيْمَةَ شِعْب وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الثَّالِثَ عَشَرَ مِثْلُ كِنَانَةَ قَبِيلَةٌ وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الثَّانِي عَشَرَ مِثْل النَّضْرِ الْمُلَقَّبِ بِقُرَيْشٍ عِمَارَة وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الرَّابِعِ مِثْلُ قُصَيٍّ بَطْنٌ وَأَوْلَادُ أَبِي الْجَدِّ كَهَاشِمٍ يُقَالُ لَهُمْ فَخِذٌ وَأَوْلَادُ الْعَمِّ كَأَوْلَادِ الْعَبَّاسِ فَصِيلَةٌ، وَالْإِخْوَة يُقَال لَهُمْ عَشِيرَة (قَوْله الْأَعْلَوْنَ) أَيْ، وَهُمْ الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاء وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَرْأَة الْمُبَاشَرَة لِلْعِتْقِ (قَوْله الْأَسْفَلُونَ) أَيْ وَلَا يُدْخَلُ فِيهِمْ الْمَرْأَة الْعَتِيقَة أَخَذَا مِنْ كَلَام الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْله بِقَدْرِ قُوَّته) الْأُولَى بِقَدْرِ مَا يَنُوبهُ أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَاقِلَةٌ سَبْعمِائَةٍ اهـ بْن وَقَوْله أَيْ أَوْ لَا شَيْء عَلَى الْجَانِي، وَالدِّيَة كُلّهَا تُؤْخَذ مِنْ بَيْت الْمَال (قَوْله فَعَلَى الْجَانِي فِي مَاله) أَيْ وَتُنَجَّمُ عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَام فِي الْقَتْل الْخَطَأ، فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَة قَائِم مَقَام الْعَاقِلَة اهـ شَيْخُنَا (قَوْله رَاجَعَ لِجَمِيعِ مَا قَبْله) أَيْ كَمَا قَالَ الْمَوَّاقُ لَا أَنَّهُ شَرْط فِي بَيْت الْمَال فَقَطْ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ حَيْثُ قَالَ، وَإِلَّا بِأَنَّ كَانَ الْجَانِي كَافِرًا، وَالْفَرْض أَنَّهُ لَا عُصْبَة لَهُ وَلَا دِيوَان وَلَا مَوَالِي فَأَهْلُ دِينِهِ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ، فَالذِّمِّيّ كَالْمُسْلِمِ فِي أَنْ عَاقِلَته أَهْل دِيوَانه وَعَصَبَتُهُ إنْ وُجِدَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ، ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَر فَأَهْل دِينه كَمَا أَنَّ الْمُسْلِم إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ يَعْقِل عَنْهُ بَيْت الْمَال (قَوْله بَلْ كَافِرًا) أَيْ كَانَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا (قَوْله ذَوُو دِينه) أَيْ سَوَاء كَانُوا عُصْبَة أَمْ لَا أَهْل دِيوَان أَمْ لَا فَلَا يُفَصَّلُ فِي الذِّمِّيّ تَفْصِيل الْمُسْلِم، وَهَذَا مَا قَرَّرَ بِهِ الْمَوَّاقُ. (قَوْله الَّذِي مَعَهُ فِي بَلَده) أَيْ لِعِلَّةِ التَّنَاصُر (قَوْله وَلَا يَعْقِل نَصْرَانِيّ عَنْ يَهُودِيّ. . . إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ التَّنَاصُر، وَإِنْ كَانَ الْكُفْر كُلّه مِلَّة وَاحِدَة مِنْ حَيْثُ الْقِصَاص (قَوْله فَيَشْمَل الْمَرْأَة إذَا جَنَتْ) أَيْ فَيَشْمَل الْجَانِي الْمَذْكُورُ الْمَرْأَة الْكَافِرَةَ إذَا جَنَتْ فَإِنَّهَا يَعْقِل عَنْهَا أَهْل دِينهَا

وَلَا أَهْلُ دِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِأَهْلِ بَلَدِهِ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى إلَيْهِمْ، وَهَكَذَا حَتَّى مَا يَحْصُلُ فِيهِ الْكِفَايَةُ مِنْ تَمَامِ الْعَدَدِ الْآتِي بَيَانُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (و) إذَا قَصُرَ مَا فِي بَلَدِ الْجَانِي عَنْ الْكِفَايَةِ (ضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ) الْكُوَرُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ كُورَةٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ أَيْ الْبَلَدُ الَّتِي يَسْكُنُهَا النَّاسُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا يَعُمُّ الذِّمِّيَّ وَغَيْرَهُ وَلَا يُقْصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَقَدْ عَلِمْت الْمُرَادَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ إنْ كَانَ الْجَانِي مِنْ الْجُنْدِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ الْكِفَايَةُ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا كَمَّلَ الْعَدَدَ مِنْ أَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهَا أَهْلُ الدِّيوَانِ، وَهَكَذَا فَإِذَا كَانَ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْقَاهِرَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ دِيوَانِهِ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ أَهْلِ بُولَاقَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا مِمَّا فِيهَا دِيوَانٌ لَا مُطْلَقَ بَلَدٍ وَلَوْ كَانَ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ مَنْفَلُوطَ بُدِئَ بِأَهْلِ دِيوَانِهِمْ وَكَمَّلَ مِنْ أَهْلِ أَسْيُوطَ، وَهَكَذَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَصَبَةِ، وَالْمَوَالِي وَقَوْلُهُ كَكُوَرِ مِصْرَ أَيْ كُوَرِ مِصْرَ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَقَالِيمِ فَمِصْرُ إقْلِيمٌ وَفِيهَا كُوَرٌ الشَّامِ إقْلِيمٌ آخَرُ وَفِيهِ كُوَرٌ، وَالْحِجَازُ إقْلِيمٌ وَفِيهِ كُوَرٌ وَلَا يُضَمُّ أَهْلُ إقْلِيمٍ لِأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا دُخُولَ لِبَدَوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ (وَالصُّلْحِيُّ) يُؤَدِّي عَنْهُ (أَهْلُ صُلْحِهِ) مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ دِيوَانٌ وَلَا عَصَبَةٌ وَلَا مَوَالِي وَلَا بَيْتُ مَالٍ إنْ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ مَا دَامُوا كُفَّارًا كَالذِّمِّيِّ (وَضَرَبَ عَلَى كُلٍّ) مِمَّنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ وَعَصَبَةٍ وَمَوَالِي وَذِمِّيٍّ وَصُلْحِيٍّ (مَا لَا يَضُرُّ) بِهِ بَلْ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَطَرِيقُهَا عَدَمُ التَّكَلُّفِ، فَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (وَعُقِلَ عَنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ وَغَارِمٍ) إذَا جَنَوْا، وَالْغَارِمُ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ (وَلَا يَعْقِلُونَ) عَنْ غَيْرِهِمْ وَلَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَعْقِلُونَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَهِيَ الْعَصَبَةُ؛ إذْ تَخْرُجُ مِنْهُ الْمَرْأَةُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَوَالِي فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْإِنَاثَ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الصِّبَا، وَالْجُنُونِ وَضِدِّهِمَا، وَالْعُسْرِ، وَالْيُسْرِ، وَالْغَيْبَةِ، وَالْحُضُورِ (وَقْتُ الضَّرْبِ) أَيْ التَّوْزِيعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِينَ يَحْمِلُونَ مَعَهَا الْجِزْيَةَ عَلَى فَرْضِ لَوْ ضُرِبَتْ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تُؤَدِّي الْجِزْيَةَ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَهْلُ دِينِهِ) خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِأَهْلِ بَلَدِهِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَذَلِكَ لِقِلَّتِهِمْ وَنَقْصِهِمْ عَنْ السَّبْعِمِائَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْعَاقِلَةِ سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ عَمَّا زَادَ عَنْ الْأَلْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّهَا مَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ (قَوْلُهُ: ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى إلَيْهِمْ) أَيْ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَهْلُ دِينِهِ مِنْ أَقْرَبِ الْقُرَى إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: مِنْ تَمَامِ الْعَدَدِ الْآتِي بَيَانُهُ) أَيْ، وَهُوَ السَّبْعُمِائَةِ، أَوْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَلْفِ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ) أَيْ لِقَوْلِهِ الْخُلَاصَةَ وَفَعَلَ جَمْعًا لِفَعَلَةِ عَرَفَ وَأَمَّا قَوْلُ عج أَنَّهُ جَمْعُ كَوْرَة بِفَتْحِ الْكَافِ فَتَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: الْبَلَدُ الَّتِي يَسْكُنُهَا النَّاسُ) أَيْ وَعَلَى هَذَا، فَالْمُرَادُ بِكُوَرِ مِصْرَ هُنَا الْبِلَادُ الَّتِي تَحْتَ عَمَلِهَا، وَكَذَا الْمُرَادُ بِكُوَرِ الشَّامِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ عَلِمْت الْمُرَادَ مِنْهُ) أَيْ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ فِي بَلَدِ الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ؛ إذَا لَمْ يُوفُوا بِعَدَدِ الْعَاقِلَةِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِمْ مَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ، وَهَكَذَا حَتَّى يَحْصُلَ تَمَامُ عَدَدِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ الْكِفَايَةُ) أَيْ بِعَدَدِ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ بُولَاقَ) أَيْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِ بُولَاقَ، وَكَذَا قَوْلُهُ كَمَّلَ مِنْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا أَيْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَصَبَةِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَانِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ فَإِنَّهُ يَعْقِلُ عَنْهُ عَصَبَتُهُ وَيَبْدَأُ بِعَصَبَتِهِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ الْعَدَدَ مِنْ الْعَصَبَةِ الَّتِي بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ الْعَدَدُ وَقَوْلُهُ، وَالْمَوَالِي أَيْ فَإِذَا كَانَ الْجَانِي لَا دِيوَانَ لَهُ وَلَا عَصَبَةَ فَاَلَّذِي يَعْقِلُ عَنْهُ مَوَالِيهِ وَيَبْدَأُ بِالْمَوَالِي الَّذِينَ فِي بَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ الْعَدَدَ مِنْ مَوَالِيهِ الَّذِينَ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ الْعَدَدُ (قَوْلُهُ: أَهْلُ صُلْحِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا عَصَبَةً لَهُ، أَوْ لَا كَانُوا أَهْلَ دِيوَانِهِ أَمْ لَا كَانُوا مَوَالِيهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْتَ مَالٍ) يَعْنِي لِنَفْسِ الصُّلْحِيِّ كَمَا هُوَ سِيَاقُهُ؛ لِأَنَّ بَيْتَ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَعْقِلُ عَنْ كَافِرٍ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُمْ أَيْ لِأَهْلِ صُلْحِهِ ذَلِكَ أَيْ بَيْتُ مَالٍ (قَوْلُهُ: كَالذِّمِّيِّ) أَيْ كَمَا أَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ دِينِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ كَوْنُهُمْ عَصَبَةً وَلَا أَهْلَ دِيوَانٍ وَلَا مَوَالِي وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُمْ بَيْتُ مَالِهِمْ إنْ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذِمِّيٌّ وَصُلْحِيٌّ) أَيْ تَحَاكَمَ كُلٌّ إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَامْرَأَةٌ) أَيْ، وَكَذَلِكَ خُنْثَى مُشْكِلٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْرُوهُ عَلَى إرْثِهِ فَيَغْرَمُ نِصْفَ مَا يُطِيقُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنَّهُ لَا يُنْصَرُ كَالْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَقِيرِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ قُوتِهِ، وَالْغَارِمُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِقَدْرِ مَا فِي يَدَيْهِ، أَوْ يَفْضُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا يَكُونُ بِهِ مِنْ عِدَادِ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا لَا يُعَدُّ بِهِ فَقِيرًا، فَهَذَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا، فَالْغَارِمُ أَعَمُّ مِنْ الْفَقِيرِ لَا أَخَصُّ مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي الْغُرْمِ لِمُبَاشَرَتِهِ لِلْإِتْلَافِ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَالَ طفى (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ) الْمُعْتَبَرُ مُبْتَدَأٌ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى أَلْ وَوَقْتُ الضَّرْبِ بِالرَّفْعِ خَبَرُهُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ، وَالْوَصْفُ الْمُعْتَبَرُ وَصْفُ وَقْتِ الضَّرْبِ أَيْ الْوَصْفُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَضِدِّهِمَا) أَيْ الْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ التَّوْزِيعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ فَمَتَى كَانَ وَقْتَ تَوْزِيعِهَا صَبِيًّا

(لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ) غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَقْتَ الضَّرْبِ وَلَا إنْ بَلَغَ صَبِيٌّ، أَوْ عَقَلَ مَجْنُونٌ، أَوْ تَحَرَّرَ عَبْدٌ، أَوْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَةُ خُنْثَى مُشْكِلٍ بَعْدَ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَلَا يَسْقُطُ) مَا ضَرَبَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حَالِهِ (لِعُسْرِهِ، أَوْ مَوْتِهِ) بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ وَلَا لِجُنُونِهِ وَلَا لِغَيْبَتِهِ رَافِضًا سُكْنَى بَلَدِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ (وَلَا دُخُولَ لِبَدَوِيٍّ) مِنْ عَصَبَةِ الْجَانِي (مَعَ حَضَرِيٍّ) مِنْ عَصَبَتِهِ وَلَا عَكْسُهُ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ بَيْنَهُمَا (وَلَا شَامِيٍّ) مَثَلًا (مَعَ مِصْرِيٍّ) مَثَلًا مِنْ الْعَصَبَةِ، أَوْ أَهْلِ الدِّيوَانِ (مُطْلَقًا) اتَّحَدَ جِنْسُ الْمَأْخُوذِ عِنْدَ كُلٍّ أَمْ لَا اشْتَدَّتْ الْقَرَابَةُ كَابْنٍ وَأَبٍ أَمْ لَا بَلْ الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ قُطْرِهِ الدِّيَةُ (الْكَامِلَةُ) لِذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ تُنَجَّمُ (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا) أَيْ يَحِلُّ كُلُّ نَجْمٍ مِنْهَا، وَهُوَ الثُّلُثُ بِآخِرِ سَنَتِهِ، أَوَّلُهَا (مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) لَا مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَالثُّلُثُ) كَدِيَةِ الْجَائِفَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ (وَالثُّلُثَانِ) كَجَائِفَتَيْنِ، أَوْ جَائِفَةٍ مَعَ مَأْمُومَةٍ (بِالنِّسْبَةِ) لِلدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، فَالثُّلُثُ فِي سَنَةٍ، وَالثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ (وَنَجَّمَ فِي النِّصْفِ) كَيَدٍ، أَوْ عَيْنٍ (و) فِي (الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ، ثُمَّ) يَجْعَلُ (لِلزَّائِدِ سَنَةً) فَفِي النِّصْفِ يَجْعَلُ لِلثُّلُثِ سَنَةً وَلِلسُّدُسِ الْبَاقِي سَنَةً أُخْرَى وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ لِكُلِّ ثُلُثٍ سَنَةً وَنِصْفُ السُّدُسِ الْبَاقِي فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ فَتَصِيرُ هَذِهِ كَالْكَامِلَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْعَيْنِ ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّصْفَ يُنَجَّمُ فِي سَنَتَيْنِ لِكُلِّ سَنَةٍ رُبُعٌ، وَالثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِكُلِّ سَنَةٍ رُبُعٌ (وَحُكْمُ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ) مُتَعَدِّدَةٍ (بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ) كَعَشَرَةِ رِجَالٍ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى قَتَلُوا رَجُلًا خَطَأً كَحَمْلِهِمْ صَخْرَةً فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ (كَحُكْمِ) الْعَاقِلَةِ (الْوَاحِدَةِ) فَيُنَجَّمُ مَا يَنُوبُ كُلَّ عَاقِلَةٍ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مَجْنُونًا، أَوْ غَارِمًا، أَوْ غَائِبًا غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ ضَرْبِهَا، أَوْ عَقَلَ الْمَجْنُونُ، أَوْ اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ بَعْدَ ضَرْبِهَا، أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ بَعْدَ ضَرْبِهَا وَقَبْلَ قَبْضِهَا فَلَا يُجْعَلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ ضَرْبِهَا بَالِغًا عَاقِلًا مُوسِرًا حَاضِرًا ضَرَبَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا ضَرَبَ عَلَيْهِ بِطُرُوِّ عُسْرٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ سَفَرٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَقْتَ الضَّرْبِ) أَيْ فَلَا تَضْرِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ كَأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ وَاحْتَرَزَ بِغَيْبَةِ الِانْقِطَاعِ مِنْ غَائِبٍ لِحَجٍّ، أَوْ غَزْوٍ، أَوْ فِرَارًا مِنْهَا وَقْتَ الضَّرْبِ فَإِنَّهُ إذَا قَدِمَ يَجْعَلُ عَلَيْهِ مَا يَخُصُّهُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْعَاقِلَةِ وَأَمَّا الْجَانِي فَانْتِقَالُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَتَضْرِبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَانِي تَضْرِبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْتَقَلَ مِنْ الْبَلَدِ قَبْلَ ضَرْبِهَا، أَوْ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ انْتِقَالُهُ بِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنْهَا، أَوْ لِرَفْضِ سُكْنَى بَلَدِهِ الَّتِي انْتَقَلَ مِنْهَا وَأَمَّا انْتِقَالُ أَحَدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ ضَرْبِهَا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا ضُرِبَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ فَارًّا، أَوْ رَافِضًا سُكْنَى بَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ضَرْبِهَا ضُرِبَتْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فَارًّا، أَوْ كَانَ انْتِقَالُهُ لِحَاجَةٍ كَحَجٍّ، أَوْ غَزْوٍ لَا إنْ كَانَ رَافِضًا سُكْنَى الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِعُسْرِهِ) أَيْ لِطَارِئٍ بَعْدَ الضَّرْبِ وَحِينَئِذٍ فَيُنْتَظَرُ وَيُحْبَسُ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ لِأَجْلِ الْإِنْظَارِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَوْتِهِ أَيْ الطَّارِئِ بَعْدَ الضَّرْبِ وَتَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ، أَوْ فَلَسِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَامِيٌّ مَعَ مِصْرِيٍّ) أَيْ وَلَا دُخُولَ لِشَامِيٍّ مِنْ عَصَبَةِ الْجَانِي مَعَ مِصْرِيٍّ مِنْ عَصَبَتِهِ أَيْضًا وَلَا عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَوْزِيعِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ التَّنَاصُرُ، وَالشَّامِيُّ لَا يَنْصُرُ مَنْ فِي مِصْرَ وَعَكْسُهُ فَلَوْ كَانَتْ إقَامَةُ الْجَانِي فِي أَحَدِ الْقُطْرَيْنِ أَكْثَرَ، أَوْ مُسَاوِيَةً فَيُنْظَرُ لِمَحَلِّ جِنَايَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا دُخُولَ لِبَدْوِيٍّ إلَخْ كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ ثَمَّ بِهَا الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ أَيْ مِمَّنْ هُوَ مُقِيمٌ مَعَهُمْ فِي الْحَاضِرَةِ، أَوْ الْبَادِيَةِ، أَوْ فِي قُطْرٍ (قَوْلُهُ: الْكَامِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْخَطَإِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي فَكَأَنَّهُ قِيلَ فِي كَمْ مِنْ الزَّمَنِ تُنَجَّمُ وَجُمْلَةُ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا صِفَةٌ أُولَى لِثَلَاثِ سِنِينَ وَقَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: لِذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لِنَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ كَقَطْعِ يَدَيْنِ، أَوْ قَلْعِ عَيْنَيْنِ، أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ خَطَأً (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا) أَيْ السِّنِينَ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) أَيْ بِتَنْجِيمِهَا (قَوْلُهُ: وَالثُّلُثُ) أَيْ وَيُنَجَّمُ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ، فَالثُّلُثُ فِي سَنَةٍ) أَيْ، فَالثُّلُثُ يُنَجَّمُ فِي سَنَةٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ) أَيْ كَيَدٍ وَخَمْسَةِ أَسْنَانٍ (قَوْلُهُ: بِالتَّثْلِيثِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ التَّثْلِيثِ فِي الْكَامِلَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ لِلثُّلُثِ سَنَةً كَامِلَةً (قَوْلُهُ وَلِلسُّدُسِ الْبَاقِي سَنَةً أُخْرَى) أَيْ فَيَكُونُ حُكْمُ النِّصْفِ حُكْمَ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ إذَا زَادَ النِّصْفُ نِصْفَ عُشْرٍ كَدِيَةِ عَيْنٍ وَسِنٍّ، أَوْ زَادَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ عُشْرًا كَدِيَةِ يَدٍ وَخَمْسَةِ أَسْنَانٍ وَأُصْبُعٍ هَلْ يَكُونُ لِذَلِكَ الزَّائِدِ سَنَةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، أَوْ بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ: كَحُكْمِ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ) أَيْ كَحُكْمِ مَا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ حَيْثُ التَّنْجِيمِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: مَا يَنُوبُ كُلَّ عَاقِلَةٍ) أَيْ مِنْ دِيَةِ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ) أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ دِيَاتُهُمْ الَّتِي يُؤَدُّونَهَا بِأَنْ كَانَتْ إحْدَى الْعَوَاقِلِ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ، وَالْأُخْرَى مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ، وَهَذَا كَالْمُخَصِّصِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَمِنْ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَكُونُ مِنْ صِنْفَيْنِ كَذَهَبٍ، وَإِبِلٍ، أَوْ وَرِقٍ فَإِنَّ هُنَا تَدْفَعُ كُلُّ عَاقِلَةٍ الْقَدْرَ الَّذِي لَزِمَهَا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ نَوْعِ مَا عِنْدَهَا

(كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ فَعَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ ثَلَاثُ دِيَاتٍ تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (وَهَلْ حَدُّهَا) أَيْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ أَيْ أَقَلُّ حَدِّهَا الَّذِي لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ) أَقَلُّ حَدِّهَا (الزَّائِدُ عَلَى الْأَلْفِ) زِيَادَةً بَيِّنَةً كَعِشْرِينَ رَجُلًا (قَوْلَانِ) فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ السَّبْعِمِائَةِ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ غَيْرِهِمْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ مَا يَنُوبُهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ، ثُمَّ يُكَمِّلُ الْعَدَدَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَإِذَا كَانَ الْعَصَبَةُ سِتَّمِائَةٍ يُكَمِّلُ مِنْ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ مَا يَفِي بِالسَّبْعِمِائَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ، أَوْ وَجَدَ مَا لَا يُكَمِّلُ السَّبْعَمِائَةِ كَمَّلَ مِنْ الْمَوَالِي الْأَسْفَلِينَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَفِي بِذَلِكَ كَمَّلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ فِيهِمْ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْأَعْمَامِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَإِلَّا انْتَقَلَ لِلتَّكْمِيلِ مِنْهُمْ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَعْلُومِ أَيْ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ فَإِذَا كَمَّلَ لَمْ يَنْتَقِلْ لِغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِحَدِّهَا أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ لِظُهُورِ أَنَّ الْعَصَبَةَ الْمُتَسَاوِيَةَ، أَوْ أَهْلَ الدِّيوَانِ إذَا كَانُوا أُلُوفًا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدَّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ مِنْ بَعْدِهِ لَهُ إنْ وُجِدَ هَلْ هُوَ سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ زِيَادَةً بَيِّنَةً بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ الْأَقَلَّ فِي الْبَلَدِ انْتَقَلَ لِلتَّكْمِيلِ مِنْ غَيْرِهِمْ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْأَبْعَدِ بَعْدَ التَّكْمِيلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ قَوْلَانِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُ الْجَانِي لَزِمَهُ مَا يَنُوبُهُ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْعَدَدِ وَلَزِمَ بَيْتَ الْمَالِ الْبَاقِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ لَزِمَ الْجَانِي الْجَمِيعُ فِي مَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ، ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ خَطَأً، وَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ وَمُرَتَّبَةٌ كَمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَقَالَ (وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ) لَا الْعَبْدِ لِعَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِهِ (الْمُسْلِمِ) لَا الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ (وَإِنْ) كَانَ (صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا) ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ كَعِوَضِ الْمُتْلَفَاتِ (أَوْ) كَانَ الْقَاتِلُ (شَرِيكًا) لِصَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَعَلَى كُلٍّ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ كَثُرَ الشُّرَكَاءُ (إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ) خَرَجَ الْمُرْتَدُّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِهِ (مَعْصُومًا) خَرَجَ الزِّنْدِيقُ، وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِهِمَا (خَطَأً) لَا عَمْدًا عُفِيَ عَنْهُ فَلَا تَجِبُ بَلْ تُنْدَبُ كَمَا يَأْتِي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ) هَذَا مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ وَحُكْمُ مَا وَجَبَ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْجِنَايَاتِ الْمُتَعَدِّدَةَ الْوَاجِبَ عَقْلُهَا عَلَى عَاقِلَةٍ بِالْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ الْوَاجِبِ عَقْلُهَا عَلَى عَوَاقِلَ فِي أَنَّ كُلًّا يُنَجَّمُ عَقْلُهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ بِجَامِعٍ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ فِي كُلٍّ. (قَوْلُهُ: كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا) أَيْ الْوَاجِبِ عَقْلُهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) أَيْ تُنَجَّمُ تِلْكَ الدِّيَاتُ الثَّلَاثُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (قَوْلُهُ أَيْ أَقَلُّ حَدِّهَا) أَيْ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ ضَمِّ مَنْ بَعْدَهُمْ إلَيْهِمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ لَهُ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهِمْ عَصَبَةُ الْجَانِي، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَهْلُ الدِّيوَانِ ذَلِكَ الْعَدَدِ ضُمَّ إلَيْهِمْ الْعَصَبَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ وَقُلْنَا أَنَّ الْعَصَبَةَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ فِي الْعَشِيرَةِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِمْ الْفَصِيلَةُ، وَإِلَّا ضُمَّتْ إلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ بِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ الْفَخِذُ، وَهَكَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ حَدٌّ لِمَنْ يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ إذَا قَصَرُوا عَنْهُ لَمْ يُضْرَبْ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا زَادُوا عَلَيْهِ فَلَا يُضْرَبُ عَلَى الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: أَوْ الزَّائِدَ عَلَى أَلْفٍ) أَيْ مَعَ زِيَادَةِ عِشْرِينَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ، أَوْ مَعَ زِيَادَةِ أَرْبَعَةٍ كَمَا قَالَ عج. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَوْلِ بِأَنْ لَا حَدَّ لَهَا وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّرَ بِهِ. وَنَصُّهُ رَوَى الْبَاجِيَّ لَا حَدَّ لِمَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ سَحْنُونٌ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ ابْنُ عَاتٍ الْمَشْهُورُ عَنْ سَحْنُونٍ إذَا كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَلْفًا، فَهُمْ قَلِيلٌ فَيُضَمُّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَاصِرٌ عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ كَالظِّهَارِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ كَالظِّهَارِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالْكَفَّارَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ جَعْلُ الشَّيْءِ سَبَبًا، فَالشَّارِعُ جَعَلَ الْقَتْلَ خَطَأً سَبَبَهَا وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، وَالْوُجُوبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنْ جَعَلَ الصَّوْمَ أَحَدَ قِسْمَيْهَا يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكَالِيفِ لِاشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي الصَّوْمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِسْمِ الْمَالِيِّ فَيَعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَإِنْ عَجَزَ أَخَّرَ الصَّوْمَ لِبُلُوغِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَعِوَضِ الْمُتْلَفَاتِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَعِوَضِ الْمُتْلَفَاتِ لِكَوْنِهَا عِوَضًا عَنْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْقَاتِلُ شَرِيكًا لِصَبِيٍّ إلَخْ) بَلْ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيَّيْنِ، أَوْ مَجْنُونَيْنِ لَوَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى كُلٍّ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ (قَوْلُهُ إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَاتَلَ وَقَتَلَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَلَى الْحُرِّ إذَا قَتَلَ، أَوْ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ لِمِثْلِهِ وَيَكُونُ لِمِثْلِهِ مَعْمُولًا لِلْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ الْمُرْتَدُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مِثْلِهِ أَيْ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ فَقَوْلُهُ خَرَجَ الْمُرْتَدُّ أَيْ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: خَطَأً) مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي ح لَوْ انْتَبَهَتْ الْمَرْأَةُ فَوَجَدَتْ وَلَدَهَا مَيِّتًا فَيَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ وَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا؛ لِأَنَّهَا انْقَلَبَتْ عَلَيْهِ، وَهِيَ نَائِمَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُمَا إذَا انْتَبَهَا فَوَجَدَاهُ مَيِّتًا بَيْنَهُمَا كَانَ هَدَرًا (قَوْلُهُ لَا عَمْدًا عُفِيَ عَنْهُ) إنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ فِي الْعَمْدِ وَوَجَبَتْ فِي الْخَطَإِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْعَامِدَ لَا تَكْفِيهِ الْكَفَّارَةُ لِجِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ كَمَا قَالُوا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ أَيْضًا فَقَدْ، أَوْجَبُوا عَلَيْهِ ضَرْبَ مِائَةٍ وَحَبْسَ سَنَةٍ اهـ بْن

(عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ مُسْلِمَةٍ (وَلِعَجْزِهَا) أَيْ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا (شَهْرَانِ) أَيْ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ (كَالظِّهَارِ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ وَصَوْمِ الشَّهْرَيْنِ هُنَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (لَا صَائِلًا) أَيْ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ صَائِلًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعْصُومًا خَطَأً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ لِعَدَمِ الْقِصَاصِ فِيهِ كَالْخَطَإِ (و) لَا (قَاتِلِ نَفْسِهِ) خَطَأً وَأَوْلَى عَمْدًا لِعَدَمِ الْخِطَابِ بِمَوْتِهِ (كَدِيَتِهِ) أَيْ مِنْ ذَكَر مِنْ الصَّائِل وَقَاتِلِ نَفْسه فَتَسْقُط، وَالْأَظْهَر رُجُوع الضَّمِير لِقَاتِلِ نَفْسِهِ خَطَأ أَيْ فَلَا دِيَة عَلَى عَاقِلَته لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ (وَنُدِبَتْ) الْكَفَّارَة لِلْحُرِّ الْمُسْلِم (فِي) قَتْلِ (جَنِين وَرَقِيق) لِغَيْرِهِ (وَعَمْد) لَمْ يُقْتَلْ بِهِ لِعَفْوِ، أَوْ لِعَدَمِ مُكَافَأَة (وَعَبْد) لِنَفْسِهِ فَلَا تَكْرَار وَفِي بَعْض النُّسَخ بَدَلَ عَبْد ذِمِّيّ أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأ وَعَلَيْهَا فَيَعْمُمْ فِي قَوْله وَرَقِيق، وَهَذِهِ النُّسْخَة أَحْسَن (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاتِل عَمْدًا الْبَالِغ إذَا لَمْ يُقْتَلُ لِعَفْوٍ، أَوْ لِزِيَادَةِ حُرِّيَّة، أَوْ إسْلَامٍ (مُطْلَقًا) كَانَ الْقَاتِل حُرًّا، أَوْ رَقِيقًا مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (جُلِدَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً) ، (وَإِنْ) كَانَ قَتَلَهُ الْعَمْدَ مُلْتَبِسًا (بِقَتْلِ مَجُوسِيّ، أَوْ) قَتَلَ (عَبْده) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجَارِح عَمْدًا يُؤَدِّب وَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ (أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي) بِالْجَرِّ عِطْف عَلَى قَتْلِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْمُدَّعَى بِهِ مُلْتَبِسًا بِنُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ أَيْمَان الْقَسَامَة الَّتِي تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ (عَلَى ذِي اللُّوث) مُتَعَلِّق بِالْمُدَّعَى (وَحَلَّفَهُ) الْوَاو بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ حَلِفِ ذِي اللُّوث، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَوْلَى مَعَ نُكُوله، وَإِنَّمَا خَصَّ حَلَفَهُ بِالذَّكَرِ لِكَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْت الْمُبَالَغَة وَأَمَّا إنْ نَكِل فَلَا يُتَوَهَّم عَدَم هَذَا الْحُكْم الَّذِي هُوَ الْجَلْدُ، وَالْحَبْس يَعْنِي إنْ قَامَ لَهُ لَوْثٌ مِنْ أَوْلِيَاء الْمَقْتُول عَلَى شَخْص فَادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فَطَلَب مِنْ الْمُدَّعِي أَيْمَان الْقَسَامَة فَنَكِل وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَحَلَفَهَا وَأُولَى إنْ لَمْ يَحْلِفهَا فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُجْلَدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَة نَظَّرَا لَلَوَّثَ (وَالْقَسَامَة) الَّتِي تُوجِب الْقِصَاص فِي الْعَمْد، وَالدِّيَة فِي الْخَطَأ (سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرّ الْمُسْلِم) وَإِنْ غَيْر بَالِغٍ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ، أَوْ سُمٍّ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ لَا الرَّقِيق، وَالْكَافِر (فِي مَحَلّ اللَّوْثِ) بِفَتْحِ اللَّام وَسُكُون الْوَاو، وَهُوَ الْأَمْر الَّذِي يَنْشَأ عَنْهُ غَلَبَة الظَّنّ بِوُقُوعِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيُسَمَّى اللَّطْخ وَفِي الْحَقِيقَة سَبَبُهَا نَفْسُ اللُّوث أَيْ الْأَمْر الَّذِي يَنْشَأ عَنْهُ غَلَبَة الظَّنّ بِأَنَّهُ قَتَلَ، وَإِضَافَةُ مَحَلِّ اللَّوْثِ لِلْبَيَانِ وَفِي بِمَعْنَى لَامَ الْعِلَّة أَيْ لِقِيَامِ اللَّوْثِ وَذَكَر لِلَّوْثِ الَّذِي تَسَبَّبَ عَنْهُ الْقَسَامَة خَمْسَة أَمْثِلَة، أَوَّلُهَا قَوْله (كَأَنْ يَقُول) شَخْص (بَالِغٌ) عَاقِلٌ، وَإِنْ أُنْثَى لَا صَبِيّ، وَإِنْ مُرَاهِقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ عَلَى الْقَاتِلِ. (قَوْلُهُ: كَالظِّهَارِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الرَّقَبَةِ، وَالشَّهْرَيْنِ كَالظِّهَارِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ حَالِهِمَا هُنَا كَحَالِهِمَا فِي الظِّهَارِ (قَوْلُهُ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ) أَيْ مِنْ إسْلَامِ الرَّقَبَةِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَخُلُوِّهَا عَنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ وَتَتَابُعِ الصَّوْمِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لَا صَائِلًا) عَطْفٌ عَلَى مَعْصُومًا أَيْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَتَلَ صَائِلًا عَلَيْهِ أَيْ قَاصِدًا الْوُثُوبَ عَلَيْهِ وَلَوْ لِأَخْذِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا قَاتِلِ نَفْسِهِ) أَيْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْكَفَّارَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْخِطَابِ) أَيْ بِهَا بِسَبَبِ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: كَدِيَتِهِ) أَيْ كَمَا تَجِبُ دِيَتُهُ (قَوْلُهُ فَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي عَقْلَ نَفْسِهِ فَكَذَا غَيْرُهُ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّائِلِ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْتُولٌ عَمْدًا وَلَا دِيَةَ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَرَقِيقٍ) أَيْ وَنُدِبَتْ الْكَفَّارَةُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي قَتْلِهِ رَقِيقًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ وَفِي قَتْلِهِ لِشَخْصٍ عَمْدًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ بِهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا قُتِلَ بِهِ فَلَا كَفَّارَةَ. (قَوْلُهُ: ذِمِّيٌّ) أَيْ وَنُدِبَتْ الْكَفَّارَةُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي قَتْلِهِ ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ فِي قَوْلِهِ وَرَقِيق) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ تَنْدُبُ الْكَفَّارَةُ لِلْحُرِّ فِي الْمُسْلِمِ فِي قَتْلِهِ رَقِيقًا سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ. (قَوْلُهُ: أَحْسَن) أَيْ لِإِفَادَتِهَا حُكْمًا زَائِدًا عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى، وَهُوَ نَدْبُ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيبٍ كَمَا فِي الزِّنَا وَاخْتُلِفَ فِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا فَقِيلَ الْجَلْدُ وَقِيلَ الْحَبْسُ وَلَمْ يَشْطُرُوهَا بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ، وَالرِّقُّ، وَالْحُرُّ فِيهَا سَوَاءٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَنَّ الْجَارِحَ عَمْدًا يُؤَدَّبُ) أَيْ، وَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ، أَوْ أُخِذَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ فِي الْمَتَالِفِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِي اللَّوَثِ) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ اللَّوَثُ بِأَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَاحِدٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ، وَالْمُبَالَغُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ مُتَوَهِّمًا، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ ضَرْبِهِ وَعَدَمُ حَبْسِهِ وَأَمَّا إذَا نَكَلَ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ ذَلِكَ بَلْ يُجْزَمُ فِيهِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْلِفْهَا) سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ وَلَمْ يَحْلِفْهَا لَا يُقْتَلُ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَهَا (قَوْلُهُ: وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ سَبَبُهَا أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ فَلَا قَسَامَةَ فِي جُرْحٍ وَلَا فِي قَتْلِ عَبْدٍ وَلَا كَافِرٍ (قَوْلُهُ: بِجُرْحٍ) أَيْ لَا خُصُوصَ جَزِّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصَدَقَةٍ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَرِينَةَ السِّيَاقِ تُخْرِجُهَا؛ إذْ لَا تَحْتَاجُ لِأَيْمَانٍ مَعَهَا، فَالْمُرَادُ غَيْرُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ جَوَازُ التَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: وَفِي بِمَعْنَى لَامِ الْعِلَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُقْتَلُ لِقِيَامِ اللَّوْثِ الْقَاتِلُ وَكَلَامُنَا فِي قَتْلِ الْمَقْتُولِ، فَالْأَوْلَى جَعْلُ فِي بِمَعْنَى مَعَ أَيْ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمُصَاحِبِ لِلَّوَثِ أَيْ الْأَمْرُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي بِالْقَتْلِ. (قَوْلُهُ خَمْسَةُ أَمْثِلَةٍ) أَوَّلُهَا قَوْلُ الْمُدْمَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ مَعَ وُجُودِ الْجُرْحِ، أَوْ أَثَرِ الضَّرْبِ وَمِثْلِهِ

وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ بِغَيْرِ قَوْلِهِ وَلَا مَجْنُونٍ؛ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ شَرْعًا (حُرٌّ مُسْلِمٌ قَتَلَنِي فُلَانٌ) ، أَوْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَلَوْ) قَالَ قَتَلَنِي (خَطَأً، أَوْ) كَانَ الْقَاتِلُ (مَسْخُوطًا) أَيْ فَاسِقًا ادَّعَاهُ (عَلَى وَرِعٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَهُوَ وَرِعٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا إنْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَانِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ بَلْ فُلَانٌ آخَرُ، أَوْ قَالَ مَا قَتَلَنِي بَلْ غَيْرُهُ، أَوْ لَا أَدْرِي مَنْ الَّذِي قَتَلَنِي بَطَلَ اللَّوْثُ فَلَا قَسَامَةَ (أَوْ) ادَّعَى (وَلَدٌ عَلَى، وَالِدِهِ أَنَّهُ) أَضْجَعَهُ و (ذَبَحَهُ) فَيُقْسِمُونَ بِذَلِكَ وَيُقْتَلُ الْوَالِدُ (أَوْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ قَالَتْ قَتَلَنِي زَوْجِي فَيُقْسِمُونَ وَيُقْتَلُ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَالِغِ الْمَذْكُورِ (إنْ كَانَ جُرِحَ) بِهِ وَيُسَمَّى التَّدْمِيَةَ الْحَمْرَاءَ وَأَثَرُ الضَّرْبِ، أَوْ السُّمِّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْجُرْحِ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ، فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ كَوْنِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لَوْثًا ثَلَاثَةً الْجُرْحُ وَنَحْوُهُ، وَالتَّمَادِي عَلَى إقْرَارِهِ وَشَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ مَا هُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَقَالَ (أَوْ أَطْلَقَ) فِي قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ (وَبَيَّنُوا) أَيْ، أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّهُ عَمْدٌ، أَوْ خَطَأٌ فَلَهُمْ الْقَسَامَةُ عَلَى مَا بَيَّنُوا وَلَهُمْ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ (لَا خَالَفُوا) مَعْطُوفٌ عَلَى أَطْلَقَ أَيْ لَا إنْ قُيِّدَ وَخَالَفُوا بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا وَقَالُوا بَلْ خَطَأً، أَوْ الْعَكْسُ فَيَبْطُلُ الدَّمُ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى بَيَّنُوا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ لَا أَطْلَقَ وَخَالَفُوا مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ مَعَ الْإِطْلَاقِ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ) بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ لِقَوْلِ الْمَيِّتِ (وَلَا إنْ) أَطْلَقَ و (قَالَ بَعْضٌ) مِنْهُمْ قَتَلَهُ (عَمْدًا و) قَالَ آخَرُ (بَعْضٌ) آخَرُ (لَا نَعْلَمُ) هَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَلَا نَعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ (أَوْ) قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا و (نَكَلُوا) عَنْ الْقَسَامَةِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ وَلِيَّهُمْ قَتَلَ عَمْدًا حَتَّى يَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلنُّكُولِ (بِخِلَافِ ذِي الْخَطَإِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَعْضٌ خَطَأً ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ الثَّانِي شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدْمَى بِأَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ، أَوْ جَرَحَهُ مَعَ وُجُودِ الْجُرْحِ، أَوْ أَثَرِ الضَّرْبِ الثَّالِثُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ الرَّابِعُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ الْخَامِسُ أَنْ يُوجَدَ الْقَتِيلُ وَبِقُرْبِهِ شَخْصٌ عَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّبِيِّ أَيْ فِي قَتْلِهِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ قَوْلِهِ أَيْ كَمُعَايَنَةِ شَاهِدٍ لِلْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، أَوْ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ) إنَّمَا أُتِيَ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ كَوْنِ الْمَقْتُولِ حُرًّا مُسْلِمًا حِينَ الْقَتْلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حِينَ الْقَوْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ حُرٌّ أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْكَافِرِ وَأَمَّا الْمَسْخُوطُ، وَالْمَرْأَةُ، فَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلِذَا قُبِلَ قَوْلُهُمَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ فُلَانٍ) سَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ هَذَا حُرًّا، أَوْ عَبْدًا بَالِغًا، أَوْ صَبِيًّا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى عَدْلًا، أَوْ مَسْخُوطًا مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً) أَيْ هَذَا إذَا قَالَ قَتَلَنِي عَمْدًا بَلْ وَلَوْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً فَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ إحْدَاهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ وَيَكُونُ مَعَهُ الْقَسَامَةُ وَلَا يُتَّهَمُ، وَهَذِهِ أَشْهَرُ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إغْنَاءَ وَرَثَتِهِ، فَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا، وَكَذَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهَا بِلَوْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ لِلْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ أَضْجَعَهُ إلَخْ) أَيْ ادَّعَى الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ أَنَّ دَمَهُ عِنْدَهُ أَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ، أَوْ دَمَهُ عِنْدَ أَبِيهِ رَمَاهُ بِحَجَرٍ، أَوْ بِحَدِيدَةٍ (قَوْلُهُ وَيُقْتَلُ الْوَالِدُ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَتَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جُرِحَ بِهِ) قَدْ أَلْغَى كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْعَمَلَ بِالتَّدْمِيَةِ الْحَمْرَاءِ وَرَأَوْا أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ دَعْوَى مِنْ الْمَقْتُولِ، وَالنَّاسُ لَا يُعْطُونَ بِدَعْوَاهُمْ، وَالْأَيْمَانُ لَا تُثْبِتُ الدَّعَاوَى، وَإِنَّمَا تَرُدُّهَا مِنْ الْمُنْكَرِ وَرَأَى عُلَمَاؤُنَا أَنَّ الشَّخْصَ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَى الْكَذِبِ فِي سَفْكِ الدَّمِ كَيْفَ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْدَمُ فِيهِ النَّادِمُ وَيُقْلِعُ فِيهِ الظَّالِمُ وَمَدَارُ الْأَحْكَامِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَأَيَّدُوا ذَلِكَ بِكَوْنِ الْقَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً احْتِيَاطًا فِي الدِّمَاءِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْقَاتِلِ إخْفَاءُ الْقَتْلِ عَلَى الْبَيِّنَاتِ فَاقْتَضَى الِاسْتِحْسَانَ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ) أَيْ، وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا جُرْحٌ وَلَا أَثَرُ ضَرْبٍ، فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهَا فَإِذَا قَالَ الْمَيِّتُ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَلَيْسَ بِهِ جُرْحٌ وَلَا أَثَرُ ضَرْبٍ قَتَلَنِي فُلَانٌ، أَوْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ الْقَائِلَيْنِ بِقَبُولِ قَوْلِهِ وَيَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّدْمِيَةِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا أَثَرُ ضَرْبٍ وَلَا جُرْحٍ اضْطِرَابٌ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْحُكْمُ قَوْلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرُ جُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، أَوْ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ: الْجُرْحُ) أَيْ وُجُودُ الْجُرْحِ وَوُجُودُ نَحْوِهِ، وَهُوَ أَثَرُ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا إنْ قَيَّدَ وَخَالَفُوا) أَيْ كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْسِمُونَ وَيَصِيرُ الدَّمُ هَدَرًا (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ الدَّمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ، وَهُمْ أَبْرَءُوا الْقَاتِلَ وَفِي الثَّانِيَةِ عَكْسُهُ الْقَتِيلُ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ، وَهُمْ أَبْرَءُوا عَاقِلَتَهُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْمَيِّتِ) أَيْ بِقَوْلِهِ قَتَلَنِي عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذِي الْخَطَإِ) أَيْ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُدْمَى قَالَ

وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ (فَلَهُ) أَيْ لِمُدَّعِي الْخَطَإِ (الْحَلِفُ) لِجَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَأَخْذُ نَصِيبِهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَالَ لَا نَعْلَمُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ حَلَفَ نَصِيبُهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَبَعْضُهُمْ عَمْدًا فَحُكْمُهُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَعْضَانِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمَيِّتُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ بِأَنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ خَطَأً (وَاسْتَوَوْا) فِي الدَّرَجَةِ كَأَوْلَادٍ، أَوْ إخْوَةٍ، أَوْ أَعْمَامٍ (حَلَفَ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُدَّعِي الْعَمْدِ وَمُدَّعِي الْخَطَإِ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ (وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ خَطَإٍ) عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ (وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ) أَيْ مُدَّعِيهِ (بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ) أَيْ ذِي الْخَطَإِ فَلَا قَسَامَةَ لِذِي الْعَمْدِ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لِدَعْوَاهُ الدَّمَ إنَّمَا يَحْلِفُ تَبَعًا لِذِي الْخَطَإِ وَيَصِيرُونَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ ادَّعَى جَمِيعُهُمْ الْخَطَأَ وَنَكَلُوا فَتَحْلِفُ عَاقِلَةُ الْجَانِي وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ غَرِمَ وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الثَّانِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ بِقَوْلِهِ (وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ (أَوْ) شَهِدَا (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ (عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) فَيَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يُقَيِّدْ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ (قَوْلُهُ: وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ) أَيْ صِفَةَ قَتْلِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا إذَا قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ قَالَ لَا عِلْمَ لَنَا بِعَيْنِ قَاتِلِهِ كَمَا فِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَالَ لَا نَعْلَمُ) أَيْ لَا نَعْلَمُ صِفَةَ قَتْلِهِ، أَوْ لَا نَعْلَمُ عَيْنَ قَاتِلِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَكَلَ الْبَعْضُ إلَخْ) أَيْ وَحَلَفَ الْبَعْضُ الثَّانِي جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ) أَيْ إذَا حَلَفَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ كُلَّهَا فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ دُفِعَتْ حِصَّتُهُ لِلنَّاكِلِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَأَمَّا لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلُوا كُلُّهُمْ عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ رُدَّتْ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فَإِنْ حَلَفُوهَا كُلُّهُمْ سَقَطَتْ الدِّيَةُ، وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ دُفِعَتْ حِصَّتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ النَّاكِلِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْبَعْضَانِ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِمَ ثَنَّى الضَّمِيرَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ اخْتَلَفَا وَجَمَعَهُ ثَانِيًا فِي قَوْلِهِ وَاسْتَوَوْا مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ مُطَابَقَةُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ وَاسْتَوَيَا. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ ثَنَّاهُ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا طَائِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَدَّعِي الْعَمْدَ، وَالْأُخْرَى تَدَّعِي الْخَطَأَ وَجَمَعَ ثَانِيًا نَظَرًا لِتَعَدُّدِ أَفْرَادِ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقَ الْمَيِّتَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوَوْا) أَيْ الْمُتَخَالِفَانِ وَقَوْلُهُ فِي الدَّرَجَةِ أَيْ فِي دَرَجَةِ الْقَرَابَةِ لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ عَدَدُ ذِي الْعَمْدِ وَذِي الْخَطَإِ وَقَوْلُهُ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَيْ وَفِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُ التَّكَلُّمُ كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَاخْتَلَفَتْ مَرْتَبَتُهُمْ قُرْبًا وَبُعْدًا وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهُ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ وَأَعْمَامٍ فَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ عَمْدًا، وَالْبَنَاتُ خَطَأً كَانَ الدَّمُ هَدَرًا لَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ وَلَا قَوَدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَنَاتِ يَدَّعِينَ الْخَطَأَ وَلَهُنَّ الْحَلِفُ فِيهِ فَفِي إعْمَالِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا تَحَكُّمٌ، وَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ خَطَأً، وَالْبَنَاتُ عَمْدًا حَلَفَتْ الْعَصَبَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَكَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً كَمَا يَأْتِي فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَاسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْجَمِيعِ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ مَعَ بَنِينَ، فَالْعِبْرَةُ بِكَلَامِ الْبَنِينَ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِكَلَامِ الْأَعْمَامِ مَعَ الْبَنِينَ 1 - (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ حَقُّ ذِي عَمْدٍ) أَيْ فِي الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ: بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ حَلَفَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَإِ وَنَكَلَ الْبَاقِي، فَهَلْ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ الْحَلِفُ تَبَعًا لِحَلِفِ بَعْضِ مُدَّعِي الْخَطَإِ أَمْ لَا وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الشَّيْخُ يُوسُفُ الْفِيشِيُّ وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ وَرُبَّمَا يَشْمَلُهُ التَّعْلِيلُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِحَلِفِ ذَوِي الْخَطَإِ فَإِذَا كَانَ مُدَّعُو الْخَطَإِ اثْنَيْنِ وَمُدَّعُو الْعَمْدِ اثْنَيْنِ وَحَلَفَ وَاحِدٌ مِنْ مُدَّعِي الْخَطَإِ كَانَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ الْحَلِفُ مَعَهُ وَتَأْخُذُ الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ فَيَدْخُلُ مُدَّعِي الْعَمْدِ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ مِنْ مُدَّعِي الْخَطَإِ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِدَعْوَاهُ الدَّمَ إنَّمَا يَحْلِفُ) أَيْ لِيَأْخُذَ مِنْ الدِّيَةِ تَبَعًا لِذِي الْخَطَإِ، وَالْأَوْضَحُ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الدِّيَةِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِمُدَّعِي الْخَطَإِ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ إنَّمَا يَدَّعِي الدَّمَ فَيَصِيرُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتَحْلِفُ عَاقِلَةُ الْجَانِي) أَيْ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ غَرِمَ) أَيْ مَا يَنُوبُهُ وَيَقْسِمُ مَا غَرِمَ النَّاكِلُ مِنْ الْعَاقِلَةِ عَلَى مُدَّعِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ أَيْ فِي الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى قَسَامَتِهِمْ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِحُرٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ) أَيْ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَثَرٌ لَهُمَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ جُرْحٍ وَضَرْبٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَإِ. (قَوْلُهُ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) عَطْفٌ عَلَى جُرْحٍ أَيْ كَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ أَثَرَهُ مَوْجُودٌ، وَإِلَّا لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى إقْرَارِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُكَرَّرٍ مَعَ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي قَتَلَنِي فُلَانٌ وَكَانَ هُنَاكَ جُرْحٌ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ مَوْجُودٌ وَمَا

فَقَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَكَشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ هُوَ قَوْلُ الْبَالِغِ وَشَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ لَا الشَّاهِدَانِ (ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِالْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ فَلَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ الْمَوْتُ اسْتَحَقُّوا الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ لَا لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْقَسَامَةَ مُطْلَقًا تَأَخَّرَ الْمَوْتُ أَمْ لَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَبَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْقَسَامَةِ بِقَوْلِهِ (يُقْسِمُ) أَيْ كَيْفِيَّتُهَا أَنْ يُقْسِمَ الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ هُوَ (لَمَنْ ضَرْبِهِ) ، أَوْ جَرْحِهِ (مَاتَ) أَيْ بِتَقْدِيمِ الْجَارِّ، وَالْمَجْرُورِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَفِي مَعْنَاهُ إنَّمَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ مَا مَاتَ إلَّا مِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ جَرْحِهِ، وَهَذَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا فِي الشَّاهِدِ الْآتِي فَسَكَتَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ قَوْلَهُ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ عَنْهُ وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ الْقَسَامَةِ فِيهِ وَأَمَّا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى قَوْلِهِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الثَّالِثِ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى سِتِّ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (بِذَلِكَ) أَيْ بِمُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا لَقَدْ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، أَوْ نَصُّهُ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْجُرْحِ، وَالْمَوْتِ عَنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ أَيْ لَقَدْ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْ جَرْحِهِ، أَوْ ضَرْبِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ قَبْلَ الْخَمْسِينَ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ وَقِيلَ يَحْلِفُونَ أَيْ يَحْلِفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَمِينًا مُكَمِّلَةً وَسَيَأْتِي مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا وَبِهَا تَتِمُّ السِّتُّ مَسَائِلَ (إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ) لَا قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الشَّاهِدِ وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا فَذَكَرَ فِيهَا ثُبُوتَ الْمَوْتِ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ؛ إذْ مَعْرِفَةُ تَأَخُّرِ الشَّيْءِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ (أَوْ) بِشَاهِدٍ (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) الْبَالِغِ بِجُرْحٍ، أَوْ بِضَرْبٍ (عَمْدًا) أَيْ قَالَ جَرَحَنِي فُلَانٌ، أَوْ ضَرَبَنِي عَمْدًا فَيَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي، وَالْحَالُ أَنَّ أَثَرَ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فَمَا تَقَدَّمَ شَهَادَةٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْقَتْلِ وَمَا هُنَا شَهَادَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجُرْحِ، أَوْ بِالضَّرْبِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الشَّاهِدَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكَشَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: لَا لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْجُرْحِ، أَوْ بِالضَّرْبِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ شَهِدَا بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ) أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ أَمَّا شَهَادَتُهُمَا عَلَى إقْرَارِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ ضَرَبَهُ وَلِمَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ إنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِالضَّرْبِ، أَوْ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلِمَنْ جَرَحَهُ مَاتَ إنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجُرْحِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الشَّاهِدِ) أَيْ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْقَسَامَةِ فِي مِثَالِ مَا إذَا كَانَ اللَّوَثُ شَاهِدًا وَاحِدًا شَهِدَ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَّرَ قَوْلَهُ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَوْلِهِ يُقْسَمُ لِمَنْ ضَرْبِهِ مَاتَ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِسُكُوتِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْقَسَامَةِ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَقَدْ قَتَلَهُ فُلَانٌ (قَوْلُهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى سِتِّ مَسَائِلَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ إمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَإِمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مَعَ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْقَتْلِ وَشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ خَطَأً مَعَ إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ خَطَأً (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَاهِدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَشَاهِدَيْنِ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْرُوحُ، أَوْ الْمَضْرُوبُ بَالِغًا أَمْ لَا تَأَخَّرَ الْمَوْتُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْجُرْحِ، وَالْمَوْتِ عَنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ تُجْمَعُ مَعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ) أَيْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ الَّتِي جُعِلَتْ لَوْثًا وَقَوْلُهُ أَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ قَبْلَ الْخَمْسِينَ يَمِينًا مُكَمِّلَةً أَيْ بَلْ تُجْمَعُ الْمُكَمِّلَةُ مَعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَلَا تُفْرَدُ فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَقَطْ لَقَدْ ضَرَبَهُ وَلَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ، أَوْ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَمِنْ جَرْحِهِ مَاتَ فَقَوْلُهُ لَقَدْ ضَرَبَهُ، أَوْ لَقَدْ جَرَحَهُ نَاظِرٌ لِلْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ وَلَمِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ جَرْحِهِ مَاتَ نَاظِرٌ لِيَمِينِ الْقَسَامَةِ فَقَوْلُهُ أَيْ يَحْلِفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَمِينًا مُكَمِّلَةً أَيْ فَيَقُولُ فِيهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ ضَرْبِهِ، أَوْ جَرَحَهُ وَأَيْمَانُ الْقَسَامَةِ بَعْدَهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَمِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ لَمِنْ جَرْحِهِ قَدْ مَاتَ اُنْظُرْ بْن وَانْظُرْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا حَيْثُ قِيلَ إنَّ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ يَحْلِفُهَا وَاحِدٌ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ بِدَيْنٍ لِمُوَرِّثِهِمْ وَشَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَا يَأْخُذُ وَاحِدٌ حَقَّهُ إلَّا إذَا حَلَفَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ) أَيْ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقَسَامَةُ إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ وَقَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ أَيْ لَا تَكُونُ الْقَسَامَةُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ، وَهِيَ قَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَاهِدٍ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ الْبَالِغِ) أَيْ أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ، أَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا إنَّمَا تَكُونُ لَوْثًا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِالضَّرْبِ، أَوْ بِالْجُرْحِ بَالِغًا بِخِلَافِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ فَإِنَّهَا لَوْثٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَقْتُولُ بَالِغًا أَمْ لَا كَمَا مَرَّ

وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُكَمِّلَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوَّلًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي خَطَأً فَلَا يَكْفِي الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي قَتَلَنِي فَيَكْفِي الْوَاحِدُ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَإِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ بِالْإِقْرَارِ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ، وَإِنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ التَّوَقُّفُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ، أَوْ الِاكْتِفَاءُ بِالشَّاهِدِ مُطْلَقًا (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ وَثَبَتَ إقْرَارُهُ بِشَاهِدَيْنِ كَمَا هُوَ عَيْنُ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (مَعَ شَاهِدٍ) بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، فَهُوَ لَوْثٌ يَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي هَذَا يَثْبُتُ الدَّمُ، أَوْ الدِّيَةُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ (أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ) بِأَنْ قَالَ قَتَلَهُ خَطَأً (بِشَاهِدٍ) أَيْ مَعَ شَاهِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ خَطَأً فَلَوْثٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ بِالْخَطَإِ فَغَيْرُ لَوْثٍ وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ) أَيْ الْقَتْلِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ الْآخَرُ خَطَأً، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِسَيْفٍ، وَالْآخَرُ بِعَصًا (بَطَلَ) الدَّمُ لِتَنَاقُضِ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُمَا بَيَانُ صِفَةِ الْقَتْلِ، لَكِنْ إنْ بَيَّنَاهَا وَاخْتَلَفَا بِطَلَبِ شَهَادَتِهِمَا وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الرَّابِعِ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ بِقَوْلِهِ (وَكَالْعَدْلِ) الْوَاحِدِ (فَقَطْ) يَشْهَدُ (فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ) أَيْ بِمُعَايَنَتِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ، وَالْمَرْأَتَانِ الْعَدْلَتَانِ كَالْعَدْلِ فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا قُلْنَا أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُكَمِّلَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ تُفْرَدُ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّمَا يَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا يُجْمَعُ مَعَهَا الْيَمِينُ الْمُكَمِّلَةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ حَيْثُ كَانَتْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْجُرْحِ عَمْدًا لَوْثًا دُونَ شَهَادَتِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ خَطَأً أَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ فِي الْخَطَإِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُقِرُّ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْقِصَاصُ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ فَصَحَّ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنَّهُ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، أَوْ قَتَلَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْوَاحِدَ) أَيْ وَأَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، أَوْ قَتَلَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ) أَيْ وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ لَا تَكْفِي لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاكْتِفَاءِ بِالشَّاهِدِ) أَيْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِالضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ: كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عَدْلَانِ وَشَهِدَ مَعَ هَذَا الْإِقْرَارِ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ إقْرَارُهُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ، أَوْ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَوْثٌ كَمَا سَيَأْتِي وَانْضَمَّ لِذَلِكَ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى الْإِقْرَارِ خِلَافًا لعبق. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَغْنِ هَذَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَوْثًا فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْقَاتِلُ أَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً وَشَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ كَانَ ذَلِكَ لَوْثًا يَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذَا الْفَرْعِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ بِمُعَايَنَةِ الْجُرْحَ، أَوْ الضَّرْبِ لَوْثًا فَأَوْلَى شَهَادَتُهُ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَدْ انْضَمَّ لِذَلِكَ إقْرَارُ الْقَاتِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ أَخْذَ الدِّيَةِ هُنَا لَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي الْخَطَإِ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ، أَوْ رَجَعَ عَنْهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عَدْلَانِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ وَاحِدٌ، فَهُوَ لَوْثٌ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ) أَيْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ بِمُعَايَنَتِهِ فِي صِفَتِهِ (قَوْلُهُ بَطَلَ الدَّمُ) أَيْ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ الْمُخْتَلَفُ فِي صِفَتِهِ عَنْ ضَرْبِهِ، أَوْ مَاتَ بِفَوْرِهِ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لِتَعَارُضِ الشَّهَادَتَيْنِ فَلَمَّا تَعَارَضَتَا سَقَطَتَا. (قَوْلُهُ: وَكَالْعَدْلِ الْوَاحِدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ، وَإِلَّا كَانَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ أَنَّهُ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ إلَّا أَنَّ الْمَقْتُولَ لَمْ يَقُلْ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ: فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ) أَيْ مَا لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غِيلَةً، وَإِلَّا فَلَا يُقْسِمُونَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا عَدْلَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَكْفِي الْعَدْلُ، وَالْقَسَامَةُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ الَّذِي لَيْسَ بِغِيلَةٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ) أَيْ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ، أَوْ الدِّيَةَ أَيْ فِي الْخَطَإِ

وَهَذَا الْمِثَالُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى وَأَشَارَ لِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (أَوْ رَآهُ) أَيْ رَأَى الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ (يَتَشَحَّطُ) بِالْحَاءِ، وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ يَتَحَرَّكُ وَيَضْطَرِبُ (فِي دَمِهِ، وَالْمُتَّهَمُ) بِالْقَتْلِ (قُرْبَهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَّهَمِ (آثَارُهُ) أَيْ الدَّمِ أَيْ أَمَارَةُ الْقَتْلِ وَشَهِدَ الْعَدْلُ بِذَلِكَ فَلَوْثٌ (وَوَجَبَتْ) الْقَسَامَةُ (وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ) كَشَهَادَةِ عَدْلٍ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مَعَ عَدْلَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَلَا يَكُونُ تَعَدُّدُهُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ، أَوْ الدِّيَةِ بِلَا قَسَامَةٍ (وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اللَّوْثِ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (بَقَرِيَّةِ قَوْمٍ) وَلَوْ مُسْلِمًا بَقَرِيَّةِ كُفَّارٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُخَالِطُهُمْ فِي غَيْرِهِمْ، وَإِلَّا كَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ كَمَا فِي قَضِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ حَيْثُ قُتِلَ بِخَيْبَرَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ؛ لِأَنَّ خَيْبَرَ مَا كَانَ يُخَالِطُ الْيَهُودُ فِيهَا غَيْرَهُمْ (أَوْ دَارَهُمْ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ إنْسَانٌ وَرَمَاهُ فِيهَا لِيَلُوثَ أَهْلَهَا بِهِ (وَلَوْ) (شَهِدَ اثْنَانِ) عَلَى شَخْصٍ (أَنَّهُ قَتَلَ) آخَرَ (وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ) وَلَمْ يُعْرَفْ (اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) يَمِينًا لِتَتَنَاوَلَ التُّهْمَةُ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمْ (وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ) فِي أَمْوَالِهِمْ إنْ حَلَفُوا، أَوْ نَكَلُوا مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ عَلَى، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ) دُونَ مَنْ حَلَفَ إنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ (بِلَا قَسَامَةٍ) عَلَى الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَلَوْ شَهِدَا بِالْخَطَإِ لَكَانَتْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَمَفْهُومُ اثْنَانِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ قَتَلَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدِّيَةِ (وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ (عَنْ قَتْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهَذَا الْمِثَالُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الْعَدْلِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ لَوْثًا فَأَوْلَى شَهَادَتُهُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَدْ يُقَالُ لِمَا كَانَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَيْسَتْ لَوْثًا وَأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِتَكْمِلَةِ الشَّهَادَةِ وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ بِمُعَايَنَةِ الْجَرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ تَعَرَّضَ لِذِكْرِ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْفَرْعِ دَفْعًا لِلتَّوَهُّمِ. (قَوْلُهُ: أَيْ رَأَى الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ) أَيْ رَآهُ بِبَصَرِهِ فَرَأَى هُنَا بَصَرِيَّةٌ تَتَعَدَّى لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ فَجُمْلَةُ يَتَشَحَّطُ حَالٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فَاعِلَ رَأَى ضَمِيرُ الْعَدْلِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعَدْلِ بِذَلِكَ بَلْ كَذَلِكَ إذَا رَآهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ عَدْلَانِ، أَوْ أَكْثَرُ؛ إذْ لَيْسَ الْمُوجِبُ لِلْقَسَامَةِ انْفِرَادَ الْعَدْلِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بَلْ قُوَّةُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ، وَالْمُتَّهَمُ قُرْبُهُ) أَيْ، أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يَتَشَحَّطُ وَلَا لِلْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ آثَارُهُ بَلْ مَتَى رَآهُ الْعَدْلُ بِقُرْبِ الْمَقْتُولِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ كَانَ لَوْثًا (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا أَرَادُوا الْقِصَاصَ، أَوْ الدِّيَةَ فَلَا يُمَكَّنُونَ إلَّا بِالْقَسَامَةِ أَمَّا إذَا أَرَادُوا التَّرْكَ فَلَا يُكَلَّفُونَ أَيْمَانَهَا وَأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ لَا لِرَدِّ قَوْلٍ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ عِنْدَ تَعَدُّدِ اللَّوْثِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَتْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَمَا مَرَّ إقْرَارُهُ بِالْقَتْلِ وَثَبَتَ الْإِقْرَارُ بِشَاهِدَيْنِ مَعَ مُعَايَنَةِ شَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ وَلَا شَكَّ فِي تَعَدُّدِ اللَّوْثِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْقَصْدُ مِمَّا مَرَّ إفَادَةُ أَنَّ اجْتِمَاعَ الْأَمْرَيْنِ لَوْثٌ، وَالْقَصْدُ مِمَّا هُنَا إفَادَةُ أَنَّ تَعَدُّدَ اللَّوْثِ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَسَامَةِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ وُجُودِ الْقَتِيلِ بِقَرْبَةِ قَوْمٍ سَوَاءٌ كَانُوا مُسْلِمِينَ، أَوْ كُفَّارًا لَيْسَ لَوْثًا إذَا كَانُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ) أَيْ فَنَكَلَا عَنْ أَيْمَانِهَا فَوَدَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ وَقَوْلُهُ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةَ كُلٌّ مِنْهَا مُصَغَّرٌ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَصَادٍ كَذَلِكَ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدْ تُخَفَّفُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ لَا يَدَعُهُ فِي مَكَان يُتَّهَمُ هُوَ بِهِ وَلَيْسَ الْمَوْتُ فِي الزَّحْمَةِ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ بَلْ هُوَ هَدَرٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ دَخَلَ فِيهِمْ الْقَاتِلُ (قَوْلُهُ: لِتَنَاوُلِ التُّهْمَةِ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمْ) أَيْ وَيَمِينُ الدَّمِ لَا تَكُونُ إلَّا خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ الْغُرْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ أَحَدِهِمْ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ الْبَاقُونَ فَالدِّيَةُ بِتَمَامِهَا عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ مِنْ، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: لَكَانَتْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ) أَيْ إنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ، أَوْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ) أَيْ، أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِمْ كُلِّهِمْ، أَوْ نُكُولِهِمْ كُلِّهِمْ، وَإِلَّا فَعَلَى النَّاكِلِ كَمَا سَبَقَ فِي الشَّاهِدَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ بَلْ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ عَنْ قَتْلَى) أَيْ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ، أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا

وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاتِلُ، فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ) فَيَكُونُ هَدَرًا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَمْ لَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ الْبُغَاةِ أَمْ لَا؛ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ لَكَانَ لَوْثًا بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي النَّقْلِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ (إنْ تَجَرَّدَ) الْقَتْلُ (عَنْ تَدْمِيَةٍ و) عَنْ (شَاهِدٍ) وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، أَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ، فَالْقَسَامَةُ، وَالْقَوَدُ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْإِمَامِ فِي الْعُتْبِيَّةِ (أَوْ) لَا قَسَامَةَ إنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ (عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ) بَلْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الْوُلَاةِ بِالْأَوْلَى وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَامَ شَاهِدٌ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ لَكَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ، وَالْقَوَدَ، وَهُوَ تَأْوِيلُ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ لِلْمُدَوَّنَةِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَلَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي وَمَفْهُومُ لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ لَاقْتُصَّ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ تَأَوَّلُوا) أَيْ الْجَمَاعَةُ الطَّائِفَتَانِ بِأَنْ قَامَ لِكُلٍّ شُبْهَةٌ تَقْتَضِي جَوَازَ الْمُقَاتَلَةِ (فَهَدَرٌ) أَيْ، فَالْمَقْتُولُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ هَدَرٌ وَلَوْ تَأَوَّلَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَدَمُ الْمُتَأَوِّلَةِ قِصَاصٌ، وَالْأُخْرَى هَدَرٌ وَأَوْلَى ظَالِمَةٌ زَحَفَتْ عَلَى غَيْرِهَا فَدَفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَدَمُ الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ وَدَمُ الدَّامِغَةِ قِصَاصٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَزَاحِفَةٍ) ظُلْمًا (عَلَى دَافِعَةٍ) عَنْ نَفْسِهَا. وَلَمَّا قَدَّمَ سَبَبَ الْقَسَامَةِ ذَكَرَ تَفْسِيرَهَا بِقَوْلِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ مِنْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ (خَمْسُونَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً) فَلَا تُفَرَّقُ عَلَى أَيَّامٍ، أَوْ أَوْقَاتٍ (بَتًّا) أَيْ قَطْعًا بِأَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لِمَنْ ضَرْبِهِ مَاتَ، أَوْ لَقَدْ قَتَلَهُ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أَظُنُّ، أَوْ فِي ظَنِّي (وَإِنْ أَعْمَى، أَوْ غَائِبًا) حَالَ الْقَتْلِ لِاعْتِمَادِ كُلٍّ عَلَى اللَّوْثِ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ (بِحَلِفِهَا فِي الْخَطَإِ مَنْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ (وَإِنْ وَاحِدًا، أَوْ امْرَأَةً) وَلَوْ أُخْتًا لِأُمٍّ وَتُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي حُصُولِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ، أَوْ امْرَأَةٌ فِي الْخَطَإِ حَلَفَ الْجَمِيعُ وَأَخَذَ حَظَّهُ مِنْ سُدُسٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَسَقَطَ مَا عَلَى الْجَانِي مِنْ الدِّيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ الْقَاتِلُ لَهُمْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ هَدَرًا) نَحْوُهُ فِي عبق وخش وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَنَقَلَهُ طفى عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ وَاعْتَرَضَهُ طفى قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ فِي قَتِيلِ الصَّفَّيْنِ أَنَّهُ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْفِئَتَيْنِ فَدِيَتُهُ عَلَيْهِمَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ يَعْنِي وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ كَمَا حَمَلْت عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا أَنَّهُ هَدَرٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ؛ إذْ لَوْ كَانَ) أَيْ الشَّاهِدُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِتَقْيِيدِ الشَّاهِدِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْبُغَاةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِكَوْنِ الْمَقْتُولِ هَدَرًا، أَوْ فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَأَشْهَبَ وَتَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ) قَيَّدَهُ فِي الْبَيَانِ بِكَوْنِهِ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا، فَهُوَ لَوْثٌ بِلَا خِلَافٍ اُنْظُرْ بْن وَمَفْهُومُ شَاهِدٍ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ شَاهِدَانِ، فَالْقَوَدُ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمَذْهَبُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي جَوَازَ الْمُقَاتَلَةِ) أَيْ تَقْتَضِي جَوَازَ مُقَاتَلَتِهَا لِلْأُخْرَى كَكَوْنِهَا أَخَذَتْ مَالَهَا وَأَوْلَادَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْأُخْرَى هَدَرٌ) أَيْ وَدَمُ الْأُخْرَى، وَهِيَ غَيْرُ الْمُتَأَوِّلَةِ هَدَرٌ. (قَوْلُهُ: كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَأَوَّلُوا أَنَّ التَّأْوِيلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ كَمَا حَمَلَ الشَّارِحُ وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ كَإِهْدَارِ دِمَاءِ طَائِفَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ زَاحِفَةٍ بَاغِيَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ فَقَوْلُهُ عَلَى دَافِعَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَهُوَ بَاغِيَةٍ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ: فَدَمُ الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ وَدَمُ الدَّافِعَةِ قِصَاصٌ) اُنْظُرْ لَوْ قُتِلَ أَحَدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ الدَّافِعَةِ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ جَمِيعُ الْجَمَاعَةِ الْبَاغِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَمَالِئُونَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا اهـ بْن (قَوْلُهُ مُتَوَالِيَةً) أَيْ فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ فَلَا تُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ وَلَا فِي أَوْقَاتٍ وَلَكِنْ فِي الْعَمْدِ يَحْلِفُ هَذَا يَمِينًا، وَهَذَا يَمِينًا حَتَّى تَتِمَّ أَيْمَانُهَا وَلَا يَحْلِفُ وَاحِدٌ جَمِيعَ حَظِّهِ قَبْلَ حَظِّ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ إذَا نَكَلَ فِيهِ وَاحِدٌ بَطَلَ الدَّمُ، وَإِذَا بَطَلَ بِنُكُولِ وَاحِدٍ فَلَوْ حَلَفَ كُلٌّ حِصَّتَهُ وَنَكَلَ ذَاكَ ذَهَبَتْ أَيْمَانُهُمْ بِلَا فَائِدَةٍ فَلِذَا قُلْنَا هَذَا يَمِينًا، وَهَذَا يَمِينًا وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ مَا يَنُوبُهُ قَبْلَ حَلِفِ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ نَكَلَ لَا يَبْطُلُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَلَكِنْ فِي الْعَمْدِ إنْ وَقَعَ وَحَلَفَ كُلٌّ مَا يَنُوبُهُ قَبْلَ أَصْحَابِهِ صَحَّ، لَكِنْ فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى قَيْدِ التَّوَالِي لِأَحَدٍ غَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بَتًّا) أَيْ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْبَاتَّ) أَيْ الْحَالِفُ بَتًّا فِي جَزْمِهِ فِي الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ) أَيْ نَاشِئٍ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أَظُنُّ) أَيْ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَظُنُّ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ فِي ظَنِّي، أَوْ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَتَلَهُ غَيْرَ هَذَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَعْمَى، أَوْ غَائِبًا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ الْحَالِفُ أَعْمَى، أَوْ كَانَ غَائِبًا (قَوْلُهُ: لِاعْتِمَادِ كُلٍّ عَلَى اللَّوْثِ إلَخْ) أَيْ، وَالْعِلْمُ كَمَا يَحْصُلُ بِالْمُعَايَنَةِ يَحْصُلُ بِسَمَاعِ الْخَبَرِ وَحِينَئِذٍ، فَالْغَيْبَةُ، وَالْعَمَى لَا يَمْنَعَانِ حُصُولَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَتُوَزَّعُ إلَخْ) أَيْ إذَا

لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ) إذَا وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدٍ وَحَصَلَ كَسْرَانِ، أَوْ أَكْثَرُ (عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا) وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهُ أَقَلَّ نَصِيبًا كَبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ فَتَحْلِفُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا، وَهُوَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَكَأُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَاصِبٍ عَلَى الزَّوْجَةِ اثْنَا عَشَرَ يَمِينًا وَنِصْفٌ وَعَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَعَلَى الْأُمِّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَتَحْلِفُ بِسَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ كَسْرَهَا أَكْثَرُ وَيَسْقُطُ الْكَسْرُ الَّذِي عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ وَيُكَمِّلُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَةِ، وَالْعَاصِبِ يَمِينَهُ لِلتَّسَاوِي (وَإِلَّا) بِأَنْ تَسَاوَتْ الْكُسُورُ كَثَلَاثِ بَنِينَ عَلَى كُلٍّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ (فَعَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ تَكْمِيلُ مَا انْكَسَرَ عَلَيْهِ (وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ) شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ (إلَّا بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِهَا (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا، أَوْ صَبِيًّا (حَلَفَ مَنْ حَضَرَ) مِنْ غَيْبَتِهِ أَيْ، أَوْ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ (حِصَّتَهُ) مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَقَطْ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ) (نَكَلُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (أَوْ) نَكَلَ (بَعْضٌ) مِنْهُمْ حَلَفَ الْبَعْضُ الْآخَرُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ (حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ) أَيْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ كَثُرُوا جِدًّا مَا لَمْ يَكُونُوا أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ، وَإِلَّا حَلَفُوا الْخَمْسِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلَةٌ حَلَفَ الْجَانِي الْخَمْسِينَ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ (فَمَنْ) حَلَفَ مِنْ عَاقِلَةِ الْجَانِي بَرِئَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. وَمَنْ (نَكَلَ) مِنْهُمْ (فَحِصَّتُهُ) فَقَطْ مِنْ الدِّيَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَدَّدَ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِبَيْتِ الْمَالِ الشَّخْصُ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يَتَعَذَّرُ حَلِفُهُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا يُطَالَبُ مُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَمُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ إنَّمَا يَحُوزُ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ إلَخْ) هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَجُبِرَتْ إلَى قَوْلِهِ فَعَلَى الْجَمِيعِ كَالتَّخْصِيصِ لِقَوْلِهِ، وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ كَسْرٌ، وَإِلَّا فَتَزِيدُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ الْكُسُورُ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا) أَيْ عَلَى ذِي أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: كَبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ) أَيْ فَعَلَى الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَعَلَى الْبِنْتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَتَحْلِفُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا، وَالْغَبْنُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَهَذَا مِثَالٌ لِمَا إذَا وُزِّعَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدٍ وَحَصَلَ فِيهَا كَسْرَانِ (قَوْلُهُ: وَكَأُمٍّ) أَيْ لِلْمَقْتُولِ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَاصِبٍ هَذَا مِثَالٌ لِمَا إذَا وُزِّعَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدٍ وَحَصَلَ فِيهَا كُسُورٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الزَّوْجَةِ اثْنَا عَشَرَ يَمِينًا وَنِصْفٌ) أَيْ، وَهِيَ رُبُعُ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَعَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ أَيْ، وَهِيَ سُدُسُهَا وَعَلَى الْأُمِّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ أَيْ، وَهِيَ ثُلُثُهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ يَحْلِفُهُ الْعَاصِبُ (قَوْلُهُ: فَتَحْلِفُ) أَيْ الْأُمُّ سَبْعَةَ عَشَرَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الْكَسْرُ الَّذِي عَلَى الْأَخِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَكْمِلَةٌ لِكَسْرِ الْأُمِّ وَقَدْ كَمَّلَتْهُ. (قَوْلُهُ: وَيُكَمِّلُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَةِ، وَالْعَاصِبِ يَمِينَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ نِصْفِ الزَّوْجَةِ وَنِصْفِ الْعَاصِبِ يُكَمِّلُهُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُمَا كَسْرَانِ مُتَسَاوِيَانِ مِنْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَمَا أَنَّ كَسْرَيْ الْأُمِّ، وَالزَّوْجِ لِلْأُمِّ مِنْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ أُخْرَى، فَالِانْكِسَارُ وَقَعَ فِي يَمِينَيْنِ فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِانْكِسَارَ إذَا وَقَعَ فِي يَمِينَيْنِ فَكُلُّ يَمِينٍ يُنْظَرُ لَهَا عَلَى حِدَتِهَا فَمَتَى كَانَ فِيهَا كُسُورٌ مُخْتَلِفَةٌ بِالْقِلَّةِ، وَالْكَثْرَةِ كَمَّلَ أَكْثَرَهَا وَتَرَكَ أَقَلَّهَا وَمَتَى كَانَتْ كُسُورُهَا مُتَسَاوِيَةً كَمَّلَ كُلٌّ مِنْ كُسُورِهَا، وَكَذَا إذَا وَقَعَ الِانْكِسَارُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُكَمِّلُ كُلٌّ مِنْ كُسُورِهَا إذَا كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فَإِنْ لَمْ تَسْتَوِ كَمَّلَ الْأَكْثَرُ وَيَسْقُطُ مَا عَدَاهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَمِثَالِ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا إنْ لَزِمَ وَاحِدًا نِصْفُ الْيَمِينِ وَآخَرَ ثُلُثُهَا وَآخَرَ سُدُسُهَا حَلَفَهَا صَاحِبُ النِّصْفِ فَصُوِّرَتْ بِبِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ وَعَاصِبٍ وَبَيَانُهُ أَنَّ عَلَى الْأُمِّ سُدُسَ الْأَيْمَانِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَعَلَى الزَّوْجِ الرُّبُعُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ وَعَلَى الْعَاصِبِ نِصْفُ السُّدُسِ أَرْبَعَةُ أَيْمَانٍ وَسُدُسٌ فَيَكْمُلُ النِّصْفُ عَلَى الزَّوْجِ وَيَسْقُطُ الْكَسْرَانِ، وَهُمَا الثُّلُثُ، وَالسُّدُسُ عَنْ الْأُمِّ، وَالْعَاصِبِ؛ لِأَنَّ الِانْكِسَارَ إنَّمَا وَقَعَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ تَكْمِيلُ مَا انْكَسَرَ عَلَيْهِ) أَيْ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا فِي مِثَالِهِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ ثَلَاثُونَ ابْنًا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ يَمِينٌ وَثُلُثَا يَمِينٍ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِيَمِينَيْنِ، فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ يَمِينًا بِجَبْرِ الْكُسُورِ كُلِّهَا لِتَسَاوِيهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِهَا) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ الْحَاضِرِينَ، أَوْ مِمَّنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْهُمْ لَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: حَلَفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ) أَيْ مَا يَنُوبُهُ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَقَطْ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَنْ دَعْوَى الدَّمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ حُكْمٌ مَضَى فَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ، أَوْ الصَّبِيُّ قَبْلَ قُدُومِهِ وَبُلُوغِهِ وَكَانَ الْحَالِفُ الَّذِي حَلَفَ جَمِيعَ أَيْمَانِهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَارِثُهُ، فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ مَا كَانَ يَحْلِفُهُ مُوَرِّثُهُ، أَوْ يَكْتَفِي بِأَيْمَانِهِ السَّابِقَةِ قَوْلَانِ رَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ ثَانِيَهُمَا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ خَطَأً (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرُوا جِدًّا) أَيْ كَعَشَرَةِ آلَافٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ غَرِمَ) أَيْ حِصَّتَهُ إنْ وُجِدَ بَيْتُ الْمَالِ الَّذِي يَغْرَمُهَا مَعَهُ، وَإِلَّا غَرِمَ الدِّيَةَ بِتَمَامِهَا وَمَا غَرِمَهُ الْجَانِي يَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ حَلِفِ الْعَاقِلَةِ إذَا نَكَلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ، أَوْ بَعْضُهُمْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَقْتُولِ

يَغْرَمُهَا لِلنَّاكِلِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ نَكَلُوا إلَخْ (وَلَا يَحْلِفُ) أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ (فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً) مِنْ النَّسَبِ سَوَاءٌ وَرِثُوا أَمْ لَا وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَحْلِفْنَ فِي الْعَمْدِ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِنَّ فِيهِ فَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ الْمَقْتُولُ كَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ عَصَبَةُ نَسَبٍ (فَمَوَالِي) أَعْلَوْنَ ذُكُورٌ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ لَا أَسْفَلُونَ وَلَا أُنْثَى وَلَوْ مَوْلَاةُ النِّعْمَةِ؛ إذْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي الْعَمْدِ (وَلِلْوَلِيِّ) وَاحِدًا، أَوْ أَكْثَرَ (الِاسْتِعَانَةُ) فِي الْقَسَامَةِ (بِعَاصِبِهِ) أَيْ عَاصِبِ الْوَلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِبُ الْمَقْتُولِ كَامْرَأَةٍ قُتِلَتْ لَيْسَ لَهَا عَاصِبٌ غَيْرُ ابْنِهَا وَلَهُ إخْوَةٌ مِنْ أَبِيهِ فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ، أَوْ بِبَعْضِهِمْ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِعَمِّهِ مَثَلًا فَقَوْلُهُ بِعَاصِبِهِ أَيْ جِنْسِ عَاصِبِهِ وَاحِدًا، أَوْ أَكْثَرَ، وَاللَّامُ فِي لِلْوَلِيِّ بِمَعْنَى عَلَى إنْ كَانَ وَاحِدًا وَلِلتَّخْيِيرِ إنْ تَعَدَّدَ. (وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ) إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ (حَلَفَ الْأَكْثَرَ) مِنْ حِصَّتِهِ الَّتِي تَنُوبُهُ بِالتَّوْزِيعِ (إنْ لَمْ تَزِدْ) الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُهَا (عَلَى نِصْفِهَا) أَيْ الْخَمْسِينَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَلَيْسَ لَهُ حَلِفُ الْأَكْثَرِ فَلَوْ وَجَدَ الْوَلِيُّ عَاصِبًا حَلَفَ كُلٌّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ أَكْثَرَ، وَإِنْ وَجَدَ عَاصِبَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ وَلَهُ فَقَطْ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يَنُوبُهُ إلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الزَّائِدِ كَمَا لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يَنُوبُهُ بِالتَّوْزِيعِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَقَطْ يُرِيدُ مِنْ نَصِيبِ الْوَلِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ لَهُ وَصِيَّةٌ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ نُكُولِ الْأَوْلِيَاءِ حَلِفُ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَأَخْذُ دَيْنِهِ، أَوْ الْوَصِيَّةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا مَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ، أَوْ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَاقِي الدِّيَةِ لِلْوَرَثَةِ النَّاكِلِينَ. (قَوْلُهُ: يَغْرَمُهَا لِلنَّاكِلِينَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا كُلَّ الْوَرَثَةِ، أَوْ بَعْضَهُمْ بِأَنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ جَمِيعَهَا وَأَخَذَ حِصَّتَهُ فَلَا يَدْخُلُ ثَانِيًا فِيمَا رُدَّ عَلَى النَّاكِلِينَ بِسَبَبِ نُكُولِ الْعَاقِلَةِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ نَكَلُوا، أَوْ بَعْضٌ حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَالِاسْتِظْهَارِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَمَنْ نَكَلَ فَحِصَّتُهُ وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنْ نَكَلَ الْأَوْلِيَاءُ عَنْ الْأَيْمَانِ، أَوْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ، وَالْقَاتِلُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَمَنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَمَنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْيَنُ الْأَقَاوِيلِ وَأَصَحُّهَا فِي النَّظَرِ الثَّانِي يَحْلِفُ مِنْ الْعَاقِلَةِ خَمْسُونَ رَجُلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْلِفُ يَمِينًا فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئَتْ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ كُلِّهَا، وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ بَرِئَ وَلَزِمَ بَقِيَّةَ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ كُلُّهَا حَتَّى يُتِمُّوا خَمْسِينَ يَمِينًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّالِثُ أَنَّهُمْ إنْ نَكَلُوا فَلَا حَقَّ لَهَا، أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلَا حَقَّ لِمَنْ نَكَلَ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَجِبْ لَهُمْ إلَّا إذَا حَلَفُوا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الرَّابِعُ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ بِنُكُولِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ، وَالنُّكُولُ كَالْإِقْرَارِ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ الْخَامِسُ أَنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ، وَإِنْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ قَالَهُ رَبِيعَةُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: عَصَبَةٌ) أَيْ لِلْمَقْتُولِ، أَوْ عَصَبَةٌ لَهُ وَلِعَاصِبِ الْمَقْتُولِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَرِثُوا أَمْ لَا) الْأَوَّلُ كَأَخَوَيْنِ لِلْمَقْتُولِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا، وَالثَّانِي كَمُعِينٍ لِلْمَقْتُولِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَرِثُهُ بِنْتٌ وَأُخْتٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَدْنَ) أَيْ، أَوْ كَانَ لَهُ عَاصِبٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ، أَوْ وَجَدَ، لَكِنْ لَمْ يَحْلِفْ ذَلِكَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِلَّا حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَلَوْ طَالَ سِجْنُهُ (قَوْلُهُ: فَمَوَالِي أَعْلَوْنَ) الْمُرَادُ بِالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ مُعْتِقُ الْقَتِيلِ وَعَصَبَتُهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَيَحْلِفُ الِاثْنَانِ، أَوْ الْأَكْثَرُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ بِتَمَامِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ عَصَبَةِ النَّسَبِ، وَالْمَوَالِي لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ عَمْدًا إذَا قَامَ عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ، أَوْ مَوَالِيهِ فَقَالُوا نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا فَذَلِكَ لَهُمْ اهـ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَوَالِي لَهُمْ التَّكَلُّمُ لَا يُنَافِي تَأْخِيرَهُمْ عَنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ أَيْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحُكْمِ بَلْ الْمُرَادُ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالتَّرْتِيبِ. (قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ) هَذَا فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَيَحْلِفُهَا، وَإِنْ وَاحِدًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ وَارِثًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَإِ إلَّا الْوَرَثَةُ ذُكُورًا كَانُوا، أَوْ إنَاثًا اتَّحَدَ الْوَارِثُ، أَوْ تَعَدَّدَ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَلَا يَحْلِفُهَا إلَّا الْعَدَدُ مِنْ الْعَصَبَةِ سَوَاءٌ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةَ الْمَقْتُولِ، أَوْ بَعْضُهُمْ عَصَبَةَ الْمَقْتُولِ، وَالْبَعْضُ عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمَقْتُولِ سَوَاءٌ كَانَ عَاصِبُ الْمَقْتُولِ وَارِثًا لَهُ، أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ، أَوْ بِبَعْضِهِمْ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِعَمِّهِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الْإِنْسَانُ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ فِي الْأَمْوَالِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَقْتُولِ فِي الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ وَاحِدًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا كَانَ وَاحِدًا كَانَتْ اسْتِعَانَتُهُ بِعَاصِبِهِ وَاجِبَةً، وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ مُتَعَدِّدًا جَازَ لِذَلِكَ الْمُتَعَدِّدِ أَنْ يَحْلِفَ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَلَا يَسْتَعِينُ بِأَحَدٍ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِعَاصِبِهِ فِي حَلِفِهَا. (قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا اسْتَعَانَ بِعَصَبَتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ

وَأَمَّا مِنْ حِصَّةِ مُسْتَعَانٍ بِهِ آخَرَ فَلَهُ ذَلِكَ (وَوُزِّعَتْ) الْأَيْمَانُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ فَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ اجْتَزَأَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ (وَاجْتُزِئَ) فِي حَلِفِ جَمِيعِهَا (بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ) غَيْرِ نَاكِلَيْنِ (وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّمِ (بِخِلَافِ) نُكُولِ (غَيْرِهِ) مِنْ، أَوْلِيَاءِ الدَّمِ فَيُعْتَبَرُ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَبَنِينَ، أَوْ إخْوَةٍ (وَلَوْ بَعُدُوا) فِي الدَّرَجَةِ عَنْ الْمَقْتُولِ كَبَنِي عَمٍّ إذَا اسْتَوَوْا دَرَجَةً وَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ أَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مَنْ يُعْتَبَرُ وَسَقَطَ الدَّمُ (فَتُرَدُّ) أَيْمَانٌ (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ) بِالْقَتْلِ (فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) يَمِينًا إنْ تَعَدَّدُوا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَّهَمٌ بِالْقَتْلِ. وَإِنْ كَانَ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ الْمُتَّهَمُ وَاحِدًا حَلَفَهَا (وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ) ، أَوْ يَمُوتَ فِي السِّجْنِ (وَلَا اسْتِعَانَةَ) لِمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِعَانَةَ هُنَا أَيْضًا كَالْوَلِيِّ (وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ) أَيْ بَعْضُ، أَوْلِيَاءِ الدَّمِ (نَفْسَهُ) بَعْدَ الْحَلِفِ، أَوْ قَبْلَهُ (بَطَلَ) الدَّمُ فَلَا قَوَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ تَزِدْ الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُهَا عَلَى نِصْفِ الْقَسَامَةِ فَإِذَا وَجَدَ الْوَلِيُّ عَاصِبًا فَقَطْ مِنْ عَصَبَتِهِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ قُسِمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَحْمِلُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُمْ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَرَادَ هُوَ أَنْ يَحْمِلَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ؛ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اسْتِعَانَةٌ بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِلْمَقْتُولِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَاقِي بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نِصْفِهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ حِصَّةِ مُسْتَعَانٍ بِهِ آخَرَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ ذَلِكَ فَإِذَا اسْتَعَانَ الْوَلِيُّ بِاثْنَيْنِ فَلِلْوَلِيِّ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةَ عَشَرَ وَلَهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا عِشْرِينَ، وَالثَّانِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ الْآخَرُ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَهَذَا فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَتُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: اُجْتُزِئَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ) فَإِذَا طَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْحَلِفَ دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ فِيمَنْ يَحْلِفُهَا مِنْهُمْ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ) أَيْ مِنْ تَحْدِيدِهَا بِالْخَمْسِينَ، وَالتَّحْدِيدُ بِذَلِكَ تَعَبُّدِيٌّ (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَاكِلِينَ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْأَكْثَرِ غَيْرَ نَاكِلِينَ. وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ كَإِخْوَةٍ، أَوْ أَعْمَامٍ فَطَاعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ يَحْلِفُ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَإِنَّهُ يَجْتَزِئُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ غَيْرَ نَاكِلٍ فَلَوْ كَانَ نَاكِلًا بَطَلَ الدَّمُ وَلَا يَجْتَزِي بِحَلِفِ مَنْ أَطَاعَ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْجَمِيعَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ مَنْ نَكَلَ إنْ كَانَ بَعِيدًا، وَإِنْ كَانَ النَّاكِلُ قَرِيبًا بَطَلَ الدَّمُ (قَوْلُهُ: وَنُكُولُ الْمُعِينِ) أَيْ، وَكَذَا تَكْذِيبُهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ، وَإِلَّا سَقَطَ الدَّمُ حَيْثُ كَانَ الْوَالِي وَاحِدًا فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِينِ بَعْدَ نُكُولِهِ لِيَحْلِفَ بِرِضَا الْوَلِيِّ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَمْكِينِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعُدُوا) مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ أَبْعَدَ) أَيْ كَابْنِ عَمٍّ وَقَوْلُهُ مَعَ أَقْرَبَ أَيْ كَأَخٍ، أَوْ عَمٍّ أَيْ مَعَ إطَاعَةِ الْأَقْرَبِ بِالْحَلِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَمُوتُ فِي السِّجْنِ) هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَنَكَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ سَنَةٍ ضُرِبَ مِائَةً وَأُطْلِقَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَرِّدًا، وَإِلَّا خُلِّدَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا اسْتِعَانَةَ لِمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا) أَيْ بِخِلَافِ عَاصِبِ الْمَقْتُولِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَعَدَمُ اسْتِعَانَةِ مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَزَاهُ لِظَاهِرِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ نَقَلَهُ ح وَبِهِ سَقَطَ اعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَلِفِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ حَلِفِ الْقَسَامَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ تَمَامِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ بِأَنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا قَاتَلَ قَبْلَ الْحَلِفِ أَصْلًا، أَوْ كَانَ التَّكْذِيبُ بَعْدَ حَلِفِ بَعْضِ الْأَيْمَانِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ إلَخْ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي عَمْدٍ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْقَسَامَةُ فِي خَطَإٍ وَأَكْذَبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ حَلَفَ حَظَّهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مِقْدَارَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَطْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْأَيْمَانِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَعْدَ تَتْمِيمِهِ الْخَمْسِينَ بِنَاءً عَلَى إلْغَاءِ أَيْمَانِ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ وَانْظُرْ إذَا كَذَّبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ، وَالِاسْتِيفَاءِ بِالْقَوَدِ، فَهَلْ يُقْتَصُّ مِمَّنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ، أَوْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ رَجَعَ

وَلَا دِيَةَ تُرَدُّ إنْ أُخِذَتْ (بِخِلَافِ عَفْوِهِ) أَيْ الْبَعْضِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ (فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) وَأَمَّا قَبْلَ الْقَسَامَةِ فَكَالتَّكْذِيبِ فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي. (وَلَا يُنْتَظَرُ) فِي الْقَسَامَةِ (صَغِيرٌ) مَعَهُ كَبِيرٌ مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ فَيُقْسِمُ الْكَبِيرُ إذَا تَعَدَّدَ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ وَيُقْتَلُ الْجَانِي إثْرَ الْقَسَامَةِ (بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ) فَيُنْتَظَرَانِ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِمَا (إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الصَّغِيرِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا مُعِينٍ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَهُوَ أَقْعَدُ مَعْنًى أَيْ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُ الْكَبِيرِ مَعَ الصَّغِيرِ (فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ) خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْآنِ (وَالصَّغِيرُ) حَاضِرٌ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ فِي النَّفْسِ وَحُضُورُهُ مَعَ الْكَبِيرِ مَنْدُوبٌ لَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَيُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِبُلُوغِ الصَّبِيِّ فَيَحْلِفُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ مَا لَمْ يَعْفُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ بَطَلَ الدَّمُ (وَوَجَبَ بِهَا) أَيْ بِالْقَسَامَةِ (الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (و) وَجَبَ بِهَا (الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَوَدِ (تَعَيَّنَ لَهَا) أَيْ لِلْقَسَامَةِ بِتَعْيِينِ الْمُدَّعِي عَلَى جَمَاعَةٍ اسْتَوَوْا فِي الْعَمْدِ مَعَ وُجُودِ اللَّوْثِ يَقُولُونَ لِمَنْ ضَرْبِهِ مَاتَ وَلَا يَقُولُونَ لَمَنْ ضَرَبَهُمْ وَلَا يُقْتَلُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَلَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَهَا. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْقَسَامَةَ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ذَكَرَ حُكْمَ مَفَاهِيمِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ) (أَقَامَ شَاهِدًا) وَاحِدًا (عَلَى جُرْحٍ) خَطَأً، أَوْ عَمْدًا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا (أَوْ) (قَتْلِ كَافِرٍ، أَوْ عَبْدٍ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا، أَوْ عَبْدًا أَوْ لَا (أَوْ جَنِينٍ) أَلْقَتْهُ أُمُّهُ مَيِّتًا (حَلَفَ) مُقِيمُ الشَّاهِدِ يَمِينًا (وَاحِدَةً) فِي الْجَمِيعِ (وَأَخَذَ الدِّيَةَ) مِنْ الْجَانِي ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ الشَّهَادَةِ فَيَغْرَمُ الدِّيَةَ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا، وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ قَالَهُ عبق (قَوْله وَلَا دِيَةَ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَ الْقَسَامَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْعَفْوُ قَبْلَ تَمَامِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي) أَيْ وَلَا لِلْعَافِي بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ) . حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الثُّبُوتُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ لَا فِي الْقَسَامَةِ وَلَا فِي الْقَوَدِ بَلْ لِلْكِبَارِ أَنْ يَقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَسَاوِينَ فِي الدَّرَجَةِ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مُبَرْسَمٌ أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الثُّبُوتُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُمَا يُنْتَظَرَانِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا يُنْتَظَرَانِ فِي حَلِفِ بَعْضِ الْقَسَامَةِ وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِمَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا وَحَمَلَهُ الْمَوَّاقُ وعج عَلَى الِانْتِظَارِ لِلْقَتْلِ إذَا أَرَادَهُ غَيْرُهُمَا، وَهُوَ صَوَابٌ إلَّا أَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ وَمُغْمًى وَمُبَرْسَمٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ الصَّغِيرِ) يَعْنِي مَعَ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُعِينٌ) أَيْ فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ إذَا اُنْتُظِرَ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا شَرْطٌ) أَيْ فِي الِاعْتِدَادِ بِأَيْمَانِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ حُضُورَ الصَّغِيرِ حِينَ حَلِفِ الْكَبِيرِ مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ؛ إذْ لَا مُقْتَضَى لِلْوُجُوبِ وَيُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْ الْقَوْلَ بِالشَّرْطِيَّةِ مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ) أَيْ بِحَيْثُ يَحْلِفُ هُوَ وَأَخُوهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْكَبِيرِ، أَوْ غَيْبَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ) أَيْ الصَّبِيُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَمْ يَجِدْ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ وَقَوْلُهُ بَطَلَ الدَّمُ أَيْ وَرُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْجَانِي فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ، أَوْ يُحْبَسَ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْقَسَامَةِ) يَعْنِي عَلَى جَمِيعِ الْمُتَّهَمِينَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْخَطَإِ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِ الْمُتَّهَمِينَ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَيُعَيِّنُونَ وَاحِدًا مِنْ الْقَاتِلَيْنِ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ اسْتَوَوْا فِي الْعَمْدِ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ نَوْعُ الْفِعْلِ، أَوْ تَعَدَّدَ وَاخْتَلَفَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ فِي الْعَمْدِ إلَّا وَاحِدٌ وَلَوْ تَعَدَّدَ نَوْعُ الْفِعْلِ وَاخْتَلَفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ نَوْعُ الْفِعْلِ وَاخْتَلَفَ فَيُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، فَهُوَ ضَعِيفٌ اُنْظُرْ بْن وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَسَامَةَ بِلَوْثٍ كَقَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَأَمَّا مَعَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْبَيِّنَةِ فَيُقْتَلَانِ مَعًا اتِّفَاقًا بِلَا قَسَامَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْر مُعَيَّنٍ) أَيْ وَلَا وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: خَطَأً، أَوْ عَمْدًا) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْخَطَإِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّيَةَ؛ إذْ جُرْحُ الْعَمْدِ إذَا أَقَامَ بِهِ شَاهِدًا حَلَفَ مَعَهُ وَاقْتَصَّ (قَوْلُهُ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا) أَيْ كَالْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ (قَوْلُهُ كَانَ الْقَاتِلُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْكَافِرِ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ كَافِرًا حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَوْ جَنِينٍ) أَيْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى ضَرْبِ جَنِينٍ حُرٍّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَدْ نَزَلَ مَيِّتًا وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ الْجَنِينُ حَيًّا وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ خَطَأً، فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ عَمْدًا، فَالْقَوَدُ بِقَسَامَةٍ. (قَوْلُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ مُقِيمُ الشَّاهِدِ وَاحِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ وَلِيُّ الْكَافِرِ، أَوْ الْجَنِينُ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالظَّاهِرُ

[باب ذكر فيه البغي وما يتعلق به]

وَمُرَادُهُ بِالدِّيَةِ الْمُؤَدَّى فَيَشْمَلُ دِيَةَ الْجُرْحِ، وَالْكَافِرَ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ وَغُرَّةَ الْجَنِينِ فَإِنْ كَانَ الْجَرْحُ عَمْدًا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ اُقْتُصَّ فِيهِ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ) (نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ (بَرِئَ الْجَارِحُ) وَمَنْ مَعَهُ (إنْ حَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جَارِحٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) يَحْلِفُ غَرِمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إلَّا فِي جَرْحِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ إنْ نَكَلَ فِيهِ (حُبِسَ) فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ عُوقِبَ وَأُطْلِقَ فَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْجَنِينَ كَالْجُرْحِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ (فَلَوْ) (قَالَتْ) امْرَأَةٌ حَامِلٌ (دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ) وَمَاتَتْ (فَفِيهَا الْقَسَامَةُ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا لَوْثٌ (وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ وَلَوْ اسْتَهَلَّ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، فَهُوَ كَالْجُرْحِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ، وَإِنْ اسْتَهَلَّ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا قَتَلَنِي فُلَانٌ وَقَتَلَ فُلَانًا مَعِي وَذَلِكَ مُلْغًى فِي فُلَانٍ. [دَرْسٌ] . (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) ، وَهُوَ لُغَةً التَّعَدِّي وَبَغَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ اسْتَطَالَ عَلَيْهِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ طَاعَةِ مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ بِمُغَالَبَةٍ وَلَوْ تَأَوُّلًا اهـ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِطَاعَةٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ طَاعَتِهِ فِي مَكْرُوهٍ يَكُونُ بَاغِيًا وَقِيلَ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الْمَكْرُوهِ أَيْ الْمُجْمَعِ عَلَى كَرَاهَتِهِ، فَالْمُمْتَنِعُ لَا يَكُونُ بَاغِيًا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ رَدٌّ فَإِذَا أَمَرَ النَّاسَ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الصُّبْحِ لَمْ يُتْبَعْ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْرِيفِهِ شَرْعًا بِتَعْرِيفِ الْبَاغِيَةِ لِاسْتِلْزَامِهِ تَعْرِيفَهُ فَقَالَ (الْبَاغِيَةُ فِرْقَةٌ) أَيْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (خَالَفَتْ الْإِمَامَ) الَّذِي ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَمْ تَثْبُتْ إمَامَتُهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ لَمْ يُسَلِّمُوا لَهُ الْإِمَامَةَ لِظُلْمِهِ وَنَائِبُ الْإِمَامِ مِثْلُهُ. (لِمَنْعِ حَقٍّ) لِلَّهِ، أَوْ لِآدَمِيٍّ وَجَبَ عَلَيْهَا كَزَكَاةٍ وَكَأَدَاءِ مَا عَلَيْهِمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ كَذَلِكَ إذَا تَعَدَّدَ اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالدِّيَةِ إلَخْ) أَيْ فَمُرَادُهُ بِالدِّيَةِ اللُّغَوِيَّةُ لَا الشَّرْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي) أَيْ مُدَّعِي الْجَرْحِ وَقَتْلِ الْكَافِرِ، وَالْعَبْدِ، وَالْجَنِينِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَعَهُ) أَيْ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْكَافِرِ، أَوْ الْعَبْدِ، أَوْ الْجَنِينِ وَقَوْلُهُ إنْ حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَحْلِفْ) أَيْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ غَرِمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ) أَيْ فِي غَيْرِ حَبْسِ سَنَةٍ وَلَا ضَرْبِ مِائَةٍ (قَوْلُهُ: عُوقِبَ وَأُطْلِقَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَرِّدًا، وَإِلَّا خُلِّدَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ: تُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَحْلِفْ يُحْبَسُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَهَلَّ) أَيْ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مُلْغًى فِي فُلَانٍ) أَيْ وَذَلِكَ الْقَوْلُ مُلْغًى مِنْ الْمَرْأَةِ فِي فُلَانٍ بِخِلَافِ الْعَدْلِ الْمُعَايِنِ لِلضَّرْبِ إذَا قَالَ دَمُهَا وَدَمُ جَنِينِهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَلَا يَكُونُ لَغْوًا بَلْ إنْ كَانَ خَطَأً كَانَتْ الْقَسَامَةُ مُتَعَدِّدَةً فِي النَّفْسِ، وَالْجَنِينِ وَتُؤْخَذُ دِيَةُ الْمَرْأَةِ، وَالْجَنِينِ. [بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابٌ ذُكِرَ فِي الْبَغْيِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْقَتْلِ، وَالْجُرْحِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَالْعُقُوبَةَ بِسَفْكِ الدَّمِ مَا دُونَهُ، وَهِيَ سَبْعٌ الْبَغْيُ، وَالرِّدَّةُ، وَالزِّنَا، وَالْقَذْفُ، وَالسَّرِقَةُ، وَالْحِرَابَةُ، وَالشُّرْبُ وَبَدَأَ بِالْبَغْيِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُهَا مَفْسَدَةً؛ إذْ فِيهِ؛ إذْهَابُ النَّفْسِ، وَالْأَمْوَالِ غَالِبًا. (قَوْلُهُ وَبَغَى فُلَانٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ بَغَى فُلَانٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ اسْتَطَالَ عَلَيْهِ أَيْ تَعَدَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَأَوُّلًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الِامْتِنَاعُ غَيْرَ مُتَأَوَّلٍ فِيهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُتَأَوَّلًا فِيهِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِطَاعَةٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بِمُغَالَبَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِالِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ يَكُونُ بَاغِيًا) أَيْ؛ لِأَنَّ طَاعَتَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ مَنْدُوبٍ، أَوْ مَكْرُوهٍ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ: فَالْمُمْتَنِعُ) أَيْ مِنْ إطَاعَتِهِ فِي الْمَكْرُوهِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْمَكْرُوهَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ عَلَى الدِّينِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْهُ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ رَدٌّ أَيْ مَرْدُودٌ عَلَى فَاعِلِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ تَعْرِيفِهِ) أَيْ تَعْرِيفِ الْبَغْيِ وَقَوْلُهُ لِاسْتِلْزَامِهِ أَيْ لِاسْتِلْزَامِ تَعْرِيفِ الْبَاغِيَةِ تَعْرِيفَ الْبَغْيِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَاغِي مُشْتَقٌّ مِنْ الْبَغْيِ وَمَعْرِفَةُ الْمُشْتَقِّ تَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَةَ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَقَّ ذَاتٌ ثَبَتَ لَهَا الْمُشْتَقُّ مِنْهُ، فَالْمُشْتَقُّ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْمُشْتَقِّ وَمَعْرِفَةُ الْكُلِّ تَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَةَ الْجُزْءِ (قَوْلُهُ: خَالَفَتْ الْإِمَامَ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى تَثْبُتُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا بِإِيصَاءِ الْخَلِيفَةِ الْأَوَّلِ لِمُتَأَهِّلٍ لَهَا، وَإِمَّا بِالتَّغَلُّبِ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ بِالتَّغَلُّبِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَلَا يُرَاعَى فِي هَذَا شُرُوطُ الْإِمَامَةِ؛ إذْ الْمَدَارُ عَلَى دَرْءِ الْمَفَاسِدِ وَارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ. وَأَمَّا بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ، وَالْعَقْدِ، وَهُمْ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ الْعِلْمُ بِشُرُوطِ الْإِمَامِ، وَالْعَدَالَةُ، وَالرَّأْيُ وَشُرُوطُ الْإِمَامِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْعَدَالَةُ، وَالْفَطَانَةُ وَكَوْنُهُ قُرَيْشِيًّا وَكَوْنُهُ ذَا نَجْدَةٍ وَكِفَايَةٍ فِي الْمُعْضِلَاتِ اُنْظُرْ بْن وَبَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ كَمَا فِي ح بِالْحُضُورِ، وَالْمُبَاشَرَةِ بِصَفْقَةِ الْيَدِ، وَإِشْهَادِ الْغَائِبِ مِنْهُمْ وَيَكْفِي الْعَامِّيَّ اعْتِقَادُ أَنَّهُ تَحْتَ أَمْرِهِ فَإِنْ أَضْمَرَ خِلَافَ ذَلِكَ فَسَقَ وَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْإِمَامَ الْحُسَيْنَ خَالَفَ الْيَزِيدَ وَخَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْيَزِيدَ هُوَ الْإِمَامُ فِي وَقْتِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ وَأَتْبَاعُهُ بُغَاةً، وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْإِمَامِ مِثْلُهُ) أَيْ فِي كَوْنِ مُخَالَفَتِهِ تُعَدُّ بَغْيًا (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ) أَيْ أَمَرَهُمْ

مِمَّا جَبَوْهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَخَرَاجِ الْأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ لِخَلْعِهِ) أَيْ، أَوْ خَالَفَتْهُ لِإِرَادَتِهَا خَلْعَهُ أَيْ عَزْلَهُ لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ جَارٍ؛ إذْ لَا يُعْزَلُ السُّلْطَانُ بِالظُّلْمِ، وَالْفِسْقِ وَتَعْطِيلِ الْحُقُوقِ بَعْدَ انْعِقَادِ إمَامَتِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ وَعْظُهُ وَقَوْلُهُ فِرْقَةٌ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا، فَالْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ بَاغِيًا وَقَوْلُهُ خَالَفَتْ الْإِمَامَ يُفِيدُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْمُغَالَبَةِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهِ فَمَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ كَاللُّصُوصِ لَا يَكُونُ بَاغِيًا (فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ، وَإِنْ تَأَوَّلُوا) الْخُرُوجَ عَلَيْهِ لِشُبْهَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُمْ وَيَجِبُ عَلَى النَّاسِ مُعَاوَنَتُهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ فَلَا تَجِبُ مُعَاوَنَتُهُ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دَعْهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْ الظَّالِمِ بِظَالِمٍ، ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ عَلَيْهِ لِفِسْقِهِ وَجَوْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ. (كَالْكُفَّارِ) أَيْ كَقِتَالِ الْكُفَّارِ بِأَنْ يَدْعُوَهُمْ أَوَّلًا لِلدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَتِهِ مَا لَمْ يُعَاجِلُوهُ بِالْقِتَالِ وَيُقَاتِلُهُمْ بِالسَّيْفِ، وَالرَّمْيِ بِالنَّبْلِ، وَالْمَنْجَنِيقِ، وَالتَّغْرِيقِ، وَالتَّحْرِيقِ وَقَطْعِ الْمِيرَةِ، وَالْمَاءِ عَنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ نِسْوَةٌ، أَوْ ذَرَارِيُّ فَلَا نَرْمِيهِمْ بِالنَّارِ، لَكِنْ لَا نُسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ وَلَا أَمْوَالَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُسْتَرَقُّوا وَلَا يُحَرَّقُ شَجَرُهُمْ) وَلَا غَيْرُهُ، فَالْمُرَادُ وَلَا يُتْلَفُ مَالُهُمْ (وَلَا تُرْفَعُ رُءُوسُهُمْ) إذَا قُتِلُوا (بِأَرْمَاحٍ) أَيْ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ بِالْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِمَحَلِّهِمْ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ (وَلَا يَدَعُوهُمْ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا يَتْرُكُوهُمْ الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ وَلَوْ أَفْرَدَ لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْإِمَامِ لَكَانَ أَنْسَبَ أَيْ لَا يَتْرُكُهُمْ (بِمَالٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَالْجِزْيَةِ أَيْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ بَلْ إنْ تَرَكَهُمْ يَتْرُكُهُمْ مَجَّانًا إنْ كَفُّوا عَنْ بَغْيِهِمْ وَأَمِنَ مِنْهُمْ (وَاسْتُعِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَدَائِهَا فَامْتَنَعُوا (قَوْلُهُ: مِمَّا جَبَوْهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَكَأَنْ يَأْمُرَهُمْ بِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّيْنِ فَيَمْتَنِعُونَ (قَوْلُهُ: كَخَرَاجِ الْأَرْضِ) أَيْ الْعَنْوِيَّةِ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِدَفْعِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ فَامْتَنَعُوا وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا كَلَّفَ النَّاسَ بِمَالٍ ظُلْمًا فَامْتَنَعُوا مِنْ إعْطَائِهِ فَأَتَى لِقِتَالِهِمْ فَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَكُونُونَ بُغَاةً بِمُقَاتَلَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعُوا حَقًّا وَلَا أَرَادُوا خَلْعَهُ. (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَإِنَّمَا كَانُوا بُغَاةً إذَا خَالَفُوهُ لِأَجْلِ إرَادَةِ خَلْعِهِ لِحُرْمَةِ خَلْعِهِ، وَإِنْ جَارَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْزَلْ إلَخْ) بَلْ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ تَقْدِيمًا لِأَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ إمَامٌ عَدْلٌ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ، وَإِعَانَةُ ذَلِكَ الْقَائِمِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ) هَذَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ عَلَى وَجْهِ الْمُغَالَبَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَا إظْهَارُ الْقَهْرِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ كَاللُّصُوصِ) أَيْ وَكَمَنْ يَعْتَزِلُوا الْأَئِمَّةَ وَلَا يُبَايِعُهُمْ وَلَا يُعَانِدُهُمْ كَمَا اتَّفَقَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مَكَثَ شَهْرًا لَمْ يُبَايِعْ الْخَلِيفَةَ، ثُمَّ بَايَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى، أَوْ أَنَّهَا لِلِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَوَّلُوا الْخُرُوجَ عَلَيْهِ لِشُبْهَةٍ) أَيْ بِدَلِيلِ قِتَالِ أَبِي بَكْرٍ مَانِعِي الزَّكَاةِ لِزَعْمِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْصَى بِالْخِلَافَةِ لِعَلِيٍّ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِأَخْذِهَا الْمُصْطَفَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةَ، وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ خَالَفَتْ الْإِمَامَ وَلِقَوْلِهِ فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قِتَالُهُمْ) أَيْ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الْفِسْقِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ وَيُقَاتِلَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَدْعُوهُمْ أَوَّلًا لِلدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَتِهِ) أَيْ وَمُوَافَقَةُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَاجِلُوهُ) أَيْ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَالْمَنْجَنِيقِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ شَاسٍ الْقَائِلِ لَا تُنْصَبُ عَلَيْهِمْ الرَّعَّادَاتُ أَيْ الْمَجَانِيقُ. (قَوْلُهُ وَقَطْعِ الْمِيرَةِ) الْمِيرَةُ فِي الْأَصْلِ الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ الطَّعَامَ أُرِيدَ بِهَا هُنَا نَفْسُ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا نُسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ تَشْبِيهِ الْمُصَنِّفِ قِتَالَهُمْ بِقِتَالِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ سَبْيَهُمْ وَيُفِيدُ أَنَّهُمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَرَقُّوا) أَيْ إذَا ظَفِرْنَا بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ النُّونَ مَعَ لَا النَّافِيَةِ، وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى قِلَّةٍ وَمِنْهُ خَبَرُ «لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» وَلَيْسَتْ لَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَاهِيَةً؛ لِأَنَّ النَّهْيَ مِنْ الشَّارِعِ وَالْمُصَنِّفُ مُخْبِرٌ بِالْحُكْمِ لَا نَاهٍ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرُهُ) أَيْ كَزَرْعِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا تُرْفَعُ رُءُوسُهُمْ بِأَرْمَاحٍ) أَيْ لَا بِمَحَلِّ قَتْلِهِمْ وَلَا بِغَيْرِهِ هَذَا ظَاهِرُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وتت قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنَّمَا يُمْنَعُ حَمْلُ رُءُوسِهِمْ عَلَى الرِّمَاحِ لِمَحَلٍّ آخَرَ كَبَلَدٍ، أَوْ وَالٍ وَأَمَّا رَفْعُهَا عَلَى الرِّمَاحِ فِي مَحَلِّ قَتْلِهِمْ فَقَطْ فَجَائِزٌ كَالْكُفَّارِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ فِي هَذَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَمْتَازُ فِيهَا قِتَالُهُمْ عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ وَنَصُّهُ يَمْتَازُ قِتَالُ الْبُغَاةِ عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ بِأَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا أَنْ يَقْصِدَ بِالْقِتَالِ رَدْعَهُمْ لَا قَتْلَهُمْ وَأَنْ يَكُفَّ عَنْ مُدْبِرِهِمْ وَلَا يُجْهِزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا تُقْتَلُ أَسْرَاهُمْ وَلَا تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيِّهِمْ وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِمُشْرِكٍ وَلَا يُوَادِعُهُمْ عَلَى مَالٍ وَلَا تُنْصَبُ عَلَيْهِمْ الرَّعَّادَاتُ وَلَا تُحْرَقُ مَسَاكِنُهُمْ وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِمَحَلِّهِمْ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ رُءُوسِهِمْ لِبَلَدٍ آخَرَ، أَوْ لِوَالٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الدَّالِ) كَذَا ضَبَطَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إذَا انْكَفُّوا عَنْ بَغْيِهِمْ بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ لِلدُّخُولِ تَحْتَ

مَا لَهُمْ) مِنْ سِلَاحٍ وَكُرَاعٍ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ خَيْلٍ (عَلَيْهِمْ) أَيْ يَجُوزُ ذَلِكَ (إنْ اُحْتِيجَ لَهُ) أَيْ لِمَالِهِمْ أَيْ لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَيْهِمْ (ثُمَّ) بَعْدَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ (رُدَّ) إلَيْهِمْ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَمَا يُرَدُّ غَيْرُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ مِنْ أَمْوَالٍ كَغَنَمٍ وَنَحْوِهَا أَيْ عَلَى فَرْضٍ لَوْ حِيزَ عَنْهُمْ، أَوْ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِمْ بِمَنْزِلَةِ حِيَازَتِهِ فَلِذَا عَبَّرَ بِالرَّدِّ. (وَإِنْ أُمِنُوا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً أَيْ حَصَلَ الْأَمَانُ لِلْإِمَامِ بِالظُّهُورِ عَلَيْهِمْ (لَمْ يُتْبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ وَلَمْ يُذَفَّفْ) بِإِعْجَامِ الدَّالِ، وَإِهْمَالِهَا أَيْ لَمْ يُجَهَّزْ (عَلَى جَرِيحِهِمْ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ خِيفَ مِنْهُمْ أُتْبِعَ مُنْهَزِمُهُمْ وَذُفِّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ (وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ و) إنْ قَتَلَهُ (وَرِثَهُ) إنْ كَانَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، لَكِنَّهُ غَيْرُ عُدْوَانٍ وَلَا يُكْرَهُ قَتْلُ جَدِّهِ، أَوْ أَخِيهِ، أَوْ ابْنِهِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) بَاغٍ (مُتَأَوِّلٌ) فِي خُرُوجِهِ عَلَى الْإِمَامِ (أَتْلَفَ نَفْسًا، أَوْ مَالًا) حَالَ خُرُوجِهِ لِعُذْرِهِ بِالتَّأْوِيلِ بِخِلَافِ الْبَاغِي غَيْرِ الْمُتَأَوِّلِ (وَمَضَى حُكْمُ قَاضِيهِ) فَلَا يُنْقَضُ وَيَرْتَفِعُ بِهِ الْخِلَافُ (و) مَضَى (حَدٌّ أَقَامَهُ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ نَصَّ عَلَيْهِ لِعِظَمِ شَأْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يُعَادُ عَلَى الْمَحْدُودِ إنْ كَانَ غَيْرَ قَتْلٍ وَلَا دِيَةَ عَلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ قَتْلًا وَنَحْوَهُ. (وَرُدَّ ذِمِّيٌّ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلِ (لِذِمَّتِهِ) فَلَا يَغْرَمُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَلَا يُعَدُّ خُرُوجُهُ مَعَهُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ (وَضَمِنَ) الْبَاغِي (الْمُعَانِدُ) ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَأَوِّلِ (النَّفْسَ) ، وَالطَّرَفَ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ (وَالْمَالَ) لِعَدَمِ عُذْرِهِ (وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ نَاقِضٌ) لِلْعَهْدِ يَكُونُ هُوَ وَمَالُهُ فَيْئًا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ، فَالْخَارِجُ عَلَيْهِ عِنَادًا كَالْمُتَأَوِّلِ (وَالْمَرْأَةِ الْمُقَاتِلَةِ) بِالسِّلَاحِ (كَالرَّجُلِ) يَجُوزُ قَتْلُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَاتَلَتْ بِغَيْرِ سِلَاحٍ فَلَا تُقْتَلُ مَا لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا، هَذَا فِي حَالِ الْقِتَالِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً فَلَا تَضْمَنُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَأَوِّلَةٍ ضَمِنَتْ وَرُقَّتْ إنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً لِنَقْضِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQطَاعَةِ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَ مُقَاتَلَتِهِمْ وَطَلَبُوا الْأَمَانَ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُمْ فِي مَحَلِّهِمْ عَلَى مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَلْ يُتْرَكُونَ مَجَّانًا وَضَبَطَهُ ابْن مَرْزُوقٍ بِسُكُونِ الدَّالِ مُضَارِعُ دَعَا فَقَالَ أَيْ لَا يُعْطِيهِمْ السُّلْطَانُ، أَوْ نُوَّابُهُ مَالًا عَلَى الدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ مَعْصِيَةٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ سِلَاحٍ وَكُرَاعٍ) أَيْ وَغَيْرِهِمَا فَلَوْ قَاتَلُونَا عَلَى إبِلٍ، أَوْ بِغَالٍ، أَوْ فِيلَةٍ وَظَفِرْنَا بِهِمْ وَأَخَذْنَاهَا مِنْهُمْ لَجَازَ الِاسْتِعَانَةُ بِهَا عَلَيْهِمْ إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى فَرْضٍ لَوْ حِيزَ عَنْهُمْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا ظَفِرَ لَهُمْ بِمَالٍ حَالَ الْمُقَاتَلَةِ فَإِنَّهُ يُوقِفُهُ حَتَّى يَرُدَّ إلَيْهِمْ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ فَلِذَا عَبَّرَ بِالرَّدِّ) أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الرَّدُّ فَرْعُ الْأَخْذِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فَأَيْنَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: أَيْ حَصَلَ الْأَمَانُ لِلْإِمَامِ) الْأَوْضَحُ أَيْ حَصَلَ الْأَمْنُ لِلْإِمَامِ، وَالنَّاسُ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: بِالظُّهُورِ عَلَيْهِمْ) أَيْ بِسَبَبِ ظُهُورِنَا عَلَيْهِمْ وَانْهِزَامِهِمْ (قَوْلُهُ قَتَلَ أَبِيهِ) أَيْ دَنِيَّةً حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْأَبِ مِنْ الْبُغَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ لَا بَارَزَ وَلَدَهُ بِالْقِتَالِ أَمْ لَا وَمِثْلُ أَبِيهِ أُمُّهُ بَلْ هِيَ، أَوْلَى لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ، وَالشَّفَقَةِ وَلِضَعْفِ مُقَاتَلَتِهَا عَنْ مُقَاتَلَةِ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ أَتْلَفَ نَفْسًا إلَخْ) أَيْ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا فَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ لِنَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَعْدَ انْكِفَافِهِ عَنْ الْبَغْيِ، وَالدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا مَهْرَ فَرْجٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ حَالَ خُرُوجِهِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَأَوَّلٌ اهـ بْن وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَتْلَفَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ مَوْجُودًا لِفَرْدِهِ لِرَبِّهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلَ لَا يَضْمَنُ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَهْدَرَتْ الدِّمَاءَ الَّتِي كَانَتْ فِي حُرُوبِهِمْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِيهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ ضَمَانِ الْمُتَأَوِّلِ النَّفْسَ وَأَوْلَى الْمَالُ. (قَوْلُهُ: قَاضِيهِ) الضَّمِيرُ لِلْبَاغِي الْمُتَأَوِّلِ أَيْ أَنَّ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلَ إذَا أَقَامَ قَاضِيًا فَحَكَمَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَلَا تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ بَلْ تُحْمَلُ عَلَى الصِّحَّةِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَأَوِّلِ فَأَحْكَامُهُ الَّتِي بِهَا قَاضِيهِ تُتَعَقَّبُ فَمَا وُجِدَ مِنْهَا صَوَابًا أُمْضِي، وَإِلَّا رُدَّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَادُ عَلَى الْمَحْدُودِ) أَيْ فَلَا يُعَادُ الْحَدُّ ثَانِيًا عَلَى الْمَحْدُودِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ ذِمِّيٌّ) أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَانْكِفَافِهِ عَنْ الْبَغْيِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ مَعَ ذَلِكَ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلِ مُسْتَعِينًا بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُ) أَيْ بَلْ يُوضَعُ عَنْهُ مَا يُوضَعُ عَنْ الْمُتَأَوِّلِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسٍ) أَيْ، أَوْ جُرْحٍ، أَوْ طَرَفٍ، أَوْ يُرَادُ بِالنَّفْسِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ، وَالْمَالُ) أَيْ فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ: وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ) أَيْ، وَالذِّمِّيُّ الْخَارِجُ عَلَى الْإِمَامِ مَعَ ذَلِكَ الْبَاغِي. (قَوْلُهُ: نَاقِضٌ لِلْعَهْدِ) أَيْ نَاقِضٌ لِعَهْدِهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَانِدُ أَكْرَهَ ذَلِكَ الذِّمِّيَّ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ عَلَى الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ نَاقِضًا، لَكِنْ إنْ قَتَلَ ذَلِكَ الذِّمِّيُّ أَحَدًا قُتِلَ بِهِ وَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَالْمُتَأَوِّلِ) أَيْ، وَالذِّمِّيُّ الْخَارِجُ عَلَى الْإِمَامِ مَعَهُ غَيْرُ نَاقِضٍ لِعَهْدِهِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ قَتْلُهَا) أَيْ إذَا ظَفِرَ بِهَا حَالَ الْمُقَاتَلَةِ وَلَوْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَاتَلَتْ بِغَيْرِ سِلَاحٍ) أَيْ كَمَا لَوْ قَاتَلَتْ بِالْحِجَارَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا) أَيْ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَالَ قِتَالِهِ سَوَاءً قَاتَلَ بِالسِّلَاحِ، أَوْ بِغَيْرِهِ قَتَلَ أَحَدًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَذَا فِي حَالِ الْقِتَالِ) أَيْ هَذَا إذَا ظَفِرْنَا بِهَا حَالَ الْقِتَالِ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً فِي قِتَالِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَضْمَنُ شَيْئًا) أَيْ لَا نَفْسًا وَلَا مَالًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَأَوِّلَةٍ ضَمِنَتْ) أَيْ الْمَالَ، وَالنَّفْسَ فَيُقْتَصُّ مِنْهَا

[باب في الردة وأحكامها]

[دَرْسٌ] (بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا) (الرِّدَّةُ كُفْرُ الْمُسْلِمِ) الْمُتَقَرَّرِ إسْلَامُهُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مُخْتَارًا وَيَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (بِصَرِيحٍ) مِنْ الْقَوْلِ كَقَوْلِهِ أُشْرِكُ أَوْ أَكْفُرُ بِاَللَّهِ (أَوْ لَفْظٍ) أَيْ قَوْلٍ (يَقْتَضِيهِ) كَقَوْلِهِ اللَّهُ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ وَكَجَحْدِهِ حُكْمًا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَحُرْمَةِ الزِّنَا (أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ) أَيْ يَقْتَضِي الْكُفْرَ وَيَسْتَلْزِمُهُ اسْتِلْزَامًا بَيِّنًا (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ) وَلَوْ طَاهِرًا كَبُصَاقٍ أَوْ تَلْطِيخِهِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ مَا فِيهِ قُرْآنٌ وَلَوْ كَلِمَةً، وَمِثْلُ ذَلِكَ تَرْكُهُ بِهِ أَيْ عَدَمُ رَفْعِهِ إنْ وَجَدَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ فَأَرَادَ بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ التَّرْكَ إذْ هُوَ فِعْلٌ نَفْسِيٌّ وَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَسْمَاءُ اللَّهِ وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ، وَكَذَا الْحَدِيثُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَحَرْقُ مَا ذُكِرَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ صِيَانَتِهِ فَلَا ضَرَرَ بَلْ رُبَّمَا وَجَبَ وَكَذَا كُتُبُ الْفِقْهِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ بِالشَّرِيعَةِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا (وَشَدِّ زُنَّارٍ) بِضَمِّ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ حِزَامٌ ذُو خُيُوطٍ مُلَوَّنَةٍ يَشُدُّ بِهِ الذِّمِّيُّ وَسَطَهُ لِيَتَمَيَّزَ بِهِ عَنْ الْمُسْلِمِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَلْبُوسُ الْكَافِرِ الْخَاصُّ بِهِ أَيْ إذَا فَعَلَهُ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلًا لِأَهْلِهِ وَأَمَّا إنْ لَبِسَهُ لَعِبًا فَحَرَامٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا] (قَوْلُهُ: الْمُتَقَرَّرِ إسْلَامُهُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَتَقَرَّرُ بِمُجَرَّدِ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مُخْتَارًا، وَلَوْ لَمْ يَقِفْ عَلَى الدَّعَائِمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ فِي تَقَرُّرِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّعَائِمِ وَالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ بَعْدَ نُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَمَنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ عَلَى الدَّعَائِمِ فَلَا يَكُونُ مُرْتَدًّا، وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدَّبُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ) أَيْ كُفْرُ الْمُسْلِمِ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِصَرِيحِ إلَخْ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مُسْتَأْنَفٍ أَيْ وَيَكُونُ بِصَرِيحِ إلَخْ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الشَّكَّ فِي قِدَمِ الْعَالَمِ وَبَقَائِهِ مَثَلًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّكَّ إمَّا أَنْ يُصَرَّحَ بِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ كَانَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيه، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَانَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ مِنْ أَفْعَالِ الْقَلْبِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ قِدَمِ الْعَالَمِ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ عَطْفًا عَلَى إلْقَاءِ مُصْحَفٍ. (قَوْلُهُ: بِصَرِيحٍ) أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ فِي الْكُفْرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ) أَيْ يَقْتَضِي الْكُفْرَ أَيْ يَدُلُّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّلَالَةُ الْتِزَامِيَّةً كَقَوْلِهِ: اللَّهُ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ فَإِنَّ تَحَيُّزَهُ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَهُ لِافْتِقَارِهِ لِلْحَيِّزِ، وَالْقَوْلُ بِذَلِكَ كُفْرٌ أَوْ تَضَمُّنِيَّةٌ كَمَا إذَا أَتَى بِلَفْظٍ لَهُ مَعْنًى مُرَكَّبٌ مِنْ كُفْرٍ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ زَيْدٌ خداي إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي الْإِلَهِ الْمَعْبُودِ بِحَقِّ وَلِأَجْلِ هَذَا التَّعْمِيمِ عَبَّرَ بِيَقْتَضِيهِ دُونَ يَتَضَمَّنُهُ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي اللَّفْظِ دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ: اللَّهُ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ) أَيْ وَكَقَوْلِهِ الْعُزَيْرُ أَوْ عِيسَى ابْنُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ) إسْنَادُ التَّضَمُّنِ لِلْفِعْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الِالْتِزَامُ لَا حَقِيقَةُ التَّضَمُّنِ الَّذِي هُوَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى جُزْءِ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى اللَّازِمِ الْخَفِيِّ. (قَوْلُهُ: كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ) أَيْ فِيمَا يُسْتَقْذَرُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِلْقَاءُ لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ بِدُونِ الْقَتْلِ لَا بِهِ فَإِذَا سَرَقَ مُصْحَفًا وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ بَقَائِهِ عِنْدَهُ فَأَلْقَاهُ فِي الْقَذَرِ فَيَكْفُرُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ خَوْفُهُ بِدُونِ الْقَتْلِ لَا بِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَلْطِيخِهِ بِهِ) أَيْ بِالْقَذَرِ وَلَوْ طَاهِرًا وَهَذَا مِنْ أَنَّ تَلْطِيخَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَوْ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رِدَّةً، إلَّا إذَا كَانَ التَّلْطِيخُ بِالنَّجَاسَةِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَلْطِيخَ الْمُصْحَفِ بِالْقَذِرِ وَلَوْ طَاهِرًا رِدَّةٌ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَمَّا إنْ بَلَّ أَصَابِعَهُ بِرِيقِهِ بِقَصْدِ قَلْبِ أَوْرَاقِهِ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَجَاسَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِكُفْرِهِ وَرِدَّتِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ التَّحْقِيرَ الَّذِي هُوَ مُوجِبٌ لِلْكُفْرِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَمِثْلُ هَذَا مَنْ رَأَى وَرَقَةٌ مَكْتُوبَةٌ مَطْرُوحَةٌ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا كُتِبَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُهَا مَطْرُوحَةً فِي الطَّرِيقِ لِتُوطَأَ بِالْأَقْدَامِ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا آيَةً أَوْ حَدِيثًا وَتَرَكَهَا كَانَ ذَلِكَ رِدَّةً كَمَا قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلِ إلْقَاءِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَذَرِ فِي كَوْنِهِ رِدَّةً تَرَكَهُ أَيْ الْمُصْحَفَ بِهِ أَيْ بِالْقَذَرِ (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَهُ بِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ وَلَوْ عَلَى الْجُنُبِ رَفْعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْقُرْآنِ) أَيْ مِثْلُ إلْقَاءِ الْقُرْآنِ فِي كَوْنِهِ رِدَّةً إلْقَاءُ أَسْمَاءِ اللَّهِ إلَخْ وَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّحْقِيرِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِهَا بِأَنْ يُلْقِيَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا اسْمُ نَبِيٍّ لَا مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ: وَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ أَيْ الْمَقْرُونَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِثْلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ صِيَانَتِهِ) أَيْ أَوْ كَانَ حَرَقَهُ لِأَجْلِ مَرِيضٍ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَلْبُوسُ الْكَافِرِ الْخَاصُّ بِهِ) أَيْ فَيَشْمَلُ بُرْنِيطَةَ النَّصْرَانِيِّ وَطُرْطُورَ الْيَهُودِيِّ. (قَوْلُهُ: إذَا فَعَلَهُ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلًا لِأَهْلِهِ) أَيْ سَوَاءٌ سَعَى بِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا سَوَاءٌ فَعَلَهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي بِلَادِهِمْ فَالْمَدَارُ فِي الرِّدَّةِ عَلَى فِعْلِهِ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلًا لِأَهْلِهِ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالسَّعْيِ بِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَبِفِعْلِهِ

وَلَيْسَ بِكُفْرٍ (وَسِحْرٍ) عَرَّفَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّهُ كَلَامٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ وَتَعْلِيمَهُ كُفْرٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ ظَاهِرٌ فِي الْغَايَةِ إذْ تَعْظِيمُ الشَّيَاطِينِ وَنِسْبَةُ الْكَائِنَاتِ إلَيْهَا لَا يَسْتَطِيعُ عَاقِلٌ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ أَنْ يَقُولَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَأَمَّا إبْطَالُهُ، فَإِنْ كَانَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى إبْطَالِهِ حِينَئِذٍ، وَالسِّحْرُ يَقَعُ بِهِ تَغْيِيرُ أَحْوَالٍ وَصِفَاتٍ وَقَلْبُ حَقَائِقَ، فَإِنْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ بِآيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ أَوْ أَسْمَاءٍ إلَهِيَّةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْرٍ لَكِنَّهُ يَحْرُمُ إنْ أَدَّى إلَى عَدَاوَةٍ أَوْ ضَرَرٍ فِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَفِيهِ الْأَدَبُ وَإِذَا حُكِمَ بِكُفْرِ السَّاحِرِ، فَإِنْ كَانَ مُتَجَاهِرًا بِهِ قُتِلَ وَمَالُهُ فَيْءٌ مَا لَمْ يَتُبْ، وَإِنْ كَانَ يُسِرُّهُ قُتِلَ مُطْلَقًا كَالزِّنْدِيقِ كَمَا يَأْتِي (وَقَوْلٍ بِقِدَمِ الْعَالَمِ) وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صَانِعٌ أَوْ أَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ تَعَالَى عِلَّةٌ فِيهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَكْذِيبِ الْقُرْآنِ وَتَكْذِيبِ الرَّسُولِ (أَوْ بَقَائِهِ) ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ حَادِثٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى شَكِّهِ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيه أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ (أَوْ) قَوْلٍ (بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ) بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ مَاتَ فَإِنَّ رُوحَهُ تَنْتَقِلُ إلَى مِثْلِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ إنْ كَانَتْ مِنْ مُطِيعٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عَاصٍ انْتَقَلَتْ إلَى مِثْلِهِ أَوْ أَدْنَى كَكَلْبٍ أَوْ هِرٍّ وَهَكَذَا إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ وَقِيلَ إلَى أَنْ تَصِلَ الْأُولَى إلَى الْجَنَّةِ وَالثَّانِيَةُ إلَى النَّارِ فَهُمْ يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَالْحَشْرَ وَمَا ثَبَتَ عَنْ الشَّارِعِ مِنْ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهَا (أَوْ) بِقَوْلِهِ (فِي كُلِّ جِنْسٍ) مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ أَيْ أَنْوَاعِهِ حَتَّى الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ وَالدُّودُ (نَذِيرٌ) أَيْ نَبِيٌّ يُنْذِرُهُمْ فَيَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ أَجْنَاسَ الْحَيَوَانَاتِ كُلَّهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ كعبق. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِكُفْرٍ) أَيْ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ كَأَسِيرٍ عِنْدَهُمْ يَضْطَرُّ إلَى اسْتِعْمَالِ ثِيَابِهِمْ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ الرِّدَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ: وَسِحْرٍ) أَيْ وَمُبَاشَرَةِ سِحْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْمُبَاشَرَةُ مِنْ جِهَةِ تَعَلُّمِهِ أَوْ تَعْلِيمِهِ أَوْ عَمَلِهِ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ فِي الْغَايَةِ) أَيْ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ خِلَافًا لِاسْتِشْكَالِ عبق لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ إبْطَالُهُ بِسِحْرٍ بَلْ بِآيَاتٍ أَوْ دَعَوَاتٍ نَبَوِيَّةٍ فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى إبْطَالِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ إبْطَالُهُ بِغَيْرِ سِحْرٍ (قَوْلُهُ: تَغْيِيرُ أَحْوَالٍ) أَيْ كَتَغْيِيرِ حَالِ الشَّخْصِ مِنْ الصِّحَّةِ لِلْمَرَضِ (قَوْلُهُ: وَقَلْبُ حَقَائِقَ) أَيْ كَقَلْبِ الْإِنْسَانِ حِمَارًا أَوْ تِمْسَاحًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ تَغْيِيرِ الْأَحْوَالِ وَالصِّفَاتِ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْرٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِحْرٍ، وَإِنْ حَصَلَ بِهَا مَا يَحْصُلُ بِالسِّحْرِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَدَّى إلَى عَدَاوَةٍ) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الصَّدِيقَيْنِ مَثَلًا وَفُرْقَةٍ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: أَوْ ضَرَرٍ فِي نَفْسٍ) أَيْ كَتَسْلِيطِ حُمَّى أَوْ رَمَدٍ أَوْ ضَارِبٍ أَوْ رَبْطِ زَوْجٍ عَنْ زَوْجَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ) أَيْ كَتَسْلِيطِ رَجْمٍ عَلَى الْبَيْتِ بِكَسْرِ أَوَانِيهِ مَثَلًا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَدَّى لِعَدَاوَةٍ إلَخْ أَنَّهُ إنْ أَدَّى لِعَطْفٍ وَمَحَبَّةٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتُبْ) أَيْ فَإِنْ تَابَ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُؤْخَذُ مَالُهُ (قَوْلُهُ: كَالزِّنْدِيقِ) أَيْ فَإِنَّهُ تُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ لَهُ تَوْبَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلٍ بِقِدَمِ الْعَالَمِ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ إنَّهُ قَدِيمٌ بِالذَّاتِ أَوْ بِالزَّمَانِ كَمَا يَقُولُ الْفَلَاسِفَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِدَمَ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ قِسْمَانِ قِدَمٌ بِالذَّاتِ وَهُوَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْمُؤَثِّرِ وَهَذَا لَا يَكُونُ، إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَقِدَمٌ زَمَانِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ الْمَسْبُوقِيَّةِ بِالْعَدَمِ كَانَ هُنَاكَ اسْتِنَادٌ لِمُؤَثِّرٍ أَمْ لَا، فَالثَّانِي أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ فَالْمَوْلَى عِنْدَهُمْ قَدِيمٌ بِالذَّاتِ وَالزَّمَانِ وَالْأَفْلَاكُ وَالْعَنَاصِرُ وَأَنْوَاعُ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ وَالْمَعَادِنِ قَدِيمَةٌ بِالزَّمَانِ لَا بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ عِنْدَهُمْ غَيْرَ مَسْبُوقَةٍ بِالْعَدَمِ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْوَاجِبِ أَثَّرَتْ فِيهَا بِالْعِلَّةِ فَلَا أَوَّلَ لَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ قِدَمَ الْعَالَمِ وَقَوْلُهُ: يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صَانِعٌ أَيْ أَصْلًا إنْ كَانَ الْقِدَمُ ذَاتِيًّا وَقَوْلُهُ: أَوْ أَنْ إلَخْ أَيْ أَوْ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ الَّذِي هُوَ صَانِعُهُ عِلَّةٌ فِيهِ أَيْ إنْ كَانَ الْقِدَمُ زَمَانِيًّا أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَلَاسِفَةَ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ قِدَمًا زَمَانِيًّا، يَقُولُونَ: إنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ عِلَّةٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْفَاعِلَ بِالْعِلَّةِ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مُخْتَارٍ فَيَجِبُ وُجُودُ مَعْلُولِهِ مَعَ وُجُودِهِ أَلْبَتَّةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَقَائِهِ) أَيْ أَوْ قَوْلٍ بِبَقَائِهِ وَأَنَّهُ لَا يَفْنَى كَمَا تَقُولُ الدَّهْرِيَّةُ وَإِنَّمَا عَطْفُ بَقَائِهِ بِأَوْ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَهُ الْقِدَمُ؛ لِأَنَّهُ يَكْفُرُ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ مَعَ عَدَمِ مُلَاحَظَتِهِ لِلْآخَرِ وَإِنَّمَا كَانَ الْقِدَمُ مُسْتَلْزِمًا لِلْبَقَاءِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ قِدَمُهُ اسْتَحَالَ عَدَمُهُ وَكُلُّ مَا اسْتَحَالَ عَدَمُهُ وَجَبَ بَقَاؤُهُ وَأَمَّا الْبَقَاءُ فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْقِدَمَ إذْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ بَاقِيَتَانِ مَعَ أَنَّهُمَا مَخْلُوقَتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي مُوجِبَاتِ الْكُفْرِ بِالْجَهْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى إنْ مَاتَ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ. (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ) أَيْ فَيَسْتَوْفِي الرُّوحَ جَزَاءَهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فِي الْقَالِبِ الَّذِي انْتَقَلَتْ إلَيْهِ وَلَا حَشْرَ وَلَا نَشْرَ وَلَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ تَكْذِيبٌ لِلشَّرِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ) أَيْ فِي مَعْنَى تَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَصِلَ الْأُولَى) أَيْ رُوحُ الْمُطِيعِ أَيْ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهَا لِمُمَاثِلٍ لَهُ أَوْ أَعْلَى وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَصِلَ لِلْجَنَّةِ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ أَيْ رُوحُ الْعَاصِي تَنْتَقِلُ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهَا لِمُمَاثِلٍ أَوْ أَدْنَى وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَصِلَ إلَى النَّارِ وَقَوْلُهُ:

مُكَلَّفَةٌ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَإِلَى أَنْ تُوصَفَ أَنْبِيَاءُ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ بِأَوْصَافِهِمْ الذَّمِيمَةِ وَفِيهِ ازْدِرَاءٌ بِهَذَا الْمَنْصِبِ الشَّرِيفِ (أَوْ ادَّعَى شِرْكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) كَدَعْوَى مُشَارَكَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّهُ كَانَ يُوحَى إلَيْهِمَا مَعًا (أَوْ بِمُحَارَبَةِ نَبِيٍّ) أَيْ قَالَ بِجَوَازِهَا وَكُفْرُهُ ظَاهِرٌ (أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَلِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ وُقُوعِهَا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ) (ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ) بِجَسَدِهِ (لِلسَّمَاءِ) أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا (أَوْ) ادَّعَى أَنَّهُ (يُعَانِقُ الْحُورَ) الْعِينِ يَقَظَةً فَكُفْرٌ؛ لِأَنَّهُنَّ نِسَاءُ الْجَنَّةِ فَلَا يَظْهَرْنَ فِي الدُّنْيَا إجْمَاعًا فَتَأَمَّلْ (أَوْ) (اسْتَحَلَّ) حَرَامًا عُلِمَتْ حُرْمَتُهُ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً (كَالشُّرْبِ) لِلْخَمْرِ أَوْ جَحْدِ حِلِّ مُجْمَعٍ عَلَى إبَاحَتِهِ أَوْ وُجُوبِ مُجْمَعٍ عَلَى وُجُوبِهِ أَيْ مِمَّا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً فَلَوْ قَالَ أَوْ جَحَدَ حُكْمًا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً لَكَانَ أَحْسَنَ فَخَرَجَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ كَوُجُوبِ إعْطَاءِ السُّدُسِ لِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ وُجُودِ الْبِنْتِ وَمَا عُلِمَ ضَرُورَةً وَلَيْسَ مِنْ الدِّينِ وَلَا يَتَضَمَّنُ تَكْذِيبَ قُرْآنٍ أَوْ نَبِيٍّ كَإِنْكَارِ قَتْلِ عُثْمَانَ أَوْ خِلَافَةِ عَلِيٍّ أَوْ وُجُودِ بَغْدَادَ بِخِلَافِ إنْكَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَوْ فِرْعَوْنُ فَإِنَّهُ كُفْرٌ؛ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلْقُرْآنِ. (لَا) يَكْفُرُ (دَاعِيًا عَلَى غَيْرِهِ بِأَمَاتَهُ اللَّهُ كَافِرًا) (عَلَى الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ يَكْفُرُ لِأَنَّهُ مِنْ الرِّضَا بِالْكُفْرِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ فِي الشَّتْمِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا دَعَا عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُمْ أَيْ الْقَائِلُونَ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَالْحَشْرَ أَيْ وَلَا يُنْكِرُونَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ مَنْ يُنْكِرُ الْبَعْثَ الْجُسْمَانِيَّ وَيُثْبِتُ الرُّوحَانِيَّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَيُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَالْحَشْرَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَهِيَ طَرِيقَةُ مَنْ يُنْكِرُ الْبَعْثَ مِنْ أَصْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ رُوحَانِيًّا أَوْ جُسْمَانِيًّا وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِمَا ثَبَتَ عَنْ الشَّارِعِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ) أَيْ أَنَّ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى خِلَافِهِ فَيَكُونُ خِلَافُهُ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَيَكْفُرُ الْقَائِلُ بِذَلِكَ، وَإِنْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى أَنْ تُوصَفَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهُ مُرْتَدًّا يُقْتَلُ إنْ لَمْ يَتُبْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا فِي اللَّازِمِ غَيْرُ الْبَيِّنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ اللَّازِمَ هُنَا بَيِّنٌ فَلْيُنْظَرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَعَ نُبُوَّتِهِ) مَعَ بِمَعْنَى فِي أَوْ أَنَّهَا عَلَى بَابِهَا أَيْ ادَّعَى شَرِيكًا مُصَاحِبًا لِنُبُوَّتِهِ (قَوْلُهُ: كَدَعْوَى مُشَارَكَةِ عَلِيٍّ) أَيْ ادَّعَى أَنَّ النُّبُوَّةَ شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُمَا بِمَثَابَةِ نَبِيٍّ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ كَانَ يُوحَى إلَيْهِمَا مَعًا أَيْ ادَّعَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَبِيٌّ مُسْتَقِلٌّ جَمَعَهُمَا زَمَنٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ قَالَ بِجَوَازِهَا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِمُحَارَبَةِ نَبِيٍّ عَطْفٌ عَلَى بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ وَمِثْلُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْمُحَارَبَةِ فِي كَوْنِهِ رِدَّةً اعْتِقَادُ جَوَازِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ) أَيْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ اعْتَقَدَ جَوَازَ اكْتِسَابِهَا بِالْبُلُوغِ لِمَرْتَبَتِهَا بِصَفَاءِ الْقَلْبِ بِالْمُجَاهَدَاتِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِانْعِقَادِ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهَا لَا تُكْتَسَبُ بِحَالٍ وَأَمَّا الْوِلَايَةُ فَإِنَّهَا قَدْ تَحْصُلُ بِالْكَسْبِ وَقَدْ تَكُونُ وَهْبِيَّةً كَذَا قَالَ عج وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ الْوِلَايَةُ لَا تُكْتَسَبُ بِحَالٍ كَالنُّبُوَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ لِلسَّمَاءِ) أَيْ وَكَذَا إذَا ادَّعَى مُجَالَسَةَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ مُكَالَمَتَهُ فَهُوَ كَافِرٌ كَمَا فِي الشِّفَاءِ وَهَذَا إذَا أَرَادَ بِالْمُكَالَمَةِ الْمَعْنَى الْمُتَبَادِرَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ الْمُجَالَسَةُ لَا الْمُكَالَمَةُ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ مِنْ إلْقَاءِ النُّورِ فِي قُلُوبِهِمْ وَإِلْهَامِهِمْ سِرًّا لَا يَخْرُجُ عَنْ الشَّرْعِ فَدَعْوَى الْمُكَالَمَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الشَّاذِلِيُّ يَقُولُ: قِيلَ لِي كَذَا وَحُدِّثْتُ بِكَذَا أَيْ أُلْهِمْته، وَكَذَا إذَا أُرِيدَ بِالْمُجَالَسَةِ التَّذَلُّلَ وَالْخُضُوعَ وَمُلَاحَظَةَ أَنَّهُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَلَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: بِجَسَدِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى صُعُودَ رُوحِهِ لِلسَّمَاءِ فَلَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) أَيْ أَوْ النَّارَ كَمَا بَحَثَهُ الشَّعْرَاوِيُّ. (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) كَأَنَّهُ أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِكُفْرِ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ لِلسَّمَاءِ أَوْ يُعَانِقُ الْحُورَ الْعَيْنَ لَكِنْ النَّقْلُ مُتَّبَعٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَحَلَّ كَالشُّرْبِ) أَيْ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ حِلَّ كَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ: مُجْمَعٍ عَلَى إبَاحَتِهِ) أَيْ كَأَكْلِ الْعِنَبِ وَقَوْلُهُ: مُجْمَعٍ عَلَى وُجُوبِهِ أَيْ كَالزَّكَاةِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ أَوْ جَحَدَ حُكْمًا) الْأَوْلَى أَمْرًا عُلِمَ إلَخْ لِأَجْلِ الْمُخْرِجَاتِ الْآتِيَةِ فَإِنَّ بَعْضَهَا حُكْمٌ وَبَعْضَهَا غَيْرُ حُكْمٍ. (قَوْلُهُ: عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً) أَيْ عُلِمَ ضَرُورَةً حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْ الدِّينِ أَيْ عُلِمَ عِلْمًا يُشْبِهُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فِي مَعْرِفَةِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ لَهُ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الدِّينِ نَظَرِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ لَا ضَرُورِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَضَمَّنُ) أَيْ جَحْدُهُ تَكْذِيبَ قُرْآنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ وُجُودِ بَغْدَادَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مَعْلُومَةٌ بِالضَّرُورَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ الدِّينِ إذْ لَا يَتَضَمَّنُ جَحْدُهَا تَكْذِيبَ قُرْآنٍ وَلَا نَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِرْعَوْنَ) أَيْ أَوْ غَزْوَةِ بَدْرٍ أَوْ أُحُدٍ أَوْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلْقُرْآنِ) أَيْ فَوُجُودُ مَا ذُكِرَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ يُؤَدِّي لِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ لَا يُقَالُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي إنْكَارِ غَيْرِ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ لَا فِيهَا؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ} [التوبة: 40] وَلَيْسَ فِيهِ تَعْيِينٌ لَهُ لِأَنَّا نَقُولُ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالْحَقُّ أَنَّ إنْكَارَ وُجُودِ أَبِي بَكْرٍ رِدَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِ وُجُودِهِ إنْكَارُ صُحْبَتِهِ لُزُومًا بَيِّنًا وَقَدْ عَلِمْت

يَكُونُ كُفْرًا وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ. (وَفُصِّلَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْكُفْرِ وُجُوبًا فَلَا يَكْتَفِي الْقَاضِي بِقَوْلِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ كَفَرَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا كَفَرَ بِهِ بَيَانًا وَاضِحًا لَا إجْمَالَ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ كَفَرَ بِقَوْلِهِ كَذَا أَوْ فِعْلِهِ كَذَا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ كُفْرٌ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَ كَذَلِكَ. (وَاسْتُتِيبَ) الْمُرْتَدُّ وُجُوبًا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا مِنْ يَوْمِ الثُّبُوتِ لَا مِنْ يَوْمِ الْكُفْرِ وَلَا يَوْمِ الرَّفْعِ وَيُلْغَى يَوْمُ الثُّبُوتِ إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ (بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ) بَلْ يُطْعَمُ وَيُسْقَى مِنْ مَالِهِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُوقَفُ فَيَكُونُ مُعْسِرًا بِرِدَّتِهِ (وَ) بِلَا (مُعَاقَبَةٍ) بِكَضَرْبٍ (وَإِنْ لَمْ يَتُبْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعِدْ بِالتَّوْبَةِ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ (فَإِنْ تَابَ) تُرِكَ (وَإِلَّا) يَتُبْ (قُتِلَ) بِالسَّيْفِ وَلَا يُتْرَكُ بِجِزْيَةٍ وَلَا يُسْتَرَقُّ (وَاسْتُبْرِئَتْ) ذَاتُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ (بِحَيْضَةٍ) قَبْلَ قَتْلِهَا خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَإِنْ حَاضَتْ أَيَّامَ الِاسْتِتَابَةِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا فَيُنْتَظَرُ أَقْضَى الْأَجَلَيْنِ، فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أُخِّرَتْ حَتَّى تَضَعَ إنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهَا وَقَبِلَهَا الْوَلَدُ وَإِلَّا أُخِّرَتْ لِتَمَامِ رَضَاعِهِ. (وَمَالُ الْعَبْدِ) وَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا (لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا) يَكُنْ عَبْدًا بِأَنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ حُرًّا وَقُتِلَ بِرِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا قَبْلَ الْقَتْلِ (فَفَيْءٌ) مَحِلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ لِدِينِ وَارِثِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ قَوْلَهُمْ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ فِي اللَّازِمِ غَيْرُ الْبَيِّنِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: يَكُونُ كُفْرًا) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَعَا عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ لِرِضَاهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ) أَيْ بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِكُفْرِهِ وَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ الْبِسَاطِيِّ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الْعَلَمِيُّ أَنَّ دُعَاءَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ كَدُعَائِهِ عَلَى غَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي المج لِارْتِضَائِهِ لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا دَعَا عَلَى نَفْسِهِ فِي غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفُرْ قَطْعًا كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: وَفُصِّلَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَهِدَ بِكُفْرِ شَخْصٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَصِّلَ وَيُبَيِّنَ الْوَجْهَ الَّذِي كَفَرَ بِهِ وَلَا يُجْمِلْهُ بِأَنْ يَقُولَ كَفَرَ بِقَوْلِهِ كَذَا أَوْ بِفِعْلِهِ كَذَا فَقَوْلُهُ: وَفُصِّلَتْ أَيْ وُجُوبًا صَوْنًا لِلدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُتِيبَ الْمُرْتَدُّ) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ اسْتِتَابَتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الِاسْتِتَابَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَخَّرَ قَوْمَ صَالِحٍ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَعَلَّهُمْ أَنْ يَتُوبُوا فِيهِ فَكَوْنُ أَيَّامِ الِاسْتِتَابَةِ ثَلَاثَةً وَاجِبٌ، فَلَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ قَبْلَهَا مَضَى لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ يَطْلُبُ مِنْهُ التَّوْبَةَ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الثُّبُوتِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُلْغَى يَوْمُ الثُّبُوتِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُلَفَّقُ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ احْتِيَاطًا لِعِظَمِ الدِّمَاءِ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الْقَائِلِ: إنَّ يَوْمَ الثُّبُوتِ يَكْمُلُ مِنْ الرَّابِعِ وَلَا يُلْغَى إذَا كَانَ الثُّبُوتُ مَسْبُوقًا بِالْفَجْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوقَفُ) أَيْ لِأَنَّ مَالَهُ يُوقَفُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتُبْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ أَيْ هَذَا إذَا وَعَدَ بِالتَّوْبَةِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَعِدْ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا إذَا تَابَ حَقِيقَةً بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ تُطْلَبُ مِنْهُ التَّوْبَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ تَابَ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالتَّوْبَةِ الْمَنْفِيَّةِ التَّوْبَةُ الْحَقِيقِيَّةُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ) أَيْ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ تُرِكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُتِلَ) أَيْ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّالِثِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُبْرِئَتْ ذَاتُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ بِحَيْضَةٍ) أَيْ إنْ مَضَى لِلْمَاءِ بِبَطْنِهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ أَوْ لَمْ يَمْضِ لَهُ أَرْبَعُونَ وَلَكِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِمَا، وَإِلَّا لَمْ تُؤَخَّرْ وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَمَا يَجْرِي فِي ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ يَجْرِي كَذَلِكَ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَلَوْ بَائِنًا كَمَا كَتَبَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ عَنْ شَيْخِهِ ابْن عبق وَكَانَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ حَيْضَةً؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهَا تَعَبُّدٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا بِرِدَّتِهَا صَارَتْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّعَبُّدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَكَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ لِضَعْفٍ أَوْ إيَاسٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ اُسْتُبْرِئَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا، إلَّا أَنْ تَحِيضَ أَثْنَاءَهَا فَلَا تَكْمُلُ الْأَشْهُرُ الثَّلَاثَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا قُتِلَتْ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ بِأَنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَكَانَ مُدَّةً بَعُدَ عَنْهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَمْ تُسْتَبْرَأْ بِحَيْضَةٍ، إلَّا إنْ ادَّعَتْ حَمْلًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَوْ شَكُّوا فِيهِ فَتُسْتَبْرَأُ بِهَا (قَوْلُهُ: تَمَامُهَا) أَيْ تَمَامُ أَيَّامِ الِاسْتِتَابَةِ وَهِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: وَمَالُ الْعَبْدِ) أَيْ الْمُرْتَدِّ إذَا قُتِلَ أَوْ مَاتَ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ قِنًّا بَلْ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُبَعَّضٍ قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ وَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا كَانَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَوْ حَدَثَ لَهُ بَعْدَهَا فَهَلْ يَنْتَفِعُ الْوَلَدُ بِذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي خَلَفَهُ أَبُوهُ فَيَخْرُجُ بِهِ حُرًّا أَوْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَسْعَى فِي نُجُومِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا قَوْلَانِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِسَيِّدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ) أَيْ مِلْكًا لَا إرْثًا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ) أَيْ الْمُرْتَدُّ الْمَقْتُولُ أَوْ الْمَيِّتُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ عَبْدًا. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَتْلِ) أَيْ فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: فَفَيْءٌ) أَيْ فَمَالُهُ فَيْءٌ (قَوْلُهُ: مَحِلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ) أَيْ وَلَا تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَلَوْ كَانُوا كُفَّارًا ارْتَدَّ لِدِينِهِمْ وَلَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ

(وَبَقِيَ وَلَدُهُ) الصَّغِيرُ (مُسْلِمًا) وَلَوْ وُلِدَ حَالَ رِدَّةِ أَبِيهِ أَيْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَتْبَعُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إنْ أَظْهَرَ خِلَافَهُ (كَأَنْ تَرَكَ) وَلَدَهُ أَيْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغَ وَأَظْهَرَ خِلَافَ الْإِسْلَامِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسَّيْفِ. (وَأُخِذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ إنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ (مَا جَنَى) أَيْ أَرْشُ جِنَايَتِهِ (عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ) وَكَذَا خَطَأً وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ (أَوْ) مَا جَنَى عَمْدًا عَلَى (ذِمِّيٍّ) لَا خَطَأً فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَبَيْتُ الْمَالِ لَا يَحْمِلُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا فَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ عَمْدًا بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّ فَقَطْ (لَا) إنْ جَنَى الْمُرْتَدُّ عَمْدًا عَلَى (حُرٍّ مُسْلِمٍ) فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ وَهُوَ يَسْقُطُ بِقَتْلِهِ لِرِدَّتِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ مُطْلَقًا وَدِيَةُ الْحُرِّ الذِّمِّيِّ إنْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (كَأَنْ) (هَرَبَ) الْمُرْتَدُّ (لِدَارِ الْحَرْبِ) بَعْدَ أَنْ قَتَلَ حُرًّا مُسْلِمًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ، فَإِنْ رَجَعَ قُتِلَ لِرِدَّتِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، فَإِنْ أَسْلَمَ قُتِلَ قَوَدًا (إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ) أَيْ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ هَرَبَ لِبَلَدِ الْحَرْبِ أَمْ لَمْ يَهْرُبْ إنْ وَقَعَتْ مِنْهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ قَذَفَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُسِرَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّهُ. (وَالْخَطَأُ) مُبْتَدَأٌ أَيْ جِنَايَةُ الْخَطَأِ مِنْ الْمُرْتَدِّ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) خَبَرُهُ (كَأَخْذِهِ) أَيْ بَيْتِ الْمَالِ (جِنَايَةً عَلَيْهِ) مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ فَكَمَا يَغْرَمُ عَنْهُ بِأَخْذِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ وَلَهُ مَالُهُ (وَإِنْ) (تَابَ) الْمُرْتَدُّ بِالرُّجُوعِ لِلْإِسْلَامِ (فَمَالُهُ) يَرْجِعُ (لَهُ) وَلَوْ عَبْدًا عَلَى الرَّاجِحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ ارْتَدَّ لِئَلَّا يَرِثَهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ كَزَوْجَتِهِ أَوْ عَمِّهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَلَدَهُ حَالَ إسْلَامِهِ أَوْ حَالَ رِدَّتِهِ بَقِيَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا أَيْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ أَظْهَرَ خِلَافَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُهُ) أَيْ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ إنَّمَا تَكُونُ فِي دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ حُكِمَ بِإِسْلَامِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ فِي الدِّينِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَرَكَ وَلَدَهُ) أَيْ الْمَوْلُودَ لَهُ حَالَ رِدَّتِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغَ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَكَانَ مُظْهِرًا لِخِلَافِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسَّيْفِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وِفَاقًا لِلْجَوَاهِرِ وَخِلَافًا لِقَوْلِ النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ إنْ وُلِدَ لَهُ حَالَ كُفْرِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يُجْبَرْ بِخِلَافِ مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَيُجْبَرُ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْهُ مَا جَنَى إلَخْ) أَيْ وَكَذَلِكَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ مَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ وَلَا كَافِرٍ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَفِي قَتْلِهِ بِهِمَا اضْطِرَابٌ اهـ بْن. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ الْحُرَّ إذَا جَنَى عَلَى غَيْرِهِ وَمَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَتِلْكَ الْجِنَايَةُ إمَّا فِي مَالِهِ وَإِمَّا هَدَرٌ وَإِمَّا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ جَنَى عَمْدًا عَلَى ذِمِّيٍّ أَوْ جَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى عَبْدٍ زَمَنَ رِدَّتِهِ أَوْ قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَدِيَةُ الذِّمِّيِّ وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَمْدًا عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ لِذَلِكَ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ وَهُوَ يَسْقُطُ بِقَتْلِهِ لِرِدَّتِهِ وَأَمَّا لَوْ جَنَى خَطَأً عَلَى ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ كَانَتْ دِيَةُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَبْدٍ) أَيْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الذِّمِّيِّ وَفِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّ) أَيْ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخَّرَ قَوْلُهُ: عَمْدًا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ إلَخْ) فَلَوْ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ الْجَانِي عَمْدًا عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِلْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: كَأَنْ هَرَبَ الْمُرْتَدُّ لِدَارِ الْحَرْبِ) تَشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ قَتَلَ حُرًّا مُسْلِمًا أَيْ وَبَقِيَ فِيهَا غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُمْ إنْ عَفَوْا الدِّيَةَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَمْدِ هُوَ هَلْ الْقَوَدُ فَقَطْ أَوْ التَّخَيُّرُ اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ بْن: إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا لَوْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ قَتْلِهِ حُرًّا مُسْلِمًا ثُمَّ أُسِرَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَإِنْ أَسْلَمَ قُتِلَ قَوَدًا. (قَوْلُهُ: أَيْ الْقَذْفِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِرْيَةِ الْقَذْفُ وَالْفِرْيَةُ فِي الْأَصْلِ الْكَذِبُ سُمِّيَ الْقَذْفُ فِرْيَةً؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ عِنْدَ الشَّارِعِ، وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ حَقًّا فِي نَفْسِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا قَذَفَ شَخْصًا فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ رِدَّتِهِ أَوْ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَدِّهِ لِلْقَذْفِ مُطْلَقًا عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَمْ لَا، فَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ حُدَّ ثُمَّ قُتِلَ هَذَا إذَا لَمْ يَهْرُبْ لِبَلَدِ الْحَرْبِ بَلْ وَلَوْ هَرَبَ لَهَا ثُمَّ أُسِرَ وَأَمَّا إنْ قَذَفَهُ وَهُوَ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُسِرَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ لِمَا يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مِنْ الْمَعَرَّةِ فَيُحَدُّ قَبْلَ قَتْلِهِ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ ارْتِدَادُ الْمَقْذُوفِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْ قَاذِفِهِ كَمَا فِي عج. (قَوْلُهُ: هَرَبَ لِبَلَدِ الْحَرْبِ أَمْ لَمْ يَهْرُبْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ وَالْمَعْنَى لَا إنْ جَنَى عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ، إلَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَإِنْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ، إلَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ إذَا أُسِرَ (قَوْلُهُ: وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ. (قَوْلُهُ: كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ) أَيْ أَرْشَ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجَانِي عَبْدًا كَافِرًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ بَابِ الدِّمَاءِ وتَقَدَّمَ أَنَّ عَلَى قَاتِلِهِ الْأَدَبَ وَالدِّيَةَ وَهِيَ ثُلُثُ خُمْسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ قَتْلِ الْإِمَامِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَابَ الْمُرْتَدُّ) أَيْ الْحُرُّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ نَزْعُ

مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالِارْتِدَادِ فَيُوقَفُ مَالُهُ لِيُنْظَرَ حَالُهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ رُدَّ لَهُ (وَقَدَرَ) الْمُرْتَدُّ الْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً حَالَ رِدَّتِهِ ثُمَّ تَابَ (كَالْمُسْلِمِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ، فَإِنْ جَنَى حَالَ رِدَّتِهِ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ عَمْدًا كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ إذَا تَابَ وَخَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ جَنَى عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ تَابَ فَفِي مَالِهِ فِي الْعَمْدِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ. (وَقُتِلَ الْمُسْتَسِرُّ) لِلْكُفْرِ وَالسِّينُ وَالتَّاءُ زَائِدَتَانِ أَيْ مَنْ أَسَرَّ الْكُفْرَ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ (بِلَا اسْتِتَابَةٍ) بَعْدِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ بَلْ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ (إلَّا أَنْ يَجِئْ) قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (تَائِبًا) فَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اطَّلَعْنَا عَلَى مَا كَانَ مَخْفِيًّا عِنْدَهُ وَأَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ قُبِلَ مِنْهُ (وَمَالُهُ) إنْ مَاتَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ ثُمَّ ثَبَتَتْ زَنْدَقَتُهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ جَاءَ تَائِبًا أَوْ قُتِلَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ تَوْبَتِهِ لِعَدَمِ قَبُولِهَا مِنْهُ (لِوَارِثِهِ) ، فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَتُبْ وَلَمْ يُنْكِرْ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى قُتِلَ أَوْ مَاتَ فَلِبَيْتِ الْمَالِ. (وَقُبِلَ عُذْرُ مَنْ) (أَسْلَمَ) مِنْ الْكُفَّارِ ثُمَّ رَجَعَ (وَقَالَ) عِنْدَ إرَادَتِنَا قَتْلَهُ لِرِدَّتِهِ كُنْت (أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ) مِنْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عَذَابٍ (إنْ ظَهَرَ) عُذْرُهُ بِقَرِينَةٍ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَحُكِمَ فِيهِ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ، فَإِنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ وَإِلَّا قُتِلَ (كَأَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى) ثُمَّ أَظْهَرَ الْكُفْرَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفًا عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مِنْ عَذَابٍ فَيُقْبَلُ عُذْرُهُ إنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةُ صِدْقِهِ وَإِلَّا قُتِلَ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ (وَأَعَادَ مَأْمُومَهُ) أَبَدًا كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ. (وَأُدِّبَ مَنْ تَشَهَّدَ) أَيْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ (وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ) أَيْ لَمْ يَلْتَزِمْ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا حِينَ اطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ مَنْ عَلِمَهَا قَبْلَ تَشَهُّدِهِ كَالذِّمِّيِّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا لِعُذْرٍ بَيِّنٍ كَمَا تَقَدَّمَ (كَسَاحِرٍ ذِمِّيٍّ) يُؤَدَّبُ (إنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ) وَإِلَّا قُتِلَ لِنَقْضِ عَهْدِهِ وَلِلْإِمَامِ اسْتِرْقَاقُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ قَتْلُهُ فَيُقْتَلُ إذَا لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالِهِ بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالِارْتِدَادِ) هَذَا بَيَانٌ لِلرَّاجِحِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَابِلَ لِلرَّاجِحِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الِارْتِدَادِ وَأَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ مَالُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ وَقْفَ مَالِهِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَرْجِعُ لَهُ إذَا تَابَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ يَكُونُ فَيْئًا مُطْلَقًا كَالْمَأْخُوذِ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَفَائِدَةُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مُطْلَقًا احْتِمَالُ أَنْ تَظْهَرَ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إذَا رَأَى مَالَهُ مَوْقُوفًا لَعَلَّهُ يَتَوَهَّمُ أَنَّنَا وَقَفْنَاهُ لَهُ فَيَعُودُ لِلْإِسْلَامِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ الْمُرْتَدُّ الْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً حَالَ رِدَّتِهِ كَالْمُسْلِمِ) أَيْ كَالْجَانِي الْمُسْلِمِ الَّذِي صَدَرَتْ مِنْهُ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَيْ وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ حَالَ رِدَّتِهِ فَلَا يُقَدَّرُ مُسْلِمًا بَلْ مُرْتَدًّا فِيهِ ثُلُثُ خُمْسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: إذَا تَابَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا فَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ جَنَى حَالَ رِدَّتِهِ وَتَابَ وَمَا مَرَّ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَمَوْضُوعُهُ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ أَسَرَّ الْكُفْرَ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مُنَافِقًا وَيُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ زِنْدِيقًا. (قَوْلُهُ: بِلَا اسْتِتَابَةٍ) أَيْ بِلَا طَلَبِ تَوْبَةٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا) أَيْ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ ثَبَتَتْ زَنْدَقَتُهُ) أَيْ وَلَوْ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ قُتِلَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ تَوْبَتِهِ) أَيْ وَكَذَا إذْ قُتِلَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِسْرَارِ الْكُفْرِ فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ، فَإِنْكَارُهُ لَا يَدْفَعُ قَتْلَهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ مَالُهُ لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ عَنْهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّعَائِمِ وَالْتِزَامِهِ لِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَهَذَا هُوَ الْمَوْضُوعُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ) أَيْ ثُمَّ رَجَعْت بَعْدَ زَوَالِ ضِيقِي. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ ذَلِكَ الِاعْتِذَارُ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ تَوَضَّأَ) أَيْ شَخْصٌ كَافِرٌ أَسْلَمَ مِنْ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَأَعَادَ مَأْمُومَهُ) أَيْ مَأْمُومَ مَنْ قَبِلَ عُذْرَهُ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَأْمُومَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَحَفِّظٍ عَلَى مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ وَهُوَ الْحَقُّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَمَا قَدَّمَهُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَهُ وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا وَمِنْ لَوَازِمِ الْبُطْلَانِ طَلَبُ الْإِعَادَةِ (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ مَنْ تَشَهَّدَ) أَيْ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُوقَفْ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ بِالدَّعَائِمِ حِينَ التَّشَهُّدِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَبَى مِنْ الْتِزَامِهَا وَرَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَيُؤَدَّبُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ نُطْقَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا يُعَدُّ الْتِزَامًا لَهَا كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ) أَيْ إنْ سَحَرَ مُسْلِمًا وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ ضَرَرًا، فَإِنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ ضَرَرًا خُيِّرَ الْإِمَامُ بَيْنَ قَتْلِهِ وَاسْتِرْفَاقِهِ مَا لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي قَتْلِهِ، وَإِلَّا تَحَتَّمَ قَتْلُهُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ وَأَمَّا إنْ سَحَرَ كَافِرًا، فَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ ضَرَرًا فَلَا أَدَبَ، وَإِنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ ضَرَرًا أُدِّبَ مَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا بِسِحْرِهِ وَإِلَّا قُتِلَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُتِلَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ ضَرَرًا قُتِلَ أَيْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلِلْإِمَامِ اسْتِرْقَاقُهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ قَتْلُهُ أَيْ لِكَوْنِ الْمَصْلَحَةِ فِي قَتْلِهِ وَقَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ أَيْ فَيَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ، إلَّا أَنْ يُسْلِمَ

يُسْلِمْ، فَإِنْ أَدْخَلَ ضَرَرًا عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ أُدِّبَ مَا لَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ أَحَدًا بِسِحْرِهِ وَإِلَّا قُتِلَ. (وَأَسْقَطَتْ) الرِّدَّةُ (صَلَاةً وَصِيَامًا وَزَكَاةً) كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ فَلَا يُطْلَبُ بِهَا إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَهَا سَقَطَ ثَوَابُهَا وَلَا إعَادَةَ إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ وَقْتِهَا (و) أَسْقَطَتْ بِمَعْنَى أَبْطَلَتْ (حَجًّا تَقَدَّمَ) مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إذَا أَسْلَمَ لِبَقَاءِ وَقْتِهِ وَهُوَ الْعُمْرُ كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاةً فَارْتَدَّ ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا (وَنَذْرًا وَكَفَّارَةً وَيَمِينًا بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَكَذَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ ارْتَدَّ وَكَذَا الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ كَإِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ فَعَلَهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ أَوْ تَوْبَتِهِ (وَ) أَسْقَطَتْ (إحْصَانًا وَوَصِيَّةً) بِمَعْنَى أَبْطَلَتْهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَقَيُّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ بِمَا إذْ الَمْ يَقْصِدْ بِالرِّدَّةِ إسْقَاطَهَا وَإِلَّا لَمْ تُسْقِطْ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. (لَا) تُسْقِطُ الرِّدَّةُ (طَلَاقًا) صَدَرَ مِنْهُ قَبْلَهَا فَلَا تَحِلُّ مَبْتُوتَةٌ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَهَذَا مَا لَمْ تَرْتَدَّ مَعَهُ وَإِلَّا حَلَّتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا (وَ) لَا تُسْقِطُ (رِدَّةُ مُحَلِّلٍ) إحْلَالَهُ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَلَوْ قَالَ وَإِحْلَالُ مُحَلِّلٍ كَانَ أَوْضَحَ يَعْنِي إذَا ارْتَدَّ الْمُحَلِّلُ لِلْمَبْتُوتَةِ فَرِدَّتُهُ لَا تُبْطِلُ إحْلَالَهُ لَهَا بَلْ إحْلَالُهَا لِمَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُسْتَمِرٌّ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا سَوَاءٌ قُتِلَ مُحَلِّلُهَا بِرِدَّتِهِ أَوْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ) فَإِنَّهَا تُبْطِلُ تَحْلِيلَهَا لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا فَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ ارْتَدَّتْ فَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إذَا أَسْلَمَتْ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِأَنَّهَا أَبْطَلَتْ فِعْلَهَا فِي نَفْسِهَا وَهُوَ نِكَاحُهَا الَّذِي أَحَلَّهَا كَمَا أَبْطَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدْخَلَ ضَرَرًا عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ أُدِّبَ) أَيْ كَمَا يُؤَدَّبُ لَوْ سَحَرَ مُسْلِمًا وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ ضَرَرًا (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصَوْمًا وَزَكَاةً) أَيْ أَسْقَطَتْ قَضَاءَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهَا قَبْلَهَا لِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ بِهَا حِينَئِذٍ وَأَسْقَطَتْ ثَوَابَهَا إنْ كَانَ فَعَلَهَا قَبْلَهَا لِبُطْلَانِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَحَجًّا) أَيْ فَرْضًا فَلَوْ ارْتَدَّ فِي إحْرَامِ نَفْلٍ لَأَفْسَدَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ إذَا رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَبْطَلَتْ) أَيْ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْإِسْقَاطَ فِي مَعْنَى عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ وَفِي مَعْنَى الْإِبْطَالِ وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ الثَّانِي بِالنَّظَرِ لِلْحَجِّ وَالْإِحْصَانِ وَالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَذْرًا) أَيْ فَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ ثُمَّ ارْتَدَّ سَقَطَ عَنْهُ النَّذْرُ فَلَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَفَّارَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ كَفَّارَةَ صَوْمٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ) أَيْ بِأَنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا) أَيْ بِالْمَذْكُورَاتِ مِنْ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا فَإِذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالظِّهَارِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَتَسْقُطُ نَفْسُ الْيَمِينِ إنْ كَانَ لَمْ يَحْنَثْ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَكَفَّارَتُهُ إنْ حَنِثَ قَبْلَهَا وَظَاهِرُهُ سُقُوطُ الْيَمِينِ بِالْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى أَمْرٍ وَفَعَلَهُ زَمَنَ الرِّدَّةِ مُعَيَّنًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِحَمْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ لَهَا عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَسْقُطُ الْحَلِفُ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ تَمْثِيلًا لَلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُعَلَّقٌ وَهَذَا مُنَجَّزٌ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ كَمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ فَعَلَهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ وَتَوْبَتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَقَدْ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَهِيَ لَا تُسْقِطُهُ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَتْ إحْصَانًا) أَيْ فَإِذَا عَقَدَ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ عَلَى امْرَأَةٍ عَقْدًا صَحِيحًا وَوَطِئَهَا وَطْئًا مُبَاحًا ثُمَّ ارْتَدَّ فَقَدْ زَالَ إحْصَانُهُ فَإِذَا زَنَى فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَلَا يُرْجَمُ. (قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةً) أَيْ فَإِذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ كَمَا فِي ح وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ لَا إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ وَأَقَرَّهُ بْن. (قَوْلُهُ: أَنْ تُقَيَّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصَوْمًا إلَى هُنَا (قَوْلُهُ: لَا طَلَاقًا) أَيْ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَا عِتْقًا حَصَلَا بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَقَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ وَيَمِينًا بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَيْ أَوْ بِطَلَاقٍ فَفِيهِ احْتِبَاكٌ لَكِنْ بِتَعْلِيقٍ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّ عِتْقَهُ الصَّادِرَ مِنْهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَا يَبْطُلُ بِهَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ كَانَ تَدْبِيرًا أَوْ مُنَجَّزًا أَوْ مُؤَجَّلًا عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهِمَا الْهِبَةُ وَالْوَقْفُ إذَا حِيزَا قَبْلَهَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْحَوْزُ حَتَّى ارْتَدَّ وَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَا وَانْظُرْ لَوْ تَأَخَّرَ الْحَوْزُ بَعْدَهَا وَعَادَ لِلْإِسْلَامِ هَلْ يُحْكَمُ بِالْبُطْلَانِ أَوْ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ مَبْتُوتَةٌ) أَيْ بَتَّهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَمَنَ رِدَّتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ دُخُولُ الزَّوْجِ بِهَا فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَّتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا) وَلَا يُتَوَقَّفُ حِلُّهَا عَلَى نِكَاحِهَا لِزَوْجٍ آخَرَ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ لَا تَحِلُّ، إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ عَادَا لِلْإِسْلَامِ وَوَجْهُ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الطَّلَاقَ نِسْبَةٌ بَيْنَهُمَا فَالزَّوْجُ مُطَلِّقٌ وَالزَّوْجَةُ مُطَلَّقَةٌ فَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا زَالَ وَصْفُهُ وَبَقِيَ عَلَى الْآخَرِ وَصْفُهُ، فَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا زَالَ وَصْفُهُمَا مَعًا وَبَطَلَ بِالْمَرَّةِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِرِدَّتِهِمَا التَّحْلِيلَ، وَإِلَّا لَمْ تَحِلَّ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ فَتْوَى ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُبْطِلُ تَحْلِيلَهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تُبْطِلُ وَصْفَ مَنْ تَلَبَّسَ بِهَا لَا وَصْفَ غَيْرُهُ، وَإِنْ نَشَأَ عَنْ وَصْفِ مَنْ تَلَبَّسَ بِهَا فَرِدَّةُ الزَّوْجِ إنَّمَا تُبْطِلُ إحْصَانَهُ لَا إحْصَانَهَا وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَرِدَّةُ الْمُحَلِّلِ إنَّمَا تُبْطِلُ وَصْفَهُ وَهُوَ كَوْنُهُ مُحَلِّلًا وَلَا تُبْطِلُ وَصْفَهَا وَهُوَ كَوْنُهَا مُحَلَّلَةً بِالْفَتْحِ، وَإِنْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ وَصْفِهِ وَكَذَا الْعَكْسُ.

نِكَاحَهَا الَّذِي أَحْصَنَهَا. (وَأَقَرَّ كَافِرٌ انْتَقَلَ لِكُفْرٍ آخَرَ) أَيْ فَلَا تَتَعَرَّضُ لَهُ وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الْكُفْرَ مِلَلٌ وَحَدِيثُ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» مَحْمُولٌ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ إذْ هُوَ الدِّينُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا (وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ) وَلَوْ بَالِغًا إذَا كَانَ جُنُونُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ (بِإِسْلَامِ أَبِيهِ) دُنْيَةً (فَقَطْ) لَا بِإِسْلَامِ جَدِّهِ أَوْ أُمِّهِ (كَأَنْ مَيَّزَ) فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ أَيْ عَقَلَ دِينَ الْإِسْلَامِ أَيْ عَقَلَ أَنَّهُ دِينٌ يُتَدَيَّنُ بِهِ وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ مَنْ ذُكِرَ أَنَّهُ إنْ بَلَغَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ جُبِرَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ كَمُرْتَدٍّ بَعْدَ الْبُلُوغِ (إلَّا) الْمُمَيَّزَ (الْمُرَاهِقَ) حِينَ إسْلَامِ أَبِيهِ (وَ) إلَّا غَيْرَ الْمُرَاهِقِ (الْمَتْرُوكَ لَهَا) أَيْ لِلْمُرَاهَقَةِ بِأَنْ غُفِلَ عَنْهُ قَبْلَ الْمُرَاهَقَةِ فَلَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ لِإِسْلَامِ أَبِيهِ حَتَّى رَاهَقَ أَيْ قَارَبَ الْبُلُوغَ كَابْنِ ثَلَاثَةَ عَشْرَ سَنَةً فَلَا يُحْكَمُ حِينَئِذٍ بِإِسْلَامِهِ وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِهِ (فَلَا يُجْبَرُ) عَلَى الْإِسْلَامِ (بِقَتْلٍ إنْ امْتَنَعَ) مِنْهُ بَلْ بِالتَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الْمُمَيِّزِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُتْرَكْ حِينَ رَاهَقَ مُمَيِّزًا وَلَمْ يَكُنْ الْمُمَيِّزُ مُرَاهِقًا حِينَ إسْلَامِ أَبِيهِ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالْقَتْلِ (وَ) إنْ مَاتَ أَبُو الْمُرَاهِقِ أَوْ الْمَتْرُوكِ لَهَا الَّذِي أَسْلَمَ (وُقِفَ إرْثُهُ) ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا لَمْ يَرِثْهُ وَكَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ يُدْفَعْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ. (وَ) حُكِمَ بِإِسْلَامِ مَجُوسِيٍّ صَغِيرٍ (لِإِسْلَامِ سَابِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ) الْمَجُوسِيُّ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ فِي السَّبْيِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ بَلْ يُجْبَرُ أَبُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَجُوسِيٌّ كَبِيرٌ يُجْبَرُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّغِيرِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَالْكَلَامُ هُنَا فِي مَجُوسِيٍّ صَغِيرٍ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ فِي الْجَنَائِزِ مِمَّا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ وَلَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ لِحَمْلِهِ عَلَى الْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الْكِتَابِيُّ الْكَبِيرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَقَرَّ كَافِرٌ) أَيْ بِكُفْرٍ خَاصٍّ كَالْيَهُودِيَّةِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: انْتَقَلَ أَيْ عَلَانِيَةً أَوْ سِرًّا وَقَوْلُهُ: لِكُفْرٍ آخَرَ أَيْ كَالنَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ لِمَذْهَبِ الْمُعَطِّلَةِ أَوْ الدَّهْرِيَّةِ وَلَا مَفْهُومَ لِكُفْرٍ آخَرَ بَلْ لَوْ انْتَقَلَ لِلْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُقِرُّ بِالْأُولَى، فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ وَمَفْهُومُ كَافِرٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقِرُّ إذَا انْتَقَلَ لِلْكُفْرِ (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُغْفَلْ عَنْهُ حَتَّى رَاهَقَ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ مَيَّزَ كَمَا يَأْتِي بَعْدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَلَهُ وَلَدٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ مُمَيِّزٍ وَلَمْ يُرَاهِقْ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا حِينَ إسْلَامِ أَبِيهِ أَوْ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَغُفِلَ عَنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ حَتَّى رَاهَقَ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِالْقَتْلِ عَلَى الْإِسْلَامِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ بَلْ يُجْبَرُ بِغَيْرِهِ كَالتَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ جُنُونُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ جُنُونُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ إذَا كَانَ إسْلَامُ ذَلِكَ الْأَبِ طَارِئًا. (قَوْلُهُ: بِإِسْلَامِ أَبِيهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَمَّا الْبَاءُ الْأُولَى فَهِيَ لِلتَّعْدِيَةِ وَكِلَاهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِحُكْمٍ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ حَرْفَا جَرٍّ مُتَّحِدَا اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَيَّزَ) أَيْ مَنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ غَيْرِ شَرْطٍ وَلِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَقَلَ أَنَّهُ دِينٌ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ وَالْقُرْبَةَ وَالْمَعْصِيَةَ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْمُرَاهِقُ) أَيْ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْكَمُ حِينَئِذٍ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ لِأَجْلِ إسْلَامِ أَبِيهِ كَالْمُرَاهِقِ حِينَ إسْلَامِ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِهِ) أَيْ بِإِسْلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُجْبَرُ إلَخْ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الْمُمَيِّزِ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ كَأَنْ مَيَّزَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَكَانَ لَهُ وَلَدٌ مُرَاهِقٌ أَوْ غَيْرُ مُرَاهِقٍ وَغُفِلَ عَنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ حَتَّى رَاهَقَ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الْأَبُ الَّذِي أَسْلَمَ فَإِنَّ إرْثَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُرَاهِقِ وَمَنْ تُرِكَ لِلْمُرَاهَقَةِ مِنْ أَبِيهِ يُوقَفُ لِبُلُوغِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْهُ وَكَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَمْ يُدْفَعْ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَمِرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَدْ أَلْغَوْا إسْلَامَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ هُنَا وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَتْرُوكِ لَهَا) أَيْ لِلْمُرَاهَقَةِ وَقَوْلُهُ: الَّذِي أَسْلَمَ نَعْتٌ لِأَبِي الْمُرَاهِقِ. (قَوْلُهُ: وَقَفَ إرْثُهُ) أَيْ إرْثُ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُرَاهِقِ وَالْمَتْرُوكِ لَهَا لِبُلُوغِهِ وَلَوْ قَالَ الْآنَ لَا أُسْلِمُ إذَا بَلَغْت (قَوْلُهُ: مَجُوسِيٍّ صَغِيرٍ) أَيْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَمَا فِي عبق وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِسَابِيهِ مَالِكُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ سَابِيًا لَهُ أَوْ مُشْتَرِيًا لَهُ مَثَلًا وَإِنَّمَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ مَالِكِهِ لِأَنَّ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْمَجُوسِيِّ الْكَبِيرِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ مَالِكِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ لَهُ جَبْرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لَكِنْ الْأَوَّلُ اتِّفَاقًا وَالثَّانِي عَلَى الرَّاجِحِ، وَمَفْهُومُ مَجُوسِيٍّ أَنَّ الْكِتَابِيَّ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ مَالِكِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لَكِنْ الْأَوَّلُ عَلَى الرَّاجِحِ وَالثَّانِي اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: لِحَمْلِهِ) أَيْ لِحَمْلِ مَا فِي الْجَنَائِزِ عَلَى الْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ

فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ صَغِيرًا وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ كَانَ كَبِيرًا وَأَنَّ الْكِتَابِيَّ لَا يُجْبَرُ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا فِي الْكَبِيرِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الصَّغِيرِ. (وَالْمُتَنَصِّرُ) مَثَلًا (مِمَّنْ كَأَسِيرٍ) وَدَاخِلُ بَلَدِ الْحَرْبِ لِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا يُحْمَلُ (عَلَى التَّطَوُّعِ) فَلَهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ) عَلَى الْكُفْرِ، فَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَرِثُ وَيُورَثُ. (وَإِنْ) (سَبَّ) مُكَلَّفٌ (نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا) مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكِيَّتِهِ (أَوْ عَرَّضَ) بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِهِ إمَّا أَنَا أَوْ فُلَانٌ فَلَسْت بِزَانٍ أَوْ سَاحِرٍ (أَوْ لَعَنَهُ أَوْ عَابَهُ) أَيْ نَسَبَهُ لِعَيْبٍ (أَوْ قَذَفَهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ) كَأَنْ قَالَ: لَا أُبَالِي بِأَمْرِهِ وَلَا نَهْيِهِ أَوْ وَلَوْ جَاءَنِي مَا قَبِلْته (أَوْ غَيْرِ) صِفَتِهِ كَأَسْوَدَ أَوْ قَصِيرٍ (أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا، وَإِنْ فِي بَدَنِهِ) كَأَعْوَرَ أَوْ أَعْرَجَ (أَوْ خَصْلَتِهِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شِيمَتِهِ وَطَبِيعَتِهِ كَبَخِيلٍ (أَوْ غَضَّ) أَيْ نَقَّصَ (مِنْ مَرْتَبَتِهِ) الْعَلِيَّةِ (أَوْ) مِنْ (وَفَوْرِ عِلْمِهِ أَوْ زُهْدِهِ أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ) كَعَدَمِ التَّبْلِيغِ (أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ) بِخِلَافِ تَرَبَّى يَتِيمًا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ كَالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ أَجْنَاسِهَا أَوْ رَعَى الْغَنَمَ لِيُعَلِّمَهُ اللَّهُ كَيْفَ يَسُوسُ النَّاسَ (أَوْ) (قِيلَ لَهُ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ) لَا تَفْعَلْ كَذَا أَوْ افْعَلْهُ (فَلَعَنَ وَقَالَ أَرَدْت) بِلَعْنِي (الْعَقْرَبَ) لِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ لِمَنْ تَلْدَغُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: (قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ) أَيْ بِلَا طَلَبٍ أَوْ بِلَا قَبُولِ تَوْبَةٍ مِنْهُ (حَدًّا) إنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كُفْرًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ يُغْنِي بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ وَلَكِنْ مُرَادُهُ التَّنْصِيصُ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي نَصُّوا عَلَيْهَا (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ) فَلَا يُقْتَلُ أَيْ أَنَّ السَّابَّ يُقْتَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ يُجْبِرُهُ مَالِكُهُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ كَانَ كَبِيرًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْمَجُوسِيِّ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الرَّاجِحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى التَّطَوُّعِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْإِكْرَاهُ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ أَيْ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَمَالُهُ الَّذِي عِنْدَنَا يَكُونُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ عَلَى الْكُفْرِ أَيْ بِأَنْ جُهِلَ الْحَالُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَّ إلَخْ) السَّبُّ هُوَ الشَّتْمُ وَهُوَ كُلُّ كَلَامٍ قَبِيحٍ وَحِينَئِذٍ فَالْقَذْفُ وَالِاسْتِخْفَافُ بِحَقِّهِ وَإِلْحَاقُ النَّقْصِ بِهِ كُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي السَّبِّ وَمُكَرَّرٌ مَعَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلُهُ: مُكَلَّفٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَاحْتُرِزَ بِالْمُكَلَّفِ عَنْ الْمَجْنُونِ وَعَنْ الصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُقْتَلَانِ بِسَبَبِ السَّبِّ وَكَذَا إنْ كَانَ الصَّغِيرُ مُمَيِّزًا حَيْثُ تَابَ بَعْدَ بُلُوغِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّضَ) أَيْ قَالَ قَوْلًا وَهُوَ يُرِيدُ خِلَافَهُ اعْتِمَادًا عَلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ فِي الِانْتِقَالِ لِلْمُرَادِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ النَّبِيُّ أَمَرَ بِكَذَا فَقَالَ دَعْنِي مَا أَنَا بِسَاحِرٍ وَلَا كَاذِبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ نَسَبَهُ لِعَيْبٍ) الْعَيْبُ خِلَافُ الْمُسْتَحْسَنِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَوْ عَقْلًا، وَقَوْلُهُ: أَيْ نَسَبَهُ لِعَيْبٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي خَلْقِهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ أَعْوَرُ أَوْ فِي خُلُقِهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ أَحْمَقُ أَوْ جَبَانٌ أَوْ بَخِيلٌ أَوْ فِي دِينِهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ قَلِيلُ الدِّينِ تَارِكُ الصَّلَاةِ مَانِعُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَذَفَهُ) أَيْ نَسَبَهُ لِلزِّنَا أَوْ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ زَانٍ أَوْ ابْنُ زِنًا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ) أَيْ لِمَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ أَمَرَك بِكَذَا أَوْ نَهَاك عَنْ كَذَا. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ صِفَتِهِ) الضَّمِيرُ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ. (قَوْلُهُ: كَأَسْوَدَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ فُلَانٌ كَانَ أَسْوَدَ أَوْ كَانَ قَصِيرًا جِدًّا أَوْ جِبْرِيلُ كَانَ يَنْزِلُ عَلَى الْمُصْطَفَى فِي صِفَةِ عَبْدٍ أَسْوَدَ أَوْ فِي صِفَةِ شَخْصٍ قَصِيرٍ جِدًّا (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ النَّقْصُ الَّذِي أَلْحَقَ بِهِ فِي دِينِهِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَلْ وَإِنْ كَانَ فِي بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ تَرَبَّى يَتِيمًا أَوْ مِسْكِينًا أَوْ كَانَ خَادِمًا عِنْدَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وُفُورِ عِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ الزُّهْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَضَافَ لَهُ) أَيْ نَسَبَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَعَبَّرَ أَوَّلًا بِأَضَافَ وَثَانِيًا بِنَسَبٍ تَفَنُّنًا وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ وَقَالَ أَوْ أَضَافَ إلَيْهِ مَا لَا يَجُوزُ أَوْ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ أَيْ كَالطَّمَعِ فِي الدُّنْيَا وَعَدَمِ الزُّهْدِ فِيهَا وَالطَّفَالَةِ وَشَرَاهَةِ النَّفْسِ كَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ) رَجَّعَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ أَوْ نَسَبَ لَهُ مَا لَا يَلِيقُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ بَلْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ بِأَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ لِجَهْلٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ تَهَوُّرٍ فِي الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْ مَفْهُومَ غَيْرِ الشَّرْطِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَرَبَّى إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ تَرَبَّى يَتِيمًا لِلْإِشَارَةِ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ تَرَبَّى يَتِيمًا فَقَطْ فَهَذَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي تَرَبَّى يَتِيمًا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّهُ كَالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ، فَقَدْ صَرَّحَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي مِسْكِينٍ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ فِي حَدِيثِ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» . وَالْمُرَادُ بِالْمَسَاكِينِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَوَاضِعُونَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ:) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَرَدْتُ الْعَقْرَبَ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِظُهُورِ لُحُوقِ السَّبِّ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا قَبُولِ تَوْبَةٍ) أَيْ إذَا حَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ بِأَنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَابَ) أَيْ وَأَنْكَرَ مَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ فَلَا يُقْتَلُ)

مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ كَافِرًا فَيُسْلِمُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَبَالَغَ عَلَى قَتْلِ السَّابِّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ لِجَهْلٍ أَوْ مَكْرٍ أَوْ تَهَوُّرٍ) فِي الْكَلَامِ وَهُوَ كَثْرَتُهُ مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ إذْ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي الْكُفْرِ بِالْجَهْلِ أَوْ السُّكْرِ أَوْ التَّهَوُّرِ وَلَا بِدَعْوَى زَلَلِ اللِّسَانِ (وَفِي مَنْ) (قَالَ) حِينَ غَضَبِهِ (لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ (صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّبِيِّ (جَوَابًا لِصَلِّ) عَلَى النَّبِيِّ قَوْلَانِ بِالْقَتْلِ وَعَدَمِهِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ سَبًّا لِلْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ حِينَ غَضَبِهِ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا إلَّا نَفْسَهُ وَلَكِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ (أَوْ) (قَالَ) مُخَاطِبًا لِغَيْرِهِ (الْأَنْبِيَاءِ يُتَّهَمُونَ جَوَابًا لِتَتَّهِمَنِي) أَيْ لِقَوْلِهِ لَهُ أَتَتَّهِمُنِي فَحَذْفُ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ فِيهِ قَوْلَانِ هَلْ يُقْتَلُ بِلَا قَبُولِ تَوْبَةٍ لِبَشَاعَةِ اللَّفْظِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا وَقَعَ مِنْ الْكُفَّارِ لَكِنَّهُ يُعَاقَبُ (أَوْ) قَالَ (جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هَلْ يُقْتَلُ بِلَا قَبُولِ تَوْبَةٍ نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِهِ أَنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا قَالَهُ الْكُفَّارُ وَلَكِنَّهُ يُنَكَّلُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ (قَوْلَانِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُوجِبُ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ وَمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ هَلْ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ أَوْ لَا يُقْتَلُ وَإِنَّمَا فِيهِ الْعُقُوبَةُ ذَكَرَ مَا يُوجِبُ الْقَتْلَ إنْ لَمْ يَتُبْ بِقَوْلِهِ (وَاسْتُتِيبَ فِي) قَوْلِهِ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (هُزِمَ) أَيْ يَكُونُ مُرْتَدًّا يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةٌ (أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ) فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَمَفْهُومُ أَعْلَنَ أَنَّهُ إنْ أَسَرَّ بِهِ فَزِنْدِيقٌ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِعْلَانَ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَعْظَمِ السَّبِّ فَيُقْتَلُ بِهِ مُطْلَقًا (أَوْ تَنَبَّأَ) أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ يُوحَى إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ (إلَّا أَنْ يُسِرَّ) أَيْ يَدَّعِيَ النُّبُوَّةَ سِرًّا فَزِنْدِيقٌ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) فَالِاسْتِثْنَاءُ قَاصِرٌ عَلَى الْأَخِيرِ مِنْ حَيْثُ النِّسْبَةِ لِابْنِ رُشْدٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَبْلَهُ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي هَذَا الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِلَا تَوْبَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ لِأَجْلِ أَنْ لَا يُقْتَلَ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ سَبُّهُ مِنْ جُمْلَةِ كُفْرِهِ بِحَيْثُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِذَلِكَ السَّبِّ إذَا لَمْ يَتُبْ؛ لِأَنَّا لَمْ نُعْطِهِمْ الْعَهْدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ مِنَّا فَلَوْ قَتَلَ أَحَدًا مِنَّا أَوْ سَبَّ نَبِيًّا قَتَلْنَاهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ اسْتِحْلَالُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ الْمُبَالَغَةِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ دُونَ قَوْلِهِ قَبْلُ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ اهـ عبق (قَوْلُهُ: أَوْ سُكْرٍ) أَيْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُرَدُّ قَوْلُ حَمْزَةَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ أُنْتَمَ إلَّا عَبِيدُ أَبِي كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرَةِ كَمَا فِي الشِّفَاءِ وَالسَّكْرَانِ إذْ ذَاكَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: وَفِي مَنْ قَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ قَوْلًا وَاحِدًا بِلَا اسْتِتَابَةٍ كَمَا أَنَّهُ يُقْتَلُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا قَالَ وَهُوَ غَيْرُ غَضْبَانَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا، إلَّا نَفْسَهُ) أَيْ الدُّعَاءَ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ صَلَاةِ اللَّهِ عَلَيْهِ نَفْسَهُ إنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ (قَوْلُهُ: لِبَشَاعَةِ اللَّفْظِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ نِسْبَةُ النَّقْصِ لِلْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ أَيْ قَصْدًا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا ذَمَّهُمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يُقْتَلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَصْدَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ الْإِخْبَارَ عَمَّا وَقَعَ مِنْ اتِّهَامِ الْكُفَّارِ لَهُمْ وَهُوَ لَا يَعْتَقِدُ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُعَاقَبُ) أَيْ بِالضَّرْبِ وَطُولِ السَّجْنِ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِظَاهِرِ اللَّفْظِ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لُحُوقُ النَّقْصِ لِلْأَنْبِيَاءِ عُمُومًا وَالنَّبِيِّ خُصُوصًا بِالْإِغْيَاءِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابًا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ بَعْدَ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ الْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ الْقَتْلُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُنَكَّلُ) أَيْ بِالضَّرْبِ وَيُطَالُ سَجْنُهُ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ الْقَتْلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فِيهِ الْعُقُوبَةُ) أَيْ بِالضَّرْبِ وَطُولِ السَّجْنِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُتِيبَ فِي هَزْمٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمُرَابِطِ وَالْعَجَبُ مِنْ ابْنِ الْمُرَابِطِ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ مَنْ قَالَ هُزِمَتْ بَعْضُ جُيُوشِهِ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ كَانَ فِيهِمْ وَإِنَّمَا قُتِلَ قَائِلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا هُنَاكَ أَنَّ بَعْضَ الْأَفْرَادِ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ وَهَذَا نَادِرٌ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَالِبُ الْجَيْشِ لَمْ يَفِرَّ وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْ ابْنِ الْمُرَابِطِ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى قَائِلِهِ بِقَصْدِ التَّنْصِيصِ وَالْأَوَّلُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَقْصِدْ تَنْقِيصًا فَيُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لَكِنْ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ هُزِمَ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَيْ قَصْدُ الْقَائِلِ بِذَلِكَ التَّنْقِيصُ أَمْ لَا وَإِنَّمَا قُتِلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَصَمَهُ مِنْ الْهَزِيمَةِ فَنِسْبَةُ الْهَزِيمَةِ إلَيْهِ فِيهِ إلْحَاقُ نَقْصٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِعْلَانَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَابَ أَوْ لَمْ يَتُبْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ) أَيْ، وَإِلَّا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَعْلَنَ بِالتَّكْذِيبِ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قَتَلْت وَإِنْ أُسِرَ بِهِ قُتِلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا كَمَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى النُّبُوَّةَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْفَرْعِ)

كَمَا فِي الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ السَّبِّ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْجُ الثَّلَاثَةِ فِي مَسَائِلِ السَّبِّ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا لَهُمَا وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِلثَّانِي إلَّا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. (وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا) أَيْ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ (فِي) قَوْلِ ظَالِمٍ كَعَشَّارٍ طَلَبَ أَخْذَ شَيْءٍ ظُلْمًا فَقَالَ لَهُ الْمَظْلُومُ إنْ أَخَذْت مِنِّي شَكَوْتُك لِلنَّبِيِّ (أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ) وَلَا يُقْتَلُ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ: إنْ سَأَلْت أَوْ جَهِلْت فَقَدْ سَأَلَ النَّبِيُّ أَوْ جَهِلَ أَوْ قَالَ لَا أُبَالِي بِالنَّبِيِّ فَيُقْتَلُ (أَوْ) قَوْلِهِ (لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ) أَوْ نَبِيٌّ (لَسَبَبْته) فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ سَبٌّ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَقَعْ (أَوْ) قَوْلُهُ: (يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَ نَبِيٍّ فِي نَسَبِهِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَا يَخْلُو مِنْ دُخُولِ نَبِيٍّ (أَوْ عَيَّرَ بِالْفَقْرِ فَقَالَ) لِمَنْ عَيَّرَهُ بِهِ (تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ) مَا لَمْ يَقُلْهُ تَنْقِيصًا وَإِلَّا قُتِلَ (أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ كَأَنَّهُ وَجْهٌ مُنْكَرٌ أَوْ مَالِكٌ) خَازِنُ النَّارِ فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا؛ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى التَّحْقِيرِ لِمُخَاطِبِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِسَبِّ الْمَلَكِ وَكَذَا دَخَلَ عَلَيْنَا كَأَنَّهُ عِزْرَائِيلُ (أَوْ اسْتَشْهَدَ بِبَعْضِ) شَيْءٍ (جَائِرٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي الدُّنْيَا) مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ الْبَشَرِيُّ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ (حُجَّةً لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْقَائِلِ (أَوْ لِغَيْرِهِ) وَلَمْ يُرِدْ تَنْقِيصًا وَلَا عَيْبًا وَلَا تَأَسِّيًا بَلْ لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ مِنْ لُحُوقِ النَّقْصِ كَقَوْلِهِ: إنْ قِيلَ فِي الْمَكْرُوهِ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ أَوْ إنْ أَحْبَبْت النِّسَاءَ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يُحِبُّهُنَّ (أَوْ) (شَبَّهَ) نَفْسَهُ بِالنَّبِيِّ (لِنَقْصٍ لَحِقَهُ لَا عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ التَّسَلِّي بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (كَأَنْ كُذِّبْت فَقَدْ كُذِّبُوا) أَوْ إنْ أُوذِيت فَقَدْ أُوذُوا أَوْ لَأَصْبِرَنَّ عَلَى كَذَا كَمَا صَبَرُوا وَمَسْأَلَةُ الْحُجَّةِ وَمَسْأَلَةُ التَّشْبِيهِ يَرْجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِحْدَاهُمَا تُغْنِي عَنْ الْأُخْرَى وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بَيَانَ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أُدِّبَ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّأَسِّي فَلَا أَدَبَ أَوْ أَرَادَ التَّنْقِيصَ قُتِلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ تَنَبَّأَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: هُزِمَ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ: رَاجِعًا لَهُمَا) أَيْ لِقَوْلِهِ أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ أَوْ تَنَبَّأَ (قَوْلُهُ: أَدِّ) أَيْ إلَى الْعَشَرَةِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ قَالَ) أَيْ الْعَشَّارُ زِيَادَةً عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ تَوْبَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ لِأَجْلِ مَا زَادَهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَوْلُهُ:) أَيْ الْقَائِلِ. (قَوْلُهُ: فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَلَا يُقْتَلُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ سَبٌّ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَقَعْ) يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ لَوْ جِئْتنِي بِالنَّبِيِّ عَلَى كَتِفِك مَا قَبِلْتُك أَنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ دُونَ قَوْلِهِ لَسَبَبْته فِي إيهَامِ التَّنْقِيصِ فَإِذَا كَانَ لَا يُقْتَلُ فِيمَا هُوَ أَشَدُّ فِي إيهَامِ التَّنْقِيصِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَا يُقْتَلُ فِيمَا هُوَ دُونَهُ فِي إيهَامِ التَّنْقِيصِ نَعَمْ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ التَّنْقِيصِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَوْ جِئْتنِي بِالنَّبِيِّ عَلَى كَتِفِك مَا قَبِلْته فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ فِيهِ تَنْقِيصٌ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ اُنْظُرْ عبق. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَ نَبِيٍّ فِي نَسَبِهِ) أَيْ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ الدُّخُولَ كَانَ سَابًّا فَيُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ تَوْبَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ مَعَ أَنَّ لَفْظَهُ لَا يَخْلُو مِنْ دُخُولِ نَبِيٍّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ الْمُبَالَغَةَ وَالْكَثْرَةَ لَا حَقِيقَةَ الْأَلْفِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ آبَاءَك إلَى آدَمَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ كَمَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ شَاسٍ؛ لِأَنَّ فِي آبَائِهِ نَبِيًّا وَهُوَ نُوحٌ إذْ هُوَ أَبٌ لِمَنْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا إرَادَةَ التَّخْصِيصِ فِي هَذَا الْفَرْعِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ الْأَمِيرِ عَلَى عبق. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لِمَنْ عَيَّرَهُ بِهِ) أَيْ قَالَ لَهُ بِقَصْدِ رَفْعِ نَفْسِهِ وَدَفْعِ النَّقْصِ عَنْهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَصْلًا وَأَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّنْقِيصِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ) أَيْ وَشَأْنُ رَعْيِ الْغَنَمِ الْفَقْرُ وَمِثْلُ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ قَدْ رَعَى بِدُونِ ذِكْرِ الْغَنَمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقُلْهُ تَنْقِيصًا، وَإِلَّا قُتِلَ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ كَمَا لَوْ قَالَ يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ أَوْ وُلِدَ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَإِنَّمَا قُتِلَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَيْ وُلِدَ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ لِمَا فِي هَذَا اللَّفْظِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّهِ قَالَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وِلَادَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ وِلَادَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ السُّرَّةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إذَا قَالَ لِقَوْمٍ جَبَّارِينَ كَأَنَّهُمْ الزَّبَانِيَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى التَّحْقِيرِ لِمُخَاطِبِهِ) أَيْ بِتَهْوِيلِ أَمْرِهِ بِغَضَبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِسَبِّ الْمَلَكِ) أَيْ وَإِنَّمَا السَّبُّ الْوَاقِعُ عَلَى الْمُخَاطَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَشْهَدَ) أَيْ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ بِبَعْضٍ جَائِزٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَأَسِّيًا) أَيْ تَسَلِّيًا (قَوْلُهُ: لَا عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ التَّأَسِّي بَلْ لِرَفْعِ نَفْسِهِ مِنْ لُحُوقِ النَّقْصِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ كَذَبُوا) أَيْ الْأَنْبِيَاءُ وَكَقَوْلِهِ كَيْفَ أَسْلَمُ مِنْ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَرُسُلُهُ أَوْ إنْ قِيلَ فِي الْمَكْرُوهُ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ الْمَكْرُوهُ أَوْ أَنَا فِي قَوْمِي غَرِيبٌ كَصَالِحٍ أَوْ أَنَا صَبَرْت عَلَى الْبَلَاءِ كَأَيُّوبَ. (قَوْلُهُ: وَمَسْأَلَةُ الْحُجَّةِ) أَيْ وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِشْهَادِ لِلْحُجَّةِ وَمَسْأَلَةُ التَّشْبِيهِ يَرْجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ أَرَادَ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إلَى الِاحْتِجَاجِ يَكُونُ عَلَى خَصْمٍ مَثَلًا وَالتَّشْبِيهُ أَعَمُّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أُدِّبَ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَيُسْجَنُ أَيْضًا كَمَا فِي الشِّفَاءِ وَهَذَا إذَا أَرَادَ رِفْعَةَ نَفْسِهِ وَدَفْعَ النَّقْصِ عَنْهُ لَا تَنْقِيصَ النَّبِيِّ وَلَا التَّأَسِّي. (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ التَّنْقِيصَ قُتِلَ) قَدْ

وَإِنْ تَابَ. (أَوْ) (لَعَنَ الْعَرَبَ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَرَدْت الظَّالِمِينَ) مِنْهُمْ فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُ إلَخْ قُتِلَ وَقِيلَ قَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيُؤَدَّبُ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مَا ذَكَرَ وَعُزِيَ لِلنَّوَادِرِ (وَشُدِّدَ عَلَيْهِ) بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ وَالْقُيُودِ وَلَمْ يُقْتَلْ (فِي) قَوْلِهِ (كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ) أَيْ خَانٍ (قَرْنَانُ) مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَالنُّونِ (وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا) فَلَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَ) شُدِّدَ عَلَيْهِ أَيْضًا (فِي) نِسْبَةِ شَيْءٍ (قَبِيحٍ) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (لِأَحَدِ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) (مَعَ الْعِلْمِ بِهِ) وَذُرِّيَّتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - انْحَصَرَتْ فِي أَوْلَادِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَأَمَّا آلُ الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِهِمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ (كَأَنْ انْتَسَبَ لَهُ) أَيْ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَيْرِ حَقٍّ بِالْقَوْلِ أَوْ بِفِعْلٍ كَأَنْ يَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ خَضْرَاءَ (أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ:) الِانْتِسَابَ كَأَنْ يَقُولَ مُعَرِّضًا بِنَفْسِهِ مِنْ أَشْرَفِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ لِمَنْ آذَاهُ أَنْت شَأْنُك تُؤْذِي آلَ الْبَيْتِ (أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ) بِالسَّبِّ (عَدْلٌ) فَقَطْ (أَوْ لَفِيفٌ) مِنْ النَّاسِ أَيْ غَيْرِ مَقْبُولِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ (فَعُلِّقَ) بِسَبَبِ ذَلِكَ (عَنْ الْقَتْلِ) أَيْ لَمْ يُقْتَلْ لِعَدَمِ تَمَامِ الشَّهَادَةِ بِمَنْ ذُكِرَ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَبِ. (أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ) كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الَّذِي قِيلَ فِيهِ: إنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ (أَوْ) سَبَّ (صَحَابِيًّا) إلَّا عَائِشَةَ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ بِهِ فَيُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ (وَسَبُّ اللَّهِ كَذَلِكَ) أَيْ كَسَبِّ النَّبِيِّ صَرِيحُهُ كَصَرِيحِهِ وَمُحْتَمَلُهُ كَمُحْتَمَلِهِ فَيُقْتَلُ فِي الصَّرِيحِ وَيُؤَدَّبُ فِي الْمُحْتَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ كَانَ السَّابُّ ذِمِّيًّا قُتِلَ مَا لَمْ يُسْلِمْ. (وَفِي) (اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ) أَيْ هَلْ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ أَوْ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ كَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (خِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ الِاسْتِتَابَةُ وَقَوْلُهُ: (كَمَنْ) (قَالَ) مُتَضَجِّرًا (لَقِيت فِي مَرَضِي مَا) أَيْ مَرَضًا (لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاسْتِشْهَادِ وَالتَّشْبِيهِ لَهُ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ رَفْعَ نَفْسِهِ وَدَفْعَ النَّقْصِ عَنْهَا وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ التَّأَسِّي وَالتَّسَلِّيَ وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ التَّنْقِيصَ فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى يُؤَدَّبُ وَيُسْجَنُ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الثَّالِثَةِ يُقْتَلُ وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي كَمَا فِي عبق أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَصْدِ تَرَفُّعِ نَفْسِهِ فَيُؤَدَّبُ كَمَا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُ إلَخْ قُتِلَ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قُتِلَ كَذَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَالشِّفَاءِ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ يَكُونُ مُرْتَدًّا وَلَمْ يُدَعِّمْهُ بِنَقْلٍ. (قَوْلُهُ: قَرْنَانُ) أَيْ مُعَرَّصٌ لِأَنَّهُ يَقْرُنُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فِي نِسْبَةِ شَيْءٍ قَبِيحٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا نَسَبَهُ لِلتَّعْرِيصِ أَوْ لِلْعَوَانَةِ عِنْدَ الظَّلَمَةِ أَوْ لِلْكَذِبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: بِالْقَوْلِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا شَرِيفٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ خَضْرَاءَ) فَإِذَا تَعَمَّمَ بِهَا غَيْرُ شَرِيفٍ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاعْلَمْ أَنَّ لُبْسَ الْعِمَامَةِ الْخَضْرَاءِ فِي الْأَصْلِ لِمَنْ كَانَ شَرِيفًا مِنْ أَبِيهِ وَقَدْ قَصَرَهَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ هُوَ شَرِيفٌ مِنْ أُمِّهِ لُبْسُهَا وَأُدِّبَ، إلَّا أَنَّ الْعُرْفَ الْآنَ قَدْ جَرَى بِلُبْسِهِ لَهَا وَعَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَلِكَ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ لُبْسُهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: الِانْتِسَابَ) أَيْ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ أَيْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ شَرِيفٌ وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ مُحْتَمَلًا لَا صَرِيحًا فِي الِانْتِسَابِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الْقَائِلِ هَضْمَ نَفْسِهِ وَأَنَّ ذُرِّيَّتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ مَزِيدُ الشَّرَفِ وَلَمْ يَقْصِدْ الِانْتِسَابَ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ) مِثْلُهُ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى مِلْكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ وَأَمَّا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ يُقْتَلُ سَابُّهُمَا وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: وَخَالِدُ بْنُ سِنَانٍ) الرَّاجِحُ نُبُوَّتُهُ وَكَذَلِكَ الْخَضِرُ وَأَمَّا لُقْمَانُ وَمَرْيَمُ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ نُبُوَّتِهِمَا كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ) هُوَ اسْمُ بِئْرٍ كَانُوا قُعُودًا حَوْلَهَا فَانْهَارَتْ بِهِمْ وَبِمَنَازِلِهِمْ وَقَوْلُهُ: الَّذِي قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ أَيْ وَقِيلَ إنَّ نَبِيَّهُمْ شُعَيْبٌ وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ فَكَانَ نَبِيًّا غَيْرَ رَسُولٍ بَيْنَ عِيسَى وَسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (قَوْلُهُ: أَوْ سَبَّ صَحَابِيًّا) قَالَ عج أَيْ جِنْسَهُ فَيَشْمَلُ سَبَّ الْكُلِّ وَمِثْلُ السَّبِّ تَكْفِيرُ بَعْضِهِمْ وَلَوْ مِنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ كَلَامُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لِمُسَمًّى بِالْإِكْمَالِ يُفِيدُ عَدَمَ كُفْرِ مَنْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ وَأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ فَيُؤَدَّبُ فَقَطْ خِلَافًا لِقَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يَرْتَدُّ، وَأَمَّا مَنْ كَفَّرَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ كَمَا فِي الشَّامِلِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَكَذَّبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ بِهِ) أَيْ مِنْهُ وَهُوَ الزِّنَا وَقَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ أَيْ فَإِذَا سَبَّهَا بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ زَنَتْ فَيُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ لِتَكْذِيبِهِ لِلْقُرْآنِ وَأَمَّا لَوْ سَبَّهَا بِغَيْرِ مَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ التَّشْبِيهِ أَيْ وَسَبُّ اللَّهِ كَسَبِّ النَّبِيِّ صَرِيحُهُ كَصَرِيحِهِ وَمُحْتَمَلُهُ كَمُحْتَمَلِهِ، إلَّا أَنَّ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لَهُ صَرِيحًا وَعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ قَبُولُهَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ قَالَ لَقِيت إلَخْ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ مَا لَوْ قَالَ لَوْ بَلِيَ نَبِيٌّ بِهَذَا

[باب حد الزنا وأحكامه]

(لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ) تَشْبِيهٌ فِي مُجَرَّدِ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذْ الْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ وَعَدَمِهَا وَفِي هَذَا فِي قَتْلِ الْقَائِلِ لِنِسْبَةِ الْبَارِي تَعَالَى لِلْجَوْرِ فَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي السَّبِّ، وَفِي اسْتِتَابَتِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ وَعَدَمِ قَتْلِهِ بَلْ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الشَّكْوَى. [دَرْسٌ] (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الزِّنَا وَأَحْكَامَهُ وَهُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِالْمَدِّ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ وَالنِّسْبَةُ لِلْمَقْصُورِ زَنَوِيٌّ وَلِلْمَمْدُودِ زَنَّائِيٌّ، فَقَالَ (الزِّنَا) شَرْعًا وَهُوَ مَا فِيهِ الْحَدُّ الْآتِي بَيَانُهُ (وَطْءُ مُكَلَّفٍ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا (مُسْلِمٍ) وَإِضَافَةُ وَطْءٍ لِمُكَلَّفٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَيُرَادُ بِالْفَاعِلِ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ الْفِعْلُ فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَ فَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ فَلَا يُحَدُّ صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا كَافِرٌ إذْ وَطْؤُهُمْ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَالْوَطْءُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ اللَّذَّةَ وَبِغَيْرِ انْتِشَارِ (فَرْجِ آدَمِيٍّ) قُبُلًا أَوْ دُبُرًا لَا غَيْرِ فَرْجٍ كَبَيْنِ فَخِذَيْنِ وَلَا فَرْجِ بَهِيمَةٍ وَلَا جِنِّيٍّ إنْ تَصَوَّرَ بِصُورَةِ غَيْرِ آدَمِيٍّ (لَا مِلْكَ لَهُ) أَيْ لِلْوَاطِئِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْفَرْجِ أَيْ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا فَالْمَمْلُوكُ الذَّكَرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ (بِاتِّفَاقٍ) مِنْ الْأَئِمَّةِ لَا أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَقَطْ فَخَرَجَ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا يُسَمَّى زِنًا، وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ بِلَا شُبْهَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِخْرَاجِ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ بِدُبُرِهَا وَأَمَةِ الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُبَعَّضَةِ (تَعَمُّدًا) خَرَجَ بِهِ الْغَالِطُ وَالْجَاهِلُ وَالنَّاسِي كَمَنْ نَسِيَ طَلَاقَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَرَضِ الَّذِي اُبْتُلِيَتْ بِهِ أَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ فُلَانٌ مَا صَبَرَ اهـ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَةِ عبق وَفِيهِ أَنَّ هَذَا تَنْقِيصٌ بِمَرْتَبَةِ الْأَنْبِيَاءِ فَالظَّاهِرُ الْقَتْلُ فِي هَذَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: لِنِسْبَةِ الْبَارِي تَعَالَى لِلْجَوْرِ) أَيْ وَهُوَ كُفْرٌ وَقَدْ كَفَرَ إبْلِيسُ بِذَلِكَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَخَالَفَ وَقَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَتِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ خِلَافٌ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا [بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه] (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الزِّنَا) . (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ) وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَعَلَيْهِ فَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ لِانْقِلَابِ الْأَلْفِ عَنْهَا. (قَوْلُهُ: وَبِالْمَدِّ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ) أَيْ وَهُمْ تَمِيمٌ وَعَلَيْهِ فَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَلِكَوْنِ الزِّنَا يُمَدُّ وَيُقْصَرُ جُعِلَ يَا ابْنَ الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ مِنْ صِيَغِ الْقَذْفِ. (قَوْلُهُ: الزِّنَا شَرْعًا) خَرَجَ الزِّنَا الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِدُونِ وَلِيٍّ وَمَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ وَوَطْءُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّ كُلَّ هَذَا، وَإِنْ كَانَ زِنًا فِي اللُّغَةِ لَكِنْ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا وَكُلُّ هَذِهِ خَارِجَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ الشُّرُوطِ وَحِينَ إذْ كَانَ لَا يُسَمَّى مَا ذَكَرْنَا شَرْعًا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ الشُّرُوطِ بِحَيْثُ يُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَمْرًا عَامًّا وَهُوَ الزِّنَا ثُمَّ بَيَّنَهُ بِخَاصٍّ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ أَمْرًا عَامًّا بَلْ خَاصًّا بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الشُّرُوطِ فَذِكْرُهَا قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ أَلْ فِي الزِّنَا لِلْعَهْدِ الْعِلْمِيِّ أَيْ الزِّنَا الْمَعْهُودِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فِيهِ الْحَدُّ الْآتِي) أَيْ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ رَجْمًا أَوْ جَلْدًا. (قَوْلُهُ: مُكَلَّفٍ) أَيْ وَلَوْ سَكْرَانَ حَيْثُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَكَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَافِرٌ) أَيْ سَوَاءٌ وَطِئَ كَافِرَةً أَوْ مُسْلِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ تُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا وَطْءُ مُسْلِمٍ كَمَا أَنَّهَا تُحَدُّ إذَا مَكَّنَتْ مَجْنُونًا أَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ فِي فَرْجِهَا، وَرَجْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْيَهُودِيَّيْنِ حُكْمٌ بَيْنَهُمْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ إذْ ذَاكَ تَحْتَ الذِّمَّةِ. (قَوْلُهُ: فَرْجِ آدَمِيٍّ) أَيْ غَيْرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ فِي قُبُلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَثُقْبَةٍ، فَإِنْ وَطِئَ فِي دُبُرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى فَيَكُونُ فِيهِ الْجَلْدُ كَإِتْيَانِ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ وَلَا يُقَدَّرُ ذَكَرًا مَلُوطًا بِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهِ الرَّجْمُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ وَطِئَ هُوَ غَيْرَهُ لِلشُّبْهَةِ إذْ لَيْسَ ذَكَرًا مُحَقَّقًا، إلَّا أَنْ يُمْنِيَ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: قُبُلًا أَوْ دُبُرًا) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّنَا هُنَا مَا يَعُمُّ اللِّوَاطَ (كَقَوْلِهِ كَبَيْنِ فَخِذَيْنِ) أَيْ أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ وَكَمَا خَرَجَ مَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ فَرْجِ آدَمِيٍّ خَرَجَ أَيْضًا مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَوَجْهُ خُرُوجِهِ بِهِ أَنَّ " آدَمِيٍّ " نَكِرَةٌ " وَمُكَلَّفٍ " نَكِرَةٌ وَالنَّكِرَةُ بَعْدَ النَّكِرَةِ غَيْرُهَا. (قَوْلُهُ: إنْ تُصُوِّرَ بِصُورَةِ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ بِصُورَةِ شَيْءٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مُجَرَّدُ تَخَيُّلٍ، وَأَمَّا إذَا تُصُوِّرَ بِصُورَةِ الْآدَمِيِّ كَانَ وَطْؤُهُ زِنًا شَرْعًا وَيُحَدُّ الْوَاطِئُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي وَطْءِ الْجِنِّيِّ لِآدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: شَرْعًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهَا خَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ حَرُمَ وَطْؤُهَا لِعَارِضٍ كَحَيْضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ وَطْأَهَا لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ لِزَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا تَسَلُّطٌ عَلَيْهَا شَرْعًا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لَوْلَا الْعَارِضَ (قَوْلُهُ: لَا تَسَلُّطَ لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا وَطِئَ مَمْلُوكَهُ الذَّكَرَ حُدَّ حَدَّ اللِّوَاطِ لَا حَدَّ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: بِاتِّفَاقٍ) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ أَيْ انْتَفَى تَسَلُّطُهُ عَلَيْهِ شَرْعًا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ) أَيْ كَبِلَا وَلِيٍّ فَإِذَا وَطِئَ فِيهِ فَلَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا فَلَا حَدَّ فِيهِ وَخَرَجَ أَيْضًا وَطْءُ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَزَوْجَتَهُ بِدُبُرِهَا فَإِنَّ فِيهِ قَوْلًا بِالْإِبَاحَةِ، وَإِنْ كَانَ شَاذًّا أَوْ ضَعِيفًا فَلَا حَدَّ فِيهِ وَيُؤَدَّبُ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّهُ أَعَمُّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَطْءِ حَلِيلَتِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ الْغَالِطُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ قَصَدَ زَوْجَتَهُ فَوَقَعَ عَلَى غَيْرِهَا غَلَطًا (قَوْلُهُ: وَالْجَاهِلُ)

وَبَالَغَ عَلَى وَطْءِ الْمُكَلَّفِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ وَطْءُ الْمُكَلَّفِ الْمُسْلِمِ فَرْجَ الْآدَمِيِّ (لِوَاطًا) أَيْ إدْخَالَهُ الْحَشَفَةِ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا وَفِيهِ الْحَدُّ الْآتِي ذِكْرُهُ (أَوْ) كَانَ (إتْيَانَ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ) وَأَمَّا حَلِيلَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ بَلْ يُؤَدَّبُ (أَوْ) كَانَ (إتْيَانَ مَيِّتَةٍ) فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا حَالَ كَوْنِهَا أَوْ كَوْنِهِ (غَيْرَ زَوْجٍ) فَيُحَدُّ بِخِلَافِ لَوْ كَانَتْ زَوْجًا، وَإِتْيَانُ النَّائِمَةِ أَوْ الْمَجْنُونَةِ أَوْلَى بِالْحَدِّ مِنْ الْمَيِّتَةِ (أَوْ) إتْيَانَ (صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا) عَادَةً لِوَاطِئِهَا فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا فَيُحَدُّ الْوَاطِئُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ لِصِدْقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ دُونَهَا كَالنَّائِمَةِ وَالْمَجْنُونَةِ (أَوْ) إتْيَانَ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ (مُسْتَأْجَرَةٍ) أَجَّرَتْ نَفْسَهَا أَوْ أَجَّرَهَا وَلِيُّهَا أَوْ سَيِّدُهَا (لِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَخِدْمَةٍ فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَلَا يَكُونُ الِاسْتِئْجَارُ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ إلَّا إذَا أَجَّرَهَا سَيِّدُهَا لِلْوَطْءِ فَلَا يُحَدُّ نَظَرًا لِقَوْلِ عَطَاءٍ (أَوْ) إتْيَانَ (مَمْلُوكَةٍ) لَهُ بِشِرَاءٍ مَثَلًا (تُعْتَقُ) عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ فَيُحَدُّ إنْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: تُعْتَقُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ (أَوْ) إتْيَانَ مَنْ (يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا) وَحُرْمَتَهَا عَلَيْهِ فَيُحَدُّ وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِحُرِّيَّتِهَا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا أَوْ حَالَ اشْتِرَائِهَا، وَكَذَا إنْ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهَا هِيَ إذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِحُرِّيَّتِهَا وَطَاعَتْ بِهِ (أَوْ) إتْيَانَ (مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ) بِنِكَاحٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ جَاهِلُ الْعَيْنِ وَجَاهِلُ الْحُكْمِ فَالْأَوَّلُ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَجَاهِلُ الْحُكْمِ مَنْ يَعْتَقِدُ وَطْءَ حِلِّ الْأَجَانِبِ لِكَوْنِهِ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ طَارِئٌ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ عَنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغَالِطَ هُوَ عَيْنُ جَاهِلِ الْعَيْنِ فَأَحَدُهُمَا مُكَرَّرٌ مَعَ الْآخَرِ فَإِمَّا أَنْ يُقْصَرَ الْجَاهِلُ عَلَى جَاهِلِ الْحُكْمِ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ الْغَالِطُ عَلَى الشَّاكِّ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً شَاكًّا فِي كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَمَا خَرَجَ مَنْ ذَكَرَ بِقَوْلِهِ تَعَمُّدًا خَرَجَ أَيْضًا الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَبَالِغٌ إلَخْ) قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ: لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي حَدِّ اللِّوَاطِ الَّذِي هُوَ الرَّجْمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِيمَا قَبْلَ قَوْلِهِ مُسْلِمٍ بَعِيدٌ اهـ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي حَدِّ اللِّوَاطِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاعِلِ تَكْلِيفُهُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَفْعُولِ فَتَكْلِيفُهُ وَتَكْلِيفُ الْفَاعِلِ مَعًا وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِوَاطًا) أَيْ لِأَنَّ الْفَرْجَ يَشْمَلُ الدُّبُرَ. (قَوْلُهُ: فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا وَفِيهِ الْحَدُّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَيْسَ فِيهِ، إلَّا الْأَدَبُ كَالْمُسَاحَقَةِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَقَدْ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ زِنًا لَكِنْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَقَدْ يُقَابَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُحَدُّ بَلْ يُؤَدَّبُ) أَيْ لِأَنَّ لَهُ التَّسَلُّطَ عَلَى دُبُرِهَا شَرْعًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَوْلًا شَاذًّا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ كَانَتْ زَوْجًا) أَيْ وَبِخِلَافِ إدْخَالِ امْرَأَةٍ ذَكَرَ مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا تُحَدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ كَالصَّبِيِّ. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ وَطْؤُهَا عَادَةً لِوَاطِئِهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا إذَا وَطِئَهَا الْمُكَلَّفُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ الِاسْتِئْجَارُ شُبْهَةً إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ مِنْ نَفْسِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مِنْ وَلِيِّ الْحُرَّةِ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ مِنْ سَيِّدِ الْأَمَةِ لِلْخِدْمَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا حَدَّ فِي وَطْءِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عِنْدَهُ عَقْدُ شُبْهَةٍ يَدْرَأُ الْحَدَّ، وَإِنْ حَرُمَ عِنْدَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ وَبِذَلِكَ يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ، وَإِلَّا لَكَانَ خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِقَوْلِ عَطَاءٍ) أَيْ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ أَيْ الَّتِي أَحَلَّ سَيِّدُهَا وَطْأَهَا لِلْوَاطِئِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بِعِوَضٍ وَبِدُونِهِ وَحِينَئِذٍ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ سَيِّدِهَا مُحَلَّلَةٌ فَلَا حَدَّ فِيهَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ مَمْلُوكَةٍ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا يَرَى أَنَّ عِتْقَ الْقَرَابَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحُكْمِ لَا بِنَفْسِ الْمِلْكِ أَوْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يُدْرَأْ عَنْهُ الْحَدُّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَلَا مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَى ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ شَيْخِهِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ مَنْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا) أَيْ أَوْ إتْيَانَ أَمَةٍ بِمِلْكٍ لَا بِنِكَاحٍ مَنْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا وَحُرْمَتَهَا عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهَا مِمَّنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَقَارِبِهِ كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ) أَيْ لِأَنَّهُ وَطِئَ مَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مَمْلُوكَةً. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وَطِئَهَا) أَيْ وَكَذَا يُحَدُّ إنْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ سَيِّدَهَا وَكَّلَ مُزَوِّجَهَا فَزَوَّجَهَا فَيُدْرَأُ الْحَدُّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهَا هِيَ إلَخْ) أَيْ إذَا عَلِمَتْ بِحُرِّيَّةِ نَفْسِهَا دُونَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلَيْنِ فَقِيلَ بِعَدَمِ حَدِّهَا لِأَنَّهَا تَقُولُ قَدْ أَكْذِبُ إذَا قُلْت أَنَا حُرَّةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِي فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي تَمْكِينِهَا وَقِيلَ بِحَدِّهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قَدْ يُصَدِّقُهَا إذَا ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ وَالْأَوَّلُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ بِنِكَاحٍ) أَيْ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَطْءُ الْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِنِكَاحٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ، إلَّا مُؤَبَّدَيْنِ بِخِلَافِ الصِّهْرِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ تَقْيِيدِهِ بِمُؤَبِّدٍ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ الْمُحَرَّمَةَ بِالنَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ

كَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَيُحَدُّ بِخِلَافِ لَوْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ وَهِيَ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يُحَدُّ كَمَا يَأْتِي (أَوْ) إتْيَانَ (خَامِسَةٍ) عَلِمَ بِتَحْرِيمِهَا وَلَا الْتِفَاتَ لِمَنْ زَعَمَ جَوَازَهَا مِنْ الْخَوَارِجِ (أَوْ مَرْهُونَةٍ) بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ (أَوْ) إتْيَانَ أَمَةٍ (ذَاتِ مَغْنَمٍ) قَبْلَ الْقَسْمِ حِيزَتْ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْغَنِيمَةَ إلَّا بِالْقَسْمِ (أَوْ حَرْبِيَّةٍ) بِبِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ دَخَلَتْ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ، وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ هُوَ بِهَا مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ دَخَلَتْ عِنْدَنَا بِلَا أَمَانٍ فَحَازَهَا فَقَدْ مَلَكَهَا (أَوْ) إتْيَانَ (مَبْتُوتَةٍ) لَهُ (وَإِنْ) وَطِئَهَا (بِعِدَّةٍ) أَيْ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ بِنِكَاحٍ وَأَوْلَى بِلَا نِكَاحٍ أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ. (وَهَلْ) يُحَدُّ مُطْلَقًا (وَإِنْ أَبَتْ فِي مَرَّةٍ) وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ وَلَا الْتِفَاتَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِلُزُومِ الْوَاحِدَةِ حِينَئِذٍ لِشُذُوذِهِ أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّاتٍ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ بِوَجْهٍ، وَأَمَّا لَوْ أَبَتَّهَا فِي مَرَّةٍ فَلَا يُحَدُّ نَظَرًا لِوُجُودِ الْخِلَافِ (تَأْوِيلَانِ أَوْ) إتْيَانَ (مُطَلَّقَةٍ) لَهُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) دُونَ الْغَايَةِ فَيُحَدُّ (أَوْ مُعْتَقَةٍ) لَهُ (بِلَا عَقْدٍ) فِيهِمَا، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بَائِنًا دُونَ الْغَايَةِ فَيُحَدُّ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْغَايَةِ لَا فِيهَا (كَأَنْ يَطَأَهَا مَمْلُوكُهَا) بِلَا عَقْدٍ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا (أَوْ) يَطَأَهَا (مَجْنُونٌ) أَوْ كَافِرٌ (بِخِلَافِ الصَّبِيِّ) يَطَؤُهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَوْ أَنْزَلَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمِلْكِ فَلَا يُحَدُّ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ إذَا كَانَ عَالِمًا. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُحَرَّمَةَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ إنْ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ حُدَّ، وَإِنْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ أُدِّبَ وَالْمُحَرَّمَةُ بِالنَّسَبِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ حُدَّ لِوَطْئِهَا بِالْمِلْكِ وَأَوْلَى بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْتَقُ بِالْمِلْكِ حُدَّ لِوَطْئِهَا بِالنِّكَاحِ لَا بِالْمِلْكِ فَيُؤَدَّبُ فَقَطْ وَأَمَّا الْمُحَرَّمَةُ بِسَبَبِ الصُّهَارَةِ، فَإِنْ كَانَ تَحْرِيمُهَا مُؤَبَّدًا حُدَّ إنْ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ لَا بِمِلْكٍ فَيُؤَدَّبُ، وَإِنْ كَانَ تَحْرِيمُهَا غَيْرَ مُؤَبَّدٍ فَلَا حَدَّ سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكٍ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ فَقَطْ إنْ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ. (قَوْلُهُ: بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ) أَيْ مُؤَبِّدِ تَحْرِيمَهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْيِيدِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا إنَّمَا هُوَ التَّحْرِيمُ لَا الصُّهَارَةُ لِأَنَّهَا مَتَى حَصَلَتْ لَا تَكُونُ، إلَّا مُؤَبَّدَةً وَزَادَ " مُؤَبَّدٍ " لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصِّهْرِ مِنْهُ مُؤَبَّدٌ وَمِنْهُ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ فَالْأَوَّلُ كَالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ فَإِنَّهُ يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَدَخَلَ بِهَا حُدَّ وَالثَّانِي كَالْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَ الْبِنْتِ فَلَهُ طَلَاقُ الْأُمِّ قَبْلَ مَسِّهَا وَالْعَقْدُ عَلَى الْبِنْتِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى الْبِنْتِ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَقَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا لَمْ يُحَدَّ وَبَعْدَ مَسِّهَا يُحَدُّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِالْبِنْتِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ فِيهَا عَلَى الْحَدِّ وَأَطْلَقَ وَفَصَّلَ اللَّخْمِيُّ فِي بَابِ الْقَذْفِ فَقَالَ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَ بِأُمِّ زَوْجَتِهِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْبِنْتِ حُدَّ، وَإِلَّا فَلَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ هَلْ يُحَرِّمُ الْأُمَّ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ لَا يُحَرِّمُهَا وَاعْتَمَدَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُنَكِّتًا بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَشَارِحِيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ وَهِيَ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ الَّتِي هِيَ عَمَّتُهُ أَوْ خَالَتُهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ خَامِسَةٍ) أَيْ أَوْ وَطْءَ خَامِسَةٍ بِنِكَاحٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا الْتِفَاتَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ بِحِلِّ الْخَامِسَةِ بِعَقْدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا يُجْعَلُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ) أَيْ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ أَمَةٍ ذَاتِ مَغْنَمٍ) أَيْ أَوْ إتْيَانَ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ أَمَةٌ ذَاتُ مَغْنَمٍ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا يَمْلِكُهَا الْجَيْشُ، إلَّا بِالْقَسْمِ أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ يَمْلِكُهَا الْجَيْشُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهَا فَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَدُّ الْوَاطِئِ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ وَقَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِالْجَيْشِ الْعَظِيمِ دُونَ السَّرِيَّةِ الْيَسِيرَةِ فَلَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ الْغَنِيمَةِ تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْحُصُولِ أَوْ لَا تُمْلَكُ، إلَّا بِالْقَسْمِ جَارٍ فِي الْجَيْشِ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَأَمَّا مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَبْتُوتَةٍ) أَيْ مُطَلَّقَةٍ بِلَفْظِ الْبَتِّ وَكَذَا بِلَفْظِ ثَلَاثًا فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ بِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) أَيْ بِنِكَاحٍ أَوْ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُحَدُّ مُطْلَقًا) أَيْ هَذَا إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ تَأْكِيدًا أَوْ طَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ بَلْ وَإِنْ أَبَتَّ فِي مَرَّةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّاتٍ) أَيْ فَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا بِعَقْدِ نِكَاحٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَلِذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا ثُمَّ بَيَّنَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْغَايَةِ) أَيْ دُونَ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: بِلَا عَقْدٍ فِيهِمَا) أَيْ إذَا كَانَ وَطْؤُهُ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِعَقْدٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَوَطْءِ الْمُعْتَقَةِ وَمَحِلِّ الْحَدِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ كَمَا يَأْتِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ لَهُمَا صَدَاقٌ مُؤْتَنَفٌ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَأَمَّا صَدَاقُهَا الَّذِي وَجَبَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يُكَمَّلُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: لَا فِيهَا) مَحَلُّ عَدَمِ حَدِّهِ فِي وَطْءِ الْبَائِنِ فِي الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ رَجْعِيٌّ كَذَا فِي بْن نَقْلًا مِنْ كَبِيرِ خش ثُمَّ قَالَ وَهُوَ حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَطَؤُهَا مَجْنُونٌ أَوْ كَافِرٌ) أَيْ إذَا كَانَ بَالِغًا وَمِثْلُهُمَا مَا لَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ

لِأَنَّهَا لَا تَنَالُ مِنْهُ لَذَّةً كَالْمَجْنُونِ. (إلَّا أَنْ) (يَجْهَلَ الْعَيْنَ) الْمَوْطُوءَةَ بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا حَلِيلَتُهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا (أَوْ) يَجْهَلَ (الْحُكْمَ) أَيْ التَّحْرِيمَ مَعَ عِلْمِهِ بِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ (إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) كَقَرِيبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ فَلَا يُحَدُّ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ (إلَّا) الزِّنَا (الْوَاضِحَ) فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلِ الْعَيْنِ كَإِتْيَانِهِ لِكَبِيرَةٍ ادَّعَى الْغَلَطَ بِهَا وَامْرَأَتُهُ صَغِيرَةٌ أَوْ الْعَكْسِ وَلَا بِجَهْلِ الْحُكْمِ كَمُرْتَهِنٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ ادَّعَى ظَنَّ الْجَوَازِ وَكَقَرِيبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ مُخَالِطٍ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ. (لَا مُسَاحَقَةٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى " وَطْءٌ " أَيْ " الزِّنَا وَطْءٌ لَا مُسَاحَقَةٌ لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ " وَهُوَ فِعْلُ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بِبَعْضٍ فَلَا حَدَّ عَلَى فَاعِلِهِ مِنْهُنَّ (وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ (كَبَهِيمَةٍ) أَيْ كَوَاطِئِ بَهِيمَةٍ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَمُدْخِلَةِ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ بِفَرْجِهَا أَوْ مُمَكِّنَةِ صَبِيٍّ وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَلُوطُ أَوْ يَزْنِي أَوْ يُفْعَلُ فِيهِ فَيُؤَدَّبُ وَيَثْبُتُ الْجَمِيعُ بِعَدْلَيْنِ أَوْ بِإِقْرَارِ مُكَلَّفٍ (وَهِيَ) أَيْ الْبَهِيمَةُ الْمَوْطُوءَةُ (كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ وَالْأَكْلِ) فَلَا تَحْرُمُ وَلَا تُكْرَهُ. (وَ) كَوَاطِئِ (مَنْ حَرُمَ) وَطْؤُهَا (عَلَيْهِ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (لِعَارِضٍ) (كَحَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ وَمُحَرَّمَةٍ بِنُسُكٍ وَمُعْتَكِفَةٍ فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ مُشْتَرَكَةٍ) فَيُؤَدَّبُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَسَيِّدُ الْمُبَعَّضَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ (أَوْ) وَاطِئِ (مَمْلُوكَةٍ) لَهُ (لَا تُعْتَقُ) عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ وَبِنْتِ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ فَيُؤَدَّبُ إنْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ (أَوْ) وَاطِئِ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ غَيْرِهِ فِي عِدَّتِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَلَا يُحَدُّ وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَلَا تَحِلُّ أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ أَنَّ نِكَاحَ الْمُعْتَدَّةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فَلَا تَحِلُّ لِأَصْلِهِ وَلَا لِفَرْعِهِ بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْخَامِسَةِ وَالْمَبْتُوتَةِ قَبْلَ زَوْجٍ فَهُوَ زِنًا مُحَصِّنٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُحَدُّ لِصِدْقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQبَالِغٍ فِي فَرْجِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَنَالُ إلَخْ) مِثْلُ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْحَدِّ لِلْمَرْأَةِ بِوَطْئِهِ إدْخَالُهَا ذَكَرَ مَيِّتٍ بِفَرْجِهَا لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحُكْمَ كَذَلِكَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَبِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ وَأَمَّا إنْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَوْ الْعَيْنَ فَلَا حَدَّ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: بِدَعْوَى جَهْلِهِ الْعَيْنَ أَوْ الْحُكْمَ بِشَرْطِ أَنْ يُظَنَّ بِهِ ذَلِكَ الْجَهْلُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الزِّنَا وَاضِحًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا حَلِيلَتُهُ) أَيْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَقَوْلُهُ: فَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا أَيْ فَتَبَيَّنَ بَعْدَ وَطْئِهَا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَمَفْهُومُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَاكٌّ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ مَعَ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ عبق. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ الْحُكْمَ وَالْعَيْنَ. (قَوْلُهُ: كَقَرِيبِ عَهْدٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ لَيْلًا مُظْلِمًا وَالنِّسَاءُ مُخْتَلِطَاتٌ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي وَطِئَهَا مُمَاثِلَةٌ لِحَلِيلَتِهِ فِي النَّحَافَةِ أَوْ السِّمَنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا الزِّنَا الْوَاضِحَ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: كَإِتْيَانِهِ لِكَبِيرَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَتْ حَلِيلَتُهُ فِي غَايَةِ النَّحَافَةِ وَاَلَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا هِيَ فِي غَايَةِ السِّمَنِ أَوْ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحَدُّ. (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْهَلْ مِثْلُهُ يُحَدُّ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَاضِحَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْحُكْمِ لَا يَجْهَلُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ) أَيْ فَاعِلُ الْمُسَاحَقَةِ وَلَوْ وَقَعَتْ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَوْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اهـ أَمِيرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُدَخِّلَةِ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ بِفَرْجِهَا) أَيْ وَكَذَا مُدَخِّلَةُ ذَكَرِ مَيِّتٍ بَالِغٍ بِفَرْجِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ حَتَّى الْمُسَاحَقَةِ بِعَدْلَيْنِ لَا بِأَرْبَعَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ زِنًا وَلَا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ) أَيْ فِي جَوَازِ الذَّبْحِ وَالْأَكْلِ وَلَا تُقْتَلُ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ بِقَتْلِهَا بِغَيْرِ ذَبْحٍ وَتُحْرَقُ قِيلَ: لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُذَكِّرُ الْفَاحِشَةَ فَيُعَيَّرُ بِهَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا تُنْتِجُ قَتْلَهَا بَلْ إزْهَاقَ رُوحِهَا وَلَوْ بِذَكَاةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرُمُ) أَيْ أَكْلُهَا وَلَا يُكْرَهُ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ مُبَاحَةً (قَوْلُهُ: فَيُؤَدَّبُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَسَيِّدُ الْمُبَعَّضَةِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يُؤَدَّبْنَ، إلَّا أَنْ لَا يَقْدِرْنَ عَلَى الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَاطِئُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ) أَيْ مِنْ مَحَارِمِهِ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: أَوْ صِهْرٍ) أَيْ كَعَمَّةِ زَوْجَتِهِ وَخَالَتِهَا وَبِنْتِ أَخِيهَا وَبِنْتِ أُخْتِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ) أَيْ وَتُبَاعُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعُودَ لِوَطْئِهَا ثَانِيَةً وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ. (قَوْلُهُ: بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمِلْكُ طَارِئًا أَوْ أَصْلِيًّا فَالْأَوَّلُ وَهُوَ وَطْؤُهَا بِنِكَاحٍ كَأَنْ يَتَزَوَّجَ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ وَيَطَأَهَا زَمَنَ الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا وَطِئَهَا بِمِلْكٍ طَارِئٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَوَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا وَالثَّالِثُ وَهُوَ مَا إذَا وَطِئَهَا بِمِلْكٍ أَصْلِيٍّ كَمَا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا فَلَمَّا شَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَمِثْلُ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ فِي عَدَمِ الْحَدِّ وَطْءُ أَمَتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ وَطْءَ الْمُعْتَدَّةِ فِيهِ شُبْهَةٌ فَلِذَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَانْتَشَرَتْ الْحُرْمَةُ وَوَطْءُ الْخَامِسَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ لَزِمَ الْحَدُّ وَلَمْ يَنْشُرْ حُرْمَةً لِكَوْنِهِ زِنًا مَحْضًا وَأَصْلُ الْمُعَارَضَةِ بَيْنَهَا لِلَّخْمِيِّ

وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ وَهِيَ غَيْرُ مَبْتُوتَةٍ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ. (أَوْ) وَاطِئِ (بِنْتٍ) بِنِكَاحٍ (عَلَى أُمٍّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) فَيُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَيُحَدُّ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ: أَوْ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ فَلَوْ دَخَلَ بِالْأُمِّ ثُمَّ عَقَدَ عَلَى بِنْتِهَا وَوَطِئَهَا حُدَّ (أَوْ) وَطِئَ (أُخْتًا) تَزَوَّجَهَا (عَلَى أُخْتِهَا) فَلَا حَدَّ وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا (وَهَلْ) عَدَمُ الْحَدِّ مُطْلَقًا كَانَتْ الْأُخْتُ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ أَوْ (إلَّا أُخْتَ النَّسَبِ) أَيْ أُخْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ نَسَبِهَا فَيُحَدُّ فِيهَا (لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ) بِخِلَافِ أُخْتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ فَتَحْرِيمُهَا بِالسُّنَّةِ (تَأْوِيلَانِ) حَقُّهُ قَوْلَانِ إذْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ) أَيْ وَكَوَاطِئِ أَمَةٍ حَلَّلَهَا لَهُ سَيِّدُهَا بِأَنْ قَالَ لَهُ أَبَحْت لَك وَطْأَهَا أَوْ أَذِنْت لَك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَلَا يُحَدُّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عَطَاءٍ بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ بِخِلَافِ وَاطِئِ أَمَةِ زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهَا لَهُ فِي وَطْئِهَا فَيُحَدُّ (وَقُوِّمَتْ) الْمُحَلَّلَةُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ وَطْئِهِ يَوْمَ وَطِئَ حَمَلَتْ أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَوَابُ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ يُونُسَ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ نَشْرَ التَّحْرِيمِ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الشُّبْهَةِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْسُنُ التَّفْرِيقُ بِذَلِكَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ فِيهِ رَائِحَةَ مُصَادَرَةٍ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ فِي الْفَرْقِ أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَامِسَةِ أَشْهَرُ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُعْتَدَّةِ فَلِذَا كَانَ وَطْءُ الْأُولَى زِنًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ دُونَ الثَّانِيَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ) حَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَانَ الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْتُوتَةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا بِدُونِ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجِ مُعْتَدَّةٍ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ عَيْنُ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ الْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ أَوْ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ وَهِيَ غَيْرُ مَبْتُوتَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ) أَيْ بِأَنْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ وَهِيَ غَيْرُ مَبْتُوتَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يَنْوِ بِوَطْئِهِ الرَّجْعِيَّةَ الرَّجْعَةَ وَكَانَ وَطْؤُهُ لِلْبَائِنِ بِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ فَقَطْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْهُ إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَنَوَى بِوَطْئِهِ لَهَا الرَّجْعَةَ أَوْ غَيْرَ رَجْعِيَّةٍ وَنَكَحَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَا حَدَّ وَلَا أَدَبَ وَلَا حَرَجَ، وَإِنْ وَطِئَ الرَّجْعِيَّةَ أَوْ الْبَائِنِ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَبِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فِي الْبَائِنِ فَفِي الرَّجْعِيَّةِ الْأَدَبُ وَكَذَا فِي الْبَائِنِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بَاقِيَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، كَذَا فِي عبق وَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الْحَدِّ إنْ كَانَ وَطْؤُهُ فِي الْعِدَّةِ وَأَمَّا إنْ وَطِئَ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ لِشَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بَائِنًا دُونَ الْغَايَةِ فَيُحَدُّ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَا فِيهَا، اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ وَطْؤُهُ الْأُمَّ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ عَقَدَ عَلَى بِنْتِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَوْلُهُ: فَيُحَدُّ أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَجَعَلَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ هَذَا الْعَكْسَ لَا حَدَّ فِيهِ كَذَلِكَ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ مُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ أَوْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُؤَبِّدُ، إلَّا إذَا انْضَمَّ لَهُ دُخُولٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ بْن أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اعْتَمَدَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ دَخَلَ بِالْأُمِّ ثُمَّ عَقَدَ عَلَى بِنْتِهَا وَوَطِئَهَا حُدَّ) أَيْ اتِّفَاقًا، وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا دَخَلَ بِالْبِنْتِ ثُمَّ عَقَدَ عَلَى أُمِّهَا وَدَخَلَ بِهَا فَيُحَدُّ اتِّفَاقًا وَلَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ مَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَى الْبِنْتِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَ أُخْتًا عَلَى أُخْتِهَا) أَيْ وَكَذَا امْرَأَةٌ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا اتِّفَاقًا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا فَلَا حَدَّ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَدَبُ حَيْثُ كَانَ الْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِالْمِلْكِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ الْأُولَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أُخْتَ النَّسَبِ) أَيْ أَوْ عُدِمَ الْحَدُّ، إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأُخْتُ الَّتِي وَطِئَهَا أُخْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَحِينَئِذٍ فَيُحَدُّ. (قَوْلُهُ: لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ) أَيْ وَهُوَ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] (قَوْلُهُ: فَتَحْرِيمُهَا بِالسُّنَّةِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» . أَيْ وَالتَّحْرِيمُ بِالْكِتَابِ أَقْوَى مِنْ التَّحْرِيمِ الثَّابِتِ بِالسُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] فَمَعْنَاهُ أُخْتُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ رَضَاعًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أُخْتِ الزَّوْجَةِ. (قَوْلُهُ: إذْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْحَدِّ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا الَّذِي يُؤَوَّلُ. (قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْأَمَةُ قِنًّا أَوْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ، وَقَوْلُهُ: حَلَّلَهَا سَيِّدُهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ الْمُحَلِّلَ زَوْجَةَ الْوَاطِئِ أَوْ قَرِيبَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَلَا يُحَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَاطِئُ يَعْلَمُ تَحْرِيمَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْلِيلِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةً زِنًا فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَهَا كَانَ حَلَّلَهَا لَهُ قَبْلَ الزِّنَا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْوَطْءِ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ لِأَجْلِ أَنْ تَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ

(وَإِنْ أَبَيَا) أَيْ امْتَنَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ مِنْ التَّقْوِيمِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ صِحَّةِ مَا قَصَدَاهُ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ مِنْ الْوَاطِئِ إنْ أَيْسَرَ وَإِلَّا بِيعَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَهُ الْفَضْلُ وَعَلَيْهِ النَّقْصُ، فَإِنْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَا حَقَّ بِهِ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. (أَوْ) امْرَأَةٍ (مُكْرَهَةٍ) أَيْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا أَدَبَ أَيْضًا وَلَا يَضُرُّهُ الْعَطْفُ عَلَى مَا فِيهِ الْأَدَبُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْعَطْفَ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الْحَدِّ (أَوْ) وَطِئَ زَوْجَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً (مَبِيعَةً) بَاعَهَا زَوْجُهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةً (بِغَلَاءٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ لِأَجْلِهٍ فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا أَدَبَ لِعُذْرِهَا بِالْجُوعِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَوْجِهَا الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا، فَإِنْ بَاعَهَا لَا لِمَجَاعَةٍ حُدَّتْ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهَا وَقِيلَ: لَا تُحَدُّ نَظَرًا لِلشِّرَاءِ وَاسْتُظْهِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ شَبَهٌ فِي عَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْأَصَحُّ قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ غَيْرِهِ. (كَأَنْ ادَّعَى) أَيْ كَمَا لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئٍ ادَّعَى (شِرَاءَ أَمَةٍ) وَأَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا لِكَوْنِهِ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ (وَنَكَلَ الْبَائِعُ) عَنْ الْيَمِينِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ حِينَ أَنْكَرَ الْبَيْعَ (وَحَلَفَ الْوَاطِئُ) أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِنُكُولِ الْبَائِعِ، فَإِنْ نَكَلَ الْوَاطِئُ حُدَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَلَا يَتَأَتَّى حَلِفُ الْوَاطِئِ حِينَئِذٍ لِثُبُوتِ قَوْلِ الْبَائِعِ بِحَلِفِهِ فَالْحَدُّ فِي نُكُولِهِمَا وَفِي حَلِفِ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْأَصَحِّ (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ) الرَّجُلَ (الْمُكْرَهَ) بِالْفَتْحِ عَلَى الْوَطْءِ (كَذَلِكَ) أَيْ لَا يُحَدُّ وَلَا يُؤَدَّبُ لِعُذْرِهِ بِالْإِكْرَاهِ كَالْمَرْأَةِ (وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ) وَأَنَّهُ يُحَدُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (وَيَثْبُتُ) الزِّنَا بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (بِإِقْرَارٍ) وَلَوْ (مَرَّةً) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (مُطْلَقًا) حَالَ الْحَدِّ أَوْ قَبْلَهُ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ كَذَبْت عَلَى نَفْسِي أَوْ وَطِئْت زَوْجَتِي وَهِيَ مُحْرِمَةٌ فَظَنَنْت أَنَّهُ زِنًا، وَمِثْلُ الرُّجُوعِ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَلَا يُحَدُّ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَهْرُبَ) بِضَمِّ الرَّاءِ (وَإِنْ فِي الْحَدِّ) الْأَوْلَى حَذْفُ وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُقَدَّرُ أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَيَا) مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَلْزَمُ التَّقْوِيمُ وَإِنْ أَبَيَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَضْلُ) أَيْ مَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي قُوِّمَتْ بِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ فَلَّسَ الْمُحَلَّلُ لَهُ الْوَاطِئَ لَهَا قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ كَانَ رَبُّهَا أَحَقَّ بِهَا وَبِيعَتْ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعُودَ لِتَحْلِيلِهَا، وَإِنْ مَاتَ ذَلِكَ الْوَاطِئُ قَبْلَ أَدَاءِ قِيمَتِهَا فَصَاحِبُهَا الَّذِي حَلَّلَهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ. (قَوْلُهُ: وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا بِوَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا) أَيْ الْبَائِعِ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْبَيْعِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحَدِّ وَعَدَمِ الْأَدَبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِجُوعٍ وَالْبَيْنُونَةُ مِنْ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَوْجِهَا الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ) أَيْ وَكَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ الَّذِي يَتَزَوَّجُهَا بِالصَّدَاقِ إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا، إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ فَيُتْرَكُ لَهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ الْبُضْعُ عَنْ عِوَضٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا) أَيْ لِأَنَّهَا قَالَتْ: أَنَا أَمَةٌ وَمَكَّنَتْ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُتَزَوِّجَ لَهَا مِنْ نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلشِّرَاءِ) أَيْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي تَمَلَّكَهَا بِشِرَائِهِ كَالْأَمَةِ فَتَكُونُ مُكْرَهَةً فِي وَطْئِهِ لَهَا إذْ لَوْ امْتَنَعَتْ لَأَكْرَهَهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْقَوْلَ وَوَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرَ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ كَوْنَ أَصْلِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْعِ طَوْعًا يَنْفِي عَنْهَا كَوْنَهَا مُكْرَهَةً وَأَجَابَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ طَوْعًا لَكِنْ بَعْدَ انْعِقَادِهِ صَارَتْ مُكْرَهَةً. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ حُدَّ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ الْوَاطِئُ) أَيْ كَمَا نَكَلَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ كَمَا يُحَدُّ لَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ حَلَفَ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ وَعَدَمِ الْحَدِّ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا نَكَلَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِحَلِفِهِ مَعَ نُكُولِ الْبَائِعِ أَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا حَلِفُهُمَا لِأَنَّهُ مَتَى حَلَفَ الْبَائِعُ ثَبَتَ قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْوَاطِئِ يَمِينٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ) أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ كَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي خش. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّهُ يُحَدُّ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْتَشَرَ أَمْ لَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّامِلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحَدُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ عَلَى الزِّنَا بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهَا غَرِمَ لَهَا الصَّدَاقَ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى مُكْرِهِهِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا بِهَا وَكَانَتْ طَائِعَةً وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، وَإِلَّا حُدَّ اتِّفَاقًا نَظَرًا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَإِلَى أَنَّهَا مِسْكِينَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ بِسَفْكِ دَمِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ لَكِنْ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي النَّظَرِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارٍ مَرَّةً) لَمْ يَأْتِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ حَيْثُ قَالَا لَا يَثْبُتُ الزِّنَا بِالْإِقْرَارِ، إلَّا إذَا أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ حُدَّ، إلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِتَكْذِيبٍ مَحْضٍ فَإِذَا قَالَ كَذَبْتُ وَلَمْ يُبْدِ

يَعْنِي أَنَّ هُرُوبَهُ فِي حَالِ الْحَدِّ يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ أَيْ تَمَامَهُ وَلَا يُعَادُ عَلَيْهِ لِتَكْمِيلِهِ بِخِلَافِ هُرُوبِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَيُتْبَعُ لِيُقَامَ الْحَدُّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْ إقْرَارِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَدَمُ الْحَدِّ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (وَ) يَثْبُتُ (بِالْبَيِّنَةِ) الْعَادِلَةِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ يَرَوْنَهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ بِرُؤْيَا وَزَمَنٍ اتَّحَدَا كَمَا مَرَّ وَإِذَا ثَبَتَ بِهَا (فَلَا يَسْقُطُ) الْحَدُّ عَنْ امْرَأَةٍ بَعْدَ الثُّبُوتِ عَلَيْهَا (بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا) أَوْ بِأَنَّهَا رَتْقَاءُ تَقْدِيمًا لِشَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ. (وَ) يَثْبُتُ (بِحَمْلٍ) أَيْ بِظُهُورِهِ (فِي) امْرَأَةٍ (غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ وَ) غَيْرِ (ذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ) أَيْ بِوَطْئِهَا بِأَنْ أَنْكَرَ وَطْأَهَا فَتُحَدُّ وَخَرَجَ ظُهُورُهُ بِمُتَزَوِّجَةٍ وَذَاتِ سَيِّدٍ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَالْمُرَادُ بِالزَّوْجِ زَوْجٌ يَلْحَقُ بِهِ الْحَمْلُ فَخَرَجَ الصَّغِيرُ وَالْمَجْبُوبُ أَوْ أَتَتْ بِهِ كَامِلًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ فَتُحَدُّ (وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا) أَيْ مَنْ ظَهَرَ بِهَا الْحَمْلُ (الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ) تُصَدِّقُهَا فَتُحَدُّ، وَأَمَّا مَعَ قَرِينَةٍ تُصَدِّقُهَا فَيُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَلَا تُحَدُّ كَتَعَلُّقِهَا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتَكْرَاهَا عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ حُدَّتْ لَهُ وَأَوْلَى إنْ شَهِدَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بِهَا الثُّبُوتُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْحَدِّ وَأَنَّهَا ثَلَاثَةٌ رَجْمٌ وَجَلْدٌ بِلَا تَغْرِيبٍ وَجَلْدٌ بِتَغْرِيبٍ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQعُذْرًا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ ثَانِيًا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْذَرُ، إلَّا إذَا رَجَعَ لِشُبْهَةٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا إنَّمَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ لُزُومِ الصَّدَاقِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَهْرُ الْمَغْصُوبَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِوَطْئِهَا بِرُجُوعِهِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ هُرُوبَهُ فِي حَالِ الْحَدِّ يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ) اعْلَمْ أَنَّ سُقُوطَ الْحَدِّ بِالْهُرُوبِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ ثُبُوتُ الزِّنَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَمْلٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِهُرُوبِهِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبِعَهُ) أَيْ وَهُوَ عج وعبق وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْحَدِّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُرُوبُهُ قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُبَالَغَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ فِرَارَهُ فِي الْحَدِّ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ لَا رُجُوعًا مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْحَقُّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ «مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ لَمَّا هَرَبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ فَاتَّبَعُوهُ فَقَالَ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرُدُّوهُ وَرَجَمُوهُ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ أَخْبَرُوا النَّبِيَّ بِقَوْلِهِ فَقَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . إنَّ الْهَارِبَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ يُسْتَفْسَرُ، فَإِنْ كَذَّبَ إقْرَارَهُ تُرِكَ لَا إنْ كَانَ لِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ أَوْ الْأَلَمِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَا) أَيْ يَشْهَدُونَ لَهُ بِرُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ بِهَا) أَيْ وَإِذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا بِكْرٌ أَوْ رَتْقَاءُ وَنَظَرَ إلَيْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَصَدَّقَتْهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا) بَلْ وَلَا بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ رِجَالٍ بِهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِاحْتِمَالِ دُخُولِ الْبَكَارَةِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَلِلرِّجَالِ النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا يُقَيِّدُهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَسْقَطَ اللَّخْمِيُّ الْحَدَّ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ وَشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ شُبْهَةٌ كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ بِالرِّجَالِ أَسْقَطَهُ بِالنِّسَاءِ وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ شَهَادَةَ النِّسَاءِ وَقَالَ بِالْحَدِّ لَمْ يَعْتَبِرْ شَهَادَةَ الرِّجَالِ فَمَا فِي عبق وخش مِنْ اعْتِبَارِ شَهَادَةِ الرِّجَالِ بِالْبَكَارَةِ وَسُقُوطُ الْحَدِّ دُونَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فَهُوَ تَلْفِيقٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا لِشَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ) فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ عَلَّلَ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالْعُذْرَةِ بِضَعْفِ شَهَادَتِهِنَّ فَلَا تُقَاوِمُ شَهَادَةَ الرِّجَالِ يُقَالُ عَلَيْهِ شَهَادَتُهُنَّ، وَإِنْ لَمْ تُقَاوِمْ شَهَادَةَ الرِّجَالِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ تَأَمَّلْ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِمَا قُلْنَاهُ مِنْ احْتِمَالِ دُخُولِ الْبَكَارَةِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِظُهُورِهِ فِي امْرَأَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَقَوْلُهُ: غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ لَا يُعْرَفُ لَهَا مِنْ زَوْجٍ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ بِأَنْ لَا يُعْرَفَ لَهَا زَوْجٌ أَصْلًا أَوْ يُعْرَفَ لَهَا زَوْجٌ لَكِنْ لَا يَلْحَقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَاتِ سَيِّدٍ إلَخْ) أَيْ وَفِي أَمَةِ غَيْرِ ذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ. (قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ بِكَثِيرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقْبَلْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ أَوْ كَانَتْ أَمَةً وَكَانَ سَيِّدُهَا مُنْكِرًا لِوَطْئِهَا فَإِنَّهَا تُحَدُّ وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ عَلَى ذَلِكَ بِلَا قَرِينَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ وَلَا دَعْوَاهَا أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا فِي الْحَمَّامِ وَلَا مِنْ وَطْءِ جِنِّيٍّ، إلَّا لِقَرِينَةٍ مِثْلَ كَوْنِهَا عَذْرَاءَ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْعِفَّةِ. (قَوْلُهُ: كَتَعَلُّقِهَا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ أَوْ فَاسِقًا وَالْمُرَادُ بِالتَّعَلُّقِ أَنْ تَأْتِيَ مُسْتَغِيثَةً مِنْهُ أَوْ تَأْتِيَ الْبِكْرُ تُدْمِيَ عَقِبَ الْوَطْءِ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَغِثْ وَتَقُولُ أَكْرَهَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ: أَنْوَاعِ الْحَدِّ) أَيْ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الثُّبُوتِ. (قَوْلُهُ: وَجَلْدٌ بِلَا تَغْرِيبٍ) هَذَا خَاصّ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ (قَوْلُهُ: وَجَلْدٌ بِتَغْرِيبٍ) أَيْ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْبِكْرِ الْحُرِّ الذَّكَرِ

(يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ إنْ أَصَابَ) أَيْ وَطِئَ (بَعْدَهُنَّ) أَيْ بَعْدَ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهَا (بِنِكَاحٍ) مُتَعَلِّقٍ بِأَصَابَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بِسَبَبِ عَقْدٍ (لَازِمٍ) ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فَخَرَجَ مَنْ أَصَابَ بِمِلْكٍ أَوْ زِنًا وَخَرَجَ نِكَاحٌ غَيْرُ لَازِمٍ كَنِكَاحِ عَبْدٍ حُرَّةً بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَعِيبٍ وَفَاسِدٍ يُفْسَخُ أَبَدًا أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَفَسْخٍ قَبْلَ الطُّولِ (صَحَّ) أَيْ حَلَّ الْوَطْءُ خَرَجَ مَا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ عَقْدٍ لَازِمٍ وَهِيَ حَائِضٌ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا فَإِذَا زَنَى بَعْدَ جَلْدِهِ وَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِمَا ذَكَرَهُ لِشُرُوطِ الْإِحْصَانِ الْعَشَرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ إلَخْ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِهِ الِانْتِشَارُ وَعَدَمُ الْمُنَاكَرَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ بِانْتِشَارٍ بِلَا مُنَاكَرَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ الْإِحْصَانِ عَشَرَةٌ إذَا تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا لَمْ يُرْجَمْ وَهِيَ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ وَحُرِّيَّةٌ وَإِسْلَامٌ وَإِصَابَةٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ وَوَطْءٌ مُبَاحٌ بِانْتِشَارٍ وَعَدَمِ مُنَاكَرَةٍ (بِحِجَارَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجْمٍ (مُعْتَدِلَةٍ) بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (وَلَمْ يَعْرِفْ) الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ) بِالرَّجْمِ (ثُمَّ) مِنْ بَعْدِهِمْ (الْإِمَامُ) أَيْ الْحَاكِمُ ثُمَّ النَّاسُ عَقِبَهُ وَالْحَدِيثُ الدَّالُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَمَسَّك بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ (كَلَائِطٍ) وَمَلُوطٍ بِهِ فَيُرْجَمَانِ (مُطْلَقًا) أَحْصَنَا أَمْ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ يَرْجُمُهُ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْجَمَ نَفْسَهُ لِأَنَّ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْقَتْلِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ بَلْ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُقِرَّ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ غَيْرُ الْحُرِّيَّةِ فِي تَعْرِيفِ الزِّنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ إنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ وَقَوْلُهُ: يُرْجَمُ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ قِرَاءَتَهُ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ بَابِ الزِّنَا وَهِيَ لِلْمُصَاحِبَةِ أَيْ الزِّنَا مَصْحُوبٌ بِرَجْمِ الْمُكَلَّفِ وَجَلْدِ الْبِكْرِ وَتَغْرِيبِ الْحُرِّ الذَّكَرِ أَيْ هَذَا الْحُكْمُ مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَطِئَ) أَيْ إنْ حَصَلَ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا وَبَعْدَ اتِّصَافِهِ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا لَازِمًا وَكَانَ ذَلِكَ الْوَطْءُ مُبَاحًا وَعَبَّرَ بِأَصَابَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِحْصَانِ كَمَالُ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ بَلْ يَكْفِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا. (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا) هَكَذَا بِأَوْ عَلَى الصَّوَابِ لَا بِالْوَاوِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الْفَاسِدَ الَّذِي يَمْضِي بِالدُّخُولِ فَفِي الْمَوَّاقِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا يُحْصِنُ وَطْؤُهُ بِخِلَافِ الَّذِي لَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ إحْصَانٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِنِكَاحِ مَنْ أَصَابَ أَيْ قَبْلَ الزِّنَا بِمِلْكٍ أَوْ بِزِنًا أَيْ قَبْلَ زِنَاهُ ثَانِيًا وَقَوْلُهُ: وَخَرَجَ نِكَاحٌ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَازِمٌ مَنْ أَصَابَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الزِّنَا بِنِكَاحٍ غَيْرِ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: كَنِكَاحِ عَبْدٍ) أَيْ فَلَا تَكُونُ زَوْجَتُهُ مُحْصَنَةً بِوَطْئِهِ لَهَا فَإِذَا زَنَتْ لَمْ تُرْجَمْ، أَمَّا إذَا كَانَ نِكَاحُ الْعَبْدِ لِتِلْكَ الْحُرَّةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ وَوَطِئَهَا بَعْدَ إجَازَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ يَكُونُ مُحَصِّنًا لِمَوْطُوءَتِهِ الْحُرَّةِ وَالْعَبْدُ لَا يُرْجَمُ إذَا زَنَى عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَفْسَهُ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ الْحُرِّيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَمَعِيبٍ) عَطْفٌ عَلَى عَبْدٍ أَيْ كَنِكَاحِ عَبْدٍ وَنِكَاحِ شَخْصٍ مَعِيبٍ (قَوْلُهُ: وَفَاسِدٌ يُفْسَخُ أَبَدًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ خَرَجَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَنِكَاحٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ أَبَدًا أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ الْمُسْتَنِدُ لِذَلِكَ النِّكَاحِ مُحَصِّنًا لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ طُولٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ قَبْلَ طُولٍ. (قَوْلُهُ: صَحَّ) فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا زَنَى بَعْدَهُ جَلَدَهُ) أَيْ وَلَا يُرْجَمُ لِعَدَمِ حِلِّيَّةٌ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِهِ الِانْتِشَارُ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّاذِلِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِحْصَانِ مِنْ الِانْتِشَارِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِحْلَالِ بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِصَابَةٌ) أَيْ وَوَطْءٌ بَعْدَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ. (قَوْلُهُ: وَوَطْءٌ مُبَاحٌ) أَيْ وَكَوْنُ ذَلِكَ الْوَطْءِ مُبَاحًا. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ مُنَاكَرَةٍ) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِأَنْ يَعْتَرِفَا بِحُصُولِهِ لَا إنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِحُصُولِهِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ: مُعْتَدِلَةٍ بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ) أَيْ لَا بِحِجَارَةٍ عِظَامٍ خَشْيَةَ التَّشْوِيهِ وَلَا بِحَصَيَاتٍ صِغَارٍ خَشْيَةَ التَّعْذِيبِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ الرَّامِي بِلَا كُلْفَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِسُرْعَةِ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ وَيُخَصُّ بِالرَّجْمِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي هِيَ مَقَاتِلُ مِنْ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى فَوْقُ وَيُتَّقَى الْوَجْهُ وَالْفَرْجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ حُفْرَةً وَقِيلَ يُحْفَرُ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ وَقِيلَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ يُتْرَكُ إنْ هَرَبَ وَيُجَرَّدُ أَعْلَى الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَلَا يُرْبَطُ الْمَرْجُومُ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ جَمَاعَةٍ قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] فَإِنَّهُ فِي مُطْلَقِ الزَّانِي وَأَقَلُّ الطَّائِفَةِ أَرْبَعَةٌ عَلَى أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ قِيلَ لِيَشْتَهِرَ الزَّجْرُ وَقِيلَ لِيَدْعُوَا لَهُمَا بِالرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَقِيلَ لِيَشْهَدُوا بِزَوَالِ الْعِفَّةِ لِئَلَّا يُقْذَفَ الزَّانِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ بِالرَّجْمِ) أَيْ يَرْجُمُ الزَّانِي قَبْلَ الْحَاكِمِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا سُنَّةٍ مَعْمُولٍ بِهَا. (قَوْلُهُ: كَلَائِطٍ)

(وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ) كَالْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى لَائِطٍ ذَا لِوَاطٍ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَتَامِرٍ أَيْ ذِي تَمْرٍ فَيَشْمَلُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لَا اسْمَ فَاعِلٍ مِنْ لَاطَ حَتَّى يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مَعْطُوفٍ مَعَ عَاطِفِهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا وَيُزَادُ فِي الْمَفْعُولِ طَوْعُهُ وَكَوْنُ الْفَاعِلِ بِهِ بَالِغًا وَإِلَّا لَمْ يُرْجَمْ وَأُدِّبَ الْمُمَيِّزُ الطَّائِعُ أَدَبًا شَدِيدًا وَلَا يَسْقُطُ عَنْ كَافِرٍ بِإِسْلَامِهِ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ. وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَجُلِدَ) الْمُكَلَّفُ (الْبِكْرُ الْحُرُّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (مِائَةً وَتَشَطَّرَ) الْجَلْدُ (بِالرِّقِّ، وَإِنْ قَلَّ) كَمُبَعَّضٍ وَكَذَا مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ أَمَّا الْأُنْثَى فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَأَمَّا الذَّكَرُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا إذْ لَا فَرْقَ (وَتَحَصَّنَ كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (دُونَ صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ) بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا عَتَقَ وَزَوْجَتُهُ مُطِيقَةٌ غَيْرُ بَالِغٍ أَوْ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ وَأَصَابَهَا تَحَصَّنَ دُونَهَا، فَإِنْ عَتَقَتْ فَقَطْ تَحَصَّنَتْ دُونَهُ إنْ أَصَابَهَا وَهِيَ بَالِغَةٌ مُسْلِمَةٌ عَاقِلَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذَّكَرَ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ يَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمُطِيقَةِ وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَالْأُنْثَى تَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجِهَا إنْ كَانَ بَالِغًا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ مَجْنُونًا فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ تَحْصِينِ الذَّكَرِ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إطَاقَةُ مَوْطُوءَتِهِ وَشَرْطَ تَحْصِينٍ الْأُنْثَى بُلُوغُ وَاطِئِهَا فَقَطْ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ وَلَا يُقَالُ وَإِسْلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ الْمُسْلِمَةَ فَهُوَ خَارِجٌ بِالنِّكَاحِ لِلصَّحِيحِ. وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَغُرِّبَ) الْبِكْرُ (الْحُرُّ الذَّكَرُ فَقَطْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQتَشْبِيهٌ فِي الرَّجْمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمُحْصَنَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بَلْ وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا مَعَ دُخُولِهِ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ الْعَبْدَ اللَّائِطَ يُجْلَدُ خَمْسِينَ وَإِنَّ الْكَافِرَ يُرَدُّ إلَى حُكَّامِ مِلَّتِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْتَاجَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ لَائِطَ اسْمُ فَاعِلٍ قَاصِرٌ عَلَى الْفَاعِلِ فَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ وَمَلُوطٍ بِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ بَالِغَيْنِ أَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ طَائِعَيْنِ أَوْ مُكْرَهَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رَجْمِ الْفَاعِلِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا فَمَتَى كَانَ مُكَلَّفًا رُجِمَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ مُكَلَّفًا أَمْ لَا وَيُشْتَرَطُ فِي رَجْمِ الْمَفْعُولِ تَكْلِيفُهُ وَطَوْعُهُ وَكَوْنُ وَاطِئِهِ بَالِغًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَيُزَادُ فِي الْمَفْعُولِ طَوْعُهُ) أَيْ وَأَمَّا الْفَاعِلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ مَتَى كَانَ مُكَلَّفًا رُجِمَ وَلَوْ مُكْرَهًا بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ لَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ الْمُمَيِّزُ الطَّائِعُ) أَيْ اللَّائِطُ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا (قَوْلُهُ: كَحَدِّ الْفِرْيَةِ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ فَاعِلٍ يَسْقُطُ أَيْ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْكَافِرِ بِإِسْلَامِهِ حَدُّ الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ وَمَا مَاثَلَهَا فِي كَوْنِهِ حَقًّا لِمَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ كَالدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ أَيْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَأَرَادَ بِالزِّنَا الْمَعْنَى الْأَعَمَّ الشَّامِلَ لِلِّوَاطِ وَبِالْحَدِّ مَا يَشْمَلُ الْأَدَبَ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ إذَا شَرِبَ أَوْ زَنَى زِنًا غَيْرَ لِوَاطٍ إنَّمَا يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ، وَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ الْكَافَ مِنْ قَوْلِهِ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّ فَاعِلَ يَسْقُطُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الرَّجْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ الَّتِي نَقَلَهَا عبق (قَوْلُهُ: الْبِكْرُ) الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُحْصَنِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ أَصْلًا أَوْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْءٌ فِي أَمَتِهِ أَوْ فِي زَوْجَتِهِ لَكِنْ فِي حَيْضِهَا أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ وَفُسِخَ. (قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ الْكَائِنُ مِنْ أَفْرَادِ جِنْسِ الْحُرِّ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ الْحُرُّ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ. (قَوْلُهُ: بِالرِّقِّ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ الرَّقِيقُ أَوْ أُنْثَى فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا خَمْسُونَ جَلْدَةً إذَا زَنَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ الرِّقُّ فِي تِلْكَ الرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَتَقَ) أَيْ الزَّوْجُ الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ مُطِيقَةٌ) أَيْ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ مُطِيقَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَصَابَهَا) أَيْ بَعْدَ عِتْقِهِ. (قَوْلُهُ: تُحَصَّنُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَتْ أَيْ الزَّوْجَةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُكَلَّفَةُ وَقَوْلُهُ: تَحَصَّنَتْ دُونَهُ إنْ أَصَابَهَا أَيْ بَعْدَ عِتْقِهَا وَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا فَوَطْءُ الْمَجْنُونِ يُحَصِّنُ الزَّوْجَةَ الْعَاقِلَةَ كَمَا أَنَّهُ يُحِلُّهَا لِمُبِتِّهَا وَوَطْءُ الْمَجْنُونَةِ يُحَصِّنُ زَوْجَهَا الْعَاقِلَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحِلُّهَا لِمُبِتَّهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِحْلَالِ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) أَيْ حَاصِلُ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ وَطْئًا مُبَاحًا بِانْتِشَارٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَالْأُنْثَى) أَيْ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُكَلَّفَةُ (قَوْلُهُ: إطَاقَةُ مَوْطُوءَتِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْوَطْءِ مُبَاحًا إذْ وَطْءُ غَيْرِ الْمُطِيقَةِ لَيْسَ مُبَاحًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْبُلُوغُ الْمَذْكُورُ فِي الْعَشَرَةِ فَبُلُوغُ مَنْ اُعْتُبِرَ تَحْصِينُهُ كَالْمَرْأَةِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ فِي تَحْصِينِهَا مِنْ بُلُوغِهَا وَبُلُوغِ وَاطِئِهَا هَذَا وَقَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بُلُوغَ وَاطِئِهَا زَائِدٌ عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ الْمُتَقَدِّمَ فِي الشُّرُوطِ مَا يَشْمَلُ بُلُوغَ مَنْ اُعْتُبِرَ تَحْصِينُهُ وَبُلُوغَ غَيْرِهِ فَبِالنِّسْبَةِ لِتَحْصِينِ الرَّجُلِ يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ فَقَطْ وَبِالنِّسْبَةِ لِتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ يُعْتَبَرُ بُلُوغُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَغُرِّبَ الْحُرُّ الذَّكَرُ) أَيْ بَعْدَ الْجَلْدِ مِائَةً وَإِنَّمَا غُرِّبَ عُقُوبَةً لَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ

دُونَ الْعَبْدِ وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُهُ وَدُونَ الْأُنْثَى وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا (عَامًا) كَامِلًا مِنْ يَوْمِ سَجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّتِي غُرِّبَ إلَيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ سَجْنِهِ بِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ يُسْجَنُ بِهَا عَامًا وَيَكْتَفِي بِهِ عَمَّا سَيَأْتِي لَهُ (وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ أُجْرَةُ حَمْلِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَمُؤْنَتِهِ بِمَوْضِعِ سَجْنِهِ وَأُجْرَةُ الْمَوْضِعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ (كَفَدَكَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى خَيْبَرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ مَرَاحِلَ (وَخَيْبَرُ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ (مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَى مِنْ الْمَدِينَةِ إلَيْهَا (فَيُسْجَنُ سَنَةً) مِنْ حِينِ سَجْنِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ) (عَادَ) الَّذِي غُرِّبَ إلَى وَطَنِهِ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ (أُخْرِجَ) مَرَّةً (ثَانِيَةً) إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ لِإِكْمَالِ السَّنَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى، وَإِنْ عَادَ لِلزِّنَا بَعْدَ تَغْرِيبِهِ وَرُجُوعِهِ لِوَطَنِهِ أُخْرِجَ بَعْدَ جَلْدِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً إلَى الْبَلَدِ الَّتِي نُفِيَ إلَيْهَا أَوْ إلَى غَيْرِهَا، وَأَمَّا إنْ زَنَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ أَوْ زَنَى غَرِيبٌ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ تَأَنَّسَ بِأَهْلِ السِّجْنِ لِطُولِ الْإِقَامَةِ مَعَهُمْ وَتَأَنَّسَ الْغَرِيبُ بِأَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعْدَ الْجَلْدِ وَإِلَّا كَفَى السَّجْنُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُسْتَأْنَفُ لِمَنْ زَنَى فِي السِّجْنِ عَامًا وَيُلْغَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ. (وَتُؤَخَّرُ) الزَّانِيَةُ ذَاتُ الْحَيْضِ (الْمُتَزَوِّجَةُ) أَوْ السُّرِّيَّةُ بِالرَّجْمِ أَوْ الْجَلْدِ (لِحَيْضَةٍ) فَقَطْ بَعْدَ الزِّنَا خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا، فَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أُخِّرَتْ لِوَضْعِهِ وَوُجُودِ مَنْ يُرْضِعُ الطِّفْلَ وَغَيْرُ ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ لَا تُؤَخَّرُ إلَّا إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلِوَضْعِهِ وَوُجُودِ مُرْضِعٍ أَوْ مُكْثِ مَاءِ الزِّنَا فِي رَحِمِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَمْ تَرَ حَيْضًا فَتُؤَخَّرُ لِحَيْضَةٍ لِئَلَّا تَكُونَ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا وَلَا تُؤَخَّرُ الْآيِسَةُ. (وَ) اُنْتُظِرَ (بِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ) بِالْمَدِّ فَلَا يُجْلَدُ فِي بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ مُفْرِطَيْنِ خَوْفَ الْهَلَاكِ (وَأَقَامَهُ) أَيْ حَدَّ الزِّنَا رَجْمًا أَوْ جَلْدًا (الْحَاكِمُ) دُونَ غَيْرِهِ (وَ) كَذَا (السَّيِّد) فِي رَقِيقِهِ (إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ) رَقِيقُهُ الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى (بِغَيْرِ مِلْكِهِ) بِأَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِأَنْ تَزَوَّجَ بِحُرِّ أَوْ بِمَمْلُوكِ غَيْرِ السَّيِّدِ لَمْ يُقِمْهُ إلَّا الْحَاكِمُ وَمَحِلُّ إقَامَةِ الْحَاكِمِ أَوْ السَّيِّدِ الْحَدَّ إنْ ثَبَتَ الزِّنَا (بِغَيْرِ عِلْمِهِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَعَاشِهِ وَتَلْحَقُهُ الذِّلَّةُ وَمَحِلُّ تَغْرِيبِ الْحُرِّ الذَّكَرِ إذَا كَانَ مُتَوَطِّنًا فِي الْبَلَدِ الَّتِي زَنَى فِيهَا وَأَمَّا الْغَرِيبُ الَّذِي زَنَى بِفَوْرِ نُزُولِهِ بِبَلَدٍ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَيُسْجَنُ بِهَا؛ لِأَنَّ سَجْنَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي زَنَى فِيهِ تَغْرِيبٌ لَهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: غُرِّبَ أَنَّهُ لَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ تَغْرِيبَهُ نَفْسَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَلَا يَكُونُ زَجْرًا لَهُ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْعَبْدِ وَالْأُنْثَى) أَيْ فَلَا يُغَرَّبَانِ وَلَا يُسْجَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِبَلَدِ الزِّنَا؛ لِأَنَّ السَّجْنَ تَبَعٌ لِلتَّغْرِيبِ وَهُمَا لَمْ يُغَرَّبَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا) أَيْ لِمَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْ الزِّنَا بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّغْرِيبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُغَرَّبُ وَلَوْ مَعَ مَحْرَمٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ تُنْفَى الْمَرْأَةُ إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ تُسَافِرُ مَعَ جَمَاعَةِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ كَخُرُوجِ الْحَجِّ، فَإِنْ عُدِمَ جَمِيعُ ذَلِكَ سُجِنَتْ بِمَوْضِعِهَا عَامًا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّغْرِيبُ لَمْ يَسْقُطْ السَّجْنُ هَذَا كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ. (قَوْلُهُ: عَامًا كَامِلًا مِنْ يَوْمِ سَجْنِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُعْسِرٌ يُنْظَرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ وَثَمَنُ مُؤْنَتِهِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ الْأُجْرَةَ فِيمَا يَشْمَلُ ثَمَنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ أَوْ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ. (قَوْلُهُ: فَيُسْجَنُ) أَيْ بَعْدَ الْجَلْدِ سَنَةً مِنْ حِينِ سَجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُفِيَ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَذِكْرُ الْعَامِّ فِيمَا مَرَّ لَا فَائِدَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ سَجْنَهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِ التَّغْرِيبِ فَيَكُونُ التَّغْرِيبُ حِينَئِذٍ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍّ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا هُنَا أَوْ ذَكَرَ السَّجْنَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَحَذَفَ مَا هُنَا كَانَ أَنْسَبَ. (قَوْلُهُ: غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ) أَيْ سَنَةً كَامِلَةً وَأُلْغِيَ مَا مَضَى مِنْ الْأُولَى فَلَا يُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْهَا بِشَيْءِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُسْتَأْنَفُ لِمَنْ زَنَى فِي السِّجْنِ أَيْ سَوَاءٌ غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يُغَرَّبْ (قَوْلُهُ: لِحَيْضَةٍ) أَيْ إنْ مَكَثَ مَاءُ الزِّنَا بِبَطْنِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَ الزِّنَا بَلْ وَإِنْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ قَامَ بِحَقِّهِ مِنْ الْوَطْءِ بِأَنْ قَالَ يُمْكِنُ أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ يَجِبُ فِيهَا تَأْخِيرُهَا لِلْحَيْضَةِ، وَكَذَا يَجِبُ تَأْخِيرُهَا لَهَا إذَا مَكَثَ مَاءُ الزِّنَا بِبَطْنِهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَيْثُ لَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ الزِّنَا وَقَامَ بِحَقِّهِ فِي الْوَطْءِ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا لَكِنْ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ فَلَا تُؤَخَّرُ إذَا لَمْ يَمْضِ لِمَائِهِ هُوَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَانْتَقَلَ طَوْرُهُ عَنْ النُّطْفَةِ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ مَائِهِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مَاءِ الزِّنَا وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَيْضَةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَيْثُ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا (قَوْلُهُ: اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ) أَيْ وَكَذَا زَوَالُ مَرَضٍ كَنِفَاسٍ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَزَوَّجَ) أَيْ الرَّقِيقُ بِحُرٍّ أَيْ بِشَخْصٍ حُرٍّ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِحُرَّةٍ أَوْ الْأَمَةُ بِحُرٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَمْلُوكٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ تَزَوَّجَ الرَّقِيقُ بِشَخْصٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِأَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ الزَّانِيَةُ بِعَبْدٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ إقَامَةَ الْحَاكِمِ الْحَدَّ لَهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ثُبُوتُ مُوجِبِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِقَامَةُ السَّيِّدِ الْحَدَّ لَهُ شَرْطَانِ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّقِيقُ مُتَزَوِّجًا بِغَيْرِ مِلْكِهِ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُوجِبُ الْحَدِّ ثَابِتًا بِعِلْمِهِ وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَيْدٌ فِي إقَامَةِ السَّيِّدِ فَقَطْ وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عِلْمِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُوجِبُهُ وَهُوَ الزِّنَا ثَابِتًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ

أَيْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أَوْ السَّيِّدُ بِأَنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ أَوْ بِأَرْبَعَةِ عُدُولٍ لَيْسَ الْحَاكِمُ أَحَدَهُمْ إنْ أَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ إنْ أَقَامَهُ السَّيِّدُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ السَّيِّدِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالْعَكْسُ وَمِثْلُ حَدِّ الزِّنَا فِي ذَلِكَ حَدُّ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ لَا السَّرِقَةِ فَلَا يُقِيمُهَا إلَّا الْحَاكِمُ، فَإِنْ قَطَعَهُ سَيِّدُهُ أُدِّبَ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ إنَّ السَّيِّدَ لَا يُقِيمُ عَلَى رَقِيقِهِ إلَّا الْجَلْدَ دُونَ الرَّجْمِ فَالضَّمِيرُ فِي أَقَامَهُ لِلْحَدِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ وَبِقَيْدِ الْجَلْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ. (وَإِنْ) زَنَتْ ذَاتُ زَوْجٍ وَ (أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ) مِنْ زَوْجِهَا (بَعْدَ) إقَامَةِ (عِشْرِينَ سَنَةً) مَعَهُ (وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ) وَادَّعَى وَطْأَهَا فِيهَا (فَالْحَدُّ) أَيْ الرَّجْمُ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحَ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهَا عَدَمَ الْوَطْءِ وَأَنَّهَا بِكْرٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تُكَذِّبُهَا (وَعَنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فِي) (الرَّجُلِ) يُقِيمُ مَعَ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالزِّنَا فَيُنْكِرُ الْوَطْءَ (يَسْقُطُ) الرَّجْمُ عَنْهُ وَيُجْلَدُ (مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَيْ لِلْوَطْءِ (أَوْ) مَا لَمْ (يُولَدْ لَهُ) مِنْهَا أَوْ يَظْهَرُ حَمْلٌ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ رُجِمَ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْجَلْدِ وَلَا يُغْنِي جَلْدٌ عَنْ رَجْمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْخِلَافِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَأُوِّلَا) أَيْ الْمَحِلَّانِ (عَلَى الْخِلَافِ) إذْ قُبِلَ قَوْلُهُ: دُونَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ وَفَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ) إنَّمَا رُجِمَتْ الزَّوْجَةُ (لِخِلَافِ الزَّوْجِ) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ لَهَا لِأَنَّهُ ادَّعَى الْوَطْءَ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى فَقَطْ) فَقَدْ كَذَّبَهَا وَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا لَسَقَطَ عَنْهَا الرَّجْمُ كَمَا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَوْ خَالَفَتْهُ وَقَالَتْ بَلْ وَطِئَ لَرُجِمَ (أَوْ) يُوَفَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الرَّجْمُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الْأُولَى (لِأَنَّهُ يَسْكُتُ) أَيْ لِأَنَّ شَأْنَ الرَّجُلِ إذَا مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ أَنْ يَسْكُتَ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ شَأْنَهَا عَدَمُ السُّكُوتِ فَسُكُوتُهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَطَؤُهَا فَلَمْ تُصَدَّقْ فِي إنْكَارِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهَا الرَّجْمُ أَوْ يُوَفَّقْ بِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الرَّجْمُ (لِأَنَّ) الْمَسْأَلَةَ (الثَّانِيَةَ) وَهِيَ مَسْأَلَتُهُ (لَمْ تَبْلُغْ) مُدَّةُ إقَامَتِهِ مَعَهَا (عِشْرِينَ) سَنَةً فَلِذَا صَدَقَ وَلَمْ يُرْجَمْ وَلَوْ بَلَغَتْ الْمُدَّةُ عِشْرِينَ لَرُجِمَ وَلَمْ يُصَدَّقْ كَمَا أَنَّهَا رُجِمَتْ فِي مَسْأَلَتِهَا لِبُلُوغِهَا الْعِشْرِينَ وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْهَا لَسَقَطَ عَنْهَا هَذِهِ (تَأْوِيلَاتٌ) ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِعِلْمِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنَّمَا يُقِيمُهُ الْحَاكِمُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ السَّيِّدِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَكَذَا إذَا ثَبَتَ الزِّنَا عَلَى شَخْصٍ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقِيمُ الْحَاكِمُ الْحَدَّ عَلَى ذَلِكَ الزَّانِي بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ آخَرَ أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلسَّيِّدِ إذَا كَانَ لَهُ حَدُّهُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ الْحَاكِمِ يَعْنِي مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُدُولِ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ حَدِّ الزِّنَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إقَامَةِ الْحَاكِمِ أَوْ السَّيِّدِ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقِيمُهَا، إلَّا الْحَاكِمُ) أَيْ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِرَقِيقِهِمْ وَيَدَّعُونَ سَرِقَتَهُمْ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ فِيهِ تَمْثِيلٌ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْكَرَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الثَّابِتَ زَوْجِيَّتُهَا إذَا أَقَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي وَقَالَتْ مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا وَقَالَ بَلْ وَطِئْتهَا فَإِنَّهَا تُرْجَمُ؛ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِمَامِ) صَوَابُهُ أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطَالَ مُكْثُهُ مَعَهَا ثُمَّ شَهِدَتْ الْعُدُولُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَقَالَ مَا جَامَعْت زَوْجَتِي مُنْذُ تَزَوَّجْتهَا وَأَنَا الْآنَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يُرْجَمُ بَلْ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا أَوْ يَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ بَلْ قَالَ عِنْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِالزِّنَا لَمْ أَطَأْ زَوْجَتِي مُنْذُ تَزَوَّجْتهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْجَلْدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ بِوَطْئِهَا أَوْ بِظُهُورِ حَمْلِهَا بَعْدَ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ: إذْ قُبِلَ قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ قَوْلَانِ مُتَقَابِلَانِ عَامَّانِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْأَوَّلُ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِمَا وَالثَّانِي قَبُولُ قَوْلِهِمَا وَلَا يُرْجَمَانِ بَلْ يُجْلَدَانِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْخِلَافِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا رُجِمَتْ الزَّوْجَةُ فِي مَسْأَلَتِهَا لِضَعْفِ إنْكَارِهَا مُخَالَفَةَ الزَّوْجِ وَتَكْذِيبَهُ لَهَا لِأَنَّهَا تَقُولُ مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهُوَ يَقُولُ بَلْ جَامَعْتهَا وَلَمْ يُرْجَمْ الزَّوْجُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ ضَعْفِ إنْكَارِهِ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِ الزَّوْجَةِ لَهُ فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا فِي مَسْأَلَتِهَا فَإِنَّهَا لَا تُرْجَمُ وَصَارَتْ مَسْأَلَةُ الْمَرْأَةِ مُوَافِقَةً لِمَسْأَلَةِ الرَّجُلِ فِي عَدَمِ الرَّجْمِ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي مَسْأَلَتِهِ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ وَتَصِيرُ مَسْأَلَةُ الرَّجُلِ مُوَافِقَةً لِمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ فِي الرَّجْمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي مَسْأَلَتِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ فِي مَسْأَلَتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ لِزَوْجَتِهِ الشَّأْنُ أَنَّهُ يَسْكُتُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا حَصَلَ لَهَا عَدَمُ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجِهَا فَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ عَنْهُ بَلْ تُظْهِرُ ذَلِكَ وَتُبْدِيه فَسُكُوتُهَا وَعَدَمُ إبْدَائِهَا إلَى الْآنَ دَلِيلٌ عَلَى تَكْذِيبِهَا وَالْأَنْسَبُ بِالتَّأْوِيلِ قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لِأَنَّهَا لَا تَسْكُتُ أَيْ أَنَّهَا إنَّمَا رُجِمَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَسْأَلَتِهَا لِمُخَالَفَةِ الزَّوْجِ لَهَا أَوْ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ هَذِهِ الْمُدَّةَ عَنْ إبْدَاءِ عَدَمِ وَطْئِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَعَ فِيهِ تَكْذِيبٌ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ لَكِنْ حَكَمَ الْإِمَامُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ بِقَبُولِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّ الْمُدَّةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ سَنَةً وَحَكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي مَسْأَلَةِ زِنَاهَا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّ مُدَّةَ إقَامَتِهَا تَحْتَ زَوْجِهَا عِشْرُونَ سَنَةً فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ عِشْرِينَ أَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ أَقَلَّ لَاتَّفَقَ الْمَسْأَلَتَانِ فِي الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ

[باب في أحكام القذف]

أَرْبَعٌ الْأَوَّلُ بِالْخِلَافِ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ بِالْوِفَاقِ وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ فَعَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ وَعَيَّنَهُ سَحْنُونٌ فِي حُكْمِ الْأُولَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) (قَالَتْ) امْرَأَةٌ (زَنَيْت مَعَهُ فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ) وَلَا بَيِّنَةَ (أَوْ وُجِدَا) مَعًا (بِبَيْتٍ) (وَأَقَرَّا بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (وَادَّعَيَا) مَعًا (النِّكَاحَ أَوْ ادَّعَاهُ) الرَّجُلُ (فَصَدَّقَتْهُ) (هِيَ) (وَوَلِيُّهَا وَقَالَا) أَيْ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا حِينَ طُولِبَا بِالْبَيِّنَةِ (لَمْ نُشْهِدْ) أَيْ عَقْدَنَا بِلَا إشْهَادٍ (حُدَّا) إلَّا أَنْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ أَوْ يَحْصُلَ فَشْوٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيُحَدَّانِ وَلَوْ طَارِئَيْنِ مَا لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي دَرْءِ الْحَدِّ وَهُوَ الْفَشْوُ. [دَرْسٌ] (بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ) وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا فِرْيَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ، وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَذْفُ الْأَعَمُّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنًا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا ـــــــــــــــــــــــــــــQيُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَأْوِيلَاتٌ قَوْلُهُ: وَأُوِّلَا عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ بِمَثَابَةِ الْوِفَاقِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِتَأْوِيلَاتٍ كَانَ الْمَعْنَى أُوِّلَا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقُ وَتَعْدَادُ وَجْهِ الْوِفَاقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ تَأْوِيلَاتٌ لَتُوُهِّمَ أَنَّهُمَا تَأْوِيلَانِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بِالْخِلَافِ وَالثَّانِي بِالْوِفَاقِ بِأَحَدِ تِلْكَ الْأَوْجُهِ لَا بِعَيْنِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ) أَيْ لِأَنَّ مِمَّنْ قَالَ بِهِ سَحْنُونٌ وَيَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَأَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ هَلْ هُوَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَحِينَئِذٍ فَيُرْجَمَانِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ الْقَوْلُ بِقَبُولِ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرْجَمَانِ بَلْ يُجْلَدَانِ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي المج. (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَبَقَ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ فِي الْإِحْصَانِ عَدَمَ الْمُنَاكَرَةِ فِي الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَعَيَّنَهُ سَحْنُونٌ فِي حُكْمِ الْأُولَى) لَعَلَّهُ يَرَى أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الْمُنَاكَرَةِ إذَا لَمْ يُطِلْ الزَّمَانُ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ فَلَا تَضُرُّ الْمُنَاكَرَةُ فِي ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ وَانْظُرْهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْوَطْءَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَاعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَادَّعَى الزَّوْجِيَّةَ فَكَذَّبَتْهُ فِيهَا وَصُورَتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَكَذَّبَتْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ أَمَّا حَدُّهَا فَظَاهِرٌ لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَأَمَّا حَدُّهُ فَلِأَنَّهَا لَمْ تُوَافِقْهُ عَلَى النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ وَلَوْ حَصَلَ فَشْوٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق وخش. (قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَا مَعًا بِبَيْتٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي بَيْتٍ أَوْ طَرِيقٍ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا غَيْرُ طَارِئَيْنِ وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِمَوْتِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا وَلَا فَشْوَ يَقُومُ مَقَامَهَا فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، فَإِنْ حَصَلَ فَشْوٌ أَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُمَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدَّعِيَا شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ) صُورَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ ادَّعَى وَطْءَ امْرَأَةٍ وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَلَمَّا طُلِبَتْ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةُ قَالَا عَقَدْنَا النِّكَاحَ وَلَمْ نُشْهِدْ وَنَحْنُ نُشْهِدُ الْآنَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ الزَّوْجَيْنِ يُحَدَّانِ لِدُخُولِهِمَا بِلَا إشْهَادٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّالِثَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْأُولَى فَيُحَدَّانِ فِيهَا وَلَوْ طَارِئَيْنِ أَوْ حَصَلَ فَشْوٌ كَمَا فِي عبق وخش. (خَاتِمَةٌ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بَعْدَ وِلَادَةِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ بِمُفْسِدٍ لِوَطْئِهِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ لَهُ كَأَنْ قَالَ عَقَدْت عَلَيْهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ أَوْ أَنَّهَا خَامِسَةٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِحَقِّ اللَّهِ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ قَالَ النَّفْرَاوِيُّ عَلَى الرِّسَالَةِ وَحْدَهُ وَلُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ مُسْتَغْرَبٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِّ أَنَّهُ زِنًا وَمُقْتَضَى اللُّحُوقِ أَنَّهُ لَيْسَ زِنًا اُنْظُرْ المج [بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ] (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْحَصْبَاءِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَعْمَلَ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ لِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ الْحِجَارَةِ وَالْمَكَارِهِ فِي تَأْثِيرِ الرَّمْيِ بِكُلٍّ. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) أَيْ الرَّمْيُ بِالْمَكَارِهِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا يُسَمَّى قَذْفًا (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ) أَيْ وَالْقَذْفُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَذِبٌ شَرْعًا، وَإِنْ احْتَمَلَ الْمُطَابَقَةَ لِلْوَاقِعِ. (قَوْلُهُ: الْأَعَمُّ) أَيْ الصَّادِقُ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لَا يُوجِبُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ النَّاسِبَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا أَوَّلًا وَلَا حَدَّ فِي الثَّانِي وَالْغَيْرُ صَادِقٍ بِكَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَفِيفًا وَصَادِقٌ بِغَيْرِهِ وَلَا حَدَّ فِي الثَّانِي. (قَوْلُهُ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ أَنْ يَنْسُبَ الْآدَمِيُّ الْمُكَلَّفُ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: حُرًّا عَفِيفًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ الْمَنْسُوبِ حُرًّا عَفِيفًا وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ وَذَلِكَ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا نَسَبَ

أَوْ صَغِيرَةٍ تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنًا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمَا يُفِيدُ تَعْرِيفَهُ بِقَوْلِهِ (قَذْفُ) أَيْ رَمْيُ (الْمُكَلَّفِ) وَلَوْ كَافِرًا أَوْ سَكْرَانَ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَخَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا إذَا قَذَفَا غَيْرَهُمَا وَذَكَرَ مَفْعُولَ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمَقْذُوفُ بِقَوْلِهِ (حُرًّا مُسْلِمًا) لِوَقْتِ إقَامَةِ الْحَدِّ، فَإِنْ ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ تَابَ كَمَا لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ (بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ) ، وَإِنْ عَلَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّفْيُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ تَلْوِيحًا كَقَوْلِهِ لَهُ أَنَا مَعْرُوفٌ بِأَنِّي ابْنُ فُلَانٍ أَوْ إشَارَةً كَمَا يَأْتِي (لَا) عَنْ (أُمٍّ) ؛ لِأَنَّ الْأُمُومَةَ مُحَقَّقَةٌ لَا تَنْتَفِي وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ لِلْإِيذَاءِ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ يَا كَافِرُ وَأَمَّا الْأُبُوَّةُ فَثَابِتَةٌ بِالظَّنِّ وَالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَلَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ فِي نَفْيِهِ فَتَلْحَقُهُ بِذَلِكَ الْمَعَرَّةُ (وَلَا إنْ نُبِذَ) يَعْنِي الْمَنْبُوذَ إذَا نَفَى مُكَلَّفٌ نِسْبَةً لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ مُعَيَّنٍ كَلَسْت ابْنَ زَيْدٍ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ بِذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ نَفَى نَسَبَهُ مُطْلَقًا كَابْنِ الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي أَوْ ابْنِ الزِّنَا فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَنْبُوذًا أَنْ يَكُونَ ابْنَ زِنًا وَقَوْلُ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ قَالَ لِمَنْبُوذٍ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ لَمْ تُعْرَفْ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُكَلَّفُ حُرًّا عَفِيفًا بَالِغًا لِلزِّنَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَيَقْتَضِي أَنَّ النَّاسِبَ الْمَذْكُورَ يُحَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَغَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ صِدْقِهِ بِمَا إذَا نَسَبَ الْمُكَلَّفُ ذَكَرًا حُرًّا مُسْلِمًا عَفِيفًا غَيْرَ بَالِغٍ بَلْ مُطِيقٌ لِلزِّنَا فِيهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ النَّاسِبَ لَا يُحَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا أَوْ مُطِيقًا لِلزِّنَا لَكَانَ أَوْلَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ: بَالِغًا فِيمَا إذَا قَذَفَهُ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا وَقَوْلُهُ: أَوْ مُطِيقًا فِيمَا إذَا قَذَفَهُ بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ: أَوْ قَطَعَ نَسَبَ مُسْلِمٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَلَا ضَرَرَ فِي دُخُولِهَا فِي التَّعْرِيفِ لَا لِلشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ حُرٍّ بَعْدَ قَوْلِهِ مُسْلِمٍ، وَإِلَّا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا قَطَعَ نَسَبَ الْمُسْلِمِ الْعَبْدِ عَنْ أَبِيهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يُحَدُّ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، إلَّا إذَا كَانَ أَبُوهُ حُرًّا مُسْلِمًا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: الْمُكَلَّفِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَالشَّرْطُ فِي حَدِّ الْقَاذِفِ التَّكْلِيفُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) أَيْ إذَا كَانَ الْقَذْفُ صَادِرًا مِنْهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْكَافِرُ بِبِلَادِ الْحَرْبِ إذَا قَذَفَ مُسْلِمًا فِيهَا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أُسِرَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانَ) أَيْ بِسُكْرٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَابَ) أَيْ ذَلِكَ الْمَقْذُوفُ بِأَنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ) أَيْ بِزِنًا أَوْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَيُحَدُّ لَهُمَا اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرًّا مُسْلِمًا وَأُمُّهُ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ لَسْت ابْنًا لِفُلَانٍ فَقَطْ قَذَفَ فُلَانًا بِأَنَّهُ أَحْبَلَ أُمَّهُ فِي الزِّنَا قَبْلَ نِكَاحِهَا فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا، وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْحَدِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَظَرًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ أَنَّ أُمَّ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ حَمَلَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ فُلَانٍ فَيَكُونُ الْقَاذِفُ قَذَفَ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: أَوْ جَدٍّ) أَيْ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ الَّذِي هُوَ جَدُّهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَوْ قَالَ أَرَدْتُ لَسْت ابْنَهُ مِنْ صُلْبِهِ؛ لِأَنَّ بَيْنَك وَبَيْنَهُ أَبًا فَلَا يُصَدَّقُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، إلَّا لِقَرِينَةٍ تُعَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْجَدِّ كَائِنًا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، فَإِنْ نَفَاهُ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَقَوْلُ خَشٍ قَوْلُهُ: حُرًّا مُسْلِمًا مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ بْن وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: صَرِيحًا) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ لَسْت ابْنًا لِفُلَانٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَلْوِيحًا) أَيْ مُفْهِمًا لِنَفْيِ النَّسَبِ بِالْقَرَائِنِ كَالْخِصَامِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ إشَارَةً أَيْ بِعَيْنٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ يَدٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) رَاجِعٌ لِلتَّصْرِيحِ وَالتَّلْوِيحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُمُومَةَ مُحَقَّقَةٌ لَا تَنْتَفِي) أَيْ فَقَوْلُ الْقَاذِفِ لَهُ لَسْت ابْنًا لِفُلَانَةَ مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ فَلَا يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مَعَرَّةٌ بِذَلِكَ فَلِذَا لَمْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ فِي نَفْيِهِ) أَيْ لَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ كَاذِبٌ فِي نَفْيِهِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ لَيْسَ بِكَاذِبٍ فِي نَفْيِهِ عَنْهُ فَيَلْحَقُهُ بِذَلِكَ الْمَعَرَّةُ فَلِذَا حُدَّ الْقَاذِفُ. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ نُبِذَ) أَيْ وَلَا إنْ نُفِيَ نَسَبُ مَنْ نُبِذَ أَيْ طُرِحَ فَلَمْ يَدْرِ لَهُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ فَلَا يُحَدُّ وَفِيهِ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ يَنْفِيَهُ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ كَلَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا وَفِيهَا قَوْلَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمَنْبُوذِ أَنْ يَكُونَ ابْنَ زِنًا وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نُبِذَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِي أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ فَهَذَا قَذْفٌ بِزِنَا أَبَوَيْهِ لَا يَنْفِي النَّسَبَ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ اتِّفَاقًا وَعَلَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِجَهْلِ أَبَوَيْهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ لَيْسَ فِيهَا قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَكَلَامُنَا فِيهِ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق وخش، وَأَمَّا لَوْ نَفَى نَسَبَهُ مُطْلَقًا كَابْنِ الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي أَوْ ابْنِ الزِّنَا فَيُحَدُّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ قَوْلِهِ كَابْنِ الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ ابْنِ الزِّنَا وَتَعْلَمُ أَنَّ الْحَدَّ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِلْمَنْفِيِّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يُنْبَذَ وَهُوَ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ هُوَ النَّقْلُ وَلَا خِلَافَ

ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا حُدَّ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا ابْن الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي لَمْ يُحَدَّ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُهُ: إنْ نُبِذَ أَيْ مَا دَامَ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَحَدٌ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَحَدٌ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَذْفَ نَوْعَانِ قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَقَذْفٌ بِزِنًا وَأَنَّ الشُّرُوطَ ثَمَانِيَةٌ اثْنَانِ فِي الْقَاذِفِ مُطْلَقًا وَهُمَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ، وَاثْنَانِ فِي الْمَقْذُوفِ مُطْلَقًا قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ زِنًا وَهُمَا الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، وَأَرْبَعَةٌ تَخُصُّ الثَّانِيَ أَيْ الْمَقْذُوفَ بِالزِّنَا وَهِيَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْعِفَّةُ وَالْآلَةُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّانِي وَالشُّرُوطِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ زِنًا) عَطْفٌ عَلَى نَفْيِ أَيْ قَذْفِ الْمُكَلَّفِ حُرًّا مُسْلِمًا بِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ بِزِنًا (إنْ كُلِّفَ) الْمَقْذُوفُ أَيْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا أَيْ بِزِيَادَةٍ عَلَى شَرْطَيْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ (وَعَفَّ) أَيْ كَانَ عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يُوجِبُ الْحَدَّ عَنْ وَطْءٍ لَا يُوجِبُهُ، وَإِنْ أَوْجَبَ الْأَدَبَ كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ أَوْ وَطْءٍ بَيْنَ فَخِذَيْنِ أَوْ فِي دُبُرِ امْرَأَتِهِ فَشَمِلَ كَلَامُهُ صُورَتَيْنِ عَدَمَ وَطْءٍ أَصْلًا وَارْتِكَابَ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ حَدًّا فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ إذْ هُوَ عَفِيفٌ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ ارْتَكَبَ وَطْئًا يُوجِبُ الْحَدَّ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ فَلَوْ قَالَ وَعَفَّ عَنْ زِنًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (بِآلَةٍ) حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ كُلِّفَ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَقْذُوفِ مُلْتَبِسًا بِآلَةِ الزِّنَا فَمَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا أَوْ مَقْطُوعَ ذَكَرٍ بِالزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا قُطِعَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ وَرَمَاهُ بِوَقْتٍ كَانَ فِيهِ مَجْبُوبًا، فَإِنْ رَمَاهُ بِالزِّنَا قَبْلَ الْجَبِّ حُدَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَبَلَغَ) الْمَقْذُوفُ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا بِهِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: كُلِّفَ لَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (كَأَنْ بَلَغَتْ) الْمَقْذُوفَةُ (الْوَطْءَ) ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الْحَيْضَ فَيُحَدُّ قَاذِفُهَا لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهَا كَالْكَبِيرَةِ وَالذَّكَرُ الْمُطِيقُ كَهِيَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ شَرْطُهُ إطَاقَةُ الْوَطْءِ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ (أَوْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ (مَحْمُولًا) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَمِيمٌ وَالْمَحْمُولُونَ جَمَاعَةٌ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِحِرَاسَةِ مَحَلِّ كَذَا قِيلَ وَالصَّحِيحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ. (قَوْلُهُ: حُدَّ قَطْعًا) لِأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَأَنَّ الْقَائِلَ بِالْحَدِّ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْحَدِّ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عج قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش الَّذِي فِي عج وَهُوَ الْحَقُّ عَدَمُ الْحَدِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِكَوْنِ أَبَوَيْهِ غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ ابْنُ زِنًا أَوْ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الشُّرُوطَ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةَ فِي لُزُومِ حَدِّ الْقَاذِفِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قُذِفَ بِنَفْيِ نَسَبِهِ أَوْ زِنًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَقْذُوفَ بِالزِّنَا) أَيْ دُونَ الْمَقْذُوفِ بِنَفْيِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَانَ عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا) أَيْ سَالِمًا مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَفَافُ الْمَقْذُوفِ الْمُوجِبُ لِحَدِّ قَاذِفِهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ السَّلَامَةُ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ح وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِفَّةِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالزِّنَا أَوْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إذْ قَذَفَهُ بِالزِّنَا فَالْمُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الزِّنَا وَعَدَمِ الْعِفَّةِ هُوَ الْقَاذِفُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] الْآيَةَ وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ فَلَا يُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الْعَفَافِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْعَفَافِ حَتَّى يُثْبِتَ الْقَاذِفُ خِلَافَهُ، وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ أَنْ يُثْبِتَ الْعَفَافَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي النَّفْرَاوِيِّ لَا يَنْفَعُ الْقَاذِفَ عَدْلَانِ بَلْ يُحَدُّ هُوَ وَالشَّاهِدَانِ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ أَرْبَعَةٌ يَشْهَدُونَ عَلَى الْفِعْلِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَآخَرُ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لُفِّقَ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ: لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِهِ) أَيْ فَإِنْ زَنَى الشَّخْصُ بَعْدَ أَنْ قُذِفَ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ. (قَوْلُهُ: عَنْ وَطْءٍ لَا يُوجِبُهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِفَّةُ وَالسَّلَامَةُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ) أَيْ قَبْلَ الْقَذْفِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ الْحَدُّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ) أَيْ وَإِذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِالزِّنَا فَقَذَفَهُ آخَرُ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فَيُحَدُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَمَاهُ بِالزِّنَا قَبْلَ الْجَبِّ حُدَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَذْفَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ تَابِعٌ لِحَدِّهِ كَمَا سَبَقَ فَإِذَا رَمَاهُ شَخْصٌ بِالزِّنَا بِفَرْجِهِ الذَّكَرِ أَوْ فِي فَرْجِهِ الَّذِي لِلنِّسَاءِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِمَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَمَاهُ بِأَنَّهُ أُتِيَ فِي دُبُرِهِ حُدَّ رَامِيهِ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِ حُدَّ حَدَّ الزِّنَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى فَيَكُونُ إتْيَانُهُ كَإِتْيَانِ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ لِأَجْلِ دَرْءِ حَدِّ اللِّوَاطِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِالشُّبْهَةِ وَلَا يُحَدُّ حَدَّ اللِّوَاطِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا بِهِ) الْأَوْلَى حَذَفَ قَوْلِهِ أَوْ مَفْعُولًا بِهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَ فَاعِلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا كَانَ مَفْعُولًا فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ بَلْ إطَاقَتُهُ الْوَطْءَ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: كُلِّفَ) أَيْ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ يَسْتَلْزِمُ الْبُلُوغَ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ) أَيْ الْمَقْذُوفَ بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا بِهِ وَقَوْلُهُ: شَرْطُهُ أَيْ شَرْطُ حَدِّ قَاذِفِهِ إطَاقَةُ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ لِلْوَطْءِ سَوَاءٌ قُذِفَ بِزِنًا أَوْ لِوَاطٍ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا فَشَرْطُ حَدِّ قَاذِفِهِ بُلُوغُ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ سَوَاءٌ قُذِفَ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا لِلزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ. (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَ الْمَحْمُولُ هُوَ الْمَسْبِيُّ وَأَمَّا الْمَجْهُولُ النَّسَبُ فَهُوَ

أَنَّهُمْ الْمَسْبِيُّونَ فَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ بِزِنًا أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ حُدَّ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " كَانَ " مَعْطُوفٌ عَلَى بَلَغَتْ (وَإِنْ) (مُلَاعَنَةً وَابْنَهَا) فَمَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا أَوْ قَذَفَ ابْنَهَا بِنَفْيِ نَسَبٍ حُدَّ فَقَوْلُهُ: مُلَاعَنَةً رَاجِعٌ لِقَذْفِ الزِّنَا وَقَوْلُهُ: وَوَلَدَهَا رَاجِعٌ لِنَفْيِ النَّسَبِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَلَمْ يَجْعَلُوا اللِّعَانَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ (أَوْ) (عَرَّضَ) بِالْقَذْفِ (غَيْرُ أَبٍ) فَيُحَدُّ (إنْ أَفْهَمَ) تَعْرِيضُهُ الْقَذْفَ بِالْقَرَائِنِ كَالْخِصَامِ كَأَنْ يَقُولَ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ أَوْ أَنَا مَعْرُوفُ الْأَبِ وَأَمَّا تَعْرِيضُ الْأَبِ لِابْنِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْجَدِّ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَأَمَّا تَصْرِيحُهُ بِالْقَذْفِ لِابْنِهِ فَيُحَدُّ عَلَى مَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفَسَقَ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا. (يُوجِبُ) الْقَذْفُ الْمَذْكُورُ (ثَمَانِينَ جَلْدَةً) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ قَالَ تَعَالَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] (وَإِنْ) (كَرَّرَ) الْقَذْفَ مِرَارًا (لِوَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ) فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَلْدُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ وَلَا بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفِ وَصُورَتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ أَنْ يَقُولَ كُلُّكُمْ زَانٍ أَوْ قَالَ لَهُمْ يَا زُنَاةُ أَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ يَا زَانِي أَوْ فُلَانٌ زَانٍ وَفُلَانٌ زَانٍ (إلَّا) أَنْ يُكَرِّرَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَدِّ فَيُعَادُ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ فِي تَكْرَارِهِ بَعْدَ الْحَدِّ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَغَيْرِهِ كَأَنْ يَقُولَ مَا كَذَبْت أَوْ لَقَدْ صَدَقْت فِيمَا قُلْتُ، فَإِنْ كَرَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْجَلْدِ أُلْغِيَ مَا مَضَى وَابْتُدِئَ الْعَدَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ قَلِيلًا فَيُكَمِّلُ الْأَوَّلَ ثُمَّ يَبْتَدِئُ الثَّانِيَ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ (وَ) يُوجِبُ (نِصْفَهُ عَلَى) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعَمُّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الْمَسْبِيَّ وَالْمَنْبُوذَ وَالْغَرِيبَ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْجَمِيعِ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّهُ إنْ نَفَى شَخْصٌ وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَفَاهُ عَنْ أَبٍ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا؛ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ مِنْ التَّوَارُثِ بِالنَّسَبِ لِجَهْلِنَا بِآبَائِهِمْ لَا؛ لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ زِنًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَنْسَابَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ وَلَا يَتَوَارَثُونَ بِهَا وَأَمَّا إذَا رَمَى وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ بِالزِّنَا فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ اتِّفَاقًا إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ أَيْ عَنْ أَبٍ مُطْلَقًا لَا عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا لِأَنَّ شَرْطَ حَدِّ الْقَاذِفِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُلَاعَنَةً) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ زِنًا فَالْمَعْنَى قَذَفَ الْمُكَلَّفُ حُرًّا مُسْلِمًا بِزِنًا يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِالزِّنَا غَيْرَ مُلَاعَنَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مُلَاعَنَةً. (قَوْلُهُ: وَابْنَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِنَفْيِ النَّسَبِ لَيْسَ ابْنَ مُلَاعَنَةٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ ابْنَهَا. (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا حُدَّ) مَحَلُّ حَدِّ قَاذِفِ الْمُلَاعَنَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ أَوْ كَانَ زَوْجًا وَقَذَفَهَا بِغَيْرِ مَا لَاعَنَهَا بِهِ وَأَمَّا لَوْ قَذَفَهَا وَلَوْ بَعْدَ اللِّعَانِ بِمَا لَاعَنَهَا بِهِ فَلَا يُحَدُّ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَذَفَ ابْنَهَا بِنَفْيِ النَّسَبِ) أَيْ عَنْ أَبِيهِ الَّذِي لَاعَنَهَا فِيهِ وَإِنَّمَا حُدَّ الْقَاذِفُ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ أَبِيهِ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَا مَنْفِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْمُلَاعَنَةِ أَوْ يَا ابْنَ مَنْ لُوعِنَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: لَا أَبَ لَك، حُدَّ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ لَا الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ أَبُوك نَفَاك إلَى لِعَانِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا، وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَا مَنْفِيَّ حُدَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّضَ بِالْقَذْفِ) أَيْ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَنَفْيُ النَّسَبِ عَنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أَبٍ) أَيْ وَلَوْ زَوْجًا عَرَّضَ بِزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ) أَيْ أَوْ لَسْت بِلَائِطٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْأَبِ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ الْوَالِدِ. (قَوْلُهُ: الشَّامِلُ لِلْجَدِّ) أَيْ وَلِلْجَدَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ وَلَا أَدَبَ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ فِي التَّصْرِيحِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي التَّعْرِيضِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرَّرَ الْقَذْفَ مِرَارًا لِوَاحِدٍ) أَيْ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَانَ الْقَذْفُ الْمُكَرَّرُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ قُذِفَ قَذْفَانِ لِوَاحِدٍ فَحُدَّ وَاحِدٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَا قَذَفَ سَوَاءٌ كَانَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ جَمَاعَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الْقَذْفُ لِجَمَاعَةٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى كَرَّرَ وَسَوَاءٌ قَذَفَهُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَلْدُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً فِي مَجْلِسٍ أَوْ مُفْتَرِقِينَ فِي مَجَالِسَ شَتَّى فَعَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ، فَإِنْ قَامَ بِهِ أَحَدُهُمْ وَضُرِبَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَنْ قَذَفَ سَوَاءٌ كَانَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ) أَيْ وَصُورَةُ الْقَذْفِ لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا لَمْ يَقْذِفْ الْجَمِيعَ بَلْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا إذَا قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَرَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْجَلْدِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِهِ أُلْغِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَرَّرَ الْقَذْفَ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْجَلْدِ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي مِنْ الْجَلْدِ قَلِيلًا فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ يُبْتَدَأُ بِالثَّانِي. (تَنْبِيهٌ) لَا يَنْدَرِجُ حَدُّ الْقَذْفِ فِي قَتْلٍ لِرِدَّةٍ كَمَا مَرَّ وَلَا فِي قَتْلٍ لِغَيْرِهَا كَحِرَابَةٍ أَوْ زِنَا مُحْصَنٍ أَوْ قِصَاصٍ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ

(الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذَا قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا فَيُجْلَدُ أَرْبَعِينَ، وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِيَغِ الْقَذْفِ وَهِيَ قِسْمَانِ تَعْرِيضٌ وَتَصْرِيحٌ وَذَكَرَ الْأَوَّلَ فَقَالَ (كَلَسْتُ بِزَانٍ أَوْ) قَالَ لَهُ (زَنَتْ عَيْنُك) أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك وَوَجْهُ التَّعْرِيضِ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَذَّةَ الْوَطْءِ تَحْصُلُ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ فَإِذَا قَالَ زَنَتْ عَيْنُك مَثَلًا لَزِمَ مِنْهُ التَّعْرِيضُ بِزِنَا الْفَرْجِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ زَنَتْ عَيْنُك لَا فَرْجُك أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ أَنَّهُ أَرْسَلَ نَاظِرَهُ فَقَطْ لَمْ يُحَدَّ (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت (مُكْرَهَةً) فَيُحَدُّ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ لَاعَنَ وَإِلَّا حُدَّ (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَنَا أَوْ أَنْتَ (عَفِيفُ الْفَرْجِ) ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْفَرْجِ أُدِّبَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (لِعَرَبِيٍّ) حُرٍّ مُسْلِمٍ (مَا أَنْت بِحُرٍّ) ؛ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ (أَوْ) قَالَ لِعَرَبِيٍّ (يَا رُومِيُّ) أَوْ يَا فَارِسِيُّ وَنَحْوَ ذَلِكَ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ، وَإِنْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْعَجَمِيَّةُ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِأَعْجَمِيٍّ يَا عَرَبِيُّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ الْخِصَالِ مِنْ الْجُودِ وَالشَّجَاعَةِ (كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ) فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الشَّفَقَةَ وَالْحَنَانَ أَيْ كَابْنِهِ فِي الشَّفَقَةِ (بِخِلَافِ) نَسَبِهِ إلَى (جَدِّهِ) لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا عَلَى أَنَّ شَأْنَ الْجَدِّ لَا يَزْنِي فِي حَلِيلَةِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ (وَكَأَنْ) (قَالَ) فِي حَقِّ نَفْسِهِ (أَنَا نَغِلٌ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَاسِدُ النَّسَبِ (أَوْ) قَالَ أَنَا (وَلَدُ زِنًا) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَكَذَا إذَا قَالَهُ مُعَرِّضًا بِغَيْرِهِ فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ وَلَوْ عَفَا هُوَ لَكِنْ لَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْرِيضِ إلَّا إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ التَّصْرِيحِ وَكَذَا لَوْ خَاطَبَ بِهِ الْغَيْرَ بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا نَغِلُ أَوْ يَا وَلَدَ الزِّنَا. (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ (كَيَا قَحْبَةُ) أَيْ يَا قَحْبَةُ وَنَحْوَهُ كَيَا عَاهِرُ وَيَا فَاجِرَةُ (أَوْ قَرْنَانُ) وَهُوَ الَّذِي يَقْرُنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمَقْذُوفِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا هُوَ الْمَقْذُوفُ فَيُحَدُّ لَهُ قَاذِفُهُ ثُمَّ يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) سَوَاءٌ كَانَ خَالِصَ الرِّقِّيَّةِ أَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَإِنْ قَلَّ رِقُّهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ) أَيْ فَالْمَدَارُ فِي جَلْدِهِ أَرْبَعِينَ عَلَى رِقِّيَّتِهِ حِينَ الْقَذْفِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُلِدَ أَوْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ فَتَحْرِيرُهُ لَا يَنْقُلُهُ لِحَدِّ الْحُرِّ كَمَا أَنَّ تَحْرِيرَ الْأَمَةِ بَعْدَ حُصُولِ مُوجِبِ عِدَّتِهَا لَا يَنْقُلُهَا لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ أَمَّا إنْ قَذَفَهُ وَهُوَ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حِينَ الْقَذْفِ كَانَ حُرًّا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ: أَوْ زَنَتْ عَيْنُك) أَيْ الْعُضْوُ الْمَخْصُوصُ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بِالْعَيْنِ الذَّاتَ بِتَمَامِهَا كَانَ هَذَا مِنْ التَّصْرِيحِ كَزَنَى فَرْجُك وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحَدِّ إذَا قَالَ لَهُ زَنَتْ عَيْنُك أَيْ أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ أَضَافَ الزِّنَا لِلْأَعْضَاءِ مَعَ احْتِمَالِ تَصْدِيقِ الْفَرْجِ لِذَلِكَ وَتَكْذِيبِهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُنْظُرْ المج. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت مُكْرَهَةً) أَيْ وَكَذَّبَتْهُ. (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لِلزِّنَا أَوْ لَمْ تَقُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ قَوْلَهُ أَنْتِ زَنَيْت عُدَّ قَوْلُهُ: مُكْرَهَةً مِنْ بَابِ التَّعْقِيبِ بِرَفْعِ الْوَاقِعِ فَلَا يُعْتَبَرُ، فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ الِاعْتِذَارُ عَنْهَا لَمْ يُحَدَّ، فَإِنْ قَدَّمَ الْإِكْرَاهَ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْت أُكْرِهْت عَلَى الزِّنَا حُدَّ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لِلزِّنَا، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِشَيْءٍ أَوْ قَامَتْ بِالِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حُدَّ) أَيْ مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْفَرْجِ أُدِّبَ) أَيْ لِكَثْرَةِ جِهَاتِ الْعِفَّةِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَذْفِ أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ فِي الْقَذْفِ، وَإِلَّا حُدَّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ) أَيْ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ صِحَّةِ الرِّقِّيَّةِ فِي الْعَرَبِ وَأَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُودِ مِنْ صِحَّةِ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ مِنْ صِيَغِ الْقَذْفِ سِوَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانٍ لَا يُسْتَرَقُّ فِيهِ الْعَرَبُ وَالْقَذْفُ مِمَّا يُرَاعَى فِيهِ الْعُرْفُ بِحَسَبِ كُلِّ زَمَنٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ) أَيْ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً سَوَاءٌ كَانُوا عَرَبَ عَرْبَاءَ أَوْ مُسْتَعْرِبَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ الْخِصَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ وَصْفُهُ بِصِفَاتِ الْعَرَبِ وَخِصَالِهَا الْمَحْمُودَةِ مِنْ الْجُودِ وَالشَّجَاعَةِ لَا قَطْعُ نَسَبِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ) أَيْ بِنِسْبَتِهِ لِعِلْمِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَسَبِهِ إلَى جَدِّهِ) أَيْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا نَسَبَهُ لِجَدِّهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ. ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَذْفَ مِثْلَ أَنْ يَتَّهِمَ الْجَدَّ بِأُمِّ ذَلِكَ الْوَلَدِ الْمَقْذُوفِ، وَإِلَّا حُدَّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ) أَيْ فَلِأُمِّ الْمُعَرَّضِ بِهِ الْقِيَامُ وَلَوْ عَفَا هُوَ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ حُدَّ لِأُمِّ الْمُعَرَّضِ بِهِ وَعُوقِبَ لِلْمُعَرَّضِ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا عَلَى جِهَةِ الْخِطَابِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ يَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ كَيَا قَحْبَةُ) أَيْ فَيُحَدُّ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ إذَا قَالَ شَيْئًا مِنْهَا لِامْرَأَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ وَكَذَا إذَا قَالَهَا لِأَمْرَدَ وَأَمَّا إنْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ كَبِيرٍ نُظِرَ لِلْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ رَمْيَةٌ بِالِابْنَةِ حُدَّ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا اسْتَحْسَنَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: كَيَا قَحْبَةُ) الْمُرَادُ بِهَا الزَّانِيَةُ وَالْقَحْبُ فِي الْأَصْلِ فَسَادُ الْجَوْفِ أَوْ السُّعَالُ أُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى الزَّانِيَةِ -

بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي زَوْجَتِهِ فَالْقِيَامُ بِالْحَدِّ لِزَوْجَتِهِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ) ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ لِلزِّنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْبَاغِيَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا أَرَادَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ عِنْدَهَا لِذَلِكَ (أَوْ) قَالَ لَهُ يَا ابْنَ (ذَاتِ الرَّايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ لِأُمِّهِ بِالزِّنَا وَقَدْ كَانَتْ الْعَاهِرُ تَجْعَلُ عَلَى بَابِهَا رَايَةً عَلَامَةً لِلنُّزُولِ عِنْدَهَا (أَوْ) قَالَ فِي امْرَأَةٍ (فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا) جَمْعُ عُكْنَةٍ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَهِيَ طَيَّاتُ الْبَطْنِ (لَا) يُحَدُّ (إنْ نَسَبَ) أَيْ أَسْنَدَ وَأَضَافَ (جِنْسًا لِغَيْرِهِ) الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ أَوْ الْقَبِيلَةُ (وَلَوْ) جِنْسًا (أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ) أَوْ عَكْسَهُ وَالْمُرَادُ أَنْ يُنْسَبَ فَرْدًا مِنْ جِنْسٍ لِجِنْسٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ لِرُومِيٍّ يَا زِنْجِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ وَعَكْسِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْمَنْسُوبُ لِغَيْرِهِ (مِنْ الْعَرَبِ) ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ حُدَّ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْعَرَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهُمْ مَحْفُوظَةٌ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَجْنَاسِ (أَوْ قَالَ مَوْلًى) أَيْ مُعْتَقٌ بِالْفَتْحِ (لِغَيْرِهِ أَنَا خَيْرٌ) مِنْك فَلَا حَدَّ لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ دَلَالَةٌ عَلَى خَيْرِيَّةِ النَّسَبِ فَيُحَدُّ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك نَسَبًا (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَوْ لَا (مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ) فَلَا حَدَّ لِأَنَّ الْقَصْدَ نَفْيُ الشَّرَفِ إلَّا لِقَرِينَةِ نَفْيِ النَّسَبِ فَيُحَدُّ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا لَا حَدَّ فِيهِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ضَابِطُ هَذَا الْبَابِ الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ فَمَتَى فُقِدَا حَلَفَ وَمَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ وَذَاتِ الرَّايَةِ لَا يُوجِبُ حَدًّا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهَا تَرْمُزُ لِأَصْحَابِهَا بِالْقَحْبِ الَّذِي هُوَ السُّعَالُ. (قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَالْقِيَامُ بِالْحَدِّ لِزَوْجَتِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِفِعْلِهَا الْفَاحِشَةَ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَدْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْأَمْرُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْآنَ كَالْقَصِيرِ. (قَوْلُهُ: لِلنُّزُولِ) أَيْ لِأَجْلِ النُّزُولِ عِنْدَهَا بِالْفِعْلِ بِهَا. (قَوْلُهُ: فِي امْرَأَةٍ) أَيْ فِي حَقِّ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: فَعَلْت بِهَا فِي عُكَنِهَا) أَيْ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ التَّعْرِيضِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي شُهُودِ الزِّنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ رَأَيْنَاهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ حُدُّوا حَيْثُ قَالَ الرَّابِعُ رَأَيْته يُجَامِعُهَا فِي عُكَنِهَا أَوْ طَيَّاتِ بَطْنِهَا أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَعُوقِبَ ذَلِكَ الرَّابِعُ فَقَطْ لِحَمْلِ مَا هُنَا مِنْ حَدِّهِ عَلَى مَا إذَا قَالَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ فَإِنَّ هَذَا قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الرَّمْيِ بِالزِّنَا، فَإِنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ عُوقِبَ فَقَطْ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَمَا تَحْتَهُ كَالْعَرَبِ وَالرُّومِ وَالْبَرْبَرِ وَالزِّنْجِ أَصْنَافٌ أَوْ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الْجِنْسُ الْعُرْفِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي عُرْفِ النَّاسِ لِكُلِّ صِنْفٍ جِنْسٌ فَيُقَالُ الرُّومُ جِنْسٌ وَالْبَرْبَرُ جِنْسٌ وَالْمَغَارِبَةُ جِنْسٌ وَهَكَذَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ) أَيْ هَذَا إذَا نَسَبَ جِنْسًا أَبْيَضَ لِأَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ لِأَسْوَدَ بَلْ وَلَوْ نَسَبَ جِنْسًا أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ وَعَكْسَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنْ يَنْسُبَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ وَالْأَصْلُ لَا إنْ نَسَبَ ذَا جِنْسٍ لِغَيْرِهِ أَيْ صَاحِبَ جِنْسٍ وَهُوَ الْفَرْدُ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ نَسَبَ جِنْسًا لِجِنْسٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ: الرُّومُ بَرْبَرٌ أَوْ الْفُرْسُ رُومٌ أَوْ بَرْبَرٌ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْعَرَبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَنْسُوبِ وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مِنْ الْعَرَبِ كَمَا لَوْ نَسَبَ فَرْدًا مِنْ قَبِيلَةٍ مِنْ الْعَرَبِ لِقَبِيلَةٍ أُخْرَى مِنْهُمْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَبَهُ لِأَعْلَى مِنْ قَبِيلَتِهِ، إلَّا إذَا كَانَ الْعُلُوُّ فِي الشَّرَفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ حُدَّ) أَيْ فَإِذَا نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ حُدَّ وَلَوْ تَسَاوَيَا لَوْنًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ لِلْعَرَبِيِّ: يَا رُومِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ، أَيْ فِي الْبَيَاضِ أَوْ السَّوَادِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِ) أَيْ حَيْثُ حُدَّ مَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِ قَبِيلَتِهِ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمْ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُحَدَّ مَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهُمْ مَحْفُوظَةٌ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَعْتَنُونَ بِمَعْرِفَتِهَا حَتَّى جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ سَجِيَّةً فِيهِمْ فَتَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَعُدُّ مِنْ الْآبَاءِ الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ فَمَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمَعْرِفَةِ نَسَبِهِ فَإِذَا نُسِبَ لِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ فَلَا يُحَدُّ نَاسِبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ قَطَعَهُ عَنْ نَسَبِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا نَسَبَهُ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ مَوْلَى إلَخْ) ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ أَنَا خَيْرٌ مِنْك فَقَوْلَانِ اهـ التَّوْضِيحُ لَوْ قَالَ ابْنُ عَمٍّ لِابْنِ عَمِّهِ أَنَا خَيْرٌ مِنْك أَوْ قَالَ ذَلِكَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ فَقَوْلَانِ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا ابْنُ شَعْبَانَ وَاخْتَارَ وُجُوبَ الْحَدِّ فِيهِمَا وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ قَدْ تَكُونُ فِي الدِّينِ أَوْ فِي الْخَلْقِ أَوْ الْخُلُقِ أَوْ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَدُلَّ الْبِسَاطُ عَلَى إرَادَةِ النَّسَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَيْرِيَّةَ تَصْدُقُ بِالْخَيْرِيَّةِ فِي الدِّينِ أَوْ الْخَلْقِ أَوْ الْخُلُقِ أَوْ الْمَجْمُوعِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ) أَيْ لِأَنَّهُ قَذَفَ الْمُخَاطَبَ بِأَنَّ نَسَبَهُ لَا خَيْرَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ابْنَ زِنًا. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَرَبِيًّا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ نَفْيُ الشَّرَفِ) أَيْ لِأَنَّ الْعُرْفَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي ذَمِّ الْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا لَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ كَقَوْلِ الْمُوَلَّدِ لِغَيْرِهِ أَنَا خَيْرٌ مِنْك أَوْ نَسَبِ فَرْدِ جِنْسٍ لِجِنْسٍ آخَرَ فَمَتَى قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نَفْيُ النَّسَبِ حُدَّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الْآتِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ الْفَاجِرَةِ أَوْ يَا حِمَارٌ أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ فَمَتَى قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ الْقَذْفُ حُدَّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْقَذْفَ وَلَا يُحَدُّ

وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَهَرَ مَا لَا يُوجِبُ حَدًّا الْآنَ فِي الْقَذْفِ أَوْجَبَ الْحَدَّ. (أَوْ) (قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ) أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ فَلَا حَدَّ وَلَوْ قَامُوا كُلُّهُمْ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَعَرَّةِ وَهَذَا إذَا كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ كَأَنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَيْنِ حُدَّ إنْ قَامُوا أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَ (وَحُدَّ فِي مَأْبُونٍ إنْ كَانَ) الْمَقُولُ لَهُ (لَا يَتَأَنَّثُ) أَيْ لَا يَتَكَسَّرُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ أَنَّهُ يُحَدُّ مُطْلَقًا (وَ) حُدَّ (فِي) قَوْلِهِ لِآخَرَ (يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ) أَوْ الْيَهُودِيِّ أَوْ الْكَافِرِ (أَوْ) يَا ابْنَ (الْأَزْرَقِ) أَوْ الْأَحْمَرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ) مَنْ هُوَ (كَذَلِكَ) ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُحَدَّ وَالْعُرْفُ الْآنَ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّشْدِيدُ فِي الشَّتْمِ (وَ) حُدَّ (فِي) قَوْلِهِ لِآخَرَ (مُخَنَّثٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ يَتَكَسَّرُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَالنِّسَاءِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّهُ الْعُرْفُ بِمَنْ يُؤْتَى كَمَا هُوَ الْآنَ وَإِلَّا حُدَّ مُطْلَقًا. (وَأُدِّبَ فِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ الْفَاجِرَةِ) ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّنَا، وَالْفُجُورُ كَثْرَةُ الْفِسْقِ وَقُبِلَ كَثْرَةُ الْكَذِبِ لَكِنْ هَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَيَا قَحْبَةُ مِنْ أَنَّ: يَا فَاجِرَةُ مِثْلُهُ إلَى أَنْ يُحْمَلَ مَا مَرَّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ الْقَذْفَ (أَوْ يَا حِمَارُ) أَوْ (يَا ابْنَ الْحِمَارِ) فَيُؤَدَّبُ (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ (أَنَا عَفِيفٌ) أَوْ مَا أَنْتَ بِعَفِيفٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّ الْعِفَّةَ تَكُونُ فِي الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةُ إرَادَةِ الْفَرْجِ فَيُحَدُّ (أَوْ إنَّكِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَكَسْرِ الْكَافِ (عَفِيفَةٌ) فَيُؤَدَّبُ (أَوْ) قَالَ لَهُ (يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرُ) فَيُؤَدَّبُ إلَّا لِقَرِينَةِ إرَادَةِ الزِّنَا وَكَذَا يُؤَدَّبُ فِي نَحْوِ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا كَافِرُ أَوْ يَا يَهُودِيُّ (وَإِنْ) (قَالَتْ) امْرَأَةٌ (بِك جَوَابًا لَزَنَيْت) أَيْ لِقَوْلِ رَجُلٍ لَهَا أَنْتِ زَنَيْت ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ إلَخْ) أَيْ مِثْلُ عِلْقٍ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ الشَّيْءُ النَّفِيسُ وَاشْتُهِرَ الْآنَ فِي الْقَذْفِ بِالْمَفْعُولِيَّةِ فَفِيهِ الْحَدُّ وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهَا قَذْفًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَامُوا كُلُّهُمْ) ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَرَادَهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، إلَّا بِبَيَانِ أَنَّهُ أَرَادَهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْحَدِّ وَلَوْ قَامُوا هُوَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا قَامُوا كُلُّهُمْ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ قَالَهُ لِأَحَدِهِمْ فَلَا حُجَّةَ لَهُ إذَا قَامَ بِهِ كُلُّهُمْ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَعَرَّةِ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ إذْ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ وَالْحَدُّ إنَّمَا هُوَ لِلْمَعَرَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَعَفَا الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ وَالْحَالُ أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ عَفَا لَمْ يُحَدَّ لِسُقُوطِ حَقِّ الْبَاقِي بِعَفْوِهِ وَسُقُوطِ حَقِّ الْقَائِمِ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَائِمَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ وَمِثْلُ مَا إذَا قَالَ لِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ أَوْ لَا أَبَ لَهُ مَا إذَا قَالَ لِذِي زَوْجَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ يَا زَوْجَ الزَّانِيَةِ وَقَامَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَقَدْ عَفَتْ الْأُخْرَى وَلَمْ يَحْلِفْ مَا أَرَادَ الْقَائِمَةَ فَيُحَدُّ، فَإِنْ حَلَفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَةَ فَلَا حَدَّ لِسُقُوطِ حَقِّ الْبَاقِيَةِ بِعَفْوِهَا وَسُقُوطُ حَقِّ الْقَائِمَةِ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَائِمَةَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِإِنْ كَانَ يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ لَمْ يُحَدَّ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُحَدُّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ أَوْ لَا وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ بَلْ لَا وُجُودَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ: وَحُدَّ فِي قَوْلِهِ لِآخَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْآخَرُ عَرَبِيًّا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) كَيَا ابْنَ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَعْوَرِ أَوْ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَسَبُ أُمِّهِ لِلزِّنَا وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا ثَبَتَ خِلَافُ ذَلِكَ أَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَمْ يُحَدَّ) أَيْ فَإِنْ ثَبَتَ وُجُودُ أَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ الْقَائِلُ فَالنَّافِي لِلْحَدِّ إنَّمَا هُوَ الثُّبُوتُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ التَّشْدِيدُ فِي الشَّتْمِ أَوْ فِي الذَّمِّ وَالتَّوْبِيخِ وَلَمْ تَشْتَهِرْ عُرْفًا فِي الْقَذْفِ بِنَفْيِ النَّسَبِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ لِذَلِكَ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَلَفَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ قَحْبَةٍ فِي لُزُومِ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا مَرَّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ الْقَذْفَ) أَيْ وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ) أَيْ وَيَا خِنْزِيرُ أَوْ يَا ابْنَ الْخِنْزِيرِ أَوْ يَا كَلْبُ أَوْ يَا ابْنَ الْكَلْبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا عَفِيفٌ أَوْ مَا أَنْتَ بِعَفِيفٍ) أَيْ إذَا قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَةٍ وَأَمَّا إنْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حُدَّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَقَوْلُ عبق أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ فِيهِ نَظَرٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بِدُونِ ذِكْرِ الْفَرْجِ) أَيْ فَيُؤَدَّبُ وَلَوْ فِي مُشَاتَمَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِفَّةَ تَكُونُ فِي الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْمَطْعَمِ وَنَحْوِهِ فَلَمَّا أُسْقِطَ الْفَرْجُ احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَالْفَرْجِ وَلَمْ يَكُنْ نَصًّا فِي الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَا فَاسِقُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِالْفِسْقِ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ عَنْ الطَّاعَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةِ إرَادَةِ الزِّنَا) أَيْ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ يَا فَاجِرُ بِفُلَانَةَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا قَرِينَةُ الْقَذْفِ، إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْفَاحِشَةِ كَمَطْلِهِ بِحَقِّ امْرَأَةٍ أَوْ جَحَدَ حَقَّهَا فَقَالَ لَهُ يَا فَاجِرُ بِفُلَانَةَ أَتُرِيدُ أَنْ تَفْجُرَ عَلَيَّ أَيْضًا؟ ، فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ فَاحِشَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ زَادَ اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَا يَهُودِيُّ) أَيْ أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَةٌ) أَيْ أَجْنَبِيَّةٌ أَيْ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا قَالَ لَهَا أَنْت زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ لَهُ زَنَيْت بِك فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهَا قَدْ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَالْخِلَافُ فِي الزَّوْجِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ، إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ وَقَالَ عِيسَى لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ كَذَا

(حُدَّتْ) حَدَّيْنِ لِلزِّنَا لِتَصْدِيقِهَا لَهُ وَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهَا مَا لَمْ تَرْجِعْ عَنْهُ (وَالْقَذْفِ) لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّهَا قَذَفَتْهُ بِقَوْلِهَا بِك (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَقْذُوفِ حَدُّ (أَبِيهِ) وَأُمِّهِ الْقَاذِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ (وَفَسَقَ) بِحَدِّهِ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ وَكَذَا إذَا وَجَبَ لَهُ قِبَلَ أَبِيهِ يَمِينٌ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا لَا يُقَالُ إبَاحَةُ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ تَقْتَضِي عَدَمَ الْمَعْصِيَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ فَاسِقًا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَفْسِيقِهِ كَوْنُهُ عَنْ مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّفْسِيقِ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَهُوَ قَدْ يَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ. (وَ) لِلْمَقْذُوفِ (الْقِيَامُ بِهِ) أَيْ بِحَدِّ قَاذِفِهِ (وَإِنْ عَلِمَهُ) أَيْ مَا رَمَى بِهِ (مِنْ نَفْسِهِ) قَالَ فِيهَا حَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ (كَوَارِثِهِ) لَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّ مُوَرِّثِهِ الْمَقْذُوفِ قَبْلَ مَوْتِهِ بَلْ (وَإِنْ) قُذِفَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) وَبَيَّنَ الْوَارِثَ بِقَوْلِهِ (مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَ (وَأَبٍ وَأَبِيهِ) ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ أَخٍ فَابْنِهِ فَعَمٍّ فَابْنِهِ وَهَكَذَا (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْوَرَثَةِ (الْقِيَامُ) بِحَقِّ الْمَوْرُوثِ (وَإِنْ حَصَلَ) أَيْ وُجِدَ (مَنْ هُوَ أَقْرَبُ) مِنْهُ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ وُجُودِ الِابْنِ؛ لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُ الْجَمِيعَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ أُنْثَى فَلَيْسَ كَالدَّمِ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَقْرَبُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ. (وَ) لِلْمَقْذُوفِ (الْعَفْوُ) عَنْ قَاذِفِهِ (قَبْلَ) بُلُوغِ (الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (أَوْ بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ) الْمَقْذُوفُ (سَتْرًا) عَلَى نَفْسِهِ كَأَنْ يَخْشَى أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِمَا رَمَاهُ بِهِ أَوْ يُقَالُ لِمَ حُدَّ فُلَانٌ يُقَالُ بِقَذْفِهِ فُلَانًا فَيَشْتَهِرُ الْأَمْرُ وَيَكْثُرُ لَغَطُ النَّاسِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (وَإِنْ حَصَلَ) الْقَذْفُ وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ قُذِفَ (فِي) أَثْنَاءِ (الْحَدِّ) الْمَقْذُوفُ أَوَّلًا أَوْ غَيْرُهُ (اُبْتُدِئَ) الْحَدُّ (لَهُمَا) أَيْ لِلْقَذْفَيْنِ حَدًّا وَاحِدًا ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: حُدَّتْ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَرْجِعْ عَنْهُ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا حُدَّتْ لِقَذْفِ الرَّجُلِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَالْقَذْفِ لِلرَّجُلِ) أَيْ وَحُدَّتْ لِقَذْفِ الرَّجُلِ أَيْضًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَتْ عَنْ إقْرَارِهَا وَقَالَتْ لَمْ أُرِدْ إقْرَارًا وَلَا قَذْفًا وَإِنَّمَا أَرَدْتُ بِقَوْلِي زَنَيْت بِك بِمُجَرَّدِ الْمُجَاوَبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ لَهُ بِك زَنَيْت فَقَالَ مَالِكٌ: تُحَدُّ لِلرَّجُلِ وَلِلزِّنَا وَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ، إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهَا فَتُحَدُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ رَجَعَتْ وَقَالَتْ مَا قُلْتُ ذَلِكَ، إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُجَاوَبَةِ وَلَمْ أُرِدْ قَذْفًا وَلَا إقْرَارًا فَلَا تُحَدُّ وَيُحَدُّ الرَّجُلُ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُ جَعَلَ كَلَامَ أَشْهَبَ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن. (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ يَا زَانِي فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ أَنْت أَزْنَى مِنِّي لَمْ يُحَدَّ الْقَائِلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفٍ وَحُدَّ الثَّانِي لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ يَا مُعَرَّصُ فَقَالَ لَهُ أَنْت أَعْرَصُ مِنِّي حُدَّ الْأَوَّلُ لِزَوْجَةِ الْآخَرِ وَأُدِّبَ وَحُدَّ الثَّانِي لِزَوْجَتِهِ وَلِزَوْجَةِ الْأَوَّلِ حَدًّا وَاحِدًا وَأُدِّبَ لَهُ هَذَا إذَا لَمْ يُلَاعِنْ الثَّانِي لِزَوْجَتِهِ، فَإِنْ لَاعَنَ لَهَا حُدَّ لِزَوْجَةِ الْأَوَّلِ إنْ قَامَتْ بِهِ بَعْدَ مَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ، فَإِنْ قَامَتْ بِهِ قَبْلُ فَحَدُّهُ لَهَا حَدٌّ لِزَوْجَتِهِ. (قَوْلُهُ: الْقَاذِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ) أَيْ تَصْرِيحًا وَأَمَّا قَذْفُهُمَا لَهُ بِالتَّعْرِيصِ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَلَا أَدَبَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفُسِّقَ) أَيْ الْوَلَدُ الْمَقْذُوفُ بِحَدِّهِ أَيْ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَكُونُ فَاسِقًا) أَيْ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَدْ يَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ) أَيْ الْمُخِلِّ بِالْمُرُوءَةِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ) أَيْ وَكَذَلِكَ أُمُّهُ لَيْسَ لَهُ حَدُّهَا وَلَا تَحْلِيفُهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إنْ طَلَبَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَا رَمَاهُ بِهِ صَدَرَ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ لَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ يَزْنِي؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ غَيْرَ عَفِيفٍ فَهُوَ عَفِيفٌ فِي الظَّاهِرِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: كَوَارِثِهِ لَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّ مُوَرِّثِهِ الْمَقْذُوفِ إلَخْ) مِثْلُ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ فِي الْقِيَام بِحَقِّ الْمَيِّتِ وَصَّى الْمَيِّتُ الْمَقْذُوفُ الَّذِي أَوْصَاهُ بِالْقِيَامِ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ. (قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ الْوَارِثُ) أَيْ الَّذِي لَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْوَالِدِ أَوْ وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ بَاقِي الْوَرَثَةِ مِنْ الْعَصَبَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ، إلَّا الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمَا فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ) أَيْ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ) أَيْ وُجِدَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَارِثِ فِي قَوْلِهِ كَوَارِثِهِ الْوَارِثُ بِالْقُوَّةِ لَا الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الِابْنِ لَا يَرِثُ بِالْفِعْلِ مَعَ وُجُودِ الِابْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ قَاتِلًا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا فَلَهُ الْقِيَامُ بِحَدِّ مَنْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُوَرِّثُ أَصْلًا لِذَلِكَ الْوَارِثِ أَوْ فَرْعًا لَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ الْقَائِلِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فِي الْقِيَامِ بِحَقِّ الْمُوَرِّثِ الْمَقْذُوفِ كَالْقِيَامِ بِالدَّمِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمَقْذُوفِ الْعَفْوُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْوَارِثُ الْقَائِمُ بِقَذْفِ مُوَرِّثِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَاهُ بِالْقِيَامِ بِالْحَدِّ، وَإِلَّا فَلَهُ الْعَفْوُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ وَقَدْ عَفَا فَلَا قِيَامَ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِالْقِيَامِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ عَفْوٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ وَلَمْ يَرْضَ فَالْحَقُّ لِوَارِثِهِ إنْ شَاءَ قَامَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا كَانَ عَفِيفًا فَاضِلًا لَا يُخْشَى

[باب أحكام السرقة]

وَأُلْغِيَ مَا مَضَى (إلَّا أَنْ يَبْقَى) مِنْ الْأَوَّلِ (يَسِيرٌ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ سَوْطًا فَدُونَ (فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ) ثُمَّ يُسْتَأْنَفُ لِلثَّانِي حَدٌّ [دَرْسٌ] (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ السَّرِقَةِ فَقَالَ (تُقْطَعُ) يَدُ السَّارِقِ (الْيُمْنَى) مِنْ الْكُوعِ (وَتُحْسَمُ) أَيْ تُكْوَى (بِالنَّارِ) وُجُوبًا خَوْفَ تَتَابُعِ سَيَلَانِ الدَّمِ فَيَهْلَكُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ حَدِّ السَّرِقَةِ فَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ وَأَنَّهُ عَلَى الْكِفَايَةِ يَقُومُ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُغْلَى الزَّيْتُ عَلَى نَارٍ وَتُحْسَمُ بِهِ لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ فَيَنْقَطِعُ الدَّمُ وَأَصْلُ الْحَسْمِ الْقَطْعُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْكَيِّ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي قَطْعِ الدَّمِ (إلَّا لِشَلَلٍ) بِالْيُمْنَى أَوْ قَطْعٍ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ قِصَاصٍ سَابِقٍ لَا بِسَرِقَةٍ سَابِقَةٍ (أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ) مِنْ الْيُمْنَى كَثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَمَحَا) الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْ أَمَرَ بِمَحْوِ الْقَوْلِ بِقَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى (لِيَدِهِ) أَيْ لِلْقَوْلِ بِقَطْعِ يَدِهِ (الْيُسْرَى) فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ وَقِيسَ عَلَيْهِ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَحَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ دُونَ مَا أَثْبَتَهُ وَلِذَا رَتَّبَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ الْآتِيَ عَلَى الْمَمْحُوِّ فَقَالَ. (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى ابْتِدَاءً لِلْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ تُقْطَعُ (يَدُهُ) الْيُسْرَى (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَالِثًا قُطِعَتْ (رِجْلُهُ) الْيُمْنَى وَالْقَطْعُ فِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مِفْصَلِ الْكَعْبَيْنِ كَالْحِرَابَةِ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ إلَى هُنَا لِيُفِيدَ رُجُوعَهُ لِلرِّجْلِ أَيْضًا كَانَ أَوْلَى وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ إلَخْ مُفَرَّعٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا رَمَاهُ بِهِ الْقَاذِفُ وَلَا يُخْشَى مِنْ لَغَطِ النَّاسِ وَالتَّكَلُّمِ فِيهِ إذَا حُدَّ قَاذِفُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَرَادَ سَتْرًا مَا إذَا كَانَ الْقَاذِفُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَوْ جَدَّهُ فَلَهُ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ التَّعْزِيرِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهِ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ كَمَا فِي ح وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْزِيرُ لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ: وَأُلْغِيَ مَا مَضَى) أَيْ مِنْ الْحَدِّ قَبْلَ الْقَذْفِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ، إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ) حَدُّوهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ بِمَا دُونَ الثُّلُثِ. [بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ] بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَقَطْعُهَا بِوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ سَرِقَةِ طِفْلٍ أَوْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: الْيُمْنَى) ظَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ قَالَ عبق وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّ الْأَعْسَرَ تُقْطَعُ يُسْرَاهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ وَتَحْقِيقِ الْمَبَانِي وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ غَازِيٍّ وَلَمْ يَذْكُرُوا مُقَابِلًا لَهُ وَكَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ هُوَ الْمَذْهَبُ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَعْسَرَ لَا يَتَصَرَّفُ بِالْيَمِينِ، إلَّا نَادِرًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي الشَّلَلِ وَأَمَّا الْأَضْبَطُ فَتُقْطَعُ يُمْنَاهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْكُوعِ) أَيْ كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بِسَبَبِ الْإِجْمَالِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَهُ أَثِمَ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَيْ وُجُوبًا كَفَائِيًّا فَمَتَى فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا سَقَطَ عَنْ الْآخَرِ أَيْ وَأَمَّا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ظُلْمًا كَمَسْأَلَةِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ الْآتِيَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَسْمَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ ظُلْمًا التَّدَاوِي كَمَا نَقَلَهُ الْأَبِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِحَقٍّ لَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الْمُدَاوَاةِ وَمَنْ تُرِكَ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ فِي مَعْنَى قَتْلِ النَّفْسِ بِخِلَافِ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ظُلْمًا فَلَهُ تَرْكُ الْمُدَاوَاةِ حَتَّى يَمُوتَ وَإِثْمُهُ عَلَى قَاطِعِهِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُمَا) أَيْ فَمَتَى قَامَ بِهِ أَحَدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: إلَّا لِشَلَلٍ بِالْيُمْنَى) أَيْ، إلَّا لِفَسَادٍ فِيهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الشَّلَلُ بَيِّنًا وَأَمَّا إنْ كَانَ خَفِيًّا فَلَا يُمْنَعُ الْقَطْعُ قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: لَا بِسَرِقَةٍ إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ الْقَطْعَ بِكَوْنِهِ بِغَيْرِ سَرِقَةٍ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَحَا إلَخْ إذْ مَا قُطِعَتْ بِسَرِقَةٍ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ إذَا سَرَقَ ثَانِيَةً تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ وَفِي يُمْنَاهُ شَلَلٌ أَوْ قُطِعَتْ فِي قِصَاصٍ أَوْ سَقَطَتْ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا هَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى أَوْ يَدُهُ الْيُسْرَى. (قَوْلُهُ: وَمَحَا الْإِمَامُ إلَخْ) ضَمَّنَ الْمُصَنِّفُ مَحَا مَعْنَى غَيَّرَ فَلِذَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ أَيْ وَغَيَّرَ الْإِمَامُ الْقَوْلَ بِقَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِلْقَوْلِ بِقَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ) أَيْ أَنَّ الْمَحْوَ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ لِقَطْعِهَا بِقِصَاصٍ أَوْ سُقُوطِهَا بِسَمَاوِيٍّ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ وَقِيسَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ فَهِيَ لَا مَحْوَ فِيهَا صَرَاحَةً خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمَحْوَ وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَالنَّقْصِ مَعًا مَعَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَذْكُرْ فِي النَّقْصِ مَحْوًا وَلَا رُجُوعًا وَلَا خِلَافًا وَنَصُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يَمِينِ يَدَيْهِ، إلَّا إصْبَعًا أَوْ إصْبَعَيْنِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى اهـ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَسْأَلَةَ النَّقْصِ، وَإِنْ كَانَ لَا مَحْوَ فِيهَا صَرَاحَةً لَكِنَّهُ فِيهَا قِيَاسًا وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمَحْوَ إنَّمَا وَقَعَ صَرَاحَةً فِي الشَّلَلِ وَلَمْ يَقَعْ فِي نَاقِصَةِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ وَلَا فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ وَنَصُّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَحْوَ فِي الشَّلَلِ وَنَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَإِنَّمَا الْمَحْوُ فِي الشَّلَلِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْأُمَّهَاتِ لَكِنْ الْحُكْمُ وَاحِدٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ ضَعْفِ الْمُثْبِتِ وَقَوْلُهُ: رَتَّبَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ الْآتِيَ عَلَى الْمَحْوِ أَيْ لِكَوْنِهِ الْمُعْتَمَدَ

عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ لَا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سَالِمَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ إنْ سَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فَيَدُهُ الْيُسْرَى فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ (عُزِّرَ وَحُبِسَ) إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ كَذَا يَظْهَرُ. (وَإِنْ) (تَعَمَّدَ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ) كَجَلَّادٍ (يُسْرَاهُ أَوَّلًا) مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ سُنَّةَ الْقَطْعِ ابْتِدَاءً فِي الْيَدِ الْيُمْنَى (فَالْقَوَدُ) عَلَى مَنْ قَطَعَ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ (وَالْحَدُّ) عَلَى السَّارِقِ (بَاقٍ) فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلُ يُسْرَاهُ غَيْرُ مَحَلِّ الْقَطْعِ كَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الصُّوَرِ فِي أَوَّلِ سَرِقَةٍ وَثَانِي سَرِقَةٍ وَثَالِثِ سَرِقَةٍ (وَ) إنْ قَطَعَهُمَا أَوَّلًا (خَطَأً أَجْزَأَ) عَنْ قَطْعِ الْيُمْنَى وَلَا دِيَةَ وَمَحِلُّهُ إذَا حَصَلَ الْخَطَأُ بَيْنَ عُضْوَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ فَقَطَعَ الرِّجْلَ وَقَدْ وَجَبَ قَطْعُ الْيَدِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يُجْزِئُ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ الْمُخْطِئُ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ مَأْمُورًا وَأَمَّا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُجْزِئُ وَالْحَدُّ بَاقٍ وَعَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّابِعِ لِابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ أَئِمَّةَ الْمَذْهَبِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَالْمُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وَلَوْ عَمْدًا (فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَخَطَأً أَجْزَأَ أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَلَوْ سَرَقَ ثَانِيَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ فَإِذَا سَرَقَ ثَالِثَةً قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى. (بِسَرِقَةِ طِفْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تُقْطَعُ أَيْ تُقْطَعُ الْيُمْنَى إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ بِسَبَبِ سَرِقَةِ طِفْلٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ يُخْدَعُ وَكَذَا الْمَجْنُونُ (مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ) كَدَارِ أَهْلِهِ أَوْ مَعَ كَبِيرٍ حَافِظٍ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الطِّفْلُ كَبِيرًا وَاعِيًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ (أَوْ) بِسَرِقَةِ (رُبْعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ (أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) شَرْعِيَّةٍ (خَالِصَةٍ) مِنْ الْغِشِّ كَانَتْ لِشَخْصٍ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) بِسَرِقَةِ (مَا يُسَاوِيهَا) مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ قِيمَةً وَقْتَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ لَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: إلَّا لِشَلَلٍ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ سَالِمُ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ) وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ ثَانِيَةً عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ قَطْعُ يَدِهِ الْيُسْرَى ابْتِدَاءً فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ أَوْ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ فَهَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ ثَانِيَةً فِي صَحِيحِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ أَوْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَحْصُلَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي عبق وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ سَرَقَ) أَيْ سَالِمُ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ قَطْعِ جَمِيعِهَا بِسَرِقَاتٍ أَرْبَعَةٍ مَرَّةً خَامِسَةً أَوْ سَرَقَ الْأَشَلُّ أَوْ نَاقِصُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ مَرَّةً رَابِعَةً عُزِّرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحُبِسَ) أَيْ وَنَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ الْحَبْسِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وَجَدُوا، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: كَذَا يَظْهَرُ) أَيْ لَا أَنَّهُ يُحْبَسُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِحَبْسِهَا عَنْ أَذِيَّةِ النَّاسِ وَلَا تَظْهَرُ تَوْبَتُهُ فَلَا تَحْصُلُ الثَّمَرَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ حَبْسِهِ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الصُّوَرِ فِي أَوَّلِ سَرِقَةٍ) أَيْ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى ابْتِدَاءً لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَوْ لِقَطْعِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى. (قَوْلُهُ: وَثَانِي سَرِقَةٍ) أَيْ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَوَّلًا لِقَطْعِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى. (قَوْلُهُ: وَثَالِثِ سَرِقَةٍ) أَيْ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوَّلًا لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى. (قَوْلُهُ: وَخَطَأً) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْجَهْلَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ وَيُقْطَعُ لِلْعُضْوِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَيُؤَدِّي الْقَاطِعُ دِيَةَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ الْخَطَأُ بَيْنَ عُضْوَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: وَالْحَدُّ بَاقٍ أَيْ فَيُقْطَعُ الْعُضْوُ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَعَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلًا فَالْقَوَدُ وَالْحَدُّ بَاقٍ وَخَطَأٌ أَجْزَأَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَرِّحُوا بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ) أَيْ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ إنَّمَا هُوَ الْغَزَالِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَجِيزِهِ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ شَاسٍ وَقَدْ تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْحَاجِبِ الْمُخْتَصِرَ لِكِتَابِهِ الْجَوَاهِرِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ الْمُخْتَصِرَ لِكِتَابِهِ. (قَوْلُهُ: الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وَلَوْ عَمْدًا) أَيْ وَلَا قَوَدَ فِي الْعَمْدِ كَالْخَطَأِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ) أَيْ بِإِجْزَاءِ قَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى أَوَّلًا خَطَأٌ أَوْ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ: قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى) أَيْ فَإِذَا سَرَقَ مَرَّةً رَابِعَةً فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ: حُرٍّ) قَيَّدَ بِهِ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ مِثْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ مَا يُسَاوِيهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَجْنُونُ) أَيْ وَسَوَاءٌ انْتَفَعَ السَّارِقُ بِكُلٍّ مِنْ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ طِفْلٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِلْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ كَبِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْكَبِيرُ خَادِمًا لَهُ أَوْ لَا كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْكَبِيرُ سَارِقًا لَهُ كَمَا يَأْتِي مِنْ عُمُومِ السَّرِقَةِ مِنْ السَّارِقِ وَالْإِنْسَانُ حِرْزٌ لِمَا مَعَهُ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ شَرْعِيَّةٍ) مِثْلُهَا أَقَلُّ مِنْهَا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ وَكَانَتْ الْقِلَّةُ لِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ، فَإِنْ نَقَصَتْ بِغَيْرِ اخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ الْمَسْرُوقُ النَّاقِصُ كَكَامِلَةٍ لَمْ يُقْطَعْ كَانَ النَّقْصُ لِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ أَمْ لَا، وَإِنْ رَاجَ كَكَامِلَةٍ قُطِعَ أَيْ إنْ كَانَ النَّقْصُ لِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ، وَإِلَّا فَلَا فَالْقَطْعُ فِي صُورَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي بَاقِيهَا وَلَمْ يَجْرِ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ لِعَدَمِ حُصُولِ التَّعَامُلِ بِهِ غَالِبًا كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ) وَصْفٌ لِلدَّرَاهِمِ وَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: مَا يُسَاوِيهَا) أَيْ مَا يُسَاوِي الثَّلَاثَةَ

وَلَوْ ذَبَحَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ فِي حِرْزِهِ فَنَقَصَ فَأَخْرَجَهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ لَا يُسَاوِيهَا ثُمَّ حَصَلَ غَلَاءٌ كَمَا أَنَّهُ يُقْطَعُ إنْ سَاوَاهَا وَقْتَهُ ثُمَّ حَصَلَ رُخْصٌ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (بِالْبَلَدِ) الَّتِي بِهَا السَّرِقَةُ وَالْعِبْرَةُ بِالتَّقْوِيمِ (شَرْعًا) بِأَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا بِالتَّقْوِيمِ شَرْعِيَّةً لَا كَآلَةِ لَهْوٍ أَوْ حَمَامٍ عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَائِرٍ عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ وَقِيمَتُهُ دُونَ اللَّهْوِ لَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَمَعَهَا تُسَاوِيهَا فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ التَّقْوِيمَ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِرُبْعِ الدِّينَارِ هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي بَلَدِهِمْ إلَّا الذَّهَبُ فَيُقَوَّمُ بِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُوجَدُ فِيهِ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ وَإِنَّمَا تَعَامُلُهُمْ بِغَيْرِهِمَا كَبِلَادِ السُّودَانِ اُعْتُبِرَ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ فَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. (وَإِنْ) كَانَ مُحَقَّرًا بَيْنَ النَّاسِ (كَمَاءٍ) وَحَطَبٍ وَتِبْنٍ (أَوْ جَارِحٍ) يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (لِتَعْلِيمِهِ) الصَّيْدَ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ (أَوْ جِلْدِهِ) عَطْفٌ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى جَارِحٍ بِمَعْنَى السَّبُعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِمَعْنَى الطَّيْرِ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامُ أَيْ أَوْ سَرَقَ سَبُعًا يُسَاوِي جِلْدُهُ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ نَظَرًا لِكَرَاهَتِهِ أَوْ لِلْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ فَسَارِقُ لَحْمِهِ فَقَطْ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَاوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسَارِقُ جِلْدِهِ فَقَطْ يُقْطَعُ إنْ سَاوَاهَا (أَوْ) (جِلْدِ مَيْتَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ يُقْطَعُ سَارِقُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ (إنْ زَادَ دَبْغُهُ) عَلَى قِيمَةِ أَصْلِهِ (نِصَابًا) فَإِذَا كَانَ قِيمَتُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ دِرْهَمَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQدَرَاهِمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَفْسَدَهُ فِي حِرْزِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ خَرَقَ الثَّوْبَ فِي دَاخِلِ الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مَخْرُوقَةً (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ وَقَوْلُهُ: بِالْبَلَدِ الَّتِي بِهَا السَّرِقَةُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الْعُرُوضِ أَوْ كَانَ التَّعَامُلُ فِيهَا بِالثَّلَاثَةِ حَالَةَ كَوْنِهَا أَغْلَبَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ وَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِبَلَدِ السَّرِقَةِ أَنَّ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَالْقَطْعُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ بَلَدِ السَّرِقَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِيهَا أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي غَيْرِهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ: وَقِيمَتُهُ دُونَ اللَّهْوِ) أَيْ وَدُونَ مَا مَعَهُ مِنْ السَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَعَهَا) أَيْ وَمَعَ اعْتِبَارِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ اللَّهْوِ وَالسَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ. (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَشْهُورُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا إنْ سَرَقَ غَيْرَهُمَا أَيْ غَيْرَ الرُّبْعِ دِينَارٍ وَالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ إذْ قَدْ يُقَوَّمُ بِهَا الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ وَهَكَذَا صَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَعِيَاضٌ بِمَشُورِيَّةِ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ سَاوَى الْمَسْرُوقُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ سَارِقُهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ رُبْعَ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ سَاوَى رُبْعَ دِينَارٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي بَلَدِهِمْ، إلَّا الذَّهَبُ فَيُقَوَّمُ بِهِ) كَذَا فِي عبق اسْتِظْهَارًا قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ عُدِمَتْ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: كَبِلَادِ السُّودَانِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَتَعَامَلُونَ بِالْعَرْضِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ التَّقْوِيمُ) أَيْ تَقْوِيمُ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ، كَذَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ لَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَصَوَّبَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّقْوِيمِ وَاحِدٌ إنْ كَانَ مُوَجَّهًا مِنْ الْقَاضِي لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَوَّمُ مُوَجَّهًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ خُولِفَا بِأَنْ قَالَ غَيْرُهُمَا لَا يُسَاوِيهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ عَدَمُ الْقَطْعِ إذَا خُولِفَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ مُتَّبَعٌ وَلِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَمَاءٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْقَطْعِ فِيمَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا يُسَاوِي الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ مُحَقَّرًا فِي نَظَرِ النَّاسِ كَمَاءٍ وَحَطَبٍ أَيْ لِأَنَّهُ مُتَمَوَّلٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُحَقَّرُ مُبَاحًا لِلنَّاسِ وَحَازَهُ شَخْصٌ فِي حَوْزِهِ الْخَاصِّ بِهِ كَالْمَاءِ وَالْحَطَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا كَالتِّبْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَالْفَسَادُ بِإِبْقَائِهِ كَالْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْفَاكِهَةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَارِحٍ) أَيْ مِنْ الطَّيْرِ كَالصَّقْرِ وَقَوْلُهُ: لِتَعْلِيمِهِ الصَّيْدَ أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِيهَا بِالنَّظَرِ لِلَحْمِهِ وَرِيشِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا قُطِعَ سَارِقُهُ إنْ سَاوَى لَحْمُهُ فَقَطْ أَوْ رِيشُهُ فَقَطْ أَوْ لَحْمُهُ وَرِيشُهُ مَعًا نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا. (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ تَعْلِيمِ الْجَارِحِ الصَّيْدَ تَعْلِيمُ الطَّيْرِ حَمْلَ الْكُتُبِ لِلْبُلْدَانِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: إنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا لِلَّعِبِ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِّمَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةَ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ لِلتُّونِسِيِّ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ سَبُعًا) أَيْ حَيًّا أَوْ بَعْدَ ذَبْحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَاعَى قِيَمُهُ لَحْمِهِ) أَيْ فَإِذَا سَرَقَ سَبُعًا حَيًّا وَكَانَ جِلْدُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ لَحْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ. (قَوْلُهُ: فَسَارِقُ لَحْمِهِ فَقَطْ) أَيْ بَعْدَ زَكَاتِهِ وَقَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَاوَى إلَخْ أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ النَّظَرِ لِكَرَاهَتِهِ أَوْ مِنْ مُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الدَّبْغُ لَا يُطَهِّرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ قِيمَتُهُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ دُبِغَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ الدِّبَاغَ هُوَ الَّذِي أَجَازَ لِلنَّاسِ

جَوَازِ بَيْعِهِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ خَمْسَةٌ قُطِعَ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ دَبْغُهُ نِصَابًا لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ كَمَا لَوْ سَرَقَ قَبْلَ الدَّبْغِ وَلَوْ سَاوَى النِّصَابَ. (أَوْ ظُنَّا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الرُّبْعُ دِينَارٍ أَوْ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ (فُلُوسًا) نُحَاسًا حَالَ السَّرِقَةِ فَإِذَا هُوَ أَحَدُهُمَا فَيُقْطَعُ (أَوْ) ظَنَّ (الثَّوْبَ) الْمَسْرُوقَ (فَارِغًا) فَإِذَا فِيهِ نِصَابٌ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُوضَعُ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَ خَلِقًا وَلَا إنْ سَرَقَ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا يَظُنُّهَا فَارِغَةً فَإِذَا فِيهَا نِصَابٌ فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ تِلْكَ الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا نِصَابًا. (أَوْ) سَرَقَ نِصَابًا مَعَ (شَرِكَةِ صَبِيٍّ) لَهُ فِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ فَقَطْ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ (لَا) شَرِكَةِ (أَبٍ) عَاقِلٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ جَدٍّ لِرَبِّ الْمَالِ فَلَا قَطْعَ عَلَى شَرِيكِهِ لِدُخُولِهِ مَعَ ذِي شُبْهَةٍ قَوِيَّةٍ (وَلَا) يُقْطَعُ سَارِقُ (طَيْرٍ) (لِإِجَابَتِهِ) أَيْ مُجَاوَبَتِهِ كَالْبَلَابِلِ وَالْعَصَافِيرِ وَالدُّرَّةِ الَّتِي تُدْعَى فَتُجَاوِبُ إذَا كَانَتْ لَا تُسَاوِي النِّصَابَ إلَّا لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ. (وَلَا) قَطْعَ (إنْ) (تَكَمَّلَ) أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزِهِ (بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ) حَيْثُ تَعَدَّدَ قَصْدُهُ، فَإِنْ قَصَدَ أَخْذَهُ فَأَخْرَجَهُ فِي مِرَارٍ قُطِعَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ أَوْ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (أَوْ) (اشْتَرَكَا) أَيْ السَّارِقَانِ أَوْ أَكْثَرُ (فِي حَمْلِ) النِّصَابِ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَرْطَيْنِ (إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ) بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حَمْلِهِ بِانْفِرَادِهِ (وَلَمْ يَنُبْهُ) أَيْ كُلًّا بِانْفِرَادِهِ (نِصَابٌ) ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِهِ قُطِعَا وَلَوْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ وَلَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ قُطِعَا اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِخْرَاجِهِ أَمْ لَا (مِلْكُ غَيْرِهِ) هَذَا نَعْتُ النِّصَابِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ رُبْعُ دِينَارٍ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِسَرِقَةِ طِفْلٍ أَوْ نِصَابٍ مِلْكِ غَيْرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِانْتِفَاعَ بِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ النَّظَرَ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ سُرِقَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَزِدْ دَبْغُهُ نِصَابًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ أَرْبَعَةً (قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ أَحَدُهُمَا فَيُقْطَعُ) أَيْ وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ أَيْ وَأَمَّا إنْ ظَنَّ السَّارِقُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ فُلُوسٌ فَسَرَقَهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا فُلُوسٌ كَمَا ظَنَّ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَرَيَانِ الْفُلُوسِ مَجْرَى النُّقُودِ، إلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا. (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ الثَّوْبَ الْمَسْرُوقَ) أَيْ الَّذِي لَا يُسَاوِي نِصَابًا. (قَوْلُهُ: يُوضَعُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ فَيُقْطَعُ سَوَاءٌ أَخَذَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ خَلِقًا) أَيْ فَإِذَا كَانَ خَلِقًا لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ وَقَالَ السَّارِقُ لَا أَعْلَمُ بِمَا فِيهِ حَلَفَ وَلَمْ يُقْطَعْ أَخَذَهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُجْعَلُ فِيهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ تِلْكَ الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا نِصَابًا) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي قِيمَتِهَا دُونَ مَا فِيهَا وَمِثْلُ الثَّوْبِ الَّتِي يَظُنُّهَا فَارِغَةً فَإِذَا فِيهَا نِصَابٌ فِي الْقَطْعِ الْعَصَا إذَا كَانَتْ مُفَضَّضَةً بِمَا يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ حَيْثُ سُرِقَتْ نَهَارًا مِنْ مَحَلٍّ غَيْرِ مُظْلِمٍ لَا مِنْ مُظْلِمٍ أَوْ لَيْلًا فَيُصَدَّقُ السَّارِقُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِمَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَجْنُونُ الْمُصَاحِبُ لِلسَّارِقِ صَاحِبَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ أَوْ أَبًا لِصَاحِبِهِ وَإِنَّمَا قُطِعَ السَّارِقُ الْمُصَاحِبُ لِصَاحِبِهِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ عَلَى شَرِيكِهِ) أَيْ وَلَا عَلَيْهِ وَلَوْ سَرَقَا مِنْ مَحَلٍّ حَجَرَهُ الْفَرْعُ عَنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْمَذْكُورَ لَا يَقْطَعُ شُبْهَةَ الْأَصْلِ فِي مَالِ فَرْعِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَدَّدَ قَصْدُهُ إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ جُعِلَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ النِّصَابَ فِي مَرَّاتٍ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَانَ إخْرَاجُهُ النِّصَابَ عَلَى مَرَّاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ قُطِعَ فَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ السَّارِقُ أَخْذَ النِّصَابِ كُلِّهِ ابْتِدَاءً عِنْدَ دُخُولِهِ الْحِرْزَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ دَفْعَةً وَأَخْرَجَهُ عَلَى مَرَّاتٍ أَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ دَفْعَةً كَالْقَمْحِ وَالتِّبْنِ وَأَخْرَجَهُ عَلَى مَرَّاتٍ لِأَنَّهُ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ النِّصَابِ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ إنَّمَا عَادَ مِرَارًا لِيَنْظُرَ كُلَّ مَرَّةٍ مَا يَسْرِقُهُ فَمَا أَخَذَهُ كُلَّ مَرَّةٍ مَقْصُودٌ عَلَى حِدَتِهِ كَذَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ قَصْدُ أَخْذِهِ كُلَّهُ ابْتِدَاءً. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) أَيْ كَمَا إذَا أَخْرَجَ مِنْ الْمُجْتَمَعِ مَا لَا يَقْدِرُ، إلَّا عَلَى إخْرَاجِ مَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فِي حَمْلِ النِّصَابِ) أَيْ مَسْرُوقٍ لِأَجْلِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ (قَوْلُهُ: لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حَمْلِهِ) أَيْ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى إخْرَاجِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ قُطِعَا إلَخْ) فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ قُطِعَا اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِخْرَاجِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ بَلْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ، فَإِنْ اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا الْقَطْعُ عَلَى جَمَاعَةٍ رَفَعُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ، إلَّا بِرَفْعِهِ مَعَهُ وَيَصِيرُونَ كَأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى دَابَّةٍ فَإِنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا تَعَاوَنُوا عَلَى رَفْعِهِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ حَمَلُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى ظَهْرِهِ دُونَهُمْ كَالثَّوْبِ قُطِعَ وَحْدَهُ وَلَوْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الْحِرْزِ حَامِلًا لِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيمَا أَخْرَجُوهُ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُمْ، إلَّا مَنْ أَخْرَجَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ دَخَلَ اثْنَانِ الْحِرْزَ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا دِينَارًا وَقَضَاهُ لِآخَرَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُطِعَ الْخَارِجُ بِهِ إنْ عُلِمَ أَنَّ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ سَارِقٌ، وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ بَاعَ السَّارِقُ ثَوْبًا فِي الْحِرْزِ لِآخَرَ فَخَرَجَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَارِقٌ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ. (قَوْلُهُ: مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِ السَّارِقِ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمَالِكِ لِلنِّصَابِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا سَرَقَ مِلْكَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا بِسَرِقَةٍ مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ إلَخْ

وَشَمِلَ مَنْ سَرَقَ مِنْ سَارِقٍ أَوْ مِنْ أَمِينٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُقْطَعُ. (وَلَوْ) (كَذَّبَهُ رَبُّهُ) الْمَسْرُوقُ مِنْهُ إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَيَبْقَى الْمَسْرُوقُ بِيَدِ السَّارِقِ مَا لَمْ يَدَّعِهِ رَبُّهُ (أَوْ) (أَخَذَ لَيْلًا) خَارِجَ الْحِرْزِ وَمَعَهُ النِّصَابُ أَخْرَجَهُ مِنْهُ (وَادَّعَى الْإِرْسَالَ) مِنْ رَبِّهِ فَيُقْطَعُ وَلَوْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ لِاحْتِمَالِ سَتْرِهِ عَلَيْهِ وَالرَّحْمَةِ بِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ كَكَوْنِهِ فِي عِيَالِهِ أَوْ مِنْ أَتْبَاعِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَصَدَقَ) فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ (إنْ أَشْبَهَ) وَدَخَلَ مِنْ مَدَاخِلِ النَّاسِ وَخَرَجَ مِنْ مَخَارِجِهِمْ. (لَا) بِسَرِقَةِ (مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) وَمُعَارٍ وَمُودَعٍ (كَمِلْكِهِ) لَهُ (قَبْلَ خُرُوجِهِ) بِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِإِرْثٍ أَوْ صَدَقَةٍ ثُمَّ خَرَجَ بِهِ فَلَا يُقْطَعُ بِخِلَافِ مِلْكِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِهِ (مُحْتَرَمٍ) دَخَلَ فِيهِ مَالُ حَرْبِيٍّ دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ الْمُسْلِمُ (لَا) (خَمْرٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ وَلَوْ لِكَافِرٍ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَلَا قَطْعَ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِذِمِّيٍّ إنْ أَتْلَفَهَا وَإِلَّا رَدَّ عَيْنَهَا عَلَيْهِ لَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا عَلَيْهِ. (وَطُنْبُورٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ (إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِهِ) تَقْدِيرًا (نِصَابًا) فَيُقْطَعُ (وَلَا) بِسَرِقَةِ (كَلْبٍ مُطْلَقًا) أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا مُعَلَّمًا أَمْ لَا وَلَوْ سَاوَى تَعْلِيمُهُ نِصَابًا فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَجَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (وَ) لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ (أُضْحِيَّةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا) ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِذَبْحِهَا وَخَرَجَتْ لِلَّهِ لَا قَبْلَهُ فَيُقْطَعُ وَلَوْ نَذَرَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ وَالْفِدْيَةُ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي الْوَجْهَيْنِ (بِخِلَافِ) سَرِقَةِ (لَحْمِهَا) أَوْ جِلْدِهَا (مِنْ فَقِيرٍ) تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ مُهْدَى لَهُ فَيُقْطَعُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ (تَامِّ الْمِلْكِ) لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ (لَا شُبْهَةَ لَهُ) أَيْ لِلسَّارِقِ (فِيهِ) قَوِيَّةٌ فَيُقْطَعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَنْ سَرَقَ مِنْ سَارِقٍ) قَالُوا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّارِقِ الثَّانِي أَنَّهُ سَرَقَهُ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ اهـ أَمِيرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَمِينٍ) أَيْ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُودَعِ وَالْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَشَمِلَ نَحْوَ ذَلِكَ كَالسَّرِقَةِ مِنْ آلَةِ الْمَسْجِدِ وَسَرِقَةِ بَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ كَمَا لَلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلنَّوَادِرِ لَا عَلَى مَا لِلْقَرَافِيِّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ لِلَّهِ فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ) يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ شَخْصٍ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُفِيدُهُ تَكْذِيبُهُ ذَلِكَ الشَّخْصَ لِلْمُقِرِّ أَوْ لِلْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى الْمَسْرُوقُ بِيَدِ السَّارِقِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحِيَازَةِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السَّارِقِ وَرَبِّهِ يَنْفِيهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَالَ الْمَجْهُولَ أَرْبَابُهُ مَحِلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَدَّعِهِ رَبُّهُ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ) أَيْ قَبَضَ عَلَيْهِ وَأَمْسَكَ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ. (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ) أَيْ آخِذُ الْمَتَاعِ فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّهُ صَدَقَ عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إنْ أَشْبَهَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ عِيَالِهِ أَوْ مِنْ خَدَمِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) يَصِحُّ فَتْحُ الْهَاءِ وَالْجِيمِ وَيَكُونُ بَيَانًا لِلْمَسْرُوقِ وَيَصِحُّ كَسْرُهُمَا عَلَى أَنَّ " مِنْ " ابْتِدَائِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ سَرِقَةَ الرَّاهِنِ وَالْمُؤَجِّرِ مِلْكَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ سَرِقَةُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ وَالْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَطْعَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مِلْكِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فَإِذَا سَرَقَ نِصَابًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّ الْقَطْعَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ لَكِنْ قَيَّدَ هَذَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا وَهَبَهُ لَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ الْإِمَامَ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ كَمَا وَقَعَ لِصَفْوَان فَإِنَّهُ سَرَقَ دِرْعًا وَقَالَ صَاحِبُهُ هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنَا. (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٍ) هُوَ الَّذِي يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ وَبَيْعُهُ فَالْخَمْرُ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تَمَلُّكُهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا عِنْدَهُمْ، إلَّا إذَا سَاوَتْ الْوِعَاءُ نِصَابًا، وَإِلَّا قُطِعَ لِذَلِكَ كَمَا فِي المج. (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ) أَيْ السَّارِقُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ: قِيمَتَهَا لِذِمِّيٍّ) أَيْ إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِذِمِّيٍّ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ) أَيْ لَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِمُسْلِمٍ وَأَتْلَفَهَا السَّارِقُ فَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهَا (قَوْلُهُ: وَطُنْبُورٍ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَيُقَالُ طَنْبَارٌ أَيْضًا وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ اهـ بُلَيْدِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيرًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ تَقْدِيرُ كَسْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُكْسَرْ بِالْفِعْلِ إذْ قَدْ تُفْقَدُ عَيْنُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ كَمَا قَالَ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا بِسَرِقَةِ كَلْبٍ مُطْلَقًا) وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِالْقَطْعِ فِي الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ، وَإِنْ عُدِمَ الْقَطْعُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يُمْلَكُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْجَارِحِ الْمُعَلَّمِ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ فَيُقْطَعُ) أَيْ إنْ سَاوَتْ نِصَابًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَهْدِيٍّ لَهُ) أَيْ أَوْ مِنْ غَنِيٍّ مَهْدِيٍّ لَهُ وَقَوْلُهُ: لِجَوَازِ بَيْعِهِ لَهُ أَيْ لِجَوَازِ بَيْعِ ذَلِكَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ. (قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ) أَيْ إنْ سَاوَى الْمَسْرُوقُ نِصَابًا. (قَوْلُهُ: تَامِّ الْمِلْكِ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) الْحَقُّ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِأَوَّلِهِمَا عَنْ سَرِقَةِ مَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ وَاحْتُرِزَ بِثَانِيهِمَا مِنْ سَرِقَةِ الْأَبِ وَنَحْوِهِ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ مِنْ كَوْنِ النِّصَابِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ السَّارِقِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ يَمْلِكُهُ بِتَمَامِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلسَّارِقِ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَصْلًا أَوْ يَكُونُ فِيهِ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ وَرِثَ بَعْضَ النِّصَابِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ

(وَإِنْ) سَرَقَ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَمِنْهُ الشُّوَنُ (أَوْ) مِنْ (الْغَنِيمَةِ) بَعْدَ حَوْزِهَا إنْ عَظُمَ الْجَيْشُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ كَأَنْ قَلَّ وَأَخَذَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا بِخِلَافِ السَّرِقَةِ قَبْلَ الْحَوْزِ فَلَا يُقْطَعُ (أَوْ) مِنْ (مَالِ شَرِكَةٍ إنْ حُجِبَ عَنْهُ) بِأَنْ أَوْدَعَاهُ عِنْدَ أَمِينٍ أَوْ جَعَلَ الْمِفْتَاحَ عِنْدَ الْآخَرِ أَوْ قَالَ لَهُ لَا تَدْخُلْ الْمَحِلَّ إلَّا مَعِي (وَ) إنْ (سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا) كَأَنْ يَسْرِقَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بَيْنَهُمَا تِسْعَةً فَيُقْطَعُ. (لَا) (الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ) إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِ وَلَدِهِ فَلَا يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ الْقَوِيَّةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ، وَإِنْ سَفَلَ فَأَوْلَى الْأَبُ وَالْأُمُّ بِخِلَافِ الْوَلَدِ يَسْرِقُ مِنْ مَالِ أَصْلِهِ فَيُقْطَعُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ وَلِذَا حُدَّ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ بِخِلَافِ الْأَبِ يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ (وَلَا) إنْ سَرَقَ قَدْرَ حَقِّهِ أَوْ فَوْقَهُ دُونَ نِصَابٍ (مِنْ) مَالِ (جَاحِدٍ) لِحَقِّهِ (أَوْ) مِنْ مَالِ (مُمَاطَلٍ لِحَقِّهِ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَالًا وَجَحَدَهُ أَوْ مَاطَلَهُ فِيهِ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ بِذَلِكَ فَلَا يُقْطَعُ وَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يَدَّعِ السَّارِقُ أَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوَرِثَ أَخُوهُ مَثَلًا بَاقِيَهُ لَمْ يُقْطَعْ وَلَا وَجْهَ لِتَنْظِيرِ عبق فِي ذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُنْتَظِمًا أَوْ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ. (قَوْلُهُ: إنْ عَظُمَ الْجَيْشُ) أَشَارَ بِهَذَا لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ بْنُ الصَّوَابِ أَنَّ جَمَاعَةَ الْجَيْشِ إذَا كَثُرُوا قُطِعَ السَّارِقُ، وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا، وَإِنْ قَلُّوا لَا يُقْطَعُ، إلَّا إذَا سَرَقَ نِصَابًا فَوْقَ حَقِّهِ كَالشَّرِيكِ الْآتِي كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ السَّارِقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ نِصَابًا يُقْطَعُ مُطْلَقًا عَظُمَ الْجَيْشُ أَوْ قَلَّ وَمَشَى عبق عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ) أَيْ إذَا كَانَ السَّارِقُ مِنْ الْجَيْشِ، وَإِلَّا فَلَا شُبْهَةَ لَهُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: إنْ حَجَبَ عَنْهُ) أَيْ إنْ حُجِبَ السَّارِقُ عَنْ مَالِ الشَّرِكَةِ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَوْدَعَاهُ عِنْدَ أَمِينٍ) أَيْ أَجْنَبِيٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: لَوْ جَعَلَ الْمِفْتَاحَ إلَخْ) أَيْ أَوْ جَعَلَ السَّارِقُ الْمِفْتَاحَ بِيَدِ الْآخَرِ لِلْحِفْظِ وَالْإِحْرَازِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لَهُ لَا تَدْخُلْ الْمَحِلَّ، إلَّا مَعِي) - أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمِفْتَاحَ بِيَدِ السَّارِقِ. (قَوْلُهُ: وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُجِبَ عَنْهُ فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ فِي الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْرِقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا مِنْ جَمِيعِ مَالِ الشَّرِكَةِ مَا سَرَقَ وَمَا لَمْ يَسْرِقْ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا إذَا كَانَ جُمْلَةُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا اثْنَيْ عَشَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سِتَّةٌ وَسُرِقَ مِنْهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا كَثِيَابٍ يَسْرِقُ مِنْهَا ثَوْبًا فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا سَرَقَ نِصَابٌ فَوْقَ حَقِّهِ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ فَإِذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي عُرُوضٍ كَكُتُبٍ جُمْلَتُهَا تُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ فَسَرَقَ مِنْهَا كِتَابًا مُعَيَّنًا يُسَاوِي سِتَّةً فَيُقْطَعُ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ فَقَدْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ فِيهِ نِصَابًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُقَوَّمِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِي الْمِثْلِيِّ كَوْنَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ فَوْقَ حَقِّهِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ مَا سَرَقَ وَمَا لَمْ يَسْرِقْ وَاعْتَبَرُوا فِي الْمُقَوَّمِ كَوْنَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ فَوْقَ حَقِّهِ فِيمَا سَرَقَ فَقَطْ أَنَّ الْمُقَوَّمَ لَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْمُقَوَّمِ كَانَ مَا سَرَقَهُ بَعْضُهُ حَظُّهُ وَبَعْضُهُ حَظُّ صَاحِبِهِ وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَمَّا كَانَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ غَالِبًا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ يَكُونَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْجَدِّ قَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ الْأَجْدَادُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعَ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ وَلِأَنَّهُ مِمَّنْ تَغْلُظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَقَدْ وَرَدَ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُونَ لِأَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي مَالِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَلَا نَفَقَةَ لَهُمْ عَلَيْهِمْ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ بَاقِي الْقَرَابَاتِ اهـ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَدِّ مُطْلَقًا لَا فِي خُصُوصِ الْجَدِّ لِلْأُمِّ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ ضَعْفِ شُبْهَةِ الْوَلَدِ فِي مَالِ أَبِيهِ حُدَّ الْوَلَدُ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَيْ أَوْ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَبِ يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ الْأَصْلِ فِي مَالِ فَرْعِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْعَبْدِ فِي مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لِسَيِّدِهِ فَلَوْ قُطِعَ لَزَادَتْ مُصِيبَةُ السَّيِّدِ لَا إنْ عَدِمَ قَطْعَهُ لِشُبْهَتِهِ فِي مَالِ سَيِّدِهِ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ سَرَقَ قَدْرَ حَقِّهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ شَيْئِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ جَاحِدٍ لِحَقِّهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ الَّذِي جَحَدَهُ وَدِيعَةً أَوْ غَيْرَهَا كَدَيْنٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ، وَإِنْ كَانَ النَّصُّ فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى إنْسَانٍ مِنْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فَجَحَدَهُ أَوْ مَاطَلَهُ فِيهِ وَأَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَثَبَتَ الْأَخْذُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْآخِذُ إنَّمَا أَخَذْت حَقِّي الَّذِي جَحَدَهُ أَوْ مَاطَلَنِي فِيهِ وَثَبَتَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَالًا وَجَحَدَهُ أَوْ قَالَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ إنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ وَأَنَا كُنْت جَاحِدًا لَهُ كَاذِبًا فِي جَحْدِي فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ رَبِّ الْمَالِ وَلَا قَطْعَ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ كَانَ الْآخِذُ مُقِرًّا بِالسَّرِقَةِ وَرَبُّ الْمَالِ يَنْفِيهَا وَهَاهُنَا اتَّفَقَا عَلَى نَفْيِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ) أَيْ إقْرَارُ الْمَالِكِ بِذَلِكَ أَيْ بِكَوْنِ -

بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ وَهُنَا ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ وَإِنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ لِجَحْدِ غَرِيمِهِ أَوْ مَطْلِهِ فَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ. (مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ السَّارِقِ فِيهِ بَلْ لَوْ أَدْخَلَ نَحْوَ عَصًا وَجَرَّ النِّصَابَ بِهِ قُطِعَ وَالْحِرْزُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا) عُرْفًا (وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ) فَالْمَدَارُ عَلَى إخْرَاجِ النِّصَابِ دَخَلَ هُوَ فِي الْحِرْزِ أَمْ لَا خَرَجَ مِنْهُ إذَا دَخَلَ أَمْ لَا (أَوْ) (ابْتَلَعَ) فِي الْحِرْزِ (دُرًّا) أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا لَا يَفْسُدُ بِالِابْتِلَاعِ وَكَانَ فِيهِ النِّصَابُ ثُمَّ خَرَجَ فَيُقْطَعُ بِخِلَافِ مَا يُفْسِدُهُ الِابْتِلَاعُ كَالطَّعَامِ وَالْعَنْبَرِ فَلَا يُقْطَعُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ أَحْرَقَ شَيْئًا فِي الْحِرْزِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَيُؤَدَّبُ فَلَوْ أَكَلَهُ خَارِجَ الْحِرْزِ أَوْ أَحْرَقَهُ قُطِعَ (أَوْ) (ادَّهَنَ) فِي الْحِرْزِ (بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ إذَا سَلَتَ كَمِسْكٍ وَزَبَادٍ وَعِطْرٍ (نِصَابٌ) أَيْ قِيمَةُ نِصَابٍ (أَوْ) كَانَ خَارِجَ الْحِرْزِ وَ (أَشَارَ إلَى شَاةٍ) مَثَلًا (بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ) فَأَخَذَهَا قُطِعَ. (أَوْ) سَرَقَ (اللَّحْدَ) فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْإِغْيَاءِ وَالْمُرَادُ بِاللَّحْدِ غِشَاءُ الْقَبْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخِذِ إنَّمَا أَخَذَ مَالَهُ الَّذِي كُنْت جَاحِدًا لَهُ أَوْ مُمَاطِلًا لَهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ كَذَّبَهُ أَيْ حَتَّى يَقْصُرَ الثُّبُوتَ هُنَا عَلَى الثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يُعَمَّمُ فِيهِ بِحَيْثُ يُجْعَلُ شَامِلًا لِلثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ حَتَّى يَلْزَمَ مُخَالَفَةٌ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ) أَيْ بَلْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ سَرَقَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ) أَيْ وَاحِدٍ فَلَوْ أُخْرِجَ النِّصَابُ مِنْ حِرْزَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ سَوَاءٌ كَانَ الْحِرْزَانِ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ أَوْ لِأَكْثَرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّصَابَ مَتَى كَانَ مُخْرَجًا مِنْ حِرْزٍ وَاحِدٍ قُطِعَ مُخْرِجُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُهُ، وَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ حِرْزَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا قَطْعَ فِيهِ وَلَوْ اتَّحَدَ الْمَالِكُ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ آخِذَ النِّصَابِ مِنْ مَجْمُوعِ غَرَائِرَ بِسَوْقٍ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ كُلَّ غِرَارَةٍ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْإِمَامُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ الْفُقَهَاءُ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْهِ وَأَوَّلُ مَنْ رَجَعَ إلَيْهِ رَبِيعَةُ اهـ مِنْ ح. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ السَّارِقِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ النِّصَابِ خَارِجَ الْحِرْزِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَتَلِفَ بِنَارٍ أَوْ أَتْلَفَهُ حَيَوَانٌ أَوْ كَانَ زُجَاجًا فَانْكَسَرَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ. (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ لَا يُعَدَّ إلَخْ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوَّرٌ بِمَا لَا يُعَدُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ) أَيْ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِجَرَيَانِ هَذِهِ الْحَالِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ مُخْرَجٍ مِنْ أَوْصَافِ الْمَسْرُوقِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ، حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَ مِنْ أَوْصَافِ السَّارِقِ وَقَدْ جَرَتْ عَلَى الْمَسْرُوقِ فَلِذَلِكَ أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لَكِنْ مَعَ عَدَمِ اللَّبْسِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ. (قَوْلُهُ: فَالْمَدَارُ) أَيْ فِي الْقَطْعِ عَلَى إخْرَاجِ النِّصَابِ مِنْ الْحِرْزِ حَتَّى أَنَّ السَّارِقَ لَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ الْحِرْزِ ثُمَّ عَادَ بِهِ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي الْبَدْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ التَّبْصِرَةِ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ إذَا قَتَلَ السَّارِقَ وَهُوَ يُخَلِّصُ مَتَاعَهُ مِنْهُ فَهَدَرٌ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ، فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ الْبَيْتِ وَبُعْدِهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقَادُ لَهُ مِنْ رَبِّ الدَّارِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَدِينَارٍ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَدَّبُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الضَّمَانِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَكَلَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ الْكَائِنَ مِنْ الطَّعَامِ مِنْ الْحِرْزِ وَأَكَلَهُ أَوْ حَرَقَهُ خَارِجَهُ قُطِعَ. (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّهَنَ فِي الْحِرْزِ) أَيْ أَوْ دَهَنَهُ غَيْرُهُ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ. (قَوْلُهُ إذَا سَلَتَ) مِثْلُ السُّلْتِ الْغُسْلُ فَيَطْفُو مِنْهُ عَلَى الْمَاءِ فَإِذَا ادَّهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ بَعْدَ غَسْلِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ قُطِعَ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ) أَيْ السَّارِقُ خَارِجَ الْحِرْزِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ) أَيْ وَاقِفَةٍ فِي الْحِرْزِ. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ فَالْمُرَادُ الدَّابَّةُ مُطْلَقًا وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ إخْرَاجَ الْبَازِ بِغَيْرِ عَلَفٍ كَإِخْرَاجِ الشَّاةِ بِهِ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ إخْرَاجَ الدَّابَّةِ بِغَيْرِ الْعَلَفِ كَإِخْرَاجِهَا بِهِ كَنِدَاءِ بَعْضِ الْبَقَرِ بِاسْمِهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ أَشَارَ لِحَيَوَانٍ فَخَرَجَ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: فَأَخَذَهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا فَلَا يُقْطَعُ فَأَخَذَهَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ كَالْإِخْرَاجِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُخَرَّجٌ مِنْ حِرْزٍ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ التَّعْوِيلُ فِي الْقَطْعِ عَلَى خُرُوجِ النِّصَابِ مِنْ الْحِرْزِ أَخَذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِاللَّحْدِ غِشَاءُ الْقَبْرِ إلَخْ) بِهَذَا الْمُرَادِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَحْثِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ اللَّحْدِ أَيْ أَوْ سَرَقَ مَا فِي اللَّحْدِ وَاَلَّذِي فِيهِ هُوَ الْكَفَنُ؛ لِأَنَّ اللَّحْدَ هُوَ الْقَبْرُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَا هُنَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا يَأْتِي، لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ يُتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَةِ غِشَاءِ الْقَبْرِ لَحْدًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِجَوَابِهِ بِقَوْلِهِ سَمَّاهُ لَحْدًا مَجَازًا إلَخْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَجَازَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَمَاعُ الشَّخْصِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ سَمَاعُ نَوْعِ الْعَلَاقَةِ وَنَصَّ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَكَذَا رَأَيْت هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ وَلَا أَتَحَقَّقُ مَعْنَاهَا؛ لِأَنَّ اللَّحْدَ بِفَتْحِ اللَّامِ ضِدُّ الشَّقِّ، فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهُ وَأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَانَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا يَأْتِي، وَإِنْ أَرَادَ اللَّبِنَ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَصِحُّ لَكِنْ يُتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ لُغَةً وَعَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَمَا رَأَيْت فِي ذَلِكَ نَصًّا، إلَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ النَّوَادِرِ الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَالْبَيْتِ اهـ أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهِ اللَّبِنُ الَّتِي تُنْصَبُ

أَيْ مَا يُسَدُّ بِهِ اللَّحْدُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ سَمَّاهُ لَحْدًا مَجَازًا لِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ الْكَفَنِ فَسَيَأْتِي (أَوْ) سَرَقَ (الْخِبَاءِ) أَيْ الْخَيْمَةَ الْمَنْصُوبَةَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ كَانَ أَهْلُهَا بِهَا أَمْ لَا (أَوْ) سَرَقَ (مَا فِيهِ) مِنْ الْأَمْتِعَةِ؛ لِأَنَّ الْخِبَاءَ حِرْزٌ لِنَفْسِهِ وَلِمَا فِيهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْخِبَاءِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ اُتُّخِذَ مَنْزِلًا وَتُرِكَ بِهِ مَتَاعٌ وَذَهَبَ صَاحِبُهُ لِحَاجَةٍ مَثَلًا فَسَرَقَهُ إنْسَانٌ أَوْ سَرَقَ مَا فِيهِ قُطِعَ (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَانُوتٍ أَوْ) مِنْ (فِنَائِهِمَا) أَيْ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ؛ لِأَنَّ الْفِنَاءَ حِرْزٌ لِمَا يُوضَعُ فِيهِ عَادَةً (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (مَحْمَلٍ) كَمِحَفَّةٍ وَشُقْدُفٍ أَوْ سَرَقَ الْمَحْمَلَ نَفْسَهُ كَانَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَمْ لَا (أَوْ) سَرَقَ مَا عَلَى (ظَهْرِ دَابَّةٍ) مِنْ غِرَارَةٍ أَوْ خُرْجٍ أَوْ سَرْجٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ هَذَا إذَا كَانَ أَصْحَابُهَا حَاضِرِينَ مَعَهَا بَلْ (وَإِنْ غِيبَ) أَيْ غَابَ أَصْحَابُهُنَّ (عَنْهُنَّ) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْخِبَاءِ وَمَا بَعْدَهُ (أَوْ) سَرَقَ تَمْرًا أَوْ حَبًّا (بِجَرِينٍ) (أَوْ) سَرَقَ شَيْئًا مِنْ (سَاحَةِ دَارٍ) بِالنِّسْبَةِ (لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ شَرِيكٍ فِي السُّكْنَى شَرِكَةَ ذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فَغَيْرُ السَّاكِنِ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ شَرِيكًا فِي الذَّاتِ إذَا كَانَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ كَمَا قَالَ (إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ وَمَفْهُومُ أَجْنَبِيٍّ أَنَّ الشَّرِيكَ فِي السُّكْنَى لَا يُقْطَعُ إنْ سَرَقَ مِنْ السَّاحَةِ مَا الشَّأْنُ أَنْ لَا يُوضَعَ فِيهَا كَالثِّيَابِ وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الدَّارِ وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ مَا يُوضَعُ فِيهَا كَالدَّابَّةِ فَيُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الدَّارِ حَيْثُ أَزَالَهَا مِنْ مَكَانِهَا الْمُعَدِّ لَهَا إزَالَةً بَيِّنَةً كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ بُيُوتِهَا فَيُقْطَعُ مُخْرِجُهُ مِنْ الْبَيْتِ لِسَاحَتِهَا اتِّفَاقًا فِي الشَّرِيكِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَقِيلَ حَتَّى يَخْرُجَ بِالْمَسْرُوقِ مِنْ الدَّارِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ بَيْتِهَا أَوْ مِنْ سَاحَتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ سَاحَتِهَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا أَمْ لَا (كَالسَّفِينَةِ) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ مُطْلَقًا خَرَجَ مِنْهَا أَمْ لَا كَانَ مِنْ رُكَّابِهَا أَمْ لَا كَأَنْ سَرَقَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ إنْ كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا لَا إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّكَّابِ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ السَّرِقَةِ مِنْ الْخُنِّ وَإِلَّا قُطِعَ مُطْلَقًا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ (أَوْ) سَاحَةِ (خَانٍ) حِرْزٍ (لِلْأَثْقَالِ) يُقْطَعُ سَارِقُهَا إذَا أَزَالَهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُسَدُّ بِهِ اللَّحْدُ) أَيْ مَا يُسَدُّ بِهِ الْقَبْرُ عَلَى الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا سَرِقَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْكَفَنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ الْخِبَاءَ أَوْ مَا فِيهِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ضُرِبَ الْخِبَاءُ فِي مَكَان لَا يُعَدُّ رَبُّهُ بِضَرْبِهِ فِيهِ مُضَيِّعًا لَهُ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ اُتُّخِذَ مَنْزِلًا) أَيْ كَخُصٍّ مِنْ بُوصٍ أَوْ مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَكَذَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَالرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ يَنْزِلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ قُطِعَ وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ لِأَخْذِهِ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ، فَإِنْ كَانَ مَنْزِلًا لَهُ قُطِعَ سَارِقُهُ، وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِرَةً أَوْ نَازِلَةً فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَمَحِلُّ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ بِحِرْزِ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْزًا لِمَا عَلَيْهَا كَأَنْ كَانَتْ فِي قِطَارٍ مَثَلًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا فَلَا قَطْعَ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ كَالْبَرْذعَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ الْحَانُوتِ وَالْمَحْمَلِ وَظَهْرِ الدَّابَّةِ. (قَوْلُهُ: بِجَرِينٍ) أَيْ كَائِنٍ فِي جَرِينٍ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَوْ بَعِيدًا مِنْهُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا جُمِعَ فِي الْجَرِينِ الْحَبُّ أَوْ التَّمْرُ وَغَابَ رَبُّهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ وَلَا غَلَقٌ وَلَا حَائِطٌ قُطِعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ اهـ بْن وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ عَلَى عبق سَرِقَةُ الْفُولِ وَنَحْوَهُ مِنْ السَّاحِلِ مُغَطًّى بِحَصِيرٍ فِيهَا الْقَطْعُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا غَابَ عَنْهُ رَبُّهُ أَمْ لَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ ثُمَّ قَالَ رَاجِعْ التَّوْضِيحَ اهـ أَمِيرٌ. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ السَّرِقَةِ مُعْتَبَرَةً بِالنِّسْبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ السَّاكِنِ أَجْنَبِيٌّ) وَلَوْ شَرِيكًا فِي الذَّاتِ إذَا كَانَ لَا يَدْخُلُ، إلَّا بِإِذْنٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُقْطَعُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ فِيمَا سَرَقَهُ مِنْ السَّاحَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُوضَعُ فِي السَّاحَةِ أَوْ لَا كَالثَّوْبِ (قَوْلُهُ: إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ، إلَّا بِإِذْنٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الدَّارِ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّرِيكِ فِي السُّكْنَى. (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا فِي الشَّرِيكِ) ؛ لِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ لِلسَّاحَةِ صَارَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْخِلَافِ فِي الْأَجْنَبِيِّ اهـ أَمِيرٌ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ مَا صُورَتُهُ (فَرْعٌ) فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ السُّوقَ الْمَجْعُولَ عَلَيْهِ قَيْسَارِيَّةً تُغْلَقُ بِأَبْوَابٍ وَيُحِيطُ بِهَا مَا يَمْنَعُ وَذَلِكَ كَالْجَمَلُونِ وَالشِّرْبِ وَالتَّرْبِيعَةِ بِمِصْرَ لَا يُقْطَعُ سَارِقٌ مِنْ حَوَانِيتِهِ، إلَّا إذَا أَخْرَجَهُ خَارِجَ الْقَيْسَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ مَا فِيهِ قَالَ وَهُوَ فَرْعٌ مِنْهُمْ اهـ أَمِيرٌ. (قَوْلُهُ كَالسَّفِينَةِ) أَيْ كَمَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا وَأَمَّا سَرِقَتُهَا نَفْسِهَا فَسَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا) أَيْ مِنْ غَيْرِ رُكَّابِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا إلَخْ) فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ فِيهَا الْقَطْعُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ عِنْدَ غَيْبَةِ رَبِّهِ عَنْهُ وَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ لَا قَطْعَ فِيهَا (قَوْلُهُ: إذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْتٍ مُسْتَقِلٍّ فَالْإِخْرَاجُ مِنْهُ لِظَاهِرِهَا كَالْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ. (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ) أَيْ كَانَتْ السَّرِقَةُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ لَا كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ الرِّكَابِ أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ مِنْ السَّفِينَةِ أَمْ لَا وَمِثْلُ الْخِنِّ فِي الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ مُطْلَقًا كُلُّ

مَوْضِعِهَا وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُمَا مِنْهَا إذَا كَانَتْ تُبَاعُ فِيهَا وَإِلَّا فَبِإِخْرَاجِهَا عَنْهَا كَالسَّفِينَةِ وَمَفْهُومُ الْأَثْقَالِ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْخَفِيفَةَ كَالثَّوْبِ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا؛ لِأَنَّ السَّاحَةَ لَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ لَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ سَاكِنٍ وَالسَّرِقَةُ مِنْ بُيُوتِهِ كَالسَّرِقَةِ مِنْ خَنِّ السَّفِينَةِ. (أَوْ زَوْجٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى يَقْطَعُ كُلٌّ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ (فِيمَا) أَيْ فِي مَكَان (حُجِرَ عَنْهُ) أَيْ السَّارِقِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِمُجَرَّدِ إزَالَتِهِ مِنْ حِرْزِهِ كَصُنْدُوقٍ أَوْ خِزَانَةٍ أَوْ طَبَقَةٍ وَالْحَجْرُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِغَلَقٍ لَا بِمُجَرَّدٍ مَنْعٍ بِكَلَامٍ فَلَوْ سَرَقَ مِمَّا لَمْ يُحْجَرُ عَنْهُ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ (أَوْ) (مُوقَفِ دَابَّةٍ) يُقْطَعُ سَارِقُهَا مِنْهُ وُقِفَتْ (لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَمَكَانٍ بِزُقَاقٍ اُعْتِيدَ وُقُوفُهَا وَرَبْطُهَا بِهِ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا أَمْ لَا بِإِبَانَتِهَا عَنْ مُوقَفِهَا (أَوْ) (قَبْرٍ أَوْ بَحْرٍ لِمَنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَنٍ) فَالْقَبْرُ وَالْبَحْرُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ رُمِيَ بِهِ عَنْ الْغَرِيقِ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ مَا عَلَيْهِ (أَوْ) (سَفِينَةٍ) سُرِقَتْ (بِمَارَسَاةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهَا سَوَاءٌ اُعْتِيدَ لِلْإِرْسَاءِ أَمْ لَا قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَمْ لَا (أَوْ) (كُلِّ شَيْءٍ) سُرِقَ (بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ وَلَوْ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ كَانَ نَائِمًا. (أَوْ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَكَان حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السَّفِينَةِ كَالْقَمَرَةِ وَالطَّارِمَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ سَاحَةِ الْخَانِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ) أَيْ الْأَثْقَالُ تُبَاعُ فِيهَا أَيْ فِي سَاحَةِ الْخَانِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَطْعِ الْأَجْنَبِيِّ بِإِزَالَتِهَا مِنْ مَحِلِّهَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِإِخْرَاجِهَا) أَيْ وَإِلَّا تَكُنْ الْأَثْقَالُ تُبَاعُ فِي السَّاحَةِ فَلَا يُقْطَعُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ السَّاحَةِ وَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إزَالَتِهَا عَنْ مَكَانِهَا. (قَوْلُهُ: كَالسَّفِينَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الرُّكَّابِ وَكَانَ رَبُّ الْمَتَاعِ غَيْرَ حَاضِرٍ، إلَّا إذَا أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ) أَيْ لِلثَّوْبِ وَقَوْلُهُ: لَا لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لَا بِالنِّسْبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا بِالنِّسْبَةِ لِسَاكِنٍ (قَوْلُهُ: وَالسَّرِقَةُ مِنْ بُيُوتِهِ) أَيْ الْخَانِ وَقَوْلُهُ: كَالسَّرِقَةِ مِنْ خِنِّ السَّفِينَةِ أَيْ فَيُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْبَيْتِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْخَانِ (قَوْلُهُ: يُقْطَعُ كُلٌّ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ) أَيْ وَحُكْمُ أَمَةِ الزَّوْجَةِ فِي السَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ كَالزَّوْجَةِ وَحُكْمُ عَبْدِ الزَّوْجِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ كَالزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيٍّ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي حُجِرَ عَنْ السَّارِقِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ السَّارِقِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ الَّذِي حُجِرَ عَنْ السَّارِقِ مِنْهُمَا خَارِجًا عَنْ مَسْكَنِهِمَا أَوْ كَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْأَوَّلِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِيَاضٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِي خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ اللَّخْمِيِّ وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَحْسَنُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْغَلَقِ التَّحَفُّظَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ كَانَ لِتَحَفُّظِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ قُطِعَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وُقِفَتْ لِبَيْعٍ) أَيْ بِالسُّوقِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَوْ لَا كَانَ رَبُّهَا مَعَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَكَانٍ بِزُقَاقٍ اُعْتِيدَ) هَذَا مِثَالٌ لِلْغَيْرِ وَإِنَّمَا قُطِعَ لِأَنَّ ذَلِكَ حِرْزٌ لَهَا وَأَمَّا آخِذُهَا مِنْ مَوْقِفٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ وُقُوفُهَا وَرَبْطُهَا بِهِ فَلَا قَطْعَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَبُّهَا أَوْ خَادِمُهُ هَذَا، وَسَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ الْكَلَامُ عَلَى أَخْذِ الدَّابَّةِ الْوَاقِفَةِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَالْوَاقِفَةِ فِي السُّوقِ لِغَيْرِ بَيْعِهَا بَلْ لِانْتِظَارِ رَبِّهَا، فَلِذَا حَمَلَ الشَّارِحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى خُصُوصِ الدَّابَّةِ الْوَاقِفَةِ فِي الزُّقَاقِ (قَوْلُهُ: بِإِبَانَتِهَا عَنْ مَوْقِفِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا (قَوْلُهُ: لِكَفَنٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفَنِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ كَفَنٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِكَفَنٍ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ شَرْعًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ وَالتَّلْقِينِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْكَفَنَ بِكَوْنِهِ مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا فَغَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ حِرْزًا لَهُ فَمَنْ سَرَقَ مِنْ كَفَنِ شَخْصٍ كُفِّنَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَا زَادَ عَلَى الشَّرْعِيِّ يُقْطَعُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي وَاقْتَصَرَ فِي المج عَلَى الثَّانِي وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَبْرَ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَوْ بَعِيدًا عَنْهُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ وَلَوْ فَنِيَ الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ، وَأَمَّا الْبَحْرُ فَظَاهِرُ كَوْنِهِ حِرْزًا لِلْكَفَنِ مَا دَامَ الْمَيِّتُ فِيهِ، فَإِنْ فَرَّقَهُ الْمَوْجُ عَنْهُ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَفَنٌ بِهِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ الْبَحْرُ حِرْزًا لَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ) أَيْ مِنْ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ وَيَجُوزُ أَيْضًا ضَمُّهَا مِنْ الرُّبَاعِيِّ الْمَزِيدِ كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَحَلُّ الرَّسْيِ. (قَوْلُهُ: يُقْطَعُ سَارِقُهَا بِهِ) أَيْ مِنْهُ وَكَمَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ السَّفِينَةَ مِنْ الْمِرْسَاةِ يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ الْمِرْسَاةَ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْآلَةَ كَانَتْ السَّفِينَةُ سَائِرَةً أَوْ رَاسِيَةً. (قَوْلُهُ: قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَمْ لَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُقْطَعُ إذَا كَانَتْ رَاسِيَةً فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ مِنْ الْعُمْرَانِ كَالدَّابَّةِ إذَا رُبِطَتْ بِمَحِلٍّ لَمْ تُعْرَفْ بِالْوُقُوفِ فِيهِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) أَيْ الْحَيِّ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ نَائِمًا لَا إنْ كَانَ صَاحِبُهُ الْحَاضِرُ مَيِّتًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَيُشِيرُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الشُّرُوطِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْحَضْرَةَ تَقْتَضِي الشُّعُورَ وَلَوْ حُكْمًا كَالنَّائِمِ لِسُرْعَةِ انْتِبَاهِهِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ أَوْ كُلٌّ شَيْءٍ مَعَهُ صَاحِبُهُ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ وَلِاقْتِضَائِهِ قَطْعَهُ إذَا سَرَقَ الْمَالَ وَصَاحِبَهُ كَالدَّابَّةِ بِرَاكِبِهَا وَالسَّفِينَةِ بِأَهْلِهَا وَهُوَ نِيَامٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حِرْزِهِ وَهُوَ مُصَاحَبَةُ رَبِّهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ فِي حِرْزٍ، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ، إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَحِرْزُ الْإِحْضَارِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ فَقْدِ حِرْزِ الْأَمْكِنَةِ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ الْمَوَاشِي إذَا كَانَتْ بِالْمَرْعَى فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهَا بِحَضْرَةِ

سَرَقَ طَعَامًا (مِنْ مِطْمَرٍ) مَحَلٌّ يُجْعَلُ فِي الْأَرْضِ لِخَزْنِ الطَّعَامِ إنْ (قَرُبَ) مِنْ الْمَسَاكِنِ بِحَيْثُ يَكُونُ نَظَرُ رَبِّهِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ) سَرَقَ بَعِيرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ (قِطَارٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ رَبْطُ الْإِبِلِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ (وَنَحْوِهِ) كَإِبِلٍ مُجْتَمِعَةٍ لَكِنْ الْقِطَارُ إنْ حَلَّ السَّارِقُ مِنْهَا وَاحِدًا قُطِعَ، وَإِنْ لَمْ يَبِنْ بِهِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَبَانَ بِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِهِ فِي اخْتِصَارِ الْبَرَادِعِيِّ وَإِلَّا فَالْأُمُّ لَيْسَ فِيهَا وَبَانَ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ تَقْيِيدَ الْبَرَادِعِيِّ بِالْإِبَانَةِ مِثْلُهُ فِي الْأُمَّهَاتِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ فَأَوْلَى غَيْرُ الْمَقْطُورَةِ. (أَوْ) (أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ) أَوْ بَابَ الدَّارِ وَنَحْوَهُمَا (أَوْ) أَزَالَ (سَقْفَهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ كُلًّا عَنْ حِرْزِهِ (أَوْ) (أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ أَوْ حُصُرَهُ) كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلَقٌ أَمْ لَا وَكَذَا بَلَاطُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ (أَوْ) أَخْرَجَ (بُسُطَهُ) لَكِنْ الْأَرْجَحُ أَنَّ إزَالَتَهَا عَنْ مَحِلِّهَا كَافٍ فِي الْقَطْعِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُ قَوْلِهِ أَخْرَجَ لِيَكُونَ مَاشِيًا عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى وَقَيَّدَ الْبُسُطَ بِقَوْلِهِ (إنْ تُرِكَتْ بِهِ) لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى صَارَتْ كَالْحُصُرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ تُرْفَعُ فَتُرِكَتْ مَرَّةً فَسُرِقَتْ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ حِرْزًا لَهَا وَالْحُصُرُ كَذَلِكَ، فَإِنْ سُرِقَتْ مِنْ خِزَانَتِهَا قُطِعَ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهَا مِنْهَا (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَمَّامٍ) مِنْ ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ أَوْ آلَاتِهِ (إنْ دَخَلَ) مِنْ بَابِهِ (لِلسَّرِقَةِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQصَاحِبِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ وَالنَّوَادِرِ بَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَوَاشِي إذَا سُرِقَتْ فِي مَرَاعِيهَا حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمَرَاحُ إلَخْ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَتْ فِي الْمَرْعَى لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا، وَإِنْ أَوَاهَا الْمَرَاحُ قُطِعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ وَاخْتُلِفَ إذَا سَرَقَ مِنْهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى الْمَرْعَى أَوْ رَاجِعَةٌ مِنْهَا لِلْمَرَاحِ وَمَعَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا فَقِيلَ يُقْطَعُ سَارِقُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْمَرْعَى وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِذَا أَوَاهَا الْمَرَاحُ الْحَدِيثَ فَلَمْ يَجْعَلْ فِيهَا قَطْعًا حَتَّى تَصِلَ لِلْمَرَاحِ اهـ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَحْوَالَ ثَلَاثَةٌ اُنْظُرْ بْن وَمِثْلُ الْمَوَاشِي فِي الْمَرْعَى الثِّيَابُ يَنْشُرُهَا الْغَسَّالُ وَتُسْرَقُ بِحَضْرَتِهِ فَلَا قَطْعَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ النَّقْلُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا يُنْشَرُ عَلَى حَبْلِ الصَّبَّاغِ أَوْ الْقَصَّارِ الْمَمْدُودِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ يَمُرُّ النَّاسُ مِنْ تَحْتِهِ فَقَالَ لَا قَطْعَ فِيهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ فِيهِ الْقَطْعَ وَقَالَ فِي الْغَسَّالِ يُخْرِجُ الثِّيَابَ لِلْبَحْرِ يَغْسِلُهَا وَيَنْشُرُهَا وَهُوَ مَعَهَا فَيُسْرَقُ مِنْهَا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَمِ فِي مَرْعَاهَا اللَّخْمِيُّ وَأَظُنُّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّ النَّاسَ يَمْشُونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَتَاعِ فَيَصِيرُونَ بِذَلِكَ كَالْأُمَنَاءِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا بَيْنَهَا فَيُرْجَعُ إلَى الْخِيَانَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا يَكُنْ الْمِطْمَرُ قَرِيبًا مِنْ الْمَسَاكِنِ بَلْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهُ لِعَدَمِ الْحِرْزِ اهـ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمِطْمَرِ وَالْجَرِينِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْقُرْبُ أَنَّ الْجَرِينَ مَكْشُوفٌ فَيَكُونُ أَقْوَى فِي الْحِرْزِيَّةِ وَلَوْ بَعُدَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِطْمَرِ وَالْقَبْرِ حَيْثُ جُعِلَ الْقَبْرُ حِرْزًا مُطْلَقًا أَنَّ الْقَبْرَ تَأْنَفُ النُّفُوسُ فِي الْغَالِبِ عَنْ سَرِقَةِ مَا فِيهِ بِخِلَافِ الْمِطْمَرِ؛ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ فِي الْبُعْدِ حِرْزًا. (قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ بَعِيرًا مِنْ قِطَارٍ) أَيْ فَيُقْطَعُ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ الْقِطَارِ وَهُوَ سَائِرٌ أَوْ نَازِلٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَبْطُ الْإِبِلِ) أَيْ وَهُوَ الْإِبِلُ أَوْ غَيْرُهَا الْمَرْبُوطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَإِضَافَةُ رَبْطٍ لِلْإِبِلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ) أَيْ اعْتِبَارُ قَيْدِ الْإِبَانَةِ فِي قَطْعِ السَّارِقِ مِنْ الْقِطَارِ وَأَوْلَى اعْتِبَارُهُ فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْإِبِلِ الْمُجْتَمِعَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ) أَيْ عَنْ مَكَانِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ) أَيْ عَنْ الْمَسْجِدِ أَوْ الدَّارِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ أَوْ حُصُرَهُ) أَيْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلَقٌ أَمْ لَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ لَا قَطْعَ، إلَّا إذَا تُسُوِّرَ عَلَيْهِ بَعْدَ غَلْقِهِ كَمَا فِي ح وَهُوَ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ خَائِنٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ لِسَرِقَةِ بَلَاطِهِ أَصْبَغُ وَقَطْعُهُ لِسَرِقَةِ بَلَاطِهِ أَوْلَى مِنْ قَطْعِهِ لِسَرِقَةِ حُصُرِهِ وَهَذَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ قَوْلِ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ الْقَنَادِيلُ وَالْحُصُرُ فَإِزَالَتُهَا عَنْ مَحِلِّهَا كَافٍ فِي الْقَطْعِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا عَلَى الرَّاجِحِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْقَنَادِيلِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً، وَإِلَّا قُطِعَ بِإِزَالَتِهَا مِنْ مَحَلِّهَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ تُرْفَعُ فَتُرِكَتْ مَرَّةً فَسُرِقَتْ فَلَا قَطْعَ) أَيْ عَلَى سَارِقِهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلَقٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِهَا كَمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَتَاعًا نَسِيَهُ رَبُّهُ بِالْمَسْجِدِ وَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ دَاخِلِ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ أُذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِلَّا قُطِعَ إذَا أَخْرَجَهُ لِمَحَلِّ الطَّوَافِ وَمِمَّا فِيهِ الْقَطْعُ حُلِيُّهَا وَمَا عُلِّقَ بِالْمَقَامِ وَنَحْوَ الرَّصَاصِ الْمُسَمَّرِ فِي الْأَسَاطِينِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: فَإِنْ سُرِقَتْ) أَيْ الْبُسُطُ أَوْ الْحُصُرُ مِنْ خِزَانَتِهَا (قَوْلُهُ: قُطِعَ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهَا مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ حِرْزِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ أَوْ نَقَّبَ أَوْ تَسَوَّرَ) أَيْ وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَرَجَ مِنْهُ بِمَا سَرَقَهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَارِسٌ أَمْ لَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً يُقْطَعُ فِيهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بِحَارِسٍ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ مِنْ بَابِهِ بِقَصْدِ التَّحَمُّمِ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مِنْ بَابِهِ بِقَصْدِ التَّحَمُّمِ وَسَرَقَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَمَّامِ حَارِسٌ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ أَوْ يَأْذَنُ لَهُ فِيهِ أَوْ لَا يَكُونُ فِي حَارِسٌ أَصْلًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَ الْمَسْرُوقَ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ لَا يُخْرِجَهُ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ يُقْطَعُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَارِسٌ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ

بِاعْتِرَافِهِ وَسَرَقَ فَيُقْطَعُ (أَوْ نَقَبَ) الْحَمَّامَ (أَوْ تَسَوَّرَ) عَلَيْهِ وَسَرَقَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا سَرَقَهُ كَانَ لِلْحَمَّامِ حَارِسٌ أَمْ لَا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا وُفِّقَ بِالْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا أَخَذَ خَارِجَهُ أَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْهُ فِي الثَّلَاثَةِ (أَوْ) دَخَلَ مِنْ بَابِهِ لِلْحُمُومِ وَكَانَ (بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) الْحَارِسُ (فِي تَقْلِيبِ) الثِّيَابِ فَيُقْطَعُ إنْ خَرَجَ بِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ فَلَا قَطْعَ وَالْمُرَادُ بِالْإِذْنِ فِي التَّقْلِيبِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَقْلِيبِ ثِيَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ وَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ رَبَّ الثِّيَابِ يَأْخُذُ ثِيَابَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَارِسِ كَمَا فِي مِصْرَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ (وَصَدَقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ) إنْ أَخَذَ ثِيَابَ غَيْرِهِ إنْ دَخَلَ مِنْ بَابِهِ وَأَشْبَهَ كَانَ لَهُ حَارِسٌ أَمْ لَا. (أَوْ) (حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ أَوْ خَدَعَهُ) وَلَوْ مُمَيِّزًا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ سَيِّدُك بَعَثَنِي لَك لِتَذْهَبَ مَعِي إلَى مَكَانِ كَذَا أَوْ إلَيْهِ فَخَرَجَ مَعَهُ طَوْعًا مِنْ حِرْزِهِ فَالْقَطْعُ (أَوْ) (أَخْرَجَهُ) أَيْ النِّصَابَ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ عَنْ النَّاسِ (فِي) بُيُوتِ (ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ) لِجَمِيعِ النَّاسِ كَبَيْتِ الْحَاكِمِ وَالْعَالِمِ وَالْكَرِيمِ الَّذِي يَدْخُلُهُ عَامَّةُ النَّاسِ بِلَا إذْنٍ خَاصٍّ (لِمَحِلِّهِ) أَيْ مَحِلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَخْرَجَ أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْمَحِلِّ الْعَامِّ خَارِجَ بَابِهِ أَيْ إنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ مِنْ بُيُوتِ دَارٍ مَأْذُونٍ فِي دُخُولِهِ لِعُمُومِ النَّاسِ فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَ النِّصَابَ مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ بَابِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ بَابِهَا لَمْ يُقْطَعْ فَلَوْ سَرَقَهُ مِنْ ظَاهِرِهَا الْمَأْذُونِ فِي دُخُولِهِ لِلنَّاسِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (لَا) دَارٍ ذَاتِ (إذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ) أَوْ مُرْسَلٍ لِحَاجَةٍ أَوْ قَاصِدِ مَسْأَلَةٍ فَسَرَقَ (مِمَّا) أَيْ بَيْتِ (حُجِرَ عَلَيْهِ) فِي دُخُولِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَأَوْلَى إنْ أَخَذَ مِمَّا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بِإِذْنٍ فَسَرَقَ كَانَ خَائِنًا لَا سَارِقًا حَقِيقَةً (وَلَا إنْ نَقَلَهُ) أَيْ النِّصَابَ فِي الْحِرْزِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ فَلَا يُقْطَعُ كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا كَانَ فِيهِ حَارِسٌ وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَارِسٌ أَصْلًا وَلَوْ خَرَجَ بِالْمَسْرُوقِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ خَائِنٌ هَذَا حَاصِلُ الْفِقْهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: بِاعْتِرَافِهِ) أَيْ بِاعْتِرَافِهِ بِدُخُولِهِ لِلسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ الْحَمَّامَ، إلَّا لِلسَّرِقَةِ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْمَوْضِعَ الْمَأْذُونَ فِيهَا لِكُلِّ أَحَدٍ لَمْ يُفَصِّلُوا فِي السَّرِقَةِ مِنْهَا بَلْ نَفَوْا الْقَطْعَ مُطْلَقًا وَقَالُوا فِي الْحَمَّامِ إذَا دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ قُطِعَ فَأَيُّ فَرْقٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا وُفِّقَ بِالْمَذْهَبِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ فَأَخَذَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِالشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي سَرِقَةِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا أَخْرَجَهُ لِسَاحَتِهَا فَقَطْ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَطْعُ فَيَكُونُ الْأَوْفَقُ بِالْمَذْهَبِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ) أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يُنَاوِلَهَا لَهُ فَخَالَفَ وَأَخَذَ غَيْرَ ثِيَابِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ) أَيْ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ فَقَطْ فَسَرَقَ ثِيَابًا آخَرَ فَلَا قَطْعَ وَلَوْ أَوْهَمَ الْحَارِسَ أَنَّهَا ثِيَابُهُ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، فَإِنْ نَاوَلَهُ الْحَارِسُ ثِيَابَهُ فَمَدّ يَدَهُ لِغَيْرِهَا بِغَيْرِ عِلْمِ الْحَارِسِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ آخِذٌ لِلشَّيْءِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ) أَيْ إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَارِسُ فِي التَّقْلِيبِ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ مِنْ بَابِهِ وَأَخَذَ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ خَطَأً فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَانَ لِلْحَمَّامِ حَارِسٌ أَمْ لَا أَذِنَ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ أَمْ لَا وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ. (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ مِنْ بَابِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَقَبَ أَوْ تَسَوَّرَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْخَطَأَ. (قَوْلُهُ: وَأَشْبَهَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُشْبِهْ كَمَا لَوْ كَانَ ثَوْبُهُ جُبَّةً فَأَخَذَ فَرْوًا أَوْ كَشْمِيرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْخَطَأِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ عَبْدًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُمَيِّزْ أَيْ لِصِغَرِهِ أَوْ عُجْمَتِهِ أَوْ جُنُونِهِ وَحَيْثُ كَانَ لَمْ يُمَيِّزْ فَلَا يَتَأَتَّى أَنَّهُ خُدَعُهُ لِأَنَّ الْخِدَاعَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُمَيِّزِ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَدَعَهُ) أَيْ أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ لَكِنَّهُ خَدَعَهُ وَالضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ لَا بِقَيْدِ عَدَمِ التَّمْيِيزِ لِأَنَّ الْخُدَعَ إنَّمَا يَكُونُ لِمُمَيِّزٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ مُمَيِّزًا الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةٌ لَا لِلْمُبَالَغَةِ لِفَسَادِ مَا قَبْلَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ احْتِبَاكًا حَيْثُ حَذَفَ قَيْدَ التَّمْيِيزِ فِي الثَّانِي لِدَلَالَةِ ذِكْرِ مُقَابِلِهِ وَهُوَ عَدَمُ التَّمْيِيزِ فِي الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَحَذَفَ قَيْدَ الْإِكْرَاهِ فِي الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُقَابِلِهِ فِي الثَّانِي لِأَنَّ الْخُدَعَ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مَعَهُ طَوْعًا (قَوْلُهُ: فِي بُيُوتِ ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ) فِي بِمَعْنَى مِنْ وَهُوَ حَالٌ مِنْ بَيْتِ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ أَيْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْتِ مَحْجُورٍ عَنْ النَّاسِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ الْمَحِلِّ ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ بَابِهَا) أَيْ بِأَنْ أَلْقَاهُ فِي عَرْصَتِهَا أَوْ قُبِضَ عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ فِي عَرْصَتِهَا فَلَا يُقْطَعُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَرَقَهُ مِنْ ظَاهِرِهَا) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْتِ مَحْجُورٍ عَنْ النَّاسِ فِي دُخُولِهِ وَمِثْلُ السَّرِقَةِ مِنْ ظَاهِرِهَا فِي عَدَمِ الْقَطْعِ السَّرِقَةُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ أَيْ وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَابِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِ ذَلِكَ الْمَسْرُوقِ فِي الْمَحِلِّ الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: لَا دَارٍ ذَاتِ إذْنٍ خَاصٍّ) أَيْ لَا إنْ سَرَقَ مِنْ دَارٍ ذَاتِ إذْنٍ خَاصٍّ أَيْ مُخْتَصٍّ بِبَعْضِ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْرُوقِ وَقَوْلُهُ: مِنْ جَمِيعِهِ أَيْ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ نَقَلَهُ) أَيْ وَلَا قَطْعَ إنْ نَقَلَ النِّصَابَ مِنْ مَكَان لِآخَرَ حَالَةَ كَوْنِهِ بَاقِيًا

(وَلَمْ يُخْرِجْهُ) عَنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلُ مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ (وَلَا) قَطْعَ (فِيمَا) أَيْ فِي سَرِقَةِ مَا (عَلَى صَبِيٍّ) غَيْرِ مُمَيِّزٍ مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ (أَوْ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يُعَدُّ حَافِظًا لِمَا عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يَحْرُسُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِدَارِ أَهْلِهِ وَإِلَّا قُطِعَ، فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُصَاحِبُ الْمُمَيِّزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَلِذَا عَبَّرَ بِصَاحِبِهِ دُونَ رَبِّهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ. (وَلَا) قَطْعَ (عَلَى) (دَاخِلٍ) فِي حِرْزٍ (تَنَاوَلَ) النِّصَابَ (مِنْهُ الْخَارِجُ) عَنْهُ بِأَنْ مَدَّ يَدَهُ لِدَاخِلِ الْحِرْزِ فَنَاوَلَهُ الدَّاخِلُ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمُدَّ الْخَارِجُ يَدَهُ وَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ الدَّاخِلُ بِمَدِّ يَدِهِ لَهُ لِخَارِجِ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ وَسَيَأْتِي وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ قُطِعَا (وَلَا) قَطْعَ (إنْ) (اخْتَلَسَ) أَيْ أَتَى جَهْرًا أَوْ سِرًّا وَأَخَذَ النِّصَابَ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَذْهَبُ جِهَارًا فَارًّا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخْتَلِسَ هُوَ الَّذِي يَخْطَفُ الْمَالَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فِي غَفْلَتِهِ وَيَذْهَبُ بِسُرْعَةٍ جَهْرًا. (أَوْ) أَخَذَ نِصَابًا مِنْ صَاحِبِهِ وَ (كَابَرَ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ وَالْغَاصِبُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ (أَوْ هَرَبَ) بِالْمَسْرُوقِ (بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (فِي الْحِرْزِ) (وَلَوْ) تَرَكَهُ رَبُّهُ فِيهِ وَذَهَبَ (لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ) بِأَنَّهُ سَرَقَ الْمَتَاعَ وَلَوْ شَاءَ لَخَلَّصَ الْمَتَاعَ مِنْهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ ثُمَّ لَمَّا ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ خَرَجَ بِهِ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَالَ خُرُوجِهِ كَالْمُخْتَلِسِ (أَوْ) (أَخَذَ دَابَّةً) أَوْقَفَهَا رَبُّهَا (بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ) لِغَيْرِ بَيْعٍ وَبِغَيْرِ حَافِظٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْقِفٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَكَذَا إنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَرْعًى (أَوْ) أَخَذَ (ثَوْبًا) مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ بِدَاخِلِ الدَّارِ وَ (بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ) أَوْ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْحِرْزِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) أَيْ فِي جَيْبِهِ أَوْ كُمِّهِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) بِهَذَا يَنْتَفِي التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الدَّابَّةِ وَبَيْن مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَذْكُورَ وَالدَّابَّةَ اشْتَرَكَا فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ يَحْرُسُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِدَارِ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ وَمَا مَرَّ مِنْ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الدَّابَّةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَتْ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُطِعَ) أَيْ سَارِقُ مَا عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَضْرَةَ تَقْتَضِي الشُّعُورَ وَلَوْ حُكْمًا كَالنَّائِمِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالصَّاحِبِ الْمُصَاحِبُ الْمُمَيِّزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الصَّبِيِّ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَهُ الْمَجْنُونُ وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ إذَا كَانَ سُكْرُهُ بِحَلَالٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَأَمَّا بِحَرَامٍ فَوَقَعَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُمَيِّزْ وَبَاعَ تَرَدُّدٌ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ لَا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: تَنَاوَلَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّاخِلِ وَقَوْلُهُ: الْخَارِجُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْحِرْزِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ مَدَّ) أَيْ ذَلِكَ الْخَارِجُ (قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ إنْ اخْتَلَسَ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الِاخْتِلَاسُ أَنْ يُسْتَغْفَلَ صَاحِبَ الْمَالِ فَيَخْطَفُهُ بِهَذَا فَسَّرَهُ الْفُقَهَاءُ اهـ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَيَشْمَلُ الْقَائِمَ مَقَامَ رَبِّهِ كَمَنْ يَتْرُكُ حَانُوتَهُ مَفْتُوحًا وَيَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ وَيُوَكِّلُ أَحَدًا يَمْنَعُ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهُ فَيُغَافِلُهُ إنْسَانٌ وَيَأْخُذُ مِنْهُ وَيَفِرُّ بِسُرْعَةٍ جَهْرًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ) لَيْسَ هَذَا بِلَازِمٍ بَلْ وَلَوْ اعْتَرَفَ بِالْغَصْبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَابِرَ هُوَ الْآخِذُ لِلْمَالِ مِنْ صَاحِبِهِ بِقُوَّةٍ مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَابَرَ أَيْ فِي أَخْذِهِ بِأَنْ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِقُوَّةٍ مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَابَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ أَخْذِهِ لَهُ مِنْ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِ السَّارِقِ وَقَوْلُهُ: فِي الْحِرْزِ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذٍ أَيْ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَدَرَ عَلَى مَسْكِهِ فِي الْحِرْزِ بِالْمَالِ هَرَبَ مِنْهُمْ بِالْمَالِ الْمَسْرُوقِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الْأَخْذَ وَالْمَسْكَ بِالْفِعْلِ بَلْ يَكْفِي الْقُدْرَةُ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَخْذٌ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَهُ رَبُّهُ) أَيْ هَذَا إذَا هَرَبَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ بَلْ وَلَوْ إلَخْ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اخْتِلَاسٌ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِخِلَافِ أَصْبَغَ الْقَائِلِ بِالْقَطْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَرِقَةٌ وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ نَسَبَهُ ابْنُ شَاسٍ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَعَلَّهُ ابْنُ يُونُسَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّارِقَ إنْ رَأَى رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ لَهُ بِالشُّهُودِ فَأَخَذَ الْمَالَ وَهَرَبَ كَانَ مُخْتَلِسًا لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ هَرَبَ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ فَهُوَ سَارِقٌ يَجِبُ قَطْعُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ سُوقٍ) يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى بَابٍ أَوْ مَسْجِدٍ. (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ حَافِظٍ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ:) وَكَذَا إنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَرْعًى أَيْ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الرَّاعِي أَوْ مَالِكِهَا كَمَا مَرَّ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِمَرْعًى عَمَّا إذَا أَخَذَهَا مِنْ الْمَرَاحِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا وَهِيَ سَارِحَةٌ لِلْمَرْعَى أَوْ مُرَوِّحَةٌ لِلْمَرَاحِ وَمَعَهَا مَنْ

كَذَلِكَ فَلَا قَطْعَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ وَهِيَ هُنَا كَوْنُ بَعْضِ الثَّوْبِ بِغَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ وَالْبَعْضُ صَادِقٌ بِالنِّصْفِ وَالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ، وَأَمَّا جَذْبُهُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ ثُمَّ عَطَفَ بِالْجَرِّ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ. فَقَالَ (أَوْ) فِي سَرِقَةِ (ثَمَرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ نَخْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُعَلَّقٍ) عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ خِلْقَةً فِي بُسْتَانِهِ مُلْتَبِسًا (بِغَلَقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا (فَقَوْلَانِ) فِي قَطْعِ السَّارِقِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فَمَحِلُّهُمَا فِي غَيْرِ النَّخْلِ بِالدَّارِ وَأَمَّا هُوَ فَيُقْطَعُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ فِي حِرْزِهِ وَقَوْلُنَا عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ فَلَا قَطْعَ وَلَوْ بِغَلَقٍ (وَإِلَّا بَعْدَ) (حَصْدِهِ) أَيْ جَذِّهِ وَوَضْعِهِ فِي مَحَلٍّ اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْجَرِينِ فَإِذَا سَرَقَ مِنْهُ سَارِقٌ (فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالُ يُقْطَعُ (إنْ كَدَّسَ) أَيْ جَمَعَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى صَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ عَجْوَةً؛ لِأَنَّهُ بِتَكْدِيسِهِ أَشْبَهَ مَا فِي الْجَرِينِ لَا إنْ لَمْ يُكَدِّسْ بَلْ بَقِيَ ثَمَرُ كُلِّ شَجَرَةٍ تَحْتَهَا لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَوَّلُ يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي لَا مُطْلَقًا وَمَحِلُّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَارِسٌ وَإِلَّا قُطِعَ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ سُرِقَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ حَالَ حَمْلِهِ لِلْجَرِينِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ. (وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ) (نَقَبَ) الْحِرْزَ (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ بِسَبَبِ النَّقْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَبُّهُ وَالْقَطْعُ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ (وَإِنْ الْتَقَيَا) أَيْ بِأَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ (وَسَطَ النَّقْبِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ فَأَخْرَجَهُ الْخَارِجُ بِمُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ (أَوْ رَبَطَهُ) الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ (فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ) عَنْ الْحِرْزِ (قُطِعَا) مَعًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ تُقْطَعُ الْيُمْنَى (التَّكْلِيفُ) فَلَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا مُكْرَهٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْرُسُهَا فَقَوْلَانِ بِالْقَطْعِ وَعَدَمِهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بَعْضُهُ بِدَاخِلِ الدَّارِ وَبَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ. (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ إذَا جَذَبَهُ مِنْ الطَّرِيقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَّا جَذْبُهُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ بِهِ (قَوْلُهُ: مُعَلَّقٍ عَلَى شَجَرَةٍ خِلْقَةً) أَيْ فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ هَذَا اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ كَمَا قَالَ بَعْدُ، وَإِنْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ فَلَا قَطْعَ اتِّفَاقًا وَلَوْ بِغَلَقٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ هُوَ الْمَنْصُوصُ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ فَهُوَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ بَلْ مُخَرَّجٌ لِلَّخْمِيِّ عَلَى السَّرِقَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُ بِمُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَهَا) أَيْ وَمَا فَوْقَهَا لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الثَّمَرِ تَجْرِي فِيمَا حُصِدَ مِنْ قَمْحِ مِصْرَ وَفُولِهَا وَقُرْطِهَا وَوُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ لِيَيْبَسَ ثُمَّ يُنْقَلُ لِلْجَرِينِ فَإِذَا سُرِقَ مِنْهُ قَبْلَ نَقْلِهِ لِلْجَرِينِ فَفِيهِ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فَقَدْ نَقَلَ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ إنَّ فِي الزَّرْعِ بَعْدَ حَصْدِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ كَالثَّمَرِ الْأَوَّلِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهُ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ ضَمُّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ أَمْ لَا وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ ضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ أَمْ لَا حَتَّى يَصِلَ لِلْجَرِينِ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُسْرَقَ بَعْدَ ضَمِّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَارِسٌ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ سَارِقِهِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: حَالَ حَمْلِهِ لِلْجَرِينِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مَحْمُولًا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ سُرِقَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ وَكَذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَبُّهُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَلَوْ نَائِمًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْغَصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ فَتَحَ بَابًا عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ، إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَالْقَطْعُ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ) صَوَابُهُ وَلَا قَطْعَ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ أَيْضًا. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي خَشِّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج أَنَّ السَّارِقَ إذَا نَقَبَ الْحِرْزَ فَقَطْ وَلَمْ يُخْرِجْ النِّصَابَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فَلَوْ أَخْرَجَ غَيْرُهُ النِّصَابَ مِنْ ذَلِكَ النَّقْبِ فَلَا قَطْعَ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّقْبَ يُصَيِّرُ الْمَالَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يُتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَنْقُبُ وَالْآخَرَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قُطِعَ الْمُخْرِجُ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ أَخْرَجَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ؛ لِأَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حِرْزِيَّةَ الْمَكَانِ لِأَنَّا نَقُولُ قَطْعُ الْمُخْرِجِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ حِفْظًا لِمَالِ النَّاسِ وَمُقَابِلُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا يُقْطَعَانِ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ وَعَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ فَلَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ قُطِعَا، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْقَوْلَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ مِنْ أَنَّ النَّقْبَ لَا يُبْطِلُ حِرْزِيَّةَ الْمَكَانِ فَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ شَاسٍ فِي كِتَابِهِ الْجَوَاهِرِ عَلَى ذَلِكَ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا مَجْنُونٌ) أَيْ مُطْبَقٌ أَوْ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَسَرَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ، فَإِنْ سَرَقَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ فَجُنَّ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، إلَّا أَنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ إفَاقَتِهِ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، فَإِنْ شُكَّ فِي سَرِقَةِ مَجْنُونٍ يُفِيقُ أَحْيَانًا هَلْ سَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا مُكْرَهٌ) أَيْ عَلَى السَّرِقَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ بِالْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بِضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَأَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى السَّرِقَةِ أَوْ عَلَى الْغَصْبِ فَلَا يَنْفَعُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ وَلَوْ بِخَوْفِ الْقَتْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ ح فِي بَابِ الطَّلَاقِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق هُنَا مِنْ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ اُنْظُرْ بْن -

وَلَا سَكْرَانَ بِحَلَالٍ (فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ، وَإِنْ) سَرَقُوا (لِمِثْلِهِمْ) أَيْ مِنْ مِثْلِهِمْ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَالْحَقُّ فِي الْقَطْعِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْتَثْنَى أَحَدٌ (إلَّا) (الرَّقِيقَ) يَسْرِقُ (لِسَيِّدِهِ) نِصَابًا فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ وَكَذَا إنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ رَقِيقِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِهِ وَلِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ ضَيَاعُ مَالِهِ وَقَطْعُ غُلَامِهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مَالَ أَصْلِ سَيِّدِهِ أَوْ فَرْعِهِ قُطِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ. (وَثَبَتَتْ) السَّرِقَةُ (بِإِقْرَارٍ) (إنْ طَاعَ) بِهِ كَمَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِسَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ (فَلَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَلَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ) لِاحْتِمَالِ وُصُولِ اسْمِ الْمَسْرُوقِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ عَيَّنَ الْقَتِيلَ) الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِقَتْلِهِ فَأَقَرَّ وَأَخْرَجَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَهُ قَتَلَهُ فَلَا يَقَعُ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ الْإِكْرَاهِ آمِنًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِ الْمُتَّهَمِ بِإِكْرَاهِهِ وَبِهِ الْحُكْمُ أَيْ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ فَيَجُوزُ سَجْنُهُ وَضَرْبُهُ وَيُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَتُؤُوِّلَتْ فِي مَحَلٍّ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْأَوْفَقُ بِقَوَاعِد الشَّرْعِ وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ وَأَخْرَجَ الْقَتِيلَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إخْرَاجُ كُلٍّ وَإِظْهَارُهُ فَكَانَ مُرَادُهُ تَعْيِينَ مَحَلِّ مَا ذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ سَرَقَ فَيَكُونُ بِالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ وَالْقَيْدِ فَإِذَا خُوِّفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَقَرَّ بِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ السَّرِقَةُ عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلَا سَكْرَانُ بِحَلَالٍ) أَيْ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَأَمَّا السَّكْرَانُ بِحَرَامٍ إذَا سَرَقَ حَالَ سُكْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لَكِنْ يُنْتَظَرُ صَحْوُهُ، فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ صَحْوِهِ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ بِحَرَامٍ حَيْثُ شَكَّ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَالَتُهُ ظَاهِرَةً فِي خِلَافِ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا وُجِدَ التَّكْلِيفُ فَيُقْطَعُ الشَّخْصُ الْحُرُّ إلَخْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ) اُعْتُرِضَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ بِالنِّسْبَةِ لِسَرِقَةِ الْحُرِّ مِنْ مِثْلِهِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْقَطْعِ حَتَّى يُبَالَغَ عَلَيْهِ وَالشَّأْنُ أَنَّهُ إنَّمَا يُبَالَغُ عَلَى الْحُكْمِ الْمُتَوَهَّمِ خِلَافُهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ غَيْرُ رَاجِعَةٍ لِلْحُرِّ بَلْ لِلْعَبْدِ وَالْمُعَاهَدِ وَحِينَئِذٍ فَجَمْعُهُ لِلضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ إفْرَادِ الْمُعَاهَدِ وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ فِي الْقَطْعِ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا الرَّقِيقَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ فَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْطَعُ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ) أَيْ بِقَطْعِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ الَّذِي سَرَقَهُ لِسَيِّدِهِ إذَا أَعْتَقَهُ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مَالِهِ عِنْدَ عِتْقِهِ وَتَرْكِهِ دَلِيلٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ لَهُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ رَقِيقِ سَيِّدِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ رَقِيقٍ آخَرَ لِسَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ فَرْعِ سَيِّدِهِ وَلَا فِي مَالِ أَصْلِهِ وَكَذَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَعَدَمِ قَطْعِهِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِهِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَا لِكَوْنِهِ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، إلَّا الرَّقِيقَ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الْقِنِّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَسَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ مَحَلٍّ حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ) تَرَكَ الْمُصَنِّفُ هَذَا لِوُضُوحِهِ فَلَوْ قَالَتْ قَبْلَ الْقَطْعِ وَهَاهُنَا بَلْ هُوَ هَذَا لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَطْعَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ رَبُّ الْمَتَاعِ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ وَذَلِكَ لِتَحْقِيقِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالسَّرِقَةِ سَبَبٌ فِي لُزُومِ الْقَطْعِ وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ وُجُودُ الْمُسَبِّبِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ إذَا أَقَرَّ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ أَيْ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا مُكْرَهًا. (قَوْلُهُ: بِإِكْرَاهِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارِ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ الْحُكْمُ) أَيْ الْقَضَاءُ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَمَتْنِ التُّحْفَةِ لِابْنِ عَاصِمٍ وَنَسَبَهُ فِيهَا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ يَكُنْ مُطَالِبًا مَنْ يَتَّهِمُ ... فَمَالِكٌ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ حَكَمْ وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ... مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ وَالذَّاعِرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَائِفُ قَالَ عبق وَاعْتُمِدَ مَا لِسَحْنُونٍ وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا مَحِلَّانِ أَحَدُهُمَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْعَمَلِ بِإِقْرَارِهِ لِمُكْرَهٍ ثَانِيهِمَا حَلِفُ الْمُتَّهَمِ وَتَهْدِيدُهُ وَسَجْنُهُ فَاسْتَشْكَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي سَجْنِهِ لِعَدَمِ الْعَمَلِ بِإِقْرَارِ الْمُكْرَهِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ أَوَّلِ كَلَامِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ وَآخِرِهِ عَلَى الْمُتَّهَمِ كَقَوْلِ سَحْنُونٍ وَجَمَعَ الْغِرْيَانِيُّ أَيْضًا بِحَمْلِ أَوَّلِ كَلَامِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْمَسْرُوقِ مِنْ خَوْفِهِ وَحُمِلَ آخِرُ كَلَامِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيُهَدَّدُ الْمُتَّهَمُ وَيُسْجَنُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا لِسَحْنُونٍ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ اُنْظُرْ عج فَإِذَا أَقَرَّ مُكْرَهًا عَلَى مَا لَلْمُصَنِّفِ وَأَخْرَجَ بَعْضَ الْمَسْرُوقِ أَخَذَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ السَّرِقَةِ إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ

(وَ) إذَا أَقَرَّ طَائِعًا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ (قُبِلَ رُجُوعُهُ) عَنْهُ فَلَا يُحَدُّ وَكَذَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الزَّانِي وَالشَّارِبِ وَالْمُحَارِبِ (وَلَوْ) رَجَعَ (بِلَا شُبْهَةٍ) فِي إقْرَارِهِ نَحْوَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي كَمَا لَوْ رَجَعَ لِشُبْهَةِ نَحْوَ أَخَذْت مَالِي الْمَرْهُونَ أَوْ الْمُودَعَ خِفْيَةً فَسَمَّيْتُهُ سَرِقَةً وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ إنْ عَيَّنَ صَاحِبَهُ نَحْوَ أَخَذْت دَابَّةَ زَيْدٍ بِخِلَافِ سَرَقْت أَوْ سَرَقْت دَابَّةً أَيْ وَقَعَ مِنِّي ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِسَرِقَةٍ عَلَى مُتَّهَمٍ أَوْ مَجْهُولٍ حَالُهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ قَدَّمَهُمَا فِي الْغَصْبِ إذْ السَّرِقَةُ مِثْلُهُ فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ (وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ) عَلَى الطَّالِبِ (فَحَلَفَ الطَّالِبُ) أَيْ الْمُدَّعِي فَالْغُرْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا قَطْعٍ وَمَحِلُّ الرَّدِّ إنْ حَقَّقَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى، فَإِنْ اتَّهَمَهُ غَرِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا هُوَ فِي الثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ طَوْعًا بِلَا رُجُوعٍ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَى صَالِحٍ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَأُدِّبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ. (أَوْ) (شَهِدَ) عَلَى السَّارِقِ بِالسَّرِقَةِ (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ) رَجُلٌ فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَانِ (وَحَلَفَ) مَعَهُ الْمُدَّعِي فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ) (أَقَرَّ السَّيِّدُ) بِسَرِقَةِ عَبْدِهِ مِنْ شَخْصٍ (فَالْغُرْمُ) أَيْ غُرْمُ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ لَازِمٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ) (أَقَرَّ الْعَبْدُ) بِأَنَّهُ سَرَقَ (فَالْعَكْسُ) أَيْ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ لِإِقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَغْرَمْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنْ شَهِدَ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ إلَخْ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فَالْغُرْمُ وَالْقَطْعُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْغُرْمِ فَالسَّيِّدُ يَغْرَمُهُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا خُيِّرَ فِي فِدَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ. (وَوَجَبَ) عَلَى السَّارِقِ (رَدُّ الْمَالِ) بِعَيْنِهِ إنْ وُجِدَ أَوْ قِيمَةُ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ إنْ لَمْ يُوجَدْ (إنْ لَمْ يُقْطَعْ) لِمَانِعٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِعَيْنِهِ بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْغِرْيَانِيِّ وَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ السَّرِقَةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا إنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْبُرْزُلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ فَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَيَّنَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَى الْقَطْعِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ إنْ تَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ أَنْ عَيَّنَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا تَهْدِيدٍ فَقِيلَ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّرِقَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُعَيِّنَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَجْهٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ لِغَيْرِ التَّعْيِينِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت لِوَجْهِ كَذَا، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فِي إقْرَارِهِ) لَوْ قَالَ فِي رُجُوعِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَجَعَ) هَذَا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ رُجُوعَ السَّارِقِ عَنْ إقْرَارِهِ إنَّمَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ فَيَنْتَفِي الْحَدُّ عَنْهُ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغُرْمِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ إذَا عَيَّنَهُ وَمِثْلُ السَّارِقِ الْمُحَارِبُ إذَا أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي السَّارِقِ. (قَوْلُهُ: أُخِذَتْ دَابَّةُ زَيْدٍ) أَيْ سَرِقَةً أَوْ حِرَابَةً ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَقَالَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي. (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَعَ مِنِّي ذَلِكَ) أَيْ السَّرِقَةُ أَوْ سَرِقَةُ دَابَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَقَالَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي فَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعٌ وَلَا غُرْمٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ جَوَابُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي فَالْيَمِينُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ) أَيْ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى بِالسَّرِقَةِ أَوْ الْغَصْبِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ سَمَاعِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهَا دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ عَبْدِهِ) أَيْ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ إقْرَارِ السَّيِّدِ أَوْ لَا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عبق مِنْ أَنَّ الْغُرْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْقَطْعَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى حَلِفِ الطَّالِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُجَرَّدَ إقْرَارِ السَّيِّدِ كَافٍ فِي غُرْمِ الْعَبْدِ وَمُجَرَّدَ إقْرَارِ الْعَبْدِ كَافٍ فِي قَطْعِهِ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ عبق. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ) أَيْ فَقَطْ أَوْ أَقَرَّ مَعَ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ إلَخْ) أَيْ فَاللَّازِمُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ الْغُرْمُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ) أَيْ أَوْ أَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ فَيُقْطَعُ لِإِقْرَارِهِ وَيَلْزَمُ الْغُرْمُ أَيْضًا لِشَهَادَةِ وَاحِدٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَطْعَ وَالْغُرْمَ فِي صُورَتَيْنِ: مَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَوْ امْرَأَتَانِ وَحَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ الْقَطْعُ فَقَطْ فِي صُورَتَيْنِ مَا إذَا أَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ فَقَطْ وَمَا إذَا أَقَرَّ بِهَا مَعَ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي وَالْغُرْمُ فَقَطْ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا شَهِدَ عَلَى الْعَبْدِ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَ

كَعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ بِأَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ عَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ (مُطْلَقًا) أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ بَقِيَ الْمَسْرُوقُ أَوْ تَلِفَ وَيُحَاصِصُ بِهِ رَبُّهُ غُرَمَاءَ السَّارِقِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ (أَوْ) (قُطِعَ) لِلسَّرِقَةِ فَيَغْرَمُ (إنْ أَيْسَرَ) أَيْ اسْتَمَرَّ يَسَارُهُ بِالْمَسْرُوقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَطْعِ (مِنْ) يَوْمِ (الْأَخْذِ) ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَّصِلَ كَالْمَالِ الْقَائِمِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ بَلْ الْقَطْعُ فَقَطْ فَلَوْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْقَطْعِ سَقَطَ الْغُرْمُ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ قَطْعُهُ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَ مَوْجُودًا بِعَيْنِهِ وَجَبَ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إجْمَاعًا بِلَا تَفْصِيلٍ، وَإِنْ تَلِفَ، فَإِنْ أَيْسَرَ فَكَذَلِكَ وَيُرَدُّ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ، وَإِنْ أَعْسَرَ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ. (وَسَقَطَ الْحَدُّ) أَيْ الْقَطْعُ (إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ قَطْعُهُ (بِسَمَاوِيٍّ) بَعْدَ السَّرِقَةِ أَوْ بِقَطْعٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ إنْ تَعَمَّدَ، فَإِنْ سَقَطَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَ السَّرِقَةِ انْتَقَلَ الْقَطْعُ لِلْعُضْوِ الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ (لَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ (بِتَوْبَةٍ وَعَدَالَةٍ) ، (وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا) وَلَوْ صَارَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ مَتَى بَلَغَ الْإِمَامَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُرْفَعَ لِلْإِمَامِ وَلَا بَأْسَ بِالشَّفَاعَةِ لِسَارِقٍ وَقَعَتْ مِنْهُ السَّرِقَةُ فَلْتَةً مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ وَلَا يَنْبَغِي الشَّفَاعَةُ فِي مَعْرُوفٍ بِالْعَدَاءِ. (وَتَدَاخَلَتْ) الْحُدُودُ عَلَى شَخْصٍ (إنْ اتَّحَدَ الْمُوجَبُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الْحَدُّ (كَقَذْفٍ) أَيْ كَحَدِّ قَذْفٍ (وَ) حَدِّ (شُرْبٍ) إذْ مُوجَبُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً فَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْآخَرُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْأَوَّلَ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ ثُبُوتُ الْآخَرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ جُنِيَ عَلَى إنْسَانٍ فَقُطِعَ يَمِينُهُ ثُمَّ سَرَقَ أَوْ الْعَكْسُ فَيَكْفِي الْقَطْعُ لِأَحَدِهِمَا (أَوْ تَكَرَّرَتْ) مُوجِبَاتُهَا بِالْكَسْرِ كَأَنْ يَسْرِقَ مِرَارًا أَوْ يَقْذِفَ أَوْ يَشْرَبَ مِرَارًا فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ عَنْ الْجَمِيعِ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ الْحَدِّ لِأَحَدِهِمَا مَا لَمْ يَعُدْ بَعْدَ الْحَدِّ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَهُ عِيدَ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُوجَبُ كَمَا لَوْ سَرَقَ وَشَرِبَ وَتَكَرَّرَتْ الْحُدُودُ بِأَنْ يُقْطَعَ وَيُجْلَدَ وَكُلُّ حَدٍّ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ لِرِدَّةٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حِرَابَةٍ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ يُقْتَلُ كَمَا مَرَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ. (قَوْلُهُ: كَعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ) أَيْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ) (سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ سَقَطَ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَإِنَّمَا حَمَلْنَا السُّقُوطَ عَلَى كَوْنِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْعُضْوِ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ قَبْلَ السَّرِقَةِ لَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ جِنَايَةٍ) أَيْ عَلَى الْعُضْوِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. (قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ) أَيْ كَانَ التَّلَفُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ) أَيْ وَهُمَا الْقَطْعُ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إجْمَاعًا) أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّارِقِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ وَيَدْفَعَ لَهُ غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ: بِلَا تَفْصِيلٍ أَيْ سَوَاءٌ قُطِعَ السَّارِقُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ) أَيْ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَيْسَرَ أَيْ فَإِنْ اسْتَمَرَّ يَسَارُهُ مِنْ حِينِ الْأَخْذِ لِحِينِ الْقَطْعِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ الرَّدُّ سَوَاءٌ قُطِعَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْسَرَ) أَيْ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ بَلْ وَلَوْ فِي بَعْضِهَا. (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ السَّرِقَةِ) أَيْ بَعْدَ ثُبُوتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ) أَيْ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، إلَّا لِشَلَلٍ (قَوْلُهُ: لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ) أَيْ حَدُّ السَّرِقَةِ وَكَذَلِكَ الزِّنَا وَالْقَذْفُ. (قَوْلُهُ: بِتَوْبَةٍ) لَوْ حَذَفَ ذَلِكَ مَا ضَرَّ إذْ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالْعَدَالَةِ عَدَمُ سُقُوطِهِ بِالتَّوْبَةِ إذْ لَا عَدَالَةَ، إلَّا لِمَنْ تَابَ إذْ تَأْخِيرُ التَّوْبَةِ كَبِيرَةٌ يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَالَةٍ) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا. (قَوْلُهُ: زَمَانُهُمَا) أَيْ التَّوْبَةِ وَالْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ حِينَ تَابَ السَّارِقُ وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رُفِعَ لَهُ حَدُّهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَدُّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ الظَّاهِرِ وَيَقُولُ وَتَدَاخَلَتْ الْحُدُودُ إنْ اتَّحَدَتْ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُوجَبَ بِالْفَتْحِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْحَدُّ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ مَجَازًا وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى وَتَدَاخَلَتْ الْحُدُودُ إنْ اتَّفَقَ الْقَدْرُ الَّذِي أَوْجَبَ سَبَبَ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ كَحَدِّ قَذْفٍ إلَخْ) إنَّمَا قُدِّرَ حَدٌّ أَوَّلًا وَثَانِيًا؛ لِأَنَّهُمَا الْمُوجَبَانِ بِالْفَتْحِ الْمُتَّحِدَانِ وَأَمَّا الْقَذْفُ وَالشُّرْبُ فَمُوجِبَانِ بِالْكَسْرِ. (قَوْلُهُ: إذْ مُوجَبُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا) أَيْ حَدُّ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ: سَقَطَ الْآخَرُ أَيْ حَدُّ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْأَوَّلَ) بَلْ وَلَوْ قَالَ هَذَا لِهَذَا لَا لِهَذَا لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ فَلَيْسَ كَإِخْرَاجِ الْحَدَثِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَأَمَّا الضَّرْبُ بِلَا نِيَّةِ حَدٍّ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ صَرْفُهُ لِحَدٍّ بَعْدُ فَتَدَبَّرْ اهـ أَمِيرٌ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْجَنَابَةِ وَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَرَقَ وَشَرِبَ) أَيْ أَوْ سَرَقَ وَزَنَى أَوْ سَرَقَ وَقَذَفَ وَكَمَا لَوْ شَرِبَ وَهُوَ رَقِيقٌ ثُمَّ قَذَفَ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا تَدَاخُلَ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ حَدٍّ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ إلَخْ) فَإِذَا زَنَى وَكَانَ بِكْرًا أَوْ سَرَقَ أَوْ شَرِبَ وَتَرَتَّبَ

[باب في الحرابة وما يتعلق بها من الأحكام]

[دَرْسٌ] (بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَعَقِبُهَا لِلسَّرِقَةِ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهَا فِي بَعْضِ حُدُودِهَا وَهُوَ مُطْلَقُ الْقَطْعِ وَلِيَكُونَ الْمُشَبَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ مَعْلُومًا وَعَرَّفَ الْمُحَارِبَ الْمُشْتَقَّ مِنْ الْحِرَابَةِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ تَعْرِيفُهَا بِقَوْلِهِ (الْمُحَارِبُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ) عِلَّةٌ لِلْقَطْعِ أَيْ مِنْ قَطْعِهَا لِأَجْلِ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ مَالِ السَّالِكِينَ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْإِخَافَةُ لَا الْمَنْعُ وَإِلَّا لَزِمَ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الطَّرِيقُ خَارِجَةً عَنْ الْعُمْرَانِ أَوْ دَاخِلَةً كَالْأَزِقَّةِ (أَوْ آخِذٌ) بِالْمَدِّ اسْمُ فَاعِلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَاطِعُ (مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) ذِمِّيٍّ وَمُعَاهِدٍ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا (عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ شَأْنُهُ تَعَذُّرُ الْغَوْثِ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمَ تَعَذُّرِهِ فَغَيْرُ مُحَارِبٍ بَلْ غَاصِبٌ وَلَوْ سُلْطَانًا وَقِرَاءَةُ آخِذٍ بِالْمَدِّ اسْمُ فَاعِلٍ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَتِهِ مَصْدَرًا لِإِفَادَةِ أَنَّهُ مُحَارِبٌ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَطْعُ طَرِيقٍ فَيَشْمَلُ مَسْأَلَةَ سَقْيِ السُّيْكَرَانِ وَمُخَادَعَةِ الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ، وَجَبَابِرَةُ أُمَرَاءِ مِصْرَ وَنَحْوُهُمْ يَسْلُبُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَيَمْنَعُونَهُمْ أَرْزَاقَهُمْ وَيُغِيرُونَ عَلَى بِلَادِهِمْ وَلَا تَتَيَسَّرُ اسْتِغَاثَةٌ مِنْهُمْ بِعُلَمَاءَ وَلَا بِغَيْرِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْمُحَارِبِ وَلَا قَصْدُهُ عُمُومَ النَّاسِ بَلْ يُعَدُّ مُحَارِبًا (وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ) قَصَدَ جَمِيعَ أَهْلِهَا أَمْ لَا (كَمُسْقِي السُّيْكَرَانِ) بِضَمِّ الْكَافِ نَبْتٌ مَعْلُومٌ (لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ وَأَشَدُّ مِنْهُ فِي تَغْيِيبِ الْعَقْلِ الْبَنْجُ وَأَشَدُّ مِنْهُ نَبْتٌ يُسَمَّى الدَّاتُورَةَ وَالْبَنْجُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ النُّونِ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ إنْ قُرِئَ آخِذُ اسْمَ الْفَاعِلِ وَلِلتَّشْبِيهِ إنْ قُرِئَ مَصْدَرًا (وَمُخَادِعِ الصَّبِيِّ) أَيْ الْمُمَيِّزِ إذْ هُوَ الَّذِي يُخْدَعُ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الصَّبِيِّ وَهُوَ الْكَبِيرُ أَيْ خَدَعَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ مَكَانًا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ الْقَتْلُ لِرِدَّةٍ أَوْ لِقِصَاصٍ أَوْ لِحِرَابَةٍ قُتِلَ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَتْلِ حَدُّ الزِّنَا أَوْ الشُّرْبِ أَوْ السَّرِقَةِ لِانْدِرَاجِ حَدِّهِ فِي الْقَتْلِ وَهَذَا كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ يَشْمَلُ حَدَّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالزِّنَا وَقَوْلُهُ: اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ أَيْ لِرِدَّةٍ أَوْ حِرَابَةٍ أَوْ قِصَاصٍ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ هَذَا وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تَدَاخَلَتْ مَعَ اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ وَالْمُخَلِّصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ فِي الْحُدُودِ غَيْرُ الْمُجْتَمَعَةِ مَعَ الْقَتْلِ قَالَهُ طفى اهـ بْن. [بَابٌ فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ] (بَابٌ فِي الْحِرَابَةِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ مُطْلَقُ الْقَطْعِ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي يُقْطَعُ فِي الْحِرَابَةِ عُضْوَانِ وَفِي السَّرِقَةِ عُضْوٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَيُعْلَمُ مِنْهُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْمُحَارِبِ وَيَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْكُلِّ مَعْرِفَةُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ سُلُوكٍ) خَرَجَ قَطْعُهَا لِطَلَبِ إمْرَةٍ أَوْ لِثَائِرَةٍ أَيْ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ كَمَا يُقْطَعُ فِي بَعْضِ عَسْكَرِ مِصْرَ مَعَ بَعْضِهِمْ فَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْإِخَافَةُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحَارِبَ وَهُوَ مَنْ أَخَافَ الطَّرِيقَ لِأَجْلِ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ سُلُوكِهَا أَيْ مَنْ أَخَافَ النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ لِأَجْلِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ مَالٍ مِنْ السَّالِكِينَ بَلْ قَصَدَ مُجَرَّدَ مَنْعِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَمْنُوعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا خَاصًّا كَفُلَانٍ أَوْ كَانَ كُلُّ مِصْرِيٍّ أَوْ عَامًّا كَمَا إذَا مَنَعَ كُلَّ أَحَدٍ يَمُرُّ فِيهَا إلَى الشَّامِ مَثَلًا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَالْبُضْعُ أَحْرَى مِنْ الْمَالِ كَمَا لِلْقُرْطُبِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ فَمَنْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ قَصْدًا لِلْغَلَبَةِ عَلَى الْفُرُوجِ فَهُوَ مُحَارِبٌ أَقْبَحُ مِمَّنْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ لِأَخْذِ الْمَالِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ لِعَدَمِ النَّاسِ الْمُغِيثِينَ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ بِدُونِ سِلَاحٍ بَلْ خَرَجَ مُتَلَصِّصًا لَكِنَّهُ أَخَذَ مُكَابَرَةً يَكُونُ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ: أَيْ شَأْنُهُ تَعَذُّرُ الْغَوْثِ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ مِنْهُ بِقِتَالٍ لِأَنَّ شَأْنَهُ تَعَذُّرُ الْغَوْثِ، وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَنَّ مَنْ أَخَذَ وَظِيفَةَ أَحَدٍ لَا جُنْحَةَ فِيهِ بِتَقْرِيرِ سُلْطَانٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْغَوْثُ مِنْهُ مَا دَامَ مَعَهُ تَقْرِيرُ السُّلْطَانِ قَالَ الْبَدْرُ: سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِنَا الصَّالِحِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ البنوفري ثُمَّ ذَكَر تَرَدُّدًا بَعْدُ فِي كَوْنِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْمُكُوسَ مُحَارِبِينَ بِمَنْزِلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ أَوْ غَاصِبِينَ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سُلْطَانًا) أَيْ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِرَاءَتِهِ مَصْدَرًا) أَيْ عَطْفًا عَلَى مَنْعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ أَوْ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ (قَوْلُهُ: لِإِفَادَةِ أَنَّهُ) أَيْ آخِذَ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَارِبٌ (قَوْلُهُ: وَجَبَابِرَةُ أُمَرَاءِ مِصْرَ) أَيْ وَيَشْمَلُ جَبَابِرَةَ أُمَرَاءِ مِصْرَ فَهُمْ مُحَارِبُونَ لَا غُصَّابٌ لِأَنَّهُمْ يَسْلُبُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ عَلَى كَوْنِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَآخِذِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَارِبًا أَيْ وَإِنْ كَانَتْ حِرَابَتُهُ خَاصَّةً بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَيْ بِأَنْ يَقْصِدَ بِمَنْعِ السُّلُوكِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يَقْصِدَ بَعْضَهُمْ فَقَطْ، وَاَلَّذِي يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبَالَغَتَيْنِ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ بِأَنْ كَانُوا جَمَاعَةً بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ هَذَا إذَا كَانَتْ حِرَابَتُهُ أَيْ قَطْعُهُ لِلطَّرِيقِ وَأَخْذُهُ لِلْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِعُمُومِ النَّاسِ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّةً بِأَهْلِ مَدِينَةٍ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ: نَبْتٌ مَعْلُومٌ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحَشِيشَةِ يُؤْكَلُ حَبُّهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّرَانِقِ

(لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ) وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَقَتْلُهُ مَنْ قَتْلِ الْغِيلَةِ (وَالدَّاخِلِ) عَطْفٌ عَلَى مُسْقِي أَيْ وَكَالدَّاخِلِ (فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَارٍ) حَالَ كَوْنِهِ (قَاتَلَ) حِينَ الْأَخْذِ (لِيَأْخُذَ الْمَالَ) وَأَخَذَهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِ قَاتَلَ لِيَأْخُذَ عَمَّا لَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا بَلْ هُوَ سَارِقٌ إنْ عَلِمَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ لَا قَبْلَهُ فَمُخْتَلِسٌ إنْ نَجَا بِهِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حَدِّ الْمُحَارِبِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ كَمَا فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ (فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ) وَالْمُنَاشَدَةُ مَنْدُوبَةٌ كَمَا فِي الْحَطَّابِ، وَيُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُقَالُ لَهُ نَاشَدْنَاك اللَّهَ إلَّا مَا خَلَّيْت سَبِيلَنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَ) . فَإِنْ عَاجَلَ بِالْقِتَالِ قُوتِلَ بِلَا مُنَاشَدَةٍ بِالسِّلَاحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ هَلَاكُهُ فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُقَاتَلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَهُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعِ، وَالْقَاتِلُ لَهُ إمَّا رَبُّ الْمَالِ حَالَ حِرَابَتِهِ لَهُ وَإِمَّا الْحَاكِمُ وَلَوْ بَعْدَ حِرَابَتِهِ إذَا ظَفِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ كَمَا يَأْتِي (ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَيُقْتَلُ ثُمَّ إلَخْ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ وَلَوْ قَالَ أَوْ يُصْلَبُ إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ وَأَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِلَا صَلْبٍ أَوْ يَصْلُبَهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا حَيًّا غَيْرَ مَنْكُوسِ الرَّأْسِ ثُمَّ يَقْتُلَهُ مَصْلُوبًا قَبْلَ نُزُولِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ حَدِّهِ وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (يُنْفَى) الذَّكَرُ (الْحُرُّ) الْبَالِغُ الْعَاقِلُ (كَالزِّنَا) فِي مَسَافَةِ الْبُعْدِ كَفَدَكَ وَخَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَكِنَّهُ يُسْجَنُ هُنَا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ. وَأَمَّا فِي الزِّنَا فَيُسْجَنُ سَنَةً فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ وَيَكُونُ النَّفْيُ بَعْدَ الضَّرْبِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (وَالْقَتْلُ) مَعَ الصَّلْبِ وَالضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ، ظَاهِرُ الْقُرْآنِ خِلَافُهُ فَلَعَلَّهُ أُخِذَ مِنْهُ مِنْ الْمَعْنَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَدَّ فِيهَا أَشَدُّ وَالزِّنَا قَرَنَ النَّفْيَ فِيهِ بِالْجَلْدِ وَمُجَرَّدُ صَلْبٍ بِلَا قَتْلٍ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ رَدْعٍ لِلْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بَعْدَهُ وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (تُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَيْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ الْكُوعِ (وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ (وَلَاءً) بِلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ سَوَاءُ قَتَلَهُ أَمْ لَا وَبِتَقْيِيدِ الصَّبِيِّ هُنَا بِالْمُمَيِّزِ تَنْدَفِعُ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَعَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ فِيهِ وَأُخِذَ مَا مَعَهُ سَرِقَةً وَمَا هُنَا فِي الْمُمَيِّزِ وَأُخِذَ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَكَذَا لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ أَوْ خَدَعَهُ أَيْ الْمُمَيِّزُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِمَا لَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ غَوْثٌ وَمَا هُنَا فِيمَنْ يَتَعَذَّرُ (قَوْلُهُ: وَقَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ ذَلِكَ الْمُخَادِعَ لِأَخْذِ مَا مَعَهُ مِنْ قَتْلِ الْغِيلَةِ أَيْ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ قَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَهِيَ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعَهُ فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ كَالْحِرَابَةِ اهـ. قَالَ طفى تَفْسِيرُهَا الْغِيلَةَ بِمَا ذَكَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا وَأَنَّ قَتْلَ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِكَوْنِهِ مُحَارِبًا، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ: فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ) أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بَعْدَ أَنْ أَخَذَ مَالَهُ خَوْفًا مِنْ شِكَايَتِهِ فَلَيْسَ مُحَارِبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ عج (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقَالُ: إنَّهُ قَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ لَا لِأَخْذِهِ. (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ فَمُخْتَلِسٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا طَلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ يُقَالُ لَهُ مُحَارِبٌ؛ لِأَنَّهُ قَاتَلَ لِأَخْذِهِ فَتَأَمَّلْ كَذَا بَحَثَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ فِي الْحِرْزِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ فَارًّا بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ كَانَ مُخْتَلِسًا (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاشَدَةُ مَنْدُوبَةٌ) أَيْ وَأَمَّا الْمُقَاتَلَةُ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ الْقَتْلَ أَوْ الْجُرْحَ وَالْفَاحِشَةَ بِأَهْلِهِ وَإِلَّا كَانَ جَائِزًا (قَوْلُهُ: إلَّا مَا خَلَّيْت إلَخْ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ نَاشَدْتُك بِاَللَّهِ أَنْ لَا تَفْعَلَ شَيْئًا إلَّا تَخْلِيَةَ سَبِيلِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَاجَلَ) أَيْ الْمُحَارِبُ بِالْقِتَالِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقْتَلُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِقِتَالِهِ إلَّا قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ لَهُ إمَّا رَبُّ الْمَالِ) الْأَوْلَى وَالْقَاتِلُ لِلْمُحَارِبِ إمَّا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ لِمَنْعِهِ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ وَفِي غَايَةِ الْأَمَانِي لَوْ قَتَلَ الْمُحَارِبُ أَحَدَ وَرَثَتِهِ فَقِيلَ يَرِثُهُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ اهـ قَالَ عبق قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الْأَوَّلَ؛ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَاغِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ لِوِرْثِهِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ فَيُقَاتِلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصْلُبُهُ عَلَى خَشَبَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَرْبِطَ جَمِيعَهُ بِهَا لَا مِنْ أَعْلَى فَقَطْ كَإِبِطَيْهِ وَوَجْهِهِ أَوْ ظَهْرِهِ لَهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْتُلُهُ مَصْلُوبًا) أَيْ ثُمَّ يَنْزِلُ إذَا خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرَ فَاضِلٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يُصْلَبُ مُدَّةً بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ يُنْزَلُ فَيُقْتَلُ بَعْدَ نُزُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُنْفَى إلَخْ) أَيْ وَأُجْرَةُ حَمْلِهِ لِلْمَحَلِّ الَّذِي يُنْفَى فِيهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَبْلَ سَنَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُنْتَظَرُ لِأَقْصَى مِنْ سَنَةِ وَظُهُورِ التَّوْبَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ أَخَذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى أَيْ الْعِلَّةِ فِي جَزَائِهِ ذَلِكَ الْجَزَاءِ وَهِيَ التَّشْدِيدُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ إفْسَادِهِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَمُجَرَّدُ صَلْبٍ بِلَا قَتْلٍ) أَيْ وَنَفْيٌ بِلَا ضَرْبٍ لَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الصَّلْبِ

فَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْيُمْنَى أَوْ أَشَلَّهَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَكَذَا إنْ كَانَ أَقْطَعَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ قُطِعَتْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ يَدَانِ أَوْ رِجْلَانِ فَقَطْ قُطِعَتْ الْيَدُ الْيُمْنَى فَقَطْ أَوْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فَقَطْ وَهَذِهِ الْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصْلَحَةِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُصْلَبُ وَلَا تُنْفَى وَإِنَّمَا حَدُّهَا الْقَتْلُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَحَدُّهُ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ مَا عَدَا النَّفْيَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ (وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ) مُجَرَّدًا أَوْ مَعَ صَلْبٍ وَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ أَوْ نَفْيُهُ بِقَتْلِ حُرٍّ مُسْلِمٍ بَلْ (وَلَوْ بِكَافِرٍ) أَوْ عَبْدٍ (أَوْ بِإِعَانَةٍ) عَلَى الْقَتْلِ بِمَسْكٍ أَوْ شَارَةٍ بَلْ وَلَوْ بِتَقَوٍّ بِجَاهِهِ إذْ لَوْلَا جَاهُهُ مَا تَجَرَّأَ الْقَاتِلُ عَلَى الْقَتْلِ فَجَاهُهُ أَعَانَهُ عَلَيْهِ حُكْمًا (وَلَوْ جَاءَ) الْمُحَارِبُ الْقَاتِلُ (تَائِبًا) قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ إذْ تَوْبَتُهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ (وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ (الْعَفْوُ) عَنْ الْقَاتِلِ قَبْلَ مَجِيئِهِ تَائِبًا لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ. وَأَمَّا بَعْدَ مَجِيئِهِ تَائِبًا فَلَهُ الْعَفْوُ لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ قِصَاصٌ لَا حِرَابَةٌ (وَنُدِبَ) لِلْإِمَامِ النَّظَرُ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّ أَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ فَالْأَوْلَى (لِذِي التَّدْبِيرِ) مِنْ الْمُحَارِبِينَ (الْقَتْلُ) لِأَنَّ الْقَطْعَ مَثَلًا لَا يَدْفَعُ ضَرُورَةً (وَ) لِذِي (الْبَطْشِ) إذَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا (الْقَطْعُ) مِنْ خِلَافٍ (وَلِغَيْرِهِمَا وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ) الْحِرَابَةُ (فَلْتَةً) بِلَا قَتْلِ أَحَدٍ (النَّفْيُ وَالضَّرْبُ) بِالِاجْتِهَادِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ النَّدْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَالتَّعْيِينُ) فِيمَا يُنْدَبُ فِعْلُهُ (لِلْإِمَامِ لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا) مِنْ جُرْحٍ وَأَخْذِ مَالٍ فَلَا كَلَامَ لَهُ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ لَيْسَ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ جَمِيعِ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي حِرَابَتِهِ مِنْ إخَافَةٍ وَأَخْذِ مَالٍ وَجُرْحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا لِخُصُوصِ مَا وَقَعَ لِهَذَا الشَّخْصِ (وَغَرِمَ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ مِنْ الْمُحَارِبِينَ إذَا أَخَذُوا شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِهِ قَبْلَ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْيُمْنَى) أَيْ فِي جِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ خُلِقَ نَاقِصَهَا أَوْ سَقَطَتْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ: قُطِعَتْ الْيَدُ الْيُمْنَى فَقَطْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فَقَطْ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلَانِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ: وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي إبْقَائِهِ بِأَنْ يُخْشَى بِقَتْلِهِ فَسَادٌ أَعْظَمُ مِنْ قَبِيلَتِهِ الْمُتَفَرِّقِينَ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُطْلَقُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّبِيبِيُّ وَأَبُو مَهْدِيٍّ وَتِلْمِيذُهُمَا ابْنُ نَاجِيٍّ اهـ عبق (قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ بِكَافِرٍ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ بِغَيْرِ مُكَافِئٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِلْعَبْدِ وَالْكَافِرِ مَعًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِعَانَةٍ) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْمُحَارِبَيْنِ إذَا أَعَانَ غَيْرَهُ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ بِمَسْكِهِ لَهُ أَوْ إشَارَةٍ لَهُ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُمَا وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُكَافِئٍ لَهُمَا (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ بِتَقَوٍّ بِجَاهِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِهِ وَلَا تَسَبَّبَ فِيهِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ انْحَازَ شَخْصٌ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَقَتَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُنْحَازُ أَحَدًا فَيُقْتَلَانِ مَعًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ قَتْلِ الْمُحَارِبِ إذَا قَتَلَ أَيْ هَذَا إذَا ظَفِرْنَا بِهِ قَهْرًا عَنْهُ بَلْ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا (قَوْلُهُ: وَلِيِّ الْمَقْتُولِ) أَيْ الَّذِي قَتَلَهُ ذَلِكَ الْمُحَارِبُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَجِيئِهِ تَائِبًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ قِصَاصٌ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ قِصَاصًا يَكُونُ مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَعَيُّنِ قَتْلِهِ إذَا جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا طَلَبَ الْوَلِيُّ قَتْلَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْعَفْوُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْقَتْلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قِصَاصًا، فَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَذِمِّيٍّ أَوْ عَبْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ عِنْدَ مَجِيئِهِ تَائِبًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَةُ الْأَوَّلِ وَقِيمَةُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِلْإِمَامِ النَّظَرُ) أَيْ فِي حَالِ الْمُحَارِبِ الَّذِي لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَتْلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ وَاجِبَةٌ لَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ عَنْهَا مُخَيَّرَةً لَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَاللَّائِقُ بِحَالِ ذَلِكَ الْمُحَارِبِ، فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ مَا هُوَ اللَّائِقُ نُدِبَ لَهُ فِعْلُهُ، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ غَيْرَ مَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الْأَصْلَحُ أَجْزَأَ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: لِذِي التَّدْبِيرِ) أَيْ فِي الْحُرُوبِ وَفِي الْخَلَاصِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلِذِي الْبَطْشِ) أَيْ الْقُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِمَا) أَيْ مَنْ لَا تَدْبِيرَ لَهُ وَلَا بَطْشَ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ) وَذَلِكَ بِأَنْ أَخَذَ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا وَإِنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ إخَافَةُ الطَّرِيقِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَا حَصَلَتْ مِنْهُ الْحِرَابَةُ فَلْتَةً يُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُحَارِبِينَ هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ: إنَّهُ يُؤَدَّبُ فَقَطْ وَلَا يُجْرَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ النَّدْبِ) أَيْ مِنْ نَدْبِ فِعْلٍ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَالْأَلْيَقُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَيْ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ إذَا تَبَيَّنَ لِلْإِمَامِ الْأَصْلَحُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُ مَا يَفْعَلُهُ بِالْمُحَارِبِ غَيْرِ الْقَاتِلِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ وَأَمَّا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا بِجِنَايَةِ الْمُحَارِبِ فَلَا تَعْيِينَ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ لَيْسَ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ جَمِيعِ مَا فَعَلَهُ فِي حِرَابَتِهِ مِنْ إخَافَةٍ وَأَخْذِ مَالٍ وَجُرْحٍ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ كُلٌّ عَنْ الْجَمِيعِ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ غُرْمِهِ عَمَّنْ عَدَاهُ حَيْثُ لَزِمَ

مِنْ الْأَمْوَالِ (عَنْ الْجَمِيعِ) لِأَنَّهُمْ كَالْحُمَلَاءِ فَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أُخِذَ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ بَاقِيًا أَمْ لَا جَاءَ الْمُحَارِبُ تَائِبًا أَمْ لَا نَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا نَهَبُوهُ أَمْ لَا لِتَقَوِّي بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَكَانُوا كَالْحُمَلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُهُمْ الْبُغَاةُ وَالْغُصَّابُ وَاللُّصُوصُ (وَاتُّبِعَ) الْمُحَارِبُ (كَالسَّارِقِ) ، فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِمَجِيئِهِ تَائِبًا أُغْرِمَ مُطْلَقًا أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ، وَإِنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ أُغْرِمَ إنْ أَيْسَرَ مِنْ الْأَخْذِ إلَى الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَّصِلَ كَقِيَامِ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ، وَالنَّفْيُ كَالْقَطْعِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ كَسُقُوطِ الْحَدِّ فَيَغْرَمُ فِيهِ مُطْلَقًا (وَدُفِعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ) أَيْ ادَّعَاهُ إنْ وَصَفَهُ كَمَا تُوصَفُ اللُّقَطَةُ (بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَ) بَعْدَ (الْيَمِينِ) مِنْ الطَّالِبِ خَوْفَ أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ لَهُ الْإِمَامُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ نَزَعَهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ (أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ (مِنْ الرُّفْقَةِ) وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ بِلَا اسْتِينَاءٍ وَلِذَا أَخَّرَ الْبَيِّنَةَ عَنْ الِاسْتِينَاءِ فَتَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مَا لَمْ يَشْهَدْ الْعَدْلُ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَأَوْلَى لِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّ مَا يَصْدُرُ مِنْ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ لَا يُسَمَّى شَهَادَةً، وَإِنَّمَا هُوَ دَعْوَى فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ (لَا لِأَنْفُسِهِمَا) وَبَقِيَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَدْلَيْنِ لِثُبُوتِ الْأَمْوَالِ بِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ احْتَرَسَ بِالرَّجُلَيْنِ عَنْ الرَّجُلِ بِلَا يَمِينٍ مَعَهُ مِنْ الطَّالِبِ. (وَلَوْ) (شَهِدَ اثْنَانِ) عَدْلَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى رَجُلٍ اُشْتُهِرَ بِالْحِرَابَةِ (أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الشَّخْصُ هُوَ (الْمُشْتَهَرُ بِهَا) أَيْ بِالْحِرَابَةِ عِنْدَ النَّاسِ (ثَبَتَتْ) الْحِرَابَةُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا) مِنْهُ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَسَقَطَ حَدُّهَا) أَيْ الْحِرَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالْقَتْلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْ عَدَاهُ الْغُرْمُ إمَّا لِعَدَمِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِأَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِمَجِيئِهِ تَائِبًا أَوْ هَرَبَ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ أَوْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَانَ يَسَارُهُ مُتَّصِلًا مِنْ حِينِ أَخْذِ الْمَالِ لِوَقْتِ الْحَدِّ، فَإِنْ كَانَ مَنْ عَدَاهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا بَعْدَ الْحِرَابَةِ وَقَبْلَ الْحَدِّ فَلَا يَغْرَمُ عَنْهُ هَذَا الْمَأْخُوذُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ إنَّمَا يَغْرَمُ عَنْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَالضَّمَانُ يَقْتَضِي لُزُومَ الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَمْوَالِ) أَيْ الْمُحْتَرَمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُعَاهِدٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمْ الْبُغَاةُ) أَيْ مِثْلُ الْمُحَارِبِينَ فِي أَنَّهُ إذَا ظَفِرَ بِوَاحِدٍ يَغْرَمُ عَنْ الْجَمِيعِ الْبُغَاةِ وَالْغُصَّابِ وَاللُّصُوصِ كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَقَلَهُ ح وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حُكْمُ الْمُحَارِبِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ السَّارِقِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ السُّرَّاقِ لَا يَضْمَنُ مَا سَرَقَهُ مَنْ مَعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ) أَيْ اُتُّبِعَ بِغُرْمِ مِثْلِ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْجُودًا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أُغْرِمَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ الْمَالُ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَ الْأَخْذِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ لِأَنَّ النَّفْيَ حَدٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْحُدُودِ كَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ: فَيَغْرَمُ فِيهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ إنْ وَصَفَهُ. . . إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مُدَّعِيَ الْمَالِ الَّذِي بِأَيْدِي الْمُحَارِبِينَ إذَا أُخِذَ مِنْهُمْ لَا يُدْفَعُ لَهُ إذَا لَمْ يُثْبِتْهُ بِالْبَيِّنَةِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَبَعْدَ الْيَمِينِ وَبَعْدَ وَصْفِهِ كَاللُّقَطَةِ، وَالشَّرْطُ الْأَخِيرُ أَهْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَاللَّخْمِيِّ وَمَحَلُّ أَخْذِ الْمُدَّعِي لَهُ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ نَقْلًا عَنْ أَشْهَبَ إذَا أَقَرَّ اللُّصُوصُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَتَاعَ مِمَّا قَطَعُوا فِيهِ الطَّرِيقَ، فَإِنْ قَالُوا: هُوَ مِنْ أَمْوَالِنَا كَانَ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَمْلِكُونَ مِثْلَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: خَوْفَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاسْتِينَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ بِحَمِيلٍ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَبِحَمِيلٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَبِلَا حَمِيلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ حَمِيلًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ دَفْعِهِ لَهُ بِأَنَّهُ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَوْزِ لَا الْمِلْكِ (قَوْلُهُ نَزَعَهُ مِنْهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ إنْ تَلِفَ (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَدَالَتَهُمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ التُّحْفَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ وَسْمُ خَيْرٍ قَدْ ظَهَرَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِتَوَسُّمِ الْخَيْرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: مِنْ الرُّفْقَةِ) أَيْ الْمُقَاتِلِينَ لِلْمُحَارِبِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِمَا) أَيْ كَعَبْدِهِ مُكَاتَبًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا لِأَنْفُسِهِمَا) فِي ح إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لِأَنْفُسِهِمَا يَسِيرًا فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ الْقَلِيلِ وَلِغَيْرِهِمْ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ وَلَعَلَّهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى رَجُلٍ اُشْتُهِرَ بِالْحِرَابَةِ) أَيْ ثُمَّ رَفَعَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ لِمَعْرِفَتِهِمَا لَهُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ) أَيْ كَمَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ بِهَا وَبِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ صُدُورِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ حَدُّهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَتَلَ أَحَدًا؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ إذَا جَاءَ تَائِبًا إنَّمَا هُوَ لِلْقِصَاصِ لَا أَنَّهُ

[باب حد الشارب]

(بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا) قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (أَوْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ) مِنْ الْحِرَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ غُرْمُ مَا أَخَذَهُ مُطْلَقًا أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ بَقِيَ مَا أَخَذَهُ أَمْ لَا كَمَا قَدَّمَهُ [دَرْسٌ] {بَابٌ} ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الشَّارِبِ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الشَّارِبِ وَشُرُوطَهُ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ فَقَالَ (بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ) أَيْ يَجِبُ بِسَبَبِ شُرْبِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ (الْمُكَلَّفِ) وَالشُّرْبُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْفَمِ إذَا وَصَلَ لِحَلْقِهِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ لَا الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَلَوْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَبِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَأُدِّبَ صَبِيٌّ لِلزَّجْرِ وَذِمِّيٌّ إنْ أَظْهَرَهُ (مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ بِالْفِعْلِ لِقِلَّتِهِ مَثَلًا لَا مَا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مُسْكِرًا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ (طَوْعًا) لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ فَلَا يُحَدُّ وَالْمُكْرَهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الطَّوْعِ (بِلَا عُذْرٍ) فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ غَلَطًا بِأَنْ ظَنَّهُ غَيْرًا كَمَا يَأْتِي (وَ) بِلَا (ضَرُورَةٍ) لَا إنْ شَرِبَهُ لِإِسَاغَةِ غَصِّهِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَنَحْوَهُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى قَوْلٍ وَالرَّاجِحُ عَدَمُهَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ بِلَا عُذْرٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ أَوْ بِقَوْلِهِ (وَ) بِلَا (ظَنِّهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ جِنْسُهُ (غَيْرًا) أَيْ غَيْرَ مُسْكِرٍ بِأَنْ ظَنَّهُ خَلًّا مَثَلًا فَشَرِبَهُ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَصَدَقَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى شَارِبِ الْمُسْكِرِ (وَإِنْ قَلَّ) جِدًّا بَلْ قَدْ قِيلَ لَوْ غَمَسَ إبْرَةً فِي خَمْرٍ وَوَضَعَهَا عَلَى لِسَانِهِ أَيْ وَابْتَلَعَ رِيقَهُ حُدَّ، فَإِنْ لَمْ يَبْتَلِعْهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى شُرْبًا (أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) مَعَ عِلْمِهِ الْحُرْمَةَ (أَوْ) جَهِلَ (الْحُرْمَةَ لِقُرْبِ عَهْدِ) بِإِسْلَامٍ فَيُحَدُّ (وَلَوْ) كَانَ الشَّارِبُ (حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ) أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِهِ إذَا لَمْ يُسْكِرْ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَيُسْكِرُ كَثِيرُهُ وَشَرِبَ مِنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي لَا يُسْكِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQحَدٌّ لِلْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ: بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا) أَيْ مُلْقِيًا سِلَاحَهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ يَأْتِي طَائِعًا وَيَتْرُكُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحِرَابَةِ أَيْ وَعَدَّهُ بِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَلَيْهِ. . . إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ حَدُّهَا بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ [بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ] {بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ حَدُّ الشَّارِبِ} (قَوْلُهُ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) لَفْظُ شَرِبَ يُفِيدُ أَنَّ الْحَدَّ مُخْتَصٌّ بِالْمَائِعَاتِ أَمَّا الْيَابِسَاتُ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ كَمَا أَنَّهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ لَا مَا قَلَّ كَمَا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ) أَيْ بِأَنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ: لَا الْأَنْفِ) أَيْ إنْ وَصَلَ مِنْ الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ كَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ هَذَا إذَا وَصَلَ لِحَلْقِهِ مِمَّا ذَكَرَ بَلْ وَلَوْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْكَرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ) أَيْ فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَهُ) أَيْ إنْ أَظْهَرَ شُرْبَ الْمُسْكِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: لَا مَا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) أَيْ فَإِذَا شَرِبَ شَيْئًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ خَمْرٍ فَلَا يُحَدُّ وَعَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: طَوْعًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ طَائِعًا (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الطَّوْعِ) أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ غَلَطًا) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ الْغَلَطُ أَيْ مَعَ خُلُوِّ الذِّهْنِ عَنْ ظَنِّهِ غَيْرًا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْعُذْرَ غَيْرُ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا إزَالَةُ الْغُصَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا ظَنِّهِ غَيْرًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ الِاسْتِغْنَاءُ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ إزَالَةُ الْغُصَّةِ وَأَنَّ الضَّرُورَةَ كَذَلِكَ كَمَا حَلَّ بِهِ عبق (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ) أَيْ شُرْبُهُ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ) عَدَمُهَا أَيْ عَدَمُ حُرْمَةِ شُرْبِهِ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ظَنَّهُ خَلًّا مَثَلًا) أَيْ أَوْ لَبَنًا أَوْ مَاءً أَوْ عَسَلًا وَقَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ وَلَوْ سَكِرَ مِنْهُ قَالَ عبق وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ قُدُومِهِ عَلَى شُرْبِهِ مَعَ ظَنِّهِ غَيْرًا، وَأَمَّا مَعَ شَكِّهِ فِي كَوْنِهِ غَيْرًا فَيَحْرُمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِدَرْئِهِ بِشُبْهَةِ الشَّكِّ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ وَطِئَ) أَيْ كَعُذْرِ مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ) أَيْ شَارِبُ الْخَمْرِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرٌ وَكَذَا يُصَدَّقُ وَاطِئُ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ إنْ كَانَ يَتَأَتَّى الِاشْتِبَاهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الزِّنَا بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ رَفِيعَةً أَوْ سَمِينَةً لَا إنْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ ح فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَارْتَضَاهُ عج وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: إنَّهُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى شُرْبًا وَالْقَوْلُ بِحَدِّهِ مِنْ التَّعَمُّقِ فِي الدِّينِ (قَوْلُهُ أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِهِ) أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَسْكَرُ مِنْهُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْخَمْرَ وَهُوَ مَا اُتُّخِذَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ شُرْبُهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَلِرَدِّ الشَّهَادَةِ إجْمَاعًا لَا فَرْقَ بَيْنَ شُرْبِ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، وَأَمَّا النَّبِيذُ وَهُوَ مَا اتَّخَذَ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ أَوْ الْبَلَحِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَشُرْبُ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا وَأَمَّا شُرْبُ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَسْكَرُ مِنْهُ لِقِلَّتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَلِرَدِّ الشَّهَادَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ

فَيُحَدُّ إذَا رُفِعَ لِمَالِكِيٍّ. وَأَمَّا الْخَمْرُ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ فَيُحَدُّ فِيهِ عِنْدَهُ وَلَوْ لَمْ يُسْكِرْ بِالْفِعْلِ وَكَذَا إذَا شَرِبَ الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ مِنْ النَّبِيذِ فَيُحَدُّ عِنْدَهُ أَيْضًا وَقِيلَ لَا حَدَّ فِيمَا لَا يُسْكِرُ مِنْهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّحَ نَفْيَهُ) أَيْ الْحَدِّ (ثَمَانُونَ) جَلْدَةً عَلَى الْحُرِّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهَذَا فَاعِلُ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ بِشَرِبَ تَقْدِيرُهُ يَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ (بَعْدَ صَحْوِهِ) ، فَإِنْ جُلِدَ قَبْلَهُ اعْتَدَّ بِهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ تَمْيِيزٌ وَإِلَّا أُعِيدَ عَلَيْهِ (وَتَشَطَّرَ بِالرِّقِّ وَإِنْ قَلَّ) الرِّقُّ بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَيُجْلَدُ أَرْبَعِينَ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ بِقَوْلِهِ (إنْ أَقَرَّ) بِالشُّرْبِ (أَوْ شَهِدَا) أَيْ شَهِدَ عَدْلَانِ (بِشُرْبٍ أَوْ شَمٍّ) لِرَائِحَتِهِ فِي فَمِهِ وَعُلِمَتْ رَائِحَتُهُ إذْ قَدْ يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا مَنْ لَا يَشْرَبُهَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بِرُؤْيَةِ الشُّرْبِ وَآخَرُ بِرَائِحَتِهَا أَوْ بتقايؤها فَيُحَدُّ، فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ قُبِلَ (وَإِنْ خُولِفَا) أَيْ خَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعُدُولِ بِأَنْ قَالَا: لَيْسَ رَائِحَتُهُ رَائِحَةَ خَمْرٍ بَلْ خَلٍّ مَثَلًا فَلَا تُعْتَبَرُ الْمُخَالَفَةُ وَيُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ يُقَدَّمُ عَلَى النَّافِي (وَجَازَ) شُرْبُهَا (لِإِكْرَاهٍ) عَلَى الشُّرْبِ وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ إذْ الْمُكْرَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَا يُوصَفُ بِجَوَازٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ إلَّا أَفْعَالَ الْمُكَلَّفِينَ، وَالْإِكْرَاهُ يَكُونُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِضَرْبٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ وَكَذَا بِإِتْلَافِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ بِضَرْبٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ أَيْ بِقَيْدٍ أَوْ سِجْنٍ شَدِيدَيْنِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ لِسَحْنُونٍ (وَإِسَاغَةٍ) لِغُصَّةٍ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ مِنْهَا وَلَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُهَا بِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَالْجَوَازُ فِي الْإِسَاغَةِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْحُرْمَةِ الصَّادِقَةِ بِالْوُجُوبِ (لَا) يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْخَمْرِ لِأَجْلِ (دَوَاءٍ) وَلَوْ لِخَوْفِ الْمَوْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَغِيرَةٌ فَلَا يُوجِبُ حَدًّا وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا إثْمَ فِي شُرْبِهِ بَلْ هُوَ جَائِزٌ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَإِذَا كَانَ لَا يُسْكِرُ الشَّخْصَ إلَّا أَرْبَعَةُ أَقْدَاحٍ فَلَا يَحْرُمُ عِنْدَهُ إلَّا الْقَدَحُ الرَّابِعُ وَقَيَّدَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوَازَ بِمَا إذَا كَانَ الشُّرْبُ لِلتَّقَوِّي عَلَى الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ لَا لِمُجَرَّدِ اللَّهْوِ (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ إذَا رُفِعَ لِمَالِكِيٍّ) وَذَلِكَ لِضَعْفِ مُدْرِكِ حِلِّهِ (قَوْلُهُ فَيُحَدُّ فِيهِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ يُحَدُّ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا حَدَّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْحُرِّ) أَيْ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُزَادُ مَعَ الْحَدِّ سِجْنٌ وَلَا غَيْرُهُ كَحَلْقِ رَأْسٍ أَوْ لِحْيَةٍ أَوْ طَوَافٍ بِهِ فِي السُّوقِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَبِهِ الْعَمَلُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُزَادُ مَعَ الضَّرْبِ غَيْرُهُ إلَّا الْمُدْمِنُ الْمُعْتَادُ الْمَشْهُورُ بِالْفِسْقِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُنَادَى بِهِ وَيُشْهَرَ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ يُلْزَمَ السِّجْنَ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُعِيدَ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَدُّ مِنْ أَوَّلِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إحْسَاسٌ حَالَ الضَّرْبِ أَصْلًا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحُسَّ فِي أَوَّلِهِ وَأَحَسَّ فِي أَثْنَائِهِ حُسِبَ لَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا أَحَسَّ كَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ لِلْمَذْهَبِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ لَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ حُدَّ طَافِحًا أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ فَقَيَّدَهَا اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إحْسَاسٌ حَالَ الضَّرْبِ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَتَشْطُرُ) أَيْ حَدَّ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ الرِّقُّ بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) أَيْ فَحَدُّ الرَّقِيقِ فِي الشُّرْبِ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ يَعْرِفُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا إلَّا مَنْ شَرِبَهَا وَمَنْ شَرِبَهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتُبْ كَانَ فَاسِقًا وَإِنْ تَابَ وَحُدَّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا إلَّا مَنْ شَرِبَهَا بَلْ قَدْ يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ شَرِبَهَا فَقَطْ كَمَنْ رَآهَا مُرَاقَةً مَعَ عِلْمِهِ بِهَا أَوْ رَأَى إنْسَانًا يَشْرَبُهَا مَعَ عِلْمِهِ بِهَا فَشَمَّ رَائِحَتَهَا وَعَلِمَهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خُولِفَا) أَيْ وَكَذَا إنْ خَالَفَهُمَا الشَّارِبُ وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا شَرِبَهَا فَيُحَدُّ وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ مَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: أَيْ خَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعُدُولِ) أَيْ فِيمَا شَرِبَهُ بِأَنْ قَالَا: شَرِبَ خَلًّا لَا خَمْرًا أَوْ فِي رَائِحَةِ فَمِهِ بِأَنْ قَالَا: رَائِحَتُهُ رَائِحَةُ خَلٍّ لَا خَمْرٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ خُولِفَا رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ أَعْنِي الشَّهَادَةَ بِالشُّرْبِ وَالشَّهَادَةَ بِالرَّائِحَةِ لَا لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا حَدَّ فِي إكْرَاهٍ فَعَبَّرَ بِالْمَلْزُومِ وَهُوَ جَوَازُ الشُّرْبِ وَأَرَادَ لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: وَالْإِكْرَاهُ يَكُونُ بِالْقَتْلِ) أَيْ بِخَوْفِهِ وَخَوْفِ مَا بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مِمَّا ذَكَرَ ظَنُّ حُصُولِهِ أَوْ الْجَزْمُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِسَاغَةٍ لِغُصَّةٍ) إنَّمَا جَازَ شُرْبُ الْخَمْرِ لِذَلِكَ وَلَمْ يَجُزْ شُرْبُهُ لِخَوْفِ مَوْتٍ بِجُوعٍ أَوْ عَطَشٍ لِزَوَالِ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا بِخِلَافِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَإِنَّهُمَا لَا يُزَالَانِ بِهِ بَلْ يَزِيدَانِ لِمَا فِي طَبْعِهِ مِنْ الْحَرَارَةِ وَالْهَضْمِ (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ الْجَوَازِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا حَدَّ عِنْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ إسَاغَةَ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ وَاجِبَةٌ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ الْإِسَاغَةُ بِالنَّجَسِ عَلَى الْإِسَاغَةِ بِالْخَمْرِ لِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِ دَوَاءً لِلضَّرُورَةِ وَحُدَّ شَارِبُهُ بِخِلَافِ النَّجَسِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْخَمْرِ لِأَجْلِ دَوَاءٍ وَلَوْ لِخَوْفِ الْمَوْتِ) أَيْ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَتَدَاوَى بِهِ شُرْبًا حُدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ تَرَدَّدَ عُلَمَاؤُنَا فِي دَوَاءٍ فِيهِ خَمْرٌ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ وَالْحَدُّ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَدِّ

(وَلَوْ طِلَاءً) بِهِ فِي جَسَدِهِ وَلَوْ خُلِطَ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ الْجَائِزِ وَيُحَدُّ إنْ شَرِبَهُ لَا إنْ طُلِيَ بِهِ. (وَالْحُدُودُ) لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ تَكُونُ (بِسَوْطٍ) جِلْدٍ لَهُ رَأْسٌ لَيِّنٌ لَا رَأْسَانِ لَا بِقَضِيبٍ وَشِرَاكٍ وَدِرَّةٍ وَدِرَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا كَانَتْ لِلتَّأْدِيبِ وَيَقْبِضُ الضَّارِبُ بِهِ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى دُونَ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ بَلْ يَقْبِضُهُمَا فَوْقَ السَّوْطِ فَارِغِينَ وَيَخْرُجُ السَّوْطُ مِنْ بَيْنِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (وَضَرْبٍ مُعْتَدِلَيْنِ) أَيْ مُتَوَسِّطَيْنِ لَا شَدِيدَيْنِ وَلَا خَفِيفَيْنِ فَاعْتِدَالُ السَّوْطِ بِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ لَيِّنًا لَهُ رَأْسٌ لَا رَأْسَانِ وَاعْتِدَالُ الضَّرْبِ بِكَوْنِهِ ضَرْبًا بَيْنَ ضَرْبَيْنِ لَيْسَ بِالْمُبَرِّحِ وَلَا بِالْخَفِيفِ حَالَ كَوْنِ الْمَضْرُوبِ (قَاعِدًا) فَلَا يُمَدُّ عَلَى ظَهْرِهِ وَلَا بَطْنِهِ (بِلَا رَبْطٍ) إلَّا أَنْ يَضْطَرِبَ الْمَضْرُوبُ اضْطِرَابًا لَا يَصِلُ الضَّرْبُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَيُرْبَطُ (وَ) بِلَا (شَدٍّ) أَيْ رَبْطِ (يَدٍ) وَيَكُونُ الضَّرْبُ (بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ) أَيْ عَلَيْهَا لَا عَلَى غَيْرِهَا (وَجُرِّدَ الرَّجُلُ) مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَتَيْنِ (وَالْمَرْأَةُ) تُجَرَّدُ (مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ) أَيْ أَلَمَهُ مِنْ الثِّيَابِ الْغَلِيظَةِ بِأَنْ تَلْبَسَ ثَوْبًا وَاحِدًا رَقِيقًا (وَنُدِبَ جَعْلُهَا) حَالَ الضَّرْبِ (فِي قُفَّةٍ) فِيهَا تُرَابٌ يُبَلُّ بِمَاءٍ لِلسَّتْرِ وَيُوَالِي الضَّرْبَ عَلَيْهَا وَلَا يُفَرَّقُ إلَّا لِخَوْفِ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا فَيُفَرَّقُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْحُدُودِ الَّتِي جَعَلَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعُقُوبَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَذَوَاتِهِمْ وَأَقْدَارِهِمْ فَقَالَ (وَعَزَّرَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ (لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ) وَهِيَ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ كَالْأَكْلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ وَطَرْحِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا (أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ) وَهُوَ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ كَالسَّبِّ وَالضَّرْبِ وَالْإِيذَاءِ بِوَجْهٍ مَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا وَلِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ إذْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ تَرْكُ أَذِيَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَعْصُومِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَأْدِيبُ أَحَدٍ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ السَّيِّدُ فِي رَقِيقِهِ فِي مُخَالَفَتِهِ لِلَّهِ أَوْ لَهُ أَوْ الزَّوْجُ لِلنُّشُوزِ أَوْ تَرْكِهَا نَحْوَ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ تُرْفَعْ لِلْإِمَامِ أَوْ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مُعَلِّمًا وَلَا يَجُوزُ لِإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ لَعْنٌ وَلَا قَذْفٌ وَلَا سَبٌّ فَاحِشٌ وَلَا سَبُّ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَلَا تَعَمُّدُ كَسْرِ عَظْمٍ وَإِتْلَافِ عُضْوٍ أَوْ تَمْثِيلٍ أَوْ ضَرْبِ وَجْهٍ وَذَكَرَ أَنْوَاعَ التَّعْزِيرِ الَّتِي يُرْجَعُ فِيهَا لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ لَهُ وَالْقَوْلُ وَالْفِعْلُ بِقَوْلِهِ (حَبْسًا) بِمَا فِيهِ ظَنُّ الْأَدَبِ وَرَدْعُ النَّفْسِ (وَلَوْ مَا) أَيْ تَوْبِيخًا بِالْكَلَامِ مَنْصُوبَانِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَبِالْإِقَامَةِ) مِنْ الْمَجْلِسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا سَكِرَ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ وَلَا يَرِدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ بِالْفِعْلِ، فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي حَدَّهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ الْمَخْلُوطِ بِدَوَاءٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طِلَاءً) أَيْ هَذَا إذَا تَدَاوَى بِهِ شُرْبًا بَلْ وَلَوْ تَدَاوَى بِهِ طِلَاءً وَلَكِنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا تَدَاوَى بِهِ طِلَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا تَدَاوَى بِهِ شُرْبًا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِطَ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ الْجَائِزِ) أَيْ هَذَا إذَا طَلَى بِهِ مُنْفَرِدًا بَلْ وَلَوْ طَلَى بِهِ مَخْلُوطًا بِشَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ الْجَائِزِ وَمَحَلُّ مَنْعِ الطِّلَاءِ بِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ مُخْتَلِطًا بِدَوَاءٍ جَائِزٌ مَا لَمْ يَخَفْ الْمَوْتَ بِتَرْكِهِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ لِلزِّنَا) أَيْ الْكَائِنَةِ لِلزِّنَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فَيُفِيدُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدًّا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: لَا بِقَضِيبٍ) أَيْ وَلَا يَكُونُ بِقَضِيبٍ وَهُوَ الْغُصْنُ الْمَقْضُوبُ مِنْ الشَّجَرِ أَيْ الْمَقْطُوعِ مِنْهُ كَالنَّبُّوتِ وَالشِّرَاكِ أَيْ السَّيْرِ مِنْ الْجِلْدِ وَالدِّرَّةُ سَوْطٌ رَفِيعٌ مَجْدُولٌ مِنْ الْجِلْدِ، فَإِنْ وَقَعَ وَضَرَبَ فِي الْحَدِّ بِقَضِيبٍ أَوْ شِرَاكٍ أَوْ دِرَّةٍ لَمْ يَكْفِ وَأُعِيدَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا كَانَتْ لِلتَّأْدِيبِ) أَيْ وَكَانَتْ مِنْ جِلْدٍ مُرَكَّبٍ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ مَحَلَّهُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى غَيْرِهِمَا) أَيْ فَلَوْ جَلَدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ أَوْ عَلَى رِجْلَيْهِ لَمْ يَكْفِ وَالْحَدُّ بَاقٍ يُعَادُ ثَانِيًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَلْدُ بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوَهُ أُخِّرَ وَلَوْ فَعَلَ بِهِمَا شَيْئًا فَشَيْئًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فِعْلُهُ بِهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً سَقَطَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ، فَإِنَّهُ يُعَادُ وَلَا يَسْقُطُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَجُرِّدَ الرَّجُلُ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يُجَرَّدْ الرَّجُلُ مُطْلَقًا وَلَا الْمَرْأَةُ مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ فَانْظُرْ هَلْ يَجْتَزِي بِذَلِكَ حَيْثُ أَحَسَّ بِهِ أَوْ إنْ أَحَسَّ بِهِ كَمَا يَحُسُّ الْمُجَرَّدُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ عبق وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ فَلَا يُنْظَرُ فِي الْحُدُودِ لِشَرَفٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً كَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا وَمَنْ يَشْرَبُ كَأْسًا كَمَنْ شَرِبَ قِنْطَارًا تَعَبُّدًا (قَوْلُهُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا وَقَوْلُهُ وَأَقْوَالِهِمْ إلَخْ الْأَوْلَى مِنْ جِهَةِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ وَقَوْلُهُ وَذَوَاتِهِمْ أَيْ قُوَّةً وَضَعْفًا وَقَوْلُهُ وَأَقْدَارِهِمْ أَيْ وَمِنْ جِهَةِ أَقْدَارِهِمْ وَسَفَالَتِهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ أَوْ السَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِعَبْدِهِ وَوَالِدِ الصَّغِيرِ وَمُعَلِّمِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ أَيْ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَيَدْخُلُ مَشَايِخُ الْحِرَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ) أَيْ عَنْ وَقْتِهَا وَلَوْ اخْتِيَارِيًّا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ الْمُتَمَحِّضَ لِحَقِّ اللَّهِ يَسْقُطُ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ إذَا جَاءَ تَائِبًا بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ نَعَمْ يَسْقُطُ لِعَفْوِ صَاحِبِ الْحَقِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ السَّبِّ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ التَّأْدِيبُ وَقَوْلُهُ: لَعْنُ أَيْ التَّعْزِيرُ بِاللَّعْنِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا) أَيْ بِمُدَّةٍ أَيْ فِي مُدَّةٍ يَظُنُّ حُصُولَ الْأَدَبِ لَهُ بِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَبِالْإِقَامَةِ مِنْ الْمَجْلِسِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِقَامَةِ مِنْ الْمَجْلِسِ إيقَافُهُ فِيهِ أَيْ أَمْرُ الْحَاكِمِ لَهُ بِوُقُوفِهِ عَلَى قَدَمَيْهِ ثُمَّ يُقْعِدُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَمْرُهُ بِالذَّهَابِ مِنْ الْمَجْلِسِ

(وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ) مِنْ رَأْسِهِ (وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَقَضِيبٍ وَدِرَّةٍ وَصَفْعٍ بِالْقَفَا وَقَدْ يَكُونُ بِالنَّفْيِ كَالْمُزَوِّرِينَ وَقَدْ يَكُونُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْحَارَةِ كَأَهْلِ الْفُسُوقِ الْمُضِرِّينَ بِالْجِيرَانِ وَقَدْ يَكُونُ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ بِمَا بَاعَ بِهِ مَا غَشَّهُ وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَوَاطِنِ الَّتِي لِلْحُكَّامِ النَّظَرُ فِيهَا (وَإِنْ) (زَادَ عَلَى الْحَدِّ) بِالْجَلْدِ كَأَنْ يَزِيدَ عَنْ الْمِائَةِ سَوْطٌ (أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ) بِأَنْ أَدَّى لِلْمَوْتِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّشْدِيدَ فِيمَا يَقْتَضِي التَّشْدِيدَ كَسَبِّ الصَّحَابَةِ أَوْ آلِ الْبَيْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَأَدَّى إلَى الْهَلَاكِ، فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ مُنِعَ (وَضَمِنَ) فِي الشَّكِّ (مَا سَرَى) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ جُرْحٍ أَيْ ضَمِنَ دِيَةَ مَا سَرَى لَكِنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ وَأَوْلَى إنْ جَزَمَ فَالْقَوَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ فَخَابَ ظَنُّهُ فَهَدَرٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهَا فَالْقِصَاصُ، وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَسَوَاءٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَقْسَامِ شَهِدَ الْعُرْفُ بِالتَّلَفِ مِنْهُ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَيُعْلَمُ الظَّنُّ وَالشَّكُّ مِنْ إقْرَارِهِ وَمِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَعْضِ أَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ فَقَالَ (كَطَبِيبٍ جَهِلَ) التَّشْبِيهَ فِي الضَّمَانِ أَيْ أَنَّ الطَّبِيبَ فِي زَعْمِهِ إذَا جَهِلَ عِلْمَ الطِّبِّ فِي الْوَاقِعِ (أَوْ) عَلِمَ وَ (قَصَّرَ) فِي الْمُعَالَجَةِ حَتَّى مَاتَ الْمَرِيضُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ كَمَا فِي النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَمَفْهُومُ الْوَصْفَيْنِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ هَدَرٌ (أَوْ) دَاوَى (بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ) بِأَنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ أَصْلًا أَوْ بِإِذْنٍ غَيْرِ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا كَأَنْ دَاوَى صَبِيًّا بِإِذْنِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُقَصِّرْ (وَلَوْ) (إذْنَ عَبْدٍ بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ خِتَانٍ) فَيَضْمَنُ مَا سَرَى؛ لِأَنَّ إذْنَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدِ الرِّيحِ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَدِّ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالسَّوْطِ، فَإِنْ حُدَّ بِغَيْرِ السَّوْطِ، فَإِنَّهُ لَا يَجْزِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ) أَيْ التَّعْزِيرُ (قَوْلُهُ: بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْحَارَةِ) أَيْ وَبَيْعِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَإِتْلَافِهِ لِمَا يَمْلِكُهُ كَإِرَاقَةِ اللَّبَنِ عَلَى مَنْ غَشَّهُ حَيْثُ كَانَ يَسِيرًا وَلَا يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَالِ إجْمَاعًا وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ جَوَّزَ لِلسُّلْطَانِ التَّعْزِيرَ بِأَخْذِ الْمَالِ فَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الْبَزَّازِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَمْسِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدَهُ إلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الظَّلَمَةُ إذْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ أَيْ كَشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَدّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ زَادَ الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ عَلَى الْحَدِّ الْمُصَوَّرِ بِالْجَلْدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنْ يُعَزِّرَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْحَدِّ وَلَا يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ كَمِائَتَيْ سَوْطٍ أَوْ بِمَا يَأْتِي عَلَى هَلَاكِهِ كَأَلْفِ كُرْبَاجٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ الْهَلَاكَ ابْتِدَاءً بَلْ ظَنَّ سَلَامَتَهُ أَوْ جَزَمَ بِهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّهَا وَلَمْ يَجْزِمْ بِهَا، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّأْدِيبِ بِمَا يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ النَّفْسَ قَوَدًا إنْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا وَإِنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ مَنْعَ) أَيْ تَأْدِيبَهُ بِمَا يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ إنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ) أَيْ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ فَخَابَ ظَنُّهُ أَيْ بِأَنْ مَاتَ وَقَوْلُهُ وَإِذَا ظَنَّ عَدَمَهَا أَيْ ابْتِدَاءً وَأَوْلَى إنْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: شَهِدَ الْعُرْفُ بِالتَّلَفِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ: إنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَنْشَأُ عَنْهُ التَّلَفُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ ظَنِّ الْإِمَامِ السَّلَامَةَ مَعَ قَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ تَلَفٌ أَوْ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخِيبُ ظَنُّهُ (قَوْلُهُ: فِي زَعْمِهِ) أَشَارَ بِهَذَا الدَّفْعِ إلَى مَا يُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامَهُ تَنَافِيًا إذْ مُقْتَضَى كَوْنِهِ طَبِيبًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالطِّبِّ لَا جَاهِلًا بِهِ (قَوْلُهُ: إذَا جَهِلَ عِلْمَ الطِّبِّ فِي الْوَاقِعِ) أَيْ وَعَالَجَ مَرِيضًا فَمَاتَ بِسَبَبِ مُعَالَجَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَصَّرَ فِي الْمُعَالَجَةِ) أَيْ كَأَنْ أَرَادَ قَلْعَ سِنٍّ فَقَلَعَ غَيْرَهَا خَطَأً أَوْ تَجَاوَزَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ الْحَدَّ الْمَعْلُومَ فِي الطِّبِّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَأَنْ زَلَّتْ أَوْ تَرَامَتْ يَدُ خَاتِنٍ أَوْ سَقَى عَلِيلًا دَوَاءً غَيْرَ مُنَاسِبٍ لِلدَّاءِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ يُنَاسِبُهُ وَقَدْ أَخْطَأَ فِي اعْتِقَادِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) إنَّمَا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَاهِلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا وَإِنَّمَا قَصَدَ نَفْعَ الْعَلِيلِ أَوْ رَجَا ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ ضَرَرَهُ، فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَدَاءِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النَّقْلِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَاهِلِ وَالْمُقَصِّرِ قَوْلَيْنِ قِيلَ: الضَّمَانُ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقِيلَ: إنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَاقِلَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُقَصِّرْ وَهُوَ عَالِمٌ) أَيْ بِأَنَّ فِعْلَ مَا يُنَاسِبُ الْمَرَضَ فِي الطِّبِّ وَلَكِنْ نَشَأَ عَنْهُ عَيْبٌ أَوْ تَلَفٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ أَصْلًا) كَمَا لَوْ خَتَنَ صَغِيرًا قَهْرًا عَنْهُ أَوْ كَبِيرًا وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ أَطْعَمَ مَرِيضًا دَوَاءً قَهْرًا عَنْهُ فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ تَلَفٌ. {تَنْبِيهٌ} مِثْلُ الْمُدَاوَاةِ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ فِي الضَّمَانِ أَذِنَ الرَّشِيدُ فِي قَتْلِهِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِوَلِيِّهِ لَا إنْ أَذِنَ فِي جُرْحِهِ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا الْوَدِيعَةُ إذَا أَذِنَ رَبُّهَا مَنْ هِيَ عِنْدَهُ فِي إتْلَافِهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا أَتْلَفَهَا لِالْتِزَامِهِ حِفْظَهَا بِالْقَبُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ خِتَانٍ) أَيْ فَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ عَيْبٌ أَوْ تَلَفٌ (قَوْلُهُ وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ) أَيْ إشْعَالِهَا (قَوْلُهُ: شَدِيدِ الرِّيحِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ إسْنَادَ الْعَصْفِ لِلْيَوْمِ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَصْفَ عِبَارَةٌ عَنْ الْهُبُوبِ وَالتَّصْوِيتِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَّصِفُ بِهِ الرِّيحُ لَا الْيَوْمُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " عَاصِفٍ " صِفَةً لِمُضَافٍ إلَى يَوْمٍ مُقَدَّرٍ أَيْ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَجُوزُ فِي الْإِسْنَادِ

فَيَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان بَعِيدٍ لَا يَظُنُّ فِيهِ الْوُصُولَ إلَى الْمَحْرُوقِ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ (وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ) عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَيَضْمَنُ صَاحِبُهُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (مَالَ) بَعْد أَنْ كَانَ مُسْتَقِيمًا (وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ) بِأَنْ قِيلَ لَهُ: أَصْلِحْ جِدَارَك وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ حَاكِمٍ كَمَا لِلْجِيزِيِّ (وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ) بِأَنْ يَتَّسِعَ الزَّمَانُ الَّذِي يُمْكِنُ الْإِصْلَاحُ فِيهِ وَلَمْ يُصْلِحْ فَيَضْمَنُ الْمَالَ وَالدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَمَفْهُومُ مَالَ أَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا ابْتِدَاءً فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ أَتْلَفَهُ لَضَمِنَ بِلَا تَفْصِيلٍ، وَمَفْهُومُ أَنْذَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْذِرْ أَيْ مَعَ الْإِشْهَادِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ مَعَ تَفْرِيطِهِ فَيَضْمَنَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَاحِبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ الْإِنْذَارُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ هَدْمٌ وَمَفْهُومُ أَمْكَنَ تَدَارُكُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ سَقَطَ قَبْلَ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَارُكُ لَمْ يَضْمَنْ (أَوْ) (عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ فَقَلَعَ أَسْنَانَهُ) فَيَضْمَنُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَهَذَا إنْ قَصَدَ بِسَلِّ يَدِهِ قَلْعَهَا. وَأَمَّا إنْ قَصَدَ تَخْلِيصَ يَدِهِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ فَلَا ضَمَانَ وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) (نَظَرَ لَهُ مِنْ كَوَّةٍ) أَوْ غَيْرِهَا كَبَابٍ (فَقَصَدَ عَيْنَهُ) أَيْ رَمَاهَا بِحَجَرٍ وَنَحْوِهَا فَفَقَأَهَا ضَمِنَ يَعْنِي اقْتَصَّ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا ضَمِنَ الدِّيَةَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (وَإِلَّا) يَقْصِدُ بِالرَّمْيِ عَيْنَهُ بَلْ قَصَدَ زَجْرَهُ (فَلَا) ضَمَانَ بِمَعْنَى لَا قَوَدَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ لَكِنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (كَسُقُوطِ مِيزَابٍ) مُتَّخَذٌ لِلْمَطَرِ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهِ أَصْلًا مُطْلَقًا بَلْ هَدَرٌ وَمِثْلُهُ الظُّلَّةُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ عَدَمَ الضَّمَانِ بِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ (أَوْ بَغَتْ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فِعْلٌ مَاضٍ وَ (رِيحٌ) فَاعِلُهُ أَيْ فَجَأَ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا عَلَى أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الْمَالَ) أَيْ الَّذِي أَحْرَقَتْهُ النَّارُ وَقَوْلُهُ وَالدِّيَةُ أَيْ دِيَةُ مَنْ مَاتَ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ تَأْجِيجُ النَّارِ وَقَوْلُهُ لَا يَظُنُّ فِيهِ الْوُصُولَ أَيْ وُصُولَ النَّارِ لِلشَّيْءِ الْمَحْرُوقِ فَتَخَلَّفَ الظَّنُّ وَوَصَلَتْ إلَيْهِ فَأَحْرَقَتْهُ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ صَاحِبَهُ) أَيْ الْمَالِ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ وَهَذَا رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَرِوَايَةُ زوزان عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَرَوَاهُ عَنْهُ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ (قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجِدَارِ إلَّا إذَا قَضَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِالْهَدْمِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ وَهْبٍ وَقِيلَ: إنْ بَلَغَ حَدًّا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُهُ لِشِدَّةِ مَيَلَانِهِ فَتَرَكَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إشْهَادٌ وَلَا حُكْمٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ اُنْظُرْ ح وَالتَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَالِكَهُ الْمُكَلَّفَ أَوْ وَكِيلَهُ الْخَاصَّ أَوْ الْعَامَّ، وَالْوَكِيلُ الْعَامُّ هُوَ الْحَاكِمُ إذْ كَانَ رَبُّ الْجِدَارِ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ خَاصٌّ وَمِنْ الْوَكِيلِ الْخَاصِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَوَصِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، فَإِذَا سَقَطَ الْجِدَارُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ ضَمِنَ وَصِيُّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ فِي مَالِهِ وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ مَالٌ وَضَمِنَ نَاظِرُ وَقْفٍ وَوَكِيلٌ خَاصٌّ مَعَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ يَصْلُحُ مِنْهُ لِتَقْصِيرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأَمْكَنَهُمَا السَّلَفُ عَلَى ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ وَتَرَكَا حَتَّى سَقَطَ ضِمْنًا فِيمَا يَظْهَرُ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِنْذَارِ (قَوْلُهُ كَمَا لِلْجِيزِيِّ) قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ فِي ضَمَانِهِ مِنْ الْإِشْهَادِ بِالْإِنْذَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَمَّا الْإِشْهَادُ بِالْإِنْذَارِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ إمْكَانِ الْحَاكِمِ فَلَا يَكْفِي فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ أَنْذَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْذِرْ) الْأَوْضَحُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْإِنْذَارُ وَالْإِشْهَادُ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْمَيَلَانِ فَمَا ذَكَرَ مِنْ قَيْدِ الْإِنْذَارِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مُنْكِرًا لِلْمَيَلَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُقِرًّا بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الدِّيَةَ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمَعْضُوضُ دِيَةَ أَسْنَانِ الْعَاضِّ (قَوْلُهُ: قَلْعَهَا) أَيْ قَلْعَ أَسْنَانِ الْعَاضِّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ) وَهُوَ أَنَّ «رَجُلًا عَضَّ آخَرَ فَنَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ فَقَلَعَ سِنَّهُ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لَا دِيَةَ لَهُ» (قَوْلُهُ: فَقَصَدَ عَيْنَهُ) أَيْ فَقَصَدَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ رَمْيَ عَيْنِ النَّاظِرِ فَفَقَأَهَا وَقَوْلُهُ اقْتَصَّ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ خِلَافًا لِبَهْرَامَ وتت حَيْثُ قَالَا بِلُزُومِ الدِّيَةِ إنْ قَصَدَ بِالرَّمْيِ فَقْءَ عَيْنِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الزَّجْرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ ح، فَإِنْ ادَّعَى الْمَرْمِيُّ أَنَّ الرَّامِيَ قَصَدَ عَيْنَهُ وَادَّعَى الرَّامِي عَدَمَ قَصْدِهَا وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُ الرَّامِيَ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِدَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الظُّلَّةُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ وَالسَّرَبُ لِلْمَاءِ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ الظُّلَّةُ أَوْ سَقَطَ الْبِئْرُ أَوْ السَّرَبُ أَيْ مَحَلُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَى مَنْ يَحْفِرُهُمَا مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الظُّلَّةِ وَلَا عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ الْبِئْرِ أَوْ السَّرَبِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ سُقُوطِ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: بِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ) أَيْ بِمَا إذَا انْتَفَى بَعْضُ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ بِأَنْ يُقَالَ عَدَمُ الضَّمَانِ هُنَا حَيْثُ انْتَفَى مَيَلَانُ الْمِيزَابِ أَوْ أَنَّهُ مَالَ وَلَمْ يَحْصُلْ إنْذَارٌ لِصَاحِبِهِ

مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ وَرِيحٍ مُضَافٌ إلَيْهِ (لِنَارٍ) أَوْقَدَهَا إنْسَانٌ فِي وَقْتٍ لَا رِيحَ فِيهِ فَأَصَابَهَا الرِّيحُ بَغْتَةً فَرَفَعَهَا إلَى شَيْءٍ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (كَحَرْقِهَا) أَيْ النَّارُ شَخْصًا (قَائِمًا لِطَفْئِهَا) خَوْفًا عَلَى زَرْعٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَهَدَرٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فَاعِلُهَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ كَمَا إذَا أَجَّجَهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ حِلِّ الْبِسَاطِيِّ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ دَفْعِ الصَّائِلِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) (دَفْعُ صَائِلٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) نَدْبًا كَمَا فِي الْمُحَارِبِ (لِلْفَاهِمِ) أَيْ الْإِنْسَانِ الْعَاقِلِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: نَاشَدْتُك اللَّهَ إلَّا مَا تَرَكْتَنِي وَنَحْوَ ذَلِكَ أَيْ إنْ أَمْكَنَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُحَارِبِ، فَإِنْ لَمْ يَنْكَفْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ) كَانَ الدَّفْعُ (عَنْ مَالٍ) وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسٍ أَوْ حَرِيمٍ لِسُهُولَةِ الْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِقَتْلِ الْمَعْصُومِ وَمَفْهُومُ الْفَاهِمِ أَنَّ الصَّائِلَ إذَا كَانَ غَيْرَ فَاهِمٍ بِأَنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ بَهِيمَةً، فَإِنَّهُ يُعَاجِلُ بِالدَّفْعِ لِعَدَمِ فَائِدَةِ الْإِنْذَارِ (وَ) جَازَ (قَصْدُ قَتْلِهِ) ابْتِدَاءً (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الصَّائِلَ (لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ) وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ أَحَدٌ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (لَا) يَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ (جُرْحٌ) لِلصَّائِلِ فَضْلًا عَنْ قَتْلِهِ (إنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّائِلِ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ (بِلَا مَشَقَّةٍ) ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْهَرَبُ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ جَازَ لَهُ مَا ذَكَرَ (وَمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ) مَأْكُولَةُ اللَّحْمِ أَمْ لَا مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِشْهَادٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ مَالٍ وَحَصَلَ الْإِنْذَارُ لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُ إصْلَاحِهِ بِأَنْ سَقَطَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَارُكُ وَأَمَّا لَوْ مَالَ وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْإِنْذَارِ وَأَمْكَنَ تَدَارُكُ إصْلَاحِهِ لِاتِّسَاعِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَصْلُحْ وَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ وَالْمَالَ (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ) أَيْ عَطْفًا عَلَى سُقُوطِ مِيزَابٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ هَدَرٌ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهَا بِنَفْسِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ إذَا كَانَ هَيَّجَهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ (قَوْلُهُ: وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ بَهِيمَةً وَالْمُرَادُ بِالصَّائِلِ مُرِيدُ الصَّوْلِ. (قَوْلُهُ: فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ وَاجِبٌ كَمَا فِي بَهْرَامَ وتت وَالتَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ هُنَا وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نَجَاةِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ اهـ وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ الْغَرْسِ فِي الْوُجُوبِ قَوْلَيْنِ قَالَا: وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَصَحُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ صَرَّحَ بِأَنَّ الدَّفْعَ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ، فَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ نَفْسَهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ عَنْهَا وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ قَائِلًا السَّاكِتُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلًا لِنَفْسِهِ اُنْظُرْ طفى وَفِي بْن الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ عَلَى الْحَرِيمِ وَأَمَّا عَلَى الْمَالِ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَخْذِهِ هَلَاكٌ أَوْ شِدَّةُ أَذًى كَانَ كَدَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ فِيهِ الْخِلَافُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُمْ: حِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ أَيْ عَنْ إتْلَافِهِ بِلَا انْتِفَاعِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِنْذَارِ) أَيْ التَّخْوِيفِ بِوَعْظِهِ وَزَجْرِهِ وَإِنْشَادِ اللَّهِ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَنْكَفُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّائِلَ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَفْهَمُ، فَإِنَّهُ يُنَاشِدُهُ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ يَدْفَعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ يَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَبَى إلَّا الصَّوْلَ قَتَلَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَفْهَمُ كَالْبَهِيمَةِ، فَإِنَّهُ يُعَالِجُهُ بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ وَيَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَبَى إلَّا الصَّوْلَ قَتَلَهُ وَكَانَ هَدَرًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُحَارِبِ) أَيْ كَمَا فِي مُنَاشَدَةِ الْمُحَارِبِ، فَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ إنْذَارُ الْفَاهِمِ إنْ أَمْكَنَ إنْذَارُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْكَفَّ) أَيْ بِالْإِنْذَارِ وَأَبَى إلَّا الصَّوْلَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ إنْذَارُهُ لِمُبَادَرَتِهِ بِالصَّوْلِ وَالْحَرْبِ (قَوْلُهُ: جَازَ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَنْ مَالٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَفْعُ الصَّائِلِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ حَرِيمٍ بَلْ وَإِنْ عَنْ مَالٍ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ بِدُونِ إنْذَارٍ وَمُدَافَعَةٍ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ عَلِمَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّائِلَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِأَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ أَوْ يَنْدَفِعُ بِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً مَعَ أَنَّ الْمُنَاشَدَةَ أَوَّلًا عِنْدَ إمْكَانِهَا، وَالْمُدَافَعَةُ أَوَّلًا بِالْأَخَفِّ مَنْدُوبَةٌ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِيَنْبَغِي كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ شَاسٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ الصَّائِلِ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ إلَخْ) فَإِذَا صَالَ جَمَلٌ مَثَلًا عَلَى أَحَدٍ فَخَافَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ جُرْحٌ لِلصَّائِلِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الصَّائِلُ غَيْرَ مُحَارِبٍ وَإِلَّا جَازَ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ جُرْحُهُ وَقَتْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْجُرْحِ وَالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْ غَيْرَهُمَا كَآدَمِيٍّ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ أَوْ مَالٍ كَدَمَتْهُ بِفَمِهَا، أَوْ رَمَتْهُ بِرِجْلِهَا، فَإِنْ كَانَتْ عَادِيَةً ضَمِنَ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا حَيْثُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَادِيَةٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ بِذَنَبِهَا أَوْ قَرْنِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَلَوْ لَمْ يَرْبِطهَا أَوْ يَغْلِقْ عَلَيْهَا بَابًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ وَاحِدٍ مَعَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا يَضْمَنُ السَّاقِطُ مِنْ فَوْقِهَا الْمَالَ فِي مَالِهِ

وَهِيَ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ بِالْعَدَاءِ وَلَمْ تُرْبَطْ وَلَمْ يُقْفَلْ عَلَيْهَا بِمَا يَمْنَعُهَا (لَيْلًا) (فَعَلَى رَبِّهَا، وَإِنْ زَادَ) مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ زَرْعٍ وَنَحْوِهِ (عَلَى قِيمَتِهَا) مُعْتَبَرًا (بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ) أَيْ يَقُومُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَلَى فَرْضِ تَمَامِهِ وَمَرَّةً عَلَى فَرْضِ عَدَمِ تَمَامِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ قِيمَةٌ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ عَلَى فَرْضِ تَمَامِهِ فَإِذَا قِيلَ عَشْرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَتُهُ عَلَى فَرْضِ عَدَمِ تَمَامِهِ، فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ فَاللَّازِمُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّك تَضُمُّ الْخَمْسَةَ إلَى الْعَشَرَةِ تَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ نِصْفُهَا مَا ذَكَرَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَوَّمُ تَقْوِيمًا وَاحِدًا عَلَى تَقْدِيرِ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ الْآنَ عَلَى فَرْضِ جَوَازِ بَيْعِهِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ سَالِمًا وَعَلَى تَقْدِيرِ جَائِحَتِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَلَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى عَادَ الزَّرْعُ لِهَيْئَتِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ وَهَذَا إذَا كَانَ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمُتْلَفِ عَلَى الْبَتِّ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ زَادَ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُسَلِّمَهَا فِي قِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ مُكَلَّفٌ فَهُوَ الْجَانِي حَقِيقَةً بِخِلَافِ الدَّابَّةِ (لَا) مَا أَتْلَفَتْهُ غَيْرُ الْعَادِيَةِ (نَهَارًا) فَلَيْسَ عَلَى رَبِّهَا بِشَرْطَيْنِ ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ) أَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِهَا (وَسَرَحَتْ بُعْدَ الْمَزَارِعِ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَذْهَبُ لِلزَّرْعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَوْ سَرَّحَهَا رَبُّهَا قُرْبَ الْمَزَارِعِ (فَعَلَى الرَّاعِي) فِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِهَا كَانَتْ بِقُرْبِ الْمَزَارِعِ أَوْ لَا وَعَلَى رَبِّهَا فِي الثَّانِي وَقَدْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَادِيَةً فَعَلَى رَبِّهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إلَّا مَعَ رَاعٍ قَادِرٍ عَلَى مَنْعِهَا فَعَلَيْهِ، فَإِنْ رُبِطَتْ رَبْطًا مُحْكَمًا أَوْ قُفِلَ عَلَيْهَا قَفْلًا مُحْكَمًا فَاتَّفَقَ انْفِلَاتُهَا فَلَيْسَ عَلَى رَبِّهَا ضَمَانٌ مُطْلَقًا عَادِيَةً أَمْ لَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَمَا لَوْ سَرَحَتْ بُعْدَ الْمَزَارِعِ بِلَا رَاعٍ وَبُعْدَ بِضَمِّ الْبَاءِ أَيْ بَعِيدًا أَيْ فِي مَكَان بَعِيدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَ الْبَعِيرُ فِي أَوَّلِ الْقِطَارِ أَوْ فِي آخِرِهِ وَإِنْ نَفَحَتْ رَجُلًا أَيْ ضَرَبْتَهُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا لَمْ يَضْمَنْ الْقَائِدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا وَقَوْلُ الرِّسَالَةِ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ مَعْنَاهُ إنْ جَاءَ الْعَطَبُ مِنْ فِعْلِ الْمَذْكُورِ فَوَافَقَ مَا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ التَّلَفِ مِنْ فِعْلِ الدَّابَّةِ أَوْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَعَهَا مِمَّنْ ذُكِرَ فَالتَّالِفُ هَدَرٌ كَمَا فِي المج. وَمِثْلُ مَا أَتْلَفَتْهُ بِوَطْئِهَا فِي كَوْنِ ضَمَانِهِ عَلَى مَنْ مَعَهَا مِمَّنْ ذُكِرَ إذَا جَاءَ الْعَطَبُ مِنْ فِعْلِهِ مَا أَتْلَفَتْهُ بِحَجَرٍ أَطَارَتْهُ حَالَ سَيْرِهَا فَيَضْمَنُهُ الْقَائِدُ أَوْ السَّائِقُ أَوْ الرَّاكِبُ وَلَوْ أَنْذَرَ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّنَحِّي إذْ مَنْ سَبَقَ لِمُبَاحٍ كَطَرِيقٍ لَا يَلْزَمُهُ التَّنَحِّي لِغَيْرِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الثَّلَاثَةُ قُدِّمَ السَّائِقُ، وَإِنْ اجْتَمَعَ السَّائِقُ أَوْ الْقَائِدُ مَعَ الرَّاكِبِ قُدِّمَ الْأَوَّلَانِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الرَّاكِبِ فِعْلٌ كَنَخْسٍ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْهُ فَقَطْ إنْ لَمْ يُعَيِّنَاهُ وَإِلَّا شَارَكَاهُ فِي الضَّمَانِ، فَإِنْ رَكِبَهَا اثْنَانِ، فَإِنْ كَانَا عَلَى ظَهْرِهَا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ كَانَا عَلَى جَنْبِهَا اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْفِلْ عَلَيْهَا بِمَا يَمْنَعُهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ لَا كَطَيْرٍ وَنَحْلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ إلَخْ) رَدَّ بِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْقَائِلِ إنَّمَا يَلْزَمُ رَبَّهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ (قَوْلُهُ: مُعْتَبَرًا) أَيْ مَا أَتْلَفَتْهُ (قَوْلُهُ أَيْ يُقَوَّمُ مَرَّتَيْنِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى فَرْضِ عَدَمِ تَمَامِهِ) أَيْ بِأَنْ رُعِيَ مِنْ الْآنِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ بَابَا وَأَيَّدَهُ عج قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ إذْ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ هَذَا الزَّرْعِ عَلَى فَرْضِ جَوَازِ بَيْعِهِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ سَالِمًا وَعَدَمُ تَمَامِهِ بِأَنْ يُجَاحَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا نَظَرٌ تَنْقُصُ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهِ وَهَكَذَا عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ غَيْرُ صَوَابٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَقْوِيمِهِ إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ لِهَيْئَتِهِ، وَأَمَّا إنْ رُعِيَ صَغِيرٌ وَرُجِيَ عَوْدُهُ لِهَيْئَتِهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُسْتَأْنَى بِهِ أَمْ لَا فَقَالَ مُطَرِّفٌ: إنَّهُ يُقَوَّمُ وَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ يُسْتَأْنَى بِهِ وَاخْتُلِفَ إنْ حَكَمَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ مَضَتْ الْقِيمَةُ لِرَبِّ الزَّرْعِ وَقِيلَ تُرَدُّ وَالرَّاجِحُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِهَا) أَيْ أَوْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهَا (قَوْلُهُ: وَسَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ) أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَهَا لِمَكَانٍ بَعِيدٍ عَنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ مِنْهُ لِلزَّرْعِ (قَوْلُهُ: قُرْبَ الْمَزَارِعِ) أَيْ فِي مَكَان قَرِيبٍ مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ رُجُوعُهَا مِنْهُ إلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الرَّاعِي) أَيْ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِهَا) أَيْ وَفَرَّطَ فِي حِفْظِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّاعِي مُكَلَّفًا أَوْ صَبِيًّا. (قَوْلُهُ: وَعَلَى رَبِّهَا) أَيْ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَتْ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا سَرَّحَهَا قُرْبَ الْمَزَارِعِ بِلَا رَاعٍ مَعَهَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ إلَخْ) كُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْبَهِيمَةُ مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا وَلَا الْحِرَاسَةُ مِنْهُ كَحَمَامٍ وَنَحْلٍ وَدَجَاجٍ يَطِيرُ فَفِي مَنْعِ أَرْبَابِهَا مِنْ اتِّخَاذِهَا إنْ آذَى النَّاسَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرِوَايَةُ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ وَعَدَمُ مَنْعِهِمْ مِنْ اتِّخَاذِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتْلَفَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَعَلَى أَرْبَابِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ حِفْظُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَأَصْبَغَ قَوْلَانِ وَصَوَابُ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَوَّلُ لِإِمْكَانِ اسْتِغْنَاءِ رَبِّهَا عَنْهَا وَضَرُورَةِ النَّاسِ لِلزَّرْعِ وَالشَّجَرِ وَيُؤَيِّدُهُ قَاعِدَةُ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ عِنْدَ التَّقَابُلِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج

[باب أحكام العتق وما يتعلق به]

[دَرْسٌ] {بَابٌ} ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يُقَالُ عَتَقَ يَعْتِقُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَدَخَلَ وَهُوَ لَازِمٌ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَلَا يُقَالُ عَتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بَلْ أَعْتَقَهُ وَلَا يُقَالُ عَتَقَ الْعَبْدُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَلْ أُعْتِقَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْعِتْقُ مَنْدُوبٌ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ وَلِذَا جُعِلَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَذْكُرُهُ بَعْدَ رُبْعِ الْعِبَادَاتِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ. وَالْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ بَعْدَ الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَفَّارَةً لِلْجِنَايَاتِ إمَّا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَلِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ وَتَابَ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً لِتَكُونَ لَهُ كَفَّارَةٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثٌ مُعْتِقٌ بِالْكَسْرِ وَمُعْتَقٌ بِالْفَتْحِ وَصِيغَةٌ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنَّمَا يَصِحُّ) أَيْ صِحَّةً تَامَّةً بِمَعْنَى اللُّزُومِ أَيْ إنَّمَا يَلْزَمُ (إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ فَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ طَلَاقُهُ وَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُمَا وَوَصْفُ الْمُكَلَّفِ بِقَوْلِهِ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَيْهِ فِيمَا أَعْتَقَهُ فَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا فَيَصِحُّ عِتْقُهُمَا فِي الثُّلُثِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ السَّفِيهِ إلَّا لِأُمِّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ (وَ) بِلَا (إحَاطَةِ دَيْنٍ) بِمَالِهِ، فَإِنْ أَحَاطَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ بِمَعْنَى لَمْ يَلْزَمْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلِغَرِيمِهِ) أَيْ غَرِيمِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (رَدُّهُ) أَيْ الْعِتْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] بَابٌ فِي الْعِتْقِ) (قَوْلُهُ: إمَّا وُجُوبًا) أَيْ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَدْبًا أَيْ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِتَكُونَ لَهُ كَفَّارَةٌ) أَيْ لِمَا جَنَاهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْحَدِيثِ) أَيْ الْوَارِدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ) أَيْ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيرُ مُكَلَّفٍ رَقِيقًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَالْمُرَادُ بِأَرْكَانِهِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا حَقِيقَتُهُ الْمَذْكُورَةُ لَا مَا كَانَ دَاخِلًا فِي مَاهِيَّتِه وَإِلَّا لَكَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ جُزْءًا لِلْعِتْقِ وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ لَا يُحْمَلَانِ عَلَيْهِ كَمَا يُحْمَلُ الْحَيَوَانُ وَالنَّاطِقُ عَلَى الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ إنَّمَا يَلْزَمُ إلَخْ) دَفَعَ الشَّارِحُ بِهَذَا بَحْثَ ابْنِ مَرْزُوقٍ حَيْثُ قَالَ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَلْزَمُ كَانَ أَوْلَى لِصِحَّةِ عِتْقِ بَعْضِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ إذَا أَجَازَهُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ ابْتِدَاءً لِمَا تَمَّ اهـ قَالَ ح وَيَرِدُ عَلَى كَوْنِ يَصِحُّ بِمَعْنَى يَلْزَمُ الْكَافِرَ، فَإِنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ مَعَ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اُنْظُرْ بْن. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ إنَّمَا هُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ الْكَافِرِ إلَّا إذَا بَانَ مِنْهُ الْعَبْدُ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَإِلَّا لَزِمَ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ) أَيْ بِحَرَامٍ لَا بِحَلَالٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْخِلَافُ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلِطِ الَّذِي عِنْدَهُ ضَرْبٌ مِنْ الْعَقْلِ، وَأَمَّا الطَّافِحُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا مَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَوَّلَ الْبُيُوعِ وَذَكَرَ ح أَيْضًا أَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارُ عُقُودٍ ... بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودٌ إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلِطِ الَّذِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ الْعَقْلِ قَالَ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ طَلَاقُهُ) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا الْجِنَايَاتُ وَالْحُدُودُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ) أَيْ وَكَذَا سَائِرُ عُقُودِهِ وَإِقْرَارَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُمَا) أَيْ فَلَوْ عَلَّقَ الصَّبِيُّ الْعِتْقَ عَلَى شَيْءٍ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ قَطْعًا نَظَرًا لِكَوْنِهِ حِينَ التَّعْلِيقِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ: وَوَصَفَ الْمُكَلَّفَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ مُلْتَبِسٍ بِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا يَعْتِقُهُ فَلَوْ عَلَّقَ السَّفِيهُ الْعِتْقَ عَلَى شَيْءٍ فَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ رَشِيدٌ فَخِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ لَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ نَفْيَ الْحَجْرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ وَإِحَاطَةُ دَيْنٍ مُكَرَّرًا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ أَعَمُّ مِنْ إحَاطَةِ الدَّيْنِ إذْ كُلُّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنَ بِمَالِهِ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَعَمِّ نَفْيُ الْأَخَصِّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَفْيُ الْحَجْرِ الْخَاصِّ بِالسَّفِيهِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا حِينَئِذٍ فَلَا يُغْنِي قَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ عَنْ قَوْلِهِ وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ عِتْقُهُمَا فِي الثُّلُثِ) أَيْ يَلْزَمُ فِيهِ، وَأَمَّا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَلُزُومُهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا بِدُونِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ السَّفِيهِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَلَهُ إمْضَاؤُهُ إذَا رَشَدَ مَا لَمْ يَكُنْ رَدَّهُ وَلِيُّهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي عِتْقِهَا (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ الَّتِي اسْتَغْرَقَتْ ذِمَّتَهُ مِنْ تَبَعَاتٍ لَا يُعْلَمُ أَرْبَابُهَا بِمُضِيِّ الْعِتْقِ وَلَا يُرَدُّ وَيَكُونُ

إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَهُ (أَوْ) رَدَّ (بَعْضَهُ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْجَمِيعَ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ وَعِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ فَأَعْتَقَهُ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَرُدَّ مَا قَابَلَ دَيْنَهُ وَهُوَ عَشْرَةٌ فَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ. (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) رَبُّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَرُدَّهُ (أَوْ يَطُولَ) زَمَنُ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ وَالطُّولُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ يَزِيدَ زَمَنُهُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ فَيُرَدَّانِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّارِعَ فِي الْعِتْقِ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُفِيدَ) السَّيِّدُ (مَالًا) يَفِي بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدَّ الْعِتْقَ حَتَّى أَعْسَرَ فَلَا رَدَّ لَهُ (وَلَوْ) كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ (قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) كَمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ بِأَنْ رَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الْمِدْيَانِ وَبَاعَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا يَفِي بِدَيْنِهِ، فَإِنْ عَتَقَهُ يَمْضِي وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ رَدُّهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ رَدُّ إيقَافٍ وَكَذَا رَدُّ الْغُرَمَاءِ. وَأَمَّا رَدُّ الْوَصِيِّ فَرَدُّ إبْطَالٍ وَكَذَا السَّيِّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا رَدُّ الزَّوْجِ تَبَرُّعَ زَوْجَتِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ فَقَالَ أَشْهَبُ إبْطَالٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا إبْطَالٌ وَلَا إيقَافٌ لِقَوْلِهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي لَوْ رَدَّ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا الْعِتْقَ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا مِلْكُهُ انْتَهَى أَيْ فَلَوْ كَانَ إبْطَالًا لَجَازَ لَهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْهَا تَنْفِيذَ عِتْقِهِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ إبْطَالٌ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ نَجَّزَتْ عِتْقَهُ حَالَ الْحَجْرِ طُلِبَ مِنْهَا نَدْبًا تَنْفِيذُهُ عِنْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ وَرَدَّ السُّلْطَانُ إنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِيقَافٌ، وَإِنْ كَانَ لِلسَّفِيهِ فَإِبْطَالٌ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (رَقِيقًا) وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِإِعْتَاقِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَوَصْفُهُ بِقَوْلِهِ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الرَّقِيقِ أَيْ بِرَقَبَتِهِ (حَقٌّ لَازِمٌ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لَعَيْنِهِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا تَعَلَّقَ حَقٌّ بِعَيْنِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُرْتَهِنًا أَوْ كَانَ رَبُّهُ مَدِينًا أَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ جِنَايَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَجْرُ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ وَالْوَلَاءُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَهُ) أَيْ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْعَبْدِ مِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ مَعْنَاهُ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ بِالْعَبْدِ أَوْ بَعْضِهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَى التَّوْزِيعِ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِحَاطَةَ بِهَا وَعَدَمَهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْعِتْقِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَوْمَ رَدِّهِ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ) أَيْ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: قَلَّ) أَيْ مَا قَابَلَ الْعَشَرَةَ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ حِينَ عَلِمَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَطُولَ زَمَنُ الْعِتْقِ) أَيْ مَعَ حُضُورِ رَبِّ الدَّيْنِ وَعَدَمِ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَم أَيْ الْغَرِيمُ فَالطَّوْلُ وَحْدَهُ كَافٍ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ الْغُرَمَاءِ لَمْ نَعْلَمْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ إمَّا لِأَنَّ الطَّوْلَ مَظِنَّةٌ لِلْعِلْمِ وَإِمَّا لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّيِّدَ اسْتَفَادَ مَالًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ) أَيْ وَمِثْلُهُمَا وَقْفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ رَدُّ الْعِتْقِ بَلْ يَمْضِي (قَوْلُهُ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ. . . إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَفَادَ الْمَالَ بَعْدَ نُفُوذِ الْبَيْعِ بِأَنْ اسْتَفَادَهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الْعِتْقُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ السُّلْطَانَ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ الْمُفْلِسُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْمُفْلِسُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ حَتَّى بَعْدَ نُفُوذِهِ أَيْضًا حَيْثُ اسْتَفَادَ الْمَدِينُ مَالًا كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ رَدِّ الْبَيْعِ وَنُفُوذِ الْعِتْقِ حَيْثُ اسْتَفَادَ الْمَدِينُ مَالًا قَدْرَ الدَّيْنِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ أَيْ لِتَبَرُّعِ الْمَدِينِ رَدُّ إيقَافٍ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ لِضَبْطِ جَمِيعِ أَقْسَامِ الرَّدِّ بِقَوْلِهِ: أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ ... بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَأَوْقِفْنَ رَدَّ الْغَرِيمِ وَاخْتَلِفْ ... فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رَدُّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ لِتَبَرُّعِ الْمَدِينِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا رَدُّ الْوَصِيِّ) أَرَادَ بِهِ وَلِيَّ السَّفِيهِ أَيْ وَأَمَّا رَدُّ وَلِيِّ السَّفِيهِ لِتَبَرُّعِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَصِيُّ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَ الصَّغِيرِ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِرَدٍّ مِنْ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا رَدُّ الزَّوْجِ إلَخْ) وَمِثْلُ رَدِّ الْوَارِثِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ إذَا كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَوْ رَدَّ عِتْقَهَا) أَيْ لَوْ رَدَّ الزَّوْجُ عِتْقَهَا لِعَبْدِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَوْ كَانَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَدُّ الزَّوْجِ إبْطَالًا لِعِتْقِهَا لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِمَا بِالْعِتْقِ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَكَانَ لَهَا تَمَلُّكُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ إيقَافًا لَقُضِيَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا تَمَلُّكُهُ فَلَمَّا حَكَمَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَبِعَدَمِ التَّمَلُّكِ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّدَّ لَيْسَ إبْطَالًا وَلَا إيقَافًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ بِرَقَبَتِهِ وَقَوْلُهُ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ إلَخْ الْأَوْضَحُ أَوْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَهُ، فَإِنَّ عِتْقَهُ صَحِيحٌ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَهُوَ الْمُوصِي لَهُ بِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَقَّ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ وَتَنْجِيزُ الْعِتْقِ هُنَا يُعَدُّ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا تَعَلَّقَ حَقٌّ بِعَيْنِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا تَعَلَّقَ

أَيْ وَرَبُّهُ مُعْسِرٍ فِي الثَّلَاثَةِ فَلَوْ كَانَ مَلِيًّا صَحَّ الْعِتْقُ وَعَجَّلَ الدَّيْنَ وَالْأَرْشَ وَلَوْ طَرَأَ الْمِلَاءُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَبْلَ بَيْعِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ نُفُوذِهِ كَمَا قَدَّمَهُ إلَّا أَنَّ التَّمْثِيلَ بِالْأَوَّلَيْنِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّالِثَ وَهُوَ الصِّيغَةُ مُقَسِّمًا لَهَا لِصَرِيحٍ وَهُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَخَفِيَّةٍ وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِعْتَاقٍ أَيْ إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ بِهِ أَيْ بِالْعِتْقِ أَيْ بِتَصْرِيحِهِ بِهِ أَيْ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ صَرِيحًا وَأَتَى بِالْمَصْدَرِ لِيَصِيرَ سَائِرُ تَصَارِيفِهِ مِنْ الصَّرِيحِ نَحْوُ أَعْتَقْتُك وَأَنْتَ مَعْتُوقٌ وَعَتِيقٌ وَمُعْتَقٌ (وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ) نَحْوُ فَكَكْت رَقَبَتَك أَوْ أَنْتَ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ (وَالتَّحْرِيرِ) كَأَنْتَ حُرٌّ وَحَرَّرْتُك وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَهَذَا إنْ أَطْلَقَ بَلْ (وَإِنْ) قَيَّدَ بِزَمَنٍ كَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ مَعْتُوقٌ (فِي هَذَا الْيَوْمِ) أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَحُرٌّ أَبَدًا (بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ) تَصْرِفُ الصَّرِيحَ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ، فَإِنْ وُجِدَتْ صَرَفَتْهُ عَنْ ظَاهِرِهِ كَمَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا فَأَعْجَبَ سَيِّدَهُ فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي عَمَلِك كَالْحُرِّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) بِلَا قَرِينَةِ (خُلْفٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى الْمُخَالَفَةِ وَالْعِصْيَانِ يَعْنِي إذَا خَالَفَهُ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ يَا حُرُّ أَوْ أَنْت حُرٌّ أَوْ مَا أَنْت إلَّا حُرٌّ قَاصِدًا بِذَلِكَ تَهْدِيدَهُ وَأَنَّهُ فِي مُخَالَفَتِهِ لَهُ كَمُخَالَفَةِ الْحُرِّ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ (أَوْ) بِلَا قَرِينَةِ (دَفْعِ مَكْسٍ) كَمَا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْمُكَّاسُ مَكْسَ عَبْدِهِ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ هُوَ حُرٌّ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَّفَهُ فَحَلَفَ لِقَرِينَةِ الْإِكْرَاهِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِالْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ بِقَوْلِهِ (وَبِلَا مِلْكٍ) لِي عَلَيْك (أَوْ) لَا (سَبِيلَ لِي عَلَيْك) وَلَا يَصْدُقُ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الْعِتْقِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (لِجَوَابٍ) عَنْ كَلَامٍ قَبْلَهُ وَقَعَ مِنْ الْعَبْدِ كَأَنْ يُكَلِّمَ سَيِّدَهُ بِكَلَامٍ لَا يَلِقْ فَقَالَ لَهُ أَحَدَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْعِتْقَ فَيَصْدُقُ (وَبِكَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك) أَوْ خِدْمَتَك أَوْ عَمَلَك فِي حَيَاتِك أَوْ تَصَدَّقْتُ عَلَيْك بِخَرَاجِك ـــــــــــــــــــــــــــــQبِرَقَبَتِهِ حَقٌّ لَازِمٌ قَبْلَ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَرَبُّهُ) أَيْ الَّذِي أَعْتَقَهُ مُعْسِرٌ فِي الثَّلَاثَةِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ التَّمْثِيلَ) أَيْ لَمَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَكَانَ مُعْسِرًا فَالْعِتْقُ غَيْرُ مَاضٍ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِ السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ كَانَ عِتْقُهُ غَيْرَ مَاضٍ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ عِتْقِ الْمَالِكِ أَنْ يَكُونَ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ التَّمْثِيلَ بِالْأَوَّلَيْنِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ فَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّمْثِيلِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ لَازِمٌ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُمَثَّلُ لِذَلِكَ بِالْعَبْدِ الْجَانِي كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُقَاطِعُ، فَإِنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ لَازِمٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ عِتْقُهُمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِآدَمِيٍّ غَيْرِ سَيِّدِهِ وَالْمُكَاتَبُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِسَيِّدِهِ لَا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعِتْقِ لِغَيْرِهِ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ يَنْصَرِفُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ) أَيْ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ أَيْ أَوْ قَرِينَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِإِعْتَاقٍ) أَيْ وَهُوَ مَحَطُّ الْحَصْرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْمُولُ الْمُؤَخَّرُ مَثَّلَ لَهُ تَعَالَى {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَحَطَّ الْحَصْرِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالذِّكْرِ بَلْ الْمَعْمُولَاتُ كُلُّهَا مَقْصُودَةٌ بِالذِّكْرِ نَعَمْ الْآخَرُ مِنْهَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحَصْرِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنْ جَعَلَ الْأَخِيرَ مَقْصُودًا بِالْحَصْرِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذِّكْرِ رُكْنِيَّةُ الصِّيغَةِ وَإِلْغَاءُ رُكْنِيَّةِ الْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ ذُكِرَا قَبْلُ لَكِنْ ذَكَرَهُمَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَا بِالذَّاتِ مَعَ اتِّفَاقِ الشُّرَّاحِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِكَوْنِهِمَا رُكْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَأَتَى بِالْمَصْدَرِ) أَيْ وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِضَمِيرِ الْمَصْدَرِ لِيُفِيدَ أَنَّ سَائِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ) أَيْ فَكِّهَا عَنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: فَحُرٌّ أَبَدًا) أَيْ وَلَوْ قَيَّدَهُ بِفَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَ: فَكَكْت رَقَبَتَك فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَطْ أَوْ بِهَذَا الْعَمَلِ كَمَا لَوْ قَالَ فَكَكْت رَقَبَتَك مِنْ هَذَا الْعَمَلِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ حِينَ تَقْيِيدِهِ بِفَقَطْ أَوْ بِهَذَا الْعَمَلِ إذَا أَرَادَ فَكَّ رَقَبَتِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَطْ أَوْ فَكَّ رَقَبَتِهِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ الْخَاصِّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ عِتْقَهُ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَا فِي هَذَا الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ التَّصْرِيحِ بِالْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَدْحِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: قَاصِدًا بِذَلِكَ تَهْدِيدَهُ) أَيْ لَا حُرِّيَّتَهُ وَعِتْقَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَّفَهُ) أَيْ الْمُكَّاسُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: لَا أَدَعُك مِنْ أَخْذِ الْمَكْسِ إلَّا أَنْ تَقُولَ: إنْ كَانَ رَقِيقًا فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْعِتْقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ لِقَرِينَةِ الْإِكْرَاهِ، وَأَمَّا إنْ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَنْوِيَهُ فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لِقَرِينَةِ الْإِكْرَاهِ) أَيْ إنَّ الْإِكْرَاهَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ هُوَ حُرٌّ فَكَّ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ، وَإِنَّمَا أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي أَنَّهُ لَا مَكْسَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الْعِتْقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّتِهِ عَدَمَ إرَادَةِ الْعِتْقِ بِهِمَا وَفِيهِ أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ يَصْرِفُهَا عَنْ الْعِتْقِ النِّيَّةُ وَالْقَرِينَةُ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى وَلَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ إرَادَتِهِ لِلْعِتْقِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ أَحَدَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ) أَيْ جَوَابًا لِكَلَامِهِ وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك

حَيَاتَك أَوْ أَعْطَيْتُك نَفْسَك فَيَعْتِقُ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ وَأَشَارَ إلَى الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ (وَبِكَاسْقِنِي) الْمَاءَ (أَوْ اذْهَبْ أَوْ اُعْزُبْ) أَيْ ابْعَدْ وَدَخَلَ بِالْكَافِ كُلُّ كَلَامٍ وَلَكِنْ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْعِتْقِ (بِالنِّيَّةِ) أَيْ بِنِيَّةِ الْعِتْقِ أَيْ بِنِيَّتِهِ بِمَا ذَكَرَ الْعِتْقَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي. . . إلَخْ لَا لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ (وَعِتْقُ) الْعَبْدِ (عَلَى الْبَائِعِ) دُونَ الْمُشْتَرِي إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ (هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ (وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ: إنْ بِعْته فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ سَيِّدُهُ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَيَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ سَبْقٌ صُورِيٌّ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ إنْ قَبَضَهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ وَاتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَعْسَرَ (وَ) عَتَقَ عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ فِي) قَوْلِهِ لِعَبْدٍ (إنْ اشْتَرَيْتُك) فَأَنْت حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ يُفَوِّتُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَمِثْلُ شِرَائِهِ شِرَاءُ بَعْضِهِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ بِالْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تُطْلَقُ عَلَى فَاسِدِهَا كَصَحِيحِهَا (كَأَنْ) (اشْتَرَى) الْعَبْدُ (نَفْسَهُ) مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً (فَاسِدًا) ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ مَا اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ (وَ) عَتَقَ عَلَى السَّيِّدِ (الشِّقْصَ) الَّذِي يَمْلِكُهُ مِنْ عَبْدٍ وَكَمَّلَ عَلَيْهِ (فِيهِ) إنْ كَانَ مَلِيًّا (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ عِتْقَهُمَا وَكَذَا مُكَاتَبُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (وَلَدُ عَبْدِهِ) الْكَائِنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا سَبِيل لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ) أَيْ تُصْرَفُ تِلْكَ الْأَلْفَاظُ لِلْعِتْقِ بَلْ مَتَى قَالَ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِعَبْدِهِ لَزِمَهُ الْعِتْقُ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ قَبِلَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، فَإِنْ نَوَى بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ غَيْرَ الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ أَوْ اُعْزُبْ) بِضَمِّ الزَّاي الْمُعْجَمَةِ قَالَ تَعَالَى {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [سبأ: 3] (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِالْكَافِ كُلُّ كَلَامٍ) ظَاهِرُهُ حَتَّى صَرِيحِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ اسْقِنِي الْمَاءَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَنْصَرِفُ لِلْغَيْرِ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْبِسَاطِ وَالْقَرِينَةِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ فَتَنْصَرِفُ عَنْهُ لِلْغَيْرِ بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَابَيْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابَيْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ هُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ لِلْغَيْرِ وَلَا بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْقَرِينَةِ وَالْبِسَاطِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الْبَابَيْنِ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ صَرْفُهُمَا لَهُ عَلَى نِيَّةٍ، وَالْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فِي الْبَابَيْنِ مَا لَا تَنْصَرِفُ لَهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ مُخَالَفَةِ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ هُنَا لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الطَّلَاقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا أَوْ بِخِيَارٍ بَعْدَ مُضِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرِي) أَيْ مُرِيدُ الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بِعْت وَلَوْ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَى الْبَائِعِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ بِتَمَامِ الْبَيْعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ انْتَقَلَ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي اُنْظُرْ بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَصَلَ التَّعْلِيقُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، فَإِنْ عَلَّقَ الْبَائِعُ فَقَطْ عَتَقَ بِالْبَيْعِ وَلَوْ فَاسِدًا اتِّفَاقًا وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ بِعْت السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَهِيَ صَدَقَةٌ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا وَقِيلَ يُنْدَبُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَعْسَرَ) أَيْ وَلَا يَرُدُّ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: الْفَاسِدِ) أَيْ وَأَوْلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ لِعَبْدٍ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ) أَيْ فَبِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ قِيمَتُهُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الشِّرَاءُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلِفًا فِي فَسَادِهِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْبَيْعَ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ فَلَعَلَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: شِرَاءَ بَعْضِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تُطْلَقُ عَلَى فَاسِدِهَا إلَخْ) ، فَإِذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ شَرْعًا، وَإِنْ قُلْت: الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ لُزُومِ الْعِتْقِ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا لِعَدَمِ دُخُولِ الْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ قُلْت رُوعِيَ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ مَعَ تَسْلِيطِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى إيقَاعِ الْعِتْقِ فَأَوْقَعَهُ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ مَا اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا، فَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ عَتَقَ وَغَرِمَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ لِسَيِّدِهِ يَوْمَ عِتْقِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا أُرِيقَ الْخَمْرُ وَسُرِّحَ الْخِنْزِيرُ أَوْ قُتِلَ وَلَزِمَ الْعِتْقُ وَلَا يُتْبَعُ الْعَبْدُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَالشِّقْصُ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ عَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ كُلُّ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ أَوْ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ أَوْ كُلُّ حُرٍّ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ لِي أَوْ مَمْلُوكٍ حُرٌّ وَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْضًا الشِّقْصُ

(مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ أَمَةِ الْعَبْدِ (وَإِنْ) حَدَثَ الْوَلَدُ (بَعْدَ يَمِينِهِ) وَقَبْلَ حِنْثِهِ فَحُكْمُهُ كَمَنْ وُجِدَ قَبْلَ يَمِينِهِ لَكِنْ هَذَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبِيدِي لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَدْخُلْهَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ. وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَهُوَ عَلَى بِرٍّ فَلَا يَدْخُلُ مَا حَدَثَ حَمْلُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ حَدَثَ مِلْكُهُ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْحَمْلِ السَّابِقِ فَيَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ فِي الْبِرِّ أَيْضًا لِوُجُودِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الشِّقْصُ وَمَا بَعْدَهُ فِي التَّعْلِيقِ (وَالْإِنْشَاءِ) بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَيَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ وَالْإِنْشَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَالتَّعْلِيقِ (فِيمَنْ يَمْلِكُهُ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ أَيْ وَالشِّقْصُ وَمَا بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (أَوْ) كُلُّ مَمْلُوكٍ (لِي) حُرٌّ (أَوْ رَقِيقِي أَوْ عَبِيدِي أَوْ مَمَالِيكِي) أَحْرَارٌ أَيْ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ ذَكَرَ (لَا) يَعْتِقُ (عَبِيدُ عَبِيدِهِ) إذَا قَالَ وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ عَبِيدَ الْعَبِيدِ إذْ لَيْسُوا مَمْلُوكِينَ لَهُ بَلْ لِعَبِيدِهِ وَالْعَبْدُ يَمْلِكُ عِنْدَنَا حَتَّى يَنْتَزِعَ سَيِّدُهُ مَا لَهُ (كَأَمْلِكُهُ أَبَدًا) أَيْ إنَّ مَنْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَسَوَاءٌ عَلَّقَ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ أَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ (وَوَجَبَ) مُعْتَقٌ (بِالنَّذْرِ) مُعَلَّقًا كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَفَعَلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ (وَلَمْ يَقْضِ) عَلَيْهِ بِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ كَنَذْرِهِ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ (إلَّا بِبَتِّ مُعَيَّنٍ) بِالْإِضَافَةِ وَمُعَيَّنٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ إمَّا بِالضَّمِيرِ أَوْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالْإِضَافَةِ أَوْ بِالْعَلَمِيَّةِ أَوْ بِالِاسْمِ الْمَوْصُولِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي يَمْلِكُهُ مِنْ عَبْدٍ وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ عِتْقُ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَدُ عَبْدِهِ الْكَائِنُ مِنْ أَمَةِ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ أَمَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ وَأَوْلَى مِنْ أَمَةِ السَّيِّدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَمَتِهِ عَنْ وَلَدِ عَبْدِهِ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ مِنْ أَمَةِ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ) أَيْ كَإِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى بِرٍّ) أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ، فَإِذَا دَخَلَ حَنِثَ بِخِلَافِهِ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ، فَإِنَّهُ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَدْخُلَ، فَإِذَا دَخَلَ بَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَدَثَ مِلْكُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْأَوْلَادِ الْحَادِثُ حَمْلُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ فَيُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ صِيغَةِ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ؛ لِأَنَّ الْفُرُوعَ تُعَدُّ كَامِنَةً فِي الْأُمَّهَاتِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَمْلِ السَّابِقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَانَ حَمْلًا حِينَ الْيَمِينِ يَعْتِقُ فِي كُلٍّ مِنْ صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا حَدَثَ الْحَمْلُ بِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَيَعْتِقُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّهَاتِ مُرْتَهَنَاتٌ بِالْيَمِينِ لَا يَسْتَطِيعُ وَطْأَهُنَّ وَلَا بَيْعَهُنَّ وَلَا تَعْتِقُ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ عَلَى الْأَصْوَبِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ وَهُوَ فِي التَّعْلِيقِ إنْ قُلْت عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى التَّعْلِيقِ يُوهِمُ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ مِنْ الْإِنْشَاءِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ قُلْت هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْ يُرَادُ بِالْإِنْشَاءِ مَا قَابَلَ التَّعْلِيقَ. (قَوْلُهُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِلْإِنْشَاءِ، وَأَمَّا مِثَالُ التَّعْلِيقِ فَنَحْوُ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ. (قَوْلُهُ: لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ) عُورِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا فِي نُذُورِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ وَفَرَّقَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ يُرَاعَى فِيهَا النِّيَّاتُ، وَالْقَصْدُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ عُرْفًا دَفْعُ الْمِنَّةِ، وَالْمِنَّةُ تَحْصُلُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ الْعَبْدِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَسَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ) أَيْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِأَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَا يُقَيِّدُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُعَلِّقَ أَوْ لَا يُعَلِّقَ، فَإِنْ قَيَّدَ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهَا عِتْقٌ لَا لِمَنْ فِي مِلْكِهِ وَلَا لِمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِأَبَدًا وَلَا بِقَوْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ عَلَّقَ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ، وَأَمَّا مَنْ عِنْدَهُ وَفِي مِلْكِهِ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ تَعْلِيقًا أَمْ لَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِمَا وَالثَّانِي عَدَمُ لُزُومِ عِتْقِهِ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عِنْدَهُ لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَيْ أَوْ عِتْقُ عَبْدِي مَرْزُوقٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَيْ أَوْ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَوْ لَا بِأَنْ كَانَ بَتًّا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْضِ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ) أَيْ وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ إلَّا إذَا كَانَ النَّذْرُ مُلْتَبِسًا بِبَتٍّ أَيْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّذْرُ مُلْتَبِسًا بِبَتٍّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا

بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِتَنْجِيزِهِ وَسَوَاءٌ عَلَّقَ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إنْ دَخَلَ عَبْدِي فُلَانٌ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ إنْ دَخَلْتُ أَنَا فَفُلَانٌ حُرٌّ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ (وَهُوَ) أَيْ الْعِتْقُ (فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ) كَالطَّلَاقِ فَيَلْزَمُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، فَإِذَا قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا مِنْ الزِّنْجِ أَوْ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ مَلَكْتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ مِنْ الصِّنْفِ أَوْ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ مَلَكَهُ مِنْ ذَلِكَ لِتَخْصِيصِهِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَيَّدَ بِأَبَدًا أَوْ أَطْلَقَ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِي التَّعْمِيمِ (وَ) فِي (مَنْعٍ مِنْ وَطْءٍ وَ) مِنْ (بَيْعٍ فِي صِيغَةِ حِنْثٍ) كَالطَّلَاقِ كَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ أَوْ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ فَيَمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَمِنْ بَيْعِهَا أَوْ بَيْعِ الْعَبْدِ حَتَّى يَفْعَلَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ. وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ فَفُلَانَةُ حُرَّةٌ فَلَهُ الْبَيْعُ وَالْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ حَتَّى يَحْصُلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ قَيَّدَ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَيَمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ دُونَ الْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ وَطِئَ لَفَرَغَ الْأَجَلُ فَيَمْنَعُ أَيْضًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَيُضَادُّهُ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (وَ) هُوَ فِي (عِتْقِ عُضْوٍ) وَلَوْ حُكْمًا كَشَعْرٍ وَجَمَالٍ وَكَلَامٍ كَالطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ يَدُك أَوْ رِجْلُك حُرَّةٌ أَوْ شَعْرُك أَوْ كَلَامُك حُرٌّ عَتَقَ الْجَمِيعَ لَكِنْ بِالْحُكْمِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ يَدُك طَالِقٌ مَثَلًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيَأْتِي قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ وَأَدَبِ الْمُجْزِئِ هُنَا أَيْضًا (وَ) هُوَ فِي (تَمْلِيكِهِ الْعَبْدَ) أَمْرَ نَفْسِهِ أَوْ تَفْوِيضِهِ كَتَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا (وَ) فِي (جَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ) فَيَعْتِقُ إنْ قَالَ: أَعْتَقْت نَفْسِي أَوْ قَبِلْت عِتْقِي فَلَوْ قَالَ: اخْتَرْتُ نَفْسِي فَقَالَ أَشْهَبُ كَذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتِقُ إلَّا إذَا قَالَ نَوَيْتُ بِهِ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ الْمُمَلَّكَةِ إذَا قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا مَلَّكَهَا فِي أَنْ تُقِيمَ أَوْ تُفَارِقَ وَفِرَاقُهَا لَا يَكُونُ إلَّا طَلَاقًا، فَإِذَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي عَلِمْنَا أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ، وَإِنْ لَمْ تَقُلْ نَوَيْت بِهِ الطَّلَاقَ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَفِرَاقُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَفِعْلُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يَقْضِي بِهِ بَلْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِتَنْجِيزِهِ) أَيْ بِوُقُوعِهِ حَالًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَوْ بَعْدَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَيْ أَوْ فَهَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَا عَبْدَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ أَوْ عَبْدِي زَيْدٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدِي الَّذِي فَعَلَ كَذَا حُرٌّ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ مَلَكَهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ هُوَ فِي مِلْكِهِ وَمَنْ يَتَجَدَّدُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ عَلَّقَ أَوْ لَا هَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْآنِ وَلَا بِأَبَدًا كَمَا فِي أَمْثِلَةِ الشَّارِحِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِالْآنِ كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ الْآنَ فَهُوَ حُرٌّ لَزِمَهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَقْتَ الْيَمِينِ فَقَطْ عَلَّقَ أَمْ لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ مَثَلًا، وَإِنْ قَيَّدَ بِأَبَدًا وَنَحْوِهِ فَالْعَكْسُ أَيْ يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ مُعَلَّقًا فِيهِمَا أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِأَبَدًا أَوْ الْآنَ أَوْ لَا يُقَيِّدُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُعَلِّقَ أَوْ لَا فَالصُّوَرُ سِتٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ وَمِثْلُ: كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بِخِلَافِ كُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ عِنْدَهُ حِينَ الْيَمِينِ كَذَا فَرَّقَ عبق وخش بَيْنَ رَقِيقٍ وَمَمْلُوكٍ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ " مَمْلُوكٍ " وَصْفٌ حَقِيقَتُهُ الْحَالُ فَلَا يَعُمُّ إلَّا إذَا قَالَ أَبَدًا بِخِلَافِ رَقِيقٍ وَعَبْدٍ فَعَامٌّ بِذَاتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَكِنَّ الَّذِي اسْتَصْوَبَهُ بْن أَنَّ رَقِيقَ كَمَمْلُوكٍ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَا فِي مِلْكِهِ لَا مَا تَجَدَّدَ (قَوْلُهُ: فِي صِيغَةِ حِنْثٍ) أَيْ مُطْلَقَةٍ غَيْرِ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَمِنْ بَيْعِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَيُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ مُخْرِجٌ لِلْعَبْدِ عَنْ مِلْكِهِ وَالْوَطْءُ قَدْ يَنْشَأُ عَنْهُ حَمْلٌ مَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْبَيْعُ وَالْوَطْءُ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ وَلَا الْأَمَةُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ بَلْ يَكُونُ مِيرَاثًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا مَاتَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَمْنَعُ أَيْضًا) أَيْ فَإِمَّا أَنْ يَفْعَلَ أَوْ يَحْلِفَ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ حَيْثُ مُنِعَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَيْعَ يَقْطَعُ الْعِتْقَ) أَيْ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ وَيُضَادُّهُ أَيْ مَعَ احْتِمَالِ وُقُوعِهِ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ وَأُدِّبَ الْمُجْزِئُ هُنَا أَيْضًا) فِي بْن أَنَّ التَّجْزِئَةَ فِي الْعِتْقِ مَكْرُوهَةٌ فَقَطْ وَلَا أَدَبَ فِيهَا، وَأَمَّا قَوْلُ التَّلْقِينِ وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً فَقَدْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ لَيْسَ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ بَلْ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا أَدَبَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَفْوِيضَهُ) أَيْ لَهُ أَمْرُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَابِهِ) أَيْ إذَا مَلَّكَهُ أَمْرَ نَفْسِهِ أَوْ فَوَّضَ لَهُ أَمْرَهَا كَذَا فَهِمَ الشَّارِحُ قَالَ بْن يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالدَّعْوَةُ وَفِي الْعِتْقِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَعْتِقَانِ، لَا يَعْتِقَانِ، تَعْتِقُ الْمَدْعُوَّةُ، تَعْتِقُ الْمُجِيبَةُ وَخَرَّجَهَا الْأَئِمَّةُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ إنْ قَالَ) أَيْ الْعَبْدُ جَوَابًا لِقَوْلِ سَيِّدِهِ مَلَّكْتُك أَمْرَ نَفْسِك أَوْ فَوَّضْتُ لَك أَمْرَ نَفْسِك كَمَا أَنَّ الزَّوْجَةَ تَطْلُقُ إذَا قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ قَبِلْت طَلَاقِي جَوَابًا لِقَوْلِ الزَّوْجِ مَلَّكْتُك أَمْرَ نَفْسِك أَوْ فَوَّضْت لَك أَمْرَ نَفْسِك (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَشْهَبُ كَذَلِكَ)

قَدْ يَكُونُ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْجَهُ قَوْلَ أَشْهَبَ فَالْمُصَنِّفُ إمَّا مَاشٍ عَلَى مَا لِأَشْهَبَ وَإِمَّا عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَيُرَادُ بِقَوْلِهِ وَجَوَابُهُ أَيْ الْجَوَابُ الصَّرِيحُ وَلَا يُقَالُ هَذَا لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّيْءُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ وَالْجَوَابُ الْكَامِلُ فِي الطَّلَاقِ هُوَ الصَّرِيحُ (إلَّا) الْعِتْقَ (لِأَجَلٍ) فَلَا يُسَاوِي الطَّلَاقَ لِصِحَّةِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَيُنَجَّزَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهِ (وَ) إلَّا إذَا قَالَ لِأَمَتَيْهِ (إحْدَاكُمَا) حُرَّةٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (فَلَهُ الِاخْتِيَارُ) فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِمْسَاكِ الْأُخْرَى بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَيُطَلَّقَانِ مَعًا عَلَيْهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ أَوْ نَسِيَهَا (وَ) إلَّا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ (إنْ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى (حَمَلْتِ) مِنِّي (فَأَنْت حُرَّةٌ) (فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً) حَتَّى تَحْمِلَ، فَإِنْ حَمَلَتْ عَتَقَتْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا مَرَّةً، فَإِنْ وَطِئَهَا وَلَوْ قَبْلَ يَمِينِهِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ حَنِثَ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَزَلَ (وَإِنْ) (جَعَلَ) الْمَالِكُ (عِتْقَهُ) أَيْ عِتْقَ عَبْدِهِ (لِاثْنَيْنِ) ، فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ لَهُمَا (لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) بِعِتْقِهِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ عِتْقٌ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ مَعًا وَكَذَا الطَّلَاقُ وَمَعْنَى التَّفْوِيضِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا: أَعْتِقَا عَبْدِي أَوْ جَعَلْت لَكُمَا عِتْقَهُ أَوْ إنْ شِئْتُمَا فَأَعْتِقَاهُ أَوْ فَوَّضْت لَكُمَا أَمْرَ عِتْقِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُفِيدُ عَدَمَ اسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ بِأَنْ خَاطَبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يُفِيدُ الِاشْتِرَاكَ، فَإِنْ خَاطَبَ كُلًّا بِمَا يُفِيدُ الِاسْتِقْلَالَ بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ: أَعْتِقْ عَبْدِي أَوْ جَعَلْت لَك عِتْقَهُ إذَا وَصَلْت إلَيْهِ أَوْ اذْهَبْ فَأَعْتِقْهُ فَلِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ وَهُوَ مَعْنَى الْإِرْسَالِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِتْقَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِعِتْقِهِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ لَهُمَا لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْتَمِعَا، وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ انْتَهَى. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَمَرَ جَعَلَ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ بَعْدَهُ فَلِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِجَعْلِ (وَإِنْ) (قَالَ) لِأَمَتَيْهِ (إنْ دَخَلْتُمَا) الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ (فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا فَقَطْ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا) أَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ يَعْتِقُ بِقَوْلِهِ اخْتَرْت نَفْسِي، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ كَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاخْتِيَارِهِ لِنَفْسِهِ إلَّا إرَادَةَ الْعِتْقِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ) أَيْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ اخْتَرْت نَفْسِي بِمَعْنَى اخْتَرْت مُفَارَقَتَك بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: الْجَوَابُ الصَّرِيحُ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَعْتَقْت نَفْسِي أَوْ قَبِلْت عِتْقِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَمِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ بِذَلِكَ لِأَجْلِ (قَوْلُهُ: فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهِ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَنْجِيزِهِ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَهُوَ النِّكَاحُ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ بِعِتْقِ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاخْتِيَارُ) أَيْ فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ وَإِمْسَاكِ الْأُخْرَى، فَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ عَتَقَتْ الثَّانِيَةُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاخْتِيَارِ سُجِنَ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الِاخْتِيَارِ أَعْتَقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَدْنَاهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَالَ) أَيْ لِزَوْجَتَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيُطَلَّقَانِ مَعًا عَلَيْهِ) أَيْ الْآنَ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ وَخَيَّرَهُ الْمَدَنِيُّونَ كَالْعِتْقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمِصْرِيِّينَ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَنَّ الطَّلَاقَ فَرْعُ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ رَجُلٍ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْعِتْقُ فَرْعُ الْمِلْكِ وَهُوَ يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَمَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْ إمَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَسِيَهَا) أَيْ فَإِذَا نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا، فَإِنَّهُمَا يُطَلَّقَانِ مَعًا حَالًا وَكَذَلِكَ يَعْتِقَانِ فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمِصْرِيِّينَ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ حَمَلَتْ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهَا وَهِيَ حَامِلٌ إنْ حَمَلْتِ فَأَنْت حُرَّةٌ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِحَمْلٍ مُسْتَأْنَفٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْحَامِلِ إنْ حَمَلْت فَأَنْت طَالِقٌ فَفِي بَهْرَامَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنَجَّزُ طَلَاقُهَا وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الطَّلَاقَ كَالْعِتْقِ أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِحَمْلٍ مُسْتَأْنَفٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا مَرَّةً إذَا كَانَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ لَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ وَمَتَى وَطِئَهَا نُجِّزَ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا كَمَا أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ يَمِينِهِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا مَرَّةً خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ حُرْمَةِ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: حَنِثَ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ) أَيْ يُنَجَّزُ طَلَاقُهَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَزَلَ) أَيْ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ مَعَ الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ سَوَاءٌ كَانَ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَيْهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْعَبْدُ أَوْ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْهَبَا إلَيْهِ فِي مَكَانِهِ وَيُبْلِغَاهُ أَنَّهُمَا أَعْتَقَاهُ (قَوْلُهُ:) وَكَذَا الطَّلَاقُ أَيْ إذَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ لِاثْنَيْنِ تَفْوِيضًا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَلَا يَقَعُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا مَعًا عَلَيْهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ مِثْلُ الْعِتْقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فَلَوْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي مَسَائِلِ الْمُوَافَقَةِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَاطَبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يُفِيدُ الِاشْتِرَاكَ) كَمَا لَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ جَعَلْتُ لَك وَلِفُلَانٍ عِتْقَ عَبْدِي

فِي الْأَمَتَيْنِ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ اجْتَمَعَتَا فِي الدُّخُولِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ لِاحْتِمَالِ إنْ دَخَلْت أَنْتَ فَجَمَعَ فِي اللَّفْظِ أَيْ فَقَالَ: إنْ دَخَلْتُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلَتْ إحْدَاكُمَا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا أَيْ خِيفَةَ مَا يَحْدُثُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ فَدُخُولُ إحْدَاهُمَا لَا يَضُرُّ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ لَهُ كَرَاهَةَ الِاجْتِمَاعِ لَعَتَقَتْ الدَّاخِلَةُ فَيَكُونُ مُعْسَرًا لَفْظِيًّا وَلَوْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقْتَضَى أَبِي الْحَسَنِ وَالزَّوْجَتَانِ فِي ذَلِكَ كَالْأَمَتَيْنِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ وَالْعِتْقِ مُعْسَرًا وَالْعِتْقِ مُعْسِرًا وَرَتَّبَهَا هَكَذَا فَقَالَ (وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ) أَيْ بِذَاتِ الْمِلْكِ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ بِالْمِلْكِ أَيْ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ (الْأَبَوَانِ) نَسَبًا لَا رَضَاعًا (وَإِنْ عَلَوَا وَالْوَلَدُ) نَسَبًا (وَإِنْ سَفَلَ) مُثَلَّثُ الْفَاءِ (كَبِنْتٍ) بِكَافِ التَّمْثِيلِ وَفِي نُسْخَةٍ بِاللَّامِ أَيْ وَإِنْ سَفَلَ حَالَ كَوْنِهِ لِبِنْتٍ وَهِيَ أَوْلَى لِلنَّصِّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ (وَ) عَتَقَ بِالْمِلْكِ (أَخٌ وَأُخْتٌ) نَسَبًا (مُطْلَقًا) شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ وَضَابِطُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ وَالْحَاشِيَةُ الْقَرِيبَةُ وَمَحَلُّ الْعِتْقِ فِي الْجَمِيعِ إنْ كَانَ الْمَالِكُ رَشِيدًا وَكَانَ هُوَ وَالرَّقِيقُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَا كَافِرَيْنِ إذْ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمَا إلَّا إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا وَحُصُولُ الْمِلْكِ مُطْلَقًا (وَإِنْ) حَصَلَ (بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) فَيَعْتِقُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ عَلَى الْمَالِكِ (إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي) بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِالْقَرَابَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْأَمَتَيْنِ) أَيْ الَّتِي دَخَلَتْ وَاَلَّتِي لَمْ تَدْخُلْ (قَوْلُهُ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا) أَيْ مُجْتَمِعَيْنِ بِأَنْ يَدْخُلَا مَعًا أَوْ تَدْخُلَ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى بِحَيْثُ يَحْصُلُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الدَّارِ لَا مُتَرَتِّبَيْنِ فِي الدُّخُولِ بِأَنْ تَدْخُلَ الثَّانِيَةُ بَعْدَ خُرُوجِ الْأُولَى عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَدْخُلَا إلَخْ أَيْ فَإِنْ دَخَلَتَا عَتَقَتَا، وَإِنْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ فَلَا تَعْتِقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَمَّا الدَّاخِلَةُ فَلِظُهُورِ أَنَّ مُرَادَ الْحَالِفِ إنْ اجْتَمَعَتَا فِي الدُّخُولِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلِعَدَمِ دُخُولِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَأَمَتِهِ: إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْت حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عَلَى قَاعِدَةِ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْتِ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ، إذَا دَخَلَتْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إنْ دَخَلْت أَنْتِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ قَصْدَهُ إنْ دَخَلْت كَانَتْ حُرَّةً، وَإِنْ دَخَلْت أَنْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاخْتَصَرَ اللَّفْظَ وَقَالَ إنْ دَخَلْتُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ) أَيْ الْحَالِفَ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا أَيْ الْأَمَتَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الزَّوْجَتَيْنِ فِيمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ فِي الدَّارِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْخُلْفُ لَفْظِيًّا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ لِكَرَاهَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الدَّارِ لِأَمْرٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ تَعْتِقُ وَتَطْلُقُ الدَّاخِلَةُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ لِكَرَاهَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الدَّارِ بَلْ لِكَرَاهَةِ صَاحِبِهَا أَوْ جِيرَانِهَا مَثَلًا وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّيْخَيْنِ يَقُولُ بِقَوْلِ الْآخَرِ فِي مَسْأَلَتِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ أُخْرَى) أَيْ بَعْدَ أَنْ دَخَلَتْ الْأُخْرَى وَخَرَجَتْ (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَتَانِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَدْخُلَا مَعًا فَيُطَلَّقَانِ (قَوْلُهُ: بِكَافِ التَّمْثِيلِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْوَلَدُ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيَصِحُّ جَعْلُ الْكَافِ لِلتَّشْبِيهِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْوَلَدُ خَاصًّا بِالذَّكَرِ لِتَشْبِيهِ الْبِنْتِ بِهِ وَالْمَعْنَى وَالْوَلَدُ الذَّكَرُ، وَإِنْ سَفَلَ وَلَدُهُ كَبِنْتٍ، وَإِنْ سَفَلَ وَلَدُهَا (قَوْلُهُ: لِلنَّصِّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ) أَيْ وَيَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ لِبِنْتٍ عَلَى نُسْخَةٍ اللَّامُ مُبَالَغَةٌ ثَانِيَةٌ أَيْ وَالْوَلَدُ، وَإِنْ سَفَلَ هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ السَّافِلُ لِابْنٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ لِبِنْتٍ (قَوْلُهُ وَالْحَاشِيَةُ الْقَرِيبَةُ) أَيْ لَا عَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ إلَّا أَنْ يُولَدَ مُحَرَّمًا جَاهِلًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ عِتْقُهَا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا؛ لِأَنَّ يَسِيرَ الْخِدْمَةِ لَغْوٌ كَمَا فِي خش عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَمَلَكَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَالِكُ رَشِيدًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَغَيْرِهِ فِي الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ بِهِبَةٍ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الْمِلْكُ بِمِيرَاثٍ أَوْ بِمُعَارَضَةٍ كَالْبَيْعِ بَلْ وَإِنْ حَصَلَ بِغَيْرِهِمَا كَهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا بَلْ يَعْتِقُ بِالْفَاسِدِ وَيَكُونُ فَوْتًا وَفِيهِ الْقِيمَةُ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إذْ لَا يَنْقُلُ مِلْكًا وَلَا ضَمَانًا وَلَيْسَ كَمِثْلِ عِتْقِ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَاضٍ وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى إيقَاعِ الْعِتْقِ فَأَوْقَعَهُ وَهَذَا لَمْ يُوقِعْ عِتْقًا، وَإِنَّمَا يَقَعُ حُكْمًا إذَا مَلَّكَهُ وَهُوَ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهَذَا الشِّرَاءِ نَقَلَهُ الْعَوْفِيُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُوصِي لَهُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي شَرْطٌ فِي عِتْقِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمُعْطِي دَيْنٌ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي عِتْقِهِ إذَا وُهِبَ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبِذَلِكَ اعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِلْجَوَابِ بِتَقْدِيرِهِ قَبْلَهُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ عَلَى الْمَالِكِ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي مُقَدَّرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ لَهُ قَرِيبُهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى

هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ بَابِ الْقِرَاضِ وَالْوَكَالَةِ وَالصَّدَاقِ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِالْقَرَابَةِ فِيهَا كَمَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِتْقِ وَالْفَرْقُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ) الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ (وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ هُنَا لِيَرْجِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ مَعَ عِلْمِ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ، فَإِنْ قَبِلَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يَبِعْ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ النَّقْلَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عَلِمَ الْمُعْطِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ أَعْطَاهُ جُزْءَ قَرِيبِهِ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ (وَلَا يُكْمِلُ) عَلَيْهِ الْعِتْقَ (فِي) إعْطَاءِ (جُزْءٍ) مِنْ قَرِيبِهِ (لَمْ يَقْبَلْهُ كَبِيرٌ) رَشِيدٌ وَلَا عِبْرَةَ بِقَبُولِ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى عِتْقِ الْجُزْءِ الْمُعْطَى، فَإِنْ قَبِلَهُ الْكَبِيرُ الرَّشِيدُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَعَتَقَ الْكُلُّ أَوْ قَبِلَهُ (وَلِيُّ صَغِيرٍ) أَوْ سَفِيهٍ فَلَا يُكْمِلُ (أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ) الْوَلِيُّ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ لِمَحْجُورِهِ وَالْجُزْءُ الْمُعْطَى حُرٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (لَا) إنْ مَلَكَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا (فَيُبَاعُ) فِي الدَّيْنِ وَلَا يَعْتِقُ وَلَوْ عَلِمَ بَائِعُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا يَسْتَقِرُّ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مَدِينٌ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ لَا بِإِرْثٍ عَطْفٌ عَلَى بِهِبَةٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ لِتَقْيِيدِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ الشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ بِعَدَمِ الدَّيْنِ ثُمَّ أَشَارَ لِلْعِتْقِ بِالشَّيْنِ وَهُوَ الْمُثْلَةُ بِقَوْلِهِ (وَ) عَتَقَ وُجُوبًا (بِالْحُكْمِ) لَا بِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ (إنْ عَمَدَ) سَيِّدُهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ تَعَمَّدَ (لِشَيْنٍ) أَيْ عَيْبٍ وَمُثْلَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْمُثْلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعْطَى بِالْفَتْحِ دَيْنٌ نُجِّزَ عِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ أَمْ لَا قَبِلَ الْمُعْطِي لَهُ الْعَبْدَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُعْطِي دَيْنٌ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى عَتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدُ وَلَا يُبَاعُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ قَبِلَ الْمُعْطِي الْعَطِيَّةَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَهَبْهُ لَهُ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِهِ حِينَئِذٍ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْطِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَوْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْقَرَابَةِ هَذَا إذَا قَبِلَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ الْعَطِيَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يَبِعْ فِي الدَّيْنِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُعْطِي فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُعْطِي دَيْنٌ فَلِلْعَبْدِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ تَارَةً يَعْتِقُ وَتَارَةً يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَتَارَةً لَا يُبَاعُ وَلَا يَعْتِقُ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي) أَيْ فِي عِتْقِهِ عَلَى عَامِلِ الْقِرَاضِ وَعَلَى الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ وَعَلَى الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ الْعِلْمُ بِالْقَرَابَةِ أَيْ عِلْمُ الْعَامِلِ وَالْوَكِيلِ وَالزَّوْجِ بِالْقَرَابَةِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْمُوَكِّلِ وَالزَّوْجَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِتْقِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالْقَرَابَةِ عَتَقَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْمُوَكِّلِ وَالزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَقَوْلُهُ هُنَا أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ) أَيْ إذَا كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَبِعْ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ النَّقْلَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ (قَوْلُهُ: عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطَى بِيعَ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَعْ فِي دَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْمُلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّخْصَ الْكَبِيرَ الرَّشِيدَ إذَا وُهِبَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ عَبْدٍ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَيَعْتِقُ ذَلِكَ الْجُزْءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُعْطِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ التَّفْصِيلِ فِيهِ وَهُوَ الْعِتْقُ مُطْلَقًا إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطَى وَعِنْدَ الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَإِنْ وُهِبَ ذَلِكَ الْجُزْءُ لِصَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ قَبِلَهُ الصَّغِيرُ أَوْ السَّفِيهُ أَوْ لَا، قَبِلَهُ وَلِيُّهُ أَوْ لَا، وَالْجُزْءُ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُعْطِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، قَبِلَهُ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ أَوْ وَلِيُّهُمَا أَوْ لَمْ يَقْبَلَاهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى فَلَا يُبَاعُ وَيَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطِي بِيعَ لِلدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يُبَعْ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ) لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ أَخْصَرَ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَحْجُورِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَانَ بِحَيْثُ لَا يُبَاعُ فِيهِ الْجُزْءُ الْمُعْطَى لِكَوْنِ الْمُعْطِي عَالِمًا بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِحَيْثُ يُبَاعُ فِيهِ الْجُزْءُ الْمُعْطَى لِكَوْنِ الْمُعْطِي لَا يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْمَالِيَّةِ لِمَحْجُورِهِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَالْجُزْءُ الْمُعْطَى حُرٌّ) أَيْ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لِتَقْيِيدِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَعَتَقَ بِالْحُكْمِ) أَيْ وَعَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى السَّيِّدِ بِالْحُكْمِ إنْ تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ وَقَصَدَهَا لِأَجْلِ شَيْنِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ رَشِيدًا حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَمْ يُمَثَّلْ بِمِثْلِهِ وَكَانَ صَحِيحًا غَيْرَ زَوْجَةٍ أَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُمَثَّلِ بِهِ ثُلُثُ مَالِهِمَا وَلَا يَتْبَعُ الْعَبْدُ مَا لَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَقْفَهْسِيُّ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْمُثْلَةِ) أَيْ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ الْمُثْلَةَ

قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ وَاحْتَرَزَ بِالْعَمْدِ عَنْ الْخَطَأِ وَعَنْ عَمْدِ الْأَدَبِ أَوْ مُدَاوَاةِ (بِرَقِيقِهِ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُكَاتَبَهُ (أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ) الَّذِي يَنْتَزِعُ مَالًا رَقِيقَ مُكَاتَبَةٍ (أَوْ) مِثْلَ أَبٍ بِرَقِيقٍ (لِوَلَدٍ) لَهُ (صَغِيرٍ) أَوْ كَبِيرٍ سَفِيهٍ فَيَعْتِقُ بِالْحُكْمِ عَلَى الْأَبِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَحْجُورِهِ وَالْوَلَدُ الْكَبِيرُ الرَّشِيدُ كَأَجْنَبِيٍّ (غَيْرُ سَفِيهٍ) فَاعِلُ عَمَدَ (وَ) غَيْرُ (عَبْدٍ وَ) غَيْرُ (ذِمِّيٍّ) مِثْلٌ (بِمِثْلِهِ) أَيْ مِثْلُ مُسْلِمٍ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ أَوْ الْمُسْلِمِ أَوْ مِثْلُ الذِّمِّيِّ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَاللَّامِ آخِرُهُ هَاءُ الضَّمِيرِ رَاجِعٌ لِلذِّمِّيِّ أَيْ وَغَيْرُ ذِمِّيٍّ بِذِمِّيٍّ وَمَنْطُوقُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مِثْلُ ذِمِّيٍّ بِذِمِّيٍّ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إنَّ مِثْلَ الرَّشِيدِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ كَافِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ وَالْعَبْدَ إذَا مَثَّلُوا بِرَقِيقِهِمْ لَمْ يَعْتِقُوا عَلَيْهِمْ وَكَذَا الذِّمِّيُّ بِذِمِّيٍّ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا (وَ) غَيْرُ (زَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) مَنْطُوقُهُ صُورَتَانِ مِثْلُ صَحِيحِ غَيْرِ زَوْجَةٍ بِرَقِيقِهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ مَثَّلَتْ زَوْجَةٌ أَوْ مَرِيضٌ بِرَقِيقِهِ فِي مَحْمَلِ الثُّلُثِ لَا أَزْيَدَ وَمَفْهُومُهُ صُورَةً وَهِيَ تَمْثِيلُهَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِمَا الثُّلُثُ فَدُونَ (وَ) غَيْرُ (مَدِينٍ) ، فَإِنْ مَثَّلَ مَدِينٍ بِعَبْدِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَرَأَ الدَّيْنُ بَعْدَ الْمُثْلَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ فَلِغُرَمَائِهِ رَدُّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ الْمُثْلَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ بِقَوْلِهِ (كَقَلْعِ ظُفْرٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالْعَمْدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَاحْتَرَزَ بِالْعَمْدِ لِشَيْنٍ عَنْ الْخَطَأِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُكَاتَبَهُ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا يَزِيدُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِنْ زَادَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ سَقَطَ الزَّائِدُ لِعِتْقِ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لَا رَقِيقَ مُكَاتَبِهِ) أَيْ إلَّا إنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِ رَقِيقِهِ الَّذِي لَمْ يَنْتَزِعْ مَالَهُ كَعَبْدِ مُكَاتَبِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً مُفِيتَةً لِلْمَقْصُودِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ) عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ وَصَرَّحَ مَعَ الْمَعْطُوفِ بِاللَّامِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ الْكَبِيرُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا مَثَّلَ الْأَبُ بِرَقِيقِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ مَثَّلَ شَخْصٌ بِرَقِيقِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِرَقِيقِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ يُبْطِلَ مَنَافِعَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ قِيمَتَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُثْلَةَ لَيْسَتْ مِنْ خَوَاصِّ الْعِتْقِ فَإِذَا مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ كَانَ لَهَا الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ فَتُثْبِتُ ذَلِكَ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ لَهَا التَّطْلِيقَ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ وَمَا فِي عبق هُنَا فَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ مَثَّلَ بِمِثْلِهِ) أَيْ مَثَّلَ ذَلِكَ الذِّمِّيُّ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْطُوقُهُ) أَيْ مَنْطُوقُ غَيْرِ ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِذِمِّيٍّ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا مَثَّلَ مُسْلِمٌ بِمُسْلِمٍ أَوْ بِكَافِرٍ أَوْ مَثَّلَ كَافِرٌ بِمُسْلِمٍ فَيَصْدُقُ عَلَى السَّيِّدِ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ غَيْرُ ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِذِمِّيٍّ فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ فَلَا يَعْتِقُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَنْطُوقَ هَذَا صُورَتَانِ وَهُمَا مَا إذَا مَثَّلَ الرَّشِيدُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِكَافِرٍ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا مَثَّلَ الرَّشِيدُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِرَقِيقِهِ الْمُسْلِمِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالثَّلَاثِ صُوَرٍ كَمَا عَلِمْت فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَثَّلَ الْحُرُّ الرَّشِيدُ الْمُسْلِمُ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ مَثَّلَ الرَّشِيدُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِرَقِيقِهِ الْمُسْلِمِ عَتَقَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الذِّمِّيُّ بِذِمِّيٍّ) أَيْ وَكَذَا لَا عِتْقَ عَلَى الذِّمِّيِّ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعَاهَدَ لَيْسَ كَالذِّمِّيِّ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ بَلْ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لِأَحْكَامِنَا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ رَشِيدًا حُرًّا غَيْرَ ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِذِمِّيٍّ (قَوْلُهُ: فِي مَحْمَلِ الثُّلُثِ) أَيْ فِي عَبْدٍ يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُمَثَّلُ بِهِ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثُلُثِ مَا لَهُمَا فَأَقَلُّ (قَوْلُهُ: فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ) أَيْ فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ عَلَيْهِمَا) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُمَثَّلِ بِهِ الَّذِي قِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ أَوْ الزَّوْجُ عِتْقَهُ وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَزْيَدَ مِنْ ثُلُثِ مَا لَهُمَا، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ مَحْمَلُ ثُلُثِ مَا لَهُمَا لَا أَزْيَدُ سَوَاءٌ كَانَ مَحْمَلُ ثُلُثِ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ ثُلُثَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ أَوْ الزَّوْجُ عِتْقَهُ وَإِلَّا عَتَقَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهِ بِتَمَامِهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لَكِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ مُوَجِّهًا لَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ ثُلُثِهَا حُمِلَ تَمْثِيلُهَا بِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَهَا إضْرَارُ الزَّوْجِ فَيَكُونُ لَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ اُنْظُرْ عبق. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ) أَيْ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَلِغُرَمَائِهِ) أَيْ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِعِتْقِهِ وَقَوْلُهُ رَدُّهُ أَيْ رَدُّ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَبَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ أَيْ الْعَبْدَ الَّذِي مُثِّلَ بِهِ يُوَرَّثُ بِالرِّقِّ قَبْلَ الْحُكْمِ وَيَرُدُّ الْحُكْمَ بِعِتْقِهِ الدَّيْنُ فَظَاهِرُهُ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ

لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ غَالِبًا إلَّا بَعْضَهُ وَهُوَ شَيْنٌ (وَقَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ) أَوْ شَرْطِهَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ (أَوْ) قَطْعِ بَعْضِ (جَسَدٍ) مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ فَيَعْتِقُ بِالْحُكْمِ فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ حُكْمٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ زَمَانِنَا فَهُوَ عَلَى رِقِّهِ وَبَيْعُهُ صَحِيحٌ (أَوْ) قَطْعِ (سِنٍّ) أَيْ قَلْعِهَا (أَوْ سَحْلِهَا) أَيْ بَرْدِهَا بِالْمِبْرَدِ وَيُسَمَّى الْمِسْحَلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السِّنِّ وَمِثْلُهُ السِّنَّانِ هُوَ الرَّاجِحُ. وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَبِاتِّفَاقٍ (أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ) وَلَوْ لِأُنْثَى إلَّا لِزِينَةٍ (أَوْ حَلْقِ شَعْرِ) رَأْسِ (أَمَةٍ رَفِيعَةٍ أَوْ لِحْيَةِ) عَبْدٍ (تَاجِرٍ) لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُمَا لَا يَعْتِقَانِ بِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَذْكُرَ حَلْقَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُثْلَةِ لِعَوْدِهِمَا لِأَصْلِهِمَا فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ (أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ لَا غَيْرِهِ) أَيْ الْوَجْهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ بِالنَّارِ فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مُثْلَةٌ إنْ تَفَاحَشَ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ النَّارِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْوَجْهِ كَوَسْمِهِ فِي وَجْهِهِ بِمِدَادٍ وَإِبْرَةٍ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ (قَوْلَانِ) بِالْعِتْقِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِلزِّينَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مُثْلَةٌ إنْ كَانَ بِالْوَجْهِ وَإِلَّا فَلَا (وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ) بِيَمِينٍ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ (فِي نَفْيِ الْعَمْدِ) وَأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ خَطَأً أَوْ لِتَدَاوٍ وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ عَمْدٌ بِهِ بِالْمُثْلَةِ وَكَذَا الزَّوْجُ إذَا ادَّعَى الْخَطَأَ أَوْ الْأَدَبَ لِزَوْجَتِهِ وَادَّعَتْ الْعَمْدَ بِجَامِعِ الْأُذُنِ فِي كُلٍّ قَالَهُ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ مَعْرُوفًا بِالْعَدَاءِ وَالْجَرَاءَةِ فَلَا يَصْدُقُ (لَا فِي عِتْقٍ) لِعَبْدِهِ (بِمَالٍ) أَيْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ بَلْ لِلْعَبْدِ بِيَمِينٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ فِي الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ بِقَوْلِهِ (وَ) عَتَقَ (بِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (إنْ أَعْتَقَ) سَيِّدُهُ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ الرَّشِيدُ (جُزْءًا) مِنْ رَقِيقِهِ الْقِنِّ أَوْ الْمُدَبَّرِ أَوْ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ الْمُكَاتَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُثْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ غَالِبًا إلَّا بَعْضَهُ وَهُوَ شَيْنٌ) كَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِخَطِّهِ وَالْأَوْلَى كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُهُ غَالِبًا وَهُوَ شَيْنٌ لَا بَعْضُهُ أَيْ فَلَيْسَ قَلْعُهُ مُثْلَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي الْمُقَرَّبِ وَالْمُنْتَخَبِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ كَذَا قَالَ ح ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إذَا خَصَاهُ لِيَزِيدَ ثَمَنُهُ لَا بِقَصْدِ التَّعْذِيبِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ بِالْحُكْمِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ إذَا خَصَى عَبْدَهُ أَوْ جَبَّهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ (قَوْلُهُ أَيْ بِرَدِّهَا بِالْمِبْرَدِ) أَيْ حَتَّى أَزَالَ مَنْفَعَتَهَا وَقَوْلُهُ وَيُسَمَّى أَيْ الْمِبْرَدُ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي السِّنِّ) أَيْ مِنْ أَنَّ قَلْعَهَا أَوْ سَحْلَهَا مُثْلَةٌ يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ وَمِثْلُهُ السِّنَّانِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ هَذَا وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي قَلْعِ السِّنِّ وَبِرَدِّهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ الْخِلَافَ إلَّا فِي قَلْعِ السِّنِّ أَوْ السِّنَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ فِي السَّحْلِ فِي الْوَاحِدَةِ أَوْ الِاثْنَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى لَهُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَلْقَ لِحْيَةِ الْعَبْدِ النَّبِيلِ وَرَأْسِ الْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ مُثْلَةٌ لَا فِي غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرَا مُقَابِلًا لَهُ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ كِتَابَةً أَوْ كَيًّا؛ لِأَنَّهُ يَشِينُ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ أَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ كِتَابَةً ظَاهِرَةً، وَأَمَّا مَا كَانَ مُجَرَّدَ عَلَامَةٍ بِالنَّارِ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ وَهَذَا أَيْضًا ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَسْمَ بِالنَّارِ إذَا كَانَ مُجَرَّدَ عَلَامَةٍ فَلَا يَكُونُ مُثْلَةً سَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ كِتَابَةً ظَاهِرَةً أَوْ كَانَ غَيْرَ كِتَابَةٍ وَكَانَ مُتَفَاحِشًا، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَجْهِ فَهُوَ مُثْلَةٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ فَقَوْلَانِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ غَيْرُ مُثْلَةٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرِهِ) أَيْ وَلَا وَسْمِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ وَفِي الْوَسْمِ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مُثْلَةٌ) قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا التَّرْجِيحُ وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بِالْوَجْهِ بَلْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ) أَيْ وَكَذَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ نَفْيَ قَصْدِ الشَّيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْعَمْدِ وَاخْتَلَفَا فِي قَصْدِهِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَقْصِدُونَ الْمُثْلَةَ بِعَبِيدِهِمْ (قَوْلُهُ وَادَّعَتْ الْعَمْدَ) أَيْ وَأَرَادَتْ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ أَوْ أَرَادَتْ تَأْدِيبَهُ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الْإِذْنِ) أَيْ فِي الْأَدَبِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فَلَا يَصْدُقُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعِتْقِ الرَّقِيقِ وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ السَّيِّدَ مُقِرٌّ بِالْعِتْقِ وَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ بِالْحُكْمِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْحُكْمِ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدٍ وَكَانَ الْبَاقِي لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ هُوَ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُكْمِل الْبَاقِيَ

(وَالْبَاقِي لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ الْمُعْتِقِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ، فَإِذَا أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ بَعْضَ عَبْدِهِ الذِّمِّيِّ لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَدِينُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ (كَأَنْ بَقِيَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ الْمُعْتِقِ لِلْجُزْءِ بِأَنْ كَانَ الرَّقِيقُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَيَعْتِقُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ. أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ أَيْ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْعِتْقِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ فَتَعْتِقُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (الْمُعْتِقُ) لِلْجُزْءِ (مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ) مُسْلِمًا وَمُعْتَقُهُ كَافِرٌ وَشَرِيكُهُ كَذَلِكَ نَظَرًا لِحَقِّ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ كُفَّارًا لَمْ يُقَوَّمْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الشَّرِيكَانِ بِحُكْمِنَا وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَيْسَرَ) الْمُعْتِقُ (بِهَا) أَيْ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ (أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا) هُوَ الَّذِي يَعْتِقُ فَقَطْ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ مَا أَعْسَرَ بِهِ وَلَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَفَضَلَتْ) قِيمَةُ حِصَّةِ الْغَيْرِ (عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ قُوتَهُ وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ الْكِسْوَةُ ذَاتُ الْمَالِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَجَعْلُ هَذَا شَرْطًا مُسْتَقِلًّا فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قَالَ بِأَنْ فَضَلَتْ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُقْرِنْهُ بِأَنَّ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِاخْتِيَارِهِ لَا) جَبْرًا كَدُخُولِ جُزْءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ (بِإِرْثٍ) ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتِقُ جُزْءُ الشَّرِيكِ وَلَوْ مَلِيئًا وَلِسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ) لِإِفْسَادِ الرَّقَبَةِ بِإِحْدَاثِ الْعِتْقِ فِيهَا. (لَا إنْ) (كَانَ) الْعَبْدُ (حُرَّ الْبَعْضِ) قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ الْبَعْضَ الرِّقَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي حِصَّتَهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ الثَّالِثِ وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مَلِيئًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الشُّرُوطَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَبِالْحُكْمِ وَإِلَّا فَبِدُونِهِ وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِمَالِكٍ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَمِيعِهِ مُسَامَحَةٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الْحُكْمِ بَقِيَّتُهُ لَا جَمِيعُهُ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي لَهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ فَاعِلِ عَتَقَ (قَوْلُهُ: مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَسْتَغْرِقُ الْبَاقِيَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْبَاقِي بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِي السَّيِّدِ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِي السَّيِّدِ الَّذِي يَعْتِق عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ مِنْ كَوْنِهِ رَشِيدًا حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَمْ يَعْتِقْ جُزْءًا مِنْ مِثْلِهِ وَكَوْنِهِ صَحِيحًا غَيْرَ زَوْجَةٍ أَوْ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً وَقِيمَةُ الْمُعْتَقِ مِنْهُ الْجُزْءُ ثُلُثُ مَا لَهُمَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُكْمِلُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَالْعَبْدُ كَافِرًا أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِذَا أَعْتَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءًا وَكَانَ تَكْمِيلُ الْعِتْقِ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يُكْمِلُ (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ) أَيْ أَوْ أَعْتَقَ بَعْضًا مِنْ نَصِيبِهِ وَصَارَ الْبَاقِي بِلَا عِتْقٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَعَبْدٍ بَيْن اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا رُبُعَهُ فَيُكْمِلُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ رُبُعَهُ الْبَاقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ وَنِصْفَ شَرِيكِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُعْتَبَرَةً يَوْمَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَوْمَ الْعِتْقِ) أَيْ لِحِصَّتِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ) أَيْ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ دَفْعُهَا بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ مَعْنَاهُ إنْ أَيْسَرَ بِهَا دَفَعَهَا بِالْفِعْلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ الْآتِي وَأَيْسَرَ بِهَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا هُنَا وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ إنْ دَفَعَ وَقَالَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَهُ إنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا إلَخْ كَانَ أَوْلَى لِمُرُورِهِ عَلَى مَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ دَفْعِ الْقِيمَةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ الْمُعْتَقُ لِلْجُزْءِ مُسْلِمًا) سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الشَّرِيكَانِ بِحُكْمِنَا) ، فَإِنْ رَضِيَا بِهِ نُظِرَ، فَإِنْ أَبَانَ الْمُعْتِقُ الْعَبْدَ أَيْ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَلَمْ يُؤْوِهِ عِنْدَهُ حُكِمَ بِالتَّقْوِيمِ كَمَا فِي عِتْقِ الْكَافِرِ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يُبِنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِتَقْوِيمِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا رَضِيَا بِحُكْمِنَا، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِالتَّقْوِيمِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا) لَا يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُهُ مِنْ اعْتِبَارِ الدَّفْعِ بِالْفِعْلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ لَهَا يَسْتَلْزِمُ يَسَارَهُ بِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِلْزَامُ مَمْنُوعٌ إذْ قَدْ يَدْفَعُهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُوسِرٍ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهَا فَلَا يُكْمِلُ عَلَيْهِ وَيَعْرِفُ عُسْرَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَيُسْأَلُ عَنْهُ جِيرَانُهُ وَمَنْ يَعْرِفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَهُ مَالًا حَلَفَ وَلَمْ يُسْجَنْ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ وَقَالَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا إلَّا الْيَمِينَ فَلَا يَسْتَحْلِفُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَعْضِهَا) أَيْ وَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ الْقِيمَةِ فَمُقَابِلُهَا أَيْ فَمُقَابِلُ قِيمَةِ الْبَعْضِ الَّتِي أَيْسَرَ بِهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَذْكُورٌ فِي خِلَالِ الشُّرُوطِ وَلَوْ قَرَنَهُ بِأَنْ وَأَسْقَطَهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَعْطُوفَاتِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ (قَوْلُهُ: مَا أَعْسَرَ بِهِ) أَيْ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْسَرَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى كَوْنِ الْمُصَنِّفِ قَصَدَ بِهِ تَفْسِيرَ مَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ) أَيْ الْجُزْءِ وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ بِاخْتِيَارِ الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلِيئًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي دَخَلَ الْجُزْءَ فِي مِلْكِهِ بِالْمِيرَاثِ مَلِيئًا (قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ) أَيْ بِإِسْقَاطِ قَوْلِهِ وَفَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا بَلْ الشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ عَلَى مَا حَقَّقَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ

كَمَا قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى الشَّرْطِ الْأَخِيرِ قَوْلُهُ (وَ) لَوْ أَعْتَقَ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي (قُوِّمَ) نَصِيبُ الثَّالِثِ (عَلَى الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الثَّانِي بِالتَّقْوِيمِ عَلَيْهِ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ طَلَبَ الْأَوَّلُ التَّقْوِيمَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا مَقَالَ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. (وَإِلَّا) يَكُنْ الْعِتْقُ مُرَتَّبًا بِأَنْ أَعْتَقَاهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَجَهِلَ الْأَوَّلُ قُوِّمَ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا وَإِذَا قُوِّمَ عَلَيْهِمَا (فَعَلَى) قَدْرِ (حِصَصِهِمَا إنْ أَيْسَرَا) مَعًا (وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ) مِنْهُمَا يُقَوَّمُ الْجَمِيعُ (وَ) لَوْ أَعْتَقَ فِي حَالَ مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدٍ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ (عَجَّلَ) عِتْقَ الْعَبْدِ كُلِّهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجُزْئِهِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي فِي الْأُولَى قَبْلَ مَوْتِهِ (فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ) أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ (أَمِنْ) ذَلِكَ الثُّلُثِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ جَمِيعِ مَالِهِ مَأْمُونًا أَيْ إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ مَأْمُونًا بِأَنْ كَانَ عَقَارًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَلْ يُؤَخِّرُ مَعَ التَّقْوِيمِ لِمَوْتِهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلَهُ وَرَقَّ بَاقِيهِ فَلَوْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَمْ يَحْمِلْ إلَّا بَعْضَهُ عَجَّلَ عِتْقَ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ مَاتَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَحْمِلُهُ لَزِمَ عِتْقُ الْبَاقِي (وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ) أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَبَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِيهِمَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا (لَمْ يُوصِ) الْمَيِّتُ بِالتَّقْوِيمِ فِي ذَلِكَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ انْتَقَلَتْ التَّرِكَةُ لِلْوَارِثِ فَصَارَ كَمَنْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَالْمُعْسِرُ لَا تَقْوِيمَ عَلَيْهِ فَلَوْ أَوْصَى بِالتَّقْوِيمِ كُمِّلَ عَلَيْهِ بِالتَّقْوِيمِ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهُوَ مَا قَبْلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَنَّ الدَّافِعَ بِالْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ وَالْمَدَارُ عَلَى يُسْرِهِ بِهَا دُفِعَتْ بِالْفِعْلِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَوَّلَ فَالثَّانِيَ) أَيْ لَوْ أَعْتَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ وَكَانَ الْعِتْقُ مُرَتَّبًا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُوسِرًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ حِصَّةُ الثَّالِثِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ يُسْرِهِ وَلَا عَلَى الثَّانِي وَلَوْ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ جَبْرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ الْأَوَّلُ التَّقْوِيمَ عَلَى نَفْسِهِ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَقْوِيمِهِ عَلَى الثَّانِي إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا مَقَالَ لَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأَوَّلِ فِي الْإِكْمَالِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي الِاسْتِكْمَالِ وَقَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَيْ فِي تَوْضِيحِهِ. (قَوْلُهُ: يُقَوَّمُ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ نَصِيبِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَعَجَّلَ فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدٍ وَبَاقِيهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا وَثُلُثُهُ يَحْمِلُ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ عَجَّلَ عِتْقَ الْعَبْدِ مِنْ الْآنَ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْمِلُ إلَّا بَعْضَهُ عَجَّلَ عِتْقَ ذَلِكَ الْبَعْضِ كَانَ قَدْرَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَوَقَفَ بَاقِيَهُ، فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ مَاتَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَحْمِلُ ذَلِكَ الْبَاقِيَ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَاقِيَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْمَرِيضِ غَيْرَ مَأْمُونٍ لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَلْ يُؤَخِّرُ مَعَ التَّقْوِيمِ لِمَوْتِهِ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْعَبْدَ بِتَمَامِهِ عَتَقَ كُلُّهُ وَإِلَّا عَتَقَ مَحْمَلَهُ وَرَقَّ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي) أَيْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حَالًّا قَبْلَ مَوْتِهِ لِيَخْرُجَ حُرًّا مِنْ الْآنِ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ) أَيْ مَعَ التَّقْوِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ وَحْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي يَمْلِكُ بَعْضَهُ أَوْ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ كُلَّ الْعَبْدِ عَتَقَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلُهُ أَيْ مَحْمَلُ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ قَدْرَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فَقَطْ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَبَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُوصِ بِتَقْوِيمِ بَاقِي مَالِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ انْتَقَلَتْ التَّرِكَةُ لِلْوَرَثَةِ فَصَارَ كَمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَلَا مَالَ لَهُ وَالْمُعْسِرُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ هَكَذَا صَوَّرَهُ الْمَوَّاقُ وَصَوَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ شَخْصٍ لَهُ فِي عَبْدٍ وَبَاقِيهِ لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ وَلَمْ يُوصِ بِتَقْوِيمِ بَاقِي الْعَبْدِ فِي مَالِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَالْجُزْءُ الَّذِي أَوْصَى بِعِتْقِهِ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَوْصَى بِالتَّقْوِيمِ) أَيْ فَلَوْ أَوْصَى بِتَكْمِيلِ مَا أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فِيهِمَا كَمَّلَ عَلَيْهِ مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ) أَيْ بِأَنْ أَعْتَقَ فِي حَالِ مَرَضِهِ أَوْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ إلَخْ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي مَا أَعْتَقَهُ مِنْ الْجُزْءِ حَالًّا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُكْمِلُ عَلَيْهِ عِتْقَ الْبَاقِي حَالًّا مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ الْمَالُ مَأْمُونًا وَإِلَّا أَخَّرَ تَقْوِيمَ بَاقِي الْعَبْدِ لِبَعْدِ الْمَوْتِ فَيَعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا فِي حَالِ مَرَضِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ عِتْقَ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ مِنْ ثُلُثِهِ وَكَذَلِكَ يُعَجِّلُ تَقْوِيمَ الْبَاقِي الْآنَ عَلَيْهِ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا وَإِلَّا أَخَّرَ عِتْقَ الْجُزْءِ وَتَقْوِيمَ الْبَاقِي مِنْ الْعَبْدِ لِبَعْدِ الْمَوْتِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ

(وَقُوِّمَ) الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ التَّقْوِيمِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ (كَامِلًا بِمَالِهِ) أَيْ مَعَهُ؛ لِأَنَّ فِي تَقْوِيمِ الْبَعْضِ ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ. وَالتَّقْوِيمُ إنَّمَا هُوَ (بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ) فَيُؤْمَرُ بِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ (وَنَقْضٍ لَهُ) أَيْ لِلتَّقْوِيمِ (بَيْعٌ) صَدَرَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ وَكَذَا مِمَّنْ بَعْدَهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّرِيكُ بِالْعِتْقِ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي (وَ) نَقَضَ (تَأْجِيلُ) الشَّرِيكِ (الثَّانِي) أَيْ عِتْقُهُ مُؤَجَّلًا (أَوْ تَدْبِيرُهُ) أَوْ كِتَابَتُهُ وَيُقَوِّمُ قِنًّا فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بِتْلًا، وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي بَتْلًا قُوِّمَ نَصِيبُ الْمُدَبِّرِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ بَتْلًا (وَ) إذَا اخْتَارَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوْ التَّقْوِيمَ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ (لَا يَنْتَقِلُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الِانْتِقَالُ (بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا) بِعَيْنِهِ لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي خَيَّرَهُ شَرِيكُهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ التَّقْوِيمَ فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ الْعِتْقِ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَيْهِ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ ابْتِدَاءً لَمْ يَكُنْ لَهُ، اخْتَارَ التَّقْوِيمَ ثَانِيًا بِلَا خِلَافٍ. (وَإِذَا حَكَمَ) أَيْ حَكَمَ الْحَاكِمُ (بِمَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ التَّقْوِيمِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ (لِعُسْرِهِ مَضَى) حُكْمُهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَيْسَرَ وَفِي نُسْخَةٍ بِبَيْعِهِ أَيْ بِبَيْعِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ لِعُسْرِ الْمُعْتِقِ مَضَى الْبَيْعُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إنْ أَيْسَرَ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بِالْفِعْلِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالْحُكْمُ بِالْبَيْعِ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ التَّقْوِيمِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْحُكْمِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ فَقَدْ سَاوَتْ هَذِهِ النُّسْخَةُ النُّسْخَةَ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهُوَ مَا قَبْلَهُ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ يَعْنِي بِالنَّظَرِ لِمَا إذَا أَعْتَقَ فِي الْمَرَضِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا حُكْمُ مَا إذَا أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا عَلِمْت وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ. وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ وَارِدٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِ أُمِنَ وَبَيْنَ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ نَوْعُ تَخَالُفٍ إذْ مُفَادُ الْأَوَّلِ التَّقْوِيمُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَمُفَادُ الثَّانِي خِلَافُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ كَامِلًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا عِتْقَ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ كَامِلًا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً أَعْتَقَ بَعْضَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَمْ لَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ مَثَلًا عَلَى أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ حُرٌّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَكَقَوْلِ أَحْمَدَ وَأَنَّ الْعِتْقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَالْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ لَلشَّرِيكِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقِيمَةِ عَيْبِ نَقْصِ الْمُعْتَقِ إذَا مَنَعَ الْإِعْسَارُ مِنْ التَّقْوِيمِ عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِهِ كَامِلًا إنْ اشْتَرَيَاهُ مَعًا وَلَمْ يُبَعِّضْ الثَّانِي حِصَّتَهُ بِالْعِتْقِ، فَإِنْ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ مُفْرَدَةً لَمْ يُقَوَّمْ كَامِلًا بَلْ تُقَوَّمُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ عَلَى انْفِرَادِهَا، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ بَعْضَ حِصَّتِهِ بَعْدَ عِتْقِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ حِصَّتِهِ أَوْ بَعْضَهَا، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّةِ الثَّانِي فَقَطْ وَلَا يُقَوَّمُ كَامِلًا. (قَوْلُهُ بِمَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ بِعِتْقِ بَعْضِهِ يَمْنَعُ انْتِزَاعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَلِذَا وَجَبَ تَقْوِيمُهُ مَعَ مَالِهِ، وَلَا يُقَوَّمُ بِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَالِهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ مَالِهِ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْكَائِنِ فِي مَحَلِّ الْعِتْقِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ حِينَ التَّقْوِيمِ مَالٌ مَوْجُودٌ بِمِصْرَ وَمَالٌ بِمَكَّةَ اُعْتُبِرَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ فِي مَحَلِّ الْعِتْقِ فَيُقَوَّمُ مَعَهُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ) أَيْ بِكَسَادِ حِصَّتِهِ بِتَقْوِيمِهَا مُفْرَدَةً؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نِصْفِ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي شِرَاءِ الْحِصَّةِ وَكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِي شِرَاءِ الْكَامِلِ. (قَوْلُهُ: وَنُقِضَ إلَخْ) عِلَّةُ النَّقْضِ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَدَخَلَ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالَةٍ مَجْهُولَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَيْعٌ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ لَا يُنْقَضَانِ وَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ مَا وَهَبَ لِتَكُونَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْقِيمَةُ، فَإِنْ حَلَفَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا كَذَا قَالُوا هُنَا اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ) لَا يُقَالُ الْبَيْعُ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَكُونُ الْبَيْعُ مُفَوِّتًا إلَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَهُنَا لَا يَكُونُ إلَّا فَاسِدًا لِلْغَرَرِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّرِيكُ) أَيْ الَّذِي قَدْ بَاعَ بِالْعِتْقِ قَبْلَ بَيْعِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ يَفُوتُ بِيَدِهِ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَنَقْصٍ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ زِيَادَةِ مَالٍ أَوْ حُدُوثِ وَلَدٍ لَهُ مِنْ أَمَتِهِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْعَبْدِ مُفَوِّتٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِي الْجُزْءِ وَيُلْزَمُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُعْتِقُ الْقِيمَةَ لَهُ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ عِتْقَ جَمِيعِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَوَّمُ قِنًّا فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بَتْلًا) أَيْ عَلَى الْمُعْتِقِ الَّذِي أَعْتَقَ فِي الْحَالِ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ حِصَّتُهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَضَ عِتْقَهُ وَمَا بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ) أَيْ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ بِانْتِقَالِهِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ) أَيْ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْمُعْتَقُ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِيَارُ التَّقْوِيمِ ثَانِيًا بِلَا خِلَافٍ) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِلَّا كَانَ لَهُ اخْتِيَارُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ بِبَيْعِهِ) أَيْ وَعَلَيْهَا فَالْمَعْنَى، وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبَيْعِ

(كَقَبْلِهِ) أَيْ الْحُكْمِ أَيْ كَعُسْرِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ (ثُمَّ أَيْسَرَ) بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْعُسْرِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ (بَيِّنَ) أَيْ ظَاهِرَ (الْعُسْرِ) عِنْدَ النَّاسِ وَعِنْدَ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ وَقْتَ الْعِتْقِ إذْ الْعِبْرَةُ بِيَوْمِ الْعِتْقِ وَلِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَحَضَرَ الْعَبْدُ) أَيْ وَكَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا حِينَ الْعِتْقِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَ الْعُسْرِ قُوِّمَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيُسْرُ الَّذِي ظَهَرَ هُوَ الَّذِي كَانَ حِينَ الْعِتْقِ إذْ الْفَرْضُ مِنْ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ يُسْرٌ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ حُضُورَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ بِحُضُورِهِ يُعْلَمُ أَنَّ عَدَمَ التَّقْوِيمِ إنَّمَا هُوَ لِلْعُسْرِ لَا لِتَعَذُّرِ التَّقْوِيمِ إذْ الْحَاضِرُ لَا يَتَعَذَّرُ تَقْوِيمُهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ، فَإِذَا قَدِمَ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ الْآنَ فِي حَالِ يُسْرِهِ وَمِثْلُ حُضُورِهِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ مِمَّا يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي بَيْعِهِ لَزِمَ تَقْوِيمُهُ إذَا عَرَفَ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَيَنْتَقِدُ الْقِيمَةَ لِجَوَازِ بَيْعِهِ انْتَهَى، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ بِعُسْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْعِتْقِ قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَاسْتَمَرَّ إعْسَارُهُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْعِتْقِ بَيِّنَ الْعُسْرِ وَأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ حَاضِرًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا حِينَ عِتْقِهِ وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ. (وَأَحْكَامُهُ) أَيْ أَحْكَامُ الْمُعْتَقِ بَعْضِهِ وَبَاقِيهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِعِتْقِ الْبَاقِي أَوْ قَبْلَ تَمَامِ عِتْقِهِ. (كَالْقِنِّ) أَيْ كَأَحْكَامِ الْقَنِّ الَّذِي لَا عِتْقَ فِيهِ أَصْلًا مِنْ شَهَادَةٍ وَمَنْعٍ مِنْ إرْثٍ وَحُدُودٍ وَغَيْرِهَا مَا عَدَا وَطْءَ الْأُنْثَى فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مُبَعَّضَةٌ، فَإِذَا مَاتَ فَمَالُهُ لِمَالِك بَعْضِهِ (وَلَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ) الَّذِي أَعْتَقَ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَمَنَعَ مِنْ التَّقْوِيمِ عَلَيْهِ مَانِعٌ كَعُسْرِهِ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَأَبَى الشَّرِيكُ الثَّانِي مِنْ عِتْقٍ مَنَابِهِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى لِتَحْصِيلِ قِيمَةِ بَقِيَّتِهِ لِيَدْفَعَهَا لِسَيِّدِهِ الْمُتَمَسِّكِ بِالْبَاقِي لِيَخْرُجَ جَمِيعُهُ حُرًّا إنْ طَلَبَ سَيِّدُهُ مِنْهُ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرِيكِ حِصَّتَهُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ لِعُسْرِ الْمُعْتِقِ مَضَى وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِيُسْرِ الْمُعْتِقِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَوْ لَمْ يَبِعْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: كَقَبْلِهِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُعْتِقِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا أَعْسَرَ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَلَمْ يُقَوِّمْهَا الشَّرْعُ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطَيْنِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ بَيْنَ الْعُسْرِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَكَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَقَبْلِهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَنَفْيِهِ أَيْ كَنَفْيِ الْحُكْمِ أَيْ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْحُكْمُ رَأْسًا وَكَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ الْعِتْقِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلَا تَقْوِيمَ إنْ كَانَ بَيْنَ الْعُسْرِ وَحَضَرَ الْعَبْدُ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا حِينَ الْعِتْقِ) أَيْ حِينَ عَتَقَ الْمُعْتَقُ لِنَصِيبِهِ وَالْقِيَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيُسْرُ الَّذِي ظَهَرَ) أَيْ حِينَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الَّذِي كَانَ حِينَ الْعِتْقِ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ الَّذِي بِأَنْ يَقُولَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيُسْرُ الَّذِي ظَهَرَ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْعِتْقِ وَأَخْفَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ يُسْرٌ مَعْهُودٌ حِينَ الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَأَخْفَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغَائِبِ) أَيْ غَيْبَةً بَعِيدَةً، فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ تَقْوِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْدِ قِيمَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ لَلْمُصَنِّفِ وَالنَّقْدِ فِي الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ عَلِمَ بِمَوْضِعِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ كَانَ مَفْقُودًا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ حُضُورِهِ) أَيْ حِينَ الْعِتْقِ أَيْ فِي كَوْنِهِ يَمْنَعُ مِنْ التَّقْوِيمِ إذَا حَصَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ الْعِتْقِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا حِينَ الْعِتْقِ غَيْبَةً يَجُوزُ فِيهَا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ لِقُرْبِهَا، وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي حَالِ الْيُسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَزِمَ تَقْوِيمُهُ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْعُسْرِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُنَاسِبْ قَوْلَهُ لَزِمَ تَقْوِيمُهُ بَلْ حَقُّهُ لَزِمَ عَدَمُ تَقْوِيمِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفَادَ أَنَّ قُرْبَ الْغَيْبَةِ مَعَ الْيُسْرِ كَالْحُضُورِ فِي لُزُومِ التَّقْوِيمِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قُرْبَ الْغَيْبَةِ مَعَ الْعُسْرِ كَالْحُضُورِ فِي مَنْعِ التَّقْوِيمِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ إعْسَارُهُ) أَيْ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَسَارٌ أَصْلًا بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً يَجُوزُ فِيهَا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ حَاضِرًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ غَائِبًا حِينَ الْعِتْقِ غَيْبَةً بَعِيدَةً قُوِّمَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ شَهَادَةٍ) أَيْ مِنْ رَدِّ شَهَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ كَعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَتِهِ فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ فَإِنْ وَطِئَهَا لَمْ يُحَدَّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَنَصُّهَا، فَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَمَةِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ وَطِئَهَا الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ: فَمَا لَهُ لِمَالِك بَعْضِهِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلْمُعْتِقِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَلَى مَالٍ فَالْمَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ دُونَ الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْأَرِقَّاءِ حَتَّى يَعْتِقَ جَمِيعَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إنْ طَلَبَ الْعَبْدُ السَّعْيَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلْوَجْهَيْنِ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ وَالْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ فَاعِلٌ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ وَالْمَفْعُولُ عَلَى الْأَوَّلِ الْعَبْدُ وَعَلَى الثَّانِي السَّيِّدُ فَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ اسْتِسْعَاؤُهُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ أَيْ

(وَلَا) يَلْزَمُ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ. (قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ) لِيَدْفَعَهُ فِي قِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ وَلَا الْعَبْدَ ذَلِكَ (وَلَا) يَلْزَمُ (تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّةِ) الْمُعْتِقِ (الْمُعْسِرِ بِرِضَا الشَّرِيكِ) الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَأَمَّا إلَى يُسْرِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِأَجَلِ الثَّمَنِ (وَمَنْ) (أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لِأَجَلٍ) (قُوِّمَ عَلَيْهِ) الْآنَ لِيَدْفَعَ قِيمَةَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْآنَ (لِيَعْتِقَ جَمِيعَهُ عِنْدَهُ) أَيْ الْأَجَلِ إذْ الْقَصْدُ تَسَاوِي الْحِصَّتَيْنِ (إلَّا أَنْ يَبُتَّ الثَّانِي) عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوْ يَعْتِقَهُ لِأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ (فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ) ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الثَّانِي لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ بَطَلَ أَجَلُ الثَّانِي عِنْدَ أَجَلِ الْأَوَّلِ وَقُوِّمَ عَلَى الْأَوَّلِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَبُتَّ الثَّانِي (وَإِنْ دَبَّرَ) مُوسِرًا (حِصَّتَهُ) دُونَ الثَّانِي (تَقَاوَيَاهُ) وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ دَبَّرَ قَالَ مُطَرِّفٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ يُقَالُ لِمَنْ لَمْ يُدَبِّرْ أَتُسَلِّمُهُ لِمَنْ دَبَّرَ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَمْ تَزِيدُ، فَإِنْ زَادَ قِيلَ لِمَنْ دَبَّرَ أَتُسَلِّمُهُ لِصَاحِبِك بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَمْ تَزِيدُ وَهَكَذَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَدٍّ (لِيُرَقَّ كُلُّهُ أَوْ يُدَبَّرَ) كُلُّهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجَابَةُ لِاسْتِسْعَائِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ السِّعَايَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ طَلَبِ السَّيِّدِ وَلَزِمَهُ الْمَالُ إذَا أَيْسَرَ وَالِاتِّبَاعُ بِهِ إنْ أَعْسَرَ فِي قَوْلِهِ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْعِتْقُ وَالْمَالُ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي هَذِهِ نَاجِزٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ نَاجِزًا قَبْلَ السَّعْيِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ) أَيْ وَكَانَ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ) أَيْ قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ لِيُعْتِقَ بِهِ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ: وَلَا الْعَبْدَ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ وَلَوْ صَدَقَةً لِيُعْتِقَ بِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُعْتِقَ أَنْ يُخَلِّدَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ فِي ذِمَّتِهِ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ حَالَةَ كَوْنِ التَّخْلِيدِ بِرِضَا شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخَلِّدَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ بِرِضَا شَرِيكِهِ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ التَّقْوِيمِ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ الْآنَ (قَوْلُهُ: إذْ الْقَصْدُ تَسَاوِي الْحِصَّتَيْنِ) أَيْ فِي الْعِتْقِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا يُعَجَّلُ عِتْقُ نَصِيبِ الْمُعْتِقِ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَلَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ وَنَصُّهَا عَلَى مَا فِي بْن، فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ لِأَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ اهـ وَفِي تت وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ بَعْدَ الْأَجَلِ أُخِّرَ التَّقْوِيمُ لِانْتِهَائِهِ قَالَ عبق وَانْظُرْ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ فَيُقَيَّدُ بِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَبِتَّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ (قَوْلُهُ: فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ) أَيْ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعْتَقُ إلَّا عِنْدَ أَجَلِهِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الثَّانِي الَّذِي عَجَّلَ عِتْقَ حِصَّةِ نَصِيبِ الْأَوَّلِ لِأَجَلِ أَنْ تَتَسَاوَى الْحِصَّتَانِ فِي الْعِتْقِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: بَطَلَ أَجَلُ الثَّانِي عِنْدَ أَجَلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ يُمْهَلُ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ الْأَوَّلُ قُوِّمَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ الْمُعْتِقِ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ قَالَ بْن بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْطُلُ تَأْجِيلُهُ الْآنَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ لِيُعْتَقَ عِنْدَ أَجَلِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ) أَيْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَقَاوَيَاهُ أَيْ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ دَبَّرَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ تَدْبِيرَهُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الرِّضَا بِذَلِكَ التَّدْبِيرِ وَالتَّمَسُّكِ بِحَظِّهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُدَبِّرِ لِيَكُونَ مُدَبِّرًا كُلَّهُ تَنْزِيلًا لِلتَّدْبِيرِ مَنْزِلَةَ الْعِتْقِ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ وَفِيهَا أَيْضًا فِي الْعِتْقِ الْأَوَّلِ إنْ دَبَّرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قَوْلُهُ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَزِمَهُ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ وَلَا يَتَقَاوَيَاهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: تَقَاوَيَاهُ) أَيْ تَزَايَدَا فِيهِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَدٍّ يَلْتَزِمُهُ أَحَدُهُمَا بِهِ وَالتَّقَاوِي مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُوَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يُظْهِرُ قُوَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ دَبَّرَ) أَيْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ) أَيْ التَّقَاوِي (قَوْلُهُ: أَتَسَلَّمُهُ لِصَاحِبِك) أَيْ الْمُتَمَسِّكِ بِالرُّقْيَةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَدٍّ) أَيْ يَلْتَزِمَهُ أَحَدُهُمَا بِهِ. (قَوْلُهُ لِيُرَقَّ كُلُّهُ) أَيْ إنْ وُقِفَ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ وَقَوْلُهُ أَوْ يُدَبَّرُ كُلُّهُ أَيْ إذَا وُقِفَ عَلَى مَنْ دَبَّرَ ثُمَّ إنَّهُ إذَا وُقِفَ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُدَبَّرْ وَبَقِيَ كُلُّهُ رَقِيقًا جَازَ لِمُدَبِّرِهِ أَخْذُ ثَمَنِ حِصَّتِهِ وَيَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ إنْ دَبَّرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَلَزِمَهُ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ وَلَا يَتَقَاوَيَاهُ وَكَانَتْ الْمُقَاوَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ ضَعِيفَةً وَلَكِنَّهَا شَيْءٌ ذُكِرَ فِي كُتُبِهِ اهـ، وَإِنَّمَا كَانَتْ ضَعِيفَةً؛ لِأَنَّ فِيهَا نَقْضَ التَّدْبِيرِ إذَا وُقِفَ عَلَى الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ وَكَذَا فِي طفى فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي النِّسْبَةِ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا بْن فَقَدْ نَسَبَ الْأَقْوَالَ

وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ الْمُوسِرَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِيَكُونَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا كَالتَّنْجِيزِ سَوَاءٌ وَكَلَامُهُ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ. وَأَمَّا الْمُخْتَصُّ بِشَخْصٍ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ بَعْضَهُ فَيَسْرِي الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ لِلْجَمِيعِ كَالتَّنْجِيزِ (وَإِنْ) (ادَّعَى الْمُعْتِقُ) لِحِصَّتِهِ (عَيْبَهُ) أَيْ عَيْبَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ عَيْبًا خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ لِتَقِلَّ قِيمَتُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ شَرِيكَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُعْتِقِ (اسْتِحْلَافُهُ) بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهِ الْعَيْبَ الْمَذْكُورَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ فِيهِ ذَلِكَ الْعَيْبَ وَيُقَوَّمُ مَعِيبًا (وَإِنْ) (أَذِنَ السَّيِّدُ) لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ (أَوْ) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَكِنْ (أَجَازَ عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا) لَهُ فِي عَبْدٍ (قُوِّمَ) نَصِيبُ الشَّرِيكِ (فِي مَالِ السَّيِّدِ) الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَقُ حَقِيقَةً حَيْثُ أَذِنَ أَوْ أَجَازَ وَالْوَلَاءُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ السَّيِّدِ مَا يَفِي بِالْقِيمَةِ فَظَاهِرٌ (وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ) الْعَبْدِ (الْمُعْتِقِ) بِالْكَسْرِ لِعَدَمِ مَا يُوفِي بِالْقِيمَةِ عِنْدَ سَيِّدِهِ (بِيعَ) لِيُوَفِّيَ مِنْهُ قِيمَةَ شَرِيكِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ (وَإِنْ) (أَعْتَقَ) شَخْصٌ (أَوَّلَ وَلَدٍ) مِنْ أَمَتِهِ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ عَتَقَ الْأَوَّلُ (وَلَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي وَلَوْ مَاتَ) الْأَوَّلُ حَالَ خُرُوجِهِ فَضَمِيرُ مَاتَ عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ لِلثَّانِي، فَإِنْ خَرَجَا مَعًا مِنْ بَطْنِهَا عَتَقَا مَعًا كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا دَفْعًا لِلتَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ (وَإِنْ) (أَعْتَقَ جَنِينًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّلَاثَةَ لَهَا وَحَكَى عَنْ التَّوْضِيحِ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ بِالْمُقَاوَاةِ وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُدَبِّرَ الْمُوسِرَ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ خُيِّرَ شَرِيكُهُ إنْ شَاءَ أَمْضَى صَنِيعَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ تَدْبِيرَهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَذَكَرَهُ بَهْرَامُ وَذَكَرَ أَقْوَالًا أُخَرَ لَكِنَّهُ صَدَّرَ بِهَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: فَيَسْرِي الْعِتْقُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَجَلِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِبَاقِيهِ بَدَلَ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ سَرَيَانَ التَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ إنَّمَا هُوَ لِبَاقِيهِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى أَنَّ شَرِيكَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ) هَكَذَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا هِيَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَمْ يَفْرِضْهَا ابْنُ عَرَفَةَ كَذَلِكَ بَلْ ظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ ادَّعَى عِلْمَ شَرِيكِهِ بِالْعَيْبِ أَمْ لَا وَنَصَّهُ الْبَاجِيَّ لَوْ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبًا بِالْعَبْدِ وَأَنْكَرَهُ شَرِيكُهُ فَفِي وُجُوبِ حَلِفِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ ثَانِي قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّانِي أَوَّلُ قَوْلَيْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ فِي الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ بِأَنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِحْلَافُهُ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَا يَحْلِفُ ذَلِكَ الْمُدَّعِي أَيْضًا وَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ سَلِيمًا (قَوْلُهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ) أَيْ فِي عِتْقِ جُزْءٍ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ فِي مَالِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى) أَيْ فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ السَّيِّدُ قَوِّمُوهُ فِي مَالِ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ إذَا خَصَّ التَّقْوِيمَ بِمَالِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بِحَيْثُ لَا يُكْمِلُ مَنْ عِنْدَهُ إذَا اُحْتِيجَ لِتَكْمِيلٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ قَوِّمُوهُ فِي مَالِ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ وَكَانَ مَالُهُ يَفِي بِالْقِيمَةِ أَوْ لَا يَفِي وَكَمَّلَ السَّيِّدُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَوِّمُوهُ بِمَالِ الْعَبْدِ انْتِزَاعٌ لَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ بِيعَ لِيُوفِيَ مِنْهُ قِيمَةَ شَرِيكِهِ) أَيْ قِيمَةَ الْجُزْءِ الَّذِي لِشَرِيكِهِ وَيَجُوزُ لِلْعَتِيقِ شِرَاؤُهُ إذَا بِيعَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرًا مَا تَقَعُ فِي الْمُعَايَاةِ فَيُقَالُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يُبَاعُ السَّيِّدُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ بَعْضُهُمْ يَحِقُّ لِجَفْنِ الْعَيْنِ إرْسَالُ دَمْعِهِ ... عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ وَمَا ذَنْبُهُ حَتَّى يُبَاعَ وَيُشْتَرَى ... وَقَدْ بَلَغَ الْمُلُوكُ غَايَةَ قَصْدِهِ وَيَمْلِكُهُ بِالْبَيْعِ إنْ شَاءَ فَاعْلَمَنَّ ... كَذَا حَكَمُوا وَالْعَقْلُ قَاضٍ بِرَدِّهِ فَهَذَا دَلِيلُ أَنَّهُ لَيْسَ مُدْرِكًا ... لِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ فَقِفْ عِنْدَ حَدِّهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَبْدَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. {تَنْبِيهٌ} مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ حَتَّى عَتَقَ عَبْدُهُ الَّذِي أَعْتَقَ الْجُزْءَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَ ذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَ الْجُزْءَ نَفَذَ عِتْقُ الْعَبْدِ لِلْجُزْءِ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ دُونَ السَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ اسْتَثْنَى مَالَهُ بَطَلَ عِتْقُ الْعَبْدِ لِلْجُزْءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَ شَخْصٌ أَوَّلَ وَلَدٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ مِنْ غَيْرِي فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْلَادًا مُتَرَتِّبِينَ فِي بَطْنٍ أَوْ بُطُونٍ، فَإِنَّ أَوَّلَ وَلَدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ حُرًّا وَلَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَا يَعْتِقُ الثَّانِي وَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ حَالَ نُزُولِهِ مِنْ بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ) أَيْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَا فِي بَطْنَيْنِ أَوْ بَطْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلُ التَّوْأَمَيْنِ مَيِّتًا وَرَدَ بِلَوْ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ مِنْ أَشْيَاخِ مَالِكٍ وَخِلَافُهُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ لِرَدِّهِ بِلَوْ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُذْكَرُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا مَا لَهُ أَصْلٌ فِي الْمَذْهَبِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَدْ ارْتَضَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاخِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ لِلثَّانِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَأْبَى ذَلِكَ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ عِتْقُ الثَّانِي إذَا نَزَلَ مَيِّتًا حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عِتْقًا مَعًا) أَيْ لِوَصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ) أَيْ كَمَا إذَا تَرَتَّبَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ صُوَرَ

فِي بَطْنِ أَمَتِهِ (أَوْ دَبَّرَهُ) (فَحُرٌّ) بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ فِي الْأَوَّلِ وَمُدَبَّرٌ فِي الثَّانِي إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ بَلْ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ (لِأَكْثَرِ) أَمَدِ (الْحَمْلِ) مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ إرْسَالِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أَمْ لَا (إلَّا لِزَوْجٍ مُرْسِلٍ عَلَيْهَا) وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَقْتَ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ (فَلِأَقَلِّهِ) أَيْ فَلَا يَعْتِقُ أَوْ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا إلَّا مَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ أَمَدِ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالصَّوَابُ فَلِأَقَلِّ أَقَلِّهِ بِأَنْ وَضَعَتْهُ فِي شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ سِتَّةٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ فِي سِتَّةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَكُونُ حُرًّا وَلَا مُدَبَّرًا لِاحْتِمَالٍ، أَوْ لَا يَكُونُ حَالَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ مَوْجُودًا، وَإِنَّمَا تَكُونُ بَعْدُ وَلَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ حَالَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ إلَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ السِّتَّةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ فَدُونُ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ (وَ) لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ (بِيعَتْ) الْأَمَةُ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا عِتْقٌ وَلَا هِيَ أُمُّ وَلَدٍ (إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ) لِجَنِينِهَا (دَيْنٌ) وَكَذَا إنْ حَدَثَ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ صَوَابُهُ وَبِيعَتْ، وَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ دَيْنًا بِإِدْخَالِ وَاوِ النِّكَايَةِ عَلَى إنْ وَرَفْعِ الْعِتْقِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَنَصْبِ دَيْنًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَبِذَلِكَ يُوَافِقُ الْمُدَوَّنَةَ فَتُبَاعُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى عِتْقِ جَنِينِهَا أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَسَوَاءٌ قَامَ وَالْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِهَا أَوْ قَبْلَهُ، وَجَنِينُهَا كَجُزْءٍ مِنْهَا فَيُبَاعُ مَعَهَا وَلِذَا قَالَ (وَرَقَّ) جَنِينُهَا الْمَعْتُوقُ أَوْ الْمُدَبَّرُ حَيْثُ بِيعَتْ قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الدَّيْنِ وَكَذَا لَوْ قَامُوا عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِهِ إنْ سَبَقَ الدَّيْنُ عِتْقَهُ وَلَمْ يُوفِ ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ، فَإِنْ وَفَى لَمْ يُبَعْ وَكَانَ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ هُوَ السَّابِقَ بِيعَتْ وَحْدَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَكِنْ لَا يُفَارِقُهَا (وَلَا يُسْتَثْنَى) الْجَنِينُ (بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ) لِأُمِّهِ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ حَامِلٍ وَيُسْتَثْنَى جَنِينُهَا وَلَا عِتْقُهَا وَيُسْتَثْنَى جَنِينُهَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْجَنِينِ فِيهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَمَةَ الَّتِي أَعْتَقَ سَيِّدُهَا جَنِينَهَا أَوْ دَبَّرَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا أَوْ لَا؛ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ حِينَ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ ذَلِكَ الْوَلَدَ لِأَقَلَّ أَمَدِ الْحَمْلِ أَوْ لِأَكْثَرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ فِيمَا تَلِدُهُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ الْحَمْلِ أَوْ لِأَكْثَرِهِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ خَفِيَّةَ الْحَمْلِ وَلَيْسَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسِلٌ عَلَيْهَا بِأَنْ مَاتَ أَوْ كَانَ غَائِبًا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ فِيمَا تَلِدُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ وَلَوْ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ خَفِيَّةَ الْحَمْلِ وَلَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُ الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ إلَّا فِيمَا تَلِدُهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُصَنِّفُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا لَا يُقَيَّدُ بِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَمَا بَعْدَهَا يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِخَفِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: فِي بَطْنِ أَمَتِهِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ بِفِرَاشِهِ بِأَنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِعَبْدِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زِنًا أَوْ زَنَتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أَمْ لَا) لَكِنْ إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ حِينَ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيَّةَ الْحَمْلِ فَتُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ حَالَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَوَلَدَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَلَدًا فَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ السِّتَّةِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَرِثْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ بِهِ ظَاهِرًا حِينَ مَوْتِهِ وَإِلَّا وَرِثَ كَمَا لَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ حَالَ حَيَاةِ أَخِيهِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ دُونَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَبِيعَتْ إنْ سَبَقَ الْعِتْقُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ فِي حَالَ صِحَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَإِمَّا أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ قَبْلَ وَضْعِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ قَامُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَضْعِ بِيعَتْ الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ أَوْ كَانَ الْعِتْقُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ فِي الْحَالَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا وَحْدَهَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَمْ لَا، وَإِنْ قَامُوا عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَضْعِ، فَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ بِيعَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ سَوَاءٌ وَفِي ثَمَنِهَا وَحْدَهَا بِالدَّيْنِ أَمْ لَا لَكِنَّ الْوَلَدَ لَا يُفَارِقُهَا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ بِيعَ الْوَلَدُ مَعَهَا فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ، فَإِنْ وَفَى بِهِ ثَمَنُهَا وَحْدَهَا بِيعَتْ وَحْدَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ بِيعَتْ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَبِيعَتْ قَبْلَ وَضْعِهَا رَقَّ جَنِينُهَا وَبِيعَ مَعَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا وَحْدَهَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: بِيعَتْ وَحْدَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ هَذَا إذَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بَلْ وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَثْنَى بِبَيْعٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْجَنِينِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ، فَإِذَا بَاعَ حَامِلًا أَوْ أَعْتَقَهَا وَاسْتَثْنَى جَنِينَهَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَكُونُ الْجَنِينُ مَعَهَا لِلْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَيَكُونُ حُرًّا مَعَهَا فِي الْعِتْقِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا

فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ فَحُرَّةٌ حَامِلَةٌ بِرَقِيقٍ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُعَايَاةِ (وَلَمْ يُجْزِ) (اشْتِرَاءُ وَلِيِّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ) أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ (بِمَالِهِ) أَيْ بِمَالِ الْمَحْجُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى مَحْجُورِهِ أَمْ لَا (وَلَا عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ وَمَفْهُومُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِعَيْنِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا لَزِمَ إتْلَافُ مَالِ السَّيِّدِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَوْ قِيلَ بِالْعِتْقِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الْمَالِ فِي ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مَا فَاشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ عَالِمًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَى سَيِّدِهِ مَا لَمْ يُجِزْهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَذَا اسْتَظْهَرُوا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَلَا غَيْرِهِ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إذْ الْعِبْرَةُ بِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَلَا يَنْشَأُ عَنْ الرَّقِيقِ حُرِّيَّةٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَإِنْ) (دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا) مِنْ عِنْدِهِ (لِمَنْ يَشْتَرِيهِ بِهِ) مِنْ سَيِّدِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَقُولَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك أَوْ لِتَعْتِقَنِي أَوْ لِنَفْسِي (فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك) فَاشْتَرَاهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ لَا يَلْزَمُهُ ثَمَنٌ ثَانٍ لِلْبَائِعِ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ (إنْ اسْتَثْنَى) الْمُشْتَرِي (مَا لَهُ) أَيْ اشْتَرَطَ دُخُولَ مَالِ الْعَبْدِ مَعَهُ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ (وَإِلَّا) يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ (غَرِمَهُ) أَيْ الثَّمَنَ ثَانِيًا لِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (وَ) إذَا لَزِمَهُ غُرْمُ الثَّمَنِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِيهِ) أَيْ فِي الثَّمَنِ إنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنُهُ الْآنَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِي بِالْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (عَلَى الْعَبْدِ) بِمَا غَرِمَهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ (وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَعْتَقَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُتَوَهَّمُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ مَعَ إيهَامِ قَوْلِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ أَنَّ هُنَا وَلَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْصَى بِأَمَةٍ لِإِنْسَانٍ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ جَنِينِهَا (قَوْلُهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُعْطِي) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُعَايَاةِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ حَامِلَةٌ بِرَقِيقٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ) أَيْ فَيُرَدُّ وَلَا يُعْتَقُ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْمَحْجُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ أَمْ لَا فَالْوَلِيُّ لَيْسَ كَالْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ مَا وَبَعْضُهُمْ أَجْرَى الْوَلِيَّ عَلَى الْوَكِيلِ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتِقُ عَلَى الْمَحْجُورِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِالْقَرَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَجَهِلَ لُزُومَ الْعِتْقِ، فَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَتَقَ عَلَى الْوَلِيِّ وَمِثْلُ الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءٍ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ عَامِلُ الْقِرَاضِ وَالزَّوْجُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ وَلَوْ مَلَكَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْعَبْدُ بِقَرَابَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِسَيِّدِهِ وَبِعِتْقِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يُجِيزَ سَيِّدُهُ شِرَاءَهُ لِذَلِكَ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِعَيْنِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقَوْلُهُ كَالْوَكِيلِ أَيْ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ كَانَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ أَمْ لَا أَوْ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَلَا يُعْتَقُ عَلَى السَّيِّدِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَالِمًا) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ عَتَقَ عَلَى السَّيِّدِ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعِتْقِ عَلَى السَّيِّدِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَلَا يُعْتَقُ عَلَى السَّيِّدِ إلَّا إنْ أَجَازَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا غَرِمَهُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ غُرْمِ الْمُشْتَرِي لِلثَّمَنِ مَرَّةً ثَانِيَةً إنْ اسْتَثْنَى مَالَ الْعَبْدِ وَغَرِمَهُ ثَانِيًا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مَوْصُوفًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَرَضًا مُعَيَّنًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ عَبْدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لِلسَّيِّدِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ عَبْدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَبِقِيمَتِهِ إنْ فَاتَ وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَفِي عَرَضٍ بِعَرَضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ أَيْ وَرَجَعَ فِي اسْتِحْقَاقِ عَرَضٍ بِيعَ بِعَرَضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ بِمَالِ السَّيِّدِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ الْعَبْدُ لَهُ لِيَشْتَرِيَهُ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ بَلْ يَبْقَى لِسَيِّدِهِ الَّذِي بَاعَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعِتْقِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ وَيَكُونُ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ الثَّمَنَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِمَا أَرَادَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُوفِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ وَفَّى بَعْضَ ثَمَنِهِ الْآنَ بِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ بَقِيَ الْبَاقِي مِلْكًا لِلْمَأْمُورِ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُتَوَهَّمُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ

إذْ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِمُشْتَرِيهِ وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا غَرِمَهُ زِيَادَةُ لَفْظِ (كَلِتَعْتِقَنِي) وَهُوَ إشَارَةٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا دَفَعَ مَالًا لِشَخْصٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِهِ وَيَعْتِقَهُ فَفَعَلَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ غَرِمَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْعَبْدِ وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ وَبَيْعٍ فِيهِ يَرْجِعُ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك أَوْ اشْتَرِنِي لِتَعْتِقَنِي وَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِمَالِهِ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهُ فَفَعَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ سَوَاءٌ اسْتَثْنَى مَالَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ لِغُرْمِهِ الثَّمَنَ ثَانِيَةً إذَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ فَالنَّصُّ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَخْ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَجْدِيدِ عِتْقٍ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ أَيْ إنْ أَعْتَقَهُ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ) (قَالَ) الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِنِي (لِنَفْسِي) فَفَعَلَ (فَحُرٌّ) بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِمِلْكِهِ نَفْسَهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ (وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْعَبْدِ فِيمَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ (إنْ اسْتَثْنَى) الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) عِنْدَ اشْتِرَائِهِ (وَإِلَّا) يَسْتَثْنِ مَالَهُ (رَقَّ) لِبَائِعِهِ أَيْ بَقِيَ عَلَى رِقِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ) سَيِّدٌ (عَبِيدًا) أَيْ بَتَلَ عِتْقَهُمْ (فِي مَرَضِهِ) وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ (أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَوْ سَمَّاهُمْ) أَيْ عَيَّنَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ (وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ ثُلُثِ عَبِيدِهِ، وَمِثْلُهُ إذَا بَتَلَ عِتْقَ ثُلُثِهِمْ أَيْ فِي مَرَضِهِ (أَوْ) أَوْصَى (بِعَدَدٍ) أَيْ بِعِتْقِ عَدَدٍ (سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) كَثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ (أَقْرَعَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (كَالْقِسْمَةِ) وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يُقَوِّمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُكْتَبَ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ مُفْرَدَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ بِحَيْثُ لَا تُمَيَّزُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَاقِي ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ وَتُفْتَحُ فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ عَتَقَ وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَادَتْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ نَقَصَتْ أُخْرِجَتْ أُخْرَى وَعُمِلَ فِيهَا كَمَا عُمِلَ فِي الْأُولَى وَهَكَذَا وَصَفْتهَا فِي الثَّالِثَةِ أَنْ يُجَزَّءُوا ابْتِدَاءً أَثْلَاثًا فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي اثْنَتَيْنِ رِقٌّ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ وَتُخْرَجُ وَاحِدَةٌ تُرْمَى عَلَى ثُلُثٍ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ حُرٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ قَالَ لَهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَاشْتَرَاهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلنَّصِّ عَلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ وَلِذَا احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى حَمْلِ قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عِتْقَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَجْدِيدِ الْعِتْقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِلصُّورَتَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ الْعِتْقِ ثُمَّ إنَّهُ إذَا بِيعَ وَفَضَلَ عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَدْرٌ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فِي مَسْأَلَةِ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك وَعَتَقَ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتَرِنِي لِتُعْتِقَنِي (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) أَيْ لَا لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَكِيلٌ عَنْ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَمْ يَشْتَرِ لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلِذَا كَانَ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى ذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ هَذِهِ وَكَالَةٌ مِنْ الْعَبْدِ وَتَوْكِيلُهُ بَاطِلٌ فَبَطَلَ الشِّرَاءُ مِنْ أَصْلِهِ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ لَيْسَ بَاطِلًا مُطْلَقًا بَلْ هُوَ صَحِيحٌ فِيمَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ فِيهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ بَتَّلَ عِتْقَهُمْ) أَيْ نَجَّزَ عِتْقَهُمْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِعِتْقِهِمْ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ عَبِيدِي سَوَاءٌ سَمَّاهُمْ أَيْ عَيَّنَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ بِأَنْ قَالَ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ سَحْنُونٍ إذَا سَمَّاهُمْ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَعْتِقُ وَلَا مَفْهُومَ لِلثُّلُثِ بَلْ مَثَّلَ قَوْلَهُ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثُلُثِ عَبِيدِي أَوْصَيْت بِعِتْقِ نِصْفِهِمْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إذَا بَتَّلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ ثُلُثُ عَبِيدِي أَوْ نِصْفُهُمْ أَحْرَارٌ فَلَا مَفْهُومَ لِثُلُثِهِمْ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَرَضِهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا بَتَّلَ عِتْقَ ثُلُثِهِمْ فِي صِحَّتِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا قُرْعَةَ كَمَا إذَا أَعْتَقَ عَدَدًا مِنْ أَكْثَرَ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى مَاتَ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا كَانَ لَهُ وَقِيلَ يَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثَلَاثَةٍ مِنْ عَبِيدِي وَالْحَالُ أَنَّ عِنْدَهُ تِسْعَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْتُبُ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ) لَا حَاجَةَ لِكِتَابَةِ الْقِيمَةِ فِي الْوَرَقَةِ مَعَ الِاسْمِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا كِتَابَةَ الِاسْمِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: عَتَقَ) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ عَتَقَ، وَإِنْ زَادَتْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَيُخْرِجُ وَرَقَةً أُخْرَى فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَرَقَّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ) أَيْ وَإِلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَ لَهُ حُرٌّ) أَيْ

نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا عُمِلَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الرَّابِعَةُ، فَإِنْ عَيَّنَ الْعَدَدَ الَّذِي سَمَّاهُ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو مِنْ جُمْلَةٍ أَكْثَرَ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا سَلَكَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كَثَلَاثَةٍ مِنْ عَبِيدِي، فَإِنَّهُ يُنْسَبُ عَدَدُ مَنْ سَمَّاهُ إلَى عَدَدِ جَمِيعِ رَقِيقِهِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُجَزَّءُونَ، فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً مِنْ تِسْعَةٍ جُزِّئُوا أَثْلَاثًا وَمِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزِّئُوا أَرْبَاعًا وَيُجْعَلُ كُلُّ جُزْءٍ عَلَى حِدَتِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لَقِيمَة كُلِّ جُزْءٍ وَيُكْتَبُ أَوْرَاقٌ بِقَدْرِ عَدَدِ الْأَجْزَاءِ وَاحِدَةٌ فِيهَا حُرٌّ وَالْبَاقِي كُلٌّ وَرَقَةٍ فِيهَا رِقٌّ وَيُعْمَلُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ (إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ) أَيْ مَحَلُّ الْقُرْعَةِ مَا لَمْ يُرَتَّبْ، فَإِنْ رَتَّبَ فَلَا قُرْعَةَ، وَالتَّرْتِيبُ إمَّا بِالْأَدَاةِ كَعَتَقُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا وَهَكَذَا أَوْ بِالزَّمَانِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا الْآنَ وَفُلَانًا فِي غَدٍ أَوْ بِالْوَصْفِ كَالْأَعْلَمِ فَالْأَعْلَمِ (فَيُتَّبَعُ) فِيمَا قَالَ وَيُقَدَّمُ مَنْ قَدَّمَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَحْمَلُهُ، فَإِنْ حَمَلَ جَمِيعَهُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ عَتَقَ مِنْ الثَّانِي مَحْمَلَ الثُّلُثِ أَوْ جَمِيعَهُ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الثُّلُثَ (أَوْ يَقُولُ) أَعْتِقُوا (ثُلُثَ كُلٍّ) مِنْ عَبِيدِي فَيُتَّبَعُ (أَوْ) أَعْتِقُوا (أَنْصَافَهُمْ أَوْ أَثْلَاثَهُمْ) فَيُتَّبَعُ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ ثُلُثَهُ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَمِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا ذَكَرَ وَإِلَّا عَتَقَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ مِنْ كُلٍّ وَلَوْ قَلَّ (وَتَبِعَ) الْعَبْدُ (سَيِّدَهُ بِدَيْنٍ) لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ (إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ) السَّيِّدُ (مَالَهُ) حَالَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ دُونَ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ السَّيِّدُ، فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ كَاشْهَدُوا أَنِّي قَدْ انْتَزَعْت مَالَ عَبْدِي أَوْ الدَّيْنَ الَّذِي لِعَبْدِي أَوْ أَنِّي أَعْتِقُهُ عَلَى أَنَّ مَالَهُ لِي، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ وَسَقَطَ عَنْهُ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ (وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ (رُقَّ) لِلْمُدَّعِي (إنْ شَهِدَ) لَهُ (شَاهِدٌ بِرِقِّهِ) وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَقِيقُهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (أَوْ) شَهِدَ شَاهِدٌ لِلْغَرِيمِ عَلَى (تَقَدُّمِ دَيْنٍ) عَلَى الْعِتْقِ فَيَرِقُّ الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ (وَحَلَفَ) الْغَرِيمُ مَعَهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَى السَّيِّدِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى عِتْقِهِ لِلْعَبْدِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ دَيْنَهُ سَابِقٌ عَلَى الْعِتْقِ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَدِينُ يَدَّعِي أَنَّ عِتْقَهُ لِلْعَبْدِ قَبْلَ الدَّيْنِ فَالدَّائِنُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَرُدُّ عِتْقَ الْعَبْدِ لِيُبَاعَ فِي الدَّيْنِ فَضَمِيرُ وَحَلَفَ عَائِدٌ عَلَى الْمُدَّعِي الَّذِي أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى دَعْوَاهُ الشَّامِلِ لِمُدَّعِي الرَّقَبَةِ وَلِمُدَّعِي تَقَدُّمِ الدَّيْنِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ فِي الْأُولَى وَالْمُعْتَقُ فِي الثَّانِيَةِ وَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالثُّلُثُ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ الْوَرَقَةُ الَّتِي فِيهَا حُرٌّ (قَوْلُهُ: نُظِرَ فِيهِ) أَيْ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عُمِلَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ بِأَنْ يُكْتَبَ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ مَعَ قِيمَتِهِ فِي وَرَقَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ بَعْدَ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ الْعَدَدَ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثَلَاثَةٍ مِنْ عَبِيدِي وَهُمْ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ وَعَبِيدُهُ تِسْعَةٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَلَكَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ كِتَابَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ قِيمَتِهِ فِي وَرَقَةٍ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَيُفْعَلُ بِهِمْ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ ذَلِكَ الْعَدَدَ بِأَسْمَائِهِمْ، وَإِنَّمَا سَمَّى الْعَدَدَ فَقَطْ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ: وَيُعْمَلُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تُخْلَطَ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ يَرْمِي كُلَّ وَرَقَةٍ مِنْهَا عَلَى جُزْءٍ فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الْأَجْزَاءِ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ يُكْتَبَ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ قِيمَتِهِ فِي وَرَقَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ بَعْدَ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرَتَّبَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ وَالتَّرْتِيبُ إمَّا بِالْأَدَاةِ كأعتقوا فُلَانًا إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِلتَّرْتِيبِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَمِثَالُهُ فِي الْأُولَى عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ ثُمَّ فُلَانٌ وَهَكَذَا إلَى آخِرِهِمْ أَوْ فُلَانٌ حُرٌّ الْآنَ وَفُلَانٌ فِي غَدٍ وَفُلَانٌ بَعْدَ غَدٍ (قَوْلُهُ: كَالْأَعْلَمِ فَالْأَعْلَمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: أَعْتِقُوا مِنْ عَبِيدِي الْأَعْلَمَ فَالْأَعْلَمَ أَوْ الْأَصْلَحَ فَالْأَصْلَحَ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ بِتَمَامِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَحْمَلُهُ أَيْ وَأَمَّا حَمْلُهُ مِنْهُ إنْ لَمْ يَحْمِلْهُ كُلَّهُ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فَإِنْ بَقِيَتْ مِنْ الثُّلُثِ بَقِيَّةٌ أَيْضًا عَتَقَ مِنْ الثَّالِثِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ أَوْ جَمِيعُهُ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ) أَيْ فِي وَصِيَّتِهِ وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ يُرَتَّبُ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ) أَيْ وَهُوَ ثُلُثُ كُلٍّ أَوْ نِصْفُ كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ الْمُوصِي كَمَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ عُشْرَ قِيمَتِهِمْ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِدَيْنٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ لِتَمْثِيلِهِ بِهِ وَلِلْعَبْدِ دَيْنٌ عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتْبَعُ سَيِّدَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ السَّيِّدُ مَالَهُ حِينَ الْعِتْقِ، فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ سَقَطَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ أَنَّهُ عَتِيقٌ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ الْمُدَّعِي مُجَرَّدَ دَعْوَى، فَإِنَّهُ لَا يُتَوَجَّهُ عَلَى الْعَبْدِ يَمِينٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذِهِ تُخَصِّصُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ كَلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا فَيَشْهَدُ شَاهِدٌ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْعِتْقِ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ غَيْرَ ثَابِتٍ فَيَشْهَدُ شَاهِدٌ بِدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْعِتْقِ وَشَارِحُنَا قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى وَلَا وَجْهَ لَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ) ، فَإِنْ نَكَلَ الْعَبْدُ فِي الْأُولَى رَقَّ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَهُ آخَرُ وَإِلَّا فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَقِ عِنْدَ نُكُولِ مُدَّعِي الرِّقِّ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُعْتِقُ رُدَّ الْعِتْقُ وَلَا يَحْلِفُ الْعَبْدُ

[باب في التدبير وأحكامه]

(وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ إرْثَ مَيِّتٍ بِالْوَلَاءِ أَوْ بِالنَّسَبِ (اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ) وَلَا يُعَجَّلُ بِإِعْطَائِهِ لِلْمُدَّعِي (إنْ شَهِدَ) لِلْمُدَّعِي (شَاهِدٌ) وَاحِدٌ (بِالْوَلَاءِ) أَوْ بِالنَّسَبِ (أَوْ اثْنَانِ) بِالسَّمَاعِ أَيْ (أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ (مَوْلَاهُ) أَيْ مَوْلَى الْمَيِّتِ (أَوْ) أَنَّهُ (وَارِثُهُ) ، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْهُ اسْتَحَقَّ الْمَالَ وَمَنَعَهُ وَإِلَّا دَفَعَ لَهُ (وَحَلَفَ) عِنْدَ الدَّفْعِ مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ مَعَ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبٌ وَلَا وَلَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْوَلَاءِ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ وَمِثْلُهُ النَّسَبُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ مَا فِي الشَّهَادَاتِ عَلَى مَا إذَا كَانَ السَّمَاعُ فَاشِيًا وَهُوَ يُفِيدُ الْقَطْعَ وَمَا هُنَا كَالْوَلَاءِ عَلَى مَا إذَا كَانَ سَمَاعُهُمَا لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ فَاشِ بَيْنَ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ (وَإِنْ) (شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) عِنْدَ حَاكِمٍ (أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ) قَبْلَ (مَوْتِهِ عَبْدًا) مُعَيَّنًا مِنْ عَبِيدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ (لَمْ يَجُزْ) ذَلِكَ أَيْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ أَوْ إقْرَارُهُ بَلْ يُلْغَى (وَلَمْ يُقَوَّمْ) الْعَبْدُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّاهِدِ أَوْ الْمُقِرِّ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْعَبْدِ تَكُونُ رِقًّا لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لِغَيْرِهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ شَهَادَةِ هَذَا الشَّاهِدِ نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ الشَّاهِدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قُسِّمَتْ الْعَبِيدُ فَنَابَهُ الْعَبْدُ عَتَقَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ (وَإِنْ) (شَهِدَ) شَرِيكٌ (عَلَى شَرِيكِهِ) فِي عَبْدٍ (بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) وَالشَّرِيكُ يُكَذِّبُهُ (فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَا بِعِتْقِ نَصِيبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إذْ لَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ عِنْدَ يَسَارِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ تَضَمَّنَتْ اعْتِرَافَهُ بِعِتْقِ نَصِيبِ نَفْسِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَأَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ ظَلَمَهُ فِي عَدَمِ دَفْعِ قِيمَةِ نَصِيبِهِ لَهُ بِإِنْكَارِهِ عِتْقَ نَصِيبِهِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ عِتْقِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ مَعَ يُسْرِ الشَّرِيكِ فَلَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ (كَعُسْرِهِ) الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الْأَقَلِّ [دَرْسٌ] (بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ وَهُوَ لُغَةً النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ لِتَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَشَرْعًا قَالَ الْمُصَنِّفُ (التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ) خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ (رَشِيدٍ) خَرَجَ الْعَبْدُ وَالسَّفِيهُ فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إنْ شَهِدَ بِالْوَلَاءِ شَاهِدٌ أَوْ بِالنَّسَبِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُدْفَعُ لَهُ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَهُمَا وَهِيَ الشَّهَادَةُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ إذَا أَدَّتْ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ شَاهِدًا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ هَلْ يَثْبُتُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ الْمَالُ أَوْ لَا فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالْأَوَّلِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ حُرْمَةُ مَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ مِنْ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي لَهُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْوَلَاءِ) أَيْ وَكَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إذْ لَوْ ثَبَتَ الْوَلَاءُ أَوْ النَّسَبُ لَمَا اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إذْ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِينَاءِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ الْوَرَثَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ابْنًا أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ عَدَلَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ) أَيْ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ الشَّاهِدُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةَ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ الْمُقِرُّ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ رُشْدُهُ (قَوْلُهُ: بَلْ يُلْغِي) أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى شَهَادَةُ وَاحِدٍ وَهِيَ لَا تَكْفِي فِي الْعِتْقِ وَفِي الثَّانِيَةِ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: تَكُونُ رِقًّا لَهُ) أَيْ وَلَا تَكُونُ حُرَّةً وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُعْتِقَ حَتَّى يَلْزَمَهُ التَّقْوِيمُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَ شَرِيكٌ) أَيْ فَقَطْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَمْ تُعْتَقْ حِصَّةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الشَّاهِدُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا لَمْ تُعْتَقْ حِصَّتُهُ أَيْضًا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَلُّ أَنَّهَا تُعْتَقُ حِصَّتُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَعَ عَدْلٍ آخَرَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَنَصِيبُ الشَّرِيكِ الشَّاهِدِ أَيْضًا وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لِدَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ شَاهِدًا عَدْلًا (قَوْلُهُ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) أَيْ نَصِيبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: حُرٌّ) أَيْ يُعْتَقُ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: كَعُسْرِهِ) أَيْ كَمَا اتَّفَقَ عَلَى عَدَمِ عِتْقِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ فِي عُسْرِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ [بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ] {بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ} (قَوْلُهُ: تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَكْرَانَ بِحَرَامٍ إذَا كَانَ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ طَافِحًا فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا وَمَا فِي عبق فَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ فَكَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ خَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ) أَيْ، فَإِنَّ تَدْبِيرَهُمْ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي تَدْبِيرِ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ فِيمَا يَأْتِي أَمَّا بُطْلَانُهُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ وَالْعَبْدِ فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا بُطْلَانُهُ مِنْ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ فَعَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مِنْ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَصِيَّةٌ بِلَفْظِ التَّدْبِيرِ فَإِطْلَاقُ التَّدْبِيرِ عَلَيْهِ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَهُمَا الرُّجُوعُ فِيهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي المج. (قَوْلُهُ خَرَجَ الْعَبْدُ) أَيْ لِأَنَّ تَدْبِيرَهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ وَقَوْلُهُ وَالسَّفِيهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُهْمِلًا فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَدْبِيرًا، وَإِنْ صَحَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَكُونُ وَصِيَّةً يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بِالْأَوْلَى مِنْ الصَّغِيرِ اُنْظُرْ بْن

(وَإِنْ) كَانَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ (زَوْجَةً) دُبِّرَتْ (فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ الْعَبْدِ فَيَمْضِي وَيَلْزَمُهَا وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا رَدُّهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى زَوْجِهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي رِقِّهَا إلَى الْمَوْتِ. وَأَمَّا تَدْبِيرُهَا فِي الثُّلُثِ فَمَا دُونَهُ فَلَا خِلَافَ فِي نُفُوذِهِ (الْعِتْقَ) مَفْعُولُ تَعْلِيقٍ أَيْ تَعْلِيقِهِ نُفُوذَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّقَ إنَّمَا هُوَ نُفُوذُهُ. وَأَمَّا إنْشَاؤُهُ فَمِنْ الْآنَ (بِمَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ الْمُعَلِّقِ بِكَسْرِ اللَّامِ خَرَجَ الْمُعَلِّقُ عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا أَوْ زَمَنٍ أَوْ مَوْتِ غَيْرِهِ فَلَا يُسَمَّى تَدْبِيرًا (لَا عَلَى وَصِيَّةٍ) خَرَجَ مَا عَلَّقَهُ عَلَى مَوْتِهِ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَمَثَّلَ الْوَصِيَّةَ بِقَوْلِهِ (كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي) هَذَا فَأَنْت أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ (أَوْ) إنْ مِتُّ مِنْ (سَفَرِي هَذَا) فَأَنْت حُرٌّ (أَوْ) قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ (حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي) وَلَمْ يُقَيِّدْ بِتَدْبِيرٍ وَلَا غَيْرِهِ فَوَصِيَّةٌ فِي الثَّلَاثَةِ غَيْرُ لَازِمَةٍ. وَأَمَّا إنْ قَالَ أَنْت مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي فَتَدْبِيرٌ قَطْعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّدْبِيرَ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الِانْبِرَامِ وَاللُّزُومِ لَا عَلَى وَجْهِ الِانْحِلَالِ كَأَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ كَالْمَوْتِ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، فَإِنَّهُ وَصِيَّةٌ وَلَوْ أَتَى بِلَفْظِ التَّدْبِيرِ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِي إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِلَفْظِ التَّدْبِيرِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ وَصِيَّةً يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ (مَا لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّدْبِيرَ، فَإِنْ قَصَدَ التَّدْبِيرَ بِأَنْ أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِالتَّدْبِيرِ أَوْ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَعَبْدِي حُرٌّ لَا رُجُوعَ لِي فِيهِ أَوْ لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ الْمُهْمِلِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَوْجَةً دَبَّرَتْ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ دَبَّرَتْ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لَرَدَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ مِنْ الزَّوْجَةِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ خَطَأٌ كَانَ أَحْسَنَ ابْنُ رُشْدٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُ قَوْلِ سَحْنُونٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن وَقَوْلُهُ وَأَنَّ زَوْجَةَ إلَخْ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُكَلَّفُ الرَّشِيدُ غَيْرَ زَوْجَةٍ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ كَانَ زَوْجَةً دُبِّرَتْ فِي ثُلُثِهَا بَلْ وَإِنْ كَانَ زَوْجَةً دُبِّرَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيَمْضِي) أَيْ التَّدْبِيرُ أَيْ يَمْضِي عَقْدُهُ مِنْ الْآنَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ حُرًّا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا مِنْ ثُلُثِهَا. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ) أَيْ وَلَوْ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ) أَيْ فَإِنَّ لِزَوْجِهَا رَدَّهَا حَيْثُ زَادَ التَّبَرُّعُ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي رِقِّهَا إلَى الْمَوْتِ) أَيْ فَلَهَا اسْتِخْدَامُهُ وَالتَّجَمُّلُ بِهِ وَفِي هَذَا مَنْفَعَةٌ لِلزَّوْجِ فَلَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ بِالتَّدْبِيرِ عَنْ تَمَتُّعِ الزَّوْجِ بِهِ إلَى مَوْتِهَا وَبَعْدَ الْمَوْتِ الزَّوْجُ كَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ تَمَتُّعِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِمَوْتِهِ) أَيْ عَلَى مَوْتِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَتَعَدَّى بِعَلَى أَوْ عَلَى حَالِهَا لَكِنْ مَعَ التَّقْدِيرِ عَامِلٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ رَابِطًا لَهُ أَيْ لِلْعِتْقِ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ زَمَنٍ) أَيْ كَأَنْ مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إنْ مَاتَ زَيْدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَصِيَّةٍ) أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ وَلَمَّا شَمَلَ تَعْرِيفُهُ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إنْ مِتُّ فَأَعْتِقُوا عَبْدِي فُلَانًا أَخْرَجَهَا بِهَذَا الْقَيْدِ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ لِئَلَّا يَكُونَ غَيْرَ مَانِعٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ) أَيْ، فَإِنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ بِاللُّزُومِ وَعَدَمَ اللُّزُومِ فَرْعٌ عَنْ افْتِرَاقِ حَقِيقَتِهِمَا. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا الَّذِي نَقَلَهُ بْن عَنْ الْمِعْيَارِ أَنَّ الْعِتْقَ فِي التَّدْبِيرِ أَلْزَمَهُ ذِمَّتَهُ وَأَنْشَأَهُ مِنْ الْآنِ، وَإِنْ كَانَ مُعَلِّقًا عَلَى الْمَوْتِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِيهِ وَالْوَصِيَّةُ أَمْرٌ بِالْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَى نَفْسِهِ عِتْقًا الْآنَ فَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَبِيعَ عَبْدَهُ أَوْ يَهَبَهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا شَاءَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مَا لَمْ يُنْفِذْ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا) إنَّمَا يَكُونُ هَذَا وَصِيَّةً إنْ جَعَلَ الْجَوَابَ فَأَنْتَ حُرٌّ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، فَإِنْ جَعَلَ الْجَوَابَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ كَانَ وَصِيَّةً أَيْضًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنَّهُ تَدْبِيرٌ لَا رُجُوعَ فِيهِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَعْنِي كَوْنَهُ وَصِيَّةً أَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ لَأَنْ يَكُونَ أَوْ لَا يَكُونَ لَمْ يَلْتَزِمْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّدْبِيرِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ قَالَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي) أَيْ أَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِالتَّدْبِيرِ فَهُوَ تَدْبِيرٌ فِيهِمَا قَطْعًا (قَوْلُهُ: مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الِانْبِرَامِ وَاللُّزُومِ) أَيْ مِنْ الْآنِ كَدَبَّرْتُكَ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبْرٍ مِنِّي، وَإِنْ كَانَ مُعَلِّقًا عَلَى الْمَوْتِ كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِالتَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ الِانْحِلَالِ) أَيْ لَا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الِانْحِلَالِ وَقَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ أَيْ مُعَلَّقًا عَلَى وَجْهٍ وَقَوْلُهُ يَكُونُ أَيْ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ أَوْ لَا يَكُونَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِلَفْظِ التَّدْبِيرِ) أَيْ كَأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَيْ وَأَمَّا إنْ قَيَّدَ بِهِ كَأَنْتَ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِالتَّدْبِيرِ كَانَ تَدْبِيرًا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ كَوْنِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ لَمْ يَرُدَّهُ بِأَنْ خَلَا لَفْظُهُ عَنْ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، فَإِنْ أَرَادَهُ بِنِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ لَزِمَهُ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَفِي بْن إنْ لَمْ يَرُدَّهُ أَيْ بِالنِّيَّةِ. وَأَمَّا إذْ أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ لَا يُغَيِّرُ إلَخْ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ التَّدْبِيرِ الصَّرِيحِ لَا بِالْإِرَادَةِ

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ التَّدْبِيرَ (وَ) مَا (لَمْ يُعَلِّقْهُ) عَلَى شَيْءٍ، فَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ تَدْبِيرًا نَحْوُ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا أَيْ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَالدُّخُولِ إذْ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَزِمَ الْمُعَلَّقَ وَاللَّازِمُ تَدْبِيرٌ لَا وَصِيَّةٌ (أَوْ) قَالَ (أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ) أَوْ شَهْرٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَوَصِيَّةٌ لَا تَدْبِيرٌ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ عَلَى الْمَوْتِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَرَادَهُ أَوْ عَلَّقَ وَقِيلَ حَذَفَ مِنْ هُنَا قَوْلَهُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ وَلَمْ يُعَلِّقْ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ صَرِيحَهُ بِثَلَاثِ صِيَغٍ مُعَلِّقًا لَهُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ تَعْلِيقٌ بِقَوْلِهِ (بِدَبَّرْتُكَ وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبْرٍ مِنِّي) وَدُبْرُ كُلِّ شَيْءِ مَا وَرَاءَهُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ أَكْثَرُ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ الضَّمَّ فِي غَيْرِهَا وَمَحَلُّ كَوْنِهِ تَدْبِيرًا لَازِمًا إذَا مَا لَمْ يَصْرِفْهُ لِلْوَصِيَّةِ كَأَنْ يَقُولَ وَلِي الرُّجُوعُ أَوْ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا كَانَ وَصِيَّةً كَمَا أَنَّ صَرِيحَ الْوَصِيَّةِ نَحْوُ أَعْتِقُوهُ إذَا مِتُّ أَوْ هُوَ حُرٌّ إنْ مِتُّ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي إذَا أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ أَوْ عَلَّقَهُ انْصَرَفَ لِلتَّدْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَنَفَذَ) (تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ) أَوْ يَهُودِيٍّ (لِمُسْلِمٍ) أَيْ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَعْنَى نُفُوذِهِ لُزُومُهُ وَعَدَمُ فَسْخِهِ (وَأَوْجَرَ لَهُ) أَيْ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَكُونَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمُسْلِمِ وَتُدْفَعُ أُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (وَ) مَنْ دَبَّرَ أَمَتَهُ الْحَامِلَ (تَنَاوَلَ) التَّدْبِيرُ (الْحَمْلَ مَعَهَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا إذَا أَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يُعَلِّقْهُ) أَيْ وَمَا لَمْ يُعَلِّقْ مَا ذَكَرَ مِنْ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ عَلَى شَيْءٍ، فَإِنْ عَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ كَانَ تَدْبِيرًا. (قَوْلُهُ: فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا) أَيْ وَإِنْ كَلَّمْتُ أَوْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْمُعَلَّقُ) أَيْ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: وَاللَّازِمُ تَدْبِيرٌ لَا وَصِيَّةٌ) فِيهِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُعَلَّقَةٌ فِي الصِّيغَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ مِنْ صِيَغِ الْوَصِيَّةِ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ: إنَّهَا تَلْزَمُ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَاللَّازِمُ تَدْبِيرٌ لَا وَصِيَّةٌ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ هُنَا اخْتِيَارِيٌّ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى الِاخْتِيَارِيِّ يَلْزَمُ بِحُصُولِهِ عَلَى قَاعِدَةِ الْحِنْثِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِيهِمَا الْمَوْتُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ أَوْ مِنْ هَذَا السَّفَرِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ اخْتِيَارِيٍّ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِمَا التَّدْبِيرُ إلَّا بِإِرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ نِصْفِ شَهْرٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَرَادَهُ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ سَوَاءٌ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّدْبِيرَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ عَلَّقَهُ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ لِتَأْخِيرِهِ قَوْلَهُ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ عَنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْهُ إلَّا أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّدْبِيرَ كَانَ وَصِيَّةً الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا، وَالْوَصِيَّةُ إذَا اُلْتُزِمَ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهَا فِيهَا قَوْلَانِ بِاللُّزُومِ وَعَدَمِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَذَفَ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ مَا اخْتَارَهُ عج وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ بِشَهْرٍ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ فَهُوَ وَصِيَّةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ إنْ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ التَّدْبِيرَ أَوْ يُعَلِّقُهُ وَإِلَّا كَانَ تَدْبِيرًا فَالْمُصَنِّفُ حَذَفَ إنْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ يُعَلِّقْهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبْرٍ مِنِّي) لَمَّا كَانَ هَذَا اللَّفْظُ صَرِيحًا فِي الْبَابِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْإِرَادَةِ بِخِلَافِ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ صَرِيحٍ فِي التَّدْبِيرِ لَمْ يَنْصَرِفْ لَهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: وَالْجَارِحَةُ) أَيْ وَالدُّبُرُ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ بِالضَّمِّ أَكْثَرُ مِنْ الْإِسْكَانِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَصْرِفْهُ لِلْوَصِيَّةِ) أَيْ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَصْرِفْهُ لِلْوَصِيَّةِ أَيْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَمَا مَثَّلَ أَوْ بِالنِّيَّةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ وَصِيَّةً أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ صَرَفَهُ لَهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا أَوْ بِالنِّيَّةِ كَانَ وَصِيَّةً، وَإِنَّمَا انْصَرَفَ صَرِيحُ التَّدْبِيرِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ لِقُوَّةِ شَبَهِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ) أَيْ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بِأَنْ دَبَّرَهُ وَهُوَ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ وَهَذَا يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ مَآلًا (قَوْلُهُ: لُزُومُهُ وَعَدَمُ فَسْخِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْعِتْقِ وَعِتْقُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى لَا أَنَّهَا عَلَى حَالِهَا لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ لِأَنَّ مِلْكَ الشَّخْصِ لَا يُؤَاجَرُ لَهُ أَيْ وَأُوجِرَ عَلَيْهِ لِمُسْلِمٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْإِيجَارَ وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَوَلَّى الْحَاكِمُ إيجَارَهُ وَيَدْفَعُ لَهُ مَا أُوجِرَ بِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا؛ لِأَنَّ مُنْتَهَى أَجَلِ السَّيِّدِ لَا يُعْلَمُ (قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَوْ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا إذَا كَانَتْ وَرَثَتُهُ نَصَارَى فَلَوْ تَرَكَ وَلَدَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ مِائَةٌ وَتَرَكَ مِائَةً نَاضَّةً وَخَمْرًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ عَتَقَ نِصْفُ الْمُدَبَّرِ عَلَى الَّذِي لَمْ يُسْلِمْ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ خَمْسِينَ نَاضَّةً وَخَمْسِينَ خَمْرًا وَنِصْفُ الْمُدَبَّرِ خَمْسُونَ فَخَرَجَ نِصْفُ الْمُدَبَّرِ مِنْ ثُلُثِ مَا نَابَ النَّصْرَانِيُّ وَاَلَّذِي أَسْلَمَ لَمْ يَتِمَّ لَهُ إلَّا خَمْسُونَ نَاضَّةً وَقِيمَةُ نِصْفِ الْمُدَبَّرِ خَمْسُونَ وَأُهْرِيقَ نَصِيبُهُ مِنْ الْخَمْرِ فَيَعْتِقُ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مَا قَابَلَ ثُلُثَ الْمِائَةِ وَذَلِكَ سُدُسَا الْعَبْدِ فَصَارَ جَمِيعُ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ وَيَرِقُّ مِنْهُ سُدُسُ الْوَلَدِ الَّذِي أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا اشْتَرَى مُسْلِمًا ثُمَّ دَبَّرَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ السَّيِّدِ عُصْبَةٌ مُسْلِمُونَ وَلَوْ أَسْلَمَ ذَلِكَ السَّيِّدُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَلَا يَعُودُ لَهُ الْوَلَاءُ، وَأَمَّا إنْ دَبَّرَهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُسْلِمْ سَيِّدُهُ أَوْ يَكُونُ لَهُ عُصْبَةٌ مُسْلِمُونَ وَإِلَّا كَانَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِعَاصِبِهِ (قَوْلُهُ: الْحَمْلَ مَعَهَا) أَيْ الْحَمْلَ الْمُصَاحِبَ لَهَا يَوْمَ تَدْبِيرِهَا

وَأَوْلَى إنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا (كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ) حَصَلَ حَمْلُهُ (مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ فَالْحَمْلُ مُدَبَّرٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ. وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدَبُّرِ أَبِيهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّدْبِيرِ لِانْفِصَالِ مَائِهِ عَنْهُ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ (وَصَارَتْ) أَمَتُهُ (بِهِ) أَيْ بِوَلَدِهَا الْحَاصِلِ حَمْلُهَا بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ (أُمَّ وَلَدٍ) لِلْمُدَبِّرِ (إنْ عَتَقَ) الْوَلَدُ بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَعَ أَبِيهِ (وَقَدَّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ) لِلثُّلُثِ عَنْ الْأَبِ وَوَلَدِهِ لِتَقَدُّمِ تَدْبِيرِهِ عَلَى تَدْبِيرِ الْوَلَدِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْأَبِ عِتْقُ الْوَلَدِ وَهِيَ إنَّمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِعِتْقِهِ لَا بِعِتْقِ أَبِيهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَبَ لَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الضِّيقِ بَلْ يَتَحَاصَّانِ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ إنْ عَتَقَ لِلْأَبِ أَوْ لِلْوَلَدِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عِتْقُ وَلَدِهِ، فَإِذَا عَتَقَ بَعْضُ الْوَلَدِ لِلتَّحَاصُصِ فَلَا تَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا أَيْ كُلُّهُ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا وَكَذَا تَتَحَاصَصُ الْمُدَبَّرَةُ وَوَلَدُهَا عِنْدَ الضِّيقِ (وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ) وَلَهُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ وَمَحَلُّ الِانْتِزَاعِ (إنْ لَمْ يَمْرَضْ) السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ انْتِزَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَزِعُهُ لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ عِنْدَ التَّدْبِيرِ انْتِزَاعَهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِشَرْطِهِ (وَ) لِلسَّيِّدِ (رَهْنُهُ) أَيْ رَهْنُ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ لِيُبَاعَ لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ إنْ سَبَقَ الدَّيْنُ عَلَى التَّدْبِيرِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، فَإِنَّمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ لِيُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ حَيْثُ لَا مَالَ لَهُ (وَ) لِلسَّيِّدِ (كِتَابَتُهُ) ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ مُدَبَّرًا، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ بَاقِي النُّجُومِ (لَا) يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ (إخْرَاجُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ) كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إرْقَاقَهُ بَعْدَ جَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ حَمَلَتْ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا انْفَصَلَ عَنْهَا قَبْلَ تَدْبِيرِهَا، فَإِنَّهُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِ أَبِيهَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ وَضَعَتْهُ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ أَيْضًا أَوْ وَضَعَتْهُ بَعْدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ رَقِيقٌ سَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ لِلْأَمَةِ أَوْ لِلْعَبْدِ الْمُسْتَرْسَلِ عَلَى أَمَتِهِ وَمَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ سَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ لِلْأَمَةِ أَوْ لِلْعَبْدِ، وَأَمَّا مَا كَانَ حَمْلًا حِينَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ إنْ دَبَّرَتْ أُمَّهُ لَا إنْ دَبَّرَ أَبُوهُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا فِي عَقْدِ تَدْبِيرِهَا دُونَ حَمْلِهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَجُزْءٍ مِنْهَا حَتَّى تَضَعَ، فَإِذَا دَبَّرَهَا فَقَدْ دَبَّرَهُ وَإِذَا دَبَّرَ الْأَبُ لَمْ يَدْخُلْ تَدْبِيرُ الْأُمِّ وَلَا حَمْلُهَا حَتَّى تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ إذَا عَتَقَ وَلَدُهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أَمَتُهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَذَلِكَ الْعِتْقُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ الَّذِي دَبَّرَ أَبَاهُ بِأَنْ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ هُوَ وَأَبُوهُ وَعَتَقَا مَعًا، فَإِنَّ الْأَمَةَ الَّتِي حَمَلَتْ بِهِ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ فَتَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا وَهُوَ الْمُدَبَّرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ) هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَعَ اعْتِرَاضِهِ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ح وعج وَمَنْ تَبِعَهُ بِذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْأَبِ عِتْقُ الْوَلَدِ) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْوَلَدِ عِتْقُ الْأَبِ (قَوْلُهُ: بِعِتْقِهِ) أَيْ بِعِتْقِ الْوَلَدِ مِنْ ثُلُثِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَحَاصَّانِ عِنْدَهُ) أَيْ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ عَشْرَةً وَكَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْأَبِ مَعًا ثَلَاثِينَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ بِمِقْدَارِ خَمْسَةٍ وَهُوَ سُدُسُهُ (قَوْلُهُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عِتْقُ وَلَدِهِ) أَيْ وَكَذَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْوَلَدِ عِتْقُ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ مِنْ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ) أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِمَالِهِ مَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ اكْتَسَبَهُ بِتِجَارَةٍ أَوْ بِخُلْعِ زَوْجَةٍ، وَأَمَّا مَا نَشَأَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَخَرَاجِهِ أَيْ غَلَّتِهِ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ نَزْعُهُ وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِشَرْطٍ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِزَاعِ عَلَيْهِ مَجَازٌ إذْ هُوَ لِلسَّيِّدِ أَصَالَةً (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ عِنْدَ التَّدْبِيرِ انْتِزَاعَهُ) أَيْ وَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا (قَوْلُهُ: لِيُبَاعَ لِلْغُرَمَاءِ) أَيْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لِيُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ لَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الرَّهْنِ لَا رَقَبَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ لَا يَجُوزُ رَهْنُ رَقَبَتِهِ عَلَى أَنْ تُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي الدَّيْنِ الطَّارِئِ عَلَى التَّدْبِيرِ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ كِتَابَتُهُ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبِيلِ الْعِتْقِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ أَمَّا جَوَازُ كِتَابَتِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّ مَرْجِعَهَا لِلْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدَّى) أَيْ نُجُومَ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ وَأَقَرَّ مَالَهُ بِيَدِهِ وَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ، فَإِنْ عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ وَضَعَ عَنْهُ نِصْفَ كُلِّ نَجْمٍ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثَهُ وَوَضَعَ عَنْهُ ثُلُثَ كُلِّ نَجْمٍ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا أَدَّاهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ غَيْرُ نَجْمٍ عَتَقَ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ وَحُطَّ عَنْهُ ثُلُثُ ذَلِكَ النَّجْمِ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ، فَإِنْ أَدَّاهُ خَرَجَ حُرًّا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ إخْرَاجُهُ) أَيْ إخْرَاجُ الْمُدَبَّرِ عَنْ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) أَيْ وَرُجُوعٍ عَنْ تَدْبِيرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إخْرَاجِ الْمُدَبَّرِ عَنْ التَّدْبِيرِ لِغَيْرِ الْحُرِّيَّةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِبَيْعِهِ إذَا تَخَلَّفَ عَلَى مَوْلَاهُ وَأَحْدَثَ أَحْدَاثًا قَبِيحَةً لَا تُرْضِي اهـ وَأَرَادَ بِالْبَعْضِ ابْنَ لُبَابَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّكْمِيلِ وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْقُورِيُّ مَرَّةً بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إرْقَاقَهُ بَعْدَ جَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ) أَيْ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ

(وَفَسَخَ بَيْعَهُ) إنْ وَقَعَ كَهِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ (إنْ لَمْ يَعْتِقْ) ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الْفَسْخِ مَضَى (وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ أَعْتَقَهُ لَا لِمَنْ دَبَّرَهُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إذَا أَعْتَقَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ دَبَّرَهُ (كَالْمُكَاتَبِ) لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَعْتِقْ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ فَلَا فَسْخَ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ (وَإِنْ) (جَنَى) الْمُدَبَّرُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِجِنَايَتِهِ دَفَعَ فِيهَا وَبَقِيَ مُدَبَّرًا لِسَيِّدِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ خِلَافًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِجِنَايَتِهِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ (فَإِنْ فَدَاهُ) بَقِيَ مُدَبَّرًا (وَإِلَّا) يَفْدِهِ (أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (تَقَاضِيًا) أَيْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى تُسْتَوْفَى الْجِنَايَةُ فَلَوْ جَنَى جِنَايَةً ثَانِيَةً عَلَى شَخْصٍ آخَرَ فَلَا يَخْتَصُّ الْأَوَّلُ بِالْخِدْمَةِ (وَحَاصَّهُ) أَيْ الْأَوَّلَ (مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ) مِنْ الْعَبْدِ (ثَانِيًا) بَعْدَ إسْلَامِ خِدْمَتِهِ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ وَيَخْتَصُّ الْأَوَّلُ بِمَا اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ مُحَاصَّةِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهَلْ مَعْنَى الْمُحَاصَّةِ الْقِسْمَةُ نِصْفَيْنِ أَوْ عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (وَرَجَعَ) مُدَبَّرًا (إنْ وَفَى) أَرْشَ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ عَتَقَ) هَذَا الْجَانِي (بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) بَعْدَ إسْلَامِهِ خِدْمَتَهُ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (اُتُّبِعَ بِالْبَاقِي) مِنْ الْأَرْشِ فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ) عَتَقَ (بَعْضُهُ) وَرَقَّ بَاقِيهِ لِلْوَارِثِ لِضِيقِ الثُّلُثِ اُتُّبِعَ فِيمَا عَتَقَ مِنْهُ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِمَا يُقَابِلُ الْجُزْءَ الْحُرَّ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ يَتَعَلَّقُ بَعْضُهُ بِالْجُزْءِ الْحُرِّ وَبَعْضُهُ بِالْجُزْءِ الرِّقِّ، فَإِذَا كَانَ الْأَرْشُ عَشْرَةً وَرَقَّ نِصْفُهُ اُتُّبِعَ بِخَمْسَةٍ (وَخُيِّرَ الْوَارِثُ) لِبَعْضِهِ الرِّقِّ (فِي إسْلَامِ مَا رَقَّ) مِنْهُ مِلْكًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ فَكِّهِ) بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي مِثَالِنَا (وَقُوِّمَ) الْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (بِمَالِهِ) أَيْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ وَالْعِبْرَةُ بِالتَّقْوِيمِ يَوْمَ النَّظَرِ لَا يَوْمَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي هَذَا الْعَبْدُ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا قِيلَ مِائَةٌ قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْتِقْ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إذَا أَعْتَقَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ دَبَّرَهُ) أَيْ لِأَنَّ عِتْقَهُ لَهُ فَوْتٌ لِلْبَيْعِ وَالْبَيْعُ الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ مُضِيِّ عِتْقِ الْمُشْتَرِي وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ عِتْقُهُ إلَى مَوْتِ الْمُدَبِّرِ بِالْكَسْرِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ، فَإِنَّهُ لَا يَمْضِي عِتْقُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ انْعَقَدَ لِمُدَبِّرِهِ أَمَّا لِحَمْلِ الثُّلُثِ لِكُلِّهِ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ أَوْ لِبَعْضِهِ فَيَعْتِقُ بَعْضُهُ وَحَيْثُ كَانَ الْوَلَاءُ قَدْ انْعَقَدَ لِمُدَبِّرِهِ قَبْلَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ صَارَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا وَحِينَئِذٍ فَلِذَلِكَ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَمْ يَمْضِ عِتْقُهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى تَرْكِهِ الْمُدَبَّرَ (قَوْلُهُ: دَفَعَ فِيهَا) أَيْ دَفَعَ مَالِهِ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ لَا خِيَارَ لِسَيِّدِهِ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِ خِدْمَتِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا أَرْشَ الْجِنَايَةِ تَقَاضِيًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِ يَقْتَضِي أَنَّ السَّيِّدَ مُخَيَّرٌ فِي إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ مُطْلَقًا كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِالْجِنَايَةِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَفِي إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا أَوْ لَهُ مَالٌ لَكِنْ لَا يَفِي بِجِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ: أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا أَرْشَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الْجِنَايَةَ) أَيْ أَرْشَهَا وَبَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا أَرْشَهَا تُرَدُّ الْخِدْمَةُ لِسَيِّدِهِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ السَّيِّدَ يُسْلِمُ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَقَاضِيًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنَّهُ يُسْلِمُهَا لَهُ مِلْكًا لِمَوْتِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَنَى جِنَايَةً ثَانِيَةً عَلَى شَخْصٍ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْأَوَّلُ مِنْ خِدْمَةِ أَرْشِ جِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ: وَحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا) أَيْ وَحَاصَّ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ أَوْ لَا مَجْنِيٌّ جَنَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ إلَخْ) صِفَةٌ لِمُحَاصَّةِ الثَّانِي أَيْ الْكَائِنَةِ مِنْ يَوْمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْقِسْمَةُ نِصْفَيْنِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ الثَّانِي) بَلْ قَالَ بْن هُوَ الصَّوَابُ، فَإِذَا كَانَ أَرْشُ كُلِّ جِنَايَةٍ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ عِشْرِينَ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْأُولَى أَخَذَ مِنْ خِدْمَتِهِ عَشْرَةً قَبْلَ أَنْ تَحْصُلَ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ وَبَقِيَتْ لَهُ عَشْرَةٌ، فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ خِدْمَتَهُ أَثْلَاثًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَا أَنَّ الْخِدْمَةَ يَقْتَسِمَانِهَا مُنَاصَفَةً اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ مُدَبَّرًا) أَيْ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: إنْ وَفَّى أَرْشَ الْجِنَايَةِ) أَيْ أَوْ الْجِنَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَتَقَ هَذَا الْجَانِي بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) أَيْ لِحَمْلِ الثُّلُثِ لَهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا إذَا جَنَى وَهُوَ صَغِيرٌ لَا خِدْمَةَ لَهُ وَانْتَظَرْت قُدْرَتَهُ عَلَى الْخِدْمَةِ فَمَاتَ سَيِّدُهُ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ عِنْدَهَا وَلَا صَنْعَةَ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ) أَيْ مِنْ خِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ) أَيْ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِالْأَرْشِ وَقَوْلُهُ فِيمَا عَتَقَ مِنْهُ أَيْ بِالنَّظَرِ لِمَا عَتَقَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِمُقَابِلِ حِصَّتِهِ أَيْ بِمُقَابِلِ الْجُزْءِ الْحُرِّ مِنْهُ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِحِصَّتِهِ عَلَى حَالِهَا وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ أَوْ أَنَّهَا بِمَعْنَى فِي وَلَا حَذْفَ أَيْ يُتَّبَعُ بِالْأَرْشِ فِي حِصَّتِهِ أَيْ الْحِصَّةِ الَّتِي صَارَ بِهَا حُرًّا (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إسْلَامِ مَا رَقَّ مِنْهُ مِلْكًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) إنَّمَا خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ الْفِدَاءِ وَالتَّسْلِيمِ لِلرَّقَبَةِ مِلْكًا مَعَ أَنَّ مُوَرِّثَهُ إنَّمَا خُيِّرَ بَيْنَ الْفِدَاءِ وَالْإِسْلَامِ لِلْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ لَا يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَهِيَ الْآنَ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ بِمَالِهِ) مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ السَّيِّدُ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ عِنْدَ تَدْبِيرِهِ وَإِلَّا قُوِّمَ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِالتَّقْوِيمِ يَوْمَ النَّظَرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ يَوْمَ النَّظَرِ مُسَاوِيًا لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ (قَوْلُهُ: عَلَيَّ أَنَّ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا)

وَكَمْ تَرَكَ سَيِّدُهُ، فَإِذَا قِيلَ مِائَتَانِ فَأَكْثَرُ خَرَجَ كُلُّهُ حُرًّا لِحَمْلِ الثُّلُثِ لَهُ وَتَبِعَهُ مَالُهُ (وَإِذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَهُ عَتَقَ) ذَلِكَ الْبَعْضُ وَرَقَّ الْبَاقِي (وَبَقِيَ مَالُهُ) كُلُّهُ (بِيَدِهِ) مِلْكًا، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِلَا مَالٍ مِائَةً وَمَالُهُ مِائَةٌ وَتَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهُ وَيَقِرُّ مَالُهُ بِيَدِهِ مِلْكًا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ عِتْقِ نِصْفِهِ أَنَّهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ وَهُمَا مَعَ مِائَةِ السَّيِّدِ ثَلَثُمِائَةٍ وَثُلُثُهَا مِائَةٌ وَهِيَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَعَ مَالِهِ يَعْتِقُ نِصْفُهُ لِحَمْلِ الثُّلُثِ لِنِصْفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ السَّيِّدُ إلَّا الْعَبْدَ مُجَرَّدًا عَتَقَ ثُلُثُهُ وَلَوْ كَانَ قِيمَتُهُ بِلَا مَالٍ مِائَتَيْنِ وَلِلسَّيِّدِ مِائَةٌ عَتَقَ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ السَّيِّدِ مِائَةٌ وَهِيَ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثُّلُثَ إنْ حَمَلَ الْمُدَبَّرَ خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ وَرَقَّ بَاقِيهِ، وَوَجْهُ الْعَمَلِ فِيهِ أَنْ تَنْظُرَ نِسْبَةَ ثُلُثِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ تَرَكَ مُدَبَّرًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَتَرَكَ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ فَمَجْمُوعُ التَّرِكَةِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ وَثُلُثُهَا ثَمَانُونَ نِسْبَتُهَا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ. مِثَالٌ آخَرُ مُدَبَّرٌ قِيمَتِهِ خَمْسُونَ وَتَرَكَ سَيِّدُهُ عَشْرَةً فَالْمَجْمُوعُ سِتُّونَ ثُلُثُهَا عِشْرُونَ نِسْبَتُهَا لِقِيمَةِ الْعَبْدِ خُمُسَانِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ خُمُسَاهُ (وَإِنْ) ضَاقَ الثُّلُثُ وَ (كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى) شَخْصٍ (حَاضِرٍ مَلِيءٍ بِيعَ) الدَّيْنُ (بِالنَّقْدِ) أَيْ مُعَجَّلًا، فَإِنْ سَاوَى الدَّيْنُ عِشْرِينَ، وَمَالُ السَّيِّدِ عِشْرُونَ وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عِشْرُونَ عَتَقَ كُلُّهُ لِحَمْلِ الثُّلُثِ لَهُ وَذَكَرَ مَفْهُومَ حَاضِرٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ (قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) كَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالدَّيْنُ حَالٌ أَوْ قَرُبَ حُلُولُهُ (اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ) أَيْ الدَّيْنِ أَيْ اُسْتُؤْنِيَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ الدَّيْنَ فَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْحَاضِرِ وَثُلُثِ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ عَلَى غَائِبٍ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَوْ عَلَى قَرِيبِهَا وَبَعْدَ أَجَلِهِ (بِيعَ) لِلْغُرَمَاءِ مِنْ الْمُدَبَّرِ مَا لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ (، فَإِنْ حَضَرَ) الْمَدِينُ (الْغَائِبُ) غَيْبَةً بَعِيدَةً كَقَرِيبَةٍ مَعَ بُعْدِ أَجْلِهِ (أَوْ أَيْسَرَ) الْمَدِينُ (الْمُعْدَمُ بَعْدَ بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ لِأَجَلِ الْغُرَمَاءِ (عَتَقَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ السَّيِّدِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ (حَيْثُ كَانَ) الْمُدَبَّرُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ (وَ) إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ (أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ) مَثَلًا صَحَّ الْعِتْقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ هُمَا. (قَوْلُهُ: لِحَمْلِ الثُّلُثِ لَهُ) أَيْ مَعَ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مَالُهُ كُلُّهُ بِيَدِهِ مِلْكًا) هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَالْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ إلَّا مِقْدَارَ مَا عَتَقَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْمَالُ كُلُّهُ بِيَدِهِ لَكَانَ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ عِتْقُهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ الثُّلُثِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَالِ إلَّا بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَاعْتَرَضَهُ ح بِمُخَالَفَتِهِ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَأَنَّ مَا فِي التَّوْضِيحِ سَهْوًا اهـ وَشُبْهَةُ مَا فِي التَّوْضِيحِ جَوَابُهَا أَنَّ بَقَاءَ نِصْفِ الْمُدَبَّرِ مَثَلًا رِقًّا لِلْوَرَثَةِ مَعَ كُلِّ مَالِهِ أَكْثَرُ خَطَأً لَهُمْ إذَا بَاعُوهُ مِمَّا إذَا كَانَ نِصْفُهُ رِقًّا لَهُمْ مَعَ بَعْضِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ مَالُهُ مِائَةً أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ مَالُهُ خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا ذَلِكَ الْعَبْدَ فَقَطْ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا سِوَاهُ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْعَمَلِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ الْمُدَبَّرَ أَيْ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ تَنْظُرَ نِسْبَةٌ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ أَنْ تَنْسُبَ ثُلُثَ الْمَالِ لَقِيمَة الْمُدَبَّرِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ الَّتِي هِيَ مِائَةٌ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ) أَيْ لِأَنَّ خُمُسَ الْمِائَةِ عِشْرُونَ فَالثَّمَانُونَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِلْمِائَةِ (قَوْلُهُ: نِسْبَتُهَا لَقِيمَةِ الْعَبْدِ خُمُسَانِ) أَيْ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ خَمْسُونَ، وَخُمُسُهَا عَشْرَةٌ فَالْعِشْرُونَ خُمُسَانِ لِلْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ) أَيْ عَنْ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: مُؤَجَّلٌ) أَيْ لِأَجَلٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ: بِيعَ الدَّيْنُ) مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْبَيْعِ التَّقْوِيمُ (قَوْلُهُ: مُعَجَّلًا) أَيْ لَا مُؤَجَّلًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالنَّقْدِ الْمُعَجَّلِ لَا الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَيْنًا إنَّمَا يُقَوَّمُ بِالْعَرَضِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا كَانَ عَلَى حَاضِرٍ مَلِيءٍ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ حَالًّا إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ عَيْنًا قُوِّمَ بِعَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا قُوِّمَ بِعَيْنٍ (قَوْلُهُ: اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ) أَيْ انْتَظَرَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ إلَى قَبْضِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ بِيعَ لِلْغُرَمَاءِ) الْأَوْلَى لِأَجْلِ الْقَسْمِ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُبْطِلُ التَّدْبِيرَ مُطْلَقًا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْهُ أَيْ مِنْ ثُلُثِ السَّيِّدِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ) مَثَلًا لَوْ كَانَ تَرَكَ السَّيِّدُ مَالًا حَاضِرًا مِائَةً وَالْمُدَبَّرُ يُسَاوِي مِائَةً وَكَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُعْسِرِ أَوْ عَلَى بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَوْ قَرِيبِهَا وَبَعْدَ أَجَلِهِ مِائَةٌ قَطَعَ النَّظَرَ عَنْ تِلْكَ الْمِائَةِ فَصَارَ كَأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا تَرَكَ مِائَتَيْنِ فَيَعْتِقُ مِنْ الْمُدَبَّرِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَهُوَ ثُلُثَا الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ مَالِ السَّيِّدِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَهِيَ ثُلُثَا قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ وَبِيعَ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ لِأَجْلِ الْقَسْمِ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَإِنْ حَضَرَ الْمَدِينُ لِغَائِبٍ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدَمُ وَدَفَعَ الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا عَتَقَ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ الَّذِي قَدْ بِيعَ وَنُقِضَ بَيْعُهُ، وَإِنْ دَفَعَ مِنْهَا سِتِّينَ عَتَقَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ الْمَبِيعِ خُمُسُ الْمُدَبَّرِ فَيَصِيرُ الْمُعْتَقُ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَثُلُثُ خُمُسِهِ وَثُلُثَا خُمُسِهِ رَقِيقَانِ. {تَنْبِيهٌ} قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْهُ بِنَسَبِهِ ذَلِكَ أَيْ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَعْتِقْ أَنَّهُ هُنَاكَ يَرْجِعُ مِنْ عِتْقٍ لِتَدْبِيرٍ وَهُوَ أَضْعَفُ وَهُنَا يَرْجِعُ مِنْ عِتْقٍ لِآخَرَ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ يَعْتِقُ جَمِيعُهُ بِمَا حَضَرَ مِنْ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ بَعْضُهُ وَكَانَ قَدْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي

لَكِنَّ مَوْتَهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَالْوَاجِبُ النَّظَرُ (إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئًا) حِينَ قَالَ لِعَبْدِهِ مَا ذَكَرَهُ (لَمْ يُوقَفْ) الْعَبْدُ عَنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ بَلْ يَسْتَمِرُّ يَخْدُمُهُ، (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ (نُظِرَ) إلَى حَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ (فَإِنْ صَحَّ) السَّيِّدُ أَيْ كَانَ صَحِيحًا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا (اتَّبَعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْعَبْدِ أَيْ اتَّبَعَ الْعَبْدُ تِرْكَةَ سَيِّدِهِ وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُهُ ضَمِيرُ السَّيِّدِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ أَيْ اتَّبَعَ الْعَبْدُ تَرِكَةَ سَيِّدِهِ (بِالْخِدْمَةِ) أَيْ بِأُجْرَةِ خِدْمَتِهِ الَّتِي خَدَمَهَا لَهُ سَنَةً قَبْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا مِنْ أَوَّلِهَا فَهُوَ مَالِكٌ لِأُجْرَتِهِ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ وَعَتَقَ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ بِصِحَّةِ سَيِّدِهِ فِي السَّنَةِ وَلَوْ فِي آخِرِهَا صِحَّةُ بَيِّنَةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُعْتَقٌ فِي الصِّحَّةِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا أَحْدَثَهُ سَيِّدُهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَإِذَا رَجَعَ بِالْخِدْمَةِ سَنَةً اتَّبَعَهُ الْوَارِثُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ صَحِيحًا فِي السَّنَةِ بِأَنْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا مِنْ أَوَّلِهَا وَاسْتَمَرَّ مَرِيضًا لِلْمَوْتِ (فَمِنْ الثُّلُثِ) يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ (وَلَمْ يَتَّبِعْ) تَرِكَةَ سَيِّدِهِ بِخِدْمَةِ سَنَةٍ قَبْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ فَغَلَّتُهُ لِسَيِّدِهِ إذْ النَّظَرُ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ مَلِيئًا، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومَ شَرْطٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَقَالَ (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (غَيْرَ مَلِيءٍ) وَقْتَ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ (وَقَفَ خَرَاجُ سَنَةٍ) مِنْ يَوْمِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْدِمُ لَهُ السَّيِّدَ أَوْ غَيْرَهُ (ثُمَّ) إذَا تَمَّتْ السَّنَةُ وَخَدَمَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ زَمَنًا كَيَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ (يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ) مِنْ خَرَاجِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ (مَا خَدَمَ نَظِيرَهُ) أَيْ يَدْفَعُ لِسَيِّدِهِ مِنْ الْقَدْرِ الْمَوْقُوفِ وَهُوَ أُجْرَةُ السَّنَةِ الْأُولَى نَظِيرَ الْقَدْرِ الَّذِي خَدَمَهُ الْعَبْدُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ وَخَامِسَةٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ فَالسَّيِّدُ نَائِبُ فَاعِلٍ يُعْطَى وَفِي نُسْخَةٍ يُعْطَى مِمَّا وُقِفَ بِإِسْقَاطِ لَفْظِ السَّيِّدِ فَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَيْهِ وَمِمَّا وُقِفَ مُتَعَلِّقٌ بِيُعْطَى وَمَا مَفْعُولُ يُعْطَى الثَّانِي وَفَاعِلُ خَدَمَ ضَمِيرُ الْعَبْدِ وَنَظِيرَهُ مَفْعُولُ خَدَمَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ نَظِيرَ مَا خَدَمَ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ أَيْ يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ نَظِيرَ مَا خَدَمَهُ الْعَبْدُ فِي السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إنْ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَإِنْ شَهْرًا فَشَهْرًا مَثَلًا، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ نُظِرَ إلَى حَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ، فَإِنْ صَحَّ فِيهَا أَخَذَ الْعَبْدُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةُ سَنَةٍ، وَإِنْ مَرِضَهَا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمِيعَهُ نُقِضَ مِنْ عِتْقِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِمَّا حَضَرَ وَمَضَى عِتْقُهُ فِي الْبَاقِي وَيَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ فِي نَظِيرِ مَا نُقِضَ مِنْ الْعِتْقِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ عِتْقِ مَا بَقِيَ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ فِي بَعْضِ مَا عَتَقَ جَرَى عَلَى اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمَبِيعِ اهـ عبق (قَوْلُهُ لَكِنَّ مَوْتَهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَأَوَّلُ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَ مَوْتِهِ الَّذِي يَعْتِقُ عِنْدَهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقَوْلُهُ فَالْوَاجِبُ النَّظَرُ إلَخْ الْأَوْلَى فَالْمُخَلِّصُ مِنْ تِلْكَ الْوَرْطَةِ أَنْ يَنْظُرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَائِبُهُ ضَمِيرُ السَّيِّدِ) أَيْ اُتُّبِعَتْ تَرِكَتُهُ بِأُجْرَةِ خِدْمَةِ السَّنَةِ الَّتِي خَدَمَهَا لَهُ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَأْخُذُ تِلْكَ الْأُجْرَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ مَالِكٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) تَنَازَعَهُ عِتْقٌ وَاتُّبِعَ فَيُعْمَلُ فِيهِ عِتْقٌ وَيُعْمَلُ فِي ضَمِيرِهِ اُتُّبِعَ أَيْ اتَّبَعَهُ بِالْخِدْمَةِ مِنْهُ أَيْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ شَاسٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ قَبْلَ الدَّيْنِ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ نَعَمْ يَضُرُّهُ الدَّيْنُ السَّابِقُ عَلَى أَوَّلِ السَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ عِتْقِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ يَضُرُّهُ مِنْ جِهَةِ قِيمَةِ خِدْمَتِهِ فِي السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحَاصِصُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: اتَّبَعَهُ الْوَارِثُ إلَخْ) أَيْ وَيَتَقَاصَّانِ، فَإِنْ زَادَ لِلْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْ خِدْمَةِ السَّنَةِ عَلَى نَفَقَتِهِ رَجَعَ بِهَا وَانْظُرْ إذَا زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ خِدْمَتِهِ هَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ الزَّائِدُ أَوْ تَتْبَعُهُ الْوَرَثَةُ بِهِ كَمَا يُتْبَعُ هُوَ بِمَا زَادَ لَهُ مِنْ خِدْمَةِ السَّنَةِ عَلَى قِيمَةِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُعْتَقَ فِي الْمَرَضِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى يَدٍ عَدْلٍ) أَيْ لَا عَلَى يَدِ السَّيِّدِ وَلَا عَلَى يَدِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: مَا خَدَمَ نَظِيرُهُ) أَيْ أُجْرَةَ خِدْمَةِ زَمَنِ خِدْمَةِ الْعَبْدِ نَظِيرَهُ أَيْ مِقْدَارَهُ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَمَّتْ السَّنَةُ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْخَارِجِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَيُعْطَى السَّيِّدُ نَظِيرَهُ أَيْ مِقْدَارَهُ مِنْ خَرَاجِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ خَرَاجَ شَهْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ يَوْمٍ سَوَاءٌ تَسَاوَى الْخَرَاجُ فِيهَا مَعَ الْمُسْتَقْبِلَةِ أَوْ تَخَالَفَ وَهَكَذَا فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ وَخَامِسَةٍ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ كُلَّمَا حَصَلَ خَرَاجٌ بَعْدَ السَّنَةِ أَخَذَ السَّيِّدُ نَظِيرَهُ أَيْ مِقْدَارَهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ وَوَقَفَ الْخَرَاجُ الْحَاصِلُ بَعْدَ السَّنَةِ لِيَبْقَى لِلْعَبْدِ خَرَاجُ سَنَةٍ مَحْفُوظًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الَّتِي اتَّصَلَتْ بِمَوْتِهِ صَحِيحًا بِحَيْثُ يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَكُونُ لَهُ خَرَاجُ تِلْكَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ: نَظِيرَ) أَيْ أُجْرَةَ نَظِيرِ الْقَدْرِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَيُوقَفُ أُجْرَةُ مَا خَدَمَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهْرًا فَشَهْرًا) أَيْ وَمَا حَدَثَ مِنْ خَرَاجِ الْمُسْتَقْبِلَةِ يُوقَفُ عِوَضًا عَمَّا أُخِذَ مِنْ خَرَاجِ الْمَاضِيَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ نُظِرَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ قَالَ لَهُ أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ قَوْلِهِ فَهَلْ يُرَاعَى كَوْنُهُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا حَالَ الْقَوْلِ وَيَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَوَّلِ وَمِنْ الثُّلُثِ فِي الثَّانِي أَوْ لَا يَعْتِقُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ فِي الْمَعْنَى عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ مَضَتْ سَنَةٌ قَبْلَ مَوْتِي مِنْ هَذَا الْوَقْتِ فَأَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ تَمْضِ

وَالْمَوْقُوفُ لِلسَّيِّدِ يَسْتَحِقُّهُ الْوَرَثَةُ. (وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ) أَيْ بِقَتْلِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ (عَمْدًا) عُدْوَانًا لَا فِي بَاغِيَةٍ وَيُقْتَلُ بِهِ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ الْوَرَثَةُ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ وَكَانَ رِقًّا لَهُمْ فَلَوْ قَتَلَهُ خَطَأً عَتَقَ فِي مَالِ سَيِّدِهِ لَا فِي دِيَتِهِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُتِلَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ. (وَ) بَطَلَ التَّدْبِيرُ (بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَبَّرِ أَيْ لَقِيمَتِهِ (وَلِلتَّرِكَةِ) وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا إنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ السَّابِقُ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَالْعَبْدُ يُسَاوِي خَمْسِينَ وَتَرَكَ خَمْسِينَ فَأَقَلَّ بَطَلَ التَّدْبِيرُ كُلُّهُ (وَ) بَطَلَ (بَعْضُهُ) أَيْ التَّدْبِيرِ (بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ بِمُجَاوَزَةِ الْبَعْضِ لِثُلُثِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً وَتَرِكَةُ سَيِّدِهِ خَمْسَةً وَلَا دَيْنَ فَثُلُثُ التَّرِكَةِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ هِيَ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْمُدَبَّرِ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَيَرِقُّ ثُلُثُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَبَّرِ (حُكْمُ الرِّقِّ) فِي خِدْمَتِهِ وَحُدُودِهِ وَعَدَمِ حَدِّ قَاذِفِهِ وَعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ بَلْ (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يَعْتِقَ فِيمَا وَجَدَ) مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعِتْقِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِهِ وَمَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَالِ السَّيِّدِ وَمَا يَنُوبُ الْمُدَبَّرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ مَالِ السَّيِّدِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ الْعِتْقِ، فَإِنَّمَا يَعْتِقُ فِيمَا بَقِيَ وَلَا يَنْظُرُ لِمَا هَلَكَ قَبْلَ عِتْقِهِ (وَ) إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ (أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ) قَيَّدَ بِشَهْرٍ مَثَلًا أَمْ لَا تَوَقَّفَ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِهِمَا مَعًا وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَإِنْ مِتُّ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَوْتِ الْأَخِيرِ مِنْهُمَا وَ (عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ فِيمَا عَقَدَهُ فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ بَلْ يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ يَخْدُمُ وَرَثَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ، فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ السَّيِّدِ اسْتَمَرَّ يَخْدُمُ السَّيِّدَ (وَإِنْ) (قَالَ) فِي صِحَّتِهِ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ (بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ) مَثَلًا وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ بِشَهْرٍ (فَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ) يَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّنَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَالثَّانِي هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مَوْتِ شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَوْ الدَّابَّةَ فَلَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ بَلْ يَعْتِقُ كَذَا قَرَّرَ اهـ عبق (قَوْلُهُ: لَا فِي بَاغِيَةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلُهُ عُدْوَانًا أَيْ لَا إنْ قَتَلَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ جَمَاعَةٍ بَاغِيَةٍ فَلَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ وَيَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ إذَا قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا (قَوْلُهُ: الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ دِيَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْلُوكٌ) أَيْ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَلِلتَّرِكَةِ) عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ وَلِلتَّرِكَةِ سِوَاهُ وَلَوْ حَذَفَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَهُ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُهُ الدَّيْنُ إلَّا إذَا اسْتَغْرَقَ التَّرِكَةَ (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ السَّيِّدُ) أَيْ وَقَامَ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى السَّيِّدِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ السَّابِقُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ، فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ، وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ التَّدْبِيرُ) أَيْ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لِلْمُدَبَّرِ وَلِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ عَشْرَةً وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشْرَةٌ فَثُلُثُ التَّرِكَةِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ هِيَ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْمُدَبَّرِ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَيَرِقُّ ثُلُثُهُ لِمُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الثُّلُثِ ثُلُثَ الْمَيِّتِ أَيْ زِيَادَتِهِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ثُلُثَ التَّرِكَةِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ، فَإِنَّك تَنْسُبُ ذَلِكَ الثُّلُثَ لَقِيمَة الْمُدَبَّرِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَعْتِقُ مِنْهُ وَيَرِقُّ بَاقِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَحُدُودِهِ) أَيْ فَيُحَدُّ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً وَفِي الزِّنَا خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَعَدَمِ قَتْلِ قَاتِلِهِ إذَا كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَهُ حُكْمُ الرِّقِّ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَيِّدُهُ حَيًّا بَلْ وَإِنْ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَمَا يَنُوبُ الْمُدَبَّرَ) أَيْ وَبَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا يَنُوبُ الْمُدَبَّرَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ إنْ حَمَلَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا قُوِّمَ وَنُظِرَ هَلْ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ كَانَ كَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَيَسْتَمِرُّ لِلْوَرَثَةِ فِي الْخِدْمَةِ إلَى أَنْ يَمُوتَ فُلَانٌ فَيَعْتِقَ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ كَانَتْ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ بَيْنَ الرِّقِّ وَالْعِتْقِ، وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ لَا اسْتَمَرَّ يَخْدُمُ السَّيِّدَ حَتَّى يَمُوتَ وَعَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ كُلِّهِ إنْ حَمَلَهُ، وَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ عَتَقَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَرَقَّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ) أَيْ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَهَذَا مُدَبَّرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَوْتِ الْأَجْنَبِيِّ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً إذْ لَا تُعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجْعَلْ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى مَوْتِهِ هُوَ وَهُوَ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ) قَدْ رَجَّعَهُ الشَّارِحُ لِلْمُدَبَّرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِلْمُدَبَّرِ فِي الْبَابِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي صِحَّتِهِ) إنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ مُخْرِجُهَا الثُّلُثُ (قَوْلُهُ يَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ هُوَ انْقِضَاءُ الشَّهْرِ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَمَوْتِ فُلَانٍ فِي صُورَةِ الشَّارِحِ وَسَوَاءٌ اسْتَمَرَّ السَّيِّدُ حَيًّا مُدَّةَ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ إلَّا أَنَّهُ إنْ اسْتَمَرَّ السَّيِّدُ حَيًّا كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِلْأَجَلِ لَهُ، فَإِنْ مَاتَ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِلْأَجَلِ لِوَرَثَتِهِ

[باب في أحكام الكتابة]

يَلْحَقُهُ دَيْنٌ وَيَخْدُمُ إلَى الْأَجَلِ، فَإِنْ قَالَ مَا ذَكَرَ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ مِنْ الثُّلُثِ وَخَدَمَ الْوَرَثَةَ حَتَّى يُتِمَّ الْأَجَلَ بِمَوْتِ فُلَانٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ عَمَّا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيَّةً مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّدْبِيرَ أَوْ يُعَلِّقْهُ كَمَا تَقَدَّمَ [دَرْسٌ] {بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ، وَالْمُكَاتَبُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ بِمَعْنَى الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] أَيْ أَجَلٌ أَوْ مِنْ الْكَتْبِ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] أَيْ أَلْزَمَكُمْ وقَوْله تَعَالَى {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] أَيْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ وَالْعَبْدُ الْتَزَمَ لِسَيِّدِهِ أَدَاءَ النُّجُومِ وَهِيَ شَرْعًا عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَائِهِ فَخَرَجَ مَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ فَقَطَاعَةٌ وَمُؤَجَّلٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَالٍ أَصْلًا كَالْعِتْقِ الْمُبَتَّلِ وَاَلَّذِي لِأَجَلٍ وَالتَّدْبِيرُ وَلَمْ يُعَرِّفْهَا الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ حُكْمَهَا فَقَالَ (نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ كَالزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ أَيْ نُدِبَ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَمُكَاتَبَةٌ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَمَحَلُّ النَّدْبِ إنْ طَلَبَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ تُنْدَبْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا تُنْدَبُ مُكَاتَبَتُهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا كَانَتْ مُكَاتَبَتُهُ بَاطِلَةً، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً كَانَتْ صَحِيحَةً مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَالزَّوْجِ لَا بَاطِلَةً كَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا بِعِوَضٍ، وَبُطْلَانُهَا مِنْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَتَكُونُ صَحِيحَةً مُتَوَقِّفًا لُزُومُهَا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِمَا (وَ) نُدِبَ لِسَيِّدِهِ (حَطُّ جُزْءٍ) مِنْ أَجْزَائِهَا عَنْهُ وَنُدِبَ أَنْ يَكُونَ (آخِرًا) ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ مَا ذَكَرَ فِي مَرَضِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي مَرَضِهِ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ نُظِرَ هَلْ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَهُ كَانَ كَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَيَسْتَمِرُّ يَخْدُمُ الْوَرَثَةَ إلَّا أَنْ يَمُوتَ فُلَانٌ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ كَانَتْ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ بَيْنَ اسْتِرْقَاقِهِ وَعِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ بَتْلًا وَبَيْنَ عِتْقِ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَإِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ وَعِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ بَتْلًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ التَّدْبِيرُ أَوْ يُعَلِّقْهُ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ تَدْبِيرًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ عج خِلَافًا لِلَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ. [بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ] {بَابٌ فِي الْكِتَابَةِ} (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ الْتَزَمَ إلَخْ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ الْكُتُبِ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ أَيْ لِأَنَّ الْعَبْدَ إلَخْ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْعَبْدَ أَلْزَمَ نَفْسَهُ أَدَاءَ النُّجُومِ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَى مَالٍ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ صَوَابُهُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقًا عَلَى مَالٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ لَا نَفْسُهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَقَطَاعَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِلْكِتَابَةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ وَقَدْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ مُتَعَارَفَةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ التِّينِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَقَوْلُ الرُّمَّانِيِّ الْكِتَابَةُ إسْلَامِيَّةٌ وَلَمْ تُعْرَفْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِلَافَ الصَّحِيحِ قِيلَ أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو الْمُؤَمَّلِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعِينُوا أَبَا الْمُؤَمَّلِ فَأُعِينَ فَقَضَى كِتَابَتَهُ وَفَضَلَتْ عِنْدَهُ فَضْلَةٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ثُمَّ بَرِيرَةُ اُنْظُرْ الزَّرْقَانِيَّ عَلَى الْمُوَطَّإِ. (قَوْلُهُ: نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِكُلِّ مَالِهِ إلَخْ) أَيْ نُدِبَ لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّشِيدُ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ وَالثَّانِي الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُنْدَبُ) أَيْ مُكَاتَبَتُهُ بَلْ تُبَاحُ فَقَطْ، فَإِنْ قُلْت ظَاهِرٌ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] . يَقْتَضِي وُجُوبَهَا إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ قُلْت الْأَمْرُ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ وَكِلَاهُمَا لَا يَجِبُ وَالْأَمْرُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ لِغَيْرِ الْوُجُوبِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] . وَالصَّيْدُ بَعْدَ الْإِحْلَالِ لَا يَجِبُ إجْمَاعًا وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] . وَالِانْتِشَارُ وَالِابْتِغَاءُ لَا يَجِبَانِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ إجْمَاعًا فَالْأَمْرُ فِيهِمَا لِلْإِبَاحَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ غَرَرٍ فَالْأَصْلُ أَنْ لَا تَجُوزَ فَلَمَّا أَذِنَ الْمَوْلَى فِيهَا لِلنَّاسِ بِقَوْلِهِ {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] إلَخْ كَانَ أَمْرًا بَعْدَ مَنْعٍ وَالْأَمْرُ بَعْدَ الْمَنْعِ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا يَرِدُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ؛ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَهَا ثَبَتَ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى كَعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] . (قَوْلُهُ: لَا تُنْدَبُ مُكَاتَبَتُهُ) أَيْ وَلَوْ طَلَبَ الرَّقِيقُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ) أَيْ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَةٌ) أَيْ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: كَالْعِتْقِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَتَكُونُ صَحِيحَةً) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَبْطُلُ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَالسَّكْرَانُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ مُسَاوَاةِ السَّفِيهِ لِلصَّبِيِّ هُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ كَمَا لِشَيْخِنَا وَبِنَّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ أَنْ يَكُونَ آخِرًا) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ آخِرًا خَبَرٌ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ مَعَ اسْمِهَا وَالْأَصْلُ وَحَطُّ جُزْءٍ يَكُونُ آخِرًا وَيَصِحُّ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ جُزْءٍ، وَإِنْ كَانَ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ بِلَا مُسَوِّغٍ قَلِيلًا أَوْ تَمْيِيزًا مَحْمُولًا عَنْ الْمَفْعُولِ مُفَسِّرًا

مِنْ نُجُومِهَا لِيَحْصُلَ بِهِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ فَالْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَآخِرًا بِالْوَاوِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ (وَلَمْ يُجْبَرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَيْ عَلَى قَبُولِ كِتَابَةِ سَيِّدِهِ لَهُ (وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (الْجَبْرُ) وَقِيلَ إذَا جَعَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ مِثْلَ خَرَاجِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَهُ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ وَأَرْكَانُ الْكِتَابَةِ أَرْبَعَةٌ سَيِّدٌ مُكَاتِبٌ بِالْكَسْرِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَرَقِيقٌ مُكَاتَبٌ بِالْفَتْحِ وَقَدْ أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ نُدِبَ إلَخْ وَصِيغَةٌ وَأَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (بِكَاتَبْتُك وَنَحْوِهِ) كَأَنْتَ مُكَاتَبٌ وَمُكَاتَبٌ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِكَذَا) أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا أَوْ مُعْتَقٌ عَلَى كَذَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ تَنْجِيمِهِ فَقِيلَ يَلْزَمُ تَنْجِيمُهُ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَتُنَجَّمُ لُزُومًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّحِيحُ جَوَازُهَا حَالَةً وَلَا يَجِبُ التَّنْجِيمُ لَكِنَّهَا إنْ وَقَعَتْ حَالَةً فَقَطَاعَةٌ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّنْجِيمَ شَرْطُ صِحَّةٍ، فَإِذَا لَمْ يُنَجَّمْ فَسَدَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ قَطْعًا وَيُصَارُ إلَى التَّنْجِيمِ وُجُوبًا فَكَانَ عَلَيْهِ إبْدَالُ اشْتِرَاطٍ بِلُزُومٍ بِأَنْ يَقُولَ وَظَاهِرُهَا لُزُومُ التَّنْجِيمِ وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالتَّنْجِيمِ التَّأْخِيرُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَوْ نَجْمًا وَاحِدًا لَا جَعْلُهَا نُجُومًا مُتَعَدِّدَةً ثُمَّ مَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَ السَّيِّدِ الْقَطَاعَةُ وَإِلَّا فَلَا (وَجَازَ) عَقْدُ الْكِتَابَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِإِجْمَالِ نِسْبَةِ حَطٍّ إلَى جُزْءٍ أَيْ وَحَطُّ السَّيِّدِ آخِرَ جُزْءٍ. (قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ بِهِ) أَيِّ بِحَطِّ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ أَيْ؛ لِأَنَّ بِهِ يَخْرُجُ حُرًّا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ النُّجُومِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ بَعْدَ حَطِّهِ فَيَرِقُّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ إلَخْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] . فَقَدْ أَمَرَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَوَالِيَ أَنْ يَبْذُلُوا لَهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ مَالِكٌ سَمِعْت مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلَامَهُ ثُمَّ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا يُسَمَّى، وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْعِتْقِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَجِبُ وَالْوُجُوبُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْبَرْ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ الْقَضَاءُ كَمَا فِي بْن وَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُجْبَرُ بِلَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَوْضِعُ لِلَمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا الْمَاضِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عَبَّرَ بِلَمْ نَظَرًا لِسَابِقِ تَقَرُّرِ الْأَحْكَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَا جَعَلَ إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ إذَا جَعَلَ إلَخْ وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ لِلَّخْمِيِّ غَيْرُ مَأْخُوذٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْجَبْرُ مُطْلَقًا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: إذَا جَعَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ مِثْلَ خَرَاجِهِ) أَيْ مِثْلَ أُجْرَتِهِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فِي أَجَلِ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا شَهْرًا وَكَانَ الْعَبْدُ يَقْدِرُ عَلَى الْخِدْمَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّفُ مَشَقَّةَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْجَزُ فَيَذْهَبُ سَعْيُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَمَا أَخَذَ مِنْهَا إلَخْ) وَاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَ الْجَبْرِ هُوَ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ غَائِبًا كُوتِبَ مَعَ حَاضِرٍ وَإِلَّا لَزِمَتْ الْغَائِبُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٌ لَزِمَ الْعَبْدُ الْغَائِبُ، وَإِنْ كَرِهَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ يُؤَدِّي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ) أَيْ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُبْتَدَأِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ يُفِيدُ انْحِصَارَهُ فِي الْخَبَرِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ الْجَبْرُ قَالَ خش وَلَعَلَّ أَخْذَ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمَ الْجَبْرِ مِنْهَا لَمْ يَقْوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ: أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ حَتَّى لَا يُنَافِيَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهَا أَيْضًا عَدَمَهُ (قَوْلُهُ: بِكَذَا) اُنْظُرْ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ بِكَذَا هَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِجَهْلِ الثَّمَنِ أَوْ تَصِحُّ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَالْعِتْقُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَسْمِيَةُ عِوَضٍ وَلَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يَجْزِمْ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ بِهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَاهِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِرُكْنِيَّتِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِهِ كَرُكْنِيَّةِ الصَّدَاقِ مَعَ صِحَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا أَنْ يَشْتَرِطَ ذِكْرَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ تَنْجِيمِهِ) أَيْ وَعَدَمِ لُزُومِ تَنْجِيمِهِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعِوَضِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِلُزُومِهِ وُجُوبُهُ وَتَنْجِيمُهُ تَأْجِيلُهُ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ تَأْجِيلِ الْعِوَضِ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ وَعَدَمِ وُجُوبِ تَأْجِيلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ تَنَجُّمٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ سَكَتَ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ عَنْ بَيَانِ حُلُولِ الْعِوَضِ وَتَأْجِيلِهِ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ صَحِيحَةٌ) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ وَقَوْلُهُ وَتُنَجَّمُ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ لُزُومًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ التَّنْجِيمُ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ (قَوْلُهُ: فَقَطَاعَةٌ) أَيْ فَيُقَالُ لَهَا قَطَاعَةٌ كَمَا يُقَالُ لَهَا كِتَابَةٌ فَالْقَطَاعَةُ عِنْدَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَجَّمَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ رُشْدٍ) ذَكَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِصَحَّحَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَا جَعْلُهَا نُجُومًا إلَخْ) أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يُجْعَلَ نَجْمًا وَاحِدًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ

(بِغَرَرٍ) إنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْغَرَرُ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ فِي الْجُمْلَةِ قِيَاسًا عَلَى الْخُلْعِ لَا النِّكَاحِ إذْ الْأَصْلُ فِي الْعِتْقِ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ عَلَى شَيْءٍ مُتَرَقَّبِ الْوُجُودِ (كَآبِقٍ) وَبَعِيرٍ شَارِدٍ وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (وَجَنِينٍ) لِحَيَوَانٍ نَاطِقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَعَبْدِ فُلَانٍ) وَهُوَ غَيْرُ آبِقٍ وَإِلَّا فَلَا لِاشْتِدَادِ الْغَرَرِ (لَا لُؤْلُؤٍ) جَمْعُ لُؤْلُؤَةٍ (لَمْ يُوصَفْ) فَلَا يَجُوزُ وَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ لِعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَةِ اللُّؤْلُؤِ (أَوْ كَخَمْرٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ فَلَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِهِ (وَرَجَعَ) إنْ وَقَعَتْ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ (لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ) . وَأَمَّا بِاللُّؤْلُؤِ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ فَبَاطِلَةٌ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَ) جَازَ لِسَيِّدِهِ (فَسْخُ مَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (فِي مُؤَخَّرٍ) أَيْ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَمَنَافِعِ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ يَسْتَوْفِي النُّجُومَ مِنْ أُجْرَتِهَا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (أَوْ كَذَهَبٍ) يُؤْخَذُ (عَنْ وَرَقٍ) كُوتِبَ بِهِ (وَعَكْسِهِ) مُؤَجَّلًا لِلتَّشَوُّفِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا يَجُوزُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَبَيْعُ طَعَامٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَةُ وَلِيٍّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (لِمَحْجُورِهِ) صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ (بِالْمَصْلَحَةِ) وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مُكَاتَبَةً إنْ عَتَقَهُ عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ إذْ لَوْ شَاءَ لَانْتَزَعَهُ لَهُ (وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (مُكَاتَبَةُ أَمَةٍ) بَالِغَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا مَا بِأَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَ السَّيِّدِ الْقَطَاعَةُ فَلَا يَلْزَمُ تَنْجِيمُهَا إذَا وَقَعَتْ حَالَةً وَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَطَاعَةً لَا كِتَابَةً وَظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعْنَوِيٌّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءً وَاجِبٌ وَأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بِدُونِهِ لَزِمَ تَنْجِيمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَطَاعَةِ وَالثَّانِي يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَجَّمَةٍ لَمْ يَلْزَمْ تَنْجِيمُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقَالُ لَهَا قَطَاعَةٌ كَمَا يُقَالُ لَهَا كِتَابَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ مُغَايَرَتِهِمَا فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِغَرَرٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِعِوَضٍ ذِي غَرَرٍ أَيْ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ (قَوْلُهُ: وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْآبِقِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الْبَعِيرُ وَالثَّمَرُ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ السَّيِّدِ لَمَّا ذَكَرَ مِنْ الْآبِقِ وَمَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَجَنِينٍ) أَيْ أُمُّهُ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ جَنِينٍ أَنَّهُ سَبَقَ لَهُ وُجُودٌ قَبْلَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ وُجُودِهِ لَا يُسَمَّى جَنِينًا فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَا تَحْمِلُ بِهِ أَمَتُهُ لَمُنِعَ وَانْظُرْ هَلْ الْجَنِينُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِقَبْضِ السَّيِّدِ لَهُ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ بِالْعَقْدِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَلَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ وَلَمْ يَصِحَّ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ آبِقٍ فَعَلَى الْمُكَاتَبِ تَحْصِيلُهُ مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ السَّيِّدِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ) أَيْ وَأَوْلَى مِنْهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ كِتَابَتُهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ هَلْ هُوَ مُتَمَوِّلٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي هَذَا أَشَدُّ مِنْ الْغَرَرِ فِي اللُّؤْلُؤِ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ وَلَا وَجْهَ لِتَنْظِيرِ عبق فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فُسِخَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ لَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِلُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ وَإِذَا وَقَعَتْ بِهِ مَضَتْ بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَرَجَعَ إلَخْ لَيْسَ رَاجِعًا لِهَذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَخَمْرٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخَمْرُ مِمَّا يَمْتَلِكُهُ الْعَاقِدُ إنْ عِنْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ كَمُكَاتَبَةِ ذِمِّيٍّ عَبْدَهُ الذِّمِّيِّ بِخَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ لَا يَتَمَلَّكُهُ الْعَاقِدَانِ كَكَوْنِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مُسْلِمًا عِنْدَ عَقْدِهَا (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِالْخَمْرِ مِنْ كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ بِالْخَمْرِ وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ أَوْ هُمَا بَطَلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا وَقَعَتْ عَلَى خَمْرٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ بَطَلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ لَكِنْ عَزَا بَعْضُهُمْ لِأَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ يَخْرُجُ حُرًّا فِي هَذِهِ وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ وَانْظُرْهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ الْخَمْرِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا إنْ أَدَّى بَعْضَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ كِتَابَةِ مِثْلِهِ، فَإِنْ أَدَّاهُ كُلَّهُ قَبْلَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا خَرَجَ حُرًّا وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لِسَيِّدِهِ فَسْخُ مَا عَلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ) أَيْ فَلَيْسَتْ الْكِتَابَةُ كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ فَسْخُهَا فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِلْفَرْقِ بِقَوْلِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: مُؤَجَّلًا) أَيْ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حَالًا فِي نَظِيرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْجَوَازِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَجُوزُ ضَعْ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَعَجَّلَ مَا عَلَى الْعَبْدِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبَيْعِ طَعَامٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ السَّيِّدُ الطَّعَامَ الَّذِي كَاتَبَهُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ وَكَمَا يَجُوزُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابَةِ يَجُوزُ فِيهَا أَيْضًا سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ كَأَنْ يُسَلِّفَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا لِسَيِّدِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الْكِتَابَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ جَوَازُ مَا ذَكَرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ السَّيِّدُ الْعِتْقَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ إلَّا إذَا عَجَّلَ عِتْقَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَوَصِيٍّ وَمُقَدِّمِ قَاضٍ (قَوْلُهُ: مَا لِمَحْجُورِهِ) أُتِيَ بِمَا الَّتِي لِغَيْرِ الْعَاقِلِ تَنْزِيلًا لِلرَّقِيقِ مَنْزِلَةَ مَا لَا يَعْقِلُ لِعَدَمِ تَمَامِ تَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ بِالْمَصْلَحَةِ) أَيْ الْمُسْتَوِيَةِ فِي الْكِتَابَةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْ انْفَرَدَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي أَحَدِهِمَا وَجَبَ

بِرِضَاهَا (وَ) مُكَاتَبَةُ (صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَى الْكِتَابَةِ لَا عَلَى عَدَمِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ، وَرِضَا الصَّغِيرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَشَارَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (وَإِنْ بِلَا مَالٍ) لَهُمَا (وَ) لَا (كَسْبٍ) لَهُمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِمَا عَلَى الْكَسْبِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ (وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ كِتَابَةٍ أَوْ جُزْءٍ) مِنْهَا مُعَيَّنٍ كَرُبُعِهَا وَهِيَ مَعْلُومَةٌ أَوْ نَجْمٍ مَعْلُومٍ فَيُبَاعُ النَّقْدُ بِعَرَضٍ حَالٍّ وَالْعَرَضُ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ أَوْ بِعَيْنٍ حَالٍّ لَا لِأَجَلٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ أَيْ إنْ بَاعَهَا لِغَيْرِ الْعَبْدِ. وَأَمَّا لَهُ فَجَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَكْفِي قُرْبُ غَيْبَتِهِ كَمَا فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ مَبِيعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَجْزِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا (لَا) بَيْعُ (نَجْمٍ) مِنْ نُجُومِهَا فَلَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ عُلِمَ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ، فَإِنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَنِسْبَتَهُ لِبَاقِيهَا جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ آنِفًا وَحَيْثُ جَازَ بَيْعُ كُلِّ الْكِتَابَةِ أَوْ جُزْئِهَا (فَإِنْ وَفَّى) ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَخَرَجَ حُرًّا (فَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ الْبَائِعُ لِانْعِقَادِهِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَوْفَى مَا اشْتَرَاهُ (وَإِلَّا) يُوَفِّ (رَقَّ لِلْمُشْتَرِي) إنْ اشْتَرَى الْكِتَابَةَ كُلَّهَا وَقَدْرَ مَا يُقَابِلُ مَا اشْتَرَى إنْ اشْتَرَى بَعْضَهَا وَلَوْ النَّجْمَ الْأَخِيرَ، فَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ وَعَجَزَ رَقَّ لِسَيِّدِهِ (وَ) جَازَ (إقْرَارُ مَرِيضٍ) كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي صِحَّتِهِ (بِقَبْضِهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ مِنْ مُكَاتِبِهِ فَيَخْرُجُ حُرًّا (إنْ وَرِثَ) الْمُقِرُّ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ كَلَالَةٍ) بِأَنْ وَرِثَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِرِضَاهَا) التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَيْهَا أَمَّا عَلَى الْجَبْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبَةُ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُمْنَعُ مُكَاتَبَةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ مُكَاتَبَتُهُ عَلَى الْقَوْلِ بَعْدَ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ كِتَابَةِ الصَّغِيرِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِجَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعْلُومَةٌ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ أَرْبَعِينَ وَاشْتَرَى الشَّخْصُ رُبُعَهَا حَالَةَ كَوْنِهِ عَالِمًا بِقَدْرِهَا (قَوْلُهُ: لَا لِأَجَلٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّقْدِ بِعَرَضٍ لِأَجَلٍ وَلَا بَيْعُ الْعَرَضِ بِعَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ) أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْكِتَابَةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ أَيْ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْكِتَابَةِ مُغْتَفَرٌ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الِاغْتِفَارَ إنَّمَا هُوَ فِي عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْعِتْقِ لَا فِي بَيْعِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الدَّيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِهِ حُضُورُ الْمَدِينِ أَوْ قُرْبُ غَيْبَتِهِ. {تَنْبِيهٌ} لَوْ اطَّلَعَ مُشْتَرِي الْكِتَابَةِ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمُكَاتَبِ نُظِرَ، فَإِنْ أَدَّى فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ مَا اشْتَرَاهُ، وَإِنْ عَجَزَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَيَرُدُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَالْغَلَّةِ هَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ لَا يَرُدُّ ذَلِكَ بَلْ يَفُوزُ بِهِ كَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ لَا بَيْعُ نَجْمٍ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَشْتَرِي مِنْك النَّجْمَ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْعَبْدُ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ النَّجْمَ الْأَوَّلَ أَوْ الْوَسَطَ أَوْ الْأَخِيرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ النَّجْمِ أَخَذَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ وَإِذَا كَانَ النَّجْمُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ جُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لَمْ يُعْلَمْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ) أَيْ لِكَوْنِ النُّجُومِ مُخْتَلِفَةَ الْقَدْرِ أَوْ مُتَّفِقَتَهُ لَكِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ النُّجُومِ مِنْهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقَدْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ النَّجْمَ الَّذِي اشْتَرَاهُ رُبُعُ الْكِتَابَةِ أَوْ ثُلُثُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ) أَيْ وَهُوَ النَّجْمُ أَوْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُوَفِّ) أَيْ بِأَنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ مَا يُقَابِلُ إلَخْ) أَيْ وَرَقَّ قَدْرَ مَا يُقَابِلُ إلَخْ فَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي رَقَّ أَيْ رَقَّ هُوَ أَيْ كُلُّهُ وَقُدِّرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ، وَأَمَّا إنْ وَفَّاهُ لِسَيِّدِهِ خَرَجَ حُرًّا وَكَانَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ مَرِيضٍ بِقَبْضِهَا) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَاتَبَ فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يُتَّهَمْ إنْ تَرَكَ وَلَدًا، وَإِنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً أَيْ غَيْرَ وَلَدٍ وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ اُتُّهِمَ بِالْمَيْلِ مَعَهُ وَالْمُحَابَاةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا قَالَ الْعَوْفِيُّ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إذَا اُتُّهِمَ بِالْمَيْلِ لَهُ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَاهُ كَأَنَّهُ الْآنَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ مِمَّنْ تَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ فَلِذَا قَالَ يُصَدَّقُ وَغَيْرُهُ يَرَى أَنَّ إقْرَارَهُ بِقَبْضِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ بَلْ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى إخْرَاجِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الثُّلُثُ فَلِذَا قَالَ: إنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَقَدْ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا اُتُّهِمَ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ وَلَا يَجُوزُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَيَبْطُلُ إقْرَارُهُ وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا فَسَّرَ التُّونُسِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ

وَلَدٌ وَلَوْ أُنْثَى لِعَدَمِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ فَالْكَلَالَةُ مَا لَيْسَ فِيهَا وَلَدٌ وَلَوْ كَانَ فِيهَا أَبٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَغَيْرِهَا مَا فِيهَا وَلَدٌ، فَإِنْ وَرِثَهُ كَلَالَةٌ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ صُدِّقَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ فَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ النُّجُومَ لِلْوَرَثَةِ أَوْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْأَدَاءِ لِسَيِّدِهِ فَلَوْ كَانَ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا فِيهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ الْجَمِيعَ (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَتُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ لِعَبْدِهِ (بِلَا مُحَابَاةٍ) فِي كِتَابَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَاتَبَهُ بِمُحَابَاةٍ أَيْ رَخَّصَ بِأَنْ كَانَتْ كِتَابَتُهُ فِي الْوَاقِعِ عِشْرِينَ فَكَاتَبَهُ بِعَشْرَةٍ فَقَدْ حَابَاهُ بِعَشْرَةٍ (فَفِي ثُلُثِهِ) ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ تِلْكَ الْمُحَابَاةَ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مَحْمَلُهُ، فَإِذَا كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِعَشْرَةٍ وَتَرَكَ الْمَيِّتُ عِشْرِينَ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثُونَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّهُ وَلَوْ تَرَكَ خَمْسَةً كَانَ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَا قَابَلَ خَمْسَةً هُوَ رُبُعُ الْعَبْدِ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِهِ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْكِتَابَةُ وَأَدَّاهَا فَيَعْتِقُ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَيَرِقُّ رُبُعُهُ لِلْوَرَثَةِ، فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِصُورَةِ الْمُحَابَاةِ فَقَطْ لَا لَهَا وَلِصُورَةِ الْمَرِيضِ إذَا وَرِثَ كَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِيهَا لَمْ يَعْتِقْ إلَّا إذَا أَدَّى جَمِيعَ النُّجُومِ لِلْوَرَثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) جَازَتْ (مُكَاتَبَةُ جَمَاعَةٍ) مِنْ عَبِيدٍ (لِمَالِكٍ) وَاحِدٍ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا وَقَعَ (فَتَوَزَّعَ عَلَى) قَدْرِ (قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ) وَتُعْتَبَرُ الْقُوَّةُ (يَوْمَ الْعَقْدِ) لِكِتَابَتِهِمْ لَا بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْحَالُّ الْأَوَّلُ وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى قِيمَتِهِمْ فَلَوْ انْعَقَدَتْ عَلَيْهِمْ وَمَعَهُمْ صَغِيرٌ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْأَدَاءِ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَدَرَ بَعْدُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQخَاصَّةً وَيَكُونُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي الْأُولَى لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَلَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَيَكُونُ مَشَى عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّ عَوْدَهُ لِلْأُولَى فِيمَا إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَفِي الثَّانِيَةِ حَمَلَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَغَيْرَهُ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِي الْأُولَى لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَيَخْتَلِفَانِ فِيمَا إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ كَمَا عَلِمْته مِنْ كَلَامِ الْعَوْفِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا فِيهِ، فَإِنَّهُ فِي الثُّلُثِ مُطْلَقًا وَرِثَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ سَوَاءٌ وَرِثَ كَلَالَةً أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ وَرَثَتُهُ إمَّا أَنْ يُمْضُوا كِتَابَتَهُ وَإِمَّا أَنْ يَعْتِقُوا مِنْهُ مَحْمَلَ الثُّلُثِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التُّهْمَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُحْرِمُ أَوْلَادَهُ لِأَجْلِ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ فِيهَا وَلَدٌ) أَيْ الْفَرِيضَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا وَلَدٌ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا مَا فِيهَا وَلَدٌ) أَيْ الْفَرِيضَةُ الَّتِي فِيهَا وَلَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى الْمَرِيضِ فِي تَبَرُّعِهِ فِي الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبَتُهُ بِلَا مُحَابَاةٍ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَبَضَ الْكِتَابَةَ كَمَا فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَ الْكِتَابَةَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُحَابِ فَقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكِتَابَةَ مِثْلُ الْبَيْعِ فَيَكُونُ حُرًّا وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي أَنَّهَا كَالْعِتْقِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَضَى، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُمْضُوا الْكِتَابَةَ أَوْ يَعْتِقُوا مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَتْلًا، وَأَمَّا إذَا حَابَاهُ وَقَبَضَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ تُجْعَلُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ كُلِّهَا فِي الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ جَازَ ذَلِكَ وَخَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْمِلُهَا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ رَدِّهِمْ النُّجُومَ الْمَقْبُوضَةَ إلَى يَدِ الْعَبْدِ ثُمَّ أَعْتَقَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ مِنْ رَقَبَتِهِ بِمَالِهِ بَتْلًا وَبَيْنَ إجَازَةِ مَا فَعَلَهُ الْمَرِيضُ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ قَبْضِ الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ مُطْلَقًا كَانَ فِيهَا مُحَابَاةٌ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ مَضَى عَقْدُ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إمْضَاءِ كِتَابَتِهِ أَوْ عِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ بَتْلًا فَقَدْ عَلِمْت الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِكِتَابَةِ الْمَرِيضِ وَهِيَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِمُحَابَاةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ بَعْدَ قَبْضِ الْكِتَابَةِ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ فَتِلْكَ الْمُحَابَاةُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي يَكُونُ فِي ثُلُثِهِ مُحَابَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ عَلِمْت مِمَّا سَبَقَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ الَّذِي فِي ثُلُثِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ لَا مُحَابَاتُهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَمْ يَعْتِقْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلْأُولَى فِيمَا إذَا حَمَلَهُ كُلَّهُ الثُّلُثُ وَلِلثَّانِيَةِ حَمَلَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِمَالِكٍ وَاحِدٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ الْعَبِيدِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرِكَةٌ فَيَجُوزُ جَمْعُهُمْ بِعَقْدٍ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَتُوَزَّعُ عَلَى قُوَّتِهِمْ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَدْرَ قُوَّةِ عَبْدِهِ، فَإِنْ شَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ مُنِعَ وَمَضَى بَعْدَ الْوُقُوعِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمْ بِعَقْدٍ إذَا تَعَدَّدَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ أَحَدُ الْعَبِيدِ أَوْ مَاتَ أَخَذَ سَيِّدُهُ مَا لِلْآخَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَكُونُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَمْ لَا لِمَا عَلِمْت أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ عَلَى الْحَمَالَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمْ لَا وَسَحْنُونٌ يَرَى أَنَّ مَحَلَّ حَمْلِهِمْ عَلَى الْحَمَالَةِ مُطْلَقًا إذَا كَانُوا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ) أَيْ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى قِيمَتِهِمْ وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَتُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْعَقَدَتْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتُعْتَبَرُ الْقُوَّةُ يَوْمَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ

(وَهُمْ) أَيْ جَمَاعَةُ الْعَبِيدِ الْمَذْكُورِينَ (وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ) أَيْ طَرَأَتْ زَمَانَتُهُ أَيْ عَجْزُهُ (حُمَلَاءُ) بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ (مُطْلَقًا) اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمْ لَا بِخِلَافِ حَمَالَةِ الدُّيُونِ إنَّمَا تَكُونُ بِالشَّرْطِ. وَأَمَّا الزَّمِنُ يَوْمَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَصَالَةً وَلَا حَمَالَةً كَمَا هُوَ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ (فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ) مِنْهُمْ (الْجَمِيعُ) وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَمَالَةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مِنْ الْمَلِيءِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءَ لَمْ يَجُزْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدِهِمْ مَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ يَتْبَعُ كُلًّا بِمَا يَنُوبُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (وَ) إذَا أَخَذَ مِنْ الْمَلِيءِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ فَالْمُؤَدِّي مِنْهُمْ أَوْ وَارِثُهُ (يَرْجِعُ) عَلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ بِحُكْمِ التَّوْزِيعِ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ (إنْ لَمْ يَعْتِقْ) الْمَدْفُوعُ عَنْهُ (عَلَى الدَّافِعِ) ، فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ أَخِيهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ (وَلَمْ يَكُنْ) الْمَدْفُوعُ عَنْهُ (زَوْجًا) لِلدَّافِعِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ (وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ شَيْءٌ) مِنْ النُّجُومِ (بِمَوْتِ وَاحِدٍ) أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ أَوْ عَجْزِهِ بَلْ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا وَاحِدٌ لَغَرِمَ الْجَمِيعُ لِكَوْنِهِمْ حُمَلَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ (وَلِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ) عَلَى الْأَدَاءِ أَيْ تَنْجِيزُهُ مَجَّانًا بِشَرْطَيْنِ (إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ) بِذَلِكَ (وَقَوُوا) عَلَى الْأَدَاءِ وَتَسْقُطُ حِينَئِذٍ عَنْهُمْ حِصَّتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ عِتْقُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ وَلَا قُوَّتِهِمْ إذَا أَعْتَقَ ضَعِيفًا أَيْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى سَعْيٍ وَلَا مَالٍ عِنْدَهُ وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ سَقَطَ عَنْهُمْ مَنَابُهُ. وَأَمَّا الْعَاجِزُ أَصَالَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْقُطَ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ رَدَّ) عَتَقَ الْقَوِيُّ مِنْهُمْ بِأَنْ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ (ثُمَّ عَجَزُوا) عَنْ الْوَفَاءِ (صَحَّ عِتْقُهُ) لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ (وَ) جَازَ (الْخِيَارُ فِيهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ أَيْ فِي عَقْدِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَ الْخِيَارَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فِي حَلِّ عَقْدِهَا وَفِي إجَازَتِهِ قَلَّ الزَّمَنُ الَّذِي جُعِلَ ظَرْفًا لِلْخِيَارِ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ زَادَ عَلَى الشَّهْرِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ) فِي عَبْدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِمَالٍ وَاحِدٍ) أَيْ مُتَّحِدٌ قَدْرًا وَصِفَةً وَأَجَلًا وَاقْتِضَاءً وَإِلَّا مُنِعَ، فَإِنْ شَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَقْتَضِيَ لِنَفْسِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَهُمْ وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ حُمَلَاءُ مُطْلَقًا) ، فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَهَلْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيُبَدَّلُ الشَّرْطُ اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ الْجَمِيعُ) أَيْ فَيَأْخُذُ السَّيِّدُ أَوْ وَارِثُهُ مِنْ الْمَلِيءِ جَمِيعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ) أَيْ إلَّا بِتَمَامِ الْأَدَاءِ عَنْ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: زَوْجًا) أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِالتَّاءِ عِنْدَ خَوْفِ الْإِلْبَاسِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ زَوْجًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الدَّافِعُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ عَنْهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِفِدَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مِنْ الْكُفَّارِ، فَإِنَّهُ إذَا دَفَعَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَجْزُهُ) أَيْ أَوْ أَسْرِهِ أَوْ غَصْبِ أَحَدٍ لِذَاتِهِ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَحَقَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ نَصِيبُ مَنْ اسْتَحَقَّ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّ السَّيِّدَ كَاتَبَ مَنْ لَا يَمْلِكُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ كَاتَبَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بِعَقْدٍ، وَحَاصِلُ أَقْسَامِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي نَجَّزَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْأَدَاءِ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى وَفَاءِ الْكِتَابَةِ إلَّا بِهِ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَضُوا بِعِتْقِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَا قُوَّةَ لَهُ جَازَ عِتْقُهُ مُطْلَقًا رَضُوا بِعِتْقِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ قُوَّةٌ وَيَقْدِرُونَ عَلَى وَفَاءِ الْكِتَابَةِ بِدُونِهِ جَازَ عِتْقُهُ إنْ رَضُوا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ) أَيْ عَلَى الْوَفَاءِ بِدُونِهِ سَوَاءٌ سَاوَاهُمْ فِي الْقُوَّةِ أَوْ كَانَ أَقْوَى مِنْهُمْ أَوْ أَقَلَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَأَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ عَجْزُهُ وَضَعْفُهُ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْكِتَابَةِ بَلْ وَلَوْ طَرَأَ عَجْزُهُ وَضَعْفُهُ بَعْدَ عَقْدِهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ سَقَطَ عَنْهُمْ مَنَابُهُ إلَخْ) الَّذِي فِي الْخَرَشِيِّ وعبق عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ الْقَوِيَّ مِنْهُمْ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ مَنْ حَدَثَ لَهُ الضَّعْفُ لَمْ تَسْقُطْ حِصَّتُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَوُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ كَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَسَلَّمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ: لِكَشْفِ الْغَيْبِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا رَدُّوا لِحَقِّهِمْ وَقَدْ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي رَدُّوا عِتْقَهُ أَدَّى عَنْهُمْ شَيْئًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَطَّارِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى فِي حَالِ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ وَقَوْلُهُ لِصَاحِبِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِأَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلُهُمَا عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ إلَّا إذَا كَانَ أَمَدُهُ قَرِيبًا عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْبُيُوعِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَيْ لِأَنَّهُ يَخَافُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي زَادَ فِي الثَّمَنِ لِوُجُودِ ضَمَانِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَيَكُونُ ضَمَانًا بِجُعْلٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَاتِبَاهُ بِمِائَةِ مَحْبُوبٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسُونَ مِنْهَا مُنَجَّمَةً ثَلَاثَةَ نُجُومٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كُلُّ نَجْمٍ فِي سَنَةٍ فَالْعَقْدُ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ الْمَالُ مُتَّحِدٌ جِنْسًا وَصِفَةً وَأَجَلًا وَقَدْرًا وَدَخْلًا عَلَى اتِّحَادِ الِاقْتِضَاءِ أَيْ الْقَبْضِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ بِأَنْ عَقَدَ كُلُّ شَرِيكٍ عَلَى حِصَّتِهِ بِخَمْسِينَ أَوْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ بِأَنْ عَقَدَا مَعًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا خَمْسِينَ وَالْآخَرِ مِائَةٌ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ بِمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاقْتِضَاءً) أَيْ لَا بُدَّ

دُونَ صَاحِبِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ وَمَا قَبَضَهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلٍّ (لَا) كِتَابَةُ (أَحَدِهِمَا) دُونَ شَرِيكِهِ فَلَا تَجُوزُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ (أَوْ) كِتَابَتُهُمَا (بِمَالَيْنِ) مُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ غَايَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْقَدْرِ أَوْ فِي الْجِنْسِ أَوْ فِي الصِّفَةِ وَالْعَقْدُ مُتَّحِدٌ فَلَا يَجُوزُ (أَوْ بِمُتَّحِدٍ) أَيْ بِمَالٍ مُتَّحِدٍ (بِعَقْدَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ (فَيُفْسَخُ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعِتْقِ بَعْضِ الْعَبْدِ دُونَ تَقْوِيمٍ لِبَقِيَّتِهِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ الْعِتْقَ دُونَ مَنْ أَنْشَأَ سَبَبَهُ وَهُوَ الْكِتَابَةُ (وَ) جَازَ (رِضَا أَحَدُهُمَا بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ) بِنَجْمٍ حَلَّ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ نَظِيرَ حِصَّتِهِ فِيهِ مِمَّا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ وَفَسَدَ كَمَا قَدَّمَهُ فَالْمُضِرُّ الدُّخُولُ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ الْجَائِزِ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ، فَإِنْ وَفَّى الْعَبْدُ فَوَاضِحٌ (وَ) إنْ عَجَزَ (رَجَعَ) مَنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ صَاحِبِهِ (لِعَجْزٍ) مِنْ الْمُكَاتَبِ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَبَضَهُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ وَكَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ إنْ رَضِيَ الشَّرِيكُ قَوْلُهُ (كَأَنْ قَاطَعَهُ) أَيْ قَاطَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ (بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ (مِنْ عِشْرِينَ) حِصَّةُ الْمُقَاطِعِ بِكَسْرِ الطَّاءِ فِي كِتَابَةٍ مُنَجَّمَةٍ (عَلَى عَشْرَةٍ) مُعَجَّلَةٍ وَصُورَتُهَا أَنَّهُمَا كَاتَبَاهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِمَالٍ وَاحِدٍ هُوَ أَرْبَعُونَ دِينَارًا مَثَلًا عِشْرُونَ مِنْهَا تَحِلُّ عَلَى رَأْسِ الْمُحَرَّمِ وَالْأُخْرَى عَلَى رَأْسِ رَجَبٍ أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا لِأَجَلٍ وَاحِدٍ فَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْعِشْرِينِ الْأُولَى وَيَتْرُكَ الْأُخْرَى لِصَاحِبِهِ وَأَنْ يُقَاطِعَ الْعَبْدَ بِعَشْرَةٍ مِنْ الْعِشْرِينَ لِيَأْخُذَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَدْخُلَا عَلَى اتِّحَادِ الِاقْتِضَاءِ أَيْ الْقَبْضِ أَيْ كُلُّ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْعَبْدِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُمَا تَرِكَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ) أَيْ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا قَبَضَهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَمَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَاهُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا عِشْرُونَ مِنْهَا لِزَيْدٍ وَثَلَاثُونَ مِنْهَا لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: أَوْ الْجِنْسِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَاهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا لِزَيْدٍ وَعَشْرَةِ أَثْوَابٍ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الصِّفَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَاهُ عَلَى عَشْرَةٍ خَمْسَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِزَيْدٍ وَخَمْسَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ أَوْ بِمُتَّحِدٍ بِعَقْدَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يُكَاتِبَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا لَكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ كَاتَبَهُ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ لَأَدَّى لِمَا ذَكَرَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ» كَذَا فِي الْمُوَطَّإِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهَا فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى لِعِتْقِ بَعْضِ الْعَبْدِ وَهُوَ حِصَّةُ مَنْ قَبَضَ نُجُومَهُ دُونَ أَنْ يُقَوِّمَ عَلَيْهِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيلَ مُحَقَّقٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبِالْمَظِنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ دُونَ مَنْ أَنْشَأَ سَبَبَهُ وَهُوَ الْكِتَابَةُ) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ: وَجَازَ رِضَا أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ جَازَ بَعْدَ دُخُولِهِمَا عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الِاقْتِضَاءِ رِضَا أَحَدِهِمَا بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ وَيَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الرِّضَا بِالتَّقْدِيمِ جَوَازُ قُدُومِ الْآخَرِ عَلَى الْأَخْذِ فَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى الطَّرَفَيْنِ أَحَدِهِمَا صَرَاحَةً وَالْآخَرِ الْتِزَامًا وَقَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ أَيْ بِتَقْدِيمِهِ الْآخَرَ فَهُوَ مِنْ الْمُتَعَدِّي أَوْ بِتَقْدِيمِهِ لِلْآخَرِ فَهُوَ مِنْ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ نَظِيرَ حِصَّتِهِ فِيهِ مِمَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَأْخُذُ مَا بَعْدَهُ كُلَّهُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً أَوْ يَأْخُذُ ثُلُثَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ ثُلُثُهُ وَلِمَنْ أَخَذَ النَّجْمَ الْأَوَّلَ ثُلُثَاهُ (قَوْلُهُ: وَفَسَدَ) أَيْ الشَّرْطُ لَا الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ الْأَوْلَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَتَقَدَّمُ ذَلِكَ لِلشَّارِحِ لَا لَلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فَالْمُضِرُّ الدُّخُولُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَفَّى الْعَبْدُ) أَيْ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ فَوَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ لِعَجْزِهِ بِصِحَّتِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْكِتَابَةَ إذَا حَلَّتْ كُلُّهَا فَأَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جَمِيعَ حَظِّهِ مِنْهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رُجُوعَ لَلشَّرِيك عَلَى الْقَابِضِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَ الَّذِي لَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَتَرْكُهُ لَهُ خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ وَاحِدٌ وَأَتَى الْمُكَاتَبُ بِجَمِيعِهِ فَقَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ آثِرْنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ النَّجْمَ الْمُسْتَقْبَلَ فَآثَرَهُ بِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلِلْآذِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلِّفٌ لَهُ وَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ وَاحِدٌ وَأَتَى الْمُكَاتَبُ بِبَعْضِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ قَالَ الشَّرِيكُ آثِرْنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ حَقَّك مِنْ النَّجْمِ الثَّانِي فَهَذَا سَلَفٌ يَرْجِعُ بِهِ الشَّرِيكُ عَلَى شَرِيكِهِ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَإِنْ قَالَ: آثِرْنِي بِهِ وَانْظُرْ الْمُكَاتَبَ بِحَقِّك الْبَاقِي مِنْ هَذَا النَّجْمِ الْحَالِّ أَوْ طَلَبَ الْمُكَاتَبُ ذَلِكَ فَفَعَلَ الشَّرِيكُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَبِهِ يَتَّضِحُ لَك فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ وَفِي كَلَامِ عبق وخش مِنْ التَّخْلِيطِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ مَنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ صَاحِبِهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي قَدْ أَخَذَ (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ) أَيْ دُونَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ هُنَا لَيْسَ كَالرُّجُوعِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَلِذَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فِي كِتَابَةٍ مُنَجَّمَةٍ) صِفَةٌ لِعِشْرِينَ أَيْ كَائِنَةً فِي كِتَابَةِ مُنَجَّمَةٍ. (قَوْلُهُ كَأَنْ قَاطَعَهُ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَبْدَ إنْ كَانَ شَرِكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَاتَبَاهُ بِأَرْبَعِينَ مُؤَجَّلَةً ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَأْذَنَ شَرِيكَهُ فِي أَنْ يُقَاطِعَ الْعَبْدَ عَلَى عَشْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ عِوَضًا عَنْ عِشْرِينَ الْمُؤَجَّلَةِ فَأَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ فَدَفَعَهَا لَهُ الْعَبْدُ ثُمَّ عَجَزَ

مُعَجَّلَةٍ فَأَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، فَإِذَا أَخَذَ الْعَشَرَةَ عَنْ الْعِشْرِينَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوَفِّيَ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةَ لَلشَّرِيكِ الثَّانِي أَوْ لَا (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ الْعِشْرِينَ الْأُخْرَى لَلشَّرِيكِ الْآخَرِ (خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (بَيْنَ رَدِّ مَا فَضَلَ بِهِ شَرِيكَهُ) وَقَدْ فَضَلَهُ بِخَمْسَةٍ فَيَرُدُّهَا لَهُ وَيَبْقَى الْعَبْدُ رِقًّا لَهُمَا (وَبَيْنَ إسْلَامِ حِصَّتِهِ) مِنْ الْعَبْدِ (رِقًّا) لِلَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ كُلُّهُ رِقًّا لَهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْآذِنَ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا، فَإِنْ قَبَضَ دُونَ الْمَأْذُونِ دَفَعَ لَهُ الْمَأْذُونُ مِمَّا قَبَضَهُ مَا يُسَاوِيهِ فِيهِ، فَإِذَا قَبَضَ الْآذِنُ سِتَّةً دَفَعَ لَهُ الْمَأْذُونُ اثْنَيْنِ لِيُكَمِّلَ لِكُلٍّ ثَمَانِيَةً. وَأَمَّا لَوْ قَبَضَ مِثْلَ مَا قَبَضَ الْمُقَاطِعُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُقَاطِعِ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا رِقًّا وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَاطِعِ (عَلَى الْآذِنِ، وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ) فَلَيْسَ هَذَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْآذِنُ شَيْئًا أَوْ قَبَضَ الْأَقَلَّ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ، وَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهَا لِلْحَالِ وَأَنَّ مِثْلَ قَبْضِ الْأَكْثَرِ قَبْضُ الْمُسَاوِي بِالْأَوْلَى وَلَوْ قَالَ لَا إنْ قَبَضَ مِثْلَهُ فَأَكْثَرَ لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَوْضَحَ أَيْ فَلَا يُخَيَّرُ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ بَعْدَ أَخْذِ الْمُقَاطِعِ مَا قَاطَعَ بِهِ عَنْ مَالٍ (أَخَذَ الْآذِنُ مَالَهُ) أَيْ جَمِيعَ مَالِهِ أَيْ الْآذِنُ وَهُوَ الْعِشْرُونَ (بِلَا نَقْصٍ) حَلَّتْ الْكِتَابَةُ أَوْ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِالْمَوْتِ (إنْ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ الْمَالَ ثُمَّ يَكُونُ مَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي الْمُكَاتَبِ (وَإِلَّا) يَتْرُكْ مَالًا (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْآذِنِ عَلَى الْمُقَاطِعِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْقَطَاعَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا قَبَضَ الْآذِنُ شَيْئًا أَوْ لَا (وَعِتْقُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ إمَّا أَنْ يَعْجِزَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ شَيْئًا أَوْ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ لَهُ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ لِلْمُقَاطِعِ أَوْ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ لَهُ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَفِي هَذِهِ الْأُولَى يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ الْمُقَاطِعُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ نِصْفَ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا وَيَكُونُ الْعَبْدُ رِقًّا بَيْنَهُمَا أَوْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ رِقًّا لِلْآذِنِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ كُلُّهُ رِقًّا لِلْآذِنِ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ يُخَيَّرُ الْمُقَاطِعُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ مِمَّا أَخَذَ عَلَى مَا قَبَضَ حَتَّى يَتَسَاوَيَا وَيَكُونُ الْعَبْدُ رِقًّا لَهُمَا وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ لِلْآذِنِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ كُلُّهُ رِقًّا لَهُ وَالتَّخْيِيرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَا فِي الْمُوَطَّإِ وشب وعبق والمج خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ خش مِنْ أَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُقَاطِعِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ مِمَّا أَخَذَ عَلَى مَا قَبَضَ حَتَّى يَتَسَاوَيَا وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لَا خِيَارَ لِلْمُقَاطِعِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآذِنِ بِشَيْءٍ وَالْعَبْدُ رِقٌّ بَيْنَهُمَا أَمَّا عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ بِشَيْءٍ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبَضَهُ الْآذِنُ قَدْرَ مَا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ وَعَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ مَعَ أَنَّ الْآذِنَ قَدْ قَبَضَ أَكْثَرَ مِمَّا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ؛ لِأَنَّ الْمُقَاطِعَ قَدْ رَضِيَ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ الْكِتَابَةَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَاطَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ قَاطَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ الْقَطَاعَةُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَهُ، فَإِنْ قَبَضَ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ مِثْلَهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَبَضَ أَقَلَّ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُسَاوِيَ الْمُقَاطِعَ فِيمَا قَبَضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَ حِصَّتَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ الثَّانِيَ انْقَلَبَ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ الَّذِي قَاطَعَ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ حِصَّتَهُ مِمَّا قَبَضَهُ وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ مَا فَضَلَ بِهِ شَرِيكَهُ) أَيْ مَا زَادَ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَ) أَيْ الْآذِنُ وَقَوْلُهُ دُونَ الْمَأْذُونِ أَيْ أَقَلَّ مِمَّا قَبَضَهُ الْمَأْذُونُ (قَوْلُهُ دَفَعَ لَهُ الْمَأْذُونُ مِمَّا قَبَضَهُ مَا يُسَاوِيهِ) أَيْ إنْ أَحَبَّ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْفَعْ وَسَلَّمَ حِصَّتَهُ لِلْآذِنِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ خش مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمَأْذُونِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ مِمَّا أَخَذَ عَلَى مَا قَبَضَ حَتَّى يَتَسَاوَيَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْكَلَامِ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَجَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ فَاسِدٌ وَذَلِكَ لِشُمُولِهَا لِقَبْضِ الْأَقَلِّ الَّذِي فِيهِ التَّخْيِيرُ وَالْمُسَاوِي وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الرُّجُوعِ بِالنَّظَرِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا لِلْحَالِ) أَيْ وَالْمَعْنَى لَا رُجُوعَ لِلْمُقَاطِعِ عَلَى الْآذِنِ فِي حَالِ قَبْضِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُقَاطِعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَثَّلَ قَبْضَ الْأَكْثَرِ قَبْضَ الْمُسَاوِي بِالْأَوْلَى) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُ الْمُقَاطِعِ عَلَى الْآذِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ حَتَّى يَنْفِيَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمَكَاتِبَ كَاتَبَهُ سَيِّدَاهُ عَلَى أَرْبَعِينَ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا قَاطَعَهُ عَلَى عَشْرَةٍ بَدَلَ عِشْرِينَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَقَبَضَهَا مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْمُكَاتِبَ قَدْ مَاتَ عَنْ مَالٍ بَعْدَ أَدَاءِ الْقَطَاعَةِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْآذِنَ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ قُسِّمَ بَيْنَ الْمُقَاطِعِ وَالْآذِنِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ الْقَطَاعَةِ عَنْ مَالٍ أَخَذَ الْمُقَاطِعُ مَا قَطَعَ بِهِ وَأَخَذَ الْآذِنُ حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ وَاشْتَرَكَا فِيمَا بَقِيَ، فَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي تَرَكَهُ بِمَا لِلْمُقَاطِعِ وَمَا لِلْآذِنِ تَحَاصَّا فِيهِ بِحَسَبِ مَا لِكُلٍّ فَيُحَاصِصُ الْمُقَاطِعُ بِعَشْرَةِ الْقَطَاعَةِ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: عَنْ مَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَإِتْيَانُ أَحَدِهِمَا بِصِيغَةِ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ وَضَعَ لِمَالِهِ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ النُّجُومِ، فَإِذَا قَالَ: نَصِيبِي مِنْ الْمُكَاتَبِ حُرٌّ أَوْ قَالَ أَعْتَقْت نَصِيبِي فِي عَبْدِي فُلَانٍ وَهُوَ مُكَاتَبٌ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ وَفَكَّ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّيَّةِ بَلْ قَصَدَ وَضْعَ الْمَالِ

فِي صِحَّتِهِ (وَضْعٌ لِمَا لَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ لِلَّذِي لَهُ مِنْ النُّجُومِ وَلَيْسَ بِعِتْقٍ حَقِيقَةً، فَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ خَفَّفَ عَنْهُ لِتَتِمَّ لَهُ الْحُرِّيَّةُ فَلَمَّا لَمْ تَتِمَّ رَجَعَ رَقِيقًا وَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ (إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّ قَصْدَهُ الْعِتْقُ حَقِيقَةً لَا الْوَضْعَ أَوْ يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ فَيَعْتِقُ الْآنَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشَرْطِهِ فَقَوْلُهُ وَعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ أَيْ إذَا قَصَدَ الْوَضْعَ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ أَيْ فَكَّ الرَّقَبَةَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ (كَإِنْ فَعَلْت) كَذَا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (فَنِصْفُك حُرٌّ) تَشْبِيهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ غَيْرُ تَامٍّ (فَكَاتَبَهُ ثُمَّ فَعَلَ) الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ (وَضَعَ) عَنْ الْمُكَاتَبِ (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَكْتَفِ عَنْ الْجَوَابِ بِالتَّشْبِيهِ لِإِفَادَتِهِ بِالْجَوَابِ أَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ إذْ يُوضَعُ النِّصْفُ فِي هَذَا وَلَوْ قَصَدَ فَكَّ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ النُّفُوذِ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ حَقِيقَةً لِتَعَلُّقِ الْبَيْعِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ فَلَمْ يَكُنْ لِنِيَّةِ الْعِتْقِ تَأْثِيرٌ حَالَ النُّفُوذِ ثُمَّ إنْ أَدَّى النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ خَرَجَ حُرًّا (وَرَقَّ كُلُّهُ إنْ عَجَزَ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَا قَبْلَهَا مِمَّا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ إلَّا فِي التَّبَرُّعِ وَالْمُحَابَاةِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عَجْزِهِ فَيُمْنَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يُتَرَقَّبُ بِهِ عِتْقُ الْعَبْدِ فَمَا كَانَ بِعِوَضٍ جَازَ وَمَا لَا فَلَا نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ (وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ وَمُشَارَكَةٌ وَمُقَارَضَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ) لِرَقِيقِهِ لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ عَجَزَ الْأَعْلَى أَدَّى الْأَسْفَلُ إلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَعَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ الْأَسْفَلُ إنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ (وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ) أَيْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ وَيَسْتَخْلِفَ أَيْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ لِشَائِبَةِ الرِّقِّ فِيهِ (وَ) لَهُ (إسْلَامُهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَلَوْ ذَكَرًا فِي جِنَايَتِهَا (أَوْ فِدَاؤُهَا) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (إنْ جَنَتْ) تِلْكَ الذَّاتُ وَقَوْلُهُ (بِالنَّظَرِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ لَا قَصَدَ لَهُ أَصْلًا أَمَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ الْعِتْقَ وَفَكَّ الرَّقَبَة مِنْ الرِّقِّيَّةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ إنْ عَجَزَ وَكَانَ مُوسِرًا بِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: فِي صِحَّتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِي مَرَضِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا حَقِيقَةً لَا وَضْعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَجَزَ وَرَقَّ لِلْوَرَثَةِ لَمْ يُنْفِذُوا وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ وَهُوَ قَدْ أَرَادَ إنْفَاذَهَا وَأَنْ لَا يَعُودَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ، فَإِنَّمَا أَرَادَ التَّخْفِيفَ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَأَنَّهُ إنْ عَجَزَ كَانَ رِقًّا لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اهـ عبق (قَوْلُهُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِهِ لَيْسَ عِتْقًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ) أَيْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَلَّ لَهُ) أَيْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَلَا رُجُوعَ لِمَنْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَصَدَ) أَيْ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ الْعِتْقَ حَقِيقِيَّةً (قَوْلُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ يَسَارُهُ بِقِيمَتِهَا، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا لِلشَّرِيكِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ انْعَقَدَ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ فَلَوْ قَوَّمْنَاهُ الْآنَ لَكَانَ فِيهِ نَقْلٌ لِلْوَلَاءِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ فَعَلْت إلَخْ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ كَأَنْ فَعَلْت إلَى أَنَّ مَحَلَّ وَضْعِ نِصْفِ الْكِتَابَةِ عَنْ الْمُكَاتَبِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَ نِصْفِهِ عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ ثُمَّ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ، فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ كَنِصْفُكَ حُرٌّ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَنِصْفُك حُرٌّ ثُمَّ كَاتَبَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ أَيْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَيْ أَنَّهُ يُعْتِقُ كُلُّهُ بَعْضَهُ عَمَلًا بِالصِّيغَةِ وَبَعْضَهُ بِالسِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ) فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ أَنَّ هَذَا مُشَبَّهُهُ بِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي مُطْلَقِ وَضْعِ النِّصْفِ عَنْ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: وُضِعَ النِّصْفُ) أَيْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى وَضْعِ نِصْفِ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى عِتْقِ نِصْفِهِ، وَإِنْ كَانَ قَاصِدًا بِهِ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ لِإِفَادَتِهِ بِالْجَوَابِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ تَرَكَهُ لَاقْتَضَى تَمَامَ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ يُوضَعُ النِّصْفُ فِي هَذَا) أَيْ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَصَدَ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَقْصِدْ فَكَّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ فَكَّ الرَّقَبَةِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ إذْ لَا يَتَأَتَّى هُنَا إلَّا قَصْدُ الْعِتْقِ لَا قَصْدُ وَضْعِ الْمَالِ إذْ هُوَ لَمْ يُكَاتِبْهُ إلَّا بَعْدُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي حَالِ النُّفُوذِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ، وَإِنْ كَانَ حَالَ الصِّيغَةِ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ قَطْعًا وَنِيَّةُ الْعِتْقِ حَصَلَتْ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّهُ حَالَ النُّفُوذِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِنِيَّةِ الْعِتْقِ تَأْثِيرٌ فِي حَالِ النُّفُوذِ فَلِذَا حُمِلَتْ الصِّيغَةُ عَلَى الْوَضْعِ لَا عَلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتِبِ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَالْحُرِّ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَمَا كَانَ بِعِوَضٍ جَازَ) أَيْ فَمَا كَانَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِعِوَضٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيِّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا فَلَا) أَيْ وَمَا كَانَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِلَا عِوَضٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعَجْزٍ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ بَيْعٍ وَاشْتِرَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقَارَضَةٌ) بِالْقَافِ وَالرَّاءِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا نُسْخَةُ وَمُفَاوَضَةٌ بِالْفَاءِ وَالْوَاوِ فَيُغْنِي عَنْهَا قَوْلُهُ وَمُشَارَكَةٌ وَنُسْخَةُ وَمُعَاوَضَةٌ بِالْعَيْنِ يُغْنِي عَنْهَا بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ (قَوْلُهُ: لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ) أَيْ لِأَجْلِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَسْفَلُ (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ: وَاسْتِخْلَافُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَتَزْوِيجُ أَمَتِهِ أَيْ وَاسْتَخْلَفَ عَاقِدًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ فِيهِ تَزْوِيجُهَا، وَأَمَّا

وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ إلَّا فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ نَقْصٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (وَ) لَهُ (سَفَرٌ) قَرِيبٌ بِغَيْرِ إذْنٍ (لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ وَ) لَهُ (إقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ) أَيْ ذِمَّتِهِ كَدِينٍ وَكَذَا فِي بَدَنِهِ كَحَدٍّ وَتَعْزِيرٍ (وَ) لَهُ (إسْقَاطُ شُفْعَتَهُ لَا عِتْقُ) لِرَقِيقِهِ فَلَيْسَ لَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ (وَإِنْ قَرِيبًا) لَهُ كَوَلَدِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ (وَ) لَا (هِبَةٌ) مِنْ مَالِهِ لِغَيْرِ ثَوَابٍ (وَ) لَا (صَدَقَةٌ) إلَّا بِالتَّافِهِ كَكِسْرَةٍ (وَ) لَا (تَزْوِيجٌ) بِغَيْرِ إذْنٍ لِسَيِّدِهِ رَدُّهُ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ وَلَهَا حِينَئِذٍ رُبُعُ دِينَارٍ وَلَا تَتْبَعُهُ بِمَا زَادَ إنْ عَتَقَ وَالصَّوَابُ تَعْبِيرُهُ بِتَزَوُّجٍ دُونَ تَزْوِيجٍ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ فِعْلُهُ بِالْغَيْرِ وَالتَّزَوُّجُ فِعْلُهُ لِنَفْسِهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ تَزْوِيجٌ أَنَّ لَهُ التَّسَرِّيَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ لَا يَعِيبُهُ بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ (وَ) (لَا إقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ وَ) (لَا سَفَرٌ بَعْدُ) ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ نَجْمٌ كَقَرِيبٍ يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ (إلَّا بِإِذْنٍ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ حَتَّى الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَلَمَّا كَانَتْ الْكِتَابَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِلْعَبْدِ حَلُّهَا إلَّا لِعُذْرٍ قَالَ (وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ) بَعْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ كُلِّهَا فَيَرْجِعُ رَقِيقًا (إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُكَاتَبُ وَسَيِّدُهُ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ قَدْ ارْتَفَعَ بِالْعُذْرِ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَجْزِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ لِلرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَلَيْسَ لِمَنْ أَرَادَهُ تَعْجِيزٌ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْحَاكِمُ بِالِاجْتِهَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِخْلَافُ فَهُوَ وَاجِبٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ زَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُزَوِّجْهَا وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النَّظَر فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ) أَيْ النَّظَرِ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا رَدَّ سَيِّدُهُ نِكَاحَهَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ سَفَرٌ قَرِيبٌ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ) أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ لَا بَعِيدٌ مُطْلَقًا حَلَّ فِيهِ نَجْمٌ أَوْ لَا أَوْ قَرِيبٌ حَلَّ فِيهِ نَجْمٌ فَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ وَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ ذِمَّتِهِ) هَذَا تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَقَدْ صَوَّبَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْمُكَاتَبُ دُونَ الْقِنِّ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فِي الرَّقَبَةِ، فَإِنْ كَانَ بِحَدٍّ وَقَطْعٍ فَيُقْبَلُ حَتَّى مِنْ الْقِنِّ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِمَالٍ كَالْجِنَايَةِ خَطَأٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ مَا يَرْجِعُ لِلْمَالِ فِي الذِّمَّةِ كَالدَّيْنِ وَهَذَا يَقْبَلُ الْإِقْرَارَ بِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ دُونَ الْقِنِّ وَمَا يَرْجِعُ لِلْمَالِ فِي الرَّقَبَةِ وَهَذَا لَا يُقْبَلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَا يَرْجِعُ لِلرَّقَبَةِ فَقَطْ مِنْ حَدٍّ وَقَطْعٍ وَهَذَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا مَعًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَدَيْنٍ) أَيْ كَالْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ وَإِلَّا أُلْغِيَ كَمَا يُلْغَى إقْرَارُهُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا إذَا اسْتَحْيَاهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُتَّهَمُ عَلَى تَوَاطُئِهِ مَعَ الْوَلِيِّ عَلَى الْفِرَارِ مِنْ سَيِّدِهِ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ الْوَلِيُّ مِنْ أَخْذِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّ ذَلِكَ الْوَلِيِّ الْمُقِرِّ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ إذَا طَلَبَهُ بَعْدَ أَنْ مَنَعَ مِنْ أَخْذِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي الْجَهْلَ فَيَحْلِفُ وَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ إسْقَاطُ شُفْعَتِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ فِي الْأَخْذِ بِهَا نَظَرٌ كَانَ لِسَيِّدِهِ الْأَخْذُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْقَاطِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرِيبًا) أَيْ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ قَرِيبِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ كَوْنُ الْمَالِكِ حُرًّا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ عِتْقِهِ وَلَوْ لِقَرِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَزْوِيجَ بِغَيْرِ إذْنٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نَظَرًا أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ (قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِهِ رَدُّهُ) أَيْ التَّزْوِيجِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ وَإِذَا أَجَازَهُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمْ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فُسِخَ تَزَوُّجُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ رَضُوا أَمْ لَا أَجَازَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ وَلَا بِإِجَازَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ رَدَّهُ السَّيِّدُ بَعْدَ الدُّخُولِ رُبُعُ دِينَارٍ، وَأَمَّا إنْ رَدَّهُ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتْبَعُهُ بِمَا زَادَ إنْ عَتَقَ) أَيْ إذَا كَانَ لَمْ يَغُرَّهَا وَإِلَّا تَبِعَتْهُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ مَا لَمْ يُسْقِطْهُ عَنْهُ السَّيِّدُ أَوْ السُّلْطَانُ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَالتَّزَوُّجَ فِعْلُهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا إقْرَارَ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ إقْرَارٌ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ عَتَقَ أَوْ عَجَزَ وَلَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَهْرَامُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ بِالدِّيَةِ إذَا عَتَقَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ الْمُسْلِمِ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ أَيْ إظْهَارُ الْعَجْزِ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ عَجَزَتْ نَفْسِي لَكِنْ إنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى فَكِّ الْكِتَابَةِ وَالرُّجُوعِ رِقًّا وَعِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْجِيزِ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ الرِّقِّيَّةِ مَا ذَكَرَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَرِقُّ لَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ حُلُولِ إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَا) أَيْ تَرَاضَيَا (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّعْجِيزِ وَفَكِّ الْكِتَابَةِ وَالرُّجُوعِ رِقًّا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي حَالِ عَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَلَا تَعْجِيزَ لَهُ وَيُؤْمَرُ بِالسَّعْيِ عَلَيْهِمْ قَهْرًا عَنْهُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَامْتِنَاعُهُ مِنْ السَّعْيِ عُوقِبَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي تَعْجِيزِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ عِنْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى التَّعْجِيزِ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا بِأَنْ طَلَبَ الْعَبْدُ التَّعْجِيزَ وَامْتَنَعَ السَّيِّدُ أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِمَنْ أَرَادَ تَعْجِيزَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُرِيدَ الَّذِي أَرَادَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِنْ وَجَدَ الْمَصْلَحَةَ فِي تَعْجِيزِهِ حَكَمَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِهِ حَكَمَ بِعَدَمِهِ وَهَذَا مَا فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ قَوْلِهِ هُنَا إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ

وَفَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَهُ الْعَبْدُ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ أَوْ يُرِيدَهُ السَّيِّدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ مَنَعَ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ بِالشَّرْطَيْنِ (فَيَرِقُّ) أَيْ يَرْجِعُ قِنًّا لَا شَائِبَةَ فِيهِ (وَلَوْ) (ظَهَرَ لَهُ) بَعْدَ التَّعْجِيزِ (مَالٌ) أَخْفَاهُ عَنْ السَّيِّدِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ يَرْجِعُ مُكَاتَبًا (كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) مِنْ النُّجُومِ، وَإِنْ رَدَّهُمَا فَيَرِقُّ؛ لِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْبَعْضِ كَعَجْزِهِ عَنْ الْكُلِّ (أَوْ غَابَ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (عِنْدَ الْمَحَلِّ) أَيْ حُلُولِ الْكِتَابَةِ (وَلَا مَالَ لَهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ النُّجُومُ أَوْ الْبَاقِي مِنْهَا وَظَاهِرُهُ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ كَانَ مَلِيًّا هُنَاكَ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ مَا بِيَدِهِ، فَإِنْ غَابَ بِإِذْنِهِ لَمْ يُعْجِزْهُ بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ (وَفَسَخَ الْحَاكِمُ) كِتَابَتَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ حِينَئِذٍ إلَّا بِالْحُكْمِ لَكِنْ إنْ أَبَى الْعَبْدُ الْحَاضِرُ فِي الْأُولَى، فَإِنْ اتَّفَقَ مَعَ سَيِّدِهِ عَلَى التَّعْجِيزِ لَمْ يَحْتَجْ لِحُكْمٍ وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْعَبْدُ التَّعْجِيزَ وَأَبَاهُ السَّيِّدُ لَمْ يَحْتَجْ لِحُكْمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ غَيْبَةُ الْعَبْدِ بِلَا إذْنٍ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَلَا بُدَّ فِي التَّعْجِيزِ مِنْ الْحُكْمِ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ بَعُدَتْ وَقَوْلُهُ (وَتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا أَيْ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ فِي الْحَاضِرِ الْعَاجِزِ عَنْ شَيْءٍ وَفِي الْغَائِبِ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ لَا إنْ بَعُدَتْ أَوْ لَمْ يُرْجَ لَهُ يَسَارٌ أَوْ جُهِلَ حَالُهُ (كَالْقَطَاعَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إذَا عَجَزَ الْعَبْدُ عَمَّا قُوطِعَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ عَقْدَ الْقَطَاعَةِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالنَّظَرِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْقَطَاعَةُ عَلَى مُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ وَلَهَا صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ حَالٍّ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَقَوْلُهُ (وَلَوْ شَرَطَ) السَّيِّدُ (خِلَافَهُ) مُبَالَغَةً فِي التَّلَوُّمِ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ فِي الْقَطَاعَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَفِي فَسْخِ الْحَاكِمِ أَيْ يَفْسَخُ الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ وَلَوْ شَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ خِلَافَ التَّلَوُّمِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ غَابَ بِلَا إذْنٍ أَوْ عَجَزَ عَمَّا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ رَقِيقٌ بِغَيْرِ تَلَوُّمٍ وَفَسَخَ مِنْ حَاكِمٍ فَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا (وَقَبَضَ) الْحَاكِمُ وُجُوبًا الْكِتَابَةَ مِنْ الْمُكَاتَبِ (إنْ غَابَ سَيِّدُهُ) وَلَا وَكِيلَ لَهُ خَاصٌّ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلُ مَنْ لَا وَكِيلَ لَهُ (وَإِنْ) أَرَادَ الْمُكَاتَبُ تَعْجِيلَهَا (قَبْلَ مَحَلِّهَا) أَيْ حُلُولِهَا وَسَوَاءٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) تَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَكَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ فَيَرِقُّ) أَيْ فَيَصِيرُ رَقِيقًا لَا شَائِبَةَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّهُ رِقٌّ فِي الْأَصْلِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَيَرِقُّ اهـ وَقَوْلُهُ فَيَرِقُّ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى تَعْجِيزِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ خَالِصٌ مِنْ التَّأْوِيلِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى رِقِّيَّتِهِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَالِمًا بِذَلِكَ الْمَالِ وَأَخْفَاهُ عَنْهُ السَّيِّدُ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ قَالَ يَرْجِعُ مُكَاتَبًا) أَيْ إذَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ التَّعْجِيزِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) أَيْ عِنْدَ حُلُولِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ حَاضِرٌ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ وَيَفْسَخُ الْحَاكِمُ كِتَابَتَهُ وَكَذَا إنْ غَابَ عِنْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ لَكِنَّ مَحَلَّ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ فِي الْأُولَى إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ التَّعْجِيزَ وَأَبَى الْعَبْدُ لَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِفَسْخِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِالتَّعْجِيزِ كَالسَّيِّدِ فَلَا يَحْتَاجُ لِفَسْخِ الْحَاكِمِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَحِلِّ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى الْحُلُولِ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَمَكَانُ الْحُلُولِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا أَعْنِي قَوْلَهُ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعَجِّزْهُ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى لَمْ يَرِقَّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ فِي التَّعْجِيزِ مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ لِأَنَّ تَعْجِيزَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قُدُومِهِ عَلَى الصَّوَابِ بَلْ يُعَجِّزُ وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَتَلَوَّمَ) أَيْ الْحَاكِمُ لِمَنْ يَرْجُوهُ أَيْ لِمَنْ يَرْجُو يَسَارَهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ أَوْ يُرْجَى قُدُومُهُ وَيُسْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاضِرَ الْعَاجِزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ ذَلِكَ وَأَبَى الْعَبْدُ التَّلَوُّمَ لَهُ إنْ كَانَ يُرْجَى يَسَارُهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى يَسَارُهُ فِيهَا حُكِمَ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، وَأَمَّا الْغَائِبُ عِنْدَ الْحُلُولِ بِلَا إذْنٍ فَقِيلَ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ مُطْلَقًا وَقِيلَ: إنْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ لَا يُحْكَمُ بِالْفَسْخِ إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ إنْ كَانَ يُرْجَى قُدُومُهُ وَيُسْرُهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ ذَلِكَ حُكِمَ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ كَبَعِيدِ الْغَيْبَةِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ: كَالْقَطَاعَةِ) أَيْ كَمَا يَتَلَوَّمُ وَيُحْكَمُ بِالْفَسْخِ فِي الْقَطَاعَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ أَتَيْتنِي بِعَشْرَةٍ حَالَّةً فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يُكَاتِبُهُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا عَلَى ثَلَاثَةِ نُجُومٍ مَثَلًا ثُمَّ يُقَاطِعُهُ عَلَى ثَلَاثِينَ مَثَلًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً لِأَجَلٍ أَقْرَبَ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا قَاطَعَهُ بِهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ عَقْدَ الْقَطَاعَةِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِمَنْ يُرْجَى يُسْرُهُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْعَقْدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُقَاطَعَةً؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَطَعَ طَلَبَ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُ لَهُ أَوْ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ قَطَعَ لَهُ تَمَامَ حُرِّيَّتِهِ بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ لَهُ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ قَالَهُ عِيَاضٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ التَّلَوُّمِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ التَّلَوُّمِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَقَبَضَ الْحَاكِمُ إنْ غَابَ سَيِّدُهُ) أَيْ وَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ إقْبَاضِهَا لَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَبْلَ مَحِلِّهَا) أَيْ هَذَا إذَا أَتَى بِهَا الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ وَإِنْ أَتَى بِهَا قَبْلَ أَجَلِهَا

كَانَتْ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهَا مِنْ حَقِّ الْمُكَاتَبِ إذْ الْقَصْدُ بِتَأْجِيلِ الْكِتَابَةِ التَّخْفِيفُ عَنْ الْمُكَاتَبِ (وَفُسِخَتْ) الْكِتَابَةُ (إنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا أَوْ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِأَنْ أَتَى بِهَا لِسَيِّدِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا بِبَلَدٍ لَا حَاكِمَ بِهِ يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِهَا (وَإِنْ) مَاتَ (عَنْ مَالٍ) يَفِي بِكِتَابَتِهِ فَكَانَ رَقِيقًا وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ عَلَى سَيِّدِهِ بِقَبْضِهَا أَوْ أَحْضَرَهَا لِلسَّيِّدِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا تُفْسَخُ وَيَكُونُ حُرًّا تَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ (إلَّا لِوَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَأَجْنَبِيٍّ (دَخَلَ) كُلٌّ (مَعَهُ) فِي الْكِتَابَةِ (بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَلَا تَنْفَسِخُ أَمَّا دُخُولُ الْوَلَدِ بِشَرْطٍ فَكَأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ قَبْلَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا بِشَرْطِ إدْخَالِهِ مَعَهُ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ مَوْلُودًا عِنْدَ عَقْدِهَا. وَأَمَّا دُخُولُهُ بِلَا شَرْطٍ فَكَأَنْ يَحْدُثَ فِي بَطْنِ أَمَتِهِ بَعْدَ عَقْدِهَا، وَأَمَّا دُخُولُ الْأَجْنَبِيِّ بِشَرْطٍ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا دُخُولُهُ بِلَا شَرْطٍ فَكَأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتِبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْكِتَابَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَصَارَ كَمَنْ عُقِدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا لَمْ تَنْفَسِخْ، فَإِنْ تَرَكَ مَا يَفِي بِهَا (فَتُؤَدَّى حَالَّةً) مِمَّا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ مَا أَجَّلَ كَمَا مَرَّ (وَ) إذَا أُدِّيَتْ حَالَةً وَفَضَلَ بَعْدَ الْأَدَاءِ شَيْءٌ مِمَّا تَرَكَهُ (وَرِثَهُ مَنْ) كَانَ (مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقَطْ) دُونَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ وَلَوْ ابْنًا (مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَفَرْعِهِ وَأَصْلِهِ وَإِخْوَتِهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لَيْسَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَأَخٌ مَعَهُ فِيهَا فَاَلَّذِي يَرِثُهُ الْأَخُ الَّذِي مَعَهُ فَزَوْجَتُهُ لَا تَرِثُهُ وَلَوْ كَانَتْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَا عَمُّهُ وَنَحْوُهُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ جَمَاعَةٌ كُلُّهُمْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَالْإِرْثِ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَيُحْجَبُ الْأَخُ بِالْأَبِ أَوْ الِابْنِ وَالْجَدُّ بِالْأَبِ وَهَكَذَا (وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً) بِالنُّجُومِ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُوفِي بِهَا (وَقَوِيَ وَلَدُهُ) الَّذِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِوَلَدِهِ فَلَوْ قَالَ وَقَوِيَ مَنْ مَعَهُ لِيَشْمَلَ الْأَجْنَبِيَّ كَانَ أَحْسَنَ (عَلَى السَّعْيِ) عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ (سَعَوْا) وَأَدَّوْهَا وَعَتَقُوا وَإِلَّا رَقُّوا (وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ) إنْ كَانَ (لِلْوَلَدِ) الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (إنْ أَمِنَ) وَقَوِيَ عَلَى السَّعْيِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهَا) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَقِّ الْمُكَاتَبِ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ فِي الْأَجَلِ وَيُعَجِّلَهَا (قَوْلُهُ: وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْوَفَاءِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِهَا لِلسَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ حَاكِمٌ بِقَبْضِهَا وَلَمْ يَشْهَدْ الْعَبْدُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا مَاتَ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا فَلَمْ يَقْبَلْهَا السَّيِّدُ وَلَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهَا لِعَدَمِ وُجُودِهِ بِالْبَلَدِ وَلَمْ يَشْهَدْ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ أَخْذِهَا وَمَاتَ الْعَبْدُ، فَإِنَّ الْكِتَابَةَ تُفْسَخُ فَتَكُونُ وَصَايَاهُ بَاطِلَةً وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ لَا لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا حِينَئِذٍ وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا وَقَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَتَى بِهَا لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِأَنْ أَتَى الْعَبْدُ بِالنُّجُومِ لِلسَّيِّدِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ بِبَلَدٍ لَا حَاكِمَ بِهَا يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِهَا فَمَاتَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهَا وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ أَتَى بِهَا لِسَيِّدِهِ إلَخْ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ كَلَامَهُ السَّابِقَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِوَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا دَخَلَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَلَدٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا تَنْفَسِخُ كِتَابَتُهُ بَلْ تَحِلُّ كِتَابَتُهُ بِمَوْتِهِ وَيَتَعَجَّلُهَا مِنْ مَالِهِ حَيْثُ تَرَكَ مَا يَفِي بِالْكِتَابَةِ وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ مَنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِقَوْلِ خش تَبَعًا لِلْفِيشِيِّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَدْخُلُوا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَهُ بَيْعُهُمْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَتُؤَدَّى حَالَّةً) أَيْ يُؤَدِّي جَمِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ النُّجُومِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ، وَإِنَّمَا حَلَّ الْجَمِيعُ بِمَوْتِهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَدِينٌ بِالْجَمِيعِ بَعْضُهُ بِالْأَصَالَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَعْضُهُ بِالْحَمَالَةِ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ وَحَيْثُ أَدَّى جَمِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ النُّجُومِ مَا عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ رَجَعَ وَارِثُ الْمُكَاتَبِ بِمَا أَدَّى مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى غَيْرِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى ذَلِكَ الْمُكَاتَبِ كَمَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَمَا سَبَقَ، وَأَمَّا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَارِثُ كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ لَوْ كَانَ حَيًّا فَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ السَّيِّدَ تَبِعَ الْأَجْنَبِيَّ بِالْحِصَّةِ الْمُؤَدَّاةِ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَحَاصَّ بِهِ غُرَمَاءَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ ابْنًا) أَيْ حُرًّا أَوْ فِي عَقْدِ كِتَابَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ جَمَاعَةٌ كُلُّهُمْ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ ابْنُهُ وَابْنُ ابْنِهِ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ وَأُمُّهُ وَجَدَّتُهُ وَأَخُوهُ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ وَيُحْجَبُ ابْنُ الِابْنِ بِالِابْنِ وَالْجَدَّةُ بِالْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً) أَيْ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً (قَوْلُهُ: الَّذِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِوَلَدِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْوَلَدُ وَغَيْرُهُ فِي إعْطَاءِ مَا تَرَكَهُ مِمَّا لَا يَفِي فَلَا يُعْطَى لِلْأَجْنَبِيِّ، وَإِنَّمَا يُعْطَى لِوَلَدِهِ وَأُمِّهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ لِلْوَلَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ) أَيْ الَّذِي لَا يَفِي بِمَا عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ وَبِمَا عَلَى مَنْ مَعَهُ وَقَوْلُهُ لِلْوَلَدِ أَيْ خَاصَّةً فَلَا يُعْطَى لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَرِيبًا بَلْ يَتَعَجَّلُهُ السَّيِّدُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَوْنَ فِي بَقِيَّتِهَا خِلَافًا

وَإِلَّا رَقَّ وَلَا يُدْفَعُ لَهُ شَيْءٌ (كَأُمِّ وَلَدِهِ) الَّتِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إنْ أُمِنَتْ وَقَوِيَتْ عَلَى السَّعْيِ يُدْفَعُ لَهُ مَتْرُوكُهُ لِتَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ الَّذِي مَعَهَا قُوَّةٌ وَأَمَانَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَدْفَعُ الْمَتْرُوكَ إلَّا لَهُ وَهِيَ حِينَئِذٍ تَبَعٌ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَانَةٌ وَقُوَّةٌ رَقَّا لِلسَّيِّدِ وَلَا يُدْفَعُ لَهُمَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَمَنِهَا مَا يَفِي بِالنُّجُومِ فَتُبَاعُ لِيَعْتِقَ الْوَلَدُ كَمَا إذَا لَمْ يَتْرُكْ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا قُوَّةٌ فَتُبَاعُ الْأُمُّ لِيَعْتِقَ الْوَلَدُ إنْ كَانَ فِي ثَمَنِهَا وَفَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ وَكَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ غَيْرُهُ، فَإِنَّ مَنْ مَعَهُ يُطَالَبُ بِالسَّعْيِ إنْ قَوِيَ مُطْلَقًا تَرَكَ شَيْئًا لَا يَفِي أَمْ لَا كَانَ مَنْ مَعَهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا. وَأَمَّا مَتْرُوكُهُ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ، فَإِنَّمَا يُتْرَكُ لِلْوَلَدِ إنْ قَوِيَ وَأَمِنَ وَإِلَّا فَلِأُمِّهِ إنْ كَانَتْ وَقَوِيَتْ وَأَمِنَتْ وَإِلَّا اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ وَبَاعَ أُمَّ الْوَلَدِ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ مَا يُوفِي بِالنُّجُومِ لِيَعْتِقَ الْوَلَدُ، فَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنَهَا فَالْكُلُّ رَقِيقٌ فَلَوْ كَانَتْ النُّجُومُ مِائَةً وَتَرَكَ الْمُكَاتَبُ خَمْسِينَ وَلَمْ يَكُنْ فِيمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ فَسَيِّدُهُ يَأْخُذُ الْخَمْسِينَ وَلَا يَتْرُكُهَا لِأَحَدٍ وَيُقَالُ لِمَنْ مَعَهُ إنْ كَانَ فِيكُمْ قُوَّةٌ فَاسْعَوْا وَإِلَّا فَرَقِيقٌ (وَإِنْ) أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْقِنَّ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ قَاطَعَ عَنْ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ ثُمَّ (وَجَدَ الْعِوَضَ) عَنْ الْمَذْكُورَاتِ الثَّلَاثَةِ (مَعِيبًا أَوْ اسْتَحَقَّ) مِنْ يَدِ السَّيِّدِ حَالَ كَوْنِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَعِيبِ أَوْ الْمُسْتَحَقِّ (مَوْصُوفًا) فَهُوَ حَالٌ مِنْهُمَا وَجَوَابُ أَنَّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ مُقَوَّمًا كَثَوْبٍ وَشَاةٍ صِفَتُهَا كَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ وَذِكْرُ مَفْهُومِ مَوْصُوفًا الرَّاجِعِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعِيبِ وَالْمُسْتَحَقِّ بِقَوْلِهِ (كَمُعَيَّنٍ) مِنْ مِثْلِيٍّ أَوْ مُقَوَّمٍ وَقَعَ عَقْدُ الْعِتْقِ أَوْ الْكِتَابَةِ أَوْ الْقَطَاعَةِ عَلَيْهِ كَهَذَا الثَّوْبِ بِعَيْنِهِ أَوْ هَذَا الْقُطْنِ بِعَيْنِهِ فَوُجِدَ مَعِيبًا أَوْ اسْتَحَقَّ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ بَلْ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ شُبْهَةٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْأَكْثَرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ فِيمَا دَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ فِي نَظِيرِ الْعِتْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِقَوْلِ خش مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَلَدِ مُطْلَقُ الْوَارِثِ وَلَدًا أَوْ غَيْرَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَقَّ) أَيْ وَإِلَّا يُؤْمَنْ وَلَمْ يَقْوَ عَلَى السَّعْيِ رَقَّ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْوَ عَلَى السَّعْيِ وَأُمِنَ عَلَى الْمَالِ، وَأَمَّا إذَا قَوِيَ عَلَى السَّعْيِ وَلَمْ يُؤْمَنْ عَلَى الْمَالِ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيُؤْمَرُ الْوَلَدُ بِالسَّعْيِ وَلَا يَرِقُّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَعُ لَهُمَا شَيْءٌ) أَيْ مِمَّا تَرَكَهُ ذَلِكَ الْمَيِّتُ الْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ: فَتُبَاعُ الْأُمُّ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَعَ أُمِّ الْوَلَدِ أَجْنَبِيٌّ فِي الْكِتَابَةِ فَلَا تُبَاعُ هِيَ لِأَجْلِهِ وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا عَجَزَ عَنْ السَّعْيِ وَيَرِقَّانِ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اسْتَوْفَاهُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ انْتَفَتْ الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ مِنْ الْوَلَدِ وَمِنْ أُمِّهِ اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْمَتْرُوكَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهَا) أَيْ بِالنُّجُومِ (قَوْلُهُ: فَالْكُلُّ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ (قَوْلُهُ: فَسَيِّدُهُ يَأْخُذُ الْخَمْسِينَ) أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتْرُكُهَا لِأَحَدٍ) أَيْ مِمَّنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: فَاسْعَوْا) أَيْ لِتَحْصِيلِ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَرَقِيقٌ) أَيْ وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْكُمْ رَقِيقٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ الْعِوَضَ مَعِيبًا) حَاصِلُ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ قَاطَعَهُ عَلَى مَالٍ فَوَجَدَ السَّيِّدُ الْعِوَضَ مَعِيبًا أَوْ اسْتَحَقَّ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مَعِيبًا رَجَعَ السَّيِّدُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ أَوْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُوسِرًا لَهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا مَالَ لَهُ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مَوْصُوفًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كِتَابَةٍ وَبَطَلَتْ الْقَطَاعَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا. (قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) تَنَازَعَهُ أَعْتَقَ وَكَاتَبَ وَقَاطَعَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ حَالٌ مِنْهُمَا) أَيْ وَأَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُقَوَّمًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَأَيْضًا الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ) أَيْ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ وتت وح وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَكَيْفَ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَقْدُ الْعِتْقِ أَوْ الْكِتَابَةِ إلَخْ) حَقِيقَةُ الْكِتَابَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَمَا عَلَى مُعَيَّنٍ فَقَطَاعَةٌ لَا كِتَابَةٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْكِتَابَةِ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ، فَإِنَّهُ مُعَيَّنٌ وَجَعَلُوهُ كِتَابَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا الْجُعْلُ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ بَلْ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ) أَيْ لَا فِي الْمَرْجُوعِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْمِثْلِ فِي الْمَوْصُوفِ مُطْلَقًا مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا اسْتَحَقَّ أَوْ وُجِدَ مَعِيبًا وَمِنْ الرُّجُوعِ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا اسْتَحَقَّ أَوْ وُجِدَ مَعِيبًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ شُبْهَةٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ شُبْهَةٌ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهُ أَوْ مُسْتَعِيرًا لَهُ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ أَيْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْمَوْصُوفِ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا وَبِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَبِمِثْلِهِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ) أَيْ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ رِقٍّ مِثْلُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ

(إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (مَالٌ) بَلْ كَانَ مُعْسِرًا وَهَذَا قَيْدٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ الشُّبْهَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلَا مَالٌ لَهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كِتَابَةٍ وَتَبْطُلُ الْقَطَاعَةُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ فِي حَالِ عَدَمِ الشُّبْهَةِ فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ مَالَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَمَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ جَارٍ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَاعِدَتِهِ مِنْ رُجُوعِ مِثْلِ ذَلِكَ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ، هَذَا مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ وَتَقْرِيرُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَكَلُّفُ حَذْفِ جَوَابِ وَإِنْ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (وَمَضَتْ) (كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ) اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ وَكَاتَبَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ (وَ) حَيْثُ مَضَتْ (بِيعَتْ) عَلَى سَيِّدِهِ الْكَافِرِ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لِمُشْتَرِيهِ، وَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ (كَأَنْ) كَاتَبَهُ كَافِرًا وَ (أَسْلَمَ) الْعَبْدُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَتَمْضِي وَتُبَاعُ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لَهُ، وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ لِأَقَارِبِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَلِلْمُسْلِمِينَ وَعَادَ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ حِينَ عَقَدَ كِتَابَتَهُ وَالْعَبْدُ كَافِرٌ (وَبِيعَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ كِتَابَةِ الْمُسْلِمِ (مَنْ) أَيْ كِتَابَةِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ (فِي عَقْدِهِ) ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لِمُشْتَرِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ) أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ أَدَاتَا مُضِيٍّ وَاسْتِقْبَالٍ وَلَمْ يَتَوَارَدْ عَامِلَا جَزْمٍ عَلَى مَجْزُومٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا قَيْدٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ الشُّبْهَةُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ قَيْدٌ فِيهِ، وَالْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ أَيْ هَذَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ إنْ كَانَ دُفِعَ الْعَبْدُ لَهُ بِشُبْهَةٍ فِيهِ (قَوْلُهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ الَّذِي دَفَعَهُ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا. (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ) أَرَادَ بِعِوَضِهِ الْمِثْلَ فِي الْمَوْصُوفِ وَلَوْ مُقَوَّمًا وَالْمِثْلُ فِي الْمُعَيَّنِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَقَوْلُهُ فِي حَالِ عَدَمِ الشُّبْهَةِ أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ فِي حَالِ وُجُودِهَا. (قَوْلُهُ: فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَمَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِمَنْ لَا مَالَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْمَوْصُوفِ مُطْلَقًا وَبِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مُعَيَّنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ كَانَ الْمَدْفُوعُ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ فَفِي الْمُعَيَّنِ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا وَفِي الْمَوْصُوفِ يَتْبَعُهُ السَّيِّدُ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ هَذَا مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ) أَيْ كج وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الطِّخِّيخِيُّ أَنَّ الْمَوْصُوفَ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا يَتْبَعُهُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَالَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كِتَابَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوَّلًا وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا اتَّبَعَهُ بِمِثْلِهِ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا إذَا كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ رِقٍّ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ أَيْ كَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمُعَيَّنِ إنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَمَفْهُومُ إنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالنَّقْلُ مَا قَالَهُ شَرَفُ الدِّينِ الطِّخِّيخِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَضَتْ إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهَا بَلْ يُمْضِيهَا عَلَيْهِ قَهْرًا عَنْهُ وَيَبِيعُهَا لَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءٌ بَلْ هُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ) أَيْ وَلَا يَكُونُ لِأَوْلَادِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَمْ يَنْعَقِدْ لِسَيِّدِهِ حِينَ عَتَقَهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَاتَبَهُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تَمْضِي إنْ كَاتَبَهُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ قَهْرًا عَنْهُ وَلَا تُمَكِّنُهُ مِنْ نَقْضِهَا وَالرُّجُوعِ فِيهَا، وَأَمَّا إنْ كَاتَبَهُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ السَّيِّدُ دُونَ الْعَبْدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ فَسْخُ كِتَابَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَلِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ هُنَا الْمِيرَاثُ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّنْ ثَبَتَ لَهُ وَهُوَ السَّيِّدُ الْمُعْتَقُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِ الْمَالِ انْتِقَالُ الْوَلَاءِ وَفَائِدَةُ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ لِلسَّيِّدِ الْكَافِرِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي تَغْسِيلِ الْعَتِيقِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَلِّي عَقْدِ نِكَاحِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حِينَ عَقَدَ كِتَابَتَهُ فِي حَالِ كُفْرِ الْعَبْدِ. {تَنْبِيهٌ} قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ مَا إذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ كِتَابَةِ سَيِّدِهِ الْكَافِرِ، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ فَهَلْ يُنَجَّزُ عِتْقُهَا وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ أَوْ تَبْقَى إلَى إسْلَامِهِ أَوْ يَمُوتُ وَكَأَنْ يَقُولَ تُبَاعُ؛ لِأَنَّ إيلَادَ الْكُفْرِ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ كَذَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ، وَأَمَّا إنْ وَطِئَ الْكَافِرُ أَمَةً مُسْلِمَةً وَأَوْلَدَهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا لِقَاعِدَةِ كُلُّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا وَيَكُونُ الْوَلَدُ كَافِرًا تَبَعًا لِأَبِيهِ كَذَا فِي الْبَدْرِ عَنْ شَيْخِهِ الْجِيزِيِّ فِي آخِرِ بَابِ الْجِهَادِ. (قَوْلُهُ: كِتَابَةِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ

وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) إنْ وَجَبَتْ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَفَّارَةٌ (كَفَّرَ بِالصَّوْمِ) لَا بِعِتْقٍ وَلَا إطْعَامٍ لِمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْمَالِ بِلَا عِوَضٍ (وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ) حَالَ كِتَابَتِهَا لَغْوٌ فَلَا يُفِيدُهُ وَكَذَا وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ (وَاسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا) الْمَوْجُودِ حَالَ الْكِتَابَةِ بِبَطْنِهَا لَغْوٌ لَا يُفِيدُهُ (أَوْ) اسْتِثْنَاءُ (مَا يُولَدُ لَهَا) مِنْ حَمْلِ حَدَثٍ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ لَغْوٌ (أَوْ مَا يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ) عَقْدِ (الْكِتَابَةِ) لَغْوٌ (وَ) اشْتِرَاطُ (قَلِيلٍ كَخِدْمَةٍ) عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ (إنْ وَفَّى) الْكِتَابَةَ كَأَنْ يَخْدُمَهُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ نَحْوُ شَهْرٍ (لَغْوٌ) لَا يُفِيدُهُ وَلَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ فِي الْجَمِيعِ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ كَثِيرَ الْخِدْمَةِ إنْ وَفَّى فَلَا يَلْغَى؛ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا تُشْعِرُ الِاعْتِنَاءَ بِهَا فَكَأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ وَقَعَ عَلَيْهَا مَعَ الْمَالِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَلَكِنْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) ، وَإِنْ قَلَّ (أَوْ) عَجَزَ (عَنْ) دَفْعِ (أَرْشِ جِنَايَةٍ) صَدَرَتْ مِنْهُ (وَإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ رَقَّ كَالْقِنِّ) الْأَصْلِيِّ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ، فَإِنْ أَدَّى الْأَرْشَ رَجَعَ مُكَاتَبًا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مُكَرَّرٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ وَبَالَغَ عَلَى السَّيِّدِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ لَا لِدَفْعِ خِلَافٍ (وَأُدِّبَ) السَّيِّدُ (إنْ وَطِئَ) مُكَاتَبَتَهُ (بِلَا مَهْرٍ) عَلَيْهِ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ أَيْ ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ الْمُسْلِمُ وَقَوْلُهُ رَقَّ أَيْ الدَّاخِلُ مَعَهُ لِمُشْتَرِيهَا كَمَا يَرِقُّ هُوَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمُسْلِمُ عَتَقَ وَعَتَقَ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ وَوَلَاؤُهُمْ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْصِيلِ الْمُكَاتَبِ الْمُسْلِمِ أَيْ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي الْكِتَابَةِ إنْ كَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِسَيِّدِهِمْ وَلَا لِأَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ أَسْلَمَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِأَقَارِبِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ مُسْلِمُونَ فَالْوَلَاءُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: كَفَّرَ بِالصَّوْمِ) أَيْ فَهُوَ كَالْقِنِّ فِي الْكَفَّارَاتِ وَقَوْلُهُ لَا بِعِتْقٍ أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَلَا بِإِطْعَامٍ أَيْ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ حَالَ كِتَابَتِهَا) أَيْ اشْتِرَاطُ السَّيِّدِ ذَلِكَ عِنْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ لَغْوٌ أَيْ لَا يُوَفِّي بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ) أَيْ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهَا لِلْأَجَلِ لَغْوٌ (قَوْلُهُ: بِبَطْنِهَا) أَيْ مِنْ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُرًّا (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهَا (قَوْلُهُ وَلَكِنْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) نَصُّهَا وَكُلُّ خِدْمَةٍ اشْتَرَطَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَبَاطِلٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَهَا فِي زَمَنِ الْكِتَابَةِ فَأَدَّى الْعَبْدُ قَبْلَ تَمَامِهَا سَقَطَتْ اهـ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي حَيِّزِ التَّبَعِ وَحَمَلَهَا الْأَكْثَرُ عَلَى ظَاهِرِهَا قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً اهـ وَعَلَى مَا لِعَبْدِ الْحَقِّ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ قَلِيلٍ لَكَانَ مُطَابِقًا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) أَيْ مِمَّا كُوتِبَ بِهِ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذَا مَعَ تَقْدِيمِهِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِ أَرْشِ جِنَايَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ إنْ دَفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رَقَّ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ سَيِّدَهُ رَقَّ لَهُ وَلَا كَلَامَ وَعَجْزُهُ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ كَعَجْزِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَعَجَزَ عَنْ أَرْشِهَا خُيِّرَ السَّيِّدُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَيَرِقَّ لَهُ الْعَبْدُ أَوْ يَدْفَعُهُ فِي الْجِنَايَةِ فَيَرِقَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ هَذَا إذَا صَدَرَتْ مِنْهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بَلْ وَإِنْ صَدَرَتْ مِنْهُ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: كَالْقِنِّ) فَائِدَةُ قَوْلِهِ كَالْقِنِّ بَعْدَ قَوْلِهِ رَقَّ إفَادَةُ التَّخْيِيرِ أَيْ رَقَّ وَكَانَ كَالْقِنِّ إذَا جَنَى (قَوْلُهُ: فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ) أَيْ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَيَرِقُّ لِسَيِّدِهِ وَقَوْلُهُ وَإِسْلَامُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ رِقًّا لَهُ هَذَا فِي جِنَايَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَأَمَّا إذَا جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ يَرِقُّ لَهُ؛ لِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ ذَلِكَ كَعَجْزِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ أَدَّى أَرْشَ الْجِنَايَةِ إلَيْهِ اسْتَمَرَّ مُكَاتَبًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدَّى الْأَرْشَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ عَجَزَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَالُهُ) أَيْ وَقَدْ جَنَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأُدِّبَ إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) أَيْ زَمَنَ كِتَابَتِهَا لِارْتِكَابِهِ أَمْرًا مُحَرَّمًا، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ دُونَ مُدَبَّرَتِهِ مَعَ أَنَّهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ عَقْدٌ يُؤَدِّي لِلْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكِتَابَةِ مَعْلُومٌ وَالْوَطْءُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ غَيْرُ جَائِزٍ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُحَلَّلَةِ، وَأَجَلُ الْحُرِّيَّةِ فِي التَّدْبِيرِ مَوْتُ السَّيِّدِ، فَإِذَا مَاتَ زَالَ مِلْكُهُ فَكَانَتْ الْحُرِّيَّةُ تَقَعُ فِي وَقْتٍ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِلَا مَهْرٍ عَلَيْهِ لَهَا) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ مَهْرٌ لَهَا فِي وَطْئِهِ إيَّاهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً نَعَمْ إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَوَطِئَهَا طَائِعَةً ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِلَا مَهْرٍ لَيْسَ رَاجِعًا لِأَدَبٍ وَلَا لِوَطْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا حُكْمُهُ بَعْدَ الْأَدَبِ فَقَالَ حُكْمُهُ لَا مَهْرَ فَيَقِفُ الْقَارِئُ عَلَى وَطْءٍ وَيَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ بِلَا مَهْرٍ

إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ فَلَا أَدَبَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ، فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْأَدَاءِ حُدَّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً (وَعَلَيْهِ نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ) إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إكْرَاهِهَا كَالطَّائِعَةِ مُطْلَقًا (وَإِنْ حَمَلَتْ) مِنْ وَطْئِهِ (خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ) عَلَى كِتَابَتِهَا وَنَفَقَتِهَا لِلْحَمْلِ عَلَى السَّيِّدِ، فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ، وَإِنْ عَجَزَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ تَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَ) فِي انْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ إلَى (أُمُومَةِ الْوَلَدِ) فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (إلَّا لِضُعَفَاءَ مَعَهَا) أَيْ كُوتِبُوا مَعَهَا فِي عَقْدِ كِتَابَتِهَا أَيْ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى الْأَدَاءِ بِدُونِهَا وَسَوَاءٌ رَضُوا أَوْ لَا (أَوْ أَقْوِيَاءَ) عَلَى الْأَدَاءِ كُوتِبُوا مَعَهَا (لَمْ يَرْضَوْا) بِانْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ لِأُمُومَةِ الْوَلَدِ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِمَا بَقَاؤُهَا عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِنْ رَضُوا بِاخْتِيَارِهَا أُمُومَةَ الْوَلَدِ جَازَ لَهَا الِانْتِقَالُ إلَيْهَا (وَحُطَّ) عَنْهُمْ إذَا انْتَقَلَتْ إلَيْهَا (حِصَّتُهَا) مِنْ الْكِتَابَةِ (إنْ اخْتَارَتْ الْأُمُومَةَ، وَإِنْ قُتِلَ) الْمُكَاتَبُ أَيْ قَتَلَهُ شَخْصٌ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ (فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ) يَخْتَصُّ بِهَا وَلَا تُحْسَبُ لِمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدًا أَوْ وَارِثًا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا وَالْمُكَاتَبُ إذَا قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَدَّى قِيمَتَهُ عَتَقَ فِيهَا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ انْتَهَى (وَهَلْ) يُقَوَّمُ (قِنًّا أَوْ) يُقَوَّمُ (مُكَاتَبًا) وَقِيمَةُ الْقِنِّ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَكْثَرُ (تَأْوِيلَانِ) . وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَالْأَرْشُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَبْطُلْ لِبَقَاءِ ذَاتِهِ أَيْ وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ لَا لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ (وَإِنْ) (اشْتَرَى) الْمُكَاتَبُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) (صَحَّ) وَلَهُ بَيْعُهُ وَلَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا (وَعَتَقَ) عَلَى السَّيِّدِ (إنْ عَجَزَ) عَنْ الْأَدَاءِ (وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي) نَفْيِ (الْكِتَابَةِ) عِنْدَ التَّنَازُعِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعِتْقِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا فَكَانَ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُصَرِّحَ بِنَفْيٍ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا ادَّعَى الْكِتَابَةَ وَأَنْكَرَهَا الْعَبْدُ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ بِلَا يَمِينٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ أَنْكَرَهَا مِنْهُمَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَأَبْقَى الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ) أَيْ بِجَهْلِ الْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَمِثْلُ الْجَهْلِ فِي الْعُذْرِ بِهِ الْغَلَطُ (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) أَيْ لِخَبَرِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ إلَخْ) أَيْ لِصَيْرُورَتِهَا مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدَّتْ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ وَضْعِهَا عَتَقَتْ أَيْ وَتَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ حِينَئِذٍ لِوَضْعِهَا كَالْبَائِنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ وَطْؤُهَا عِنْدَ عَجْزِهَا (قَوْلُهُ: وَفِي انْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ إلَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ) أَيْ بِأَنْ تُعَجِّزَ نَفْسَهَا وَتَنْتَقِلَ إلَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَحَطَّ حِصَّتَهَا) أَيْ كَمَا يَحُطُّ عَنْهَا مَا لَزِمَهَا بِطَرِيقِ الْحَمَالَةِ عَمَّنْ مَعَهَا إذَا عَجَزَتْ عَنْ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ) أَيْ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِهَا) أَيْ وَلَا تَكُونُ لِوَارِثِهِ لِمَوْتِهِ عَلَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدًا إلَخْ (قَوْلُهُ عَتَقَ فِيهَا) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيْ عَتَقَ مِنْهَا أَيْ عَتَقَ عِتْقًا نَاشِئًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ بِشَيْءٍ عِوَضًا عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي عَتَقَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ) أَيْ مَنْ مَعَهُ وَقَوْلُهُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَيْ لِلْمُكَاتَبِ مِلْكُهُ كَفَرْعِهِ وَأَصْلِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَتَانِ أَيْضًا عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ يَسْتَعِينُ إلَخْ هَذَا اسْتِظْهَارٌ لعج وَتَعَقَّبَهُ طفى بِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُهُ وَيُقَاصِصَهُ بِهِ فِي أَحَدِ النُّجُومِ وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِظْهَارُ قُصُورٌ وَنَصُّهَا وَمَنْ اغْتَصَبَ أَمَةً، فَإِنْ نَقَصَهَا غَرِمَ مَا نَقَصَهَا وَكَانَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنَّ سَيِّدَهَا يَأْخُذُهَا وَيُقَاصِصُهُا بِهِ فِي أَحَدِ نُجُومِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: صَحَّ) الصِّحَّةُ أَعَمُّ مِنْ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَقْتَضِي أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ فَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ صَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً إذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِالْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا) أَيْ بِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ) أَيْ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لَا قَبْلَ عَجْزِهِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فَلَيْسَ الْمُكَاتَبُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ مُحِيطٌ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يُعْتَقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ، فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ يَبِيعُونَهُ فِي دَيْنِهِمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ. (قَوْلُهُ: لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَهِيَ أَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبْلِ الْعِتْقِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمِجَرِّهَا وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا تَأْتِي هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا هُوَ السَّيِّدُ وَالْعِتْقُ بِيَدِهِ فَدَعْوَاهُ الْكِتَابَةَ إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ وَدَعْوَى بِعِمَارَةِ ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِالْمَالِ فَلَيْسَ هُنَا دَعْوَى الْعِتْقِ أَصْلًا وَإِذَا عَلَّلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الْقَوْلِ قَوْلَ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مُدَّعٍ يُرِيدُ عِمَارَةَ ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ بِيَمِينٍ لَا بِلَا يَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِمَالٍ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ فِي شَأْنِ الْكِتَابَةِ سَوَاءٌ ادَّعَى نَفْيَهَا أَوْ ثُبُوتَهَا وَهَذَا الْقَوْلُ

(وَ) فِي نَفْيِ (الْأَدَاءِ) لِنُجُومِ الْكِتَابَةِ بِيَمِينٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ، فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِهِ (لَا الْقَدْرِ) كَأَنْ يَقُولَ بِعَشْرَةٍ وَقَالَ الْعَبْدُ بِأَقَلَّ كَخَمْسَةٍ فَلَيْسَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ بَلْ لِلْعَبْدِ بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ السَّيِّدَ أَمْ لَا، فَإِنْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشُّبَهِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَكَانَ فِيهِ كِتَابَةُ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقَضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (وَ) لَا (الْجِنْسِ) فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُرَدُّ إلَى كِتَابَةِ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَلَا يُرَاعَى شَبَهٌ وَلَا عَدَمُهُ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا وَقَعَتْ بِعَيْنٍ وَالْآخَرُ بِعَرَضٍ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ الْآخَرُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (وَالْأَجَلِ) فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ أَيْ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ انْقِضَائِهِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَدْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَةَ تَجْرِي عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا فِي الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ) (أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ) أَوْ وَاحِدٌ فَأَدَّى وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ أَوْ عَجَزَ (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا) بِمَا أَعَانُوهُ بِهِ (الصَّدَقَةَ) بِأَنْ قَصَدُوا فَكَّ الرَّقَبَةِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُمْ (رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ) عَلَى الْعَبْدِ (وَ) رَجَعُوا (عَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ) مِنْ مَالِهِمْ (إنْ عَجَزَ) لِعَدَمِ حُصُولِ غَرَضِهِمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدُوا الصَّدَقَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ (فَلَا) رُجُوعَ لَهُمْ بِالْفَضْلَةِ وَلَا بِمَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ إنْ عَجَزَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالصَّدَقَةِ ذَاتُ الْعَبْدِ وَقَدْ مَلَكَهَا بِحَوْزِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَشَى عَلَيْهِ خش تَبَعًا لِلْفِيشِيِّ وَسَلَّمَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج مَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا تَبَعًا لشب وعبق ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ وَصَدَّرَ بِمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَفِي نَفْيِ الْأَدَاءِ) أَيْ وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْأَدَاءِ كَكُلِّ النُّجُومِ أَوْ بَعْضِهَا إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْأَدَاءَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ لِأَنَّ دَعْوَى الْعَبْدِ الْأَدَاءَ دَعْوَى بِمَالٍ وَهِيَ تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَتُتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ السَّيِّدُ هُنَا بِمُجَرَّدِهَا وَمَحَلُّ خُلْفِ السَّيِّدِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ التَّصْدِيقَ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ انْفَرَدَ الْعَبْدُ بِالشَّبَهِ (قَوْلُهُ: حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَلَا الْجِنْسِ) ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ وَقَعَتْ الْكُلُّ بِعَشْرَةِ رِيَالَاتٍ وَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ بِعَشْرَةِ أَرَادِبَّ قَمْحٍ فَلَيْسَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ بِيَمِينٍ وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهَا بِثَوْبٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ بِكِتَابٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْعَبْدُ بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ السَّيِّدَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَى كِتَابَةِ الْمِثْلِ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ وَهَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ وَقَعَتْ بِعَرَضٍ وَاخْتُلِفَا فِي جِنْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِثَوْبٍ وَالْآخَرُ قَالَ بِكِتَابٍ مَثَلًا، وَأَمَّا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَعَتْ بِعَيْنٍ وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّهَا وَقَعَتْ بِعَرَضٍ فَعِنْد الْمَازِرِيِّ كَذَلِكَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَيْنِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ الْآخَرُ بِالشَّبَهِ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى ثُبُوتِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا اخْتَلَفَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي قَدْرِهِ وَانْقِضَائِهِ وَكَذَا فِي أَصْلِهِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْعَبْدُ بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَا مَعًا، فَإِنْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَلَفَا وَرَجَعَا لِأَجَلِ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) أَيْ عِنْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ مِنْ الرُّجُوعِ لِلشَّبَهِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ لَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْقَوْلَ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَا مَعًا أَوْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ عَلَى الْعَبْدِ) أَيْ رَجَعُوا عَلَى الْعَبْدِ بِالْفَضْلَةِ الْبَاقِيَةِ بِيَدِهِ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَسِيرَةً أَوْ كَثِيرَةً وَقُيِّدَتْ بِالْكَثِيرِ وَاسْتُشْهِدَ لَهُ بِمَا قَالُوهُ فِي رَدِّ فَضْلَةِ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي الْجِهَادِ وَتَقَدَّمَ لَلْمُصَنِّفِ فِيهِ رَدُّ الْفَضْلِ إنْ كَثُرَ فَالْيَسِيرُ لَغْوٌ يُتَسَاهَلُ فِيهِ وَكَذَا فَضْلَةُ مَنْ دَفَعَ لِامْرَأَةٍ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَكِسْوَتَهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَفَضْلَةُ مُؤْنَةِ عَامِلِ الْقَرْضِ قَالَ الْجُزُولِيُّ: فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ اثْنَانِ فَدَفَعَ مَالَ أَحَدِهِمَا وَخَرَجَ حُرًّا، فَإِنَّهُ يُرَدُّ مَالُ الْآخَرِ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَالَ مَنْ بَقِيَ، فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَا دَفَعَا إلَيْهِ وَقَالَ الْجُزُولِيُّ أَيْضًا وَكَذَا مَنْ دُفِعَ لَهُ مَالٌ لِكَوْنِهِ صَالِحًا أَوْ عَالِمًا أَوْ فَقِيرًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تِلْكَ الْخَصْلَةُ حَرُمَ أَخْذُهُ اهـ بْن وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ وَهُوَ فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَيْضًا مَا صُورَتُهُ مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ فَلَا يَصْرِفُهُ إلَّا فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ دَفَعَ لِفَقِيرٍ زَكَاةً فَبَقِيَتْ عِنْدَهُ حَتَّى اسْتَغْنَى فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بَلْ تُبَاحُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ بِالْفَضْلَةِ) أَيْ بِمَا فَضَلَ عِنْدَهُ بَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنَّفِ حَذْفُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا حَاجَةَ لَهُ لِظُهُورِهِ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ شُرِطَ وَلَا نُكْتَةَ فِي التَّصْرِيحِ بِهِ، فَإِنْ تَنَازَعَ الْعَبْدُ مَعَ مَنْ أَعْطَاهُ فَقَالَ الْعَبْدُ هُوَ

(وَإِنْ) (أَوْصَى) السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ (بِمُكَاتَبَتِهِ) أَيْ بِأَنْ يُكَاتِبَ (فَكِتَابَةُ الْمِثْلِ) أَيْ يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَنْ يُكَاتِبُوهُ بِمُكَاتَبَةِ مِثْلِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ عَلَى السَّعْيِ وَقَدْرِ أَدَائِهِ (إنْ حَمَلَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ أَيْ حَمَلَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ (الثُّلُثُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ حَمَلَهَا أَيْ حَمَلَ قِيمَتَهُ لَا الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا كَوْنَ الثُّلُثِ يَحْمِلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ عِتْقٌ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُكَاتِبُوهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ أَوْ يَعْتِقُوا مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَتْلًا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَهُ (وَإِنْ) (أَوْصَى لَهُ) أَيْ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بَتْلًا وَهُوَ مَرِيضٌ (بِنَجْمٍ) مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَتْ النُّجُومُ مُتَسَاوِيَةً لَا مُبْهَمٌ وَهِيَ غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ) أَيْ النَّجْمِ إذْ تَقْوِيمُهُ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِ (جَازَتْ) الْوَصِيَّةُ وَعَتَقَ مِنْهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ النُّجُومِ عَلَى تَنْجِيمِهَا، فَإِنْ وَفَاهَا خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ (فَعَلَى الْوَارِثِ) أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ حَذَرًا مِنْ إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ (أَمَّا) (الْإِجَازَةُ) لِلْوَصِيَّةِ أَيْ تَنْفِيذُ مَا أَوْصَى بِهِ (أَوْ عِتْقُ مَحْمَلِ الثُّلُثِ) وَحَطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ فَلَوْ عَتَقَ مِنْهُ الثُّلُثُ حَطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثَهُ وَإِذَا عَجَزَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْ بَقِيَّةِ مَا عَلَيْهِ رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَدَقَةٌ وَقَالَ الْمُعْطِي لَيْسَ صَدَقَةً بَلْ إعَانَةً عَلَى فَكِّ الرَّقَبَةِ، فَإِنْ كَانَ عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِالْأَمْرَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَصْلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى السَّيِّدُ) أَيْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ إذْ الْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ إنْ حَمَلَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ ثَلَاثِينَ وَخَلَّفَ السَّيِّدُ سِتِّينَ فَثُلُثُ الْجَمِيعِ ثَلَاثُونَ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَكُوتِبَ كِتَابَةَ أَمْثَالِهِ إنْ أَدَّى النُّجُومَ خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَعْضِ فَهَلْ يَرْجِعُ كُلُّهُ قِنًّا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ أَوْ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيَرِقُّ مُقَابِلُ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ تَنْفِيذًا لِغَرَضِ الْمُوصِي بِقَدْرِ الْمَكَانِ فَلْيُحَرَّرْ النَّقْلُ فِي ذَلِكَ كَذَا نَظَرَ بَعْضُهُمْ اهـ وَاقْتَصَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: قِيمَةَ رَقَبَتِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ (قَوْلُهُ: لَا الْكِتَابَةَ) أَيْ إنَّ ضَمِيرَ حَمْلِهَا رَاجِعٌ لَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَا لِلْكِتَابَةِ كَمَا قَالَ تت؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا كَوْنَ الثُّلُثِ يَحْمِلُهُ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْكِتَابَةَ فِيهَا عِوَضٌ فَلَيْسَتْ مِنْ التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ فَيَلْزَمُ الْوَارِثَ أَنْ يُكَاتِبَهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ مُطْلَقًا حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ أَوْ لَمْ يَحْمِلْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثِينَ وَخَلَّفَ ثَلَاثِينَ غَيْرَ الْعَبْدِ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ ثُلُثُهَا عِشْرُونَ نِسْبَتُهَا لِقِيمَةِ الْعَبْدِ ثُلُثَاهَا فَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ إمَّا أَنْ يُكَاتِبُوا هَذَا الْعَبْدَ كِتَابَةَ مِثْلِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْتِقُوا ثُلُثَيْهِ حَالًا وَيَكُونُ ثُلُثُهُ رَقِيقًا لَهُمْ وَإِذَا كَاتَبُوهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ، فَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ وَلَوْ عَنْ الْبَعْضِ رَقَّ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرِيضٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ: بِنَجْمٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَالنَّجْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ النُّجُومُ إلَخْ) أَيْ أَوْصَى بِنَجْمٍ مُبْهَمٍ إلَّا أَنَّ النُّجُومَ مُتَسَاوِيَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّ نَجْمٍ عِشْرِينَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ مِنْهَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: إذْ تَقْوِيمُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ النَّجْمَ الْمُوصَى بِهِ لَهُ مُعَيَّنٌ أَوْ مِنْ نُجُومٍ مُتَسَاوِيَةٍ؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَهُ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ جَازَتْ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الثَّانِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ عَشْرَةً فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ وَتَرَكَ السَّيِّدُ ثَلَاثِينَ وَأَوْصَى لَهُ بِالنَّجْمِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْفَى أَنَّ ثُلُثَ السَّيِّدِ ثَلَاثُونَ فَقَدْ حَمَلَ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ ثُلُثُ التَّرِكَةِ وَنِسْبَتُهُ لِلنُّجُومِ بِتَمَامِهَا النِّصْفَ فَيَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُهُ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ النَّجْمِ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ أَيْ نَفَذَتْ وَعَتَقَ مَا يُقَابِلُهُ أَيْ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ النَّجْمَ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ فِي الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الثَّانِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ عَشْرَةً وَلَمْ يَتْرُكْ السَّيِّدُ شَيْئًا غَيْرَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقِيمَتُهَا سِتُّونَ فَثُلُثُ السَّيِّدِ عِشْرُونَ حِينَئِذٍ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ قِيمَةَ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَنِسْبَةُ ثُلُثِ السَّيِّدِ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَهِيَ مَجْمُوعُ قِيمَةِ النُّجُومِ الثَّلَاثِ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَيَسْقُطُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ وَبَعْدَ الْإِسْقَاطِ إنْ أَدَّى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ رَقَّ مَا عَدَا مَحْمَلَ الثُّلُثِ وَهُوَ ثُلُثَاهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ هَذَا إذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، وَأَمَّا إنْ أَجَازَتْهَا فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ النَّجْمَ وَهُوَ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ بِالنِّسْبَةِ لِقِيمَةِ النُّجُومِ بِتَمَامِهَا الَّتِي هِيَ قِيمَةُ الْعَبْدِ النِّصْفُ هَذَا مُحَصِّلُهُ (قَوْلُهُ: الْإِجَازَةُ لِلْوَصِيَّةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَا قَابَلَ ذَلِكَ النَّجْمَ (قَوْلُهُ: وَحَطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ حَيْثُ عَتَقَ ثُلُثُهُ

وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَاخْتَلَفَتْ النُّجُومُ، فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ إلَى عَدَدِهَا، فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثَةً فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةً فَمِنْ كُلٍّ رُبُعُهُ وَهَكَذَا (وَإِنْ) (أَوْصَى لِرَجُلٍ) مُعَيَّنٍ (بِمُكَاتَبِهِ) أَيْ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ لَا بِنَفْسِ رَقَبَتِهِ، وَإِنْ قَالَ أَوْصَيْت بِمُكَاتَبِي لِزَيْدٍ فَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ الْكِتَابَةُ لَا الرَّقَبَةُ (أَوْ بِمَا عَلَيْهِ) مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَيَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ فِي الْمَعْنَى (أَوْ بِعِتْقِهِ) أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ (جَازَتْ) الْوَصِيَّةُ (إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ) أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ (قِيمَةَ كِتَابَتِهِ أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ) ، فَإِذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَشْرَةً وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ خَمْسَةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَتَرَكَ عَشْرَةً جَازَتْ لِحَمْلِ الثُّلُثِ الْخَمْسَةَ إذْ هِيَ مَعَ الْعَشَرَةِ ثُلُثٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ إجَازَةِ ذَلِكَ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الْمُوصِي لَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَتَقَ مَحْمَلَهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصِي لَهُ قَدْرُ مَحْمَلِ الثُّلُثِ وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ، وَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا وَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ (وَ) إذَا قَالَ شَخْصٌ لِعَبْدِهِ (أَنْت حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا) مَثَلًا (أَوْ) قَالَ أَنْت حُرٌّ (وَعَلَيْك أَلْفٌ) أَوْ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ (لَزِمَ الْعِتْقُ) مُعَجَّلًا (وَ) لَزِمَ (الْمَالُ) لِلْعَبْدِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ مُعَجَّلًا إنْ أَيْسَرَ وَإِلَّا اُتُّبِعَ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا قَطَاعَةٌ لَازِمَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَثَلًا كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي قُلْنَاهُ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ ثُلُثُ الْكِتَابَةِ الْمُقَابِلُ لِمَا عَتَقَ وَلَا يُتَوَصَّلُ لِإِسْقَاطِهِ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَحُطَّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ مِنْ النَّجْمِ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِهِ وَيَبْقَى غَيْرُهُ مِنْ النُّجُومِ عَلَى حَالِهِ لَكِنَّهُ خُولِفَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ وَجْهِهَا لَمَّا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَاخْتَلَفَتْ النُّجُومُ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الثَّانِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ عَشْرَةً وَقَدْ أَوْصَى بِنَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَانْسُبْ وَاحِدًا هَوَائِيًّا لِثَلَاثَةٍ تَجِدْهُ ثُلُثًا فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ وَهِيَ ثُلُثُ قِيمَةِ الْجَمِيعِ فَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْوَصِيَّةَ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ، فَإِنْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ ثُلُثَاهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ) أَيْ هَوَائِيٍّ إلَى عَدَدِهَا أَيْ النُّجُومِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ قَدْرَ النِّسْبَةِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قَدْرَ النِّسْبَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَحُطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا بَقِيَ رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا عَتَقَ مِنْهُ بِمُوجِبِ الْوَصِيَّةِ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَالثَّانِي عِشْرِينَ وَالثَّالِثُ عَشْرَةً وَأَوْصَى بِنَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَا مَالَ لِلْمُوصِي سِوَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَدْرُهُ عِشْرُونَ فَيَكُونُ مَا خَلَّفَهُ السَّيِّدُ أَرْبَعِينَ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا عَتَقَ مِنْهُ مِقْدَارُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ مِنْ قِيمَةِ النُّجُومِ الَّتِي هِيَ سِتُّونَ وَنِسْبَةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ لِلسِّتِّينَ سُدُسٌ وَثُلُثُ سُدُسٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ سُدُسُهُ وَثُلُثُ سُدُسِهِ وَيَسْقُطُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ذَلِكَ الْقَدْرُ، فَإِنْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ ثُلُثَاهُ وَثُلُثَا سُدُسِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا عَلَيْهِ) أَيْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُكَاتَبِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ فِي الْمَعْنَى) أَيْ فَالْقَصْدُ ذِكْرُ الصِّيَغِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ الْمُوصِي، وَإِنْ اتَّحَدَ مَعْنَاهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِعِتْقِهِ) أَيْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لِرَجُلٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعِتْقِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ بِمُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي صِيغَتِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: جَازَتْ لِحَمْلِ الثُّلُثِ الْخَمْسَةَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالنُّجُومُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ النُّجُومَ لَهُ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ لَهُ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ يَخْرُجُ حُرًّا (قَوْلُهُ إذْ هِيَ مَعَ الْعَشَرَةِ ثُلُثٌ) أَيْ إنَّ الْخَمْسَةَ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ إذَا اعْتَبَرْتهَا مِنْ الْعَشَرَةِ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَعَ الْعَشَرَةِ الْمَتْرُوكَةِ تَكُونُ ثُلُثَ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَجُمْلَةُ مَا تَرَكَهُ الْمُوصِي ثَلَاثُونَ ثُلُثُهَا عَشْرَةٌ فَالثُّلُثُ إنَّمَا حَمَلَ ثُلُثَ الرَّقَبَةِ وَثُلُثَ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ إجَازَةِ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي وَقَوْلُهُ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ أَيْ وَهُوَ ثُلُثُهَا لَكِنْ لَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ الْآنَ بَلْ يُنْتَظَرُ لِأَدَائِهِ الْكِتَابَةَ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا رَقَّ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ مَحْمَلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ) أَيْ أَوْ بِوَضْعٍ مَا عَلَيْهِ وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنْ النُّجُومِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ كَمَا فِي خش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصَى لَهُ قَدْرُ مَحْمَلِ الثُّلُثِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ بِمُكَاتَبِهِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ) أَيْ أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ فِيمَا إلَخْ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصَى لَهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ وَعَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَرَقَّ بَاقِيهِ لِلْوَارِثِ، وَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ) أَيْ سَوَاءٌ زَادَ مَعَ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ أَوْ الْيَوْمَ أَوْ لَمْ يَقُلْ بَلْ أَطْلَقَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ

[باب في أحكام أم الولد]

(وَخُيِّرَ الْعَبْدُ) فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَكِنْ لَا يُطَالُ فِي الزَّمَنِ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالسَّيِّدِ (فِي الِالْتِزَامِ) لِلْمَالِ فَيَعْتِقُ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَالِ جَبْرًا عَلَى السَّيِّدِ (وَالرَّدِّ) لِمَا قَالَ السَّيِّدُ فَيَسْتَمِرُّ رَقِيقًا لَهُ (فِي) قَوْلِ سَيِّدِهِ لَهُ (أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ) لِي كَذَا (أَوْ تُؤَدِّيَ) لِي كَذَا (أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (إنْ أَعْطَيْت) لِي كَذَا (أَوْ نَحْوَهُ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ دَرْسٌ (بَابٌ) فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ وَهِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا مِنْ مَالِكِهَا وَتَثْبُتُ أُمُومَتُهَا بِأَمْرَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ) (أَقَرَّ السَّيِّدُ) فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ (بِوَطْءٍ) لِأَمَتِهِ مَعَ الْإِنْزَالِ فَلَوْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ أَوْ غَيْرُهَا أَنَّ وَلَدَهَا مِنْهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهَا الْمُجَرَّدَةِ (وَلَا يَمِينَ) عَلَيْهِ (إنْ أَنْكَرَ) وَطْأَهَا؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى عِتْقٍ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْيَمِينِ اللَّازِمِ مِنْهُ كَوْنُهَا غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ قَوْلُهُ (كَأَنْ اسْتَبْرَأَ) الْأَمَةَ بَعْدَ وَطْئِهَا (بِحَيْضَةٍ وَنَفَاهُ) أَيْ الْوَلَدَ بِأَنْ قَالَ لَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَخَالَفَتْهُ (وَوَلَدَتْ) وَلَدًا (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ (وَإِلَّا) يَسْتَبْرِئُهَا أَوْ لَمْ يَنْفِهِ أَوْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (لَحِقَ) الْوَلَدُ (بِهِ وَلَوْ أَتَتْ) بِهِ لِأَكْثَرِهِ أَيْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَخُيِّرَ الْعَبْدُ فِي الِالْتِزَامِ وَالرَّدِّ إلَخْ) مَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَقُلْ السَّاعَةَ أَوْ يَنْوِهَا وَإِلَّا لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ كَمَا قَالَهُ ح وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْعِتْقِ وَالْمَالِ إذَا قَيَّدَ بِالسَّاعَةِ أَوْ نَوَاهَا إذَا جَعَلَ السَّاعَةَ ظَرْفًا لِلْحُرِّيَّةِ، فَإِنْ جَعَلَهَا ظَرْفًا لِتُدْفَعَ أَيْ تُؤَدَّى خُيِّرَ كَمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهَا وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ نَوَاهَا مِنْ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ لَا يُطَالُ فِي الزَّمَنِ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالسَّيِّدِ) أَيْ وَلَا يَضِيقُ فِيهِ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَدَاءِ الْمَالِ جَبْرًا عَلَى السَّيِّدِ) أَيْ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ فِيمَا قَالَ [بَابٌ فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ] (بَابُ أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ) (قَوْلُهُ وَهِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا) هَذَا جِنْسٌ فِي التَّعْرِيفِ صَادِقٌ بِالْأَمَةِ الَّتِي حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ وَبِالْأَمَةِ الَّتِي أَعْتَقَ سَيِّدُهَا حَمْلَهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا وَبِأَمَةِ الْجَدِّ يَتَزَوَّجُهَا ابْنُ ابْنِهِ وَتَحْمِلُ مِنْهُ فَإِنَّ الْحَمْلَ حُرٌّ يَعْتِقُ عَلَى الْجَدِّ وَبِالْأَمَةِ الْغَارَّةِ لِحُرٍّ فَيَتَزَوَّجُهَا فَإِنَّ حَمْلَهَا حُرٌّ وَبِأَمَةِ الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ حَمْلَهَا وَقَوْلُهُ مِنْ مَالِكِهَا مُتَعَلِّقٌ بِحُرٍّ مُخْرِجٌ لِمَا عَدَا الصُّورَةَ الْأُولَى أَيْ الَّتِي نَشَأَتْ الْحُرِّيَّةُ لِحَمْلِهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا وَإِنْ جَعَلَ قَوْلَهُ مِنْ مَالِكِهَا نَعْتًا لِحَمْلِهَا الْكَائِنِ مِنْ مَالِكِهَا اُحْتِيجَ لِزِيَادَةٍ جَبْرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِ إخْرَاجِ أَمَةِ الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ حَمْلَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا حُرٌّ حَمْلُهَا الْكَائِنُ مِنْ مَالِكِهَا وَهُوَ الْعَبْدُ لَكِنَّ ذَلِكَ الْعِتْقَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ بِأَمْرَيْنِ) أَيْ بِمَجْمُوعِهِمَا وَهُمَا إقْرَارُ السَّيِّدِ بِوَطْئِهَا مَعَ الْإِنْزَالِ وَثُبُوتِ إلْقَائِهَا عَلَقَةً. (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَأَنَّهُ أَنْزَلَ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ كَامِلٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ وِلَادَتُهَا لَهُ أَوْ تَثْبُتُ إلْقَاؤُهَا عَلَقَةً فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَتَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ مَعَ الْإِنْزَالِ) أَيْ لَا مَعَ عَدَمِهِ فَكَالْعَدِمِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهَا الْمُجَرَّدَةِ) أَيْ عَنْ إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَالْإِنْزَالِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ وَطْأَهَا) أَيْ وَادَّعَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ أَوْ الْحَمْلَ مِنْهُ بَعْدَ وَطْئِهَا أَيْ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا وَقَوْلُهُ أَيْ الْوَلَدِ الْأَوْلَى أَيْ الْوَطْءُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهُ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ وَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ لَا مِنْ يَوْمِ تَرْكِ وَطْئِهَا السَّابِقِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَلَوْ لَمْ يَكْمُلْ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ كَمَا قَالَ عج وَتَعَقَّبْهُ بْن بِأَنَّهُ يُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ الْحَيْضَ الَّذِي اسْتَبْرَأَتْ بِهِ أَتَى فِي أَثْنَاءِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ عِنْدَنَا تَحِيضُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ لَغْوًا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ تَسْتَبْرِئْ فَيَكُونُ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ) أَيْ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ بَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ عَدَمَ الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَأَلْزَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْيَمِينَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ وَاحِدٌ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَيْ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا وَلَمْ يَنْفِ الْوَطْءَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا بِأَنْ اسْتَبْرَأَهَا وَنَفَى الْوَطْءَ بَعْدَهُ لَكِنَّهَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إلَّا أَنَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ يَلْحَقُ بِهِ لَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرِ أَمَدِ الْحَمْلِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْلَا كَثْرَةُ مُبَالَغَةٍ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرَةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا إذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَلْحَقُ بِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى طَوْرٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حَالَ وَضْعِهِ مِنْ مُدَّةِ وَطْئِهِ لَهَا كَوَضْعِهَا عَلَقَةً بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ مِنْ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةُ وَنَحْوُهَا لَا يَلْحَقُ بِهِ وَيُوَافِقُهُ خَبَرُ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» الْحَدِيثَ فَنَفْخُ

(إنْ ثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ) مِنْ مُضْغَةٍ أَوْ وَلَدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَلَقَةِ الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ كَمَا مَرَّ فِي الْعِدَّةِ (وَلَوْ) كَانَ ثُبُوتُ الْإِلْقَاءِ (بِامْرَأَتَيْنِ) إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا الْوَلَدُ وَسَيِّدُهَا مُقِرٌّ بِوَطْئِهَا أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلْقَاؤُهَا بِامْرَأَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ مُجَرَّدَ دَعْوَى مِنْ الْأَمَةِ أَوْ شَهِدَ لَهَا امْرَأَةٌ فَقَطْ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَعَهَا وَسَيِّدُهَا مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ فَتَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يُحْتَاجُ لِثُبُوتِ الْإِلْقَاءِ فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ وَشُبِّهَ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ قَوْلُهُ (كَادِّعَائِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (سِقْطًا) أَيْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ سِقْطًا (رَأَيْنَ) أَيْ النِّسَاءُ وَلَوْ امْرَأَتَيْنِ فَأَطْلَقَ ضَمِيرَ الْجَمْعِ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (أَثَرَهُ) مِنْ تَوَرُّمِ الْمَحِلِّ وَتَشَقُّقِهِ أَيْ وَالسِّقْطُ لَيْسَ مَعَهَا وَالسَّيِّدُ مُقِرٌّ بِوَطْئِهَا فَيَلْحَقُ بِهِ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ فَلَوْ كَانَ السِّقْطُ مَعَهَا لَصُدِّقَتْ بِاتِّفَاقٍ فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُنْكِرًا لِلْوَطْءِ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ بِاتِّفَاقٍ وَذَكَرَ جَوَابَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إنْ أَقَرَّ بِقَوْلِهِ (عَتَقَتْ) بِمَوْتِ سَيِّدِهَا (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي أَيْ إنْ ثَبَتَ فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ مَعَ ثُبُوتِ الْإِلْقَاءِ عَتَقَتْ إلَخْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّوحِ فِيهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَكَيْفَ تَضَعُهُ عَلَقَةً بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ. (قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ) أَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النِّسَاءَ إذَا قُلْنَ إنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا وَلَمْ يَنْزِلْ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ اهـ بَدْرٌ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا ثَبَتَ الْإِلْقَاءُ بِرَجُلَيْنِ بَلْ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَيُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ الْوِلَادَةِ بِرَجُلَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَعَهُمَا فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَأْتِيَ فِيهِ بِوَلَدٍ تَدَّعِيهِ كَسَفِينَةٍ وَهِيَ بِوَسَطِ الْبَحْرِ فَيَحْصُلُ لَهَا التَّوَجُّعُ لِلْوِلَادَةِ ثُمَّ يُرَى أَثَرُ ذَلِكَ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى سَحْنُونٍ الْقَائِلِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا إذَا ثَبَتَ الْإِلْقَاءُ بِرَجُلَيْنِ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا الْوَلَدُ) أَيْ وَاشْتُرِطَ ثُبُوتُ الْإِلْقَاءِ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ مَعَهَا وَالْحَالُ أَنَّ سَيِّدَهَا مُقِرٌّ بِوَطْئِهَا أَوْ مُنْكِرٌ لَهُ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلْقَاؤُهَا إلَخْ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ بَلْ يَكْفِي فِي ثُبُوتِ أُمُومَتِهَا أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ وَلَوْ مَيِّتًا وَتَنْسُبَهُ لَهُ بِأَنْ تَقُولَ هُوَ مِنْك وَلَوْ لَمْ تُثْبِتْ وِلَادَتَهَا إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَعْدُومًا فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْوِلَادَةِ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ فَالْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ مَعَ الْبَيِّنَةِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَالْمُدَوَّنَةِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلْقَاؤُهَا بِامْرَأَتَيْنِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مَعَهَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلْقَاؤُهَا وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ الْإِلْقَاءُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى مِنْ الْأَمَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ لَهَا أَيْ بِالْإِلْقَاءِ امْرَأَةٌ فَقَطْ وَقَوْلُهُ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ مُسْتَمِرًّا عَلَى الْإِقْرَارِ بِوَطْئِهَا أَوْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَعَهَا وَسَيِّدُهَا مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُ مَا لَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالْوَطْءِ مَا لَوْ أَنْكَرَ الْإِقْرَارَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ (قَوْلُهُ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ وِلَادَتُهَا. (قَوْلُهُ فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ) أَيْ وَهُوَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْإِلْقَاءُ تَفْصِيلًا بَيْنَ كَوْنِ الْوَلَدِ مَعَهَا أَوْ لَيْسَ مَعَهَا فَفِي الْأَوَّلِ تَثْبُتُ أُمُومَتُهَا دُونَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَالسَّيِّدُ مُقِرٌّ بِوَطْئِهَا) أَيْ وَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَيُنْكِرُ كَوْنَهُ مِنْهُ وَقَالَتْ بَلْ هُوَ مِنْك. (قَوْلُهُ لَصُدِّقَتْ بِاتِّفَاقٍ) أَيْ لَمَّا عَلِمْت أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ حَاضِرًا وَكَانَ السَّيِّدُ مُسْتَمِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ أَوْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَفَى فِي ثُبُوتِ أُمُومَتِهَا نِسْبَتُهَا الْوَلَدَ إلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ الْوِلَادَةِ. (قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ كَانَ السِّقْطُ مَوْجُودًا مَعَهَا أَمْ لَا وَلَوْ أَبْدَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ بِاتِّفَاقٍ فِي الْمَحِلَّيْنِ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا كَانَ أَوْلَى وَمَعْنَاهُ فِي الْأَوَّلِ ثَبَتَتْ وِلَادَتُهَا لَهُ أَمْ لَا وَمَعْنَاهُ فِي الثَّانِي كَانَ الْوَلَدُ مَوْجُودًا مَعَهَا أَمْ لَا، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْمَحَلَّ لَيْسَ مَحَلَّ خِلَافٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَذَكَرَ جَوَابَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إنْ أَقَرَّ بِقَوْلِهِ عَتَقَتْ إلَخْ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَازِمُ الْجَوَابِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَمِنْ لَازِمِهِ عِتْقُهَا فَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِاللَّازِمِ عَنْ الْمَلْزُومِ. (قَوْلُهُ عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا) أَيْ وَلَوْ قَتَلَتْهُ وَتُقْتَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ قَيْدٌ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ كَمَا هُوَ الْمُرْتَضَى مِنْ أَقْوَالٍ فِي تَوَالِي شَرْطَيْنِ مَعَ جَوَابٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ: إنْ تَسْتَغِيثُوا بِنَا إنْ تَذْعَرُوا تَجِدُوا ... مِنَّا مَعَاقِدَ عَزٍّ زَانَهَا كَرَمُ أَيْ إنْ تَسْتَغِيثُوا بِنَا مَذْعُورِينَ أَيْ خَائِفِينَ تَجِدُوا إلَخْ. (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ مَعَ ثُبُوتِ الْإِلْقَاءِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ إقْرَارِهِ مُصَاحِبًا لِثُبُوتِ الْإِلْقَاءِ عَتَقَتْ، وَمِثْلُ ثُبُوتِ إلْقَاءِ الْعَلَقَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ بِوَطْئِهَا فِي ثُبُوتِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ لَهَا مَوْتُ السَّيِّدِ وَهِيَ حَامِلٌ وَكَانَ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا فَتَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ لَا تَعْتِقُ حَتَّى تَضَعَ. وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى فِي التَّرِكَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ الثَّابِتِ أُمُومَتُهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَعَلَى الثَّانِي نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا

(وَ) عَتَقَ أَيْضًا (وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ السَّيِّدِ بَعْدَ ثُبُوتِ أُمُومَتِهَا بِوَلَدِهَا مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ زَوْجٍ بِأَنْ يُزَوِّجَهَا سَيِّدُهَا الَّذِي أَوْلَدَهَا لِحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ مِنْ زِنًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ (وَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ عِتْقَهَا بِأُمُومَةِ الْوَلَدِ (دَيْنٌ) عَلَى سَيِّدِهَا (سَبَقَ) اسْتِيلَادَهَا حَيْثُ وَطِئَهَا قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَأَوْلَى الدَّيْنُ اللَّاحِقُ بِخِلَافِ مَنْ أَفْلَسَ ثُمَّ أَحَبْلهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّدْبِيرَ يَرُدُّهُ دَيْنٌ سَبَقَ إنْ سَيِّدٌ حَيًّا وَإِلَّا مُطْلَقًا وَشُبِّهَ فِي عِتْقِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِأُمُومَةِ الْوَلَدِ قَوْلُهُ. (كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ كَاشْتِرَاءِ زَوْجٍ زَوْجَتَهُ الرَّقِيقَةَ مِنْ سَيِّدِهَا حَالَ كَوْنِهَا (حَامِلًا) مِنْهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ (حَامِلًا) كَأَنَّهَا حَمَلَتْ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ (لَا بِوَلَدٍ) مِنْ الزَّوْجِ (سَبَقَ) الشِّرَاءَ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا بِوَلَدٍ يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ كَمُتَزَوِّجٍ بِأَمَةِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ (أَوْ وُلِدَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) صَوَابُهُ أَوْ حَمْلٍ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا مِنْهُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ بِأَنْ غَلِطَ فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بَعْدَ وَضْعِهَا كَمَا يُوهِمُهُ لَفْظُ وُلِدَ دُونَ حَمْلٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ مَعَ إيهَامِهِ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِيهَامُهُ أَيْضًا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي قَوْلِهِ (إلَّا أَمَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ) أَمَةَ (وَلَدِهِ) مَعْنَاهُ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ حَمَلَتْ لِمُكَاتَبِهِ وَأَنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِوَلَدِهِ يَوْمَ الْوَطْءِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَكَذَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ إذَا وَطِئَهَا إلَّا إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ وَأَنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ أَمَةَ وَلَدِهِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا مُطْلَقًا حَمَلَتْ أَمْ لَا وَأَنَّ قِيمَةَ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ تَرِكَتِهِ حَتَّى تَضَعَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا وَظَهَرَ حَمْلُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا تَعْتِقُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَنَفَاهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ عِتْقَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْوَطْءِ مَعَ ثُبُوتِ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَهِيَ حَامِلٌ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ فَمُفَادُ عبق أَنَّهَا بِهِ وَلَدٌ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ مُقْتَضَى قَوْلِ خَلِيلٍ كَالْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهِمَا إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ إلَخْ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ حَمَلَتْ وَلَمْ يُقِرَّ سَيِّدُهَا وَلَمْ يُنْكِرْ لِمُعَاجَلَةِ الْمَوْتِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ (قَوْلُهُ وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَعَتَقَ أَيْضًا وَلَدُهَا الْحَاصِلُ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ أُمُومَتِهَا بِوَلَدِهَا مِنْ سَيِّدِهَا. (قَوْلُهُ حَيْثُ وَطِئَهَا) أَيْ وَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ حَمْلٌ قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ قَالَ حَيْثُ أَحَبْلَهَا قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ كَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ وَأَوْلَى الدَّيْنُ اللَّاحِقُ) أَيْ لِاسْتِيلَادِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ أَفْلَسَ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ أَحَبْلَهَا قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ. (قَوْلُهُ إنْ سَيِّدٌ حَيًّا) أَيْ إنَّهُ إذَا كَانَ السَّيِّدُ حَيًّا فَلَا يُبْطِلُ الدَّيْنُ التَّدْبِيرَ إلَّا إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَيْهِ أَوْ طَارِئًا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ حَامِلًا مِنْهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهَا الَّذِي بَاعَهَا لَهُ قَدْ أَعْتَقَ ذَلِكَ الْحَمْلَ قَبْلَ بَيْعِهَا لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَاءٍ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَمَحَلُّ عِتْقِ الْأَمَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بِأُمُومَةِ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهَا الْبَائِعِ لَهَا فَلَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِشِرَاءِ زَوْجِهَا لَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَإِذَا تَزَوَّجَ بِأَمَةِ جَدِّهِ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَأَعْتَقَ الْبَائِعُ حَمْلَهَا أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَمَا إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَالْحَالُ أَنَّ حَمْلَهَا يَعْتِقُ عَلَى بَائِعِهَا أَنَّ حَمْلَهَا لَمَّا كَانَ يَدْخُلُ مَعَهَا فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ اسْتِثْنَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ عِتْقُهُ لَهُ إلَّا بِالْوَضْعِ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ كَانَ عِتْقُهُ لَهُ كَلَا عِتْقٍ فَكَانَ حَمْلُهَا حُرًّا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا بِخِلَافِ أَمَةِ الْجَدِّ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا حَامِلًا لِغَيْرِ زَوْجِهَا لِتَخَلُّقِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ) أَيْ لَا تَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِوَلَدٍ مِنْ الزَّوْجِ سَبَقَ شِرَاءَهُ لَهَا. (قَوْلُهُ أَوْ وَلَدٌ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ وَلَا تَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِوَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي سَبَقَ شِرَاؤُهُ لَهَا هَذَا مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ صَوَابُهُ أَوْ حَمْلٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى لَا تَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِحَمْلٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي سَبَقَ شِرَاؤُهُ لَهَا بِخِلَافِ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ وَأَمَةِ وَلَدِهِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِالْحَمْلِ الصَّادِرِ مِنْ وَطْءِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ وَمِنْ الْوَالِدِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ ابْنَ غَازِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلِهِ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ نَاشِئًا عَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ زِنًا أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ. (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ تَكُونُ) أَيْ أَمَةُ الْمُكَاتَبُ أَوْ أَمَةُ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدٌ إنْ وَلَدَتْ أَيْ مِنْ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَوْ مِنْ الْوَالِدِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِمُجَرَّدِ الْحَمْلِ مِنْهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوِلَادَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ حَمَلَتْ لِمُكَاتَبِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَلَا يَمْلِكُهَا. (قَوْلُهُ وَإِنَّ قِيمَةَ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ الَّتِي وَطِئَهَا سَيِّدُهُ وَحَمَلَتْ مِنْهُ.

تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ وَأَمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوَطْءِ، وَمِثْلُ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُحَلَّلَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ إذَا اخْتَارَتْ أُمُومَةَ الْوَلَدِ وَالْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ إذَا اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا وَوَطِئَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَتَسْتَمِرُّ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا (وَ) الْوَلَدُ (لَا يَدْفَعُهُ) عَنْ الْوَاطِئِ (عَزْلٌ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ (أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ لِلْفَرْجِ (أَوْ) وَطْءٌ بَيْنَ (فَخِذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ) أَيْ أَقَرَّ بِالْإِنْزَالِ وَلَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. (وَجَازَ) لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ (إجَارَتُهَا بِرِضَاهَا) وَإِلَّا فُسِخَتْ فَإِنْ لَمْ تُفْسَخْ حَتَّى تَمَّتْ فَالْإِجَارَةُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْجَلَّابِ (وَ) جَازَ بِرِضَاهَا (عِتْقٌ عَلَى مَالٍ) مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهَا وَأَمَّا بِمُعَجَّلٍ فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ وَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا فِيهِمَا وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ مُطْلَقًا غَيْرَ الْكِتَابَةِ لِاشْتِرَاطِ الصِّيغَةِ فِيهَا وَلِعَدَمِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فِيهَا وَلِأَنَّهُ جَرَى خِلَافٌ فِي جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا قَوْلُهُ الْآتِيَ وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا (وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ فِي أُمِّ وَلَدِهِ (قَلِيلُ خِدْمَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فَوْقَ مَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَدُونَ مَا يَلْزَمُ الْقِنَّ، وَاللَّازِمُ لِلزَّوْجَةِ وَلَوْ عَلَيْهِ عَجْنٌ وَكَنْسٌ وَإِصْلَاحُ مِصْبَاحٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّفَقَةِ لَا غَزْلٌ وَطَحْنٌ وَتَكَسُّبٌ وَلَوْ أَمَةً أَوْ دَنِيئَةً (وَ) لَهُ (كَثِيرُهَا فِي وَلَدِهَا) الْحَادِثِ (مِنْ غَيْرِهِ) بَعْدَ ثُبُوتِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ لَهَا وَلَهُ غَلَّتُهُ وَإِجَارَتُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَ) لَهُ (أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِمَا) بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ الرَّاجِعِ لِأُمِّ الْوَلَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأَمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوَطْءِ) أَيْ الْفَرْقُ أَنَّ أَمَةَ الْوَلَدِ بِمُجَرَّدِ وَطْءِ أَبِيهِ حَرُمَتْ عَلَى الْوَلَدِ وَأَمَةُ الْمُكَاتَبِ لَا يَحْصُلُ تَلَفُهَا عَلَيْهِ إلَّا بِحَمْلِهَا مِنْ سَيِّدِهِ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ لَمْ تُقَوَّمْ عَلَى السَّيِّدِ لِعَدَمِ تَلَفِهَا عَلَى سَيِّدِهَا. (قَوْلُهُ، وَمِثْلُ أَمَةِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ فِي صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِالْحَمْلِ. (قَوْلُهُ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ) أَيْ إذَا حَمَلَتْ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ. وَقَوْلُهُ وَالْمُحَلَّلَةُ أَيْ إذَا حَمَلَتْ مِمَّنْ حَلَّلَهَا لَهُ سَيِّدُهَا. وَقَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبَةُ أَيْ وَإِذَا وَطِئَهَا سَيِّدُهَا وَحَمَلَتْ مِنْهُ وَاخْتَارَتْ الِانْتِقَالَ عَنْ الْكِتَابَةِ لِأُمُومَةِ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ إذَا اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا وَوَطِئَهَا) أَيْ مُرْتَكِبًا لِلْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى زَوَّجَهَا فَلَا يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَةِ ذَلِكَ الزَّوْجِ فَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ. (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْوَطْءِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ أَيْ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ مِنْ يَوْمِ تَرْكِ الْوَطْءِ السَّابِقِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا اخْتَارَهُ عج وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُهُ عَزْلٌ) أَيْ فَإِذَا كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ وَيَعْزِلُ عَنْهَا فَحَمَلَتْ وَادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ مُدَّعِيًا أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَعْتِقُ بِهِ وَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَدْفَعُهُ عَنْهُ الْعَزْلُ. (قَوْلُهُ) أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ أَيْ فَإِذَا وَطِئَ الْأَمَةَ وَأَنْزَلَ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَدْفَعُهُ كَوْنُ الْوَطْءِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ كَانَ بِدُبُرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ لِلْفَرْجِ فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْ مَاءٍ سَبَقَ لِلْفَرْجِ لِخَبَرِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» . (قَوْلُهُ أَوْ وَطْءٌ بَيْنَ فَخِذَيْنِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَيُنْزِلُ فَحَمَلَتْ وَادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِالْإِنْزَالِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ وَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. (قَوْلُهُ إنْ أَنْزَلَ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْإِنْزَالِ مَا إذَا أَنْزَلَ فِي غَيْرِهَا، أَوْ مِنْ احْتِلَامٍ وَلَمْ يَبُلْ حَتَّى وَطِئَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِنْزَالَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ وَلَوْ بِالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ كَمَا نَقَلَهُ بَهْرَامٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ فِي ح وَالتَّوْضِيحِ، وَأَخَذَهُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ صَرَاحَةَ مُنْتَفٍ وَإِرْجَاعُ قَوْلِهِ إنْ أَنْزَلَ لِجَمِيعِ الْبَابِ اسْتَبْعَدَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَجَازَ إجَارَتُهَا) أَيْ لِخِدْمَةٍ أَوْ رَضَاعٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُفْسَخْ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْإِجَارَةَ إذَا حَصَلَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَلَمْ تَنْفَسِخْ وَاسْتَوْفَيْت الْمَنَافِعَ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ يَفُوزُ بِهَا السَّيِّدُ وَلَا تَرْجِعُ أُمُّ الْوَلَدِ وَلَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَمَا فِي عج مِنْ أَنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِأُمِّ الْوَلَدِ تَأْخُذُهَا مِنْ مُسْتَأْجِرِهَا وَإِنْ قَبَضَهَا السَّيِّدُ وَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا فَقَدْ تَعَقَّبَهُ طفى بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِهِ وَقَدْ نَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يَفُوزُ بِالْأُجْرَةِ وَكَذَا ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْجَلَّابِ. (قَوْلُهُ وَجَازَ بِرِضَاهَا عِتْقٌ عَلَى مَالٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ حُرَّةٌ مِنْ الْآنَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مُؤَجَّلَةً لِشَهْرِ كَذَا أَوْ مُعَجَّلَةً الْآنَ أَيْ وَأَمَّا عِتْقُهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهِمَا وَأَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ عِنْدَهُ فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّرْطُ عَلَيْهَا فِي حَالَةٍ يَمْلِكُ السَّيِّدُ فِيهَا جَبْرَهَا وَقِيلَ يَلْزَمُ كَالْحُرَّةِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ غَيْرُ الْكِتَابَةِ خَبَرُهُ أَيْ مُغَايِرٍ لَهُ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ مُؤَجَّلًا أَوْ مُعَجَّلًا (قَوْلُهُ وَلِعَدَمِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ) أَيْ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُنَافَاةَ لَا تُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَجُوزُ كِتَابَتُهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَمَا وَهُنَا مِنْ جَوَازِ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ فَمُقَيَّدٌ بِرِضَاهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَهُ قَلِيلُ خِدْمَةٍ) نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ مَنْعِهِ مِنْ مَنْعِ إجَارَتِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا. (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ كَأُمِّهِ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ السَّيِّدِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بِرِضَاهُ فَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ اُنْظُرْ بْن وَالظَّاهِرُ فَسْخُ إجَارَتِهِ لِعِتْقِهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَأَمَّا أُمُّهُ إذَا أُوجِرَتْ بِرِضَاهَا فَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَسْخِ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ وَقَالَ أَيْضًا وَيُفْسَخُ إجَارَةُ عَبْدٍ بِعِتْقِهِ اهـ أَمِيرٌ

وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي بَعْضِهَا بِضَمِيرِ الْإِفْرَادِ الرَّاجِحِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَيُعْلَمُ حُكْمُ وَلَدِهَا بِالْمُقَايَسَةِ (وَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْأَرْشِ (فَلِوَارِثِهِ) قَالَهُ الْإِمَامُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِمُورِثِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَنَّهُ لَهَا؛ لِأَنَّ لَهَا حُرْمَةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْقِيَاسُ الْأَوَّلُ، وَمُقْتَضَى أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ مَعَ اسْتِحْسَانِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحَ (وَ) لَهُ (الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) وَلَوْ مَرِضَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) لَهُ (انْتِزَاعُ مَالِهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ) مَرَضًا مَخُوفًا فَإِنْ مَرِضَ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ لِأَنَّهُ يَنْتَزِعُهُ لِغَيْرِهِ وَكَذَا لَهُ انْتِزَاعُ مَالِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى مِنْهَا لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ كَثِيرِ الْخِدْمَةِ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَمْرَضْ لَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيبَةِ (وَكُرِهَ لَهُ) (تَزْوِيجُهَا) مِنْ غَيْرِهِ (وَإِنْ بِرِضَاهَا) الْوَاوُ لِلْحَالِ إذْ بِغَيْرِ رِضَاهَا لَا يَجُوزُ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْجَبْرِ عَلَى النِّكَاحِ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ (وَمُصِيبَتُهَا إنْ) (بِيعَتْ) وَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (مِنْ بَائِعِهَا) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْمُشْتَرِي فَيُرَدُّ الثَّمَنُ لَهُ إنْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَلَا يُطَالِبْ الْمُشْتَرِيَ بِهِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ (وَ) إنْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي لَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا قِنٌّ أَوْ عَالِمًا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ (رُدَّ) عِتْقُهَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ أَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ تَحَرَّرَتْ بِمُجَرَّدِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا قِنٌّ وَيَسْتَحِقُّ سَيِّدُهَا الثَّمَنَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَعَتَقَهَا لَمْ يُرَدَّ عِتْقُهَا لَكِنْ إنْ عَلِمَ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ اسْتَحَقَّ سَيِّدُهَا ثَمَنَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ فَكَّهَا وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهَا فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا قِنٌّ فَالثَّمَنُ لَهُ لَا لِلْبَائِعِ وَالْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (وَفُدِيَتْ) أَيْ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهَا فِدَاؤُهَا (إنْ) (جَنَتْ) عَلَى شَخْصٍ أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا أَوْ غَصَبَتْهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا مَنَعَ بَيْعَهَا فَيَفْدِيهَا (بِأَقَلِّ) الْأَمْرَيْنِ (الْقِيمَةِ) عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ بِدُونِ مَالِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَالْأَرْشِ. (وَإِنْ) (قَالَ) سَيِّدُهَا (فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ (وَلَدَتْ مِنِّي) فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ (وَلَا وَلَدَ لَهَا) ظَاهِرٌ (صُدِّقَ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ) مِنْ غَيْرِهَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَرِثَهُ غَيْرُ كَلَالَةٍ فَتَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذْ لَا تُهْمَةَ وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَلَا ثُلُثٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَادِثِ بَعْدَ إيلَادِهَا. (قَوْلُهُ الرَّاجِعِ لِأُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَلِلسَّيِّدِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ، وَإِذَا قُتِلَتْ لَزِمَ الْجَانِيَ قِيمَتُهَا قِنًّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا وَقَبْلَ قَبْضِ أَرْشِهَا كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لَهُمَا، وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ بَعْضٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَالثَّانِي قَوْلُ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحَ) أَيْ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْمَرْجُوعِ عَنْهُ أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) فَإِنْ مَنَعَتْ الِاسْتِمْتَاعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ لَهَا بِشَائِبَةِ الرِّقِّ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَلِعَدَمِ سُقُوطِ نَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ بِالْعُسْرِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ لِمُنَافَاتِهِ لِلْغَيْرَةِ. (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الرَّاجِحُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ عِيَاضٍ لِسَيِّدِهَا جَبْرُهَا عَلَى التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ وَمُصِيبَتُهَا إنْ بِيعَتْ) أَيْ إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا مُرْتَكِبًا لِلْحُرْمَةِ وَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ فَيُرَدُّ الثَّمَنُ لَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ هَذَا ثَمَرَةُ كَوْنِ مُصِيبَتِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ الْبَائِعِ مَحَلُّهُ إذَا ثَبَتَتْ أُمُومَةُ الْوَلَدِ لَهَا بِغَيْرِ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا مِنْ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِهِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ شَيْءٌ مِمَّا أَنْفَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ خِدْمَتِهَا شَيْءٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهَا بِنَفَقَتِهَا وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْخِدْمَةِ وَيَتَقَاصَّانِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَرُدَّ عِتْقُهَا) أَيْ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ أَدْخَلُ فِي الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَةَ قَدْ يَرُدُّهَا ضِيقُ الثُّلُثِ وَالْمُكَاتَبَةَ قَدْ تَعْجِزُ. (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ سَيِّدُهَا) أَيْ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْوَلَاءُ لَهُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا قِنٌّ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَأَعْتَقَهَا. (قَوْلُهُ فَالثَّمَنُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْبَائِعِ أَيْ وَالْعِتْقُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ. (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا. (قَوْلُهُ أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا) أَيْ بِيَدِهَا أَوْ بِدَابَّتِهَا أَوْ بِحَفْرٍ فِي مَكَان لَا مِلْكَ لَهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفُدِيَتْ إنْ جَنَتْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) هَذَا حُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ إذَا جَنَى فَجِنَايَتُهُ فِي خِدْمَتِهِ فَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ وَتُسَلَّمُ خِدْمَتُهُ فِي الْأَرْشِ فَإِنْ وَفَى رَجَعَ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يَفِيَ عَتَقَ وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْشِ وَإِنَّمَا سُلِّمَتْ خِدْمَتُهُ فِي الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ بِخِلَافِ خِدْمَةِ أُمِّهِ فَإِنَّهَا قَلِيلَةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ سَيِّدُهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقُولَ فِي مَرَضِهِ أَوْلَدْتُهَا فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ يُطْلَقُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ أَصْلًا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا فَقَطْ أَوْ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُطْلَقًا كَأَنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ أَصْلًا فَلَا تَعْتِقُ لَا مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ بَلْ تَبْقَى رِقًّا

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ يُتَّهَمُ فِي إقْرَارِهِ وَلَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَلَا ثُلُثٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ وَإِنْ أَقَرَّ إلَخْ وَمَفْهُومٌ وَلَا وَلَدَ لَهَا مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ مُلْحَقٌ أَوْ اسْتَلْحَقَهُ عِتْقٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْضًا سَوَاءٌ نَسَبَ وِلَادَتَهَا لِصِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا، ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِيلَادِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (أَقَرَّ) سَيِّدٌ (مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ) لِجَارِيَتِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ مِنْهَا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ (بِعِتْقٍ) لِقِنٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (فِي صِحَّتِهِ) وَلَوْ مَعَ وَلَدٍ (لَمْ تَعْتِقْ مِنْ ثُلُثٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَصِيَّةَ (وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ لَا تَكُونُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي صِحَّتِهِ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْعِتْقِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَفْهُومَ شَرْطٍ وَهُوَ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عِتْقُهَا مِنْ الثُّلُثِ إذَا لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ بِعِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ لِأَنَّهُ عِتْقٌ حَصَلَ فِي مَرَضِهِ فَمَخْرَجُهُ الثُّلُثُ. (وَإِنْ) (وَطِئَ شَرِيكٌ) أَمَةً لِلشَّرِكَةِ (فَحَمَلَتْ) (غَرِمَ نَصِيبَ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَفَاتَهَا عَلَيْهِ بِالْحَمْلِ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي وَطْئِهَا أَمْ لَا، وَهَلْ تَقْوِيمُهَا عَلَى الْوَاطِئِ يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ الْحَمْلِ، قَوْلَانِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ أَيْ بِتَمَامِهَا لِأَنَّ غُرْمَ نَصِيبِ الْآخَرِ يَتَضَمَّنُ تَقْوِيمَهَا بِتَمَامِهَا، وَمَفْهُومُ حَمَلَتْ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا قُوِّمَتْ أَيْضًا يَوْمَ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ تُقَوَّمْ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ وَيَغْرَمُ لَهُ الْقِيمَةَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عَاجِلًا وَهَذَا كُلُّهُ إنْ أَيْسَرَ. (فَإِنْ أَعْسَرَ) وَقَدْ حَمَلَتْ (خُيِّرَ) أَوَّلًا فِي إبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَفِي تَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ فَإِنْ اخْتَارَ تَقْوِيمَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ) أَيْ لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ وَلَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَلَا ثُلُثٍ) أَيْ وَتَبْقَى رِقًّا. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ وَإِنْ أَقَرَّ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا لِلْجَمْعِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثَّانِيَةَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فَهِيَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْأُولَى إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَبِهَذَا جَمَعَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا وطفى أَنَّ مَوْضُوعَهُمَا وَاحِدٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْأُولَى صَدَّقَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلَهُ فِي الثَّانِيَةِ لَا يُصَدِّقُ قَوْلَ الْأَكْثَرِ فَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فِيمَا يَأْتِي وَفِيهَا أَيْضًا إنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْقَوْلَانِ فِيهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْقِسْمِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ وَقَوْلُهُ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَيْ مِنْ غَيْرِهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ أَوْ لَا بِأَنْ كَانَ الْوَارِثُ لَهُ وَلَدُهَا فَقَطْ. (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِيلَادِ) أَيْ لِقَوْلِهِ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَيْ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْلِ فِي الْمَرَضِ إذْ مَوْضُوعُ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ) أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ وَلَدٍ) أَيْ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ فِي صِحَّتِهِ سَوَاءٌ وَرِثَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ صُدِّقَ وَعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْإِيلَادِ فَالْخِلَافُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِمَا سَوَاءٌ كَمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنَقَلَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي هَذِهِ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْإِقْرَارِ الْوَصِيَّةَ حَتَّى يَعْتِقَ مِنْ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عِتْقُهَا) أَيْ مَعَ أَنَّهَا لَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَلَا مِنْ ثُلُثٍ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ بِعِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ) أَيْ وَمَفْهُومٌ أَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ وَقَدْ تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ بِالْإِيلَادِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُسْنِدَهُ لِلصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ بِأَنْ يَقُولَ كُنْت أَوَلَدْتُهَا فِي صِحَّتِي أَوْ أَوَلَدْتهَا فِي مَرَضِي فِي جَرَيَانِ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْخِلَافِ وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِالْعِتْقِ فَإِنْ أَسْنَدَهُ لِلصِّحَّةِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْعِتْقِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ لِلْمَرَضِ فَهُوَ تَبَرُّعُ مَرِيضٍ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بِلَا إشْكَالٍ بِخِلَافِ الْإِيلَادِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ بِالْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ مُخَالِفٌ لِإِقْرَارِهِ بِإِيلَادِهَا فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهَا تَعْتِقُ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ عَلَى مَا مَرَّ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ مَفْهُومِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهَا) أَيْ بِعِتْقِ الذَّاتِ الْقِنِّ ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ غُرْمَ نَصِيبِ الْآخَرِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَتَضَمَّنُ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ؛ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الصَّفْقَةِ يَنْقُصُ فَأَيْنَ التَّضَمُّنُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قُوِّمَتْ أَيْضًا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ تُقَوَّمْ عَلَيْهِ) أَيْ لَمْ يَتَعَيَّنْ تَقْوِيمُهَا عَلَيْهِ بَلْ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ أَوْ مُقَاوَاتُهَا وَالْمُزَايَدَةُ فِيهَا حَتَّى يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا وَطِئَهَا فَحَمَلَتْ أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا أَمْ لَا أَوْ لَمْ تَحْمِلْ وَأَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا. (قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ تَغْرِيمُهُ الْقِيمَةَ عَاجِلًا إذَا أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي وَطْئِهَا سَوَاءٌ حَمَلَتْ

خُيِّرَ ثَانِيًا فِي (اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا (يَوْمَ الْوَطْءِ) النَّاشِئِ عَنْهُ الْحَمْلُ فَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ اُعْتُبِرَ يَوْمُ الْحَمْلِ فَالْقِيمَةُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (أَوْ بَيْعُهَا) أَيْ الْحِصَّةُ الَّتِي وَجَبَتْ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ قِيمَتُهَا (لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ مِنْهَا إنْ لَمْ يَزِدْ ثَمَنُ الْحِصَّةِ عَلَى قَدْرِ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَإِلَّا بِيعَ لَهُ مِنْ حِصَّتِهِ بِقَدْرِ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا (وَ) أَنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَمَّا وَجَبَ لَهُ (تَبِعَهُ) أَيْ تَبِعَ مَنْ لَمْ يَطَأْ الْوَاطِئَ (بِمَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ حِصَّتِهِ (وَ) يَتْبَعُهُ (بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ) عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَمْسَكَهَا لِلشَّرِكَةِ أَوْ اتَّبَعَهُ بِالْقِيمَةِ بِلَا بَيْعٍ أَوْ اخْتَارَ بَيْعَهَا لِذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ نَسِيبٌ لَا يُبَاعُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ مِنْهَا فِي يُسْرِهِ لَمْ يَتْبَعْهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَطِئَ وَهُوَ مُوسِرٌ وَجَبَ لِشَرِيكِهِ قِيمَةُ نَصِيبِهِ مِنْهَا بِمُجَرَّدِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ فَتَخَلَّقَ الْوَلَدُ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ فِيهِ حَقٌّ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ وَمِلْكَ شَرِيكِهِ فَتَخَلَّقَ الْوَلَدُ عَلَى مِلْكِهِمَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ أَعْسَرَ إلَخْ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي وَطْئِهَا فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَاتَّبَعَهُ بِالْقِيمَةِ (وَإِنْ) (وَطِئَاهَا) مَعًا أَيْ الشَّرِيكَانِ (بِطُهْرٍ) وَمِثْلُهُمَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي يَطَآهَا فِي طُهْرٍ بِأَنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا كُلٌّ مِنْهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَأَتَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (فَالْقَافَةُ) تَدَّعِي لَهُمَا فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ فَهُوَ ابْنُهُ (وَلَوْ كَانَ) أَحَدُهُمَا (ذِمِّيًّا) وَالْآخَرُ مُسْلِمًا (أَوْ) أَحَدُهُمَا (عَبْدًا) وَالْآخَرُ حُرًّا (فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا) فِيهِ (فَمُسْلِمٌ) أَيْ وَحُرٌّ أَيْ مُسْلِمٌ فِيمَا إذَا كَانَ حُرَّيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ كَافِرٌ وَحُرٌّ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ رَقِيقًا تَغْلِيبًا لِلْأَشْرَافِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ أَشْرَكَتْ فِيهِ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَيَعْتِقُ عَلَى الْحُرِّ لِعِتْقِ نِصْفِهِ عَلَيْهِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ نِصْفُ الثَّانِي وَيَغْرَمُ لِسَيِّدٍ الْعَبْدُ ذَلِكَ (وَوَالَى) الْوَلَدُ الْمُلْحَقُ بِهِمَا (إذَا بَلَغَ أَحَدَهُمَا) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ لَمْ تَحْمِلْ أَوْ وَطِئَهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَحَمَلَتْ إنْ أَيْسَرَ. (قَوْلُهُ خُيِّرَ) أَيْ الشَّرِيكُ وَهُوَ غَيْرُ الْوَاطِئِ. (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحَمْلِ) أَيْ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ لَهُ مِنْ حِصَّتِهِ بِقَدْرِ إلَخْ) أَيْ وَلَا تُبَاعُ الْحِصَّةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا) أَيْ الْحِصَّةُ وَقَوْلُهُ عَمَّا وَجَبَ لَهُ أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ حِصَّتِهِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَمْسَكَهَا لِلشَّرِكَةِ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِكُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ أَوْ اتَّبَعَهُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا بِلَا بَيْعٍ لِلْحِصَّةِ. (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَارَ بَيْعَهَا لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ مِنْهَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوَضْعِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ مَا إذَا أَبْقَاهَا لِلشَّرِكَةِ وَمَا إذَا اتَّبَعَهُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا وَمَا إذَا بِيعَتْ الْحِصَّةُ الَّتِي وَجَبَتْ قِيمَتُهَا لِغَيْرِ الْوَاطِئِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ يَتْبَعُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَبِعْ نَصِيبَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت) أَيْ مِنْ تَخْيِيرِ الشَّرِيكِ أَوَّلًا وَثَانِيًا أَنَّ قَوْلَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَاهَا بِطُهْرَيْنِ وَحَمَلَتْ فَالْحَمْلُ لَاحِقٌ بِالثَّانِي حَيْثُ أَتَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي كَانَ لَاحِقًا بِالْأَوَّلِ إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَا تُدْعَى الْقَافَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَسْتَبْرِئهَا كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ وَطِئَهَا الْبَائِعُ وَبَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَ وَطْئِهِ. (قَوْلُهُ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ فَهُوَ ابْنُهُ) أَيْ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ تُدْعَى الْقَافَةُ فَإِنْ كَانَتْ تَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً فَهُوَ كَالْحَيِّ فَتُلْحِقُهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً فَانْظُرْ هَلْ يَلْحَقُ بِالْحَيِّ أَوْ يَكُونُ بِلَا أَبٍ أَوْ يَكُونُ كَمَنْ إذَا لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْوَاطِئِينَ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَيْ فَإِذَا أَلْحَقَتْهُ بِالْحُرِّ كَانَ حُرًّا وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْعَبْدِ كَانَ رِقًّا وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالذِّمِّيِّ كَانَ كَافِرًا وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَكُونُ وَلَدًا لِلْمُسْلِمِ أَوْ الْحُرِّ حِينَئِذٍ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَافَةٍ أَصْلًا وَلَا عِبْرَةَ بِإِلْحَاقِهَا إنْ أَلْحَقَتْهُ بِذِمِّيٍّ أَوْ بِعَبْدٍ هَذَا ظَاهِرُ مُبَالَغَتِهِ بِلَوْ لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي لُحُوقِهِ لِلذِّمِّيِّ أَوْ الْعَبْدِ إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِ فَلَعَلَّ لَوْ هُنَا لِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ عَلَى غَيْرِ الْغَالِبِ لَا أَنَّهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا فِيهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ هُوَ ابْنٌ لَهُمَا مَعًا. (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ) أَيْ إلَى أَنْ يَبْلُغَ وَيُوَالِيَ وَاحِدًا. (قَوْلُهُ لِعِتْقِ نِصْفِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بِالنُّبُوَّةِ. (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ذَلِكَ) أَيْ قِيمَةَ نِصْفِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ وَوَالَى إذَا بَلَغَ أَحَدَهُمَا) يَعْنِي إنْ شَاءَ وَلَهُ أَنْ لَا يُوَالِيَ أَحَدَهُمَا وَلَا غَيْرَهُمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَالَى أَحَدَهُمَا لُزُومًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِالشَّرِيكَيْنِ أَوْ بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا بَلَغَ فَإِنَّهُ يُوَالِي وَاحِدًا مِنْهُمَا أَيْ يَتَّخِذُهُ وَلِيًّا يَأْوِي إلَيْهِ وَلَا يُوَالِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَصِحُّ فِي الْوَلَدِ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ مُوَالَاةِ أَحَدِهِمَا أُجْبِرَ عَلَيْهَا عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا بَلَغَ كَانَ لَهُ مُوَالَاةُ أَحَدِهِمَا وَلَهُ أَنْ لَا يُوَالِيَ وَاحِدًا لَا مِنْهُمَا وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَحِينَئِذٍ إذَا مَاتَ وَرِثَاهُ مَعًا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَالْوَلَدُ يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ نِصْفِ بُنُوَّةٍ. (قَوْلُهُ إذَا بَلَغَ) أَيْ وَأَمَّا

فَإِنْ وَالَى الْكَافِرَ فَمُسْلِمٌ ابْنُ كَافِرٍ وَإِنْ وَالَى الْعَبْدَ فَحُرٌّ ابْنُ عَبْدٍ؛ لِأَنَّهُ بِمُوَالَاتِهِ لِشَخْصٍ مِنْهُمَا كَانَ ابْنًا لَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَغَيْرُهُ وَفَائِدَةُ الْمُوَالَاةِ الْإِرْثُ وَعَدَمُهُ فَإِنْ وَالَى مُوَافَقَةً فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ تَوَارَثَا وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ أَوْ الْعَبْدُ عَلَى رِقِّهِ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ لَمْ يَرِثْهُ وَكَذَا لَا يَرِثْهُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ لِعَدَمِ مُوَالَاتِهِ لَهُ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ الْكَافِرُ أَوْ عَتَقَ أَبُوهُ الْعَبْدُ وَرِثَهُ دُونَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِمُوَالَاتِهِ لِشَخْصٍ صَارَ ابْنًا لَهُ (كَأَنْ لَمْ تُوجَدْ) قَافَةٌ أَيْ فَحُرٌّ مُسْلِمٌ وَلَهُ إذَا بَلَغَ مُوَالَاةُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ وَيَجْرِي فِيمَا إذَا مَاتَ وَقَدْ وَالَى أَحَدَهُمَا مَا تَقَدَّمَ (وَوَارِثَاهُ) أَيْ الْأَبَوَانِ الْمُشْتَرِكَانِ فِيهِ بِحُكْمِ الْقَافَةِ أَوْ لِعَدَمِ وُجُودِهَا (إنْ مَاتَ) الْوَلَدُ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ مُوَالَاتِهِ أَحَدَهُمَا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ نِصْفُهُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْعَبْدِ أَوْ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ قَبْلَ الْمُوَالَاةِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِرْثِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ مَالٍ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَالَ وَأَخَذَا مَالَهُ إنْ مَاتَ كَانَ أَظْهَرَ. (وَحَرُمَتْ عَلَى مُرْتَدٍّ أُمُّ وَلَدِهِ حَتَّى يُسْلِمَ) فَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ وَعَادَ لَهُ رَقِيقُهُ وَمَالُهُ فَإِنْ قُتِلَ بِرِدَّتِهِ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقِيلَ تَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ كَطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ سَبَبَ حِلِّ أُمِّ الْوَلَدِ الْمِلْكُ وَهُوَ بَاقٍ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَسَبَبَ حِلِّ الزَّوْجَةِ الْعِصْمَةُ وَقَدْ زَالَتْ بِالرِّدَّةِ (وَوُقِفَتْ) أُمُّ وَلَدِهِ (كَمُدَبَّرِهِ إنْ) (فَرَّ) الْمُرْتَدُّ (لِدَارِ الْحَرْبِ) حَتَّى يُسْلِمَ فَتَعُودَ لَهُ أَوْ يَمُوتَ كَافِرًا فَتَعْتِقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَكَذَا مُدَبَّرُهُ وَسَائِرُ مَالِهِ إلَّا أَنَّ مَالَهُ يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيْئًا وَنَصَّ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِلرَّدِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ يُوَالِي كُلًّا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ فَإِنْ وَالَى الْكَافِرَ فَمُسْلِمٌ ابْنُ كَافِرٍ) لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا إذَا كَانَ مَا أَشْرَكْت فِيهِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَغْلِيبًا لِلْأَشْرَافِ وَلَا يَخْرُجُ بِمُوَالَاتِهِ لِلْكَافِرِ عَمَّا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَالَى الْعَبْدَ فَحُرٌّ ابْنُ عَبْدٍ) أَيْ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْأَبِ الْحُرِّ بَعْضُهُ بِالْبُنُوَّةِ وَبَعْضُهُ بِالتَّقْوِيمِ وَعِتْقُهُ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ مُوَالَاتِهِ لِلْأَبِ الرَّقِيقِ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يَخْرُجُ الْوَلَدُ بِمُوَالَاتِهِ لِأَحَدِهِمَا عَمَّا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَمَّا إذَا وَالَى الْحُرَّ الْمُسْلِمَ لِظُهُورِ أَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ ابْنُ حُرٍّ مُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْكَافِرُ) أَيْ الْأَبُ الْكَافِرُ الَّذِي وَالَاهُ الْوَلَدُ عَلَى كُفْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ الْعَبْدُ) أَيْ أَوْ اسْتَمَرَّ الْأَبُ الْعَبْدُ الَّذِي وَالَاهُ الْوَلَدُ عَلَى رِقِّهِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ الْكَافِرُ) أَيْ الَّذِي وَالَاهُ. (قَوْلُهُ دُونَ الْآخَرِ) أَيْ دُونَ الْأَبِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُوَالِهِ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ. (قَوْلُهُ كَأَنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ) أَيْ أَوْ وُجِدَتْ وَلَمْ تُعَيِّنْ أَبًا وَلَمْ تُشْرِكْهُمَا فِيهِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَلَهُ إذَا بَلَغَ مُوَالَاةُ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَهُ مُوَالَاةُ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُمَا بَلْ إمَّا أَنْ يُوَالِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ لَا يُوَالِيَ أَحَدًا لَا مِنْهُمَا وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْقَافَةَ لَمَّا أَشْرَكَتْهُمَا فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَهُمَا وَأَمَّا قَبْلَ الْبُلُوغِ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا فَيُوَالِي كُلًّا مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمِيرَاثِ وَعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ الْمُشْتَرَكَانِ فِيهِ بِحُكْمِ الْقَافَةِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَوَرِثَاهُ إنْ مَاتَ أَوَّلًا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَلِمَا بَعْدَهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ إنْ مَاتَ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ مُوَالَاتِهِ أَحَدَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْأَبَوَانِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ فَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ يُوقَفُ لَهُ مِيرَاثُهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا حَتَّى يَبْلُغَ فَيُوَالِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَيَرِثُهُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَيُرَدُّ مَا وُقِفَ لَهُ مِنْ مِيرَاثِ الْآخَرِ إلَى وَرَثَتِهِ كَمَا فِي بْن هَذَا إذَا مَاتَا بَعْدَ إلْحَاقِهِ بِهِمَا وَقَبْلَ بُلُوغِهِ وَأَمَّا إذَا مَاتَا مَعًا قَبْلَ أَنْ تُرْعَى الْقَافَةُ فَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ ابْنٌ لَهُمَا فَيَرِثُهُمَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَبْقَى لَا أَبٌ لَهُ فَلَا يَرِثُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَإِنْ مَاتَا مَعًا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَقَبْلَ مُوَالَاتِهِ وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ نِصْفِ بُنُوَّةٍ (قَوْلُهُ وَحَرُمَتْ عَلَى مُرْتَدٍّ أُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ فَتُنْزَعُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِالرِّدَّةِ كَمَالِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا وَلَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَهُ فَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ حَلَّتْ لَهُ حَيْثُ أَسْلَمَتْ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا ارْتَدَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ دُونَ سَيِّدِهَا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ حَلَّتْ لَهُ كَعُودِهِ لِلْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ) أَيْ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ حُرْمَتَهَا لَا تَزُولُ بِإِسْلَامِهِ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ) أَيْ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إذَا أَسْلَمَ كَالزَّوْجَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ لِأَشْهَبَ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا حَرُمَ وَطْؤُهَا وَجَبَ عِتْقُهَا كَنَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ وَوُقِفَتْ كَمُدَبَّرِهِ) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا ارْتَدَّ وَفَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ وَتَعَذَّرَتْ اسْتِتَابَتُهُ فَإِنَّ أُمَّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرَهُ يُوقَفَانِ فَإِنْ أَسْلَمَ عَادَا لَهُ وَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَالْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا مُدَبَّرُهُ) أَيْ فَإِنْ أَسْلَمَ عَادَ لَهُ وَإِنْ مَاتَ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ وَهَذَا إذَا كَانَ تُعْلَمُ مَوْتَهُ وَحَيَاتُهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا مِنْهُ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ وَلَوْ زَادَ عَلَى أَمَدِ التَّعْمِيرِ، وَأَمَّا إذَا جُهِلَ حَالُهُ فَإِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تَبْقَى لِأَمَدِ التَّعْمِيرِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْهُ فَقَوْلَانِ قِيلَ يُنْجَزُ عِتْقُهَا مِنْ الْآنِ وَقِيلَ إنَّهَا تَسْعَى فِي النَّفَقَةِ عَلَى نَفْسِهَا إلَى التَّعْمِيرِ اُنْظُرْ بْن وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ يَبْقَى لِأَمَدِ التَّعْمِيرِ إنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ مَالٌ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ ثُمَّ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَانْظُرْ مَاذَا يُفْعَلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَنَصَّ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ مَعَ أَنَّ أَمَتَهُ الْقِنَّ كَذَلِكَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِرِدَّتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ وَإِذَا فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا تُوقَفُ فَإِنْ

[فصل في أحكام الولاء]

عَلَى مَنْ تَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ وَمَنْ قَالَ بِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا، وَلَا مَفْهُومَ لِفَرٍّ وَلَا لِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ هَرَبَ لِغَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ فَكَذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِتَابَتِهِ. (وَلَا تَجُوزُ) (كِتَابَتُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَفُسِخَتْ (وَعَتَقَتْ إنْ) (أَدَّتْ) نُجُومَ الْكِتَابَةِ وَفَاتَ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ وَلَا رُجُوعَ لَهَا فِيمَا أَدَّتْهُ إذْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ وَأَمَّا بِرِضَاهَا فَيَجُوزُ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ عَجْزَهَا عَنْ الْكِتَابَةِ لَا يُخْرِجُهَا عَمَّا ثَبَتَ لَهَا مِنْ أُمُومَةِ الْوَلَدِ. (دَرْسٌ) (فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ) وَعَرَّفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» وَاللُّحْمَةُ بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَقَدْ تُفْتَحُ أَيْ نِسْبَةٌ وَارْتِبَاطٌ كَنِسْبَةِ وَارْتِبَاطِ النَّسَبِ كَالْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (الْوَلَاءُ) ثَابِتٌ (لِمُعْتِقٍ) تَنْجِيزًا أَوْ تَأْجِيلًا أَوْ تَدْبِيرًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ بِسِرَايَةٍ أَوْ تَمْثِيلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَ (بِبَيْعٍ) لِلْعَبْدِ (مِنْ نَفْسِهِ) بِعِوَضٍ مِنْ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ لِسَيِّدِهِ مُعَجَّلٌ أَوْ مُؤَجَّلٌ (أَوْ) كَانَ بِسَبَبِ (عِتْقِ غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِهِ (عَنْهُ بِلَا إذْنٍ) فَأَوْلَى بِإِذْنٍ فَهَذَا دَاخِلٌ فِي الْإِعْيَاءِ، وَعِتْقُ الْغَيْرِ يَشْمَلُ النَّاجِزَ وَلِأَجَلٍ وَالْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ عَنْ فُلَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَسْلَمَ عَادَتْ لَهُ وَإِنْ مَاتَ كَانَتْ فَيْئًا. (قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ) أَيْ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا بِالْحُكْمِ إذَا فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا تُوقَفُ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَمُوتَ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ) أَيْ مُكْرَهًا عَلَى دُخُولِهَا. (قَوْلُهُ فَالْمَدَارُ) أَيْ فِي الْوَقْفِ عَلَى عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِتَابَتِهِ فَمَتَى ارْتَدَّ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِتَابَتِهِ فَإِنَّ أُمَّ وَلَدِهِ وَكَذَا أَمَتَهُ الْقِنَّ تُوقَفُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ بِرِدَّتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ بِغَيْرِ رِضَاهَا) اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَهَا فَظَاهِرٌ بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَعَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ عَلَى عَدَمِ رِضَاهَا وَيَجُوزُ بِرِضَاهَا وَنَحْوِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ الْمُوَافِقَ لِلْمُدَوَّنَةِ فِي الْإِطْلَاقِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَعَتَقَتْ إنْ أَدَّتْ نُجُومَ الْكِتَابَةِ) أَيْ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى تِلْكَ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ. [فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ] ِ (قَوْلُهُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ) أَيْ نِسْبَةٌ وَارْتِبَاطٌ بَيْنَ الْعَتِيقِ وَمُعْتِقِهِ وَقَوْلُهُ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ كَالِارْتِبَاطِ الَّذِي هُوَ النَّسَبُ أَيْ كَالنَّسَبِ الَّذِي بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ، وَوَجْهُ الشُّبْهَةِ أَنَّ الْعَبْدَ حِينَ كَوْنِهِ رَقِيقًا كَالْمَعْدُومِ فِي نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْأَحْرَارِ وَالْمُعْتِقُ صَيَّرَهُ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ مَعْدُومًا وَالْأَبُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ. (قَوْلُهُ وَارْتِبَاطُ النَّسَبِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ) أَيْ وَلَوْ نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ فَنَفْيُهُ عَنْهُ لَغْوٌ كَأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّ الْوَلَاءَ حِينَئِذٍ لِلْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِ أَلْ الْجِنْسِيَّةِ وَكَانَ خَبَرُهُ ظَرْفًا أَوْ جَارًّا وَمَجْرُورًا أَفَادَ الْحَصْرَ أَيْ حَصَرَ الْمُبْتَدَأَ فِي الْخَبَرِ كَالْكَرَمِ فِي الْعَرَبِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ أَيْ لَا كَرَمَ إلَّا فِي الْعَرَبِ وَلَا أَئِمَّةَ إلَّا مِنْ قُرَيْشٍ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا وَلَاءَ إلَّا لِمُعْتِقٍ لَا لِغَيْرِهِ وَيَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْحَصْرِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِعَصَبَةِ الْمُعْتِقِ وَمَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِلَا إذْنٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِتْقِ وَالْمُعْتِقِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَمَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِلَا إذْنٍ وَالْمُنْجَرُّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ فِي حُكْمِ الْمُعْتِقِ أَوْ الْحَصْرُ إضَافِيٌّ أَيْ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ لَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِذَا بَاعَ شَخْصٌ عَبْدًا وَشَرَطَ عَلَى مُشْتَرِيهِ أَنْ يَعْتِقَهُ وَيَجْعَلَ الْوَلَاءَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ، وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ لَا لِلْبَائِعِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْهُ، وَكَوْنُ الْأَجْنَبِيِّ لَا وَلَاءَ لَهُ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَلِمَنْ انْجَرَّ لَهُ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ مُسْتَغْرَقُ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ فَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَجْرُ الْعِتْقِ لِأَرْبَابِ التَّبِعَاتِ وَهَذَا إذَا جُهِلَ أَرْبَابُ التَّبِعَاتِ فَإِنْ عُلِمُوا أَنْ أَجَازُوا عِتْقَهُ مَضَى وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُمْ وَإِنْ رَدُّوهُ رَدَّ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ. (قَوْلُهُ لِمُعْتِقٍ) أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ أَوْ بِسِرَايَةٍ) أَيْ كَمَا فِي عِتْقِ الْجُزْءِ. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَقَرَابَةٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعِتْقُ بِسَبَبِ بَيْعٍ لِلْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ فَإِذَا بَاعَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ بِمَالٍ وَخَرَجَ ذَلِكَ الْعَبْدُ حُرًّا فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي بَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَعْتَقَهُ بِسَبَبِ بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا بَالَغَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ فَأَفَادَ بِالْمُبَالَغَةِ أَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُ وَبَقَائِهِ رَقِيقًا. (قَوْلُهُ أَوْ مُؤَجَّلٍ) أَيْ سَوَاءٌ رَضِيَ بِهِ الْعَبْدُ أَوْ لَا وَمَا فِي عبق مِنْ تَقْيِيدِ الْمُؤَجَّلِ بِكَوْنِ الْعَبْدِ رَضِيَ بِهِ فَهُوَ سَهْوٌ كَمَا قَالَ بْن؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الرِّضَا إنَّمَا هُوَ فِي خُصُوصِ أُمِّ الْوَلَدِ تَعْتِقُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ وَأَمَّا الْقِنُّ فَتَعْتِقُهُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ مُعَجَّلٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ. (قَوْلُهُ فَهَذَا دَاخِلٌ إلَخْ) أَيْ إنَّ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ دَاخِلٍ فِي الْإِعْيَاءِ وَبِجَعْلِهِ دَاخِلًا فِي الْإِعْيَاءِ لَمْ يَأْتِ الْمُصَنِّفُ بِإِنْ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ. (قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ) لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالْأَحْسَنُ لَوْ قَالَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ اتِّفَاقًا وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ

وَشَرْطُ الْمُعْتَقِ عَنْهُ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ فَإِنْ أَعْتِقَ عَنْ عَبْدٍ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَعُودُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَوْلُهُ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ فَهُوَ مُعْتِقٌ حُكْمًا لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ ثُمَّ يَعْتِقُ وَشَمَلَ الْوَلَاءَ بِالْجَرِّ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ) دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بَيْعٍ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعْتِقٍ لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ أَيْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِذَلِكَ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي الْأَسْفَلِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ لَا لِسَيِّدِ سَيِّدِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَسْتَثْنِ السَّيِّدُ الْأَعْلَى مَالَ عَبْدِهِ عِنْدَ عِتْقِهِ لَهُ وَإِلَّا كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ إنْ رَضِيَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ الْعِتْقُ وَكَانَ رَقِيقًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ، وَمِثْلُ مَا لَمْ يَعْلَمْ مَا لَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ حَتَّى عَتَقَ وَأَمَّا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ الْأَعْلَى لِعَبْدِهِ أَوْ أَجَازَ فِعْلَهُ فَالْوَلَاءُ فِي هَذَيْنِ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى كَمَا سَيَأْتِي لَهُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ قَوْلَهُ (إلَّا) (كَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا) سَوَاءٌ مَلَكَهُ مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ فَلَا وَلَاءَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ بَلْ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَعُودُ لَهُ إنْ أَسْلَمَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ كَافِرًا كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ كَافِرًا فَمَالُهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِ قَرَابَةٌ عَلَى دِينِهِ انْتَهَى أَيْ فَإِنْ كَانَ لَهُ قَرَابَةٌ كُفَّارٌ فَالْوَلَاءُ لَهُمْ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يُسْلِمْ الْعَبْدُ فَإِنْ أَسْلَمَ عَادَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ الْمُسْلِمِ بَلْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابَتِهِ وَلَا فَرْقَ. (وَ) إلَّا (رَقِيقًا) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ بَلْ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ (إنْ كَانَ) سَيِّدُهُ (يَنْتَزِعُ مَالَهُ) بِأَنْ كَانَ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا لَمْ يَمْرَضْ سَيِّدُهُ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ كَذَلِكَ أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ إذَا لَمْ يَقْرُبْ الْأَجَلُ وَهَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْعِتْقِ أَوْ أَجَازَ فِعْلَهُ حِينَ عَلِمَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَتَقَ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُجِزْ فِعْلَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى عَتَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَقَالَهُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَوَاءٌ فِي قَوْلِهِمْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ إنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ أَعْتَقَ الْغَيْرُ عَنْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ وَاللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ فِيهِمَا وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ إنْ أَعْتَقَ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ أَعْتَقَ بِإِذْنٍ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْمُعْتَقِ عَنْهُ) أَيْ وَشَرْطُ كَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ أَيْ حُرِّيَّتُهُ وَإِسْلَامُهُ. (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَعُودُ الْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ إذَا عَتَقَ. (قَوْلُهُ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ بِسَبَبِ إعْتَاقِ عَبْدٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ) أَيْ سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ حَتَّى عَتَقَ لِلْعَبْدِ) أَيْ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ) أَيْ وَهُوَ الْعَبْدُ الْأَعْلَى. (قَوْلُهُ وَكَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْأَسْفَلُ رَقِيقًا لِسَيِّدِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ إلَخْ) أَيْ مَا لَوْ عَلِمَ السَّيِّدُ الْأَعْلَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ لِعَبْدِهِ وَسَكَتَ فَلَمْ يَرُدَّهُ وَلَمْ يُجِزْهُ حَتَّى أَعْتَقَ عَبْدُهُ الْمُعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ الْمُعْتِقِ لَا لِسَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ أَذِنَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ تَفْصِيلًا وَذَلِكَ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا عَلِمَ بِعِتْقِهِ عِلْمًا مُصَاحِبًا لِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَبِمَا إذَا أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهِ أَجَازَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَقَبْلَ عِتْقِهِ لِعَبْدِهِ الْمُعْتِقِ وَبِمَا إذَا أَعْتَقَهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهِ سَكَتَ فَلَمْ يَرُدَّهُ وَلَمْ يُجِزْهُ حَتَّى أَعْتَقَ عَبْدُهُ الْمُعْتَقُ الْمُعْتَقَ فَفِي الْأُولَيَيْنِ الْوَلَاءُ لِلْأَعْلَى وَفِي الْأَخِيرَةِ الْوَلَاءُ لِلْأَسْفَلِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ الْمُعْتِقُ مِمَّنْ يُنْتَزَعُ مَالُهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ مَرِضَ سَيِّدُهُمَا مَرَضًا مَخُوفًا وَمُكَاتَبٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَقَرُبَ الْأَجَلُ فَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ لَهُ مُطْلَقًا لَا لِسَيِّدِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ أَوْ رَقِيقًا إنْ كَانَ يُنْتَزَعُ مَالُهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَلَكَهُ مُسْلِمًا) أَيْ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ أَيْ ثُمَّ أَعْتَقَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ) أَيْ أَوْ أَعْتَقَهُ إنْسَانٌ عَنْ ذَلِكَ الْكَافِرِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا وَلَاءَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ) أَيْ وَلَا لِأَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ بَلْ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] . وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ هُنَا بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ لَا بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ إذْ هُوَ ثَابِتٌ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلَوْ كَافِرًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِ الْمَالِ انْتِقَالُهَا. (قَوْلُهُ وَلَا يَعُودُ) أَيْ الْوَلَاءُ لَهُ إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُرُّ عِتْقُهُ وَلَاءَ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَكُونُ وَلَاءُ الْعَتِيقِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ عَادَ الْوَلَاءُ إلَخْ) لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ عَوْدِهِ فِي هَذِهِ وَعَدَمِ عَوْدِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِإِسْلَامِ سَيِّدِهِ قُوَّةُ الْإِسْلَامِ الْأَصْلِيِّ فِي هَذِهِ دُونَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ فِي كِتَابَتِهِ) أَيْ فِي كِتَابَةِ السَّيِّدِ الْمُسْلِمِ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ. (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا وَلَاءَ لِذَلِكَ الرَّقِيقِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ وَلَوْ عَتَقَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ سَيِّدُهُ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ أَوَّلٌ فِي كَوْنِ الرَّقِيقِ لَا وَلَاءَ لَهُ أَبَدًا وَإِنْ عَتَقَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَانٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا إنْ أَذِنَ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الرَّقِيقِ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ إذَا كَانَ عِتْقُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَجَازَ فِعْلَهُ حِينَ عَلِمَ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّقِيقُ مِمَّنْ يُنْتَزَعُ مَالُهُ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِتْقُهُ بِغَيْرِ عِلْمِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ أَوْ عَلِمَ بِهِ وَسَكَتَ

فَالْوَلَاءُ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ لَا لِلسَّيِّدِ كَالْمُكَاتَبِ وَكَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ الْأَجَلُ وَكَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ لَكِنْ بَعْدَ عِتْقِ مَنْ ذَكَرَ وَأَمَّا مَا دَامَ رَقِيقًا فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. (و) مَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْت حُرٌّ أَوْ مَعْتُوقٌ (عَنْ الْمُسْلِمِينَ) جَازَ عِتْقُهُ اتِّفَاقًا، وَ (الْوَلَاءُ لَهُمْ) فَيَكُونُ مَالُهُ إنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ غَيْرِ السَّيِّدِ لِبَيْتِ الْمَالِ لَا لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْغَيْرِ فَيَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَلُونَ عَقْدَ نِكَاحِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى وَيَحْضُنُونَهُ وَلَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لِلْمُسْلِمِينَ (كَسَائِبَةٍ) أَيْ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت سَائِبَةٌ وَقَصَدَ بِهِ الْعِتْقَ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (وَكُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ سَائِبَةً أَوْ مَعْتُوقٌ سَائِبَةً فَيُكْرَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَالَ أَصْبَغُ يَجُوز وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُمْنَعُ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِسَائِبَةٍ فَقَطْ الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقْ فَالتَّشْبِيهُ فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ ضَمَّ لِذَلِكَ أَنْتَ حُرٌّ مَثَلًا أَمْ لَا. (وَإِنْ) أَعْتَقَ كَافِرٌ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ (أَسْلَمَ الْعَبْدُ) الَّذِي أَعْتَقَهُ الْكَافِرُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ عَصَبَةٌ مُسْلِمُونَ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ لَهُمْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ (عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ) لَهُ، وَكَذَا إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ أَوْ أَسْلَمَا مَعًا بِالْأَوْلَى. (وَجَرَّ) الْعِتْقُ أَوْ الْوَلَاءُ أَيْ سَحَبَ (وَلَدَ) الْعَبْدِ (الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَوَلَدُ وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ الْوَلَاءُ لِلرَّقِيقِ الْمُعْتِقِ لَا لِسَيِّدِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الثَّانِي لَوْ كَانَ الرَّقِيقُ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ مُطْلَقًا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْعِتْقِ أَمْ لَا أَجَازَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الْأَسْفَلِ لَا لِلْأَعْلَى. (قَوْلُهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ) أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْعِتْقِ أَوْ أَجَازَ فِعْلَهُ حِينَ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَتَقَ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُجِزْ فِعْلَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى عَتَقَ. (قَوْلُهُ مِنْ ذَكَرٍ) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا دَامَ رَقِيقًا فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ وَلَاءِ الْإِرْثِ وَالْعَبْدُ لَا يَرِثُ (قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ وَفِي الْعِتْقِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَلَيْسَ هُوَ وَاقِعًا فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا مُخَالِفٌ لَهُ وَالْوَاقِعُ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ يَجِبُ مُخَالَفَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا كَانَ مَا هُنَا مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْغَيْرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْغَيْرِ كَمَا أَنَّهُ هُنَا لِلْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لَهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ ذَلِكَ أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ اُسْتُفِيدَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَعْتَقَ غَيْرٌ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ لِأَجَلٍ أَنْ يُشْبِهَ بِهَا مَا بَعْدَهَا فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَهِيَ قَوْلُهُ كَسَائِبَةٍ. (قَوْلُهُ فَيَرِثُونَهُ) أَيْ يَرِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ لِذِي مَنْفَعَتِهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ أَيْ يَدْفَعُونَ دِيَةَ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَتِيقِ خَطَأً وَالْمُرَادُ أَنَّ دِيَتَهُ تُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَيَلُونَ عَقْدَ نِكَاحِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا تَوَلَّى الْقَاضِي عَقْدَهُ فَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا لِكَوْنِهِ قَاضِيًا. (قَوْلُهُ وَيَحْضُنُونَهُ) الْمُرَادُ أَنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْمَحْضُونِ تَكُونُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ عَنْ نَفْسِ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ أَيْ لِلسَّيِّدِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لِلْمُسْلِمِينَ بَلْ وَلَوْ قَالَ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك وَلَا لِأَحَدٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِعِتْقِهِ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُ شَرْعًا، فَقَوْلُهُ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك وَلَا لِأَحَدٍ كَذِبٌ بَاطِلٌ. (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِهِ الْعِتْقَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْعِتْقَ فَلَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ سَائِبَةً فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْعِتْقَ. (قَوْلُهُ وَكُرِهَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْعِتْقُ بِلَفْظِ سَائِبَةٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يَجُوزُ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ أَنْت سَائِبَةٌ أَوْ قَالَ أَنْت حُرٌّ سَائِبَةٌ أَوْ مَعْتُوقِي سَائِبَةٍ وَالسَّائِبَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فِي الْأَنْعَامِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُمْنَعُ) أَيْ الْعِتْقُ بِلَفْظِ السَّائِبَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَ سَائِبَةً فَقَطْ أَوْ حُرٌّ سَائِبَةً وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا نَوَاهُ مَعَ حُرْمَةِ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا يَلْزَمُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَلَاء لَهُمْ) أَيْ وَلَا وَلَاءَ لِلسَّيِّدِ مَا دَامَ كَافِرًا إذْ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا. (قَوْلُهُ عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ) الْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ الْمَوْصُوفِ بِالْعَوْدِ الْمِيرَاثُ وَأَمَّا الْوَلَاءُ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ كَالنَّسَبِ فَكَمَا لَا تَزُولُ الْأُبُوَّةُ إنْ أَسْلَمَ وَلَدُهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ إنْ أَسْلَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَرَّ الْعِتْقُ أَوْ الْوَلَاءُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فَاعِلَ جَرَّ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْعِتْقِ أَوْ الْوَلَاءِ، فَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّل جَرَّ الْعِتْقُ وَلَاءَ وَلَدِ الْمُعْتَقِ، وَالْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي وَجَرَّ الْوَلَاءُ لِعَتِيقٍ وَلَاءَ وَلَدِ الْمُعْتَقِ. (قَوْلُهُ وَلَدَ الْمُعْتَقِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَلَدُ حَجْرًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ كَمَنْ أُمُّهُ حُرَّةٌ وَأَبُوهُ رَقِيقٌ ثُمَّ عَتَقَ الْأَبُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَوَلَاءُ ذَلِكَ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) حَالٌ مِنْ وَلَدِ الْمُعْتَقِ. (قَوْلُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ) أَيْ وَجَرَّ الْعِتْقُ وَلَاءَ وَلَدِ وَلَدِ الْمُعْتَقِ حَالَةَ كَوْنِ وَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَقَوْلُهُ أَيْ يَجُرُّ الْعِتْقُ وَلَاءَ وَلَدِ وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ سَفَلَ الْأَوْلَادُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ جِدًّا إلَّا أَنَّ جَرَّ الْعِتْقِ لِوَلَاءِ أَوْلَادِ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ وَأَوْلَادِهِمْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَا يَجُرُّ عِتْقُ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ الْوَلَاءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَوْلَادِ قَوْمٍ آخَرِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ وَكَذَا عَلَى وَلَدِهِ

وَهَكَذَا (كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ) بِالْفَتْحِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ) بِأَنْ كَانُوا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ حَصَلَ فِيهِمْ لِعَانٌ أَوْ أُصُولُهُمْ أَرِقَّاءَ أَوْ حَرْبِيِّينَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ مُحَقَّقِ الْحُرِّيَّةِ وَلَوْ كَافِرًا ذِمِّيًّا كَانَتْ الْحُرِّيَّةُ أَصْلِيَّةً أَوْ عَارِضَةً بِالْعِتْقِ كَانَ النَّسَبُ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ لَمْ يَجُرَّ عِتْقُهَا وَلَاءَهُمْ فَمَنْ أَعْتَقَ أَمَةً فَتَزَوَّجَهَا حُرٌّ فَأَوْلَدَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ لَهُ وَاسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَ الْكَافِ وَبَعْدَهَا قَوْلَهُ (إلَّا) الْمَنْسُوبَ (لِرِقٍّ) كَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَةِ آخَرَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ أَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عِتْقِهَا فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَجُرُّ عِتْقُهُ وَلَاءَ هَذَا الْوَلَدِ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لِسَيِّدِهِ فَهُوَ رَقِيقٌ لَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ أَيْضًا فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَصَالَةً، وَلَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ لَكَانَ وَلَاءُ وَلَدِهَا لِسَيِّدِهَا وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ (أَوْ عِتْقٍ لِآخَرَ) كَهَذِهِ الصُّورَةِ وَضَابِطُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَعْتِقَ إنْسَانٌ عَبْدَهُ وَيَعْتِقَ آخَرُ أَوْلَادَ الْعَبْدِ لِكَوْنِهِ يَمْلِكُهُمْ (وَ) جَرَّ (مُعْتَقُهُمَا) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ عَائِدٌ عَلَى الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ اللَّذَيْنِ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَيْهِمَا يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً وَهَكَذَا فَإِنَّ وَلَاءَ الْأَسْفَلِ يَنْجَرُّ لِمَنْ أَعْتَقَ الْأَعْلَى، وَكَذَا أَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ. (وَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ التَّاءِ (أَوْ اسْتَلْحَقَ) الْأَبُ وَلَدَهُ الَّذِي نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ (رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ) أَيْ لِمَنْ أَعْتَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِهِ أُنْثَى فَيُوقَفُ عِنْدَهَا وَلَا يَتَعَدَّاهَا الْوَلَاءُ لِأَوْلَادِهَا إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ ذَكَرًا تَعَدَّى الْوَلَاءُ لِأَوْلَادِهِ ثُمَّ يُقَالُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ أُنْثَى وَقَفَ الْوَلَاءُ عِنْدَهَا وَلَا يَتَعَدَّاهَا الْوَلَاءُ لِأَوْلَادِهَا إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَإِلَّا تَعَدَّى وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ ذَكَرًا تَعَدَّى الْوَلَاءُ لِأَوْلَادِهِ وَهَكَذَا يُقَالُ فِيهِمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ. (قَوْلُهُ كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ) أَيْ كَمَا يَجُرُّ وَلَاءُ أَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ الَّذِينَ حَدَثُوا لَهَا بَعْدَ عِتْقِهَا. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا بِاعْتِبَارِ أَوْلَادِ بِنْتِ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ لَمَّا عَلِمْت أَنَّ لِلْمُعْتِقِ الْوَلَاءَ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مَنْ حُرٍّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ كَانُوا أَيْ أَوْلَادُ الْمُعْتَقَةِ بِالْفَتْحِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِهَا وَكَذَا أَوْلَادُ بِنْتِ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ ابْنِهِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَهُمْ أَبٌ شَرْعِيٌّ حُرٌّ. (قَوْلُهُ فَمَنْ أَعْتَقَ أَمَةً إلَخْ) أَيْ وَكَذَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَوُلِدَ لَهُ بِنْتٌ مِنْ أَمَةٍ أَوْ حُرَّةٍ ثُمَّ زَوَّجَ بِنْتَه بِحُرٍّ فَأَتَتْ مِنْهُ بِأَوْلَادٍ فَأَوْلَادُ بِنْتِ ذَلِكَ الْعَتِيقَ وَلَاؤُهُمْ لِأَبِيهِمْ وَعَصَبَتِهِ لَا لِمُعْتِقِ ذَلِكَ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ نَسَبًا مِنْ حُرٍّ. (قَوْلُهُ فَتَزَوَّجَهَا حُرٌّ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ عُرُوضًا بِأَنْ كَانَ عَتِيقًا. (قَوْلُهُ لَمْ يُنْجَرُّ الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ لَهُ) أَيْ بَلْ وَلَاؤُهُمْ لِعَصَبَةِ الْأَبِ إنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَصَالَةً أَوْ لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا عُرُوضًا فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَبَيْتُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ إلَّا الْمَنْسُوبَ لِرِقٍّ) أَيْ إلَّا الْوَلَدَ الْمَنْسُوبَ لِرِقٍّ فَلَا يَجُرُّ وَلَاءُ الْمُعْتَقِ وَلَا وَلَاءُ الْمُعْتَقَةِ وَلَاءَهُ. (قَوْلُهُ كَمَنْ زَوَّجَ إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ ظَاهِرٌ فِي رُجُوعِ قَوْلِهِ إلَّا لِرِقٍّ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَهُوَ أَوْلَادُ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهَا وَهُوَ أَوْلَادُ الْمُعْتَقَةِ فَيُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا أَعْتَقَ جَارِيَةً فَحَدَثَ لَهَا وَلَدٌ بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ ذَلِكَ الْوَلَدُ بِأَمَةِ آخَرَ وَوَلَدَتْ مِنْهُ فَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ الَّتِي أَعْتَقَهَا الْوَلَاءُ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا لَا عَلَى وَلَدِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ) أَيْ وَأَمَّا هِيَ فَلَمْ يَعْتِقْهَا سَيِّدُهَا. (قَوْلُهُ أَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عِتْقِهَا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَوَّرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِمَا إذَا لَمْ يَعْتِقْهَا سَيِّدُهَا وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا كَانَ مِنْ صُوَرِ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ عَتَقَ لِآخَرَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بَعْدَ بِقَوْلِهِ فَلَوْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ قَبْلَ الْعِتْقِ قَدْ مَسَّهُ الرِّقُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ الْوَلَدِ رِقًّا لِسَيِّدِ أُمِّهِ ظَاهِرٌ أَيْضًا إذَا كَانَ الْأَبُ حُرًّا أَصَالَةً فَإِذَا تَزَوَّجَ الْحُرُّ بِأَمَةٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا فَهُوَ رِقٌّ لِسَيِّدِهَا وَلَا بِكَوْنِ وَلَائِهِ لِأَبِيهِ وَلَا لِعَصَبَةِ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَتَقَ لِآخَرَ) أَيْ وَإِلَّا الْوَلَدَ الَّذِي مَسَّهُ عِتْقٌ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُعْتِقِ لِأَبِيهِ فَلَا يَجُرُّ وَلَاءُ أَبِيهِ وَلَاءَهُ. (قَوْلُهُ كَهَذِهِ الصُّورَةِ) الْكَافُ بِمَعْنَى مِثْلِ فَاعِلٍ دَخَلَ وَهِيَ مَا إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَةِ آخَرَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَالْأَمَةُ حَامِلٌ ثُمَّ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ عِتْقِهَا فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِسَيِّدِهَا لَا لِمُعْتِقِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَدْ مَسَّهُ الْعِتْقُ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ مُعْتِقِ أَبِيهِ وَهُوَ مُعْتِقُ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ أَنْ يَعْتِقَ إنْسَانٌ إلَخْ) أَيْ كَمَا مَثَّلْنَا وَكَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُتَزَوِّجًا بِأَمَةِ رَجُلٍ غَيْرِ سَيِّدِهِ وَأَتَى مِنْهَا بِأَوْلَادٍ ثُمَّ إنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ أَعْتَقَهُ وَسَيِّدَ الْأَمَةِ أَعْتَقَهُمْ فَإِنَّ وَلَاءَ الْأَبِ لَا يَجُرُّ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِهِ بَلْ وَلَاءُ الْأَوْلَادِ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ يَمْلِكُهُمْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمْ أَوْلَادُ أَمَتِهِ. (قَوْلُهُ وَجَرَّ مُعْتَقُهُمَا) أَيْ وَجَرَّ وَلَاءُ الْمُعْتِقِ وَالْمُعْتِقَةِ وَلَاءُ مُعْتَقَهُمَا. (قَوْلُهُ وَكَذَا أَوْلَادُهُ) أَيْ أَوْلَادُ الْأَسْفَلِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفَلُوا) أَيْ يُنْجَرُّ وَلَاؤُهُمْ لِمَنْ أَعْتَقَ الْأَعْلَى. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لِأَوْلَادِ الْأَسْفَلِ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَا يُنْجَرُّ وَلَاؤُهُمْ لِمَنْ أَعْتَقَ الْأَعْلَى كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِنْتُ الْعَتِيقِ الْأَسْفَلِ بِحُرٍّ أَصَالَةً أَوْ عُرُوضًا وَأَتَتْ بِأَوْلَادٍ فَلَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَا يُنْجَرُّ وَلَاؤُهُمْ لِمَنْ أَعْتَقَ الْأَعْلَى بَلْ وَلَاؤُهُمْ لِعَصَبَةِ الْأَبِ أَوْ لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَبَيْتُ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَعْتَقَ الرُّبَاعِيَّ

الْأَبَ (مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ وَالْأُمِّ) أَيْ جَدِّ الْأَوْلَادِ وَأُمِّهِمْ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمُعْتَقَةَ بِفَتْحِ التَّاءِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِعَبْدٍ لَهُ أَبٌ عَبْدٌ أَيْضًا وَأَتَتْ مِنْهُ بِأَوْلَادٍ وَأَبُوهُمْ وَجَدُّهُمْ رَقِيقَانِ فَوَلَاءُ أَوْلَادِهَا لِمَنْ أَعْتَقَهَا لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُمْ مِنْ حُرٍّ فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ صَارَ لَهُمْ حِينَئِذٍ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ مِنْ مُعْتِقِ جَدِّهِمْ وَلَوْ أُعْتِقَ الْأَبُ قَبْلَ عِتْقِ الْجَدِّ رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ مِنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ فَلَوْ كَانَ أَبُوهُمْ الرَّقِيقُ نَفَاهُمْ عَنْ نَفْسِهِ بِلِعَانٍ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُمْ بَعْدَ عِتْقِ جَدِّهِمْ أَوْ قَبْلَهُ رَجَعَ الْوَلَاءُ مِنْ مُعْتِقِ جَدِّهِمْ أَوْ قَبْلَهُ رَجَعَ الْوَلَاءُ مِنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ لِمُعْتِقِ الْجَدِّ فَإِذَا عَتَقَ الْأَبُ رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ فَقَدْ رَجَعَ وَلَاؤُهُمْ لِسَيِّدِ أَبِيهِمْ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ وَالْأُمِّ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِلْحَاقِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَهُوَ عَتِيقٌ فَلَاعَنَ فِيهِمْ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُمْ فَالْوَلَاءُ يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ مِنْ سَيِّدِ الْأُمِّ الَّذِي أَعْتَقَهَا وَلَوْ تَأَمَّلْتَ فِي الِانْتِقَالِ وَعَدَمِهِ وَلَاحَظْت الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَالْأُمُّ عَلَى حَقِيقَتِهَا تَارَةً وَبِمَعْنَى أَوْ تَارَةً أُخْرَى لَخَرَجَ لَك مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ (وَالْقَوْلُ) عِنْدَ تَنَازُعِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَمُعْتِقِ الْأُمِّ فِي حَمْلِهَا فَقَالَ سَيِّدُهُ حَمَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا وَقَالَ سَيِّدُهَا بَلْ قَبْلَهُ (لِمُعْتِقِ الْأَبِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَقْتَ عِتْقِهَا فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ (لَا لِمُعْتِقِهَا) لِمُخَالَفَةِ الْأَصْلِ (إلَّا أَنْ) تَكُونَ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَقْتَ عِتْقِهَا أَوْ (تَضَعَ) الْوَلَدَ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) وَمَا تَنْقُصُهَا عَادَةً (مِنْ) يَوْمِ (عِتْقِهَا) فَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِهَا بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْوَضْعِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَطْنِهَا وَقْتَ الْعِتْقِ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ. (وَإِنْ) (شَهِدَ) عَدْلٌ (وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ) أَوْ بِالنَّسَبِ (أَوْ) شَهِدَ (اثْنَانِ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ) مَثَلًا (لَمْ يَثْبُتْ) بِذَلِكَ وَلَاءٌ وَلَا نَسَبٌ (لَكِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُ الْمَالَ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ) وَقَدَّمَ نَحْوَ ذَلِكَ آخِرَ بَابِ الْعِتْقِ وَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَعَدٍّ دَائِمًا فَلَا رَدَاءَةَ فِي بِنَائِهِ لِلْمَجْهُولِ وَأَمَّا عَتَقَ الثُّلَاثِيُّ فَيُسْتَعْمَلُ تَارَةً لَازِمًا وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً مُتَعَدِّيًا وَهُوَ قَلِيلٌ فَبِنَاؤُهُ لِلْمَجْهُولِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ صَارَ لَهُمْ حِينَئِذٍ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ) أَيْ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ. (قَوْلُهُ رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ. (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي حِلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اسْتَلْحَقَ وَقَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ أَبُوهُمْ مِنْ الرَّقِيقِ إلَخْ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّ الْأُمَّ مُعْتَقَةٌ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ إذْ لَوْ تَأَخَّرَ عِتْقُهَا عَنْ الْوِلَادَةِ لَكَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَسَّهُ رِقٌّ وَهُوَ يَمْنَعُ جَرَّ وَلَائِهِ لِمُعْتِقِ جَدِّهِ أَوْ أَبِيهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ إنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِمُعْتِقِ الْجَدِّ أَوْ لِمُعْتِقِ الْأَبِ إذَا كَانَ لَمْ يَمَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِأَنْ تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ عِتْقِهَا أَوْ قَبْلَهُ وَعَتَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَحْمِلَ وَأَمَّا إذَا مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ قِنٌّ ثُمَّ حَمَلَتْ وَهِيَ كَذَلِكَ ثُمَّ عَتَقَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ عَنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ إذَا أُعْتِقَ الْجَدُّ ثُمَّ الْأَبُ أَوْ اسْتَلْحَقَ الْأَبُ الْوَلَدَ بَعْدَ اللِّعَانِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَلَدَ الْمَنْسُوبَ لِرِقٍّ أَوْ مَسَّهُ عِتْقٌ لِآخَرَ لَا يَجُرُّ وَلَاءُ أَبِيهِ وَلَاءَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ أَوْ قَبْلَ عِتْقِ الْجَدِّ يَعْنِي ثُمَّ عَتَقَ الْجَدُّ حَتَّى يَنْجَرَّ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَهُوَ عَتِيقٌ) أَيْ وَتَزَوَّجَ بِعَتِيقَةٍ وَأَتَتْ مِنْهُ بِأَوْلَادٍ. (قَوْلُهُ فَالْوَلَاءُ يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ مِنْ سَيِّدِ الْأُمِّ الَّذِي أَعْتَقَهَا) الْحَاصِلُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادَ الْمَذْكُورِينَ وَلَاؤُهُمْ قَبْلَ اللِّعَانِ لِسَيِّدِ أَبِيهِمْ وَبَعْدَهُ يَنْتَقِلُ لِسَيِّدِ أُمِّهِمْ فَإِذَا كَذَّبَ الْأَبُ نَفْسَهُ وَاسْتَلْحَقَهُمْ انْتَقَلَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِ الْأَبِ مِنْ سَيِّدِ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ) أَيْ وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ بِدُونِهِ احْتِمَالَانِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ عِنْدَ تَنَازُعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ إذَا تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ وَحَمَلَتْ مِنْهُ وَأَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا فَتَنَازَعَ مُعْتِقُ الْأَبِ مُعْتِقُ الْأُمِّ فِي حَمْلِهَا هَلْ هُوَ بَعْدَ عِتْقِهَا أَوْ قَبْلَهُ فَقَالَ مُعْتِقُ الْأَبِ إنَّهُ بَعْدَ عِتْقِهَا وَقَالَ مُعْتِقُ الْأُمِّ إنَّهُ قَبْلَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ فَقَالَ سَيِّدُهُ حَمَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا) أَيْ فَالْوَلَاءُ لِي؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْعَتِيقِ وَلَاؤُهُمْ لِمُعْتِقِ أَبِيهِمْ حَيْثُ لَمْ يَمَسَّهُمْ رِقٌّ لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ سَيِّدُهَا بَلْ قَبْلَهُ) أَيْ فَالْوَلَاءُ لِي؛ لِأَنَّ الرِّقَّ قَدْ مَسَّهُ فِي بَطْنِهَا. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَمْلِهَا وَقْتَ عِتْقِهَا) أَيْ إذْ مَا كُلُّ وَطْءٍ يَكُونُ عَنْهُ حَمْلٌ. (قَوْلُهُ وَمَا تَنْقُصُهَا عَادَةً) أَيْ وَهُوَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَحِينَئِذٍ فَدُونَ السِّتَّةِ وَمَا نَقَصَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ. (قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَطْنِهَا وَقْتَ الْعِتْقِ فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مَسَّهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا هُنَا مِنْ ثَمَرَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا إلَّا لِرِقٍّ أَيْ إلَّا الْوَلَدَ الْمَنْسُوبَ لِرِقٍّ فَلَا يَجُرُّ وَلَاءُ الْمُعْتَقِ وَلَاءَهُ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ مَسُّ الرِّقِّ لَهُ بِبَطْنِ أُمِّهِ فَإِنْ شَكَّ فَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ بِالْوَلَاءِ) أَيْ بِأَنْ شَهِدَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَوْلًى لِهَذَا الْمَيِّتِ أَيْ أَعْتَقَهُ هُوَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَبُوهُ مَثَلًا أَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ ابْنُ مُعْتِقِهِ أَوْ مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ بِالنَّسَبِ) أَيْ بِأَنْ شَهِدَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ. (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الْمَالَ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحَوْزِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِرْثِ. (قَوْلُهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ. (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ) أَيْ عَنْ الْمُعَارَضَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى هُنَا

بِأَنَّ مَحَلَّ الثُّبُوتِ بِهَا إذَا كَانَ فَاشِيًا بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا ابْنَ عَمِّ فُلَانٍ مَوْلَاهُ أَوْ مَا هُنَا وَالْعِتْقُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فَاشِيًا. (وَقُدِّمَ) فِي الْإِرْثِ بِهِ (عَاصِبُ النَّسَبِ) عَلَى عَاصِبِ الْوَلَاءِ وَهُوَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ وَعَصَبَتُهُ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَكُنْ عَاصِبُ نَسَبٍ قُدِّمَ (الْمُعْتِقُ) لَهُ مُبَاشَرَةً عَلَى عَصَبَتِهِ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمُعْتِقُ مُبَاشَرَةً وَرِثَهُ (عَصَبَتُهُ) أَيْ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ. (كَالصَّلَاةِ) عَلَى الْجِنَازَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ تَرْتِيبًا يُحَالُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ التَّرْتِيبَ فِي النِّكَاحِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَالنِّكَاحِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ إلَخْ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ دَنِيَّةً وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمِّ وَابْنِهِ ثُمَّ بَعْدَهُمَا أَبُو الْجَدِّ وَهَكَذَا وَأَمَّا عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْوَلَاءِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَتْ امْرَأَةٌ عَبْدًا وَلَهَا ابْنٌ مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ مِنْهَا فَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَالْوَلَاءُ لِوَلَدِهَا فَإِذَا مَاتَ لَمْ يَنْتَقِلْ الْوَلَاءُ لِأَبِيهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ عَصَبَةٌ وَرِثَهُ بِالْوَلَاءِ (مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ) أَيْ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ فَإِذَا اجْتَمَعَ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ وَمُعْتِقُ أَبِيهِ قُدِّمَ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ عَلَى مُعْتِقِ أَبِيهِ. (وَ) الْوَلَاءُ (لَا تَرِثُهُ) أَيْ لَا تَسْتَحِقُّهُ (أُنْثَى) مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ عَاصِبَةً بِغَيْرِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَإِذَا مَاتَ مَنْ أَعْتِقَ وَلَمْ يَخْلُفْ عَاصِبًا ذَكَرًا فَإِرْثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِبَنَاتِهِ وَلَا لِأَخَوَاتِهِ انْفَرَدْنَ أَوْ اجْتَمَعْنَ وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ وَحْدَهُ وَلَوْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَابْنِ عَمٍّ فَلِابْنِ الْعَمِّ فَقَطْ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ (إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ) الْأُنْثَى (بِعِتْقٍ) مِنْهَا فَإِنْ أَعْتَقَتْ فَالْوَلَاءُ لَهَا وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُبَاشِرْ الْعِتْقَ كَانَ أَوْضَحَ (أَوْ جَرَّهُ) أَيْ الْإِرْثُ إلَيْهَا (وَلَاءً بِوِلَادَةٍ) لِمَنْ أَعْتَقَتْهُ (أَوْ عِتْقٍ) لَهُ أَيْ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ جَرَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ هُوَ مَفْهُومُ لَمْ تُبَاشِرْهُ أَيْ فَإِنْ بَاشَرَتْهُ أَوْ جَرَّهُ إلَخْ وَرِثَتْهُ أَوْ عَطْفٌ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي الْعِتْقِ عَلَى طَرِيقَةٍ وَمَشَى فِي الشَّهَادَاتِ عَلَى طَرِيقَةٍ أُخْرَى وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ إذَا كَانَ السَّمَاعُ بِبَلَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتَانِ بِهَا. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ فَاشِيًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّمَاعُ بِبَلَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ فِي الْإِرْثِ بِهِ إلَخْ) أَيْ بِالْوَلَاءِ وَفِيهِ أَنَّ عَاصِبَ النَّسَبِ لَيْسَ وَارِثًا بِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقُدِّمَ فِي إرْثِ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ إذَا مَاتَ عَاصِبُ النَّسَبِ عَلَى عَاصِبِ الْوَلَاءِ فَعَاصِبُ النَّسَبِ مِثْلُ ابْنِ الْعَتِيقِ وَأَبِيهِ وَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَأَبْنَائِهِمَا وَعَاصِبُ الْوَلَاءِ هُوَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ وَعَصَبَتُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَصَبَةَ الْوَلَاءِ كَمَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ عَصَبَةُ الْعَتِيقِ مِنْ النَّسَبِ كَذَلِكَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَرِثُ الْعَتِيقَ بِالْفَرْضِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَكِنْ لَمَّا كَانَ عَصَبَةُ النَّسَبِ مُشَارِكِينَ لِعَصَبَةِ الْوَلَاءِ فِي كَوْنِهِمْ عَصَبَةً رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مُشَارَكَتُهُمْ لَهُمْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ عَاصِبَ النَّسَبِ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ وَتَرَكَ أَصْحَابَ الْفُرُوضِ لِعَدَمِ تَوَهُّمِ دُخُولِ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ مَعَهُمْ لِتَقْدِيمِهِمْ عَلَى الْعَصَبَةِ مُطْلَقًا فَلَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِأَصْحَابِ الْفُرُوضِ مَعَ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ وَهَلَّا قَالَ وَقُدِّمَ أَصْحَابُ الْفُرُوضِ وَعَاصِبُ النَّسَبِ عَلَى عَاصِبِ الْوَلَاءِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) أَيْ الْمُعْتَصِبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا الْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ تَرْتِيبٌ) أَيْ لِلْعَصَبَةِ. (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ) أَيْ وَلَا يَكُونُ الْجَدُّ مُسَاوِيًا لِلْأَخِ وَمُقَدَّمًا عَلَى ابْنِهِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ. (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ ثُمَّ وَهُوَ عَمُّ الْعَمِّ ثُمَّ ابْنُ ابْنِهِ ثُمَّ جَدُّ الْجَدِّ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ ابْنُ ابْنِهِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمُعْتِقُ مُبَاشَرَةً وَرِثَهُ عَصَبَتُهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يَنْتَقِلْ الْوَلَاءُ لِأَبِيهِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا الْخَبَرُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ عَامًّا فِي كُلِّ حَقٍّ مَخْصُوصٍ بِبَعْضِ الْحُقُوقِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ) أَيْ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ لِذَلِكَ الْعَتِيقِ. (قَوْلُهُ فَإِذَا اجْتَمَعَ إلَخْ) التَّفْرِيعُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ عِتْقٍ لِآخَرَ لَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ أَوْ يَقُولُ فَلَوْ اجْتَمَعَ مُعْتِقُ الْعَتِيقِ أَوْ عَصَبَةُ مُعْتِقِهِ وَمُعْتِقُ مُعْتِقِهِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ قُدِّمَ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ عَلَى مُعْتِقِ أَبِيهِ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا مَسَّهُ عِتْقٌ لِآخَرَ لَا يَجُرُّ وَلَاؤُهُ وَلَاءُ أَبِيهِ وَلِأَنَّ مُعْتِقَ الْعَتِيقِ يُدْلِي لَهُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مُعْتِقِ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يُدْلِي لَهُ بِوَاسِطَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَرِثُهُ أُنْثَى إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ بِعِتْقٍ) أَيْ إنْ لَمْ تُبَاشِرْ الشَّخْصَ الْعَتِيقَ بِعِتْقٍ أَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَكُونَ هَذَا شَرْطًا فِيمَا قَبْلَهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مَعَ مُبَاشَرَتِهَا لِلْعَتِيقِ بِالْعِتْقِ لَا تَرِثُ الْوَلَاءَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ أَصْلًا نَعَمْ يُورَثُ الْمَالُ بِهِ وَأَجَابَ شَارِحُنَا بِجَوَابٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَا تَرِثُهُ أُنْثَى أَيْ لَا تَسْتَحِقُّهُ أُنْثَى إنْ لَمْ تُبَاشِرْ الْعَتِيقَ بِعِتْقٍ وَإِلَّا كَانَ الْوَلَاءُ لَهَا وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْمَعْنَى وَالْوَلَاءُ لَا تَرِثُ بِهِ أُنْثَى إنْ لَمْ تُبَاشِرْ الشَّخْصَ الْعَتِيقَ بِعِتْقٍ وَإِلَّا وَرِثَتْهُ بِهِ. (قَوْلُهُ فَإِرْثُهُ) أَيْ الْعَتِيقِ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِبَنَاتِهِ أَيْ لِبَنَاتِ مَنْ أُعْتِقَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ) أَيْ الْمُعْتَقُ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ وَحْدَهُ وَكَذَا إذَا مَاتَ عَنْ أَخٍ وَأُخْتٍ فَالْوَلَاءُ لِلْأَخِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ) أَيْ إنْ لَمْ تُبَاشِرْ الْأُنْثَى الْعَتِيقَ بِعِتْقٍ. (قَوْلُهُ أَوْ جَرَّهُ) أَيْ الْإِرْثَ أَيْ إرْثَ الْوَلَاءِ بِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ عِتْقٍ لَهُ) الْأَوْلَى أَوْ عِتْقٍ مِنْهُ أَيْ صَدَرَ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ

مَدْخُولِ النَّفْيِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْ إنْ انْتَفَى مُبَاشَرَتُهَا الْعِتْقَ أَوْ جَرّه وَلَوْ قَالَ أَوْ يَجُرُّهُ بِالْمُضَارِعِ الْمَعْطُوفُ عَلَى تُبَاشِرْ كَانَ أَوْضَحَ يَعْنِي أَنَّهُ لَا حَظَّ لِأُنْثَى فِي الْوَلَاءِ إلَّا أَنْ تُبَاشِرَ الْعِتْقَ أَوْ يَنْجَرَّ إلَيْهَا الْوَلَاءُ بِوِلَادَةٍ لِمَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ بِعِتْقٍ صَدَرَ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ وَحَاصِلُ قَوْلِهِ بِوِلَادَةٍ أَنَّ وَلَدَ مَنْ أَعْتَقَتْهُ وَوَلَاؤُهُ لَهَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَوَلَدَ الْوَلَدِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْوَلَدِ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ أُنْثَى كَبِنْتِ مَنْ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ أَوْلَادَهَا إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَا وَلَاءَ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَهَا الْوَلَاءُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ إلَخْ. (وَلَوْ) (اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ أَبَاهُمَا) فَعَتَقَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً بِنَفْسِ الْمِلْكِ (ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا) أَوْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وَجْهِ الْمِلْكِ وَأَعْتَقَتْهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَوَرِثَهُ الِابْنُ وَالْبِنْتُ بِالنَّسَبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لَا بِالْوَلَاءِ سَوِيَّةً لَتَقَدُّمِ الْإِرْثِ بِالنَّسَبِ عَلَى الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ) مَوْتِ (الْأَبِ) الْمُعْتِقِ لَهُ (وَرِثَهُ الِابْنُ) وَحْدَهُ دُونَ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ الْمُعْتَقِ مِنْ النَّسَبِ وَهِيَ مُعْتِقَةٌ لِنِصْفِ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةِ الْمُعْتِقِ نَسَبًا تَقَدَّمَ عَلَى مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ بَلْ لَوْ اشْتَرَتْهُ الْبِنْتُ وَحْدَهَا لَكَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْأَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ابْنٌ أَصْلًا وَكَانَ لِلْأَبِ عَمٌّ أَوْ ابْنُ عَمٍّ لَكَانَ الْإِرْثُ مِنْ الْعَبْدِ لِلْعَمِّ أَوْ ابْنِهِ دُونَ الْبِنْتِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْإِرْثَ بِالنَّسَبِ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ وَمَفْهُومٌ بَعْدَ الْأَبِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ وَرِثَهُ الْأَبُ فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الْمَالُ بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا تَرَكَهُ الْعَبْدُ صَارَ مَالًا لِأَبِيهِمَا (وَإِنْ) (مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ الْعَبْدِ يُرِيدُ وَبَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الِابْن وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْبِنْتُ (فَلِلْبِنْتِ) مِنْ مَالِ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ (النِّصْفُ لِعِتْقِهَا نِصْفَ) أَبِيهَا (الْمُعْتِقِ) لِلْعَبْدِ (وَالرُّبُعُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ أَبِيهِ) أَيْ أَبِي الِابْنِ الَّذِي هُوَ أَخُوهَا وَأَبُوهُ يَعْنِي أَنَّهَا بَعْدَ أَنْ أَخَذَتْ النِّصْفَ بِالْوَلَاءِ لِكَوْنِهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَ مَنْ أَعْتَقَهُ يَكُونُ النِّصْفُ الثَّانِي لِمَوَالِي أَبِيهَا أَيْ لِمَنْ أَعْتَقَ نِصْفَهُ الْآخَرَ وَهُوَ الِابْنُ وَهُوَ أَخُوهَا فَلَهَا نِصْفُهُ وَهُوَ رُبُعُ جَمِيعِ الْمَالِ فَصَارَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ التَّرِكَةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَخَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْعَبْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ أَيْ تَسْتَحِقُّ وَلَاءَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي اُنْجُرَّ إلَيْهَا بِالْوِلَادَةِ أَوْ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ مَدْخُولُ النَّفْيِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّ لَمْ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَاضِي. (قَوْلُهُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا) تَعْمِيمٌ فِي وَلَدِ مَنْ أَعْتَقَتْهُ وَإِنَّمَا جَمَعَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ فِي وَلَدِ الذَّكَرِ الَّذِي أَعْتَقَتْهُ وَأَمَّا أَوْلَادُ الْأَمَةِ الَّتِي أَعْتَقَتْهَا إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَا وَلَاءَ لَهَا عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ ثَبَتَ لَهَا الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَقَوْلُهُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ كَذَلِكَ أَيْ لَهَا الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْوَلَدِ أُنْثَى وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَوْلَادَ مَنْ أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ إذَا كَانَ ذَكَرًا لَهَا وَلَاؤُهُمْ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَكَذَلِكَ أَوْلَادُ وَلَدِ مَنْ أَعْتَقَتْهُ لَهَا وَلَاؤُهُمْ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا إذَا كَانَ وَلَدُ الْعَتِيقِ ذَكَرًا وَأَمَّا إذَا كَانَ وَلَدُ الْعَتِيقِ أُنْثَى فَلَا وَلَاءَ لَهَا عَلَى أَوْلَادِهِ إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَهَا وَلَاؤُهُمْ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مَنْ أَعْتَقَتْهُ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا وَلَاءَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى أَوْلَادِ الْعَتِيقَةِ إنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَإِلَّا كَانَ لَهَا الْوَلَاءُ عَلَيْهِمْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ مِنْ النَّسَبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الِابْنَ عَصَبَةُ الْمُعْتَقِ مِنْ النَّسَبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِابْنَ وَالْبِنْتَ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ وَزَادَ الْوَلَدُ عَلَى الْبِنْتِ بِكَوْنِهِ عَصَبَةً لِلْمُعْتِقِ وَعَصَبَةُ الْمُعْتِقِ تُقَدَّمُ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ عَلَى مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ، قَدْ غَلِطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ حَيْثُ جَعَلُوا إرْثَ الْعَبْدِ بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ سَوِيَّةً وَهْمًا مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ جَرَّهُ الْوَلَاءُ لَهُمَا بِسَبَبِ عِتْقِ أَبِيهِمَا لَهُ نَاسِينَ أَنَّ عَاصِبَ الْمُعْتِقِ نَسَبًا مُقَدَّمٌ عَلَى مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ. (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ اشْتَرَتْهُ) أَيْ الْأَبَ وَحْدَهَا أَيْ ثُمَّ عَتَقَ عَلَيْهَا وَاشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ وَمَاتَ الْأَبُ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ وَقَوْلُهُ لَكَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَ أَيْ وَهُوَ اخْتِصَاصُ الِابْنِ بِمِيرَاثِ الْعَبْدِ وَلَا تَرِثُ الْبِنْتُ مِنْهُ شَيْئًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ كَوْنَ الْأَبِ مُشْتَرَكًا لَيْسَ شَرْطًا فِي اخْتِصَاصِ الْأَبِ بِمِيرَاثِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ مَاتَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا أَنَّ مِثْلَ الِابْنِ فِي إرْثِهِ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ دُونَ الْبِنْتِ سَائِرُ عَصَبَةِ الْأَبِ كَعَمِّهِ وَابْنِ عَمِّهِ. (قَوْلُهُ وَكَانَ الْأَبُ عَمَّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْحَالَتَيْنِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْإِرْثَ بِالنَّسَبِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا إرْثٌ بِالنَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْعَمَّ وَابْنَ الْعَمِّ الْمَذْكُورَيْنِ لَا نَسَبَ لَهُمَا بِالْعَبْدِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ عَصَبَةَ الْمُعْتِقِ تُقَدَّمُ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ عَلَى مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] أَيْ لَا بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّ إرْثَهُمَا لَهُ بِالنَّسَبِ لَا بِالْوَلَاءِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْإِرْثَ بِالنَّسَبِ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا) أَيْ بِأَنْ مَاتَ الْأَبُ أَوَّلًا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ الْعَبْدُ وَبَقِيَتْ الْبِنْتُ. (قَوْلُهُ فَلِلْبِنْتِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيْ وَالرُّبُعُ الرَّابِعُ لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً وَلِبَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً. (قَوْلُهُ لِعِتْقِهَا نِصْفَ أَبِيهَا إلَخْ) أَيْ فَلَمَّا أَعْتَقَتْ نِصْفَ أَبِيهَا جَرَّ عِتْقُهَا لَهُ الْوَلَاءَ لِنِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبُوهَا. (قَوْلُهُ وَالرُّبُعُ) أَيْ وَلَهَا الرُّبُعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ نِصْفَ وَلَاءِ أَخِيهَا انْجَرَّ إلَيْهَا بِعِتْقِهَا لِنِصْفِ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ إنَّهَا بَعْدَ أَنْ أَخَذَتْ النِّصْفَ) أَيْ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ نِصْفَ مَنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ مَنْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ. (قَوْلُهُ لِمَوَالِي أَبِيهَا) أَيْ لِبَقِيَّةِ مَوَالِي أَبِيهَا. (قَوْلُهُ فَلَهَا نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ

[باب ذكر فيه أحكام الوصايا وما يتعلق بها]

فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْعَبْدِ فَكَيْفَ تَرِثُهُ الْأُخْتُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بِمَوْتِ أَخِيهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ مَا تَرَكَهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَرَكَهُ نِصْفُ الْوَلَاءِ وَهِيَ تَرِثُ مِنْ أَخِيهَا نِصْفَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا تَرِثُهُ أُنْثَى كَمَا تَقَدَّمَ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ إرْثَهَا الرُّبُعَ بِفَرْضِ حَيَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى إرْثِهَا مِنْ الْعَبْدِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى إرْثِهَا مِنْ أَبِيهَا حَيْثُ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ فَقَالَ (وَإِنْ) (مَاتَ الِابْنُ) وَوَرِثَهُ الْأَبُ (ثُمَّ) مَاتَ (الْأَبُ) (فَلِلْبِنْتِ) مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا (النِّصْفُ بِالرَّحِمِ) أَيْ النَّسَبِ فَرْضًا (وَالرُّبُعُ بِالْوَلَاءِ) الَّذِي لَهَا فِي أَبِيهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفًا (وَ) لَهَا (الثَّمَنُ بِجَرِّهِ) أَيْ بِسَبَبِ جَرِّ الْوَلَاءِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الرُّبُعَ الْبَاقِيَ لِأَخِيهَا الَّذِي مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ تَرِثُ مِنْهُ نِصْفَهُ وَنِصْفُ الرُّبُعِ ثُمُنٌ وَفِيهِ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ (دَرْسٌ) (بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ مُوصٍ وَمُوصَى لَهُ وَمُوصَى بِهِ وَصِيغَةٌ وَذَكَرَ أَوَّلَهَا مَعَ شُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (صَحَّ) (إيصَاءُ حُرٍّ) لَا رَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ (مُمَيِّزٍ) لَا مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ وَسَكْرَانَ غَيْرِ مُمَيَّزَيْنِ حَالَ الْإِيصَاءِ (مَالِكٍ) لِلْمُوصَى بِهِ مِلْكًا تَامًّا فَمُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمَا (وَإِنْ) كَانَ الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ (سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ أَنْفُسِهِمَا فَلَوْ مُنِعَا مِنْ الْوَصِيَّةِ لَكَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ غَيْرِهِمَا وَهُوَ الْوَارِثُ (وَهَلْ) مَحِلُّ صِحَّةِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ (إنْ لَمْ يَتَنَاقَصْ قَوْلُهُ) بِأَنْ لَا يَخْلِطَ فِي الْكَلَامِ فَإِنْ خَلَطَ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ أَوَّلَهُ مِنْ آخِرِهِ لَمْ تَصِحَّ (أَوْصَى بِقُرْبَةٍ) فَإِنْ أَوْصَى بِمَعْصِيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّصْفِ الْآخَرِ وَهُوَ الرُّبُعُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ أَخُوهَا وَلَا وَارِثَ لَهُ بِالنَّسَبِ انْتَقَلَ إرْثُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ وَأُخْتِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَوَالِي أَبِيهِ إذْ لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ وَهِيَ تَرِثُ مِنْ أَخِيهَا نِصْفَ مَا تَرَكَ. (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ أَيْضًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ الْبِنْتَ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ النِّصْفِ الْبَاقِي لَكِنَّهُ قُدِّرَ حَيَاةُ أَخِيهَا بَعْدَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَإِرْثِهِ لِلنِّصْفِ الْبَاقِي فَلِذَا وَرِثَتْ نِصْفَ ذَلِكَ النِّصْفِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ) أَيْ وَقَدْ كَانَتْ اشْتَرَتْهُ هِيَ وَأَخُوهَا وَعَتَقَ عَلَيْهِمَا بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا فِي هَذِهِ وَأَعْتَقَهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ عَبْدًا كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ اشْتَرَى فَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ الْأَبُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْبِنْتُ. (قَوْلُهُ سَبْعَةُ أَثْمَانِهَا) أَيْ وَالثُّمُنُ الْبَاقِي لِمَوَالِي أُمِّ أَخِيهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَقَةً وَلِبَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا أَعْتَقَتْ نِصْفَهُ) أَيْ فَلَمَّا أَعْتَقَتْ نِصْفَهُ أَخَذَتْ مَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ وَنِصْفُ الْبَاقِي لِلْعَاصِبِ رُبُعٌ وَالرُّبُعُ الثَّانِي لِأَخِيهَا الْمُشَارِكِ لَهَا فِي عِتْقِ الْأَبِ يَنْجَرُّ لَهَا نِصْفُهُ بِعِتْقِهَا لِنِصْفِ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ تَرِثُ مِنْهُ نِصْفَهُ) أَيْ يَنْجَرُّ لَهَا نِصْفُهُ بِعِتْقِهَا لِنِصْفِ أَبِيهِ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ) أَيْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِابْنَ هُنَا مَاتَ قَبْلَ الْأَبِ فَكَيْفَ تَرِثُ مِنْهُ الْبِنْتُ مَا لَمْ يَرِثُهُ وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ [بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْوَصَايَا) هِيَ جَمْعُ وَصِيَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ وَصَّيْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إذَا وَصَّلْته بِهِ كَأَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا أَوْصَى بِهَا وَصَلَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا قَبْلَهُ فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ يُقَالُ أَوْصَيْت لَهُ أَيْ بِمَالٍ وَأَوْصَيْت إلَيْهِ أَيْ جَعَلْته وَصِيًّا فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ ابْنُ عَرَفَةَ الْوَصِيَّةُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا الْفُرَّاضِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ اهـ وَقَوْلُهُ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى حَقًّا وَقَوْلُهُ لَا الْفُرَّاضُ أَيْ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ خَاصَّةٌ بِالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ مَعَ شُرُوطِهِ) أَيْ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ. (قَوْلُهُ مُمَيِّزٌ) فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ عَلَى عبق إنَّ الْمُوصِيَ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَقَعَتْ فِي حَالَةِ التَّمْيِيزِ. (قَوْلُهُ مَالِكٌ لِلْمُوصَى بِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ لِئَلَّا يُنَاقِضَهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا. (قَوْلُهُ فَمُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ إلَخْ) تَعَقَّبَ شَيْخُنَا بِأَنَّ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ مِنْ أَفْرَادِ غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَيْسَ خَارِجًا بِقَيْدِ التَّمَامِ وَإِنَّمَا خَرَجَ بِهِ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ وَهُوَ قَدْ خَرَجَ بِالْحُرِّيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ التَّمَامِ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ مَالِكٌ لِمَا بِيَدِهِ وَإِلَّا لِمَا وُفِّيَتْ مِنْهُ دُيُونُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ عِتْقَهُ مَاضٍ حَيْثُ أَرْبَابُ التَّبِعَاتِ نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَوْ رُزِقَ بِمَا يَفِي لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفِيهًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ كَمَا فِي ح قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِذَا تَدَايَنَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ فَيَجُوزُ مِنْ ثُلُثِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا بَاعَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ بَيْعَهُ حَتَّى مَاتَ يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ ابْنُ زَرْقُونٍ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَنَحْوَهُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّتْ وَصِيَّتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ قَوْلُهُ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وَصِيَّةِ الْبَالِغِ أَيْضًا وَكَأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّصَ الصَّبِيَّ بِذَلِكَ نَظَرًا لِشَأْنِهِ مِنْ حُصُولِ التَّنَاقُضِ مِنْهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِخَمْسَةٍ أَوْصَيْت لَهُ بِعَشْرَةٍ. (قَوْلُهُ أَوْ مَحِلُّ الصِّحَّةِ إنْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَنَاقَضَ فِي وَصِيَّتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ أَحَدٌ إذْ مَعَ التَّنَاقُضِ لَا يُلْتَفَتُ لِلْوَصِيَّةِ وَلَوْ مِنْ بَالِغٍ. (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمُبَاحَ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ بِالْمُحَرَّمِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى

أَيْ بِمَالٍ يُصْرَفُ فِي مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ لَمْ تَصِحَّ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِهَا وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ ابْن عَشْرِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَاطٌ فَالتَّأْوِيلَانِ فِي تَفْسِيرِ الِاخْتِلَاطِ وَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ وَأَنَّهُ لَا يَخُصُّ الصَّبِيَّ فَتَأَمَّلْ (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَ الْمُوصِي (كَافِرًا إلَّا) أَنْ يُوصِيَ (بَكَخَمْرٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ (لِمُسْلِمٍ) . وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّانِيَ وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ بِقَوْلِهِ (لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ) أَيْ يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لِمَنْ يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ (كَمَنْ سَيَكُونُ) مِنْ حَمْلٍ مَوْجُودٍ أَوْ سَيُوجَدُ فَيَسْتَحِقُّهُ (إنْ اسْتَهَلَّ) صَارِخًا وَيَقُومُ مَقَامَ الِاسْتِهْلَالِ كَثْرَةُ رَضْعِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ، وَغَلَّةُ الْمُوصَى بِهِ قَبْلَ الْوَضْعِ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي إذْ الْوَلَدُ الْمُوصَى لَهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهِ حَيًّا حَيَاةً مُحَقَّقَةً (وَوَرَعَ) الْمُوصَى بِهِ إنْ وَلَدَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ (لِعَدَدِهِ) أَيْ عَلَى عَدَدِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ نَصَّ عَلَى تَفْضِيلٍ عُمِلَ بِهِ. وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (بِلَفْظٍ) يَدُلُّ (أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ لَا عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُ كَمَا سَيَتَّضِحُ لَك. (قَوْلُهُ فَالتَّأْوِيلَانِ فِي تَفْسِيرِ الِاخْتِلَاطِ) أَيْ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ التَّنَاقُصُ وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ مَا أَوْصَى بِهِ أَوْ الْمُرَادُ الْإِيصَاءُ بِغَيْرِ قُرْبَةٍ وَالْأَوَّلُ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ وَأَمَّا قَوْلُهَا إنْ أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ فَمَعْنَاهُ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَالتَّأْوِيلَانِ فِي تَفْسِيرِ لَفْظِ الِاخْتِلَاطِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا وَاقِعًا فِي الْمَذْهَبِ بَلْ هُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ رَاجِعٌ لِفَهْمِ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فِي الْوَاقِعِ فَإِذَا أَوْصَى بِقُرْبَةٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَنَاقُضٌ كَانَتْ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا وَإِذَا تَنَاقَضَ أَوْ أَوْصَى بِغَيْرِ قُرْبَةٍ فَبَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا كَذَا قَرَّرَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا وبن أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى قَوْلِهَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ هَلْ مَعْنَاهُ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ وَهُوَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَوْ أَنَّ مَا بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ التَّنَاقُضِ فِي قَوْلِهِ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْوَصِيَّةِ بِقُرْبَةٍ فَإِذَا أَوْصَى لِسُلْطَانٍ مَثَلًا فَالْوَصِيَّةُ عَلَى مَا لِأَبِي عِمْرَانَ وَغَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى مَا قَالَ اللَّخْمِيُّ كَذَا قَرَّرَ الْعَلَّامَةُ عج تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ أَيْ وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ وَيُوصِي بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ. (قَوْلُهُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا أَوْصَى بِهِ وَالْإِيصَاءُ بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِكَخَمْرٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لِلْمُسْلِمِ فَإِنْ أَوْصَى الْكَافِرُ بِذَلِكَ لِكَافِرٍ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِصِحَّةِ تَمَلُّكِهِ لِذَلِكَ وَثَمَرَةُ الصِّحَّةِ الْحُكْمُ بِإِنْفَاذِهَا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لِمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فِي ثَانِي حَالِ الْوَصِيَّةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لَمَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فِي ثَانِي حَالٍ كَمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَوْجُودٍ أَوْ غَيْرَ ظَاهِرٍ حِينَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَمَنْ سَيَكُونُ فَهُوَ مِثَالٌ لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ فِي ثَانِي حَالٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ كَوْنُ الْمُوصَى لَهُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ ابْتِدَاءً أَيْ حِينَ الْوَصِيَّةِ بَلْ وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ. (قَوْلُهُ كَمَنْ سَيَكُونُ) أَيْ فَإِذَا قَالَ أَوْصَيْت لِمَنْ سَيَكُونُ مِنْ وَلَدِ فُلَانٍ فَيَكُونُ لِمَنْ يُولَدُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا بِأَنْ كَانَ حَمْلًا أَوْ كَانَ غَيْرَ مَوْجُودٍ مِنْ أَصْلِهِ فَيُؤَخَّرُ الْمُوصَى بِهِ لِلْحَمْلِ وَالْوَضْعِ أَوْ لِلْوَضْعِ فَإِذَا وُضِعَ وَاسْتَهَلَّ أَخَذَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُوصَى بِهِ، وَمِثْلُهُ أَوْصَيْت لِمَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ لِمَنْ يُولَدُ لَهُ لَا لِوَلَدِهِ الْمَوْجُودِ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَلَدًا أَمْ لَا وَحَيْثُ تَعَلَّقَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْ يُولَدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَإِنْ كَانَ حَمْلًا فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ الْمُوصَى بِهِ لِوَضْعِهِ فَإِنْ وُضِعَ وَاسْتَهَلَّ أَخَذَهُ وَإِلَّا رُدَّ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْجُودٍ مِنْ أَصْلِهِ انْتَظَرَ بِالْوَصِيَّةِ إلَى الْيَأْسِ مِنْ الْوِلَادَةِ ثُمَّ بَعْدَهُ تُرَدُّ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ فَيَسْتَحِقُّهُ إنْ اسْتَهَلَّ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ اسْتَهَلَّ شَرْطٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ وَقَرَّرَ عج عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ فَعَلَى التَّقْرِيرِ الْأَوَّلِ الصِّحَّةُ حَاصِلَةٌ بِمُجَرَّدِ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ هُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمُوصَى بِهِ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَالصِّحَّةُ لَمْ تَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ الْوَصِيَّةِ بَلْ هِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ. (قَوْلُهُ وَغَلَّةُ الْمُوصَيْ بِهِ قَبْلَ الْوَضْعِ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي أَنَّهَا تُوقَفُ فَتُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ إذَا اسْتَهَلَّ كَالْمُوصَى بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ مِنْ كَوْنِ الِاسْتِهْلَالِ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا إذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَمَنْ يُولَدُ لِوَلَدِهِ فَدَخَلَ الْمَوْجُودُ مِنْ الْأَحْفَادِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَمَنْ سَيُوجَدُ مِنْهُمْ هَلْ يَسْتَبِدُّ الْمَوْجُودُ بِالْغَلَّةِ إلَى أَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَدْخُلَ مَعَهُ وَبِهِ أَفْتَى أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ أَوْ يُوقَفَ الْجَمِيعُ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ وِلَادَةُ الْوَلَدِ وَحِينَئِذٍ يُقْسَمُ الْأَصْلُ وَالْغَلَّةُ فَمَنْ كَانَ حَيًّا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَمَنْ مَاتَ أَخَذَ وَرَثَتُهُ حِصَّتَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلشُّيُوخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ) أَيْ يَدُلُّ عَلَيْهَا صَرَاحَةً كَ أَوْصَيْت أَوْ كَانَ غَيْرَ صَرِيحٍ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهَا لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ إرَادَةُ الْوَصِيَّةِ بِالْقَرِينَةِ كَ أَعْطُوا الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لِفُلَانٍ بَعْدَ مَوْتِي وَقَوْلُهُ إشَارَةً مُفْهِمَةً دَخَلَتْ الْكِتَابَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ بَقِيَ عَلَى

وَلَوْ مِنْ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ (وَقَبُولُ) الْمُوصَى لَهُ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ (الْمُعَيَّنِ) أَيْ الَّذِي عَيَّنَّهُ الْمُوصِي كَفُلَانٍ (شَرْطٌ) فِي وُجُوبِهَا وَتَنْفِيذِهَا (بَعْدَ الْمَوْتِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَبُولٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا يُفِيدُهُ إذْ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ مَا دَامَ حَيًّا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ وَتَجِبُ لَهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبُولِهِ فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِ الرَّشِيدِ وَلِيُّهُ وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لِتَعَذُّرِهِ وَإِذَا قَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَدْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ عَنْ الْمَوْتِ (فَالْمِلْكُ لَهُ) أَيْ لِلْمُوصَيْ لَهُ (بِالْمَوْتِ) لِأَنَّ بِقَبُولِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَإِذَا كَانَ الْمُوصَى بِهِ شَجَرًا أَثْمَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ غَنَمًا نَبَتَ عَلَيْهَا صُوفٌ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ، وَكَذَا سَائِرِ الْغَلَّاتِ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ مَا حَدَثَ مِنْ الْغَلَّاتِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمُوصِي فَيُقَوَّمُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ لِلنَّظَرِ فِي ثُلُثِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ يُنَافِي مُقْتَضَى قَوْلِهِ (وَقُوِّمَ) الْمُوصَى بِهِ (بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ) أَيْ حَدَثَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَيَكُونُ لَهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ الْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِحَائِطٍ يُسَاوِي أَلْفًا وَهُوَ ثُلُثُ الْمُوصِي لَكِنْ زَادَ لِأَجْلِ ثَمَرَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ الْكِتَابَةُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَهَا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ. (قَوْلُهُ وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ) أَيْ لِغَيْرِ عِتْقِهِ وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ. (قَوْلُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) أَيْ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْقَبُولِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ رَدَّ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) أَيِّ وَلَوْ كَانَ رَدُّهُ لَهَا حَيَاءً مِنْ الْمُوصِي كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا وَأَمَّا إنْ رَدَّهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبُولِهِ) صَادَقَ بِمَا إذَا كَانَ مَوْتُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ فِي الْقَبُولِ سَوَاءٌ مَاتَ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُوصِي الْمُوصَى لَهُ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ الْقَبُولُ. (قَوْلُهُ كَمَا يَقُومُ مَقَامَ غَيْرِ الرَّشِيدِ) أَيْ فِي الْقَبُولِ وَلِيُّهُ فَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ لَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَبُولِهِ هُوَ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ فَالْقَبُولُ هُنَا مُخَالِفٌ لِلْحَوْزِ فِي الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ إذْ يَكْفِي حَوْزُ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ) الْفَاءُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَقِيلَ إنَّ الْمِلْكَ لَهُ بِالْقَبُولِ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ هَذَا الْخِلَافَ قَالَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمِلْكِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ إذَا وَجَبَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَكَمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ وَمَاتَ فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ عَلِمَ فَقَبِلَ هَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ لَا وَكَالنَّفَقَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ حَيَوَانًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ إذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ اُنْظُرْ بْن فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَتَصِيرُ الزَّوْجَةُ أُمَّ وَلَدٍ فِي الثَّانِيَةِ وَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْحَيَوَانِ فِي الثَّالِثَةِ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْحَيَوَانِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا سَائِرُ الْغَلَّاتِ) أَيْ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ. (قَوْلُهُ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ بِالْمَوْتِ أَمَّا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ بِالْقَبُولِ فَالْغَلَّةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ كَالْحَادِثَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي كَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ يُنَافِي مُقْتَضَى قَوْلِهِ إلَخْ) وَجْهُ الْمُنَافَاةِ أَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الْمِلْكِ لَهُ بِالْمَوْتِ أَنَّ الْغَلَّةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ كُلَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا مَحْمَلُ الثُّلُثِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ) أَيْ قُوِّمَ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ. (قَوْلُهُ فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِحَائِطٍ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ يَتَوَقَّفُ فَهْمُهُ عَلَى تَقْدِيمِ مُقَدِّمَةٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّ غَلَّةَ الْمُوصَى بِهِ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ قِيلَ كُلُّهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَقِيلَ كُلُّهَا لِلْمُوصِي وَقِيلَ لَهُ ثُلُثُهَا فَقَطْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ إلَخْ وَسَبَبُ هَذَا الْخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي الْغَلَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ هَلْ هُوَ وَقْتُ قَبُولِ الْمُعَيَّنِ لَهَا إذْ مُقْتَضَى كَوْنِ قَبُولِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْمَوْتِ شَرْطًا فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ فِي تَنْفِيذِهَا وَقْتَ الْقَبُولِ فَإِذَا تَأَخَّرَ الْقَبُولُ حَتَّى حَدِيثِ الْغَلَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهَا لِلْمُوصَى لَهُ بَلْ كُلُّهَا لِلْمُوصِي، أَوْ الْمُعْتَبَرُ فِي تَنْفِيذِهَا وَقْتُ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَوْتِ وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْمِلْكِ لَهُ بِالْمَوْتِ أَنَّ الْغَلَّةَ الْمَذْكُورَةَ كُلَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ أَوْ الْمُعْتَبَرُ فِي تَنْفِيذِهَا الْأَمْرَانِ مَعًا وَهُمَا وَقْتُ الْقَبُولِ وَوَقْتُ الْمَوْتِ لِكَوْنِ الْقَبُولِ شَرْطًا فِي تَنْفِيذِهَا وَالْمِلْكُ بِالْمَوْتِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فَمَنْ اعْتَبَرَ فِي تَنْفِيذِهَا وَقْتَ قَبُولِ الْمُعَيَّنِ لَهَا فَقَطْ قَالَ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْمُوصِي وَمَنْ اعْتَبَرَ فِي تَنْفِيذِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ فَقَطْ قَالَ كُلُّهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَمَنْ رَاعَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ مِنْهَا ثُلُثُهَا وَمُرَاعَاةُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ المج الْعِبْرَةُ بِيَوْمٍ النُّفُوذِ فَالْغَلَّةُ قَبْلَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ تَرِكَةٌ تَسْرِي الْوَصِيَّةُ لِثُلُثِهَا، إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ الْمُرَادُ بِالْخَمْسَةِ الْأَسْدَاسِ الْأُصُولُ بِتَمَامِهَا لَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْهَا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْ أَخْذُ الْمُوصَى لَهُ الْأُصُولَ فَقَطْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاعَى فِي الْوَصِيَّةِ وَقْتُ قَبُولِ الْمُعَيَّنِ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمَشْهُورَ مُرَاعَتُهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْأَقْوَالِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا الْخِلَافُ فِي الْغَلَّةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ

إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لَمَّا حَدَثَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَقَالَ الشَّارِحُ بَلْ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَمِقْدَارُ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْحَاصِلَتَيْنِ مِنْ الْغَلَّةِ انْتَهَى وَأُجِيبَ عَنْ الْمُنَافَاةِ فِي الْمُصَنِّفِ بِمَا لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلٍ وَثَانِيًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَوْلُهُمْ يَكُونُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهِ الْأُصُولُ بِتَمَامِهَا؛ لِأَنَّهَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِهَا مَعَ الثَّمَرَةِ لَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْهَا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الْمُوصَى بِهِ بِتَمَامِهِ مَتَى حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّمَرَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَمِقْدَارُ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ فِي الثَّمَرَةِ هَلْ هِيَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ بِالْمَوْتِ أَوْ هِيَ لِلْوَرَثَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ بِالتَّقْوِيمِ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ فَتَدَبَّرْ. وَلَمْ يَحْتَجْ (رِقٌّ لِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (فِي قَبُولِهِ) لِوَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا بَلْ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ وَيُعْتَبَرُ قَبُولُهُ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الْحَجْرِ بِمَا هُوَ أَشْمَلُ مِمَّا هُنَا (كَإِيصَائِهِ) أَيْ السَّيِّد (بِعِتْقِهِ) أَيْ عِتْقِ رَقِيقِهِ لَا يَحْتَاجُ فِي نُفُوذِهِ لِإِذْنٍ مِنْ الْعَبْدِ بَلْ يَعْتِقُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ يَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ (وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ) أَيْ الَّتِي تُرَادُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا سَيِّدُهَا وَقَدْ أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ بَيْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّ وَإِنَّمَا خُيِّرَتْ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ ضَيَاعُ جِوَارِي الْوَطْءِ بِالْعِتْقِ وَأَمَّا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا تُخَيَّرُ إذْ لَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ لَيْسَ لَهَا إبْطَالُهُ بَلْ الْإِيصَاءُ بِعِتْقِهَا نَافِذٌ وَلَا يُحْتَاجُ لِإِذْنٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَاحْتَرَزَ بِجَارِيَةِ الْوَطْءِ مِنْ جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا بَلْ تُبَاعُ لِمَنْ يَعْتِقُهَا، وَمِثْلُهَا الْعَبْدُ (وَلَهَا) أَيْ لِجَارِيَةِ الْوَطْءِ الَّتِي أَوْصَى سَيِّدُهَا بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ (الِانْتِقَالُ) عَمَّا اخْتَارَتْهُ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إلَى الْآخَرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يُنَفَّذُ فِيهَا مَا اخْتَارَتْهُ أَوَّلًا. (وَصَحَّ) الْإِيصَاءُ وَلَوْ بِكَثِيرٍ (لِعَبْدِ وَارِثِهِ) كَعَبْدِ ابْنِهِ (إنْ اتَّحَدَ) الْوَارِثُ وَحَازَ جَمِيعَ الْمَالِ كَالِابْنِ لَا الْبِنْتِ، وَمِثْلُ الْمُتَّحِدِ الْمُتَعَدِّدُ وَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَوَرِثُوا جَمِيعَ الْمَالِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا كَوَصِيَّةِ الْوَارِثِ وَإِذَا صَحَّ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَقَوْلُهُ بَلْ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الْقَائِلُ بِمُرَاعَاةِ الْأَمْرَيْنِ وَقْتَ الْقَبُولِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِمُرَاعَاةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَقَطْ فَيَكُونُ الْحَائِطُ كُلُّهُ بِغَلَّتِهِ لِلْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ) أَيْ فَقَطْ لَا مَعَ الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي حَمَّلَهُ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ إنَّمَا حَمَّلَ أَلْفًا. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْغَلَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْقَبُولِ فَقَطْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ وَمِقْدَارُ ثُلُثٍ لِمِائَتَيْنِ) أَيْ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَاحِدًا وَثُلُثَا وَاحِدٍ إنْ قُلْت إنَّ الْغَلَّةَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً لِلْمَيِّتِ وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا عُلِمَ كَمَا يَأْتِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَلَّةَ لَمَّا كَانَتْ كَامِنَةً فِي الْأُصُولِ فَكَأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ عَادَةً فَإِذَا لَمْ يُعْطَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا لَزِمَ نَقْصُهُ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ. (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ يَوْمِ الْقَبُولِ وَالْمَوْتِ مَعًا. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ الْأُصُولُ بِتَمَامِهَا أَيْ جَمِيعُ أُصُولِ الْحَائِطِ الَّتِي هِيَ الْأَشْجَارُ بِتَمَامِهَا وَقَوْلُهُ لَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأُصُولِ. (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِهَا مَعَ الثَّمَرَةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ لَا لِغَلَّةٍ وَالْأَلْفُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ أَوْ هِيَ لِلْوَرَثَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ بِالتَّقْوِيمِ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ) فِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى التَّقْوِيمِ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ أَنْ يَكُونَ ثُلُثُ الْغَلَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثَاهَا لِلْوَرَثَةِ لَا أَنَّهَا كُلَّهَا لِلْوَرَثَةِ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ بَهْرَامَ وَجِيهٌ وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحُ سَاقِطٌ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ مَسْأَلَةُ عَدَمِ احْتِيَاجِ الرَّقِيقِ لِإِذْنٍ فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِمَا هُوَ أَشْمَلُ مِمَّا هُنَا أَيْ حَيْثُ قَالَ وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا شَامِلٌ لِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. (قَوْلُهُ كَإِيصَائِهِ) تَشْبِيهٌ فِي نَفْيِ مُطْلَقِ الِاحْتِيَاجِ لِإِذْنٍ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ نَفْيًا لِاحْتِيَاجِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالثَّانِي نَفْيًا لِاحْتِيَاجِ إذْنِ الرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا تَخَيُّرَ إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا تُخَيَّرُ كَالْمُوصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ. (قَوْلُهُ مِنْ جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ) أَيْ الْمُوصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ. (قَوْلُهُ، وَمِثْلُهَا) أَيْ فِي نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِ الْخِيَارِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْفُذْ فِيهَا إلَخْ) أَيْ بِالْحُكْمِ وَكَذَا إنْ أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ فَاخْتَارَتْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهَا الشُّهُودَ بِاخْتِيَارِهَا أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِعَبْدِ وَارِثِهِ) أَيْ وَارِثِ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَثِيرٍ) أَيْ إلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْمُوصِي وَارِثٌ إلَّا سَيِّدَ هَذَا الْعَبْدِ، وَقَوْلُهُ وَحَازَ جَمِيعَ الْمَالِ أَيْ بِالْعُصُوبَةِ فَصَحَّ إخْرَاجُ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ حَوْزَهَا لِجَمِيعِ الْمَالِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الرَّدِّ وَتَوْرِيثُ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِرَقِيقِ الْوَارِثِ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الشَّرْطَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ لَمْ يُتَّهَمْ الْمُوصِي عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ نَفْعَ وَارِثِهِ الَّذِي هُوَ سَيِّدُهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بِالسَّوِيَّةِ وَلَمْ يَرِثُوا جَمِيعَ الْمَالِ كَابْنَتَيْنِ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا كَوَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ. (قَوْلُهُ وَإِذَا صَحَّ)

[مبطلات الوصية]

فِي انْتِزَاعهَا إبْطَالًا لَهَا وَإِذَا بَاعَهُ الْوَارِثُ بَاعَهُ بِمَالِهِ وَلِلْمُشْتَرِي انْتِزَاعُهُ (أَوْ) تَعَدَّدَ الْوَارِثُ وَأَوْصَى لِعَبْدِ بَعْضِهِمْ (بِتَافِهٍ) لَا تُلْتَفَتُ إلَيْهِ النُّفُوسُ كَخِلْقَةٍ (أُرِيدَ بِهِ) أَيْ بِالتَّافَةِ (الْعَبْدُ) لَا نَفْعُ سَيِّدِهِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ كَوَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ. (وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِمَسْجِدٍ) وَنَحْوَهُ كَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ (وَصَرْفٍ فِي مَصَالِحِهِ) مِنْ مَرَمَّةٍ وَحُصُرٍ وَزَيْتٍ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى خِدْمَتِهِ مِنْ إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِمَا مَرَّ احْتَاجُوا هُمْ أَمْ لَا. (وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِمَيِّتٍ عَلِمَ) الْمُوصِي (بِمَوْتِهِ) حِينَ الْوَصِيَّةِ (فَفِي دَيْنِهِ) تُصْرَفُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ (أَوْ وَارِثُهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بَطَلَتْ وَلَا تُعْطَى لِبَيْتِ الْمَالِ. (وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِذِمِّيٍّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا وَلَا جَارًا لِلْمُوصِي لَا لِحَرْبِيٍّ. (وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ مِنْ مَقْتُولٍ إلَى (قَاتِلٍ) لَهُ (عَلِمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ) أَيْ بِسَبَبِ الْقَتْلِ أَيْ عَلِمَ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي الْخَطَإِ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ فِي الْمَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلُهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَيَعْلَمَ الْمَقْتُولُ بِهَا فَتَكُونَ فِيهَا أَيْضًا (وَإِلَّا) يَعْلَمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ بِأَنْ ضَرَبَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ الَّذِي ضَرَبَهُ وَأَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي صِحَّةِ إيصَائِهِ لَهُ وَعَدَمِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَا إذَا طَرَأَ الْقَتْلُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ فَقَالَ (وَبَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (بِرِدَّتِهِ) أَيْ الْمُوصِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْإِيصَاءُ لِعَبْدِ الْوَارِثِ بِأَنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ وَحَازَ جَمِيعَ الْمَالِ. (قَوْلُهُ إبْطَالًا لَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا أَوْصَى لِلْعَبْدِ وَلَمْ يُوصِ لِلسَّيِّدِ، وَمِثْلُ الْإِيصَاءِ لِعَبْدِ الْوَارِثِ الْإِيصَاءُ لِعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يُنْتَزَعُ كَمَا فِي بْن لِجَرَيَانِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ) أَيْ لِخِدْمَتِهِ لِلْمُوصِي مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أُرِيدَ بِهَا نَفْعُ سَيِّدِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا بِتَافِهٍ لَمْ تَصِحَّ كَمَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إذَا كَانَتْ بِكَثِيرٍ مُطْلَقًا أُرِيدَ بِهَا الْعَبْدُ أَوْ نَفْعُ سَيِّدِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ قِنًّا أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ إلَّا مُكَاتَبَ وَلَدِهِ فَلَهُ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى التَّافِهِ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ تَحْرِيرُ الْعَبْدِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَصَحَّ الْإِيصَاءُ لِمَسْجِدٍ) أَيْ لِصِحَّةِ تَمَلُّكِهِ لِلْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَالْحَجَرِ مَثَلًا فَلَا تَصِحُّ لَهُ. (قَوْلُهُ كَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ) أَيْ سُوَرٍ عَلَى الْبَلَدِ. (قَوْلُهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ) أَيْ أَنْ اقْتَضَى الْعُرْفُ صَرْفَهَا فِي ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَى الْعُرْفُ صَرْفَهَا لِلْمُجَاوِرِينَ بِهِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ صُرِفَ لَهُمْ لَا لِمِرَمَّتِهِ وَحُصْرِهِ وَنَحْوِهِمَا. (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَكَنَّاسٍ وَفَرَّاشٍ وَبَوَّابٍ وَوَقَّادٍ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِمَا مَرَّ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا صُرِفَ بِتَمَامِهَا عَلَى مَنْ ذَكَر مِنْ الْخِدْمَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ إذَا لَمْ يَحْتَجْ لِمَا مَرَّ مِنْ الْمِرَمَّةِ وَالْحُصْرِ وَالزَّيْتِ (قَوْلُهُ فَفِي دَيْنِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ دَيْنًا أَوْ لَهُ وَارِثٌ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَالْمَدَارُ فِي الصِّحَّةِ عَلَى الْعِلْمِ بِمَوْتِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ وَارِثُهُ) أَيْ الْخَاصُّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا تُعْطَى لِبَيْتِ الْمَالِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ وَلَا دَيْنٌ بَطَلَتْ كَمَا تَبْطُلُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ حِينَ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَلَا تُعْطَى لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ عج وَهُوَ الظَّاهِرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ حَائِزٌ وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ تُدْفَعُ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَارِثٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ وَلِذِمِّيٍّ إلَخْ) الْعَمُّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ بِأَنْ كَانَتْ لِأَجْلِ قَرَابَةٍ وَإِلَّا كُرِهَتْ وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ إطْلَاقَ قَوْلِ أَشْهَبَ بِجَوَازِهَا لِلذِّمِّيِّ بِكَوْنِهِ ذَا سَبَبٍ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ يَدٍ سَبَقَتْ لَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا سَبَبٍ فَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ مَحْظُورٌ إذْ لَا يُوصَى لِلْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَيُتْرَكُ الْمُسْلِمُ إلَّا مُسْلِمٌ مَرِيضُ الْإِيمَانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا لِحَرْبِيٍّ) أَيْ لَا تَصِحُّ لَهُ عَلَى مَا قَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْإِشْرَاقِ مِنْ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ إلَى قَاتِلٍ لَهُ) سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. (قَوْلُهُ عَلِمَ بِالسَّبَبِ) أَيْ بِالسَّبَبِ الْفَاعِلِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَاتِلِ. (قَوْلُهُ فِي الْمَالِ) أَيْ مَالِ الْمُوصِي وَقَوْلُهُ وَالدِّيَةُ أَيْ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ أَيْ فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِمَا وَقَوْلُهُ فِي الْمَالِ فَقَطْ أَيْ فِي ثُلُثِهِ. (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ فِي صِحَّةِ إيصَائِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الضَّرْبِ فَلَا يُتَّهَمُ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُهَا أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَاتِلَ لَهُ لَمْ يُوصِ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُحْسِنُ لِمَنْ أَسَاءَ إلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي المج وَلَا يَدْخُلُ فِي التَّأْوِيلَيْنِ أَعْطُوا مَنْ قَتَلَنِي لِصِحَّتِهَا اتِّفَاقًا عَلَى مَا يُفِيدُهُ قَصْرُ الْمَوَّاقِ وَبَهْرَامُ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى مَا صَوَّرَ بِهِ شَارِحُنَا. (قَوْلُهُ وَشَمِلَ إلَخْ) الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ عَلَى مَا نَقَلَهُ بْن الْبُطْلَانَ قَطْعًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِتُهْمَةِ الِاسْتِعْجَالِ كَالْإِرْثِ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ فِي مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَتَلَهُ لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ لَا عَلِمَ الْوَاهِبُ بِهِ أَوْ لَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَالْوَصِيَّةِ فِي هَذَا وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ مِثْلُهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ أَصَرَّ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ بِذِي السَّبَبِ صَحَّتْ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ هَذَا مُفَادُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ [مُبْطِلَات الْوَصِيَّة] (قَوْلُهُ أَيْ الْمُوصِي) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَاتَ عَلَيْهَا

فَإِنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ فَقَالَ أَصْبَغُ إنْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصَى لَهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِرِدَّةٍ بِالتَّنْكِيرِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لَهُمَا وَلَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ مُوصًى بِهِ. (وَ) بَطَلَ (إيصَاءٌ بِمَعْصِيَةٍ) كَأَنْ يُوصِيَ بِمَالٍ يُشْتَرَى بِهِ خَمْرٌ لِمَنْ يَشْرَبُهَا أَوْ يُدْفَعُ لِمَنْ يَقْتُلُ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَمِنْهُ الْإِيصَاءُ بِبِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ عَلَى دَفْنِ الْأَمْوَاتِ فِيهَا كَقَرَافَةِ مِصْرَ، وَكَذَا الْإِيصَاءُ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ أَوْ يَصُومُ عَنْهُ، وَكَذَا الْإِيصَاءُ بِاِتِّخَاذِ قِنْدِيلٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِيُعَلَّقَ فِي قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ ضَيَاعِ الْأَمْوَالِ فِي غَيْرِ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَفْعَلُوا بِهِ مَا شَاءُوا كَذَا ذَكَرُوهُ. (وَ) بَطَلَ الْإِيصَاءُ (لِوَارِثٍ كَغَيْرِهِ) أَيْ كَغَيْرِ وَارِثٍ (بِزَائِدِ الثُّلُثِ) وَيُعْتَبَرُ الزَّائِدُ (يَوْمَ التَّنْفِيذِ) لَا يَوْمَ الْمَوْتِ فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ وَكَانَ مَالُهُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَعْطَى خَمْسِينَ، وَكَذَا إذَا قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِثُلُثِ مَالِي فَالْعِبْرَةُ بِمَالِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ (وَإِنْ) (أُجِيزَ) مَا أَوْصَى بِهِ لِلْوَارِثِ أَوْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَيْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ (فَعَطِيَّةٌ) مِنْهُمْ أَيْ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ لَا تَنْفِيذٌ لِوَصِيَّةِ الْمُوصِي فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ وَحِيَازَتُهُ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِلْمُجِيزِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَلَوْ بِقَلِيلٍ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) (قَالَ) مَنْ أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ (إنْ لَمْ يُجِيزُوا) أَيْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ لَهُ (فَلِلْمَسَاكِينِ) أَوْ نَحْوِهِمْ فَإِنَّهَا تَكُونُ بَاطِلَةً وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) وَهُوَ مَا لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي مَثَلًا لِلْمَسَاكِينِ إلَّا أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَقَالَ أَصْبَغُ إلَخْ) مَا قَالَهُ أَصْبَغُ هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي بْن وَلَا يُقَالُ كَلَامُ أَصْبَغَ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الرِّدَّةِ وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً إلَى أَنْ قَالَ وَإِيصَاءٌ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ عِنْدَ الرِّدَّةِ لَا يُنَافِي الْعَوْدَ عِنْدَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصَى لَهُ) مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ طفى بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ حَتَّى تَبْطُلَ بِرِدَّتِهِ قَالَ بْن وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِرِدَّةِ مُوصًى بِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا (قَوْلُهُ وَبَطَلَ إيصَاءُ بِمَعْصِيَةِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إيصَاءٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْفَاعِلِ لَبَطَلَتْ وَصَحَّ الْعَطْفُ لِلْفَصْلِ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْصِيَةِ الْأَمْرُ الْمُحَرَّمُ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحُ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا كَمَا قَالَ عج طفى وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَكْرُوهِ مَكْرُوهٌ وَفِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بِالْمُبَاحِ وَعَدَمِ تَنْفِيذِهَا قَوْلَانِ وَكَأَنَّ عج قَاسَ مَا قَامَ عَلَى اتِّبَاعِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كُرِهَ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْدُوبِ فَتَنْفُذُ وُجُوبًا وَمَا فِي تت مِنْ نَدْبِ تَنْفِيذِهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ اهـ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْمَعْصِيَةِ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الْإِيصَاءُ إلَخْ) أَيْ وَمِنْهُ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ بِنِيَاحَةٍ عَلَيْهِ أَوْ بِلَهْوٍ مُحَرَّمٍ فِي عُرْسٍ وَالْوَصِيَّةُ بِضَرْبِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرٍ مُبَاهَاةً فَكُلُّ ذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَا يَنْفُذُ وَيَرْجِعُ مِيرَاثًا قَالَ بْن وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا أَنْ يُوصِيَ بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَيْهِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ مَوْلِدٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ وَكَأَنْ يُوصِيَ بِكَتْبِ جَوَابِ سُؤَالِ الْقَبْرِ وَجَعْلِهِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ فِي صُورَةٍ مِنْ نُحَاسٍ وَيُجْعَلَ فِي جِدَارِ الْقَبْرِ لِتَنَالَهُ كَمَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. (قَوْلُهُ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ أَوْ يَصُومُ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ فَإِنَّهَا نَافِذَةٌ كَالْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَفْعَلُوا بِهِ مَا شَاءُوا) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ تَنْفِيذُهَا بَلْ تَنْفِيذُهَا حَرَامٌ. (قَوْلُهُ وَبَطَلَ الْإِيصَاءُ لِوَارِثٍ) أَيْ وَلَوْ بِقَلِيلِ زِيَادَةٍ عَلَى حَقِّهِ فَإِنْ أَوْصَى لِلْوَارِثِ وَلِغَيْرِهِ بَطَلَتْ حِصَّةُ الْوَارِثِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ كَمَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ فَإِذَا أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ بِنِصْفِ مَالِهِ أَوْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ يَبْلُغُ نِصْفَ مَالِهِ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَرُدَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لِحَقِّ بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إلَى صِحَّتِهَا بِجَمِيعِ مَالِهِ إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ أَجْنَبِيًّا وَلَا وَارِثَ لِلْمُوصِي اهـ بَدْرٌ. (قَوْلُهُ فَعَطِيَّةٌ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ الْعَطَّارِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَنْفِيذٌ لِمَا فَعَلَهُ الْمَيِّتُ وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِزَائِدِ الثُّلُثِ أَوْ لِوَارِثِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ صَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ إنْ أُجِيزَتْ فَعَطِيَّةٌ أَيْ فَهِيَ كَعَطِيَّةٍ مِنْ حَيْثُ الِافْتِقَارُ لِحَوْزٍ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَبُولٍ ثَانٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَتَحْتَاجُ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ فِعْلُ الْمَيِّتِ مَحْمُولًا عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُحَازَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يُرَدَّ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ عَلَى الثَّانِي وَمِنْ ثَمَرَاتِ الْخِلَافِ أَيْضًا لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ جَارِيَةٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا فَأَجَازَ الْوَارِثُ فَهَلْ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمَيِّتِ أَوْ ثُلُثُهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِوَارِثِهِ وَهِيَ زَوْجَةٌ لِلْوَارِثِ فَأَجَازَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ فَهَلْ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِالْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا السَّيِّدِ عَلَى عبق. (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ ثَانِيًا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَأَمَّا الْقَبُولُ الْأَوَّلُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ قَالَ طفى أَمَّا الِافْتِقَارُ إلَى الْقَبُولِ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ عج وَأَمَّا الِافْتِقَارُ إلَى الْحَوْزِ فَهُوَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ اهـ بْن وَمَا قَالَهُ عج أَوْفَقُ بِالْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ تَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ إلَّا بَعْدَ الْإِجَازَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا لَا دَيْنَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَكُونُ بَاطِلَةً وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا)

يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لَا بَنِي زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهَا وَصِيَّةٌ جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ لِبَدْئِهِ بِهِمْ بِخِلَافِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ بَدَأَ بِذِكْرِ مَا تَبْطُلُ بِهِ. (وَ) بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (بِرُجُوعٍ فِيهَا) مِنْ الْمُوصِي سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ الْإِيصَاءُ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ إجْمَاعًا فَيَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مَا دَامَ حَيًّا (وَإِنْ) كَانَ رُجُوعُهُ (بِمَرَضٍ) أَيْ فِيهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ وَقِيلَ إنْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَصُحِّحَ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ شَرْطِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَبَالَغَ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْمَرَضِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِانْتِزَاعِ لِلْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَأَمَّا مَا بَتَلَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ حَبْسٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ بَيَّنَ مَا بِهِ الرُّجُوعُ بِقَوْلِهِ (بِقَوْلٍ) أَيْ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ كَأَبْطَلْتهَا أَوْ رَجَعْت عَنْهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ) بِفِعْلٍ مِثْلُ (بَيْعٍ) لِمَا أَوْصَى بِهِ (وَعِتْقٍ) لِرَقَبَةٍ أَوْصَى بِهَا لِزَيْدٍ مَثَلًا (وَكِتَابَةٍ) لِمَنْ أَوْصَى بِهِ (وَإِيلَادٍ) لِأَمَةٍ مُوصَى بِهَا (وَحَصْدِ زَرْعٍ) أَوْصَى بِهِ أَيْ وَدَرَسَهُ وَصَفَّاهُ بِهِ لَا مُجَرَّدُ الْحَصْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّذْرِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَجَذُّ الثَّمَرَةِ الْمُوصَيْ بِهَا لَا يُبْطِلُهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ يُبْسِهَا (وَنَسْجِ غَزْلٍ وَصَوْغِ فِضَّةٍ) أَوْصَى بِهَا (وَحَشْوِ قُطْنٍ) أَوْصَى بِهَا إذَا كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَشْوِ إلَّا دُونَ نِصْفِهِ كَحَشْوِهِ بِثَوْبٍ كَالْمَضْرِبَةِ وَأَمَّا حَشْوُهُ فِي نَحْوِ وِسَادَةٍ فَلَا يُفِيتُهُ لِخُرُوجِ النِّصْفِ وَمَا قَارَبَهُ مِنْهَا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْفَوَاتِ خُرُوجُ أَكْثَرِهِ (وَذَبْحِ شَاةٍ) أَوْ نَحْوِهَا أَوْصَى بِهَا (وَتَفْصِيلِ شَقَّةٍ) أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ شُقَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمُقَطَّعٍ فَفَصَّلَهَا ثَوْبًا فَمُفِيتٌ لِزَوَالِ الِاسْمِ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ ثَوْبٍ فَلَا يُفِتْهَا التَّفْصِيلُ لِعَدَمِ زَوَالِ الِاسْمِ. (وَ) بَطَلَ (إيصَاءُ) قَيْدٍ (بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا) أَيْ الْمَرَضُ أَوْ السَّفَرُ يَعْنِي انْتَفَى الْمَوْتُ فِيهِمَا أَنْ (قَالَ إنْ مِتّ فِيهِمَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرْضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا فَلَمْ يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِيصَاءَ أَيْ الْوَصِيَّةَ بِالْمَوْتِ فِيهِمَا وَهُوَ لَمْ يَمُتْ هَذَا إنْ لَمْ يَكْتُبْ إيصَاءَهُ بِكِتَابٍ بَلْ (وَإِنْ) كَتَبَهُ (بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ) لِلنَّاظِرِ مِنْ يَدِهِ حَتَّى صَحَّ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَمَاتَ بَعْدَهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَدَأَ بِذِكْرِ الْوَارِثِ دَلَّ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَمَا قَصَدَ بِهِ الْإِضْرَارَ لَا يَمْضِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُوصِي: {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12] . وَلِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ سَوَاءٌ أَجَازُوا أَوْ لَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ مَنْهِيًّا عَنْهَا لِقَصْدِهِ الضَّرَرَ حُكِمَ بِفَسَادِهَا فَلَا يُبِيحُهَا إجَازَتُهُمْ بَلْ إجَازَتُهُمْ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ فَيُعْتَبَرُ شُرُوطُهَا كَكَوْنِهِمْ رُشَدَاءَ بِلَا دَيْنٍ وَالْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ. (قَوْلُهُ لِبَدْئِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِوَارِثِهِ إذَا أَجَازَهَا لَهُ الْوَرَثَةُ لِبَدْءِ الْمُوصِي بِالْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِمَشْهُورِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ) فَقَدْ ذَكَرَ الْقُورِيُّ فِي جَوَابٍ لَهُ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَمَضَى بِهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الرُّجُوعِ قَالَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الْعَبْدُوسِيُّ وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعٌ لِمَا أَوْصَى بِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْتَرِهِ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ ثُبُوتٌ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ. (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٌ) أَيْ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَتْ الْوَصِيَّةُ وَعُمِلَ بِهَا وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ ذِكْرِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي أَحَدِهِمَا لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ بَيْعًا مَحْضًا وَلَا عِتْقًا مَحْضًا وَلَمَّا كَانَ الْبَيْعُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُسْتَوِيًا فِي أَنَّهُ فِعْلٌ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْقَوْلِ عَطَفَهُ بِأَوْ وَعَطَفَ مُشَارِكَهُ فِي الْفِعْلِ بِالْوَاوِ. (قَوْلُهُ أَيْ وَدَرَسَهُ وَصَفَّاهُ) أَيْ سَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّذْرِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِزَوَالِ الِاسْمِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا قَبْلَهَا فَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الزَّرْعِ. (قَوْلُهُ وَنَسْجُ غَزْلٍ) أَيْ مُوصًى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ انْتَقَلَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ شَقَّةٍ) أَيْ وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَا يُسَمَّى شَقَّةً وَلَمْ يُسَمِّهِ بِذَلِكَ بَلْ سَمَّاهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا ثُمَّ فَصَّلَهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ رُجُوعًا. (قَوْلُهُ كَمُقَطَّعٍ) أَيْ أَوْ بِفَتَّةٍ أَوْ طَاقَةٍ. (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الِاسْمِ) أَيْ لِزَوَالِ اسْمِ الشَّقَّةِ وَنَحْوِهِ كَالْمُقَطَّعِ وَالْبَتَّةِ وَالطَّاقَةِ بِالتَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ ثَوْبٍ) أَيْ أَوْ قَمِيصٍ أَوْ سِرْوَالٍ بِأَنْ أَشَارَ لِمُقَطَّعٍ أَوْ بِفَتَّةٍ وَقَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِهَذَا الثَّوَابِ أَوْ الْقَمِيصِ ثُمَّ فَصَّلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ زَوَالِ الِاسْمِ) أَيْ لِعَدَمِ زَوَالِ اسْمِ الثَّوْبِ بِالتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ قُيِّدَ بِمَرَضٍ) أَيْ قُيِّدَ بِمَوْتٍ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ انْتَفَى حُصُولُهُ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ يَعْنِي انْتَفَى الْمَوْتُ فِيهِمَا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ تَثْنِيَةَ الْمُصَنِّفِ لِلضَّمِيرِ وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُ وَاحِدًا وَهُوَ الْمَوْتُ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ مَحِلِّهِ. (قَوْلُهُ إنْ قَالَ إنْ مِتَّ فِيهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْقَيْدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى أَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ وَكَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ فَلَا تَنْفُذُ إلَّا إذَا مَاتَ فِيهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ مِتّ فَلِفُلَانٍ كَذَا أَوْ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ مَالِي لِفُلَانٍ كَذَا لَمْ يَقُلْ إنْ مِتَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ أَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ كَذَا وَصِيَّةً؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْمِيمِ كَمَتَى مِتَّ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ بِالْمَوْتِ) أَيْ عَلَى الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ وَمَاتَ بَعْدَهُمَا) أَيْ فَتَبْطُلُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى

(أَوْ أَخْرَجَهُ) مِنْ يَدِهِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَنْ أَعْطَاهُ لَهُ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَالْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ فِي رَدِّهِ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ إنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَأَوْلَى إنْ رَدَّهُ قَبْلَهُمَا ثُمَّ صَحَّ أَوْ قَدِمَ لِانْتِفَاءٍ فَلَوْ مَاتَ لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْوَصِيَّةَ بِالْمَوْتِ فِيهِمَا وَقَدْ حَصَلَ وَقِيلَ تَبْطُلُ لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَامَةُ الرُّجُوعِ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ) (أَطْلَقَهَا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ كَقَوْلِهِ إنْ مِتّ فَلِفُلَانٍ كَذَا مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَوْضُوعِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِمَا أَيْ أَنَّهُ إذَا اسْتَرَدَّ كِتَابَهُ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ حَتَّى فِي الْمُطْلَقَةِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ لَمْ تَبْطُلْ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ الْمُقَيَّدَةُ وَالْمُطْلَقَةُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ فِيهِمَا وَقِيلَ بَلْ هُوَ شَرْطُ حَذْفِ جَوَابِهِ تَقْدِيرُهُ فَكَذَلِكَ أَيْ تَبْطُلُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُبَالَغَةً فِيمَا قَبْلَهُ إذْ مَا قَبْلَهُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ وَهَذَا فِي الْمُطْلَقَةِ فَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي الْجَوَابِ الْمُقَدَّرِ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ لَا لَهُ وَلِمَا قَبْلَهُ إذْ الْمُطْلَقَةُ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ وَلَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا اسْتَرَدَّهُ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدَةِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ فِي الْأَوَّلَيْنِ كَالرَّابِعَةِ وَمَفْهُومُ انْتَفَيَا أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَنْتَفِيَا بِأَنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ كَانَتْ صَحِيحَةً قَطْعًا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ بِكِتَابٍ أَوْ كَانَتْ بِكِتَابٍ لَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَأَمَّا فِي الرَّابِعَةِ وَهِيَ مَا إذَا اسْتَرَدَّهُ فَهَلْ تَبْطُلُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الرَّدَّ رُجُوعٌ فِي وَصِيَّتِهِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فَعُلِمَ أَنَّ صُوَرَ الْمُقَيَّدَةِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ثَمَانِيَةٌ وَأَنَّ صُوَرَ الْمُطْلَقَةِ أَرْبَعَةٌ تَبْطُلُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهِيَ اسْتِرْدَادُهُ وَمِنْ الْمُطْلَقَةِ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (قَالَ مَتَى حَدَث) لِي (الْمَوْتُ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى مِتّ فَلِفُلَانٍ فِي مَالِي كَذَا فَتَصِحُّ إنْ لَمْ تَكُنْ بِكِتَابٍ أَوْ بِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ لَا أَنْ اسْتَرَدَّهُ (أَوْ بَنَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ أَيْ لَا أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَا إنْ بَنِي الْمُوصِي (الْعَرْصَةَ) الْمُوصَى بِهَا دَارًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا تَبْطُلُ (وَاشْتَرَكَا) أَيْ الْمُوصِي الْبَانِي وَالْمُوصِي لَهُ هَذَا بِقِيمَةِ بِنَائِهِ قَائِمًا لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً وَهَذَا بِقِيمَةِ عَرْصَتِهِ (كَإِيصَائِهِ بِشَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (لِزَيْدٍ ثُمَّ) أَوْصَى بِهِ (لِعَمْرٍو) فَلَا تَبْطُلُ وَاشْتَرَكَا إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْأُولَى وَأَوْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الْكِتَابِ فَقَوْلَانِ فِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِهِ كَمَا فِي بَهْرَامَ. (قَوْلُهُ إنْ رَدَّهُ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ صِحَّتِهِ وَقُدُومِهِ مِنْ السَّفَرِ بِأَنْ رَدَّهُ حَالَةَ الْمَرَضِ أَوْ حَالَةَ السَّفَرِ. (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ رَدَّ الْكِتَابَ. (قَوْلُهُ لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا مَا نَقَلَهُ عج عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ تَبَعًا لِابْنِ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَامَةُ الرُّجُوعِ) أَيْ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ خَلَفَ وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ هُنَا مَانِعٌ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى إرَادَةِ رُجُوعِهِ عَنْهَا مِنْ رَدِّ الْكِتَابِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَهَا عَنْ التَّقْيِيدِ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ مُعَيَّنٍ وَلَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ مِتَّ) أَيْ كَقَوْلِهِ فِي غَيْرِ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ إنْ مِتَّ فَلِفُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، (قَوْلُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَوْضُوعِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَطَعَ النَّظَرَ عَنْهُ احْتَمَلَ الْإِطْلَاقُ التَّقْيِيدَ فَتَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ. (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ) أَيْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَهَا. (قَوْلُهُ أَيْ تَبْطُلُ) يَعْنِي إنْ كَانَتْ بِكِتَابٍ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ. (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ إلَّا إذَا اسْتَرَدَّهُ) فَصُوَرُ الْمُطْلَقَةِ أَرْبَعَةٌ الصِّحَّةُ فِي ثَلَاثٍ وَالْبُطْلَانُ فِي وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدَةِ) أَيْ فَصُوَرُهَا أَرْبَعَةٌ الْبُطْلَانُ فِي ثَلَاثٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ بِكِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَالصِّحَّةُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ بِكِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ إلَخْ) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى صُوَرِ الْمَنْطُوقِ فِي الْمُقَيَّدَةِ وَأَفَادَ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ شَرَعَ فِي بَيَانِ صُوَرِ الْمَفْهُومِ فِيهَا فَذَكَرَ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ صُوَرَ الْمُقَيَّدَةِ) أَيْ بِالْمَوْتِ فِي الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ وَقَوْلُهُ ثَمَانِيَةٌ أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمَّا أَنْ يَنْتَفِيَ الْقَيْدُ أَوْ يَتَحَقَّقَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ أَوْ يَسْتَرِدُّهُ فَإِنْ انْتَهَى الْقَيْدُ بِأَنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ بَطَلَتْ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ تَحَقَّقَ الْقَيْدُ بِأَنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ كَانَتْ صَحِيحَةً إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ فَقَوْلَانِ بِالصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ. (قَوْلُهُ وَهِيَ اسْتِرْدَادُهُ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ بِكِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْمُطْلَقَةِ مَا أَشَارَ لَهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ إلَّا بَعْدَ مَوْتٍ فَالتَّقْيِيدُ بِهِ لَا يُصَيِّرُهَا مُقَيَّدَةً. (قَوْلُهُ فَتَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكِتَابٍ أَوْ بِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ) عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لَكِنَّ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ إنْ جَعَلَ رَاجِعًا لِلْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ لَا إنْ جَعَلَ رَاجِعًا لِلْمُقَيَّدَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ هِيَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَقَدْ اسْتَوْفَى الْمُصَنِّفُ صُوَرَ الْمُطْلَقَةِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا اسْتَوْفَى فِي صُوَرِ الْمُقَيَّدَةِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَنَى الْعَرْصَةَ) مِثْلُ الْبِنَاءِ الْغَرْسُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَصِيَّتُهُ بِوَرَقٍ ثُمَّ كَتَبَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ) وَقَالَ أَشْهَبُ تَبْطُلُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِانْتِقَالِ الِاسْمِ. (قَوْلُهُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ قَائِمًا)

إنْ صَرَّحَ كَأَنْ يَقُولَ مَا أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ هُوَ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الثَّانِي. (وَلَا) تَبْطُلُ (بِرَهْنٍ) لِمَا أَوْصَى بِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ وَخَلَاصُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ (وَ) لَا (تَزْوِيجِ رَقِيقٍ) مُوصًى بِهِ (وَ) لَا (تَعْلِيمِهِ) صَنْعَةً وَيَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ وَيُشَارِكُهُ الْوَارِثُ فِيهِ بِقِيمَتِهَا (وَ) لَا (وَطْءٍ) مِنْ الْمُوصِي لِجَارِيَةٍ أَوْصَى بِهَا لِزَيْدٍ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَوُقِفَتْ بَعْدَ مَوْته فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِلَّا أَخَذَهَا الْمُوصَى لَهُ. (وَلَا) تَبْطُلُ (إنْ) (أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَبَاعَهُ) أَيْ بَاعَ جَمِيعَ الْمَالِ وَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ مَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَجَعَلَ الضَّمِيرَ عَائِدًا عَلَى جَمِيعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَأَمَّا بَيْعُ الثُّلُثِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ (كَثِيَابِهِ) أَيْ كَبَيْعِهِ لِثِيَابِ بَدَنِهِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا (وَاسْتَخْلَفَ) قَبْلَ مَوْتِهِ (غَيْرَهَا) فَلَا تَبْطُلُ وَأَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مَا اسْتَخْلَفَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَهَا الْمُوصِي وَإِلَّا بَطَلَتْ بَيْعُهَا كَمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ غَيْرَهَا (أَوْ) أَوْصَى لَهُ (بِثَوْبٍ) مُعَيَّنٍ (فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَوْ مَلَكَهُ وَلَوْ بِإِرْثٍ لَهُ فَلَا تَبْطُلُ وَأَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ (بِخِلَافِ) شِرَاءِ (مِثْلِهِ) فَتَبْطُلُ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ ذَلِكَ الْمِثْلُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا عُيِّنَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا فَهُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا كَمَا مَرَّ (وَلَا) تَبْطُلُ (إنْ) (جَصَّصَ الدَّارَ أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ) بِنَحْوِ سَمْنٍ وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ (فَلِلْمُوصَى لَهُ) ذَلِكَ الشَّيْءُ (بِزِيَادَتِهِ) أَيْ مَعَ مَا زَادَهُ مِنْ جَصٍّ أَوْ صِبْغٍ أَوْ سَمْنٍ وَلَا مُشَارَكَةَ لِلْوَارِثِ فِيهِ بِقِيمَةِ مَا زَادَهُ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ يُعَلَّمُ صَنْعَةً فَإِنَّهُ يُشَارِكُ الْمُوصَى لَهُ بِقِيمَتِهِ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّقِيقَ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِالتَّعْلِيمِ زِيَادَةً كَثِيرَةً. (وَفِي) بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِسَبَبِ (نَقْضٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ هَدْمِ بِنَاءِ (الْعَرْصَةِ) الْمُوصَى بِهَا مَعَ بِنَائِهَا وَلَوْ قَالَ الدَّارُ وَنَحْوُهَا كَانَ أَوْضَحَ وَعَدَمُ بُطْلَانِهَا بِهِ (قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي فَلَيْسَ الْهَدْمُ بِرُجُوعٍ وَعَلَيْهِ فَهَلْ النُّقْضُ بِضَمِّ النُّونِ أَيْ الْمَنْقُوضُ لِلْمُوصِي وَوَرَثَتِهِ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ خِلَافٌ مُسْتَوٍ. (وَإِنْ) (أَوْصَى) لِشَخْصٍ (بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ) وَصِيَّةٍ (أُخْرَى) (فَالْوَصِيَّتَانِ) لَهُ إذَا تَسَاوَيَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ كَعَشْرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ ثُمَّ عَشْرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ (كَنَوْعَيْنِ) أَيْ كَمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّتَيْنِ وَلَوْ فِي آنٍ وَاحِدٍ مِنْ نَوْعَيْنِ كَدِينَارٍ وَثَوْبٍ (وَدَرَاهِمَ) مَعْدُودَةٍ (وَسَبَائِكَ) مِنْ ذَهَبٍ (وَذَهَبٍ) مَعْلُومِ الْقَدْرِ (وَفِضَّةٍ) كَذَلِكَ فَيُعْطَى الْوَصِيَّتَيْنِ مَعًا فَقَوْلُهُ كَنَوْعَيْنِ تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَدَرَاهِمَ إلَخْ تَفْسِيرُ نَوْعَيْنِ (وَإِلَّا) يَكُونَا مِنْ نَوْعَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ يَوْمَ التَّنْفِيذِ. (قَوْلُهُ إنْ صَرَّحَ) أَيْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى . (قَوْلُهُ وَخَلَاصُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ إذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ وَإِلَّا بِيعَ الرَّهْنُ فِي الدَّيْنِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. (قَوْلُهُ وَوُقِفَتْ) أَيْ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ بِأَنْ وَطِئَهَا وَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ حَمَلَتْ مِنْهُ أَوْ لَا فَإِنْ قُتِلَتْ حَالَ الْوَقْفِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتُهَا لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ لَا يُعَارِضُ الْمِلْكَ الْمُتَقَدِّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ أَخْذِهَا لَهَا وَالْمَانِعُ إنَّمَا هُوَ الْحَمْلُ وَقَدْ تَعَذَّرَ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ بَاعَ جَمِيعَ الْمَالِ) الْأَنْسَبُ أَيْ بَاعَ مَالَهُ جَمِيعَهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ ثُلُثُ مَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ) الْأَوْلَى ثُلُثُ مَا وَجَدَ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمَوْجُودِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْمَوْجُودِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ نَقَصَ. (قَوْلُهُ عَائِدًا عَلَى جَمِيعِ) الْأَوْلَى عَائِدًا عَلَى مَالِهِ جَمِيعِهِ لَا عَلَى الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ. (قَوْلُهُ كَثِيَابِهِ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ فِي الْوَاقِعِ ثَوْبٌ وَقَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِثَوْبِي ثُمَّ بَاعَ تِلْكَ الثَّوْبَ وَاسْتَخْلَفَهَا. (قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا) أَيْ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَيَّنَهَا بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِثِيَابِي هَذِهِ أَوْ بِثَوْبِي هَذِهِ فَبَاعَهَا وَاسْتَخْلَفَهَا وَإِلَّا بَطَلَتْ بِبَيْعِهَا أَيْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِخِلَافِ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مِثْلِهِ) أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِلثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ وَشِرَاءِ أَوْ هِبَةِ أَوْ إرْثِ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّعْيِينِ أَنَّهُ يُوصِي بِثَوْبٍ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا تُعَدُّ رُجُوعًا فِي الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ كَانَ أَوْضَحَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ اسْمٌ لِلْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْبُنْيَانِ وَقَدْ أَطْلَقَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى الْأَرْضِ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الْبُنْيَانِ تَجَوُّزًا. (قَوْلُهُ خِلَافٌ مُسْتَوٍ) لَكِنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ ثَانِيهِمَا وَهُوَ أَنَّهُ لِلْمُوصَى لَهُ اهـ وَالْأَوْفَقُ بِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ فِي تُسَاوِي الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَضْبِطَ قَوْلَهُ وَفِي نُقْضِ الْعَرْصَةِ بِضَمِّ النُّونِ أَيْ وَفِي مَنْقُوضِ الْعَرْصَةِ الْمُوصَى بِهَا مَعَ بَقَائِهَا إذَا هَدَمَهُ الْمُوصِي قَوْلَانِ بَلْ جَعَلَ عج ذَلِكَ مُتَعَيِّنًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَالْوَصِيَّتَانِ لَهُ) أَيْ بِتَمَامِهِمَا إنْ حَمَلَهُمَا الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَهُ مِنْهُمَا وَسَوَاءٌ كَانَتَا بِكِتَابٍ أَوْ بِدُونِهِ. (قَوْلُهُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ اتَّحَدَ صِنْفُهُمَا كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحِ أَوْ اخْتَلَفَ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ. (قَوْلُهُ مِنْ نَوْعَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ عُيِّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ كَعَبْدِي فُلَانٍ وَدَارِي الْفُلَانِيَّةِ أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ كَدِينَارِ سَبَائِكَ. (قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ لِنَوْعَيْنِ) أَيْ أَنَّ الْعَطْفَ لِلتَّفْسِيرِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ السَّبَائِكَ مِنْ ذَهَبٍ لَا مِنْ فِضَّةٍ

وَلَا مُتَسَاوِيَيْنِ بِأَنْ كَانَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ مُتَفَاوِتَيْنِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ كَعَشْرَةٍ ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ عَكْسِهِ (فَأَكْثَرُهُمَا) لَهُ (وَإِنْ تَقَدَّمَ) الْأَكْثَرُ فِي الْإِيصَاءِ وَلَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا وَسَوَاءٌ كَانَتَا بِكِتَابٍ أَوْ بِكِتَابَيْنِ أَخْرَجَهُمَا أَوْ لَا مَا لَمْ يَسْتَرِدَّ الْكِتَابَ أَوْ أَحَدَ الْكِتَابَيْنِ فَمَا اسْتَرَدَّهُ بَطَلَ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ رَجَعَ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ قَرِينَةُ الرُّجُوعِ كَمَا قَدَّمَهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِعَدَدٍ ثُمَّ بِجُزْءٍ كَرُبُعٍ أَوْ عَكْسِهِ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ وَإِنْ تَقَدَّمَ (وَإِنْ) (أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِهِ) أَيْ الْمُوصِي أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ كَرُبُعِهِ أَوْ سُدُسِهِ (عَتَقَ) الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ بِمَا ذَكَرَ (إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ ثُلُثُ الْمَالِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الْعَبْدُ فَإِذَا تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَتَيْنِ وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَةً عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ بَلْ يَأْخُذُهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْوَرَثَةِ وَلَوْ تَرَكَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَالْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَةً عَتَقَ لِمَحْمَلِ الثُّلُثِ لَهُ (وَأَخَذَ) الْعَبْدُ (بَاقِيَهُ) أَيْ الثُّلُثَ فَيَأْخُذُ مِنْ الْمِائَةِ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا (وَإِلَّا) يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَالٌ سِوَى الْعَبْدِ وَلَا مَالَ لِلْعَبْدِ عَتَقَ ثُلُثُهُ فَلَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ (قُوِّمَ فِي مَالِهِ) أَيْ جُعِلَ مَالُهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَهُ مِائَتَانِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ عَتَقَ جَمِيعُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ جَمِيعِهِ أَهَمُّ مِنْ عِتْقِ بَعْضِهِ وَإِبْقَاءِ مَالِهِ بِيَدِهِ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ وَمَالُهُ الَّذِي بِيَدِهِ مِائَةٌ كَذَا قَرَّرَ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مُقْتَضَى نَصِّ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ مَالُهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ بَلْ يَعْتِقُ مِنْهُ ابْتِدَاءً مَا حَمَلَهُ مَالُ السَّيِّدِ ثُمَّ يَعْتِقُ بَاقِيهِ مِنْ مَالِهِ هُوَ وَمَا بَقِيَ يَكُونُ لِلْعَبْدِ لَا لِلْوُرَّاثِ فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ يَعْتِقُ مِنْهُ ابْتِدَاءً ثُلُثُهُ إذْ لَا مَالَ لِلسَّيِّدِ إلَّا هُوَ وَهُوَ بِمِائَةٍ ثُمَّ ثُلُثَاهُ مِنْ الْمِائَتَيْنِ مَالُهُ فِي نَظِيرِ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ الْوَارِثُ وَمَا بَقِيَ لِلْعَبْدِ وَفِي الْمِثَالِ الثَّانِي يَعْتِقُ ابْتِدَاءً ثُلُثَاهُ النَّظَرُ لِمَالِ السَّيِّدِ وَهُوَ مِائَتَانِ ثُمَّ يَعْتِقُ ثُلُثُهُ الْبَاقِي مِنْ مَالِهِ وَهُوَ مِائَةٌ فِي نَظِيرِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ يَأْخُذُهَا مِنْهُ الْوَارِثُ وَمَا بَقِيَ لِلْعَبْدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلَا مُتَسَاوِيَيْنِ) أَيْ وَلَا مِنْ نَوْعَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ أَوْصَى لَهُ أَوَّلًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ ثَانِيًا بِعَشْرَةٍ حَالَةَ كَوْنِهَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْأَقَلُّ الْمُتَأَخِّرُ وَقَوْلُهُ نَاسِخًا أَيْ لِلْأَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ الْوَصِيَّتَانِ احْتِيَاطًا لِجَانِبِ الْمُوصِي وَلِأَنَّ الْأَقَلَّ كَالْمَشْكُوكِ فِيهِ وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ اهـ عبق. (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتَا بِكِتَابٍ أَوْ بِكِتَابَيْنِ) أَتَى بِهَذَا التَّعْمِيمِ رَدًّا عَلَى الْمُخَالِفِ إذْ قَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَمُطَّرِفٍ إنْ تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَكْثَرُ فَقَطْ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ مُطَّرِفٍ إنْ كَانَا فِي كِتَابَيْنِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا تَأَخَّرَ أَوْ تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ وَقُدِّمَ الْأَكْثَرُ فَهُمَا لَهُ مَعًا وَإِنْ تَأَخَّرَ الْأَكْثَرُ فَهُوَ لَهُ فَقَطْ وَحَكَى ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إذَا كَانَا فِي كِتَابَيْنِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ وَإِلَّا فَهُمَا لَهُ مَعًا تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ أَوْ تَأَخَّرَ اهـ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُ أَوَّلًا بِجُزْءٍ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِعَدَدٍ كَامِلٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْصَيْت لَك بِثُلُثِ مَالِي وَقَوْلُهُ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ أَيْ غَيْرِ الثُّلُثِ كَأَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ أَوْصَيْت لَك بِرُبُعِ مَالِي أَوْ سُدُسِهِ. (قَوْلُهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) هَذَا إنْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ غَيْرِ الثُّلُثِ كَالرُّبُعِ فَكَذَلِكَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَبَاقِيهِ لَهُ كَمَالُهُ فَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ لَا يَحْمِلُهُ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلُ الْجُزْءِ وَيُكْمِلُ بَاقِيَهُ مِنْ مَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لَهُ بِعَدَدِ كَمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ وَبَاقِيهِ لَهُ كَمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ذَلِكَ الْعَدَدُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ وَكَمَّلَ مِنْ بَاقِيهِ مِنْ مَالِهِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُوِّمَ فِي مَالِهِ) أَيْ وَإِلَّا قُوِّمَ تَقْوِيمًا مَنْظُورًا فِيهِ لِمَالِهِ أَيْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَيْسَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَذَا وَكَذَا بِحَيْثُ يَجْعَلُ مَالَهُ كَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَيَجْعَلُ تِلْكَ الْقِيمَةَ مَعَ مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قِيلَ إنَّهُ يُقَوَّمُ تَقْوِيمًا مَنْظُورًا فِيهِ لِمَالِهِ حَالَ كَوْنِ تِلْكَ الْقِيمَةِ مَعْدُودَةً مَعَ مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ) أَيْ وَلَا مَالَ لِلسَّيِّدِ أَصْلًا غَيْرُ الْعَبْدِ أَوْ لَهُ مَالٌ لَا يَحْمِلُ ثُلُثُهُ الْعَبْدَ كُلَّهُ. (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَالَ لِلسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ مَالِهِ) بَلْ الْمِائَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ لِلْوَارِثِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يَعْتِقُ جَمِيعُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ مَالِهِ لَوْ تَرَكَ إلَخْ. (قَوْلُهُ كَذَا قَرَّرَ) أَيْ قَرَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ كعبق وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ لطفى وبن. (قَوْلُهُ بِأَنَّ مُقْتَضَى نَصِّ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُ إلَخْ أَيْ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَكَانَ ثُلُثُ السَّيِّدِ لَا يَحْمِلُهُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَعْتِقُ بَاقِيهِ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِتَقْوِيمِهِ فِي مَالِهِ فَالْمُرَادُ بِتَقْوِيمِهِ فِي مَالِهِ جَعْلُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ كَمَا قِيلَ فَظَهَرَ لَك أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِدُونِ مَالِهِ سَوَاءٌ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ لَا وَكَوْنُهُ يُقَوَّمُ بِدُونِ مَالِهِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقَوَّمُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَهُ بِدُونِ مَالِهِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ هَذَا الْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَتَقْوِيمُهُ فِي مَالِهِ أَنْ تُجْعَلَ قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ كَمَا قُلْنَا وَلِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِفِي دُونَ الْبَاءِ (قَوْلُهُ فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ لَهُ مِائَتَانِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَا مَالَ لِلسَّيِّدِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مِائَةٌ) أَيْ وَهُوَ قِيمَتُهُ مِائَةٌ. (قَوْلُهُ ثُمَّ ثُلُثَاهُ) أَيْ ثُمَّ يَعْتِقُ ثُلُثَاهُ. (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُهَا) أَيْ السِّتَّةَ وَالسِّتِّينَ وَالثُّلُثَيْنِ. (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ. (قَوْلُهُ وَفِي الْمِثَالِ الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةً وَمَالُهُ الَّذِي بِيَدِهِ مِائَةً. (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ) أَيْ

(وَ) لَوْ أَوْصَى لِمَسَاكِينَ أَوْ فُقَرَاءَ (دَخَلَ الْفَقِيرُ فِي الْمِسْكِينِ كَعَكْسِهِ) لِأَنَّهُ مَتَى أُطْلِقَ أَحَدُهُمَا شَمِلَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ مَتَى قِيلَ مِسْكِينٌ أَوْ فَقِيرٌ يَقْضِي بِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَمْلِكُ قُوتَ عَامِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ لَا يَمْلِكَ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ يَمْلِكَ مَا لَا يَكْفِيه الْعَامَ فَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِافْتِرَاقِهِمَا اُتُّبِعَ. (و) لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبَ فُلَانٍ أَوْ أَقَارِبِهِ أَوْ لِذِي رَحِمِ فُلَانٍ أَوْ رَحِمِي أَوْ لِأَهْلِهِ دَخَلَ (فِي) لَفْظَةِ (الْأَقَارِبِ وَ) فِي لَفْظَةِ (الْأَرْحَامِ وَ) فِي لَفْظَةِ (الْأَهْلِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ) كَأَبِي الْأُمِّ وَعَمِّهَا لِأَبِيهَا أَوْ لِأُمِّهَا وَكَأَخِيهَا وَابْنِ بِنْتِهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَمَحَلُّ الدُّخُولِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لِفُلَانٍ (أَقَارِبُ لِأَبٍ) فَإِنْ كَانَ أَقَارِبُ لِأَبٍ لَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ أُمِّهِ وَيَخْتَصُّ بِهَا أَقَارِبُ الْأَبِ لِشَبَهِ الْوَصِيَّةِ بِالْإِرْثِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمُ الْعَصَبَةِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَمَعْنَى الدُّخُولِ هُنَا الشُّمُولُ أَيْ شَمِلَ الْأَقَارِبَ إلَخْ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ (وَالْوَارِثُ) مِنْ أَقَارِبِ الْأَجْنَبِيِّ (بِخِلَافِ) إيصَائِهِ لِذَوِي رَحِمِ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ (أَقَارِبِهِ هُوَ) فَلَا يَدْخُلُ وَارِثُهُ فِي لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إذْ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ كَمَا لَا يَدْخُلُ أَقَارِبُ أُمِّهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ لِأَبٍ بَلْ تَخْتَصُّ بِهِمْ حَيْثُ كَانُوا غَيْرَ وَرَثَةٍ (وَ) إذَا دَخَلَ أَقَارِبُ فُلَانٍ أَوْ أَهْلُهُ أَوْ رَحِمُهُ أَوْ أَقَارِبُهُ هُوَ أَوْ أَهْلُهُ أَوْ رَحِمُهُ (أُوثِرَ) أَيْ خُصَّ بِشَيْءٍ (الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ) بِأَنْ يُزَادَ عَلَى غَيْرِهِ لَا بِالْجَمِيعِ وَإِذَا أُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ فَالْأَقْرَبُ الْمُحْتَاجُ أَوْلَى (إلَّا لِبَيَانٍ) فِي وَصِيَّتِهِ كَ أَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ بِالتَّفْضِيلِ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لَا بِالْجَمِيعِ وَحِينَئِذٍ (فَيُقَدَّمُ الْأَخُ) الشَّقِيقُ أَوْ لِأَبٍ (وَابْنُهُ) لِإِدْلَائِهِمَا بِبُنُوَّةِ الْأَبِ (عَلَى الْجَدِّ) لِأَبٍ لِإِدْلَائِهِ بِأُبُوَّةِ الْأَبِ وَالْبُنُوَّةُ أَقْوَى وَيُقَدَّمُ الشَّقِيقُ عَلَى غَيْرِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ الْفَقِيرُ إلَخْ) فَإِذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ دَخَلَ الْفُقَرَاءُ وَإِذَا أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ دَخَلَ الْمَسَاكِينُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْآخَرِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي الْوَصِيَّةِ وَالدُّخُولِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا اجْتَمَعَا أَيْ فِي الْحُكْمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَرَادُفِهِمَا أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَرَادُفِهِمَا فَهُوَ عَيْنُهُ فَلَا مَعْنَى لِلدُّخُولِ وَمَحَلُّ الدُّخُولِ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُوصِي النَّصُّ عَلَى الْمَسَاكِينِ دُونَ الْفُقَرَاءِ وَعَكْسُهُ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِافْتِرَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمِسْكِينَ مَا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَالْفَقِيرَ مَا يَمْلِكُ شَيْئًا لَا يَكْفِيهِ قُوتَ عَامِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَقَارِبِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَوْصَيْت لِأَهْلِي أَوْ لِأَقَارِبِي أَوْ لِذَوِي رَحِمِي بِكَذَا اخْتَصَّ بِالْوَصِيَّةِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ وَرَثَةٍ لِلْمُوصِي وَلَا يَدْخُلُ أَقَارِبُهُ لِأَبِيهِ حَيْثُ كَانُوا يَرِثُونَهُ، هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ لِأَبِيهِ لَا يَرِثُونَهُ، وَإِلَّا اُخْتُصُّوا بِهَا وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَقَارِبُهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ، وَإِنْ قَالَ أَوْصَيْت لِأَقَارِبِ فُلَانٍ أَوْ لِأَهْلِهِ أَوْ وَلِذَوِي رَحِمِهِ اخْتَصَّ بِهَا أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ، وَإِلَّا اُخْتُصُّوا بِهَا مُطْلَقًا كَانُوا وَرَثَةً لِفُلَانٍ أَوْ لَا وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَقَارِبُهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لِأَهْلِهِ) أَيْ فُلَانٌ أَوْ أَهْلُهُ هُوَ. (قَوْلُهُ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ) أَيْ أَقَارِبُ الْمُوصِي إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبِهِ أَوْ أَقَارِبُ فُلَانٍ لِأُمِّهِ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبِ فُلَانٍ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَارِبُ لِأَبٍ) هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا وَفِي الْحَبْسِ، وَقَالَ غَيْرُهُ بِدُخُولِ أَقَارِبِ الْأُمِّ مَعَ أَقَارِبِ الْأَبِ هُنَا وَفِي الْحَبْسِ وَالْمُصَنِّفِ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَدَرَجَ فِي الْحَبْسِ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْحَبْسِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَبْسِ فِي قَوْلِهِ وَأَقَارِبِي أَقَارِبُ جِهَتَيْهِ مُطْلَقًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ) الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِفُلَانٍ أَقَارِبُ لِأَبٍ. (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ) أَيْ كَغَيْرِ الْوَارِثِ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ فَيَدْخُلُ الْجَمِيعُ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُوصِي لِأَقَارِبِ فُلَانٍ أَوْ لِذَوِي رَحِمِ فُلَانٍ أَوْ أَهْلِ فُلَانٍ. (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَدْخُلُ أَقَارِبُ أُمِّهِ) هَذَا هُوَ نَفْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ بَلْ تَخْتَصُّ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ أَيْ بِأَقَارِبِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ وَأُوثِرَ الْمُحْتَاجُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِأَهْلِهِ أَوْ أَقَارِبِهِ أَوْ ذَوِي رَحِمِهِ أَوْ لِأَهْلِ فُلَانٍ أَوْ أَقَارِبِهِ أَوْ ذَوِي رَحِمِهِ، وَاخْتَصَّ بِالْوَصِيَّةِ الْأَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ اخْتَصَّ بِهَا الْأَقَارِبُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ عِنْدَ وُجُودِهِمْ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْإِعْطَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مُحْتَاجٌ أَوْ أَحْوَجُ فَإِنَّهُ يَجِبُ إيثَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ بِدَفْعِ زِيَادَةٍ لَهُ عَنْ غَيْرٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُحْتَاجُ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرُوهُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمٌ كَغُزَاةٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِمَنْ يُمْكِنُ حَصْرُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِمْ فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الْقِسْمَةِ اهـ قَالَ بْن قَدْ يُقَالُ مَحَلُّ مَا يَأْتِي إذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ وَإِلَّا أُوثِرَ الْمُحْتَاجُ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ فَالْأَقْرَبُ الْمُحْتَاجُ أَوْلَى) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِلْأَبْعَدِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ. (قَوْلُهُ كَ أَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لِأَقَارِبِ فُلَانٍ بِكَذَا يُعْطَى مِنْهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ بِالتَّفْضِيلِ) أَيْ بِالْإِيثَارِ وَالزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذْ بَيَّنَ بِأَنْ قَالَ أَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ. (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ) قَدْ أَشَارَ عج لِضَبْطِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُقَدَّمُ فِيهَا الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ بِقَوْلِهِ: بِغُسْلٍ وَإِيصَاءٍ وَلَاءٍ جِنَازَةٍ ... نِكَاحٍ أَخًا وَابْنًا عَلَى الْجَدِّ قُدَّمِ وَعَقْلٍ وَوَسِّطْهُ بِبَابٍ حَضَانَةٍ ... وَسَوِّهِ مَعَ الْآبَاءِ فِي الْإِرْثِ وَالدَّمِ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ الشَّقِيقُ عَلَى غَيْرِهِ) الْمُرَادُ بِغَيْرِهِ الْأَخُ لِلْأَبِ وَأَمَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ فَلَا دُخُولَ لَهُ أَصْلًا حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ

(وَلَا يَخْتَصُّ) الْمُقَدَّمُ بِالْجَمِيعِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِي قَالَ لِأَقَارِبَ فُلَانٍ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَارِبُ أَبٍ دَخَلَ الْجَدُّ لِأُمٍّ وَالْأَخُ لِأُمٍّ وَقُدِّمَ عَلَى الْجَدِّ لِلْإِدْلَاءِ بِبُنُوَّةِ الْأُمِّ وَقَوْلُهُ عَلَى الْجَدِّ أَيْ دَنِيَّةً احْتِرَازًا عَنْ أَبِي الْجَدِّ فَإِنَّ الْعَمَّ وَابْنَهُ يُقَدَّمَانِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (وَ) دَخَلَتْ (الزَّوْجَةُ) مَعَ زَوْجِهَا الْمُجَاوِرِينَ لِلْمُوصِي (فِي جِيرَانِهِ) أَيْ فِي وَصِيَّتِهِ لِجِيرَانِهِ وَهُمْ الْمُلَاصِقُونَ لَهُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ أَوْ الْمُقَابِلُونَ لَهُ وَبَيْنَهُمَا زُقَاقٌ أَوْ شَارِعٌ لَطِيفٌ لَا سُوقٌ أَوْ نَهْرٌ وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمُوصِي إذَا كَانَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَلَا تَدْخُلُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى جَارَةً عُرْفًا (لَا) يَدْخُلُ (عَبْدٌ مَعَ سَيِّدِهِ) فِي وَصِيَّتِهِ لِجِيرَانِهِ إلَّا أَنْ يَنْفَرِدَ عَنْ سَيِّدِهِ بِبَيْتٍ مُجَاوِرٍ لِلْمُوصِي (وَفِي) دُخُولِ (وَلَدٍ صَغِيرٍ) مَعَ أَبِيهِ (وَبِكْرٍ) مَعَ أَبِيهَا وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى أَبِيهِ وَعَدَمُ دُخُولِهِمَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلَانِ) وَاحْتَرَزَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَنْ الْكَبِيرِ وَبِالْبِكْرِ عَنْ الثَّيِّبِ بِنِكَاحٍ فَيَدْخُلَانِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمَا لَا تَجِبُ عَلَى أَبِيهِمَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْجَارِ يَوْمُ الْإِعْطَاءِ فَإِنْ انْتَقَلَ بَعْضُهُمْ وَحَدَثَ غَيْرُهُمْ أَوْ بَلَغَ صَغِيرٌ أَوْ تَزَوَّجَتْ بِكْرٌ فَلَا شَيْءَ لِلْمُنْتَقِلِ وَيُعْطِي مَنْ حَدَثَ أَوْ بَلَغَ وَلَوْ كَانُوا يَوْمَ الْوَصِيَّةِ قَلِيلًا فَكَثُرُوا يَوْمَ الْإِعْطَاءِ أُعْطُوا جَمِيعُهُمْ. (وَ) لَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِجَارِيَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ دَخَلَ (الْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ) الْمُوصَى بِهَا لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهَا (إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ) فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ لَمْ يَدْخُلْ وَلَوْ وَضَعَتْهُ حَيَاةَ سَيِّدِهَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ (وَ) دَخَلَ الْمَوَالِي (الْأَسْفَلُونَ فِي) وَصِيَّتِهِ إلَى (الْمَوَالِي) أَيْ مَوَالِي نَفْسِهِ أَوْ مَوَالِي زَيْدٍ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْأَسْفَلِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ (وَ) دَخَلَ (الْحَمْلُ) أَيْ حَمْلُ الْأَمَةِ (فِي الْوَلَدِ) أَيْ فِي وَصِيَّتِهِ بِالْوَلَدِ أَيْ وَلَدِ الْأَمَةِ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لَهُ بِأَوْلَادِ أَمَتِي أَوْ بِمَا تَلِدُ أَوْ بِمَا وَلَدَتْ أَبَدًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ حَمْلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدٌ مِنْ الْأَقَارِبِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَخْتَصُّ إلَخْ) لِمَا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْإِيثَارِ الِاخْتِصَاصُ نَفَاهُ وَبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُعْطِيَ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يُحْرِمَ غَيْرَهُ وَلَيْسَ هَذَا رَاجِعًا لِقَوْلِهِ فَيُقَدَّمُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَأُوثِرَ الْمُحْتَاجُ اهـ بْن وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ فَيُقَدَّمُ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا وَهُوَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَارِبُ أَبٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَوْصَى لِأَقَارِبِ فُلَانٍ وَاخْتَصَّ بِالْوَصِيَّةِ أَقَارِبُ الْأُمِّ دَخَلَ فِيهِمْ الْجَدُّ لِلْأُمِّ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ. (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ) أَيْ الْأَخُ لِلْأُمِّ عَلَى الْجَدِّ أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ أَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ (قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ الزَّوْجَةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَإِنَّهُ يُعْطِي الْجَارَ وَزَوْجَتَهُ السَّاكِنَةَ مَعَهُ بِجِوَارِ الْمُوصِي لَا السَّاكِنَةَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ مُجَاوِرٍ لَهُ وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمُوصِي فَلَا تَدْخُلُ كَانَتْ وَارِثَةً أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ جَارَةٍ فِي الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْعُلْوِ أَوْ السُّفْلِ أَوْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ أَوْ الْأَمَامِ أَوْ الْخَلْفِ. (قَوْلُهُ أَوْ الْمُقَابِلُونَ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ وَالْمُقَابِلُونَ لَهُ إلَخْ وَهَذِهِ التَّفَاسِيرُ لِلْجَارِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَأَمَّا حَدِيثُ: «أَلَا إنَّ أَرْبَعِينَ دَارًا جَارٌ» فَفِي التَّكْرِمَةِ وَالِاحْتِرَامِ. (قَوْلُهُ إذَا كَانَ بِهَا مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ) أَيْ كَالْأَمَةِ وَالْكَافِرَةِ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْجِيرَانِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِعِلَّةِ الْإِرْثِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ مَعَ سَيِّدِهِ) أَيْ سَاكِنٌ مَعَ سَيِّدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَلَا يُعْطَى عَبْدُ الْجَارِ السَّاكِنِ مَعَ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا يَنْفَرِدُ) أَيْ الْعَبْدُ بِبَيْتٍ مُجَاوِرٍ لِلْمُوصِي أَيْ فَإِنْ انْفَرَدَ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ جَارًا. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ كُلٍّ عَلَى نَفْسِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ النَّقْلُ الْإِطْلَاقُ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ نَفَقَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا دَخَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ فَإِنْ انْتَقَلَ بَعْضُهُمْ) أَيْ أَوْ كُلُّهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْإِعْطَاءِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِجَارِيَةٍ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ الْمُوصَى بِعِتْقِهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ الْحَمْلُ وَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ اهـ بْن فَالْمُوصَى بِعِتْقِهَا مِثْلُهَا مِثْلُ مَنْ أَعْتَقَهَا بِالْفِعْلِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ وَإِنَّمَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمُوصَى بِهَا لِشَخْصٍ وَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مَعَ عِتْقِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ كَمَّلَ عَلَيْهِ الْعِتْقَ إذَا أَعَتَّقَ جُزْءًا مِنْهَا وَلَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ الْهِبَةَ إذَا وَهَبَ جُزْءًا مِنْهَا وَالْوَصِيَّةُ كَالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ وَهِيَ حَامِلٌ) أَيْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ زِنًا. (قَوْلُهُ دَخَلَ الْحَمْلُ) أَيْ حَيْثُ وَضَعَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ وَدَخَلَ الْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ) أَيْ مَعَ الْأَعْلَيْنَ. (قَوْلُهُ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ. (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْأَسْفَلِينَ) أَيْ وَلَا يَدْخُلُ الْأَعْلَوْنَ مَعَهُمْ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ لِمَوَالِي زَيْدٍ أَوْ لِمَوَالِي نَفْسِهِ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لعبق. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ) أَيْ وَلِغَلَبَةِ إطْلَاقِ الْمَوَالِي عَلَى الْأَسْفَلِينَ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا وَلَدَتْ أَبَدًا) أَنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَبَدًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ مَعَ اللَّفْظِ الْمَاضِي بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِقْبَالِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ بِمَا وَلَدَتْ جَارِيَتِي أَبَدًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّوْضِيحِ وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي لَفْظِ الْمَاضِي إلَّا مَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ حَمْلُهَا) أَيْ الْمَوْجُودُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَالْحَادِثُ بَعْدَهَا وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ وَالْأَمَةُ حَامِلٌ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهَا وُقِفَتْ حَتَّى تَضَعَ فَيَأْخُذَ الْمُوصَى لَهُ الْوَلَدَ ثُمَّ يَتَقَوَّمُونَ الْأُمَّ وَالْجَنِينَ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطِيَ الْوَرَثَةُ الْمُوصَى لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ وَصِيَّتَهُ

وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَمَا قَبْلَهَا أَوْصَى بِذَاتِ الْأَمَةِ (وَ) اُعْتُبِرَ (الْمُسْلِمُ يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (الْوَصِيَّةِ فِي) وَصِيَّتِهِ إلَى (عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ) وَلَهُ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَدْخُلْ وَلَوْ فِي يَوْمِهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ مَثَلًا بِعَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ مَنْ كَانَ مُسْلِمًا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لَا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكِلَا التَّقْرِيرَيْنِ صَحِيحٌ. (لَا) يَدْخُلُ (الْمَوَالِي) الْأَسْفَلُونَ (فِي) وَصِيَّتِهِ إلَى (تَمِيمٍ أَوْ بَنِيهِمْ) مَثَلًا وَلَوْ أَوْصَى لِرِجَالِ بَنِي فُلَانٍ أَوْ نِسَائِهِمْ فَالظَّاهِرُ دُخُولُ الصَّغِيرِ مِنْ النَّوْعَيْنِ كَمَا فِي الْوَقْفِ فَلَوْ أَوْصَى لِمَسَاكِينِ بَنِي فُلَانٍ دَخَلَ مَوَالِيهمْ (وَلَا) يَدْخُلُ ابْنُ السَّبِيلِ (الْكَافِرُ فِي) وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ إلَى (ابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ الْغَرِيبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِوَصَايَاهُمْ الْمُسْلِمِينَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُوصِيَ لَوْ كَانَ كَافِرًا اخْتَصَّتْ بِهِمْ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَقْصِدُ غَالِبًا إلَّا الْكَافِرَ. (وَ) إنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ مَثَلًا لِمَجْهُولٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ (لَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمٌ) أَيْ تَعْمِيمُ الْمُوصِي لَهُمْ بِالْإِعْطَاءِ (كَغُزَاةٍ) أَوْ فُقَرَاءَ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ بِخِلَافِ خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ وَلِيٍّ لِحَصْرِهِمْ وَيَنْبَغِي إيثَارُ الْأَحْوَاجِ فِي الْقِسْمَيْنِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَاجْتَهَدَ) مُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ وَارِثٍ فِيمَنْ حَضَرَ التَّفْرِقَةَ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهَا (كَزَيْدٍ مَعَهُمْ) أَيْ وَإِذَا قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِي مَثَلًا فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيمَا يُعْطِيهِ لِزَيْدٍ مِنْ قِلَّةٍ وَكَثْرَةٍ بِحَسَبِ الْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُوصِيَ أَعْطَى الْمَعْلُومَ حُكْمَ الْمَجْهُولِ وَأَلْحَقهُ بِهِ وَأَجْرَاهُ عَلَى حُكْمِهِ حَيْثُ ضَمَّهُ إلَيْهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مَعْلُومٌ وَمَجْهُولٌ جُعِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ (وَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ) أَيْ لِوَارِثِ زَيْدٍ إنْ مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْوَلَدِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يُوقِفُوهَا حَتَّى تَضَعَ وَإِنْ كَرِهُوا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَسَقَطَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ فِيهَا ضَعْفٌ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَاخْتُلِفَ إنْ أَعْتَقَ الْوَرَثَةُ الْأَمَةَ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا قِيلَ يَعْتِقُ مَا فِي بَطْنِهَا بِعِتْقِهَا وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ فَعِتْقُهُمْ فِيهَا غَيْرُ جَائِزٍ اهـ بْن. (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَضَعَتْهُ إلَخْ) أَيْ وَظَاهِرُهُ دُخُولُ الْحَمْلِ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَلَدِ وَلَوْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَيْ وَأَوْلَى قَبْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ مَوْجُودًا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهَا وَفِي بْن الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَام ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَوْجُودَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مُطْلَقًا وَضَعَتْهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَمَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْأَوْلَادِ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْهُمْ إلَّا مَا وَلَدَتْهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي يَوْمِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا. (قَوْلُهُ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُسْلِمُ إلَخْ مَعْنَاهُ وَتَعَيَّنَ الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فِي وَصِيَّتِهِ بِعَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ عَبِيدٌ أَصْلًا فَاشْتَرَى مُسْلِمِينَ أَوْ كَانَ لَهُ حِينَهَا كُفَّارٌ فَقَطْ فَأَسْلَمُوا فَهَلْ يَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْمَالَ الْوَصِيَّةِ مَا أَمْكَنَ أَوْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ قَوْلَانِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُ الْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ فِي وَصِيَّتِهِ إلَى تَمِيمٍ أَوْ بَنِيهِمْ) أَيْ وَأَمَّا الْأَرِقَّاءُ مِنْهُمْ فَالظَّاهِرُ دُخُولُهُمْ كَأَنْ يَتَزَوَّجَ تَمِيمِيٌّ بِأَمَةِ آخَرَ مِنْهُمْ وَيَأْتِي مِنْهَا بِوَلَدٍ. (قَوْلُهُ دَخَلَ مَوَالِيهِمْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الْمَوَالِي الْمَسْكَنَةُ وَلِأَنَّهُمْ يُضَافُونَ لِبَنِي تَمِيمٍ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمٌ كَغُزَاةٍ) أَيْ وَلَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَاجْتَهَدَ مُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُعْطِيهِ لِمَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ الْقَسْمَ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ. (تَنْبِيهٌ) مِنْ قَبِيلِ الْمَجْهُولِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ فُقَرَاءُ الرِّبَاطِ وَالْمَدَارِسِ وَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَقَدْ ذَكَرَ عبق فِي بَابِ الْوَقْفِ نَقْلًا عَنْ الْعُتْبِيَّةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِمَجْهُولٍ وَإِنْ حُصِرَ أَنَّ أَهْلَ مَسْجِدِ كَذَا مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ وَأَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ إنَّ الْمُجَاوِرِينَ بِالْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْمَحْصُورِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خِدْمَةِ مَسْجِدِ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَغُزَاةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَغُزَاةٍ مَفْهُومُهُ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا الْإِيصَاءُ لِمُعَيَّنٍ كَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَوْلَادِ فُلَانٍ وَيُسَمِّيهِمْ فَيُقْسَمُ الْمَالَ وَالْمُوصَى بِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ قَسْمِ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ، ثَانِيهُمَا أَنْ يُوصِيَ لِمَنْ يُمْكِنُ حَصْرُهُ وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ كَ أَوْصَيْت لِأَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ لِإِخْوَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِ إخْوَتِهِ أَوْ لِأَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ لِخِدْمَةِ الْوَلِيِّ الْفُلَانِيِّ وَهَذَا الْقَسَمُ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا فِي ح قِيلَ إنَّهُمْ كَالْمُعَيَّنِينَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَهُ اسْتَحَقَّ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ قَسْمِ الْمَالِ وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يَدْخُلْ وَقِيلَ إنَّهُمْ كَالْمَجْهُولِينَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ قَسْمِ الْمَالِ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْمُوصِي اسْتَحَقَّ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ لَا بِالسَّوِيَّةِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ مَشْي الشَّارِحُ فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ خِدْمَةِ مَسْجِدٍ أَوْ وَلِيٍّ أَيْ فَيَجِبُ تَعْمِيمُهُمْ لِحَصْرِهِمْ وَيُسَوَّى لِحَصْرِهِمْ وَيُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْقَسْمِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ. (قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ) أَيْ مَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَجْهُولٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَالْغُزَاةِ أَوْ عَلَى مَجْهُولٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُ كَخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ وَاجْتَهَدَ مُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ) فِيمَنْ حَضَرَهَا مِنْ الْمَجْهُولِ الْغَيْرِ الْمَحْضُورِ كَالْغُزَاةِ أَيْ اجْتَهَدَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُعْطِيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ كَمَا لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ. (قَوْلُهُ فِيمَا يُعْطِيهِ)

(قَبْلَ الْقَسْمِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو أَوْ لِأَوْلَادِ زَيْدٍ الْمُعَيَّنِينَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ فَوَارِثُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ (وَضَرَبَ) أَيْ أَسْهَمَ (لِمَجْهُولٍ) دَائِمٍ كَوَقِيدِ مِصْبَاحٍ عَلَى الدَّوَامِ لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ مَثَلًا بِدِرْهَمٍ كُلَّ لَيْلَةٍ (فَأَكْثَرَ) كَوَقِيدِ مِصْبَاحٍ بِدِرْهَمٍ وَشِرَاءِ خُبْزٍ يُفَرَّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمَيْنِ أَيْ مَعَ مَعْلُومٍ أَيْضًا كَوَصِيَّتِهِ لِزَيْدٍ بِكَذَا وَلِعَمْرٍو بِكَذَا (بِالثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ الْمَالِ أَيْ يُجْعَلُ الثُّلُثُ فَرِيضَةً ثُمَّ يُضَمُّ إلَيْهَا الْمَعْلُومُ وَيُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ فَرِيضَةٍ عَالَتْ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ الْمَالِ ثَلَاثَمِائَةٍ جُعِلَ كُلُّهُ لِلْمَجْهُولِ الْمُتَّحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ ثُمَّ يُضَافُ إلَيْهِ الْمَعْلُومُ فَإِذَا كَانَ الْمَعْلُومُ ثَلَاثَمِائَةٍ فَكَأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِهَا فَيُعْطَى الْمَعْلُومُ نِصْفَ الثَّلَثِمِائَةِ وَيَبْقَى نِصْفُهَا لِلْمَجْهُولِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ كَانَ الْمَعْلُومُ مِائَةً زِيدَتْ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ فَكَأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا فَيُعْطَى الْمَعْلُومُ رُبُعَ الثَّلَثِمِائَةِ يُفَضُّ عَلَيْهِ وَيَبْقَى الْبَاقِي لِلْمَجْهُولِ (وَهَلْ) مَا بَقِيَ لِلْمَجْهُولِ (يُقْسَمُ عَلَى الْحِصَصِ) فَيُجْعَلُ لِجِهَةِ الْمِصْبَاحِ الثُّلُثُ مِنْ الْبَاقِي وَلِجِهَةِ الْخُبْزِ الثُّلُثَانِ أَوْ لَا يُقْسَمُ عَلَى الْحِصَصِ بَلْ عَلَى عَدِّ الْجِهَاتِ بِالسَّوِيَّةِ فَيُجْعَلُ لِجِهَةِ الْمِصْبَاحِ نِصْفُهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِدِرْهَمٍ وَلِجِهَةِ الْخُبْزِ نِصْفُهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِدِرْهَمَيْنِ (قَوْلَانِ) وَاسْتَشْكَلَ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُوصِيَ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا أَقَلَّ مِمَّا لِلْآخَرِ فَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا مُرَاعَاةً لِجَعْلِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ الثُّلُثُ لَوْ انْفَرَدَ كَانَ الثُّلُثُ لِلْجَمِيعِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ بِالسَّوِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا. (وَ) الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ (الْمُوصَيْ بِشِرَائِهِ) مِنْ مَالِكِهِ (لِلْعِتْقِ) بِأَنْ قَالَ أُوصِيكُمْ بِاشْتِرَاءِ عَبْدِ فُلَانٍ وَأَعْتِقُوهُ وَأَبَى رَبُّهُ مِنْ بَيْعِهِ (يُزَادُ) لِسَيِّدِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فِي قَدْرِ مَا يُعْطِيهِ لَهُ وَكَذَا يَجْتَهِدُ فِي تَقْدِيمِهِ فِي الْإِعْطَاءِ أَوْ تَأْخِيرِهِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ) أَيْ قَبْلَ قَسْمِ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَأَمَّا مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لَهُ حَتَّى يَكُونَ لِوَارِثِهِ. (قَوْلُهُ وَضَرَبَ إلَخْ) لَوْ قَالَ وَجَعَلَ لِمَجْهُولٍ الثُّلُثَ وَحَذْفُ الْبَاءِ مِنْ بِالثُّلُثِ كَانَ أَظْهَرَ وَأَخْصَرَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ الثُّلُثِ لَهُ إعْطَاؤُهُ الثُّلُثَ بِتَمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ فِيهِ مَسْلَكَ الْعَوْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ لِمَجْهُولٍ) أَيْ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ كَمَجْهُولَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَقَوْلُهُ لِمَجْهُولٍ دَائِمٍ أَيْ مُوصًى بِهِ وَقَوْلُهُ مَعَ مَعْلُومٍ أَيْ مُوصَى بِهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ مَعْلُومٍ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَضَرَبَ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ وَالْمُحَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي مُتَعَدٍّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَجْهُولٍ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى الدَّوَامِ وَأَوْصَى بِمَعْلُومٍ فَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّةَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَبَى مِنْ تَنْفِيذِهَا كُلِّهَا تَعَيَّنَ تَنْفِيذُهَا مِنْ الثُّلُثِ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ لِلْمَجْهُولِ وَيَضُمَّ إلَيْهِ الْمُوصَى بِهِ الْمَعْلُومَ وَيَنْسُبَ الْمَعْلُومَ لِمَجْمُوعِهِمَا وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالْمَعْلُومِ مِنْ الثُّلُثِ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ فَهُوَ لِلْمَجْهُولِ فَإِذَا كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ كُلُّهُ تِسْعَمِائَةٍ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصَايَا وَتَعَيَّنَتْ فِي الثُّلُثِ أَخَذَ ثُلُثَ الْمَالِ وَهُوَ ثَلَثُمِائَةٍ وَضَمَّ إلَيْهَا الْمَعْلُومَ وَفَعَلَ مَا ذَكَرْنَا. (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِهَا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ مَعْرِفَةُ مَا عَالَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ يُنْسَبُ مَا عَالَتْ بِهِ إلَيْهَا بِدُونِ الْعَوْلِ وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ مَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَعْلُومِ مِنْ الثُّلُثِ فَأُنْسِبَ الْمَعْلُومُ لِمَجْمُوعِ الثُّلُثِ وَالْمَعْلُومِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالْمَعْلُومِ مِنْ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَعْلُومُ مِائَةً) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِخَمْسِينَ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسِينَ. (قَوْلُهُ رُبُعُ الثَّلَاثِمِائَةِ) أَيْ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ وَقَوْلُهُ يُفَضُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمَعْلُومِ أَيْ عَلَى أَصْحَابِهِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا. (قَوْلُهُ وَيَبْقَى الْبَاقِي) أَيْ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَوْ كَانَ الْمَعْلُومُ مِائَةً وَخَمْسِينَ لَزِيدَتْ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ فَكَأَنَّهَا عَالَتْ نِصْفُهَا وَنِسْبَةُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ لِلْأَرْبَعِمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ ثُلُثٌ وَحِينَئِذٍ فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالْمَعْلُومِ ثُلُثَ الثَّلَاثِمِائَةِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَمَا بَقِيَ وَهُوَ مِائَتَانِ لِلْمَجْهُولِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْحِصَصِ) أَيْ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ. (قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ لِجِهَةِ الْمِصْبَاحِ الثُّلُثُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِدِرْهَمٍ وَلِلْخُبْزِ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِسْبَةُ الدِّرْهَمَيْنِ لِلثَّلَاثَةِ ثُلُثَانِ وَنِسْبَةُ الدِّرْهَمِ لَهَا ثُلُثٌ إذَا جُعِلَ لِوَقِيدِ الْمِصْبَاحِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ فَيُصْرَفُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ الْقَدْرُ الْمُسَمَّى وَهُوَ دِرْهَمَانِ حَتَّى يَفْرُغَ. (قَوْلُهُ وَلِجِهَةِ الْخُبْزِ الثُّلُثَانِ) أَيْ وَيُصْرَفُ مِنْهُمَا كُلَّ يَوْمٍ الْقَدْرُ الْمُسَمَّى وَهُوَ دِرْهَمَانِ حَتَّى يَفْرُغَ الثُّلُثَانِ. (قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ لِجِهَةِ الْمِصْبَاحِ نِصْفُهُ) أَيْ وَيُشْتَرَى مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ بِالْقَدْرِ الْمُسَمَّى حَتَّى يَفْرُغَ. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالثَّانِي لِلْمَوَّازِيَّةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا عُيِّنَ مَا لِكُلِّ مَجْهُولٍ مَعَ التَّخَالُفِ كَمَا إذَا أَوْصَى بِوَقِيدِ مِصْبَاحٍ كُلَّ لَيْلَةٍ بِدِرْهَمٍ وَبِخُبْزٍ يُفَرَّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ مَا لِكُلِّ مَجْهُولٍ مَعَ التَّسَاوِي فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الْجِهَاتِ قَوْلًا وَاحِدًا. (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إذَا انْفَرَدَ اُخْتُصَّ بِالثُّلُثِ، فَلَمَّا اشْتَرَكَا فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا انْفَرَدَ اخْتَصَّ بِالثُّلُثِ كَانَا إذَا اجْتَمَعَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِيهِ، وَهُوَ جَوَابٌ ظَاهِرٌ وَلَا نَظَرَ فِيهِ أَصْلًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَوْ انْفَرَدَ) أَيْ عَنْ الْمَجْهُولِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ أُوصِيكُمْ بِاشْتِرَاءِ عَبْدِ فُلَانٍ وَأَعْتِقُوهُ) أَيْ فَإِنْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَا كَلَامَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبَى مِنْ بَيْعِهِ فَيُزَادُ إلَخْ

بِالتَّدْرِيجِ (لِثُلُثِ قِيمَتِهِ) أَيْ يُزَادُ عَلَى قِيمَتِهِ ثُلُثُهَا فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ عَلَيْهَا عَشْرَةٌ فَقَطْ فَإِنْ بَاعَهُ فَوَاضِحٌ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَرْضَ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ (اُسْتُؤْنِيَ) بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِظَنِّ الْإِيَاسِ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ لِلْفَوَاتِ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتٍ لَعَلَّهُ أَنْ يَبِيعَهُ (ثُمَّ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَيْعٌ مُدَّةَ الِاسْتِينَاءِ (وَرِثَ) الْمَالَ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَمَحَلُّ الزِّيَادَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ لِوَارِثِ الْمُوصِي وَإِلَّا لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَتِهِ شَيْءٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ. (وَ) إنْ أَوْصَى (بِبَيْعٍ) لِعَبْدِهِ الْمُعَيَّنِ (مِمَّنْ أَحَبَّ) الْعَبْدُ فَأَحَبَّ شَخْصًا وَلَمْ يَرْضَ بِشِرَائِهِ رَجَعَ الْعَبْدُ مِيرَاثًا (بَعْدَ النَّقْصِ) لِثُلُثِ قِيمَتِهِ (وَالْإِبَاءَةِ) مِنْ شِرَائِهِ وَلَا اسْتِينَاءَ فِي هَذِهِ إذْ لَا عِتْقَ فِيهَا (وَاشْتِرَاءِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بَيْعٍ أَيْ وَإِنْ أَوْصَى بِاشْتِرَاءِ عَبْدِ زَيْدٍ مِنْ مَالِهِ وَيُعْطَى (لِفُلَانٍ) فَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ حَيْثُ أَبَى مِنْ بَيْعِهِ بِالْقِيمَةِ لَا بُخْلًا بَلْ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ أُعْطِيَ لِفُلَانٍ (وَ) إنْ (أَبَى) مِنْ بَيْعِهِ (بُخْلًا) مِنْهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ وَيَرْجِعُ الثَّمَنُ مِيرَاثًا (وَ) إنْ أَبَى (لِزِيَادَةٍ) عَلَى ثُلُثِ الْقِيمَةِ (فَلِلْمُوصَى لَهُ) جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَالثُّلُثُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهَا بُخْلًا فَتَبْطُلُ وَلِزِيَادَةٍ فَلَا تَبْطُلُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ وَالزِّيَادَةُ لِلْمُوصَى لَهُ أَنَّهُ فِي الْبُخْلِ امْتَنَعَ رَأْسًا فَلَمْ يُسَمَّ شَيْءٌ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ الْإِبَاءَةِ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ قَادِرُونَ عَلَيْهَا وَعَلَى دَفْعِ الْعَبْدِ فَقَدْ سُمِّيَ مُقَدَّرًا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ وَهُوَ الثُّلُثُ. (وَ) إنْ أَوْصَى (بِبَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ عَبْدِهِ (لِلْعِتْقِ) أَيْ لِمَنْ يَعْتِقُهُ أَيْ أَوْ لِفُلَانٍ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ أَحَدٌ بِقِيمَتِهِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا (نَقَصَ) عَنْ الْمُشْتَرِي (ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ قِيمَتِهِ (وَإِلَّا) يُوجَدُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِنَقْصِ ثُلُثِ قِيمَتِهِ (خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ) بِمَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِهِ (أَوْ عِتْقِ ثُلُثِهِ) بَتْلًا فِي بَيْعِهِ لِلْعِتْقِ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْصَى بِعِتْقِهِ فِي الْمَعْنَى (أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ) أَيْ بِثُلُثِ الْعَبْدِ (لِفُلَانٍ فِي قَوْلِهِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُوصِي بِيعُوهُ لِفُلَانٍ فَصَارَ حَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ الْوَارِثَ يُخَيَّرُ فِي الْأُولَى بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ عِتْقِ ثُلُثِ الْعَبْدِ وَفِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا طَلَبَ فُلَانٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ إنْ أَبَى طَلَبًا لِلزِّيَادَةِ لَا بُخْلًا وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا لَلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ بِالتَّدْرِيجِ) أَيْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِثُلُثِ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَقُلْ يُزَادُ ثُلُثُ قِيمَتِهِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الثُّلُثَ يُزَادُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا طَلَبَ زِيَادَةَ ثُلُثِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَمَّا كَانُوا يَتَغَابَنُونَ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يَجِدْ الْمَيِّتُ شَيْئًا يُوقَفُ عِنْدَهُ وَجَبَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ثُلُثِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ حَدٌّ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (قَوْلُهُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ) أَيْ وَهُوَ الْقِيمَةُ وَمَا زِيدَ عَلَيْهَا مِنْ ثُلُثِهَا (قَوْلُهُ أَوْ لِلْفَوَاتِ) أَيْ لِفَوَاتِ بَيْعِهِ بِمَوْتٍ أَوْ عِتْقٍ وَالتَّعْبِيرُ الْأَوَّلُ هُوَ الْوَاقِعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي هُوَ الْوَاقِعُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَقَدْ حَمَلَ ابْنُ يُونُسَ ذَلِكَ عَلَى الْوِفَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِيَاسَ مِنْ بَيْعِ الْعَبْدِ يَحْصُلُ بِالْعِتْقِ وَالْمَوْتِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن وَاَلَّذِي فِي عبق عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَهَلْ الِاسْتِينَاءُ سُنَّةٌ أَوْ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا لَمْ يَرْضَ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِي بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِظَنِّ الْيَأْسِ مِنْ بَيْعِهِ بِحُصُولِ مَوْتِهِ أَوْ عِتْقِهِ أَوْ مُضِيِّ مُدَّةِ حَدِّهَا بَعْضُهُمْ بِسُنَّةٍ وَبَعْضُهُمْ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ثُمَّ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ يُورَثُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَتِهِ شَيْءٌ) أَيْ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ وَبِبَيْعٍ مِمَّنْ أَحَبَّ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ فُلَانٍ لِمَنْ أَحَبَّهُ الْعَبْدُ فَأَحَبَّ شَخْصًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ لَهُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِقِيمَتِهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَبَى فَإِنَّهُ يُنْقَصُ لَهُ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرُ ثُلُثِهَا فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُورَثُ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ عَلَى الرَّاجِحِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَصِيرُ مِيرَاثًا بَعْدَ النَّقْصِ وَالْإِبَاءَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ أَحَبَّ الْعَبْدُ شَخْصًا وَأَبَى مِنْ شِرَائِهِ فَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى ثَانٍ وَإِلَى ثَالِثٍ مَا لَمْ يَطُلْ ذَلِكَ حَتَّى يَضُرَّ بِالْوَرَثَةِ قَالَهُ أَشْهَبُ اهـ بْن (قَوْلُهُ بَعْدَ النَّقْصِ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي أَحَبَّهُ الْعَبْدُ. (قَوْلُهُ وَلَا اسْتِينَاءَ فِي هَذِهِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِعِ خِلَافًا لخش. (قَوْلُهُ وَاشْتَرَاهُ لِفُلَانٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى عَبْدُ زَيْدِ مِنْ مَالِهِ وَيُعْطَى لِعَمْرٍو مَثَلًا فَإِنْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ إبَاءَتُهُ لِأَجْلِ الْبُخْلِ بِبَيْعِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ وَيَرْجِعُ الثَّمَنُ مِيرَاثًا، وَإِنْ كَانَتْ إبَاءَتُهُ مِنْ بَيْعِهِ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى قِيمَتِهِ ثُلُثُهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الثَّمَنَ أَيْ الْقِيمَةَ وَالزِّيَادَةَ يُدْفَعَانِ لِلْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَى مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ طَلَبِهِ بِثَمَنِهِ أَوْ بَعْدَ زِيَادَةِ ثُلُثِهِ. (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الثَّمَنُ مِيرَاثًا) أَرَادَ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةَ الَّتِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ بُخْلًا لَمْ يَتَيَسَّرْ الْإِتْيَانُ بِالْعَبْدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِهِ فَتَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فَلِذَا بَطَلَتْ بِخِلَافِ الْإِبَاءَةِ لِزِيَادَةٍ فَإِنَّهُ قَدْ وَجَدَ طَرِيقًا لِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ الْتَفَتَ لِإِلْزَامِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَالْوَرَثَةُ قَادِرُونَ عَلَى دَفْعِهِ فَلَمْ تَبْطُلْ (قَوْلُهُ أَيْ أَوْ لِفُلَانٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ أَوْ مَعَ مَا عُطِفَتْ. (قَوْلُهُ خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ بِمَا طَلَبِ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عَتَقَ الثُّلُثَ هُوَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ فِي الْمَعْنَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إيصَاءَهُ بِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ يَقْتَضِي شَرْعًا وَضْعُ قِيمَةِ ثُلُثِهِ إنْ أَبَى الْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِ بَتْلًا مَجَّانًا وَالثُّلُثَانِ

وَبَيْنَ تَمْلِيكِ ثُلُثِ الْعَبْدِ لَهُ. (وَ) إنْ أَوْصَى (بِعِتْقِ عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ وَالْعَبْدُ (لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ) أَيْ لَا يَحْمِلُهُ ثُلُثُهُ وَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ (وُقِفَ) عِتْقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (إنْ كَانَ) يُرْجَى حُضُورُ الْغَائِبِ (لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ) كَأَرْبَعَةٍ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَعْتِقَ كُلُّهُ (وَإِلَّا) يُرْجَى حُضُورُ الْغَائِبِ لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ بَلْ كَثِيرَةٍ (عُجِّلَ عِتْقُ ثُلُثِ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ) أَيْ مَا قَابَلَ ثُلُثَ الْحَاضِرِ (ثُمَّ تُمِّمَ) عِتْقُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ وَلَوْ تَدْرِيجًا فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ مَا حَضَرَ مَحْمَلُهُ حَتَّى يَتِمُّ عِتْقُهُ. (وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ) لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا أَجَازَ وَصِيَّةَ مُورِثِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فِيمَا لَهُ رَدَّهُ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِوَارِثٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَتَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا أَجَازَهُ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّهُ الْتِزَامُ شَيْءٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ بِشُرُوطٍ أَوَّلُهَا كَوْنُ الْإِجَازَةِ (بِمَرَضٍ) لِلْمُوصِي أَيْ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ (لَمْ يَصِحَّ) الْمُوصِي (بَعْدَهُ) فَإِنْ أَجَازَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضٍ صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ لَمْ يَلْزَمْ الْوَارِثَ مَا أَجَازَهُ وَأَشَارَ لِثَالِثِ الشُّرُوطِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِقَوْلِهِ (إلَّا لِتَبَيُّنِ عُذْرٍ) لِلْوَارِثِ فِي الْإِجَازَةِ (بِكَوْنِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (فِي نَفَقَتِهِ) أَيْ الْمُوصِي فَأَجَازَ مَخَافَةَ قَطْعِهَا عَنْهُ (أَوْ) لِأَجْلِ (دَيْنِهِ) الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ (أَوْ) لِخَوْفِ (سُلْطَانِهِ) أَيْ الْمُوصِي فَأَجَازَ مَخَافَةَ سَطْوَتِهِ عَلَيْهِ، الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُجِيزُ مِمَّنْ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِجَازَةَ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ) لُزُومَ إجَازَتِهِ كَمَنْ شَأْنُهُ التَّبَاعُدُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ) مَعْمُولُ يَحْلِفُ فَهُوَ صِفَةُ يَمِينِهِ أَيْ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنِّي لَا أَعْلَمُ حِينَ إجَازَتِي أَنَّ لِي الرَّدَّ أَيْ لِاعْتِقَادِي أَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي أَمْرٌ لَازِمٌ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَازَةُ وَلَهُ الرَّدُّ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ كَاَلَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَأَنَّهَا فِي الثُّلُثِ بِالشُّروُطِ الْمُتَقَدِّمَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخَرَانِ جُعِلَ لِلْمُشْتَرِي عِتْقُهُمَا. (قَوْلُهُ وَبَيْنَ تَمْلِيكَ ثُلُثِ الْعَبْدِ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَحَلُّهُ إذَا حَمَلَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ أَوْ لِفُلَانٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ بَيْعِ جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِقْدَارُ الثُّلُثِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْتِقُوا مِنْهُ مَبْلَغَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ جَمِيعِ مَا تَرَكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ لِفُلَانٍ فَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ بَيْعِ جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِقْدَارُ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ فُلَانٍ ثُلُثَ جَمِيعِ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ مِنْ عَرْضٍ وَدَارٍ وَغَيْرِهِمَا مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثِينَ وَخَلَفَ الْمُوصِي ثَلَاثِينَ غَيْرَهُ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ ثُلُثُهَا عِشْرُونَ فَلَمْ يَحْمِلْ ثُلُثُ الْمَيِّتِ الْعَبْدَ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يَبِيعُوا جَمِيعَ الْعَبْدِ وَيُسْقِطُوا عَنْ الْمُشْتَرِي عِشْرِينَ أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعُوا جَمِيعَ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَيُسْقِطُوا الثُّلُثَ عَنْهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعُوا لِفُلَانٍ عِشْرِينَ ثُلُثُ الْمَالِ كُلُّهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ الْعَوْفِيِّ (قَوْلُهُ وَقَفَ عِتْقُهُ) أَيْ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرِّقِّيَّةِ حَتَّى يَعْتِقَ وَلَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ عِتْقَ مَا يَحْمِلُهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ وَيُؤَخَّرُ عِتْقُ بَقِيَّتِهِ لَمْ يُجَبْ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ مَا حَضَرَ مَحْمَلُهُ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةً وَثُلُثُ الْحَاضِر خَمْسِينَ وَثُلُثُ الْغَائِبِ كَذَلِكَ خَمْسِينَ وَكَانَ لَا يُرْجَى حُضُورُهُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ حَالًا وَكُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ الْغَائِبِ ثَلَاثُونَ يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ عَشْرَةٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْوَارِثِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ وَصِيَّةَ مُورِثِهِ. (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِهَا بِأَنْ أَجَازَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْهُ الْمُوصِي أَوْ طَلَبَهَا مِنْهُ الْمُوصِي وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخ عَبْدِ الْحَقِّ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الصَّقَلِّيِّينَ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْهُ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ مُطْلَقًا كَانَ فِي عِيَالِ الْمُوصِي أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمُوصِي مِنْهُ الْإِجَازَةَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِلَيْهِ نَحَا ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ بِمَ يَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَرَضِ الَّذِي أَجَازَ فِيهِ الْوَارِثُ. (قَوْلَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْوَارِثَ مَا أَجَازَهُ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مَعْذُورًا فَلَا تَلْزَمُ إجَازَتُهُ. (قَوْلُهُ فِي نَفَقَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ لِأَجْلِ دَيْنِهِ) أَيْ فَيُخَافُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ وَيَسْجُنَهُ إذَا لَمْ يُجِزْ. (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُجِيزُ مِمَّنْ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِجَازَةَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَازَةُ وَكَانَ لَهُ الرَّدُّ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ رَدَّ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَهَا لِاعْتِقَادِهِ لُزُومَهَا لَهُ. (قَوْلُهُ مَعْمُولٌ إلَخْ) خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا مَعْمُولُ يَحْلِفُ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ جَهِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَاَلَّذِي يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّذِي يَعْلَمُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا فِي الثُّلُثِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ

وَأَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَمِينٌ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مُكَلَّفًا بِلَا حَجْرٍ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةَ بِقَوْلِهِ (لَا) إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ (بِصِحَّةٍ) لِلْمُوصِي فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ (وَلَوْ) وَقَعَتْ (بِكَسَفَرٍ) أَوْ مَرَضٍ خَفِيفٍ أَوْ سِجْنٍ (وَالْوَارِثُ) الْمُوصَى لَهُ بِصِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ (يَصِيرُ) حَالَ الْمَوْتَ (غَيْرَ وَارِثٍ) بِحَجْبِهِ بِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ كَأَخٍ يُحْجَبُ بِحُدُوثِ ابْنٍ أَوْ لِزَوَالِ سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ كَالزَّوْجَةِ تَطْلُقُ بَائِنًا (وَعَكْسُهُ) أَيْ غَيْرُ الْوَارِثِ يَصِيرُ وَارِثًا كَوَصِيَّتِهِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا (الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ) أَيْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْحَالُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصِي صَحَّتْ فِي الْأُولَى وَبَطَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمُوصِي بِصَيْرُورَةِ الْوَارِثِ غَيْرَ وَارِثٍ، فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى قَصَدَ بِهَا رَدَّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ تُوصِي لِزَوْجِهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَلِمَتْ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَلَمْ تُغَيِّرْ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهَا لِلثَّانِيَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْخِلَافِ فِيهَا. (وَاجْتَهَدَ) مَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَ الْوَصِيَّةِ مِنْ وَارِثٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ مُقَدَّمٍ مِنْهُ أَوْ وَصِيٍّ (فِي ثَمَنِ) عَبْدٍ (مُشْتَرًى لِظِهَارٍ) أَيْ الْمُوصِي بِشِرَائِهِ لِيَعْتِقَ أَيْ لِأَجْلِ عِتْقِهِ عَنْ ظِهَارِهِ (أَوْ) مُشْتَرًى (لِتَطَوُّعٍ) أَيْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ لِيَعْتِقَ عَنْهُ تَطَوُّعًا وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فِي الْحَالَيْنِ (بِقَدْرِ الْمَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِ اجْتَهَدَ أَيْ يَجْتَهِدُ بِقَدْرِ الْمَالِ قِلَّةً وَكَثْرَةً لِيَشْتَرِيَ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا حَاذِقًا أَوْ بَلِيدًا فَلَيْسَ مِنْ تَرْكِ مِائَةِ دِينَارٍ كَمَنْ تَرَكَ أَلْفًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ ظَهَرَ كُفْرُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ رُدَّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعِيبٍ فِي الْأُولَى (فَإِنْ) (سَمَّى فِي تَطَوُّعٍ) قَدْرًا (يَسِيرًا) لَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً (أَوْ) سَمَّى كَثِيرًا أَوْ (قَلَّ الثُّلُثُ) بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ مَا سَمَّاهُ وَلَا يَفِي بِرَقَبَةٍ (شُورِكَ بِهِ) أَيْ بِالْيَسِيرِ الَّذِي سَمَّاهُ أَوْ بِالثُّلُثِ (فِي) ثَمَنِ (عَبْدٍ) لِيَعْتِقَ إنْ وُجِدَ مُشَارِكٌ (وَإِلَّا) يُوجَدُ (فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي وَالتَّقْيِيدُ بِالْآخِرِ لِلنَّدَبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْعِتْقِ إذْ لَوْ وَضَعَهُ فِي أَوَّلِ نَجْمٍ كَفَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَجْمُ مُكَاتَبٍ وَرِثَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَطَوُّعٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى فِيهِ عِتْقًا عَنْ ظِهَارٍ فَلَا يُشَارِكُ وَيُطْعَمُ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ الْإِطْعَامِ شَيْءٌ وَرِثَ (وَإِنْ) (عَتَقَ) مَا اشْتَرَى لِلتَّطَوُّعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا فِي زَائِدٍ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ لَهُ) أَيْ وَيَعْلَمُ أَنَّ لِلْوَارِثِ إجَازَةَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَبِزَائِدِ الثُّلُثِ وَلَهُ رَدُّهَا. (قَوْلُهُ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ إنَّمَا يَكُونُ لِلرَّشِيدِ. (قَوْلُهُ لَا بِصِحَّةٍ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَالَ لَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ أَذِنُوا فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ فِيهِ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَخَرَجَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فِي صِحَّةِ الْمُوصِي ثُمَّ قَبِلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجِب لَهُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بِمَوْتِ الْمُوصِي اهـ بْن. (قَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِذْ كَانَتْ تِلْكَ الْإِجَازَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الصِّحَّةِ لَا تُلْزِمُ فَلِلْوَارِثِ الرَّدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُوَثِّقِ وَاطَّلَعَ الْوَارِثُ عَلَى ذَلِكَ وَأَجَازَهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَسَفَرٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَصْبَغُ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْحَالُ) أَيْ حَالَ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ آلَ أَمْرُ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِكَوْنِهِ غَيْرَ وَارِثٍ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَإِنْ آلَ أَمْرُهُ لِكَوْنِهِ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ. (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) كَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ نُفُوذُ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَلَمْ تُغَيِّرْ الْوَصِيَّةَ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ. (قَوْلُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْخِلَافِ فِيهَا) بَلْ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ فَإِذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ وَأَوْصَى لِأَخِيهِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَصَارَ الْأَخُ وَارِثًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِاتِّفَاقٍ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِ ابْنِهِ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْوَصِيَّةَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَاجْتَهَدَ فِي ثَمَنِ عَبْدٍ) أَيْ قِلَّةً وَكَثْرَةً بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ عَالِي الرَّقِيقِ وَإِلَّا فَمِنْ دَنِيِّهِ فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ مِائَةً دِينَارٍ كَمَنْ تَرَكَ أَلْفَ دِينَارٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعِيبٍ فِي الْأُولَى) أَيْ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَعِيبٌ فِيهَا رُدَّ لَا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَعِيبٌ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ) أَيْ الثُّلُثُ مَا سَمَّاهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَفِي أَيْ الثُّلُثُ بِرَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ سَمَّى مِائَةً وَالثُّلُثُ عَشْرَةٌ فَهِيَ لَا تَسَعُ الْمِائَةَ وَلَا تَفِي بِرَقَبَتِهِ. (قَوْلُهُ فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ) هَذَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ يُعَانُ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ كَفَى) أَيْ فَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ الدَّفْعِ لَهُ رَجَعَ عَلَى السَّيِّدِ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا دَفَعَ لِمُكَاتَبِهِ وَوَرِثَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ لَهُ إعَانَةً عَلَى الْعِتْقِ وَلَمْ يَحْصُلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَرِثَ) أَيْ وَرِثَهُ وَرَثَةُ الْمُوصِي وَالضَّمِيرُ فِي وَرِثَ رَاجِعٌ لِلْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ إذَا كَانَ يَسِيرًا أَوْ الثُّلُثِ إذَا كَانَ مَا سَمَّاهُ كَثِيرًا لَا يَسَعُهُ الثُّلُثُ. (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى فِيهِ عِتْقًا عَنْ ظِهَارٍ إلَخْ) مِثْلُ الْعِتْقِ عَلَى الظِّهَارِ الْعِتْقُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَفَّارَاتُ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ كَالتَّطَوُّعِ ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ يُونُسَ بِالتَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ سَمَّى قَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِالتَّطَوُّعِ وَجَعَلَ التَّسْمِيَةَ خَاصَّةً بِالتَّطَوُّعِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ اُنْظُرْ عج. (قَوْلُهُ فَلَا يُشَارَكْ) أَيْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ فِيهِ إلَّا رَقَبَةً كَامِلَةً. (قَوْلُهُ وَيُطْعِمُ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ) أَيْ وَيَشْتَرِي طَعَامًا بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ وَيُعْطِي لِلْمَسَاكِينِ سَوَاءٌ وَفَّى بِالْإِطْعَامِ كُلَّهُ أَيْ سِتِّينَ مُدًّا أَوْ وَفَّى بَعْضَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَضَلَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِمَا

(فَظَهَرَ) عَلَى الْمَيِّتِ (دَيْنٌ) (يَرُدُّهُ) أَيْ الْعِتْقَ كُلَّهُ (أَوْ بَعْضَهُ رُقَّ الْمُقَابِلُ) لِلدَّيْنِ وَهُوَ الْكُلُّ فِي الْأُولَى وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْبَعْضُ فِي الثَّانِيَةِ وَعَتَقَ الْبَاقِي بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَيُرَقُّ إذْ لَا يَعْتِقُ عَنْ ظِهَارٍ بَعْضُ رَقَبَةٍ، وَيُطْعِمُ عَنْ ظِهَارِ الْمَيِّتِ بِمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ (وَإِنْ) (مَاتَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ) لِلْعِتْقِ (وَلَمْ يَعْتِقْ) بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ (اشْتَرَى غَيْرَهُ) لِيَعْتِقَ (لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ) وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فِي ظِهَارٍ أَوْ تَطَوُّعٍ. (وَ) إنْ أَوْصَى (بِشَاةٍ) مِنْ غَنَمِهِ أَوْ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ (أَوْ) أَوْصَى (بِعَدَدٍ مِنْ مَالِهِ) غَنَمًا أَوْ غَيْرِهَا كَ أَعْطُوهُ عَشْرَةً مِنْ غَنَمِي أَوْ مِنْ عَبِيدِي أَوْ مِنْ إبِلِي (شَارَكَ) الْمُوصَى لَهُ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ (وَبِالْجُزْءِ) أَيْ بِنِسْبَةِ الْجُزْءِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ إلَى الْمُوصَى لَهُ مِنْ غَنَمٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِذَا أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَهُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَشْرَةٌ كَانَ شَرِيكًا بِالْعُشْرِ وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِعَشْرَةٍ وَلَهُ عِشْرُونَ كَانَ شَرِيكًا بِالنِّصْفِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَاةً كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثَيْنِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ ثُلُثَ الْمَيِّتِ يَحْمِلُ ذَلِكَ وَالْعِبْرَةُ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ، زَادَتْ عَنْ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ أَوْ نَقَصَتْ (وَإِنْ لَمْ يَبْقَ) يَوْمَ التَّنْفِيذِ مِنْ غَنَمِ الْمُوصِي (إلَّا مَا سَمَّى) يَوْمَ الْوَصِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ الرَّقَبَةِ طَعَامًا فَأَطْعَمَ مِنْهُ سِتِّينَ مُدًّا وَبَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهَا تُورَثُ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي كَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ فَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّهُ أَيْ الْعِتْقَ كُلُّهُ) أَيْ بِأَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِ الْمُوصِي حَتَّى الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضَهُ أَيْ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْمَالِ غَيْرَ الْعَبْدِ وَيَسْتَغْرِقُ نِصْفَ الْعَبْدِ أَيْضًا فَيَعْتِقُ ثُلُثُ النِّصْفِ الْبَاقِي وَيُرَقُّ ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْبَعْضُ فِي الثَّانِيَةِ وَعَتَقَ الْبَاقِي نَحْوُهُ فِي عبق وخش وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَوَابُهُ وَعَتَقَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ وَالدَّيْنُ يُبْدَأُ بِهِ وَمَا بَقِيَ بَعْدَهُ كَأَنَّهُ التَّرِكَةُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الظِّهَارِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ فِي الظِّهَارِ وَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّ بَعْضَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُرَقُّ جَمِيعُهُ وَيُقَالُ لِمُتَوَلِّي التَّرِكَةِ أَطْعِمْ عَنْهُ بِمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الصَّوْمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِطْعَامِ فَيَكُونُ الْمُوَالِي لِلْعِتْقِ هُوَ الصَّوْمُ لَا الْإِطْعَامُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الصَّوْمُ هُنَا مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَهُوَ قَطْعًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي اهـ عج. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) هَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُوصِي عَلَى عِتْقِهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ أَمَّا إنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كَ اشْتَرُوا بَعْدَ مَوْتِي عَبْدًا وَإِنْ اشْتَرَيْتُمُوهُ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَلْزَمْ شِرَاءُ غَيْرِهِ لِحُصُولِ الْحُرِّيَّةِ. (قَوْلُهُ اشْتَرَى غَيْرَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ جَمِيعِ مَالِ الْمَيِّتِ وَقِيلَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ أَبَدًا وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالٌ إلَّا مَا بَقِيَ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ يُعْتَقُ تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوَقَتَلَ وَمَاتَ وَكَانَتْ التَّرِكَةُ ثَلَثَمِائَةٍ مَثَلًا فَاشْتَرَى عَبْدًا بِخَمْسِينَ فَمَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي عَبْدًا آخَرَ بِخَمْسِينَ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ، فَإِنْ اشْتَرَى بِالْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ مِنْ الثُّلُثِ فَمَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْوَرَثَةِ شَيْءٌ لِتَمَامِ الثُّلُثِ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي يُؤْخَذُ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عِنْدَ الْوَرَثَةِ مُطْلَقًا مَاتَ بَعْدَ الْقَسْمِ أَوْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْتَرَى غَيْرَهُ أَيْ اشْتَرَى غَيْرَهُ وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْ قُسِمَ فَلَا يَشْتَرِي أَوْ لَمْ يُقْسَمْ فَيَشْتَرِي وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَرَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الْحُقُوقَ الطَّارِئَةَ عَلَى التَّرِكَةِ لَا يُسْقِطُهَا قِسْمَةُ الْمَالِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فِي ظِهَارٍ أَوْ تَطَوُّعٍ) أَيْ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ يَجْرِي فِي الثَّانِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَبْلَغُ الثُّلُثِ يَسَعُ رَقَبَةً كَامِلَةً أَوْ بَعْضَ رَقَبَةٍ وَفِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ مَبْلَغُ الثُّلُثِ يُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ فَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ اُشْتُرِيَ بِهِ طَعَامٌ وَأُخْرِجَ لِلْفُقَرَاءِ سَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ سِتِّينَ مُدًّا أَوْ أَقَلَّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا أَنَّهُ لَوْ سُمِّيَ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ وَمَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ لَمْ يَشْتَرِ غَيْرَهُ لَا فِي ظِهَارٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ) أَيْ أَوْ بِبَعِيرٍ مِنْ إبِلِهِ. (قَوْلُهُ غَنَمًا أَوْ غَيْرَهُمَا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَالِهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَدَدٌ بِمَالِهِ مَا أَوْصَى بِبَعْضِهِ لَا جَمِيعُ مَالِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ غَنَمُ الْمُوصِي ضَأْنًا أَوْ مَعْزًا أَوْ ضَأْنًا أَوْ مَعْزًا كُلُّهُ ذُكُورٌ أَوْ إنَاثٌ أَوْ مِنْهُمَا كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا أَوْ مُخْتَلِفَةً أَيْ وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْعَدَدِ فَيَأْخُذُهُ بِالْقُرْعَةِ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) أَيْ لِلْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ عَشْرَةٌ. (قَوْلُهُ كَانَ شَرِيكًا بِالْعُشْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ مِائَةٌ كَانَ شَرِيكًا بِعُشْرِ الْعُشْرِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَبِيدِ وَالْإِبِلِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ عِشْرُونَ يَوْمَ التَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ وَالْعِبْرَةُ بِيَوْمِ التَّنْفِيذِ) أَيْ وَالْعِبْرَةُ بِعَدَدِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا كَالْإِبِلِ وَالْعَبِيدِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ لِلْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ زَادَ الْمَوْجُودُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ عَنْ الْمَوْجُودِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ أَوْ نَقَصَ الْمَوْجُودُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ عَنْ الْمَوْجُودِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَشْرَةٍ وَكَانَ لَهُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ خَمْسُونَ فَزَادَتْ بِوِلَادَةٍ وَبَلَغَتْ مِائَةً يَوْمَ التَّنْفِيذِ كَانَ شَرِيكًا بِالْعُشْرِ لَا بِالْخُمُسِ وَكَذَا إنْ أَوْصَى لَهُ بِعَشْرَةٍ وَكَانَ لَهُ مِائَةٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَاسْتَمَرَّتْ الْمِائَةُ بَاقِيَةً إلَى يَوْمِ التَّنْفِيذِ كَانَ شَرِيكًا بِالْعُشْرِ وَإِنْ هَلَكَ مِنْهَا خَمْسُونَ وَبَقِيَ مِنْهَا

(فَهُوَ) أَيْ الْبَاقِي (لَهُ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ يَخْتَصُّ بِهِ (إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) قَالَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَشْرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ وَعَبِيدُهُ خَمْسُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ مِنْهُمْ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ خَرَجَ عَدَدُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا عَشْرَةً عَتَقُوا إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ بِعَشْرَةٍ مِنْ إبِلِهِ انْتَهَى وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ بِالْجُزْءِ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّاهُ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالشَّرِكَةِ الْمُقْتَضِي أَنَّ مَا وُجِدَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ مَعَ الْحُكْمِ بِالِاخْتِصَاصِ مُتَنَافِيَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ شَارَكَ بِالْجُزْءِ فِيمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْعَدَدِ الْمُوصَى بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَكْثَرُ اخْتَصَّ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَهُ فَلَهُ مَا حَمَلَهُ (لَا) إنْ قَالَ لَهُ (ثُلُثُ غَنَمِي) مَثَلًا (فَتَمُوتُ) أَيْ يَمُوتُ بَعْضُهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَإِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا شَاةٌ فَقَطْ أُعْطِيَ ثُلُثَهَا وَلَا يُقَالُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ الثُّلُثِ يَوْمَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ فَيُعْطِي الثُّلُثَ مَا دَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا هُوَ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَالسَّابِقَةِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ وَفِي السَّابِقَةِ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ. (وَإِنْ) أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مَثَلًا و (لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ) حِينَ الْوَصِيَّةِ حَتَّى مَاتَ (فَلَهُ شَاةٌ وَسَطٌ) أَيْ قِيمَةُ شَاةٍ وَسَطٍ لَا عَلِيَّةً وَلَا دَنِيَّةً تُعْطَى لَهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ) شَاةٌ (مِنْ غَنَمِي) أَوْ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي (وَلَا غَنَمَ لَهُ) وَلَا عَبِيدَ (بَطَلَتْ) ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِقَوْلِهِ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ صَيَّرَ كَلَامَهُ كَالْهَذَيَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مِنْ مَالِي أَوْ أَطْلَقَ وَشُبِّهَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلُهُ (كَعِتْقِ عَبْدٍ) أَوْصَى بِهِ (مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا) قَبْلَ التَّنْفِيذِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عِتْقُهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQخَمْسُونَ لِيَوْمِ التَّنْفِيذِ كَانَ شَرِيكًا بِالْخُمُسِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ كَالْعَدَمِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا ثَلَاثُونَ لِيَوْمِ التَّنْفِيذِ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ يَأْخُذُهُ بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ تُجْعَلَ الْعَبِيدُ الثَّلَاثُونَ ثَلَاثَةَ أَكْوَامٍ بِالْقِيمَةِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِلْعَدَدِ بَلْ يُقَابَلُ الْوَاحِدُ بِالْخَمْسَةِ مَثَلًا إنْ اقْتَضَتْ ذَلِكَ وَيُكْتَبُ فِي وَرَقَةٍ اسْمُ الْمُوصَى لَهُ وَفِي وَرَقَتَيْنِ اسْمُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ تُرْمَى الْأَوْرَاقُ عَلَى الْأَكْوَامِ (قَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تُقَابِلُ جَمِيعَ مَالِ الْمُوصِي الَّذِي هَلَكَ وَهُوَ الْغَنَمُ مَثَلًا. (قَوْلُهُ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ) أَيْ قَبْلَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَاسْتَمَرَّ ثَلَاثُونَ مِنْهَا بَاقِيَةً لِوَقْتِ التَّنْفِيذِ. (قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْهُمْ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا) أَيْ وَذَلِكَ ثُلُثُهُمْ وَقَوْلُهُ بِالسَّهْمِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ عَتَقَ مِنْهُمْ وَالْمُرَادُ بِالسَّهْمِ الْقُرْعَةُ وَقَوْلُهُ خَرَجَ عَدَدُ ذَلِكَ أَيْ الْعَشَرَةِ أَجْزَاءً وَقَوْلُهُ إلَّا عَشْرَةً أَيْ فَإِنَّهَا بَقِيَتْ لِوَقْتِ التَّنْفِيذِ. (قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ أَيْ: لَهُ آه لَهُ ثُلُثُ غَنَمِي) أَيْ لَا إنْ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ ثُلُثُ غَنَمِي وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الْحَلِّ إلَى أَنَّ ثُلُثَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَالْجُمْلَةُ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ مَثَلًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ ثُلُثٍ وَغَنَمِي فَمِثْلُ الثُّلُثِ غَيْرُهُ مِنْ الْإِجْزَاءِ كَالرُّبُعِ وَالْخُمُسِ، وَمِثْلُ الْغَنَمِ غَيْرُهَا مِنْ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَالْعَبِيدِ. (قَوْلُهُ فَتَمُوتُ) قَالَ تت وَالِاسْتِحْقَاقُ كَالْمَوْتِ أَيْ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَإِذَا اُسْتُحِقَّ كُلُّهَا فَلَا شَيْءٌ لِلْمُوصَى لَهُ وَفِي عج يَنْبَغِي أَنَّ الْغَصْبَ مِثْلُهُ أَيْ إذْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنَّمَا حَمَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ فَتَمُوتُ عَلَى مَوْتِ بَعْضِهَا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِإِفَادَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِعَدَدٍ مِنْ مَالِهِ فَمَاتَ بَعْضُهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سُمِّيَ فَأَقَلُّ وَبَيْنَ مَا إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ عَنَمِهِ فَمَاتَ بَعْضُهَا فَفِي الْأُولَى يُعْطِي جَمِيعَ مَا بَقِيَ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَفِي الثَّانِيَةِ يُعْطِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي وَاحِدَةً أَعْطَى ثُلُثَهَا، أَيْ وَإِذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ يَوْمَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ وَهُوَ يَوْمُ الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ فَيُعْطِي الثُّلُثَ أَيْ فَيُعْطِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ ذَلِكَ الْعَدَدَ مَا دَامَ أَكْثَرَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ أَيْ لَا كُلَّهُ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ إنَّ الْوَصِيَّةَ فِي هَذِهِ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ شَائِعٍ فِي جَمِيعِ الْغَنَمِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ثُلُثُ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ وَفِي السَّابِقَةِ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ فَلِذَا أَخَذَهُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ مِنْ مَالِي أَوْ أَطْلَقَ وَلَا مَفْهُومَ لِلشَّاةِ بَلْ مِثْلُهَا الْوَصِيَّةُ بِعَدَدٍ كَعَشْرَةِ شِيَاهٍ سَوَاءٌ قَالَ مِنْ مَالِي أَوْ أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ تُعْطَى لَهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَى لَهُ بِهَا شَاةٌ وَهَذَا مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَهُ شَاةٌ وَسَطٌ تُشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي مُوَافَقَتِهِ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ شَاةٌ) أَيْ وَإِنْ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي أَوْ لَهُ عَشْرُ شِيَاهٍ مِنْ غَنَمِي مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَلَا غَنَمَ لَهُ) أَيْ حِينَ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ بَطَلَتْ أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْغَنَمِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مِنْ مَالِي أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ فَإِنَّ لَهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ كَمَا مَرَّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مَثَلًا وَلَا غَنَمَ لَهُ فَإِنْ قَالَ مِنْ مَالِي أَوْ أَطْلَقَ قُضِيَ لِلْمُوصَى لَهُ بِشَاةٍ وَسَطٍ وَإِنْ قَالَ مِنْ غَنَمِي كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً وَلَوْ حَدَثَ لَهُ غَنَمٌ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَمَاتَ عَنْهَا. (قَوْلُهُ كَعِتْقِ عَبْدٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ فَمَاتُوا قَبْلَ التَّنْفِيذِ) أَيْ بِأَنْ مَاتُوا فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ النَّظَرِ فِي ثُلُثِهِ، وَمِثْلُ مَوْتِهِمْ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَغَصْبِهِمْ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْغَاصِبِ

ثُمَّ ذَكَرَ أُمُورًا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا ضَاقَ عَنْهَا فَقَالَ (وَ) لَوْ أَوْصَى بِوَصَايَا أَوْ لَزِمَهُ أُمُورٌ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَضَاقَ عَنْ جَمِيعِهَا (قُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ) عَمَّا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ وَصِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا (فَكُّ أَسِيرٍ) أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ (ثُمَّ مُدَبَّرُ صِحَّةٍ) وَمِنْهُ مُدَبَّرُ مَرِيضٍ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً (ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ) لِمَنْكُوحَةٍ فِيهِ وَدَخَلَ بِهَا وَمَاتَ فِيهِ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَا، وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقَ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ (ثُمَّ زَكَاةٌ) لِعَيْنٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْصَى بِهَا) أَيْ بِإِخْرَاجِهَا وَقَدْ فَرَّطَ فِيهَا وَإِنَّمَا قُدِّمَ مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُمَا مَعْلُومَانِ وَالزَّكَاةُ لَا يُدْرَى أَصَدَقَ فِي بَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَإِنَّهُ فَرَّطَ فِيهَا أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا فَلَا تَخْرُجُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا فَهَذَا فِي زَكَاةٍ اعْتَرَفَ بِهَا عَنْ عَامٍ مَاضٍ وَأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ وَأَوْصَى بِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا) عَلَيْهِ أَيْ فِي عَامِ مَوْتِهِ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْحُلُولِ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّظَرِ لِلْحَاضِرِ لَا لِلْمَاضِي (وَيُوصِي) بِإِخْرَاجِهَا (فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) تَخْرُجُ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَإِنَّ الْوَرَثَةَ لَا تُجْبَرُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ يَجْرِي فِيهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِشَاةٍ إلَخْ فَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا عَبِيدَ لَهُ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَسَطٍ وَاشْتُرِيَ وَأُعْتِقَ وَإِذَا قَالَ أَعْتِقُوا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي وَلَا عَبِيدَ لَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ بَطَلَتْ وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِ عَبِيدِهِ فَيَمُوتُ بَعْضُهُمْ لَزِمَهُ عِتْقُ ثُلُثِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا فَإِنْ مَاتُوا كُلُّهُمْ لَمْ يَلْزَمْ عِتْقٌ وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَدَدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يَبْقَ يَوْمَ التَّنْفِيذِ إلَّا الْعَدَدُ الَّذِي سَمَّاهُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ تَعَيَّنَ عِتْقُهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِنْ بَقِيَ يَوْمَ التَّنْفِيذِ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّاهُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ شَارَكَ بِالْجُزْءِ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ أُمُورًا) أَيْ أَحْكَامَ أُمُورٍ أَيْ ثُمَّ ذَكَرَ أَحْكَامَ الْأُمُورِ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا ضَاقَ عَنْهَا مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. (قَوْلُهُ أَوْ لَزِمَهُ أُمُورٌ إلَخْ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتَجُوزُ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوصِي بِوَصَايَا وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْهَا، وَقَدْ تَلْزَمُهُ أُمُورٌ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْهَا، وَقَدْ يُوصِي بِوَصَايَا وَتَلْزَمُهُ أُمُورٌ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَضِيقُ عَنْ جَمِيعِهَا. (قَوْلُهُ وَصِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ كَانَ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ وَصِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ فَكُّ أَسِيرٍ أَوْصَى بِهِ) أَيْ بِفَكِّهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَيَّنَ الْمُوصِي قَدْرَ مَا يُفَكُّ بِهِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ كَانَ الْأَسِيرُ الْمُوصَى بِفَكِّهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ حَيْثُ قَيَّدَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُسْلِمِ وَجَعَلَ الْوَصِيَّةَ بِفَكِّ الْأَسِيرِ الذِّمِّيِّ مِنْ جُمْلَةِ الصَّدَقَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَمُعَيَّنِ غَيْرِهِ وَجُزْئِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ لِوُجُودِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ غَنِيًّا أَوْ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ فَكِّهِ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ مُدَبَّرُ صِحَّةٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَوْصَى بِعِتْقِهِ أَمْ لَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي صَدَاقِ الْمَرِيضِ أَيْ سَوَاءٌ أَوْصَى بِدَفْعِهِ أَمْ لَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ عَلَى صَدَاقِ الْمَرِيضِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَحْدُثُ فِي الْمَرَضِ اخْتِيَارًا وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُحْدِثَ فِي مَرَضِهِ شَيْئًا يُبْطِلُهُ الْمَرَضُ، وَقِيلَ يَبْدَأُ بِصَدَاقِ الْمَرِيضِ عَنْ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمُعَاوَضَةِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَرَاهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقِيلَ إنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَجْهًا. (قَوْلُهُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَقَلَّ مِنْهُمَا دَفَعَ لَهَا الثُّلُثَ فَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ لِلزَّوْجَةِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ زَكَاةٌ لِعَيْنٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِعَامٍ مَاضٍ وَفَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فِي الْمَرَضِ أَيْ أَوْ أَشْهَدَ فِي مَرَضِهِ بِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِ تِلْكَ الزَّكَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَلَمْ يُشْهِدْ بِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ تَخْرُجْ فِي الثُّلُثِ وَلَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمُ إخْرَاجِهِ لَهَا وَإِلَّا أُخْرِجَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَإِذَا قَالَ وَجَبَ عَلَيَّ عَشَرَةُ رِيَالٍ أَوْ شَاةٌ أَوْ أَرَدْبُ قَمْحٍ زَكَاةً فِي سَنَةٍ كَذَا وَلَمْ أُخْرِجْهُ أَوْصَيْتُكُمْ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ اشْهَدُوا أَنَّ ذَلِكَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِي إلَى الْآنِ أُخْرِجَ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَصَدَقَ فِي بَقَائِهَا أَمْ لَا، وَإِذَا قَالَ وَجَبَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا زَكَاةً عَنْ السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمَاضِيَةِ وَلَمْ أُخْرِجْهُ وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يُخْرَجْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمُ إخْرَاجِهِ لِذَلِكَ وَإِلَّا أُخْرِجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا إلَخْ) أَيْ وَبِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجٍ لَهَا وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ وَجَبَ عَلَيَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ زَكَاةُ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَهِيَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِي أُوصِيكُمْ بِإِخْرَاجِهَا. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ فِي عَامِ الْمَوْتِ لَهَا أَحْوَالٌ أَرْبَعَةٌ إنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ جَبْرًا عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِبَقَائِهَا وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِهَا لَا مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُونَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الْوَرَثَةُ عَدَمَ إخْرَاجِهَا فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جَبْرًا، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَقَائِهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا أُخْرِجَتْ مِنْ الثُّلُثِ جَبْرًا، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهَا وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِمْ بِإِخْرَاجِهَا وَإِنَّمَا يُؤْمَرُونَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخْرَجَهَا فَإِنْ عَلِمُوا عَدَمَ إخْرَاجِهِ أُجْبِرُوا

إخْرَاجِهَا وَلَمْ تَكُنْ فِي ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهَذَا فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ) فَإِنَّهُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الزَّكَاةَ الْمَاضِيَةَ مُطْلَقًا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِهَا وَإِلَّا فَلَا، وَأَنَّ الْحَاضِرَ إنْ كَانَتْ عَيْنًا أُخْرِجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ اعْتَرَفَ وَأَوْصَى وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَتْ حَرْثًا أَوْ مَاشِيَةً فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ؛ لِأَنَّ مَنْ وَرِثَ حَبًّا قَدْ طَابَ أَوْ فِي الْجَرِينِ أَوْ مَاشِيَةً قَبْلَ أَخْذِ السَّاعِي زَكَاتَهَا فَزَكَاتُهَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا الْمَيِّتُ وَأَمَّا إنْ وَرِثَ ذَلِكَ قَبْلَ طِيبِ الْحَبِّ أَوْ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَالزَّكَاةُ فِي الْحَبِّ عَلَى الْوَارِثِ وَفِي الْمَاشِيَةِ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ وَمَاتَ رَبُّهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ إخْرَاجِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأَمَّا إنْ وَرِثَ عَيْنًا فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَيِّتُ بِحُلُولِ حَوْلِهَا وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا أُخْرِجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الزَّكَاةَ الْحَاضِرَةَ لَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ اسْتِطْرَادًا وَتَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا هُنَا فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ (ثُمَّ) يَلِي الزَّكَاةَ الْمَاضِيَةَ الْمُوصَى بِهَا (الْفِطْرُ) أَيْ زَكَاتُهُ الْمَاضِيَةُ أَيْ الَّتِي فَاتَ وَقْتُهَا بِغُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ بِأَنْ مَاتَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِالْغُرُوبِ أَوْ يَوْمِهِ فَكَزَكَاةِ الْعَيْنِ تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ أَوْصَى بِهَا وَإِنْ لَمْ يُوصِ أُمِرَ الْوَارِثُ بِإِخْرَاجِهَا وَلَمْ يُجْبَرْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (ثُمَّ) يَلِي زَكَاةَ الْفِطْرِ (كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ) خَطَأً وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ تَشْمَلُ إطْعَامَهُ فَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَحْسَنُ مِنْ نُسْخَةِ ثُمَّ عِتْقُ ظِهَارٍ، وَأَمَّا الْقَتْلُ عَمْدًا فَالْعِتْقُ فِيهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالْكَلَامُ فِي تَرْتِيبِ الْوَاجِبَاتِ فَلَا يُرَادُ هُنَا بَلْ يَكُونُ فِي آخِرِ الْمَرَاتِبِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَمُعَيَّنُ غَيْرِهِ (وَ) إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً وَعَلَيْهِ عِتْقُ ظِهَارٍ وَعِتْقُ قَتْلٍ خَطَأً (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ (ثُمَّ) يَلِي عِتْقَ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ الْخَطَإِ (كَفَّارَةُ يَمِينِهِ) وَأُخِّرَتْ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ (ثُمَّ) كَفَّارَةٌ (لِفِطْرِ رَمَضَانَ) عَمْدًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ (ثُمَّ) الْكَفَّارَةُ (لِلتَّفْرِيطِ) فِي قَضَائِهِ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ ثُمَّ مَحَلُّ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ أَخْرَجَهَا أَمْ لَا وَلَمْ يَشْهَدْ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا أَوْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ وَأَوْصَى بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عِتْقِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ (ثُمَّ) يَلِي كَفَّارَةَ التَّفْرِيطِ (النَّذْرُ) الَّذِي لَزِمَهُ سَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالنَّذْرِ فِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا نَذْرُ الْمَرَضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِمَا) أَيْ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِمَا وَسَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهِمَا فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ زَكَاةُ عَيْنٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ حَرْثٍ وَقَوْلُهُ أَنْ أَوْصَى بِهَا، أَيْ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى بَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ وَقَوْلُهُ إنْ اعْتَرَفَ، أَيْ بِحُلُولِهَا وَبِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَيِّتُ بِحُلُولِ حَوْلِهَا) أَيْ وَبِبَقَاءِ زَكَاتِهَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ أَيْ زَكَاتُهُ الْمَاضِيَةُ) أَيْ الَّتِي اعْتَرَفَ بِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا فَقَطْ وَلَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا أُمِرَ وَرَثَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ هَذَا إنْ لَمْ يُشْهِدْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا أُخْرِجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جَبْرًا. (قَوْلُهُ تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ جَبْرًا (قَوْلُهُ أَنْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ أَوْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ أَحْسَنُ مِنْ نُسْخَةِ ثُمَّ عِتْقُ ظِهَارٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهَا إطْعَامَ الظِّهَارِ. (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي) أَيْ وَيَدْخُلُ فِي مَرْتَبَةِ قَوْلِهِ الْآتِي إلَخْ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِآخِرِ الْمَرَاتِبِ كَأَنَّهُ قَالَ وَيَدْخُلُ فِي آخِرِ الْمَرَاتِبِ وَهِيَ مَرْتَبَةُ الْوَصِيَّةِ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ) أَيْ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ الثُّلُثِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ إخْرَاجِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إنْ فَرَّطَ فِيهِمَا بِمُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ تَحَتُّمِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَبَعْدَ وُجُوبِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ أَخْرَجَهُمَا أَمْ لَا وَلَمْ يُشْهِدْ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِمَا أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُمَا أَوْ شَكَّ وَلَكِنْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِبَقَائِهِمَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُمَا يُخْرَجَانِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جَبْرًا. (قَوْلُهُ ثُمَّ لِفِطْرِ رَمَضَانَ) إنَّمَا أُخِّرَتْ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ وَاجِبَةٌ بِالْقُرْآنِ وَكَفَّارَةَ فِطْرِ رَمَضَانَ وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ الْكَفَّارَةُ لِلتَّفْرِيطِ) إنَّمَا أُخِّرَتْ عَنْ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْفِطْرِ لِخَلَلٍ حَصَلَ فِي ذَاتِ الصَّوْمِ وَكَفَّارَةَ التَّفْرِيطِ لِتَأْخِيرِ قَضَائِهِ عَنْ وَقْتِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَلِيَّ آكَدُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الثَّلَاثَةِ) أَيْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَكَفَّارَةِ فِطْرِ رَمَضَانَ عَمْدًا وَكَفَّارَةِ التَّفْرِيطِ أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ إذَا أَوْصَى بِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا) أَيْ فَإِنْ أَوْصَى وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَلِي كَفَّارَةَ التَّفْرِيطِ النَّذْرُ) إنَّمَا أُخِّرَ النَّذْرُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ النَّذْرَ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ وَجَبَتْ بِنَصِّ السُّنَّةِ فَهِيَ أَقْوَى. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ) لَكِنْ إنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِيصَاءِ بِهِ حَتَّى يُخْرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْهِبَةِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ، وَإِنْ كَانَ النَّذْرُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخنَا وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ نَذَرَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ إلَخْ نَحْوُهُ لتت قَائِلًا إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَهُوَ

فَرُتْبَتُهُ رُتَبُهُ مَا يَلِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ (ثُمَّ) الْعِتْقُ (الْمُبْتَلُّ) فِي مَرَضِهِ (وَمُدَبَّرُ الْمَرَضِ) فَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَا فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ لَفْظَيْنِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُكُوتٌ كَأَنْ يَقُولَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَعْتَقْتُ عَبْدِي فُلَانًا وَدَبَّرْتُ فُلَانًا وَإِلَّا قُدِّمَ مَا وَقَعَ أَوَّلًا وَأَمَّا الصَّدَقَةُ وَالْعَطِيَّةُ الْمُبْتَلَّتَانِ فِي الْمَرَضِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَيُقَدَّمُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَيْهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْتَلَّ فِي الْمَرَضِ يُقَدَّمُ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُبْتَلَّةِ فِيهِ (ثُمَّ) يَلِي الْعِتْقَ الْمُبْتَلَّ وَالْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ (الْمُوصَى بِعِتْقِهِ) إذَا كَانَ (مُعَيَّنًا عِنْدَهُ) كَعَبْدِي فُلَانٍ (أَوْ) مُعَيَّنًا (يُشْتَرَى) بَعْدَ مَوْتِهِ كَ اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ وَأَعْتِقُوهُ عَنِّي حَالًّا (أَوْ لِكَشَهْرٍ) أَيْ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ بَعْدَ مَوْتَى فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ عِنْدَهُ أَوْ يُشْتَرَى (أَوْ) أَوْصَى بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَهُ (بِمَالٍ) أَيْ عَلَى مَالٍ يَدْفَعُهُ الْعَبْدُ لِلْوَرَثَةِ وَسَوَاءٌ قَيَّدَهُ بِمُعَجَّلٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ أَطْلَقَ (فَعَجَّلَهُ) الْعَبْدُ عَقِبَ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الصُّوَرُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ يَقَعُ التَّحَاصُّ فِيهَا عِنْدَ الضِّيقِ وَأُخِّرَتْ عَنْ الْمُبْتَلِّ وَالْمُدَبَّرِ بِمَرَضٍ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِمْ بِخِلَافِهِمَا (ثُمَّ) يَلِي الْخَمْسَةَ الْمَذْكُورَةَ (الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ) بَعْدَ مَوْتِهِ (وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ) أَيْ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ عَقِبَ مَوْتِ سَيِّدِهِ (وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ بَعُدَ) أَيْ زَادَ عَلَى شَهْرٍ وَأَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ (ثُمَّ) يَلِيهِ (الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ) وَهُوَ يُقَدَّمُ (عَلَى) الْمُعْتَقِ إلَى (أَكْثَرِ) مِنْ سَنَةٍ كَسَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا الْعِتْقَ لِشَهْرٍ ثُمَّ لِسَنَةٍ ثُمَّ لِسَنَتَيْنِ إلَّا أَنَّ زِيَادَةَ الْمُصَنِّفِ هُنَا إلَى أَجَلٍ بَعُدَ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ وَقَبْلَ السَّنَةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ أَيْ فَكَانَ يَجِبُ حَذْفُهُ ثُمَّ إنَّ الرَّاجِحَ مَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّ هَاتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ أَيْ الْعِتْقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ. (قَوْلُهُ فَرُتْبَتُهُ رُتْبَةُ مَا يَلِيهِ) أَيْ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الْمُبْتَلُّ عِتْقُهُ فِي الْمَرَضِ وَمُدَبَّرُ الْمَرَضِ وَحِينَئِذٍ فَيَقَعُ التَّحَاصُّ عِنْدَ الضِّيقِ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ مَا يَقَعُ أَوَّلًا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا بِلَفْظَيْنِ بَيْنَهُمَا سُكُوتٌ قُدِّمَ مَا وَقَعَ مِنْهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ) الْأَوْضَحُ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ ثُمَّ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يُقَدَّمَانِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا حَتَّى عَلَى فَكِّ الْأَسِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ كَمَا فِي عج. (قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّة وَالْمُبْتَلَّتَيْنِ فِي الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ الْمُبْتَلَّتَيْنِ فِي الْمَرَضِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ يُقَدَّمُ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُبْتَلَّةُ فِيهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْتَلَّ فِي الْمَرَضِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ الَّذِي هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُبْتَلَّةِ فِي الْمَرَضِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْمُقَدَّمِ عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ. (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْإِيصَاءَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ حَالًّا أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ مَوْتِهِ يَجْرِي فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَهُ أَوْ يُشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ بِمَالٍ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ لِلْوَرَثَةِ أُوصِيكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ عَبْدِي فُلَانٍ عَشْرَةً وَتَعْتِقُوهُ حَالًّا أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ مَوْتِي أَوْ أَطْلَقَ فَعَجَّلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ الْمَالَ عَقِبَ مَوْتِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ) أَيْ وَهِيَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ حَالَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ حَالًّا أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ مَوْتِهِ أَوْ يُشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُعْتَقُ حَالًّا أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْخَامِسُ الْمُعَيَّنُ عِنْدَهُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَعَجَّلَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهَذِهِ السَّبْعَةُ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ إمَّا أَنْ يُقَيَّدَ عِتْقُهُ بِالْحَالِ أَوْ بِقَوْلِهِ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ يُطْلَقَ أَوْ يَقُولَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَيْ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ أَوْ يُشْتَرَى وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ لَكِنَّ الشَّارِحَ جَعَلَهَا خَمْسَةً مُجَارَاةً لِلْمَتْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِمْ) الْأَوْلَى فِيهَا، أَيْ الْخَمْسِ صُوَرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِمْ أَيْ بِعِتْقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ بِخِلَافِ مُدَبَّرِ الْمَرَضِ وَالْمُبْتَلِّ عِتْقُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ وَلَمْ يُعَجِّلْ الْكِتَابَةَ كَأَنْ يَقُولَ أُوصِيكُمْ أَنْ تُكَاتِبُوا عَبْدِي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي بِكَذَا فَكَاتَبُوهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُعَجِّلْ الْكِتَابَةَ، أَمَّا إنْ عَجَّلَ الْكِتَابَةَ عَقِبَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَانَ فِي مَرْتَبَةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَعَجَّلَهُ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تَقْرِيرِ الْمَتْنِ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ عَلَى مَا إذَا عَجَّلَ الْكِتَابَةَ بَعْدَ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ) أَيْ وَاَلَّذِي أَعْتَقَهُ الْمَيِّتُ عَلَى مَالٍ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَيَقَعُ التَّحَاصُّ فِيهَا عِنْدَ الضِّيقِ (قَوْلُهُ أَيْ زَادَ عَلَى شَهْرٍ) أَيْ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِكَشَهْرٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ. (قَوْلُهُ وَقَبْلَ السَّنَةِ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ سَنَةً. (قَوْلُهُ لَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَنْ زَادَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ. (قَوْلُهُ فَكَانَ يَجِبُ حَذْفُهُ) أَيْ حَذْفُ قَوْلِهِ وَالْعِتْقُ لِأَجَلٍ بَعُدَ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْعِتْقِ لِشَهْرٍ إذْ الْمُرَادُ بِهِ مَا نَقَصَ عَنْ السَّنَةِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الرَّاجِحَ مَا قَالَهُ إلَخْ) وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لِسَنَةٍ وَلِأَكْثَرَ فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ أَيْ الْعِتْقُ لِسَنَةٍ) أَيْ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ سَنَةٍ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ يُعَدُّ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ

يَلِيَانِ الْمُعْتَقَ بِمَالٍ فَعَجَّلَهُ ثُمَّ يَلِيهِمَا الْمُعْتَقُ بِمَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ وَالْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ لَفْظِ فَعَجَّلَهُ ثُمَّ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ لَمْ يُعَجِّلْهُ (ثُمَّ) وَصِيَّتُهُ (بِعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ) كَقَوْلِهِ أَعْتِقُوا عَنِّي عَبْدًا (ثُمَّ حَجّ) أَيْ ثُمَّ وَصِيَّتُهُ بِحَجٍّ عَنْهُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَتَحَاصَّانِ) أَيْ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَحَجِّ الصَّرُورَةِ أَيْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَشُبِّهَ فِي الْمُحَاصَّةِ قَوْلُهُ (كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ وَمُعَيَّنِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعِتْقِ كَأَنْ يُوصِيَ بِعِتْقِ عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَبِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِزَيْدٍ فَيَتَحَاصَّانِ (وَجُزْئِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ كَأَنْ يُوصِيَ لِزَيْدٍ بِنِصْفِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ أَوْ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالثَّلَاثَةُ إذَا اجْتَمَعَتْ أَوْ الِاثْنَانِ مِنْهَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَقَدْ يُقَالُ الْعِتْقُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ الْأَوَّلُ زَاحَمَهُ حَجٌّ وَالثَّانِي زَاحَمَهُ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ أَوْ جُزْؤُهُ فَلَا تَكْرَارَ. (وَلِلْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا (اشْتِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَابْنِهِ وَأَبِيهِ (بِثُلُثِهِ) فَأَقَلَّ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا وَيَرِثُ لِتَقَدُّمِ عِتْقِهِ عَلَى مَوْتِهِ وَأَمَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَلَا يَرِثُ وَخُيِّرَ الْوَارِثُ إنْ كَانَ لَا يَعْتِقُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ أَجَازَ فَظَاهِرٌ وَإِنْ رَدَّهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْضًا كَالِابْنِ وَالْأَخِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَعِتْقُ الْبَاقِي عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ لَازِمٌ (وَ) لَا (يَرِثُ) وَقِيلَ بَلْ إذَا أَجَازَ الْوَارِثُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يُعَجِّلْهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ. (قَوْلُهُ ثُمَّ وَصِيَّتُهُ بِعِتْقٍ) أَيْ ثُمَّ يَلِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ أَيْ ثُمَّ وَصِيَّتُهُ بِحَجٍّ عَنْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَجُّ حَجَّ صَرُورَةٍ أَيْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَجُّ الْمُوصَى بِهِ لِشَخْصٍ صَرُورَةٍ أَيْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ) أَيْ كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقٍ لِعَبْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ كَ أَعْتِقُوا عَبْدًا. (قَوْلُهُ وَجُزْئِهِ أَيْ الْمُعَيَّنِ) يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ ضَمِيرٌ وَجُزْئِهِ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي ح وَيُرَادُ بِجُزْءِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَرُبُعِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِقَوْمٍ وَبِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لِقَوْمِ نُظِرَ لِقِيمَةِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَى مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَيَتَحَاصَّانِ. (قَوْلُهُ فَالثَّلَاثَةُ إلَخْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَالْوَصِيَّةُ بِمُعَيَّنٍ غَيْرِ الْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْوَصِيَّةِ بِرُبُعِ مَالِهِ كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَفِيهَا التَّحَاصُّ عِنْدَ الضِّيقِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ زَاحَمَهُ حَجّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْأَوَّلُ لَمْ يُزَاحِمْهُ شَيْءٌ أَوْ زَاحَمَهُ حَجّ. (قَوْلُهُ وَالثَّانِي زَاحَمَهُ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَلِلْمَرِيضِ اشْتِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ أَيْضًا كَأَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرِيضُ ابْنَهُ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ لَهُ آخَرَ أَوْ كَانَ لَا يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرِيضُ أَخَاهُ وَكَانَ الْوَارِثُ لَهُ ابْنَ عَمِّهِ (قَوْلُهُ وَيَرِثُ) أَيْ كُلَّ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي اشْتِرَائِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ إدْخَالَ وَارِثٍ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ إرْثِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إدْخَالُ وَارِثٍ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ الَّتِي تَطْرَأُ كَتَزَوُّجِ الْمَرِيضِ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ الْمَنْكُوحَةَ فِي الْمَرَضِ وَارِثَةٌ بِسَبَبِ النِّكَاحِ الطَّارِئِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُشْتَرِي وَارِثٌ قَطْعًا وَالشِّرَاءُ إنَّمَا أَوْجَبَ رَفْعَ الْمَانِعِ مِنْ الْإِرْثِ. (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الْوَارِثُ إنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى فِي الْمَرَضِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْوَارِثِ بَلْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَرِيضِ فَقَطْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ أَخَاهُ وَكَانَ الْوَارِثُ لَهُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَجَازَهُ أَيْ فَإِنْ أَجَازَ الشِّرَاءَ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَيْ فَعِتْقُهُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ إنَّمَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً بَعْدَ الْمَوْتِ وَحِينَئِذٍ فَمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ الْمَرِيضِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ لَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ الْإِجَازَةِ الْكَائِنَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَبْدِ رَقِيقًا حِينَ الْمَوْتِ فَلَا يَرِثُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ لَازِمَةٌ مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَرِثُ وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَمَّا لَمْ يُقْطَعْ بِاسْتِمْرَارِ تِلْكَ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ الْمُورِثِ أَوْ تَغَيُّرِ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يُحْكَمْ بِالْإِرْثِ بِالْإِجَازَةِ الْأُولَى، وَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ إذَا مَاتَ الْمُوصِي بِمَرَضِ مَوْتِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْوَارِثُ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ الْإِرْثِ حِينَئِذٍ بِالْإِجَازَةِ الْأُولَى لِانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّهُ) أَيْ رَدَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى فِي الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ. (قَوْلُهُ كَالِابْنِ وَالْأَخِ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ ابْنَهُ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ آخَرَ أَوْ أَخَاهُ مَعَ وُجُودِ أَخٍ آخَرَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ اشْتَرَى ابْنَهُ مَعَ وُجُودِ أَخِيهِ أَوْ اشْتَرَى أَخَاهُ مَعَ وُجُودِ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى لَا يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ حِينَئِذٍ بَلْ عَلَى الْمَيِّتِ فَقَطْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَجَازَ أَوْ لَمْ يُجِزْ. (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَجَازَ الْوَارِثُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ وَلَا يَرِثُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَارِثِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ ثُلُثُهُ وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ، وَحِينَئِذٍ فَذَلِكَ الْعَتِيقُ كَانَ بَعْضُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ رِقًّا فَلَا يَرِثُ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ إذَا أَجَازَ الْوَارِثُ فِي الْمَرَضِ)

لِأَنَّ إجَازَتَهُ فِي الْمَرَضِ لَازِمَةٌ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا فَقَدْ تَحَقَّقَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ نَعَمْ إنْ أَجَازَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَرِثْ (لَا إنْ) (أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ) أَوْ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَاشْتَرَى (وَعَتَقَ) فَلَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ وَبَتَلَ عِتْقَ غَيْرِهِ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ أَيْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ وَقْتَيْنِ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي الْمَرَضِ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيَتَحَاصَّانِ إنْ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ عَلَى الرَّاجِحِ. ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تُعْرَفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِمَسْأَلَةِ خُلْعِ الثُّلُثِ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ غَائِبٌ أَمْ لَا فَقَالَ (وَإِنْ) (أَوْصَى) لِشَخْصٍ (بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَأَنْ يُوصِيَ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ فُلَانٍ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِرُكُوبِ دَابَّتِهِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ مُدَّةَ سَنَةٍ مَثَلًا (أَوْ) أَوْصَى لَهُ (بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ كَعَبْدٍ أَوْ بَعِيرٍ (لَيْسَ فِيهَا) أَيْ التَّرِكَةِ مِمَّا لَيْسَ مُعَيَّنًا كَ اشْتَرُوا لَهُ عَبْدًا وَأَعْطُوهُ لَهُ (أَوْ) أَوْصَى (بِعِتْقِ عَبْدِهِ) فُلَانٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ) فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (قِيمَتَهُ) ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى فِي الْمَرَضِ يَعْتِقُ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُ فِي الْمَرَضِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْمَرَضِ لَازِمَةٌ إذَا كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْإِجَازَةِ وَكَانَ لَا يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ فَقَدْ تَحَقَّقَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرِثُ (قَوْلُهُ لَمْ يَرِثْ) أَيْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ كَانَ رِقًّا وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرٌ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمَجّ. (قَوْلُهُ وَعَتَقَ) أَيْ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ فَلَا يُفْتَقَرُ إلَى صِيغَةِ عِتْقٍ مِنْ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَوْصَى بِشِرَائِهِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ وَوَقْتُ الْمَوْت كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رَقِيقًا وَالرِّقُّ حِينَ الْمَوْتِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَلِلْمَرِيضِ إلَخْ وَأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلِابْنِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَقَرَّرَهُ بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ وتت عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ، أَيْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا فَيُقَدَّمُ الِابْنُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ بِشِرَائِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ وَقْتَيْنِ تَقَدَّمَتْ الْوَصِيَّةُ بِشِرَاءِ الِابْنِ أَوْ تَأَخَّرَتْ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُمَا أَيْ ابْنَهُ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَحَاصَّانِ إنْ أَوْصَى بِشِرَائِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِلَّا قُدِّمَ صَاحِبُ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهِمَا فَيَتَحَاصَّانِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ اشْتَرَاهُمَا مُتَرَتِّبَيْنِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عَلَى الرَّاجِحِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ الْأُولَى أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الْمَرَضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُبَتَّلَ عِتْقُ غَيْرِهِ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الْمَرَضِ ابْنَهُ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَالثَّالِثَةُ أَنْ يُوصِيَ بِشِرَائِهِمَا وَفِي كُلٍّ أَيْ إمَّا يَتَحَمَّلُ الثُّلُثُ الْأَمْرَيْنِ أَوْ يَضِيقُ عَنْهُمَا فَإِنْ تَحَمَّلَ الثُّلُثُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ نَفَذَا، وَإِنْ ضَاقَ عَنْ تَحَمُّلِ الْأَمْرَيْنِ قُدِّمَ فِي الْأُولَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَتَحَاصَّانِ إنْ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَتَحَاصَّانِ إنْ أَوْصَى بِشِرَائِهِمَا صَفْقَةً وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ أَوَّلًا عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِابْنُ فِيهِمَا مُطْلَقًا وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ تُعْرَفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِمَسْأَلَةِ خُلْعِ الثُّلُثِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ فِي الْغَالِبِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا الْأَقَلَّ وَهُوَ الثُّلُثُ. (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ إلَخْ) أَيْ إنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ غَائِبٌ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ شَرَفُ الدِّينِ الطِّخِّيخِيُّ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُخَيِّرُونَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ إذَا كَانَ فِيهَا دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ غَائِبٌ. (قَوْلُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لِذَلِكَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لِذَلِكَ الثُّلُثِ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَيُعْطَاهُ بِلَا تَخْيِيرٍ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُضْرَبُ لِلْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ. (قَوْلُهُ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْوَصْفِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فُلَانٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أُوصِيكُمْ أَنْ تُعْتِقُوا عَبْدِي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ) . أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ ثُلُثَ الْمُوصِي أَيْ ثُلُثُ التَّرِكَةِ كُلِّهَا إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ ثُلُثُ مَا حَضَرَ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ بَعْضُهَا حَاضِرًا وَبَعْضُهَا غَائِبًا لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَا يَحْمِلُ قِيمَتَهُ مَا أَوْصَى بِشِرَائِهِ لِلْمُوصَى لَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثُ التَّرِكَةِ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ عَبْدٍ مَثَلًا وَسَطٍ فِي الثَّانِي وَلَا يَحْمِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ شَرْطٌ فِي تَخْيِيرِ الْوَارِثِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فَقَطْ دُونَ

أَيْ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهَا وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ قِيمَةَ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ فِي الْأَوْلَى كَمَا قَدْ يُتَبَادَرُ مِنْهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا قِيمَةُ ذِي الْمَنْفَعَةِ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا مِمَّا لَيْسَ مُعَيَّنًا أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ فَهُوَ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَاشْتِرَاءٌ لِفُلَانٍ وَأَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ إلَخْ (خُيِّرَ الْوَارِثُ) فِي الثَّلَاثَةِ (بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ) وَصِيَّةَ مُورِثِهِ (أَوْ يَخْلَعَ ثُلُثَ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُمَا أَيْ يُعْطِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِلْمَيِّتِ ثُلُثَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَعْتِقَ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ فَإِطْلَاقُ خُلْعِ الثُّلُثِ عَلَيْهَا تَغْلِيبٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ عَمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ بِنَفْسِ الْمُعَيَّنِ كَدَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ وَمَرَّةً أُخْرَى يُخَيَّرُ الْوَارِثُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَبَيْنَ خُلْعِ ثُلُثِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ خَاصَّةً وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَى نَقْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ. (وَ) إنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ (بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ (فَالْجَمِيعُ) أَيْ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ جَمِيعَ نَصِيبِ ابْنِهِ وَهُوَ جَمِيعُ الْمَالِ إنْ انْفَرَدَ الِابْنُ أَيْ وَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ أَوْ نِصْفَ الْمَالِ أَوْ نِصْفَ الْبَاقِي إنْ كَانَ الِابْنُ اثْنَيْنِ وَأَجَازَاهَا فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ كَانَ لَهُ ثُلُثُهُ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَقَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ فَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمَالِ أَوْ خَمْسَةً فَبِالْخُمُسِ وَهَكَذَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ بِخِلَافِ الثُّلُثِ فَدُونَ (لَا) إنْ قَالَ (جَعَلُوهُ وَارِثًا مَعَهُ) أَيْ مَعَ ابْنِي (أَوْ) قَالَ (أَلْحِقُوهُ بِهِ) أَوْ أَنْزِلُوهُ مَنْزِلَتَهُ أَوْ اجْعَلُوهُ مِنْ عِدَادِ وَلَدِي وَنَحْوُ ذَلِكَ (فَزَائِدًا) أَيْ يُقَدَّرُ الْمُوصَى لَهُ زَائِدًا وَتَكُونُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ أَجَازَا وَإِلَّا فَالثُّلُثُ فَإِنْ كَانُوا ابْنَيْنِ فَلَهُ الثُّلُثُ أَجَازُوا أَوْ لَمْ يُجِيزَا وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَهُوَ كَابْنٍ رَابِعٍ وَهَكَذَا وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةَ ذُكُورٍ وَثَلَاثَ إنَاثٍ لَكَانَ كَرَابِعٍ مَعَ الذُّكُورِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِأُنْثَى لَكَانَتْ كَرَابِعَةٍ مِنْ الْإِنَاثِ فَقَوْلُهُ فَزَائِدًا أَيْ عَلَى مُمَاثِلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّخْيِيرِ وَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ح وَغَيْرُهُ اُنْظُرْ بْن، وَأَمَّا إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ تَعَيَّنَ تَسْلِيمُ الْمُوصَى بِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ قِيمَةِ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ النَّظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا أَنَّ الِانْتِفَاعَ مَظِنَّةُ تَلَفِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا) أَيْ بِقِيمَةِ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَبَادِرَةِ مِنْ لَفْظِهِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَ اشْتَرُوا لَهُ فُلَانًا عَبْدَ فُلَانٍ وَأَعْطُوهُ لَهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَا قَدَّمَهُ) أَيْ فَهَذَا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ وَهُوَ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَوْ بِمَا لَيْسَ فِيهَا مِمَّا لَيْسَ مُعَيَّنًا وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ مَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ فَهَذَا لَا خِيَارَ فِيهِ بَلْ تَطْلُبُ الْوَرَثَةُ شِرَاءَهُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِمَا لَيْسَ مُعَيَّنًا تَنَاقَصَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ أَوْ يُخْلَعُ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَالِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَالْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ. (قَوْلُهُ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا نَاضًّا أَوْ دَيْنًا. (قَوْلُهُ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ وَهُمَا النَّوْعَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ أَنْوَاعِ مَسْأَلَةِ خُلْعِ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ فَإِطْلَاقُ خُلْعِ الثُّلُثِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا خُلْعُ ثُلُثٍ وَإِنَّمَا فِيهَا الْعِتْقُ مِنْ الْعَبْدِ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ. (قَوْلُهُ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ تَخْيِيرِ الْوَارِثِ بَيْنَ الْإِجَازَةِ أَوْ تَسْلِيمِ ثُلُثٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ ثُلُثَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بَلْ يَدْفَعُ لَهُ ثُلُثَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ ثُلُثُ التَّرِكَةِ يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ (قَوْلُهُ وَبِنَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ مِثْلٍ وَنَصِيبٍ فَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ الْجَمِيعَ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَمَّا إنْ حُذِفَ مِثْلٌ وَاقْتُصِرَ عَلَى نَصِيبٍ فَقَالَ ابْن مَرْزُوق لَمْ أَرَ مَا لَلْمُصَنِّفِ فِيهَا إلَّا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ تَبَعًا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ فِيهِ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْمُوصَى لَهُ زَائِدًا وَتَكُونُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ نِصْفَيْنِ اتِّفَاقًا وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَالْجَمِيعُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مَوْجُودًا وَأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَيْ كَوْنَهُ ذَكَرًا كَمَا هُوَ لَفْظُهُ أَوْ أُنْثَى كَمَا لَوْ نَطَقَ بِهَا وَعَدَمُ قِيَامِ مَانِعٍ بِهِ فَخَرَجَ بِالْمَوْجُودِ وَصِيَّتُهُ بِنَصِيبٍ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَا ابْنَ لَهُ فَتَبْطُلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ يَحْدُثَ لَهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ، وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِنَصِيبٍ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِي وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَكَانَ لَهُ وَرَثَةٌ يَخْتَلِفُ إرْثُهُمْ، فَسَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَبِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ إلَخْ وَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الثَّالِثِ مَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِي لَوْ كَانَ يَرِثُ فَيُعْطَى نَصِيبَهُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ إنْ انْفَرَدَ الِابْنُ) أَيْ عَنْ ابْنٍ آخَرَ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ أَيْ إنْ انْفَرَدَ الِابْنُ وَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ وَكَانَ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ. (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ الْمَالِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ الْبَاقِي أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ صَاحِبُ فَرْضٍ. (قَوْلُهُ لَكَانَ كَرَابِعٍ مَعَ الذُّكُورِ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِذَكَرٍ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى مُمَاثِلِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ ذَكَرًا قُدِّرَ ذَكَرًا زَائِدًا

(وَ) إنْ أَوْصَى لَهُ (بِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ) أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ وَتَرَكَ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا (فَيُجْزِئُ) أَيْ فَيُحَاسِبُهُمْ بِجُزْءٍ (مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) فَإِنْ كَانَ عَدَدُ رُءُوسِ وَرَثَتِهِ ثَلَاثَةً فَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ أَرْبَعَةً فَلَهُ الرُّبُعُ أَوْ خَمْسَةً فَلَهُ الْخُمُسُ وَهَكَذَا وَلَا نَظَرَ لِمَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَارِثٍ ثُمَّ يَقْسِمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى (وَ) إنْ أَوْصَى لَهُ (بِجُزْءٍ) مِنْ مَالِهِ (أَوْ سَهْمٍ) مِنْهُ (فَبِسَهْمٍ) أَيْ حَاسَبَ بِسَهْمٍ (مِنْ) أَصْلِ (فَرِيضَتِهِ) وَلَوْ عَائِلَةً فَإِذَا كَانَ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا وَعَالَتْ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَلَهُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْأَصَحِّ (وَفِي كَوْنِ ضِعْفِهِ) أَيْ النَّصِيبِ أَيْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِضِعْفِ نَصِيبِ وَلَدِي (مِثْلِهِ) أَيْ النَّصِيبِ (أَوْ مِثْلَيْهِ تَرَدُّدٌ) لِابْنِ الْقَصَّارِ وَلِشَيْخِهِ فَهُوَ يَقُولُ ضِعْفُ الشَّيْءِ قَدْرُهُ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَنَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ خِلَافَ ذَلِكَ أَيْ إنَّ ضِعْفَ الشَّيْءِ مَا سَاوَاهُ فَإِذَا تَعَدَّدَ الِابْنُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ ابْنَتَانِ أَوْ مَعَهُ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَأَوْصَى لِشَخْصٍ بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُعْطَى مِثْلَ نَصِيبِ الِابْنِ فَيُعْطَى نِصْفَ الْمَالِ الْمَتْرُوكِ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَعَلَى الثَّانِي يُعْطَى جَمِيعَ الْمَتْرُوكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى قُدِّرَ زَائِدًا عَلَى الْأَوْلَادِ الْإِنَاثِ فَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ خُنْثَى مُشْكِلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ وَبِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ) أَيْ وَكَانَ لَهُ وَرَثَةٌ وَلَوْ مُخْتَلِفًا إرْثُهُمْ وَكَذَا بِنَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ إذَا كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَوْ مُخْتَلِفًا إرْثُهُمْ قَالَ ح وَاخْتُلِفَ إذَا أَوْصَى بِنَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَتَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ قَوْلُ مَالِكٍ يُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ وَيُعْطَى حَظَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ ثُمَّ قَالَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَحَدِ وَرَثَتِي وَأَحَدِ بَنِيَّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عج مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا قَائِلًا إنَّهُ يُعْطَى فِي أَحَدِ بَنِيهِ حَظَّ وَاحِدٍ مِنْ بَنِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ بَنِيهِ أُنْثَى فَأَكْثَرَ أَمْ لَا، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ مَا فِي ح فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَفَادَ أَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ أَيْ فَيُحَاسِبُهُمْ بِجُزْءٍ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْسِمَ الْمَالَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ وَيُعْطَى حَظًّا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَقْسِمَ الْبَاقِيَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ أَمَّا إنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنًا وَاحِدًا فَهُوَ قَوْلُهُ وَبِنَصِيبِ ابْنِهِ. (قَوْلُهُ رُءُوسِهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ فَقَطْ وَسَوَاءٌ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً أَوْ كُلُّهُمْ أَصْحَابَ فُرُوضٍ أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ عَصَبَةً وَبَعْضُهُمْ أَصْحَابَ فُرُوضٍ. (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ لِمَا يَسْتَحِقُّهُ كُلُّ وَارِثٍ) أَيْ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ الرُّءُوسِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا مِنْ غَيْرِ جَعْلِ الذَّكَرِ بِرَأْسَيْنِ وَلَوْ حَذَفَ رُءُوسَهُمْ كَانَ أَوْلَى وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ أَقَلِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْسِمُ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِهِ الْجُزْءَ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ يَقْسِمُ إلَخْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ لِلْوَرَثَةِ مَسْأَلَةً وَيَقْسِمَ ذَلِكَ الْبَاقِيَ عَلَيْهَا وَهُوَ تَارَةً يُبَايِنُهَا أَوْ يُوَافِقُهَا وَيَحْتَاجُ ذَلِكَ لِعَمَلٍ مَذْكُورٍ فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ فَبِسَهْمٍ مِنْ أَصْلِ فَرِيضَتِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ لَهُ فَرِيضَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرِيضَةٌ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ حِينَ الْمَوْتِ فَهَلْ لَهُ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْفَرَائِضُ الْمُقَدَّرَةُ لِأَهْلِ النِّسَبِ؛ لِأَنَّ السِّتَّةَ مَخْرَجٌ لِلسُّدُسِ وَهُوَ أَقَلُّ سَهْمٍ مَفْرُوضٍ لِأَهْلِ النِّسَبِ، أَوْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّهَا مَخْرَجُ أَقَلِّ السِّهَامِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ فَلَهُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ ثُمَّ تُقْسَمُ السِّتَّةُ وَالْعِشْرُونَ عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ لِلْوَرَثَةِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَتُقْسَمَ السِّتَّةُ وَالْعِشْرُونَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَارَةً تَبَايُنُهَا وَتَارَةً تَوَاقُفُهَا وَيُحْتَاجُ لِعَمَلٍ مَذْكُورٍ فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَبِسَهْمٍ مِنْ فَرِيضَتِهِ أَيْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِسَهْمٍ مِنْهُ يُحَاسَبُ بِسَهْمٍ مِنْ أَصْلِ فَرِيضَةِ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ صَحَّتْ مِنْ أَصْلِهَا أَمْ لَا وَلَا يُنْظَرُ لِمَا تَصِحُّ مِنْهُ إنْ انْكَسَرَتْ وَلَمْ تَصِحَّ مِنْ أَصْلِهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْعَوْفِيِّ وَالتِّلْمِسَانِيّ حَيْثُ قَالَا يُحَاسَبُ بِجُزْءٍ مِنْ أَصْلِ الْفَرِيضَةِ إنْ صَحَّتْ مِنْ أَصْلِهَا وَلَوْ عَائِلَةً وَإِلَّا فَلَهُ جُزْءٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) أَيْ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلُّغَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مِثْلَيْهِ أَيْ كَمَا هُوَ الْعُرْفُ وَالْعُرْفُ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَةِ فِي الْوَصَايَا (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَلِشَيْخِهِ) الْأَوَّلُ لِشَيْخِهِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَصَّارِ. (قَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ) أَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أَبٌ فَقَطْ أَوْ أَبٌ وَأُمٌّ أَوْ أَبٌ وَزَوْجَةٌ أَوْ أَبٌ وَأُمٌّ وَزَوْجَةٌ فَكُلُّ مَنْ وُجِدَ مَعَ ذَلِكَ الِابْنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ ثَانٍ فَإِذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ وَمَعَهُ أُمُّ الْمَيِّتِ أَوْ أَبُوهُ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُعْطَى نَصِيبَ الِابْنِ فَقَطْ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَعَلَى الثَّانِي يُعْطَى جَمِيعَ الْمَتْرُوكِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ وُجِدَ مَعَ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ ثَانٍ وَالِابْنُ وَمَنْ مَعَهُ يَأْخُذَانِ الْمَالَ كُلَّهُ وَقَدْ قُلْنَا إنَّهُ يُعْطَى مِثْلَيْ نَصِيبِ الِابْنِ، وَمِثْلَا نَصِيبِ الِابْنِ هُوَ الْمَالُ كُلُّهُ. (قَوْلُهُ فَيُعْطَى نِصْفَ الْمَالِ الْمَتْرُوكِ) أَيْ إذَا تَعَدَّدَ الِابْنُ حَقِيقَةً وَيُجْعَلُ الْبَاقِي تَرِكَةً يُقْسَمُ عَلَى الْوَلَدَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ أَيْ وَيُعْطَى الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ أَيْ إذَا

بِشَرْطِ الْإِجَازَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ أُعْطِيَ جَمِيعَ الْمَتْرُوكِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ إنْ أَجَازَ، فَصَارَ حَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِي هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ مِثْلَ نَصِيبِ ابْنِي أَوْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَعْطُوهُ نَصِيبَ ابْنِي وَمِثْلَهُ مَعَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَعَدُّدِ الِابْنِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ اتَّحَدَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا جَمِيعُ مَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ (وَ) إنْ أَوْصَى لَهُ (بِمَنَافِعِ عَبْدٍ) كَخِدْمَتِهِ فَأَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ وَمَاتَ (وُرِثَتْ عَنْ الْمُوصَى لَهُ) إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِهَا شَيْءٌ وَزَمَنُهَا قَدْ يُحَدَّدُ بِوَقْتٍ وَقَدْ يُحَدَّدُ بِحَيَاةِ الْعَبْدِ وَقَدْ يُطْلَقُ فَيُحْمَلُ عَلَى حَيَاةِ الْعَبْدِ فَتُورَثُ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حَيَاةُ الْمُوصَى لَهُ (وَإِنْ حَدَّدَهَا) الْمُوصِي (بِزَمَنٍ فَكَالْمُسْتَأْجَرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ يُورَثُ مَا بَقِيَ مِنْ زَمَنِهَا وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا الْجُمُعَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُ الْجِيمِ فَيُفِيدُ أَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَوْ وَارِثِهِ إجَازَةَ مَالِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ (فَإِنْ قُتِلَ) الْعَبْدُ (فَلِلْوَارِثِ) لَهُ (الْقِصَاصُ) مِنْ قَتْلِهِ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا (أَوْ الْقِيمَةُ) وَلَا كَلَامَ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي خِدْمَتِهِ وَقَدْ سَقَطَتْ بِالْقَتْلِ وَشُبِّهَ فِي كَوْنِ الْكَلَامِ لِوَارِثِهِ لَا لِلْمُوصَى لَهُ قَوْلُهُ (كَأَنْ جَنَى) الْعَبْدُ عَلَى أَحَدٍ فَالْكَلَامُ لِلْوَارِثِ فِي إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ وَبَطَلَتْ الْخِدْمَةُ (إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُخْدَمُ) بِالْفَتْحِ أَوْ وَارِثُهُ (أَوْ الْوَارِثُ) لَهُ (فَ) لَا تَبْطُلُ، وَ (تَسْتَمِرُّ) لِمَا حُدِّدَتْ لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ أَوَّلًا لِلْوَارِثِ لَهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَطَلَتْ مَا لَمْ يَفْدِهِ الْمُخْدَمُ فَإِنْ فَدَاهُ اسْتَمَرَّتْ فَإِنْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا فَدَاهُ بِهِ فَإِنْ دَفَعَ لَهُ سَيِّدُهُ بَقِيَّةَ الْفِدَاءِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْهُ الْوَارِثُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اسْتَمَرَّتْ خِدْمَتُهُ أَيْضًا لِتَمَامِ الْمُدَّةِ. (وَهِيَ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِصِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ (وَمُدَبَّرٍ إنْ كَانَ) التَّدْبِيرُ (بِمَرَضٍ) مَاتَ مِنْهُ كِلَاهُمَا (فِيمَا عَلِمَ) أَيْ فِي الْمَالِ الَّذِي عَلِمَ بِهِ الْمُوصِي قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لَا فِيمَا جَهِلَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَمَّا مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ فَيَدْخُلُ فِي الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ قَصْدُهُ عِتْقُهُ مِنْ مَالِهِ الَّذِي يَمُوتُ عَنْهُ وَلَوْ تَجَدَّدَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمَرِيضُ يَتَوَقَّعُ الْمَوْتَ مِنْ مَرَضِهِ فَلَا يَقْصِدُ الْعِتْقَ إلَّا مِمَّا عَلِمَهُ مِنْ مَالِهِ إذْ لَا يَتَرَقَّبُ حُدُوثَ مَالٍ فَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَدَّدَ الِابْنُ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُوصَى لَهُ ذَلِكَ يَجْعَلُ الْبَاقِيَ نَفْسَ التَّرِكَةِ وَيَقْسِمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْإِجَازَةِ) رَاجِعٌ لِأَخْذِهِ نِصْفَ الْمَتْرُوكِ أَوْ الْبَاقِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَأَخْذُهُ جَمِيعَ الْمَتْرُوكِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إجَازَةٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثُّلُثُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ إنْ أَجَازَ) أَيْ وَإِلَّا فَثُلُثُ الْمَالِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَبِمَنَافِعَ) عَطْفٌ عَلَى مَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ وُرِثَتْ جَوَابُ الشَّرْطِ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْعَطْفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ مِنْ عَبِيدِهِ لِفُلَانٍ وَلَمْ يُحَدِّدْهَا بِزَمَنٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ بَلْ حَدَّدَهَا بِحَيَاةِ الْعَبْدِ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَخْدُمُهُ طُولَ حَيَاتِهِ وَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يَرِثُونَهَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُوصِي لَمَّا لَمْ يُحَدِّدْهَا عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ خِدْمَتَهُ حَيَاةَ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ قَدْ يُحَدَّدُ بِوَقْتٍ) أَيْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ) أَيْ مُرَادَ الْمُوصِي. (قَوْلُهُ وَإِنْ حَدَّدَهَا بِزَمَنٍ) أَيْ وَقَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ وَمَاتَ. (قَوْلُهُ وَلِسَيِّدِهِ) أَيْ وَهُوَ وَارِثُ الْمُوصِي بِالْكَسْرِ. (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ كَسْرُ الْجِيمِ) أَيْ فَوَارِثُ الْمُوصَى لَهُ أَيْ كَالشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ) أَيْ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهِ لِزَيْدٍ سِنِينَ مُعَيَّنَةً أَوْ حَيَاة زَيْدٍ الْمُوصَى لَهُ. (قَوْلُهُ فَلِلْوَارِثِ لَهُ) أَيْ فَلِمَنْ وَرِثَ ذَلِكَ الْعَبْدَ مِنْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْقِيمَةُ) أَيْ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا وَقَوْلُهُ فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا فَشِقُّ التَّخْيِيرِ الثَّانِي مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ. (قَوْلُهُ فَالْكَلَامُ لِلْوَارِثِ) أَيْ لِوَارِثِ سَيِّدِهِ الْمُوصِي وَقَوْلُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ أَيْ فَإِنْ فَدَاهُ اسْتَمَرَّتْ الْخِدْمَةُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُخْدِمُ أَوْ وَارِثُهُ بَيْنَ إمْضَاءِ مَا فَعَلَهُ وَارِثُ الْمُوصِي وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي الْخِدْمَةِ أَوْ يَفْدُونَهُ وَتَسْتَمِرُّ الْخِدْمَةُ إلَى مَوْتِ الْعَبْدِ فِي الْمُطْلَقَةِ وَإِلَى آخِرِ الْمُدَّةِ الْمُقَيَّدَةِ (قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ الْخِدْمَةُ) أَيْ إذَا أَسْلَمَهُ الْوَارِثُ لِأَرْبَابِ الْجِنَايَةِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُخْدَمَ أَوْ وَارِثَهُ رَضِيَ بِذَلِكَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُخْدَمُ بِالْفَتْحِ أَوْ وَارِثُهُ) أَيْ فَلَيْسَ لِوَارِثِ سَيِّدِهِ حِينَئِذٍ إسْلَامُهُ وَلَا تَبْطُلُ الْخِدْمَةُ وَتَسْتَمِرُّ. (قَوْلُهُ أَوْ الْوَارِثُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى وَارِثِ الْمُخْدَمِ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ رِكَّةٌ مَعَ مَا حَلَّ بِهِ قَوْلُهُ كَأَنْ جَنَى. (قَوْلُهُ إنَّ الْكَلَامَ أَوَّلًا لِلْوَارِثِ) أَيْ وَارِثِ الْمُوصِي بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَدَاهُ اسْتَمَرَّتْ) أَيْ الْخِدْمَةُ لِمَوْتِ الْعَبْدِ فِي الْمُطْلَقَةِ وَإِلَى آخِرِ الْمُدَّةِ فِي الْمُقَيَّدَةِ. (قَوْلُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا فَدَاهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُخْدَمُ أَوْ وَارِثُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ قَدْرَ مَا فَدَاهُ بِهِ. (قَوْلُهُ بَقِيَّةَ الْفِدَاءِ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ بَقِيَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ تَمَّتْ خِدْمَتُهُ فَإِنْ دَفَعَ لَهُ سَيِّدُهُ مَا فَدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهُ رِقًّا اهـ بْن وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا تَمَّتْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا فَدَاهُ بِهِ أَوْ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا اهـ أَمِيرُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْوَارِثُ) أَيْ وَارِثُ سَيِّدِهِ الْمُوصِي وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهِيَ وَمُدَبَّرٌ إنْ كَانَ بِمَرَضٍ فِيمَا عَلِمَ) أَيْ فِي ثُلُثِ مَا عَلِمَ بِهِ الْمُوصِي وَالْمُدَبَّرُ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا فِيمَا جَهِلَهُ فَإِنْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ وَالْمُوصَى لَهُ فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلُوا فَلِلْمُوصَى لَهُ بِيَمِينٍ وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عِلْمُهُ بِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَوْ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ إلَخْ) مِثْلُهُ صَدَاقُ الْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ) أَيْ

ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ كَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَدْخُلْ وَصِيَّةُ الصِّحَّةِ فِي الْمَجْهُولِ كَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِخِلَافِهَا (وَدَخَلَتْ) الْوَصِيَّةُ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى التَّدْبِيرِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ فَيُبَاعُ الْمُدَبَّرُ لِأَجْلِهَا عِنْدَ الضِّيقِ وَسَوَاءٌ دُبِّرَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَمَعْنَى الدُّخُولِ فِيهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ لِأَجْلِهَا التَّدْبِيرُ عِنْدَ الضِّيقِ فَمَنْ أَوْصَى بِفَكِّ أَسِيرٍ وَكَانَ فَكُّهُ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ مِائَةً وَكَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ مِائَةً فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَيَدْخُلُ فَكُّ الْأَسِيرِ فِي قِيمَتِهِ (وَ) تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ (فِي الْعُمْرَى) الرَّاجِعَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ بِسِنِينَ، وَكَذَا تَدْخُلُ فِي الْحَبْسِ الرَّاجِعِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي بَعِيرٍ شَرَدَ وَعَبْدٍ أَبَقَ ثُمَّ رَجَعَا. (وَفِي) دُخُولِ الْوَصِيَّةِ فِي (سَفِينَةٍ أَوْ عَبْدٍ) لِلْمُوصِي (شَهْرَ تَلَفِهِمَا) قَبْلَ صُدُورِ الْوَصِيَّةِ (ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَعَدَمُ دُخُولِهِمَا (قَوْلَانِ) وَلَا مَفْهُومَ لِلسَّفِينَةِ وَالْعَبْدِ (لَا) تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ (فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ) مِمَّا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ بِهِ كَأَنْ يُقِرَّ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ أَوْ لِزَوْجَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُتَّهَمُ فِيهِ (أَوْ أَوْصَى) بِهِ (لِوَارِثٍ) وَلَمْ تُجِزْهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَإِذَا لَمْ تَدْخُلْ الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ بَطَلَ وَرَجَعَ مِيرَاثًا أَيْ وَالرَّدُّ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ قَبْلَهُ وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُوصِي فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّ إقْرَارَ الصِّحَّةِ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا فَالْمُرَادُ الْإِقْرَارُ الْبَاطِلُ (وَإِنْ) (ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا) أَيْ وَثِيقَةِ الْوَصِيَّةِ (خَطُّهُ أَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَشْهَدْ) فِي الصُّورَتَيْنِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ (أَوْ) لَمْ (يَقُلْ أَنْفِذُوهَا) (لَمْ تَنْفُذْ) فَلَا يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي دَبَّرَ فِيهِ عَبْدَهُ. (قَوْلُهُ كَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ) أَيْ فَيَكُونُ فِي الْمَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ إلَخْ) فَإِذَا أَوْصَى بِمِائَةٍ لِفَكِّ أَسِيرٍ أَوْ أَوْصَى بِفَكِّ أَسِيرٍ وَكَانَ فَكُّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِمِائَةٍ وَخَلَفَ مِائَتَيْنِ وَمُدَبَّرًا يُسَاوِي مِائَةً اُعْتُبِرَ الْمُدَبَّرُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي يُؤْخَذُ ثُلُثُهُ وَيُفَكُّ بِهِ الْأَسِيرُ فَيَكُونُ مَالُهُ ثَلَثَمِائَةٍ وَيُفَكُّ الْأَسِيرُ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَكَذَا إذَا تَرَكَ خَمْسِينَ وَمُدَبَّرًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَوْصَى بِمِائَةٍ لِفَكِّ أَسِيرٍ بِيعَ الْمُدَبَّرُ وَأُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ خَمْسُونَ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ الْوَصَايَا تَأَخَّرَتْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عِنْدَ الضِّيقِ وَيَدْخُلُ السَّابِقُ فِيهَا. (قَوْلُهُ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى التَّدْبِيرِ) إنَّمَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ الْمُسَاوِيَةَ لَهُ فِي الرُّتْبَةِ يَقَعُ التَّحَاصُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فِي الثُّلُثِ وَالْوَصِيَّةُ الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ فِي الرُّتْبَةِ الْمُدَبَّرُ نَافِذٌ قَبْلَهَا فَلَا يَتَأَتَّى دُخُولُهَا فِيهِ وَقَدْ يُقَالُ دُخُولُ الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَيْهِ فِيهِ مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَاتِبِ فَلَا يُحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَا اُحْتِيجَ لِلنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِهَا عِنْدَ الضِّيقِ) أَيْ وَتَدْخُلُ تِلْكَ الْوَصِيَّةُ الْمُقَدَّمَةُ عَلَيْهِ رُتْبَةً فِي قِيمَتِهِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ لِأَجْلِهَا التَّدْبِيرُ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمُوصِي وَيُؤْخَذُ لِلْوَصِيَّةِ ثُلُثُ الْجَمِيعِ أَيْ ثُلُثُ الْمُدَبَّرَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَالِ. (قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي الْعُمْرَى) أَيْ الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ رِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَوُجِدَ مَالُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِائَتَيْنِ وَدَارٌ مُعَمَّرَةٌ تُرْجَعُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ سِنِينَ تُسَاوِي مِائَةً فَالْوَصِيَّةُ تَدْخُلُ فِي الْعُمْرَى بِمَعْنَى أَنَّهُ يُلَاحَظُ أَنَّ قِيمَةَ تِلْكَ الدَّارِ الْمُعَمَّرَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْبَيْتِ الَّذِي يُؤْخَذُ ثُلُثُهُ وَيُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ فِي الْعُمْرَى لَمْ يُعْطَ الْمِائَةُ بِتَمَامِهَا. (قَوْلُهُ فِي الْحَبْسِ الرَّاجِعِ إلَخْ) كَأَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى عَمْرٍو مُدَّةَ حَيَاتِي ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِي تَرْجِعُ مِلْكًا لِوَرَثَتِي فَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَتَرَكَ مِائَةً وَهَذِهِ الدَّارُ الرَّاجِعَةُ مِلْكًا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَدْخُلُ فِي تِلْكَ الدَّارِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُلَاحَظُ أَنَّ قِيمَتَهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ. (قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَا) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَفِي دُخُولِ الْوَصِيَّةِ فِي سَفِينَةٍ أَوْ عَبْدٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُلَاحَظُ أَنَّ قِيمَتَهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ الَّذِي يُؤْخَذُ ثُلُثُهُ وَيُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ نَظَرًا لِظُهُورِ كَذِبِ مَا اشْتَهَرَ. (قَوْلُهُ وَعَدَمُ دُخُولِهَا) أَيْ وَعَدَمُ دُخُولِهَا فِيهِمَا نَظَرًا لِكَوْنِ الْمُوصِي قَاطِعَ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِمَالِكٍ رَوَاهُمَا عَنْهُ أَشْهَبُ. (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِلسَّفِينَةِ وَالْعَبْدِ) أَيْ بَلْ مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْبِضَاعَةُ وَالْقِرَاضُ يُرْسِلُهُمَا وَيَشْتَهِرُ تَلَفُهُمَا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ تَظْهَرُ السَّلَامَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ) عَطْفٌ عَلَى أَقَرَّ بِهِ أَيْ لَا تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا تَدْخُلُ فِيمَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ لِقَصْدِ الْمُوصِي إخْرَاجَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ وَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّ فَكَّ الْأَسِيرِ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَى مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَلَا يُقَالُ فَكُّ الْأَسِيرِ مِنْ جُمْلَةِ الْوَصَايَا وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ دُخُولِهَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَوْنُهُ مِنْ الْوَصَايَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ ثَمَرَةُ كَوْنِهِ مُقَدَّمًا قَالَهُ طفى. (قَوْلُهُ بَطَلَ وَرَجَعَ مِيرَاثًا) الْأَوْلَى وَإِذَا لَمْ تَدْخُلْ الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ وَبَطَلَ رَجَعَ مِيرَاثًا (قَوْلُهُ وَالرَّدُّ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ رَدَّ الْوَرَثَةِ لِلْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ فِي الصِّحَّةِ بِدَيْنٍ لِشَخْصٍ وَكَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ. (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ الْإِقْرَارُ الْبَاطِلُ) أَيْ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَا تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ إقْرَارًا بَاطِلًا كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ. (قَوْلُهُ إنْ عَقَدَهَا) أَيْ أَنَّ مَا فِي عَقْدِهَا. (قَوْلُهُ أَوْ قَرَأَهَا) أَيْ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا غَيْرُ خَطِّهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَرَأَهَا عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا) أَيْ أَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَقُلْ إلَخْ أَوْ كَانَتْ خَطَّهُ وَلَمْ يَقُلْ إلَخْ

لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ عَنْهَا وَلَوْ كَتَبَ فِيهَا أَنْفِذُوهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهَا نَفَذَتْ وَعُمِلَ بِهَا. (وَنُدِبَ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِيصَاءِ (تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ) عَلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْبَسْمَلَةَ وَالْحَمْدَلَةَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ ذِكْرُ الشَّهَادَتَيْنِ (وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ) حَيْثُ أَشْهَدَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهُ (وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ وَلَا فَتَحَ) الْكِتَابَ (وَتَنْفُذُ) حِينَئِذٍ (وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ) بِمَعْنَى كِتَابِهَا (عِنْدَهُ) لَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا إلَى أَنْ مَاتَ (وَإِنْ) (شَهِدَا بِمَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ فَلِفُلَانٍ) عَلَى مُقْتَضَى مَا أَخْبَرَهُمَا (ثُمَّ مَاتَ) الْمُوصِي (فَفُتِحَتْ فَإِذَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ) مِنْ الثُّلُثِ (فَلِلْمَسَاكِينِ) (قُسِمَ) الْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ فُلَانٍ الْمُعَيَّنِ وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ نِصْفَيْنِ وَلَمْ تَبْطُلْ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ مَعَ التَّنَافِي؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِهِ لِعَمْرٍو فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ) قَالَ (كَتَبْتهَا) وَوَضَعْتهَا (عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدَّقُوهُ) صُدِّقَ قَوْلُهُ هَذِهِ وَصِيَّتُهُ الَّتِي كَتَبَهَا وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِيهَا لِابْنِهِ فَلَا يَرْجِعُ الشَّرْطُ الْآتِي لِهَذِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَمَرْتُهُ بِكَتْبِهَا فَصَدِّقُوهُ وَعَلَيْهِ فَيُرْجَعُ الشَّرْطُ الْآتِي لِهَذِهِ أَيْضًا (أَوْ) قَالَ (أَوْصَيْته بِثُلُثِي) أَيْ بِتَفْرِقَتِهِ (فَصَدِّقُوهُ يُصَدَّقُ) فِيمَنْ يُنَفِّذُهَا لَهُ (إنْ لَمْ يَقُلْ) فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَا فِي الْأُولَى عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ جَعَلَهَا (لِابْنِي) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِلْأُولَى أَيْضًا حَتَّى عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ إلَخْ أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا إلَخْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ تُفِيدُ نَفْيَ الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَنَفْيُهُ بِنَفْيِهِمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ تَنْفُذْ إذَا انْتَفَى الْأَمْرَانِ أَمَّا إذَا وُجِدَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ بِأَنْ يَقُولَ لِلْوَرَثَةِ أَنْفِذُوهَا أَوْ يَقُولَ اشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ وَصِيَّتِي وَأَمَّا كِتَابَتُهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَنْفِذُوهَا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ فَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ ذَلِكَ وَكِتَابَتِهِ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ عَنْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ كِتَابَتِهَا أَوْ قِرَاءَتِهِ لَهَا لَا يُفِيدُ عَزْمَهُ عَلَيْهَا إذْ قَدْ يَكْتُبُهَا أَوْ يَقْرَؤُهَا غَيْرَ عَازِمٍ بَلْ لِيَتَرَوَّى. (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ بِهَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي مَا إذَا كَانَتْ خَطَّهُ أَوْ غَيْرَ خَطِّهِ وَقَرَأَهَا عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهَا اهـ وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ كَتَبَ تَحْتَهَا أَبْطَلْت وَصِيَّتِي إلَّا كَذَا لَمْ تَنْفُذْ لِكَوْنِهِ بِلَا إشْهَادٍ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِيهِ تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ) أَيْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إذَا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِأَنْ يَكْتُبَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ وَكَذَا إذَا أَوْصَى بِالْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْبَدَاءَةُ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَوْلًا بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ أَلَا اللَّهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ ذَكَرَ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ إنْ كَانَ الْإِيصَاءُ بِالْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ بِالْكِتَابَةِ فَالْمُرَادُ كِتَابَةُ الشَّهَادَتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُوصِيَ إذَا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِخَطِّهِ أَوْ أَمْلَاهَا لِمَنْ كَتَبَهَا وَقَالَ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ وَصِيَّتِي أَوْ عَلَى أَنَّى أَوْصَيْت بِمَا فِيهَا وَلَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ الْقُدُومُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْوَثِيقَةُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الْقُدُومُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ وَصِيَّةُ الْمُوصِي بِأَنْ يَقُولُوا نَحْنُ نَشْهَدُ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ أَيْ الْوَثِيقَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ وَلَا فَتَحَ الْكِتَابَ لَهُمْ وَلَوْ بَقِيَ الْكِتَابُ عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ بِشَرْطِ أَنْ يُشْهِدَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ أَوْ يَقُولَ لَهُمْ أَنْفِذُوهُ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْوَثِيقَةِ مَحْوٌ وَلَا تَغَيُّرٌ وَأَنْ يَعْرِفُوا الْوَثِيقَةَ بِعَيْنِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ حَيْثُ أَشْهَدَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ أَوْ قَالَ اُنْفُذُوهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ إذَا مِتَّ فَاشْهَدُوا بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِي هَذَا أَوْ اُنْفُذُوا مَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِي هَذَا. (قَوْلُهُ وَتَنْفُذُ حِينَئِذٍ) أَيْ وَتَنْفُذُ وَثِيقَتُهُ حِينَ إذْ شَهِدُوا بِمَا فِيهَا. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا بِمَا فِيهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ كِتَابَ الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَ مَطْبُوعًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُوصِي لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِي مِنْ الْوَصَايَا وَأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ ثُلْثِي بَعْدَ الْوَصَايَا الْمَكْتُوبَةِ فِي الْوَثِيقَةِ فَلِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَإِذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَفُتِحَتْ وَثِيقَةُ الْوَصِيَّةِ فَوُجِدَ فِيهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصَايَا فَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ مَثَلًا فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصَايَا يُقْسَمُ بَيْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ كَتَبْتهَا) أَيْ بِخَطِّي. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِيهَا لِابْنِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِيهَا وَصِيَّةٌ لِابْنِ فُلَانٍ الْمَوْضُوعَةُ عِنْدَهُ بِكَثِيرٍ. (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَيْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَتَبْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ أَمَرْت فُلَانًا بِكَتْبِهَا وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ عِنْدَهُ فَصَدَّقُوهُ فَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ هَذِهِ وَصِيَّتُهُ الَّتِي أَمَرَنِي بِكَتْبِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إيصَاءٌ لِابْنِهِ بِكَثِيرٍ، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي مَسْأَلَةِ وَكَتَبْتهَا عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ إلَخْ أَنَّ هَذِهِ وَكُلَّهَا لِغَيْرِهِ وَأَمَرَ بِتَصْدِيقِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ أَوْصَيْته بِثُلُثِي إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِوَرَثَتِهِ أَوْصَيْت فُلَانًا بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِي فَصَدَّقُوهُ فِي مَحِلِّ صَرْفِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَنْ يُنَفِّذُهُ لَهُ إنْ لَمْ يَقُلْ إنَّمَا أَوْصَيْت بِإِعْطَاءِ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرِهِ لِابْنِي فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ وَأَمَّا الْقَلِيلُ وَهُوَ مَا دُونَ نِصْفِ الثُّلُثِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يُصَدَّقُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْأُولَى إلَخْ) لَكِنَّ الْقَوْلَ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ حَقِيقِيٌّ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى فَهُوَ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَرَقَةِ مَكْتُوبًا فِيهَا وَصِيَّتُهُ لِابْنِهِ بِكَثِيرٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطُّ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ جَعَلَهَا) أَيْ جَعَلَ

لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيَّرَ فِيهَا (وَ) (إنْ) (قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ بِأَنْ أَطْلَقَ فَلَفْظُهُ هَذَا (يَعُمُّ) كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى تَزْوِيجَ بَنَاتِهِ الْبَالِغَاتِ بِإِذْنِهِنَّ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ بِشُرُوطِهَا وَلَا جَبْرَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ لَا يَقْتَضِيهِ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ وَإِلَّا فَخِلَافٌ كَمَا قَدَّمَهُ فِي النِّكَاحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ هَذَا فِي الْخِلَافِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) إنْ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ وَصِيٌّ (عَلَى كَذَا) لِشَيْءٍ عَيَّنَهُ فَإِنَّهُ (يُخَصُّ بِهِ) وَلَا يَتَعَدَّاهُ فَإِنْ تَعَدَّاهُ لَمْ يَنْفُذْ (كَوَصِيٍّ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ) فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ فَإِنْ قَدِمَ انْعَزَلَ بِمُجَرَّدِ قُدُومِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ إلَّا لِقَرِينَةٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ اسْتَمَرَّ الْأَوَّلُ وَصِيًّا (أَوْ) قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي (إلَى) أَوْ إلَّا (أَنْ يَتَزَوَّجَ) هُوَ فَهُوَ بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ (زَوْجَتِي) فَلَا حَقَّ لَهُ عُمِلَ بِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ أَيْ قَالَ زَوْجَتِي وَصِيَّتِي إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ. (وَإِنْ) (زَوَّجَ) رَجُلٌ (مُوصِي عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ) بَنَاتِ الْمَيِّتِ بِإِذْنِهِنَّ (صَحَّ) النِّكَاحُ وَلَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً فَلَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ شَرِيفَةً وَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهُنَّ اتِّفَاقًا وَإِلَّا فُسِخَ أَبَدًا وَمَحِلُّ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَجْعَلْ التَّزْوِيجَ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فُسِخَ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ عَلَى الْأَوْلَادِ الْمَحْجُورِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوصِي الْوَصِيَّةَ كُلَّهَا بِالثُّلُثِ لِابْنِي. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيَّرَ فِيهَا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ خَطِّ الْمُوصِي وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا بِخَطِّهِ فَلَا تُهْمَةَ وَتَنْفُذُ حِينَئِذٍ وَلَوْ كَانَ فِيهَا وَصِيَّةٌ لِابْنِهِ بِكَثِيرٍ كَمَا قَالَ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ) أَيْ الْمُوصِي فُلَانٌ وَصِيٌّ فَقَطْ يَعُمُّ هَذَا أَوَّلَ الْكَلَامِ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْوَكَالَةَ كَالْوَصِيَّةِ فَإِذَا قَالَ فُلَانٌ وَكِيلِي فَإِنَّهُ يَعُمُّ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهَذَا هُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إذَا قَصُرَتْ طَالَتْ وَإِنْ طَالَتْ قَصُرْت وَمَشَى الْمُصَنِّفُ فِي الْوَكَالَةِ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إذْ قَالَ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ فَهِيَ عِنْدَهُمْ بَاطِلَةٌ حَتَّى يَعُمَّ أَوْ يَخُصَّ وَكَأَنَّهُمْ لَاحَظُوا أَنَّ الْمُوَكِّلَ حَيٌّ يُمْكِنُهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِخِلَافِ الْمُوصِي اهـ بْن. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ وَتَبَيَّنَ أَنَّ فُلَانًا مَيِّتٌ وَلَهُ وَصِيٌّ فَإِنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ كَانَ وَصِيُّهُ وَصِيًّا وَإِلَّا فَلَا وَبَطَلَتْ كَمَا تَبْطُلُ إنْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ اهـ عج. (قَوْلُهُ حَتَّى تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ الْبَالِغَاتِ بِإِذْنِهِنَّ) أَيْ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَاصِبِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَحَتَّى تَزْوِيجِ صِغَارِ بَنِيهِ. (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهَا) أَيْ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فِي مَالِهَا أَوْ حَالِهَا وَالْمُرَادُ بِالشُّرُوطِ الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ) أَيْ بِالْإِجْبَارِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجُ أَيْ فَلَهُ حِينَئِذٍ جَبْرُهُنَّ سَوَاءٌ كُنَّ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَخِلَافٌ) أَيْ وَإِلَّا يَأْمُرُهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ وَلَا عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجُ فَخِلَافٌ وَالرَّاجِحُ الْجَبْرُ إنْ ذَكَرَ الْبُضْعَ أَوْ النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْأَبُ أَنْتَ وَصِيٌّ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى نِكَاحِهِنَّ أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ أَوْ عَلَى بِنْتِي تَزَوَّجُهَا أَوْ تُزَوِّجُهَا مَنْ أَحْبَبْت وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْجَبْرِ كَمَا إذَا قَالَ وَصِيٌّ عَلَى بَنَاتِي أَوْ عَلَى بَعْضِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى بِنْتِي فُلَانَةَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتَ وَصِيٌّ فَقَطْ أَوْ عَلَى مَالِي أَوْ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِي أَوْ عَلَى قَبْضِ دُيُونِي فَلَا جَبْرَ لَهُ اتِّفَاقًا وَهَذِهِ الصُّورَةُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ فَلَوْ زَوَّجَ جَبْرًا فَاسْتَظْهَرَ عج الْإِمْضَاءُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ وَإِنْ زَوَّجَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ زَوَّجَ مُوصٍ عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ صَحَّ. (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي النِّكَاحِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُبَيِّنُ إجْمَالَ مَا هُنَا بِمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ هَذَا فِي الْخِلَافِ) أَيْ فَقَوْلُهُ يَعُمُّ أَيْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْجَبْرَ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالصَّوَابُ حَذْفُ هَذَا الْكَلَامِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَنْتَ وَصِيٌّ فَلَا جَبْرَ لَهُ اتِّفَاقًا وَإِنَّ هَذِهِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ (قَوْلُهُ كَوَصِيٍّ حَتَّى يُقَدَّمُ فُلَانٌ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَالْعُمُومُ مِنْ حَيْثُ الْمُوصَى بِهِ وَالْخُصُوصُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ أَيْ زَمَنُ قُدُومِ فُلَانٍ فَهَذَا الْفَرْعُ مُشَابِهٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي الْعُمُومِ وَلِلثَّانِيَةِ فِي الْخُصُوصِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ) أَيْ فُلَانٌ الْوَصِيَّةَ. (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ) أَيْ دَالَّةٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَبُولِ فِي الْعَزْلِ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنْتَ وَصِيَّ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ وَيَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ وُجِدَتْ فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا إذَا قَدِمَ وَقَبِلَهَا. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ وَكَذَا إذَا أَوْصَى لَهَا أَوْ لِأُمِّ وَلَدِهِ بِسُكْنَى أَوْ بِغَلَّةٍ إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ أَوْ إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا شَرَطَ فَإِذَا عَقَدَ لَهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَا غَلَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا الْمَاضِي مِنْ الْغَلَّةِ بِزَوَاجِهَا، وَمِثْلُ الْوَصِيَّةِ مَا شَرَطَهُ لَهَا مِنْ غَلَّةٍ وَقْفُهُ إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ أَوْ إلَّا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَلَا فَرَقَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ (قَوْلُهُ وَقَبْضِ دُيُونِهِ) أَيْ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ بِإِذْنِهِنَّ) أَيْ مَعَ وُجُودِ عَاصِبٍ أَوْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً) أَيْ فَالْوَاجِبُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَعْرِضَ الْأَمْرَ عَلَى الْعَصَبَةِ فَإِمَّا أَنْ يَتَوَلَّوْا عَقْدَهَا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ يُوَكِّلُوهُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرِيفَةً) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الصِّحَّةَ هُنَا أَيْ فِي تَزْوِيجِ الْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ مُطْلَقَةٌ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا زَوَّجَ امْرَأَةً بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ مَعَ وُجُودِ عَاصِبِهَا فَإِنَّ الصِّحَّةَ بَعْدَ الْوُقُوعِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ دَنِيئَةً أَوْ شَرِيفَةً وَحَصَلَ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فُسِخَ أَبَدًا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَبَرَهُنَّ فُسِخَ أَبَدًا هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ

عَلَيْهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَبِ أَوْ وَصِيُّهُ دُونَ الْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ (أَبٌ) رَشِيدٌ (أَوْ وَصِيُّهُ) أَيْ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّ وَصِيِّهِ وَلَا كَلَامَ لِمُقَدَّمِ قَاضٍ (كَأُمٍّ) لَهَا أَوْ تُوصِي عَلَى أَوْلَادِهَا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ قَلَّ) الْمَالُ الَّذِي أَوْصَيْت بِسَبَبِهِ كَسِتِّينَ دِينَارًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهَا فِي نِكَاحٍ وَلَا فِي كَثِيرٍ (وَلَا وَلِيَّ) لِلْأَوْلَادِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ إذْ لَا وَصِيَّةَ لَهَا عِنْدَ وُجُودِهِ (وَوَرِثَ) الْمَالَ الْقَلِيلَ أَيْ وَوَرِثَهُ الْأَوْلَاد (عَنْهَا) لَا عَنْ غَيْرِهَا فَلَا كَلَامَ لَهَا فَإِنْ فُقِدَتْ الشُّرُوطُ أَوْ بَعْضُهَا وَأَوْصَتْ فَتَصَرَّفَ وَصِيُّهَا فَتَصَرُّفُهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَلِلصَّبِيِّ إذَا رَشَدَ أَوْ الْحَاكِمُ رَدَّهُ مَا لَمْ يُنْفِقْهُ عَلَيْهِمْ فِي الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَبَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ ضَرُورِيَّةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَلَمْ يُوصِ عَلَيْهِمْ فَتَصَرَّفَ فِي أَمْوَالِهِمْ عَمُّهُمْ أَوْ أَخُوهُمْ الْكَبِيرُ أَوْ جَدُّهُمْ بِالْمَصْلَحَةِ فَهَلْ هَذَا التَّصَرُّفُ مَاضٍ أَوْ لَا، وَلِلصِّغَارِ إذَا رَشَدُوا إبْطَالُهُ ذَكَرَ أَشْيَاخُنَا أَنَّهُ مَاضٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي عَظُمَ فِيهَا جَوْرُ الْحُكَّامِ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ لَهُمْ حَالُ الصِّغَارِ لَاسْتَأْصَلُوا مَالَ الْإِيتَامِ. ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ الْوَصِيِّ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَالْحَصْرُ مُنْصَبٌّ عَلَيْهَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ (لِمُكَلَّفٍ) فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ (مُسْلِمٍ) فَلَا يَصِحُّ لِكَافِرٍ (عَدْلٌ) فِيمَا وُلِّيَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ لِخَائِنٍ أَوْ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ (كَافٍ) أَيْ قَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُوصَى عَلَيْهِ (وَإِنْ) كَانَ الْوَصِيُّ أَعْمَى (وَامْرَأَةً) أَجْنَبِيَّةً أَوْ زَوْجَةً الْمُوصِي أَوْ مُسْتَوْلَدَتَهُ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ (وَ) إنْ (عَبْدًا وَتَصَرَّفَ) الْعَبْدُ حِينَئِذٍ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) أَنْ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعِ سَيِّدِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ رُجُوعٌ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْقَبُولِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ سَيِّدُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَقُبِلَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهَذَا الْمُقَدَّرِ وَحَذْفُ قَوْلِهِ وَتَصَرَّفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّ عج اسْتَظْهَرَ الْإِمْضَاءَ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ دُونَ الْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْإِيصَاءَ خَاصٌّ بِمَنْ ذُكِرَ دُونَ غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُورِثِ عَنْ الْمُوصِي أَوْ عَنْ غَيْرِهِ أَمَّا إنْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِمَا تَبَرَّعَ بِهِ مَنْ شَاءَ نَاظِرًا وَلَوْ كَانَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ دُونَ الْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ مِنْهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُورَثُ عَنْهُمْ أَوْ عَنْ غَيْرِهِمْ كَمَا عَلِمْت اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ أَوْ سَفَهٍ) هُوَ عَدَمُ حُسْنِ تَصَرُّفِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فِي الْمَالِ. (قَوْلُهُ أَبٌ رَشِيدٌ) أَيْ وَأَمَّا الْأَبُ السَّفِيهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ عَلَى وَلَدِهِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ لَهُ الْحَاكِمُ. (قَوْلُهُ أَوْ وَصِيُّهُ) مَحَلُّ كَوْنِ وَصِيِّ الْأَبِ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْأَبُ مِنْ الْإِيصَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَوْصَيْتُك عَلَى أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَك أَنْ تُوصِيَ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ لِوَصِيِّ الْأَبِ حِينَئِذٍ إيصَاءٌ. (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامٌ إلَخْ) أَيْ فِي الْإِيصَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ أَحَدًا يَنْظُرُ فِي شَأْنِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ النَّظَرَ بِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْأَبِ فَلَوْ قَدَّمَ الْقَاضِي نَاظِرًا عَلَى يَتِيمٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ كَانَ لَهُ رَدُّ أَفْعَالِ الْمُقَدَّمِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي كَمَا فِي فَتَاوَى الْبُرْزُلِيُّ. (قَوْلُهُ إنْ قَلَّ الْمَالُ) أَيْ بِالْعُرْفِ فَالْمَنْظُورُ لَهُ الْقِلَّةُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَلسِّتِّينَ دِينَارًا كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ وَوَرِثَ عَنْهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَتْ مَالًا لِأَوْلَادِهَا الصِّغَارِ أَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَيْهِمْ فَلَهَا أَنْ تَجْعَلَ نَاظِرًا عَلَى ذَلِكَ مَنْ شَاءَتْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ لَوْ كَانَ لِلْأَوْلَادِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ الْوَصِيِّ) أَيْ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الْوَصِيِّ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ فِي الْوَصِيِّ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ إقْضَائِهِ وَاشْتُرِطَ فِيهِ الْعَدَالَةُ خَوْفَ أَنْ يَدَّعِيَ غَيْرُ الْعَدْلِ الضَّيَاعَ وَأَمَّا الْوَصِيُّ عَلَى تَفْرِيقِ الثُّلُثِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ بَلْ يَجُوزُ إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِغَيْرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ نَعَمْ لَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أَوْصَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) أَيْ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْمُوصَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِمُكَلَّفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُوصِي لِتَضَمُّنِ يُوصِي مَعْنًى يُسْنِدُ الْوَصِيَّةَ وَإِلَّا فَيُوصِي مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ لِخَائِنٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْعَدَالَةِ الْأَمَانَةُ وَالرِّضَا فِيمَا يَشْرَعُ فِيهِ وَيَفْعَلُهُ بِأَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِمَالِ الصَّبِيِّ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعَدَالَةِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ إنْ أُرِيدَ بِالْعَدَالَةِ عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ أَوْ عَدَالَةَ الرِّوَايَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا غَيْرُهُمَا كَمَا عَلِمْت. (قَوْلُهُ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُوصَى عَلَيْهِ) احْتِرَازًا مِنْ الْعَاجِزِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْمَى) مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ لِمُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ عَبْدًا) شَمَلَ الْقِنَّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَعَبْدَ الْمُوصِي وَعَبْدَ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَتَصَرَّفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَتَصَرَّفَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إنْ وَقَعَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا بُدَّ فِي تَصَرُّفِهِ مِنْ إذْنِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ بِإِذْنِهِ فَلَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ فِي تَصَرُّفِهِ لِإِذْنِهِ فَإِذَا جَعَلَ قَوْلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مُتَعَلِّقًا بِتَصَرُّفٍ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أُوقِعَتْ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ وَقَبِلَ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي قَبُولِهَا. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى التَّصْرِيحُ)

لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَافٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَجَازَ لَهُ الْقَبُولُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. (وَإِنْ) أَوْصَى عَبْدًا لَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ الْأَصَاغِرِ، وَ (أَرَادَ) أَوْلَادَهُ (الْأَكَابِرَ) أَيْ الْكِبَارَ (بِيعَ) عَبْدٌ (مُوصًى) عَلَى الْأَصَاغِرِ (اشْتَرَى) ذَلِكَ الْعَبْدُ (لِلْأَصَاغِرِ) مِنْ الْأَكَابِرِ أَيْ يَشْتَرِي حِصَّةَ الْأَكَابِرِ لَهُمْ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَحْمِلُهَا وَإِلَّا بَاعَ الْأَكَابِرُ حِصَّتَهُمْ خَاصَّةً إلَّا أَنْ يَنْقُصَ ثَمَنُهَا أَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهَا مُفْرَدَةً فَيُبَاعُ الْعَبْدُ جَمِيعُهُ ثُمَّ إنْ أَبْقَاهُ الْمُشْتَرِي وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا بَطَلَتْ (وَطُرُوُّ الْفِسْقِ) عَلَى الْوَصِيِّ (يَعْزِلُهُ) إذْ تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا أَيْ يَكُونُ مُوجِبًا لِعَزْلِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ لَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِهِ فَتَصَرُّفُهُ بَعْدَ طُرُوُّ الْفِسْقِ وَقَبْلَ الْعَزْلِ مَاضٍ (وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِهِمْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَصْلَحَةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَصَرُّفٌ بِلَا مَصْلَحَةٍ (وَلَا) يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ (التَّرِكَةَ) أَوْ شَيْئًا مِنْهَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ (إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ) إذْ لَا تَصَرُّفَ لِلْوَصِيِّ فِي مَالِ الْكَبِيرِ فَإِنْ غَابَ الْكَبِيرُ أَوْ أَبَى مِنْ الْبَيْعِ نَظَرَ الْحَاكِمُ (وَلَا يَقْسِمُ) الْوَصِيُّ (عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ) فَإِنْ قَسَمَ بِلَا حَاكِمٍ نُقِضَتْ وَالْمُشْتَرُونَ الْعَالِمُونَ غُصَّابٌ لَا غَلَّةَ لَهُمْ وَيَضْمَنُونَ حَتَّى السَّمَاوِيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ سَدَادًا فَفِي إمْضَائِهِ قَوْلَانِ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهُ. (وَ) إنْ أَوْصَى (لِاثْنَيْنِ) بِلَفْظٍ وَاحِدٍ كَ جَعَلْتُكُمَا وَصِيِّينَ أَوْ بِلَفْظَيْنِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ زَمَنَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَقَيُّدٍ بِاجْتِمَاعٍ أَوْ افْتِرَاقٍ (حُمِلَ عَلَى) قَصْدِ (التَّعَاوُنِ) فَلَا يَسْتَقْبِلُ أَحَدُهُمَا بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِدُونِ صَاحِبِهِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْهُ أَمَّا إنْ قَيَّدَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ بِلَفْظٍ أَوْ قَرِينَةٍ بِاجْتِمَاعٍ أَوْ انْفِرَادٍ عَمِلَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَجْعَلُوا وَصِيَّتَهُ لِلثَّانِي نَاسِخَةً لِلْأَوَّلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَافٍ) أَيْ لِاسْتِلْزَامِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُوصَى عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِي أُمُورِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْكِبَارُ) الْمُرَادُ بِهِمْ الْبَالِغُونَ. (قَوْلُهُ أَيْ يَشْتَرِي حِصَّةَ الْأَكَابِرِ لَهُمْ) أَيْ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ بِيعَتْ لِغَيْرِ الْأَصَاغِرِ فَهَلْ يُرَدُّ الْبَيْعُ أَوْ لَا قَالَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ يَحْمِلُهَا) أَيْ يَحْمِلُ حِصَّةَ الْكِبَارِ أَيْ يَحْمِلُ قِيمَتَهَا. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ ثَمَنُهَا) أَيْ بِبَيْعِهَا مُفْرَدَةً وَأَبَوْا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يَرْجِعْ وَصِيًّا عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْقَاضِي فَيَجْعَلَهُ مُقَدَّمًا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ وَطُرُوُّ الْفِسْقِ) أَيْ بِمَعْنَى عَدَمِ الْعَدَالَةِ فِيمَا وَلِيَ، وَمِثْلُ طُرُوُّ الْفِسْقِ طُرُوُّ الْعَدَاوَةِ ابْنُ رُشْدٍ يَعْزِلُ الْوَصِيَّ إذَا عَادَى الْمَحْجُورَ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَصِيِّ) فِي بْن وَكَذَلِكَ طُرُوُّهُ عَلَى الْأَبِ يَعْزِلُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَتَاعِ وَلَدِهِ وَالنَّظَرُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ اهـ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ طُرُوَّ الْفِسْقِ كَمَا يُوجِبُ عَزْلَ الْوَصِيِّ يُوجِبُ عَزْلَ الْأَبِ. (قَوْلُهُ أَيْ يَكُونَ مُوجِبًا لِعَزْلِهِ) أَيْ لِعَزْلِ الْحَاكِمِ لَهُ. (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِهِ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ طُرُوُّ الْفِسْقِ لِشَرَفِ مَنْصِبِ الْقَضَاءِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ وَيُرَدُّ الْبَيْعُ إنْ وَقَعَ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا نَهَى عَنْهُ الرَّدُّ وَالْفَسَادُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ الَّذِي أَوْصَاهُ وِصَايَةً مُطْلَقَةً أَوْ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ إلَخْ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَضَرِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي السَّفَرِ فَلَهُ الْبَيْعُ فَفِي ح مَا نَصُّهُ فَرْعٌ لَوْ مَاتَ شَخْصٌ فِي سَفَرٍ فَلِوَصِيِّهِ بَيْعُ مَتَاعِهِ وَعُرُوضِهِ؛ لِأَنَّهُ يَثْقُلُ حَمْلُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِر بَلْ ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي كِتَابِ السَّلَمِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ بِمَوْضِعٍ لَا قَضَاءَ بِهِ وَلَا عُدُولَ وَلَمْ يُوصِ وَاجْتَمَعَ الْمُسَافِرُونَ وَقَدَّمُوا رَجُلًا فَبَاعَ هُنَاكَ تَرِكَتَهُ ثُمَّ قَدِمُوا بَلَدَ الْمَيِّتِ فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ نَقْضَ الْبَيْعِ إذْ لَمْ يَبِعْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَنَّ مَا فَعَلَهُ جَمَاعَةُ الرُّفْقَةِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ جَائِزٌ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا لِعِيسَى بْنِ عَسْكَرٍ وَصَوَّبَ فِعْلَهُ وَأَمْضَاهُ. (قَوْلُهُ إذْ لَا تَصَرُّفَ لِلْوَصِيِّ فِي مَالِ الْكَبِيرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ غَابَ الْكَبِيرُ) أَيْ غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً. (قَوْلُهُ أَوْ أَبَى مِنْ الْبَيْعِ) أَيْ أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَأَبَى مِنْ حُضُورِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَ الْوَصِيَّ بِالْبَيْعِ أَوْ يَأْمُرَ مَنْ يَبِيعُ مَعَهُ لِلْغَائِبِ أَوْ يَقْسِمَ مَا يَنْقَسِمُ فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ وَبَاعَ رُدَّ بَيْعُهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِهِبَةٍ أَوْ صَبْغِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِ غَزْلٍ أَوْ أَكْلِ طَعَامٍ وَكَانَ قَدْ أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَمْضِي وَهُوَ الْمُسْتَحْسَنُ أَوْ لَا يَمْضِي وَهُوَ الْقِيَاسُ قَوْلَانِ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ وَلَا يَقْسِمُ الْوَصِيُّ عَلَى غَائِبٍ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْعَقَارُ مَثَلًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ فَلَا يَجُوزُ لِوَصِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَقْسِمَهُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْكَبِيرِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرُونَ) أَيْ لِلتَّرِكَةِ أَوْ لِبَعْضِهَا الَّتِي بَاعَهَا الْوَصِيُّ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْكَبِيرِ أَوْ وَكِيلِهِ وَمِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ فَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُ التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَا يَقْسِمُ عَلَى غَائِبٍ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ سَدَادًا) أَيْ وَفَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْصَى لِاثْنَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا أَوْصَى وَاحِدًا وَجَعَلَ آخَرَ نَاظِرًا وَمُشْرِفًا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا لِذَلِكَ الْمُشْرِفِ الْمَشُورَةُ وَالنَّظَرُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ السَّدَادِ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ وَلَا نَزْعُ الْمَالِ مِنْهُ كَمَا فِي ح. (قَوْلُهُ فَلَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ تَصَرَّفَ دُونَهُ كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَلَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ سَدَادًا. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ كَتَرْشِيدٍ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجْعَلُوا وَصِيَّتَهُ لِلثَّانِي نَاسِخَةً لِلْأَوَّلِ) بَلْ قَالُوا إنْ قُيِّدَ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ أَوْ انْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّصَرُّفِ عُمِلَ بِذَلِكَ وَإِنْ أُطْلِقَ وَلَمْ يُقَيَّدْ وَلَوْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ عَامَّةً وَكَانَا فِي زَمَنَيْنِ حُمِلَ عَلَى قَصْدِ

(وَإِنْ) (مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا) فِي أَمْرٍ كَبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (فَالْحَاكِمُ) يَنْظُرُ فِيمَا فِيهِ الْأَصْلَحُ هَلْ يُبْقِي الْحَيَّ مِنْهُمَا أَوْ يَجْعَلُ مَعَهُ غَيْرَهُ فِي الْأَوْلَى أَوْ يَرُدُّ فِعْلَ أَحَدِهَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ يَرُدُّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ (وَلَا) يَجُوزُ (لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ) فِي حَيَاتِهِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ (وَلَا) يَجُوزُ (لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ) بَيْنَهُمَا لِيَسْتَقِلَّ كُلٌّ بِقِسْمٍ مِنْهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى حِدَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اقْتَسَمَاهُ (ضَمِنَا) لِمَا تَلِفَ مِنْهُ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ لِلتَّفْرِيطِ فَيَضْمَنُ كُلَّ مَا تَلِفَ مِنْهُ أَوْ مِنْ صَاحِبِهِ لِرَفْعِ يَدِهِ عَمَّا كَانَ يَجِبُ وَضْعُهَا عَلَيْهِ. (وَلِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ) مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (وَتَأْخِيرُهُ بِالنَّظَرِ) فِي الْمَصْلَحَةِ فَقَدْ يَكُونُ التَّأْخِيرُ هُوَ الصَّوَابُ وَاللَّامُ فِي كَلَامِهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ مَثَلًا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَ) لَهُ (النَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ) أَوْ السَّفِيهِ (بِالْمَعْرُوفِ) بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ وَبِحَسَبِ حَالِ الطِّفْلِ مِنْ أَكْلٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْظُرُ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا ذَكَرَ (وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ) وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فَأَكَلَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا بِخِلَافِ لَوْ أَسْرَفَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ (وَعِيدِهِ) فَيُوَسِّعُ عَلَيْهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَأَمَّا مَا يُصْرَفُ لِلَّعَّابِينَ فِي عُرْسِهِ وَخَتْنِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ وَيَضْمَنُهُ الْوَصِيُّ (وَ) لِلْوَصِيِّ (دَفْعُ نَفَقَةٍ لَهُ قُلْت) كَنَفَقَةِ شَهْرٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُتْلِفُهُ فَإِنْ خَافَ إتْلَافَهُ فَنَفَقَةُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ (وَ) لَهُ (إخْرَاجُ) زَكَاةِ (فِطْرَتِهِ) مِنْ مَالِهِ عَنْهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (وَزَكَاتُهُ) الْمَالِيَّةُ مِنْ عَيْنٍ وَحَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعَاوُنِ احْتِيَاطًا لِمَالِ الْيَتِيمِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَكُونُ نَاسِخَةً لِلْأُولَى إذَا أُطْلِقَ وَكَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَامَّةً وَكَانَتَا بِزَمَنَيْنِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْحَاكِمُ) يُرِيدُ إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوصِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا نَظَرَ لَهُ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ أَوْ تَزْوِيجٌ) أَيْ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ كَتَرْشِيدِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَبْقَى الْحَيُّ مِنْهُمَا أَيْ مُسْتَقِلًّا. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِيًّا يَقُومُ بِأَمْرِ الْأَوْلَادِ بَدَلَهُ إذَا مَاتَ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُمَا لَهُمَا مَعًا أَنْ يُوصِيَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَفُهِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ لِأَحَدِهِمَا الْمُفِيدُ أَنَّهُمَا وَصِيَّانِ أَنَّ الْوَصِيَّ الْوَاحِدَ لَهُ الْإِيصَاءُ وَهُوَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ لِصَاحِبِهِ بِقِيَامِهِ مَقَامَهُ إذَا مَاتَ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٌ حِصَّةً مِنْ عِنْدِهِ مِنْ الْمَالِ. (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ كُلَّ مَا تَلِفَ مِنْهُ) أَيْ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْمُوصِيَ أَشْرَكَهُ مَعَ غَيْرِهِ فِي النَّظَرِ فِيهِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِاسْتِقْلَالِهِ وَيَضْمَنُ أَيْضًا كُلَّ مَا تَلِفَ مِنْ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ بِرَفْعِ يَدِهِ عَمَّا كَانَ يَجِبُ وَضْعُهَا عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ ضَمَانِ كُلِّ مَا تَلِفَ مِنْهُ أَوْ مِنْ صَاحِبِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَقَطْ دُونَ مَا هَلَكَ بِيَدِهِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلَانِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٌ يَضْمَن مَا سَلَّمَهُ لِصَاحِبِهِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا تَلِفَ بِيَدِهِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ غَرِيمٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ بِمَا قَبَضَهُ صَاحِبُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَقَدْ يَكُونُ التَّأْخِيرُ هُوَ الصَّوَابُ) أَيْ كَخَوْفِ تَلَفِهِ إنْ اقْتَضَاهُ أَوْ ضَيَاعِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ التَّأْخِيرَ حِينَئِذٍ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَهُوَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْمُوَاطَأَةِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ مَثَلًا) أَيْ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ إلَّا فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَدَفْعُ مَالٍ قِرَاضًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ. (قَوْلُهُ وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ) وَلَيْسَ لِوَارِثِ الطِّفْلِ أَنْ يَنْكَشِفَ عَلَى مَا بِيَدِ الْوَصِيِّ وَيَأْخُذَ وَثِيقَةً بِعِلْمِ عَدَدِهِ عَلَيْهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ إذَا مَاتَ صَارَ الْمَالُ إلَيْهِ فَلَا مُخَاصَمَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْوَصِيِّ وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يَشْهَدَ لِيَتِيمِهِ بِمَالِهِ الْكَائِنِ بِيَدِهِ فَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ لِبَيَانِهِ نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ) فَلَا يُضَيِّقْ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْكَثِيرِ دُونَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَا يُوَسِّعْ عَلَى قَلِيلِهِ. (قَوْلُهُ وَفِي خَتْنِهِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ فِي مُؤْنَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ فَقَيْدُ الْعُرْفِ مُعْتَبَرٌ فِيهِمَا أَيْضًا وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَيُنْظَرُ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا ذَكَرَ أَيْ مِنْ الْأَكْلِ وَالْكِسْوَةِ وَفِي خَتْنِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فَأَكَلَ) أَيْ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ بِدَعْوَةٍ مِنْ الْوَصِيِّ وَإِلَّا كَانَ آثِمًا. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ) أَيْ وَمَنْ أَكَلَ شَيْئًا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ كَذَا قِيلَ وَقِيلَ بِجَوَازِ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّ مَا أَسْرَفَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ضَمَانُهُ مِنْ الْوَصِيِّ بِمُجَرَّدِ إتْلَافِهِ بِالطَّبْخِ فَالْآكِلُ إنَّمَا أَكَلَ مِلْكَ الْوَصِيِّ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ. (قَوْلُهُ وَدَفَعَ نَفَقَتَهُ لَهُ) تَنَازَعَ قَوْلُهُ لَهُ دَفْعٌ وَنَفَقَةٌ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ لَهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَدْفَعُ لِلْمَحْجُورِ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهَا وَأُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي أَقَامَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ يُسَلِّمُ نَفَقَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَهُ فِي يَدِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ نَفَقَةُ أُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ يُدْفَعَانِ إلَيْهِ دُونَ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهَا. (قَوْلُهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ كَزَوْجَتِهِ وَعَبِيدِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ. (قَوْلُهُ وَزَكَاتُهُ إلَخْ) أَيْ لِلْمُوصِي أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَحْجُورِهِ إنْ كَانَ الْوَصِيُّ مَالِكِيًّا كَانَ الْوَلَدُ كَذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ

(وَرَفَعَ) الْمُوصِي (لِلْحَاكِمِ) الَّذِي يَرَى زَكَاةَ الْمَالِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ لِيَحْكُمَ بِإِخْرَاجِهَا فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ خَوْفًا مِنْ رَفْعِ الصَّبِيِّ بَعْدَ رُشْدِهِ لِحَنَفِيٍّ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ وَلِذَا قَالَ (إنْ كَانَ) هُنَاكَ (حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ) يَرَى سُقُوطَهَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمُرَادُ وُجِدَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُخْشَى تَوْلِيَتُهُ (وَ) لَهُ (دَفْعُ مَالِهِ) لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (قِرَاضًا وَبِضَاعَةً) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَهُ عَدَمُ دَفْعِهِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْمِيَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ) لِئَلَّا يُحَابِيَ لِنَفْسِهِ وَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ عَمِلَ الْوَصِيُّ بِهِ مَجَّانًا فَلَا نَهْيَ بَلْ هُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. (وَلَا) يَجُوزُ لَهُ (اشْتِرَاءٌ) لِنَفْسِهِ شَيْئًا (مِنْ التَّرِكَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى الْمُحَابَاةِ أَيْ يُكْرَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ (وَتَعَقَّبَ) أَيْ يَتَعَقَّبُهُ الْحَاكِمُ فِي عَمَلِهِ بِهِ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ اشْتِرَاءً لِنَفْسِهِ (بِالنَّظَرِ) فَيُمْضِي مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْيَتِيمِ وَيَرُدُّ غَيْرَهُ (إلَّا) اشْتِرَاءَهُ (كَحِمَارَيْنِ) مِنْ التَّرِكَةِ (قَلَّ ثَمَنُهُمَا) الَّذِي انْتَهَتْ لَهُ الرَّغَبَاتُ فِيهِمَا كَثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ (وَتَسَوَّقَ بِهِمَا الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ) أَيْ شَهْرًا فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ هَذَا مُرَادُهُ وَذَكَرَ الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ لِسُؤَالٍ وَقَعَ فِيهِ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا انْتَهَتْ إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ بَعْدَ شُهْرَتِهِ لِلْبَيْعِ فِي سُوقِهِ فَيَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ لِلْوَصِيِّ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَصِيِّ (عَزْلُ نَفْسِهِ) مِنْ الْإِيصَاءِ (فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) ؛ لِأَنَّ عَقْدَهَا غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ (وَلَوْ قَبِلَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ قَبِلَ الْإِيصَاءَ مِنْ الْمُوصِي وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولٍ وَفِي جَعْلِهِ عَزْلًا تَسَامُحٌ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ الرَّدُّ وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَصِيُّ حَنَفِيًّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَالِكِيًّا فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْوَصِيِّ لَا بِمَذْهَبِ الطِّفْلِ أَوْ أَبِيهِ. (قَوْلُهُ وَرَفَعَ الْوَصِيُّ) أَيْ إذَا كَانَ مَالِكِيًّا وَقَوْلُهُ لِلْحَاكِمِ الَّذِي يَرَى الزَّكَاةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ أَيْ مُطْلَقًا الْعَيْنُ وَالْمَاشِيَةُ الْمَعْلُوفَةُ وَالْعَامِلَةُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحَرْثُ الْكَائِنُ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ) أَيْ وَكَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ الْيَتِيمِ أَوْ يُخْشَى مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ وُجِدَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُخْشَى تَوْلِيَتُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَلَمْ يُخْشَ تَوْلِيَتُهُ كَبَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَبِلَادِ السُّودَانِ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ. (قَوْلُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَمَلُ الْقِرَاضِ أَوْ شِرَاءُ الْبِضَاعَةِ لَا يَحْتَاجُ لِسَفَرٍ فِي الْبِرِّ أَوْ الْبَحْرِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ تَسْلِيفُهُ لِأَحَدٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْيَتِيمِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا تَسَلُّفُ الْوَصِيِّ نَفْسَهُ فَقَدْ قِيلَ بِالتَّرْخِيصِ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءً اُنْظُرْ ح وَنَصَّ فِيهِ عَلَى مَنْعِ تَسْلِيفِ مَالِ الْيَتِيمِ بِنَفْعٍ كَمَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ دَفْعِ مَالِ الْيَتِيمِ قَرْضًا الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ وَلَوْ بِنَذْرٍ مِنْ الْمُقْتَرِضِ وَلِلْوَصِيِّ الصُّلْحُ بِالنَّظَرِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ وَلَا إبْرَاؤُهُ عَنْهُ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ وَإِنَّمَا يُبْرِئُ عَنْهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَقَوْلُ عَائِشَةَ اتَّجَرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ حَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى النَّدْبِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ لَهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ لِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَمِلَ الْوَصِيُّ بِهِ) أَيْ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً. (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاءُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ بِهِ وَلَا اشْتِرَاءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَ بِالنَّظَرِ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ وَبِقَوْلِهِ وَلَا اشْتِرَاءً مِنْ التَّرِكَةِ فَإِذَا عَمِلَ فِيهِ قِرَاضًا بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْقِرَاضِ مَصْلَحَةٌ لِلْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ يُشْبِهُ الْجُزْءَ فِي قِرَاضِ النَّاسِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ نَظَرَ الْحَاكِمُ فَإِنْ وَجَدَ فِي شِرَائِهِ مَصْلَحَةً لِلْيَتِيمِ بِأَنْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاح كَالْخَرْشَيْ مُرْتَبِطًا بِالثَّانِي فَقَطْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ عَقِبَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَ بِالنَّظَرِ أَيْ فِي قِيمَتِهِ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ التَّرِكَةِ هَلْ تَزِيدُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ فَيَرُدُّهُ أَوَّلًا فَيُمْضِيهِ اهـ وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ يَوْمَ الرَّفْعِ أَوْ الْحُكْمِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ إنَّ التَّعَقُّبَ بِالنَّظَرِ لَيْسَ فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ بَلْ يُرْفَعُ الْمَبِيعُ لِلسُّوقِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَحَدٌ عَلَى الْوَصِيِّ فِيمَا دَفَعَهُ ثَمَنًا فِي السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَخَذَهَا الْوَصِيُّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَإِنْ زَادَ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَهَلْ يَأْخُذُهَا الْوَصِيُّ بِمَا وَقَفَتْ عَلَيْهِ أَوْ حَتَّى يَزِيدَ كَغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ لِسُؤَالٍ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ فَهُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَالْمَدَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّوقِ وَشُهْرَتِهِ لِلْبَيْعِ بِالْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الرَّغَبَاتُ وَلَوْ كَانَ فِي الْحَضَرِ فَقَطْ أَوْ فِي السَّفَرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْمُرَادُ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا اشْتَرَاهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي انْتَهَتْ إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ بِهِ بَعْدَ شُهْرَتِهِ لِبَيْعٍ فِي سُوقِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبَلَ إلَخْ) أَيْ هَذِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ الْإِيصَاءِ بَلْ وَلَوْ قَبِلَهُ وَرَدَّ بِلَوْ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَبِلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَوْ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهَا كَهِبَةِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ اهـ عَدُوِّي. (قَوْلُهُ وَفِي جَعْلِهِ) أَيْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَبُولِ عَزْلًا تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ فَرْعٌ عَنْ تَحَقُّقِ وِصَايَتِهِ وَتَحَقُّقُ ذَلِكَ فَرْعٌ عَنْ قَبُولِهِ الْوِصَايَةَ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ) أَيْ

[باب في الفرائض]

(لَا بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْقَبُولِ وَحَيَاةِ الْمُوصِي بِأَنْ قَبِلَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي أَوْ عَكْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ أَوْصَاهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْقَبُولِ فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبُولٌ كَمَا قَالَ (وَإِنْ أَبَى الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدُ) ؛ لِأَنَّ إبَاءَتَهُ صَيَّرَتْهُ أَجْنَبِيًّا فَقَبُولُهُ بَعْدَهَا يَحْتَاجُ لِإِيصَاءٍ جَدِيدٍ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَصَيَّرَ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لَلْوَصِيّ، وَكَذَا وَصِيُّهُ وَمُقَدَّمٌ الْقَاضِي وَالْكَافِلُ (فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ) إذَا تَنَازَعَ فِيهَا مَعَ الْمَحْجُورِ وَهُوَ فِي حَضَانَتِهِ وَأَشْبَهَ بِيَمِينِهِ أَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَضَانَتِهِ بِأَنْ كَانَ فِي حَضَانَةِ غَيْرُهُ وَتَنَازَعَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ الْقَوْلُ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذًا لَمْ يُشَبِّهْ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ (لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ) لِلْمُوصِي فَقَالَ الْوَصِيُّ مَاتَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَقَالَ الصَّغِيرُ بَلْ سَنَةٍ فَالْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ (و) لَا فِي (دَفْعِ مَالِهِ) إلَيْهِ (بِعَدَدِ بُلُوغِهِ) رَشِيدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] . إذْ الْمُرَادُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَقُولُ مَعْنَاهُ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ مَا لَمْ يَطُلْ كَثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ وَقِيلَ عِشْرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [دَرْسٌ] (بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ) وَيُسَمَّى عِلْمَ الْفَرَائِضِ وَعِلْمَ الْمَوَارِيثِ وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَمِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ، وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ وَغَايَتُهُ إيصَالُ كُلِّ ذِي ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْعَزْلِ الرَّدُّ أَيْ وَلَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ وَإِنْ قَبِلَ. (قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُمَا) هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَأَطَالَ ح الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَطْرَأَ لَهُ عَجْزٌ اهـ خش (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ) أَيْ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ مُقَدَّمًا مِنْ طَرَفِهِ وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ إذَا تَنَازَعَ فِيهَا مَعَ الْمَحْجُورِ) الْأَوْلَى فِيهِ أَيْ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّثَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا) أَيْ فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْمَحْجُورِ فِي حَضَانَتِهِ وَأَنْ يُشَبِّهَ فِيمَا يَدَّعِيهِ وَيَحْلِفُ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِنُ مَلِيئًا أَوْ مُعْدَمًا كَمَا فِي ابْنِ عُمَرَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَظَاهِرُ مَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَبُولُ قَوْلِ الْوَصِيِّ فِي أَصْلِ النَّفَقَةِ وَفِي قَدْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ فِي حَضَانَتِهِ أَوْ لَا وَلِلْجُزُولِيِّ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ فَقِيرَةً وَسَكَتَ لِآخِرِ الْمُدَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلَدَ يَظْهَرُ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ وَالْخَيْرُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَرِينَةٌ مُصَدِّقَةٌ لَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْحَاضِنَةُ غَنِيَّةً فَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ اسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُشَبِّهْ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي حَضَانَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ يُرْجَعُ لِقِلَّةِ النَّفَقَةِ وَكَثْرَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ الَّتِي أَوْجَبَتْ صِدْقَهُ لَمْ تَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ. (قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (قَوْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ دَفَعَ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَوْ وَافَقَهُ الْوَلَدُ وَيَضْمَنُهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لِتَفْرِيطِهِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ الْقَائِلِينَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَنَّ عَدَمَ تَصْدِيقِ الْوَصِيِّ فِي الدَّفْعِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حِيَازَةَ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ وَكَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَاضِرًا سَاكِتًا عَنْ الطَّلَبِ بِلَا مَانِعٍ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ مَا لَمْ يَطُلْ كَثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ عِشْرُونَ هَذَا قَوْل ابْنِ الْمَوَّازِ. 1 - (خَاتِمَةٌ) لِلْوَصِيِّ أَنْ يُرْشِدَ مَحْجُورَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى رُشْدِهِ لَكِنْ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِاتِّصَالِ سَفَهِهِ رُدَّ فِعْلُهُ إلَى الْحَجْرِ لَكِنْ إلَى وَصِيٍّ آخَرَ وَيُعْزَلُ الْأَوَّلُ لَكِنْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا قَالَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَفِي الْبَدْرِ آخِرَ بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ أَوْ الْقَاضِيَ يُرْسِلُ مَنْ يُعْلِمُهُ بِالْمَالِ وَلَا يُرْسِلُهُ إلَيْهِ فَإِنْ جَهِلَ الْقَاضِي وَأَرْسَلَهُ إلَيْهِ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ غَيْرُ الْقَاضِي إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَتَلَفٍ. [بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ] ِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عِلْمٌ) أَيْ قَوَاعِدُ يُعْرَفُ بِهَا وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَلَكَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ مُزَاوَلَةِ الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ: وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ) أَيْ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ أَيْ الَّتِي تَلْحَقُهَا لِذَاتِهَا لَا بِوَاسِطَةِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا كَكَوْنِ نِصْفِهَا لِلزَّوْجِ عِنْدَ عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَكَوْنِ ثَمَنِهَا لِلزَّوْجَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ، وَهَكَذَا وَالْمُرَادُ بِالْبَحْثِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ حَمْلُ تِلْكَ الْعَوَارِضِ عَلَيْهَا فَتَحْصُلُ مَسَائِلُ الْعِلْمِ بِحَيْثُ يُقَالُ التَّرِكَةُ رُبْعُهَا لِلزَّوْجِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَهَكَذَا وَوَصْفُ الْعَوَارِضِ بِالذَّاتِيَّةِ لِلتَّخْصِيصِ مَثَلًا كَوْنُ رُبْعِ التَّرِكَةِ لِلزَّوْجِ أَمْرٌ عَارِضٌ ذَاتِيٌّ لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَحِقَ التَّرِكَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَرِكَةً لَا بِوَاسِطَةِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ حَرْقٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ عَارِضٌ غَرِيبٌ عَنْهَا بِوَاسِطَةِ النَّارِ

حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةُ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزِّيَ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقٍّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِبَيَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَغَايَتُهَا خَمْسَةٌ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْوَارِثِ، وَالْحَصْرُ فِي هَذِهِ وَتَرْتِيبُهَا اسْتِقْرَائِيٌّ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَتَبَّعُوا ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدُوا مَا يَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ لَا عَقْلِيٌّ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَطَرِيقُ الْحَصْرِ أَنْ تَقُولَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِالتَّرِكَةِ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بِالْمَوْتِ وَالثَّابِتُ قَبْلَهُ إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ أَوْ لَا الْأَوَّلُ الْحُقُوقُ الْعَيْنِيَّةُ وَهَذَا الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ وَالثَّابِتُ بِالْمَوْتِ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَثَلَّثَ بِهَا الْمُصَنِّفُ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ مِنْهُ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَبِهَا رَبَّعَ الْمُصَنِّفُ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ لِسَبَبٍ وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَذَكَرَهُ خَامِسًا فَذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (يَخْرُجُ مِنْ) رَأْسِ (تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ وُجُوبًا وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا (حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ) أَيْ ذَاتٍ (كَالْمَرْهُونِ) فِي دَيْنٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِذَاتِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى كَفَنِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ (وَعَبْدٍ) غَيْرِ مَرْهُونٍ (جَنَى) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِجِنَايَتِهِ كَالْمَرْهُونِ فَإِذَا كَانَ مَرْهُونًا فِي دَيْنٍ وَجَنَى تَعَلَّقَ بِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَتُقَدَّمُ الْجِنَايَةُ عَلَى الرَّهْنِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ثَبَتَتْ أَيْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الرَّهْنِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ وَإِنْ فِدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يُرْهَنْ بِمَالِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يُبْحَثُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: حَقٌّ) هَذَا جِنْسٌ يَتَنَاوَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَالْوَلَاءِ وَالْوِلَايَةِ فَإِذَا اشْتَرَى زَيْدٌ سِلْعَةً بِالْخِيَارِ وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِهِ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لِوَارِثِهِ، وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ شَرِكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَبَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِعَمْرٍو وَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ أَخْذِهِ بِهَا انْتَقَلَ الْحَقُّ فِي الشُّفْعَةِ لِوَارِثِهِ، وَإِذَا قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا وَكَانَ بَكْرٌ أَخًا لِعَمْرٍو وَمَاتَ بَكْرٌ انْتَقَلَ الْحَقُّ فِي الْقِصَاصِ لِوَارِثِهِ. وَإِذَا أَعْتَقَ شَخْصٌ عَبْدًا كَانَ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُعْتِقُ انْتَقَلَ الْوَلَاءُ لِوَلَدِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ امْرَأَةٌ لَهَا أَخٌ كَانَ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا فَيُزَوِّجُهَا فَإِنْ مَاتَ الْأَخُ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِابْنِهِ. (قَوْلُهُ: يَقْبَلُ التَّجَزِّيَ) خَرَجَ الْوَلَاءُ وَوِلَايَةُ النِّكَاحِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا لِلتَّجَزِّي. إنْ قُلْتَ الْقِصَاصُ وَالشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَيَجِبُ صِدْقُ تَعْرِيفِهَا عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ لِلتَّجَزِّي قُلْتُ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ إذَا أُرِيدَ بِالتَّجَزِّي الْإِفْرَازُ أَيْ التَّمْيِيزُ بِأَنْ يُقَالَ لِزَيْدٍ هَذَا الْجُزْءُ وَلِعَمْرٍو هَذَا الْجُزْءُ، وَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ بِالتَّجَزِّي أَنْ يُقَالَ لِزَيْدٍ نِصْفُهُ، وَلِهَذَا نِصْفُهُ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ إذْ يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْقِصَاصِ، وَلِعَمْرٍو نِصْفُهُ الْآخَرُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الشُّفْعَةِ وَالْخِيَارِ كَذَا قَالُوا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلَاءَ يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ فَمَا وَجْهُ إخْرَاجِهِ فَتَأَمَّلْ،. (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقٍّ) أَيْ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ لِإِخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِ إلَخْ خَرَّجَ بِهِ الْحُقُوقَ الثَّابِتَةَ بِالشِّرَاءِ وَالْإِيهَابِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا تُسَمَّى تَرِكَةً (قَوْلُهُ: حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ) أَيْ كَالْمَرْهُونِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَقَوْلُهُ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ أَيْ، وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَقَوْلُهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ أَيْ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ، وَهِيَ الدُّيُونُ الْمُرْسَلَةُ أَيْ الْمُطْلَقَةُ عَنْ الرَّهْنِ الْخَالِيَةُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ أَيْ مِنْ الْمَيِّتِ، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَقَوْلُهُ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْوَارِثِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ بَلْ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْحُقُوقُ الْعَيْنِيَّةُ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةُ بِعَيْنِ شَيْءٍ كَالدَّيْنِ الْمُرْتَهَنِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْجِنَايَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ مُقَيَّدًا بِرَهْنٍ يَكُونُ فِي مُقَابَلَتِهِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ ثَالِثًا بِقَوْلِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ (قَوْلُهُ: وَثَلَّثَ بِهَا الْمُصَنِّفُ) صَوَابُهُ وَثَنَّى بِهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَإِمَّا لِغَيْرِهِ لِسَبَبٍ) هَذَا التَّعْبِيرُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ عبق وَإِمَّا لِغَيْرِهِ بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ حَقٌّ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَالْحَقُّ الَّذِي لِغَيْرِهِ بِسَبَبِهِ إنَّمَا هُوَ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا مَرْهُونَةً فِي دَيْنٍ فَتُبَاعُ فِيهِ وَيُدْفَعُ ثَمَنُهَا بِتَمَامِهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى دَيْنِهِ (قَوْلُهُ: حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ عَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى فَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ وَيُبْدَأُ بِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّ الشَّيْءَ الْمَرْهُونَ يُسَلَّمُ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ يُدْفَعُ الْعَبْدُ الْجَانِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ إذَا لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: كَالْمَرْهُونِ) أَيْ الْمَحُوزِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيَدِ أَمِينٍ، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِثَالٌ لِلْعَيْنِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا الْحَقُّ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِذَاتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ أَيْ وَإِنَّمَا بُدِئَ بِالْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَرْهُونِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِذَاتِهِ فَصَارَ أَحَقَّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَرْهُونُ كَفَنَ الْمَيِّتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَا يُكَفَّنُ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ بِجِنَايَتِهِ كَالْمَرْهُونِ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِذَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَرَضِيَ بِبَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ وَقَوْلُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ فَهُوَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ مَالِهِ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فِدَاهُ) أَيْ مُرْتَهِنُهُ بِدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِيهَا وَفِي مَالِهِ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ فَإِنْ رَهَنَ مَعَهُ مَالُهُ كَانَ الْفِدَاءُ فِيهِمَا كَالدَّيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْهَنْ

وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ. اهـ. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ زَكَاةَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ الْحَوْلِ وَدَخَلَ أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ وَهَدْيٌ قُلِّدَ وَضَحِيَّةٌ تَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا (ثُمَّ) بَعْدَ إخْرَاجِ مَا ذَكَرَ يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ) مِنْ كَفَنٍ وَغُسْلٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ وَغَيْرِهَا (بِالْمَعْرُوفِ) بِمَا يُنَاسِبُ مِنْ فَقْرٍ وَغِنًى وَضَمِنَ مَنْ أَسْرَفَ وَكَذَا مُؤَنُ تَجْهِيزِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِرِقٍّ كَمَوْتِ سَيِّدٍ وَعَبْدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى كَفَنٍ وَاحِدٍ كُفِّنَ بِهِ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكُفِّنَ سَيِّدُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ تُقْضَى) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (دُيُونُهُ) الَّتِي لِآدَمِيٍّ كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا ثُمَّ هَدْيُ تَمَتُّعٍ إنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا ثُمَّ زَكَاةُ فِطْرٍ فَرَّطَ فِيهَا وَكَفَّارَاتٌ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا وَلَمْ يُشْهِدْ فَمِنْ الثُّلُثِ وَمِثْلُ كَفَّارَاتٍ أَشْهَدَ بِهَا زَكَاةُ عَيْنٍ حَلَّتْ وَأَوْصَى بِهَا وَزَكَاةُ مَاشِيَةٍ حَلَّتْ وَلَا سَاعِيَ وَلَمْ يُوجَدْ السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا فَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إخْرَاجِهِ قَبْلَ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ فَإِنْ كَانَ سَاعٍ وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيئِهِ اسْتَقْبَلَ الْوَارِثُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ (ثُمَّ) تَخْرُجُ (وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي) أَيْ الْفَاضِلِ عَمَّا تَقَدَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَالِهِ كَانَتْ رَقَبَتُهُ رَهْنًا فِي شَيْئَيْنِ الدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ، وَلَا يَكُونُ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ، وَإِنْ رَهَنَ مَعَهُ مَالَهُ كَانَ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ كَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِإِذْنِهِ) أَيْ، وَإِنْ فِدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَلَيْسَ رَهْنًا فِي الْفِدَاءِ بَلْ فِي الدَّيْنِ فَقَطْ وَالْفِدَاءُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: زَكَاةَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ) أَيْ فَالزَّكَاةُ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ الْحَوْلِ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُمَا أَوَّلًا قَبْلَ الْكَفَنِ وَقَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَرْثُ غَيْرَ مَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَهُ فَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ تَقْدِيمُ رَبِّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ قَالَ بْن وَفِي هَذَا الِاسْتِنَادِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَأَمَّا الْحَبُّ فَالْفُقَرَاءُ شُرَكَاءُ فِي عَيْنِهِ فَلَا مِلْكَ لِلْمَيِّتِ فِي حَظِّهِمْ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ دَيْنُهُ. (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ) أَيْ فَيَبْدَأُ بِعِتْقِهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْكَفَنِ وَعَلَى الدَّيْنِ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَعَلَى الْمِيرَاثِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَلَسِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا قَامَ بَائِعُهَا بِثَمَنِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَجَدَهُ مُفْلِسًا وَحَكَمَ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَخْذِ صَاحِبِهَا لَهَا بِالْفِعْلِ فَيَأْخُذُهَا وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ أَوْ يُجَابُ بِجَعْلِ الْمُفْلِسِ صِفَةً لِصَاحِبِهَا، وَهُوَ الْبَائِعُ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا بَعْدَ فَلَسِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَوَجَدُوا الْمُشْتَرِي قَدْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي الْفَلَسِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ الْمُفْلِسُ وَالْمَيِّتُ هُوَ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَهَدْيٌ قُلِّدَ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا يُقَلَّدُ، وَأَمَّا مَا لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ فَيُنَزَّلُ سَوْقُهَا فِي الْإِحْرَامِ لِلذَّبْحِ مَنْزِلَةَ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا) ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ صَاحِبُهَا قَبْلَ الذَّبْحِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ فِي الْكَفَنِ وَالدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنٍ (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُؤَنُ إلَخْ) أَيْ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ، وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَفَنٍ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ كَفَنٍ (قَوْلُهُ: وَغُسْلٍ) أَيْ أُجْرَةُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُؤَنُ تَجْهِيزِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِرِقٍّ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِرِقٍّ عَمَّنْ كَانَتْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَرَابَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ فِي مَالِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَنَائِزِ، وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ فِي الْمُنْفِقِ الْحَيِّ وَالْمُنْفَقُ عَلَيْهِ مَيِّتٌ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِمَنْ مَاتَ هُوَ وَعَبْدُهُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا) كَانَتْ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالصَّوْمِ وَالظِّهَارِ وَالْقَتْلِ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ مَتَى أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِهَا خَرَجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَوْصَى بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ) أَيْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَفِي الثُّلُثِ، فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ فِي صِحَّتِهِ بِبَقَائِهَا بِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ كَفَّارَاتٍ أَشْهَدَ بِهَا) أَيْ فِي صِحَّتِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: زَكَاةُ عَيْنٍ حَلَّتْ) أَيْ مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا) كَأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَلَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ. (فَائِدَةٌ) يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ، وَلَا بَيْتُ مَالٍ مُنْتَظِمٌ أَنْ يَتَحَيَّلَ عَلَى إخْرَاجِ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي طَاعَةٍ لِلَّهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُشْهِدَ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَاتٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِحَقٍّ وَجَبَ إخْرَاجُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ أَتَى عَلَى

إنْ وَسِعَ الْجَمِيعَ، وَإِلَّا قُدِّمَ مِنْهَا الْآكَدُ فَالْآكَدُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا (ثُمَّ) يَكُونُ (الْبَاقِي لِوَارِثِهِ) فَرْضًا أَوْ تَعْصِيبًا. وَالْوَارِثُونَ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ فَقَطْ الِابْنُ وَابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَأَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ مُطْلَقًا وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ إذَا كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ وَالْعَمُّ الشَّقِيقُ أَوْ لِأَبٍ وَابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ وَكُلُّهُمْ عَصَبَةٌ إلَّا الْأَخَ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَ فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَلَا إرْثَ إلَّا لِثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ الزَّوْجُ وَالِابْنُ وَالْأَبُ. وَالْوَارِثَاتُ مِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ، وَإِنْ نَزَلَ ابْنُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ مُطْلَقًا وَالْأُخْتُ مُطْلَقًا وَالزَّوْجَةُ وَالْمُعْتِقَةُ وَكُلُّهُنَّ ذَوَاتُ فَرْضٍ إلَّا الْمُعْتِقَةَ فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَلَا إرْثَ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ. وَالْفُرُوضُ سِتَّةٌ النِّصْفُ وَالرُّبْعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ فَالنِّصْفُ لِخَمْسَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (مِنْ ذِي النِّصْفِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالزَّوْجُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ وَحَذْفُهَا أَبْيَنُ (الزَّوْجُ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ الْمَيِّتَةِ فَرْعٌ وَارِثٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (وَبِنْتٌ) انْفَرَدَتْ (وَبِنْتُ ابْنٍ) كَذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ (بِنْتٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ تُوجَدْ (شَقِيقَةٌ) مَعَهَا (وَعَصَّبَ كُلًّا) مِنْ النِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (أَخٌ) لَهَا بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ عِنْدَهُمْ لِلْمَيِّتِ (يُسَاوِيهَا) فِي الدَّرَجَةِ احْتِرَازًا عَنْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُعَصِّبُ بَلْ يَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِهَا وَابْنُ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ آخَرَ أَخٌ حُكْمًا لِتَسَاوِيهِمَا دَرَجَةً فَمُرَادُهُ بِالْأَخِ وَلَوْ حُكْمًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ شُمُولِهِ وَمَعْنَى تَعْصِيبِهَا أَنَّهَا تَكُونُ بِهِ عَصَبَةً أَيْ تَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لَا بِالْفَرْضِ (وَ) عَصَّبَ (الْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ) أَيْ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ (الْأُخْرَيَيْنِ) أَيْ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَاَلَّتِي لِلْأَبِ فَالْأُخْتُ تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ تَعْصِيبًا لَا فَرْضًا وَكَذَا مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ فَتَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِهِمَا أَيْ لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ بَلْ تَأْخُذُ الْبَاقِي تَعْصِيبًا إلَّا أَنَّ اصْطِلَاحَهُمْ أَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْجَدِّ عَصَبَةٌ بِالْغَيْرِ كَالْأُخْتِ مَعَ أَخِيهَا، وَأَمَّا الْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ فَعَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ. وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَفَرْضُ أَرْبَعَةٍ وَهُنَّ النِّسْوَةُ ذَوَاتُ النِّصْفِ إذَا تَعَدَّدْنَ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلِتَعَدُّدِهِنَّ) أَيْ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِأَبٍ أَيْ لِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمِيعِهِ بَعْدَ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ نَقَلَهُ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ وَسِعَ الْجَمِيعَ) أَيْ إنْ وَسِعَ ثُلُثُ الْبَاقِي جَمِيعَ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا) أَيْ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَرْضًا أَوْ تَعْصِيبًا) أَيْ بِالْفَرْضِ أَوْ التَّعْصِيبِ أَوْ بِهِمَا فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ (قَوْلُهُ: وَالْأَخُ مُطْلَقًا) أَيْ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ إلَّا لِثَلَاثَةٍ إلَخْ) أَيْ وَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِتُوَافِقَ مُخْرَجَ رُبْعِ الزَّوْجِ وَسُدُسِ الْأَبِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِ الْمُخْرَجَيْنِ فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ رُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَبِ سُدُسُهَا اثْنَانِ وَالْبَاقِي، وَهُوَ سَبْعَةٌ لِلِابْنِ تَعْصِيبًا (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ إلَّا لِلزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ وَمَسْأَلَتُهُنَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِتُوَافِقَ مَخْرَجِ ثُمُنِ الزَّوْجَةِ وَسُدُسِ الْأُمِّ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِ الْمُخْرَجَيْنِ فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْبِنْتِ نِصْفُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ، وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَاحِدٌ تَعْصِيبًا فَإِنْ اجْتَمَعَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَرِثَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ الْأَبَوَانِ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ، وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ) مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِعْرَابِ أَنَّ الْمُبَيِّنَ الزَّوْجُ وَمَا عَتَقَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَيِّنَ قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ أَيْ وَالْبَاقِي لِوَارِثِهِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَالرُّبْعِ إلَخْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ الزَّوْجُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ الزَّوْجُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَوْ أَنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ وَالزَّوْجُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيُجْعَلُ هَذَا إعْرَابًا ثَانِيًا كَانَ أَوْلَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَرْعٌ وَارِثٌ ذَكَرٌ) أَيْ، وَهُوَ ابْنُهَا وَابْنُ ابْنِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ أُنْثَى أَيْ وَهِيَ بِنْتُهَا وَبِنْتُ ابْنِهَا (قَوْلُهُ: وَبِنْتُ ابْنٍ كَذَلِكَ) أَيْ مُنْفَرِدَةٌ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ أَيْ وَإِلَّا كَانَ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ (قَوْلُهُ: مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْأُخْتِ الَّتِي لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا شَقِيقَةٌ كَانَ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ السُّدُسُ فَقَطْ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ عِنْدَهُمْ) أَيْ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ لِلْمَيِّتِ أَيْ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَخٌ لِلْمَيِّتِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَهُمْ أَنَّ نِسْبَةَ الْوَارِثِ مَهْمَا أَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: يُسَاوِيهَا فِي الدَّرَجَةِ) الْأَوْلَى يُسَاوِيهَا فِي الْقُوَّةِ بِأَنْ يَكُونَا شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ لَا فِي الدَّرَجَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لتت إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدَةٍ أَخٌ، وَهُوَ دُونَهَا فِي الدَّرَجَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ احْتِرَازًا عَنْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقَةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ مُسَاوٍ لَهَا فِي الدَّرَجَةِ، وَعَدَمُ مُسَاوَاتِهِ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي الْقُوَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ شُمُولِهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَدَّعِ الْحَصْرَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ كُلًّا مِنْ النِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ لَا يُعَصِّبُهَا إلَّا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا بَلْ ذَكَرَ أَنَّ أَخَاهَا الْمُسَاوِيَ لَهَا يُعَصِّبُهَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ كَمَا يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ عَمِّهَا. (قَوْلُهُ: وَعَصَبَ الْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ الْأُخْرَيَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ وَالْبِنْتَ وَبِنْتَ الِابْنِ يُصَيِّرُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَاَلَّتِي لِلْأَبِ عَصَبَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتَا تَرِثَانِ بِالْفَرْضِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ كَمَا يُعَصِّبُ كُلًّا مِنْهُمَا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا يُعَصِّبُهَا الْجَدُّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ (قَوْلُهُ: فَالْأُخْتُ) سَوَاءٌ كَانَتْ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ تَعْصِيبًا وَقَوْلُهُ

الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (الثُّلُثَانِ) فَرْضًا فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْمَصْدَرَ، وَأَرَادَ اسْمَ الْفَاعِلِ أَيْ الْمُتَعَدِّدُ مِنْهُنَّ، وَأَتَى بِضَمِيرِ جَمْعِ النِّسْوَةِ لِيُخْرِجَ الزَّوْجَ (وَلِلثَّانِيَةِ) أَيْ جِنْسِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ بِنْتُ الِابْنِ أَوْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ (مَعَ الْأُولَى) أَيْ الْبِنْتِ أَوْ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ (السُّدُسُ) تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ (وَإِنْ كَثُرْنَ) أَيْ بَنَاتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ (وَحَجَبَهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ حَجْبَ حِرْمَانٍ وَالْمُرَادُ بِهَا خُصُوصُ بِنْتِ الِابْنِ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ (ابْنٌ فَوْقَهَا) كَبِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ فَإِنَّ ابْنَ الِابْنِ يَسْتَقِلُّ بِالسُّدُسِ وَلَا يُعَصِّبُهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْهَا (وَ) حَجَبَهَا عَنْ السُّدُسِ أَيْضًا (بِنْتَانِ فَوْقَهَا) أَيْ أَعْلَى مِنْهَا كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَكَبِنْتَيْ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ لِاسْتِقْلَالِهِمَا بِالثُّلُثَيْنِ (إلَّا الِابْنَ) مَعَهَا (فِي دَرَجَتِهَا مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ أَخًا لَهَا أَوْ ابْنَ عَمٍّ لَهَا، وَسَوَاءٌ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ كَبِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنٍ أَوْ لَمْ يَفْضُلْ كَبِنْتَيْنِ وَمَنْ ذُكِرَ فَمُعَصِّبٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (أَوْ) كَانَ ابْنُ الِابْنِ (أَسْفَلَ) مِنْهَا بِدَرَجَةٍ (فَمُعَصِّبٌ لَهَا) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّتْ الْبِنْتَانِ بِالثُّلُثَيْنِ وَفَضَلَ الثُّلُثُ وَرِثَهُ ابْنُ ابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ تَعْصِيبًا فَإِنْ كَانَ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ السُّدُسُ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ فَإِنَّ الْأَسْفَلَ مِنْهَا يَأْخُذُ الْبَاقِيَ وَحْدَهُ تَعْصِيبًا. فَعُلِمَ أَنَّ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ - وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ - ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ. أَوَّلُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْهَا فَيَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ. ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لَهَا فَيُعَصِّبَهَا مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ فَيُعَصِّبَ مَنْ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ (وَأُخْتُ الْأَبِ فَأَكْثَرُ مَعَ الشَّقِيقَةِ فَأَكْثَرَ كَذَلِكَ) أَيْ كَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِي بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ فَتَأْخُذُ الَّتِي لِلْأَبِ وَاحِدَةً فَأَكْثَرَ السُّدُسَ مَعَ الشَّقِيقَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الشَّقِيقَةُ فَلَا شَيْءَ لِلَّتِي لِلْأَبِ اتَّحَدَتْ أَوْ تَعَدَّدَتْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخٌ لِأَبٍ وَيَحْجُبُهَا أَيْضًا أَخٌ فَوْقَهَا أَيْ شَقِيقٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ حُكْمَ الْأُخْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ أَوْ الشَّقَائِقِ مُسَاوٍ لِحُكْمِ بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَكَانَ ابْنَ الْأَخِ هُنَا مُخَالِفًا لِابْنِ الِابْنِ هُنَاكَ اسْتَثْنَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنَّهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ (إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأَخُ) لِلْأَبِ أُخْتَهُ دُونَ ابْنِ الْأَخِ فَلَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ الَّتِي هِيَ بِنْتُ الْأَخِ الَّتِي فِي دَرَجَتِهِ إذْ لَيْسَتْ مِنْ الْوَارِثَاتِ بِحَالٍ، وَكَذَا لَا يُعَصِّبُ مَنْ هِيَ فَوْقَهُ الَّتِي هِيَ عَمَّتُهُ وَأُخْتُ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ بَلْ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ دُونَ أُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ شَقِيقَتَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَابْنِ أَخٍ كَانَ لِلشَّقِيقَتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ وَحْدَهُ تَعْصِيبًا دُونَ الَّتِي لِلْأَبِ وَلَيْسَ ابْنُ الْأَخِ بِالْمُعَصِّبِ. مَنْ مَعَهُ أَوْ فَوْقَهُ فِي النَّسَبِ بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُ مَنْ مَعَهُ فَكَانَ يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى. وَأَمَّا الرُّبْعُ وَهُوَ نِصْفُ النِّصْفِ فَفَرْضُ اثْنَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتَأْخُذُ أَيْ الْأُخْتُ مُطْلَقًا مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِهِمَا أَيْ فَرْضِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَعَدِّدُ مِنْهُنَّ) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَصْدُقُ بِغَيْرِ الْمُرَادِ إذْ تَصْدُقُ عَلَى نَحْوِ بِنْتٍ وَأُخْتٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا وَالْأَصْلُ: وَلِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهُنَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ الزَّوْجُ) إذْ لَوْ كَانَ دَاخِلًا لَأَتَى بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الزَّوْجِ مَعْلُومٌ مِنْ اسْتِحَالَةِ تَعَدُّدِ الزَّوْجِ هُنَا (قَوْلُهُ: جِنْسُ الثَّانِيَةِ) أَيْ الصَّادِقُ بِثَانِيَةِ الْأُولَيَيْنِ وَثَانِيَةِ الْأُخْرَيَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْأُولَى) أَيْ مَعَ جِنْسِ الْأُولَى الصَّادِقِ بِأُولَى الْأُولَيَيْنِ وَبِأُولَى الْأُخْرَيَيْنِ وَالدَّاعِي لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِصُورَةِ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَصُورَةِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ، وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى فَجَعَلَ الْمُرَادَ بِالثَّانِيَةِ بِنْتَ الِابْنِ وَبِالْأُولَى الْبِنْتَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَحَجَبَهَا إلَخْ إذْ الْأَصْلُ مُوَافَقَةُ أَوَّلِ الْكَلَامِ لِآخِرِهِ، وَأَيْضًا صُورَةُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ سَيَنُصُّ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ابْنٌ فَوْقَهَا) سَوَاءٌ كَانَ وَلَدَ الصُّلْبِ أَوْ لَا كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَحَجَبَهَا أَيْ بِنْتَ الِابْنِ بِمَعْنَى جِنْسِهَا (قَوْلُهُ: يَسْتَقِلُّ بِالسُّدُسِ) الْأَنْسَبُ يَسْتَقِلُّ بِمَا بَقِيَ عَنْ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَى مِنْهَا) بِمَعْنَى أَقْرَبُ مِنْهَا لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فَضَلَ إلَخْ) الصَّوَابُ عَدَمُ تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلُهُ: وَحَجَبَهَا بِنْتَانِ فَوْقَهَا وَمَتَى كَانَ بِنْتَانِ فَوْقَهَا لَمْ يَفْضُلْ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ فِي تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ عَلَى قَوْلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ أَخًا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْهَا) أَيْ كَبِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا وَسَوَاءٌ كَانَ لَهَا شَيْءٌ فِي الثُّلُثَيْنِ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِيهِمَا شَيْءٌ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ (قَوْلُهُ: فَيُعَصِّبُ مَنْ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ) أَيْ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يُعَصِّبُهَا كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ أَنْزَلَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخٌ لِأَبٍ) أَيْ، وَإِلَّا أَخَذَ الثُّلُثَ مَعَهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْجُبُهَا أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَحْجُبُهَا الْأُخْتَانِ الشَّقِيقَتَانِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ إلَّا وَالْمَعْمُولَةُ لِعَامِلٍ غَيْرِ قَوْلٍ يَجِبُ فَتْحُ هَمْزَتِهَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الفرقان: 20] بِكَسْرِ إنَّ فَلِوُجُودِ لَامِ الِابْتِدَاءِ الْمُبْطِلَةِ لِعَمَلِ إلَّا أَوْ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ أَيْ إلَّا مَقُولًا فِيهِمْ إنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُ مَنْ مَعَهُ فَكَانَ يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْبُنُوَّةِ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْأُخُوَّةِ وَابْنُ الِابْنِ لِلْمَيِّتِ ابْنُ لِلْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أَبِيهِ فَلَمْ تَنْقَطِعْ النِّسْبَةُ وَابْنٌ الْأَخِ لَا يَرِثُ بِأُخُوَّتِهِ لِلْمَيِّتِ بَلْ بِبُنُوَّةِ إخْوَةِ الْمَيِّتِ فَانْقَطَعَتْ النِّسْبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَاتِ الْأَبِ فِي الْأُبُوَّةِ فَلَا

(وَالرُّبْعِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ، وَ (الزَّوْجُ) عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ فَرْضُ الزَّوْجِ (بِفَرْعٍ) أَيْ مَعَ فَرْعٍ لِلْمَيِّتَةِ وَارِثٍ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ زِنًا لِلُحُوقِهِ بِالْأُمِّ (وَزَوْجَةٌ فَأَكْثَرُ) مَعَ عَدَمِ الْفَرْعِ اللَّاحِقِ بِالزَّوْجِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (وَالثُّمُنُ لَهَا أَوْ لَهُنَّ بِفَرْعٍ لَاحِقٍ) بِالزَّوْجِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِاللَّاحِقِ وَلَدُ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ وَمَنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَلَا يُحْجَبُ مِنْ الرُّبْعِ إلَى الثُّمُنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا (وَالثُّلُثَيْنِ لِذِي النِّصْفِ إنْ تَعَدَّدَ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ. وَالْأَقْعَدُ حَذْفُ مَا تَقَدَّمَ مَعَ ذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالثُّلُثَيْنِ هُنَا؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنْ يُذْكَرَ النِّصْفُ فَنِصْفُهُ فَنِصْفُ نِصْفِهِ ثُمَّ يُذْكَرُ الثُّلُثَانِ فَنِصْفُهُمَا فَنِصْفُ نِصْفِهِمَا وَهُوَ السُّدُسُ، وَلَعَلَّهُ لَمَّا لَاحَظَ ذَلِكَ أَعَادَهُ ثَانِيًا لِيَضُمَّ إلَيْهِ بَيَانَ الثُّلُثِ. بِقَوْلِهِ (وَالثُّلُثُ) فَرْضُ اثْنَيْنِ الْأَوَّلُ (الْأُمُّ) عِنْدَ فَقْدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَعَدَمِ اثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ (وَ) الثَّانِي (وَلَدَاهَا فَأَكْثَرُ) أَيْ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ عِنْدَ تَعَدُّدِهِمْ (وَحَجَبَهَا) أَيْ الْأُمَّ (مِنْ الثُّلُثِ لِلسُّدُسِ وَلَدٌ) وَلَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) كَوَلَدِ الِابْنِ أَوْ وَلَدِ ابْنِ الِابْنِ (وَ) حَجَبَهَا لِلسُّدُسِ أَيْضًا (أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ مُطْلَقًا) أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ بَعْضٌ وَبَعْضٌ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا كَانَا مَحْجُوبَيْنِ بِالشَّخْصِ كَمَنْ مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَجَدٍّ لِأَبٍ فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِالْجَدِّ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ لِلسُّدُسِ فَهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ قَاعِدَةِ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا وَلِذَا قَالَ فِي التِّلْمِسَانِيَّةِ: وَفِيهِمْ فِي الْحَجْبِ أَمْرٌ عَجَبٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ حُجِبُوا وَحَجَبُوا، وَأَمَّا الْمَحْجُوبَانِ بِالْوَصْفِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ أَوْ قَتْلٍ فَلَا يَحْجُبَانِ. وَلَمَّا كَانَ الثُّلُثُ فَرْضَ الْأُمِّ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَلَا وَلَدَ ابْنٍ وَلَا مِنْ الْإِخْوَةِ ذُو عَدَدٍ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ الْغَرَّاوَيْنِ كَذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ تَأْخُذْ الثُّلُثَ جَعَلُوا لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِيَصْدُقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا أَخَذَتْ الثُّلُثَ فِي الْجُمْلَةِ فَأَشَارَ لِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي فِي) زَوْجَةٍ مَاتَتْ عَنْ (زَوْجٍ، وَأَبَوَيْنِ) أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْنِ مُخْرَجٌ نَصِيبُ الزَّوْجِ يَبْقَى وَاحِدَةٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ إذْ هِيَ حَظُّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهُوَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَكُونُ سِتَّةً لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَبِ جَدٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعَصِّبُهُنَّ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ مِنْ ذِي النِّصْفِ وَذِي الرُّبْعِ وَقَوْلُهُ الزَّوْجُ وَزَوْجَةٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ أَيْ صَاحِبُ الرُّبْعِ الزَّوْجُ وَزَوْجَةٌ (قَوْلُهُ: لَهَا أَوْ لَهُنَّ) لَمَّا قَابَلَ قَوْلَهُ لَهَا بِقَوْلِهِ لَهُنَّ عُلِمَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا أَوْ لَهُمَا أَوْ لَهُنَّ (قَوْلُهُ: بِفَرْعٍ لَاحِقٍ) أَيْ مَعَ فَرْعٍ لَاحِقٍ وَفِيهِ أَنَّ الْفَرْعَ اللَّاحِقَ بِالزَّوْجِ يَصْدُقُ بِمَنْ قَامَ بِهِ مَانِعُ الْإِرْثِ مِنْ كُفْرٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ قَتْلٍ، وَهُوَ لَا يَحْجُبُ الزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبْعِ لِلثُّمُنِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِوَارِثٍ بَدَلَ لَاحِقٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحَجْبِ الْإِرْثُ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ اللُّحُوقِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّحُوقِ الْإِرْثُ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: وَالثُّلُثَيْنِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ ذِي النِّصْفِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ أَيْ الْفَرْضُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ لِذِي النِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَالثُّلُثِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا مِنْ ذِي النِّصْفِ وَقَوْلُهُ الْأُمُّ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٌ بَيَانٌ لِصَاحِبِ الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ الثُّلُثُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ (قَوْلُهُ: وَوَلَدَاهَا) أَيْ مُطْلَقًا كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ خَنَاثَى أَوْ مُخْتَلِفِينَ (قَوْلُهُ: أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِظَاهِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] . فَلَمْ يَحْجُبْهَا بِالِاثْنَيْنِ وَقَدْ احْتَجَّ عَلَى عُثْمَانَ بِأَنَّ الْأَخَوَيْنِ لَيْسَا إخْوَةً فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَجَبَهَا قَوْمُكَ يَا غُلَامُ أَوْ أَجْمَعَ قَوْمُك عَلَى حَجْبِهَا بِالْأَخَوَيْنِ يَا غُلَامُ. (قَوْلُهُ: أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْإِخْوَةُ أَدْلَوْا لِلْمَيِّتِ بِهَا أَوْ لَا، وَلَا تَحْجُبُ مَنْ أَدْلَى بِهَا عَكْسُ الْقَاعِدَةِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ كُلُّ مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ حَجَبَتْهُ تِلْكَ الْوَاسِطَةُ إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ مِنْهُمْ يَحْجُبُهَا حَجْبَ نُقْصَانٍ، وَهِيَ لَا تَحْجُبُ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَإِنْ أَدْلَوْا بِهَا عَكْسُ الْقَاعِدَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ مَاتَ عَنْ أُمٍّ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ، وَأَخَوَيْنِ مُطْلَقًا فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ لِوُجُودِ الْأَخَوَيْنِ مَعَ حَجْبِهِمَا بِالْأَبِ (قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ الْأَخَوَانِ لِلْأُمِّ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ لِلسُّدُسِ وَلَا يَرِثُونَ يُقَالُ عَلَيْهِ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ بَلْ كَذَلِكَ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ قَدْ يَحْجُبُونَهَا، وَلَا يَرِثُونَ وَذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِمْ) أَيْ الْإِخْوَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ لِأُمٍّ بَلْ الْإِخْوَةُ مُطْلَقًا أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ مُجْتَمَعِينَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ حَيْثُ سَاقَ الْبَيْتَ عَقِبَ تَمْثِيلِهِ بِالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ الْمِثَالُ لَا يُخَصِّصُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَيْسَ فِيهَا مَعَ الْأُمِّ وَلَدٌ لِلْمَيِّتِ، وَلَا وَلَدُ ابْنٍ، وَلَا عَدَدٌ مِنْ إخْوَتِهِ (قَوْلُهُ: تَكُونُ سِتَّةً) أَيْ فَالسِّتَّةُ تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ فَقَوْلُ تت أَصْلُهَا سِتَّةٌ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِتَصْحِيحِهَا إذْ لَيْسَ فِيهَا سُدُسٌ أَصْلِيٌّ لَا لِلْأَبِ، وَلَا لِلْأُمِّ، وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَ الْبَاقِي الَّذِي تَأْخُذُهُ الْأُمُّ سُدُسًا

لَكَانَ لَهَا الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَأَشَارَ لِثَانِيَةِ الْغَرَّاوَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَ) لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي أَيْضًا فِي زَوْجٍ مَاتَ عَنْ (زَوْجَةٍ، وَأَبَوَيْنِ) فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْأَبِ الْبَاقِي هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَنَّ لَهَا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَرًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] . وَنَظَرَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ أَخْذَهَا الثُّلُثَ فِيهِمَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَخَصُّوا عُمُومَ الْآيَةِ بِالْقَوَاعِدِ وَجَعَلُوا لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْقَوَاطِعِ. (وَالسُّدُسُ) فَرْضُ سَبْعَةٍ فَالسُّدُسُ مُبْتَدَأٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا بِالْعَطْفِ عَلَى النِّصْفِ، وَتُقَدَّمُ مِنْ السَّبْعَةِ بِنْتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَالْأُمُّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوْ جَمْعٌ مِنْ الْإِخْوَةِ وَذَكَرَ الْبَاقِيَ بِقَوْلِهِ (لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مُطْلَقًا) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَسَقَطَ) بِسِتَّةٍ (بِابْنِ وَابْنِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَ (وَبِنْتٍ) لِابْنٍ (وَإِنْ سَفَلَتْ) وَبِنْتٍ لِصُلْبٍ بِالْأَوْلَى (وَأَبٍ وَجَدٍّ، وَ) السُّدُسُ (الْأَبُ وَالْأُمُّ) أَيْ فَرْضُهُمَا (مَعَ وَلَدٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ كَوَلَدِ ابْنٍ لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ ابْنَ الِابْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلذَّكَرِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ تَعْصِيبًا وَذِكْرُ الْأُمِّ هُنَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (وَالْجَدَّةُ فَأَكْثَرُ) فَرْضُهَا السُّدُسُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا وَهَكَذَا فَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرِ الْأَبِ لَمْ تَرِثْ (وَأَسْقَطْتَهَا الْأُمُّ مُطْلَقًا) وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ (وَ) أَسْقَطَ (الْأَبُ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِهِ) فَقَطْ (وَ) أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ (الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) الْجَدَّةَ (الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ (اشْتَرَكَتَا) فِي السُّدُسِ كَمَا لَوْ تَسَاوَتَا فِي الرُّتْبَةِ كَأُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ (وَ) السُّدُسُ (أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ) لِلْأَبِ (غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَعَنْ جَدٍّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَدْلَى بِأُنْثَى فَلَا يَرِثُ ثُمَّ إنَّ الْجَدَّ الْوَارِثَ لَهُ فَرْضَانِ السُّدُسُ مَعَ ابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيَرِثُهُ بِالْفَرْضِ الْمَحْضِ، وَالثُّلُثُ إذَا كَانَ مَعَ إخْوَةٍ وَكَانَ الثُّلُثُ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ وَلَوْ قَالَ وَالْجَدُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ كَانَ أَبْيَنَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَدَّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْوَاقِعِ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: لَكَانَ لَهَا الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ بِالْفَرْضِ وَمَعَ الْأَبِ بِالْقِسْمَةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رُبْعٌ (قَوْلُهُ: إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ الثُّلُثَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَأَخَذَتْ اثْنَيْنِ، وَأَخَذَ الْأَبُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ مِنْ سِتَّةٍ فَتَكُونُ قَدْ أَخَذَتْ مِثْلَيْ الْأَبِ، وَلَوْ أَخَذَتْهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ لَأَخَذَتْ أَرْبَعَةً، وَأَخَذَ الْأَبُ خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ لِلْمَيِّتِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: فَالسُّدُسُ مُبْتَدَأٌ) أَيْ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: الْوَاحِدُ إلَخْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَرْضُ الْوَاحِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْعَطْفِ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ وَقَوْلُهُ الْوَاحِدُ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ الْوَاحِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلَتْ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (قَوْلُهُ: أَوْ ابْنُ الِابْنِ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ لِلْمَيِّتِ أَوْ كَانَ الْوَلَدُ ابْنَ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أُنْثَى) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ فَرْضًا (قَوْلُهُ: وَلِلْبِنْتِ) أَيْ بِنْتِ الْمَيِّتِ أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحَجَبَهَا لِلسُّدُسِ وَلَدٌ، وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ: مِنْ جَدَّتَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَهُمَا الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَتْ) أَيْ إنْ أَدْلَتْ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) أَيْ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَيْ أَوْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَدَّاتِ أَرْبَعٌ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ أُمِّهِ، وَإِنْ عَلَتْ، وَهَذَانِ يَرِثَانِ إجْمَاعًا وَأُمُّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهَا، وَهَذِهِ لَا تَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرَيْنِ وَتَرِثُ عِنْدَ زَيْدٍ، وَأُمُّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا، وَهَذِهِ لَا تَرِثُ إجْمَاعًا لِإِدْلَائِهَا بِغَيْرِ وَارِثٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) الْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِلْإِسْقَاطِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: عَنْ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) أَيْ كَأَبِي الْأُمِّ، وَأَبِي أَبِيهَا (قَوْلُهُ: وَعَنْ جَدٍّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) أَيْ كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ (قَوْلُهُ: كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ إلَخْ) ، وَكَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ وَجَدَّةٍ وَجَدٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّ إرْثَ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ مَذْهَبُ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَمَذْهَبُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِلْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ فَأَقَامُوهُ مُقَامَ الْأَبِ وَحَجَبُوا بِهِ الْإِخْوَةَ (قَوْلُهُ: فَأَطْلَقَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ الْجَمْعَ فِي قَوْلِهِ أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَأَحْوَالُ الْجَدِّ خَمْسَةٌ. أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعَ الِابْنِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ وَمَعَ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتَيْنِ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَهُمَا وَمَعَ غَيْرِهِمَا مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ

فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ ذُكِرَ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ أَمْ لَا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ فَلَهُ الْأَفْضَلُ مِنْ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ الْمُقَاسَمَةُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ) وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ (الْخَيْرُ) أَيْ الْأَفْضَلُ (مِنْ) أَحَدِ أَمْرَيْنِ (الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ (أَوْ الْمُقَاسَمَةِ) كَأَنَّهُ أَخٌ مَعَهُمْ فَيُقَاسِمُ إذَا كَانَ الْإِخْوَةُ أَوْ الْأَخَوَاتُ أَقَلَّ مِنْ مِثْلَيْهِ كَأَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ أَخٍ وَأُخْتٍ أَوْ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ، وَأَمَّا مَعَ أَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٍ وَأُخْتَيْنِ فَتَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَإِنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ الْأَخَوَاتُ عَلَى أَرْبَعٍ فَثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ خَيْرٌ لَهُ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الْإِخْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِمْ وَهَذَا مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْأَبُ مِنْ الْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ مُطْلَقًا وَالْجَدُّ لَا يَحْجُبُ إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَقَدْ أَشَارَ إلَى حُكْمِهِمْ مَعَهُ بِقَوْلِهِ (وَعَادَّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (الشَّقِيقُ) الْجَدَّ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ (بِغَيْرِهِ) مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ لِيَمْنَعَهُ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ وَكَذَا يَعُدُّ الشَّقِيقُ عَلَى الْجَدِّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ أَمْ لَا كَمَنْ مَاتَ عَنْ أَخٍ شَقِيقٍ، وَأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَجَدٍّ فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ لِزِيَادَةِ الْإِخْوَةِ عَنْ مِثْلَيْهِ. وَلِلشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) إذَا أَخَذَ الشَّقِيقُ نَصِيبَهُ (رَجَعَ) عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ فَيَأْخُذُ مَا صَارَ لَهُ بِالْمُعَادَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ الَّذِي لِلْأَبِ وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ لِلْجَدِّ قَوْلَهُ (كَالشَّقِيقَةِ) تَعُدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَيْهِمْ (بِمَالِهَا) وَهُوَ النِّصْفُ لِلْوَاحِدَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلْأَكْثَرِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ) وَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْأَخِ وَالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ فَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنْ يَعُدَّ الشَّقِيقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى الْجَدِّ جِنْسَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثُمَّ بَعْدَ عَدِّهِمْ يَسْقُطُ الَّذِي لِلْأَبِ بِالشَّقِيقِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ كَأُمٍّ أَوْ زَوْجَةٍ أَمْ لَا. وَإِذَا كَانَ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ فَلَهُ الْأَفْضَلُ بَعْدَ أَخْذِ صَاحِبِ الْفَرْضِ فَرْضَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ السُّدُسِ وَالْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثِ الْبَاقِي، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْجَدِّ (مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ بَعْدَ أَخْذِ صَاحِبِ الْفَرْضِ فَرْضَهُ الْأَفْضَلَ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (السُّدُسُ) مِنْ أَصْلِ الْفَرِيضَةِ كَبِنْتَيْنِ وَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ، وَأَخٍ فَأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِضَرْبِ مُخْرَجِ الثُّلُثِ فِي مُخْرَجِ الثُّمُنِ لِلْبِنْتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ فَلَوْ قَاسَمَ فِيهَا الْأَخَ أَخَذَ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا وَلَوْ أَخَذَ ثُلُثَهَا أَخَذَ وَاحِدًا وَثُلُثَيْ وَاحِدٍ فَسُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ خَيْرٌ لَهُ مِنْهُمَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَفْضُلُ وَاحِدٌ لِلْأَخِ أَوْ الْأَكْثَرُ (أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي) كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَعَشَرَةِ إخْوَةٍ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلُثُهَا خَمْسَةٌ وَهِيَ خَيْرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونَ مَعَ الْإِخْوَةِ لِغَيْرِ أُمٍّ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِخْوَةِ وَذَوِي الْفُرُوضِ، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِمَا هُنَا. الْخَامِسَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ وَلَدٌ، وَلَا إخْوَةٌ فَلَهُ الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ بِالتَّعْصِيبِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ فَقَطْ أَوْ ابْنٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ فَلَهُ السُّدُسُ فَرْضًا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بِنْتٌ أَوْ بِنْتَانِ فَقَطْ أَوْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ كَانَ لَهُ السُّدُسُ فَرْضًا، وَإِنْ تَبَقَّى لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ فَرْضِ مَنْ مَعَهُ أَخَذَهُ تَعْصِيبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَلَا مِنْ الْإِخْوَةِ أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ تَعْصِيبًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَإِلَّا أَخَذَ مَا فَضَلَ عَنْهُ تَعْصِيبًا فَهُوَ كَالْأَبِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ) أَيْ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْإِرْثُ مُنْحَصِرًا فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الْإِخْوَةِ إلَخْ) فَإِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ عَنْ جَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ لِلْجَدِّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ وَمُخْرَجُ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا أَخَذَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْهَا وَهُوَ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ، وَيُبَايِنُ عَدَدَهُمْ فَتُضْرَبُ عَدَدُ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِتِسْعَةٍ يَأْخُذُ الْجَدُّ ثُلُثَهَا ثَلَاثَةً، وَالْبَاقِي سِتَّةٌ عَلَى الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ كُلُّ وَاحِدٍ اثْنَانِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ إرْثُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ الْخَيْرُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَى حُكْمِهِمْ) أَيْ إلَى حُكْمِ اجْتِمَاعِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَعَادَّ) أَيْ حُسِبَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُفَاعَلَةِ؛ لِأَنَّ الْأَشِقَّاءَ يَعُدُّونَ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ، وَهُوَ يَعُدُّ عَلَيْهِمْ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِالْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْ الْجَدِّ عَدٌّ أَيْضًا فِي الْجُمْلَةِ كَذَا قِيلَ وَقِيلَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُفَاعَلَةِ؛ لِأَنَّ الْأَشِقَّاءَ يَعُدُّونَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ عَلَى الْجَدِّ، وَهُوَ يُسْقِطُ عَدَدَهُمْ وَيَعُدُّ الشَّقَائِقَ خَاصَّةً فَحَصَلَ مِنْهُ عَدٌّ لَكِنْ لِلشَّقِيقِ دُونَ مَنْ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ أَمْ لَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ مَسْأَلَةَ الْمُعَادَّةَ عَنْ قَوْلِهِ، وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَّةَ تَجْرِي فِي الْوَجْهَيْنِ أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَفَرَّدَ زَيْدٌ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ بِمُعَادَّتِهِ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ، وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأَبِ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِهِمْ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ قَالَ وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِك. (قَوْلُهُ: مَا صَارَ لَهُ) أَيْ مَا صَارَ لِلَّذِي لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: السُّدُسُ) أَيْ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) أَيْ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفُرَّاضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ عِنْدَهُمْ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَمَا بَقِيَ فَهِيَ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَيَقُولُونَ إنَّ

لَهُ مِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ الْمُقَاسَمَةِ لِعَشَرَةِ إخْوَةٍ إذْ يَصِيرُ لَهُ بِهَا سَهْمٌ، وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سَهْمٍ. (أَوْ الْمُقَاسَمَةُ) كَجَدَّةٍ وَجَدٍّ، وَأَخٍ مِنْ سِتَّةٍ سُدُسُهَا وَاحِدٌ، وَثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ فَمُقَاسَمَةُ الْأَخِ بِأَنْ يَأْخُذَ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا خَيْرٌ لَهُ مِنْهُمَا فَيَتَعَيَّنُ لَهُ فَيُضْرَبُ مُخْرَجُ النِّصْفِ فِي السِّتَّةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَفِي بِنْتَيْنِ وَجَدٍّ، وَأَخٍ فَتَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَالسُّدُسُ، وَأَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَفِي أُمٍّ وَجَدٍّ، وَأَخَوَيْنِ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَفِي زَوْجٍ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ يَسْتَوِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَالسُّدُسُ وَفِي زَوْجٍ وَجَدٍّ، وَأَخَوَيْنِ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْ الِاثْنَيْنِ مِنْهَا (وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْجَدِّ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ بَلْ إنْ انْفَرَدَتْ مَعَهُ عَصَّبَهَا، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ أَوْ الْإِخْوَةِ فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا تَقَدَّمَ (إلَّا فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأَكْدَرِيَّةِ وَالْغَرَّاءِ) الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ (زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ) ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ فَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمْ سِتَّةٌ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا وَاحِدٌ، وَإِنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْإِخْوَةَ أَخَذَ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَإِنْ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ أَخَذَ سَهْمًا وَاحِدًا، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي أَخَذَ وَاحِدًا وَثُلُثَيْنِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ لَكِنْ الْخَمْسَةُ لَا ثُلُثَ لَهَا صَحِيحٌ فَتَضْرِبُ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي سِتَّةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: كَجَدَّةٍ إلَخْ) أَيْ، وَكَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ إنْ أَخَذَ الْجَدُّ سُدُسَهَا كَانَ لَهُ ثُلُثَانِ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي كَانَ لَهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ قَاسَمَ الْأَخَ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَلَا نِصْفَ لَهَا صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ النِّصْفِ اثْنَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ، وَلِلْجَدِّ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَخِ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ صُوَرِ الْمُقَاسَمَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ مَا لَوْ تَرَكَ أُمًّا وَأُخْتًا وَجَدًّا أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَأْخُذُ الْأُمُّ ثُلُثَهَا، وَمُقَاسَمَةُ الْجَدِّ الْأُخْتَ خَيْرٌ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثَا مَا بَقِيَ، وَلِلْأُخْتِ ثُلُثُهُ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تِسْعَةٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بِالْخَرْقَاءِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِذَلِكَ تُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْخَمْسِيَّةِ، وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَبَيَانُ مَذَاهِبِهِمْ فِي الْمُطَوَّلَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفَرَائِضِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْمَعْمُولِ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ. اهـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ مُخْرَجُ فَرْضِ ثُلُثَيْ الْبِنْتَيْنِ: لِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَا الثَّلَاثَةِ يَبْقَى مِنْهَا وَاحِدٌ إنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَ أَخَذَ نِصْفَهُ، وَإِنْ أَخَذَ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ أَخَذَ نِصْفَهُ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي أَخَذَ ثُلُثَهُ فَالْمُقَاسَمَةُ أَوْ سُدُسُ الْمَالِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَالْوَاحِدُ لَا نِصْفَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ النِّصْفِ اثْنَانِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٍ فَالْحَاصِلُ سِتَّةٌ وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَاهَا أَرْبَعَةٌ يَبْقَى اثْنَانِ لِكُلٍّ مِنْ الْجَدِّ وَالْأَخِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا سِتَّةٌ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ إنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَوَيْنِ أَخَذَ وَاحِدًا وَثُلُثَيْنِ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي كَانَ لَهُ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ، وَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ سُدُسِ الْمَالِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي لَا ثُلُثَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) جَعْلُهُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ تَصْحِيحًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: يَسْتَوِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَالسُّدُسُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ اثْنَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ إنْ أَخَذَ الْجَدُّ ثُلُثَ الْبَاقِي أَوْ سُدُسَ الْمَالِ كَانَ لَهُ ثُلُثٌ، وَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَاسَمَ أَخَذَ رُبْعًا وَالْوَاحِدُ لَا ثُلُثَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا، وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ السُّدُسُ وَاحِدٌ يَبْقَى اثْنَانِ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُهَا اضْرِبْ عَدَدَ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ السِّتَّةِ فِي ثَلَاثَةٍ عَدَدِ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ بِتِسْعَةٍ، وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ، وَلِلْإِخْوَةِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ اثْنَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ إنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَوَيْنِ أَخَذَ ثُلُثَهُ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي أَخَذَ ثُلُثَهُ، وَإِنْ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ أَخَذَ ثُلُثَهُ، وَالْوَاحِدُ لَا ثُلُثَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي اثْنَيْنِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْجَدِّ وَالْأَخَوَيْنِ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِخْوَةِ) أَيْ أَوْ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْإِخْوَةِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَفْضَلَ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ وَثُلُثِ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَالْأَفْضَلُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْمَالِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَالْغَرَّاءِ) لُقِّبَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالْأَكْدَرِيَّةِ؛ لِأَنَّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ طَرَحَهَا عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَكْدَرَ كَانَ يُحْسِنُ الْفَرَائِضَ فَأَخْطَأَ فِيهَا وَسَمَّيْت بِالْغَرَّاءِ لِشُهْرَتِهَا فِي الْفَرَائِضِ كَغُرَّةِ الْفَرَسِ (قَوْلُهُ: الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْقِطْ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَكْدَرِيَّةَ غَرَّاءُ وَغَيْرُ غَرَّاءَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَصْفِ التَّخْصِيصُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ كَاشِفًا

الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ نِصْفُهَا وَلِلْأُمِّ ثُلُثُهَا اثْنَانِ يَبْقَى وَاحِدٌ لِلْجَدِّ، وَهُوَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ بِحَالٍ، وَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ الْأُخْتِ بِحَالٍ (فَيُفْرَضُ) النِّصْفُ (لَهَا، وَ) السُّدُسُ (لَهُ) فَقَدْ عَالَتْ بِفَرْضِ النِّصْفِ إلَى تِسْعَةٍ (ثُمَّ) يُجْمَعُ نَصِيبُهَا وَنَصِيبُ الْجَدِّ وَهُمَا أَرْبَعَةٌ، وَ (يُقَاسِمُهَا) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْجَدَّ يُعَصِّبُ الْأُخْتَ كَالْأَخِ وَالْأَرْبَعَةُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَلَا تُوَافِقُ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةُ عَدَدُ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهَا سِهَامُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا تَبْلُغُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ يَأْخُذُ الْجَدُّ ثَمَانِيَةً وَالْأُخْتُ أَرْبَعَةً وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أُخْتٌ عَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ أُخْتَانِ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ السُّدُسَ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ لَهُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ الْبَاقِي لِحَجْبِ الْأُمِّ لِلسُّدُسِ بِعَدَدِ الْإِخْوَةِ (وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا) أَيْ الْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ (أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ) اثْنَانِ فَأَكْثَرَ (سَقَطَ) الْأَخُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَهُ لَوْ كُنْتَ دُونِي لَمْ تَرِثْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ يَأْخُذُهُ أَوْلَادُ الْأُمِّ، وَأَنَا أَحْجُبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَيَأْخُذُ الْجَدُّ حِينَئِذٍ الثُّلُثَ وَحْدَهُ كَامِلًا وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالْمَالِكِيَّةِ، وَقَالَ زَيْدٌ لِلْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسُ قِيلَ وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا إلَّا فِي هَذِهِ لَا يُقَالُ الْأَخُ لِلْأَبِ هُنَا سَاقِطٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِذِكْرِهِمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَكَرَهُمْ لِتَكُونَ هِيَ الْمَالِكِيَّةَ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَةِ زَيْدٍ فِيهَا، وَأَمَّا شِبْهُ الْمَالِكِيَّةِ فَالْأَخُ فِيهَا شَقِيقٌ، وَهُوَ سَاقِطٌ أَيْضًا فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لِأَبٍ لَشَمَلَهَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ شِبْهَ الْمَالِكِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمَالِكٍ فِيهَا، وَإِنَّمَا أَلْحَقَهَا الْأَصْحَابُ بِالْمَالِكِيَّةِ. وَلَمَّا ذَكَرَ مِنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ أَعْقَبَهُ بِمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَبِمَنْ يَرِثُ بِهِ تَارَةً وَبِالْفَرْضِ أُخْرَى وَبِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَشَرَعَ فِي بَيَانِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَادِئًا بِتَعْرِيفِ الْعَاصِبِ فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَلِعَاصِبٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِوَارِثِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ لِتَفْسِيرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَالْعَاصِبُ مِنْ الْعُصُوبَةِ وَهِيَ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ وَعَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِثَ الْمَالَ) كُلَّهُ إذَا انْفَرَدَ (أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْفَرْضِ) وَقَدْ يَسْقُطُ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ كَمَا فِي بِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ فَقَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي أَيْ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ، وَإِلَّا سَقَطَ وَشَمَلَ تَعْرِيفُهُ الْمُعْتِقَ وَبَيْتَ الْمَالِ بِخِلَافِ مَنْ ضَبَطَهُ بِأَنَّهُ كُلُّ ذَكَرٍ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ لَا بِوَاسِطَةِ أُنْثَى فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ ابْنَ الْمُعْتِقَةِ وَنَحْوَهُ وَلَا بَيْتَ الْمَالِ إلَّا بِتَسَمُّحٍ وَكَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْعَاصِبِ بِنَفْسِهِ لَا الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَلَا مَعَ غَيْرِهِ إذْ الْعُصُوبَةُ فِيهِمَا طَارِئَةٌ لَا أَصْلِيَّةٌ وَالْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ هُوَ النِّسْوَةُ الْأَرْبَعَةُ ذَوَاتُ النِّصْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهَا نِصْفًا وَثُلُثًا وَمُخْرَجُهُمَا مُتَبَايِنَانِ (قَوْلُهُ: يَأْخُذُ الْجَدُّ ثَمَانِيَةً وَالْأُخْتُ أَرْبَعَةً) وَبِهَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ أَرْبَعَةٌ وَرِثُوا مَيِّتَةً، وَأَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ الْمَالِ وَانْصَرَفَ، وَأَخَذَ الثَّانِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَانْصَرَفَ، وَأَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَانْصَرَفَ، وَأَخَذَ الرَّابِعُ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ: وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ) الْحَاصِلُ أَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا سُدُسًا لِلْأُمِّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ السُّدُسُ، وَلَا يُعَالُ لَهُمَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ لَهُمَا مِنْ الْمَالِ بَقِيَّةٌ وَتَنْقَسِمُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَهُنَا إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ إذَا أَخَذْنَ السُّدُسَ فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ يَأْخُذْنَهُ لَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا؛ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَلَا تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يُعَصِّبُهُمَا هُنَا إذْ هُوَ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَصَاحِبُ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِنْتًا مَعَ أُخْتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ عَلَى أَنْ أَخْذَهُمَا لَهُ لَوْ كَانَ تَعْصِيبًا فَيُشْكِلُ فِيمَا إذَا زَادَ عَدَدُ الْأَخَوَاتِ عَلَى اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا) أَيْ بَدَلُهَا أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ أَيْ بِأَنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ، وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي لِلْجَدِّ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ لِلْأَبِ. (تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُقُوطِ الْأَخِ لِلْأَبِ بِالْجَدِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ح هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ أَنْ يَرِثُوا مَعَ الْجَدِّ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُ أَنْتَ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمِيرَاثِ إلَّا إذَا شَارَكْنَاك فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا) أَيْ وَحْدَهُ وَمَا سَبَقَ فِي الْجَدَّةِ أُمِّ الْجَدِّ فَالْمُخَالَفَةُ لِزَيْدٍ وَغَيْرِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَوْلُ زَيْدٍ بِتَوْرِيثِهَا كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ حِكَايَةَ هَذَا الْقَوْلِ بِقِيلَ يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ تَأْخُذُ الْأُمُّ الثُّلُثَ وَالزَّوْجُ النِّصْفَ وَالْبَاقِي سُدُسٌ يَأْخُذُهُ الْجَدُّ فَرْضًا، وَلَا يُعَالُ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّهُ عَاصِبٌ فَيَسْقُطُ لِاسْتِغْرَاقِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ قَوْلُهُ: فَمَا «أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ» أَيْ فَمَا أَبْقَتْهُ الْوَرَثَةُ زَائِدًا عَلَى فُرُوضِهِمْ قَوْلُهُ: «فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» أَيْ فَلِأَقْرَبِ رَجُلٍ ذَكَرٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَاصِبُ وَفَائِدَةُ وَصْفِ الرَّجُلِ بِالذَّكَرِ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَهُوَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ وَالتَّرْجِيحُ عَلَى الْأُنْثَى، وَلِذَا جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يَشْمَلُ ابْنَ الْمُعْتَقَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أُنْثَى

إذَا اجْتَمَعَ كُلٌّ مَعَ أَخِيهِ وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ هُوَ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ أَوْ لِأَبٍ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَإِذَا قِيلَ عَاصِبٌ بِغَيْرِهِ فَالْغَيْرُ عَاصِبٌ، وَإِذَا قِيلَ عَاصِبٌ مَعَ غَيْرِهِ فَالْغَيْرُ لَيْسَ بِعَاصِبٍ. وَلَمَّا بَيَّنَ الْعَاصِبَ بِالْحَدِّ بَيَّنَهُ بِالْعَدِّ فَقَالَ (وَهُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ) ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الِابْنِ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ، وَأَشَارَ بِثُمَّ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ إلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا مُؤَخَّرٌ فِي الرُّتْبَةِ عَمَّا قَبْلَهَا وَلَا يَرِثُ مَعَ الِابْنِ أَوْ ابْنِ الِابْنِ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ إلَّا الْأَبُ فَلَهُ مَعَهُ السُّدُسُ، وَإِلَّا الْأُمَّ أَوْ الْجَدَّةَ، وَإِلَّا الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ (وَعَصَّبَ كُلٌّ) مِنْ الِابْنِ أَوْ ابْنِهِ (أُخْتَهُ) وَلَوْ حُكْمًا كَابْنِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ عَمِّهِ الْمُسَاوِيَةِ لَهُ فِي الرُّتْبَةِ فَإِنَّهُ أَخُوهَا حُكْمًا وَكَذَا يُعَصِّبُ ابْنُ الِابْنِ النَّازِلُ بِنْتَ الِابْنِ الْأَعْلَى مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ فِي الثُّلُثَيْنِ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَلَوْلَا هُوَ لَمْ تَرِثْ بِنْتُ الِابْنِ شَيْئًا كَمَا تَقَدَّمَ وَتُسَمَّى الْبِنْتُ أَوْ بِنْتُ الِابْنِ حِينَئِذٍ عَصَبَةً بِالْغَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ الْأَبُ) عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ أَوْ ابْنِهِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَيَرِثُ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ. (ثُمَّ الْجَدُّ) ، وَإِنْ عَلَا فِي حَالِ عَدَمِ الْأَبِ وَيَحْجُبُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ (وَالْإِخْوَةُ) وَعَطَفَهُمْ بِالْوَاوِ عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمْ فِي رُتْبَتِهِ وَلَمَّا كَانَ يُوهِمُ التَّسَاوِيَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قَالَ (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ. وَلَمَّا كَانَ لِلْإِخْوَةِ رُتْبَتَانِ أَبْدَلَ مِنْهُمْ لِبَيَانِ التَّفْصِيلِ قَوْلَهُ (الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَبُ) عِنْدَ عَدَمِ الشَّقِيقِ فَقَوْلُهُ (وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لَيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا) فِي (الْحِمَارِيَّةِ) نِسْبَةٌ لِلْحِمَارِ (وَالْمُشْتَرَكَةِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ وَتُسَمَّى أَيْضًا الْحَجَرِيَّةَ وَالْيَمِّيَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَيْ الْبَحْرِ وَسُمِّيَتْ مُشْتَرَكَةً لِمُشَارَكَةِ الشَّقِيقِ فِيهَا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ أَيْ فَلَيْسَ الْأَخُ لِلْأَبِ فِي الْحِمَارِيَّةِ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ بَلْ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ عَاصِبٌ، وَالشَّقِيقُ فِيهَا وَرِثَ بِالْفَرْضِ تَبَعًا لِلْإِخْوَةِ لِأُمِّهِ، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ) بَدَلُهَا (وَأَخَوَانِ) فَصَاعِدًا (لِأُمٍّ) لِيَكُونَ لَهُمَا الثُّلُثُ فَلَوْ انْفَرَدَ الْأَخُ لِلْأُمِّ لَأَخَذَ السُّدُسَ وَالْبَاقِي لِلْعَاصِبِ (وَشَقِيقٌ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَشِقَّاءِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ هُمَا أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ (فَيُشَارِكُونَ) أَيْ الْأَشِقَّاءُ (الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ) فِي الثُّلُثِ (الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) بِلَا مُفَاضَلَةٍ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِقِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ عُمَرُ فِي ثَانِي عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ بَعْدَ أَنْ قَضَى فِيهَا أَوَّلَ عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ بِأَنْ لَا شَيْءَ لِلْأَشِقَّاءِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ مِنْ سُقُوطِ الْعَاصِبِ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ فَقَالَ لَهُ الشَّقِيقُ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ قَائِلُهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فَقَضَى عُمَرُ بِالشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ فَلَوْ كَانَ مَكَانَ الشَّقِيقِ شَقِيقَةٌ فَقَطْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً وَعِيلَ لَهَا بِالنِّصْفِ فَتَبْلُغُ تِسْعَةً بِالْعَوْلِ وَلَوْ كَانَ شَقِيقَتَانِ لَعِيلَ لَهُمَا بِالثُّلُثَيْنِ فَتَبْلُغُ عَشَرَةً، وَهِيَ غَايَةُ عَوْلِ السِّتَّةِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا جَدٌّ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إذْ اجْتَمَعَ كُلٌّ مَعَ أَخِيهِ) أَيْ، وَلَوْ حُكْمًا فَدَخَلَتْ الْأُخْتُ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْجَدِّ فِي غَيْرِ الْأَكْدَرِيَّةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا) أَيْ مَا بَعْدَ ثُمَّ (قَوْلُهُ: مُؤَخَّرٌ فِي الرُّتْبَةِ عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَبْلَهَا يَحْجُبُ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْأَبَ) أَيْ، وَكَذَلِكَ الْجَدُّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْأُمَّ أَوْ الْجَدَّةَ) أَيْ فَإِنَّ لَهَا مَعَهُ السُّدُسَ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ أَيْ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ مَعَهُ الرُّبْعَ، وَلِلزَّوْجَةِ مَعَهُ الثُّمُنَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ) لَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَعَصَّبَ كُلًّا أَخٌ يُسَاوِيهَا؛ لِأَنَّهُ فِي تَعْصِيبِ الْأَخِ الشَّقِيقِ أَوْ لِأَبٍ لِأُخْتِهِ فَقَطْ أَوْ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِيمَا سَبَقَ بَيَانُ تَخْصِيصِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يُسَاوِيهَا، وَلَا مَنْ يُعَصِّبُهَا وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ أَنَّهَا عَصَبَةٌ بِالْغَيْرِ فَلَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَدُّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ وَابْنِهِ، وَإِلَّا وَرِثَ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ، وَإِلَّا حُجِبَ حَجْبَ حِرْمَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْجُبُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ) أَيْ يَحْجُبُ الْأَقْرَبُ مِنْ الْأَجْدَادِ الْأَبْعَدَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ) أَيْ عَطْفُ الْإِخْوَةِ عَلَى الْجَدِّ بِالْوَاوِ يُوهِمُ مُسَاوَاتَهُمْ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ التَّفْصِيلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ الْإِخْوَةُ بَدَلُ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ (قَوْلُهُ: إلَّا الْحِمَارِيَّةَ) أَيْ فَلَيْسَ الْأَخُ لِلْأَبِ فِيهَا كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ يَسْقُطُ فِيهَا دُونَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ) أَيْ الْإِخْوَةَ الْأَشِقَّاءَ. (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَيَرِثُونَ هُنَا بِالْفَرْضِ لَا بِالْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ اثْنَيْنِ، وَالشَّقِيقُ وَاحِدًا صَحَّتْ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالْأَشِقَّاءِ اثْنَيْنِ صَحَّتْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَلَوْ كَانَ الْأَشِقَّاءُ ثَلَاثَةً وَاَلَّذِينَ لِلْأُمِّ اثْنَانِ أَوْ بِالْعَكْسِ صَحَّتْ مِنْ ثَلَاثِينَ، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ) أَيْ لَوْ كَانُوا بَدَلَ الْأَشِقَّاءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى هَذَا) أَيْ لِمُشَارَكَةِ الْأَشِقَّاءِ لِلْأُخُوَّةِ لِلْأُمِّ رَجَعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ الشَّقِيقُ) أَيْ فَقَالَ الشَّقِيقُ لِعُمَرَ فِي ثَانِي عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ هَؤُلَاءِ إنَّمَا وَرِثُوا بِأُمِّهِمْ، وَهِيَ أُمُّنَا هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَجْمَعُنَا فَأَشْرَكَ بَيْنَهُمْ فَقِيلَ لَهُ إنَّك قَضَيْت فِي عَامٍ أَوَّلَ بِخِلَافِ هَذَا فَقَالَ تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي، وَلَمْ يُنْقَضْ أَحَدُ الِاجْتِهَادَيْنِ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ قَائِلُهُ) أَيْ الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ لِعُمَرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ

لَسَقَطَ جَمِيعُ الْإِخْوَةِ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ لِلْجَدِّ وَحْدَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ لِسُقُوطِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ بِهِ وَالْأَشِقَّاءُ إنَّمَا يَرِثُونَ فِيهَا بِالْأُمِّ وَالْجَدُّ يُسْقِطُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِالْأُمِّ وَتُلَقَّبُ حِينَئِذٍ بِشَبَهِ الْمَالِكِيَّةِ وَتَقَدَّمَتْ. (وَأَسْقَطَهُ) أَيْ الْأَخَ لِلْأَبِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا سَقَطَ فِي الْحِمَارِيَّةِ الْأُخْتُ (الشَّقِيقَةُ الَّتِي) هِيَ (كَالْعَاصِبِ لِبِنْتٍ) أَيْ مَعَ بِنْتٍ فَأَكْثَرَ فَاللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ (أَوْ بِنْتِ ابْنِ فَأَكْثَرَ) فَإِذَا مَاتَ عَنْ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ وَعَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَأَخٍ لِأَبٍ سَقَطَ الْأَخُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَةَ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ فَلَوْ كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا أَوْ كَانَتْ الْأُخْتُ لِأَبٍ لَعَصَّبَهَا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا (ثُمَّ) يَلِي الْأَخَ الشَّقِيقَ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ (بَنُوهُمَا) وَيُنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ آبَائِهِمْ فَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ (ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ) الْعَمُّ (لِلْأَبِ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ وَهَكَذَا وَالْأَخُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ وَعَصَبَةُ الِابْنِ عَلَى عَصَبَةِ الْأَبِ وَعَصَبَةُ الْأَبِ عَلَى عَصَبَةِ الْجَدِّ (وَإِنْ) كَانَ الْأَقْرَبُ (غَيْرَ شَقِيقٍ) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى الْعَمِّ، وَالْعَمُّ الشَّقِيقُ عَلَى الْعَمِّ لِلْأَبِ، وَهُوَ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ، وَهُوَ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ وَهُوَ عَلَى عَمِّ الْأَبِ الشَّقِيقِ وَهُوَ عَلَى عَمِّ الْأَبِ لِأَبٍ، وَهَكَذَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَقُدِّمَ مَعَ التَّسَاوِي) فِي الْمَنْزِلَةِ كَالْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، وَأَعْمَامِ الْأَبِ وَبَنِيهِمْ (الشَّقِيقُ) عَلَى غَيْرِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ فَالْأَخُ الشَّقِيقُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. وَهَكَذَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْجَعْبَرِيِّ: وَبِالْجِهَةِ التَّقْدِيمُ ثُمَّ بِقُرْبِهِ وَبَعْدَهُمَا التَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ اجْعَلَا فَجِهَةُ الْبُنُوَّةِ تُقَدَّمُ عَلَى جِهَةِ الْأُبُوَّةِ، وَجِهَةُ الْأُبُوَّةِ تُقَدَّمُ عَلَى جِهَةِ الْجُدُودَةِ وَالْأُخُوَّةِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ ثُمَّ الْعُمُومَةُ ثُمَّ بَنُو الْعُمُومَةِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ فَالتَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يُقَدَّمَ الشَّقِيقُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ عَلَى غَيْرِ الشَّقِيقِ (ثُمَّ) يَلِي عَصَبَةَ النَّسَبِ (الْمُعْتِقُ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي بَابِ الْوَلَاءِ أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ هُنَاكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي طَرْحِ التَّثْرِيبِ. (قَوْلُهُ: لَسَقَطَ جَمِيعُ الْإِخْوَةِ) أَيْ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: فَاللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ أَوْ إنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ مُتَعَلِّقَةٌ بِلَفْظِ الْعَاصِبِ (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) رَاجِعٌ لِلْبِنْتَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ أَسْقَطَ الْأَخُ لِلْأَبِ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ إذَا كَانَتْ مَعَ بِنْتٍ أَوْ مَعَ بَنَاتٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ كَانَتْ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ مَعَ بَنَاتِ ابْنٍ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ تَنْزِيلَ أَبْنَاءِ الْإِخْوَةِ مَنْزِلَةَ آبَائِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِي أَصْلِ التَّعْصِيبِ لَا فِيمَا يَأْخُذُونَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ شَقِيقَانِ أَوْ لِأَبٍ أَحَدُهُمَا عَنْ وَلَدٍ وَاحِدٍ وَالْآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ ثُمَّ مَاتَ جَدُّهُمْ عَنْ مَالٍ فَإِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَهُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ بِالسَّوَاءِ لِاسْتِوَاءِ رُتْبَتِهِمْ، وَلَا يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا مَا كَانَ يَرِثُهُ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَرِثَانِ بِأَنْفُسِهِمَا لَا بِآبَائِهِمَا قَالَ تت وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي عَصْرِنَا فَأَفْتَى فِيهَا قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ نَاصِرُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ بِأَنَّهُ يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا مَا كَانَ لِأَبِيهِ فَيُقْسَمُ الْمَالُ نِصْفَيْنِ وَغَلَّطَهُ فِي ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ بَدْرُ الدِّينِ سَبْطٌ الْمَارْدِينِيُّ وَشَنَّعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ) أَيْ ثُمَّ عَمُّ الْمَيِّت الشَّقِيقُ، وَهُوَ أَخُو أَبِيهِ شَقِيقُهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ أَيْ ثُمَّ عَمُّ الْمَيِّتِ لِلْأَبِ، وَهُوَ أَخُو أَبِيهِ لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ) ظَاهِرُهُ ثُمَّ عَمُّ جَدِّ الْمَيِّتِ فَيَقْتَضِي أَنَّ رُتْبَتَهُ بَعْدَ رُتْبَةِ عَمِّ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ بَنُوهُمَا ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) أَيْ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْ بَنِي الِابْنِ وَمِنْ بَنِي الْإِخْوَةِ وَمِنْ بَنِي الْأَعْمَامِ فَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ) الْأَوْلَى فَيُقَدَّمُ ابْنُ الِابْنِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَالْأَخُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ) الْأَوْلَى وَابْنُ الْأَخِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُسْتَفَادٌ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِثُمَّ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَعَصَبَةُ الِابْنِ) كَبَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَقَوْلُهُ عَلَى عَصَبَةِ الْأَبِ، وَهُمْ إخْوَتُهُ، وَأَبُوهُ وَقَوْلُهُ عَلَى عَصَبَةِ الْجَدِّ أَيْ، وَهُمْ الْأَعْمَامُ، وَأَبُو الْجَدِّ، وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَتُقَدَّمُ عَصَبَةُ الِابْنِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ إلَخْ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) دَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْإِرْثُ بِالْفَرْضِ وَالْإِرْثُ بِالتَّعْصِيبِ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: فَالْأَخُ الشَّقِيقُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ بِقَرَابَتَيْنِ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ بِقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) أَيْ فَإِذَا اجْتَمَعَ شَخْصَانِ مِنْ جِهَةٍ كَابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ أَوْ ابْنِ أَخٍ وَابْنِ ابْنِ أَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ وَابْنِ ابْنِ عَمٍّ فَيُقَدَّمُ بِالْقُرْبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ) أَيْ بِأَنْ اجْتَمَعَ شَخْصَانِ مِنْ جِهَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ كَأَخَوَيْنِ شَقِيقٍ وَلِأَبٍ، وَكَابْنِ أَخٍ شَقِيقٍ وَابْنِ أَخٍ لِأَبٍ، وَكَعَمٍّ شَقِيقٍ وَعَمٍّ لِأَبٍ، وَكَابْنَيْ عَمٍّ كَذَلِكَ فَالتَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلتَّقْدِيمِ بِالْجِهَةِ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ ابْنٌ ثُمَّ ابْنُهُ إلَخْ، وَلِلتَّقْدِيمِ بِالْقُرْبِ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَلِلتَّقْدِيمِ بِالْقُوَّةِ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ مَعَ التَّسَاوِي الشَّقِيقُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ هُنَاكَ) أَيْ مِنْ تَأْخِيرِ

(ثُمَّ) يَلِيهِ (بَيْتُ الْمَالِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَظِمًا وَحَسَبَهُ رَبُّهُ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ إنْ انْفَرَدَ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ (وَلَا يُرَدُّ) عَلَى ذَوِي السِّهَامِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَاصِبِ بَلْ يُدْفَعُ الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ سِوَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إجْمَاعًا (وَلَا يُدْفَعُ) مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ إذَا لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ (لِذَوِي الْأَرْحَامِ) بَلْ مَا فَضَلَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ ذُو فَرْضٍ وَلَا عَاصِبٌ وَقَيَّدَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَيُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ، وَهَذَا الْقَيْدُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِذَوِي الْأَرْحَامِ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْعَمَّةِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأُنْثَى وَالْخَالَاتُ، وَأَوْلَادُ الْجَمِيعِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ. وَلَمَّا ذَكَرَ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَقَطْ وَبِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ ذَكَرَ مَنْ يَرِثُ بِهِمَا فَقَالَ (وَيَرِثُ بِفَرْضٍ وَعُصُوبَةٍ) مَعًا أَشْخَاصٌ صَرَّحَ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ. الْأَوَّلُ (الْأَبُ) مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا فَيُفْرَضُ لَهُ السُّدُسُ مَعَ مَنْ ذُكِرَ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ تَعْصِيبًا، وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْجَدُّ مَعَ بِنْتٍ) أَوْ بِنْتِ ابْنٍ (وَإِنْ سَفَلَتْ) أَيْ أَوْ ابْنَتَيْنِ أَوْ بَنِي ابْنٍ كَذَلِكَ فَهُوَ كَالْأَبِ، وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (كَابْنِ عَمٍّ أَخٍ لِأُمٍّ) فَيَرِثُ بَعْدَ السُّدُسِ بِبُنُوَّةِ الْأُمِّ مَا بَقِيَ بِالتَّعْصِيبِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ ابْنَ عَمٍّ هُوَ زَوْجٌ وَمُعْتَقًا هُوَ زَوْجٌ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْخُذُ فَرْضَهُ وَالْبَاقِيَ تَعْصِيبًا ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ فَرْضَانِ وَبَيَانُ مَا يَرِثُ بِهِ مِنْهُمَا فَقَالَ (وَوَرِثَ ذُو فَرْضَيْنِ بِالْأَقْوَى) مِنْهُمَا (، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ) إذْ هُوَ يَقَعُ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ وَيَقَعُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ كَثِيرًا عَمْدًا (كَأُمٍّ) هِيَ أُخْتٌ (أَوْ بِنْتٍ) هِيَ (أُخْتٌ) وَالْقُوَّةُ تَقَعُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا لَا تُحْجَبُ بِخِلَافِ الْأُخْرَى وَذَلِكَ كَمِثَالِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الْأُمَّ لَا تُحْجَبْ وَالْأُخْتَ قَدْ تُحْجَبُ وَكَذَا الْبِنْتُ لَا تُحْجَبُ وَالْأُخْتُ قَدْ تُحْجَبُ مِثَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعْتِقِ عَنْ عَصَبَةِ الْقَرَابَةِ، وَأَنَّهُ إنْ عُدِمَ الْمُعْتِقُ فَعَصَبَتُهُ فَإِنْ عُدِمَتْ عَصَبَتُهُ فَمُعْتِقُهُ فَإِنْ عُدِمَ مُعْتِقُهُ فَعَصَبَةُ مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ إلَى حَيْثُ تَنْتَهِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَلِيهِ بَيْتُ الْمَالِ) أَيْ ثُمَّ يَلِيهِ فِي الْإِرْثِ بِالْعُصُوبَةِ بَيْتُ الْمَالِ الَّذِي لِوَطَنِهِ مَاتَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ كَانَ مَالُهُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي ح وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطَنٌ هَلْ الْمُعْتَبَرُ مَحَلُّ الْمَالِ أَوْ الْمَيِّتِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ عَاصِبٌ فَهُوَ كَوَارِثٍ ثَابِتِ النَّسَبِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَانَ مُنْتَظِمًا أَوْ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ، وَقِيلَ إنَّهُ حَائِزٌ لِلْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ لَا وَارِثٌ، وَهُوَ شَاذٌّ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ النَّسَبِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ، وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُدْفَعُ الْبَاقِي) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ وَتُجْعَلُ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ عَدَدِ مَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَبِنْتٍ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلْأُمِّ الرُّبْعُ، وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَمَسَائِلُ الرَّدِّ لِلَّتِي لَا زَوْجَ فِيهَا كُلُّهَا مُقْتَطَعَةٌ مِنْ سِتَّةٍ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ الرَّدِّ وَعَدَمَ الدَّفْعِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا) أَيْ يَصْرِفُ بَيْتَ الْمَالِ فِي مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُو سِهَامٍ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَالرَّدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَيْدُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنْ الطُّرْطُوشِيِّ وَعَنْ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنِ عَسَاكِرَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِرْشَادِ وَقَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانَ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَنْ عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ حُكِيَ اتِّفَاقُ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرَّدِّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ إنَّ بَيْتَ الْمَالِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ يُتَصَدَّقُ بِالْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ الْمَيِّتِ، وَهُوَ كَمَا فِي بْن لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ فِي مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ ذَوُو رَحِمِ الْمَيِّتِ مِنْ جُمْلَةِ مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ أَوْلَى. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَذَاهِبَ أَصَحُّهَا مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَحَاصِلُهُ أَنْ نُنْزِلَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ لِلْمَيِّتِ دَرَجَةً دَرَجَةً فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ لِلْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ لِمَنْ أَدْلَوْا بِهِ كَمَا سَبَقَ ثُمَّ لِكُلٍّ نَصِيبُ مَنْ أَدْلَى بِهِ كَأَنْ مَاتَ عَنْهُ إلَّا أَوْلَادَ وَلَدِ الْأُمِّ يَسْتَوُونَ، وَإِلَّا أَخْوَالَ إخْوَةِ الْأُمِّ مِنْ أُمِّهَا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَدُّ) ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ، وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لَثُمَّ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَابْنِ عَمٍّ إلَخْ) أَشْعَرَ إفْرَادُهُ ابْنَ الْعَمِّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَالسُّدُسُ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ ثُمَّ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ الْأَخُ لِلْأُمِّ جَمِيعَ الْمَالِ كَالشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: أَخٍ لِأُمٍّ) بِجَرِّ أَخٍ بَدَلًا مِنْ ابْنِ عَمٍّ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي) أَيْ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ تَعْصِيبًا حَيْثُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي التَّعْصِيبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي الْمَجُوسِ بَلْ، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اجْتَمَعَ

أَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ ابْنَتَهُ عَمْدًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا ثُمَّ أَسْلَمَ مَعَهُمَا وَمَاتَ فَالْبِنْتُ الصُّغْرَى بِنْتُ الْكُبْرَى وَأُخْتُهَا لِأَبِيهَا فَإِذَا مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَرِثَتْهَا الصُّغْرَى بِأَقْوَى السَّبَبَيْنِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ فَلَهَا النِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْأُخُوَّةِ، وَمَنْ وَرَّثَهَا بِالْجِهَتَيْنِ جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ بِالْبُنُوَّةِ وَالْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ وَلَوْ مَاتَتْ الصُّغْرَى أَوَّلًا وَرِثَتْهَا الْكُبْرَى بِالْأُمُومَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ قَدْ تَسْقُطُ فَلَهَا الثُّلُثُ بِكَوْنِهَا أُمًّا وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْأُخُوَّةِ. الثَّانِي أَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَالْحَاجِبَةُ أَقْوَى كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَتَلِدُ مِنْهُ وَلَدًا فَهِيَ أُمُّهُ وَجَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيهِ فَتَرِثُهُ بِالْأُمُومَةِ اتِّفَاقًا. الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا أَقَلَّ حَجْبًا مِنْ الْأُخْرَى كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَهُ فَتَلِدُ بِنْتًا ثُمَّ يَطَأَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدُ بِنْتًا ثُمَّ تَمُوتُ الصُّغْرَى عَنْ الْعُلْيَا بَعْدَ مَوْتِ الْوُسْطَى وَالْأَبِ فَالْكُبْرَى جَدَّتُهَا وَأُخْتُهَا لِأَبِيهَا فَتَرِثُهَا بِالْجُدُودَةِ فَلَهَا السُّدُسُ دُونَ الْأُخْتِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمُّ الْأُمِّ تَحْجُبُهَا الْأُمُّ فَقَطْ وَالْأُخْتُ تُحْجَبُ بِجَمَاعَةٍ كَالْأَبِ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَقِيلَ تَرِثُ بِالْأُخْتِيَّةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْأُخْتِ أَكْثَرُ فَلَوْ كَانَتْ مَحْجُوبَةً بِالْقَوِيَّةِ لَوَرِثَتْ بِالضَّعِيفَةِ كَأَنْ تَمُوتَ الصُّغْرَى فِي هَذَا الْمِثَالِ عَنْ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى فَتَرِثُهَا الْوُسْطَى بِالْأُمُومَةِ الثُّلُثَ وَتَرِثُهَا الْعُلْيَا بِالْأُخُوَّةِ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهَا مَحْجُوبَةٌ مِنْ جِهَةِ الْجُدُودَةِ بِالْأُمِّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْأَلْغَازِ يُقَالُ مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ أُمِّهَا وَجَدَّتِهَا فَأَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ وَالْجَدَّةُ النِّصْفَ وَمَفْهُومُ (ذُو فَرْضَيْنِ) مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَاصِبَ بِجِهَتَيْنِ يَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا أَيْضًا كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ هُوَ مُعْتِقٌ فَيَرِثُ بِعُصُوبَةِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ (وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ) يَعْنِي الصُّلْحِيَّ (الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ) أَيْ إجْمَالًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لَا يَحِلُّ لَنَا تَمَلُّكُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ يَكُونُ (لِأَهْلِ دِينِهِ) النَّصَارَى إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ الْيَهُودِ إنْ كَانَ يَهُودِيًّا لَا مُطْلَقًا بَلْ (مِنْ كُورَتِهِ) بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ جَمَاعَتِهِ الْمُؤَدِّي مَعَهُمْ الْجِزْيَةَ أَوْ قَرْيَتِهِ الْمُؤَدِّيهَا مَعَهُمْ أَوْ أَهْلِ إقْلِيمِهِ كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَاحْتَرَزَ بِالْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ عَنْ الْحَرْبِيِّ فَلِلْمُسْلِمِينَ كَالْعَنْوِيِّ وَالصُّلْحِيِّ إذَا وَقَعَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ مُفَرَّقَةً عَلَى الْجَمَاجِمِ وَاحْتَرَزَ بِالْحُرِّ عَنْ الْعَبْدِ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا (وَالْأُصُولُ) أَيْ أُصُولُ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْعَدَدُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ صَحِيحًا سَبْعَةٌ الِاثْنَانِ وَضِعْفُهُمَا وَضِعْفُ ضِعْفِهِمَا، وَالثَّلَاثَةُ وَضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ وَضِعْفُ ضِعْفِ ضِعْفِهَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَقَدْ أَشَارَ لِبَيَانِهَا مُفَصَّلَةً بِقَوْلِهِ (اثْنَانِ، وَأَرْبَعَةٌ) ضِعْفُهُمَا (وَثَمَانِيَةٌ) ضِعْفُ الْأَرْبَعَةِ (وَثَلَاثَةٌ وَسِتَّةٌ) ضِعْفُ الثَّلَاثَةِ وَهَذِهِ الْأُصُولُ الْخَمْسَةُ هِيَ مَخَارِجُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ جِهَتَانِ يَرِثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَرْضًا، وَإِحْدَاهُمَا أَقْوَى فَإِنَّهُ يَرِثُ بِالْأَقْوَى مِنْهُمَا، وَهَذَا يَتَّفِقُ فِي الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ تَزَوُّجًا أَوْ وَطْئًا وَفِي الْمَجُوسِ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ ابْنَتَهُ عَمْدًا) أَيْ أَوْ يَطَأَ مُسْلِمٌ ابْنَتَهُ غَلَطًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْإِخْوَةِ) أَيْ وَمَنْ وَرَّثَهَا بِالْجِهَتَيْنِ قَالَ لَهَا النِّصْفُ بِالْأُخُوَّةِ، وَالثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ) أَيْ عَمْدًا أَوْ يَطَأَ مُسْلِمٌ أُمَّهُ غَلَطًا (قَوْلُهُ: فَتَرِثُهُ بِالْأُمُومَةِ) أَيْ، وَلَا تَرِثُهُ بِالْجُدُودَةِ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِرْثَ بِالْجُدُودَةِ لَا يَكُونُ مَعَ الْأُمُومَةِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَهُ) أَيْ أَوْ يَطَأَ مُسْلِمٌ بِنْتَهُ غَلَطًا (قَوْلُهُ: فَالْكُبْرَى جَدَّتُهَا) أَيْ أُمُّ أُمِّهَا (قَوْلُهُ: دُونَ الْأُخْتِيَّةِ) أَيْ فَلَا تَرِثُ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ مَحْجُوبَةً بِالْقَوِيَّةِ) الْأَوْلَى فَلَوْ كَانَتْ الْقَوِيَّةُ مَحْجُوبَةً وَرِثَتْ بِالضَّعِيفَةِ (قَوْلُهُ: وَمَالُ الْكِتَابِيِّ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لِلْكِتَابِيِّ بَلْ الْمَجُوسِيُّ كَذَلِكَ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الصُّلْحِيَّ إلَخْ) حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى الصُّلْحِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْعَنْوِيِّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْشِيَةً عَلَى ضَعِيفٍ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَالَ الْعَنْوِيِّ إذَا مَاتَ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ مَعَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِزْيَةُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَيْهِمْ مُجْمَلَةً أَوْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الرِّقَابِ لَا أَنَّهُ لِأَهْلِ دِينِهِ كَمَا قِيلَ. (قَوْلُهُ: الْحُرِّ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ مِنْ الْكُفَّارِ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ) أَيْ الصُّلْحِيَّةِ حَالَةَ كَوْنِهَا مُجْمَلَةً عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ وَالْمَيِّتُ عِنْدَنَا بِلَا وَارِثٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ كَانَ لَهُ مَالُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَهْلِ إقْلِيمِهِ إلَخْ) فَهَذِهِ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ فِي الْمُرَادِ بِأَهْلِ كُورَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْحَرْبِيِّ) أَيْ إذَا دَخَلَ بِلَادَنَا مُحَارِبًا وَمَاتَ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ أَيْ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَعَهُ أَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ، وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَيُرْسَلُ مَالُهُ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَصَرِيحُ نُصُوصِهِمْ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ بَلْ يُبْعَثُ مَالُهُ وَدِيَتُهُ لِأَهْلِ بِلَادِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَدَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ عَلَى التَّجْهِيزِ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَمَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ. (قَوْلُهُ: كَالْعَنْوِيِّ) أَيْ فَإِنَّ مَالَهُ إنْ مَاتَ عِنْدَنَا لِلْمُسْلِمِينَ كَانَتْ الْجِزْيَةُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَيْهِمْ مُجْمَلَةً أَوْ مُفَرَّقَةً، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا فَلِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ: وَالصُّلْحِيِّ) أَيْ، وَكَالصُّلْحِيِّ إذَا وَقَعَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِمْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْجَمَاجِمِ أَيْ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ كَوْنِ مَالِهِ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ مَاتَ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ مَعَهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا كَانَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْعَدَدُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ صَحِيحًا) أَيْ وَذَلِكَ الْعَدَدُ هُوَ مَقَامُ الْفَرْضِ أَيْ مُخْرَجُهُ

الْفُرُوضِ السِّتَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى النِّصْفُ وَالرُّبْعُ وَالثَّمَنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ سِتَّةً كَأَصْلِهَا لِاتِّحَادِ مُخْرَجِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَكُلُّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ مَادَّةِ عَدَدِهَا إلَّا الْأَوَّلَ (وَاثْنَا عَشَرَ) ضِعْفُ السِّتَّةِ إذْ قَدْ يَكُونُ فِي مَسْأَلَةٍ رُبْعٌ وَثُلُثٌ كَزَوْجَةٍ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ فَمُخْرَجُ الرُّبْعِ أَرْبَعَةٌ وَلَا ثُلُثَ لَهَا صَحِيحٌ وَمُخْرَجُ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ، وَلَا رُبْعَ لَهَا صَحِيحٌ وَبَيْنَ الْمُخْرَجَيْنِ تَبَايُنٌ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ (وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) ضِعْفُ الِاثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمُنٌ وَسُدُسٌ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَوَلَدٍ وَبَيْنَ مُخْرَجِ السُّدُسِ وَمُخْرَجِ الثُّمُنِ مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَاصِبٌ لَهُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَمُخْرَجُهُ دَاخِلٌ فِي الثَّمَانِيَةِ مَخْرَجِ الثُّمُنِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً فَلَهَا الثُّلُثَانِ وَمُخْرَجُهُمَا دَاخِلٌ فِي السِّتَّةِ مَخْرَجِ السُّدُسِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي خُصُوصِ بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَضِعْفُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، مِثَالُ الْأَوَّلِ أُمٌّ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ لِلْأُمِّ السُّدُسُ مَقَامُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَالْبَاقِي خَمْسَةٌ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ مُخْرَجُ الثُّلُثِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ السِّتَّةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ. وَمِثَالُ الثَّانِي أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَبْعَةٌ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هُمَا نَشَآ مِنْ أَصْلَيْ السَّنَةِ وَضِعْفِهَا فَهُمَا تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخْرَجَ وَالْمَقَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ هَذِهِ الْأُصُولَ وَتَفْصِيلَهَا (فَالنِّصْفُ) مُخْرَجُهُ وَمَقَامُهُ (مِنْ اثْنَيْنِ) فَالِاثْنَانِ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى نِصْفٍ وَنِصْفٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَنِصْفٌ اثْنَانِ لِتَمَاثُلِ مَخْرَجِهِمَا وَتُسَمَّى هَاتَانِ بِالنِّصْفِيَّتَيْنِ وَبِالْيَتِيمَتَيْنِ أَوْ نِصْفٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَأَخٍ (وَالرُّبْعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ) فَالْأَرْبَعَةُ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى رُبْعٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَابْنٍ أَوْ رُبْعٍ وَنِصْفٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ أَوْ رُبْعٍ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ، وَأَبَوَيْنِ (وَالثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) فَهِيَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُمُنٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ أَوْ ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ. (وَالثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ) فَهِيَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ أَوْ ثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَأُمٍّ، وَأَخٍ أَوْ ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَبِنْتَيْنِ وَعَمٍّ (وَالسُّدُسُ) مُخْرَجُهُ (مِنْ سِتَّةٍ) فَالسِّتَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ مَقَامُ الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الِانْكِسَارَ وَالْعَوْلَ فَرْعَانِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ) أَيْ مَخَارِجُ هَذِهِ الْفُرُوضِ السِّتَّةِ سِتَّةً كَأَصْلِهَا أَيْ، وَهِيَ الْفُرُوضُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا) أَيْ الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا الْأَوَّلَ أَيْ إلَّا الْفَرْضَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ النِّصْفُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ لَفْظِ الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ مُخْرَجُهُ إذْ لَوْ أُخِذَ مِنْهُ لَقِيلَ فِيهِ ثُنَيٌّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ مُكَبَّرًا لَا مُصَغَّرًا (قَوْلُهُ: مِنْ مَادَّةِ عَدَدِهَا) أَيْ مِنْ مَادَّةِ الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ أَسْمَاءُ مَخَارِجِهَا فَالثُّلُثُ مَأْخُوذٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالرُّبُعُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالسُّدُسُ مَأْخُوذٌ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَالسِّتَّةَ أَسْمَاءٌ لِمَخَارِجِ تِلْكَ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ بَعْضُهُمْ) مِنْهُمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالنَّوَوِيُّ وَمِنْهُمْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَمَا فِي العصنوني (قَوْلُهُ: وَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَضِعْفُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ) فَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَالسِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيهَا سُدُسٌ وَرُبْعٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ إلْغَاءِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ جُعِلَ مَنَاطُ عَدَدِ أُصُولِ الْفَرَائِضِ مَقَامَ الْجُزْءِ الْمَطْلُوبِ وَجَوَّدَهُ فِي الْفَرِيضَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُضَافٌ لِكُلِّ التَّرِكَةِ وَقَدْ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِ هَذَا الْخِلَافِ لَفْظِيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا فَلَهُ ثَمَرَةٌ، وَهِيَ دُخُولُ الْجَدِّ فِي الشُّفْعَةِ وَعَدَمُ دُخُولِهِ لِكَوْنِ سَهْمِهِ خَاصًّا، وَكَذَلِكَ مَنْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ أَصْلِ مَسْأَلَتِهِ هَلْ يُعْطَى سَهْمًا مِنْ سِتَّةٍ أَوْ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ، وَأَمَّا إذَا قَاسَمَ أَوْ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ لَكَانَ لَهُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْبَاقِي اثْنَانِ وَثُلُثٌ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ سُدُسِ الْمَالِ، وَهُوَ اثْنَانِ وَمِنْ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّهُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَاحِدٌ وَخُمُسَانِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخْرَجَ وَالْمَقَامَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مُخْرَجَ الْفَرْضِ وَمَقَامَهُ، وَكَذَا أَصْلُهُ وَقَوْلُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَيْ، وَهُوَ أَقَلُّ عَدَدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ذَلِكَ الْفَرْضُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: لِتَمَاثُلِ مُخْرَجِهِمَا) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ، وَلَيْسَ أَصْلُهَا أَرْبَعَةً لِتَمَاثُلِ مُخْرَجِهِمَا أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِمُخْرَجِ أَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى هَاتَانِ) أَيْ الْمَسْأَلَتَانِ، وَهُمَا زَوْجٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ أُخْتٌ لِأَبٍ (قَوْلُهُ: بِالنِّصْفِيَّتَيْنِ) أَيْ لِاشْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالْيَتِيمَتَيْنِ) أَيْ لِشَبَهِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ لِقِلَّةِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ لَا

[العول]

أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا سُدُسٌ وَمَا بَقِيَ كَجَدٍّ وَابْنٍ أَوْ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَجَدَّةٍ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ أَوْ سُدُسٌ وَثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَأُمٍّ أَوْ بِنْتَيْنِ وَأَخٍ أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَأُخْتٍ وَأُمٍّ وَعَاصِبٍ (وَالرُّبْعُ وَالثُّلُثُ أَوْ) الرُّبْعُ، وَ (السُّدُسُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الرُّبْعِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَمَخْرَجَ الثُّلُثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَمُخْرَجُ السُّدُسِ مِنْ سِتَّةٍ وَبَيْنَ مُخْرَجِ الرُّبْعِ وَمُخْرَجِ السُّدُسِ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَالِاثْنَا عَشَرَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا رُبْعٌ وَثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ أَوْ الرُّبْعُ وَالثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَخٍ، وَأَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا رُبْعٌ وَسُدُسٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَابْنٍ. (وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثُ) مُرَادُهُ بِهِ الثُّلُثَانِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ ثُمُنٌ وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ الثُّمُنَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَاتِ مَعَ الْوَلَدِ وَالثُّلُثُ لَا يُوجَدُ مَعَ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ الْأُمِّ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَلَا جَمْعَ مِنْ الْإِخْوَةِ وَهُنَا وَلَدٌ وَفَرْضُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَهُمْ يَسْقُطُونَ بِالْوَلَدِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ثُمُنٌ وَثُلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَخٍ (أَوْ) الثُّمُنُ، وَ (السُّدُسُ) وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَابْنٍ (مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) ؛ لِأَنَّ بَيْنَ مُخْرَجِ الثُّمُنِ وَالثُّلُثِ مُبَايَنَةً وَبَيْنَ مُخْرَجِ الثُّمُنِ وَالسُّدُسِ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ فَيُفْعَلُ فِيهِمَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ يَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَهَذِهِ السَّبْعَةُ الْأُصُولُ هِيَ أُصُولُ الْفَرَائِضِ الْمُقَدَّرَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. (وَمَا لَا فَرْضَ فِيهَا) مِنْ الْمَسَائِلِ كَابْنَيْنِ فَصَاعِدًا مَعَ بِنْتٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ ابْنٍ وَبِنْتٍ أَوْ إخْوَةٍ كَذَلِكَ فَأَصْلُهَا عَدَدُ رُءُوسِ (عَصَبَتِهَا) إذَا تَعَدَّدَتْ فَإِذَا كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا فَظَاهِرٌ (وَ) إذَا كَانُوا ذُكُورًا، وَإِنَاثًا (ضُعِّفَ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى) فَيُجْعَلُ الذَّكَرُ بِرَأْسَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي التَّعْصِيبِ بِاثْنَيْنِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ فَمِنْ ثَلَاثَةٍ وَابْنَيْنِ وَبِنْتٍ فَمِنْ خَمْسَةٍ، وَأَرْبَعَةِ أَبْنَاءٍ وَبِنْتَيْنِ فَمِنْ عَشَرَةٍ وَهَكَذَا. ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسَائِلِ الْعَوْلِ وَالْعَوْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ زِيَادَةٌ فِي السِّهَامِ وَنَقْصٌ فِي الْأَنْصِبَاءِ وَهُوَ لَا يَدْخُلُ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَلْ قَدْ يَدْخُلُ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَهِيَ السِّتَّةُ وَضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا فَقَالَ (وَإِنْ) (زَادَتْ الْفُرُوضُ) أَيْ سِهَامُ الْوَرَثَةِ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (أُعِيلَتْ) الْفُرُوضُ أَيْ زِيدَ فِيهَا بِأَنْ تُجْعَلَ الْفَرِيضَةُ بِقَدْرِ السِّهَامِ فَيَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِ الْفُرُوضِ كَأَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَفِيهَا نِصْفٌ وَنِصْفٌ وَسُدُسٌ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ فَظَاهِرٌ أَنَّ النِّصْفَ وَالنِّصْفَ يَسْتَغْرِقَانِ السِّتَّةَ فَيَزْدَادُ عَلَيْهَا بِمِثْلِ سُدُسِهَا فَتَنْتَهِي إلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَهَذَا الْعَوْلُ أَوَّلُ مَا ظَهَرَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَوَافَقَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ إلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ أَظْهَرَ فِيهِ الْخِلَافَ بَعْدَ وَفَاةِ عُمَرَ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ ثُمَّ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إلَّا مَنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ،. وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ الْعَائِلِ مِنْ الْأُصُولِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا (فَالْعَائِلُ) مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَقَطْ الْأَوَّلُ (السِّتَّةُ) تَعُولُ أَرْبَعَةَ عَوْلَاتٍ عَلَى تَوَالِي الْأَعْدَادِ (لِسَبْعَةٍ) بِمِثْلِ سُدُسِهَا كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ (وَلِثَمَانِيَةٍ) بِمِثْلِ ثُلُثِهَا كَمَنْ ذُكِرَ مَعَ أُمٍّ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ (وَلِتِسْعَةٍ) بِمِثْلِ نِصْفِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَعَاصِبٍ) أَيْ كَابْنِ أَخٍ أَوْ عَمٍّ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا فَرْضَ فِيهَا) أَيْ وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَا فَرْضَ فِيهَا [الْعَوْل] (قَوْلُهُ: أُعِيلَتْ الْفُرُوضُ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أُعِيلَتْ الْمَسْأَلَةُ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْمَسَائِلَ فَالْمُرَادُ بِالْفُرُوضِ الْأُولَى غَيْرُ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ يُقَالُ فِيهَا فَرِيضَةٌ كَمَا أَنَّ النَّصِيبَ الْمُقَدَّرَ لِوَارِثٍ يُقَالُ لَهُ فَرْضٌ وَفَرِيضَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تُجْعَلَ الْفَرِيضَةُ بِقَدْرِ السِّهَامِ) أَيْ بِأَنْ تُجْعَلَ الْمَسْأَلَةُ بِقَدْرِ السِّهَامِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ: فَتَنْتَهِي إلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَنْقُصُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ سُبْعُ مَا يَسْتَحِقُّهُ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ مَا ظَهَرَ فِي زَمَنِ عُمَرَ) الَّذِي فِي العصنوني عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ امْرَأَةٌ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِغَيْرِ أُمٍّ، وَأَخًا لِأُمٍّ وَاَلَّذِي فِي عبق أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِغَيْرِ أُمٍّ فَلَمَّا سُئِلَ عُمَرُ عَنْهَا قَالَ لَا أَدْرِي مَنْ أَخَّرَهُ الْكِتَابُ فَأُؤَخِّرَهُ، وَلَا مَنْ قَدَّمَهُ فَأُقَدِّمَهُ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْت رَأْيًا فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنْ عُمَرُ، وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ الضَّرَرُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيَنْقُصُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ سَهْمِهِ وَيُقَالُ إنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْعَبَّاسُ أَوَّلًا وَقِيلَ عَلِيٌّ وَقِيلَ زَيْدٌ وَقِيلَ إنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا جَمَعَ جَمْعًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَالَ لَهُمْ فَرَضَ اللَّهُ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ فَإِنْ بَدَأْتُ بِالزَّوْجِ لَمْ يَبْقَ لِلْأُخْتَيْنِ حَقُّهُمَا، وَإِنْ بَدَأْت بِالْأُخْتَيْنِ لَمْ يَبْقَ لِلزَّوْجِ حَقُّهُ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ بِالْعَوْلِ، وَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ، وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَلَيْسَ يُجْعَلُ الْمَالُ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ؟ فَأَخَذَتْ الصَّحَابَةُ بِقَوْلِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقُلْ بِهِ) قَدْ عَلَّلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَدَمَ إظْهَارِ مُخَالَفَتِهِ لِعُمَرَ فِي زَمَنِهِ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ رَجُلًا مُهَابًا وَقَالَ لَوْ أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ فِيمَنْ قَدَّمَهُ الْكِتَابُ فَقَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ فَأَخَّرَهُ لَمَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ قِيلَ، وَكَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ يُنْظَرُ أَسْوَأُ الْوَرَثَةِ حَالًا، وَأَكْثَرُهُمْ تَغَيُّرًا فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ يُرِيدُ فَيَسْقُطُ سَهْمُهُ أَوْ مِنْ سَهْمِهِ مَا زَادَ عَلَى سِهَامِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمُرَادُهُ بِأَسْوَأِ الْوَرَثَةِ حَالًا، وَأَكْثَرِهِمْ تَغَيُّرًا الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ لَا الزَّوْجُ فِي مَسْأَلَةِ عُمَرَ وَنَحْوُهُ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَوَلَدُ الْأُمِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ عُمَرَ بِالْعَوْلِ (قَوْلُهُ: كَمَنْ ذُكِرَ) أَيْ زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَأُمٍّ مَعَ

كَمَنْ ذُكِرَ مَعَ أَخٍ لِأُمٍّ (وَلِعَشَرَةٍ) بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا كَمَنْ ذُكِرَ مَعَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَكَأُمِّ الْفُرُوخِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أُمٌّ وَزَوْجٌ، وَإِخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأُخْتَانِ لِغَيْرِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ عَوْلِهَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعُولَ السِّتَّةُ لِثَمَانِيَةٍ فَأَكْثَرَ إلَّا وَالْمَيِّتُ امْرَأَةٌ أَيْ. وَأَمَّا الْعَائِلَةُ لِسَبْعَةٍ فَقَدْ يَكُونُ الْمَيِّتُ ذَكَرًا كَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ، وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ (وَ) الثَّانِي (الِاثْنَا عَشَرَ) تَعُولُ ثَلَاثَ عَوْلَاتٍ إفْرَادًا إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ فَتَعُولُ (لِثَلَاثَةَ عَشَرَ) بِمِثْلِ نِصْفِ سُدُسِهَا كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ (وَخَمْسَةَ عَشَرَ) بِمِثْلِ رُبْعِهَا كَمَنْ ذُكِرَ مَعَ أَخٍ لِأُمٍّ (وَسَبْعَةَ عَشَرَ) بِمِثْلِ رُبْعِهَا وَسُدُسِهَا كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ قَالَ التَّتَّائِيُّ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعُولَ لَهَا إلَّا وَالْمَيِّتُ ذَكَرٌ وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا أُمُّ الْأَرَامِلِ وَتُسَمَّى أَيْضًا بِأُمِّ الْفُرُوجِ بِالْجِيمِ وَبِالدِّينَارِيَّةِ الصُّغْرَى وَهِيَ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَانِ، وَأَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَالتَّرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ دِينَارٌ. وَأَمَّا الدِّينَارِيَّةُ الْكُبْرَى فَأَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْسَ فِيهَا عَوْلٌ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَابْنَتَانِ وَأُمٌّ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا وَأُخْتًا وَالْمَتْرُوكُ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ يَفْضُلُ وَاحِدٌ عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَأْسًا عَدَدِ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ مَعَ الْأُخْتِ فَتَضْرِبُ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِسِتِّمِائَةٍ عَدَدِ الدَّنَانِيرِ لِلْبِنْتَيْنِ أَرْبَعُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُمَا مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةَ عَشَرَ مَضْرُوبَةً فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلِلْأُمِّ مِائَةٌ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلِلِاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا مَعَ الْأُخْتِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ضَرْبِ وَاحِدٍ فِيهَا وَلِلزَّوْجَةِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِيهَا، قِيلَ جَاءَتْ الْأُخْتُ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَتْ لَهُ مَاتَ أَخِي عَنْ سِتِّمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ أُعْطَ مِنْهَا إلَّا دِينَارًا وَاحِدًا فَقَالَ لَهَا لَعَلَّ أَخَاك تَرَكَ زَوْجَةً وَبِنْتَيْنِ وَأُمًّا وَاثْنَى عَشَرَ أَخًا، وَأَنْتِ فَقَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ مَعَك حَقُّك الَّذِي يَخُصُّك (وَ) الثَّالِثُ (الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ) تَعُولُ عَوْلَةً وَاحِدَةً بِمِثْلِ ثُمُنِهَا (لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعُولَ لَهَا إلَّا وَالْمَيِّتُ ذَكَرٌ هُوَ زَوْجٌ وَلِذَا قَالَ (زَوْجَةٌ، وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ (لِقَوْلِ عَلِيٍّ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَكَانَ حَقُّهُ زِيَادَةَ ذَلِكَ لِبَيَانِ النِّسْبَةِ (صَارَ ثَمَنُهَا تُسْعًا) أَيْ صَارَ مَا كَانَ ثُمُنًا تُسْعًا بِزِيَادَتِهِ عَلَى أَصْلِهَا فَالثَّلَاثَةُ الَّتِي كَانَتْ ثُمُنًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ لَمَّا زِيدَتْ عَلَيْهَا صَارَتْ تُسْعًا لِلسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ، لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ، وَإِذَا صَارَ الثُّمُنُ تُسْعًا نَقَصَ كُلُّ وَارِثٍ تُسْعُ مَا بِيَدِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ فَرِيضَةٍ تَعُولُ فَيُقَالُ فِي السِّتِّ إذَا عَالَتْ لِسَبْعَةٍ عَالَتْ بِمِثْلٍ سُدُسِهَا فَصَارَ سُبْعًا فَيَكُونُ قَدْ نَقَصَ كُلُّ وَارِثٍ سُبْعُ مَا بِيَدِهِ وَهَكَذَا، وَقَدْ بَيَّنَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ الْأَمْرَيْنِ أَيْ نِسْبَةَ مَا يَعُولُ إلَى الْفَرِيضَةِ وَمَا نَقَصَهُ كُلُّ وَارِثٍ بِقَوْلِهِ: وَعِلْمُك قَدْرَ النَّصِّ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ ... بِنِسْبَةِ عَوْلٍ لِلْفَرِيضَةِ عَائِلَهْ وَمِقْدَارُ مَا عَالَتْ بِنِسْبَتِهِ لَهَا ... بِلَا عَوْلِهَا فَارْحَمْ بِفَضْلِك قَائِلَهْ [دَرْسٌ] وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَمَا لَا يَعُولُ وَمَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْعَوْلُ شَرَعَ فِي بَيَانِ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ فِيهَا إذَا انْكَسَرَتْ السِّهَامُ عَلَى الرُّءُوسِ. وَاعْلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخٍ لِأُمٍّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الشَّقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ الْأَخُ لِلْأُمِّ لَهُ السُّدُسُ وَاحِدٌ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ أَسْهُمٍ. (قَوْلُهُ: كَمَنْ ذُكِرَ) أَيْ زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَأُمٍّ مَعَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ الْأُمِّ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ، وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ (قَوْلُهُ: وَكَأُمِّ الْفُرُوخِ إلَخْ) الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ هُوَ الْفَرِيضَةُ الْعَائِلَةُ لِعَشَرَةٍ مُطْلَقًا لَا هَذَا الْمِثَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَقَطْ كَمَا يُوهِمُهُ لَفْظُهُ. اهـ. بْن ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ، وَكَأُمِّ الْفُرُوخِ أُمٌّ وَزَوْجٌ إلَخْ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: كَمَنْ ذُكِرَ مَعَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَلِعَشَرَةٍ وَتُسَمَّى الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ أُمَّ الْفُرُوخِ كَمَنْ ذُكِرَ مَعَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يَكُونُ الْمَيِّتُ ذَكَرًا) أَيْ وَيَكُونُ أُنْثَى كَالْمِثَالِ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعُولَ) أَيْ الِاثْنَا عَشَرَ وَقَوْلُهُ لَهَا أَيْ لِلسَّبْعَةَ عَشَرَ إلَّا وَالْمَيِّتُ ذَكَرٌ أَيْ، وَأَمَّا عَوْلُهَا لِثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ يَكُونُ الْمَيِّتُ ذَكَرًا وَقَدْ يَكُونُ أُنْثَى (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى أَيْضًا بِأُمِّ الْفُرُوجِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِ النِّسَاءِ وَرِثْنَ فِيهَا خَاصَّةً دُونَ الرِّجَالِ وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ: أَلَمْ تَسْمَعْ، وَأَنْتَ بِأَرْضِ مِصْرَ ... بِذِكْرِ فَرِيضَةٍ فِي الْمُسْلِمِينَا بِسَبْعٍ ثُمَّ عَشْرٍ مِنْ إنَاثٍ ... فَخُرْت بِهِنَّ عِنْدَ الْفَارِضِينَا فَقَدْ حُزْنَ الْوِرَاثَةَ قَسْمُ حَقٍّ ... سَوَاءٌ فِي الْحُقُوقِ الْوَارِثِينَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَعُولَ لَهَا إلَّا وَالْمَيِّتُ ذَكَرٌ) بَلْ لَا تَكُونُ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ إلَّا وَالْمَيِّتُ ذَكَرٌ لِوُجُودِ الثُّمُنِ. (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ النِّسْبَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ يُوهِمُ أَنَّ تَسْمِيَتَهَا مِنْبَرِيَّةً لِوُجُودِ قَوْلِ عَلِيٍّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَارَ مَا كَانَ ثُمُنًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ) أَيْ مَا عَالَتْ بِهِ سُبْعًا (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فَيُقَالُ إذَا عَالَتْ لِثَمَانِيَةٍ إنَّهَا عَالَتْ

أَنَّ السِّهَامَ إنْ انْقَسَمَتْ عَلَى الرُّءُوسِ كَزَوْجَةٍ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ أَوْ تَمَاثَلَتْ السِّهَامُ مَعَ الرُّءُوسِ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ أَوْ تَدَاخَلَتْ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ، وَأَخَوَيْنِ مُطْلَقًا فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَمَقَامُهُ مِنْ اثْنَيْنِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ مِنْ سِتَّةٍ وَالِاثْنَانِ دَاخِلَانِ فِي السِّتَّةِ فَيُكْتَفَى بِهَا عَنْ الِاثْنَيْنِ وَلِلْأَخَوَيْنِ الْبَاقِي فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَوَّلِ سُدُسُهَا وَاحِدٌ وَالْبَاقِي اثْنَانِ لِلْأَخَوَيْنِ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى عَمَلٍ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ وَانْكَسَرَتْ عَلَى الرُّءُوسِ فَإِمَّا عَلَى صِنْفٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفٍ نَظَرَ الْحَاسِبُ بَيْنَ عَدَدِ الصِّنْفِ وَسِهَامِهِ بِنَظَرَيْنِ فَقَطْ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ رَدَّ الصِّنْفَ إلَى وَفْقِهِ وَضَرَبَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ بَايَنَ ضَرَبَ عَدَدَ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرَةِ عَلَيْهَا سِهَامُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّظَرَ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ وَبَيْنَ سِهَامِهِ الْمُنْكَسِرَةِ عَلَيْهِ بِهَذَيْنِ النَّظَرَيْنِ فَقَطْ. وَأَمَّا النَّظَرُ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ وَفَرِيقٍ، وَأَوْ مَا تَحَصَّلَ مِنْ فَرِيقَيْنِ مَعَ فَرِيقٍ آخَرَ فَبِأَرْبَعَةِ أَنْظَارِ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَالتَّدَاخُلِ فَفِي الْمُوَافَقَةِ يُضْرَبُ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَفِي الْمُبَايَنَةِ يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَفِي الْمُمَاثَلَةِ يُكْتَفَى بِأَحَدِ الْمِثْلَيْنِ وَفِي التَّدَاخُلِ يُكْتَفَى بِالْأَكْثَرِ فَمَا تَحَصَّلَ فَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ ثُمَّ يُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ فَمَا تَحَصَّلَ مِنْ عَدَدٍ فَمِنْهُ تَصِحُّ، وَإِلَى هَذَا الضَّابِطِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّ) أَيْ الْحَاسِبُ أَوْ الْقَاسِمُ فَرَدَّ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَقَابَلَ وَالْفَاعِلُ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ (كُلَّ صِنْفٍ) أَيْ عَدَدَ رُءُوسِ كُلِّ صِنْفٍ إذْ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الرَّدُّ (انْكَسَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُهُ إلَى وَفْقِهِ) كَزَوْجَةٍ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ رُبْعُهَا وَاحِدٌ وَلِلْإِخْوَةِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ تُوَافِقُهُمْ بِالثُّلُثِ فَتُرَدُّ السِّتَّةُ إلَى ثُلُثِهَا اثْنَيْنِ ثُمَّ يُضْرَبُ الْوَفْقُ فِي الْأَرْبَعَةِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي اثْنَيْنِ فَلَوْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ السِّتَّةُ لِأُمٍّ لَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ رُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى السِّتَّةِ وَلَكِنْ تُوَافِقُ السِّتَّةَ بِالنِّصْفِ فَتُرَدُّ السِّتَّةُ إلَى وَفْقِهَا ثَلَاثَةٍ ثُمَّ تُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ. وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَقَوْلُهُ إلَى وَفْقِهِ أَيْ إنْ وَافَقَ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ الْمَقَامُ (وَإِلَّا) يُوَافِقْ بَلْ بَايَنَتْ السِّهَامُ الرُّءُوسَ (تَرَكَ) الْحَاسِبُ الصِّنْفَ عَلَى حَالِهِ فَلَا يَرُدُّهُ إلَى شَيْءٍ إذْ لَيْسَ هُنَا مَا يُرَدُّ إلَيْهِ فَالْمَعْنَى، وَإِلَّا تَرَكَ الرَّدَّ، وَأَبْقَاهُ عَلَى حَالِهِ وَضَرَبَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ مَعْنَى تَرَكَ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ أَصْلًا بِضَرْبٍ وَلَا غَيْرِهِ إذْ هُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّهُ إذَا بَايَنَتْ السِّهَامُ الرُّءُوسَ ضُرِبَتْ الرُّءُوسُ الْمُنْكَسِرُ عَلَيْهَا سِهَامُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ يُقَالُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَتْ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ كَبِنْتٍ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ لِلْبِنْتِ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي وَهُوَ وَاحِدٌ لِلْأَخَوَاتِ مُبَايِنٌ لَهُنَّ فَتُضْرَبُ الرُّءُوسُ الثَّلَاثَةُ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ، وَهَذَا فِيمَا إذَا انْكَسَرَتْ السِّهَامُ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ إلَّا النَّظَرَ بِالْمُوَافَقَةِ أَوْ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَ السِّهَامِ وَالرُّءُوسِ فَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ صِنْفٍ نَظَرْتَ بَيْنَ كُلِّ صِنْفٍ وَسِهَامِهِ بِالْمُوَافَقَةِ أَوْ الْمُبَايَنَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهَا سِهَامُهَا بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ بِأَرْبَعَةِ أَنْظَارٍ التَّوَافُقِ وَالتَّمَاثُلِ وَالتَّبَايُنِ وَالتَّدَاخُلِ. كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) إنْ انْكَسَرَتْ السِّهَامُ عَلَى صِنْفَيْنِ (قَابَلَ) الْحَاسِبُ (بَيْنَ اثْنَيْنِ) مِنْ الْأَصْنَافِ فَقَدْ يَتَمَاثَلَانِ وَقَدْ يَتَدَاخَلَانِ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمِثْلِ ثُلُثِهَا وَنَقَصَ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ بِالْعَوْلِ رُبْعُهُ وَفِيمَا إذَا عَالَتْ لِتِسْعَةٍ أَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِ نِصْفِهَا وَنَقَصَتْ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ ثُلُثَهُ فِيمَا إذَا عَالَتْ لِعَشَرَةٍ أَنَّهَا عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا وَنَقَصَ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ خُمُسًا (قَوْلُهُ: إنَّ السِّهَامَ إنْ انْقَسَمَتْ عَلَى الرُّءُوسِ) أَيْ عَلَى رُءُوسِ الْوَرَثَةِ بِأَنْ كَانَتْ السِّهَامُ أَكْثَرَ مِنْ الرُّءُوسِ إلَّا أَنَّهَا مُنْقَسِمَةٌ عَلَيْهَا قِسْمَةً صَحِيحَةً مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ أَوْ كَانَتْ قَدْرَهَا فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةِ بَنِينَ) أَيْ فَإِنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ كَمَا أَنَّ رُءُوسَ أَصْحَابِ السِّهَامِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ تَدَاخَلَتْ كَزَوْجٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَوْ تَدَاخَلَتْ السِّهَامُ مَعَ الرُّءُوسِ أَيْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَفِيهِ أَنَّ الْمِثَالَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ فِيهِ تَدَاخُلٌ بَيْنَ السِّهَامِ وَالرُّءُوسِ بَلْ بَيْنَ مَخَارِجِ الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْكَلَامِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ انْقَسَمَتْ عَلَى الرُّءُوسِ كَزَوْجَةٍ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَايَنَ) أَيْ عَدَدُ الصِّنْفِ سِهَامَهُ (قَوْلُهُ: بِهَذَيْنِ النَّظَرَيْنِ) أَيْ، وَهُمَا الْمُوَافَقَةُ وَالْمُبَايَنَةُ فَقَطْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْظُرْ بَيْنَهُمَا بِالتَّمَاثُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا انْكِسَارَ فِيهِ، وَلَمْ يَنْظُرْ بَيْنَهُمَا بِالتَّدَاخُلِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ إنْ كَانَ هُوَ الصِّنْفَ فِي السِّهَامِ فَلَا انْكِسَارَ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَتْ السِّهَامُ دَاخِلَةً فِي الصِّنْفِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمُوَافَقَةِ وَرَاجِعٌ لَهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا النَّظَرُ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ وَفَرِيقٍ) أَيْ بَعْدَ النَّظَرِ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ وَسِهَامِهِ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ (قَوْلُهُ: مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ) أَيْ، وَهُوَ الْحَاسِبُ أَوْ الْقَاسِمُ (قَوْلُهُ: كُلُّ صِنْفٍ) يُقَالُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ اتَّصَفَتْ بِوَصْفٍ صِنْفٌ وَفَرِيقٌ وَحَيٌّ وَطَائِفَةٌ وَنَوْعٌ فَكُلُّهَا مُتَرَادِفَةٌ (قَوْلُهُ: إلَى وَفْقِهِ) أَيْ، وَإِنْ وَافَقَ سِهَامَهُ الَّتِي انْكَسَرَتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُضْرَبُ الْوَفْقُ) أَيْ، وَهُوَ الِاثْنَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُوَافِقْ) أَيْ، وَإِلَّا يُوَافِقْ ذَلِكَ الْفَرِيقُ سِهَامَهُ الْمُنْكَسِرَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ بَايَنَتْ السِّهَامُ الرُّءُوسَ) أَيْ رُءُوسَ ذَلِكَ الصِّنْفِ (قَوْلُهُ: بِسِتَّةٍ) أَيْ فَلِلْبِنْتِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ، وَلِلْأَخَوَاتِ الثَّلَاثِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَأْخُذُ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: قَابَلَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ وَسِهَامِهِ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ فَيَرُدُّ الْفَرِيقَ لِوَفْقِهِ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ وَيَبْقَى الْفَرِيقُ عَلَى حَالِهِ عِنْدَ الْمُبَايَنَةِ وَقَوْلُهُ قَابَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَيْ بَيْنَ ذَاتِ الصِّنْفَيْنِ إنْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ بَايَنَتْهُ سِهَامُهُ وَبَيْنَ وَفْقِ الصِّنْفَيْنِ إنْ كَانَ كُلُّ

وَقَدْ يَتَوَافَقَانِ أَوْ يَتَبَايَنَانِ (فَأَخَذَ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ) إنْ تَمَاثَلَا وَاكْتَفَى بِهِ وَكَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَمْ تَنْكَسِرْ إلَّا عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ يُوَافِقَانِهِمْ بِالنِّصْفِ وَوَفْقُهُمْ اثْنَانِ تُرَدُّ إلَيْهِمَا وَلِلسِّتَّةِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ تُوَافِقُهُمْ بِالثُّلُثِ وَثُلُثُهُمْ اثْنَانِ فَتُرَدُّ الْأَرْبَعَةُ إلَى اثْنَيْنِ وَالسِّتَّةُ إلَى اثْنَيْنِ وَفْقَ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الْوَفْقَيْنِ بِأَحَدِ الْأَنْظَارِ الْأَرْبَعَةِ تَجِدُ بَيْنَهُمَا الْمُمَاثَلَةَ فَاكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ وَاضْرِبْهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَتْ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَاحِدٌ (وَ) أَخَذَ (أَكْثَرَ الْمُتَدَاخِلَيْنِ) إنْ تَدَاخَلَا وَاكْتَفَى بِهِ وَضَرَبَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةٍ لِأَبٍ وَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَيْهِمْ لَكِنْ يُوَافِقَانِهِمْ بِالنِّصْفِ وَنِصْفُهُمْ أَرْبَعَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ لَكِنْ تُوَافِقُهُمْ بِالثُّلُثِ وَثُلُثُهُمْ اثْنَانِ وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَفْقَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالِاثْنَيْنِ وَفْقَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ تَدَاخُلٌ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ رَاجَعَ الْإِخْوَةَ الثَّمَانِيَةَ فَيَكْتَفِي بِالْأَرْبَعَةِ وَهِيَ جُزْءُ السَّهْمِ وَيُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَتْ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثَّمَانِيَةِ سَهْمَانِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمَانِ. (وَ) أَخَذَ (حَاصِلَ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ إنْ تَوَافَقَا) أَيْ الصِّنْفَانِ كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَخًا لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَيْهِمْ لَكِنْ يُوَافِقَانِهِمْ بِالنِّصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتُرَدُّ الثَّمَانِيَةُ لِوَفْقِهَا أَرْبَعَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ لَكِنْ تُوَافِقُهُمْ بِالثُّلُثِ فَتُرَدُّ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لِوَفْقِهِمْ سِتَّةٍ وَبَيْنَ السِّتَّةِ رَاجِعِهِمْ وَالْأَرْبَعَةِ رَاجِعِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ تَوَافُقٌ بِالنِّصْفِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ يُضْرَبُ فِي سِتَّةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا وَبَاقِي جُزْءِ السَّهْمِ الَّذِي ضُرِبَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلٍّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمَانِ (وَإِلَّا) يَتَمَاثَلَا وَلَا يَتَدَاخَلَا وَلَا يَتَوَافَقَا (فَفِي كُلِّهِ) أَيْ فَيَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي كُلِّ الْآخَرِ (إنْ تَبَايَنَا) وَمَا حَصَلَ فَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ يُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ كَأُمٍّ، وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQصِنْفٍ وَافَقَتْهُ سِهَامُهُ وَبَيْنَ وَفْقِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَذَاتِ الْآخَرِ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَايَنَتْهُ سِهَامُهُ وَالْآخَرُ وَافَقَتْهُ سِهَامُهُ. (قَوْلُهُ: فَأَخَذَ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ إنْ تَمَاثَلَا) دَخَلَ فِي هَذَا ثَلَاثُ صُوَرٍ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُوَافِقَ كُلُّ صِنْفٍ سِهَامَهُ. وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةٍ إخْوَةٍ لِأَبٍ وَمِثَالُهُ بِالْعَوْلِ أُمٌّ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثِنْتَا عَشْرَةَ أُخْتًا لِأَبٍ، وَإِمَّا أَنْ يُبَايَنَ كُلُّ فَرِيقٍ سِهَامَهُ وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ زَوْجَتَانِ وَأَخَوَانِ لِأَبٍ وَمِثَالُهُ مَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ، وَإِمَّا أَنْ يُوَافِقَ أَحَدُهُمَا وَيُبَايِنَ الْآخَرُ سِهَامَهُ وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ أُمٌّ وَسِتُّ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةُ بَنِي ابْنٍ، وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثَلَاثَةُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُ الْمُتَدَاخِلَيْنِ) فِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُوَافِقَ كُلُّ صِنْفٍ سِهَامَهُ، وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ، وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّ عَشْرَةَ أُخْتًا لِأَبٍ. وَإِمَّا أَنْ يُبَايِنَ كُلُّ صِنْفٍ سِهَامَهُ وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ زَوْجَتَانِ وَبِنْتٌ، وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ. وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَتِسْعَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ. وَإِمَّا أَنْ يُوَافِقَ أَحَدُهُمَا وَيُبَايِنَ الْآخَرُ، وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ: أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَوَفْقُ الْإِخْوَةِ دَاخِلٌ فِي عَدَدِ الزَّوْجَاتِ. وَمَعَ الْعَوْلِ: أُمٌّ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَتِسْعُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ حَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ إنْ تَوَافَقَا) فِيهِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُوَافِقَ كُلُّ صِنْفٍ سِهَامَهُ وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ مَا مَثَّلَ بِهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ أُمٌّ وَثَمَانِيَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَخًا لِأَبٍ وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ وَسِتَّ عَشْرَةَ أُخْتًا لِأَبٍ. وَإِمَّا أَنْ يُبَايِنَ كُلُّ صِنْفٍ سِهَامَهُ مِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ تِسْعُ بَنَاتٍ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَتِسْعُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ، وَإِمَّا أَنْ يُوَافِقَ أَحَدُهُمَا وَيُبَايِنَ الْآخَرُ وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ ثَمَانِي بَنَاتٍ وَسِتَّةُ بَنِي ابْنٍ أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ وَتِسْعُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي كُلِّهِ إنْ تَبَايَنَا) فِيهِ أَيْضًا ثَلَاثُ صُوَرٍ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُوَافِقَ كُلُّ فَرِيقٍ سِهَامَهُ، وَمِثَالُهُ دُونَ عَوْلٍ أُمٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَتِسْعَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ وَمِثَالُهُ مَعَ الْعَوْلِ كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ، وَهُوَ أُمٌّ، وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتُّ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ. وَإِمَّا أَنْ يُبَايِنَ كُلُّ فَرِيقٍ سِهَامَهُ، وَمِثَالُهُ بِدُونِ عَوْلٍ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ وَعَاصِبَانِ أَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَثَلَاثُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَإِمَّا أَنْ يُوَافِقَ أَحَدُهُمَا سِهَامَهُ وَيُبَايِنَ الْآخَرُ سِهَامَهُ وَمِثَالُهُ بِدُونِ عَوْلٍ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَثَلَاثُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ، أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْأَخَوَاتِ الْأَرْبَعِ اثْنَانِ مُوَافِقَانِ لَهُنَّ بِالنِّصْفِ وَوَاحِدٌ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثَّلَاثَةِ مُبَايِنٌ لَهُمْ وَمَعَ الْعَوْلِ أُمٌّ

وَسِتِّ أَخَوَاتٍ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ ثُلُثُهَا اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ يُوَافِقَانِهِمْ بِالنِّصْفِ وَنِصْفُهُمْ اثْنَانِ وَلِلْأَخَوَاتِ السِّتَّةِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَلَكِنْ تَوَافُقُهُنَّ بِالنِّصْفِ فَيَرْدُدْنَ إلَى نِصْفِهِنَّ ثَلَاثَةٍ وَبَيْنَ الِاثْنَيْنِ رَاجِعِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالثَّلَاثَةِ رَاجِعِ الْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ تَبَايُنٌ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِسِتَّةٍ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ يُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا سَبْعَةٍ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي سِتَّةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي السِّتَّةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَلِلْأَخَوَاتِ أَرْبَعَةٌ فِي سِتَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَا إذَا وَقَعَ الِانْكِسَارُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ، وَهِيَ غَايَةُ مَا تَنْكَسِرُ فِيهِ الْفَرَائِضُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُوَرِّثْ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ كَمَا مَرَّ فَقَالَ (ثُمَّ) قَابَلَ الْحَاسِبُ (بَيْنَ الْحَاصِلِ) مِنْ الصِّنْفَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَحَدُ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، وَأَكْثَرُ الْمُتَدَاخِلَيْنِ وَمَا حَصَلَ مِنْ ضَرْبِ الْوَفْقِ إنْ تَوَافَقَا وَالْكُلُّ فِي الْآخَرِ إنْ تَبَايَنَا (وَ) بَيْنَ النِّصْفِ (الثَّالِثِ) إنْ كَانَ هُنَاكَ ثَالِثٌ بِالتَّمَاثُلِ أَوْ التَّدَاخُلِ أَوْ التَّوَافُقِ أَوْ التَّبَايُنِ بَعْدَ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَ السِّهَامِ، وَالرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهَا السِّهَامُ بِالْمُوَافَقَةِ أَوْ بِالْمُبَايَنَةِ فَإِنْ تَمَاثَلَتْ كُلُّهَا رَجَعَتْ لِصِنْفٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا إنْ تَدَاخَلَ اثْنَانِ مِنْهَا فِي وَاحِدٍ فَإِنْ تَمَاثَلَ اثْنَانِ مِنْهَا أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ رَجَعَتْ لِصِنْفَيْنِ وَفَعَلَ مَا مَرَّ. مِثَالُ مَا وَقَعَ فِيهِ الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ جَدَّتَانِ وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلْجَدَّتَيْنِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ عَلَيْهِمَا وَيُبَايِنُ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ كَذَلِكَ وَلِلْخَمْسَةِ إخْوَةٍ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ كَذَلِكَ وَعَدَدُ رُءُوسِ الْأَصْنَافِ كُلِّهَا مُتَبَايِنَةٌ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ عَدَدَ رُءُوسِ الْجَدَّتَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ عَدَدِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ بِسِتَّةٍ وَبَيْنَ السِّتَّةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الضَّرْبِ وَالْخَمْسَةِ عَدَدِ الْإِخْوَةِ لِغَيْرِ أُمٍّ تَبَايُنٌ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ تُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٍ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي جُزْءِ السَّهْمِ ثَلَاثِينَ لِلْجَدَّتَيْنِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثِينَ بِثَلَاثِينَ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ سَهْمَانِ فِي ثَلَاثِينَ بِسِتِّينَ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فِي ثَلَاثِينَ بِتِسْعِينَ فَلَوْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَرْبَعَةً لَرَجَعُوا إلَى اثْنَيْنِ وَفْقِهِمْ وَالِاثْنَانِ مَعَ الْجَدَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا تَمَاثُلٌ يُكْتَفَى بِأَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَيُضْرَبَانِ فِي الْخَمْسَةِ عَدَدِ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ لِغَيْرِ أُمٍّ لِلتَّبَايُنِ وَكَأَنَّهَا انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفَيْنِ تَبْلُغُ عَشَرَةً هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ يُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتِّينَ وَلَوْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ سِتَّةً مَعَ كَوْنِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةً لَرَجَعَتْ السِّتَّةُ إلَى وَفْقِهَا اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ سِهَامَهُ ثَلَاثَةٌ تَوَافُقُهُمْ بِالثُّلُثِ وَثُلُثُ السِّتَّةِ اثْنَانِ وَرَاجِعُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ اثْنَانِ فَبَيْنَ الْجَدَّتَيْنِ وَالرَّاجِعَيْنِ تَمَاثُلٌ يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَكَأَنَّهَا انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ جُزْءُ السَّهْمِ اثْنَيْنِ يُضْرَبُ فِي سِتَّةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ، مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي اثْنَيْنِ لِلْجَدَّتَيْنِ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ كَذَلِكَ) لَا حَاجَةَ لَهُ عَلَى مَذْهَبِنَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ غَايَةَ مَا تَنْكَسِرُ فِيهِ الْفَرَائِضُ عِنْدَنَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ وَكَأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ بَيَانَ تَتْمِيمِ الْعَمَلِ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ وَلَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ كَمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَتَأَتَّى عِنْدَهُ الِانْكِسَارُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ؛ لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ قَابَلَ بَيْنَ الْحَاصِلِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَصِنْفٍ رَابِعٍ مِثْلَ مُقَابَلَتِهِ بَيْنَ الْحَاصِلِ مِنْ صِنْفَيْنِ وَصِنْفٍ ثَالِثٍ مِنْ مُمَاثَلَةٍ وَتَدَاخُلٍ وَتَوَافُقٍ وَتَبَايُنٍ وَذَلِكَ فِيمَا إذْ كَانَتْ الْجَدَّاتُ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ فِي أَصْلَيْ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَثَلَاثُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِي أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَبِهَذَا يَتِمُّ صُوَرُ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ضَرْبِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً الَّتِي حَصَّلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي حَالَتَيْ الْعَوْلِ وَعَدَمِهِ وَالْعَمَلُ فِيهَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَسِتُّ أَخَوَاتٍ) أَيْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الصِّنْفِ الثَّالِثِ) الْأَوْلَى وَبَيْنَ الْحَاصِلِ مِنْ النَّظَرِ فِي الصِّنْفِ الثَّالِثِ وَسِهَامِهِ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ السِّهَامِ) أَيْ بَيْنَ سِهَامِ الصِّنْفِ الثَّالِثِ وَرُءُوسِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَاثَلَتْ إلَخْ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ فَإِنْ تَمَاثَلَتْ الْفِرَقُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي انْكَسَرَ عَلَيْهَا سِهَامُهَا، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنْ تَمَاثَلَ الْحَاصِلُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ وَالْحَاصِلُ مِنْ النَّظَرِ فِي الصِّنْفِ الثَّالِثِ وَسِهَامِهِ أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ أَخَذْتَ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ الْمُتَدَاخِلَيْنِ وَتَضْرِبُهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ تَوَافَقَ الْحَاصِلُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ وَالْحَاصِلُ مِنْ النَّظَرِ فِي الصِّنْفِ الثَّالِثِ وَسِهَامِهِ ضَرَبْتَ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كُلِّ الْآخَرِ، وَمَا حَصَلَ فَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ تَضْرِبُهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ بَايَنَ الْحَاصِلُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ الْحَاصِلَ مِنْ النَّظَرِ فِي الصِّنْفِ الثَّالِثِ وَسِهَامِهِ فَاضْرِبْ كَامِلَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ فَمَا حَصَلَ فَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ اضْرِبْهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَحْصُلُ مَا تَصِحُّ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: بِثَلَاثِينَ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: بِسِتِّينَ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِشْرُونَ سَهْمًا (قَوْلُهُ: بِتِسْعِينَ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْمِثَالِ أَرْبَعَةٌ) بِأَنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ جَدَّتَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَخَمْسَةَ إخْوَةٍ لِأَبٍ (قَوْلُهُ: بِسِتِّينَ) لِلْجَدَّتَيْنِ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ سَهْمٌ فِي عَشَرَةٍ بِعَشَرَةٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ، وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ سَهْمَانِ فِي عَشَرَةٍ بِعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثَلَاثَةٌ فِي عَشَرَةٍ بِثَلَاثِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِتَّةٌ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةً) بِأَنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ جَدَّتَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةَ إخْوَةٍ لِأَبٍ (قَوْلُهُ: لِمَا عَلِمْت أَنَّ غَايَةَ مَا تَنْكَسِرُ فِيهِ الْفَرَائِضُ) أَيْ السِّهَامُ وَفِي بِمَعْنَى عَلَى أَيْ لِمَا عَلِمْت أَنَّ غَايَةَ مَا تَنْكَسِرُ عَلَيْهِ السِّهَامُ مِنْ الْأَصْنَافِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ (قَوْلُهُ: وَصِنْفٌ رَابِعٌ) أَيْ وَالْحَاصِلُ مِنْ النَّظَرِ فِي الصِّنْفِ

مِثَالُ الْأَوَّلِ ثَلَاثُ جَدَّاتٍ، وَأَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّ فِيهَا سُدُسًا وَرُبْعًا لِلْجَدَّاتِ الثَّلَاثَةِ سُدُسُهَا سَهْمَانِ وَلِلزَّوْجَاتِ الْأَرْبَعَةِ رُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثَّلَاثَةِ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ الْخَمْسَةُ بَاقِيهَا ثَلَاثَةٌ وَسِهَامُ كُلِّ صِنْفٍ لَا تُوَافِقُهُ وَعَدَدُ رُءُوسِ الْجَدَّاتِ الثَّلَاثَةِ يُمَاثِلُ عَدَدَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فَيَكْتَفِي مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ هُوَ ثَلَاثَةٌ وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالزَّوْجَاتِ الْأَرْبَعَةِ مُبَايَنَةٌ فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَبَيْنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْحَاصِلَةِ مِنْ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ عَدَدِ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ تَبَايُنٌ، وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ سِتُّونَ وَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ يُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ اثْنَيْ عَشَرَ بِسَبْعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي جُزْءِ السَّهْمِ سِتِّينَ لِلْجَدَّاتِ سَهْمَانِ فِي سِتِّينَ بِمِائَةِ وَعِشْرِينَ وَلِلزَّوْجَاتِ الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ فِي سِتِّينَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ لِكُلٍّ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي سِتِّينَ بِمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَانُونَ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأَبِ الْخَمْسَةِ ثَلَاثَةٌ كَالزَّوْجَاتِ فِي السِّتِّينَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ. وَمِثَالُ الثَّانِي ثَلَاثُ جَدَّاتٍ وَزَوْجَتَانِ وَثَلَاثُ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةُ أَعْمَامٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْجَدَّاتِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ تَبَايُنُهُنَّ وَلِلزَّوْجَتَيْنِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ تَبَايُنُهُمْ وَلِلثَّلَاثِ بَنَاتٍ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ تَبَايُنُهُنَّ وَلِلْأَعْمَامِ الْبَاقِي وَاحِدٌ يُبَايِنُهُمْ وَبَيْنَ الْجَدَّاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَعْمَامِ مُمَاثَلَةٌ يُكْتَفَى بِعَدَدِ صِنْفٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٍ وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالزَّوْجَتَيْنِ مُبَايَنَةٌ يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بِسِتَّةٍ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ يُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي سِتَّةٍ (وَضُرِبَ فِي الْعَوْلِ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ مَا تَعُولُ إلَيْهِ مَحْسُوبٌ مِنْ أَصْلِ الْفَرِيضَةِ وَتَقَدَّمَ مِثَالُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فَفِي كُلِّهِ إنْ تَبَايَنَا وَلَمَّا قَدَّمَ انْكِسَارَ الصِّنْفَيْنِ بَيَّنَ مَا تَحْتَهُ مِنْ عَدَدِ الصُّوَرِ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِمَّا سَبَقَ بِالْقُوَّةِ زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ وَتَنْبِيهًا عَلَى مَا قَدْ يَخْطِرُ بِالْبَالِ فَقَالَ (وَفِي) انْكِسَارِ السِّهَامِ عَلَى (الصِّنْفَيْنِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً) مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ (لِأَنَّ كُلَّ صِنْفٍ) مِنْهُمَا (إمَّا أَنْ يُوَافِقَ سِهَامَهُ) أَيْ يُوَافِقَ رُءُوسُ كُلِّ صِنْفٍ سِهَامَهُ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ رُءُوسِ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمَا وَبَيْنَ سِهَامِهِ مُوَافَقَةٌ بِالرُّبْعِ أَوْ الثُّلُثِ فَيُرَدُّ إلَى وَفْقِهِ (أَوْ يُبَايِنُهَا) أَيْ يُبَايِنُ رُءُوسُ كُلِّ صِنْفٍ سِهَامَهُ (أَوْ يُوَافِقُ أَحَدُهُمَا) سِهَامَهُ (وَيُبَايِنُ الْآخَرُ) سِهَامَهُ يَعْنِي أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا مُوَافِقًا لِسِهَامِهِ وَالْآخَرُ مُبَايِنًا لِسِهَامِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ (ثُمَّ كُلٌّ) مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (إمَّا أَنْ يَتَدَاخَلَا) بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا دَاخِلًا فِي الْآخَرِ فَيُكْتَفَى بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا فَيُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (أَوْ يَتَوَافَقَا) فَيُضْرَبُ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ كَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ (أَوْ يَتَبَايَنَا) كَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لِأَبٍ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (أَوْ يَتَمَاثَلَا) كَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ كُلٍّ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَالَ (فَالتَّدَاخُلُ أَنْ يُفْنِيَ) أَيْ هُوَ ذُو أَنْ يُفْنِيَ (أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ التَّدَاخُلِ كَوْنُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ دَاخِلًا فِي الْآخَرِ أَيْ مُنْدَرِجًا تَحْتَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَامَتُهُ أَيْ مِنْ عَلَامَتِهِ، وَضَابِطُهُ أَنْ يُفْنِيَ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا الْأَكْثَرَ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَاثْنَيْنِ مَعَ الْأَرْبَعَةِ وَالسِّتَّةِ وَالثَّمَانِيَةِ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ يُفْنِيَانِ الْأَرْبَعَةَ فِي مَرَّتَيْنِ وَالسِّتَّةَ فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَالثَّمَانِيَةَ فِي أَرْبَعَةٍ وَالْعَشَرَةَ فِي خَمْسَةٍ وَكَذَا الثَّلَاثَةُ مَعَ السِّتَّةِ أَوْ التِّسْعَةِ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ وَكَذَا الْأَرْبَعَةُ مَعَ الثَّمَانِيَةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّدَاخُلُ فِي الصِّنْفَيْنِ، وَأَمَّا فِي السِّهَامِ مَعَ رُءُوسِ الصِّنْفِ فَمَا ذُكِرَ مِنْ بَابِ التَّوَافُقِ بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ (أَوْ لَا) أَنَّهُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَقَلُّ مِنْ الْمُفْنِي كَمَا فِي الِاثْنَيْنِ مَعَ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَبْقَى وَاحِدٌ وَكَمَا فِي الْأَرْبَعَةِ مَعَ السِّتَّةِ فَإِنَّهُ يَبْقَى اثْنَانِ أَوْ مَعَ السَّبْعَةِ فَإِنَّهُ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَطْ، وَإِلَّا لَمْ يَشْمَلْ صُورَةً مِنْ صُوَرِ التَّدَاخُلِ أَوْ مَعْنَاهُ فِي التَّسْلِيطِ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَعَدَّدَ (وَإِلَّا) يَحْصُلْ الْإِفْنَاءُ أَوَّلًا بِأَنْ بَقِيَ بَعْدَ تَسْلِيطِ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ عَدَدٌ أَقَلُّ مِنْ الْعَدَدِ الْمُفْنِي (فَإِنْ بَقِيَ) مِنْ الْأَكْثَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّابِعِ وَسِهَامِهِ بِالْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ (قَوْلُهُ: مِثَالُ الْأَوَّلِ) أَيْ الِانْكِسَارُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ فِي أَصْلِ اثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ: مِنْ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ) أَيْ مِنْ ضَرْبِ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ: بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ) لِكُلِّ جَدَّةٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ. (قَوْلُهُ: وَمِثَالُ الثَّانِي) أَيْ الِانْكِسَارِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ فِي أَصْلِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثُمُنًا وَثُلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ فَلِلْجَدَّاتِ الثَّلَاثِ أَرْبَعَةٌ فِي سِتَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلزَّوْجَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تِسْعَةٌ، وَلِلثَّلَاثِ بَنَاتٍ سِتَّةَ عَشَرَ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ وَتِسْعِينَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَلِلْأَعْمَامِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اثْنَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْحَاصِلُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ) أَيْ، وَهِيَ التَّدَاخُلُ وَالتَّوَافُقُ وَالتَّبَايُنُ وَالتَّمَاثُلُ (قَوْلُهُ: وَضَابِطُهُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَرُبَّمَا عُرِّفَ التَّدَاخُلُ بِأَنَّهُ يَكُونُ الْكَثِيرُ ضِعْفَيْ الْقَلِيلِ أَوْ أَضْعَافًا لَهُ أَوْ يَكُونُ الْقَلِيلُ جُزْءًا مِنْ الْكَثِيرِ قَالَ ابْنُ عَلَاقٍ وَكُلُّ مُتَدَاخِلَيْنِ مُتَوَافِقَانِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ضَرَبَ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ يَكُونُ الْخَارِجُ مِنْ الضَّرْبِ مُسَاوِيًا لِلْأَكْبَرِ، وَكُلُّ مَا انْقَسَمَ عَلَى أَكْبَرِهِمَا يَنْقَسِمُ عَلَى الْأَصْغَرِ فَلِذَلِكَ يُسْتَغْنَى بِالْأَكْبَرِ عَنْ الْأَصْغَرِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: كَمَا فِي اثْنَيْنِ مَعَ الثَّلَاثَةِ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: فِي التَّسْلِيطِ الْأَوَّلِ) أَيْ تَسْلِيطِ الْعَدَدِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ ذَلِكَ التَّسْلِيطُ كَمَا فِي الِاثْنَيْنِ مَعَ الثَّمَانِيَةِ لَا فِي التَّسْلِيطِ الثَّانِي كَمَا فِي السِّتَّةِ

(وَاحِدٌ فَمُتَبَايِنٌ) كَاثْنَيْنِ مَعَ الْخَمْسَةِ أَوْ السَّبْعَةِ وَكَالْخَمْسَةِ مَعَ السِّتَّةِ أَوْ مَعَ الْأَحَدَ عَشَرَ (وَإِلَّا) يَبْقَ كُلُّ وَاحِدٍ بَلْ بَقِيَ أَكْثَرُ (فَالْمُوَافَقَةُ) وَتَكُونُ (بِنِسْبَةِ مُفْرَدٍ) هَوَائِيٍّ (لِلْعَدَدِ الْمُفْنِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ (آخِرًا) كَالْأَرْبَعَةِ وَالسِّتَّةِ فَإِذَا سُلِّطَتْ الْأَرْبَعَةُ عَلَى السِّتَّةِ يَفْضُلُ اثْنَانِ تُسَلِّطُهُمَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَتُفْنِيهِمَا فِي مَرَّتَيْنِ فَالْعَدَدُ الْمُفْنِي آخِرًا اثْنَانِ وَنِسْبَةُ الْمُفْرَدِ الْهَوَائِيِّ لَهُمَا النِّصْفُ فَتَكُونُ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَالسِّتَّةِ بِالنِّصْفِ وَكَالتِّسْعَةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ فَإِذَا سَلَّطْت التِّسْعَةَ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ تُسَلِّطُهَا عَلَى التِّسْعَةِ فَتُفْنِيهَا فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَالْعَدَدُ الْمُفْنِي آخِرًا ثَلَاثَةٌ وَنِسْبَةُ مُفْرَدٍ هَوَائِيٍّ لِلثَّلَاثَةِ ثُلُثٌ فَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالثُّلُثِ وَكَذَا التِّسْعَةُ مَعَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّك إذَا سَلَّطْت التِّسْعَةَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَبْقَى سِتَّةٌ تُسَلِّطُهَا عَلَى التِّسْعَةِ يَفْضُلُ ثَلَاثَةٌ تُسَلِّطُ الثَّلَاثَةَ عَلَى السِّتَّةِ فَتُفْنِيهَا فِي مَرَّتَيْنِ فَالْعَدَدُ الْمُفْنِي آخِرًا ثَلَاثَةٌ، وَنِسْبَةُ مُفْرَدٍ هَوَائِيٍّ لَهَا ثُلُثٌ فَالْمُوَافَقَةُ حِينَئِذٍ بَيْنَ التِّسْعَةِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ بِالثُّلُثِ وَبَيْنَ الثَّمَانِيَةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ تَوَافُقٌ بِالرُّبْعِ؛ لِأَنَّك إذَا سَلَّطْت الثَّمَانِيَةَ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ بَقِيَ أَرْبَعَةٌ تُسَلِّطُهَا عَلَى الثَّمَانِيَةِ فَتُفْنِيهَا فِي مَرَّتَيْنِ فَالْمُفْنِي آخِرًا أَرْبَعَةٌ وَنِسْبَةُ مُفْرَدٍ هَوَائِيٍّ لِلْأَرْبَعَةِ رُبْعٌ وَبَيْنَ الثَّمَانِيَةِ وَالْعَشَرَةِ مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّك إذَا سَلَّطْت الثَّمَانِيَةَ عَلَى الْعَشَرَةِ بَقِيَ اثْنَانِ فَإِذَا سَلَّطْتَهُمَا عَلَى الثَّمَانِيَةِ أَفْنَتْهَا فِي أَرْبَعِ مَرَّاتٍ فَالْمُفْنِي آخِرًا اثْنَانِ وَنِسْبَةُ مُفْرَدٍ هَوَائِيٍّ لَهُمَا نِصْفٌ وَهَكَذَا. وَهَذَا كَمَا يَجْرِي فِي الْعَدَدِ الْمُنْطَقِ يَجْرِي فِي الْأَصَمِّ فَالِاثْنَانِ وَالْعِشْرُونَ تُوَافِقُ الثَّلَاثَةَ وَالثَّلَاثِينَ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا؛ لِأَنَّك إذَا سَلَّطْت الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالثَّلَاثِينَ يَفْضُلُ أَحَدَ عَشَرَ تُسَلِّطُهَا عَلَى الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ تُفْنِيهَا فِي مَرَّتَيْنِ فَالْعَدَدُ الْمُفْنِي آخِرًا أَحَدَ عَشَرَ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ الْهَوَائِيِّ لَهَا جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَهَكَذَا، وَأَمَّا الثَّمَانِيَةُ مَعَ السِّتَّةَ عَشَرَ أَوْ مَعَ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ مَعَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثِينَ فَتَدَاخُلٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ تُفْنِي مَا ذُكِرَ أَوَّلًا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ عَدَدٌ بَعْدَ التَّسْلِيطِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْمُفْنِي آخِرًا وَاحِدٌ فَبَيْنَهُمَا التَّبَايُنُ كَمَا فِي سَبْعَةٍ مَعَ تِسْعَةٍ فَإِنَّك إذَا سَلَّطْت السَّبْعَةَ عَلَى التِّسْعَةِ يَبْقَى اثْنَانِ تُسَلِّطُهُمَا عَلَى السَّبْعَةِ يَبْقَى وَاحِدٌ فَبَيْنَهُمَا التَّبَايُنُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ قِسْمَةِ الْفَرِيضَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ الْمَعْلُومَةِ الْقَدْرِ كُلِّهَا وَاقْتَصَرَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى طَرِيقَتَيْنِ أَشَارَ لِأُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ] (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبٌ (مِنْ التَّرِكَةِ بِنِسْبَةِ حَظِّهِ) أَيْ الْوَارِثِ (مِنْ الْمَسْأَلَةِ) فَإِنْ كَانَ حَظُّهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ رُبْعَهَا كَالزَّوْجِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ أَوْ الزَّوْجَةِ عِنْدَ عَدَمِهِ أُعْطِيَ مِنْ التَّرِكَةِ رُبْعَهَا وَهَكَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَهَذِهِ أَقْرَبُ الطُّرُقِ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا تَكُونُ أَقْرَبَ الطُّرُقِ إذَا قَلَّتْ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ الثَّمَانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ السَّبْعَةِ) أَيْ أَوْ التِّسْعَةِ أَوْ الْأَحَدَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: وَكَالْخَمْسَةِ مَعَ السِّتَّةِ) أَيْ أَوْ مَعَ السَّبْعَةِ؛ لِأَنَّك إذَا سَلَّطْت الْخَمْسَةَ عَلَى السَّبْعَةِ يَبْقَى اثْنَانِ سَلِّطْهُمَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَبْقَى وَاحِدٌ، وَكَذَا مَعَ الثَّمَانِيَةِ وَالتِّسْعَةِ فَإِذَا سَلَّطْتَ الْخَمْسَةَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ سَلِّطْهَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَبْقَى اثْنَانِ سَلِّطْهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ يَبْقَى وَاحِدٌ، وَإِذَا سَلَّطْتَ الْخَمْسَةَ عَلَى التِّسْعَةِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ سَلِّطْهَا عَلَى الْخَمْسَةِ يَبْقَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: فَبَيْنَهُمَا) أَيْ التِّسْعَةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ: كَمَا يَجْرِي فِي الْعَدَدِ الْمُنْطَقِ) أَيْ، وَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ لَهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْجُزْئِيَّةِ وَالْأَصَمُّ عَكْسُهُ أَيْ مَا يُنْسَبُ لَهُ بِلَفْظِ الْجُزْئِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) مِثْلُ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَأَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي بَيَانِ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ) أَيْ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مِنْ عَمَلِ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ الْمَسَائِلِ كَالْقَالَبِ الَّذِي تُقَاسُ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَقِسْمَةَ التَّرِكَةِ كَالشَّيْءِ الَّذِي يُفْرَغُ فِي قَالَبِهِ (قَوْلُهُ: الْمَعْلُومَةِ الْقَدْرِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْقَدْرِ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جَرَتْ الطُّرُقُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَسْمِ قِيمَتِهَا أَوْ ثَمَنِهَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالْحُوفِيِّ. اهـ بْن. وَإِنْ شِئْت جَعَلَتْ الْعَقَارَ، وَكَذَا غَيْرُهُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا، وَأَجْرَيْتَ الطُّرُقَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقَتَيْنِ) ، وَهُنَاكَ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ أَنْ تَضْرِبَ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ فِي التَّرِكَةِ إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ أَوْ فِي الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ عَدَدِ الْقَرَارِيطِ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا وَتَقْسِمُ الْحَاصِلَ عَلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ يَخْرُجُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ فَفِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَضْرِبُ سِهَامَ الزَّوْجِ فِي التَّرِكَةِ الَّتِي هِيَ عِشْرُونَ يَحْصُلُ سِتُّونَ اقْسِمْهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ يَحْصُلُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَهَكَذَا الشَّأْنُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَعْدَادِ الْمُتَنَاسِبَةِ، وَهِيَ الَّتِي نِسْبَةُ أَوَّلِهَا لِثَانِيهَا كَنِسْبَةِ ثَالِثِهَا إلَى رَابِعِهَا فَإِنَّك إذَا جَهِلْت الثَّالِثَ ضَرَبْت الْأَوَّلَ فِي الرَّابِعِ وَقَسَمْتَ الْحَاصِلَ عَلَى الثَّانِي يَحْصُلُ الثَّالِثُ الْمَطْلُوبُ فَمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ عَدَدٌ أَوَّلُ، وَمَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ مِنْهُ عَدَدٌ ثَانٍ وَالتَّرِكَةُ عَدَدٌ رَابِعٌ وَمَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ مِنْهَا عَدَدٌ ثَالِثٌ وَنِسْبَةُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ لِمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ كَنِسْبَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِلتَّرِكَةِ وَبَقِيَ طَرِيقَةٌ رَابِعَةٌ، وَهِيَ أَنْ تُوَفِّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَالتَّرِكَةِ فَتَأْخُذَ وَفْقَيْهِمَا وَتَضْرِبَ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ فِي وَفْقِ التَّرِكَةِ وَتَقْسِمَ الْخَارِجَ عَلَى وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ تَبَايَنَا كَانَ الضَّرْبُ فِي الْكُلِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: إذَا قَلَّتْ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ سِهَامُهَا أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ

وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ فَهِيَ أَصْعَبُهَا؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى النِّسْبَةِ الَّتِي هِيَ قِسْمَةُ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ، وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ عَلَى مَا) أَيْ عَلَى السَّهْمِ الَّذِي (صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ) وَذَكَرَ مِثَالًا صَالِحًا لِلطَّرِيقَتَيْنِ فَقَالَ (كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ بِعَوْلِهَا لِلزَّوْجِ النِّصْفُ كَالْأُخْتِ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِثَمَانِيَةٍ (لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ) كَالْأُخْتِ (وَالتَّرِكَةُ عِشْرُونَ) دِينَارًا مَثَلًا (فَالثَّلَاثَةُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ رُبْعٌ وَثُمُنٌ) لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصْفِ بِالْعَوْلِ ثُمُنًا لَمَّا زَادَتْهُ السِّتَّةُ بِمِثْلِ ثُلُثِهَا وَلِلْأُمِّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ رُبْعُهَا لِلنَّقْصِ الَّذِي حَصَلَ لَهَا بِالْعَوْلِ عَنْ الثُّلُثِ (فَيَأْخُذُ) الزَّوْجُ مِنْ الْعِشْرِينَ رُبْعَهَا خَمْسَةً وَثُمُنَهَا اثْنَيْنِ وَنِصْفًا فَيَكُونُ مَجْمُوعُ مَا أَخَذَ (سَبْعَةً) مِنْ الدَّنَانِيرِ (وَنِصْفًا) وَهُوَ رُبْعُهَا وَثُمُنُهَا وَالْأُخْتُ كَذَلِكَ وَلِلْأُمِّ رُبْعُهَا خَمْسَةٌ وَهَذَا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِيَةِ فَتَقْسِمُ الْعِشْرِينَ عَلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ بِعَوْلِهَا وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ فَيُخْرِجُ جُزْءَ السَّهْمِ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ يَأْخُذُهَا مَضْرُوبَةً فِي اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ مِنْ الثَّمَانِيَةِ تَأْخُذُهُمَا مَضْرُوبَيْنِ فِي اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ بِخَمْسَةٍ. وَلَمَّا ذَكَرَ قِسْمَةَ التَّرِكَةِ الْمَعْلُومَةِ الْقَدْرِ كُلِّهَا أَخَذَ يُبَيِّنُ الْعَمَلَ فِيمَا إذَا جُهِلَ بَعْضُهَا، وَأَرَدْتَ مَعْرِفَةَ قِيمَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّرِكَةِ فَقَالَ (وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (عَرَضًا) مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ أَنْ يُقَوَّمَ وَكَانَ فِيهَا عَرَضٌ وَعَيْنٌ مَعْلُومَةُ الْقَدْرِ كَعِشْرِينَ دِينَارًا (فَأَخَذَهُ بِسَهْمِهِ) أَيْ فِي نَظِيرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِقِيمَتِهِ، وَأَخَذَ بَاقِيهِمْ الْعَيْنَ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَأَخَذَهُ (وَأَرَدْتَ) أَيُّهَا الْقَاسِمُ (مَعْرِفَةَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْعَرَضِ الْمَجْهُولِ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الرِّضَا بَيْنَهُمْ لَا قِيمَتُهُ فِي الْأَسْوَاقِ. (فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ) بِأَنْ تُسْقِطَ سِهَامَهُ مِنْهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَالتَّرِكَةُ ثَمَانُونَ دِينَارًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ) أَيْ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ بِأَنْ زَادَتْ عَلَى التَّرِكَةِ وَقَوْلُهُ قِسْمَةُ الْقَلِيلِ أَيْ، وَهُوَ التَّرِكَةُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْكَثِيرِ هُوَ سِهَامُ الْمَسْأَلَةِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ، وَالتَّرِكَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَتَأْخُذُ الْبِنْتَانِ مِنْهَا ثُلُثَيْهَا عَشَرَةً وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ ثُمُنَهَا وَاحِدًا وَسَبْعَةَ أَثْمَانٍ وَتَأْخُذُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ مِنْهَا بِنِسْبَةِ مَا تَأْخُذُهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ سُدُسٌ وَرُبْعُ سُدُسٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُمُنٌ (قَوْلُهُ: أَوْ تَقْسِمَ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى نِسْبَةٍ بِتَقْدِيرِ أَنْ لِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفَ ... تَنْصِبُهُ إنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى السَّهْمِ) أَيْ جِنْسِ السَّهْمِ الصَّادِقِ بِمُتَعَدِّدٍ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ لَكَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ كَالْأُخْتِ) أَيْ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ الثَّمَانِيَةِ رُبُعٌ وَثُمُنٌ) أَيْ نِسْبَتُهَا لِلثَّمَانِيَةِ رُبْعٌ وَثُمُنٌ فَقَدْ نَقَصَ بِالْعَوْلِ رُبْعُ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّك إذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ مَا نَقَصَهُ كُلُّ وَارِثٍ بِسَبَبِ الْعَوْلِ فَانْسُبْ مَا عَالَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَنْقُصُ نَصِيبُ كُلِّ وَارِثٍ (قَوْلُهُ: بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثَةً فِي نِصْفٍ بِوَاحِدٍ وَنِصْفٍ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْكَسْرِ فِي الصَّحِيحِ يُخْرِجُ نِصْفَ الصَّحِيحِ إنْ كَانَ الْكَسْرُ نِصْفًا؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْكُسُورِ عَلَى حَذْفٍ فِي (قَوْلِهِ: بِخَمْسَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ ضَرْبِ الِاثْنَيْنِ فِي الِاثْنَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَالْحَاصِلَ مِنْ ضَرْبِ الِاثْنَيْنِ فِي النِّصْفِ وَاحِدٌ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا خَلَّفَ عَرَضًا مَجْهُولَ الْقِيمَةِ وَعَيْنًا مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ، وَأَرَادَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَخْذَ ذَلِكَ الْعَرَضَ فِي نَظِيرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِقِيمَتِهِ، وَأَنَّ الْعَيْنَ يَأْخُذُهَا بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَتَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ، وَأَرَدْت قِسْمَةَ الْعَيْنِ عَلَى بَاقِيهِمْ فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ لِلْعَرَضِ بِأَنْ تُسْقِطَ سِهَامِهِ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ عَلَى سِهَامِ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَمَا خَرَجَ بِالْقِسْمَةِ فَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ اضْرِبْ فِيهِ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ يَحْصُلُ مِقْدَارُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَرَدْت مَعْرِفَةَ قِيمَةِ الْعَرَضِ لِأَجْلِ أَنْ تَعْلَمَ جُمْلَةَ التَّرِكَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَقِيمَةَ الْعَرَضِ فَاضْرِبْ سِهَامَ آخِذِ الْعَرَضِ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ فِي جُزْءِ السَّهْمِ الْمَذْكُورِ يَحْصُلُ قِيمَةُ الْعَرَضِ ضُمَّهَا لِلْعَيْنِ يَكُنْ الْمَجْمُوعُ هُوَ التَّرِكَةَ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَرَضُ مِنْ آخِذِهِ، وَأَرَدْت مَعْرِفَةَ قَدْرِ الْعَيْنِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَاقْسِمْ الْعَيْنَ عَلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ فَمَا حَصَلَ فَهُوَ جُزْءُ السَّهْمِ يُضْرَبُ فِيهِ سِهَامُ كُلِّ وَارِثٍ مِمَّنْ أَخَذَ الْعَرَضَ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَأَخَذَهُ) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ عَرَضًا بِسَهْمِهِ فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ، وَإِنْ أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ قِيمَتِهِ فَاجْعَلْ لِسِهَامِهِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: وَأَرَدْتَ مَعْرِفَةَ قِيمَتِهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَعْرِفَ جُمْلَةَ التَّرِكَةِ مِنْ الْعَيْنِ وَقِيمَةَ الْعَرَضِ، وَلِأَجْلِ أَنْ يَرْجِعَ الْآخِذُ لِلْعَرَضِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ مِنْ الْعَيْنِ إذَا

[المناسخة]

وَتَجْعَلُ الْقِسْمَةَ عَلَى الْبَاقِي (ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ) أَيْ الْآخِذِ (مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ) الْخَارِجَةِ مِنْ الْقِسْمَةِ فَمَا حَصَلَ فَهُوَ قِيمَةُ الْعَرَضِ فَإِذَا أَخَذَ الزَّوْجُ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ الْعَرَضَ فَأَسْقَطَ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ يَبْقَى خَمْسَةٌ نَصِيبُ الْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ وَنَصِيبُ الْأُمِّ اثْنَانِ فَاقْسِمْ الْعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى خَمْسَةٍ يَخْرُجُ لِكُلِّ سَهْمٍ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ الَّذِي تُضْرَبُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ وَنَصِيبُ الزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ تُضْرَبُ فِي جُزْءِ السَّهْمِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَذَلِكَ قِيمَةُ الْعَرَضِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ التَّرِكَةِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَكَذَا لَوْ أَخَذَتْهُ الْأُخْتُ فَإِنْ أَخَذَتْهُ الْأُمُّ أَسْقَطَ نَصِيبَهَا وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ الثَّمَانِيَةِ يَبْقَى سِتَّةٌ تُقْسَمُ عَلَيْهَا الْعِشْرِينَ يَخْرُجُ لِكُلِّ سَهْمٍ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ تُضْرَبُ فِي سَهْمَيْهَا يَخْرُجُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ هِيَ قِيمَةُ الْعَرَضِ وَالتَّرِكَةُ حِينَئِذٍ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثَانِ. (فَإِنْ زَادَ) آخِذُ الْعَرَضِ (خَمْسَةً) مِنْ عِنْدِهِ (لِيَأْخُذَ) الْعَرَضَ بِحِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (فَزِدْهَا) أَيْ الْخَمْسَةَ (عَلَى الْعِشْرِينَ) تَصِيرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (ثُمَّ اقْسِمْ) الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَلَى سِهَامِ غَيْرِ الْآخِذِ ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَ الْآخِذُ لِلْعَرَضِ وَالدَّافِعُ لِلْخَمْسَةِ هُوَ الزَّوْجَ قَسَمْتَ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَلَى الْخَمْسَةِ سِهَامِ الْأُخْتِ وَالْأُمِّ يَخْرُجُ لِكُلِّ سَهْمٍ خَمْسَةٌ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ تُضْرَبُ فِي سِهَامِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يُزَادُ عَلَيْهَا الْخَمْسَةُ الْمَدْفُوعَةُ يَكُونُ الْحَاصِلُ عِشْرِينَ هِيَ قِيمَةُ الْعَرَضِ وَهِيَ تُضَمُّ لَلْعِشْرِينَ الْمَتْرُوكَةِ تَكُونُ التَّرِكَةُ أَرْبَعِينَ وَالْأُخْتُ مِثْلُ الزَّوْجِ فَلَوْ دَفَعَتْ الْخَمْسَةَ الْأُمُّ قُسِمَتْ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ عَلَى سِتَّةِ سِهَامِ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ يَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ أَرْبَعَةً وَسُدُسًا تُضْرَبُ فِي سَهْمَيْ الْأُمِّ بِثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ هِيَ مَنَابُ الْأُمِّ فَإِنْ أَضَفْتهَا لِمَا بِيَدِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ كَانَتْ التَّرِكَةُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا فَإِنْ زِدْتَ خَمْسَةً عَلَى مَا يَجِبُ لِلْأُمِّ كَانَ ذَلِكَ قِيمَةَ الْعَرَضِ، وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْفُرُوضِ وَمَنْ يَرِثُ بِهَا وَمَنْ لَا يَرِثُ وَمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ أَوْ بِهِ وَبِالْفَرْضِ وَمَنْ يُحْجَبُ وَمَنْ لَا يُحْجَبُ وَمِنْ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ كُلِّهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُنَاسَخَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ النَّسْخِ وَهُوَ لُغَةً الْإِزَالَةُ وَالنَّقْلُ وَهَذَا اللَّفْظُ يَسْتَعْمِلُهُ الْفُرَّاضُ فِي الْفَرِيضَةِ الَّتِي فِيهَا مَيِّتَانِ فَأَكْثَرُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَةِ الْأَوَّلِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَمَلٍ بِأَنْ تَكُونَ وَرَثَةُ الثَّانِي بَقِيَّةَ الْأَوَّلِينَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (مَاتَ بَعْضٌ) مِنْ الْوَرَثَةِ (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) لِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ (وَوَرِثَهُ الْبَاقُونَ) بِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثُوا بِهِ الْأَوَّلَ (كَثَلَاثَةِ بَنِينَ) أَوْ بَنَاتٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQاُسْتُحِقَّ مِنْهُ الْعَرَضُ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ إذَا اُسْتُحِقَّ دَخَلَ نَقْصُهُ عَلَى الْكُلِّ (قَوْلُهُ: وَتُجْعَلُ الْقِسْمَةُ) أَيْ قِسْمَةُ الْعَيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَاقِي) أَيْ مِنْ السِّهَامِ، وَهِيَ سِهَامُ غَيْرِ الْآخِذِ لِلْعَرَضِ (قَوْلُهُ: مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ) مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ أَيْ نِسْبَةِ مَا حَصَلَ مِنْ ضَرْبِ نَصِيبِهِ فِي جُزْءِ السَّهْمِ الَّذِي حَصَلَ مِنْ قِسْمَةِ الْعَيْنِ عَلَى نَصِيبِ غَيْرِ الْآخِذِ لِلْعَرَضِ (قَوْلُهُ: فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ، وَهُوَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ، وَالْحَالُ أَنَّ التَّرِكَةَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَعَرَضٌ مَجْهُولُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: الْعَرَضُ) أَيْ فِي نَظِيرِ نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ: فَأَسْقَطَ نَصِيبَهُ) أَيْ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي تُضْرَبُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ) الْأَوْلَى الَّذِي يُضْرَبُ فِيهِ نَصِيبُ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فَإِذَا ضَرَبْت مَا لِلْأُخْتِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ كَانَ الْحَاصِلُ اثْنَيْ عَشَرَ وَذَلِكَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِذَا ضَرَبْتَ مَا لِلْأُمِّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي أَرْبَعَةٍ كَانَ الْحَاصِلُ ثَمَانِيَةً وَذَلِكَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ فَهَذَا جُمْلَةُ الْعِشْرِينَ دِينَارًا. (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ جُمْلَةُ التَّرِكَةِ) أَيْ، وَهِيَ الْعَيْنُ وَقِيمَةُ الْعَرَضِ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ) فَإِذَا ضَرَبْتَ مَا لِلزَّوْجِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي ثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ كَانَ الْخَارِجُ عَشَرَةً، وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ، وَهَذَا هُوَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِذَا ضَرَبَ ذَلِكَ الْجُزْءَ فِي سَهْمَيْ الْأُمِّ خَرَجَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ هِيَ قِيمَةُ الْعَرَضِ (قَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ دَفَعَهَا لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ الْعَرَضَ بِحِصَّتِهِ) أَيْ عِوَضًا عَنْ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) أَيْ مِنْ كَوْنِ التَّرِكَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَعَرَضًا مَجْهُولَ الْقِيمَةِ، وَالْوَرَثَةُ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ (قَوْلُهُ: تُضْرَبُ فِي سِهَامِ الزَّوْجِ إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا ضَرَبْتَ الْخَمْسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي سِهَامِ الْأُخْتِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ كَانَ الْخَارِجُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَذَلِكَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِذَا ضَرَبْتَهَا فِي سَهْمَيْ الْأُمِّ كَانَ الْخَارِجُ عَشَرَةً وَذَلِكَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ فَهَذِهِ جُمْلَةُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ أَرْبَعَةً وَسُدُسًا) فَإِذَا ضَرَبْتَهَا فِي سِهَامِ الزَّوْجِ الثَّلَاثَةِ كَانَ الْخَارِجُ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا، وَذَلِكَ قَدْرُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأُخْتِ فَهَذَا جُمْلَةُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ. [الْمُنَاسَخَة] (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَرِثُ بِهَا إلَى آخِرِهِ) عَطْفٌ عَلَى الْفُرُوضِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ عَطْفٌ عَلَى بَيَانِ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا اللَّفْظُ) أَيْ لَفْظُ الْمُنَاسَخَةِ (قَوْلُهُ: وَاحِدٌ) أَيْ مَاتَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ مَاتُوا بِفَوْرٍ وَاحِدٍ بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ فَلَا تُسَمَّى مُنَاسَخَةً وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ الْأَوَّلِ عَمَّا لَوْ مَاتَ الثَّانِي بَعْدَ قِسْمَةِ تَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُنَاسَخَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الثَّانِي مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَةِ الْأَوَّلِ) أَيْ، وَلَمَّا كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ قَدْ انْتَقَلَ حُكْمُهَا لِمَسْأَلَةِ الْمَيِّتِ الثَّانِي سُمِّيَتْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ مِنْ الْوَرَثَةِ) أَيْ الْمُسْتَحَقِّينَ لِمَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقِسْمَةِ) أَيْ قَبْلَ قِسْمَةِ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ (قَوْلُهُ: وَوَرِثَهُ الْبَاقُونَ) أَيْ مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِالْوَجْهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ إرْثُهُمْ لِكُلٍّ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ أَوْ بِالْفَرْضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَنَاتٍ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالرَّدِّ حَيْثُ لَا عَاصِبَ أَوْ الْمُرَادُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ وَعَاصِبٍ

(مَاتَ أَحَدُهُمْ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ الْأَوَّلِ غَيْرُ الْبَاقِينَ فَالْمَيِّتُ الثَّانِي كَالْعَدَمِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَا عَمِلَ فِيهَا فَتُقْسَمُ تَرِكَةُ أَبِيهِمْ عَلَى الْوَلَدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ ثَالِثٌ وَرَابِعٌ كَانَتْ وَرَثَةُ الْأَوَّلِ هُمْ وَرَثَةَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ، وَإِرْثُهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٌ أَيْ بِعُصُوبَةٍ كَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ، وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ شَقَائِقَ مَاتَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ ثُمَّ آخَرُ ثُمَّ أُخْتٌ ثُمَّ أُخْرَى فَإِنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بَيْنَ الْأَخِ الْبَاقِي وَالْأُخْتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَقَوْلُنَا بِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثُوا بِهِ احْتِرَازًا عَمَّنْ مَاتَتْ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ مِنْ آبَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ أَخَوَيْهِ لِأُمِّهِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ وَرِثَهُ الْبَاقُونَ لَكِنْ لَيْسَ بِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثُوا بِهِ أُمَّهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهَا بِالتَّعْصِيبِ وَالْبَاقِي يَرِثُ أَخَاهُ بِالْفَرْضِ وَهُوَ السُّدُسُ أَوْ الثُّلُثُ فَلَا يُقَالُ مَوْتُ الثَّانِي كَالْعَدَمِ، وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَرَثَةِ وَارِثٌ فَقَطْ مِنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى الْبَاقِينَ لَا عَلَى أَحَدِهِمْ (أَوْ) وَرِثَهُ (بَعْضٌ) مِنْ الْبَاقِينَ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ لَمْ يَرِثْهُ فِي الثَّانِيَةِ وَمَثَّلَ لِلْبَعْضِ غَيْرِ الْوَارِثِ بِقَوْلِهِ (كَزَوْجٍ مَعَهُمْ) أَيْ مَعَ الْبَاقِينَ بِأَنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ عَنْهُ وَعَنْ أَبْنَائِهَا الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَ (لَيْسَ) الزَّوْجُ (أَبَاهُمْ) وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ مَاتَ زَوْجٌ عَنْ زَوْجَتِهِ وَعَنْ ثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْبَنِينَ عَنْ أَخَوَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَكَالْعَدِمِ) وَكَأَنَّهَا فِي الْأُولَى مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَاثْنَيْنِ وَكَأَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنَيْنِ إذْ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ أَبَاهُمْ عَمَّا إذَا كَانَ أَبَاهُمْ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ دُونَ أَخَوَيْهِ فَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَمَّا ذُكِرَ وَتَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا إلَخْ. وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْوَارِثُ فِي الثَّانِيَةِ وَاحِدًا مِنْ النَّوْعَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَهُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) يَرِثُهُ الْبَاقُونَ وَلَا بَعْضٌ مِنْهُمْ بِأَنْ خَلَّفَ الثَّانِي وَرَثَةً غَيْرَ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ أَوْ هُمْ وَلَكِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ اسْتِحْقَاقِهِمْ (صَحِّحْ) الْمَسْأَلَةَ (الْأُولَى) وَخُذْ مِنْهَا سِهَامَ الْمَيِّتِ الثَّانِي (ثُمَّ) صَحِّحْ (الثَّانِيَةَ) وَاقْسِمْ سِهَامَ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى عَلَى وَرَثَتِهِ (فَإِنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي عَلَى وَرَثَتِهِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ) وَرِثَا أَبَاهُمَا الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ (مَاتَ) الِابْنُ (وَيَتْرُكُ أُخْتًا) هِيَ أُخْتُهُ الْمَذْكُورَةُ (وَعَاصِبًا) كَعَمٍّ (صَحَّتَا) أَيْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى مِنْ ثَلَاثَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِلِابْنِ اثْنَانِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ اثْنَيْنِ مَاتَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَا وَارِثَ) الْأَحْسَنُ، وَلَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي غَيْرَ الْبَاقِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَلَدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ) أَيْ، وَكَانَ الْأَوَّلُ مَاتَ عَنْ وَلَدَيْنِ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ نِصْفُهَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بَيْنَ الْأَخِ الْبَاقِي وَالْأُخْتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لِلْأَخِ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ (قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَمَّنْ مَاتَتْ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَرِثَهُ الْبَاقُونَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ الثَّانِيَ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَرِثَهُ غَيْرُ الْبَاقِينَ لِعَدَمِ حَصْرِ الْإِرْثِ فِي الْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ، وَإِنَّمَا يُحْتَرَزُ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ عَمَّا لَوْ انْحَصَرَ إرْثُ الْمَيِّتِ الثَّانِي فِي بَقِيَّةِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ لَكِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَيِّتَةٍ عَنْ أُمٍّ وَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ ثُمَّ نَكَحَ الزَّوْجُ الشَّقِيقَةَ وَمَاتَتْ عَنْهُمْ أَصْلُهُمَا مِنْ سِتَّةٍ وَيَعُولَانِ مَعًا لِثَمَانِيَةٍ وَيَصِحَّانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ لِمُبَايَنَةِ سِهَامِ الثَّانِي لِمَسْأَلَتِهِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي سِهَامِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَالُ مَوْتُ الثَّانِي كَالْعَدَمِ) أَيْ بِحَيْثُ يَأْخُذُ مَنْ بَقِيَ تَرِكَةَ الْأَوَّلِ كُلَّهَا بَلْ يَأْخُذُونَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَوَّلِ ثُلُثَيْهَا وَمِنْ حَظِّ مَنْ مَاتَ ثُلُثَهُ، وَالْبَاقِي لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ فَيُجْعَلُ لِكُلٍّ مِنْ الْمَيِّتَيْنِ مَسْأَلَةً عَلَى حِدَتِهَا فَمَسْأَلَةُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مِنْ ثَلَاثَةٍ عَدَدِ رُءُوسِ الْأَبْنَاءِ الثَّلَاثَةِ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ وَمَسْأَلَةُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ ثَلَاثَةٍ مَخْرَجَ فَرْضِ الْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ لِكُلِّ أَخٍ سَهْمٌ وَالسِّهَامُ الْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَتَصِحَّانِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْمُبَايَنَةِ بَيْنَ سِهَامِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى وَمَسْأَلَتِهِ فَلِلِابْنَيْنِ مِنْ الْأُولَى سَهْمَانِ مَضْرُوبَانِ فِيمَا صَحَّتْ مِنْهُ الثَّانِيَةُ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلَهُمَا مِنْ الثَّانِيَةِ سَهْمَانِ فِي سَهْمٍ بِاثْنَيْنِ، وَلِبَيْتِ الْمَالِ مِنْ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةٌ فِي سَهْمٍ بِأَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ: وَارِثٌ فَقَطْ مِنْ الْأُولَى) أَيْ وَبَقِيَّتُهُمْ وَرَثَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَعًا (قَوْلُهُ: أَوْ وَرِثَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ الثَّانِيَ وَقَوْلُهُ بَعْضٌ مِنْ الْبَاقِينَ أَيْ الَّذِينَ وَرِثُوا الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: فَكَالْعَدِمِ) أَيْ فَالْمَيِّتُ الثَّانِي، وَهُوَ أَحَدُ الْبَنِينَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَعَنْ ثَلَاثِ بَنِينَ مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْبَنِينَ عَنْ أَخَوَيْهِ. (قَوْلُهُ: إذْ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ) أَيْ مِنْ زَوْجَتِهِ وَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَادِهَا الثَّلَاثِ إنْ لَمْ يَمُتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَوْ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ إخْوَةِ وَلَدِهَا الْمَيِّتِ إنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِعَمَلِ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى فَقَوْلُهُ إذْ لِلزَّوْجِ إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَكَالْعَدِمِ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ مَاتَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ أَوْ بَقِيَ حَيًّا (قَوْلُهُ: فَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ مَوْضُوعِ الْقَسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَاحِدٌ فَقَطْ مِنْ الْوَرَثَةِ الْأُوَلِ وَبَاقِيهِمْ مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا إلَخْ) فَإِذَا مَاتَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَعَنْ ثَلَاثَةِ أَبْنَاءٍ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْأَبْنَاءِ الثَّلَاثَةِ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَخَوَيْهِ فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ وَاحِدٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ وَمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ الثَّانِي يَأْخُذُهُ الْأَبُ الَّذِي هُوَ زَوْجٌ فِي الْأُولَى، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخَوَيْنِ لِحَجْبِهِمَا بِالْأَبِ (قَوْلُهُ: مِنْ النَّوْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ، وَهُمَا أَنْ يَرِثَهُ الْبَاقُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَرِثْهُ) أَيْ الْمَيِّتُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ الْبَاقُونَ أَيْ مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَعْضٌ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْبَاقِينَ (قَوْلُهُ: صَحَّتَا) أَيْ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْأُولَى وَحِينَئِذٍ فَتُقْسَمُ سِهَامُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى وَرَثَتِهِ

عَنْهُمَا وَهُمَا مُنْقَسِمَانِ عَلَى فَرِيضَتِهِ لِلْأُخْتِ وَاحِدٌ وَلِلْعَاصِبِ الثَّانِي وَكَذَا لَوْ مَاتَ الِابْنُ عَنْ ابْنَيْنِ وَالْبِنْتُ عَنْ ابْنٍ (وَإِلَّا) يَنْقَسِمْ نَصِيبُ الْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى وَرَثَتِهِ (وَفِّقْ بَيْنَ نَصِيبِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ الثَّانِي (وَ) بَيْنَ (مَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ وَاضْرِبْ وَفْقَ الثَّانِيَةِ فِي) كُلِّ الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) فَمَا اجْتَمَعَ فَمِنْهُ تَصِحُّ (كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِابْنَيْنِ قَبْلَ الْقَسْمِ (وَتَرَكَ زَوْجَةً وَبِنْتًا وَثَلَاثَةَ بَنِي ابْنٍ) . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ وَالثَّانِيَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَاحِدٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلِّ ابْنِ ابْنٍ سَهْمٌ فَلِلِابْنِ الْمَيِّتِ مِنْ الْأُولَى سَهْمَانِ وَفَرِيضَتُهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ مُتَوَافِقَانِ بِالنِّصْفِ فَتُضْرَبُ نِصْفُ فَرِيضَتِهِ أَرْبَعَةٌ فِي الْفَرِيضَةِ الْأُولَى سِتَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ ثُمَّ يُقَالُ (فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي الْأُولَى ضُرِبَ لَهُ فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ) وَهُوَ أَرْبَعَةٌ (وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ فَفِي وَفْقِ سِهَامِ الثَّانِي) أَيْ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ سِهَامِ مُوَرِّثِهِ الَّذِي هُوَ الْمَيِّتُ الثَّانِي وَهُوَ وَاحِدٌ فَلِلِابْنِ الْحَيِّ مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ مَضْرُوبَانِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَلِكُلِّ بِنْتٍ وَاحِدٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلزَّوْجَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَاحِدٌ مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ سِهَامِ مُوَرِّثِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ، وَكَذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَبْنَاءِ الِابْنِ الثَّلَاثَةِ وَلِلْبِنْتِ مِنْ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةٌ فِي وَاحِدٍ بِأَرْبَعَةٍ فَقَدْ تَمَّتْ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ هَذَا إنْ تَوَافَقَا. (وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا) أَيْ لَمْ تُوَافِقْ سِهَامُ الْمَيِّتِ الثَّانِي فَرِيضَتَهُ بَلْ تَبَايَنَا فَهُوَ حِينَئِذٍ كَصِنْفٍ بَايَنَتْهُ سِهَامُهُ (ضُرِبَتْ مَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ الثَّانِي (فِيمَا صَحَّتْ مِنْهُ) الْأُولَى (كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الِابْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ) فَالْفَرِيضَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَالثَّانِيَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلِلْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ مُبَايِنَانِ لِفَرِيضَتِهِ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ مَجْمُوعُ سِهَامِ الثَّانِيَةِ فِي سِتَّةٍ مَجْمُوعِ سِهَامِ الْأُولَى بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمِنْهَا تَصِحُّ ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي كُلِّ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي جَمِيعِ سِهَامِ مُوَرِّثِهِ فَلِلِابْنِ الْحَيِّ مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ مَضْرُوبَانِ فِي جَمِيعِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بِسِتَّةٍ وَلِكُلٍّ مِنْ الْبِنْتَيْنِ فِي الْأُولَى سَهْمٌ مَضْرُوبٌ فِي ثَلَاثَةِ سِهَامِ الثَّانِيَةِ بِثَلَاثَةٍ وَلِلِابْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ سَهْمَانِ مَضْرُوبَانِ فِي اثْنَيْنِ سِهَامِ مُوَرِّثِهِ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلْبِنْتِ وَاحِدٌ فِي الِاثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ فَقَدْ تَمَّتْ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّظَرَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ سِهَامِ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى وَبَيْنَ مَسْأَلَتِهِ بِالتَّوَافُقِ وَالتَّبَايُنِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ ضَرَبْتَ وَفْقَ الثَّانِيَةِ فِي جَمِيعِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ ضَرَبْتَ جَمِيعَ الثَّانِيَةِ فِي جَمِيعِ الْأُولَى ثُمَّ تَقُولُ فِي التَّوَافُقِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ سِهَامِ مُوَرِّثِهِ وَتَقُولُ فِي التَّبَايُنِ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي كُلِّ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي كُلِّ سِهَامِ مُوَرِّثِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا أَوْ عُرُوضًا مُقَوَّمَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا فَلَا عَمَلَ وَيُقْسَمُ مَا حَصَلَ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى فَرِيضَتِهِ أَيْ وَرَثَتِهِ. اهـ. أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْعَمَلِ الْمَذْكُورِ لِسُهُولَةِ الْقَسْمِ بِدُونِهِ. (وَإِنْ) (أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ بِوَارِثٍ) ، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقِي وَلَمْ يَثْبُتْ مُقْتَضَى الْإِقْرَارِ بِعَدْلَيْنِ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا أَمْ لَا (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ (مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ) ، وَأَفَادَ كَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ (تَعْمَلُ فَرِيضَةَ الْإِنْكَارِ ثُمَّ) تَعْمَلُ (فَرِيضَةَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ اُنْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ تَدَاخُلٍ وَتَبَايُنٍ وَتَوَافُقٍ) وَتَمَاثُلٍ وَتَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ وَمَثَّلَ لِلثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَالَ (الْأَوَّلُ) أَيْ التَّدَاخُلُ (وَالثَّانِي) أَيْ التَّبَايُنُ (كَشَقِيقَتَيْنِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَكُونُ لِلْبِنْتِ سَهْمَانِ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَلِلْعَاصِبِ سَهْمٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَاتَ الِابْنُ عَنْ ابْنَيْنِ وَالْبِنْتُ عَنْ ابْنٍ) أَيْ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَتَانِ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِابْنَيْ الِابْنِ سَهْمَانِ، وَلِابْنِ الْبِنْتِ سَهْمٌ (قَوْلُهُ: فَمِنْهُ تَصِحُّ) أَيْ الْمُنَاسَخَةُ أَوْ الْمَسْأَلَتَانِ (قَوْلُهُ: كَابْنَيْنِ) أَيْ كَمَيِّتٍ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ إلَخْ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا حَتَّى تَتَحَقَّقَ الْمُنَاسَخَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ بِوَارِثٍ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ إقْرَارِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّرِكَةِ بِشَهَادَةِ الْوَارِثِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ مِنْ الْوَرَثَةِ مَعَ الْيَمِينِ فَلَوْ نَكِلَ أَوْ كَانَ الْمُقِرُّ غَيْرَ عَدْلٍ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ التَّرِكَةِ فَأَكْثَرَ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ جَمِيعَ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً وَالتَّرِكَةُ خَمْسَةٌ، وَأَرْبَعُونَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُقِرِّ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ مِنْ الْعَشَرَةِ حَيْثُ كَانَ الْوَارِثُ ثَلَاثَةً مِنْ الْأَوْلَادِ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: بَلْ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْعَشَرَةِ مِنْ الْمُقِرِّ قَالَ بَعْضُهُمْ سَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ مَا بِيَدِ الْمُنْكِرِ كَالْقَائِمِ أَوْ كَالتَّالِفِ. اهـ طفى وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ، مِثْلُهُ مَا لَوْ أَقَرَّ اثْنَانِ غَيْرُ عُدُولٍ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْمُصَنِّفُ مُقَابَلَةَ تَعَدُّدِ الْإِقْرَارِ الْآتِي كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ. اهـ أَمِيرٌ. (قَوْلُهُ: كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا أَمْ لَا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ حَلَفَ الْمُقِرُّ بِهِ مَعَ إقْرَارِ الْعَدْلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِلْحَاقِ وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ) عَبَّرَ بِقَوْلِهِ فَلَهُ دُونَ وِرْثٍ لِقَوْلِ العصنوني هَذَا النُّقْصَانُ لَا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ بَلْ عَلَى جِهَةِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُنْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ لِتَرَدُّدِهِمَا لِعَدَدٍ وَاحِدٍ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ تَدَاخُلٌ اكْتَفَيْت بِأَكْبَرِهِمَا

(وَعَاصِبٍ أَقَرَّتْ وَاحِدَةٌ) مِنْ الشَّقِيقَتَيْنِ (بِشَقِيقَةٍ) أُخْرَى، وَأَنْكَرَهَا الْبَاقِي فَفَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَكَذَا فَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ لَكِنْ تَصِحُّ مِنْ تِسْعَةٍ لِانْكِسَارِ السَّهْمَيْنِ عَلَى الْأَخَوَاتِ الثَّلَاثَةِ فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ عَدَدَ رُءُوسِهِنَّ فِي ثَلَاثَةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِتِسْعَةٍ فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ لِدُخُولِهَا فِي التِّسْعَةِ وَاقْسِمْ عَلَى الْإِنْكَارِ لِكُلِّ أُخْتٍ ثَلَاثَةٌ وَلِلْعَاصِبِ ثَلَاثَةٌ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ لِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمَانِ وَلِلْعَاصِبِ ثَلَاثَةٌ يَفْضُلُ عَنْ الْمُقِرَّةِ سَهْمٌ تَدْفَعُهُ لِلْمُقَرِّ لَهَا. وَأَشَارَ لِلتَّبَايُنِ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِشَقِيقٍ) أَيْ أَوْ أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِشَقِيقٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقِي فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِحَجْبِ الْعَاصِبِ كَالْعَمِّ بِالشَّقِيقِ لَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي الْأَرْبَعَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِكُلِّ أُخْتٍ فِي الْإِنْكَارِ أَرْبَعَةٌ وَفِي الْإِقْرَارِ ثَلَاثَةٌ فَقَدْ نَقَصَتْ الْمُقِرَّةُ وَاحِدًا فَيَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ التَّوَافُقُ (كَابْنَتَيْنِ وَابْنٍ أَقَرَّ بِابْنٍ) آخَرَ، وَأَنْكَرَهُ الِابْنَتَانِ فَالْإِنْكَارُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالْإِقْرَارُ مِنْ سِتَّةٍ وَبَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ تَوَافُقٌ بِالنِّصْفِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِلِابْنِ الثَّابِتِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقَ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ بِسِتَّةٍ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلِابْنِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ نِصْفِ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ بِأَرْبَعَةٍ يَفْضُلُ عَنْهُ سَهْمَانِ يَدْفَعُهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَمِثَالُ التَّمَاثُلِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَمٌّ أَقَرَّتْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ بِشَقِيقَةٍ لِلْمَيِّتِ، وَأَنْكَرَهَا الْبَاقِي فَالْفَرِيضَةُ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ مِنْ سِتَّةٍ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا لِلْأُمِّ فِي الْإِنْكَارِ الثُّلُثُ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْعَمِّ مَا بَقِيَ وَهُوَ وَاحِدٌ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ فِي الْإِقْرَارِ سَهْمٌ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ يَفْضُلُ عَنْهَا سَهْمَانِ تَدْفَعُهُمَا لِلْمُقِرِّ بِهَا، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِهَا الْأُمُّ فَقَطْ دَفَعْتَ لَهَا سَهْمًا تَكْمِلَةَ فَرِيضَتِهَا وَلَا يُلْتَفَتُ لِلْعَمِّ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ لِاسْتِوَاءِ نَصِيبِهِ فِيهِمَا، وَأَشَارَ لِمُحْتَرَزِ قَوْلِهِ فَقَطْ وَهُوَ تَعَدُّدُ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَقَرَّ ابْنٌ بِبِنْتٍ) ، وَأَنْكَرَتْهَا أُخْتُهُ (وَ) أَقَرَّتْ (بِنْتٌ بِابْنٍ) وَكَذَّبَهَا أَخُوهَا الْمَعْلُومُ (فَالْإِنْكَارُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (مِنْ ثَلَاثَةٍ) لِلِابْنِ الْمَعْلُومِ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ الْمَعْلُومَةِ سَهْمٌ (وَإِقْرَارُهُ) فَقَطْ (مِنْ أَرْبَعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى إقْرَارِهِ ابْنٌ وَبِنْتَانِ لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمٌ (وَ) إقْرَارُهَا (هِيَ) فَقَطْ (مِنْ خَمْسَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ عَلَى إقْرَارِهَا فَقَطْ ابْنَانِ وَبِنْتٌ لَهَا سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَالْفَرَائِضُ الثَّلَاثَةُ مُتَبَايِنَةٌ. (فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً) فَرِيضَةَ إقْرَارِهِ (فِي خَمْسَةٍ) فَرِيضَةِ إقْرَارِهَا (بِعِشْرِينَ ثُمَّ) تَضْرِبُ الْعِشْرِينَ (فِي ثَلَاثَةٍ) فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِسِتِّينَ إنْ قَسَمْتَهَا عَلَى الْإِنْكَارِ أَخَذَ الِابْنُ أَرْبَعِينَ وَالْبِنْتُ عِشْرِينَ وَعَلَى إقْرَارِ الِابْنِ يَأْخُذُ ثَلَاثِينَ وَكُلُّ بِنْتٍ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ نَقَصَهُ إقْرَارُهُ عَشَرَةً يَدْفَعُهَا لِلْبِنْتِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا كَمَا قَالَ (يَرُدُّ الِابْنُ) مِنْ الْأَرْبَعِينَ (عَشَرَةً) لِلْبِنْتِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا وَعَلَى إقْرَارِ الْبِنْتِ تَأْخُذُ مِنْ الْعِشْرِينَ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ عَلَى إقْرَارِهَا ابْنَانِ وَبِنْتٌ لِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَهَا اثْنَا عَشَرَ خُمُسُ السِّتِّينَ يَفْضُلُ عَنْهَا ثَمَانِيَةٌ تَدْفَعُهَا لِمَنْ أَقَرَّتْ بِهِ وَلِذَا قَالَ (وَ) تَرُدُّ (هِيَ ثَمَانِيَةً) مِنْ أَصْلِ الْعِشْرِينَ. (وَإِنْ) (أَقَرَّتْ زَوْجَةٌ حَامِلٌ) مَاتَ زَوْجُهَا عَنْهَا وَعَنْ أَخَوَيْهِ شَقِيقَيْهِ أَوْ لِأَبِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَحَّتَا مَعًا مِنْهُ، وَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْتَ كَامِلَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضَرَبْت وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ وَصَحَّتَا مَعًا مِنْ الْخَارِجِ، وَإِنْ تَمَاثَلَا اكْتَفَيْت بِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: أَقَرَّتْ وَاحِدَةٌ بِشَقِيقَةٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلتَّدَاخُلِ وَقَوْلُهُ بِشَقِيقٍ مِثَالٌ لِلتَّبَايُنِ (قَوْلُهُ: يَفْضُلُ إلَخْ) أَيْ فَالْإِقْرَارُ قَدْ نَقَصَ الْمُقِرَّةَ سَهْمًا يُدْفَعُ لِلْمُقِرِّ بِهَا، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ فَقَدْ نَقَصَ الْإِقْرَارُ الْمُقِرَّةَ وَاحِدًا فَيُدْفَعُ لِلْمُقِرِّ بِهَا كَانَ أَوْضَحَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُخْتَ الْمُنْكِرَةَ تَأْخُذُ ثَلَاثَةً، وَكَذَلِكَ الْعَاصِبُ وَالْمُقِرَّةُ تَأْخُذُ سَهْمَيْنِ وَالْمُقِرُّ بِهِ يَأْخُذُ وَاحِدًا فَهَذِهِ هِيَ التِّسْعَةُ (قَوْلُهُ: فَلِكُلِّ أُخْتٍ فِي الْإِنْكَارِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لِلْأُخْتِ الْمُنْكِرَةِ أَرْبَعَةً، وَكَذَلِكَ الْعَاصِبُ، وَلِلْأُخْتِ الْمُقِرَّةِ ثَلَاثَةٌ وَالْمُقِرُّ بِهِ وَاحِدٌ فَهَذِهِ هِيَ الِاثْنَا عَشَرَ (قَوْلُهُ: فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ) وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ. (قَوْلُهُ: يَفْضُلُ عَنْهَا سَهْمَانِ تَدْفَعُهَا لِلْمُقِرِّ بِهَا) أَيْ فَقَدْ صَارَ بِيَدِ الْأُمِّ سَهْمَانِ وَبِيَدِ الْعَاصِبِ سَهْمٌ، وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ الْمُقِرَّةُ وَصَارَ بِيَدِ الْمُقِرِّ بِهَا سَهْمَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّتْ بِهِمَا الْأُمُّ إلَخْ) أَيْ فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ سِتَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ لِلْأُمِّ فِي الْإِنْكَارِ اثْنَانِ، وَلَهَا فِي الْإِقْرَارِ وَاحِدٌ فَقَدْ نَقَصَهَا الْإِقْرَارُ وَاحِدًا تَأْخُذُهُ الْمُقِرَّةُ بِهِ، وَلِلْأُخْتِ الْمَعْلُومَةِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْعَاصِبِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلْتَفَتُ لِلْعَمِّ فِي الْإِقْرَارِ) أَيْ فِي إقْرَارِهِ بِالشَّقِيقَةِ، وَإِنْكَارِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ فِيهِمَا فَلَمْ يَنْقُصْهُ الْإِقْرَارُ شَيْئًا عَنْ الْإِنْكَارِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ، وَإِقْرَارَهَا مِنْ خَمْسَةٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ وَارْتَفَعَ ارْتِفَاعَهُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرَائِضُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْخَمْسَةُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى إقْرَارِ الْبِنْتِ) أَيْ، وَإِنْ قَسَمْتَهَا أَيْ السِّتِّينَ عَلَى إقْرَارِ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: تَأْخُذُ مِنْ الْعِشْرِينَ) أَيْ الَّتِي تَخُصُّهَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ اثْنَيْ عَشَرَ أَيْ وَالْبَاقِي مِنْهَا، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ تَدْفَعُهَا لِمَنْ أَقَرَّتْ بِهِ

(وَ) أَقَرَّ (أَحَدُ أَخَوَيْهِ) أَيْضًا (أَنَّهَا وَلَدَتْ) مِنْ ذَلِكَ الْحَمْلِ ابْنًا (حَيًّا) ثُمَّ مَاتَ، وَأَنْكَرَ الْأَخُ الثَّانِي وَقَالَ بَلْ وَضَعَتْهُ مَيِّتًا فَقَدْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ شَرْطِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ الْحَيَاةُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّةِ نَسَبِهِ فَالْإِنْكَارُ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ عَلَى الْأَخَوَيْنِ لَا تَنْقَسِمُ وَلَا تُبَايِنُ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ الْمُنْكَسِرَ عَلَيْهِمَا سِهَامُهُمَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةٍ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَلِذَا قَالَ (فَالْإِنْكَارُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) تَصْحِيحًا لَا تَأْصِيلًا لِلزَّوْجَةِ اثْنَانِ وَلِكُلِّ أَخٍ ثَلَاثَةٌ (كَالْإِقْرَارِ) فَإِنَّهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِكُلٍّ تَأْصِيلًا (وَفَرِيضَةُ الِابْنِ) عَلَى الْإِقْرَارِ (مِنْ ثَلَاثَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ عَنْ أُمٍّ وَعَمَّيْنِ وَسِهَامُهُ مِنْ الْأُولَى سَبْعَةٌ لَا تَصِحُّ عَلَى فَرِيضَتِهِ وَلَا تُوَافِقُهَا بَلْ تُبَايِنُهَا (تَضْرِبُ) الثَّلَاثَةَ فَرِيضَتَهُ (فِي ثَمَانِيَةٍ) فَرِيضَةِ أَبِيهِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَةِ فِي الْإِنْكَارِ الرُّبْعُ سِتَّةٌ الْبَاقِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِكُلِّ أَخٍ تِسْعَةٌ وَلَهَا فِي الْإِقْرَارِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا لِأُمِّهِ بِمَوْتِهِ ثُلُثُهَا سَبْعَةٌ وَلِكُلِّ أَخٍ سَبْعَةٌ يَفْضُلُ عَنْ الْمُقِرِّ سَهْمَانِ يَدْفَعُهَا لِلْأُمِّ تَضُمُّهُمَا لِلسِّتَّةِ الَّتِي خَصَّتْهَا فِي الْإِنْكَارِ يَكْمُلُ لَهَا ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأَخِ الْمُقِرِّ سَبْعَةٌ وَلِلْمُنْكِرِ تِسْعَةٌ وَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ عَمَلَ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ مُرَكَّبٌ مِنْ عَمَلِ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ وَعَمَلِ مُنَاسَخَاتٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ مَاتَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَسِهَامُهُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى فَرِيضَتِهِ وَلَا تُوَافِقُهَا فَتُضْرَبُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ فِي سِهَامِ الْأُولَى وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ فِي ثَمَانِيَةٍ. (وَإِنْ) (أَوْصَى) مَيِّتٌ (بِشَائِعٍ) لَا بِمُعَيَّنٍ إذْ الْمُعَيَّنُ لَا يَحْتَاجُ لِعَمَلٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّائِعُ مُنْطَقًا (كَرُبْعٍ) أَوْ ثُلُثٍ (أَوْ) أَصَمَّ نَحْوَ (جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ) أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ فَلِذَا مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ فَالْمُنْطَقُ مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْجُزْئِيَّةِ كَرُبْعٍ وَسُدُسٍ وَالْأَصَمُّ مَا لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ إلَّا بِلَفْظِ الْجُزْئِيَّةِ كَجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا إلَخْ (أَخَذَ مُخْرَجَ الْوَصِيَّةِ) بَعْدَ تَصْحِيحِ الْفَرِيضَةِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ فَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالرُّبْعِ أَخَذَ أَرْبَعَةً أَوْ بِالثُّلُثِ أَخَذَ ثَلَاثَةً، وَإِذَا كَانَتْ بِجُزْءٍ أَصَمَّ كَجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا أَخَذَ أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهَا مُخْرَجُ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَهَكَذَا وَيُجْعَلُ الْمُخْرَجُ كَأَنَّهُ فَرِيضَةٌ بِرَأْسِهَا (ثُمَّ) اُنْظُرْ (إنْ انْقَسَمَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْوَصِيَّةِ (عَلَى) أَصْحَابِ (الْفَرِيضَةِ كَابْنَيْنِ، وَ) قَدْ (أَوْصَى بِالثُّلُثِ) فَمُخْرَجُ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةٌ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ وَاحِدٌ يَبْقَى سَهْمَانِ يَنْقَسِمَانِ عَلَى الِابْنَيْنِ (فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا) يَنْقَسِمْ الْبَاقِي عَلَى أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ نَظَرْتَ بَيْنَ الْبَاقِي مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ الْمُوَافَقَةِ وَالْمُبَايَنَةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَاضْرِبْ وَفْقَ مَسْأَلَةِ أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَقَرَّ أَحَدُ أَخَوَيْهِ أَيْضًا) أَيْ أَنَّ الزَّوْجَةَ الْحَامِلَ، وَأَحَدَ أَخَوَيْ الْمَيِّتِ أَقَرَّا بِأَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدًا حَيًّا (قَوْلُهُ: مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّةِ نَسَبِهِ) أَيْ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَبِيلِ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ فِيهَا فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَغْنَى بِمَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ لِلتَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ تَأْصِيلًا) ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ زَوْجَةٌ وَابْنٌ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ، وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ) أَيْ عَلَى زَعْمِ مَنْ أَقَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ: يَفْضُلُ عَنْ الْمُقِرِّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَخَ الْمُقِرَّ قَدْ نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ سَهْمَيْنِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْإِنْكَارِ تِسْعَةً وَفِي الْإِقْرَارِ سَبْعَةً فَيَدْفَعُ هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ لِلْأُمِّ لِكَوْنِهِ صَدَّقَهَا عَلَى إقْرَارِهَا وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الْأُمَّ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَخَذَتْ مَا يَخُصُّهَا فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ وَمَا نَقَصَهُ إقْرَارُ الْأَخِ الْمُصَدِّقِ لَهَا عَنْ إنْكَارِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ أَنْكَرَ الْأَخَوَانِ وَضْعَهَا حَيًّا كَانَ الْوَاجِبُ لَهَا سِتَّةً مِنْ مَسْأَلَةِ زَوْجِهَا، وَلَوْ أَقَرَّ الْأَخَوَانِ بِوَضْعِهَا حَيًّا كَانَ لَهَا عَشَرَةٌ ثَلَاثَةٌ مِنْ زَوْجِهَا وَسَبْعَةٌ مِنْ ابْنِهَا فَلَمَّا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ نَقَصَهَا الْمُنْكِرُ اثْنَيْنِ وَزَادَهَا الْمُقِرُّ عَلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ فِي الْإِنْكَارِ اثْنَيْنِ، وَهُمَا مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُ فَصَارَ لَهَا ثَمَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى بِشَائِعٍ) أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزٍ (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ لِعَمَلٍ) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ إخْرَاجِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ) أَيْ أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: فَلِذَا مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ) أَيْ وَاخْتَارَ التَّمْثِيلَ لِلْمُنْطَقِ بِالرُّبْعِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ لِأَوَّلٍ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ الَّذِي يَتَحَصَّلُ بِالضَّرْبِ، وَاخْتَارَ التَّمْثِيلَ لِلْأَصَمِّ بِالْجُزْءِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَعْدَادِ الصُّمِّ (قَوْلُهُ: مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْجُزْئِيَّةِ) أَيْ كَمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِهَا فَكَمَا يُقَالُ ثُلُثٌ أَوْ رُبْعٌ أَوْ سُدُسٌ يُقَالُ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ سِتَّةٍ (قَوْلُهُ: أَخَذَ مُخْرَجَ الْوَصِيَّةِ) لَوْ قَالَ أَخَذَ مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ وَيَكُونُ ضَمِيرُ أَخَذَ لِلشَّائِعِ كَانَ أَوْلَى وَقَصَدَ الْمُصَنِّفُ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ فِي إخْرَاجِ الْوَصَايَا مِنْ فَرِيضَةِ الْمُوصِي بِعَدَدٍ وَاحِدٍ وَبَقِيَ عَلَيْهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ تَزِيدَ عَلَى الْفَرِيضَةِ مَا قَبْلَ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَبَدًا فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ زِدْتَ عَلَى الْفَرِيضَةِ نِصْفَهَا؛ لِأَنَّ مُخْرَجَ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةٌ، وَالْعَدَدُ الَّذِي قَبْلَ الثَّلَاثَةِ اثْنَانِ وَجُزْءُ الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ، وَهَكَذَا إذَا كَانَتْ الرُّبْعَ زِدْت عَلَى الْفَرِيضَةِ ثُلُثَهَا، وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْخَمْسِ زِدْت عَلَى الْفَرِيضَةِ رُبْعَهَا، وَهَكَذَا. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ الْمُخْرَجُ كَأَنَّهُ فَرِيضَةٌ) أَيْ فَتَخْرُجُ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ) أَيْ عَلَى أَصْحَابِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: كَابْنَيْنِ وَقَدْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ) أَيْ، وَكَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ وَقَدْ أَوْصَى بِالرُّبْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْبَاقِي مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ وَمَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: فَاضْرِبْ وَفْقَ مَسْأَلَةِ أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ) الْأَوْضَحُ مَسْأَلَةُ الْمِيرَاثِ

فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ فَمَا حَصَلَ فَمِنْهُ تَصِحُّ. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِّقْ بَيْنَ الْبَاقِي وَالْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ (وَاضْرِبْ الْوَفْقَ) مِنْ الْمَسْأَلَةِ (فِي) جَمِيعِ (مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ) ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْبَاقِي مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ (كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ) ذُكُورٍ، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ مَثَلًا فَالْفَرِيضَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَمُخْرَجُ الْوَصِيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ يَخْرُجُ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ وَاحِدٌ فَالْبَاقِي اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَى الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ لَكِنْ يُوَافِقَانِ مَسْأَلَتَهُمْ بِالنِّصْفِ وَنِصْفُهَا اثْنَانِ يُضْرَبَانِ فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بِسِتَّةٍ فَالْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَالْأَوْلَادُ الْأَرْبَعَةُ لَهُمْ أَرْبَعَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي وَاحِدٍ وَفْقِ الْبَاقِي بِأَرْبَعَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ بَيْنَ الْبَاقِي وَالْمَسْأَلَةِ مُوَافَقَةٌ بَلْ تَبَايُنٌ (فَكَامِلُهَا) أَيْ الْمَسْأَلَةِ يُضْرَبُ فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهُ تَصِحُّ (كَثَلَاثَةٍ) مِنْ الْبَنِينَ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مُخْرَجُ الْوَصِيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ عَدَدِ رُءُوسِ الْبَنِينَ وَبَيْنَ الْبَاقِي وَهُوَ اثْنَانِ وَالْمَسْأَلَةُ تَبَايُنٌ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي الثَّلَاثَةِ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بِتِسْعَةٍ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي عَدَدِ الْمَسْأَلَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي الْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ عَدَدِ سِهَامِ الْمَسْأَلَةِ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مَضْرُوبَةٍ فِي الْبَاقِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَلَمَّا ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ إذَا أَوْصَى بِجُزْءٍ وَاحِدٍ ذَكَرَ كَيْفِيَّتَهُ إذَا أَوْصَى بِجُزْأَيْنِ. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ اتِّحَادِ الْوَارِثِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ تَعَدُّدِهِ وَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) (أَوْصَى) لِرَجُلٍ مَثَلًا (بِسُدُسٍ) مِنْ مَالِهِ (وَسُبْعٍ) مِنْهُ لِآخَرَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ مَثَلًا فَطَرِيقُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَنْظُرَ أَوَّلًا بَيْنَ الْمُخْرَجَيْنِ بِالتَّوَافُقِ أَوْ التَّبَايُنِ فَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْت أَحَدَ الْمُخْرَجَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضَرَبْتَ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ فَمَا اجْتَمَعَ فَأَخْرِجْ مِنْهُ الْوَصِيَّةَ وَاقْسِمْ الْبَاقِيَ عَلَى الْفَرِيضَةِ فَإِنْ انْقَسَمَ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَانْظُرْ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالْبَاقِي مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّبَايُنِ أَوْ التَّوَافُقِ فَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْتَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ تَوَافَقَا فَاضْرِبْ الْوَفْقَ فِي أَصْلِهَا فَمَا اجْتَمَعَ مِنْ عَدَدٍ فَمِنْهُ تَصِحُّ فَإِنْ أَوْصَى بِسُدُسٍ وَسُبْعٍ (ضَرَبْت) مُخْرَجَ السُّدُسِ (سِتَّةً فِي) مُخْرَجِ السُّبْعِ (سَبْعَةٍ) لِتَبَايُنِهِمَا بَلَغَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا جُزْآ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ السُّدُسُ سَبْعَةٌ وَالسُّبْعُ سِتَّةٌ وَالْبَاقِي تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَلَا تُوَافِقُ بَلْ تُبَايِنُهَا فَاضْرِبْ الْحَاصِلَ وَهُوَ اثْنَانِ، وَأَرْبَعُونَ فِي ثَلَاثَةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (ثُمَّ) اضْرِبْ الْحَاصِلَ (فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فِي مِثَالِنَا يَحْصُلُ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي الْوَصِيَّةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَلِلْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ السُّدُسُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَالسُّبْعُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي الْبَاقِي فَلِلْأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ بِسَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ مَسْأَلَةُ أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ) الْأَوْلَى مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ أَوْ مَسْأَلَةُ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَعَلَى السَّهْمِ الَّذِي لِوَارِثٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَاضْرِبْ الْوَفْقَ) أَيْ الْجُزْءَ الْمُوَافِقَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ مَثَلًا) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا فَتَقُولُ مَسْأَلَةُ الْمِيرَاثِ أَرْبَعَةٌ وَمُخْرَجُ الْوَصِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ يَخْرُجُ مِنْهُ وَاحِدٌ يَبْقَى عَشَرَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ لَكِنْ تَوَافُقُ مَسْأَلَتِهِمْ بِالنِّصْفِ وَنِصْفُ مَسْأَلَتِهِمْ اثْنَانِ يُضْرَبَانِ فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْمِيرَاثِ بِاثْنَيْنِ، وَلِكُلِّ وَلَدٍ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمِيرَاثِ وَاحِدٌ فِي خَمْسَةٍ وَفْقَ الْبَاقِي بِخَمْسَةٍ فَجُمْلَةُ مَا لِلْأَوْلَادِ حِينَئِذٍ عِشْرُونَ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُوَافِقَانِ مَسْأَلَتَهُمْ) أَيْ الَّتِي هِيَ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُهُ وَنِصْفُهَا أَيْ نِصْفُ مَسْأَلَتِهِمْ وَقَوْلُهُ يُضْرَبَانِ فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَيْ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْبَاقِي) أَيْ مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) أَيْ مِنْ كَوْنِ الْمَيِّتِ أَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَوْلَادُ ثَلَاثَةً، وَأَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا؛ لِأَنَّ مُخْرَجَ الْوَصِيَّةِ أَحَدَ عَشَرَ، وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ مِنْ مُخْرَجِهِ عَشَرَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُ مَسْأَلَتَهُمْ فَتَضْرِبُ كَامِلَ مَسْأَلَتِهِمْ فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ، لِلْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ، وَلِلْأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِرْثِ فِي عَشَرَةٍ كَامِلِ الْبَاقِي بِثَلَاثِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ لِظُهُورِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَبَايَنَ) أَيْ كَسُدُسٍ وَسُبْعٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَافَقَا) أَيْ كَرُبْعٍ وَسُدُسٍ (قَوْلُهُ: وَاقْسِمْ الْبَاقِيَ عَلَى الْفَرِيضَةِ) أَيْ عَلَى أَصْحَابِ الْفَرِيضَةِ يَعْنِي عَلَى الْوَرَثَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْفَرِيضَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: ضَرَبْتَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ) الْأَوْلَى ضَرَبْتَ مُخْرَجَ الْوَصِيَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: فَاضْرِبْ الْوَفْقَ) أَيْ وَفْقَ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَصِيَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي أَصْلِهَا أَيْ فِي أَصْلِ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى ثَلَاثَةٍ) أَيْ، وَهُمْ الْأَوْلَادُ الْوَرَثَةُ (قَوْلُهُ: فَاضْرِبْ الْحَاصِلَ) أَيْ مِنْ ضَرْبِ مُخْرَجِ السُّدُسِ فِي مُخْرَجِ السُّبْعِ الَّذِي هُوَ مُخْرَجُ الْوَصِيَّتَيْنِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: وَلِلْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِهِ أَنْ يَقُولَ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ سَبْعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّبْعِ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ: فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ

[موانع الميراث]

(أَوْ) ضَرَبْتَ الْحَاصِلَ (فِي وَفْقِهَا) أَيْ الْمَسْأَلَةِ إنْ تَوَافَقَا مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ الْبَنُونَ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ فَالتَّوَافُقُ بَيْنَ الْبَاقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ عَدَدُ الرُّءُوسِ بِجُزْءٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَضْرِبُ جُزْءَ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَفْقَهَا وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْحَاصِلِ مِنْ الْوَصِيَّةِ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ بِأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ أَوْ عَكْسُهُ كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ اثْنَيْنِ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ سَبْعَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّبْعِ سِتَّةٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْ عَشَرَ مَجْمُوعُهَا سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْبَاقِي وَهُوَ وَاحِدٌ فِي ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِينَ عَدَدِ الرُّءُوسِ لِكُلِّ سَهْمٍ. وَلَمَّا فَرَغَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ عَمَلِ الْفَرَائِضِ وَمِنْ ذِكْرِ الْوَارِثِينَ وَبَيَانِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَمَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ بِإِقْرَارٍ أَوْ وَصِيَّةٍ شَرَعَ فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ فَقَالَ (وَلَا يَرِثُ) (مُلَاعِنٌ) زَوْجَتَهُ الَّتِي لَاعَنَهَا إذَا الْتَعَنَتْ بَعْدَهُ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ الْتِعَانِهَا فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْتِعَانِهَا وَرِثَهَا (وَ) لَا تَرِثُ (مُلَاعَنَةٌ) زَوْجَهَا الْمُلْتَعِنَ قَبْلَهَا فَإِنْ ابْتَدَأَتْ هِيَ وَمَاتَ قَبْلَ الْتِعَانِهِ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْتِعَانِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْتِعَانِهَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِإِعَادَتِهَا تَرِثُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ إعَادَتِهَا لَا تَرِثُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ اللِّعَانُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ تَوَارَثَا، وَإِنْ حَصَلَ اللِّعَانُ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنْ بَدَأَتْ قَبْلَهُ وَلَاعَنَ بَعْدَهَا فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِلِعَانِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ إعَادَتِهَا وَرِثَهُ الْآخَرُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا إرْثَ وَرَجَعَ، وَأَمَّا وَلَدُهُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ اللِّعَانُ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ الْتَعَنَتْ أَمْ لَا (وَتَوْأَمَاهَا) أَيْ الْمُلَاعَنَةِ مِنْ الْحَمْلِ الَّذِي لَاعَنَتْ فِيهِ (شَقِيقَانِ) أَيْ يَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا شَقِيقَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَالْمُسْتَأْمَنَةِ وَالْمَسْبِيَّةِ لَا تَوْأَمَا زَانِيَةٍ وَمُغْتَصَبَةٍ فَأَخَوَانِ لِأُمٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَكَرَ الْمَانِعَ الثَّانِيَ وَهُوَ الرِّقَّ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَرِثُ (رَقِيقٌ) قِنٌّ أَوْ بِشَائِبَةٍ مِنْ قَرِيبِهِ (وَلِسَيِّدِ) الْعَبْدِ (الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ جَمِيعُ إرْثِهِ) أَيْ مَالِهِ بِالْمِلْكِ لِبَعْضِهِ، وَإِطْلَاقُ الْإِرْثِ عَلَيْهِ مَجَازٌ فَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الرِّقُّ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِ (وَلَا يُورَثُ) أَيْ الرَّقِيقُ أَيْ لَا يَرِثُهُ قَرِيبُهُ الْحُرُّ؛ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الثَّانِي قَوْلَهُ (إلَّا الْمُكَاتَبَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQجُزْأَيْ الْوَصِيَّةِ مِنْ مُخْرَجِهِمَا (قَوْلُهُ: أَوْ ضَرَبْتَ الْحَاصِلَ) أَيْ مِنْ ضَرْبِ مُخْرَجِ السُّدُسِ فِي مُخْرَجِ السُّبْعِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْبَنُونَ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ) أَيْ وَالْوَصِيَّةُ بِالسُّدُسِ وَالسُّبْعِ (قَوْلُهُ: فَتَضْرِبُ جُزْءَ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ تَضْرِبُ وَفْقَ الْمَسْأَلَةِ فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّتَيْنِ أَوْ تَضْرِبُ مُخْرَجَ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ اثْنَانِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّمَانِيَةَ وَالْخَمْسِينَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ زَوْجًا فَلَهَا جُزْءٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ اثْنَانِ وَالتِّسْعَةُ وَالْعِشْرُونَ لَهَا جُزْءٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ أَنْ تَضْرِبَ الْحَاصِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ اثْنَانِ، وَأَرْبَعُونَ فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ اثْنَانِ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ أَوْ فِي وَفْقِهِمَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَافَقَ الْبَاقِي مِنْ مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ مَسْأَلَةَ الْوَرَثَةِ فَإِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَفْقَ الْمَسْأَلَةِ فِي مُخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَوْ تَضْرِبَ مُخْرَجَ الْوَصِيَّةِ فِي وَفْقِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَمَّا ضَرْبُ وَفْقِ الْبَاقِي فِي كَامِلِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق [مَوَانِع الْمِيرَاث] (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي ذِكْرِ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ فَقَالَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ اللِّعَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَانِعٌ لِلْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الْمِيرَاثُ فَهُوَ خِلَافُ التَّحْقِيقِ، وَالْحَقُّ أَنَّ اللِّعَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَانِعٌ مِنْ سَبَبِ الْمِيرَاثِ الَّذِي هُوَ الزَّوْجِيَّةُ لَا مَانِعٌ مِنْ الْحُكْمِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ فَعَدَمُ الْإِرْثِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ، وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ لَا لِذَاتِ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُعَلِّلُونَ نَفْيَ الْحُكْمِ بِقِيَامِ مَانِعِهِ إذَا كَانَ السَّبَبُ مَوْجُودًا، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَلَا وَالسَّبَبُ هُنَا، وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ مَعْدُومٌ نَعَمْ اللِّعَانُ بِالنَّظَرِ لِمَا بَيْنَ الزَّوْجِ وَوَلَدِهِ مَانِعٌ لِلْحُكْمِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَلَحِقَ وَوَرِثَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا الْتَعَنَتْ بَعْدَهُ بِمُجَرَّدِ إلَخْ) أَيْ إذَا الْتَعَنَتْ بَعْدَهُ ثُمَّ مَاتَتْ، وَلَوْ بِمُجَرَّدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ بِأَنْ الْتَعَنَ الرَّجُلُ أَوَّلًا وَالْتَعَنَتْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْتَعَنَتْ أَمْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ الْتَعَنَتْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَلْتَعِنْ بِأَنْ الْتَعَنَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ لِعَانِ الْأَبِ قَاطِعٌ لِنَسَبِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَوْأَمَاهَا شَقِيقَانِ) فَهُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَوْأَمَاهَا أَنَّ وَلَدَيْهَا غَيْرَ التَّوْأَمَيْنِ لَيْسَا شَقِيقَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَانِ لِأُمٍّ فَقَطْ فَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَطْنٍ وَادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْهُ، وَلَاعَنَ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ مِنْ بَعْضِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا أَخَوَانِ لِأُمٍّ، وَلَوْ كَانَ اللِّعَانُ مِنْ أَبِيهِمَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ يَقْطَعُ نَسَبَهُ (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَأْمَنَةِ) ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْحَرْبِيَّةُ تَدْخُلُ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ وَهِيَ حَامِلٌ، وَلَا يُدْرَى هَلْ حَمْلُهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ زِنًا فَتَلِدُ ابْنَيْنِ هَذَا صُورَتُهُ وَصُورَةُ الْمَسْبِيَّةِ امْرَأَةٌ سُبِيَتْ مِنْ الْكُفَّارِ، وَهِيَ حَامِلٌ وَلَا يُدْرَى هَلْ حَمْلُهَا مِنْ زَوْجٍ أَوْ مِنْ زِنًا فَتَلِدُ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ جَمِيعُ إرْثِهِ) أَيْ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَالَ الْقِنِّ الْخَالِصِ لِسَيِّدِهِ بِالْأَوْلَى إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ كَافِرًا فَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَهْلُ دِينِهِ إنَّهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَلِلْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ وَلَمْ يَبِنْ عَنْهُ وَمَاتَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَلَيْهِ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ الْكَافِرِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ بَيْعِهِ عَلَيْهِ فَمَالُهُ لِمُشْتَرِيهِ لَا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ بَانَ مِنْهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَمَاتَ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الرِّقُّ بَيْنَ جَمَاعَةٍ إلَخْ) فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ مَالًا، وَلِرَجُلٍ فِيهِ الثُّلُثُ، وَلِآخَرَ فِيهِ السُّدُسُ وَنِصْفُهُ

يَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تُورَثُ عَنْهُ يَرِثُهَا مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. وَذَكَرَ الْمَانِعَ الثَّالِثَ وَهُوَ الْقَتْلُ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَرِثُ (قَاتِلٌ) لِمُوَرِّثِهِ وَلَوْ مُعْتِقًا لِعَتِيقِهِ أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا تَسَبُّبًا أَوْ مُبَاشَرَةً (عَمْدًا عُدْوَانًا، وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ) تَدْرَأُ عَنْهُ الْقِصَاصَ كَرَمْيِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ بِحَجَرٍ فَمَاتَ مِنْهُ فَالضَّمِيرُ فِي أَتَى لِلْقَاتِلِ لَا بِقَيْدِ الْعُدْوَانِ إذْ لَا عُدْوَانَ مَعَ الشُّبْهَةِ وَقَدْ يُقَالُ جَعَلَهُ عُدْوَانًا مِنْ حَيْثُ التَّعَمُّدُ (كَمُخْطِئٍ) لَا يَرِثُ (مِنْ الدِّيَةِ) وَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ مَا لَوْ قَصَدَ وَارِثٌ قَتْلَ مُوَرِّثِهِ وَكَانَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَقَتَلَهُ الْمُوَرِّثُ فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ لَا مِنْ الدِّيَةِ. وَأَشَارَ لِلْمَانِعِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الدِّينِ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَرِثُ (مُخَالِفٌ فِي دِينٍ كَمُسْلِمٍ مَعَ مُرْتَدٍّ) (أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ (وَكَيَهُودِيٍّ مَعَ نَصْرَانِيٍّ) فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا إذْ كُلُّ مِلَّةٍ مُسْتَقِلَّةٌ (وَسِوَاهُمَا) كُلُّهُ (مِلَّةٌ) فَيَقَعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ مَجُوسِيٍّ وَعَابِدِ وَثَنٍ أَوْ دَهْرِيٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ) كِتَابِيِّينَ أَوْ غَيْرِهِمْ (بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ) أَيْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُسْلِمِ (إنْ) رَضُوا بِأَحْكَامِنَا، وَ (لَمْ يَأْبَ بَعْضٌ) ، وَإِلَّا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ (إلَّا أَنْ) (يُسْلِمَ بَعْضٌ) أَيْ بَعْضُ وَرَثَةِ مَنْ مَاتَ كَافِرًا وَيَسْتَمِرَّ الْآخَرُ عَلَى كُفْرِهِ وَيَأْبَى حُكْمَ الْإِسْلَامِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْآبِي لِشَرَفِ الْمُسْلِمِ هَذَا (إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانُوا كِتَابِيِّينَ، وَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (فَبِحُكْمِهِمْ) أَيْ نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ أَيْ نَقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ بِأَنْ نَسْأَلَ الْقِسِّيسِينَ عَمَّنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَعَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يُورَثُ عِنْدَهُمْ وَنَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَوْا جَمِيعًا بِحُكْمِنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQحُرٌّ فَمَالُهُ الْمُخَلَّفُ عَنْهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا لَهُمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَاهُ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ ثُلُثُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُكَاتَبَ إلَخْ) إنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مَعَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءَ كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ لَا يُوجِبُ حُرِّيَّتَهُ بَلْ مَاتَ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَلِذَا كَانَ وَارِثُهُ نَوْعًا خَاصًّا، وَلَوْ كَانَ إرْثُهُ بِالْحُرِّيَّةِ لَوَرِثَهُ كُلُّ مَنْ يَرِثُ الْحُرَّ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ لِمُوَرِّثِهِ عَمْدًا إلَخْ) أَيْ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَالِ، وَلَا مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَقَالَ طفى، وَلَا قَاتِلُ عَمْدٍ، وَلَوْ عُفِيَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُكْرَهًا، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا، أَمَّا الصَّبِيُّ فَعَمْدُهُ كَالْخَطَإِ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَقَالَهُ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِ التِّلْمِسَانِيَّةِ وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ عج عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ مِنْ مَالٍ، وَلَا مِنْ دِيَةٍ بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. اهـ. لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ عج اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عِلَاقٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَهُ إلَّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ) . (فَائِدَةٌ) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَاتِلَ مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً يَرِثُ الْوَلَاءَ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ قَاتِلًا عَمْدًا فَلَا يَرِثُ الْوَلَاءَ، وَإِنْ كَانَ قَاتِلًا خَطَأً وَرِثَهُ وَمَعْنَى إرْثِ الْوَلَاءِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا لَهُ وَلَاءُ عَتِيقٍ وَالْقَاتِلُ وَارِثٌ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ مِنْ الْوَلَاءِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِالْكَسْرِ إذَا قَتَلَ عَتِيقَهُ عَمْدًا يَرِثُهُ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ مَا لَوْ قَصَدَ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا كُلُّ قَتْلٍ كَانَ عَمْدًا غَيْرَ عُدْوَانٍ كَقَتْلِ الشَّخْصِ لِمُوَرِّثِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ لَا مِنْ الدِّيَةِ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ لَهُ أَصْلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ. (فَرْعٌ) إذَا تَقَاتَلَتْ طَائِفَتَانِ، وَكَانَتَا مُتَأَوِّلَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَيَوْمِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ فَإِنَّهُ وَقَعَ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمْ فَهُوَ دَلِيلٌ. اهـ. طفى وَفِي الْبَدْرِ قَاعِدَةُ كُلُّ قَتْلٍ مَأْذُونٌ فِيهِ لَا دِيَةَ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَا يَمْنَعُ مِيرَاثًا كَفَحْتِ بِئْرٍ وَعَكْسِهِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فِيهِ الثَّلَاثَةُ كَسَائِقٍ وَقَائِدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) لَا يَدْخُلُ فِي الْغَيْرِ الزِّنْدِيقُ إذَا أَنْكَرَ مَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ تَابَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ يَكُونُ مَالُهُ لِوَارِثِهِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ يُقَامُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ لِكُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَسِوَاهُمَا كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) وَقِيلَ إنَّ مَا سِوَاهُمَا مِلَلٌ أَيْضًا وَالْقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ وَصَوَّبَهَا ابْنُ يُونُسَ وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأُمَّهَاتِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ بْن وَذَكَرَ فِي المج أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضُوا بِأَحْكَامِنَا، وَلَمْ يَأْبَ بَعْضٌ) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِبَايَةِ أَسَاقِفَتِهِمْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ أَوْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ وَالْبَاقِي غَيْرُ كِتَابِيٍّ، وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَسْلَمَ مِنْ التَّعْقِيدِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ، وَإِلَّا يَرْضَ الْجَمِيعُ بِأَنْ أَبَى أَحَدُهُمْ وَكُلُّهُمْ كُفَّارٌ أَوْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَالْبَاقِي كِتَابِيٌّ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ أَسْلَمَ كُلُّ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَسْمِ مَالِ مُوَرِّثِهِمْ الْكَافِرِ فَأَبَوْا مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِلَّا حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِنَا قَهْرًا عَنْهُمْ وَعَلَى هَذَا فَإِسْلَامُ الْكُلِّ كَإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِلْمَانِعِ الْخَامِسِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ مُوجَبِ الْمِيرَاثِ هُنَا هُوَ حُصُولُ الشَّكِّ فِي الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ التَّقَدُّمُ بِالْمَوْتِ فَإِطْلَاقُ

وَأَشَارَ لِلْمَانِعِ الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَرِثُ (مَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ) عَنْ مُوَرِّثِهِ بِأَنْ مَاتَا تَحْتَ هَدْمٍ مَثَلًا أَوْ بِطَاعُونٍ وَنَحْوِهِ بِمَكَانٍ وَلَمْ نَعْلَمْ الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمَا فَيُقَدَّرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يُخَلِّفْ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا خَلَّفَ الْأَحْيَاءَ مِنْ وَرَثَتِهِ فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ لَهُ مِنْهَا تَحْتَ هَدْمٍ وَجُهِلَ مَوْتُ السَّابِقِ مِنْهُمْ وَتَرَكَ الْأَبُ زَوْجَةً أُخْرَى وَتَرَكَتْ الزَّوْجَةُ ابْنًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ وَمَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ لِابْنِهَا الْحَيِّ وَسُدُسُ مَالِ الْبَنِينَ لِأَخِيهِمْ لِأُمِّهِمْ وَبَاقِيهِ لِلْعَاصِبِ وَسَقَطَ بِمَنْ يَسْقُطُ بِهِ الْأَخُ لِلْأُمِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَانِعِ شَرْطٌ فَشُرُوطُ الْإِرْثِ خَمْسَةٌ وَأَسْبَابُهُ ثَلَاثَةٌ نِكَاحٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ عِتْقٌ. (وَوُقِفَ) (الْقَسْمُ) لِلتَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَفِيهِمْ حَمْلٌ مِنْ زَوْجَةٍ وَلَوْ أَخًا لِأُمٍّ أَوْ أَمَةً (لِلْحَمْلِ) أَيْ إلَى وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ لِأَجْلِ الْحَمْلِ لِلشَّكِّ هَلْ يُوجَدُ مِنْ الْحَمْلِ وَارِثٌ أَوْ لَا وَعَلَى وُجُودِهِ هَلْ هُوَ مُتَّحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ وَعَلَيْهِمَا هَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَوْ مُخْتَلَفٌ وَلَمْ يُعَجَّلْ الْقَسْمُ لِلْوَارِثِ الْمُحَقَّقِ هُنَا وَيُؤَخَّرُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ لِلْوَضْعِ كَمَا فَعَلُوا فِي الْمَفْقُودِ كَمَا يَأْتِي لِقِصَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ غَالِبًا فَيُظَنُّ فِيهَا عَدَمُ تَغَيُّرِ التَّرِكَةِ بِخِلَافِ الْمَفْقُودِ فَلِطُولِهَا يُظَنُّ تَغَيُّرُ التَّرِكَةِ لَوْ وُقِفَتْ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ (وَ) وُقِفَ (مَالُ الْمَفْقُودِ) الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَوْضِعٌ وَلَا حَيَاةٌ (لِلْحُكْمِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِالْفِعْلِ (بِمَوْتِهِ) بَعْدَ زَمَنِ التَّعْمِيرِ وَتَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ فِي بَابِ الْمَفْقُودِ هَلْ هُوَ سَبْعُونَ سَنَةً أَوْ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْإِرْثِ مِنْهُ تَكَلَّمَ عَلَى إرْثِهِ هُوَ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَوْ إرْثِ شُرَكَائِهِ فِيهِ فَقَالَ (وَإِنْ) (مَاتَ مُوَرِّثُهُ) أَيْ مَنْ يَرِثُ مِنْهُ الْمَفْقُودُ (قُدِّرَ) الْمَفْقُودُ (حَيًّا) بِالنِّسْبَةِ لِإِرْثِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَتُمْنَعُ الْأُخْتُ مِنْ الْإِرْثِ وَتَنْقُصُ الْأُمُّ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ (وَ) قُدِّرَ أَيْضًا (مَيِّتًا) فَلَا تُمْنَعُ الْأُخْتُ وَتُزَادُ الْأُمُّ وَيَنْقُصُ الزَّوْجُ لِلْعَوْلِ وَأُعْطِيَ الْوَارِثُ غَيْرُ الْمَفْقُودِ أَقَلَّ نَصِيبِهِ (وَوُقِفَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ) وَهُوَ نَصِيبُ الْمَفْقُودِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ حَالُهُ مِنْ نَصِيبِ غَيْرِهِ فَإِنْ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحِ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ عَلَيْهِ مَانِعًا فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يُعَبِّرْ بِمَانِعٍ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ نَفَى الْإِرْثَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ مَاتَا تَحْتَ هَدْمٍ مَثَلًا) أَيْ أَوْ بِغَرَقٍ أَوْ بِحَرْقٍ وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا مَا إذَا مَاتَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبِينَ وَجُهِلَ السَّابِقُ (قَوْلُهُ: زَوْجَةٌ أُخْرَى) أَيْ وَعَاصِبٌ كَعَمٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبَاقِيهِ) أَيْ بَاقِي مَالِ الْبَنِينَ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَخُ بِمَنْ يَسْقُطُ بِهِ الْأَخُ لِلْأُمِّ كَابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ لِلْمَيِّتِ وَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ لَهُ وَجَدٍّ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَوَقَفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ) هَذَا شُرُوعٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِي مَسَائِلِ الْإِشْكَالِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِسَبَبِ احْتِمَالِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخُنْثَى الْآتِيَةِ، وَإِمَّا بِسَبَبِ احْتِمَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَفْقُودِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ احْتِمَالِهِمَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْحَمْلِ هَذِهِ وَقَوْلُهُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَيْ، وَكَذَا بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا فَلَا فَرْقَ فِي وَقْفِ الْقَسْمِ بَيْنَ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ وَالْوَصَايَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وَقْفِ الْقَسْمِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَتَعَجَّلُ أَدْنَى السَّهْمَيْنِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ فَيُعْطِي أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْأَبَوَيْنِ أَدْنَى سَهْمَيْهِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ وَعَنْ أَبَوَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يُعَجِّلُ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنَ ثَلَاثَةً، وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَيُوقَفُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْوَضْعِ فَإِنْ وَضَعَتْ أُنْثَى أَخَذَتْ مِنْ الْمَوْقُوفِ اثْنَيْ عَشَرَ وَرُدَّ الْوَاحِدُ الْبَاقِي لِلْأَبِ تَعْصِيبًا، وَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا أَخَذَ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ الْمَوْقُوفَةَ كُلَّهَا، وَإِنْ مَاتَ الْحَمْلُ رُدَّ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْمَوْقُوفِ ثَلَاثَةٌ تَكْمِلَةُ الرُّبْعِ وَرُدَّ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ تَكْمِلَةُ الثُّلُثِ وَرُدَّ لِلْأَبِ سِتَّةٌ، وَرُدَّ ذَلِكَ الْقَوْلُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَلَفُ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْوَضْعِ فَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ مَثَلًا دُونَ غَيْرِهَا، وَهُوَ ظُلْمٌ، وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْهُ؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ أَخَذْتُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِمْ حَمْلٌ) أَيْ يَرِثُ الْمَيِّتَ، وَلَوْ احْتِمَالًا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ زَوْجَةِ أَخِيهِ أَوْ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ زَوْجَةِ الِابْنِ الْمُنْتَسِبِ لِهَذَا الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ كَانَ مِنْ أُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْجُبُ ذَلِكَ الْحَمْلَ فَقَوْلُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْحَمْلُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ مِنْ أُمِّهِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أُمِّ الْمَيِّتِ بِأَنْ كَانَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلُوا فِي الْمَفْقُودِ) أَيْ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ (قَوْلُهُ: فَيُظَنُّ فِيهَا عَدَمُ تَغَيُّرِ التَّرِكَةِ) أَيْ لَوْ وُقِفَتْ فَلِذَا أُخِّرَ الْقَسْمُ لِوَضْعِ الْحَمْلِ فَلَوْ تَعَدَّى الْوَرَثَةُ وَقَسَمُوا، وَأَبْقَوْا لِلْحَمْلِ أَوْفَرَ الْحَظَّيْنِ ثُمَّ هَلَكَ مَا أَبْقَوْهُ لَهُ رَجَعَ عَلَى الْمَلِيءِ مِنْهُمْ ثُمَّ الْمَلِيءُ يَتَّبِعُ الْمُعْدِمَ، وَلَوْ هَلَكَ مَالُهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ نَمَا مَالُهُمْ رَجَعَ فِيهِ دُونَ الْعَكْسِ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: فَلِطُولِهَا يُظَنُّ إلَخْ) أَيْ فَلِذَا عُجِّلَ الْقَسْمُ لِلْوَارِثِ الْمُحَقَّقِ (قَوْلُهُ: وَوُقِفَ مَالُ الْمَفْقُودِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُورَثُ (قَوْلُهُ: لِلْحُكْمِ مِنْ الْحَاكِمِ بِالْفِعْلِ) أَيْ، وَلَا يَكْفِي مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لِلْخِلَافِ فِيهَا حَتَّى إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَفْقُودِ بَعْدَ مُضِيِّهَا وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ اُنْظُرْ بْن وَمَحَلُّ الِاحْتِيَاجِ فِي إرْثِ مَالِهِ لِلْحُكْمِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَمْضِي لَهُ مِنْ الزَّمَانِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً مِنْ وِلَادَتِهِ، وَإِلَّا وُرِثَ مَالُهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بَعْدَ زَمَنِ التَّعْمِيرِ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّعْمِيرِ مِنْ وِلَادَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إرْثِ شُرَكَائِهِ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَتَنْقُصُ الْأُمُّ) أَيْ وَيَحْصُلُ لِلزَّوْجِ زِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: وَأُعْطِيَ الْوَارِثُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُدِّرَ حَيًّا وَمَيِّتًا (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ حَالُهُ) أَيْ بِحَيَاةِ الْمَفْقُودِ

وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ فَكَالْمَجْهُولِ) أَيْ فَالْمَفْقُودُ كَمَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ أَيْ فَلَا إرْثَ لَهُ وَتَرِثُهُ أَحْيَاءُ وَرَثَتِهِ، وَأَمَّا فَائِدَةُ الْوَقْفِ فَلِرَجَاءِ حَيَاتِهِ. وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَذَاتُ زَوْجٍ) مَاتَتْ عَنْهُ (وَ) عَنْ (أُمٍّ وَأُخْتٍ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ (وَأَبٍ مَفْقُودٍ فَعَلَى) تَقْدِيرِ (حَيَاتِهِ) حِينَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ وَهِيَ بِنْتُ الْمَفْقُودِ فَالْمَسْأَلَةُ (مِنْ سِتَّةٍ) أَحَدُ الْغَرَّاوَيْنِ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ سَهْمٌ هُوَ السُّدُسُ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي سَهْمَانِ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِحَجْبِهَا بِالْأَبِ (وَ) عَلَى تَقْدِيرِ (مَوْتِهِ) أَيْ الْأَبِ الْمَفْقُودِ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ (كَذَلِكَ) الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ (وَتَعُولُ) مِنْ أَجْلِ ثُلُثِ الْأُمِّ (لِثَمَانِيَةٍ) وَالْفَرِيضَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ بِالنِّصْفِ (وَ) لِذَلِكَ (تَضْرِبُ الْوَفْقَ) مِنْ أَحَدِهِمَا (فِي الْكُلِّ) مِنْ الْآخَرِ (بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) ثُمَّ تَقُولُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْأُولَى. فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ السِّتَّةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي أَرْبَعَةٍ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ ثُمَّ يُعْطَى الْأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ وَيُوقَفُ الْبَاقِي كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَعَلَى مَوْتِ الْأَبِ (لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ) مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَالتِّسْعَةُ هِيَ الْمُحَقَّقَةُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حَيَاةِ الْأَبِ لَهُ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ كَامِلًا حِينَئِذٍ وَعَلَى مَوْتِهِ لَهُ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ عَائِلًا حِينَئِذٍ فَحَظُّهُ فِي حَيَاةِ الْأَبِ أَكْثَرُ مِنْ حَظِّهِ فِي مَوْتِهِ (وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ) ثُلُثُ الْبَاقِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ السُّدُسُ وَهَذَا عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ لَهَا فِي غَيْرِ الْعَائِلَةِ أَقَلَّ مِنْ الْعَائِلَةِ فَتَأْخُذُ الْمُحَقَّقَ لَهَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ (وَوُقِفَ الْبَاقِي) مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ ثَلَاثَةٌ مِنْ حِصَّةِ الزَّوْجِ وَثَمَانِيَةٌ لِلْأَبِ (فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ حَيٌّ) بَعْدَ مَوْتِ بِنْتِهِ (فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْمَوْقُوفِ مُضَافَةٌ لِلتِّسْعَةِ الَّتِي بِيَدِهِ لِيَتِمَّ لَهُ النِّصْفُ كَامِلًا (وَلِلْأَبِ ثَمَانِيَةٌ) وَهِيَ تَمَامُ الْأَحَدَ عَشَرَ الْمَوْقُوفَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِحَجْبِهَا بِالْأَبِ. (أَوْ) ظَهَرَ (مَوْتُهُ) قَبْلَ مَوْتِ ابْنَتِهِ (أَوْ مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ) وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ حَيَاةٌ وَلَا مَوْتٌ (فَلِلْأُخْتِ) مِنْ الْمَوْقُوفِ (تِسْعَةٌ) كَالزَّوْجِ هِيَ النِّصْفُ عَائِلًا (وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ) تُضَمُّ إلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي أَخَذَتْهَا أَوْ لِإِتْمَامِ الرُّبْعِ الَّذِي عَالَتْ الْمَسْأَلَةُ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِ الْأَبِ لِأَجْلِ ثُلُثِ الْأُمِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَالِاثْنَانِ رُبْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَانِيَةِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَقَدْ أَخَذَ مَا يَخُصُّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَهُوَ تِسْعَةٌ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ الْمَفْقُودِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَأَخَّرَهُ عَنْ مِيرَاثِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ الْمُحَقَّقَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَوْتِهِ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ النَّصِيبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ وَاسْتَمَرَّ الْمَالُ مَوْقُوفًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ) أَيْ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ لَهُ) أَيْ مِنْ مُوَرِّثِهِ، وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِمَوْتِ ذَلِكَ الْمَفْقُودِ بَعْدَ مَوْتِ ذَلِكَ الْمُوَرِّثِ بِسِنِينَ (قَوْلُهُ: وَتَرِثُهُ أَحْيَاءُ وَرَثَتِهِ) أَيْ وَتَرِثُ ذَلِكَ الْمُوَرِّثَ أَحْيَاءُ وَرَثَتِهِ غَيْرَ الْمَفْقُودِ (قَوْلُهُ: وَالْفَرِيضَتَانِ) أَيْ فَرِيضَةُ حَيَاةِ الْأَبِ الْمَفْقُودِ، وَهِيَ سِتَّةٌ وَفَرِيضَةُ مَوْتِهِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ أَحَدِهِمَا) فَإِمَّا أَنْ يَضْرِبَ أَرْبَعَةً فِي سِتَّةٍ أَوْ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ: فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ) أَيْ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ (قَوْلُهُ: فِي وَفْقِ الْأُولَى) أَيْ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ) أَيْ تُعَجَّلُ لَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ الْأُمُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلزَّوْجِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ ثَلَاثَةً تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ بِتِسْعَةٍ، وَلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ ثَلَاثَةٌ تُضْرَبُ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَيُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ، وَهُوَ تِسْعَةٌ وَيُوقَفُ لَهُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ) أَيْ حَاصِلُهُ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَلَى حَيَاةِ الْأَبِ لَهُ اثْنَا عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ ثَلَاثَةً تُضْرَبُ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاةِ الْأَبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَهَا فِي مَسْأَلَةِ حَيَاتِهِ وَاحِدًا يُضْرَبُ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ مَوْتِهِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعَةٍ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِهِ فَلَهَا سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ لَهَا فِي مَسْأَلَةِ مَوْتِهِ اثْنَيْنِ يُضْرَبَانِ فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ حَيَاتِهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ بِسِتَّةٍ فَتُعْطَى أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَيُوقَفُ لَهَا اثْنَانِ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ مِنْ حِصَّةِ الزَّوْجِ إلَخْ) الْأَوْلَى، وَهِيَ إمَّا ثَلَاثَةٌ مِنْ حِصَّةِ الزَّوْجِ وَثَمَانِيَةُ الْأَبِ، وَأَمَّا اثْنَانِ مِنْ حِصَّةِ الْأُمِّ وَتِسْعَةُ الْأُخْتِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِحَجْبِهَا بِالْأَبِ) أَيْ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُمِّ سِوَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي أَخَذَتْهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا عَوْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ) أَيْ أَوْ لَمْ تَظْهَرْ حَيَاتُهُ، وَلَا مَوْتُهُ، وَلَكِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُضِيُّ إلَخْ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ فِعْلًا عَطْفًا عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ وَمَصْدَرًا عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ ظَهَرَ أَيْ ظَهَرَ مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى إرْثِ الْخُنْثَى إلَخْ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْخِنَاثِ، وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْخُنْثَى التَّثَنِّي فِي كَلَامِهِ وَالتَّكَسُّرُ فِيهِ بِأَنْ يُلَيِّنَهُ بِحَيْثُ يُشْبِهُ كَلَامُهُ كَلَامَ النِّسَاءِ وَفِي أَفْعَالِهِ بِأَنْ يَهُزَّ مِعْطَفَهُ إذَا مَشَى أَوْ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَشَارَكَ طَعْمَ غَيْرِهِ لِاشْتِرَاكِ الشَّبَهَيْنِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُشْبِهُ الذَّكَرَ بِآلَةٍ وَالْأُنْثَى بِآلَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُنْثَى خَاصٌّ

لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ مِيرَاثِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مِيرَاثِهِمَا وَحَقِيقَةُ الْخُنْثَى سَوَاءٌ كَانَ مُشْكِلًا أَمْ لَا مَنْ لَهُ آلَةُ ذَكَرٍ وَآلَةُ امْرَأَةٍ وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ نَوْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَلَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوْ جَدًّا أَوْ جَدَّةً أَوْ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُ مَا دَامَ مُشْكِلًا وَهُوَ مُنْحَصِرٌ فِي سَبْعَةِ أَصْنَافٍ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ وَالْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَأَوْلَادِهِمْ وَالْمَوَالِي، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ إذَا كَانَ يَخْتَلِفُ حَالُهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِقَوْلِهِ (وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ) الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ ذُكُورَتُهُ وَلَا أُنُوثَتُهُ بِعَلَامَةٍ تُمَيِّزُهُ (نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) أَيْ يَأْخُذُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْآدَمِيِّ وَالْإِبِلُ كَالْبَقَرِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ جَمَاعَةٌ الْإِمَامَ النَّوَوِيَّ عَامَ حَجِّهِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةِ وَسَأَلُوهُ عَنْ إجْزَاءِ التَّضْحِيَةِ بِهِ فَأَفْتَاهُمْ بِالْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا مُجْزِئٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنْقِصُ اللَّحْمَ. اهـ. وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَلْقًا مُسْتَقِلًّا، وَإِنَّمَا إشْكَالُهُ ظَاهِرِيٌّ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ مِيرَاثِهِ) أَيْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ مِيرَاثِهِ أَيْ فَقُدِّمَ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ وَالْمُتَوَقِّفُ مُسَبَّبٌ وَالْمُسَبِّبُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ آلَةُ ذَكَرٍ وَآلَةُ امْرَأَةٍ) أَيْ لَا مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَهُ ثُقْبَةٌ، وَلَا مَنْ لَهُ أُنْثَيَانِ وَفَرْجُ امْرَأَةٍ أَوْ ذَكَرٌ وَفَرْجُ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ أُنْثَيَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ عبق. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ إلَى آخِرِهِ) هَذَا هُوَ الْحَقُّ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عِلَاقٍ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ مَا نَصُّهُ الْخُنْثَى هُوَ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ وَفَرْجٌ أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ لَهُ ثُقْبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ. اهـ. وَقَالَ ح الْخُنْثَى أَصْلُهُ مِنْ خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ لَهُ الْآلَتَانِ وَنَوْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لَهُ ثُقْبٌ يَبُولُ مِنْهُ انْتَهَى إلَّا أَنَّهُ قِيلَ إنَّ النَّوْعَ الثَّانِيَ نَادِرُ الْوُجُودِ. اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ غَالِبًا، وَإِلَّا فَقَدْ وَقَعَ أَنَّهُ وُلِدَ مِنْ ظَهْرِهِ وَمِنْ بَطْنِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَلْفُوفِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَالْمَوَالِي) أَيْ الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاءِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إرْثِهِ مِنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَلِلْخُنْثَى إلَى آخِرِهِ) بَيْنَ خُنْثَى وَأُنْثَى مِنْ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ الْجِنَاسُ اللَّاحِقُ كَمَا أَنَّ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى صَنْعَةَ الطِّبَاقِ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فَإِنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ أَخَذَ مِيرَاثَ ذَكَرٍ، وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ أَخَذَ مِيرَاثَ أُنْثَى (قَوْلُهُ: نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الْإِضَافَةِ ثُمَّ يُرْتَكَبُ التَّوْزِيعُ، وَإِلَّا لَزِمَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ النَّصِيبَيْنِ لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ، وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى نَصِيبَيْنِ، وَإِلَى مَا

نِصْفَ نَصِيبِهِ حَالَ فَرْضِهِ ذَكَرًا وَحَالَ فَرْضِهِ أُنْثَى لَا أَنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبِ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ الذُّكُورَةِ الْمُقَابِلِ لَهُ وَنِصْفَ نَصِيبِ الْأُنْثَى الْمُحَقَّقَةِ الْأُنُوثَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ فَإِذَا كَانَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ذَكَرًا سَهْمَانِ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ أُنْثَى سَهْمٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى نِصْفُ نَصِيبِ الذَّكَرِ وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفُ نَصِيبِ الْأُنْثَى وَهُوَ نِصْفُ سَهْمٍ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ يَرِثُ بِالْجِهَتَيْنِ وَكَانَ إرْثُهُ بِهِمَا مُخْتَلِفًا كَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ، وَأَمَّا لَوْ وَرِثَ بِالذُّكُورَةِ فَقَطْ كَالْعَمِّ وَابْنِهِ فَلَهُ نِصْفُهَا فَقَطْ إذْ لَوْ قُدِّرَ عَمَّةً لَمْ تَرِثْ، وَإِنْ وَرِثَ بِالْأُنُوثَةِ فَقَطْ كَالْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ أُعْطِيَ نِصْفَ نَصِيبِهَا إذْ لَوْ قُدِّرَ ذَكَرًا لَمْ يَعُلْ لَهُ وَلَوْ اتَّحَدَ نَصِيبُهُ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ كَكَوْنِهِ أَخًا لِأُمٍّ أَوْ مُعْتَقًا أُعْطِيَ السُّدُسَ إنْ اتَّحَدَ وَالثُّلُثَ مَعَ غَيْرِهِ إنْ تَعَدَّدَ فِي الْأَوَّلِ، وَأَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ فِي الثَّانِي وَقَدْ يَرِثُ بِالْأُنُوثَةِ أَكْثَرَ كَزَوْجٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ، وَأَخٍ لِأَبٍ خُنْثَى فَمَسْأَلَةُ الذُّكُورَةِ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ سِتَّةٍ وَالْأُنُوثَةُ كَذَلِكَ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ وَالْحَاصِلُ مِنْهُمَا اثْنَانِ، وَأَرْبَعُونَ يُضْرَبُ فِي حَالَتَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ وَقَدْ يُشْعِرُ بِالْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ قَوْلُهُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَقَوْلُهُ الْآتِي عَلَى التَّقْدِيرَاتِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ لَهُ خَمْسَةَ أَحْوَالٍ حَالٌ يَرِثُ بِالْجِهَتَيْنِ إلَّا أَنَّ إرْثَهُ بِالذُّكُورَةِ أَكْثَرُ لِكَوْنِهِ ابْنًا أَوْ أَخًا شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ، الثَّانِي أَنَّهُ يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ فَقَطْ لِكَوْنِهِ عَمًّا، وَالثَّالِثُ عَكْسُهُ وَالرَّابِعُ مُسَاوَاةُ إرْثِهِ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً وَالْخَامِسُ إرْثُهُ بِالْأُنُوثَةِ أَكْثَرُ وَقَدْ عَلِمْتَ أَمْثِلَتَهَا. قَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى أَيْ جِنْسِ الْخُنْثَى الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ تَضَاعَفَتْ الْأَحْوَالُ وَبِتَضْعِيفِهَا يَحْصُلُ لِكُلٍّ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَقَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نِصْفُ إلَخْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ الْقَسْمُ لِلِاتِّضَاحِ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرْنَا مِنْ الْمُرَاعَاةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ يَأْخُذُ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: نِصْفَ نَصِيبِهِ) أَيْ نَصِيبِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ يُعْطَى إلَى آخِرِهِ) أَيْ كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ خَرُوفٍ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُتَقَدِّمِينَ فِي عَمَلِهِمْ الْآتِي، وَإِعْطَائِهِمْ الْخُنْثَى خَمْسَةَ أَسْهُمٍ وَالذَّكَرَ الْمُحَقَّقَ سَبْعَةً فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ أَخْذُهُ نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (قَوْلُهُ: نِصْفُهَا) أَيْ نِصْفُ الذُّكُورَةِ أَيْ نِصْفُ مَا يَرِثُهُ بِهَا (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ قُدِّرَ عَمَّةً) أَيْ أَوْ بِنْتَ عَمَّةٍ (قَوْلُهُ: كَالْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ) ، وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ، وَأَخٌ خُنْثَى وَطَرِيقُ الْعَمَلِ فِيهَا أَنْ تَقُولَ إنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورَةِ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَا عَوْلَ وَالْأُنُوثَةُ تَعُولُ لِتِسْعَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ تُوَافِقُ السِّتَّةَ بِالثُّلُثِ فَيَرْجِعَانِ لِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ اضْرِبْهَا فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَعَلَى التَّذْكِيرِ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ، وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَعَلَى التَّأْنِيثِ لِلزَّوْجِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ، وَأَرْبَعُونَ تُقْسَمُ عَلَى الْجَدِّ وَالْخُنْثَى لِلْجَدِّ ثُلُثَاهَا، وَلِلْخُنْثَى ثُلُثُهَا فَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَلِلْخُنْثَى سِتَّةَ عَشَرَ فَيَجْتَمِعُ لِلزَّوْجِ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ تِسْعُونَ؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ، وَلَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فَالْجُمْلَةُ تِسْعُونَ لَهُ نِصْفُهَا، وَلِلْأُمِّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ سِتُّونَ؛ لِأَنَّ لَهَا مِنْ مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ، وَلَهَا مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ لَهَا نِصْفُهَا، وَلِلْجَدِّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ خَمْسُونَ؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فَالْجُمْلَةُ خَمْسُونَ لَهُ نِصْفُهَا، وَلِلْخُنْثَى مِنْ مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ سِتَّةَ عَشَرَ لَهُ نِصْفُهَا. (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) أَيْ إرْثُهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَاخْتِلَافُ نَصِيبِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: عَكْسُهُ) أَيْ إرْثُهُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى لَا عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ كَمَا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ جِنْسُ الْخُنْثَى إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمِ اللَّقَانِيِّ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ الْخُنْثَى، وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ فَلَهُ رُبْعُ أَرْبَعَةِ أَنْصِبَةِ ذُكُورٍ، وَإِنَاثٍ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعٌ. (قَوْلُهُ: يَحْصُلُ لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَنَاثَى (قَوْلُهُ: وَلِلْخُنْثَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ إمَّا النَّحْوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِمَّا الْبَيَانِيُّ فَالْجُمْلَةُ جَوَابٌ لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ قَدْ ذَكَرْت قَدْرَ مِيرَاثِ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَالْأُنْثَى الْمُحَقَّقَةِ، وَأَمَّا الْخُنْثَى فَمَا قَدْرُ مِيرَاثِهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا ارْتَضَاهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ جَوَازِ اقْتِرَانِ الْبَيَانِيِّ بِالْوَاوِ وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114] . فَإِنَّهَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] الْآيَةَ تَقْدِيرُهُ قَدْ اسْتَغْفَرَ إبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَيُفِيدُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ جُعِلَ قَوْلُهُ: نِصْفُ نَصِيبَيْ إلَخْ عَطْفًا عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ وُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى وُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ وَوُقِفَ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لِلْخُنْثَى أَيْ لِاتِّضَاحِ حَالِهِ لَأَفَادَ وَقْفَ الْقَسْمِ لِاتِّضَاحِ حَالِهِ، وَهُوَ

وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَاسْتَأْنَفَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ الْمُوَصِّلِ لِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهِ حَذْفٌ يَتَبَيَّنُ بِالشَّرْحِ فَقَالَ (تُصَحِّحُ) أَيُّهَا الْقَاسِمُ (الْمَسْأَلَةَ) أَيْ تَعْمَلُهَا عَلَى وَجْهِ التَّصْحِيحِ (عَلَى) جِنْسِ (التَّقْدِيرَاتِ) فَيَشْمَلُ التَّقْدِيرَيْنِ كَمِثَالِهِ الْأَوَّلِ وَالْأَرْبَعَ تَقْدِيرَاتٍ كَمِثَالِهِ الثَّانِي أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَيْ تُصَحِّحُهَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ مُحَقَّقٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أُنْثَى مُحَقَّقَةٌ (ثُمَّ) بَعْدَ تَصْحِيحِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الذُّكُورَةِ فَقَطْ وَالْأُنُوثَةِ فَقَطْ تَنْظُرُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ الْمَسَائِلِ بِالْأَنْظَارِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ التَّمَاثُلُ وَالتَّدَاخُلُ وَالتَّوَافُقُ وَالتَّبَايُنُ فَإِنْ كَانَ تَوَافُقٌ (تَضْرِبُ الْوَفْقَ) أَيْ وَفْقَ أَحَدِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي كُلِّ الْأُخْرَى (أَوْ) كَانَ تَبَايُنٌ تَضْرِبُ (الْكُلَّ) فِي كُلِّ الْأُخْرَى فَقَدْ حُذِفَ الْمَضْرُوبُ فِيهِ، وَإِنْ تَمَاثَلَتَا اكْتَفَيْتَ بِإِحْدَاهُمَا، وَإِنْ تَدَاخَلَتَا اكْتَفَيْتَ بِكُبْرَاهُمَا. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَيْنِ لِسُهُولَتِهِمَا أَوْ عِلْمِهِمَا مِنْ ذِكْرِ أَخَوَيْهِمَا (ثُمَّ) تَضْرِبُ مَا تَحَصَّلَ (فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى) تَذْكِيرِهِ وَتَأْنِيثِهِ إنْ كَانَ وَاحِدًا كَمِثَالِهِ الْأَوَّلِ وَفِي أَحْوَالِهِ إنْ تَعَدَّدَتْ كَمِثَالِهِ الثَّانِي (وَتَأْخُذُ) بَعْدَ عَمَلِك الْمَذْكُورِ (مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ) مِمَّا اجْتَمَعَ مَا يَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ لِبَيَانِ أَخْذِ مَا يَجِبُ أَخْذُهُ قَوْلُهُ (مِنْ الِاثْنَيْنِ) فَهُوَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ تَأْخُذُ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَيْ الْحَالَيْنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا الْخُنْثَى الْوَاحِدُ (النِّصْفَ) إذْ هُوَ نِسْبَةُ الْوَاحِدِ الْهَوَائِيِّ الْمُسَمَّى بِمُفْرَدِ التَّقْدِيرَاتِ إلَى الِاثْنَيْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإشْكَالُهُ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ التِّلْمِسَانِيَّةِ أَنَّ الْقَسْمَ يُوقَفُ لِاتِّضَاحِ حَالِ الْخُنْثَى أَهُوَ مُشْكِلٌ أَمْ لَا فَاتِّضَاحُ حَالِهِ غَيْرُ اتِّضَاحِ إشْكَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْنَفَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَعْلِ جُمْلَةِ (تُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَأْنَفَةً) اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ إذْ يَصِحُّ جَعْلُهَا مُفَسِّرَةً لِقَوْلِهِ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَيْ بِأَنْ تُصَحَّحَ الْمَسْأَلَةُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ وَعَدَلَ عَنْ صُحِّحَ إلَى تُصَحَّحُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّصْحِيحَ كَأَنَّهُ حَاصِلٌ وَيُخْبَرُ عَنْهُ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْحَثِّ عَلَى امْتِثَالِ ذَلِكَ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: أَيُّهَا الْقَاسِمُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْفِعْلَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْعُولَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ تَأْخُذُ لَا أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَالْمَسْأَلَةُ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: الْمَسْأَلَةُ) أَيْ جِنْسُهَا الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ثُمَّ تَضْرِبُ الْوَفْقَ أَوْ الْكُلَّ إذْ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ تَعْمَلُهَا عَلَى وَجْهِ التَّصْحِيحِ) أَيْ خَالِيَةً مِنْ الْكَسْرِ (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ التَّقْدِيرَيْنِ) لَا يُقَالُ الْجِنْسُ يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ، وَلَا يَصِحُّ هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي مُتَعَدِّدٍ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ. (قَوْلُهُ: أَيْ تُصَحِّحُهَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي تَقْدِيمِ أَيِّ التَّقْدِيرَاتِ قُدِّمَتْ أَوْ أُخِّرَتْ غَيْرَ أَنَّ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ التَّصْحِيحِ مَسْأَلَةَ التَّذْكِيرِ. (قَوْلُهُ: تَنْظُرُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ خُنْثَى وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَسَائِلِ أَيْ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ خَنَاثَى (قَوْلُهُ: وَتَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالْأَصْلُ ثُمَّ تَقْسِمُ الْحَاصِلَ عَلَى مَسْأَلَتَيْ التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَتَعْرِفُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَأْخُذُ إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى عَطْفُهُ بِمَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مِمَّا اجْتَمَعَ) أَيْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ تَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَا كَيْفِيَّةُ الْأَخْذِ؟ فَقَالَ تَأْخُذُ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَيْ مِنْ النَّصِيبَيْنِ الْكَائِنَيْنِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا الْخُنْثَى الْوَاحِدُ، النِّصْفَ وَتَأْخُذُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَنْصِبَاءَ الْكَائِنَةِ عَلَى التَّقَادِيرِ الْأَرْبَعَةِ إذَا كَانَتْ فِي الْمَسْأَلَةِ خُنْثَيَانِ الرُّبْعَ، وَعَلَى هَذَا فَمَفْعُولُ تَأْخُذُ فِي الْمُصَنِّفِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ النِّصْفَ مَفْعُولٌ لِتَأْخُذَ مُقَدَّرًا، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: مِنْ الِاثْنَيْنِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ بَدَلَ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ لَا عَطْفَ بَيَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَادُ مَعَهُ حَرْفُ الْجَرِّ بِخِلَافِ الْبَدَلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِنَصِيبٍ أَيْ كَانَ ذَلِكَ النَّصِيبُ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاثْنَيْنِ أَيْ التَّقْدِيرَيْنِ وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَقَوْلُهُ النِّصْفَ مَفْعُولٌ لِتَأْخُذَ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَالَيْنِ) الْأَوْلَى أَيْ مِنْ النَّصِيبَيْنِ الْكَائِنَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ

(وَ) تَأْخُذُ مِنْ (أَرْبَعَةٍ) مِنْ التَّقَادِيرِ إذَا كَانَ خُنْثَيَانِ (الرُّبْعَ) إذْ هُوَ نِسْبَةُ وَاحِدٍ هَوَائِيٍّ إلَى أَرْبَعَةٍ وَفِي كَلَامِهِ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولَيْنِ لِعَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ إذْ أَرْبَعَةٌ عَطْفٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مِنْ وَالرُّبْعَ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ وَالْعَامِلُ فِيهِ تَأْخُذُ الْمُقَدَّرُ. (فَمَا اجْتَمَعَ) مِنْ النِّصْفِ فِي الْحَالَيْنِ أَوْ الرُّبْعِ فِي الْأَرْبَعَةِ (فَنُصِيبُ كُلٍّ) أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ نِصْفَ أَوْ رُبْعَ مَا تَحَصَّلَ مِنْ الْمَجْمُوعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّك تَجْمَعُ مَا حَصَلَ لِكُلِّ وَارِثٍ وَتَحْفَظُهُ ثُمَّ تَنْسُبُ وَاحِدًا مُفْرَدًا إلَى أَحْوَالِ الْخَنَاثَى الَّتِي بِيَدِك فَيَأْخُذُ كُلُّ وَارِثٍ مِمَّا حَصَلَ لَهُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِنْ كَانَ بِيَدِك حَالَانِ أَخَذَ كُلُّ وَارِثٍ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةٌ فَرُبْعَ مَا بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَحْوَالُ ثَمَانِيَةً فَثُمُنَ مَا بِيَدِهِ وَهَكَذَا بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ مُفْرَدٍ إلَى مَجْمُوعِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ خُنْثَى وَاحِدٌ فَلَهُ حَالَانِ، وَإِنْ كَانَ اثْنَانِ فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُمَا يُقَدَّرَانِ فِي حَالَةٍ ذَكَرَيْنِ وَفِي أُخْرَى أُنْثَيَيْنِ وَفِي أُخْرَى يُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى وَبِالْعَكْسِ وَفِي ثَلَاثَةِ خَنَاثَى ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُمْ إمَّا ذُكُورٌ فَقَطْ أَوْ إنَاثٌ فَقَطْ أَوْ زَيْدٌ مِنْهُمْ ذَكَرًا وَالْآخَرَانِ أُنْثَيَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ يُقَدَّرُ عَمْرٌو مِنْهُمْ ذَكَرًا وَالْآخَرَانِ أُنْثَيَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ خَالِدٌ ذَكَرًا وَالْبَاقِي أُنْثَيَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ فَتَذْكِيرُ الْكُلِّ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَتَأْنِيثِهِمْ وَتَذْكِيرِ أَحَدِهِمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَتَذْكِيرُ اثْنَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي الْأَرْبَعَةِ لِلتَّبَايُنِ ثُمَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي الْخَمْسَةِ بِسِتِّينَ ثُمَّ تَضْرِبُ فِي ثَمَانِيَةِ الْأَحْوَالِ فَمَا حَصَلَ فَلِكُلٍّ ثُمُنُ مَا بِيَدِهِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَ الْأَمْثِلَةِ لِإِيضَاحِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (كَذَكَرٍ) وَاحِدٍ (وَخُنْثَى) وَاحِدٍ مَاتَ مُوَرِّثُهَا عَنْهُمَا (فَالتَّذْكِيرُ) أَيْ تَقْدِيرُ الْخُنْثَى ذَكَرًا الْمَسْأَلَةُ (مِنْ اثْنَيْنِ وَالتَّأْنِيثُ) أَيْ تَقْدِيرُهُ أُنْثَى (مِنْ ثَلَاثَةٍ تَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ) مَسْأَلَةَ التَّذْكِيرِ (فِيهَا) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ لِتَبَايُنِهِمَا بِسِتَّةٍ (ثُمَّ) تَضْرِبُ السِّتَّةَ (فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى) بِاثْنَيْ عَشَرَ تَقْسِمُهَا عَلَى اثْنَيْنِ مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ لِكُلٍّ سِتَّةٌ وَعَلَى ثَلَاثَةٍ مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ لَهُ أَرْبَعَةٌ يَحْصُلُ (لَهُ) أَيْ لِلْخُنْثَى (فِي الذُّكُورَةِ سِتَّةٌ وَفِي الْأُنُوثَةِ أَرْبَعَةٌ) مَجْمُوعُهَا عَشَرَةٌ (فَنِصْفُهَا خَمْسَةٌ) يَأْخُذُهَا الْخُنْثَى؛ لِأَنَّ لَهُ تَقْدِيرَيْنِ وَنِسْبَةُ وَاحِدٍ لَهُمَا النِّصْفُ. (وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْخُنْثَى وَهُوَ الذَّكَرُ الْمُحَقَّقُ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا حَصَلَ بِيَدِهِ وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي التَّذْكِيرِ سِتَّةً وَفِي التَّأْنِيثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا هُوَ مِنْ النَّصِيبَيْنِ لَا مِنْ الْحَالَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَأْخُذُ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ التَّقَادِيرِ) الْأَوْلَى وَتَأْخُذُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْصِبَاءَ كَائِنَةٍ عَلَى التَّقَادِيرِ الْأَرْبَعَةِ إذَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى أَرْبَعَةٍ) أَيْ أَحْوَالِ الْخُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا ذَكَرَانِ أَوْ أُنْثَيَانِ أَوْ هَذَا ذَكَرٌ وَذَاكَ أُنْثَى أَوْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِهِ عَطْفٌ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْعَامِلَيْنِ جَارًّا مُتَقَدِّمًا كَمَا فِي قَوْلِك: فِي الدَّارِ زَيْدٌ وَالْحُجْرَةِ عَمْرٌو وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُقَدَّرَ عَامِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَأَرْبَعَةٍ أَيْ وَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَطْفًا عَلَى مِنْ اثْنَيْنِ الْمَعْمُولِ لِتَأْخُذَ وَالرُّبْعُ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ الْمَعْمُولِ لِتَأْخُذَ أَيْضًا فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا حَذْفُ الْجَارِّ، وَإِبْقَاءُ عَمَلِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَك أَنْ تُقَدِّرَ (تَأْخُذُ) قَبْلَ الرُّبْعِ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ. (قَوْلُهُ: فَمَا اجْتَمَعَ مِنْ النِّصْفِ) أَيْ نِصْفِ النَّصِيبَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ الرُّبْعِ أَيْ رُبْعِ الْأَرْبَعَةِ أَنْصِبَاءَ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَجْمُوعِ) أَيْ مَجْمُوعِ النَّصِيبَيْنِ أَوْ مَجْمُوعِ الْأَرْبَعَةِ أَنْصِبَاءَ (قَوْلُهُ: مَا حَصَلَ لِكُلِّ وَارِثٍ) أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ الْمَسَائِلِ وَقَوْلُهُ مِمَّا حَصَلَ لَهُ أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِيَدِك حَالَانِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمَلْحُوظُ عِنْدَك حَالَيْنِ لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا خُنْثَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: نِصْفَ مَا بِيَدِهِ) أَيْ نِصْفَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْمَلْحُوظُ عِنْدَك أَرْبَعَ حَالَاتٍ لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا خُنْثَيَانِ (قَوْلُهُ: فَرُبْعَ مَا بِيَدِهِ) أَيْ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَارِثٍ رُبْعَ مَا حَصَلَ لَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَحْوَالُ ثَمَانِيَةً) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَحْوَالُ الْمَلْحُوظَةُ عِنْدَك ثَمَانِيَةً لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا ثَلَاثُ خَنَاثَى وَقَوْلُهُ فَثُمُنَ مَا بِيَدِهِ أَيْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ ثُمُنَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ الْآخَرَانِ ذَكَرَانِ وَزَيْدٌ أُنْثَى وَقَوْلُهُ ثَانِيًا أَوْ عَكْسُهُ أَيْ الْآخَرَانِ ذَكَرَانِ وَعُمَرُ أُنْثَى (قَوْلُهُ: ثَالِثًا أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ الْبَاقِيَانِ ذَكَرَانِ وَخَالِدٌ أُنْثَى (قَوْلُهُ: كَتَأْنِيثِهِمْ) أَيْ وَالْمَسْأَلَتَانِ مُتَمَاثِلَتَانِ يَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَتَذْكِيرُ أَحَدِهِمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ) وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ فَهِيَ مُتَمَاثِلَةٌ وَقَوْلُهُ وَتَذْكِيرُ اثْنَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ فَهِيَ مُتَمَاثِلَةٌ يُكْتَفَى مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تُضْرَبُ) أَيْ السِّتُّونَ فِي ثَمَانِيَةِ الْأَحْوَالِ يَحْصُلُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ ثُمَّ تَقْسِمُ ذَلِكَ الْحَاصِلَ عَلَى التَّقَادِيرِ الثَّمَانِيَةِ فَمَا حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْصِبَاءِ فَلَهُ ثُمُنُهُ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَذْفٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ) هَذَا غَيْرُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا فَمَا اجْتَمَعَ فَنَصِيبُ كُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ التَّمْثِيلِ لِمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقَالُ

ثَمَانِيَةً وَمَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يُعْطَى نِصْفَهَا سَبْعَةً وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ أُنْثَى مُحَقَّقَةٌ لَكَانَ التَّذْكِيرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالتَّأْنِيثُ كَذَلِكَ إذْ الْبِنْتَانِ لَهُمَا الثُّلُثَانِ فَيَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا لِلتَّمَاثُلِ وَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِسِتَّةٍ لَهُ فِي التَّذْكِيرِ أَرْبَعَةٌ وَفِي التَّأْنِيثِ اثْنَانِ فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةٌ يَأْخُذُ ثَلَاثَةً وَلِلْبِنْتِ الْمُحَقَّقَةِ اثْنَانِ فِي التَّأْنِيثِ وَاثْنَانِ فِي التَّذْكِيرِ تُعْطِي نِصْفَهُمَا اثْنَانِ يَبْقَى وَاحِدٌ لِلْعَاصِبِ وَهَذَا مِثَالٌ لِلتَّمَاثُلِ وَمِثَالُ التَّدَاخُلِ مَا لَوْ كَانَ مَعَ الِابْنِ الْخُنْثَى أَخٌ لِأَبٍ فَالتَّذْكِيرُ مِنْ وَاحِدٍ إذْ لَا شَيْءَ لِلْأَخِ مَعَ الِابْنِ وَالتَّأْنِيثُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالْوَاحِدُ دَخَلَ فِيهِمَا فَيُكْتَفَى بِهِمَا وَيُضْرَبَانِ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِأَرْبَعَةٍ فَعَلَى ذُكُورَتِهِ يَخْتَصُّ بِهَا وَعَلَى أُنُوثَتِهِ تَأْخُذُ مِنْهَا اثْنَيْنِ وَمَجْمُوعُهَا سِتَّةٌ يُعْطَى نِصْفَهَا ثَلَاثَةً وَلِلْأَخِ الْبَاقِي وَهُوَ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي التَّأْنِيثِ اثْنَيْنِ نِصْفُهُمَا وَاحِدٌ. (وَكَخُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبٍ) كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ (فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) تَقْدِيرُهُمَا ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَيَيْنِ وَالْأَكْبَرُ ذَكَرًا وَالْأَصْغَرُ أُنْثَى وَعَكْسُهُ فَعَلَى أَنَّهُمَا ذَكَرَانِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ وَعَلَى تَقْدِيرِهِمَا أُنْثَيَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَهُمَا اثْنَانِ وَلِلْعَاصِبِ وَاحِدٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْأَكْبَرِ ذَكَرًا وَالْأَصْغَرِ أُنْثَى مِنْ ثَلَاثَةٍ وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ فِي هَذَيْنِ التَّقْدِيرَيْنِ كَالْأَوَّلِ ثَلَاثُ فَرَائِضَ مِنْهَا مُتَمَاثِلَةٌ فِي الْمُخْرَجِ وَهِيَ كَوْنُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِيمَا عَدَا التَّقْدِيرَ الْأَوَّلَ يُكْتَفَى مِنْهَا بِوَاحِدٍ وَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي اثْنَيْنِ فَرِيضَةِ تَذْكِيرِهِمَا لِلتَّبَايُنِ بِسِتَّةٍ (تَنْتَهِي) بِضَرْبِهَا فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (لِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) تَقْسِمُهَا عَلَى التَّذْكِيرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اثْنَا عَشَرَ وَعَلَى تَأْنِيثِهِمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَلِلْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى تَذْكِيرِ الْأَكْبَرِ مَعَ تَأْنِيثِ الْأَصْغَرِ لِلذَّكَرِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأُنْثَى ثَمَانِيَةٌ وَكَذَا عَكْسُهُ ثُمَّ تَجْمَعُ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَجِدُهُ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعِينَ وَلِلْعَاصِبِ فِي تَأْنِيثِهِمَا ثَمَانِيَةٌ فَيُعْطَى كُلٌّ رُبْعَ مَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعَةٌ (لِكُلٍّ) مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ (أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَاصِبِ اثْنَانِ) ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا تَقَدَّمَ مُغْنٍ عَنْ هَذَا. فَإِنْ قُلْتَ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ، وَلِلْخُنْثَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ مَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ يُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ لَا غَيْرُهُ. قُلْتُ مَعْنَاهُ لَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ، وَأَمَّا مَنْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُعْطَى كَهُوَ أَيْ نِصْفَ نَصِيبِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أُنُوثَةِ الْخُنْثَى وَنِصْفَ نَصِيبِهِ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَةِ الْخُنْثَى كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَمَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يُعْطَى نِصْفَهَا سَبْعَةً) هَذَا عَمَلُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ ابْنُ خَرُوفٍ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ بِمُقْتَضَى عَمَلِهِمْ سَبْعَةٌ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْأُنْثَى ثَلَاثَةً وَنِصْفًا فَنِصْفُهُمَا الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَرُبْعٌ فَقَدْ غُبِنَ الْخُنْثَى بِمُقْتَضَى عَمَلِهِمْ بِرُبْعِ سَهْمٍ وَبِالنَّظَرِ لِمُرَاعَاةِ الْقِيَاسِ وَقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ عَمَلِهِمْ قَدْ غُبِنَ فِي سُبْعِ سَهْمٍ لَا فِي رُبْعِ سَهْمٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْخُنْثَى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ نَصِيبِ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْأُنْثَى نِصْفُ نَصِيبِ الذَّكَرِ، وَهُوَ يَأْخُذُ نِصْفَ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَنِصْفُ نَصِيبِ الذَّكَرِ رُبْعَانِ وَنِصْفُ نَصِيبِ الْأُنْثَى رُبْعٌ فَإِذَا قَسَمْتَ الْمَالَ، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ عَلَى وَاحِدٍ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْوَاحِدُ لِلذَّكَرِ وَالثَّلَاثَةُ أَرْبَاعٍ لِلْخُنْثَى فَالْقِيَاسُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَمَلِ السَّابِقِ أَنْ تَبْسُطَ الْمَقْسُومَ عَلَيْهِ سَبْعَةَ أَرْبَاعٍ، وَإِذَا قَسَمْتَ اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى سَبْعَةِ أَرْبَاعٍ خَرَجَ لِكُلٍّ رُبْعٌ وَاحِدٌ فَلِلذَّكَرِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَيَفْضُلُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْمَقْسُومَةِ خَمْسَةٌ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ سُبْعًا تُقْسَمُ عَلَى السَّبْعَةِ فَلِلذَّكَرِ عِشْرُونَ سُبْعًا بِاثْنَيْنِ وَسِتَّةِ أَسْبَاعٍ، وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةَ عَشَرَ سُبْعًا بِاثْنَيْنِ وَسُبْعٍ يَكْمُلُ لِلذَّكَرِ سِتَّةٌ وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ، وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَسُبْعٌ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ خَرُوفٍ مِنْ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْقُدَمَاءِ بِأَنَّ الْخُنْثَى قَدْ غُبِنَ بِرُبْعِ سَهْمٍ عَلَى مُقْتَضَى عَمَلِهِمْ وَبِسُبْعٍ بِالنَّظَرِ لِلْقِيَاسِ وَقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ عَمَلِهِمْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَيْ ذَكَرٍ مُحَقَّقٍ غَيْرَهُ وَأُنْثَى مُحَقَّقَةٍ غَيْرَهُ وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ نِصْفُ نَصِيبِ نَفْسِهِ حَالَ فَرْضِهِ ذَكَرًا وَحَالَ فَرْضِهِ أُنْثَى وَحِينَئِذٍ فَلَا غَبْنَ عَلَى الْخُنْثَى أَصْلًا لَا بِرُبْعٍ، وَلَا بِسُبْعٍ (قَوْلُهُ: وَخُنْثَيَيْنِ) عَوْدُ الْأَلِفِ فِي التَّثْنِيَةِ يَاءً لَا يُوجِبُ أَنَّ أَصْلَهَا يَاءً بَلْ لِارْتِقَائِهَا عَنْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُبْدَلَةٍ أَصْلًا وَقَوْلُ الشَّاطِبِيِّ: وَتَثْنِيَةُ الْأَسْمَاءِ تَكْشِفُهَا لَيْسَ كُلِّيًّا أَلَا تَرَى لِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: آخِرُ مَقْصُورٍ تُثَنِّي اجْعَلْهُ يَا ... إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مُرْتَقِيًا كَذَا الَّذِي الْيَا أَصْلُهُ نَحْوُ الْفَتَى ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْخُنْثَيَيْنِ وَلَدَيْنِ، وَأَرَادَ بِالْعَاصِبِ عَاصِبًا يُحْجَبُ بِالِابْنِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ (قَوْلُهُ: فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ (قَوْلُهُ: فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ فِي أَحْوَالِ الْخَنَاثَى الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ تَذْكِيرُهُمَا وَتَأْنِيثُهُمَا وَتَذْكِيرُ الْأَصْغَرِ وَتَأْنِيثُ الْأَكْبَرِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَجْمَعُ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ فِي تَذْكِيرِهِمَا وَثَمَانِيَةٌ فِي تَأْنِيثِهِمَا ثُمَّ ثَمَانِيَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ أُنْثَى وَتَقْدِيرِ كَوْنِ الْآخَرِ ذَكَرًا ثُمَّ سِتَّةَ عَشَرَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى. 1 - (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ أَحَدَ عَشَرَ) اعْتَرَضَ هَذَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ، وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى؛ لِأَنَّك إذَا ضَمَمْتَ مَا نَابَهُ فِي الذُّكُورَةِ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِمَا، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ لِمَا نَابَهُ فِي الْأُنُوثَةِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِمَا كَانَ مَجْمُوعُهُمَا عِشْرِينَ وَنِصْفُهَا عَشَرَةً، وَإِذَا ضَمَمْتَ

ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَزُولُ بِهِ إشْكَالُ الْخُنْثَى مِنْ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أُنُوثَتِهِ أَوْ ذُكُورَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ بَالَ) الْخُنْثَى (مِنْ وَاحِدٍ) مِنْ فَرْجَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ دَلِيلٌ عَلَى ذُكُورَتِهِ وَبَوْلُهُ مِنْ فَرْجِهِ دَلِيلٌ عَلَى أُنُوثَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا نَابَهُ فِي الذُّكُورَةِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ذَكَرًا وَالْآخَرِ أُنْثَى، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ إلَى أُنُوثَتِهِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ نِصْفُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى وَاحِدًا، وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ فَلَهُ رُبْعُ أَرْبَعَةِ أَنْصِبَاءَ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ بَلْ قَوْلُهُ: وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى الْمُرَادُ بِالْخُنْثَى الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ أَمَّا أَخْذُ الْوَاحِدِ نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا أَخْذُ الْمُتَعَدِّدِ لِمَا ذُكِرَ فَلِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ تَضَاعَفَتْ أَحْوَالُهُ وَبِتَضْعِيفِهَا يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَمَّا تَضَاعَفَتْ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ ذُكُورَتَيْنِ وَأُنُوثَتَيْنِ كَانَ مَجْمُوعُ مَا حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ نِصْفُهَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ نَصِيبُ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ وَنِصْفُهَا أَحَدَ عَشَرَ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَوْ يُقَالُ إنَّهُ لَمَّا تَضَاعَفَتْ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ ذُكُورَتَيْنِ وَأُنُوثَتَيْنِ اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ الذُّكُورَتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ فَنِصْفُهَا، وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَصِيبُ ذُكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَاجْتَمَعَ لَهُ مِنْ الْأُنْثَيَيْنِ سِتَّةَ عَشَرِ فَنِصْفُهَا وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ نَصِيبُ أُنُوثَةِ وَاحِدَةٍ وَنِصْفُ النَّصِيبَيْنِ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَزُولُ بِهِ إشْكَالُ الْخُنْثَى مِنْ الْعَلَامَاتِ) قِيلَ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَّرَهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ التَّصَوُّرِ إذْ بِضِدِّهَا تَتَمَيَّزُ الْأَشْيَاءُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَحَقَّقَ حُسْنُ الِاخْتِتَامِ بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَأَحْسَنُ مِنْهَا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اهْتَمَّ بِذِكْرِ نَصِيبِهِ أَوَّلًا خُصُوصًا وَالْبَحْثُ لَهُ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ عَلَامَةَ الْإِيضَاحِ الْمُفِيدَةَ لِتَصَوُّرِهِ بِوَجْهٍ مَا وَمِثْلُ هَذَا غَرَضٌ لَا يُبَالَى مَعَهُ بِتَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصْوِيرِ فِي الذِّكْرِ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ فِيهِ تَشْوِيقٌ لِلتَّصْوِيرِ فَيَرْسَخُ فِي النَّفْسِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَصِحُّ تَخَلُّفُهُ تَقْدِيمُ التَّصَوُّرِ فِي الذِّهْنِ بِوَجْهٍ مَا، وَأَمَّا فِي الْوَضْعِ فَأَوْلَوِيٌّ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِنُكْتَةٍ فَقَوْلُهُمْ: وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْوَضْعِ لَيْسَ كُلِّيًّا. اهـ أَمِيرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَالَ) كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا إنْ لَمْ يَبُلْ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ فَإِنْ بَالَ إلَخْ وَفَاعِلُ بَالَ ضَمِيرُ الْخُنْثَى لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُشْكِلًا إذْ لَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: فَسَقَى الْغَضَا وَالسَّاكِنِيهِ وَإِنْ هُمُو ... شَبُّوهُ بَيْنَ جَوَانِحِي وَضُلُوعِي أَطْلَقَ الْغَضَا أَوَّلًا بِمَعْنَى الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسْقَى، وَأَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَ سَاكِنِيهِ بِمَعْنَى الْمَكَانِ وَضَمِيرَ شَبُّوهُ بِمَعْنَى الْخَشَبِ الْيَابِسِ الَّذِي يُوقَدُ فِيهِ النَّارُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِإِنْ الَّتِي لِلشَّكِّ دُونَ إذَا الَّتِي لِلتَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ بَوْلَ الْخُنْثَى مِنْ وَاحِدٍ مِنْ فَرْجَيْهِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَالْمَوْضِعُ لِإِنْ، وَقَدَّمَ الْبَوْلَ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَلَامَاتِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَمَا فِي ح. «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخُنْثَى مِنْ أَيْنَ يُورَثُ فَقَالَ يُورَثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» ، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الْإِفْتَاءِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَضَى فِيهِ إسْلَامًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ إنَّ الْبَوْلَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ بَالَ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَيْنِ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً وَشَرْعِيَّةً فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ رَاجِعٌ لِلْبَوْلِ بِمَعْنَى الْعَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَرْجِعُ مُتَقَدِّمًا لَا لَفْظًا، وَلَا حُكْمًا وَلَا مَعْنًى فَهُوَ لَيْسَ مِثْلَ {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ الْمَفْهُومُ مِنْ اعْدِلُوا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اعْدِلُوا مَعَ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ أَوْ كَانَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْحَدَثِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَالَ أَيْ مُتَعَلِّقِهِ، وَهُوَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ فِيهِ)

(أَوْ كَانَ) بَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا (أَكْثَرَ) مِنْ الْآخَرِ خُرُوجًا لَا كَيْلًا أَوْ وَزْنًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ بِهِمَا كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ فَإِذَا كَانَ يَبُولُ مِنْ ذَكَرِهِ مَرَّتَيْنِ وَمِنْ فَرْجِهِ مَرَّةً دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَبِالْعَكْسِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْأَقَلِّ خُرُوجًا أَكْثَرَ وَزْنًا (أَوْ) كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَحِلَّيْنِ لَكِنْ خُرُوجُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا (أَسْبَقُ) مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ سَبَقَ مِنْ الذَّكَرِ فَذَكَرٌ وَمِنْ الْفَرْجِ فَأُنْثَى فَإِنْ انْدَفَعَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ثُمَّ الِاخْتِبَارُ بِالْبَوْلِ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ صِغَرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ نَظَرُ عَوْرَةِ الصَّغِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ لَا يُلْتَذُّ بِهَا بِخِلَافِ الْمُرَاهِقَةِ، وَأَمَّا فِي حَالِ الْكِبَرِ فَقَالُوا يُخْتَبَرُ بِأَنْ يَبُولَ إلَى حَائِطٍ أَوْ عَلَيْهَا فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ الْحَائِطَ أَوْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ أَيْ نَبَا وَانْفَصَلَ عَنْ الْحَائِطِ فَذَكَرٌ، وَإِنْ نَزَلَ عَلَى سَطْحِهِ أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ لَكِنْ هَذَا لَا يَتِمُّ فِي الْأَسْبَقِيَّةِ وَلَا فِي الْأَكْثَرِ خُرُوجًا وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ وَبَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَاتَ فَالْحُكْمُ لِصَاحِبِ الْمَبَالِ فَإِنْ تَسَاوَى بَوْلُهُ مِنْهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَإِنْ احْتَلَمَ مِنْ ذَكَرِهِ (أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ) دُونَ ثَدْيٍ فَذَكَرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي نَبَاتِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى فَلَا يَرِدُ مَا قَالُوهُ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَنْبُتُ لَهَا لِحْيَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا حُكْمَ لَهُ. (أَوْ) نَبَتَ لَهُ (ثَدْيٌ) كَثَدْيِ النِّسَاءِ لَا كَثَدْيِ رَجُلٍ بَدِينٍ فَأُنْثَى فَإِنْ نَبَتَا مَعًا أَوْ لَمْ يَنْبُتَا فَبَاقٍ عَلَى إشْكَالِهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَضْلَاعِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُهُ كَانَ الْبَوْلُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي قَوْلِهِ النَّكِرَةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ حَصَلَ بَوْلٌ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ أَكْثَرَ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ بَالَ مِنْهُمَا وَكَانَ الْبَوْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ) هُوَ الْإِمَامُ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ نِسْبَةً لِشَعْبٍ حَيٌّ مِنْ الْيَمَنِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُجْتَهِدِينَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لَا يُوَافِقُ الْمَذْهَبَ إذْ الْكَثْرَةُ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَنَا مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَنَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ أَيْ خُرُوجًا أَوْ قَدْرًا فَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي عَدَدِ الْخُرُوجِ فَالْمُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا خُرُوجًا، وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ قَدْرًا، وَإِنْ تَسَاوَى عَدَدُ الْخُرُوجِ فَالْمُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا قَدْرًا وَعَلَى هَذَا فَأَكْثَرُ يَصْدُقُ بِمَاءَيْنِ قَلِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا زَائِدٌ عَنْ الْآخَرِ فَيُقَالُ فِي الزَّائِدِ إنَّهُ أَكْثَرُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي كَثْرَةٍ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَلِيلٌ عُرْفًا فَإِنْ صَحَّ صَدَقَ الْأَكْثَرُ بِهَذَا فَلَا تَفْصِيلَ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ صِدْقُهُ بِهَذَا بَلْ قُلْنَا إنَّهُ يُفِيدُ الْكَثْرَةَ فِيهِمَا، وَلَكِنْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ فَيُقَالُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا كَانَا قَلِيلَيْنِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا عَلَى الْآخَرِ. اهـ. تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ) أَيْ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي قَدْرِ الْخُرُوجِ لَكِنْ خُرُوجُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَإِنْ تَعَارَضَ السَّبْقُ وَالْكَثْرَةُ فَفِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا خِلَافٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَسْبَقُ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَفْعَلَ تَفْضِيلٍ وَيُفْهَمَ غَيْرُهُ، وَهُوَ مَا إذَا وُجِدَ السَّبْقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فِي حُصُولِ الِاتِّضَاحِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى بَالَ، وَلَا يُقَالُ يُمْنَعُ مِنْ هَذَا عَدَمُ صِحَّةِ دُخُولِ أَنْ عَلَى أَسْبَقَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْلًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ) أَيْ فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الِاخْتِبَارُ بِالْبَوْلِ) أَيْ مَعَ النَّظَرِ لِعَوْرَتِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُعْلَمَ هَلْ بَالَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَهَلْ بَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ أَوْ أَسْبَقُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي حَالِ الْكِبَرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَفَوْقَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبُولَ إلَى الْحَائِطِ) أَيْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهَا) أَيْ أَوْ جَالِسًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَذَكَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ بَالَ مِنْ ذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ، بَلْ وَلَوْ اسْتَمَرَّ حَيًّا (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَسَاوَى بَوْلُهُ مِنْهُمَا) أَيْ فِي الْخُرُوجِ وَالْقَدْرِ وَالسَّبْقِ (قَوْلُهُ: انْتَظَرَ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُوقَفُ الْقَسْمُ لِاتِّضَاحِ حَالِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ انْتِظَارِ الْبُلُوغِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حَالًا، وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ) عَطْفٌ عَلَى بَالَ فَفِي الْعَطْفِ بِأَوْ تَشْتِيتٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَسْبَقَ عَطْفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَنَبَتَ عَطْفٌ عَلَى بَالَ وَقَوْلُهُ لِحْيَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ لِحْيَةٌ عَظِيمَةٌ كَلِحْيَةِ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ الْكَثِيرَ الْغَالِبَ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَنْبُتُ شَعْرُ اللِّحْيَةِ مِنْ غَيْرِ الْبَيْضَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى) أَيْ فَعَمَلُهَا فِي الشَّعْرِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الذُّكُورَةِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْضَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ: قَدْ يَنْبُتُ لَهَا لِحْيَةٌ) أَيْ فَكَيْفَ يُجْعَلُ نَبَاتَ اللِّحْيَةِ مِنْ عَلَامَاتِ اتِّضَاحِ الذُّكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَدْيٌ) أَيْ عَظِيمٌ كَثَدْيِ النِّسَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ نَبَتَ فِي الثَّدْيِ مَجَازٌ كَمَا أَنَّهُ فِي نَبَتَ زَيْدٌ نَبَاتًا حَسَنًا مَجَازٌ قَطْعًا وَفِي نَبَتَ الزَّرْعُ حَقِيقَةٌ قَطْعًا، وَأَمَّا فِي الشَّعْرِ فَيَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ. اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَبَتَا) أَيْ الثَّدْيُ وَاللِّحْيَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأَكْثَرِ) نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ النَّظَرُ إلَيْهَا ضَعِيفٌ لِإِطْبَاقِ

وَقِيلَ يُنْظَرُ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَالْمَرْأَةُ لَهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ضِلَعًا بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ عَلَى الْأَفْصَحِ وَالذَّكَرُ لَهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْأَيْسَرِ سَبْعَةَ عَشَرَ ضِلَعًا وَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلِلذَّكَرِ مِنْ الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْأَيْسَرِ سِتَّ عَشْرَةَ ضِلَعًا قِيلَ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، وَأَرَادَ خَلْقَ حَوَّاءَ مِنْهُ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَلَّ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ ضِلَعًا أَقْصَرَ فَخَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ بِالْمَدِّ فَخَرَجَتْ مِنْهُ كَمَا تَخْرُجُ النَّخْلَةُ مِنْ النَّوَاةِ أَيْ بِلَا تَأَلُّمٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ رَآهَا بِجَنْبِهِ فَأَعْجَبَتْهُ فَمَدَّ يَدَهُ إلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مَهْ يَا آدَم حَتَّى تُؤَدِّيَ مَهْرَهَا قِيلَ وَمَا مَهْرُهَا قِيلَ تُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ عِشْرِينَ مَرَّةً وَرُوِيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُنْظَرُ إلَى شَهْوَتِهِ فَإِنْ مَالَ إلَى النِّسَاءِ فَذَكَرٌ، وَإِنْ مَالَ إلَى الرِّجَالِ فَأُنْثَى (أَوْ) حَصَلَ مِنْهُ (حَيْضٌ) وَلَوْ مَرَّةً (أَوْ مَنِيٌّ) مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ (فَلَا إشْكَالَ) ـــــــــــــــــــــــــــــQعُلَمَاءِ التَّشْرِيحِ عَلَى خِلَافِهِ بَالِغِينَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ. اهـ. أَيْ فَهُمْ يَقُولُونَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مُتَسَاوِيَانِ فِي عَدَدِ الْأَضْلَاعِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَالْمَرْأَةُ إلَخْ) الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلْحُوفِيِّ وَمُحَصَّلُ مَا قَالَاهُ إنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ ضِلَعًا عَلَى الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْيَسَارِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّ أَضْلَاعَ الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْيَسَارِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ هُوَ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَقِيلَ إنَّ زِيَادَةَ الْمَرْأَةِ الضِّلَعَ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَهْلَ التَّشْرِيحِ يَقُولُونَ إنَّهُمَا سِيَّانِ فَلَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَسَبَبُ ذَلِكَ) أَيْ سَبَبُ نَقْصِ الرَّجُلِ ضِلْعًا عَنْ الْمَرْأَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَلَّ إلَخْ) أَيْ فَجَرَتْ الذُّكُورُ عَلَى مِنْوَالِهِ. (قَوْلُهُ: فَخَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ) أَيْ، وَكَانَتْ عَلَى طُولِ آدَمَ سِتِّينَ ذِرَاعًا، وَهَلْ خُلِقَتْ بِهَذَا الطُّولِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَخَرَجَتْ مِنْهُ كَمَا تَخْرُجُ النَّخْلَةُ مِنْ النَّوَاةِ أَوْ تَدْرِيجِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ: لَا نَصَّ، وَكَانَتْ حَوَّاءُ أَلْيَنَ مِنْ آدَمَ، وَأَجْمَلَ صَوْتًا، وَهَكَذَا النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ قِيلَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ قَالَ تَعَالَى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: 189] أَوْ؛ لِأَنَّ لَوْنَهَا كَانَ حُوَّةً، وَهُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَمِيلُ لِحُمْرَةٍ وَفِي خَلْقِهَا مِنْ آدَمَ إشَارَةٌ لِلْأُلْفَةِ بَيْنَهُمَا لِمَا بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ مِنْ الِائْتِلَافِ أَوْ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ أَصْلٌ وَأُلْقِيَ عَلَيْهِ النَّوْمُ عِنْدَ سَلِّ الضِّلَعِ مِنْهُ مَعَ قُدْرَةِ الْمَوْلَى عَلَى سَلِّهِ مِنْهُ يَقَظَةً وَلَا يُؤْلِمُهُ لِئَلَّا يَرَى مَا يُهَوِّلُهُ، وَلِتَزُولَ عَنْهُ الْوَحْشَةُ بِأَمَنَةِ النُّعَاسِ، وَلِيَنْتَبِهَ فَيَجِدَ الْمُؤْنِسَ الَّذِي طَلَبَهُ فَجْأَةً وَذَلِكَ أَسَرُّ مِنْهُ بَعْدَ الِانْتِظَارِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَتْ مِنْهُ) أَيْ فَخَرَجَتْ حَوَّاءُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ الضِّلَعِ وَقَوْلُهُ أَيْ بِلَا تَأَلُّمٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَلَّ إلَخْ لَا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: مَهْ) أَيْ اُكْفُفْ يَدَكَ عَنْهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى تُؤَدِّيَ إلَخْ) لَا يُقَالُ الْمَهْرُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا؛ لِأَنَّ الَّذِي زَوَّجَ حَوَّاءَ لِآدَمَ هُوَ الْمَوْلَى، وَهُوَ يَفْعَلُ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: يَنْظُرُ إلَى شَهْوَتِهِ) أَيْ عِنْدَ إشْكَالِهِ بِنَبَاتِ اللِّحْيَةِ وَالثَّدْيِ مَعًا وَبِعَدَمِ نَبَاتِهِمَا وَبِتَسَاوِي الْمَخْرَجَيْنِ فِي الْبَوْلِ مِنْهُمَا فَالشَّهْوَةُ وَالْمَيْلُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يَزُولُ بِهَا إشْكَالُهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ قَالَ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَلَا نَظَرَ لِلتُّهْمَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ حَيْضٌ) لَمْ يَعْطِفْ (حَيْضٌ) عَلَى اللِّحْيَةِ بَلْ ذَكَرَ لَهُ عَامِلًا لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسَلُّطِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ نَبَتَ عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَطْفُ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنِيٌّ) أَيْ أَوْ خَرَجَ مَنِيٌّ أَيْ مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ بِصِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ أَوْ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ بِصِفَةِ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ) أَيْ فَلَا لَبْسَ فِيهِ بَلْ هُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ وَقَوْلُ تت بَلْ هُوَ ذَكَرٌ مُحَقَّقٌ أَوْ أُنْثَى مُحَقَّقَةٌ أَرَادَ مَحْكُومٌ بِذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ فَلَا يُنَافِي وُجُودَ الْفَرْجَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ خُنْثَى إلَّا أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ مُشْكِلًا وَتَارَةً غَيْرَ مُشْكِلٍ وَقَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ جَوَابُ أَنْ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ بَالَ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَحَذَفَ جَوَابَ مَا عَدَاهُ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ وَحَذَفَ جَوَابَ مَا عَدَاهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الْمُتَوَسِّطَاتِ وَحَذَفَ جَوَابَ مَا عَدَاهُ ثُمَّ إنَّ لَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْمَسْمُوعَ فَتْحُ لَامِ (لَا إشْكَالَ) فَهِيَ لِنَفْيِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ أَيْ لَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى بَلْ هُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ مَحْكُومٌ

لِاتِّضَاحِ الْحَالِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَفْضَلِ صَادِقٍ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَدِيعِ الْجَمَالِ رَفِيعِ الْجَلَالِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَلَى سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُجْتَهِدِينَ وَعَلَى تَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَلَى أَشْيَاخِنَا هُدَاةِ الطَّالِبِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِذُكُورَتِهِ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ عَلَامَةُ الذُّكُورَةِ أَوْ مَحْكُومٌ بِأُنُوثَتِهِ إنْ وُجِدَ فِيهِ عَلَامَتُهَا. ثُمَّ إنَّ فِي قَوْلِهِ (فَلَا إشْكَالَ) بَرَاعَةَ مَقْطَعٍ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُتَكَلِّمُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا يُؤْذِنُ بِانْتِهَائِهِ، وَلَوْ بِوَجْهٍ دَقِيقٍ كَقَوْلِ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ: بَقِيَتْ بَقَاءَ الدَّهْرِ يَا كَهْفَ أَهْلِهِ ... وَهَذَا دُعَاءٌ لِلْبَرِّيَّةِ شَامِلُ وَبَرَاعَةُ الْمَقْطَعِ تُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِحُسْنِ الِانْتِهَاءِ وَالِانْتِهَاءُ مِمَّا يَتَأَكَّدُ التَّأَنُّقُ فِيهِ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ مَا يَعِيهِ السَّمْعُ وَيَرْتَسِمُ فِي النَّفْسِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَلَذًّا جَبَرَ مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّقْصِيرِ كَالطَّعَامِ اللَّذِيذِ بَعْدَ الْأَطْعِمَةِ التَّفِهَةِ وَفِيهِ أَيْضًا تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ، وَلَا إلْبَاسَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ أَوْ بِحَسَبِ التَّفَاؤُلِ أَوْ فِي الْمَذْهَبِ بَعْدَ تَأْلِيفِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ اللَّفْظُ أَيْ لَفْظُ (فَلَا إشْكَالَ) لَا عَلَى طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَلَا الْمَجَازِ، وَلَا الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ أَيْ فِي هَذَا الْخُنْثَى بَلْ هُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ فَهَذَا الْمَعْنَى التَّعْرِيضِيُّ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ عَرْضِ الْكَلَامِ، وَلَيْسَ لِلْكَلَامِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ بِالْمُطَابَقَةِ، وَلَا التَّضَمُّنِ، وَلَا الِالْتِزَامِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. وَالدَّلَالَةُ الْمَحْصُورَةُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ الْمَسُوقِ لِأَجْلِهِ الْكَلَامُ كَمَا أَشَارَ لِتَحْقِيقِهِ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ فِي حَوَاشِي الْمُطَوَّلِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ فَلَا إشْكَالَ تَوْرِيَةً أَيْ لَا إشْكَالَ فِي كِتَابِهِ. وَالتَّوْرِيَةُ إطْلَاقُ اللَّفْظِ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرَادُ الْبَعِيدُ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةٍ خَفِيَّةٍ؛ لِأَنَّ لَا إشْكَالَ قَرِيبٌ فِي الْمَعَانِي بَعِيدٌ فِي الْخُنْثَى وَجَعْلُهُ جَوَابًا عَنْ بَالَ الَّذِي ضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْخُنْثَى قَرِينَةٌ خَفِيَّةٌ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ تَوْرِيَةً وَفِيهِ أَنَّ هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ كَمَا أَنَّ جَعْلَهُ مِنْ التَّوْجِيهِ وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُحْتَمِلُ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ أَيْ لَا إشْكَالَ فِي الْخُنْثَى أَوْ لَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ بَعِيدٌ أَيْضًا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْبَوْلُ مِنْ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ مَعَ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ أَوْ مَعَ مَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ فَفِي تِلْكَ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ يَكُونُ مُشْكِلًا، وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْأَكْثَرِيَّةُ مَعَ مَا بَعْدَهَا يَحْصُلُ خَمْسُ صُوَرٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ فِي تَعَارُضِ الْأَكْثَرِيَّةِ مَعَ الْأَسْبَقِيَّةِ قَوْلَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ تُرَجَّحُ الْأَسْبَقِيَّةُ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ تُرَجَّحُ الْأَكْثَرِيَّةُ وَالظَّاهِرُ مَا لِلَّخْمِيِّ. وَأَمَّا فِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ، وَهِيَ تَعَارُضُ الْأَكْثَرِيَّةِ مَعَ النَّبَاتِ وَمَا بَعْدَهُ فَيُقَدَّمُ النَّبَاتُ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْأَكْثَرِيَّةِ، وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْأَسْبَقِيَّةُ مَعَ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهَا فَتُرَجَّحُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَهَا عَلَيْهَا فِي تِلْكَ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَإِذَا تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ مَا بَعْدَهُ حَصَلَ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ الثَّدْيِ بِأَنْ نَبَتَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ كَانَ مُشْكِلًا، وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ مَعَ الْحَيْضِ فَهُوَ مُشْكِلٌ فِيهِمَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج، وَلَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْحَيْضُ وَالْمَنِيُّ مِنْ الْفَرْجِ عَلَى نَبَاتِ اللِّحْيَةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَإِذَا تَعَارَضَ الثَّدْيُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْأُنُوثَةِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ كَانَ مُشْكِلًا كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ الْمَنِيُّ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الذُّكُورَةِ مِنْ دَلَالَةِ الثَّدْيِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأُنُوثَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ وَيُرَجَّحُ بِالْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ عَلَى نَبَاتِ الثَّدْيِ كَمَا أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ نَبَاتِ الثَّدْيِ وَالْحَيْضِ، وَإِذَا تَعَارَضَ الْمَنِيُّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْحَيْضُ كَانَ مُشْكِلًا. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا حَدَثَتْ الْعَلَامَتَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إنْ حُكِمَ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ لِعَلَامَةٍ ظَهَرَتْ فِيهِ ثُمَّ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْ يَبُولَ مِنْ الذَّكَرِ ثُمَّ يَأْتِيهِ الْحَيْضُ أَوْ يَبُولَ مِنْ الْفَرْجِ ثُمَّ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَمْ يُغَيَّرْ الْحُكْمُ لِأَجْلِ الْعَلَامَةِ الثَّانِيَةِ وَارْتَضَاهُ ح. وَقَالَ عج الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَقْوَى مِنْ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى كَثْرَةَ الْبَوْلِ أَوْ سَبْقَهُ وَالثَّانِيَةُ الْحَمْلَ

وَقَدْ تَمَّ هَذَا الشَّرْحُ جَمْعًا بَعْدَ عَصْرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ اللَّهِ رَجَبٍ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ هِلَالِيَّةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، وَأَزْكَى السَّلَامُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْحَيْضَ أَوْ نَبَاتَ اللِّحْيَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ وَلَدَ مِنْ ظَهْرِهِ أَوْ مِنْ بَطْنِهِ فَأَمْرُهُ وَاضِحٌ، وَإِنْ وَلَدَ مِنْهُمَا مَعًا فَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ وِلَادَتُهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ بِالْمُتَقَدِّمِ، وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَ مَا وُلِدَ لَهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَمَا وُلِدَ لَهُ مِنْ بَطْنِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعْهُمْ أَبٌ، وَلَا أُمٌّ، وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ مَا خُلِقَ مِنْ مَائِهِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ فِي النِّكَاحِ، وَهَلْ لَا يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ نَظَرًا لِقَوْلِنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعْهُمْ أَبٌ وَلَا أُمٌّ أَوْ يُعْتَقُ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ وَطِئَ فَرْجَهُ بِذَكَرِهِ فَوُلِدَ لَهُ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَتَرِثُهُ أَوْلَادُهُ بِالْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ، وَهُوَ يَرِثُهُمْ، وَهُمْ إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

§1/1